الإمام اليل ١‏ 7 2-22 »ا بسم الله الرحمن الرحيم 8 2 مدام الأزهصر البحوث الاسسلامية ‏ لاالا#ممعم لاعتمطد5طة8 عااللقاذا الادارة العامة لاع از اطمععط0 اخداء لاعت للبحوث والتاليف والترجمة ممنخقاعمة؟1 8 ومتكءللا رطءمقووع5 و5 سني سيريس رحيلا ارس خر راب زضمدك ١‏ لسض) عتتدر ريشحة لد مرك له . و مقس 1 00 2 را امه رم ميت 3 !فك لشب 20 - 000 ركم له أعازهة “أبعم ولد را ا | لقره ا مضه سيره رترت مور مكهت مدر وسافع براسطة ٠ لرماءة ؛‎ | ١ رط والعظ والرصامه 7 لها نش رضة عدم 5ت ررآمر ا //, /1 الاجر 0 رف داق ١‏ 1 نت رن لماز 24 32 اذ ب - زمرك رلام تعريف بالإمام الجليل محمد أبو زهرة هذا التعريف مأخوذ أساسا مما كتبه فضيلته بنفسه بناء على طلب أحد طلاب العلم من باكستان متقدما برسالة لنيل درجة الدكتوراه عن الإمام أبو زهرة. ولد الإمام محمد أحمد مصطفى أبو زهرة فى مارس سنة /189م فى مدينة المحلة الكبرى إحدى مدن محافظة الغربية. حفظ القرآن الكريم فى صدر حياته فى الكْتَّابٍء إذ هو من أسرة دينية تنتسب إلى ولى من أولياء الله هو الشيخ مصطفى أبو زهرة الشهير بالششتاوى الذى يزار ضريحه بمسجده ببلدة شيشتا فى مدينة المحلة الكبرى ووالده هو الشيخ أحمد مصطفى أبو زهرة مشهور بالصلاح والالتزام بالدين الحنيف ومكارم الآخلاق ووالدته حافظة للقرآن الكريم وكانت تراجع معه ما حفظ قبل الذهاب إلى الشيخ فى الكتاب» وتميز عن إخوته وأخواته بحفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز التاسعة من العمرء ولأنه كان ذا حافظة قوية» سريع البديهة فلم ينل من قسوة أستاذه بالكتاب إلا قليلا. كانت الأسرة من متوسطى الحال يظنها الناس من الأثرياء اشتهرت بالعلم والذكاء» وقد نبغ منها شقيقه الأستاذ الدكتور مصطفى أحمد أبو زهرة منشئْ ورئيس قسم هندسة الطيران بكلية الهندسة جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) وأيضا الأستاذ بكلية الهندسة بجامعة لندن بإنجلترا. التعريف بالإمام الجليل 42 11001010100 ل + 1[ 1[ 1[ [ 1[ 1[ 1[ 1 1 1 1آ1آ1ذ1[11ذذ 225012 بعد حفظ القرآن الكريم تعلم مبادئ العلوم المانية كالرياضيات. التى كان شديد الولع بهاء والجغرافية والفلسفة مع العلوم العربية. التحق فى سنة 1517م بالجامع الأحمدى بطنطا ومكث فيه ثلاث سنين» وفى هذه الفثرة ابتدأ نبوغه وتفوقه يظهر حتى أن شيخ الجامع وهو الشيخ الأحمدى الظواهرى الذى صار شيخا للأزهرء اقترح أن يمنح مكافآت خاصة لامتيازه. كما اقترح بألا يمكث فى طلب العلم الأزهرى خمسة عشر عاماء كما كانت المدة المقررة» بل إن مثله يصح أن يتجاوز سنين عدة فى سنئة واحدة» ولم يتم تنفيذ هذا القرار لصعوبته قانونياء ولانتقاله إلى مدرسة القضاء الشرعى . التحق فى سنة ١117‏ بمدرسة القضاء الشرعى بعد امتحان مسابقة كان فيها من الأوائل. وتكوينه العلمى الحقيقى كان فى هذه المدرسة التى أنشأها سعد باشا زغلول فى وزارة المعارف على أن تكون عالميتها من درجة أستاذ وعهد بإدارتها إلى رجل عظيم هو عاطف باشا بركات. ومن وقت أن دخخل المادرسة كان ينظر إليه ناظرها عاطف باشا بركات نظرة اهتمام وتشجيع, وقد مكث فيها تسع سنين» أربعة فى القسم الثانوى وخمسة فى القسم العالى» وفيها اتسعت آفاقه الفكرية ولما تخرج منها ونال شهادة العالمية من درجة أستاذ عام ١475‏ كون لنفسه منهجا فكريا فى فهم الشريعة وتفسيرهاء وكلما تعمق فيها ازداد إيمانا بها. فى ذلك الحين كان قيام ثورة (9194١م)2‏ فوقف على الكثير من دقائق أحداثئها ووقائعهاء وأحب سعد باشا زغلول وتعلق به وكان حريصا على حفظ خطبه وترديدها. أخحذ دبلوم دار العلوم من الخحارج سنة 1971م وفى هذه السنة عين مدرسا للشريعة واللغة العربية بتجهيزية دار العلوم والقضاء الشرعى لمدة ثلاث م التعريف بالإمام الجليل ا ك2 حب نار سنين ثم اقل بعد ذلك إلى التدريس فى المدارس الثانوية العامة لمدة سنتين ونصف . انتقل فى أول يناير سنة 1977م إلى كلية أصول الدين مدرسا للجدل والخطابة فيها ثم تاريخ الديانات والملل والنئحل» وفيها أخرج أول مؤلفاته كتاب «الخطابة» وكتاب «تاريخ الجدل» ثم كتاب «تاريخ الديانات القديمة» ثم كتاب «محاضرات فى النصرانية» الذى ترجم إلى عدة لغات. فى ١‏ نوفمبر 1975م نقل مدرسا للخطابة بكلية الحقوق جامعة القاهرة (فؤاد الآول) مع بقائه بالانتداب فى كلية أصول الدين التى استمر بها إلى يونيو سنة 5م وارتدى الزى الأزهرى. فى سبتمبر سنة 1978م انتقل من تدريس اللغة العربية إلى تدريس الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة (فوّاد الأأول) متدرجا فى مراتبها من مدرس إلى أستاذ مساعد إلى أستاذ كرسى إلى رئيس قسم الشريعة ووكيلا لكلية الحقوق جامعة القاهرة لمدة خمس سنوات انتهت ببلوغه سن التقاعد سنة ١16‏ واستمر فى التدريس بكلية الحقوق كأستاذ غير متفرغ وفى غيرها حتى توفاه الله عام 4ام. وقد تولى التدريس فى كلية المعاملات والإدارة بجامعة الأزهر سنة 1977م وكذلك معهد الخدمة الاجتماعية وغيره من المعاهد. وقد اشترك فى إنشاء وتولى التدريس ورئيسا لقسم الشريعة الإسلامية بمعهد الدراسات الإسلامية ومعهد الدراسات العربية العالى التابع لجامعة الدول العربية. واشترك فى إنشاء جمعية الدراسات الإسلامية . به التعريف بالإمام الجليل >4 اللاام) لامعالل ل س1 املعم ملام مخ لكألل اللا لل مالل ةطخ خملل ةلالا ا لللللا أختير عضوا لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر فى سنة 1911م ومقررا للجنة بحوث القرآن ولحنة المتابعة ولجحنة السنة المطهرة وشيخا فى لحان التقنين للمذهبين الحنفى والشافعى . كان أيضا عضوا بمجلس جامعة الأزهر» والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية» ومعهد البحوث الجنائية والاجتماعية» والمجلس الأعلى للفنون والآداب» ومجلس محافظة القاهرة . صفاته - سعة عامه وميدؤه: كان رحمه الله أبيض اللونء» جهير الصوتء شديد الذكاءء سريع البديهة. منظما وحر الفكرء راجح العقل» شديد الإيمان بما يقول» مستقل الرأى لا يخشى فى قول الحق لومة لائم» ويمزج فى محاضراته العلم الحاد الوقور بالدعابة الحلوة الخفيفة. كان رحمه الله عالما متبحرا فى الفقه وأصوله وفى علوم القرآن وتفسيرهء وخطيبا مفوهاء وأصوليا متعمقاء ومجتهدا يقرع الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق لا يشق له غبار يسعى دائما لتقديم الجديد والفريد للمكتبة العربية والإسلامية رافضا أن تكون كتاباته تردادا لأقوال الآخرين لما عرف عنه من اعتزازه بنفسه وبغضه لسيطرة الآخرين بغير حق. كان رحمه الله يعيش للمبادئ ويكافح من أجلهاء يناضل لعقيدة يحيا فيها ويعيش لهاء يعلن رأيه ويجمع الناس عليه فقد كان فقيها فى مقدمة الفقهاء ورائدا تقدم القافلة وقد تشابهت أمامها السبل المتباينة. وقد عرض عليه البقاء والعمل بالخارج فقال: (إن وجودى فى مصر هنا يؤدى واجبا أرى أنه أصبح بالنسبة لى أشبه بفرض العين؛ فأنا على ثغر من ثغور الإسلام يتأئر بها أى بلد عربى وأى بلد إسلامى» فمصر هى العقل وهى القلب وهى الأزهر». فكان رحمه الله بحرا زاخخراء وفيضا فياضاء ورائدا عاش حياته حامل" اللواء عزج بين العلم والشجاعة. ومن هنا كشر رواده وعظم قصاده. وقيمة العالم م التعريف بالإمام الجليل 9 بما حرج من تلامذة علماء أوفياء فى جميع أنحاء العالم وبما أثرى المكتبة العريية والإسلامية من مراجع علمية. المؤلفات والبحوث: بجانب أشهر المؤلفات والموسوعات الإسلامية التى تزيد عن الأربعين فقد كانت له الكثير من البحوث فى العديد من المجلات العلمية والاجتماعية: مجلة القانون والاقتصاد» ومجلة المسلمون» ومجلة حضارة الإسلام» ومجلة القانون الدولى» وكتاب أسبوع الفقه الإسلامى» وكتاب أسبوع القانون والعلوم السياسية» ومجلة الأزهرء ومجلة العربى والعديد من المجلات بمختلف الدول العربية. وكذلك عدد لا يحصى من الأحاديث الصحفية كان يرد بها على المهاجمين للإسلام وللدفاع عن قوانين الأحوال الشخصية . أما فى مجلة لواء الإسلام الشهرية لصاحبها أحمد باشا حمزة فكانت للومام أبو زهرة أربعة أبواب ثابتة هى: تفسير القرآن الكريم» ومقال اجتماعى» وندوة لواء الإسلام» وباب الفتاوى للرد على أسئلة القراء. هذا على مدى ما يقرب من الأربعين عاما فيما لا يقل عن أربعة آللاف صحيفة. كان لفضيلة الإمام نشاط واسع فى محاضرات وندوات عامة فى مختلف الجمعيات الاجتماعية والإسلامية العامة والخاصة داخل مصر وخارجها. لفضيلة الإمام العديد من الأبحاث ألقيت فى المؤتمرات والندوات الدولية التى حضرها مثل: حلقة الدراسات الاجتماعية التى انعقدت فى دمشق 191657ام - مؤتمر الندوة الإسلامية الذى عقد فى لاهور (باكستان) فى الفترة من 49 إلى 1908/1١/1١‏ - مؤتمر الخبراء الاجتماعيين الذى انعقد عدة مرات بالقاهرة وانعقد بالكويت عام 4 - مؤتّمر مجمع البحوث الإسلامية المنعقد بالجزائر عام 1959 ثم بالمغرب عام 191١‏ ثم بالقاهرة عام 1917/1 . ره التعريف بالإمام الجليل اللي ب اصبييويى هذا بخلاف المحاضرات والنلدوات خلال زيارات فضيلة الإمام لدول السودان» والكويت» والجماهيرية الليبية» والجزائرء وسورياء وغيرها. قام العديد من الباحئين بعمل رسائل ماجستير ودكتوراه عن الإمام محمد أبو زهرة فى باكستان والهند وسائر البلاد الإسلامية كما ترجمت له العديد من المؤلفات. أشهرمؤلفاته وكتبه: . الخطابة‎ -١ "؟- تاريخ الجدل. - تاريخ الديانات القديمة. ؛- محاضرات فى النصرانية . ه- محاضرات فى الوقف . 1- محاضرات فى عقد الزواج وآثاره مقارنة بين المذاهب الفقهية والقوانين العربية . لا- أصول الفقه. ٠‏ 8- أحكام التركات والمواريث. 4- الجريمة فى الفقه الإسلامى . . العقوبة فى الفقه الإسلامى‎ -٠ -١‏ الميراث عند الجعفرية. - أصول الفقه الجعفرى. 1- الأحوال الشخصية . التعريف بالإمام الجليل 45- الإمام زيد: حياته وعصره - آراؤه وفقهه. 6- الإمام الصادق: حياته وعصره - آراؤه وفقهه. 5- الإمام أبو حنيفة: حياته وعصره - آراؤه وفقهه. -١١7‏ الإمام مالك: حياته وعصره - آراؤه وفقهه. 8- الإمام الشافعى: حياته وعصره - آراؤه وفقهه. 48- الإمام أحمد بن حنبل: حياته وعصره - آراؤه وفقهه. -٠‏ الإمام ابن حزم الأندلسى: حياته وعصره - آراؤه وفقهه. -١‏ الإمام ابن تيمية : حياته وعصره - آراؤه وفقهه. 7- تاريخ المذاهب الإسلامية جزءان فى مجلد واحد. 717- المعجزة الكبرى (القرآن) . 5 - خاتم النبيين - ثلاثة أجزاء فى ثلاثة مجلدات. 6- الملكية ونظرية العقد. 7- شرح قانون الوصية. /1"- الدعوة للإسلام. 8- الولاية على النفس. 48- العقيدة الإسلامية. ٠‏ “- المجتمع الإنسانى فى ظل الإسلام. "١‏ التكافل الاجتماعى فى الإسلام. التعريف بالإمام الجليل الللللل ل لل للك ؟"- العلاقات الدولية فى ظل الإسلام. 7 تنظيم الإسلام للمجتمع . 5*- تنظيم الأسرة وتنظيم النسل . 0- بحوث فى الريا. 5”- الوحدة الإسلامية. - نظرية الحرب فى الإسلام. "- مقارنة بين الفقه الإسلامى والقانون الرومانى. 8- بحث فى قانون الأسرة - نشر بكتاب عن الفقه الإسلامى بئشرة معهد واشنطن للقوانين الدولية. . غ4- بحث فى السياسة الإسلامية - نشر فى مجلة القانون الدولى المصرية‎ ٠ -١‏ نظرات فى العبادات الإسلامية. 7- تفسير القرآن الكريم (زهرة التفاسير) حتى الآية “"/ا من سورة النمل. وفانه: عقد الإمام محمد أبو زهرة فى أواخر عام 377 وأوائل عام 191/5 العديد من الندوات والاجتماعات بجامعة القاهرة والإسكندرية وفى جمعية الشبان المسلمين لمحاربة التتعدى على الشريعة الإسلامية» وكانت له صولات وجولات فى مجمع البحوث الإسلامية والأزهر بخصوص تحديد النسل وتقييد تعدد الزوجات والطلاق فى مشروع قانون الأحوال الشخصية لوزارة الشئون الاجتماعية» وقرر فضيلة الإمام رحمه الله إقامة مؤتمر شعبى لمناقشة هذا الأمر فى سرادق كبير فى شارع العزيز بالله أمام منزله بضصاحية 5 9 الزيتون؛ أقامه الإمام رحمه الله على نفقته الخاصة وقام فضيلته بمعايئة المكان وإنشاء السرادق مبكرا فى صباح يوم الجمعة 1915/14/١5‏ ثم عاد إلى حجرة المكتب بالدور العلوى وشرع فى إكمال تفسير سورة النمل حتى أذان الظهرء وأثناء نزول فضيلته حاملا القلم والملصحف مفتوحا على آخر ما وصل إليه فى التفسير وأيضا الورق الذى به ما كتب من التفسير تعثر رحمة الله عليه وسقط ساجدا على الملصحف وعلى أوراق التفسير» ثم فاضت روحه الكريمة إلى بارئها أثناء أذان المغرب. وهكذا شاءت إرادة الله العظيم أن يكون هذا السرادق الذى أشرف فضصسيلته على إقامته لمؤتمر شعبى هو سرادق العزاء للإمام . رضى الله عن شيخ مشايخ عصره., الإمام محمد أبو زهرة وأرضاهء وأسكنه فسيح جناته وأجمل فراديسه. وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . أسرة الإمام الجليل محمد أبوزهرة الحمد لله الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراء والصلاة والسلام على محمد النبى الأمى الذى بعث رحمة للعالمين وسراجًا منيراء وعلى آله وأصحابه الذين قبسوا من نورهء» وجمعوا القرآن وحفظوه ليكون حجة الله تعالى القائمة إلى يوم الدين؛ وتحقيقًا لقوله تعالى : لإ إِنًا نَحن تَزَلنَا الذكر ونا لَه لَحَافظونَ 443 [الحجر] . أما بعد : فمنذ كنت طالبًا أشدو فى طلب العلم» وأنهل من معارفه على قدر طاقتى» وأنا أَنَشُوف لمعرفة القرآن الحكيم» وأتعرف أسرار بيانه ومعانيه» وأرى أن علمه هو الشريعة» وأنه ما ترك صغيرة ولا كبيرة منها إلا أحصاهاء وأن محمنا كَل علم الناس علمه؛ وبينه وأحكم بيانه» وحكم به بين الناس» وأظهر برهانه» فهو برهان الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى: فيا أَيَْا النّاس قد جاءكم برهان من ربكم . زه # [النساء] وهو الحق الذى لا ريب فيه» وهو حكم الله تعالى لا يأتيه الباطل من بدن يديه ولا من خلفهء فقد قال تعالى : ١‏ ٠لا‏ اه كا تعن 2 [النساء ]. ولقد كانت أمنيتى العلمية أن أكون قريبًا منه دائما»ء وكنت أراجع الكتب التى تصدت للتعريف بمعانيه؛ موجزها ووسيطها ومبسوطهاء قديمها وجديدهاء مؤمنا الها مقدمغسسة 0100 بأن علمه هو علم الإسلام» بل هو علم النفوس البشرية» وأسرار الوجودء وأنه علم النبوة الإلهية فى مختلف العصور. | 2 ولما شرفنا الله تعالى بتدريس العلوم العربية والشرعية كان أول دروسنا فى تعرف معانى القرآن» فكان ذلك يمنا وبركة وإشعارً بتوفيق الله تعالى لناء» فى مستقبل أعمالنا. ولكنا شَعَلْنًا عن تفسير القرآن بدروس إسلامية أخرى» وإن كنا لم ننقطع عن القرآن» وإن كان ذلك فى أوقات قصيرة» فكلما دعينا لمحاضرة عامة» جعلنا القول فى علم القرآن غايتناء فكنا نعود إليه الفينة بعد الفينة» حتى دعتنا مجلة دينية كانت لها مكانتهاء ولصاحبها مكانة من تقوى الله؛ لنكتب فيها تفسير أتمم به ما بدأه طيب الذكر فضيلة الشيخ محمد الخضر التونسى رضى الله عنه» وكان قد وصل فى تفسيره إلى قوله تعالى: « يُسألونك عن الأهلّة .. . 25# 4 [ البقرة] . وقمنا بما استطعنا » ووسعته طاقتنا حتى وصلنا إلى قوله تعالى فى سورة الأنعام: « وعنده مقَاتح الْغَيب ... +550 4 [الأنعام] ثم حيل بيننا وبين السير فى عملناء بمعوقات تتصل بوحدة النسق والكرامة. والآن قد ابتدأنا الكتابة فى معانى القرآن الكريم من أوله إلى ما وصل إليه الشيخ الإمام الخضرء رحمه الله تعالى. حتى إذا وصلنا إلى ذلك نشرنا ما كنا قد كتبناه فى المجلة» ثم نستآنف بعد ذلك القول فى معانى القرآن من قوله تعالى: إ وعنده مقَاتح اليب لا يعلمها لذ هو ٠‏ #لقمه © [ الأنعام ] . وقد كان مقررً أن نكتب مقدمة للتفسير نبين فيها نزول القرآن منجماء وجمعه فى عهد الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما. وجمعه فى عهد ذى النورين» وبيان إعجازه ووجوه ذلك الإعجازء وعن قصصه. وعلومه. وجدله بالتى هى أحسن» وعن مناهج تفسيره وترجمته» (والغناء ه2300 , . في كلام العرب: النفع والكفاية‎ حتفلاب‎ ءانعلا‎ )١( ف« مس 4 حب د كان ذلك فى تقديرناء وأردنا القيام به بتوفيق الله تعالى» ليكون مقدمة للتفسير» يكون فيها تعريف به» وإن كانت حقيقة كتاب الوجود فوق التعريف والبيان. ولكن وقد اتجهنا إلى ذلك اتسع البحث عليناء ووجدنا أن ذلك قد يكون فى ذاته غرضًا مقصودا يقصد بالذات لا بالتبع؛ ولذلك أخرجناه كتابًا قائمًا بذاته سميناه «المعجزة الكبرى). فهذا الكتاب وإن كان مقصودا بالجوهر والذات» هو أيضا مقدمة للتفسير» ويغنى عن كتابة مقدمة جديدة» وإنا بعون الله تعالى نتجه إلى الله تعالى ضارعين إليه أن يمدنا بعونه وتوفيقه فى القيام بحق كتابه الكريم عليناء وإننا بكرمه وفضله دائبون على كتابة ما قصدناء حتى يوافينا الأجل المحتوم ونحن فى جوار كتابه العزيزء عاملين لا نبتعد عن عرف(١2‏ ولا تتجافى مقاعدنا عنه. اللهم أيدنا بالقوة والإخلاصء. وأن يجعله نور لناء وأن يحفظ كتابه من الأهواء التى تبغى تأويله بغير هدى نبيه» وتحويل معانيه عن غاياتهاء وأن يقيه من الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ولا يسلكون الجدّد("©2» اللهم وفقنا لما تحب وترضى . «إربَا لا ترغ فلوبنا بعد إذ هديتنا وَهَب لَنَا من لدنك رَحمّة إِنْكَ أنت الوَهّابجرج) 4 زآل عمران]. 1 الإمام ميحمد أبو زهرة )١(‏ العرف» هكذا بالفتح: الرائحة مطلقاء وأكثر ما يستعمل في الطيبة منها. (؟) يسلكون الجدّد: يجتهدون. والحدد: الأرض المستوية. لل |1٠٠٠‏ || ااا | [|ااا|| لفك الو سر 1 0_0 للانن الحمد لله رب العالمين الذى أرسل بالحق محمد صلى الله تعالى عليه وسلم هاديًا ومبشرا ونذيراً» وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجا منيرء وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار. أما بعدء فقد كانت معجزة هذا الرسول الأمين» خاتم النبيين تتناسب مع امتداد زمانها إلى يوم الدين» كانت خالدة باقية بخلودهاء فكانت كلامًا معجرا يتحدى الأجيال كلهاء إنسها وجنها أن يأتوا بمثلها: طقل لبن اجتَمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا ينون بمثله ولو كان بعضهم لبَعْض ظهيرا 27> 4 [الإسراء]. وفيه علاج النفس». وطبها ودواؤهاء وغذاؤها يا يها اناس قَد جَاءنَكُم مُوعظة من ربكم وشقاء لَمَا في الصّدور وهدى ورَحمَةٌ لْمؤْمين +01 © [يونس] وهو برهان رسالة محمد يكلةٍ ونورها المبين «إ يا أَيهَا الئاس قد جاءكم برهان من ربكم وأَنزلَنَا يكم نورا مبينا::428 4 [ النساء] . وإن الرسل السابقين كانت لهم معجزات تقرع الحس» ولكنها انقضت بانقضاء زمانهاء ولولا أن القرآن الكريم سجلها ما علمها أحدء أما القرآن فباق إلى يوم #١‏ الافتتاحية اللللللو الال الدين» وأحسب أنه حجة الأديان السماوية كلهاء فلولا القرآن ما عرفت المسيحية الحق.» ولطويت فى وسط الأوهام والخرافات التى اعترت العقل النصرانى وإنا والحمد لله قد شغفنا حبا بالقرآن وتعرف أسراره ما استطعنا إلى ذلك سبيلا » وما وسعه وقتناء وكنا ونحن نتلوه. ونتعرف ما يمكن أن نسمو إلى معر فته من معانيه نجد أمرين : أولهما: أن كتب التفسير المطولة تبعثر المعانى السامية منه -وكل معانيه سامية- وسط مضطرب من الأقوال فى علم الكلام ومذاهبه» وآراء الفقهاء واستدلال كل صاحب مذهب على مذهبه» فوجدنا بعض التفسيرات يتجه إلى الإعراب» ومذاهب النحويين» والمعانى الروحية السامية للقرآن تتمزق بأوجه الإعراب» والقرآن المعجز وراء ذلك مستور بغشاء من الجدل والاختلاف وتوجيه الأقوال. والموجزات من التفسير يتجلى فيها القرآن مشرقا نيا كما هو فى ذاته» ولكن لا تخلو من توجيه النص القرآنى بالمذهب الأشعرى أو المعتزلى وإن كانت لا تثير جدلا حول المعانى القرآنية إلا قليلا . انيهما : أننا وجدنا تطابق أقوال المفسرين فى فهم آيات لا نرى أنها متفقة مع لمبادئ المقررة ذ فى القرآن كأقوال المفسرين فى قوله تعالى : «أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا ببنهم معيشتهم في الحياة الدنيًا ورفعنا بعضهم قوق بغض درجات ليتّخْدَ بعضهم بعضا سخريًا ورحمت رَبك حير مما يجمعون +4200 [الزخرف] وتفسيرها على أنها تبين رفعة الأغنياء على الفقراء»ء وما ذلك بصحيح فى المبادئ الإسلامية» ولا المقررات الدينية. وكذلك قول الممسرين إلى عهد الحافظ ابن كشير فى تفسير الآيات « وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قَضى الله ورسوله أمرا أن يَكون لهم الخيرة من ّ أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله ققد صل ضلالاً مبينا 220 4 [الأحزاب ] وقد أجمع الأكثرون قبل الحافظ على أنها فى عشق النبى يلي لزينب بنت جحشء. وما كان لنا إلا أن نصحح المعانى ونقول الحق الذى يناسب علو القرآن وكمال الرسالة مخالفين هؤلاء؛ فكتاب الله أعلى من أقوالهم» ومقام الرسول الأمثل أعلى من أقوالهم» ولو الافتتاحية اا سس 0ك م لحري اد تطابقوا عليها مع مخالفة هذه الأقوال للنصوص » وتجافيها عنها بمقدار تجافيها عن الحق. حتى وجد المضللون الذريعة لأن يقولوا: النبى العاشق» فضْلوا وأضلوا كثيرا. الذكر الحكيمء كما أدركت عقولناء « لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ... +23 4 وإنه يجب أن ننبه إلى أمور ثلاثة : أولها : أننا لا نتجه إلى الأغاريب إلا إذا اضطررنا لتوجيه المعانى وتقريب الناس من إدراكهاء وإن ذلك نادر» وليس بالكثير. ثانيها : أننا لا نذكر من القراءات المختلفة إلا إذا ترتب على اتختلافها اختلاف فى المعانى» فنذكرها كلهاء على أنها كلها قرآن» وأن هذه المعانى كلها مقصود فى القرآن السامى» ودليل على إعجازه . معانى القرآن التى تكون موجزة فى ألفاظها ثرية فى معانيهاء فنحاول أن نقرب الناس من هذه المعانى؛ لاآنه ليس عندنا طاقة هذا الإيجاز البليغ الذى هو من دلائل الإعجاز. هذا وإنا لا نحاول فيما يتعلق بالكون أن نحمل الألفاظ السامية فوق ما تحتمل أو غير ما تحتمل . اللهم نسألك التوفيق؛ فلولا توفيقك ما اهتديناء ولا وصلنا إلى غاية. إنك أنت السميع البصير» ولا نستمد العون إلا منك» وإنك نعم المعين. [ صضده 0 كان أحب إلى منذ كنت طالبًا علم القرآن» ودراسة هذا الكتاب العظيم فى بيانه المعجز الذى تحدى العرب أن يأتوا بمثله فعجزواء وتحدى الخليقة إلى اليوم فلن يستطيعوا أن يأتوا بمثله : «ا قل لين اجتمعت الإنس والْجن علَئ أن يَأنُوا بمثل هذا الُْرآن لا يأثون بمثله ولو كان بَعضهم لبَعض طَهيرا 0220 4 [ الإسراء] . وهو يتحدى الفكر الإنسانى ببلاغته» ومعانيه» وقصصهء وشريعته» وتوجيهه الأنظار إلى الكون بما فيه من ذكر السموات والأرض» وخلق الإنسان» واختلاف ألوانه وألسنته والنفس الإنسانية فى خواطرهاء وما يعليهاء وما يُدسّيهاء وسيطرة الخالق على ما خلق, له الملك فى السموات الأرض وهو على كل شىء قدير. كنت طاليًا بالأزهر ثم بمدرسة القضاء الشرعى» وكنت أميل إلى علم تفسسير القرآن؛ يصغى قلبى إليه؛ ويصبو فكرى نحوهء وذلك من بين علوم الإسلام وعلوم الحياة المختلفة التى كانت تدرس» فكان لكل علم ناحية فى نفسىء» أما علم القرآن فكان قلبى كله له. ولا تخرجت فى هذه المدرسة كان حب القرآن وعلوم القرآن مختلطًا بنفسى» ومن حسن المصادفات الموفقة أن يكون أول درس ألقيهء بعد أن شددت فى العلم» هو القرآن. لقد علمت أنى عينت مدرسا بتجهيزية دار العلوم والقضاء الشرعى فى يوم ٠من‏ أكتوبر سنة /ا911١2‏ فلما ذهبت لأتسلم العمل فى ذلك اليوم» سلمنى شيخنا العارف بالله المرحوم الأستاذ حسن منصور الذى كان وكيلا لمدرسة القضاء الشرعى» وأستاذ التفسير بها - سلمنى الجدول» وكله فى مادة التفسيرء فى السنة 3 لها تههيد الخامسة من التجهيزية» ثم رؤى أن يقسم بينى وبين أحد زملائى الكرام» رحمه الله وطيب ثراه» ومكثت أدرس التفسير بالتجهيزية سنتين» وكان أحب إلى من أى عمل سواهء انقطعت بعد ذلك عن هذا الدرس الحبيب بمقتضى سنّة العمل فى الحياة العلمية» وشغلت بعلوم العربية وقتا غير طويل» نحو ثلاث سنين» ثم شغلت بالفقه فى أطول مدة قضيتها. ولكنى كنت على شوق إلى القرآن» وكانت مجلة «لواء الإسلام» تنشر فى كل عدد منها تفسيراً للقرآن» وكان يتولاه الرجل المؤمن العارف بالله الشيخ الحضر حسين» وواصل تفسيره حتى وصل إلى قوله تعالى 9 الشهر الحرام بالشّهر الحرام ... +639 4 [البقرة] ووقف عند هذه الآية» لأسباب نفسية» لم تكن من صاحب المجلة الرجل الطيب» فاعتذرء وطلب إلى أن أتمم ما بدأت» وأيده صاحب المجلة فيما طلب» فتوليت كتابة التفسير من هذه الآية راغبًا دائبّاء فعدت إلى التفسير كما بدأت فى حياتى العلمية» واستمررت فى هذا العمل المحبوب» إلى أن منعت من التفسير» ومن غيره بأمر طاغوتى بمن كان يحكم مصر إبان ذلك» وكنت قد وصلت إلى قوله تعالى: ظ وإِذَا جَاءك الذي يُؤْمنوت بآياتنا فقل ملم لكب ركم طن نظ الأة لم عمل متك لو بها لناب مذ وأصلّح فَأَنّهُ عَفُور رُحيم 55(2) »4 [الأنعام ] . ولا تكشّفت الغمة » وزال الحكم الطاغوتى» وزالت آثاره التى بقيت بعده شهوراء وحملت القلم لأعود إلى أداء الواجب» تعذر على أن أقوم بواجبى مع الكرامة» وكان لى ما كان للمرحوم الخضر رضى الله عنه» وقد ألح على الكثيرون من أهل العلم وطلابه أن أتمم ما بدأت فى «لواء الإسلام»» وتكرر الطلب؛ فوجدت أن من الواجب على أن أقوم بكتابة التفسير مستعيئًا الله» متوكلاً عليه» ضارما إليه أن يمن بتوفيقه» فلولا توفيقه ما اهتدينا إلى عمل» وما أتممنا عملا بدأناه. فابتدأت بكتابة الجزء الذى كتبه الإمام الخضرهء ليكون التفسير كله نسقا واحداء وعلى منهاج واحد» وها نحن أولاء نسير فى الطريق ضارعين إليه سبحانه وتعالى أن نصل إلى الحق فيما نكتب. وميا سيد 92 المتهاج الدى اتيعناد: نحن ممن يتبعون إلى حدما ؛ ما كان يقوله الأستاذ العظيم العبقرى عاطف بركات فى أن القرآن كتاب مبين لا يحتاج إلى تفسير» فإنه لا إبهام فيه يحتاج إلى توضيح» وكل من يحاول توضيحه لا يصل إليه؛ فمن ذا الذى يصل إلى آفاقه, وممن كتب فى تفسيره من الماضين من حجب معانيه بكثرة الأقوال المتعارضة والآراء المتباينة» حتى آثار غبارا حجب عن الباحث نوره. ولكن القرآن الكريم فيه فقه هذا الدين» وفيه خبر من مضىء وعلم الآخرين» وفيه علم الكون والوجود الإنسانى» وفيه توجيه إلى مناحى الحياةء وفيه القصص الحكيم» وفيه أسماء الأماكن وإشارات إلى وقائع» وفى الجمملة فيه الكون والإنسان» وهو فوق ذلك حمّال للمعانى السليمة» وفيه علوم الدولة والآحادء فلابد من أن يتصدى لذلك أهل الخبرة فى العلوم» والفقهء واللغة والبيان» وإن كانوا لا يبلغون الغاية» ولاينالون مما يبغون الكفاية. فلابد أن يكون للقرآن تفسير تتولاه جماعة علمية» من أولى العصبة من العلماء» ولكن لا نجد التعاون العلمى الجماعى» فى الحاضر»ء وقد حاولناه مع غيرناء ولم نجد ذلك التعاون فى الماضى» وإن وجدنا مخلصين لله وكتابه. مستبحرين فى علوم الآثار واللغة» ويا حبذا لو أن هؤلاء اجتمعت آراؤهم» وأضيف إليها ما يراه علماء الكون فى آيات الله الكونية» على ألا نطوع القرآن لنظرية مفروضة. ولا أن نرهق ألفاظه لتحتمل نظرية لم يتحقق صدقهاء ولكن ليستعان به لتأييدهاء لا كأولئك الذين يرون صحة الفروض التى تقول بالنشوء والارتقاء ويريدون أن يؤيدوها من القرآن» أو يحملوا ألفاظ القرآن لها ليروجوها! اتجهنا إلى كتابة معانى القرآن» كما ظهرت لناء وكما أدركت عقولناء وكما بلغته طاقتناء غير محمّلين وضعًا ما لا يحتمل» أو نطوعه لتفكير سيق إلينا» ولسنا منكرين لا بذله العلماء الذين خصوا معانى القرآن بأكبر عناية» بل إننا نجد فيما كتبوا أو نقل عنهم ذخيرتنا التى ندرع بها غير مفتاتين عليهم فى قولء ولا متهجمين عليهم فى رأى» ومنهم من قام على الحق المبين» أو يستمد قوته من أثر عن النبى محمد لله ولا يتجافى عن النص القرآنى فى ظاهره ونصهء فإن جافاه حذفناهء ونظرنا فى ذلك هو نظر شيخ الفقهاء أبى حنيفة النعمان فهو لا يقدم أثرا على نص قرآنى ظاهر الدلالة أو هو نص فيه. ولا نتهجم بذلك على حديث لرسول الله لكك فهو الحكمة كلها كما قال ذلك الإمام الشافعى» فقد فسر الحكمة فى قوله تعالى: « ويُعلّمكم الكتاب والحكمة ... #5218 [البقرة] بأن الحكمة هى سنة رسول الله كله فإذا رددنا منها ما يخالف القرآن فنحن نرد ما يجعلها فوق القرآن .وبالأحرى يكون ذلك تمحيصاً للسنة» وتبييئَاً لصحيحها من سقيمهاء إن عبارات القرآن التى هى نص فى دلالتهاء ومعانيهاء فيها تنزيه لرسالة محمد يله وتنزيه للبعث المحمدى» فإنما ندفع الريب عن الرسول كَل ولا نتهجم عليه ولا على حكمته. كتلك الآثار التى توهم أن النبى يَلكِلِ سحرء وكتلك الأخبار الكاذبة التى تقول إن محملدا يكل قال عن اللات والعزى ومناة الثالشة الأأخرى : تلك الغرانيق العلاء وإن شفاعتهن لترتجى . إنا نرد هذا وأشباهه تنزيها للرسالة المحمدية الإلهية» مهما يكن راويها من الثقة» ونعدها عليه» وليس بمنزه عن الخطأ والنسيان» ودخول الغلط عليه» وأخشى أن أقول إن من يعتقد ذلك يكون كأهل الجاهلية الذين قالوا: إن تتِعْونَ إِلهّ رَجلاً مُسْحورا +2 4 [الإسراء] فليبحثوا عن موقفهم كمسلمين مؤمنين؛ وذلك لأنهم آثروا راويا على القرآن وعلى الرسالة المحمدية كلهاء إذ جعلوا الشك يرد على بيانهاء ولا حول ولا قوة إلا بالله . 1 وإذا كنا قد رددنا بعض ما ينسب للرسول يَكَلِلةّ فنحن نعد المفسر الأول للقرآن هو الرسول يكل فهو المفسر لأحكامه المبين لحقائقه. كما قال تعالى: « وأَنزلنا إليك الذكْر لين لئاس ما نول لهم ولعَلهُم كرو 46550 [التحل] ولا نتصور أن نجد بيانًا يفوق بيان النبى يك لأنه يفصل مجمله. ويبين ما يعلو على مدارك الناس» وإن كان فى ذاته مبيئّاء ولا يصح أن نفتات على الإسلام فنرد قولا صح عن رسول 1 اكه : 2 الله محمد يوَلِةٌ مادام القرآن يتسع لمدلوله» ولا نقدم عليه احتمالا آخر مهما تكن مكانة قائله من الفقه والبيان؛ فإنه مهما يكن لا يناهد مقامه مقام مبلّْ الرسالة فى الإحكام. ولا مقامه فى البيان» وإدراك معانى القرآن؛ ولذا نعد السنة النبوية هى المفسر الأول. ويلى ذلك تفسير الصحابة الذى صحت نسبته إليهم؛ وخصوصا علماءهم, والسابقسين الأولين الذين قال تعالى عنهم فى بيعة الرضوان: لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة فَعَلمْ ما في قُلُوبهم فَأَرَلَ السكينة عليهم وَأنَابَهُم فنَحا قرييا 2 > [ الفتح ] . ونأخذ بأقوال هؤلاء على أساس ألا تخالف نصا قرآئياء أو تناهضه» أو تحمله ما لا يحتمل» وعلمهم بالقرآن أعظم من علمنا به؛ إذ كانوا كما أشرنا من قبل أهل بيعة الرضوان, لا الذين جاءوا بعد الحديبية» وكان بعض أولئك من الذين لهم جهاد مذكور مشهورء لا يغض من مقامهم» ولكن ليسوا حجة فى ذ فهم القرآن إلا من ناحية اللغة والبيان؛ فإن ذوقهم العربى ربما يجعل لقولهم مكانّاء ولم يعن أحد من هؤلاء بالتفسير رواية أو دراية؛ لأنهم شغلوا بغيره» إلا ما كان من ابن عباس» وأشباهه من شباب الصحابة الذين وعوا أفاويقه فى آخر حياة الرسول» ومنهم بعض من التزموا الرسول َلاةٍ. فقد كان ابن عباس ترجمان القرآن كما عبر بعض علماء الصحابة» وقد أخذ من علم كثير من الصحابة» وخصوصا ابن عمه علياء الذى قال فيه ابن عباس: ما انتفعت بكلام بعد كلام محمد يلد كما انتفعت بكلام على كرم الله وجهه. فقد كان على أستاذه بعد المرشد الأكبر محمد يِل . وإن الصحابة علموا التابعين ما تعلموا من فهم القرآن وأولئك هم التابعون» فما صح عن التابعين أهل الثقة الذين لازموا الصحابة واختزنوا علمهم» وهو علم بنوه ونقلوه نقلا صحيحا أخذنا به. بيد أنه يجب الاحتراس عند الأخذ من الأقوال المنسوية للتابعين؛ فإنه قد حدث فى عهد التابعين أمران كانا سببا فى دخول كلام فى تفسير القرآن ليس منه» ولا مقتبسا من روحه: أولهما - دخول كلام من بنى إسرائيل إلى العلم الإسلامى ونسبوه إلى التابعين على أنه من أقوالهم» وقد روى أن بعض من ينسبون إلى صحبة النبى كلد استهواه ما عند اليهود» فنقله» حتى إنه ليروى أن عبد الله بن عمرو بن العاص» نقل فى غزوة اليرموك حمل راحلتين ما عند اليهود» وتسرب إلى العقل الإسلامى ونسب إلى بعض التابعين» بل إلى بعض الذين لهم صحبة بالرسول كَكْةٌ وإن لم يكونوا من الرعيل الأول الذى حمل علم الرسول يَلكِْةِ» وما زال العلماء فى هذا يعانون الكثير» ما اختلط بالتفسير من الإسرائيليات» ومحاولة رحض'؟ التفسير منهاء كما يرحض الثوب الأبيض الناصع من الأقذار التى علقت به. وإذا كان اليهود عجزوا عجزا مطلقا عن أن يعبثوا بالقرآن كما عبثوا بغيره» فإنهم أتوه من ناحية تفسيره» ولكن ذلك لا يَمَسَّهء بل يمس العقول التى لا تمخّص ولا تدرك» ولا تحكم بقرآن» ومقاييس العقل؛ ولذلك بقى النبع الإلهى الصافى يدركه من يتأمل ما أحيط به فينبذ الزيف» ويدرك الجوهر الصافى. ثانيهما - أنه فى عهد الأمويين» وهو عهد التابعين» وجد من النصارى الذين كانوا فى حاشية الأمويين من يعملون على بث الروايات الكاذبة حول القرآن» وينسبونها للتابعين» كما نرى فى القصة المكذوبة على رسول الله كله فى زواجه بالسيدة أم المؤمنين زينب بنت جحش» فقد ادعى النصارى أن البى يِل رأى زيلب فى حال أثارت عشقه» فأمر زيدًا أن يطلقهاء وأن يتزوجهاء وبث هذا الادعاء فيهم يوحنا الدمشقى الذى كان فى خدمة الأمويين وراجت هذه الأكذوبة التى لا أصل لها إلا إفك هذا الأفَّاك؛ ونقلت عن بعض التابعين» وفسر بها قوله تعالى: وما )١(‏ رَحَضّ ‏ من باب منع - الشوب رَحضاء ورّحوضا: غسله فهو راحضء والمفعول مرحوض ورحيض [الوسيط]. والمة د: تنقية كتب النذ 1 ثما علق بها من الأقوال غير الصحيحة» والوجوه غير المحتملة . ا 4000000 راع هه 2 ًِ 2 هر اعم ل له ره كام لسرم اسام#م هاه مس 3 كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قَضى الله ورسُوله أمرا أن يَكُون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص لله وَسُوله ققد ضلّ ضلالاًمبينا +(22 وإِذ تقول للدي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك ليك رَوَجَك وان الله في في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه قلَمًا قضى زَيْد مَنَها وطرا رَوَجَتَاكها لكي لا يكُون على الْمؤمنين حرج في أَرْوَاجٍ أدعيائهم إِذَا قضوا مهن وطرا وكان أمر الله مفعولاً 02+ ما كان علَى الي من حرج فيما فرض الله له سن اله في اين لوا من قبل وكان َم اله درا ورا +« 0 (2* دين يبلَغُونَ رسالات الله ويشونة ولا يون أحدا إلا لَه وكفى بالل حسييا :4032 ما كان محمد أا أحد من سام م هم ياس راجت هذه الأكذوية بيد : اللفسريت الذيد يتلقون ن الأخبار من غير تمخيص لذاتهاء ولا تعرف دقيق لمصادرها. ووقع فيها شيخ المؤرخين والمفسرين محمد بن جرير الطبرى» وتكلف وخرج عليها تفسير هذه الآيات الكريمة» وتبعه فى ذلك المفسرون» حتى الذين من شأنهم أن يمحصوا الحقائق كالرزمخشرى والرازى وغيرهماء وتلقاها الذين لايرجون للقرآن ولا لمحمد كَل وقارا فى عصرناء فكتب كاتب فى كتاب له «(محمد العاشق» وتبعه غيره من تلاميذه أو أشباهه الذين لايمحصون الحمقائق وليس للحقائق الإسلامية فى قلوبهم روعة تدفعهم إلى التمحيص» وخاض كل المفسرين الذين كانوا قبل الحافظ ابن كثير» الذى ردها ومحصها ونقد ابن جرير الذى خاض فيهاء وأثبت أنه لا توجد رواية عن الصحابة فى هذا صحيحة أو غير صحيحة. وظواهر النص القرآنى» ومعانيه تنافيها جميعاء وصريح القرآن يردهاء فالله تعالى يحكى أن زواجها كان بأمر من الله تعالى» ويخبر أن طلاقها كان بأمر من الله فالله يصرح بأن الأمر كان الحرج من المسلمين فى تزوج زوجة المتبتى» فيقول: طإما جعل اللَّهُ لجل من فلي في جوفه وما جعل أَزْوَاجكم اللأتي تُظاهرون منهن أمهاتكم وما جيل ادام أبناءكم ذَلَكُم فولكم بأفواهكم واللّه تقول الحق وهو يهدي السبيل 1ه ادعوهم لآبائهم هو أفسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين اكه ولس علكم اح فيما خط به وذكن ذا تسدنا فيكم وك اله فور رَحيمًا 427 4 [الأحزاب] ومحمد يَكهٌ كان قد تبنَى زيد بن حارثة» وتزوج زيد زينب على أنه ابنه لله فلما ألغى التبنى بحكم الإسلام تململت به» وتململ من كبريائهاء فأراد أن يطلقهاء فقال له محمد الأمين كَلِةّ كما أخبر القرآن: أمسك عليك زوجك وائّق الله وتخفي في نفسلك ما الله مبديه 4 [الأحزاب] وهو إرادة الله فى الطلاق» وتزويجها النبى كلل وقال سبحانه: لما قضئ زيد نا وطَرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أَزْوَاج أَدعيّائهم إِذَا قضوا من منهنَ وطرا .4 [الأحزاب ] وسنبين ذلك أفضل بيان عندما نتكلم فى معانى هذه الآيات إن شاء الله تعالى . تسير القرآن بالرواية: إنه لا شك أن تفسير القرآن بالرواية عن النبى كَل أمر مقرر ثابت؛ لآن القرآن الكريم بيانه أولا للنى وكث. ويجب تحرى السنة الصحيحة» ولا يتبع إلا الصحيح» بيد أنه فى بعض المروى عن النبى كَلَيلْهّ ما يخالف ما نحسه ونعاينه» كقول بعض المفسرين معتمدين على بعض الروايات بأن بعض الأنهار تنبع من الجنة وأنها تفيض منهاء مع أنه ثبت بالمعاينة أنها تفسيض من سيول فى جبالء أو تنبع من منابع وبحيرات يراها الناس. ومن المقرر أنه إذا كان حديث آحاد بما يثبت العقل أو الرؤيا نقيضهء يرد حديث الآحاد» ويثبت بطلان نسبته إلى النبى يليه وكذلك ما يُثبت علم علماء الكون خلافه ثبوتا قطعيا بالبرهان القاطع الذى لا يتطرق إليه ريب» فقد ذكر الغزالى أنه إذا كان خبر الآحاد يناقض ما أثبته العلم ثبوتا قطعياء .ترد نسبته إلى النبى يك أو يؤوّل» وإن النص المناقض قطعيا يؤوّل بما لا يكون بينه وبين العلم القطعى خلاف . وقد أكدنا فى عباراتنا أن العلم الذى يؤول النص القطعى» أو نرد به الخبر عن النبى مَل يجب أن يكون علمّا قطعيّاء لكيلا نغير فى النصوص بفروض ونظريات لم تثبت بدليل قطعى» ولا يلتفت إليها إزاء النصوص» ولو كانت خبر آحاد ثبتت صحته؛ لأنها فروض لم تؤكد بدليل قطعى كنظرية النشوء والارتقاءء فإنها فروض لم يثبت صدقها. وإنما الأخبار الصحيحة - أى من حيث السند - التى تكون تفسيرا للقرآن ولا تجوز مخالفتها هى الأخبار التى لا يطعن فى صحة متنها ولا تخالف أمراً يقطع العقل بخلافه. هل النبى كله فسر القرآن كله؟ إن ابن تيمية العالم الفقيه يقول20: إن النبى ككل بين القرآن كلهء ولم يترك فيه جزءا يحتاج إلى بيان ولم يبينه» ولا جزءا يحتاج إلى تفصيل ولم يفصله. ولا مطلقا يحتاج إلى تقييد ولم يقيده» ويحسب أن ذلك جزء يجب الإيمان به لقوله تعالى : « .. . وأَنلنا ليك الذكر لتبيّنَ للئّاس ما نزَل إِلَيهم . .. 57> 4 1 النحل ] . وقد تلقى الصحابة تفسير النبى كجَللِلْةِّه وقد قال عبد الرحمن السلمى: «حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبى كَكِلَةٌ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل» قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل». وإن الصحابة كانوا لاستحفظون القرآن فقط. بل كانوا يتعلمونه ويتعلمون معانيه» ويقول فى ذلك رضى الله عنه - أى ابن تيمية -: «من المعلوم أن كل المقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه» فالعادة تقر ألا يقرأ قوم كتابا فى فن من العلم كالطب والحساب» ولا يستشرحوه. فكيف بالكلام الذى هو عصمتهم ونجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؛ ولهذا كان النزاع فى تفسير القرآن قليلا جدا». ويتعين علينا إذن أن نقول إن تفسير الصحابة عن رسول الله كَكوٌه هو تفسير الرسول كَل إلا ما ثبت عن الرسول كَلكلْةِ من قول يخالفه. وإن الصحابة علَّموا تلاميذهم من التابعين ما تلقوا عن رسول الله يكو وهم أهل صدق» فابن عباس كان له تلاميذ تلقوا عنه كمجاهد» وعكرمة» ونافع وغيرهم من تلقوا عن ابن عباسء» ولكن ما ينسب إلى التابعين يجب تمحيصههء فقد نفذت )١(‏ راجع هذا المبحث فى مقدمة أصول التفسير لابن ثيمية. ها تمهيد لللللا و بالل و 3 الإسرائيليات وما دسه النصارى إليهم كما أشرنا من قبل» وعلى هذا يسن ابن تيمية أمثل المناهج فى اعتقاده . فأعلى المراتب تفسير القرآن بالقرآن» والقرآن كتاب متكامل» ما يجمله فى موضع يفسره فى آخرء وهكذا. وتلى هذه المرتبة تفسير النبى يَلْوْ وقد بينا ذلك بما يناسب المقام . والمرتبة الثالثة تفسير القرآن بأقوال الصحابة» وهم الذين تلقوا تفسيرهم عن النبى َليِّ » ولقد روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال: والله الذى لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت» وأين نزلت» ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناولته المطايا إلا أتيته. المرتبة الرابعة مرتبة التابعين الذين تلقوا علم الصحابة كمجاهد وقتادة» وقد يختلفون. فيرى ابن تيمية أنه إذا اختلف التابعون اختار من أقوالهم» ولا يخرج عنها. فإن التابعين قد دخلت فى عهدهم الإسرائيليات» ومعايث النصارى» فيجب الأخذ عنهم باحتراس ويقظة؛ وإذا اختلفوا نأخذ من أقوالهم ما ليس فيه دس على الإسلام لنصون كتاب الله تعالى عن تطاول المفسدين» كما ذكرنا فى قصة زينب بنت جحش المدسوسة على المفسرين . وإنه يجب التنبيه إلى أن الواجب العلمى إبعاد الإسرائيليات عن تفسير القرآن» وتنقية كتب التفسير منهاء وإذا قيل إن منها ما يوافق النصوص القرآنية» ولا يخالفهاء نقول إن فى القرآن غنى عنهاء والآكثر فيه تهويش على معانى القرآن» وإثارة للأوهام الكاذبة. تفسيرالقرآن بالرأى: ابن تيمية وبعض علماء السلف يقصرون التفسير على ما يكون بالرواية عن النبى كَكنهٌ ويمنعون التفسير بالرأى» ويستدلون على ذلك بما يأتى : أولاً: قول النبى كَكةٍ فيما صح عن الرسول يك عند ابن تيمية: «مَن قَالَ فى الرآن غير علم فَلتَبَو مَفعَده من الثّارو290, وقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنَ قَالَ فى القرآن برأيه. وأصاب فقد أخط0 270 . ثانا : شدد أصحاب الرسول كَيِةٍ فى منع الأخذ بالرأى فى معانى القرآن؛ ويروون فى ذلك عن أبى بكر أنه قال: (أى أرض على وأى سماء تُظلَّى إذا قلت فى كتاب الله ما لم أعلم). ثالنًا: وكان التابعون يتحرجون فى القول فى التفسير إلا أن تكون الرواية عن النبى كَكلِْكِ أو الصحابة» ولقد قال مسروق: «اتقوا التفسير فإنه الرواية عن الله)0" . وهكذا نرى طائفة من علماء السلف يمنعون التفسير بالرأى المجرد» وابن تيمية يوضح آراءهم ويؤيدها مشددا فيهاء ونحسب أن المبرر الذى جعل ابن تيمية يتشدد فى ذلك هو سد الذريعة لمنع الأوهام التى وجدت بتفسير بعض الإمامية» والإسماعيلية» والباطنية» فقد رويت تفسيرات سموها باطن القرآن وجعلوا للباطن باطناء حتى وصلوا إلى سبعة بواطن» فكان منع التفسير بالرأى دفعًا لهذه الأوهام الباطنية التى أفسدت المعانى القرآنية بتأويلات لا برهان عليها. فإذا كان الإسرائيليون قد أدخلوا على التفسير ما ليس بمعقول ولا مقيول» فالباطنيون قد أدخلوا بتأويلاتهم وبواطنهم ما ليس من التفسير فى شىء» والله حافظ كتابه من الفريقين» وهو بلوره الساطع يلفظ الخبث كما يلفظ الفلز فى كير النار )١(‏ أخرجه الترمذى: كتاب تفسير القرآن - باب: ما جاء فى الذى يفسر القرآن بغير علم» وأحمد: كتاب مسند بنى هاشم - باب: بداية مسند عبد الله بن عباس رضى الله عنهما. (5) رواه العرمذى. الموضع السابق (؟2))59585 وأبو داود فى كتاب العلم (7505) بلفظ: «فى كتاب الله) كلاهما عن جندب بن عبد الله . (9) قال أبو عبيد: عن الشعبى عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله. [مؤلفات ابن تيمية (أصول التفسير) ج7١‏ ص١57].‏ ب تمهيلد الملل اللا والغزالى أجاز التفسير بالرأى» وفتح الباب» ولكن قبل أن نقدم إسناده من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة نحرر رأيه» فهو: أولا: لا يهمل السنة ولا آثار الصحابة وأقوالهم» ويقرر أن ما أثر عن النبى وكيد والصحابة بسند صحيح لا تصح مخالفته» ويجب الأخخل به. ثانيا: لا يفتح الباب على مصراعيه لكل من يرى رأيا فيفسر القرآن برأيه» بل يجب أن يكون عنده علم اللغة» وعلم القرآن» وعلم السنة» لكيلا يقول على الله تعالى بغير علم . وإن الفهم فى كتاب الله تعالى باب متسع لكل من عنده أداة الفهم لعلم القرآن» ويستدل على ذلك بنصوص من القرآن والسنة وأقوال الصحابة: ( )إن القرآن الكريم فيه كل علوم الدين بعضها بطريق العبارة» وبعضها بطريق الإشارة» وبعضها بالإجمال» وبعضها بالتفصيل» وإن ذلك يحتاج إلى التعمق فى الفهم» والاستبصار فى حقائقه. وذلك لا يكفى فيه الوقوف عند ظواهر التفسير التى تجىء على ألسنة بعض السلف» بل لابد من التعمق» واستخراج المعانى ما دامت لا تخالف صريح المأثورء ولكنها أمور تسير وراءه» وعلى ضوئه وعلى مقتضى هديه؛ ولذا قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: «من أراد علم الآولين والآخرين» فليتدبر القرآن» وإن ذلك لا يكون بغير التعمق فى الفهم والتعرف بالإشارة للمرائى البعيدة والقريبة من غير اقتصار على ظاهر النصوص . (ب) إن فى القرآن بيان صفات الله سبحانه وتعالى» وذكر ذاته القدسية وأسمائه الحسنى» وإن معرفة ذلك مع التنزيه وعدم المشابهة للحوادث يحتاج إلى تدبر وبيان ليعرف القارئ لكتاب الله تعالى أنه سبحانه وتعالى منزه نزاهة مطلقة عن المشابهة للحوادث . (ج) إنه قد وردت آثار كثيرة تدعو إلى الفهم والتدبر» فقد قال على - كرم الله وجهه -: «من فهم القرآن فسر به جمل العلم»» وقال رضى الله عنه: (ما أعطانى رسول الله يَلِلْةّ شيئا كتمه عن الناس إلا أن يؤتى الله عبدا فهما فى (د) إن عبارات القرآن تدعو إلى فهمه فقال تعالى: «( ومن يوت الحكمة ققد أوتي حيرا كثيرا ... +479 4 [البقرة] فقد قال فقهاء السلف إن الحكمة هى فهم القرآنء وإذا كان فهم القرآن خيرا كثيراء فإنه سبحانه يدعو القادرين على الفهم للبحث والتأمل والنظر فى الآيات وفهمها. ولقد قال تعالى: ف ... ولو ردوه إلى الرسول وإلئ أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ... +20 4 [النساء] وفى هذا دعوة إلى الاستنباطء واستخراج المعانى العميقة» كما يستنبط الماء من الآبار» وفيه إشارة إلى وجوب تعرف معانى القرآن بالفهم بصحيح كما يتعرفونها بالآثار الصحيحة.» فهما طريقان مستقيمان» فمن منع أحدهما فقد خالف العقل والنقل. (ه) إن النبى كَكِْةٌ دعا لعبد الله بن عباس رضى الله عنهما بالفهم فى القرآن فقال: «اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل)”) وليس التأويل إلا فهم مرامى العبارات والمآل والمكان للمعانى التى تشتمل عليها الألفاظ وجمل القول. ولو كان التفسير مقصورا على ما ورد من أقوال النبى لقال عليه الصلاة والسلام: «حفظه) . والغزالى لا يقف فى استدلاله عند تأثير التفسير بالرأى» بل ينقد أدلة الوقافين الذين يقفون عند المأثور عن النبى عليه والصحابة والتابعين لا يعدونهم ‏ وينقدهم من وجوه: أولها: أنه لكى يصح الوقوف على تفسير رسول الله يَكهٌ يجب أن يكون كل ما نأخذ به من تفسير مسندً إلى رسول الله كَللِْهّه أو ثابتا بالضرورة عن النبى عله )١17 19/٠ أخرجه البخاري - كتاب العاقلة - باب: الديات 509.29 ). وبدحوه عند مسلم - كتاب العتق(‎ )١( وكذا رواه الترمذي» والنسائى, وأبو داود» وأحمد.‎ (؟) أخرجه أحمد: كتاب: مسند بني هاشم - باب: بداية مسئد عبد الله بن عباس (7917-7417/4) وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد . رس تمهيد لل ااال بأن يقول التفسير صحابى أو تابعى» ولا يتصور أن يكون ذلك من غير النبى كَلِلهِ وليس للرأى فيه مجالء فإذا كان للرأى فيه مجال فاحتمال أن يكون ذلك من رأى الصحابى أو التابعى» وخصوصا أنه فى عهد التابعين أدخلت الإسرائيليات» ونقل عبد الله بن عمرو بن العاص حمولة زاملتين فى موقعة اليرموك» وإن ما نقل لنا عن رسول الله كك من تفسير ليس كل التفسير» ولا جلّه. ثانيها: أن الراجح أن تفسير الصحابة الذين قالوه لم ينسبوه إلى النبى يله فكان من المحتمل أن يكون بأرائهم» وإن كان لها فضل الاقتباس من هدى النبى يِه وإن واجب الاقتداء بهم أن نفسر بالرأى مثلهم مسترشدين بأقوالهم فى فهم الآيات كما نسترشد بآرائهم فى الفقهء وفى معانى الألفاظ العربية. ثالفها: أن الصحابة اختلفواء وكذلك التابعون». وسماع كل هذه الأقوال محال» فلا بد أن يكون بعضها صحيحا وبعضها غير صحيح .ولو كان بعضها مسموعا لوجب رد الباقى» ولا يمكن معرفة ما يرد وما يبقى؛ لآن المسموع منها غير متميز ولا معين» ويؤدى هذا إلى أن بعض هذه الأقوال كان بال رأى» وأن المتبع للآثار ولا يعدوها لايكون له مناص من أن يختار من هذه الأقوال المختلفة» وأن ذلك سيحمله على أن يعمل الرأى فى تخير ما يختار » ويكون المتبع قد فر من الرأى ابتداء ثم وقع فيه انتهاء . ويبين الغزالى موضع النهى عن الرأى فى فهم القرآن فيرى أنه فى موضعين: أولهما: أن يكون له رأى فى موضوع الآية» ويميل إليه بطبعه وهواه» فيتأول الآية من القرآن لتكون على وفق رأيه» ولو لم يكن له ذلك الرأى والهوى ما كان ليلوح إليه ذلك المعنى . وهذا تارة يكون مع العلم بأنه ينزل القرآن على فكره وهواه كبعض المبتدعة الذين يجادلون فى آيات الله ويلحفون فى الجدل للغلب» وهم يدركون أن القرآن لا يؤيد رأيهم ولكن يتغالبون به. وقد يكون غير قاصد الغلب, بأن تكون الآية تحتمل معنيين أو تبدو له كذلك» فيختار منهما ما يكون أوفق مع فكره» ولولا فكره السابق ما اختار ذلك المعنى . ثم يقول الغزالى: وهذا الجنس مما تستعمله الباطنية لتغرير الناس» ودعوتهم إلى مذهبهم الباطل» فينزلون القرآن على وفق رأيهم ومذهبهمء وعلى أمور يعلمون قطعا أنها غير واردة به» فهذه الفنون أحد وجهى المنع من التفسير بالرأى» ويكون على هذا المراد بالرأى الممنوع الرأى الفاسد الموافق للهوى دون الاجتهاد الصحيح . ثانيهما: المسارعة إلى تفسير القرآن بظواهر الألفاظ من غير معرفة المنقول فى موضوعهاء ومن غير مقابلة الآيات بعضها ببعض. ومن غير معرفة العرف الإسلامى الذى خصص بعض الألفاظ العربية» ومن غير علم دقيق بأساليب الاستنباط من حمل المطلق على المقيدء والعام على الخناص» وإدراك مواضع الإضمار والحذف. وغير ذلك من الأساليب القرآنية المعجزة. فإن ذلك يكون تفسيرا بالرأى من غير أهله» واجتهادًا فى الفهم بغير أدواته» وليس ذلك من التفسير بالرأى» إنما ذلك من التهجم على ما لا يحسن والعمل فيما لا يتقنء وذلك قبيح فى كل شىء'17 . الطريقة المثلى: وإن الطريقة المثلى التى توصل إلى الغاية فى فهم القرآن» وتعرف معانيه. وإدراك دلائل إعجازه هى الاعتماد على النقل والعقل» فلا يصح الاقتصار على النقل وحده. ولا على العقل وحده.ء وإنما النظر الأمثل هو أن يعتمد على العقل والرأى وعلى السماع من أقوال رسول الله يك فى فهم القرآن» فظواهر القرآن من الآلفاظ. والآثار التى تعاضد الظاهرء لا تكفى وحدها بل تساعد العقل» وتفتح له السبل لاستخراج معانى القرآن المتسعة الأفق البعيدة المدى التى توجه الفكر إلى أعمق الحقائق العلمية والكونية والنفسية» وكلما تفتح العقل فى ظل إدراك الألفاظ وظواهر اللغة أدرك إدراكا صحيحا ما تشير إليه الحقائق الكونية» وما يشير إليه القرآن . )١(‏ قال المصنف - رحمه الله - فى الهامش: راجعنا هذا البحث على الإحياء مع بيان النتائج من مقدماتها. فى الهامش : لوحياء مع تج من للها مههيد ال وإنه كلما اتسع أفق العقل البشرى فى فهم الكون والحقائق والشرائع اتسع فهمه للقرآن الكريم» ولعل هذا هو الحقيقة التى أشار إليها بعض الصحابة» إذ روى عن أبى الدرداء أنه قال: «لايفقه الرجل» حتى يجعل للقرآن وجوها» أى اتجاهات متلاقية» ولكن بعضها أعمق من بعض» وكله حق. 0 وروى عن ابن مسعود أن رسول الله كيه قال: إن للقرآن ظاهرا وباطنا17) وليس هو الباطن الذى يقوله الباطنية» إنما الباطن الذى أشار إليه النبى كَل هو لبان الذى تدل عليه إشارات العبارات القرآنية» من أسرار الإعجاز البيانى» وإلى تشير إليه من حقائق كونية ونفسية وخلقية وأحكام عملية» وغير ذلك من المعانى التى يدركها العالم المتعمق ذو البصيرة النيرة الذى آتاه الله تعالى نفاذ بصيرة» واستقامة فكرء كالذى يدركه علماء الأكوان فى قوله تعالى : أو لم ير الذين كقروا أن السّموات والأرض كانتا َتقَا ففتقناهما وَجَعَلنَا من الْمَاء كل شيء حي أفلا يؤمنون غرته # [الأنبياء ] فالمعنى الظاهر لكل ملم باللغة العربية هو أن السموات والأرض كانتا متصلتين» وهذا معنى سليم هو الظاهرء والعالم المدرك للأكوان الباحث فيها يعرف كيف كانت السماء والأرض كتلة واحدة» وكيف انفصلت الأرض وتكونت عليها القشرة اللأرضية» وكيف كان الماء العذب» والملح الآجاج. وهكذا نجد أن كل تال للقرآن يدرك من معانيه بمقدار إدراكه وعلمه. والغزالى يقرر أن المعانى اللغوية» وما يشير إليه النقل والسماع هو المفتاح والطريق للمعنى العميق الذى يدركه الناس كلما تفتقت العقول واتسعت المدارك واطلعت على حقائق الكون» وأدركت معانى الآيات الطالبة للنظر فى الكون. فهو اللوح الذى كتبت فيه حقائق هذا الوجود» وفيه الدلالة على وجود الله تعالى» وإبداعه. ويقول الغزالى فى ذلك: «العقل والسماع لابد منهما فى ظاهر التفسير أولا؛ ليتقى به مواضع الغلط ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط واستخراج الغرائب التى لا تفهم إلا بالسماع» ولا مطمع فى الدخول إلى الباطن قبل إحكام .15 أخرجه ابن حبان فى صحيحه وذكره العراقي في تخريج أحاديث الإحياء جا - ص‎ )١( الظاهرء ومن ادعى فهم أسرار القرآن وهو لم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن يريد البلوغ إلى صدر البيت قبل مجاوزة الباب» أو يدعى فهم مقاصد الأتراك من كلامهم وهو لا يفهم لغة الترك» فإن ظاهر التفسير يجرى مجرى تعلم اللغة التى لابد منها للفهم . والمعنى الباطن الذى جاء على حكم الغزالى ليس هو ما عند الباطنية كما ذكرناء إنما هو تحرى الدقائق التى تكون فى مطوئى ألفاظ القرآن» والأسرار التى لا يدركها إلا العلماء المتخصصون فى العلوم المختلفة كل بمقدار طاقته فى علمه بعد فهم ظاهر اللفظ وما فيه من مجاز وحذف وإضمار» وعموم وخحصوص. وإطلاق وتقييد. ويقول حجة الإسلام عما فيه من أسرار ما نصه: «وإنما يتكشف للراسخين فى العلم من أسرار بقدر غزارة علومهم وصفاءٍ قلوبهم» وتوفر دواعيهم على التدبرء وتجردهم للطلب» ويكون لكل واحد حد فى الترقى إلى درجة أعلى منهء أما الاستيفاء فلا مطمع فيه ولو كان البحر مدادا والأشجار أقلامّاء فأسرار كلمات الله تعالى لا نهاية لهاء فمن هذا الوجه يتفاوت الخلق ذ فى الفهم بعد معرفة ظاهر التفسير» وظاهر التفسير لا يغنى عنه) . هذا ما نقلناه عن الغزالى وذلك ما قاله ابن تيمية» ونحن بلا ريب نأخذ برأى الغزالى وعليه سار المفسرون» حتى مفسرو الروية» فإنهم لا يردونه» حتى شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبرى» فاختياره من أقوال التابعين فيه عمق» واتجاه إلى تعرف الأسرار فى الألفاظ القرآنية » والعبارات» واستقصاء المعانى. وقد يقول قاتل: إن الغزالى يشجع تفسير القرآن بالعلوم الكونية» فهل نشجعه كما شجع؟ للإجابة على هذا السؤال نقول: إن ما يكون من آيات القرآن دالا على حقيقة علمية كما تلونا في قوله تعالى : «(أو لم ير الذين كفروا أن السمُوات والأرض كانتا رثقا فَفتقنَاهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون 2 # [الأنبياء] فإنه بلا ريب أن بيان الحقيقة العلمية يكون من بيان القرآن» ويعتمد فيه على كلام أهل الخبرة» وذلك كقوله تعالى: لإ ثم استوى إِلَى السّمَاء وهي دَحَان فَقَالَ لها وللأرض اتنا ْ سى مهيلد الللللللل اللا ل0ا1010االل كالبلل ل طَوعا أو كرها قَالَا نيا طَائعِينَ 7 فَقَضَاهِن سبع سموات في يومين وأوحئ في كل سماء أمرها وزيئًا السماء الدنيًا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم 40 [فصلت ]. فهذه الآيات وأمثالها كثيرء ولابد فيها من الاستعانة بأهل الخبرة» ويقررون فى ظلها الحقائق العلمية» ويجب أن يلاحظ أمران: أولهما: ألا تفسّر الآيات الكريمات بنظريات وفروض لم يقم الدليل القاطع عليهاء وقد تتغير العلوم الكونية بتغير النظريات حولها وقتا بعد آخرء ولا يصح أن يفسر القرآن بنظريات قابلة للنقض والتغير. إنه كتاب الله تعالى لا تبديل لكلماته» وهو العزيز الحكيم» ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ثانيهما: ألا يكون الاتجاه إلى تحميل الألفاظ فوق ما تحتمل» فلا تجهد الآيات إجهادا ليطبقوها على الحقائق أو ليطبقوا الحقائق عليهاء بل لا يفكر أهل الخبرة فى أسرار الآيات إلا ما يكون ظاهرا واضحا كما رأينا فى الآيات التى ثُليَتْ» ويكون الشبهات . علم الكلام وآراء المقهاء: كثر القول فى تفسير القرآن الكريم فى الكتب التى تصدت للتفسير كتفسير الزمخشرى» وفخر الدين الرازى وغيرهما من أمهات كتب التفسير فى أمور هى من علم الكلام؛ كتعلق إرادة الله تعالى بأفعال العباد» وكذلك الآيات القرآنية التى تتعرض للمشيئة والإرادة» وهداية العبد وضلاله» وللصفات أهى غير الذات» مقامه فى البيان» وإثباته إعجار لقا من تفسير القرآن» يذكر مذهبه الاعتزالى ويخرج تفسيره على هذا المذهب» وتعقبه من جاء بعده فى إثبات صحة مذهب تمهيد 0 424020000000000 لس ا الأشاعرة”' أو الماتريدية» حتى يغلب القول التفسير والبسيان» وتختفى معانى القرآن الكريم فى لحاجة التعصب المذهبى» وهذا النوع من التفسير هو أحد القسمين اللذين ينطبق عليهما النهى عن الرأى؟؛ لأن المفسرين سبقت آراؤهم تفسيرَهمء فحمَلوا معانى القرآن على ما يوافق مذهبهم» والقرآن الكريم فوق آرائهم. ومعانى القرآن فوق كل رأى ومذهب, وتحمل الآراء والمذاهمب على معانى القرآن لأنه الأعلى» وهو الشرع الحكيم. فليست معانى القرآن أشعرية ولا ماتريدية» ولا اعتزالية» وإن تخريج الآراء على مقتضى مذهب من المذاهب يجعل القرآن مفرقاء ويجعله عضين”"©» وذلك حرام؛ لذلك لا نفتح - بعون الله تعالى وتوفيقه - مجالا لهذه المجادلة فى ذكر معانى القرآن» بل نتجه - إن شاء الله تعالى - إلى المعانى الواضحة البينة» من غير أن ننزلها من مقامها السامى إلى مضطرب المذاهب والآراء. وبالنسبة للآراء الفقهية نلاحظ أمرين: أولهما: أن اختلاف الآراء الفقهية حول ما ثبت من الأحكام بالنصوص القرآنية قليل». فلا اختلاف لأنظار الفقهاء فى آيات الأحكام بالنسبة للزواج وشروطه؛ والمحرمات» وغيرهاء والاختلاف أساسه امتلاف الروايات» وهو فى الأحكام الفقهية نادر» ولا يعلو إلى درجة الاختلاف الذى يورث عداوة» أو يوجد تراميا بالكفر والخروج عن الربقة عند العلماء رضى الله تعالى عنهم وأرضاهم . ثانيهما: وليس ثمة خلاف جوهرى فى أمر يتعلق بالأحكام الثابتة بالقرآن إلا الاختلاف بين جماهير المسلمين وطائفة الإمامية فى الميراث» وهذا الاختلاف لا يخرج عن دائرة الثابت بالقرآن» وهو فى تقديم بعض الورئة على بعض» فليس ثمة . الأشاعرة: أو الأشعرية نسبة إلى أبي الحسن إسماعيل بن إسحاق. ينتهي نسبه إلى أبي موسى الأشعري‎ )١( ولد بالبصرة 2 رايط سب إلى بي منصور محمد بن محمد ريدي التوفى سنة 1567 ه.‎ خلاف فى أن للذكر مثل حظ الأنثيين» ولا فى أن الميراث يكون للأقرب فالأقرب» ولكن الاختلاف فى معنى القرابة أحياناء وأحيانا نجد النص القرآنى يقرب» ولا سعد . ومسلكنا فى آيات الأحكام أن نذكر الأحكام الثابتة بالقرآن بإجمال مستعينين بالسنة القولية والعملية فى العبادات» وفى الآنكحة» وغيرها. نذكر الأحكام بإجمال تفسير الآيات القرآنية مبينين ما يحتاج إلى بيان بالسنة النبوية» مرجحين ما يتفق مع السنة» أو ما نراه أقرب إلى النص» كمعنى قوله تعالى : ( والمطلقات يعريّصن بِأَنفْسهن ثَلانَةَ فروء ... +228 > [البقرة] فإنا فى هذه نأخذ بما يفهم من السنة. وهكذا لا نتعرض للخلاف الفقهى إلا فى أضيق دائرة» وما يوجبه علينا ذكر معانى القرآن واضحة نيرة كشأنها دائماء» ولا نخضع هذه المعانى لآراء الفقهاء » إنما نخضع آراء الفقهاء لها؛ لأنها الحكم الذى لا ترد حكومته» والقرآن هو الحاكم بالصحة لآراء الفقهاء وليس محكوما بها. النسخ فى القرآن الكريم: لابد قبل أن نبدي رأينا فى النسخ في القرآن الكريم أن نقرر حقائق ثلاثا لابد من بيانها أو الإشارة إليهاء نكتفى هنا بالإشارة إليها: الحقيقة الأولى: أن القرآن الكريم نسخ من الشرائع السابقة التى أتى بها الوحى وهى الشرائع السماوية» فما بقي منها أبقاه القرآن الكريم» ونص على بقائها كبعض أحكام القصاص» وكتحريم الرباء وكتحريم المحرمات وغير ذلك» وكان النص عليه فى القرآن الكريم دليلاً على بقائه من غير نسخ . الحقيقة الثانية: أن النسخ جرى فى السنة» ذلك أن السنة كما تتولى بيان الأحكام تتولى علاج المسائل الوقتية» ويختلف الحكم الوقتى فى بعض الأوقات عنه فى بعضها؛ ولذا جرى النسخ فى السنة. الحقيقة الثالثة: أن القرآن الكريم سجل هذه الشريعة الخالدة» بل سجل الشرائع السماوية» ومعجزات النبيين جميعاء وما نسخ منها أشار إلى نسخهء وما بقي منها صرح ببقائه»؛ كالقصاص» وخصوصا فى الأطراف» كما جاء فى قوله تعالى : ف( وكتبنا عليهم فيها أن انس بالتَفس والْين بالعَين والآنف بالأنف وَالأْنَ لذن وال بالسن والجروح قصاص فَمَن تصلق به فهو كقَارة لَه ومن لم يَحَكُم ما أنرل الله فَأُولّتك هم الظَالمُون (22) 4 [المائدة] . ولذا نحن نرى ما رآه من قبل أبو مسلم الأصفهانى» وهو أنه لا نسخ فى القرآن قط؛ لأنه شريعة الله تعالى الباقية إلى يوم القيامة؛ ولأن النسخ لم يثبت بنص عن الننى يَلْوُ وأنه لم يصرح النبى يَكهِ بنسخ آية من القرآن» وما جاء من عبارات النسخ في القرآن إنما في نسخ المعجزات الحسية بالقرآن الكريم» وقد بينا ذلك فى موضعه من معانى الذكر الحكيم . ولأن النسخ يقتضى أن تكون آيتان فى القرآن موضعهما واحدء وإحداهما مَْيِيّة والأخرى نافية ولا يمكن الجمع بين النفى والإثبات» وما اذعىّ النسخ فيه التوفيق بينهما سهل ممكنء وما أمكن التوفيق فلا نسخ. وقد اشتركنا فى كتابة التفسير مع بعض العلماء ولم نجد آيتين متعارضتين لم يمكن التوفيق بينهماء طبع ذلك التفسير وسمى ب «المتتخب» طبعته إحدى الجامعات الإسلامية» والله الهادى إلى سواء السبيل. 2-2 سر حر َّ 314 03 1 1 الحمدلله رب العدلميت ص الحم سجر 2 2 مَنلِك وم الرسِني ىلم 00 ياك َبِثْدُ 2 ننه وإياك نستويرت عي 2-2 صمل أ سْنَقم © صاط الذين أَنَعَمتَ كي ع ماح مت سم به آ م معَنرا ب علهم , 7 وك لكان > ابتدأ كلام الله تعالى ب <إ بسم الله الرّحمن الرّحيم 4» وهى مقدمة لتلاوة كل سورة من سور القرآن» وروى عن بعض الصحابة : لإننا كنا نعرف نهاية سورة وابتداء سورة بنزول قوله تعالى: «( بسم الله الرحمن ن الرحيم 4 وروى عن جعفر الصادق بن محمد رضى الله عنهماء أنه قال: «البسملة تيجان السوراء وقد قال عبك الله بن المبارك : «(إنها جزء من كل سورة؟ ولذلك يجب ابتداء السورة بقراءتها. لها تفسبير سور: ةالفاكة لل على أنها جزء منها»؛ وقال الشافعى: (إنها جزء من الفاتحة»» وتّردّد فى عدها جزءًا من كل سورة» ولكنها مهما تكن ليست جزءا من غير الفاتحة» وهى لازمة للفصل بين سورة وسورة من السور التى ابتدأت بذكرها. ولآن ثمة كلامًا فى كون سورة براءة ليست مستقلة عن سورة الأنفال» وعدها الأكثرون جزءا منها - لم تكن مبتدأة بالبسملة» وينسب إلى الإمام مالك رضى الله تبارك وتعالى عنه أنها ليست جزءا من سورة الفاتحة أو غيرهاء ومؤدى هذا القول أنها ليست من القرآن ككلمة «آمين» فى آخر الفاتحة؛ إذ إن الفاتحمة ضراعة إلى الله تعالى» فناسب أن تذكر بعدها «آمين»)» وعد القرطبى فى كتابه «أحكام القرآن» أن فى مذهب مالك أن البسملة ليست من القرآن هو الصحيح» وذكر أن القرآن كله متواترء والبسملة ليست متواترة» فلا تعد من القرآن» ولكن تكون علامة على انتهاء سورة» وابتداء سورة أخرى. ومع أنه قرر ذلك - يقرر أن مالكا يرى أنها يبتدأ بها فى الفرض والنافلة» كما رواه ابن نافع وفى الحق أن ذلك القول غريب عن القرآنء وذلك لأن البسملة متواترة تواتر كل أجزاء القرآن» فلم تثبت بحديث آحاد» بل ثبتت بالقرآن نفنسه» فقد كتبت فى مصحف عثمان وما قبله» ولا تواتر أبلغ من هذاء وما كان للشيخين أبى بكر وعمر»ء وذى النورين وجميع الصحابة أن يدونوا فى المصحف ما ليس من القرآن» و «آمين» هى التى أمر النبى يوَكةٍ بالنطق بها فى عقب قراءة الفانحة . إن ادعاء أنها ثبتت بخبر آحاد يقتضى ذكر ذلك الخبر» ورواته» ومقدار قوتهم» وضعفهم» وعددهمء وليس كذلك» بل هى ثبتت مقترنة بسور القرآن على أنها ثابتة بين كل سورة وسورة. 8# . تفسيرسورة الفاحّة 9 لل اللا 11112 > لاز والسورة التى لم تصدر بهاء ثبت عدم تقدمها لهذه السورة بالتواترء فهى متواترة بالذكر فى كل السور» ومتواترة بالسلب فى سورة واحدة. ولهذا نرى أن نسبة ذلك القول إلى إمام دار الهجرة مالك هو فى ذاته موضع نظرء وقد اقترن ذلك بادعاء أنه لم يقرأها أحد من أصحاب رسول الله كله فيقول القرطبى عفا الله عنه: «فى مسجد النبى يلد بالمدينة انقرضت عليه العصور ومرت عليه الأزمنة والدهور من لدن رسول الله يَلِهِ إلى زمان مالك. ولم يقرأ أحد فيه قط <إ بسم الله الرّحمن الرحيم 4 اتباعًا لسنة رسول الله كَكِ. وإن لنا أن نرد ذلك القولء ونأخذ ذلك من كلامه هو فهو قد روى أن عمرء وعلياء وابن مسعودء وعمار بن ياسرء كانوا يقرأونها ويسرون بها. وروى هو أيضا عن النبى يك أنه كان يسر بها ولا يجهرء فقد روى عن أنس ابن مالك رضى الله عنه أنه قال: «كان يصلى بنا رسول الله يككِ فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم2”' وروى عنه أيضا : صليت خلف رسول الله للق وخلف أبى بكر» وعمرهء فلم أسمع أحذا منهم يجهر ب «بسم الله الرحمن الرحيم»”؟ . فالأمر أمر الجهر بهاء لا أمر تركهاء وفرق كبير بين الترك لها أصلاء وترك الجهر بها. وبذلك ينتفي ما ادعاه من أن أحدا لم يقرأهاء اتباعا للسنة إن كانت سنة» وذلك لأنهم قرأوها خفية وفى سرء آخذين ذلك من سنة النبى عَللِه. للق رواه النسائي: كتاب الافتتاح - باب: ترك الجهر ب «بسم الله الرحمن الرحيم» (405) وبتحوه عند . البخاري (4): ومسلم (40299: والترمذي (75575)» وأبو داود (9/87)» وابن ماجه (81)» وأحمد .)