ملترم الطيع والددر دارالفكر لطرىف ١‏ رع موارخعون , المّاهرة صن بن ١. ١:‏ لارث"526069ي الرنا في اليهودية والنصرانية ١‏ - لم يكن نظام الفائدة الذى هو الربا حراما في الاسلام وحده من بين الديانات السماوية » بل ان الديانتين السماويتين السابقتين على الاسلام» قد صرح بالتحريم فيهماء فهو محرم في التوراة والانجيل والقرآن » لا في ألقرآن وحده» ولا تزال بقية من هذا التحريم في التوراة التى بأيدينا » وان كانوا قد نسوا حظا مما ذكرورا به ٠‏ ففى سفر التثنية بالاصحاح الثالث والغشرين : لا تقرض أخاك الاسرائيلى ربا * ربا فضة أو ربا طعسام ) أو ربا شيء مما يقرض بربا, ٠‏ ونرى من هذا أنهم يقضرون تحريم الربا بالنسبة للاسرائيلى ٠‏ ويصرح بذلك هذا الاصحاخ بقوله : «'للأجنبى تقرض بربا » ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكى يباركك السرب الهك في كل ما تمتد اليه يدك , ٠‏ والاسلام ينظر الى هذه النصوص على أنها تحرزيف للمقصد الأصلى من تنحريم الربا» فان الربا حرام من أى انسان » لأنه ظلم » والظلم لا يحل في شنخص ويحرم في غيره » لأن الله سبحانه وتعالى يقول على لسان رسوله محمد يي في الحديث القدسي « يا عببادى انى حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظاللوا » ' وان كان ثمة من فرق بين اليهودية حين تستمسك بهذا النص ٠‏ وبين الاسلام » فهو أن الاسلام يأخذ في الربا وغيره بالآخوة الانسانية التى لا تفرق بين جنس ولا لون ولاعرق » بل الكل خلق الله تعالى ٠‏ واليهود ينظرون الى غيرهم على أنهم ليسوا من طينتهم ٠‏ بل من خُلق غير خلقهم » ويقولون : و نحن أبناء الله وأحباؤه 6(') ٠‏ ظ ولأجل هذا المعنى الضيق الذى اشتمل عليه نص التوراة التى يأيدينا اندفع اليهود في أكل الربا من غيرهم » وتحريمه فيما بينهم » ولم يمنع ذلك القرآن الكريم من اعتبارمم ١4. لللائدة.آية‎ )١( داع د أكلة الربا ٠‏ فقد قال تعالى في النعى عليهم : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم » وبصدهم عن سبيل الله كثيرا » وأخذهم الربا وقد نهوا عنه » وأكلهم أموال الناس بالباطل »© وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ) النساء : 75١-15٠‏ . ١‏ - والنصرانية الحاضرة حرمت الربا تحريما قاطعا مانعا » وحرمت الربا لاعند النصارى فقط » بل بالنسبة للنصارى مع غيرهم » واأجمعت على ذلك الكنائس »؛ لا فرق دين كنيسة وأخرى+وقد حاول الربويون بتاثير الاقتصاد اليهودىاستباحة بعض العائدة » فلم تسغ ذلك الكنيسة لهم ٠‏ ولقد ادعوا أن هذه الفائدة هى أجرة التنظيم والادارة فقيل : ان بعض رجال الدين من المسيحيين أباح الفائدة في هذه الدائرة دون سواها » أى : على أنها أجرة ادارة » لا فائدة دين »؛ وقد اتخذ الكثير من هذه الفتوى مسوغا » فانطلقوا . ومن الغريب أن هذا الكلام يتردد الآن ا ويقال لرجال الدين المسلمين ليفتوا بهذا القدر الضئيل » وليتخذوا من فتواهم ذريعة لتحليل ما حرم الله تعالى ٠‏ ونحن نقول : أن الاسلام نظام اقتصادى قوامه تحريم الفائدة في الديون ما لم تكن ثمة شركة منظمة في المغرم ٠‏ "] - ولما جاءت حركة الاصلاح في المسيحية لم يكتف لوثر زعيمها بتحريم الفائدة قلت أو كثرت » بل حرم كل العقود التجارية التى تؤدى الى الربا ؛ حتى بثمن مؤجل اذا كان اكثر من الثمن العاجل ٠‏ وقد قرر أن ذلك نوع من الربا ٠*٠‏ يروج باسم التجارة » وكتب في ذلك رسالة عن التجارة والربا وقد جاء في هذه الرسالة : « ان هناك أناسا لا تبالى ضمائرهم أن يبيعو أبضائعهم بالنسيئة في مقابل أثمان غالية تزيد على أثمانها التى تباع بها نقدا » بل هناك أناس لا يحبون أن يبيعوا شيئا بالنقد ويؤثرون أن يبيعوا سلعهم جميعا بالنشيئة ٠٠‏ أن هذا التصرف مخالف لأوامر الله مخالفته للعقل والصواب»ومثاله في مخالفة الأوامر الالهية والأوامر العقلية»ان يرقع البائغ السلعة لعلمه بقلة البضائع المعروضة»أى لاحتكاره القليل الموجود هن هذه البضاعة» ومثل ذلك وذاك أن يعمد التاجر الى شراء البضاعة كلها ليحتكر بيعهاء ويتحكم في أسعارها , ٠‏ فهو بهذا يعتبر الاحتكار من قبيل الكسب بغير مقابل كالربا » بل انه ليعتبر خفض سعر ما عنده ليضطر غيره الى خفض ما عنده فيحل بغيره الخراب حراما ٠‏ ويعتبر من الربا أن يبيع الشخص ما ليس عنده » كما يعتبر من الربا أن يتآمر التجار في حال الحرب ويشيعوا الأكاذيب ليدفعوا الناس الى بيع ما عندهم » ثم يشتروه بأقل الأثمان » ثم يتحكموا في أسعارها من بعد ٠‏ وهكذا يعد كثيرا من البيوع حراما * لأنها تؤدى الى الاحتكار » وجعل البضائع في أيد محدودة » تتحكم في اسسعارها ؛ الفائدة في نظره أيا كان مقدارها حرام » ويقول في أمثلة منها : . هناك تصرف مالوف بين الشركات » وهو أن يودع أحد مقدارا من المال عند تاجر : آلف قطعة من الذهب » على أن يؤدى له التاجر مائة أو مائتين كل سنة » سواء أربح ام خسر » ويسوغ هذه الصفقة بأنها تصرف ينفع التاجر » لأن التاجر بغير هذا القردض يظل معطلا بغير عمل , وينفع صاحب امال » لأن ماله بغير هذا القرض يبقى معطلا من غير فائدة )'١(,‏ . وان كلام ذلك المصلح الذى نفذ الى دفوح المسيحية ولبها » وكدرك مرامى عباراتها » يدل على مدى تحريم هذه الديانة للربا . )1( نقلنا كلام لو في هذا الموضوع وغيرهة.من كثاب , حفائق الاسلام وأباطيل خصومه , للأستاذ عباس محمود العقاد ص ١553-1560‏ 4 - نهى سولون الذى وضع قانون أثينا في القديم عن الربا » ونهى أفلاطون في كتابه أيا كان مقدارها كسبا غير طبيعى لأن مؤداها أن يكون النقد وحده منتجا غلة من غير أن يشسترك صاحبه في أى عمل ؛ أور يتحمل أى تبعة » ويقول في ذلك : « ان النقد لا يلد النقد» لأن أساس الغلات الطبيعية أن تكون متولدة من الأشسياء ذاتها » أما توليدا طبيعيا » بتئمية الزرع أو الحيوان أو باخراج الأشياء من باطن الأرض , واما توليدا صناعيا بأن تستخرج بوسائل الصناعة المختلفة غلات تنتج من تحويل الأشياء» واما توليدا تحاريا نقل البضائع من مكان الى مكان ©» أو ادخارها من زمان الى زمان ان لم يكن في ادخارها احتكار » أو منع لآقوات الناس ٠‏ وأن النقد لا يصلح بذاته لآن تتولد منه غلات من هذه الأنواع الثلاثة » لأننه مقياس لقيم الأشياء » والمقياس لا يكون سلعة يتجر فيها » اذ يجب أن يكون مضبوطا غير قابل ولقد قسم أرسطو طرق الكسب بالتجارة الى ثلاثة أقسام : الآولى : معاملة طبيعية ؛ وهى استبدال حاجة من حاجات المعيشة بحاجة آخرى » كاستبدال الثوب بالطعام ٠‏ وهذه عى المقايضة » وهى الطريقة البدائية قبل اتساع أبواب التبادل » واتخاذ النقود مقاييس ضابطة ٠.‏ الثانية : استبدال حاجة من الحاجات بالنقد كاستبدال الثوب بدراهم أو دنانير » وهذه الطريقة هى التى صحمت الحضارة الانسانية ٠‏ الثالئة : معاملة غير طبيعية » وهى اتخاذ النقد ذاته سلعة تباع بمثلها » ويكون من ورائها الكسب » ومن هذا النوع الربا بكل ضروبه التى جاء بها الاسلام كما سنبين ٠‏ [الاا مه شرحه »© وعمموه في كل تصرف يؤدى التأخير فيه الى كسب نقد بسبب الزمن » وجعارا الأاساس في المنع » هو أن التقد لا يصح أن يتخذ موضوعا للتجارة ٠.‏ ويقول في ذلك داقيد هيوم : و ان النقد ليس مادة للتجارة » ولكنه أآداتها » وإنه ليس دولابا من دواليب التجارة ولكنه الزيت الذى يلين مدارها »(0) * وهكذا نحد الفلاسفة تضيق صدورهم حرجا بنظام الفائدة الذى يجعل النقد يكسب من غير عمل ولا تحمل تبعة » وبذلك تتلاقى الفلسفة مع الدين في تحريم تلك الآفة الاجتماعية والاقتصادية ٠‏ الربا في القرون الأخيرة + - مع تحريم المسيحية للربا » ومع شدة النكير عليه من رجال الدين وخصوصا ولوثر » زعيم الحركة الاصلاحية فقد انتشر الربا في أوربا » وعن طريقها ذاع وشاع في كل بقاع العالم » وقد سركت ازاء هذا الذيوع رجال االدين عن الاستنكار » اذ أصبح استتكارهم ضرخة في واد ؛ ولعل القارىء يتساءل : لم كان ذلك الذيوع في تلك الأراضي تحت سلمع الكنيسة وبصيرها ؟ ! بظهر أن السبب في:ذلك يعود الى عدة أمور : اولها : الروح المادية التى سيطرت على المسيحيين في معاملاتهم المالية » حتى لقد شاع بينهم أن الدين للمعابد ولا يتجاوزها » وأما المادة » فاته يسيطر عليها قانون الحياة » وأكان ذلك تبعا لمبا سموه : فصل السلطة المدنية عن سلطان الكنيسة ٠‏ فكان من الطبيعى بمقتضي ذلك الفصل » أن يبعدوأ أوامر الدين عن سلطان القوانين» ما يحل منها وما يحرم» ' وخصوصا في المادة ٠‏ ثانيها : : انهم ني مبدا الأمر كانوا يوحمون رجال الدين بأن الفائدة القليلة هى أجرة ادارة » أو نحو ذلك مما بجرى الآن للتمويه على علماء الدين من المسلمين »© وعلى العامة المتدينين ٠‏ ثالثها : اعتقاد الاقتصاديين الذين أخذوا بنظرية الفائدة أن الفائدة القليلة لا تتنافي مع الأخلاق © ولا تؤدى الى الروح الاتكالية وتحكم رأس المال في الانتاج » وضياع عمل العاملين » حتى ان آدم سميث ( ١1/40 ١955‏ ) الذى يسمى : أبا الاقتصاد 4 قد استحسن الاقلال من فوائد الديون وزعم أن القليل منها يشجع المقترضين على الانتفاع بالأموال المدخرة » ولا برعقهم بأعباء السداد » أو يحرمهم ثمرة العمل الذى يحتذبون الأموال المدخرة الى أسواقه بدلا من تعطيلها(') ٠‏ رابعه؟ : اليهود الذين استولوا على عرش الاقتصاد وسيطروا عليه » فانهم وقد استمسكوا أشد الاستمسساك بأن الربا حرام أخذه من الاسرائيلى حلال أن يؤخذ من غيره » قد طبقوا الجزء الآخير في أوسع:نطاق ». حتى حولوا العالم الى عالم ربوى قد طغى فيه رأس المال طغيانا شديدا ٠‏ وقد ابتداوا فسيطروا على الدول والملوك بنظامهم » ثم تحكموا من بعد ذلك في كل ما يتعلق الانتاج من غير عمل صناعى مثمر ٠‏ ولنضرب لذلك مثلا هو آل روتشلد , الذين تحكموا في الاقتصاد الأوربى في آخر القسرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر ٠‏ فهؤلاء خمسة أبناء لرجل واحد » قد آلت اليهم اموال أبيهم الذى كان تاجرا يهوديا يقيم في حى اليهود بفرانكفورت » وقد اكتسب ثروته من غير الحلال © فقد اتخذ من صداقته لأحد أشىراف الجرمان سبيلا للاستيلاء على أمواله في المصارف ٠‏ عندما فر ذلك الشريف من وجه نابليون 1805م ٠‏ وقد اقتسم الأبناء الخمسة أوربا وأمريكا » فأحدهم في ألمانيا » والثانى في انجلترا » والثالث في النمسا © والرابع في ايطاليا » والخامس طواف هنا وهناك » وقداخذوا يكسبون من الاتجار بالنقود ذاتها » لا من صناعة أنتجوها » ولا من بضائع جلبوهة وروجوها »؛ ولا من فلزؤت الأرض » استخرجوها » ولامن زرع استنبتوه » بل من اقراض الملوك والدول ؛ وانشاء المصارف الربوية والسيطرة عليها . ولقد قوى سلطانهم ».حتى ان البابا ليختهار أحدهم مديرا لأمواله في روما ٠‏ وقد ظلت هذه الأسرة في كل طبقاتها لا تكتسب الا من ذات النقود حتى ان أحد الكتاب يقول فيهم : م استمرت هذه الآسرة على وجه العموم بعيدة عن ميدان العمل الحقيقى في العصر الجديد » عصر الانقلاب الصناعى في أوربا(') » ٠»‏ ولقد كانت تلك الأسرة شحيحة في كل سبيل من سبل الخير » الا على اليهود * وزيقول ني ذلك الكاتب الذى أشرنا اليه : « لقد استخدموا من أول الأمر مالهم وميلهم لصالح اليهود في فرانكفورت أولا » ثم لصالح اليهود أينما حلوا , ولا تزال الأسرة تحتفظ بهذا التقليد الى يومنا هذا ومن اليسير أن نعلل هذه الرغبة فيهم , وذلك أنهم اذا حرروا اليهود » فانما يحررون أنفسهم » وسيستردون ما ينفقون من مال بفضل تعاون اليهود الذى يقتضيه فعل المعرواف ٠‏ 19 اغنياء وفقراء , تاليف ولز » ترجمة الدكتور زكى نجيب ص‎ ١ راجع كتاب‎ )١( ويظهر أن ولاء مؤلا الأعلام لبنى جنسهم كان ميلا غريزيا فيهم » كاتحادهم الأسرى» ودأبهم ف العمل © مع أن رسائلهم ووسبائلهم العملية لا توحى للسالحث بهن الرأى .