6 أعلام وعلماء قدماء و معاصرون بقلم العلامة: الشيخ محمد أبوزهرة اعتنى به: مجد أحمد مكي الطبعة الأولى: 1 اه_ 4١10م‏ جميع الحقوق محفوظة باتفاق وعقد © قياس القطع: 511 1 تارالقتج الورَاسَانٍ وَالتّفتر تلفاكس 45114 + (4755..) )..51( وول‎ ١” ١28 جوال‎ ص.ب 4ل!ا1874 عمّان 11118 الأردن البريد الإلكتروي: ددمء.عم ةاممطله اهما الموقع على شبكة الإنترنت: 0131ه.عص[[طمط0143.بجابجت جميع الحقوق محفوظة. لا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال دون إذن خطي سابق من الناشر. -225؟] 05 تعنم نزة لونم تماء؟ جه هل لعمماة رلعءدل0 معن عط نتقحرر عامط نط أن غعهم 810 .لءمعوعء كأداوته |الىم 5165 ملام عط 171118 113 61101551011م 72101 ١101120104‏ 5لقع2 نإصة نط 01 م1 نإمج تلت لع لطر 0 1 كك ١ 2‏ تآ له 2 22 فو م َعَم المَدَمَهَا اكير َم ا« سام اس # سير اشيم ححدابوزهمره تارالقتج الزْرَاسَاقِوالتشش | 0 1 0 2 ل مُقدّمة المحقق 5 0 - لا و0 الحمدٌ لله رب العالمين» والصّلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الأكرمين» ورضي الله تعالى عن صحابته أجمعين» والتابعين لحم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد» فهذه طاقة''' عطرة من آثار العلامة الشيخ محمد أبو زهرة» فيها تراجم تُنشر ورعة شق قر ئة أولاهزة: وهذه الطاقة تشتمل على تراجم لبعض الأعلام المتقدّمين من الفقهاء والمحدّثين والمتكلّمين وبعض العلماء المعاصرين» بلغ عددها أربعاً وأربعين ترجمة» منها: تسع عشرة ترجمة؛ نُشِرِتْ في مجلة (العربي) الكويتيّة خلال سبع سنوات؛ ما بين سنة ١968‏ وإلى سنة .١457‏ ابتداً فيها بترجمة الإمام مالك في العدد ١7‏ من المجلة المذكورة» وآخر ما وقفت عليه ترجمة الإمام الترمذي في العدد /8. ورأيتٌ جممَ هذه التراجم وترتيبها وترقيمهاء وجعلتها في ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى: تراجم الفقهاء؛ وأوردتٌ فيها تراجم الأئمة الفقهاء حسب وفياتهم: أبو حنيفة »)١160(‏ فيالك (17/4)) فالشافعي (4 27١‏ فأحمد بن حنبل (7141). )١(‏ الطاقة: مجموعة من الرياحين والورود أما الباقة: فمجموعة البقول من المقدونس والتعناع وتتحوهما. أعلام وعلاء والمجموعة الثانية: تراجم المُحدَّئين؛ وأوردت فيها تراجم الأئمة الخمسة المحدئين: البخاري (155)) ومسلم (551)» وأبو داود (1/6؟)» والترمذي (719)) وابن ماجه (731/1) . ولم يترجم الأستاذ محمد أبو زهرة للنسائي (7:*). والمجموعة الثالثة: تراجم المفسّرينء وأوردثٌ فيها ثلاث تراجم: ابن جرير الطبري »)*٠١(‏ والزخشري (018)» والفخر الرازي (505). والمجموعة الرابعة: تراجم الوعاظ وامتكلّمِين والمؤرّخين» وأوردثٌ فيها خس تراجم: الحسن البصري ( .))١‏ وواصل بن عطاء »)١1(‏ وأبو الحسن الأشعري (75") وأبو منصور الماتريدي (7717)» وأبو بكر الباقلاني ( 5). ثم ألحقتٌ هذه المجموعات بجع تراجم: أبو الحسن الماوردي »))555٠0(‏ وابن حزم الأندلسي (455)؛ وابن خلدون .)6١(‏ وجميع هذه التراجم تُشرت في مجلة (العربي) كا تقدَّم ذكرهء سوى ترجمة ابن خلدون؛ وهي بحت ضمن أعمال مهرجان ابن خلدون المنعقد في القاهرة سنة 1111م ويقع في ١‏ صفحة؛ فيكون مجموع التراجم في القسم الأول المتّصل بتراجم الأعلام التقدّمين: إحدى وعشرين ترجمة. ومن المعلوم لدى جمْهرة القرّاء أن العلامة محمد أبو زهرة أفرد تراجم ثانية من الفقهاء الأعلام في كتب واسعة؛ درس فيها حياتهم وعصرهم وآراءهم الفقهية. أولا: ترجمة الإمام الشافعي؛ الذي صدرت طبعته الأولى سنة (1554١ه‏ - 6م ) ويقع في 4١08‏ صفحة. د - 1946م)) ويقع في(را؛ مقدمة وثالثها: مالك؛ وتسمّت طباعته سنة (19417م)» ويقع في (/41) صفحة. ورابعها: أحمد بن حنبل» وطبع سنة 19441م)» ويقع في (/41) صفحة. وخامسها: ابن تيمية» وطبع سنة (؟1485م)) ويقع في (47 0) صفحة. وسادسها: ابن حزم وطبع سنة (19814م)» ويقع في (011) صفحة. وسابعها: الإمام زيد وطبع سنة (1/8١ه-‏ 104م)؛ ويقع في ١(‏ 01) صفحة. وثامنها: الإمام الصادق» وطبع بالقاهرة دون تاريخ» ويقع في (071) صفحة'". وأكثر تلك التراجم هي في الأصل عحاضرات ألقاها فضيلة الشيخ على طلبة قسم الدكتوراه في كلية الحقوق بجامعة القاهرة: وأعطاها حمّها من التمحيص والتدقيق والتحليل» وخصّص فيها قس)] لدراسة فقه المترججم. وأما هذه المقالات فقد شملت تراجم الفقهاء» والمحدّثين, والمفسّرين» والوعاظء والمتكلّمينء والمؤرّخين.. وهي مختصرة نافعة متنوّعة» وفيها استنباطات مفيدة» وتحليلات دقيقة» وفي بعضها دراسات مستوعبة. وقد ألحقتٌ ببذه التراجم ما كتبه الشيخ حول بعض العلماء المعاصرين من شيوخه وأقرانه» وقد وقفتٌ على ثلاث وعشرين ترجمة» أوردتها حسب التسلسل التاريخي اوناك المَترْجمين. وابتدأتها بكلامه عن الشيخ محمد عبده (1171١ه)‏ ومنهجه في التفسير» في تقديمه لكتاب الدكتور عبد الله شحاتة رحمه الله تعالى. ثم ترجمته للعلامة أحمد تيمور (754١ه)‏ في تقديمه لرسالته: «نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية». (1) اختار الأستاذ أبو زهرة من هذه التراجم الثمانية ‏ أو اختارت مجلة (العربي) ‏ خمسة من الفقهاء سوق: الصَّادق وزيد» وابن تيهية. أعلام و علياء لاه عر أساتذته في دار العلوم: محمد عاطف بركات (19715م)) وعبد الحكيم محمد (1977م)) ومحمد الخضري (1971م): ومحمد المهدي (19371م), وأحمد إبراهيم (1976م): وحسن منصور (1975م)» وعبد الوهاب خير الدين» ومحمد عفيفي (197*5م)... وقد كان كلامّه عن شيوخه في دار العلوم في تقديمه لكتاب تلميذه مصطفى زيد: ١‏ المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي)7". ثم ترجمة العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري (1/١ه).ء‏ التي نُشرت في مقدمة «مقالات الكوثري". ثم ترجمة العالم الحقوقي الدكتور محمد بن عبد العليم صالح (1177ه) التي شرت هي وجميع التراجم الآنية على صفحات مجلة «لواء الإسلام» أو أُلقيت في ندوتها الشهرية. ثم ترجمة قرينه العلامة الفقيه عبد الومّاب خللاف (177/0ه)» وكلمته في رثائه في ندوة (لواء الإسلام». ثم ترجمة العلامة الشيخ عبد الحليم بسيوني (117/5١ه)»‏ وكلمته في رثائه ورثاء الشيخ سلامة العزّامِي (17/5ه) رحمه) الله تعالى في ندوة «لواء الإسلام» أيضاً. ثم ترجمة صديقه العلامة المفسَّر الدكتور محمد عبد الله دراز (/11/1١ه).‏ ثم كلمته عن الأستاذ العلامة محمد الخضر حسين (13/97١ه)‏ في ندوة المجلة. ثم كلمته عن الدكتور عبد الوهّاب عرَّام (1/4١1١ه)‏ في ندوة المجلة أيضاً. ثم ترجمة الدكتور منصور فهمي (1717/8ه)» وكلمته عنه في ندوة المجلة. )١(‏ أما الحواشى الملحقة بتلك المقدّمة فهى لصاحب رسالة «المصلحة» الدكتور مصطفى زيد رحمه الله تعالى. مقدمة ثم ترجمة الدكتور الطبيب حامد الغوابي (1510/9١ه)‏ في مجلة الواء الإسلام؟. ثم كلمته عن الأستاذ الشيخ محمد صبري عابدين (1741١ه)‏ في ندوة االواء الإسلام». ثم كلمته عن الدكتور مصطفى السباعي (1784١ه)‏ في ندوة «لواء الإسلام' 0 لصديقه 0 الأستاذ محمد البنا 15 هاو وهله لخر ترج ب ل ا ل ب ل لت و التراجم في صعيدٍ واحدٍ كثيرٌُ الجدوى؛ لأنّ ترك الأمر إلى الجرائد والمجلات التي تُطُوى بعد انقضاء أيامها ترلهٌ للتراجم في مجاهل”لا يمكن للباحث ارتيادها إلا بجهد جهيد» وهذا استحسنتٌ جَنْمَ هذه التراجم في صعيدٍ واحدٍ؛ ليسهل الإلمام بها وليعرَف رأيُ العلامة أبي زهرة في بعض المعاصرين لا في كلامه من معرفة بمراتب الرجال وتجرّدِ عن الهوى والشئآن. ثم إن ثناء مثل الشيخ أبي زهرة على بعض العلماء الذين عرفهم واتّصل بهم؛ له أثره في إنزال هؤلاء العلماء منزلتهم» فثناؤه ثناء العارف البصير الذي يعرف منازل العلماء بخلاف من يتكلّم فيهم ببوى وعصييّة وهو ليس أهلاً لأن يُقبل كلامه في ثناء أو ذمَ. وكلام الأستاذ أبي زهرة عن شيوخه ومعاصريه؛ بل ثناؤه على تلاميذه؛ أخلاق الوفاء ودلائل الإنصاف التي انَّسم بها )١(‏ ثم وقفت على تقدمته لكتاب «بين العقيدة والقيادة للواء الركن محمود شيت خطاب (519١ه)‏ وكلمته عن صداقته وصلته به» وصفاته وخصائصه. فألحقتها في آخر التراجم» وبذلك يبلغ عدد المعاصرين الذين ترجم هم أو تكلم عنهم 4 7 ترجمة. أعلام وعلماء وما أصدقٌ كلمة العلامة الكوثري في أهمية تقدير الرجال وإنصافهم فيا قاله في تقديمه لكتاب «الأعلام الشرقية» 5-١:8‏ : «فالقائمٌ بتراجم أناس قد انطوت صفحات حياتهم؛ وفاتهم إمكان الدفاع عن أنفسهم, لدخوهم في ذمّة التاريخ؛ يكون نائباً عنهم في إنصافهم بدون استرسال في مدح أو قدح يبعد عن الاتَّجَاه الأسمى في تدوين التاريخ) والمؤرّخ مُلْرَمّ بحكاية الواقع ىا هو من غير أن يسعى في إبراز السيئة بمظهر الحسنة» أو بَحْس حقٌّ الجميل بِحَمْله على غرض غير مقبول...» هذا ول يقتصر عمل في هذا الكتاب على الجمُع والترتيب والتّصحيح واله بل قمت بوضع العناوين الجانبية"2: وخرّجت الأحاديث القليلة الواردة» كا علّقت بعض التعليقات النافهة الطويلة ى) في ندم الإمام مالك عن التحديث ببعض الأحاديث ص64؛ وتصحيح ما نسبه إلى الإمام ابن جرير في تفسير الاستواء ص45 »١‏ وما أورد من حديثِ لا يصمح ص350. وما ثيب إلى الحسن البصري في مرتكب الكبيرة م ل رت وما نسبه أيضاً إلى مسلم من | شتراط اللقاء ص١١١»‏ وتقديم بعض العلماء لسّئن أبي داود على الصحيحين ص8١١؛‏ واستدلاله بحديث «العلم ياني» على ظهور العلماء الأفذاذ في أرض فارس وخراسان ص١؟١.‏ وقد تركتٌ تعليقاتي دون ذكر اسمي في آخرهاء وما كان من حواشسٍ بقلم الشيخ أبي زهرة فقد ميّزته بذكر كنيته (أبو زهرة). وقد استحسنتٌ أن أورد في مقدّمة التراجم التي دبجتها يراع الأستاذ أبي زهرة ترجمةً له» كتبها تلميذه الوفي الدكتور عدنان زرزور في ركن «رجل فقدناه» من بجلة )١(‏ في ترجمة أبي زهرة الملحقة بعد هذه المقدمة» وني سائر المقالات» وأبقيت أكثر العناوين الفرعيّة المنشورة في مجلة (العربي) الكويتية» والتي كانت من اجتهاد المجلة. احضارة الإسلام» الدمشقيّة”'"» لما تَتَميّرَ به هذه الترجمة ‏ وكل ما كتبه الدكتور عدنان من تراجم كثير من المعاصرين ‏ من استيعاب وشمول وإنصاف ودقة تحليل وجمال أسلوب. وأسأل الله عزَّّ وجل أن ينفع بجهدي ويتقيّله مني ويُوفّقني للعمل الصالح الذي يُرضيه عني» ويحسن خاتمتي» ويتولاني في جميع أموريء ويجزي عني والديّ خير الجزاء'"» ويغفر لماء ويرحمهم| كا رياني وتعهّدانِ صغيرأًء وأن يجعل ما أقوم به من علم نافع وعمل صالح في صحيفة حسناتب|؛ إنه سبحانه سميعٌ محيبٌ قريب» وصلى لشعل مكلها عند واله وبل فلم كديرا بيرع الشين: 6 وكتبه 5 ل سر كك مح وي الى الخميس ١‏ ربيع الأول 51١‏ 1ه )١(‏ وهذه الترجمة التي سأوردها بعد قليل من مجلة «حضارة الإسلام» وعشراتٌ أمثالها قد جمعتها ورئّبتها وصصّحتهاء وعلّقت عليهاء وأضفت إليها مجموعة من التراجم» وستصدر ‏ بعون الله تعالى ‏ قريباً في مجلد كبير بعنوان: «رجال فقدناهم». (5) تُوفِ والدي في حادث سيارة على طريق دمشق عن ثانية وأربعين عاماً في يوم الاثنين 7١‏ ذي الحجة 149ه رحمه الله وغفر له وعرّضه عن شبابه الجنة» وتُوفيت الوالدة الكريمة الفاضلة أثناء عملٍ في هذا الكتاب ومراجعتي له في يوم الثلاثاء ١‏ صفر ٠57١هف‏ وأنا بعيد عنها في دار الغربة. رحمه الله تعالى وأغدق على قبريى! شآبيب مغفرته و رحمته ورضوانه. العلامة الشيخ محمد أبو زهرة 7 الأستاذ العلامة الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله" (15*١19-1ه-8848١10/14-1‏ ١م‏ بقلم: الدكتور عدنان زرزور نَع العلامة الشيخ أبي زهرة بين التصديق والشك: كت أنباء القاهرة في الشهر الماضي فضيلة الأستاذ الشيخ أبي زهرة عن ثانية وسبعين عاماً قضاها أستاذنا الراحل - عليه رحمة الله ورضوانه ‏ في التأليف والتدريس والجهاد والمصابرة» والعمل الدائب لخير الإسلام والمسلمين... وقد حملني نبأ وفاته إلى أيام سعدثٌ فيها بلقاء الشيخ والإفادة منه والتردّد عليه... وإلى آرائه التي سمعتها منه؛ ومواقفه التي شهدته فيها ‏ عَلِمَّ الله أسداً يذودُ عن حياض الإسلام ودعاته» ويتردّد فيها صوتّه قوياً مجَلجلاً يوم خانت كثيراً من الناس الحناجرء ومَّلّعت منهم القلوب... وماتت الضمائر! )١(‏ مجلة حضارة الإسلامء العدد الثالث من السنة الخامسة عشرة: 144١ه‏ - 5ام. 7 أعلام وعلماء التطواف في صفحات التاريخ: لَسْدَّ ما آلني أن يصل نبأ وفاته إلى سمعي على مراحل! بين مُصَدَّقَ للخبر ومُتأكٌد منه» وبين شالك فيه مُتَردّد في مصدر سماعه! ولا يتأكد الخبر حتى يكون ذهني قد طوّف بصفحات التاريخ... تاريخنا نحن الذي اعتاد فيه مُورّخونا أن يؤرخوا لكل سنة بعينهاء ويُوردوا أهم ما حدث في تلك السنة... ألم يعتادوا أن يذكروا طرفا من التاريخ السيامي وأنباء الملوك والمعارك... ثم يضمُِّوا إليها أنباء الكوارث والزلازل وأهم أحداث الطبيعة... وأخيراً يختمون حديثهم عن «العلاء» الذين لقوا وَجْهَ رمم في تلك السنة» مع ذكر طرف من سيرتهم وأخخبارهم... وعي المؤرّخين القدامى: صَحَوْتُ على خبر وفاة أستاذنا رحمه الله» والعالّمٌ من حولنا اليوم قد صغرته وسائل الإعلام حتى صار كالبلد الواحد... لأذكر مؤرخينا القدامى رحمهم الله بوعيهم الشامل؛» وحسّهمِ في قراءة صورة المجتمع والعوامل الأساسية التي تؤثّر في مَجراه... ولأذكر أن عالمنا الصغيرل تنّسع صُّحفه وإذاعاته في بلاد العروبة والإسلام-.ا تشّسع له في العادة من أنباء وفاة الساسة والفنانين وسائر «الممثلين» من أبناء الشرق والغرب» البعيد والقريب. الأموات لا يكسبون من هذا الإعلان ولا يخسرون... ولكئنا نحن الذين نخسر احترامنا لأنفسنا حين لا نأبه ولا نبكي للذين تركوا لنا من ورائهم ما يُحيون به هذه النفوس! وفقيدنا الجليل الكبير أبو زهرة رحمه الله واحدٌ من هؤلاء. خواطر وذكريات عن أب زهرة: ليست هذه كلمة في أبي زهرة «العالم) المؤلف... ولا في «منهجه» في التأليف ٠.‏ لو والكتابة والتدريس... ولا في أبي زهرة رجل مصر في بعض الأيام... فلذلك موضع العلامة الشيخ محمد أبو زهرة ف آخر غير هذا الموضعء وقد حدّئني مرة أن من جملة ما شغله في ذلك اليوم الذي رأيته فيه بعد مغيب شمسه: الكتابة إلى طالب أو باحث مسلم ‏ وإن كان غير عربي فيه) أذكر - كان يعد رسالة «دكتوراه» في إحدى الجامعات عن الشيخ أبي زهرة نفسه؛ أو بحسب تعبيره هو رحمه الله: اموضوعها أنا»» وكان قد كتب إليه يستوضحه ويسأله عن بعض النقاط فيها يتصل بحياته ومنهجه ورأيه في بعض المشكلات... ويومها انتظر جوابي عن هذه «الظاهرة» في إعداد الرسائل الجامعية والكتابة عن مناهج المؤلفين فاكتفيتٌ بالإشارة إلى أن هذا يتيح للباحث فرصة «التأكد؛ من صحّة الفهم» وجواز نسبة بعض الفهوم والتفسيرات إلى الرجل موضوع البحث.. تحدّئت عن الجانب الإيجابي في هذه القضية.. وأخفيتٌ في نفسي ملاحظات سلبية أخرى.. ولكن الذي بقي ماثلاً في ذهني طيلة تلك الأمسية: الموت!... وكنت أتفرّس في عيني الشيخ وكأن) عينا عقاب هرم أو أسدٍ أسير... تشعّان بالذكاء والحيويّة والعزم حتى حين بدأ النعاس يدت في أجفانه على أشعة النور المبهر!.. ثم أقول في نفسي: مدّ الله في عمر هذا الرجل حتى يرى آمالاً أخرى له قد تحقّقت.. وحتى يزيد المكتبة الإسلامية من عطائه الثر الثمين. محاولة قراءة شخصية أبي زهرة: سك هذه الكلفة د إذن دق اعلم أي زغرة ومعارقسب لأن هذا يكين فيه وسيكتب فيه على نحو علمي - الشيء الكثير... ولكنها أقرب ما تكون إلى الخواطر والذكريات.. وإلى محاولة "قراءة» شخصيّة هذا العالم الفذء والوقوف على مفتاح هذه الشخصية التي يفسّر لنا ما وراء المواقف والآراء.. وإن كان هذا لا يعفينا من الإشارة إل كتنة ومكانته العلسة: وبعضن .ما كان يعت به من موالفاته وآراف كر ستمعيت ذلك 1 أعلام وعلماء لمحات من حياته: ولد الأستاذ أبو زهرة سنة 1215١هه‏ وحصل على «عالمية القضاء الشرعي مع درجة أستاذ) سنة 147١ه‏ كما حَصّل على معادلة «دار العلوم»؛ واشتغل بالتدريس في هذه الدار وفي كلية أصول الدين بالأزهرء ثم في كلية الحقوق بجامعة القاهرة ‏ التي كانت تُدعى بجامعة فؤاد الأول وم ينقطع خلال ذلك عن المحاضرات والندوات العامة» وكان بعد إحالته على المعاش يحاضر في بعض المعاهد الخاصّة؛ وبخاصّة معهد الدراسات الإسلامية الذي أسَّسه مع الدكتور العربي رحمه الله وبعض رجالات مصرء وكان يحاضر فيه بدون أجر... هذا إلى جانب اشتراكه في بعض لحان المجلس الأعلى للعلوم والآداب والفنون ولجان أخرى كثيرة كان فيها فارس الميدان حتى عَُدَّ بمزاياه التي سنشير إلى بعضها فيم| بعد من أكبر رجالات المؤتمرات والندوات في مصر والعالم الإسلامي.. إشرافه على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه: وتكفينا الإشارة إلى عشرات رسائل «الماجستير والدكتوراه» التى أشرف على إعدادها أو ترأس لحان مناقشتها في الفقه والقانون والتفسير والحديث وعلم الكلام وسائر فروع الثقافة العربية الإسلامية... في كليات الآداب والحقوق والشريعة وأصول الدين في جامعة القاهرة وعين شمس والأزهر والإسكندرية وغيرها من الجامعات العربية. أثر مدرسة القضاء الشرعى: ويمكن القول إن الأثر الأكبر في شخصية أب زهرة العلمية وشغفه الذي لا حد له بالمعرفة والمطالعة والتأليف يعود إلى مدرسة القضاء الشرعي التي أنشأتها الحكومة العلامة الشيخ محمد أبو زهرة 1١1/‏ المصرية أصلاً لما رغبت في إصلاح القضاء الشرعي ولم تستطع أن تعول في ذلك على علماء الأزهر ‏ كما قال الشيخ المراغي رحمه الله -كى| نشأت من قبل مدرسة دار العلوم أيام علي مبارك باشا لما أرادت أن تأخذ من الأزهر علماء للتعليم ‏ أو مدرسين ‏ فلم تجد بغيتها في الأزهر ني ذلك الحين لأن طريقته في التعليم يومذاك لم تكن تلائم حالة النشء» كما ذكر ذلك الشيخ المراغي أيضاً.. عاطف بك بركات: ويبدو أن مدرسة القضاء الشرعي هذه كانت شامخة في مناهجها وأساليبهاء وفي شخصية «ناظرها» العالم المربي عاطف بك بركات الذي كان يثني عليه خريجو هذه الملرسة العليا... وقد بكاه أحمد أمين ‏ خريج هذه المدرسة - طويلاً عندما توفي رحمه الله سنة 65م أي بُعيد تخرج أبي زهرة في هذه المدرسة بنحو سنتين» وكان عاطف بركات بعد أن أقصي عن هذه المدرسة قد تفرّغْ للسياسة وانضمٌ إلى «الوفد»؛ وعيّن وكيلاً لوزارة المعارف.. وربما كان أبو زهرة رحمه الله لم يتتلمذ عليه وإن كنت قد سمعته يثني عليه ويذكره بخير”” ‏ إلا أنَّ البو الذي تركه في المدرسة والطابع الذي طبعها به بقي ملازماً ها.. علا وسياسة كذلك. ولعلّ تأثر أبي زهرة بالوفد وإععجابه الشديد بسعد زغلول يعودٌ من بعض وجوهه إلى هذا المعهد الذي كان يعد صنيعةً من صنيعات سعد وعملاً من أعماله الجليلة... وكان عاطف بركات نفسه من أقرباء سعد» ومن أقرب الْمقَربين إليه. كتبه في فروع الثقافة الإسلامية: شف أستاذنا رحمه الله بالدرس والتأليف؛ وخلّف للمكتبة العربية الإسلامية أكثر من أربعين كتاباً في فروع الثقافة الإسلامية. وبخاصّة الفقه والقانون. نذكر له في )١(‏ ينظر ثناؤه عليه في مقالته في هذا الكتاب: ذكرى أساتذتي بدار العلوم ص ٠‏ 3 (م). 1 عت الكلام والأديان: «تاريخ الجدل في الإسلام», «محاضرات في النصرانية»» «مقارنات الأديان», «المذاهب الإسلامية) ف السياسة والعقائد. وله في الاجتماع ونظام الإسلام: «تنظيم الإسلام للمجتمع»؛ «العلاقات الدولية في الإسلام»» «المجتمع الإنساني في ظل الإسلام»» «الوحدة الإسلامية». ومن كتبه في الفقه والقانون: «أصول الفقه»؛ «الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي»» «الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية»» «الأحوال الشخصية»؛ (اشرح قانون الوصية»؛ و«امحاضرات في عقد الزواج وآثاره»» و«الميراث عند الجعفرية»» وفي (مصادر الفقه الإسلامي». وفي «تاريخ المذاهب الفقهية» وفي «الأوقاف». وبعض هذه الكتب يقع في أكثر من مجلد. وغيرها كثيدٌ عدا عن سلسلته الذهبية القيمة عن الأئمة المجتهدين وعصرهم وآرائهم وفقههم» كتب رحمه الله عن «الشافعى» ومالك» وأحمد» وأبي حنيفة» وأبن تيمية؛ والإمام زيد» وابن حزم؛ والإمام الصّادق..»» وخصّ كل واحد من هؤلاء الأئمة بكتاب كبير. وكان رحمه الله ينشر تفسيراً للقرآن يُعِدُه تبَاعاً لمجلة «لواء الإسلام» المصريةء وقد جاوز فبه نصف القرآن الكريم”"» وقد أودع تفسيره هذا كثيراً من معارفه ومعارف العصر العامّة» وبخاصّة في المسائل الاجتاعية والسياسية وأصول الديانات» ١7‏ انتهى فيه إلى الآية 04 من سورة الأنعام» ثم حيل بينه وبين نشر تفسيره على صفحات المجلة» قال الشيخ أبو زهرة في مقدمة #تفسيره» 1: 17: الوكانت مجلة «لواء الإسلام» تنشر في كل عدد منها تفسيراً للقرآن؛ وكان يتولاه الرجل المؤمن العارف بالله الشيخ الخضر الحسين» وواصل تفسيره حتى وصل إلى قوله تعالى: 9 ألتّهْرَأرام يشير لْرَوِ 4 [البقرة: »]١144‏ ووقف عند هذه الآية» وطلب مني أن أتمم ما بدأء وأيده صاحب المجلة فيها طلبء فتوليت كتابة التفسير من هذه الآية راغباً دائبء واستمررت في هذا العمل إلى أن مُنعت من التفسير ومن غيره بأمر طاغوتي بمن كان يحكم مصر إبان ذلك..4. العلامة الشيخ محمد أبو زهرة ١‏ وكان ينظر فيه إلى تفسير الزمخشريء وينحو فيه نحو السيد الشيخ رشيد رضا والشيخ محمد عبده رحمهما اللهء مع رعاية اختلاف العصرء واختلاف النظرة إلى نظام الإسلام والحضارة الغربية”". وقد ودَّعنّه ‏ رحمه الله في داره بضاحية الزيتون بالقاهرة قبل حمس سنوات» وقد بدأ بوضع كتاب في سيرة المصطفى يكل والراجح أن يكون قد فرّعٌ من وضعه منذ أمد ليس بالقصير. مقالاته وبحوثه: هذا.. عدا مئات المقالات التي كان يمد بها كثيراً من المجلات الإسلامية في مصر وخارج مصرء والأبحاث التي كان يعدها للمؤتمرات والمجامع العلمية كبحثه القيم في «القضاء الإداري في الإسلام» ‏ الذي نشرثّه هذه المجلة”" في عامها الأول - وبحثه في «ولاية المظالم في الإسلام»» وغيرهما كثير. 2 شدة اعتزازه بككتابه عن الإمام الشافعي: ولا بدَّ لنا هنا من الإشارة العابرة إلى أنه كان شديد الاعتزاز» من سلسلته الفقهية السابقة» بكتابه عن الإمام الشافعي» الذي أعطاه حقّه من التّمحيص والتحرّي )١(‏ ابتدأ بكتابة الجزء الذي كتبه الإمام الخضرء ليكون التفسير كله نسقا واحداء وانتهى إلى تفسير الآية “'/ا من سورة النمل: # وَإنَريكُ لذو مَصْلعَلَالئاس وَلكنَ أيهم لايَفْكْرُونَ 4 وسقط ساجداً على أوراق التفسيرء وفاضت روحه الكريمة عند أذان ظهر الجمعة في العاشر من رمضان 144 الموافق 7,. وقد صَدَّرٌ ما كتبه من التفسير كاملا باسم «زهرة التفاسير» في أجزاء متتابعة» ثم جمع في عشر مجلدات» طبعته دار الفكر العربي بالقاهرة» بدون تاريخ» في حدود سنة .١478‏ (؟) صدر عن دار الفكر العربي في مجلدين بعنوان: «خاتم النبيين». ("1) يعني بها مجلة حضارة الإسلام التي تقلت منها مقالة الدكتور زرزور هذه. " أعلام وعلماء والتدقيق... وسبب ذلك كما حدّئني مرةٌ رحمه الله - أنه وضع هذا الكتاب وهو على عتبة التَّرفّى إلى درجة أستاذ مساعد في كلية الحقوق» وكانت المنافسة بينه وبين سلفه 3 3 يع ء . جالام. 5 50 2 ٠. ٠.‏ أستاذنا رحمه الله يختار لهذه «المنافسة» اسمأ آخر بطبيعة الحال» فكان كتابه الذي جاء فاتحة تلك السلسلة مثالا يُحْتذى ويُشّار إليه: منهجه في الكتابة عن أعلام الاجتهاد ني الإسلام: وأمر آخر يتصل مبذه السلسلة» وهو أنَّ المؤلف رحمه الله يرى أن هذا النهج في الكتابة عن أعلام الاجتهاد في الإسلام لم يُسْبّقَ إليه» وبخاصّة كلامه عن «عصر؛ كل مجتهد... ولم يد مرةً اعتراضه على ما بَدَر مني من رأي حول «القَدْر؛ الذي يكتب عادة عن ١عصر)‏ مؤلفي أو إمام موضوع دراسة وبحث... وهو «القدر الذي يلقي ضوءاً على حياة المؤلف ويُمهد لفهم آرائه واجتهاداته فيها اشتهر فيه... ويضعه ‏ من ثم - في موضعه بين من شاركوه في هذا المجال...» وإن كان من غير اللازم أن يكون شيخنا «نحاضرات فى النصرانية»: أما كتابه الذي لم يكن يحْفِي اعتزازه به حتى في بعض المجالس العامة» والذي كان يحب أن يلقى وَّجْهَ ربه وأنه هو الذي كتب هذا الكتاب» فهو «محاضرات في النصرانية». ومّن اطّلع على هذا الكتاب علم ما كان يقول الشيخ رحمه الله... وقد وده إن شاء الله بين يدي عليم خبير. عميد الفقهاء ومجتهد العصر: مات عميدٌ الفقهاء.. ومجتهد العصرء فباذا أصفه؟ ومن أين أبدأ الكلام على شخصيته المحبّبة المتعدّدة الجوانب؟ العلامة الشيخ محمد أبو زهرة 3 كان أبو زهرة أشبه الناس بالإمام الغزالي رحمه الله: بلاغدٌ قول» وإخلاص حديثء وغزارة عبارة» وقوةٌ ححجة... فهل كان أبو زهرة غزالي العصر؟ ! غزالي العصر: كان في قوة دماغه واعتزازه بعلمه كالإمام الغزالي رحمه الله.. ولكنّ شيئاً من طبيعة «الأسد») كان يبدو في تناوله لمنهاج المعرفة ومسائل العلم.. كان يتناولها بقوة ويقضي فيها برجولة وسرعة. فهل كان ذلك على حساب «الثقة) والتعمّق في الفهم والتحليل؟ ما أظن ذلك.. ولكن الذي لا شك فيه فيما يبدو - أن عبارته في التعبير عن معنى من المعاني أو فكرة من الأفكار قد تطول بعض الشيء» وربما صَاحَبّها قليل من التكرار والدوران وبألفاظ جَرْلة فخمة.. ولكنه كان يصل إلى ما يريد من أداء المعاني الدقيقة والآراء الاجتهادية المعقدة. الكلمة عند الأستاذ أبى زهرة: ويمكئنا القول: إِنْ «الجملة» أو «الكلمة» عند أستاذنا الكبير رحمه الله أداة يقع عليها (طبعه» وفحولته فخمة جزلة... وتقع عليها ١إرادته»‏ وثقافته بسرعة للتعبير عن المعنى الذي يريد طال الكلام أو قصر... ويبدو الكلام طويلاً حيث يجب في مثل الكلمة عند الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقا: وإذا جاز لنا أن نتََخْذْ من «الكلمة» معياراً نقيس به اختلاف مَنْ تتلمذنا عليهم من رجال الفقه والتشريع ‏ على اختلافهم في الإصابة من قضايا الأمة والمجتمع - فالكلمة عند أستاذنا الجليل الشيخ مصطفى الزرقا حفظه الله «حد» من حدود المنطق» وقَيّد أو احتراس من قيود المعاهدات ولمواثيق!.. يبحث عنها الأستاذ الزرقا بدأب» ويختارها بعناية» ويضعها في موضعها الذي لقت له غير نافرة ولا قلقة! ؟" أعلام وغلماء الكلمة عند الأستاذ السباعي: وهي عند أستاذنا الداعية المجاهد مصطفى السباعي رحمه الله «كائنٌ عضويٌ» ينبضُ بالحياة» ويضحٌ بحركة الروح والأعضاء!.. تمس قلب القارئ, ورك فيه كوامن الفكر والأدب والشعور... ولذلك فهي أقوى ما تكون وأفعل ما تكون حين يعبر بها عن افلسفة» النظام» لا عن نظام الفلسفة» وعن حكمة الإرث لا عن الأنصاف والأرباع والأسداس.. وعن قواعد الإسلام في بناء الأسرة وموضوع المرأة لا عن الأهلية والوصية وتوزيع التركات! قدرة الأستاذ أبي زهرة على الخطابة في الفقه والقانون: وإذا كانت الكلمة عند أستاذنا العلامة الشيخ أبي زهرة ما قدّمت.. فإن ذلك يفسّر قدرته الفائقة على أن ايخطب» في «ألفقه» والقانون.. وأن يرد اعتراضات المعترضين في الندوات والمحاضرات ومناقشات الرسائل الجامعية... وأن يكون في مقدمة رجال المحافل العلمية العالمية... يساعده في ذلك ذاكرة قوية» وبديهة حاضرة؛ واطّلاع واسعء وقدرة عجيبة على التوليد والابتكار... وصوت قويّ مجلْجِل ينطلق من أعماق القلب والعقل جميعاً... إلى جانب ما عُرِفَ عنه رحه الله من روح مميّبة» ونفس مّرحة» وطبع أصيل يسعفه بالإشارة الموحية» و«القفشة» الحاضرة! ورا كانت حصيلة كتابات أستاذنا رحمه الله في محال فقه الدعوة قليلة... أو دون من فرّغوا أنفسهم لهذا الحقل» وأتوا فيه بالروائع والدقائق... ولكن يبقى أسلوب الشيخ أبي زهرة ‏ بفحولته وجزالته وصدق صاحبه ‏ يصوّر للقارئ أن وراءه الشيء الكثير. مفتاح شخصيته: الكرامة والعزة: أما عزّة الرجل وكرامته وصلابته في الح فلم أجد لها مثيلاً فيمن عرفت من مشايخ مصرء وفيمن رأيت من علائها... بل لعل مفتاح شخصيته الفذة يكمن في «الكرامة» أو العلامة الشيخ محمد أبو زهرة 3 الرفض! رفض أن يبيع آخرته بدنياه... ورفض أن يسبقه أحدٌ أو يتقدّم عليه... ورفض أن زم في حوار أو جدال... ورفض أن يقول للظالم: يا عادل... بل رفض أن يسكت عن الظلم... ورفض أن يأخذ على محاضراته العامة الكثيرة أجراً من المال... بل رفض الاعتذار عن إلقاء محاضرة وهو في غاية التعب والإرهاق.. وقد شهدت ذلك بنفسي أكثر من مرة» وبخاصة مع طلاب كلية الهندسة وكلية التجارة بجامعة عين شمس» وكان طلاب هاتين الكليتين يحَبُونه حباً جمأء ولا يتركون مناسبة إلا ويقومون بدعوته لإلقاء محاضرة عندهم... ولم يكن يتخلّف, ول يكن يجبن عن أن يقول كلمة الحق... بل رفض الشيخ رحمه الله أن ليكون» شيخاً للأزهر» وليس في مصرٌ رجلٌ أحلٌّ منه بهذا المنصب! أقول: رفضء ولا أعني أنَّ لنصب عُرض عليه فأبى... بل أعني ما هو أبعد دلالة في شخصيّته على مبدأ الرفض: لقد أبى أن يضع نفسه بحيث يرى ويُدعى!... وم يكن أبو زهرة يجهل شروط هذه الرؤية في تلك الأيام» ولكن نفسه ‏ شهد الله - كانت تشمئز من مجرّد تصوّر هذه الشروط وسماعهاء فضلاً عن قبولها والسعي إليها! كرامة ليست فوقها كرامة» وعزة ليس وراءها عزة... ورفضٌ مطلق لإعطاء الدنيّة في أيّ مجال من مجالات الأخذ والعطاء... فحولةٌ في القول» ورجولةٌ في العمل وبطولةٌ في المواقف» وكرامةٌ وسَبْقٌّ في جميع شؤون الحياة. هذه هي شخصيّة فقيد الإسلام والمسلمين أستاذنا الشيخ محمد أبي زهرة كما عرفته وعرفه تلامذته وححْبُوه رحمه الله وجزاه عن دينه وعباده أفضل الجزاء. حب لبعد وغلول وتأئرهايه: هذه النفس المنطوية على العبقرية والبطولة كانت تحب الأبطال.. وقد انطبع في نفسه وهو غلام حَدَّث يجري وراء عربة سعد زغلول ويسعى إلى النظر إليه... ثم وهو شاب يستمع إليه بكلّ جوارحه وهو يخطب وكان من الخطباء القلائل في تاريخ مصر 3 أعلام وعلماء الحديث ‏ انطبع في نفسه صورة هذا الزعيم فأحبّه وتأذّر به وبقي على ذلك-لما جُبلت عليه نفسه من الصلابة والوفاء ‏ حتى آخر يوم في حياته.. وممًّا أكد ذلك في نفسه الصور التي كانت تجري على مسرح الحياة في مصر في تلك الأيام... وكان لا يمل من تذكر صورة سعد يوم أطلق عليه النار في مخطة باب الحديد.. وكيف تحامل الرجل على نفسه ودمه ينزف ليصعد على منبر الخطابة لحظات يقول فيها: يعر عل أن أرى منبر النطابة ولا أخطب! وميدان الكلام ولا أتكلم... ثم يعلن العفو عن خصمه الذي لم يرد في نفسه لمصر إلا الخير!.. ثم يقول الشيخ أبو زهرة رحمه الله: أين هذا من حديث العجل؟ وممًا يكمل صورة نفس الشيخ رحمه الله في هذا الجانب تريّته ‏ وربما تردّده - في رفع بعض الناس إلى هذا المقام في نفسه» حتى يأتي أمر بعطيه «رؤية» جديدة ما كان له أن يقف على أبعادها لولا ذلك الأمر «الجوهري» الطارئ... دخلتٌ عليه مرة وقد ضَيّق عليه.. وُحجر على كتابه القِّم #حاضرات في النصرانية» فهالني أمر الكتاب الذي مغى على وضعه بين أيدي الطلاب والباحثين أكثر من خمسة عشر عاماً في ذلك الوقتفقال: نعم... النصارى الأوروبيون يترجمون هذا الكتاب إل أكترسن لويد سوه وبنا فشو و لط وتنا اجون انا سدكت اهل مظنا دار حرب؟! ما أظنٌ الأمريا بنيّ إلا كذلك... وما أخالٌ صاحبكم إلا واحداً من كرام الشوداء عفد اشيج 'إنه ولنثا زهان رعة ”ابح وكات قرط مقع تقض أسعافنا الجليل رحمه الله كثيراً من الصّور والمواقف. ذكريات وصور. الذكريات عن أستاذنا الراحل تملاً الذاكرة... والصّور تزحم الخيال... وهذه مجرّد كلمة ندخل بها إلى ساحة نفسه الرّحُبة... وعقله الواسع... ومواهبه الخضبة المتنوّعة» )١(‏ يشير إلى الأستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى. العلامة الشيخ محمد أبو زهرة 6" ولسوف يكتب عن الرجل رحمه الله فوق الدراسات العلمية الجامعية عن أبي زهرة «المري» والداعية» والأب» والصديق» والسيامي» والأديب» والخطيب» إلخ.. ونرجو أن نسهم في هذا المجال في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى. عزمه على وضع كتاب في السيرة: في أوائل عام 1579م؛ وفي جلسة ممتدة في بيته الهادئ الرزين.. حدّئني عن عزمه على وضع كتاب في السيرة النبوية الكريمة... وعرض لِطَرّف من مخطط الموضوع في ذهنه» والقضايا «الجديدة» التي لا بد من إثارتها بين يدي كتابة السيرة» أو في التعقيب على بعض المواقف... وشعرتٌ أنه يحب أن أشترك في الحديث.. فأشرت إلى أن تلك القضايا قد كتب فيها «العقاد» في كتابه «مطلع النور» وفي بعض كتبه الأخرى» ىا كتب في بعض المواقف الأخرى كُتَابٍ آخرون... فقال: إنه سيطلع على هذه الكتب قبل أن يبدأ بالكتابة.. وأذكر أنني وقفت عند بعض النقاط التي جدّ فيها من القول ما لا بد لأبي زهرة بالذات من مناقشته والردٌ عليه.. كالحديث عن حياة النبي يه الروحيّة ونحو ذلك» وأشرتٌ إلى من تون كِبْرَ هذه الأمور من الكتّاب والمترجمين... من عالم التبعات والحقوق إلى عالم السؤال والملكوت: وكانت جلسة ممتدة عهد إل الشيخ في نبايتها بإحضار هذه الكتب» وكل كتاب أقدّر ضرورته أو أنَّ الشبخ لم يطّلع عليه! وم يكن التقدير في اليوم التالي سهلاًه ولكنه جاء بحمد الله صحيحاً.. وحضرت صلاة العشاء» ففاجأنٍ رحمه الله بحرصه على أن بعطيني ثمن ما اشتريت له قبل أن نُوَّدّي الصلاة... وقال بعد أن نادى على خادمه لِيُحضر المبلغ.. لأحسن بكره يموت الشيخ أبو زهرة... فتُدعى للصلاة عليه فتقول: لا... إِنَِّي في ذمته مالالم يدفعه بعد!» وضحك ضحكته المشهورة بعد أن نقلني من 9" يه عام التّعَاتَ والحقوق.. إلى عالم السؤال والمّلكوت!... وتصوّرت الخسارة والخَطب اللذين سيحلان من غيابه عن الساحة... ثم غاب رحمه الله ولم أكن في مصر ليكون لي ثواب الصلاة عليه وتشييعه... ولكنني هنا مع سائر تلامذته ومحبّيه ندعو له كلما قرأنا كتاباً من كتبه. وذكرنا موقفاً من مواقفه... أو ذكرتنا الأيام والخطوب بالثغرة التي كان يقف عليها في دنيا الإسلام والمسلمين. عمل ودأب وجهاد حتى آخر دقبقة: وبعدء فهذه لمحة عن حياة الفقيد الجليل رحمه الله.. الذي أخذ من دنياه الكثير» وأعطاها الكثير. جاء خبرٌ نعيه وجمهورٌ غفير يننظر حضوره في القاهرة لإلقاء محاضرة عامة كان قد أعلن عنها في وقت سابق... عمل ودأب وجهاد حتى آخر دقيقة... رقف الجمهور يتقبّل في الشيخ العزاء بعد أن تحوّل اجتماعهم إلى مأتم وعزاء. آخر كلماته المكتوبة: أما آخر كلماته المكتوبة فهي: «وأحسبٌ في حياتي كلّها أنَّ لله كان معي مع كثرة ٠.‏ 7 5 ع اس جٍِ الذين يرومون ب السوءء وما خيب الله لي أملا ولا رجاء. وكنت أضطهد في العهود السابقة» فكلم) اشتدٌ الكرب عل جاءني الفرج من حيث لا أحتسب». اوإني أقول نصيحتي لأبنائي الذين أنعم الله عل بأنهم تخرجوا على يدي: كونوا فيعيك اذاف وتلك هي علامة الإيوان والقّبول إن شاء الله... على القنطرة التي وصلت في آخر أيامه عالم الغيب بعالم الشهادة. العلامة الشيخ محمد أبو زهرة ,”> في صفحات التاريخ: سيكتب المؤرّخ: في العاشر من رمضان سنة ثلاث وتسعين وتسعائة وألف اقتتحم جنود مصر قناة السويس»ء وسَّقَطت تحت أقدامهم تحصينات العدو... وحناجرهم ُردّد بصوت واحد: الله أكبر. ثم دخل عام أربع وتسعين وفيه تمَّ تحرير مدن القناة» ورد العدو إلى داخل سيناء... وفيه تُوقٍ الفقيه العلامة الشيخ محمد أبو زهرة وقد مُحيت من نفسه بعض الأحزان. وكان رحمه الله عالماً فاضلاً مُصِتّماً كبير النفسء عالي الهمة» صادعاً بالحق» آمراً بالمعروف ناهياً عن المكره لم يُعط الدنيّة من دينه ولا من علمه وكرامته. وقد حزن الناس وته حزناً شديداً» ورثاه غير واحد من الخلق داخل مصر وخارجهاء رحمه الله رحمة واسعة وعوّض المسلمين خيراًء وإنا لله وإنا إليه راجعون. نعم» وإنا لله وإنا إليه راجعون, ولا حول ولا قوة إلا بالله. ١ أبو ده 0 (0٠48-.٠هاه)‏ الإمام المستقل الذي عاش من تجاربه ورفض وظائف الدولة كان الداخلٌ إلى مسجدٍ الكوفة في الربع الثاني من القرنٍ الثاني المجري يِدٌ رجلاً هو رَبّعة من الرجالء لا هوّ بالطويل ولا بالقصيره فيه سّمْرة وعليه برَّةٌّ حسنة» قد عَنِيّ بثيابه وتنسيقها عنايةً واضحة» فيه يسمةٌ العلاء» وفيه تقوى المؤمنين» وله نظراتٌ فاحصةٌ في الأشخاص وني الأشياء» كأ:با نظراثٌ تاجر يَضْفِق في الأسواق» ويسْتَشِفٌ الرّعَباتِ من الوجوه؛ ويتعرّفُ القلوب من نظراتٍ أصحابباء وقد جلسّ حول ثلاثونَ أو يزيدون يعرض عليهم مسائل الفقهء فيناظِرّهم ويناظرونه» وكأنة سقراطً الفيلسوف بينَ مُريديهِ وطالبي الحكمة؛ بهديهم إليها بحواره ومحاولاته» ولكنّ شيحّنا قد يقفٌ المناقشة إن رأى فيها خروجاً على الصّراط» لأنّه يناقشُ في دين» وإن كان يفكّرٌُ فيه بعقل الفيلسوفء وإذا تكلم الشيحٌ بالحكم سكتت الأصواثٌ كلهاء وانتظرت منه قَضْلَ الخطاب. ذلك جد سوم لفل ارسي النعيان بن ثابت. .م195٠‎ - مجلة العربي: العدد لال عام 9/ا11ه‎ )١( يض أعلام وعلماء مولده وحياته: ولد أبو حنيفة بالكوفة سنة 4١‏ من الحجرة على رواية الأكثرين من أبوينٍ فازمكن):وابرة عوانانث بن روط كوقد كافحةا من أفل قابل» جد عند فتح العرب ذه البلادء ويظهرٌ أنة قد مُّنَّ عليه من غير استرقاق. وقد كان ولاؤه لني يم ولذلك يقال «أبو حنيفةٌالتيمّ»؛ ولقد قبل إن جد قد اشترقةبنو تيم؛ ثم أعتقوة» فكانَ ولاؤهٌ لهم بهذا الإعتاق» وم ب َجْر الرق على أبيه بإجماع المؤرخين» إلَامَّن أكلّ التعصّبُ المذهبىٌ قلبه. ولقد نال أبو حنيفة أعلى المنازلٍ بعلمه لا بشرفٍ نسبه؛ ولا بكرم أرومته. وقد كانَ أبو حنيفةً بحس بذلكٌ الشَّرفٍ التَّْسِيّ الذاق في في وقت قد اشْتدّ فيه الفخرٌ بالّرفٍ النسَبي» ويروى في هذا أن بعضّ بني تَيْمٍ الذينَ ب: ينتهي إليهم ولاؤهُ قال له مستعلياً: «أنت مولاي»» فقال أبو حنيفةً معتزاً بالعلم والكرامة الشّخصية: «أنا والله أشرفٌ لك منكٌ لي». ْ وقد نشأ أبو حنيفة بالكوفةٍ وتربّى بهاء وعاشّ أكثرٌ حياته فيها. وقد كان أبوة من التجارٍ أهلٍ اليسَارهِ وكان مُسلاً حَسَنَ الإسلام. وقد التقى أبوه بعل بن أبي طالب كرّم الله وجهه. فدعا لهُ بالبركةٍ في رزقِهِ وولده. وبذلكَ يتبينٌ أنَّ أبا حنيفةً نشأ في أسرة إسلامية تعترٌ بالإسلام» ولقد حفظٌ القرآنَ في صدر حياته» واستمرٌ حافظاً له إلى ماته» فقد كان كثيرَ التلاوةٍ له» وقد أخدّ عِلمّ القراءاتٍ عن الإمام عاصم أحد القراءِ السّبعة. أبو حنيفة وذ وقد كانت الكوفةٌ التي نشأ فيها وترعرع موطناً لمدنياتٍ قديمة. وكان فيها السّريانَ وقد أنشأوا هم مدارس. ولما صارت قَصَّبَةَ الدولة العباسية» وفدَ إليها العلماء من كل البلادٍ الشرقية» من الحند وخراسانَ وغيرهما من الأقاليم الشرقية» ىا وَقَدَ إليها العلماء من السريانٍ واليونانٍ والرومان. فحت عين أبي حنيفةً فرأى هذه الأجناس» وأشمّ عقلَهُ على هذو الآراء المِتَضَارِبةٍ التي كانت تَسْتوطنٌ العراق. انصرافه إلى دراسة علم الكلام وعمله بالتجارة أولا: ولا شدا وترعرعّ كان بينَ يديه طريقان: إِمّا أن ينصرف إلى الحدلٍ في العقائدٍ وهو ما يسمّى عِلْمَ الكلام» وإما أن ينصرف إلى التجارة كأبيه يمن قبل. ويظهرٌ أنه نال من الطرفين» فكان يذهبُ في بواكير شبابه إلى حلقاتٍ الجدلٍ في العقائد» وقد كان يسافرٌ إلى البصرة لذلكٌ الغرض» حيثٌ كان بها المعتزلةٌ وأهلٌ التّحلٍ المختلفة. وكان يختلفٌ مع ذلكٌ إلى الأسواقٍ يتاجرء ثم غلبت عليه التّجارةٌ التي صارت مرتزقة إلى أن مات. ولكنة مع اختلافه إلى الأسواقٍ كالتي انصرف إليها ابتداءً قد بورع إل الفقهِ بأكثر أوقاتِه» وصارٌ للتجارة أقلها. ويُروى أن الذي وَجهَهُ إلى ذلك عامرٌ الشَّعبِينُ المحدّثُ والفقيه» ويذكرٌ أبو حنيفةً قصّةٌ هذا التوجيه؛ فيقول: اختلافه إلى العلاء واتّجاهه إلى الفقه: «مررثٌ يوماً على الشَّعبيّء وهو جالسٌ فدعاي» فقال لي: إلى مَن تختلف؟ فقلت: أختلف إلى الشّوقء فقال: لم أعن الاختلافٌ إلى السّوقء عنيثٌ الاختلافٌ إلى العلماء. فقلتٌ له: أنا قليلٌ الاختلافٍ إليهم. فقالّ لي: لا تغفل وعليكٌ بالنظر في 0 لومي العلم ومجالسة العلماء» فإني أرى فيكٌ يقظةٌ وحركة. قال أبو حنيفة: فوقمٌ في قلبي تؤاتيلة كك الاحفواوة إل السوقور لوزت في الكل وامقش الك بتولا»: نجه أبو حنيفة من بعد ذلك إلى الفقهء وخاض في علم الكلام قبل أن ينصرفٌ انصرافاًكليً إلى الفقهه ومع انصراؤه للعلم لم يتقطخ عَنِ التجارة» بلي استثمرٌ متجرّه» ولكنْ كان لهُ شريكٌ يعاوته» وقَدٍ اعتمدّ عليه في الإشراف على المتجرء وكان يختلف إلى السّوقٍ في طَرّفِ من النهار ليعرف سَيْرٌ المنْجر واستقامة أحواله» وعدم خروجه عا يوجبه الدينٌ في الانّجار. ولا انّجه أبو حنيفة إلى الفقهِ أخذ يطلبّه من كلّ مصادرهء وأكثرٌ من الرحلة ليتصل بالرُواة» وكان الحجٌّ موس العلم لهُ ولأمثاله من ينتجعون إلى مَْلَانَ العلم. وكانت الكوفةٌ هي المقامَ الأصلنَ له» وهي موطنه العلميٌ» كما أنها كانت مُقَامَهُ ومُقام أهله من قبله؛ وكان يرى فيها بيئةٌ علمية» وإن لم يمنعه ذلك من اقتطافٍ ثمراتٍ في غيرهاء وله رأي فيّمٌ في التكوين العلمي لكل طالب للعلم» وهو أَنْ يعيش في بيئة علمية ويلازمَ عالماً يختاره» فقد سَئْل مرة: ١مِنْ‏ أينَ جاءكَ هذا العلم»؟: فقال: «كنت في معدن العلم والفقه. ولزمت فقيهاً من فقهائهم». فهو يرى أن البيئة تبععث نوازعَ العلم وتفتحٌ الآفاق» والشيخ يوجّه ويركز. مدرسة الكوفة اختلفت عن مدرسة مكة والمدينة: كانت في الكوفة مدرسةٌ فقهية تختلف عن مدرسة مكة ومدرسة المدينة في المنهاج والشيوخ, فكان فيها في عصر الصحابة عبدٌ الله بن مسعود, ثم أقام بها علي أبو حنيفة وم ابن أبي طالبء أقضى الصَّحابةٍ ىا رُوِيَ عن النبيّ يها''» وكان لما تلاميذٌ بعدهما منهم عَلْقَمة» وإبراهيم النَّخَّي. وأبررٌ من حمل فقة عبد الله بن مسعود هذانٍ الفقيهان» وقد نقلاةٌ إلى الأخلافٍ وخرّجا عليه وفرّعا الفروعَ الكثيرة. وقد امتارٌ فقةُ النخعي وتلاميذِهِ بالقياس» والقياس هو إلحاق أمر غير منصوص على حكمه بأمرٍ آخر منصوص على حكيو لاشتراك في العلّة. وهم في هذه الأقيسةٍ مُتأنرونَ بالمصلحةٍ وبالعُرف» وكانوا في دراستهم للأقيسة الفقهية وتعرّفٍ العللٍ التي بُنِِثُْ عليها الأحكامٌ المنصوص عليها يفرضون وقائمَ ‏ تع ليختبروا عليها تلك العلل. ولذلك نشأ في الكوفة بمدرسة إبراهيم النّحَّعِيّ ما 0 سمي بالفقه التقديري» وهو تقديرٌ وقائعٌ لم تقح على أنبا واقعة» ويستخرجونٌ أحكامّها على مقتضى ما اسْتَُبطوه من عللٍ للأحكام. وني تلك المدرسة شاعّت أحاديثٌ عبدٍ الله بن مسعود» وأحاديث علٌ بن أبي طالب وفتاويهماء وأحاديث أبي موسى الأشعريّ وأقضيئه» وقضايا شر من قضاة الكوفة وسائر العراق. شرَيح وغيره (1) روى البخاري (4441) عن ابن عباس: قال: «قال عمر رضى الله عنه: أقرؤنا أبن وأقْضَانا علِءٌ..». قال الحافظ في «الفتعم» 8: /171: «كذا أخرجه موقوفاً»» وأما قوله: «وأقضانا علّ» فَوَرَدَ من حديثٍ مرفوع عن أنس رفعه: «أقضى أمتي علي بن أبي طالب». أخرجه البغوي. وعن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن النبيّ يك مرسلاً: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر» وأقضَاهم علّ..» الحديث. ورويناه موصولاً في افوائد أبي بكر محمد بن العباس بن نجيح» من حديث أبي سعيد الخدري مثله. وروى البزار من حديث ابن مسعود قال: «كنا نتحدّث أن أقضى أهل المديئة علي , بن أبي طالب رضى الله عنها. رحلته إلى المج والمناسك وأخذه عن فقهاء مكة والمدينة: مَل عَلَم هذه المدرسة» بعد إبراهيم النّحّعيّ» حمّادُ بن أبي سليران» أستادُ أبي حنيفة» وهو الفقيهٌ الذي لزمه في معدِنٍ العلم؛ وقد لزمه أكثرٌ أوقاته في مدى ثانية عثرٌ عاماً من عُمْرِه المبارك. ولم تكنْ هذه الملازمة كاملةً إذ كان كثيرَ الرحلة إلى الحجٌ للمنايك؛ وليشهدٌ منافمٌ له أهمّها العلمء وقد كان يلتقي بالفقهاءِ وبالرواة من التابعين» فرّوى عن فقهاءِ مكة ورواتهاء مثل عطاء بن أبي رباح. وروى عن علماء المدينة ورواتها فروى عن الإمام محمدٍ الباقِر» وروى عن الإمام جعفر الصادق ابنِهء وروى عن عبدٍ الله بن حسن بن حسن. ولا جاء الإمام زيدٌ بن عل إلى العراق أخدّ عنه» وقال فيه: إنه أعلم أهل عصره؛ ولم يجذْ باباً من أبوابٍ الفقه إلا دخل منهء ولا عا ماً مها تكن فرقته إلا أخدّ عنه. راك تمر امراك اك نودرت اخي عازن ابر الصيرا السّنةء مدل في ذلك كمَكلٍ الطالب النابغة الذي لا يق يقْعصِءُ على ما يُلقى عليه» بل ينمي علمّه بدراساته الخاصة. ومع أنه لم يستقل عن شيخِه في وجوده؛ كانت له تخريجاتٌ وآراء» وخصوصاً عندما يكونُ في رحلة» ولذلك شاعَ ذكرُه في مجالس العلاء قبل أن ينفرد بمجلس خاض لدرف: جلوسه للدرس ومنهجه في الدراسة الفقهية: م يتطاول أبو حنيفة إلى أن يكون له مجلس درس خاصٌ وحمّادٌ شيخه على َيْدِ الحياة» حتى إذا مات حماد سنةً ١؟٠١ه‏ جلسٌ أبو حنيفةً في مجلس درسه بالكوفة» أبو حنيفة ب وفتح عيونٌ الفقهِ ووسّع نطاقٌ الفقه التقديريٌ» ورسم لنفسِهِ منهاجاًء وصار فقية العراق غير مُنارّع» وأعلن خط الفقه التي التزمهاء فكان يأخذ بالكتاب؛ فإن لم يجد في كتاب الله ما يسعِفٌه بالفتوى أخذ بسنّةِ رسول الله كل فإن لم يِذ أذ بأقوالٍ الصحابة» فإن كانوا مختلفينَ اختار من أقوالهم» ولا يخرحٌ عنهاء ولكنه لا يتَّبع غير الصحابة» ويقول قولةً الفقيه المستقلّ: «إذا جاء الأمر إلى إبراهيم (النّخْعيّ) والحسن (البصريّ) فهم رجالٌ ونحنٌ رجال». وقد وسّع أبو حنيفة باب الدراسة الفقهية» وكان يدرسٌ النصوصٌ دراسة فاحص متعمّق في دراستهاء لا يكتفي بتعرّف ما تدلّ عليه ألفاظهاء بل يدرس المقاصد والأغراض والصّوالح التي تُبْنى على الأخذٍ من هذه النصوصء ومن وراء ذلك يتعرّفٌ العلَة ثم يأخذ في اختبارها على ضَوْء العُرفء الذي هو أعلم الناس به لأنة تاجرٌ يضْفِقٌ في الأسواق. رأيه في العقود التجاريّة أسلم الآراء: وقد امتاز فقهُهُ بظاهرتين اختصّتا به: إحداهما: أنْ آراءَهٌ في العقودٍ التجارية أسلمّ الآراء في الفقه الإسلاميّ» لأنها آراءُ تاجر يَضْفِقٌ في الأسواق» ويعرفٌ مواضعٌ الأمانة ومواضم الخيانة في معاملاتِ التجّار» وما يدفع به أسبابها. مناصرته الحرية الفردية: الثانية: أنه كان أكثرٌ الفقهاء المسلمينٌ مَيّْلاً إلى الحريّة الشخصية» فقد كان رجّلاً حرا يدر الحرية في غيره كا يُقدّرها في نفسه. فهو لا يسمحٌ لقاض أو غيره أن ان أعلام وعلماء يتدخَلٌ في حرية الناس الشخصية ما دام العقل قد توافر» وما دام التصرّفٌ لاضرَّرٌ فيه لأحل» وم يستبح الشخص حُرمةٌ من الحرمات. إن النْلُّم الإنسانية القائمةً والغابرةً تنقسمٌ في اتجاهاتها إلى م تكن نيا الََعةُ الجماعية التي تعطي للجاعة مثَّلةَ في الدولة حي التَّدخُل في شؤون الآحاد وإل تُظّم أخرى تنّجه إلى تنمية الإرادة الشخصيّة وتوجيهها بوسائل التربية والتهذيب, ثم لا تترك حَبْلَها على غاريها. وكان أبو حنيفة يتتجهٌ إلى النظام الثاني» ولذلك انفرد من بين فقهاءِ المسلمينَ بإطلاق حرية المرأة في اختيار زوجها من غير تدمحل وليّهاء ولا يتدخَل إلا إذا أساءتث الاختيارٌ بالفعل بأن تزوّجت غير كُفْء. فهو لا يمنثها لتوقع الإساءة» ولكنْ يبي التدمحل عند وقوع الإساءة بالفعل. وانفرد من بِنِ فقهاءٍ الُنياء من عَضْرٍ الإسلام إلى اليوم» بمنع الحَجْرَ على السفيه الذي يُبذّر ماله ما دام عاقلا مُذْركاًء لآن النقيه لخر راى أن اكير عليه فذ يكو حلط هالشولكة فيه زهرار ده وعتخ م تي وكين له أن ايكون ذا إرادة ورك وشخصيّة ولامال لهمن أن يكون له مال ول كراعة ول شخضية لهبوالعمل القضائي يدل على سلامة نظره» فا رأيْنا سفيهاً ُوحظ عند الحجُر مصلحتّه بل يغلب في الدعاوى قَصّدَ الكيد والأذى. ويقرّرء رضي الله عنه؛ أن كلّ إنسان حي فيا يملك» لا تُقيّد ملكييّه إِلّا إذا اعتدى على حقٌ غيره» بل منع لزوم الأوقاف. لأنّها ثُنافي حريّة المالك فيا يملك. أبو حنيفة و أكثر الفقهاء تساعحاً فى معاملة غير المسلمين: ومع هذه النزعةٍ الحرة في فقه أبي حنيفة» تجد بجوارها نزعةً التُسامح؛ فهو أكثرٌ الفقهاء تساعحاً في معاملة غير المسلمين الذين يستظلّون بالراية الإسلامية» فأباح لهم الحريّة الدينيةَ في أوسع دائرة. وفكذا نجه النقية يذ التتعل الأقساة ق تعره وترعاتة راراقة: صفاته: وقد انَّصف أبو حنيفةً بصفاتٍ شخصيّة» جعلت منة العالِم ذا الخُلَقٍ الكامل. ادك هذه الصفات: ضَبْط النفس عندما باجم بألفاظ نابية» أو عندما يماجم باعتراض معترض. وممَ ضَبْط نفسه كان قويّ الإحساس خصوصاً في الناحية الدينية. قال له قائلٌ: «يا مبتدع! يا زنديق!» فقالّ الشيخ الوقورٌ في هدوء: اغفر الله لكء [إنَ] الله ليعلم مني خلافَ ذلك, وأني ما عَدَلتُ به مُلْ عرفته» ولا أرجو إِلَّا عفوه؛ ولا أخاف إِلَّا عقابه». ثم بكى عند ذكر العقاب. فقال له الرجل: اجعلني في جل نما قلت» فقال التقيّ المنسامحٌ: «كل مَنْ قال فينا شيئاً من أهل الجهل» فهو في جل). كانت نفسه الطيّبة كأئها صَفْحَةٌ مَجُلُوَةٌ مَلْسَاءُ لا ينطبعٌ فيها شيءٌ من أدران الحقد, بل تنحدرٌ عنها أسبابه ولا يتصل بها شِيءٌ منه. 4 أعلام وعلماء ع ع ا ب - وقد أوتي استقلالا في التفكير» جعله لا يندمج بفكره في غيره» وقد لاحظ عليه ذلك شيخه حمّاد فقد كان ينازعٌه النظرَ في كل مسألة» وكذلك كان طول حياته لا يأخذ قولاً من غير مناقشة إلا أنْ يكون كتاباً أو سنّة أو فتوى صحابّ ولا يتَبِعٌ أحداً من بعد ذلك» بل يقول قوله المستقلٌ: هُمْ رجالٌ ونحنٌ رجال. وقد دفعه استقلاله الفكري أن يأخدٌ العلم من كل مصادره غير تاركِ مصدراً أو شيخاً لِدِخْلته أو تَرْعتِه أل من أئمة آل البيت؛ بل أخذ من بعض الذين قالوا في التشيّع لآل البيت كجابر المُحْفىَ؛ وكان يتمثّل كل ما يأخذه في عقله وقلبه علا نقياً خالصاً. عميق الفكر: ج - وكان عميقٌ الفكرة لا يكتفي بالبحث في ظواهر الأمور والنصوصء بل شوق الامزاافتها القرية والجرة يدف عن العلل والاناك :لما ذلك عق[ الفلسفيّ المُتَعمُقَ هو الذي [جَعَله] بنّحِه في أوّل حياته العلمية إلى علم الكلام ليرضيّ تلك النهمةٌ العقلية» وأنَّ ذلك التّعمّى هو الذي دفعه لأنْ يَدْرْسٌ القرآن والحديث دراسةً باحثِ عن العلل ليستخرجٌ منها القياس» حتّى إذا استقامت العلةٌ الباعئة على الحكم في نظره اطرد القياس وفرض الفروض لتطبيقه. سرعة بديهته: د وكان حاضرٌ البديبة تجيئُه أرسال المعاني متدافعة في وقتٍ الحاجة إليهاء فلا يُفْحَمُ في جدال» ولا يُعلَقُ عليه في نظرء وله في ذلك المناظراتثٌ العجيبةٌ والإجابات المُسَدَّدة التى تُروى على أنبا من غرائب العقل المستيقِظٍ المدرك. أبو حنيفة :١‏ ه 5 يروى عن الليث بن سعد فقيه مصر أنه قال: «كنت أَتَنَى رؤية أي حنيفة» حتى رأيتٌ الناس 2 0 لاتطين عل شيع » لقال رجل: يا أبا حنيفة» و سألهُ عن مسألة: فوالله ما أعجبني صوايّه كما أعجبني سرعةٌ جوابه». وكان مع حضور بديبتِه واسمّ الحيلةٍ في الجدلء يأتي مناظره من أقرب طريقٍ يفحمه. إخلاصه للحق: ه- وكان أبو حنيفة مخخلصاً في طلب الحقٌّ» وتلك هي صفة الكمالٍ التي رفعته وأنارث قلبَهُ وبصيرئَة؛ فإنَّ القلب المُخْلِصٌ يستقيم إدراكُه وفكرٌهء إذ لا توجد شهواتٌ أو أهواء تُفسدُ عليه مقصده. ولقد خلّص أبو حنيفةٌ نفسّه إِلّا من الرّغْبة في فهم الدينٍ فهياً صحيحاء فجعل نفسَه وقلبّه وعقلّه للحن وحدّهٌ وما يهدي إليه الدين» وكان ذلك شأنه في مناظراته بطلبٌ الحقّ سواءٌ أكان غالبا أم كان مغلوباًء بل إنه الغالب دائ]ً مادا يطلب ال وحدة. وكان لإخلاصه لا يفرض أنَّ ما وصل إليه هو الح الذي لا شو صُويُةُ شائبة. وقد قيلٌ له مرةً: «يا أبا حنيفة» أهذا الذي تُعنّى به هو الحقٌّ الذي لا شك فيه؛؟ فقال مختاطاً لدينه: «والله لا أدري لعله الباطلٌ الذي لا شلك فيه!». ول يكن أبو حنيفة لهذا من المتعصّبين لآرائهم» بل دفعة الإخلاص وَسَعَةُ الأ لأنْ يفتح قلبَهُ لرأي غيره؛ وإِنَّ التعضصّب إنما يكون تمن غلبت أهواؤه على أفكاره» أو يمن ضعفت أعصابه. أو ممّن ضاق نطاقٌ فكرء ولم يكن أبو حنيفةً شيئاً من هذاء بل كان القويّ في عقله» المستويّ على نفيه» المخلِصٌ في طلب الحقٌ» الخائفت من ريه فقدَّر لنفسِه الخطأ ىا قَدَّر الضّواب. أعلام وعلماء و وكان يُوّحُ هذه الصفاتٍ صفةٌ أخرى لعلها مظهرٌ من مظاهر هذه الصفات كلّهاء أو هي هبةٌ من الله لبعض النفوس. تلك الصف هي قوةٌ الشخصية والنفوذ والمهابة وقوة الروح.. كان له تلاميذ يخصّهم بعنايته» ولم يكنْ يفرضٌ عليهم رأيَة بل يدارسّهم» ويناقشُهم مناقشة النظراء» فإذا انتهى إلى رأي صَمتَ الجميع» وكثيراً ما يرفعون أصواتهم في مناقشةٍ حتى إذا أخذ يُمضي القولٌ في الحكم سكتواء حتّى قد قال بعضُ معاصريه؛ وقد رأى هذا المشهد: اوإنَّ رجلا يُسْكِتٌ الثك به هذه الأصواتٌ لعظيمٌ الشأَنٍ في الإسلام!». هذه صفات أب حنيفة» وبعضها فِطْريٌ» جلها كَسْبِيَ كَسَبه برياضة نفسه وعقلهه وعُمْقَ بحثه ومعالجته للحياة ومشاكلها. ولا بُدَ أنْ نتكلّمَ في هذا الموجز في أمرين: أوهُّا: في صِلتِه بتلاميذه» وثانيها: في صِلتِه بالّكّام. صلة أبي حنيفة بتلاميذه: لقد كان لأبي حنيفة تلاميذٌ كثبرونء منهم مَنْ كان يرحلٌ إليه ويستمع إليه أمدأ قصيراًء ثم يعود إلى بلِهء بعد أَنْ يأخلّ طريقَهُ ومنهاجّه. ومنهم مَنْ لازمّه. وقد قالّ في تلاميله الذينَ لازموه هؤلاءِ ستةٌ وثلاثون رجلا منهم ثانية وعشرونّ يصلحون للقّضاءء وستةٌ يصلحون للقّتوى» واثنانٍ أبو يوسّف وزَُره يصلحان لتأديب القضاة وأَرْبابٍ الفتوى. ولقد كان أبو حنيفة تاجراً يكتفي بالربح القليل الذي لا الِطه نّم أو شُبْهَهُ ألم أوتاشيياة فحل أ كاك ومع ذلك كانت كبارة مده عليه الريك الوفين: وكان أبو حنيفة ع يُنفق على تلاميذِهِ الفقراء من تجارته؛ ويُعينٌ مَنْ يُريد الزواج منهم على الزواج» دا يحتاسم إليه. ولم يكن حَيْرٌه عائداً على تلاميذِِ فقطء بل كان يعودٌ على كلّ معاصريه من أهلٍ بلدِِ من الفقهاءِ والمحدّثين. كان يدّخِر لنفيسه من ربحه ما يكفيه عاماً هو وأهلّه بالمعروف. ويُنفقٌ الباقي على الفقهاء والمحدّثين بالكوفة» فقد جاء في «تاريخ بغداد): «أنه كان يجمع الأرباح عندةٌ مِنْ سنةٍ إلى سنةٍ» فيشتري بها حوائجٌ الأشياخ والمحدّئين وأقواتههم وكسوتهم» ويقضي جميعٌ حوائجهم, ثم يدفمٌ إليهم باق الدنانير من الأرباح» فيقولٌ لهم: أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إِلّا الى فإني ما أعطيّتكم من مالي شيكاً ولكنْ من قَضْلٍ الله عل فيكم». ول يكنْ يرعى تلاميدَّه بالمالٍ فقطء بل كان يرعاهم بالنصيحة والتوجيه والإرشادٍ إذا تولّوا شأناً من شّوونٍ الدولة» ولقد قال أحد تلاميذه في معاملته لهم: «كان يُغْني مَنْ يُعلّمهه ويُنفْقٌ عليه وعلى عياله» فإذا تعلّم قال له: لقدْ وصلْتَ إلى الغنى الأكبر بمعرفة الخلال والحرام). ولقد كانت دراستّه بالمناظرة والمنافّشة لا بِالتَلْقِينَ والإلقاء» ى) أشّناء وكانوا بناقشوةُ في كل قياس فقهيّ يعرضٌهء وقد قال محمد بن الحسن أصغرٌ تلاميذه: «كانّ ع أصحابٌُ أبي حنيفةً يُنازْعوئَةٌ في القياس» فإذا قال: «أستحين» ل يَلْحَقُ به أحد). وكان يقودُّهم إلى التعمّق في فهم النصوصء ويقول لهم: «مَتَل مَنْ يطلب انيت ولا 3 0 الصَّيدلانّ يجمع الأدوية ولا يدري لذي داع حتّى يجىة الطبيب» هكذا طَالِبٌ الحديثٍ لا يعرفٌ وجة حديئة حنَّى يجىء الفقيه). 3 اعادم وعلياء وإنَّ هذا النوع من الدراسة مع قُوَِّ عقلِه وَسَعةٍ َيِه جَعَل لهُ نظراً ثاقباً في التربية والتعليم والتوجيه الاجتماعي, وكتَبهُ ووصاياة لتلاميذه تُنبى عن عقلٍ مُرَب عميقٍ النَّظْرةٍ في النفوس وفي المجتمع» وهو يقول لأحد تلاميذه» وقد ذهب إلى البصرة ليتولّ الدرسٌ والإفتاء: اححبرُهم بجي العلم دون رقيقه» وآنِسَْهُم ومازخهُم أحياناً وحادتهُم» فإن المودّةٌ تستديم» وتَغَافلَ عن لامي ارق بهم ولا تَيْدِ لأحدٍ منهم ضيقٌّ صَدْرِ أو ضَجَّرء وكُنْ كواحدٍ منهم, وَاسْتَعِنْ على نفيك بالصيانةٍ لها». انصاله بالسياسة في عصره: انقطمٌ أبو حنيفة عن السلطان؛ ول يأخشّ جائزةً أو هدية من أمير أو خليفة» وقد كان فيه محبّةٌ لآل عن من غير تشيّم أو تعصّبء ولذلك لم يُوالٍِ الأمويين ولم يعن التمرّد علبهم» أو يدح إلى الفتتقه ولكنٌ قلبه كان مع مَنْ يرج عليهم من آلٍ علّ. ولما خرج زيدُ بن عل زين العابدين على هشام بن عبد الملك قال: «ضاهى خروجة خروجٌ رسول الله تك يوم بدرا. ولقد ا فجدت النية عليه من جحل ذلك فاختق ينو أحية تخشر نعلت أقواله: وأرادوا أنْ يختبروا ولاءه» فطلبةٌ الوالي الأمويّ للقضاءء فامتنع» فعرض عليه أَنْ يُولّيه بعض الولاية على بيتٍ المال» ولكنّ اليج التقيّ يأبى ويشتدٌ في الإباء» ويناشده الفقهاءً والقضاةً أنْ يقبل فيرفض» لأنه لا يريدٌ أن يتولّ المظالِم» ثم يقولُ في عَزْمة المؤمن المُسْتَمِْكء وقد أراد أنْ يولي الْحَنْمَ بن يُمضيَ الكتب: «لو أرادني أن أ 5 0 له أبواب المسجدٍ لم أدخل في ذلك» فكيف وهو يريد مني أن يكتب دمّ رجل يَضْر عنقَهُ ظالماء وأختمٌ أنا الكتابٍ على ذلك؟». ١ 3 0 ابو حنيفة 1 حَبْسَهُ الأمويُون وضربوه: فحبسٌ أبو حنيفة ورب في عَبسِه حتى أخرج) على ألا يُقِيمَ بالعراق» فذهبٌ وجاور البِيتَ الحرامٌ سئة 18 واستمرٌ حتَّى سقطت الدولةٌ الأموية» فعادَ إلى الكوفة لما استقرّ الأمرٌ للعباسيين» وقد اسْتَبْكَرَ بولايتهم» وذهب مع وَفْدٍ العلماءٍ إل أبي العبّاسٍ السفاح وألقى كلمتهم؛ فقال: «إنْ هذا الأمرّ قد أففى إلى أهلٍ بِيتٍ نيكم يل وجاءكم الله بالفضلٍ وأقام الحقٌ» وأنتم معشرٌ العلماء أحقٌّ مَنْ أعانَ عليه.. فبايعوا بيعةَ تكون عند الله حُجةَ لكم وعليكم. وأماناً في مَعَادِكم» لا تلقّوا لله بلا إمام فتكونوا يمّنْ لا حَجّةَ له). ل الو اا اللكافين ال انا شد لت رون فين قفن ب الطوقةه رقكة انين قلق على مَنْ قبلهم؛ ولما خرج محمد النفس الزكية بالمدينة» وخرج أخوه إبراهيم بالعراق» كانت :غياراث أن تعدفة فق يوري لا علو ها يدل عل .ها ا تسد وشترقت عه فتاوى مُتبطة لبعض قُوّاد المنصور عن أنه يخرجوا لقتالٍ العلويين الذين خرجوا. وعينٌ أبي جعفر المنصور مُترَكَبةٌ مُتَرصّدةٌ مخْصِيةء ولقد اننهتٍ تِ المعركة بقتلٍ الإمامَيْن محمد وإبراهيم» وموتٍ أبيهما عبد الله بن الحسنٍ في حبس المنصورء وقد كان شيخاً لأبي حنيفة. وبعد انتهاءِ المعركة أخدّ المنصورٌ يحص على أبي حنيفةً فتاويّه» وأبو حنيفةٌ يجهرٌ باحق لا يخشى فيه إلا الله سبحائةُ وتعالى. ويُروى في ذلك أنَّ أهلّ الموصل خرجوا على المنصور فتغلّبَ عليهم؛ وأَحَدَ عليهم شرطاً أن باح دماؤّهم إذا انتقضوا عليّهِ مرة أخرى. ثم انتقضواء فجمع العلماءً وفيهم أبو حنيفة فعرض عليهم تنفيدٌ 1 لوقام الشرط الذي أخذه عليهم؛ فأباحوا دماءهم وأبو حنيفة صامتٌ صمتاً عميقاً فقال أبو جعفر: اوأنت يا شيخ ما تقول»؟ فقال أبو حنيفةٌ كلمة الحق: اإنهم شرطوا ما لا لكر » وشَرَطْتَ عليهم ما ليس لك لأنَّ دم المسلم لا يُباح إِلّا بأحد معانٍ ثلاثة» فإنْ أخذتهم» أخذتهم بها لايحل» وشرطً الله أحقٌ أَنْ يُوفى به». حَبْسَُ العباسيّون وضربوه: ضاق أبو جعفر ذرعاً بأبي حنيفة» فأرادَ أَنْ يخُْتبر ولاءه» فعَرّض عليه القضاءً فرفض؛ فرص عليه أن يُراجع أحكاع القُضاة فرفض» فأقسم عليه أن يتول» وأقسمَ لد ليزه مسيم وما وكان يرب كل يوم عَقْرةَ أسواط وما خيفت عليه الموث من العذاب ايل السّجنٍ أخرجء ومُنع من الإفتاء» ومات من بعد ذلك بقليل» وأوصى أَلَايُدفنَ في أرض غَصَّبها الأمير أو امم بخصيها. موتح اشهيدا: وهكذا مات أبو حنيفة شهيداً ومن خير الشهداءء» فقد قالّ كلمةً الحقٌ عند الجَؤرء وقد قال النبيٌّ بل: «خيُ الشهداء: حمزةٌ بن عبد المطلب» ورجلٌ قال كلمةً حقٌّ عند سلطانٍ جائر فقَّّله»!'". وهكذا مات أبو حنيفةً مجاهداً في سبيل الحقّ» فرح الله الإمامَ الأعظّم. )١(‏ أخرجه الحاكم في «المستدرك» "!: 7١6‏ (4884) من حديث جابر مرفوعاً بلفظ: «سيد الشهداء: حمزة بن عبد المطلب» ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. مالك بن أنس 34 مالك بن أي (م0/4-6ااه) الفقيةٌ الذى عَمَّت فتاويه مَشْرقٌ الدولة ومَغْرما كان الداخل إلى المسجد النبوي في منتصف القرن الثاني اللهجري يرى رجلاً طُوالاه مَسْنون اللحية» أَشْهَرَ الوجه. جميلٌ الثياب» جليلٌ المنظره فيه مَهَابت وله وقارٌ ولعينيه بريقٌ ينفذ إلى القلوب,. يجلسٌ في أكبر حلقة علميّة في ذلك التاريخ. ذلك الرجل هو مالك بن أنس رضي الله عنه. قد آتاه الله تعالى بَسْطة في العلم» والجسمء واليخلق. وقد اختار أن يكون درسه في مسجد رسول الله بَكِِدِهِ وهو ثالث المساجد التي ُشَّدُ إليها الرّحال. واختار أن يكون موضع جلوسه المكانّ الذي كان يجلس فيه عمر بن الخطاب في قضائه وتدبيره شؤون الدولة» وفتاويه للناس» وكان أيضاً مجلس شُوراه الخاصّة الذي يَتشاور فيه مع علِيٌ بن أبي طالب» وعثمان بن عفان» وعبد الرحمن ابن عوف. وعبد الله بن عباس» وعبد الله بن مسعود» وزيد بن ثابت» ومعاذ بن جبل» وغيرهم من فقهاء الصحابة وذوي الرأي منهم. )١(‏ مجلة العربي الكويتية» العدد 2١7‏ نوفمير 1944 م. 4 إعلام وعلياه مكانته ومهابته: وقد تحدّث أهل المدائن والأمصار باسم مالك وكانت فتاويه تُنشر وتُذاكر في مصر والشام وبلاد المغرب كلها. وكان في الأندلس الإمامٌ الذي لا يُذكر بجواره إمام» حتى كان أهل الأندلس يَسْتَسقون بقلنسوته إذ يتّخذونها بركة» ويَْرَعُون إلى الله أن عُطر السماء» وهم حاملون لها. وقد كان له سلطان في المدينة يصلٌ إلى سلطان الولاة مباء وإن لم تكن له ولاية» ولقد قال بعض الشعراء في وصفه: يَأبِى الجوابٌ فا يُرَاجَمٌ مَيِبةٌ والمّائلونَ نواكسٌ الْأَذْمَانِ أَدَبُ الوقار وعرٌِ سُلطانٍ التَقّى 2 فهو المُطَاعٌ وليسّ ذا سٌلطان إن كلك المكانة مااجاءته خذواء نيا اينات اق كام ونية افد وف شيوخه» ومن شخصهه ثم ما أفاض على الناس من علم غزير» واستنباطٍ فقهيّ سليم» وإدراك لمصالح الناس» وعلم بالقرآن والسنة» وتنقيح الرواية ونقدها بدراية عميقة مدركة. وقد عاش في عصر ماجَتْ فيه فتن كموج البحر» وكان هو يركب سفينة النجاة» ولا يخوض فيهاء ويستنقذ العلم والفقه والدين بشخصه القويّ الذي لا يَفرّض عليه أمرّ إلا ما كان من أمر الله وبيه. من ببت عَنِي بالحديث والفتاية: لقد وَلِدَ إمامٌ دار الحجرة على أرجح الروايات سنة 47؛ بعد أن اسْتَتَبََ الأمر لبني مروان» وهو يتتمي إلى ذوي أصّبح» وهم قوم من اليمن. وقد أسلم قومه في عهد الرسول يِه وكان أهل بيته يُعْتَونَ بالحديث» واستطلاع أخبار الصحابة وفتاويهم, وقد تَوَارئُوا الفتاية بذلك خلفاً عن سلف. فجده مالك بن أبي عامرء كان من كبار التابعين» روى عن عمر بن الخطاب» وعثمان بن عفان. وأمٌّ المؤمنين عائشة. وقد روى عنه بنوه» ومنهم: أنس أبو الإمام؛ ولكن أنسا هذا لم يشتهر بالرواية ىا اشتهر عنّاه: ربيع ونافع المكنى بأبي سهيل. وبهذا يتين أنَّ مالكاً رضى الله عنه قد وُلد في أسرة اشتهرت بالرواية» ونشأ بين رواة محدثين. وكان الفقه إلى ذلك الإبّان مختلطاً بالحديث, فلم يكن قد تميّرَ عنه فالرواة يروون فتاوى الصّحابة ويُطبّقونها على الحوادث التي تقع بين ظَهْرانيهمء ويُسْتَفتُون فيها. ولذلك اتجه الإمام مالك بعد أن حَفِظ القرآن كشأن كثيرين من المؤمنين» وبعد أن تَقَصّح بالعربية؛ إلى طلب علم الرواية» ومع علم الرواية الفقه. ومدينته مدينة العلم والرواية: وقد كانت البيئة العامة كبيئته الخاصّة: تُوجّهه نحو المعرفة وطَلّب الرواية» فقد ولد وعاش بمدينة الرسول يل ومُهاجَرهِ الذي هاجر إليه» ومنزلٍ الشّرع الإسلامي» ومَعْقِد حكم الإسلام الأول إذ كانت قَصَّبَةَ الدولة الإسلامية في عهد أبي بكر وعمر وعثيان رضي الله عنهم أجمعين. وقد كان بها في عهد الفاروق عمر رضي الله عنه كل فقهاء الصحابة أو جُلّهِم أبقاهم بسجواره ليتعرّف الرأي القويم من آرائهم» وجعل من كبارهم شّوراه الخاصة» أعلام وعلماء وقد خرج بعضهم منها بعده» ولكنهم عادوا إليها بعد أن كانت الفتن والحروب بين المسلمين» إذ وجدوا فيها الموئل والمثابة والأمن. وكذلك قَصَّدها التابعون الذين كانوا يريدون فقة الصّحابة الذين لم تجاوزوا حدود المديئة أو آبوا إليها بعد أن خرجوا منها. ولقد كان للمدينة تلك المنزلة العلميّة في العهد الأموي, وكانت مَهْدَ السّنن والفتاوى المأثورة» حتى لقد كان الحاكم العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يكتب إلى الأمصار يُعلمُّهِم السئن والفقه» ويكتب إلى أهل المدينة يسألهم عرّا مضى» ويعمل با عندهم. وكتب إلى أبي بكر بن حزم من علماء التابعين بالمدينة أن يجمع له السنن» ويكتب بها إليه» ولكنه ثُوني قبل أن يتم له ما أراد» وهو تعميم فقه التابعين بالمدينة في كل الأمصار. أنه شد ومُسَدّد خطاء: هذه هي البيئة التي عاش في ظلَّها مالك وتلك أسرته وكلتاهما تُنَمّى فيه و إلى العلم والاتجاه إليهه ولقد كان له بجوار هاتين البيئتين هادٍ مُرشدٌ يدفع ويُسدّده ولكنه لا يظهر في كثير من الأحوال» وهو أمه”"» فقد كانت ذاتَ رأي صائب وفكرٍ مستقيم. وكانت تُْرِفُ على توجيه مالك حتى شب عن الطّؤْق؛ بل إنها كانت تختار له شيوخه؛ وتُرشده إلى ما يأخذه من كل واحد منهم لينال من كل شيخ خير ما عنده» فكانت تقول له وهو يذهب إلى ربيعة الرأي أحد شيوخه: اذهب إلى ربيعة )١(‏ واسمها: العالية بنتُ شّريك بن عبد الرحمن بن شريك الأزدية. مالك بن أنس آه فتعلّم من علمه قبل أدبه»؛ وقد كان ربيعة فقيهاً ذا رأي عميق» واستنباط دقيق» وله لسانّ طويل فصيحء ولعلها رضي الله عنها كانت ترى في لسانه بعض التَبْوَات كشأن كثيرين من ذوي الفصاحة:؛ فَحَذَّرت ولدها في عبارة رفيقة من أدبه. كان يتصيّد شيوخه في خلوتهم: وبهذا التوجيه الكريم, والبيئة الخاصّة الحادية والبيئة العامّة التي مُكّن طالب العلم من أَنْ يَرِدَ موارده؛ ا' نُصَرّف مالك الناشئ إلى العلم» وذهب إلى مصادره من التابعين» رواة أحاديث رسول الله يَكِدِ وأقضية الصحابة وفتاومهم. وأقبل على ذلك بإخلاص وجدّ ودأب.. كان يذهب إلى شيوخه في كلّ وقتء لا يمنعه حَرٌّ ولا برد ولقد روي عنه أنه قال: «كنتٌ آني نافعاً (مولى عبد الله بن عمر) نصفٌ النهار تُظَلّلنِي شجرةٌ من الخيي ليع حروتهة إذا شرع ان ساعة كان :1 ارو الم اتدد قن كه اسم عليه وأدعه حتى إذا دخل أقول له: كيف قال ابن عمر في كذا وكذا؟ فيجيبني» ثم أحبس عنه» وكان فيه جذة». ولد كاة يوز اوقرس ليشار رق الذي الاح بريه سيك لفاولا صَحَب. ولنتركه يتحدّث إلينا عن قصّته في َه تَتَبْع الزهري الذي كان يُسمّيه ابحر العلوم», فهو يقول: «اشهدتٌ العيد» فقلت: هذا يوم يَخُلو فيه ابن شهاب. فانصرفت من المُصَلٌ» حتى جلست على بابه» فسمعته يقول لجحاريته: انظري من بالباب؟ فسمعتها تقول 5 أعلام وعلياء مولاك الأشقر مالك. قال: أدخليه. فدخلتٌ؛ فقال: ما أراك انصرفتٌ بعد إلى منزلك! قلت: لا. قال: هلا أكلتٌ شيئاً؟ قلت: لا. قال: اطعم» قلت: لا حاجة لي فبه. قال: ف تريد؟ قلت: تحني قال: هات. فأخرجت ألواحيء فحدَّثني بأربعين حديئا فقلت: زدني. قال: حَسْبّكء إِنْ كنت رَوَيْتَ هذه الأحاديث فأنت من الحفاظ. قلت: قد رَوَيْتها! فَجَبذ الألواح من يدي» ثم قال: حَدَّث» فحدّثته بهاء فردّها إليّ وقال: ١قم‏ فأنت من أوعية العلم). شابٌ يافع.. لكنه وقور! انمه هذا الاتجاه إلى طلب العلم مع صف لازمته من وقت أن كان غلاماً إلى أن ضار إماماً؛ وهي حبّه للوقار والاتّران وقد مرّ وهو يافع بأحد شيوخه وهو أبو الزّناد''» فوجده ينْحَدَّث في مُزْدحمء وكان المكان صَيّقأَ فلم يجلس ولم يستمع ولما التقى به من بعد قال له الشيخ عاتباً: ما منعك أن تجلس إِي؟ فقال الشاب الؤقون الذي غل الع «كان المكان صما مَكَرِمهْتُ أن أكتبَ حديتٌ رسول الله كل وأنا قائم». وقد تلقّى من شيوخ كثيرين» فقد كان في مدينة رسول الله ول وهي معدن العلم» وإليها أوى التابعون أو جلهم في عهد الأمويين. والذين اختاروا غيرها مقاماً كانوا يجيئون إليها الوقت بعد الآخر لزيارة الروضة الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم. وكان في هذا يتلقَى أحاديث الرسول من أصحابه الذين شَامَدُوا وعَاينواء وتلقوا التنزيل وتفسيره من صاحب الرسالة عليه السلام. )١(‏ هو عبد الله بن ذكوان القرشى» مات سنة ثلاثين ومائة. مالك بن أنس لاه انتقاؤه الثقات فى الرواية: وكان ينتقي الثقات من أهل الرواية وأهل الدراية» وهو يقول: (إِنَّ هذا العلم دين» فانظروا عمِّن تأخذون منه. لقد أدركت سبعين من يقولون: قال رسول الله عند هذه الأساطين - وأشار إلى المسجد ‏ ف أخذتٌ عنهم شيئاً. وإنَّ أحدهم لو اومن على بيت مال لكان أميناء إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن». دروسه في الفقه والحديث: وبعد أن وعى مالك القويٌ الفكر والخُلْقٍ والدين» ما أدركه من علم أهل عصرهء اله عند تُضْجه في السنّ والعقل إلى الدرس» واختار ‏ كما قلنا - أن يكون مجلس درسه هو المجلس الذي كان يجلس فيه الإمام عمر رضي الله عنه. وكان من خحُسْن الاختيار أنه كان يسكن في المنزل الذي كان ينزل فيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه» فالعلم كان يُظِلُ فكرّه في المكان» كما كان يله في كل أعماله وكلٌ الأزمان. وعندما جلس للدرسء قسّم درسه قسمين: أحدهما: لرواية الحديث, والثاني: للفقه. ويُسمّيه المسائل» لأنه ما كان يتكلّم في الفقه إلا فيه| يسأل عنه من وقائع تقع. وكان في درسه يبتعد عن العْلو مع أنه لم تكن فيه جَفُوة ولا خشونة» وقد قال يعن الذفيذه: تان إذا حلم معنا كأنة ولحدمتاء كط معنا ى الحديتك» :وهو شد تَطَامُناً منا لهء فإذا أُخَلَّ في حديث رسول الله تبيّنا كلامه كأنَّنا ما عَرَفئاه ولا عَرقنا. ومع أنه كان المهيبّ في عامّةٍ أحواله» فإنه في درسه كان يخصٌّ الحديث بِسَمْتَ خاض يلتزمهه فكان إذا خدّت توضاً وعبيّآء ولبس أحسر ثيابة. 3 أعلام وعلماء ولما مرض انتقل درسه إلى بيتهء ومع ذلك كان للدرس سَمْته ووقاره. يحكي أحد تلاميذه أنه عندما انتقل درسه إلى داره: «كان إذا أتاه الناس خرجت إليهم الجارية» فتقول لهم: أتريدون الحديث أم المسائل؟ فإن قالوا: المسائل خرج إليهم فأفتاهم وإن قالوا: الحديث؛ قالت لهم: اجلسواء ودخل مُعْتّسله فاغتسل وتطيّب» ولبس ثياباً مجدداً وتعمّم» وتُلقى له المنضَّة» ولم يكن يجلس على المنضّة» إلا إذا حَدَّثْ. رأى فتناً كتقطع الليل: ولنترك مالكاً في درسه الذي مكث فيه نحواً من خمسين سنة» إلى ما كان يجري حَوله من شؤون السياسة والحكم وموقفه منهاء فقد عاش في شبابه وبعض كهولته في عصر عاصف بالفتن» وأدرك في صدر صباه عهد عمر بن عبد العزيز» وكان له في نفسه ذكرى طيَّة: وفي عقله أثر شديد» وجعل حكمه ميزاناً للحكم العادل إذ رآه وعاينه وشاهده. ولا ثارت الفتن في شبابه وكهولته على الحكم الأموي, اعتزل القائمين بهاء ولم يخض فيها. وقد رأى فتناً كقطع الليل المظلم؛ علم فتنةً مقتل الإمام الشهيد زيد ابن علي بن زين العابدين» ورأى فتنة أبي حمزة الشاري سنة 1*١‏ التي قتل فيها عدد كبير من أبناء المهاجرين والأنصارء وعاصر خروج الحكم من أيدي الأمويين إلى أيدي العباسيين» ثم رأى الفتن التي قامت في عهد أبي جعفر المنصور وخروج محمد النفس الزكية على أي جعفرء وأُوذيَ في هذه الفتنة أبلغ الإيذاء. رأى إمامٌ دار الحجرة كل هذاء وكان يرى أنه في ضجّة الفتن يختفي صو الحق» ويكون الشحٌ المُطّاع والمهوى المتّبع» فانتهى ما رأى وعاين إلى أن الأجدر مالك بن أنس هه بالمؤمن في هذه الفتن أن يأتي إلى سيفه فيدقه ويلجأ إلى زراعة الزرع أو رعاية الغنم» فإن م يكن زرعٌ ولا ضرع لجأ إلى شاف الجبل كا قر ان 5" . وقد سُئل مالك عن بعض الفتن التي خرج فيها الخارجون على الحَكّام فقال: (إذا خرجوا على مثل عمر بن عبد العزيز فقاتلهم» وإن لم يكن مثل عمر بن عبد العزيز ادهو يتقم الاين لظا رطام »ثم يكلم هق كابهيا؟. مالك يُضرّب بالسٌّياط! رأى مالك رضي الله عنه في تلك الفتن أنَّ الظلم يشتدّه وأنه يقع فيها من المظالم ما لا يقع في استبداد سنين» ولذلك جائبها. ولكنه يستمرٌ في تقرير الحقائق الدينية من غير نظر إلى كوَنها تُؤيّد الخارج أو الحاكم. ولقد كان محمدٌ النفس الزكيّة ينّهم أبا عدر التطيوق أن به ادف كرما وان التتمك نلا بزع يمه وش كان يستشهد لهذا بقوله لِ: «ليس لِمُسْتَكْرَءِ يمين»”". فنهى والي المدينة مالكاً عن أن ,8”008 .18( والبخاري‎ »)١679( يشير إلى الحديث الذي رواه الإمام مالك في «الموطأً»‎ )١( “اا 5015 76531). عن أبي سعيد المخندري قال: قال رسول الله يَكِةِ: #يوشك أن يكون‎ خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطرء يفي بدينه من الفتن». والشعف: رأس‎ الجبل وقمته.‎ (؟) لم يرد في المرفوع؛ وإنَّها هو موقوف على ابن عباس» أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» 4: 519 (:*18) من طريق شيم عن عبد الله بن طلحة الخُزاعي؛ عن أب يزيد المديني» عن عكرمة» عن ابن عباس قال: «ليس لمكره ولا لمُضطهد طلاق»؛ ورجاله ثقات. وعلقه البخاري 9: "71417 في الطلاق ولفظه: «وقال ابن عباس: طلاق السكران وَالمُسْتَكْرَه ليس بجائز». وقال الحافظ: وصله ابن أبي شيبة؛ وسعيد بن منصورء جميعاً عن هُشيم؛ عن عبد الله بن طلحة المنزاعي؛ عن أبي يزيد المديني» عن عكرمة» عن ابن عباس قال: #ليس لسكران ولالمضطهد طلاق». 2 - كه أعلام وعلماء يتحدّث بهذا الحديث» ولكن مالكاً يعصى أمره. لأنْ النهىَ عن إذاعة أحاديث 506 1 1 0 رسول الله يك فيه عصيانٌ لله ورسوله؛ وعلى المرء المسلم السمع والطاعة إلا إذا أمر بمعصية فلا سَمْعٌ ولا طاعة» ولذلك لم يُطع الوالي» فَضَرِبَ ‏ وهو الشيخ الوقور- بالسياط» ذكانثت شارة الجهاد وعظمة التقورى ونداء الحق. كان ينصح الرشيد والخلفاء: وكانت علاقة مالك بالحكام؛ سواء أكانوا ولاة أم كانوا مخلفاء» أساسها النصح والإرشاد» فكان ينصحهم إن وجد ما يُوجب النصح. وكانوا يستمعون إليى لأنه كان يخلص في| يقول لا يبغى به علواً ولا فتنة» وله وصايا كثيرة للخلفاء» من أخصّها وصيته للرشيد» وهي وصبّة هادية واعظة مرشدة» ولكن تَرَيّد فيها الرواة» ومع ذلك يستطيع القارئ الفاحص أن يُميّر صحيحها من السقيم الذي زِيدَ فيها. 3 . 3 6ش بم 5 03 ولقد كان يُوصى الخلفاءَ بأهل المدينة» ويُروى في ذلك أنه دخل على المهدي ٍ أوصيك بتقوى الله وحده؛ والعطف على أهل بلد رسول الله يك وجيرانه. فإنه بلغني أن رسول الله قال: «المدينة مُهاجريء وبها قبري» وأهلها جيراني» - والمضطهد: المغلوب المقهور. وثمّة آثار في عدم وقوع طلاق المكره عن عمرء وابن عمر» وابن الزبير» وعمر بن عبد العزيز» والحسن, وعطاء» والضحاك» ذكرها ابن أبي شيبة ف «مصنقه)ا 5-89 وه واحتج البيهقي في هذه المسألة بحديث عائشة: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق». وحديث عائشة أخرجه أحصمد ": 7351» وأبو داود (71917)؛ وابن ماجه (45 ,)7١‏ والحاكم 7: 198ء والبيهقي ,: /ا0"٠‏ وفسّر علماء الغريب الإغُلاق بالإكراه. وقيل: الغضبء وقيل: الجنون. مالك بن أنس /اة وحقيقٌ على أمتي حفظي في جيراني» فمن حفظهم كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة»©. وكان أخشى ما يَخْشَاه على الولاة والخُلفاء المدح الكاذبٌ الذي يجيء على ألسنة مَنْ يعيشون حولهم. فإنّ ذلك المدح يجعل السيئ من أعمالهم حَسَناَ فلا تتّسع قلوبهم لإرشاد مُرشد. ولا شيء يُوبِقٌ الحكام في السّيّات أكثر من التركية الكاذبة لكل أعمالهم» ولذلك كان يغضب من الثناء الكاذب على الولاة. ويّروى أنَّ والي المدينة كان عند مالك مرة» فأثنى عليه بعض الحاضرين» فغضب مالك وقال للوالي: «إيّاك أن يغرّك هؤلاء بثنائهم عليك. فإِنَّ من أثنى عليك وقال فيك من الخخير ما ليس فيك» أوشك أن يقول فيك من الشرٌ ما ليس فيك: فائّق الله فإناك أعمرفٌ بنفسك منهم, فإنه بلغني أنَّ رجلاً مّدِحَ عند النبيّ يكل فقال: «قطعتم ظهره أو عنقه»”" لو سمعها هنا أفلح”". وقال عَكهِ: «احثوا الترابٌ في وجوه اراي )١(‏ أخرجه الطبراني )417١( 7٠٠١ :٠١‏ بلفظ مقارب من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه. أن رسول الله وي قال: «المدينة مُهاجري ومَضُجعي من الأرض» وحقٌّ على أمتي أن يكرموا جيراني ما اجتنبوا الكبائر. فمن لم يفعل ذلك سقاه الله من طينة الخنبال..». قال الميثمي في «المجمع» ون ارد فيه عبد السلام بن أبي الجنوب. وهو متروك. (") رواه البخاري (7459). ومسلم (071)؛ من حديث أبي موسى الأشعري قال: سمع الي كك رجلاً يثني على رجل ويطريه في المدحة» فقال: القد أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل». () روى أحمد (19509) عن أبي بكرة: ذُكر رجلٌ عند النبيّ بل فأئنى عليه رجل خيراً» فقال ك: اويحاك قطعت عدق أخحيكء والله لو سمعها ما أفلح أبدأ»» ثم قال رسول الله يله «إذا أثنى أحدكم على أحد فليقل: والله إِنَّ فلاناً ولا أزكٌّى على الله أحداً». (4) رواه مسلم (0753) عن المقداد أن رسول الل يه قال: «إذا رأيتم المدّاحين» فاحثوا في وجوههم التراب». 7 أعلام وعلماء كان في عُسْرة» ثم وسّع عليه الله: وقد كان في أوَّل أمره في عُسْرة شديدة» وقد لارّمَئْه تلك العْسْرة مدّة طلبه للعلم. حتى إنه كان يبيع الأخشاب من سقف بيته ليواصل طلب الحديث والفقه؛ ولا ينصرف عنهما. وكان يقول: «لا يبلغ أحدّ ما يريد من هذا العلم حتى يَضُربه الفقر». فللا علا شأنه جاءته جوائز الخلفاء» وبْسِط له في الرزق» وقد يَدَت النعمة في مأكله وملبسه وسكنه؛ فكان يَعْنَى بمأكله؛ يُحْسن تحير أنواعه. وكان يُعْنَى بملبسه ويَتَخيّر البياض لصفائه» كما كان يُعْتّى بمسكنه؛ فكان فيه نارق مصفوفة ومطروحة يَمْنَة ويَسْرَةٌ في نواحي البيت» يجلس عليه من يأتيه من قريش وأبناء الأنصار ووجوه الناس. ذاكرة واعية حافظة: لقد آثاه الله تعالى ذاكرةٌ تثير انتباهه لكل ما يُلقَى عليه» وحافظة تعي كل ما تُودّعه. فإذا استمع إلى قول استمع إليه في حرص ووعاه وعياً تام وكان الحفظ والوعي والذاكرة ينَمّيها اعتاد الناس على ذاكرتهم في هذا الزمان» فما كان العلم يُؤْحَذ من الكتبء بل كان يُؤْحَذُ من أفواه الرجال» وكانت أحاديث رسول الله يكل غير مُدوّنة في كتاب مسطورء بل كانت مجموعة في القلوب. وكان مالك بهذه الذاكرة القوية مع مساعدة غيرها من الصّفاتء المحدّث الأول في عصره حتى لقد قال فيه تلميذه الشافعي: إذا جاء الحديث فمالك النَّجمُ الثاقب». وكان رضي الله عنه يحفظ كل ما يسمع من أخبار عن النِْيّ كلك ولكنه لا يُلقي على تلاميذه إلا ما يستقيم مع مقاييس نقده في الفحصء وتمييز الصحيح من غير الصحيح» حتى إنهم وجدوا بعد موته صندوقين من الكتب دوّنها ول يُعلّمها.. وروى الشافعي أنه قيل لمالك: عند ابن عُييئة أحاديتٌ [عن الزهري] ليست .ع عندك»» فقال: أن أحدّّتُ [عن الزهري] بكلّ ما سمعت؟ ! إن إذ ذن أحمق. » إني اريد أن أَضِلّهِم إذن» ولقد حرَجَتْ مني أحاديث لوددت أني صُرِبُتٌ بكل حديث منها سَوْطاً ول اي )١(‏ سقط ما بين المعكوفين. وجاء في «مناقب الشافعي» ص199 لابن أبي حاتم الرازي: قال الشافعي: قيل لمالك بن أنس: إِنَّ عند ابن عُبينة عن الزُهري أشياء ليست عندك؟ فقال: مالك: وأنا كل ماسمعت تن القديك حدس /ه4! آنا إن أزيدآن اطلعهم: وروى الحاكم في "معرفة علوم الحديث وكميّة أجناسه» في النوع التاسع عشر: عن عبد الله بن تفن تون ساك مالف وو اقول لقن كلك (احاديف روات أن سويت يكل حديث منها سَوْطين ول أُحدّث با! ثم قال الحاكم: فيالكُ بن أنس على تحرج وقلة حديثه يتفي الحديث هذه التَّقََّة فكيف بغيره تمن يُحَدَّثْ بالطّمٌ والرّمٌّ م؟! أي دون تمييز بين الصحيح والضعيف. قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» :١‏ 718 في شرح قول علِمٌ: «حدّتوا الناس با يعرفون - أي: يفهمون- أنّحيُون أن يُكَذَّب الله ورسوله؟!»: «وفيه دليلٌ على أنَّ المنشابه لا ينبغي أن يُذكر عند العامة. ومثله قول ابن مسعود: اما كنت خَُدّئاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة»» رواه مسلم. ومن كره التتحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان؛ ومالك في أحاديث الصّفات؛ وأبو يوسف في الغرائب؛ ومن قبلهم أبو هريرة كما تقد عنه في الجرابئن وأنَّ المراد: ما يقع من الفتن» ونحوه عن حذيفة» وعن الحسن أنه أنكر تحديتٌ أنس للحَجَّاجٍ بقصة العُرَنِيين لأنه اتّذها وسيلةً إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي. وضابط ذلك: أن يكون ظاهر الحديث يُقرّي البدعة» وظاهره في الأصل غير مراد, فالإمساك عنه عند من يُخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب. والله أعلم». انتهى. 55 أعلام وعلماء العلم نور لايأنس إلا بقلب تقيّ خاشع: وقد صَاحَبٍ ذكاءَ مالك وعبقريته في الحفظ والوعي وصبرة وجلده ودأبف إخلاصٌ منير مشرق.. أخلص في طلب الحقيقة» فانّجه إليها من غير غرض ولا هوى ولاعورج؛ وأخلص في طلب العلم جملة» فطلبه لله تعالى لا يبغ به عُلواً في الأرض ولا فساداً وخلّص نفسه من الأهواء والشهوات ليقول الحق وينطق به» ويدركه ويفكر فيه تفكيراً سلياً إذ لا شيء يُعكّر الفكر كالغرض والامتراء» وإرادة الاستعلاء» وكان يعتقد أنَّ نور العلم لا يكون إلا في قلب تقيّ فقد أَثْر عنه أنه كان يقول: «العلم نور لا يأنس إلا بقلب تقي خاشع»» وكان يقول: ١ما‏ زهد أحد في الدنيا إلا أنطقه الله بالحكمة». تريّقه في الفتوى: وكان لإخلاصه لا يحبٌ العَجّلة في الإفتاء» بل يؤثر التريّث» ويستأني المستفتي» وأحياناً يقول: «انصرف حتى أنظر»» ويتردّد فيهاء وقد اعترض عليه بعض تلاميذه في ذلك فبكى» وقال: «إني أخاف أن يكون لي في المسائل يوم وأيّ يوم, مَنْ أحبّ أن يجيب عن مسألة فلْيعرض نفسه على الجحئة والنار» وكيف يكون خلاصه في الآخرة». ولإخلاصه للكتاب والسنة واحترازه عن الخطأ في دينه كان لا يقول: «هذا حلال وهذا حرام» إذا كان ما وصل إليه في أمر أساسه الرأي والاجتهاد. لا النص من الكتاب والسنة» بل كان يقول فبما يرى إباحته: «ليس به من بأس»» وما يرى تحريمه: إن أكرهه)»؛ ولنتركه يتكلّم فبها كان يتبعه في الفتياء ومن كان يقتفي آثارهم من الصحابة» فقد رُوي عنه أنه قال: «ما من شيءِ اشَدَعل من أن أنالعن مشالة من التادل والحرامء فإِنْ هذا هو القطع في حكم الله تعالى» ولقد أدركتٌ أهل العلم والفقه ببلدناء وإنَّ أحدهم إذا مالك بن أنس 54 سُئل عن مسألة فكأن الموت أشرف عليهء ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام والفتياء ولو وقفوا على ما يصيرون إليه لقلّلوا من هذاء ون عمر بن الخطاب وعلي ابن أبي طالب» وخيار الصحابة كانت تَرِدُ عليهم المسائل» وهم خير القرون الذين بُعث فيهم النبي كل وكانوا يجمعون أصحاب النبيّ بكِ ويسألون ثم حينئذ يفتون» وأهل زماننا هذا قد صار ممّهم الفتيا. ولم يكن من أمر الناسء ولا من مضى من سلفنا الذين يُقتدى بهم ويُعوّل أهل الإسلام عليهم أن يقولوا: هذا حلال» وهذا حرام؛ ولكن يقال: أنا أكرهٌ كذاء وأما حلال وحرام فهذا هو الافتراء على الله. # قل ريشم كَآ نول أله أنَّهُ لم يرن رزَرْقٍ فَبَعَلْشْر مَنْهُ حَرَامًا وَحَلَلَا 4 [يونس: 09]؛ لأن الحلال ما أحلّ الله ورسوله». ولإخلاص مالك في الإفتاء كان يقول: «لا أحسن» أو ١لا‏ أدري) بصوت جهير إذا لم ينته من المسألة التي استفتي فيها إلى رأي يطمئرنٌ إليه. وقد كان السائل يجيئه أحياناً من أقْصَى الأرض» ومع ذلك إذا ل ينته إلى أمر يطمئن إليه قال في صراحة: ”لا أدري». وأحياناً كان يقول: «لا أدري» إذا كان قد انتهى إلى أمر في المسألة لا يحسن إعلانه» لأنه ربا يجرّئ الفسّاق على الدين. كان يكره الجدل في الدين: ولقد دفعه إخلاصه للدين وللحقائق الديّة إلى كراهة الجدل في الدين» وهو يقول في ذلك: ا لطر ل أيضاً: «إنَّ الجدال : يقس القلب ويورث الضغن». أعلام وعلاء 51 وقد عاش مالك في عصر كثرت فيه المجادلات ومجالس المناظرات» فكانت مناظرات بين أهل الفرق المختلفة» وكان المعتزلة يجادلون في الردّ على أهل الأهواءء ولك مالكاً كان يريد أن يُبعَد الفقه والحديث عن الجدلء لأنه علم الخلال والحرام وهو يقتضى النظرة الشاملة لا النظرة الجانبية» ويرى أنَّ الجدل يجعل أقوى الناس بياناً أغلب وأسبق» ولذلك يقول رضي الله عنه: «كلم) جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل !». وكانت المناظرات الفقهيّة قد كُثْرت في العراق وبين كبار العلماء» ولكن مالكاً كان يكره هذاء ويراه مسابقة لا تليق بوقار العلماء» ولا بطلب الحقيقة» ويّروى في هذا أنَّ الرشيد جمع في مجلسه بالحجاز بين الإمام أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة» وكان قاضى قضاة الإسلام» وبين إمام دار المجرة مالك. رضي الله عنهماء فقال الرشيد مالك: «ناظر أبا يوسف»» فقال الإمام القويٌ تلك الكلمةً القويّةً: (إنّ العلم ليس كالتّحريش بين البهائم والديَكة). كان ينصح ولا ينتقد: وكان مالك رضي الله عنه يحترم أحكام القضاة ويُبعدها عن مواطن الرَّيْبِء ولذلك كان لا يُعلن بين الناس تَقُدَهاء حتى لا تذهب قُوّتها ورّوؤعتهاء وقد يدفم ذلك إلى التَّمرّد عليها والعصيان لهاء ولقد قال تلميذه ابن وَهْب: «سمعته يقول فيا يسأل عنه من أمر القضاة: هذا من متاع السلطان». مالك إذن ما كان يتعرّض لأحكام القضاة بالنقد. ولكن كان يُرشدهم في الخفاء» حنى لا تذهب رَوْعة الأحكام التي يُصدرونهاء إذ أنَّ التعرّض لها بالتقد على الملأ يذهب ما ينبغي أن يكون لها من إِجُلالء لِتُجْتتّ المنازعات من جُذورهاء ولكيلا يفتح على الناس باب الطعن بالباطل وبالحق. وى فْرَاسَةَ لا تخطىء! وقد كان الإمام مالك مع تلك الصفات العلميّة والشخصيّة ذا ؤراسة قوية ينفذ بها إلى بواطن النفوس» وبواطن الأمور. ولقد قال الشافعى في فراسة مالك: «لما بياث إلى المدينة وَلقيث مالكاء وسمع كلامي» نظر إلي؛ وكانت له فراسة.» ثم قال: ما اسمك؟ قلت: محمد. قال: يا محمد اثّق الله والجتنب المعاصىء فإنه سيكون لك شأن من الشأن». وقد قال أحد تلاميذه: «كان في مالك فراسةٌ لا تخطئ». والفراسةٌ النافذةٌ في القلوب هي صفات قادة الأفكار الذين يتُصِلون بالناس ٍ ٠ ٠ ٠ 1 ٠. 4 ماه‎ ويُرشدونهم ويَّهُدُونهم» وهي التي يعرف بها القائد الفكري كيف يأتي النفوس مما تحب ليصل إلى ما مب حتى لقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إِن للقلوب شهواتٍ 03 مااع 8 م 2 وإقبالا وإدباراء فأتوها من قبل شهواتها وإقبالهاء فإن القلب إذا أكره عمِي». هاه حتى الخلفاء! وقد اختصٌ الله مالكاً بصفةٍ لازمته طول المدة التى تَولَّ فيها الدرس والإفتاءء وض للياة: هد أحعك الأكبان عل الصذافه وذ المتفة اانه تلاميده حت إن الرتخل يدخل عليه في مجلس درسه فيُقرئ السلام؛ فلا يرد عليه أحد إلا مَنْهَمةٌ وإشارة: ويشيرون إليه ألا يتكلّمء وقد يستنكر ذلكء ولكنه ما أن يملا عينيه بهالكِ وسَمْته؛ ويقع تحت تأثير نظراته؛ حتى يأخذه ما أخذهم. 54 اعم وا ومبابه الحكام» حتى إنهم اجون بالصّغر في حَضْرته. بل ويهابه الخلفاء أنفسهم. ومما يُروى في ذلك: أنَّ المهدي دعاه؛ وقد ازدحم الناس بمجليسه» ول يَبْقّ مَوْضعٌ لجالس» حتى إذا حَضّر مالك تنَّى الناس له حتى وصل إلى اللخليفة فتنحَّى له عن بعض مجاسه» ورفع إحدى رجليه ليفسح لمالك المجلس. لقد بلغت مَيْبَةٌ مالكِ حدّاً م يبلغه الملوك والخلفاء» فكان المهيبَ من غير جوت ولا سلطان. قال بعض الأندلسيين الذين عاصروه ورأوه: «ما هِبْتٌ أحداً مَيْبَتَى عبد ال رحمن ابن معاوية (أي عبد الرحمن الداخل)؛ فدخلتٌ على مالك فهبته مَيْبَةَ شديدة مكرك مذها ةا معازيةة! وكان أشدّ الناس مَيْبَّة له والي المدينة» حتى إنه ليشعر بالذلة بين يديه. قصّة التقاء الشافعيٌ بهالك: في ذلك: «دخلت إلى والي مكة. وأخذت كتابه إلى والي المدينة» وإلى مالك بن أنس» فقدمت المدينة» وأبلغت الكتاب إلى الوالي» فلم| قرأه قال: يا فتى» إِنَّ مشيي من وف المدينة إلى جوف مكة حافياً أهونُ علي من المشي إلى باب مالك بن أنس» فلستٌ أرى الذل حتى أقف على بابه. فقلت: أصلح الله الأمير» إن رأى الأمير يوجّه إليه ليحضر. فقال: هيهات! ليت إن إذا ركبت أنا ومن معى وأصابنا تراب العقيق نلنا بتعض حاجتنا. فَوَاعدنّه العصرء وركبنا جميعاًء فوالله لكان ى) قال» أصابنا تراب العقيق» فتقدّم رجلٌ فقرع الباب» فكَرَجِتٌ إلينا جاريةٌ سوداء» فقال الأمير: قولي لموْلاكِ إنني بالباب» فدخلت» فأبطأت» ثم خرجتء فقالت: إِنَّ مولاي يُقُرئك السلام» ويقول لك: إن كانت لديك مسألة فارفعها في رقعة يخرج إليك الجواب» وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس» فقال لها: قولي له إنَّ معي كتاباً من والي مكة إليه في حاجة» فدخلت وخرجت وفي يدها كرسي فوضعته» وإذا أنا بعالك وقد خرج وعليه المهابة والوقاره وهو شبح طويلٌء فجلس وهو مُتَطلُس فرفع إليه الوالي الكتاب» فبلغ إلى هذا: إِنَّ هذا رجلٌ من أمره وحاله؛ فتحدّثُّه وتفعلٌ وتصنع... فرمى بالكتاب من يده! ثم قال: سبحان الله! أَوَ صار علم رسول الله يل يُؤْخَذ بالوسائل؟! فرأيت الوالي قد تهيّب أن يكدّمه. وهكذا عاش عزيزاً في نفسه مُكرّّماً عند الناس» حتى جاءه أجله سنة 11/4 فانطفأ نورٌ الجسم ولم ينطفئ نور العلمء فترك علماً نافعاً ينتفع به. أعلام وعلاء 55 الشافعت"" إيبا )ه5١عغ-١هد(‎ خطيبٌ العلماء وفيلسوفٌ الفقهاء في العقّدِ التاسع مِنَّ القرن الثاني الهجريّء كان يجلس في البيتٍ الحرام» قريباً من بئر زمزم» شاب عليه ثيابٌ بيضء تعلو وجهَّهُ شمرة» حَسَنٌ السَّمْتْء حَسَنُ العقل» وكان يُدارس مَنْ يحيطون به الفقة والحديث» ويروي لهم الشعرٌ والأدب. وكانت حلقيُه تنّسع في أشهر الحج المعلومات حيث يفدٌ الناسٌ من كل فج عميق» إذ كان يقصدٌّ طلَابُ علم الإسلام مكة للحجّ ومذاكرة العلم في منازلٍ الوحي. ومهابط الرسالة. وكانت مكة ندوة العلماء يجتمعون فيها ويتذاكرون الفقة ويّروي ولقذا امترع عل هذا القات وحدينه وعلل ةقانا اح وونة ا هن أحمدٌ بن حنبل» فجلس إليه فراعَةُ قوله» وأخذ يحدّث من مَعّهِ بحديثٍ ذلك العالِم الشابٌ» وقال لصاحبه وهو يحاورٌه: «قم معي حتى أَريّك رجلاً م تر عيناك مثله»» َحَجِبٍ صاحبّه من أن يأخذه من مجلس المشْيَحْةٍ في الحديث إلى مجلس هذا الشابٌ» فيشتدٌ أحمد في الحماسةٍ للعالم الشابٌء ويقول لصاحبه: «اسْكُتْ» فإنْ فانّكَ حديثٌ )١(‏ مجلة العربي: العدد 18» عام 111/4 ه - 156مم. الشافعي اب على ته بنزول”"2» ولا يضدٌّكء أما إن فاتك عمل هذا الفتىء فإني أخاف ألا تجده إلى يوم القيامة» ما رأيتٌ أحداً أفقة في كتاب الله من هذا الفتى القَرَشِيَ». الشافعئ ذو نسب بالنبئّ كَلكِ: ذلكم العالم الفتى هو تحمدٌ بن إدريس الشافعيٌ اقرش المطّلبِي» ينتهي نسيه إلى المطلبٍ بن عبدٍ مناف» فهو يلتقي مع النبيّ ل في عبد مناف. وبنو المطّلب وبنو هاشم كانوا على مودّةٍ في الجاهليّة وفي الإسلام» حتى إنهم يأبَؤن إلا أن يشاركوا بني هاشم فا نزل جم عن اذى قريش» يسبب مايتهم للبي وك ونصرته بعد مبعثة. وُلِد الشافعيّ في سنة ١6١‏ بحيّ اليمن في غزة» وكانت أُمّهُ أزديّة يَمَنَِّ و تكتحل عيناةٌ برؤية أبيه إذ مات وهو صغير في المهد» ولكنه كان قُرّة عين أمّهء ولقد 57 : 5 و عْنِيتُ بتربيته» وكان رضي الله عنه تُحدِّتُْ عن أَمّهِ وعن عنايتها به فيقول: «وُلدتٌ م 5 م 0 بحي اليَمَنْ؛ فخافث أمي عل الضَيّْعة» وقالت: الحَنُ بأهلك. فإني أخحافٌ عليك أن تغلب على نفيك فَجَهّرني إلى مكة: فَقِدِمْتهاء وأنا يومئلٍ ابنُ عشر أو شبيةٌ من ذلك». فهذه الأمّ الصَّاحة رَضِيّتْ بفراقٍ ابنِها الوحيد في سبيل مصلحتهء فذهب وأقامَ بين ذويه» وتثقف بثقافة أهل مكة» ويظهرٌ أنها لحقتْ به بعد أَنْ أصلحتُ من ت .5 2 1 شؤويها ورتبت أمورها. )١(‏ معنى رواية الحديث بعلوٌ: أن يكونَ عددُ رجال السند قليلأء كأن يروي مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبيّ يك ومعنى روايته بنزول: أن يكون رجال السند أكثر» كأن يروي مالك عن أب الزناد عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب عن النبي كَل (أبو زهرة). 14 ا في مدرسة ابن عباس رضي الله عنهما: نشأ الشافعي فقيراًء ونسيباً رفيعاء فَعَلا بنسبه عن سَفْسَافٍ الأمورى وتَطامَنَ من خت هون ؤلة متف كان" الآيث الألرفه 1 جلد كنا لأسا وم تدل فته ققد الفقَراء, ات بتوجيه أَمّه وأقربائه من قُريش إلى حفظ القرآنٍ الكريم وجمع الحديثٍ وروايته» وكانت مكة هي مدرسة عبد الله بن عباس التي ترك فيها تلاميدّه. ولذلك كانث فيها علومٌ القرآن والناسخ والمنسوخ إذ كان ذلك من أهمّ ما كان يُعنى به عبدُ الله بن عبّاس» حتى لقد سُمّيَ تَرَحمَانَ القرآن. وكان في مكة عددٌ من كبار رواة الحديث؛ منهم سفيانٌ بن غبينة» ومسلمٌ بن خالل الزّنجيٌ» وغيئُهم كثيره وقد تلقى عليهم الشافعي كثيرء حتى بلغ مبلعٌ الإفتاء» وهو في سن العشرين. خرج إلى البادية لِيَتَقَصّح لسانه: وكان وهو يشدو في طلب الفقهِ والحديثِ وعلوم القرآن» يعمل على أن يتَقَضَّحّ لسائّه العرب» حتى لا تكون فيه عُجْمَةٌ في وقتِ خالطت العُجمةٌ بعض المتكلمين بالعربيّة في المدائن والأمصار» وفي سبيل تنقية لسانه خرج إلى البادية» فلزِمَ قبيلةً مُذَيْل وكانت أفصحٌ العرب؛ وكان يرحلٌ برحيلهم؛ وينزل بنزويهم» ويحفظظً أشعارهم؛ حتى كان روايةً لهذه الأشعار» ولقد قال الأصمعيٌ ‏ ومكانته في رواية الأدب مرموقة: «صَحَحتٌ أشعارٌ هُذَّيل على فتىّ من قريش يُقال له: محمد بن إدريس..). الشافعي 4 الشافعي يلقى مالكاً: تم الشافعيٌ العشرين من عُمْره بمكة» ون له بالإفتاء» ولكنّ حديتٌ مالكِ كان ذائعً» فهمٌ بالذهاب إليه؛ ول يُرد أن يذهب إليه خا الوفاض من علمه ولذلك جاء إلى الموطً نقرأه» وحفظ الكثيرَ منهه وقيل حَفظه كله ثم ذهب إليه ومَعَه توصيةٌ من والي مكة إليه. وكانت مكانة مالكِ قد بلغت ذِروتباء فلّا التتقى بإمام دار الحجرة» وهو ذو ؤراسة» نظر إليه نظرةٌ فاحصة ناؤذة» ثم قال له: اليا محمد ات الله واجتنب المعاصي» فإنه سيكون لك شأنُ من الشأنء إِنَّ الله تعالى قد ألقى على قلبكٌ نوراً» فلا تُطفيُه بالمحصية». لزم الشافعيٌ مالكأء وقرأ عليه الموطأ في أول مَقْدَمِهء وكانت قراءتّه وحسنٌ أدائه يُعجبانه» ويقول في ذلك الشافعي: «وابتدأت أقرأء والكتاب في يدي؛ فكلَّ) عبيَيْتٌ مالكأء وأردثٌ أنْ أقطع؛ أعجبه حُسْنّ قراءتي وإعرابي» فيقول: يا فتى» زذ)» حتى قرأته عليه في أيام يسيرة». وقد عاش الشافعئٌ مَمّ مالك تسم سنواتٍ تلقى عليه فقّهَ المدينة» ولكنه كان ممّ ذلك يقوم برحلاتٍ في البلاد العربية يستفيد منها ما يستفيده المسافرٌ الأريب من علم بأحوالٍ الناس وشؤون اجتماعهم؛ وكان من وقتٍ لآخرٌ يذهبٌ إلى مكة يزور مه ويستنصح بنصائحهاه وكان فيها - كما رأينا - رأيّ صائب» ونظرٌ مستقيم؛ وحُسْنُ فهم وتُبْل وأدب. يرهن داره بحثاً عن الرزق: ولما مات مالك سنة 19/9١هه‏ عاد الشافعيّ إلى مكة» واتجهت نفسّه إلى عمل يدر عليه رزقاً يدفع حاجته. ا أعلام وعلماء وصادف أن قَدِم والي اليمن إلى الحجازء فخاطبه بعض القرشيّين في شأنٍ الشافعيت» فأخذه الوالي مَعَه ويقول الشافعي: «ولم يكن عند أُمّي ما أتحمّل به فرهدْتٌ داري». تولّ الشافعي عملاً في نَجْرانه وما بلغ الفقهاءً والمحدّئين ما صنع لامُوه ونقدوه. وَلضِربْ صَفْحاً عن ملامةٍ اللائمين» ولنتجة إلى ما كان منه في هذا العمل. لقد نشرٌ لواءً العدل. وكان الناسٌ في نجران كما هم في كلّ عصر يُصَانِعون الولاةً والقضاة ليجدوا السبيلَ إلى نفوسهم» ولكنهم وجدوا في الشافعيّ عدلاًء وأنّه لا سبيلٌ إلى الاستيلاء على نفيه بالمصانعة والملّق» إذ الملقّ هو البابٌ الذي يلج صغارٌ النفوس به إلى الكبراء ليُحَوّلوهم عن جَجْرى العدلٍ والحقٌ» وقد سد الشافعي هذا البابَ» ولكن معدل مركت عرقي » الاميتوع عليه إلا أولو العو من الوخالا جرهم بتمرضيرة لخشونة الزمان وأذاهء وكيد الكائدين» وجهل الجاهلين. محنثه: وشايةٌ عند الرشيد: ونزلٌ باليمن ‏ ومن أعمالها نجران ‏ وال ظالم» فكان الشافعيّ يأخذ على يديه ويمنمٌ ظلمّه أن يصل إلى من تحت ولايته. ورُبّها نال الشافعينٌّ ذلك الوالي بها يملكه العلا من سيف مُحسنون استعمالهه وهو النقده وألسنةٌ العلماء وهم غضاب تعملٌ ما لا نشل لوث القضيات: واخد الوال من جاه يكتد له باس والرقايةة وكل فير ما لق له. ولقد جاء في وشايته من ناحية الضعف عند العباسيين» وهي خوفهم من العلويّينء فائّهم الشافعيّ بأنه علويٌ» وأرسل إلى الرشيد يقول له: «إِنَّ هنا رجلاً من ولد شافع المطّلبِيَ» لا أمر له معه ولاغبي؛ يُعمل بلسانه ما لا يقدرٌ المقاتلٌ عليه بسيفه». الشافعي 7 وقد أحضّره الرشيد إليه» ووجّه إليه التهمة بأنةُ علوي فانبرى يدفع التهمة عن نفسِه ببلاغته قائلاً: «يا أميرَ المؤمنين ما تقول في رجلين؛ أحدّهما يراني أخاه» والآخرٌ يراني عبده؛ أبّها أحبٌ إليّ؟1. قال: «فالذي يراك أخاه». فقال الشافعي: «فذاك أنتَ يا أميرٌ المؤمنين. إنكم ولد العبّاس, وهُمْ ولد عل ونحنٌ بنو المطّلب» فأنتمْ بني العبّاس تَروْنًا إخوانكم؛ وهم يَرَوْتَنَا عبيدهم». ساق الشافعيّ هذه الحُجَّةَ وهي في فحواها تدلّ على مم وإباءٍ وسّموء ملق كدي عر ريا روكان ل المجلى عية رد لديو الياف سيا أ تحيفة. فاستأنسٌ به الشافعيّ» ورأى أنّ العلم رَحِمٍّ بين أهله. فذكر أنَّ له حظاً في الفقد والحديث. واستشهد بالقاضي محمد بن الحسن. فقال القاضي الفقيه: «له من العلم حطَّ كبير» وليس الذي يفم عنه مِنْ شأنه؛: فقال الرشيد: اذ إليك حتى أنظر في أمره؛. إقامته في بغداد ومذاكرته محمد بن الحسن الشيباني: نجّاه العلم من الولاية ومحنتها فعاد إليه» وأخذ يُذَاكِرُ محمد بن الحسن فِقَهَ العراقيّن» والتّقى عنده بذلك فِقَهُ العراق وَفِقَهُ المدينة وفِقَهُ مكة. وقد أخذ مِنْ علم محمد صاحب أب حنيفة وكتبه» ونقلّ عنه وقيّد ما نقلّ» حتى لقد قال: «حملت عَنْ محمد بن الحسن ور بعير ليس فيه إلا سماعي منه». ولقد أقام ببغداد أمداً ليس بالقصيرٍ في ضِيافةٍ الإمام محمد بن الحسن. وهذا الأمدٌ لم يذكر المؤرخون مقدارّه» ولكنًا لا تُبَاعِدٌ إذا قدّرناه بنحو السنتئن» عاد بعدّهما وعنده نوعانٍ من الفقه مختلفان» ورأى تَسَعِّبَ الآراء» واختلافٌ الأنظارء وتباينَ افبذم عاد 7 ( الاتماهات: فكان لا بُذَّ له من أنْ يَفكْر ف أمر آخرٌ غير الفتاوى والفروع الجرئيّة وهو وضع مقاييسٌ لمعرفة الحق مِنّ الآراء» أو على الأقل لمعرفة ما يكون أقربٌ للحن منهاء فإنه ليس مِنَ المعقول بعد أَنْ رأى ما بين نظر العراقيين والحجازيين مِنْ خلاف» وكلا الفريقين له احترامه في نفسه ‏ أَنْ يحكم ببطلانٍ أحدٍ النظريْن جملةٌ من الشافعيّ يضع مناهجٌ الاستنباط: لهذا فكّر في وضع مناهج الاستنباطٍ لتكونّ المقياسٌ والميزان» وهو في سبيلٍ هذا توائر على الكتاب يعرف طرق دلالائه» وعلى الأحكام يعرف ناسيكّها ومنسوححهاء وعلى السنةٍ يعرف مكائها من الشريعة» وصحيحها ومييرٌه عَنْ غيرهه وطرق الاستدلال بهاء ومقامها مِنَّ القرآن الكريم؛ ثم كيف تُتَعرَفَ الأحكامٌ إذا لم يكنْ في الموضوع عقا ولاش نوما ختوائط الاجتهاد؟ وما الحدودٌ التي ترشع للمجتهد؟ فلا يعدوّهاء ليأمنّ الشّطّط. من أجل هذا التفكير العميق» طالتٌ إقامئّه في هذه المرّةِ في مكة» وقد عهدناه صاحبٌ قار وني هذه الفترةٍ الطويلة التقى به أحمدٌ بن حنبل وغيره من فقهاءِ العراق» وفقهاءٍ المدينة» وأخذوا عنة تلك المناهج. وكان هذا العصرٌ عصرٌ المناهجء فالخليلٌ بن أحمد قد وضع قواعدَ العروض ومناهبجه» وأبو الأسود الدؤلٌ قد وضع مناهجٌ الفُضْحى وقواعدهاء والجاحظ قد أخذ يَضَعٌ مناه النقدٍ الأديٌ» وكذلك المبردُ وغيرهماء فلم يكنْ غريباً عن العصر أن يتّجه الشافعيّ إلى وضع مناهج الاستنباطٍ وأصوله. الشافعي 0# عودته إلى العراق بمناهجه: تكامل للشافعيّ في أثناء إقامته بمكة مجاوراً بِيتَ الله الحرام علمٌ لا بُدَّ أن يعلنه للدرس والتمحيصء فانتقل إلى بغداد وقدمها للمرة الثانية سن 146, وهو يحملُ في حقييتِهِ علاً كليء وليس حلولاً جزئيّة» وقواعدٌ عامّةٌ لا فتاوى وأقضيةً خاصّة, فانثال عليه الفقهاءٌ والمحدّثون ولَّمْ يكن ما م مَعَه قولاغيرَ مدوّنء بل كان معه كتبٌ مُدوَّنةٌ حاويةٌ للمناهج والفروع التي اسْتَدْبطها بتطبيق هذه القواعد. وأخذ يّمْلِ هذه الكتبّ على تلاميذه» فدوّنوا الرسالة» وهي التي وضّح فيها المناهج» وأصولٌ الاستنباط» ودوّنوا كتاب الأم» وهو الذي يشتمل على الفروع؛ وفيه أيضاً مناهجٌ ككتاب جماع العلم وكتاب إبطال الاستحسان» وقد كتبّ عنه كلّ هذا تلميده الزعفراني. 0 وقد مَكَّتَ في بغدادٌ في هذه المقدمة نحو سئتين» اطمأنٌ فيها إلى زه نشر آرائه ومناهجه بين الملا من الفقهاء والمحدّثين. رحلته إلى مكة. وعودته إلى بغداد. وإقامته مصر: ثم عاد إلى مكة» ولعله ذهب إليها حاجّاء أو لإنهاءء بعض شئونه بها. وعاد بعد ذلك إلى بغداد سنئة 148» ولكنّه في هذه المرّة لَمْ يقِم بها إلا أشهراء ثم تَرَّحَ منها إلى مصر» فوصل إليها أول سنة 199. وهنا يسألٌ الباحث: لماذا لَمْ تَطلُ إقاميٌه ببغداد هذه المرّة؟ ولعل الجوابت عن هذا السؤالٍ: أنَّ الخلافة قد آل إلى عبدٍ الله المأمون» وفي عهده كان أمران: كي أحدُهما: أنَّ العنصرٌ الفارسيٌ سَيْطَره إذ إِنَّ المعركة التي كانت بين الأمِين والمأمونٍ كانت في حقيقتها معركةً بين العرب يُناصرون الأمينَ» وَالفْرْسِ يناصرون المأمون» فبانتصار المأمون عَلَبَ الفُرس. ثانيه): أن المأمونّ أدنى منه المعتزلّة» وباعدّ بينَهُ وبينَ الفقهاءِ والمحدّثين» حتى أمّى الأمث قُبَيْلٌ وفاته إلى أن يُنْْلَ المحنةً بالفقهاء والمحدّثين. وما كان الشافعيٌ العربنٌ قرم لِيرضى عَنْ المقام في ظلّ الغلية الفارسيّة ولا أَنْيُقيمَ في دار الخلافة التي تُقرّبُ المعتزلة وتُبْعدُ الفقهاء» فكان لا بد من أن يِشْدَّ رحالّه إلى بل آخر. واختار مصرء لأنها بتوسّطِها في الديارٍ الإسلامية بينَ الشرق» والغرب والأندلس» كانت لها مكانةٌ علمية: لإقامة تلاميذ مالكِ بهاء ولأَنَّ أميرّها كان عرييّاً قُرشيَاً عباسيّاً. وقد أكرمَ وفادةً الشافعيّ» وأجُرى عليه حِضَّتَه مِنْ بيتِ المالٍ كقرشيّ مُطَلبيَ» فإنَ لبي لي سرّى بينَ بني المطَّلِبٍ وبين هاشم في العطاء. أقام الشافعيٌ بالفُسطاطء وأخدٌ يُلْقي دروسَّهُ في جامعهاء وقد أَََّت دراسَتّة في المُسْطَاط لؤناً جديداً منَّ الدراسة: فأَتَلٌَ ين الففة بالموازين التي وضَعهاء فوَرّنَّ فقة العراقيين» وفقة مالك» واضطرٌ أنْ يالف أستااه» وكان من بمنزلة أرسطو مِنْ أفلاطون. وقد قال أرسطو عندٌ خلافه ممّ أفلاطون: (إنَّ أفلاطونَ صديقي» ولكنٌّ صَدَاقتي بالحقٌ أونّق). ولسانٌ حال الشّافعيّ يقول مثلّ هذه المقالة. فلّمْ يكذ يبلعُه أنَّ أهلّ الأندلس يأخذونٌ قَلنْسُوةَ مالك ويَسْمَقُون بها أي يَمْرَعونَ إلى الله عندٌ الجَدْبء أن يُنزل الشافعي 37 عليهم الماء مُرْدَلفين إليه بهذه القََمْسُوةه حتّى أعلنَ كتابَهُ «اختلاف مالك ليُمْبتَ للناس أن مالكاً بَكَدٌ كسائر البشر يُخطئ ويُصيب. وهكذا نجدٌ إخلاصّه للح يدفعٌه إلى نقد شيخه» ووفاءه لشيجه يمنعه مِنْ إعلانٍ النقد. وإخلاصضّه لدينه يدفعة إلى الإعلان. ول يكت بوزنٍ آراء غيره» بل جاء إلى آرائه نفسه. وأخذ يمخصها ويتفحصهاء وانتهى إلى مخالفة اجتهادهِ السابق في كثير من المسائل» وأمل من جديدٍ كُتْبّهِ على تلاميذه بالفسطاط جدّداً لآرائه وقد خالف بعضها وأقرّ أكثرها. وكان وَأوية لمذه الكتب اندي خوبرييعة ين ستيان الرادى المؤذن وقد الى سيذه الكنب ما كان قد دونه الزعفرانيٌ عنه. وصارٌ للشافعيّ بهذا نوعان مِنّ الكُنّبِء أحدهما: كتبّه بالعراق» وهي القديمة والأخرى بمصرء وهي الجديدة. وقد قال بعضُهم هذا إن له مذهبين: أحدهما قديم» والآخرٌ جديد. ولكنْ المذهبّ واحد. ولو اختلفت آراءً الإمام» ولذلك كان يقول صفاته ومواهبه: لقد آتى الله الشافعيّ حظاً كبيراً من المواهب العالية» جعلّه في الذَّروةٍ من قادةٍ الفكر الإسلامى» حتى لقد قال أحمد بن حنبل: «يُروى عَنِ النبيّ وك أنه قال: «إنَ الله عر وجل يبعت لهذه الأمّة على رأ كلّ ماثة سنةٍ رجلا يُقِيمُ لها أمرّ دييها»”"" فكان عمرٌ بن عبدٍ العزيز على رأسٍ الماثة الأول» وأرجو أن يكونَ الشافعيّ على رأس المائةٍ الأخرى). )١(‏ رواه أبو داود (41؟4) من حديث أب هريرة مرفوعاً بلفظ: «إنَّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها». أعلام وعلماء 7 وقد كان الشافعيٌ قويّ المدارك كان حاضر البديهة تَنْالُ عليه المعاني انثيالاً 1 . وكان يُلقي على ما يدرس ضَوْءا من تفكيره فتنّضح بين يَدَيُ لحقائنٌ ويستقيم منطقها. . وكان عميقٌ الفكرة» وكان بعيدَ المدى في المَهُمء لا يقف حر صل إل الخ كاملة *. وكانت نتيجة اتجاهه إلى الكُلَياتٍ أن وَضَعٌ أصولٌ الفقه: فكان في الفقه كأرسطو في المنطق. قرّة بيانه وقّصَاحَةٌ لسانه: وكان الشافعيّ قويّ البيان» واضحٌ التعبير» وأُوقَ مع فصاحة لسانه وبلاغة بيانه صوتاً عميقّ التأثير» يُعبر بنبراته» ك| يوصّح بعباراته. ولعمق تأثير صوته كان إذا قرأ القرآن جاهراً بقراءته أبكى سامعيه. ولقد قال ابنٌ أبي الجارود: «وما رأيتُ أحداً إلا وكتبّه أكبر مِنْ شاهِدّته؛ إِلّا الشافعيّ» فإِنْ لسانّه أكبرُ من كتابه!. ولقد بلغ من إجادته القولٌ أنْ سنا معاصروه «خطيبٌ العلماء»). نفاذ بصيرته وقوّة فراسته: ..وكان الشافعييٌ نافد البصيرة» قويّ الإفراسة» بصيراً بنفوس الرجال وما تُطيقه مداركهم» وتلك صفة لازمةٌ للمُناظر الأريب الذي يريد أن يَجُذْب حَصّمّه إليه. كما هي لازمةٌ للأستاذ المُذْرِكِ الذي يُوائِم بين طاقةٍ تلاميذه في الفهم» وطاقته في التبيين» والمقدار المناسب من الحقائق العلمية. وقد آتى الله الشافعيّ من ذلك حظاأ كبيراً. ومع هذه المواهب العقليةٍ والبيائية كان الشافعيٌ صاقَ النفس من أدران الدّنياء ولذلك كان مُِلِصاً في طلب الحقٌ» صادقٌ النظر في الاتجاه إلى الحقيقة» ومن الحكمة المشرقية أنَّ الاتجَا المُخْلص في طلب الحقائق يُشْرِقُ في القلب بنور المعرفة. الشافعي بلا إخلاصه للحق: وإِنَّ إخلاصٌ الشافعيٌ في طلب الحقائق لازمه في كل أدوار طلبه للعلم وتحقيقه وإعلانه؛ فإذا اضْطّدم إخلاصٌه مع ما يألفه الناس من آراء أعلن آراءه في جرأة وقوّة. كان الناسٌ في عهده بين متعصّبين لعل بن أبي طالب أَشِدَّ التعصّبء وتبكين “فل اسهد المي فأعلن أنه يُفضّل أبا بكر عليه» فرماه المتشيّعون ا ا را مع معاوية وأهلهء واعتبر فعلَهُ حُجَةٌ في أحكام معاملة البُغاةه فرْمِي بأنهٌ شيعي رافضئ» ولكنه وهو يقولٌ الحق لم يبال وقال في ذلك: وفضْل أبي بكر إذا ماذكرته رُمِيتٌ بِتَضْبٍ عند ذكريّ للفَضْلٍ : 0 : 0 فيا زلتٌ ذا رَفْض ونَصْبء كلاهما أدين به حتى أوَسَّدٌ في الرّمل ويقول: إن كان رَفْضاً حب آل محمد تلْيَْهِدٍ الثقلانٍ أني رافضي وإذا اضْطّدم إخلاصّه في طلب الحنٌّ بآراء شيوخه أعلن الحقّ في غير مداجاة ولامُوَاربةَ» كا رأينا في كتابه «اختلاف مالك». ص يي والض رجاتي جر وتان برقع و الاي |3 عام هسه كار يقول في قضية كليَّةٍ عامةٍ في آرائه المخالفة للسنة: ااوما مِنْ أحد إِلَا وتَذْهَبٌ عنه سنة لرسول الله كك وتَعْرْبِء فمها قلت من قولء أو أصَّلتٌ من أصل فيه عن رسولٍ الله َل خلافٌ ما قلت فالقول ما قال رسولٌ الله يك وهو قولي». ' )١(‏ في الأصل: والمتعصّبين. م7 أعلام وعلماء بُعدّه عن الرّمُو والخُيلاء: وهناك نوع من الإخلاص اختصّ الله به صفوةً عباده الذين يكونون قدوة الناس» وهذا الإخلاص هو الابتعاد عن الزَّمُو وَالخْيّلاء بعلمه» والإخلاص على هذا النّحو مُرتقَيَ صعبٌ على الذين يُصاولون البيان ويقارعون بالدليل» فإنه يندرٌ فيهم من لم يدخله زَّهُو وحُبٌ استعلاء. والشافعييٌ كان من هذا النادر» ولذا ما كان يغضبٌ في جدالء ولا يستطيلٌ على مجادله بعنف القول. ولقد بلغ في إخلاصه في طلب الحقّ والبعدٍ عن المْيّلاء أَنْ كان يتمثى انتفاع الناس بعلمه من غير أن يُنسبّ إليه» فقد جاء في تاريخ ابن كثير أنه كان يقول: "وددتٌ أنَّ الناس تعلّموا هذا العلم» ولا ينسب إل يغ 5 فأَو جر عليه ولا يحمدوني». ولقد أكسبه الإخلاص تُبْلَ غَرَضء وذكاءً قلبء وقُوّةٌ نفس» وتَبَاعُداً عن الدناياء وكُسَاميا عدا لا يليقٌ بالرجلٍ الكاملء فا عُرِفَ عنه أنه كذب في قول» حتى قال فيه يحيى بن معين: الو كان الكذبٌ مباحاً لكانثُ مروءةٌ الشافعيّ تمنعٌه أن يكذب». وهذا أسمى ما يصلٌ إليه المخلصٌ الصّدوق. وقد قَمَى نَحْبَةُ رحمه الله في جهاده العلميّ سنة 4 ١؟‏ من اللحجرة. ومدفئه اليومَ في القاهرة. رضي الله عن الشافعيّ» ونفع الله الناس بعلمه وحُلّقِه وإخلاصه وقُوٌةٍ دينه. أحمد بن حتبل هن أحمد بن حنبل”" )ه121١-1١58(‎ في الطريق بين دار السلام والرّقَ في ربيع الثاني سنة 2714 كان السائرٌ يرى جنداً مُدجّجِين بالسلاح» ومعهم رجلان قد صُفًا بالأغْلال وأكثرا مِنَ التسِيح» وممّ أن السياط كانت تنهال عليها الوقتٌ بعد الآخر, لم يَنِيا© عن ذكر الله» قد عَمَر الإيهانُ قُلوبهما فلم تررح بأنفسهما السّياطء وإن هرأت أجسامه]. وفي شقّة الطريق ولأوائه؛ والضرب وعذابه» صَعْفَ جسم أحدهما عن الاحتمال؛ فخرٌ صريعاً ومات شهيداء وقليُه في قُوَّيها"» وبقيّ الثاني وحدَهٌ يتحكلٌ الألم» ولكنّ الله مَعَه فهو غيد منفردٍ مستوحشء بل هُو مُسْتأنسٌ دائأ بربّه وبَيْنا هو مم الجند نَعَى التّاعي الحاكم الذي نزل ذلك البلاءٌ باسمه» وهو المأمون» أَعَيةٌ الشيخ لتقي بأصفاده إلى بغداد وا لاسا وذلكمٌ الشيخ هو إمامٌ الفقهِ والحديثٍ أحمدٌ بن حنبل» اخثُرٌ فصَبّرء وباءً الظالمون بإنْمهم. وظَفِر هو بالنّجاة والذكر الحَسَنْء فكان له لسانُ صدُقٍ في الآخرين. (1) مجلة العربي: العدد 371 عام ١٠118ه‏ -1950م. )١(‏ أي: يضعفا. (7') هو محمد بن نوح بن ميمونء رفيق الإمام وزميله في المحنة. أعلا 3 5 م وعلما مولده ونسبه ونشأته: وَلِد الإمام أحمد في ربيع الأول سنة 0174 وكانت ولادنّه ببغداد» وقد وَلِد في أسرة عرببة شَيْانيّة فكلا أبويّه من شّيْبانَ» وشيبانُ قبيلةٌ من ربيعة» لحا همَةٌ في الجاهلية والإسلام» حتى لقد قيل: «إذا كنت في ربيعة فكائرز بشيبان» وفاخر بشيبان» وحاربٌ بشيبان2). وكان أبوه محمدٌ بن حنبل من القوَّاد وجدّه حنبل ممّن اشترك في نُصرة العباييين حتى أدال الله من الدولة الأمويّة وذهبت من المشرق» وقد ضربةٌ حاكمٌ الأمويين لذلك فاحتملٌ حتى زالت تلك الدولة. وأمه كانت شيْبانِيةً ىا أشزناء وكان أبوها جواداً كرياً قد فتح بابّه للعرب» تنزلٌ عند وفودٌ القبائل فيضيّفها. ورث أحمد عن هذين الأبوين سّمُوٌ النّمسء وبُعْدَ الهمّةه وقوّةَ الصبْره والاحتمال» ولكنْ قُدّر لأحمدّ أن يتربى يتيمأء كا تريّى شِيحْهُ الشافعيٌ يتيرأء فلم يُدركٌ أباه. وقد قامت أُمّه على تربيته والعناية بتنشئته في ظلٌ بعض ذوي عُضْبِتِه؛ ول يتركة أبوه كلا لا يجدٌ ما يكفيه. بل ترك له عَقاراً يسكنّه وبه حوانيثٌ لها غَلَاتٌ ضئيلةٌ تُعطيه الكفافٌ من العيشء ولا تُعطيه رافعٌ العيش وليّّنّهه وقد استمرٌ يعيش من هذه الغلّة الضئيلة حتّى قَبَضَهُ الله تعالى إليه» فعندما أقبلتٍ الدنيا عليه» وألقيت بين يديه ناه عنه بنفس تَزِهّة. كانت بِدَرٌ الأموال تجيئه من المتوكّل فيردّها في تواضع كريم. وقد ظَهّرتْ مظاهرٌ الورع في أحمدَ منذُ كان طِفْلاً م يستأنسُ رشدّهء فقد كان عمّه يُرسلُ إلى بعض الولاة بأحوالٍ بغداد» وكان يكتب بباء وقد كلّف أحمد ابنّ أخيه أن يُبلّعَ الوا بعضّهاء فأخذ الكُتبَ وألقى بها في النهر. ولا قيل له في ذلك قال متعجّباً: «أنا كنت أرفمٌ تلك الأخبار!!؟ رميتٌ بها في الماء؟ فجعل الوالي» وهو الذي كان سائلةة يست ر جع ويقول: «هذا غلامٌ يتورّع» فكيف نحن؟!». ابر حنبل يتّجه للحديث بكليته: ولهذا التّروع الدينيٌ مُنْدُ باه اختارث له أُسرئّه الدراساتٍ الديئيّة فتعلّم علوم العربية 08 القرآن» حتى إذا بلغ الرابعة عشرةً وٌجّه إلى الديوان ليُمرّنَ على الكتابة والتحرير. حتى إذا ثم هذا الدور» وشَّبّ عن الطَّؤْق» أخذ يختارٌ لنفيه» فاختار ما يق مع تُزوعه ومَمَ ما نشَّأته عليه أُسرته وقد اختار أن يتّجه إلى الحديث؛ فكان يذهب إلى حلقاته» فجلس في حلقةٍ القافي أبي يوسّف صاحب أبي حنيفة» وقد كان فقيهاً وحُدَت فقبس من فقَهِهِ قبسة» وإن لم يستمرٌ على الجلوس في حلقيه» فقد اله إلى الحديث بِكُليَّه وكان المحدّثون في كل بقاع الأراضي الإسلامية. ففي البصرة حَُدئُون» وفي الكوفة حُحَدَّئُونء وفي بغدادَ كثيرون و وبلاد الحجاز تَرْحَرٌ وتَفْحَرٌ بهم. وقد التقتٍ المدائنٌ والأمصار التقاءً علمياً في ذلك العصرء فلم يكن ثمّة مُُاجزاتٌ إقليمبّة تجعل كلّ إقليم يكلف على حديث أهله» ولا يقبل رواية غيره» بل كانت الرحلةٌ العلميةٌ الكت واسلة جالعل وعندما اعتزم أحمدٌ بن حنبل في مُستهلٌ شبابه أن يطلب الحديتٌ» أخذ نفسه بالرحلةٍ في طلبه من كلّ ينابيعه» فجمع حديتٌ الشام والعراق والحجازء وإنه بلا رَيْبِء طلبّ الحديثٌ أولاً في بغداد» وابتدأ في طلبه في سن الخامسةً عشرة؛ أي سنةً 04, واستمرٌ يسمع ويكتب في بغدادَ إلى سنة 185» ثم ابتدأ رحلاته العلمية. أعلام وعلياء وبذلك يكونُ قد بقيّ في بغدادَ نحو سبع سنين يطلبٌ الحديتٌ في مظانّه فيها. ولَِمَ مَعَ ذلك هُشَّيْمَ بنَ بشير بن أبي حازم الواسطيّ نحو أربع سنين منهاء ومن بعدٍ موتٍ شيخه هذا تلقّى عن كلّ شيوخ الحديث في بغداد. رحلاته: أخذ في الرحلة من سنةٍ 15 فرحل إلى البصرة حمس مرات» ورحل إلى الحجازٍ مثلهاء وفي رحلته إلى الحجاز سنة /1/1 التَقَى بالشافعيّ فأخذ عنه الفقه. ى) أخدّ عن سفيانٌ بن عُييّنة احديث» وقد كان لقاو بالشافعي بعد أن أنضج هذا فِقَهّه وأخذ يِبيْنُ مناهج الاستنباط الفقهي» وهنا نجدٌ أحمدَ يضم إلى دراسته وجمعه للحديث دراستّه للفقه» وبذلك التقى علمٌ الفقه وعلمٌ الحديث؛ وإِنْ كان الحديثٌ فيه أظهرٌ وأوضح. وكان يرحل الرحلاتٍ الكثيرةً مع قلةٍ في المال» حتّى إنه كان أحياناً يرحل ماشياً وقد حجّ حمس مرات» منها ثلاث كان راجلاً. ولقد كان يَسْتطيبٌُ المشقَةٌ في طلب الحديث, لأنّ الشيء الذي يجي يمسر يكون قريب النسيان» وكان يحنسبٌ النية في الحجرة لأجلٍ الحديث» وقد سافر إلى اليمن لطلب الحديث الذي رواه عبد الرزاقٍ بن هام بصَئْعاء اليمن. وفي هذا السّمَر فُقِدَ منه الزاد فكان يَكْري نفسّه لِحَمْلٍ أمتعةٍ الناس؛ حتّى وصل إلى عبدٍ الرزاق. ولما علم هذا با عليه من مَشْقَةٍ مدَّ إليه بدنانير» فقال أحمدٌ الصّابِرٌ الشاكر: «أنا بخير»» وردّهاء وقد مكث على هذه المشقَةٍ سنتين استهان بها فيهاء لأنّها في طلب الحديث؛ ولأنّ العمل الشاق خيء من قَبولٍ مِنّة العطاء. وهكذا طوّف أحمدٌ في الأقاليم الإسلامية طالباً للحديث, لا يستكثرٌ منه الكثير» ولايني عن الكدّ واللوبِ» يحمل حقائب كُتبه على ظهره. مع المحبّرة.. إلى المقيرة! وكلما كذّ وجدّ زاد مقامّه.. وقد بلغ مبلغ الإمامة» وصار مقصِدٌ طلاب الحديث؛ وفقو الحديث» والمستفتين من كلّ بقاع العام الإسلامي؛ وكان يُدرّنْ كل ما يستمعٌ ويكتب» كك واه يقن لا معن ها الحال وقد بلغ من الفضل ما بلغ, فقال له: «يا أبا عبد الله أنت قد بلغت هذا المبلغ, وأنت إمامٌ المسلمين» فلاذا تكتب؟؟ فقال الإمامٌ المجدٌ: «ممَّ المحبرَةٍ إلى المقبرّة)» وكان يقول رضي الله عنه: «أنا أطلبٌ العلمّ إلى أن أدخل القبرا. رداول اعنم وين تر رزلا كط و بر لض الذي عاش فيه كان عصرّ تدوين الكُنّبٍ فى * شتّى العلوم» كان يكتب كلّ ما يسممٌ ويحفظه» وإذا سأله سائلٌ أو روى عنه راو لا يَعتَهدُ على حفظه في روايته» بل كان يُمليه ممّا كتب» ويستمع إليه ليقراً ما كتبه راويه. ولقد انه أحدٌ إلى الفقه من وقتٍ لقائه بالشافعيّ» فامتزج حديئُه بفقهف دوين الفقة مون يتابتعة االحتلقة حى :أن تلقيه الال يقول: «كان أحمدٌ قد كتب كُنْبَ أهل الرأي وحفظها ثم لم يلتفث إليها». فهو يطلب الآراءً المختلفة» وإنْ كان لا يُذعن لاتجاو بعضها. كتابة العظيم ١المُستد):‏ وإنّ الأحاديتٌ التي رواها هي حديتٌ وفقه. فقد روى الأحاديتٌ النبويّةٌ وفقة الصحابة فيا رواة مِنْ فتاويهم وأقضيتهم» وفقة التابعين فيه رواة مِنْ فتاومهم وأقضيتهم أيضاء وكان حريصاً على رواية ما جاء في موطأ مالك من فتاوى وأقضية للصحابة» م أعلام وعلماء بل كان حريصاً على تعرِّفٍ فتاوى مالك في مسائلو» وخصوصاً ما كان يبنيه على عمل أهل المدينة. وقد سجّل حديثه في كتابه العظيم ١المستدا»‏ وهو أكبرٌ موسوعة لأحاديث رسول الله كَل وفتاوى الصحابة وأقضيتهم. لم يجلس للحديث إلا بعد الأربعين وقد جلس أحمد للحديث والإفتاء عندما بلع الأربعين مِنْ عُمُرِه ويُروى أنَّ بعض معاصريه جاء إليه يطلب الحديتٌ سنة 7١‏ فأبى أنْ مُُدَّئّه فذهب ذلك الطالبٌ إلى عبد الررّاق باليمن» ثم عاد إلى بغداد سنةٌ 5 ٠ ٠‏ فوجده قد حدَّثْ واستوى اناس في تجليه. ولاذا لم يُحَدتْ قبل أن يبلعَ الأربعين؟ لعله في ذلك يقتدي بالنبيّ يكل لأن النبيّ بكي م ينزل عليه الوحيّ قبل الأربعين. وقد استوى أحمد من بعد الأربعين في مجلسه في الدرس والإفتاء» وأمَّهُ الناس من كل ناحية» وكان درسّه بمسجدٍ بغداد. نُولُ المِحْنةٍ به: كان الشيخ الإمام يسيك في درسه يجيب مَنْ يسألّه [عن] الحديث. ويَطْلبٌُ إليه أن يكتبه» ويجيبُ مَنْ يسأله عن مسائل؛ وينهاهٌ عن أَنْ يكتب ما يُفتي به إلَا أن تكو الفتوى في حديث؛ ونهى عن كتابة المسائل» حتى لا يتبعَها مَنْ لا يعرف من أين أُخّت. وشارت كروكه في بخلفيع كريج رجاو لا عواصفٌ فيهاء ولكن جاء ما عكّر صَفْوَ الدرس» وعَصّف بالشيخ؛ وذلك لمسألةٍ أثيرت في العصر الأمويّ. . وهي سال خلق القرآن» قد أثارها ناس يريدون إثارةً الجدلء ومّعَ الجدل الرّيّب بين المسلمين» حتى تَضْعْفَ قوةٌ اليقينٍ في قلويهم» فقد أثار الْجَعْدٌ بن درهم مسألة خلت القرآن وكونه مَخُلوقاً لله تعالى» وقد استنكرٌ كثيرون من العلماء ذلك» واعتيرُوا إثارةً ذلك بدعةً لا ثُثاره ولزم بقيةٌ التابعين الصمتٌ في هذه القضية» فلم يتعرّصُوا لها سلباً أو إيجاباء وقتل خالدٌ بن عبدٍ الله القْريّ الجعدَ بن درهمء وتَبِمَ القولٌ بخلقٍ القرآن 2 مالا اكلام وات جاع إل كلدم داري عليه للدم الذي قال اله الي فبه: لوَكلّمَ ألّهُ مُوسَى تَحَكلِيمًا 4 [النساء: 174]. واستغلٌ الدعا إلى التُشكيك من ا ل ل ا فتواصى دعاةٌ المسيحية أَنْ يُسائلوا المسلمَ عا قاله الله تعالى في كتابه عن المسيح» ألم يقل: #وكلمته: ألقها إِلّ سرس وَرفح يمَنّهُ ‏ [النساء: 171]» فإن أجاب بذلك» وسيجيتٌ حت سألوه: «أكلمةٌ الله تخلوقةٌ أم لا؟»» فلا يجيب» وكأنهم فازوا بالحُجّة. وكان بن المي طائفة افد تضدّت للزة عل كل مايرم عه الستلمية للطعن في الإسلام فوجدُوا أنه من الواجب أن يقولوا: إن القرآنّ ملوقٌ» وكلمة الله التي عبّر يها عن المسيح هي مخلوقةٌ باعتبار أنَّ مسّاها وهو المسيحُ مخلوق. اللأمونٌ يضُطهد مَنْ لا يقولٌ بخلق القرآن: وقد جاء المأمونُ واتَّلّ رأ المعتزلة مذهبأء وكان يقولٌ عن المعتزلة أصحايناء فأخدّ يدعو إلى القول بخلقٍ القرآن» وحاول في مُناظراته التي عَقَدَها أنْ يحمل الفقهاءً والمحدّئين بالمجّة والبرهان على اعتناقٍ ما يرى. ولكنّهم توقّفواء لأتّهم لا يقولون مالم يقله كتابُ الله ولاسُنَّةٌ رسولهء ولا يَخُوضون في أمر لم يَرِدْ فيه نصّء ولم يكن الناسٌ في حياتهم العملية محتاجين إليه. 5م اعلام وعلياء وقد استمءً المأمونُ تُجَادلٌ ويُناظرٌ في هذا ست سنين من سن 7١7‏ إلى سنة 14 7) ولكنه وهو في الرقة خارج بغداد؛ مع كاتبه ووزيره أحمدّ بن أبي دؤاد كبير امعترلة في ذلك الحين. أخحذت تِ الكتبٌّ تجيء د نترى» يجيء الكتابٌ تِلوَ الكتاب» وقد ابتدأ في كتبه 7م جمس بضرورة حَمْلٍ كل مَنْيَتَولَوْنَ أيّ عمل في الدولة على القولٍ بخَلْقِ القرآن» ولا تُقبّل شهادةٌ أيّ شخص لا يقول بخلقٍ القرآن. ثم ترق فمََعَ الفتين والمحدّئين أَنْ يقوموا بالفتوى وبالحديث إلا إذا أة قرّوا بخلق القرآن» ثم انتهى الكتاتث الأخيث المقينوت للمأمون إلى أَنْ يُنزِلَ العقاب الشديدء بل الإعدام؛ بِمَنْ لم يقل إِنْ القرآنَ مخلوق. وأمر بأن ْمَل الفقهاءً والمحدّئون الذين لا يقولون ذلكء مُوتّقِين إلى عسكر المأمون. وجاء في آخر الكتاب: «فإِنْ لم يرجعوا ويتوبوا حملهم جميعاً على السيف إن شاء الله ولاقوٌةٌ إلا بالله). وقد أجاب الجميمٌ ما عدا ثلاثةٌ فيبيقوا إلى المأمون» فرج أحدُهم في الطريق» ومات الثاني» وبقي أحمدٌ وحدّه للِمِحْنة فتلقاها صابراً. وقد مات المأمون, وأحمدٌيُساقٌ في الطريق» ولكنّ الوصيّةٌ كانت في كتاب المأمون إلى أخيه المعتصم بأنْ يُشَدَّد في مسألة خلقٍ القرآن. المعنصم يجري على سَنة أخيه: وقام المعتصمٌ بالوصيّة فعذب أحمد بالضرب المتوالي ثانية وعشرين شهراء ثم أفرج عنه على ألا يُفتيّ أو يُحَدَّث. ثم أذن له بالإفتاء والتّحديث حتى جاء الواثقٌ 0 2 03 3 7 د 2 ع0 فأعادها جَذْعاء وانزل بأحمد وغيره عقابا وتعذيباء حتى يئس» فأخرج. على أن يلزم ينه ولا يُفتيَ ولا يُحَدّثْ. حتى جاء المتوكّلء فأزال المحنةٌ وأبعدٌ أحمد بن أبي دؤاد الذي كان مرك هذه الفتئة» والموسوسٌ ببذه المحنة. أحمد بن حنبل /ام بين المحدّئين والمعتزلة: والحقٌ أن المعتزلة لهم وجهةٌ فيا يقولون» وليس فيها يقولون كفر ولا رَيْْ؛ بل إَ الذي دفعهم هو ب الطريق على الذين يحاولون إفساد عقولٍ المسلمين بتأويل بعض العبارات القرآنية تأويلاً باطلاً. والإناء اعد وفع كل المحدقين ما كانواابريدوة اللتوض في ذلك لان لان فيه» ولا توجدٌ فائدةٌ عملية. ولقد جاءت مناظرةٌ في آخر عهدٍ الواثق» وفي حَضْرتِه؛ بين مُدثِ وأحمد بن أبي دؤاد نذكرها لأتها لا تخلو من توضيح موقن المحدّثين» قال أحمدٌ بن أبي دؤاد: لماذا لا تقول إِنَّ القرآن مخلوق؟ فقال الشيخ الذي سيق للعذاب: اشيءٌ لم يَذعٌ إليه رسولٌ الله ولا أبو بكر ولا عمرٌ ولا عثمان ولا علّ» تدعو إليه أنت؟ ليس يخلو أَنْ تقول علموه أو جهلوه؛ فإِنْ قلت عَلِمُوهِ وسكتوا عنه» وسعّني وإيّاك من السكوتٍ ما وَسِع القوم؛ وإِنْ قلتّ: جهلوه وعلمتّه أنت. فيا لَك بن كع يجهلٌ النبي يكلِ والخلفاءٌ الراشدون؛ رضي الله عنهم شيئاً وتعلمُه أنت؟». هذه صُورةٌ مُصَّغْرةٌ للمحنة وأسبابها. وقد خرج منها الإمام وبجسهِه تُدوبٌ وآثارٌ جروح» ولك نفسّه خرجت مَصُقولةٌ نقيِّةٌ كالسيفي العُرْمّف. وعَلَّتْ منزلثه بين الناس» يُقْصّد مِنْ أقصى البلاد الإسلامية ليُسمّع عنه الحديث ولِيُستَفتّى. واشتهر أمرُه في كلّ البلادٍ الإسلامية» حتى حََسْيَ على نفيه ودينه من هذه الشّهرة» فكان يقول: «وَدِدتُ أن أعيسٌ في شِعْبٍ من شِعَابٍ مكة لا يعلمٌ بي أحد). وقد أخذ المتوكّل يُرسلٌ إليه العطايا فيردُها رداً رقبقا وكان لا يأكل من طعام بيه لأنه علم أنه يقبلُ هدايا المتوكل؛ وكان عيشّه من غَلّات عقاره الذي وَرِئه عن أبيه. م8 أعلام وعلماء واستمرٌ ذلك الإمام مطمح أنظار المسلمين بحديثه وفقهه؛ ونزاهة نفسه وتورّعِه في دينِه حتى قبضه الله إليه في ؟١‏ من ربيع الأول سنة 254١‏ فشيّعته بغدادٌ وما حوهًا حتى ل بر جنازةٌ في الإسلام قبله بمثئل ذلك العدد من المشيعين. من صفاته: الحافظة الواعية: اتُصف الإمامٌ أحدٌ بصفات رفعثه في جيل وجعلئه في الذروة بين العلماء. وول هةة اعفان : الصفةٌ العلميٌ التي هي لازمةٌ لكل عالم اشتغل بفرع من فروع العلم الدينيَ أو الدنيوي» وهي الحافظة الواعية» فهذه الحافظة أساسٌ لكل عِلمٍ ونظرء وخضوصا عذاء الحديث. ولقد آتى الله أحمدَ منها حظاً وفيراًء والأخبارٌ عنه في هذا متضافرة» وقد عدّه كثيرون أحفظٌ أهل عصره. ولقد قيل لأبي زرعة معاصره: المَنْ رأيتَ من المشايخ والمحدّثين أحفظ؟». قال: أحمد بن حنبل. وام 587 - 5 لله 1 - .ام 6 7 ع ومع خبطه ووعيه كين لطر و كل ما ببكل» فيو فط الحافيث اللي 215 وفناوى الصحابة؛ وفتاوى كبار التابعين» ويَعَّم هذا كله تَمَُم العارفي المُسْتَِْطٍ لاجر الزاري الخافط وقد اشتور بذلك ين الحذئين» احتى خد هوم في عمره. ويقولٌ في ذلك إسحاق بن راهَوَيه: ١كنا‏ نتذاكرٌ الحديث من طريتٍ أو طريقان أو ثلاثة» فأقول ما مراده؟ ما فقهه؟ موق قايي لا أحمد بن حنبل». وقال ليك إبراهيم 7 بر مثلهم» وعجر النساء أن يلذن مثلهم: وَأنت أبا عبيْد الحرمي: لأدركتٌ ثلاثة هلد ا لد ا الالخا اي ا 1 هد بن حنبل 3م من صفاته: الصير والجدّد: 0 1 والصفة الثانية»؛ وهي أبرز صفاتٍ أحمد: الصَّبْرُ والجَلّدُ وقوّةٌ الاحتمال» وهى مجموعة سَجَايا كريمةٍ أساسّها قوة الإرادة وصدقٌ العزيمة» وهذه الصفةٌ هي مزاح صفاتٍ الإمام أحمد» فقد جمع بها بينَ الفقر والجُودٍ وعرَّةٍ النفس والعفة. وجمعٌ بها بين الإباء والعفوه واحتالٍ الأذى والصّفْح الجميل» وهي التي جْعَلته يتحمّل الشدَّة في طلب العلم في الحضر والبَّدُوء وهي التي نازلٌ مها الذين رامُوه بالأذى فصَّبّر وصابّر» رياه عه 534 صاسي 520 0 3 4 9 ول ييِنْ ول ينهم إلى قولهم» حتى عََجّروا وهم الأقوياء» وغَلّبَ وهو الضَعيفٌ في بدن ولكنه القوي في نفسه. ولما زالث التّقمة اختّيره الله بالنعمة فصَّبر فيها ى) صَبَر في الأول؛ فردً عطاءً وأ وس وام ٠‏ ات 3 0 3 20 اس الخليفة الموفورٌ» ورضي أن يعيش هو وعياله في خصّاصّةٍ من العيش. وصبره صبردٌ لا أنينَ فيه ولا شكوى ولا ذهاب جّنان» ساقوا اثنِين بين يديْه فقتلوهماء وهم مُهدّدونه بالقتل» أو يقولٌ ما يريدون. فوجد في بعض الأحياءٍ المعذّبين البويطيّ صاحب الشافعىّ؛ فقال له: «ماذا قال الشافعئٌ في المّسح على الحُمَينَ؟؛. فتعجّب الجميعٌ حتى قال أحملٌ بن أبي دؤاد مُتعجّباً: «انظروا رجلاً هو ذا يُقَدّمُ لضرب عنقه فيناظرُ فى الفقه!». 0 هه ع رك و من صفاته: النزاهة بكل ضروبها: والصفةٌ الثالئة: النزاهةٌ بكلّ شّعبها وضُّروبهاء فهو نَْهُ النفس» لم يأخذ من مال غيره قليلاً أو كثيراً. وهو نه في إبمانه فلم يجعل لخير الله سُلطاناً عليه» لا يُداري ولايُداجي؛ ولو كان السيفُ في يد مَنْ برق ويُرعِد. وهو نزه في تفكيره؛ فلم يرد أن 7 أعلام وعلماء بكر في أمر لم يفك فيه السّافُ الصّالحء ولا يحم حاجةً دنيوية من حاجاتٍ الزمان. وهو نه في فقهه يأخذٌ برأي الصحابة» فإنٍ اختلفوا اعتبر أقوللهم أقوالاً له» وكذلك التابعون الكبار أهلُ الورع. وإذا لم يكنْ نص ولا فتوى لصحايّ أو تابعيّ أخدّ بالقياس» واعتيره كأكلٍ المي لا يحل إلا للضرورة وبِقَذرها. وكان مع زهادته ونّرَّاهةٍ نفيه يُبِيحٌ الحلال لكل مَنْ يستطيعه مِنْ حلال: ويعتبرٌ تناول الحلال يلين القلوب» وفي دائرةٍ الحلال الذي لا شُبْهِةَ فيه تُسْتطابُ الحياة» ويقولٌ في ذلك: ليؤكل كل الطعام بثلاثة ارخراد بالسرور ويح الفقراء بالإيثار» ومع أبناء الدنيا بالمروءة». وكان يفهمٌ أن الصّداقة فة الرّة عل ولذاكان يقول: «إذا مات أصدقاءً الرجل ذل». ون النزاهة المطلقة التي انَصفَ بها ذلك الإمامٌ الجليل» انبعت من إخلاص مستفيض» حتى إنه لإخلاصه كان يحب أن يحْمَل ذكرُه ويغبطً الذين حمل ذكرُهم؛ ويقولُ في ذلك: «طُوبى لمن أخمل الله عر وجل ذكرّه). ولإخلاصه كان يستقلٌ عبادته» ولا يستكث المحنةٌ التي نزلتٌ به. ومن صفاته: أنه كان مَهيباً: والصفةٌ الرابعةٌ التي امتاز بها ذلك الإمامٌ الجليل» هي المهابة. كان مهيباً من غير خوفء وكان رجالٌ الشرطة يهابونة حتّى عندما يُسَاورون دارّه. فإنه يُروى أن شُرطياً ذهب ليناديّه» فهابّ أنْ يَطْرقٌ بابّه» وآئرٌ أن يَطرقٌ باب عمّه ويدخل إليه من بابه» حتى يؤنسٌ نفسّه بذلك اللقاء المهيب. وقد قال أحدٌ معاصريه: «دخلتٌ على فلانٍ وفلانٍ من السلاطين» فما رأيتٌ أهيب من أحمدٌ بنِ حنبل. صرت إليه» أكلّمه في شيءٍ فوقَعَتْ عل الرّعدةٌ حينَ رأيثه من هيبته). أحمد بن حئبل 0 وإِنّ اهيبةَ هبةٌ من الله تعالى» وقد نّ)ها عند أحمدَ ما انّصف به من البدٌ الذي لا مزاح فيه حتى إنه ليحسب أن كلّ مَرْحٍَ مَِجَةٌ من العقل.. ونّاها صَمْنّه فإذا تكلم فلا لَعْوَ ولا تأثيمَ فيه| يقول.. ونّاها صبرّه في المِحَن» وعفته عن أموالٍ الحكّام. وكان مع هذه المهابة الأليف المأمونّ الموطّ الك لتلاميذه وأصحابه. وقد قال أحدٌ معاصريه في وصفه: «ما رأيتُ أحداً في عصر أحمدّ مِمَّنْ رأيت» أجمع منه ديانة وصيانةٌ وملكاً لنفسه. وفقها» وأدب نفسء وكرمٌ لق وثباتَ قلبء وكرم مُجالسة». الحنيلية: ذاع بين الناس وَضْفتٌ التَشْدَدِ في الدين بالحنبليّة بل ذاعَ في العصور الإسلامية 5 : م إلى عصرنا هذا وضْففٌ التشدد في النزاهة بالحنبليّة. وإِنَّ هذا الوصف له صلةٌ بالإمام أحمدٌ ذاتِه» وببعض الذين اعتّقوا مذهبّه وآراء في مذهبه. ع 9 ع و َأمًا الذي يتّصل بشخصه فهو النزاهة والتورّعٌ عن الحرام» حتى إنه كان يمتنع عن أكل طعامِه إذا خبرٌ بوَقودٍ ظنّ أن مالكّه لم يملكٌه من حلالء أو فيه شبهةٌ حرام. م 3 5 030 3 3 ع اعم يد 3 وَإِنَّ صفاتِه وأعماله كلَّها تدلّ على أنه أَحَدَّ نفسَه بشْدَّةٍ لا يحتملّها سواه» وإن ل يَدْعٌ الناسّ إلى أنْ يَسّلكوا مَسْلَكّه. أمَا ما وقع.من بعض الذين اعتنقوا مذهبّه فإن ابن الأثير يذكرٌ في تاريخه أنه في سنة 78ل قامثُ فتنةٌ في بغداد بسبب شِدَّةٍ الحنابلة» فأراقوا الأنبذة» وهاجموا دُورَ القَوّادِينَ» وكسروا أدوات الغناء» وضريوا المغئيات» وكلا رأَوًا رجلاً يمي مع امرأة 1 اعلا وعلياء استوقفوهماء وسألوهما عن العلاقة بيتّهماء ويندرٌ أنْ يَسْلَّمَ منهم أحدء وأغلظوا على الشافعيّة وعلى الشيعة في تقديس أثمتهم نا جعل الخليفةٌ يرهم ويمنحٌ مناظراتهم» ويحملّهم على الاستخفاء بمذهيهم. مفرداته فى بعض مسائل الطهارة: وأمّا ما يتعلق بالمذهب الحنبلٌ نفسه. فإنه قد اشتهر بِالتَسْدّد في الطهارة» وقد يت 2 راجعنا المذهبّ الحنباجَ في هذاء فوجدناه انفردً بِالتَسْدّد في مسائل: منها: أنه يوجبٌ تطهيرٌ أي إناءِ تقعٌ فيه نجاسةٌ بِكَسْله سبع مراتٍ إحدامُنٌ بالتراب» وذلك هو الراجخ في المذهب. ومنها: أن الماءَ الذي ينزلُ من الإناء الذي يقع فيه نجاسة يعد نجساً فكل الماء التويرل تو امراك الخبييل يعد كسا ومنها: أنه إذا كان معّ الشخص إناءان» أحدّهما فيه ماءٌ طاهرء والثاني فيه ماءٌ ٠ 32 5 ِِ‏ عو غ# نجس» وشك ولم يعرف أيماء أريقا من غير تحر. ومنها: أن الأوان التي كان يستعملّها الوثئيون والمجوسٌُ يحب تطهيرها بطريقة الحنابلة قبل استعمالما. وبهذا حُنَّ للهضريّن وغيرهم أن يَصِمُوا كل مُتَشَدَّدٍِ في دينه أو نَرَاهِيِه بأنه حَنْبيَه فالوصفٌ سليدٌ» وأكثرٌ هذه الأسباب يرفمٌ الحنبلية ولا يخفضُها. رَحِمَ الله ابنَ حنبل في الصَّدَّيقين والصّالحين. 5-0 لذ 2 2 5-0 0 تدك 7 تَرَاجِمِ المحَد جم | وم 2 :1 بين البخاري 4 ع 0 الببخاري )ه؟ه5-١91(‎ منذٌ بعت الله تعالى محمداً رسولاً للعالمين؛ عَنِيَ الذين اتّبعوه بقوله وعمله وما ودعو 5 ؟. 00100 5 ًّ 5 قرُهُ من أقوالٍ وأفعال» فحفِظوا قولّه» لأنه من جوامع الكَلِمء ولأنه بيان لكتاب الله تعالى» ولأنة تبليغ الرسالةِ المحمديّة ولأنه الأسوةٌ الحسنة, ولأنّ أفعاله وتقريراته يان للقرآنٍ كأقواله. 5 5 0 النبي ينهى عن كتابة كلامك. ثم يجيز: ولقد منُوا في أوَّلِ الرسالةٍ أن يكتبوا كلامّه فنهاهم؛ حتى لا يختلظً عليهم قوله بالقرآن» حتى إذا استطاعوا أن يُفرّقوا بينَ كلام الحنّ» وكلام الرسول يكل في آخر حياته أَذِنَّ عليه السلامٌ لمن أرادوا الكتابةً أنْ يكتبواء فأوِنَ لعبدٍ الله بن عمرو بن العاص أنْ يكتب فكتبّ هو وغيره. كان الناش أحوج إلى سنو الرسول يكل بعد وقاته: ولما انتقل الي كل إلى الرفيق الأعلى كانتٍ الحاجةٌ إلى معرفة سّنَّة رسولٍ الله كله شديدة مَاسّدٌء لأن المسلمين في حاجة إليها ليهتدوا بباء ويتعرّفوا حُكمَ الإسلام )١(‏ مجلة العربي: العدد ملل عام 6مهمء- 5مم. أعلا 5 915 95 204 ها تحقيقاً لقوله تعالى: ايها لَدِنَ “امنْواأ أطِيعوأ الله وَأطِيعوأ ألسولَ 8 [النساء: 08]. كانوا يطيعونٌ النبيّ عليه السلام بسؤاله في حياته» وطاعبّهُ بعد وفاته تكون -ه 0 2 ولأعهم بمعرفة أقواله فيم| يعض هم من أمورء أخذاً بهذا النصّ الذي تلؤناه» وبقوله عليه السلام: اتركتٌ فيكم ما إن سّكتم به لن تضِلُوا بعدي أبذا: كتات الله تعالى» وشئَّي»”". ولذلك كان الأثمة الراشدون الأعلامٌ إذا عَرَض لهم أمرٌ تعرّفوا حكمّه من كتاب الله تعالى» فإ لم يجدوا ما يُسْعفُهِم تعرّفوه من سّنَّةَ رسول الله به فتساءلوا في| بيهم عن سُنَّةٍ عند بعضهم وهي لا يمكنٌ أن تغيبّ عن كلَّهم. ومن الصّحابة من تفرّعُوا لاستحفاظٍ كلام النبي يل فحفظوا منه أسطرأًء وقد تناقلُوا فيا بيهم ما كان يرويه بعضُهم بعد الاستيئاق من صِحَةٍ نقله. روى التابعون كلامٌ الرسول يي عن الصحابة» ثم روى عن التابعين تابعوهم: وقد تَتَلمدَ للصحابة تلاميذُ روَوًا عنهم» وهم التابعون لهم بإحسانء وتَيَلمدٌ لكُلٌ تابعيٌ تابعٌ له نقلّ عنه ما حؤظ هذا عن أستاذه من الصحابة» ثم جاءً الذين من وح تاها و دوو بسكل لون ها الله ممق كايو ةشقن مسقل هذ لرواناك ب تشايطا و كس :ميف كان يدكز كل راحو امن اروف متد سين 3 رواه مالك في «الموطأ؛ (599) بلاغاً عن رسول الله يك ووصله ابن عبد البر في «التمهيدا‎ )١( من طريق الحنيني - وهو ضعيفت عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني» عن‎ ١ أبيه» عن جده. وقال ابن عبد البر: وهذا أيضاً حفوظ مشهور عن النبي كل عند أهل العلم شهرةً يكاد يستغني مها عن الإسناد. ورواه الخاكم في لمستدركه) 1 عن أبي هريرة رضى الله عنه وعن ابن عباس رضى الله عنهما. البخاري 9 يصلّ إلى الصحابّ الذي روى عن الرسولٍ قولّه. وقد رُوِيَثْ تواريحٌ الرجالٍ رجلا رجلاًء وعرفَ مقدارٌ عدالتهم» وعنايتهم ما يَزُوونء وضَبْطِهِم لما ينقلون» حتى كان جَمْعٌ الحديث النبويّ برواةٍ عدول ثقاتِ ضابطين» يعرفونٌ ما ينقّلونَ وما يدعون. جوامعٌ الحديث الشاملةٌ في القرن الثالث. وأضبطُّها صحيحٌ البخاري: وما جاء متتصففٌ القرنٍ الثاني» حتى كان الجمعٌ والتدوين قد استوى على سّوقه ولكن كل مجموعة ل تكنْ شاملةء حتى جاءث الجواممٌ الشاملةٌ في القرنٍ العالث» وأوضحُها إشراقاً وقوه وضبطاً: صحيحٌ البخاري. نشأة البخاري: والبخاريّ هو أبو عبد الله محمد بنِ إسماعيل بن إبراهيمٌ بن المغيرة» كان مِنْ أسرةٍ مجوسيّةٍ في أصلهاء وأرّلُ مَنْ أسلمٌ منها جد أبيه المغيرة» أسلم على يد والي بُخَّارى» وحَسُنَ إسلامّه وحَسّن إسلامٌ ابنِه وحفيده إسماعيل أبي البخاري» وكان هذ]فرا ثقياً. وقد وَلِدَ البخاريّ سنة 194ه وقد عيّن ابن كثير في «تاريخه»» والخطيبٌ في "تاريخ بغداد» ليله مولده» فذكرا أنها ليله الجُمُعةٍ في الثالتٌ عشرٌ من شهرٍ شوّال من هذه السئة. ولعل عناية البخاريّ بتاريخ رجالٍ الحديثٍ وأحوالم هي التي جعالئه يتعرّفٌ تاريخ مولده ويصل إلى معرفته يقيئاً. وقد وَلِدَ من أبوينٍ صالحين فكان أبوه صا حاًء وكانت أمّه تقية طيبةٌ طاهرة» أخلَصَتْ لله في عبادتهاء وأرضَعَتْ ولدّها في صغره حب الله تعالى» وتقواه. 