١١680(‏ (؟) أخرجه بهذا اللفظ النسائي: كتاب الافتتاح (601)» راجع التخريج السابق. #١‏ تفسيرسورةالفاحّة ال الل ومن كتاب الله عز وجل : واذكر رَبك في نَفْسك تضرّعا وخيفة ودون الجهر من اقول بالغدو والآصال ولا تكن مَن الْعَافلين وج 4 [ الأعراف ] . وننتهى من هذا إلى أن البسملة جزء من القرآن الكريم» وهى فاصلة بين السور تدل على الانتهاء من سورة والابتداء بسورة أخرى. وإن الشافعى يعٌّدها جزءا من الفاتحة» ومهما يكن فإنه لابد من البدء بقراءتهاء وغيره يوجب البدء بها لا على أنها جزء من الفاتحة» ولكن على أنها قرآن يبدأ به فى أول كل سورة. والأكثرون عدوها على أنها يبتدأ بها سرا لاجهرً أو تضرعا فى خفية» ودون الجهر من القول» والله سبحانه وتعالى أعلم . التعوذ فى ابتداء التلاوة: قال الله تعالى: 8 فَإِذَا قَرَأت القرآت فاستعذ باللّه من الشيطان الرجيم 500 * [الدحل] فُهم من هذا النص الكريم أنه عند التلاوة لابد أن يقدمها بقوله: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»» ثم تكون بعدها (بسم الله الرحمن الرحيم» وقد حكى ذلك عن عطاء وغيرهء فقالوا: (إن الاستعاذة واجبة عند كل تلاوة فى غير الصلاة»: وإنما فى الصلاة فلا وجوب» ويظهر أن ذلك بالاتفاق؛ لأنه يكون زيادة واجب فى الصلاة لم ينبت عن النبى كد وكل وجوب فى عبادة من غير إيجاب من صاحب الشرع 5 ولا يؤخذ به. وكان النخعى» ومعه قوم يتعوذون استحبابً فى كل ركعة فى الصلاة» فحيث كانت قراءة قرآن تعوذوا استحبابًا» وروى عن أبى حنيفة التعوذ فى قراءة الركعة الأولى فقط. ها تفسير سورة الفاّة الل 1 + ذ 1[ 1[ ذ[1#1ذ1آ1ذ11ذ221111111 ومن المتفق عليه أمران : أحدهما: أن الاستعاذة ليست جزءا من الصلاة» ولا شرطًا لقراءة الفاتحةء كما هو مقرر عند الشافعى» لا سرا ولا جهرا؛ لأنه لم يثبت عن النبى كَل أنه التزم بها لا جهرا ولا خفية. الثانى: أن كلمة «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ليست قرآناء وإنما استجابة لقول الله تعالى: 9 فَإذًا قَرَأَت القرآن فاستعذ باللّه من الشَيْطان الرجيم 2220 4 [النحل] وكلمة «أعوذ بالله» هى الكلمة التى يرددها الناس عند الاستعاذة» وروى عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول فى الاستعاذة: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؟» وروى ابن مسعود أنه تعوَد بها أمام النبى عَكَلِْكٌ فقال له: الياين أم َي أعوة لله من الشبطان اجيم هكد أفرألى جنريل سن الوح عن القن 20. وإن هذا النص يستفاد منه أن كلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هى المروية عن البى عَلِة. وننتهى من هذا إلى أنها مستحبة وليست واجبة» ولكن إذا قالها بسر أم يجهر؟ الجمهور على أنه يجهر عند الصلاة بهاء وقال حمزة: يسر بهاء ومن قال إن الاستعاذة تكون بعد القراءة لأن الله يقول: طفَإذًا قرت الْقْرَآنَ فَامتَعد باللّه ... ليث 4 [النحل ]. فالقراءة تسبق الاستعاذة امتثالا لأمر الله تعالى؛ ولكيلا يكون القارئ متغنياء ولا متلهياء وليكون فى حضرة الله فى قراءته وبعدها » ويكون طائعا لله تعالى فى كل أحواله. . 1١78 ذكره بهذا اللفظ القرطبي فى مقدمة تفسيره ص‎ )١( 0# تفسيرسورة الفاحّة ا الفاتجة أوفائخة الكتاب قال جار الله الزم_-خشرى فى كتابه الكشاف: إنها مكية؛ لآنها أنزلت بمكة» وذلك هو المشهورء وقيل إنها أنزلت بمكة مرة» والمدينة مرة أخرى عند تحويل القبلة إلى الكعبة» والظاهر أنها مكية» نزلت عند فرض الصلاة بمكة» وكونها نزلت بعد ذلك بالمدينة تكرار للتزول» ولا نحسب ثمة حاجة للتكرار فإنها متى نزلت كانت واجبة التلاوة على أنها جزء من القرآن ولاحاجة إلى تكرار نزولها. وتسمى أم القرآن» لاشتمالها على المعانى التى فى القرآن من الثناء على الله تعالى» بما هو أهله» ومن التعبد بالأمر والنهى» ومن الوعد والوعيد» وتسمى أيضا سورة الكنزء وسورة الوافية لذلك الشمول الإجمالى الذى اشتملت عليه فيما ذكرنا» وتسمى المشانى لأنها تثنى فى كل ركعة ولأنها السبع المثانى. وتسمى سورة الصلاة» لأنها مأمور بقراءتها فيهاء وتسمى الشفاء والشافية وهى سبع آيات بالاتفاق20. وكلها أسماء سميت بها لمعان فيهاء ولاحظها من جوانبها من سماهاء فكل اسم يمثل جانبا من جوانبها. ابتدكت الفاتحة كما ابتدئت كل سورة ما عدا براءة ب «بسم الله الرحمن الرحيم»؛ وعدها الشافعى وفقهاء مكة جزءا من الفاتحة ؛ لأن النبى ككلِ عد الفاتحة سبع آيات» ولا تكون سبع آيات إلا إذا عدت بسم الله الرحمن الرحيم جزءا منهاء وعند أهل المدينة ومالك ليست جزءا من الفاتحة» وقد علمت القول المختلف فى ذلك» وقد قررنا أنها جزء من القرآن وابتداء لكل سورة» وقال الإمام محمد بن الحسن الشيبانى صاحب أبى حنيفة : ما بين دفتى المصحف قرآن»» وقد كانت .: ص‎ ١ الكشاف للزمخشرى : جزء‎ )١( ها تفسير سورة الفاحة الل 000 :1 ١‏ مكتوبة فى مصحف عثمان رضى الله عنه والمصحفين من قبله» وتواتر الملصحف بتواتر القرآن» والإجماع انعقد على ذلك» ولم تنقل بخبر أحاد كما ادعى بعض لمالكية . ماه ارم اجيم > #بسم4 الباء هنا هى حرف جر يدل على السببية » وهى مبنية على الكسر ك (لام» الآمرء والمعنى: بسبب أسم الله الذى لا يعبد سواه وأنه الرحمن الرحيم أبتدئ» فهى متعلقة بمحذوف يذكر بعدهاء لبيان اختصاص الابتداء أو التبرك باسم الله تعالى» فالتأخير يفيد الاهتمام بمتعلّق الباء ومزيد الاختصاص بالاستعانة والتيمن والتبرك به. والبسملة يبدأ بها فى كل أمر ذى بال» كما قال عَلِِ: "كل أمْرِ ذى َال لم بدأ فيه ببسم الله الرحْمّن الرحيم فَهَوَ بترا والفعل الذى تعلقت به الباء محذوف» وكما ذكرنا يقدر مؤخرا؛ لأن المقدم يكون محل التخصيص . ٠‏ ولأن البسملة يبدأ بها كل أمر ذى بال» فإنه يقدر الفعل على حسب ما نبتدئ البسملة» ويرى بعض المفسرين أن يدر الفعل المحذوف «أبتدئ»؛ لأنه يكون صالحاء لكل أمر ذى بال وشأن». والآخرون قالوا: إنه يقدر فى القرآن أتلو أو أقرأ أو أرتل أو نحو ذلك» وبعض العلماء قال : إنها فى القرآن الكريم فى معنى القسم بأن القرآن حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه» وتكون على هذا للقسم» ويقدر الفعل ب «أقسم». والمعنى على ذلك فى أول كل سورة اجعل قسمك بالله الرحمن الرحيم أن ما تتلو هو الحق الذى لاريب فيه» فهو الكتاب.لا ريب فيه هدى ل تفسير سورة الفاخة ل «لج جنر 7 و«اللّه» هو لفظ الجلالة الدال على أنه وحده له كمال العبودية» واسم الله - قال بعض العلماء إنه المراد فيه الذات العلية فهو اسم يعنى المسمى . والمعنى هو القسم بالذات العلية» وقرر بعض العلماء أن الاسم الأعلى هو المقصود بالافتتاح تبركا وتيمنا باسم الذات العلية» ولها المكان الأقدس من العباد تبارك اللهء والاسم ذاته يتيمن به ويتبرك» فليس المراد بالاسم الذات؛ لأنها مذكورة» كما قال تعالى: تَبَارَكَ اسم ربك ذي الْجلال والإكرام 44527 [الرحمن]» وقوله تعالى: 9 سبح اسم ربك الأعلَى +0 4 [الأعلى ] وهذا ما نميل إليه؛ لأنه لا يحتاج إلى تحول من المعنى الأصلى لكلمة الاسم إلى غيره» ولأن إطلاق الاسم على المسمى من قبيل المجازء ولا يصار إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة» ولأن قصد الاسم الأسمى ابتداء يفيد معنيين» وهو تقديس الاسم فى كلمة بسم الله» وتقديس المسمى وهو الله سبحانه. ولو أطلق الاسم على المسمى» لكان تقديسا للذات العلية من غير إعلاء للاسم فى ذاته» ولا شك أن الأول أبلغ تسبيح لله تعالى لقاء التبرك بذكرهء والتيمن به سبحانه وتعالى علوا كبيرا. وكلمة «اللّد4 تعالى لا تطلق إلا على الذات العلية خالق الكون» ومنشئ الوجود على غير مثال سبق» بديع السموات والأرض . وقالوا: إن أصل كلمة الله: الإلى» ثم كان حذف الهمزة» مع تقدير أنها مطوية فى الكلام مقدرة فيه. والإله تطلق على المعبود» وتعم المعبود بحق وبغير حق» ولكن كلمة «اللّه» تعالى لا تطلق إلا على المعبود بحق» فيقال: آلهة المشركين» وآلهة الرومان» وآلهة المصريين» ولا يقال: «الله» إلا فى مقام أنه الخالق المدبر المنشئ المستحق للعيادة؛ ولذلك كانت ألفاظ القرآن الكثيرة فى مخاطبة المشركين» على أن الله تعالى معروف بأنه المنشئ» وأنه غير آلهتهم» فكانوا يقولون: الآلهة هبل» واللات» والعزى» ومناة الثالثة؛ يقولون عنها إله وآلهة ولا يقولون عن واحدة منها إنه «الله»» لقد قال تعالى ا تفسسير سورة الفاحكة لل 0000 375ةظ233 امم عنهم : ا ولتن سألتهم من حَلَقَ السّمُوات والأرض لَيَقُوْنَ الله لج 4 1 لقمان] وكان يحتج عليهم بأنهم يعبدون مع الله آلهة أخرى» وجدل القرآن الكريم لهم لإلزامهم بالتوحيد بأنهم يعترفون بأن الله تعالى خالق السموات والاأرض فهو الجدير وحده بالعبادة» اقرأ قوله تعالى: «أمّن خلق السّموات والأرض وأنزل لكم مَن السّمَاء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لَكم أن تنبثوا شجرها له مع الله بل هم قوم يعدلُون 58 أمْن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنْهارَا وجعَل لَهَا رواسي وَجَعلَ بين البَحْرَينِ حاجزا أله مّعْ الله بَل أَكْترّهم لا يَعلَمُونَ 5070© أَمّن يُجِيبْ الْمُضطَر ذا دعا ويكُشف السوء ويَجعلَكم خَلَفَاء الأْض لَه مع الله قليلاً ما تَذَكرُونَ 220 أَمَن يَهْديكُمْ في ظُلمَات لبر والمْحرٍ ومن يرسل الرياح برا بين يدي رَحَمته َه مّع الله تعَالَى اللهُ ما يُشْرِكُون 202 أمّن يبدا الخلق نم يعيده ومن يرَرْفُكُم مَنَ السَمَاء والأرْض أَإلَهُ م اللّه قل هَاُوا برهاتكم إن كُسشم صادقِينَ 27 4 [ الدمل ] ونرى من هذا أن العرب كانوا يعرفون الله سبحانه وتعالى» وأنه الخالق لكل شىء وما كانوا يطلقون كلمة «الله» إلا على الخالق المدبر المنفرد بالإيجاد والإبداع» وما كانوا يطلقون على آلهتهم كلمة الله» وهذا عرف لغتهم ودلالتها. #الرحمن الرّحيم» هذان وصفان لله تعالى قُرنا فى البسملة» وكلاهما يدل على كمال رحمة الله تعالى فى ذاته وعلى خلقه» والرحمة رقة فى القلب» والله تعالى لا يتصف بذلك؛ لأن هذا من صفات الحوادثء والله تعالى ليس كمثله شىء وهو السميع البصيرء وإنما يراد من الأوصاف التى يتصف بمثلها العباد غايتهاء وثمرتهاء وثمرة الرحمة الإنعام الكامل؛ والنفع ودفع الضرء والرزق» وغفران الذنوب» وكلاءة الله تعالى لهم والقيام على كل ما يمدهم به بالخير والنعمة. 0-1 آذ تفسير سورة الفاكة مامالل ع+حجج 1 ١ فى‎ سليمان عليه السلام لبلقيس» إذ قال تعالى : «إإِنّهُ من سَلَيمَانَ وَإنّهِ بسم اللّه الرَحمن الرّحيم 2:0 4 [النمل] وهذه بسملة كبسملة أوائل السورء كما اجتمع الوصفان فى آيتين أخريين من آيات القرآن» ففى أول سورة فصلت ذكر للقرآن الكريم» وقال سبحانه عن الذكر نزي مَنَ الرّحْمِ الرحيم 4*0 [فصلت] وجاء فى سورة الحشر ظِهُرَ اللَّهُ الذي لا إِلَهَ إلا هو عالم العَيْب والشهادة هو الرَحَمَن الرّحيم 220 4 [الحشر]. ولا شك أن الوصفين من أسماء الله الحسنى وصفاتهء ولا شك أن لكل منهما معنّى قائتمًا بذاته» منفردًا به عن الآخر. يقول الزمخشرى (نقلا عن الزجاج): إن صيغة فَعلان من الصيغ التى تدل على الامتلاء» كغضبان» وشبعان» وسكران» وجوعانء فإنها تدل على الامتلاء من الفعل الذى اشتّقت منهء فكذلك الرحمن معناها الممتلئ رحمة». ورحيم تدل على الاتصاف بالرحمة التى تليق بذاته العلية من غير امتلاء. ولذلك يقول الزمخشرى ومن تبعه فى دراساته البيانية للقرآن الكريم: إن «الرحمن» أبلغ من «الرحيم»» وإن كان كلامه تعالى كله فوق الكلام البشرى وما ترى فيه من تفاوت» وإن كان كله فى أعلى درجات البيان لا يساويه بيان للإنسان. وبدراسة اللفظين فى القرآن يتبين لنا الفرق بينهما فى الاستعمال القرآانى السامى فى بلاغته إلى ما لا يتسامى إليه كلام بشرء ولا يدانيه شىء من الكلام الإنسانى. وعند الاتجاه إلى استقراء الآيات القرآنية نجد القرآن الكريم جمع بين الوصفين فى آيتين غير البسملة وقد ذكرتاء» وذكر وصف الرحمن منفردا فى نحو ستين 8# تفسيرسورةالفاحّة ممالل 00 لسر مز موضعًا من كتاب الله العزيزء وكان يذكر ذلك الوصف السامى غير مضاف إلى فعل من الأفعال» ولا واقع على أحد كقوله تعالى: قل اذعوا الله أو ادعوا الرَحَمِن أي ما تدعوا فَلَهُ الأسماء الحستئ . . . 727 4 [الإسراء] وكقوله تعالى: 9 يوم تحشر الْمتّقِين إلى الرَحَمنٍ وفدا +22 4 [مريم] وقوله تعالى: ا الرحْمَْ 7 عَلّم القرآن 2 4 [الرحمن] ومثل قوله تعالى : « وقَالُوا لو شاء الرحمن ما عبدتَاهم ما لَهُم بدذّلك من علّم إن هم إلا يَخْرَصون 2 4 [الزخرف] . وهكذا فى نحو ستين آية يذكر وصف الرحمن مجردا من الإضافة إلى شىء أو شخص أو فعل كما يذكر «الله» تعالى» وذكر وصف الرحيم منفردً) عن الرحمن فى أكثر من ثلاثين ومائة آية» ونجد أنها مضافة إلى رحمته سبحانه وتعالى بالعباد مثل قوله تعالى: لإ فَمَنٍ اضطرٌ غير بَاغْ ولا عاد قَلا إِْم عليه إن الله عَمُور رحيم 222 4 [البقرة] ومثل قوله تعالى :إن الله بالئاس لرءوف رحيم 4727 4 [الحج] ومثل قوله تعالى : < فإن انتهوا قن الله غفُور رُحيم 4279 © [ البقرة] . ومن هذه الموازنات بين استعمال القرآن لكلمة «رحمن»» واستعماله لكلمة «رحيم» ننتهى إلى ما يأتى : أولا: أن وصف الرحمن وصف ذاتى للذات العلية لا يتعلق بفعل ولا بشخص يذكر» ولكنه وصف لله أو اسم له كلفظ الجلالة» ولكنه يشعرنا بالرحمة» كما أنه لفظ يشعر بالألوهية واستحقاق العبادة؛ ولذلك قال بعض العلماء: إن كلمة «الرحمن») اسم لله تعالى» وأما «الرحيم» فهو وصف لله تعالى يتعلق برحمته بالعباد المكلفين المخاطبين بشريعته» والذين طلب منهم أن يقوموا بحق الله تعالى فى إجابة أوامره. واجتناب نواهيه؛ ولذلك يقترن كثيرا بالتوبة والمغفرة. نا تفسبير سور: ة الفاكة لل لبلب ب ثانيا: أن الرحمة فى «الرحمن» أكشر من «الرحيم»؛ ولذلك قالوا: إن رحمة الرحمن » هى الرحمة بالوجود كله فبرحمة الرحمن يرزق الله من فى السموات والأرض» وبر حمته الواسعة ينزل الغيث» ويرسل الرياح ) ومهد الأرض» وجعل الجيال» وبرحمة الرحمن بعث الرسل مبشرين ومنذرين» وبرحمة الرحمن جازى المحسن بإحسانه» والمسىء بإساءته 8 من جاءَ بالْحسَة فله عشر أُممَالهَا ومن جاء بالسيئة فلا يجرَئ إل مثلها وهم لا يظلّمون 20 4 [ الأنعام ] . وهكذا كانت رحمة الرحمن شاملة الوجود كله» والرحيم متعلق فى رحمته بالمكلفين . الثا: أن «الرحمن» أكثر رحمة لما فى الوصف بالرحمة فيه من شمول يشمل الوجود الإنسانى كله ووصف «الرحيم) خاص بالمكلفين» كما يدل على ذلك سياق اللفظ فى القرآن الكريم. ومن هذا الاستقراء والتتبع» واستنباط المعانى لألفاظ #الرّحمن الرّحيم» من م استعمال القرآن نتتهى إلى أن بيان معانى #بسم الله الرّحمن الرّحيو» أن الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نتلو القرآن مبتدثين تالين لآياته باسمه الأقدس . نتبرك به ونتيمن ونسبح باسمه» وهو الله الإله المنفرد بالخلق والتكوين والتدبير والمتفرد بالعبودية وحده جل جلاله لآنه بديع السموات والأرض والوجود كله» وهو «الرحمن» ذو الرحمة الواسعة التى تعم الوجود كله فى السموات والأرض» والدنيا والآخرة» المدبر للوجود برحفته» وهو «الرحيم» بعباده يغفر لهم ويتوب عليهمء ويشرع لهم من الشرائع ما يكون خيرً لهم فى معادهم ومعاشهم» وهو بكل شىء عليم. 4 ته بتقنثبير سورة الفاكشة 001000 1[ 1 1[ 1 1[ 1[ 1[ 1 1[ 1[ 232*601 م > 7 1 حل اي م عه تس كم سل حص الحمدلله رب العدليميت حي اله رمب مد وسورة الفاتحة كما ذكرنا مكية» وقد أجمع العلماء على ذلك» بل إن بعض العلماء يدعى أنها أول سورة نزلت من القرآن» ولكن يخالفهم الأكثرون فى ذلك» ويقررون أن أوَّل ما نزل من القرآن: «اقرأ باسم ربك الذي خَلقَ ]> خَلقَ الإنسان من علق + 4 [العلق] وقد روى البيهقى فى ذلك خبرا عن النبى يل وقد وفق العلماء بين ما رواه البيهقى وما هو مقرر من أن أول مانزل «اقرأ باسم ربك» بأن الفاتحة هى الأولى نزولاء وهى سورة نزلت دفعة واحدة» أما الثانية فآية» وهى قد أخبرت عن الأولى - أى عن الفاتحة - الأمر بالقراءة » فالآمر بالقراءة يقتضى مقروءا. والذى أميل إليه أن الفاتحة ليست أول ما نزل من القرآن» ويرجح عندى أنها نزلت عندما فرضت الصلاة فى الإسراء والمعراج . «الْحَمد للّه4 الحمد هو الثناء الكامل على الأفعال الاختيارية» وعلى من تصدر عنه هذه الأفعال الاختيارية فيعم نفعها وهى مصدر الخير لهذا الوجود الكونى والإنسانى. وهناك كلمات ثلاث تتلاقى معانيها فى جملتهاء» وتختلف فى دقتهاء» وهى كلمة «حمد». وهى تكون كما ذكرنا الثناء الجميل على من يعمل أعمالا اختيارية عامة النفع» ودافعة للضرر للوجود كله بحكمة من يفعلها . والكلمة الثانية «المدح», وهى الثناء على الصفات الذاتية» والششخصية الطيبة» فيقال: مدحت الصفات الطيبة فى فلان» ولا يقال: حمدتهاء إنما يقال: حمدت الله تعالى ومدحت خصال فلان» وقيل: إن الحمد والمدح مترادفان» ولعل قائل هذا القول لها تفسير سورة الفاكة لل 4 لج يرز 6 نظر إلى معنى الثناء فيهما من غير أن ينظر إلى الباعث» فإن الباعث فى الحمد أعمال الإنعام والخيره والباعث على المدح الشخص والذات» فيقال: مدحت الجميل في صفاته الحسنة» وخلاله الكريمة» ولا يقال حمدته؛ ومن العلماء من قال إن المدح أعمء ومن قال العكسء ونميل إلى التفرقة بينهما باختلاف و«الشكر» امتلاء النفس بالإحساس بالنعمة:» واندفاع النفس إلى الطاعة والخنضوعء والقيام بح المنعم ومقابلة الفضل والنعمة بالإحسان فى الطاعة والواجبات» وقد قال تعالى فى ذلك: « لكن شكَرم لأزيدنُكُم .. .+81 4 [ إبراهيم ] ويقول ابن جرير الطبرى: إن الحمد والشكر بمعنى واحدء والحق أنهما يتلاقيان ويختلفان» فيتلاقيان فى معنى الإحساس بالنعمة والقيام بحقهاء وما يجب بالنسبة للمنعم» ولكنهما يختلفان فى القيام بحق المنعم» فالقيام بحق المنعم فى الشكر الطاعة والعمل وجعل الجوارح كلها فى طاعة الله تعالى» والخضوع المطلق لله تعالى فى كل شأن من شكونه» وحال من أحواله. والقيام بحق المنعم فى الحمد الثناء على الله تعالى ثناء مطلقا كاملا مع تذكر نعمائه» وتذكر ما يحيطه من الوجود كله؛ لا فى ناحية من نواحى شخصه؛ ولذلك روى عن النبى كَلَِةِ أنه قال: «الحمد رأس الشكر)(١2‏ والحمد ذاته عبادة والشكر يكون على النعمة وبالمثابرة على الطاعة والعبادة. ومهما يكن فالألفاظ الثلاثة متقاربة فى مؤداها - وإن تخالفت فى مدلولاتها و «ال» فى قوله تعالى: لالْحَمّدْ لله للاستغراق والكمالء أى الحمد كله وبكماله لله تعالى وحده» فلا يستحق أحد من خلقه حمدا؛ لأن الحمد كما ذكرنا عبادة» والعبادة لله تعالى» وحده وحمد غيره عبادة لغيره » وشرك بالله تعالى » وأصل )١(‏ رواه عبد الرزاق في المصنف» والبيهقيى عن ابن عمر رضي الله عنهما. ها تفسير سورة الفاكة ال 1[ ذ * 1 2121112 2“ ا الضلال يبتدئ من حمد غير الله والثناء عليه. ثم ينقاد من بعد ذلك إلى ما يخرجه عن طاعة الله فلا حمد إلا لله ولاثناء إلا لله. إن الحمد إنما هو ابتداءً على ما أنعم الله تعالى على الوجود الكونى والإنسانى من غير وجود فيكون الحمد له وحذهء» وتقرأ كلمة «الحمد لله» برفع الدال. والمعنى : الحمد الثابت الكامل المستغرق لكل صنوف المحمد هو لله وحده» ولا يحمد سواه؛ لأن كل نعم هذا الوجود الكونى والإنسانى لله تعالى» فكل خير الوجود منه وإليه. وهناك قراءة بفتح الدال على أنه مصدر. ومنصوب بفعل محذوف» ويكون المؤدّى للقول: احمّد الحمد كلّه لله تعالى» فلا تحمد سواه» وإن حمد سواه شرك لم ذكرنا من أن الحمد ذاته عبادة» وهذه القراءة تفيد تجدد الحمد آنا بعد آن بالتذكير بنعم الله تعالى وآلائه» والقراءة السابقة تفيد دوام الحمد. كما تدل على ذلك الجملة وإنى أرى أن القراءات المتواترة كلها لا تتباين» ولا تتضارب» بل تتلاقى» وتكمل واحدة معنّى فى الأأخرى» فبالجمع بين القراءتين يكون معنى النص السامى : اجعل الحمد دائما مستمرا ومتجددا؟؛ ليكون القلب داكما عامرا بذكر الله تعالى . #رب العالمين» فى هذا الوصف للذات العلية إشارة إلى سبب الحمد الكامل» الدائم المستمر المتجدد؛ لأنه هو المالك والسيد» والمربى لهم والرقيب عليهم» الذى ميزهم بالنعم المستمرة» والآلاء المتكررة التى لا تنقطع أبدا. شىء »2 الذى يسير الوجود كله بحكمته وبقدره وإرادته. 1# تفسيرسورة الفاحّة ل للح زا و«الرب» وصف لله تعالى مأخوذ من رب الشىء يَرَبَهُ بمعنى قام بإصلاحه وتقويمه» وتتبعه بالإصلاح والتنمية فى كل أدواره » وروى أن النبى يَكِِ قال: «هّل لك عَلَيْه من نعْمَة َربها100 أى تصلحها وتنميهاء ثم أطلقت كلمة «رب؛ على الله سبحانه وتعالى» وهذا المعنى يتلاقى مع «ربّى»» فإن التربية هى الإصلاح والتغذية» والعمل على الإنماء» ولقد جاء فى الصحاح للجوهري : «رَبْ قُلان ولده يربهُ رباء وتربية بمعنى : رياه والمربوب المربى) . وعلى ذلك يصح أن تقول إن الرب من رَبَّهه بمعنى نماه» أو من التربية بمعنى الإصلاح والإثماء» والمعنى فى الحالين أن الله رب العالمين بمعنى مغذيهم ومتميهم والقائم عليهمء والمصلح لهمء ولمدبر لأمورهم» وهو مربيهم لأنه القائم عليهم والمهذب لهم بما خلق فيهم من عقول مدركة تدرك الخير والشرء وتختار ما تفعل وتحاسب على ما تقدم من خير فتنال به الثواب» وما تكسب من شر فينالها العقاب. وكلمة # العالمين»» يريد بها العقلاء من الملائكة والإنس والجن» فهو رب هؤلاء جميعا » هو الذى رباهم وأصلحهم» ودبر أمورهم» والعالّمون جمع لعالّم» وهو كل موجود غير الله تعالى» ولكن إذا جاءت «عالّمون) ب بجمع المذكر العاقل» أريد بها العقلاء ممن خلق الله تعالى» وقد أيد ذلك القول بقول ابن عباس رضى الله عنهما: «العالّمون الجن والإنس»» ودليله قوله تعالى: © ليَكُونَ لْعَالَمينَ نذيرا 400 [الفرقان] فلا ينذر إلا الجن والإنس؛ لا تنذر الجبال ولا الأرضونء» وإنما ينذر العقلاء الذين يتصور الشر منهم» أو لا يتصور كالملائكة» وقد قلنا إن لفظ العالمين يعمهم )١(‏ أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة باب فضل الحب فى الله (70571)» وأحمد: باقي مسند المكثرين (284100). ها تفسبير سيور ةالفاكة اللا كت اتا نلللااالاتان اا لل ناملالا ا اللا الالالال ألت كاك ااانا االالاة طن للاطن ةلالا الالال طاطخ طلطططاما لاما تاللا 2“ حر اق ويسأل سائل: لماذا جمع هناء والأقرب الإفراد» ونقول ما قاله العلماء: إن المفرد هنا (وهو عالّم) أعم من الجمع» ولكن يبقى السؤال لم ذكر الجمع؟ أجابوا بآن فى ذلك إشارة إلى أن كل عاقل» أو العاقلين بشكل عام فيهم العوالم كلهاء ففيهم دقة التكوين وجمال التصوير وروعة الخلق» من عقل يدبر» ولسان وجوارح تتحرك» فجمع الله تعالى فى عالم العقلاء كل العوالم الأخرى فى إحكام الصنع وبديع التكوين كما قال تعالى فى تقديم العلم بالنفس» وجلائل الخلق والتكوين: وفي أنفسكم أفلا تبصرون قن وفي السماء رزقكم وما توعدون 4 [الذاريات] ففى الإنسان أكمل صورة للخلق والتكوين. بيهر ج هذان وصفان من أوصاف الله تعالى» أو اسمان من أسمائه ذكرا فى مقام السببية لاستحقاق الله تعالى الحمد وحدهء وقد ذكرنا هذين الوصفين فى الكلام فى البسملة» فلا نعيده» ولكن نذكر هنا مقامهما من النسق بعد قوله تعالى: #رَبْ العالمين» فنقول إن «الرحمن والرحيم» يدلان على الرحمة التى يصلح بها الكون ويدبر أمره بحكمته وقدرته» فهو سبحانه يرب العلمين ويصلحهم رحيمًا بهم ويصلح الكون والوجود كله برحمته الشاملة لاسمه الأعلى الرحمن. مَك بوم الرمب حي يوم الدين هو يوم الجزاء» وقيل يوم الطاعة؛ وقيل يوم الشريعة الحاكم على كل عقيدة باطلة» ومهما يكن من اختلاف هذه الألفاظ فى مدلولاتها الخاصة» فإن النهاية تتجه إلى أن ذلك اليوم هو اليوم الذى يجازى فيه المحسن بإحسانه» والمسىء ل لل بإساءته» وهو الذى تجد فيه كل نفس ما عملت محضراء يُعلنَ ما تستحق من عقاب أو ثواب. و #مالك يوم الدّينٍ4 فيه قراءات تختلف فى أشكالهاء ولا تختلف فى مضمونها فقرئ هكذا : مالك يوم الدين» وقرئ: مليك يوم الدين» وقرئ: ملك يوم الدين» وقرأ أبو حنيفة رضى الله عنه: ملك يوم الدين» وقرئ: مالكنًا يوم الدين» وقرئ: مالك". والقراءات كلها تنتهى إلى معنى واحد» وإن كانت تختلف فى أعاريبهاء والنص العثمانى يشملها جميعاء ولا تخالف فى النسخ المتواتر» بيد أن قراءة النصب «مالكًا» تكون حالا من الذات العلية» أى أنه الرب للوجود كله والمنعم عليه بجلائل النعم؛ جليها وخفيهاء حال كونه مالكنًا من بعد ذلك ليوم الجزاء» الذى يجزى كل نفس ما كسبت» إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء و'يوم الدين» تكون ظرفا غير مضاف إليه» وكذلك فى قراءة الرفع مع التنوين يكون يوم الدين ظرفا للملك وكمال السلطان. وقراءة «مالك» تفيد أن كل شيء تملوك لله تعالى فى ذلك اليوم» فالنفوس فى مآلها وفى نهايتها ملك للهء ومستقبلها القريب والبعيد لله لا تملك من أمرها شيئاء بل كما قال تعالى: طيوْمَ لا تملك نفس لَنَفْسٍ شيا والأمر يوصذ لله 20> 4 [الانفطار] وإذا كان سبحانه وتعالى يملك كل شىء فى هذا اليوم؛ فالسلطان» والتدبير له» وحده الذي يملك الجزاءء والمغفرة إذا أرادء ولا إرادة لسواهء» إنه الحكم العدل اللطيف الخبير . و«ملك»» و«ملك)؛ الفرق بينهما وبين قراءة «مالك» كالفرق بين المصدرين» المأك؛ واتّْلْك » فالملك استيلاء على الأشياء يكون مردها إليه» والّك السلطان 0# تفسيرسورة الفاحّة لاون بالأمر والنهى وتنفيذ ما يريد» وألا يكون معه آمر ولا نأه ولا حاكم سوأة» ولا إرادة فوق إرادته» ولا حكم فوق حكمه. والاحظ أن معنى املك يتضمنه بالاقتضاء معتى الملّك ؛ ليآن من ملك شيئا ملك السلطان فيه» والسيطرة عليه»ء فالملك يقتضى اُلْكَ والسلطانء والْلّك لا يقتتضى الملك والسلطان؛ ولذلك يقال سبحان مالك الملك» ولا يقال ملك الملك . ورأينا أن كل قراءة متواترة قرآن» وأن القرآن لا يخالف بعضه بعضاء بل قد يتم بعضه بعضاء وليس لنا أن نراجح بين قراءة وقراءة» لأن كلتيهما تتمم الأخرى . وخلاصة القول فى القراءتين أن قراءة (مَلك يوم الدين) موضّحة للا تضمنته (مالك يوم الدين)» ولا نتصور أن تتعارض قراءتان متواتران؛ لأن القرآن لا يضرب بعضه بعضا. وفى الإعراب «مالك» أو «مُلك» مضاف إلى يوم الدين على أنه هو المسيطر المتصرف امالك لأحداث ذلك اليوم من جزاء: ثواب أو عقاب أو مغفرة» وأنه واقع لا محالة» وأن ما فيه فى ملكه وتحت سلطانه وحده. يجئ» وإن الأزمان الماضى والحاضر والمستقبل كلها بالنسبة لله تعالى واحدة. ومن فيه» وتعهده بالإنماء والتربية والتهذيب والتكميل» والرعاية لكل شىء» وإن الله يمسك السموات والأأرض أن تزولاء ولئن زالتا ما أمسكهن أحد من بعده» ثم رحمته الظاهرة والباطنة» والعاجلة والآجلة التى تعم الوجود كله من سماء 0#" تفسيرسورة الفاهّة الملل اا للم وأرضين» وشموس ونجوم» ورحمته الخاصة بعباده العاقلين المكلفين من قبول للتوبة» وغفران» وثواب. ثم كونه بعد ذلك مالكنًا وحده ليوم الجزاء»ء كل هذه الأسماء والصفات من شأنها أن تجعله مستحمًا للحمد الكامل بكل ضروبه» وفى كل الأحوال» وذلك بربوبيته الشاملة» ورحمته الكاملة» وامتلاكه وحده ليوم الجزاء. وإن الأسماء أو الصفات كما أنها سبب لانفراده باستحقاق الحمد» هى أيضا سبب لانفراده بالعبادة والاستعانة» وطلب الهداية» وقد التفت الكلام الحكيم من بعد ذلك من الإخبار باستحقاق الحمد لله تعالى وحده» وبيان جليل أسمائه إلى ذكر ما ينبغى للمؤمن من إفراده بالعبادة والاستعانة به دون غيره. والضراعة إليه فى طلب الهداية؟؛ لذا قال سبحانه : آل 5-2 كان الكلام السامى يسير على نهج الغيبة بذكر مقام الربوبية وأسماء الذات العلية التى هى أوصافها من شمول الرحمة فى كل الأحوال ولكل الوجود إلى تخصيصها بالمكلفين من عباده. وبعد ذلك انتقل القول من الغيبة إلى الخطاب؛ لأن الانتقال من باب إلى باب فى البيان يعطى للكلام روعة تليق بأبلغ من فى الوجودهء فالانتقال فى القول من غيبة إلى خطاب يجدد فى النفس الإقبال على الاستمتاع بالتلاوة» والاستمتاع بالسماع, والاعتبار بما فى الكتاب» والإقبال الذى يتولد عنه التدبر والتفكر فى آيات الله تعالى. (/إهذا تفسير سورة الفاكة الللمللئ ا 1 1 1 1 1 1 11 012ة#*ظ2ظ22 وإن اللأوصاف السابقة لذات الله تعالى توجب على العبد التفكر فى أمر الله تعالى وعبادته سبحانه» فكان من بعد ذلك ذكر أحوال العباد الواجبة» خاطبهم الله تعالى بكماله» فخاطيوه بما يليق بهم أن يفعلوهء وهو إفراده بالعبادة والاستعانة» وأن يطلبوا منه الهداية إلى الصراط المستقيم . وإن العباد إذ يتدبرون صفات الذات العلية» ويستحضرون جلالهاء وإفضالهاء إنعامها وسلطانها يصلون فى مداركهم إلى مرتبة المشاهدة الروحية لله تعالى؛ ويرتفعون إلى إدراك ملكوت الله تعالى ليخاطبوه قائلين: «إِيّاكَ تَعبدُ وإيَاكَ ولقد قال فى هذا المقام العلامة أبو السعود فى تفسيره: «إن حق التالى بعدما تأمل فيما سلف من تفرهه تعالى بذاته الأقدس المستوجب العبودية بامتياز ذاته عما سواه بالكليةء واستبداده بجلائل الصفات وأحكام الربوبية المميزة له سبحانه عن العالمين» وافتقار الكل إليه فى الذات والوجود ابتداء وبقاء منهء أن يترقى من رتبة البرهان إلى طبقة العيان» وينتقل من عالم الغيب إلى عالم الشهودء ويلاحظ نفسه حاضرا فى محاضر الأنس كأنه واقف لدى مولاه؛ ماثل بين يديه» وهو يدعو بالخحضوع والإخبات» ويقرع بالضراعة باب المناجاة قائلا : يا من هذه شكون ذاته وصفاته نخصك بالعبادة والاستعانة» فإن كل ما سواك كائنا ما كان بمعزل عن الوجود فضلا عن استحقاق أن يعبد أو يستعان)27 . 1 وإن الارتفاع إلى مقام المشاهدة» ومخاطبة الله تعالى هو الذى من أجله كانت - أى الفاتحة - واجبة التلاوة فى كل ركعة من ركعات الصلاة؛ لآن الصلاة وقوف بين يدي الديان» واتجاه إلى حضرته العلية» ومشاهدة روحية. . ١ تفسير أبى السعود: جل ص86‎ )١( ا تفسير سورة الفاكة الل «إيّاك نَعبّد» «إياه ضمير منفصل أصله بمقتضى السياق العادى «نعبدك» فلما قدم الضمير انفصل» و«الكاف» حرف للدلالة على الخطاب» كما أن «الهاء» للدلالة على الغيبة فى قوله: (إياه»» و«الياء» دلالة على المتكلم» و«إيانا» دلالة على المتكلمين» وهكذا. وقيل إن «الكاف» وأخواتها أجزاء من الضميرهء وهو اختلاف إعرابى لا جدوى فيه في مقامنا هذا. والعبادة أكمل أنواع الخضوعء والتذلل لله تعالى» ولا تكون لغير الله تعالى» فهو وحله المعبود بحق» فلا يعبد سواه» وإن دوام العبادة والاستمرار عليها مع القيام بحقها من خشوع وخضوع لله وتذكر مقام الله العلى الأعلى» وحضور لذاته العلية كأنه يرى الله تعالى» مع الإحساس بأنه - سبحانه - يرآه. إن دوام العبادة على هذا النحو تولّد فى نفسه صدق العبودية» فيحس فى كل أحواله بأنه لله» ويحب الشيء لا يحبه إلا لله» ويكون ربانياء مستجيبا لآمر الله: ١‏ كُونوا ربَائئينَ . ...+750 4 [آل عمران] . والاستعانة طلبُ العون من الله تعالى» مستحضرا مافى الذات العلية من صفات الربوبية» والرحمة» والسلطان المطلق يوم الجزاء؛ إذ لا سلطان فى يوم الدين لأحد سواهء وقد جاء #إِيّاك تَعبّدُ» قبل ظوَإيّاكَ تستعين»؛ لأن العبادة حق الله تعالى» والتقدم إليه بالخضوع الذى لا خضوع مثله» والاستعانة حق العبد أو طلبه العون له» فما هو حق أوثق وأولى بالتقديم» ولكن يجب أن نلاحظ أن الاستعانة والضراعة إلى الله تعالى» وإفراده سبحانه بطلب العون منه سبحانه هو عبادة أيضاء كما هو طلب من الله؛ لأن الدعاء المخلص لله تعالى هو عبادة فى حد ذاته» حتى وى : «الحَاءُ مع العبَادة210: وكما قال تعالى: ««واذكر ربك في نفسك تضرعا )١(‏ أخحرجه الترمذي فى سئله: كتاب الدعوات (١/الا””)‏ عن أنس بن مالك رضى الله عنه. :ا تفسير سورة الفاكة اللاي 210111111111000 © 1ت وخيفة وَدُون الْجِهرٍ من القول بِالْعَدوَ والآصال ولا تكن من الْعافلين وج 4 [ الأعراف ] وإطلاق الاستعانة من غير متعلّق بذكر المستعان عليه من الأمور دال على أنه يستعين الله تعالى فى كل أمور حياته. والاستعانة هى نوع من استصغار حاله بجوار عظمة الله تعالى» وافتقاره إليه تعالى» وأنه محتاج إليه دائماء ولا يركبه غرور الحياة والضلال في أن يقر بنفسه الغرورء وهو استجابة وفهم لقوله تعالى : في أَيّها الام أنتم الفقراء إلى الله واللّه هو الْعِي الحميد +22 4 1 فاطر] . وإن من أعلى أبواب الاستعانة» الاستعانة بالله تعالى على أداء الواجبات والقيام بفروض الله تعالى» فهو يستعين بالله تعالى على أداء واجب العبادة ليصل إلى درجة العبودية» ويكون ربانيا. وتقديم «إياك4 على # تعبد» و « دُستعين 4 لتعظيم الله تعالى بذكره أولاء ولأن التقديم للاهتمام بالمعبود والمستعان؛ وللدلالة على أنه سبحانه وتعالى هو المختص بالعبادة وحده» وأنه لا يستعان بغيره» وفى ذلك كمال التوحيد والخضوع له وحده سبحانه وتعالى؛ ولقد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال فى قوله تعالى : ظ ياك تعبد وَإِيّاك تسمعين 4 : معناه نعبدك ولا نعبد غيرك . فتقديم إياك كما فى قوله تعالى: وَإِياي فارهبون > 4 [البقرة] وقوله سبحانه: «وإيَّاي فَائّقَرنِ 4202 [البقرة] وتكرار ظإيّاك» فى « تَعْبُد» و نستعين 24 لبيان التباين بينهماء وأن ذلك حق الله» وأن هذا طلب من العباد ولتكرار النص على تخصيص ذلك بالله الواحد الأحد الفرد الصمد. وأول الاستعانة طلب الهداية؛ ولذلك قال تعالى: ليلل بعد أن ذكر دعاء العباد لربهم باختصاصه بالعبادة» طلب الاستعانة بالله تعالى فى كل شىء مرغوب فيه محمود غير مذموم» وذكرت الاستعانة متسجهة إلى الله تعالى من غير الباء» إذ هى تتعدى بهاء فيقال استعان به» وتركت الباء للتوجه إلى الله تعالى من غير توسطء ولو كان توسطًا لفظيًا بحرف الباء» والتوجه إلى الله وحده بحيث يواجه الذات العلية بإشراف النفس من غير رؤية ولا حس إلا أن يكون روحيا. وقد ذكر أعلى مراتب الاستعانة» وهى التى لا تكون لأمور تتعلق بالرغبات الدنيوية ولو كانت فى حلال» بل أعلاها ما يتعلق بالنفس وهدايتهاء فقال سبحانه على لسان المتقين: #اهدنا» ومجيء ذلك فى كتاب الله تعالى وبقوله الحكيم تعليم وتربية للنفس المؤمنة أن تكون استعانتها بالله تعالى تكون أولا بطلب الهداية من اللهء وقوله تعالى على ألسنة عباده المتقين: #اهدنًا الصراط الْمستقيم» هو دعاء من العباد لربهم بأمره سبحانه» وذلك تجلا من الله العلى الأعلى بالإرشاد والتعليم فقوله تعالى: #اهدنا» والدعاء ذاته عبادة كما روينا عن رسول الله يَللِةِ: «ليس شىء أكرم على الله تعالى من الدعاء)(1' . دعاؤهم بطلب الهداية» والهداية ذات مراتب يعلو بعضها فوق بعض . . المرتبة الآأولى: أن يملأ سبحانه وتعالى نفوسهم وقلوبهم بالحق يميلون نحوه. ويتجهون إليه» وأن يكونوا ممن كتبت عليهم التقوى» وأن تكون هدايتها إلى نجد الخير» وقد قال. وقوله الحق: ل وهديناه الُجدين 72 4 [البلد] وقال سبحانه : ( وت وما اها مها فجورَهَا اها يي 4 [الشمس]ء وذلك ليكونوا من يستمعون القول فيتبعون أحسنه. - أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات - باب : ما جاء فى فضل الدعاء (ا”)» وابن ماجه: كتاب الدعاء‎ )١( . باب : فضل الدعاء (م )ل وأحمد: كتاب باقى مسند المكثرين (80720) عن أبي هريرة رضى الله عنه‎ ا تفسيرسورة الفاحّة ااال والمرتبة الثانية : بعد أن تصغى قلوبهم إلى الحق وتنفتح بقوله والنظر فى بيناته وهى إقامة الدلائل على الحق ليتبعوه عن بينة» أو تنفتح نفوسهم وعقولهم لقبول ما تدل عليه آيات الكون وأدلة الحق وهى أماراته» بل بيناته من سماء ذات أبراج» وأرض ذات جبال كالأوتاد» وزروع وثمارء ذات بهجة للناظرين» وأن يتدبروا فى ملكوت الله تعالى وخلقه فينظروا نظرة الإدراك والاعتبار كما قال تعالى: «إأَقَلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقَت +0 وإلَى السّماء كيف رفعت +4020 وَإلَى الجبّال كيف نصبت(12) وَإِلَى الأرض كيف سطحت +6201 5 فذكر نما أنت مذكر (420 أست عايِهِم بسيطر 9 4 إل من تولّى وكفر ]> فيعذبه الله الْعذَاب الأكبر 5:79 إن إلينا إيابهم 422 لمن عنا جسابهم 432 4 الفاشية]. هى المرتبة الثانية من الهداية: وهى أن يهديهم سبحانه إلى مواضع العبر والاستدلال فى آياته الكبرى فى خلق السماء والأرض وما بينهماء وفى آياته الكونية» ما دق منها وما جل» فهو خالق كل شيء. أما المرتبة الثالثة : فهى إرسال الرسل هداة مبشرين ومنذرين» «إ وإن مَن أَمّة إل خَلا فيها نذير 2502 4 [فاطر] وإن إرسال الرسل للهداية والإرشاد» وتبليغ رسالته» نا هو كيلا يكون على الله حجة بعد الرسل؛ فهو يعد أن يتخلق اخخلق على الفمارة المستقيمة» والاستعداد للعلم بالوجود» وما فيه من أدلة على منشئ الوجود» ثم يؤيد العلم الفطرى بعلم كسبى وهو علم النبوة الذى يجيء به رسول مبين يدعو إلى الهدى بإذنه ويهدى إلى صراط مستقيم . والمرتبة الرابعة: مرتبة الوحى والكشف وتعليم الله تعالى لخلقهء وهو ما يكون للرسل الكرام دعاة الحق والهداة إليه» فهداية الله تعالى بالوحى» أو إرسال رسول أو أن يكلمه الله تعالى من وراء شيء من خلقه. كما قال تعالى: 9 وما كان لبشر أن يكلمه الله إل وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً ... 27م 4 [الشورى] . ل تفسبير سيور ة الفاكة 00 وهكذا هداية الله تعالى تبتدئ من هداية النفس والعقل إلى الحق وطلبه» ثم الإدراك للآيات البينات الدالة على واجب الوجودهء ثم هداية الله تعالى بالرسل يرسلهم ليكونوا للعالمين نذيراء ثم هداية الله تعالى بما يكون لرسله المصطفين الأخيار. «اهدنا الصراط» إن هَدَى تتعدى بإلى وباللام كقوله تعالى: «( وهدوا إِلى الطب من القول وهدوا إل صراط الحميد 272 » [الحج] وكقوله تعالى: ل وإنّك تهْدِي إلى صراط مُستَقِيمٍ 27> 4' [الشورى] . وقوله تعالى: «إهدى للمسّقين 400 [البقرة] وقوله تعالى: إن هذا القرآن يهدي للّتي هي أَقُوم 0 4*0 [الإسراء] . ولكن هن لم يتعلّ قوله تعالى: #اهدنًا الصراط المستقيم» ب «اللام» ولا ب (إلى»» ولذلك حكمة بيانية» وذلك أنها تضمنت معنى الهداية باختيار خير عاقبة» فتضمنت الهداية معنى الاختيار» ويكون المعنى اهدنا مختارً لنا فى هدايتك الصراط المستقيم. و«اختار» تتعدى بنفسها من غير أداة جر كما قال: واختار موسئ قَوَمَه سبْعينَ رجلا 4 [ الأعراف ] والصراط معناه الطريق الجدد أو الجادة» وقالوا إنه «السراط» بالسين» ويذلك قرئت فى بعض القراءات المتواترة» وقالوا: إن الأصل فى السراط الاستراط بمعنى الابتلاع» كأن الطريق يبتلع من يسلكه لاتساعهء وأنه جادة متسعةء لا يبين سالكهاء وقد وصف بأنه المستقيم لأن المستقيم أقرب خط بين نقطتين» فهو أقرب موصل للغاية المرجوة. والمعنى على هذا: امتر لنا يارب العالمين أقرب طريق متسع يوصل إلى ما يرضيك» وهو غايتنا»ء ومطمعنا ورجاؤناء والصراط المستقيم هو طريق الله الذى أمر 8# تفسيرسورة الفاحّة 0 الملل ااال 01100 جيذ تي باتباعه» فقد قال تعالى: فإ ون هذا صراطي مستقيما فَاتَبِعُوه ولا تتبعُوا السبل فَتَفَرّقَ بكم عن سبيله ... +20 4 [الأنعام] فهم يطلبون أن يهديهم الله تعالى إلى هذا الطريق المستقيم وهو صراط الذين أنعمت عليهم من عبادك الصالحين. ع تبرء د لاك ا سس مس مج بي . 8 صضاط الزن أَنْعَمتَ َه غيرا , ب عَلبْهِم ولا أ لضَا لبن حي هذا بيان للصراط المستقيم» أى المستوى الذى لا اعوجاج فيهء وهو معبّد لا يقف السائر فيه بعثرة يعثرها ولا بحجارة تدعثره» فإعراب (صراط الذين أنعمت عليهم) بدل من «الصراط المستقيم4» يعمل فيها عامله لاهْدنَا4 فمعنى النص الكريم اهدنا طريق الذين أنعمت عليهم. وأصل النعمة ما يستلذه الإنسان أو يستطيبه»ء ولكنها هنا تفسر بأنها المنفعة التى تدوم» ويستطيبها القلب» سواء أكانت عاجلة أم أجلة» وسواء أكانت دنيوية أم كانت أخروية» وسواء أكانت مادية أم كانت روحية» وإن نعم الله تعالى على عباده لا يحصيها العدّ ولا يحيط بها الحصرء ٠‏ كما قال تعالى: ١‏ وإن تَعدوا نعمت الله لا تحصوها ٠٠‏ +1 # [إبراهيم] فهناك نعمة الخلق الإنسانى القويم والتكوين الجسمى السليم الذى يوجد أحيانا الغرور عند غير المؤمنين» كما قال الله تعالى: «يا ها الإنسان ما غرك بربك الْكَرِيم <> الذي خلقك فسواك فعدلك +2 في أي صورة ما شاء ركبك 4222 4 [الانفطار] . ومن النعم أن يمكدّنه من زخارف الحياة من لباس حسن يلبسه» وزخرفة باهرة يزخرف بها مسكنه؛ وطيب رائحة يطيب بها نفسه» ويقبل بها على جمعه. فهذه نعم ظاهرة وباطنة» فإن آمن بالنعم وشكر لهء فإنها نعمة» وإن غره الغرور» وفاخر بهاء واستطال على الناس فإنها عند الله النقمة. ل تفسير سورة الفاخة الل ا04040ااالللللللللللللا0اا الل ومن النعم أن يحس بإشراق النفس وإخلاص القلب» والاتجاه إلى الله تعالى» وأن يكون مستقيم الفكرء نير المدارك» ولا يضل» بل يهتدى بما أنعم» ومن النعم نعمة الإخلاص فى القول والصدق فيه» وأن يعمل العملء لا يعمله إلا لله وأن يراقب الله فى سره وجهره وعملهء حتى يصدق عليه قول النبى كَليةُ: «لا يؤمن أحدكم حثى يحب الشيء لا يحبه إلا لله)(1 . إذا كان المؤمن كذلك يكون ممن هداه الله إلى صراط الذين أنعم عليهم» كما قال تعالى: ومن يطع الله والرسول فَأُولَك مع الْذين أَنْعم الله عليهم من التبين وَالصّديقينَ والشهداء والصّالحين وحسن أُولّك رفيقا 37 4 [ النساء ] . لير الْمَُصوب عَلهِم ولا الصّالين4 المغضوب عليهم هم الذين ينزل عليهم غضب الله؛ ووراء غضبه عذابه إلا أن يتغمدهم الله برحمته فيتوبواء والتوبة تجهب ما قبلهاء وبذلك لا يكونون من المغضوب عليهم» بل ينخلعون منهم» وإما الأعمال بخواتيمهاء وإنما الملغضوب عليهم هم من انتهوا إلى ألا يتوبواء وألا ينتهوا عما يوجب غضب الله تعالى. والذين ينطبق عليهم غضب الله تعالى لدوام شرهم» وبقاء فسادهم حتى يلقوا ربهم» وهم على هذه الحال - الكافرون سواء أكانوا وثنيين» وكثير ما هم فى الماضى والحاضرء أم كانوا من الذين أوتوا الكتاب كاليهود - لعنهم الله - ونصارى بولس الذين يعبدون المسيح» وهو بريء منهم» هؤلاء هم المغضوب عليهم ولا ريب فى نزول غضب الله تعالى بهم إلى يوم القيامة «(غغضب الله عليْهُم ... 0 4 [الجادلة ]. والضالون قال بعض العلماء إنهم النصارى لقوله تعالى: قد ضَلُوا من قبل وَأَضْلُوا كثيرا وَضلُوا عن سواء السّبيل 27 4 [المائدة] وإنه لينطبق عليهم بلا ريب 220 أخرجه البخاري بنحوه» كتاب الأدب - باب : الحب فى الله (50:551). 8# تفسيرسورةالفاحّة الالال لمللول الل وصف الضالين؛ لأنهم عند تخلّيهم عن مبادئ المسيح أضلهم بولس .وأشباهه» فضلواء ثم أضلوا غيرهم من بعدهم» وكفروا بما جاء به المسيح» وضلوا ضلالا بعيدا» وكفرواء ولا يزالون يتيهون فى أوهامهم» كما توهموا وأوهموا فيما سموه رؤية العذراء 4 وكذبوا وافتروا» وحاولوا الإضلال كثيرا. نرى أن يدخلوا فيمن غضب الله تعالى عليه» ويصح أن نقول: إن فيهم الأمرين» فهم مغضوب عليهم وهم يضلون» ويضلون كثيرا إلى اليوم كما رأيت فى أمر العذراء. والضالون كما تدل الآية الكريمة هم الذين فى حيرة من أمر اعتقادهم. لا يهتدون إلى عقيدة يطمئنون إليها ويستقرون عليهاء وليسوا مع هؤلاء ولا هؤلاء . ولقد قيل إنهم المنافقون الذين ينطبق عليهم ذلك الوصف» وتلك الخال المضطرية . ولقد يكون ذلك من ناحية حالهم قريبا فى ذاته؛ لأن النبى َكل وصفهم سس سل بالاضطراب والحيرة» فقال يلِ: «مل المافق كَمَتّل الشّاة العائرة بيْنَ غَتَمَيْنَء إلى هما تَذُهَبْ)277. فالمنافق ضال حائر» لايستقر على قرارء ولا يطمئن إلى إيمان أو كفر» والمنافقون كما وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله: 8 مذَبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .. . +29 > [النساء] . :وهم أيضا موضع غضب الله تعالى؛ لآنهم كفار كإخوانهم المغضوب عليهم» ولكنهم اختصوا بأنهم ليس لهم اعتقاد» فالمشركون لهم اعتقاد باطل» وكذلك النصارى واليهود يعتقدون اعتقادا باطلا ليس لهم سلطان ولا حجة فى اعتقادهم . )١(‏ رواه مسلم فى صفات المنافقين 562275 وأحمد: مسلد المكثرين من الصحابة (9هم٠ه).‏ والنسائى: كتاب الؤيمان وشرائعه (لا"ا. 6), 0#" تفسيرسورة الفاقة الااااالالاااالاالاااااالسلااللل ا ااا للبسسلاال لاا وقراءة الفاتحة مطلوبة فى الصلاة بحيث لا تكمل الصلاة إلا بها بيد أنها فرض عند الشافعى لا تصح الصلاة إلا بهاء وكذلك عند الجمهور لقوله كَُ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»17) ؛ ولذلك سميت الصلاة» كما ذكرنا من قبل؛ لأن الصلاة ملازمة لهاء ومن المجاز المرسل أن يسمى اللازم باسم الملزوم ؛ ولأن النبى كك ما عرف أنه ترك قراءة الفاتحة. وعند أبى حنيفة رضى الله عنه الفاتحة واجبة» والواجب عند الحنفية دون الفرض؛ لأن الفرض ما ثبت طلبه حتما بدليل قطعى لا شبهة فيه. والواجب ما ثبت طلبه الحتمى بدليل ظنى فيه شبهة» والفرض فى الصلاة بالنسبة للقراءة قراءة ما تيسر من القرآن لقوله تعالى: 8 فَافْرءوا ما تَيْسَرَ من القرآن ... 5:0 4 [المرمل]؛ ولذلك لو ترك الفاتحة وقرأ أى قدر من القرآن تصح صلاته» وإن كانت غير كاملة؛ لآن الفاتحة تعينت للوجوب بدليل ظنى فيه شبهة » وهو حديث الآحاد . ول(آمين) يجب النطق بها عقب قراءة الفاتحة لقول النبى كَكلِْ: «وعلمنى جبريل آمين عند فراغى من قراءة الفاتحة». وقال : (إنه كالختم على الكتاب»20, فقد روى أن عليا كرم الله تعالى وجهه قال: (آمين خاتم رب العالمين)”2 روى عن وائل ابن حجر أن النبى يليه قال: «ولا الضالين آمين»7؟2» وفى الحديث أن رسول الله يد قال: «إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين)2©0: )١(‏ أخرجه البخاري: كتاب الآذان - باب: وجوب القراءة للأمام والمأمومء ومسلم: كتاب الصلاة - باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. (1) سنن أبي داود: الصلاة - التأمين وراء الإمام بنحوه. () أخرجه ابن عدي» والطبراني في الكبير؛ عن أبي هريرة بلفظ: آمين حاتم رب العالمين على لسان عياده (5) الترمذي: الصلاة - ما جاء في التأمين وكذا رواه أبو داود: الصلاة (977) وبنحوه عند أحمد: أول مسئد الكوفيين (16757) والدارمي: الصلاة .)١7١9(‏ (5) أخرجه البخاري : الأذان: جهر المأموم بالتأمين (07/85): ومسلم بنحوه: الصلاة: (59-0). ا تفسير سور: ة الفاحكة ذا 11ل لانااك1 1ن ااانا نتللة ا ااا االالالااالللاالالا املاط ل ططخل لااالالالا ممالل للت خخخ لطملا خلط امم خخخممخخخطططخمسططالر وهكذا جاءت الأخبار عن النبى كَلِْدّه بذكر آمين من المأمومين عندما يقرأ الإمام «ولا الضالين», والمتفرد ينطق بهاء وبذلك قال جمهور الفقهاء وروى أن أبا حنيفة لم يلتزم ولم يلزم بقولهاء وروى عنه أنه يخفت بها ولا يجهر عند قول الإمام ولا الضالين» ومهما يكن ما روى بالنسبة لها من أخبار فإن المجمع عليه أنها ليست من القرآن فهى زيادة بطلب إجابة الدعاء الذى اشتملت عليه فاتحة الكتاب من الضراعة والاستعانة وطلب الهداية» فهى اسم فعل بمعنى استجب. وإنما أجمع على أنها ليست من القرآن لأنها ليست بين دفتى المصحف كالبسملةء ولأن النبى كَلْةٌ مع طلبها لم يذكر أنها قرآن ولا من القرآن. ورد أنه عليه الصلاة والسلام قال لأبى بن كعب: «ألا أخبرك بسورة لم تنزل فى التوراة والإنجيل والقرآن مثلها»» قال: قلت: بلى يارسول الله قال: (إنها الفاتحة وإنها السبع المثانى والقرآن العظيم الذى أوتيته)7١2.‏ تم - بحمد الله - تفسير سورة الفاتحة . )941/8( أخرجه الترمذي في سننه: فضائل القرآن: ما جاء فى فضل فاتحة الكتاب‎ )١( بين يدى السورة: سورة البقرة مدنية نزلت فى المدينة فى مدد» وقيل إنها أول سورة نزلت بالمدينة» وقد ادعى بعض العلماء أن بعض هذه السورة كان آخر آية نزلت من القرآن الكريم» وهى قوله تعالى: «واتَّقُوا يوما ترجعون فيه إِلَى الله .... 27> 4 [البقرة] نزلت فى حجة الوداع بمنى» وهى على هذا باعتبار نزولها فى مكة تكون وإن الذى نراه أن فيصل التفرقة بين المكى والمدنى» ليس هو مكان النزول» إما هو كونه بعد الهجرة أو قبلهاء فإن كان قبلهاء فهو مكىء وإن كان بعدها فهو مدنى ولو نزل بمكة؛ إذ إن الفارق بين المكى والمانى موضوعىء لا مكانى إذ إن أكثر الموضوعات التى تتصدى لها السور والآيات المكية: بيان أصل العقيدة الإسلامية» ومجادلة المشركين حولهاء وسوق الأدلة لبطلان الوثئية» وتأكيد الوحدانية» والتعرض لأحوال المشركين» ومعاداتهم للنبى َكل ومن آمن معهء وأخبار المبادرة بالدعوة وإنذار العشيرة» كما قال تعالى: «وأنذر عشيرتك الأقربين 137 واخفض جناحك لمن الك من المؤمنين +3:> » [الشعراء] . وهكذا أكثر القرآن المكى يتعرض لإثبات العقيدة» ومجادلة من ينكرونها من عبدة الأوثان. أما السور المدنية وآياتهاء فإنها تبين الأحكام الفرعية» وأحوال أهل الكتاب مع أهل الإيمان ؛ وتنظيم الدولة الإسلامية» وسن النظم لتكوينهاء وتكوين (## تفسيرسورة البقرة ولو الل المجتمع الفاضل الذي تقوم عليه» وما يحل وما يحرم فى هذا المجتمع» وفيها قيام الأسرة الإسلامية التى تقوم على 5 تقوى من الله تعالى» ورضوان من الله ورحمة. وإذا كانت السور المكية فيها الإشارات لإيذاء المؤمنين» و استضعافهم؛ مع رجاء القوة كقوله تعالى: « وري أن لين على لذن افوا في الأرض وتمَي أئمّة ونَجعلّهم الوارثين 22> 4 [ القصص] . إذا كانت السور المكية فيها إشارة إلى الاستضعاف فالسور المدنية فيها الإذن بالقتال» وتنظيمه» والسير به فى طريق الحق والعدلء وبيان الغاية من القتال ونهايته» وهى منع الفتنة فى الدين. وسورة البقرة أطول سور القرآن» اوسميت البقرة لأظهر الحوادث التى ذكرتهاء وأغربهاء وهى بقرة بنى إسرائيل التى اذ فى السؤال عنهاء وما تدل على أخلاقهم من اللجاجة فى القول» وإرادة التلبيس فى الأمر الواضح البين» فقد كانوا كلما زادت لحاجتهم زاد الأمر تعقيدا عليهم» وتلبيسا على أنفسهم . موضوعات السورة: وبمقدار ما فى السورة من طول » كان فيها القدر الأكبر من الموضوعات» فهو طول فى كثرة الآيات» وليس طولاامما يمجه علماء البلاغة» فهو كثرة موضوعات وليس بطول ممل» وها نحن أولاء نشير إلى موضوعاتها قبل النوض فى تفسيرها. ابتدئت السورة الكريمة بذكر شأن الكتاب الكريم» وشرف الذين يؤمنون به» وأنهم الذين يؤمنون بالغيب . ثم ذكر القسم المقابل لأهل الإيمان وهم الكافرون الذين لا تجدى فيهم الآيات والذُّر سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون» وأنهم صم بكم لا يعقلون. ثم ذكر سبحانه وتعالى أمر الحائرين الذين يترددون بين الإيمان والكفرء» وهو يحيط بهمء وهم المنافقون الذين يحسبون أنفسهم أنهم المصلحون فى الأرض» وهم المفسدون. ا تفسير سورة البقرة ' 5 وضرب الله سبحانه وتعالى الأآمثال التى تصور حالهم وتبين أمرهم» وبين سبحانه وتعالى أن النفاق مرض القلوب ومرض الجماعات» ثم ذكر سبحانه وتعالى أن الناس جميعا فى قبضته وأنهم خلقه سبحانه وتعالى هم ومن كان قبلهم, وأنه مكّن لهم فى الأرض وجعلها لهم فراشاء وأن ذلك التمكين والخلق والتكوين يوجب عليهم عبادة الله تعالى وحدهء وألا يتخذوا الأوثان. ثم بين لهم مقام الحجة النبوية التى جاءت معجزة للنبى كك تنبت لهم رسالته؛ وتحداهم أن يأتوا بسورة من مشلهء وأن يأتوا بشهداء لهم ليشبت عليهم التحدى والعجز بشاهد من أهلهم» ودعاهم إلى أن يتقوا نار وقودها الناس والحجارة. وقد تكلم سبحانه وتعالى فى الخلق والتكوين من البعوضة إلى الإنسان» وذكر أن تخلق البعوضة عظيم» حتى أن الله تعالى لا يستحيى من الحكم فى الخلق أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقهاء وأن المؤمن يدرك ويعتبر» ويعلم أنه الحق من ربه» وأما الذين كفروا فيتشككون ويضلون» ويزيد ضلالهم» وينقضون ما أمر الله به أن يوثق» وبين سبحانه وتعالى أعلى درجات الخلق» وهو خلق الإنسان والجن وجعل الإنسان خليفة فى الأرض» وبين أنه خلق فيه العقل والاستعداد لعلم الكائئات» وبين سبحانه زيادة خلقه عن الحن وعن الملائكة» وأمر الملائكة واللجن أن يسجدوا له فأبى إبليس وجهل وقال: أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين» واعترض على الله تعالى خالق النار وخمالق الطين» ثم كان الاختبار الإلهى لأبى الإنسان» وهو آدم» فنهاه هو وزوجه عن الأكل من شجرة» فوسوس لهما الشيطان إبليس» فأكلا منهاء فأخرجهما الله تعالى ما كانا فيه ونزلا إلى اللأرض» وبينهما وبين إبليس من العداوة الشديدة» والمغالبة بين الخير والشر. ولقد أشار سبحانه إلى المعركة الدائمة» وذكر أوضح مثل لها بما كان يفعله بنو إسرائيل» لقد أوتوا علم النبوة بما أرسل الله فيهم من رسل» وأوتوا نعما كثيرة تثبت قدرة الله تعالى بما أنعم» ولكنهم ضلواء وذكر سبحانه ما أمرهم به وما نهاهم عنه. وبين أنهم كانوا فى علم الدين أكثر من غيرهم» ولكنهم كانوا يأمرون الناس بالبرء /إنا تفسير سورة البقرة 00 فرعون إذ نجاهم منه» وكان يسومهم سوء العذاب» يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم » وذكرهم إذ قرق بهم البحرء وآياته الكبرى فيهمء وذكرهم إذ قابلوا هذه النعم بالشرك إذ اتخذوا العجل ) وذكرهم بعفوه سيحانه وتعالى عنهم 2 وذكرهم بأنه طالبهم بعد هذا العفو أن يقتلوا دواعى الشهوات فى أنفسهمء لتكون قوة فى هذا الوجودء فلا وجود لجماعة غلبت عليها شهوتهاء وذكرهم بنعمته عليهم فى أن أتى لهم بالمن والسلوى ليأكلوا منها رغداء وذكرهم بأنه أمرهم بدخول قرية لهم متطامنين متواضعين » فإن مع التواضع مغفرة الله ولكنهم بدلوا بالطاعة الظلمء فعاقبهم الله تعالى فى الدنيا. وذكر لهم آياته سبحانه فى أن أمدهم بالماء فى وسط الجدب» بأن ضرب لهم موسى ال حجر بعصاه» فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا» وبين أن شهواتهم » قد تحكمت فيهم فطلبوا ما كانوا يأكلون فى مصر من الفوم والعدس والبصل بدلا من المن والسلوى» واستبدلوا الذى هو أدنى بالذى هو خير» وأنهم إذ تحكمت فيهم شهوتهم ضربت عليهم الذلة» فكانوا أذلة؛ لآنه حيثما كانت الشهوة المستحكمة كانت الذلة» 0 باع عى ا اه اع . سي © 74« اع ثم بين سبحانه أنه أخذ عليهم الميثاق وأكده برفع الجبل عليهمء فأعطوه - أي الميثشاق -2 ولكنهم نقضوه وجاء من بعد ذلك أمر موسى - عليه السلام - لبنى إسرائيل أن يذبحوا بقرة» وقد كانت مقدسة فى مصر فسرت عدوى ذلك إليهم» فتلكئوا فى الأمر فسألوا عنها: أكبيرة أم صغيرة؟» وما لونها؟» ثم سألوه: أهى عاملة أم غير عاملة؟ فقال: إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث مسلّمة لا شية فيهاء فذبحوها وما كادوا يفعلون» ثم ذكر فى السورة قصة القتيل الذى ادعى كل فريق أنه لم يقتله» فأمرهم أن يضربوه ببعضهاء فظهر القاتل» وأمر الله والله سبحانه وتعالى بعد أن ذكر هذه الأحوال لهم بين أنه (لايطمع فى إيمانهم)» وقد استولى النفاق عليهم» فإذا لقوا المؤمنين قالوا: آمناء وإذا خلا بعضهم تفسير سورة البقرة ظ اي لسر 7 إلى بعض قالوا جاهلين: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكه؟! كأن الله تعالى لا يعلم» ولقد ركبهم الغرور فى أنفسهم» فقالوا: لن تمسنا النار إلا أياما معدودات» فبين الله أن الخطايا تركبهم» وسيؤخذون بهاء ولقد أخذ الله تعالى عليهم الميثاق بألا يعبدوا إلا الله ويقيموا الصلاة» وأخذ عليهم اليثاق بألا يسفكوا دماءهم وألا يقتل بعضهم بعضاء ومع ذلك أخرجوا بعضهم من ديارهم؛ ولا يفكون أسراكم إلا بفدية» ويؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض» ويحكم عليهم سبحانه» بالحكم الخالد لكل من اتبع الشهوات بأنه اشترى الحياة الدنيا بالآخرة» وبعد ذلك ذكر الله تعالى سلسلة الرسالة الإلهية التى ابتدئت بموسى» ثم عيسى» وأنهم كفروا بالأنبياء» فكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كفروا به أو قتلوه» ولما جاءهم القرآن مصدقا لما بين يديه كذبوه» وهم عندهم العلم به. ويعيب الله تعالى عليهم قتلهم الأنبياء» ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بغير الحق . ولقد ذكر سبحانه وتعالى أنه قد جاءهم موسى بالبينات وأنقذهم من فرعون» ومع ذلك بفقدهم التفكير المستقل المدرك عبدوا العجل» كما كان يعبده فرعون وملؤه» ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى أخذ الميثاق ٠»‏ لبيان أنهم لا يرعون ذمة» ولا يقومون بخيرء ولقد كانوا يحسبون أنهم أبناء الله وأحباؤه» وأن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس فتحداهم الله تعالى بأن يتمنوا الموت ولن يتمنوه؛ لأن عبد الشهوة يتعلق بالدنيا وما فيهاء يعبد الشهوة العاجلة» ولا يرجو الآجلة» وذكر سبحانه عداوتهم لجبريل مما يدل على صغر تفكيرهم . ويبين أنهم كلما جاءهم رسول كذبوه» وكلما عاهدوا عهدا نقضوهء ونبذوه وأنهم بدل أن يتبعوه اتبعوا السحر والأهواء» واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفرواء واتبعوا السحرة» وعلموا الناس السحرهء وتعلموا منه ما يفرقون به بين المرء وزوجهء ولقد بين سبحانه جملة حالهم» وما يبغون فقال تعالى: «إما يود الْدين كفروا من أَهْلٍ الكتاب ولا المشْركين أن ا تفسيرسورة البقرة للم مامالل ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم زمه © [ البقرة ] . ولقد كان المشركون يعيبون على النبى أنه لم يأت بمعجزة حسية» وأنه يأتى بالمعجزة المعنوية» وهى القرآن» فبين الله تعالى أنه إن ترك معجزة يأت بخير منها أو مثلهاء وأن قوم موسى - عليه السلام - قد سألوا أن يروا الله جهرة. ولقد بين الله سبحانه وتعالى أن كثيرين من أهل الكتاب يريدون أن يردوا المؤمنين عن دينهم حسدا لهم على ما آتاهم من فضل يعلمونه ويجحدون؛ه ولذا أمر الله المؤمنين أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» وأعلمهم أن ما يقدمونه من خير يأت الله تعالى به ويجدوه عنده» ثم ذكر سبحانه وتعالى مزاعم النصارى واليهود» الذين يمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وهم المشركون واليهود والنصارى. ثم بين سبحانه وتعالى كفر الذين قالوا: إن الله تعالى اتخذ ولد سبحانه» وضلال الذين يطلبون أن يكلمهم الله تعالى. ولقد ذكر سبحانه وتعالى مقام الرسالة المحمدية» وأنه كَللِيِ إن طلب رضا اليهود» فلن يرضوا عنه» وذكر سبحانه بعد ذلك نعمه على بنى إسرائيل . ولقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك خبر أبى الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة أصلهم - وهو إبراهيم - واحدء وأنه ما كان لهم أن يختلفوا. ثم ذكر بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة» ومعاونة ولده إسماعيل له ودعاءهما لرب البرية أن يجعلهما مسلمين له ومن ذريتهما أمة مسلمة له» وأن يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة.» وذلك الرسول هو محمد كك فهو دعوة أبى الأنبياء إبراهيم» وأن ملة إبراهيم هى ملة الآنبياء أجمعين» ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسهء ولقد وصى بهذه الملة الطاهرة إبراهيم» ووصى بها يعقوب. م تفسير سورة البقرة 9 وإنه لا يجوز التفرق فى دين الله بين اليهود والنصارى وأتباع محمدء ولقد جاء محمد يك بهذه الوحدة الدينية» « ... لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون نعم © [البقرة ] . وإنه بهذه الوحدة الدينية التى تقوم على التوحيدء قد اتجه النبى كَلكةٍ إلى بيت المقدس؛ لأن البيت الحرام الذى به الحج كانت الأوثان تحوطهء فلما آذن الله تعالى بأن دولة الأوثان ذاهبة بعد الاتتصار فى غزوة بدر الكبرى حَوَل الله تعالى قبلة المسلمين إلى الكعبة إيذانا بتخليصها من الشرك وأهله. فأخذ السفهاء من اليهود يثيرون الشكوك حول ذلك التحويل: ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها؟! وقد رد الله تعالى عليهمء وبين أن ذلك أمر قدرهء وأن وسطية الأمة الإسلامية» وعلوها اقتضى الاتجاه إلى ما بناه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام» وبين سبحانه أن تغيير القبلة بجعلها لبيت المقدس أولاء ثم تحويلها ثانيا للكعبة إنما هو اختبار للإيمان والتسليم» وفَصَل الله تعالى من بعد ذلك كيف يولون وجوههم شطر المسجد الحرام أينما كانوا. ثم ذكّرهم بنعمة الله تعالى عليهم» وأشار إلى أنهم سيجدون أياما غلاظا وبشّر الصابرين 4022# 4 [البقرة ] . أحكام تكليفية وتلتقى الأحكام الشرعية مع العبر والعظات؛ وما مضى من السورة عظات, وأخبار عن الأنبياء السابقين - وخصوصا إبراهيم عليه السلام- الذى ينتهى إليه أكثر أنبياء بنى إسرائيل وإسماعيل ومحمد يَلدَِةّ: وما بعد ذلك تكليفات مع بعض عبر الماضين. بل تفسيرسورة البقرة الللل ل لوول اللا إذا كانت القبلة ربطا للمسلمين بمكة» فمناسك احج الذى تقوم شعائره فى البيت أو اعتمر .. . +4728 4 [ البقرة] . ويذكر مآثم اليهود وغيرهم ممن يكتمون العلم فيذكر سبحانه وتعالى» أنهم مبعدون عن الله تعالى وعن رحمتهء ويذكر الشرك بالله تعالى» وما يفعله المشركونء ويقرر وحدانية الله تعالى» ويثشبت التوحيد بالخلق والتكوين» والنعم المتضافرة فيقول: إن في خَلق السّمَوات والأَرْضٍ واختلاف الَليْلٍ وَالنَهارٍ وَالفلك الي تجري في الْبَحر بما ينع النّاس وما أَنزل الله من السّمَاء من مّاء فأحيا به الأرض بعد موتها وت فيا من كل ال وتطريف الاح والسحاب الس بن اسماء والأْض لقنات لقوم يعقلون 4292 4 [ البقرة] . ويذكر سبحانه بعد هذه الآلاء والنعم من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب اللهء ويذكر حال أولئك يوم القيامة حيث يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا. ويبين سبحانه ما أباحه الله من الطيبات. ويذكر حال الذين كفروا من ندائهم الأوثان بأنهم فى حالهم كالبهائم التى تنعق بما لا تسمع» ويكرر سبحانه إباحة الطيبات ووجوب الشكر على إباحتهاء ثم يذكر تحريم الميتة والدم ولحم الخنزيرء وما أهل لغير الله به» وأن الإثم يرفع فى حال الاضطرارء ويذكر من بعد ذلك الذين يكتمون كتاب الله ويشترون به ثمنا قليلاء وأن مأواهم النار. يذكر سبحانه أن البر ليس فى أعمال الجوارح» إنما البر فى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعد الإيمان بالله واليوم الآخر والملاتكة والكتاب والنبيين» والقيام بالواجبات الاجتماعية كلها من وفاء بالعهد.ء وصبر فى البأساء والضراء وحين البأس . ثم يبين سبحانه وتعالى حكم القصاصء وأن فيه حياة الجماعة هانئة فاضلة « وَلَكُمْ في القصاص حيَاة يا أولي الألباب لَعلّكُم تتَقْردَ +489 > [البقرة] ويذكر تفسير سورة البقرة 5 الوصية للأقربين (الذين لا يرثون)» لأنه حيث يذكر القصاص يذكر معه الموت ونتائجه . ثم يذكر فرضية الصوم» وأنه إذا كان القتصاص فيه حياة آمنة» فالصوم فيه الروحانية الكاملة» فذكر فرضية صوم رمضان والأآعذار المسوغة للإفطار والقضاء إن أمكن» وإن لم يمكن فالفدية» ثم يذكر سبحانه ليالى رمضان,» وإباحة الرفث إلى النساء فيها. ويذكر حدود أوقات الصومء وبجوار تلك الروحانية يمنع من أكل أموال الناس بالباطل . وإنه بعد بيان أوقات الصوم ذكر سبحانه وتعالى فضل الأهلّة. فبين أنها مواقيت للأشهر بالنسبة للصيام وبالنسبة للحج» وبالنسبة للمعاملات بين الناس. هذه كلها أحكام تكليفية آحادية أو جماعية» وهناك الحكم الجماعى الذى تتضافر عليه الأمة» وهو الجهادء وقد بين فيه أنه رد للاعتداء ل وقاتلوا في سبيل الله اْذين يقاتلوتكم ولا تَعتّدوا. .. +50 4 [البقرة]» وفيه منع للفتنةء وأنها هى التى يتتهى عندها « وقاتلوهم حب لا تكون فتة ويكون الدين لله ٠‏ 396 4 [البقرة ] . ويبين أن العمل فى القتال هو المعاملة بالمثل» فإن قاتلوا فى الشهر الحرام قوتلوا فيه والحرمات قصاصء ثم بِيّن أن أخذ الأهبة والاستعداد لابد منهماء والإنفاق فى سبيل الله يمنع التهلكة . وينتقل من الجهاد إلى ذكر بعض مناسك الحج؛ لأن الحج والجهاد متقاربان فى تحمل المشقة. فيذكر الهدى والتحلل من الإحرام» والإفاضة من المشعر الحرام» وما يحل محل الهدى من صيام عشرة أيام؛ وما يحل فى الحج وما لا يحل» ويشير إلى أحوال الناس وهم فى ضيافة الرحمن. ا تفسيرسورة البقرة اللو ممالل للك ويذكر الله سبحانه وتعالى وجوب ذكره سبحانه فى أيام معدودات» وأن من تقدم فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى. ثم يذكر سبحانه وتعالى أخلاق الحاكم الفاسدء وهو من فقد الإيمان بالله وأوتى ححلاوة اللسان والتغرير بهاء والحاكم الفاضل هو من يبتغى مرضاة الله تعالى . ويدعو القرآن الكريم إلى الدخول فى السلم (أى الإسلام)» ويثبت أن الناس جميعا أمة واحدة» ويبين سبحانه أن النبيين جاءوا لمنع الاختلاف بين الناس بسبب الأهواء والشهوات» ويبين سبحانه أنه لا علاج للشر إلا بتحمل أعباء الجهاد للخير» وأن مقاومة الشر تستدعى تحمل أعباء الجهاد : «أم حسبتم أن تَدخلوا الْجنّة لما يأتكم مَمَل الذين حَلُوَا من قبلكم مُستهم الْبأماء والضراء وَزْلْرلُوا حت يقول الرسول والّذين آمنوا معه متئ نصر اللّه آلا إن صر الله َريب +73 > [ البقرة] . ويبين سبحانه أن ذلك يقتضى أن يكون الإنفاق فى الأسرة وفى الجهادء ويقتضى الاستعداد للقتال دائماء وهو ما تكرهه الطبائع البشرية «( كتب عَلَيكُم القتَال وهو كره نكم وعسئ أن تكرهوا شيا وهو حير لَكُمِ وعسئ أن تحبوا شيئا وهو شر لككُم واللّه يعم وأنتم لا تعلمون 43 > [البقرة] وأن الأشهر الحرمء وهى: ذو القعدة . وذو الحجة». والمحرم » ورجب, القتال فيها حرام إلا إذا اضطروا إلى ذلك» وأن من يرتد عن دينه بالفتئة» فيموت على الردة يكون من الذين 9 .. .حبطت أُعمالُهُم في الدنيًا والآخرة وأُولَتك أصحاب الثار هم فيها حالدون 4429 [البقرة] وأن الرحمة للذين آمنوا وهاجروا وجاهدواء ويبين سبحانه وتعالى حرمة الخمر والميسرء وأنه إذا كان فيهما بعض النفع فالإثم أكبر. ويبين سبحانه وتعالى العناية باليتامى بإصلاحهم؛ وضمهم إلى الأسر الفاضلة. وإلا كانوا مادة تخريب فى الأآمة. فلا تكون صالحة للجهاد الذى يكون به رفعة الدين» والعزة الإسلامية. تفسير سورة البقرة ااال لاا اللو الل الئل تر زب بير يي أحكام فى الأسرة اشتملت هذه السورة على أحكام كثيرة فى الأسرة منها: (1) النكاح بين المثسركات والمؤمنين» فحرم الله تعالى أن يكح المسلم مشركة» وأن تنكح المسلمة مشركا ولا تتكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة مشرك ولو أعجبكم أُولّتك يدعون إِلَى الثّار واللّهِ يدعو إِلَى الْجِنّة والمغفرة بإذنه وبين آيَاته لئاس لعلّهم يتذ كرون 2072 4 [ البقرة ] . (ب) أن الحائض يحرم الدخول بها فى حيضها؛ لأنه أذى 8 ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن . . . 27272 4 [البقرة] . (د ) أن عدة المطلقة بعد الدخول ثلاثة قروء» وقبل أن تنتهى بعولتهن أحق بردهن إن أرادوا إصلاحاء» وللمرأة من الحقوق مثل الذى عليها من الواجبات . (ه) وأن الطلاق الذى تجوز الرجعة فيه اثنتان فإن طلقها الثالثة من بعدء فلا تحل حتى تنكح زوجا غيره. (و ) أنه يجوز للمرأة أن تفتدى نفسها بمال تدفعه إلا أن يَحَافَا أله يقيما حدود الله إن خفتم ألا يقيمًا حدود الله فلا جتاح عَلَيهِمَا فيما افْعَدت به . . . +429 4 [ البقرة] . مز ) أنه لايحل للزوج إذا طلق وانتتهت العدة أن يمنع المرأة من الزواج» وكذلك لايجوز للولى ذلك. ومن الأحكام فى الأسرة أيضا أن مدة الرضاعة الكاملة حولان كاملان من أراد أن يتم الرضاعة» وعلى الأب رزق المرضع وكسوتها بالمعروف» وعلى من يليه تفسيرسورة البقرة لل الل االلللللوااا0ا0ا0ااال من الورثة مثل ذلك» وأن استرضاع غير الأم جائز عن تراض منهما وتشاورء وأن إنهاء الرضاع يكون برضا. وقد ذكر سبحانه وتعالى عدة المتوفى عنها زوجها ا حائل غير الحامل» وهى أربعة أشهر وعشرة أيام قمرية» وأنه تجوز خطبتها فى بحر العدة تعريضا لا تصريحا. (ح) أن الرجل إن طلق من تزوجها قبل الدخول فلها نصف المهرء إذا كان قد سمى مهراء وإن كان لم يسم مهراء فلها المنعة» وهى قدر من المال أو الكسوة يناسب حالهماء رسعو على الموسع قر وَعلى المقر فده ... © 4 [البقرة] . وقد ذكر سبحانه أن التى يموت زوجها تبقى فى بيته سنة ولا يخرجها أحد متاعا بالمعروف حقا على المحسنين . وقد ذكر سبحانه فى أثناء أحكام الأسرة الأمر بالصلاة القيّمة التى لا اعوجاج الدولة تقوم على النظام وبعد أن بيسن الله تعالى نظام الأسرة - وهى قرا الجماعة ‏ أخذ سبحانه وتعالى يبين نظام الجماعة» وأنها لا تعيش إلا فى عزة» واستقلال بنفسهاء فصور سبحانه جماعة أصيبت بالذلة فماتت نخرة فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم بالبأس والعزة» فالذلة موت» والعزة حياة. ثم بين الله تعالى حال قوم من بنى إسرائيل طلبوا أن يكون لهم ذو سلطان ممكّن منهم وبرضا الله سبحانه وتعالى» فمكن الله لحاكم ذى سلطان» وهو طالوت» لأن له مؤهلات الحكمء فقد أوتى بسطة فى العلم والجسمء ولكنهم لا يريدون إلا ملكا مسيطرا بحكم الوراثة ئة لقَانُوا أنّى يكن له الملك علَيًا وتحن أحق (## تفسير سورة البقرة الالو اللو املك منه» . .. [البقرة] ولكن الله سبحانه وتعالى أراهم ملكه بأن يتغلب على امم لوقل لهم لذي ملك أن يكم اود فد سكي رم ونا ترك آل موسئ وآل هَارُونَ تَحملهُ الْملائكة إن في ذلك لآية لَكُمَ إن كسم مؤمبين 299 4 [البقرة] وقد خرج بهم طالوت مجاهدا مستردا عزتهم» واختبر الله إرادتهم بنهر» فمن شرب منه فليس له من القوة المصممة ما يجاهد به» ومن لم يشرب منه فله إرادة الجهاد وعزيمته. ومهما يكن من حالهم فقد كان النصر « ولَوْلا دفْع الله الّاس بعضهم ببعضٍ مَسَدت الأرض ولكن الله ذُو فضل على الْعَالّميَ 207 4 [ البقرة ] . ١‏ الرسل والألوهية بن اله تعالى مقامالرسل» وشسرعة لقال الس فعا يهم عن بعض منهم من كلم الله ورقع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم الْبينات وأَيدنَاه بروح الْقَدس ... +4555 4 [البقرة] (وهو جبريل عليه السلام)» وقد اقتتل من بعد ذلك المتبعون للرسل لاختلافهم أو بعضهم على أنبيائهم . وأن الإنفاق فى سبيل الله هو دعامة القوة؛ لأنه يبنى مجتمعا متعاونًا» ويشد أزر أهل الح 9إيا أَيها الّذين آمنوا أنفقوا مما رزقنَاكم مَن قبل أن يأتي يوم لأ بيع فيه ولا خَلّة ولا شفاعة والكافرون هم الظّالموت +423 4 [ البقرة] . وأن الجامع بين الأنبياء جميعا هو الوحدانية» والإيمان بالله تعالى الله لا إلّه إل هو الحي الْقيُوم لا تأخذه سنة ولا نوم . . 5مك © [البقرة] إلى آخر الآية الكريمة. وأن الإيمان قد قامت دلائله جلها في الدين قد تين الرشد من الْغي فَمَن يكفر بالطاغوت ويؤمن باللّه فقَد استمسك بالعروة الْوَنْقّى ... +4523 4 [ البقرة] وقد ضرب الله تعالى أمثالا ثلاثة : إل تفسيرسورة البقرة الملللا لولاا االلللللالللواللوللللنل أولها: مناقشة إبراهيم عليه السلام للذى © حاج إبراهيم في ربه .. . 227 4 [البقرة] فادعى أنه يحيى الموتى ويميت الأحياء» فقال له إبراهيم: فإِنَ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها م من الْمَغْرب فبهت الذي كفرَ . .. لمك © [ البقرة ]. الثانى: وهو فى الإعادة بعد الموت» كان فى الذى مر على قرية ظ وهي حَاوية على عروشها قَال أن يحبي هذه اللّهِ بعد موتها فأمَاتَهُاللّهُ ماّة عام ثم بَعمَهُ قال كم لَبقْتَ قَالَ بت يوما أو بعض يوم قال بل لبقت ماة عام فانظر إلى طَعَامك وشرابك لم يَسنهُ وانظر إلَى حمّارك ولنجعلك آي للئّاس . . . +429 4 [البقرة] . . إلى آخر الآية الكريمة . الثالث: طلب إبراهيم - عليه السلام - من ربه أن بريه كيف يحبى الموتى وماه 2 وأنه طلب ذلك للاطمئنان» فأراء الله تعالى طقال فد أربعة من الطيرٍ قصرهن ليك َم اجعل على كل جبل منهن جزءا د نم ادعهن يأتينك سعيا . .. ريك © [البقرة]. الإنماى فى سبيل الله قوة الجماعهة إن الإنفاق فى سبيل الله أعظم القربات عند الله وإن الله تعالى يضاعف الإنفاق فى سبيله بسبعمائة ضعف, وهذا كناية عن الكثرة» وأنها تفوق عد الحاسبين. وإن شرط ذلك آلا يتبعوا ما أنفقوا منًا ولا أَذّى « قول معروف ومغفرة خير مَن صدقَة يتبعهًا أَذى واللّه غني حليم +29 يا أَيْها الّذِينَ آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن وَالأذَئ كَالّدي ينفق ماله رَاء النّاس ولا يؤمن باللّه واليوم الآخر فَمتَلهُ كَمدَلِ صفوان علَيَه تراب فأصابه وابل فتركه صلْدا ... +453 4 [البقرة] هذا مثل من يبطل صدقاته بالمن والأذى» ومثل الإنفاق ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة تؤتى أكلها ضعفين. وإن شرط النفقة التى تثمر ضعفها أن تكون طيبة لا نتيمم الخبيث ننفق منه وإن النفقات تربط المودة بين الجماعة وأنها حكمة الاجتماع» ومن يؤت الحكمة فقد ا تفسير سورة البقرة 0 الل 1111111 1-14 أوتى خيرا]ً كثيرً والنفقة إذا ابتغى بها وجه الله خير فى كل أحوالهاء أبداها أو أخفاهاء فنعمًا هى فى كل أحوالهاء والله تعالى مكافئ عليهاء ومن ينفق فعاقبة النفقة لنفسه؛ لأنه يصلح جماعته» وصلاحها يعود عليه» وإن الإنفاق يكون فى كل طريق للخير» ويجب أن يسحث عن مستحقيه من الفقراء طالّذِينَ أحصروا في سبيل ال يوون عر في لزع متهم او أب م الف ف سحا تار سر علي فلهم جرهم عدن ربّهم زلا خف عليهم 37 هم يُحزنون 2 [البقرة] . الاقتصاد الإسلامى خال من الربا أعقب الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم الترغيب فى الصدقات» وبيان ثمرتهاء وغايتها التعاونية التى تربط بين آحاد المجتمع المؤمن وجماعاته» وذكر بعد ذلك ما يهام بناء المجتمع ويقطع ما بين آحاده وهو الربا وتحريمه فقال تعالى : ف( اين يأكلون اليا لا يقومون إل كما وم الذي يخبط اليطان من الس ذلك انهم قَاوا إِنّمَا ابيع مل الريبا حل اله ابيع وحَرّم اليا من جاه موعظة من رب َانتهَى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد ولاك أصْحاب الارِ هم فيها حَالدُو 73 يمح اللّهِ ٠‏ لزنا وبري الصّدقات ٠‏ زلله لا بحا كل كثر نيم ته إذ الدين آمنوا وعملوا ُو ج629 يا أيه دين وا لالد ُو ما بق م من ارا إن كم مين 080 إن لَمْ لوا َأَدنُوا بحرب من الله وَسُوله وإن تيم فَدَكُمْ رموس أَمْوالكُمْ لا ظلمُون ولا مون 532 وإن كال ذو عسرة فنظرة إلى ميْسرة وأن تَصدَكُوا حيْرُلَكُم إن حسم َمُونَ 0 © [ البقرة ] . ١‏ تفسيرسورة البقرة . 8 الل 0600ل وتحريم الربا تنظيم اقتصادى لقيام بناء اقتصادى سليم لا تكون فيه أزمات» ولا تؤكل فيه أموال الناس بالباطل ولا يؤدى إلى التعطل والكسل» ولا إلى أن يكون ربح من غير تحمل للخسارة. وبعد آيات الرباء جاءت آية توثيق الديون بالكتابة وشهادة شاهدين» وأن يذكر الأجل» وأن يكتبه كاتب عدل وأن يملى من عليه الدين ليكون ذلك إقرارا مكتوبا بالدين» وإذا كان من عليه الدين سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يُمِلَّهُ فليملل وليّه بالعدل» والشهادة تكون برجلين عدلين أو رجل وامرأتين نمن ترضون من الشهداء؛ أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى» ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجلهء إلا أن تكون تجارة دائرة بينكم. وأوجب سبحانه وتعالى الشهادة فى البيوع» ومنع أن يكون فيها إرهاق للشهود ولا يِضَارٌ كاتب ولا شهيد ... يك © [البقرة] ومن دعى للشهادة فلا يكتمهاء فإنه يكون اثما قلبه. ولتوثيق الكتابة والتشدد فيها ذكر حال السفر» وأنه إن لم يكن فيه كاتب فرهان مقبوضة وبعد هذا التوثيق متم الله تعالى السورة بالدعوة إلى الإيمان» والإخبار بأن الرسول آمن بما أنزل إليه من ربه والملائكة . . . » وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. وبين سبحانه أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها لها ما كسبتء. وعليها ما اكتسبت» وعلمنا كيف ندعو رينا: «ارَبّنا لا ََاخنًا إن نُسينا أو أخطأنا ربا ولا تحمل عَلَينَا إصرا كما حملته على الّذِينَ من قَبلنا بّنَا ولا تحملنا ما لا طَاقَة لا به واعف عن واغفر لَنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنًا على القوم الكافرين 25 4 [ البقرة] . (ا تفسير سورة البقرة 9 مسسسس ا ص لسر اا 100001 لمارا جيه ابتَدتت السورة بهذه الحروف التى ينطق بهاء فيقال: ألف لام ميم» وكذلك ابتدّت عدة سور بهذه الحروف التى ينطق بها مفردة حرفا حرفاء وهذه الأولى» وقد أعقبت الحروف بذكر الكتاب وشرفه» وجاءت سورة آل عمران مبتدأة بهذه الأحرف نفسها والم ع [ آل عمران ] وعقبها ذكر جلال الله تعالى: اللّه لا إِلَهِ إلذَ هو الحي الْقيُومُ 05 > 4 [آل عمرات ] . ثم كانت سورة الأعراف مبتدأة بمثل هذه الأحرف وهى #8 المَصغ + 4 [الأعراف] وذكر بعدها الكتاب» وهو قوله تعالى: ذإ كتّاب أُنزل إِلَيِكَ فلا يكن في صدرك حرج مَنه ... 42 4 [الأعراف] . وكانت سورة يونس مبتدأة بحروف مفردة» وهى 8 الرغ] 4 [يونس] وذكر بعدها الكتاب وآياته فقال تعالى: ذل تلك آيات الكتّاب الْحكيم + 4 [ يونس] . وجاءت سورة هود مبتدأة أيضا بهذه الحروف الج 1# 4 [هود] وذكر بعدها الكتاب» فقال تعالى بعدها: « كتاب أحكمت آيَانه ثم فُصَلَت من لَدْنْ حكيم خبير 1 4 [هود ]. وسورة يوسف ابتدئت أيضا بهذه الحروف «إالر 4*0 [يوسف] وجاء بعدها ذكر الكتاب فقال تعالى عقبها: .9 تلك آيات الكتّاب الْمبين 4 4 [يوسف] . وجاءت أيضا سورة الرعد مبتدأة بهذه الحروف المفردة 8 المر 17 #4 [الرعد] وقد ذكر بعدها الكتاب الكريم فقال تعالى عقبها: © تلك آيَاتَ الكتّاب والّذي أنزل إِلَيّك من رَبك الْحق ولَكن أَكثْرَ الئاس لا يُؤمنون جر 4 [الرعد] . وابتدئت سورة إبراهيم بهذه الأحرف المفردة فقال تعالى: «الر 27) 4 [إبراهيم]؛ وجاء بعدها ذكر الكتاب فقال تعالى بعدها: ظ كتاب أَنزلَْاه إَِيِك بل تفسيرسورة البقرة ماللا لس وبرز بي لخْرِجٍ لأس من الظَلمات إلى الثور يلذن ربْهم إلى صراط العريز الحميد «ل1*» [ إبراهيم ]. وجاءت سورة الحجر مبتدأة بحروف مفردة وهى 8 الر )+ [الحجر] وذكر بعدها الكتاب فقال تعالى عقبها: 9 تلك آيَاتَ الكتّاب وقرآن مين 10> »4 [الحجر]. وجاءت سورة مريم مبتدأة بخمسة حروف وهى ‏ كهيغض 4*1 [مريم]ء ولم يذكر بها (القرآن) عقب هذه الحروف» ولكن ذكّرت برحمة الله تعالى على زكرياء فقال تعالى: « ذكرٌ رَحْمّت ربك عَبْدَهُ رَكْريًا 22+ إِذْ تادئ ربّه نداء حَفيا 2ه قال رب ... 4# 4 [مريم] » وقد ذكر (الكتاب) فى عدة مواضع بعد ذلك فى السورة» فكان يأمر الله تعالى بذكره عند ذكر القصص عن أنبياء الله تعالى» فإذا كان (الكتاب) لم يذكر فى الكتاب الكريم عقب هذه الحروف» فقد تكرر ذكره تعالت كلماته فى مواضع مختلفة بعد ذلك . وجاءت سورة (طه) وإذا لم نعتبر كلمة 98 طه 1# # [طه] اسمًا فإنها تكون حرونًا مجردة» وذكر بعدها القرآن الكريم فى قوله تعالى: «اما أَنرلْنَا علَيك القرآن لتشقر' <> إلا تذكرة لمن يخثم' 4:2 تنزيلاً مَمَّنْ حَلَقَ الآرض والسّموات العلى 8ل 4 [طه]. وجاءت سورة الشعراء مبتدأة بحروف ثلاثة طسم 410 [الشعراء ] وجاء عقب هذه المحروف ذكر القرآن تلك آيات الكتاب المبين | 3 ((2 #[الشعراء ]. وابتدّت سورة النمل بحرفين هما 8 طسن ++ 4 [النمل ]: وجاء ذكر القرآن بعدها فقال تعالى: #تلك آيات القرآن وكتاب مبين * [ المل]. ال تفسير سورة البقرة مالل فلكلا بلجم بير 2 وابتَدثَت سورة القصص بثلائة أحرف # طسَم ١86‏ 4 [القصص ] وجاء بعدها ذكر القرآن الكريم» فقال تعالى عقب الحروف: ‏ تلك آيات الكتاب المبين 41# [القصص]. وجاءت سورة العتكبوت مبتدأة بهذه الحروف الم 4507 [العنكبوت] وجاء بعدها اختبار الناس وهو قوله تعالى: « أحَسب الئاس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون +7 4 [العدكبوت] . وجاءت سورة الروم مبتدأة بالحروف الج +1 4 [الروم] ثم ذكر بعد ذلك انهزامهم ثم انتتصارهم «الم ]> غلبت الروم > في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون 72# في بضع سنين ... 2# 4 [الروم]. وجاءت سورة لقمان مبتدأة بالحروف #الج 4418 [لقمان] وذكر بعدها الكتاب: ‏ تلك آيّات الكتاب الحكيم 22 4 [ لقمان] . وجاءت سورة السجدة مبتدأة بهذه الحروف 8« الج +1 4 [السجدة] وعقبت بذكر الكتاب 9١‏ تنزيل الكتّاب لا رَيْبْ فيه من رب الْعَالْمينَ رّ) 4 [ السجدة] . وابتدئت سورة يس بحرف الياء والسين #يس 1# # [يس]» وذكر بعد الحرفين القرآن الكريم» وذلك إذا لم تعد اسم . وجاءت سورة (ص) مبتدأة بالحرف وو ص +( (1450[ص)ء وجاء ذكر القرآن الكريم فقال تعالى عقب هذا الحرف: 9 والقرآن ذي الذكر رن 4 [ص] . وابتدئت سورة غافر بحرفين #حج 21# 4 [غافر]ء ذكر بعدها القرآن فقال تعالى عقبها: ظا تنزيل الكتاب من الله الغزيز العليم 410 [غافر] . وابتدتَت فصلت بالحرفين : وحم 4140 [فصلت] وعقبت بقوله تعالى عن الكتاب: ٠‏ تنزيل من الرحمن الرّحيم 22 4 [ فصلت] . 0 (## تفسيرسورة البقرة الالال لل الللاا0ا1010ا0الا06060ا10االلللللل ماسولا ني وابتدنّت سورة الشورى بخمسة أحرف» وهى حم #ل0©* عسق +1 4# [الشورى] وجاء بعدها ذكر لنزول القرآن فقال تعالى: 9 كذلك يوحي إِليك وإِلَى الّذِينَ من قَبلك الله العزِيز الحكيم +22 4 [ الشورى] . وابتدئت سورة الزخرف ب # حم )4 # [الزخرف] وعقب الله تعالى هذين الحرفين بقوله تعالى : < والكتاب المبين 22 4 [الزخرف] . وابتدأت سورة الدخان بحرفى 8 حم 4 * [الدخان] ثم جاء بعد ذلك ذكر القرآن فقال تعالى عقبها: « والكتاب المبين 73> 4 [الدخان] . وابتدأت سورة الحاثية بحرفى حم 40 [ الجاثية ]» وعقبها الله تعالى بتسزيل القسرآن فقال تعالى: «تتزيل الكتاب من الله الْعزيزٍ الحكيم :11» [ اجاثية ] . وابتدنّت سورة الأحقاف بالحرفين 9( حج 4 4 [الأحقاف] وذكر الله تعالى بعدهما القرآن» فقال تعالى: «إتنزيل الكتاب من الله العزيزٍ الحكيم 10 » [ الأحقاف ]. وابتدئّت سورة 9ق 4402 [ق] بحرف - وجاء بعده القسم بالكتاب © والقرآن الْمَجيد 2 4 1 ق]. وابتدنّت سورة القلم بحرف !3 4428 [القلم] وجاء بعدها ذكر القلم فقال تعالى: موَالْقَلمٍ وما يسطرون +472 [القلم] وفيه إشارة إلى الكتاب الكريم . هذه هى السور التى ابتدنّت بالحروف المفردة » ومن هذا الإحصاء يتبين: أولاً: أن السور التى صدّرّت بهذه الأحرف سور مكية نزلت بمكة ماعدا ثلاث سور هى البقرة» وآل عمران» والرعد». فإن هذه السور الثلاث مدنية» بينما الباقى مكى نزل بمكة حيث كان أكثر التحدى بالقرآن الكريم» وإن كان هناك تحد به فى (## تفسير سورة البقرة الس سس اس 0 ههه < يي المدينة؛ لأنه المعجزة الدائمة التى يتحدى بها المتكرون فى كل الأحيان والعصور قل لمن اجتمعت الإنس والجن عَلَئ أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا ينون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا :220 4 [ الإسراء ] . ثانيًا: أن السور التى صدّرت بهذه الحروف ذكر الكتاب بعدهاء مما يدل على أن للكتاب الكريم صلة بالابتداء بهذه الحروف. وثلاث سور فقط هى التى لم يأت ذكر للكتاب عقبهاء وهى سورة مريم» فلم يذكر الكتاب عقب الحروف». وإن جاء ذكره بعد ذلك فى مناسبات أخرى» وكرر ذكره بهذه المناسبات» وسورة العنكبوت فإن ذكر القرآن لم يعقب الأحرف. وكذلك سورة الروم» وما عدا هذه السور الثلاث ذكر القرآن الكريم فى أعقابها. ثالثا: أن عدد الحروف التى ابتدّت بها السور أربعة عشر حرفاء وهى نصف الحروف الهجائية» وهى تشتمل على أنواع مخارج الحروف المختلفة» وهذه الحروف هى الألف . واللام . والميم» والصادء والكافء. والهاءء والياء» والعين» والراىء والسين» والطاء» والحاء» والقاف» والنون. ولا يحفظها ويقرأها إلا من يعرف القراءة والكتابة» فالأمى لا يعرفها وإن عرف بعضهاء لا يعرفها كلهاء وإلا كان قارئا كاتبا؛ ولذلك هى فى القرآن على لسان النبى الآمى من دلائل إعجازه. قال الله تعالى: فإ وما كنت تتلُو من قبله من كتاب ولا تَخْطه بيَمينك ذا لأَرتاب المبطلون 7 4 [العدكبوت]. وإنه بتتبع السور الكريمة التى صدرت بهذه الحروف التى قدسها الله سبحانه وتعالى بذكرهاء وإعقاب القرآن فى أكثرها بها يدل على الارتباط الوثيق بينها وبين القرآن الكريم؛ لآنه اشتمل عليهاء ولآنها تشير إلى مقامه وإعجازه ومنزلته فى هذا الاملل0ا ااا الملل للا1االلاااللللللاللل هه < يي الوجود الإنسانى» وإن كانت معانيه المحررة مستورة عناء وهى فى علم الله تعالى المكنون» ولكن لها إشارات توحى إلى معان عالية» تليق بتصدرها لكثير من سور القرآن. هذا ما نشير إليه إجمالا ونعرض له ببعض التفصيل . « الم ل » روى عن أبى بكر وعلى رضى الله عنهما أنهما قالا: إن هذه الحروف التى ابتدئّت بها السور هى سر الله تعالى فى الكتاب» ولله تعالى فى كل كتاب سر. وتبعهما فى هذا القول عامر الشعبى وسفيان الثوري» وجماعة من المحدثين» بل قاله أكثر علماء السلف. وهى من المتشابه الذى اختص به علم الله تعالى» وروى عن عمر وعثمان وابن مسعود أنهم قالوا رضى الله عنهم : الحروف المقطعة فى أوائل السور من المكتوم الذى استأثر به علم الله تعالى. وروى عن الربيع ابن خسيثم» أنه قال: إن الله تعالى أنزل هذا القرآن فاستأثر منه بعلم ما شاءء وأطلعكم على ما شاء»ء فأما ما استأثر به لنفسه فلستم بنائليه فلا تسألوا عنه» وأما الذى أطلعكم عليه» فهو الذى تسألون عنه» وتخبرون به» وما بكل القرآن تعلمون» وما بكل ما تعلمون تعملون. وإن هذه المأثورات عن كبار الصحابة» والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين» وهى تدل على أن هذه الحروف من المتشابه الذى لا يعلم به أحد إلا الله تعالى» وعلينا أن نكف عما لا نعلم» عملا بقوله تعالى: ولا تقف ما ليْس لك به علم إِنَ السمع والْبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مُسَئُولاً 257 4 [ الإسراء] . ولكن العقل طلَعَةٌ 2 يحاول تعرف المجهول أو المكتوم» وكلما كان الإبهام كان تَعَرّفُ كشفه» ولذلك حاول علماء أن يعرفوا سر وجود هذه الحروف وإن لم يعرفوا حقيقة المراد منهاء وقالوا فى ذلك أقوالا أربعة؛ ثلاثة منها متلاقية فى صوابها وواحد حاول تفسيرهاء فأخطأ فيما قصد. )١(‏ طُلَعَة: أى كثير الطلوع أو التطلع» ونفن طُلَمَة: كثيرة التطلع إلى الشىء. [الوسيط: (ط لاع)]. ##ا تفمسير سورة البقرة سس س9 2“ أولها: أن بعضهم حاول تفسيرها بأنها رموز للذات العلية» أو أنها رموز لله ولآخرين» فقال قائل إن الج » ترمز إلى أن الله يقول أنا الله أعلم» فالألف: أناء واللام: الله؛ والميم: أعلمء وقالوا: #الجث# أنا الله أرى» وقال بعضهم فى الج # : إن الألف من اللى داللام من جبريل» ولميم من محمدء وقيل الألف مفتاح اسم الله. واللام مفتاح لطيف» ولميم مفتاح مجيدء وكل هذه التفسيرات ظنون» وإن الظن لا يغنى من الحق شيقاء ولم يرد واحد منها عن الرسول يله ولو وردت عنه لقبلناها صاغرين ولخرجت من المتشابه إلى المحكم . ثانيها: ليس تعرفا لمعانيهاء ولكنه تعرف لسر وجودهاء أو لبعضهاء وذلك بيان لوعجاز القرآن مع أنه مكون من حروفهم التى تتكون منها كلماتهم» ومع ذلك يعجزون عن أن يأتوا بمثله فى تأليف نغمه» وسياق معانيه» وتآلف ألفاظه وفواصله» فهذا يدل على أنه من عند الله ويدل على عجزهم عن أن يأتوا بمثله . وثالشها: وهو كسابقه يدل على بعض أسرار وجودهاء ولا يتعرض لذات معانيهاء وهى أنها تدل على نزول القرآن من عند الله تعالى» وأن محمدا كلق لم يأت به من عنده» لأنه أمى لا يقرأ ولا يكتب». فهو النبى الأمى» والأمى ينطق بالكلمات ولا يعرف الحروف» فمجىء الحروف على لسانه َي وهى حروف كثيرة» هى نصف عدد الحروف الهجائية» وهى متنوعة المخارج» وتشمل المخارج كلهاء وإن لم تشتمل كل عددهاء إن هذا دليل على أنها من عند الله عالم الغيب والشهادة» الذى علَّم بالقلم» وعلم الإنسان ما لم يعلم. رابعا: وهو كسابقيه فيه بيان سر وجود هذه الحروف» وذلك أن العرب الملشركين كانوا يحسون بأثر القرآن فى نفوسهم إذا سمعوهء حتى أنهم قد تفاهموا على ألا يسمعوه إ وقَال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وَالْعَوًا فيه لَعلَكُمَ تَعْلبونَ 20 # [فصلت]. فكانوا يحاولون ألا يسمعواء فكانت تلك الحروف الصوتية التى اللا ااا 7 2 تبتدأ بها السور الكريمة إذا قرئت مرتلة مجودة تسترعى أسماعهم» ويستغربون» وقد يستنكرون» وبينما هم فى استغرابهم وعجبهم» يهجم عليهم رسول الله يَلكَيِْةٌ بالقرآن ونغماته» وجميل ألفاظه» ورنة موسيقاه» فيخضعون للسماع» وينقضون ما أبرموا من قبل» فهذه الحروف كانت ليستغربوا ويفتحوا أسماعهم» ويسمعوا. وإن هذه الوجوه الثلاثة الأخيرة فيها بيان لسر وجود هذه الحروف» والله بكل شىء عليم . - 5 2-2 وى ء > 0ن دل بن تكس ليه هدى لَاممَين حي يي ألدينيؤمنون ؛بالغيب يي 6 0 مر سن 2 ملل ما ىد الى و 2235 58 ا اس لع 7 6ه همون الصَلوة وارزفهم قفون حي يي والدين يؤمنون ها | انز إليك دم 1 مم عو 0-7 60 7 د ا 06 - ف سس ات 3 بحت وما | أنزل من قِلِك ويا لاخرة همربوشون وي أؤلجك عل هدى من ريهم 3 مداع | 5-3 ة 25 وأؤلتبك هم المفلحوبت حي ذلك الكتاب لا رَيْب فيه هدى لَلْميّقِينَ4 الإشارة هنا إلى الحروف «الج»4 التى تتألف من كلمات الكتاب العزيز الحكيم ؛ ولذلك قيل إن ##الج# اسم للسورة» ولكن نقول إن هذه الإشارة إلى الحروف باعتبارين: أولهما: أن هذه هى الحروف الذى كون منها الكتاب المعجز الذى تحدى به الإنسانية كلها. والثانى: أنها اسم للسورة التى افتتحت بهاء وذلك من قبيل إطلاق اسم الكل وإرادة الجزء» أو أن جزء القرآن قرآن يتحدى. ألم تر أن الله تعالى تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله. تفسير سورة البقرة امم !!!]!!!!!!!!اااللكا) !ل تتتلكك! !!!ااال اللا لاوخ الماك ا لطع ناتللا وم ذلك الكتاب» والإشارة هنا للبعيد . وموضوعها قريب؛ لأن الحروف جاء بعدها فور ذكر الكتاب فكان الظاهر أن تكون الإشارة بما يدل على القربء ك (هذا) الكتاب» ولكن لأن #الج» تدل على السورة التى هى جزء متكامل من الكتاب» أو الكتاب نفسهء وقد نزل من الروح الأقدس. فنزل من العلا إلى النبى المرسل» فكان ذلك إشعارً بالبعد بين الملكوت الأعلى وخلق الله سبحانه وتعالى» أو يقال: إن الإشارة بالبعيد تنويه بذكره وعلو مقامه فإنه تكون الإشارة بالبعيد فى هذا المقام» وأى مقام يقارب كتاب الله تعالى؟! فهو على فى ذاته» ثقيل فى ميزانه كما قال تعالى : إن سدقي عَلَيكَ قَولاً تقيلاً 22> 4 [المزمل] . وفى قوله تعالى: « ذَلك الكتاب لا ريب فيه ثلاثة وقوف: أولها: الوقوف عند 8 الكتاب 4. وتكون 9 ذلك » مبتداء والكتاب خبرء ويكون فيه تعريف الطرفين الذى يدل على القصرء أى ذلك وحده هو الجدير بأن يسموء فلا يعلو علوه كتاب» ولا ينَّاصى سَميَه مقروء سواه» إذ هو تنزيل من رب العالمين» وفيه علم بشرائع الله تعالى ويكون قوله تعالى : «إلا ريب فيه 4 جملة مستقلة على هذه القراءة» وهى تأكيد لعنى العلو والسمو فيهء إذ إنه لا شك فى حقائقه»؛ وهى بينة تهتدى إليها العقول. ولا ترتاب فيها فهو حجة بصدقه فى ذاته. وإدراك العقول لحقائقه» وهذا شرف ذاتى فيه» وهو لا ريب فى أنه من عند الله إذ تحدى القاول2'7 من قريش وفحول الكلام منهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزواء فكان ذلك شرفا إضافيا فوق شرفه الذاتى. والثانى: الوقف عند «لا ريب 4. ومؤداها مقارب من مؤدى القراءة السابقة تقريباء إذ المؤدى أن يكون المعنى: ذلك هو الكتاب بلا ريب» ويكون قوله تعالى: )١(‏ مقاول: جمع مقول: أى حسن القول لسن. الوسيط ( ق و ل). تفسيرسورة البقرة الملل ف فيه هدّى َلْمتّقِينَ »4 جملة جديدة مستقلة» وتكون لبيان كماله» فوق أنه لاريب كه . والثالث: الوقوف عند كلمة ف فيه #. ويكون المعنى كالمعنى السابق» ثم يكون قوله إهدى لَلْمتّقِينَم جملة مستقلة» وهذه القراءات تتجه كلها إلى سمو القرآن وعلوهء وأنه فوق طاقة البشرء وفوق علم الناس» إنه كتاب الله العلى الحكيم . ومعنى فلا ريب فيه 4 أنه لا يعتريه الريب لكمال حقائقه ووضوح مقاصده» والبراهين القاطعة المثبتة أنه من عند الله تعالى» فلا مساغ لمرتاب أن يرتاب. وإذا كان قد وقع فيه إنكارء فلأنهم جحدوا آيات الله تعالى» واستيقنتها أنفسهم» والنفى لوقوع الريب منه فى ذاته» ويضل ناس فيجحدون ولا يؤمنون» ولا ينفى ذلك أنه لا مكان للريب» ولا موضع له» إذ هو ارتياب حيث اليقسين» وإنكار حيث يجب الإيمان» وهو الحق الذى لايأتيه الباطل من أى ناحية من نواحيه. « هدى لَلْمتّقينَ» الهدى مصدر على وزن فُعَلَء كالسّرى» والبكى» ومعناه الدلالة على الطريق الموصل للغاية الذى لا اعوجاح فيه» ولا تستعمل غالبا إلا للتوصيل إلى الخيرء بدليل مقابلتها بالضلالة فى قوله تعالى: «أُولّك الّذين اشتروا . الضّلالة بالهُدئ ما وبحت تَجَارَّهُم وما كانوا مهُعَدِينَ 57 4 [البقرة]» وبدليل نسبة الهدى إلى الله تعالى» فقد قال تعالت كلماته: طقل إِنَّ الهدئ هدى الله ... 22 4 سج سس موس [آل عمران] والمهتدى من انتفع بما وجد من هداية من اهتدئ فَإنَما يهتدي لنفسه ومن ضل فَإِنمَاييضل عليها ... +22 4 [ يونس]. وإذا قيل: فإن الهداية إنما تكون للضالين ليسترشدواء ويسيروا فى طريق الحق» ويبتعدوا عن الغواية» وما يدفع إليه من ضلالة كما قال تعالى: ل( ووجدك ضالاً فَهَدَى 77) »4 [الضحى] . ا تفسير سورة البقرة الال 00 نقول فى الإجابة على ذلك: إن المراد بالمتّسِين ليس من وصلوا إلى أقصى درجات الهداية إنما المراد من شارفوها وطلبوها وأرادوهاء» وحاولوا الازدياد من العلم» ولم تكن قلوبهم متحجرة؛ مبْلسَّة لا تسترشد ولا تهتدى. وبيان ذلك أن الله تعالى خلق النفوس وسواهاء وألهمها فجورها وتقواها. فمن النفوس من فطرها الله تعالى على الفطرة المستقيمة المدركة للحق فى ذاته» التى تتجه إلى الحق تبتغيه وتريده» وتظل فى حيرة حتى تجد المرشد من السماء برسول مبين يرشدها إلى صراط مستقيم» كأولئك الحنيفيين الذين رفضوا عبادة الأوثان لأنها لا تنفع ولا تضرء ولا يتبعها إلا الغاوون. إن هذه نفوس متقية تبتغى الرشاد» فتكون مصغية للحق عند الدعوة إليه متبعة للنور إذا أشرق» وهذا ما نراه موضعا للتعبير بقوله تعالت كلماته: #هدى والمتقون مشتق من الوقاية» يقال: وقاه الله تعالى» ووقى نفسه السوءء وقال تعالى : «( ومن يوق شح نفسه فَأُولَكَ هم الْمَفْحُونَ 32 4 [الحشر] . واتقى: افتعلء من وقى» فهى فى أصلها: اوتَقَّىء ثم قلبت الواو تاءء فأدغمت فى تاء الافتعال فصارت اتقى» ومنه أخذت التُقىء والثقاق. كما قال تعالى : ا انوا الله حق ثقاته ولا مو إلا ونم مُسَلمُون وج 4 [آل عمران] . والمتقون مراتب فى إدراكهم لتقوى الله تعالى» وأعلاها: إدراكهم لمعنى الحق وخضوعهم لا يطلبه؛ وإنهم بهذا يطيعونه ويستجيبون لهء ويلتزمونه» وينطبق عليهم قول الله تعالى: «وَاَلْرَمهِمٍ كلمة التَقرئ ... +520 4 [الفتح] فإذا علا فى نفوسهم طلب الحق والاستعداد له» تركوا شر الأشرار مهتدين بهديهء وتجنبوا الإساءة إلى غيرهم» فإذا ساروا فى مدارج الهداية والتقوى نزهوا أنفسهم عن كل ما يخالف الحق» وصارت قلوبهم نورا مبصراء وكانوا أولياء الله تعالى» وينطبق عليهم تفسيرسورة البقرة قول الله تعالى: ولو أَنّ أهل القرئ آمنوا وانَقَوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ... +(2) 4 [الأعراف] آلا إن هؤلاء هم المدقون الذين ينتفعون بهداية الله» وإنّ علم الله تعالى وهدايته قد مثله النبى كك بغيث ينزل من السماء فيجيء إلى أرض طيبة فتنبت النبات الطيب» وينزل على أرض لا تنبت» ولكن ينتقل منها إلى أخرى تنبت فيها النبات الطيب» وهناك أرض هى قيعان لا تنبت» ولا ينتقل منها إلى غيرها/". ولقد ذكر الزمخشرى في تنسيق هذه الآيات 9 الم 0/6 ره ذلك الكتاب لا َيْب فيه هدى لَلْمَّقِينَ 2 4 كلمات طيبة محققة محققة مفادها أن قوله تعالى: #الم»# جملة برأسها أو طائفة من حروف المعجم مستقلة بنفسها و 9 ذَلك الْكبَاب 4 جملة ثانية» و «الارَيْب فيه » جملة ثالئة» و «هدى للْمَّقينَ 4 رابعة» وقد أصاب بترتيبها من البلاغة» وموجب حسن النظم؛ حيث هى متناسقة هكذا من غير حرف نسق (أى عطف) وذلك لمجيئها متآخية آخذة بعضها بعنق بعض.ء فالثانية متحدة بالأولى معتنقة لهاء وَمَلُم جرا إلى الثالثة» والرابعة. بيان ذلك أنَّه نبّهِ أولا على أنه الكلام اللتحدى بهء ثم أشار إلى أنه الكتاب المنعوت بغاية الكمال» فكان تقريرً لجهة التحدى وشدا من أعضائه» ثم نفى عنه أن يتشبث به طرف من الريب» فكان شهادة وتسجيلا بكماله؛ لأنه لا كمال أكمل تما للحقً واليقين» ولا نقص أنقص مما للباطل والشبهة. وقيل لبعض العلماء: فيم لذَتّك؟ قال: فى حجة تتبختر اتضاحاء وفى شبهة تتضاءل افتضاحًا. )١(‏ عن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله كل قال : 7 مكل ما يعني الله به من الْهدَى والْعلّم كمئّل العْيث الكثير أصاب أرضًا فَكان مها تقب قبلت اكاءَ فاَبَتَت الكلا والعْبٌ كتير .وكانت منها أجادب أمسكت اكَاء قَنهَ م الله بها اناس فَربُوا وسقوا وَرَرَعُوا ٠»‏ وأصابّت منها طائقة أخرى إِنّما هي قيعَان لا نُك ماءً ولا تنبت كل فَدَلك مَل مَن قَقَّهَ في دين الله به فعَلمَ وَحَلَمٍ » ومكل من لم يرف بذل رأسا لم يَقْبلُ هُدى الله الَدَي أرسلت به » قال أبو عبد الله (أي البخاري) : : قال إسحاق : « وكانَ منها طائفة قيلت اكَاء ) قاع : يعلوة اللَاءُ والصقصف : المستوى من الأرض. [ أخرجه البخاري: كتاب العلم لال ومسلم بتحوه ه : الفضائل : (477) وأحمد : أول مسئد الكوفيين (؟817/55١)‏ واللفظ للبخاري ]. تفسير سورة البقرة لم00 ثم أخبر عنه أنه هدى للمتقين» فقرر بذلك كونه يقينا لا يحوم الشك حوله وحقا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ثم لم تخل كل واحدة من الأربع بعد أن رتبت هذا الترتيب الأنيق» ونظمت هذا التنظيم السري20, من نكتة ذات جزالة» ففى الأولى الحذف والرمز إلى الغرض بألطف وجه وأرشقهء وفى الثانية» ما فى التعريف من الفخامة» وفى الثالثة ما فى تقديم الريب على الظرف» وفى الرابعة: الحذف ووضع المصدر الذى هو موضع الوصف الذى هو هادء وإيراده منكراء والإيجاز فى ذكر المتقين» زادنا الله اطلاعا على أسرار كلامه» وتبينا لتكت تنزيله وتوفيقا للعمل بما فيه. الّذين يؤمنون بالْغيب 4 هذا هو الوصف الأول للمتقين الذين يتلقون هدى الله تعالى كما تتلقى الأرض الطيبة الغيث فتأتى بأطيب الثمرات. والإيمان: التصديق» ويتعدى بالباء لتضمنه معنى الاعتراف والإقرار والإذعان, والخضوع. ويتعدى باللام ويتضمن حيئئذ معنى الاستسلام أو الاستجابة كما قال تعالى: وما [يونس]ء ومن ذلك ما حكى الله تعالى عن اليهود إذ يتآمرون فيقول بعضهم لبعض» ‏ ولا تؤمنوا إِلذّ لمن تبع دينكم . .. 27 4 [آل عمران] . وأول وصف من أوصاف المتقين الذى يميزهم - وهو فى غالب أحوالهم سبب لتقواهم - الإيمان بالغيب. والغيب: كل ما يغيب عن الشخص» ويستترء ولقد فسره العلماء بما يتفق مع أن يكون وصمًا للمتقين» فقالوا أقوالا مختلفة فى ألفاظهاء وتتلاقى فى مضمونها أو المراد منها - فيما نعلم - كلهاء ففسروه بآن الغيب هو الله تعالى؛ لأننا نؤمن به ولا نراه» فالبرهان يوجب الإيمان به» وهو لا يرى باحس بل يرى بالقلب» وفسروه بأنه القدرء وفسروه بأنه الإيمان بالملائكة, 5 5 3 معام 2 - 0 .2 1 114 4 )١(‏ السرى: الشريف. من سرو سراوة. وسرواء : سرقاه. فهو سرى» والجمع : أسرياء» وسراأة. تفسير سورة البقرة الل وفسروه بالقرآن وما فيه من أخبار الملائكة واليوم الآخرء والجنة» والنار. وقال آخرون: الغيب كل ما أخبر به الرسول كلد مما لا تهتدى العقول إليه من علامات الساعة والحشر والنشر والصراط والميزان والجنة . .. إلخ. والحق أنه لا تعارض بين هذه الأقوال» بل هى متلاقية فى جملة معانيها. إن ترى أن الإيمان» بالغيب هو الإيمان بما وراء الحس من أمور غيّبها الله تعالى عن عقولناء وبيان ذلك أن الناس قسمان: ضالون ومتقون .. فالضالون هم الذين لايؤمنون إلا بالمادة» ولا يعرفون غيرهاء وينكرون ماعداهاء ويقولون: إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحياء ولا يؤمنون بشىء وراء ذلك» ويقول قائلهم: الطبيعة خلقتناء وثُردُ إليهاء فلايؤمنون بإله ولا بروح إلا أن تكون عرض من أعراض المادة» وهؤلاء منهم الملاحدة ومنكرو الأديان. والقسم الثانى: أمارتهم أنهم يؤمنون بالحس على أنه خاضع للغيب» فهم لا يقصرون إيمانهم على ما يحسون وما يرون وما يبصرون» بل يؤمنون بأن وراء المادة عاللاً كبيرً» وأن مدبر الكون ومنشئه» هو صاحب السلطان المطلق فيه» فلله تعالى محيانا ومماتنا . إن فيصل التفرقة بين الإيمان والزندقة هو الإيمان بالغيب» فالمؤمن أول خلاله الإيمان بالغيب» والزنديق لا يؤمن إلا بالمادة. إن الإيمان بالغيب يجعل النفس دائما خاضعة متطامنة'!2 لا تستنكف عن عبادة الله تعالى ولا تستكبرء ولقد كان ذلك ل: «إمّن خشي الرحمن بالغيب وجاء قَلْب ميب 29 4 [ق] وإذا كان الإيمان بالغيب يولد اللخشية فى النفس» فذلك هو لب الإيمان كما قال تعالى: ( إن اين يَحْسْوَنَ ربهُم بالغيب لهم مُغفرة وأجر كبير جه 4 [الملك ]. )١(‏ تطامن: بهمز وبغير همز: سكن وانخفض. الوسيط: (طمن). ا تفسير سورة البقرة 9 لللالل 11 2 232ظ2(”2 م لأس 7 « ويقيمون الصلاة ومما ررَقَاهم ينفقون4 كانت الصفة الأولى للستقين إيمانا بالغيب» وما يكنه من مستورات عن المحسوسات. تولد فى النفس الحنشية» والإحساس بحاجة الجسم إلى الروح» وبأن الروح فيما وراء المشاهد هى التى تسيّر هذا الوجود الإنسانى» وأن الله تعالى لم يخلق الإنسان إلا ليبحاسب على ما قدم من شر أو خيرء وأنه سيرى ما اكتسب إن خيرا فخيرء وإن شرا فشر. بعد ذكر هذه الصفة النفسية» ذكر صفتين أخريين تنبعثان من النفس» ولكن لهما مظهر عملى» وهما إقامة الصلاة والإنفاق مما رزقه الله سبحانه وتعالى. والصلاة أصلها على وزن فَعلَّة من صلى» فأصل الصلاة صَلُوة» فنقلت فتحة الواو إلى ما قبلهاء فصارت صلاة» والصلاة كانت معروفة عند العرب بأنها الدعاء. ومنه قوله تعالى: وصل عليهم إِنْ صلاتك سكن لَهِم واللّهُ سميع علي ره © [ التوبة] وإطلاقها على الصلوات الخمس من قيام وقراءة» وركوع وسجودء وتحيات - اصطلاح إسلامي . ولقد فسر بعض العلماء الصلاة هنا بالدعاء» أى الضراعة إلى الله تعالى والاتجاه الروحى إليه راجيا ما عنده مؤمنا به مستجيبا لقوله تعالى: 8 ادعوا ربكم تضرعا وخفية إِنهُ لا يحب الْمعمَدينَ (22) 4 [ الأعراف ] . ولكن الآكثرين - وهو الظاهر الذى يبدو من القول - على أن المراد بها الصلاة المكتوبة» وإن الاتجاه الروحى بالضراعة والدعاء تتضمنه الصلاة المكتوبة» وإن الصلاة قد فرضت فى مكة. وصارت متعارفة» كغيرها من الكلمات التى كان فى معناها عموم» ثم خصصها الإسلام . وإقامة الصلاة الإتيان بها مستوية مقومة معدلة قد استوفت أركانها ظاهر وباطناء فكانت مشتملة على الخشوع والحضورء واستحضار عظمة الله تعالى فى 2 (## تفسيرسورة البقرة كل لفظ يذكرهء ويعبد الله بهذه العبادة» كأنه يرى الله سبحانه وتعالى» ويتوالى ذلك فى كل صلواته عامة النهارء أو أطرافًا من النهار وزلقًا من الليل» فإن كانت صلاته كذلك كان مُحسّا برقابة الله تعالى»؛ ومن أحس برقابة الله لا يعصيه؛ ولذلك قال تعالى: إن الصّلاة تَنْهَى عن الْفَحشاء والممكر ... 27 4 [العنكبوت] وقال عليه الصلاة والسلام: «الصلاة عماد الدين)227. وبعض المفسرين يفسر إقامة الصلاة بالمداومة عليها من غير تقصير» وبعضهم يفسرها بالمسارعة إليها عند النداء بهاء لقوله تعالى: يا أَيْها الّذِين آمنوا إِذَا نودي للصّلاة من يوم الجمعة ... :432 4 [الجمعة] وبعضهم يفسرها بالسعى إليها عند إقامة الجماعة فيهاء ولكن يرد ذلك ما روى أن النبى كَكِ أمر بأن يمشوا إليها فى سكينة ووقار. وإن التفسير الأول للإقامة هو الأوضح البين» والمعانى الأخرى تدخل فى ضمنه» أو تقتضيها. وبعد أن بين الله تعالى الوصف الذى يترتب على التقوىء والإيمان بالغيب» ذكر وصفا آخر عمليا ونفسياء فكل ما يذكره الإسلام من تكليفات» وصفات للمؤمن» لاينظر فيها إلى ناحية العمل فقطء بل ينظر فيها إلى ناحية العمل والباعث عليه» والنية التى هى طهارة النفس؛ ولذلك قال النبى يلِ: «إنّما الأعمال بالئيّات وَإنّما لكل امرئ ما توى»”"©. الوصف العملى التفسى ما عبر عنه سبحانه وتعالى بقوله: #وممًا رزقتَاهم ينفقون» وفى هذا الوصف بيان أن الخير الذى يكون بالصلاة فى الضراعة إليه رفم صدر به البخارى صحيحه كتاب بدء الوحى »)١(‏ كما رواه البخارى فى الأععان والنذور ياب النية فى الإيمان برقم 6 ومسلم فى الإمارة 09-0). تفسير سورة البقرة 3 سبحانه وتعالى ينعطف على التَّقَىّ نفعا للناس يقصد التقرب به إليه سبحانه وتعالى» فهو يتقرب إلى الله تعالى بذكره الدائمء وضراعته القائمة» ويتقرب إلى الله تعالى بالإنفاق على خلقه» ومد يد المعونة لغيره» وسد حاجتهم ورفع فاقتهم لرضا الله وابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى. والرزق هو: العطاءء وهو من رزق يرزق رزقاء وهو بمعنى اسم المفعول ك اطحن» بمعنى مطحون» وارعى) بمعنى مرعى» وذبح بمعنى مذبوح كقوله تعالى : ١‏ وفديناه بذبح عظيم 0207 4 [ الصافات ] . والمرزوق ما ينعم الله تعالى به على الإنسان من متاع الحياة الدنياء من حيوان ونقود» ومطاعم ومساكن. والإنفاق إعطاؤها فى كل سبل الخيرء وتشمل بذلك الزكوات» والإنفاق على من يعولهم» والإنفاق على نفسه ليقوى على الحياة» ويقوم بما يجب عليه من طاعات» ومعاونة للضعفاء بقوته» وليقوى على الجهاد فى سبيل رفع الحق وخفض الباطل» وإمداد جند الله تعالى بما يحتاجون إليه من عتاد وأسباب القوة كما قال تعالى: ١‏ وأنفقوا في سبيل الله ولا تَلقوا بأيديكم إِلَى التهلكة . . . 28# 4 [ البقرة] . والإنفاق كالإنفاد» بيد أن الإنفاد يرمي إلى إنهاء المال» وألا يبقى منه شىء» والإنفاق يبقى. وقد خص بعض العلماء الرزق بأنه خاص بالحلال» فإن الله تعالى لا يرزق إلا بالحلال» والحق أن الله تعالى يفيض على ابن آدم بكل ما يقيم به أوده» ويعين به غيره» كما قال تعالى: «إومًا من دَابَّ في الأرْض إلا علَى الله رقا ويعلم مستقرها ومستودعها ... »4 [هود] وابن آدم هو الذى يجعل منها الحلال والحرام» فإن كسبه كسبًا طيبًا لا خبث فيه فهو حلال» وإن كسبه من غير الحلال» أو أنفقه فيما حرم الله تعالى» فهو الذى أوجد فيه الحلال» وفى الحلال الثواب» وفى الحرام العقاب. ولقد قال تعالى :قل أَرَأيْثم م أَنَل الَّهُ كم من رَرْق فَحَعلُم مَنْهُ حراما وحلالا قل الله أذن لَكُم أ على الله ترون 4227 4 [ يونس ] . تفسيرسورة البقرة ااام ممالل والله تعالى يعد الرزق نعمة» وإذا أنفق فى الحلال وكسب من الحلال كان من القربات التى يتقرب بها إلى الله تعالى» ولا يتقرب إليه سبحانه بكسب يكون طريقه ليس بحلال خالص. ويروى أن رجلا يكسب من الغناء والضرب على الدف فقال: يا رَسُول اللّهِ أرانى لا أَرْرَق إلا من دَنَّى بِكمّى فأدَن لى بالغنّاء فى غَيْر فَاحشَّةء فقال له رسول الله يكلِِ: «لا آدَنْ لَك ولا كَرَامَةَ ولا نُعْمَهَه كَذَبْتَ أى عَدْوَ الله واللّه َقَدْ ررَقَك اللَّهُ تعالى حلالا طيبّاء فاخترت ما حَرَمْ اللَّهُ عَلَيكَ من رزقه مكَانَ ما حل اللّهَ لك من حلاله»(29 . وفى العبارة السامية: #ومما رزقناهم ينفقون4 إشارتان بلاغيتان: إحداهما: تقليم #ومما زقناهم 4 على «#اينفقون» وفى ذلك بيان أنهم لا ينفقون من كسب خالص لهم بل إنهم ينفقون من رزق الله تعالى» فهو وحده الرزاق إن شاء أعطى» وإن شاء منع» ولست أيها المنفق ترزق نفسك إنما يرزقك الله وحده» فأنت تعطى من عنده» وتجود على نفسك وعلى عباده من عنده فالتقديم للقصر أولاء وللاهتمام بالإنفاق ثانيا. الثانية : أن الإنفاق لا يكون بكل ما رزق الله تعالى بل يكون ببعضه وإن كان الكثير ف «من» في قوله تعالى: #ومما رزقناهم ينفقون4 للتبعيض؛ أي: ينفقون بعض ما أعطاهم الله» فلا يكونون كالمبذرين» وإن المبذرين إخوان الشياطين» والإنفاق فى سبيل الله تعالى لا يستكثر فيه الكثير» فكما قال ابن عباس رضي اللَّه عله : إنفاق ألف في بر لا سرف» وإنفاق درهم في غير بر سرف. وإنما موضع الإسراف أو الزيادة فى الإنفاق على نفسه» والله تعالى عليم خبير. والِّين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون 4 بعد هذه اللأوصاف الذاتية التى يؤمنون فيها بالغيب» فتخشع قلوبهم لذكر الله» ويقيمون .)”5117( رواه ابن ماجه: كتاب الحدود: باب المخنثين‎ )١( (#م/ تفسير سورة البقرة الل ااال الالالال ١: ااا‎ يي الصلاة فتتجه قلوبهم إليه » وينفقون مما رزقهم الله تعالى على أنفسهم وعلى عباد الله تعالى إنفاقا فى غير تبذير أو إسراف. بعد ذلك بين الله تعالى أن من صفات هؤلاء المتقين أنهم من أجل صفاتهم أنهم يؤمنون برسالات الله إلى خلقه بالكتب المنزلة التى أنزلها قبل القرآن» وبالقرآن المنزل من عند الله العلى الحكيم» ويؤمئون بالشرائع التى جاءت فى القرآن الكريم وفى الكتب التى أنزلت» لا يفرقون بين أحد من رسله» ولا بين كتاب من كتبه إلا أن يكون قد نسخ الله تعالى بعض أحكام فى كتب أنزلها. فقوله تعالى: طوالذين يُؤْسُونَ بما أنزل ليك هم المتقون الذين يؤمنون ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون» وتكرار (الاسم) الموصول في قوله تعالى: والّذين يؤمنون بما أنزل ليك 4 لا يدل على المغايرة فيمن نزلت فيهم الآيات, إنما يدل على المغايرة فى الصفات» وإن كان الموصوف واحداء كما يقول الشاعر: إلى الملك القره10) وابن الهمام وليث الكتيية في المزدحم وقد ادعى بعض المفسرين أن قوله تعالى: ف وَالّذين يؤمئون بما أنزل إِلَيِك 4 إلى آخر الآية. إنما نزلت فى اليهود الذين آمنوا محمد ككل كعبد الله بن سلام وغيره» وينطبق عليهم قول النبى يَكةِ : اثَّلانَه يؤتون أجرّهم رين : رجل من أهل ابر عي لش امبر ل عه ساس 3 ا را 207 ص ل نه ننه ساس اس الكتاب أمن بنبيه. وامن بى» ورجل مملوك أدى حق الله تعالى وحق مواليه.» ا ا 0 شع عي 8 سس شع سس 3 ورجل أدب جاريته» قحس تاديبها» ثم أَعبَفَها وتزوجه70 . والحق أن فصل 8 والذين يؤمنون بما أنزل إليك » عن سياق ما قبلها من غير و ع سعه دليل - مخالفة لظاهر السياق من غير باعث يبعث على ذلك» والسياق واضح متسق )١(‏ القرم: السيد العظيم» والجمع قروم. واستشهد به ابن كثير لمثل ما ذهب إليه المصنف رحمه الله تعالى. )1١(‏ متفق عليه [أخرجه البخارى كتاب العلم (97):, ومسلم - واللفظ له - كتاب الإيمان .])١54(‏ تفسير سورة البقرة لل لال الل ااال على أن ذلك كله وصف للمتقفين» فهم لإيمانهم بالحق» وخشوع قلوبهم يتقبلون الهدايات السماوية مذعنين غير معاندين ولا منحرفين» وإن المتقين يشملون من اتصف بتقوى الله تعالى مصغين إلى تكليفه؛ مؤمنين بغيبه مقرّين بحق عباده. وهم من كل خلق الله» لا فرق بين عربى وكتابى» ولا من كان أصلا وثنياء أو كان يهوديا أو نصرانيا؛ فمن اتقى الله واستقام على الحادة وآمن بالغيب واتجه إلى ربهء فالآية تشتمل عليهء ولا يخرج عنهاء فالعموم أولى وأوفق مع السياق من الخصوص. والذى أنزل إليك فى قوله تعالى: #يوْمنُونَ بم أنزل إِلَيك 4 هو القرآن الكريم» وما اشتمل عليه من تكليفات وشرائع» وما جاء به من أخخبار الماضين» وقصص الغابرين» ولقد قيل إن القرآن لم يكن قد نزل كلهء فكيف يكون الإيمان به قبل نزوله كلهء وإنه يرد ذلك القيل بأن بعض القرآن قرآن فى دلائل إعجازه» وأن الإيمان بالجزء إيمان بالكل» وأنه يصح أن يطلق سماع القرآن على سماع بعضهء كما قال تعالى عن سماع الجن للقرآن» إذ قال: © وَإِذْ صرفْنا إِلَيِكَ تفرا مَنَ الجن يَستَمعُون القرآن .. . 27 4 [الأحقاف] وما سمعوا إلا جزءا منه. وإنه لا وجه للاعتراض بأن القرآن لم يكن قد نزل إلا بعضه؛ لأن الله تعالى يقول: #يوْمئون بما أنزل إِلَيك 4 وقد ابعدأ النزول» فابتداء التتزيل المستمر نزول له كلهء كما قال تعالى: « شَهرٌ رَمَضَان الذي أنزل فيه القرآن ... 299 4 [البقرة] فما نزل فيه إلا أوَلّهء ولكنه مستمر التنزيل إلى أن كمل الدين. وإن الآية الكريمة تبين أن الإيمان الكامل بمحمد كَليلْةِه وما أنزل عليه من شرائع يتنقاضى المؤمن أن يكون مؤمنا بكل النبيين السابقين وشرائعهم كما قال تعالى: ط وَالّذِينَ آمنوا باللّه ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم ... 427 4 [النناء] ولقد روى فى الصحيح أن رسول الله وه قال: (إذَا حَدَنكُمَ أَهْل الكتّاب قلا ا تفسير سورة البقرة 0111110 07 سه اسم بوهم ولا تُصَدَقُوهُمء ولكن قُولُوا آَنَا باد أنْرِلَ ْنَا والّدى أنْزنَ ك0 . 1 ا 000 وإن الإسلام دين الوحدانية» ودين الوحدة الإنسانية» ودين الرسالة الإلهية التى لا تفرق بين نبى ونبى إلا فى آيات الله تعالى المشبتة للرسالة التى تخص كل نبى» وكلها يجب الإيمان به وتصديقه» ومن لم يصدق فقد كفر. ولقد قرر الله سبحانه وتعالى أن شأن أولئك المتقين 9 الّذِين ومنو بالْغيِب ويقيمون الصلاة وما ررَقَاهُم ينفقُون4 فهذا ما جاءت به الديانات الإلهية كلهاء فأساس الإيمان فى هذه الأديان» وفى كل دين حق أن يوّمن بأن الحياة الآخرة هى المآلء وأن الحياة الدنيا سبيل إلى الحياة الآخرة» ذلك أن هذه الحياة فيها تنازع الخير والشرء وأنه معتركهاء وأن الشر كثيرا ما يتتصر على الخير فيهاء فلابد للخير من أمل يكون فيه الانتصار للخير» وتجزى كل نفس ما كسبت؛ ولذلك كان الإيمان بالآخرة» إيمانا بانتصار الخير على الشر؛ ولذلك قال تعالى: قد حَسر الّذين كَذَبوا بلقاء الله . . . ]كك 4 [ الأنعام ] . وقوله تعالى: وبالآخرة هم يوقنون 4. فيه الإيقان مصدر أيقن» وهو إحكام العلم وإتقانه» بحيث لا يكون شك ولا ريب فى أية ناحية من نواحيهء ولا أى حقيقة من حقائقه. وبمقدار قوة الإيمان بالآخرة تكون قوة الإيمان فمن كان مؤمنا بربه حق الإيمان كان مؤمنا بالآخرة كأنها عيان. وقد أكد سبحانه ضرورة الإيمان بها فى تقديم الجار والمجرور على الفعل» فإن التقديم فيه مزيد من الاهتمام بهذا اليقين » واختصاصء أى أنه لا يؤمن إلا بالحياة الآخرة» وما فيها من جنة ونعيم» وبعث وحساب» وجحيمء كأنه رأى )١(‏ أخرجه البخارى : كتاب التفسير (2»)115865 وأخمرجه أبو داود: كتاب العلم (569)). وأحمكد: مسند الشاميين .)١56915(‏ ا تفسيرسورة البقرة للم مامالل العين» وأن الحياة الدنيا ليست موضع إيمان» فالحياة الآخرة وحدها هى الجديرة بالإيمان» وكان التاكيد بكلمة #هم» فهو تصوير لليقين بصورة الجملة الاسمية» والجحملة الاسمية تدل على بقاء اليقين و استمراره بحيث لا يضطرب ولا يتزعزع ولا ينسى ذلك اليوم أبد. وقد يقال ما موضع ##وبالآخرة هم يوقنون» من قوله تعالى: «إ يؤمنون بالْغيْب 4؟ ونقول فى ذلك إن قوله تعالى: #يؤمنون بالقيب» كما فهمناء وكما ذكرنا فيه أنهم لا يؤمنون بأن الوجود مادة» ليس فيما وراءه وجودء كأولئك الملاحدة الذين يظنون المادة هى «الموجود)» وحدهاء بدون أن يكون وراءها ما يؤمنون به» فذكر الله سبحانه وتعالى أن النفس التقية الخاشعة الخاضعة. لا تقول: خلقنا الله عبثاء بل تدرك بالفطرة أن وراء المادة معنى وحياة. أما قوله تعالى: #وبالآخرة هم يوقنون» فهى تخصيص من العمومء والله ولى المؤمنين فى الدنيا والآخرة. « أولتك على هدى من رَبهم وأولتك هم المقلحون 22+ » ذكر الله تعالى ما تحلى به المتقون الذين يؤمنون بما غيّبه الله تعالى عنهم» ودلت عليه الفطرة» والذين يقيمون الصلاة» وينفقون مما رزقهم الله تعالى»ء ويؤمنون بالرسالات الإلهية» ويوقنون بالآخرة» وبعد أن ذكر هذا ذكر سبحانه وتعالى حكمّه - تعالت كلماته - عليهمء مؤكدا ذلك» فقال: «( أولتك على هدى من رَبَهم» وأولئك: إشارة إلى حالهم موصوفين بهذه الصفات قائمين بهذه الصفاتء. والإشارة إلى الصفات وتعقيب الحكم بعد الإشارة يومئ إلى أن هذه الصفات هى علة الحكم بأنهم على هذى من ربهم» وكررت الإشارة لبيان أن هذه الصفات أيضا هى سبب الفوز بالنعيم المقيم» والبعد عن العذاب الأليم» فالتكرار للتنبيه على أنها سبب للثانية كما هى سبب للأولى . هم تفسير سورة البقرة الال والتعبير ب #علىئ هدى» بالتعدية بعلى إشارة إلى العلو على الهدى والتمكن» لا يفارقهاء ولا تفارقه . فأصحاب هذه الصفات العالية ينالون الهداية ولا يزايلونها, فهم فى هداية دائمة مستمرة. وقوله تعالى: من رَبّهِم4 معناها أن هذه الهداية جاءتهم من ربهم الذى ربهم وكونهم ووفقهم إلى سبيل الخير والعمل الصالح» والإيمان واليقين باليوم الآخرء فإسناد الهداية إلى أنها من الرب الكريم بيان لشرفها واستمرارها مع تمكنهم منها؛ لأنها من رب هذا الوجود الذى ربّه ونماه وهذبه وأعلاه. وهنا إشارتان بيانيتان: إحداهما: الإشارة بالبعيد لوجود اللام» والبعد هنا بعد المنزلة» وعلوها وشرفهاء فهؤلاء الأتقياء الأطهار الذين نزهت نفوسهم» وسامتوا(١)‏ أعلى العلاع» يشار إليهم بالبعيد إعلاء وتشريفا وتكريما. الثانية : تكرار اسم الإشارة أولئك» ففى هذا التكرار بيان تنويع الفضل الذى أولهما: الهداية الكاملة الدائمة التى نالوهاء وركبوا متنها وعلوا عليهاء والحكم الشانى: أنهم ينالون الفوزء والفوز هنا هو الفوز فى الدنيا بعلو نفوسهمء واستقامتها» والاتهاه إلى معالى الأمور ورضا الله تعالى» وهو أكبر جزاءء فرضوان من الله أكبرء والفوز فى الآخرة بالنعيم المقيم . بالجملة الاسمية يدل على دوام الفلاح» وأنه دائم بدوام من يعطيه» وهو رب للق سامت الشىء: قابله ووازاه وواجهه. [الوسيط -ا اس مم ت]. لال الل لل العالمين» وأكده بتعريف الطرفين» وهما اسم الإشارةء وكلمة: «المفلحون». وتعريف الطرفين يدل على القصرء أى أنهم هم المفلحون وحدهم دون غيرهم» فهم قد خلصت قلوبهم وعقولهم وكل مداركهم للحق جل جلاله» وفاضوا بخيرهم. وتحملوا المشاق فى سبيلهم» وآمنوا بكل الرسالات» ولم يطمعوا بغير أن يعدا أنفسهم لحكم ربهم . وأكد سبحانه وتعالى الحكم بأنهم المفلحون دون غيرهم بضمير الفصل وهو «(هم» فإن فى ذكره فضل التأكيد بأنهم المفلحون وحدهم. وأنه لا ينال منالهم إلا من سلك مثل سسبيلهم» واختار مثل طريقهم . . اللهم اجعلنا بمن يقتدى برسلك وبهمء فإنهم هم الفائزون. والمفلح - من المَلّْح بمعنى الشق والقطع. ويطلق المفلح على الفائزء فكأنه قد شق الطريق» ونالته المتاعب حتى نال مطلوبه» وفاز بمرغوبه» فما وصل إليه إلا بجهد جاهدء وعمل ولوب حتى نال ما نال» وذلك هو الفلاح» فلا فلاح إلا إذا كان ثمرة لجد وجهاد » وطلب» وسير فى الطريق إلى غايته» فالفوز الرخيص بأمر لا يعد فلاحاء وإن الإنسان يعلو على ملائكة الله تعالى بجده ومغالبته للأهواء الإنسانية» حتى ينتصر عليهاء ويصل إلى الملكوت الأعلى؛ لأنه وصل بمغالبة وجهادء والملائكة لا مغاليبة فيهم ؛ أن الله خلقهم لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. الي تكتز واو مهد أندزتقع مكنم انون ج قا لعل ُو لوهم عل سَموو رع َبَصَرِهمْ سو وَلْهُمْ عَذَابُ عَظِيمٌ <> 6 م تفسير سورة البقرة لل اللللللالل اللا م كك 1 بي ذكر الله سبحانه وتعالى أعلى صنف فى الوجود الإنسانى» وهم الذين علوا بنفوسهم وأعمالهم» وذكر فى مقابلهم الذين أركسوا أنفسهم فى مهاوى الباطل حتى سدت عليهم كل مسالك الإدراك للحق» ثم ذكر من بعدهم الحائرين بين الهداية والضلال» يرون نور الحق ويبصرونه» ثم يتركونه» فيتركون الحق وقد بدت لديهم معالمه» ويتجهون إلى الظلام» وقد أشرق نوره؛ ولمعت فى الوجود شمسهء وأولئك هم المنافقون. وقد روى عن مجاهد أنه قال: أربع آيات من أول سورة البقرة فى نعت المؤمنين» وآيتان فى نعت الكافرين وثلاث عشرة آية فى المنافقين17؟. وقد تم بيان صفات المتقين» ونبتدئ فى آيتى الكافرين» فقد قال: إن الْذين كفروا سواء علَيهم أأنذرتهم أَم لم تدذرهم لا يؤمنون 4 . بين سبحانه الذين يتقبلون هداية القرآن» فينزل على قلوبهم كما ينزل الغيث على الأرض الطيبة» فتنبت أطيب النبات» وتثمر خير الثمر. وهم المتقون الذى جرى فى القرآن الكريم فى الآيات السابقة وصفهم. والكافرون جاء وصفهم في الآيات الكريمة على نقيض المتقين» إذ إن هؤلاء المتقين امتلآت نفوسهم بالاتجاه إلى ما وراء المادة» فلم يستول على قلوبهم بريق المادة» ولم يستغرقهم سلطانهاء بل انفعلت نفوسهم متأثرة بما وراءها متعرفة أسرار الوجود من الموجودء أما الذين كفروا فقد استغرقتهم المادة» وسيطرت عليهم» فلا يفكرون إلا فيهاء وفيما تحيط بهء والله سبحانه وتعالى خلق كل نفس» وهداهاء فإن استقامت فى إدراك الحقائق أوصلها إلى الحق» وإن عميت واعوجت ابتداء» فلم تر إلا المادة سارت فى طريق غير سوى. والله سبحانه وتعالى يقول: « وَاللَهأَخْرَجَكُم من بطون أُمُهَاتكُم لا تعلمون شيئا . )8( تفسير القرطبى - تفسير سورة البقرة آية‎ )١( ا تفسيرسورة البقرة اللللل الل ااال ااا للللللل وَجَعل لَكُمْ السّمع والأبصارَ والأَفئدَة ... 727 4 [النحل] . فالله تعالى خلق الخلق» وأودع كل نفس طريق العلم؛ فأعطاه أدوات المعرفة كلهاء وجعل السمع يستمعون به والأبصار يبصرون بهاء والقلوب يدركون بهاء فمن جعل هذه الأدوات متجهة إلى النور فقد أبصرء فيكون من المتقين» ومن أحاطت به مادة الدنياء ولم ينفذ ببصره وقلبه إلى ما وراءهاء فإنه لابد سائر فى طريق الغواية» مبتعد عن طريق الهداية» وكل إنسان وما يسّر له» فإن غلبت عليه السعادة اتقى» وإن غلبت عليه الشقوة كفر. والكفر فى أصل معناه اللغوى السَّثْرٌء ومن ذلك إطلاق الكفار على الزراع لأنهم يسترون البذر لينبت نباتا طيبا كقوله تعالى : © كمثل غيث أعجب الْكفَار نباته . . . +2 4 [الحديد]ء أى أعجب الزراع نباته» وقد أطلق من بعد ذلك على ستر الفطرة وطمس الحق؛ لأن الفطرة الإنسانية فطرة الله؛ فطر الناس عليها تتجه إلى الحق. وتدرك نوره» فالكفر ستر نور الفطرة الذى ينبثق نحو الحقيقة» كما يطلق الكفر على جحود النعمة» وإنكارهاء ومن ذلك قوله تعالى: فإ لكن شكرتم يكم وآ قرم إن عابي ديد جه > [ إبراهيم ] . ومن ذلك ما روى عن النبى كََِةٌ إذ قال: «أريت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع» ورأيت أكثر أهلها النساءء قيل: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير» ويُكفُرن الإحسان» لو أحسنت إليهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاء قالت: ما رأيت منك خيرا قط00١2.‏ وذكر الله تعالى الكفر من غير مُمَعَلّقَ فقال: لإإِنّ الّذينَ كفْروا4 للدلالة على جحود كل خيرء فلا يكفر الكفار بالله تعالى وحدهء بل يكفرون بكل نعمة» وينكرون كل خيرء وتغلب عليهم )١(‏ أخرجه البخارى: كتاب الإيمان - باب: كفر دون كفر (59)» ومسلم: كتاب الكسوف - باب: ما عرض على النبى كَل (500). تفسير سورة البقرة 1 ض] 1ل الاا!!!ل ل لل للللتكك!! ا للتئاكك] ل لللة]] ل للتتك! !ل ت كط ألا الالل!! خلا امزالم خخ لاخ ااا ل اال الل ل لل للاخ عمس عمل تتلا مادية شرسة لا يؤمئون إلا بها ويتكرون ماعداهاء وتسد عنهم مسامع الخير» فلا يصلون إليه» ولا يتجهون نحوه.؛ وبذلك تسد مسامعهم عن كل إنذار بعاقبة مايفعلون . وإذا كانوا قد فقدوا كل الإنصات إلى ما يهديهمء فهم لايؤمنون سواء أأنذرتهم أم لم تنذرهم» والإنذار يفسره علماء اللغة بأنه تخويف من أمر مستقبل يتوقع وقوعه أو يؤكد وقوعه. وعند المنذر سعة من الوقت يمكنه فيه أن يتوقاهء وقالوا: إذا لم يكن متسع من الوقت لتفاديه يكون ذلك إشعارا . ومعنى ل سواء عَلَيهِم أأَنَرتَهم 24 أنه يستوى عندهم إنذارك وعدم إنذارك» فالاستفهام هنا للمعادلة» أى أنه يستوى الإنذار وعدمه» والمصدر هنا ثبت بالاستفهام» أو من غير أداة مصدرء كقولك: تسمع بامعيدى خير من أن تراه أى: سماعك بالمعيدى خير من أن تراه. ومعنى ذلك أنه سجل عليهم الكفر والجحود؛ لأن الشر قد استغرق نفوسهمء ولم يكن ثمة موضع لسماع داعى الهدى حتى أغلق قلبه عن كل ما يدعو إلى الخير» ولقد قال وَكةِ: «إن الرجل ليصدق فتنكت فى قلبه نكتة بيضاءء وإن الرجل ليكذب الكذبة فيسود قلبه(21. وروى الترمذى أن رسول الله يِه قال: «إن الرجل ليقترف الذنب فيسود قلبه»» فإن هو تاب صقل قلبه2©"0» وقال تعالى: ظ كلاً بل ران علَئ فلوبهم ما كانوا يكُسبون 127 4 [المطففين] أولئك الذين كفروا وستروا الفطرة» وأطفأوا نور الإيمان بتوالى ذنوبهم» واستمراء جحودهمء تحيط بهم خطاياهم فلا يؤمنون بالحق سواء أأنذرتهم أم لم تنذرهم . وقد أكد الله سبحانه وتعالى هذا المعنى ب «إن» الدالة على توكيد حكم ما بعدها. 2000 رواه مالك فى الموطأ: كتاب الجامع . زفق رواه الترمذى كتاب تفسير القرآن (لاه 0 وأحمد 56 وابن ماجه : الزهد (ع*؟؟:1). لللللللللل اللا الالالال أكد الله تعالى هذا المعنى شارحا حالتهم النفسية» وانطباعها على الشرء وعدم تقبل الهداية» فقال تعالى: 9 حَتَم الله على فلوبهم وعلئ سمعهم وعلئ أبصارهم غشاوة 4 . الختم مصدر ختمت ختما فهو مختوم ومعناه تغطية الشيء» والاستيثاق من الغطاء حتى لا يدخله شىء من خارجه؛ والخنتم يكون محسوساء وإطلاقه على الأمور المعنوية يكون مجازا أو استعارة» ويكون المعنى أن الله تعالى شبه ابتعادهم عن الهداية» والحيلولة بين قلوبهم ووصول الحق إليهاء بسبب ما تواردت عليه من أسباب الشك والارتياب وإظلام القلوب» وعدم قبولها لنور الهداية - شبهه بحال ما ختم عليه بختم استيثاقا من ألا يفتح ويدخل عليه شىء من الإيمان» وكان على القلوب» فلا يكون معها مكان لهداية» وعلى السمع» فلا ينفتح لسماع كلمة حق هادية» وذلك من كثرة ما توارد عليها من أسباب العصيان والجحود» حتى طبع الله تعالى عليها بكفرهم. فقد قال كَكِْةٌ: «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عوداء فأى قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء» وأى قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين؛ أبيض مثل الصفاء فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض» والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا (أى مقلوبًا) لا يعرف معرومّاء ولا ينكر منكرً 2١١)‏ رواه الصحيحان» ولقد قال ابن جرير فى تفسيره: (إن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتهاء وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم الذى ذكره الله سبحانه وتعالى: ط خَتم الله على قلوبهم وعلئ سمعهم » . والمعنى أن الذين أركست قلوبهم بتضافر ذنوبهم» وتوالى جحودهم» واستغراق المادة تغلق عليهم مسالك الهداية» وتسد عليهم مسام النورء فلا تصل إليهم هداية . 69 رواه مسلم: كتاب الإيمان: باب : بدأ الإسلام غريبا [ 600 8 م تفسير سورة البقرة اللا لوالا دي 1ج )5 بي وعبر عن ختم قلوبهم وسمعهم بجمع القلوب» وإفراد السمع؛ لأن الأسباب التى تغلق القلب متعددة»؛ بتعدد أصناف الهوىء فكأن كل واحدة تسكن قلياء وتتعدد القلوب بتعدد مأ ملأها من أهواء» وتتضافر هذه الأهواء» وأفرد السمع؛ لأنه طريق واحدء وجارحة واحدة» ونور الحق واحد وصوته واحد» ولكن لا يسمع. والوقف على قوله تعالى: «حَتَمَ اللُّ علَى قُلُوبهِم 4 وقوله تعالى: 9وَعَلَى أبصارهم غشاوة» فإن < ختم القلوب يكون على القلب» و على السمعء أما الأبصار. فإن عليها غشاوة» وتكرار إعلى» فى قوله: لتم الله على قلوبهم وعلئ سمعهم» للدلالة على تقوية الخنتم» وتأكيده بحيث لا يصل إلى النفس منه شىء عن طريق وقوله تعالى : #وعلئ أبصارهم غشاوة» الغشاوة الغطاء الذى يحول بين البصر والرؤية» وذكر الأبصار بالجمع بدل الإفراد لتعدد الملبصرات الموجهة التى يتوجه البصر إليهاء فسماء ذات أبراج » وأرض ذات أوتاد» وماء ينزل من السماء» ومرسلاات حاملاات للرياح؛ وخلق مجدد مستمر » وححياأة وموت» قال تعالى : أفلا ينظرون إِلَى الإبل كيف خَلقت 5# وإِلَى السّماء كيف رفعت 4202 وَإِلَى الجبال كيف نصبت +613 4 وإلى الأرض كيف سطحت 607 7 14 الغاشية] وهكذا تتعدد المبصرات» وفيها الآيات البينات الدالة على قوة القادر على كل شيءء القاهر فوق عباده. فلتعدد هذه المبصرات ذكرت الأبصار بالجمع لا بالمفرد. والله بكل شىء محيط . ولقد ذكر الله تعالى عقاب أولئك الكافرين الذين لا تجدى معهم النذر. ولا يجدى معهم بيان الحق فى ذاته. وقد طبع الله تعالى على قلوبهم التى شعبتها الأهواء. وعلى سمعهم فلا يستمعون للحق. ووضع الله على أبصارهم غطاء يحول الل بينهم وبين معرفة الآيات البينات» وبين سبحانه وتعالى ما قرره لهم من عقاب» فقال تعالى: « ولهم عذاب عظيم 4 العذاب كالنكال» وقد ذكر الزمخشرى المعنى اللغرى له» فقال فى كشافه : العذاب مثل التكال بناء ومعنى؛ لآنك تقول أعذب عن الشىء إذا أمسك عنه» كما تقول : «نكل عنه)» ومنه العذب, لأنه يقمع العطش ويردعه. ويدل عليه تسميتهم إياه نقاخا لأنه ينقخ العطش أى يكسرةء وفرانًا لأنه يرفته على القلب27: ثم اتسع فيه فسمى كل ألم فادح عذاباء وإن لم يكن نكالاء أى عقابا يرتدع به الجانى عن المعاودة. هذا تحليل لغوى كتبه الزمخشرى ونقلناه» والذى نخرج منه أن العذاب نكال وإيلام فادح لمنع المعاودةء وأنه يلتقى مع العذاب» فسبحان الله يجعل من العذب الذى ينقع العطش عذايًا يمنع الجريمة . وقوله: «ولهم عَذَاب عظيم 24 أى أنهم يستحقون استحقاق اختصاص وملك» عذابا عظيماء كبيرا ليس بصغيرء جزاء ما كان من تشويه فطرتهم» والطمس على قلوبهم» عذابا كبيراء لا يكتنه كنهه» ولا يعرف قدره. وفى الحقيقة» إنهم ينالهم عقابان: أحدهما - ما فسدت به طبائعهم وتشوهت به مداركهم» فإن نزول الإنسان عن مرتبة الإنسان إلى ما دونه من مرتبة الحيوان والخنازير والقردة الذين ينزون إلى الشهوات نزو هو فى ذاته عقوبة مستمدة من ذواتهم . العقوبة الشانية أن لهم عذابا عظيما يوم القيامة. والتتكير فى إغشاوة» فيه إشارة إلى أنه نوع من أنواعها خاص بهم أساسه التعالى على الحق . )١(‏ كما فى الكشاف / ج١/‏ 1560» وفى لسان العرب: الَقْْمُ كسر الرأس عن الدماغء والثقاخ : الماء العذب البارد الذى ينقخ العطش أى يكسره ببرده. ا تفسير سورة البقرة لال 0 وَسَآلنَاِ مَنْيَفُولُ ءَامَنَا َه وَيآلَْوْ الآ ِوَمَاهُم 0 رح سه ور ار أده بِمَؤّمِنِينَ مين ج22 يعون أله وََلَذِنَ ءَامَيُو وما دعوت را ل سر رو لش تاشلا حي فى ملو بهم غَرْضٌ فزادهم َهُمَرَضَّا وَلَهُمْعَدَابُ اليم[ يمَاكا ف أيَكْذِبُونَ ج> بعد أن بين سبحانه وتعالى حال المتقين ثم حال الكافرين ومآلهم» بين الله سبحانه وتعالى حال الحجائرين بين الحق والباطل» وبين العداوة وإظهار المودة. وهم المنافقون. وقد ذكرهم سبحانه وتعالت كلماته فى ثلاث عشرة آية» لتنوع أعمالهمء وتغير أحوالهم, بسبب حيرتهم » ونفاقهم » وأوهامهم المضلة . ابتدأ سبحانه وتعالى بيان حالهم . يقول تعالى عنهم: ومن النّاس من يقول آنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين» نقل سبحانه وتعالى قولهم بقوله: #ومن النّاس من يُقول آمنّا باللّه وباليَوْم الآخر» . الناس أصلها الأناس» ويعبر بالناس فى هذا بأنهم ليس لهم من الصفات إلا الوصف الآدمى الأصلى وهو.أنهم ناس من الناس» فلا يقال متقون» ولا يقال مؤمنون» ويقال كافرون فقط؛ لآن لهم لونا اختصوا به» وهو أنهم كافرون» أما هؤلاء المنافقون» فإنهم حائرون» فلا يعبر عنهم إلا بأنهم ناس » لادين لهم ولا خلقء وليس معنى ذلك أنهم خيرً حالا من الكافرين» بل هم أشد كفراء وأبعد إيغالا فى الشر» وأكثر فسادا» وإذا كان فى الكافر وضوح 4 فهو يعلئنه. فأولئنك كافرون يبهمون ويجبنون» ولا يصارحون. ختم على قلوبهم وعلى سمعهم» وعلى أبصارهم غشاوة» لم يذكرهم الله فى ا تفسير سورة البقرة مل أولئك» وإن كانوا داخلين فيهم؛ لأنهم جمعوا مع هذه الأوصاف أوصافا أخرى» فكانوا أشد عند الله مقتاء وأبعد فى الفساد والأذى» ذلك أنهم زادوا المراءاة والاستهزاء بالمؤمنين» وبث روح الفشل فيهم» وموهواء وعادوهم أشد من عداء الآخرين» وحاربوا فى العقيدة والفساد بأشد مما حاربوا فكانوا يحاربون بالعداوة يُسرونها فتكون أفعل وبإشاعة التردد وبث روح الهزيمة عند الإقدام» وبإشاعة المأثم والمفاسد فى الذين آمنوا. هنا يسأل سائل : كيف ينفى عنهم وصف الإيمان» وقد كانوا يعرفون النبى يك كما يعرفون أبناءهم» كما قال تعالى: 9 الّذينَ آتَينَاهُم الكتَاب يعَرِفُونَهُ كما يعْرفُونَ أبناءهم . . . 