(') ٠‏ هذه احدى صور الأعمال اليهودية في نشر الربا في ربوع العالم » وأساسه استغلال ذات النقد للكسب من غير أن يتحملوا تبعة انتاج صناعى أو زراعى 2 أو استخراج لما استبطنته الأرض من معادن » أو حواه البحر من لآلىء . وما زال الربويون من اليهود وإتباعهم وتلاميذهم يروجون استغلال النقد من غير أى تبعة مالية في الخسارة ٠‏ /[- شاع الربا في العالم وهو ليس الا طغيانا شديدا لرأس المال على العمل وعلى كل وسائل الانتاج » ولذا تولد من هذا الطغيان الشيوعية وقامت للحد منه الاشتراكية واتجهت دول الى ابقاء الربا في نظمها المالية ٠‏ ولقد كنا نود بعد أن كان من آثار (لربا ما كان » أن يعود الناس الى حظيرة الأديان السماوية التى. أجمعت على تحريمه » ولم ينفرد الاسلام بهذا التحريم © كما توهم بعض العلماء المسلمين » وبعض الكتاب غير المحققين ٠‏ وأن الأزمات الاقتصادية التى تتولد من الربا آنا بعد آن » جعلت الاقتصاديين يفكرون في الغائه واستبدال أى نشساط بنظام الفائدة الذى كان سببيا للكوارث على النتحو الذى أشرنا اليه ٠‏ ش ش )0 وأغناء وفقراء» ص 59١‏ . من لم بأكله ناله غباره 8 - دوى الامام أحمد عن النبى ملت أنه قال : « يأتى على الناس زمان يأكلون فيه الربا ٠‏ قيل : الناس كلهم يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : من لم يأكله غاله غياره , ٠‏ تلك نبوءة النبى ميته ( وما ينطق عن الهوى ٠‏ أن هو ألا وحى يوحى ٠‏ علمه شديد القوى ٠‏ ذو مرة فاستوى ٠ )١()‏ وقد تحققت تلك'النبوءة في عصرنا الحاضر ٠‏ فالناس يأكلون الربا ' ومن لم يأكله خاله غياره ؛ حتى صار الربا بلاء هذا العصر » وظنه الئاس عرفا حسننا لا تجوز مخالفته ‏ وحقا لا تسوغ مقاومته » وأثر ذلك في تفكير الكثيرين » حتى لقد وجدنا بعض الذين يتسمون بسمة الدين يجيئون الى النصوص القرآنية فيؤولونها ليخضعوها لذلك العرف الذى اشتهر » وينسون أن الأديان حاكمة على الأعراف » وليست بمحكومة لها تتبعها تبعية الخاضع المحكوم ٠‏ 1 : 8 - على أن المتتبع للأحداث » ليحكم عليها حكما مجردا » غير مأخوذ باتباع الكثرة الكاثرة في مجموعها » يجد ان الربا آفة اجتماعية , فاذا كان عرفا شائعا فهو عرف فاسد تجب مقاومته » ويجب تجريد كل القوى لمحاربته + واذا كان البناء الاقتتصادى في كثير من الدول يقوم عليه وجب العمل على وضع أسس جديدة ليوجد بناء صائح كاممئل فاضل " لا يقوم آلا على الكسب الذى فيه مبادلة بأى نوع من أنواع المبادلة الحرة التى يتحمل فيها المعطى تبعات الكسب والخسارة ! ٠‏ وأن هذه الآفة نظهر آثارها واضحة جلية في الشره الذى يخيم على نفوس المرابين » ويجعلهم يستغلون كل قوى غيرهم وانتاجه في كسب يعود عليهم » فان من السهل على من عنده عشرة آلاف جنيه أن يقرضها بفائدة خمسة في المائة أو ستة في كل مائة » فيجىء 3-5 الآيات من‎ )١( ااا سا اليه وهو جالس في عقر داره خمسمائة أو تسعمائة جنيه كل عام » من غير جهد ولا عمل ؛ ومن غير أن يتعرض لخسارة » الا أن تجتاح المقترض جائحه تأكل الأخضر واليابس ولا تبقى ولا تذر : وقد يكون سببها تضاعف الفائدة أضعافا كثيرة » مع كساد السوق > وضعف قوة الشراء ٠‏ وفي غالب الأحيان يكون قد احتاط الدائن لماله فينقض عند نكبة المدين على ما عساه يكون قد بقى من ماله انقضاض البازى على فريسته ٠‏ وان ذلك الكسل الذى يكون فيه الدائن » ليس هو الكسل المريح ٠‏ بل هو الكسل الذى يصحبه الوسواس الدائم » والاضطراب المستمر . لآنه وقد أودع ثروته بين أيدى الناس ٠‏ يراقبهم » ويتتبعهم ؛ لا ليش ركهم في خسارتهم ومغارمهم كما يش ركهم في كسبهم ومغانمهم © بل يترقيهم ليحافظ على ماله وفائدنه التى تتضاعف عاما بعد عام ٠.‏ ولذلك وصف الله سبحانه ونعالى الذين يأكلون الربا بقوله تعالت حكمته ( الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذى يتخبطه الشسيطان من المس() ٠‏ ش ١*‏ - وإن الربا في ذاته يسهل على الناس أن يدخلوا في مفامرات لا قبل لهم باحتمال نتائجها ٠‏ فالتاجر بدل أن يتجر في قدر من المال يتكافا مع قدرته المالية على السداد » يأخذ مالا بفائدة ليزيد في متجره , وقد يكسب من ذلك بلاريب ٠‏ 1 ولكن العاقبة غير محمودة أن نزلت البضائع » فانه لا يكون في قدرته البيع في الوقت الذى يريد » اذ أن الفائدة التى تلاحةنه والديون التى تركبه تضطره للبيع في الوقت الذى لا يناسبيه » فتكون الخسارة الفادحة + أو يكون الافلاس المدمر ء والديون تحيط بذمته » كما تحيط الأغلال بعنقه ٠‏ وقد نبت أن الأزمات الجائحة التى تعترى الاقتصباد العالمى تكون من الديون التى تركب الشركات المقلة » فان عجزها عن السداد عند الكساد يدفعها الى الخروج عن بضاعتها بأقل الأثمان ان وجدت من يشترى » ولذلك كانت تعالج هذه الأزمات الجائحة . البقرة الآية ه/ا؟‎ )١( ١90‏ سه بتقليل الديون بطرق مختلفة » كاحداث تضخم مالى من شأنه أن يضعف قيمة النقد فيقل الدين تبعا لذلك ؛ كما فعلت أمريكا في سنة ١955‏ » أو بتنقيص الديون مباشرة كما فعلت مصر في التسويات العقارية ٠‏ ١‏ - وان تسهيل القرض بفائدة شجع الكثيرين على الاسراف وعدم الادخار * فانه اذا كان يشسجع على الادخار الآثم عند بعض الناس » فهو بشجع على الاسراف عند آخرين ٠‏ لأنه إذا كان المسرف يرى من يقرضه بالفائدة في أى وقت » فانه لا يرعوى ©» ولا يحسب حساب المستقيل بحيث يدخر في حاضره ما يحتاج اليه في قابله » فانه ان اضطرته حاجته يجد المصرف الذى يقرضه بفائدة » ويجد الضامن الذى يضمنه ٠‏ ولذا نرق مو ظفين كمارا لهم مرتبات ضخمة تكفى حاجتهم الحاضرة ويمكنهم أن يدخروا منها لحاجتهم القابلة ٠‏ ولكنهم لا يفعلون لسهولة الاقتراض في أى وقت يشاءون بالفائدة » وفي مرتبهم ومرتب بعض زملائهم الضمان الكافي للمصرف . ولقد وبجد الناس بعض المرابين يذهبون الى نوادى القمار » ويجلسون بجانب المتقامرين » ليمدوهم بالمال اللازم للاستمرار في قمارهم » وربما لا يكتفون بالفائدة التى يتجاوزونها مسرفين في المجاوزة » فيكون المرابى قد تحمل أثم أكل مال الناس بالباطل » والاثم القانونى » واثم التشجيع على جريمة هى من أخبث خبائث هذا العصر ٠‏ 91 - وانه يثبت مما ذكرنا وغيره أن التعامل بالربا يوجد اضطرابا نفسيا مستمرآ بالنسبة لآكل الربا ومؤكله على السواء » وإنه فوق ما يحدثه من اضطراب في النظام الاقتصادى يوجد قلقا نفسيا مستمرا للمتعاملين » وهو بالنسبة لآكله ينبعث من جشع أساسيه الكسب من محهود غيره ٠‏ وبالنسبة للآخر المستغل ينبعث من جشع في كسب ليس في مقدوره والجشع من طبيعته أن يحدث اضطرابا مستمرا في قلب الجشع » وأحاسيسه ومشاعره ٠‏ ولذلك قرر بعض الأطباء المتدينين أن كثرة الأمراض التى تصيب القلب » يكون من مظاهرها ضغط الدم المستمر . أو الذبحة الصدرية » أو الجلطة إلدموية » أو النزيف بالمخ » أو الموت المفاجىء » سببها ذلك الاضطراب الاقتصادى الذى ولد جشعا لا تتوافر أسبابه الممكنة ٠‏ 5 1 2 ولقد قرد عمْيد الطب الباطنى 'في.عصره المرحوم. الدكتور عبد العزيز (سماعيل في كتابه م الاسلام والطب الحديث 6 أن الربا هو السبب في كثرة أمراض القلب ِ-"- وانبه لو استبدل يذلك النظام الاقتتصلدى _الذى يجعل المقرض آكلا غانما دائما » والمقترض مأكولا غارما في أكثر الأحوال أو في كثير منها ‏ نظام اقتصادى أساسيه التعاون بين المقرض والمقترض في المغنم والمغرم معا لكان أجلب للاطمثئنان » وأعدل وأقوم . وأاهدى سيلا ٠‏ ا تحريم الربافي القرآن الكريم "| - قد ورد تحريم الربا في القرآن !لكريم وني السنة النبوية الشريفة » وأجمع على تحريمه السلف الصالح والعلماء المجتهدون من بعدهم » وتضافرت القرون حقبة بعد حقية على ذلك الاجماع وقد رضيت بالتحريم القلوب المؤمنة »© وتململت منه القلوب القاسية » فانحرفت أحيانا عن القصد بالفعل الصريح » وأحيانا بالتحايل © وكلا الفريقين قد انخلع من الربقة ٠‏ ش تن يع نت اموضع الأول : كان النبى يِه بمكة المكرمة » وهو بين ظهرانى المشركين وذلك هو ما جاء في منورة الروم المكية » فقد قال تعالى ؛ , وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آنيتم من زكاة 'نريسون وجه الله » فأولئك هم المضعفون » ٠‏ وتحسينه للزكاة والبر » وهذا يدل على التحريم بمتضمنه »© وإن لم تكن الدلالة صر بحة ٠ قاطعة‎ وواضح من ذلك أن الاسلام لم ٠‏ يسكت عن المجاهرة بأن الربا غير فطرى في أى دور من أدوار الدعوة الاسلامية » حتى والنبى مَكِثرٍ في-مكة قبل أن يفصل ,الأحكام العملية للشريعة الاسلامية ٠‏ الوضع الثانى : قولله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا لا تاكلوا الربا أضعافا مضاعفة » واتقو! الله لعلكم 0 ند 25 وفي هذه الآية الكريمة تصريح قاطع بالتحريم » وبيان لقبح الربا » وما فيه من ظلم شديد 6 فذكر أنه يؤدى الى أن يأخذ الدائن الدين أضعافا مضاعفة مماياتى ٠‏ والقرآن الكريم في نهيه يصف المنهى عنه بأشنع أحواله غ» وأشد ما يؤدى الييم لتنفر النفس المستقيمة عنه» وتبتعد القلوب العادلة عن مزاونته٠‏ وان كون الربا يؤدى الى أداء,الديون مضاعفة واضح كل الوضوح في حال عجز المدين عن الأداء : وتوالى ذلك. العجز سمنة بعد أخرى » ثم تباع أملاك المذين بابخس الأثمان ٠‏ فقكون الخسارة مضاعفة في الدين وفي الأداء معا ٠‏ والدائن قد قيض ذلك من غير أى خسارة تلحقه » فهو كسب من غير عمل كادح © فهو كسب من غير مقابل . ومن غير عمل كادح ؛ فهو بالنسسية له غنم لا غرم فيه ٠‏ وقد فهم بعض العلماء أن الأضعاف المضاعفة هى في الدين من حيث أنهم في الجاهلية كانو( يضاعفون الديون > ومن حيث أن الزيادة المستمرة قد تؤدى الى مضاعفة الدين » وفي الحق أن المضاعفة حى في الزيادة لا في أصل الدين ٠لأن‏ الربا عو الزيادة لا أصل الددين* وتقد كان الربا الجاهلى هو الزيادة في الديون على ما سنبين ان شاء الله تعالى ٠‏ الموضع الثالث : قوله تعالى في سورة البقرة : ( الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم النى يتخبطه الشسيطان من المس »© ذلك بأنهم قالوا انما الييع مثل الربا » وأحل الله البيع وحرم الربا » فمن جاءه موعظة من ربه » فانتهى فله ما سلف وأمره الى الله » ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ٠‏ يمحق الله الربا ويربى الصدقات » والله لا يجب كل كفار أثيم ٠‏ ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ٠‏ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا ان كتتم مؤمنين » فان لم تفعلوا فأذنوة! بحرب من الله ورسوله , وان تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون و لاتظلمون٠‏ وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة » وإآن تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون ) ٠‏ وترون في ذلك النص الكريم التحريم القاطع الذى لا مجال للريب فيه » وقد اقترن التحريم بثلاثة أمور في هذه الآية الكريمة : - ١ إولها : أن المشركين كانوا يحتجون في تسويغ الربا بأن الكسب فيه كالكسب في البيم » فكما أن الرجل يبيع ويشترى فيكتسب من فروق الثمن في البيع والشراء فكذلك يدفع لغيره المال » فيبيع ويشسترى فيكتسب أو يشساركه في الكسب » وان لم يتعرض للخسارة » ومن جهة ثانية فان الربا كالبيع من حيث أنه يبيع مؤجلا بثمن وحالا بشمن ‏ فكذلك يجوز له أن يقبض الدين بعد الآجل أكثر مما أدى ٠.‏ ثانيها : أن النهى عن الربا اقترن بالأمر بالصلاة والزكاة وذلك اشبعار بان ذلك ركن من أركان الاسلام كالصلاة والزكاة وأن من ينكره فقد أنكر أمرا عرف من الدين بالضرورة © وان منع الربا ركن الاقتصاد الاسلامى » وان الحضارة الاسلامية حضارة فاضلة تقوم على منع ذلك الكسب الخبيث » ولذا قرن النهى أيضا ببيان أن عن يبيح الربا هو في حرب مع الله » لأن دار الاسلام نزهة عفيفة عن ذلك المال الخبيث ٠‏ انلها : إن الآية الكريمة حدت الربا المحرم بأنه ما يزيد على رأس المال » فكل زيادة مهما قلت ربا وكسب خبيث » ولذما قال سبحانه : ( فان تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) ٠‏ وان هذه الآيات من آخر آى القرآن الكريم نزولا » حتى لقد قال بعض الذين تكلموا في أسباب التزول أنها نزلت قبل وفاة رسول الله َه بثلاثة أشهر ٠‏ ١! 8‏ - هنه آيات كتاب الله الكريم التى تفيد تحريم الربا تحريما قاطعا لا شبهة فيه » وقد سجن في القرآن الكريم أن تحريمه من الأحكام المقررة في الشرائع السماوية » فقد سسجل أنه حرم على اليهود أخذ الربا فأخذوه ٠‏ وذكر ذلك من أسسباب غضب الله عليهم » فقد قال الله تعالى : ( وأخذهم الربا وقد نهوا عنه) ٠‏ وان هذه النصوص التى نقلناها تدل على أمرين ثابتين لا مجال للشك فيهما : اوكهما : أن كلمة الربا لها مدلول لغوى عند العرب كانوا يتعاملون به ويتعارفونه » وأن هذا المدلول هو زيادة الدين في نظير الأجل ٠‏ (م؟