3 أعلام وعلماء دعاء أمٌ البخاريّ رد بصره إليه: فنشأ عابداً منذّ نعومة ظفره» وأحسّ بفضل الله تعالى عليه» واستجابته دعاءً مّهه ذلك أنه وُلِدَ مبصراً ثم صارٌ مُعْمَضٌ العينن لا يُبصر. فأخذث أنه 6ه تَضْرَعٌ إلى الله تعالى أن يرد إلى ابيها وقرّةِ عينها بصرّه. قال المؤرّخون: إنها رأثْ فيها يرى النائمٌ أنْ أبا الأنبياء إبراهيمَ خليل الله عليه السلام؛ يقولٌ لها: «يا هذه قد رد الله على ابئِكِ 0 أ بصرّه لكثرة دعائك أو د بكاثك» فأصبح مُبْصراً». فلّا استيقظتُ من منامهاء رأثُ ابئّها قد ارتدٌ بصيراًء فعلمتٌ أنها الرؤيا الصادقة شكر النعمة: أحسَّتْ أمّ البخاريٌ بنعمة الله عليها إِذْ أعادَ النورّ إلى ولدهاء وأحسٌ ابنْها بنعمة الله تعالى عليه إِذْ كتبّه في المبُصرين» ل إلى علم الدين يتدارسّه فحفْظٌ القرآنَ الكريم» وتتبّمَ علماء الدين في عصره؛ واسترعاه ما ينقلوته من أحاديثِ الرسولٍ الكريم يل فوجدّ فيه الحكمة وفضْلٌ الخطاب. فاته إليه بعد حفظٍ القرآن. فلم يُعنَ بأقوالٍ الفقهاء» وكلام العلماء» بل عَنِيَ بكلام مبعث النوره ومشرقٍ المعرفة» وهو محمد كلة. انُه إلى طلب الحديثٍ بعد حفظٍ القرآنٍ الكريم» وقالوا: إنه ألهم طلبه وأَشْربَ حُبّه وهو غلامٌ في العاشرة من عُمْرِهء وكان ذا حافظةٍ واعية» وذاكرة قويّة فالتقت الرّعْبَةٌ الشّديدة مع الاستعدادٍ الكامل» حتى إنه وهو في الحادية عشرةً من عُمرِه صحّح لبعض شيوخه الرواية» وراجَعَه فيها المرةً بعد الأخرى مراجعة المطْمَئنٌ المسْتَؤئِقَ حتى أقرّ الشيخ بصحَةٍ ما رأى. واستمرٌ يطلبُ الحديثٌ بأرض سَمَرْقَنْد البخاري 144 ومَنْ حومًاء يأخدٌ عن شيوخ الحديث في تلك البلاد» وكان بها رواةٌ أعلامٌ أخلصٌوا النيدّ وطلبوا الحقّء وهم يات عُدولُ ضابطونء يعرفون ما ينقلون وما يدّعون. إلى البيت الحرام: وما استوى عُودُهء وصار فتىّ سويّاء إذْ بلع الثامنةَ عشرةً من عمّرِه يَمّمّ شَطرَ المسجدٍ الحرام. فذهب حاجاً مع أبيه التقيّ. وكان غرض أبيه أداءَ الفريضة» وغرضة هو أداءٌ الفريضة وتلقّى الحديثٍ في مكة والمدينة» وكانتا في ذلك الإبّانء لا تزالان مَوْرِدَ الإسلام العَلْبء يَرِدْ إليه الصّادِرون من مَشَارقٍ الأرض ومغاريهاء فأقامَ في تلك الأرضي المقدّسةٍ ما شاءً أنْ يُقيم» حتى جمعٌ من رواةٍ الحديث فيها ما عندّهم من ترِكةٍ مُثرية عن رسولٍ الله وَل تَتَقَلُهِ في الأمصارء ينقلٌ عن رواتها: وبعد أن ارتوى من ماءِ زمزم وما حوهًا من البقعةٍ المباركة» وارتوى من حديثٍ الرسول يكل بالحجازء أخذ يتتقلُ في الأمصار الإسلامية مصراً مصراً فانتقلٌ إلى البصرة» وإلى الكوفة» وإلى ما وراء النهر, لا يعلم بأرضي نَبْنا ثقة إلا رَحَلّ إليه. وقد رحل إلى دار السلام حيثٌ التقى بإمامها أحمدّ بن حنبل» وروى عنه وتلقى حديثه) وأخدٌ من سنده. وما نقلّ حديثاً وضمّنه كتابه إلا إذا كان قد أخدّه من راويه. فقد كان منْ شَرطِه في الرواية ألا يأخدٌ عن مُعاصر إِلّا إذا لقيه» فَمَنْ مات قبلّه لا يأخدٌ عنة مهما بِعَدتٍ الديار ونأتِ الأمصارء ومها عَظُّمتِ المشقّةه ولذلك 0 ترحاله لا يقيمٌ في بد إلّا على نية الرحيلٍ عنه إلى آخرٌ يكون فيه حَُدَّتْ معاصرٌ عُلِمَ أمرّه. 1١٠‏ أعلام وعلماء وقد أخذ يجمع ما سيم ويّدوّنء يَسْهَرٌ الليالي ذواتَ العَدّدٍ في تدوينٍ ما جمع» ويشكرٌ بالعمل نعمةٍ الله تعالى عليه في أن رد بصره. فقد ذكر ابن كثير في تارعخه: «أنَّ البخاريّ كان يستيقظ في الليلة الواحدة من نومهء فيوقدٌ السّراجَ ويكتبٌ العابرةً مر بخاطره؛ ثم يطفئ سرابه ثم يقومُ مرةً أخرى وأخرى» حتى كان يتعدّدُ منه ذلك قريباً من عشرينَ مرة. فكانَ ذلك عبادةً يتعئدٌ الله تعالى مباء وهذا مَمَ نُسَكِه وكثرة صلاته ونَهجْدِه بالليلٍ تما يرفعه إلى مراتب العْبّادِ الزّمّاد. جلوسه للعلم: تذاكرتٍ الرُكبان باسم البخاري» وتناقلتٍ الأسماع علمّهء وقد صارٌ يتقل للإلقاءِ بعد أنْ كان تقل في الأمصار للتلقّي. وصار يروي للأجيالٍ من بعده بعد أن كان يُروى عمّنْ سبقه من الثّقات» وبذلك صار يعقدٌ مجالسّ للحديث في الأمصار التي فيك ال وسار ان شارك ل لقان لاع لاسا ع ا طالبي الحديث الذين يحون بالثقات. ويريدونٌ أَنْ يسمعوا من البخاريّ رواية عصره. وقد انعقدث له مجالس علم في البصرة والكوفة ومضر والريّ وسَمَرْقند وابتدأث هذه المجالس» تعرينة عات | يَصِلْ إلى حدٌّ الكّهولة» وهو في كل مجالسه كان الثقةً الذي لا يُمكنٌ أن يضعُف له حديثٌ لعلةٍ في متنهء أو شذوذ في كمه أو ضَعْفِ في رجاله» حتى كان علمُهُ وشهرثه به أكبر مِنْ سنْه. في بغداد: وكانت بغدادٌ في عصرهء ومن قبل ومن بَعدّهء قصبة الدولة الإسلامية: وموثلٌ العلاءِ في كل أبواب العلم من لخةٍ وأدب» وفقه وفلسفة» وفيها علمٌ الحديثٍ ١٠١١ البخاري‎ والرواية قد بلع الذّروة» وحَسْبّكَ أنْ تعلمَ أَنّه كان فيها إمامٌ المحدّئين أحمدَ بن حنبل» فكانّ لا بد أنْ يأوي إليها البخاريّء كما أوى إلى مكة والمدينة» ولذلكَ رحلٌ إليها نان مراتٍ يَتَعْذّى من مَوَاردٍ الحديثٍ من الرواة» وعلى رأسهم أحمدء الذي كان يكيره سنا. وما بلع ما بلعّ من الشأنٍ والعلم» وكانّ الإمامٌ أحمدٌ قد قبصّه الله تعالى إليه: جلسّ للحديث فيهاء وبدا نبوعٌه وبَدَتْ سَعَةُ عقلف وانّساعٌ آفاقه» وقرَّةٌ حافظته» ودقَّةٌ روايته» حتى صاروا يَتَشْكّكون في كل حديث يذكد أنه الارعر ف بول ةر كدون في قَُولٍ أيّ حديثٍ يعرقه. وكان الرواةٌ من أهل الحديث الذين كان لهم ذكرٌ وشأنَّ يعققدون فيا بينهم المجالسّ يختبرونَ مقدارَ علوه فكانوا يذكرونَ الأحاديتٌ» ويقْلِون إسناقهاء وييبُهم بتصحيح السنده فانتقل أكثرٌهم من حال الاختبار إلى حال التقدير والإعجاب» بل اتتقلوا إل حالٍ الأخذٍ عنه والاتباع» وأقرُوا له بالصَّدقٍ في الرواية» وأَذّْعنوا له واْتمرَّتْ مجالسّه من بعدٌ تسيرٌ في بغدادَ وغيرها برخاءٍ سهلة» حتى كان الحسد والحسّاد. الحسد: كانت بغدادٌ تَوجٌ فيها مَوْجَاتٌ من الآراءِ والأفكارء وكانثُ مسألةٌ خلق القرآنٍ نشل العقلّ الإسلاميّ فيها وفي غيرها من عواصم الأقاليم الإسلامبّة» وذلك في أولٍ القرنٍ الثالثِ الحجريّ إلى أكثر من منتصفه. وكانت المحنةٌ تنزلٌ برجالٍ الحديث ابتداء» ثم نَزَلثْ من بعد ذلك بخصومهم؛ لما جاء المتوكّل» وانتصرٌ لأهل الفقه والحديث. ١٠‏ أعلام وعلماء وعندئذٍ صارَ العالِجٌ يوصَّفُ بسلامةٍ الاعتقادٍ إن قال: إِنَّ القرآنَ كلام الله غيد محلوق» ويوصفُ بالزيغ إِنْ قال: ِنْ القرآنَ لفظهٌ مخلوق» أو قالّ: هو غي مخلوق» فعندئظٍ يُوصَفٌُ بالضلال» وخلع الربقة» وإنْ كان كلامُه ليس قاطعاً في أيّ الرأيئن تأَوّلٌ له المحبّون» وَأحِمَهُ الحاسدون. وَجَدَ الحاسدون المغمرٌ الذي يغمزون به شيخ أهلٍ الحديثِ في عصره من هلء الناحية» ذلك أنه تلظ في القول» فلم يحكمْ في القضية» بل توه ولم عيذ أن من المسائل التي د َسُوغٌ لمحدّثِ أَنْ يخوض فيهاء وهو المحدّّتُ الذي ينقل الأحاديتٌ وأخبارٌ الصّحابة في يد نقلاً مروياً في القضيّة. لاعن النبيّ يد ولا عن صحايته الكرام. فتوقف وم يقلّ» وويسعّه ما ويسمهم. ولكنّ الحسدّ الذي يأكلٌ القلوبّ جعلهم يُغْسّرون التوقف با وى النتهمء فادّعوا أنه يرى أنه يقول: إِنْ لفظي بالقرآنٍ مخلوق» وذلكٌ لأنة قال: أعمالٌ العبادٍ كلّها مخلوقة. وأخذ ذلك من قولٍ النبىّ لِ: «إِنْ الله يَضْنْمُ كل صانع وصَنْته”" . وأوّلوا كلامّه بأنه يرى أنه يقول: لفظي بالقرآنٍ مخلوق. واثبرى مام الحديثٍ رجلٌ حقودٌ حسوده وتَقوَّلٌ الأقاويلٌ على البخاري» حتى لقد بلغ به الحقد» أن يقول: (م مَنْ ذهب إلى محمد بن إسم|عيل البخاريّ فائًّموه». نَم البخاريّ لأنهُ أحسّ بأنّ العامة يتبرّمون به» وقد أَحَحَلٌ يطُوفٌ في الأقاليم» حتى أوى إلى سَمَرقند ونزلٌ بقرية (خرتنك) وبها بعض قَرابته فنزلٌ عندّهم» وأحس الذي كان : نقيّ الإيهانٍ سليمَ الاعتقادٍ بترم لوا إلى رئه يَفْرِعٌ ع إليه: )١(‏ أخرجه البخاري في خخلق أفعال العباد من حديث حذيفة رضي الله عنه. وهو حديث صحيح كا قال الحافظ في «الفتح» 117 494/8. البخاري ؟١١1‏ االلهمّ إنه قد ضاقتُ علَ الأرضٌ با رَحُبَتء فاقبضني إليك. فقبضَةٌ الله تعالى إليه بعد شهر من دعائه». آثارٌه. وأشهرّها كتابٌ «الجامع المسند الصحيح»: ترك البخاريٌ علا كثيراً كله قصل بالرواية والأثر» فقد كتبّ كتابين في التاريخ» ها «التاريخ الصغير» و«التاريخ الكبير»» وهما في تاريخ رجال الحديث والآثر. وترك كتابئن آخرين» هما كتات «الضعاف الصغير» و«الضعاف الكبير). وترك الأثرٌ الخالدَ الباقيّ مبيناً وموضّحاً للشرع الإسلامي إلى اليوم هو كتاب «الجامع الصحيح)”". وقد ابتداً بجمعه في شَرْخ شبابه» وهو يَتَتَقَلُ في الآفاق يأخذٌ عمّنْ قبل ويُعطي من دونه واف عل ذلك إل أنْ بَلَعَ ما بلع من الثقة والاشتهار بالحفظ. عندئل نجه إلى تدوين «الجامع الصحيح»» ويقول في سبب تدوينه: ااكنتٌ عندٌ إسحاقٌ ابن راهُويُهء فقال لنا بعضٌ أصحاينا: لو جمعثُم كتاباً ختصراً لسن النبي َك فوق ذلك في قلبي» فأخذثٌ في جمع هذا الكتاب» (يعني كتاب «الجامع الصحيح»). وقد أخدٌ بجمعه في مكة والمدينة عند الروضة الشريفة» وقالوا: إنه ترجم أبوابه في الروضةٍ الشريفة» ولم يكتفي بطْهْرِ المكان» بل كان لا يكتبٌُ حديثاً من الأحاديث إِلَّا بعد التوضؤ وصلاةٍ ركعتين» وقد استمرّ في تدوينه نحو ستةً عشرٌ عاماً. وهو مُرنبٌ حسب ترتيب أبواب الفقه لم يُؤْحَذ عليه إلا نحوٌ ثلاثين حديئاً ونحو ستين رجلا وجموع أحاديثه: زه /ا) يي وسبعول ومئتان ل آلاف» )١(‏ واسمه: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله يب وشئنه وأيامه. ٠١‏ أعلام وعلماء 8 3 5 ا 2 و وهو كان يُكرّر إذا تعدّدتٍ الرواية» وبِحَذْفٍ المكرّرء يكون المجموعٌ نحو أربعة آلانٍ حديث”"» وقد اختصرّه الزَيْديّ. عرة العلم: كان البخاريّ في جِدَةٍ من العيش والرزقٍ الموفور» فالتقى فيه يان وتقىّ ورزقٌ طيّب» ولذلك لم يتَدَلَ إلى العيشٍ في كُنَِ ملتِ أو ذي سُلطان, وليسٌ لابن حرة يل عليه. طلب إليه أميك بُخَارى بعد أنْ آبَ إليها أنْ يذهب إليه ليقرأ له كتابٌ «الجامع الصحيح» و«التاريخ» ليسمعٌ منهء فقال البخاري لمن أرْسَله: «أنا لا ذل العلم» ولا أحمله إلى أبواب النّاسء فإِنْ كانت لك حاجة» فاحضّرْني في مَسُجدي أو في داري». فنك الم ولت إله ان مقر أرلائه إل البخاري و لس لا يحضده أحد. فردٌ العالِمٌ المعترٌ بعر الله قائلاً: ايه ل الما أي أنه يُقدّم العلمَ للناسٍ على سواء» فحرّضٌ الأم ميث أذلاء العلماء ء على أَنْ يتكلموا في دينٍ عزيزهم التقي النقي. وهكذا عاش البخاريٌ عزيزأً» ومات مُعزَّزاً مُكرّماً في ليلةٍ عيدٍ الفطر من سنةٍ 5ه فرضي الله عنه وأثابّه على عملِد النافع إلى يوم القيامة. 4 2 : :3 2 يت )١(‏ قال الحافظ ابن حجر في اهدي الساري» ص/41/7: #فجميع ما في صحيح البخاري من المتون الموصولة بلا تكرير على التحوير (؟59) ألفا حديث وستائة حديث وحديثان. ومن المتون المعلقة التي لم يصلها في موضع آخر من الجامع المذكور )١94(‏ مائة وتسع سوق حدينا. فجميع ذلك: (1751؟) ألفا حديث وسبعمائة وأحد وستون حديثا». انتهى. مسلم بن الحجاج م6١١‏ مَسَلم بن الحسجاج”" (04,؟ا!-ؤزوكاه) انتشار علوم الشريعة في بلاد ما وراء المشرق: كَثْرتْ علومٌ الفقه والحديثٍ والتفسير, في القرنٍ الثالثِ الهجريّ بمشرقٍ البلاد الإسلامية مخراسان وفارس وسمرقند وما وراءهاء لأنَّ أهلّ هذه البلادٍ كانوا قبل الإسلام أهلّ علوم وحكمةٍ وفلسفة» فلم| جاءً الإسلام أشبعوا نهمتّهم العلمية في علومه وكا روي في الأثر'": «منهومان لا يَسْبِعانٍ أبداً: طالبٌ علم وطالب مال» ومَرَدٌ ذلك إلى كلّ مَنْ أقامَ مهم من العربء ولأنَ أهلّ هذو البلاد سّلِبوا الولاية والحكم باستيلاء العرب المسلمين على أراضيهم» فانصرفوا إلى العلم؛ لينالوا الرياسة عن طريقه» وقد تقَدوها عن طريق الحُكُم والسلطان. فَاسْتَوْلَوَا على رياسةٍ خالدة لا تبلى بكرٌ العَدَاةِ ومرٌ العَثِىّ» واستبدلوها برياسةٍ وقُيّةٍ لا تبقى إلا أمداً محدوداً مهما يكنْ طوله أو قِصَده. الحركة الفكرية فى أول القرن الثالث: ول ينّخذوا بغداد مستقراً ومُقاماء لأنها كانت في أوّلٍ القرنٍ الثالث» تحت سلطانٍ امعتزلةٍ والحركة الفكرية في ظِلّهِمء وكانت فيها الفِئّنِء بسبب المعركة بين أهل الفقه )١(‏ بجلة العربي: العدد الى عام 86؟11ا هع 19546ام. (1) من كلام ابن عباس رضي الله عنهما. رواه الدارمي (754) في مقدمة سُّئئه. ىا أورده أيضاً من كلام ابن مسعود (7037) والحسن اليصري .)719١1(‏ 0 اه والحديث» وأهلٍ الاعتزال» وقد اكتوى بنارها إمامٌ اسن والفقه أحمد بن حنبلٍ رضي الله عنهء فكان علماءٌ الفقه والحديث والتفسيرء لا يَرَّوْن في مدينةٍ دار السّلام الهدأةً والاطوئنان. والعلمٌ لا يعيش إِلّا في جو هادئ مُستقرٌ مطمئن. وفوقٌ ذلك فإنه كان في تلك الجهات الناتية وَلاةٌ يُشجّعون العلماء» وير ضون على العلم وطلبه. فلم يكن غريباً أن يوجدّ في هذه البلادٍ البخاري كا رَوَيْنا من قبل» ثم رصيفه”" مسلمٌ بن الحجّاجء أبو الحسين القُسْيْريّ» صاحبٌ الصحيح الذي يُقاربُ كتابٌ البخاري» أو يساويه في نظر بعضٍ العلماء» بل ادَّعى بعض المشارقة والمغارية؛ أنه خير منه. ولادة الإمام مسلم ونشأته: وَلِدَ مسلم بنيسابور» ونشأ نكأة ديد لأنه كان في بيتٍ دينيٌ» ومع أنه نشأفي يسابور ووَلدَ فيهاء فهو يتتمي إلى أصل عَريّ. لأنه ابن بني قشر وهي قبيلةٌ عربية» فهو يُشبهُ الإمامّ أحمدَ بنَّ حنبل إذ وُلِدَّ بخُراسان وهو شيبانقٌ من أسرة عربية» ويظهرٌ أنها آوَثْ إلى تلك البلادٍ النائية؛ طلباً للراحةٍ والاطيئنان؛ ول يكنْ لها صِلةٌ بأهلٍ السلطان كأكثر هذه البلاد. وقد حفظ القرآنَ الكريم وتعلَمَ أصول الدين» وأتدَ الفقة عن المذهب الشافعيّ» ون كان له اجتهادٌ يخرجٌه عن أنْ يكونّ مُقلّدَ وذلك لأنَّ مذهب الشافعيّ كان منتشراً في تلك الجهات ولم يكن يُكَالبُه في السيطرةٍ والنفوذ سوى المذهب الحنفي» الذي كانَ مذهبّ الدولة» بِيدَ أنّ المذهبّ الشافعيّ كان يستمدٌ قُوّته من الشعب )١(‏ أي: يُعارضه في عمله» ويألفه ولا يفارقه ى] في «القاموس». مسلم بن الحجاج ٠‏ وإيثاره له» والمذهبٌ الحنفيّ يستمذ قَوّتهُ من السلطان» ولك المناظرة كانت تعقة خْرَةٌ بين مذهيئن سني يلتقيانٍ في زاوية دية رأشها الكتاب والشّنة وعَمَلُ ساف الصّائح؛ رضي الله عنهم؛ ولم يكن انْفراجٌ كبيدٌ في خطي الزاوية» بل إِنّ حَطَيّها مُتقاربان. لا يبتعدان. إلى الحديث: بعذأن اعد الكقةةواعة الكفيف وصار فتىّ سَوَيَاً انه إلى الحديث بِكُليتِ والحديث فيه علمٌ الإسلام, والتقى بكبارٍ المُحَدَّئين في نيسابور حتى جمع الرّواية عنهم كاملةٌ غير منقوصة» وقد أخدّ عنهم أخدّ مُنْقِنِ ملازم» فلا استوفى وقويّ عُودُهه رَحَل إلى البلاد الإسلامية» يطلبٌ الحديتٌ من مَوَاطِنِهء ويأخذّه عن رجالف نسافرٌ إلى الأقطارٍ الإسلامية في طلب الأئمة» فارتحلٌ إلى خراسان» وذهب إلى الَّيّء وإلى العراق» وأخصٌ م مَنِ التقى فيه وأخدّ عنه: الإمامٌ أحمد. وكانّ في أَوْجه وقد تَسَامِعَتُ به الرُكبان» ثم رَحَل إلى الحجاز يطلب الحديث فيه مم الحجٌ» ويروي عن كبار المُحدّئين فيه. وم تقفف رحلتة عند حدّ العراق» بل رَحَلَ | إلى الشام يأخحدٌ من مُحَدٌَئيهاء وإلى مصرء ولعلّهُ كان يأخذ في مصرّ عِلمَين: علمّ الحديث عن الرواة. 0-2 - وفقة الشافعيٌ عن تلاميذٍ الشافعيّ الذينَ كانت مِطْرٌ هم مُسْتقرَاً ومُقاماً. وعندما زارٌ البخاري نيسابور التقى به مسلم وأخذ عنه نين به أشدّ الإعجاب؛ ولازمه وأدامَ الاختلافٌ إلى مجليه» ولا استممٌ إليه أحبّه» وتعصّب له حتى لقد روى الرواة أنه بعد أنْ استمعٌ إليه 1 ما بين عينيه) وقال له: «دعني [اكثن رتك نا أعات الأسسافيووويية عط م اوطلية الورك بعلن م١١‏ أعلام وعلماء الصّدقٌ والاستقامة: بلغ مسلمٌ بن الحجّاج الَو في الرّواية بعدَ أن طوّفَ في البلا مشرقاً ومغرباً ختلفاً إلى مجالس الرجال» وهو يتلقّى عنهم, وينقدُهم؛ وينقدٌ ما ينقلون نقدّ الصَّيْقٍ للدراهم» يدفع زُيوفهاء ويقبل جيادهاء وينقل إلى الأخلاف مايراه مخض الصَّدقٍ في النقل عن رسول الله كَكة. فهو لا يأخد إلا عن الثقاتِ لصّادقين الأمناء ء أهلٍ الاستقامة» ويُوجبُ على طالب الحديث أن ييتعد عن أهل التهم؛ يم همه ويقولُ في ذلك رضي الله عنه: : «اعلم ‏ وَقَقَكَ الله أن الواجب على كل أحد عرف التّمييرٌ بين صحيح الروايات وسقيوهاء وثقاتٍ الناقلين لها من التهمينء أن يتِّيَ منها ما كان من أهلي التهم؛ والعائدين من أهل البدّع» والدليلٌ على أن الذي قلنا هو اللازم دما ل قولُ الله جل ذكده: 25 ا ا مي حو لين اموا إن جَآء كد ماس يا يوا أن مصدبوأ هَْمَا جمدو ْضيحُوأ عل ما مَعَثْرْ نَنْدِمِينَ * [الحجرات: 5]؛ وقال جل ثناؤه: ؤممّن ا من نّ شبد # [البقرة: 7 وقال عر وجل: لوَأَشْيدوأ ذوَىٌ عَدَلٍ 56 [الطلاق: 7]» وما ذكرنا من هذه الآي يدلّ على أن خبرَ الفايقٍ ساقط غيدُ مقبول» وأنّ شهادةً غير العدلٍ مردودة”". 0 وات‎ ٠ .ّ 2 5 6 ٠. فهو يشترط فيمن يروي عنهم من معاصريه أن يكونوا معروفين بالصدقٍ‎ والعدالة والاستقامة» وألَا يكونٌ غرامُهم كثرةً التحديث من غير أَنْ يعرفوا السقيمَ‎ من الصحيح بل إنه بنذ من الإكثار دليلاً على عدم الإتقان» ويروي في ذلك قولٌ‎ )١(‏ مقدمة مسلم طبع إستانبول ص/. (أبو زهرة). سلوين تاج ١‏ البيّ كلْ: ١كفى‏ بالمرء كَذِباً أن يحدّتٌ بكل ما سَمِع». ويروي عن عمرٌ بن الخطاب قوله: بحسب المرءِ من الكذب. أن يدت بكل ما سَمِع). ل 0 - ©اان اله 8 وكان يأخذٌ من كثرة التحديث. دليلاً على عدم التَّحرّي في صِدْقٍ ما ينقل عن الرسول يك ويذكرٌ عن نفسه أنه اختارٌ كتابَهُ من بين ثلاثمئة ألف حديث؛ بعد أن اختبرٌ صدقٌ ما أخذه ورواه؛ فلم يكن هنّه ‏ لا هو ولا غيه من المحدّئين ‏ الإكثارٌ والجئع» كا افترى بعص المسْتَشْرقينء بل كان همّه النَحرَيَ وتَعُرّفَ الصحيح» ورد القيه: وكان يُبِعدٌ من روايته الأخبارٌ الغريبة التي لم تَسَْاَنِسُ بمثلهاء أو التي تكون 56 0 5 5 3 1 في ذاتها غريبة على المعقول» ويروى عن ذلك قول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: اما أنتَ بمُحَدَّثٍ قوماً حديثاً لا تبلغه عُقوهم إلا كان لهم فتنة». وكان رضى الله عنه لا يقبلٌ حديثاً من كان يغتابٌ الناس» وخاصّةً العلياء. ذكر الخطيبٌ البغدادي أن مسلمٌ بن الحجّاج كان يداف عن البخاري في قولِه بالنسبة 5 5 و 25 0 - للقرآن» وكان محمد بن يحيى الذَّهْلٍ من شيوخه ينال من البخاريّ لرأيه» وقال يوماً لأهل مجلسه؛ وفيهم مسلم: «مَنْ كان يقولٌ بقولٍ البخاريّ في مسألةٍ اللفظٍ بالقرآن» ْمل مجلسّنا» فنهضّ مسلمٌ من فوره إلى منزله» وجمعَ ما كان سبوعه من الذهِل, وأنسلة إلبه وترك الرؤابة عيس :امت كيت الرعفة ونيا وكانَ من الغريب أنْ البخاريٌ» الذي قيلٌ فيه ما قيل» لم يتركِ الأخدٌ عن محمدٍ ابن يحبى هذاء بل روى عنه في صحيحه وَعَدذْره. 8 أعلام وعلماء إن هذا الخبرَ ل على قر التَحِرّيء والإخلاص للعلماء عند مسلمء 07 على السماحةٍ عند البخاريٌ» وَأَخَذِه بالعفو وترجيحه على سواه. انُصِالٌ السند: يُشترطٌ في الرواية أن يكونٌ السندٌ مُتّصلاَ فيُعدٌ من الضعيفء الحديثٌ الذي يرويه التابعيّ» ولا يذكرٌ الصحابي الذي روى عنه. ويُسمّى المرسّلء كا لا يروي الخبرٌ الذي ينقطعٌ في إحدى طبقاته. ويروى في ذلك أن عبد الله بنَ المباركِ رد الخبرَ المرويّ عن الحجاج بن دينار» أن النبيّ كل قال: «أنْ تُصَيِّّ لأبوك ممّ صلاتّك أن قو ناف مريكة فقد قال ابن المبارك: إِنْ بين الحجاج بن دينار» وبين النبيّ يك مَقَاورَ [تنقطع] فيها أعناقٌ المطلِيّ. وإنَّ مسلا يُّقسّمُ المحدّثين الذين التقى بهم وتتبّع إسنادهم إلى ثلاثة أقسام» ويجعلُ كلَّ قسم طبقةٌ تليها أخرى: فأهلٌ الطبقةٍ الأولى: الذين عُرِنُوا بالاستقامة والإتقان لما ينقّلون» ومَنْ ينقلون عنهم؛ لم يوجد في رواياتهم اختلافٌ ولا تخليط» ولافي إسنادهم ضَعْف»ء بل صِدْقء وهؤلاء تُقدّم روايائهم على غيرهم. والقسم الثاني: مَنْ لم يُعرفْ عنهم كَذِبٌء ولا انحرافٌ عن الجادّة ولكن لم يُعرفوا بالإتقان في الرواية والسّنَّ وهم طبقةٌ دون الأولى, وتُقدّمُ الأولى عليها إن كان تعارُض» فهم منزلةٌ دون منزلتهم. ويّروي في ذلك حديث عائشةً عن النبي كل إذ قالت: «أمرّنا رسولٌ الله يك أن تُزِلَ الناس منازهم». 5 و و 0 506 03 والقسم الثالث: مَنْ لا يقبل حديثهم» وهم المتهمون عند أهل الحديثء أو مسلم بن الحجّاج حل عندٌ الأكثر منهم» وكذلك من يكونُ الغالت على حديئِه الممكرٌ الذي يخالفُ المعروف عن الثّقات» أو مَنْ يكثّرٌ عندّه الَلّطء إن هؤلاء لايّروي عنهم أيضاً. كنبه ومَرْويّانّه وقوتها: 57 الدَّقَةِ في اختيار مَنْ ينقلٌ عنهم رَوَى الأحاديتٌ التي اشْتَمَلتُ عليها نيه ولكنّ أهلّ الخبرة كانوا يَرَْنَ أن البخاريّ قد اشترطً فيمَنْ يأخذٌ عنهم مالم يَمْرّطْ مسلم» فالبخاريٌ اشترط الإتقانَ والصّدقٌ والعدالة والصَّبْطً والحفظ ى) اشترطٌ مسلمء بَيْدَ أن البخاريّ اشترط المُلارّمةَ”'' لمن يروي عنهء لأنه بالمُلارّمَةٍ أمداً غير قصير يتعرّفٌ حالّه بالعيان'"» لا بالخبر» بينها اشترطً مسلمٌ أنْ يلقاه» وأنْ يكونا في عصر واحد'"» ولا شك أن مر اللقاء دون الملازمة. وإذا كان البخاريٌ ف روايته يمتازٌ غلى فسلمع مهذه الميّرةٍ التي وق الرواية شد توثيق» فمسلمٌ يمتازٌ على البخاريّ بجودة التُصنيف, وحُسْنٍ الترتيب» وقد بدا ذلك في كلّ مؤلفاته. ومن كتبه: المُسْئَدٌ الكبيدٌ على أسراء الرجال»» وكتابٌ «الجامع الكبيُ على الأبواب»»؛ وكتاب «العلل»؛ وكتاب «أوهام المحدثين»» وكتاب «التمييز»» وكتاب امَنْ ليس له إلا راو واحد»؛ وكتاب «طبقات التابعين»؛ وكتاب (المُخَمْرَمين) (1)ل يشترط البخاري الملازمة» وإنما اشترط ثبوت اللقاء ولو مرة واحدة. واللقاء دون ثبوت السماع هو مذهب أب زرعة وأبي حاتم (1) هذا التعليل لا لزوم لى لأنَّ البخاري يشترط ثبوت اللقاء ولو مرة واحدة كا تقدَّم. (؟) شرط مسلم: المعاصرة وإمكان اللقاء. 0 ١ ولكنّ كتابّه العظيمَ الذي خدمٌ به الإسلام؛ وناظرٌ البخاريّ به في كتابه» هو «الصحيح»”"» والأكتّرون من العلماءِ على أنَّ كتابٌ البخاريّ أوثقٌ رواية» وكتابُ مسلم أحسنٌ تبويباً وترتيبأ» وقد بالغ علماءٌ المغرب وبعضٌ علاء المشرقِ في تقادير كتاب مسلمء حتى قدّموه على البُخاريٌ» ولكنّ الجُمهورَ الأعظمَ من المحَدَّئِين على غير ذلك. ودام أذ عل البخاري تكراره الحديتٌ الواحدّ في عدّةٍ مواضعء وأحياناً يذْكْرٌ بعضّى الحديث في مَوْضِع» وبعضّهُ في مَوْضِع آخر وقد تحاشى ذلك مسلمٌ في صحيحجه؛ فلمْ يكن فيه تكرار, إلا ما تَضْطبُ الضرورةٌ إليهء وقد ذكر هو ذلكٌ في مُقدَّمِةٍ صحيجه. فقال رضي الله عنه: انُقِسّمُها على ثلاثةٍ أقسام. وثلاثِ طبقات من الناس”" من غير تكرارء إلا أنه يأ مَوْضِمٌ لا يُستَعْنَى فيه عن تردادٍ حديثٌ فيه زيادةٌ معنى» أو إسنادٌ يقمٌ إلى جَنْبٍ إسناده لِعلَة تكونُ هناك فلا بل من إعادة الحديثٍ الذي فيه ما وَصَفْنا من الزيادة» أو أن يُفْصَلَ ذلك المعنى من ججملةٍ الحديث على اختصاره إذا أمكّن؛ ولكن تفصيلّه ريا عسّر من جملته» فإعادثه إذا ضاقٌ ذلك سلم). ومؤدّى هذا الكلام أنه لا يُعيدٌ إلا إذا كانث ثمّةَ زيادةٌ لا هم من غير ذكر الحديث كلّهء أو يكون هناك إسنادٌ يُقوي الإسناد الذي يكونٌ فيه عله قد تُيِلُه عن اود )١(‏ واسمه: «المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله يلوا ىا حقّقه أستاذنا العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في رسالته: «تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي». (1) قد ذكرنا الأقسام الثلاثة. (أبو زهرة). مسلم بن الحجاج ١1*‏ درجته» فيذكرٌ الإسناة الجديد ليعلوٌ به أو تكونُ إحدى الروايتئن فيها اختصارء الأخرى فيه أصيل» فيذكرٌالمُفصّلء إذْيَِيقُ المُطْتعرٌ حن أذ َل كل المعاني. استمرٌ مسلمٌ رضي الله عنه في طلبٍ الحديث وتحريره. وتخليص أحاديثِ رسولٍ الله َك من كلّ ما يَشُوجماء وردٌ كلّ ما يتوه فيه كذباً على رسولٍ الله بك بل رد كلّ ما لم يكن الراوي فيه يَطْتَآن إلى روايته. وكلّ ما يكون غريباً لم يستأبس بالمعروف من أحاديثٍ رسول الله ككُ. يموت وهو يبحث: وقد كان يجاهد, حتى حَصَرٌنّهِ الوفاة» وهُوَ يبحثُ عن حديث سّكْل عنه فلم ورذاهاء نود ار نرم وي اماس اا ران لاف ررق إلى ربّهه وهو يبحت عنه» وكان ذلك عشيّةٌ الأحد وَدُفِْنَ يوم الاثنين لخمس بَقِينَ من رجب سنة اك ل يُعمّر إلا سبعاً وخمسين سنة» أتى فيها بذلك الثّراثِ العلميّ العظيم. 14 اقلا وعلماء أبو داود السّجستاني”" )هالاله-؟٠١0(‎ الأزدي السّجستاني: هو سليان بن الأأشعثِ بنِ إسحاقٍ بِنِ بشير» أبو داود. ويُنسبُ إلى سسجستان وإلى الأزده وهي إحدى القبائل اليمنيّة» فيُقالُ له: الأزديٌ السجستانّ» ويظهد أنه مَنْ أضْل غير عري» وانّصلّ بالأزْدِ بصلةٍ الولاء» كالشأنٍ في كثيرين ممِّنْ أسلموا من الأعاجم» فقد كانوا يعقدونٌ عقدّ ولاءِ مع أسرةٍ عربيّة» فينتمونّ إليْها بهذا الؤلاى توتكون أسرةً لهم كأسرةٍ النسبء وإِنْ كانت دوتها قُوّة ولعلّ ذلك اتََاعٌ ع المؤاخاة التي سنّها الي َك عندما آخى بين المهاجرين والأنصار, وآخى بين الأَوْسِ وَالْمَرْرّجء فكانتٍ المؤاخاةٌ تُلحِقُ المؤمنّ بالمؤمن بالأخرّة وإ لم تكن رجم جامعة» ولاعَصَبةٌ دافعة. ويظهرٌ أنهُ وَلِدَ بالبصرة» فقد كانت عبان كلما باه وقد انتقلّ منها بالطوافٍ في الأقاليم الإسلاميّة ليجممَ الأحاديتٌ من أفواه رواتهاء ويتلقّى كُّبَها ميَنْ كَمَبّهاء ويعوةٌ إليها كا يعودٌ الغريبٌ إلى موطيه الأصلّ بعد طول التلوافٍ وتنائي الديار التي طافّ بها. وقد ذهب إلى بغدادَ قصبةٍ الدولةٍ مراراًء خصوصاً بعد أن استوى سوقٌ عله لينشرٌ روايته التي صَحَّتْ عندّه. )١(‏ مجلة العربي: العدد 85: عام 6ه -1555م. أبو داود السجستاني 227 نشأنه ودراسته واتجاهه إلى علم الرواية: كانتت نشأة أبي دواد بالبصرة» وهي إحدى مدائن العلم فِ القرنينٍ الثاني والثالث من هجرة النبيّ يك وبها نشأ علمُ الكلام؛ ونَّمَتْ فيها آراءٌ المعتزلة وانبثقتٌ من ربوعهاء وكان بها اجتهادٌ فقهيّ في عهدٍ أب حنيفة ومَنْ جاءً بعدّه» وناظرٌ الشافعيٌ ذقّهاتها في آراء انحرف بعضّهم إليها. ولقد كان يَسُودُ الجر الإسلاميّ العام ثلائةٌ أنواع من العلوم؛ تيّرٌ بعضُها عن يتقو أرثيةة ع الكل أو الحله الذي موضوشه فلسفة العقيةة الأسنلايتة» والثاني: علمٌ الفقه. أو علمٌ اْتنباطٍ الأحكام التكليفيّةٍ العلميّةِ ومناهجه» والثالث: علمُ الحديث» وقد تير بهذا علمٌ الرواية عن علمٍ الفقه. وإن كان الثاني يستمدٌ أحكامه من الأولء إذ هو ينبوعه الذي يستقي منه كمصدر ثانٍ بعد القرآنٍ الكريم. انّجه أبو داو إلى علم الرواية» ومنها يستقي علمّه بالفروع» ولا يتجاورٌ في ذلك ما يُروى. وكذا ابتدأ باستحفاظ القرآن الكريم؛ فاته إليه» إذ حقلةة وهو قِوامُ لعلم الإسلاميّ لمَنْ يريد أنْ يتَخصّصٌ في ناحبةٍ من نواحيه ثم علم العربيّة» إذ هي وعاء العلم الإسلامي» وهي المصباحٌ لمن يُريدُ أن يسيرٌ في طرائقه» ويْصِلٌ إلى غايتو» ومن بعد ذلك انج إلى الرواية. 3 طوافه فى الاقاليم: ولم يكن بالبصرة من رُوَاةٍ الأحاديث والأخبارٍ عن الرسول َه مَنْ يكتفي بالرواية عندّهم» ولذلكَ كان لا بد له أَنْ يَطُوفَ في الأقاليم ليسممعٌ الكثيرينَ من الرواة في البلدانٍ المختلفة» فرحل إلى الشام وإلى مصرء وإلى أرض الجزيرة» ونخراسان 6 5 وما وراءةهاء وذلك فوقٌ رحليه إلى مكة والمديئة» وسائر بلادٍ الحجاز ليلتقِيَ بالرواة الذينَ يُروى عنهم فقد اتَمَقِّ رواةٌ صحاح السنّةٍ على أن الرواية لا تكونٌ من الصّحفٍ الكتوية لها تديترها اللخريقنة ول لا لذ أن تلق من الأكواءة لزنا يكرث مكنوي لا بُدَ أنْ يقرأ عَمَِنْ كَيَبَه وقد يَتَساهلونَ في أنْ يَرْويَ راو عن غيره. وكلاهما عل َي احا ولكن لامُسرّضون أن يكون اللي من الكتْب» وإ كان البخاري قد شدَّد في أنه لايُروى عن راو حي إلّا منه”', فلا يتوسّطٌ غيذه. وكان عمادٌ الرواية عندهم أمرين: أوّهما: ملازمة الراوي مَنْ يروي عنه ليعرفٌ مقْدارَ الثقة فيه» وثانيه: ضَبْطّه وإتقائه وحِفْظّ فإذا بلغت الروايةٌ الأمريْن على وجه الكمال كانت كاملة» وإن كان نقصٌ في أحدهما قرّاهُ الال في الآخر. وقد كان أبو داوة يَشْدَد في ضرورة الملارّمة على وجهٍ الكال» ويكتفي من الضبطٍ وإتقان الحفظٍ بوجودٍ الأصلء وألا يشترط بلوغٌ حدٌ الكال'". وفك أن امتلاث حكن أحد ينقل إل غيرو ها رواءة فالحد البضرة فشكا ومقاماً له يَفِدُ إليه طلابُ الرواية من البلادٍ الإسلامية» يَتَلقَوْنَ عنه ما تلقى؛ وانتقل إلى بغدادٌ من بعد ذلك يأخذون عنه ما نقل عن غيره بالتلقي» وباخدد عن غيره من أصلها ما لم يأخذه مِنْ نقل» وقد عَرَض ما في حقييته على الإمام أحمد بن حنبل» وتلقّى عليه وهكذا صار يُؤْحَذُّ عنه» وإن استمرٌ يأخذُ عن غيره كإمام دار السلام أحمدّ رضي الله عنه. )١(‏ يريد ثبوت اللقاء حتى يستقيم الكلام. (؟) راجع في ذلك الحازمي في شروط الرواة. (أبو زهرة). أبو داود السجستاني سنن أبي داود: كانتٍ الثمرةٌ الواضحةٌ الطيبة لجهود ذلك الراوي الجليل» هي كتابه «السئن» وقد عرضّه كما أشرنا عل الإمام مده ذاسسَحْسَنه واستجاه» وقد قال فيه بع تلاميذٍ الإمام» فيا رواة البغداديّ: «ألِينَ لأبي داودّ الحديثء كم أَلِينّ لداودَ الحديد». وقد عَنِيّ أبو داود بدراسة الفقه. ولذلك انه في الرواية إلى دراسةٍ الأحاديث التي يستدلٌ مها الفقهاء في الفروع الفقهية» وقد قال فيه بعض العلاء: إنه كان أفقة أصحاب ب الضّحاح والسنن» وكذلك لعنايتِه بفقهِ الحديث. جمع الأحاديتٌ الصحيحة أواني يكو فيا ما يستدٌ به الفتاء من غير وَهُنٍ واض فيهاء حتى لقد قال فيها الإمام الغز ل اليكفي المجتهدَ معرفتها من الأحاديث النبوية» فهي جامعةٌ لأبواب الفقه متقصيةٌ لأطرافهاء فعنايسٌةُ بجمع الأحاديث التي تدورٌ فيها فقهاء الأمصان جَعلَنْهُبنَجِهُ إلى جمع الأحاديثِ الصاح للعمل. برفع النظر عن مرتبتها في قوةٍ الرواية: فجممٌ فيها الأحاديتٌ المتوسّطة» والأحاديتٌ التي تبلغ هذه المرتبة» ولكنّها ليست موضوعة» وم يعنت أنها مكذوية على النبيّ عَكَلكق وإن هذه الأخبار مشهورةٌ عند أهلٍ الفقف ون ل تكن من حيث © الرواية ف قوةِ واحدة» وقد قال أبو داود ف ذلك* الأحاديثُ التي وضعتُها في كتابٍ السنن أكثرّها مَشاهِير» وهي عند كلّ مَنْ كَتبٌ في الحديث. إِلّا أنْ تيبر ها لا يقدرٌ عليه كل الناس». رسالة أي داود لأهل مكة: وفد سأله بعض ُهل مكة عن الأحاديثٍ التي اشْتَملَتُْ عليها السّنْنَء فأجابّهم برسالة قيّمةٍ َك تن منهاجه في الرواية» وجاء في صدر هذه الرسالة: الإنكم سألتم أن 1 أعلام وعلماء أذكرٌ لكم الأحاديتٌ التي في كتاب اليه أهي أ صِحٌ ما عرفتٌ في الباب» وَوقفتٌ على جميع ما ذكرتُم فاعلموا أنه كذلك كله...»» وقال فيها: دوليسٌ في كتاب السَّنْنِ ثنث أنه الذي صنفتُه عن رجل متروكِ الحديثٍ شيء؛ وإذا كان فيه حديثٌ مُنَكرٌ بين مُنكر» وليس على نحوه في الباب غيرُه»؛ وقال أيضاً في هذه الرسالة: «وما كان في كتابي من حديث فيه وَهْنٌ فقذ يله وفيه ما لا يصحٌ سندّه» وما لم أَذْكُرُ فيه شيئاً من ذلك فهر صَالحٌ في سنَّدِهِ ومعناه» وإِنْ كان بعضه أقوى منْ بعض». وإنه مهما يكن في الكتاب من أحاديتٌ فيها وهنٌ أو غرابة» فإنهُ من المتَّمْقٍ عاذ لمانا ل ولخت ورم عت ربا و الرواية عدار كزين أن ثالث الصّحاحء ل يَسْبِقه يبه إلا اباي ومُسْلِمء وإن كان بعض الناس يُقدَّمُه عليهما”", ولكنّ الأول هو الصحيحٌ المعبّيرٌ عند أهل الرواية. )١(‏ يريد الإمام الخطابي (ت 788ه)» وهذا التقديم يرجع إلى اختصاصه بأحاديث الأحكام؛ وجمع مسائل الفقهاء. قال المخنطابي في «معالم السنئن» :١‏ /: «كتاب السئن لأبي داود كتاب شريف لم يُصِنّف في علم الدين كتاب مثله... وقد رٌُزق القبول من الناس كاقّة.... وعليه مُعَوّل أهل العراق» وأهل مصرء وبلاد المغرب.. فأما أهل خراسان: فقد أولع أكثرهم بكتاب محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج ومن نحا نحوهما في جمع الصحيح على شرطهها في السَّبّك والانتقاد. إلا أن كتاب أبي داود أحسنٌ رَصْفَا وأكثر فقهاً...». وممّن قدَّمه على صحيح البخاري الحافظ أبو القاسم خلف بن قاسم الأزدي القرطبي المعروف بابن الدباغ (ت "41اه) فقد روى ابن عبد البر أنه قيل لابن الدباغ: أي أحب إليك؟ كتاب أبي داود أو البخاري؟ قال: أحسنها وأملحه): أولما في نظري واختياري. ذكره ابن خير في (فهرسته» ص7١٠»‏ والتجيبي في «برنامجه» ص44. وقد نقده الحافظ أبو محمد عبد الله بن يربوع الإشبيلٍ (ت ؟077هه) ىا نقله عنه ابن خير في «فهرسته) ص/ا١١.‏ أبو داود السجستاني هراز الحديث المَرسَل: وقد يقول قائل: إنه يقولُ إِنَّ بعض مروياته فيها وَمْن في السندء ولكنها ا للعمل؛ والجواب عن ذلك: أن مسأل السندٍ ني عهدٍ التابعين وتابعيهم م تكن العنايةٌ مها شديدةٌ» بل كانت العيرةٌ بقوة الرّاويء فإذا قال التابعيٌ: قال النبي يك ولم يذكر الصحابي الذي روى عنه؛ م يسأل من الذي نقلّ لك هذا عن النبي من الصحابة» ما دامَ التابعيّ مشهوراً بلقائه بعددٍ كبير من الصحابة» ولعله سيعه من علد كبير منهم» وهو في ذاتِه ثقةٌ أمينٌ كسعيدٍ بن المسيّب والحسن البصريّ» ويُسمّى هذا النوعٌ من الحديث مرسلاًء وقد قَِلَّهُ إمام المُحَدَّئين مالك» ويح الفقهاء أبو حنيفة» ولكننْ لما تقادم العهدء وجاء القن الثالث» اشترطوا لول الحديثٍ اتّصالُ السند» فسقط من الاعتبار أخبارٌ لم ينَصلُ سندهاء ولكنْ في هيل الايعين كان تعمل نباء قعل هذا الأساسن :تكن ضالحة للعمل» وزن كانث حسبٌ الاصطلاح غير متّصلةِ السند» فكانٌ أبو داود» بعقله الفقهيّ الناضجء وبإداركه لمغازي الرّوايات يَقْبَلّهاء لأنها كان معمولاً ها في عهد التابعين وتابعيهم نلايمكرٌ أن يُسقِطَهاء وقد قرّر أنها صَاَةٌ للعمل» ونقول: إنها واجبةٌ العمل. معاني الإسلام: كان أبو داودَ مُدركاً لمغازي الإسلام, فاهماً لمراميه» فبعدٌ أن روى الأحاديتٌ لتى يدودر عليها الفقةٌ الإسلاميئٌّ والأخلاقٌ الإسلامية والفضائلٌ التي جاءَتْ بها ال النبوية قرّرَ أن جماعَ الأحاديثِ في أربعة» ولنترك له الكلمة» ىا روى عنه الخطيبٌُ البغداديّ: «كتَبِتٌ عن رسول الله يله حمسّمئة ألفٍ حديث الْتَخَلْتَ منها را اع خسري ا 0 2 ماد 2 كتابى ١١‏ 0 معت فيه أربعة الافٍ حديث» وثانمئة حديث» ذكرت ل أعلام وعلماء الصَّحِيحَ وما يُشْبِهُه وما يُقاربُه. ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: قولّه عليه السلام: (إنَّما الأعمالُ بالنيّات»» وقولّه عليه السلام: امِنْ حُسْنٍ إسلام المرء» تركّه ما لا يَعْنيها» وقول عليه السلام: ١لا‏ يكونٌ المؤمنُ مؤمناًء حتى يرضى لأخيه ما يَرْضَاهٌ لنفيسه»”» وقولّه عليه السلام: «الحلالُ بَيِّنْ والحرامٌ بَيِّن وبيتهما مُشتبهات». وإنَّ هذه الأحاديتٌ الأربعة يمر نواحيّ الإسلام المشكة والاساعدة فالأولٌ: يُييّنُ أن أساسّ الأعمال الإخلاص» والحديثٌ الثاني: يُبِيَنْ أن أساس العلاقاتٍ الإنسانية» احترام ف الغير وحريته وإحساسه وشعوره؛ وَاللديث الثالث: يّنٌ أنَّ أساسٌ البناءِ الاجتماعي أنّ يفرض كل امرئ أن ما يفعلّه قانونٌ مبيح» فلا يودي لغيه لاير مادو عره بيت يكوه ادر عاماا م هرت نافع ذلك التعميم. والحديتٌ الرابع: يُبِيِّنْ أنّ أساسّ الحلالٍ والحرام ما تَسْتَطيبُه العقول المدركة؛ وما تَسْتقبحه ا يكون م في نظر العقل المستقيم فهو الطيّبٌ الذي عاك اللسيوطل انك بوما يكون حي فى نر المقول المدزعة عير افيه للهوى؛ فهر الحرامٌ الذي جاءتٍ النُصوصٌُ بتحرييه. وأبو داود مع ذلك الجهدٍ العلميّ العظيمء والإدراكِ المستقيم كان ورعاً زاهداً عفيفاء حتى لقد قالوا: إنه كان أشبة الناس بالإمام أحمد بن حنبل في ورعه وعمَِّه» وكان لا يسيد إِلّا مَعَه الكتب» ولكنّه ؛ متنا حى الآ يكوو اق ذلكازياءة رحمّة الله ورضى عنه. )١(‏ رواه البخاري :)١1(‏ ومسلم (40) عن أنس بن مالكء عن النبيّ يَكةٍ قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو قال: لجاره_ما يحب لنفسه؟. ول يرو في الصحيحين بلفظ: ايرضى"». الترمذي التَْمِذِيَ”" )مهالاؤ-51١(‎ كان لبي كه فيا روي عنه يقول: «العلمُ ياني )”2 مقن زل اننا زواة يلاد لمن من أرض فارس وخراسان وسمرقند”"'» وغيرها من البلاد التي عمر الإسلام ذلوب أهلهاء وملأها بالتقوى والمعرفة» وقد تَحقّقت نبوءة النبيّ بل فظهر العلا لأفذااً الذين حَمَلوا مصابيحٌ العلوم الإسلامية في شتّى فروعها من تفسير وفقه ولغة. وافتخ أي كتاب زاخر بعلم الإسلام» فإنك واجد آثارٌ علماءء هذه الأرض الطيّبة الفاضلة. )١(‏ مجلة العربي: العدد 84» عام 2ه - 1555ام. (1) روى البخاري (7707) من حديث عَقبة بن عَمْرو قال: أشار رسول الله يل بيده نحو اليمن» فقال: «الإيهان يَعَان». ورواه البخاري (4184)؛ ومسلم (07) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: (أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدةٌ وألين قلوبأء الإيهان يان والفقه يِّيَانء والحكمة يانية..». )لس ثاؤزاء يلاد اليم أرض فازسن وخخراسان» ولق أن الأمتاذ اتدل بحديف: الو كان العلم بالثريا لتناوله ناس من أهل فارس» لصَّحَّت دعواه. والحديث رواه أحمد )7/46٠(‏ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث إسناده ضعيف لضعف شَهْر بن حَوْشب. والأصح في لفظ الحديث: «لو كان الدّين؛ ىا جاء في «المسند» برقم (لخم'ع46). ١‏ أعلام وعلياء ولعلّ أوضعٌ ما كان من علم لحم هو روايةٌ الحديثء وَحَسْبْكَ أنْ تعلمَ أن البخاريٌّ ومسلمَ بنَ الحجّاجء وابن ماجّه وأبا داود [والترمذي] والنسائيّ 0 » وأكثرٌ الحفاظ بعد ذلك كانوا منهم» ى) كانث لهم القَدَمُ الثابتةٌ في التفسير وفقه اللغة ونحوهاء وى| كانت لهم البصيرةٌ النافذةٌ في الفلسفة الإسلامية والتصوّفٍ وعلومه. ولعلّ السرّ في ذلك الاتاهُ العلمي القويّ» وسَعَوْضٌُ بحاره الزارة» هو أنَّ هؤلاء ‏ عندما دخلوا في الإسلام» وذاقُوا يَسَاشْتَه وذاقوا حلاوةً الإيمان وطيب العلم؛ وم يكن لهم في الجهاد والسلطان ما يشخلهم ‏ اتجهوا بكلّ قُواهم إلى تعرّفٍ الثُور الذي أصبحوا يُنْصِرونٌَ به الطريقٌ إلى الحقٌّ» فائّمهوا إلى معرفة أصلهء وموضع إشعاعه؛ وما انبثقٌّ منه نورٌه» انّجهُوا إلى الكتاب والسّنة. )١(‏ قال أستاذنا العلامة الشبخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى في «تحقيق اسْمَي الصحيحين) ص01: ومن جليل تقدير الله تعالى أنّ هؤلاء الأئمة الستة ‏ على اختلاف في الإمام مسلم - ليسوا عرب وقد أقام الله تعالى ‏ وله الحكمة البالغة سبحانه ‏ هؤلاء الأئمة المحدّئين الكبار الأعاجم من مشرق أطراف الدنيا: البخاري من بُخارى» ومسلا من نيسايورء وأبا داود من سجشتان» والترمذي من ترمذ» والنسائيّ من نّسَّاه وابن ماجه من قَرُوين ‏ وأمثالهم من المحدّئين أيضاً وامفسّرين والفقهاء والأصوليين واللغويين والأدباء والمؤرخين وسواهم - حفاظا لشن نبيه محمد العربي المكي التّهامي يكل وحُراساً لدينه وشريعته المطمّرة . إعلاماً للأجيال اللاحقة بأنَّ هذا الدين الحنيف» امتذّ ظلّه الوارف» وطلل كقكه لاما إلى جَنَبَات الأرض الشاسعة شرقها وغربها وشمالها وجنويهاء فيكون ذلك للأجيال المتلاحقة درساً متكرراً يقرع أساعهم كلا تقل عن هؤلاء الأئمة رواية حديث سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. فلله دَرُهم ما أجل برّهمء وأجْزل أجرهم. وأكثر خيرهم. فهم خدموا هذا الدين وعلومه» وبذلوا غاية طاقاتهم ومواهبهم في ذلك» بدافع العقيدة والإييان بالله ورسوله يك وحُبٌ سُئتهء لا بدافع عصبيّة أو تبعيّة أو عنصريّة أو قوميّة أوعرقيّة أو بلديّة» فرحماثٌ الله عليهم ورضوانه العظيم». الترمذى ١77 1 تجهوا إلى الكتاب يتعرّفُونَ مراميّه وغاياته» واتّهوا إلى الحديثٍ يتعر فون إسناده ورواياته» وبذلك كان منهم المفسّرون كالرَعْسَريّ وابن جرير؛ وفَخْرِ الدين الرازيٌ» وكات منهم البخاري ومسلم وغيدهما. عالمٌ ضريرٌ عندٌ نبر جَيْحُون: وني ترمذ» إحدى بلادٍ ما وراءَ مر جيحُونء التي كانت على سيف ذلك النهر» كان عالة مُِحَدتُ صرير» يروي أحاديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلمء ون ييه تلاميذهء ومَعهم كُحُبْهه يُراجعون فيها ما يقرأهُ عليهم مِنْ غير مراجعة كتاب» ولا فذكرة مَذَكرق وهم يتابعونٌ ما كُتَّبء وما ينطق ب ينقَلُوا عنه ما رواهء ولِيجيرهم في نَقَلِهء كما كان الشأنُ في رواية الحديث: فإنّ ما كانوا يأخذوئه من الكّيْبٍ المكتوبة منفصلةً عن راويهاء وينقلوتها إلى مَنْ وراءَهم بإجازةٍ منه. ذلكم العام المحدّث الصّرير» هو محمدٌ بن عيسى بن سَوْرَة التَّرِمِذِيَ» نسبة إل رذ التي ولِدَ مباء والتي عاش حياتّه فيهاء وكان مَنْواه الأخيد بها. الترْمِذِيّ رأى النورٌ قبل المى: لقد ماتٌ ذلك العا الرَّاوِيةٌ ضريرأً» ويظهر أنه عاش شَطراً من حياته في سنيّها الأخيرة ضريرأ» حتى ادي أنه وِدَ أكمة لا يبص ول يرٌ النورٌ قط ولكنّ الحقيقة أنه رأى النور» وكتب وألّفء بعد أن طاف في البلادٍ ييجمعٌ الرواياتِ الصحيحةً من أفواهِ رواتها أهل التنَبِّتِ والصّدقٍ والأمانة. رُوي أنه قال ىا جاءً في كتاب «التهذيب» -: «كنتٌ في طريق مَكّة» وكنتٌ فد كتبتُ جُرْءَيْنِ من أحاديثٍ شيخ. فمرٌ بنا ذلك الشيخ» فسألتٌ عنه» فقالوا: 0 أعلام وعلماء فلان» فرحُتٌ إليه وأنا أظنُ أن الجزءين معي, وإنما حَمَلْتْ معي جزءين رين برها مكزي ين ترز تبي مان حرو عه قرا مو سناع نامر امون ا ادام (أيْ ورقاً أبيض في يدي غير صالج للمراجّعة)» فقال: أما تستحي مئي؟ فقَصَصْتٌ عليه القصّة» وقلتٌ له: إني أحفظه كلَّهه فقال: اقرأء فق رأتّه عليه؛ على الولاء؛ فقال: هل اشتظهرتٌ قبل أن تجيء إَِّ؟ قلت: لا. ثم قلت له: حدّنني بغيره» فقرأ علي أربعينَ حديثاً من غرائب الأحاديث. ثم قال: هَاتِء فقرأتُ عليه ما قرأ من أوله إلى آخره»""". فيه النك 1دل 12:13 إولة اسيل قن ةقر اف كلك بعرو شوق الخيرٌ لإثباتِ ذلك ثم هو أيضاً يثبتٌ قوةً حِفْظِهء ويظهرٌ أنه كان قد أخحلٌ أحاديتٌ عن ذلك الشيخ بطري بعض تلاميذه» الذينَ أجارّهم في النقلٍ عنه حيتما رواه» فل) التقفى به آثْرَ أنْ يأخدّه منه بدل أنْ يقتصرّ على الرواية عن تلاميذه» ولو كان قد أجازّهم. ظلَّ التَرْمِذِيُ يحممٌ الحديث, مُطوفاً في البلا حتى إذا شب عن الطَّرْق» وَلِدَ محمد بن عيسى بترملا" وتلقّى علومه الأولى. استحفظ القرآن» ودرسٌ فقة الإمام الشافعيّ ون كان قد بلع مرتبةً الاجتهاد. بعد أَنْ صارٌ حافظاً من حَفَظةٍ الأحاديث» ونقلها مَصُونةَ في حِرْز مَكينٍ بعيد عن التغييرٍ والتبديل» إلى الأخلافٍ من بعيه. .884-848:9 (تهذيب التهذيب»‎ )١( .117١ 117 في حدود سنة عشر ومئتين كما قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء؛‎ )5( الترمذي ا ولقد كان كشأن طُّلّابٍ الحديثء لا يأخذون الحديتٌ إلا مِمَنْ روّؤه من أفواء الشيوخ الذينَ روّؤاء حتى لا تدخلّ عليهم الزيوفُ من الرّواياتٍ بالتحريف أو التصحيف. كان بطرت و الاناق الإنيلاضة لهل الزواية عن التيوق ووم تلاس الشيوخ الذينَ أَجِيرٌ لهم أن ينقلوا. ومن المحدّئين من كان لا يأخدٌ عن التلاميذ إذا كان الشيوخ أحياء» ولو كان التلاميدٌ قد أجيزوا من شيوخهم» وكان ذلك للاستيثاق. والبخاريّ رضي الله عنه قد اختصّ بفعل ذلك» وهو أشدٌ كَمَمّئَ]". كان أبو عيسى التَرِمِذْيّ يُطوّفٌ في البلادٍ راوياً ناقلاً عمَّنْ هو أكبرُ منه من الشيوخ؛ حتى إذا بلع من العلم مبلغاًء وشبٌ عن الطّوْق في الرواية؛ أخدّ يُلقي على غيره كا تلقّى عَمَّنْ هو أوسمٌ منه رواية وأكثرٌ نقلء وعلماءٌ الحديث كانوا حريصين على ألّا يقطعوا الرواية وتلقّي الأحاديث أَنّى وَجَدوهاء فأحاديثُ رسول الله يكلِةِ لا يبط بها عِلعٌ واحد ولكنْ حيط بها عِلمُ الأمّة في مجموعهاء والحديثُ جوهرة تُؤْحَدُ أأى وُحَدَتْء وهو الحكمة» يَتَلقَاها الكبيرٌ والصغيرٌ على سواء. فتلقاها أبو عيسى صغيراً واستمرٌ يتلقاها كبيراً. وكانَ يلقي من الحكمة النبوية على غيره» فقد كان يروي الأحاديث عَمَنْ يلقاه من الكبار» ويُلقيها على مَنْ هُوٌ أصغرٌ منه» بل على مَنْ هو أكر منه» وله و مُ التَجِلَّةِ عنذه» فقد كان يروي عن البُخاريٌ» وروى عنه الببخاريئ حديئان» وممذا ب يَعْرْفء وبه كان يفْحَرٍ ويعترٌ. م أن وقد تَبَّتَ أن الناسٌ كانوا يأخذون عنه في أرض الحجازء وفي سمرقّئد» وفي بخارى. )١(‏ في الأصل: تثبيتاً. )1 ع وقد كان يأخذٌ بقول البخاريٌ: «لا يكون المْحدّث محدثاً كام حتى يكتبٌ عَمَنْ فوقّه» وعمَّنْ دوئه» وعمّنْ مثلّه. عمل التَرّمِذيّ في الحديث: لقد قال علماء الحديث: «لمّا مات البُخاريٌ لم يَخْلَّفْه في خراسان, مثل أبي عيسى التَرِمِذْي» في غلم الروايه وابورم والتقوىء فاعتبروه خليفةً البّخاريٌ في خراساة وعزاءً الناس فيه بعد موتّه». ا ات د د اكاب برجت الحديت أوشما: كتابة الحديث؛ وجمعٌه وترتيبُه وتدويئه وكتابته واضحاً يرا لا يَعسْرُ على النفسٍ فهمُه في وَضْع طبقتِه في قوةٍ الرّواية» أو غرابيّها. وقد وضع في ذلكَ كتابّه «الجامع»ى وقد سمي شت" ثانيهما: دراسئّه لرجالٍ الحديث» ومراتبهم من حيثُ قوةٌ الثقةِ فيهم؛ فكتبّ كتاب «التواريخ»» وكتابَ «العلل»» وكتاب «الأسماء والكتى). وقد هَدَنّهِ الدراسةٌ للرواياتٍ إلى الكلام في أنواع الأحاديث. ما يُقْبَلٌ منها بإطلاق» وما يُقبلٌ عل تحفظ. فتكلُم في تََولٍ المُرصَل» وهو الذي لم يُذكز فيه التابع مَنْ روى عنه من الصحابة» وتكلّم في المنقطع الذي انقتلية فيه الملليلة في أيّ طبقة من طبقاته )00( واسمه الصحيح: «الجامع المختصر من السَّنن عن رسول الله يَكةٍ ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل» كى| حمّقه أستاذنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى في كتابه «تحقيق اسمي الصحيحين وجامع الترمذي». الرمذي ١‏ وتكلّمٌ في مراتب الأحاديث من فُوٌةٍ الرَواةٍ في الثقة» فتييِّنَ الحديثٌ الصحيح والحديث الحسنء والحديتٌ الغريب» والثنانء وغَيرٌ ذلك ممه مُُونٌ ف كُحُن علم الحديث دراسة أو علمٍ مصطلح الحديث ف 5] يندتن""" العلا وقد كاتف الخابجة ماشه إل 'ذللف: لأنه على رأس الممتيْنٍ من الحجرة» كانت قد نشد شثوثٌ الرواية» فكان لاجد من وَضع ضوابط هاء لمعرقة الصحيح من السقيم منهاء فكانَ ذلك علم مصطلح الحديث. ولعله كان يُذاكرٌ شيحَّة الإمامّ البُخاريّ في ذلك» حتى لقد روي أن البخاريّ ذال للترمذيٌ مخاطباً له: «انتفعتٌ بك أكثرٌ مرا انتفعتٌ بى»» ولا شك أنَّ فى هذا راصعا من الشيخ» ولكن لا بد أنْ يكونّ بينَ التلميذٍ الذكيّ» والشيخ التقىّ» مذاكرةٌ في أمر غير النقل» أثارٌ إِعجَّابَ الشيخ بتلميذه. كتابه الجامع أوا لسر : لقل سمي سمي مدونة في الحديثٍ «الجامع» | سَّاه هوء وى) هو في حقيقته» سمي بين المَحريينَ أيضاً «بالسَّنْن». وقد أجمع المُحَدَُون على أنه أحد الكتب اسمةٍ التي يرجم إليها أهلٌ العلم بالحديث؛ وقد قال في ذلك الحافظ ابن كثير: «كتابُ الجامع» (للثّرْمذيَ) أحدٌ الكتب السنَّةٍ التي يرجعٌ إليها العلمكٌ في كل الآفاق». ذا وعواجكة بآن لست عانعاء لاتحم كل مرضْوعائق: الأخاديث الشركة رالصئرة تقتصرٌ على أحاديث الأحكام. «فالجامع) يجمع أحاديث العقائد» وأحاديث 0 أعلام وعلماء الأحكام؛ وأحاديتٌ الزْمْده وأحاديتٌ الآداب في الأكلٍ والشّربٍ والمعاملةٍ في السفرٍ والحَضّر وأحاديتٌ التفسير» وأحاديثٌ الِمْتن. وقد جَمَمَ هذا كلَّهُ كتابُ التّرمذيء وزاد فتاوى الصّحابةٍ وأَقضِيتَهُم» والتقى مع السنن في ذلك. وقد عَرَضٌ أبو عيسى التَّرْمِذَيٌ كتابّه على علماءِ الأقطارٍ الإسلامية» لتكونّ عندّه فرصةٌ للتشيّّتٍ مما جاءً فيه. وقد جاء في كتاب «التاريخ» للحافظ ابن كثير أنَّ الترمذيٌ قال: ١صَنَفْتُ‏ ذلك المُسْنَّدَ الصّحبح» وعَرَضْئُهُ على عُلماءِ الحجاز» فرضُوا به وعَرَضْتّهُ على علماءِ العراق» فَرَضُوا به وعَرَضْئْه على عَلماءٍ خراسان فرضُوا به ومَنْ كان في بِيتِه هذا الكتاب؛ فكأنّما في بِييِه نبي يَتَكلم). ولقد زكى ذلك الكتاب مَنْ تَلقَاهه ومَنْ جاء من بَعدّه مِنْ أهل العلم والرواية والإسناد» والأكثرونٌ من العلماء على أنه من حيث قوةٌ الثقة فيه خخامسٌُ الكّتُب الستة و 97 و 2 وأوّلها جامعٌ البخاريّ» وثانيها صحيحٌ مسلم, وثالثها سُتَنُ أبي داود» ثم السنن الصغرى للنسائي» ثم جامع الترمذي. ويعقدٌ العلماءٌ مُوازّنة ينه وبينَ جامع البخاريّ؛ فِيَجْمِعونَ بلااريب على أن «جامعٌ البخاريّ أقوى ثقةً وأصحٌ جمعاًء لدقَيِهِ في الرواية» وشروطِه الشّدِيدة فِيمَنْ و ست ولكن من حيثُ الوضوحٌ والبيانُ وحُسْنٌ الترتيب, يُقَضْلُ بعض العلماء «جاممّ» الترمذي. لأنه لا يُكرّرٌ الحديتٌ إذا تعدّدثْ طرقٌ روايته» بل يتان واجدة» وهى التي يراها أوثقٌ من غيرهاء وقد يُشير إلى غيرها من غير تكرار لنصٌّ الحديثء ولأنه الزمدي | ل ل لي اق اا ل ا ل ل ا و عار نوق ذلك أوضحٌ ترتيبا يستفيد منه أهل البَصَّرٍ بالحديث» كي يستفيدٌ منه من دوكهم. وقد روى بعضٌ الحفاظ أنه قال: «كتابٌ الترمذيّ عندي أنورٌ من كتاب البخارئٌ» 4 و ٠‏ 0 ع ص لأنه لايصل إلى الفائدة منه إلا مَنْ هو من أهل المعرفة التامّة بهذا الفنّ وكتابٌ الترمذي ّ را اس 2 5 07 فدشرح أحاديثه وبينهاء فيصل إليها الناس من الفقهاء والمحَدَثين وغيرهم». أثى 5[ ات أ: * آم آ*ى ئََ أماث 12 ويلاحظ أنه قال: إنه أنورٌ أي أوْضّح.ء ولم يقل: إنه أصحٌ وأوثق» وبذلك ترّى الدقة في الثناء. وعد وبعد فإنه ينضح من الكلام في الترمذيٌ وغيره مقدارٌ عناية العلماءِ بأحاديثِ سترلات 8 20 2 00 م 2 ا 1 رسول الله يلك وقد نقلوه لف عن سَلّفء فنقله الصٌّحابة عن النبيّ يك ثم نقله ٠ 7 1‏ - 0 2 لتابعرن» ثم نقلَهُ تلاميذُهمء ومن جاءً يعدهم» وكلا تقادم الزمن ازدادٌ التَسدّدٌ في 500837 5 ِِ ع 2 5 اس ْول الرواية وتمحرّي صدقهاء حتى دُودَتِ السّنة في المجامع وتناولثها العصورٌ مُتقحة يوَضحةء وبقيثُ خالدةً ح'جّة قائمة» ومَنْ كانت عندَهُ مجموعتّهاء فعندَهُ بلاغ النبيّ 502 9 - 20 سّ 4 القائمُ بجوار القرآن يُوضّحُه ويبيّّئه والله تعالى بكل شيءٍ مخيط. 46 6 53 93 2 أعلام وعلماء ابن ماجَة القزوينى”" (9١؟-؟لالاه)‏ في بلاد قَزُوين» وفي قَصَبتِها حيثُ كانتٍ الأرض التي تُتَاخم أرضّ الروم» ونُتَاخمٌ روسياء وحيثٌ البحرٌ الذي تسمّى بهاء كان الإسلامٌ منتشراء وكان ثمةَ علمُ الإسلام غزيرأء وكانَ حديث رسول الله كلْهِ يروى» وينقله الثّقاثُ الأخيار إليها من سائر الديار الإسلامية. مولدٌ ابن ماجَهُ ونسبه: في مدينة قزوين من هذه البلاد الني كانث عامرة طيّبة» تُؤتي أُكُلّها من العلم والفضلء وُلِدَ إمامٌ من أئمةٍ السَّنةء الذي اشتهرٌ بَكُنِيته» وهو ابن مِاجَد وهو أبو عبد الله محمد بن يزيدَ بن ماجّذء وقد اتَمَقّ العلماءٌ على أن ماجَهُ هذا ليسّ جدّه أبا أبيه» ولكنّه لقبٌ لأبيه» وإمًا اسم 3 فقد قال الزَّيدِيّ في كتابه «تاج العروس شرح القاموس»: إنه اسمٌ لأمه. ولعلّ أمّه كان لها شأنْ في العلم» كما كان الأمرُ في كثيراتٍ من نساءِ العرب. ولكرّ الأكثرين على أنْ ماجَه لقبٌ لأبيه. يقال له: ابن ماجة الرّيَعِيّ» نسبة لربيعة الأزد» ولم يكن ابن ماجَهُ عربياء بل كان مول أعجمياًء وذلك لأنه في صدر الإسلام كان الأعجميٌ الذي يُسْلِم يتَخِلٌ 0 1# ودف دراوت “د ريا و 1 5 0 5 أحيانا أخوةٌ بينهُ وبينَ أسرةٍ من العرب» فيكون كواحدٍ من هذه الأسرة بِعَقَدٍ يُسمّى )١(‏ مجلة العربي: العدد 84 عام 11"86ه - 1556م. ابن ماجه القزويني ا عقدّ الحُوالاة» وأساسٌ هذا الوادكر جرع رروقد ار اس ينه اليه إذا ارتكبَ ما يُوجِبُ الدّية» وإذا مات من غير وارثِ كانت تلك الأسرةٌ ترنّه على بعضي المذاهب الفقهيّة» وكانَّ هذا اقتداءً برسول الله كك في| عََدَ من إخاءٍ بين النالخرين والأبضاو ل ول المتخوة الأسلامنةةبويزذا ركرة عند الله أن اللرالاة توثيقاً للعلاقاتٍ الأخويّة بين المسلمين» وإبعاداً للوحشةٍ وإيجاداً للأنس بالإسلام وأخوّته بالنسبة للأعاجم الذين يدحلون في الإسلام» وينقطعون في كثير من الأحيان عن للم وذويهم» فيلتقونَ بالمحبّة والولاء القلبي والقانوني مع إخوانهم العَرّبء ولا يتعالى فريقٌ منهم على فريق. (الموالي) آلّ العلمُ الإسلاميٌ إليهم» خلفاً عن سَلّف: كان أولنكف الاجم آى أولتك الموالي الذين عقدوا مع [خواجهم قد آل العلمُ الإسلاميٌ إليهم َلّفاً عن سَلّف» فكانّ أكثرٌ التابعين الذين تَلقَوَا عل الصحابة: من الموالي» وكان أكثرٌ تابعي التابعين كذلكء وعوّصوا بذلك عن سُلطَانِ القوّة والسيطرة فلطان الفكر والعلم الصحيح, فكان منهم أثمةٌ أعلام» في الفقه والحديثٍ والتفسير» والعلم العريّ نفيه من بعد ذلك؛ كَيسِيَوَيُهِ والزَّمَخْشَرِيٌ وغيرهم من قادةٍ الفكر الإسلاميّ في علم العقيدة» وما ُوّن"'' من سائرٍ علوم الإسلام. نجامُه إلى علم القرآنٍ والحديث والفقه: ل وقد انهه إلى علم الدينٍ يدرْسه؛ وعلمٌ الدين كان ذا ثلاث شحَب: علمٌ العقيدة» ولم يُعْرفْ أنه انه إليه» وعلمٌ القرآن )١(‏ في الأصل: دونه. والصواب ما أثبته. قل أعلام وعلاء والحديث» وعلمُ الفقه: وقد مزج بِينَ هذه الشّعَبٍ الأخيرة التي تنتهي إلى شُعْبتَيْن وجعلها يصِبَّانٍ في مَصَّبَّ واحد» وهو علم الأحكام الشرعية التكليفية. اه منذٌ نشأه إلى علم القرآن» فحَفظه”"» وإلى علوم اللخ العربية فأتقتّهاء د إنه قد تصدى من بعد ذلك لتفسير القرآن: ولا يمكن أن يتصدّى لتفسير القرآن إلا مَنْ يكونٌُ له ذوقٌ في البيانٍ العري» لأنه أبلغ كلام في الوجودء وهو الذي أعجرٌ العربٌ عن أنْ يأتوا بمثله « كل لَْنِ أَجْسَمَعَتٍ لانن وَالْجِنُ عل أن يَأنوأ بِمِثْلٍ مدا لديا لا يون بمِنْلِي ولو كت بَعْصُمْم ليئض ظَهيرا © [الإسراء: 88]. وإنه من المؤكّد أن تفسيره ‏ كا سئْييّن ‏ كان نتيجة لدراسته العربيّة» ولروايتَهٍ لأقوال الصَّحابة والتابعين» ولقد أخدّ من بعد الدراسةٍ الأولى ينَّجهُ إلى الجهادٍ في سبل العلم كشأنٍ الكثيرين من علماء الأثر» سواءٌ ما يتعلقٌ منه بالفقه والتفسير» والرواية المجرّدة. رحلاته في سبيل العلم: أحَدَّ يجوبٌ الآفاق حايلاً مَعَه حقيبةَ علمه فرحلّ إلى فارس وخراسانّ والرَّيّ» مُشْرّقا ثم رحلّ إلى العراق والحجازء ثم إلى الشامات ومصرء مُغْرّباً. وقال فيه ابن حجر العسّقلانّ في كتابه «التهذيب»: وسمع بخُراسان والعراق والحجاز ومصر والشام. ا م للحديث قبله مثلّ احبجنا الرمام أحمد. و«اصحيح» البخاري ومسلم على تلا )١(‏ في الأصل: لحفظه. ابن ماجه القزويني يفيل وم تنته رحلتّه في طلب الْأثَرِ إلا بعدَ أنْ جمع ما يُمكنٌ أنْ يكونٌ ثروةً للحلّف» وأخدّ من بعد ذلك يُرتيُها ويُنسّقهاء ويَضَمٌ كلّ قسم منها في موضعه من أبواب العلم الإسلاميّ. كان هه في رحلاته وفي التقائه بشيوخ الأثر_أنْ يجممَ كلّ ما عندّهم من علم في الإسلام» فهو يجمعٌ منهم أحاديت نوا الله كل التي صَحََتْ عندّهم» وفتاوى الصّحابة وأقُضيتّهم» وكذلك فتاوى التابعين من بععدهم؛ وقضاء المشهورين من القُضاة لذين التقّوا بالصحابة ونالوا متهم وماأَيرَ عن الرسول يكل من بيانٍ القرآن الكريم؛ وما أثر عن الصحابة والتابعين من فهم للتنزيل؛ ولا يمكن لمحَدثِ أن يستَيٌِ من صدقٍ لحديثِ عن النبي يل أو اخبر عن الصحابة إلّا إذا عرف رجاله ليمير ايت من الطيّبء والصّادقٌ الذي يُقبلُ قولّهء من انهم الذي لا يُقبلٌ قَولَهُ عند الناس إِلّا بعد أن يتين أمرٌه. ومثل هذا لا يُقبل منه خبرٌ عن النبيّ يكل أو صَحَابتِه فإنه ظَنِينٌ غير عذل. وقد نَثْرَ كنانته من بعدٍ ما جمَع» وتفخّصٌ في عيدانها عوداً عودأء ليعرفٌ نوع كل واحدٍ منها. وقد قسَمَّها مِنْ بعد ذلك إلى ثلاثةٍ أقسام: قسمٌ في التفسير» وقسمٌ في التاريخ» وقسمٌ في السّئن والأثر. صِنّف في ثلاث أبواب: في التفسير والتاريخ والسنن: ولذلك كانث مُصِئَّائُه في ثلاثةٍ أبواب: في التفسير والتاريخ والسنن؛ فله كتابٌ في كل واحدٍ منها. وكانث هذه المصتّفاتٌ تَضْدرٌ عن عالم قويٌّ العقل والإدراك مُخْلص نافِذٍ لببصيرة» قد أشرقٌ قليُه بنور الحكمة:» فَكَثْر صَوَابُه وقلّ خطؤه وهو مأجودٌ في الحالإن» يل أعلام وعلماء ففي صوابه طَلّبَ الحقّ فأصابه. وفي خطيه طَلَبَ الحنّ فأخطأه. وله في ذلك أجرٌ المجتهدين المُخلِصين. ولج لنتكلم في كتابيه: ((التفسم, » و#التاريخ»؛ ثم في السنن من بعد. كتابه فى التفسير: فأما كتابه في التفسير, فقد قالّ فيه ابن كثير في تاريخه: «هو تفسيرٌ حافِل» ول يَكُنْ تفسيرٌه هذا بالرأي» بل كان تفسيراً بالأنّرء كان يجممٌ أقوالٌ الصحابة والتابعين في فهيهم للقرآنٍ الكريم» وقد جعله السيوطيّ في رُتبَةٍ قريبة من تفسير ابن جرير الطبريّ الذي جاءً منْ بعده. ولعل فرق الرتبة كان سببّه تأخرٌ ابن جريرء فإِنْ المتأخرٌ ينتفع منْ علم مَنْ سبقه وتجاريهم» ولعل ما امتاز به ابن جرير على ابن مَاجَهُ ومّنْ في طبقتِه من المفسّرين أنْ أبنّ جُرير يتعرّضُ لتوجيه الأقوال المأثورة» ويُرجُحٌ بعضّها على بعضء ويَتَعرّضُ للاستئباطٍ والإعراب والتخريج» وذلك لأنه ‏ في عصر ابن جريزت فد اذ الرائ يدخل لبون أتااارة ماكة ون امه فقن :در ززا تيع القرآن على أنه بابٌ من أبوابٍ الرواية» ولا يَتَجَاوَرُون حدّ الرّواية والأئّره وقد تلقّؤْه مَعّ ما تلقوا مِنْ فتاوى الصحابة وأقوالهم. وكتابه التاريخ»؛ وهو تاريخ كاملٌ من لدن عصر الصحابة إلى عصره؛ وواضح أنه قد دوّنَ فيه أخبارَ الرّجال الذين روّوا السّنةء وذُكِرُوا في أسانيدٍ الأحاديث. ليُعَرَفَ مقدارٌ الثقة في رواياتهم؛ وبذلك يتين أنه كان خادماً للرواية» ىا كان التفسيث للقرآن جزءاً من الرواية. ابن ماجه القزويني وم وفي الجملة كانث حيائه كلّها للرواية» بدأ باء وسار فيهاء وانتهى منها إلى هذيْن الكتايين» ثم إلى كتابه الذي عرف به وهو كتابٌ «الْسّئْن). كتاب السّئن: يُقَسّم علماءٌ الحديث كُنْبَ الحديث إلى أقسام» منها قس|نٍ رئيسيّانِ هما: الجواممٌ والشّنن. فالجوامعٌ» ككتاب البخاريّ ومُسلم. وهي تجمحٌ كلّ أقسام الأخباز المرويّة عن الننّ بل من أحاديثٍ العقائد وأحاديث الأحكام وأحاديثِ التربية النفسيّة والأدب لذن في الحياةٍ عامّة» وفي بعض أحوايها كالسَّمْرٍ وغيره» وأحاديث التفسير» وأحاديث ِيرَةٍ النبيّ لك وأحاديثٍ الفتن”' مما تنبّأ به النبيّ َي فيهاء وما يجب فيهاء ومناقبٍ الصحابةٍ الذين ذَكَرّهم النبيّ يكل بالخير كأبي بكر وعمرٌ وعثمانَ وعلٌ وبقية العشرة المبشَّرِين بالجنّة كأبي عبيدةً عامر بن الجرّاح أمين'" هذه الأمة. وأمَا السّنن» فإنَ أكثرّها في الفقه» وهي مريب بترتيب أبوابه» وقد تتبّع رأوتها أحاديتٌ الأحكام وقضاء النَِّيّ يك وأعماله التي ستنبى عن أحكام فقهيّة؛ وما أفرّه من أقوالٍ وأعمالٍ تتعلّق بالأحكام» ويروونٌ معها أقوال الصحابة الفقهية. وإنه من أولٍ كُنْبٍ السئن كتابٌ «الموطأ» للإمام مالكِ رضي الله عند ففيه مَصَادِرٌ فقهه من الآثاره [و] فيه أقوالٌ الصحابة» وما يُستنبطٌ منها. ولذلك قال في مُقدّمِته: إنه رأي» وليسٌ برأي من حيتٌ إِنَّ الاستنباطً كان له مدخلٌ فيا يتتهي إليه» ولكنه استنباطً مُعّصل بصاةٍ وثيقة بِالسّننٍ والآثار. ولقد هيج ذلك المنهاج كُتَاب السّئن الأربعة: ابن ماج وأبو داوده والترمذيّ» والنسائيّ» على اختلافي بيتّهم في مقدار التقيدٍ بالفقه وأبوابه. )١(‏ في الأصل: الفقه. )١(‏ في الأصل: أمير. أ 3 هل يم وسننْ ابن ماج قال فيه أهلّ الخبرة: إنه كتابٌ دقينٌ دا على إتقانٍ صاحبه) فقد قال فيه الحافظً ابر كثير: السرم لابن ماججة دالَةٌ على عمله وعليه وتبخُره واطّلاعه وانباعه للشّة في الأصولٍ والفروع؛ ويشتملٌ على اثنٍ وثلائينَ كتابه وألفب وحخميمئة نان عل از الاق حدريفه كلما سناة موف السدرةة . وقاربٌ ذلك الذهبيّ في كتابه «تذكرة الحُفاظاء فقد قال ما نصّه: سيرم بي عبدٍ الله بن ابه كتاب حَسَن لولا ما كرّره من أحاديثٌ واهية ليست بالكثيرة». وقد أجمع هؤلاءِ الخبراءً على أمريّن بشأَنٍ هذا الكتاب. أوها: أنه حَسَنٌ التبويب» قد وَضَعَ كلّ حديث في مَوْضعِه من فقه الأحكام؛ بحيثٌ يَسْهُلُ على طالب فقد السئة أن يرجم إليه من غيرٍ عُسْر. ثانيهما: إِنَّ فيه أحاديتٌ واهية السندء بل قال بعضُ العلماء: إِنَّ فيه أخباراً مكذوبة على رسول الله يكل ولاتصحٌ نسبّها إليه عليه السلام. وقد أحصى ابن الجوزيّ أربعة وثلائين خبراً في «السّنن»» قال: إنها من الموضوعات0". وبالرجوع إليها نجدٌ ابنَ الجوزيّ نظرٌ إلى السند, فقرّر أن كلّ سند فيه رجلٌ لم يُعرَفْ بالعدالةِ والصّدق» يكومٌ حديثه عن النبيٌ 2 موضوعاً عليه ول ينظ إلى (1) ينظر سياق أحاديث ابن ماجه التي أدرجها ابن الجوزي في «الموضوعات» في كتاب شيخنا العلامة محمد عبد الرشيد النعماني: «الإمام ابن ماجه وكتابه السئن» ص2777-197 ثم أورد ست أحاديث ركم عليها بعض الحفاظ بالوضع أو البطلان» ثم قال ص/117: فهذا ما اطّاعت عليه وقت جمع هذه الغجالة من الأحاديث التي قد حكم عليها بعض الحفاظ بالوضعء وفيها أحاديث كثيرة ضعيفة» وبعضها أشدٌ في الضعف من بعضء ولو جمعها أحدٌ من علماء هذا الشأن جاء في ملّد لطيف. انتهى. ابن ماجه القزويني باس مسن الخ المزويٌ عن ابي عليه السلام» أهو ملائمٌ للمبادئ الإسلامية أم غيرٌ ملائم. وحكم على الخير بالوضع من جهة السندٍ الذي وصلّ إليه ابن ماجَه ولم ينظ إليه من جهة مجموع الإسناده فقد يكونٌ بعضُ رجاه ثقات. ولذلك كانت الأخبارٌ التي قال عنها إنها موضوعة على أقسام ثلاثة: قسم ظاهر الوضعء كأخبارٍ فَضْلٍ بعض البلاد وفَضْلٍ بعض الأطعمة» ونحو ذلك وهذه اجتمعٌ فيها ضعفٌ السندٍ وضعفتُ امتنء وعدمٌ توثيقها بأسناد أخرى. وقسم معناة صحيحٌ في ذايّه ولكنْ في بعض روايه ضعفء مثلٌ ما ثيب إلى لني ل أنه قال: «الإيهانُ معرفةٌ بالقلب» وقولٌ باللسانء وعَمَلٌ بالأركان»”"© ففي رواته من ضَعْفتٍ الثقةٌ فيه» ولكن المعنى سليم سفن مع المبادئ الإسلامية» وضعفٌ الراوي لا يَسْتلزمٌ الكَذِب»ء وقد يستلزمٌ الاتهام والعيظة ولذا قال السيوطي”" في هذا الخبر: الحقٌ أنه ليس بموضوع»”. والقسمٌ الثالتُ: معنا صحيح وروي بسَندٍ كلّ رجاه ثقات» وإن كان السئدُ الذي رواهُ ابن ماجَهُ فيه ضَعْفء وذلك مشأل ما رُويّ أنَّ النبىّ َك قال: ايا معشرٌ التجَاره فاستجابوا ومدّوا أعناقهم» فقال: «إنَّ لله باعِمّكُم يوم القيامة فُجّارا إلا مَنْ :1794-1178 :1 أخرجه ابن مَاجّهْ في الإيمان من ١سئنه» (504). قال ابن الجوزي في «الموضوعات»‎ )١( موضوع. أبو الصّلت عبد السلام بن صالح مُنَهِمء لا يجوز الاحتجاج به. انتهى. وقال الذهبي في‎ «الميزان» 517:1 قال الدارقطني: رافضيٌ خحبيثه مُنّهم بوضع حديث: «الإيهان إقرار بالقول».انتهى.‎ (5) في اشرح ابن ماجه» وينظر: «اللآلئ المصنوعة» :١‏ 175-777 و(التعقيات» ص7-7. () والقول فيه ما قاله الدارقطني» كما نقله الحافظ في «التهذيب» 5: ١؟::‏ «قال أبو الحسن (الدارتطني): روى حديث «الإيمان إقرار بالقول»» وهو منّهم بوضعه لم يحدث به إلا من سرقه منهء فهو الابتداء في هذا الحديث. انتهى. ا الام وعاراء صَدَّقء وأدّى الأمانة»”' فمعنى الحديثٍ سليم وفي رواية ابن مِاجَهُ ضَعْفء ولكن رُوِي بسنل آخرٌ غير سنده؛ وهوّ قويّ. وننتهي من هذا إلى أنَّ سنن ابن ماجَه كتابٌ يُونَقٌ به» ويُعتمدٌ عليه وقد قَخَصَّه العلياء بمخبار دقيق 00 وهو من صحاح'"" السّنةّ السّتة: صحيح شارك ا وندل يران داوهوالتنالق والياك وا رواقاحة اويطو لز لشقلة وار كفيك ال لعنلا مق ميك ا لباوولنا يانه إتعال ركل لوطل )١(‏ أخرجه ابن ماجه في باب التوقّي في التجارة )7١47(‏ من «سننهاء وأورده ابن الجوزي في «الموضوعات» ؟: /19؟ وقال السيوطي في «اللآلى المصتوعة» 7: :١ 5475-114١‏ الحديث صحيح» رُوِيَ من عدَّة طرق» أخرجه الدارمي والترمذي ))1371١(‏ وقال: حسن صحيح. وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد» والطبراني؛ والضياء المقدسي في «المختارة» من طريق إسماعيل بن عبيد بن رفاعة» عن أبيه» عن جدّه فذكر حديث رُفاعة المذكور. (1) قال أستاذنا العلامة محمد عبد الرشيد النعاني في كتابه «الإمام ابن ماجه» ص778: «وبالجملة فقد تفرّد ابن ماجه بأحاديث كثيرة» عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الحديث, بما حكم عليها بالبطلان أو بالسقوط؛ ولذا صرّح العلماء أن لا يّقْدِمَ المحتجٌ على الاحتجاج بحديث رواه ابن ماجه مالم يكن منه على ثقة واطمئئان. قال الحافظ السخاوي في «فتح المغيث»: وبالجملة فسبيل من أراد الاحتجاج بحديث من السئن ‏ لا سيا ابن ماجه. ومصنف ابن أبي شيبة» وعبد الرزاق مما الأمر فيها أشدء أو بحديث من المسانيد - واحدٌّ إذ جميع ذلك لم يتشترط من جمعه الصّحة ولا الحسن خخاصة. وهذا المحتجٌ إن كان مُتَأملاً معرفة الصحيح من غيره؛ فليس له أن يحتج بحديث من السَّئن من غير أن ينظر في اتصال إسناده وحال رواته» كا أنه ليس له أن يحنج بحديث المسانيد حتى يحيط علماً بذلك. وإن كان غير متأهّل لدَرْك ذلك» فسبيله أن ينظر في الحديث. فإن وجد أحداً من الأئمة صحّحهه أو حسّنه فله أن يُقلّده وإن لم يكن ذلك فلايّقَدم على الاحتجاج به. فيكون كحاطب ليل؛ فلعله يحتج بالباطل وهو لا يشعر. انتهى. (؟) في هذه العبارة ترز والصواب أن يقال: من كتب السّنة الستّة. ابن جرير الطبري ١5١‏ ابن جرير الطبري”" (772-١اظاه)‏ شيخ المفسّرين وكبيرٌ المؤرّخين ثلاث من أهلٍ العلم جمعتْهم الرحلةٌ إلى مصر”"» وأصابئهم آلامُ الغربة, انتفّروا إلى القوتِ ولم يجدوا ما يمُوتمء وأضرّتْ بِهمٌ الحال وألحَّتْ بهم المَخمَصَّة فاجتَمَعُوا في مكانس أُوَوًا إليه» ولم يجدوا حيلةً إلا أن يسألوا الناس؛ أعطّؤهم أو منكُوهم. ولكنٌ أُيخْرجٌ ثلاثةٌ علماءً أعلامٌ يتكمّفون الناسء ويَندَى ماء جبينهم جميعاً» أم يُعْني أحدُهم عن سائرهم؟ فانتهوًا إلى ذلك؛ واسْتَهِمُوا بالقرعة فِيمَنْ يكون ذلك الذي كُتب عليه الذلّ في هذه المَخْمَصةء فخرجت القرعةٌ على أحده.”". فعلم أنه مُقَدِمٌ على محنة النفس يتّقي بها محنة الجوع» فقال: «أمهلوني حبّى أتوضّاً وأْصل». فاندفع يُصَلٌّ ما شاء أنْ يُصلٌّ وكأنه يشتطعِمٌ الله بدلّ أن يسْتطعِمَ الناس» ويقَدّم وجهّه لله بدل أن يُقدّمه للناس. وما أنْ هم أن يُنهيّ صلاته» ويتوجّه إلى )١(‏ مجلة العربي: العدد '4»عام هد 57ؤام. (1) في حدود سنة 705» وهم أربعة مُحمّدِين: محمد بن إسحاق بن شُرّيمة» ومحمد بن نصر المروزي» ومحمد بن هارون الرَّوؤْيانِء ومحمد بن جرير الطبري. ا 5 1 علدم وعلبا الناس» حتى جاءتهم هّدايا السلطان0, وبدَرٌ الأموال» وكأنها المطرٌ ييءٌ عند الجَدبء والغوث يِجِيءٌ عند الاستغاثة بالرحمن”"! هؤلاء الثلاثة”" الأتقياءُ الأعلام» كان بيهم أبو جعفر محمد بن جرير الطبريّ» شيخ لز شين وإمامُ مُ المفسّرين» والفقيةٌ والأديبٌ والكاتبٌ وعا #اللغة المستبّحر. مولده ونشأته: وَلِدَ في آخر سنة ة أربع وعشرين ومئتين 114؟ من هجرة الرسول وق وقيل لاس خرصو سواه قد الوقن اديه :كيف وقع الشك في وقتٍ ولادته؟ فقال: («لأن أهل بلدنا يَؤرّخون بالأحداث» ومرّت السئون.» ا مولدي بِحَدَثٍ كان في البلد» فلّا نشأت» سألتٌ عن ذلك الحادث» فاختلفَ المخِْرون لي» فقال بعضهم: كان في آخر سنةٍ أربع» وقال آخرون: بل كان في أولٍ وكانث وفاته سنة عشر وثلاثوئة "٠‏ لأربع من شوّال» فقد مات في نحو السادسة والثانين» وقد كانت ولادثّه في «آمُل» قصبة إقليم طَبَرِسْتان في ذلك الزمان. ١‏ )١(‏ والي مصر أحمد بن طولون. (1) أورد هذه القصة الخطيب في "تاريخ بغداد» 7: 154» والذهبي في «تذكرة الحفاظ» :١‏ ٠ه/اء‏ والسبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» 7: 79١‏ وغيرهمء وأوردها أستاذنا العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى في كتابه العّجَّابٍ: «صفحات من صبر العلماء» ص .191*-19١‏ (؟) كانوا أربعة كما سبق ابن جرير الطبري ١‏ وقد نشاً نشأة علمية اله فيها إلى طلب العلم» وكان أبوه حريصاً على توجيهه لطلب العلم» وذلك لرؤية رآها فيها يرى النائم» فقد روى أنه رأى رسول الله يك في منايه» وبجواره ابه ومَعَه مخْلاةٌ مملوءةٌ حجارةً» يرمي بها بين يدي الرسول كَل فسأل عن تأويل هذه الرؤيا فقيل له: إن ابتك هذا إِنْ كر نصح في دينه» وذبٌ عن شريعته. اشتحفظ القرآنَ الكريم وجوّده في صدر حياته: ثم انهه من القرآنٍ إلى الحديثِ فطلبه ببلده» حتى إذا حصّل خير ما فيها امه إلى الريّ عش علماء مُحراسان» والتي ترّجت للإسلام جهابذةً منّ العلماء» وأخذ يطلبٌ الحديتٌ بالرواية عند علمائهاء وأخصّهم محمد بن ميد الرازيّ. وكان ممّ هذا يرحل إلى قريةٍ بجوار الريّ يسمع إلى أحمدٌ بن حمَادٍ الدولايّ. وكان لشغفه ‏ هو وصّحْبٌ له بطلب العلم يحضُرون درس ابن حميد وابنٍ حمّاد في اليوم الواحدء ولنتركه يقصٌّ علينا ذلك؛ فهو يقول: اكنا نكتبٌُ عند محمد بن حميد الرّازِيّ فيخرحٌ إلينا في الليل مرات» ويسألّنا عا كتبناه» وكناتّمضي إلى أحمدَ بن حمّاد الدولايّ» وكان من قرية من قرى الرّي بينها وبينَ الريّ ِطْعَة ثم تَعْدُو كالمجانين! حتى نصيرٌ إلى ابن حُحمَيد فنلحٌ مجلسّه). وقد أخدٌ وهو بالريّ عن سلمةً بنِ المفضّلء عن محمد بن إسحاقٌ «المغازي», ى] أخدٌ عن أحمدٌ بن حمّاد كتاب «المبتدأ»» وقد كان ما أحذه عن هذيّن العالميْنٍ نواةً تاريخه الذي شرّق به اسمّه وعَرّب. إلى بغداد: لقد ترامى إليه اسم أب عبدٍ الله أحمدَ بن حنبل الذي أدركه زماته» وكان أبو جعفر فى صياه» أبو عبد الله فى شيخو خته م ذلك |2 ت نفسّه إليه مع بعد جعمر في صباهء وابو عبل في سيحوحته») ومع ٍ إلية مع بعل ١5‏ أعلام وعلماء الشقة وعِظَم المشقّة» فسار طالباً لقاءه» والاستماعَ إليه؛ ولكنّ إمامَّ دار السلام مات قبل أن يصل إليها إمامُ امؤرّخين الشابٌ. واكتفى حينئذٍ بالسماع من المحدّثين بهاء وكتب عن شيويخها وأكثرٌ من الكتابة» ثم أخذ يشدٌ الرّحالٌ إلى البصرة التي كانت موطنّ علوم اللسان» بجوار مَنْ بها من المحدّثين والرّواة للوقائع والمغازي. ثم ركب متنّ الفياني فانتقل إلى الكوفة» ومرّ بواسطً في طريقه؛ وتلقّى عن شيوخها. وفي إقامته بالكوفة أخذ عن كل رواتهاء وكان من كبار شيوخها عالِم اسمّه أبو كُريُب”" فيه شراسة وعنفٌ وضيقٌ عَطَنء مع علم غزير» فأخذ أبو جعفر يستميله إليه بحفظه وسماحة لق حتى نال اطمئنانه يقت فسمع منه الكثيرَ من الرواية. في الشام ومصر: وبعد أن جاب آفاقٌ العراقٍ راوياً مُقبَاَغرّبَ إلى الشام» ثم إلى مصر. وفي الشَّام التقى بكثير من كانوا يقيمون بالسواحل والتُخُورء فأخذ ما عندهم مِنْ علم بالوقائع؛ وأخبارهاء والأمراءِ وأحوالهم» وقد أتمّ رحلتّ والقن نهنا السباراف التبطاط مديئة العلم الثانية بعد بغداد» والتي آوى إليها الشافعيّ واستقرٌ به المقامٌ فيها. وقد وصل إليها سنة ثلاث وخمسين ومئتين 2767 فكان قد زادّ على الثلاثين» وقد ترس بالتجارب وبالرحلة المستمرّة» والالتقاء بالشيوخ ني مشارقٍ الأرض ومغاريباء وقد اختلفت مناهجهم وعلومهم. وعندما دخل مصرّ كان قد تزوّد من علم الرواية والوقائع بأكبر زادء ىا تزوّد بعلوم الغ وعلوم القرآن. 000( عمد بن العلاء الهَمْداني. ابن جرير الطبري م١‏ م0 2 - 2. وفي مصر كانتث بقية من تلاميذٍ الشافعيّ» وتلاميذٍ ابن وَهْبء وعبدٍ الرحمنٍ بن لالب وخماوين حي لكو ا وغرلا عور الاب مالك جاح قري الايد لاقي وتلاميذٍ مالك فقه فِقه هذين الإمامئئن» ىا أخذ في الكوفة وبغداد فِقَهَ أبي حنيفة ومسائل أحمدٌ بن حنبل وامُسبَده) وكا أخذ في الشام فِقة الأوزاعيّ عن تلاميذه» أو تلاميذٍ تلاميذه. ' م وبذلك التقى الفقةُ بكلّ مناهجه ممّ الرواية والأدبٍ والعلوم العربية. وفي مصر ابتدأ يظهرٌ مكنونُ ما جمعء ويذاكِرٌ العلماء» فقد التقى فيها بأبي الحسن ل ل فلا لقية أبو جعفر تذاكرا العلم؛ ف: فتفّحَتُ عيون العلوم في ابن جرير» فتكلم بكلام المُسْتمكِن المحقّق في القرآنٍ والفقهِ والحديثٍ واللغةٍ والشعرء وقد سأل أبا جعفر عن شعر الطَرِمّاح ولم يكن له روايةٌ في مصرء فتبيّن أنه يحفظه وأخذ يُمْليه حفظاً من ذاكرته على مَنْ أراد. وني أثناء رحلته الى بالمُرَيٌّ صاحب الشافعيّ» وأحد حَاملٍ فقهه إلى الأجيال» وقد روى عنه الفقة برواية الكتب البغداديةٍ التي دوّنها الزعفرانٌ» ىما روى الكتبّ المصرية التي دوَّنها الربيعٌ بن سليهانَ المرادي. وبذلك اجتمع فيه العلمٌ بالفقهِ كله اطّلع على ما عند فقهاءِ العراق جميعاء وذا علد فتهاة لاه وما عند وار مصتر مح فقو الافيي ودالاية رضي الل عنياء وفوقٌ ذلك ما عند الشيعةٍ من علمء حتى إنه اتهم بالتشي عند الحنابلّة» ولكنّه كان فزق الغصية آي كانت ل اعلام وعلياء علمه: آنى الله أبا جعفر علمأ غزيراً شهد له به أهل عصره جميعاًء بل شهدث به آثارٌه التي خلّفها عبر القرون. وقد قال فيه بعض العلماء: «كان أبو جعفر قد نظرٌ في العلوم كلّهاء فقد نظرٌ في المنطق والحساب وفي الطبٌّ والجير والمقابلة... وكان عازفاً عن الدنيا تاركاً لها ولأهلهاء يرف نفسّه عن التئاسها. وكان كالقارئ الذي لا يعرف إلا القرآن» وكالفقيه الذي لا يعرف إلا النوو وكالحاسب الذي لا يعرف إِلّا الحساب. وإذا جمعت بين كتبه وكتب غيره» وجدتٌ لكُتبهِ فضلاً على غيرها. وقد كتبّ كتباً ليس لا نظيرٌ في بايهاء وهي أول ما بُدئ به في نوعهاء منها كتابه «جامع البيانٍ عن تأويلٍ القرآن»» وهو كتابٌ التفسير المشهورء وكتابٌ «تاريخ الرسلٍ والملوكُ وأخبارهم؟» وهوّ كتاب التاريخ المشهورء وكتابه في القراءات المتواترة كلّهاء ومنها كتايه «ذيلٌ الذيل» وهو يشمن على تاريخ مَنْ قُتِل أو مات من أصحاب رسول الله َكل أو التابعين على ترتيب الأقرب فالأقرب من قريشء ومنها كتابه المسمّى «اختلافٌ علماءٍ الأمصار في أحكام شرائع اك ومنها كتابه الطيفٌ القولٍ في شرائع الإسلام»؛ وفيه مجموعٌ مذهبه الذي يُعوّلُ عليه. وله كتبٌ اخرى كثيرة في فروع من مسال الفقهه .وله فى الققه أيضاً بات «الشروط»»؛ وقد ضُمٌ إلى «اللطيف) فيا اشتمل عا وقد اختّصرٌ كتابٌ «اللطيف» في كتاب سرّاه «الخفيف». وله في الفقه وأصولهِ أيضاً كتابٌ جليلٌ سّاه «بسيطً القولٍ في أحكام شرائع الإسلام». وله كتاب اآداب القضاةاء وله كتاب «التّهذيب»» وله في الآداب و الأخخلاق كتاب سرّاه (أدب النفوس». وهكذا تنوّعث كيه وكثرت» وله مُساجلاتٌ أدبيةٌ وفقهية بين العلماء. ابن جرير الطبري / ١‏ وقد استمرٌ دائباً على التحصيل والتأليفٍ لا يني عن الرحلةٍ والتلّقّي والكتابة حتى وافاه الأجلٌ سند 89١‏ لاريم ينك فلن كول ماعو ومات في حيويتة وتوت لاله ينزي اسيك ورا ولق إل كاشيكلت قو الواقاول يناعن شيبه قط وما كان في حاجة إلى التغيير أو التلوين» وكان موثّه ببلدِه بطبرستان» عاد إليه بعد أن طوّف في الآفاق ما شاءً أنْ يُطوّف. من العلماء العُرّابِ الذين آثروا العلم على الزواج: ويَظهر من مَجُرى حياته أنه كان حصوراً م يتزوخ”"2, وقد قال في وصفي حالهء عندما حلّ مصر ونزلٌ عند الربيع بن سليمان تلميذٍ الشافعيّ: «لا ولدَلي» وما خللك مراويل عل حرام ولاسساول قط ولذلك انصرف للعلم بِكُليّه دائبا لم يَمْغْلْه مال ولا ولد فقد كان يعيش على بقية من المال يتّجر فيها. ولما أرسل في مصرّ وأصابنه الخّصاصة: كان يكتفي بدرهمين وثلثي درهم, ترَى عليه كلّ يوم من أهل العلم لا من سلطانٍ ولا من ذي جاه. صفاته: كان إمامَ المفسّرين» وشيم المؤرّخين, يتّصفُ بصفاتٍ جُعَلته في الذّروةٍ من 3 جالات العلم في العالّم كلّهء فإذا كان (هيرودت) يُلقَبه العلماء بأنه أبو التاريخ القديم» نأبو جعفر الطبريٌ أبو التاريخ الإسلاميّ» ويحقٌ لنا أنْ نلقّبه أيضاً بأنه أبو التفسير الأثري. ْ )١(‏ وقد ترجم له ترجمة حافلة وارفة شيخنا العامة المحقّق الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى في كتابه النافع المعطار: «العلاء العُزَّابٍ الذين آثروا العلم على الزواج» ص5ه-5/. ١18‏ ادم وغل ع 5 0 ع2 2 ٠‏ وأولُ هذه الصفات العالية: الجلدٌ والدأبُ والاجتهاد وتحجّل المشاق في سبيل الحصول على علم الرجال من أفواههم. فهو كان رجل علم في الرواية والدراية معأ وعالك الرواية تجبٌ عليه الرحلة» ليستمعَ من أفواه من يروي عنهم ما داموا أحباء» ى| كان يفعلٌ الإمامٌ أحمدٌ بن حنبل» وكا فعل في عصره البخاريٌ ومسلمٌ من أثمةٍ الحديث. ولهذا الجَلَّدِ والدأب» كان يركبٌ مَنْنَ الأسفار» لينتقل من طَبَرستانَ إلى العراق» ويتتقلّ في أمصاره دارساً فاحصاً راوياًء ويتتقلّ من بعد ذلك إلى مواطن العلم في الشامات ومصرء يأخذٌ ويفحص ويُدوّن. والصفةٌ الثانيةً التي انّصف بها ذلك العالِمٌ الجليلٌ: العزوفٌ عن أغراض أتته بدّرٌ المال لم يأخذّ منها إِلّا حاجته. وكان يرمَّى أنْ يعيش في فقرء كرياً زاهداً من أنْ يعيش في بُحبوحةٍ من العيش ذليلاً خانعاً طالباً مرضاةً أمير» أو مستظلاً بظل سلطانٍ كبير. وإذا كان المؤرّخون من بعده كانوا يعيشون في ظلال الملوك» ويُكلّفُونَ الكتابةً عنهم بقلم المحاباة» فإنّ شيم المؤرّخين ل يكنْ في كتاباته شيء مِنْ هذاء لأنه كان يكتب لله وللحقٌء ولنفيه التي لم يملكها حاكمٌ بعطاء. لم يكتب تاريخ ملكِ لينافق» كها كُلّفَ بعض كناب بني بوَيْهِ أن يكتب تاريخّهم. فلا سيل وهو جر ويكتب: ماذا تصنع؟ قال: «أكاذيب أَنمّقهاء وأباطيل ألقّقها». والصفة الثالثةٌ من الصفاتٍ التي رفعيّه إلى الذّروة: الذاكرة الواعية» فقد كان 2 بحفظٌ ما يسمع؛ ثم يُدوّن ويُرتب, ولا يُمكنٌ ثل مَننْ تحكَل مثلّ ما حمّل به نفسّه إلا ابن جرير الطبري ع١‏ أَنْ يكونَ ذكوراً واعياًء إن التأليفت الجيدَ يحتاجٌ إلى ذاكرةٍ تحفظ وتّعيء وتُقدّم ثمراتٍ حفظ ووعيها. والصفة الرابعة» التي انّصف بها ذلك العالِمٌ العظيم: خَُضُورٌ البديهة» وقد بَدَثْ هذه البديهةٌ الحاضرةٌ في مناظراته؛ فهو يُسَاجِلُ المُزنٌ صاحبّ الشافعي في أصول الفقهِ الشافعي» ويفلج عليه في المناقشة» ويجمع المعلوماتٍ من رواياته. وهو يعلعُ موضم كلّ رواية مما دوّن. والصفةٌ الخامسة: الإخلاصٌ في طلب الحقيقة» لا يميلُ إلى هوىّ فيا يُنقل» ولا يندفع إلى غرض غير خدمة الإسلام ورجالِه في تفسيره وتاريخه وفقهه» وإذا كان قد جاء في تفسيره بعضٌ هَنَاتِه فون انخداعه بالرواية لامن قصدٍ تحريف الكَلِمٍ عن مواضعه. والصفةٌ السادسة: الشجاعة الأدبيةٌ الرائعة» وما يُذكر في ذلك أنه جاء إلى بغداد» ولأحمدَ بن حنبل منزلةٌ عظيمةٌ له بعد ماته كا كانت له في حياه» وقد رأى بعل اللراسة الفيقة أن أعذاازخ تسيل حَدت ولس يققيههوائة عبد الجعاء لا قنع خالفته انعقادَ الإجماع, فقر ذلك وى نايل انعرار الله على العرش في قوله تعالى: #اليَحَنُ عَلَ اعرش أسْتَوئ » [طه: 5]ء بأنْ ذلك معناةُ الاستيلاء'2» وليس الجلوس من غير كيفء إذ لا يليقٌ بذاته العليّة» وهذا خلافٌ ما كان عليه الحنابلة. )١(‏ قال الطبري في «تفسيره» 14: :77١‏ وقوله: آلرَحمَنُ عَلَ الْمَرشٍ أَسْمَوئ © يقول تعالى ذكره: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا. وقد بِّنا معنى الاستواء فيما مضى» وذكرنا اخختلاف المختلفين فيه» فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. وقال في تفسير قوله تعالى: كم َسَمَو إل آلتسمَآهِ..© [البقرة: 14]: «وأؤلى المعاني بقول الله جل 1 ست 2 لع 50 ثناؤه: ثم أَسْمَوئ إِلَ ألسَمَاءِ مَسَوّسِهُنَ #: علا عليهنٌ وارتفع فدبّرهن بقدرته: وخلقهن سبع سماوات». انتهى. أعلام وعلاء ١66 وقد ذهب إلى الجامع ِيْصلٌّ الجمعة» فأحاط به الحنابلة يسألونه عن رأيه في الإمام أحمد» وعن رأيه في قوله تعالى: للحن عل الْعَرْشٍ أَسْموئ # فجابههم من غير واراة» وقال رفي الله عنه: «أمّا أحمد بن حنبل فلا يعد خلافه)» فقالوا له: «لقد ذكرّهٌ العلماءٌ في الاختلاف»» فقال: «ما رأيته رُوِيَ ب (أي: مسائل فقهية) ولا رأيثٌ له أصحاباًيُعوَلُ عليهم؛ وأنَا حديتُ الجلوس على العرش فمُحالء ثم أنشد: سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ لَهُ أنيس ولَيْسَ لَهُ في عَرْشِهِ جَلِيس فلما سم الحنابلةٌ ذلك: وأصحابٌ الحديثٍ معهمء وتَبُوا عليه ورمَوٌء بمحابرهم» وكانوا ألوفاء فقامَ ودخل دارّه؛ فرمَؤْها بالحجارة» وصار على بابه مثل الت العظيم من الحجارة. ولا يتحمّلٌ مثلّ هذا إلا مَنْ يكونُ تخلصاً شجاعٌ القلب؛ مؤمناً بها يقول. تفسيره: امه ابر جرير إلى علم الرواية والأدب, وقد كان كلا العِلْمَيْنَ واضحاً في تفسيره كلّ الوضوح» فهو يَنقلُ الرواياتٍ المختلفةً ليصلّ سندّها إلى التابعين» وأحياناً يصلّها إلى الصحابة» ويختارٌ بعد سَرْدِ الروايات ما يراه أقربٌ إلى معنى الآية. من هذا بنّجه إلى نْب النصٌ بعد أنْ يزيل من حولِه كلّ ما يحول بيه وبينَ إدراكه على وجهه الصحيح؛ ولعلَّه في هذا قد بلع الذّروة. وقد أتمّ كتابّ التفسير سنةَ سبعينَ ومتتين ٠ء‏ أي وهو في الخامسة والأربعين منْ عمّره أو السادسة والأربعين على اختلانٍ الرواياتٍ في مولده. ابن جرير الطبري آم6٠١‏ وقككلق علا الأمصار قو الشركة وكان فيهم أثمةٌ اللغة في هذا العَضْرء فكان في هذا العصر ثعلبٌ عاك اللغة» والمرَدُ صاحبٌ كتاب «الكامل»» والزَّجَاجُ وغيُهم من النحويين وفرسانٍ هذا اللسان» وخِلٌ هذا الكتابٌ مشرقاً ومغربء وقرأه كل قر كان فى توقعامق العلراف كل قدمه ووفيله: والكتاب جَزْلُ العبارة بين ون في بعض تعبيراته ما يصلٌ إلى أعلى درجاتٍ انثر الفنيّ من غير تكلّفٍِ للصناعة. وقد ابتدأ في كتابه بمقدّمةٍ تحوي الكثير من العلوم التي تتعلّقُ بالق رآنه بين إعجارّه في بلاغتّه وقراءاتّه ورواياته» وبين أنه جاء 0 مبين» وليس فيه غيرٌ غري» وتكلّم في ناسخه ومسوخه» وهكذا استزسلٌ في مقدمة كانت باباً للدخول في معانيه القدُسية. سَرَيَانُ بعض الإسرائيليات في تفسيره: وجل مَنْ لا يخطئ» وكلّ إنسانٍ يُخطى ويُصيب إِلَا صاحبٌ الروضة. ولا شك أنه أَخلٌ على التفسير بعضٌ الرواياتٍ التي اشتمل عليها. ذلك أن الإسرائيليات َرَت إلى المسلمين في عصر الصحابة» حتى إِنَّ ابن تيمية يقول في رسالةٍ التفسير: إن عبدَ الله بنَ عُمَر رضي الله عنهما قد أصاب يومٌ اليرموك ‏ وهي ال معركةٌ الفاصلةٌ بين المسلمين والرومان ‏ أصاب زاملتَينِ من كُنْبٍ أهل الكتاب. قَسَرَتْ معلومائ) إلى التابعيين وبعضص الصحابة» ولذلك شُحنت بعض الكتب بالإسرائيليات. وكان بعضّها في ذلك التفسير الكبير الذي كتبه ذلك العالِمٌ العظيه”". )١(‏ ينظر كتاب: «الإسرائيليات في تفسير الطبري: دراسة في اللغة والمصادر العبرية» للدكتورة آمال عبد الرحمن ربيع» طبع في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية-مصر_-سنة 478 ١ه‏ > ١١8‏ 7م. 5 أعلام وعلياء قصة زواج النبي َكِةِ بزينب بنت جحش: ولعلّ من أبرزٍ ما كان في التفسير من إسرائيليات: قصةٌ زواج النبيّ ول زينب بنتَ جَحْش» فقد ذُكر أن النبي بل رآها فوقعث في قلبه» فأرادَ الزواج منها واستخيا مِنّ الإعلان في ذلك”". وهذا خطاً لا تق مح صريح النصّء فالله تعالى يقول: : #وتخفى في تفلكت ما أله مُبّدِيهِ ‏ [الأحزاب: 7]» والله لم يُيْدِ عشقاء بل الذي أبداه أمث الله له بأنْ يُطلّقّ دَيْدٌ زوجتهء وما كان ذلك لشق» بل لجح المسلمين على أن لم 2-1 27 0 مَنْ يتبتّؤنهم تأكيداً لمنع النبني ي» ولذلك قال تعالى: #قلنًا فَصَئن ريد ينها وطرا 7 ل لا يكو عل اومن حر فه وج ييه ! إذا ذا قَصَوأ مِنْهُنّ وطرا © [الأحزاب: لا ]. ومن الخريت: أن 21 الفكرين العو ابت رين فق هذا اليل" عقن جا # - - 8 5 3 2 الحافظ ابن كثير» وقال: إِنْ ابن جرير بط في هذا حََبْطاً كثير» ولم تصح فيه رواية قطء بل كلها إسرائيليّاتٌ من أعداء الإسلام”". .٠١ ينظر: جامع البيان للطبري ؟؟:‎ )١( . 096 ومن هؤلاء: الزتخشري في «الكشاف» ": 47847177 والنسفي : /1» وتفسير العلالين ص‎ )١( (؟) قال ابن كثير في اتفسيره» 5 8 : «ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم ها هنا آثاراً عن بعض المّلفء أحبينا أن تُعرض عنها صَفْحاً فلا نُوردها» وقال ابن حجر في «فتح الباري» /: 145: «ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري؛ ونقلها كثير من المفشّرين» لا ينبغي التشاغل بهأ؛. 1 ابن جرير الطبري ١‏ قد نتراكٌ الكلام في فقه ابن جرير» فقد كان عالاً فقيهاً مجتهدا لا يقل عن امي من الفقهاء» وكان له مذهبء ولذلك مَوْضِعَ تفصيل. ولكنا لا تيرك تاريمّه» فقد شرّق وغرّب» لقد أتمّ تاريخّه في ما بعد سنة ثلاثمئة »”١‏ وقد ابتدأ تاريحّه بذكر قصّةٍ الخليفة» فذكر خلقٌ آدمَّ وإبليس» وما كان من نزول آدمَ إلى هذه الأرض المتنازعة المتناحرة» وتتيّع بعد ذلك أخبارٌ النييين نيبا نبياً مستعيناً بالقرآنٍ الكريم» وقد يفصّل ذلك ببعض الإسرائيليات من غير خروج على اتدواية حل يلك لمشيو مقرل ني باد إل ذفنمل القول كيه وذكرٌ أخبارٌ الراشدين وأخبارٌ بني أميّة وبني العبّاس واستمرٌ في تاريخه إلى أن أممه إلى حين موته» فجاء حُجََةَ في التاريخ الإسلامي, لا حُجَةَ فوقّه وقد كتبه بعبارة جزلةٍ قوية واضحة» وكان يسند الرواية فيه| يتعلق بالوقائع الكثيرة. هذا هو ابن جرير الطبريّ الفقية والمفسّرء والأديب والمؤرخ» وقد وصل إلى القمّةِ في كلّ ما كتب» ف رحمه الله ورضي عنه. - وتنظر الندوتان اللتان شارك فيها الأستاذ أبو زهرة في ندوات مجلة «لواء الإسلام؛ حول موضوع زواج النبي كك بأمْ المؤمنين زينبء الأولى: في العدد العاشر من السنة السادسة (111/7ه - 1م والثانية: في العدد الثاني عشر من السنة العاشرة: (/179١ه‏ -/1401م)» وستصدر «الندوات القرآنية» بتحقيقي في فترة قريبة بعون الله. أعلام وعلاء 7 ل “م (59:-88ههم) العالم التقيٌّ الحرٌ كان الداخل إلى البيتٍ الحرام في اثلث الأول من القرنٍ السادس الحجريّ يجد رجلاً قد التفّ حوله طلابُ الأدب ونا اللشجارة تقل المواعظٍ وجوامع الكلم. وطُلّابُ التفسير وسائر علوم القرآنٍ والحديث» وقد كان ذلك الرجل الو انان ازا 3 عليةا ناف ويه ره سنا و يرقف فك لسك إعدى رجانه ماين عنها بخشبة تشبة الرّجْلء وإذا سار بها سترها بثوبه المَضْفاضء فيظنه الناسٌ أعرجء ولا يظئونه مقطوعاًء وكان يفعلٌ ذلك ستراً للعاهة» واستعلاءً على الضعفي البدنّ» ودفعاً للريبة» تملا أمامَ الناس. ذلكم الرجلٌ هو أبو القاسم محموةٌ بنُ عمرٌ الزغشري. قد اختار في شَطْر كبير من حياته أن يكونّ مجاوراً بِيتٌ الله الحرام”"؛ ولذلك أطلقوا عليه اسم جارٌ الله وكان طلابٌ العلم يتقصّفون حوله لعبقرية رأؤهاء )١(‏ مجلة العربي: العدد لال عام 11280١‏ ه -1551م. (؟) رحل الزمخشري من خوارزم إلى مكة قبل العشرين والخمس مئة؛ لقراءة كتاب «سيبويه» على أبي بكر عبد الله بن طلحة اليابري الإشبيلي الأندلسي كما في «أزهار الرياض في أخبار عياض" للمقرّي الا الزغشري هه١‏ وثار ناضجة في العلوم جَنَوْهاء فهو تُجِيبُ في الفقه» وهو البحرٌ الزخار الجامع لكلام العرب”'"؛ وهو الحكيم الذي ينشرٌ الحكمة والموعظة الحسنةً في مجاليه» وهو التكلم الذي تجيء إليه الحُججٌ عند الجدل حول العقائدٍ أرسالآء وهو المفسّمٌُ للقرآنٍ الذي يلمح الإشاراتٍ البيانية فيه بذَوْقٍ مُرهف» يذرٌ فيه المعنى واللفظ معأء وبعقلٍ فياك يق إل الله ولا يققت عند العاف وبقلب مؤمن يسع أمامّ الحقائتي القرآنية» وتضيء في قليه التَّجِلَّياتُ الربّانية وهو يقرأ ويتفهّم. اق ا 0ه َمَحْشْرء قرية عرفت به: ولد ذلك الإمامٌ في سنة *551'"' بقرية زمخشر. وهي من قرى حْوَارَرْم؛ ولعل هذه القرية ما كانت لتُذكرٌ على لسان أحدٍ من غيرٍ أهل القرى التي تُجاورّهاء ولكنها الآنُ تُذكرٌ في الَّرقٍ والغربء وفي عدَةِ لْاتِ غير العربية» لأنها د شرفت بنسبة أبي القاسم جار الله إليهاء فبعد أنْ كانث نكرةً صارت معرفة» حتى إنها في الحقيقة لحديرةٌ بأن تنسب إليه ولا ينسب هو إليهاء إِذْ هي عُرفتْ به؛ ولم يُعرفٌ بها. وم يُعرفٌ شيءٌ عن أبيه. ولكن عرفت أمّه بالتقوى وال رحمة» والعطف على صغار الطير» ولْنسْقُ لك كلامّه في سبب قطع رجله؛ وقد سّكِلَ عن ذلك» فقال: دعاءٌ الأم: «دعاءٌ الوالدة» وذلك أني أمسكتٌ عصفوراء وأنا صبيٌّ صغير» وربطتٌ برجله خبطاً فأفلت من يدي ودخلٌ خرقاً فجذبئُه فانقطعتُ رجلّه فتألَّمِتٌ له والدي. وقالت: )١(‏ في الأصل: العربي. أ 5 ا علام وعلما دعجم ل أ أ الدابة في أثناء الطريق» فانكسرث رجلي وأصابني من الألم ما أو جب قطعها». وإِنَّ هذه القصة لتنبئ عن أمرين: فاده قاب دراطت اتستو ا وقة :ا رماي قط سواط لأ أيا كان موضعّهء والرحمةٌ من صفات المؤمن ن المخلص. وثانيهما: أن الزغشريّ مع أنه معتزلٌ ير الأمورّ إلى أسبايهاء كان لط إهانه بقدَر الله تعالى» وبأنّ كل شيء بِقَّدرٍ مقدورء يعتقدٌ أنَّ استجابةً الله تعالى للدعاءٍ لها شأئهما في سَيْرِ الأقدار» وفيا يكتبه سبحاته وتعالى لعباوه من غير تغييرٍ ولا تبديل في علمه أو إرادته أو و نشأته في بيئة العلم: آوى العلم إلى تلك البلادٍ النائية من أرض الإسلام» وانتقلّ الأدبٌ من ربوع الكوفة والبصرة وبغداد إلى همذانَ والرّيّ وخوارزم ورّخِرَتِ اللغةٌ العربيةٌ في القرنينٍ الخامس والسادس» بذخائرٍ الفكر الإسلاميّ والفلسفي التي أنتتجها العلماء الذين : نشئوا وعاشوا في تلك البلادء وأنتجواء وأخرجوا النفائسٌ والموسوعاتٍ في الفقه والتفسير واللغة والأدب. و فقد خرج منها أفذاذُ العلاء والأدباءِ كبديع الزمان الحمذاقٌ والخوارزميٌ» وخرّج منها الفقهاء والمفسّرون أمالٌ الشيرازيٌ صاحب كتاب «المُهَذّب) ف الفقه )١(‏ في الأصل: مقدره. الزغشري /زأه ١‏ القارن» والفخر الرازيٌ بحر العلم» والغزاقيٌ صاحب الحكمة» وخرج منها علماءٌ في شنى العلوم؛ كالشهرستانيٌ صاحب «الحِلَلٍ والتّحَل»» وأبي'" الريحانٍ البيرون المؤرّخ والرياضيٌ والفيلسوف. 1 انتقل الزمخشريٌ من بلدةٍ رَّمَخْكَر إلى بُخَّارى وهناك تلق الفقة الحنفيّ من أثمته بباء وكان لفقهاء الحنفية بتلك البلادٍ النائية مقامٌ في الفقهِ والَدّلٍ والأصول» وحسبي تعريفاً بمقايهم أنْ يكونّ من بيهم شمسُ الأئمةٍ ا حلوانيٌ» وتلميذُه شمسش الأئمة الرضى شارح كُنّبٍ محمد بن الحسن الشيباقٌ صاحب أبي حنيفة. وتلقى الحديتٌ عن أثمة المحدّثين في بخارى» ثم تلقى الأدبّ واستحفظ الروايةً على كبار الرواةٍ بباء وهكذا أخذ من كل دَوْحَةٍ من دَوْحاتٍ العلم أطيبَ ما مل من ثيارء وأينمَ ما فيها من رَهْرِء حتَّى إذا تغدّى أكمل الفذاء» وغل الفذاء في نفيه علماً ناجحاً مشرقا أخدٌ يكتبٌ في علوم غتلفة» فكتب في شرح السَنّة وروايتها كتلبّه «الفائق»؛ وهو فائقٌ حقاء وكتب في البلاغة كتات «أساس البلاغة» وهو مُعجمٌ لاستعالاتٍِ العرب وليسّ للكلماتٍ فقط» وكتاب «جواهر اللغة»» وكتاب «مقدّمة الأدب»؛ وقد أحصى ياقوت في «معجيه» عدداً كبيراً من كُُبِهه فليُرْجَعْ إليه؛ ولعل أكثرّها ذكراً وأبقاها أثراً كتابه «الكشّاف)0". )١(‏ في الأصل: وأبو. (1) هذاء وقد حذّر الشيخ الإمام ابنُ أبي جَمْرة الأندلسي» من قراءة كتب الزتخشري؛ للعارف بدسائس الاعتزال» لأنه لا يأمن الغفلة» فتسبق إليه تلك الدسائسء ولغير العارف أيضاًء لأنْ تلك الدسائس تسبق إليه وهو لا يشعر» فيصير معتزلياً. نقل هذا عنه الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» في ترجمة الزمخشري. ١4‏ أعلام وعلماء الكشاف في تفسير القرآن: ا مقامٌ التفسير جليلٌ خطيث وهو مُرة تقى صَعْبٌ لا يِجْرو عليه إلا مَنْ اجتمعثْ عندّه متلكاث في علم البيانٍ وذوقه» ونال من علوم القرآنٍ والسئة أوفى قَذْرء ومن حياةٍ 0 يو درورو د ريفسة (لاية ذلك مدل لوقك موري وف قن ولعل من الخير أنْ نتركَ الكلمةً له ليعرقّنا أوصاف المفسّرء فقد قالّ رضي الله عنه: الا يفوص على شيءِ من تلك الحقائتي (أي معاني القرآن) إِلَا رجل بَرَعَ في علمين مختصّيْن بالقرآن» وهما علمٌ المعاني وعلمُ البيان. . وحرّصٌ على استيضاح معجزة رسول الله وكِْ بعد أَنْ تكوّن آخذاً من سائر العلوم» جامعاً بين تحقيق وحِفْظ كثير المطالعات» طويلٌ المراجعات» وقد رجمٌ زماناً ورجع إليه ورّدَّ ورد عليه.. وكان مم ذلك مُسْتَرَسِلٌ الطبيعة مُنْقادهاء مشتعلّ القريحة وقَادَهاء يقظانٌ النفسء درّاكاً للّمحةٍ وإِنْ لطّف شأئماء منبهاً على الرمزة وإن خفيّ مكائماء لا كرّاً جاسياًء ولا غليظاً جافياء متصرفاً ذا دراية بأساليب النظم والنثر.. قد علم كيف يُرتَّبُ الكلامٌ ويُؤلّف» وكيف يُنظّم ويوصّف». ٠‏ هذه صفات مَنْ يَتَصدَّى لتفسير القرآن ليتعرّفَ مواضعٌ إعجازه؛ وأسرارٍ بلاغته. ولقد كان يحسبُ أنه ليس من فرسانٍ هذا الميدان» ولذلك ل يفكّز في سلوكِ ذلك المسلكِ الذي قد تنقاص عنه هنته. ولكنه كان يُذاكِر المعتزلةَ من إخوانه في معاني القرآن» وهم مَنْ كانوا يجمعون بين علم العربية والأصولٍ الدينية» فطلبوا إليه أن يكتبّ لهم تفسيراً يكشففٌ عن أسرار الزمخشري ل لتزيل بعد أنْ تن لهم أنه بهذا الأمر جديرء لما كان يُلقيه مِنْ تفسير لآياتٍ كان يثيدُ إعحاء امهم . فشر سورة البقرة» واستعفى من تفسير سائر القرآن: دلكنه يُسْتعفي لعظم الأمرء وبعدّ إلحاح شديده أمى عليهم تفسيرَ سورة البقرة» واكتفى بذلك ليكونّ تفسيره مثالا يحتذى ومنهاجاًء يتتهجونه. وقد أسهبّ في تفسير سورة البقرةٍ الذي أملاه. وقد اكتفى به وخصوصاً أن الشيخوخةً قد سارعث إليه. وقد حَدَتَ ما حرّك همتّه» ليم ما ابتدأء ذلك أنه وهو يعاودٌ الذهابّ أل الجاورة لبيتٍ الله الحرام» كلّما مرّ على طائفة من أهلٍ العلمه وجدَ عندّها شوقاً لتقرأ ما أملاه. ٠‏ وا حل بمكة» حَرّم الله الآمِنِء وجد الشريفَ الحسينيّ أبا الحسن عل بنّ حمزة» وله في قليه المكانة» فذكر له أنه كان يدث نفسّه في مدق غيبته عن الحجازٍ أن يقطمّ الفيافي ويفدَ عليه بخوارزم ليتوصّل إلى ذلك الجزءِ في تفسير القرآن الذي أملاه. ويخاطبه في إتمام ما بدأ. ثم يعود في العشر السابعة إلى إتمام ما بدأ: م يِذ بدا من أن يُتمّمَ ما بدأء ولك أنَى له من قوَّةِ البدن ما يتمّمُ الباقيّ على منهاج ما ابتدأء وقد دخل في العشر السابعة. ويقول فيها: «ناهزثٌ العشرٌ التي سمّتها العربٌ: دقاقةً الرقاب» فأخذثٌ في طريقةٍ أخصرٌ من الأولى» مع ضانٍ الكثير من الفوائد؛ والفحص عن السرائر». أتمٌ التفسير في أقلٌ من سنتن» وهو مَُاورٌ بيت الله» ويقرّبُ من صديقه النّريفه ويقول في ذلك: «وما هي إلا آيةٌ من آياتٍ هذا البيتِ المحرّم» وبركةٌ أنيضث علِّ من بركاتٍ هذا الحرم | 0 أعلام وعلماء انَسَمّ تفسيد الزخشريّ بسماتٍ لم توجذ في غيره» فهو يعرف أسرارٌ البلاغة في القرآن وأوجة إعجازه» ويسبقٌ إلى مداركَ كانت بكراً لم يسبقه أحدّ إليهاء ومن جاء بعده من الذين كتبوا في التفسير البياٌ قبسُوا منه الكثير» ومنهم من اتّبعه اتّباعاً وإن ل يبلغ شأوّه؛ إذ كان الفرقٌ بين الفكرة الأصلية والمحاكية واضحاً وما بلغ أحدٌ في تفسيره؛ مبلعٌ الزتخشريّ من تعبيره''". وكان يذكرٌ المعنى ابتداء» ثم يذكرٌ المناقشة حولّه بقوله: «فإِنْ قلتّ: ...»» ثم يجببٌ فيقول: «قلتٌ: ...2 وإنْ ذلك هو المنهاج الذي ابتدأه في سورة البقرة» وهو التزامٌ للجدل الذي انَصف به المعتزلةٌ وكانوا فيه بارعين. والكتابٌ كان مفصّل التفسير في البقرة» وكان مَُملاً في| وراءهاء وقد ذكرٌ هو السبب» وهو أنه كتبّ الأولّ في قوَّتِهء والئانَ في شيخوخته ولأنه أراد أنْ ينتهي قبل أن يسبقٌّ إلبهِ القدّر. ِذْ صار يحسب أن وجوبٌ الإتمام لم يكنْ وجوباً متراخياً» بل كان الوجوبٌ على الفور. ومن الغريب أن الذينَ حاكَوْهُ أو تَلّدُو لون فيا أجملّ ويُفصّلون فيا فصَّلء وقد وٌجد عنده العُذره ولا معذرةً عندّهم إِلَا أنْ يكون ضعفٌ الهمّة» وضيقٌ الذراع» وقصورٌ الباع. )١(‏ قال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» في ترجمة الزمخشري: «وأما «التفسير» فقد أولع الناس به» وبحثوا عليه؛ وبيّنوا دسائسه» وأفردوها بالتصنيفء ومَنْ رسخت قدمه في السَّنّةَ وقرأ طرفاً من اختلاف المقالات انتفع بتفسيره؛ ول يَضٌُُه ما يخْشى من دسائسه عفا الله عنه». الزخشري ا الزغشريّ الواعظ: في هذا العصر الذي عاش فيه الزنخشريٌّ كثرت كتاباثٌ المقامات» فكانت فيه مقامات بديع الزمانٍ ا همذان» ومقاماتٌ الخوارزميّ؛ وغيرهماء وكانت الكتاباتٌ الأدبية في ذلك الإبّان ليست مُّرسلة» ولكثها كانث مسجوعة: فالنثرٌ الفنيٌ السائدٌ فيه السّجْعء ولم يكن لمثلٍ الزغشريّ» الحُجَّةِ في اللغة» والكاتب المُبْدع» إلا أن يخوضٌ مم الخائضين, ولكنّه في كتاباته الفنية المسجوعة: لا ينّجه إلى اللفظٍ من غير تجويدٍ المعنى؛ فا كان كخيره لا عمل له إِلَا النثرّ والكتابة» بل كان العالِمَ الأصول» والفقية والمتكلم. فعنده ثروةٌ المعاني قبل ثروةٍ الألفاظ» وتجاريّه التي اكتسبّها من رحلاته إلى طلب العلم» وإلى طلبٍ جوار البيتٍ المحرّمء قد أكسبئه آفاقاً في التفكير تنوك امنيا عار نه العلينية» فكان: نت مك ] بوره كرقلةرولة فى ,ذلك وسائل مُكَمَة المبنى والنّسحء وفيها المعاني البكر والألفاظً الجَزْلة» فكانت كعروس جيلةٍ في ثوب الغرس. ومن هذه الرسائل: «أطواق الذهب»» و«الكلم النوابع في المواعظ»), وانصائحٌ الكبار ونصائحٌ الصغار»» و«مقاماتٌ في المواعظ»» وانزهةٌ المستأنس»» و«الرسالة الناصحة»» و«ربيع الأسزاركة وزديوان لطت نيران رسائل» وغيدُ ذلك من رسائل أخوية تضمّنتٌ معان حكيمة. ولنقبض قبضة من كتابه «أطواق الذهب» تدل على سائر كتابته» فقد جاء فيها في تير الناس والأزمان: «الدنيا أدوارٌ والناسٌ أطوارء فالبس لكل يوم بحسب ما فيه من الطوارق» وجالِس كلّ قوم بقدر ماهم منّ الطرائق» فلن تبري الأيامٌ على أمنيتك» ولنْ تنزلّ الأيامٌ على قضيّدِك». أعلام وعلماء ويقول: "لا أُحدَّتُك عن بلدٍ الشوم ذلك بلدٌ الوالي العَشُومء فإيّاك وبلدَ الجَوْرِ وإِنْ كنتٌ أعرَّ من بَيْضْةٍ البلد» وأحظى أهله بالمالٍ المثهر والونّد». والزغشريٌ لم يعض على مائدة الأمراء والحكام» ولذا لم يرضّ أنْ تكونٌ آراءً العلماءِ تابعةٌ لأهواء الأمراء. ويقولُ في ذلك: «ما لعلماء السّوْء جمعُوا عزائم الشرع ودوّنوهاء ثم رخحصوا فيها لأمراء السّوْءِ وهوّنوهاء إنما حفظُوا وعلّقوا وصفقوا وحلّقوا لبُقُمروا (يجمعوا) المالء ويَيْسَرُوا». ويقول في بثَ روح اهمّة: «لا تقنع بالشرف التالد» فذلك الشرفٌ للوالد» واضمُمْ إلى التَالٍ 000 ولا تُدْلٍ بشرفٍ أبيك م11 يدل عليه بِشَّرّفٍ فيك». وهكذا نجدٌ المعانٌ الكريمة في الألفاظ الحُلوة والأساليب الرّصينة. # ىن يقتان: وقبل أنْ نغادرٌ تلك الرياض من آثار الزَعْشْري» لا بد أن نسجّل حقيقتئن: إحداهما: أن هذا العالِمَ الجليلٌ لم يعرف أنه تلق أميراً ولم يُوثَرْ عنه في كتاباته أنه مدّح حاكأ» أو سَخْرَ قَلَمه لخدمة حاكم؛ وإنَّ المُتَتبّع لرسائله إلى أصدقائه لا يد فيها إلا عبيرَ المودّة» وعْرْفٍ الإخاء» وروحانيّةٍ الصَّداقة» ولا يد فيها ازدلافاً لأمير قط. د واء ». )اه ه. 1 ا م ' الحقيقة الثانية: أنه كان شجاعاء لا أمامّ الحاكم فقط» بل أمامَ العلماء» ارتضى أن يكونٌ معتزلياً في اعتقاده وقتّ كان مذهبٌ المعتزلة في ذلك الإبَّانِ مضطهداً من ١ الزمخشري‎ الحُكام؛ مستنكراً منّ العلماء» مُزْدَرَىٌ من العامّة» ف| جَبنَ من إعلانه» والدفاع عنه والدعوة إليه. وقد اعتبر بعض العلاء من هناته في تفسيره حَشْرَهُ مذهب أهل الاعتزالٍ فيه ولكن ممّ ذلك أجمع العلماءٌ على أن ذلك لم يذَمَبْ بسلامة جوهره؛ واشتاله على اللآلئ الفائقة. ولقد كان لمَرْطٍ شجاعته إذا استأذنَ على أحد, قال للآذن: «قل: بالباب محمودٌ المعتزلي». ولفرط شجاعته كان يُعلنٌ أنَّ القرآنّ خلوق» وهو رأي المعتزلة: حتى لقد هم في افتتاحية كتابه التفسير أن يقول: «الحمد لله الذي خلق القرآن...»» ولكنّ أصحابه نَهَوْه عن ذلك. وقالوا له: (إن فعلت نفرٌ الناس منه فلم ينتفعوا به). وعندئذ تطامنَ المعتزلٌ التق النافمٌ الذي يرجو الخيرَ للناسء وَقَبلَ أَنْ يكتبّ في الافتتاحية: الحمد لله الذي أنزلٌ القرآن». والآن قد مضى الزمشريّ إلى ربّه''» وبعد أكثرٌ من ثانمئة سنةٍ من موته يتذاكر الناس فكرّه كأنه حاضرٌ بيتهم. وهكذا كل شيءٍ إنسانقٌ يَفنى إِلَا ما تُسجّله المواهب, وما ُسجّله النفسٌ الحرّةٌ الطيّبة» والعقل المُثْرِقٌ المستقيم. اللهمّ اهينا إلى الطيّبٍ منّ القولء وامّْدنا إلى الصّراطٍ الحميد. (1) توفي أبو القاسم الزغشري ليلة عَرَفَة سنة 274ه عن /١‏ سئة رحمه الله تعالى. أ 3 ١‏ ديت الفخرٌ ال ازي”" :هم -كاداكه) رجل دنيا ودين رجلٌ جمع العلمَ والمال» واحتارٌ من الدنيا كثيراء ومن علم الدّين أكش وترك لأولاده وسائر أسرتِه تركةٌ من المال» فنيثُ بفنائهم» وذهبتٌ معهم, ولكنّه ترك معّها آثاراً علميةً باقية يذْكَرٌ مباء وتذْكَرٌ منسوبة إليه» فم| تركّةُ من حُطام الدنياء ل يبقّ منه شيء؛ وما تركه من علم؛ لم يذَهَبٌ منه إلا ما أخفيْه الخزائنٌ العلمية» ومآلّه الظهور» ولقد صدق رسولٌ الله الصّادق الأمين كل إذ يقول: «إذا مات ابن آدم انقطمَ عملّه إِلّا من ثلاث: صدقةٍ جارية» وولدٍ صالح يدعو له. وعلم ينتفع مك وأعلتها الغالث منها. لقد ترك ذلك الينجل نين ألقن دينار» ومئتي كتاب ما بين وسيط ومبسوطء وقد ذهبتٍ الدنانيك وبقيتٍ الكتب» وبذلك يتقرّرُ أنَّ كل شيءٍ يفُنى في هذه الدنيا إلا ما يتٌصلٌ بالروح والعقل. )١(‏ مجلة العربي: العدد 55 عام 11787ه -19517م. (؟) رواه مسلم »)١151"1(‏ وأبو داود (2380))» والترمذي »)١77/5(‏ والنسائي (0501, ولفظه عند مسلم من حديث أب هريرة مرفوعاً: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية» أو علم ينتفع به» أو ولد صالح يدعو له). الفخر الرازي ل ذلك الرجلٌ هو محمدٌ بِنُ عمرٌ بن الحسينٍ القرشييّ البكري» وقد اشْتٌهرٌ بلقيه فخر الدين الرازيّ» ثم أُوجرٌ اللّقبء حتّى صار يُذْكَرٌ ب«الفخر الرازيً». والرازيٌ نسبةٌ للرّيّ حيثٌ وُلِدء وحيث نشأً وترعرعَ وشدا في العلوم» وكان أبوه خطيبٌ الريّ» وواعظهاء وذا السَّمْتِ الحسن بِينّ أهلهاء وبذلك الوسط الذي نشأ فيه والتّسب الذي ينتسبٌ إليه» اجتممٌ له أمران: كلاهما أعلاةٌ وسّما به. أوهها: نَسَبٌ شريف» إذ يتنمي إلى صِديقٍ هذه الم بي بكر خليفة رسولٍ الله كك وصفيّه في الجاهلية والإسلام» ووزيره في تدبيرٍ الدولة» وصاحبه في الغارٍ» وثاني الاثنين. وثانيها: البيئةٌ العلمية» فإِنَّ أباه كان عالمأء وكان خطيبٌ الريّ» فنشأ في بيت العلم؛ وفي وسطه. بيئة م في بلاد خوارزم: وإنَّ المدارسٌ الإسلامية قد أَنبّتْ في بلادٍ خوارّزم وغريها وما وراةهاء حتى نبَعْ فيها العلا الكباة أمغال أبي الريحان البيرونٌء صاحب الفلسفةٍ والتاريخ» والخُوارزميٌ صاحب الرياضيات؛ ثم الخُوارزميٌ صاحب المقامات» ثم بديع الزمانٍ ال همذاني ومَنْ جاء بعدهمء ثم كان فيها الشيرازيٌ ار طائفةٌ كبيرةٌ من علم|ء المذهب الشافعيٌ الذي كان يسودٌ في تلك البلاد» وله القلبُ والسلطان. فَمُندٌ أدخل محمد بن إساعيل القفَالُ الكبيء الشاميّء المتوق سنة #56 ذلك المذهب الجليلٌ في هذه البلاد» وهو يَنْمو ويزيد» حتى إذا جاءً القرنٌ السادس المجريّ؛ كانت له السيادةٌ في الشعب. 1 أعلام وعلماء الرازي نَشَّأ في بيئة العلم: وبهذا يتين أنّ فخرٌ الدين الرازي قد نش في بيتِ الدين؛ وفي مَعْدِنٍ العلم؛ وني بيثيو» فكان لا بد أن يتجة إلى العلم ب بكُلبّه وقد اَّمه إليه فاْتحفظ القرآن» وروى الحديتٌ؛ وتعلّم علوم اللغةٍ والفلسفةٍ والكلام» وكان مع كل هذا طالباً للفقه» وكان مِنْ مُقتضى كم البيئةٍ أنْ يكونَ شافعياًء ولذلك كان من أعلم الفقهاء بفقه الإمام الشافعيّ رضي الله عنه» وكان من أشدٌ الناس تعصّباً لذلك المَذْمَب. عصرٌ امتاز بأربعة أمور: ويجب أن تُررَ أنَّ هذا العصرٌ قد امتارٌ بأمور أربعة كلها التقث في فخر الدينٍ الرازي رضي الله عنه. ١‏ تحصيل جميع العلوم: أُولُ هذه الأمور: هو تحصيلٌ العلوم كلّهاء فلم يكن التُخصّصٌُ واضحاً فكان الفقية يجمع إلى الفقه علم العقائدٍ وال وعلم اللغةٍ بشْتّى فروعه وتمتز هذه العلومٌ كلها في آثاره وفي تفكيره ويظهث في كتابات كانه متخصّس في كل واحلٍ منها. ؟ -الموسوعات العلميّة: وثاني هذه الأمور هو الموسوعاتٌ العلميةٌ الجامعة» فقد اتََّدَ العلمامٌ إليهاء فكان 5 المذهب ا حنفي «المبسوط» للسرخسئ» وهو وسوعة فقهية» وكان في المذهب الشافعي «المهزَّبُ) للشيرازيٌ؛ وكان ف المذهب الحَنبلّ «المغني» لابن قدامة» وكان في المذهب المالكيّ الموسوعاتٌ الفقهيةٌ المختلفة» وحسبٌ الغرب العري ديوانٌ الفقه الكبير» وهو «المحل» لابن حَرْم الأندلسي. الفخر الرازي ١‏ الجدل في الفقه وعلم الكلام: الأمرٌ الثالث: الجَدّل» فقد سادّ هذا العصرٌ وما قبلّه الحدلُ الفقهيٌ والكلاميّ» حنى كان العالِمٌ لا يُوصَففٌ بفضْل العلم فقطء بل كان يُوصَفه مم ذلك بفضلٍ القدرة على المناظرة والجدل» حتى كانوا يقولون في مدح العالم: كان عالاً نظّاراً» وإنه لفرط عناية العلاء في ذلك الزمانٍ بالجَدَل كانوا يُقيمون مجالسٌ العزاء بالمناظراتٍ في مسجدٍ الحيٌّ الذي كانت فيه الوفاة. ؛ ‏ التعصب المذهبي: الأمرٌ الرابعٌ: هو التعصّبُ المذهبيّ» وإن ذلك نتيجةً الجَدل» فإِنَّ الجَدَلَ جُعلُ كلّ صاحب فكرة يستمسكٌ بهاء ويعتلُ الأدلةً لتقويتهاء ووراءً ذلك التعصّبُ الشديد» ولذلك كان الإمامٌ مالك رضي الله عنه ينهى عن الجَدّل. كتبٌ الرازي وتصانيفه: ظهرث كل هذه الأمورٍ في الرازي» فكان عالماً بأصولٍ الفقه. وله فيه كتابُ لسرا وهو ع ف الرتبة الثانية من كُتُب هذا العلم» وقد اسْتَبَحَرٌ فيه» تَعمّقّ في مسائِله وقواعده تعمّقٌ الغائص العارفٍ بمواضع اللؤلو منه» وكان عالاً أو لين ومست عل اكلا وقد كب فيه ماعن ماج الاق في أكثر الأحيان؛ ومُناقشاً له في بعض الأحيان» وقد قال ابن كر فى كله «أحَدُ الفقهاء الشافعية المشاهير بالتّصانيف الكبار والصغار» وله نحوٌ مئتي مصنفي. منها التفسيرٌ الحاؤل» و«المطالبٌ العالية»» و«المباحث الشرقية»» وله في أصول الفقه (المحصول» وغيده» وصنّف ترجمةً الشافعيٌ في مجلدٍ مفيد» وفيه غرائبُ لا يُواقَقُ عليهاء وينسب إليه أشياءٌ عجيبة». (البداية والنهاية» ج7١؛‏ ص 20). 8 أعلام وعلماء وقفة عند كتاب الرازيّ في الشافعىّ: ونقفُ هنا وقفةٌ قصيرةٌ عند كتابه «مناقب الشافعيّ»» فقد كان مُظهراً لتعصّبه المذهبي بادياً فيه» ما ترك منقبةً لم ينسبّها إليهه ومع ذلك كان يُعرّض بغيره من الأئمةء وحيثٌُ وجدّ روايةٌ ولو كاذبةً تُعليه ساقّها من غير تُحيص» وكأنها خبرٌ صادقٌ لاشكٌ فيه. ومن ذلك مثلاً ما رواه عن حمدٍ بن عبد الله البَلَوي» فإنه روى عنه أن الشافعيّ عندما سيق إلى الرشيد مُتّهماً بالتشي سنة 1ه كان ذلك بدس خف من أبي يوسف ومحمدٍ تلميذيّ أبي حنيفة رضي الله عنهم. وادَّعى له علمَ الطب وعلمّ اليونانية» مع أن الرواية كاؤبة» لأن أبا يوسفَ قد مات سنة 187 قبل أن ب لحم جم رك عد ب اع ار مي نا اموي أي يدا رلا علمَ العراقٍ منه بعدَ أنْ فكّتْ قيوده. ول ب* يثبث أن الشافعيّ كان يعلمُ لغةً اليونان» بل إنه م يبت أنه التقى بالسَّرِيانِ الذين كانوا يُكَوّنون مدرسةً الترجمة في عهدٍ المنصور والمأمون. وقد رد ابن القيّم تلك الرواية وا تهم البَلّويّ راوها بأنه كذاب (راجع كتاب «١مفتاح‏ السعادة» لابن القيِّمى ص0556). وردَّها أيضاً ابنُ حجر العسقلانّ وقال: الأوضحٌ ما فيها من الكذب قولّه فيها: (إنَّ أبا يوسف ومحمدٌ بن الحسن حرّضا الرشيد على قتلٍ الشافعيّ»؛ وهذا باطل من وجهين» أحدهما: أن أبا يوسف قد ماتء ولم يجتمع به الشافعيّ. والثاني: أنه| كانا أتقى من أن يَسْعَيا في قتل رجل مسلم». ولااشكٌ أن التعصّبّ المذهبىّ الذي ساد عصرّ الفخر الرازيّ» هو الذي سهّل له قبولٌ تلك الرواية الكاذبة التي أجمعّ العلداءٌ على كذيها وكذب راويها. الفخر الرازي ١!‏ علم اراي غزير» وإحاطة شام اه الفخرٌ الرازي إلى الدرس والبحثٍ والكتابة» وقد أوتي كل المؤمّلات التي هله لذلك: علمٌ غزير» وإحاطةٌ شالة» ودقَةٌ في الفهم واتهادٌ إلى طلب الحقيقة من غير عِوّجء إلا إذا كان الأمرٌ يمس المذهبّ الشافعيّ؛ فإنه في هذه الحال يكونُ منه التعصّبء والنظرٌ الجانبيّ» والاتجاهُ من زاوية الانجراف» فلا يكونٌُ مستقياً» ومَهما يكنْ فقد ترك ثروةٌ فكرية يندرٌ بِينَ العلماء من تَرَّكَ مثلّها. و نيت له المدارس ليّدرّسٌ فيها: ٠ وقد كانَ ذا حَظُوةٍَ عندٌ الملوك» ولذلك بَنَوَا له المدارسٌ المختلفة في بلدانٍ شتى ليلقيّ فيها دروسّهء والناس يَفِدونَ إليه طالبين علمّه» يستمعون إليه في تحقيقاتِه العلميّة» وكان ذلك للخاصّة من أهل العلم الذين يستطيعون أن يُدركوا المعانَ العميقة التى يدرسّها. ومجالس للوعظ والإرشاد: وكانت له مجالسٌ وعظ ينّجِهُ فيها إلى الإرشاد والتوجبه والرواية والقصّصء. وهذه المجالس كانت تتَّسم بأنها جامعةٌ لكل الطبقات» فكان يحضرٌها العلماءً والملوك والأمراءً والوزراء» وتُجَمّل ذلك المجلس الحافل حُضورٌ العامة والفقّراءء فإذا كانَ الله تعالى قد جَعَلٌ له حَظُوةً عندَ الملوك» فقد كانت لهُ حظوةٌ عند العامة» وجمع الله في مجليه بين الفريقئن» فكان مجلساً تُظلله الملاككة؛ لحضور الفقراء والعامة فيه. ١‏ أعلام وعلماء تَصَدَى الرَازِيٌ للمنحرفين وجادكّم: ولقد كان يتصدَّى لمجادلة المنحرفين ومناقشتهم, وكانوا كثرةً في البلادٍ النائية» فكان يرد على الشيعة في كتاباته وني مناقشاته» وفي دروسه؛ وكانث في عصره طائفة اسمّها الكرامية نسبةً إلى محمد بن كرام السجستانٌ المتوقى سئة ©70ه. وقد كثر أتباعٌ هذه الطائفة في عهدٍ الفخر الرّازْيٌ» وكان يعتنق مذهبّهم بعض الملوك؛ ثم خرجّ منه وهم في الاعتقادٍ ما يالف الأشعريٌّ والمعتزلة وغيرّهم, وفي الفروع آراءٌ منحرفةٌ منها ما يُالِفٌ صريمّ القرآن» وهي أنْ صلاةً الخو تكبيرتانِ من غير ركوع أو سجود أو إياء با وذلك يخالفٌ القرآن ومنها: جوارٌ الصلاة في ثوب تبيس» ومنها: أن العباداتث تجوز بغير نيّة» وغيرٌ ذلك. فكان لا بد أنْ يتصدّى لردٌ هذ الأقوالٍ إمامُ العامة والخاصَّةٍ الفخرٌ الرازيّ» وقد اشتدٌ في الردٌ وأكثرٌ من انيل منهم في دروسه ومواعظه. وكان عظيمٌ التكاية في هذه المواعظ؛ لأنّه يلتقي في مجالسها الأمراء والملوكُ والوزراءٌ مع العامّة» فلا يكون فريقٌ من الأمة إلا شاعٌ قولُ السوءٍ في مجاهم بالنسبة للكرامية» وبذلكَ ضعْفّتُ شوكتهم وضَوُّلَتْ كَثْرتهِم» ول يَعُد هم نفوذٌ في العامة» ولا عند الكبراء. خصُومُ الرازيّ نالث منه في ديه بالباطل: وإذا كان هو قد رماسّم بحت دفاعاً عن الدين» وإبطالاً للبدعة» فقد نالوا منه في ديه بالباطل» ومَنْ عادى مَنْ لا دينَ له لا يأمنْ أن يْتّهمَ في دينه لأنّه لا حريجة عند المدحرفٍ تمنعٌه من تحدّي الحق في| يقول؛ فكانوا يرمونٌ ذلك الإمامَّ الجليل بالمعاصي» ويخصٌّونه بأفحشهاء وهو منها براء» وإذا كان ما كان يُرمى به هو ضريبةً الفخر الرازي وا التقى يُقدّمها عند محاربة الفاسقين المبتدعين في الدين ما ليس فيه. فإنه كان مطمئئاً كلّ الاطمئنان إلى ما يقولون, لأنّ المذمةٌ من أهل النقص» شهادةٌ بالكيال. ولعل أكند ها كاقزا بومو تيه لباق ما تماق بشخو تا كان أقد ماكان ين في نفسه أنهم كانوا يكذبونَ عليه بالنسبة لمنزلةٍ النبيّ ل في قلبهء فقد ادعرًا عليه أنه كان يعيّرُ عن النبيّ ب فيقول: محمدٌ البادِيّه ويقول عن نفسه: حمدٌ الرازيّ» ومعنى الباديّ من كان بدويّاء ون كتبّه ليس فيها شيءٌ من هذا التعبير» فهي رَميةٌ فاسقةٌ لا تكون إِلّا من فْسَاق. رمه 0007 2 الرازي يذكر الرأي؛ » آنا صريحاء وآنا خفيا: ولقد كان الرازيٌ في معترك الأفكار التي ينقلّها ويسُوقٌ أدلّتهاء أحياناً يذكرٌ رأيّه صريحاً جهيرأء لا حَفَاء وأحياناً يذكرٌه خفياً لا يبدو إلا لأهلٍ النظر والتفكير» وقد قال فيه مَنْ لم يصِلُوا إلى شأوه: : «إنه كان يقرّر الشبهة من جهة الخصوم بعباراتٍِ كثيرة» ويجيبٌ عن ذلك بأدنى إشارة». وني الحقيقة أن ذلك كان منه ني المسائل التي يرى الأكثرينَ عليهاء ولا يريد أن مهاجمهم صراحة» بل يُمَهدُ لفكرة الخصوم المعارضين للكثرةٍ الكاثرة. ومن ذلك لحر اتح عل امنيا ل ين القرد راد لاسي انبر ليس في القرآنِ منسوخ بل كل ما اشتمل عليه القرآنُ من آياتٍ وأحكام حُكَمْ لا نسي فيهه وقد ساق في سبيلٍ الاستدلالٍ لأبي مسلم الآياتٍ التي ادّعى نسخّهاء ووفّق ينها وبينَ الآياتٍ التي ادّعى أنها ناسخةٌ لما توفيقاً وتدقيقاً» واحتفل ببيانٍ رأي أبي مسلم؛ ولم يحتفل ببيانٍ الردٌ عليه» بل كان الردٌ يومئ بأنه ضعيففٌ بجوار ما أَيّد به رأي أبي مسلم.. وهكذا كثيرٌ من المسائلٍ اشتمل عليها «التفسير»» وغيرُه من الكتب. 514 اكلام وعلياء الرازي رجل دنيا ودين: وإِنَّ الموقفت الصّريحَ بلاشاكٌ أسلّمء وألِيقُ بالعالِم الذي ينصرفٌ إلى العلم» لا همه إلا تقريرٌ الحقائق وحدّهاء ولكنّ الفخرٌ الرازيّ كانَ رجلّ علم ودين» ورجل دنياء فقد كان مُتصِلاً بالملوك والأمراء» وله منزلةٌ عند العامّة. ومَنْ كانَ كذلك لا يستطيعٌ أنْ يُجابةَ العلماء بها لا يألفون» فإذا كان يشِيرٌ إلى رأيه بعباراتِ”'' تُومى ولا تصرّح» فهو بهذا يحاولٌ أنْ يجمعَ بين النواحي الاجتماعية التي ارتبطً بهاء والحقيقة العلميةٌ التي يريدٌ إعلاتهاء ولو بطريق مستوره فلا يعلنُها عارية» بل مستورةٌ بثياب قد تُوهِمٌ غيرهاء وثُلِسٌ على بعض مَنْ لا يُدرِكون أمرّها. وقد كان يصنم ذلك في بعض الآراءِ التي يختارُها من المعتزلة وغيرهمء ويومٌ بها ولا يُصرّحء وإذا كان في ذلك عيبٌ فأساسه هو اتصالّه بالحكام والأمراء. والعالالحقٌ الذي وصلّ إليه الإمامٌ الرازي كان يبُ أنْ يعلرَ عن الرانعات التي تقيّده» ويكون للعلم خالصاً لا يطلبٌُ سواه» ولكنْ لعله وجدّ في الانّصِالٍ ما مكّنَ به للعلم والعلماء» 1 فْتِحَتٍ المدارس» وحَضّر الملوكُ مجالس الوعظ. تفسيرٌ القرآن للرازيّ: شتهر الفخرٌ الرازيٌ بالتفسير» وإن كان مقامّه في كل علم من علوم الإسلام لتر عن مقاية ل التقبيينة ؛ بل إن التفسيرَ قد كان المظهرٌ الأكبرّ لكل علوم الرازيٌ» فقد أودّعَه علم الإسلام كله فقد جممَ فيه بين دقَة التحقيق اللغويٌ لمعاني العباراتٍ القرآنية السامية» ونقلّ فيه ما قالَهُ علماءٌ اللخةٍ في آياتِهِ القُدُسيّة» وتعرّض )١(‏ في الأصل: بعباراته. الفخر الرازي ا بتفصيل كامل لآياتٍ الأحكام الفقهيّة؛ وكل آي يجري في ظلّها اختلافٌ المعتزلة مم الأشعريين» أو الفلاسفةٍ مع الا النظر المختلفة تبيينَ العارفٍ المُذْركِ الغرّاصء المتعرّنفٍ لكل أوجد الاستدلال. وإنَّ هذا التفسي بحق من أكير الموسوعاتٍ الإسلامية» ولعلّ بعضّ العلاء قد انتقدٌ ذلك المنهاج من التفسيرء واعتبرَةٌ تشعيعاً لمعاني القرآنٍ في وسط الخِضَمٌ من العلوم؛ حتى لقد قيل: إِنَّ الأستااً الإمامٌَ الشيجّ محمد عبده سُكِلَ عن تفسير الرازيّ فقال: «فيه كل شيء إِلَا التفسير». ولا ندري مقدارٌ صِحَّةٍ النسبةٍ في هذا القولٍ إلى أستاذ الجيلٍ وإمامه الشيخ محمد عبده ولكنًا نقول: إِنَّ الكلمةٌ قد تكونُ صادقةٌ من حيث المظهرء فإِنّ العلومَ الإسلامية المختلفةٌ هي الواضحة فيه. ولكن مَنْ يُنْعمٍ النظرّ يد الرازيّ قد جَمَعَ في تفسيره أقوال أهلٍ اللخةٍ في الآيات» حتّى صار مرجعاً في ذلك» وجممَ الروايات التي ساقّها الطبريّ وغيرُه في التفسير» وجمع أقوالٌ المُفسّرين قبلّه كالزغشريٌّ وغيره» وكان ذلك مع غيره من العلوم» وهو يختار ما يراه أقربٌ إلى معنى القرآن. ا ا اا ولكنها لا :: نضح فيها شخصيّةٌ المفسّرء ى) نرى في تفسيرٍ الزخشريّ وفي تفسير الطبري» ون ع الطبقة» فإن شخصيّة المفسّر واضحة» ومعنى الآبة على منهاجه واضحٌ بين لاغموض فيه ولا إبهام. والتفسيرٌ فيه تفريعاتٌ وتشقيقات كثيرة» فهو يفرّع الكلام في الآية إلى مسائل» ويذكرٌ في كلّ مسألةٍ الخلاف فيهاء ويذكرٌ الأدلّة مُسَلِسَلةء وأحياناً يُقسَّم الكلامَ في 1 أعلام وعلماء الآية إلى فُصولء ويُفرّع ويْفصّل فيهاء وهو في كل ذلك ينقلّ كم القول» ويحكي دقائقٌ العلوم؛ ولطيفَ الأفكار. وافتخ أَيَّ صفحةٍ من هذا التفسير تمد ذلك كلَّه واضحاً لالس فيه. وقد فنحثُ صفحةٌ فوجدئه يتكلم في معنى قوله تعالى: أي جحل كم الس سا وَألتمَة يآ [البقرة: 77]» فيقول: «المسألةٌ الرابعة: 0ه كَوْنٍ السماء بناءً» قال الاح : : «إذا تأمَلتَ في هذا العام وجدتّه كالبيتٍ المح 0-0 ما 3 إليه» فالساء فوق» مرفوعة كالسقفة والأرض تمدودةٌ كالبساط. والنجومُ منوّرةٌ كالمصابيح؛ والإنسان كالكٍ البيتِ المتصدّف فيه وضروبٌ الخبا بض كهناة لمنافعه» وضروبٌ الحَيّوانٍ مُصِرّفة في مصالحه. نوهل رافند يدل على أن العالمملوقٌ بتدبير كامل؛ وحكمة بالغة والله أعلم». وهكذا نجدٌ في التفسير أحياناً رياضاً مزهرةٌ وارفة الظلال» يستمتمٌ فيها القارئ بأظرف الأفكار» وأحياناً معانَ كأنها الشَّاجْاتٌ يُعَبُ فيها بقوّةٍ المعاني» وإحكام الاستدلال. ومها يكن أمرٌ هذا التفسير فهو ثروةٌ في العربيّة والإسلام؛ لا يعرف قدرّها إِلَا مَنْ مارسٌ البحتٌ في هذه العلوم؛ فحيثٌ) أردتٌ فكرةً في بحثٍ إسلاميٌ وجدتها بالتفصيل في هذا الكتاب» أو وجدتٌ لا أصلاً مبديك إلى فروعه؛ أو إشارةٌ تومئٌ إلى تفصيله. الرازي ل يُدخِلّه التاريخ في رُمرة الرّاهِدين: إذا أسقَطْنا من حسابنا الحاقدين عليه الذين سقاهم أكؤّساً من النقدٍ المرير, فإنَا نجدٌ الرواياتٍ تتضافرٌ على أنّه كانَ عابداً ون لم يكنْ زاهداً» وإذا كانَ الزهدٌ هو طلبٌ الحلال» ىم رُوي عن الإمام أحمدٌ بنٍ حنبل» فقد نحشرٌه في زمرة الراهِدين لأنا لا 0-3 نحسّبٌ إِلَا أنه كان يطلبٌ الحلال» وإنْ كان يستكثرٌ منه» ولا يكتفي بالقليل» و الفخر الرازي هاا أيٍّ حال هو ل يَعُدّ نفسه منهم, ولم يعدَّهُ التاريخ منهم» ولكنْ من المؤكّد أنه كانت له عباداتٌ يُكثرٌ منهاء وأورادٌ يكثرٌ من قراءتهاء وأَدْعِيةٌ يَضْرعٌ إلى الله تعالى بها. ٠‏ 2 5 2م ع ٠.‏ إن ذلك العقلّ الذي مرس بالاستدلال والمُحَاجَة وأجاد الفلسفة؛ أحسٌ بأنّه كليل» ورضي أن يكونّ المفوض في العقائد. الذي يزهدٌ في التعمّق فيهاء والاستدلالٍ ١ 5 7 - 0‏ 7 3 لاء وَيْرَ عنه أنه كان يقول في آخر حياتِه ١مَنْ‏ زم مذهبّ العجائز» كان هوّ الفائزا. 0000 22 3 ع وقد اوصى وصية قرئت من بعده» وفيها أنه رجع عن مذهب الكلام في العقائدٍ مع ناه ا ل ام م / 0 إل طريقةٍ السّلفِ الصالح. وطريقة السّلف أن تُوْخدٌ العقائدٌ منّ القرآنٍ الكريم والحديثٍ الشريفء من غير تَقَأْسُّفء ولا تعمّق في البحثِ عن طريقة اليونان» التي تِيهُ فيها العقول» ولا يخرجٌ فيها الباحثُ إِلّا من مذهب إلى مذهبء وليسّ فيها ما هُرٌ أهدى سبيلاً. 3 4 2 7 - «نِعمَ المال الصالح في يد العبدٍ الصالح»: وممّ هذه العباراتٍ البارزة» وجدناة يطلبٌ امال ويقتني جواهرّه؛ ولعل السبب الذي دقَعَهُ إلى الحرص على طلبه أنه وجدّ العلا في جيله يعيشونٌ على هوامش حياةٍ الأغنياءٍ والأمراءء والوزراء» وإن ذلك قد يُنقِصٌ من قدرهم ولا يُعطيهم أمامَ العامّة 2 ا ,2ه 1 ااي عء اس 9 ام 2 المكانة اللائقة بهمء وبلغة قول النبيّ وَكِ: انعم المال الطيّب, في يَدِ العبدٍ الصّالح)""'' )١(‏ أخرجه الإمام أحمد (7» والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (5055): وابن حيّان (77)» وغيرهم» وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ من حديث عَمْرو بن العاص رضي الله عنه. ولفظه: انِعِنًا بالمال الصّالْح...2» وليس (الطيّب) ى] هنا. 5 أعلام وعلماء وقد بلغه قولُ أمٌ المؤمنين عائشةً رضي الله عنها: «إنَّ) بُِيتْ أحسابٌ أهل الدنيا على لمال» وقوهًا رضي الله عنها: «رأيتٌ ذا الما عندَ الناس مَهِيبا وذا المَقْرِ عندهم مَهيناًه. وجدّ كلّ هذه الآثار تُقرّرُ تلك الحقائقٌ الواقعة» فلماذا لا يكونٌ عبداً شكوراً؟ وناذا لا يكونٌ العبدٌ الصّالحٌ الذي يكونٌُ في يدِه امال الطيّب؟ ولماذا لا يبتعدٌ عن مَوْضع المَهَانةِ والتبعيّةِ للأغنياء» وإِنْ كان عندَ الله وجيهاً؟ لذلك طلب المال» فكان له 1 الت العيْنٍ ثمانونَ ألف دينار» وله الأمتعةٌ الثمينٌ والملابسٌ والأثاث با مق مع ما يريده لنفسه من مَظْهّر. وقيل: نه خلّف من الذهب العَيْنِ مئتي ألف دينار لائانين ألفاً فقط. وكان له حمسون مملوكاً تركيّاء وعقاراتٌ كثيرة» ودوابٌٌ وآلات. وقد استمرٌ يعيش هذا العيس الرافغ” إلى أَنْ قَبضّه الله تعالى محسوداً من أعدائه وأوليائه معاء لأنّ كل ذي نعمةٍ محسود, وأيّ شيء أعظمٌ من أن يجمعَ الشخصٌ بين الدنيا والدين» ويعطي كليهم| حقّهء من غير ظلم ولا اعتداء» ولذلك كان هذا الإمامٌ موضم الحسد. وفاته: وقد تُوفي في ذي الحجة سنة 5ه وقيل: إن الكرّامية دسُّوا له السّمٌ ى) أشاعوا عنه ما يُدنّمّهِ بعد وفاته» وإذا كان ذلك اللكر” صحيحاأء فقد ذهب شهِيدٌ العلم والدين» وحََدَمَ الله حياته بها تحِْمُ به حياةً الصَّالحونء فكان وجيهاً في الدنيا والآخرة. )١(‏ الرفغ: ‏ بالغين المعجمة ‏ وجمعها رفاغ. والرفغ والرفاغة والرّفاغية: سَعَة العيش والخضب. وعَيّش أرفغ ورافغ ورفيغ: خصيب واسع طيّبٌ. انظر: السان العرب». مادة (رفغ). امسن البصري 14 الحسَن البضري”© )هاا١٠١-1؟9١(‎ دخل أعرابي البصرءً فسأل صَفُوةٌ من الناس: مَنْ سيّدُ هذا الوضر؟ فقالوا: الحسنْ البصري. فقال: بم سَادَ أهلّه؟ قالوا: استغنى عا في أيديهم من دنياهم» واحتاجوا إلى ما عندَهٌ مِنْ أ دييئهم. فقال الأعرابي: لله لله در هكذا فليكن | لبج عقا وو ل الحسن ولد رقيقا وأمّه أمة: إن ذلك السيدَ حقاًء الذي حكمٌ الناسٌُ بأنّه سيدٌ البصرة» وكانٌ فيها الحجّاجُ الثقفىّ؛ ومن قبل كان زياد بن عُبّيد الذي شي في التاريخ بزياد بن أيه لم يكن قرشياً حتى تكون له سيادةٌ قريش» ولم يكن عربياً» حتى يكونّ لهُ فخرٌ العرب» ولم يُؤلد غل اخرية سن يكون له كرف العيادة الطبيعيةة بن ولد عل لق فكان ِ )١(‏ مجلة العربي: العدد 355 عام “11817ه -1954م. 0 اعادم وعلواء أبوه رقيقاً وأمّه أَمَة» ووَلِدَ منهماء ولكنه نال السيادةً بشرفٍ العلم» وبكّرفٍ الدين» وبشرفٍ الخُلّق» وبعزَّةٍ القناعة» وثروة الزهادة. الحسن وَلِد في أحضان أمٌ المؤمنين: كان والدٌ الحسن من أسرى فارسء واسمُّه يَسَارء وأمّه واسمُها حَيْرة» من السباياء وقد آلت ملكيتها إلى السيدة أمّ المؤمنين أمّ سَلّمة زوج النبيّ كِ . وقد وَلِدَ شرك اسانأ ملم فد بق بش من الحانةلي3 وفافتت بعك آم الؤمين بعطفها وشفقهاء حتى أنه يُروى أنها غدّته بلبنهاء فيَروي ابن تحلّكانَ أن أمّه كانث َِيبُ عن البيتٍ لحاجةٍ لأمٌ المؤمنين» فإذا بكى الطفل» أعطنه أم سلمةً ثديها تُعلّله به إلى أن نبي أمّهه وربما در عليه بعضّ اللبن. ولقد أعتقثه أمّ سَلّمة التي آلثْ إليها ملكيثه تبعاً لأمّهء ولكنّ العتقّ لم يقطعْه عنهاء بل إِنها أمدَنُه بغذاءٍ روحيّ مما علمثْه عن الرسول يِه ومن فيض حكمتهاء فقد كانت معروفةً بِينَ نساء النبيّ يل بالحكمة في القولٍ والعمل؛ فهي التي أشارث على الرسول الكريم يك في صلح الحُديبية بأنْ يبداً هو بالتحدّلٍ من إحرايه بالنّحر عندما طَلّبَ إلى المُحْرمين مَعَه أن يتحلّلواء فتلكّنواء فلا نحرٌ النبيث وك بإشارتها اتبّعه جميع المحرمين. الحسن نشاً في عهدٍ الخلفاء والتابعين: تلقّى الحسنٌ الحكمةٌ من فم أمٌّ سَلّمة وهو في المهد؛ وما زالٌ الحسنٌ البصري» ذه أو الحسنٌ بن يسار يشدو في الحكمة والمعرفةٍ والدين» حتى بلغ مرتبة السيادةٍ حقاً. الحسن البصري ١1م‏ وَلِدَّ الحسن في سنةٍ ١7ء‏ أي: في السنينَ الأخيرة من حكم أمير المؤمنين عمرٌ ابنٍ الخطاب رضي الله عنه. والتقى بالصحابة في عهدٍ عثمان» يو عنهم؛ واختصٌ في أخذه بمواعظ الرسول يِه وير السابقين» حتى إذا جاءً عهدٌ أمير المؤمنين علٌِ بنِ أبي طالبء كان قد بلمٌ الرابعةَ عشرةً من عمّرِه. وكان بالمدينة عُشّ الصحابة وموطن العلم؛ يوم مقتل ذي الثورين عثانَ رضي الله عنه» وكان في حضرةٍ سيف الإسلام عل عندما بلغدُ مقت عثران» فذكرٌ الحسنٌ أنَّ علياً رفح يده إلى السماء وقال: «اللهمَّ ا وم أمالئ». وقد استمرٌ الحسنٌ في طلب علم الصحابة عن النبيّ َك مُعترَاً به» آخذا من التقى بهمء وقد التقى بالكثيرين» وإنه ليقول: «لقيتٌ ثلائمئة من الصحابة منهم سبعون بدرياً». تلقى علمّه عن هؤلاءء وكان حَفِيِاً بمعرفة سِيّرٍ السابقين من الرسّلٍ وأخبارهم. كما جاء على لسان النبيّ ل وى| رُوِيَ عن الصحابة» وكا تلقاه من أهل الدياناتِ الأخرى مُنتقياً ما يأخدٌ من هؤلاءء فلا يأخدٌ ما ينقله عنهم من غير فحص واختبار. القصَّاص في آخر عصر الخلفاء الراشدين وعصر بني أمية: وقد شاعَ القصصٌ في آخر عصر الخلفاءِ الراشدين وطول العصر الأموي؛ فكانَ لِكُلٌ مدينةٍ في ذلك العهد الأخير» قاصّ»ء كى) كان لها فقيةٌ» وقاض. ولقد كان القُصَّاص مخْلِطون المرافاتٍ بالحقائق» والأوهامَ بالعقول» وقد وَجَدَتٍ الإسرائيليّاتٌ طريقّها إلى المسلمين عنهم» ولذلك حاربٌ الإمامٌ عل رضي الله عنه ذلك النوعَ من الققصصء وكان يدخلٌ المسجدّ فيُخْرِجُ مَنْ يتكلّمون بالقصص 1/1 اعلامووعاه المبنيّ على الأوهام. ودخل مسجدّ الكوفة مرة» فوجدّ الحسنّ البصريّ يقصٌ قَصِصّه فوقفٌ قريباً منه فترة» ابجمم نما يقول قم ترقدع زهدا يدل عل أن الإماء الأعظم م يبد في قصصه ما يُمنع» فأقرّه ويدلٌ على أن الحسٌ كان ينتقي الأخبار. مصادرٌ علم الحسن: تضافرث أسبابٌ جعلت من الحسن عالاً مخْلِصاً نقيّ القلب» ونقيّ الاعتقاد. الغا علو نوات إل ابوت رعصر مه ونان ما شيوخحه فقد كانوا الصحابة الذين نقلوا علم'" النبوة» وشاهدّوا الرسول بل وعاينوا منازِلٌ الوحي» ومدارك النبوّة. وقد التقى بصفوتهم في المدينة» وفي الكوفة والبصرة؛ وقبسٌ من علم عل بنِ أبي طالب ومن هَذَيِهِ ومِنْ حكمته» واهتدى ببلاغته؛ وبإشراقٍ بيانه» فكان من بعده أبلعَ مَنْ تكلّمٌ بالحكمة وفضل الخطاب. وأمَا عصرٌهء فقد التقى فيه نوعانٍ من العلم, أحدّهما: علمٌ النبوّةِ الذي حمله الذينَ التقى بهم من الصَّحابةِء كعبد الله بن عمّرء وعبدٍ الله بن مسعوده وعبدٍ الله بنٍ عباس» وزيدٍ بِنٍ ثابتِء ومعاذ بن جبل» وثانيه|: علومٌ قد تورّدت على العقلٍ العربي من الاختلاط الا وتراث الحضارة القديمة والدياناتٍ السالفة» وكانّ في هذا يِذ النوع الأول من العلم سبيلاً لانتقاءِ ما يُؤْخذٌ مِنَّ الثاني» فيا كان يأخذٌ منه إلا ما يتمق ممَ اهدي الإسلامي» والمأثور عن النبيّ يله وما أخدّ به السلفٌ الصالح رضوانٌ الله تبارك وتعالى عليهم. )١(‏ في الأصل: على. والصواب ما أنبّه. الحسن البصري ١‏ في عصر الحسن ظهرٌ التشيّع والتفرّق» ومناهجٌ الفقهِ أخذث نتميّز وفي عهدو نب: نبتثُ نابتةٌ التفرّقء وَوٌجِدتٌْ نِحَلٌ مختلفةٌ بينَ المسلمين» ففي عهده ظهرٌ التشيّع لآلٍ علٌ» معتدلاً ومنحرفا وفي عهذه ظهرٌ الخوارج بعُنفهم ولجَاجِتِهِم وتشدّدهمء وأَحَذِهم بظواهر الألفاظ» واندفاعهم فيا يحسبونٌ أنه الاعتقادٌ السليم. ثم في العصر الذي عاش فيه أحذث المناهجٌ الفقهيةٌ تتميّره فكان فقهُ العراق» وعلى رأسه عبدٌ الله بِنُ مسعود, ثم علقمة» وإبراهيم التَخَعِيَّ» وحمادٌ بن أبي سليان» وعلى مائدةٍ هؤلاء تربّى أبو حنيفةً النعمان. وفي المدينة كان الفقهُ الحجازي» وعلى رأسه عبد الله بن خمرة نعي بن مجه ونافع فول عبر له إن أعهرة واب هاب الزهري» ومن مائدتهم تغذى مالك» وهكذا أخذث في عصر الحسن المدارس الففية قي تاجيا وكلّها يلتمسٌ ينبوعّه من علم الرسول يكل وما نقله صحابثه. والاختلافٌ إنَّها هو في المنهج والتخريج. وقد آنى الله الحسنّ من الصفات. ما جعلته علا في عصره مع ما تهيّاً من أسباب مكُنته من أَحْذٍ العلم من مناهله. تل و 2 نس يحيل إلى السحَسّن بعض سائليه: فقد كان ذا ذكاءٍ مُذْركُ عميق, لا يكتفى بالنظرة الأولى» بل يُردٌّدُها مرتين» ولقد بلع في هذا الذّروة» حتى أنَّ بعضٌ شيوخه من الصحابة كان تُحِيلٌ عليه ما يجيه من أسئلة في الدين. سُئل أَنّسٌّ ‏ مولى رسول الله بَكةِ الذي عمّر طويلاً - عن مسألة» فقال: عثراغولانا الم » فقيل له: أ تقول ذلك؟ فقال: قرا غزولا السو فإنه سيعّ وسمعناء وحفظ ونسينا. 145 ادوع وكان مَعَ هذه الذاكرة الواعية» غير جامدٍ على فكره؛ بل كان يجتهدٌ فيه يعر له من مسائل» وله فكرٌ مستقل» استطاعَ أن يحتفظ باستقلاله مع اتَّباعَ علم السلف في وسط الفِئّنِ التي وقَحَتْ» والثحل التي ظَهرّتء والآراءِ التي انقسمت. ما خشي الحسنٌ الحجَاجَ طاغية العراق: وكان شجاعاً في [بداء رأيه» من غير أن يتعرّضٌ لإثارة الفتن» وكان ذلك في العصر الأمويّ» وَالحَجَاحٌ الذي رضي لنفيه أن يأخدٌ وصف قَطافٍ الرؤوسء وفي الوقتٍ الذي قال فيه حاكمٌ المسلمين الذي سمّى نفسّه خليفةٌ الله: «مَنْ قال لي انق الله قطعْتٌ عَنُقَه)» في هذا الوقت, نطنّ الحسنٌ البصريٌ بالحقّ» من غير جَمْجَمَةٍِ ولا اضطراب. سَأَلّه الحجاحٌ الطاغيةٌ قائلاً: ما تقول في علمّ وعثمان» وهو يريد اليل من عِلِّ» فأجابه الحسن: أقولُ قولّ مَنْ هو خيدٌ مني عند مَنْ هو شد منك» قال فرعون سرس سل ل صلرو رم 4ه لموسى: #إفما بال القرون الأوك # قَالَ عِلْمَهَا عند مق # [طه: 6١-؟5].‏ الحسن يأبى أن يزدلف لأمير المؤمنين: ويُروى أنه في وقتٍ خروج الخوارج على الخلفاء من بني أمية واشتدادهم عليهم؛ سأله بعض أهل الشام يريدٌ إحراججه؛ فقال له: «ممّ مَنْ نكونء أَمَمّ الخارجين أمْ مع أميرٍ المؤمنين؟» فأجابه الحسن من غير تردَدٍ ولا تلكؤ: «لا تكن معّ هؤلاءٍ ولا مم هؤلاء». فقال ل كلكا ف القول: «ولا مع أمير المؤمنين يا أبا سعيد»» فغضِبٌ الحسن وخبطً بيدوء ثم قال: ا«ولا مع أميرٍ المؤمنين يا أبا سعيد! نعم ولا مع أمير المؤمنين». الحسن البصري 11 الحسنٌ يُعرّضُ بالحجّاج فيستدعيه: أجاب الحسنٌ تلك الإجابةً في وقتٍ كان يزدلفٌ بعض العلماء إلى الحكام بإباحةٍ دماء الأبرياء. وقد كان يُعرّض بالحجّاج كثيراً في مواعظه تعريضاً يَقَرّبِ من التصريح؛ ولا يخشى في الله لَؤْمةً لائم» فيقولُ والحجّاحٌ يبني مدينة واسط: ايعمدٌ أحدّهم إلى قصر فيشيدّه؛ وإلى فرش فيْنجّدَه وإلى ملابسٌ ومراكبٌ نيُحسَتُهاء ثم يحب به ذبابٌ طمعء وفراشٌ ناره وأصحابٌ سَوْء فيقول: «انظروا ماذا صئعت!!» فقد رأيّنا أيها المغرور» فكان ماذا يا أفسقّ الفاسقين؟ أما أهل السماوات فقد لعنوك» وأمًا أهل الأرض فقد مقتوك..». يقولُ ذلك في موعظةٍ طويلة كلّها على هذا المنهاج؛ ويبلعٌ ذلك الحسجّاجء فيقولٌ لخاشيته شيته من أهلٍ الشام: يشت حي ام رام عو كر قفر اللسوة ورقول له::«آمنا لإمرق عليك حنٌّ حينّ قلت ما قلت؟». فيقولٌ له الحسن: «يرحمك الله أيه الأمير. إن مَنْ خوّفك حتَّى تبلغ أَمْنَك؛ أرفقٌ بك مّنْ أمّنك حتى تبلعٌ حؤقّك. والأمرٌ بييك العفوٌ والعقوبة؛ فافعل الأَوْلى بك» وعلى الله نتوكّل» وهو حَسْبْنا ونِعْمَ الوكيل». ونراه من هذا القول أنه يقُرنُ الشجاعةً بالقول المُهدٌّئ» فهو حكيمٌ في شجاعته. ور ل ارك الك ؤححي لارع لاص ين اذ يار ين 1701 مداه 1ن العقات عل العو 145 ادم بوعل الحسن كان زاهداًء وأقبل على الحلال من طيّبات الحياة: والحسن كان زاهداً في عَرَض الدنياء طالباً للآخرة» وكان ذا وجدانٍ قويٌ يدث انقو فل لحك اتسية مالي امم عسنات» سكف بها ايكون انق هَقُوات» يتعرّفُ عيوب نفسه ولا يُعِْى عنهاء ولا ُحصى حَسَناتِهء بل يستقلها. وممَ زهادته» وعفته ل يكنْ راغباً عن الحلال» لا يبتعدٌ عن المباح من اللذائذه : 08 #6 ون 1 : 1 5 9 فلا يرم ما أحل الله تعالى» وكان لا يرضى عن عمل المتقشّفين الذين لا يتناولون الحلال تزهداًء حضرٌ الحسنٌ مرةً وليمةً فيها حلواء» فلا قُدَّمتْ امتنع بعضٌُ الحاضرين عنها زهادةٌ فقال له الحسن: «كُلَ يا لْكّع» فَلَيعْمةٌ الله عليك في الماء البارد أعظمٌ من نعمته عليكٌ في الحَلْواءا. لأنه يرى أن الزهدّ ليس هو الامتناعً عن طيّباتٍِ الحياة» كان يرى الاعتدال في كل شىء؛» فيرى الاعتدال في طلب الملاذء ى) يرى الاعتدالٌ في العبادة» فيؤدذي الفرائض والسَّننَ امكتوبة» وما يستطيمٌ من نوافل الطاعات. وسأله بعض معاصريه عن رجلين: أحذهما تفرّعٌ للعبادة» والآخرٌ اشتغلّ بالسعي على عياله» أّا أفضل» فقال الحسن: «ما اعتدلٌ الرجلان». الحسنْ كان يستحسقٌ الغناء الذي لم يختلط بإثم: وم يكن الحسنٌ معتزلاً للناس» بل كان مختلطاً بهم؛ يسألونه عن شؤونهم» وعمًا يجري في جموعهم؛ وهو تُجيبُهم؛ ولا يُرّم شيئاً إلا إذا تَبَتَ لديه بالدليل القاطع تحريمٌهء ولذا قالوا: «إنه ما كان يُرّمُ الغناَ الذي 1 يختلطً بإثم» بل كان يستحسئه لخن البضري ما إذا ل يْثْرْ فتنة في النفس»» وقد قال بعضُ معاصريه: «أدركتٌ ثلاثة يتساهلون في الغناء: الحسن البصريّ والشعبيّ والنّحَّعيّ). وَوَاضالتهود والتضارى: وكان الحسنٌ مع هذه الصَّفَاتٍ التي رفعَنْه إلى مرتبة الصّدَّيقين غير مُتعضّب تعصّباً يجعله يمْقتٌ أهل الدياناتٍ الأخرىء فكانّ يفت صَدْرَه لكل شخص مها تكن ديانته» وَاسْتَوْحَى من حقائق الإسلام الدعوةً إلى السلام والمحبّة» ولذا كان يحضرٌ دروسّه اليهودٌ والنصارى: ايك لني د ارت رالا يُروى أنَّ نصرانياً من المتردّدين على دروسه قد مات» فذهب إلى أخيه يُعزِيه وقال له: «أثابّك الله على مُصيبتِك ثواب مَنْ أصيبٌ بمثلها من أهل دينك». وتّراهُ في هذا العّزاءِ السّمْح كان لَبقاً. نصاحتة لفتّتٍ السيدةً عائشة أمَّ المؤمنين: وكانّ الحسنٌ فصيحاً في العربية» نشاً نشأةٌ عربية» ون كانَ من أصلٍ فارسيّ» قالوا: إنه تفضّحٌ بوادي القرى. وقد مارس المواعظ» وعملّ على الدعوة إلى الحق» حتى آتاهُ الله القولّ المبين» قال فيه الأعمشُ فقيةٌ العراق ومحدّثُه: «ما زال الحسنٌ يعتني باحكمة حتى نطق بها». وقد قال بعض معاصريه إذ سمعّه: الله در إنه لفصيح إذا لفظ» نصيحٌ إذا وعظ». ولقد كان الحسجاجج يرى أنه أخطبٌ أهل البصرة. وهو في طبه ومواعظه» ذو لفظٍ سَهْلٍ مُتخْيّرٍ عَذْبِء قد جمَلْهِ معاني الدينٍ والوَرّع والتقَى. وقد سمعيّه أمُّ المؤمنين عائشةٌ يتكلّم فقالت: (ومَنْ هذا الذي يتكلّم بكلام الصَّدٌيقين؟!2. 57 أعلام وعلماء 3 2 5 عِ م بهذهِ الصفات يعد الحسنٌْ البصريّ من أقوى رجال الفكر الإسلاميّ شخصية» وأشدَّهم نفوذاء أجِلَّنْهُ العامّة» ورَقَعنّهُ الخاصّة, وَمَابَهُ الحَكَامء واستخيا من سَمْيِه القْسَاةٌ الطغاة. وكان ذا سَمْتِ حَسَنْء في مظهره الجسمىٌّ قوةٌ وجمال» ومع ذلك كان سيداً في ذاتِ نفيه» قد استولى على أهوائه فجعلها أَمةٌ ذلولاً» فكانَ ذا حُلّق قوئ, لا 0-34 يطلبٌُ من الناس أمرا إلا إذا كان هو أسبقٌ إلى الأخلٍ به. قيل لبعض أصحابه الملازمين له: بأيّ شيءٍ بلع الحسرنٌ فيكم ما بلغ» وكان فيكم علماءٌ وفقهاء؟ فقال: «كان إذا أمرٌّ بشِيءٍ أعمل الناسٍ له وإذا نجى عن شيءٍ 1 ْركَ الناس له؛ ولم أرَ أحداً قط سريرثّه أشبةُ بعلانيته منه». ولهذه الشخصية القويّة» كان له أَثْرٌ في كلّ الفرق الإسلامية التى ظهرثُ في عصره وكل فرق تذّعِي أنه منهاء فالمعتزلة يدَّعونٌ أنه كبيرهم» وأهل السنَّةٍ يدّعون أنه منهم؛ وهو بين الفقهاء والمُحدّثين الوعّاظ في الرعيل الأول. علمه وآراؤه: كان الحسنْ من أعلم السلف بسيرة النبيّ له وسيرة الصحابة: وأ" خبار سه وكام لين لذبن قو عع الرسول عن طري اسايق وكان من الفقهاء المدركين,» وكان سيِّدَ الوععاظء وكان من الذين حاضو بعضّ الخوض في علم العقائد الذي كان يبتعدٌ عن القولٍ فيه الفقهاءٌ والمحدّثون» وهو بمجموع هذه الحسن البصري 1/1 العلوم كان فريداً. ولكتّه في الحديث» لم يبلغ مبلعٌ كباره كسعيدٍ بن المُسيّب» و بن جيه ونافع مولى عبد الله بن عُمرء وعكرمةٌ مول عبد الله بن عبّاس» والأعمش. ول يبلغ في الفقه مبلع إبراهيمَ يم النَحّعيء ولا عَلْقمة» ولا ابن شهاب الزهريٌ» وبلعٌ في الوعظ والتأثير في الناس مالم يبلغ أحدٌ منهم ذلك. ولذلك لم كر عنه جموعةً فقهية كالتي أثرثْ عن غيره» كام ثور مجموعاث رواياتٍ من الأحاديثٍ كالتي ثرت عن غيره من التابعين. ولكن أثرث عنه مع مواعِظِه آراء في أصولٍ الدين» وهي إن لم تمع في مكا واحد» تجدّها قائمة في كلامه» وإِنْ كانت منثورةٌ فيه. عند الحسن: إِنّ الإيمان الصادق يدفع إلى العمل : فهو يرى أن الإيهانَ الصادقٌ يدفعٌ إلى العمل» ويُشبهُ كلامّه في هذا كلامَ سُقراط في قولِه: «إنَّ المعرفةً الصحيحةً تدفمٌ إلى تلان المكد جتن امد تان الأخلاق الفاضلة هو المعرفة» وإنْ ذلك الرأيّ مُنْبَثّ في كلام الحسن» ومن ذلك وأ في جل رذ سال عن الرجل به ثم يعوب ثم يذب ثم يتوب! فو مقو «ما أعرف هذا من أخلاق المؤمنين». ومن ذلك قولّه أيضاً: «إِنَّ الرجلٌ إذا طلبّ القرآنٌ والعلمَ ل يلبتُ أنْ يُرى ذلك في خشوعه؛ وزُهدهء وحكمه؛ وتواضعه». وإذا كان الإيهان يستلزمٌ العمل حتأًء فإنَ مرتكب الكبيرة من الذنوب, المصرٌّ عليها لا يمكنٌ أنْ يكونّ عند الحسن مؤمناء إلّا إذا تاب توبة نصوحأء وأخلصٌ من بعدها في العمل لله تعالى. 