25 > [البقرة] وأنهم كانوا يستفتحون على المشركين بنبي جاء أوانه» وأدركهم زمانه. كما قال تعالى: ظولَمَا جَاءَهُمْ كتاب من عند الله مصدق لما معهم وَكَانُوا من قبل يَستَفْعحُون على الّذينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءهم ما عَرقُوا كَفَروا به ...00 4 [البقرة] . وإذا كانوا كذلك فهم يعرفون النبى! فكيف يكون قولهم آمنا بالله وباليوم الآخرء ليس فيه إيمان» ومنفى بقوله تعالى: #وما هم بمؤمنين4؟ ونقول فى الجواب عن ذلك: إن الإيمان ليس هو المعرفة المجردة» إنما هو التصديق والإذعان والتسليم» وهؤلاء مع معرفتهم الحق فى عهد النبى يلد وكانوا من اليهودء فلم يذعنوا ولم يسلمواء ولم تصل المعرفة إلى تصديق؛ ولذلك نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عنهم بقوله تعالى: #وما هم بمؤمنين» أى ليسوا مؤمنين. واليوم الآخر وهو يوم القيامة» وما يجرى فيه من حساب ثم ثواب أو عقاب. فالله سبحانه وتعالى أكد نفى إيمانهم بالجملة الاسمية» أى أنه سبحانه نفى الإيمان وأصله عن ذواتهم» كما أكدوا هم فى نفاقهم الإيمان بالله» وباليوم الآخرء بتكرار الباء فى بالله وباليوم الآخر. تفسير سورة البقرة اللللللل ل اللا اللو وهنا إشارة بيانية إلى أن المنافقين ليس من شأنهم الإيمان بشىء؛ لأن الإيمان بشيء من الأشساء يقتضى الإذعان والتصديق والتسليم» والعمل بموجب الاعتقاد والاستجابة» والمنافق قلبه غير مستقرهء ولا مطمئن إلى شىءء هو قلب خاوء والحقائق تتردد فلا تسكن, ولاتدفع إلى عمل ولا اطمئان» فلا يؤمن بشىءء ولقد قال يَكِ: «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين غنمين» لا تدرى إلى أيهما تذهب:200» وقال تعالى فى وصفهم: «( مذبذبين بين ذلك لا إِلَئ هؤلاء ولا إلى هؤلاء ... زه 4 [النساء] ومهما تكن حالهم فهم أشد الكفر عنادا وعنتا وخبنًا ومقتا عند الله ورسوله» وعند الناس أجمعين. ولقد يبلغ النفاق أن يغلب على نفوسهمء فيظنون أنهم يخادعون اللهء ويحسبون أنه ليس عليما بخفايا نفوسهم؛ ولذلك قال: « يُخَادعونَ اللَّهَ والّذين آمنوا وما يَخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون»4 الخدع: أن يظهر الشخص أنه يريد أمرا ليخفى إرادته الحقيقية» ومقصدهء ومن ذلك ضَب خادع إذا أخفى نفسه فى جحرهء وقد أراد أن يضلل من يراقبه» فأظهر الخروج من باب ويختفى فى غيره. وكذلك حال أولئك المنافقين أرادوا أن يظهروا الإيمان أو أظهروهء وهم يبطنون الكفرء ولا يريدون غيره» بل يريدون تضليل المؤمنين»ء كحال ذلك الضب الخادع الذى يوهم مراقبه أنه خارج من ناحية ليختفى فى ناحية أخرىء فالنص الكريم تصوير لحالهم فى فعلهم من إظهار الإيمان لأهل الإيمان» وإبطانهم الكفرء وتبادل كلماته فيما بينهم كما قال تعالى: 99 وإذَا لَقوا الّذين آمنوا قَالُوا آمنًا وذ خَلا بعضهم إلى بعض انوا أَْحَدنُوتَهم ما فح اله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم ألا تعقلون 20# 4 [البقرة] وفى آية أخرى: : «وإذا خلوا إلَى شياطينهم قَالُوا نا معكم إِنّمَا نحن مستهزئُون 12 4 [ البقرة] . )١(‏ سبق تخريجه. الللللللالللللل ااال ا0ااالللا0اا000ل فالآية الكريمة وصف لحالهم ل يحَادعونَ الله وَالّذِينَ آمَنُوا م فهى وصف لحالهم وما يرتكبون» فعملهم عمل المخادع الذى يخادع الله والذين آمنوا بأن يوهمهم ويخادعهم فيظهر الإيمان ويبطن الكفر والعداوة وتريص الدوائر» ويحسب أنه يخادع الله ورسوله والمؤمنين. والمخادعة مفاعلة بين اثنين كلاهما يريد خدع صاحبه» والمفاعلة بين أولئك المنافقين من جانب والله ورسوله من جانب آخر» وكيف يخادعون الله» وهو علام الغيوب الذى لا تخفى عليه خافية فى السماء ولا فى الأرض؟ وكيف يخادعهم الله تعالى وهم فى قبضته» وكل من فى السموات والأرض فى قبضته يوم القيامة؟ وقد أجاب الزمخشرى عن ذلك فقرر أن الله تعالى يعاملهم معاملة المؤمنين» فيتزوجون» ويرثون» ويعاملهم كأنهم المؤمنون الصادقون فى الإيمان» فهم يخادعون بإظهار ما لا يبطنون, والله تعالى يعاملهم بما يظهرون». ولا يعاملهم بما يبطنون» أو يقال إن المعنى أنهم ينزلون بالمؤمنين ما يحسبونه مخادعة لهمء وإيهامهم بأنهم آمنواء وما هم بمؤمنين» أو يقال إن المخادعة للنبى يٌ ومن معهء وهم يعاملونهم معاملة المخادع لهمء وإن كان النبى كَكِةْ يعلم من لحن قولهم خفى أمرهم كما قال تعالى: 9 ولْتَعرِفَهِم في لحن القول ... 22 4 [محمد]. والمعنى فى الجملة بعد أن خرجنا المخادعة تلك التخريجات المختلفة أنهم يظهرون ما لا يبطنون محاولين أن ينزلوا بالمؤمنين ما تكون كالمخادعة» وقرر ذلك الراغب الأصفهانى فى المفردات فذكر أن الخداع للرسول يَلئِْدّ وأوليائه من المؤمنين» وفى التعبير عن ذلك بخداع الله تعالى إشارة إلى أن الذين يخادعون النبى إنما يخادعون الله تعالى» وأن الله تعالى كاشف أمرهم لنبيه كَكِنٌْ وأنهم إذ يضارونه» ويخفون عليه أمورهم» يبطنون عنه سبحانه وتعالى ما لا يبدون وهو من ورائهم محيط . 0 م تفسير سورة البقرة 8 الملل اللو ك2 لسرب ا وإنهم إذ يخادعون المؤمنين بإظهارهم الإيمان» وإبطانهم الكفرء إنما يخدعون أنفسهم» بأن يظهروا لغيرهم الإيمان وأمرهم مكشوف غير مستورء وحالهم معروف». وكفرهم يبدو فى لحن أقوالهم» فهم يحسبون أنهم يخفون على غيرهم أمرهم ‏ وهو معروف لغيرهم. فهم المخدوعون أنفسهم ؛ ولذلك قال تعالى: وما يحدعون إلا أنفسهم وما يشَعْرُونَ 4» أى أنهم يحاولون أن يخدعوا غيرهم فيظنوا أنهم ستروا كفرهم وهو مكشوف من يخدعونهم» وأن المؤمنين يعاملونهم بما يظهرون حتى يكون يوم الدين» فهم المخدوعون؛ لأنهم يعاملون كأنهم مسلمون حتى ينكشف أمرهم» ولكنهم لا يشعرون؛ أى لا يحسون بأنهم مخدوعون مغرورون وأمرهم بين. والله من ورائهم محيط . وإن فى ذلك القول الحكيم تصويرً دقيقا لحال المنافقين» إذ إنهم لفرط ضلال نفوسهم» وفقدهم الإيمان تفسد مداركهم» وتضل أفهامهم» فيحسبون أمرهم خفيا على غيرهم وما هو بخفى» وتأخذهم عزة النفاق» فلا يدركون ويستمرئون كذبهم ونفاقهم» حتى يغتروا فيحيط بهم الضلال وهم لا يشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مَرضا ولَهُم عاب أليم بما كَانُوا يَكْذَبُونَ »4 الآفات الاجتماعية والنفسية أمراض تصاب بها النفس الإنسانية»؛ وهو ضعف يرد إلى النفوس»2 وأفحش هذه الأمراض النفاق» فهو ضعف يصيب النفوس يبتدئّ من أحقر الأفراد إلى أن يصل إلى أعلاهاء ولا يظن أن النفاق يكون فقط لحلب نفع آثم» أو لدفع ضرر جائم» بل هو ضعف نفسى يحيط بالإنسان ويتغلغل فى نفسه» وإطلاق كلمة ا مَرَض* هناء يصح أن يكون من قبل الحقيق؛ لأن المرض هو ما يؤذى النفس» ويلقى بها فى الضعف» وليس ذلك مقصورا على المرض الذى يصيب الجسم بل هو يشمل ما يصيبه فى أعصابه» كالجنون الذى يستر العقل» وكالعته الذى يمنع الإدراك» وكالسفه الذى لا يدرى النفع من الضررء فهذه كلها أمراض» وتعد (## تفسيرسورة البقرة ل ااال فى اللغة أمراضاء كذلك مرض النفاق الذى يصيب النفوس بالوهن والحيرة» والحقد والبغعض لخير الناس» وأن يكون صاحب هذا المرض غير مستقر بل هو فى بلبال مستمر» تزداد حاله كلما تمكن فيه هذا الداء » وهو ساكن فى النفس لا تخرج مظاهره» وكلما استتر واستكن ازداد قوة وإيغالاً فى النفس حتى يصعب علاجه» فإذا كان الكذب المجرد قد يعالج» فالنفاق مرض لا علاج له. وكان يراد المجاز بتشبيه النفاق بالمرض العضال الذى لا يشفى» ومرض النفاق فساد القلب» وقد صور ذلك الزمخشرى فى قوله: والمجاز أن يستعار لبعض أعراض القلب كسوء الاعتقاد» والغل والحسدء ولميل إلى المعاصى والعزم عليها والبغضاء؛ لآن صدورهم كانت تغلى على رسول الله يللد والمؤمنين» غلا وحنقاء ويبغضونهم البغضاء التى وصفها الله تعالى فى قوله: «قَدْ بدت الْبَغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر .. . +2 4 [آل عمران] . ومن التفسير المأثور أن المرض هو النفاق» وهو مرض إذا أصاب القلب فقد الإيمان بأى شىء من شئون الأخلاق أو الاتصال بالناس» فإنه يصبح فى غربة عن أهل الحق وأهل المعرفة» والاتصال بهم» فيكون فى جو معتم» تسوده الكابة ولا يظله نور الحق» وذلك شر ما يقع فيه الإنسان. وإن المنافق إذا أوغل فى قلبه النفاق انتقل به من دركة إلى دركة أسفل منهاء فيزيد خسرانا بإيغاله. كالسائر فى متاهة» كلما أوغل فيها ازداد ضلالا وبعدا عن الطريق الجددء حيث الأعلاء( . وهذا معنى: طقَرَادَهُمَ اللّهُ مَرَضًا)» أى أنهم بسيرهم فى هذا الطريق الضال يزدادون إيغالا فيه» فيزيد مرضهم بتقدير الله تعالى؛ لأنهم قد أوغلوا مختارين فيه. )١(‏ مفرد علّم: شىء منصوب فى الطريق يهتدى به. [الوسيط ع ل م]. م تفسير سورة البقرة 9 وهكذا كل المعاصى والذنوب التى هى أمراض القلب» من اختارهاء فقد اختار الضلالة كلما سار فيها ازداد بعدا عن الحق وعن الطريق القويم فيوغل فى المعاصى» لا يعود ولا يتوب. ظ وقد بين الله تعالى عاقبتهم. فقال: إولهم عذَاب أَليم4 أى عذاب مؤلم شديدء فأليم هنا بمعنى مؤلم» يصيب أجسادهم يوم القيامة كقوله تعالى: « بديع السموات والأرض... 222 © [البقرة] أى مبدع السموات والأرض يعنى منشئها على غير مثال سبق» فيكون لهم جزاءان أحدهما دنيوى» وهو متولد من النفاق نفسه إذ يكونون فى اضطراب لايستقرون على قرار» ولا يطمئنون؛ إذ الغل والحقد والحسد يقتل نفوسهم قتلاء ويستمرون على ذلك». حتى يكون هذا مرضًا خبيئًا يسكن نفوسهم» حتى ينغص عليهم كل حياتهم» وتكون كل نعمة تنزل بأهل الإيمان والحق نقمة عليهم. الجزاء الشانى هو العذاب الشديد المؤلم الذى ينالهم يوم القيامة» وهو يتتظرهم» وهم واردون عليه بلا ريب» ولقد بين الله سبحانه وتعالى سبب ذلك العذاب الذى هو الجزاء الثانى فقال تعالت كلماته: #إبمًا كَانُوا يبون فالباء هنا باء السببية» أى بسبب الكذب المستمر الذى كانوا يقومون بهء ف «كانوا» هنا دالة على الاستقرار والدوام» كما فى قوله تعالى: وكَانَ الله غَفُورا رَحيمًا 7 4 [الفرقان] وكما فى قوله تعالى: «إِنّهِ كان ظَُومًا جهولاً 77 4 [الأحزاب] . فمعنى #إبما كانوا يَكْذَبون4» بسبب كذبهم المستمر الذى لا ينقطع» وقد اتصفوا بالكذب:(1) فكذبوا على أتفسهمء فكلما بدا لهم ضوء الحق طمسوهء وغروها الغرورء وخدعوها بأنهم أهل الحق» وموهوا عليهاء كما موهوا على الناس» فصارت فى عماء» وغلبت عليها شقوتها. () وكذبوا على الرسول وأصحابه» وقالوا آمنا بالحق وباليوم الآخر. ا تفسيرسورة البقرة ل ال االلاااال ان () وكانوا لا يصدقون فى حديث مع الناس» ولقد قال النبى كيك فى وصف المنافق : «آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب» وإذا وعد أخلف» وإذا اكتمن حان)2720 , راس لال و 22 2 اسه 2 م و ثرح 02 َإِذَاصيلَ لهم لا نض يه وافى ا لأَرَضٍ قَالَوَا| يحورت حل جه وموم 204 كه م عق دابئء > تبره رم 0 ا العشيةود كا . ا وإذافيل لهم ع مِنُوأ رمد كاوق 272 بر وَل كف و1 0 امنا وَإدًا حَوَا ِل يمون معَكَْإِتَمَ ححن مسته روت حر ميته ذكر الله سبحانه وتعالى أوصاف المنافقين النفسية التى استغرقت نفوسهم» وصارت مرضا ملازما لهم كالمرض الجسمى العقّام الذى لا يزايل المريض حتى يقضى عليه» وفى هذه الآيات يبين الله تعالى أحوالهم فى معاملة المؤمنين» فذكر سبحانه أنهم يفسدون فى الأرض ويزعمون لطغوانهم'" أنهم يصلحونهاء وأنهم فوق الناس» ويمارون فى القولء. ويظهرون للمؤمنين بوجه ولغيرهم من إخوانهم بوجه آخر حين يلقونهم» يحسبون أنهم يستهزئون بالمؤمنين. )١(‏ متفق عليه؛رواه البخارى: كتاب الإيمان - باب: علامة المنافق (2)77» ومسلم: كتاب الإيمان - باب خصال المنافق (89) عن أبى هريرة رضى الله عنه. (؟) الطغوان: لغة فى الطغيان من طغى: إذا جاوز القدر وارتفع وغلا فى الكفر. [لسان العرب - باب الطاء - طاغ ىئأ: تفسير سورة البقرة لالس اساسا اس 99 1 لحب ا ولقد كان المنافقون يفسدون فى الأرض بين الناس» والفساد فى الأشياء أن تخرج عما خلقت له إلى ما يضرء والصلاح استقامتها حتى تكون فى دائرة النفع الإنسانى العام» والمنافقون فى عصر النبى كَلكِْة وفيما بعده من العصور شأآنهم الفساد» ومن كانوا فى عصر النبى يَلكِلّ قد وضح فسادهم» واستشرى شرهمء فهم قد كفروا بالحق إذ جاءهم», وأنكروا كتاب الله تعالى ورسوله الأمين» وقد عرفوه. ومشوا بالنميمة والسعاية بين الناس» وكلما أطفأ الله نار للحرب أوقدوهاء ومالتوا المشركين على المؤمنين» وإذا خرج المؤمنون للقتال عملوا على أن يهموا بالفشل» يعرفون ضعفاء المسلمين ويغرونهم بالتخلف. يبتغون الفتنة بين المؤمنين ويقلبون الأمور لإثارتهاء كما قال تعالى: < لَقَد ابتَعًَا الْفشنة من قبل وقَبُوا لَك الأمور حتَّئ جَاء ولقد قال ابن جرير فى تفسيره فى بيان إفسادهم : أهل النفاق مفسدون فى الأرض بمعصيتهم فيها ربهمء وركوبهم فيها ما نهاهم عن ركوبه» وتضييعهم فرائضهء وشكهم فى دينه الذى لا يقبل من أحد عمل إلا بالتصديق به والإيقان بحقيقته» وكذبهم على المؤمنين بدعواهم غير ما هم عليه» مقيمون على الشك والريب» ومظاهرتهم أهل التكذيب بالله وكتبه ورسله على أولياء الله إذا وجدوا إلى ذلك سبيلاء فذلك إفساد المنافقين فى الأرض» وهم يحسبون أنهم بفعلهم ذلك مصلحون فيهاء فهم يحرضون المشركين على المؤمنين» ويتفقون معهمء ويدلون على عورات المؤمنين » ومقاتلهم. وهكذا. ويسأل سائل: لماذا قال سبحانه وتعالى : في الأرض »4 ونقول: إن ذلك لبيان عموم فسادهمء وأنه يتناول المدينة وما حولها. وأن الأرض موطن فسادهمء يثيرون الحروب فيهاء ويشيعون الشر فى ربوعها. وقوله تعالى : 9 وإِذًا قيل لهم» مع البناء للمجهول للإشارة إلى عموم شرهمء وأن الناس جميعا يتساءلون: لاذا كان ذلك الفساد؟ وأى مأرب لهم فيه؟» تفسيرسورة البقسرة الل اال الل ولسان الخير يقول لهم: لا تفسدوا في الأَرْضٍ» فهم فى حال من الإفسادء يستنكرها كل إنسانء ولايرتضيه رجل للأخلاق عنده مكانة» وللخير عنده منزع» فتجهيل اللائم لهم بقوله: #وإذا قيل» لعموم المستنكرين لحالهم؛ وأنهم فى واد والناس فى واد آخرء فلا تجد أحدا يوالى منافقا إلا إذا كان على شاكلته. وإن أشد فساد الفاسد أن يغتر بحاله» ويزعم أنه ليس بفاسدء فهو معكوس النفس مركوسء قد انقلبت الحقائق فى عقلهء فلا يعرف الخير من الشرء ولا الفساد من الصلاح» وهكذا المنافقون تنكس عليهم الأمورء فجميعها منكوس . ولذلك يرد المنافقون قول من يستنكر فسادهم بما حكاه الله تعالى عن نفوسهم: 9 قَالُوا إِنمَا نحن مصلحون4 أى قصروا نفوسهم على الإصلاح» وذلك أن «إنما» تدل على القصر أى قصرهم على الصلاح لا يكون منهم فساد قطء وذلك أعظم الغرور وأشد الفسادء فكل ما يفعلون مما ذكرنا وما لم نذكر يعدونه إصلاحاء ولا يعدونه فساداء وهكذا زين لهم سوء عملهم فرأوه حسناء وذلك الغرور لا يكون إلا تمن أحاطت به خطيئته» فأصبح لا يرى إلا ما يكون فى دائرتهاء وقد سدت عنه كل منافدٌ الخير. وقد حكم الله تعالى عليهم ذلك الحكم القاطع مؤكدا له أفضل توكيد بقوله تعالى: #ألا ِنَّهُمِ هم الْمَفْسدِونَ ولكن لا يشعرون» فالله تعالى يحكم عليهم بأن الفساد يستغرقهم وأنهم مقصورون عليه» وقد أكد الله سبحانه وتعالى ذلك الحكم بغعدة مؤكدات: أولها : التعبير ب «ألا» لأن لا نافية دخلت عليها همزة الاستفهام الدالة على التنبيه والنفى» فهى نفى مؤكَّدٌ لصلاحهم» وتأكيد لفسادهم . وثانيها: التأكيد ب (إن» المؤكدة لفسادهم. م تفسير سورة البقرة للم 222*220 الثالثة : ضمير الفصل» وهو (هم). الرابعة - تعريف الطرفين'١)‏ وهو دال على القصرء أى أنهم مقصورون على الفساد» لا يتجاوزونه» وهو محيط بهم إحاطة الدائرة بقطرها» فهم يسارعون فيه » ومع هذه الحال» وهذا الحكم المؤكد طلا يشعرون 24 والشعور هو الإحساس الحسدى والنفسى والعقلى بخطأ ما يفعلون. فالشر قد استغرقهم» حتى أصبحوا لا يدركون بعقلهم الذى غمره الفساد ولا بنفوسهم الأمارة بالسوءء ولا يإاحساسهم الذى آافته آفة الشر. وإذا كان فسادهم قد ذاع وشاع فسببه أنهم جعلوا أنفسهم فى حيز فكرى ونفسى وأهل الإيمان فى حيز غيره» وشأن المنافق دائما أنه يعتقد أنه فى مكانة من الفكر والتدبر» وغيره من يدركون الحق فى سفه وحمق» فهم يريدون أن يصرفوهم عن الإيمان ليضلوهم» ويفتنوهم لولا أن يتداركهم الله برحمته» فيستنقذهم منهم. كانوا صنفا قائما بين الناس لا هم كفار أعلنوا كفرهمء ولا هم مؤمنون قد الناس» فكان من سنة الناس أن يسألوهم اذا لم يؤمنوا بقلوبهم» ولاذا يقفون ذلك الموقف الخحائر المحير. لابد أن يكونوا كفارا معلنين كفرهم» وإلا اختاروا الإيمان. #وإذًا قيل لهم آمنوا كما آمَن النّاس قَالُوا أَنْوْمنَ كما آمَنَ السّقَهاء» بنى الفعل «#قيل» للمجهول للإشارة إلى عموم القائلين لأن موقفهم المتردد المتذبذب بين حق خالص لاريب فيه» وباطل لا ريب فى بطلانه» فهم يعلنون الإيمان» ولم يعلنوا الكفرء وإن كانت حالهم أشد الكفر وأمقته» كان هذا السؤال يتردد فى كل القلوب» )١(‏ أى: اسم إن وخبرهاء وأصلهما المبتدأ والخبر؛إذا عرفا دل على القصر. ؛ لها تفسير سورة البقرة امال ويتساءل عنه كل أهل العقل والمنطق؛ ولذلك كان التعميم فى «وإِذًا قيل لهم» قال المخلصون: آمنوا أى صدقوا واعتقدوا الوحدانية» وأن تؤمنوا بالله ورسوله والملائكة والرسل جميعاء لكَمَا آمَنَ النَّاسَ». و «أل» فى الئاس للعهد أى الناس المعهودين المعروفين» وهم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه المجاهدون الذين أخلصوا دينهم لله. وعبر عنهم بالناس إشارة إلى أنهم الناس حقا وصدقا الذين بلغوا أعلى درجات الإنسانية بإيمانهم وطهارة نفوسهم» وعظم مداركهمء وإذعانهم للحق إذ دعوا إليه . ولكن مع جلال ما آمنوا به وصدقه» استعلى المنافقون بالباطل» وكذلك شأن المنافق يظن أن ما هو عليه من نفاق ومراء هو عين العقل» وما عليه غيره هو عين السفه. قالوا مستنكرين ما قيل ويقال لهم: #أَنْؤْمِنْ كَمَا آمن السَفهَاء4 والسفهاء جمع «سفيه»» وهو الأحمق الذى لا يتخير الأمورء ولا يتعرف أحسنها فيتبعه» وقد ظن المنافقون أنهم أهل الحكمةء فقالوا: #أنؤمن كما آمن السفهاء 4 وهم فى زعمهم محمد وأصحابه» والاستفهام إنكارى بمعنى النفى أى: لا نؤمن» ولا نصدق برسالة محمد إلى الخلق» كما صدق محمد.وأتباعه» ومن ساروا على منهاجه» وكذلك زين لهم تفكيرهم الفاسدء وغرهم ما كانوا يفترون» ويكذبون به» وتكرر كذبهم» حتى ظنوها الأعلى» وهو الدرك الأسفل» ولقد حكم الله تعالى» وهو الحكم العدل» وهو خير الفاصلينء فقال تعالت كلماته: #ألا إِنّهُمِ هم السَفَهاء» يقرر الله تعالى الحكم عليهم بالسفه» وجعلهم مقصورين عليه يدورون فى إطاره ويسارعون فيه» فهم يخرجون من سفه إلى سفه» ويسارعون فى السفاهة» ويسيرون فيها حتى يصلوا إلى الدرك الأسفل منها. ا تفسير سورة البقرة 9 وقد أكدت السفاهة بقوله: #ألا» التى هى استفهام داخل على النفى» فكان تأكيدا للنفى مع التنبيه» وقد أكد أيضا ب (إن»» وهى تجىء بعد قوله تعالى: #آلا» كما يجيء القسم بعدها. وأكد بضمير الفصل» فى قوله تعالى: #هم السفهاء» . وأكد القول بتعريف الطرفين الذى يفيد قصرهم على السفهء بحيث لايكون منهم إلا ماهو سقفهء ولا يجىء منهم حكمة قط؛ لآن الحكمة لا تكون إلا من #ولكن لا يعلمون» مقدار ما أوتوا من سفه الرأى» وما أوتى غيرهم من حكمة الإيمان» وهنا نجد أنهم عند قصرهم فى النص القرآنى على الفسادء قال: #ولكن لأ يشعرون» ؛ لأن الفساد والصلاح حسيان» فناسبهما أن يكون عنهم شعور حسى» أما حكم السفه فأمر فكرى فناسبه نفى العلم لا نفى الحس . فذكر القرآن الكريم قياس بعض أحوال المنافقين فى أنهم يدعون الإيمان ويبطنون الكفرء وأن النفاق والإيمان نقيضان لا يجتمعان» والمنافق ليس من شأنه أن يؤمن بشىء» وأنهم يزعمون أنهم هم الصالحون ‏ وهم المفسدون الفاسدون ‏ وأنهم يحسبون أنهم بشكهم ونفاقهم فى مرتبة عالية» وأن المؤمنين بالنسبة لهم ضعاف الأحلام سفهاء. بعد ذلك بين سبحانه علاقتهم بالمؤمنين ومعاملتهم» وكيف يمارونهمء ولا يجهرون أمامهم بكفرهمء فقال تعالى: #إوإذًا لقوا الّين آمَنوا قَاُوا آمنا ذا حَلَوا إلى شياطينهم قَالوا نا معَكُمْ نما نحن مُسَهرتُونَ» . كان أولعكك المنافقون يشيعون فى مجالسهم أن المؤمنين سفهاءء وأنهم هم المدركون وحدهم.ء العارفون بحقيقة العقائد» وأنهم الأعلون؛ لأن فى المؤمنين موالى كصهيب وبلال وخباب وعمار وغيرهم. ل تفسيرسورة البقرة لمم ولكنهم كانوا إذا لقوا كبار المؤمنين رفئوهه'١2‏ بأحسن القول كأنهم معهم فى الإيمان» بل يدخلون المسجدء كما يدخلون ليوهموهم بأنهم مؤمنون» يروى فى ذلك أن عبد الله بن أبى وهو كبير النفاق والمنافقين خصرج وصحبا له فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله يَكلةِ فقال زعيم النفاق وقد أخذ بيد أبى بكر: مرحبا بالصديق سيد بنى تيم» وشيخ الإسلام وثانى رسول الله ككِْةٍ فى الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله كله ثم أخذ بيد عمرء فقال: مرحبا بسيد بنى عدى الفاروق القوى فى دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله كَكيٌْه ثم أخذ بيد على» وقال: مرحبا بابن عم رسول الله يله وختنه» سيد بنى هاشم ما خلا رسول الله . قال هذا القول» ثم افترق وانصرف إلى الذين رأوه من أصحابه وقال لهم: كيف رأيتمونى فعلت؟ فأنكروا عليهء وهم يعلمون أنه لا يحكى بقوله مافى نفسهء فهو معهمء وهو يسخر من المؤمنين» ويستهزئ» وذلك من إمعانه فى كفره. ونفاقه» وحقده وحسده. «وإذًا لَقُوا الّذين آمنُوا4 لقى معناه قاربه» أو استقبله عن قرب» أو جمعهما مكان» وقرئ الَقُوا4 من لَقَىَ» كما قرأ أبو حنيفة وغيره لاقوا». والأولى تدل على مجرد لقائهم مع أصحاب رسول الله عفواء أو من غير إرادة» والثانية على الملاقاة بينهم والتلاقى المقصودهء والآية الكريمة بالقراءتين تدل على المعنيين فهم حيئما التقوا بأصحاب رسول الله ييه سواء ألقوهم عفواء أم لاقورهم قصدا واجتمعوا بهم قالوا لهم: آمناء فهم يسترون كفرهم دائماء ويعلنون إيمانهم دائما )١(‏ رما فلانا: حاياف ورفّاه: دعا له بالرفاء» والرّقاء بالكسر: المد الالتئام والاتفاقء من رقآت الثوب أى أصلحته. وقيل: السكون والطمأنينة» ثم استعير للدعاء للمسزوج وإن لم يكن بهذا اللفظ. وقد نهى عن قولهم: بالرفاء والبنين» مع ما فيه من التنفير عن البنات» والتقرير لبغضهن فى قلوب الرجال؛ لكونه من عادات الجاهلية. وكان يقول بدله ونعم البدل: «بارك الله لكماء وبارك عليكما وجمسع بينكما فى خير). [الوسيط (ر ف أ) - مرقاة المصابيح ج "7) ص 5194]. ١١ لاك‎ ١ م تفسير سورة البقرة 9 لاا 23222211 يي" فى عوج» وقد يحرفون الكلم عن مواضعه ويلوون ألسنتهم بما ظاهره يدل على أنهم آمنواء وباطنه كفر وطغيان. هذا قولهم بأفواههم للمؤمنين» يقولون: آمنا. أى: دخلنا فى جماعتكم مؤمنين مصدقين» ولكنهم إذا تركوا المؤمنين وكانوا فى جماعتهم قالوا: إنا معكم. وعبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله تعالى: «إ وإِذا خَلَوَا إلى شياطينهم » فكانت كلمة #خلوا» متعدية بإلى» وأصلها بالباء» يقال : خلا بهء ولا يقال: خلد إليه» وإنما عدل عن الباء إلى التعديه بإلى للدلالة على معنى الانصراف» إذ كلمة خلا تتضمن ذلك. ولمعنى خلوا منصرفين إليهم » تاركين المؤمنين» أو المعنى خلوا عن المؤمنين بمعنى تركوهم إليهم» فلا مجاز فى التعدى. ومهما يكن التخريج» فإن معنى خلوا بهم لا يراد. لأن معناه الانفراد» والتسترء وهم لا يتسترون فيما بينهم » يقولون جهرا بينهم» وفى أوساطهم» فلم تكن خلوة بهم» ولكن كانت خلوة معهم وإليهم . والشيطان فعلان من شطَنْ بمعنى بَعْد وشياطين جمع شيطان وسموا شياطين لبعدهم عن الحق» وتجافيهم عنه. وأضيفت شياطين إليهم للدلالة على أنهم جماعتهم؛ وكلهم شياطين بَعَدَاء عن الحق لا يهتدون ولا يستمعون إلى الحق ولا يرومونه» وقد بعدوا عن كل معنى من معانى الحق» والقصد المستقيم . وإذا انصرفوا إلى شياطينهم» وخلوا أهل الإيمان «قَالُوا نا معكم »4 وهنا يؤكدون أنهم لم يخرجوا عنهم بذلك الكلام الذى زوروه للمؤمنين ليخدعوهم . وقد أكدوا أنهم لم يخرجوا من صفوف النفاق إلى صفوف المؤمنين فى قولهم: ظ إِنًا معكم 4 ب «إن) التى تؤكد الحكم الذى يكون وراءهاء وبقولهم: معكم» أى أننا ما حرجنا عنكم بهذا القول» ولكن ما زلنا فى صحبتكم أنتم دون غيركم» فلم نفارقكم بهذا القول »وإنما هو من بضاعتنا التى نروج بها لأنفسنا. نا تفسير سورة البقرة لال ولم يؤكدوا للمؤمنين ادعاءهم الإيمان؛ لأنهم قالوا قولا لم يصدر عن قلوبهم» وإن تَلَوت به ألسنتهم» ولم يسكن الإيمان قلوبهم» فهو قول باللسان» ولم يذكروا تفصيل الإيمان» فلم يقولوا آمنا بالله ورسوله» والكتاب الذى جاء به وباليوم الآخرء إلى آخر ما يشتمل عليه الإيمان» لأنهم لا يريدون حقيقة الإيمان» ولكن يريدون أن يثيروا قولا يسترون به كفرهم المستكن فى قلوبهم. وقوله تعالى : وَإدَا لَُوا الّذِينَ آمُوا قَانُوا آما 4 ليس تكرارا لقوله تعالى : ومن النّاس من يقول آمنا بالل وباليُوم الآخرٍ ... لم 4 [البقرة] لأن الآيات الأولى فى التعريف بالصنف الذى يقابل أهل الإيمان الحقيقى» وأهل الكفرء أما هذه فهى لبيان أحوال تلك الطائفة» وكيف يقولون ما لا يفعلون» ويظهرون ما لا يبطنون» فالأولى حكم عام» والأخيرة بيان لبعض أحوالهم. وإن أولئك المنافقين عندما يلاقون شياطينهم لا يذكرون المعوية فقط بقولهم : (إنَا معكم» بل يفسرون معنى كلامهم للمؤمنين» وقولهم: آمنا. وكأن سائلا منهم سأل: لماذا قلتم ما قلتم فقالوا: «إِنّمَا نحن مستهزئون» الاستهزاء السخرية والتعابث» يقال: هزئ به واستهزأء أى سخر منه» وتعابث بالقول معه. وقد أكدوا الحكم بأنهم يستهزئون - بالحملة الاسمية» وب من الدالة على التوكيد» وبذكر «نحن» لتأكيد الحكم باستهزائهم» وذكر ب (إنما؛ الدالة على القصرء ‏ والمعنى: إننا فى عملنا هذا نستهزئ» فهم يقصرون أنفسهم على الاستهزاء قصرا إضافيا . وإن الحكم بأنهم مستهزئون يتضمن الحكم بأنهم لا يؤمنون؛ لآن من يؤمن بشىء لا يستهزئ به؛ فهم تجاوزوا حد الكفر إلى أبعد منه» هو الاستهزاء بالمؤمنين والسخرية منهم» وأصل الباب الهزءء بمعنى الخفة. إلا تفسير سسورة البقرة 5 ولكن الله تعالى بين أنهم إن يسخروا من المؤمنين فالله تعالى يسخر منهم لخفة عقولهمء وسفه أحلامهم؛ ولذا قال تعالى: #اللّه يستهزئ بهم والمعنى أن الله تعالى ينتتصف للمؤمنين فيستهزئ منهم» ويسخر بهمء وينتقم من قولهم يوم القيامة» وليس المراد معنى الاستهزاء» وهو الاستخفاف» فإن ذلك لا يليق بذات الله تعالى» وإنما المراد إنزال الهوان وأن يكونوا موضع السخرية التى يجلبونها لأنفسهم بأفعالهم» فهم موضع تهكم من أهل الحق دائماء فهم جديرون بأن يسخر منهم ومن أفعالهم الساخرون» إذ هم يتملقون الكافرين من المشركين» وهم معهمء ويدهنون بالقول مع المؤمنين» ولا تخفى على أحد حال من أحوالهم» فهم أرادوا ستر كفرهم فكشفء وأراد إظهار إيمانهم . وإن الله تعالى يذكر أفعال المشركين» ويوردها بمثل ألفاظهاء وإن كانت دلالة الألفاظ عدلا وحقا لغير ما يريد الكافرون. مثل قوله: « فَمَنٍ اعتدى عَلَيَكُم فَاعتَدوا عليه بمثل ما اعتدئ عليكم ..٠‏ #ققنه © [البقرة]ء فسمى الفعل اعتداء مسجاراة لأفعالهم» وليس إلا دفعا وقصاصاء وكذلك قوله تعالى: 8 وجزاء سيّئة سبََة مله ٠‏ ك4 [الشورى]» وقوله تعالى: آومكروا ومكْر الله واللّه حير الماكرين 557 »4 [آل عمران]ء وقوله تعالى: طإِنَّهم يكيدوت كيدا +(2) وأكيد كيدا 2# * [الطارق ]2 وقوله تعالى: « فيُسخروت منهم سخر الله منهم ٠‏ لخ 4 [التوبة] وهكذا. وهنا يسأل سائل: لماذا ذكر الله حالهم بقولهم: 9إإِنّمَا تحن مستهزئُون4 باسم الفاعل الدال على الدوام» ورد الله تعالى أمرهم بقوله تعالى: #اللّه يستهزىّ بهم4 بفعل المضارع» والجواب عن ذلك أن المضارع يدل على الدوام مع تجدد الفعل آنا بعد آن» فالاستهزاء متجدد مستمرء لا يبقى على حال» بل يتجدد وقتا بعد وقتء فهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين» وأفعالهم تجدد الاستهزاءء والآيات تنزل بفساد أحوالهم وسقم نفوسهمء والمؤمنون يحذرون» ا تفسير سورة البقرة ل لل وكلما ابتغوا الفتنة ردت إليهم وتكائر شرهمء والبراءة منهم» حتى أن أهل كل بيت فيه منافق استأذنوا النبى يَدكِةِ فى قتله» حتى كانوا موضع السخرية وأحسوا بها فى ذات أنفسهم» حتى برموا من أعمالهم» وإن كانوا قد استمروا فى غيهم. ولكن لم ينزل بهم عقابهم فى الدنياء وذلك لحكمة أرادهاء ولمصلحة تغياها النبى ككلَةٌ وهى ألا يقتلهم حتى لا يقال بين الأعراب وغيرهم إن محمدا يقتل أصحابه217 , لع شا هبر ه «ويمدهم في طعْيَانهم يعمهون» الَدّ هو زيادة المدة فى حياتهم بأن يمهلهم الله ثم يأخذهم أخذ عزيزء» كما قال تعالى: ثملي لَهُم لِيرْدَادُوا إِنْما ٠٠.‏ شاه © [آل عمران] والطغيان: الكفر والضلال» وأصله تجاوز الحد» والطغيان هنا الكفر مع الإسراف فيه» والنفاق بلا ريب إسراف فى الكفر. والزمخشرى يفسر «مَدَ) لا بمعنى زيادة المدة» بل بمعنى زادهء وألحق به ما يقوه ويكثره مثل قوله تعالى: طوَتَمَدُ له من الْعَذَاب مدا 27 4 [مريم]ء ولقد قرئ: (ويمدهم) بضم الياء» وهى من المدد لا محالة. وقول الزمخشرى: فى ذلك حجة ونرجحه على غيره. والمعنى على ذلك» أنهم مغرورون مخدوعون» يعطيهم الله سبحانه من مدد الغرور فى طغيانهم» وبيان الحق وتركه ما يزيدهم فى حيرتهم واضطرابهم واستمرارهم فى أسباب السخرية منهم؛ ولذلك قال إنهم بهذا المدد « يعْمَهون», والِعَمّهُ مثل العمى» إلا أن العمى يكون فى البصر والرأى» أما العمه فإنه يكون فى الرأى بمعنى الخيرة» فمعنى يعمهون يتحيرون» فهم فى حيرة دائمة مستمرة .. زاد الله المنافقين فى كل العصور عمى» وزادهم عمها. . ! )١(‏ متفق عليه؛ أخخرجه البخارى : كتاب المناقب- باب: ما ينهى من دعوة الجاهلية ضف ومسلم: كتاب البر والصلة - باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما (2»)5787 عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه. م تفسير سورة البقرة ال 223250111111117 سيم حر مز 2 ا م ررم ليك 0 تر لو ل هر مد ع ودس مق 7 حَوَلهُ ذهب لله بورد وك 1 - د و ب درم جع وا مهم ع لا سصرون عه ضع بكم عدئ فم لا رَجِعُونَ عي 32 6 0 ا المنافقون الذين جاوروا النبى طَللِلَِ فى المدينة» سواء أكانوا من المشركين أم كانوا من اليهودء. وقد كانت عدوى الأخلاق بينهم. . أولئك المنافقون كانوا يحضرون مجالس النبى كَلْْدٌ» ونور الحق يشع بينهم. فيرون مطالعه» ويدركون مشارفه» فأسباب الهداية بين بين أيديهم يرونها عيانا» ويسمعونها بيانا» والفطرة ة تحثهم وترشدهمء والحق لا تخفى منه خافية» فعندهم العلم أو أسبابه» ولكنهم مع ذلك يتركون النور الهادى إلى الظلام الدامس» يتركون الحق الأبلج» وهو بين أيديهمء وعن أيمانهم» وعن شمائلهم» يتركون ذلك إلى الضلالة» فهم قد استحبوا العمى على الهدى؛ ولذلك قال الله تبارك وتعالى : © أولتك الْذينَ اشتروا الضّلالَة بالهدئ 4 الإشارة هنا إلى المنافقين الذين ذكرت أوصافهمء والإشارة إلى اعرف بالوصف هى إشارة إلى الأوصافء وقد حملوهاء وبذلك تكون الأوصاف هى علة الحكمء وسببه. إنهم بإخفائهم الكفرء وإعلانهم الإيمان» وإفسادهم فى الأرض» وهم يزعمون إصلاحهاء وما فيهم من مرض النفاق الذى يعمى ويصم. وظنهم أنهم أهل الكمال» وأن غيرهم أهل السفه والمنسران. إنهم بهذه الأوصاف التى اخمتاروهاء والأحوال التى كانوا عليها مع رؤيتهم النور والهدى» وتركهم إياه كلمن يشترى الضلال بثمن هو أعلى الأثمان» وهو الهدى يدفعونه فى سبيل أن ينالوا أقبح ما فى الوجود وهو الغلال» وهل يستوى مم ميل الهدى والضلال فى سوق الخير والفضيلة» إنهما لا يستويان. شبه الله تعالى أولئك المنافقين بحال التاجر الذى يطلب الكاسد يقدم فى سبيله الرابح» وهنا يصح أن يكون تخريج الكلام بتشبيه إفرادى» أو استعارة تمثيلية» وعلى الاستعارة الوفرادية يكون تشبيه الضلالة التى يطلبونها بالبضائع المزجاة المردودة الكاسدة» والهدى بالبضاعة الرائجة المطلوبة غير البائرة» وبهذه الاستعارة يكون المعنى أنهم يتركون الطيب المطلوب» ويأخذون بدله الردىء» المردودء» فهم الخاسرون لا محالة؛ لأنهم يأخذون شيئًا لا خير فيه » وفيه فساد كبير » ويقدمون فى سبيله أمرا كله خير ونور. وإذا خرّجنا على أنها استعارة تمثيلية» فيكون المعنى تشبيه حال رجل فى يده هدى ونور وخير وفضل» يتركه ليستبدل به شيئا لا خير فيه» وفيه فساد وضرر» بحال تاجر يترك البضاعة الرائجة المثمرة إلى بضاعة كاسدة لاثمرة فيها. وقد رشح الله فى بيان كتابه بأن ذكر ما يقوى الاستعارة بكر أوصاف للمشبّهء فقال: #قما ربحت تجارتهم» أى أنهم فى هذه المبادلة المعنوية خاسرون» وليسوا كاسبين لأنهم خسروا الخير وأخذوا الشرء وأى كسب فيها؟! ونسب الربح إلى التجارة» وهى محل التصرفء وذلك تعبير بليغ كقولك: نهار صائم وليل قائم» وذلك من قبل المبالغة فى الصوم والمبالغة فى الصلاة» وإنما قوله: #قَمَا ربحت تجارتهم» مبالغة فى نفى الربح وثبوت الخسارة» لمن ترك الهداية وأخذ الضلال. وقد أكد سبحانه ضلالهم» ونفى الهداية عنهم كنتيجة لهذه المبادلة الخاسرة فقال: #ومًا كَانُوا مُهمَدِينَ» لأن نفوسهم أركست ذلك الإركاس» وفسدت ذلك الفساد» ماكان من شأنهم أن يهتدوا أبداء فنفى عنهم الاهتداء نفيا موّكدا بالجملة الاسمية» وبكلمة كانوا الدالة على الدوام والاستمرار» فليس من شأن من كانت هذه الحال حاله أن يهتدى أبداء لأن الشر قد استمكن من نفسه وأظلمت واربادت بالضلالة حتى إنه لا منفذ لنور يدخلها أبدا. (#/ تفسير سورة البقرة ل ا 1 2322*011 ولقد ضرب سبحانه مشلا آخر لضلالهم» وقد بدت لهم معالم الهداية» وبزغ يبن أيديهم نورهاء فقال تعالت كلماته: مهم كَمدَلٍ الذي استَوَقدَ نَارَا قَلَما أَضَاءت ما حوله ذهب الله بنورهم» . المثل: الحال الشبيهة والشأن» واستوقد النار» أوقدها بعد علاج وطلب للوقود» فاستوقد معناها أَوقَدَء والفرق بينهما أن الأول يكون بطلب وجهد؛ لأن السين والتاء للطلب» وهى تفيد المعالجة فى الإقادة» فلا يصل الإقادة إلا بجهد ومشقة؛ وضرب الأمثال فى القرآن كثيرء بعقد المشابهة بين الأحوال الواقعة» وما يمائلها فى الحياة» لتقريب المعانى العالية التى اشتملت عليها كثير من آيات القرآن» لتقريب المعانى المجردة للناس بعقد المشابهة بينها وبين أمر محسوس. والمعنى السامى فى الآية أن حال المنافقين فى أنهم فى وسط ال مؤمنين يناكحونهم » ويتوارثونهم» ويعاملونهم» ويوادونهم» ويدلون بالجوار بينهم وبينهم» ومعرفتهم للإيمان وأهله وذوقهم محبة بعض المؤمنين» وهذه الأحوال التى تكنفهم, ومن شأنها أن يعلموا بها الحق» وقد ربطتهم مودة الجارء كل هذاء حالهم فيه كحال من يستوقد النار ويناله ضوؤهاء وتخرج عليه بنورهاء حتى إذا انتفع وأدرك الحياة وعلم مغزاها ومعناهاء إذا كان كذلك خمدت النار بريح أو نحوهاء فبعد الضوء اللامع. فذهب الله بنورهم فهم فى ظلمات بعد ذهاب الضوء لا يبصرون. ويصح أن يكون هنا تشبيه إفرادى» وتشبيه تمثيلى . أما الإفرادى. فهو تشبيه المحال التى هم فيها من معاشرة أهل الإيمان ومخالطتهم؛ ومجاورتهم» وبذل المؤمنين المودة لهم من أهل وأقارب» وإقادة النار المضيئة التى ينتفع بضوئهاء ثم تخمد فيذهب الضوءء وشبهت حال النفاق التى آل إليها أمرهاء بالظلمات المتضافرة المتكائفة؛ لأن النفاق ضلال متكائف كلما أوغلوا فيه ازدادوا ضلالا» وأبعدوا فيه» حتى لا مرجع إلى النور من بعد» وشبه ما يحدثه تفسيرسورة البقرة ملل النفاق فى النفس من حيث إنه يسد الإدراك » فيصبح العقل لا يدرك والنفس لا تتكشف» بحال من لا يصرون 9فَإنها لا تعمى الأَبْصارْ ولكن تَعْمى الْقلُوب التي في . الصُدور +( 4 [الحج] هذا تشبيه إفرادى» إنه استعارة فى أجزاء القول» لا فى والاستعارة التمثيلية فى جملة القول أنه شبه حال المنافقين فى أن أسباب النور بين أيديهمء ونحيط بهم» ولكنهم لا يتتفعون بها - بحال قوم أو فوج من الناس استوقدوا ناراء وعالجوها حتى أضاءت فلما أضاءت» ما حولهم لم ينتفعوا بها فخمدت» فذهب الله تعالى بنورهم فهم فى ظلمات متكائفة بنفاقهم لا يبصرون. وفى النص عبارات بلاغية يجب الإشارة إليها : أولها - أنهم جماعة» والمفروض أنهم استوقدوا النار جميعاء أو بتعاونهم» ولكنه عبر بالمفرد» فقال تعالت كلماته: #كمثل الذي اسِتَوقدَ ثارا» فعبر بالمفردء قالوا إنه مفرد أريد به الجمع» وعبر بالمفرد لثلاثة وجوه: (1) أن الموصول العبرة فيه بالصلة لا بلفظه ومن ذلك قوله تعالى: وَحْضِكُمَ كَالّذي خاضوا .. . 257 4 [التوبة] . (ب) وأن الحقيقة أن الذى استوقد هو بعضهم أو فوج منهمء وإن كانت الإضاءة للجميع» والنفع بالفضوء للجميع لا للذى استضاء وحده؛ ولذلك كان التعبير بالجمع فى حال الانتفاع» إذ قال فلما أضاء لهمء وبعضهم قد استوقد النار والجميع يستفيد من النورء إذ هو يشيع ويعم» ولا يخص من استقاد النار. (ج) أن المشبه به فى الآية ليس هو الذى استوقدء إنما المشبه به هو الحال التى كان فيها الاستيقاد أولا ثم خحمود النيران» وسيرهم فى ضلال» فعبر بالذى كما فى قوله تعالى: ظمَمَلٌ الّذين حملُوا لوْراة تم َم يَحَمنُوها كَممَلِ الْحمارٍ يحمل ا تفسير سورة البقرة لل 1000000000 #1[ ذ آذ آذآ 2000111( أسقارا ٠‏ +4 [الجمعة] وكقوله تعالى: ظ ينظرون إلَيْكَ نظَر الْمَْشِيَ عَلَيْه من الموت ... ع 4 [محمد] فهو تشبيه حال بحال فى كل هذه الأمثلة . وثانى ما يجب الإشارة إليه أن نار مصدر لثارَء وهى مرادفة؛ ولذا يقال فى التصغير نويرة» ومنها يؤخذ النور ويجمع على أنوار. والإضاءة النور الشديد - كما قال تعالى: ههو الذي جَعَلَ الشّمْس ضياء والقَمَرَ 452 [يونس] والمعنى أنهم صاروا فى نور شديد موضح ثم خحمد وأتصدره هم في اهب فلم ينتفعوا به فأشع النور ولم يتمكنوا من الانتفاع به. وثالث ما يجب الإشارة إليه هو جواب ناه فى قوله تعالى : #فلما أضاءت ما حوله» فقد كان فى هذا الجواب نظران أحدهما: أن الجواب هو قوله: #ذَهَب الله بنورهم» وذلك كلام صالح للجوابء والثانى: أن الجواب محذوف دل عليه #ذَهَب اللّه بنورهم» والمعنى» أن الجواب خحمدت النار أو انطفأت وذهبت الإضاءة. وقوله تعالى: «إذهب الله بنورهم» معناها أذهب الله تعالى نورهم الذى كانوا يسيرون فيه» ويمكن أن ينتفعوا به؛ ولذا أضيف النور الذى أذهبه إليهم. إذ هم الذين خصص ابتداء لهم . وعبر سبحانه وتعالى بقوله: «إذهب الله بنورهم» لآن الباء للملابسة» ومعتاه اهنا ذهب الله تعالى عنهم آخذا نورهم الذى أوقدوا ناره» وقد ذكر الزمخشرى الفرق بين أذهبه وذهب به فقال: «والفرق بين أذهبه» وذهب به أن معنى أذهبه أزاله أى جعله ذاهياء ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه. وذهب السلطان بماله أخذه فذهب به. والمعنى أخذ الله نورهم فأمسكه» وما يمسكه الله تعالى فلا مرسل له. ومضمون هذا الكلام أن النور الذى أضاء لهم لا يذهبه الله تعالى» ولا يضيعه» بل يحفظه ويمسكه ليهتدى به غيرهم» وهنا ملاحظة لاحظها الزمخشرى» وهى التعبير عن نورهم بالإضاءة.» وهى النور الشديد» وذلك بأنها إضاءة شديدة تفسيرسورة البقرة ملل تعقبها ظلمة شديدة كقولهم: اللباطل صولة ثم يضمحل؛ ولريح الضلالة عصفة» ثم تخفت» فهئ إضاءة شديدة لهم. ثم ذهب الله بنورها لينتفع غيرهم» أما هم فلا ينتفعون ولا يهتدون. وإذا كان الله تعالى قد أخذ النور وذهب به ممسكا له غير مرسل إلا لمن يهتدى فقد تركهم بعد ذلك فى ظلمات لا يبصرون. وعبر بالجمع» فقال ظلمات للإشارة إلى تكائف الظلمات فى النفاق» فإن المنافق فى حال كذب مستمرهء إذ إنه دائما يظهر غير ما يبطن» وذلك كذبء فحال المنافق كذب مستمر» وهم يدهنون فى القول» وهم يمالكون الظلمء ولا يتتصرون للحق » ودأبهم الإفساد فى الأرض والسعى بنميم بين الناس» وإرادة الأذى المستمر» وكراهيتهم للناس؛ ولذلك لا ذهب عنهم نور الحق » تركهم الله تعالى فى ظلمات متكائفة لا ييسصرون حقاء ولا يدركونه» ونفى الله تعالى عنهم الإبصار بالفعل المضارع» لتجدد العمى عليهم» وعدم الإبصار بتكرار أفعالهم المظلمة الدائمة . وعدم الإبصار هو عدم الإدراك» فلهم آذان لا يسمعون بهاء ولهم أعين لا يبصرون بهاء أولئك كالانعام بل هم أضل . وأنه قد سدت كل مدارك إدراك الخير» قد اشتروا الضلالة بالهدى» وأنهم إن استوقدوا بسبب استغراق الفساد لنفوسهم تنطفئ نار الحق فيهم» ويصطحب النورء ويستمسك به لغيرٍ» فَمّدت عليهم أبواب الحق لا يسمعون إذا دعاهم» ولا تنطق به ألسنتهم إذا خحوطبوا ولا يرون طريق الهدى» فيبصروه؛ ولذا وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله: #صم بكم عمي4 . وإذا كانت لهم آذان فهم لا يسمعون بهاء وإذا كانت لهم أعين فهم لا يبصرون بهاء وإذا كانت لهم ألسنة فهم لا ينطقون بها فى حق قط . ا تفسير سورة البقرة لل لال 0 4م سر ل وكانت هذه الآية الكريمة تشبيها لحالهم التى آلوا إليها فليست استعارة» ولكنها تشبيه صريحء إذ إن قوله تعالى: #صم بكْم» خبر لمبدداً محذوف تقديره: الهم) أو: المنافقرن» فهم كالصم لأنهم إذا استمعوا القول لا يتبعون أحسنه ويقولون سمعنا بل ينغضون رءوسهم علوا واستكبارا ظإِنَّكَ لا تسمع الْمَوتئ ولا تسم الصم الدعاء إذًا لّوا مدبرين ج22 4 [النمل ]» وإذا بصرتهم بالدلائل الواضحة» والبينات الناصعة» لا يستبصرون فلهم قلوب لا يفقهون بهاء ولا ينطقون بحق استنطقتهم بهء فهم كالبكم الذين لا ينطقون» وهم لا يبصرون وإن كانت لهم أعين. وختم الله تعالى وصف حالهم بأنهم لا يرجعونء أى لا يرجعون إلى الهداية» بعد أن ساروا فى الغواية» أى هم وقوف عند الشر الذى وصلوا؛ لأنه ليس وراءه شرء بل هو الضلال البعيد»ء وقد وصلوا إلى نهايته» فماذا بعد النفاق من ضلال» ولقد قال الزمخشرى: إن وقوفهم فى الحيرة هو الذى حكم عليهم بأنه يتركهم فى طغيانهم يعمهون أى يتحيرون. ف سح ف سرس الإو سساح سل لور وَأ سا طم . وكَصِيب : مَنَالسَمَآء فيه : 41 ملورعد وق علو 3 سر سر وه 5 00 م لجر 2 ادوم صوق دلوب وله حيط با لكيض: ري كاد ديحت برهم لنالضة لم تكراف و لمعو فَامُوأ ا وَأَبصَكْرِهِمْ رك أللهعلَ كل نيه يضرب الله تعالى الأمشال ليقرب المعانى السامية إلى العقول المدركة. ويكثر في كتابه الحكيم من الأمثال لتكون المعانى العالية التى تخفى على الأفهام - معروفة تفسير سورة البقرة اللا مألوفة لديهم؛ ولذلك قال تعالى: ظ وتلك الأمثَال نضريها للنّاس وما يعقلها إلا العالمون 227 > [ العدكبوت] . وذلك لأنهم فى وسط علم الثبوة» والإشراق المحمدى» والجوار لأهل الحق. ولكن وقد ضرب الله تعالى مثلا آخرء يبين فيه سبحانه ما نزل لهم من نورء وما قرعهم الله تعالى به من قوارع» وما أصاب نفوسهم من نوازل» كان من شأنها أن تجذبهم إلى الإيمان» فلم يتجهوا إليه» ولم يخلعوا أنفسهم مما هم فيه من انحراف عن الحق» ومقام عن إدراكه. لقد نصر الله تعالى المؤمنين» ونصرهم كان كالصواعق والرعدء وفيهم الهدى؛ فضرب مثلا بهذه الحال» فقال: أو كصيّب من السماء فيه ظَلّمَّات..» الآية. أو هنا عاطفة على قوله تعالى: لمهم كَمَثْلٍ الذي اسِتوَقد ارا ... 408 أى أن مثلهم كمستوقد النار» أو مثلهم كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق» ويقول الزمخشرى: إن «أو» أصلها للشك». ثم صارت بلمجاز دالة على التسوية» كقوله تعالى: « ولا قطع منهم آثما أو كفورا +( 4 [الإنسان] أى أن الإثم والكفر سواء فى أن طاعة أهلهما حرام تجر إلى الوبال وسوء العقبى والمآل» والتسوية هنا بين المثل فى أن كليهما فيه عبرة واعتبار» وتصوير لحال المنافقين» فالأول يصورهمء ونور الحق بجوارهم» وهم يعيشون فيه بأجسامهم» وإن جافته قلوبهم» والثانى يصورهم, وماء الحياة ينزل عليهم مدرارا من السماءء ومن شأنه أن يحيى موات الأرض والنفوس» ولكنه لهم ظلمات» وفيه رعد مزعج وبرق يبرق ويبين» وصواعق تنزل قارعة للأجسام» عسى أن تقرع النفوس فتحولها من الضلال ا تفسير سورة البقرة الل الال ل 0 إلى الهدى» فهما مثلان متلاقيان غير متباينين» كل واحد منهما يصور جانبا من جوانب المنافقين» الأول يصور الحق كنور رأوه» ولم يهتدوا به»ء والثانى كماء اللحياة ينزل عليهم وسط نذر وإرعاد وإبراق» فلم يرتدعوا به فهم لم يهتدوا بنور هادء ولم تردعهم النذر والآيات. والصيب هو الماء ينزل» وهو وزن قيعل من صاب يصوب بعنى نزل» فأصلها صيوب اجتمعت الياء والواو»ء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ك (سيّد) و(ميت)» وغير ذلك مما يشابهها من كلمات فى التصريف, واللفظ فى القرآن له فصاحة وبلاغة قائمة بذاتهاء فصيب تدل على ماء نازل بقوة تقرع الرءوس قرعاء وينبههم على الماء الذى جعل الله تعالى منه حياة كل شىء. والسماء ما أظلك. ولاذا أسند إلى السماءء والمطر ينزل منها دائما؟ ونقول إن ذكر السماء يدل على أمرين» أحدهما ‏ أنه نازل من السماءء وليس من العيون والينابيع؛ فإن ماءها لا ينزل» ولكن يخرج سلسبيلاء وثانيهما - للإشارة إلى أنه يجىء من عل » فينصب انصبابا. ووصف سبحانه الماء» وهو يمطر وابلا بأن فيه ظلمات» وهى جمع ظلمة» وقد تكائفت هذه الظلمات فاجتمع فيها ظلمة الدَجنّة('» الحالكة» وظلمة السحب الداكنة» وظلمة الليل الدامس» وظلمة الانهمار الذى ينصب على الرءوس انصباباء وفيه رعد وبرق» وفيه صواعق تصك آذانهم صكا شديداء وتفزعهمء حتى إنهم يجعلون أصابعهم فى آذانهم حذر الموت» خوفا من أن يموتوا. وهذا تصوير للنذر التى كانت تأتيهم مع ماء الحياة الذى يحييهم عساهم أن يهتدوا بالنذر إذ لم يهتدوا بالحق فى ذاته» وقد كان نورا قد أشرق. )١(‏ الدجِنّهُ من الغيم: البق تطبيقاء الريَانُ المظلمء الذى ليس فيه مطر؛ يقال يوم دَجْنء ويوم دُجَنّهَ وكذلك م تفسير سورة البقرة ال ململللئللاك والرعد على ما هو مقرر الآن مظهر من مظاهر الكهرباء التى أودعها الله تعالى فى الأجسامء» فبعض السحاب يحتوى على كهرباء تسمى موجبة» وأخرى تحتوى على كهرباء تسمى فى اصطلاحهم سالبة» وإذا اصطدم السحاب الموجب بالسحاب السالب حدث صوت شديد هو الرعد» وصحب الاصطدام نور هو البرق» وقد تنزل نار محرقة من جراء ذلك هى الصواعق» فالمطر الصيب يكون فيه ظلمات ورعد وبرق وصواعق» وقد ذكر القرآن الكريم ذلك فى هذا المثل» ونرجع رجعة نتعرف فيها تفسير علماء الآثر للرعد والبرق والصواعق» وسنجد من بينهم من يقارب تفسيره لما تقرر فى هذا العصرء ومن باعده. فممن باعده ما رواه الترمذى عن ابن عباس أنه قال» سألّت اليهود النبى مَك عن الرعد فقال: «ملك من الملائكة بيده مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله»» فقالوا: فما هذا الصوت الذى نسمع؟ قال: «زجره السحاب إذا زجره» حتى يتنهى إلى حيث أمر»» قالوا: صدقت217. وفسر ابن عباس - فى رواية لا ندرى مقدار صحتها - البرق بأنه سوط من نور بيد الملك يزجر به السحاب. ولقد جاء فى تفسير القرطبى: قالت الفلاسفة الرعد صوت اصطكاك أجرام السحابء والبرق مما ينقدح» من اصطكاكها. ولا شك أن تفسير الفلاسفة قريب مما قرره العلماء فى عصرنا من أنه احتكاك سحابة سالبة بأخرى موجبة.» يتولد عنه صوت هو الرعدء ونور هو البرق. وإن الزمخشرى رضى الله عنه فسر الرعد والبرق بمثل ما فسر الفلاسفة» فقال: والرعد الصوت الذى يسمع من السحاب كأن أجرام السحاب تضطرب» وتنتفض إذا حدتها الريح فتصوت عند ذلك من الارتعاد » والبرق الذى يلمع من السحاب» ولا شك أن ذلك قريب مما يقرره الفلاسفة» وإن لم يكن هو. .)9 0 55( رواه بهذا اللفظ - عن ابن عباس - الترمذى: كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة الرعد‎ )١( ااا : يي وهنا يجب أن نتكلم فى الرواية التى تقرر أن ملكا هو الذى يكوّن الرعد والبرق» فالخبر لم تروه الصحاح. ولم يروه إلا الترمذى» ومن المقرر أن الأخبار إذا خالفت العلم الضرورى القاطع أولت» أو كان ذلك دليلا على ضعفها لضعف متنهاء فقد قال الغزالى: إذا خالفت النصوص ما قرره علماء الكون والطبيعة على أنه حقيقة مقررة تؤول النصوص إذا خالفتهاء وإذا كانت حديث آحاد ردت نسبته إلى النبى كك وعلى ذلك فنحن نفسر القرآن الكريم فى قضية الرعد والبرق والصواعق بما تقرر فى العلم» ولا نحسب أن حديثا ثابت السند» ولو حديث آحاد خالف ذلك. وقد صور الله سبحانه وتعالى قوة الصواعق فى قرعها الشديد للآذان بقوله: «إيجعلون أصابعهُم في آذانهم مَنَ الصواعق حدر الموت». وإن الإنسان عندما يقرع أذنه قارع شديدء لا يضع أصابعه كلها فى أذنه» بل يضع فقط طرف أصبعه السبابة فلا يجعل فى أذنه جملة أصابعه؛ ولذلك كان فى الكلام مجاز لاستحالة الحقيقة» ويعدون ذلك من المجاز المرسل بإطلاق اسم الكل وإرادة الجزء» وإن إطلاق اسم الكل وإرادة الجزء كثير فى الاستعمال العربى» وفى القرآن الذى هو أبلغ الكلام» فقد قال تعالى: فَاعْسلُوا وجوهكم وأَيْديكُم إِلَى الْمرافق وامسحوا برءوسكم ... 20# 4 [امائدة]ء ولا يراد الأيدى كلهاء بل يراد بعضهاء وقال تعالى: 9 وَالسَارق وَالسَارقَة فَاقَطعوا يديهم جزاء بمًا كسا كال مّنَ الله ... لنت © [المائدة] ولا تقطع اليد كلها فى حد السرقة. ويقرر الغزالى أن أصبع السبابة هى التى تسد الأذن بطرفهاء ثم يقول: فإن قلت: إن الأصبع التى تسد بها الأذن أصبع خحاصة قَلم ذكر الاسم العام دون الخاص » قلت: لأن السبابة فعالة من السب. فكان اجتنابها أولى بآداب القرآن» آلا ترى أنهم قد استسبحوا بها فكنوا عنها بالمسبحة. تفسير سورة البقرة لل اال الملل يج ؤزو يي وفى الحلية(21: إن ذكر الأصابع مع إرادة بعضها فيه بيان عظم الهول فى نفوسهم واشتداده على حواسهم حتى أصابتهم رعدة الخوف» وظنوا الظنون من هول مايرون» وقوله تعالى: لإحذر الموت» أى خوفا من الموت» فهى مفعول لأجله. والصواعق جمع صاعقة. وهى ما ينزل من السماء من نار» فى الرعد والبرق. وهنا يسأل سائل: هل جعل الأصابع أو أطراف بعضها فى الآذان يمنع الموت عنهم» فيحذرونه بوضع الأصابع » والجواب عن ذلكء» أن التعليل ليس لمجرد وضع الأصابع» بل هو تعليل للحال التى هم عليهاء والتى كان وضع الأصابع فى الآذان أثرا من آثارهاء أو مظهرا من مظاهرها. فهى ذعر دائم من ظلمات متكائفة من سحاب داكن» وليل معتم» وأمطار منهمرة» ورعد وبرق وسحاب» حتى توهموا أن وضع الأصابع فى الأذن فلا يسمعوا صوت الصواعق والرعد - قد يدفع الموت. فهم يفعلونه حذر الموت. وقد بَيّن سبحانه من بعد ذلك أن الله تعالى محيط بهم» والإحاطة معناها هنا السلطان والاستيلاء والقوة» فيقال أحاط به السلطان أى أخذهء ولم ينج منهء» وهى مجاز يراد به ألا يفوتوه» وقد تطلق الإحاطة ويراد بها الهلاك. كما قال تعالى: ( إلا أن يُحَاط بكم ... 4257 4 [يوسف] أى تهلكوا فمعنى #واللّهُ محيط بالكافرين» أى هم فى قبضته إن أراد أهلكهمء كما قال تعالى: « والأرض جميعا قبضته يوم القيامة . . . +2720 4 [الزمر] . والمعنى على ذلك: إنهم يحذرون الموت» ولا حذر منه» ولا ينجيهم الحذرء فإن الله تعالى محيط بهمء لا يفلتون» وذكر الكافرين هنا لأنهم كافرون أمقت النفاق» فذكر وصف الكافرين إرهاب لهم أشد إرهاب» وأنه جزاء ما يفعلون فى الدنياء ويستقبلون فى الآخرة عذابا أليما عظيما. )١(‏ حلية الأولياء لأبى نعيم. إإ تفسير سورة البمرة م | كاك :< يي وصور سبحانه وتعالى قوة البرق وأثرها فى نفوسهم بقوله تعالى: يكَادُ البرق يخطف أبصارهم4 والخطف معناه الأخذ السريع؛ ولذلك يطلق على الطائر إنه الخطاف لسرعة أخذهء وخطف من باب فرحء وهى اللغة الفصيحة السائغة فى لغة العرب» وهناك لغة تجبعلها من باب ضرب» فيقال خَطَفْ يخطّف» وقد قرئ بها فهما قراءتان» وقالها الأخفش» فروى أن الأخفش قال: خَطف يَخَطَف» ولكن قال الجوهرى: وهى قليلة رديئة لا تكاد تعرف. وعندى أنه إذا كانت هناك قراءة بكسر الطاء لا يليق أن تذكر بأنها رديئة» وقد روى أنه قرأ بها على زين العابدين» ويحيى بن وثاب» وقرأ بها يونس» والأولى أن يقال إنهما لغتان فى حركة الطاء. هذا والآية الكريمة تصور شدة البرق من حيث إنه يكاد يخطف الأبصار ويذهبها لشدته. كما فى قوله: 9 يكاد سنا برقه يذهب بالأبصارٍ +27 4 [التور]ء أى يكاد البرق يأخذ أبصارهم سريعاء فلا يبصرون » وكانت السرعة فى أخذه» لأنه ومضات تجىء سريعة وتختفى سريعاء ولا تبقى طويلا. «كلّما أضاء لَهم مشا فيه وإذا أَظلَمْ علَيهِم قَامُوَاك أى كلما كان البرق كان الضوء المنير»ء فعندئذ يمشون فيه مطمئنين غير مسرعين؛ لأن المشى إذا اشتد كان سعياء وإذا اشتد السعى كان عدوء فكلما أضاء ساروا فيه سير اطمئنان» وإذا أظلم أى إذا انطفأ فأظلم الجوء وصار ظلاما - قاموا - أى وقفوا ساكنين سكون الحيارى راكدين» فهو قيام الحائر الراكد الذى لا يدرى ما الله فاعل» وعبر فى الإضاءة بكلما لأنها مكررة بتكرر البرق» ولأنها حركة تغدو وتروح» فإذا جاء البرق وذهب توقعوا عودته. أما الإظلام فلا يطلبونه» وهو حال سلبية لا تجدد فيهاء لا يطلبون» وقاموا تتضمن السكون والبقاء على ما هم عليه متحيرين مضطربين. ولو َاء الله تعب بسنهم» لو شاء سبحانه وتعالى أن يذهب بسمعهم بالرعد والصواعق أو ببصرهم بالبرق الخاطف لذهب بهاء أى لأخذها كما أعطاهاء فقوله تعالى: #لذهب بسمعهم وأبصارهم» معناه لاستردهاء وأعادهم صما وعمياء #ا تفسيرسورة البقرة الل الئل لحب ا كما قال تعالى: واللّه أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السّمع والأبصار والأشدة لعلكم تشكرون 27 4 [النحل]. ثم هس سبحانه وتعالى الآيات الكريمات بكمال قدرته» فقال تعالت كلماته: إن اللّهِ على كل شيو قدير» وذلك التذييل لتأكيد قدرة الله تعالى على إذهاب سمعهم وأبصارهم» وكل قراهم. وقد أكد سبحانه قدرته القاهرة فوق عباده بعدة مؤكدات: بالجملة الاسمية أولاء وب ان ثانيا» وبذكر لفظط الحلالة الذى يدل على أنه مالك الوجود» ومالك كل موجود» وعموم قدرته على الأشياء كلها «إِنّهِ علي حكيم )4 [الشورى] . وهذه الأخبار كلها - من نزول الصيّب المنهمر انهماراء والظلمات اللمتكائفة والرعد والبرق» وكون الأبصار يكاد سبحانه وتعالى يخطفهاء أهى مجاز لأمور معنوية؟» أم هى حقائق وليست مجازا؟ ونقول إن هناك استعارة تمثيلية فى جملة القولء ولا مانع أن تكون فى كل جملة مجازاء ويتكون من هذه المجازات الصورة التمثيلية الكبرى . ويميل إلى ذلك أكثر المفسرين» يقول الفراء فى قوله تعالى: #كلّمَا أضاء لهم مُشُوا فيه» : أنهم كانوا كلما سمعوا القرآن» وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معهء فإذا نزّل من القرآن ما يَعْمَون فيه» ويضلون بهء أو يكَلَمُونه قاموا أى ثبتوا على نفاقهم . وروى عن ابن عياس (المعنى أنه كلما صلحت أحوالهم فى زروعهم ومواشيهم» وتوالت عليهم النعم قالوا دين محمد دين مبارك» . وكذلك يفسر الصيب بالقرآن حياة الأرواح» والظلمات والرعد والبرق بما وهكذا. وإن الحق هو أن المثل كله استعارة تمثيلية» أو تشبيه تمثيلى» فقد شبهت حالهم من أن القرآن ينزل فى المؤمنين وهم جيرانهم ومعاشروهم» وفيه ماء الحياة الذى (#م تفسير سورة البقرة سس سسا اس 9 )0 ب ا يحبى القلوب ويغذيهم. وأنالهم العبر والمثلات من تأييد الله تعالى» ونصره الدائم المستمر للمؤمنين» والخذلان الدائم لهم» وما يقرعهم من آيات بينات» وما يجىء إليهم من بلايا بسبب الخزايا التى تنزل بهم كالرعد الذى يقرع الأسماع والبينات تجىء إليهم نورا يسيرون فيه» ثم تظلم قلوبهم وينطفئ نور الحق بينهم . شبهت حالهم والعلم البين بين أيديهم بحال قوم نزل عليهم غيث منهمر فيه ظلمات ورعد وبرق وصواعق» ومع ذلك لم ينتفعوا ولم يهتدوا. فالكلام الكريمء فيه تشبيه حال بحالء وما فيه من مثل قوله تعالى: واللّه محيط بِالْكَافرِين 6 وقوله : «ولو شاء الله ذهب بسمعهم وأصارهم» إنها هو من ترشيح الاستعارة» والترشيح هو ذكر الأوصاف المختصة بالمشبه به» كما إذا قلت عن شجاع: إنه ليث» ثم قلت: له لبدء أظفاره لم تقلم» فإن ذلك تقوية للاستعارة بذكر أوصاف خاصة بالمشبه به. والله أعلم . العبادة والقدرة والكتاب ذكر الله تعالى فى أول السورة مكانة الكتاب» وأوصاف المتقين ثم أوصاف الذين كفرواء ثم ذكر أوصاف المنافقين» لأنهم شر هذا الوجود الإنسانى» وداؤف ويكمن فيهم سبب فساده. بعد ذلك ذكر الله واجب العبادة» ومقام كتابه» فقال تعالى: اي د يمال حَلَفَح وَالَذِنَ من ملم هَتَسَعُونَ َذِى جَعَلَ لم رض فردسًا وأ وَألسَمَاءً 2و نول منَ 2 ا يجعلوأ لله تدا ادَكوَسم كلمو ج27 2 ١ تفسيرسورة البقرة لاملل «لبم ب _را) يي هذه الآيات الكريمات تدعو إلى عبادة الله تعالى وحدهء وتذكر أنه خالق من فى الوجودء وأنه ربه الذى يبه وأنعم عليه بالنعم» وهذا يبين أن الكافرين والمنافقين على باطل» وأن أهل الحق وحدهم هم الذين يسلكون الصراط المستقيم. يا أَيّها النّاسَ» قال بعض العلماء: إن الخطاب ب «يا أيها الناس» يكون لأهل مكة» وخطاب (يا أيها الذين آمنوا» يكون للمؤمنين بعد الهجرة» ونرى أن هذا التخصيص ليس محكما دقيقا» فهذه سورة البقرة مدنية» وأهل الإيمان قد قاموا واستقرواء وأهل الشرك لايزالون قائمين بمكة. وفوق ذلك جاء الخطاب ب (يا أيها الناس» فى سورة النساء» وهى مدنية فقد قال تعالى فيها: فيا أَيّها النّاسَ قَدْ جاءَكُم الرسُول باحق من رَبَكُم فآمنوا حيرا لَكُم وإن َكْفْرُوا فَإِنَّ لله ما في السّمَوَات وَالأَرْضٍ وكَان اللّهُ عَلِيمًا حكيما +20 4 [النساء]؛ ولذلك نرى أن ذلك الاستقراء غير كامل» والأقرب أن نقول إنه إذا كان ب «يا أيها الناس» فإنه يعم المؤمنين والكافرين؛ لأنه يكون متضمنا خطابا للكافة» ويكون المطلوب فيه إجابة الدعوة المحمدية بالتوحيدء مع ذكر البرهان العام الدال على التوحيد وصدق الرسول يَللِيَةِ. أما النداء ب «يا أيها الذين آمنوا» فإنه يكون متجها إلى بيان الأحكام التكليفية : نهيا أو طلباء أو إباحة بنص شرعى» وسواء أكان التكليف يتعلق بالأسرة أم بالعلاقات الدولية» أم كان بالتحريض على الجهاد. يا أَيَّا النّآس» قالوا إن النداء ب «يا» يكون للبعيدء والنداء ب «أى» يكون للقريب» وهنا النداء ب (يا» و«أى» معاء ثم يزاد عليها ها التى تفيد التنبيه» وينادى للبعيد حسًا ب«يا)» وللبعيد معنويا بها أيضاء » والنداء من الله تعالى لعبيده نداء من أعلى من فى الوجود إلى خلقه؛ ولذا كان النداء بأداتى نداءء وهما «يا» و«أى»؛ ويضاف إليهماء فهو منه عز وجل إلى الخلق جدير بأن يكون بأعلى الصيغ» لبعد ما بين الكون وخالقه فى المنزلة» وفوق أن هذا النداء من الخالق» وهذا يقتضى أعلى كاه : - العلو وأبعدة. وموضوع النداء له جلال وخطرء وعظيم شأن؛ لأنه العبادة أو الشرائع . ويقول الزمخشرى فى ذلك إجابة على سؤال وهو: لاذا كثر النداء فى القرآن ب (يا أيها)؟ فقال: لاستقلاله بأوجه من التأكيد وأسباب من البالغة؛ لأن كل ما نادى الله تعالى به عباده من أوامره ونواهيه» وعظاته وزواجره» ووعده ووعيده» واقتصاص أخبار الأمم الدارجة عليهم» وغير ذلك مما أنطق به كتابه أن ينادوا بالآكد الأبلغ . كان المنادى الناس» مؤمنين وغير مؤمنين» فهو سبحانه وتعالى ينادى الإنسانية كلها لا فرق بين كافر ومؤمن» وأبيض وأسودء وعربى وأعجمى» والذى يناديهم به أن يعبدوه وحده لا إله غيره. وطلب العبادة من المؤمنين وغير المؤمنين» وتحقيقها فى كل منهما بما يناسبهء فالكافرون الذين يعبدون مع الله تعالى الأنداد» ويتخذونهم شركاء لله - تعالى عن الشبيه والمثل - تكون عبادتهم بخلع عبادة الأوثان» والإيمان بواحد أحد فرد صمدء ليس بوالد ولا ولد» وتصديق الرسول كه ففى كل ما جاء به وطاعته سبحانه فيما أمر به ونهى عنه. وبالخضوع الكامل له وحده سبحانه. وبالنسبة للمؤمنين الذين آمنوا بالله ورسله» وصدقوا محمدا كَل فيما جاء به من عند ربه العلى الأعلى. فإن ذلك يكون بزيادة الإيمان» والإذعان» والاستمرار على الإيمان والبقاء عليه مستوثقين» كلما جاءتهم آية زادتهم إيمانا لا يرتابون» ويجتمعون ويكونون قوة فى هذه الاأرض» وإن الازدياد من العبادة عبادة فى ذاته وكأنها منشأة بعد أن لم تكن. والعبادة الخضوع المطلق لله سبحانه وتعالى وحده بحيث يكون القلب كله لله تعالى» لايحب إلا لله ولا يكره إلا لله؛ والعبادات تعم الصلوات» والزكوات» والصوم والحج». وغير ذلك ما يكلفه العباد» حتى الأعمال التى تكون بها الحياة» كلها تكون عبادة إذا قصد بالخير فيها وجه الله تعالى» ونفع عباده» فالصانع فى لل الل ككاة :1 يي مصنعه والزارع فى مزرعته إذا قصد بعمله نفع الناس ووجه الله تعالى» فهو فى عبادة» فالعبادة تعم كل أفعال الإنسان» واختصت من بينها الفرائضء. لأنها لا يمكن أن تكون إلا لله تعالى» وهو عليم بذات الصدور. وقد وصف الله - سبحانه وتعالى - ذاته العلية بصفات تدعو إلى العيادة» من له قلب يخشع» وعقل يخضع» فوصفه أولا بأنه الرب الأوحدء فقال #ربكم» أى رباكم ونماكم» أو وربكم: تولاكم» وكلأكم بالليل والنهار» ويتبع حياتكم». فيرعاكم حق الرعاية فى كل أجزاء جسمكم» ونفوسكم وعقولكم» ولا تخفى عليه خافية من أموركمء وهو بهذه الربوبية يستحق أن تعبدوه وحدهء لا شريك له؛ لأنه لا أحد سواه يربكم. ووصفه ثانيا بآنه «الّذي حَلفَكم» والخلق معناه الإنشاء والإبداع والتقدير والتصويرء صوركم» فأحسن صوركم» والعرب كانوا يعرفون الله تعالى» وأنه وحده الذى خلقهمء كما حكى الله تعالى عنهم: فإ ولئن سألتهم من خَلَقَ السّموات والأرض لَيَقُوثنَ الله .. . 427 4 [ لقمان] وكانوا يقولون: «إما تعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفئ ... +2 4 [الزمر] . فهم يؤمنون بوحدة الخالق المنشيئ المكون» ويؤمئون بوحدة الذات والصفات» وإشراكهم كان إشراك العبودية» فهم يعبدون مع الله غيره آلهة أخرى.» تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. ووصفه ثالنا بأنه خلق الذين من قبلهم» وقد يسأل سائل: لماذا كان هذا الوصف» والسابق يتضمنه» فمن خلق جيلا فإنه يخلق الأجيال كلها: من مضى» ومن حضرء ومن يجىء بعد ذلك من الأخلاف؟ والجواب على ذلك أنه لا يغنى المتضمن عن الصريح» وذكر الجيل السابق» أو الأجيال السالفة للإشارة أولا إلى عموم قدرته» وإلى أنه قادر على الإحياء والإماتة م تفسير سورة البقرة ‏ اس 0 ميرمو يي فهو خلق السابقين» وأماتهم ثانياء وللإشارة إلى أن الحاضرين ليسوا مخلدين» فهم سيموتون» كما مات من سبقوهم وسيبعثون جميعا يوم الدين» ولآن العرب كانوا يعتزون بأسلافهم فالله سبحانه وتعالى يبين أنه هو وحده الذى خلق أسلافهم» سواء كانوا ضالين أم كانوا مهتدين. وإن صفة الربوبية وصفة الخلق والتكوين للكون كله ولمن حضر من الناس » ومن سبقوهم وقبروا فى مقابرهم. تقتضى ألا يعبد سواه ولا يحمد غيره» ولا يستحق الألوهية الحق غيره » فهو الله الواحد الأحد. وقوله تعالى: #لعلّكم تتقون# متصل بقوله تعالى: #اعبدوا ربكم» أى اعبدوه رجاء أن تتقوا بأن تقوا أنفسكم شر عذابه» وتكونوا فى أمن من عقابه. و«لعل») الدالة على الرجاء» الرجاء فيها من العباد» والمعنى أعبدوا فالعيادة طريق التقوى ومعها رجاؤهاء وتحقيقهاء ويقولون إن التقوى أقصى درجات العبادة» لآن تغليب الخوف عبادة» ورجاء النجاة عبادة . وقد يقال إن قوله تعالى: #لعلّكم تتّقون» متصلة بقوله تعالى: #خَلقكم اين من قَلكُم4 ومثل قوله تعالى: فوم لقت اجن والإنس إلا ليود 02 »4 أن يعبدوه أبلغ العبادة بالتقوى وامتلاء النفس بهيبته » والاعتزاز بعزته. وعدم الوقوعء والرجاء لا يجوز أن يكون من أحوال الله تعالى» بل هو من أحوال الخلق. ولذلك قرروا أن (لعل) هنا مجازية أى أنها ذكرت على سبيل المجاز» أى أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق. وجعل لهم سمعا وأبصارا وأفئدة وقدرة وقوة بها يختارون ويفعلون» لا يقع شيء من أفعالهم الاختيارية إلا بإرادتهم» يدركون الأمور ويتخيرون ويعرفون أسبابها ونتائجهاء فحالهم حال من يرجو أن يتجهوا نحو العبادة إلا تفسيرسورة البقرة ل ١١ ااا‎ -- يبتغونهاء فالرجاء من حالهم» والله تعالى لا يرجوهء ولا يتصور منهء إنما يتصور منه العلم» ووقوع الأمر كما علم» وكما قدر. وعندى أن الاتصال بين رجاء التقوى والأمر بالعبادة أظهر وأوضح.ء ولا إشكال فيه . وقد بين سبيحانه بعد ذلك بديع التكوين» والنعم التى ينعم بها العبادء فقال تعالت كلماته: 8الّذي جَعَلَ لَكُم الأَرْض فراشا 4 جعل تستعمل بمعنى صيرء وتستعمل بمعنى خلق» كما قال الله تعالى: «إما جَعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلّة ولا حام :2ن 4 [امائدة]؛ وقوله تعالى: وَجَعْل الظُلّمَات والنور . 