-الريا) ما - وان النص القرآنى قد ورد بتحريم ذلك النوع » وقد فسره النبى صلى كم بأته : الربا الجاهلى » فليس لأى انسان فقيها أو غير فقيه أن يدعى ابهاما في هذا المعنى اللغوى » أو عدم تعيين المعنى تعيينا صادقا ٠‏ فان اللغة عينته » والنص القرآنى عينه بقوله ' « وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم , ٠‏ ا الآمر الثافى : مو اجماع العلماء على أن الزيادة في الدين في نظير الاجل ربا ينطبق عليه النص القرآنى » وان من ينكره أو يمارى فيه » فائما ينكر أمرا قد علم من الدين بالضسررة . ولا يشك عالم في أى عهد من عهود الاسلام أن الزيادة في الدين في نظير تأجيله ربا لاا شك فيه ٠‏ 2 ١0‏ - واما السنة فقد وردت الآثار فيها بالتصريح بتحريم الربا » وبعضها تفسير للربا الذى نص عليه القرآن الكريم وبعضها اتى بنوع آخر غير ما نص عليبه القرآن الكريم » ومن الأول قوله يِل : م ألا ان ربا الجاهلية موضوع عنكم كله » لكم رءعوس أمؤالكم لا تظلمون ولاتظلمونء وأول ربا موضوع أبدا به ربا عمى العباس بن عبد المطلب» ٠‏ وروى أن رسول الله عل قال : « ألا أن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع ©» فلكم رءوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون » * ولقد قال يَكلَ فيما رواه البخارى في صحيحه : ٠‏ الربا في النسيئة » وربا النسيئة و الربا المنصوص على تحريمه في القرآن الكريم » وهو أن يزيد المدين في الدين في نظير التاجيل » فهو زيادة بسبب النسيئة : أى التاأجيل * هذا بعض ما جاء في السنة تفسيرا أو تأكيدا لما جاء في القرآن الكريم من ربا محرم» والسنة قد حرمت نوعا آخر وسمته ربا وهو الربا الذى يكون في المبيعات » وهى أشسياء نص عليها النبى يِل واوجب أن يكون البيع فيها بالمقايضة وبا مماثلة عند الاتحاد في جنس العوضين ٠‏ وأوضح حديث نبوى في ذلك ما رواه مسلم عن عبادة بن الصامت أن النبى وَل قال : ٠‏ الذهب بالذهب مثلا بمثل » والفضة بالفضة مثلا بمثل » والتمر بالتمر مثلا بمثل» والبر بالبر مثلا بمثل » والملح بالملح مثلا بمثل » والشعير بالشعير مثلا يمثل » فمن زاد أو استزاد فقد أربى » بيعوا الذهب بالفضة كيف شىئتم يدا بيد » وبيعوا البر بالتمر كيف شئة شئتم يدا بيد » وبيعو! الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد » * وترون أن هذا الحديث الشريف يبين نوعا من الرها جام ببيع أشياء ممينة قله بذهب تجب المماثلة في القدر ويجب القبض في الحال » وعند اختلاف الجنس لا تجب المماثلة في القدر ؛ ولكن يجب القبض في الحال » فبيع الشعير بالقمح لا تجب فيه الممائلة في القدر » ولكن يجب القبض في الحال ٠‏ ويسمى الفقهاء الزيادة عند وجوب اللمماثلة ربا الفضل »© ويسمى التأجيل عند وجوب القبض ربا النساء » وهذان النوعان خاصان بربا البيوع الذى ذكرته السنة النبوية الشريفة » كما يسمى ربا الديون الذى ذكرنا أن القرآن الكريم أتى به ربا النسيئة » وهو الزيادة في الدين في نظير الأجل ٠‏ ا ع 1 - ونريد أن نتجه في هذا البحث ‏ اولا ‏ الى بيان الربا الذى جاء القرآن الكريم في نصبه القاطع بتحريمه » وسسماه العلماء الربا الجلى » وهو الذى اتفق العلماء على تحريمه » ومنكر تحريمه منكر لتحريم أتى به النص القرآنى القباطع » فهو منكر لأمر علم من الدين بالضرورة ٠‏ ومنكر لأمر قرنه الله سبحانه وتعالى بالصلاة والزكاة 2 فهو مثلهما في الشرعية » وهما من أركان الاسلام » وقد قاتل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه من لم يؤد الزكاة واعتبر القرآن الكريم من يأكل الربا محاربا الله ورسوله ٠‏ /ا١‏ - والربا الذى اشتمل القرآن الكريم على تحريمه كان معروفا عند العرب وهو الذى كان يسمى عندهم الربا ٠‏ أما الربا الذى بينته السنة وهو ربا البيوع فهو اصطلاح اسلامى ولم يكن معروفا عند العرب »© فتحريمه من النظم الاقتصادية الاسلامية» وتسميته ربا اصطلاح اسلامى خالص» بخلاف ربا القرآن فهو معنى لغوى كان معروفا عند العرب يتعاملون به » فجاء القرآن الكريم » وحرمه تحريما قاطعا . ولذا عبر عته النبى مك عند تحريمه بأنه ربا الجاهلية ٠ ٠‏ وتفعله /انما كان قرض الدراهم والدنانير الى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به » هذا كان التعارف المشهور عندمي, ٠.‏ - 5١ ويقول أيضا : « أنه معلوم ان ربا الجاهلية انما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة فكانت الزيادة بدلا من الأجل فأبطله اله تعالى وحرمه وقال سبحانه » : , وان تبتم فلكم رعوس أموالكم » وقال تعالى : ( وذرو! ما بقى من الريا ) ٠‏ وان ذلك النوع هو أشد انواع الربا تحريما » وهو الجارى في التعامل بين الجماعات التى قام نظامها الاقتصادى على أساس ربوى » وهو الربا الذى لم يختلف فيه العلماء من أقدم عصور الاسلام الى اليوم » حتى نبتت افكار في رءوس ربوية » وعقول لا تعسرت الا الربا » وذلك في هذا القرن الأخير فقط ٠‏ ش وهذا النوع قال فيه الامام أحمد أنه الربا الذى ثبت التحريم فيه قطعا بطريق لاشك فيه » فقد سثل رضي الله عنبه عن الربا الذى لا شكفيه » فقال: هو أن يكون له دين » فيقول أتقضي أم تربى ؟ فان لم يقضه زاده هذا في المال وزاده هذا في الأجل ٠‏ ويسميه العلماء الربا الجلى كما قلنا » ويسمون غيره الربا الخفى , ويقول ابن القيم : ٠‏ الجلى ربا النسيئة » وهو الذى كانوا يفعلونه في الجاعنية مثل أن يؤخر دينه * ويزيده في المال » وكلما آخره زاد في المال حتى تصير المائة عنده آلافا مؤلفة » ٠‏ 23 ولقد وجد من علماء الصحابة من لم يعتبر من الربا الا ربا القرآن الكريم ) وهو ربا النسيئة كما نوهنا ؛ ذلك لقول النبى لع : «لا ربا الا في النسيئة» ٠‏ ولقد جاء في المغنى آنه حكى عن 'ابن عباس » وأسامه بن زيد » وزيد بن أرهم » وابن الزبير أنهم قالوا : انما الربا في النسيئة لقوله عليه الصلاة والسلام : , لا ربا الا في النسيئة » ٠‏ والمشهور عن ابن عباس ذلك » وقيل انه رجع عن ذلك » ولكن قال سعيد بن جبير عنه : ه صحبت ابن عباس حتى مات فو الله ما رجع عن الصرف » أى عن قوله بجواز التفاضل في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مع القبض وقصر الربا على ربا النسيئة وهو ربا القرآن الكريم. ويقول سعيد أيضا : وسألت ابن عباس قبل موته بعشرين ليلة عن الصرف فلم يربه بأساء ٠‏ | وهكذاترون أن ربا البيوع الذى جاء تحريمه بالسنة كان موضع خلاف ؛ أما ربا النسيئة الذى كان تحريمه بالقرآن الكريم فلا خلاف فيه قط © وأنه الربا الشديد الغليظ. الذى يحارب به المرابى الله ورسوله والمؤمنين » وأنه الربا الكامل » ولذا قال عليه الصلاة والسلام : « لا ربا كامل الا في النسيئة » . أهمية التفريق بين ربا اللسيئة وربا البيوع 8 وما كنا في حاجة الى الاستفاضة بالقول في اثبات أن الربا المحرم في القرآنه هو الربا الذى كانت الزيادة فيه في نظير الأجل ٠‏ لولا أن نامسا في عصرنا تاثرو! بتلك الحضارة الربوية التى قبست نظمها المالية من اليهود » لأنهم المتحكمون في أسواقها | المسيطرون على نظمها » وكان تأثر هؤلاء لناس بتلك الحضارة سببا في أن حاولوا تأويل القرآن الكريم ليخضع لها » ومنهم علماء يتسمون بسمة الدين ومنهم رجال مال واقتصاد فهموا أن النظام الربوى ضرورة اقتصادية لا مناص منها » فاندفم مؤلاء ومؤلاء الى نصوص القرآن الكريم يغيرون عليها بضروب من التأويل » ان شئت أن تسميها عبفا بمعانى القرآن الكريم فسمها » وان شثت أن تسميها افسادا في اللغة فسمها غير متحرج ولا متأثم ٠‏ . ولقد استغل بعضهم أن ثمة خلافا في كلمة الربا فاندفعوا في القول مشككين منحرقين عن الغاية والقصد » ونسوا أن العلماء اختلفوا في ربا البيوع الذى جاء في السنة والذى هو اصطلاح اسلامى » ولم يختلفوا قط في الربا الذى حرمه القرآن الكريم » وقد قال فيه أمام السنة أحمد بن حنبل : انه الربا الذى لاشك فيه كما نوهنا ٠‏ ودبا القرآن الكريم مو الربا الذى تسير عليه المصارف » ويتعامل به النانس © فهو "١ *‏ - ولقد ظهر في اول هذا القرن ناس من المخلصين للاسلام يؤمنون بالمدنية الحاضرة » وقد ظنوا أن من مصاحة القرآن الكريم أن يوفق بين نصوصه © وبين التعامل الحاضر ©» وقد أثر.عنهم أقوال عابرة داعية الى النظر البصير في العقود الربوية أو التتى يقول الفقهاء فيها انها ربوية ٠‏ قد قالوا هذه الأقوال من غير أن يتقيدوا برأى معين © أو فكرة معينة»فجاء منبعدهم يحاولون أن يثبتوا عليهم أنه أباحوا ربا المصارف أو ما يشبهه, رف > افادعوا ‏ مثلا ‏ على الأسثاذ الامام الشيخ محمد عبده أنه قال ذلك القول » ولكنا قد بحثنا عن قول معين في ذلك فلم نجد فيه قولا » ومال تلميذه السنيد رشيد رضا ميلا شديدا الى اقرار بعض ربا المصارف »© ولكنه حاول وداور © ولم يغته ذلك فتيلا » ولو أننا سلمنا جدلا أن الشيخ محمد عبده أو غيره من معاصريه » أو من جاءوا بعده قالوا مبيحين ربا المصارف ما تبعناهم وما أقمنا لقولهم وزنا » فلسنا تتبع الرجال على أسمائهم » ولا نأخذ قول أحد في أمر نص عليه القرآن الكريم » وأجمع عليه الصحابة الذين تلقوا بيان القرآن الكريم عن نبيه محمد وَيْث ٠‏ : وعلى الذين يؤمنون بالمدنية الربوية أن يفهموا حقيقتين لا شك قيهما‎ ١ اولاهمة : ان الاسلام في تحريمه الربا يقصد الى بناء اقتصادى فاضل يقرر أن رأس امال لا يعمل وحده » وأنه لا كسب من غير تعرض للخسارة » وان النظام الربوى يفرض مكسبا لرأس امال من غير عمل قط » ومن غير تعرض للخسارة قط » فلم يبح أن التاجر أو المستغل يأخذ المقدار من المال » ويدفع الربا بقدر معلوم » خسر أو كسب ٠‏ والحقيقة الثانية : ان العصر الحاضر ليست كل نظمه الاقتصادية قائمة على الربا » ففى بلاد كثيرة من أرض الله الواسعة نظم لا تقوم على أساس من الربا » ومنها ما قد محى فيه رأس المال وزال © ومنها ما حد من سلطانه » فاذا جاء الاسلام وجمل لراس المال سلطانا ولملكيته مقاما » ولكنه لا يكسب وحده ولا يكسب من غير تعرض للخسارة » فقد جا بالطريقة المثلى لا وكس فيها ولا شطط » وقد سلمت من الافراط والتفريط ومن الظلم والمغالاة ٠‏ ”19‏ والريا الذى حرمه القرآن الكريم هو كل زيادة في نظير الأجل » سواء أكان القرض للاستهلاك آم كان القرض للاستغلال : أى سواء اكان القرض مال ينفعه في شئونه من غير اتجاه ]إلى تنميكةا وإستغلاله ام كان القرض للتنمية والاستغلال » لأن النص عام » ولأن ربا الجاهلية كما تثبته الوقائع التاريخية وحال العرب كان كله أو جله في القروض الاستغلالية ٠‏ 58 لم ا - بينا أن الربا الذى ثبت تحريمه قطعا بدليل لا شنبهة فيه هو الربا الذى جاء القرآن الكريم بتحريمه » ونطقت الآيات البينات بأن التوبة منه أن يكون للدائن رأس المال فقط من غير أن يظلم ولا أن يظلم » وأجمع العلماء على أن ربا القرآن الكريم هو ربا النسيئة ٠‏ وهو الذى تكون فيه الزيادة في نظير الأجل طال أو قصر» وقلت الزيادة أو كثرت» فان ذلك النوع من الربا هو الذى أجمع العلماء على تحريميه ٠‏ ومنكر التحريم فيه منكر لأمر عرف من الدين بالضرورة » وثبت فيه ثبوتا قاطعا لاشك فيه ٠‏ لذا قال فيه أحمد رضي الله عنه وهو امام السنة ©» وناقل علم السلف الصالح كله : أنه الربا الذى لا شك فيه ولم يختلف فيه أحد ٠‏ 54 -وان تحريم ذلك النوع من الربا هو الفطرة وهو النظام الاقتصادى السليم » أما كونه الفطرة فقد ذكره ارسطو في كتابه م« السياسة » فقد جاء فيه ما نصيه : و كان حقا علينا أن نستنكر الربا » لأنه طريقة كسب تولدت عن النقد نفسه » وهى تمنعه مسا وجد لأجله : لآن النقد لا ينبغى أن يكون الا للمعاوضة والربح منها ٠‏ والفائدة أو الربا هى نقد تولد عن نقد ٠‏ وهذا النوع من الكسب هو من بين ضروب الكسب كلها الكسب المضاد ٠ » للطبع‎ فأرسطو يرى أن الربا كسب مضاد للفطرة المستقيمة » لأن النقود انما خلقت لتكون مقاييس للسلع وضوابط لقيمها وطريقا لجلبها » وليست وحدها منتجة شيئا » ش لآن النقد لا يلد النقد » ولآن كونها وحدة للتقدير يجعل الأصل فيها ألا يفير الزمان ولا المكان في قيمتها » فليست كسائر الأموال ؛ يغير قيمتها الزمان والمكان » وذلك على حسب الأصل فيها ٠‏ وان تغير ذلك الأصل كان ذلك لاضطراب في الميزان الاقتصادى بالتضخم أو بنقيضه » وإذا كان الأصل آلا تتغير قيمتها » لأنها وحدة تقدير القيم وميزانها فان الكسب فيها لا يتأتى عن طريق الاتجار » وهى