5 أعلام وعلماء مسألة مرتكب الكبائر شّخَلتْ أهلّ عصر الحسن البصري: ومسألةٌ مرتكب الكبيرة» شغلتٌ العصرّ الذي عاش فيه الحسن» فمِنْ وقتٍ ا ج الخوارج على الإمام عل بن أبي طالب» وكّروم؛ لهل التحكيم بيه وير مُعاوية» واعتبروا ذلك كبيرةً - في زعيهم - ُوجِبٌ الكفرء تكلّيث 2 مرتّكِب الكبيرة كل الفرق الإسلامية. فالخوارج -كما ترى ‏ كقروه. والمعتزلة قالوا: إنه ليس بمؤمن ولا بكافره بل هو في متزلقٍ بين الإييان والكفر ويصِحٌ أنْ يقال عنه: إنه مُسلم» وهو مُخْلَّدٌ في النار إن لم نّبْ توبةٌ نصوحاً. والمرجئةٌ قالوا: «إنه مؤمنٌ مُقَصّراء ولكنْ كان منهم أهلّ البدع الذين قالوا: «إنه لا يض مم الكفر طاعة'» فهر وإِنْ كان مُقصّراً فهو غيدُ مُوَاحَذ ورحة الله وسعت كل شيء. ومِنْ أولئكٌ المرجئة مَنْ لم يقعُوا في بدعة» فإنهم قالوا: «إِنْ تاب توبةٌ نصوحاً فإنَ الله يقب توبته» ى) وَعَدَ سبحائه بذلك؛ وإن لم يشّبْ فهو في أمر الله ومشيئته» إن شاءً روتكيه ون قاذ هن لكذوان أنه يعن الأتوك نصيفا إناساء راس ذلك القولُ إلى أبي حنيفةً النعمان» بل إنه لا يوجدٌ في المأثور من أقوالٍ أثمةٍ الفقه ما يُعارضه. وكان رأيُ الحسن غير هذه الآراء جميعاًء فهو يرى أنَّ المذنب الذي لا يتوبُ توبةً نصوحاً لا يوجدٌ عنده أصلٌ الإييان» بل يعدّه منافقاً في إعلانه الإيهان» وهو غيدُ الحسن البصري 19١‏ مؤمه لال وهو يقولٌ في ذلك: «الناسٌ ثلاثة: مؤمرنٌ وكافرٌ ومنافق» فأمًا المؤمنٌ فقد ألجمّه المخوف. وقوّمه ذكرٌ العَرْض (أَيْ يوم القيامة)» وأمًا الكافرٌ فقد فَمّعه الفيك وف ذه الحواك» وأنا الكافق» فى الخكزات والطدفات: لون عونا يُعلنون» ويُضْوِرون غير ما يُظُهرونء فاعتبروا إنكارهم رمّهم بأععالهم الخبيثة». ومسألة الجر والالختيار َكلت عَصْرٌ الحسن: وهناك مسألةٌ أخرى شغلتٌ عصرٌ الحسن أيضاًء وهي مسألةٌ الجبْرٍ والاختيار الهم بن صفوان ومَنْ مَعَه اذَّعوًا أن الإنسانَ مُجْبرٌ غيرٌ خيّرء ولا إرادة له فيها يفعل» بل يُنسب الفعل لهء وهو من الله. والمعتزلةٌ قالوا: إن العبدَ يلق أفعال نفيهء وهو محاسبٌ مباء وذلك بقوة أودَعَها الله تعالى إِيّاهء وبها كان الحسابٌ والثوابٌ والعقاب. 04 2 والحسنٌ قال: «إِنْ الحسنات بتوفيق الله: والمعاصيّ بعمل العبد»» وهو يقول في ذلك: «كل شىء بقضائه وقدره إلا المعاصى». ويريد من ذلك أن المعاصي لا يريذها الله تعالى”" . )١(‏ الحسن من رؤوس التابعين» ومن خيار السلف الصالح» ومن رؤوس أهل السئة القائلين بأنَّ مرتكب الكبيرة هو مؤمن عاصء لا يخرج بمعصيته عن الإيهان. ولقد نقل النووي عنه وعن الطبري كا في «شرح مسلم» :١‏ 574 أنه يُوَّوُلان حديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن...»: «معناه: ينزع منه اسم المدح الذي يُسمّى به أولياء الله المؤمنين» ويستحق اسم الذم فيقال: سارق وزانٍ وفاجر وفاسى..». فهو يرى أنه يرفع عنه الاسم ذماً له» ولا يرفع المسمّى» فهو يقول بقوله مؤمناً عاصياً فاسقاً. (0) الحسن كغيره من التابعين» يؤمن بالقدر خيره وشرهء ولئن تُقل عنه خلاف ذلكء فقد برّأه العلماء من هذه التّهمة» سيا وقد نقل عن بعضهم أنه رجع عن ذلك. وينظر: سير أعلام النبلاء 5 ه-8ه, وميزان الاعتدال ١:/1؟6.‏ ل 5 4 ع وعم موقفه من الخروج على الحكام: والحسنٌ كان يرى أنْ الخلافة انتهثُ بالراشدين» وأنَّ معاوية اغْتصَبّهاء وأنه ليس في بني أميّةَ عادلٌ إلا عمرٌ بنَ عبد العزيزء ومع ذلك كان لا يدعو إلى الخروج عليهم؛ ويمنمٌ معاونةً الخارجينء لأنّه يرى أنَّ وجو حكومة أؤلى بالاتباع من الفوضى؛ أنه كان يرى أنّ الفتنَ يق فيها من المظالم ما لا يقح من حاكم مُسْتبدٌ في سنين» وكان يرى في هذا أن الحكامَ لون من الزإن الشف فإن استقامَ استقاموا. وَوَجَدَ قوماً يَدُعون على الحجّاجء فقال: «أخشى إن عُزِل الحجاجُ أو مات» تُولٌ عليكم القردةٌ والخنازير. "كما تكونون يُولَى عليكم». موقفه من مقتل الحسين: وكانث فيه محبّةٌ لآلٍ عل فإنه عندما بلكّهُ مَفْبلُ الحسينٍ رضي الله عنه» بكى وانتحبء وقال: وَاحَسْرَّتاه» ماذا لقيت هذه التق َتَلَ ابن دَعِيّها ابن تَبيّهاء الهم كُنْ له بالمرصاد #وَسيدَاك ألِينَ ظَلموأ أىَّ مُنقَلب يلين 4 [الشعراء: 317؟]. وأخيراً هذه صورةٌ غيدُ واضحةٍ عن الحسن البصريّ» سيدٍ البصرة وواعظهاء وكنانقي وحظ رركن أكودو مسيوسة إن عاتن نهر لعفي من سقة ١3‏ إل سنة 1١١‏ فودَّعنْه البصرةٌ كلّهاء وذكرةٌ المسلمون أجمعون» فرضي اله عنهُ في الصّدّيقين. ل 00 00 ات 15 ١‏ 00 وأصل بن عطاء 0 و وَاصِل بِنْ عطاء' (م-اثلااه) رأس المعتزلة ومن أثئمة البلغاء والمتكلمين كان الحسنٌ البصريّ يعقدٌ في جامع البصرةٍ مجلساً للقصّصء ومجلساً لدراسة المسائل التي تشغلٌ العصرٌ بالنسبة للعقيدة أو بالنسبة للأحكام العملية» وكانٌ مرَّةٌ يتذاكرٌ مم تلاميذِه المقرّبين إليه» في مسألةِ شغلتٍ العصرء أثارها الخارجون على الإمام عن كرّمَ الله وجههء وهي اعتبارٌ مرتكب الكبيرةٍ كافراًء ومَرَى الكلامٌ فيها من عصر علئٌ إلى العصر الأمويّ» وشغلتٍ المفكّرين فيه كما شغلٌ الخوارجٌ الدولة بخروجهم. وبينًا الحسنٌ يذاكِرٌ تلاميدّه هذه المسألة» اندفم من بيهم صوتٌ جري*ة قويّ» وأخدّ يجادلةٌ مُذّعياً أنّ مرتكب الكبيرة في منزلة بِينَ الإيانٍ والكّفرء فلا هو بمؤمن ولا هو بكافر إلا أنْ يتوب توبةً تَصُوحاًء فإنه ينتقل من هُوَةٍ الحيْرة المفرّقةٍ بين المنزلتئن إلى منزلةٍ أهل الإيهان» ذلك التلميذُ الجريءٌ الذي علا صوثّه على سيٍّ علد لسر فو واضل بن غطاف وَاصِلَ من أصلٍ غير عرب: وواصلٌ هذا ليس من أصل عربيّ» ولكنّه من أصلٍ فارسيّ من جه أبيه ومن جهة أمّهء وقد عقدثُ أسرئّه عَقْدَ ولاءٍ لببي مَخْرُوم من فريشء وعقدٌ الولاءِ كان )١(‏ مجلة العربي: العدد 55 عام 11817 ه - 1955م. 11 عدم بوعل آمرا سائفاً من كل فازسيك يّ أو غير عرب بشكل عام؛ يعقدّه غيرُ العرب مم أسرةٍ عربية, كر اا بوقعرن اناب زذا وقلت عليز وياخود نوقه إذا! كرا ارت من أقاربه» وكذلك يُسمّىَ غيرُ العرب الموالي» لعقَدٍ الكثيرينَ منهم ذلك العقد. وكانتٍ السيادةٌ العلميّةٌ في هذا العصر للمّوالي» ذلك أَمَّهم أبعدوا عن السّلطانٍ والرياسة فاستبدلوا برياسة الحرب والولاية» رياسة العلم والدراية» ذلك أنّهم عكفوا على الدرس والبحثه إِذْ روا فراغاً فأرْجُوه بالدراسة والتَقَيبٍ والاطّلاع والتَمْحِيص)» فسدّوا بذلك النقصّ بفقدٍ السّلطانء ونالوا شَّرَفَ المعرفة» فالنقص قد يُؤدَي إلى الكمال» والجرمَانُ قد يدفع إلى كُبرى الغايات. في المدينة: وقد ولد واصل , بن عطاءٍ بالمدينة» حيثٌ كان يُقيمَ أبواه» وكانث ولادنّه سنة ل ا وأحفاده» وكانّ الحجّاحُ بن يوسفف الثقفيٌ حاكمَ العراق يحكّمّه حُكمٌ الطغاة. ويظهرٌ أنْ واصلاً استمرٌ بالمديئة» وتريّى تربية أهلهاء فحفظ القرآن» وأخدّ من الحديثِ أَشْطْراء ولكنْ ل يتّجه إلى دراسة الرواية» بل امه إلى الدراساتٍ العقلية. في العراق: وم تظهز عقليته مكتملة إِلّا في العراق» واختصٌّ البصرةً بإقامته» ولا ندري نكن لفقل هو لذن إلى الحراف عور كان لالد اليةيهة أن الت يذ الطنيان 0 بموت الحجاج» وذلك تقديرٌ معقول؛ لأنّ الحسجّاج مات. وَوَاصلٌ لا يزال حوال سر راصل بن عطاء و١‏ لمرامّقة'''» وما كان له أنْ ينتقل قبل هذه السنّ إلا 0 نه قد انتقلتُ انتقل مَعَهاء وم يُعرفْ ذلكء ولم يعرف مُسوّعٌ ظاهرٌ لانتقالهاء إلا أن يكونّ تثيقفت ولدها بثقافة أهلٍ العراق. انتقلّ وَاصِلٌ إلى العراق» فالتقى بكُبراءِ الخوارج في باديته؛ والتقى بزعماء الشيعةٍ في ربوعه» وأخدٌ عن بعض ذُريّةٍ ةِ عل كرمَ الله وجهّه فأخذ عن أبي هاشم. عبدٍ الله بن محمد بن الحَتَفِيّة وهو حفيدٌ عل رضي الله عنه من غير فاطمةً الزهراء» وحم بن الحَتَفيِّةٍ كانَ غرّاصاً عظيم المعرفة» أخذ قبسأ كبيراً من علم أبيه مدينة العلم» فَتَقَلَه عنه ولدّه أبو هاشم. ثم أخدّ واصلٌ عن الحسن البصريّء وكان يختصه الحسنٌ بتقريبه» ويختصٌ هو الحسن بتقديره» ولا اختلف مَعَهُ في مسألةٍ مُرتكب الكبيرة» اعتزل مجلس الحَسَنء ولم تنقطع مودَّنّه ولم ينقص تقديره. انتقلّ واصلٌ إلى العراق» فأخدٌ عَنْ بعض قادةٍ الفكرء ولكنة أََحَدّ من الجوٌ العلميّ بمقدار لا يقل عن الذي أخذةٌ من الشيوخ» فقد كان العراقٌ مُصْطرَياً فسيحاً للفكر المختلفي الأكُل. كان فيه الفقه» وكانت فيه المَلْسَفة وكانث فيه الفرقٌ المختلفة. وكان الخوارج في باديته» والشيعةً في داخله, وكان فيه العلم كام ضروبه؛ ففيه علمٌ النحو ينشأ وليداً» وروايةٌ الشعر تنتقل على ألسنةٍ الرُواة. وإليه انتقل العلمٌ اليونانٌ والحكمة الفارسيّةء كما نرى في كُشٍ ابن الَف والتصوّف الهنديّ. وهكذا كان لواف قاذ لك تتاقبخ ون عدي لكت فهك بل )١(‏ توفي الحجّاجٍ بن يوسف الثقفي القائد الداهية السفّاك سنة ©4ه عن 66 سنة. وعمر واصل بن عطاء ١6‏ سئة. أعلام وعلماء أخذ واصلّ غذاءً عقلياً من كلّ هذاء ول يزدَرِدْهٌ ازدراداً بل انتقى منه. وعَصَرٌ ِمّاانتقى مزيجا له خاصّةٌ غيدُ خواصٌ أجزائه؛ واسْتَساعَهُ فكانَ هو علمَّ واصل ابن عطاء» مَضَمْ كلّ ما أخذ ودخل في كيانه العقايّ الذي لم يُفارقٍ الإيانَ و 5 قوَّة إرادنه وسيطرته على نفسه: ومع هذه الآفاق الواسعةٍ التي عاش فيهاء والعناصر المختلفة» كان يراقِبٌ نفسه. ويذَيماء ويِجَنبّها عيوبهاء ويّذرأ شرّها بِشِدَةٍ المؤاحَدّة والمراقّبة» وكان في ذلك قويّ الإرادة» مسيطراً على نفسه فكانّ لإرادته أثرٌ كبيرٌ في حياته» وقد ظهرثْ إرادثّه القوية في أمرين: أحدُهما: أنه كانّ أَلْمَعَ بالراء لثغاً فاحشأء فأخدٌ نفسّه بالابتعادٍ عن الراء في كلايه؛ فكانّ يُجَاوِلُ المجادّلاتٍ الكثيرةه ويخطبُ الخطب الطويلة» ولا يسمحٌ للراء أن تججيء على لسانه”"» وقد نقل الأدبُ العربي عدةً خطب له تبلغ المرتبةً الأولى في البلاغة» ولا تدٌ حَرْفَ الراء فيهاء وقد ساعدّه على ذلك بديهةٌ حاضرة» ولغةٌ فيها المترادفٌ الكثير وعلمٌ بدقائقهاء وله في ذلكَ عجائب. ويقولٌ الجاحظ في ذلك: دلولا امتقاضة هذا ان وظيوة هذه الخال شمن :ضار الراك مقاك نا استجرنا الإقراك به وَالتاكدٌ لفارولسيت اعت طق المخطوطة ووسايلة الحلدة: لذن ذلك يحتملُ الصّنْعة» ونا عَنِيْتٌ حَُاجَةَ الخُصوم ومُناقَلةَ الأكُفاء ومُفاوّضة الإخوان». ويجعل البْرَّ قمحاًفي تصرّفه وخالف الراء حتى احتال للشعر وم يُطق مطراً والقول يُعجله َعَاذَ بالغيث إشفاقاً من المطر واصل بن غطاء /17 1١‏ ثانيهم|: امتناعه التامُ عن الغضب في جدلِهٍ الذي كان يُدافمٌ عَنِ الإسلام. وقد كان يتَواصَى مم إخوانه الذينَ يقومون بمثل رسالته أنْ يمتَيِعُوا عن العَضَّب. رأى صاحبّه عمرّو بنَ عُبَِيِدٍ يجادلُه إنسانٌ فيعْضّبء فقال له: «يا أبا عَثمان إِيّاكَ رأجوية الغضّب فإئّها مَتْدَّمة والسَّيِطانُ يكونُ مَعْهاء وله في بضاعتها هَمْزة وقد أوجب الله تعالى على نبيّه أن يستعيدٌ من همزاتٍ الشياطين.. بقولِه: #أَعودُ يك من همرت الشَياطِينِ * [المؤمنون: وقلّم) شاهدتث أحداً ىت ِ تثبت في جوابه وما ينطنٌ به لسائه» فيلحقه لَوْم». كان المُجَادَلٌ القوئ: أعلى اله وإضلة ثرة 32 يكزي امل عصره من يزيد عليه نبهايوقد كان قديراً في جدله إلى درجة تُرْهِبٌ خصومّه ويتحمّظون في لقائه: وما كان جدلّه إِلّا للدفاع عنٍ الإسلام. وقد اعتصمٌ في جدله بثلاثةٍ جوانبَ تحمي الحق: أولٌ هذه الجوانب: أنه كان من الصَّمتّ في موضعه. والقول في موضعه. نقد كان يُطيلُ الصَّمْت. ومَنْ لا يمسن الصَّمتَ لا يسن الكلام. ولقدْ كان في مجلس أستاؤه الحسن صامتاء حتى إذا تكلّم كان كلامُه فَصْلاً ونُطْقه حُكْ)]. وكان وهو صامِتٌ يتعرفُ مَدَى ما عند الآخرين من حقٌ وباطل» فيحن الاستماع؛ كا يحْسِنٌ القول. والجانب الثاني: مفدرة افج عل اتقو يف القول »سه وقوه واماهانة : حو ا انه لابن 0 75 أعلام وعلماء مسلمون. لا نذهبٌُ مذهبكم قتلوهم, لأنهم في زعمهم كاؤرون» وإِنْ قالُوا لهم: نَحنْ منكُمْ طلبُوا الإثبات. فلا رأى واصِلٌ ّم قد أحيط بهم قال لرُفقته: «اترُكوني مَعَهم). فلما سألوه مَنْ هُم؟ قال: مش ركون مِمَّنْ قال الله فيهم: #وَإِنْ أَحَد ين المشركيت أسَسَجَارَك 2 ّ يسْمَم كلم أله اه مَأْمَتَهُم 4 [التوبة: 3 فأجيرونا حتى نسمع ما عندكمء ثم أبلغونا مَأمَئنَا. وبذلكٌ نجَوًا جميعاء وسارُوا في حراسة الخوارج حتى لوا مكانّ الأمن. ْ الجانبُ الثالث: بدييةٌ حاضرة» تأتيه أَرْسَالُ المعاني في وقتٍ الحاجة إِليُها' فيُحِكِمُ المعنى ومُِولٌ اللفظ في أقلّ قدر من الزمان» ويقوي ذلك علمٌ غزير» واطّلاعٌ واسع» وحفظ كامل» ممّ إدراكِ سليم لمعاني العقيدة. ما وممٌّ هذه الجوانب التي اعتصم بها في جَدَلِِ كانت له فراسة قَويهٌ يدرك با أغوارَ نفْسِ جادِلِهه ويدخلٌ بها إلى قليه» ويستولي على فكره. الرَّحَادةٌ وقول الحق وقرَّةٌ الإيمان: كان واصلٌ مُعرضاً عن مطامع الدنياء لا يتدل لطلب عطاءء ولا يَطْمعٌ في جاو أو مَنصبٍ أو ازْدلافٍ للحكام. كانت لدعوارة نجه من غيارة العَزلء ولذا سمي واصلاً الغزّال”"» ولم ينقطعْ لهذه التجارة» بل أناب عنه مَنْ يقومٌ في السّوق مقامّه» وشأنّه في ذلك شأنُ أبي حنيفة» لولا أنَّ أبا حنيفةً م ينقّطِع عن السّوقٍ انقطاعاً تامأ لأنه يُفيده في -.-. فقهه. أ )١(‏ وقيل: عرف بالغزَّال لترداده إلى سوق الغزل ليتصدَّق على التّسوة الفقيرات. واصل بن عطاء 1| وفي الجملة لم يمسّ واصلٌ مالاً لسلطانٍ أو بغير حِل» ولقد قالّ فيه الجاجظ: الم يشكٌ أصحابنا في أنّ واصلاً لم يقبط ديناراً ولا درهماً»» وفي ذلك قال بعضّهم في مرئيته: ولا مس ديناراً ولا مَسَّ دِرْمماً ولاعَرَفَ الئّوْبَ الذي هو قاطِحُة وكان واصلٌ يقولُ في وصفي المؤمن: «إذا جاعَ صَبّر وإذا شّبِع شّكّر». وقد حل نفسّه بذلك. ولقد كان شديداً في جَنْبٍ الله» لا يمالئ صَديقاً في دين الله ولا يتلق حاكاً في غير مَرْضَاةٍ الله. كان صديقاً لبشار بن بُرد فلم) عرف فيه الإلحاد» قاطعَة ونافره» وقال فيه: إن مِنْ أخدّع حبائلٍ الشيطان» لكلمات لهذا الأعمى الملّْجد). وكان بَشَّارٌ يمدحٌه ويقولٌ فيه: تَكَلّفَ القَوْلَ والأقُوامُ قد حَبروا طَباً ناهِيكَ مِنْ طب وقَالَمُرْتجلاًتَفْدِبَدِيثُهُ ‏ كَوِرْجَلٍ القَْنِما ف باللهب وَجَانبَ الراء ل يَشْعْرُ به أَحَدٌ قبلّ التصفّح والإغراق في الطلب فلا قاطّعّه واصلٌ في سبيل الله انقلبّ إلى هجائه. أجوبته المُسَدّدة القوبّة: كان واصلٌ كا أسْلَفْنا من القول_ذا قوَّةِ جَدَليّة جامعاً لكلّ الصفاتٍ التي تبعل منه ضما قوياً إذا جادل. وكان ذا أجوبةٍ مُسَدَّدة قويّة» وقد جعل ذلك في أمرئن: أحدّهما: في الدفاع عن الإسلام؛ وثانيهما: في الدفاع عن آرائه. أعلام وعلماء ما دفائُه عن الإسلام. فقد بدا في مناظرته لأهل النّحَل المختلفة والزنادقة وغيرهم ممَنْ يَاجمونَ الحقائقٌ الإسلاميّة» وكان علياً بمذاهب أولئكٌ المنحرفين؛ وله فكي شد عليهم الماك التي يعرف أنهم سايكوهاه ويرسل إلبهم في مواطه؟ يَمُد ره بالحجّج إن أَعوَرَّمهم» و يبع أخبارهمء وتضل بهم اتصالاً فكرياً ال وقنكان كذ كنا ظوائه قوذ وورملها لبنها ينا بها في مناظراتهم وأمَا دفاعٌه عن آراه» فقد كان يُفَكّر دائي] ما ينازله به مخالفه» وما يقطعٌ به السبيل على حُبجه. وكان يتلمِّسٌ حُجَجّه من القرآن دائأ» لأنه لا يعتمدٌ في العقائد إلا على 1 لكر وكاا لا رساي عل الج زرإلا سد لال للمطائي لأن كلّها أو جُلَّها ليست أخباراً متواترة» والأخبارٌ غيرُ المتواترة لا تَنْبْتُ بها العقائد» وكان يُفَكّر في جه من القرآن» وهو يُصلٍ. زلقد فاك امراق ةا يهن ال «كانَ واصلّ إذا جه الليل» صف قدميّهِ يُصِلّ» ولوحٌ ودواةٌ موضوعان. فإذا مرّتْ به آيةٌ فيها حُجّة حجة على تخالف جَلّسٌ فكتبهاء ثم عاد في صَلَّواتِه». لحري رد لاد ت بآراء حول العقيدة» وناظّرَتٌ مدافعة عنهاء وتُسمّى هذه المدرسة «المعتزلة»» وتُسمّى نَفْسَها أهلّ العدل". )١(‏ قال الحافظ الذهبي في «السير» 5: 4 «وهو وعمرو بن عبيد رأسا الاعتزال» طرده الحَسنٌ عن مجلسه لما قال: الفاسق لا مؤمن ولا كافر» فانضم إليه عمروء واعتزلا حلقة الحسنء فسمُوا المعتزلة». واصل بن عطاء .0 وأشهرٌ الآراء التي كان يُدافِعٌ عنها واصلء واعتنقَتُها مدرسته هي: أ- أنه يرى أنْ مرتكبّ الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافرا ويصحٌ أنْ يُسمّى مُسلاًء وهو لد في النار إذا مات مِنْ غير أن يتوبٌ ويُفْلِمَ عن ذنبه وذلك لأنه رأى أن عباراتٍ القرآنٍ في وَصَفٍ المؤمنين لا تنطبق على الفاسقين المُصِرّين على فسقِهِمْ» وأنْ أوصافّ الكافرين التي ذَُكِرَثْ في القرآنٍ وأحكامّهم لا تنطبقٌ على هؤلاءِ الفاسقين» وإذن لا يمكن ‏ بحكم القرآن _أنْ يكون أحدُهم مؤمناء إذْ لا تنطبقٌ عليه أوْصَائَه ولا كافراً إِذْ لا تنطبقٌ أَوْصَافه ومُعَامَلتُه؛ فلم يَبْقَّ إلا أَنْ يكونّ بينهماء وأنَّ الحنة لا بشحتهاء فلا يمك إلا أن يكون فى العار: ب وأنه يرى أن الصفاتٍ التي ذُكِرَتْ في القرآنِ مقرونةٌ بالذات العليّةه كالسميع والبصير والقادر والمريدٍ والعليم» ليست أشياءً مُغْايرةٌ للذات» بحيث تُتصوّرُ 7 مُنَّصِلةٍ بالذاتٍ العليّة» أو تُعَصِوَّرٌ الذاثُ العليِّةُ من غيرهاء بل هي والذاتٌ شي واحد» وهي أساءٌ لله تعالى» وله سبحائّه الأسماءٌ الحسْنى. ج - وكان يرى أن أفعال الإنسان التي يَُابُ عليها بقَوّةٍ أودعها الله تعالل فيهاء وأنه مختارٌ فيي| يفعل» وفعلّه مَنْسُوبٌ إليه لا إلى الله تعالى» فلا جَبْر بل اختيارٌ كامل. د ويرى أن الأمرّ ملازِمٌ للإرادة» فلا يُرِيدٌ الله سبحائه وتعالى أمراً ينهى عنه» ولاينهى عن أمر أراده. فالمعاصي لا تكونُ بإرادةٍ الله تعالى» لأنّهِ تجى عنهاء ولا تكون الطاعاتٌ إلا موافقة لإرادة الله. أعلام وعلماء هذه آراءٌ واصل التي دافمَ عنهاء وسواءٌ أكانث حقاً أم كانث باطِلة» فهي كلعل عق ترك ""امشق لاك واولا يلذ لخدا فيو شحيةا ما تق المعلوماتٍ من نواحيها المختلفة» وها بعد تثيلها في نفييه غذاء فكريا جديدا؛ يتبعٌه الناسٌُ فيه. وهيّ في جملتِها آراءٌ لا تحرج صاحبّها عن الإسلام؛ بل في بعضها تَنْزِيةٌ واضحٌ للذاتٍ العليّة. ومهذه الشخصيَّة المستقلةٍ وْضِعَ في صَرْح العلماء الممتازين» وكان من رُرَادٍ الفكر الإسلامي فرضي الله عنه 0000007 00 1 ماه 3 32 2 )١(‏ في الأصل: يدرك. أبو الحسن الأشعرى”" (5-؟لاهم) انُسعتُ فْرْجِةٌ الخلانٍ في الفكر الإسلاميّ بين الفقهاء والمحدّئين وبين المعتزلة» الذينَ كوّن واصل بن عطاءِ مدرستّهم» وكانوا يُفَكّرون في فهم العقيدة تفكيراً فلسفياًء اشرق فق المرن لامعا لعل القر انالا يشو ويوة لزج عضن فاع على مُقتضى العقل؛ ومُجاِلون في الإسلام بحُكم المنطق» ويدفعون انحرافٌ المنحرفين بالبّرهان العقَلَ ولا يعتمدون على قور سان ادك سُلطائهم في عهد المأمونٍ والمعتصم والواثق» وكانٌ منهم كبارٌ القائمين بأعمالٍ الدولة» وشاعتٌ عنهمْ فكرةٌ القولٍ بخلقٍ القرآن» وتكفير مَنْ لم يقلهاء وعَزلٍ القضاة والمُفتون الذين لا يقولونهاء واضْطّْهدَ النقهاء والمُحدّئون الذين لا يونا ويستجيبون لنعاتهاء ونزل الأذى بإمام السنّة أحمدٌ بن حنبل رضي الله عنه. دولةٌ المعتزلةٍ أدافًا المتوكّلء ولكن بق الاعتزالٌ في الناس جد لاً: وجاء المتوكل بعد الوائق» فأدالٌ من دولة الاعتزال» وأنزكم من عَليائهم؛ وأدنئ إليه الفقهاءَ والمحدّثِين» وكان هؤلاءِ يُفَكٌّرون في العقيدة بغير منهاج المعتزلة» فيعتمدون في تعرِّفِها على كتاب الله تعالى» يأخذونٌ بظواهره من غير تأويل» ويعتمدون على السَّنَّةَ )١(‏ بحلة العرى: العدد 5".» عام 7/817١اه‏ ع 1954م. فى َ 2( 3 أعلام وعليماء فا صم منها من أخبار في العقائد. سواءٌ أكان متواتراً أو كان آحاداًء فهم يقولون: إن اله برى يومَ القيامة» ولا يُؤوّلون آياتٍ الرؤية» ومنهم مَنْ يقول: إِنَّلله يدأ لأنَ النصّ القرآنّ يقول: ليَدُ أَمَهِ هَوْقّ يديم * [الفتح: .]٠١‏ وهكذا يأخذون بالنصّء ولا كمون فيه العقل» ولكنهم يقرّرُون الشّرِيهَ لله عن مُشامة الحوادثِ والمخلوقات. لين ملو ةوهو أَلتِيعٌ ألبِيرٌ 4 [الشورى: .]١١‏ ولا يستطيعونٌ مجادلة الخصوم إِلّا بنصوصص القرآنء ولا يسلُكون مسلكٌ العقل في الاستدلال» لأنَّ المنطقّ ع ا لارروارا مرا ضير لكالا بيعو افع عر رسام ضِدَّ المنحرفين والمخالفين لأن عدّءٍ تهم النصوصء وهي لا تروجٌ إلا عند مَنْ يؤمِنُ بها ابتداء» ولا بد قبل الإيهان من حُكم العقل. وإذا كان المعتزلةٌ قد خلث منهم دُورُ الحُكْم بعد الواثق فلم يَخْلٌ دُورُ العقل» فإذا عَدِموا نُصرةً السلطانء فإئّهم لم يعدموا تُصرةً البرهان, وم يَكُنِ الفقهاءٌ والمحدّثون بقاورين عليهم ما داموا ينهجون من النُصوص منهاج العقل . أبو الحسن الأشعري» وأبو منصور الاثريديَ» توسّطا بين أهل السنة وأهلٍ الاعتزال: كان لا بُدَّ بحكم المنطق من وجود ناس يَتَوسّطون بِينَّ الفريمَْنَ» ويخرجون بمنهاج بين لمنهاجَن؛ وقد وجِدَ أولئك» ولكنْ في نطاق ضيّق. حتى كان الإمامان أبو الحسَنٍ الأشعريّ وأبو منصّور الماتريديّ. فقد ظهرٌ الأول في العراق» وكانَ شافعيَاً وظهرٌ الثان في سمرقَنْد وكان حنفيّاً. أبو الحسن الأشعري 6" شأ نشأة بي الْحَسَنٍ الأشكر م 1 وَلِدَ أبو الحسن 1 بن إسماعيل بن إسحاق] الأشعريّ» من أسرة عربية نتمي إلى الأشاعِرَةٍ الكرام الذينَ مَدَّحَهُم النبي كَل لفضل مُعاونتهم في سرهم و )000 وعسرهم وتربّى بالبصرة في حضانة أسرة عربية توارثٌ عنها العَرْمَةَ القويّة» والإرادةً الماضية» وكانتٍ البصرةٌ موطنّ الاعتزال» وموطنّ فرقٍ الشيعة» والمكانٌ الذي التقى نيه لعقلّ العريّ» بالعلم الهنديّ واليوناي. وهي كما تطلّ على البادية العريقة بصفائهاء رتحتضئها الحضارةٌ بروائهاء قد التقى فيها أيضاً العلمٌ العميق» والصّفاءٌ الذهنّ» فالتقى علمٌ الإسلام لتقي الضَّافيء بالفلسفاتٍ المختلفة» والآراء المتباينة» والأهواء والانحرافات. درس في نشأيِه علوم الإسلام الأولى. حفْظ القرآنَ وطائفةً من الأحاديث» ومقداراً من الأحكام الفقهيّة يتعرّفُ منها أوامرٌ دينهه وكان من الممكن أَنْ يَسْلّكَ َْلَكَ الفقهاء والمحدّئين» ولكنْ كان علمٌ هؤلاء علمّ رواية وتفريع الأحكام تاغل شونا من لكلاب اح لتقلاو القاس الفقوي ‏ يالخاق أمر حر موصن على حكيه بأمر آخرٌ منصوص» لاشتراكهم في الوصفي الذي يُعَدٌ عِلَّة للحكم. )١(‏ يشير إلى الحديث الذي رواه البخاري (7705)) ومسلم (4007) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي بِ: «إِنَّ الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قلّ طعامٌ عبالهم بالمديئة» جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحده ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسويّة فهم مني وأنا منهم». 0" أعلام وعلماء 00 مر و أبو الحسن يَتَتَلمَدٌ للحبائيٌ شيخ المعتزلة: وكان في نفسه تُروعٌ إلى الدراساتٍ العقليَّةِ في ظلّ المبادئ الإسلامية» ولم يِذ هذا إِلَا عندٌ المعتزلة» فقد كانوا يدرسون العقائدَ الإسلاميّة» ويؤيّدونها بالبرهان العقلّ» ويؤوٌلون كل ما جاء في القرآن على مقتضى حكم العقل القطعيّ) إِنْ خالقّه ظاهرٌ القرآنٍ في بعض أآياته. تتلمدّ إذنْ أبو الحسن لشيخ من شيوخ المعتزلة» وكان إمامّهم بالبصرة في عصره هو أبو عا الجُبائيء فلازمَ درسّه» ولكنّه لم يكن تلميذاً كبقية التلاميذ يتبعونَ شيخهم في| ينتهي إليّه أو على الأقل ير جحون بالسبة لآساتذتهم الاتباع» دون 2 ع ض الابتداع» بل كان ذلك التلميذٌ النابه» يناقِشُ شيحّه في كل ما يعرضُ من مسائل. وأحياناً تنتهي مناقشةٌ التلميذٍ للشيخ بإسكاته وحيرته في الجواب. رع 00 8 التلميذ أبو الحسن يُناقش شيحّه: ولنة لنقصٌّ بعص القَصّصٍ عن مُذاكرة التلميذٍ لشيخه. كان الجبّائيٌ ككل المعتزلة يَرَوْن أن الله تعالى لا يُمكنٌ أَنْ يكونٌ منه إِلّا الأصلح الذي تُدركه عقولّناء فهم يحكمونٌ بعقولجم على الأشياء بالحُسْن أو القبح» ثم يوجبون أن يفعل الله ما يرونه هم أصلح. ولكنّ التلميدٌ ل هضمْ هذاء كيف نقرر نحن الأمر؟ ثم نقرر أنه يلزمٌ أن يقع. فثارثُ بيئهما المناقشة الآتية: قال التلميذ: «ما قولّك في ثلاثة: مؤمن وكافر وصبيّ. فيا الله تعالى صانعٌ بهم؟ ويكونُ فيه الأصلحٌ لهم؟». قال الشيخ: «المؤمنٌ أهل الدرجاتء والكافرٌ من أهل الدّرّكات؛ والصبيٌ من أهل النّجاة». قال التلميذ: «فإن أرادَ الصبّ» بعد موته صبيّآء أن يكونّ من أهل الدرجات هل يمكن؟». 1 قال الشيخ: «لاء بل يُقالُ له: إنَّ المؤمنَ إِنَّا نال هذه الدرجة بالطاعة وليسّ 1 لك مثلها». قال التلميذ: «فإن قالّ الصبيّ: التقصيرٌ ليس مني» فلو أحييّتني كنت عملت الطاعاتٍ كعمل الْمَومِن). قال الشيخ: يقولُ اللهُ تعالى: كنت أعلمُ أَنّك لو بقيتَ لعصيتٌ وعُوقبُت» راعَيْتُ مَصْلَحََك وأْمَتّك قبل أَنْ تنتهيّ إلى سر التكليف. قال التلميذ: «فلو قال الكافر: علمتَ حالي ى) علمتٌ حالّه؛ فهلًا راعيْتَ مصلحتي مثلّه)» فَسَكتٌ الشيخ. وإنَّ هذه المناقشةً تنتهي بلا ريب إلى أنّ المصلحةً التي تلزمٌ مراعائها في جانب الله تعالل ليست هي المصلحةٌ التي تُقدّرُها بعقولناء وإنما تكونُ هذه المصلحة بتقدير الله العزيز العليم الذي لا يخفى عليه شييْءٌ في السماء ولا في الأرض. الأشعريٌ م يستغرق الاعتزالٌ عقلّه: ونَّ الذي يمكنٌ أَنْ يُقدَّرَ في حياةٍ الأشعريٌ» وهو يعيش في ظلّ المعتزلة» ويرضعٌ من أفاويقهم, أنه كان لا يستغرقٌ الاعتزالٌ عقلّه» بل إنه يُفَكُرٌ التفكير المستَقِل» والتفكيه الح يجعلّه ينقّب عن الآراء أنى تكونء وعن الأفكار حيمٌّا تكون. وكذلك لم تقطغه دراسةً الاعتزال عن دراسة آراءِ الفقهاء والمحدّثين في العقائد» وقد كان يدرسّها بعينٍ عاطفةٍ مُقرّبة» لا بعينٍ ساخطة مبعدة. 7 أعلام وعلماء وكان كلما تقدّمتْ به السنّ» أو كلما نضج فكرّه يستنكرٌ من آراء المعتزلة شيئاًء 5 عِِ . 2 و و 4 و حتى إذا وصل إلى الأربعين وبلغ أشده. وهي السن التي يكتمل فيها العقل والجسمء وجدً نفسّه بعيداً عن الاعتزالٍ بقلبه وعقله. وقد أخدّ من بعدٍ ذلك يُراجحٌ بن ما يعتنقه المعتزلة» وبينَ ما يعتنقه الفقهاءً والمحدّثون» معتمدين فيه على حكم المنقولٍ من القرآنِ وعن الرسول ذلك وعكف زمنا يوازنُ بين ما في كل منهم| من حقٌ» وانقدح بعدَ الموازنة رأيّ قرّرَ فيه أن الاحتياطً في الاعتقاد ما يدعو إليه الفقهاءٌ والمحدّئثون» ولكنْ ينقضّهم الاعتمادُ على العقلٍ في تقرير ما يُقَرّرونء فإنه لا بد لبيانٍ الح من نص يَتْسَنْه : يُتَِّنّهه وبرهانٍ عقلٌ يَقَرَبَه ويُؤْيّدُهء ولا بد للدفاع عنه من مَنْطقٍ عقليٌّ يُسَدّدُ السّهامَ إلى الخصوه'". وعلى أيّ حال قد فارقٌ الاعتزال» وإن لم يَنْضَوٍ تماماً تحت سلطان الفقهاء والحدقة: (مَن عَرَفنِي فقد عَرَفني): بعد أن انتهى إلى هجر آراء المعتزلة» وإن لم هجر منهاججهم في الاستدلال» ذهب إلى المسجدٍ الجامع في البصرة, ورَقِيَ المنبر» ثم قال: عو 5 . م . ع 0 ع8 «أيما الناس» مَنْ عرقي فقد عرقّي» ومن لم يعرفني أنا أعرّفُه بنفسي. أنا فلان بن فلان. كنت أقولٌ بخلق القرآن» وإِنّ الله تعالى لا يُرى بالأبصارء وإِنّ أفعالٌ الشيّ أنا أفع ليا وزاناعانة 133 لِمّ مُتَصَدَّ للردٌ على المعتزلة» مُخْرحٌ لفضائجهم. )١(‏ في الأصل: الخصوص. أبو الحسن الأشعريٌ 21 (معاشرٌ الناس: نا تَعيَنَتُ عنكم هذه المدّةٌ لني نظرثٌ فتكافأث عندي الأدلة, ول يترجّخ عندي شِيْءٌ على شئء» فاستهديْتٌ الله تعالى» فهداني إلى اعتقاد ما أؤدعته كتبي هذه وانخلعْتٌ من جميع ما كنتٌ أعتقدء ى) انخلعتٌ من ثوبي هذا». وانخلعٌ من ثوب كان عليه» ودفعَ إلى الناس كتبّه. ولااشك أنْ هذا التَّحِوُلَ قد أضاف إلى الفقهاء والمحدّئين ناصراً قويأء ورجلا مَهَرَْ في الكلام» وفي الاستدلال. وإِنّ ما كتبهٌ ابتداءً من بعد ذلك يدل عل انان مُتأثراً بالإمام أحمد بن حنبل» وموقفه من المعتزلة» وقد كانت حياتّه وأضداءٌ مواقفب الإمام أحمد لا تزال يُردّد في التاريخ» حيثٌ لقي الأشعريٌ مَنْ لقوه: فقد كانت وفاةٌ الإمام أحمدٌ سن ١ه‏ وحياةٌ الأشعّري كانث ما بِينَ 74-7"اه فهو يقول في مقدمة كتابه «الوبانة»: «ديانتنا التي ندينُ بها: التمسّكُ بكتاب الله وسنةٍ نبيّه يل وما رُوي عن الصحابة والتابعين» ويما كان عليه أحمدٌ بن حنبل» تَضّرَ الله وجهّه؛ ورفحَ درجته وأجزل منويته ونح عَكُنُ خَالَتَ قوكه جنوه لأنه الإمام الفاضل» والرقيش الكامل الذي أبانَ الله به الحقّ عند ظهور الصَّلالء وأَوْضّحَ به المنهاج» وقمع به المبتدعين وَيْعٌ الزائخين» وشَكٌ الشاكّين» فرحمّه الله تعالى من إمام مُقدَّم» وكبير مُفَهّم» و رحمثه على جميع أئمة المسلمين». ا آراؤه: وقد شرح خلاصة آرائه عند انتقالِه ابنداءً شرحاً كا في مقدّمة كتابه «الإبانة». وخلاصة آرائه في هذا الكتاب: 0 أعلام وعلماء أ أنه يرى أن بعضٌ الصَّالحِين تكونٌ له آية» أي علامةٌ تدلّ على مكانته عند الله» وهو ما يُسمّى كرامةً الأولياء» وقد أنكرٌ المعتزلةٌ ذلك» وخصّها الشيعةٌ بأمتهم» فقد قالوا: إن المعجزاتٍ تجري على أيديهم كم تجري على الأنبياء بَيّْدَ أنهم لا يُنزَّلُ عليهم الوس: وإن الفقوفة نيرون إنناك الكزات للماهية يه أن الحلضي الحنفين تور ره الاتعد باذ ريا عن بها أووبه الخار) 2 سَيْراً مستقيأء ولا يطلبونٌ الكرامة» ويقولُ قائلُهُم في دعائه: اللهمَّ مَبْنا الاستقامة بدلّ الكرامة» لأنَّ الكرامةً تحتحل من الغ ة الشكز والاستفانة برجو با الغ الاج ب- ويرى أن كلّ ما جاءثْ به السئة سواء أكانت أحاديتٌ متواترة أم كانت غير متوارة - حُجَة تنبت به العقائد» فعذابٌ القبر يِجِبُ اعتقاده نكر الررراتي كي لحك باناي ود ادرو نه نب بدت بالطرقٍ التي يلتزمُها المحدّثون في الرواية فهو ححجَةٌ في العمل والاعتقاد» إذ لا فرقٌ بيتها في الإثبات. ولا معنى لأنْ نعملّ بالحديث, وننكرٌ الأخدّ بمثله في الاعتقاد. ولكن هل يكفرٌ مَنْ لا يأخدٌ بأحاديثٍ الآحاد؟ ج - يظهرٌ أن الأشْعَرِيَ؛ وهو 3 المذهب لا يُكَمْرّه لأنَّ الإمامّ الشافعيّ يَقَرّرٌ في الرسالةٍ أن العلمّ قسان: علم يثبت يثبتُ في الظاهر والباطن» وهو العلم الذي يكونُ طريقه قطعيّاً فهو يلزمٌ في الاعتقادٍ والعمل» وعلمٌ يثبتٌ في الظاهر دون الباطنء وهو ما يكون دليله ظَنيَاء فهو يلزمٌ في العملٍ الظاهرء دون الاعتقاد» ويُعدٌ من هذا القسم ما يكونُ طريقّه خبرٌ الآحاد. أبو الحسن الأشعريٌ 5 فإذا كان الأَشْعَريٌ أَوْجَب الاعتقادَ بحديث الآحاد, فهو لا يُكمّرٌ مَنْ لا يعتقل برا جاءَ فيه. د والأشعريٌ يأخدٌ بظواهر النصوصء فيعتقدٌ رؤيةً الله يومّ القيامة» وكان برى أولاً أنَ لله وجهاً ليسّ مثل وجوهناء ويداً ليست كأيديناء وأن هذا هو منهاح أدبن حنبل الذي اختارّه في هذا الباب إماماً له أولاً. ه ‏ وأبو الحسن الأَشّعَرِيَ يرى أنَّ الأشياء ليس لها قبح ذايّ» ولا حُسْنٌ ذاقّء إِنّ) التّحسينُ والتِّبِيحُ من عمل الشَّارِع وحدّه. وسنجد أن كثيرين من السّئِّين يخالفونه في الأمرين الأخيرين» وقد رجع عن أوَهها. و- وهو يرى أنَّ مرتكب الكبيرة ليس مُحَلَّداً في النار» ولكن يُعَاقّبُ بمقدارٍ ما أذنب. إِلَّا أن يتغمَّدُه الله برحمته فيغْفِرٌ له أو يعفو» ْسّناتٍ قامَ بهاء ا قال تعالى: #إنَّ سكنت يذْهِيْنَ آلتَيَعَاتِ * [هود: »]١١‏ وإنْ عاقب فبالعدل» وإن عفا فبال رحمة. الأشعريّ أخدّ من المعتزلةٍ مناهبجهم ني الجَدّل: والأشعريٌ مع أنه يأخذٌ بالنّل متواتره وغير متواتره» قد أخذ من المعتزلة و منهاججهم في الجدلٍ ومدافعة المهاجمين للإسلام يأخذهم بال منطقٍ والبرهان» وهو ببذا يتََخِذَّ العقل خادماً للنصوصء ولا يجعلٌ النصوصٌ محكومةً بالعقل» فهي فوقٌ العقل» والعقلٌ أداةٌ تقريبها والدفاع عنها. وقد تصدّى للمّجَادلةِ في ميدانئن» أحدّهما: داخل» وهو الردٌ على المعتزلة» وكانٌ لحن بمثل حجّتِهم: ويتبعٌ طريقّهم في الاستدلال؛ فيُحارثهم بمثل أسلحتهم؛ ولا يقفٌ عند التصوص في الدفاعء بل يُقَلَّبُ القولّ ويُصِرّفه دفاعاً عن النصوص. 1 أعلام وعلماء أمَا الميدانُ الثاني الخارجيّ: فقد تصدّىء للردٌ على الفلاسفة والباطِنيّة من الشيعةٍ الذين كانوا يثيرون ما يُوَهّنُ العقائدٌ الإسلامية» والقرامطة الذين قَوِيّ أمرّهم وسال سَيْلُّهِم في آخر القرنٍ الثالث؛ وأُوَّلٍ القرنٍ الرابع ال هجريّ» وغيرهم ممّنْ لا يُفْحمُه إلا الأقيسة المنطقيّة: ولا يقطمُه إلا دليلٌ العقل. ‏ وفي الحنّ» إنه قد ضَعُفَ شأنُ المعتزلة في النصفي الثاني من القرنٍ الثالث؛ وما وَلِيَهُ وقد كان لهم بلاءٌ حم عدران الاناوغن الإسلد فد الي ماجوته ويشككون الناس في حقائقه. ولكنّ الميدانَ لم يخْلٌء فقد حمل الأشعريّ في العراق ومَنْ جاء بعدّه لواءَ الدفاع عن الإسلام. وحقٌّ القول: إنه كلَّا َكَل للوسلام نجمٌ بزِعٌ له نجم آخر كتبٌ أبي الحسن الأشعري والأشعريّ قد أونّ صفاتٍ جُعَليْهِ في الذّروةٍ من المدافعين» فهر مُخْلِصٌ ذو همّة» وهو قويّ البيانٍ بالقلم واللسانء فكُتبه التي كَتبّها بعد ترك الاعتزالٍ وقبلّه تَسّسمُ بالعبارة والأسلوب ابليغ | مُحْكّمء وتفيضٌ بقوّةٍ الإيهان با يقول. وله كُتبُ ألّفها في الاعتزال» وأخرى بعدّهُ وكلا التَّوعيْن يدل على الإحاطةٍ الكاملة والعٌمْقٍ في التفكير. ومن كتبه التي كتبهَا قبل أنْ يتركَ المعتزلة كتابه «مقالات الإسلاميين»؛ وعباراتّه بينةٌ واضحة: وأحسبٌ أنه أجمع كتاب للفرقٍ الإسلامية التي ظهرث إلى القرنٍ الثالثِ اللجْريّ. وله كتبٌُ بعد ترك الاعتزالٍ منها كتاب «الإبانة»» ولعلّه أول كتاب كتبه بعد الانتقال إلى معسكر الفقهاء والمحدّئين فإنَّ التأثّر بهم واضح الشأن فِيمَنْ ينتقل من مَيْدانٍ إلى مَيْدانء متأّاً بالمنهاج الذي انتقلّ إليه فإ دَفْعة الانتقالٍ تكون قوية. أبو الحسن الأشعريٌ 1" ولكنْ بعدَ أن يستقرٌ في الميدانٍ يُفَكْرُ في الجرٌ الذي انتقل إليه تفكيده المستقل الذي تَعُذّى بيادة لايجدذها في المكانٍ الذي أوى إليه. ولذا جاء كتابّه «اللمع» من بعد ذلك مُعَدَّلاً بعضّ آرائه التي قاهًا في الإبانة فهرٌ في "الإبانة» كان يمنعٌ تأويلٌ اليد بالقدرة» والوجْه بالذات» ويلزمٌ الخد بظواهر الُصوص» ولكن في «اللمع» يقرّرُ ذلك التأويل» وهو في الحقيقة ليس بتأويل» ولكنه أخدٌ بمجاز مشهورء والمجارٌ المشهورٌ لا يُعدٌ تأويلأء ومن ذلكٌ المجازه قولُ العري: وَضَعَ الأميرٌ يدَهُ على المدينة» فلا ثُرادُ الحقيقة» بل يُرادُ السّلطانء وكذلك الأمر #يدُ 240 َه قوق أيد يرم *. عو .اسم 0 6 عما وب نال الأشعريٌ منزلةٌ كبيرةً عندٌ الحُكّام في زمانه» ومَنْ بعدّهء حتى إن صلاحَ الدين الأيوبيّ كان حريصاً على أنْ مُحَفُظ أولادّه منظومةٌ تتضمَّنٌْ آراء الأشعَريّ. ول يقتصز تقديره على الحكّام» بل صارث آراؤٌهُ عقيدةً المسلمين أو أكثرهمء بل كان العلمكٌ لِفَرْطٍ تقديرهم لا يتّبعونه فيها وَصَلّ إليه من نتائجٌ فقطء بل إن من كبارهم مَنْ أوجب اتَّباعه في الأدلةِ التي ساقها. ومن كان يخالفٌ الأشعري يُعرّض للنقدٍ الشديد» فتعرّضٌ الغزال إلى اللوم عند نقيه» وتعرّضٌ ابنْ تيمية للحبس عند تخالفته؛ وتعرّض ابن حزم الأندلسيٌ للآذى عندما هاجمه. وفي الجملة» ترك الأشعريّ أثراً واضحاً في علم العقائد» | ترك أَئمةٌ الفقه سس # سك ء و اثارا بينة في علم الفروع. والله هو الموفق» وهو الحادي إلى سواء السبيل. 1" الم ١ 7 0‏ ابو منصور الماتريدي”' ١‏ د م سا اه) المعركة بين المعتزلة وأهل الحديث: كانت المعركة على أَشّدّها في بغداد وما حوكَاء بينَ المعتزلة وأهل الحديثٍ والفقه. والسلطانُ يويد المعتزلين الذين يُفسّرون النُصوصٌ التي تتعلقُ بالعقيدة على مُقتضى العقل المجرّده وقد يحسّبون منطقاً عقلياً ما ليس مِنْ هذا المنطق في شيء» ويطرحون ب اد ا م لي و ا تنبت إِلَّا بدليل قطعيّ لا 5 شُبِهَةَ فيه ولا احتهال. وقد تحكّموا في السلطان في عهدٍ 5 والمعتصم والوائق من خلفاء بني العباس» حتى إذا أدال الله منهمء انبعت المدافعون عنْ أهل الفقه والحديث من أوساط المعتزلة أنفيهم ك] رأيْنا في ثورة أبي الحسنٍ الأشعريٌّ عليهم في مقالٍ سابق. أب منصور ريدي كان مح على العتزلة فب وراء اتهر: ول يكن هم مثل هذه الصّولةٍ في سمرقند وحراسان والبلادٍ التي تُسمّى في العْرّفِ الإسلامي ببلادٍ ما وراءً النهرء وذلك لأن هذه البلاد كانت بعيدةٌ عن سلطانٍ بغداد الروحيّ» وكان لها استقلالٌ ذاقيّ» ولملوكها تَرْعةٌ دينيةٌ تتورّع» ولا تتهجّم )١(‏ مجلة العربي: العدد ولا عام 1784ه - 1954م. أبو منصور الماتريدي لك تحترمُ المنقول'"» ولا تغضُ من المعقول» وكانّ الفقهُ والحديثٌ يسودٌ أهلّهاء حتى ايرود رع ريا واوا من لديا كر كي ب اميه يدانا وكاترا يرحلون إليه مَعَ بِعْدٍ بع الشّقَة وعِظَم المشقة. ولكنْ مم بُعْدِ سلِطانٍ المعتزلة ومَنْ يُؤيّدوتهم عنهم؛ كانث آراؤهم تَسْري إلى 010 - 7 : ير هنالك؛ لأن الأفكار تَسْري في مسار الريح؛ فلا تحبس في مكانء ولا تحول دوكها و رسي * حجب واستار. وكان لا بذ أ أن ينبعت لا مَنْ يُقاومُّها ويردّهاء ويْصِحُْ التفسيرٌ والتأويل» فهيّأ فهيَّأ اله لذلكَ محمد بنّ محمد بن محمودٍ المعروفّ بأبي منصور الماثريدي. مولدٌ أبي منصور: م يُرفْ تاريخ ميلاده على سبيل القطع؛ ولكن يُنَظدَنُ في تعره والذي يغلبُ على الظنٌ أنه ولد في العشرةٍ الأخيرة من النصفب الأول للقرنٍ الثالثِ الِجُريّ» في أويها أو في آخرهاء وذلك الظنٌ مبنىٌ على تاريخ وفاة أساتّذته؛ ومن طريقٍ معرفةٍ ذلك كان هذا التّّ.جيح: ولا سبيلٌ غيدُ ذلك؛ ومن المؤكَدِ أنه تُوفَيّ سنة “9 وأن فعرفة الوقاة عل وخ التنحفين نه متفولءالآن العالت الكود يموت مشهوراء حيثُ عُرف وخخرّج عليه الكثيرون» ولكنّه يود مغمورا غير معروف. نَسَبٌ أي منصور: وينسيّه الأكثرون إلى أبي أَيُوبَ الأنصاري. ولاعَمجَبَ في أن تتتقلّ ذريّةُ الأنصار إلى تلك الأراضي النائية» لأخهم جاءوا مم الغزاةٍ مجاهدين؛ وهم الذينَ قال فيهم )١(‏ في الأصل: المنعزل. والصواب ما أثبتّه. 1 اورم النبي كلِّ: «كثيرونٌ عند الفزع قليلون عند الطمع»”". ويَتَشَكّكُ من غير دليل ‏ بعض العلماء في صحَّة نسبته إلى الأنصار» ولكنّ عِ _ - 2 6م جم ه :0 هالع 7 5 علماءً الأنساب يُوْكَدون النسبة ويوثقونها. وسواءٌ أُصَحَتَ هذه النسبة أمْ لم تَصِح) فأبو منصور في مَوْضِع التَّجِلّة في تاريخ الفكر الإسلاميّ» ما عَلا بِنَسّب»ء ولكنْ علا بالفكر والعلم, فَكَرَفْهُ ذا مُْبِعتٌ من نفسه» وليس شرفاً إضافياً مُسْتمداً من حسَّب أو نسب. سمرقند كانث تحراباً من محاريب العلم: ولقد نشأ أبو منصورٍ في بلادٍ سمرقند» وكانت حراباً من محاريب العلم في عصره؛ وما جاءً بعدّهُ من عُصورء وكانتٍ الدولةٌ التي تُسَيطرٌ عليها تُشَجّعٌ العلم وتنشرّه في ورع وإيعان» لا في انحرافٍ أو تشكيكِ كا أشرْنا من قبل» وكان أهلٌ هذه البلاد ْو التلقّيَ على الشيوخ» وحرية الدرسء ولا يُؤئْرون قيود النظام لأنّ كل قيد للفحص والدرسء يمنمٌ العقل والفكرٌ من الانطلاقٍ في آفاقي الشرعء وأخذٍ العلم من كلّ موائيه» ولذلك روى التاريحٌ أنه عندما أُقيمتِ المدارسٌ النظاميةٌ ‏ للفقه والحديث والمعقول ‏ أقاموا مأقاً للعلم» لأنهم علمُوا أنه سيطلبه مَنْ يُرِيدٌ ما عند الناس» ومن يُرِيدٌ ما عند الله» ومن قبل كان لا يطليّه إلا مَنْ يُرِيدُ وجة الله. )١(‏ رواه العسكري في «الأمثال» من حديث أنس: قدم على رسول الله َك بهال من البحرين» فتسامعت به المهاجرون والأنصار, فغدوا إلى رسول الله ييةِ وذكر حديئاً طويلاً فيه» وقال للأنصار: الإنكم ما علمت تكثرون عند الفزع» وتقلُون عند الطمع». أبو منصور الماتريدي ام" الوسضورتها على المذهب الحنفي» من منقولٍ ومعقول: تلقى أبو منصور عن الشيوخ» وقد نشأ بين الفقهاء» وتخرّجَ عليهم» ودرس أصرلٌ الفقه 0 للا ار ا حنفيّ وتحمس ومنّ الوسطٍ الفقهيّ استمدٌ علمَ المعقولٍ والمنقول؛ ودرّسٌ العقائد» ذلك أنه كا ندا حريها عل اجام ونع الإماء أي طيفة في المقوارروالنقولةاي المرنوع والأصولء وقد كان أبو حنيفة من بين الأَكَمة الأربعة: وقد أَيْرَ عنهم كلامٌ في العقائد وتفصيل للقول فيهاء وكان قد درسّها في صَدْرِ حياته العلمبّة وبلعٌ فيها مبلغاً يُشَارٌ إليه فيها بالأصابع ىا عبّر هو نفسه في ذلكء وقد أَثْرثْ عنه رسائل كتبها في ذلك» ومنها: : رسالةٌ الفقو الأكبر» ورسالةٌ العالموالمتعلّم» ورسالته إلى عنهانَ البَتَيّ. “وقذ فك مدو لمارا في نسبة هذه الرسائل إلى أبي حنيفة ولكته شلك لاينني على دلبل يُعارض اشتهارٌ نسبتها إليه؛ ونحنٌ في تحقيقاتّنا العلمية نقبلُ ما يتلقاه العلماءٌ الول ولانّعِيدُ الشكّ حَوْله إِلّا إذا قام الدليلُ على بُطلانٍ التّسْبة. وقد تلقى العلماء في باد سمرقند تلك الرسائل بالشّرحٍ والتُوضيحء وبيان أديها من العقلٍ والنقل. كما تلقَّوًا فقهّه بالدراسة 0-0-7 والتُخريج. مذهبٌ أبي حنيفةًٌ اختصٌّ بدراسات عقليِّةٍ في التّخْريجاتٍ الفقهية: ويُعَدٌ أبو منصور من الطبقةٍ الرابعة» التي تَلقَّتُ آراءَ أبي حنيفة في العقائد» كما تلقّت فقهّه. والمذهبٌ الحَتَميٌ في الفقه يَسُودُه مع انا الأثرء إعمال العقل في القياس الفقهيّ وتفريع الأحكام وواقتم اقرع وصتطها اوور لاطت وذ الفقس 14 الام رع 3 بدراساتٍ عقايَّة في التخريجاتٍ الفقهيّة: ذلك أنه أوَلُ مذهب انه إلى الفقه التقديري» وهو فَرْض أمور ل تقَعْء وإعطاءٌ حكم لها بتطبيق العلل وَالْأَقيِسَة فلم يكنْ غريباً أن يخرج من بين فقهائه مَنْ يدرس العقائد» ويخُوض فيها مُؤيّداً أهلّ الفقهِ والحديث» إِذ إنه مارس الدراساتٍ العقليةً في الفقه. الغارقٌ بن المأثُريدي وأبي الحسن الأشعري: ويجِبُ أَنْ نقرّرَ هنا فارقاً في النشأة بِينَ أبي منصور الماتٌريدي» وأبي الحسن الأشعريٌ» فأبو الحسن نشاً بين أهلٍ الاعتزال وتخرّجَ عليهم؛ ونَّهَجَ مناهجّهم؛ حتى لْهَمَهُ الله فْخَرّجَ من الاعتزالٍ إلى مَسْلِكِ الفقهاء والمحدّثين. ما الماتُريديّ» فإِنهُ نشاً بينَ الفقهاء» وتخرّجَ عليهم في الفقهِ والعقائدٍ معاًء ولذلك كان لللاثريديّ مَقامٌ في الفقه» ى| لهُ مَقامٌ في علم العقائد» وله في أصولٍ الفقه كتابٌ امآخذ الشرائع»» وكتابٌ «الجدل»» وله في التفسير كتابٌ «تأويلات القرآن». كت أي منصور المأثريدي: أما كُتْبّْهِ في العقائدٍ فهيّ كثيرة» فقد تصدّى للردٌ على المعتزلة الذينَ سَرَتْ مقالاتهم إلى بلادِه وانتشرث في رُبوعِهاء ولهُ في ذلك ثلاثةٌ كُتْبِء وقد كان الشيعةٌ يكثرون في بلادٍ سمرقَنْدٌَ وما يحيطٌ بهاء ويصَاقِبَها من بلاد» ولذلك تَصَدَى للردٌ عليهم ومّصَاولتِهم» وله في ذلك الردٌّ على كتاب «الإمامة» لبعض الروافضء وكتابٌ «الرد على القرامطّة). وهذه كلها مواققفُ دفاع عن آراءِ أهل الفقه والحديث, وله دراساتٌ في العقائدٍ 2 و 9 0 ءِِ 5 إتجابية تقريركة :وسنت إلبة وسالة صغيرة يمنت «عقيدة أبى منصور» تولاها العلماء أبو منصور الماتريدي 2325 من بعده ايج والتوضيح. ويُنسبٌ إليه «شرحُ كتاب الفقه الأكبر» لأبي حنيفة» ولكنْ يشكُ العلا ال ساعن الكاووان سرون لك د زأدلة؛ولذلق تفرت غنهنا صنها. ولكنْ هناك كتبٌ صحيحةٌ السبة» لااشكٌ في نسبتها إليه» منها كتابه «أصولٌ الدين»» وكتابه «المقالات»» وكتابه «التوحيد)» وهذه كتبّ وضَّحَ مها العقيدة الصحيحة؛ وم تكن جَدَليِّة بل كانت تقريريّة. منهج أي منصور: اتجه المحدُّون في فهم العقيدة اتا النقل» فا جاءَ به النقل انبعوه من غير تأويل؛ إلا أَنْ يكونّ المجارٌ مشهوراً لا يُحَدٌ تفسيدُ الكلام على أسايسه تأويلاً. وات حول إن االفقر#وكروا المر من عل تسد التقرء حس بقارا لفان يلون به النصوص» ويُغسّرونَ القرآن على شُفتضا ولا يعيّرونَ الأحاديثٌ حُجَة في الاعتقاد» إلا إذا كانت متواّرة. وسلكَ الأشعريُون مَسْلّكَ المحدّئين مم الدفاع عن آرائهم بالمنطق والعقل» وقد انتَهُوا أولاً إلى الل في الاعتقادٍ بالنقلٍ من غيرٍ تأويل» ثم أخذوا ببعضي التأويل. أما الماتُريديَ» فإنّهلم يمول العَقْلَ» وجَعَل لهُ سُلطاناء ولكن تحت ظلّ لتقل فالعقلُ له مَجَالهه ولكنْ من غير أنْ يَتَعدَى حُدودَهُ إلى التّقل فهو سَلَكَ مَسْلكاً بِينَ المعتزلة» وبينَ الأشاعرة. 0 انلك مَك أحدهمايُوضَحٌ الفرقٌ بين الماثُريديٌ والمعتزلة. - أعلام وعلماء مَل يفَرّقٌ بنَ المعتزلة والمأثريدي: الئل الأول أنهم يقولونٌ في رؤية الله يوم القيامة إتها مشتحيلة» لأن الرؤية تقتضي مرئياً محسوساً في مكانٍ محدود, والثه سبحالّه ولد م امور يُرى» وفسّروا الآياتٍ التي جاءث في ذلك مثلى قوله تعالى: وجوه دبز ضر * بق 3 نر [القيامة: 875-17 بأنَّ المراد إدراك القلب إدراكاً قوياً يقاربٌ الرؤيةً بِالبصّر. أمَا الماثريديٌ فيأخذٌ بالنصّ كا هوء ويقول: «إِنْ الله تعالى يَرَى من غير كيف ولا حدٌّ ولا تشبيه» بل هي رؤيةٌ تليق بذاتٍ الله تعالى» وبصفاته. وتنزّهِه عن مُشامِةٍ الأشياء» وهي في يوم القيامة» والله علِيمٌ بها». مث يُغْرّقُ بِينَ لمعتزلة والأشاعِرَة والمائريدي: والمثلّ الثاني يوضّحٌ القَرْقٌ بِينَ المناهج الثلاثة» المعتزلةٍ والأشاعرة والماثريدي. وهو: مساألةُ كم العقل على الأشياء بالَحُسْنِ والقّبْح. فالمعتزلةٌ يرَوْنَ أن للأشياءِ خُسْناً ذاتيا وقُبْحاً ذاتي فيا يحكمُ العقل بأنه حَسَنٌ لذاتِه لا بُذَ أن يكونَ مأموراً به» وما يحكمٌ العقل بقبحه لذاته لا بذ أن يكونٌ منهياً عنهه وعلى ذلك يِب على المكلّفِ أنْ يعلمَ أنه مَطْلوبٌ منه أن يفعلّ الحسنّ ولو م يجئ شَرْعٌ بطلبه» وأنه مَجْزَيٌ عن المخالفةٍ يوم القيامة إِنْ خخالف العقل. وعلى ذلك يكونٌ الناسٌ مُكَلّفين أن يفعلوا الخير» ولو م يجئ رسولٌ يُعلّمُهم ويُشّرْه وينِْرُّهم. نّم سَيْجَارَوْن من الله تعالى على ما فَعلوا من خير وشر. والأشاعرةٌ قالوا: ليسّ للأشياء حُسْنٌ ذاقّ» ولا قبح ذاقيّ» إنه) الْحُسْنُ وَالقَبْحُ يجي من أمر الله ونبيه» فا أمرٌ به فهو حَسَنٌ وما نهى عنه فهو قبيحٌ» وليسٌ للعقل في هذا سلطان: ْ أبو منصور الماتريدي مان والماتُريديَةٌ قالوا: للآشياء حُسْنٌ ذاتي وقُبْحٌ ذاتي» واللهُ لا يأمرٌ إِلّا بها هو حْسَنء ولا ينهى إِلّا عا هو قبيح» ولكنْ لا تكليف إِلَّا بعد الرّسالة لقولهِ تعالى: وما معن حََّ بَسَكرَسُولًا 6 [الإسراء: 1١‏ فإذالم يجئ رسولٌ» فليسٌ ثمَةٌ عقابٌ على فعل سيئ» فالرسولُ ينقلُ أمرّ الله في الحُسْنِ وميه في القبيح والمكلّفُ يُطيعْ أمرٌ الله وخبيّه ولا يجازى على مجرّدِ إدراكُ العقلٍ من غير نبي مبعوث؛ فلا ثوابٌ يومَ القيامة ولا عتمابء إِلَّا إذا كان نب قد جاء بشيراً أو نذيراً. المنُريدي يَسْتَدٌ تأويله من النصوص نفسها: وقد كان ذلك المنهاحٌ الذي احترمٌ النقل» ول يمل العقلّ سبباً في أنْ خرج الماتُريديٌ بآراءً لا يراها المحدّئون» وم يقبلها الأشعريٌ في الدفعة الأولى من ثورته. ومن هذه الآراء: أنّ كلّ الجوارح التي تضاف إلى الذاتٍ العليّة يُوَوها با يتمق مَمَ معناها. مل قوله تعالى: يد أ هوق ْم 4 [الفتح: »]٠١‏ يُوْوٌطًا بقدرته. ومثل قوله تعالى: يرَاك مَبَسويلءَانِ © [المائدة: 14]» يؤوّهًا بنِعَمهء وهكذا غيرُ ذلك من الألفاظ, يوَوَكًا على مُفُتضى العقل. ولكنْ يكون مستمداً تأويله من النصوص نفسها. فاليدٌ فّرَها بِالشّدرةٍ أو التّْمَة لأها جاءث في القرآن دَالَّةَ على غيرٍ الجارحة» في مثل قوليه تعالى في شأنٍ القرآن: < لَا ييه اليل من بين يديه ولا ِنَ لف © [فصّلت: 4]. 00 0 . ع اس وقد قرّرَ المأُريديٌّ ‏ بما التزمّ من هذا المنهاج ‏ أن أفعال الله تعالى لا تكون إِلّا موافقةٌ للحكمة, وأنه مُنْرْهٌ عن كُلّ النقائص» وأنه لا يجورٌ أنْ يَخْلِف الله وعدّهء لذنه ٠.‏ ا سم - 00 5 5 م ل 8 قال في كتابه الكريم: #إرك أله ا يُخِْتٌ الييصحاد # [آل عمران: 14 فمُّحال أنْ يلف الله ما وَعَدَ من ثوابء وما أنذرٌ من عقاب إلا أن يكونٌ العفو وَالعَفْرء فهو عَمُوٌ غَمُور. أعلام وعلماء وبعضٌ الأشاعرة قال: «إنه يجورٌ عقلاً أنْ يحْلِف الله تعالى الميعاد» لأنه لا يُلزمُ بشىء. ولا سال عا يفُعل» وهم يُسألون». وهكذا كثيرٌ من المسائل» نجد الماتٌريديّ أكثر من الأشعريّ أخذاً بكم العقل» مع التزام النقل. الماتُريديُون وسط بين الأشاعرة والمعتزلة: وأخيزا نقرٌة أن الماتريديّ 0 يكن كالأشعريٌ من حيث ثُ المنهاجء وإن كان يُقاربه فيا انتهى إليه من نتائج» فلا يكادانٍ يختلفانٍ إلا قليلاً. ولو أننا أردناء أَنْ نعقدَ موازنة بِينَ هذه لمناهج الثلاثة: منهج المعتزلة» ومنهج الأشاعرّة والاتُريديّة لعلمنا أنَّ المعتزلةً يجعلون السُّلطانَ للعقل» والأشاعر للنقلٍ مُقرّبِين له بالعقلء والمائريديّة يجعلونَ السّلطانَ للعقلٍ والنقل معاً. وإذا كان الأشاعِرّةٌ فق تفكيرهم وفطا» بِينَ المعتزلة 007 فالماتئريذية وسط بِينَ الأشاعرةٍ والمعتزلة» ولذلك قرّر بعضٌ العلاء أنهم أقْبُ إلى المعتزلة منهم إلى الفقهاءِ والمحدّثين» وجزى الله الجميع عن الإسلام خخيرَ الجزاء» فكل قامَ بواجبه في ناحية من نتواحيه. 2 0" 0 دنه وح 35 أب بكر الباقلاني يفف أبو بكر الباقلاني" لق اومان 5ه) اشتَدّتْ الحَمْلاثُ على المعتزلة في بغداد وسائر بلادٍ العراق» وضاقُوا دعا بكثرتها وتأييدٍ الحُكّام والشّعبٍ لحاء فلم يجدوا مُتَنفْسَاً هم إلا في فارسء ولم يذهبوا إلى بلادٍ ما وراءً النهرء لأن أبا منصور المأُريديّ ومَنْ بعدّه من التلاميذٍ وأتباعهم» قد جعلوا هذه الأرض لَيْستْ لهم ولَيْستْ مقاماً طيّباً ينّسعُ لآرائهم. وفي منتصنفي القرن الراب بع المجريّ» كبر أمرهُم نسبياً حتى صارٌ منهم قاضي القُضاة في عهدٍ عَضْدٍ الدولة بلطاف هذا الإقليم» وكانَ هذا القاضي كثيراً ما يناقِشُ السّنيينء ويَغْلّح بالج عليهم”"» وينالٌ منهم في حضرة عَضّدٍ الدولة الذي كان يميل بقلبه للسّنيين من غير أنْ يكر المعتّزلين» ولذا أرادَ أنْ يستوفِدٌ من علماءِ العراق من يَرُدُ على قاضي القضاة وينصرٌ السنة. مناظرة قاضي القضاة المعتزلي: ٍ وقد أشيرٌ عليه بشيخ وتلميذه بالبصرة» فل) وَرَدَ الكتابثٌ إليهما امتنع لشي 0 لكيلا يحضرّ مجلس المعتزلة كراهيةٌ له. أمّا الشابٌ فإنّه استعدٌ للذهاب ليرد الحُجَةً )١(‏ مجلة العربي: العدد ٠ل‏ عام 284١ه‏ - 1954م. 0 3 5 (؟) أي: يعلوهم ويفوقهم. من الفلج. (1) وهو الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي البصري. تنظر ترجمته في «تاريخ بغداد) :١‏ 237417 و«ترتيب المدارك) 5: 195. 1" لوكي ات اع اسيل ويقيم الدليل» وقال لشيخه: «إِنْ أهلّ السّنّهَ في عهدٍ الإمام أحد. بامتناعهم عن المناظرة والدفاع عن مذهبهم, وبيانٍ الحجّة أمامَ المأمون والمعتصم والواثق» نزلٌ بهم من المحنٍ مائوّل). م ير التلميدٌ الشابّ بالموقف السّبِيّ؛ وذهب إلى شيراز» حيثٌ التقى بقاضي القضاة المعتزلي ومَنْ مَعَه؛ وناظرّه وأقامَ عليه الحَُجَّةَ أمامَ عَضْد الدولة. عوك به» وأقامّه بفارسٌ أمداً لينشر مذهب أهلٍ السّنةء ويدافعَ عنهء ثم دَقمَ إليه ولدّه لينهجَهم منهاج السَّنِّينء ويُنشئهم على تفكيرهم. مقدرة الباقلاني على الاستنباط والاستدلال: ذلكم الشابٌ هو محمد بن الطيّبٍ بن محمّدٍ الشهير بأبي بكر الباقِلانٌ» قد آنا الله ل عل الاستتباط والاستدلال» وقد قَالّ فيه أحد معاصريه: لمَنْ سيِعٌ مناظرة القاضي أبي بكر ( د بعدّها بسماع أحدٍ من المتكلَّمِين والفقهاء والمترسَّلِين ولا الأغاني أيضاء من طيب كلامه رتاه وحُْسْن نظامه وإشارته». ولادته وطليه العلم: وقد وَلِدَّ أبو بكر بالبصرة» ولا يُعلّمُ تاريخ ميلاده على وَجْهِ اليقين» وذلك لأن العلاءً يُولّدون ىا يُوَلدٌ سائرٌ الناس فلا يبتمٌ الناسٌ بهم حينَ يُولدون» ولا يُذكرون إلا بعدَ أن يشتهرواء وتستفيضٌ أخبارُهم» ولذلك يُعلمٌ تاريخ وفاتهم ولا يُعلمُ باليقين تاريخ ميلادهم, ويَظهَرُ من تَتَبّع شيوخه وأخبارهم. أنه وُلِدَ في نماية الربع الأول من القرنٍ الرابع أو بعدّها بقليل؛ 5 قبلّها بقليل. أبو بكر الباقلاني 2-7 وقد طلب العلمٌ بالبصرة» إذ نشاً نشأئّه الأولى بهاء وتلقَى العلمَ في ابتداء شبابه من علمائهاء واسترعى نظْرَة فقيةٌ مالكيٌ جعل لهذا الفقه بالعراقٍ مكاتاًء وإن كان ذا مساحةٍ محدودة» ذلك الفقيهُ هو أبو بكر الأبهريّ المتوق سنة ه/31" فدَرّسٌ عليه. تبوغ الباقلاني في الفقه المالكي: درس الفقة المالكيّ» ونبغ فيه» ودرسٌ أصولّه ومناهبّه» وبلغ فيه درجةً وَصَلتُ به إلى أن يُعتيرَ فقيهاً من الفقهاءِ ممّ كونه إماماً من أئمةٍ المتكلّمِينء ومَعَ أنَّ المذهبَ المالكيّ في العراق كان بعيداً عن مواطن تُموٌه وازدهاره؛ فقد بلع فيه الباقلاننٌ تلك الدرجة العالية» وقد قال بعض فقهاء المغرب الذي ازدهرٌ فيه المذهبٌ وأينع» وآتى أكله: «رَحَلْتُ إلى بغداد وكنتٌ قد تففّهتُ بالمغرب والأندلس» فلا حَضَرتٌ مجلس القاضي أب بَكْرء ورأيتٌ كلامه في الأصولٍ والفقه ممَ المؤالفٍ والمُخَالِف, حََرتُ نفسي» وقلت: «لا أعلمٌ من العلم شيئاً»» ورجعتٌ عندّه كالمبتدئ». وما زالّ يعلُو في مَيْدانِ العلم الإسلامي درجةٌ بعد درجة» حتى صارٌ يُذكرٌ في الأقاليم الإسلامية كلّها للمُناظرة. وقد ذكزنا رحلته إلى عَضٌد الدولة» وقد عاد بعدّها إلى البصرة» وَوَيّ قضاءهاء ولذلك كان يُسمّى القاضي أبا بكر الباقِلانِ» ويظهر أنه كان يَقْضي بين المالكيين فيهاء فإليه انتهث رياسةٌ المالكيينَ في عَضْره. شْهْرتَهُ في علم الكلام وشيوخه فيه: وليسثْ شهرةٌ القاضي بالفقه وأصولهء ولكنْ شهرثّه التي طبقت الآفاق» هي في علم الكلام» ودفاغه عن مذهب الأشكريٌ» وتلقى ذلك عن كبارٍ أثمةٍ المذهب الأشعَرِيٌ في عهده؛ ومنهم: ابنُ مجاهد. الذي كان من أصحاب أب الحسن الأشعريٌ 0 أعلام وعليماء وتلقى عنه ما انتهى إليه من كلام في العقائد. وهو الذي دعاة عَضْدٌ الدولة مع تلميذه اباي فامتنعَ وتأيّى عن أن يجلس مم المترلة» في مجلس» وحمل التلميدٌ الِب وحده؛ وذَّمَبَ وناظرَ وقامٌَ بالحُجّة. وأخذ عَنْ أبي الحسن الباهيّ الذي كان تلميذاً للأشعريّ أيضاًء وكان رجلاً تقياً صوفياء يختفي عن الناس» ولا يخفى علمٌه عنهمء وقد قال فيه الباقِلاني: «كان الشيخ الباهلٌ يُدَرّسٌ لنا في كل جمعةٍ مرّةٌ واحدة» وكان منّا في حجاب يُرْخي السّترَ بيننا وبيته كَيّلا نراه). ولا تلقى مذهب الأشعري عن تلاميذه حل العِبّءَ في الدفاع عن المذهب» ومناقشة المخالفينء بل إن مناقشته ل تَقَنِصِرْ على المعتزلةٍ والشيعة وغيرهم من الذين يخالفون السّنبين ولا يوافقونهم» بل إِنَّ مناظراته تجاوَرَتْ حُدود الديارٍ الإسلامية وكان يذهبٌ إلى بلاد التصارى مُجَادهُم في حَضْرة مَلِكِهِمْ بإيفادٍ من بعض وُلاةٍ الأمر من المسلمين, ليدافع عن الإسلام لاعن مذهب. صفاتٌ جَعَلنْه في الذّروة: والباقلاني قد انّصف بصفاتء جَعَلتْهِ في الذّروة بينَ العلماء. أ- من هذه الصفات: أنه كان ذا ذاكرةٍ واعيّة» لكل ما يَقْراً ويسمع: وقد قال فيه الخطيبٌ البغداديّ: «كان كل مُصَنَّفِي بغداد» إذا صَتَُّوا تَعَلُوا من تصانيف الناس إلى كتبهم إلا الباقلانّ. ثم كانت مناظراتّه حاضرةً دائياً لا تغيبُ عَنْ عَفْلِه حتى كان إذا صن في الخلاف لا يحتاجٌ إلى مُطالعة كُتّبٍ المخالفين» وحتى كان تصنيقُه لكل ما شكال كه انان تلد امن سفظ ةوكر زايد لظ محاففلة راغي كنا أبو بكر الباقلاني ا ب-وكان مع هذه الحافظةٍ الواعية» عميقٌ النظرء لا يكتفي من العلوم باستتحفاظ ما اشتملث عليه بل كان يَسْتنبطء ويك ويَبني على ما استبطه» ولقد قال ابن لكان في وَضْفْهِ: (إنّه كانَ مشهوراً بجودة الاستئباط» وسّرعةٍ الجواب». ج وكانّ ذا بديبة حاضرة: تأتيه أَرسالُ المعاني في وقتٍ الحاجة إليها من غير معاناةٍ ولا تكلّف» ولذلك امتارٌ بمناظراته التي يقحم بها الخصومٌ بأيسر كُلْفة 3 على التّعريضٍ بتعريض مثله؛ وعلى التُصريح بِالحُجَّةِ القارعة والكلام المُفْحِم. د وكان مع هذه القدرة العقلية والبيانية» ذا صلاح وتقوى وإخلاص في دين الله تعال» وطلب الحقّ فيه. ولقد قال ابن عساكر في كتابه عن الأشعّريٌٍّ والأشاعرة: (إن ما كان يُضوِرٌه القاضي الإمامٌ أبو بكر الأشعريّ رضي الله عنه من الوَرَعِ والديانة اله والصّيانة» أضعافٌ ما كان يُظهرٌه. فقيل له في ذلك؛ فقال: «إنا أُظهرٌ ما أُظهرٌه غيظاً لليهود والنصارى والمعتزلة والرافضة والمخالفين, لثلا يَسْتحْقِروا علماء الحقّ والدين». وكانَ مع كلّ هذ الصفاتء ذا مَيْيةِ واضحةٍ جليّة. وهبّها الله تعالى له» وزادّها با مارسّه من مواقف بيانية رائعة. وكانّ فصيحاً مالكاً عنانَ البيان» يأنيه اللفظ القمل من قي كاه كه امعان الكثيرة من غير مُعَانَاة. دروسه ومناظراثه: نشأ ‏ كما قُلّنا - بالبصرة» وظهرث مواهيّه فيهاء وتزوّد بخيرٍ زادٍ من العلم والقي مع عَقْلٍ لمي ولسانٍ قَؤْمِيَّ» وان إلى الدرس مع أنه ول قضاءً البصرة» فكان مع قيامه بواجب القضاءء يقومم بحقٌّ الدرس والإلقاء» وكان يَنْزِعٌ من درسه للف أعلام وعلياء للمناظراتٍ في البلادٍ الإسلاميّة يدافع عن الأشاعرة: وإلى غيرٍ البلادٍ الإسلامية في بلادٍ الرومان يدافع عن الإسلام» وحيثٌ تحقَقّ الغرض الذي ترك الدرسّ من أجله عاد يُذَاكِرٌ تلاميدّه ويّدارِسُهمء حتّى إذا ضَاقَّثْ البصرةٌ بعلمه» ذهب إلى بغداد» وأقامَ بهاء اَذ في جامع المنصُور حَلّقةٌ عِلميّةً عظيمة» كان بحي إليها الحُلماءٌ من كل بلاد الإسلام. وقد كان في هذه الحلقة يقر يِقرّرٌ المذهب الأشعريٌ» ويدافع عنه ويشرح العقيدةً الإسلامية؛ كما جاء بها القرآنُ الكريم» وكما ذكرثها السنّةء غير مُتيّدٍ عليه إلا با يُؤيدُهما من دلائل العقل» وبِمُقدّماتٍ منطقية قويّةِ ومؤيّدةٍ وموضحة. وكانت دروسّه تمتازٌ بالعُمْقٍ مع الوؤضوح. ويظهرٌ أنه كان يُدرّسٌ المذهب المايكي في الفقه: كا يُدرّسٌ المذهبّ الأشعرِيّ في العقيدة» وإِنْ كان التلاميذٌ يتغيّرون» فدَرْسُه في العقيدة عامّ» يشملٌ المالكيين وغيرهمء ودرسّه للفقه خاصٌ بالمالكيين» ولذلك قالّ عنه المالكية: «إنه كان إمامٌ المذهب في وقته». وكان يُذْعَى للمناظراتٍ كا قرّرنا في هذا العصر الذي كان مملوءاً بالمناظراتٍ في شتّى العلوم؛ فمناظرات في العلوم الفلسفيّة» ومناظرات بينَ المسلمين وغيرهم؛ ومناظراتٌ في الفقه بين الشافعية 20 وم يدخل فيها المالكية» وكانَ هذا الفصيحٌ الأريبٌ العليم بمداخلٍ الاستدلال ومخارجه. بطلاً في هذا الميدان عر ف له مقامه. رؤية الله يوم القيامة: وكانت طريقته في المناظرة أَنْ يطلب ممّنْ يناظرٌه بيانَ رأيه ابتداء» وهو يعلمُ أنه تُخالِفء فإنْ أبدى رأيه وحُجِّتَه أل يُلاحقه بنقدٍ الدليلٍ مُقدّمةٌ مُقدّمة» وكانت هذه الطريقةٌ أنجَمَ طريق في إفحام خصومه من المعتزلة والشيعة؛ لا نهم يخالفون ظاهرٌ اللسوضية :فإا الطز ايت القالفة قامثْ جه في الأزٍ بظاهر النصّ من غير داع أبو بكر الباقلاني 9 إلى تأويل. ولنضرب مَثَلا برؤية الله يومَ القيامة» فقد جاءثٌ بها ظواهرٌ النصوص القرآنِيّةِ والنبويّة» وأوّلَ المعتزلة هذه النصوص. ولننقل المناقشة فيها في حَضْرةٍ عَضْدٍ الدولةٍ الملك» كما جاءث: ثم التقّتَ املك فقال: «سَلُوا أبا إسحاقٌ النّصيبِيَ عن مسأل الرؤية»» فأنكرٌ رُوية لله تعالى في الآخرة» وسّئْل من قبل الباقلاني: «ما حَُجَّنّك؟» فقال: «كل شِيءٍ يُرى بالعين» فيجبُ أنْ يكونّ في مقابلهِ عن الرائي». فالتفتٌ الملكُ إلى القاضى أب بكر فقال القاضي أبو بكر: «لا يُرى بالعين»» فقال القاضي المعتز: «فإذا لم ير بالعينٍ فباذا يُرى؟» فقال القاضي: ايرى بالإدراك الذي يحْدنُه الله تعالى في العين» وهو البَصَّرء ولو كان يُرى المرئيّ بالعين» لكان يجبُ أنْ يُرى بكلّ عي قائمة» مع أن بعضّ الأعينٍ لا يرَّى بها». وإِنَّ هذا الكلامٌ يُستفادٌ منه أنَّ الرؤية تكونُ بالإدراك الذي يكونُ طريقّه رت ا رايا وق نه تعتقية ً مُقَتضيةٌ المكان» والله مُتَرَّهُ عنه. عو وفي مناظريه مك الروم نجده يحي املك بهالميحتب» فبتره يحي . وَلميَرُةَ حجّتّه. ولْننقّل مناقشتئّه في انشقاقٍ القمر الذي يعتقدٌ أهل السنة أَنْهُ انشقّ فغلة0© وإليك المناقشة: (1) أهل السنةٍ يقولون: القمرٌ انشٌّ فعلاً مصداقاً لقوله تعالى: #أَقيريتِ ألسَاعَةُ انمق الْصَمْدُ #. وبععيشض العلماء يرؤن أنْ الآية للمستقبل» وأنّ الانشقاقٌ عندٌ قيام القيامة» فمعنى انشقٌ: أنه يَنصَّقّء كقوله تعالى: مأأقَه أمَرٌ اله قلا َْتَحْيِلُوهُ *. أي: سيأتي أمر الله. (أبو زهرة). 0 اه قال ملك الروم: هذا الذي تدَّعونه في معجزاتٍ نبيّكم من انشقاق القَمَر كيف هو عندكم؟1. قال الباقلانَ: "هو صحيحٌ عندنا انشقّ القمر على عهدٍ رسولٍ الله. حتى رأى الناسٌ ذلك» وإنما رآه الحضورٌ ومن اتَمْقّ نظرُه في تلك الحال». قال الملك: «وكيف ل يرَهُ جميعٌ الناس؟ وهل هذا بيتّكم وبيئّه نسبةٌ وقرابة؟ ولأيٌّ شيءٍ لم تعرفه الرومٌ وغيئها من الناس» وإنما رأيتموه أنتم خاصّة؟!). قال الباقلاني: «لأنَ الناسّ لم يكونوا على أهبةٍ ووَعْدٍ لِشُقوقِه وحضوره؛ وهذه المائدة (أي التي نزلتُ من السماء) بِينَكُمْ وبيئّها نسبة؟ وأنتم رأيتموها دون اليهود والمجوس والبراهمة وأهل الإلحاد. وخاضّة اليونانَ جيراتكم, فإنهم كلهم منكرون هذا الشأن, وأنتمٌ رأيتّموها دون غيركم». اش : .يس كه كم اله ادن عاره : 0 0 وهكذا نجذه يناظر» فيبيّنَ أن عَدَمٌ رؤية الانشقاق في الروم؛ سببه عدمٌ التطلع اه ٠. ٠.6‏ ع انوت ام 5-85 :. 000 5085 والمراقبة» ولم يكن في هذا العهد أَرْصَاد تسجلء ثم لا يكتفي بذلك. بل باجم اعتقاد التّصارى أنْ مائدةٌ نزلتُ من السماء» وكان ينبغي أنْ يراها الناسٌ جميعاً على مقتضى نظر ملك الرومان. في إعجاز القرآن: وقد كتب الباقِلانّ كتباكثيرة في الفقه المالكيّء وأصولٍ الفقهِ والعقائدٍ والكلام؛ وأقواها في نظرنا كتابٌ «إعجاز القرآن». ذلك الكتابٌ الذي بيّن فيه إعجارٌ القرآن بالدراسة المقارنة لا بمُجِرَّدٍ الببانٍ النظريٌّ لأسرار البلاغةٍ فيه» ى) فعل من بعده أبو بكر الباقلانني 1” الجُرْجانيء والزَّْمَريَ» ذلك أنه في عهده أشاعَ بعض الكُتَابٍ من الزنادقة أن القرآنَ لم يكنْ معجزاً بذاته» إذ كان الناسٌ يستطيعون أنْ يأتوا بمئله» ولكنّ الله صَرَفَهِم عن ذلك. وأخذوا هذا عن انود الذين قالوا في أشعار الفيدا عندهم: إنَّ الناسّ صُرِفوا عَنْ أنْ يأتوا بمثلها. فتَصَدَى الباقلَانيٌ للد فأتى بأبلغ ما وصل إليه العربٌ من بلاغةٍ في القولء وذكرٌ الكلامَ البليعٌ الذي أجمع العلماءٌ على أنه أعلى الطاقة العربية في البلاغة» ووّازنَ بين وبينَ القرآن» وأثبتّ أنْ الذوقٌ البيانّ بُوجبُ الحكم بأنَّ القرآنَ أعلى بكثير منًا أجمع العَرَبُ على أنَّه بلغ الذّروةً في البلاغة. وقد شغلّ الباقلازنٌ عصره بعلمه وكُبِه ومنَاظراتِه وذاعَ اسمّه في أقصى بلاد الإسلام وأدناهاء على أَنّه لاه حتى لقد قالّ بعض الفقهاء: «إنه لو أوصى شخصٌ بِدُلْثِ ماله لأعلم الناس» لاسْتّحقٌ نّ الوصبَّةٌ الباقلانن وحدّه من غير ترد بينّه وبينَ غيره». يه 2 ع خمسه للمذهب الاشعري: وَإِنَّ الباقلانّ كان في العقيدة أشعريّ المذهبء مُتَحمّساً له دافم ونافح» وقد نه تلك الآن م النامن عل القثنات العقات التو باق الأشعرئ مها ادلتة: لإثبات مذهيه» ول يرد أن بخايفوهاء فهو يتحمس قط لنتائج. بل تحمس أيضاً لسياق الأدلة و مُقدّماتهاء وإنّ ذلك بلا ريْبٌ إفراطٌ في التعصّبٍ المذهبيّ» فإنه قد يكوثٌ الناسٌ مُقيِّدِين بالنتيجة» ولكن لا يصحٌ التقيّدٌ بنوع معيّن من أدلّتها. فد اغلدم وعلاء وإنه مع هذا قد خالفَ الأشعريّ في أمور ولكنْ قرّر العلماءٌ أن الخلافٌ فيها ودس (1) لفظ” 07, ومهما يكن من أمر تَعيّدِ الباقِلانٌ بمذهب الأشكّريء فقد كان عالماً جليلاً ملا - 3 ص 2 50 طِباقٌ الأرض علا ونظرأء فرحمة الله عليه ورضاه”". )١(‏ قال الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» /11: :14٠١‏ «وانتصر لطريقة أي الحسن الأشعري» وقد يخالفه في مضائق» فإنه من نظرائه». وحسبك ببذا الثناء في الدلالة على منزلة الإمام الباقلاني. وقال الشيخ ابن تيمية في «مجموع الفتاوى؛ ه: 50 في حقٌّ الباقلاني: اوهو أفضل المتكلَّمِين المنتسبين إلى الأشعريء ليس فيهم مثلّه ولا قبلَهُ ولا بعدَة). (1) توفي الإمام الباقلاني في يوم السبت الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربع مئة) ودفن في داره بنهر طابق» ثم نقل إلى دار حرب» ودفن في تربة بقرب قبر الإمام أحمد. وقد رثاه بعض الشعراء فقال: انظر إلى جبل تمشي الرجال به وانظر إلى القبر ما يحوي من الصَّلف انظر إلى صارم الإسلام منغمداً وانظر إلى درة الإسلام في الصّدّف أبو الحسن الماورديّ يفيف أبو الحسن الماوّردء 2" م (5"-ممعه) في القرنٍ الرابع والخامس الحجريء اصْطَرَبِثْ موازينُ الدولةٍ الكبرى إلى دُوَيْلاتٍِ وحَْزاتٍ مُلوكء ذلك أنه منذّ استعانَ المعتصمٌ في أولٍ القرنٍ الثالثِ الهجريّ بالأتراكِ الذينَ جَلَبَهم من الترْكستان وغيرها من البلادٍ الإسلامية» انتزِعَ أولئك السّلطانَ لفل وأخدُوا يتحكّمون في الخلفاء» ومَنْ خالفَهُم منهم لوه وول مَنْ قتلوه كان المتوكل» وكان عِبرةٌ لمن جاءَ بعدّه فاستَسْلّمواء وصارٌ سلطائهم رمزياً ع وو 54 وكأنهمٌ رجال كهنوتٍ يمنحون البركات. و2 2 عو وبانحلالٍ الدولةٍ الإسلامية الكُبرى؛ أخذث اللغةٌ العربيةٌ تختفي من الأقاليم الشرقيّة؛ واستيّقظَت من سباتها اللغاتٌ الإقليميّة» وما بقىّ في الألسنة من اللغج العربيةٍ دخلبّةٌ العُجْمِية حتى صار ذلك اللسان غريباً في ديار الإسلام. واحتدّ الخلافٌ بينَ الشيعة والسُّنَّةء وأخدّ صُورةٌ من الفِئّن والانتفاضات» حتى جاء التتارٌ مِنْ بَعْده ودخلُّوا بغداد مِنَّ الثلمةٍ التي ها الخلاف. )١(‏ محلة العربي: العدد كلق عام هد 6م. م إعدم روعي 0 2 م‎ ٠. مع فساد الحكم. رَاجَت سوق العلم!