2ج 4 [الأنعام] وتأتى بمعنى سمّىء كما فى قوله تعالى : 9 وَجِعلوا المَلائكّة الْذين هم عبّادُ الرّحَمَن إِنَانًا .... +187 4 [الزخرف] وتأتى بمعنى أخذ واتخذ. وجعل هنا بمعنى صيّر لأنها ذات مفعولين, الأول #الأرْض4 والثشانى « فراشاك, والمعنى جعل الله تعالى الأرض ممهدة معبدة كأنها فراش يستقر عليه الإنسان» ويجد فيها مقاما ثابتاء وإذا كان فيها نتوء كالجبال فقد جعلها الله تعالى مشبتا لذلك الفراش» ولذلك قال تعالى: لأَلَمْ نَجَعَل الأرض مهادا 22+ والْجبال أوْتادا > 4 [النبأ] وقد وصفت الأرض بأن الله تعالى جعلها مهاداء ووصفت بأنه جعلها بساطاء فهى ممهدة كالفراش وكالبساط» وتلك نعمة من الله تعالى لتسهل الإقامة عليهاء والانتقال بين آفاقهاء والهجرة بين أجزائهاء وهى للإنسان كالعرصة”(١2‏ فى مسكنه». وكون الأرض فراشا لا ينافى أنها كرة تدور حول الشمس» فإنها لعظمها وانبساطها تعد فراشا أو كالفراش» ولا يحس بأنها كرة إلا من تتبع الليل والنهار والشمس والقمرء والسير فيها من المشرق إلى المغرب» ومن الشمال إلى الجنوب» وما يقرره العلم الاستقرائى المتتبع لما خلق الله سبحانه وتعالى . )١(‏ العرصة: كل بَقْعَة بِينَ الدور واسعّة ليس فيها بناء والجسمع: عراص» وعرّصات» وأعراص. [القاموس المحيط - فصل العين - باب: عرص ]. ا تفسير سورة البقرة الالالال 1 كت ج17 #والسماء بناء)» أى وجعل السماء بناء» أى كأنها البناء أو الخباء الذى يحيط بأهله فهى السقف. أو كالسقف, ولقد قال تعالى: وجعلنا السّماء سقفا مَحَفُوظا ... غ1 © [الأنبياء] ويقال: بنى على أهله. أى: زفت إليه زوجه؛ لأنه من العادة المعروفة عندهم أن المرأة كانت إذا زفت لزوجها بنى لها خباء يسترهماء فهى من الأرض بمنزلة الخباء الذى يحيط بها ويظلها؛ ولذا تسمى الأرض اقل وتسمى السماء التى نراها امْلّة . وإن الازدواج بين المظلة والمقلة تكون نسيجته الماء الذى ينزل من السماء مدراراء فيكون غيثا ينبت الزرع» ويكون منه الكلأ تأكل منه الأنعام والحرث. ولذا قال تعالى: إوأترل من السّمَاء مَاء4 أى ما كان بناء الأرض لمَاء» ولم يقل من السحاب أو الغمام, وهى التى يتقاطر المطر منهاء كما قال تعالى: « ألم تر أن الله يزجي سحابا نم يلف به َم يله كام فى الوق يَخْرج من خلاله ويل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشَاء ويْصرفهُ عن من يشاء يكَادُ سنا برقه يذهب بالأبصار +21 4 [النور] فهذه الآية الكريمة تدل على أن الماء ينزل من السّحُب المتراكمة التى تكون كالجبال» وعبر سبسحانه وتعالى عن نزول الماء بأنه من السماءء لأنها وعاء السحاب» ولأنه سبحانه وتعالى مَنْ على عباده» بأنه جعل السماء مظلة الأرض» فناسب أن يذكر السماء مضافه إليها نعمة أخرى» وهى نعمة نزول الماء الذى يكون به الخصب والنماءء كما قال تعالى: « وجعلنا من الْمَاء كل شيء حي أفلا يوون +6 4 [ الأنبياء ] . وقد قال سبحانه بالتنكير: #وأَنزرل من السّمَاء مَاء4 أى أن هذا الماء بعض نعمهء فله نعم من الماء» وليس الماء الذى ينزل إلا بعضا من مياه كثيرة» تنزل فتفيض بها الأنهارء وتجرى فى الأقطار» فالتنكير للبعضية. وقال سبحانه: «فأخرج به من القَّمَرَات رزْقًا لَكُم» ومن للتبعيض مثل قوله تعالى :‏ فأخرجنا به من كل القّمَرات... +290 4 [الأعراف] وأسند الإخراج إليهء فلم يقل سبحانه أخحرجت الأرض» أو أنبتت الأرضء» أو أنبت الاء نباتا» لبيان ا تفسير سورة البقرة ل امال جلائل نعمته لأنه هو المخرج ؛ وهو المنبت» وهو الذى يربى البذر» ويتتج الثمر» وتلك أسباب وهو خالق الأسباب والمسببات» فالمولود لا يولد بنطفة الفحل» ولكن بخلق الله تعالى» وجعل سبحانه وتعالى النطفة سبب الوجود. وقال تعالى: رقا لَكُمْ4 ورزق بمعنى المرزوق» فهو فعْل بمعنى المفعول» كطحن بمعنى المطحون» ونقض بمعنى المنقوضء وتنكير رزق إنما هو للبعضية؛ فالثمرات بعض الرزق الذى رزقه الله تعالى» فالنعم رزق من رزق الله تعالى لعباده» والفلزات فى باطن الأرض من رزق الله تعالى لعباده» والسمك اللحم الطرى من رزق الله تعالى» واللآلئ فى البحار من رزق الله تعالى» فتنكير #رزْقَا4 فى هذه الآية الكريمة التى نذكر معانيها للدلالة على البعضية» أى أنه بعض ما رزق الله: 9 وَإن تَعدُوا نعمة الله لا تحصوها .. .+27 4 [النحل] . وإنه إذا كانت هذه القدرة القاهرة التى خلقت الحاضرين والماضين ومهدت لهم الأرض تمهيداء وجعلت لهم السماء سقفا محفوظاء وأنعمت برزق من زواج السماء بالآرض» وأخرجت لهم منها بعض رزق الله» وهو كثيرء فهو وحله المستحق للعبادة وحدهء إذ لا قدرة لبشر ولا لحجر أن ينشئ خلقا أو يرزق رزقا؛ إذ لا ينفع ولا يضر؛ ولذا قال تعالى بعد هذه النعم فى الخلق والتكوين: : فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تَعلمون # الجعل هنا هو الاتخاذ» والند هو المثل الذى يفرض فيه أنه تماثل مناوئ» كما تقول فلان ند لفلان أى مثل مناوئ كفء له. وهؤلاء المشركون مع إيمانهم بآن الله خالق كل شىء» ومجرى النعم» ومنزل السحاب» مع علمهم بذلك يتخذون الأنداد ويشركون بهاء يعبدونها مع الله سبحانه وتعالى وكأنها ند لله تعالى فى زعمهم» وإنهم يفعلون ذلك» وهم يعلمون» أى هم يعلمون أن الله وحده هو خالق كل شيء » وأنه منزل النعم» وأنهم لا يستجيرون إلا به أو نقول: #وأنتم تعلمون» أنهم من أهل المعرفة والإدراك» والفهم والذكاء» ولا يليق بذكائهم أن يجغلوا المخلوق كالخالق» ومن لا يضر ولا ينفع كمن يملك الضر والنفع» أو إنهم يعقلون ويدركون» فذلك حث لهم على الإيمان بإثارة علمهم وعقلهم وتفكيرهم . م تفسير سورة البقرة 9 القرآن المعجر وَإِدَ كنمف رب مْمَا َلناعلٌعبْونا نوأ سُورَة من ْو وأدعوأ شهدا مَنْدُو نأل كبن جيه ول ملوأ صا ارال وَهُودهَاأَلنَاسُ وَاْجَارَه عدت لْكفْرينَ ج42 دعا الله سبحانه وتعالى الناس جميعا إلى أن يعبدوه» وذكر لهم سبحانه وتعالى من النعم الظاهرة» والقدرة القاهرة التى يخضع لها الوجود كله ما يدل على أنه وحده الذى يستحق أن يعبد» فالذين يعبدونهم ما يجعلونهم أندادا لله تعالى لايملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراء ولكن الإيمان لا يتم إلا بالإيمان بالرسول الذى جاء بالحق والذى بعث رحمة للعالمين» وقد أتى لهم بما يدل على أن الله تعالى بعئه إليهم» وهو القرآن الكريم الذى يعجز البشر عن أن يأتوا بمثله» وهو الكتاب الجدير وحده بأن يسمى كتابا؛ لأنه كتاب الله تعالى إلى خليقته يهديهم إلى سبل السلامء وهو برهان محمد كذَِلكدةّه وهو الخالد إلى يوم الدين» فالمعجزات المادية الحسية تنتهى بانتهاء زمانهاء أما القرآن الكريم» فإنه قاكم إلى يوم الدين» يتحدى الناس فى كل جيل أن يأتوا بمثله» ولقد قال كله : اما من الأنبياء نبي إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشرء وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)21(7 لأن معجزته التى تحدى بها أن يأتوا بمثلها ما زالت قائمة لم ينقضص زمانهاء ولقد كان للنبى مَقِيْةٌ خوارق حسية جرت على يديهء ولكنه ما تحدى بهاء بل تحدى بالقرآن لأنه معجزته الخالدة الباقية: قل لَْن اجتَمعت الإنس والجن على أن يَأُوا بمثل هذا القرآن لا يون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظَهيرا 227) 4 [ الإسراء] . درق متفق عليه ؟؛ رواه البخارى: فضائل القرآن ‏ كيف نرل الوحى وأول ما نزل 4 ومسلم . الإيمان - وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد يَكَفِِ (؟51١)‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه . لل 1 تفسيرسورة البقيرة الل هذه الآيات التى نتكلم متسامين إلى معانيها هى مما تحدى القرآن الكريم بها العرب بعد أن ذكر قدرة الله ونعمه التى تثبت وحدانيته فى العبودية. هذه الآيات من التحدى الشامخ التى أثبت عجزهم . قال تعالى: «وإن كُسْم في ريب مَمَا تنا على عبدنا» ذكر سبحانه وتعالى احتمال أن يكونوا فى ريب من أن القرآن من عند الله» وأنه الدلالة الدالة على نبوة محمد يَكدِه فقال: #وإن كسم في رَيْب» عبر سبحانه بأداة الشرط التى لا تدل على وقوع الريب قطعًا ك (إذ)؛ لأن التعبير ب «إن» يدل على الشك فى فعل الشرطء. لا على تحققه للإشارة - إلى أنهم لو كانوا فى شك من أمر القرآن حقيقة» وأنهم يستطيعون أن يأتوا بمثله» كما كانوا يقولون 8 لَوْ نشاء لَقلنَا مفل هذا ... +20 4 [الأنفال] ما كان ذلك مبنيا على تفكير سليم» إذ إن أى تدبر وتفكير فى معانيه يزيل كل ريب» ويوجه إلى الحقيقة توجيها مستقيماء لا مجال فيه لأى ريب أو أى وهنا يسأل سائل: لقد وصف القرآن الكريم فى أول السورة بأنه لا ريب فيه» فكيف يتصور أن يكون ثمة ريب فيه؟. ونقول فى الجواب عن ذلك : إن الريب منهم لا منه فى ذاته» فهو فى ذاته يعلو عن الريب» لأنه يعلو عن المثل والشبيه فى تساوق ألفاظه ومعانيه» وجمال فواصلهء ورنة نغمه» وحلاوة موسيقاه» وكل ما اشتمل عليه مما أدهش المشركين» وحارواء ولم يجدوا محيصا من الإذعان والسكوت والانتقال من العجز الذليل إلى الاضطهاد والإيذاء. وقوله تعالى: #وإن كسم في رَيّب» بالتعبير بكان المصورة لما وقع منهم» إشارة إلى أنه لا ريب فيه لذاته» وإنما الريب من عقولهم المنحرفة. ونفوسهم الوثنية» التى استهوتها الأحجار فعبدتها. فالشك منهم». والقرآن أعلى من ذلك» ولا ريب فيه» وفى أنه من العزيز الحكيم» الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ا تفسير سورة البقرة 5 وقد يقال: إنهم لم يكونوا فى ريب من أمره» بل كانوا جازمين بأنه ليس من عند اللهء بدليل قوله تعالى: #إإن كنتم صادقِين» فى تكذيبكم» فنقول فى ذلك: إنهم كانوا جازمين فى تكذيب أنه من عند الله تعالى» ولكن النص القرآنى ينبههم إلى أن حالهم فى مثل إدراكهم البيانى وذوقهم البلاغى» وكونهم مقاول العرب»ء وأهل الفصاحة والبيان والدربة فى القول» ومعرفة موازينه» وتتبههم الآية الكريمة إلى أن مثلهم فى حالهم لا ينبغى أن يجزموا منكرين» بل يترددوا حتى يصلوا إلى الحقيقة» فى أمر هذا النوع من القول الذى لا ينهد إلى مكانته قول من أقوالهم . وإن الثابت فى سيرة رسول الله َلْهٌ أنه كان له أثر فى نفوسهم» وأحسوا بأنه فوق مايقوله البشرء فقال بعضهم: (إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة» وإن أعلاه لشمرء وأسفله لمغدق» وإنه ليعلو ولا يعلى عليه» ما يقول هذا بشر»ء وكانوا يتفاهمون فيما بينهم على ألا يسمعوه: 9 وقَالَ الّذينَ كفروا لا تَسمعوا لهذا القرآن والْعَوًا فيه لَعَلّكُم تَغلبونَ :57 » [فصلت] فإذا اتفقوا على ذلك ذهب كل واحد منهم سرا إلى حيث يسمعونه» وكل يظن أنه وحده الذى جاء يستمع إليهء فإذا هم يلتقون» وينقضون ما اتفقوا عليه. ولذلك سموه سحراء وسموا النبى مله ساحرا. ولذلك نقول: إن ذكر القرآن الكريم لهم بأنهم كانوا فى ريب منه وخصوصا أهل العلم بالبيان منهم وصف صادق» فما كانوا مؤمنين به» وما كانوا منكرين إنكار قاطعا بأنه ليس من عند الله؛ ولذلك لم يعرف عن أحد من عقلائهم أنه أراد أن يأتى بمثله» وإن تنكير الريب دليل على أنه ريب ليس بالقوى» أو الشديد» وذلك لكمال وضوح الأدلة الدالة على أنه ليس من طاقة أحد أن يأتى بمثله» وإن الشك إن كان منهم فليس له محل ولا مسوغ . ومن فى قوله تعالى: «مَمًا نزلّنا4 معناها بيان موضع الشك الذى يثور عندهم» فيقال فى شك من الأمرء باعتبار أن موضع الشك هو الأمرء وقوله الللللالللا م للللل اللو ااال االلاا0ا0ا0ا1ا اللا تعالى: #نرَلنا4 تدل على التنزيل منجما زمنا بعد زمن. ولم ينزل دفعة واحدة» وكانوا يثيرون الشك حوله بسبب ذلكء» وقد قال تعالى فيما حكى عنهم: « وقال الْذين كقروا لؤلا نزل عليه القرآن جمَلَةَ واحدة كذلك لعَبّت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً :(12) 4 [الفرقان] فكان مما يثير ريبهم الباطل أن القرآن لم ينزل دفعة» ولكنه نزل منجما ليثبت به قلب النبى كك وليتعلم ترتيله» ويعلمه أصحابه؛ وليحفظوه فى الصدور ولا يكتفى بالسطور. وذكر الله تعالى تنزيله على النبى يك بقوله تعالت كلماته: #إمَمًا نَزلْنا على عبدنا» وهو محمد يَكَِةٌ ذكره بالعبودية لله تعالى» وفى ذلك تشريف للنبى كَل وبيان لحماية الله تعالى له وبيان بأن الرسالة لا تبعده عن مقام العبودية فهو عبد لله تعالى» ولن يستنكف أن يكون عبدا لله تعالى» وأن الله تعالى عاصمه فى رسالته من الناس كما قال تعالى: واللّه يعصمك من النّاس . .. رجت # [المائدة ] . كان فعل الشرط هو قوله تعالى: #وإن كنتم في ريب مَما تَرَلنَا على عبدنا» وكان جواب الشرط هو التحدى بالمطلب المعجز وهو قوله: طفَأَتَوا بسورة من مَثلد» وهذا تحد للإعجازء كما جاء فى حكاية إبراهيم مع الطاغية عندما تحداه أن يأتى بالشمس من المغرب بدل المشرق إذ قال تعالى حكاية عن ذلك: «أَلْم تر إِلَى الذي حَاجّ إبراهيم في ربّه أن آاه الله الملك إِذْ قَالَ إبراهيم بي الذي يحبي ويميت قَالَ أَنَا أحبي وأميت قَالَ إبراهيم فَإِنَ الله يَأتي بالشّمس م من المشرق فأت بها م من الْمغرب فبهت الذي كََرَواللهُ ا يَهْدي الْقَْم الظالمين :22 4 [ البقرة] . والتحدى: هو أن يأتوا بسورة من مثله : السورة عدد من الآيات أقلها ثلا كما فى قوله تعالى فى سورة الكوثر: إن أطي قر حت فصل رلك انحر 27> إن شانتك هو الأبتر رج 4 [ الكوثر] وهى ذ فى أصلها من السّور لأنها تحيط العدد من الآيات كأنها سور حولهاء يحيط» أو من السورة وهى الدرجة الرفيعة» ا تفسير سورة البقرة والسورة يتحقق فيها المعنيان» فهما متحققان فى معنى السورة» فهى درجة من درجات البيان الرفيع لا تتفاوت مقاديرها وتتلاحق فى درجاتها وتقديرهاء وكل واحدة لها مقامها حتى أنها لتسمى قرآنا وحدها. ومن فى قوله تعالى: #من مثله» بيانية» والمعنى على ذلك فأتوا بسورة من كتاب مثله إن كان فى استطاعتكم أن تأتوا بكتاب مثله» فأتوا بسورة منه تكون واضحة التمائل والتشابه بها. وقال بعض العلماء أن «من» زائدة لتقوية السياق وتكون كقوله تعالى: «فل توا بسورة مَثْله وادعوا من استطعتم من ذون الله إن كنشم صادقين +20 4 [يونس]» ولا يقال فى القرآن إن حرفا زائد. تحداهم سبحانه وتعالى أن يأتوا بسورة من قراءة #مثله» يستطيعون بها أن يقولوا بها كما يقولون: «إلو نشاء لَقلنَا مثل هذا ... 07 4 [الأنفال]» تحداهم ذلك التحدى, وتحداهم أن يدعوا من يشاءون ممن ينصرونهم ويؤازرونهم فى الملمات والشدائدء وهذا معنى قوله تعالى: #وادعوا شهداءكم مَن دون الله الشهداء جمع شهيد» وهو الحاضر؛ أي ادعوا الحاضرين الذين يناصرونكم ويعاونونكم فى الملمات وأجمعوا أمركم من دون الله أى متجاوزين الله سبحانه أو من تجمعونهم مهما يكونوا دون الله تعالى» فشهداؤكم مهما تكن قوتهم» ومهما تكونوا تفزعون إليهم فى أموركم وعظائمها؛ فإنهم لا يمكن أن يأتوا بذلك. افعلوا ذلك: إن كنتم صادقين فى دعواكم أنكم تستطيعون» وهذا كقوله تعالى فى التحدى: «إ وادعوا من استطعتم مُن دون الله إن كُسْم صادقين +020 © [ يونس] . كان التحدى من الله سبحانه وتعالى وكان العجز منهم» وقد كان التحدى يطالبهم بأن يجمعوا من يشاءون ومن يستطيعون جمعه من الأنصار والمقاويل ليقولواء ولكنهم عجزوا لا بصرف الهمم» ولكن لعجزهم » فكان الإعجاز فى ذات القرآن لا بصرف الأفهام كما ادعى المقلدون من الفلاسفة وبعض علماء الكلام. هل تفسيرسورة البقرة الئل وإنه بمقتضى الحكم السليم والمنطق المستقيم أنهم إذا عجزوا ذلك العجز الصارخ أن يذعنوا للحق الذى جاءهم؛ ولذا قال تعالت كلماته: «فَإن لّم تفعلوا وآّن تفْعلُوا فَانَقُوا الثَار التي وقودها النّاس والحجارة» فإن لم تفعلوا أى لم تأتوا بمثله» أو بسورة من مثله» بعد أن تتضافروا وتتعاونواء وتدعوا من استطعتم أن تدعوه» ومع ذلك تعجزون عن أن تأتوا فاعلموا أن ريبكم لا موضع لهء وأنه شك حيث يجب اليقين» وعناد حيث يجب التسليم» وعليكم أن تتخذوا الإيمان وتدخلوا فى الإسلامء وتتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة التى تعبدونها تحقيقا لقوله تعالى: ف إِنَكُم وما تَعبدون من دون اللّه حصب جَهِنُم أنثم لها واردون +220 4 [ الأنبياء] . فقوله تعالى: طقَانَُّوا الثَار الّتي وقُودها النّاس والحجارة» جواب الشرط فى ظاهر اللفظ.ء وهى تطوى فى ثناياها كلاما هو بمنزلة السبب لهذا الحواب» تقديره: فإن لم تأتوا بمثله فدعوا عنادكم» وصدقوا بالحق الذى جاءكم» وبذلك تتقون النار التى يكون وقودها أنتم والحجارة التى تعبدونهاء وإن جواب الشرط على هذا إنذار بعد ذكر البرهان على الحق. الوقود هو ما تستعر به النيران وتشتعل» وذكر الحجارة التى لا تنفع ولا تضر تنديد بهم وبعقولهم التى تعبد ما لا ينفع ولا يضرء ويضل ولا يهدى. وقوله تعالى: #ولن تفعلوا4 جملة معترضة بين الشرط وجوابه» وهى مسارعة إلى بيان عجزهمء لأنه من الله» وجعله الله تعالى فوق قدرة البشرء وأن الإنس واللحن لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثله لا يستطيعونء فكانت هذه الحملة الاعتراضية لتسجسيل العجز المطلق» ونتيجته وهى أن يتقوا النار التى أعدت وهيئت للكافرين الجاحدين المعاندين للحق» وهذه الآية الكريمة كانت فى سورة مدنية» وهى تدل على استمرار التحدى بالقرآن فى المدينة. كما تحدى به فى مكة» وكما يتحدى الأجيال كلها من بعد ذلك. تفسير سورة البقرة الل 0 لقد تحداهم الله تعالى فى سور مكية مثل قوله تعالى فى سورة هود: ؤم يقولون افتراه قل فَأتوا بعشر سور مثله مَفَرَيَات وادعوا م من استطتم من دون الله إن كنم صادقين 4 [هود]ء. وقال تعالى: وما كان هذا القرآن أن يفترئ من ذون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ربب فيه من رب العَالمين 60 أم يقولون افراه قل فَأتوا بسورة مله وادعوا م من استطعتم من دون الله إن كسم صادقين 0 »4 [ يونس ]. وقال تعالى فى سورة القصص: 9 قل فأتوا بكتاب مَن عند الله هو أهدى منهما عه إن كنتم صادقِينَ :5:7 4 [ القصص ] وندع الكلام فى أسباب إعجاز القرآن» فقد خصصنا له كتاباء وصلنا فيه إلى سبب الإعجاز بقدر طاقتنا. 5-7 #آ هت و الذي مَنُوأوَعي لالص د يحنت مجنت جك من ها لأ" سومان كر هذى فيا ملأو اهلها َلَهُم فسآ وج مُطهسرةوَهْمْ يها ودورت :42 بعد أن أشار سبحانه إلى ما أعد للكافرين» وهو النار التى وقودها الناس والحجارة التى كانوا يعبدونهاء فتلك حصب جهنم» وقد أعدت تلك النار للذين يكفرون بالوحدانية وينكرون الرسالة الإلهية» والعصاة يقيمون فيها بقدر معاصيهم إلا أن يتغمدهم الله تعالى بعفوه وغفرانه ورحمته. بعد هذا ذكر سبحانه ما أعده للمتقين المؤمنين الذين يعملون الصالحات» وهكذا يقرن الله ترهيبه بترغيبه» فهو يرهب أهل الجمحود بالإنذار الشديد ليقرع الحق أسماعهم» بعد أن سلك بهم طريق الحجة والبرهان» وبيان القسطاس المستقيم» ولكن إذا لم يدخل إلى قلوبهم كانت العاقبة ما يستقبلهم من عذاب شديد. (## تفسيرسورة البقرة للاخ الملل ومن أشد العذاب أن يروا مآلهم. ومآل أهل الإيمان» فهم بسبب عنادهم معذبون سلبًا وإيجابًا. . معذبون سلبا بحرمانهم مما جزى به أهل الإيمان من جنات ونعيم » ومعذبون إيجابا بعذاب الجحيم . «إوبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات» بشر فعل أمر من التبشير» وأصله من البشارة» وأصلها الخبر الذى يجىء المبلغ به فتبدو آثار السرور على بشرتهء فهو الخبر بالأمر الذى يسر ولا يضر ويكون أول الخبر بالسرور» وصاحبه يسمى البشير: قَلَمًا أن جاء البشير أَلْقَاهُ على وجهه فَارتَدَ بصيرا... +4250 [يوسف] والنبى كلل هو البشير النذير» الذى يبشر أهل الحق واليقين» وينذر أهل الجحود والونكار. تعالى: « فبشرهم بعذاب أليم +4200 [آل عمران] وهذا على سبيل السخرية والتهكم. كأنهم يترقبون مايسرهم» فيجىء الخبر بما يضرهم ويسمى باسم البشارة تهكما بهم. وإشارة إلى أن ذلك ما يجب أن ينتظروه ويترقبوه» والله محيط بهم . وقوله تعالى: #الّذين آمنوا وعملُوا الصّالحات4 فيه إشارة إلى سبب البشارة» الصالح هما السبب فى البشارة» أو هما السبب فى الجزاء بأن تكون لهم جنات تجرى من تحتها الأنهارء وثمرات الجنة المتشابهة المختلفة الطعوم. والإيمان هو التصديق والإذعان بالقلب» وأن يصدق المؤمن بكل ما جاء به النبى ككل وأن يصدق الرسول فى كل ما جاء به مذعنا له» مصدقا بأنه من عند الله تعالى» والإسلام هو إعلان الإيمان» والإذعان لأحكام الإسلام» ولقد قال النبى كَكِلَ: «الإسلام علانية» والإيمان فى القلب ..21(2 ولقد حدث فى أثناء .)11977( أخرجه أحمد عن أنس بن مالك رضى الله عنه: باقى مسند المكثرين‎ )١( م تفسير سورة البقرة اللللاااللللاا0ا0اااللل الل لال للا0ا0ا1اللل للا ”م بالج ونه يي الدعوة المحمدية» وتبليغ الرسالة» أن كان بعض الأعراب يعلن اتباع النبى كَل ولكن القلوب لم تذعن إذعانا كاملاء ؛ولذلك قال الله تعالى عنهم: 8 قَالت الأعراب آمنا قل لّم تؤمنوا ولكن قُولُوا أَسلّمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ...+27 4 [الحجرات] ولقد روى الإمام أحمد عن أنس أن رسول الله يِه كان يقول: ا الإسلام علانية والإيمان فى القلب. قال: ثم يشير إلى صذره ثلاث مرات ويقول: التقوى هاهناء التقوى هاهنا)(١‏ . ولقد ذكر الله مع الإيمان العمل الصالح» فقال: #الّذين آمنْوا وعملوا الصالحات4 والعمل الصالح هو العمل الذى يصلح به الناس وتستقيم جماعتهم» وتأتلف قلوبهم » ويكون فيه صلاح الأرض » ولا يكون فسادهم. وهو الذى يسوده الإيثار» فحيث كان وجد الائتللاف» ومع الاكتلااف الخير والقوة. ولا يكون فيه الأثرة» فإئها حيث كانت وجدت الفرقة. ووجد الانقسام وذهبت القوة . ويشمل العمل الصالح الصلوات والزكوات» والصيام والحج. كما يشمل كل خير يقدم للمجتمع» كما روى أن النبى يليك قال: «خير الناس أنفعهم للناس)0©. ولا شك أن العمل الصالح ثمرة من ثمرات الإيمان الصادق» والإذعان المطلق لله سبحانه وتعالى» والطاعة الكاملة لرسول الله عله يقتضيه ويدعو إليه؟ وهى قضية يخوض فيها علماء الكلام من حيث إن الإيمان يزيد وينقص أو لا يزيد ولا ينقص » وأنه حقيقة واحدة» وهى التصديق والاعتقاد الجازم » ولا نريد أن نخوض فى ذلك . ونقول مقررين حقيقتين ثابتتين. )١(‏ السابق. (؟) أخرجه «القضاعى» فى مسئد الشهاب «عن جابر» . الل الل إحداهما: أنه قد جاء فى النصوص القرانية أن الإيمان يزيد» فقد قال تعالى : نما المؤمنون الدين إا ذكر الله جلت فُلُوهم وإذا تليت عليهم آيائه زادتهم مانا وعلئ رنهم يتوكَلون 400 [الأنفال ] وقال تعالى: ( وَإِذَا ما أنرت سورَة فمنهم مُن يقول يكم رَادنَه هذه انا ما الّذين آمنوا قرادتهم إِعانا وهم يُستبشرون +073 4 [ التوبة] . وهكذا نرى فى صريح القرآن أن الإيمان يزيدء وأنه وإن كان أصله الاعتقاد والتصديق» فإن زيادته تكون بتوثيقه بحيث يكون عميقا لا تزعزعه الرياح» أو راسيا ثابتاء كالجبال» ولا شك أن العمل بموجبه يوثقه.» ويؤكده. وأن ترك العمل يجعله يجف» وإن كان لا يموت ولا يذهب وإن الجزاء يكون على الإيمان وللعمل جزاؤه. والحقيقة أنه وردت أحاديث كثيرة تجعل الأعمال من الإيمان» وقد روى ابن ماجه عن أبى هريرة أن رسول الله يليد قال: «الإيمان بضع وستون أو سبعون بابا أدناها إماطة الأذى عن الطريق» وأعلاها قول لا إله إلا الله» والمحياء شعبة من الإيمان2270 . وإِنّ عد هذه الأعمال من الإيمان على أنها من ثمراته» ولا مانع من أن تعد الثمرة من الأصل إذا كانت لا تظهر إلا ثمرة له فلا تكون إلا من أصل الإيمان» فهى من قبيل الاتحاد بين اللازم والملزوم. ومهما يكن القول فى الاتصال بين الإيمان والعمل» فإن العمل يزكى الإيمان ويقويه» وهو كالاء» والغذاءء يتغذى منه الإيمان ويقوى» وإن الإيمان من غير عمل يجف. ولا يكون مثمرا منتجاء فمن يكون مؤمنا من غير أن يعمل بموجب إيمانه يكون كمن يملك أرضا طيبة» لا يزرعهاء ولا يثمرها. ثانيهما: أن المؤمن» وإن لم يعملء خير من الكافر» وإنه وإن أَهَمّلَ فقد يعمل» والله تعالى يجزيه الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلهاء وهو خير كله إذا عمل» واتقى وآثر الحياة الآخرة على الدنيا. دق رواه ابن ماجه: المقدمة )225 وبلحوه البخارى : الإيمان (. ومسلم: الإيمان رلزهة). والترمذدى 9ه ؟), والنسائى (4وةة). وأبو داود: السنة (5ه6١.2))8‏ وأحمد (.لامم). ا تفسير سورة البقرة اللللللالئل ا 0ا0الاااااللللللل اللو لاا060ال مالل الك وإن الجزاء الذى بشر به الذين آمنوا وعملوا الصالحات #أَن لَهُمْ جنات تجري من تحتها الأنهار4 الجنات الحدائق التى تشتمل على نخيل وأشجار متكائفة» حتى تستر الأرض وتجنهاء فهى جنات» لأنها تستر ما تظله» والضمير فى تجرى من تحتها الأنهار, .يعود على أشجارها. وإن لم تذكر باسمهاء فكلمة جنات متضمنة لهاء إذ لا تتحقق الجنات إلا بأشجار متكائفة ملتفة. والجريان للماءء لا للأنهار؛ لأن الأنهار هى ما يشق فى الأرض ليجرى فيه الماء فهو من إطلاق اسم المحل» وإرادة الحال. مثل قوله تعالى: ( ليدع ناديه 7 4 [العلق], وإن الناظر إلى الماء وهو يجرى منسابا فى الأرض لايرى النهر ولكن يرى الماء» فكأن النهر احتفى فى الماء ولايرى غير الماء. وإن هذه الجنات فيها بهجة للناظرين» فهى متعة للأنظارء وبهجة للنفوس بذاتهاء وفيها ثمرات شهية من كل شىء» وكما قال تعالى فى آية أخرى: مث الج التي وعد الْمتَقُونَ فيها أنهار من مَاء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من حَمر لَدَة َلشاربينَ وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثّمرات ومغفرة من رَبَهُم كمن هو خَالد في النَارِ وسقوا ماء حميما فَقَطّعْ أمعاءهم 127 4 [ محمد] . وإن الثمرات متشابهة فى اللون» وإن كان الطعم فى الذوق متغيراء وهى دائمة متجددة» مستمرة لا تمل ولا تسأم بل فيها المنعة المتجددة؛ ولذا قال تعالى : كلما رزقوا منها من ثَمَرَة رقا قَالُوا هذا الذي رزقنًا من قَبْل4 أى أن هذه الشمرات تجىء إليهم رزقا من الله تعالى من غير جهد يبذلونه» ولا عمل يعملونه؛ ولذلك قال تعالى: رزقُوا4 وأكده سبحانه بقوله تعالى: رَرْقَا4 أى أنه يجىء بأمر الله وإنعامه رزقا حسنا من غير أن يقوموا بمجهود فيهاء فهى دار الجزاء والنعيمء فإذا كانوا لم - يعملوا فى الجنات فهو جزاء وفاق لا سبقوا به من عمل صالحء وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاء فهو جزاء لمجهود سابق» وثمرة لإيمان وعمل صالح. تفسيرسورة البقرة لل ا060ا8ا1اللل اللا وهم يقولون: هذا الذى رزقنا من قبل» وهذا يدل على التجدد المستمرء ويدل على التشابه فى الشكل» فمعنى النص: هذا الذى رزقناه فى الحنة مثل الذى رزقناه من قبل فى شكله» ولكنهم يجدون الطعم متغيراء وسبحان خالق كل شيء؛ ولذا قال تعالى: واوا به متشابها 4 فى شكلهء وإن تغير طعمه. وهناك فوق متعة الطعام» والتمكن من كل الخير متعة الآنس بالحياة الزوجية» ولذا قال تعالى: أولّهم فيها زواج مطَهّرَة4 والأزواج جمع زوج ذكرا كان أو أنثى» فهى تطلق على المرأة المتزوجة» كما تطلق على الرجل المتزوج» وإلحاق التاء بها بالنسبة للمرأة قليل نادر» ولكنه صحيح؛ ولذلك قال عمار بن ياسر فى عائشة أم المؤمنين عندما أخرجت فى واقعة الخمل : «إنها زوجته فى الدنيا والآخرة» ولكنه البلاءع)210 , ومعنى مطهرة أنها خالية من الدنس النفسى المعنوى والجسدى» فهن طاهرات مطهرات من كل رجس . وقد يقول قائل: إن المرأة متعة الرجل فى الآخرة» ونقول إن الجزاء لهما معاء فلها كل الثشمرات التى للرجل» والأزواج متعة للرجل والمرأة» فهو متعتها وهى متععته» إن صح هذا التعبير؛ ولذلك صرح القرآن الكريم بأن الجزاء لهماء فقال تعالى : 8 ربّنا وآتنا ما وَعَدتَا علَى رسلك ولا تخَزنا يوم الْقيامّة إِنّكَ لا تخلف الْميعاد لك صما يم هم ني ل أيع عمل عبل تم تن در أ أن بعكم ... 035 © [آل عمرات ]. وإن ذلك النعيم دائم لا ينغصه توقع زواله» بل النعمة كاملة بدوامه؛ ولذلك قال تعالى: «إوهم فيها حَالدون» هذا ويجب أن ننبه إلى أن نعيم الجنة نعيم مادى .)١9/5١١( أخرجه البخارى كتاب الفتن: (551/1) واللفظ له» وأحمد: أول مسند الكوفيين‎ )١( ا تفسير سورة البقرة للا ل حسى؛ لأآن ذلك هو ما تدل عليه الألفاظء ولا يصح تأويلها بغير سند من الشرعء ولا حجة. ولا دليل» ولا نؤولها بعقولنا المجردة» فإن ذلك يعد إنكارا للغيب الذى قرر الله سبحانه وتعالى فى كتابه الحكيم أن أول صفة من صفات المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب» وأن فرق ما بين الإيمان والزندقة الإيمان بالغيب. ولكن ورد عن ابن عباس أن الألفاظ التى وردت فى نعيم الجنة ليست على حقيقتها التى نراهاء فثمراتهاء ورمانها وعسلها ولبنهاء وخمرهاء ليست هى خمرناء وأن نعيم الجنة فوق علمناء ولكن الله تعالى قرب لنا نعيم الحنة بما يشبهها فى استعمالناء ولكنها مادية حسية» ويتحقق بذلك قول النبى يَكَيِْةّ : «فيهاما لا عين رأت ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشر)(2. الأمثال فى القرآن وموقعها فى النفوس © ناتخ أن يرب مََلَامَابُوصَةفه هيت *اصغ تسوت لحي هودن كد وَأَبَفُولُومت مادَا ناد أده بدا مكاي ذُبوء كيرا وَيَفْدى يد كديرا اليو التسِوِيدَ 2 اَعَد آي مه و م لله من بعد ميتقوءوء نمأم مَرَاللمْيِه ءَأن بوْصلَ رومم م وَيْفْسِدُو تف الْأَرْض وليك مْمٌ كروت 0 ا بين الله تعالى حال المنافقين» وضرب سبحانه وتعالى مثلين يبينان حالهم التى يبدو فيها النور لهم ولا ينتفعون منه» فشبههم سبحانه بحال الذى يستوقد ناراء» وما (## تفسيرسورة البقرة الملل ثانيا بحال قوم أصابهم صيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق» من حيث إن ماء الحياة يجىء إليهم» ولكن لسوء حالهم وفساد قلوبهم تنعكس بين أيديهم الأمور. فلا يدركون .. إلى آخر ما بين سبحانه وتعالى. وإنه من منهاج الذكر الحكيم ضرب الأمثال تقريبا للأفهام» وتصويراً للمعانى التى تسمو بها المدارك بالأمور المحسوسة القريبة لكل من عنده لب» والأمثال تضرب يرى ويشاهدء ولقد ضرب الله الأمثال بالذباب فى بديع تكوينه وسر خلقه الذى تنفع ) ولا تملك من أمرها شيئًا بأنها أوهام توهموهاء وأخيلة من القدرة تخيلوها. ولقد قال تعالى فى الذباب: «إيا أَيْهَا الئاس ضرب مثل فاستمعوا له إِنّ الذين تَدْعُونَ من دون الله أن يَحَلْقُوا ذيَابا ولو اجتَمعوا له وإن يسابهم الذباب شيئا لا يستنقذوه [الحج]. فهو فى هذا المثل بين أنهم لا يستطيعون أن يخلقوا ذباباء ولو اجتمعوا له هم وآلهتهم» وأنهم لا يستطيعون أن يتغلبوا عليه إن سلبهم شيئا. وفى سورة العنكيوت شبه آلهتهم التى يتوهمون فيها سلطاناء كمثل بيت العتكبوت أى الخيوط التى ينسجهاء فقال تعالى: مَثْلَ الّذين انّخَذُوا من دون الله أوليَاءَ كَمتّل الْعنكبوت اتَّحَدَت بِيًا وإِنّ أوهن البيوت لَبيت الْعدكبوت لو كانوا يعلمون 4 [العنكبوت] أكثر الله تعالى من ضرب الأمثال لتقريب المعانى السامية للعقول التى لا تدرك إلا المحسوسات الدانية» ولكن المعاند الجاحد»ء والعاجز الحسود هم تفسير سورة البقرة 0 للبلا لوللاللللولللل ااا االو لل > 5 ضرب الأمثال بالبعوض والذباب» وكأنهم إذ لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله وعجزوا الأمثال موضعا لإثارة الاستغراب والعجب يتوهمون أن ذلك يضعف من تأثيره . لذا رد الله تعالى أمرهم وإثارة العجب بقوله تعالى: إن اللّه لا يستحبي أن يضرب مثلا ما بعوضة فَما فَوَقَهَا#,» ضرب - معناها ذكرء والمثل هو الحال التى تشبه حالا قائمة قدرت أو وقعت» فمعنى ضرب الثل بيان الحال التى تشبه وتمثل بحال واقعة ثابتة» ويقول علماء البلاغة» إن للمثل مضربا وموردا فالمورد هو الخال التى تشبه بها القولء. والتى صدر فيهاء والمضرب هو الحال التى يشبه الحال التى وقعت ومهما يكن فالمثل تشبيه حال غير منظورة ولكن تدركها العقول بحال أمر واقع خير كله27» ولكن هذا المعنى يليق بالناس» ولا يليق بالذات العلية؛ ولذلك بالنسبة لله تعالى أريد لازمهء لأن من لوازم ذلك الانقباض الترك» إذ من استحيا والمعنى أن الله تعالت كلماته» وتسامى قرآنه» لايترك خاشيا لومة لائم أن بقلب سليم» وإدراك مستقيم . درق أخر جه بهذا اللفظ مسلم : كتاب الإيمان (:6). وأبو داود: الأدب 1595 )ل وأحمد: أول مسئد البصريين الأدب 7 وأحمد: مسند البصريين .)١186(‏ عن عمران بن حصين رضى الله عنه. إإ#ا تفسيرسورة البقرة اللللللااااا0ا060ا0االلللل ااا ا0ا0ا040ا0االلللللللا0ا060اللللاالللل0لللنا والبعوضة أصغر. من الذبابة» لما هى التى تسمى فى عرف النحاة نكرة تامة بمعنى شىء» فهى شىء مبهم» وإذا جاء بعد نكرة كانت للدلالة على إيقاعها فى الإبهام» فالمعنى بعوضة أيا كانت هذه البعوضة صغيرة أو كبيرة حقيرة أو خطيرة» فالله سبحانه وتعالى لا يترك ضرب الأمثال بالبعوضة أو ما دونها. وإن الكلام البليغ يضرب المثل للحقيرء بحقيرء والمثل للعظيم بعظيم» فيضرب فيه أوهامهم فى آلهتهم من حيث إنها لا تقوى على النظرء ولا يمكن أن تكون معقولة» وحالها يناقض كل معقول بأنها كمسكن العنكبوت الذى تهدمه الرياح لأنه أوهن البيوت» وإن كان نسجها محكماء يدل على حكمة اللطيف الخبير» ولكن موضع المشابهة هو الوهن فقط. وقد يكون ضرب المثل للبعوضة., ببيان إحكام تكوينهاء وبديع خلقهاء كما كان مثل الذباب من حيث خلقه وتكوينه» وعجز الآلهة ولو اجتمعوا له أن يخلقوه. ونرى من هذا أن التمثيل بالبعوضة يكون فيه تشبيه حال الضعف» ببغخض الضعف فى نواحيهاء كما رأينا فى تشبيه أوهامهم حول الأصنام التى يعبدونهاء من حيث إنها لا تقوى على نظر مستقيم فى أمرهاء ببيت العنكبوت الذى هو أوهن البيوت . وإن هذا النص الكريم يدل على أن ضرب الأمثال بصغير الأشياء وكبيرها يليق بالبيان الحكيم» وذكر الله تعالى فى كتابه الحميد المجيد. وإن الآمر الجدير بالاعتبار والتقدير يختلف تلقى الناس له» فالقلب الذاكر الطاهر الذى يطلب الحقائق ويتقبلها ويدركها معتبرً متعظًا مؤمنا يزداد إيماناء والقلب المضطرب الذى يعاند» ويكابر ويثير الاستغراب والعجب» وكأنه يحاول بذلك أن يثير غبار حول الحقائق الثابتة . همل تفسير سورة البقرة لاون ولذا يقول سبحانه: #فََما الّذين آمنوا فيعَلَمونَ أَنّهُ الْحَقّ من رَبهم4 قوله تعالى : فَأما» هى للتفصيل» أى تفصيل حال الذين يتلقون الأمثال المضروبة لهداية المتقين» وهى فى معنى أداة الشرط بمعنى مهما يكن من شىء» والمعنى مهما يكن من الأمر فى المثل الذى ساقه الله تعالى فالذين آمنوا وأذعنوا للحق إذا بدا لهم يعلمون أى يعرفون جازمين بالدليل القاطع أنه الحق أى الأمر الثابت الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه» ولا من خلفه. ويرشحون لذلك الإيمان المذعن والعلم الجازم بأنه من ربهم أى من الله العلى القدير الذى يربهم» ويدبر أمور الوجود بحكمته» وقوته ‏ وبذلك يزدادون إيمانا. وأما الذين كفروا فيظهرون استغرابهم بل استنكارهم» فيقولون: « فِيقولون اذا أَراد الل بهذا مقَلا4؟ فهم يستفهمون استغرابا أو إنكارا ما الذى يريده تعالى بهذا المثل» والتجاهل يؤدى إلى الجهل» وعمى البصيرة يؤدى إلى العمى فى طرق الإدراك. إنهم يعرفون المثل ومضربهء وما تشبه به من حالهم» فإذا ضرب مثل ما يعبدون من آلهة ببيت العنكبوت فهم يعرفون أن الله تعالى بين وهن الأسباب التى يقيمون عليهاء ولكن لاعتقادهم الواهم فى أصنامهم يثير المثل استغرابا ثم إنكاراء وذلك من رسوخ الضلال فى نفوسهم» فلا يزيدهم المثل إلا إمعانا فى الضلال. و ١ما»)-الاستفهامية»‏ و «ذا» موصول بمعنى الذى» والمعنى على ذلك ما الذى أراد الله تعالى بهذا المثل» أو نقول: إن ماذا كلها للاستفهام». وهى مركب يراد به الاستفهام» والفرق إعرابى » ولا مؤدى لهء فالمعنى واحد. وإن هذا الاستغراب أو الإنكار الذى سبق إليهم. سبيه أمران : الأول: ضلال اعتقادهم فى أوثانهم كما أثر. والثانى: غطرستهم وعنادهم. وحبهم لبقاء سلطانهم» وإن المعاند يزداد إصرارا وينفض رأسه كلما زاد الدليل وضوحا. لل للفلل ااال للك وقوله تعالى: إبعوضة فَمَا فَوقَها4 يراد بالفوقية الزيادة فى القوة على توجيه بعض المفسرين» ويكون المؤدى أن البعوضة أضعف الحيوان» وأنها يصح أن تكون ابتداء لضرب الأمثال من أدنى الأحياء إلى أعلاهاء وهذا تخريج بعض المفسرين» وهو صحيح فى ذاته» ويفسر بعضهم الفوقية بمعنى الزيادة فى الصغر» وكأنه يتصور أن فى الأحياء ما هو أصغر من البعوضة ويقرأن الفوقية فى كل شىء بما سبقهء فإن كان ضرب المثل للصغرء فالفوقية فى الصغر أى أكثر صغرا منها. ونحن نرى أن الأول هو الأظهرء ولكن يجب التنبيه إلى أن ذلك لا يقتضى أن يضرب المثل بما دونها فإن مؤدى القول أنه سبحانه لا يترك المثل الأكبر أو الأصغر لصغر عقولهم أو عنادهم» فإن القرآن أعلى البيان عند الله» ولا يترك سبحانه البيان السامى لاستغرابهم أو إعجابهم. وإن المثل الذى يسوءهم لأنه تنزيل لكان ما يقدسون فى زعمهمء يستغربون ثم يتكرون فيزيد ضلالهم؛ ولذلك قال سبحانه: « يضل ب به كيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقينت4. أى أن ضرب امثل يضل الله تعالى به به كثيرا من الضلال» وكشيرا من الناس2». وكثرة الضلال بالإيغال فيه حيث يقوم الدليل على بطلان ما يعتقدون» فيلوون رءوسهم فيزدادون ضلالاء وكثرة الضالين لكثرة المفاسد. وأسند الإضلال إلى الله تعالى؛ لأنه سبحانه وتعالى هو الذى ضرب المثل» وقد تسبب ضرب الثل فى نفوسهم التى أصابها الفجور والعناد فى أن استكبرت وزادت نفورا عن الحق» وإيغالا فى الباطل» وإن الله تعالى يسن طريق الهدى» ويبينه فمن عاند وجحدء وسار فى طريق الضلال» وكلما سار فيه أوغل» حتى يزداد ضلالا - كالذى يضرب فى الأرض؛ إن سار فى الطريق الجد وصل» وإن سار فى الطريق المعوج تاه وكلما سار زاد فى التيه. وأما الذين آمنوا فإنهم يجدون فى المثل الحق وازدادوا إيمانا بالحق وتصديقا به؛ ولذلك حق عليهم أن يقول الله تعالى فيهم: #ويهدي به كثيرا» هديا كثيرا فيزيدهم إيمانا بعد إيمانهم . (#/ تفسير سورة البقرة اي لاا يي وإن أولئك المؤمنين سلمت مداركهم» واستقامت عقولهم» فأدركوا معنى الحقيقة» فكلما جاء ما يؤكدها ويبينها ازدادوا هداية» وساروا على الجددء وأما الآخرون فهم يخرجون عن سنن الفطرة» وما يوجه إليه الإدراك الصحيح؛ ولذلك قال تعالى: إومًا يضل به إلا الَاسقين4 أى الخارجين عما توجبه الفطرة» الذين شاهت عقولهم» وانعكست الحقائق أمامهاء فصاروا يدركون الأمور عكس حقيقتها. والفاسق فى أصل معناه اللغوى الخارج عن الطاعة؛ ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرتهاء ويقال للفآرة فويسقة لخروجها من جحرها للفساد» ويطلق على الحشرات والمؤذيات فواسق» ولقد روى عن عائشة أن رسول الله علد قال: ااخمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم: الحدأة» والغرابء والفأرة» والعقرب» والكلب العقور)(١2.‏ والفاسق فى هذه الآية هو الكافر سواء أكان يجمع الكفر والنفاق أم يكون كافرا من غير نفاق؛ وذلك لأنه خرج عن مقتضى الفطرة» والعقل المستقيم» فهو قد كفر بالله ورسوله» وبالأوامر والنواهى» وإنها دين الفطرة» كما قال تعالى: «« فطرت الله التي قطر النّاس عليه لا ديل لخَلق الله ذلك الدين الْقيّم ولكن أكتر النّاس لا يعلمون 22> 4 [ الروم] . ولقد بين تعالى أولئك الفاسقين الخارجين عن سنن الفطرة» فقال: © الّذين ينقضون عهد الله من بعد ميتّاقه ويقطعون ما أَمرَ الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض © . ذكر الله تعالى أوصافا ثلاثة هى التى تتقطع بها أوصال الجماعة الإنسانية» ويكون بها التدابر» وأن يكون بها ابن الإنسان على أخيه الإنسان أشد من الوحوش» وأقسى من كل ما فى الوجود: )١(‏ رواه بهذا اللفظ النسائى: مناسك الحج ‏ قتل الحدأة فى الحرم (58541)» وهو متفق عليه؛ أخرجه بنحوه للمحرم وغيره قتله من الدواب .)١١94(‏ عن عائشة رضى الله عنها. تفسيرسورة البقرة ململ الصفة الأولى - نقض عهد الله تعالى من بعد ميثاقه» والنقض فك ما أبرمه الشخص ووثقه وأكده من بناء أو وثيقة أو عهد»ء وإن الميثاق الذى يعقد بين الناس ثقه بيمين الله تعالى؛ ولذلك يسمى اليمين» ويقول تعالى: 9 ولا تَنقَضوا الأيمَان بعد توكيدها ... 42079 4 [النحل] ويسمى عهد الله تعالى؛ لأنه إذا أكده بيمين فكأنه عاهد الله تعالى على الوفاء بهاء وعدم النكث فيها فكأنه عاهد الله تعالى. وا ميثاقه» معناه كما أشرنا العهد الموثق باليمين. وما المراد بالميثاق الذى نقضوه؟ قال بعض العلماء ونحن» نوافقهم» أنه ميثاق الفطرة الإنسانية» فقد خلق الله الناس» وأخذ منهم ميثاقهم بمقتضى الفطرة بالعبودية لله رب العالمين» كما قال تعالى: طوإِذ أَحَد نلك من بي آدم من طهورهم ذَرِيهُمٍ وأشهدهم علئ أنفسهم الست بربكم فَلُوا بئ شهدنا أن : َُوُوا يوم القيامة نا كنا عن هذا اين«( أو تقولوا نما أشرك آبَاؤنًا من َل وك َريّة ص بعدهم هلكا بما فعل المُطلون 1 4 [الأعراف ] . وإن أولئك الفاسقين الذين خرجوا على الفطرة قد نقضوا ذلك العهد التكوينى الذى كون الله تعالى بنى آدم على أساسه؛ ولذلك يقول ابن حزم» ومعه بعضض العلماء» إن معرفة الله بدهية لذوي العقول المستقيمة المدركة. وكانت الرسالة للتذكير بهذه الفطرة» وإيقاظهاء إذا غفلت» ولمسابها إذا نبهت ولم تنتبه؛ ولذلك قال تعالى: وإن من مه إل خَلا فيها تذير 2500 4 1 فاطر ]» وقال تعالى: «وما كنا معدي حت تبعت رسولا 22 4 [الإسراء] . هذا معنى واضح جيد مستقيم تؤيده نصوص الكتاب الحكيم» ولكن مع ذلك قد يراد نقض العهود الموثقة بالأيمان وعدم الوفاء بالمواثيق التى تنظم العلاقات بين الناس آحادا وجماعات؛ لأن ذلك من سمات الكفرء وخصوصا الذى يصحيه نفاق» وقد وصف الله سبحانه وتعالى الكفار بذلك فى أكثر من آية» فقال تعالى: م تفسير سورة البقرة ا ‏ 71 «إلا يرقبون في مؤمن إل ولا ذم وأولتك هم الْمْتَدُونَ مرج 4 [التوبة] وقال تعالى فى المنافقين : ( ومنهم من عَاهد الله ين آتَانا من فضله دقن لكو من الصالحين 27 فلم اهم من فضله خلا به وتولوا وهم مضو 720 فأعقبهُم نقاقًا في لوبهم إل يم يقوته بما أَخْلَهُوا الله ما وعدوه وَبمًا كَانُوا يَكْذبُونَ 072209 4 [ التوبة] . إن الوفاء بالعهود والمواثيق شأن من يراقب الله تعالى» ويحس برقابة الله تعالى» وهو لذلك خاصة من خواص المؤمنين» وكرر الله الأمر بالوفاء بالعهد مثل قوله تعالى: 9 وأَوفُوا بالْعهْد إِنَ الْعهد كَانَ مسئولاً 2 4 [الإسراء] وإن الكافر لا يحس بمسئولية أمام الله تعالى؛ لذلك كان أول وصف من أوصاف الفاسقين سقين أنهم ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه. وإن النبى لِك عقد ميثاقا لليهود فنقضوهء وعقد صلح الحديبية» فنقضوهء ونصروا بنى بكر على خزاعة حلفاء النبى كَة. الصفة الثانية - أنهم يقطعون ما أمر الله به أن يوصل» القطع فصل المتصل» وجعله أجزاء متفرقة» وقطعهم الذى كان الله تعالى أمرهم بوصله ما هو؟» قيل: قطع الأرحام» فلا يصل ذا رحمه» ولا يعمل بالمودة بين ذوى قرباه» ولكن الإنسانية كلها رحم واحدة» كما قال تعالى: (يا أَيها الئاس اتَقُوا ربكم الذي حَلَقَكُم مَن نُفْسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبَثْ منْهُما رجالاً كثيرا ونساء وَانَقُوا الله الذي تَسَاءَلُونَ به والأرحام إِنَ الله كان عليكم رقيبا 2 4 [ النساء] . قرحم الإنسانية ثابتة بين الناس» وقطعها يكون بأساليب شتى»؛ وسبل مختلفة وكلها سبل الشيطان كما قال تعالى: وان هذا صراطي مستقيما فَاتبعُوه ولا تشبعوا السبل فتَفَرّقَ بكم عن سبيله . ٠٠‏ مله 4 [ الأنعام ] ومن قطعها أن يتحكم القوى فى الضعيف» وأن ينظر إلى الناس على أنهم طبقات منهم غنى ومنهم فقيرء وأن يكون لكل قانون ونظام» وأن تختلف المعاملة» وأن تتنافر الشعوب» ولا تتضافر ولا : 1 ر# تفسيرسورة البقرة تتعارف كما قال تعالى: يا أَيْها لاس إِنَا حَلَقْناكُم مَن ذَكَرٍ وأنقى وجَعَلَْاكُم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكْرَمَكُمَ عند الله أنقاكم .. . (12) 4 [الحجرات] وأن ينقطع التعاون بين الناس فلا يكون التعاون على البر والتقوى ويحل محله التعاون على الإثم والعدوان» وفى كل ما يكون فيه قطع للعلاقات الإنسانية يكون قطعا لا أمر الله تعالى به أن يوصل. ووصل ما أمر الله به أن يوصل هو اتباع أوامره تعالى واجتناب نواهيه» فهى كلها لربط الناس بعضهم ببعض بالمودة والعمل الصالح» وبسيادة الفضيلة والبعد عن الرذيلة» وإذا كانت ثمة حروب فلدفع أذى المفسدين» وتقويم الظالمين « ولَوْلا دَفْعْ الله النّاس بَعْضّهُم ببَعْض لْفَسَدت الأرْض ولكن اللّهَ ذو فَضل على العالمين 47207 4 [ البقرة ] . وفى الجملة كل قطع بين عباد الله تعالى هو قطع ما أمر الله تعالى به أن يوصل وقطع للأرحام؛ لأن الناس جميعا رحم واحدة» من قطع ما بينهم فقد قطع الأرحام. وقوله تعالى: إما أَمَرَ الله به أن يوصل» و «إما»: هى مفعول #يقطعون»» أى يقطعون الذى أمر الله تعالى به - أى بشأنه - أن يوصل . «أن» وما بعدها مصدرء أى أمر الله تعالى وصلهء وعدم قطعه. الوصف الثالث - من أوصاف الفاسقين.» بينه سبحانه وتعالى بقوله: لوَيفْسدُونَ في الأرْضٍ» والفساد فى الأرض يشمل فساد العقائد إذ إن سلامة العقيدة فيها سلامة النفس» وفساد العقيدة بألا يؤمنوا بالله وحدهء ولا يعبدوه وحده. ويتعلقون بالأوهام حول الآصنام » وأى فساد أعظم من أن يحقر الإنسان نفسه وعقله» وإدراكه فيسجد لصنم لا يضر ولا ينفع» وقل رآه يصنع بين يديه» إنه ضلال العقل» وضلال النفس» وسيطرة الوهم. ويشمل الفساد بث روح التزاع المستمر بين الناس قبائل وشعوباء وكلما أطفأ الله نار الحرب أوقدوها باسم العصبية تفسير سورة البقرة الملل 0 القبلية» أو العصبية الوطنية» أو بالرغبة فى أن تربو أمة عن أمة» أو التنافس الاقتصادى, حتى ينظر الإنسان للإنسان نظرة من يتربص به الدوائر. ويشمل الفساد فى الأرض ألا يكون الحكم المرضى الحكومة هو الحق» وأن يكون الحكم للغلب» وأن يسود قانون الغابة لا قانون الفضيلة بين الناس» وأن يكون ذلك فى كل العلاقات الإنسانية» القوى يأكل الضعيفء. والغنى يحقر الفقيرء والعالم لا يعلّم الجاهل» بل يتخذه مطية لأهوائه وشهواته. ويشمل الفساد فى الأرض ألا يكون تعاون فى استخراج ينابيع الثروة من باطن الأرض» بل يستبد بها القادر عليه» ويشمل الفساد ألا يوزع بين أهل الأرض خيراتهاء بل يلقيه بعضهم فى البحارء ولو جاع الباقون» ضنا به على فى أخيه الإنسان. ولقد حكم الله تعالى على من كانت هذه أوصافهم فقال تعالت كلماته: «أولتك هم الْخَاسِرونَ». اسم الإشارة إلى هؤلاء المتصفين بهذه الصفات» والإشارة إلى المتصفين بصفة أو صفات تومئ إلى أن هذه الصفات هى سبب الحكم. فنقض العهود والمواثيق» وقطع الصلات الإنسانية» وإشاعة الفساد فى الأرض هو السبب فى الخسران الذى لا ينجو منه أولئك الفاسقون. والخاسر هو الذى نقص حظه من الغاية التى كان يبتغيهاء وكذلك الذين اتصفوا بهذه الصفات» فالناقض للعهد يحسب أنه كسب من نكثه فى عهدهء ولكنه خسر؛ لأن الناس لا يثقون بعهده من بعد. والذى يقطع أرحام الإنسانية يحسب أنه كسب بالانفراد» ولكنه خسر المعاونة والمودة» والأخوة الإنسانية» والمفسد فى الأأرض يحسب أنه كسب أرضا أو خيرا من وراء ما يفعل» وقد خسر الناس جميعاء فهو كمن أراد ربحا بالغش والخديعة فخسر كل ماله» وهكذا كل الفساق الآثرون الذين تفسير سورة البقرة الل للم يحسبون بأثرتهم أنهم الكاسبون» وهم الخاسرون. فمن كسب يغدر وخيانة وقطع الآرحام» ومن أفسد فى الأرض بالحروب الظالمة. والغدر فى العهود. فهو خسران داتماء فإن اتتصر فى حرب ونال ثمرة اتتصاره ظلماء وإزهاقًا وإفساداء فإن ويكون الشر المستطير» بين الغالب والمغلوب» ولا سلام» بل خسران. وأكد سبحانه وتعالى الخسران فى قوله تعالى: «أولتك هم الخاسرون» ! بمؤكدات ثلاثة أولها: التعبير بالجملة الاسمية» ففى التعبير بها تعبير بأكمل القول الدال على الاستمرار. وثانيها: التأكيد بكلمة «هم»» وهى تدل على انفرادهم بالخسارة دون المؤمنين الطائعين» فهم الرابحون دائماء وثالثها: تعريف المسند والمسند إليه(21 الدال على القصر؛ أى أنهم مقصورون على الخسارة» فلا يربحون أبدا وأهله . الكمربالخالق المنشىّ المسخرالوجود للإنسان -ه خخ 7 َّ و ذآ# همه َج 00 دب ل- كيف تكفرو بت با 0 وأا ثم و 2-2 ثم 2 121 لجعو جم ول سم يحم 20-7 إِليْهِ ل نت عي هو اله لكك ستو ِل م اه سسا خآ 0 هه آل بي سل جه 00 فَوسهنَ َع موادا وَهوَيل َه علي 72 11 )١(‏ أى الخبر والمبتدأ» والمسئد فى الحملة الفعلية: الفعل» والمسند إليه: الفاعل. 5 فى - و لي عل كه : يي إن الكافرين يتعجبون من ضرب الأمثال» ويقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا؟ وحالهم عجب لأنهم يرون المحسوس الذى يدفعهم إلى الإيمان بالله الذى خلق السموات والأرض ومن فيهن» ومع ذلك يكفرون ولا يؤمنون» ولقد وبخهم الله سبحانه وتعالى أبلغ توبيخ فقال تعالى: ل كيف تكفرون باللّه وكنشم أَمَوَانا فأحيَاكُم ثم (كيف» يستفهم بها للحال» والمعنى كيف حالكم وبعدكم عن الإدراك والحق وأنتم تكفرون بالله الذى أنشأكم وأخرجكم من الموت إلى الحياة؟! إنكم ترون أن الطفل يولد» ويجىء من غيب الله تعالى» وترونه يشب غلاما فصبيا فشابا فكهلا فشيخا فيموت ثم يقبر ثم تكون الحياة بعد ذلك» ترون الأمور الثلاثة؛ الأولى موت؛ ثم حياة» ثم موتء أفلا يكون بالقياس على البدء بالموت ثم الحياة ثم الموت أن نحييكم تارة أخرى؟ وقد قدر سبحانه على الأمور الأولى» أفلا يقدر على الأخيرة؟ 9 .. . كما بدأكم تعودون 527 4 [الأعراف] . والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع لا لإنكار الوقوع» والفرق بينهما أن إنكار الوقوع معناه النفى» وهو لا يصلح هناء وأما إنكار الواقع فمعناه التوبيخ أبلغ التوبيخ على ما وقع» فقد وقع ذلك الأمر الغريب» وهو أنهم يكفرون أو يجحدون بالله يألا يعبدوه وحدهء وهو الذى خلقهم. فأحياهم. وقد كانوا أمواتاء» وذلك محسوس مرئى» وأوثانهم لم تصنع شيئا من هذا ولا يمكن أن تفعل. ومعنى الموت الأول الذى يدل عليه قوله تعالى: #وكنتم أموانا» هو أنهم كانوا عدما ليست فيهم حياة» أو كانوا أجساما جامدة هى الطين» أو نطفا فى بطون الأمهات ثم مضغا مخلقة وغير مخلقة فجعلكم أحياء. وكيف يطلق على الجماد أنه ميت» مع أن الموت أمر نسبى تكون قبله حياة؛ ثم تسلب هذه الحياة فيكون الموت. والجماد لم تسبقه حياة» حتى يكون من بعدها ا تفسير سورة البقرة ملل ونقول فى الجواب عن ذلك: إن الموت لا يقتتضى وجود حياة سابقة» بل يطلق على الجماد ذاته» فيقال: أرض موات» وأرض ميتة» وإحياؤها يكون بوجود الغيث وإنباتها النبات بإذن الله تعالى» كما قال تعالى: «وآية لهم الأَرْض الميتة أَحييناها وأَخْرَجَنًا منها حبًا فمنه يأكلون جم 4 [يس ]»ء وقال تعالى : « رزقا للعباد وَحبَينا به بلدة مينَا كدَلك الخروج 217 4 31]. فقوله تعالى: #كشم أَمُوانَاك أى كنتم لا حياة فيكم فأحياكم فخلق التراب ثم أنشأكم منهء فأحياكم فأفاض عليكم بالحياة» وهم قبل هذا الإحياء لم يكونوا شيئا مذكورا كما قال تعالى: هل أتى على الإنسان حين م الدّهْرٍ لم يكن شيئا مذَكُورًا 4*9 [الإنسان] وقوله تعالى: #وكنتم أَمُوَانَا فَأَحيَاكم» خطاب 3 بالانتقال من الغيبة إلى الخطاب» وهو دال على أن ذلك يعلمونه بالعيان والحس» لا بمجرد التصور والتفكر» «ثم يمينكم» و نم4 هنا للدراخى ؛ لأنه بعد الإحياء يعيش أجلا محدوداء ثم يموتء و «إلكل | أجل كاب + # [الرعد]ء ٠‏ #ثم يحييكم» بالبعث والنشورء ثم تكون القيامة» ثم إليه سبحانه ترجعون» وذلك هو سه وسوسه 0 قوله تعالى فى آية أخرى: ظ قَانُوا ربنا أمتنا النتين وأحييتنا النتين فاعترفنا بذنوبها. . . 202+ 4 [غافر]» وإنه كما ذكرنا أخذ من الواقع الذى يحسونه؛ دليلا 0 ينتظرهم» وينتظرونه» وهو البعث» فإذا كان سبحانه وتعالى أنشأ من العدم حياة ثم سلبهاء » فإنه قادر على إعادتهاء ولكنهم يؤمنون باحس وحدهء ولا يؤمنون بالغيب الذى لايحسون. قوله تعالى: لثم ليه ترجَعون وثم هنا للتراخى؛ أى بعد أن يقضوا حياتهم» ويموتوا ويدفنوا فى قبورهم يرجعون ليحاسبهم على ما قدموا من عمل» فإن خيرا فخير» وإن شرا فالعذاب. وتقديم 9 إِلَيّه على 8 تَرْجَعُون4 للإشارة إلى أنه وحده هو الذى إليه ير جعون» لا إلى آلهتهم التى يتوهمون بأوهامهم فيها قدرة» ولا قدرة» فال جوع إليه سبحانه وتعالى. نال تفسير سورة البقرة 5 إن الله تعالى خلق الخلق» وأحياهم بعد العدم» ولم يتركهم» بل أنعم عليهم بالأآرض وخيراتهاء وكل ثمراتها»ء وسخر لهم مافى السموات والأرض» ومع ذلك كفروا بربهم الذى أولاهم الحياة» وأولاهم نعم الوجود؛ ولذلك قال تعالى: 9 هو الذي خلق لَكُم ما في الأرض جميعا 4 . أى أنه سبحانه وتعالى خلق لكم معشر بنى آدم الأرض» ومافيها جميعاء خلق لكم كل ما فى الآأرض من ثمرات وزروع تنبت بإذن الله تعالى» وما يستنبطون من فلزات» ومعادن سائلة وجامدة» خلق لكم جميعاء كل ما فى الأرض بما حوت بطونهاء وجرت به أنهارهاء ونرَّل من السماء ماءها. ومعنى للَكُم4 اللام فيه للاختصاص أو التدمليك» خلقه تملوكا لكم بتمليك ربكم» وهذا من آلائه ونعمه عليكم» أو نقول خلق وقدر وأنشاً كل ما فى الأرض جميعه. لأجل أن تنتفعوا به؛ تستطيبون طيباته» وتتركون خبائثه» وجاءكم بالشرائع التى تبين لكم الطيب فتتناولونه مصباحا لكم حلالاً طيباء وتبين الخبائث لتجتنبوهاء فأنتم فى نعم الله دائما فى هذه الأرض» جعلها فراشاء وملأها بالنعم على ظاهرهاء وفيما اكتنزته بطونهاء وبين الطيب ليميز عنه الخبيث . وهنا كلمتان لابد من ذكرهما: أولاهما ‏ ما قرره العلماء من أن هذه الآية تدل على أن الأصل فى الأشياء الوباحة إلا ما ثبت بالدليل منعه» فكل شىء مباح بحكم الإباحة الأصلية التى ثبتت بأن الله تعالى خلق للناس ما فى الآرض جميعا لينتفعوا به» وما كانوا لينتفعوا بهذه الأشياء إلا إذا كان قد أباحهاء واستثنى الأكثرون العلاقة بين الرجل والمرأة » فإنها على المنع إلا أن يكون السبب المبيح» وإن ذلك لا يمنع أن الأشياء مباحة فى أصلهاء فالتنظيم بالزواج لا يمنع الإباحة. وإن الآمر فيماء يطلبون متروك عند الإباحة إلى ما يجدون من متعة يستمتعون بها أو أمرا حسنا يستحستونه» وهذا مبنى على أن الأشياء لها حسن ذاتى وقبح » ا تفسيرسورة البقرة الملل اللللللوا الول الا للللل ااال 0االمللللل وهذا لا يستلزم أن يكون التكليف قائما على الاستحسان أو الاستهجان. إنا التكليف من آمر الله ونهيه. الكلمة الثانية - أن قوله تعالى: # جميعا متعلقة بما فى الأرض أى أنه جميعه لكم معشر الناس» فليس لكم بعضه دون بعضهء بل هو لكم كله لأجلكم» تنعمون به» وتعبدون الله تعالى على آلائه؛ فهو يؤدى إلى أن تكون هذه الملكية التى منحها الله تعالى لكم لتشكروهاء ولتعبدوه بهذا الشكرء كقوله: وما حلفت الجن والإنس إلا ليعبدون 502 4 [ الذاريات] . ولا يتبادر إلى الذهن أنها تأكيد لقوله تعالى: #لكم». أى أن الله تعالى خلق الأشياء لكم جميعاء فلا ينفرد قبيل دون قبيل» ولا جماعة دون جماعة» ولا قوم دون قوم»ء ولا غنى دون فقير. وإننا لا نرى ذلك - أولا: لآن ذلك بعيد فى اللفظ لأن التأكيد يكون للقريب» والقريب هنا هو ما فى الأرض كله للناس» يتخيرون منه» ولا يطلبون خبيئهء فلا يؤكد اللفظ إلا ما يقترن به من القول» فلا يفصل بين المؤكّد والمؤكّد وعلى أى حال فإنه بمقتضى عموم قوله تعالى: #الَكُم» أن الخلق لكم كلكم» وهذه الكلية التى تعم الناس أجمعين ثابتة بعموم الخطاب» لا بلفظ «جميعا». وليس معنى أن ما فى الأرض لهم كلهمء أن يتقاسموه» وأن يأخذوا الخير جميعهم مقسماء من غير تمييز بين عامل وخامل» ولا بين موفق وغير موفق» إنما لكل امرئ عمله؛ ولكل امرئ ما كسب. ولا تقتضى الكلية أن يتساوى الناس فى أرزاقهم» فإن الرزق يمنحه الله تعالى لمن يعمل ويكسبء» ولكن يتساوى الناس فى تمكينهم من الأرض» وكل وما يكسبه» والله هو الغنى الحميد. تفسير سورة البقرة 7 مفلل لذ 3#*17171**ظ2 لسو ا وإنه كما ملّك الله تعالى عبيده كل ما فى الأرض لكْلُّهِم عاملين فيه جادين» سخر لهم ما فى السموات والأرض؛ ولذلك قال تعالى بعد أن ذكر نعمة الأرض عليهم بما فينهاء قال تعالى: ثم استوئ إِلَى السّماء فسَوَاهن سبع سمُوات وهو بكل شيء عليم 4 . استوى معناها قصد مرتفعاء أو ارتفع إلى السماءء وهى فى هذه الآية ما علاء وكان كالسقف المحفوظ» فسوى السموات سبعا أى جعلها سبعاء ولأن السماء» وهى الجهة العالية» كما أشرنا واحدة فى لفظها متضمنة السبع التى سواهن الله سبحانه وتعالى فى معناها؛ ولذا أعاد الضمير عليها بما يدل على الجمع الذى يشمل أفرادا متعددين. والمراد من السموات السبع التى سواهن الله تعالى أى خلقهن» أو قسمهن وجعلهن سبعا متساوية» فمعنى سواهن: قسمهن بالتسوية سبعاء وهى مجموعات النجوم المتطابقة طبقة بعد طبقة» الواحدة أعلى من الدنيا وهكذا. وكان الشائع بين علماء الفلك خمساء لا سبعاء ولكن بعد عصر القرآن بنحو أربعة عشر قرنا إلا قليلا كشفوا بآلات الكشف الحديثة نجمين كوكبين دلا على أنها سبع» وهى: عطاردء والزهرة. والمريخ» والمشترى» وزحل» وكشف أورانوس ثم نبتون» ٠‏ دكل كركب فى ط طبقة من ا السماى والشمس والقمر ليسا ” . من الست 0 وهذا َمل الس سراج 70 4 [نوح] فبمقتضى هذا ١‏ التص تكون الشمس والقمر ليسا من السموات السبع اللائى عدهن القرآن الكريم» وإن كانتا فى السماء» وتسمى السبع المجموعة الشمسية» والشمس فى طبقة أعلى منهن. وإن قوله تعالى: لثم استوئ إلى السّمَاء فَسَوَانَ سبْع4. يدل بظاهره فى العطف بثم على أن السموات سويت سبعا بعد خلق الأرضء» ولكن لا يدل على لها تفسيرسورة البقرة امل جيم _ب_مااز بي ذلك دلالة قاطعة» فإن التعبير بثم يدل على الترتيب البيانى فى الذكر ولا يدل على الترتيب الواقعى» فإن الآيات قد تدل على غيره» وإنا نقرر أن الزمن لا يحكم أفعال الله تعالى؛ فكما أنه تعالى لا يكون فى مكان» فأفعاله تعالى فوق الأزمان. ولقد جاء النص الكريم بأن الآرض أخذت من السماءء وكانتا رتقاء أو شيئا واحداء كما قال تعالى: أو لم ير الّذين كََرُوا أن السّمَوات والأرض كانتا رنَقَا ففَقنَاهُمَا وَجَعلَا من المَاء كل شيء حي ألا يؤمنون +22 4 [ الأنبياء ] . ولقد قال تعالى فى بيان خلق السماء والأرض: 9 قل أَننَكُم لتَكفرون بالّذي خَلَقَ الأَرْض في يَومَيْن وتَجِعلُونَ لَه أندادا ذلك ب العاين 32 وحمل فيه وواي بن فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أفراتها في أربعة أيامٍ سواء للسائلين 07# 0 ثم استوئ إلى السماء وي محا فال لها والأرض انما طعا أو كرها فنا أد أتينا | أن 401 فقضاهن ذلك لعزي ايم 452 قصلت وقد يقال: أنك نفيت الزمان عن أفعال الله تعالى» وقد ذكر سبحانه أنه خلق الأرض فى يومين» وأنه جعلها على ما هى عليه فى أربعة أيام» وأنه قضى السموات فى يومين» فكيف تنفى الزمان عن خالق الزمان والليل والنهار؟ ونقول فى جواب ذلك: إن اليوم ليس هو اليوم الذى نعده بالغروب والشروق بأن تدور الأرض حول الشمس دورة تبتدئ بشروق الشمس» وتنتهى بغروبها أو العكس» فإن ذلك تقدير نسبى بين الأرض والشمس» وما كانتا قد خلقتاء كما يدل صريح القرآن» إنما اليوم هنا المراد به الدور التكوينى» وإذا أردنا أن نتصور الدور التكوينى» فإننا نتصور على ضوء العلم أن الأرض انفصلت عن الكتلة الشمسية التى أشار إليها سبحانه وتعالى فى قوله: أو لم ير الْذين كَفْروا أن السّموات وَالأَرْض كَاننَا رقا فَعتَقْنَاهُمًا ... 2 » [الأنبياء] فهذا يوم» أى دور تكوينى» هو دور انفصال الأرض عن الكتلة الشمسية. تفسير سورة البقرة لل اللاو جه يي وعنلد هذا الانفصال تكونت بإرادة الله تعالى وقدرته القاهرة. وإرادته المسيطرة القشرة الأرضيةء وهذا هو اليوم الثانى» أو الدور الثانى» وقد بين سبحانه وتعالى» الأدوار الأربعة بعل ذلك. هذا وقبل أن ننتتهى من القول تحت إشراق القرآن فى بيان الخلق والتكوين» العدد المحدود المذكورء إنما يراد بها الكثرة من الأعدادء كما فى قوله تعالى: 8 ولو 3 مع د قارو نما في الأرض من شجرة أَفلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم 207 4 [ لقمان], فإنه ليس المراد والله أعلم سبعة أبحرء إنما المراد عدد من الأبحر كثير . ومثله قوله تعالى: « استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مره قن يغفر الله لهم ... +2 4 [التوبة] فالسبع» والسبعون يراد بها الكثرة» ولا يراد بها عدد محدود بالسبعة أو السبعين. وإن لذلك القول بجوار ما قلنا مكانه من الحق» فإن السماء ذات أبراج» وإن الشمس فى أعلى طبقاتهاء وفوقها شموسء وفى السديم20© علو لا يعلمه إلا الله تعالى. ولقد ختم سبحانه وتعالى الآية الكونية بقوله تعالى: ل وهو بكل شيء عليم 4 أى أن الله تعالى خالق الكون وربه ومدبر أمره عليم به علم من لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء» وعلم من أنشأ وكون وقدر ودبر» وقد ابتداً العبارة السامية» بلفظ الجلاله لتربية المهابة فى نفس التالى للكتاب» وأكد علمه السرمدى» بثلاثة مؤكدات: بالجملة الاسمية التى تدل على دوام العلم وثباته؟ لأنه علم أزلى دائم لا يجرى عليه ما يجرى على الناس» وأكده سبحانه وتعالى بذكر )١(‏ السّديم: الضبَّاب الرقيق. [لسان العرب: الزاى - سدمء والقاموس المحيط: باب الميم - فصل السين]. م تفسيرسورة البقرة كه + الى الإحاطة التامة بكل شىء» وأكده سبحانه بذكر صفة من صفاته فقال: #عليم»» سبحان من أحاط بكل شىء علماك وسبحان من عنت له الوجوه. ذكر سبحانه وتعالى خلق الأرض وتمليكه الإنسان حق الانتفاع بهاء وأشار إلى خلق السموات فكان من بعد ذلك أن تكلم على خلق الإنسان الذى سخر له هذا الوجود الكونى» من أرض وسماء» فقال تعالت كلماته: المت نايتف لمن 01-0 0 2" وقبل أن نتعرف القصة الحقيقية التى صورها القرآن لخلق الإنسان نذكر عوالم ثلاثة للعقلاء جاء ذكر بعضها فى بيان علاقة الإنسان فى خلقه وتكوينه بها وهذه العوالم الشلائة هى: عالم الملائكة وهم نخلق الله تعالى» قيل إنه سبحانه خلقهم من نور. وهم أرواح طاهرة مطهرة لا يعصون الله تعالى ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. لا يتصور منهم معصية ولا يكون منهم إلا الطاعة» ركب الله تعالى كونهم على أنه لا تتصور منهم معصية» فليست شهوات ولا أهواء» وهى بواعث العصيان. والثانى من هذه العوالم : هو عالم الجن» وعبارات القرآن تدل على أنهم خلقوا من نارء وقد ذكر ذلك إبليس الذى هو من الجن» فقال فى غروره مفضلا ا تفسير سورة البقرة : سس سس لاا ااا لس زات نفسه على آدم: «إأنا خير مَنهُ لقي من نَارٍ وَحَلَقََهُ من طين +427 4 [ص ]ء وإبليس كان من الجن» ولكنه جن فاسقء فقد ذكر عنه ربه أنه (٠‏ كان من الجن قفْسق عن أَمرِ به ... ليع 4 [الكهف] . والجن يظهر أن فيهم أهواء وشهوات؛ ولذلك كان منهم العاصون» ومنهم العادلون المقسطون» وأنهم مكلفون » وأنهم سمعوا القرآن» وسمعوا من قبل توراة موسى» وقد قال تعالى فيهم. قل أوحي إلي أَنَّهُ استمع تقر مَنَ الجن فَقَالُوا إن سمعنا آنا عَجبا اج يَهْدي إلى الرشد فَامَنَا به ون تُشْرِك بربَنا أحَدا رجح واه تاي جد يناما الخد صاحية ولا ولد 22 وأنّه كان يقول سفيهنا على الله شططا جل وآنا نا أن أ * تقول الإنس والجن على الله كذباعوئ» وَأَنّه كان رجَال ص الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رَهَقَا :20> وأَنّهُم ظنوا كما ظَنَسْم أن أن يبعت الله أَحَدا :71> 4 [ الجن ] إلى أن يقول تعالت كلماته: <وأنا ما الصّالحُونَ وما دون ذلك كنا طرائق قدددا 20> وَأنَا ظَنا أن أن تُعْجَ اي ا يخَاف بخسا ولا را 20 وأنا ما المسلمون ومنا القاسطون فَمن أسلم فأواك تحر رشدا ع وأمًا القاسطون فكانوا لهم خط 29 > وأ لتقا على الطرية لأسقيناهم مَّاء عَدَقَا للق لتفتتهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابًا صعدا 0ج © [ الجن ] . والحن كما ذكر القرآن عالم غير عالم الملائكة» وغير عالم الإنسان» وتأويل القول فيهم أنهم من عالم الإنسانء وأنهم قبيلة منهم ‏ تأويل بغير دليل» يخالف ظاهر القرآن» وليس لقائله من سند إلا أن يكون تحريفا للقول عن مواضعه. والعالم الثالث هو: عالم الإنسان» وقد خلق من سلالة من طين» والعالمان الخفيان» وهما عالم الملائكة وعالم الجن» تدل الآيات الكريمات على أنهما خلقا تفسيرسورة البقرة اليل ١ كاه‎ ى ١‏ قبل العالم الثالث» وهو الإنسان» بدليل أن الملائكة ذكر الله تعالى لهم أنه جاعل الإنسان خليفة» وأنهم عجبوا أن يكون خليفة فى الأرض من يفسد فيها ويهلك الحرث» وبدليل أن أبليس الذى كان من الجن عصى ربه» فلم يسجد » وقال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين . والإنسان خلق فيه العقل المدرك الذى يرفعه إلى درجة الملائكة» وخلق فيه الشهوة والهوى اللذان يجعلانه مفسدا فيها ويهلك الحرث والنسل » وذلك وجه استغرابهم . ولنذكر القصة الكاملة الحقيقية التى يصور الله تعالى فيها نخلق هذا العالم الغالث» وهو الإنسان. أعلم الله تعالى الملائكة -وهم جمع ملك - بأنه سيجعل فى الآرض من يسكن ظاهرهاء ويحكم فيهاء وينسل فقال: #إني ي جاعل في الأرضٍ خليفة4, أى يكون ساكنا فيها بالخلافة عمن كانوا فيهاء ولم يذكر سبحانه وتعالى من كانوا فيها أهم كانوا من الملائكة أم كانوا من الجن» أم كانوا خلقا آخرء ولقد ترك الله سبحانه وتعالى ذكر من خلفهم» فلنسكت عما ترك» ولا نرجم بالغيب» حتى لا نطلب .ما ليس لنا به علم. وقد يقال إن #8 حَليفَةَ» معناها الخلافة عن الله تعالى فى الأرض» بمعنى أن الله تعالى بما أعطاه من قوة العقل والتفكير والتدبير» والسيطرة على نفسه. وعلى ما فى الوجودء فى الأرض» التى خلفه الله تعالى عليها ليكون خليفة خلافة نسبية عن الله تعالى» والله تعالى غالب على كل أمره» وأموره. قد يكون هذا هو الظاهرء أو أن « خَليقة» معناه أنه وجنسه خلائف يخلف بعضهم بعضاء كما قال الله تعالى: «وَهُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلائف الأرض ورف بعكم وق بعْض دَرَجَات لَبلُوَكُم في ما آنَاكُم إن بك سرِيع العقاب . . . 