ليست نامية بذاتها . حتى يقال أن النقد يلد النقد٠‏ ا 5# دب 6 -واماكون تحريم الربا هو النظام الاقتصادى المعقول فهو أمر :نيل » لأن التاس بالنسبة لراس المال على ثلاث طوائف : طائفة : جعلت لرأس امال سلطانا لا حد يحده ولا نهاية ينتهى عندها » فهو ينتج بعمل وبغير عمل » وينتج مع التعرض للكسب والخسارة ومن غير تعرض للخسارة مع الكسب دائما ٠‏ فلرأس امال الغنم الدائم » وهؤلاء هم الرنويون الذين تسيطر حضارتهم على جزء كبير من العالم » وهى حضارة تستمد نظامها الاقتتصادى من الفكر اليهودى ©» ويسيطر عليها اليهود سيطرة مالية في كل النواحى التى تستقر فيها هذه الحضارة ٠‏ والطائفة الثانية : طائفة الاشتراكيين الذين ضيقو! من سلطان راس ا مال بعض التضيق © وجعلوا الأمة مالكة ليتابيع امال التى تدر الدر الوفير » من غير عمل كثي * وشركوا الأمة أيضا في بعض ما ينتجه رأس المال الخاص من غير أن يمحوه ولا يحار بوه ولم يتعرضوا| للربا بسوء ٠‏ والطائفة الثالمة : هى التى حاربت راس المال وقضت عليه وقطعت كل ثمراته » 756 هذه نظرات الحضارات القائمة الى رأس المال » أما الشريعة الاسلامية ‏ ككل الديانات السماوية التى لم يعقترها التحريف والتبديل - فقد احترمت رأس ال مال » واحترمت العمل » وجعلت على الكسب تبعات وتكليفات » ولم تجعله غنما لا مغرم “يا , ولم تجعله سائغا من غير عمل ينتجه » أو تعرضا لخسارة تسوغه » ولذلك حرمت الربا , لأنه يجعل للشسخص كسبا من غير تعرض للخسارة قط ومن غير عمل قط © وبذلك كأن ناس قد عكفوا في بيوتهم أو حوانيتهم يتصيدون ذوى الحاجات »2 أو الذين يريدوون أن ليست عندهم أسبابها ؛ فاذا وقع في أيديهم صيد من هؤلاء أقرضوه بربا واستوثقوا لديونهم برهون مقبوضة » أو في حكم المقبوضة © هى في قيمتها أشنعاف الديون © وهكذا يكو نون الرابحين دائما » ولا خسارة يتعرضون لها * فالاسلام حارب أولئك القاعدين الذين يعيشون في الارض فسادا » وكان بذلك وحيما بالنئفس ولم يعتبر الأكسب غنيية باردة دائما , لا تاتى من غير كدح © أو تأتى من غير تعرض للخسارة ٠‏ 7 ا 5 /1 - وإن الربا مو السبب في خراب البيوت المالية والشركات المنتجة عند أضطراب الأحوال بأزهات كاسدة » أو بتضخم شديد ٠‏ فانه عند الكساد تعجز الشركات المنتجة عن سداد ما عليها من ديون تكائف الربا فيها » ولا يكون كسبها مما تنتج معادلا للربا الذى يطلب »؛ فيكون العلاج خفض الديون وذهاب الربا كله أو جله ٠‏ كما فعل الرئيس روزفلت سسنةذ ١155‏ في أزمة أمريكا الجائحة » وكما فعلت مصر في التسويات للديون العقارية » فان العلاج كان باسقاط الربا كله أو جله ٠‏ فتلك الحضارة الربوية عندما يطم سيل الربا » وتتفاقم نتائجه تعالج الحال باسقاطه كله أو بعضه الكثير ؛ واذا كانت الشريعة الاسلامية قد حرمته تحريما باتا قاطعا لا هوادة فيه , فيان ذلك هو الرحمة التى تعم ولا تخص » وتلك هى شريعة اللطيف الخير ٠‏ دعن التحايل على الربا ببيع العيننة 8ل - كان ربا النسيئة.حراما حرمة مجمعا عليها من غير أى خلاف فيها كما قلنا » وقد أعظم الفرية على هذا الشرع الشريف من قال أن في تحريم ربا النسيئة أى خلاف أو آن في معناه أى خلاف » فهو عند الجميع زيادة في الدين في نظير الأجل » سواء أكان ذلك باشتراط بالنص أو بالعرف أو من غير اشتراط . وقد نقلئا لك النصوص الدالة على ذلك من الحصاص وغيره ٠‏ وأن ذلك الربا المحرم في الشريعة بالاجماع تململت به في الماضي النفوس التى تطمع في المال من غير حله , وكان الأقدمون يحترمون النصوص الشرعية والحقائق الاسلامية » فلم يتجهوا الى العبث بها » أو تأويل النصوص تويلا بعيدا عن معناها ومرماها المجمع عليط ٠.‏ ولكن الذين طمعوا في الربا تحايلوا في أعمالهم , ولم يعبئوا بالنصوص الخالدة ) فكان اثمهم مقصوراء ولثم يتعدهم الىالأخلاف من بعدهم» فقد اخترعوا ما يسمى بيع العينة لياكلوا الربا عن طريقه , وذلك بان يوسط الدائن والمدين عند التداين شيئا يجرى فيه البيع الصورى ٠‏ فيبيع الدائن للسدين ذلك الشيء بمائة مؤجلة » فيكون الثمن في ذمة المشسترى وهو المدين » ثم يبيع المدين هذا الشيء نفسه للدائن بثمانين مثلا معجلة » وينتهى ذلك التعاقد الآثم بأن المدين أصبح مطالبا بمائة وما تسلم الا ثمانين والفرق هو في نظير التأجيل » وبذلك يحتالون ليستحلوا الربا » ويصح عقد البيع في نظر الاسلام ء وانه لينطبق عليهم تمام الانطباق قول الله تبارك وتعالى في اخوان لهم من المنافقين : « يخادعون لت والذين آمنوا » وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون» ٠‏ ولقد شاع بيع العينة في عهد الأئمة المجتهدين » فقد روى عن محمد بن الحسن الشيبانى تلميذ أبى حنيفة انه قال في بيع العينة : أنه عندى أثقل من الجبال » قد اخترعه ساخ؟ - - تلك كانت حيلة 'الربويين السابقين يحتالون على الشرع الشريف من غير أن يؤولوا النصوص أوإ يعبثوا بها فكانوا افضل من الربويين من المسلمين في هذا الزمان » أن كان في الربويين فاضل ومفضول » أو بالأحرى اذا كان الشر طبقات © لأن الأولين لم يبيحوا لأنفسهم الربا واعتقدوه حراما » ولكنهم تحايلوا ليمسوغوا لأنفسهم بعضا منه زاعمين أن 'العقد مادام قد استوفى شروط الصحة الظاهرة »© فقد زالت الخطيئة » ذلك قولهم بأفواههم »© أما الربويون في عصرنا فقد تخطوا الحدود » وساروا في طريق أوله اثم وآخره مروق من الدين كما يمرق السهم من الرمية . ان الربويين في هذا العصر آمنوا بالمدنية الغربية الايمان كله » ولا اقول انهم كفروا بالاسلام » فانى لست ممن يرمون الناس بالكفر هنا دامى! يقولون أنهم مسلمون » ولكن اقول انهم مسلمون » ولكن أقول أنهم أرادوا الاسلام خاضعا لما آمنوا بله» فان قلت لهنم أن الاسلام حرم الزنى » قالوا لك أن اوروبا نظمت الزنى على شكل كذا وكذا ٠‏ وان قلت لهم أن الاسلام حرم | لخمم » قالوا أن أهل أوربا مض_طرون للخمس »2 والاسلام لم يقل لا تشربوا الخمر ولكن قال : و فأجتنبوه لعلكم تفلحون ع * وان قلت لهم أن قولله سسيحانه وتعالى هو اجتنبوه » وما أعقبها أقوى دلالات في النهى » هزوا أاكتافهم وأدارو! ظهورهم . وقالوا : ولماذا لم يقل ١‏ لا تشربوا , » وهكذا يصمون آذانهم عن سماع الحق »© وإيجهلون أنفسهم ٠‏ وان قلت لهم أن القرآن الكريم حرم الربا » قالوا : وماذا نصنع في هذه المصارف اتغلق ابوابها ؟ سمعنا الشيغ فلانا يحل فوائد المصارف وقيل عن الشسيخ عبده أنه أحلها » وهكذا وهكذا ٠‏ ٠‏ - ولو اقتصر البلاء على هؤلاء في أمر الربا لهان الخطب , فان الناس لا يهابهون لقولهم في الاسلام وعم يملمون © فليهرفوا بما لم يصرفوا ماداموا يريددن أن يتبع الحق لؤك1ا- أهواءهم كما قال القرآن الكريم من قبل في المش ركين وغيرهم من الكافرين الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ”" ولكن الدامية الكارئة أن بعض الذين يتسمون بسمة العلماء في الاسلام » ولهم المصارف على أنها لا يحرمها الدين , ولا تدخل في عموم كلمة الربا الواردة في القرآن الكريم ٠‏ فلا حول ولا قوة الا بالل العلى القدير ٠‏ تن علماء المسلمين والربا ١‏ لا شك أن العالم الدينى الذى يستنبط الأحكام من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما أجمع عليه السلف الصالح » غير متأثر في تفكيره بغير الاسلام كما خرج من ينبوعه الأول ٠‏ لا يمكن أن يقول : ان الربا الجاهلى . أو الربا الكامل » أو الربا الجلى » أو ربا النسيئة حلال في أى صورة ؛ لأننه الربا الذى لا يسك فيه كما قال الامام احمد » ولانه حرام بصريح القرآن الكريم ٠‏ اذ يقول الحكم العدل : « وان تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ٠ )١(»‏ ولآن العلماء أجمعو! على أن ربا القرآن الكريم ٠‏ هو كل زيادة في الدين في نظير الأجل ؛ وأن العالم الحق لا يعتقد أن في الأمر الذى يحرمه القرآن الكريم وتجمع عليه الآديان مصلحة قط » وأنه لا يصلح أمر هذه الأمة الا بما صلح به أوله ٠‏ ولكن في أول هذا القرن طغت المدنية الأوربية على الأمة الاسلامية وأفسدت مقاييس الأمورعندها» فوجد من بين المسلمين من يؤمن بالحضارة الأووربية أكثر من ايمانهم بحقائق الأديان » وهدى القرآن الكريم » وأثر تفكير هؤلاء في بعض نادر جدا من علماء المسلمين » افوجد في نهاية العشر سسنين الأولى هن هذا القرن من ينادى بتحليل الفائدة القليلة » وكانت اذ ذاك نسعة في المائة بمقتضي القانون » فما آن انطلق ذلك العالم بتلك المقالة حتى انبرى له علماء أجلاء وبينوا أنها نبوة » وحفل نادى دار العلوم بالردود ء فالتزم الرجل الصمت ولم يعدها » ونامت هذه الفكرة » أو قبرت » حتى استيقظت مرة أخرى في السنوات الأخيرة » وجهر بها بعض العلماء فحق علينا أن نناقش قولهم وما يبنون عليه كلامهم 1 ٠ البقرة الآية ولا؟‎ )١( ادعاء أن كلمة اكربا ل ت نصا كما انث مر عليه لاثما يبتدون فيقولون أن كلمة الربا ليست من 'الكلمات التى مى نص فيما ومكانه في الاسلام مكانه ‏ خطب الناس فقال : الحد والكلالة تشتمل عليه بدليل أن عمر رضي الله عنه و ثلاث وددت لو أن رسول انه لم كان عهد الينا فيهن عهدا ننتهى اليه : وابواب من الربا » ٠‏ وروى عننه أنه قال : و انا ولله لا ندرى لعلنا تأم ركم بأمور لا تصلح لكم » ولعلنا ننهاكم عن أمور تصلح لكم »© وانه كان من آخر القرآن الكريم نزولا آيات الربا » فتوفي رسول الله يكت قبل أن يبينه ٠٠‏ دعوا ما يريبكم الى ما لا يريبكم » : تعلقوا بمثل هذه الأقوال المروية عن بعض الصحابة المجتهدين التى تدل على أن الربا لم يكن واضحا كل الوضوح » فليس النص على نوع منه بان التحريم قاطع أمير لا يخلو من مجازفة في الحكم ٠‏ “الا ب وانا نجيبهم عن هذا القول بأن عمر رضي الله عنه ما جهل كل أنواع الرها ٠‏ بل خفى عليه رضي الله عنه أبواب مته ٠‏ لأن من المقرر الثابت أنه اذا اجتمع الخاص والعام حمل العام على الخاص » فاذا كان في النص الثانى عموم فهو محمول على الخصوص في الأول ٠‏ على ان النص يدل على أن النبى لم يبين الربا الذى في الآية الكريمة » وفي الحقيقة أنه لا يحتاج الى بيان » لأنه دبا *٠ الجحاهلية‎ وقد قال النبى يت كما روى في الصحاح في خطبة الوداع : «ربا الجاهلية موضوع» ومحال أن يكون مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجهل ربا الجاهلية وكل تفسير لقوله ب 2 يؤدى الى ذلك هو تفسير باطل ليس له سند من التاريخ » فانه كان من المعروفين بالعلم بانساب العرب وأحوالهم في الجاهلية ٠‏ على أن عمر رضي الله عنه ساق هذا القول ليمتنعوا عن كل ما يشك فيه أنه من الربا » ولذا قال في رواية أخرى « دعوا الربا والريبة » فهل دععوا الى ما دعا اليه » آم ساقوه ليحللوا ما حرم القرآن الكريم ٠‏ والخلاصة أنه لا التباس قط في النص القرآنى الكريم » لأن ربا الجاهلية كان معروفا غير مجهول من أحد الصحابة » انظر الى قول الجصاص اذ يقول : ( انه معلوم أن ربا الجاهلية انما كأن قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة »© فكانت الزيادة بدلا من الأجل فابطله الله تعالى وحرمه» وقال سسبحانه : «وان تبتم فلكم ءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظامون, ) فاذا كان لم يبين ربا فلأنه معلوم من غير بيان ٠‏ وانما موضع القول والاختلاف هو في الربا الذى ثبت في السنة » وهو الذى سميناء ربا البيوع » كما سنتبين ان شاء الله تعالى ٠‏ ومن الغريب أنا نجد أولئك الذين يريدون أن يسوغوا الفوائد اللصرفيه على اى صورة كانت يدعون أن الاجماع لم ينعقد على تحريم ربا النسسيئة الذى هو ربا القرآن الكريم ليعبثوا بالنصوص كمنا يشاءون © فليأتو! بأحد أباحه لنقرر نقض الاجماع يه » ولكنهم يريدون أن يحلوا ما حرم الله تمكينا لتلك المدنية التى زلزلت أركانها » وحسبهم ذلك وكفى ٠‏ * ادعاء أن الربا اللحرم هو ربا الاستهلاك لا الاستغلال أو الانتاج 8لا ويقولون في تسويغ الربا أن الربا الذى حرمه الاسلام هو الفائدة التى تكون على دين أخذ للاستهلاك » لا للاستغلال » فيجعلون مناط التحريم ليس تنظيم الانتفاع برأس المال بحيث يتعرض ال منتفع للخسارة » كما يشارك في الربح » بل ظن أولئك أ أدعوا هن غير ظن أن ,السيب في التحريم هو المروءة والأخلاق » فليس من المروءة والأخلاق أن رجلا يقترض ليأكل أو ليلبس » أ ليجهز متهه متباع ابنته لزواجها » فتأخذ منه فائدة » ولكن لا يناني ‏ الآخلاق الفاضلة » ولا المروءة أن تقرض رجلا فيستغل ما تقرضله » ويكبسب منه » نتشركه في هذا الكسب بتلك الفائدة المحدودة » وربما كان الكسب كبيرا » وإن العدل أن تشار كله في كسيه ٠‏ ونجيب هؤلاء بأن تحريم الربا تنظيم اقتصادى لرأس المال المنتفع ليعمل الناس جميعا » ومن لم يستطع العمل يقدم المال لمن يعمل على أن يكون الربح بينهما والخسارة عليهما ؛ وهذا هو العدل » فليس العدل أن يكون لأحدهما الغنم دائما من غير أن يتعرضس للخسارة مطلقا » فهو يأخذ فائدته ولو لم يربح الآخر » بل لحقته الخسارة * 6" - ولنترك الكلام في العلة تنتجه الى النصوص ٠‏ فهل نص الآية لا يشمل الا الفوائد التى تؤخذ على الديون التى تكون للاستهلاك ؟ الجواب على ذلك أن النص عام » لأن الربا يشمل النوعين ٠‏ ولأنك ان فسرته بمعنى الزيادة فكل زيادة على رأس ال مال تعد وبا ٠‏ كما نص قوله تعالى : ( فان نبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) ' وان فسرت كلمة الربا بأن المراد بها ربا الجاهلية ٠‏ فلا دليل مطلقا على أن ربا #لجاهلية كان للاستهلاك © ولم يكن للاستغلال © بل الفرض الذى يجد الباحث مستندا! له من التاريخ هو أن القصد كان للاستغلال » فان أحوال العرب ومكان مكة © وتجار قريشس كل ذلك يسند هذا الفرض » وهو أن القرض كان للاستغلال » ولم يكن للاستهلاك * (م.؟ د الربا ) 25 17 3 وذلك لأن العرب كانت حياتهم اولية ساذجة » فلم تكن متسعة متنوعة الحاجات » والقروض للاستهلاك » انما يكون لمن تنوعت حاجاته وكثرت مطالبه » وتباطات عن وفائها في وقت معينٍ موارده » أما من يكون قليل المطالب غير متنوعة حاجاته » فلا يقترض »© ان العرب كان طعامهم التمر واللبن ويندر من لا يجدهما » ومن لا يجدهما يجد من الكرم العربى ما يوسع عليه من غير بدل قليل أى كثير ٠‏ فهل يتصور عاقل أن العباس بن عبد المطلب يجيئه محتاج الى القوت أو اللباس » فلا يقرضه الا بربا » ومن المعروف انه كان من المرابين في الجاهلية ؟ ولذا قال النبى يكت : ٠‏ الا وان ربا الجاهلية موضوع وول ريا أبد أبه ربا عمى العباس بن عبد المطلب , ٠‏ فهل كان العباس يقرض طالب قوت ٠‏ أو كساء بالربا ؟ ان ذلك بعيد » بل يكاد يكونني حكم المستحيل » انما يقرض العباس من يستغل ليشركه في كسبه بالربا ٠‏ 1 وفوق ذلك فان مكان مكة المكرمة يجعل قريشا من التجار» وكانوا فعلا كذلك, وذلك لأن الاتجار بين الفرس والرومان كان عن طريق البر ٠‏ ولما اشتدت الحروب بينهنًا قبيل الاسلام كان الاتجار بينهما عن طريق اليمن والشام » ومكة المكرمة كانت في الوسط بينهما » فكان القرشيون ينقلون بضائع فارس » من اليمن الى الشام » وبضائع الروم من الشام الى اليمن » ولذلك كانت لهم رحلتان احداهما الى اليمن شتاء » والأخرى الى الشام صيفا » وهذا قوله تعالى : « لا يلاف قري ايلافهم ٠‏ رحلة الشتاء والصيف ٠‏ فليعبدوا رب هذا البيت ٠‏ الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف , ٠‏ واذا كان قري متجرين ينتجعون الشام واليمن للاتجار فلابد أن يتجر الشخص بماله وبنفسيهة » أو أن يتجر بمال غيره عن طريق المضاربة بأن يكون الربح بينهما والغرم على صاحب رأس المال ان كانت خسارة © أو عن طريق الربا بأن يأخذ شخص مالا من فيره يتجر فيه على أن يكون له فائدة محدودة قلت أى كثرت ٠‏ وان الوقائع التاريخية تؤيد ذلك » فان النبى يلك لما حاول أن يهاجم غير قريش الذاهبة الى الشام ٠‏ قالف الرواة انه كان فيها أموال قريش كلها » ليس منهم ألا من أرسلٌ مالا يتجر فيه » ولا شك أن بعضهم كان بطريق المضاربة التى أقرها الاسلام من بعد » وبعضهم كان بطريق الربا الذى لا يشترك فيه المقرض في الخسارة ان كانت خسارة ٠‏ 53 م ين 2 واذا كانت هذه هى الوقائع التاريخية » وقد كان العباس وغيره من أكبر تجار العرب »؛ وأصحاب رءوس المال فلايد أنهم كانوا يتجرون بأنفسهم أحيانا 0 ويدفعون المال ربا أحيانا ٠‏ ولقد ثبت أن بنى المقيرة - ومكانتهم من قريش مكانتها - قد اقترضوا من ثقيف مالا بربا وقد وضعه النبى مِلته » فهل كان بنو المغيرة يقترضون ليأكلوا أم ليتجروا ؟ ان المعقول هو الثاني ؛ وعلى ذلك نقول : ان فرض أن القرض كان للاستغلال أقرب الى حال العرب من أن يكون للاستهلاك * /ألا ‏ فالربا كان للاستغلال » وفرض أنه كان للاستهلاك فقط فرض باطل » فوق أن النص عام يشمل الحالين » والمعنى واضح بيناه » وهو أن الاسلام يريد نظاما اقتصاديا لا يعمل رأسى المال وحده » أو لا يعمل من غير تعرض للخسارة ٠‏ وعلى كل حال فلا يصح أن يخصص النص العام بفرض عقلى يفرض ٠‏ ولا دليل على هذا الفرض ٠‏ ولآن العلماء قد أجمعوا على كل زيادة في الدين في نظير الأجل ربا ٠‏ على ذلك أجمع الصحابة ٠‏ وعلى ذلك أجمع التتابعون » وعلى ذلك أجمع الفقهاء المجتهدون. م" وان اقتران الربا بالأمر بالصدقة لا يدل على أن القرض يكون للامستهلاك ويعينه ويكون مخصصا للناس » ذلك لآن القرض الحسن كيفما كانت صورته وبواعئه ودواعيه هو من قبيل الصدقة » وان كل خير في ذاته هو صدقة وان كل امتناع عن حرام هو صدقة » حتى ان الله سبحانه وتعالى ليكتب للرجل في حياته مع زوجه ومتعته بها صدقة ٠*٠‏ ولقد استغرب بعض الصحابة فقال عليه الصلاة والسلام « أترى لو كان في حرام أيعذب ؟». وفوق ذلك فان أكل اموال الئاس بالباطل ينبع من الشح النفسي © والصدقة تنبع من الرغبة في النفع العام » وهما على هذا أمران متضادان » فحيث كانت الرغبة في الربا كان الشح ©» وحيث كانت الصدقة كان العطف » فالقرآن الكريم يدعو المؤمن الى. 5 اسن 5 “الانتقال من برزخ » أى من وهدة الشح والربا الى علياء العطف والنفع والصدقة » ولسنا ندرى أنه يصح أن تخصص عموم النصوص في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة أو القوانين بمثل هذه التعلات الغربية » ولكنها فكرة الربا والتأثر بالأوضاع الربوية جعلتهم ,يظنون:المنكر معروفة ٠‏ والباطل حقا » ولا حول ولا قوة الا بالله العلى القدير ٠‏ الاحتجاج بجوان ارتفاع سعر البيع المؤجحل عن ا معجل 4" - ومن الغريب أن اولئك الذين أزادوا أن يحلوا الربا الذى حرمه القرآن الكريم تمكينا لذلك الاقتصاد اليهودى يقولون أن الفقهاء أجمعوا على جواز أن يكون البيع المؤجل بسعر أغلى من السعر المعجل » ويقولون أن هذه الزيادة في نظير الآجل ٠‏ بل لقد قالوا : جاء في ابن عابدين انه إذا بيع الشيء بثمن مؤجل ثم وجب الأداء معجلا فانه ينقص من الثمن بمقدار إلتعجيل » وبذلك يتبين أن الفقهاء أاباحوا الزيادة في نظير الأاجل ©» وأى فرق بينها وبين الربا المحرم * ونقول لهم مقالة الله لمن اعترض بمثل اعتراضهم اذ قالوا انما البيع مثل الربا » فرد الله عليه سبحانه بقوله : ٠‏ أحل الله البيع وحرم الربا , ٠‏ فأولئك الذين يحكمون أقوال الفقهاء لا يعترضون عليهم انما يعترضون على ربهم » ولكى نريحهم »؛ أو بالأحرى نريح الناس من اصرارهم » ولحاجتهم فيما يقولون » نقول ان المبيع سلعة لها منافع ولها غلات » وان كانت مما ينتفع به باستهلاكه فان أسعارها تختلف باختلاف الأزمان » فهى في زمن بسعر وفي غيره بسعر » فاذا احتاط البائع لنفسه فباعها بثمنمؤجل مرتفع» ومعجل غيرمرتفع فلآن موضوع المعإملة يقبل الارتفاع والانخفاض في الأزمان وله غلات بنفسكا» أما النقود فهى وحدة التقدير» فالمفروض ألا يؤثر نيها الزمان. وينبغى أن تكون كذلك دائما » لأنها ليست سلعا تراتفع قيمتها وتنخفض * ثم وعلى ذلك يخرج قول من يقول انه اذا أدى الثمن المؤجل معجلا نقص منه بمقدار ما يعادل الأجل » فان الاساس هو السلعة لا النقد المجرد * على أن هذا القول لم نجده الا في الدر المختار نسبه لبعض المتاخرين » فقد جاء فيه في باب المرابحة ( وهى أن يبيع الشيء بكسب بنسسبة معينة من الثمن الأصلى ) جاء في - 5 هذا الباب انه اذا كان الثمن مؤْجلا ومات المشترى في أثناء المدة فانه يحل الثمن ويجب آداؤه فور! » وينقص من الثمن ما يقابل الجزء الباقى من المدة * وجاء في ابن عابدين أن المتاخرين من العلماء افقتوا به » وان المولى أبا السعود ارتضاه » ولعل أيا السعود العمارى ارتضاه لأنه كان يسهل على سليمان القانونى ما يريد من ادخال الأفكار الأوربية في بلاده » ولذا لم يعتبر علماء 'الأتراك فتاويه » وقد وجدنا المتقدمين يقولون عكس هذا القول » فهذا ابو بكر الرازى يقول عن النقص في نظير التعجيل في تفسيره : « اذا كان عليه دين عليه ألف درهم مؤجلة » فوضع عنه على أن يعجله » فانما جعل الحط بازاء الأجل ٠‏ فكان في معنى الربا الذى نص على تحريمه » ' نافذة الضرورة 8١‏ -لا مساغ لأحد يؤمن باللّه ورسوله » ويجعل لحكمهما المقام الأعلى أن يقول أن شيئا من فائدة الصارف حلال »© ولقد وجدنا بعض العلماء يفتح لهم نافذة أخرى * وهى نافذة الضرورة »© فقد زعموا أن الاقتصاد في البلاد الاسلامية يقوم على المصارف * والمصارف تقوم على الربا » وفوق ذلك فان هذه الفائدة فيها مصلحة اقتصادية ©» اذ تنمى الادخار وتجعل المجتمع ينتفع بكل الأموال بدل ان تكون الأموال في الخزائن لا تنتج كالماء الآسن الذى لا ينتفع به أحد * وفي الحق أن نظرية الضرورة قد لاا قت رواجا » وخصوصا أنها جاءت على لسان رجل تقى غير متحلل من الأوامر الدينية ولا ممن يخضعون المقررات في الاسلام لأعراف الناس ٠‏ 9 ومع اجلالنا لصاحب هذا القول نقرر أن الضرورة لا يتصور أن تتقرر في نظام ربوى بل تكون في اعمال الآحاد » اذ أن معناها أن النظام كان يحتاج الربا كحاجة آلجائع الذى يكون في مخمصة الى اكل الميتة أو لحم الخنزير أو شرب الخمر » وأن مثل هذه الضرورة لا تتصور في نظام كهذا النظام » ولقد صور النبى َل الضرورة التى تبيح الحرام اجابة عن سؤال » فقد قال السائل : و انا نكون في الأرض تصيبنا المخمصة فمتى تحل لنا الميتة ؟ع ٠‏ : فقال عليه الصلاة والسلام : « متى لم تصطبحو! أو تغتقبوا أو تجدوا بقلا, ٠‏ فهو عليه الصلاة والسلام لم يعتبر حال الضرورة الا في هذا » فهل الحاجة الى التعامل بالربا من هذا الصنف حتى نستحل ما حرم الله تعالى » هل يكون الدائن فيه كمن لا يجد الأكل في الصباح ولا في الممساء ؟ قد يكون المقترض في حال قريبة من هذا ولكن المقرض لا يمكن أن يكون في مثل هذه الحال »© قد يحتاج انسان الى الاقتراض: لأجل قوته الضرورى ولكن لا يمكن أن يكون المقرض في مثل هذه الحال * 9 دح 5 817 - ان من المقررات أن الضرورات تبيح المحظورات » ولقد قال الفقهاء ان الاسلام منع الحرج في الدين » ولذلك قسموا المحرمات الى قسمين ' محرم لناتته لا يباح الا لنضرورة » ومحرم لغيره كرؤية جسم المرأة فأنه يحرم لأنه ذربعة الى الزنى . والمحرم لغيره يباح للحاجة كعلاج أو نحوه » والحاجة ما يمكن أن يعيش الانسان من غيره » ولكن يكون فيحرج وضيق * اما الضرورة فهى ما يترتب على تركه تلف النفس أو عضو من أعضاء الجسم © ومن أى نوع حاجة «لاقتصاد الاسلامى الى الربا ؟ مع العلم بأن ربا النسيئة هو الربا الجلى وهو محرم لذاته » لا لغيره » فهو لا يباح للحاجة انما يباح فقط للضرورة . أحاجة الاقتصاد الاسلامى الى الربا من الضرورة 'التى تتلف النفس ان لم يؤخذ به » أم من قبيل الحاجة ؟ ٠‏ قد عرفنا معنى الضرورة من الحديث النبوى الشريف الذى أوردناه » فهل الحاجة الى الربا من هذا الصنف » وهل غلقت كل أبواب الانتاج الحلال » أو سلكناها كلها ولا نجد مع ذلك ما يسد رمقنا الا الربا » وهل حيل بيننا وبين الحلال » فلا نجد الا الربا سبيلا لسد الجوع ؟ اللهم : لا ٠‏ غ - ان الفقهاء قد قرروا أنه لا يؤخد من المحرمات التى تباح للضرورة الا ما يسد الرمق » وقد توسع مالك فأجاز المشسبع والتزود عند الضرورم » ومع ذلك فان ذلك الامام الجليل يقرر أنه لو طبق الحرام الأرض أو ناحية منها يعسر الانتقال » وانسدت طرق المكاسب الطيبة » ومست الحاجة الزيادة عن سد الرمق »6 يسوغ لآحاد الناس ب اذا لم يستطيعوا تغيير الحال وتعذر الانتقال الى أرض تقام فيها الشريعة ويسهل الكسب الحلال ‏ أن ينالو! كارهين بعض هذه المكاسب الخبيثة ٠»‏ فهل نحن الآن قد انسدت أمامنا كل طرق نالكسب الحلال » ولا يمكننا التغيه حتى تستبيح الربا باسم الضرورة ؟ اللهم : لا * ان الحلال والحرام بين » واننا قبل أن نستحل الربا علينا أن نعمل على تغيير هذه الأوضاع الاقتصادية التى قامت عليه » وأن نفتح باب الكسب الحلال على مصراعيها»: وإلللّه الهادى الى مسواء السبيل * -اآاة5 - ه ع - لقد تحدثنا في الضرورات التى تبيح المحظورات » ولم نتصور أن ثمة ضرودة . .