‎ من م 0 2 - 2و‎ 5 وفي الوقتٍ الذي قَسَدَ فيه الحكمُ ذلكٌ الفساد. وتفرّقتٍ الأمّهٌ ذلك التَّدّق كانت سوقٌ العلم رائجة» وقد اتَهَ العلما من العرب والفرس إلى الدراسة والإنتاج» 8 ُ 2 س8 5 5 . وكانت اللغة العربية وعاء ذلك العلم» ى) هي وعاءً الإسلام» ففي الوقتٍ الذي سَادتٍ العُجْمةٌ كانتٍ العربية سائدةٌ في التأليفي والدراسة. وكان الحُكام يُسَجَّعون العلم, ويُقرّبونَ العلماء إليهم؛ ويُدرُونَ عليهم الدَرّ ع 03 5 اع 5 3 3 الوفير» فانصرفوا إلى العلم» وانتجوا وأثمروا. وكان امر غريب. فبمقدار اضطراب ميزانٍ الحكم؛ كانت استقامةٌ ميزانٍ العلم» وبمقدار العُقُم الذي أصابَ الدولة» كانت زيادةٌ الإنتاج العلميّ» فانّسعتُ آفاقٌ الدراساتٍ كلّهاء وخصوصاً الدراساتٍ التي تتعلقٌ بالفقهِ والتفسير والحديث. وإنه لمن العّرابة أن نجدّ في ذلك العصر المُضْطَربء دراسةً واسعةً لنظام الحكم الإسلامّ السَّليمء وكأنَّ العلماء رَأَوْا خطوطاً مُعْوَجَة فاستطاعُوا أنْ يأخذوا من اعوجاجها الرسمٌ الصحيحٌ للخط المستقيم» فإدراك الاعوجاج يَسّدّ طريقٌ الاستقامة» وكأمم رأَا أن أشلكَ طريق للتوجيه؛ هو بيانٌ الحكم المستقيم؛ فمنْ أراد أنْيَسْلَكه فقد اهتدى. الفقيه المُذْرك والحكيم | لمي عاش في هذا العصر فقيهٌ مُدْرِكء وحكيمٌ مُلْهَم» قد آناه الله قلباً مستقيياً وتجربةً مكمه من إدراك العصرء فقد ركب لَجْتَهه وعلا فوقٌ قِمِّهه فرينَ الطريقٌ للإصلاح من غير أَنْ يُصرّح بالدعوة إليه» لأنْ بيانَ الحنٌّ في ذاته تحريضٌ عليه. أبو الحسن الماورديٌ 3-7 ذلكم الفقيه هو علي بن محمدٍ بن حبيب المَكْنِيٌ بأبي الحَسَنء والملقّب بالماوزدي» قال فيه ابن السبكيٌ في «طبقاتِه): «الإمامٌ الجليلُ القدرء الرفيعٌ المقدار والشأن» صاحبُ ا حاوي والإقناع في الفقه» ودب الدنيا والدين» والتفسير» ودلائل النبوةه والأحكام السلطانية» وقانون الوَزارة وسياسّةٍ المللك. وجُعِل إليه القضاءٌ لدان كثيرة» وكان رجلاً عظيمٌ القدر مُقَدَّما عندَ السَّلطان». وهكذا نجدٌ ذلك الفيلسوف الفقيه» قد خاضٌ في عُباب العلم الإسلاميٌء خا في علم الفقه وأُصولِه حَوْضٌَ العالم الفطريّ العميقٍ في تفكيره» وخاض في الأحكام العملية والنظام؛ حَحَوْضٌ المسيطر المذراك الفاهم؛ فقد عاش قريباً من الحكّام» فعلمَ الأدواء. وعلمَ علاجها فوصّمّه في كتبه من غير أنّْ يذكرٌ أنها دواءء بل دوّنها على أنها غذاء؛ يستفيدٌ منه المرضى والأصحّاء. نشأتّه وحياثه: وُلدَ أبو الحسن بالبصرة» وتلقى علومّه الأولى بباء وكانتٍ البصرةٌ مَؤْئلٌ العربيّة, وبها علومٌ النّحوِ والأدبء وبها الطوائفٌ والفرقٌ الإسلامية ويجري فيها الجدلٌ بين هذه الطوائف. وهي فوقٌ ذلك مُلتقى الأجناس الإسلامية» وتجبيء إليها المتاجرٌ من الّرقَ» وتحيء معها علوم الح وإيران» ثم هي فوقٌ ذلك تُطل على الصحراء العربية» حيث الصفاءٌ والأخلاق التي لا انحراف فيها. َلقَى العلومَّ المختلفةً على مشايخها؛ تلقّى علم الكلام على المعتزلةٍ وعلى الأشَاعِرَة وتلة الفقة الشافعيّ وأصولّهء وروى الحديثٌ من حُفَاظِه وعَنيّ بالقَرآنٍ فهاً وحفظاً وفقهاً وتفسيراً. شف إعادموعلباء ثم اتتقل من بعد ذلكٌ إلى بغداده وفيها المادةٌ أغزرء والبيئة أخصّبء والشيو أكثر» فَأَتَلَ عنهم وَدَارَسَهِم واستمرّ يُذاكرٌ العلماء» ويحصَّلُ العلم» حتى بلع فيه شأناً يُقْصَدُ فيه إليه» ويجلسٌُ التلاميذٌ بين يديه. وفي هذه الأثناء انَصلّ بالحُكَام من دولةٍ بني بُوَيْهِ الذين كان لهم السلطان الفعلي» وللخليفة العباسي الحكمٌ الاسميٌ» وقد بلع بهم الشأنُ أن صارَ يُخْطَبُ باسمهم» ويُذكرونٌ ممَ الخليفةٍ على المنابر. انصلٌ بالسلطانء فكان المقدّمَ عنده» وكان المقرّبَ إليه» المسموع الكلمةٍ لديه. دراسته لنظام الحكم ف الإسلام: وهو بهذا الانصال كان يَدْرسٌ نظام الحكمء ويقَارِنُ ينه وبِينَ ما يدعو إليه الإسلام» وما يمكن أن يستخلصٌ من الدراسات الفقهيّة» وما تُرشد إليه القواعدٌ الإسلامية» فكان هذا الانّصال ‏ مم مَن عَلَوْا المكان ‏ مُرشِداً له ومُوجهاً للدراسة الإسلامية التي تتعلّق بنظام الحكم في الإسلام. وكان كتايّه «الأحكام السلطانية) ثمرةً هذه الدراسة كا كان كتاباه: «قانون الوزارة»» و«سياسة الملك» ثمرةً لهذه الدراسة أيضاًء وإِنْ كان هذانٍ الكتابان فيهما خضوعٌ إلى حدّ ما للواقع» بمقدار ما كان الأول مصباحاً لإصلاح الواقع» ولا خضوعٌ فيه. تولّيه القضاء: تولّ القضاء في بلادٍ إسلامية من بُلدانٍ المشرق» وهي مختلفةٌ البيئاتِ غتلفة الأعراف. والقضاءٌ يفيدٌ الفقية خِبْرةٌ بالناس» وخِبْرةٌ عمليةٌ في تطبيق الفقه فإذا 0 كان في القضيِّةٍ التى بين يديه آراءٌ غتلفة» كل رأي يمكنٌ تطبيقه؛ فإنه يختارٌ منه ما أبو الحسن الماورديٌ 2 ىس و يُقرّبٌ إلى مألوف الناس» وتحقيق العدالة بيتهم. وإذا لم يكنْ في المسألة رأيّ فقهىّ ل العدالة انه إلى الكتاب والسنَّةٍ والقواعدٍ الفقهيَّةٍ العامة يَسْتَمِطُ منها ما يكونُ أقربّ إلى تحقيق العدالة» وتحقيق المصلحة الشرعية. وقد كان القضاةٌ يُخْتارونَ من الذينَ لهم اجتهادٌ في مذاهبهم؛ ولم يكن التقليد قد قطمّ ذلك النّوعَ من الاجتهاد» ولذلك كان لأبي الحسن الماوردي اجتهادٌ في فروع فتهية طبقهاء لم يكن فيها غالفة للمذهب الشافعي؛ بل فبها تطبيقٌ لأصوله» وقد دوّنها المؤرّخون لذلك الإمام الجليل. وَإِنَّ القضاءَ في بلدانٍ كثيرة» قد أعطى ذلك الفقية العظيمَ معرفةً بأخلاق الناس؛ فدرسٌ الآفاتٍ التي تفسدٌ الجماعاتٍ الإسلامية» وتنحرفٌ بالنفوس عن المتقصدٍ الأسمىء الذي دعاهم إليه الإسلام. وكان أبو الحسن عميقاً في دراسة النفوسء مُتعرّفاً أدواةهاء ودواءهاء ولم يكنْ مَعَه من علاج إِلّا الشَّرعٌ الشريف. ومَصَادرٌه من قرآنٍ وسنةء وقد جاء كتابه «أدب الدنيا والدين» مشتملاً على بيانٍ ما يعتري النفوسٌ من أدواء» وما يمكنٌ أن يطب به من دواء. صفاته: انَصفَ أبو الحسن بصفاتٍ جعلته في الذّروة بِينَ رجال العلم عبر التاريخ الإسلامي: وأولى هذه الصفات: ذاكرةٌ واعية» وبديهةٌ حاضرة» وعقل مستقيمٌ يأخذٌ من الجزئياتٍ قواعد كليّة» ويربطّها برباطٍ من المنطقٍ واحد. وقد عالجٌ في هذا مسائل لم 37 أعلام وعلماء يسبّقُ بهاء كعلاجو لمسائل الشّرع في كه التي تعرّضْتْ لنظام الدولة» فيا كان يعتمدٌ ذلك خل قرام مقر رن ثائنة حتها ودوماء بل كان يعمد ف إذلك غل الحاديت وأحكام للصحابة» وفروع جزئية في المذاهب؛ فجمعها جَمْعاً متناسقاء وربطً بينها رَبْطا نُك وجَعَلها في قواعدٌ مضبوطة. والثانية: اثَّرَانُ في القولٍ والعمل» وهذه الصّفْةٌ تكونٌ كامنةً في النفس» وإِنْ وَجِدَّتْ ما ينها نَمَتْ وازْدَهرَتْ» وقد نّاها انّصالّه بالحُكّام؛ ورَغْبتُهِ في إرشادهم من غير أن يدفتهم إلى جُنوح أو جموح. والثالثة: الل وضَبْط التّمسء فكان لا يَثُورٌ ولا يغضب. ويَتَطامنٌ لطلاب العلم بِينَ يديه. والرابعة: التواضمٌ وإبعادُ النفس عن الغروره وكان حَياً شديدَ الحياء» وفيه وَقارٌ وكَيْبةٌ تمعل الذين يعاشرونه يجمعونٌ مم المحبة له الحيبةً من أَنْ يقولوا في حَضْرَه قولاً لا يُرضيهء وما يُرضيه إلا الحقٌ. والصقة القامنة: اولان حلص :له تفال :كان لذ بول الا ماه يُْتي بغير الحقّ» لا تأخدة في الحقٌّ لَوْمةُ لائم» ولاعَقْبُ صديق» ولا رغبةٌ في إرضاء رئيسء وله في ذلك الأخبارٌ العَطِرةٌ بطيب الإخلاص. حكم التلقّب بملك الملوك: ولنذكز واحداً منها: كان أبو الحسن الماوَّرْدِي صَفِيَاً لجلال الدولة» أحدٍ سلاطين بني بُوَيْهه وقد أعطاهٌ الخليفة لقب مَلِكِ الملوك» فثارث فكرةٌ جواز هذا اللقب من الناحية الشرعية الدينية» فاختلف الفقهاءٌ في ذلك على ثلاثة آراء: أبو الحسن الماوردي 4 عوابا أوهًا: الجوارٌ على اعتبار أنه ملك الملوك في الأرضء وليسٌ في هذا ما يَمسّ الذاتٌ العليّة. والرأيّ الثاني: هذا على حسب النيّةء فإِن نوى الناسٌ الأرضّ فلا بأس» وإلا فإنه لا يجوز. والرأيّ الثالث: المنمٌ لأنَ هذه الصفة لا تليقٌ إلّا بذاتٍ الله تعالى» وللأحاديثِ الواردة بالمنع. واعتئقّ العامّةٌ هذاء وحَصّبوا الخُطباءً الذينَ خطبواء وذكرُوا هذا في الخطبة. ولكنْ لا بد أن يُبديَ الماورديٌ رأيّه وهو فقي العصرء فوجدٌ النبيّ بك يقول: «اشْتِدّ غَصَبٌ الله على مَنْ قل نفسّهء واشتدٌ غضبٌ الله على رجل تَسمّى بملكِ الملوك؛ لا مَلِكَ إِلّا الله تعالى»0". ووَجَدَ النبيّ عليه السلامٌ يقولُ في حديث آخر: لأخنع | سم عند الله تعالى يومَ م القنائة رج لقان مزكه كمالك" ولذلك أفتى الماورديٌ صديقٌ جلال الدولة”" وصفيّه بالمنع. ولكنّ الماوردِيّ رجل فيه حَيَاءٌ وفيه مودّة» وفيه قوةٌ دين» ولذلكٌ انقطمٌ عنٍ السلطانٍ جلالٍ الدولةٍ بعد هذه الفتوى» فطلبَةُ السلطان» فمضى إليه وهو يتوقّمُ العقاب» ولكنْ قالّ جلالٌ الدولة: «أنا أَتحمَقُ أنكَ لو حَابِيتَ أحداًء لحابَيئتي» لا بيني وبيتك» وما تملك إِلّا الدين» فزاد بذلكٌ محلّكَ عندي». )١(‏ رواه مسلم )7١1541(‏ من حديث أبي هريرة مرفوعاً ولفظه: «أغيظ رجل عل الله يوم القيامة وأخبئه وأغلظه عليه» رجل كان يُسمّى ملك الأملاك» لا ملك إلا الله». : (6)وواة البخاري (551) ومسل 0440) من حديك أن هريزة. (9) في الأصل: جلال الملك. 6 أعلام وعلياء كتبه: ترك أبو الحسن الماورديٌ آثاراً علميةً خالدة» منها كتاب «الحاوي» في الفقه الشافعيٌ» وقد تعرّضٌ فيه لدراسة فقهيّة مقارنة» وهو مخطوطً يعمل المجلسٌُ الأعلى لرعاية الفنونٍ والآداب والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. على تحقيقه وإخراجه. وله كتبّ ف الأصول والفروع وغيره؛ وله كتابٌُ «التفسير». وله في كل فروع العلم الإسلامي كتبٌ قيمةٌ تمتازٌ 0 التعبير» وسلامة التفكير. 1 ولكنّ كتابئن أخرجَتّها المطابعٌ المصرية قد انفردا من بِينٍ الكتب الإسلامية بخواصٌ ليسث في غيرهماء وهما كتابٌ «الأحكام السلطانية»» وكتابٌ «أدب الدنيا والدين». كتاتث «الأحكام السلطانية»: أمَا الأول منهم| فق تكلّمَ فيه عن نظام الدولة في الإسلام, مُعتمداً فيه| يقول على الكتاب والسنَّةِ وعملٍ الصحابة. كي الولاة الى . وهي اللخلافةٌ وشرطٌ الإمام وسلطاته» وتكلَّمَ على الولاياتٍ التي تَتَشْعَبُ من الولاية العُظمى» كولاية القضاء وولاية الجهادء وولاية الشرطة» وولاية الصّدقة وولاية الحَرّاجء وولابة المظالم» وقد أتى في هذا بكلام سبق به من تكلّموا في نظام مجلس الدولة» وأحكم القول في ذلك أَيّا إحكام» وتكلم في ولاية الحُسْبة وأحكام المُحْتَيِبِء وتكلّم في أحكام الأراضي والأقطاع» 000 د بن الماك الإسلامية الأصيلة. و تكلم عن أقطاع ل كلد و أقطاع الخلتاء من بعله. وقد تعرّض في هذا الكتاب لكثير مما يعن أصلا في باب التكافل الاجتماعيّ في الإسلام. أبو الحسن الماورديٌ ا كتاب «أدب الدنيا والدين»: وأمًا الكتابٌ الثاني» وهو كتابٌ «أدب الدنيا والدين»» فقد عالج فيه آفاتِ المجتمع علاجاً قد اتَّخلٌ عناصرٌ دَوئِه من الكتاب والسّنَّة وحِكّم الفُرْسء وأشعارٍ العرب. وقد ابتدا كتابه بين سب الانحرافٍ في النفوس وهو الموى- وأخدّ يعابثه؛ وما يترئَّبُ عليه» ويتكلّم في الفضائل الإسلامية» والرذائل التي يَنْبُو عنها الخْلّقُ الإسلامي. وهو في كلّ موضوع من موضوعات الكتاب» يستشهدٌ بالكتاب واس والتّحليلٍ النفسيّ والأشعار العريّة؛ حتى إنه ليجدٌ فيه كلّ باحثِ في موضوع من الموضوعاتٍ الخُلّقية ما يسْتَْهدٌ به من مصادر الإسلام والأدب العري. وإنه ليصلٌ إلى القمّة أحيانا في التّحليلٍ الخُلّقَيّ» فيذكرٌ مثلاً علاج النفس» أيكونٌ بالإرهاب والتخويفء أم يكوثٌ بالتأليفٍ والترغيب» ويذكرٌ أثْر كل منهها في النفس» ويشرحٌ الانّجامَيْن» وينتهي إلى أنه لا بد من عُنْصري التَرغيبٍ في حُسْنى عاقبة الخير» والترهيب من سوءٍ العاقبة. وهكذا نجدٌ الماوَرْدي منْ أقوى الرجال أثراً في الفكر الحاضرء وقد أخرجتُ ا المعارفٍ بمصر كتابّ «أدب الدنيا والدين»» وكان يطالعه طلبة المدارس الثانوية» ولاندري لماذا لا يُعادُ طبعٌهء وهوّ من أغْزر الآثار العربية» والله ولي التوفيق. 5 دح ثِ أعلام وعلماء 6ن ابن حزم" 65-8 1ه) بمناسبة الذكرى المئوية التاسعة لوفاته في مزرعة خصْبةٍ من مزارع الأندنُس» عضن الإسلام الرّطيب» كان يُقِيم عال عي قد خاو ةالنيفين من نشتر» انضاء الملزك عن تريهم إلى أن اكهرا إل بعد المزرعة؛ وهو لا يني عن نقيهم. حرَّقُوا الكثيرٌ من كه وقطعُوه عن الناس» فلم ينين عن لويمهم» وكا زادوه إعناتاً زادهم عَنْفاً في القولٍ والقلّم. والشبابٌ من طلاب العلم يتتقلون إلى مُستقرّهء لا يخافون عقاباً» ولا يرجُونَ من أولي الأمر ثواباً؛ ليتتهلوا من ذلك المنهّل» والشيحٌ مَُدّئهم ويُعلّمُهم الفقة والأدبٌ والتاريخ» ولا يدم المثابرة على العلم؛ والمواظبةٌ على التأليف» حتى ينتهيّ أجلّه في شعبانَ من سنة 46557ه فتكونٌ تلك المزرعةٌ الخصبةٌ مثواه الأخير. ذلك العا العنيدٌ القويّ هوّ عل بن سعيدٍ بنِ حَرْمء وكان يُسمّي نفسّه أبا خكد. مولده ونشأته: لا يكادٌ الباحثُ الدارسٌ لتاريخ العلماءِ المسلمين يد عالماً قد عُرف تاريخ مولدِهِ على وجهٍ التّعيين» لكنّ ابن جزم عرف وقتّ موليه بالساعة واليوم والشهر )١(‏ مجلة العري: العدد لا عام 1181 ه - "1951ام. أبن حزم الأندلسي ١‏ والسنة» فقد ذكر هو أَنّهِ وُلِد في آخر يوم من أيام رمضان سنة 84لاه» وكانت ولادنه بعدَ الفجرء وقبلّ طلوع الشمس من تلك الليلة. وقد كانت أُسرئّه من أفُديها في الإسلام إلى أن تصلّ السّلسلةٌ إليه» تعيش في كنف اليك الأفوق ف :دمقى :ونا انتقلّ البيثٌُ الأمويٌ إلى الأندلس انتقلث مَعَه واستمرّتْ في ولاءِ ومعاونةٍ له. وكان أبوه وزيراً في إحدى ولاياتٍ الأندلُسِ في الحكم الأمويّ» وتولّ هو ذلك المنْصب في وقتٍ قصير لبعض أمرائهم. وقد نشأ هو في بُحبوحة من العيش؛ وعزٌّ من السّلطان» وكان يعيش عيش أهل الثّراءه وإنْ ُيّنَ عليه في أخرياتٍ أيَّايِه. وكان يَعْمَرُ بأنّه طلبَ العلم لذاتٍ العلم» يرجُو به ما عند الله فلا يطلبُ به جاهاً ولا عرّاً. وقد قال له الباجيّ ‏ من كبار فقهاء الأندلس .: (إِنَّك يِلْتَ العلم» وأنتٌ تَسْهِرٌ بوشْكاةٍ من الذهبء وأنا أسهة بقنديلٍ بائتاً بالسوق»» فقال ابن حزم: «إنك طلبتٌ العلم» وأنت في هذه الحال رجاءً تبديلها بمثلٍ حالي» وأننا طلبتّه.. لم أرجُ به إلا علو القدرٍ العلميّ في الدنيا والآخرة». بتعلّمُ من الجواري: نشأ ربيبٌ النعمة هذا فاكهاً فبهاء فاسْتّحفظ القرآنّ في ببتهه حَفَّظه إياه النساءٌ من الجواري. ولنترئه يروي ذلك» فهو يقول: «لقد شاهدتٌ النّساءء وعلمْتٌ من أسرارهنّ ما لا يكادُ يعلمُه غيريء لأني رُبِّيتٌ في حُجورهنٌ؛ ونشأت بين أيديينٌ» ولم أعرف غيرَهُنَّ» ولا جالستٌ الرجال إِلّا وأنا في حدٌ الشباب.. ومن لمي القرآن: وروينني كثيرا من الأشعار ودرَّبُئني في الخط). أعلام وعلماء إن هذ )اسان يدل عل أن أزلنات رار كر تناك قفانة واببعة) فهو يقول: |: من علّمْنّهِ القرآن» ول يقل إن حَفَظْته لأنّ تعليم القرآن أكيرُ من تحفيظه إِذ تعليمُه بيانُ بعض معانيه» وفيه تعرّضُ لبعض أسباب النزول» فهوً لم يحفظٍ القرآن غيرَ فاهم, بل حؤفظه ابتداءً فاهماً له» مُدْرِكاً لمعانيه في الجملة» وعلى قَدْرِ طاقتِه في سنه. وم يكن بعيداً عن أبيهء بل كان أبوه ملاحظاً له معنا بهه يُراقبُ ميوله واتّجاهايه؛ ويحرصٌ عل أنْ ينشأ عفيفاً قويّ النفس مم تلك النشأةٍ الناعمة» حتى لا تعتريّ نفسّه طراوةٌ مَنْ ينشأ بين النساء. إلى الشيوخ بعد الجواري: بعد أن أخذث نيران الصّبا وغرارةٌ الفعوّةء وشَِةٌ الحداثة» تنّجه إلى نفسه وتتأجّحُ قنياء اخخله أبؤة واسلعة إل« عكر القبرخ , واختط يفا انع بالتقرية فناوال ابر حزم في وصفه: اكان عاقلاً اليا عايلاً من تدم في الصَّلاح والنْسّكِ الصحيح؛ لجسل فلن والابذياد التعرق راس كان عفرن لأنّه لم تكن له امرأةٌ قطء وما رأيتٌ يتُ مثله جملةً علماً وعملاً وديناً وورعاًء فنفعني الله به كثيرء وعلمتٌ موضعٌ الإساءة وقبحَ المعاصي». استمرٌ ابن حزم يعيش تلك الحياة الناعمة الحادثة» يتلم العلم في فق وهّدوءٍ بال» لا يرن حياته مُكدّرء بل في اطمئنانٍ واستقرار» وفي ذلك الوسطهء تربّى كما يتربى أبن الأمراء» وكنَقّف ك يَتّقّفونه حَفِظ القرآن, وتعلّمَ علومه ومعانيه» وحفظ قدراً من الشعره واتَّمه إلى أفاضل الشيوخ يأخدٌ من مناهلهم النديّة. ابن حزم الأندلسي ١‏ من الحياةٍ الناعمة إلى الشدَّة: ولكنّ ذلك العيشّ الناعم الحادىّ تبدَّلء إِذْ تبدّلتُ حال أبيهء فقد كان أبوه وزيرأ» وقدياً قال الحكاء: «مَنْ أكلّ من مالٍ السلطان» فقد سَعى بقدمه على ديه). وكانت ؤوارة أنه في آخر عه الأمويين بالأندلس. أيْ وقتّ أن صَعْفَتْ أيدهيم عن الاشتمساك بصَوْسَانٍ الحُكم» ووقوعه في قَبْضْةٍ أحدٍ وزرائهم أب منصور العامري» واشتبداده بالأمر دُوتهم» فأنزل أبوه من مَنْصب الوزيرء وَامْتّحنَ بالاعتقالٍ والتخريب» حتى مات وهو في هذه الشدّة» ولنترك الفتى الناعم يقصّ علينا التَّقَمَةَ بعد التّعْمة: اشُغْلَنا بعد قيام أمير المؤمنين هشام المؤيّد بالتكبات؛ وباعتداء أرباب دَوْلتِهء وامتّحنًا بالاعتقالٍ والتّغريب» والإغْرام الفادح والاستتار وأرْرّمَتِ الفتنة» وألقث باعهاء وت الناس وحَصّئْناء إلى أن توي أي الوزيرٌ رحمه الله ونحنٌ في هذه الأحوال- بعد العصر لليلتين بقيتا من ذي القعدة عام اثنتئن وأربعمئة". اشتمرّتِ الشدَّةٌ بعد وفاة أبيه» ولم تنقطغ» وأخذ يحملها وحدّهء بعد أن كان في احتمالها تابعاً لأبيه» وتتابعّتٍ الشدائد» حتى أخرجوا من فُرطَْةَ مكان عزَّهمء ويقولٌ في ذلك: «وصّرب الدهرٌ ضرباته» وأجلينا عن منازلناء وتغلّب علينا جندُ البربر» فخرجتٌ عن فُرْطْبةَ أولّ المحرّم عام أربع وأربعمئة». نزلتٌ هذه الشدائدٌ والغلامٌ لم يتجاوز الثامنة عشرةً من عمُرهء وقد صَقَلَنْه وكانت ابتداء حياة جديدة له» فقد انتقلٌ من غلام ناعم؛ إلى رجل مكافح مناضل» عو 3 القلر قد عل دوه لسو رمطانية ازول اروصت ا ظ24ظ”> إعلام وعم إلى العلم وحده: انصرف إلى العلم بكليّتهء واخحتارة مِنْ بَعْد بإرادته ليَعوّضَ عن مَنْصب الوَزارةٍ عرش العلم» فأخدٌ يدرسٌ الحديتٌ ويرويه» يأخدّه من الشيوخ» ويأخدّه من الكتب» حتّى حصلٌ على أكبر مجموعة من علم الرسول يك ومن فقه الصحابة» ثم أخدّ يدرس الفقهه ووصل فيه إلى القمةء وكان يحب منه ما يكون ضاحياً واضحاًء ولذلك اكتفى بأخيٍ الأحكام من النصوصء من غير بحث عن عِلَةِ لهاء ولا تَعرّفٍ لغاياتهاء فاختارٌ المذهب الظاهريّ له مَذُهبا وهو المذهبٌ الذى يرفض الخد بالرأي في الأحكام الشرعيّة» ولا مُحَاولُ تعليل النصوصء بل يرفضٌ ذلك رَفْضاً باتاً. والإمامٌ الأول لهذا المذهب هو داودٌ الظاهريٌ الأصفهان» وإمامه الثاني ابن حزم. ولَقَبَ بالظاهريٌ لاختياره ذلك المذهبء وقد تَسَّدّد فيه أكثرٌ من إمامه الأول» وساعدّةٌ على التَّشْدَِّ إحاطّئه الواسعةٌ بأحاديثِ رسول الله بك ثم مع ما عَرَضَ له من جذة لازئته تحوا مه الاين شلة: ول يَشْعَلَه عن العلم بعد أَنْ كبت أسرتّهء وحمَلَ العب: الكامل مِنَ الآلام» ىد 9 2 50 . 0 2 إلا وقتا قصيرا اشتغل فيه وزيرا لأحدٍ الذين ظهروا من بني أمية» فدفعّه ولاؤه لهم إلى معاونته» ولكنْ سرعان ما زالٌ ملكُ ذلك الذي ظهرء وتتابعتٍ التكباثُ على ابن حزم, ثم عادّثُ إليه مَدْأَة العايم الذي يعكفٌ على الدرس. 57 : 0 0 ووه 8 ل ا صَوْمّعة» ولذلك اندفعَ إلى الرحلاتِ» ووجد في هذه الحركة ما ينه ينمي به علمّه وما نيلت اناقل بن أرط لمعيه حزن ةوالتل مق مده إل ٠. 4 00‏ 6 م مدينةٍ يقال لها الجضنء ثم انتقل إلى بلنسية» ثم عاد إلى قُرْطْبة حَنيناً إلى المغاني التي تربّى فيها وترَغرّع» ثم انتقلّ إلى الشاطبة وأقامَ في منازل كانت لأسرته مهاء وانتقلٌ إلى قَيُروان. وفي كل مكانٍ يلتقي فيه بعلرائه» يناقشّهم ويُناقشونه؛ ويسْتأنس بأهل الود منهم؛ ويَخْتَلِبٌ الشباب بآرائه الجديدة» وبحُلو عباراته» وانّساع آفاقه في غير الفقه» وهويحد يكتبٌ ويدوٌن حتى أخرجٌ مجموعةً علميةً رائعة. و إحراق كتبه: لقد كان ابن حَرْم العام» أُمويّ الّرْعةٍ في وقتٍ زال فيه سلطانٌ الأمويين» وم تكنْ تحاولابه في الفقه فقطّ بل كانت حا لاه في التاريخ واسعة» فكان يدون حوادتٌ مسرو نان لذ وا براق لا هرقا اعد ارسج اهتوق رافك الاين رةه في شأنهم ما يراه» أمراء يحكمونء فلم يجدُوا سبيلاً ممع اُترساله إلا أن يأمرٌوا بإحراق هركتو ا لالح وار النمدا بد اقول 1 الي إن تحرقوا القِرْطاسَ لا تحرقوا 2 تضمّته القرطاسٌء بل هُوٌ في صَدْري يسيرُ معي حَِيتُ استقلَتْ ركائبي 22 وِيَنْرْلٌإذأنزلويِذْقَنُ في قَبْرِي ولم تكن النقمةٌ عليه من الأمراءء بل كانت النقمةٌ أيضاً من العلماء» فقد كان أكثرٌ علماءِ الأندلس يعتبرٌ مذهب الإمام مالك ديناء ويعتبرون مالكاً فوقٌ قدر الرّجالء حتى إِنّ الشافعيّ رضي الله عنه بلعَهُ أتّهم كانوا يَسْتَسْقُون بِقَلَمْسُوَةٍ للإمام مالك" . )١(‏ يستسقونٌ: أي يطلبون من الله تعالى أنْ يُمطِرّهِمْ بدعاء وضّراعة» وكان الناسٌ في عهدٍ النبي بك يستسقون بدعائه» وفي عهدٍ عمرٌ استسقَوًا بدعاء العباس عم النبيّ يك (أبو زهرة). 00 اعلام وعلباء فهاجم ابن حزم مذهب مالكء ول يَسْلَمْ مالك من قليه. وكلَّا ازداد استتكاهم ازداد عنفاً وحِدَةٌ على المذهب المالكيّ وصاحبهه فَكَثْرَ الأعداء» وقلّ التصراء» ولم ينهخ في نشر علوه منهج المودّة» بل المعاندة» حتى لقد قال فيه بعض معاصريه: «علِمَ العلمٌ ولم يعلمُ سياسة العلم». سَجَاياه ومزاياه العلميّة وحدته الشديدة: آتى الله ابنَ حزم حافظة واعية» وجَلّداً في طلب العلم» جعلة يَسْتوعبٌ أكبر قَدْرٍ من علم السنّق والآثار. واختلافٍ الفقهاء؛ وأكبرَ قَدْر من رواية الشعرء وأخبار التاريخ» وكان مَعّ هذا الاستيعاب حاضرٌ البديهة» تجيء إليه المعاني البعيدةٌ في أوقاتِ الحاجة إليها. ثم كان عميقٌ النظر في الدراسة» مَعَ أنه لم يأخدّ في الفقه بالرأي. وعمقه قد بدا في دراسته للنفوس فكان مُحلّل ويَتَعمّقٌ في التُحليل» وقد بدا ذلك واضحاً كل الوضوح في رسالته "طوق الحامة» التي درسٌ فيها العشقّ وأسبايَُ وظواهرّه وبدا أيضاً في رسالته «مداواة النفوس». ثم بدا في تحقيقاتِه التاريخية. وقد آتاهُ الله مم هذه المزايا العلمية» إياناً قوياً بالله؛ وإخلاصاً واضحاً في طلب الحقيقة لا يمه في بيانٍ ما يصلٌ إليه رضا أحدٍ أو غضبٌ أحد, وكانّ عالّ المّة لا يناع في غيره» تزيذه قوّةٌ خصوه عَلوَا لا ينتخذي "١‏ ولايَضعُفء ولا يتَِمُ إلا مَصَادرَ الشرع؛ يعلو على الشديد» ولا يستسلم» ويعلو في المقاومة» ولا بن ولا يتضعف. وكانَ مع كلّ ذلك فيه حدّةٌ شديدةٌ في القول» فكان إذا ردَّ قولاً رماهٌ بالشناعة» ورمى صاحبّه بالخروج على الدين. ولكنْ لماذا كانت هذه الحدَّة وهل لازمثه في كلّ ابن حزم الأندلسي 5 أدوار حياته؟ والجوابٌ عن ذلك أَنّهِ يبدو من كتابيّه «طَوْق الحامة» و«مداواة النفوس» أنه م تنشأ معّه الدَّة كطبع فيه منذٌ طفولته» فقد كان هادئّ النفس. مُشْرقٌ القلب» خ بعة آذ نولت التكبات في أسرزيه: ولك اغررن اد ارضن اضابده ويقول نفو فيه» في تبدّل حالهِ بسبب المرض: «القد أصابتني عِلَةٌ شديدةٌ؛ ولّدتْ ف ربوا في الطّحالٍ شديداً» فولّد ذلك علِيّ منّ الجر وضيتٍ الحال» وقلَةٍ الصير والنَّرّق» أمراً جات نفسي فيه. إذا فَكَرْتُ تبدّلٌ ُلقي» واشْتدّ عَجَبِي من مفارقتي لطبعي» وصحٌّ عندي أنّ الصّحالٌ مَوْضْع المَرّحء رخاف كر له قد هذا تحليلٌ عمينٌ لنفيه؛ ولو أنه بين لنا التاريي الذي أُصِيب فيه ببذه العلة» لعلمنا من أيٌّ وقتٍ ابتدأثْ حدتّه ولكنًا نعلمُ أنه قضى أكثرٌ شبابه وهو لم يِصَبْ بهذه العلة لأن رسالته «طوق الىامة» ل عل نفس مُشْر مُكْرقةٍ هادئة راضية حب للحياة» وإنه يثبتٌ من ثنايا هذه الرسالةٍ أنه كتبها بعدّ أنْ تجاورٌ الثالثة والثلاثين» بل رب] كانت كتابتها وهو في حدود الأربعين» فالجدّة جاءث وهو في حدودٍ الأربعين» وفي هذه المدةٍ الأخيرة أنتجّ أكثرٌ كتبه الإسلامية والتاريخية» مثل كتاب «الفصل في الملل والتّحل»» ومثل كتاب «الإحكام في أصول الأحكام)». والمدوّنةٍ الإسلاميّةٍ الكبرى» وهي «المحلّ» الذي يق أعظم كتاب جامع لفقو السشةٍ والآثا . والعنفُ في القول ناو فيه هيما ولو أبنت فنا حدة القول» بل الشداني لكانت تور مشر نا رسالته في «مداواة النفوس»: هذه الرسالة كتبها في الأخلاق؛ واعتمد فيها على ما كانَ مشهوراً عند العرب من فلسفةٍ أرسطوء وعلى تجاربه الخاصّة» وملاحظاته لشؤون الناس» ولذلك كانت 6" أعلام وعلماء 04 الرسالةٌ شاملةً للنظرة الفلسفيّةء والناحية العمليّة» وقد اشتملتُ عل وَضَايا رائعة: ابتدأها بالكلام في مقياس الخيرٍ والشرّء وقد مزج فيها بين نظرية أرسطو في أنْ الفضيلة َسَطٌ بين رذيلتإن» كما يقول: 9إنَّ الفضائل ترجع إلى أربعة أصولء هي: العدلٌ» والعقلٌُء والشّجاعةٌ والسّخاء» ويقاربٌ بذلك أفلاطون. ثم يِنَّجهُ إلى القرآنِ والسئٍْ عن يستقي منهما. ثم يتّجهُ إلى تجاربه. فيقول: «إني جمعثٌ في كتابي هذا معان كثيرةً» أفاد فيها واهبٌ التمييز تعالى بمرور الأيام وتَعَاقبٍ الأحوال». وإنَّ تجاربة ُعظيمة: لِتقبٍ الأحوال عليه؛ ولرحلاه الكثيرة» ولابتلائه بمعاداة الناس» مم ذكاءٍ نافذٍ وقلب مستيقظ؛ ولسنا بمقام الاقتباسٍ من هذه الرّسالةء فإن قها مواضع كر صالخ للأجل والأتنناض» وتعدٌ فى ذانها جواهر قريدة» وانكظ منها بكلمةٍ واحدةٍ جاءثْ في الرسالة» وهي الثقةٌ بِمَنْ له دينٌ ولوْ كان مالفا وعدمٌ الثقة بمَنْ لى يستمسك بدينه ولو كان موافقاًء فيقول: «ْقُ بالمنديّن» ون كان على غير دينك» ولا تَيقُ بالمُسْتَخف, وإن أظهرٌ أنه على دينك. مَنِ اسْتَحَففٌ بحْرّماتٍ الله تعالى» فلا تأمنه على شيء تُشْفْقٌ عليه». طَوُقٌ الحامة: هذه الرسالةُ تصدى فيها ابن حزم لدراسة النفس الإنسانية في تحب وتألّف» ولذلك ذكر أنَّ موضوعّها الألفُ والألاف وقد كتبها إجابة لطلب صديقٍ له وقد كر المتديقة اله كبها رتسل اتقة نون كان نافيها جنا فز كاتهابي روي في الآثار عن النبيّ كِِ أنه قال: «أريحوا النفوسٌ فإنها مدأ كي بشدا دوي" )١(‏ لم يصح ذلك عن النبيّ .نعم وَرَدَ من حديث ابن عمر في «شّعب الإيهان» بسند ضعيف: (إنَّ هذه القلوب تَصَدأ ىا يَصَدأ الحديد. قيل: وما جلاؤها؟ قال: تلاوة القرآن وذكر الموت». 2 - ابن حزم الأندلسي أه؟ وقد ابتداً الرسالةً بتحاليلٌ تَصِفُ الحُبّ وسببّه» فذكر أنّ سبب الحبّ تَجانّسٌ نفيّ» يجعل المُحبٌيَأنسُ بحبيبه ويسكنٌ إليه ويسندٌ ذلك إلى المناسبة بين النفسَْنٍ في مَقرٌ عاليهم| العُلويّ» ويَئُلو في ذلك قولّه تعالى: لهْرَالّى حَلْقَكُم ين فين وحِدَوَ وَجَعَلَ مِنْها رَوْجَهَا لِيَسَكْنَ إِلََبَا # [الأعراف: 144]؛ وقول في ذلك: اصح بذلك أن الحبّ استحسانٌ روحانّ» وامتزاح نفساني»» ثم يقول: «ومن الدليل على ذلك أنك لا تجدُ اثنين يَتَحابَانِ إلا وبيئهها مُشَاكَلةٌ واتماقٌ في الصفاتٍ الطبيعيّ لا بد من هذا وإِنْ قلّ» وكلَّا كثرث الأشباه زادتٍ المُجَانْسَة وتأكّدت المودّة». ويسترسلٌ بعدٌ في أخبار المُحيّن ويل الوقائع تحليلاً دقيقأء ولا يتمنع حتى . 2 - عفادي وو 5 ع تب 2 عن ذكر واقعاتٍ فسق ويجللهاء ثم يي مرأ تب ١‏ لحب)» ويث أن أعلاها ما بْيَىَ عل 1 ؟ الارتباطِ الرّوحَيٌء دون الجسديء ويُفرّق في تحليله بينَ الحبٌ والاشتهاء» وبين أن الحبّ لا يكونٌ إِلّا لواحدء أمّا الاشتهاءٌ فيكونٌ لغير واحدء وبعدّ أن يخوض هذا اخرض لل سك ة الراك رامين كن من الطلاع فى لزت آنا وضالة يسمعها أحَدَثّتْ ما يُوجّه النظرّ إليهاء ولخشية أن ينهم بعد ذلك في دينه يقول: (إني أذ و م فم بالله أن ما حَلَّلْتُ مترّري على حرام قطّ». اكراتي. .0 00 2 71 والرسالة مكتوبة في أسلوب من النثر الفنيٌّ الرائع» السهل الممتنع؛ رَحِمٌ الله ابنَ حزم لقد كان واسع الآفاق» فأفادٌ بعلمه» وعفا الله عنه. ولعل الأستاذ أبا زهرة يريد الاستدلال بحديث علي: «أَجيُوا هذه القلوبء فإنها عل كا تمل الأبدان». وورد من حديث أنس رفعه: اروّحوا القلورب ساعة وساعة» رواه الديلمي وأبو نُعيم والقضاعي. ويشهد له ما في صحيح مسلم (71760): «يا حَنْظَلة ساعةٌ وساعة». 76 اعلام وعلياء أبن خلدوة والفقه وا لقضاء() مقامه في التاريخ والاجتاع والفقه والقضاء: إذا ذكر ابن خلدون تَسَارِعَ إلى الأفهام مقامه في التاريخ والاجتماع, وسَبْقه إلى وضع قوانين في فهم المجتمعء وفي سَيْر التاريخ» وفي تنقل الأمم من حال قوة إلى حال ضعفء والعصبيّة ومقامها في الملك والسلطانء بل في الخلافة الدينيّة. ولا يكاد أحدٌّ يتصوّر أنَّ ذلك المؤرّخ العظيم له مقام في الفقه والقضاءء وأنه قضى نحو أربعة وعشرين عاماً من سني نُضْجه الكامل يتردّد بين تدريس الفقه وتوئٌُ القضاءء وأن له سياسة في القضاء اختْصٌ بها من بين قضاة المسلمين» وأنَّ له آراء في الفق وإن لم تكن كثيرةً أو ترفعه إلى مرتبة الفقيه المتقن. دراسته الحديث النبوى الشريف: بل إنه يستولي العجب على من يعرف ابن خلدون من تاريخه ومقدّمته فقط أنه كان يدرس الحديث» ويذكر روايات «الموطأ»» ويوازن بينهاء ثم يذكر سند روايته حتى يصل إلى راويه الأول عن مالك» وإن كان في كل ذلك لم يبلغ شأو المحدّث المتقن الحافظ. )١(‏ أعمال مهرجان ابن خلدون المنعقد في القاهرة من ؟ إلى ” يناير 975١م‏ منشورات المركز القومي للبحوث الاجتاعية والتنائية» ص١‏ ١ك-مل1.‏ ابن خلدون 55 بين ابن خلدون وابن رُشد: ولعله يتقارب في ذلك مع ابن رُشْد الفيلسوفء فإنه كان فقيهاً مع أنه كان فبلسوفاًء بَيْد أن ابن رُشُْد ترك آثاراً فقهيّة في المقارنة بين المذاهب وإن كان النقل فيها عن المذاهب الأخرى يحتاج إلى تحرير» وابن خلدون لا نعرف له أثراً في الفقه؛ وإن أثرت عنه بعض الفتاوى. وي الحق إِنَّ شهرة ابن خلدون في التاريخ والاجتماع الذي أتى فيه ببحوثٍ بديئة لم يُسبق بها هو الذي جعَل الناس يَنسَوْن اشتغاله بالفقه والحديث والقضاءء وينسون أن نشأته الأول كانت في الفقه والحديث. 6 نشاته: نشأ ابن خلدون نشأة دينية كَكُلٌ أبناء العصر الذين ينتمون إلى أسر لها شأن ومكانة» وقد حفظ القرآن العظيم؛ وقرأه بالقراءات السبع المشهورة. ويقول في ذلك: قرأتها إفراداً وجمعاً في إحدى وعشرين ختمة ثم جمعتها في ختمة واحدة. وقد تُشَّى على العلم بالحديث؛ فقد قرأ كتاب «التَّقصّى لأحاديث الموطأ» لابن عبد البرء وهو كتاب اقتصر فيه صاحبه على أحاديث الموطأء دون الفتاوى المأثورة عن الصحابة والتابعين» ذلك أنَّ الموطأ يجمع بين الأحاديث والفتاوى والآراىء ولذا قال في مقدّمته عن الإمام مالك واصفاً فقهه: «أما أكثر ما في الكتاب» فرأي لَعَمْري ما هو برأي» ولكن سماع من غير واحد من أهل العلم والفضلء؛ والأئمة الفْمَدَى بهم الذين أخذثٌ عنهم: وهم الذين كانوا يتّقون الله وكَثْر عليه وكان رأيهم مثل رأبي» مثل رأي الصحابة الذين أدركوهم عليه وأدركتهم أنا على ذلك» فهذا وراثة توارثوها قرناً عن قرن إلى زمانناء فهو رأيٌ جماعة ممَّن تقدّم من الأئمة». م" أعلام وعلماء وقد دَرّس في الفقه وهو صغير مختصرٌ ابن الحاجب في الفقه المالكي, ولكنه ل يكمله حفظاً ى] ذكر ذلك عن نفسه. شيوخه في تونس والوافدين إليها: ولقد عاش مع ذلك في بيئة فقهية قد صورهاء فقال: «أخذث الفقه بتونس عن جماعة» منهم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الجيّاني» وأبو القاسم محمد القيصرء فقرأتٌ عليه كتاب «التهذيب» لأبي سعيد البَرَاذِعي ومختصر المدوّنة» وكتاب”" المالكية» وتفقّهت عليه وكنت خلال ذلك أنتاب مجلس شيخنا الإمام» قاضي المماعة أبي عبد الله محمد بن عبد السلام» مع أخي محمد رحمة الله عليهماء وأفدثٌ منهه وسمعثٌ عليه في أثناء ذلك كتاب «الموطأ» للإمام مالك» وكانت له فيه طرق عالية... إلى غير هؤلاء من مشيخة تونسء» وكلهم سمعت عليه» وكتب لي وأجازني». ...ويذكر البيئة الفقهية التي عاش فيها: «كان قدم علينا في جملة السلطان أبي الحسن عندما ملك إفريقية سنة 4/! جماعة من أهل العلمء كان يلزمهم شهود مجلسه. ويتجمّل بمكانهم فيه». وقد ذكر هؤلاء العللاء وفقههم, ومقدار إفادته منهم. سل الإمام أبو حنيفة: من أين جاءك هذا العلم؟ فقال: كنت في معدن العلم» ولزمتٌ شيخاً من شيوخه وقد تحمّق ذلك في حياة الإمام حقاً فقد لزم حمّاد ابن أبي سُليمان» وكان يعيش في الكوفة معدن العلم العراقي» وكان هو يطوف في الأقاليم يلتقط زهور العلم أنى وجدها. )١(‏ هكذا في الأصلء ولعلها: كتب. ابن خلدون مه" أهية التزام الشيخ الفقيه الموجه: فهل توافر هذا الشرطان في دراسة ابن خلدون:؛ ولقد وجدناه يعيش في معدن العلم» وبيئة الفقه» ولكن لا نلمح أنه لزم شيخاً من شيوخه كما قال أبو حنيفة» فهل كان لذلك أثر في فقهه» فإن التزام شيخ من الشيوخ ينضح تفكيره؛ وبُوجّهه شيخه إلى الطريق المستقيم؛ وقد عاب هو على ابن حزم أنه لم يتلق العلم من توجيه العلماء» فكان فقهه فجاء يحتاج إلى إنضاجء إذ قد عدم اموجه الذي يُوجهه. على أي حال هو لا ينطيق عليه ما قاله عن ابن حزم؛ لأنه تلقّى العلم من أفواه الرجالء وإن لم يلتزم شيخاً من شيوخه. انصرافه عن الفقه واحديث: من المقرّرات العلميّة أنَّ انّجاه العالم هو الذي يُمّي علمه في الناحية التي نجه وحياة ابن خلدون منذ بلوغه العشرين من عمره إلى أن بلغ الثامنة والخمسين لم يكن للفقه نحط فيهاء فقد اتُصل بالرؤساء مُعيناً لحم في السياسة: متّجهاً معهم إلى شؤون الملك وتدبيره» وعاش في جو مُضْطرب» وقد خاضّ فيه خوضاً عظيأً» وخبّ وَوَضع في الفتن» ولم يعش على الحامش» فانصرف عن الفقه انصرافاً كاملا ول يفكر في العودة إليه إلا عندما جاء إلى مصر سنة 85/. عودته إلى الفقه: عاد إلى الفقه عندما جاء إلى مصرء وقد يسأل سائل: لماذا لم يكن في مصر مع حكامها من الماليكِ كشأنه مع غيرهم من الأفراد الذين خاض معهم في السياسة والقعم؟ وادزانب عن ذلك: أن ابن خلدو كان رجلا يتحت الثلو ولا يرق بأقل معيشة في الحياة» ولقد قال المقّري في «نفح الطيب» عن أخلاقه: َه" ا «عالى المّة عَرُوفٌ عن الضَيْمء صَعْتٌ المقادة. قويّ الجأش» طامح لِقِنْنٍ رياسة أهل الفقه عند الماليك: وقد جاء مصر فوجد الرياسة عند العامة لأهل الفقه. وهم الذين ينظر إليهم نظرة الاحترام» فقد كان الماليك ينزلون الفقهاء المنزلة الأولى» فالظاهر بيبرس» كان لايبثٌ في أمر يعترض عليه عر الدين بن عبد السلام» حتى لقد قال السيوطي في «حسّن المُحَاصَرَة»: «كان الظاهر منقمعاً في ع الدين بن عبد السلام». ولما مات عز الدين قال الظاهر: الآن أَحسَسْتٌ بسلطاني. ولكن قام مقام العز محبي الدين النووي» وهكذا نجد الفقهاء كانت لمم المكانة الأولى» والأخبار في ذلك متضافرة. فلما جاء ابن خلدون العالم وجد أنَّ الرياسة في الفقه والحديث والقضاء فانّجه إليهاء وكان قد ملّ السياسة وعوجاءهاء وأراد أن يعود إلى محراب العلم. تدريسه بالجامع الأزهر: ولما جاء إلى مصر ل يتّصل قَوْر مجيئه بالسلطان» بل اتُصل بالعلم والعلماء» وكانت شهرته قد سبقته. وانّجه إليه طلاب العلم يستمعون إليه» ويقول في ذلك: الما دخلتها أقمثٌ أياماء وانثال علِيّ طلاب العلم بها يلتمسون الإفادة» مع قلة البضاعة؛ ونم يوسعوني عذيرأ» فجلستٌ للتدريس بالجامع الأزهر». ولم يذكر ما الذي كان يُلقيه في الأزهر في أول مُقدمهء إن كان من العلوم العقليّة أم من النقليّة. ابن خلدون باه ؟ طريقته في التدريس: ومهما يكن فقد كان درسه في الأزهر سبباً في أن انصِلتُ حباله بحبال السلطان» فأبرّهه ونظر إليه نظرةً تقدير. ذلك أنه قد جاء الأزهر بمنهاج في الدرس ل يكن فيه إلا فليلاء وهو منهاج المحاضرة التي كانت تجمع بين استقامة التفكير» وسلامة التعبير» وكال التوضيح؛ حتى لقد قال فيه الذين رأوه وعاصروه من علماء الأزهر: «عريٌ عن العلوم الشرعيّة» له معرفة بالعلوم العقليّة من غير تقدّم؛ ولكنّ محاضرته إليها المنتهى». وطريقته في التدريس ينّجه بها إلى أنه يسلك مَسْلك الأقدمين كالغزالي وفخر الدين الرازي» وهو الانّسجاه إلى المعاني مع التوضيح من غير أن يضنّ على القرطاس بالكلام» وقال في ذلك بعض معاصريه: «وكان يسلك في إقرائه مَسْلَكَ المُتقدّمِين كالغزاليٌ والمَّخْرء مع إنكار طريقة طَلَبة العجم» ويقول: إنَّ اختصار الكتب في كل فن والتعبير بالألفاظ.. من مُحْدَئات المأخرين» والعلمٌ وراء ذلك كله». كان جديداً قْ تلوس ركان دنا في محاضرته» ولا بد أن ينال بذلك تقديراً من الذين يطلبون العلم حقٌّ الطلب» كما كان محسوداً ممّن لا يستطيعون منافسته» ولا يمكنهم أن يبلغوا شأوه. تدريسه بالمدرسة القمحيّة والظاهريّة: هذه مدرسة أنشأها صلاح الدين الأيوي» وجعل لا وَقْفاً هو أرضٌ بالفيوم كانت تغلّ قمحاء ويتقاسمه المدرّسونه وقد عهد إليه بتدريس الفقه المالكي فيهاء ول 5 أعلام وعلماء يذكر لنا شيئاً عن دروسه في هذه المدرسة» ويظهر أن عنايته بالدرس لم تكن كاملة؛ لأنه شّغِلَ بعد ذلك مع درس الفقه بالقضاءء والقضاء كان له جانبٌ كبير من عنايته وقد صَرّبَ فيه أحسن الأمثال» وقد ذكر هو أنه عَهدَّ إليه أمر القضاء في الوقت الذي عهد إليه تدريس المذهب المالكيء أو في زمن قريب منه» وهو يقول في ذلك: «ثم هلك بعض المدرسين بمدرسة القمحيّة بمصر من وقف صلاح الدين ابن أيوب» فولَّاني (أي السلطان) تدريسها مكانه؛ وبين| أنا كذلك؛ إذ سَخِط السلطان قاضي المالكية في دولته لبعض التّزاعات فعزله» وهو رابع أربعة بعدد المذاهب يُدعى كل منهم قاضي القضاة تمييزاً عن الحكام بالنيابة عنهم» لانّساع خطَّة هذا المعمور وكثرة عوالمه» وما يرتفع من الخصومات في جوانبه» ويبادر إلى ذلك متى دعا إليه داعي جاه أو منحة» وخصوصاً في الأوقاف التي جَاوَرَت حدود النهاية في هذا العهد بكثرة عوالله). لم نعرف كيف كانت دروسه في المذهب المالكي أكانت تفريعات فيها بيان أحكام الجزئيات» أم كانت كليّات كا يتمق ذلك مع منطق ابن خلدون صاحب المقدمة؟ وقد عهد إليه مع تدريس الفقه المالكي بالقمحيّة التي كانت مخصّصة لفقهاء المالكية كا قرّر منشئها صلاح الدين بتدريس الفقه المالكي؛ أيضاً بالمدرسة الظاهرية التي كانت تحوي تدريس المذاهب الأربعة. وكلٌ ما أَْرَ من أقوال له عند تون التدريس خطبتان افتتح | دروسه. سمعه| كبار القوم؛ وكلاهما مدحٌ في السلطان على سن الذين كانوا يزدلفون من الملوك في ذلك العصرء ولعلّ الذي يُرّر ذلك من ابن خلدون هو اتّصاله من قبل بالحكّام والأمراء» وإكرام وفادته في مصر من الظاهر برقوق سلطانها. ابن خلدون تدريسّه الحديث في مدرسة صرغتمش: تون بعد ذلك تدريس الحديث مع تدريس الفقه المالكي» ومع ولايته القضاء وقتاً بعد آخرء وقد استطعنا أن نظفر بشيء من دراسته للحديث» ذلك أنه ابتداً دروسه في هذه المدرسة بمحاضرة» كانت مقدّمتها خطبة كلها مدح وإطراء على منهاج الخطبتين السابقتين عَمَا الله عنه» وقد جاء في هذه المحاضرة: 2 م أ 5 «قد رأيتٌ أن أقد 5-0 ف هذا الدرسء كتاب «الموطاً) للإمام مالك بن أنس رضي الله عنه» فإنه من أصول السئن وأمهات الحديث» وهو مع ذلك أصل مذهبنا الذي عليه مدار مسائله» ومناط أحكامه. وإلى آثاره يرجع الكثير من فقهه». وقد ابتدأ بتعريف موجز للإمام مالك رضي الله عنه» ثم أخذ يُبِيِّن الباعث لالك على تأليف «الموطأ»» ويختار بإشارة اللفظ بِأنَّ الباعث هو حص أبي جعفر المنصورء ويقول في ذلك وفي منزلة الموطاً: ا(وحجٌ أبو جعفر المنصورء وَلَقِيَهُ مالكٌ بالمدينة» فأكرمه وفاوضه وكان في] فاوضه قوله: يا أبا عبد الله لم يَبْقٌّ على وَجْهِ الأرض أعلم مني ومنكء فضَمْ أنتَ لقان كابا عون يه نب تحص ان عراس وكتدائد ابن عمرة ووطيه للنامق تَوْطْئَةٌ قال مالك: فلقد علَّمنِي التأليف» فكانت هذه وأمثالها من البواعث لمالك على تصنيف هذا الكتاب» فصنّفه وَسََاه الموطاً... ولما شغل بتصنيفه أخذ الناس بالمديئة يومئذ في تصنيف موطآتء فقال لمالك أصحابه: نراك شغلت نفسك بأمر قد شركك فيه غيرك» وأتى ببعضها فَنَظر فيه ثم طرحه من يده؛ وقال: لتعلمنٌ أن هذا لا يرتفع منه إلا ما أريد به وجْجه الله» فكأن) 6" أعلام وعلماء ألقيت تلك الكتب في الآبار» وما سُمع بشيءٍ منها بعد ذلك» وأقبل ماللكٌ على تبذيب كتابه وتوطثته» فيقال: إنه أكمله في أربعين سنة!! وتلقّت الأمة هذا الكتاب بالقَبول في مشارق الأرض ومغاريهاء وطَالٌ ثناءُ العلماء في كل عصر عليه ولم يختلف في ذلك اثنان. قال الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي: ما في الأرض كتابٌ بعد كتاب الله أنفع 000 روايات الموطأ: ويذكر بعد ذلك طُرقٌ نقل هذا الكتاب القيّم أي الأخلاف» فرواه عن مالك عدّق تُسب إلى كل راوي الموطأ بروايته» فقيل موطأ فلان نسبةٌ إلى راويه» فمنها موطأ الإمام الشافعي محمد بن إدريس» ومنها موطأ عبد الله بن وَهْبِء ومنها موطأ مُطرّف بن عبد الله البساري» ومنها موطأ عبد الرحمن بن القاسم» رواه عنه سُحئون ومنها موطأ يحبى بن يحيى الليئي الأندلسي» رحل إلى مالك بن أنس من الأندلس» وأخذ عنه الفقه والحديث, ورّجّع بعلم كثير» وحديث جمٌّء وكان فيا أخذ عنه الموطأء وأدخله إلى الأندلس والمغرب» فأكبّ الناس عليه؛ واقْتّصَر على روايته دون سواهاء وعوّلوا على نسقها وترتيبها في شرحهم لكتاب الموطأء وتفاسيرهم ويشرحون إلى الروايات الأخرى إذا عرضت في أمكنتهاء فهُجرت الروايات الأخرى» وسائر تلك الطرق؛ ودرست تلك الموطآت إلا موطأ يحبى بن يحيى)”"'. )١(‏ "التعريف» ص١ "١‏ وما يليهاء طبع دار الترجمة والنشر والتأليف» إخراج الطنجي. (أبو زهرة). (0) المصدر المذكور صه١".‏ (أبو زهرة). ابن خلدون "5١‏ ثم يذكر سنده في الرواية عن يحيى بن يحيى» ويِفَصّل القول في طرائق سنده» وبانتهاء ذكر سنده تنتهي تلك المحاضرة التي ألقاها في أول مقدّمته في مجلس تدريسه للحديث. 4 : كلمة موجزة فى هذه المحاضرة: نلاحظ مع هذه المحاضرة أنَّ ابن خلدون كانت تنقصه الدقّة في بعضهاء والوفاء في بعضهاء أما الدقّة فقد لاحظنا أنها تلفت عنه في موضعين: أوله|: أنه ذكر أنه مكث في تبذيبه نحو أربعين سنة» وقد صَدِّر ذلك بصيغة - يقال - وليس هذا من شأن المحاضر المجيد ولو أردنا التحقيق التاريخي» لوجدنا أنَّ مدة تأليف الموطأ دون هذه المدة يقيناً""» لأنه إذا كان ذلك بطلب أبي جعفر المنصور كما رجح في محاضرته؛ فإن أبا جعفر خاطب مالكاً في ذلك سنةً ١54‏ بعد المحنة التي نزلت به» وكانت عَقِبَ انتصاره على إبراهيم بن عبد الله بن حسن» والفترة ما بين وفاة الإمام مالك سنة ١179‏ وهذا التكليف دون ذلك بتسع سنين» ومن اليقين أنه أتمه تنقيحاً قبل موته عله ين والتحقيقٌ العلميٌ يُثبت أنَّ مالكاً أخرجه كتاباً للناس سنة »١164‏ وإن كان تنقيحه قد استمرٌ بعد ذلك. وثانيها: أنه لم يذكر رواية الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب أب حنيفة» وهي من الروايات المشهورة» وقد لازم الإمام مالكاً ثلاث سنين تلقّاه عنه فيهاء ِ يعد من تلاميذه. )١(‏ راجع في هذا «الانتقاء» لابن عبد البر وهامشه ص٠‏ 5. (أبو زهرة). أعلام وعلماء وإنه ليدّعي بعد ذلك أنَّ كل الروايات درست ما عدا رواية يحيى» والواقع يخطئه فإنَّ رواية محمد بن الحسن قائمة تُدرّس ويُّرجع إليهاء وهي الآن مطبوعة في الهندء وكان حقاً على كبير المؤرّخين ابن خلدون ألا يُعمّم في قوله» ولو قال أكثر الروايات دَرّس لكان كلامه حقاء لا إسراف فيه» ولكنّا نجد كليّات ابن خلدون كثيرة» والتّعمِيم في القضايا إذا لم تكن عقليّةَ يُوقَمٌ صاحبّها في الخطأ. هذا ما لاحظناه من حيث الدقَة التى كانت في هذه المحاضرة» أما القصورء فكان في ثلاث نواح: الناحية الأولى: أنه لم يتعرّض للزمن الذي كان يعيش فيه الإمام مالك» نعم إنه أشار إلى عدّة عوامل أخرى غير حضٌٌّ أبي جعفرء فقال: «هذه وأمثالها»» ولكنه ل يُشر بإيجاز إلى بعض هذه العوامل» أو هذه الأمثال ىا عبر هوء وهى أشد تأثيراً في مثل إمام دار الحجرة من طلب أبي جعفر» وهو ها أشدٌ استجابة. تدوين الحديث وفقه الصحابة: والحقيقة هو أن الأثاة إل توي اللديف!"" وفقه الصيحابة كان فد و32 ىق صَدْر حياة الإمام مالك» ولقد دَعَا إلى تدوين فقه الصحابة وأقوال النبيٌّ الإمام عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنهء فقد جاء في مقدّمة شرح الزرقاني للموطأ: «لم يكن )١(‏ يلاحظ قول الأستاذ أبي زهرة: تدوين الحديث. فهذا هو تاريخ تدوينه» أما مجرد كتابته دون تصنيف وترتيب فقد حصلت في عهد النبيّ يِه فمن بعده» فكان أحدهم يكتب لنفسه مسموعاته ليقن حفظهاء ويرجع إليها عند الحاجة؛ ولا تتعدَّى كتابته خاصّة مرويّاته. إوعلدوة 0 الصحابة والتابعون يكتبون الأحاديثء إن كانوا يؤدُونها لفظأء ويأخذونبا حفظأء إلا كتاب الصَّدّقاتء. والثىء القليل الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاءء حتى إذا خيفَ عليها الدروس» وأسرعٌ في العلماء الموت أمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمي: أن انظر فيها كان من سُنَةِ أو حديثٍ فاكتبه». وقال مالك في «الموطأ» رواية محمد بن الحسن: أعترنا عبن بو عي أن عمر بن العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: «أن انظر ما كان من حديث رسول الله يللِ أو ستته أو نحو هذا فاكتبه؛ فإني خفتٌ دُروسٌ العلم ‏ أي: اندراسه ‏ وذهاب العلماء)”"' . ولقد كان تدوين الرواية أخذ يش طريقةُ في آخر عصر التابعين» فكان كل رو من تلاميذهم يسمع منهم؛ ويُدوّن ما يسمع» فأبو حنيفة يدون ما يسمع من إبراهيم الشّخعي وحمّاد ومالك يُدَوٌن ما يسمع من الزهري؛ ومن نافع» ومن غيرهماء والُهري يُدوّن ما يسمع من ابن المسيّب» ومن زين العابدين» وغيرهما. فكان طلاب الحديث يذهبون إلى شيوخهم» ومعهم الألواح أو الأوراق يُدوّنون فيها ما يسمعون» ويُحمُظون غيرهم ما ينقلون. ولقد وٌجد من ابتدأ بالكتابة في عصر مالك رضي الله عنه كا أشرنا من قبل؛ ولقد نقل السيوطي في ذلك عن ابن عبد البر ما نصّه: «أول من عمل كتاباً بالمديئة على معنى الموطأ مع ذكر ما اجتمع عليه أهل المدينة: عبد العزيز بن الماجشون» وعمل )١(‏ مقدمة شرح الموطأ للزرقانٍ ص .٠١‏ (أبو زهرة). وكتاب عمر إلى أب بكر بن حزم رواه البخاري في «صحيحه)» ."١ 4 :١‏ وتنظر مقدمة: امسند عمر بن عبد العزيز» للباغندي ص9١-؟؟1‏ للأستاذ المحقق الشيخ محمد عوامة. 4" اعلام وقلاة ذلك علاما بين خديك» فأ به مالك فظر فيه فقال» ما أحَسَحٌ ماعمل »ولو كنت الذي عملت لبدأت بالآثار» ثم سَدَدْتَ ذلك بالكلام»”". ومبذا تييّن أنه قد وجدت الدوافع؛ فكان عليه أن يكتبء إِذْ وَجَدَ غيره قد جمع ول يَسُْلك الطريق الأمثل في جمعه وترتيبه» ولهذا تقدّم وأتى با رآه أمثل» وبهذا كان لكتابه الخلود. ولغيره الدروس. أسباب اختلاف روايات الموطأ: والناحية الثانية من القصور: أنه لم بين أسباب اختلاف الروايات للموطأء فإنه قد ذكر أنَّ كلّ راو من رواته ايض بمجموعة رواها تسب إليه» وتزيد هذه الروايات» وتنقصء ولم يذكر الأسباب» والإشارةٌ إلى الاختلاف من غير الإشارة إلى الأسباب يُومئ بالشكء أو يِبرٌ إليه» ولذا كان من القصور إلقاء الاختلاف من غير ذكر السبب. وإنا نشير إلى السبب من غير تفصيل» ذلك أنَّ مالكاً رضي الله عنه كان لِمَرْط رغبته الشديدة في أن لا يثبت إلا ما هو ثابت يطمئنٌ إليه» كان كثيراً ما يسقط أحاديث رواهاء حتى لقد حَسِبوا أنه كان في الأصل نحو عشرة آلاف حديثء» فكان يُراجعه من وقتٍ لآخرء كل راو من رواته كان يروي ما انتهى إليه عند روايته؛ ويتنشر ما يرويه عن مالك في الإقليم الذي نقله إليه» ولا شك أنَّ آخر هذه الروايات هو أصحُها الذي انتهى إليه مالك رضي الله عنه» وهو الذي وقف عنده'”. ومن آخر هذه الروايات: رواية محمد بن الحسن» ورواية يحيى. )١(‏ تزيين امالك في مناقب الإمام مالك ص؛ 4» وقد ذكر التاريخ ثلاثة موطآت غير موطأ الإمام مالك. (أبو زهرة). )١(‏ ولقد قال القاضي عياض في «المدارك»: وكان علم الناس في زيادة» وعلم مالك في نقصان. (أبو زهرة). ابن خلدون 1 وليس من ا حق أن نقول: إِنَّ ما كان يرويه مالك رضي الله عنه كان ضعيفاً في سنده؛ لأنّ رواياته كلها كانت من أعلى الدرجات في قوّة السنده حتى إنه قيل: إن أصدق الروايات رواية مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. ولكنه كان ينقد ما يرويه من ناحية المتن والموازنة بين الروايات» فقد يروي الحديث, ثم يوازنه بالقرآن» فيرويه ى| روى حديث: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم َليَفْسله سبعاً إحدامُنَ بالتراب»”"» ثم رده ولم يأخذ به لأنه وَجَد أن القرآن الكريم أباح أكل صَيْدهء وما روى حديتٌ مَنْ سألت اليّ عن احج عن أمها؟ فقال لها الننٌ يل: «ألو كان على أّك دَيْنٌّ أفكنت تُؤدّينه؟» قالت: نعم. قال: ١فَدَيْنُ‏ الله أحقٌّ بالوفاء»”"» ولم يأخحذ به» لأنَّ الله تعالى يقول: ا وَأ لَك إن لاما سح * [النجم: 9 7]. ولقد أذ الشافعيٌ بب) رواه مالك وردَّه إليه» واحْتجٌ به عليه في تركه. ومهم| يكن فإِنَ ما كان ينقصه لا يَقُدح في سَنّدهء وإن كان لا يقر مالك معناه ولا يأخذ به وله في ذلك الكثير. ما اشتمل عليه الموطأء وشرطه فيه: والناحية الثالثة من القصور الذي لاحظناه في محاضرة العلامة ابن خلدون عن الموطأ»: أنه لم يشر إلى ما اشتمل [عليه] الموطأ: أكله أحاديث؟ أم هو بيانٌ لنواح كثيرةٍ من فقه أهل المدينة الذي كان يأخطذ به مالك؟ ولم يشر إلى أنُصال السند فيه ثم أهو كان يشترط اتُصال السند أم لا يشترط؟ ()رواه مسلم (9/4؟)) وأبو داود ("ال/ا) والنسائي (64)) وابن ماجه (71؟) من حديث أبي هريرة. زفعة رواه البخاري (؟1861١)‏ من حديث ابن عباس يلفظ مقارب. أعلام وعلماء ونقول في ذلك: إِنَّ مالكاً م يلتزم في حديثه الإسناة المتنّصل» فهو لم يَصل كل الأحاديث التي رواها يسَنّد متّصل إلى النبيّ يكل بل فيها المرسّل الذي لم يذكر فيه الصحابيّ الذي رواه» وفيها المنقطع الذي لم يذكر فيه راو بعد طبقة الصحابيء ومنه البلاغات التي لم يُذكر فيها سند. ويظهر أن التقيّد بالسند لم يَسُد في عصر مالك رضي الله عنه» بل تقّد به المحدذّثون من بعد .ما كَثْر الكذبٌُ على رسول الله لِ. لقد كانت عناية مالك بمن ينقل إليه الخبر» فإن كان ثقةٌ لا يهمّه بعد ذلك مَنْ فوقه» لأنَّ الثقة لا ينقل إلا عن ثقات. ولقد عنِيّ العلماء من بعد ذلك ببيان الإسناد لِمّا لم يكن له سَمَدٌ من الموطأء وقة فونفن المالكة إنكق ان 201 ين ركه له اوعلا اللخافوف» نافيا حديث لم يتّصل سنده عند مالك في موطئه إلا كان له عاضد أو عواضد”". وإنه لم يُبيّن أيضاً ما اشتمل عليه الكتاب أهو أحاديث أم فتاوى وآراء؟ والحقيقة أن هذا الكتاب مجموعة فقهيّة ومجموعة من السنة والأحاديث؛ وما أجمع عليه أهل المدينة من عمل» وقد قال ذلك الإمام مالك في موطته: اما كان فيه الأمر المجتمع عليه فهو ما اجتمع عليه قولُ أهل الفقه والعلم ل يختلفواء وما قلت: الأمر عندي فهو ما عمل الناس به عندناء وجرت به الأحكام؛ وعَرّفه العام والخاص» وكذلك ما قلت ببلدنا فيه؛ وما قلت فيه بعض أهل العلم فهو شىءٌ اسْتَحْسَنْته من قول العلماء» وأما مالم أسمعه منهم, فاجُتهدثٌ فيه ونظرت على مذهب مَنْ لَقِينُه حتى وقع ذلك مَوْقَمَ الحق أو قريباً منه. حتى لا نخرج عن )١(‏ شرح الزرقاني ص4. (أبو زهرة). ابن علدوم ا مذهب أهل المدينة وآرائهم؛ وإن لم أسمع ذلك بعينه» فنسبتٌ الرأي بعد الاجتهاد مع السنة وما مضى عليه أهل العلم المُقَتَدى بهم» والأمر المعمول به عندنا من لدن رسول الله وك والأئمة الراشدين» فذلك رأيهم؛ ما خرجتٌ منه إلى غيرهم». هذه مُلاحظاتٌ بيّناها بالنسبة للمحاضرة التي ابتدأ با دروسه للحديث» وصَدّر بها كلامه عن موطاأ الإمام مالك. وقد يقول قائل: إنها خطبة افتتاحية» وليست محاضرةً علميّة من كل الوجوه. ولعل الذين حَضّروا لم يكونوا جميعا من أهل النظر والعلم فألقى من القول ما يناسبهم» ولكن نقول في ذلك: إننا ما كنا نطلب الاستقصاءء وكان يمكن الإشارات من غير تَقَّصٌّ وتَتَبّع» فالتفصيل قد يُمل» والإشارات غ2 الموجزة لا تخل. فقهه فى المقدّمة: لم نعثر له على دراسات فقهيّة ألقاها في دروسه عن المذهب المالكيء كا أشرناء ولكن وجدناه في المقدّمة يتكلّم عن الفقه وأحكامه» ويَتَصدَّى لنظريات في الأصول عن استقصاءء كما يتصدّى لبيان مقام المذاهب الفقهيّة في حَواضِر العالم الإسلامي وبواديه. ولقد وجدناه في تاريخ أضول الفقه» قد وضّح معناه وأدواره والتأليف فيه توضيحاً جيداً في أوجز تعبير وأسلم ببان» وعباراته فيه مُحْكَمَة مُتْقَنَةه » لا نعلم أنّ أحداً سَبَّقه في بيان أدواره على هذا النّحو في ذلك الإيجاز. عمل أهل المدينة: ولقد انّجه من بعد ذلك إلى ضروب الفقه ومذاهبه. ومقدار أخذ كلّ مذهب من 03 5 ع الأصول المقرّرة الثابتة» ولقد جاء إلى بيانٍ الأصول التي بني عليها المذهب المالكي» 1 اعلا وعاراء وتعرّضٌ لعمل أهل المدينة» أو لإجماع أهل المدينة كا يعبر بعض الأصوليين أو أكثرهمء فقال: «واختصٌ (أي الإمام مالك) بزيادة مَدْرَك”'" للأحكام غير المدارك المُعتبّرة عند غيره؛ وهو عمل أهل المدينة؛ لأنه رأى أخهم فيا يتّقون عليه من فعل أو ترك متابعون لمن قبلهم ضرورةً لدينهم واقتداءً بهم.. وصار ذلك عنده من أصول الأدلة الشرعيّة» وظنٌّ كثيرون أن ذلك من مسائل الإجماع فأنكره؛ لأنَّ دليل الإجماع لا يخصٌ أهل المدينة من دون سواهم بل هو شاملٌ للأمة.. ومالك لم يعتبر عمل أهل المدينة من هذا المعنى» وإنما اعتبره من حيث اتا الجيل بالمُشَاهَدَة للجيل إلى أن ينتهي إلى الشارع صَلَّوات الله وسلامه عليه.. نعم إن المسألة ذكرت في باب الإجماع إلا أنه أليق الأبواب بها». ثم يقول: ولو ذكرت المسألة في باب فعل التي بلِ وتقريره أو مع الأدلة المْخْتَلَف فيهاء مثل مذهب الصحابي؛ وشرع ما قبلناء والاستصحاب لكان أليق»”"". هذه عباراته. ونلاحظ أنه انتقد من اعتبر أخذ مالك بعمل أهل المدينة من قبيل الأخذ بإجماع أهل المدينة واعتباره حُجَّة: وأنه يرى أنَّ الأليق ألا يُعدّ في باب الإجماع وألا يُكتب فيه وإنما يُكتب في باب الأدلة. موقف الفقهاء من الاستصحاب: ونيادر قرّر: أن الفقهاء ا قرّروا الأخذ بالاستصحاب”", واعتيروه آخر )١(‏ أي أنه زاد على الكتاب والسنة والإجماع والقياس أصلاً آخر وهو عمل أهل المدينة. (أبو زهرة). (1) إخراج الأستاذ الدكتور [علي] عبد الواحد [وافي] ص .١١5‏ (أبو زهرة). () ويسمّى دليل العقل. وهو جَعْل الحكم الذي كان ثابتاً في الماضي باقياً على حاله» حتى يقومَ دليلٌ على انتقاله عن تلك الحال. أو بعبارة أخرى: بقاء ما كان على ما كان عليه حتى يثبت ما يَغْيّره. دوه ل مدار الاستدلال؛ فهو ديل حيث لا يكون في الموضوع دليل» وإذا كان ثمّة اختلاف فهو في مَدَاه في الاستدلال» والموضوعات التي يدخلهاء فنجد المالكيّة يضيّقون نِطاقَه لأئَّهم فتحوا باب الاستدلال المُرْسَل الذي يُسمَّى المصالح المرسلة”" إِذْ هو شاملء والحنفيّة يُوسّعونه قليلاً عن المالكيّة وإن كان في ذاته ضيّّقَاً عندهم, لأنهم يفتحون باب الاستحسانء وقد يبروا في الأقيسة» والحنابلة يوسّعون قليلاً أيضاًء والشافعية يأخذون به كثيراً» والظاهريّة والشيعة يفتحون بابه فتحاً كاملاً. مناقشة نفي ابن خلدون اعتبار عمل أهل المدينة من قبيل الإجماع عند مالك: وأما عن الأخذ بم| عليه أهل المدينة من قبيل الإجماع» وأخذ مالك به على هذا الأساس» ونفي ابن خلدون لذلك. فإنه يحتاج إلى نظر نتعرّض له بإيجاز: لقد عبّر الإمام مالك عن عمل أهل المدينة في كثير من الأحيان بالأمر المجتمع عليه عندنا «أي بالمدينة»» وننقل لك من «الموطأ» مسألتين: أوهما: مسألة شهادة الصَّبِيان» فهذا نص ما جاء بالموطأ: «قال مالك: الأمرٌ المجتمع عليه: أنَّ شهادة الصبيان تجورٌ فيه| بينهم من الخراح» ولا تجوز على غيرهم إذا كات ذلك قبل أن يفترقوا أو نيوا أو جُعلّمو]ن0©. والثانية: مسألة ميراث الإخوة الأشقّاءء فقد جاء في «الموطأ»: «الأمر المجتمع عليه عندنا: أنَّ الإخوة للأب والأم لا يرئون مع الولد الذكرء ولا مع ولد الابن الذكر )١(‏ وهي التي سكت عنها الدَّرْعٌّ فلم يتعرّض لا باعتبار ولا إلغاءء وليس لها نظير ورد به النصٌّ لتقاس عليه. () يُخْيّبِوا معناها: يخدعونء أو يُضلَّلونء والمسألة بالموطأ الجزء الثالث من الشّرح ص 188. (أبو زهرة). رواه مالك في كتاب الأقضية من «الموطأ». 5008 1348 شيئاء ولا مع الأب دِنْياً (أي الأب القريب لا الجد) شيئا وهم يرثون مع البنات وبنات الأبناء)”". مناقشة الشافعي شيخه مالكاً في اعتباره إجماع أهل المدينة: وإذا كان هو يُسمّي ما عليه أهل المدينة (مجتمعاً عليه)؛ فكيف لا يسمّى من بعد إجماعا؟! والشافعيٌٌ رضي الله عنه عندما خالف شيخه الإمام مالكاً رضي الله عنهماء خالفه في اعتباره إجماع أهل المدينة إجماعاً» وقد ناقش تلك الفكرة على أساس أنّ الآخذين يأخذون على أساس أنها من الإجماع» واقرأ كلامه في «الرسالة» عن ذلك تجده يعبر عن فكرة المالكيين بأنها إجماع أهل المدينة» وكذلك تجده في «الأم) في كتاب جماع العلمء ولننقل لك بعض مناقشاته فقد جاء فيه: «قلت للشافعي: إنما ذهبنا إلى أن نثبت ما اجتمع عليه أهل المدينة» دون البلدان كلها. فقال الشافعي: هذه طريق الذين أبطلوا الأحاديتٌ كلّهاء وقالوا: تأخذ بالإجماعء إلا أنهم ادَّعوا إجماع الناس» وادّعيتم أنتم إجماع بلدء وهم يختلفون عل لسانكم» والذي يدخل عليهم يدخل عليكم. لَّلصَّمْتٌ أؤلى بكم من هذا القول»”". إجماع أهل المدينة: نقل أو اجتهاد: وقد عر القاضي عياض في كتابه «المدارك» عن عمل أهل المدينة بإجماع أهل المدينة» فقال: «إن إجماع أهل المدينة على صََرْبِين: كَزْبٌ طريقة النقل”", والضَّؤْب الثاني: هو ما كان طريقة الاجتهاد بين علاء المدينة»). )١(‏ الكتاب المذكور. (أبو زهرة). في كتاب الفرائضء باب ميراث الإخوة للأب والأم. هعم الأم ص لك ص ”47 1 (أبو زهرة). 1 المدارك مخطوط بدار الكتب ورقة رقم 4١‏ . (أبو زهرة). ابن خلدون ا ونراه يُعبّر بإجماع أهل المدينة» وكذلك أئمة علم الأصولء كالغزالي والرازي والآمدي والبيضاوي وغيرهم., يعبّرون هذا التعبير. ولذا تتجك أن انق خلدوة مدت اق قوله عتدما خطأ الذين بجوو عن عمل أهل المدينة بإجماع أهل المديئة. وفي ا حق أنَّ العلماء كم أشار القاضي عياض - بقسمون عمل أهل المدينة إلى قسمين: ما يكون طريقة النقل جيلاً عن جيل بينهم؛ وهذا هو الذي ينطبق عليه كلام ابن خلدون, والآخر ما يكون سبيلها الاجتهاد» وهذا لا ينطبق عليه كلام ابن خلدونء وفيه خلافٌ» ومذهبٌ الكثيرين من المالكيّة أنه حُبجَّة» وينسبونه إلى مالك؛ وعباراته رضي الله عنه لا تُفْرّق بين ما يكون طريقه النقل وما طريقه الاجتهاد. وَإِنَّ كلا النوعين عند مَنْ يأخذون بها يُسنَّى إجماعاًء وتواتر الأجيال به لا يمنع أنه إجماع» بل لقد يقرّر الشافعي أنه لا يسلَّم بإجماع إلا فيا تتواتر به الأجيال كَكَوْنْ الصّلوات خمساً. وعلى ذلك لو كان نظر ابن خلدون أنه لا يعتبر عمل أهل المديئة حَجّة إلا إذا تواتر نقله جيلاً بعد جيل بينهم ما كان ذلك مُسوّغاً لأن ينكر أنه إجاع أهل المدينة لأن تواتر العمل لا يمنع التّسمية بالإجماع. كلامه العام في فقه المالكية: استطرد العلامة ابن خلدون عند سَرْدِِ الموجّز المجامع لبعض التفصيل في المذهب المالكي» أو بعبارة أدق في قصوره على حسب رأيه هوء فقال: ا أعلام وعلماء 8 ٠. «وأما مالكٌ رحمه الله فاختصٌّ بمذهبه أهلّ المغرب والأندلس» وإن كان يوجد في غيرهمء إلا أنهم لم يُقنّدواغيره إلا في القليل» لما أن رحلتهم كانت غالباً إلى الحجاز, وهو منتهى سَفرهم, والمدينةٌ يومئذ دار العلم» ومنها خرج إلى العراق في طريقهم» فاقتصروا على الأخذ من علاء المدينة» وشيخهم وإمامهم مالك وشيوخه من قبله, وتلميذه من بعده» فرجع إليه أهل المغرب والأندلس» وقلَّدوه دون غيره مِمَّن م تصل إليهم طريقته. وأيضاً فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس» وم يكونوا يُعَانُونَ الحضارة التي لأهل العراق» وهذا لم يزل المذهب غضّاً عندهم وم يأخذه تنقيح الحضارة وتبذيبهاء كما وقع في غيره من المذاهب»)7”". وإننا نجده في هذه العبارات يُقرّر أموراً ثلاثة اعتقّدَها حقائق: أوها: أن البداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس» وقدل على ذلك صريح عباراته.. وثانيها: أن المذهب المالكي كان غضّاً عندهم وقد دل على ذلك صريح قوله.. وثالثها: أنه لم يأخذه تنقيح الحضارة وتبذيبها ا وقع في غيره من المذاهب» وهذا أيضاً صريحٌ كلامه. وإِنَّ هذه الأمور تنتهي لا محالة إلى أن الذهب المالكي ل تنمّحه الحضارة» ومعنى م تفّحه الحضارة أنه مذهبُ أهل البداوة» وأنه غض ل تفنّ مسائله كمذهب العراقيين مثلاً ولسنا في هذا ندّعي ما لا يحتمله كلامه» بل نأخذ الدَّعوى من صريح قوله ولذا نناقش قوله كله أو تمعخصة. )١(‏ المقدمة ص45 ؟ طبع الخيرية» والجزء الثالث ص7١٠؛‏ إخراج صديقنا الأستاذ الدكتور علي عبد الواحد. (أبو زهرة). ابن لوت 00 أسباب انتشار المذهب المالكى ومكانته بمصر: وإنا تُقَرّر أنه لا مَجَال للريب في أنَّ من أسباب انتشار المذهب المالكي بالمغرب والأندلس التقاءهم بالإمام مالك وبشيوخهم من قبله وتلميذه من بعده» وَِنَّ ذلك ينطبق على مصرء كا انطبق على الأندلس والمغرب وسائر شمال إفريقية» ولذلك كان لهذا المذهب مكانة كبيرة في مصرء وم يَقَضٍ عليه أو يَغْلبه اذهب الشافعي مع إقامة الشافعي في مصر وموته فيهاء بل لم يَفْض عليه وقت أنْ ناصّرت الدولة الأيويّة المذهب الشافعي بسُلطانهاء بل اعترفت بالمذهب المالكي» وجعّلت من المالكية قضاة» لمكانة ذلك المذهب الجليل بين الشّعبٍ المصري. مناصرة الدولة للمذهب المالكي: وإذا كنا نقرّر أنَّ من أسباب انتشار المذهب المالكي الحج والرحلة إلى المدينة» فإنه يجب أن تُقرّر أنه ليس هو السبب وحده؛ بل مناصرة الدولة لهذا امهب الجليل» ولذا قال ابن حزم: مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان: الحنفي بالمشرق» والمالكيٌ بالأندلس. دخول المذهب المالكي بلاد العراق وخراسان: ولا يصحٌ أن ننفي نفياً مُطْلقاً عدم دخول المذهب المالكي في بلاد العراق» وخراسانء فقد ذكر القاضي عياض في «المدارك» دخول المذهب في هذه البلاد» فقد جاء في «ترتيب المدارك» هاه اغلى ملف مالك صل لجاز واليفية وقصرونا والاقائ يلاد إفريقية والأندلس وصقليّة والمغرب الأقصى إلى بلاد من أسلم من السودان إلى وقتنا هذاء 3 أعلام وعلماء وظهر ببغداد ظهوراً كبيرأ» وضَحُف بها بعد أربعماثة سنة» وعَلّب من بلاد خراسان على قزوين وأمهر» وظهر بنيسابور» وكان بها وبغيرها أئمة ومُدرٌّسون)”". ولعلّ السبب في انتشاره في هذه البلاد هو الحج أيضاًء لأنَّ هذه البلاد كان منها حجيج كسائر البلاد الإسلامية» وكانوا يذهبون إلى مسجد رسول الله» وهو ثالث المساجد التي ُشَّدَّ إليها الرحال» وهنالك في المسجد النبوي يلتقون بالإمام مالك» وبتلاميذه من بعله. مناقشة ابن خلدون ني أن مذهب مالك مذهب أهل البداوة: وإِنَّ الذي يجب علينا أن نناقش ابن خلدون فيه غخالفين كل المخالفة له هو قوله: إِنَّ المذهب المالكي متهت أهل النطاوة:وآنة:1 تتح التحيارة» لآنه اعد عن أهل الحجاز, وانتقل إلى مَنْ يُهاثلهم في البداوة من أهل المغرب والأندلس. ونقول: إننا تُخالفه في الأصْل والقياس والنتيجة: فإِنَّ أهل الحجاز في عصر الاجتهاد والفقه ما كان سُكَاها بَدُوا فإنها كانت تمُوحٌ با يفيض بها عليهم مُلك بني م1 ولذلك ظهر فيهم الثَّرف والنعيم» وظهر فيهم الغناء الحضري بكل طرائفه وأمدوا يه الحواق: ون سلّمنا بأنَ مُدن الحجاز كان يسكنها بدو فلن تُسَلّم ذلك قط في الأندلس» فأهل الأندلس كانوا ذوي حضارة:» وما كان لمثل ابن خلدون أن يجعل حكم البداوة يَسْري إليهم في المقايّسة بينهم وبين أهل الحجاز. )١(‏ القسم الأول ترتيب المدارك المخطوط /01. (أبو زهرة). ابن خلدون 0 وإنه لا يذكر أنَّ المذهب المالكى غَلَبٍ على أهل مصر كلّها في أوّل أمرها حتى افسه المذهب الشافعيء ول يتغلّبٍ عليه» ولا يمكن أن يقال: إِنَ أهل مصر بدو! بل إن أهل مصر لهم حضارة تمتدٌ جذورها في أعماق التاريخ» وقد ظهرت غصّونها في عصر الإسلام. إن النتيجة التي تن تنتهي إليها تلك المقدّمات» وهو أنَّ مذهب مالك مذهب أهل بدو تَطوي في ثناياها ال حكم أن أهل التصبارة لي تشنونه مع أن السياق التاريخي يُناقضه» وأنه فوق ذلك لا يتّفق مع قواعد هذا المذهب وأصوله فإنها من الانّساع والمرونة والقوّة والتّفاذ إلى إصلاح الجاعات» وتنظيم شؤونها ما يجعلها صاةً لتنظيم الحضارات المختلفة» مهما تنّسع آفاقهاء وتتنوّع وسائل العمران فيهاء وتختلف طرائق الحياة. وإِنَّ في نظريات المصالح المرسلة”''» وسدٌّ الذرائع» ومُراعاةٍ العُرف» وقوّة الأخذ هاء حتى إنه ليخصّص أحياناً بعض النصوص - التي ليست دلالتها قطعيّة بها ما يجعل فيها العَنَاء لكل حضارة» ويجعل منها المعين الصّالح لاستنباط أدقٌ القوانين في تحقيق العدالة ومذعثٌ فيد هله المزؤنة لآ يمكن أن يكو مذهيا بندويا. دعوى ابن خلدون أن المذهب لمالكي ل تُتَقّسَهُ الحضارة: ولقد ادَّعى ابن خلدون أن المذهب المالكيّ غضٌ واستمرٌ غضاًء وأنه لم يدخله التتقيح ىا دخل مذهب أهل العراق؛ لأنْ الذين اعتنقوهبَدُوٌ أو ينَجْرُون مَجراهم. (1) المصالح المرسلة هي المصالح التي لا يشهد لها دليل خاصش من القرآن والسئة بالإثيات أو الإلغاء» وتُسمَّى الاستدلال المرسل» ومقتضاه :٠‏ أنَّ كل مصلحة تكون متّفقة مع مَقٌاصد الشرع تُعتبر ما دامت لا تعارض نضّاً. والذرائع معناها: أن يحكم على الأفعال والأقوال من حيث دلالتها. (أبو زهرة). ”م إعلام وعلواء وإِنَّ تلك المقدّمة باطلة قد بيّنا بطلانباء وإنَّ النتيجة باطلة أيضاًء فإنَّ ذلك المذهب الجليل تُفّح وشرّج عليه الكثير» واسْسَّمْبطت أصوله وفرّعوا عليهاء وانّممعت آفاق التخريج فيه انّساعاً عظياً منذ عهده الأول» واستمرٌ في تنقيح» وحُسْن تخريج» واستنباط أصولء إلى أن تكامل وانّسع» وتّتّافس في ذلك علماء مصرء وعلماء الأندلس. وقد رأينا الأصول التي اسْتَنْبَطها المالكية مُتَفَحةٌ سليمةٌ مستساغةً في العقل ومتّفقة مع الحاجات القانونيّة للبيئات المختلفة» وَوَجدنا من فقهاء الأندلس والمغرب ومصر من دَعَموا المذهب بالأدلة والتخريج وتوجيه المسائل وتنقيح الروايات؛ حجن وكيا تنالم :2 سطائل التفيارة:رالعمر ان علوي سل انا حن علي ومُتَّفقاً مع أوثق الأصول الدينية وغيرهاء ولذا لما ضاق الناس ببعض آراء أبي حنيفة في الأسرة لم نجد المتنفّس إلا في مذهب مالكء فمنه أخذ القانون رقم ١0‏ لسنة 2197١‏ وأكثر القانون رقم 18 لسنة 19179. سبب إسراف ابن خلدون في نقد مذهبه المالكي: وقد يقول قائل: لماذا يُسرف العلامة ابن خلدون على مذهبه الذي صَار يُلقي دروساً فيه ذلك الإسراف؟ ونقول في الإجابة التي يمكن أن نتصوّرها في ذلك: أنَّ ابن خلدون كان مُعْجَباً بحضارة العراق؛ ولم يكن مُعْجَباً بحال المغُرب والأندلس» ولذا جَعَل الحضارة هنالك؛ والبداوة عنده» وقوّى لحكمه ما كان يجري من خلافٍ مستمر على الولايات والإمارات ماهو من شأن أهل البداوة» وإن كانوا يسكنون المدر ولا يسكنون الوبر. وهو فوق ذلك كان مُعْجَباً أشدّ الإعجاب بأبي حنيفة رضي الله عنه» ولذا صدَّر الكلام في تاريخ المذاهب بقوله عن أبي حنيفة رضي الله عنه: «فأما أهل العراق» ابن خلدون اا ؟ فإمامهم الذي استقرٌ تت عئكذدمة مذاهبهم أبو حنيفة النعيان بن ثابت» ومقامه في الفقه لايُلْحَقء شّهِدَ بذلك أبناء جلدته وخصوضاً مالكاً والشافعي". ومهما يكن فإننا ” ُقرّر أنَّ فيلسوف المؤرّخين قد تجن على قومه. وأشْرّفٌ في الحكم على مذهب إمام دار المجرة مالكء قَعَفا الله عن ابن خلدون» وجَرّاه عن العلم خيراً. كتب المذهب المالكي في نظر ابن خلدون: ## زه ََ تَعَرَّض ابن خلدون لبيان الكتب في المذهب المالكي وتَسَلْسّلهاء فقال: «رَحَل من الأندلس عبد الملك بن حبيب الفهري"'!'» فأخذ عن ابن القاسم وطبقته» وبثٌ مذهب مالك في الأندلس» ودوّن فيها كتاب «الواضحة»» ثم دوّن العنْبِي''' من تلاميذه كتاب «العْْبيّة». ورحل من إفريقية أسد بن الفرات» فكتب عن أصحاب أب حنيفة أولآء ثم انتقل إلى مذهب مالكء وارتحل إلى المشرقء ولقيّ ابنّ القاسم وأخذ عنه» وعارضه بمسائل» وكتب عن ابن القاسم في سائر أبواب الفقه» وجاء إلى القيروان بكتابه» وسُمّي «الأسددٍ نه تننة إل الأسد» وكتى »سحيون مسائلهاء ودرَّمهاء [وحملها إلى ابن القاسم بمصرء فعرضها عليه» وكاشفه عنها مكاشفة فقيه؛ فغيّر فيها ابن القاسم أشياء كثيرة لأنه كان أملاها على أسد من حفظه» وهذبها مع سحنون]» وأثبت ما رَجَع عنه» وكتب لأسدٍ أن يأخذ بكتاب سحئونء فَأَنِفتَ من ذلك» فترك الناس كتابه» واتّبعوا مُدوَّنَة سحنون على ما كان فيها من اختلاط المسائل في الأبواب» )١(‏ أبو مروان السلمي القرطبيء له مؤلفات كثيرة» أشهرها: «الواضحة» توفي بقرطبة سنة /71. )١(‏ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عَنّْبة القرطبي الفقيه» توفي سنة 276 وقيل: سنة 54 70. تنظر ترجمته في اجمهرة تراجم الفقهاء المالكية» 348-991/:17. 