4133# 4 [الأنعام ] . تفسير سورة البقرة اال ا 0 1 له - بي نسبية » ترك الله تعالى له الخلافة» ليبلوه فيما ملكه من منافع الأرض التى خلقها ذكر الله تعالى لملائكته أنه جعل له تعالى خليفة فى هذه الفأرض » ويظهر أن الله تعالى أعلمهم بطبيعة هذا العالم الثالث فى هذا الوجود من أنه أوتى عقلا مدركاء» وشهوة قد تكون طاغية » وأنها إن طغت أفسدت» وأهلكت . الشهوة وإذا غلبت أفسدت؛ وإن الشهوات إذا تحكمت كانت الأثرة» وكان التنازع» فى الأرض من غير أن يعترضوا على الله تعالى فى حكمه» بل أبدوا استغرابهم من أن الله تعالى يتركهم إلى المفسد السافك للدماع» وهم المسبحون بحمد الله المقدسون لهء. فقالوا مقابلين بين حالهم وحال الإنسان» #ونحن تسبح بحمدك» أى نحن نذكرك مديمين بحمدك على ما أنعمت» لأن ذاته العلية تستحق الحمد فى ذاته» «ونقدّس لك» أى نعظمك وننزهك لك أنت. أى: لأجل ذاتك العلية. يبين الله تعالى لهمء أن الله يعلم ذلك» فيعلم أحوالهم وأنهم فى تسبيح دائم » وتقديس ملازم» ولكن فى الإنسان ما يجعله جديرا بالخلافة فى الأرض ليبلوه فيما آتاه الله تعالى من خخيرهاء فهو يعلمه ويعلمهم. ويعلم الجدير منهم بأن يجعله فى الأرض؛ ولذلك قال تعالى ردا لاستغرابهم بقوله : #9إِنَي أعلم ما لا تعلمون» أعلم الجدير بما أعطى وغير الجدير. تعالى : نا تفسير سورة البقسرة 5م 0 كك * تي _ يي ع رع سل مه و هه اليكتكة َعَم ا ِ َقَالَ أَنبئون بأسْمَاٍ مََوْلكٍ نعقة لجز ]امن 0 71 3-4 2 0 نبأهم نمايو مَالَ ومو م 237 زم ب يدون وما 9 2 والأسماء هى الأشياء من قبيل ذكر الاسم وإرادة المسمى» إن جهل الملائكة بأسماء الأشياء وعلم آدم بها هو الأمر الذى ميز آدم على الملائكة» خلقوا للطاعة. ولا يعلمون طبائع الأشياء والوجود الأرضى إلا ما أعلمهم الله تعالى إياهء أما آدم فإن الله تعالى أودعه القدرة على العلم بالآشياء» وكان فى طبيعة نفسه التى أوجدها الله تعالى العلم بالأجناس أو مثلها. فالإنسان يولد وفى استعداده العلم بالمثل فى هذه الأرض كما قال تعالى: 9 واللَهُ أَخْرَجَكُم مَن بطون أُمُهاتَكُم لا تَعلَمون شيئًا وجعل لَكُم السمع والأبصار والأفهدة ... +20 4 [ النحل] . بهذه الخاصة التى وهبها الله تعالى للإنسان» وهى الاستعداد للمعرفة والعلم بكل ما فى الأرض» فكان بذلك ممتازا على الملائكة ويتبعهم الجن . ولقد أعلم سبحانه بهذا العلو عليهم» فأمرهم بالسجود له » فقال تعالى: وَإدْ كنآ لمَكَيَكْوَاسَجُدُوا لدم مَسَجَدُوا ِل بيس ءًُِ أن وَأسَدَكرَوَكانَمِنَأ منَالكفريت و تفسير سورة البقرة للك ل الالال ل ل حر 0 كان إبليس عند أمر الله تعالى له مع الملائكة» ولنا أن نقول إنه ليس مما خلقهم تعالى من مادتهم: فإنه خلق من نار كما حكى الله تعالى عنه إذ قال: «وإذ فنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إل إبليس كان من الجن ففسق عن أَمرِ به فْتَحذونه وذريته أوليَاء من دوني وهم لَكُمَ عدر بمّس للظالمين بَدلاً رج 4 [ الكهف ] . وإذا لم يكن منهم» فإن الاستثناء يكون منقطعاء ولكن الخطاب موجه إليه لصحبته لهم. والسجود الذى أمر الله تعالى به ما هو؟ قال بعضهم: إنه الخضوع وهو يستعمل فى كلام العرب بمعنى التذلل والخضوع؛, وليس السجود الذى يعد من أركان الصلاة» ومن المعنى اللغوى قوله فى سورة يوسف: «إ ورقع أبويه على العرش وخروا له سجدا ... #رج 4 [يوسف] أى دخلوا فى حكمه. ولقد قال تعالى فى الخلق فى سورة أخرى: 9 فَإِذَا سويته وتفخْت فيه من روحي فَقعوا لَه ساجدين +420 [الحجر] فهل يدل هذا على أنه كسجود الصلاة؟ الجواب عن ذلك أنه يدل على كمال الخضوع له سبحانه وتعالى» بما يدل على الخنضوع الكامل بالانحناء له» وإذا كان يوهم أنه كسجود الصلاة» فليس عبادة لآدم ولكنه إطاعة الله تعالى : وإن كان آدم كالقبلة» فالعبادة تكون للآمر وهو الله تعالى لا لمن اتخذه كالقبلة وكان كأنما السجود له. ومهما تكن حال السجودء والعلم الجازم بها عند الله تعالى» فإن الأمر به دليل على تكريم الله تعالى لآدم أبى البشر» وأن له اختصاصا بالتكريم على الملائكة الأطهار الأبرار» كما أمر الله تبارك وتعالى الذى خلق الفريقين» وميز بين العالمين. وإبليس الذى كان من الجن خرج عن طاعة الله ففسق عن أمر الله مستكبرا بغير مسوغ للكبر؛ لأنه زعم أن أصل خلقه خير من أصل خلق آدم» فهو خلق من نارء وآدم خلق من طين» والله تعالى خالق المادتين» فهو يفاخر ويعاند بأمر خلقه الله تعالى الذى أمره بالسجودء فكان فى أشد أحوال الغفلة» وصح أن يقال فيه إنه أشد من خَلَقَ الله تغفيلاء وكذلك كان أتباعه من بعدهء فهم فى غفلة عن الحق دائما. م ا تفسيرسورة البقرة #لنحجب. ]5 232 ولقد وصفه الله تعالى بأنه كَمَره وهو قد طغى فى كفره» وتعدى إلى معاندة الله تعالى فى أمره ونهيه» حتى لقد حكى الله تعالى أنه اعتزم الشرء وأراد فتنة بنى آدم» بل آدم نفسهء فقال عنه الله تعالى: قال َبتك هذا الذي كرمت علي لثن أحْرْتن إَئ يم القيّامَة لأَحْسَكَنَ َرِنُ إلا قليلاً 27 4 [الإسراء ] وقال: قَالَ فبعرتك وإن الله تعالى بعد أن خلق آدم» قال الله سبحانه آمرا آدم» وكان قد خلق معه زوجه: عفاد سكن أَتَوَوَوْجكَ أب وكا نهَارعَدًا و حَيثُ سْفَضَاوَلاكترا مَذِوَالقَةفمَوْنا لابين 2 لم يذكر الله سبحانه مكان هذه الجنةء» ولاحقيقتهاء أهى فى السماء أم فى فإنها جنة فيها رغد العيش وسعته. ولم يذكر سبحانه وتعالى اسم زوجحه» ولكنا علمنا من مصادر أخرى أنها حواء(2, وأنه خلقها من نفس آدمء أو من جنس خلقه.» فقد قال تعالى فى سورة النساء: «إيا أيه الناس انّقوا ربكم الذي خلقكم من نَفْس واحدة وخلق منها رَوْجَهَا ... 4 » [النساء]ء فحواء زوجة آدم من نفس خلقه أو خلقها الله تعالى أمر الله آدم أن يكون هو وزوجه فى الجنة ساكنين» وأن يأكلا منها موسعين على أنفسهما غير مضيقين» يأكلان رغدا أى من غير انقطاع» ولكنه نهاهما عن () صرح النبى عله بهذا الاسم فى الصّحاح ومن ذلك ما رواه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء 87م 0 ومسلم: الرضاع (551/5) . قال النووى: رونا عن ابن عباس قَال: سميّت حواء لأنَهًا أم كل حَى . م تفسير سورة البقرة سس سس سال ب لس 5 شجرة من أشجارها 0 ما هى وما كنهها؟ لم يذكر سبحانه وتعالى هذه الشجرة» شجرة معينة . ابتدأ إبليس يتخذ طريق الغواية حاقدا حاسدالء فجاءهما من هذه التى أمر الله سبحانه وتعالى بألا يقرباهاء وكان النهى عن القرب لا عن الأكل» لأنه أبلغ فى النهى عن الأكل» فالنهى عن القرب مبالغة فى عدم الأكل بالابتعاد عنهاء وهنا كان الاختبار بهذه الشجرة » إذ حيث يكون الهوى فإنه يجر إلى العصيان . جاءهما الشيطان من ناحية هذه الشجرة» وجاء الإغراء من النهى عن الأكل منها؛ ولذلك قال تعالى: 20 5 و رجي صد الوم صو َدَل ألشل عن جَهُمَامكَاكنا يموعن أَيطُوا 12 2 ار ود ٠.‏ ل 020 حطور بعكب 2 0 َارْضِمَسَل رمحن 0 عه وترى فى الآية 9فَأرلّهمَا الشيْطَانْ عنها». وعبر بالشيطان وهو إبليس لأنه ابتدأ النتيجة وهى أنه أوقعهما فى الزلل بأكلهما منه» وفصل سبحانه وتعالى عمل إبليس فى موضع آخر فى سورة الأعراف» فقد قال تعالى فى هذه السورة ما فعله بإيليس عندما عصى أمر ربه بالسجود إذ أخرجه منهاء وقال بعد استكباره: اخرج منها فإنك من الصاغرين .. وقال لآدم: ويا آدم اسكن أنت وَرَوْجُك الْجَنةَ فكلا من حيث حيث شنتما ولا تقربا هذه الشنجرة فَكُونا من الظالمينَ «(55) فوَسُوَس لهم الشيطان لينّدي لّهمَا ما ووري عنهمًا من سوءاتهما وقَالَ ما تهاكما ربكُما عن هذه الشّجرة إلا أن تَكُونا ملٍََْ أو تَكُونا من الخالدين جج> وَقَاسَمَهُما إن لَكُمَا من انَصحينَ 73) فَدلأهما بغرور فلم ذا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما م من ورق الجئة تفسيرسورة البقرة الال د عبناي 2 اهما بهم ألم أنْهَكُمًا عن تلكا الشّجرة وأقل لَكُما إن الششيطان لكا عدو مين :112 قَالا ربا ظَلَمنا أنفسًا وإن لّم تغفر لنا وترحمنا لَكُودْنَ من الْخَاسرِين 27> قَالَ اهبطوا كحض دوك ف لأ مسو إلى ع <تت> ذل ها و وي تموتون ومنها تخرجون +(22+ 4 [الأعراف] . ففى هذا النص الذى تدل عليه هذه الآيات الكريمات يبين سبحانه كيف كان الإغواء» وأنه جاء من جهة الترغيب فى الاستعلاء والبقاء» فأوهمهما أن النهى كان لكيلا يكونا من الملائكة» مع أن آدم سجدت له الملائكة» ولكنهما غفلا عن هذاء وأوهمهما أنهما يكونان خالدين فى الجنة إن أكلا . وكانت النتيجة من الأكل أن بدت لهما سوءاتهما بعد الأكل من الشجرة؛ وادعى بعضهم أن هذا يدل على أنها شجرة الشهوة.» ولكن لا دليل» فييقى الشجرة غير معلوم. والأمر الذى ترتب على الأكل فى آية البقرة وآية الآعراف هو الخروج من الجنة» والهبوط إلى الأرض» أى النزول من مكان أعلى منهاء #وقْلَنا اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدو أى أمر التكوين كان لآدم وزوجه وإبليمس» وقوله تعالى: « بعضكم لبعضٍ عدو أى أن إبليس عدو لكم فاحذروه» وإنه وذريته ينفثون فى نموس الناس الشرء فتكون العداوة الدائمة المستمرة» والتنازع والحروب. #ولَكُم في الأَرْض مُستقرٌ ومنَاعَ إلى حين» أى الأرض التى خلقهاء وخلق لكم ما فيها جميعا ستكون مستقرا أى موضع قرار دائم» لا أن تكون مسكنا تتركونه» ويكون فيها متاعكم إلى حين» أى إلى وقت أن تموتوا ثم تحيوا فيكون البعث والنشورء وهكذا كان الشيطان بعداوته طريق الخفروج من جنة الله تعالى إلى أرضه . تفسير سورة البقرة 2 وإن آدم أحس بأنه عصى ربه» وأنه ظلم نفسهء فألهمهما الله تعالى أن يقرا بالمعصية؛ وأن يطلبا منه سبحانه وتعالى غفران هذا العصيان 98 قَالا ربا ظَلَمَا أنفسنا وإن لم تغفر لَنا وَترَحَمنًا لكو من الْخَاسِرِين 27 4 [الأعراف ] , هذه هى الكلمات التى تلقياها من ربهما كما قال تعالى: وكما جاء فى سورة طه: لاثم اجتباه به قاب عليه وهدئ 0232 4 [ طه] . هذه القصة الحقيقية فى خلق الله سبحانه وتعالى آدم» وهى تدل على ثلاثة أمور: أولها: أن الله تعالى كرم آدم على خلقه من الملائكة والجن بدليل أنه سبحانه أمرهم بالسجود له. ثانيها: أن الله تعالى خلقه ووهبه الاستعداد لمعرفة الأشياء» وبها امتاز على الملائكة» وبهذا الاستعداد للعلم» ومعرفته أسماء الأشياء سخر الله تعالى له ما فى السماء وما فى الأرض» وذلل له كل ما فى الأرض وما فى السماء. الثها: أنه يؤتى من قبل أهوائه وما يغريه» وأن إبليس له عدو مبين» وأنه سلط على آدم؛ وسلط على بنيه من بعده» وأنه موسوس فى نفسه» فهو لا يتصل بحسهء ولكن يتصل بنفسه. ولسنا نقول إن الجن وإبليس» هما وسوسة النفسء. أو ما يحيك فى الصدرء ولكن نقول إن الجن مخلوقات موجودة» وإن إبليس موجود مخلوق» ولكن مع ذلك نقول إن إبليس وذريته من بعده يوسوسون فى النفوس بالشرء وإن كانوا يعجزون عن النفوس المؤمنة الطاهرة. يل وإن إبليس وذريته يجيئون إلى النفوس من قبل الشهوات» والأهواء. وعلى المؤمن أن يسد مسام الشيطان. الأرض موطن التكليف شجرة معينة » خرجا إلى هذه الأرض» وكان التكليف» وكان اختبار بنى آدم فيهاء يكون جزاؤه» وفى كل نفس استعداد للخير» وللشرء والخير هو الأأصل ؛ ولذا قال تعالى: © وتفس وما سَرَاها 2ج فَأَلْهمَها فجورها وتقو تقواها + 4 [ الشمس] فكانت النفئس الأمارة بالسوء بجوار النفس اللوامة فكان الاختبار بعد هبوط الأرض . قال تعالى بعد قصة الخلق والتكوين: ُلَمَا أَهْيطوأه نادُم ُدَى طب هُدَاقَ لحف لوو اهم رون 2 2 وَالَدبنَ كقروأ مل كدو عابنا وكيك لبك أصحّث في نوق ج# جاء التكليف عند نزول الأرض» وقوله: «قُلنا» معناه أنه أخرج من الحنة» وقال له تعالى بلسان التكوين: اهبطواء والهبوط هنا معنوى أو حسىء» والمعنوى أنهم نزلوا من الجنة حيث كان القرب من الملائكة الأطهارء وحيث كان العيش رغدا لا مشقة فيه. ولا جهدء بل هو راحة واطمتئنان - إلى حيث اللغوب والمشقة» والمعترك الذى يكون فيه الغلب والقهر والانهزام» وحسى لأنه نزول من مكان عال إلى أدنى منه» والهبوط المعنوى ظاهر؛ ولذا نقتصر عليه» لأن الحسى غير ظاهرء وإذا كان الهبوط حيث التكليف فالجميع يهبطون: آدم وزوجه وإبليس» والتكليف على الجميع» فكل ينال أثر عمله (# تفسير سورة البقرة 3 وقوله تعالى: #فَإمًا يأتيكم مني هدى فمن تع هداي4 يدل على أن الله تعالى يرسل الرسل مبشرين ومنذرين» فالهدى الذى يجىء من قبل الله تعالى هو ما يكون بالرسالة الإلهية التتى تكون عن طريق من يرسلهم الله تعالى مؤيدين بالمعجزات الظاهرة الباهرة . وقوله تعالى: 8فإِمَا؛ فيه «ما» زائدة فى الإعراب» وليست زائدة فى البيان؛ لأنها دالة على تأكيد الإتيان؛ ولذلك يكون بعدها تأكيد الفعل بنئون التوكيد الثقيلة تأكيدا وجوبيًا عند أكثر علماء البيان» كالقسم لأن إما فى معناه» بيد أن هذه تأكيد لفعل الشرط» وهنالك تأكيد لجواب القسم ‏ وإن معنى التأكيد لفعل الشرط أن مجىء الهداية ثابت ثبوتا لا مجال للريب فيه. وتنكير هدى هنا للتعظيم والتكثير» فهو هدى يهدى إلى الحق» ويهدى إلى حياة قويمة مستقيمة» ويهدى إلى النفع الإنسانى العام» وإلى استخراج ينابيع الأرض مما فى باطنهاء وإلى الفضيلة الإنسانية » والعدالة فى كل نواحى الحياة. وجواب الشرط فى قوله تعالى: طقَإِمًا يَأتبنَكُم مَنَي هُدى» هو قوله تعالى: «فمن تبع هداي فلا حَوفْ4 أى أن الذين يتبعون ما يجىء به النبييون من رسالات إلهية فإنهم يكونون طائعين خاضعين لأحكام الله تعالى » محاربين للشيطان وإغراته ووسوسته» ولا يعاقبون؛ ولذا قال تعالى: قلا خوف عليهم», وهو جواب فَمَن تبع» لأنها هى الأخرى شرطء فكان جواب طفَمًا يبتكم مني هدى» جملة شرطية: أى فيها شرط وجواب» فقوله تعالى: #فلا خوف عليهم ولا هم يَحَزَنُون* جواب شرط الثانية . ومعنى قلا وف عَلَيْهم4 أنهم يكونون فى أمن من عذاب الله تعالى» ولا يحزنون على أمر فاتهم» لأنهم سبقت طاعتهم» ولا يكونون فى حال حزن» بل فى سرورء وعلى سرر متقابلين. ان تفسيرسورة البقرة ممالل وليسوا كالذين يخضعون لوسوسة إبليس» وإغرائه» فلا يطيعون, ويجحدون» ولذا ذكر عقوبة الأشرار بجوار ثواب الأخيار ليدرك أهل الحق الفرق بين الفريقين» فقال تعالى: والّذين كَمَروا وَكَدَبُوا بآيَاتنا لَك أُصّحَاب الثَارٍ هم فيها خَالدون» وكفروا معناها جحدوا أو ستروا ينابيع الإيمان فى قلوبهم» وأفسدوا فطرة الله تعالى» وكذبوا بآياتنا. وآيات الله تعالى آيات كونية» وهى خلق السموات والأرض وكل ما فى الكون ما يدل على الله تعالى» وأنه خالق كل شىء» وآيات تبىء على أيدى الرسل الذين يجيئون بهدى الله سبحانه» وهى المعجزات التى تدل على أن حامليها رسل من عند الله سبحانه وتعالى العلى القديرء وآيات تتلى فى كتبه . وقد كذبوا بكل هذه الآيا؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: كَدَبُوا بآياتتا» أى طمس الله تعالى على بصائرهم فلا يدركون حقاء ولا يذعنون لدليل» ولو كان من عند العزيز العليم . وكما ذكر سبحانه جزاء الذين اتبعوا الهدى» وآمنوا بالحق» وهو أنهم لا يخافون» ولا يحزنون» وذكر الخوف بقوله تعالى: #قلا وف عَلَيْهم» أى لا ننزل | بهم ما يوجب المخوف. كما ذكر سبحانه وتعالى جزاء هؤلاء المتقين الذين ينتفعون بالآيات والعظات» ذكر جزاء الكافرين فقال تعالى: #أُولَيك أصحَاب النّار هم فيها خَالدونَ» . ذكر الله سبحانه وتعالى عقوبتهم فى الآخرة بهذا النص السامى» فابتدأ باسم الإشارة» وقد ذكرنا آنفا أن الإشارة إلى المذكور بصفات تكون الإشارة إلى الصفات» وفيها إيماء إلى أن هذه الصفات هى علة الحكم التالى الذى هو خبر اسم الإشارة» والحكم أنهم أصحاب الثار؛ أى أنهم الملازمون للنار لا يفارقونهاء ولا تتخلى عنهم إلا تفسير سورة البقرة سس سسا سسا لس ااا 2 كما لا يتخلى الصاحب عن صاحبه» وذكر سبحانه وتعالى أنهم خالدون فيهاء فقال تعالى: #هم فيها خالدون», وقد أكد خلودهم فى النار بالجملة الاسمية» وتقديم الجار والمجرور 2١‏ أى هم خالدون, وخلودهم مقصور عليهاء فلا حول لهم ولا قوة. بنوإسرائيل وكفرهم بنعم الله تعالى شري بل أذْ رو أيْْيِ قَلَىَأَفت َك وى لاة + هيه وَدَامِسوأَيِمَا أَنرَّلْتُ ا ته مُصَدَكانمَامَصَك وآ توف لكي لابق 7 تمنا ليلا وَإَِىَ َاتَصُونٍ 3 ييه وَكَاملسُولْحَقٌ بالكل م ور ك2 و وتَكموأ لحن وتم تون جه لق بن وَأَقِيِمُواألصَلوءَ وَعَانوا الكل رأتكترائالزكيين ج” ذكر الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان» وذكر من قبل أوصاف الفاسقين التى فيها نقض الميثاق الفطرى الذى أخذه سبحانه وتعالى من بنى آدم من ظهورهم ذريتهمء وأشهدهم . بعد ذكر المنازعة التى أقامها إبليس عدوا لبنى آدم؛ وأن الله تعالى وعد أنه سيأتيهم بهدى من عنده برسل يرسلهمء وأن من اتبع هداه فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون» وهدد بالعذاب الشديد من يخالف ويعصىء بعد ذلك كله ذكر طائفة من العصاة اتسموا بكفران النعمة؛ وإنكارهم الحق وتلبيسهم الباطل به» فذكّر بالتعم التى أنعم بها عليهم؛ وهم بنو إسرائيل الذين توارثوا ما أنكره الله تعالى عليهم من كفران للنعمة. 5 (## تفسيرسورة البقرة هم بنو إسرائيل» وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا السلامء فهم ذرية إبراهيم من فرع إسحاق» والنبى وَكةِ فرع إبراهيم من إسماعيل الابن البكر له عليهما السلام» وقد وهب إسماعيل وإسحاق لإبراهيم على الكبر؛ ولذلك قال فيما حكاه عنه رب العالمين: ظالْحَمَد لله الذي وَهَب لي على الكبر ِسْمَاعيلَ وَإِسْحَاق إن بي لَسَميع الدعاء +230 4 [إبراهيم ] . وإن بنى يعقوب ذرية إبرهيم من إسحاق جعلهم الله تعالى صورا للإنسانية التى يختبرها سبحانه وتعالى بالنعم» فمنهم من يشكرهاء ومنهم من يكفرها وهم الأكشرون» واختبرهم سبحانه بالنقم تنزل بهم بكفرهمء واستيلاء الشر عليهم» فكانوا بهذا مثلا واضحا للإنسان الذى يتسلط عليه إبليس فى النعم والنقم فإن اختبرهم بالنعم لم يشكروها وطغوا واستكبروا كما فعل إبليس» وإن اختبرهم بالنقم ذلوا واستكانوا؛ ولذلك كانوا مثلا للخاضعين لإبليس وهم فى نعمهم ونقمهم يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله. يا ببي إسرائيل» النداء لأولاد إسرائيل من عهد موسى عليه الصلاة والسلام» ولكن المخاطبين هم الذين عاصروا النبى كَلِْةِ» وخوطب من كانوا فى عصر النبى يك بالنعم التى أنعم الله بها على بنى إسرائيل فى ماضيهم» مع أنهم لم يروهاء فالذين عبدوا العجل ليسوا هم» والذين كان فرعون يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم ليسوا هم ولا تزر وازرة وزر أخرى. خوطبوا بكفرهم النعم ونقضهم الميشاق» لأنهم أمة واحدة» ويخاطب الحاضرون بمآثم الماضين إذا علموها وأقروها وساروا على مثلهاء ولو أنهم ناقضوهاء أو استنكروهاء كعيد الله بن سلام وغيره» ما خوطبوا بأخطاء من سبقوهمء لأنهم لم يرضوا عنها ولم ينادوا بشرف الانتماء إليهم . والنداء كما علمت للبعيد لأن النداء ب «يا» يكون للبعيد» ويراد هنا بالبعد البعد المعنوى» وهو علو الله فى ندائهم» وناداهم ببنى إسرائيل تذكيرا بمقام يعقوب ا تفسير سورة البقرة لكل ااال وشرفهء وأنه كان ذلك النسب مقتضيا أن يكونوا فى مثل شرفه النبوىء وإيمانه وإذعانه وأن يكونوا عونا للخير»ء وأن يكونوا شاكرين لأنعمه مثله. #اذكروا نم نعمتي الي أَنْعَمت ليكو » ومعنى اذكروهاء تفكروا فى أمرهاء وما يوجبهء فإن ذلك التفكر فى مقدارها وفى مجيئها فى وقت الشدائد والغمة يحملكم على القيام بشكرهاء وشكر النعم واجب بالعقل كما هى بدائه العقول» وإن الله تعالى أنعم عليهم بأن نجاهم من فرعون وطغيانه عليهم. ونجاهم باجتياز البحرء وقد انفلق حتى مروا فكان كل فرق كالطود العظيم؛ وانطبق على فرعون وملئه الذين ساموهم سوء العذاب وكانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم» وأنعم عليهم فى الصحرء بالمن والسلوى يتغذون منه بأطيب الغذاءء وأنعم عليهم بأنهم استسقوا فانبجست من حجر ضربه موسى عليه السلام بعصاه - اثنتا عشرة عيناء لكل أناس مشربهم . أنعم سبحانه وتعالى بهذه النعم كلهاء وكان من شأنها أن تحملهم على الشكر والطاعة. ولكنهم وهم أهل حسد وحقد على الناس» اتخذوها ذريعة للكفر والطغيان» وحسبوها اختصاصا من الله تعالى وتدليلاء وقالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه» فزادوا بالنعمة كفرا وطغيانا. وكان الحاضرون فى عصر النبى وَكِلْهٌ صورة للماضين يفعلون مثل ما كانوا يفعلون» ويرضون عما كانوا عليه» ويقولون مثل ما قالوا. أمرهم سبحانه وتعالى عساهم يشكرون» ويعتبرون بما نزل من الأمور بمن سبقوهم, : ثم أمرهم سبحانه من بعد هذا التذكير بالوفاء بالعهد. فقال تعالت كلماته : #وأُوفُوا بعهمدي أوف بعهدكُم» أخذ الله تعالى عهدا بمقتضى الفطرة» وهو أنه أخذ عليهم من ظهورهم ذريتهم أن يؤمنواء وأخذ عليهم العهود والموائيق فى عهد موسى»؛ ومن جاء بعد موسى من النبيين» وأخذ عليهم العهد بألا يسفكوا تفسيرسورة البقرة اللا دماء» وأخذ عليهم سبحانه وتعالى عهدا موثقًا ببيان قدرة الله تعالى إذ نتق الجبل فوقهم فقد قال تعالى : ١‏ وَإِذْ قا اْجبَل فَوقهم كَأَنَهُ ظلة وَطَنُوا أنه واقع بهم خَذَوا ما آتَينَاكُم بقرّة واذكروا ما فيه لَعلّكم تنَقَونَ 457 4 [الأعراف] وصرح سبحانه وتعالى بهذا الميئاق وعهده لهمء فقال: وقد أحَد اله ميقاق يني إسرائيل وبعننا منهم الذي عَشَرَ نقييا وقال الله ؛ إنِي معكم لبن أقُمتم الصّلاة وآتيم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأفُرضتم اللّه فَرْضًا حَسنا لأكقرنٌ عدكم سيئاتكم ولأدخلئكم جنات تجري من تحتها الأنْهار فَمَن كَفر بَعْد ذلك منكم فَقَد ضّلّ سواء السبيل 4227 4 [ المائدة ] . هذا عهد من العهود التى واثقهم الله تعالى عليهاء عهد عليهم أن يقيموا الصلاة ويؤدوا العبادات وأن يؤمنوا بالرسل» وكان عهد الله تعالى أن يكفر عنهم سيئاتهم» وأن يدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار . وقد أوجب الله تعالى على نفسه تفضلاء ورحمة وإنعاما كالإنعام المتوالى عليهمء والله تعالى لا يجب عليه شىء. يقرن القرآن الكريم وعد الله تعالى بوعيده» لقد وعدهم سبحانه بأنه يوفى بعهدهم بأن يكفر عنهم سيئاتهم» ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار إذ أوفوا بعهده بأن عبدوه وحدهء وآمنوا برسله ونصروهم» ولا شك أن ذلك ترغيب فى النعيم» ولكن النفوس لا تخضع للترغيب فقطء وخصوصا من كانوا على شاكلة بنى إسرائيل الذين لم تجد فيهم النعم؛ ولذا أردف سبحانه الوعد بالنعيم - بالترهيب» فقال تعالى: لإإِيّاي فَارهبون» النون هنا تسمى بنون الوقاية التى تكون بين الفعل وياء المتكلم» والياء حذفت مع تقديرها فى الكلام: فارهبونى» وهذا تخويف بأشد صيغ التخويف والترهيب» وتخصيص التخويف باللهء وأنه لا يُخاف أحد سواه كما أنه لا يعبد سواه. وقد دل على التخصيص قوله تعالى: #إياي» فهى دالة على التحذيرء وفعلها محذوف تقديره مثلا احذرنى» كما تقول فى كلامك إياك إياك محذرا ا تفسير سورة البقرة الل اا 21 0 بيه يي مخوفاء فمعنى إياي: احذروني وحدى», فإن رحمتى يلحقها عذابى» وهى للمطيع» وعذابى للعاصىء وقوله: ل فَارَهبُون» الفاء للإفنصاح عن شرط مقدر تقديره: فإن كان من ترهبونه فارهبونى أنا وحدى؛ ولذلك كان الكلام فيه تأكيد للخوف من الله وحده أولا بذكر كلمة الله تعالى: #وإِيّاي* الدالة على التحذير وتقديمهاء وفى التقديم اختصاص وفى تكرار التخويف» وفى ذكر الفاء المفصحة عن شرط» وهى جوابه. والرّمّب: إبقاء الخوف فى التفس مع التحذير والتيقظ وتوقع العذاب الآليم. هذا وفى الآية نص على وجوب الوفاء» وعلى شكر النعمة» وأنه لا يصح أن يخاف المؤمن أحدا غير الله تعالى» وقد أوجب الله عليهم الوفاء بالعهد فقال تعالى : «( وآمنوا بما نرت مُصَدَقا لما مَعَكُمْ ولا تَكُونُوا أو كافر به ولا تَشْرُوا بآياتي ما قليلاً واي فَانَُّون © . أخذ الله تعالى عهدا بأن يؤمنوا برسله» إذا أرسلهم الله تعالى إليهم مؤيدين بالمعجزة. ولا يكفروا بالرسل بعد أن يتبين الهدى؛ ولذا أمرهم بأن يؤمنوا بالكتاب الذى أنزله الله تعالى على محمد يَكَيِةٌِ ولم يذكر الرسول ابتداء بل ذكر ما أنزل على ذلك الرسول» وإن الإيمان به يتضمن الإيمان بصدق محمد يِه وذلك لآن ذات المنرّل هو الحجة الدامغة» وهو فيما يدل عليه من علم حجة عليهم, لأنه مصدق لا عندهم فهو يحمل فى نفسه دليل صدقهء وذكره أخذ للحجة عليهم ابتداء وإذا آمنوا بالكتاب فقد آمنوا لامحالة برسالة من نزل عليه الكتاب الحكيم ؛ ولأن ما نزل على محمد كله هو الحق الذى لاريب فيه؛ فهو يدعو إلى تصديقهء وقوله تعالى: «مصدهًا لما مَعَكُم» بما يدل على أنهم إذا آمنوا بهذا الكتاب المنزل من عند الله يؤمنون بما عندهم» وأنهم إن كفروا به يكفرون بما عندهم. لل وهذا يدل على أن الذى نزل على موسى» وبقى عندهم من تعاليمه يصدق ما فى هذا الكتاب» إذ التعاليم واحدة فى أصلها وفى لبها؛ ولذا قال محمد صلى الله تعالى عليه وسلم: الو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه إلا اتباعى»(1" . وإن التوراة التى نزلت على موسى فيها التبشير بمحمد 355: ف يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإبجيل . .. اذه © [الأعراف] وإن قوله تعالى: ط مصدقا لما بين يديه من الكتاب ... +« (يك 4 [المائدة] وقوله فى هذا النص الكريم: «مصدقًا لما مَعَكُو» لا يدل على أن التوراة الحاضرة ة صادقة لم يعترها تحريف ولا تبديلء فإن القرآن قد نص على التحريف» إذ يقول سيحانه وتعالى: يُحَرْفُونَ الكلم عن مُواضعه وَنْسوا حَظَا مما ذكَروا به .. ٠‏ 2ك 4 [المائدة] وقال تعالى: وذ نهم لفريقا يلُوُونَ ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وَمَا هو من عند اللَّه . 2 © [آل عمرات ] وإذا كانوا يريدون أن يستدلوا من القرآن على صدق ما عندهم» فليأخذوا به كله» لا أن يتعلقوا بحرف مما جاء فيه ويستدلوا به. وإن معنى #مصدَقًا لَمَا معكم»*: أى ما بقى معكم من غير تحريف ولا تبديل وهو الرسالة الموسوية فى أصلها ومعناها من عبادة الله وحده» ومن إقام الصلاةء وإيتاء الزكاة» ومن تبشير بمحمد يَلكِْةٌه وهم يعلمون. كما قال تعالى: الّذين اتيناهم الكتاب يَعَرقُونَه كما رفون أبناءهم .. . 020 4 . وبعد أن طالبهم الله تعالى بأن يؤمنوا بما أنزل من كتاب بين لهم أنهم جديرون بأن يسارعوا إلى الإيمان لمعرفتهم ما جاء فيه من الحق» وأن يكونوا أسوة للمشركين الذين لم يؤتوا علم الكتاب» ولم تكن لهم البينات التى عندهم» فقال سبحانه: ولا تَكُونُوا وَل كاف به4, أى: لا تكونوا أول من يكفر به. وأول «أفعل» فى وزنه» والبصريون يقولون إنه لا فعل له» والكوفيون يقولون إن له فعلاء هو من وأل إذا نجاء ف «وأل» فعل بمعنى نجا وخرج ومنه اشتق أول. . والدارمى: المقدمة (5؟5) بنحوه.‎ »)١501١5( أخرجه أحمد: ما فى مسند المكثرين‎ )١( ا تفسير سورة البقرة : وهنا مسألتان نتكلم فيهما قد تبينان ناحية من نواحى الآبة الكريمة: الأولى - أن الله تعالى يقول: #ولا تكونوا أَوّل كافر به» والمخطاب لجماعة لا لواحدء فالظاهر من سياق القول أن يقال أول الكافرين به» ولكن الله تعالى اختار التعبير بالمفردء على تقدير الفريق» والمعنى لا تكونوا أول فريق يكفر بهء أى لاتكونوا أول من يجتمع على الكفر به» باعتبارهم موحدين فى الفكرة والغاية» وأنهم يتضافرون فيما يفعلون» وإن المراد تقبيح أن يقع منهم فعل الكفرء أو أن يقع فيهم الكفرء لأنهم أهل علم بالنبوة»وفى ذلك إغراء لهم بالاتباع وحث لهم على الإيمان لآنهم أولى به وأجدر. الثانية - أنهم إن كفروا فلن يكونوا أول الكافرين لأن قوما من قريش قد كفروا به من قبل فى مكة. وهذه الآية فى سورة مدنية فكيف ينهون عن أن يكونوا أول كافر بهء ونقول: إننا فسرنا أول كافر بأول فريق يكذب به وإن قريشا لم يكفروا على أنهم فريق» بل كفروا به آحاداء ثم كان منهم من يؤمن» وقيل إن المراد أول كافر به من أهل الكتاب . ومهما يكن من تخريج» فالآية الكريمة تحث على المسارعة فى الإيمان» وأن يكونوا أول الجماعة المؤمنة . ٠‏ قوله تعالى: ##ولا تشتروا بآياتي لَمنا قَليلاً» أى لاتستبدلوا بآياتى القائمة المبينة للحق» وتتركوها فى نظير أى أمر من الأمورء فهو مهما يكن ثمن قليل بالنسبة للآيات البينات الدالة على الحق؛ لأن الحق أغلى ما فى الوجودء فإذا ترك فإن ثمن تركه لا يمكن أن يكون فى منزلته» والتتكير فى قوله تعالى: ثَمَنا فَليلاً4 للدلالة على أن أى ثمن - مهما يكن - قليل بالنسبة لذات الحق» وأنهم كانوا يتركون الحق لمآرب دنيوية» وهو السلطان والغلب والمفاخرة» وغير ذلك مما تدفع إليه أهواء أهل الدنيا . رإ#لل تفسيرسورة البقرة الملل وبعد ذلك التحريض والحث على الاتباع» وبيان أنهم إن اشتروا بالحق شيئا فهو ثمن قليل» بعد ذلك حذرهم من ترك الحق» وخوفهم من عاقبة هذا الترك. فقال: 9وَيّاي فَاتَقُونَ4 تحذير من المخالفة بالتقوى والخنوف من الله سبحانه وتعالى والمعنى: وإياي فاحذروا #فَاتّقَونَ4 النون هنا نون الوقاية التى تكون بين الفعل وياء المتكلمء والفاء جواب عن شرط مقدر أفصحت عنه» والمعنى إن كان هناك من يتقى عذابه ومن يجب أن تكون وقاية بينكم وبينه» فاتقونى أنا وحدىء» أى اجعلوا بينكم وبين عذابى وقاية تقيكم من عذاب النار. أمرهم سبحانه وتعالى أن يؤمنوا بالحق وهو الكتاب الذى أنزل مصدقا لا معهمء وهو القرآن الذى نزل على محمد يَلكِْةٌ وإن الأمر بالإيمان بالقرآن أمر بالإيمان بمن نزل عليه القرآن. وإن اليهود من دأبهم التمويه» ليصلوا من وراء ذلك إلى باطلهم؛ ولذا قال تعالى ناهيا لهم : ولا تَِسُوا الْحقّ بالبَاطل وتَكتُموا الحق وأنتم تعلمون » . اللبس معناه الخلط ومزج شيئين بعضهما ببعض» حتى لا يميز أحدهما عن الآخرء ولبست الحق بالباطل أى خلطت بينهماء بحيث لا يميز الحق عن الباطل الذى اختلط» فلا يدرك إلا مشويا بالباطل» فلا يكون الحق واضحا لا تحوطه الريب والظنون» ويقال إن الرجل ملبوس عليه إذا اختلط عليه الحق بالباطل» ولقد روى عن على كرم الله وجهه لبعض صححابته: (يا حارث إنه ملبوس عليك» إن الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله) . واليهود قد غيروا فى كتبهم» فلبسوا الحق بالباطل فنهاهم الله عن ذلك» وقال تعالت كلماته: #ولا تَلِْسُوا الْحَقَ بالباطل» وقد روى عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما فى تفسير هذه الآية أن معناها : لا تخلطوا ما عندكم من الحق في الكتاب بالباطل» وهو التغيير والتبديل . (#ا تفسير سورة البقرة للك ل آ آ 1 آذ 221111 والمعنى الجملى للنهى» لا تخلطوا الحق الذى جاء فى شرع موسى عليه السلام بالباطل الذى تخترعونه وتكتبونه بأيديكم» كما توهمتم فى التوراة التى بأيديكم من أن هارون عليه السلام عبد العجل مع الذين ضلوا منكم. فهم يخلطون بين الحق والباطل» فيلتبس الحق» وتختفى معالمه» فنهاهم الله تعالى عن ذلك» ونهاهم عن أمر آخرء يقع منهم» وهو أن يكتموا ما أنزل الله تعالى» فإنهم يعملون عملين: أولهما: أن يخلطوا الحق بالباطل» فلا يدرك الحق على وجههء ولا يعرف صريحه مما اختلط به» وكذلك شأن المضللين يأتون ببعض الحقء. ويخلطونه بالباطل» فيختفى نور الحق ببهرج الباطل. الثانى: أنهم يكتمون الحق الذى لا التباس فيه ولم يستطيعوا أن يخلطوه فيكتموه ككتمانهم البشارة محمد يَكلِلكٍ وكتمانهم تحريم الربا وقد نهوا عنهء وغير ذلك مما حرم كتمانه» وكاستباحتهم ما حرم عليهم يوم السبت» وغير ذلك . وقد نعى الله تعالى عليهم ذلك الكتمان للحق» فقال تعالى: 9 إن الْذين يكتمون ما أنزنا من اينات والهدئ من يد ما نه لاس في الكتاب أوقيك يهم ل لع بار ويلعنهم اللأعنوت +290 إل لين تابوا وأصلحوا وبينوا فأوكتك أتوب عَلَيهِم ونا التواب الرحيم/ اذكه © [البقرة]. وإنهم إذ يكتمون الحق من الكتاب يفعلونه متعمدين قاصدين التضليل ؛ لأنهم يعلمون ما يليسون به الحق بالباطل. ويعلمون ما يكتمونه؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى: #وأنتم تعلمون» الحق فيما لبستم به» وتعلمون الحق الذى كتمتموه قاصدين كتمانه . وقوله تعالى: وأقيموا الصلاة وآثوا الّكاة واركعوا م مع الراكعين 4 . قوله تعالى: #وأقيموا الصّلاة» معطوف على قوله: (وآمنوا بما نزت مصدقا ما معكم» أو بالأحرى معطوف على قوله تعالى: #اذكروا نعمتي الي أنعمت ل للللللن علَيكُو» فقد أمرهم تعالى بأوامر متعاقبة بعضها مترتب على بعضء أولها أن يذكروا نعمة الله تعالى ليتدبروا ويتفكروا ولعلهم يشكرون هذه النعم» ولا يكفرونهاء ثم أمرهم سبحانه بأن يوفوا بالذى عاهدهم عليه» وأن يوفى لهم بعهده بأن يكفّر عن سيئاتهم» ويدخلهم الجنة» ثم حذرهم وأرهبهم. ثم طالبهم بأن يؤمنوا بما أنزل من الكتاب الذى يصدق ما معهمء وألا يكونوا أول كافر به» ثم حذرهم» وشدد فى أمرهم بالتقوى ثم نهاهم عن أن يخلطوا الحق بالباطل» وألا يكتموا الحق الخالص. ثم بعد أمرهم بالإيمان أمرهم بالصلاة التى هى لب الإيمان» وهذه الصلاة نزل بها الكتاب الكريم الذى جاء مصدقا لما معهم» وهى الصلاة التى أمر بها النبى كيده وعلمهاء وقال: «صلوا كما رأيتمونى أصلى2(2» لأنها لازمة الإيمان بالقرآن الذى أمر بالإيمان به» وأمر بالزكاة» وبذلك أمر بركنى الإسلام» وشعبتيه» وهما تهذيب الروح بالصلاة» ومثلها الصوم» والثانى قيام بناء اجتماعى متعاون فأمر بالزكاة» وبقية العبادات بل التكليفات كلها لا تخرج عن هاتين الشعبتين: تهذيب الروح» وربط المجتمع بالتعاون الوثيق. ثم قال تعالى: #وارَكعوا مَعْ الرأكعين4 وذلك إما بالاندماج بالصلاة فى جماعة المسلمين» والائتلاف معهم فى جماعاتهم» وإما با لخضوع المطلق لله رب العالمين» ولعل المراد باركعوا مع الراكعين الأمران معا وهو الصلاة فى جماعة» والمخضوع بالائتلاف مع الراكعين» والاندماج فيهم» والله تعالى أعلم . )١(‏ بهذا اللفظ هو رواه البخارى : كتاب الأذان (044): عن مالك بن الحويرث رضى الله عنه. م تفسير سورة البقرة مالالا لل ااال اناناااالالاااالتاكك!اللناااااللالااخ ااا ل اكططاخممخمخممممممامممم ا اخ طلتخم الالال طخلل لخخط خالل طالط ا للاخ خوط ططخم خممخممخممخمطسطلللا 0 بجحب _-سر5 © أَتَأَميُوتَ ناس بألْيرَ وَتَنْسونَ نفس وَأدُ َمْتتُونَا لكت ب أمَاتمقُِونَ 4 تراه الكل 3 لا 2 0 لاني يل أذ دروأ نمق لَىَ مرت م 20 يمرن فصقي ا حب توما لاجر فسن ليس وآ له سََعَةوَكابوَذ همذ لوحم عزون 47 هذا خطاب لبنى إسرائيل فى أمر يفعله علماؤهم» ويرضى به سائرهم» فيلامون جميعا عليه»؛ وهو خطة يسير عليها أسلافهم» ويرضى عنها أخلافهمء فصح أن يخاطب بها جميعهم. إذ هو عيب فيهم سلفا وخلفاء وهو عيب الناس إذا ضعف وازع الدين» وغلب عليهم حب الدنياء وهو أن يأمروا الناس بالحقائق الدينية» ويدعونهم إليهاء ولا يأخذون بهديهاء وتلك إحدى صفات النفاق» وهى شأن الذين يلبسون الحق بالباطل» ويكتمون ما أنزل الله تعالى» فيكون قولهم مخالفا لفعلهم 9 كبر مقا عند اللّه أن نه تقولوا ما لا تفعلون 227 [الصف ] . كان أحبار اليهود فى كل أدوارهم عندما صار التدين شكلا لا روح فيه ومظهرا لاا حقيقة له كانوا يذكرون للناس حقائق دينية» لا يعملون بهاء ويعلنون أمورا فى نبوا ينكرونها فى جهرهم » فكانوا يقررون أن أوصاف النبى يَلللْدِ فى كتبهم» وينكرونها أمام النبى عله وأصحابه لكيلا يحاجوهم بها عند ربهم» وكأنه سبحانه وتعالى لا يعلم خفى أمرهم . ولذا خاطبهم الله سبحانه وتعالى مستنكرا تلك الحال فيهم؛ لأن من فعلها منهم لم ينكرها سائرهم» والاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع ) أى أنه كان منهم» تفسيرسورة البقرة لل ملفل ااال ويستنكره الله تعالى عليهم» وإنكار الواقع توبيخ» وبيان أنه لا يصحء ولا ينبغى أن يكون» والبر هو الخيرء وهو ضد الإثم» والنبى يَلِْةٌ عرف الإثم بأنه «ما حاك فى صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس»20©. ش والنص استنكار لحالهم من أنهم يأمرون الناس بالخير» وينسون أنفسهم» أى يتركونها من غير توجيه إليه» ويكونون بمنزلة من ينسونهاء ولا يفكرون فى أمرهاء مع أن دواعى التذكير والتفكر فى ذات أنفسهم قائمة لأنهم يتلون الكتاب؛ ولذلك قال تعالى فى هذا النص السامى: #وأنتم تتلُونَ الكتاب* أى وأنتم تجددون تلاوته آنا بعد آن» فالاستنكار للحال التى يجتمع فيها الأمر بالخير والحث عليه مع ترك أنفسهم لا تفعلهاء وكأنهم نسوها ولم يذكروهاء والمذكر دائم مستمر» وليس الاستنكار للبر مجردا عما لابسه من حالهم» لأن الأمر بالبر فى ذاته ليس بمستنكرء ولا يمكن أن يكون مستتككراً؛ لأنه دعوة إلى الحق» ولا تنكر الدعوة إلى الحق فى ذاتها . وإن حالهم من دعوة إلى الحق مع نسيان أنفسهم» وتركه مع استمرار التذكير بهء وكان ينبغى مع التذكير التذكر ‏ لا يغفله الذين يفكرون ويعملون عقولهم؛ ولذا قال سبحانه: #أفلا تعقلون» والاستفهام هنا للتنبيه إلى مناقضة حالهم للعقل المدرك . والعقل مصدر عقل بعنى منع. ثم أطلق على ما يكون به الإدراك السليم لآنه يمنعه من القبيح» ويعقله ويقصره على الجميل» ومعنى الاستفهام» أن حالهم هى حال من لا عقل له ولا إدراك» و(ألا) هنا - كما ذكرنا - للاستفهام والتنبيه إلى نفى ما وراءه» والفاء فاء السببية أى بسبب هذه الحال يحكم عليهم بأنهم لا يعقلون» وأخرت الفاء عن الهمزة لأن الاستفهام له الصدارة» فهى مؤخرة عن 005 )غ2( رواه مسلم: كتاب البر والصلة ضفر 56 وأحمد: مسئدك الشاميين ("#/ا591١).‏ من حديث نواس بن سمعان الكلابى الأتصارى . وينحوه روآأه الترمذى والدارمى . ا تفسير سورة البقرة لكك 0 وقد أشرنا إلى أن المستنكر هو الحال المجتمعة من دعوة إلى الخير وعدم العمل مع التذكير الدائم» أما الأمر نفسه فلا إنكار فيه» وقد تكلم الناس فى أن من وقع فى المعاصى أيجوز له أن ينهى عنها ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكرء أم يطهر نفسه من المعاصى» ثم يتولى الإرشاد؟ . إن الحق أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب بنفسه» تركه معصية كغيره) ووفوعه فى معاص غيره لا يسوغ له أن يتركه» فيقع فى معصية الترك» نعم إن الموعظة نصابها الألفاظء كما قال الغزالى فى إحدى رسائله» ولكن الموعظة فى ذاتها لا تحتاج إلى نصاب» وقد قال سعيد بن جبير التابعى» الشهيد فى الحق الآمر بالمعروف: إذا كان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يكون ممن يقع فى معصيةء فلن يكون هناك داع إلى الخير. ولكن مع ذلك يجب أن يروض المؤمن نفسه دائما على ألا ينهى عن أمر يقع هو فيهء فيمتنع عن النهى عن المنكرء ولكن يمتنع عن أن يقع فيما نهى عنهء كما حكى الله عن نبيه شعسيب عليه السلام : «وما أريد أن أَخَالفَكُمْ إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إل الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإلَيه أنيب ليد © [هرد ] . وإن الواعظ الذى لم يكن يتعظ بوعظه يحاسب على إهماله بأكثر تما يحاسب عليه غيره» ويحاسب أشد من كان يعلم الحق ولا ينطق به» فيّحرم الموعظة والاتعاظ ويحاسب من بعد حسابا عسيراء ولقد روى عن رسول الله يَكََِةِ: «إن الله يعافى الأميين يوم القيامة ما لا يعافى العلماء)(21 وروى: أنه «يغفر للجاهل سبعين حين يغفر للعالم مرة واحدة» ليس من يعلم كمن لا يعلم»0©. )١(‏ رواه أبو نعيم فى الحلية» من حديث عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن سيار بن حاتم بن جعفر بن سليمان الضبى عن ثابت عن أنس» «والضياء» المقدسى فى المختارة من هذا الطريق «عن أنس» بن مالك . ( الترغيب والترهيب - الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه ج١‏ ص؟الا.. ا تفسير سورة البقرة ال ممم هذه عيوب من يأمرون بالخير» ولا يأتمرون به ومن ينهون عن الشرء ولا ينتهون عنهء ولكن كيف تربى النفس على أن تكون متعظة قبل أن تعظ؟ ذكر الله سبحانه وتعالى الدواء؛ وهو الصبر» والصلاة» فقال تعالى: #واستعينوا بالصبر والصّلاة». الاستعانة طلب العونء والمساعدة» وفى استعمال القرآن أنها إذا كانت للمعين تعدت بغير باء» كقوله تعالى: « وإِيّاكَ نستعين :2ج 4 [ الفاتحة] وفى الدعاء «اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك»» وإذا كانت الاستعانة بما تكون به الإعانة كانت بالباء» فيقال نستعين بكذا لفعل كذاء وهكذا نجد بالاستقراء استعمال القرآن. وهنا الاستعانة بشىء ولذا تعدت بالباء فقال تعالى: #واستعينوا بالصبر وَالصّلاة4 أى استعينوا على تربية نفوسكم لتكون متعظة فاعلة الخير» آمرة به ولا يتجافى فعلها عن قولها. #بالصرٍ والصّلاة4 والصبر ضبط النفس وسيطرة الإرادة» على الهوى» وسيطرة العقل على الشهوة» فإنه إذا سيطرت الإرادة والعقل والفكر المستقيم انقمعت الشهوات» وإذا انقمعت استقامت النفس» وكان التنسيق بين القول والعمل» وقذف الله فى القلب بنور الحكمة» والقول الطيب» والعمل» وكل ما فى الحياة يحتاج إلى الصبرء فالجهاد قوته فى الصبر»ء وكما قال النبى كَكلْةّ: «إنما الصبر عند الصدمة 0 ونقص الأموال والأتفس والشمرات عا ايكون بالصير. ‏ كما والغّمرات وبشرٍ ر بوي 0 الذي إذا بهم مص َالو إِنَّا لله ون له َاجعُونَ 023+ # [ البقرة ] . ويقول الفاروق الإمام عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: الصبر صبران صبر على المصيبة» وهو حسن» وصبر عن المعاصى وهو أحسن'”2. فالصبر على المعاصى» هو السيطرة على الأهواء والشهوات» وهو تهذيب النفس وتقويمها. )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: الجنائز .)١7057(‏ مسلم: الجنائزر (85؟161). (؟) رواه ابن أبى حاتم. [جامع الأحاديث والمراسيل (5184؟) مسئد عمر بن الخطاب ج54١‏ ص١9].‏ هلق هذه كلمات موجزات فى الصبرء وهو طريق السيطرة على النفس؛ ولذا أمرنا الله تعالى بالاستعانة به. أما الصلاة فإنها بما اشتملت عليه من ركوع وسجود وقراءة» وخشوع» واستحضار لعظمة الله تعالى وإحساس بأنه فى حضرته وواقف بين يديه سبحانه وتعالى تنفعل نفسه فى وجودها بحضرته» بأوامره» ونواهيه» وطلب مرضاته. ولقد قال تعالى : «ائل ما أوحي إِليكَ من الكتّاب وأقم الصّلاة إن الصلاة تَنْهّى عن الْفَحْشَاء والمدكر ولذكر الله أكبر ..٠‏ ردك # [العنكبوت] ولقد كان النبى يَلِْةّ «إذا حزبه أمر صلى'"1 وكان يأمر بالصلاة» من كان به وجع ليصبر وينسى أله فيقول يَكهُ: اقم فصل فإن الصلاة شفاء)(2 لأنه يكون فى مناجاة بينه وبين ربه»ء فينسى الدنيا وما فيها ينسى ألمه ووجعه. وهمومه. وإن الصبر والصلاة تجعلان النفس تتغلب على المحن» كما تتغلب على الإحن» فيلقى الله تعالى بقلب سليمء قال تعالى: « ولا تَستوي الْحَسنَةٌ ولا السيَة ادقع بالّتي هي أحسن فَإذا الذي بيتك وبيته عداوة كانه ولي حميم +22 وما يلَقَاهًا إل ان صبَرُوا مياه إلأذُو حط عطيم 4027 [فصلت]. وإن الاستعانة بالصبر والصلاة ليست أمرا هينا ليناء ولكنها أمر عظيم خطيرء لا يتلقاها إلا النفوس القوية ذات العزيمة الحازمة؛ ولذا قال تعالى: «إ واستعينوا بالصبر والصلاة وإِنّهَا لكبيرة إلا على الْخاشعين ‏ . الضمير فى قوله تعالى: ل وإِنّْها» قيل إنه يعود إلى الضمير المنسبك من #استعينوا بالصّبر والصّلاة4, لأن الصبر والصلاة الحقيقية أمران كبيران خطيران . رواه أبو داود: الصلاة (5؟1١١)2» وأحمد: باقى مسند الأنصار (١١؟71؟) عن حذيفة رضى الله عله‎ )١( زفق رواه ابن ماجه: الطب (9, وأحمد: باقى مسند المكثرين (ه.لام)]. وفى الزوائد: فى إسناده ليث»‎ 2 بل تفسيرسورة البقرة عظيمان يسيران بالنفس فى مدارج الكمال النفسى والروحانى» فيكون الانسجام بين القول والعمل» ولكن قد يقال إن المصدر غير موجود» والضمير يعود إلى أقرب مذكور» فعوده إلى الصلاة أقرب وأظهر» ولذلك قال الأكثرون إنه يعود إلى الصلاة . ولا شك أن الصلاة إذا أديت على وجهها باستحضار عظمة الله والشعور بأنه فى حضرته سبحانه وتعالى» حتى كأنه يراه ويخاطبه بقرآنه عندما يتلو آياته» وأنه عندما يقول : إياك تعيك ) وإياك نستعين يحس بأنه فى حضرته » وأنه يخاطبه » وأنه يناجيه» فمقام 9 إِيّاكَ نعبد وإيّكَ نَستَعِين 2ج 4 [الفاتحة] مقامء لا يندرج فيه إلا الخاشعون. والخاشع هو الخاضع المتطامن الساكن الذى لا يتحرك لشهوة» والخشوع تعالى: ‏ وَحَشَعَت الأصوات للرّحمن قلا تسمع إلا همسا +2ز 4 [طه] فالخشوع فقال له: «يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع ما فى القلب2(١2.‏ وقال على كرم الله وجهه. الخمشوع فى القلب» وأن تلين نفسك للمرء المسلمء وألا تلتفت فى صلاتك(2) , وقد ذكر سبحانه أثر الخشوع فى القلب والعقل والنفس » » فقال تعالى: ( اين وهم لوا وتهم وأنهم ليه راجعود ». بالغيب» لأنه فرق بين الإيمان والإسلام والزندقة» وإن أبلغ الإيمان بالغيب تا )١(‏ جامع الأحاديث والمراسيل (7١/71؟)‏ - مسئد عمر بن الخطاب ج4١‏ ص17١١‏ . 0( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجماه. . [امستدرك للحاكم (0619") - شرح معنى المنشوع - ج؟ ص"7]]. ورواه عيد الله ب بن المبارك» وعبد بن حميدء واين جرير» وابن المنذر» وابن أبى حاتم » وأبو القاسم بن منده فى الخشوع . ا تفسير سورة البقرة 3 فى النفس الخاشعة الإيمان بلقاء الله تعالى الذى يجازى المحسن بإحسانه» والمسىء « الّذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم» الظن يطلق بمعنى العلم الراجح» ومن ذلك قوله تعالى : « إن نَظنْ إلا ظَنا ومَا نَحن بِمَستَيقدينَ 27 > [الجاثية] ويستعمل الظن بمعنى اليقين: « ورأى الْمُجْرمُوَ لتر َظُا أَنْهُم مُرَاقعُوها ولَمْيَجدُوا عَنْهَا مَصْرفًا جح »4 [الكهف ]» وقوله تعالى: (إني شت أن ماف جيذ 2ل الما توقع مر الملوها فمعنى «الدين يظنون نيم ما م4 أنهم يتوقعون هذا اللقاء وقتا بعد آخرء فهم يؤمنون إيمانا صادقا بلقاء الله» ويترقبون ذلك اللقاى وينتظرونه متوقعين له» فيقينهم يقسين المتوقع المترقب» فيكون فى قلوبهم دائما ويستعدون له بعمل صالح يقدمونه رجاء أن يغفر لهم وأن يتغمدهم بر حمته ) ويكفر والتعبير ب #ربهم» فيه شعور بنعمه تعالى عليهم ٠‏ لأنه هو الذى رباهم وأنشأهم وتعهدهم فى الوجود. كما يتعهد المزارع زرعه بالسقى والإصلاح . ويؤمنون مستيقنين متوقعين أنهم إليه وحده راجعون» وتقديم «إليه» للدلالة على أنه وحذده الذى ير جعولن إليه ويجزيهم بالإحسان إحسانا وأنه الغفور الرحيم . هذا الذى مضى من القول الكريم من قوله تعالى: #أتأمرون الناس بالبر وتدسون أنفسكم» خطاب لبنى إسرائيل الحاضرين منهم والماضين باعتباره واقعا منهم فى حاضرهم وماضيهم» وهو يصلح خطابا لبنى إسرائيل وغيرهم لا فيه من توجيه وتهذيب وإصلاح بين الناس» وبه تستقيم أمورهم فى معاشهم ومعادهم. ذكر الله تعالى بعد ذلك بنى إسرائيل بنعسمه عليهم؛ » فقال تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا ذ نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فَصَلتَكُم على الْعَالمِينَ 4 . تفسيرسورة البقرة لل تكلمنا فى ماضى قولنا فى معنى النداء بيا بنى إسرائيل» وأشرنا إلى النعم التى أنعم الله بها على بنى إسرائيل» وقد ذكر نعمة لم يذكرها سبحانه وتعالى فيما مضى من قوله الحكيم» وهو أنه سبحانه وتعالى فضلهم على العالمين» والعالمون جمع عالّم كما ذكر من قبل» ويراد أهل العقل والتفكير فى هذه الأرض. والتفضيل ليس تفضيل ذواتهم على غيرهم كما توهموا هم ودلاهم غرورهم» فزعموا أنهم صنف الله المختار» ودلوا على الناس بذلك بل دلوا على الله تعالى وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه» وأكلوا الحقوق» وعاملوا غيرهم بكل أمر ليس فيه خلق ولا دين» وقالوا ليس علينا فى الأميين سبيل . ليس التفضيل لذواتهم إنما الفضل الذى اختصهم الله تعالى به فى جيلهم أنه جيل فيهم أنبياء» ودعاهم أولئك الأنبياء إلى التوحيد لله سبحانه وتعالى» فقد كانوا موحدين كما دعاهم موسى ومن جاء بعده من الآنبياء فى وسط وثنيين» فكان كل من حولهم وثنيين؛ فالمصريون وثنيون يعبدون الشمس ومن دونهاء والفرس يعبدون النيران» والروم يعبدون الأوثان» واليونان من قبلهم على شاكلتهم» والبابليون يعبدون الكواكب» وهكذا كان جيلهم الأول جيل موسى» وحين نزول التوراة على موسى . اختارهم الله تعالى أن يكونوا قوم موسى» وأن يكون التوحيد فيهم» وكان مقامهم يمكنهم من أن يدعوا إلى التوحيد؛ لأنهم كان مقامهم فى وسط تلك الأراضى التى كان يسكنها الوثنيون. وإن ذلك التفضيل نعمة أنعم الله تعالى بها عليهم» وأنها توجب شكراء وتحملهم تكليفاء أما الشكر فلأن شكر النعم واجب بحكم العقل» وبحكم التكليف الإلهى وقد كفروا بأنعم الله تعالى» وأما التكليف الذى حملوه فهو الدعوة إلى الوحدانية ولم يقوموا بحقهاء بل إنهم اعتبروا اليهودية جنساء ومن دخل معهم فى تفسير سورة البقرة لل الل الل ل 01 ديانة موسى عليه السلام من غيرهم كالسامرة لم يعترفوا بهء وبذلك ضلوا ضلالا بعبذا. ولقد أخذ بعد ذلك سبحانه يذكر موجبات التفضيل وغايته فقال تعالى : 9 وائّقوا يوما لأ تجزي نفس عن نفس شيا ولا يقب مها سفاعةٌ ولا يوحَدُ مها عدل ولا له هم ييصرون 4 . «رائة تقوا# أى اجعلوا لكم وقاية تقيكم عذاب يوم شديد الهول» فيه العذاب الشديد» ولا ينفع نفسا إيمانها إن لم تكن آمنت من قبل» وهو يوم القيامة» وقال سبحانه : «إيوما» بالتدكير لتذهب النفس مذاهب شتى فى تصوير هولهء والإبهام وحده يوجد رهبة» ويشعر بالتهويل» وبأنه لا يحد عذابه وصفء ولا هوله ذكرء وإن ذلك اليوم الذى اتقاؤه بالعمل الصالح والقيام بالحقوق التى للغيرء وأداء الواجبات التى عليه يتقدم فيه الإنسان منفردا إلا من عمله» لا يجزيه إلا عمله إن خيرا فخير» ولا تجزى فيه نفس عن نفس شيئاء أى لا يجزى عمل نفس عن نفس شيئا من الجزاء» فيقدر فى قوله لا تجزى نفس عن نفس أى عمل نفس عن نفس أخرى» أو نقول تجزى بمعنى تقضىء أى لا تقضى نفس عن أخرى أى شيء قل أو جل» وأن ليس للإنسان إلا ما سعى» وكل امرئ بما كسب رهين. وعقب سبحانه وتعالى بما يؤكد أن النفس لا يجزى عنها غيرهاء وأنه لا منفعة إلا من عملهاء فقال تعالى: #ولا يقب منها شفاعة» والشفاعة من الشفع» والشافع يضم قوته إلى من يشفع فيه» فلا يقبل الله تعالى شفاعة من أحد لأحدء إنما العمل وحده هو الذى ينفع كما قال تعالى: ١‏ فَمَا تنفعهم شْفَاعَة الشّافعين 520 4 [المدثر] وإذا كان للأنبياء شفاعة فبأمر الله تعالى وحده «إ ولا يشفعون إلا لمن ارتضئ وهم من خشيته مشفقون نيت 4 [الأنبياء ] . «ولا يوْحَد منها عدل» أى لا يؤخذ منها بدل» فالعدل البدل» فلا ينجيهم من عذاب شفاعة ولا فدية من العذاب ببدل يدفع» ولا هم ينصرون» لآنه لا ناصر إلا الله» لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار. را تفسيرسورة البقرة االلماااللللل الل فقال تعالى: َإِذَسَحكُم ين َال رعو وموك سو ءَالْهَنَابِ يون أنه وَيسْتَحيونَآ ٠‏ :كف كلك ب يَدرَسكمْعَظِمْ ل لايك ابره نتصم م 2 و سه سد ماع 2 حك _ 2 سا صرو سا وأغرقنا ءال فيعون وَأَنسم كه ون ري و إذ وعد نا موسوح سه سه سمت م يو وء سا و أرَبعين ليلة سم أن متام ينأش لد ل تت 20 بغي علد سدعء د ل 0 5 000 . ١م‏ 0 من 6 52 002 سه ل ل سار 20 0 وَإِدْ تسا موه ل ا وه ابتدأ سبحانه وتعالى بأعلى النعم التى أنعم بها عليهم» وهى نعمة الإنقاذ من شر من فى الوجود إبان ذلك» وهو فرعون الذى اتخذه الفساق الظالمون من الحكام قدوة يقتدون به فى مظالمه, وإن لم يستطيعوا أن يصلوا إلى أن ينتصروا فى الحروب مثل انتصاره فى عصره. أنقذهم الله تعالى على يد موسى كليم الله من بطش فرعون» وقد كان بطشه شديدا بهم؛ لأنهم كانوا يعدون أجانب فى مصرء وكانوا أعداء لهم» فكان فرعون يتخذ لسبيل لوخت انهم أو وي فكان ن يشل 00 ذيحاء» ويسقى النساءء قال سبحانه وتعالى: رتم4 أى اذكروا الوقت الذى أيناكم فيد من آل فرعونء فإذا تدل على الوقت الماضى» ومعنى ذكر الوقت ذكر ما كان فيه من أحداث خطيرة وشديدة» واستحضار الأهوال التى كانوا يعيشون فى بأسائهاء لل تفسير سورة البقرة 0 الملا ا أ 2222 حب ا وضرائهاء وإنه تقدر النجاة من الله تعالى بمقدار ما كان هول الأمر الذى نجاهم الله تعالى منه. ولقد قال تعالى: #آل فرعون» ولم يقل أنجاكم من فرعون» وذلك لأن آله شيعته ونصراؤه وأعوانه» وطغاة الدنيا يكون شرهم من أنفسهم أولاء ومن حاشيتهم الذين يحطون على أهوائهم انيا» فيزينون لهم ظلمهم» ويسمونه عدلا ويبينون له وجوه الكيدء ويمكرون مكرهم. فلولا بطانة السوء ما كان السوء» ولولا حاشية فساق الحكام ما استمكنواء وما طغوا فى البلاد» وكلمة حق من حاشيتهم تقيم عدلاء وتدفع ظلما. لذلك عبر بآل فرعون» لأنه لم يستمكن وحده من الظلم. وذكر سبحانه ما كان يفعله فرعون وآله» فقال سبحانه: #يُسومُوتَكُم سُوءً العذاب» أى يذيقونكم سوء العذاب ويجعلونه ملازما لكم لا تفارقونه» ولا يفارقكم» ويقال: سامه خطة خسفء. وأولاه خطة خحسفء. أى جعل ولايته خسفا وعسفاء ولقد قال عمرو بن كلثوم الفارس العربى: إذا ما الك سام اناس خَسسْقًا ‏ أَبيْنا أن نر حسف يتا وسوء العذاب أشد سوءا وأثرا فى النفوس» ويديمونه؛ لأن «سام» تدل على الدوام؛ ومن ذلك السائمة التى تديم الرعى فى الكلأ» وبين سبحانه وتعالى هذا العذاب الهون فقال مبينا: #يدبحون أبناءكُم وَيستحيُونَ نسَاءَكُم» فهم يعملون على إفناء الذكور» وإبقاء النساء. والتعبير ب لإيذَبَحون أَبنَاءكُم4 كناية عن العمل على إفنائهم وتخضيد شوكتهم وإبعادهم عن مواطن السلطان» وذلك بذبحهم أحياناء ووضعهم فى مواضع الذل والمهانة, والغاية ألا يكون لهم وجود قائم بذاته فقد حكى عنهم أن فرعون كان الل يذبح منهم» وكان يتخذ منهم عمالا مسخرين فى الأبنية التى يشيدهاء وكان يسخرهم لحرث الأرض» والثشمرة لغيرهم ليذلهم» وكان يتخذ منهم خدما فى البيوت وهم الأرذلون. وذكر الذبح بالذات» وهو إحدى وسائل فرعون لسوء العذاب الذى كان يذيقه إياهم لأنه أشدها هولاء ولأن إفناءهم هو الغاية» وهو أقرب طرقه» وهو المصدر لا كانوا عليه من الآلام . وقوله تعالى: #ويستحيون نساء كم أى أبقوهن أحياء لم يذبحوهن» وكانوا راغبين فى ذلك» ولذلك كانت السين والتاء اللتان تدلان على الطلب» والمعنى طلبوا حياة نسائتهم لغايات فى نفوسهم وليشبعوا بهن شهواتهم» وقد بين الله تعالى أن ذلك هول شديد تختبر به نفوسهم؛ ولذلك قال تعالى: «وفي ذلكم بلاء من رَبَكُم عظيم» الإشارة هنا إلى هذا العذاب الشديد السيئ» والخطاب لهمء ولأن الإشارة إلى ما نزل بهم جعل الخطاب لهم لا بالكاف المفردة بل بالكاف وعلامة خطاب الجمع» وبلاء معناه الاختبار الشديد لتتربى نفوسهم على التحمل» ولبث الرحمة فى قلوبهم. لأنه لا تكون الرحمة إلا بالآلام الشديدة التى يحس بها الشخص فيرحم غيره» فإنه لا تنبع الرحمة إلا من قلب أحس بالآلام» وتربى فى أحضانها فلا يكون قاسيا على الناس» ويكون رحيما بهم» فكان هذا البلاء الفرعونى تربية لنفوسهم لتكون بارة؛ ولذلك قال: لمن رَبَكُم» أى من الله الذى خلقكمء وربكم بعنايته وحماكم بكلاءته» ووصفه سبحانه وتعالى بأنه #عظيم4 لكبر هوله» وبعد أثره. وإن الله تعالى مكّنَ فرعون منهم لكى يعلموا أنهم ليس لهم فضل لذواتهم» ولكن لما هيأهم الله تعالى لتلقى رسالتهء وتبليغ كلمته» وهى كلمة التوحيدء والعمل بالأوامر الإلهية. ولقد بين الله سبحانه وتعالى كيف نجاهم بقدرته الإلهية القاطعة فى الدلالة على إخراجهم من ظلمات القهر والطغيان إلى نور العدالة والإيمان» فقال تعالى: (##/ تفسير سورة البقرة 9 «وإِذ فرقنَا بكم الْبِحرَ فأنجيناكم وأَغْرقنا آل فرعون وأَنم تَظرون» والمعنى اذكروا ذلك الوقت الذى فرقنا أى أوجدنا شقا طوليا فى البحر من ساحل مصر إلى ساحل سيناء» وقد كان متصل الأجزاء؛ وسطحا لا فرقة فيه ولا انشقاق» فسرتم فيه» كأن الماء قد افترق على قدر حاجتكم» وسرتم فيه آمنين مطمئنين» وسار وراءكم الذين عذبوكم» ودبروا السوء لكمء وذبّحوا أبناءكم» واستحيوا نساءكم لأهوائهم» وهم آل فرعون الذين ناصروه وأيدوه. وقد ازدلفوا من ورائكم فأغرقهم» وأنتم تنظرون إلى تدبير الله تعالى» وإعجازه. وأنتم ترونه رأى العين لا بالخبر والسماع . وقد فصل الله سبحانه وتعالى تلك النجاة وذلك الإغراق وما أحاط بهما بعض التفصيل» فقال تعالت كلماته فى سورة الشعراء: ف( وأوحينا إآى موسئ أن أمر بعبادي إِنُكم متبعون لت فَأَرسل فرعون في الْمدائن حاشرين 220 إن هؤلاء أشرذمة ليلوت 30> وإنهم أن لغالطوت ج220 ونا جميع حاذرُوت 500 فأخْرجناهم من جنات رعيونٍ 2 وكنوزٍ ومقام كر يريع كذلك وأورثناها بني إسرائيل ديه فأتبعرهم مشرقينَ 027 فلمًا تراءى الجمعان قال أصحَاب موسئ إن لمدركون 22> قَال كلا إن معي ربي سيهدين 6700 فأوحينا إآى موسئ أن اضرب بَمصالة لخر انف فكان كل فرق كالطود العظيم +220 وأَزْلفنا نَم الآحَرين 220 وَأَبْمينَا مُوسئ ومن مُه أجْمَعِينَ 52 كم أغرقنا الآخرين ج50 إن في ذلك لي وما كان أكترهُم مُؤمبين 70 + ون ربك لهو العرير الرّحيم +220 4 [ الشعراء] . نجا بنو إسرائيل» وظهرت آيتان؛ إحداهما أن موسى عليه السلام ضرب البحر بعصاه. فانشىٌ وانفلق» وكان كل فرق من أقسامهء كأنه الجبل العظيم من الماء. والثانية أن هذا كان على قدر مسير بنى إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام» وظن فرعون وآله أن الطريق مفتوح لهمء كما فتح لبنى إسرائيل» فساروا وراءهم فانطبق البحر عليهم» وكانوا مغرقين. ها تفسيرسورة البقرة مل كانت هذه النجاة بمعجزة من الله تعالى كافية لإيمان الكافر حتى إن فرعون قال آمنت بالذى آمن به بنو إسرائيل» وإن كان لم ينفعه إيمانه» كما قال تعالى: ظ وَجَاوَزْنَا بببي إسرَائيل البَحْر فأَنِعَهِم فرعون وجنوده بَغيَا وعَدوا حتئ إذا أدركه الغرق قَالَ آمَت أَنهُ لا إِلهَ إلا الذي آمَنت به بنو إسرائيل ونا من المسلمين +50 آلآن وقد عَصيْت قبل وك من المفسدين 500 فَاليوْم يك بنك لتَكُون لمن لفك آية إن كنيرا مَنَ الّاس عن آياتنا لََافلون +20 4 [ يونس] نزل بنو إسرائيل أرض سيناء التى انبعث فيها نور الرسالة الموسوية. وكان حقا أن يكونوا أول المؤمنين» ولكن الله أخبر أنه لم يكن أكثرهم مؤمنين مع هذه المعجزات الحسية الباهرة» وكانوا قد ألفوا عبادة العجل من غير بين ولا دليل بل قلدوا المصريين تقليدًا فى عباداتهم» وتأثروا طريقهم » وألفوا ما ألفوه هم. وإن الهوى والوهم هما اللذان سيطرا على نفوسهم. فضلوا بضلالهم» ولذلك صنعوا عجلاً من الحلى ؛ وجعلوه فى مهب الريح» فكانت الريح إذا مرت به كان له خوار كخوار العجل الحى؛ ولذلك قال تعالى: 8 وإذ وَاعَدْنَا موس أَربَعِنَ ليله ثم انحَذتَم العجل من بعْده وأنتم ظَالمون 4 هذا ما كان منهم كفرا بالنعم التى أنعم الله تعالى بها عليهم» وفيها الدلالة القاطعة مع النعم الظاهرة» ومع ذلك قلدوا المصريين فى عبادتهم . واعد الله تعالى نبيه موسى عليه السلام على أن يترك بنى إسرائيل لتلقى التوراة» وفيها الألواح العشرة التى تتضمن التكليفات التى كلف الله تعالى بنى إسرائيل . فتركهم فتحرك فيهم ما ألفوه من عبادة العجل» كما كان يعبد المصريون العجل وقد جعل لهم السامرى ذلك العجل من الذهب» وكان عجلا جسذا لا حياة فيه» ولكن كان له خوار أى صوت كصوت البقرء إذا مرت الريح فى التجاويف التى صنعت فيه» وقد ذكر الله تعالى هذا العجل المصنوع ببعض قليل من البيان فى لسرب ل سور أخرى» وذكر عنهم الله تعالى فى هذه السورة أنهم عبدوهء» وأن هرون أخا موسى وردءه فى الرسالة نهاهم عن العبادة» وقد خلفه موسى فيهم» فقال تعالى حكاية فى ذلك: ف( ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إِنّما سم به وإنا ربكم الرّحمن قَاتبعوني وأطيعوا أَمرِي 50> قَانُوا آن تُبرح عليه عَاكفينَ حت يرجع إلَينا مُوسئ 00 4 [له] وذكر تمام ذلك فى سورة طه: 98 وما أعجلّك عن قومك يا موسئ +2) قال هم أولاء علَى أنْري وَعَجِلْت إِلَيِكَ رب لترضئ +6220 قَال فنا قد فنا فَومَك من بَعْدك وأضْلَهُم سأري فرج لوس إلى فاه غطباد أذ ليا مأل م بكم وطا سن أَفطَال عليكم العهد َم أَردنُم أن يحل عليِكم عضب من ربكم فَأََلَفتُم معدي 62502 قَانُوا ما أخلفنا موعدك بملكتا ولكنًا حمَلنا أوزارا من زيئة القرم فقذفناها فكذلك أَلقى السسامر يُ :20> فأخرج لهم عجلاً جسدا لَه خوار فَقَانُوا هذا إِلَهَكُم وإِلَّهُ مومئ قنسي 2209© أَفاا يرون ألأ يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضرا ولا فعا <(5) وقد قال لهم هارو من قبل يا قوم نما فنستم به وإن ركم الحم فائبعُوني وأطيعُوا أي <2©> قَالوا ن برح عليه عاكفين حتى يرجع ! ينا موسئ :4300 قَال يا هارون ما منعك إِذ رُم لوا 3 ألا تعن أفعصيت أمري :220 قال يا نَم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إِنِي حَشيت أن تقول فَرقت بين ب: بني إسرائيل ولم رقب قرلي عي َال فَمَا حَطَبَك يا سامري «22> قال صرت بما لم يْصُرُوا به قبت قبْضة من أَقْر الول فَبذيها وكذلك مولت لي نفسي لتقه قال فاذهب فَإِنَ لك في الحياة أن تقول لا مساس وإِنّ لك موعدا أن تخلفه وَانظرٌ إأئ إلّهك الذي ظَلْت عليه عاكفا لَنحرقنَهُ ثم لتسفْتّهُ في اليم نَسقًا 527 4 [طه] . وقد نسبت العبادة إلى كلهم» والذى عبد العجل بعضهم؛ لآن الذين لم يعبدوا لم ينهوا غيرهم فكانوا مثلهم كما قال تعالى فيهم: « لعن الذي كقروا من يني إسرائيل علئ لسان داوود وعيسى ابن مَريمَ ذلك بمًا عصوا وَكَانُوا يعتدون 216 كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبمس ما كَانُوا يفعلُونَ ن رتح © [المائدة ]. إ#ا# تفسيرسورة البقرة للا اللا لل ومعنى لنحرقنه أى نحكه ونبرده ثم بعد برده لننسفنه فى اليم نسقاء وذلك كقولهم حرق الأرَم(21 أى حكها حكا شديدا . هذا حبر عبادتهم العجل» وكيف كانت وذلك لتأثرهم طريق المصريين» قراءتان: إحداهما (وعدنا موسى) 2 والقراءة الأخرى: (واعدنا موسى)» وإن المواعدة لا تكون إلا بين طرفين» وذلك بعيد عن الله تعالى» ولذا قيل إن معنى المجرم . وعندى أن المواعدة على معناها وهى من الله الوعد» ومن موسى التلقى توالت نعمة الله تعالى» ولكنهم فتنوا بما كان عليه المصريون الأقوياء» وكانوا قوم فرعون إلى الضعفاء. وكانوا يشعرون بالمذلة والاستكانة» وشعروا من بعد بأنهم ذلواء فتابوا وتاب الله تعالى عليهم وعفا عنهم » وعد الله تعالى ذلك عليهم نعمة» فقال تعالى: ذإ ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون 6 . أى أن هذه الجريمة الكبرى» وهى الإشراك بالله تعالى ما كانت لتغفر» ولكن الله تعالى عفا عنهاء والتعبير هنا بشم الدالة على التراخى والبعد» لبيان بعد ما كان منهم عن أن ينالوا من بعده عفو الله تعالى» ولكنه سبحانه وتعالى توآب رحيم وسعت رحمته كل شىء ما دام التوبة قد حصلت. )١(‏ حرق الحديد حرقا: برده» يقال: حرقه بالمبرد. ويقال: هو يحرق عليه الأرّم: يحك أضراسه بعضها ببعض من الغيظ. [ الوسيط - أرم - ح ر ق]. ا تفسير سورة البقرة اناا الككخخللامانماملم سكع خخخ !الالالال لمخملا لكا عماللا خخ ط طلخا ططخ ااال طخل لط ططخ لا لضع خخمسمممخمممسطللة وهنا نجده سبحانه وتعالى عبر بالعفو» ولم يعبر بالغفران وقبول التوبة» وذلك لآن العفو يكون عما وقع بجهالة» وهم كانوا فى حال جهالة» لتأثرهم بما كان عند المصريين من عادات جاهلية» ولأنهم خرجوا من ذل المعاصى إلى عزة الحق» فكان العفو أدنى إليهم» لأنهم كانوا فى فتنة . وقوله من بعد ذلك الكفران» والفتنة التى أضلتهم» فالإشارة إلى البعيد» لبعد ما ارتكبوا عن موجب العفو الذى نالوه» فهم كفروا كفرانًا مبيناء ولكن التوبة تجب ما قبلهاء ولم يكن الخطاب بالجمع لأن فتنة العجل لم تكن منهم أجمعين» بخلاف ما كان يسومهم به فرعون وآله من عذاب» فقد كان يعمهمء ولا يخص فريقا. وقوله تعالى: ظلَعَلّكُم تَشْكُرونَ4. لعل هنا للرجاء» والرجاء هنا من العبيد لا من الله والمعنى: عفونا عنكم لتكون حالكم حال الرجاء لشكر الله تعالى» فالرجاء لأمر يقع أو لا يقع إنما هو من شأن الناس» ولا يمكن أن يكون من الله تعالى الذى يعلم ما يقع وما لا يقع» ولا يغيب عن علمه شىء فى الأرض» ولا فى السماءء والله سميع عليم. أو يكون الرجاء من الله تعالى» ويكون بمعنى الأمرء كما يقول السيد لخادمه فعلت معك كذا وكذا رجاء أن تعترف بالجميل» وتشكر لى حسن صنيعىء فهذا يكون حثا على فعل الجميل» بذكر موجبهء وعلى هذا المعنى تكون (لَعَلّكُمُ4 فى مقام التعليل لوجوب الشكرء وتكون بمعنى: لكى تشكرواء إن كنتم لا تكفرون بالنعمة» ولكن تشكرونها. وبعد أن بين الله تعالى أنه سبحانه وتعالى عفا عنهم» مع عظيم ما ارتكبواء وأنه سبحانه يدعوهم إلى شكره» وأن حالهم حال من يوجب على نفسه الشكرء بعد ذلك ذكر الله تعالى أنهم قد صاروا فى منزلة ليست كمنزلة فرعون وقومه. وآله الذين ناصروه» ومالئوه فى كفرهء ولم يرشدوه أو يوجهوه إلى طريق الهداية؛ لأنهم ببعث 5 تفسيرسورة البقرة موسى عليه السلام إليهم» قد صاروا أهل كتاب» ولذا ذكرهم الله تعالى بنعمة النبوة فيهم فقال تعالى: لوإِذ آنيْنَا مُوسى الكتّاب والْفَرقان4» يذكرهم الله تعالى بنعمه عليه بأن آتاه سبحانه وتعالى الكتاب» وهو التوراة» وفيها أحكام الله تعالى» وأنهم بها يخرجون من حكم الطاغوت الظالم الذى يسيطر عليه هوى فرعون وأوهامه والذى كان لا يرعى فى عذابكم عهدذا ولا ذمة. ولا خلقاء ولا مراعاة» تخرجون من هذا إلى حكم الله تعالى بكتاب تتقيدون بأحكامه حكاما ومحكومين» فلا يفرط عليكم حالكم ولا يطغى كما كان بشأن فى فرعون لعنه الله تعالى. والفرقان هو الكتاب نفسه. وهو التوراة» فهى كتاب مكتوب لا تخالف أحكامه» ومسجل عليكم» وهو ميثاق الله تعالى» وهو مع هذه الحال فارق بين الحق والباطل وحكم الله تعالى» وحكم فرعونء فالتعبير بالفرقان إشارة إلى أنه قد نزل عليهم ما هو مفرق بينهم» وبين ما كانوا فيه» فإذا كانت المعجزة الباهرة أن الله تعالى فرق لكم البحر فخرجتم» فقد فرق بينكم وبين طغيان فرعون بحكمه السماوى» الذى لا يخالطه باطل ولا ظلم. وإن هذا الكتاب هو سبيل سبيل هدايتكم» ولذا قال سبحانه لعلكم تهتدون» أي رجاء أن تهتدوا بهداية الله تعالىء فالرجاء منهم» أو الرجاء من الله تعالى على معنى أن حالهم فيما أنزل إليهم » وفيما جاءهم من الآيات حال من يرجون الهداية» أو أن ذلك أمر لهم بالهداية» وهم على رجاء منها وَإِدَ ذَقَالَ مُومول ىعم مِدِيِمَورإنَكُهَطلَنثمَ كْمَدُّ أَنفَسَكم 2 غك الل كولساريك يكار موا نفس كالم 17 0 َلتّوّا ب اجيم 00 م مه 22 24 هه مه و 04 9 َك و إِذ لتم كلس ميم م أن نَؤْمِنَ َك حو رى الله جهسرة (#/ تفسير سورة البقرة 9 و كَدُ وَأَنس م تنظ ل حم درا مداه 0 ون 00 يي م بعشتككم من ره ف مدَكرون 2 ير وَكلئَدَنَ 54 طَلَلْنَاءَ] غ1 لعزن كناد د تنوم طكئرك ولك 6 ذا شه يالثوة 2 ذكرهم سبحانه وتعالى بعبادتهم فى هذا النص الكريم» وهو ذفن رت لقومه يا قوم نكم ظَلَمم أَنفْسَكُم باتخاذكم العجل» وإذ هنا دالة على الوقت الماضى» والمعنى واذكروا ذلك الوقت» يأمر الحاضرين والماضين لأنهم أمة واحدة فى ضلال الفكر» والكفر بالنعمة» اذكروا ذلك العمل الفاجرء وما جرى فيه من نسيان للحق والإيمان» واذكروا كيف كان ضلالكم باستهواء قوم فرعون, واذكروا الوقت الذى ناداكم فيه على أنكم قومهء وأنكم نابذتم الحق» واتبعتم الباطل» واذكروا وقت أن قال موسى لكم «إيا قُومٍ» لأنهم قومه الذين ناصرهم وأيدهم» وأحبهم ولم يتركهم للظالمين» فالنداء بقوله #إيا قوم# إشارة إلى ما يربطه بهم من مودة ومناصرة»ء وتأييد» وإعزاز» وتنزيه لهم عن الباطل» فالقريب نداؤه محبوب ومجاب» ولقد من الله تعالى على العرب أن بعث فيهم رسولا منهمء فقال تعالى: فإ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عشم حريص عَليْكُم بالمؤمين روف رحيم +4120 4 [ العوبة ] ناداهم موسى : «يا قوم إِنَكُم ظَلمتم أَنفسكم بائَخَاذ كم العجل» . وهذا عتب رقيق لإثم قوي» ومعنى اتخاذ العجل أنهم عبدوه» وعبر سبحانه وتعالى عن عبادة العجل بأنهم اتخذوه تنزها عن أن يقول أنهم عبذوه» لأن ما كان منهم وهم باطل لا يسمى عبادة فى الحق» والقول الطيب» ولأنهم لم يعبدوه فقطء بل صنع بأيديهم» أو بأيدى بعضهم. وهو ما لا ينفع ولا يضرء ولا يسمع ولا يبصر فهذا كله يدل عليه كلمة اتخذوه. ولقد أكد موسى نبى الله تعالى عليه السلام أنهم إذ اتخذوا العجل ظلموا أنفسهم ١‏ باتخاذهم العجل» أكد ذلك ب (إن؟ الدالة على التوكيد» وظلمهم لانفسهم ا تفسير سورة البقرة اللاانا لكان انان مالالا انالااا لاما اطنط لللاالانااااااااااامنطط نط طخمماالالاالااالاااااا مالالا طلقا نامطط طخلا طامط شلا بأن أضلوها عن الحق» ونوره ساطع بينهم إذ قد قامت لديهم البراهين على قدرة الله تعالى فى ضرب البحر بعصا موسى» وانشقاقه» وفى نجاتهم من الذل» وظلموا أنفسهم بأن أعادوا إليها عهد الذل والضلال باتخاذهم العجل» كما كان يفعل الذين أذلوهاء وظلموا أنفسهم بكفرهم بالله تعالى» وضلوا ضلالا بعيدا . هذه خطيئة ارتكبوهاء ولا يكفرها إلا توبة نصوح يقومون بهاء وقد بِيّن لهم موسى الطريق للتوبة النصوح أو حقيقة التوبة النصوحء فقال تعالى: #فتوبوا إلى بارئكم فَافتلُوأ أنفسكم4 الفاء فى قوله تعالى: « قتوبوا» هى فاء الإفصاح التى تفصح عن شرط مقدرء أى إذا كنتم قد ضللتم هذا الضلال وظلمتم أنفسكم ذلك الظلم فتوبوا إلى بارتكم أى فارجعوا إلى الله تعالى الذى خلقكم على غير مثال سبق» ومعنى «برأ» أبدع وأنشأ وجودكم» والتوبة رجوع إلى الحق» والتعبير ببارتكم يؤكد معنى ظلمهم لأنفسهم. لأنهم تركوا من خلقهم إلى ما خلقوه بأيديهم» وصنعوه تحت نظرهمء ولا يضرهمء ولا ينفعهم. والطريق الذى بينه موسى هو قوله: ظفَاقتلُواً أَنفسكُم4 أى فابخعوها واجعلوها مطية ذلولا للعقل والإرادة» واقطعوا شهواتهاء والتعبير عن ذلك بقتل النفس» لأن النفس الفاجرة الضالة إذا فطمت عن الشهوات كأنها قتلت.» وحلت محلها النفس الطاهرة اللوامة التى تقهر الشهوات قهراء والشرور دائما من الأهواء والشهوات» وقد جاء فى الأمثال عند أهل المعرفة: «من لم يعذب نفسه لم ينفعهاء ومن لم يقتلها لم يحفظها» وتعذيب النفس الذى يريده أهل المعرفة هو فطمها عن الشهوات . وقد أخذت الكثرة من المفسرين بظاهر اللفظ وهو القتلء ورووا فى ذلك روايات عن بعض الصحابة لم يصح سندهاء وبالآولى لم يصح كلام فى نسبته إلى الرسول عله . | واستعمال القتل والبخع بالنسبة للنفوس» وإرادة غير الظاهر كثير فى كلام العرب» وفى القرآن كقوله تعالى: لَعَلّك باخع نَفْسك ألا يكونوا مؤمنين 20 4 [ الشعراء ] . تفسير سورة البقرة ماللا 7 و لح ا وإن هذا النص الكريم يشير إلى أن التوبة النصوح التى يقبلها الله تعالى» ويغفر بها الذنوب توجب قهر الشهوات والأهواء وقتل منابعها فى النفس . وقد حثهم كليم الله تعالى على هذه التوبة النصوح» فقال : #ذلكم حير كم 4 الإشارة إلى بخع النفوس عن شهواتها وسد متابع الأهواء وقتل توازع الشيطان الذى يوسوس فى الصدورء وأشير بالبعيد لبعد ما بين التوبة ورياضة النفئس على ترك الأهواء والضبط بالصبر»ء وقوة الإرادة المسيطرة القاهرة الطاهرة» وكان الخطاب بصيغة الجمع لأن الإشارة إلى عمل صدر منهم. وقد أشار النص إلى قبول التوبة النصوح التى كانت على هذه الشاكلة فقال: #فتاب عليكم ». أى رجع سبحانه عليهم وقد طهرت نفوسهم وزكيت قلوبهم بالانخلاع عن الشهوات وقتلهاء رجع عليهم سبحانه وتعالى بالغفران. وعبر سبحانه وتعالى ب «على» للإشارة إلى علوه سبحانه وتعالى عليهم فى كفرهم وتوبتهم» وأن ذلك لرحمته بهم» لا لحاجته إلى طاعتهم» وقد ذيل الله سبحانه وتعالى بقوله: إِنّه هو الاب الرّحيم» . والتواب كثير قبول التوبة إذا قيل ذلك عن الله تعالى» أو كثبر التوبة إذا قيل عن العبد» وتواب صيغة مبالخة من تائب؛ وتائب تطلق على التائب من الذنب» وتطلق على من يقبل التوبة» وهو الله سبحانه وتعالى» وهى هنا على هذا المعنى. وقد اقترن وصف التواب بوصف الرحيم؛ لأن كليهما وصف لله تعالى, ولآن قبول التوبة من رحمة الله تعالى بعباده» ولقّد قال: وإِني لَعَفَار من تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدئ 2226 4 [طه] . وقد أكد سبحانه اتصافه بهذين الوصفين اللذين كانا من فضل الله تعالى» ومنته» بصيغة المبالغة» وبالجملة الاسمية» وبالتأكيد بن - اللهم تب علينا وارحمنا. يذكر الله سبحانه وتعالى النعم التى أنعم بها على بنى إسرائيل» وكفرهم بهاء وبالله. ثم يذكر سبحانه تعنتتهم فى طلب الدليل رغم الآيات التى أراهم الله سبحانه وتعالى إياهاء ولكن المتعنت لا يقنعه الدليل مهما يكن باهرا ظاهراً قاهرا . ا تفسير سورة البقرة ا ل ولذا طلبوا عنتا وانحرافا وجهلا أن يروا الله تعالى جهرة» وقد ذكر الله تعالى ذلك مبينا تعنتهم» وتدللهم فى كفرهم: ١‏ وإذ نَم ا مموسئ أن نؤْمن لك حتَى َرَى اللَّهَ جهرَة 4 أى اذكروا أيها الحاضرون فى عهد النبى محمد يك مافعلتموه» وخاطبهم هم بذلك مع أن الذى فعله أسلافهم؛ لأنهم يسيرون سيرهمء ويفترون ويغترون مثلهم. اذكروا ذلك الوقت الذى قلتم فيه ذلك» وليس غريبا أن تقولوه الآنء قالوا لوسى: إن تُوْمن لَك حت ترى الله جهرة4 أى لن نؤمن مسلمين لك» مستجيبين لما تدعونا إليه» حتى نرى الله جهرة؛ أى حتى نرى الله تعالى رأى العين» ولن لتأكيد النفى فى المستقبل» وقيل لتأبيد النفى» والزمخشرى وسائر المعتزلة يرون أنها دالة على الاستحالة» أى استحالة استجابتهم حتى يروا الله عياناء ولقد ضاهى قولهم هذا قول المشركين . وإن الله تعالى لا يرى فى الدنيا بإجماع العلماء قطء لآن رؤية الدنيا تقتضى مكانا والله سبحانه وتعالى منزه عن المكان» والأمر فى الآخرة أمر الله تعالى لا نعلمه إلا منه» وهو عالم الغيب والشهادة» وقد أجابهم موسى إلى ما يريدون فطلب من الله تعالى أن يراه»ء ويروه» كما ذكر تعالى أن ذلك لا يمكن فى سورة الأعراف» فلما تجلى ربهم أصابتهم الصاعقة» فقال تعالى: طفَأَحَدَتَكُمْ الصّاعقة ونم تنظرون» . وقد فصل الله سبحانه وتعالى مسألة الرؤية وطلب موسى عليه السلام» فقال تعالى: ل ولَما جاء مُوسئ لميقاتنا كمه به َال رب أرني أنظر ليك قال لن تراني ولكن انظ إَِى ابل إن استقَرَ مكاته قسوف تراني فلم تجلى ربْهُ للجبل جعله دكا وخر مُوسئ صعقا فلم أََاقَ قَال سبحاتك تبت بت إِلَيك ونا أَول المؤمنين 229 4 [الأعراف] . لما طلب بنو إسرائيل رؤية الله تعالى جهرة أى عياناء طلب موسى ذلك من الله تعالى ليروا ما رآه» وليعلموا ما علم» وقيل إن الذين طلبوا ذلك هم السبعون الذين اختارهم موسى ليكونوا معه عندما واعده الله أيقاته الذين قال الله تعالى فيهم : واختار موسئ قَومَه سبعين رجلا لميقاتنا ... ونه # [الأعراف] فهم الذين م تفسير سورة البقرة 9 حملوا موسى على أن يطلب رؤية ربه فطلبها عليه الصلاة والسلام» ومهما يكن الطالبون فإن رؤية الله تعالى مستحيلة فى الدنياء على ما أشرنا. والصاعقة الأمر الشديد الهائل الذى ينزل من السماء ناراء أو الذى يدك الجبال دكاء وقد يترتب عليه أن يصعق الإحساس فيغشى على من يراه. ومعنى قوله تعالى: طفَأَحَذَنَكُم الصاعقة4. أى أخذت البابهم» ونفوسهم فلم يشعروا وهم ينظرون إليهاء» وقد أذهلتهم وذهبت بمشاعرهم فصعقوا كما صعق موسى إذ قال تعالى : وخر موسئ صعقا . ٠٠‏ 2 © [الأعراف ]. وعلى ذلك يكون معنى أخذتهم الصاعقة أنهم غشى عليهم كما يدل على ذلك ما كان لموسى عليه السلام. ونرى أن القرآن يفسر بعضه بعضا ويبين بعضه الدلالة الواضحة لبعضهء تعالى كلام الله سبحانه وتعالى: 9 ولو كان من عند غيرٍ اللّه توجدوا فيه اختلانًا كيرا 2:7 4 [ النساء] . وقوله تعالى: #وأنتم تنظرون 45202 أى ينظرون إلى الأمر الذى هز مشاعرهم من دك الجبال دكاء وهول ما وقع نتيجة لما طلبواء ثم قوله تعالى: ثم بعنتاكم من بعد موتكم لَعلَكُمْ تشكْرون +4227 أصل البعث هو الإثارة» جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى: «أصل البعث إثارة الشىء وتوجيههء يقال بعثته فانبعث» ويختلف البعث بحسب اختلاف ما علق به» فبعثت البعير أثرته وسيرته وقوله تعالى: «يبعثهم © يخرجهم ويسيرهم إلى يوم القيامة. وموتهم هنا هو ما غشيهم» وفقدوا به إحساسهم» وعبر عنه بالموت» لأنه يشبه الموت من حيث إنهم فقدوا شعورهم وأصبحوا لا يحسون شيئا. ومعنى قوله تعالى: ثم بعنتاكم من بعد موتكم» أى أثرناهم» وحركناهمء وأوجدنا فيهم الإحساس. والتعبير ب «ثم» للإشارة إلى البعد بين حالهم» وهم أشباه الموتى بما صعقهم من غاشية» وما آلوا إليه من شعور بالحياة والحركة. .» وقد فقدوا ذلك» بسوء ما طلبواء وعدم فهمهم. والله تعالى ولى المؤمنين. 2 تفسيرسورة البقرة وإن ذلك يقتضى شكرهم؛ لأنه كان قادرا على تركهم فيما آل إليه أمرهم ولذا قال تعالى: طلَعلَّكُم تشكرون4 أى رجاء أن تشكرواء فالرجاء منهم لا من الله تعالى. بعد أن بعثهم الله تعالىء أو كان ذلك مقارنا لخروجهم من مصرء وهو الظاهر؛ لأن هذه النعم» وما كان منهم من حوادث جاء بعد أن أنجاهم الله تعالى من آل فرعونء وفرق البحر بهم. والواو لا تقتضى ترتيباء ولا تعقيباء لقد انتقلوا من الوادى الخصيب إلى صحراء تلفح الوجوه. وليس فيها ظل ولا ظليل» ولكن الله تعالى لم يتركهم فى حرور الصحراء وجردائها بل أظلهم بالغمام» وأمدهم بأطيب الطعام» وأبركه» فقال تعالى مبينا هذه النعمة: « وَظََلنَا عليكم الْعَمَامَ وأنزلنا عليكم الْمَنَّ والسلوئ 4 . أى جعلنا الغمام» وهو السحاب الشديد العتمة» اسم جنس جمعى للغمامة» واسم الجنس الجمعى هو الذى يفرق بينه وبين مفرهه بالتاء المربوطة أو ياء النسب»ء مثل روم ورومى. تكائف الغمام فى الصحراءء حتى صار كمظلة تظلهم أينما ساروا فلا يحسون بوهج الحر يلفح وجوههمء» وقد شكوا من حر الشمس والجوع » فأنزل الله تعالى رزقا طيبا: المن والسلوى . والمن كان بدل الخيزء وقد أصيحوا فوجدوه فى اللأرض صغيرا كحب الجزرة» وكانوا يتناولونه كالرقاق التى اختلطت بعسل فالتقى فيه خواص الدقيق والعسل معاء وسبحان الرزاق العليم» فكان خبزهم» فالمن على ذلك غذاء جيد ينزل من السماء ويبسط على الأرض فيه خواص الدقيق والعسل معا. والسلوى طير»ء كان يجىء إليهم يطير على مقدار رمح من الأرض أو يزيد قليلاء فيأخذونه باليد من غير صيد أو أى محاولة» وبذلك اجتمع لديهم كل عناصر الغذاء الكامل» من غير كَدّء ولا لُغوب. ها تفسير سورة البقرة اللمللكك ا ئئل 0000 213#2#23#7171010170 سم 1# ل وعبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك الرزق الذى رزقهم الله تعالى إياه بقوله تعالى : #وأنزلنا عليكم الْمَنّ وَالسّلوى» لأنه ما كان بكسب كسبوهء ولكنه رزق الله تعالى من السماء أنزله إليهم لتطيب إقامتهم فى الصحراءء حتى يقضى الله تعالى أمره فيهمء فالإنزال معنوى لأنه بأمر الله تعالى لطمًا بهم ورحمة» وليكون ذلك معجزة فوق المعجزات التى توالت عليهم» ومع ذلك جحدوا بآيات ربهم» ولقد قرر الله سبحانه وتعالى أنه مككن لهم ذلك تمكيناء فقال سبحانه: #كلوا من طَيْبَّات ما رزقناكم» وقد وصف الله سبحانه وتعالى ذلك الطعام بأنه طيب» والطعام الطيب هو الذى تشتهيه النفس» ويكون مرينًا لا يضر ولا يعاف. و #من* فى قوله تعالى: «إمن طيّات ما رزقناكم» هى للتبعيض باعتبار أنهم يأكلون منه ما يشتهون وما يطيقون غير مدخرين» لأنهم يجدون ما رزقهم الله تعالى مجددا دائماء ويذكر فى بعض الكتب أنهم كانوا يأكلون رزق كل يوم»ء وقد أمروا بذلك لأنه يفسد فى اليوم التالى ويجىء الجديد ليحل محل الفاسلد(2) . ويحتمل أن تكون ا'من) بيانية» ويكون المعنى كلوا طيبات ما رزقناكمء» وعلى التقديرين يتحقق وصف الطيبات» وذكر سبحانه أنه رزق خالص من الله جاءهم من غير جهد ولا نصب» بل هو رزق الله تعالى ساقه إليهم سبحانه وتعالى. وإنهم بتوافر هذه النعم التى منحها الله مسبحانه وتعالى لهم» إذا هم جحدوا آياته» وأعرضوا عن بيناته. . ما كان سبحانه وتعالى إلا منعما عليهم إذ أنجاهم من ظلم فرعون وإذلاله» وبعد أن كانوا مستضعفين مكن الله لهم فى الأرضء» ومن عليهم؛ وكلما شكوا أمدهم الله تعالى بعونه» وسهل لهم الحياة العزيزة الكريمة المنيعة . 2. )١(‏ روى البيخارى (ثام :؟) ومسلم (11174) عن أبى هريرة رضبى الله عله عن الى ول : «لولا بثو إسرائيل لم يَخْتَرَ للحم قال الحافظ ابن حجر فى الفتح : قَوَله: : «لولا بو إسرائيل لم يَْر اّنم يَختر بفتّح أوله وسكون الْحَاء وكسر الثون وبقتحها أيضًا يَعدهًا زاى أى ‏ ينتن» وَالْحَتر التغير والَْتن. تفسير سورة البهقر - -. 1 - 1 - ةّ اللا وما ظَلَمُونا4 أى ما نقصهم سبحانه وتعالى شيئا من أسباب الحياة والقوة فكفروه» فكانوا هم الظالمين لأنفسهم؛ ولذا قال تعالى: #ولكن كَانُوا أَنفْسَهُم يظلمون:29» وأكد الله سبحانه وتعالى عليهم أنهم هم الظلمون لأنفسهم وذلك بالاستدراك فى قوله: #ولكن4 إذ معنى الاستدراك عن ظلم الله تعالى لهم بيان أن ظلمهم لأنفسهم كان منهم لا من الله سبحانه وتعالى» وأكده بالتعبير ب 9 كَانُوا4 وهى تدل على الاستمرار» كما نوهنا بذلك مراراء وأكده سبحانه وتعالى بتقديم #أنفسهم» لأن التقديم يدل على الاختصاص» أى أنهم بهذا الجحود يظلمون أنفسهم» ولا يتجاوز ظلمهم أنفسهم إلى؛ فهم يظلمون أنفسهم وحدها. وظلمهم أنفسهمء أن الكفر ظلم للنفس » إذ هو ضلال فى ذاته» وأى ظلم للنفس أشد من تدليتها فى الضلال؟! وكفروا بأنعم الله تعالى » وذلك ظلم كبير واقع عليهم . ادس عار زكر كاك م ل سا سا تر 0 ه للح سل سل بر عل لبهي هم رغدا وَآَدخُُوا اتاج بدا وفو لوطه ك7 حَطَيي لل وَسَدَرِْب د الْمُحَ 3 52 2 فَدَّلَ ادرب ظلْلموا ل ي] | سا سج 1 الى يمل بد كأرنتاع لزن لكك راق و 2 4 مهم م جه السَماء د يما انوأ يفَسفون مك 44 كان بنو إسرائيل يعيشون فى صحراء سيناء مع موسى عليه السلام» وقد أنزل الله تعالى عليهم المن والسلوى» فأكلوا منها رزقا طيباء» وما كان يمكن أن يبقى ذلك رزقا دائماء وإن كان ذلك ممكنا سائغا فى ذاته» ولكن لأنهم برمون متململون ب تفسير سورة البقرة 4 والقرية هى المديئنة العظيمة الجامعة لعدد كبير من السكان» من قرى بمعنى جمع؛ ولذلك أطلق على مكة أنها قرية وأم القرىء ولم يبين القرآن الكريم ما هى هذه القرية» لم يرد فى القرآن ما يبين عين هذه القرية أهى الأرض المقدسة أم هى قرية قريبة أمرهم موسى بالدخول فيهاء وإن الذى نفهمه من النص والسياق أنها قرية ليست بعيدة عن صحراء سيناء» وأن ذلك فى عهد موسى عليه السلام . أما أنها قريبة ليست بعيدة فقد أخذناه من الإشارة» فقد أشير إليها بالإشارة الدالة على القرب» وهى «هذه)» فهى لابد أن تكون قريبة» والنص يدل على أنهم دخلوهاء وقد عصوا أمر ربهم الذى أمر به عند دخولهم . وأما أنها كانت فى عهد موسى عليه السلام» ولم يكن قد فارقهم بالموت» فإن ذلك يثبت من سياق القول؛ لأن موسى عليه السلام من قبل الأمر بالدخول كان هو الذي يخاطبهم بأمر الله تعالى» ومن بعد الأمر بالدخول هو الذى كان يخاطبهم ويخاطبونه» فلم يكن من مقتضى ذلك أن يكون الدخولء وقد انقضى عهد موسى عليه السلام» وجاء غيره. وعلى ذلك نقول إن الله سبحانه وتعالى أبهم ذكر هذه القرية» ولا نتعرض لبيان ما أبهمه الله تعالى» ولم يذكره نبيه يلوه ولم يشبت قول عن أصحابه الذين تلقوا عن رسول الله مَلْةٌ علم النبوة ليبلغوه ٠‏ للناس» وإن القول فى هذه القرية ما هى؟ داخل فى النهى فى قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لَك به علّم ... 20 4 [الإسراء ]. ولكن قال بعض العلماء إنها أريحاء أو بعض بلاد فى الأردن» ورجح الأكثرون وقالوا إنه القول الصحيح» أنها بيت المقدس التى كتب الله تعالى لهم أن يدخلواء وقالوا إن ذلك ذكر فى القرآن فى سورة المائدة» إذ قال تعالى: ووإذ قال موسئ لقومه يا قوم م اذْكُرُوا نعمة اله يكم إذ جعَلَ فيكم أَنبياء وَحَعَكُم ملكا وآتاكم ما م يت أحدا مَنَالمَلَمَِ 62 يا قوم ادْحُْوا الأرض الْمقدْسة التي كنب الله كم ولا تَرْتَدُوا عَلَى أَدبارِكُم فَلبُوا حَاسرين 072+ قَالُوا يا موسئ ع إن فيها قوما جبارِين وإِنا لن تفسيرسورة البقرة ممالل دخلا حتَى يَخْرجُوا منها فإن يُخرجوا منها فَإنَّ داخلون 29> قال رَجلان من الّذِين يَحَافُونَ أَنْعم الله عليهما ادْخَلُوا عليه اباب فَإذَا دَحَلَكُمُوهُ فَإِنَكُم غَالبُونَ وَعلى الله فَوَكلُوا إن كسم مُؤْمِينَ :20> قَلُوا يا مُوسئ إِنَا ن تَْخْلهَا بدا ما دَامُوا فيها اذهب أنت وري فقاتلا إن هاهنا قاعدون ج20 قَال رب إني لا َلك إل سي وآحي فَافرق يننا وين قوم لفاستين 6120 ذال فإنّها محزمة عله أرنمين سه هون في الأرض فلا تآس على الوم الفاسقين ج50 © [ المائدة ] . وإنى وإن كنت لا يمكننى أن أعين قرية بعينهاء فإنى لا أختار أنها الأرض المقدسة؛ وذلك لأن الإشارة إلى القرية كانت إلى قرية قريبة» ولأن الأرض المقدسة لا تذكر بهذا الإبهام المستغرق» ولأن ما حدث منهم من تبديل القول يدل على قرب عهدهم بالكفر» وأنه لم يكن التيه الذى يقوى شكيمتهمء ولأنه إذا كانت بيت المقدس» فإن دخولهم فيها بعد التيه كان على يد سيدنا يوشع عليه السلام. وإننا ننتهى إلى هذه القرية» وليست فى هذه القرية عبرة خاصة توجب معرفتها إذا كانت القرية» إما يكفى فى التعريف بها أنها كانت ذات رزق راغدء وعيش واسع؛ ولذلك قال تعالى: (نكاوا منها جه حيث شد شئتم رَغَدا» أى فكلوا أىّ أكل تشاءونه رغدا فى هذه القرية» فلا ته تقتصروا على المد والسلوى» كما أنزل الله تعالى رحمة بكم؛ وهما أطيب الطعام وأشهاه وأمرؤهء وأهنؤهء كلوا أى أكل شئتم من الحلال رغدا واسعا كثيرا. ثم أمرهم سبحانه أن يدخلوا الباب لهذه القرية خاشعين خاضعين شاكرين لنعمة الله تعالى التى أنعم بها عليهم طالبين غفران خطاياهم. فقال تعالى: «وادخلوا الاب سجدا» أى ساجدين شكرا لله تعالى على ما أنعم به عليكم وأن أخرجكم من الظلمات إلى النور» ومن الذل إلى العزة» ومن الظلم المرهق إلى العدل المنصف,» وأن أعطاكم ما تحبون من طيب العيش» وما تشتهون من حلال. #وَقُولُوا حطّة4 أى حط عنا ذنوبناء وتغمدنا برحمتك والتوبة إليك» وإن الله رتب على خضوعهمء وشكرهم لنعمة الله تعالى» وطلبهم من الله تعالى أن يحط بل تفسير سورة البقرة 1 ل ايك عنهم ذنوبهم» ويخلعوها متبرئين» ويتطهرواء رتب على ذلك غفران خطاياهم فقال تعالى : طتَغْفر لَكُمْ حَطَايَاكُم وَستَزِيد المحسين 428. ومعنى نغفر لكم أى نستر ذنوبكم ثم نرفعها عنكم» ووعد الله تعالى بأنه سيزيد المحسنين خيرا وبركة» والمحسن هو من أتقن وأجاد فعل الخير» والمعنى أن الله تعالى يغفر لهم ما ارتكبوا من آنا كبيرة كانوا قد تعودوها حتى صارت خخطاياء يغفرهاء» سبحانه وتعالى» ثم وعد سبحانه ووعده الحق أنه سيزيد المحسنين» عليهم بالتوفيق إذا تابوا وآمنواء ويجزيهم أحسن الجزاء . والخطايا جمع خطيئة» وهى الذنوب التى تتكائرء حتى يفعل الذنب» وكأنه يقع منه من غير قصد إليه لتمرسه بهء وقساوة نفسه وقلبهء كما قال تعالى : «بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته وك أُصحَاب لثّار هم فيها خَالدُونَ غزنده 4 [ البقرة] . ويقول الخليل بن أحمد فى تصريف خطايا إنها جمع خطيئة» أصلها خطائى» ثم قلبت الياء ألفا»ء كما قلبت فى قوله تعالى: نيا أسفئ عل يوسف ... 20> © [يوسف] فصارت خطاءاء ثم قلبت الهمزة ياء لأنها صارت بين ألفين» وذلك تسهيل فى النطق . هذا ما أمرهم ربهم» أمرهم بالدخول خاشعين ساجدين» وأن يقولوا حطة أى حط عنا ذنويناء ولكنهم وقد تعودوا المعصية وألفوها: غيروا الآلفاظء وبدلوها إلى ألفاظ تدل على نقيض معناهاء وكذلك دائما شأن العصة المذنبين وخصوصا بنى إسرائيل؛ ولذلك قال الله تعالى: ظقَبَدَلَ الّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلَا غير ادي قيل لهم 4 لقد قيل لهم قولوا حطة أى حط عنا ياربنا ذنوبناء ولا تعذبنا بما فعلنا واعف عناء بدلوا هذه الكلمة الضارعة الخاشعة إلى كلمة أخرى قريبة اللفظ ولكن فيها معنى مغاير» فقالوا: (حنطة) أى أنهم بدل أن يتوجهوا إلى الله تعالى بالضراعة توجهوا إليه بطلب المادة» والحنطة هى القمح» يتركون الضراعة التى هى نعمة التقوى إلى طلب القوت» وفى ذلك عدول عن إرضاء الله تعالى إلى طلب ما يرضى أهواءهم» , تفسيرسورة البقرة الالالال ويشبع شهوات بطونهم» وفوق ذلك فيه تلاعب بأمر الله تعالى ونهيه» واستهزاء بأوامر ربهم» وتحريف للقول عن مواضعه. كما فعلوا من بعد موسى عليه السلام» إذ حرفوا القول عن مواضعه؛. وضلوا ضلالا بعيدا. وذكر الله تعالى الموصول» فقال: «الّذينَ ظَلَمواك, فأظهر فى موضع الإضمار للإشارة إلى أن الدافع لهم على التغيير والتبديل فى أمر الله تعالى أو نهيه هو ظلمهم وإلحادهم فى دين الله تعالى . طَلَمُوا جا من السّماء بها كَانوا يفون 4:70 الرجز هو العذاب» أو هو الرجسس: والرجز قاذورات النفوس وفسادهاء وقد أصابهم الله تعالى باللأمرين ففسدت نفوسهم إلا أن يتوبواء وأنزل الله تعالى عذابه بهم إذ جعلهم أذلاء مستضعفين فى الآرض إلا أن يتسربلوا سربال التقوى» ويسيروا فى طريق العزة» ويهجروا أسباب الذل. والرجز قسمه الأصفهانى فى مفرداته إلى قسمين: رجز ينزل بسبب أعمال الإنسان من عصيان للرب» ومخالفة لأمره» وسوء تدبيره» وهذا عذاب الله تعالى» ورجز ينزل بلاء من الله» واختبار) يصهر نفوسهم. كطاعون ينزل بهمء أو إهلاك للحرث والنسلء» أو ضرب الذلة عليهم . وقد أصاب الله تعالى بنى إسرائيل بالنوعين من الرجز فعذبوا فى الحياة الدنيا رجاء أن يتوبوا ويهتدواء وأصيبت نفوسهم بالذلة» التى ضربت عليهم إلا بحبل من الله وحبل من الناس» ونزلت بهم الآفات البشرية. وذكر سبحانه وتعالى أن السبب فى ذلك ظلمهم وفسقهم» فأما للم فيه سبحانه بالإظهار فى موضع الإضمار إذ قال: مارلا على الّذينَ ظَلَموا رجزا من السّماء» والتعبير بالموصول يفيد أن الصلة سبب لا أنزل الله تعالى من رجزء وهذا بيات للسبب بالإشارة» أما فسقهم فقد بين سبحانه سببيته بصريح اللفظ الكريمء فقال: بم كانوا يَفُسقون» أى بسبب أنهم يفسقون» وكَانُوا» دالة على تفسير سورة البقرة ا 0 لسرب ا الاستمرار» والتعبير بالمضارع يفيد أن فسقهم على دوامه يتجدد وقتا بعد آخر فكلما تاب عليهم فسقوا مرة أخرى. والفسق هو الخروجء يقال فسقت الفأرة خرجت من جحرهاء وفسق الثمر خرج» فهؤلاء يخرجون عن الحق» ويسيرون وراء الباطل سيرا متجددا مستمرا آنا بعد آن. وذكر الله تعالى أن الرجز من السماء إشارة إلى أنه يأتيهم من حيث لا يحتسبون ولا يظنون» وأنه من الله العزيز الحكيم» فإن ما يكون من السماء مغيب لا يعلم متى يجىء ولا من أى جهة يجىء. ل ا ب # وإذ ا ستسقئ موسول ل ل مث لص سد سل ع م هه ره نس مام 20 لقومه يو فقانا أضرب يََصَالفَ الْحَعر َانْفْجَ رتنه م ال ل عر و2 لو يذ ره أمَْاعَفْرَةَ عتتَادٌَ عَِدَكُلْ ناس مَفْرَيَهُرٌ كلا رض < شير ل م جقو وَأَشْرَيُوأ من رَرْقٍ لَه وَلَاتَعْئَوَأ ف الْأرْضِ مُفْسِدِنَ 2 وذ ريوس لمعل لصا واج كدح اريك وم ولمع 0 وفومها و ولد ل وعد سهاويص يَصَهَاكَالَ ميد تب درت الى هوئق 1ه ف ا حر أهبطوأم مِضرا وَإنَنَحكُم مَاسَاَْرٌ وَقَكَابهَاوفه _- ا الي وم هه خر سه لسر آه وَصْرِبَتَ لهم الله الم صككنة وبا وباءو بِعْصَبوضِت لله ذلك بأتهس م كانوا يكفرورتك اي تٍ الله وَيَفَحُُو رت جر مله سر ل يكام ما 20 حهطم لَحَقَ ذالِك ماعصوأ وَحكانوا يمتدوت حل © تفسيرسورة البقرة لاملل كان بنو إسرائيل يعيشون مع موسى عليه السلام فى معجزات حسية مستمرة» ولو كانت قوة الدليل وحسيته سببا للإيمان لكان بنو إسرائيل أشد الناس إيمانًا وأقواهم يقيناء ولكن الإيمان نور يقذفه الله تعالى فى قلوب الأتقياء فيدركون الحق» ويذعنون له» ويطمكئون إليه. وقد أرانا الله تعالى آياته فى بنى إسرائيل» فكلما أتاهم بدليل وكلما أتتهم آية كفروا بهاء فلو كانوا يذعئون للحق لأذعنوا لبعض هذه الآيات» ولكنهم قوم معاندون» مناقضون الحس . شكوا إلى موسى أنهم لا يجدون الماء الذى يشربونه فاتجه موسى إلى ربه ضارعا يطلب الماء» ولذا قال تعالى: #وإذ استسقئ موسئ لقومه». وإذ - كما ذكرنا - دالة على الوقت الماضى» ولمعنى اذكروا ذلك الوقت الذى استسقى فيه موسى لكمء تذكّروا عطشكم فى ذلك الوقت» وكيف استسقى موسى ربه لأجلكم. فأمره الله سبحانه وتعالى أن يضرب بعصاه الحجرء فضرب» فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناء هى بقدر عدد الأسباط أولاد يعقوب عليه السلام» وذريتهم من بعدهم. اذكروا ذلك وتذكروه» فإنه معجزة من الله تعالى. فكان لكل سبط عينه» يشرب منها هو ومن معه من سبطه لكيلا يتزاحم على الماء» فينال الماءَ القوى» ويضيع الضعيف. واستسقى؛ السين والتاء للطلب» أو السؤال» والاستسقاء الضراعة إلى الله تعالى أن ينزل الماء» فهذا الاستسقاء عبادة لأنه دعاء الله تعالى ضارعا إليه أن ينزل عليه الماء» والدعاء المتضرع عبادة فى ذاته» ولقد كان النبى كَكِلةٍ إذا جف المطرء وأجدبت الأرض استسقى . . فقد خحرج إلى المصلى متواضعاء متذللا متوسلا متضرعا ودعا ربه أن يسقى المطرء فنزل مدراراء حتى خشى الناس أن يضر فقال النبى كَك: «اللهم حواليناء ولا علينا»(9 . سما د ا ااي 0 ل )١(‏ عن أنّسِ بن مالك قَالَ: ما ُو اليك يطب يوم الْمْعةإذ جاءه وجل كقال: يا رسُولَ الله قَحَط الْمَطَرء كا لان يسْقينا. قَدَعَا فَمطراء قَمَا كدنًا أن تصل إِلَى مَتَازِلَاه قَمَا قَمَا زلا ُْطرُ إلى الْجُمُعَة الْمَقَبِلَة» قَال: َم لك الرجل أ عبر فَقَال: ا سول الله ل الله أ يَصرقه عن . قَقَالَ رَسُول الله ل الهم حَوَالِنًا ولا عَلَيناه قَالَ: مَلْعَدْ يت السسَّحَاب يَكَقَطُمْ يمينا وشمَالا يمطرون ولا يُمْطَرُ هلا الْمَديئّة . [متفق عليه رواه البخارى : كتاب ا جمعة (469) ومسلم صلاة الاستسقاء .])١59-0(‏ ل 0 تفسير سورة البقرة اناا اناا اناننا ااال الالالال لالطالا ااا تالالا الالالال للل ططخ نط ااا الالالال نطلل ططط ا ط لالط خ تاللا ولا استسقى موسى عليه السلام لم ينزل عليه مطرء ولكن قال له ربه: #اضرب بعصاك الحجر» والعصا هى آية الله تعالى» ومعجزة موسى التى انقلبت حية تسعى» والتى بها ضرب البحر بها فانفلق» فكان كل فرق كالطود العظيم» ضرب بها الحجرء ولم يكن حجرا معينا له صفات ذاتية» بل.إنه للعهد الذهنى الذى ينطبق عليه اسم الحجرء كما تقول ادخل السوق» فالمراد أى شىء ينطبق عليه اسم السوق» ضرب موسى عليه السلام الحجر «إفانفجرت منه الْننَا عشرة عينا4 انفجرت: انشقت» وخرجت من الحجر اثنتا عشرة عيناء والعين هى الموضع الذى يخرج منه كعين زمزم» فماء العيون لا يكون من السماء كالمطرء ولكن يكون من الأرضء أو الحجرء كما رأينا ما فعلته عصا موسى عليه السلام؛ وهنا ثلاث معجزات خارقة للعادة: الأولى: ضرب الحجر بالعصاء فينبثق منه الماء» وهذه معجزة العصا. والثانية: أن الضرب فى الحجر الذى لا يخرج منه الماء عادة» ولا يعلم أن الماء ينبع من الأحجار» ولكن من الأرض اللينة التى لا تكون حجرا متماسكاء وقد يخرج ماء العيون من الجبال ولكن يكون من شقوق يخرج منها لا من ذات الحجرء أما الذى يخرج من ذات الحجر فإنه خاص بمعجزة موسى عليه السلام . الثالثة: كون الماء يخرج اثنتى عشرة عينا على قدر عدد الأسباط» و#قّد علم كل أناس مشريهم» أى مكان شربهم» أى العين التى خصصت لهمء وقد كان الحجر الذى ضربه موسى عليه السلام بعصاه مكعبا له أربعة جوانب ظاهرة على الأرض» فكان فى كل جانب قد انبثق فيه ثلاث عيون» فيكون عددها فى كل اثنتى عشرة عيناء وعلم كل أناس العين التى: يشربون منهاء فكان لكل سبط منهم ثلاث عيون. وإن هذا التوزيع بينهم لا يفرق» ولكنه يجمعهم» فالعدل يجمع ولا يفرق» وفوق ذلك فيه تسهيل للتناول فلا يتزاحمون ولا يتنازعون ولا يضيع الضعيف وقد بين الله تعالى أن الماء مباح لهم» كما أبيح لهم الطعام؛ ولذا قال تعالى: «كلوا واشربوا» أى أنه أبيح لهم الأكل من المن والسلوى» كما ذكرنا آنفاء أو أبيح ا تفسيرسورة البقرة الللللاا0ااالللااالاااااللااال ااال لهم أن يأكلوا من ثمرات هذا الماء الذى يجيء إليهم من هذه العيون التى تفيض فى الأرض غير مقطوعة» ولاتمنوعة. وإن النعمة إذا كثرت على أمثال بنى إسرائيل كانت مظنة الفسادء ولذا قال تعالى : لإولا تَعنوا في الأرض مفسدين +4420 العئوء من عثى يعثى بمعنى أفسدء أو بمعنى أضاع كل ما فيه من خيرء فاعتدى على حق غيره» فيعثون يشمل كل فعل يؤدى إلى الاضطراب والإفزاع ومنع الخيرء ويتقارب من معنى العبث» ويكون قوله تعالى : #مفسدين4 ليس تكرار للفظ لا تعثو ا أو تأكيداً» إنما هو لبيان العثوء» وهو القصد إلى الإفسادء فمفسدين معناها قاصدين إلى الإفساد. وإن بنى إسرائيل شأنهم دائما ألا يستقرواء بل هم فى تململ مستمرء ولا يهمهم إلا الطعام والشراب؛ ولذا قالوا لموسى عليه السلام الذى ابتلى بهم : «إيا موسئ أن تُصبر على طَعام واحد فاع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بَقلها وقثائها وَفومها وعدسها وبصلها قال أتَسعبدلُون الذي هو أدنئ باأذي هو + خير اهبطوا مصرا إن لكم ما سألتم وضربّت عليهم الدلُ والمسكنة وباءوا بعضّب من الله ذلك نهم كانوا يكفرون بآيّات الله ويقتلون اتسين ب بغر اْحَقّ ذلك ما عصوا وكانُوا يدون 4 . كان اليهرد (لعنهم الله) لا يهمهم إلا ما يطعمونء فسالوا الأكل أولا ثم سألوا الماء ثانياء ثم سألوا تلون الأطعمة» ولم يفكروا فى أمر معنوى» لم يفكروا فى العزة بعد الذلة» ولا فى النجاة بعد القتل» ولا فى المعانى الروحية التي جاء بها موسى عليه السلام» ولا فى الإيمان بعد الكفرء ولا فى الرفعة بعد الحطة. لم يفكروا فى شىء من هذا إنما فكروا فى الطعام وألوانه» لم يطلبوا الهداية» ولكن طلبوا ألوان الطعامء وقال تعالى عنهم: وذ فلتم يا موسئ لن تُصبر على طَعَامٍ واحد» والمعنى: اذكروا معشر الحاضرين ما قلتم أنتم وأسلافكمء ولا تفكير لكم فى جهاد تجاهدونه» ولكن فى طعام تأكلونه» نادوا موسى وهو لهم كالام الرءوم: «يا موسئ لن تُصبر على طعام واحد» وهو المن والسلوى» وقالوا: على طعام واحد» لأنه لون واحد متكرر مستمرء لا يتغير» فهو يعرض بطريقة واحدة» والشىء المتكرر ا تفسير سورة البقرة ااال انالالللة كان لاا الالالال تالالا لانت لانن ال انالا اناا الالالال للال لان الالال اناما ق خلال نامالا كط اطاط الخ شفطلا م 2-4 يكون شيئًا واحداء ولو تجدد وتكررء ولو كان أكثر من واحدء. ولو كان طيباء» وإن الرجل المادى يسأم ما يقدم له كل يوم» ولو كان أشهىء وقالوا يائسين من أن يرضوا : لن نصبر على طعام» فأكدوا النفى ب «لن»» ودلوا على تململهم بقولهم: «لن نصبرا» أى لن نستطيع أن نضبط أنفسنا فنحملها على الرضا بطعام واحد. ورتبوا على نفيهم الصبر نفيا مؤكدا قولهم: طفَادع لَنا ربّكَ يخرج لَنَا مما تنبت لأَرْض من بَقْلها4» الفاء فاء الإفصاح التى تفصح عن شرط مقدر دل عليه قولهم لن نصبر تقديره؛ فإذا كنا لا نصبرء #قااع نا ربّك» ومعناه اضرع إلى ربك الذى خلقك وربك لا إلى أن يهدينا بل إلى أن يخرج لنا تما تنبت الأرض» وقوله اايخرج) فى معنى جواب الأمر» أي إن تدع ربك فإنه يخرج لناء فهم لتلهفهم على ما يأكلون افترضوا أن الدعاء قد وقع» وافترضوا أن إجابة الدعاء قد تمتء فقالوا هذا الكلام الدال على رغبتهم فى الإجابة السريعة. والبقل معروف» وهو كل نبات لا ساق له غالبا كاللوبيا والفاصوليا ونحوهما كالفول» وفومها وهو الثوم وقيل القمح واللغة لا تساعد ذلك» وعدسها وبصلها وهما معروفان» ولكن موسى عليه السلام لم يسارع بالدعوة التى طلبوهاء ولم تكن الإجابة التى رغبوها لإشباع نهمتهم بل ذاكرهم فيما يطلبون» وبين لهم أنهم يطلبون غير الحسن ويتركون الحسن» فقال لهم: «أَتَسسْدلُونَ الذي هو أدنئ بَالّذي هو حير أى أتتركون الخير» وتطلبون بدلا منه الذى هو أدنى منه وإن كان من نعمة الله تعالى . وعبر عن الذى طلبوه بأنه هو الذى أدنى فى الرتبة والمنزلة الغذائية وأنه خلق كذلك» وإن كان نعمة فى ذاته ولكن رتبته دون ما أنتم فيه» وعبر بقوله تعالى: «الّذي هو أدتى» أى أنه فى ذاته دان فى رتبته ولا يعلو عنها ولا يصل إلى الذى هو خير فى ذاته» وثابت على الخيرية؛ لا يزيل صفة الخيرية ما تطلبون. والآدنى معناه القريب» ولا كان القريب سهل التناول» والبعيد صعب التناول أطلق الأدنى على كل أمر يسهل الحصول عليه وفى العادة لا يكون ذا منزلة. 1 ش إل تفسيرسورة البقرة لللللللااااالللللااللل اللا لوه < يي ش والسؤال استفهامى تقريرى لإنكار الواقع» أى فيه معنى التوبيخ» لأنهم فى نعمة بالطعام الطيب الذى يجىء من غير كد ولا لغوب, وهو المن والسلوى. ولأنهم فى مكان من العزة والنعمة يحمدون الله تعالى عليهماء ولا يفكرون فى شهوة البطن مع هذه العزة إن كانوا أعزة كراما. ولقد قال موسى كما أخبر ربه: «اهبطوا مصرا فَإِنَ لَكُم ما سألتم* ويفيد ذلك ضمنا بأن موسى لم يدع ربه كما طلبوا ولكن بين لهم المكان الذى يرون فيه ذلك» وعبر بقوله: «اهبطوا مصر 4 ؛ لأن فيه إشارة إلى أنهم ينزلون من منزلة مرتفعة العزة والرفعة إلى مكان دون ذلك؛ لأن الهبوط نزول من مرتفع إلى منخفض » وهم ينزلون من العزة» وضيافة الله تعالى إلى حيث يشبعون بطونهم ويرضون أهواءهم» وبذلك استبدلوا الخبيث بالطيب. وقوله: #اهْبطُوا مصرا» بالتنكير يجعلنا نفكر أهى مصر التى اضطهدوا فيهاء وذبحت أبناءهم ؛ واستحيت نساءهم» أم مصر فيه ريف وأرض طيبة زارعة منتجة ما يريدون من فوم وقثاء وعدس وبصل . إن التنكير يفيد أى مصر فيها زرع وثمار» ولكن الكثيرين من المفسرين يذكرون أنها مصر التى أخرجوا منها والتى أرهقوا فى حياتهم فيهاء ومع ذلك لم يذكر أنهم عادوا إلى أرض مصرء وموسى بينهم؛ ولذا نرجح أن موسى عليه السلام طلب إليهم أن ينزلوا من علياء الضيافة الربانية والعزة الإلهية وأن يشبعوا شهواتهم فى أى مصر فيه الريف وما تنبت الأرض من زروع وعيون بدل عزة الصحراء. بعد هذا يئس موسى من إصلاحهم . . أراد أن يربيهم على الوحدانية فقالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة .. وأراد موسى عليه السلام؛ أن يبعدهم عن فرعون وقومه» وأن يخلصهم من أوهامهم. فانتهزوا غيبته» واتخذوا العجل» وعبدوه .. وطلب إليهم أن يقتلوا منابع الأهواء والشهوات فى نفوسهم فتابوا وقبل الله تعالى توبتهم .. ولا أراد الله تعالى أن يختبر نفوسهم فأمرهم أن يدخلوا القرية ساجدين» ويطلبوا ضارعين إليه أن يحط عنهم ذنوبهم» (دخلوا على أستاههم طالبين الحنطة) . ب تفمسير سورة البمقرة و بلجب ير يي طلب الله تعالى إليهم كل ذلك» ولكن نفوسهم طبعت على الأهواء والشهوات والأوهام فتركهم الله تعالى لتؤدى هذه الأخلاق إلى ما تنتهى إليه» وهو الذلة»ء فما أذل النفوس كالشهوات والأهواء» وإذا هانت النفوس ذلت» وإذا سيطرت عليها الأهواء خنعت» ولا يورث فى النفس المذلة إلا المطامع . ولذا قال تعالى: #وضربت عَلَيْهم الذلة والْمَسَكَنَة4 أى أحاطت بهم المذلة لا يخرجون من دائرتهاء بل يتنقلون فى دائرتها؛ يتتقلون فيها من جانب إلى جانب» ولا يخرجون منهاء فصارت حالهم فى ذلتهم» كحال من ضربت عليهم قبة لابخرجون منهاء ولذلك عبّر بضربت عليهم؛ والمسكنة هى التضوع والاستسلام للوهن والضعف. وهى لازمة للذلة» فحيث كانت الذلة كانت المسكنة» وا خضوع للظالم» ولا يرضون إلا بالذل» ولا يقبلون غيرهء فإن النفس إذا ألفت الذلء واستمرأته» ترضى بكل من يذلها وتسكن خاضعة له. ‏ . فالمسكنة مصدر ميمى على وزن مَفعَلّة معناه الخضوع المطلق والرضا بالظلم» أو الظهور بمظهر قبوله» وهو السكون ممن لا يجابهون أهل الباطل بقولهم الحق يصك آذانهم صكا. هذه الأخلاق هى نتيجة لسيطرة الأهواء والشهوات؛ وهى الداء الذى يصحب من يعيشون فى خصيب الأرض ولين العيش» ويفكهون فى ملاذ الدنيا» ويستمرئون البقاء فيها. ولقد قرر الله تعالى عقوبة قاسية لذوى الضمائر الفاسدة؛ وهى أنهم يرجعون بغضب الله تعالى» فهم مطرودون من رحمة الله تعالى» فمعنى #وبَاءوا بعَضَب من الله أى أنهم رجعوا مصاحبين غضب الله تعالى ملازما لهم لا ينفكون عن الغضبء بل إنه يلازمهم فى كل آدوار حياتهم. 0 ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك الغضب الذى لازمهم بعد أن طردهم من رحمتهء وأنهم لا يستحقونهاء ذكر سبحانه وتعالى السبب فى ذلك فقال تعالت كلماته: «ذلك نهم كانوا يكفرو ن بآيات الله ويقتلو ن التبيين بغير الحق» . يم تفسيرسورة البقرة سر اا الإشارة إلى ما أنزله الله تعالى عليهم من الذلة والمسكنة وأنهم أبعدوا عن رحمة الله مصحوبين بغضبه وقد لبسهم غضب الله تعالى» ومعه الخزى والعار. قال سبحانه فى سبب ذلك: #بأَنّهم كانوا يكُفرون بآيّات اللّه4 آيات الله تعالى المعجزات الدالة على رسالة موسى» وهى فى ذاتها تفع لهم, أنجاهم من فرعون الذى كان يقتل أبناءهم» ويستحيى نساءهم» إذ ضرب البحر بعصاه عليه السلام ففرقت البحر ونجا بنو إسرائيل وأغرق الله تعالى فرعون» وأنه أنزل عليهم المن والسلوى إلى آخر آيات الله التى كانت نعما عليهم ومعجزات دالة على نبوة موسى عليه السلام» والتعبير منه سبحانه وتعالى بقوله: #بأنْهم كانوا يكفرون» بيان لاستمرار كفرهم» وتكرره بتكرر آياته» فإن «كانوا» دالة على الاستمرار »والتعبير بالمضارع للدلالة على تكرر الكفر بتكرار الآيات» فما جاءتهم آية إلا كفروا بهاء وهى باهرة تتضمن نعمة أنعم بها سبحانه وتعالى عليهم» فاجتمع فيهم كفر الإيمان بالكفر بدلائله» وكفر النعمة بعدم شكرهاء وشكر المنعم واجب بحكم العقل والشرع» وما جرى عليه الناس» ويجرون عليه إلى يوم القيامة. وقد ذكر سبحانه وتعالى جريمة ثانية إيجابية فالجرائم السابقة كلها سلبية» الكفر سلب» وعدم شكر الله تعالى حيث يجب الشكر جريمة سلبية أيضاء أما الجريمة الإيجابية فهى قتلهم الأنبياء بغير حق» فهم لا يكتفون بعصيان الله تعالى | وكفرهم بآياته» بل يزيدون على ذلك لإمعانهم فى الضلال بقتلهم النبيين الصديقين الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى لهدايتهم ودعوتهم إلى الحق كما قتلوا يحيى بن زكريا عليهما السلام. ويظهر أنهم لم يقتلوا واحداء بل كانوا يقتلون النبيين كلما خالفوهم لايرعون مقامهم من الله تعالى» ولذلك كان التعبير بالمضارع الدال علئ التكرارء وكأن قتل النبيين كان عادة لهم وشأنا من شكونهم لتغلغل الكفر والعصيان فى نفوسهم» واستمرائهم الباطل والعصيان؛ ولذلك علل تعالى تكرار كفرهم للآيات» وقتلهم للأنبياء بقوله : ذلك بمًا عَصّوا وَكَانُوا يَعتَدُودَ > . ا تفسير سورة البقرة 00 دعي تحب 5 وقوله تعالى فى وصف قتلهم للأنبياء بأنه بغير الحق» وصف لإفادة عتوهم وكفرهم لا لبيان أن القتل للنبيين قد يكون بحق» بل لبيان أن فعلهم إثم وليس له مبرر» وأن كونه بغير الحق للتشنيع على فعلهم» وقبح تصرفاتهم» وقد علل تعالى كما تلونا بأن ذلك كان بعصيانهم واعتدائهم. #ذلك بما عصوا» أى ذلك الجرم الذى ارتكبوه سببه أنهم عصوا؛ أى أن نفوسهم تمردت واستمرأت العصيان» وأنها أظلمت بتراكم المعاصى حتى استمرأتها. وهل يصدر من النفوس المظلمة إلا ما يكون فسادا وشرا؟! ويصلون إلى أقبح أنواع الشرورء وهو قتل الهداة أحباب الله تعالى وهم الأنبياء. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى أن ذلك كان لمجرد الاعتداءء فهم فى طبيعتهم العدوان؛ لأن المعصية إذا استمرت ولجوا فى العصيانء وسيطرت الأثرة عليها يكون من آثارها لا محالة الاعتداءء الاعتداء فى طلب الأشياءء والاعتداء بسيطرة الأهواء والشهوات» والاعتداء بقتل الأنبياء» فالاعتداء والعصيان من شكئونهم » وهكذا هم بلاء هذا الوجود. الناس جميعاسواء أمام الله يجزيهم إن آمنوا إَِالَدسَءَامَيُوأوَاَلَدََِهَادُوأوَالتصرَئ وَأَلصَدعِيتَ مَنْءَامَنَ أنه وَالْيوْ الآ وَعَعِلَ صَلِحَافَلْهُمْ أَجْرَهُمْ عند رَيَهِمْوَلَاخوَفُعَلح و 5 اختص الله سبحانه وتعالى الآيات السابقة ببنى إسرائيل وكفرهم بالآيات المتتالية آية بعد آية» وبتكرار وتوالى ذلك الكفر ليبسين سبحانه وتعالى انصرافهم عن الحق مع كثرة الآيات. وكفرهم بالنعم مع تواليها. وكأن القارئ للقرآن الكريم يحسب أن العبر تنزل لمن يكفر بهاء والآيات المعجزة 7 تتوالى على من ينكرها . ا تفسيرسورة البقرة الللللللاا0اا060ال لوال ال-1 فيبين الله تعالى أن الغاية من هذه النعم هى الإيمان» وأنهم إن كفروا بها فباب التوبة مفتوح لهم ولغيرهمء وأن الله تعالى < خلق الخلق ليتفكر الناس فيؤمنوا وليجدوا فيها البرهان فيؤمنوا «إوما حَلَقَت الْجن والإنس إلا ليعبدون 20> »4 [الذاريات ] . وقد قضى الله تعالى أن الإيمان مقبول من كل الطوائف والملل» وقد جعل سبحانه وتعالى ذلك الحكم الخالد الأبدى معترضا فى أخبار بنى إسرائيل ليفتح باب الإيمان لهم» ولغيرهمء فقال تعالى: 9إِنَ الّذدين آمنوا والّذينَ هَادُوا وَالتصارَى والصابئين من آمن باللّه والْيُوم الآخر وَعَمل صالحا» . والإيمان بالله تعالى هو الإيمان بالله باعتقاد وحدانيته فى الخلق والتكوين بأ يعتقدوا أن أحدا شارك الله تعالى فى إنشائه الخلق» وأنه وحده خالق كل من فى الوجود وأنه لا تخرج حركة عن حركة فى الوجودء وإنما ذلك قيوميته وإرادته» وأنه ليس بوالد ولا ولد ولم يكن له كفو أحد. وأنه جلت صفاته» فليس كمثله أحدء وهو السميع البصير» وأن يؤمن باليوم الآخر وما فيه من حساب» وثواب وعقاب» وأن يؤمن بملائكته وكتبه ورسله. هذا هو الإيمان فمن آمن من أتباع محمد كَلكِيْةٌ ذلك الإيمان» وأردف إيمانه بالعمل الصالح الذى يكون طاعة لله تعالى وفيه صلاح الناس؛ ولا خوف علَيهم ولا هم يحزنون». وكذلك من آمن من اليهود بالله والملائكة الأطهار والرسل الأمجاد ومنهم محمد بن عبد الله رسوله الأمين» علم أن الله منزه عن مشابهة المخلوقين» وأنه ليس كمثله شىء وعمل صالحا إولا خوف عَلَيْهم ولا هم يحزنون». وكذلك النصارى إذا آمنوا بالله ورسله وأنه ليس بوالد ولا ولد #ولا حوف لبهم ولا هم يَحَرَنونَ4. هذا هو الإيمان بالله حق الإيمان. وكذلك الصابئون من توافر فيهم ذلك الإيمان الموحد بالله تعالى فى الخلق والتكوين والعبادة وآمن بالغيبء» وملائكته وكتبه ورسله عامة ورسوله محمد كلل خاصة . ا تفسير سورة البقرة لاملل هي حبر يي هؤلاء إذا آمنوا ذلك الإيمان» وأخلصوا لله ذلك الإخلاص وقووا إيمانهم بالعمل الصالح الذى يكون فيه الطاعة لله ولرسله والاستجابة لكل ما أمر به- من كانوا كذلك فلا خوف عليهم من عقاب ينزل بهم» ولا يحزنون على ما فاتهم فى ماضيهم من شر لأن الإيمان يجب ماقبله كما قال تعالى: قل لَلّذِينَ كَمَرُوا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف . ا 4 [الأنفال ] فلا يأسون على ما فاتهم ويفر حون بما آتاهم . ونقبس قبسة من صورة الإيمان كما علم جبريل أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم: روى ابن ماجه عن عمر رضى الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبى عَللِيْةّ فجاء رجل شديد بياض الشياب» شديد سواد شعر الرأس» لا يرى عليه أثر السفر» ولا يعرفه منا أحدء فجلس إلى النبى يِه فأسند ركبته إلى ركبته» ووضع يديه على فخذيه» ثم قال: «يا محمدء ماالإسلام؟ فقال: شهادة أن لا إله إلا الله» وأنى رسول الله وإقام الصلاةء وإيتاء الزكاة» وصوم رمضان» وحج البيت. قال: صدقت» فعجبنا منه يسأله ويصدقه. ثم قال: يا محمدء ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته» وكتبه» ورسله. واليوم الآخر. والقدر خيره وشره» قال: صدقت» فعجبنا منه يسأله ويصدقهء ثم قال: يا محمدء ماالاحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك» قال: فمتى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائلء» قال: فما أمارتها؟ قال: أن تلد الآأمة ربتهاء وأن ترى الحفاة العراة العالّة رعاء الشّاء يتطاولون فى البنيان»7" . هذا هو الإيمان الذى يزيل الفوارق التى تكون بين الأمم والجماعات والآديان» وقبل أن نتم الكلام حول الآية الكريمة نذكر أمورا ثلاثة فيها بيان للناس فى ظل بيان القرآن الكريم . 2.0) تحديث جبريل الشهير» رواه بهذا اللفظ ابن ماجه: المقدمة (؟”57)» ورواه مسلم : كتاب الإيمان‎ )١( .)١الو( والبخارى: الإيمان (4).» والنسائى (2)694-5 وأبو داود (591/6) وأحمد: مسلدك العشرة المبشرين‎ تفسيرسورة البقرة 2 اللللاللك1ض مالملا المع خط خط ممم ممم ممم مماماممللاا ا الال 1ع ملو طوط خا ممم و ماللا لحر ا أولها: الفاء فى قوله تعالى: ##ولا خوف عَلَيهِمِ ولا هم يُحَزنون» هى فى جواب الشرط أى أن الإيمان الذى شرحناه والعمل الصالح الذى ذكرناه هو الشرط لأن ينالوا الجزاء من أمن الخوف» وألا ينالهم حزن على الماضى . الأمر الثانى: قد عرفنا اليهودء وهم منحرفون دائماء ولكن فتح لهم باب الرجاء» والنصارى كذلك» فمن هم الصابئون؟ . الصابئون الذين ظهروا فى الإسلام وقبله هم أكتم الناس لعبادة الأوثان» ويعلمون صبيانهم كتمانهاء وقد قال عنهم أبو بكر الرازى فى كتابه أحكام القرآن: وأصل اعتقادهم تعظيم الكواكب السبعة أو عبادتها واتخاذها آلهة» وهم عبدة أوثان فى الأصل إلا أنهم منذ ظهر الفرس على إقليم العراق» وأزالوا مملكة الصابئين لم يجسروا على عيادة الآوثان ظاهراء لآنهم منعوهم من ذلك» وكذلك الروم وأهل الشام والجزيرة كانوا صابئين» فلما تنصر قسطنطين حملهم بالسيف على الدخول فى النصرانية» فبطلت عبادة الأوثان من ذلك الوقت» ودخلوا فى غمار النصارى فى الظاهرء وبقى كثير منهم على تلك النحلة مستخفين بعبادة الأوثان» فلما ظهر الإسلام دخلوا فى غمار النصارى» ولم يميز المسلمون بينهم وبين النصارى» إذ كانوا مستخفين بعبادة الأوثان» كاتمين لأصل اعتقادهم» وهم أكتم الناس لاعتقادهم» فالصايئة يعبدون الكواكب والأوثان» ويظهرون بالنصرانية» هذا ما يجب بيانه هناء ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتابنا تاريخ الجدل. الأمر الثالث: إن بعض النصارى - ومال مَيلَّهُم من فى دينه لين - قال: إن القرآن الكريم يعترف بأن النصارى لا خوف عليهم ولاهم يحزنون» ونقول إنه اشترط للاعتراف للنصارى بأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون - الإيمان بالله تعالى» وأنه الواحد الأحدء وأنه ليس بوالد ولا ولدء وليس له كفوا أحدء فهل يؤمن النصارى فى عصرنا ذلك الإيمان وهم يقولون إن الله ثالث ثلاثة» والله تعالى يقول : 9 لَقَد كر الّذين قَالُوا إنَ الله ثالث ثَلانّة ... +20 4 [المائدة] ويقولون بألوهية المسبيح كما قرروا ذلك فى مجمع نيقية بإجماع القساوسة وإجماعهم إلى اليوم؛ ا تفسير سورة البقرة سس سسا ل 7 7 كا :1 يي والله تعالى يقول: « لقد كفر الّدين قَالوا إن الله هو المُسيح ابن مريم . ٠‏ ل 4 [الائدة ]. سل و 20 ير ا ا ل 0 لطور ة راسم لت ع 0 و حدواماءاتيت 1 م حر 2 و2 اس تكد يقوو أذ موأْمَافيِهِ لَعَلّح تَتَفُونَ ول و2 ثم تولْيِتممِنٌ 3 ا 0 آذ ته م 0 آذ 4 سه ص سل كيلةموَلا صنل كه ء علد وربحمئةه, ري قيرع 4 عاد القول إلى بنى إسرائيل بعد أن ذكر اليهود والنصارى والصابئين» لبيان أنه لا يصح أن بيئسوا من رحمة الله تعالى بعد ما كان منهم فى ماضيهم» وما يكون منهم فى حاضرهم إن آمنوا بالله حق إيمانه» وبالآخرة إيمان إذعان ورجاء إن أطاعواء وخوف العقاب إن عصوا. بين الله تعالى حال اليهود فى ماضيهم ويتحمله الذين حضروا النبى يلل قال تعالى: إوإذ أحَذنا ميتاقكم ورفعنا فَوقَكُم الطُورَ حَدُوا ما آتينَاكم بقوة واذكروا ما فيه) . الطور هو الجبل الذى هو فى سيناء» فهو جبل معين ذكره الله تعالى فى عدة آيات» وهو منسوب إلى سيناء كما قال تعالى: والتين والزيتون +1 وَطُورٍ سينين 2 2 وهذا البلّد الأمين 29 4 [التين] . أخذ الله ميثاق بنى إسرائيل» والميثاق مفعال من الوثوق أى: وتنا القول والأوامر التى أمر الله بها ونهى فيها» وبين لهم عظمة قدرته وقوة عظمته, وترهيبا لأمره بعد ترغيبهم فيه وفى هذا الرفع آية حسية تدل على رسالة موسى عليه السلام » وأنه يتلقى أوامره من ربه. إذ كانوا قد طلبوا رؤية ربهم فخروا صعقين» فهذا ربهم يخاطبهم بآية. ورفع الجبل هذا هو ما قاله الله تعالى فى سورة الأعراف: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كانه ظَلّه وظنوا أنه واقع بهم ٠‏ 7ه # [الأعراف ] . تفسيرسورة البقرة ل ل ولقد ذكر سبحانه وتعالى مضمون الميثاق إجمالاء فقال خذوا ما آتيناكم بقوة» أى بجد وإتقان» وتعرف» وعناية» #وَاذْكروا ما فيه», أى اجعلوه فى ذاكرتكم دائما لا تغفلون عنهء ولا تهملونه» واجعارء حاضرا دائما فى قلوبكم لتعملوا به ويكون فى وعيكم دائماء ولقد ذكر بعض ما فى هذا الميشاق بالتفصيل فقال تعالى : وذ أحَذنَا مياق بَبِي إسرائيل لا تبون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربئ واليتامئ َالْمَساكين وَقُوُوا لئاس حُسا وَأقِيمُوا الصّلاة وأنُوا الركاة لم ويم لا قليلاً كم وأنم معرضون 6120 4 . هذا هو بعض التفصيل لهذا الميشاق المحكم الذى واثقه الله عليهم مؤكدا ذلك الفزثيق برفع الجبل فوقهم كأنه ظلة يظلهمء وطالبهم بأن يأخذوا ما آتاهم الله تعالى من تكليفات ذكرنا بعضهاء بقوة» أى بيقين وجزم وتصديق وإذعان» وأن يقرن ذلك بالعمل» فلا تأخذونه بيد» وتردونه باليد الأخرى» واذكروا ما فيهء أى اجعلوه دائما فى وعيكم وذاكرتكم وقلوبكم» ولا تنسوه. وإن ذكر الشريعة وأحكامها هو أساس تنفيذهاء وإن المسلمين اليوم قد عراهم ما أضاب فى ماضيهم» يحفظون القرآن ولا يعونه» ويرددون حروفه» ولا يتدبرونه؛ ولقد روى مالك فى موطته عن ابن مسعود أنه قال: (سيأتى على الناس 'زمان قليل فقهاؤه» كثير قراؤه» تحفظ فيه حروف القرآن» وتضيع حدودهء كثير من يسأل» قليل من يعطى يطيلون فيه الخطبة» ويقصرون الصلاة يُنَدُون فيه أهواءهم قبل أعمالهم)(١2.‏ أى يتبعون أهواءهم ويتركون ما افترض عليهم . كانت هذه الأوامر التى واثقهم الله تعالى عليهاء وأمرهم أن يذكروها دائما لأجل أن يتقوا الله تعالى أى يجعلونها وقاية لهم من ذنوبهم, أو رجاء أن تمتلئ )١(‏ عن عَبّْدَ الله بنَ مسعود قَالَ لإنسان: : إِنّكَ فى رَمَان كثير فُقهَاوَه كليل قراذة» تُحفظ فيه حدوة اْقرآن» مو مهاعم 02 ال وتضيع حروفه» ليل مَنْ يأل كثير من يعطى » طيُودَ فيه الصسّلاةه ويقَصرونَ الطب يدر ماله بل أهوائهم» وسَيّأتى عَلَى النّاسِ زَمَان قليل فُفَهَاه كثير قراؤه ' يُحمَظ فيه حروف القُرآنء وتُضيع حدوده» كثير مَنْ يل قليل من يعطى» ٠‏ يطيلُونٌ فيه الْخَطبَةَ وَيقصرون الصّلاىٌ ييدُونَ فيه أهوَاءهُم قبل أعمالهم . [موطً مالك : كتاب النداء للصلاة (3/94غ7)]. تفسير سورة البقرة ممالل الل وي جلي يي بتقوى الله تعالى قلوبهم» وتغلب عليهم مخافة ربهم فلا يعصوه.ء ويبادروا إلى طاعته» ولذلك قال تعالى: «الَعلّكم تنَقَونَ 4427 أى ترجون التقوى والخوف منه. ولكن كان هذا الميثاق الذى وثقه تعالى بأمر حسى» لأنهم لا يعتبرون إلا بالمحسوسات مؤديا إلى أن يتقوه سبحانه بل إنهم تلقوا أمر موثقا ذلك التوثيق» مؤكدا ذلك التوكيد» ولكنهم كعادتهم فى استهانتهم بأمر الله ونهيه نسوه وتولوا عنه معرضين؛ ولذلك قال تعالى: ثم تولَيم من بَعْد ذَلك4 التولى هو الإعراض» وأصله الإدبار» وأن يجعل جسمه موليا وجه من يطالبه بقول أو عمل» والمعنى أنهم أعرضوا إعراضا شديدا واضحاء كمن يعرض عن القول بتولية جسمهء واتجاهه فى اتجاه غير اتجاه من يواجهه بالقول» ومعنى ذلك أنهم جعلوا الله وميشاقه وراءهمء ودبر آذانهم . والتعبير هنا ب «ثم» التى تدل على التراخى للإشارة إلى البعد عن الميثاق وموجبه» وعملهم المناقض لأمر الله تعالى» والإشارة فيها بالبعيد فى قوله تعالى: ثم توليتم من بعد ذلك لبيان بعد عملهم» عن الميثاق الذى أمرهم سبحانه وتعالى أن يأخذوه بقوة» وأن يذكروه دائما وأن يكون فى وعيهم فى كل أحوالهم. وإن ذلك التولى كان بالإعراض عما جاء فى التوراة أو الألواح العشرة التى أخذوها بقوة» وطولبوا بذكرها دائما ليمكنهم أن يعملوا بهاء وقد قال القفال الشاسى بعض ما تولوا به عن التوراة فقال: وإنهم بعد قبول التوراة» ورفع الطور تولوا عن التوراة بأمور كثيرة فحرفوا كلمها عن مواضعه» وتركوا العمل بهاء وقتلوا الأنبياء» بعد أن كفروا بهم وعصوا أمرهمء ومنه ما عمله أوائلهم» ومنه ما فعله متأخروهم, ولم يزالوا فى التيه مع مشاهدتهم لأعاجيب البلاء يخالفون موسى ‏ ويعترضون عليه؛ء ويلقونه بكل أذى» ويجاهرون بالمعاصى فى معسكرهم ذلك»: حتئ لقد خسف ببعضهم وأحرقت النار بعضهم. وعوقبوا بالطاعون» ثم نقل متأخروهم ما لا خفاء فيه». حتى عوقبوا بتخريب بيت المقدس». وكفروا بالمسيح وهموا بقتله . 1 ط و ب تفسيرسورة البقرة امل هذه كلمات صورت توليهم عن الحق» واستدباره فى عامة أمورهمء وكان منهم فى عهد موسى وهو يكلمهم عن الله ديتولى تريتهم وب روح الأيما فى قلوبهم التى قست وكانوا صورة واضحة للناس الذين تغلب عليهم شقوتهم . ولقد قال تعالى: فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الْخَاسرين 4 الفاء فاء الإفصاح التى تفصح عن شرط مقدر أي إذا كان ذلك كله منكم بعد ذلك التوثيق لأمر الله تعالى ونهيهء وأمركم أن تأخذوه فإنه كان ينزل بكم الخسران المبين والعذاب المهين» ولكن لولا فضل الله عليكم ورحمته. . و«لولا» هنا هى التى يقال فيها أنها حرف امتناع وجود أى حرف امتناع الجواب لوجود الشرط. والمعنى أنكم كنتم تستحقون بذلك عذاب الهون» ولولا فضل الله أى إرادته أن يزيد خيره عليكم تمكينا لكم من فعل الخير بإمهالكم لكنتم من الخاسرين» ولقد قال الراغب فى تفسيره: الخاسر المطلق هو الذى خسر أعظم ما يقتنى» وهو نعيم الأبد. فالخاسرون: هم الذين خسروا أنفسهم» بأن أوقعوها فى الهلكة والعذاب. وإن النض القرآنى يفيد أن الله بفضله ورحمته أعطاهم مهلة ليتداركوا أمرهم» ولم يكتبهم من الخاسرين. اعتداؤهم فى السبت ١ مدع تواتك ف اَلشَبْتِ اهبوره حكن 7 د جعلتهاتكلالما نيا وَمَاحَلْمَهَا وَمَوَعِكَلةَ مقن حي لقد كان بنو إسرائيل قوما غلبت عليهم شقوتهم» فكان رب العالمين يشرع لهم من الشرائع ما يربون به نفوسهم» ويعودهم ضبط النفس» وفطمهاء ليتربوا على البعد عن الشهوات» ويقتصروا على ما فيه مصلحتهم» ويقيم حياتهم مستقيمة ؛ ولذلك حرم عليهم بعض المباحات قرعا لنفوسهم وفطمًا لهاء وقد قال تفسير سورة البقرة 230111111 تعالى : ( وعلى اين هاذوا حرَمنا كل ذي ظفر ومن الْبَقر وَالْعنَم حرَمنًا عليه شُحومَهُم لما حملت ظَهُورَهما أ اْحوايا وما اختَط بعظم ذلك جَزينَاهم ببَغيهم ونا َصَادقُونَ دض 4 [الأنعام ] . من ذلك كان تحريم الصيد عليهم يوم السبت قمعا للشهوات» وقد يكون فيه تنظيم اقتصادى» وراحة لهم وأن يعكفوا على العبادة» ويروضوا أنفسهم على حياة روحية تتطهر فيها نفوسهم وتتجرد من سطوة المادة وشهواتها. حرم الله تعالى عليهم الصيد فى يوم السبت» ولكنهم مرقوا عن أمر الله تعالى» واستياحوا السبت» أو بعبارة أدق استباحه بعضهم. وسكت عن نهيهم سائرهم» وإن كان الذين امتنعوا خيرهم» وقالوا فى إخوانهم: لم تعظون قَوما الله يم م اعرد م مهلكهم ... +39 4 [الأعراف] ولآن أصواتهم لم تصل إلى درجة المنع - نسب الاعتداء إليهم جميعا . يقول الله تعالى: #ولقد علمتم الّذين اعتدوا منكُم في السبّت» أكد سبحانه وتعالى علمهم بهذا الاعتداء باللام التى تكون للتأكيد» وبقد التى تكون للتحقيق دائما سواء أدخلت على المضارع أم دخلت على الماضى» كما هو فى القرآن الكريم . وقالوا: إنه سبحانه وتعالى قال: علمتم» ولم يقل عرفتم؛ لأن المعرفة تمييز للشخص فى ظاهر أمره. فتقول: عرفت فلانا إذا لقيته ولم تخبر أحواله» وإذا قلت: علمته؛ فمعنى ذلك أنك علمت أحوال ظاهره وباطنه» فتقول: علمت زيدا. إذا علمت أحواله ظهورهاء وخفاياها. أى أنكم علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت» فى شره نفوسهم. وكَرمهم إلى الصيد» واندفاعهم نحو المخالفة لأمر ربهم مدفوعين بشهوات جامحة يتحايلون فيها تحايل الولهى لتحقيقهاء حاسبين أن ذلك يخفى على الله تعالى» ولكن سبحانه وتعالى يزيد فى اختبار نفوسهم» فيرسل حيتان السمك إليهم شارعة يوم السبت» ثم لا تأتيهم بعد ذلك؛ ولذلك قال تعالى مبيئًا الاختبار فى آية أخرى» فقال تعالى: ل تفسيرسورة البقرة ل لل طوَاسلهُم عن القيّة التي كات حَاضرة ابر إذ يدون في الست إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا يوم لا يسبتون لا تأتيهم كَذَلك بَنُوهم يما كانوا يفسقرن 2 4 [الأعراف ] . وهذه القرية يروى ابن كثير فى تفسيره أنها كانت بين الأبلة والطورء ولعلها المصر الذى هبطوا إليه فى قول موسى: 9اهْبطُوا مصرا». ويروى ابن كشير أنه اشتهى بعضهم السمك فجعل الرجل يحفر الحفيرة ويجعل لها نهرا إلى البحر. فإذا كان يوم السبت فتح السد فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيها فى الحفيرة» فيريد الحوت أن يخرج» فلا يطيق من أجل قلة ماء النهر فيها فإذا كان يوم الأحد جاءه؛ فأخذهء فشواهء وقد قلده جاره» وشاع هذا وفشا فيهم .. فقال لهم علماؤهم: إنكم صدتّوه يوم فتحتم له الماء فدخل» فأنتم اصطدتمّوه يوم السبت. وما أشبه هؤلاء بإخوانهم ينتسبون إلى دين محمد وَلْةٌ حتى إنهم يستبيحون الربا بحيل محرمة» والله عليم بهم وبأحوالهم» ولهم ما أعده الله لبنى إسرائيل» وهم أصل الداء فى هذا وفى غيره7". وقد قال تعالى ما يفيد أنهم إذا لم تتهذب نفوسهمء ولم ترب بالضبط قلوبهم فإنهم كالقردة والخنازير» فقال تعالى: لفَفلنَا لهم كُونُوا قردة حَاسِئِينَ» الفاء كأخواتها تفصح عن شرط مقدرء أى إذا كانوا قد اعتدوا ذلك الاعتداء وشرهوا ذلك الشره» قلنا لهم بلسان التكوين : #كونوا قردة حَاسِئِينَ 29 »* وروى عن مجاهد أنه قال أنه مسخت قلوبهم فصارت كقلوب القردة تنزوا لشهواتها ولا تتعقل ولا تندبر فى عاقبة أمرها فهبطوا إلى هذه المنزلة الدون وقال: إنه مثل ضربه الله تعالى مبينا حالهم» كالمثل فى قوله تعالى : ط مَل اين حملُوا التوراة تم َم يَحَملُوها كَمكَلٍ اْحمار يحل أَسَفَارًا ... . +(42 © [ الجمعة] فصارت قلوبهم قلوب قردة. (1) عن أبى سسعيد الْدرِىٌ عَن الى يل قَال: الب سنن من كان قبْلكُم شيرا شبرا وذراعا بذراع» حَنَى لو مع” ل اعم مد ورور وه دخلوا جحر ضب تبعتموهم) ' ْنَا :يا رسُول الله اليَهُودُ والتصَارَى؟ قَالَ: «قَمَن!؟ [متفق عليه؛ رواه البخارى: كتاب الاعتصام بالسنة (2)51/1/6 ومسلم: العلم (؟455ة)]. تفسير سورة البقرة 2321 وإنه يزكى ذلك المعنى أنه شبه حالهم ذ فى آية أخرى بالقردة والخنازير لا بالقردة وحدهمء وذلك فى قوله تعالى فى سورة المائدة: «فل هل أَنْكُم بِشْر من ذلك مثوية عند الله من لعنه الله وعَضب عليه وجعَل منهم القرّدة وَالْخَنازِيرَ وعبّد الطّاغوت أولدك شَرُ مكنا وأضَل عن سواء السبيل 62:2 4 [ المائدة ] . ومعنى خاسئين .. أى مبعدين يقال خسئ أى بعدء وخسأته أبعدته» والمعنى بعيدون عن مواطن العزة ورضا الله تعالى» لأن الشهوة والعزة نقيضان لايجتمعان فالشهوات مطية الذلة والهوان» ولايهون إنسان إلا إذا هانت نفسهء وصارت أمة للشهوات . إن الله تعالى جعل تلك القرية التى كانت مكان الفسق عن أمر الله تعالى نكالا وموعظة فقال تعالى: « فَجِعلناها نكال لما بين يديا وما حَلْفَهَا 4 . النكال المنع والزجرء والنكل القيدء والأنكال القيودء لأنها تمنع. والفاء للإفصاحء كما ذكرنا فى غير ذلك الموضعء والضمير فى قوله تعالى : هفَجِعلتَاهَا تكالاً4 ؛ يعود إلى العقوبة أى جعلنا هذه العقوبة التى كان من مقتضاها أن يفقدوا معانى السمو الإنسانىء والارتفاع عن حضيض الحيوانية الأوهدء وقيل: إنها تعود على القرية التى كان فيها ذلك الاعتداء؛ لأنها حاضرة فى الذهن ومشار إليها بذكر الذين اعتدوا منكم فى السبت» أى والقرية التى كان فيها الاعتداءء فهى إن طويت فى البيان ملاحظة فى المعنى» وهكذا يفسر القرآن بعضه بعضاء وما يطوى فى مكان يصرح به فى مكان آخرء تعالت كلمات الله تعالى . وقد أنزل سبحانه وتعالى بسبب هذه الشهوات الجامحة الخارجة عن مقتضى الطبع الإنسانى عذابا شديدا من الذل بعد العزة» ومن الضيق بعد السعةء الشدة بعد الرخاء ما جعلها عبرة لمن بين يدي الحاضرين» ومن يجىء بعدها من الناس» وعبر سبحانه وتعالى عن الحاضرين بقوله تعالى: لما بين يديها» كناية عن وجودها معهمء وأنها على مقربة منهم» قرب ما بين اليدين من الصدرء والذين ظ تفسير سورة البقرة ملللن الل الللاللل وإن ذلك العقاب يكون له صدى يتردد فى الأجيال بعدهم جيلا بعد جيل» ومثل هذه القرية كمثل قرية عصت أمر الله تعالى» وكفرت بأنعمه سبحانهء» وقال فيها تعالت كلماته: د وضرب اللَّهُ مَل ري كنت آمنة مُطْمئةيأتِيها رقا رعَدا من كل مكاد, فكفرت بانع الله قذاقها لياس الترع وانخوف بها كا يصنعون 0 ولد جاعم نه ل ها ميت انض أفما أشبه حال بنى إسرائيل فى أنعم الله تعالى عليهم ببحال تلك القرية؛ وكأنها مثل بين لهم» والموعظة وزنها تفعلّة بمعنى المصدر الميمى من الوعظء وهو التخويف والزجر بما وقع لغيره» ويكون للتذكير بالخير ما يرق له القلب»؛ كما يكون للتذكير والإنذار ‏ بما وقع للعصاة. وخص سبحانه وتعالى تأثير الموعظة بالمتقين» وإن كانت هى للعالمين لتفردهم بالتأثر بهاء والاهتداء بهديها وهم الذين تنفعل نفوسهم للخير لآنهم ليسوا مغرورين بعزة الشيطان» ولكن تمتلئ قلوبهم بتقوى الله تعالى» بأن يجعلوا بينهم وبين عذاب الله تعالى وقاية» فمن دأبهم الحذر من الشرء وإذا ذُكّروا دَكَرواء والله هو الهادى إلى الرشاد. 2ه مرو 2 سمه ال م م 0 س0 * جر ل لم !| قَالموه / لقومهء إن الله د م د أن تَذ حو أ بقرة الوأ ل | بخ م مح ل بس ساي 7 ولاس هعس سلا ج هيب 2و سه 4 رس اس مس فو | ادع 3 سين أنا مَاهىّ َال إِنّهيقول إِنها بره كج لخو سكن سل سدس وم لاه اسار م ريحي مرك ج سر فر د الح سير # ره رض ولا بكرعوان بيست ذالِك فافعلوا ماتوّمرورت - 02100 سل سس 1 اج كر 2 قَالُواآدع لَتَارَيكَيْبَيّن ناما لَ إِنَّهُ إإ9ها تفسبير سورة البقرة سسا ١ اك‎ لي 5 0 دهعي 2 زر وصء هم رح لاذ “ول تُشرا لأ 200000 لَمَدُلَاسْيَةَ شْيَدَفيِهَا م سح سارو لعن جتَت بأَلْسَقَ هَدَحوهَا وَمَاكادوأيَفْملُوس :2 5 ا كان بنو إسرائيل في مصرء وكانوا أذلوهم يذبُحون أبناءهم ويستحيون نساءهم» ولكنهم عاشروهم حقبة طويلة من الزمن تأثروا بعاداتهم» وألفوا ما كانوا يألفون» لقد كان المصريون يعبدون العجل» ويقدسونه وقد أراد الله تعالى أن يقتلع من بنى إسرائيل ما تأثروا به» وقد رأينا السامرى أضلهم فعبده بعضهم. ولم ينههم سائرهم عن عبادته» فاشتركوا جميعا فى هذا المنكر. وإن الله تعالى قد اختبرهم ليزيل ما فى نفوسهم من نزعة إلى تقديسه أو بقية من هذا التقديس فقال رسولهم الأمين القوى: #إإِنَ الله يأمركم أن تذبحوا بقرَة4 ولو أتوا إلى أية بقرة فذبحوها لكان فى ذلك استجابة لأمر الله تعالى؛ لأن الأمر المطلق تتحقق الإجابة فيه بالتنفيذ فى أية جزئية من جزئياته» والمطلق يتحقق وجوده فى أى فرد من أفراده. ولكن الطلب لم يصادف أهواءهم. وحالهم فى ذات أنفسهم فأخذوا يراوغون بكثرة الاستفهام» وإن أول التمرد هو كثرة الأسئلة» فالطاعة ألا تتمرد» ولا تثير الحدلء وكان أول قولهم فى مجاوبة نبى الله وكليمه موسى عليه السلام أن قالواء وكأنهم يتهكمون: «أْنَتَحدَنَا هزوا» والهزو اللعب والسخرية» أى أنهم يستغربون ذلك الطلب» ولا ندرى لاذا يكون الأمر بالذبح سخرية بهم» وعبثا بعقولهمٍ العابئة إلا أن يكون ذلك مخالفا لألوفهم» وبالغوا فى الهزء فقالوا: لأَتتّحدَنا هزوا» أى 4# تفسيرسورة البقرة ا الال اتجعلنا بأمرك فى موضع الهزء والسخرية» وذلك لما ألفوه من أن البقرة مقدسة لا تذبح بل تعبدء وإذا لم تكن عندهم هذه الحال فإنه لا موضع لآن يستهزاً بهم» ولا أن يسخر منهم بذكر أمر الله تعالي ل إجابتهم لأمر الله تعالى خروجًا عن طاعته بأغلظ القول وأفظه.ء فأجابهم الرسول الرفيق» فقال: أعوذ بالله تعالى أن أكون من الجاهلين؛ أى ألجحأ إليه عائذا به متجها إليه أن أكون من الجاهلين» لأن الجاهل هو الذى يجعل الهزء والسخرية فى موضع الجد وبيان أمر الله تعالى» ونفى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وصف الجهل» ولم يكتف بنفى الفعل؛ لأنه أبلغ وبيان أنه لا يليق بنبى من أنبياء الله تعالى: أولى العزم من الرسل» وبالغ عليه السلام فى نفى الجهل بنفي أن يكون من زمرة الجاهلين لما يجب على الرسول من بيان أمر الله تعالى . وإن ذلك الجواب القاطع كان جديرا بأن يمنعهم من اللجاجة والمراوغة فى الاستجابة لأمر الله تعالى» ولكن لأن نفوسهم متأثرة بأوهام المصريين» استمروا فى لجاجتهم ومراوغتهم عساهم يجدون مناصا للخروج من هذا الأمر الجازم قالوا: #ادع نا ربك يبيّن لَنَا ما هي* يقولون لنبى الله موسى: ادع ربك واضرع إليه الذى رباك وكونك أن يبين لنا ما هى» وصيغة السؤال هكذا استفهام عن ماهية البقرة وحقيقتها وكأنهم لم يروها ولم يعرفوهاء ولم يكونوا مع الذين كانوا يعبدونها » ولكن نبى الله الحكيم» أجابهم بالأسلوب الحكيم» وهو ما ينبغى أن يكون السؤال عنه فقال عليه السلام بهداية من الله تعالى: «َإِنه يول إِنهَابَقَرةٌ له فارض ولا بكر» والفارض هى التى فرضت سنها أى أنها حطت سنهاء وبلغت نهايته» أى كانت طاعنة فى السن» ولا بكر: ليست صغيرة» أى أنها بقرة وسط ليست صغيرة ولا كبيرة؛ ولذا فالعوان بين ذلك أى وسط بين الصغر والكبر المفرط» ويظهر أن تلك كانت أوصاف عجل أهل مصرء وقد قال موسى بأمر ربه لفَافْعلُوا ما تؤمرون 7206)» بلا لجاجة ولا مراوغة» ولا محاولة الإفلات من أمر الله تعالى. 