اقتتصادية أو اجتماعية تجمل المسلمين في حال اضطرار الى التعامل بالربا » وجعله نظاما قائما ولو كان على مسبيل التوقيت » وقلنا أن أساس الضرورة ألا تكون منجاة الا بارتكاب المحرم © وقد تأيد نظرنا بالبحث القيم الذى نشرته مجلة « المسلمون » للأستاذ محمود أبو السعود مستشار بنك الدولة بباكستان »© قفي رسيم منهاج قويم لتنظيم اقتصاد الأمة الاسلامية الذى يحل محل النظام الاقتتصادى الربوى » وأحسب أنه لو اتبع لكان اطيب ثمرة » وأبرك رزقا » واكثر خيرا . وفيه رضا الله » والبعد عن مآثم الربا » فان الربا من السحت كما وردت بذلك الآثار » وكما هو الحق الذى تدركه العقول * | #5 القد وجهت الأسئلة الآتية في احدى الندوات العلمية المباركة : السؤال الأول : اذا الغىا الربا فما مآل العقود والالتزامات التى بنيت عليه » فهل تذهب ديون البنك العقبارى على :الأراضي سددا بددا * ويتحلل كل عاقد مما أوجبه عليه العقد ٠‏ والعقد شريعة المتعاقدين ؟ والسؤال الثانى : اذا اضطرت الدولة الى شرزآء أسلحة » هى مشطرة اليها لأنّ عدوا يساورها ويهجم عليها وهى لا محالة ماكولة اذا لم تشتر أسلحة »© وليس في خزائنها نقد تؤديه » ولا بضائع تزجيها » ولا سبيل الا بالشراء نسيئة على فائدة تدقع * فهلا تكون هذه حالة ضرورة توجب قبول ذلك العقد الربوى ؟ والسوّال الثالث : اذا كان شخص في حال اضطرار الى القرض » ولم يجد الا من يقرضه بربة » كان يحتاج الى جراحة تجرى في جسمه ليقطع جزءا مئوفا © ولا مان معه 6 والطبيب لا يعمل الا بأجرة » والموت يترصده وهو وزاقع لا محالة ان لم تجر الجراحة »ا فهلا يكون في حال اضطرار تسوغ له أن يقترض بالربا ؟ 87 - هذه هى الأسئلة » وقبل أن نخوض في الأجوبة عنها © أو تسجيل ما كان جوابا لها في تلك الندوة المباركة نقرر أن الآراء في الندوة قد اتفقت على أنه لا توجه ضرورة اقتصادية تسوغ أن يكون الربا نظاما للتعامل الاسلامى ولو على سسبيل التأقيت » وأن اقبرار النظم الربوية.القائمة بدعوى أن الضرورة تلجىء اليها ليس من الشرع في شيء» ا د وانما هو تخلل العزائم وتقاعد الهمع » وضعف الوجدان الدينى ٠‏ وبعد تقرير مله الحقيقة التى تم الاتفاق عليها » نبتدىء في الاجابة عن الأسئلة الثلاثة ونبتدىء بالثالث حتى نعود الى الأول * ان هذا السؤال يومىء الى أن الشسخص يكون في اضطرار لأن يقترض الربا » وتلك حال لا تحتاج الى بحث ولا تنقيب » وعى من البديهات المقررة » فانه ان لم يقترض بالربا فسيتلف جسمه لا محالة » فهى ضرودة فردية » لا شسك في ذلك » وهى تسوغ له ان يقترض بالربا » وهذا لا يسمى تعاملا بالربا في حال الاختيار » وهى مرتبة عفو بالتسبة للمقترض ٠‏ أما المقترض فانه يبوء بائمه واثم المقترض معا » والكسب لا يحل له بحال من الأحوال ٠‏ فهو كسب خبيث لا شك في ذلك » واذا كان قد أكله فقد اقتطع لنفيسه قطعة من النار ٠‏ 4/8 - وامة السؤال الثانى : وهو اضطرار الأمة الى شراء أدوات حرب بالربا » والا أبيدت خضراؤها واجتثت من أرضها » أو ضربت عليها الذلة » فانا نجيب عنه » ولا نقول انه سؤال فرضي يشسبه أسئلة الفقهاء الذين يفرضون بعض المستحيلات ليحلوا مشاكل يحسبونها متوقعة » وهى لا يمكن أن تكون واقعة » ولا أنه يشسبه اسئلة بعض الفقهاء الذين وصفهم الشعبى بأنهم الأرايتيون الذين يتبعون كل مسألة بقولهم أرايت لو كان كذا وكذا : يفرضون ويقدرون ما ليس واقعا ٠‏ لا نقول شيئا من ذلك » بل نجيب في اخلاص » انه لو كان مثل هذه الحال © ولم تستطع الأمة فرض ضرائب تشترى بها سلاحا ولم تستطع أن تعد قرضا أهليا يكون قرضا حسنا » وفرض المستحيل وكان الشعب كله خالى الوفاض »© بادىء الانفاض ولم تجد من يقدم سلاحا في نظير بضائع » او لم تكن حتى بضائع » اذا فرضت كل هذه المستحيلات ووقعت » فاننا نقرر أن الأمة تكون من قبل ومن بعد قد أحاطت بها خطيئاتها حتى تأدت بها الآمور الى مثل هذه الحال »© وما عليها أن تشترى نسميئة أما بثمن مر تفع خال من الربا أو بربا ٠‏ وتكون في هنه الحال غير آكلة للربا ولكنها تؤكله » ولكن هل تخلو الأمة في مجموعة من أثم الربا في هذه الحال »© انها أهملت أمرها » فلم تعد المصانم » ولم تاختا 90 سم بقولة تعالى ٠‏ وواعدوا لهم ما استطعتم ٠‏ وفرطت حتى صار أمرها فرطا فلم تنم مواردها.. لم تنم موارد الأحاد ولا موارد المجموع» ولم يستخرج ما في الأرض من ينابيع الخير» ثم هع ذلك فقد التعاون فيها حتى صارت فطمع الفاتحين ؟. إن هذه كلها آثام تضافرت حتى تأدت بها الى هذه الحال : ' على انا على أى حال لا نعتبر ذلك من قبيل تنظيم التعامل بالربا أوجدته الضرورة » انما هى حال تشبه حال المكره الملجأ وانا بعد هنذا نقول : ان هذه صورة تفرض ولا تقع * 8 على انه يجب أن نقرر هنا أن أكل الربا حرام لنلاته لا يحل الا لضرورة تكون على الحد الذى بيناه نقلا عن النبى يِل » أما الاقتراض بالربا فهو حرام لغيره ٠‏ فهو حرام سدا لذريعة الربا » وما يحرم سدا للذريعة يباح للحاجة لا للضرورة » ويبوء بالاثمين من لا يقرضالا بالرباء ولعن لله آكل الربا ومؤكله وشاهده وكاتبه» ولكن اللعنة متفاوتة» فهى على الأول بالأصالة وعلى الآخرين بالتبع ٠‏ ننتهى من هذا الى أنه لا ضرورة تبيح الاقتراض بالربا مطلقا » بل لا ضرورة تببيح الاقتراض الا في أحوال فردية » وليست جماعية حتى لا يكون ثمة ضرورة لنظام اقتصادئ قائم على الربا ٠‏ © وأما السؤال الأول » وهو خاص بالعقود الربوية التى ابرمت تحت ظل النظام الربوى » أتبقى نافذة الآثر لآن القانون الجديد المحرم لا يطبق عليها » اذ المقرر أن القانون لا يطبق على الماضي » فانا نتلو في الجواب عنه قول الله تعالى : « يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا ان كنتم مؤمنين » فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله » وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون » * هذا هو حكم الله الصريح فيما بقى من الربا » فالعقود الربوية التى عقدت لا ينفذ بها الا راس المال كما هو نص القرآن الكريم » وهو قضاء الله ورسوله : ١‏ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضي الله ورسوله أمرا آن يكون لهم الخيرة فن أمرهم » ٠.‏ ا كت هذا جواب صريح نقرره معتمدين على الله » ولا عبرة بما يقال من أن ذلك تطبيق إللقانون على الماضي »© فمحمد وَتِّ قد طبق قاعدة تحريم الربا على الماضي ٠‏ فنادى في حجة الوداع ١‏ وان ربا الجاهلية موضوعء وأول ربا أبدا بيه ربا عمى العباس بن عبدالمطلب, فقد أزال كل عقود ربا الجاهلية ولم يوجب على المدين الارأس المال ٠‏ وقد يقول قائل ٠‏ أن في ذلك هدما لعقود أبرمت بالتراضي »© فنقول أنها عقود أبرمت في اثم » وفي مفسدة للجماعة » ولاضرر ولا استحالة في انهاء الربا فيها ٠‏ ان الأمر لا يحتاج الا الى ايمان قوى » واخلاص دينى » وعزمة صادقة . ونية مخلصة لَه ولرسوله ٠‏ الربا لا مصلحة فيه ١‏ - ولننتقل بعد ذلك الى المصلحة في الربا » فقد رددها الأكثرون »© وقالوا آن. نظام الفائدة نظام اقتصادى © يجعل الأموال كلها مدخرة. » وقبلٍ أن نخوض في الاجاية عن هذه الشبهة التى يثيرها اكلة الربا » ويتداعون عليه باسمها » ويحاول أن يطوع الشرع الاسلامى لتفكيرهم بعض الذين يتصدون للفتيا » نقرر أن تحريم الربا في الاسلام هو لبناء اقتصاد سليم تتحقق فيه أوجه المصلحة الفاضلة التى ليس فيها أكل لال الناس بالباطل * وليس فيه كسب مطلق من غير تعرض لتحمل الخسارة » فليس تحريم 'الربا للمروءة أو الأخلاق كما توهم بعض الكتاب » وقد أزلنا ذلك الوهم في بحثنا هذا . واذا كان تحريم الربا للمصلحة ©» أو بعبارة أدق » للتخفيف من طغيان رأس المال طغيانا مطلقا » حتى يكون ربح المال كسبا مضمونا مستمرا » فان الاسلام ب بهذا _- يراعى مصلحة المجتمع كلية ٠‏ والآن: نناقشى اى النظامين أصلح للاقتصاد ؟ النظام الذى يبيح الفائدة أم النظام الذى يمنعها ؟ يقولون في وجه اصلحة في نظام الفائدة أنه يجعل كل رؤوس الأموال تعمل » فبدل أن يترك المال في الخزائن يتنقل في الأيدى » ندخله في الصناعات وفي المتاجر» وفي الزراعات » وفي كل ابواب الانتاج المختلفة فينميها » وقوق عمله في الانقتاج » يحمل الأفراد على الادخار © فاذا علم كل عامل أو ذى مورد محدود أنه يستطيع أن يستغل القدر القليل الذى يدخره من غير ان يتعرض للخسارة ادخر اكبر قدر يمكنه » فقكون ثمة فائدتان : احداهما : فائدة المدخر الشخصية ٠‏ والثانية : الفائدة الاقتصادية العامة بزيادة الانتاج * ونظرية الفائدة ‏ فوق ذلك - عادلة » لأنه اذا كان المقترض يستفيد » فمن حق المقرض أن يشركه في هذه الاستفادة » ولكل منهما حظ معلوم © ولانه اذا كانت الأسهم -60 ده في الشركات الصناعية والعقارية والزراعية والتحارية تسوغ الملساركة ف الربح » فان الاستدانة توجب المشاركة أيضا في الربح » ولا فرق بينهما الا أن هذا ربح معلوم محدودء' وربح الأسهم ربح شائع غير محدود المقدار ٠‏ 6179 تلك هى المصلحة التى يقررها الربويون للفائدة ! ونحن اذا قلبنا القرطاس» ودرسنا من ناحية ثانية » وهى ناحية الاسلام وسائر الأديان » نجد أن هذه المصلحة تتضاءل ازاء المصلحة في منع الفائدة » ذلك أن الفائدة قد تعوق المصلحة ©» وقد تنعوق الانتاج »© ذلك أن المصلحة في الفائدة لا تتجه رأسا الى الانتاج عن طريق تحمل صاحبه التبعة » بل تتجه الى الانتاج عن طريق المنتج » فلو أن صاحب راس المال أسهم في شركات صناعية أو زراعية أو نحوها ابتداء » لكان في ذلك تقوية للانتاج مباشرة بالاشتراك فيه » بدل أن يقرضله بفائدة يسيرة ثم يقرضله الآخر بفائدة أكبر وهكذا ٠‏ وان الاسلام اذ منع الربا حث على الانتاج المباشر » فأمر بالاتجار في الأموال واعمالها في كل الوسائل المنتجة » ولذلك قال النبى ملت : « اتجروا في مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة ع ١ ٠‏ وقد اعتبر الاسلام النقود أموالا نامية بالقوة لتؤخذ منها الزكاة » وليحمل ‏ صاحبها على الانقاج بها لكيلا تأكلها الزكاة المنتظمة كل عام » وفي ذلك لصاحب راس المال على العمل المباشر بالاسهام في المصانع والمتاجر وا مزارع » تنمية للانتاج بطرق اكثر 'تنظيما وأعدل وأقوم ٠‏ وأن الربا بجوار مصلحته التى تتضاءل اذا قورنت بمنفعة الاستغلال المباشر فيه ضرر » لآن الربح من غير تحمل للخسارة قد يؤدى الى ألا يأتى المقترض بكسب يعادل الفائدة » فتكون الأزمات »© بينما لا يتصور هذا اذا أسهم صاحب راس المال في الكسب والخسارة © ولقد قرر الاقتصاديون في العصر الحاضر أن الفائدة لا تؤدى الى التوظيف الكامل للأموال لأنه سيوجد من يتخذون الفائدة كسبا لذاتها من غير نظر الى ما يشتمل عليه من انتاج ٠‏ ويحيسون أموالهم لهذا الغرض ٠‏ “0 - والادخار لا تبعث عليه الفائدة » بل تبعث عليه الرغبة في أن يكون للشيخص راس مال يدخره أو ينتج به » ولقد قرر هذه النظرية اللورد ه كينز » وخلاصتها : ان لاع د الأفراد لا يدخرون بقصد الدخول » ولكن بقصد تكوين رؤوس الأموال » وفي سبيل هذه الغاية تنشط المضاربات بغض النظر عن مقدار سعر الفائدة » وسبب ذلك هو أن المغنم الذى يحصل عليه الأفراد من جراء ذلك أكبر من الاستثمار اللضمون الذى قد يعود عليهم أو استغلوا مدخزاتهم» وعلى هذا يكون سعر الفائدة لا يثبتته الا مجرد التعارف عليه ؛ وسيظل الادخار مستمس! ولو نزلت الفائدة الى الصفر(”) ' ش وان اللورد , كينزء لا يكتفى ببيان آن الفائدة ليست هى الباعت النفسي على الادخار »> بل يبين أن الفائدة اذا قررت تكون سريعة التغير » بينما النظام الاقتصادى متغير متنقل » وفي هذه الحال تكون الفائدة أكبر من الانتاج. » فتكون سسببا لكساده لا لتشحجيعه » وهذه عبارته كما ترجمت : ١‏ « ان أى مستوى للفائدة يرتضيه الناس يمكن أن يظل في مجتمع متغير يخضح لمختلف التغيرات والعوامل ٠‏ اا .