37 اعلام وعلياء فكانت تُسئِّى المدوّنة والمُخْتَلِطّة وعكف أهل القيروان على هذه «المدوّنة)» وأهل الأندلس على «الواضحة» و«العتبيّة»» ثم اختصر ابن أبي زيد «المدوّنة» في كتابه المُسمّى بالمختصرء ولخّصه أيضاً أبو سعيد البراذعي من فقهاء القيروان في كتابه المُسمّى ب«التهذيب»» واعتمدته المشيخة من أهل إفريقيّة» وأخذوا به» وتركوا ما سواهء وكذلك اعتمد أهل الأندلس كتاب «العتبيّة»» وهجروا «الواضحة» وما سواهاء ولم يزل علماء المذاهب يَتَعهّدونَ نه لبانق بالشّرح والإيضاح والجمع فكتب أهل القيروان على «المدوَّنة) ما شاء الله أن يكتبوا... وكتب أهل الأندلس على «العتبيّة» ما شاء الله أن يكتبواء مثل ابن رُشْد وأمثاله» وجمّع ابن أبي زيد جميع مافي الأمهات من المسائل والخلاف في الأقوال في كتاب «النوادر»» فاشتمل على جميع أقوال المذهب» وفروع الأمهات كلها في هذا الكتاب. ونقل ابن يونس معظمه في كتابه المدونة»» ورّكَرت بحار المذهب الالكي في الأفقين إلى انقراض ذَؤْلة قُرطبة والقيروان» ثم تمسَّك بها أهل المغرب بعد ذلكء إلى أن جاء كتاب أبي عمرو ابن الحاجب؛ لخّص فيه طرق أهل المذهب في كل باب». ملاحظات على كلام ابن خلدون في كتب المذهب المالكي: هذا تلخيص جيّد لتسلسل الكتب في المذاهب. ولنا ملاحظات على ما اشتملت عليه كتاباته من تعميم» كان يجب فيها التشخصيص. وأولى هذه الملاحظات: أنه يُقرّر أنَّ أهل الأندلس هم الذين أخذوا بالعتيّة ويشيد بذلك إلى أنَّ غيرهم لم يأخذوا بهاء وهذا يخالف ما ذكر ابن حزم الذي يسبقه بأكثر من ثلاثة قرونء إذ هو يُقرّر أن «العتبيّة» للها عند أهل العلم بأفريقية الطيران الحثيث. ابن خلدون لحف والثانية: أنه يُقرّر أن كتّاب الأندلس إنا كتبوا على «العتبيّة)؛ ويذكر من بينهم ابن رشد (أي الجد)» وابن رشد هذا يذكر في كتابه «المقدّمات الممهّدات' أنَّ المدوّنة هي أصل العلم المالكي» ويقول في ذلك: لرَحَل سَحنون إلى ابن القاسم» فكان مما قرأ عليه «المدوّنة» أو المُختلطة ودرّنباء فحصّلت أصل علم المالكيين» وهي مُقَدّمة على غيرها من الدواوين بعد موطأ مالك» ويروى أنه ما بعد كتاب الله كتاب أصحٌ من موطأ مالك رحمه الله ولا بعد الموطأ ديوان في الفقه أفيد من «المدوّنة»» والمدونة عند أهل الفقه» ككتاب سيبويه عند أهل النحوء وككتاب إقليدس عند أهل الحساب» وموضعها من الفقه موضع القرآن من الصلاة تجزئ من غيرهاء ولا يجزئ غيرها منها»”". وإذا كان هذا رأيّ ابن رشد في «المدوّنة»؛ وهو أندلسيٌ فإنه لا يمكن أن يقال: إِنَّ امّبر عند أهل الأندلس هو «العتبيّة»» ىا لا يمكن أنَّ تأليفه في الفقه كان على أساس اعتبار «العتبية» هى الأصل يوضٌحه هو ويِبِيّته ويختصره. والثالثة من هذه الملاحظات: أنه يجعل «العتيبّة» في مرتبة الدكنة مو سيت الئقة بباء والاطمئنانٌ إلى أنَّ ما اشتملت عليه هو من مذهب مالكء والحقيقة أنه بين| يتلقى العلماء في المذهب المالكيّ ما جاء في «المدوّنة» بالقبول ‏ يثير كثيرون منهم الظنون حول ما جاء في «العتبية»؛ وقد ظهر التكذيب لبعض مسائلها عقب كتابتهاء فقد . م 8 جاء في اترتيب المدارك»: «قال محمد بن عبد الحكم: أتيتٌ بكتب حَسّنة الخط تُدعى 4 1 35 5 3 ب عير 0 2-6 - ع «المستخرجة» (وهو اسم العتبية) من وضع العتّبي» فرأيت جلها كذباء ومسائل لا أصول هاء ومما قد أسقط وطرحء وشواذ من مسائل المجالس لم يوقف عليها أصحابها»”". )١(‏ المُقدّمات المُمَهّدات ص١‏ وص/7 طبع الفاسي المغربي. (أبو زهرة). (5) المدارك القسم الثاني ورقة رقم /72. (أبو زهرة). ١‏ اعلام وعيا ويقول ابن لبابة في تأليف العتّبي للمُستخرجة أو العتبية: «كان يَؤْتى بالمسائل الغريبة؛ فإذا أعجبته أدخلها في المستخرجة». فليست إذن المُسْتَخْرجّة أو العتبيّة ‏ بشهادة الثقات من علماء المذهب المالكي الأوّلِين محل الثقة والاطمئنان» بينا تل «المدوّنة» ذلك المحل عند الجميع. والرابعة من هذه الملاحظات: أنَّ ابن خلدون يذكُر أنها سمّيت (المخْتلطة) لاختلاط أبوابهاء والحقيقة أن سُحنون رثّبهاء أو على التحقيق رثّبَ أكثرهاء وخلط بأقوالٍ مالكِ أقوال أصحابه التي هي آراء لمء وخبر ذلك قد جاء في ؛ترتيب المدارك)؛ فقد جاء فيه: انظ سحنون فيها نظراً آخرء فهذّمِها وبرَّيهاء ودوّهاء وألحنّ فيها من خلاف أصحاب مالك ما اختارء وذيّل أبوابها بالحديث والآثار» إلا كتباً متفرّقة منهاء بقيت على أصل اختلاطها بالسماع»”"". والخامسة من الملاحظات: أنَّ العلامة ابن خلدون لم يتعرّض لذكر (الموّازية) وهي من أتّهات الكتب في المذهب المالكيء. وهي لمحمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندري المعروف بابن الموَّاز المتوقٌ [بدمشق] سنة 759 بعد الحجرة”"» وهذا كتاب له مكائته في الفقه المالكي» قال القاضى عياض فيه: لوط ل عات النة للك رقيو ارفس هياتن الاتكاا رادعة وذكره أبو الحسن القابسي» ورجّحه على سائر الأمهات؛ وقال: إِنَّ صاحبه تصَّد إلى )١(‏ المدارك القسم الأول ورقة رقم 518. (أبو زهرة). (؟) وقيل: »2”28١‏ وكانت ولادته سنة .16٠‏ ابن خلدون 1" بناء فروع أصحاب المذهب على أصوهم في تصنيفه. وغيره إِنَّ) قَصَّد لجمْع الروايات» ونقل نصوص السَّماعات» ومنهم من ينقل عنه الاختيارات في شروح أفردهاء وجوابات مسائل سُعْلَ عنهاء ومنهم من كان قَصِْدّه الذبّ عن المذهب فيا فيه الخلاف» إلا ابن حبيب» فإنه قصد إلى بناء المذهب على مَعَانٍ تأدّت إليه؛ ورَبّا قنع ببعض الروايات على ما فيهاء وفي هذا الكتاب جُرْءٌ تكلّم فيه على الشافعي وعلى أهل العراق بمسائل من أحسن كلام وأنبله)”". وإنه بلا رَيْبِ يعد من القصور في كلام العلامة ابن خلدون ألا يتكلم عن هذا الكتاب» وأنه إذا أردنا أن ترب كتب المذهب من حيث الثقةٌ والاطمئنانٌ لكانت هكذا: المدوّنة» ثم الموّازية» ثم الواضحة التي كتبها ابن حبيب» وتجيء العتبية في المرتبة الرابعة. هذا مقام ابن خلدون في الفقهء تُشِير إليه الآثار الواردة عنه إلى أنه ابتدأ دارساً للفقه ولم يصل في دراسته الأولى إلى درجة الفقيه» ثم شّغْل عن الفقه بالسياسة والأدب والتاريخ» وتعمّق وأَؤْغَلٌ في كل ما انمه إليهه ومكث كذلك حتى تسجّاوز الخمسين من عمره؛ ثم عاد إلى الفقه» وقد بَعْدَت عنه ملكاته» ولذا لم نجده فقيهاً بين الفقهاء كمقامه في الأدب وفلسفة التاريخ. ولكن إذا كان لم يثبت أنه فقيهء فإنَّ القدّر الذي كان عنده من الفقه يسمح له بأن يكون قاضياً مطبّقاً وإن لم يكن قاضياً مرّجاً للفقه. وإِنْ دراساته الاجتاعية المتنوعة تكون له في هذا نِعْمَ المعين. )١(‏ المدارك ص77 من القسم الثاني» والديباج المذهب ص”17؟. (أبو زهرة). 11 أعلام وعلياء تعيينه قاضياً بمصر: لقد عَيّن ابن خلدون قاضياً بمصر في وقتِ قريب من وقت تعيينه مُدرّساً للفقه» وقد كان تعيبنه في هذا المنصب اللخطير مؤْضع غرابة عند أهل المغربء وانتقاد ولَوْم من فقهائهم» حتى لقد قال ابن عرفة من فقهاء المالكيّة: «كنا نع خطّة القضاء أعظم المناصب. فلمًا وليها هذا عَدَدْناها بالضدٌ من ذلك». عُزْلٌ القاضى المالكى سنة 0/85 فون السَّلطانُ ابن خلدون خطّة القضاء الاك "رؤلقة أراد أن تعظ لهي جتدمة اميق وإعلدن الفذالة واذامة ذلك المنْصّب سبيلاً لإعلان الحق وإعلان الفضيلة» وإذا كان القضاء لم يُظهر له آراء فقهيّة» فقد أظهر له حَزْماً وعَزْم ومجاببةً لكلّ ذي ججاهء وأوّل ما انمه إليه هو مزايا ابن خلدون ف القضاء: وقد انَّسم ابن خلدون في منصبه بأمور أربعة» جعلته في الذّروة بين القضاةء وجعلت الناس لا يطيقونه: أولاً: القيام بحن المساواة المطلقة في الخصومة؛ فسرَّى بين الصغير والكبير» والأمير والسّوقَة» وقد وَصّفه المؤرّخون بذلكء؛ ووّصَفَ هو نفسه. فقال: «وقمتٌ بها رُفع إليّ من ذلك المقام المحمود ووَّفّيت جهدي با آمنني عليه من أحكام الله تعالى» لا تأخذني في الحنّ لائمة» ولا يزعني عنه جاه ولا سَطُوةء قوياً )١(‏ كان في مصر أربحة قضاة: قاض شافعي» وآخر مالكي, والثالث حنفيء والرابع حنبلي» يتقاضى أهل كل مذهب على مذهبهم» وكان الرئاسة في كثير من الأحيان للالكي. (أبو زهرة). ابن خللون ا ذلك ين الكَصمينء آخدا بح الفعيف من الكّمين: مترضاً عن الشفاعات والوسائل من الجانيئن». ولا شك أنَّ هذه النّسوية الجُطلّقة سَمُوَلّبِ عليه الناس في كلّ مكانء إذ العصر لم يكن عَضْرٌ الحق المُطْلّق, أو المساواة المُطْلّقة في الخصومة في مجلس القضاء. الأمر الثاني: أنه اه إلى وسائل الإثبات قُنقَاهاء وأَبْعَدَ عنها الذين يفسدون الأحكام ممِّن اتخذوا الإثبات سبيلاً للعيش» وتزكية الشهود طريقاء وإذا كانت البيّنات هى الوسائل الأولى للإثبات ففسادها يؤدَّي إلى إفساد القضاء. جاء إلى أولئك الذين اتَّذوا الإثبات مُرتزقاً أو حرفةً فأخذ على أيديهم» وعلى أيدي كُتَّابٍ الدواوين الذين كانوا يكتبون العقود, ويُزْوّرون فيهاء وفي الجملة طَهّر القضاء من وسائل الإثبات والثّروير» ولنترك له الكلمة لينقل إلينا عمله بقلمه البارع المصوّرء فقد قال في وصف حاله عند سماع البيّنات: «.. جانحاً إلى التتيّت في ساع البيّنات» والنظر في عدالة المُنْتَصِبِينَ لتحمّل الشّهادات» فقد كان البَرّ منهم مختلطاً بالفاجر» والطيّب مُتلبّساً بالخبيث» والحكام مُمُسكون عن انتقادهم مُتجاوزون ما يظهرون عليه من هيئاتهم؛ لما يُنوؤهون من الاعتصام بأهل الشّوكة» فإِنَّ غالبهم مختلطون بالأمراء مُعلّمون للقرآن وأئمة في الصلاة» يُلبّسون عليهم بالعدالة» فيظئون بهم الخير» ويقسمون لمم الحظً من اللحاه في تزكيتهم عند القضاة والتوسّل لهمء فأعضل داؤهم, وَمّت المفاسد بالتّروير والتّدليس بين الناس منهم» ووقفت على بعضها فعاقبتٌ بموجب العقاب» وموم التكال» وتأدّى إلى العلم 5 35 5 2 3 و بالجرح في طائفة منهم؛ فمنعتهم من حمل الشهادة» وكان منهم كتاب لدواوين القضاة» 1 إعلام وعلياء والتوقيع في مجالسهم, قد تَدَرّبوا على إملاء الدعاوى وتسجيل الحكومات» واستخدموا للأمراء فيا يعرض لهم من العقود بأحكام كتابتهاء وتوثيق شروطهاء فصار لهم بذلك شفوف”" على أهل طبقتهم» وتمويةٌ على القضاة بجاههم؛ يدّرعون به نما يتوقّعونه من عَْهم لتعرّضهم لذلك بفعلاتهم؛ وقد يُسلّط بعضٌ منهم قلمه على العقود الْمُحْكّمة فيوجد السبيل إلى حلَّها بوجه ذقهيٌ أو كتابي» ويبّادرون إلى ذلك مَتَى دعا إليه داعي جاه أو منحة» وختصوصاً في الأوقاف التي جاوزت حدود النهاية في هذا المصرء بكثرة عوالمه» فأصبحت خافية الشّهر ة» مجهولة الأعيان» عَرْضَةًَ للبطلان باختلاف المذاهب المتصوبة للحُكام بالبلده فمن اخختار فيها بيعاً أو تمليكاً شارطوه وأجابوه» مُفْتَاتينَ فيه على الحكام الذين صَرّبوا دونه سداً للحظر والمنع حماية من التلاعب». نقلنا هذا الكلام مع طوله لأنَّه يُصوّر لنا تلك العَزْمة التي اعتزمها ذلك القاضي العظيم؛ وتُصوّر لنا العَقّبات التي تقف في طريقه» وتُصوّر حال العصرء وتحكم لمتٌصلِين بالحكام في مصاير الأحكام. الأمر الثالث: أنه انّجه إلى العناية بتنفيذ أحكامه» وذلك لأنه كان بين المفتين من يُضُعفون شأن الأحكام واضطراب الأمر بين قضاة أربعة» هم المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي» بفتح ثغرة لإضعاف قوّة الأحكام, فجاء إلى المفتين وكبّح جماح الذين يبعئون بالأحكام منهم. وإنه لطيّب لنا أن نقرأ كلامه في ذلك فإنه يُرطَّبِ الأسماع؛ وهو يقول: ١ثم‏ التفتٌ إلى الفتيا بالمذهبء وكان الحكام منهم على جانب من الخبرة لكثرة مُعَارضتهم وتلقينهم الخصوم؛ وفتياهم بعد نفوذ الحكمء وإذا فيهم أصاغرء بَيّنا هم يَتَشبَّون بأذيال الطلب والعدالة ولا يكادون. إذا بهم ظهروا إلى )١(‏ شفوف: فضل. (أبو زهرة). ابن خلدون مل" مراتب الفتيا والنَّدرِيسء فاقتعدوهاء وتناولوها بالجزاف. فاُتازوها من غير معرب ولا منتقد للأهليّة... وقلم الفتيا في ذلك العصر طَلّْقء وعنانها مُرسلء يتجاذب كل الخصوم منه رسناً... فيعطيه المفتي من ذلك ملء رضاه... مُتَتَبّعاً إيّاهِ في شِعَاب الخلاف» فتّتّعارض الفتاوى» وتَتَتَاقض» ويعظم الشَّعَّبِ إن وقعت بعد نفوذ الأحكام؛ والمخلاف في المذاهب كثير» والإنصاف مُتَعذَّره وأهليّة المنتي أو شهرة الفتيا ليس تمييزُها للعاميّ» فلا يكاد هذا المدد ينحسرء ولا الشَّكّب ينقطع)0"©. وقد طَهّر الإفتاء من هذا الصّنف من المفتين» وبذلك ضمن للحكم العادل طريقة إلى النفاذ من غير تشغيب عليه. الأمر الرابع: الذي سَنّه ابن خلدون أنه سَلّك من أبواب التّعزير باباً م يكن بيد الجلاد» وهو إثارة السخرية على مرتكب الذنب إذا كان من ذوي السلطان» فكان يُعزّر بالصّفْع على القَمَا إذا كان المنّهم من ذوي الجاه أو المتٌصلين بذوي الجاه فكان يديم الصَّفْع حتى يُدمي القفا من كثرة ما ناله من مس عنيف. هذه صفحةٌ ناصعة البياض في تاريخ ابن خلدون» وهي مُدَدّفَة تبي للقضاة نّم يملكون الإصلاح ورد الأمور إلى نصابهاء ولكن لا يستطيع ذلك إلا أُولو العَزْم من القضاة. لم يُطق الناسٌ ابن خلدونء ولكنه أرضى الله تعالى. فأخذ الذين ناهم بصفعاته وغيرهم يدسُّون له عند السلطان» وقد أعرض عنهم السلطان أولآً» وابن خلدون ماض في سبيل الصّرامة. )١(‏ التعريف ص 566 7187 طبعة الطنجي. (أبو زهرة). م اعلام وعلية وطريقة بلا رَيْب ليس هو طريق غيره من القضاة» ف| كان يطيق سلوك ذلك سواه» ولذلك دعوه إلى أن يتَّْعهم فيها يتّفقون عليه من مرضاة الأكابر. ومُراعاة الأعيان» «والقضاة للجاه بالصّور الظاهرة: أو دَفْع الخصوم إذا تعذّرتء بناءً على أنَّ الحاكم لا يتعيّن عليه الحكم مع وجود غيره»'"". وقد استمرّت الدسائسٌ تعمل عملّهاء فكثُر عليه الشَّكّب من كلّ جانب» فاغْتَرّل القضاء وسَافَّر للحج وقد نزلت به مصيبة فقد الأولاد. عزله عن القضاء ودعوته إليه حمس مرات: استمد معزولاً عن القضاء تحو ثلاث عشرة سئة؛ عَكَفَ فيها عل الدرس والبحثء لا يني عن الدراسة وتنقيح كتبه» حتى دُعيّ إلى القضاء مرة ثانية؛ وقد ساوا فق القضاء رةه الأول» ولكهغول الأننبات الأوق» كوكول ثالث قم غول» ثم رابعة وعزل؛ ثم خامسة» وهي الأخيرة» وكانت سنة وفاته» ولقد ذكر المؤرخون أنه في تؤْليته الأخيرة كان ليّنَاه حتى إِنْ ابن حجر العسقلاني يقول: «أعيد إلى منصبه سنة سبع وثاناثة» فباشر في هذه المرة الأخيرة بلينِ مُفْرطٍ وعَجْرِ وَحَوَر)”". ولا ندري ما الذي جعله يلين بعد السَّدَّة ويَضْعْفٌ بعد العَزّمة» أهي كثرة العَزْله وخصوصاً أنّ بعضه كان في صُورة قبيحة» أم هي الشيخوخة وضعفها؟ لا (1) يقصد بالصّور الظاهرة بأن يستمع إلى البيّنات التي يَصُطنعونها ولو كانت كاذبة» ولا يتحرّى وراء ذلك ويبحث ويُعني ويتعب نفسه. (أبو زهرة). (؟) ارفع الإصر عن قضاة مصر؛ ‏ ورد في «مؤلفات ابن خلدون» للدكتور عبد الرحمن بدوي ص87؟. (أبو زهرة). ابن خلدون 1 نعرف أنَّ ابن خلدون ‏ وهو الذي عاش في التَّدائد واكتوى بنيران الدسائس الخفيّة ‏ يُوثّر فيه العَزّل المتوالي» ولو كان في صورة [قبيحة]» لأنّ ذلك كان يزيد عَرْ مته اشتداداًء وهو العالم الاجتماعيٌ الذي يعلم أن الجهود الى ندل لدفع الشرّ يِبُ أن تكون من القوّة بقدر حِدَّته» وانّساع شيوعه؛ فكلما زاد اجتراما'''» كان على المصلح أن يأخذ له الأهبة» ولذا نحن تُرجّح أنه ضَعْفٌ الشيخوخة وعبءٌ السنين. وإنا نختم كلامنا بأن تُقرّر ما قلنا من قبل» هو أن ابن خلدون إذا لم يكن فقيهاًء فقد كان من أعظم القضاة الذين رآهم تاريخ الإنسانية» فرضي الله عنه وأرضاه. )١(‏ في الأصل المطبوع: احتراماً بالحاء المهملة» والسياق يدل على ما رجحته بالجيم. أي كلما زاد الشر اجتراماً كان على المصلح أن يأخذ له الأهبة والاستعداد لمقاومته. الإمام محمد عبده”" (555--7ه د 5-48 ١15م)‏ ومنهجه في تفسير القرآن الحمد لله الذي أنزل القرآن برهاناً ونوراً مبيناء والصّلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أرسل بشيراً ونذيراً وعلى آله وصحبه وسلم. فهذا كتاب في بيان منهاج الإمام محمد عبده في تفسير القرآن الكريم» وهو باكورة تأليف السيد عبد الله محمود شحاته؛ وقد رأى المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية أن يتولّ طبعه ونشره تشجيعاً لكاتبه» وليكون وراء هذه الباكورة أنضج الثمرات وأينعها وأطيبها إن شاء الله تعالى. نشأة الأستاذ الإمام: وقد ابتدأ الكاتب بذكر حياة الأستاذ الإمام ناشئاً نشأته الأولى في بيت ريفي. لربٌ البيت فيه السلطة المطلقة» وقد بين هنا أثر أبيه» وكيف كان ببابه ويرهبه ويحبه )١(‏ تقديم كتاب: «منهج الإمام محمد عبده في تفسير القرآن»» للدكتور عبد الله شحاته» طبعة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية» ١٠195١م.‏ 4" اعلام وعلماء معأ ثم انتقل بصاحبنا الغلام إلى الجامع الأحمدي. حيث يطلب العلم مشيراً إلى حال المتعلّم والمعلّم فيه» وطريقة الدرسء وهنا تبدو من الغلام أول ثورة نفسيّة ذلك أنه لم يستطع أن يفهم مما يلقى عليه شيئاً. ودفعته هذه الثورة إلى الإعراض» ثم إلى ترك الدرس بعد سنة ونصف. وإذا كان قد زهد في العلم بعد أن رأى ما رأى في السنة والنصفء وبعد استغلاق مسائل العلم عليه» فإِنَّ الله سبحانه وتعالى قد هيّأ له ما يُرَغُبه في علم الإسلام. ذلك أنه قد قهره الأب المرهوب المحبوب على العَؤد إلى طلب العلم» وهم بأن يفرّ هاربآء ولكنه وَجَدَ الملأوى والملاذ عند رجل صوق له بأبيه قرابة خئولة» فقد عرّج عليه في مَهُرّبهء والرجلٌ قد رَاض نفِسَةُ وسَا بهاء وسبقت له تجارب أسفار» وفيه قوّة نفسيّة تؤثّر وتَجُذبٌُ وتُوجٌه فوجد فيه محمد عبده الثائر موجه مؤثُرا فأخذ يقرأ عليه رسائل وكتباً في التَصرّف الخالي من الشوائب» وأخذ هذا ييْت فيه التوِع إلى المثل الإنسانية والدينية العُلياء والتلميذ يتلقّى ما يُلقَى عليه لهي الصَّادي للماء العَذْبٍ الفُرات» وتجاوبت النفسان, والتقى القلبان. سأل التلميذ الشيخ: ما طريقتك؟ فقال: الإسلام. وسأل التلميذ شيخه مرةً أخرى: ما وردك؟ فقال: لا وَرْدَ لي سوى القرآن تقرؤه مع الفهم والتدبّر. فقال: أنّى لي أن أفهم القرآن وم أتعلّم شيئاً؟ فأخذ الشيخ الموجه بيد تلميذه لينقذه من حَيّرته» فقال: أقرأ معك» ويكفيك أن تفهم الجملة. وببركتها يفيض الله عليك التفسير. رذحا عودته إلى الجامع الأحمدي: أخحذ الشاب محمد عبده طريقه» فكان إمامه الإسلام والقرآن وفهمه؛ وعلم أن السبيل إلى ذلك هو تعلّم علوم الإسلام» وعلوم القرآن» فعاد إلى اجامع الأحمدي رَغَباً لا رهبأ نفتحت الرغبة مغاليق عقله ففهم ما تعصّى عليه فهمه من قبل» ونبغ بين الطلبة. انتقاله إلى الأزهر ولقاؤه بالأفغاني: واللجامع الأحمديٌّ كان خبراً صغيراً من النهر الأعظم وهو الأزهرء فتاقتْ نفسٌه لأن ينتقل إليه» فشدّ رحاله إلى القاهرة» وفيها يلتقي بحكيم الشَّرق جمال الدين الأفغاني» فَوَّجَد فيه الهدف الذي يَقصْدهء وَجَدَّ فيه عقلاً مُذْرقاً نافذاًء وإذا كان قد وجد في الشيخ الصُوفٍ توجّهاً سليأً فقد وجد في الشيخ الحكيم فكراً مستقييأً» ونفساً تند وإرادةً قويّةٌ خلاقةٌ» قد تعلُو على كلّ من في الوجود. لتسجد لخالق الوجودء وتفرّده بحقٌّ المعبود. كان جمال الدين يُعلّم الحكمة» ويُوعز بالتفكير الحرء واستقلال الفكر مع غَيْةٍ على الإسلام وأهله» ورغبةٍ في جمع أشتات المسلمين» وعمل على ذلك بإزالة الغمّة عن العقول؛ وإثارة الههيّة للعمل» وقد التقى به مع الشاب محمد صفوةٌ من تُبغاء الأزهر» فبتٌ فيهم نزعته بالتدريس والتوجيه وحُسْن الصّحبة» وما أخرج من مصر إلا بعد أن بَدَت بوادر الثورة. كتابة محمد عبده في الصحف ورئاسته لتحرير «الوقائع»: تبياً للشاب الأزهري أن ينال شهادة العالمية» فأخذ يكتب في الصحفء وقد بدأت العقول تتفبّم» كما تتفتّح أكيام الورد» وتولّ رياسة تحرير «الوقائع»؛ فاتّخذ 4 اعادم وعياء منها منبراً للتوجيه والدعوة إلى المدى وإلى صراط مستقيم؛ وانضمٌ إليه من تلاميذه وصحبه مَنْ عاونوه في رسالته» وقد قبسوا من علم جمال الدين ما قَبّسء وكان لبعضهم في الوطنيّة والعلم مقام مشهود. مشاركته في الثورة السياسية وسجنه ونفيه: كل ذلك وبوادر الثورة السياسية قد ظهرتء فَحَبَّ فيها الإمام محمد عبده ووضعء ولما احتلت مصر بعد خيانة كبير حكامها كان الشيخ ممَّن أصابتهم عقوبتهاء فجن وثفي» ولكنه هنَةٌ لا تمل وعزيمة لا تكلء فالتقى بشيخه وصديقه جمال» وأخذا يعملان على جمع شَمْل المسلمين. وبعد جهود مُضْدِيَةٍ من الرجلين» رأى التلميذ أن أسلم طريق لإيقاظ الأفهام: تعليم المسلمين» ورأى الشيخ الأستاذ مع ذلك ضرورة إيقاظ الهمم» فافترقاء كل يعمل على منهاجه. عودته من منفاه ودروسه الباعثة الموقظة: أخذ يلقي محمد عبده دروسه في الشام» ثم لما عاد من منفاه أخذ يلقي دروسه الباعثة الموقظة بين الأزهريين» وقد عَيّن في مَنْصبٍ من أعلى مناصب القضاء عسى أن يُصرف عن رسالته التي حملهاء وصار وحده الحامل لهاء وخصوصاً بعد وفاة صديقه جمال الدين» ولكنه لم يُضْرّف عنهاء لأنها منْبعنةٌ من قلبه وإيرانه» لا من تكليف حاكم؛ء أو من تعيين في منصبء ورسالته هي التعليم» فأنشأ الجمعية الخيرية الإسلامية للتعليم؛ وعقد الندوات العلمية»؛ وألقى الدروس. دروسه في تفسير القرآن: وكان الدرس الذي يمكنه من أداء رسالته العلمية هو تفسير القرآن» فهو معجزة الإسلام» وفيه شريعته» وهو حبل الله الذي يعتصم به المسلمون؛ وهو برهان الله هذكظ2 ص 0ت ونوره المبين» ## يَهَدى د الله مَري أمَّمَمَ رِضْوَائة سْبْلَ السَّلَلِ ود يُخْرِجِهُم من فتكت نكس | بترو رفوه دويق مويل 1 15]. اتجاهه في تفسير القرآن: لقد وجّهه شيخه الصّوفٍ إلى القرآن وتدبره. وأسلم منهاجه لتفسيره» وهو فهم مله ثم التوجّه من بعد ذلك بصفاءِ زة نفس إلى معانيه السامية» فإنه لا بد من أن تسمو نفس طالب علم القرآن» حتى يعْلُو إلى إدراك سَموهء وإنك لترى الإمام محمد عبده يتّجه في تفسيره اتّجاهاً لم يسلكه أحد من المفسّرينء فإن المفسّرين من قبله كانوا إما أن يعتمدوا على الأثر» وإما أن يعتمدوا على ما تُؤدّيه الألفاظ من معان؛ وما يشتمل عليه القرآن في ألفاظه وجمله وأساليبه من بلاغة» وقليلٌ منهم من كان يغوص في تلبّر هذه المعاني» وإذا كانت معاني الألفاظ هي مفاتيح المعاني كما قال الإمام الغزالي» فوراءها آفاق للتديّر والتأمّلء وقد حاول الإمام بالتزامه منهاج التدبّر في المعاني أن يوجّه أذهان تلاميذه إلى أسرار المعاني القرانية. وإنك تقرأ ما نقل من تفسيره» وأحسب أن النقل كان مقرّباً لما قاله الإمام وليس مُحققاً لكل ما قال» ولا مُصوّراً لكل ما أراد ‏ فتجد المحاولة الجديّة لمعرفة ما في آيات القرآن من مَرَامِ وغايات» وتقرأ تفسير آيات كتبها بقلمه كتفسير قوله تعالى: لعن اس ورد [البقرة: 1117 فتجد فيها المحاولة بِيَّةٌ رائعةٌ عظيمة. تنقية الإسلام وتفسير القرآن من الشوائب: والإمام في تفسيره كان حريصاً على تنقية الإسلام وتفسير القرآن من الشوائب» فإنَ طائفة كبيرة من الإسرائيليات دخلت تفسير القرآن» فكان من عمل الإمام في درسه أن أزال هذه الغواشي فيا نشرء لتبدو صفحة القرآن مُتألَّة ونورها مُبيناً. أعلام وعلماء وَإِنَّ تلك الغواشي كانت كثيفة إلى درجة أن وقع بعض كبار المفسّرين في أغلاط بسببهاء وإذا كان العايثون بالديانات السماوية قد حرّفوا الكلم عن مواضعه في بعضهاء فإنهم قد عَجَوا عن ذلك في القرآن» لأنَّ الله حفظه؛ ولأنه بأسلوبه فوق تحريف المُحرّفِين وأيّ كلام يلحق به يبدو بادي الرأي مميّرأ ولم يحاول أحد ذلك لعجزه ابتداء» وقد حُفظ متواتراً في الصّدور لا في السّطورء فلا سبيل لمحرّف أن يصل إليه» ولكن أولئك جاؤوه من تلك الإسرائيليات ليشؤّهوا جماله. ولكن كان في كل عصر من أئمة الحق مَنْ يرد زيفهم» وكان آخرهم الأستاذ الإمام. لباب المعاني: ولقد كان الإمام يقرأ ما يقرأ حتى أنه كان يقرأ نحو حمسة وعشرين تفسيراًء ما بين مطبوع ومخطوط؛ ولكنه يستعين بمجموعهاء ليصل إلى لباب المعنى» لا لينقل ما فيهاء أو يتيه فيا يقرأ. وكان يتَّحْذ من منبر القرآن طريقاً لبيان البدع والأوهام؛ وما فرّق أمرّ المسلمين بعد الاجتماع» ويُوضّح الفرقة الفكريّة والسبيل إلى تلافيها على مائدة القرآن» والأخذ من ورْدِهِ الصَّفَيّ وعلمه التقىّ. أن رشيد رضا بشيخه: ولقد تكوّنت مدرسة من العلاء وامثقّفِين تطلب علم الإمام وترويه وتنشره» ومن أقوى [تلاميذ] هذه المدرسة تأثراً بالإمام السيدٌ رشيد رضاء رحمه الله وعفا عنه» لول وارهة ونال علكه ينا نحن النرح ( تسم إن الإماه .زان اتسنا إن كانه المخلصين له. ينض ولا شك أنَّ السيد رشيد الذي سار في تفسير الإمام بعد أن قبضه الله تعالى إليه قد حاول حكاية طريقة الشيخ ولكن طريقة الإمام كانت طاقة نفسيّة» وليست منهاجاً فقطء ولذلك لا نجد في الأجزاء التي أتكّها السيد التََّلْغْل الذي كنا نراه في المتقول عن الإمام. مزايا تفسير المنار عن تفسير شيخه محمد عبله: ولكن تفسير المنار قد اشتمل على أمرين لم يكونا في تفسير الإمام: أوها: العناية بدعم التفسير بالمأثور عن لني كه وذلك بلا رَيْبٍ خيرٌ كله. وثانيهها: النقل الكثير من المفسّرِين» وإِنَّ السبب في ذلك أنَّ الإمام كان يلقي فريس كان تلق با غدل وى عظلة:وقك عا قرا وتان وتديّزي القرآنهبولان كل هنةً نفيِهٍ كانت مُنَّجِهةٌ إلى لباب القرآن. وقد نبّهِ السيد رشيد إلى بعض أخطاء للإمام في أدب ووفاء» ولكن ذلك لا يُعليه إلى مرتبته: ولا يُنزل الإمام إلى طبقته» فالناس منازل في العلم» وحسب إمام الجيل أنه فتح عين الطريق» فاستقى منها كل وارد وكان أشدَ الناس [استقاءً] منها تلميذه وصفيه السيد رشيدء ولكلّ مقام معلوم'". وقد خاض السيد الكاتب تَحَوْضاً شديداً نوافقه في بعضه وتُخالفه في بعضه؛ ولكنا في الموافقة والمخالفة تُقدِّر اجتهاده؛ وهو فيه مِجْرَيٌ من الله تعالى. والله ول التوفيق. ليتعرّف عل المآخذ التي أخذت على هذه المدرسة. 4 أعلام وعاماء أحمد تيمور (/؟١١858-1اه)‏ ورسالته «نظرة تاريخية فى حدوث المذاهب الفقهيّة)” عالمان عظيان: أحمد تيمور وأحمد زكي: كنا تَشْدُو في طلب العلم» وعالمان عظيمان يتردّد اسماهما في مجالس العلم؛ وأحدهما: لا نكاد نلقاه» وهو «أحمد تيمور»» وثانيهما: نلقاه في التّدوات» وفي المجلات وفي الضّحفء وهو المرحوم العلامة الأحمد زكي». ولقد كنا ونحن في دروس التّاريخ في مدرسة القضاء الشرعيء إذا عرّ علينا العلم باسم تاريخي» وشاركنا أستاذنا المحقّق في ذلك» اقترحنا أن نرسل إلى «أحمد زكى» عن طريق الصحافة سؤالآء فيُعاجلنا بالجواب كأنه مهيأ حاضرء يستعد له كا يستعد اندي للقتال إذا دعا دّاعيه. وأما «أحمد تيمور» فإنه كان قد ارتضى عندما شَّدَّوْنا في طلب العلم ألا يكون إلّا في النّدوات الخاصّة التى لا يحضرها إلا عِلْيةٌ العلماء» ولا يحضرها الطلبة وإن )١(‏ مقدّمة للأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة لرسالة الأستاذ أحمد تيمور رحمها الله تعالى» بعنوان: «دراسة تحليلية في تاريخ الفقه الإسلامي»؛ اقتصرت فيها على ذكرياته عن ذلك العالم الجليل» وكلمته عن رسالته: «نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة وانتشارها عند جمهور المسلمين) ص؟ 55-7. أحد تيمور 1 كانوا شادين - فقد ظهر اسمه بين أوساطنا يتردّدُ بالإكبار والتقدير» فتَذْكَر مكتبته وما حَوَتْء وتّذْكّر إسلاميّاته» وتذكّر علاقاته بالعلاء» ومُدارَّسَاته معهم» وانصرافه للعلم الإسلامي, وجَمْع كل آثاره التي تناوها بيده» سواء أكانت مخطوطة أم كانت مطبوعة؛ وتركٌه المناصب العُلياء ليتفرّغ لعلم الإسلام؛ وإحياء مآثر علومه؛ ونشرها بين الناس في مُدْأة العام واطْمئنان المتثيّت. دراسته على أكابر العلماء: ولقد ابتدأ يكمّل نفسه بالدراسة على أكابر العلماء أمثال العالم المتفكّر الزاهد الشيخ حسن الطويل؛ إذ جعل مزرعته مُسْتراضاً للشيخ يستجمٌ كل أسبوع؛ ويسْتذكران المُغْلّقات مما يتعسّر على الأستاذ تيمور الوصول إلى دقيق معناه من مُعْضلات «المنطق» و«الأصول» والأدلة ما بين عقلية ونقلية. ثم اتصاله بالأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده» فجعل داره مُلتقىّ لتلاميذه؛ وما كان الإمام يضنٌ عليهم بدرس من دروسه التي أشعل بها نور الحق في الأزهر وبين طلابه» وأراهم بها الحياة» وقال لهم فيها كلمته المشهورة: : #العلمٌ ما علَّمكٌ مَنْ أنت مِمَّن مَعَك). كانت حياة أحمد تيمور نوراً يضيء» وَقَيْضاً غير هادر يفيض» يعرفه ناس من أهل العلم ويعشون إليه» ولكن ما كان يأنس به إلا الخاصّة. وفاة أحمد تيمور: استمرّت تلك الحياة الحادثة دائبة في دراسة كنوز الإسلام» واستخراجهاء غير وانية» ولكن في غير ضَجّة» حتى انطفأ ذلك المصباح المنير في مطلع صيف سئة 1912١‏ » فكانت رنّة النّاعي مُعَرّفة للناس مكانةً مَنْ فقدوا من رجالات الإسلام. لذبل و أعلام وعلاء كنت أجلس مع بضعة من شيوخنا الأمجاد الذين كانوا يصَادِقونه ويذاكرونه» وقد تعوّدت أن أقبسّ من مجالسهم. وآنّسَ بأخبارهم, وكان لهم في كل يوم ندوة من الأحاديث المُطْلّقة التي يجمعها العلم ولا تضيق بموضوع مُعِيّنه بل إنها سمَرٌ أدبي ودينيٌ يجمع بين فكاهات أدييّة» وبيان حقائق إسلاميّة وردودٍ على ما يجري على أقلام بعض الكتاب من انحراف في القول. ولكن في مساء اليوم الذي شيعت فيه جنازة العالم أحمد تيمور صار هو موضوع تلك الندوة المباركة» ومن بينهم مَنْ كان يجاوره. ومنهم من كان يَصُطفيه ويسْتفتيه» ومكثنا على ذلك أكثر من ثلاث ليال سَوِيَاً لا حديتٌ لنا إِلّا عن تيمور وكنا نعود إليه المَيْنة بعد القَينة» لأنه لا ينسَى. كتاباته عن أعلام عصره: وكانت تُنشر له مقالاثٌ مُسَلْسلة عن أعلام عصره في إحدى المجلات الأدبية: فكنت ألمح صِدْقٌ القصصء ودقّة الخبر» وأنّصال السندء في لفظ بين من السَّهلٍ المنتنع» لا يعلُو على العامّة» ولا يسو عن آذان الخاصّة» ويجد فيه القارئ نوافذ تُطل على آفاق واسعة تكشف عن عصر أولئك الأعلام من غير تَكُلّفَ, في عبارات مقَّرّبة. وكنت ترى في الكتابة تصويراً دقيقاً وواضحاً للعَلّم من الأعلام» من وراء تنقلاته الفكريّة. ولقد أنصف ببهذه الكتابة التي كانت تنشرها المجلات وتسجل في كتب رجال اطع و عصرنا. ومَنْ ذا الذي كان يعرف حياة الإمام حسّونة النواوي الذي سجّل له التاريخ مواقف مملوءة بعزة العلم وكرامته. أحمد تيمور لمكن وما الذي يعرفه الناس عن العالم الذي اعترٌ بالعلم فقط والذي كان يُقُصد من آفاق الأرض لعلمه؛ وهو الإمام حسن الطويل؛ لولا قلم أحمد تيمور. إِنَّ الأفاضل من علمائنا وكبرائنا الذين عَوِلوا بالعلم؛ وبالعلم وحده؛ لا يذْكرِون في أوساط الناس كا يَذْكَرٌ غيرهمء وكان من الوفاء للعلم والعلماء أن يُسَجُلهِم مام جليل مثلهم في كدب منشورة. أهمية التعريف بالعلماء المعاصرين: ولكنّ الذين أدركهم تيمور» والتقى بهمء وكان لهم النّصيب الوفير» جاؤوا بعدهم يحتاجون إلى مَنْ يلتفت إليهم في وَسَط ضبّة غيرهم من لم يكن هم عَضْلُهِم؛ وليس لهم في الدين والخُلّق والعلم مآْرُهُم» فهل من مُنْصفٍ مُق ينصفهم» كا أنصف أسلاقهم من الأكرمين أحمدٌ تيمور رحمه الله تعالى؟! إِنَّ تاريخ علمائنا الذين انّصلتْ حياتنا بحياتهم؛ ونهلنا من معارفهم؛ وقدَّموا لنا أ سال الفكر سائغة نقيّة سليمة» لم ير فيها رَيْبِء ولم يخالطها انحراف» إنهم في ذمّة التاريخ» والتَعريفٌ بهم في أعناقنا. كتابات أحمد تيمور: تَنّسم كتابة تيمور بئات ثلاث لعلَّه قد اختصٌ بها في عصرنا: السّمّة الأولى: الدقّة» وكأنَ اللفظ فيها قد وضع على قدر المعنى» نسق عليها تنسيقاً حِيكٌ عليهاء بحيث لا يمكن أن ينّسع لسواهاء ولو أردت أن تضعَ كلمةٌ مكان أخرى لكان ذلك عسيراً مع السهولة والوضوح وقُرب المعنى بلا تعقيدٍ ولا إعضالء بل إنك تجد الكلام سهلاً مِيسّراً على طرف ا .0 أعلام وعلماء السّمة الثانية: الإيجاز من غير إخخلال» تقرأً الكلام» فتحسٌ بأنه ما ترك مما تصدَّى له أقلّ جزء من المحنى» وذلك من غير إبهام. وإِنّ هذا النوع من الإيجاز الوافي أصعب من الإطناب تُكتب فيه المعاني عند ورودها #أكلة:وكل) حادعل القاط بطر عل القرطاسن» من عن مسقل لأن تكون الألفاظ أوسع من المعاني أو لابسة لباسها لا تسع غيرهاء أما الإيجاز غير المّخْلٌء فإنَ المعنى يجمع» وسُبْحث له عن أقلّ لفظ يلبسه من غير إسراف في الثياب» ولاتتتلكل ها وتعجبني في هذا المقام كلمة للمغفور له سعد زغلول في خطاب أرسله إلى صديق له وكان فيه إطناب: «أعذرني في هذا الإطناب فإنّه ليس عندي وقت للإيجاز). السَّمّة الثالثة: مال العبارات جمالاً هادئاً ربا لا يكون له بريق» ولكنه جمال يلتقي فيه جمال اللفظ مع جلال الحقائق» فلا يدري القارئ أهو مُعْجَبٌ بالمعنى وحده أم بها مع كسائها غير البرّاق» وإن كان متناسقاً منسجاً. إنشاء دبلوم للشريعة بالدراسات العليا في كلية الحقوق: في شهر أكتوبر سنة 5 2194 أنشكت بكلية الحقوق بجامعة القاهرة دبلوم للشريعة باللاراناة العالية لآن تفافية العزمية الدع ور حهاء زه إن لاي هده الدراسات اتَّهوا إلى الشريعة يكتبون رسائلهم فيهاء ومنهم [من] كان يتعسّر عليه فهم مصادرهاء وفتح مغاليقهاء فكان لا بدَّ من دراسةٍ تُوجَهُهِم وتّهِيّى لهم السّبل لذلك؛ ولأن الأنظار انمهت إلى كلية الحقوق بالقاهرة لتنهل من عَذْمِها في الشريعة: ولأنه وَجَبَ أن تقرّبٌ دراسة الشريعة بتعمّق لطلاب القانون» ليستقيموا على منهاجهاء أمد تيمور حكن دلأنه وَجَبَ أن يتَصل حاضرها باضيها بدراسة المجتهدين» وليرى فيها الطلاب نور الشّرق ومن انبثق منه» فكانت دبلوم الشريعة موثل الطلاب والباحئين. وضع مناهج الدراسات العليا: ع 8 0-4 وقد أَلّمْتْ عند وضع مناهجها لحنةٌ من كبار رجال القانون وأساتذة الشريعة بالكلية» وعلى رأسهم أستاذنا المرحوم أحمد إبراهيم؛ ومن المصادفات الطيّبة أنه كان من أصدقاء أحمد تيمور» ومن عليماء الشَّرق الأخيار. وكان من المنهج الذي وَضع دراسئّه أحدّ المجتهدين» بحيث يدرس كل عام إمام من الأئمة أصحاب المذاهمب المشهورة 2 الأمصار وأصوهم التي ون ناحية فكرية من نواحى الفقه الإسلامى» من غير ابتعاد عن مصادره. وإن اختلفت الأنظار حوهاء كل يقطف منها ويمتصء ثم يخرج من بعد ثاراً مختلفاً ألوانبا» وإن اتحد في الجملة مذاقهاء لأن الينبوع واحدء والتربة خضبة» والبذر متشابه وأكُله مريء غير وبيء. الكتابة في تراجم الأئمة المجتهدين: ولقد عهد إِلّ دراسة مادة أحد المجتهدين» وستٌ فيها في طريق سويّ أو أحسبه كذلك» وكنت أجد للتاريخ مصادره مستوفاة وإن كنت أحياناً أجده ركاماً قد اختلط فيه الجوهر بالحجرء فكان الانتقاء ليس يسيراً سهلاًء والأصول لما بواطنها. البحث عن البلاد التى انتشرت فيها المذاهب الفقهية: ولكن أمراً أعياني البحث فيه» وهو البلاد التى حل فيها المذهب من المذاهب بقدر كبير أو قدر قليل» وذلك واجب لتعرّف مواطنه وأراضيه التى أخذ أغرافها 7 أعلام وعلماء واتّجاهاتها في الأمور التى لا نصّ فيهاء ولأنَّ معرفة ذلك من معرفة أحوال المسلمين» وهو واجبٌ على كل مسلم يشتغل بالدراسات الإسلامية» ولقد ورد في الآثار عن . اطللت. نس 58 و٠سىة‏ عي 2 ان 00( النبي كَلِِ: «مَنْ لْمْ يتم بالمسلمين فلس منهم» '. كتاب «المذاهب الفقهية الأربعة» للعلامة أحمد تيمور: ولكنى وأنا أبحث في المكاتئب» وأتبه إلى صغير الأحجام من الكتب - دون الضخم كثير الأوراق ‏ وجدتٌ طلبتي في كتاب «المذاهب الفقهيّة الأربعة)» وفي غيره من كتب التراجم. فتحققت فيها الغاية» وسَهّل علّ ما صَعُبء وقَرب مابَعُد فأخذته. ومن الحقٌّ عل أن أقول: إِنْ كثيراً مما في كتب المذاهب الأربعة التي هداني الله تعالى إلى كتابتهاء كثيئ نما فيها لكتاب الأستاذ أحمد تيمور حظ فيه موفور» فأخذتٌ منه مع غيره الكثير. وني هذا الكتاب الصغير في حجمه. الكبير فيه| اشتمل عليه» وجدث ما يُعتمد عليه؛ وما يُطْمَأن إليه لأنّه يُرجع الكلامَ إلى مصادره وال حقائقٌ إلى ينابيعها من غير تفريط» شأن العالم الثبّت المُتَقّبٍ عن الحقائق خفيّها وجَلِيّها. )١(‏ أخرجه الطبراني في «الأوسط» (41/7/)» من حديث حذيفة بن اليهان رضي الله عنه. وإسناده ضعيف. وأخرجه أبو نُعيم في «الحلية» : 48» والبيهقي في «اشعب الإيران» )1١885(‏ من حديث أنس بلفظ: «من أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم». وإسناده ضعيف جداً. وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» )17١(‏ من حديث أب ذر بلفظ: «من أصبح وهمه في الدنيا فليس من الله في شيء» ومن لم يبتم بأمر المسلمين فليس منهم». وذكره الحيثمي في «المجمع» ل ورور وقال: «فيه يزيد بن ربيعة الرحبي» وهو متروك». وأخرجه الحاكم في «المستدرك» 4: ١7لا‏ من حديث ابن مسعود. وقال الذهبى في «تلخيصه»: إسحاق ومقاتل ليسا بثقتين ولا صادكين. أحمد تيمور و.م والكتابٌ يبتدئ بِمُقدَّمةٍ مُوججزة في تاريخ الفقه الإسلامي وينابيعه» حتى يصل إلى أكبر الأئمة الأربعة وهو أبو حنيفة» فيذكر موطنه الذي ولد فيه وعاش» وتلاميذه الذين تلّقوا عليه» ويذكر البلاد التي شاع فيها مذهبه وإيثار أصحابه بالقضاء, ويَتَتَبّع البلاد التي انتشر فيها بلداً بلدأه يسترسل اسْترسالاً نُحى] دقيقاً في بيان ما يجري بين هذا المذهب وغيره من المذاهب من منافسة» ويخصٌ مصرٌ ببيان مقام المذهب مع المذاهب الأربعة؛ ويَتَتَبَّعه في المواطن التي انتشر فيهاء مُتقضّياً حتَّى يصل إلى البلاد الني يقلٌ فبها ويستعصي عليه أن يعرف مقدار نسبته فيها ومبداً وجوده؛ فيقول رحمه الله: انتشار المذهب الحنفي: «أما بدء دخول المذهب الحنفي في سائر البلاد» فغاية ما وقفنا عليه من انتشاره في القرن الرابع ما ذكر المقدسيّ في «أحسن التّقاسيم»؛ في كلامه في كل إقليم؛ ومن يُعْلم أنه كان الغالب على أهل صنعاء وصّعْدة باليمن» والغالب على فقهاء العراق وقضّائهء وكان منتشراً بالشام؛ تكاد لا تخلو قصبة أو بلد من حنفيّ. وربما كان القضاة منهم إلا أنَّ أكثر العمل فيها كان على المذهب الفاطمي في زمنه أي كما كان في مصر في عهد الفاطمين. ويسترسل في بيان أماكن المذاهب ما كان فيها شائعاً وما كان فيها من غير شيوع. انتشار مذهب مالك: ثم يتّجه من بعد إلى مذهب مالكء ويُسمّيه مذهب «أهل الحديث» فيبّن موطنه الأصيل» وهو المدينة؛ ثم ظهوره ببغداد» وضعفه في القرن الرابع ال هجري. كم أعلام وعلماء ثم ظهوره متتشراً في غرب البلاد الإسلامية» وسيطرته وشيوعه في مصر وما والاها من شمال إفريقيّة» حتى يصل إلى الأندلس والجُزر التي تصاقبها من البحر الموسطء ويتتيّم المذهب في الشرق» حيث يدخل «الرّيّ؟؛ وزيارته للهند... إلى آخره. ويتقدّم بالتوضيح للمذهب المالكي في مصرء فيبيّن أول دخوله ومن أدخله ويحمّق في ذلك مقارناً بين النصوص جامعاً بينهاثم يشير إلى الخال في العصر الخاضر - وسيادة المذهب الحنفي في إفريقيّة (تونس». ثمّ غلبة المذهب المالكي عليه. ويُبيّن أنّ أل ما دخل إلى الأندلس من المذاهب الفقهيّة مذهبٌُ «الأوزاعي) وقد غَلَبٍ عليهاء ثم أدخل المذهبَ المالكيّ الأمويّون بالأندلس» وزال مذهب الأوزاعيٌ حول المائتين. يبي أنَّ شيوع المذهب كان بإلزام من أميرها الأموي لأنه أثنى عليه ثناءً طيّا وفضّله على حكّام الحرّم المدني» قال اسلف تتقأل اشاتمال أن ثركن حرمنا بملككم). ويتقصّى شيوع المذهب المالكي لا يغادر بلداً كان فيه إلا ذكره. وهكذا يسير على طريقته في بيان أماكن انتشار المذهبين الشافعي والحنبلٍ من غير تقصير في بيان المواضع» كى! فعل في المذهبين الحنفي والمالكي؛ وقد ضربنا بهها الأمثال. ملاحظات على الكتاب: ويلاحظ في هذا الكتاب القيّم ثلاثة أمور: يه م ا - أضول فقهة: ذاكرا مابتى عليه [راءفة ال أحمد تيمور و عمل فقهيٌّ يُترك للفقهاء يدرسونه. ويُبيّنون مبادئه ونباياته» ويقابلون بينه وبين غيره» ولأنَ تاريخ الأئمة كان قائباً في مناقبهم» وما كان من شأنه أن يُكرّر ما هو مجموع مَبُسوط في إطار واحد. إِنّها كانت عنايته مُنّجهة إلى ما هو منثور غير مجموع: وفي وقت لا نكاد نجد فيه كتاباً مع فيه بين ما هو منثور من أماكن المذاهب وبين ما هو شائمٌ في أرضه. وما هو قليل فيهاء وقد سدّ الأستاذ أحمد تيمور تلك التَّفْرة وملا ذلك الفراغ» وهو في ذلك محمودٌ الصّنيع. الأمر الثاني: إنك لا تجد مذهباً من المذاهب قد استولى استيلاءً كاملاً على بلد من الإلداتة ين كان يز انس داغيرة احياناوتجاووه فى أماكن غكنه الحاناً أخرى» ولذلك تراه قد ذكر المذهب الواحد في عدَّة أقاليم» وذكر غيره أيضاً في هذه الأقاليم» ولكن أحدهما يكون كثيراً في هذا الإقليم» والآخر قليل فيه. الأمر الثالث: الذي يلاحظ في هذا الكتاب المفيد القيّم: كثرة نقوله» وذلك من فَضْل التثّت عند الكاتب الجليل» وهو يتكلّم في حكاية تُقول؛ فكان لا بد أن يكون ذكرها بالنصّ مَقْصُوداً ليأخذ بيد القارئ» ويكون على مَقربة من المصادر الإسلاميّة ولكي يتأكّد من صدق الحكاية» وسلامة النَّقْلء ولكي ينقل علم الأسلاف إلينا ليخاطبوا خيالناء وفي كلام الكثيرين منهم مَشْرق الحكمة. عبقرية التصنيف: وإن عبقرية التّصنيف التي انّسم بها الكتّاب السلفيُون هي في هذا النوع من التأليف المخكم إذ 0 النقول القديمة متناسقة يأخذ بعضها بحجز بعض بحيث لا تجد تنافراً في أجزائهاء ولا تَضَارباً في معانيهاء ولا تجد كلمة تكون نائية 0 الو عن الأخرى غير مُؤتلفة معهاء ولا ناشزة عنهاء بل هي [تامةٌ] ”في طَوعها وانقيادها وسّلاسّتها. وليس ذلك هيّناً يّنأ إِنّْ) هو صنيمٌ لا تقوم به إِلّا يد ماهرة» ومثلّه مثّل عالم الآثار الذي يجيء إلى الجدار المتنائر في بقعة الآثار» وكأنه حجارة منثورة» فيجيء إليها ويجمع متنائرهاء ويؤلّف بينه» ويجعل منه إناء يُمثّل أواني عصره» وقد جمعه من قطع غير متآلفة فجعلها متآلفة. الكتابة العلمية: فليست الكتابة العلمية إنشاءً فيه كمال ألفاظ» أو سَبّكَ عبارات. إِنّها الكتابة العلمية تأليفٌ بين الألفاظ والمعاني» وجمعها من بين المتنائر» ليكون كياناً قائماً بذاته. ولا أحسب أن رأيت كاتبين عظيمين يتشابهان في جودة هذا النوع كالأستاذ أحمد تيمور» وصديقه الفقيه العظيم الأستاذ لأحمد إبراهيم) فقيه عصره. إن بعض الذين يَدْرجُون حول الكتابة وتأليف الكتب يحسبون ذلك عملا صغيراء ويقولون مستهينين: إن أقصى ما يدل عليه الكتاب أنَّ صاحبه عنده مكتبة استطاع أن ينتفع بهاء وقد سمعتها من أستاذ جامعي توفي إلى رحمة الله. وقد وقع الكثيرون في هذا لأثهم حَسِبوا التأليف ضجّة عبارات» وترديد أقوال» وتغيير كلمات؛ وتبديل جمل. )١(‏ كلمة زدناها لتستقيم الجملة. اعلا تيجور ف كثْرةٌ مصادره وتذرة نقوله: إن الأستاذ أحمد تيمور قد جمَع كتابه من أجزاء منثورة في كتب التاريخ العام» ومعاجم البلدان» والتراجم والمناقب» وغير ذلك» وإنك لتجد في الصفحة الواحدة أحياناً نمسة مصادر» وهي لا تزيد على ستة عشر سطراً ولا تقل صفحة عن مصدرين. وإذا كان تَعَارضٌُ بينهاء عَوِلَ على التّوفيق» ولولا أنه يَعْزو قوله دائاً إلى مصدره ما ظننت أنَّ أكثر ما فيها منقولات مُؤتلفة. وقد خاولت إحضاء ها اعتمذغليه من كتن فوجدت اللسية قاريت الماثة. وفي الحق إن أَعظَّمْتٌ المجهوة الذ ي ِل في ذلك الكتاب الصغير الحجم» العظيم الجَدُوىء والذي سَدَّ به فراغاً لم يُسُدٌ ذه أحدٌ من قبله» ولم أجد من بعده مَنْ سَايْره أو سار في طريقه. وَإِنّ الفراغ قائم في المذاهب الأربعة الأخرى» وهي: المذهب الزَّيديّ والإماميّ والظاهريّ والإباضيّ. وقد ذكرنا فيا كتبنا بعضاً من ذلك» ولكن دون ما قام به العالم الجليل رضي الله عنه» وأثابه عن الإسلام خيراًء ومككن الأحلاف من أن يتتفعوا بم| حَلّفء إنه سميعٌ مجيبٌ. لك أعلام وعلماء ذكرى أساتذتي بدار العلوه”" لقد تسابقٌ إلى خاطري... شيوخيّ الذين تلقيْتٌ العلمَ عليهم: أو تنسّمتٌ 2 : 5 2 0 5 5-7 ع نسيمٌ العلم في جوهمء وتغذت روحي بافاويقٍ المعرفة من فيضهم.. تذكرت أشياخي الذين تربوا في دار العلوم» وتذكرتٌ الرعيل الأول من تخرّجوا في ذلك المعهل الجليل... تذكّرثٌ أستادً الأساتذةٍ عاطفاً”" العبقري الذي ل يف فريّةُ في التربية أحدٌ.. )١(‏ هذا عنوان مقترح وضعته لهذه المقالة» وهي جزءٌ من تقديم الشيخ أبي زهرة لكتاب «المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي» للدكتور مصطفى زيد» ص" .١١-‏ (؟) هو المرحوم محمد عاطف بركات باشا. تخرج في دار العلوم عام 1644 م؛ وكان أول فرقته طوال سني دراستهاء مع حداثة سنه بالنسبة لإخوانه؛؟ فقد تخرج فيها وهو لم يتجاوز الحادية والعشرين. وكان مع هذه السن عميد إخوانه» لا في العلم فقط» بل في كل ما يتصل بشؤوءهم ما يخصهم كطلبة مبذا المعهد العظيم. وقد رمق نبوغه المغفور له علي مبارك باشاء فكان حريصاً على إدنائه منه. وكثيراً ما كان يزور المدرسة فيسأل عنه؛ لأن أقصى ما كان يتمناه أن يكون ناظر دار العلوم التي أنشأها من بين طلبتها؛ ليتولى حمايتهاء فوقعت فراسته على عاطف. وقد صدّق القدر هذه الفراسة فكان ما توقّعه منه» ولكن في مدرسة القضاء الشرعي التي تخرجت على أبناء دار العلوم. أرسل فور تخرجه إلى إنجلتراء فكان أول مبعوث لدار العلوم يعود وهو يحمل شهادة علمية من أورويا. وقد وكل إليه إصلاح التعليم الأولي في عام '7٠194م؛‏ فقام بمهمته خخير قيام» وحمى التعليم الأولي ما أراده به ديكتاتور المعارف حينذاك «مستر دنلوب»؛ فقد كان يشتد في معارضة «دنلوب» وهو يعمل استقالته بين يديه» فيضطر «دنلوب» دائمأ إلى التراجع أمامه... - ذكرى أساتذتي في دار العلوم أإم تذكرت فيه ذلك العقل الحرّ المتطلع» والرّوحَ المشرق» والنفسٌ الفيّاضة» والقلب الكبير» واهمّةَ العالية» والإرادةً الحازمة» والخُلقٌ القويّ» والمَيْعَ العلمي. 0 و 6ن 7 م ١‏ . سس ه 3 86 3 - # وتذكرت الأستاذ عبد الحكيم بنَّ محمد'" في سَمْتِهِ وتّقاه وشخصيّتِه القوية» تاذ عقله» وقوة ذكائه. - وعندما نقل مفتشاً للغة العربية ‏ وكان هو المفتش الثاني» والمفتش الأول هو المرحوم الشيخ عر اك الح كاد عرلفه ل الفتيكن عل ساون اللغه العريوة كموق بناوج بالادم الأولي» فوقف حاميا للغة العربية ضِدٌ الاستععار الإنجليزي الذي كان يمثله «دنلوب»» واستمر يناضل حتى تولى وزارة المعارف المغفور له سعد زغلول باشاء فتولى سعد القبغص على ناصية دنلوب بيديه القويتين» ونحّاه جانباً. وكان قد أنشأ مدرسة القضاء الشرعي لينشر تعاليم أستاذه الشيخ محمد عبده» فلم يجد من يحمي هذه التعاليم كعاطفء فاختاره ناظراً لماء فكان القوي الأمين؛ إذ أحسن اختيار مدرسيهاء وساس طلبتها سياسة حكيمة» ينفث فيهم من روحه الاعتزاز بالنفس والكرامة» والاستقلال في الفكر والرأي» والتخلق بالأخلاق الكريمة» وحب الاطلاع» والرغبة الصادقة في تحصيل العلوم على اختلاف أنواعها. واختصٌ رحمه الله بدرس علم الأخلاق» فابتدع في المادة والأسلوب. ولا ثارت مصر ثورتها الكبرى ثار مع الثائرين» وضحَّى بمنصبه في مدرسة القضاء الشرعي؛ ونال وسام الجهاد إذ نفي إلى سيشل مع سعد وأصحابه الأكرمين. فلما فك عقال سعد فك معه عقاله. ولما تولى سعد وزارة الشعب كان مما اتجه إليه في الإصلاح أن يسند إلى عاطف وكالة وزارة المعارف» وهنا ترك السياسة ليعود للعلم مرة ثانية» ثم ل يلبث أن توفاه الله بعد ستة أشهر في جهادء كا يتوفى الشهداء. وكان ذلك في "٠‏ من يوليو سنة 194754١م.‏ [وانظر: تقويم دار العلوم ص19/5؟0/8-1؟]. )١(‏ تخرج رحمه الله في دار العلوم عام ١184م؛‏ وكان أولّ فرقته» ومن زملائه فيها الأستاذان الجليلان الشيخ محمد سلامة» والشيخ محمد زيد الإبياني. وقد استمر إلى سنة 1105م يدرس بالمدارس الثانوية» ثم انتقل إلى مدرسة الحقوق حوالي سنة /1951م؛ وألقى دروس الشريعة الإسلامية فيها. وممن درسوا عليه الأستاذ الدكتور محمد كامل مرسي مدير جامعة القاهرة» - 1 اعلا وعلياء تذكّ تُ الأستادً الخُمّر ”2 الذى كان يَنْساتُ العلمٌ على لسانه فى صَوْتَ و ىٍِ . 1 ل صو كأنّه الموسيقى» وعلى قَلَّم يْضيءٌ النورٌ للحقائق كأنّه المضْباحٌ المجُلو.. تذكرتٌ فيه الفقيه» وتذكّرتُ فيه المؤرّحَ الذي ل يُسْبَنْ في عصره. ولم يلحقة أحدّ من بعده. 35 وإنه ليذكره بأطيب الثناء. وفي عام 1608م انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي» فكان من بناتها الأولين... ومع أنه كان على خلاف دائم مع الأستاذ عاطف بركات باشا ‏ فإن عاطفاً كان يقدره كل التقدير» وكان هو من جانبه يقدّر ذكاء عاطف وعبقريته. وقد كان ذا شخصية بارزة قوية مؤثّرة» أوتي قدرة على الجدل والإقناع قلّ أن توجد في كثيرين. وكان يجيد العلوم العربية إجادته للفقه الإسلامي» حتى إن عاطفاً كان حريصاً على أن يعطيه مع دروس الفقه دروساً في اللغة العربية. وقد توفي رضي الله عنه في آخر سنة 1917م (-1177437١ه).‏ (1) هو المرحوم الشيخ محمد الخضري بكء ابن الشيخ عفيفي الباجوري. وقد لقب بالخضري نسبة إلى شيخ أبيه الروحي الذي كان يجله ويقدسه. التحق بدار العلوم عام ١189م؛‏ وتخرج فيها عام 06م ثم أمضى في التدريس ثلاثاً وعشرين سنة من بينها ثلاث سنوات في كلية غوردون بالسودان [كلية الخرطوم الجامعية الآن]. وثلاث عشرة سنة بمدرسة القضاء الشرعي. وفي هذه المدرسة تلت عبقريته العلمية في الدرس والكتابة والإلقاء؛ نقد كان محاضراً مثالياً يسترسل في القول اسُْترسالآًء وقد أخذت المعلومات بعضها بحجز بعضء وتنساب نبرات صوته في النفوس انسياب الثّمير العَذْبِء وكان اطّلاعه غزيراً لا مثيل له. وكان يدرس الفقه وأصوله وتاريخه» وهو أول من قسم تاريخ الفقه ذلك التقسيم العلمي. وبجوار دروسه في مدرسة القضاء الشرعي كان يلقي دروساً في التاريخ الإسلامي بكلية الآداب؛ في الجامعة المصرية القديمة. فكتب في تاريخ النبي كيك والخلفاء الراشدين؛ والدولة الأموية» والدولة العياسية. وما زالت كتاباته إلى الآن مثالاً يحتذى... ولقد نقل إلى التفتيش بعد ذلكء فكان بين المفتشين نسيج وحده؛ إذ لم يكن بالنسبة للمدرسين المترضّد المترقّبٍ الذي يعد المفوات» بل كان الموجّه المرشد الذي يفيض بعلمه على من يمر به من المدرسين. وقد استمر كذلك إلى أن توفي رحمه الله في مايو عام /1971. [وانظر: تقويم دار العلوم ص55؟755-1]. ته وتذَكَّرتُ فيه الأديب الوايسع الأفق» الذي التقى في كتابته إشراقٌ الدّيبا الفقيه وإحاطة المؤرّخ» فكان في عصره نسييجٌ وحده. مح مد دمع تددر تَ الأستاذً المهدي”", وإعجابَةٌ بالأدب العربي» وحْسْنَ اخحتيار ه ولْطفَ حِسّه ودقة ذوقه» وأسلوبّ المُسَلْسَلَ كالثَمير العَذْبِء وموازناته الأدبية المصورة للخطباء» وهم يتدقّقَونَ على المنابر تدفّقٌّ السيل في مُنْحدرٍ الوادي.. وللشعراء وهم يصفون حَلّجاتٍ النفوس» وحركاتٍ القلوب, في موسيقى تيز النفس» وتوقظً الحس. )١(‏ هو المرحوم محمد المهدي بك. من قبيلة زوغو الألبانية» تخرج في دار العلوم عام ؟189م؛ واتصل بالأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده؛ وأخلص له فتأثر بأفكاره وتعاليمه. وقد عني منذ تولي التدريس يبت روح النقد بين تلاميذه ومريديه» وكان له ما يشبه أن يكون مدرسة خاصّة؛ يأوي إليها ليستمع إليه محبو النقد الصحيح للقلم وللسان؛ فقد كان ينقد الكتابات المختلفة» وينقد الخطابة. وذكر رحمه الله أنه كان ممن يرتاد مدرسته هذه الزعيم الشاب مصطفى كامل» وقد كان يومئذ يبدأ حياته المخنطابية والسياسية. عمل رحمه الله مفتشاً للغة العربية في وزارة المعارف» ثم نقل إلى دار العلوم عام 4 1956م ثم اختاره عاطف بركات عام 1401م لمدرسة القضاء. وكان عاطف رضي الله عنه حريصاً على ألا تتخرج فرقه من مدرسة القضاء ء الشرعي إلا وقد مرت على الشيخ المهدي في دروس الأدب العربي والتقد؛ فقد كان له ذوق جميل للأساليب العربية والشعر العربي» وكان يبت ذلك بين تلاميذه. كما كان يبت في نفوسهم جميعاً روح الحرية والاستقلال. وكتاباته مترسّلة من السهل الممتنع» فيها جممال وحلاوة وسهولة. وني الفترة التي أمضاها مدرساً بمدرسة القضاء الشرعي كان يتولى التدريس بالجامعة المصرية القديمة أيضاًء وقد تخرج على يديه فيها الأستاذ الدكتور طه حسين. وقد كان رحمه الله ورعاء كريء جواداء حسن المندام» مهيب الطلعة» يؤثر سكنى الضواحي» ويلتزم العربية الفصحى في كلامه كله. توفي بالسكتة القلبية في ١7‏ يناير عام 5 197١م.‏ [وانظر: تقويم دار العلوم أيضاً من 11/1-/70], ام أعلام وعلماء 0 تُ بحر العلم الذي لا تُكدرُهُ الدلاء» الأستاذٌ أحمدّ إبراهيه”". تذكّرتٌ فقَهّهُ الدقين» وتفكيرَةٌ ليد َأفقَهُ الواسع» ودراساته الفقهية المقارنةٍ المقَربةٍ للبعيد» وَالمُؤْنِسَةٍ للغريب» التي تَقْتصٌ أوابدَ الفقه فتتجعلّها دللا قريبةٌ مألوفة بين مكشوفة. ولقد كان رضي الله عنة أوَّلَ مَن خرجٌ بالفقه عن نطاقٍ الفقهاءِ الأربعة: فدرسٌ مع مذاهبهم مذاهب الشّيِعةٍ الإمامية» والزيدية؛ والإباضية» والظاهرية: )١(‏ ولد رحمه الله في يناير من سنة 1174م في حي الباطنية بجوار الأزهر» وتعلّم بمدرسة العقّادِين وبالأزهر الشريفء وفي دار العلوم حيث تخرج فيها عام /1691م» وكان الأول في تخرجه» ومن بين من كانوا معه في هذه الفرقة: المرحوم الشيخ عبد العزيز جاويشء والشيخ عبد الوهاب النجار» والشيخ حسن منصور» وقد عَيّن فور تخرجه مساعد مدرس بدار العلوم» ثم تون التدريس ببعض المدارسء ثم درس اللغة العربية بالمدرسة السنية. وفي سنة 1905م نقل مساعد مدرس للشريعة الإسلامية بمدرسة الحقوق الخديوية» ثم اختير لمدرسة القضاء الشرعي في أول إنشائها عام 901١م‏ فكان من بناتها الأوّلين. وقد أمضى فيها 11 سئة تفرغ فيها لدراسة الفقه الإسلامي. وفي نوفمير 1974م نقل إلى مدرسة الحقوق مدرساً للشريعة الإسلامية» ثم رُفْيَ أستاذاً مساعداً فأستاذاً لكرمي الشريعة الإسلامية سنة 1870م» وانتخب وكيلاً لكلية الحقوق سنة ١947‏ م. ومع أنه أحيل إلى المعاش سنة 1475م فقّد بقي يدرس لطلبة الدكتوراه حتى لقي ربه سنة 1945م (-18554ه). وقد كان رحمه الله عضواً في مجمع اللغة العربية» وفي مجمع فؤاد الأول للموسيقى العربية» وفي لجنة الأحوال الشخصية التي صدرت عنها قوانين المواريث والوصية والوقف... كا كان وكيلاً عاماً للشبّان المسلمين» ومندوباً عن جامعة فؤاد الأول في مؤتمر لاهاي للقانون المقارن سنة 7 م. واعتبرته دائرة المعارف الأمريكية للشخصيات العالمية رجلاً عالميأ فنشرت تاريخ حياته» وأسماء مؤلفاته. [ارجع إلى ص14؟ -157 في تقويم دار العلوم؛ وإلى مجلة القانون والاقتصاد: العدد 00 6م ]. وينظر أيضاً ما كتبه أستاذنا العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة عن فقيه العصر ومٌجدّد أسلوب الفقه الإسلامي في مصر الشيخ العلامة أحمد إبراهيم في كتابه #تراجم ستة من فقهاء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر» ص١١١175-1.‏ ذكرى أساتذتي في دار العلوم ملس فكشف بهذو الدراسة عن ينابيع الفقه في مختلفي امجاهاته ونواحيه؛ قَجَْاهُ الله عن الفقهِ الإسلاميٌ خيراً. وتذكّرثٌ المفسّرَ العميقٌ الأستادً الشيت حسن منصور”".. تذكّرتُةُ ِسَمْته الجليل الرائع» وتذكّرتٌ صوئَةُ العميقّ في درسه وعباراته الأنيقة» وألفاظه المنتقاق وأسلوبه الكلاميّ» وتذكّرتٌ إلقاءَهُ الهادئٌ الرتيب.. وتذكّرتٌ حُلقَةُ الدينيٌ» وأدبَة الكعقيق الى خارلاية آذ يكو القراة له خلماءءرلقه كاد رضي الله عله ضتورة للسلفي الصالح في دينه وتقواه. وتذكّرتُ الأستااً عبدَ الومّاب خيرَ الدين”": الأديبّ الفقية المفسَّرَ الذي كان )١(‏ ولد رحمه الله بالإسكندرية سنة ٠1817م؛‏ وتلقى مبادئ العلوم العربية والدينية في مسجد إبراهيم باشا بهاء ثم انتقل إلى الأزهر الشريفء ومكث به مدّة طويلة التحق بعدها بدار العلوم؛ وتخرج فيها سنة 141م. وقد عَيّن مدرّساً مدة» ثم كان رئيساً لقلم النسخ بمحكمة الاستئناف. ثم اختير مدرّساً بمدرسة القضاء الشرعي عَقِبَ إنشائهاء ثمّ وكيلاً لهاء فناظراً لتجهيزية دار العلوم؛ فوكيلاً لدار العلوم العُليا حتى أحيل إلى المعاش عام 197*08م. له مذكرات قيمة غير مطبوعة في التفسير والأدب» وكتاب الدين الإسلامي للمدارس الثانوية بالاشتراك مع زميليه عبد الوهاب خير الدين ومصطفى عناني. وفسر جزء تبارك ولكنه لم يطبعه. وحرّر قسم التفسير والحديث في مجلة الأزهر منذ أنشئت حتى اختاره الله إلى جواره عام ”1917م (-:1"0اه)ء وكان اسمها حينذاك مجلة انور الإسلام». [انظر: ص4 ١5‏ في تقويم دار العلوم]. (؟) تخرج رحمه الله في دار العلوم عام 1844م, ثم كان أستاذاً بمدرسة القضاء الشرعي ودار العلوم» يدرس العلوم الشرعية وخاصة تفسير القرآن الكريم؛ والحديث الشريف. وكان يجمع بين جلال العلم وعلائم الصلاح والتقوى. وقد أحيل إلى المعاش عام 8 197م؛ واشترك في تأليف كتاب «الدين الإسلامي»؛ كا سبق في التعريف بالأستاذ الشيخ حسن منصور. [وانظر: ص7/اه في تقويم دار العلوم]. 8 اعادم وعلاء يذوقٌ الألفاظ والمعانَ بِذَّوْقِهِ البياقٌ المُرْمَفء كا يذُوقُ الطاعمٌ المَطعوماتِ والمشروبات.. وتذكّرتٌ وقارَةٌ وقوةً إيانه بالله وبرسوله وبالحق. تذكّرتٌ حماستة وحرارتهُ في درسه» وصَوْيِه القويّ المتهدّج الذي يَصِلٌ إلى أعماقٍ النفس.. وتذكّرتٌ تلاوئهُ المستمرةً للقرآنٍ كلما أحسّ ا حتن إنة تكد هه أنساء مذكراء عزنا عن الله جل جلالَّهُ بحديئه وكلامه. وتذكّرتٌ الأستاً محمد عفيفي”" في عُمْقَ فقهه. وإصابة نظره» وحسن توجيهه. وذكايه وألمعيته. ا 6 رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم. )١(‏ هو المرحوم الشيخ محمد عفيفي عبد الله. تخرج في دار العلوم عام 5 ١14٠‏ م» وكان أول المتخرجين في فرقته» وهي الفرقة التي تولى امتحانها الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبدهء وقال في التقرير الذي كتبه عن هذا الامتحان: «تموت اللغة العربية في كل مكان وتحيا في دار العلوم». تولى التدريس في المدارس الابتدائية» ثم نُقل إلى مدرسة القضاء الشرعي عام 408١م‏ حيث تولى تدريس الفقه فيهاء وقد كان رحمه الله حريصاً في دراساته الفقهية على رد كل فرع إلى قاعدته. وقد تربّى فيه بذلك ذوق فقهي صادق. حتى إنه كان يتغلغل في فهم الفروع ويربط بينها برباط محكم هو أصل قياسها. ونقل رحمه الله إلى مدرسة المعلمين العليا سنة 974١م‏ فتجهيزية دار العلوم سنة ٠*147م,‏ ومنها تدب لدار العلوم سنة 1974م وثُقل إليها نبائياً في نفس السنة» وبقي أستاذا للشريعة الإسلامية مها حتى توفي رحمه الله في صيف عام 1975م (-8ه117ه). [انظر: ص 58٠‏ في تقويم دار العلوم]. الإنامالكوتري م الإمام الكوثري (95؟١1-1ل/الااه)‏ بقيّة ال لسّلف الصّالح: 4 أت 2 ع110) ٠ه‏ منذ أكثر من عام قَقّدَ الإسلامُ إقاماً من آثية المسلمين الذين علو بأنفسهم عن سَفْسَافٍِ هذه الحياق» واتمهرا إلى العلم اجا المؤمن لعبادة ربه» ذلك بأنه عَلِمَ أن العلم عبادةٌ من العبادات يَطَلّبُ العالمثبه رضا الله لا رضا أَحَدِ سواهء لا يْقِى يَدَعَلُوَاً في الأرض :ولا ماد ولا استطالة بفضل جاه ولا يريدة عاضا من أعراض الدنياء إن) يبغ به تُضْرةً الحنَّ لإرضاء الحنّ جل جلاله. ذلكم هو الإمامُ الكوثريّ» طيّب الله ثراه» ورَضِيَ عنه وأرضاه. لا أعرفٌ أن عالي مات فخَلَا مكانه ني هذه السنين كما خحلا مكان الإمام الكوثريء لأنه بَقِيَةٌ السلفي الصالح الذين لم يجعلوا العلم مُرْئَرّقاً ولا سُلَّاً لغاية: بل كان هو مُنْتَهَّى الغاياتِ عندهم» وأسمن مَطارح أنظارهم» فليس وراء علم الدين غايةٌ يتغيّاها مؤمنٌ» ولا مُرْتََىَ يَصِلٌ إليه عالم. لقد كان رَضَِْ الله عنه عالاً يحم فيه القولُ المأثورٌ: «العلماء وَرَنَةُ الأنبياء»» وما كان يّرى تلك الوراثةٌ شَّرَفاً فقط» لِيفَخِرَ به ويَستطِيلٌ على الناس» إنما كان يَرى )١(‏ توفي بعد عصر يوم الأحد ١4‏ من ذي القعدة ١/17١ه‏ الموافق ١‏ أغسطس ١1487‏ م, رحمه الله تعالى. 1 اعلام وعلياء تلك الوراثةٌ جهاداً في إعلان الإسلام» وبيانٍ حقائقه» وإزالةٍ الأوهام التي تَلِحَقُ جوهرّة فييْدِيه للناس صَافياً مُشْرِقاً منيرء فَعْسُو الناس إلى نُورِه ويبتدون بهديه» وَأن تلك الوراثة تتقامّى العالم أن مجاهِدَ ك) جاهد النبيّون» ويصبر على البأساء والضراء كا صَبَدُواء وأن يَلْقَى العَنّتَ ممن يدعوهم إلى الحق والهداية كي لقواء فلِيسَتْ تلك الوراثةٌ شَرَفاً إلا لمن أََدّ في أسبابهاء وقام بحقّهاء وعَرّف الواجب فيهاء وكذلك كان الإمامٌ الكوثري رَضِيَ الله عنه. المُجَدّد الحقيقيّ: إن ذلك الإمامَّ الجليل لم يكن من المنتحلين لذهب جديد» ولا من الدعاةٍ إلى أمر بَدِيءِ لم يُسْبّق بهه ولم يكن من الذين يَسِمُهم الناسٌ اليومَ بِسِمَةِ التّجديدء بل كان يَنفِرٌ منهم؛ فإنه كان مُتبِعا ولم يكن مُبتَدِعَا ولكنّى مع ذلك أقول: إنه كان من المُجَدَّدين بالمعنى الحقيقيّ لكلمة التجديد, لأنْ التُّجديد ليس هو ما تَعَارَقَهُ الناس اليوم من تلع للرّقةٍ ورد لعهد النبوةٍ الأولى» إنما التُجديد هو أن يعاد إلى الدين رَوْنَقُه وبال عنه ما عَلِقّ به من أوهام, ويِبيّنَ للناس صافياً كجوهره؛ نقِيَاً كأصله؛ وإنه لمن الُّجديد أن تيا السّنَةُ وتَمُوتٌ البدعةٌ» ويقوم بين الناس عَمُودُ الدين. إحياء السنة النبويّة: ذلك هو التَجديدٌ حقاً وصدقء ولقد قام الإمامُ الكوثري بإحياء السنة النبوية» فَكَشَفَ عن المخبوء بين ثنايا التاريخ من كتبهاء وبِيّنَ مناهجٌ رُواتهاء وأعلنَ للناس في رَسَاِئْلَ دَوَّنها وكني مها سْنة النبيّ يِه من أقوالٍ وأفعالٍ وتقريرات. ثم مك غلم عقيوة اناه التنارقة الذي قافا اليد ووعرها كن برعاعيك تقر الإمام الكوثري 0 3 كتبّهم التي دُوٌنَتْ فيها أعاهُم لإحياء السنة. والدّينُ قد أَشْرِيَتُ النفوسٌُ حُبَّهُ والقلوبٌ لم تُرنَق بفساد. والعلاءٌ لم تَشْغَّلهم الدنيا عن الآخرة» ول يكونوا في ركاب الملوك. العالم الحق: لقد كان الإمامٌ الكوثري عالماً حقَّاء عَرّف عِلمَهُ العلماءٌ وقليلٌ منهم من أدرّك جهاده» ولقد عَرَفتّهُ نين قبل أن ألقاهء عَرَفبّهُ في كتاباته التي يُشْرِقُ فيها ُورٌ الحق» وعََرَفتّهُ في تعليقاتِه على المخطوطاتٍ التي قام على نشرهاء وما كان والله عَجَبِي من المخطوط بِقَدْرِ إعجابي بتعليق من عَلَّقّ عليه» لقد كان المخطوط أحياناً رسالةٌ صغيرةٌ» ولكنّ تعليقاتٍ الإمام عليه تجعلٌ منه كتاباً مقروءاء وإِنَّ الاستيعات والاطّلاعَ وانّساعَ الأفق» تَظهرٌ في التعليق باديةٌ ليان وكلٌ ذلك مع طَّلَاوة عبارة» ولطف إشارة» وَقُوَةٍ نقده وإصابة للهدف» واستيلاءٍ على التفكير والتعبير» ولا يمكنٌ أن يجولٌ بخاطر القارئ أنه كاتبٌ أعجمي وليس بعربي مُبين. شذة تواضعه: ولقد كان لمَرْطٍ تواضعِهٍ لا يَكتّبٌ مع عنوان الكتاب عمَّلَّهُ الرسميّ الذي كان يتولاه في حكم آل عثمانء لأنه ما كان يَرى رَضِيَ الله عنه أن ّرف العالِم يَالُهُ من عَمَلِهِ الرسميّ» وإنما ينانُهُ من عملِهٍ العِلْميّ» فكان بعض القارئين ‏ لسلامة المبُنى مع دقّة المعنى» ولإشراقٍ الديباجة وجَرّالةِ الأسلوب ‏ لا يَجُولُ بخاطره أن الكاتب تُركيٌ بل يعتقد أنه عرب وُلِدَ عربيء وعاش عربياًء ول تُظِلَّهُ إلا بيئةٌ عربية. 356 اعلدم وعلياء في تقصيرهاء ليتمكّن طالبٌ علوم الإسلام من الاستيعاب ومّضُم العلوم, العصررها بالنسبة لأعجميّ يتعلّم بلسانٍ عرب مُبين. العالم النزه الأنف: وهو في كلّ أحواله العا 2الئرهُ اليف الذي لا يَعتِوِدُ على ذى جاه في ارتفاع, ولايَتَملَّقٌ ذا جَاهِ لنيْل مَطْلَبِ أو الوصول إلى غاية مهما كَدْقَتُ» فإنه رَهِيَ الله عنه 2 1 و و 1 كان يَرى أن معاي الأمور لا يُوصل إليها إلا طريقٌ سليم ومنهاحٌ مستقيم» ولا يمكِن أن يصِلّ كريمٌ إلى غاية كريمة إلا من طريق يَصُونُ النفسٌّ فيها عن الهّوَّانء فإنه لا يُوصِلٌ إلى شري إلا شريفٌ تله ولا سرف في الاعتهاد على ذوي الجاه في الدنياء إن من يعتمدٌ عليهم لا يكون عند الله وجيهاً. سَعَى رَضِيَ الله عنه بجِدَه وعَمَلِهِ في طريق المعالي حتى صار وكيل مشيخة الإسلام في تركياء وهو ممّن يَعرِفٌ للمنصب حَقه لذلك ل يُفرّط في مصلحةٍ إرضاءً لذي جَاوٍ مهما يكن قوياً مُسيطرأء وبل أن يُعْرَلَ من مَنْصبهِ في سبيل الاستمساك بالمصلحة. والاعتزالٌ في سبيل الحقٌّ خية من الامتثال للباطل. عَرْله عن وكالة المشيخة الإسلامية: عَِلَ الشيخ عن وكالة المشيخة الإسلامية» ولكنه بَّقِيَ في مجلس وكالتها الذي كان رئيساً له» وما كان يَرى عَضّاً امه أن يَنزِلَ من الرياسةٍ إلى العضوية ما دام سبّبُ التزول رفيعاً إنه العُلُوٌ النفسيٌ لا يمتّمٌ العامل من أن يعمّلٌ رئيساً أو مرؤوساً تالفزة جمد من الك فق ذانه وتاركها الى نع بخلالة: الإما 0 امتحانه الشديد وإيثاره اللمجرة: ولكنّ العالِمَ الأبيّ اَمَف التَّقِىَّ يُمتِحَنٌ أشدَّ امتحانء إذ يَرى بلدَهُ العزيرٌ وهو دار الإسلام الكبرى» ومناط عِرَّتَه و آمال المسلمين؛ يَسُوَدُهُ الإلحاد ثم يُسَيطِرٌ عليه من لا يرجو لهذا الدينٍ وقارأء ثم يُصبِحُ فيه القابضٌ على ينه كالقابض على الجَمْرء ثم يَحِدُ هو َفْسَهُ مَقْصُوداً بالأدّى» وأنه إن ل يَنّْجُ تي في حياباتٍ السّجْنء وحِيلٌ بينه وبين العلم والتعليم. عندئذ يَجِدٌ الإمام نفسّه بين أمور ثلاثة: إما أن يَبقَى مأسوراً مقيّدأء ينطفيئ علمٌّهٌ في عَيَاباتِ السجون, وإنَّ ذلك لعزيرٌ على عالم تَعوّدَ الدرسٌ والإرشادٌ وإخراج كنور الدّين ليُعلّمها الئاس عن بِيّنة وإما أن يتَملَّقّ ويُداهِنَ ويالى» ودون ذلك حَرْطٌ القَتَاد بل حر الأعناق» وإما أن يُهاجِرٌ وبلادُ الله واسعةٌء وتذكّر قوله تعالى: #أَلَجْ دكن رض الله واسيعة كْبَاجروأ فيب [النساء: 917]. رحلاته واستقراره بالقاهرة: هاجرٌَ إلى مِضْرٌ» ثم انتقَل إلى الشام» ثم عاد إلى القاهرة» ثم رَجَع إلى دمشق مرة ثانية» ثم ألقّى عَضَا التّسيار نهائياً بالقاهرة» وهو في رحلاته إلى الشام مامه في القاهرة كان تُوراًء وكان مَسْكَنّهُ الذي كان يَسكُِّنْه ضَوُلَ أو انّسَمَ مَدْرَسَةَ يَأْوِي إليها طلابٌ العلم الحقيقي» لا طلابُ العلم المَدْريِي فيهتدِي أولئك التلاميدٌ إلى ينابيع المعرفة» من الُتُّبٍ التي كُتِبّثْ. وسُوقٌ العلوم الإسلامية رائجة ونفوسٌُ العلماء عامرةٌ بالإسلام» فرّدّ عقولّ أولئك الباحثين إليها وَوَجََهَهم نحوّهاء وهو يُفسّرُ المُغْلَّقّ لهم ويَفِيضٌ بغزير علوه وثارٍ فكره. 36 اعللام وعلباء لقاء أبي زهرة بالشيخ الكوثري واعتزازه بثنائه عليه: وإِنّ كاتبٌ هذه السطور ل يَلْقّ الشيخ إلا قبل وفاته بنحو عامين» وقد كان اللقاءً لوحي من قَبْلٍ ذلك بينين» عندما كنت أقرأًكتاباه» وأقرأ تعليقه على ما مُخرجٌ بوظظ طوواتر ا ما الفعقى كس ورباعت افق حسَبٌ أنَّلي في نفس ذلك العالم الجليل مِثلّ ماله في نفسيء حتى قرأتٌ كتابه: ١حْسْنَ‏ التّقاضي في سيرة الإمام أبي يوسف القاضي» فوجدتّه رَضِيَ الله عنه حَصَّني عند الكلام في الحِيّلٍ المنسوبةٍ لأبي يوسف بكلمة خير. وأشْهّدُ أن سمعتٌ ثناءٌ من كُبَراءَ وعلّاء» قَمَا اعْتَرَرْتُ بثناء ى) اعْتَرَرْتُ بثناء ذلك الشيخ الجليل» لأنه وسامٌ عِلْمِيٌّ من يَملِكٌ إعطاءً الوسام العلهي. كنز في مصر: سَعَيْتُ إليه لألقاه» ولكثّي كنت أجهّلٌ مُقامَةُ» وإني لأَسِيدُ في مَيْدانٍ العَمَبٍَ الخضراء؛ فوجدتٌ شيخاً وجيهاً وقوراًء الشَّيبُ يدق منه كور الحق» يَلْبَسٌ لباس علماء التّرك قد الت حولّةُ طلبةٌ من سُوْرِيّة» فوَقّع في نفسي أنه الشيحٌ الذي أسعى إليه. فيا أنْ ايل تلاميدهُ حتى استفسرتٌ من أحدهم: من الشيخ؟ فقال: إنه الشيخ الكوثري؛ فأسرعتٌ حتى التقيتٌ به لأعرف مُقَامَهء فقدَّمتٌ إليه نفسبي» فوجدتٌ عنده من الرّغْبة في اللقاء مِثلّ ما عنديء ثم زُرْنّهِ فعَلِمتٌ أنه فَوْقٌ كته وقَوْقٌ بُحوثه» وأنه كَمْرْ في يفصر. اعتذار الشيخ الكوثري عن التدريس في دبلوم الشريعة بكلية الحقوق: هنا أريد أن أبديَ صفحةً من تاريخ ذلك الشيخ الإمام» لم يعرفها إلا عد قليل: الإمام الكوثري ام لقد أردثٌ أن يَعُمَّ نفعٌهه وأن يتمكّن طلابٌ العلم من أن يدوا وِرْدَهُ العَذْبِء ويتتفعوا من مَنْهِلِهِ الغزير» لقد اقتَرّح قسمٌ الشريعة على مجلس كلية الحقوق بجامعة القاهرة: أن يندب الشيخ الجليل للتدريس في دبلوم الشريعة» من أقسام الدراسات العليا بالكلية» ووافّقٌ المجلسٌ على الاقتراح بعدّ أن عَلِمَ الأعضاءٌ الأجلَاءُ مكانّ الشيخ من علوم الإسلام؛ وأعمالَّةٌ العلميّةً الكبيرة. وذهبتٌ إلى الشيخ مع الأستاذ رئيس قسم الشريعة إِيّان ذاك» ولكننا فوجئنا باعتذار الشيخ عن القبول بِمَرَّضْهِ ومَرّضٍ زَوْجِه وضَعْفٍ بصره. ثم يُصرٌّ على الاعتذار وكُلَّا ألْحَسْنا في الرجاء لَجّ في الاعتذار» حتى إذا لم نجد جَذُوَى رجوناه في أن يُعاوِدَ التفكيرٌ في هذه المُعاونة العلمية التي تَرْفّبُها ونتمتاهاء ثم عُدتٌ إليه متفرداً مرةٌ أخرىء أكررُ الرجاءً وألِِفُ فيه» ولكنه في هذه المرة كان معي صريحاًء قال الشيخ الكريم: إنَّ هذا مكانٌ علم حقاًء ولا أَرِيدُ أن أَدرّسَ فيه إلا وأنا وي لقي درُوسي على الوجّه الذي أُحِبُ وإنَّ شيخوختي وضَعْفَ صحتي وصِحَةِ زؤجي. وهي الوحيدةٌ في هذه الحياة» كل هذا لا يُمَكِّنِي من أداء هذا الواجب على الوجّه الذي أرضاه. نفس الكوثري العلويّة: خرجتٌ من مجلس الشيخ وأنا أقول: أي تَفْسٍ ع لُوِيّة كانت سجن في ذلك الجسم الإنساني؟! إنها نفس الكوثري. وَإِنَّ ذلك الرجلّ الكريم الذي ابْتّلِيَ بالشدائد فاتتصر عليهاء ابِتّلِيَ بفقدٍ الأحبة» فَقَقَدَ أولادهُ في حياته» وقد اخُتَرَمَهُم الموثُ واحداً بعد الآخر» ومع كل فقدٍ 0 كلدم وعاماء 2 و 5 85 م ع لَوْعَة ومع كل لَوْعَةٍ نُدوبٌ في النفس وأحزان في القلب. وقد استطاع بالعلم أن يَصبرٌ وهو يقول مقالةً يعقوب: لاعْصَبرٌ جيل وَآلَّهُ ألْسْتَعَانُ*. ولكنّ شريكتّه في 0 58 0-7 م 2 0-0 5 ل 77 و ع السّراء والضرّاء أو شريكّة في بأساء هذه الحياة بعدٌ توالي النكّبات» كانت تحاول الصبرّ ف جَدّء فكان ها مُواسياً ولكلُوٌمها مُّدَاويأه وهوهو نفسّه في حاجة إلى دَوَاء. 0 5 مه م 0 ا 0 5 ولقد مَعََى إلى ربّه صابراً شاكراً حامداء ى! يّمضِيِ الصديقون الأبرار» فرَضِيَ الله عنه وأرضاه. مالع اماس الدكتور محمد صالح”' و اه) الفقيه المحقق والمسلم الصادق: إن من الحنٌّ على مجلة «لواء الإسلام؛ أَنْ تَنْعى إلى العالم الإسلامي عالاً من علماء القانون؛ الذين خدمُوا الفقة الإسلاميّ ورفعُوا مناره: ونشثوه وأذاعوا ذكرّه؛ ذلِكم هو الفقيهُ المُحقّقء الأستاذً الدكتور محمد صالح الذي كان أستاذاً للقانون التجاريٌ» وعميداً لكلية الحُقوق» ووكيلاً للجامعةٍ المصريّة. لقد كان الدكتور محمد صالح فقيهاً مخلصاً في طلب الحقيقة» ومسلماً صادقٌ الإسلام» ومؤمناً كلّ الإيهان بحن الشريعة الإسلامية في أَنْ تَذِيمَ وتَنْمَشِرء وأن يكونّ الفقهُ الإسلاميّ مَضْدرٌ القوانينٍ في البلادٍ الإسلامية» ويُعتِبرٌ ذلك تقدّماً وسَبْراً إلى الأمام» لا رَجْعَةٌ إلى الوّراء. تحبيبه الشريعة الإسلامية إلى طلبة كلية الحقوق: وفي مدّةٍ عمادته لكلية الحقوق» أدارٌ الكليةً مبذه الرّوح السّامِية» فكانَ حريصاً عل أن تتعنت:الكرينة إن الطليةه وشدل ها مكاقها دن علوم القائوكاة كيز بذكرها في دروسه. ويقبسٌ منها في بحوثه» ويدرسها متعمّقاً في دراستهاء ويُعلنُ محاسئّها )١(‏ مجلة «لواء الإسلام»: العدد الثاني عشرء من السنة السادسة: 11/7١ه‏ - 19617م. وله ترجمة في «الأعلام» للزركلي 27١:5‏ واسمّه هناك: محمد بن عبد العليم صالح. 0 أعلام وعلماء بقوله وقليه. وقد تولّ العادة» وللشريعةٍ كرميئٌ واحد. وبِمَسْعَاهُ الحميدٍ وهمَيِه العاملةٍ المخلصة: كان لها كرسيّان. وميه وإخلاصه نشأث في مدة عمادته دبلومٌ للشريعة» فْوَّسمَّ بذلك دراستهاء ل ل ا د وقصّدوا إليه من كلّ فجٌّ عميق» وبذلك أسُدى للدراسات الفقهيّة أجلّ ما يقد مُخْلصٌ للفقه الإسلامي إخلاصه للشريعة وعمله على نشرها: لقد كان رَحِمَةٌ الله مخلصاً للشريعة الإخلاصٌ كله يعمل على نشرها كما جاء ها الكتابٌ والسُّنةء وىا اجِتَّهَّدَ الفقهاءٌ السابقون» وكان يرى في استنبطّه الفقهامٌ أعمقٌّ النظريّات» وَأَدَق القواعد. وأصَلحَ الحلول لمشاكلٍ المجتمع الإنسانَّ» يطلبُها ىا دكن سبحا لكا يتوه الغريون وعن يلف لنومب وق القريدة الإ_سلامية بلع خدميّها الآنّ كثيرون» ولكن قلّ فيهم من يكونٌ له إخلاصٌ الأستاذٍ المرحوم الدكتور ليسوتجا ف وا فيه رقو نام مدع انار قراف دانها ومعاقها. أقسام القانونيين من علوم الشريعة الإسلامية: لقد وٌحِدَ الفقهُ الإسلامِيٌ مكتوباً في كتب كثير من كبار رجالٍ القانون» ومنهم من يدّعي نه يريدٌ تَثْرٌ الشريعة: وأنَّهُ يخمل لواءها. وفي الحق أننا نَقِسِمْ أولئك القانونيين إلى ثلاث أقسام: أَوَهُم: من يُحَمّلون كتبهم بالمسائل الشرعية لتزدانً مها تلك الكتب» ويكمثُوا موازنتهم من غير أي ِانٍ بهاء فهم يكثبونَ المسائل الإسلامية» ىا يكتبونَ بعص عه ف برام الصينٍ والحنود. وشريعةً حمورابي؛ وأوائك لا يدّعون أنهم ينشّرون الشريعة» ولا يَدْعُون إليها. وثانيهم: طائفةٌ أرادث أَنْ تخدمَ الشريعةً» ولكن على أنْ تكونّ طيّعةً لأفكارهم» خاضعةٌ لأحكام قوانيئهم؛ فهم لا يفهموتها كائناً مستقلاً» لما كيان قائمٌ بذاته» ولها أخزرل لت ا كن رقنا عام لووول مالا م فر نمهب يتعكر لهذا في فهم الدارسين للشريعةٍ من المسلمين, ولا يرَوْنَ الطريقة المُثْلى لفهيها إِلّا ا 5 في فَهْمِها؛ فِالمُسْتَشْرِقُونَ ولؤلم يكونوا علماء قانون» حَُجَةٌ فيها وصَلُوا إليه من الدراساتٍ الفقهيّة: يؤخدٌ عنهم؛ وَيُحْتَجٌ بهم؛ ولا يُحْمَجٌ عندّهم بأقوالٍ أحدٍ من علاء المسلمين إلا في إحدى حالين: إِمَا أن يكونّ قد درس ما قالهُ الغربيون» وتعمّقٌ فيه بلختّهم؛ وإما أن تكونّ آراؤه كلّها موافقةٌ كلّ الموافقة لآرائهم؛ فإنْ قال لهم شخص: إنَّ الفوائدَ التي تتعاملٌ بها المصارفٌ الآن» ليست من الربا في شيء؛ فهو العام النَبتء وإِنْ قال لهم: إِنَّ اليانصيب ونحوّةٌ ليس مِنّ الميسر في شيءء قالوا: إنه الفقيه المحقّى. وهكذا يريدون الشريعةً في إهاب يحبّونه» ومنطو يريدونه» ولو تَبَاعدَ ذلك عن يبنوعهاء وأولئك هم الذينَ نعتقدٌ أن من رحمةٍ الله بالشريعة أن يكُفَّهم عنهاء ويحفظها منهم؛ ويحميّها دوتهم والله من ورائهم محيط. والقسمٌ الثالث: أولئك الذين ألّصوا للشريعة وفهموها حقّ فهوهاء وعرفوها حقٌّ المعرفة؛ ولم يعرفوها إِلّا من ينابيعهاء وعلموا أن الدَّارسِين لما من الغربيين الذين علموا العربية» إما أنهم لم يفهموها لأنها تق عن فهيهم؛ لأنها قانون» وليسُوا قانونيين؟؛ وإمًا لأنهم أرادُوا أن ينشّروها شائهة» ولا يرجونً لها وقاراً؟ وهم في ا حاليْن ليسوا حَُجَةٌ تُتَّبَعُ أقوانُم؛ وعلى رأس هذا القسم محمد صالح؛ وإنه ليذهبُ به قَرْطُ حرصه رفن اعلام وعلاء - على الفكر الإسلامي مِنْ أن يُضَّوَّهَ إلى أنْ يَظنَّ أن مَنْ يدرسٌ في الغرب بعد أن يدرسٌ الشريعةً الإسلامية من يناببعها في الشرق؛ لا يستفيدٌ شيئاً في دراسيِهٍ الشرعيّة؛ بل إنه قد صرّح لكاتب هذه السطور مرة أَنّه يفسّد تفكيرٌه في الشريعة. خسارة الشريعة والجامعة والقانون والأخلاق: لقد خسرت الشريعةٌ الإسلاميةٌ بموتٍ المرحوم الدكتور محمد صالح نصيراً قويً» ومخلصاً مؤمناً وخبيرٌ العلم بوفاته عالماً محققاً عميقٌ النظرة» صادقٌ الفكرة؛ يغوضص على الحقائق» ثم يُبرِرُها للناس في حَلَةٍ قَشيبة. وم يعلم الذين درسُوا القانونَ التّجاريء عالماً كتبّ في القانونٍ التجاريّ خيراً منه؟ أبرز حقائقّه وضمّنّ ما كَيَبَ الأحكامَ التي اسْتَنْبِطُها فقهاءٌ المسلمين في موضوعه» وأعلنَ خواصّها ومزاياها في قلم مُصور مُبيّن. وخسرت الجامعةٌ عالماً جامعياًء انصرف للعلم انصراف الرَّاهِدٍ للعبادة» فعا طالباً للحقيقة» وماتٌ وهو يطلبها. ْ وحِرَ القانون فقيهاً مشْترِعاً فقد وَضَعّ مشروعٌ القانونٍ التجاريّ» وكتب مدكرقة الإيضاخية: وأؤق عل الغالة: :ولك لكل أجل كاب فقدامات قبل أَنْ يُقدّمَه هو للملا في هذه الأمة. ْ وخسرتٍ الأخلاق والفضيلة رجلاً يؤمنٌ بالحقٌ» ويؤمنٌ بالله» ويؤمنٌ بالفضيلة» ويؤمنٌ بالوفاء» ويأخلٌ عند ما تشتدٌ الأمور ويَحَكُم ا وال هوى بقوله تعالى: لاحْذ العو وم لمر وَأَعْرض عَنٍ هليرت 4 [الأعراف: 149]. رحم الله محمد صالح؛ وجزاه بأكثرٌ من عملهه وأثابّه ثوات المخلصين. إنه سووع الدعاء . الأستاذ عبد الومّاب خلاف”" (ه: ا ه/اماه) مُروءته وكرامته واستقامة فكره ونفسه: عزيرٌ عل أن أكتب في الأستاذ عبد الوهاب خلاف ناعياًء فقد كان رحمه الله مِلْءَ النفس» ومِلْء العين» ومِلْء القلب. ولقد عاشرثّه أكثر من عِشرين عام ف) رأيتُ منه جَفُوةٌ في لقاء» ولا غَصَّباً في خلافء ولا إسفافاً في معاملة» بل كان رضي الله عنهُ عفف اللسانِء سَمْحَ الوجه ينّجه دائاً إلى معالي الأقوالٍ والأفعال» ويتجنَّبُ ستسيانهاء له قروءة وكرامة ولي وَجَدق خزعنة اما ايمس النثروءة لتركيا ولبقي صادياً حتى يرتوي مّعَ المُروءةٍ والكرامة. كان رحمه الله مستقيمَ الفكرٍ والعقلٍ والنفس» كاستقامة قامته. يتّجهُ إلى الحقيقةٍ في فكر مستقيم لا التواءً فيه» وإلى التَعبِيرِ عنها في عبارة مستقيمة بيّنة لا إمهام فيها. الصابر في بلائه الشاكر في رخائه: رأيته مُشرقاً في آمالهء كا رأيثه صابراً في آلامه. إن أصَاببّه الضرّاءٌ صَبَر وإن أصابثه السَّرَاءُ شَكَره فكانَ شأثه شأنّ المؤمن دائأً؛ مأجوراً في الحاليِنء لا تبطره )١(‏ مجلة «لواء الإسلام»: العدد الحادي عشرء من السنة التاسعة (1509/8١ه‏ - 1965م). شق اعلاع وعماء النعمة» ولا تُؤْيسُه من رحمةٍ الله النقمة» وكثيراً ما سمعتّه في شدائيه يقول في ضراعة المؤمن: ربكا أَفْرِعْ عَلَكََاصَبْرَا 4 [البقرة: 5٠‏ ؟]. ولقد رأيثُه وقد فَقَدَ عزيرٌيْن له من أبنائه يتأسّى بأقوالٍ المؤمنين» ويتذكّرٌ عباراتٍ الصَابرين» وينقل إل في حديث الصاير» كلمدٌ صديق لنا نالّه ما نالّه» فقد 0 قال كا قال: لا أريدٌ أنْ أَفقِدَ أبنائى وأفقدَ إياني. لقد فقدث الابن» فليبق الإيمان! عد 3 2 . ع 5 سه و وي ع لش لرت يو ل سرس لل ب ثم يردّد في إيانٍ قول يعقوب: فصبر جميل وَأللّهُ الْمِسَمَعَانَ * [يوسف: 18]. 5 لراعى على 5 1 د الس عر 0 صر اي حت حت عر بير ولقد كنت أقرأ قوله تعالى: #وَلَينَ أذقنا الإضن هنا رَحمة ثم تَرَعَنها مِنْهُ و مع رمم لح أل اس سم لاه عور 2 2 عر 1 2 . ٠‏ 2 #- ع 2 5< 1 نهم لوس حكفور 3 وَلَينْ أذقئله نعماءَ بعد ضَراءَ مِسَتَه - ْنّ ذهب السََيكَاتٌ 2 عو م 0 رموه لادلا عي - سا6 9 م - 0 00 1 ص عدا 4 عه إن لمم فور * إلا الْذِنَ صبروأ وَعَمِلُوا ألصَّلِحَتٍ أوْليِكَ لهم مَعِْرةُ وأجرٌ حكبيرٌُ © [هود: 9-١١]؛‏ وأجدٌ أن الأستاذٌ خلافاً رضى الله عنه هو من هذا المُسْتثنى, الصَابِرُ فى بلائه» الشاكرٌ فى رخائه» رحمه الله رحمة واسعة. نحن الذين ارتبطّنا ممّ ذلك العالم الجليل» برابطة الود والصّداقة» وذقنا لُطفَ ٠ 25 ١ ضع عِْرتِه نُحِسٌ بأنّنا فقدنا جزءاً من أنفيناء ولكن لاا يصع أَنْ تيا أحاسيسنا ما َقَدَه فيه العالمٌ الإسلاميّ» وما فقده فيه البيانُ العربي» فقد انصرفٌ رحمه الله إلى الدراساتٍ الإسلامية يبحت في ذخائرهاء ويُقَّبُ في دفائنهاء ويكتب ويُبيُّ ويكشف» 5-4 و في أسلوب سهل رصينء وكان رحمه الله لا يَسْتوعِرٌ ولا يَسْتَوْحِشء بل يَتَخْيّرٌ المعنى السهل المألوف. القريبٌ المعروف. وما لا يكونٌ سهلاً في ذاته يَُرَيُه ويؤْيسَه عدالرداب خااك يفال حتى يصي بيِّناً مكشوفاً. وكان يَخْتارٌ من الألفاظ والأساليبء أُقْرَيَا إلى الأذهان» وأَوْضّحها في البيان» وأحْسَئها جَرْساً في الآذان» حتى لقد كان يُعَدٌَ أسلويّه البيانٌ بحق» من السَّهِلٍ الْممْتَيْع. إلقاؤه المَصَوّر للمعاني: أمّا إلقاؤه» فنوعٌ من الإلقاء هو نسيحٌ وَحدّهء يستممٌ إليه السامع» فلا يس في إلقائه تكلّفاً في صوت: ولك نحش رنَةٌ علد عميقةٌ ها صَديٌ في النفن» وييحسٌ في نغماتّه الإلقائيّّة تصويراً دقيقاً للمعاني؛ من غير أَنْ يُحسٌ بأنَ المتكلّمٌ غيّرٌ أو بدَّلٌ في صوته. ون مع طولٍ العشرة ودوام المُحادثة» كنت إذا فتحتٌ المذياعَ وسمعئه» 0 برغْبةٍ شديدةٍ في الإنصات» وكأنيٍ أسمع صوتاً جديداً لم أسمعْه وأحياناً كنت أُوَحمرٌ عملاً مطلوباً لأَنمٌ الاستماع» أو بالأحرى لأثمٌ الاستمتاع بِحُلوٍ الحديث» وجمال الإلقاء الذي لا تكلّفٌ فيه؛ وسماع صوت ليس بالليِّنَ؛ وليس بالأجشٌ الحُشِن. أحاديثئه الأخويّة والخاضًة: أمَا أحاديثُه الأخويّة والخاضّة؛ فنوحٌ من السّخرء أَقُقّ واسع» وعلمٌ فيّاض» وأخحدٌ بأفانينٍ القولٍ وشّجِونهء حتى إِنّ المستمعين إليه في أحادييه الخاصّة لِيَتَبَرَمون بكل مَنْ يُقاطعٌه؛ أو بكلّ مَنْ يتكلّم» ويمنعٌه من استئنافٍ القول» وأشهدُ أني ما سمعثٌ في الشيوخ أَظْرَفَ حديئاء ولا أملكَ بفنونٍ التحديث» وأعلمَ بمداخل النفوسء من الأستاذٍ خلاف. وكأنّ الحديتٌ الحُلوَ فَرّ في ذاته عنده» تثير عقله المجالس العلمية يق اعلام وعذاء الخاصّة إلى أشتات المعاني» فيجمعها في قول يقوله كأنه الفلقييل العَذْبء وإن استقامَ الحديث بين يديّه نسي همومه وآلامّه وأمتم مستمعيه. ع وإني لأذكرٌ أني زرثّه غِبَّ موت أكبر أبنائه» وقد وجدثه كأبي يوسّف في هم لا سِ سُرورَ معه» وإنْ كان معه الصَّبْدُ الجميل» للم بويا الشبرية ون نفييةء 0 أفتح له حديثاً مكل ا فشِاتَهُ الحديث إلى القول» فقال وأنا ناه في 00 تقال أجيانا وأدافقه أحياناء وأشهدٌ أني أردثٌ بالحديثٍ أن يسىء تيا عه أجاؤته أطرافةه لا ميلا ا رتواك خا الإمداء امارد مكنا أكثرٌ من ساعة تَتَحدث أو يتَحدّتُْ وأستمعٌ وأناقش» وكلما أحسنت منه - ره لأستمع وأستمتع» لا لِأَسَلٌّ وأعرّي» فقد نسيثٌ ذلك عند أخذهٍ في شُجِونٍ الحديثء ومُسَالكِ البيان. مدرسة الشيخ الإمام أحمد إبراهيم: ولقد كان أستاذّنا الجليل الذي فقذناه قرَّةّ للشريعة» بشخْصِه المهيب» وبيانه الرائع» وأحاديثه العَذْبة» وكتاباته السَّهْلة وبْحويه الفيّاضة» وكنا في كلية الحقوق» طحي وسكت رضم ميم ع لقد فقذنا منذٌ عشر سنين أستادّنا العظيم؛ الرمام أمد إبراهيو”''» ولكن وجذنا في أستاذنا خلاف عزاء؛ ولقد قام بحقٌّ الأمانة» وحَمْل العبء كريأء وكان )١(‏ توفي في يوم الأربعاء ١١‏ من ذي القعدة سنة 1155ه الموافق ١7‏ من أكتوبر سنة 1956م عن ثلاثة وسبعين عاماً رحمه الله تعالى وغفر له. عبد الوهاب خئلاف مم خلا لكريم عظيم'"» والآن قد فقدُنا الخَلّفء فاللهمٌ عرض الإسلامَ فيه خيرا وأَئِبْهُ بوقدارٍ ما أخلصٌ لشريعتكء وبِوفْدارٍ ما قدَّم من عَمَل صالح؛ وبِوِقْدارٍ ما صَبرَ وشَكَّرء إنك سميعٌ الدعاء. )١(‏ قال أستاذنا العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في ترجمة الشيخ أحمد إبراهيم في كتاب «تراجم سنّة من فقهاء العالم الإسلامي» ص :١175‏ اوقد كان لهذا المنهج والأسلوب الذي سَلكه الشيخ الإمام أحمد إبراهيم رحمه الله تعالى: أوضح الأثر والمزايا في تلامذته ومتَّبعيهه فهذه كتب تلميذه العلامة الفقيه الأصولي الشيخ عبد الومّاب خلاف رحمه الله تعالى تَسْلّكُ هذه الوتيرة» وتنّسم بهذا الطابّع؛ وقد رَقَتٌ ‏ فيا دُوّنت فيه بالعرض والأسلوب والمتانة رقيا ممتازا. وكذلك سَلَّكَ العلامة الفقيه الأصولي المفسّر الشيخ محمد أحمد أبو زهرة رحمه الله تعالى؛ في مؤلفاته الكثيرة المسْلّك المحمودً الرفيمٌ الذي سَلّكه شيخه أحمد إبراهيم» ورّقى أيضا في تواليفه الغزيرة ‏ بالعرض والأسلوب والمتانة رُقيّاً مشهوداً. وكذلك سَلّكَ هذا المسلك غيهما ‏ من تلامذة الشيخ من الحقوقيين ‏ فيا ألّفُوه في مباحث الفقه والحقوق ‏ مثل إبراهيم دسوقي أباظة باشا رحمه الله تعالى. وبوقوفنا على مزايا هذا المنهل العذب: والبحر الزتحَار في شخصيته العلمية الفريدة: ينكشف لنا سٌّ نبوغ الشيخ أبي زهرة» والشيخ خلاف... فيا لمعا به من المقام العلمي» والصفاء الذهني؛ والدقة الفقهية البالغة...». انتهى. اران كا وكا كلمةٌ أخرى في رثاء الأستاذ عبد الومّاب خأاف”" ليسث هذه النّدوةٌ تَتّسِمْ لآثر الأستاذ عبد الوهاب خخلافء وإِنّ مآثْرَهُ خالدات؛ فك لتدوتخوثةوتقالاله متشورة فنشلية ون الناني» وما زالث أخواز المضاء: يتردّدُ فيها صَدَى صوته العميقٍ العذْبٍ الأحَافه الذي يسترعي الأسماع سواءٌ أرضي الناسٌ أم لم يرضواء ولكنْ لا بد من كلمةٍ هي كدمعة وفاء: إن الذي تتألّحُ له هو أنَّ المكانَ يفرعٌ من العالم فلا نجدٌمَنْ يملؤٌه. لقد كثر اسمٌ الُلماء» ولكنْ قلّ العاملون. والأستاذً الشيٌ خلاف لم يكن له مآثْرُ في العلم فقطء بل مآئرُه في الخَلّق. ولعلي أكون أصدقٌ شاهدٍ على ملّقه. فقد عاشْتّه أكثرٌ من عشرين سنةء اتَّقّنا فيها واخختلفّنا وتصَافيَنا دائمأء ولكنّ ذلك الصَّفاءَ كانَ لا يخلو من مُعَاضَبةِ أحيانا» وكانت هذه المُخَاضَبَةُ من جانبي ول تكن من جانبه» وأشهدٌ أني ما غَاضَبْئْهِ مرة فتلقّى المُعَاضَبةً بمثلهاء بل كان يَتَلقَّاها بِحِلْم وصَبْرٍ وَقُرّةٍ إدراك. لقد حدم الأستاذٌ الشيحٌ خلاف الشريعةً الإسلامية؛ خدمّها بقليه: وبمحاضراته» وبأحاديثه؛ خدمها بِشيْءٍ آتحرء هو شخصيثّه المهيبة الرّقورة. رحمه الث وأثابه عا عمل. 77 هه الموافق‎ 1٠1/8 من جمادى الآخرة سنة‎ ١8 ندوة الواء الإسلام» المنعقدة في مساء الثلاثاء‎ )١( يناير سنة 19657مء المنشورة في العدد الحادي عشرء من السنة التاسعة: (11/8١ه - 1485م).‎ عبد الحليم يسيوني فق الشيخ عبد الحليم بَشيوني”" الجندي المجهول: تنعى مجلة الواء الإسلام» إلى قرائها الكرام؛ رُكناً ركيناً من أركان أسرتهاء وعالماً جليلاً ساهمَ في إقامة دعائمهاء ذلكم هو الأستادُ لمغفورٌ له الشيخٌ عبدٌ الحليم فقد كان رحمةٌ الله جنديّ هذه المجلةٍ المجهولء فإِنْ كان القارئٌ لا يرى في «اللواء» عبارةً نابية» أو فكرةً شاردةٌ» أو مَيْلاً عن الحقيقة» فَلْيعلمْ أَنْ الشيحٌ عبد الحليم كان عنصراً قويّاً في ذلك. كان يقرأ مقالاتها وبحوئّها قراءةً فاحص دقيقٍ الفكرة» عميقٌ النظرة» له ذوقٌ علميٌ» وذوقٌ بيانٌ؛ فإِنْ وجدّ كلمةً تخرجٌ عن حدٌّ الاعتدال الذي انََسمتْ به هذه المجلة» أو فكرة تَنْبُو عن بعض مَقَاصدٍ الإسلام, نبَّهَ كاتبّها في لطف مودّة» وحْسْنٍ مَدخلء وكياسةٍ رفيقة هادئة» تجعلٌ أشدَّ الناس استمساكاً برأيه يقبلُها مطمئنّ النفس» وإِنْ وَجَدَ في بعض المقالاتٍ أسلوباً قد يصعبٌُ على القارئ فهمّه ينه بزيادة كلمةٍ أو حذفِهاء فيبدو المقصدٌ واضحاً جلياء فيحمدٌ الكاتبٌ لهذا المحرّر العميق حسنٌ صجسشعة. مر )١(‏ مجلة «لواء الإسلام»: العدد السادس» من السنة العاشرة: (صفر) 117/5ه ع 1965م. ايفن اعلام وعلماء جهوده في ندوة لواء الإسلام: لكان الحو لحري بوكر وواندر تاقد أمتوم ذيها. برأيه السّدِيده وعليه الغزير» ونقده البريء؛ ومواقفِهٍ الطريفة مع أعضائها. ذلك جزءٌ من عمل الشيخ عبدٍ الحليم في المجلّة؛ لقد كان «رحمه الله» عصيّها وقوتهاء وكم من مقالاتِ ليها قلمُد وتُسِبثْ طيئةٍ التحرير مجتمعة» وهي له وحدّه؛ وكانّ يقبلٌ ذلك في اطمئنانٍ العالم الذي يريدُ أن يصلّ الحقٌّ إلى الناس» سواءٌ نُسِبِثُ تلك المقالاث إليه أم ل تُنِسَبُ. العالم المخلص والموجّه البصير: كان عالماً نخلصاًء أخلصٌ لله وأخلصٌ للحقيقة فاستقامَ على الجادّةٍ في كلّ أعماله» منلّ أن تخرّج في الأزهر إلى أنْ قبضّه الله إليه. كان مدرّساً بالأزهر» فكان المُربّيَ المُخلِصء والمُوجةَ البصير» وكان بين تلامذته الأب الوّقور يُنبَّهُهم إلى الحقائقٍ العلميّة في رفق وهدوء واطمتنان؛ يأخدٌ بيدهم إلى ما يبديهم ويُرشِدهمء يؤر فيهم بروحه وفكرهء ولسانه وقليه» وإخلاصه لله في رسالته. إدارة معهد القراءات: ار الشيخ عبدٌ الحليم في العمل الإداريّ فظهرث مواهيّه بألل معانيها؛ تولّ إدارةً معهدٍ القراءات؛ فكانَ مُرشْداً للّذِين يَتَولَّوْنَ التدريسٌ فيه ومُرشداً لطلاي وعن طريقِهٍ انّصل بالقرَاءِ يُرِشْدُهم ويِييّنُ لهم التلاوةً الحسنةً الجبيّدَةء كما عاون معاونة صادقةٌ في إنشاءٍ جلةٍ لهم كانث تُسمّى «كنورٌ القرآن». عبد الحليم بسيونٍ خسن إدارة مكتب شيخ الأزهر محمد الخضر حسين: 8 و و ب - 2 3 ٍّ وتولى الشيخ عبد الحليم عملا آخرٌ جليلا خطيرا؛ تولى إدارةً مكتب «شيخ الأزهر» عندما كان الأستاذُ الأكبرٌ الشيحٌ «حمدُ الخَضر حسين» شيخاً للأزهر» فتجل فيه الإداريٌ الكيّس» لم يحجبْ طالب حاجة عادلةٍ عن الشيخ» ولم يبط عزيمة ذي حقٌ عن المطالبةٍ به. بل كان المُعينَ الصَّادق في معونيه. يُعالجٌ الأمورٌ التي يضيقٌ وقتٌ الشيخ عن علاجها بروح العدالةٍ ارق والإنصاف. 2 7 + الأليف المألوف والمُحتٌ العطوف: ولقد كان رحمه الله الأليف المألوف» والمُحبّ العطوفء يرشد بمحيّيه ىا يُبيِّنُ بِحُجَّعهِ؛ كان ذا شخصيّةَ زاهدةٍ هادئة» وإِيانٍ قوي عميق؛ عَرُوفاً عن الدنيا ومباهجهاء مُعْرضاً عن المادة ومفاتنهاء شاغِلاً نفسّه بالبافياتٍ الصّالحات. 0 هذا هو الشيحٌ عبدٌ الحليم في علمه» وفي خَلّقِه وفي دِينه. وفي كفاييه في كل عمل تولاه» فرحمة الله ورضى عنه وأرضاه. 4 0 حا 2 093 033 2 أعلام وعلماء رثاء الشيحَين: عبد الحليم بسيوني» وسلامة العزامي ”' الندوةٌ تشارك الأستادً الكبير أحمد حمزة في إحسايه بأنّ المجلةً فقدث ركناً من أركانها التي قامثْ عليها منذ إنشائهاء فلقد كان المرحومٌ الشيخ عبدٌ الحليم بسيوني قوَةٌ في المجلّة مثابرةٌ عاملة» ولا يمكنٌْ أنْ ينسى الذين حرّروا في هذه المجلة ما كان يقومٌ به الأستاذ عبد الحليم من مجهودٍ جبّار. فإذا كانتٍ المجلةٌ تحرج من عشراتٍ السنين في تلك الديباجة المُمتازة» التي اختضَّتُْ بها أو في ذلك الفكر القويم الذي عرفت بهء فإنه من الإنصافي أنْ نقول: إِنَّ للشيخ عبد الحليم عملاً في هذا جليلاً يُذْكَرُ ويُشكر. والواقمٌ يا إخواني أن المسلمين كلَّا ُوفّيَ رجلٌ عامل من بينهم أحسّوا بالفراغ الى 1611 ازوف لشي يعي الشليو زقلا ترك قرغا فاته ادا التي تحمل اللواءً الإسلاميّ الآن. وهذا مكانُ أستاؤنا الجليل الشيخ سَكامة العزّامي قد خلاء لأنّ المنصوّفة الذين يجمعونّ بينَ علم الشريعة وعلم كلقن يا يشا نا لا كاذف #اجدوة تادر ومن هؤلاء النادرين: الشيح سلامة العرَّامي رضي الله عنه. ١8 من صفر سنة 785١ه الموافق‎ ١7" ندوة مجلة «لواء الإسلام» المنعقدة في مساء الثلاثاء‎ )١( ه - 1985م.‎ ١151/5 سبتمير سنة 1465 م» والمنشورة في العدد السابع» من السنة العاشرة:‎ التصوّف الحقيقي: فقد كان يفهمٌ حقّ الفهم أنْ التَصوّفَ الحقيقىّ هو في الشريعةٍ الحقيقية» وأنْ علمَ امحقيقة لا يمكنٌ أَنْ ينفصلٌ عن علم الشريعة, وأنّ الشريعة هي الثورٌ الذي بهدي إلى اقيق ندر كنلا لويم هاه إن كان للح سلامة ترئة ين العلناةافهي الاقم الإسلامٌ فهً حقيقياً ى) جاء به النبنّ كه ولع سبيلاً للورع والزّهادةٍ الحقيقية. إن الغالمن كانوا يفوتم وها الوا يوه أن التهر تكد وو ال نهذ برخت ما ند وى خاي اد سرد روا 1 الحقيقية» وأفْجَ فْهَمَهم الشيخ سلامة بعمله وبنفاذ بصيرته أن المتصوّف ليس هو ا نقطع عن الناس» فقد كان رضي الله عنه» دائم الاتُصال بالناس» ولا أنسى إِذْ لقيته أَوْلٌ مرَّةه وكانث مع الأسى والأَسّفِ هي الأول والأخيرة» فوجديّه يستهِمٌ إلى شخص يقرأ له أخبارٌ الصّحفء ويستمعٌ إلى ما تنشره المجلاثٌ الحديثة... فيرى أنه من واجبه أن يعم ما يكتبّه هؤلاء» ولقد سمعثّه يقول وهو يستممٌ إلى بعض هذه الصحف: «لقد سمعْنا العلمَ النافع» فَأَسِعْنا الكلامٌ الفارغ»» وما قَصّد باستماعِه إليها أن يأخدّ علماً بم| فيهاء إن أراد أنْ يأخدّ علاً با يُقالُ على الناس ليستطيعٌ أن يدفم عن الناس مضارّه. ولقد رُوي أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه؛ قيل له: إِنَّ فلاناً لا يعرف الشرٌ قال: ذلك أخرى أَنْ يع فيه» فذلك الحادي المُرشِد في عصرنا كان يعلم الخيرَ حقّ العلم» وكان يريدٌ أنْ يعرف الشر الذي يتواردٌ على نفوس الناس» ليستطيمٌ أن يضعٌ حواجرٌ بِينَ القلوب الطاهرة: وبِينَ أنْ يدخلّها ذلك الشرٌ المستطير. يق اعلا وعلاء ومهما تُحاولُ في هذه الصفحات. فلن نستطيمٌ أنْ حصي الآثار التي يتركها مثلُ الشيخ سَلَامةَ العزامي في نفس مُريديهء من حيثٌ اتجامّه إلى العلم النافع بكلّ ضروبه: علم الشّريعة» وعلم التَّصوّْفِ الحقيقيّ. وفاة الشيخين على الغاياتي ونور المشايخ المُجَدَدي: وإننا نشكرٌ الشبي صبري عابدين إِذْ ذكرنا في هذه الجلسة التي نتذْكّرُ فيها النافعين للإسلام برجِلَيْن جليكَيْن حَدَما الإسلامَ خدمة جليلة في الشَّرقٍ والغرب» أما أونّه|: فهو الشيخٌ على الغايايّء وهو رجلٌ آثْرَ رضاء الله على رِضَاءِ الناس» وآثرٌ الآخرةً على الدنياء وآثرٌ إرضاء ضميره الدينيّ على إرضاء ذوي الأهواء والشهوات. وأما الثاني: فهو نُورٌ المشّايخَ المُجَدَّديٌ» فقد عَرَفناةُ من أخيه السّفيرٍ التَقىّ الشيخ محمد صَادق المُجَدّديّ الذي أعلنَ أنه من أرومة التقوى وسلالة الهداية: اه المستسوق اوعر كاة فو قتا الجليل» في مَنْع الفتنةٍ التي كان يدسّها أعداءً الإسلام بينَ الأفغانٍ وباكِستان» مُنَهُذاً قولّ الله تعالى: ل وَإن طَْمَانِ من الْمُؤْمِنينَ رج سر عكر 8 كئلوا َأصَلِحُوا يتما [الحجرات: 4]. عا ءعم نزنا 2 00 محمد عيد الله دراز 3-55 الأستاذ الدكتور محمد عبد الله دراز”" العالمٌ التق الورع: رز الإسلامٌ في عالم تي عميقٍ النظرة» صادق الإيهان» تَبْتِ في علمه» قويّ في تديّنه» آتاه الله تعالى الح الأوفر» في علوم الإسلام؛ فكان فيها العَلَمَ الذي يُسَارٌ ارارق كل هذا القط موضك زربا كزة الحانة وا عق الاد موسي وما طغى في قليه علمٌ هذه الدنيا على علم الإسلام» ولا تلك الحضارةٌ البرَاقةٌ على حقيقة الإييان» وما بَهَرئّه زخارفٌ هذه المديّة عن الثروة الروحيّةٍ التي اْتَملتُْ عليها الحقائقٌ الإسلامية» ولاعن تلك الذخبرة الإنسانيّةٍ التي اشْتَمَاتُْ عليها أحكامٌ القرآن المقرّرةٌ الثابتة الباقيةٌ الخالدةٌ إلى يوم القيامة. ذلك العا الجليل» هو صديمّنا الوَرِعٌّ العالم» الدكتور محمدٌ عبد الله دراز. اتجاهه إلى طلب الحقيقة وحدها: لقد عرفْتٌ ذلك الأَحّ الطاهرء من نحو مس وعشرين سنة. منذ التقيّنا في كليَّةٍ أصولٍ الدين زميليِن عند إنشائها. فوجدْتٌ أكرمَ ما يجدٌ المحبٌ لعلم الإسلام: سلامةً تفكير» وحُسْنَ قصد واستقامةٌ في الغاية وفي العقل» ينج إلى طلب الحقيقة لا يريد سواهاء ولا يبغي عِوّجاً ولا أمْتأ لايّستهويه بدعٌ الآراء» ولا يستطيد لّبَّه )١(‏ مجلة «لواء الإسلام»: العدد الحادي عشر» من السنة الحادية عشرة: لال181 ه - 190/8م. ك8 اعلام وعلياء بدِيِءٌ الأفكارء ىا لا يَمَفْهُ يََفُ عن طلب الحقيقة تقليدٌ لرأي سابق» فلا يتبعُ الرجالٌ على أسرائهم. ولا يأخذه بريقُ المديد ولمعا بل هو مُنعقل التفكر في فهم النصوصي وطلب الحقائق» لا يُقيّده إلا قَيْدُ واحد» وهو النتصوصش القرآنية والنبوية» فعند النصّ المّحْكَم القاطع في سنده ودلالته يقففُ خاشعاً غير مُتهجّمء لا يحاولٌ التأويل في لا يقل التأويل؛ ولا إنضاع النصوصص لتلك الدَنيَة» التي م يقم الدليلٌ على صلاحيّيها للبقاء. ْ هكذا رأيتٌ الأحّ في زمالته» فَأَنِسْتٌ به واطْمَأئَنْت إليه» وانعقدَ بيننا ما هو 8 نوي ؤهالة لكان :بل سازنا تلان لق طللك غنم القرانه قفةر كل سينا على منهاجه. ثم نلتقي على رأي واحدء وأشهدٌ أَنا منذُ تعارفنا ما اختلف رأينا في أمر كُّ ولافي أمر جُرْئيٌ إلا نادراء ويكونُ ذلك في أطْرافٍ الموضوعات لا في جواهرها. دراسته في فرنسا واستمساكه بدينه: ولقد فارقّنا الدكتور محمد عبد الله دراز إلى أوروبا ىا فارقّنا غيده» وأقامَّ في فرنسا ما شاءً الله أَنْ يُقيم» وكانثٌ إقامتّه أكثرٌ من إقامةٍ غيره أمدأء وكانث أوفرٌ إنتاجأًء فقد أقامَ فيها نحوّ اثنتي عشرةً سنة؛ نالّ فيها أعلى الدرجات العلميّةِ هنالك. ولقد عاد بعد هذه الرحلةٍ الطويلةٍ الشاقّة المُجْهدَة» وتوقعْنا أنْ نجدّ تغيراً في مظهره أو مَلْبسه أو عاداته؛ أو تدينه. ىا رأيْنا في بعض مَنْ ذهبُوا وأقاموا بع إقامته» ولكنًا وَجَدْناهُ ىا تَرَكَنا حُلّقاً وديناً وإيهاناء فأئبتَ بذلك سلامةً جوهره؛ لأن جيّدَ المعادنٍ تجلوه التجاربُ وتضقلّه الحوادث من غير أن يفنى ويل . ولقد ازدادة استمساكاً بدينه» وتشدداً فيه» فزاد مباء 0 وجلالا. محمد عيد الله دراز 66م تُقَطَمْ صاتي النفسيّةُ بذلك الأ النابغة منذَ تعَافنَاء وإِنّْ غاب عنى أمداء التقينا ُ# 0 من بعد الغياب» وأنس اللقاء يقضى على زمان الابتعاد. وكأنّه يطويه أو يمحوه. قْ الندوة الإسلامية العالمية بلاهور: وكانَ آخرٌ لقاءٍ بيئّنا وأطولّه ملازمة» عندما سافزنا مع رُفْقَةٍ كرام إلى الندوة الإسلامية العالمية» التى انعقدث بدعوة من جامعة البدجاب بلاهور في الباكستان» ترافقنا في السفر» والسفرٌ يكشفٌ النفوسٌ أكثرٌ من الحَضّرء خرجنا معامعَ صديقنا الدكتور علي حسن عبد القادر» والتقيّنا في مطارٍ القاهرة مم الأخ الصديقٍ الدكتور محمد خلف الله أحمد, وهنالك انعقدث بيئنا رُفقَةٌ طريق» وتلاقي أرواح» وتمازجُ تُفوسء وأصبحٌ كل واحدٍ منّا يرى نفسّه في أخيه» والشيحٌ الجليل إمامُناء لا نفترق عنه إلا في النوم» حتى صارٌ المؤتمرٌ كله ينظرٌ إلى هؤلاءِ الأربعة» وانطلقٌ بعضٌ الإخوانٍ يي 000 ره يَنَشْد الشعرٌ فيناء وتتّداعبٌ بروايته. تلك أيامٌ من الأيام الحلوةٍ في هذه الدنيا. نقضي أوقاتٌ فراغنا في عبادةٍ أو في 1 سَمَرِ بريء» وأحاديتٌ ذوات شُجونء فإذا جاءً ميقاث النوم» بعد أَنْ تحر الفينة بعدَ الفيّنة» حتى لا ينقطع من بننا ذلك الأَنّسٌ الروحيّ» اهنا إلى الصّلاة. ثم يذهب كل منًا إلى مَضجعه بعد أن يمنا في صلاة العشاءء ولكنه هو يستمرٌ في صَلّواتِه كان يَتَحْفَّفٌ من النوم» فكان نومّه قليلاً كنوم الأنبياء» ثم يقومٌ الليلٌ مُصلَياً متهجّدأ أو قارئاً للقرآن» وكان رضي الله عنه قد أخلٌّ نفسَهُ بقراءة سُدّسٍ القرآنٍ في كلّ يوم» وما كنتٌ تراه إذا اخُتَلٌ بنفيسه إلا مُصَلَيا أو قارئاً للقرآن. 1 أعلام وعلماء وفاته وسَرِْيٌ نعيه وتشييعه: صَاحَبْناه نحو ثلاثة عشرٌ يوما في أَنْسِ روحي» وسرور بريء» وحديثٍ كالتون كتاقانة نوين كن تسن لاما تك لعجل كان القدد مناناخار عد اليا لنعرف مُرّهاء ولنعرف حقيقتّهاء ففي الدلّثِ الأخير من الساعةٍ الثالثة من مساءٍ الاثنين السادس عشرٌ من شهر مُمادى الآخرة سنة /لا18 شكا الشيخ الإمامٌ وَجَعأ فاحتطنا به» وأرسلنا إلى الطبيب ندعوه؛ وتداعى إخواثنا إلينا من سائر الحُجُرات» والشيخ في صَحُوه الكامل يتلو مع الآلام أدعيته الضارعة إلى طَلّبٍ مرضاة الله تعالل» ثم دَعَونَا طبيباً آخر» وَوّصفَ دواء؛ ولكرنٌ المنية كانت أسبق من الدواءء فإنا لله وإنا إليه راجعون. فأَتَدّنا نشيجٌ البكاء» وتّسَامعَ الناسٌ بالخير الفاجع, فتَعَطّلتِ الْمَحَافِلء وتوقّفَ الاجتماع» وسَرَى النّعيّ في البقاع» وبكى مَنْ عرفه أخيراء ومَنْ عرفه أولا حتى كأنّ لاهور كلّها صارثٌ مأنماً. لقد صل على جنانه الطاهر ممثّلون لكل الأقاليم الإسلامية» وشيّةُ إلى المطار مثّلون لاثنتيْنٍ وثلاثينَ دولة. لقد كانت آخيرٌ كلماتٍ نطق بها: ايا ربٌ إِنْ كنت راضياً عي لا أبالي». رحِم الله الإمامَ محمد عبد الله درازء لقد مات شهيدا وكانّ برّأ تقيّآه وكانَ من المد قي والماة: كلمة أخرى في الدكتور محمد عبد الله دراز”" في يوم الاثنين 17 مِنْ جمادى الآخرة سنة 1ه الموافتي 1 خ نار مولة م استأثرت رحمة الله عرّ وجلء بالعالم النَبّت» والباحثٍ الإسلاميّ الجليلٍ فضيلةٍ الدكتور محمد عبد الله درازء عضو جماعة كبار العلماء» والأستاذ بكلبة اللغة العربية بالأزهر الشريف, وقد جاءنّه الوفاةٌ فَجْأَ وهو مشتركٌ في المؤتمر العلميّ الإسلاميّ بمدينةٍ «لاهور» بالباكستان» فكان لهذا النَبَأ وقمٌ ألِيمٌ في نفوس الذين عَرَفوا الراحلّ الكريمء وعَرَهُوا فيه العلم الغزير» والخُلّق الكريم, والهمّة الرفيعة: والتعالي عن الصغائر. وُلِدَ عليه رحمةٌ الله في قرية "محلة دياي». وانتسب إلى معهدٍ الإسكندرية الدينيٌ سنة ©140» وحصلٌ على الشهادة الثانوية الأزهرية» سنة 2١1417‏ وكانٌ أولٌ الناجحين فيهاء وحصّل على شهادة العالمية سئةٌ ١1415‏ وكانّ أولّ الناجحين فيهاء ثم تعلّم اللغة الفرنسية وكتب بهاء وفي سنة 1974 اختيرٌ للتدريس بالقسم العالي بالأزهر» وفي سنة 191/5 اختيرٌ للسفر إلى فرنسا في بعثةٍ علمية» وحصلٌ على شهادة الدكتوراه برتبة الشَّرفٍ العلا من السوربون سنة 19541 م. وعاد فاشتغلٌ بالتدريس في جامعةٍ القاهرة» وني دار العلوم؛ وفي كلية اللغةٍ العربية» ثم نالّ عضوية جماعة كبار العلماء سنة .١19544‏ وكان عضواً في اللجنة العليا )١(‏ مجلة «لواء الإسلام»: العدد ١١‏ من السنة اام ع مم. 7 أعلام وعلماء لسياسة التعليم؛ وفي المجلس 1 للإذاعة» وفي اللجنة الاستشارية الثقافية في الأزهر, وشاركً في نشر الإسلام ب5 بكُتِه ومقالاتّه ومحاضراتِه وأحاديثه في الإذاعة. وله بحوث ممتعةٌ في تفسير القرآن الكريم» وفي الحديث النبويٌ الشريف. وفي القانونٍ الدولّ العام في الإسلام» وفي موضوع الرّباء وفي مكانةٍ الأزهر الشريف. إلى غير ذلك من البحوث والموضوعات. كان الراحل الكريمٌ مَثَلاً فاضلاً للعالم الأزهريّ الإسلاميّ الغيور على ديه المحافظٍ على كرامته» المتَصَّوَّنٍ في مظهره وسَمْتِهه الداعي إلى صراطٍ ريّه بالحكمة والموعظة الحسنة؛ وبموته فقَدَ المسلمون دكناً ركيناً من دعام البحثٍ الإسلامئٌ والدعوة إلى الإسلام. رحمه الله رحمةٌ واسعةٌ وجزاه خيراً وب رَبمَدْرِ ما حَدَمَ ديته وقرآنهُ وسُنَّةَ نيه يلق وَإنا لله وإنًا إليه راجعون. الشبخ محمد الخضر حسين”" 149 /ولوااه) العالم السَّلفَيٌ بحق: الأستادٌ المرحومٌ الشيخٌ الخضمٌ أوضحٌ العلماء السلفيين ظهوراً في هذا العصرء ومن الإسراف أن نقول: إنه آخرٌ سلفيّ» لأننا لا ندري مَنْ مِنَ الرجالٍ السلفيين م يُظهرواء ولكنّ المؤكّدَ أنه آخرٌ سَلّفَيّ ظهرء وأعلنَ السلفية في وضوح ونور. المؤمن الجريء الشجاع: اجتمع لأستاؤنا الخضر صفاتثٌ لم تجتمغ في غيره من العلماء» فقد كان مؤمناً جريئاً شجاعاً يقولُ الحقّء ولا يخشى فيه لَوْمةَ لائم يُعَذَّبُ ويُضْطَهِدٌ في سبيلٍ الحقّ فلا سن عزيمته ولا يَضْعْفُ إيانّه» ولا يرضى بالاطمئنانٍ والسكون في ذلة... قاوّمَ الفرنسيين في أرض تونسء وترك مَنْصباً رفيعاً في ذلك ولم يَوِنْ ول يضعف, بعد أنْ حُكِمَ عليه بالإعدام؛ فهاجر من وطيه مؤتسياً الب و في هجرتّه. وأخدٌ يطوفٌ في الأقاليم مدافعاً عن الإسلام» ومقاوماً أعداءً الإسلام في كلّ أرض» حتى استقرٌ به المُقَامُ في آخر المطاف بمصرء فكان نوراً يضيءٌ فيها. )١(‏ ندوة مجلة «لواء الإسلام» المنعقدة في مساء الثلاثاء ٠١‏ شعبان سنة /ا/١ه‏ الموافق ١١‏ مارس 8 »ء والمنشورة في العدد الأول؛ من السنة الثانية عشرة» رمضان: /ا/11١ه‏ - ١908‏ م. نان أعلام وعلماء الفقيه العميق واللغوي الدقيق: وكان مع شجاعته فقيهاً عميقٌ الفكرة الفقهيّة في المذهب المالكيّ» يعرفٌ دقائقه ومنطقّه واتَّجَامَهه حتى إنه كان يُفتي فيه من غير مراجعة» وتكونٌ فتواةٌ صحيحةً سليمة. وكان عالاً لُغوياً دقيقاء تجيءٌ على لسانه شواهدٌ النَّحوِ والصَّرفٍ والبلاغة, بأسرعَ ما تجيءٌ على لسان العالم فيها. الكاتب المجادل المناظر: وكان كاتباًء لقلمه أسلوبٌ مستقيمٌ جيّدء وكان مَُادِلاً ومُناظِرأًء لا باللسانٍ بل بالقلم» يستطيعٌ أنْ يَضَمَّ الحُجّة في مَوْضعِهاء وأن يَرْدٌ كيد الخضّم في نحره.. جَادل صاحب كتاب «في الشعر الجاهل»"" فَأفسَمّه وَألْجَمّه وجادلٌ صاحبّ كتاب «الإسلام وأصول الحكم» '" فين الجن في هذا الأمر. توليه مشيخة الأزهر: ثم الختيرةٌ اله بالدنيا تجينه فوْلّيَ أكبَ منصب دينيّ» ف| فته الدنياء فقد نجَحَ حينَ اختباره بالتّقمة واختباره بالنُعمة» فليا وجدّ المنصب يُريدٌ منه ما لا يريدٌ تركة موفورٌ العزّةِ موفورٌ الكرامة؛ مُقدّراً من افيه وموافقيه على السّواء. لقد فقدّ الإسلامُ في الشيخ السخّضِر سَبجَايا ومكارم لو وُرْعتْ كل واحدةٍ منها عزجواخل لكاة من انصل اميه ترجف لك رخمة واليحا بورض علد )١(‏ هو الدكتور طه بن حُسين بن علي بن سلامة المتوفى سنة 117ه الموافق "141/7 م. (0) هو الشيخ عل عبد الرازق. عبد الوهاب عزام املك الدكتور عبد الواب عرّام " #1١‏ لم اه) في مدرسة القضاء الشرعي: لقد عرفتٌ المرحوم الدكتور عبد الوهاب عزام منذ أكثرٌ من أربعين سنة» كان في السنين العالية في مدرسة القضاءٍ الشرعيٌ» وكنت في السنين الأولى» فعرفت شخصاً مستقييًء عفف اللسانء يغار على الإسلام والمسلمين» ويحبٌ أن يجتمع المسلمون. ترحمته كتاب «(اتحاد المسلمين) من التركية إلى العربية: وإن لأذكر أنه وهو في السنة النهائيّة بمدرسة القضاء الشرعيء اتجه إلى تعلم اق ركمو متباريا رمرد قمع سيران اك ترجمه كان في سنة 1914م؛ وهو في السنة النهائية بمدرسة القضاء الشرعي؛ فقد ترجم مع زميل له كان تركيّاً كتاب اتاد المسلمين» وهو أقدم كتاب رأيته في بابه. أثر عمله في باكستان: وعندما كنت معه في لاهورء طلبت إليه أن يعيد طبع ذلك الكتاب» فقال: إن شاء الله عندما أتفرّغ قليلاً. ورأيت أثر عمله عندما كنت في باكستان» رأيت رجلاً )غ0( لدوة يجلة «لواء الإسلام» المنعقدة قْ مساء الثلاثاء ١١‏ رجب سنة زا همف الموافق 76" يناير 69م والمنشورة في العدد الثاني عشر من السنة الثانية عشرة: شعبان: 8/ا*11ه - 1959م. بحن أعلام وعلياء تمه إلى جعل باكستان دولة عرييّة؛ فأنشأ مدارس كثيرة بها لتعليم اللغة العرييّة, وكان هو الحامي الحفيظ على هذه المدارس. انتقاله إلى السعودية: ومن الغريب أنه بعد أن انتقل من باكستان إلى المملكة العربيّة السعودية. كادت تَضيعٌ هذه المدارس» لولا أن تَدَارَكَها أغنياءً باكستان؛ بأن جمَعُوا المعونات الكثيرة هاء وأعادوا بعضّهاء ولم يستطيعوا أن يعيدوها كلّها. أثره في نشر اللغة العربية: وأعتقد أن الله لو كان مد في عُمر الدكتور عبد الوهاب عزَّام ومُرّغه من الأعمال الحكوميّة في أيّ بلدٍ من بلاد الإسلام» ثم طوّف في الأقاليم الإسلامبّة بهذه الرّوح التي عاش بها في باكستان» حوّل الأقاليم الإسلاميّة كلها إلى بلاد عرييّة: رحمه الله رحمة واسعة» وجزاه عن الإسلام خيراً. ع 00 00 2 0“ 92 منصور فهمي لم ا م اه) انحرافه الفكري في فرنسا وتوبته: اختار الله للقائه عالماً عظيأء ومؤمناً تقيَا ورَجُلا ذا لق قويم» هو الدكتور منصور فهمي الذي ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي. ابتدأ حياتّه في تربية مدنيّة, حتى تخرّج في الجامعة المصريّة القديمة في فَوْجها الأول وذهب إلى فرنساء ونفسه الحسّاسةٌ قد تأنَّتْ بها في فرنسا من انحرافٍ فكريٌ» فبّدثْ في كتاباته عباراثٌ مُنْحرفةٌ عن الإسلام, ولا قاومه المنديّنون وغيدهمء ازداة غنفاً فيها أصيب به عقلّه من انحراف» وكان عَجَباً أن يكونٌ ذلك من سُلالة الي َكل حتى لقد شك العارفون في هذه التُسبة» وظنوها من أخطاءِ التاريخ؛ أو افتراءاتِ بعض الناس. مع 2 ولكن فوجئ الناسٌ بالدم الطاهر يتغلب على انحرافٍ فرنساء فإذا منصور فهمي هو النقيٌ الطاهر, والمحتسبٌ كلّ أعماله لله. كيف دخل الإبمان قلبه؟ لقد تاب وأناب؛ وكان كلَّما تذكّر ما كان منه ذرَفَ الدموع؛ فكان يس ؛ المعصية إحساسه برَوْعِةٍ التُّقى. )١(‏ مجلة #لواء الإسلام»: العدد الثاني» من السنة الثالثة عشرة: 111/8ه - 1888م. 03 أعلام وعلماء ولقد ذاكزناه مرة: كيف دخلّ الإيهانُ قلبّك؟ فقال: «لقد ابتلاني الله بالانحراني الذي سمَّيّته ردّة» ولك الله الذي اختبرني بالانحراف, هداني بالإيهان. ولقد كان انحرافي فكرياًء ثم اشتدَّت بي اللَّجَاجَةٌ عندما رُمِيتُ بالكفر» واستمرّزتٌ على ذلك حتى لقيثٌ المرحومَ الشيجٌ الأكبرَ حسُونةٌ النّواوي'''» زرتّه في منزله في سنةٍ 1978 فوجدثٌ شيخاً وقوراً يملأ القلبّ بِمَهَابتِهِ وتقواه» وكنت أسممعٌ الكثيرٌ عن شجاعته وهمِه واستهانته بشؤون الدنياء فلا قدمت إليه قال لي: أأنتَ الذي يُقالُ عنك مُلْحِد؟ فقلت: نعم يا مولاي» فربّتَ على كَتفِيّ» وقال لي: «اقرأ القرآن» واقرأ البخاري. إِنْ لم تكن قرآتّه»؛ فوعَدْتٌ الشيحٌ الوقورٌ بذلك. عكوفه على قراءة صحيح البخاري: ولما خرجتٌ اسْتَحْييْتُ ألا أن بعهديء فَحَكَفْتُ من بعدٍ ذلك على قراءة البُخاريّ» وعَجِبْثُ لمَفْلتي الأولى» وَجَدتُ كرا وتظباء وأخذتٌ أقارنُ ذلك با َرَسْتُ من فلسفة» فوجدتٌ ما جاء به محمدٌ يلِِ أعلى من كلّ فلسفة» وأنَّ الإلحام اللي يبدو في كلّ حديثء فلم أجذ إلا أنْ أقول: «أشهدٌ أَنْ لا إله إِلّا الله محمد رسولٌ الله تيت إلى الله ورّجَعْتٌ إلى الله). قيامه بالدعوة إلى الإسلام ومشاركته في ندوة «لواء الإسلام»: من ذلك الوقت» والدكتور منصور فهمي يقوم بحقٌّ الإسلام عليه» يدعو ويُرشدء ويّبدي» اعم أن يقل غلة اناس :"امرحم أو ند إننا مسثه أن يدرت الناسّ بحقائقٍ الإسلام. )١(‏ مفتي الديار المصرية وشيخ الأزهر حسّونة بن عبد الله التُواوي الحنفي الأزهري المولود في نواي من قرى أسيوط بمصر سنة ١188‏ والمتوق سنة 17*47 الموافق ١4765‏ رحمه الله تعالى. منصور فهمي مهم وكان أحبٌ المجالس إليه المجالسٌ التي فيها إعلاءٌ للإسلام؛ ولهذا دأب رحمة الله على المشاركةٍ في ندوة «لواء الإسلام» من يوم إنشائها”""» وإنّا نقول: إِنْ الدكتور منصور فهمي آمنّ بالإسلام ك) آمن الصّدّيقون لأنه ل يرنه وراثة» بل اعتنقه دراسة وتفكيراً. ١ 0‏ َ 2 يملة 2ه 5 محا رحمة الله ورضيّ عنهء ورضى عن السَّلالةٍ الطاهرة المُحَمَّدِيَةَ كلها. ساس مير )١(‏ انعقدت الندوة الأولى في الليلة الحادية عشرة من جمادى الأولى سنة 1/1١ه‏ بدار اللواءء ونشرت في العدد العاشر من السنة السادسة: (جمادى الآخرة 1/9١ه‏ - ١5‏ فبراير 1981 م). لدان أعلام وعلماء كلمةٌ أخرى في رثاء منصور فهمي”" الوطنيٌ الخطيب: أريدٌ أن أتكلم عن الدكتور منصور فهمي وطنياً وجامعياً وعالا» فقد التقيتٌ به حيثُ كان يخطُّب خطبةٌ وطنيةٌ آخر سنةٍ 21419 فوجدْتٌ رجلاً مديدٌ القامة يُلقي خطبةً بصوت مُهدّج جيّاش» يصل إلى التفوس» فسألث: من الرجل؟ فقيل لي: منصور فهميء وكان يذكرٌ اسم يحل آخر» وهو مرقص فهمي» فَقلْتٌ لمَنْ بجانبي: أهذا هو الذي يقولون: إنه كان محامياً؟ قال: لا إنَّ هذا مسلمء فقاطعنا ثالث وقال: ولكنّه ملحد ولكنّي معَ كلّ هذا أَنِسْتٌ في الرجل معنىّ كنت أتنّى له الحداية بعد هذا الصّلال. مدرس الفلسفة بالجامعة المصرية: وانّصلتٌ به بعد ذلك تلميذاً له؛ ذلك أنه في آخر سنة ١147١‏ عيّن مدرساً للفلسفة بالجامعةٍ المصريّة» فكان يُلقي هذه الدروس» وبأسلوب عري فصيح. يجممٌ بِينَ المحاضرة والخطابة» وكانثٌ تَبْدُو منه عباراتٌ أحياناً لا تخلو من انحراف» ولكنّه سرعان ما يَطويها طبَاً ويسترسلء ولا يلج في الدعوة إلى الشرٌء كما يفعل غيره من زملائه الذين ما زلْنا نسمعٌ منهم ذلك الصَّلالٌ إلى اليوم. )١(‏ ندوة مجلة الواء الإسلام المنعقدة في مساء الثلاثاء ١7"‏ شوال سنة 119/8١هه‏ الموافق ١؟‏ إبريل سنة 1409م؛ والمنشورة في العدد الثالث. من السنة الثالثة عشرة: ذو القعدة ١111/4‏ ه- 1488م. منصور فهمي بحو اما بعد ذلك التقيت لتقيْتُ بفضيلةٍ مولانا السيد محمد البِبلاويّ رحمة الله عليه فَذَكَرْتٌ 000 إني لأرجو ما ترجو لأنه حَسَنِيٌ» وهو عندّنا من الأشراف الحسنيين الثابتي النّسَبء فقلتٌ له: إذنْ فإني مطمئنٌ بأنّ ذلك الرجل سيهديه الله سبحانّه وتعالى. وأعتقدٌ أنه لو لم يشتهز بالإلحاد» ولو لم يُناوئه ناسٌ بأنه مُلحدء لسَارّعَ إلى الهداية. من مآثره في كلية الآداب بالجامعة: بعد ذلك علمْتٌ أن الله تاب عليه.. وهو ني الجامعة كان حِضّنَّ الإسلام من سنة 19377 إلى أن تركها في سنة 2191 ولعلّ من مآثره: أنَّ كليةً الآداب» كانت أولّ كلية كَثْر فيها الطالباثُ مع الطلبة» فأصرّ على أنْ يكونّ للطالبات عُرّفاتٌ خاصّة للدراسة» وَاسْتَمْسَكَ بذلكء ولم يحدثٌ الاختلاط إِلَّا بعد أن ترك الدكتور منصور الجامعة. تديّنه عن حُجَةٍ وبرهان: لقد أدخل الله الإيانَ إلى قلب منصور فهمي بعد أَنْ أكثرٌ من قراءة القرآن وتعمّق في دراسة البخاريٌّ» ولقد قلتُ مراراً في غير حضرته: إنه آمَنَّ ىا آمنَّ الراشدون. لأنه لم يرث الإيانَ ميراثاء بل اعتنقه بِالحُجَةِ والبرهان. رحمه الله ورضي عنه. وأثابه بمقدارٍ إخلاصه وبأكثرٌ من عمله. "0 4 001 7 2 25 2 أعلام وعلماء الدكتور حامد الغواي" رجل الإسلام والطب: استأثرت رحمة الله الواسعة برجل الإسلام والطب الدكتور حامد البدري الغوابي بعد حياة طويلة مباركة قضاها في خدمة الإسلام والطب والوطن والناس» فقد نشأ رحمه الله نشأة دينية فاضلة» ودرس الطب فكان ماهراً فيه من ناحية البحثٍ ومن ناحية التطبيق. داعية الإسلام: وكان في الوقتٍ نفسه داعيةٌ من دُعَاٍ الإسلام والأخلاق بِخُطَبه التي يُلقيها في مختلف المساجد والجمعيات والأندية» وبمقالاتِهِ الكثيرة الموصولة التي أبان فيها الكثير من الصّلات والروابط بين الإسلام والطبء وبين القرآن والعلم؛ وبين سُنَة الرسول كَكَِةٌ وحقائق الكون. وطالما زان الدكتور الغوابي صفحات مجلة «لواء الإسلام» بمقالاته القويّة الأسلوب, الدقيقة المعنى» الغزيرة الفائدة» وهي تلك المقالات التي كان يُفصّل فيها الحديث عن الدقائق الطبيّة والصحيّة والاجتماعيّة التي وردت في الكتاب والسنة. كتابه «بين الطب والإسلام»: ويف عنوان «بين الطب والإسلام» كالعَلّم على الدكتور حامد الغواي» لأنه آثر هذا العنوان الدائم لمقالاته الطبيّة الإسلاميّة التي زادت المؤمنين إياناً بإععجاز )١(‏ مجلة الواء الإسلام»: العدد الثاني عشرء من السنة الثالثة عشرة: شعبان 117/4١ه‏ - فبراير 1955م. حامد الغوابي لمق تراهم وغْلرٌ شان رفت فاجادي نين له 7ازل ركان يسنجير وطرق السعادة الحسيّة والنفسيّة في هذه الحياة. الشاعر الملتزم: ولقد كان الدكتور حامد الغوابي بجوار هذا شاعر» ولكنه لم يكن يقول الشعر في لَغو الحديثٍ أو باطِلهء أو في تافِه الكَرَضٍ أو خبيثه بل كان يقول تغنياً بالإسلام» ومَدْحاً في الرسول عليه الصلاة والسلام» وعَرْضاً لمكارم الأخلاق ومَحَاوِدٍ الشّيّم. حرصه على لغة القرآن: وكان الدكتور الغوابي فيا يخطب أو يكتب حريصاً على اللغةٍ العربية الفصحى لغةٍ القرآن التي فاقت كل بيان» وكان الكثيرون من الناس يعجبون كيف يستطيع الدكتور الغوابي خلال شواغله الطبيّة المُزهقة َه وعمله الحكوميٌ المُضْني أن يُطَالمَ ويكتب يؤل وَيَدَّخْحْن هله الثروةً اللغوية الائلة التي تدلّ على تعيّقه و في قراءة الأدب والبيان. وللدكتور الغوابي طائفة من المؤلفات الطييّة والإسلاميّة التي تدلّ على حُمْق النعك ردر الت و ةل ف وإ أسرة مجلة «لواء الإسلام» 37 العزاء في الدكتور الغوابي إلى العالم الإسلامي» وإلى أسرته وأصدقائه وقرّاء مقالاته ومؤلّفاته» ونسأل الله جَلّت قُدرته وتعالتُ كلمته أن يُسْبِعْ شآبيب رحبته ئِهِ وفيوضٌ رضاه على المرحوم الدكتور الغوابي ِقَذْر ما حَدّم دينه» وبِقَدْر غَيْْتِهِ على قرآنه وشريعته إنه أفضل مأمول وأكرم مسؤول. م أعلام وعلماء الأستاذ صيرى عابدين”" مشاركته في ندوة مجلة «لواء الإسلام»: يعر على مجلة «لواءِ الإسلام» أن تفقد عالاً جليلا كان أحدَ أعمدتها القوبّّة ومُتحدّثاً بارعاً في ندواتها التي زوّدها بآرائه القويمة» وبحوثه المستفيضة» وهو فضيلة الأستاذ المرحوم الشيخ محمد صبري عابدين. ولقد شاء الله الذي لا راد لمشيئته» أن يخم حياتّه الطيبة المباركة» بموقفه المشرٌ فٍ العظيم في الندوئين الأخيرتَيْنَء اللتئن بحندا موضوع الإسلام دستوراً للدولة» وموضوعٌ الأزهر معقلاً ومّلاذاً للمسلمين. العالم العامل والمجاهد المكافح: كان رحمه الله عالاً عاملا وَرِعاً تقيّآه يقولٌ الحنٌ» لا يَخْقَى فيه لَوْمةَ لائم. ىا كان مجاهداً مكافحا حمل اللواء في سَبيلٍ نُضْرةٍ العروبة والإسلام» منذ ابي العربُ بالاستعمار الإنجليزيّ والفرنسيء وكان يعيش في فلسطين حين كان الإنجليز يُمهّدون لليهودٍ فيهاء فدَعَا إلى الجهاد وجمْع الشَّمْل وما فَتِحَ طُوالَ حياته ينادي بدعوة الجهاد والقلاضي شق فاذاة ليجات إلبدة كان عاهدا سادق الإنان والينين في شطري حياته» أولاً وآخراً. )١(‏ مجلة «لواء الوسلام»: العدد الثامن» من السنة الخامسة عشرة: "اهمد 15م. صبري عابدين دم عات سس 3 5 ع2 العميم وهكذا ل قول رسول الله 2 «يَذْمَبٌ الصالحون. الأول فالاول» ويرة 00 0( 5 ناسٌ كغثاءٍ السيل» لا يُباليهم الله بالة» وإن) يُعجَّل بخياركم» أو ى) قال'"". ٍِ 5 ما 0 رلك سه 2007 وخيدُ الكلام كلامٌ رب العالمين الباقي بعد فناء خلقه: « كل تين ذَليقَة 17 ى ا كر اذه ع بس امه أ سوم مال رمه | الى ل ال ا ا ل لوت إِنَّمَا ورت جور حك يوم الْقِنمَةُ هُمَن وخر عَنِ أَلكَارِ وَأَدضْلَ اكد < له سرس اح سس قر عر لح سريت الت سس ل ره فقد فاز وما الوه لديا إلا ملع الْمْرُور 4 [آل عمران: 186]. حقّاً إن المغفورٌ له الأستادً صبري عابدين قد اتَهلٌ ليوم الرحيل زادّه» وقدّم لنفسمه من الصَّاَاتٍ الباقيات؛ ما يجعل طريقه إلى دار النعيم» جنة المنقِينَ الصَّالحين. و إنها كلمة وفاء تعمّرٌ مبا مجلة «لواءِ الإسلام؛ عن حُزئها العميق» وتسأل فيها المولى سبحائّه أن يتغْمّد فقيدّنا العزيرٌ الكريم؛ بغيْثِ رحمته ورضوانه» وأن يجعل العِوّصٌ مضاعفاً في أمثاله المجاهدين الصّابرين. )١(‏ رواه البخاري (147/4) من حديث مرداس الأسلميّ قال: قال النبيٌ بلِ: #يذهبٌ الصّالحون» الأوّل فالأوّل» ويبقى حُفَالةٌ كحُمَالة الشعير» أو التّمرء لا يباليهم الله بَالَةً». وفي رواية (5185): قال مرداس ‏ وكان من أصحاب الشجرة -: ١يُفْبَضُ‏ الصّالحون الأول فالأول» وتبقى حفالة كحفالة التمر والشعير لا يعبأ الله بهم شيئ». والحفالة: الرديء من كل شيء» والحثالة: سقط الناس. ولا يباليهم الله بالة: أي لا يرفع لهم قَدْرأ ولا يقيم لهم وزناً. بك اعلام وغلاء الدكتور مصطفى السباعي”" في ميدان الجهاد: قبل أن نبتدئ النّدوة المباركة أنعي إلى العالم الإسلامي من فوق منبر هذه المجلة المجاهدة أحد مجاهدي الإسلام منذ شبابه إلى أن بَلَعَ سن الكهولة» هو المرحوم الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي عالم سورياء وقد توفي في ميدان الجهاد في النتصف الأخير من شهر جمادى الأولى سنة 785١ه.‏ جهاده العلمي: وإني أعرفه منذ كان شاباً يطلب العلم في الشَخصّص في الفقه وأصول الفقه وأعرفه مجاهداً يحمل القلم ويجاهد» وقد كان يكتب في سنة ١9177“‏ و1485 في مجلة «الفتح»؛ وكان يكتب مدافعاً عن الإسلام في الموضوع الذي ما زلنا ندافع عنه وهو الدفاع عن السنّة. تدريسه في كلية الشريعة بدمشق وإصداره مجلة «حضارة الإسلام»: ولا بلغ الشأو وتونّ التدريس في كلية الشريعة في دمشق» حمل لواء الجهاد )١(‏ ندوة مجلة الواء الإسلام» المنعقدة في مساء الثلاثاء ١4‏ من جمادى الآخرة سنة 184اهف الموافق ؟ من أكتوبر سنة ١1474‏ م, والمنشورة في العدد الحادي عشر من السنة الثامنة عشرة: غرة رجب 184ه > نوفمير 1955 م. تصطتى البباعي لهل هناك ولما سقط اللواء الذي كانت تحمله بعض الصّحف المجاهدة”'"» حمل وحده اللواء في مجلة ممتازة ثريّة بالعلم هي مجلة «حضارة الإسلام»؛ ولقد استمرٌ يُحرّر فيها وينفق عليها من موارده المحدودة الضئيلة» ولم يكن يكنب عن الجهاد ساعة من زمان» ولا كانت الشديدة تشتدٌ في سورياء كان هو من المُتَصَدَّين لحَمْل الشّديدة. سَجُنْه وحَمُله لواء الكفاح: وفي عهد أديب الشيشكلي”" أُلقيّ في غَيابات السجن مدافعاً عن دينه» وما أفرج عنه حمل لواء الكفاح مرة ثانية» واستمرٌ بدافع حتى ضَعْففَ جِسْمّه عن حَمْل العبء) ولكنه ظلَّ يحمله بمقدار طاقته. زيارته المدينة المنورة: وقد ذهب إلى المدينة المنورة يلقي دروساً في كلية الشريعة بها لم أحسّ ضيقاً في دمشق» وأن الإسلام لا ينظر إليه فيها باحترام ول يمنعه ضَعْففٌ جسمه وما أصيب به من أمراض أن يذهب مرة ثانية إلى المديئة. ومن أعجب الأمور أنه قفى نَحْبهء وهو يُعدٌ الأمتعةً لزيارة الرسول كَل ولإلقاء الدروس في حَضُرة الرسول عليه الصلاة والسلام. رحمه الله رحمة واسعة. )١(‏ يشير إلى مجلة (المسلمون) الشهرية» التي كان يصدرها الداعية الإسلامي سعيد رمضان في مصرء ثم احتجبت» وقد حصل السباعي عام 1408م على امتياز بإصدارها في دمشق» وظلت تصدر بإدارته حتى عام /1946م. (؟) أديب بن حسن الشيشكلي» رئيس الجمهورية العربية السورية» توفي غيلة في البرازيل سنة 4ه الموافق 1454م عن خمسة وخمسين عاماً. م أعلام وعلماء وإنَّ مجلة «لواء الإسلام» لتشارك العالم الإسلامي ني الأسف على وفاة ذلك العالم المجاهد النابغة الذكيّ. و رثاء القارئ الشيخ هريدي شوربجي: وقد تُوني أيضأ رجل كان يتلو معنا القرآن» وهو الشيخ هريدي شوربجي» ومن حقّه علينا وقد استمتعنا منه بحسن الصوت وحُسْن التلاوة أمداً طويادٌ» كان يسعى فيه إليناء من حمّه علينا أن تَنْعاه وأن نرثيه» وأن تُبْديَ الأسف لوفاته. وإنّه لعزيرٌ ع أن أقول لكم: إنه كان في الأسبوع الماضي يسألني عن ميعاد الندوة ليحضر ويُرثّل القرآن» ىا تعوّد أن يرتل» فرحمه الله رحمة واسعة. م 2 0.7 7 9 72 محمد البنا بم الأستاذ محمد البنا” أداء الأمانة العلمية: رضي الله تعالى عن المرحوم المغفورٍ له الأستاذ محمد البنّاء بها قدّمِ من خير للإسلام؛ وبما قا من حيٌ الله على العلماء؛ ورث الأنبياء» وأمناء الله تعالى على خخلقه» فقد أدّى الأمانة» وبَلّمَ المؤمنين الحنَّ في الإسلام فيه| تصدّى له من غير مراء» ولا مُداراة» أَجْرْلَ الله ثوابه» وجزاهُ بأكثر مما عَمل» وجَعَلَ سيرئّه ذكرى عطرة: لكل مَنْ تلو عل بريذية وج اله تعال ووصواته: مشاركته في مجلة «لواء الإسلام»): إِنَّ من الحنٌّ على مجلةٍ الواء الإسلام أنْ تكتب رائيةٌ محمد البناء ناعية للمسلمين في مشارقٍ الأرض ومغاريها نعيّه» فإِنَّ خسارتها فيه خسارةٌ لكل مَنْ يَفْرؤُهاء ويَتذاكرٌ ما تحتويه من هدي دينيٌ» وإرشادٍ سلفي. لقد شارك الفقيدٌ البارٌ المجلة من أولٍ إنشائها معّ السابقينَ الأوّلِينء أمثالٍ العارفي بالله الإمام محمد الخضر حسين, والفقيه المستقيم العقلٍ المنتظم في تفكيره وفقهه الأستاؤ عبد الومّاب خلا عفا الله عنه وجزاة عا قدّم من قولٍ سديد» وهدىٌ رشيد» خيرٌ الجزاء. (1) مجلة للواء الإسلام»: العدد الثالث» من السنة الرابعة والعشرين: ذو القعدة 17/8 ه - 191/١‏ م. 8 أعلام وعلماء واستمرٌ رضي الله تعالى عنه يمد المجلّة بعلمه السلفيٌ» حتى آخر رَمَقِ في حياته. وحشيّنا أننا قرأنا مقالُ ونحرٌ ننعاهء ونذرفُ الدموع على جثانه الطاهر, وتُودٌعُه الوداعٌ الأخير. تدريسه بمدرسة القضاء الشرعي وإمامته في المفوضيّة المصرية بباريس: كان المرحومٌ مُدرّساً بمدرسةٍ القضاء الشَّعيَ» تولّ التدريسٌ فيها غِبّ حرّجِه فيهاء وانتقلّ من كُرسييٌ الطالب إلى كُرمييٌ الأستاذ. ثم انتقل إلى إمامة المفوضية المصرية بباريسء فقامً , تحن التوعيه والإرشاد لأبنائنا هناك» وكان مظهرٌه إسلامياًء ى) كان في مخيره بَرَاً تقياً. مَكَتّ هناك نحو سنتئن» وعاد إلى مصر قاضياً شرعبَاء عالماً سلفياء لم تَخْتلبْ مداركّه أوروبا وزخرفهاء بل تأر با خير فيهاء ولم يذ بشرٌهاء عاد منها ميداً الفرنسية» مزاياه الحليلة: كان في فقيدٍ المجلة العزيز الكريم؛ مزايا جليلة» فهو عالسَلَفَيٌ وأديبٌ لَوَدَعيٌ: يروي أحاديتَ رسولٍ الله يله ويحفظٌ الشعر» ويختارٌ منه ما فيه حكمةٌ ومن النثر العرب ما فيه سحرء وإنَّ من الشعرٍ لحكمة» وإنَّ من البيانٍ لسحراً. عرفتٌةُ منلٌ كان طالباً كبيراء وكنّا نحن صغاراء ولكنْ قارَبته لأ كنتٌ زميلاً لأخيه الهم المغفور له الشافعيّ» رضي الله عنه وأثايه. وقد لازْمَهُ طول حياته سَمْتٌ هاوئ مهيب في شكله وقوله يتعالل عن سَفْسَافٍ الأمور. ويَتَسَامى إلى مَعاليها. خم إلينا نض كنت في كثير من الأحيان أَُصاحِبّه في عُدوّنا ورَواحناء فتّتذاكرٌ في العلم أو الأخبار فإِنْ سكيّنا انج إلى التُسبيح. مواقفه من الكبراء في السياسة: لقد اقترب من الكُبراءِ في السياسة» فكان اقتراب مُعَاوَنةٍ صَاَقٌ وليس مُمَلَةٌ آثمة» وما عَكّرَ قلبّه بعداوة مُالِفء أو مُناوأة حزي. كنا معاً في الامتحان الشَّفَوِيَ لطلبة كلية الحقوق» فاتّصِلٌ أحدٌ كبارٍ السياسة الحزبية ساخطاً: كيف يجلسٌُ الأستاذً البنا لامتحان ابني؟ وكان ذلك الرجل عندي كبيراً فبدا لي سخيفاً قميئاً. وطَدْانتُهه وحضرٌ الطالبء وامْمّحنء ونال حقَّه والذي اقترَحَ الدرجةً الأستادٌ البناء وكان سخياء فعجبّتء وكان البنا في القمّة» والحزي في الحضيض الأوهد. رحم الله البنا عالم» وكاتبء وأديباء ورجلا”". )١(‏ لا انعقدت ندوة «لواء الإسلام» في الساعة السابعة من مساء يوم الغلائاء "١‏ من شوال سنة 5ف الموافق "٠‏ من ديسمبر سنة ١149‏ م, استهلٌ الأستاذ أحمد حمزة الندوة بالكلمة الآنية: «إخواني أعضاء الندوة: بقلب يحمدٌ الله في السرّاء والصَّرَّاء وتسليم بمشيئته تسليم المؤمنين الصَّابرين» نحتسب عنده جل جلاله رجلاً من بُناة مجلة «لواء الإسلام» ومؤمّسي هذه الندوة» وعَلَم]ْ من أعلام الفقه والأدب والتاريخ» ومناراً من منارات الخُلُّق والتقوى والجهد: هو الأستاذ العلامة الشيخ محمد البئا نضّر الله وجهه. وأكرم ذكراه ورفع درجته في عليّين. والأستاذ محمد البنا عرف بين علماء الأزهر باستبحار المعرفة» وشرف الأخلاق» وصفاء الروح» وعفّة النفس واللسان. - 2-5 أعلام وعلماء - وغرف في القضاء بحصانة الضمير» وذمة الحكم؛ وشجاعة الرأي. وعرفه الوطن مجاهدا عن قضاياه» مستقيم| على الطريق. لا تنال منه رغبة ولا رهبة؛ ولا يعرف إلا الحق؛ يدافع عنه ويحمل رايته. وقد ظلّ رضوان الله عليه قرابة خمسين سنة يخدم دينه و أمته سراً وعلناء فهو يجمع بين شمائل الجندي المجهول وشمائل القائد الموفّق. وإني إذ أنعى إلى الندوة وإلى العالم الإسلامي هذا الزميل الكريم؛ أشعر بفداحة المصاب فيه ولا يسعني إلا أن أردد قوله سبحانه: #إإنًا يونا له تجعون». رحم الله هذا العالم المجاهد المخلصء وجزاه عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء». محمود شيت خطاب خض اللواء الركن حمود شيت خطاب"'" (119-14اه) (1998-1919م) صلة الكتاب بمؤلفه: أما بعد فقد أطلعنى صديقي الكريم اللواء الركن محمود شيت خطاب على كتابه القيم «بين العقيدة والقيادة»» واستمعت إلى بعض قليل منه في مؤثّر مجمع البحوث الإسلامية. ون الكان فزن ضور من كات ق شعروا امول ومطيدا الوق وإدراكه في المنقول؛ ولا ينفصل الكتاب الذي يكون ثمرة لجهود كاتبه» عن صاحبه؛ ئ) لا ينفصل السبب عن المُسبِّب واللازم عن الملزوم؛ لأنه صورة منه) وصورة طور من أطوار نفسه. ولا يُمكن أن يَتبيّن الأثر إلا إذا تعرّضنا بالبيان لمن أَوْجَدَهُ. )١(‏ تقديم كتاب «بين العقيدة والقيادة»» ص 78-94 طبعة دار القلم الأولى: 419١ه‏ - 119/8م. وقد اقتصرت على كلام الأستاذ أبو زهرة حول اللواء الركن محمود شيت خطاب. وتنظر ترجمة اللواء محمود شيت خطاب رحمه الله تعالى» فيها كتبه أستاذنا الفاضل الشيخ محمد فاروق بطل في تقديمه لكتاب «قادة فتح الأندلس» ١:/ا-51.‏ 327 اعلام وعلياء ولذا كان لا بدَّ أن نتعرّض بكلمةٍ للكاتب» قبل أن نتصدَّى للمكتوب. ى) لا نعرف النتائج من غير معرفة مقدّماتها. معرفة الأستاذ أبي زهرة باللواء الركن محمود شيت خطاب: وإِنْ صديقي الكريم اللواء الركن محمود شيت خطاب القائد العظيم المُذْرك 0 1 0 ماع كس 007 5 والوزير المخلص - وقليل ماهم سعدت بمعرفته من نحو أربع سنين أو أقل » والمدة في الحالين لا تزيد؛ ولكنّى بمُجِرّد أن التقيتٌ به أَحْسَسْتُ بأني أعرفه منذ سنين تُعد بالعشراتء لا بالآحاد. وكأن الأرواح قد تَعَارفت قبل أن تتلاقى الأشباح» وكأن الفورة قد رأيتهاء وما لقيتها؛ لأن الأرواح تتألف تسق الائتللاف» وتَتَقَارتٌ وتَسْبق الاقتراب؛ ولذلك سرعان ما تَصَّادقنا عندما التقيت به» وكأن صداقتنا ترجع بالماضى إلى آماد» لا إلى وقت قريب. )١(‏ وقد شارك في ندوة مجلة «لواء الإسلام» القاهريّة» مع الأستاذ محمد أبو زهرة» وثلة من العلماء الفضلاءء وكانت أول ندوة يشارك فيها في مساء الثلاثاء لا من رجب سنة 1788هه الموافق أول أكتوبر سنة (1954م)؛ وقد رحب به صاحب المجلة الأستاذ أحمد حمزة وقال: يسرٌّ مجلة الواء الإسلام» أن تُرحُبٍ بتشريف سيادة الأخ اللواء الركن محمود شيت خطابء أحد رجالات العراق الشقيق» الذي كرّس وقته في خدمة الإسلام والمسلمين» يؤيّد ذلك كتاباته القيّمة» ومؤلّماته التي لا نظير لحاء وخاصّة ما يتعلّق منها بتاريخ العرب والإسلام والمسلمين. وإنا لنرجو له مزيداً من التوفيق في تخدمة الدين الحنيف. ثم عقب الأستاذ أبو زهرة بقوله: 0 الا اس ع و و ال 21 بالحضورء وتشجيعههما لندوتنا المباركة إن شاء الله. تجلة «لواء الإسلام» العدد ؟١‏ من السنة 5 (184ه - 8 كؤام). إذا اجتمعنا منفرديّن أو في جَمْع: وتَبّادلنا الأفكار» أَحْسَسْتٌ بأني لا أنوي فكرةً إلا سبقني إليهاء وقد أسارع إلى القول ب! في خاطره. قبل أن يُبْدِيَُ؛ وكان ذلك لامتزاج نفوسناء وصفاء ما في نفسه؛ وابتعاده عن الالتواء في القَوْل أو الفكر أو الاتماه فهو يسير بفكره وقوله وعمله في خط مستقيم؛ كاستقامة قامته؛ والخخطاً الت يعرف ليكداوف كا تزف وَصَطه واتهازة: وكانت مجالس تَتَبَادلُ فيها الحديث على تُورٍ من الله» وروحانيّة نفوسء واستقامة قلوب بيننا؛ فكنثٌ أتذكّر في هذه الصّحبة قول النبي وَل: «إنَّ من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شُهداءء يغبطهم الأنبياء والشُّهداءِ ( لمكانهم من الله)» قيل: اومن هم يا رسول الله؟» قال: «هم قوم ار بروح من الله على غير أ تربطهم ولا أموال يَتَعاطَوْنها؛ والله إئَّم لور» وإنَّهم لَعَلى نور؛ لا يخافون إذا نا الناسء ولا يحزنون إذا حزن الناس؛» ثم تلا قوله تعالى: ألا اك لَك أله 0 5 ىه كرس مي حر عور ولا هم ه حخرنوت 4 [يونس: ؟5"] تذكّرتٌ هذا الأثرٌ البُويّ إذا اكتمل بالعمل جَْعُناء لكني ولست من يَتَسَامى إلى هذه المكانة» وأحسب أنَّ صاحبي يُتسَامى إليهاء أو أني أرجو ذلك له. )١(‏ رواه النسائي في «الكبرى» »)١11177(‏ وأبو يعلى .)111١١(‏ وابن حبان (87/1)» وابن جرير 001١‏ من حديث أبي هريرة وسنده صحيح. وله شاهد عن عمر رضي الله عنه رواه أبو داود 03670 وأبو نعيم في «الحلية» :١‏ 0 وجوّده ابن كثير لكنه منقطع ولا يضر. وله شاهد ثان عن أبي مالك الأشعريء رواه أحمد ©: 251١‏ 48 ”ء وابن المبارك في «الزهد» »)9/١4(‏ وأبو يعلى (؟5845) وسنده حسن. فض اعم وجا صفات اللواء خطاب: وقد جمّع الله تعالى لصديقنا اللواء خطاب من الصّفات ما تَسْمُو به واحدة منها عن سَفْسَاف الأمور وتَتّجه به إلى معاليها. أولها: الإخلاصٌ في القول والعمل؛ والإخلاصٌ إذا كان في قلب أشرق» وقَدّفَ الله تعالى فيه بنور الحكمة» وكان تفكيره مستقيأء» ولسانه قويأء وعمله حكياًء فلا يكون التواء» ولا عوج. و مه و 0-4 وثانيها: الإدراك الواسع. والعلم با حَوْلهء وتعرّف الأمور من وجوههاء وإدراكها من مَصَادرها؛ فقلمّه نقىّ؛ وله فكر ألمعيّ. قائد يعرف حَحِصْمَةُ ويذْرِكُ مَرَامِيهه حتى أنه لَيتوقّع الحرب أو ال هجوم من ف كمد ار ولط ا 0 امال اتيك ا 2 عدرّه في مقاتها قبل أن يَعْلِنَهاء وقبل أن يفكر فيها من سيكونون حَطَبها؛ لأنه يعلم الخضم» ومآربّة» وحالَة ويتعرّف من ذلك مآله.. عَلِمّ بجوم اليهود سنة ١9117‏ قبل أن يُعلنوه» وقبل أن يُقدّره الذين كانوا في زعمهم يُدبّرون الأمور» ويلبسون لكل لبوسها. وثالئها: إيمان صادق بالله. ورسوله ال الأمين؛ ولذلك يَتَتَبّع سيرة السالفين» ويجعل منهم ُوراً مبتدي بهء ويعلم منه أعلام الحداية. افه 9« ويكمل هذه الصّفات التى هى منه بمنزلة السجايا والمَلَكَات؛ هنَّةٌ عالية: وتجربةٌ ماضية» وبرة بالعلم والحروب؛ وخخصوصاً ما كان بين العرب واليهود. صفاته العلمية والخُلقية: وهو عالم في العربيّة» ومُلمٌ إلماماً عظياً بشّؤون الدين» وقارئٌ يَتَقصّى الحقائق فيا يقرأ؛ يتعرّف ما تَسْطْره الأقلام» وما وراء ما تسطره؛ ينفر من تقليد الفرَئْجَة ويؤيْر ما في القرآن والسنة وما كان عليه السّلف الصالح؛ وهو ممن يُؤيْرون الاتّباع ولا يرضَّوْن عن الابتداع؛ سلفيٌ في إمانه وعمله» قويّ في تفكيره» يضم ما جدّ في العصرء بها في قلبه من إيعان راسخء واتَّبَاع مستقيم.. وله مع كلّ هذا قلمٌ بارع مُصَوّرء وكتابته من قبيل السّهل الممتنع؛ وفقه الله تعالى وهداه'"". )١(‏ قال اللواء الركن محمود شيت خطاب في آخر تقدمته لكتابه «بين العقيدة والقيادة؛ ص5": «فأعمق الشكر وأعظم التقدير لفضيلة أستاذنا الجليل الشيخ محمد أبو زهرة» شيخ العلياءء وعالم الشيوخ على مقدّمته الضافية» وقد حرصت عل إثباتها في الكتاب تقديراً لفضله وعلمه وشجاعته في الدفاع عن الإسلام» ثم هي رأي الدين الحنيف باعتباره من أكبر علماء المسلمين في العصر الحديث في تقرير العلاقة الوثيقة بين العقيدة والقيادة». انتهى. فهرس المحتويات الموضوع الصفحة المقدمة 00 0 0 ا ترجمة العلامة محمد أبو زهرة: بقلم الدكتور عدنان زرزور ما ا ا تراج اللطواا مم 0 1 1 000 ١-أبو‏ حنيفة 1[ 000 ؟ مالك بن أنس موس و ماس اال و سوال ال الشافعي موطف اتن مط ارا سخا عاد ولا ال جم ا ا ما ا 1111 5 أحمد بن حنبل ا ل و اام ل م اذاه مياد بل ال لخو رو 115 ب) تراجم المحدثين انا سن و1 باتساو ارو ار قم ا و ا 11 ١-البخاري‏ لالمطانه طن فوووا مق ل 0ه مكاسامه ال لطا لل و ج40 ؟-مسلم بن اجاج ماكو كح ا 1س ام ا اللي م ا 10 أبو داود السجستان ٠‏ 500 0 1 1 1010001 4 -الترمذي اف و1 ممه وو ام ا ل لاا ا ل ا ا ا 1 ابن ماجّه القزويني الما مط ال ا ا مو ا ا ل 101 ج) تراجم المفسّرين: خوك 1ط او را وار بالخمال ا اا ةا ١-ابن‏ جرير الطبري 000000000000 *-الزمغشري ند اللو لولم لخ سمخو لس 1 الفخر الرازي متم لاوج اوسا سال رقو لاع اا ل ا د ) تراجم الوعاظ والمتكلهين ...ممم مت ممم ممم همهت 0 ااا ١-الحسن‏ البصري ا 0 100000 ةذ أعلام وتراجم الملوضوع الصفحة ؟- أبو الب الأشعري 00 00 أبو منصور الماتريدي امي ع او يا 1 5_أبو بكر الباقلان ا 1 5-أبو الحسن الماوردي مو ا ا ا خفو تانبو او و 11 ابن حزم الأندلسي ا ا م ا م مو اقيم ودع و 15141 8 ابن خلدون بطل جم جاب . إسد. يريب .ب ليها جم ل ه ) علماء معاصرون: م ممه م ممه م م موه ممق مف 1486 ١‏ الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير ل و ا ا 1 ؟ ‏ العلامة أحمد تيمور وا اتح اد ا مام سه لاسا اس ل قري قدي ينطوم ل تعض قزئيو امالك امس 12ت ؛ ‏ الإمام الكوثري ل نح سا ارسق مومه سمطو ا الام الدكتور محمد صالح وخ اخ العام و وا ا اا 5 الأستاذ عبد الوهاب خلااف ا 0 1 ااا دالك 2 - بسيو لوتتاحة نا ا ار ا 0 8 محمد عبد الله دران ...كو الها ا 1 ا 4_الشيخ محمد المنضر حسين 0 ا 00 ٠‏ الدكتور عبد الوهاب عزام ا و ا ا ١-الدكتور‏ منصور فهمي ل و لوط امسو ا م اس ا الدكتور حامد الغوابي ا ا ٠‏ _الاستاكم/,صيري عابدين م ااا وام 11 4 ١-الاستاذ‏ الشيخ محمد البنا اما وشا دوا و1 وقوه اوكا الام ال ا 11 6 اللواء الركن محمود شيت خطاب ا