يؤدى ذلك الى كساد الانتاج » فيقول : و السعز المرتفع يعمل على كساد السوق أو النشاط الصناعى » ويالتالى يؤثر سلبا على الدخول االتى هى مصدر الانتاج(") 1 م © وبهذا يتبين أنه لا توجد مصلحة عامة في الفائدة » وليس من شأنها أن تنمى الاقتصاد » بل انها تضعفه » واذا كانت هناك مصلحة فهى مصلحة المقرض في كل الأحوال»؛ ومصلحة المقترض في بعض الأحوال * ومن المقررات الاجتماعية الشرعية أن المصلحة الخاصة لا يلتفت اليها بجوار المصلحة العامة » وأن العبرة هى في أكبر قدر من المنفعة لأكبر عدد » كما أنه من المقرارات الشرعية » أن الضرر القليل يحتمل بجوار دفع الضرر الأكبر ٠‏ * بحث للاأستاذ الدكتور محمود أبو السعود في الفائدة‎ )١( . زفقة بحث للأستاذ الدكتور محمود أبو السعود في الفائدة‎ ات همع لم وقد بقول قائل : ان بعض دور الانتاج قد تحتاج الى قروض لتقوية انتاجها 6 فتصدر ستندات محدودة الربح وهى فائدة » وأن هذه بلا شك تقوى انتاج هذه الشركات * ونحن نقول ؛ لماذا لا تصدر أسهما بدل أن تصدر سندات ؟ ان ذلك ليس الا احتكارا لرأس مال الشركة لمؤسسيها » وأن الاحتكار بكل أنواعه ضار لا يجوز ٠‏ فمنع اللشساركة مع الاحتياج الى تنمية رأس المال ليس الا ضربا من الآثرة التى تضر ولا تنفع ٠‏ اذا كانت الحكومات في العصر الحاضر تجارب الاقطاع بكل أنواعه فان العدول عن زيادة الأسهم الى اصدار سندات » ليس الا من قبيل الاقطاع لرأس امال في الشركة »؛ ومنع الغير من الاشتراك تجب محار بتله ٠.‏ على أن التجارب أبنتت سس بالوقائع المادية - أن ذلك أدى الى تعرض هذه الشركات للافلاس اذا كان الكساد ٠‏ اذ هى حينئذ تعجز عن سداد أرياح السندات » واذا حل استيفاؤها عجزت عن سدادها » كما حدث هذا في أمريكا سنة ١955‏ ولم يكن من سبيل إلا منع هذه الفوإائد بطريق تضخيم النقد » كما أشرنا من قبل ٠‏ 6 - وفي الحق أن العالم الاقتصادى الحديث يتضجر من الفائدة » ويعتبرها عبئا على الاقتصاد » لا يتفق مع العصر وتطوراته » ولذلك بين اللورد « بويد أورء أن الفائدة سبب أصيل من أسباب الاضطراب الاقتصادى الراهن » سواء أخذ هذا سكل أزمات دورية » أم اخذ شكل التفاوت الظالم في توزيع الدخول الأهلية » أم أخذ شكل عقبات في سبيل السير نحو التوظيف الكامل » وأن الذى يشسجع نظام الفائدة هو عدم الوصول الى حل عملى للتغلب على هذه المشكلة التى تمس الاقتصاد في الصميم(') ٠‏ ومهما يكن فالاتجاه الحديث هو البحث عن نظام اقتصادى يكون خاليا من الفائدة » ومن الدول من اتجه الى تأميم وسائل الانتاج » ومنها من يحاول اخضاع الانتاج الى رقابة الدولة من غير تأميم » ومنهم من يحاول جعل الانتاج بطريق الائتمان التعاونى © وكل هنم الصور فيها تخلص من نظام الفائدة المقيت ٠‏ ٠ البحث المذكور سابتقا‎ )١( - 59 0 - وبهنا الكلام اتجه الاقتصاديون الى الآديان التى حرمت الفائدة » ما قل منها وما كثر » وقررت أهه ليس للدائن الااراس المال 6 وإن على المستغل أن يكتفى بم يقدر عليه » وان اراد أن يضيف الى راس ماله من غيره » أشركه في الكسب والخسارة لتكون تجارة أو كشيا حلالا * ونحن لم نسق هذا الكلام لكى نشبت صدق ما جاءت به الأديان السماوية وخصوصا الاسلام » لأنها لا تحتاج الى أدلة على صدقها © وى حاكمة على الأزمان © وليست بمحكومة لأحوالهم ما سلم منها وما خبث »بل سقناه لنثبت لآولئك الذين غرتهم المدنية الحاضرة بزخرفها » وظنوها خيرا لا شرفية » أنها تجارب انسانية منها ما يثبت صلاحة > ومنها مالا به شت صلاحه » ومنها ما يؤدى الى أوخم العواقب » ومنها ما هو سليم النقائج , وان الأديان خير كلها وصلاح كلها » وسقنا هذا لالكلام أيضا ليتنبه أولئك الذين يتجهون الى تأويل النصوص الدينية الى غير ما تدل عليه » لا في ظاهرها ولا في سياقها » الى آنهم يخطئون كل الخطا في هذا الاتجاه أذ يؤولون النصوص لتتفق مع نظم ربوية مضطربة غير صالحة للبقاء » فاذا قرر الاقتصاد تحريم الفائدة » فماذا يصنعون ؟ ايؤولونها مرة أخرى © وهكنا يجعلون النصوص هزوا ولعبا * (م5-الريا) دبا البيوع الذى ثبت بالسنة . 06أ- بعد هذا نبتدىء القول في الربا الذى ثبت بالسنة : لقد روى مسلم أن النبى يِه قال : , الذهب بالذهب مثلا بمثل ٠‏ والفضة بالفضةمثلا بمثل » والتمر بالتمرء مثلا بمثل» البر بالبر مثلا بمثل والملح بالملح » مثلا بمثل»والشعير بالشعير مثلا بمثل » فمن زاد أو استزاد فقد أربى » بيعوا الذهب بالفضة كيف شنتم هدا بيد ؛ وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم بدا بيد » وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا ر كك ع٠‏ هذا حديث صحيع تلقاه العلماء بالقبول ٠‏ وهو الذى يدور عليه القول في الربا الثابت بالسنة » وقد قلنا أن اطلاق كلمة «رباء على هذا النوع من التعامل عرف اسلامى, :فهو كاطلاق الصلاة ة على القيام والركؤع والسجود ؛ ولناا جاء في أحكام القرآن . للرازى * . « ان العرب لم تكن نعرف بيع الذحب بالذهب والفضة بالفضة نساء بربا وهو دما في الشرع » واذا كان كذلك على ما وصفنا بمنزلة سائر الأسماء المجملة المفتقرة الى البيان » وعى الأسماء المنقولة من اللغة الى الشبرع لمعان لم يكن ن الاسم موضوعا لها في اللغة نحو الصلاة والصوم ولالزكاة فهو مفتقر الى البيان, - وان هذا الحديث يدل على تحريم التبايع في هذه الأصناف الستة في صورتين . أحداهما : أن يبيع الشيء منها بجنسه كبيع ذهب بذحب , أو فضة بفضة » أو قمج بقمح مع التفاضل بينهما بأن يكون أحد العوضين أكثر مقدارا من الآخر » ويسمى هذا ربا الفضل : أى الزيادة » لأن فيه زيادة لأحد العوضين عن الآخر مع التماثل في الجنس والفائدة ٠‏ الثانية : أن يبيع ذهبا بذهب مثلا أو فضة رفم بفضة ؛ أو قمحا بقمح » مع التماثل في القدد ؛ أو يبيع ذهبا بفضة ؛ أو قمحا بشعير من غير تماثل في القدر وهو مفتفر » ولكن لا يتم في هذه الحال التقابض في المجلس » فان ذلك يكون ربا ويسمى ربا النساء ء © ولبسسن هو ربا النسيئة الذى بيناه من قبل ٠‏ 610 ل وبهذا يتبين أنه غند اتحاد الجنس في هنه الأصبناف تجب المماثلة في المقدار ويجب القبض في المجلس : أى يحرم الفضل »© ويحرم النساء معا » واذا.اختلف في الممارضة الجنس بأن كان البيع مثلا ملحا بشعير وجب التقابض في المجلس وجاز التفاوت في المقداد .ويسمى ذلك ربا النساء كما ذكرنا ٠‏ 0 عذا هو ربا البيوع الثابت بالسنة » وهو موضع خلاف بين العلماء في 'أصله © وني وقوفيه عند هذه الأقوال الستة » أو دخول غيرها معها بالقياس ©» وهو الذى ذكر فيه عمر أن من الربا أبوابا تخفى »© وأنه ود لو أن النبى عق بينه » قبل أن يقبضهة .ربه اليه » ولنشر الى خلاف العلماء في شأنه : أول خلاف وأقدم خلاف جرى في ربا البيوع هو انكار (بن عباس رضي الله عنه له » فقد كان يتمسك بأنه لا ربا الا في النسيئة » وهو الربا الذى ثبت بالقرآن »© وهو ربا الجاهلية الذى بيناه » واعتمد في ذلك على ما رواه هو وأسامة بن زيد » وزيد بن أرقم » وعبد الله بن الزبير عن النبى عقت أنه قال ' م لا ربا الا في النسيئة » وهو حديث صحيج رواه البخارى وغيره * . وقد وافق اولثك الذين ذكر ناهم ومعهم سعيد بن جبير وغيرهم ابن عباس في قوله ها وعلى ذلك لم يصح عندهم حديث التحريم : 1 وقد استمر ابن عباس يفتى بأنه لا ربا الا في النسيئة الى ان مات ٠‏ ولكن الجمهرة العظمى على أن أن ربا الفضيل والنساء لا شك فيهما لورود الحديث المثبت لتحريمها وان قصر النبى مَلِتَدِ الربا على ربا النسيئة » انما هو لاثبات أتله الربا الكامل»وأنه ظلم في ذاته» لأنهه آأكل للمال بالباطل » وأخذ له بغير عوض مطلقا » وهو اسستعمال للمال في غير ما وضع » وهو المحرم لذاته * 8 - حتى اذا فرغنا من خلاف ابن عباس ومن معنه من صغار الصحابة رضي الله عنهم وانتقلنا الى أقوال الفقهاء في ظل الحديث الذى حرم تلك البيوع » وجدنا كلامهم في ركون الحسديث معقول المعنى أم الأمر فيه تعبدى» وأن جمهرة الفقهاء بلا ريب لا يعتبرون حديثا محرما لنوع من البياعات يكون الأمر فيه تعبديا » لآن هذه التعبدات التى لا يسأك د 5 .عن علتها انما يكون موضعها في العبادات.؛ لا في المعاملات المالية التى تجرى بين الناس » ولهذا اتفق الجمهور على أن التحريم في حديث ربا البيوع معلل معقول المننى ٠‏ ولكن من الفقهاء من لا ينبت حكما الا بنص أو أثر عن الصحابة » وأولئك هم نفاة القياس وهم الظاهرية ؛ ومن سلك مثل مسلكهم ٠‏ وهؤلاء يقصرون التحريم على ما جاء في الحديث ولا يقيسون عليه » فربا الفضل وربا النساء مقصوران على التبادل بين الأنواع السبتة المذكورة في الحديث وهى الذعب وإلفضة والقمح والشعير والملح والتمر » فلا يقيس عليها غيرها وعلى ذلك يقرر هؤلاء أن بيع غير هذه الآصناف بالتفاضل أو بالتأجيل يكون صحيحا » ولو كانت مقدرات بالكيل أو الميزلن ؛ ولو كانت مطعوما يقبل الادخار » لأن الأصل هو الجل ولا دليل بمنعه ٠‏ 1 - وقد خالف الظاهرية الفقهاء الذين يقيسون © فلم يقصروا التحريم في كل ها تتحقق فيه علة التحريم ٠‏ فربا الفضل والنساء عندهم لا يقتصر على الأصناف الستة المذكورة في الحديث »؛ أبل يتجاوزها فبيع الزبيب بالزبيب لا بد فيه من التماثل في المقدار والقبض في المجلس » وبيع الزيت المستخرج من الزيتون مثلا بمثله لا بد فيه من القبض في المجدس والتمائل في اللقدار وهكذا ٠‏ ١‏ - فأبو حنيفة وأصحابه اعتبروا العلة المحرمة اتحاد الجنس مع التقدير في العو ضبين بالكيل بأن يكون كلاهما مكيلا لا تعرف مقاديره الا بالكيل » أو بالوزن بأن يكون كلاهما. لا يعرف مقداره الا بالوزن ؛ فاذا بيع زيت من بذرة القطن بمثله فلابد.من التماثئل في المقدار » والقيض في المخلس ؛ وتسمى هذه العلة وححمى الاتحاد في الجنسن مع الاتخاد في التقدير- بأن. يكو نا مكيلين أو موزونم نين العلة الكاملة ٠‏ 0 ون 5 وفي الحقيقة أن العلة فقط هى الاتحاد في الجنس » لأنه إن كان الاتحاد في الجنس وأما كونيه مقدرا بالكيل أو الوزن فهو شرط تحقق العلة ٠‏ واذا كانت العلة كاملة حرم الفضل والنساء 1 والعلة الناقصة هى الاتحاد في التقدير مع اختلاف الصنف كأن يباع زيت من بذرة القطن بزيت الزيتون ؛ وفي هذه الحال يحرم النساء ويحل التفاضل » فيجب القبض في ا لمحلسر » ولكن لا مانع من التفاوت في المقادير * هذه منهاج الحنفية » وهم بهذا لا يلتفتون الى مادة المبيع من كونه من الطعام أو الثمنية » وكونه يقبل الادخار أو لا يقبل الادخار > (نما يلتفتون فقط الى نوع التقدير أهو بالكيل فيهما أم بالوزن منهما » ثم اتحد الجنس أم لم يتحد وبهذا جعلوا المقياس الضابط ؛ أو الوصف الظاهر المنضبط هو نوع التقدير بالوزن أم بالكيل » فان اإتحد العوضان في كونهما موزونين أو مكيلين حرم النساء » وان اتحدا مع ذلك في الجنس حرم الفضل والنساء ٠‏ ش ومع ما للفقهاء الحنفية من مقدرة في ضبط الأقيسة ؛ نخالقهم في أن العلة مى الكيل في افعوضين أو الوزن فيهما » وذلك للأسباب الآتية : أولها : ان علة التحريم لا تؤخذ من أداة. التقدير للشيء » (نما علة التحريم تكون في ذات الشيء » فاذا كان النبى يلت قد خص بعض الأشياء بمنع التفاضل فيها عند اتحاد جنسها » وضرورة قيضها عند بيع بعضها ببعض »؛ فلابد أن يكون ذلك التحريم لأوصاف أو منافع خاصة في هذه الأموال » لا لكونها تكال أو توزن ٠‏ ثانيها : أن الوزن والكيل ليسا وصفين ملازمين للأموال » بل هما أمور عارضة © ومن الأشياء ما تعين مقاديرها في بلد بالكيل » وفي آخر. بالوزن ٠‏ فالزيوت يقدر بعضها في بعض البلاد بالكيل » وفي آخر بالوزن. ٠‏ وان ذلك قد يؤدى الى ان يكون قد تتحقق 68 ب فيه علة الربا في بلد » ولا تتحقق في بلد آخر » .فيكون الشيء الاحد حراما لأنها ربوى في بلد » وحلالا لأنه غير ربوى في بلد آخر » ويكون للشسارع في أعر واحد حكمان متناقضان : ثالثها : أننا لو سايرنا هذا المبدأ لترتب على ذلك أنه يجب التقابض في أكثر البياعات فلو بيع زيت بذهب لوجب التقابض في المجلس »© ولو بيع تمر في مصر بفضة لوجب التقايض في المجلس» ولو بيع الحديد الذى يقدر بالقناطير بالذهب لوجب التقابض» وان هذا لغريب ٠‏ ولذلك تدرارك الفقهاء الأمر ؛ وأهملوا قاعدة الوزن أو الكيل فيما جرى العرفت بالتفاودت في وزنهما ٠»‏ وقد ذكر من ذلك كمال الدين بن الهمام بيع الحديد بالذهب ؛ فانه ليس فيه نساء مع أنهما مقدران بالوزن ؛ الا أن وزن هذا ليس من نوع وزن ذاك ٠‏ 1- هذا وأى الحنفية؛ وطاعر متعب احمده وينسب هذا النظر الى عمار ين يا رضي الله عنه ١‏ ولقد قال حناق المالكيةفيعلة التحريم بالنسبة للنقبدين : الذهب والفضة أنه الثمنية : أى كونهما أثمانا » والأثمان لا يصح أن تكون موضع بياعات حتى لا يؤدى ذلك الى الربا الأصلى المحرم لذاته » ومو ربا النسيئة الذى ذكره القرآن الكريم » ولم يختلف فيه أحد من الصحابة ولا التابعين ولا الفقهاء المجتهدين ؛ ولا غيرهم في أى عصر من العصور, فالعلة في تحريم التفاضل والنساء فيالنقدين عى سد الذريعة للربا الأصلى» ولذلك قال النبى يِل : لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فانى أخاف عليكم الزماء » والزماء هو الربا وفوق ذلك أن الأثمان مقاييس ضابطة للسلع © فهى التى تضبطها وتعرف قيمتها ؛ فلا يصح أن تكون حى ذاتها في الأمة الواحدة سلعة تباع وتشترى ونجرى عليها المساومات ويجرى فيها التعجيل والتأجيل ٠‏ الا أن يكون ذلك قرضا حسنا ٠‏ أما تحريم بقية الأنواع الستة عند المالكية فعلته هو الطعم : أى كونها من الأطعمة الضرورية لبنى الانسان والادخار » فالعلة مكونة من جزءين ( أحدهمبا ) كون هذه الأشياء من أنواع الطعام ( وثانيهما ) كونها قابلة للادخار » فلو لب تسكن أطعمة أو كانت أطعمة غير قابلة للادخار كاللحوم في عامة أحوالها في الجملة فان آلربا لا يدخلها ؛ واذا توافر هذان الركنان واتحد الحنس حرم الفضل والنساء » واذا توافرا من غير اتحاد الجنس حرم النساء فقط » ولا عبرة بكونها مكيلة أو موزونة الا في تعييلن المقادير ليتحقق التفاوت في ريا الفضل ٠.‏ والحكمة واضحة ف هذا 4 وى ماع بيع صنده الأصناف في هنه القيود 23 لكبلا “ا" ‏ هذا نظر المالكية ٠‏ أو كما قال بعض الفقهاء » نظر حذاقهم » وأما نظر سائرهم ومعهم الشافعى ورواية عن أحمد رضي الله عنه » فهو كالرأى السابق » غير أنه يشترط الادخار » أى أن تحريم الريا بنوعيه في بيوع النقدين فكما ذكرنا آنفا » وأما بقية الأنواع الأربعة فعلة التحريم هى كونها من المطعومات من غير أن يكون الادخار جزء! من العلة » أو شرطا من شروطها » وهذرا موضع الفرق بين هذا الرأى وسابقله » وعلى ذلك تكون هذه العلة أعم من سابقتها « وأكثر شمولا » لأنها تدخل ربا البيوع في كل مطعوم ؛. سواء كان مما يدخر عادة أم لم يكن » فاللحوم بدخلها الربا » وهكذا كل طعام لا يحل البيع فيه الا مقايضة ٠‏ 8" هذه مى الأنظار المختلفة في تخريج الحديث النبوى في دبا الفضل والتساء 6 وهحى أنظار خمسة » أولها نظر ابن عباس ومن معه من صغار الصحابة ٠‏ وهو أنه لا ربا الا في النسيئة » ثم نظر الشافعية » ولا شك أننا لا نختار نظر ابن عباس رضي الله عنهما لأننا لا نتبع غرائب الفتيا » ولأننا لا نستطيع أن ننكر حديثا تلقاه علماء الأمصار في كل الأقطار بالقبول ٠‏ كما أنا لا نختار رأى الظاهرية ؛ لأن حديثا جاء في معاملات الناس لا بد أن يكون له مرمى ومغزى يتصاك بالعمل فحيث .تحقق ذلك المغزى فالحديث يتجه اليه » وتنتهى أحكاهه عنده » وقد ذكرنا أننا لا نختار رأى الحنفية وقد بينا السبب الفقهى الذى سوغ لنا مخالفته ٠‏ واذا كان ثمة ما يقبل الترديد » فهو في النظرين الأخيرين » وانا نختار منهما بلا رمب ''نظر حذاق المالكية وهم الذين يجعلون العلة في غير النقدين الطعم والادخار معا ٠‏ حكمة تحريم هذه البيوع 8 - وهنا نجد من اللازم أن نبين حكمة تحريم هذه البيوع ٠‏ أما النقدان فنقد ذكرنا أن التفاضل فيهما يؤدى الى أن تكون سلعا » وذلك خروزج بها عن طبيعتها » اذ أنها صارت سلعا ضعفت قوة تحريمها » ولكن لاذا حرم النساء فيها ولماًا حرم بيع درهم بدرهم على أن يؤجل القبض » وما الفرق بين هذا وبين القرض الحلال الحسن ٠‏ انه اذا كان العقد عقد بيع وأساسه درهم بدرهم » أى دينار بعشيرة دراعم مثلا » فانه من الغرر والجهالة أن يكون أحد العوضين غير قائم وحاضر في المجلس » لأنه ما دام القصد المعاوضة فلابد أن تكون المعاوضة على شيئين معينين © واذا أجل أحدهما فهو دين في الذمة يكون معروفا » بل يكون أحد العوضيين معروفا والآخر غير ممروف » أيسوغ في عرف عاقل أن يذهب رجل الى صراف في مصرف ليقول اعطنى عشسر ورقات من ذات الخمسة لأعطيك بعد أسبوع ورقة من ذات الخمسين ؟ ان ذلك لا يكون عقد صرف » فلهذا المعنى المعقول حرم الصرف الا اذا كان العوضان قائمين حاضرين » ليعرف كل واحد منهما حقيقة العوض ٠‏ والفرق بين الصرف الذى يؤجل فيه أحد العوضين » والقرض أن القرزض أساس الاتفاق فيه أن يأخذ مقدارا من المال » على أن يثبت دينا في ذمته يؤديه في ميسرته » فمعنى المعاوضة فيه وقت العقد مختفية » ولذلك خرجه الفقهاء على أنه تبرع ابتدناء معاوضة انتهاء ‏ ويقول بعض الفقهاء أنه عارية استهلاك » ولذلك قرر أبو يوسف من فقهاء الحنفية أن المقدار المقترض لا يثبت الضمان فيه الا بعد استهلاكه في حاجالله ؛ لأنه قبل ذلك في حكم الأمانات » وخالفه غيره وقال ٠‏ أنه بمجرد قبضه يكون مضمونا ٠‏ فالفرق بين بيع نقد بنقد نساء وبين القرض هو في طبيعة العقد نفسه » فان الحقيقتين مختلفتان » ونهى النبى كته عن بيع النقد بالنقد نساء » حتى لا يكون ذلك ذريعة الى الربا الحقيقى » هو ربا الجاملية » بأن يزيد في نظير التأخير باسم البيع ٠‏ ب الا ات 1 أما المطعومات القابلة للادخار » فان. تحريم المعاوضة بأجناسها مع اكتفاضل © الحكمة فيه واضحة » ومى منع احتكارها لمن يملكونها » فمن عند شعير اذا باعه بشعير متفاضل » فان ذلك يؤدى الى ألا ينال شيئا من عنده نقود وليس عنده شعير. » فضيق له سبيل المقايضات فيها » اذ أنه اذا تقايض من عندهم الأقوات أقواتهم وتيسر لهم ذلك تعجيلا وتأجيلا ؛ وتفاضلا وتساويا أدى ذلك إلى آلا.ينال منها شيئا من عنده نقود وليس عنده قوت ؛ ولذلك أمر النبى يِلت من عنده تمر متفرق ردىء يسمى جمعا أراد أن يشسترى به جنيبا أى تمرا جيدا مع زيادة الردىء عن الجيد ؛ أمره بأن يبيع الجمع ويشترى بثمنه جنيبا فقال له عليه الصلاة والسلام : , بع الجمع بالدراهم واشتر بالدراهم جنيبا » ٠‏ ولا شك أن في ذلك فائدتين : ( احداهما ) أن من ليس عنده تمر لا جيد ولا ردىء وعنده نقود يحصل على التمر مطلقا» ولو أجيزت المقايضة مع التفاضل ما أكل هذا تمرا قط ولا وصلت' اليه خية منه * ( الفائدة الثانية ) أن قيمة الفرق تتعين تعينا دقيقنا لاغبن فيه اذا دخلها المقياس النقدى الذى يقوم الأشياء ولمواد *. /1 - لقد قررت أنى أقبل الحديث الصحيح ولا مناص لى من قبوله وأنى اختار في تخريجه ما.ارتآه حذاق المالكية ؛ ولكنى وجدت بعض الذين يسيرون وراء الأروبيين الذين تعلموا العربية يقولون : ان ذلك الحديث مكذوب على النبى مَل ؛ وقد اخترعه اليهود ليمتغوا العرب من الاتجار » وتستمر التجازة بأيديهم » ويتخكموا بذلك في اسواق المسلمين ؛ ويزعمون أن ذلك نظر دقيق قد قاله أولئك الأوربيون ؛ وكانوا بذلك اعمق فهما من علماء المسلمين الذين لم يدركوا هذا في كل العصور ٠‏ ذلك قولهم وليس غريبا أن نسمع ذلك من أولئك الذين رضوا أن يكونوا عبيدا للأووربيين حتى في فهم دينهم ؛ انما الغريب حقا وصدقا أن يدعى أن حديث الربا يصرف المسلمين عن الاتجار» فسيكون بأيدى غيرهمء ومن أجل هذا كذب اليهود على النبى فروجوا هذا الحديث . هذا هو الغريب في العقل حقنا وصدقا ٠‏ 3/8 لس 18 - ان حديث الربا يؤدى الى تضييق البيع بالمقايضة فيانواعالطعام الذى يقب الادخار » وان تضييق باب البيع بالمقايضة في أى باب من أبوابها لا يعد قطعا لسبيل التجارة انما هو تنمية التجارة بسكثرة البيع والشراء »© فهو يفتح باب الاتجار ويوسعه » ويحرك البضائع ويجعلها سائلة بين الأيدى كلها لا في يد طائفة بعينها ؛ انظر الى قول النبى مَيِنَهِ , بع الجمع بالدراهم واشتر بالدرهم جنيبا » فانه لو باع صاحب التمر الردىء لصاحب التمر الجيد بمثله أو أكثر منه لانحصرت المعاملة بينهما » ولم تفتحج للسوق باب » ولم يجر فيها التنمية المستمرة باستمرار الانتقال بين الأيدى » لآن المتقايضين ليسوا متجرين » انما هم مستهامكون غالبا » وأن فتح باب المقايضة يغلق باب الاتجار » وعلى ذلك يكون تضييقها فتحا لباب الاتجار ٠‏ أن التعامل بالمقايضة كما يقول علماء الاقتصاد هو من شان الأمم التى لم تتسع نظمها الاقتصادية » وأن ادخال النقود في التعامل كان فيه توسميع أبواب الاتجار » وبالنبى يَهِ » في حديث الربا الخاص بالبيوع قد حفظ للنقود قوتها في ضبط القيم وقياسها » وضيق بات المقايضة في المطعوماتته التى تدخر » لتكون النقود سبيل التعامل» فقكون حركة تجارية تمكن من لا عنده طعام أن يئاابه » فيكون الاتجار بين المسلين 8 - وبذلك تتضح ثلاث فوائد في تحريم المبادلة بالمقايضة في الطعام : الأولى : منم الاحتكار لأنواع الطعام كما نوهنا » وتمكين من ليس عنده طعام من الشراء ٠‏ الثانية : اقامة المقياس المستقيم لقيم الأشياء » فان توسط النقود في المبادلة يجعل التيادل على اساس سليم يقل فيه الغبن ٠‏ العالعة : ترويج التجارة 8 وتسويق | ع 4 فان المقنايضات له تكون الا ف الأمم البدائية ٠‏ تلع ين ا #4 بس + لأ ويتبين من هذا أن ربا البيوع يؤدى الى احتكار الأطعمة في أيد محدودة لا تتعداها » واغلاء أسعارها بالنسبة لمن لا يملكونها » وان ذلك يزكى منع الاحتكار بكل أسيابه وذرائعه الذى قرره النبى ملت « في أحاديث عدة مروية عننه » من مثل قوله عليه الصلاة والسلام و المحتكر خاطىء والجالب مرزوق » وقوله علييه الصلاة والسسلام و ولا يحتكر الا خاطىء » وقد نهى النبى عليه الصلاة والسلام في سبيل ذلك عن التناجس وهو العمل على رفع الثمن على المشسترى باظهار الشراء وهو لا يريده » ونهى عليه الصلاة والسلام عن تلقى السلع ٠‏ وكل ذلك ليمع الاحشكار » أو رفع الأسعار رفعا صناعيا 2 وإ(وصف النبى ع التصرففنات التى فيها أكل لمال الناس بالباطل نأنها ربا ٠‏ ١‏ وانه لمن الواضح أن التصرفات التى قرر لوثر بطلانها في رسالته عن التجارة والربا » كلها مما اشتملت عليه وصايا النبى مَل بالنهى عه ٠‏ ولم نعلم أن أحدا من المسيحيين توسع في تفسير معنى الربا بمقدار ما توسع به لوثر» واذا كانت وصايا النبى مَل تسيق كتابة لوثر بنحو عشرة قرون أو انزيد فاته يتبين أن كنابة لوثر متأثرة بمبادىء الاسلام » وخصوصا أنه من الثابت اتصال الحركة الاصلاحية المسيحية » باحتكاك النصارى بالمسلمين في الحروب الصليبية أولا » وفي التجارة المتصلة بينهم ثانيا » وفي دخول الاسلام في أورما بجيوش الدؤلة العثمانية ومبادئه ثالثة » ثم ما كان من الاتصال المستمر بين البلاد الأوربية والأندلس ٠‏ اللهم ارفع عنا المقت الذى حل بنا » انك عو ننا وأنت نعم المعين ٠‏ ( انتهى ) فهرس الموضوع الربا في اليهودية و,لنصرانية ٠.‏ الربا في نظر الفلاسفة .. الربا في القرون الآخيرة من لم يأكله ناله غباره ٠.٠‏ تحريم الربا في القرآن الكريم تحريم الربا في السنة ... أهمية التفريق بين ربا النسيئة وريا البيوع ... التحايل على الربا ببيع العينة ... علماء المسلمين والربا (دعاء أن كلمة الربا ليست نصا فيما تشتمل عليه ... أدعاء أن الربا المحرم هو ربا الاستهلاك لا الاستغلال أو الانتاج ٠.‏ الاحتجاج بجواز ارتفاع سعر البيع المؤجل عن المعجل ... نافذة الضرورة الربا لا مصاحة فيه ربا البيوع الذى ثبت بالسنة... حكمة تحريم هنه البيوع ... الفهسرست 1 1١١ ١6ه‎ 15 ف‎ ؟ فنا رن 7 8 16 6 1 مؤلفات الاما م ال تشيخ محمد أبو زهرة المعجزة الكبرى ( القرآن) الأحوال الشخصية . العقوبة في الفقبه الاسلامى أصول الفقه أحكام التركات والمواريث مالك : حبماته ٠‏ عصره . : حماته ٠‏ عصره * : حياته ٠‏ عصره * : حياته ٠‏ عصرم * : حبياتة * عصيره * : حبياتة * عصره : حباتهة ٠‏ عصره : حبياتة ٠‏ عصره ٠ آراؤه‎ ٠ 1 آراوؤّه‎ ٠ ٠‏ آراؤه أراؤه * آراؤه 1 آراؤه 1 آراؤه 1 ٠ آراؤه‎ ٠ 44444١4 “4 5 ب مده تاريخ الحدل الملكية ونظرية العقد ح- شرح قانون الوصية سل محاضرات في الوقف لب محاضرات في عقد الزواج وآثاره محاضرات في النصرانية حل مقارنات الأديان - الديانات القديمة عمد الدعوة الى الاسلام سك تنظيم الأسرة وتنظيم النسل س الولاية على النفس سالعلاقات الدولية في ظل الاسلام ب التكافل الاجتماعى ف الامسلام ب الميراث عند الجعفرية سمه المجتمع الانسانى في ظل الاسلام حل العقيدة الاسلامية سل بحوث في (لربا ا م تطلب كل هذه المؤلفات من ملتزم طبعها وونشرها وتوزيعها داخل جمهورية مصر العربية وخارجها دار الفكر العبربى 1١١‏ شارع حواد حسنى - القاهرة صاب ١58‏ سات 0095م امهل رقم الايداع 1987/0156 - ترقيم دولى ٠١ 05510/-5‏ لاله مطابع الدجوى