9ه تفسير سورة البقرة لاا 101 1 + 1 1 1 ز 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 22596010111 وكان حقا عليهم أن يطيعوا بعد ذلك فقد بين لهم كل شىء» والفاء للإفصاح ولكن لجحاجتهم لم تنته عند ذلك» وهم يريدون أن يراوغوا وأن يثيروا الجدل عساهم يفلتون من إجابة الأمر. قالوا مجادلين مراوغين: #ادع لَنَا ربّك يبي لا ما لَونْهاك أى يبين اللون الذى يريدها أهى الصفراء أم السوداء. أم الخليط من ذلك ولقد بين سيدنا موسى اللون» فقال: 9إإِنّهِ يقول» مسندا القول لرب العامين: #إإِنّهَابَقرةٌ صفراءً فاق لَونهَا قم الثاظرين 4352 الصفراء هى ما فيها لون الصفرة» ومعنى فاقع لونها أى خالص صاف له بريق ولمعان» ولذلك يسر الناظرين» أى تتلقاه الأنظّر بالسرورء وكأن هذه كانت أوصاف العجل الذى كان المصريون يعبدوته: وكان يجب عليهم بعد ذلك أن يفعلوا ما أمروا غير متلومين» ولا متحيرين ولكنهم أثاروا بعد ذلك ما يفيد حيرتهم» ولا حيرة فى ذات الموضوع إنما الحيرة فى نفوسهم الملتوية التى سرى إليها تقديس البقرة . قالوا كأنهم متحيرون: :ا «إن البقر تشابه علينا4 وإن التشابه من عقولهم» » لا من الجهل فى ذلك قالوا: #ادع لنا ربّك يبيّن لَنَا ما هي إن ابر مَشَابه علَينَا ونا إن شَاء الله لمهتدون >4 كان هذا التتساؤل المستمر كاشفا لسوء نيتهم وعدم رغبتهم فى الطاعة» وقد تكشف أمرهم فستروه مظهرين رجاءهم فى الهداية وكان ذلك بقولهم: #«وإنًا إن شاء الله لمهتدون» أكدوا رغبتهم فى الهداية بالجملة الاسمية» وب «أن) وب «لام» التوكيد, والمشيئة الربانية» ومع ذلك كان سؤالهم عن الماهية» ولكن عدل فى الإجابة إلى الأسلوب الحكيم» وهو بيان أنها ليست ذلولا معدة حراثة ولا لسقاية الزرع؛ بل هى فارغة عن عمل؛ ولذا قال موسى فى الرد: « إِنّه يقول إِنّهَا قر لأ لُول ثثير الأرض ولا تسقي الحرث مُسَلَمَةٌ ل شية فيها 4 . أوصاف يشترط وجودها ليكون ذبحها سائعًا جائزً) أولها: أنها ليست ذلولا أى ليست مذللة لعمل معين بل هى مطلقة ترعى فى الكلاًء لا رقابة عليهاء ولا سلطان لأحد. ل تفسيرسورة البقرة ا ا و وثانيها: أنها لم تعد لحرث الأرض وإثارتها ليرمى فيها الزرع . وثالثها: أنها لا تسقى الزرع فلا تدير ساقية تسقى الزرع. والوصف الرابع : أنها مسلمة أى سليمة من العرج ء ومن كل ما يشوب جسمها من شوائب المرض» فمسلمة اسم مفعول من سلَّمه أى أن الله تعالى سلمها من كل العيوب الجسمية» فلا بها عرجء ولا عورء ولا أى عيب والوصف الخامس : أنه لا شية فيهاء أى ليس فيها لون يخالف لونها الذى يعم كل أجزائهاء والشية أصلها وشية حذفت فاؤهاء لأنها وصلة» والشية مأخوذة من وشى الثوب إذا نسج على لونين مختلفين. ونرى أن هذه الأوصاف فى البقرة تشبه الأوصاف التى كان يذكرها قدماء المصريين فى العجل الذى يعبدونه» فأتى الله سبحانه وتعالى بأوصافه» لتبين أنهم خلصوا من نفوسهم كل أوهام المصريين فى البقر. وقد يقال: إنه كان عجلاء ولم يكن بقرة» فنقول: إن بقرة مفرد لاسم جنس جمعى هو البقرء ويراد به الذكور والإناثء وإن طلب ذبح بقرة تتشابه فى أوصافها مع أوصاف العجل الذى توهموا أنه يستحق أن يعبد» فيه اختبار شديد لهم» وحمل لهم على أن يخلعوا كل أوهام المصريين التى سرت إلى ولقد قال تعالى من بعد ذلك :2 فَدَبَحُوهَا» أى قاموا بذبحها وما كَادوا يُفعلون» لكثرة لجاجتهم» ومراوغاتهم وجدلهم» ولكن الله سبحانه وتعالى راضهم على ذلك حتى فعلوا كارهين غير راضين . 0# تفسير سورة البقرة 9 ٠ 5‏ 2-86 اذراؤهم فى قئل نمس 2 2-2 وم سد ور -ه 000 و2 وَإِد سم نَْسَا فده كم يها واه 2 حرج محم تكو 2 00000 2م و فقلنا أضرد مسَعَضْبَا كَدَِكَ يح أ را لَه أْلْمَوقَ ذَوَْيكُم 27 ست 7 22 ثم فَسَتَ فلو بس ع سام - “ايلود عَقَلُونَ 2 مركي 2 00 0 لت 56 00 عي م حو و 10 هوف ينها كن لإسقق فيخرج نه فلمو حم الاين حَسَمَةَ َمِل عَتَاتْمَُنَ 27 الممسرون على أن هذه الآيات جزء من قصة البقرة إلا ما يتعلق بقسو قلوبهم» والحجارة وبعض خواصهاء فهم يقولون إن الأمر بذبح البقرة كان ليضربوه بها أى ليضربوا المقتول بها فيحياء فقوله تعالى: «اضربوه ببَعضها كذلك يُحْبِي الله الموتى4 الضمير يعود إلى البقرة التي ذبحت : يضرب ببعضها فيحيا ويخبر عمن قتله ونحن لا نرد ذلك ولا تكذبه فأخبار , بنى إسرائيل فيها العجائب الكثيرة التى ساقها الله تعالى ليؤمنوا ويذعنواء ولكن لم يذعنوا قط مع توالى هذه الأمور الخارقة للعادة التى توالت وكثرت. ولكن فى العصر الحديث قرر المرحوم الأستاذ الكبير الشيخ عبد الوهاب النجار» أنهما فصتان سيقتا لغرضين مختلفين: أما الأولى فهى قصة البقرة»؛ وهى قائمة بذاتها سيقت لبيان آثار العقائد المصرية فى نفوس بنى إسرائيل» ولحاجتهم فى الامتناع عن ذبح البقرة متأثرين بتقديس المصريين للبقر . . والثانية سيقت لبيان أثر رؤية المقتول فى نفس القاتل» وتأثره بذلك» وأنه يحمله على الاعتراف بالجريمة عندما يرى المقتول ويمس جسده» وقد ذكر ذلك الرأى فى كتابه قصص القرآن قال تعالى : : #وإذ قََلتم تسا فَاذَارأنُمِ فيها» أى لم يعرف القاتل» ودرء كل فريق القتل عن ا اا لل نفسه باتهام الآخرء فالادراء أو التدارؤ» أن يدفع كل فريق التهمة عن النفس» الآخر. / وكل منهم يعلم الواقع» ولكن يقرر غيره؛ ولذلك قال تعالى: «والله مُخْرِج ما كنتم تكتمون +4420 أى من الحق» ومؤدى ذلك أنهم عالمون فيما بينهم من القاتل ولكن يجهلون الأمرء ولكن الله تعالى كاشف الأمر. فالمفسرون جملة يقولون: الضمير فى بعضهاء فى قوله تعالى: #اضربوه ببعْضهَا4 أى ببعض البقرة» وإن ضربهم للمقتول ببعض البقرة» يحيبه الله تعالى فيخبر عمن قتله» ويعرف القاتل» وقصة البقرة سيقت لبيان إحياء الله تعالى الموتى فى وسط قوم ينكرون البعث والنشور؛ ولذلك قال تعالى بعد ذلك: «كذلك يحبي الله الموتى » أى كذلك الإحياء الذى شاهدتموه عياناء إذ كان ميتا فأحياه الله تعالى؛ أى مثل ذلك الإحياء الجزئى الذى شاهدتموه وعايتتموه يحبى سبحانه وتعالى الأجسام بعد موتهاء ويكون النشور ثم تقوم القيامة . ويقول سبحانه وتعالى: «لعلكم تعقلون 22> * أى رجاء منكم لأن تعقلوا وتدركوا الأمور على وجههاء وعلى هذا التفسير يكوث المقصود أن الأمر بالذبح لكى يضرب ببعضها الميت فيحياء وإن هذا يقتضى أن يقدم خبر الإحياء والضرب ببعضها على الأمر بالذبح. . وقد أجاب عن ذلك الزنمخشرى بأن التأخير يفيد بأن فى الخبر أمرين عجيبين» وأن كليهما يصلح أن يكون قصة قائمة بذاته» فالأولى المراوغة فى الطاعة» والثانية إظهار الأمر الخارق للعادة» فى إحياء الميت بضربه ببعض بقرة» ولقد قال فى ذلك: إن كل ما قص من قصص بنى إسرائيل إنما قص تعديدا لا وجد منهم من الخطاياء وتقريعا لهم عليهاء ولما جُدّد فيهم من الآيات العظام» وهاتان قصتان كل واحدة منهما خصت بنوع من التقريع» وإن كانتا متصلتين متحدتين» فالأولى لتقريعهم على الاستهزاء» وترك المسارعة إلى الامتشال» وما يتبع ذلك» والقانية (## تفسير سورة البقرة لل 1100000000 1 !1 1 1 1 1 1 1 235601021151515 1 للتقريع على قتل النفس المحرمة» وما يتبعه من الآية العظيمة» وإنما قدمت قصة الأمر بذبح البقرة على ذكر القتيل؛ لآنه لو عمل على عكسه لكانت قصة واحدة.» ولذهب الغرض من تثنية التقريع» ولقد روعيت نكتة بعدما استؤنفت الثانية استئناف قصة برأسها أن وصلت بالأولى دلالة على اتحادهما بضمير البقرة لا باسمها الصريح فى قوله تعالى: «اضربوة ببَعْضها»ك حتى يتبين أنهما قصتان فيما يرح جع إلى التقريع - وتثنيته بإخراج الثانية مخرج الاستئناف مع تأخيرها وأنها قصة واحدة بالضمير الراجع إلى البقرة هذا بيان أنها قصة.ء ولكن الزمخشرى ذكر أنهما قصتان متحدتان فى قصة واحدة» وأن الضمير العائد إلى البقرة فى قوله تعالى: #اضربوة ببعضها» أى ببعض البقرة . 0 لكن المرحوم الأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار. عدهما قصتين منفصلتين لا اتصال بينهما بأى نوع من الاتصال البيانى؛ ولذا لم يجعل الضمير فى قوله تعالى: #اضربوه ببعضها» عائدا على البقرة إنما جعله عائدا إلى جثة المقتول» بمعنى فاضربوا القاتل الذى قام الاتهام على أنه القاتل ببعض جثة المقتول فإن ذلك يحمله على الاعتراف» وإذا قام الاعتراف فقد قام الدليل الموجب للقصاصء وبذلك القصاص يحي ل على من مات بالقصاصس ل عر تيأر ساد في الْض اناق ا مين و7 أحيَاها | فَكَائنَ أحيا الثاس جميعا . 5 4 [ المائدة ] وإحياؤها بالقصاص» فالقصاص إحياء للنفوس كما قال تعالى: «ولكم في القصاص حيَاة يا أولي الألباب لَعلّكم تتَقُونَ 317 4 [ البقرة] . وقد ثبت بالإحصاء فى تحقيق جرائم القتل أن مجرد رؤية الجانى للمجنى عليه وهو مقتول يحركه للاعتراف» واعتمد المرحوم النجار فى ذلك على إحصاءات كثيرة كتسبها له رجال الشرطة» وأن من الوسائل المتبعة لحمل المتهم على الاعتراف أن : م تفسيرسورة البقرة م يمكنوه من رؤية القتيل» فإن ذلك يجعله يقشعر ويحس بعظيم ما ارتكب» وربما حمله ذلك على الاعتراف» والاعتراف سلطان الأدلة. وإنه يزكى كلام المرحوم الأستاذ النجار ما يأتى : أولا: أن القصة الثانية: وهى قصة القتل ابتدأت بقوله تعالى: #وإذ قََلنَم فسا ارتم فيها»؛ ولذلك لم يسع الزمخشرى وهو الذواق للبيان القرآنى إلا أن يذكر أنهما قصتان» وإن كان قد حاول أن يصل بينهما بأن الضمير فى قوله تعالى: #اضربوه ببعضها» يعود على البقرة» مع البعد بينهما بطائفة من القول» وعدم ظهور ذلك العود على البقرة. الثانى: أن الضمير فى اصْرِبُوهُ ببغضها» إذا عاد إلى النفس المقتولة يعود إلى أقرب مذكور» وعودة الضمير إلى أقرب مذكور هو القاعدة العامة إلا إذا أدى فيها الأمر إلى شذوذ غير معقول» أو كان ذلك مستحيلا. الثالث: أن عود الضمير على النفس يؤدى علما نفسيا اجتماعيا هاديا مرشداء فيكون فى ذلك فائدة جديدة لم تكن فى قصة البقرة؛ لأن قصة البقرة تدل على عناد بنى إسرائيل وتأثرهم بأهواء المصريبن فى تقديس العجل . الرابع : أن الآية اختتمت بقوله تعالى: لَعَلّكُم تعقلون 4427 وهو يدل على أن الموضوع يحتاج إلى تدبر» وفكر رشيد» وإدراك لمرمى التكليف. وما نراه أن الفرق بين رأى المفسرين» ورأى المرحوم الأستاذ النجار أن اتجاه المفسرين إلى جعل مساألة البقرة مسألة معجزة» وأمرا خارقا للعادة على أساس أن الضرب ببعضها يحيى نفسا ميتة على أساس أن ذلك دليل حسى على إمكان البعث وقربه» والمرحوم النجار يرى أن ذلك تكليف اجتماعى ينبه العقول إلى أمر: مقرر ثابت فى الدراسات النفسية والاجتماعية. ونحن نميل إلى رأى الأستاذ النجار؛ لأنه لو كانت الحياة من الضرب يبعضها لأدى ذلك إلى إشباع ما فى نفوسهم من أوهام حول تقديس البقر كما كان يتوهم ها تفسير سورة البقرة و0000 0 0 2232*267 المصريون؛ بينما الرأى الأخير لا يؤدى إلى شىء من ذلكء» والله سبحانه وتعالى أعلم . بعد هذه الآيات البينات» والمعجزات الباهرة» والإرشادات الكثيرة لم ترق قلوبهم للحق. بل زادت قساوة ونفرة منه؛ ولذلك قال تعالى: 8ثُمٌ قَسَت فُلوبكم مّن بعد ذلك فهي كالحجارة أو أَشْد قسوة 4 وثم هنا للتراخى لبعد ما بين هذه الآيات البينات» والمعجزات الباهرة» وما انتهت إليه من قسوة القلوب وصلابتهاء حتى كأنها الحجارة أو أشد من هذه الحجارة. فقد توالت عليهم البينات» من إنقاذ من فرعون» وإغراقه وآله. ومن المن والسلوى. ومن أخذه الميثاق» ومن أنهم طلبوا أن يروا الله فصعقوا ثم أفاقوا . إلخ» فقسوا من بعد ذلك فكان الفارق كبيراً . فما جاءهم من البينات » وما انتهوا إليه من قسوة فى القلوب؛ فجمدت حتى لا يكون فيها ينبوع لرحمة. والخطاب للذين حضروا النبى يليه باعتبارهم مع من كانوا قبلهم أمة واحدة يرضى حاضرهم بماضيهم وأخلافهم بأعمال أسلافهم» ولذا صح أن يوجه الخطاب إليهم على أساس أنهم مشتركون معهم. إن لم يكن بالفعل قبالرضا والتأييد والسير وقد وصف سبحانه وتعالى حال قلوبهم بأنها كالحجارة» بل إنها أشد قسوة من الحجارة؛ لأن الحجارة قد يكون فيها رحمة أو يجعلها الله تعالى سببا للرحمة» أما هؤلاء فلا رجاء للرحمة فيهم قطء لأن القلوب إذا جفت فيها ينابيع الرحمة لا تخرج رحمة من بعد ذلك. وقوله تعالى: #أو أشد فسوة» خبر بعد خبرء فالمعنى فهى كالحجارة أو هى أشد قسوة من الحجارة. وقد رشح الله تعالى لمعنى أن قلوبهم أشد قسوةء فذكر خواص بعض الحجارة؛ أو ما يكون منها أنهارً فقال تعالت كلماته: «وإِن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار» أى إن من الحجارة للذى يتفجر منه الأنهار وهى الجارة التى تهطل عليها الأمطار وابلاء فيتفجر منها ومن صخورها أنهار تجرى كأنهار جبال الحبشة تفسيرسورة البقرة لاملل وغيرها من الجبال التي تنحدر السيول من فوقها فتتفجر خلالها أنهارا تجري فيها اميا وإن من الأحجار الذى يتشقق منه الماء أى ينبع الماء من عيونها بتشقق منها فتجرى منها عيون يكون فيها أنهار ماء عذب فرات. وإن من هذه الحجارة الذى ترجف فيه الرجفة خشية من الله تعالى أو أنه يرى ذلك كا فل تي لو أَنلنَا هذا القرآن على جب لَرأَيتَهُ خاشعا متصدعا مَن حَشيَة لله ..... ع # [الحشر] . وإذا كانت الحجارة منها ما هو مصدر خير عامء فقلوبهم أشد قسوة منهاء لأنهم لا خير فيهم قطء ولا تنبع منهم رحمة» كما تنبع العيون من هذه الأحجار وكما تتفجر فتجرى فيها الآنهار. اا الله سبحانه وتعالى مهدا ٠‏ منذرا من عاصروا النبى يه فقال: : دما خارجة مر من تلك القلوب القاسية التى ماها كر الأيام واستمرت سارية» حتى كاد وأكد سبحانه وتعالى بالباء فى قوله تعالى: #بغافل» وبالجملة الاسمية» وإذا كان تبارك وتعالى غير غافل عما يعملونء فإنه لامحالة مجازيهم بهء أخذهم من نواصيهم فهذه الجملة السامية إنذار شديد. 2 9 2 0 ههه عو ا .م 2 14# اظمعوة .2 َنَظْمَعُونَ أن يؤْمِس لَك وَهَدَكانَ فَرِيقٌ مَنْهُمْ سمغ مَْمَعُونَ كلم الث نحَرَفُونَهمِنْ يعد مَاعَمَلُوهُ 5 جور ج22 وَإِدَالَهُوألَذبنَءَامَنواَالوَءَامَنَا 0 هدنب 20 وم ماق 2 ره ير 3 2 1 لله 5 به علد :أفلا عَقَلونَ 2 5 |9 تفسير سورة البقرة اللللللل لا 000 يو أ ام ع د انوي 1 و مَأ وو سا رح 2 جه و يعلمون ن أنَالله يعلمما شروت ومايعلنون هي َأ و لايكموت حالكنبَإلَا أَمَاقَوَإنَه إلَبطلُونَ 32 ذكر الله تعالى أحوال بنى إسرائيل عقب ما كان من إبليس لآدم عليه السلام» وقد كان ذكرهم بعد آدم وإن لم يكونوا أول أولاد آدم فى الأرض» بل جاءوا بعذه بمكات الآلوف فيما نزعم» لآنهم أوضح صورة إنسانية» لتحكم إبليس فى ابن آدم» فقد قامت بين أيديهم الأدلة» والآيات الحسية. والنعم» ومع ذلك كفروا وإذا كانت تلك حالهم فى الماضى» والحاضرون يوافقونهم ويعتزون بهم مع هذه المأثم» ويحسبون أنهم بماضيهم الذى نسوه مفاخرون العرب» ويقولون فيهم: ما علينا فى وقامت البينات الداعية» أما المغتر المعانئد فى ماضيه وحاضره» فإنه لا مطمع فى إيمانه . ولذا قال الله تعالى مخاطبا محمدا يك ومن اتبعه من المؤمنين: « أَقَْطْمَعُونَ أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كَلام الله نم يحرَفُونَهُ من بعد ما عقَلُوه 4 . الفاء مؤخرة عن تقدم ‏ لآن الاستفهام له الصدارة» والفاء للإفصاح عن شرط إنكارى بمعنى النهى» لأنه إنكار للواقع» إذ الواقع أن النبى مَل لأنه رسول يدعو إلى الهدى يطمع فى إيمان من يدعوهم» فينكر الله تعالى عليه ذلك» ويكون الاستتكار بمعنى النهى» أى لا تطمعوا فى أن يؤّمن هؤلاء فإن ماضيهم الذى يراه حاضرهم ويؤمئنون به ليس من شأنه أن يطمعكم فى إيمانهم» بل إنه يلقى باليأس من الويمان فى قلوب الذين يدعونهم. ويخلصون فى دعوتهم. وقوله تعالى: أن يؤمنوا لكم» التعدية باللام؛ لأنها تتضمن معنى بل تفسيرسورة البقرة لمم ما بعدها هو الذى يوْمّن به كقولك: ط( آمنوا باللّه ورسوله . >4 [الحديد]ء ومثل قوله تعالى: «إومن النّاس من يقول آمنًا باللّه وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 2# 4 [البقرة ]. وتتعدى باللام إذا كانت متضمنة معنى الاستجابة للداعى » ومن ذلك: لإناس له لوط ... +250 4 [العنكبوت] ومثل قوله: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم .. 2 4 1 آل عمران] . ولذلك كان التعدى هنا باللام: إما لتضمن الإجابة معنى الاستجابة» وإما لأن اللام للتعليل»أى لا تطمعوا فى إيمانهم لأجل دعوتكم» فهم ميئوس من إيمانهم لا كان منهم فى الماضى» وما يكون منهم فى الحاضر . وقد بين سبحانه سبب الغواية فى جملة حالية وهى وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله نم يُحرّفُونَه4 هذا الفريق أكان فى عهود سابقة فى عهد موسى أم حالهم الحاضرة. قال كثير من مفسرى السلف: إنهم كانوا فى عهد موسى عليه السلام» وقد كانوا يحاولون أن يسمعوا كلام الرب سبحانه وتعالى» كما يسمعه كليم الله موسى عليه السلام» ولكن ذلك بعيدء إنهم سمعوا كلام الله تعالى من لسان موسى فى التوراة التى نزلت على موسى عليه السلام» وعقلوه» وفهموه ثم حرفوه قاصدين سمع كلام الله تعالى بتبليغ النبى كَليْهِ هو من اليهود الذين عاصروا رسول الله علد وسمعواما يدعوهم إليه النبى لله وعقلوهء وأدركوا مراميه وغاياته وما يدعوهم إليه. ثم بعد ذلك يحرفونه» وينقلونه إلى إخوانهم محرفاء غير دال على حقيقة ما يريد النبى كله فهم فريقان: سامع محرف» ومعرض ابتداء لايحضر فى معنيان: أحدهما التغيير فى معناه. بأن يحرفوه على طرف من المعنى» بأن يخرجوه هاا تفسير سورة البقرة 0 عن لب معناه إلى طرف من أطرافه؛ لآن احرف أصله الطرف دون اللب والوسط فهم يتجهون إلى التعلق بغير لب القول. والتحريف إمالة القول إلى غير معناهء وهذا هو النوع الثانى» وقال الراغب الأصفهانى فى مفرداته ونص كلامه «تحريف الكلام» أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين. قال عز وجل: 9 يُحَرَفُونَ الكل عن مُواضعه . 42 [المائدة ] « يحرفون الكلم من بعد مواضعه .. .+20) 4 [المائدة] #وقد كان فريق هم يُسمعون كلام الله ثم يحرفوته من بعد ما عَقَلُوهُ وهم يعلَمُونَ ج422 . والتعريض ب «ثم" يفيد البعد المعنوى بين ما سمعوه وعقلؤه. وتدبروه» وعرفوا غايته» وبين التحريف الذى حرفوه ما يدل على فساد نفوسهم. وضلال قلوبهم. وأخبر سبحانه وتعالى أن التحريف من بعد ما عقلوه» وعرفوه عرفان الخبير المدركء الفاهمء لا أنهم حرفوا عن غير علم ومن غير معرفة بمدلولات الألفاظ ومراميهاء ومقاصدهاء وغاياتهاء فتحريفهم بقصد التضليل» ومن يقصد التضليل يكون قلبه مصروفا عن الحقائق فلا يدركهاء ولا يذعن لها إن أدركهاء بل هو يصد عن سببيلها . ثم أكد سبحانه وتعالى سوء مقصدهمء وغاية عملهم» فقال تعالى: #وهم يَعلمون» أى وهم يدركون الكلام الذى سمعوه» ويعرفون مرماه ومقصده. ومع ذلك يحرفونه آثمين فاسدين مفسدين. هذا على اعتبار أن الذى خاطب الفريق محمد عَكِلْةٌ وأتباعه . ويجب فى مقام ذكر معانى هذه الآية أن نذكر أمور ثلاثة: أولها: أن الذين حرفوا القول عن مواضعه فريق منهم» وليسوا جميعهم» فكيف يكون اليأس من إيمان كلهم بعمل فريق والجواب عن ذلك أن الفريق الذى سمع أرضى بقوله الفريق الذى لم يسمع» بل إن الفريق الذى لم يسمع كان معرضا إل تفسيرسورة البقرة لل الل االلللللللل0100االلللللللا عن سماع النبى كَلِيةِ فهو كان قابلا لاستماع القول المحرف راضيا به مصدقا له فهم كانوا على سواءء وكذلك الأمر على التفسير بأن السماع كان من فريق من قوم موسى سمعوا من موسى وحرفوه فقبله الآخرون وهم راضونء فكانوا مع غيرهم على سواءء ولا فرق بينهم. الأمر الثانى: أنه إذا كان الفريق الذى حرف فى عهد موسى أو بعده. فإن ذلك سائغ بعد موسى ثابت» والراجع للتوراة القائمة بين أيدينا يجد أمارات التحريف تلوح» وقد بينا ذلك فى بحث رددنا به على بعض الكذابين» الذين قالوا فى القرآن ما قالوا من افتراء وكذب رددناه فى نحورهم. وقد أثبت كتاب النصارى أن التحريف لا يزال يجرى فى الكتب عندهم ما بين كتب العهد القديم» والحديد» واقرأ فى ذلك كتاب «ذخيرة الألباب» لأحد كتاب النصارى» فإنه بين بطريق لا يقبل الشك أن التحريف حدث فى التوراة والإنجيل» وأثبت الشيخ رحمة الله الهندى فى كتابه «إظهار الحق» أن التغيير والتبديل لا يزال يجرى إلى الآن فى كتبهم . الأمر الثالث: الذى نشير إليه أن أثارة باقية فى كتبهم ربما تكون صادقة. ولكن اختلطت بباطل كثير. كان اليهود يسمعون كلام الله تعالى» ثم يحرفونه من بعد أن يعقلوه» وهم يعلمون موضع التحريف. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى حالا أخرى من أحوالهم» وهى أنهم كانوا يظهرون الإيمان فى حضرة المؤمنين فإذا خلوا مع أحد منهم تلاوموا على إظهارهم الإيمان؛ ولذا قال تعالى: 8 وإِذا لَقُوا الّذين آمنْوا قَالُوا آمنًا وإذَا خَلا هم إلى منص قلا وهم بن فح ان كم يايو بدح ويك . هذ وصف للمنافقين ذكره الله تعالى من قبل فى قوله تعالى: 8 ومن الئاس من يقول آمنًا باللّه وَباليومِ الآخر وَمَا هم بمؤْمنين ++ يُخَادعونَ الله وَالّذِينَ آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون «رق »4 إلى آخر الآيات التى ساقها القرآن الكريم» والأمثلة التى ضربها فى كشف حالهم. اا تفسير سورة البقرة 1111010000000 232*161 يو كاه : يي وهذه الآية التى نتكلم فى معناها أتت بأمر خاص باليهود الذين عاصروا النبى َْدٌه وهى أنهم لفرط غرورهم يحسبون أن الله تعالى لا يعلم خفى أمرهمء فهو نوع من النفاق أضلهم . #وإذًا لقوا الّدين آمنوا فَانُوا آمنَاك أى صدقنا وأذعنا لكل ما جاء به محمد ككل آمنا بأنه الحق من عند الله وبأن ما جئت به هو الحق. وقد حسبوا أنهم بذلك قد نجوا من الملامة» فحفظوا المظهر با أظهروهء وحفظوا كفرهم فلم يعلنوه» ولكن إخوانهم وهم على ملتهم» وعلى جحودهم لم يرضوا بالظهور بهذا المظهر. فإذا خلا بتعضهم إلى بعض» فالتقى الذين أظهروا ما لم يبطنواء والذين لم يلقوا الرسول. كان التلاوم فيقول الذين لم يلقوا المؤمنين «أَتحَدثُوتهم بما فتَح الله علَيكو4. أى بما حكم الله تعالى به عليكم» فالفتح فى لغة العرب والحكم بأمر القضاءء كما قال تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق .. . +20 4 [الأعراف] . وما حكم الله تعالى به فى هذا المقام هو بشارة التوراة بالنبى كله كما قال تعالى : ل ومبشرا برَسُول يأتي من بعدي اسمه أَحَمَد . ٠.‏ 42 [الصف]ء وقد أخذ العهد عليهم بآن يتبعوه ويؤمنوا به إذا جاءهم» فالاستفهام إنكارى لإنكار فهم الوقوع فهم يوبخونهم على أنهم حدثوهم بما قضى الله تعالى عليهم بأن يؤمنوا بالنبى عليه الصلاة والسلام إذا جاءهم» وإنه كان يجب عليهم أن يستمروا فى جحودهمء وعللوا لوم إخوانهم بقولهم: طليحَاجُوكُم به عند ربَكُم» أى ليكون حبجة عليكم عند ربكم يحاجونكم به والاعتراف حجة ظاهرة. وإنهم بذلك يزعمون أمرين كلاهما باطل: أولهما - أنهم يحسبون أن الله تعالى يحتاج فى معرفة ماهم عليه إلى إقرارهم» وهو عالم الغيب والشهادة» وعالم السر والجهرء وأنهم مأخوذون بما وائقهم عليه» وبالحق الذى أمرهم باتباعه. تفسيرسورة البقرة 0 وثانيهما - أنهم يحسبون أن النبى يد وأصحابه ما كانوا يعلمون ماعند اليهود إلا بإقرارهم أمام النبى يك والمؤمنون يعرفون ما فى كتبهم من بشارة بالنبى كك وهم أنفسهم كانوا يستفتحون على الذين كفرواء فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به. ولقد بين الله تعالى بطلان كلامهم وبعده عن المعقول فقال تعالى: #أفلا تعقلُون +421 الفاء مؤخرة عن تقديم لأن صيغة الاستفهام لها الصدارة» والفاء للإفصاح» والاستفهام داخل على نفى؛ فهو من قبيل نفي النفى وهو فى نتيجته يدعوهم سبحانه وتعالى إلى أن يعقلواء ويتفكروا ويتدبرواء ويدركوا ما يؤدى إليه كلامهم» وهو بعده عن كل معقول. فهم يتصورون أن الله تعالى لايعلم حالهمء وما أخذ عليهم من مواثيق» وما وضع من إشارات إلى النبى كلد فى كتبهم. يتصورون ذلك ويحسبون أن المؤمنين يحاجونهم عند الله بهذا الاعتراف» ولا يعرفون أن الله تعالى يعرف سرهم ونجواهم. وقد يفسر قوله تعالى: #أفلا تعقلون 420 على أنه من كلام , بعضهم» ويكون معناه على أنه من لسانهم» لأفلا تعقلون 4*0 وتتدبرون نتيجة كلامكم من أنهم يحاجونكم به عند ربكم» ويكون هذا إمعانا في الجهل بحالهم وعلم الله تعالى» ونحن نميل إلى احتمال توجيهه من الله تعالت كلماته. وإنهم تمعنون فى الجهل بالله سبحانه وتعالى» وظنهم أن الله تعالى لا يعلم ما يخفون وما يبدون» وإنه لا فائدة فى أن يحدثوا النبى والمؤمنين» لأن الله تعالى بكل شىء عليم» ولذلك قال تعالى: 8 أولا يعلمون أن الله يَعلَم ما يسرون وما يعلنون عو # هذا استفهام إنكارى لجهلهم. وتوبيخ لهم على عدم علمهمء فالاستفهام داخل على فعل محذوف دل عليه عطف ما بعده والمعنى أيقولون ما يقولون من ذلك القولء ولا يعلمون أن الله - جل جلاله - وقد أحاط بكل شىء علمًا ويعلم ما يسرونه وما يجهرون به وما يعلنونه للناس» يعلم ما تخفى صدورهم» ويعلم ما يجهرون» وفى بيان ذلك العلم تهديد بالجزاء الذى ينتظرهم » فهو سبحانه يعلم ما يفعلون» وما يخالفون به مواثيقهم وعهودهم. وما ينكثون به فى أيمانهم. ومؤاخذهم به. هاا تفسير سورة البقرة الولو اا0ا0ا0ا0ا0االلللاااا0االل10ا0االللل للا وقد ذكر سبحانه وتعالى حال اليهود. فأشار سبحانه إلى أن اليهود قسمان: أحبار أو علماء» وأميون يضلون الآخرين بدعوى أنهم وحدهم أوتوا علم الكتاب؛ ولأن الآخرين لا يعرفون الكتاب إلا أمانى يتمنونهاء فيشبعوا أمانيهم وأهواءهم. ولذلك قال تعالى: #ومنهم أَمَيُونَ لا يعلمون الكتاب إلا أماني» . الأمى هو الذى لا يقرأ ولا يكتب نسبة إلى الأمة الأمية التى لا يسودها العلم» وكان الأحبار من أهل الكتاب يقولون: «( ليس علَينًا في الأَمَبِينَ سبيل . #ردته »© [آل عمران ], وقد ينسب الأمى إلى الأم على اعتبار أنه على أصل ولادة أمه فهو لم يزد علما عما ولدته عليه أمه. وهؤلاء الآميون لا يقرأون الكتاب . ولا يعرفون أحكامه. وما اشتمل عليه من تكليفات اجتماعية وعبادية»؛ وإنهم لفرط جهلهم بالكتاب لا يعلمون إلا ما يكون فيه إرضاء لأمانيهم » والآمانى جمع أمنية» وهى ما يتمناه القلب ويحبه» وما يتمنونه أهواء مسيطرة ة عليهم كقول عامتهم وخاصتهم أنهم أبناء الله وأحباؤه. ولقد قال تعالى : ف وقالُوا أن يدخل الجن إل من كان هودا أو نصارئ تلك أمانيهم . ٠‏ 17 4 [البقرة] أي ما يتمنونه ويقول تعالى: «( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد لَه من دون الله ولا ولا نصيرا ج079 4 1 الدساء ] . وفى الجملة الأمانى التى يعلم الأميون من أهل الكتاب مضمون كتابهم بها هى مايكون متفقا مع ما يتمئونء» فلا يعلمونه تكليفات وأحكاماء فيها حساب» وثواب أو عقابء إنما يعلمونه رغبات تتحقق» وأهواء تثبت» ومثشلهم كمثل عوام المسلمين» الذين يقولون أمة الإسلام على خير»ء ولو لم يعملوا أى عمل؛» بل لو لم يعملوا عملا صالحا قطء ولو زنوا أو سرقواء وسكرواء وعبثوا فى كل معبث» ولم يتركوا منكرا إلا ارتكبوه» وسدوا باب الجهاد. وكانوا كلا على أعدائهم يتصرفون فى مصائرهم . وقوله تعالى: ل ومنهم أَمَيُونَ لا يعلَمُونَ الكتاب إلا أَمَانيَ 4 قالوا: إن الاستثناء منقطع . فيكون المعنى لا يعلمون شيئا من الكتاب الذى يتلونه ولا يفهمونه. ولكن 1 إن ته تمفسبير سورة ١‏ لبقرة الالال اللا يعلمونه أمانى يتمئنونها وأهواء ييتغونهاء ولا يدركون التكليفات والأحكام. ولايعلمون الموائيق التى أخذت عليهم . ولا مانع أن يكون الاستثناء متصلاء ويكون المعنى أنهم لا يعلمون من علم #وإن هم إلا يظنون» أى إن علمهم ظن» وليس بيقين له مقدمات يقينية ينتج علما لقد قال بعض العلماء: إن الأمانى من التمنى» وهو لا يكون إلا كاذياء» ولقد قال تعالى: « وإن هم إلا يَظنُون ج420 أى ليس علمهم إلا ما يظنونه علماء وماهم بمتيقنين » وقد أكد الله تعالى قصر علمهم على الظن الذى يتجدد لهم آنا بعد آنء فنفى عنهم العلم وقصره على الظن» أى ماعندهم من علم إلا الظن الذى تدفع إليه أوهامهم» وعبر بالمضارع للإشارة إلى أن ظنهم يتجدد ويستمرون فى أكاذيب يبتدعونهاء وظنونًا يختلقونها 0 فَوَمْل لا هه يدهم م ل 4 ََ 1 كا ا ا ل مََكَيَبَتٌ أي هم ويل لهم يماد بون مه ب سر ني وَقَانُوأكن كَسَسَّنَا كاذ لكا أصامَائَقَد 007 إل تفسير سورة البقرة ا و2 إذا كان من أهل الكتاب أميون لايعلمون من علم الكتاب إلا الأمانى التى يشبعون بها أهواءهم» ويدخلون بها الكذب والتمويه على نفوسهمء فإن أولئك الآحبار أو العلماء يمالكون نفوسهم من الأكاذيب» ويكتبون بأيديهم ماليس من الكتاب» ويوهمونهم أنه من الكتاب» وما هو من الكتاب» وفى ذلك رد على الذين يزعمون أن القرآن يقر كل ما جاء فى كتبهم. فهل هو يقرما يكتبونه بأيديهم» ويقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا؟» كذبوا وبهتوا» وأعظموا الفرية على كتاب الله تعالى. ولقد أخبر سبحانه أن أولئك الذين يجلسون مجلس العلماء فيهم يتتهزون أن فيهم أميين لا يعلمون الكتاب إلا أمانى وأن علمهم ظن والظن لا يغنى من الحق شيئاء فيكتبون الكتاب بأيديهم حاذفين ما شاءوا ويزيدون عليه ما شاءواء فقال تعالى : ويل دين كبو الكتاب بأيديهم يوون هذا من عند الله» . الفاء فى قوله تعالى: #قَويْل لَلَذِينَ يكتبُونَ الكتاب بأَيديهم4 وقعت. فى جواب شرط مقدرء تقديره: إذا كان الأمر كذلك فويل» والويل الدعوة بالهلاك وترفع عندما لا تضاف كقوله تعالى: 8 ويل للْمطَفَفِينَ 47 [المطففين] وتنصب إذا أضيفت فتقول: ويلك وويل نفسى على أنها بمعنى المصدر» وتستعمل «وى» منها فى شمر عمج 8م معنى التعجب كقوله تعالى : ل ويْكأنّه لا يقلح الكافرون +220 4 [القصص] . والمعنى أن الهلاك نازل لا محالة بأولئك الظالمين للحق فى ذاته ولأنفسهم الذين يكتمون ما أنزل الله تبعا لأهوائهم» ويكتبون الكتاب بمحض أهوائهم»ء ولإثبات مايريدون إثباته ومحو ما يريدون محوه وكتمان ما يريدون كتمانه لما قال تعالى: «إيَا أَهْل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبن لَكُم كثيرا مَمَا كنثم تَخْفُون من الكتاب يَعْفُو عن كثير . . . +(52) 4 [المائدة] فهم بكتابة ما يكتبون قد أخفوا كثيراء وقد بينه القرآن الكريم أو بين ما وجب بيانه. وقوله تعالى: #يكتبون الكتاب بأيديهم» فيه تأكيد لبيان أنهم هم مصدر الإعلام به» وأنه لا مصدر له من الله تعالى» يضلون به الأميين منهم» ويعلنونه 1 #ل تفسيرسورة البقرة ل ل على أنه من عند الله .تعالى» وهم الذين كتبوه وصنفوهء وقد يكون فيه بعض ما جاء عن طريق موسى والنبيين من بعده؛ ولكنه فى جملته ليس صادقا فى كل ما كتبواء ويكون قوله تعالى: (أدييم» بيان لأنهم كتبوه حقيقة لا مجاز فيهء وفيه تصوير لحالهم. وهم يكتبون بأيديهم هذا الوجه يكون فيه قوله تعالى عنهم: «يقولون هذا من عند اللّه4 الإشارة إلى المكتوب لا إلى التأويلات التى يتأولونها خارجين بالكلام عن مواضعهء ويكون معنى قوله تعالى: 9 وما هو من عند الله ... (4772 4 [آل عمران] أى ليس ما كتبوه بأيديهم من عند الله وهناك تأويل آخر فى الإشارة فى قوله: «يقولون هذا4 الإشارة فيه ليست إلى المكتوب». ولكن إلى التأويلات التى يحرفون بها الكلام عن مواضعه.ء ويتجهون به إلى أوهام توهموهاء وكذبوا على الحقائق الثابتة» ويكون المكتوب هو كتابهم. والمعنى على هذا: ويل لهم إذ يكتبون الكتاب بأيديهم» ومع أنهم يكتبونه بأيديهم يحرفونه عن مواضعهء ويقولون عن تحريمهم إن هذه التأويلات هى من عند اللهء والحقيقة أنه وقع منهم الأمران» فهم كتبوا كتابهم محرفا زادوا فيه» ونقصوا منهء ونسوا حظا مما ذكروا بهء» وعبثوا بحقائقه؛ وتأولوا ما صدقوا من نقله منه بغير متّأوله. كان منهم الأمران» وعيثوا بما أنزل الله تعالى عبثا بيناء وغيروا وبدلواء وأولوا تأويلات باطلة. وقد علل الله تعالى الباعث لهم بأنه ثمن قليل» وهو أعراض الدنياء بأن يكون لهم سلطان ورياسة» وأن يكون اختصاص باطل بالنبوة» وأن يمالئوا أهواء الناس» ولقد قال ابن عباس رضى الله تعالى عنه: إن الدنيا بحذافيرها ثمن قليل بالنسبة للحق الذى ضيعوه. والباطل الذى زيفوه. «ليشتروا به ما قليلا» وهنا نجد النص الكريم يفرض معاوضة قامت بين أحبار اليهود فى أفعالهم» اشتروا بالبضاعة الثمينة الغالية التى فى أيديهم بأن دفعوها فى نظير ثمن ضئيل هو أعراض الدنياء أو نقول أن اشترى هنا معناها باع أى باعوا ما فى أيديهم من حقائق اؤتمنوا عليها وأخذوا ثمنا قليلا مهما حسبوه كثيرا. ل ل تفسير سورة البقرة ل ا 00 4 ب ا وقد أكد سبحانه وتعالى الهلاك النازل بهم يوم القيامة فقال تعالت كلماته: فيل لهم نا حب أنديهم ويل لهم مما يسود 50 4. دمعناها ويل لهم فى هلاك بسبب ما كتبت أيديهم؛ لأنها بهذه الكتابة حرفت وبدلت وسجلت فى الكتاب هراء وأباطيل» فكانت فى ذاتها إثماء وهذا يرجح أن موضع إفكهم الكتابة الباطلة نفسها لا تأويلاتهم فقطء وويل لهم من الكسب الذى كسبوه من أعراض الدنياء لأنه سحت فى ذاته» إذ إن ما دفع فى سبيله كان باطلاء وهو أخذ لال الله بالباطل» وما يكسبونه من جاه أو سلطان أو رياسة أمر باطل؛ لأنه دفع الحق عن سبيلهء وإن الله تعالى لا يبارك شيئا أخذ بغير حله؛ فهو كالاغتصاب لا يطيب لنفسهء وكذلك عد سبحانه وتعالى الكتابة سببا للعقاب الشديد» والكسب الذى كسبوه بالتضليل سببا للويل» وقال تعالى: #يكسبون4 بالمضارع للدلالة على تجدد ما يكسبون. وكذلك الويل يكون متجددا مثله؛ وقد بين سبحانه بعض هذه التأويلات الفاسدة؛ والتفسيرات الكاذبة» فحكى سسحانه وتعالى عنهم فقال: «وقالوا لن تمسّنا الثار إلا أيَاما معدودة» . هذا القول من التأويلات الفاسدة» وهو مبنى على قولهم نحن أبناء الله تعالى وأحباؤه» وأنهم لا يعذبون» ولكن يمتّعون ولا يَأنَمون «#رقالوا لن تمسنا الثار إل أياما معدودة» قالوا: لن تعذبنا النار إلا أياما معدودة: بل قالوا: #لن تمسنا التَارك» كانهم لا يدخلونها حتى فى هذه الأيام. بل تمسهم ريحها أو نحو ذلك مما يفترى المفترون كما تقول أنت تهديدا بالضرب أو نحو ذلك: لن تلمسنا بيدك قط إلا مسا فهم نفوا نفيا مؤكدا - بلن- أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة تمسهم مساء ذلك قولهم» وتلك أمانيهم ومعنى معدودة أنها عدد قليل يعد وليس عددا كبيرا تجاور الحسبة. وهذا القول يدل على أمرين: أولهما ‏ بيان أنهم صنف مختار والعذاب والحساب على غيرهم» فهم الذين يحاسبون ويعاقبون» أما هم فهم فوق الحساب», وفوق العقاب. ب تفسيرسورة البقرة الل وثانيهما - الاستهانة بأوامر الله تعالى» وما يكون وراء ذلك من حساب أو عقاب. ويبين سبحانه أن ذلك الوهم الذى يتوهمونه» ويغترون به ليس له أساس يعتمدون عليه» وأنهم لا عهد لهم بذلك فقال سبحانه: أنَحَذْتم عند اللّه عهدا فَأَن يُخْلف الله عَهْدّهُ4 الاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع» وتوبيخهم على فعلهم الواثقين به فى ذات أنفسهم الموقنين به كأن الله عاهدهم» ولمعنى أن الله تعالى لم تأخذوا منه عهدا عاهدكم عليه» وهو وحده الذى يملك العقاب ومقداره» بألا يعاقبكم إلا بهذا القدرء وهو أن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة» فالاستفهام يتضمن النفى» ويتضمن التوبيخ لهم على ما هم عليه» ويتضمن التعريض بنقضهم للعهود التى أخحذت عليهم والمواثيق التى وثقها وأكدهاء ومنها رفع الطور عليهم» وأخذهم ما أوتوا بقوة. ولقد بين سبحانه وتعالى أن العقاب يكون على قدر العمل» والثواب يكون على قدر العمل. فلا ينظر فيه إلى الذات» بل بل الجمسيع خلق الله تعالى» ولا يريد سبحانه إلا العمل الصالح؛ والامتناع عن الشر ظ فَمَن يَعْملَ مثْقَالَ ذَرَةٍ خيرا يره +20 ومن يَعْمَلَ مثقال ذَرّة شرا يرّه <> 4 [ الزلزلة] . ولذا قال تعالت كلماته: #بلى من كسب سيك وأَحَاطّت به خطيعته وك أَصحاب الثار © فتضمن الإجابة على قولهم وردهء والإضراب عنه فالمعنى: تبين : كلامكم» وهو باطل مخالف لما شرعه الله سبحانه وتعالى من عقاب وثواب أنه للأعمال من غير نظر إلى الذوات» بل الجميع على سواء أمام الله سبحانه وتعالى» فى الجزاء إن خيرا فخير وإن شرا فشر. وذكر العقاب فى الرد دون الثواب»..لأنهم اجترءوا على الله تعالى فخالفوه» وكفروا بنعمه» وعصوه ظاهراً وباطنا فقال: #من كسب سين وأَحَاطَت به خطيئته». الكسب العمل الذى يصير حالا ثابتة قاكمة مستمرة» فمن عمل خطأ لا يقال إنه كسبه» ومن عمل إثما عن جهالة وضلالة ثم تاب من قريب لا يقال إنه كسبه» إنما تفسير سورة البقرة ل ايك يقال إنه كسبه إذا عمل قاصد مستمراء حتى يكون له مجرى فى قلبه» وينكت فيه نكتا سوداء» فهذا هو الذى يقال له كسب السيئة» والسيئة فيعلة من ساء يسوء سيوئة فهى فى أصلها سيوئة؛ اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواد ياء بمقتتضى القاعدة الصرفية» والسيئة كل فعل يكون أثره سيئًا فى الناس أو فى الجماعة أو فى النفس» فيفسد التقديرء ويكون وبالاً» فيظلم نفسه»ء والناس» ومن حوله. والخطيئة فعيلة من الخطأء ولكن هناك فرقا بينهما فالخطأ يقع من غير قصد ابتداء» ولكن لا يتكررء أما الخطيئة فهى الفعل المقصود الآثم المتكرر الذى يخط فى النفس خطوطاء حتى يصير الذنب عادة له أو كالعادة فيصدر الشر عنه وباستمرار من غير قصد خاص إليه» وكأنه يقع غير مقصودء وفى الحال تكون النفس قد أركست بالشر إركاساء فالخطيئة حال نفسية للنفس الآثمة التى تمرست بالإثم؛ ولذا قال تعالى: #وأحاطَّت به حطيئته»* أى أن الخطيئة استولت على النفس» وصارت كأنها قبة قد أحاطت بالنفس الآثمة من كل جوانبها . وفى هذا إشارة إلى أحوال بنى إسرائيل» وأنهم أحاطت بهم خطاياهم. وقد ذكر سبحانه وتعالى جزاء هؤلاء وهو محقق بالنسبة لبنى إسرائيل ظفَأُولَتكَ أصحاب النَارِ هم فيهًا حَالدُونَ 4 الإشارة إلى الذين كان منهم كسب العمل الخبيث» وأحاطت بهم خطيآتهم» واستغرق الشر نفوسهم., فالإشارة إلى الذين فيهم هذه الحال» وقد حكم سبحانه وتعالى بأنهم #أَصحَاب الثّار هم فيها خَالدون». وقد أكد خلودهم فى النار بأنهم أصحابها أى الذين يلازمونهاء والذين حكم عليهم بصحبتهاء وأكد سبحانه وتعالى خلودهم فيها بالجملة الاسمية» وبضمير الفصل هم. وكان تأكيد خلودهم وملازمتهم بالصحبة ردا على ادعائهم أنها لن تمسهم إلا أياما معدودة» وأنهم غير مخلدين بل هم أصحابها الخالدون فيها. وإن الرد على أولئك الذين دلاهم الشيطان بالغرور فقالوا: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ينتهى إلى هنا إن كانوا يتدبرون ويعقلون. تفسيرسورة البقرة الملل اللو ولكن سنة الله تعالى فى كتابه الحكيم أن يقرن ببيان العقاب لأهلهء وبيان الثواب لمن عمل الخير وداوم عليه لتكون العظة كاملة» فيها جزاء الخير وجزاء الشرء وكل بما كسب رهين. قال تعالى: « والّذين آمنوا وعملُوا الصّالحات أُولّتك أَصحَاب الْجنّة 4 . وقد ذكر الإيمان فى تأويل بعض الآي الكريمة التى تلوناها آنفاء ومقام العمل الصالح» وقلنا إن الإيمان والإذعان للحق بالإيمان بالله وحده. ورسوله محمد الآأمين والرسل أجمعين» والملائكة والجن والغيب كله. وإن الإيمان يستكن فى القلب» والعمل ينميه ويزكيهء وقلنا: إن الإيمان كالبذر الطيب الذى يلقى فى الأرض لابد له من سقى ورعى وجو صالح ينمو فيه ويزكوء ولا يكون ذلك إلا بالعمل بموجب الويمان» والإيمان من غير عمل كالبذر من غير إنتاج» وإنه يجف بل يموت إن لم يسق بالعملء ولذلك لا يؤكد القرآن على الإيمان وحده بل يكون معه العمل الصالح. وهو العمل الذى يكون صالحا مصلحا للنفس وللناس» فيه استجابة لداعى الإيمان. وكثيراً ما ذكر العمل بوصف الصالح من غير أن يبين ما هو العمل الصالح» وذلك ليضمن كل ما فيه خير للإنسان فى الآحاد. والجماعات والأقاليم» والإنسانية كلهاء وذلك مع القيام بالعبادات من صلاة وصوم وحج وزكاة» وتعاون اجتماعى فى الأسرة والجماعة والدولة» والإنسانية عامة. وقد قال تعالى: «أولئك أصحاب الْجِنّة هم فيها خَالدون 44)222. الإشارة إلى الذين آمنوا وعملوا صالحا أي أنهم متصفون بهذه الصفات» وقد أكد سبحانه وتعالى استحقاقهم للجنة وأنهم خالدون فيها بعدة مؤكدات: أولها ‏ الجملة الاسمية لأنها تدل على قوة الحكم. وبقائه . وثانيها - بالملازمة بينهم وبين الحنة بأنهم أصحابها الملازمون . وأكد سبحانه وتعالى الخلود بضمير الفصل الذى يدل على القصرء والله سبحانه وتعالى يجزى الإحسان بإحسان» وجزاء سيكة سيئة مثلها. ل تفسير سورة البقرة اللي ل 11770000000000 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 222#6#621211 و حب ل اللهم اجعلنا ممن ترضى عنهم» وإن كنا لا نرجو أن نكون أحسنّاء حتى ننال جزاء الإحسان. ولكن نرجو أن تتغمدنا برحمتك الواسعة التى تسع الذين يؤمنون ويتقون. لميثاق الإنسانى على بنى إسرائيل وإ أَحَذنَصِكَقَ بوره يل لَاسْبد ود إلَاأمَه ووالولرين إِحسانًا وذى الْمَرَك وأ وَالْتتئ والمستحكين وفو لوأ ل اغر اس حَْمَاءَآقِمُو ا لصصكوة وََاثوا ريك كرد 2 : 1-0 وخر لاق لا تنح ونش مطُوس عد يذكر الله تعالى نبيه والمؤمنين بالميثاق الذى أخذ الله تعالى عليهم» وهو ميثاق يصلح نفوسهم؛ ويهذب جماعتهم ويجعلهم يتآلفون فيما بينهم» ويألفهم الناس» ويأتلفون؛. ولكن رضوا النفور بدل الائتلاف» والمنازعة بدل الالتقاء فى ظل الرحمة والمودة الجامعة» وإن ذلك الميثاق الذى يذكره الله تعالى لهم هو ميثاق كل الأنبياء . قال: «وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل» أى اذكروا أيها المؤمنون الميئاق الذى أخذناه على بنى إسرائيل» ف «إذا تدل على الوقت الماضى» فاذكروا وقت ذلك الميثاق الذى أخذناه عليهم» وذكر الوقت ذكر ما يقع فيه واضحا بينا يتصور وجوده. كأنه موجود قائم وليس متخيلا غير واقع. هذا ميشاق بنى إسرائيل» وهو محكم يشتمل على تهذيب النفس والجماعة الإنسانية كلها وهو ميثاق النبيين فى كل العصور وقد اشتمل على أمور: أولها : وهو لبها عبادة الله تعالى وحده لا يشرك به شيئاء وقد عبر سبحانه عنه بقوله تعالى: إلا تعبدون إلا الله أى لا تعبدوا غير الله» فالله وحده هو المعبود بضن تفسيرسورة البقرة م امال الل ١ ٠ الاك‎ ١ 7 ولا يعبد سواه» والصيغة فى ظاهرها خبرية وهى طلبية بمعنى النهى عن عبادة غير الله تعالى كقوله تعالى : ولا ضار والدة بولدها ولا مولود له بولدم : 2 4 وكقوله تعالى: والمطلقات ربصن بأَنفُسهِن ثلانة قُروء ولا يحل هن أن يكتمن ما خَلَقَ الله في أرحامهن . .. +1 4 وكقوله تعالى: ط والوالدات يرضعن أولادهن حولين كَاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة. . . +20 4 والتعبير عن الجملة الطلبية بصيغة الجملة الخبرية فيه إشارة إلى أن الإجابة أمر فطرى طبيعىء وأنه كان الطلب وكانت الاجابة» فعبر بما هو دال على الإجابة. 00 والتوحيد دعوة النبيين أجمعين» كما قال تعالى: «إ وما أَرسلّنا من قبلك من رسَولٍ إل انوحي | إليه أنه لا لَه إلا أنا فاعبدون :تن 4 [ الأنبياء] وقال تعالى : 9 ولقد ْنَا في كل أ رسُواً أن يدوا لل واجتنبوا. الطَاعُوت فَمنهُم من هدى الله ومنهم من حقّت عليه الضّلالة فسيروا في الأرضٍ فانظروا كيف كان عاقبة الْمكَذْبينَ 4# [النحل ] . وإن الأمر الثانى - الذى ولى الأمر بالعبادة لله وحدهء وهى تطهير النفوس من رجس الوثنية» والأوهام الفاسدة. الثانى - هو ما يتعلق بالآسرة لأن الأسرة قوام المجتمع يقوم عليها بناؤه» فلا يمكن أن يتكون مجتمع فاضل إلا من أسر قوية متماسكة برباط المودة» والمحبة والإحسان الذى هو غاية المحبة» وإن أول رباط فى الأسرة هو رباط الولد بأبويه» بالإحسان إليهما؛ ولذا قال سبحانه بعد الآمر بعبادة الله تعالى: #وبالوالدين إحسانا4» والإحسان زيادة فى المعاملة عن المعاملة بالمثل أو بالعدل» وإنه زيادة عن العدل» بل فيه المحبة والرحمة؛ ولذا يقول الله تعالى: إن الله يأر بالْعدل والإحسان .. . جك 4 [النحل] والإحسان أصله مصدر أحسن» وهو الإتقان والإجادة» وبلوغ أقصى الغاية فى الإجادة» فالاإحسان فى العبادة أن تبلغ أقصى درجات التجرد لله تعالى بأن تعبد الله كأنك تراهء فإن لم تكن تراه فإنه يراك» والإحسان إلى الأبوين أن تبلغ أقصى درجات الوفاء لهما فى البر والمكافأة» وأن تزيد فى المعاملة الحسنة» عما كان يكون منهماء احتياطا للرعاية والشفقة» والإحسان إلى الناس أن تعاملهم بالمودة الظاهرة» وإفشاء السلام بينهم فخير الإسلام اا تفسير سسورة البقرة ل 2111111 ”م الاك | 0 و أن تقر السلام على من تعرف ومن لم تعرفء. وإحسان العمل إتقانه 8 إِنًا لا نضيع أجر من أحسن عملا :)4 4 [ الكهف] . وإن الإحسان إلى الوالدين ابتدأ بهما لأنهما رأس الأسرة» وهما أصل تكوينهاء فمنهما تتشعبء وتمتد من الأصول إلى الفروع ثم إلى الحواشى؛ ولذلك كان الإحسان واجبا لكل من يربطهم بهما رحمء وذكر الإحسان إلى ذوى القربى» فكان الميثاق الإنسانى العالى الذى أخذه الله تعالى على بنى إسرائيل فقال تعالى: «وذي القربى» والقربى مؤنث أقرب. ولمعنى أن بعد الوالدين ذو القربى» صاحب القرابة الأقرب مترتبة الأقرب فالأقرب, وذلك يتفق مع ما روى عن النبى يَللِةِ. وقد سكل: من أحق الناس بحسن صحابتى يا رسول الله؟ قال: «أمك. قال: ثم من .قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمكء. قال: ثم من؟ قال: أبوك»7© ثم الأقوب فالأقرب» فمعنى ذى القربى» القريب الأقرب ثم يتوالى الأقرب فالأقرب. والأسرة فى الإسلام ممتدة» ليست مقصورة على الأبوين أو الزوجين» بل إنها ممتدة تشمل الأقرباء أجمعين» يحسن إليهم الأقرب فالأقرب حتى يعمهم ويبرهم جميعاء. ولقد قال كَكلةِ: امن أراد أن يبارك له فى رزقه» وينسأ له فى أثرهء فليصل رحمة 9 وإن ذلك كله تقوية لبناء الأسرة على التواصل والمودة والرحمة فإن المجتمع الكامل يتكون من أسر قوية وهى لبنة البناءء ولا يتكون بناء قوى إلا من لبنات قوية. وإن العناية بالأسرة عناية بالجماعة» وإن الوطن لا تتربى محبته إلا فى بناء الأسرة» والنزوع الجماعى» والتربية الاجتماعية هى التى تودع النفس الإنسانية محبة الجماعة وحسن التبادل العادل بينها وإنما يبدأ ذلك بالأسرة» وقد أراد بعض الفلاسفة - وسارت وراءهم بعض النظم - أن يمحو الأسرة ويربى الأطفال مع غير آبائهم )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: كتاب الأدب )061١5(‏ ومسلم: البر والصلة )4771١(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه . (1) عن أنّس بن مالك - رضى الله عنْهُ - قَالَ: سمعت رَسُول الله بل يقُول: «من سر أن يبْسط لَه فى رذقه ويا له فى أنه فيصل رَحمَ . [متفق عليه؛ رواه البخارى: : كتاب البيوع )١9705(‏ ومسلم: البر والصلة والآداب (1599)]. م تفسيرسورة البقرة ل م اليل اا 1 يي ليكونوا جميعا منتمين للجماعة .. فنمت أجسامهم» ولكن من غير عواطف إنسانية فمحوا الأسرة» والجماعة معًا. الأمر الثالث - أنه قد اتهه الميثاق الإنسانى الذى أخذ على بنى إسرائيل إلى الإحسان إلى الضعفاء فقال تعالى: #واليتامئ والمساكين» واليتيم هو من فقد أباهى فإن الأب هو العائل الكالئ الحامى» ومن فقده فقد انفرد فى هذا الوجودء والأم وإن كانت هى الحانية العاطفة التى تغذيه بأنبل العواطف,» لا تحميهء وبالفطرة الأولى لا تعوله؛ ولذلك لا تعوض حماية الأب». وكلاءته. والمسكين هو الذى أسكنته الحاجة, أو المرض المزمن» وإن كلمة المسكين بعمومها تشمل الفقيرء لأن الفقير أسكنته الحاجة وأذلته» وهؤلاء جميعا الضعفاء. وإنه قد يشمل ابن السبيل أيضاء وهو الذى ينقطع عن ماله ويكون فى بلد بعيد عن بلده فهو قد أذلته الحاجة أيضا. وفى الحقيقة إن اليتامى والمساكين بهذا العموم هم الضعاف فى الجماعة. ورعاية الضعفاء وقاية لبناء الأمة من الانهيار»ء وإلا كانوا أشتاتا غير متراحمين: يأكل بعضهم بعضا. وقده الإحسان على اليتامى وإن كانوا أغنياء على المساكين؛ لأن اليتيم ضعيف». وإن كان كثير المال وهو ذو حاجة وإن كان غنياء والإحسان إليه أن يقوم القائم عليه بتربيته» وألا يقهره ولا يذله» وأن يضمه إلى عياله. فإنه إن لم يُحط بالعطف والرعاية والمحبة تربى على النفرة من الجماعة فيكون الشذاذ والكارهون للمجتمعات؛ ولذلك كانت النصوص الكثيسرة الداعبة إلى إكرام اليتيم» ولقد قال النبى كَكلْ: «خير بيوت المسلمين بيت يكرم فيسه يتيم» وشر بيوت المسملين بيت يقهر فيه يتيم)(2. فاليتامى إكرامهم فيه تقوية للأمة بإنشاء نشء على الخلق القويم. الأمر الرابع - بعد إقامة الأسرة ومراعاة الضعفاء فى هذا الميثاق الإنسانى الذى أخذ على بنى إسرائيل وليس خاصا بهم دعا سبحانه وتعالى إلى بناء مجتمع )١(‏ عن أى مر عن ال قالا: عدي فى الشللمين يي فيه يم يسن إل وت فى الم ْمُسَلمينَ يتا فيه يتيم يسَاء إلَيهه. [أخرجه ابن ماجه: كتاب الأدب ‏ باب حق اليتيم (7559)]. مين ال 11 15 لحب ا إنسانى سليم يعم الإقليم والجنس والناس أجمعين فقال تعالى: ظوقُولُوا لاس حسنا» وقوله تعالى: #وقولوا» معطوف على لا تعبدون إلا الله لأنها مرادف هذا الميثاق الإنسانى الذى أخذ على بنى إسرائيل» وهو يحمل فى نفسه موجب تنفيذه» لأنه حقيقة الدين» وهو فى أعلى درجات المعاملات» فهل استجابوا وأقروا به» وقد أخذ عليهم بقوة» ورفع ابل فوقهم ليخضعوا للحق ويذعنوا له؟ إنهم أعرضوا عنه؛ ولذا قال تعالى فى حالهم بعد أخذه عليهم: «ثم توليتم إلا قليلاً كم وأنتم مُعرضون 4220 . التولى الإعراض الذى تدل عليه مظاهر حسية» ومنه قوله تعالى: #أعرض ونأئ بجانبه .. . 227 4 [الإسراء] فالأصل فيه أنه إعراض يدل عليه مظهر حسى» وقوله تعالى: #إوأنتم مُعرضون» معناه أنهم تولوا بأجسامهم ونأوا عنه بحسهمء والمعنى أنهم معرضون مقاطعون لبادئه وهذا تأكيد للإعراض وأنهم تركوه جملة وتفصيلا من غير أن يقبلوا منه شيئاء وقد أكد سبحانه الإعراض بالتصريح بالإعراض مع أن التولى يتضمن معناهء وأكده بالجملة الاسمية» أى أنه مع أنه ميثاق مؤكد. ومعناه قويم ترتضيه العقول وتطلبه - أعرضوا عنه. والخطاب للذين كانوا فى عهد محمد يَكٌَِ ومن سبقوهم؛ لأنهم شاركوهم فى ملتهم» واتبعوهم فى توليهم» فكانوا صالحين لأن يخاطبوا بما خوطب به أسلافهم» وبيان حالهم وأمرهم. وإن الله تعالى حكم عدل يحصى عمل الفاسدين» ويسجل خير الأخيار؛ ولذلك استثنى فى الإعراض فقال: لإلاّ قليلا مم4 فهم استجابوا لمقتضى الميثاق ولم يعرضوا وكان الحكم بالتولى ابتداء عليهم جميعاء ثم استثنى سبحانه الذين استجابوا ولكن لقلتهم كان الخطاب لهم جميعا. وقوله تعالى: لثم تَولَيتم» التعبير بشم فى موضعه من البعد بين الميثاق وما اشتمل عليه من أمور معقولة مطلوبة فى حكم الشرع والعقل» ثم يكون من بعد ذلك الإعراض الحافى الشديد منكمء إنه لأمر غريب لو كان من غيرهم. ا تفسيرسورة البقرة 95م ليلل 2 سفك دمائهم وإخراجهم وأسرهم بي وَإدْ َحَدنامِيِيفَكُمْ لاشَْفَكونَ كم ولا 1 5200 59 ددس 4 أنفْسَكُم مّن دياركم * فراش فو جه 4 و ويه يِه عر 0 نم انتم هلؤ ءِ تقثلوت أذ 0ظ مَنكُم يَندِيَكرِهِم تَظهرُو َعَلْيَهم يلاع وَالْعَدُوانِ تإدكأف أصرى شتذوف وَخْرضرملُِم ِخْرَاجُهُمْ أَفَمُؤْمِيُونَ بِبَعْض الككب وَفَكفْرُوتَ ِبَعْضْفَمَاجرَآة مَن يَفَعَلُ 5 لمكم لحز الصمطة ألمي لمق رذ 1 سْرَالْعَنَاتٌ د هه اذى م جههر 1 رمج مره وَمَا أله بغلفلع- مَانَعَمَلُونَ لزيا أو ع لتك أذىاشترواً ع ساس سم ا رصة سا له هه سر ال : يز ل ع َلَعَدَابٌ وَلَهُم لمصرولك جيه إن اليهود قد أصابهم ما أصاب الأمم من تفكك فى وحدتهم؛ فكانوا يتسافكون دماءهم ويمالئ بعضهم جماعات أخرى بينهم وبينهم حرب» فينضم فريق منهم إلى بعض المتقاتلين» وآخرون إلى غيرهم فيقاتل بعضهم بعضاء فى ظل العدوين المتقاتلين», وقد أخذ الله تعالى عليهم العهد بمنع سفك دمائهم» وأخذ عليهم العهد بألا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم» ومع أن ذلك العهد حفظ 00 م هام م وم الميئاق ألا يسفك بعضهم دماء بعض فلا يتقاتلوا و ينضموا إلى ق, قوم يقائلون أحدا تفسير سورة البقرة الل 1 33**3#*372 اجى جل منهم» وعبر الله تعالى عن ذلك بقوله: لا تسفكون دماء كم بصيغة الخبر الدالة على النهى وعبر عن التقاتل بينهم بقوله: لا تسفكون دماء كم فنسب السفك المنهى عنه إليهم والدماء إليهم للإشارة إلى الفعل ليعود على جميعهم بسفك الدماء» وإهدار الأنفس» لأنه إذا كان القاتل والمقتول من أسرة واحدة» فقد قتلت نفسهاء وسفكت دمهاء وأهدرت أهلها. ْ ومنع سبحانه وتعالى أن يخرج بعضهم من دياره» وعبر عن ذلك المنع بقوله تعالى: «إولا تخرجون أَنفْسكُم من ديَارِكُم 4 فالخبر هنا فى معنى النهى عن ذلك والتعبير عن إخراج البعض بأنه إخراج لأنفسهم بيان الاجتماع على أن يكونوا أمة واحدة متاآزرة بحيث تكون إصابة عضو منها إصابة لجميعها » فإخراج بعضهم لبعض إخراج لكلهم إذ يفرق جمعهم.ء ولأنه يطمع فيهم أعداؤهم. فيخرجهم جميعاء فإخراج بعضهم يسهل إخراج كلهم . وإن هذا الميثاق قد أخذه الله تعالى عليهم وأقروا به وشهدوه؛ ولذا قال تعالى موثقا ذلك الميثاق بقوله تعالى: ثم أفررثم وأنثم تَشْهَدُونَ 44220 أى أنتم الحاضرون أقررتم ما أخذ على أسلافكم من هذا المثياق» وأنتم تشهدون مؤمنين بصدفقه . وكان الخطاب فى الإقرار والشهادة للذين عاصروا النبى كك لآنهم الذين نقضوا العهد ظاهرً. وهم الذين سفكوا دماءهم. وهم الذين أخرجوا فريقا منهم» وإن كان الاحتمال بأن ذلك حصل من بعضهم فى الماضى ليس ببعيد فقد تشابه فى مخالفة الميئاق الخلف مع السلف» وهم جميعا فى إثم مبين» وعدوان ظاهر. وإذا كان ذلك الميشاق حفظا لوحدتهم ولجمعهم فقد نقضوهء وقتل بعضهم بعضاء وأخرج فريق منهم الآخر من داره» ولقد قال تعالى فى ذلك: « ثم أنتم هؤلاء تقتلون أَنفسَكُم وتَخْرِجُون ريا سَكُم من ديارهم 4 العطف هنا ؛ بثم للبعد المعنوى بين الميثاق الذى أخذ عليهم وأقروه بألسنتهم وشهدوا عليه بقلوبهم؛ وبين الحال التى وجدوا فيها من أنهم قتلوا أنفسهم بأن تقاتلوا فيما بينهم سواء أكان قتالهم لأنفسهم تفسيرسورة البقرة لللللئئ لا جه بأنفسهم» أم كانوا قد انضم فريق إلى قوم عدو لقوم آخر وتقاتل الإسرائيليون مع أنفسهم فى ظل آخرين» وكان كل فريق من اليهود يعاون من يظاهره من أهل الشرك على قومه بالإثم والعدوان» وفى ذلك سفك لدمائهم. وإن ذلك التعاون مع آخرين متعادين اقتضى أن يخرج فريق منهم من ديارهم؛ وذلك لأجل القتال الذى انضم فيه كل فريق من اليهود إلى فريق المشركين المتقاتلين؛ ولذا قال تعالت كلماته: وتخرجون فريقا مَكُم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان 4 . روى عن ابن عباس أنه قال فى تفسير قوله تعالى: ثم أنشم هَؤّلاء تقتلون أنفسكم # الآية: أنبأهم الله تعالى بذلك من قبل وقد حرم عليهم سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم»ء فكانوا فريقين طائفة منهم بنو قينقاع وهم حلفاء الخزرج والنضير وقريظة وهم مع الأوس فكانوا إذا كانت بين الآأوس والخزرج حرب خرجت بلو قينقاع مع الخزرج» وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يظاهر كل واحد من الفريقين حليفه على إخوانه حتى تسافكوا دماءهم بينهم» وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما لهم وما عليهمء والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نارا ولا حلالا ولا حراماء ولا بعثا ولا قياما ولا كتابًا. وخلاصة هذه الرواية عن ابن عباس الذى سمه التابعون ترجمان القرآن: أن سفك اليهود لدمائهم كان فى العصر القريب للهجرة عندما كانت الحرب مشبوية بين الأوس والخزرج» وكانوا على شفا حفرة من النارء كما أخبر القرآن العزيزء وأن اليهود لم يقفوا محايدين كما هو واجب الجحوار بل تدخلوا ليوسعوا شقة الخلاف ويؤرثوا نيران الحرب لتستمر مستعرة فكان مع الخزرج بنو قينقاع» وكانوا حلفاء لهمء ومع الأوس النضير وقريظة» فتقاتل الفريقان كل فى صفّهء وأخرج كل فريق الآخر من داره» فكان هذا نقضا للعهد الذى أقروه وصدقوه وشهدوه. وعلى ذلك يكون الخطاب فى قوله: ثم أنتم هؤلاء» لليهود الذين عاصروا النبى يك والإشارة إليهم» وكانت الإشارة مع الخطاب لبيان الصفات القائمة فيهم» فالمعنى أنتم ترون أنكم تقتلون أنفسكم. وتخرجون فريقا منكم من ديارهم. نا تفسير سورة البقرة 000 اي قبل بير يي ومن الغريب أنهم كانوا يتقاتلون غير متأثمين» ولا متحرجين من أن يقتل بعضهم بعضاء ويخرج فريق الآخر من داره ومع ذلك إذا وقع أحدهم فى أسر من أى الفريقين فادوه؛ ولذا قال تعالى: ##وإن يأنوكم أسارى تفادوهم» إنهم يظاهرون على إخوانهم بالإثم والعدوان. ومع ذلك إذا جاءوكم مأسورين دفعتم فديتهم لتفكوا عانيهم» للذين كانوا سببا فى أسرهم .وشدوا الونّاق عليهم» فلو أن الفريق الذى تحاربون معه أسر أسرى من اليهود الذين يعاونون خصمه» وجاء إليكم هؤلاء الأسرى فإنكم تدفعون فديتهم لحليفكم الذى أسرهمء» وهذا غريب متناقض . . أولا: لأنكم جعلتموهم مقَائَلِين وسفكتم دماءهم وقتلتموهم فكيف تحمون حريتهم وأنتم الذين أخرجتموهم للقتال بسبب مناصرتكم لحلفائهمٍ ومناصرتهم لحلفائهم؛ ولذلك يقول تعالى تنديدا بحالهم وتناقضهم: #وهو محرم عليكم إخراجهم» . ومعنى # تفادوهم» أى تدفعون دياتهم؛ لأن فدى ويفادى تدل على أحد معنيين إما أخذ الفدية ممن يدفعها أو دفعها . وتفسر هنا بمعنى دفعها؛ لأنه المناسب للمقام من حيث وقوعهم فى التناقض فى أوامر دينهم وميثاقهم فهم قد أخرجوا إخوانهم للقتال ومع ذلك إذا وقعوا فى الأسر قدموا فديتهم اعتمادا على نص عندهم يقول: (إذا رأيت أخاك الآخر مملوكا فأخرجه من رقه) وبالتالى إذا رآه مأسورا أخرجه من أسره وإنه كان عليه ألا يكون سببا فى إخراجه» وإنه محرم عليه إخراجه فلا يكون سبب الرق لذا قال تعالى : #وهو محرم عليكم إخراجهم» والحال والحكم الثابت المبين أنه محرم عليكم أن تخرجوهم» فإذا كان محرما عليكم ألا تتركوهم أسرى» فإنه من المحرم عليكم قبل ذلك ألا تخرجوهم فيكون ذلك سبب الأسر. ولذلك قال تعالى مستنكر حالهم: #أفْتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون يبعض» الفاء للوفصاح عن شرط مقدرء تقديره إذا كانت هذه حالكم فأنتم تؤمنون ببيعض الكتاب وتكفرون ببعضء. والهمزة للاستفهام قدمت على الفاء لآن الاستفهام له الصدارة دائما. تفسيرسورة البقرة اللللل الل الل للفلل اللا ١١ الاك‎ 7: يي والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع لأنهم بعملهم هذا يؤمئون ببعض الكتاب وهو تحريم البقاء على الأسرء ويكفرون ببعضه الآخرء وهو تحريم سفك دمهمء وإخراجهم من ديارهم للقتال» فهو استفهام لإنكار الواقع» ولومهم عليه» وبيان أنه تناقض فى إيمانهم ينفذون ما يكون هواهم فى تنفيذه»ء ويجحدون بما لا يكون لهم هوى فى تنفيذه فاتخذوا إلههم هواهم وإن هذا يؤدى إلى هوانهم وذلهم ووصفهم بالعار الدائم؛ ولذا قال سبحانه فما جزاء من به يفعل ذلك منكم إلا خزي في الْحيَاة الدنيًا 4 الخزى : الهوان والعار والذلة» والفاء للترتيب» فإن الأمر الذى يترتب على تسليم أنفسهم لسفك دمائهم وإخراجهم من ديارهم يترتب عليه خزيهم بتسليم أنفسهم» وعار لخيانتهم لأقوامهم» ووراء ذلك كله الذلة وهوان أمرهم بين الناس » وإن ذلك جزاء مأخوذ من العمل في ذاته » ولذلك بين القرآن الكريم أنه لا جزاء سواهء وذلك بالنفي والإثبات بالاستثناء» أى: أن الذين يفعلون ذلك الفعل لا جزاء لهم إلا العار والذلة والمهانة» وإذا كان ذلك هو المتعين جزاءً فهو من العفل فى ذاته؛ ولذلك كانت الإشارة إليه فى قوله: «إذلك» إشارة أن الفعل ذاته هو العلة. والحياة الدنيا هى الحياة الحاضرة» وسميت الدنيا» فهى موّنث أدنى؛ لأنها القريبة المرئية المحسوسة» والحياة الآخرة هى الحياة الحقيقية الدائمة التى تكون سعادة دائمة» أو شقوة مستمرة. وإذا كان ذلك جزاء فى الدنياء فجزاء الآخرة أشد وأبقى؛ ولذلك قال تعالى: #ويوم القيامة يرون إلَئ أَشَد الْعَدَاب» ويوم القيامة هو يوم الحساب والعقاب أو الثواب» بعد البعث والنشورء وقوله تعالى: #يردون إِلَيْ أَشْد الْعَدَاب» يفيد بإشارة اللفظ إلى أنه مرجعه إلى عذاب سابق» فالخزى عذاب دنيوى نتيجة لفعلهم» وهذه هى الدفعة الأولى» ويردون بعد ذلك إلى أخصرى يوم القيامة فيها أشد العذاب وأنكله . وقد بين سبحانه وتعالى أن حسابهم عند الحكيم العليم الذى لا يخفى عليه شىء؛ ولا يغفل عن شىء؛ ولذا قال تعالى: #إومًا الله بعافل عما تعملون <22)>» تفسير سورة البقرة للك الل 251 ام سر اق نفى الله تعالى بهذا النص السامى نفيا مؤكدا أن الله غافل عما يفعلون» فإذا كانوا هم ينسون ما يفعلون من آثام لاستمرائهم لهاء واستمرارهم عليهاء فالله تعالى لا ينساهاء وقد أكد سبحانه نفى ذلك بالباء فى قوله تعالى: #بغافل» وبنفى وصف الغفلة عن ذاته العلية» بأن الغفلة ليست من شتونه» وقوله تعالى: عَم تعملون» إشارة إلى إحصائه سبحانه وتعالى أعمالهم حال عملها وحال تلبسهم بآثامها. تنبيه: هذه الآيات نزلت فى بنى إسرائيل » والخطاب لهم ابتداء» ولكنه شامل عام فى عبرته بالنسبة للآمم جميعهاء وخصوصا الأمم التى تقوم على مبادئ رسالة إلهية من السماءء فإنها يجب أن تكون بناء واحدا قائما لا تتداعى لبناته فيهوىء والنبى عله قال فى أمته: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)217. وأوجب الإسلام على المسلم أن يعين أخاه المسلم فى شدته وكربته» فقال: «من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته)20", وقال كله «المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه»”" ومع ذلك فعلنا الكثير : نحن المسلمين فى عصرناء وهو امتداد لعصور قبلنا من العصر العباسى الثانى إلى اليوم؛ سفكنا دماءنا بأيدينا لهوى الملوك» وفساد الحكام؛ فكانت الحرب بين المسلمين شديدة لُحيّة وصار كل فريق يرى فى الآخر عدوه الذى ينتهز الفرص للقضاء عليه» وصار بعضهم يغرى أعداء الإسلام من الوثنيين وغيرهم بالمسلمين» حتى وقعوا بالمسلمين وحاربوهم حرب إفناء. دلق متفق عليه ؛ رواه اليخارى : كتاب الأدب (؟هممه) ومسلم: كتاب البر والصلة (586:) واللفظط له عن النعمان بن بشير رضى الله عنه . (1) عن عبد الله بن عُمَرَ رْضئ الله عنما أذ سول الله يكل قَال: «الْمُسلم أخو املو لا يَظْلمَهُ ولا يسلمَة وس كان فى حَاجة أخيه كان للُّ فى حَاجَنء َم فرج عن مُسلمٍ كُربَة فرج الله نه كَريَة من كرات يوم القيّامة وَمَنْ سكّر مسلمًا ست الله يوم الْقامّة». [متفق عليه؛ أخسرجه البخارى: كتاب المظالم والغصب (0759): ومسلم: كتاب البر والصلة (451990)). (") انظر السابق. وروى أحمد عن ابن مر أن الى يك كَانَ يول ل «الْمُسَلم أخخو و الْسّلمٍ لا يَظلمه ولا يُخذلهك ويقول: «رَالّذى نفس مَحَنَد بيده م توأ اثْنَان ففرق بِِنَهُمَ إلا بذَنب يحدثهُ أحدهماف وكان 5 2 كو له 5 يَقول: اللمرء ٠‏ الْمُسْلم علَى أخيه من الْمََرُوف مستا: يَشَيتهإَ عطس يموده ا مَرض» وينصحه إذَا ل قرع مسري و ليه 00 غاب وبشه ه ويسلم عليه إِذَا لقي ويجيبة إِذَا دعام ويشعة ذا مات ونهى عن هجرة ة المسلم أخاه فوق ثّلاث» [مسئد المكثرين زف 00 ل تفسيرسورة البقرة ل امل ولقد كانت الأرض الإسلامية لبهم قطعة قطعة. وفى المسلمين أقوياء لا يرون للدين حقا عليهم يوجب أن ينقذوا إخوانهم من المؤمنين» فقد كان النصارى يعذبون المسلمين حتى أفنوهم فيهاء والأتراك من النظارة الذين ينظرون ولا يتحركون. وجاء العصر الأخيرء فرأينا أعداء الله وأعداء الإسلام يجندون من المسلمين من يحاربون المسلمين» ووجدنا من الذين يتمسحون باسم علماء الدين من يؤيدود محارية المسلم للمسلم» ووجدنا فى السنين الآخيرة من الحكام من يقتل المقاتل العظيمة فى المسلمين من رعيتهء حتى يلجتهم إلى الوثنيين لينقذوهم. وتذهب جماعات إسلامية» وقنًا بعد آخر ووجدنا بيت المقدس يخربه اليهود ويستولون عليه» ووجدنا من الملوك من يؤيدونهم .. اللهم لأحول ولاقوة إلا بك وأنه ينطبق علينا قولك الحكيم : (فمَا جزَاء من يفْعلٌ ذلك منكم إل خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يُرَدُونَ إلى أَشَدَ العذّاب وما الله بغافل عم تعملون غزينة © . وإن أولئك الذين يسفكون دماءهم» ويخرجون أنفسهم من ديارهم باعوا آخرتهم بدنياهم» وكانت الحياة الآخرة هى الثمن للدنيا التى اشتروها؛ ولذلك قال تعالى : « أولتك الّدين اشتروا الْحياة الدنيًا بالآخرة قلا يُحَقَْفْ عنهم الْعذاب ولا هم ينصرون ردي © الإشارة إلى الذين سفكوا دماءهم وأخحرجوا أنفسهم من ديارهم» ونقضوا مواثيق الله التى جاءتهم بالأحكام التكليفية» والإشارة إلى الموصوفين بصفات تشير إلى أن هذه الصفات هى سبب الحكم الذى يقترن باسم الإشارة» أى أن هؤلاء بسبب أوصافهم قدا شتروا الحياة الدنيا بثمن هو أغلى الأثمان» وهو الآخرة» ولكننا ند أنهم خسروا فى الدنيا؛ لأنهم الحقهم الخزى والعار» وفسدت نفوسهم» حتى صارت كالقردة والخنازير» وإن ذلك حق.». ولكنهم فهموا الدنيا متاعا يستمتعون به كالحيوان فاشتروا هذه الدنيا التى زعموهاء وتركوا الآخرة فاستبدلوا الذى هو أدنى بالذى هو خير. ومع أنهم طلبوا الحياة» وتركوا الآخرة لم ينالوا ما طلبوه طيباء بل أخذوه ذليلا مهيناء مصحوبا بالخزي» ولكنهم يريدون الحياة الدنيا على أية صورة كانت» ولتجدنهم أحرص الناس على حياةء وإن جزاءهم فى الآخرة التى تركوها وباعوهاء سس سس سس 1ك سر ا قال الله تعالى فيهم: لفلا يُحَقّف عَنْهم الْعَدَاب4 الفاء فاء الإفصاح التى تفيد ترتب ما بعدها على ما يفهم مما قبلها. أى أنه بسبب تلك البادلة الخاسرة التى خخسروا فيها الآخرة لا يخفف الله تعالى عنهم العذاب الشديد الذى يستقبلهم؛ لأن أسباب التشديد من التقاطع والتنايذ والحسد والجححود قائمة» ولا مسوغ للتخفيف قطء الشفعاء» وقتلوا النبيين . استكبارهم على الرسل وَلَعَرْ ءَائَسنَا مُومى الْكتاب وها من 4 7 نه را ا سول بَعَدِوء با سل و 0 روح الْعد ين أَفَكلما جا كم سول يمَا لا وئ أنشتَكم و شكارم عرد قر وَفَالُوأ ُلُوبسا سابل تمأ كُفْرِهم معلا موود 22 ذكر الله تعالى المواثيق التى أخذها على بنى إسرائيل» وكيف نقضوا ميثاقا بعد ميثاق حتى ما يتعلق بسلامة جماعتهم» وحمايتهم لأنفسهم. بعد ذلك». ذكر استقبالهم للرسل» وكتبهم فقال تعالى: «ولقد آتينا موسى الكتاب وَقَمَينَا من بعده بالرسل», الكتاب الذى أنزله الله على موسى هو التوراة» وليس هو الذى يطلقون عليه اسم التوراةء أولاً: لأنه يشتمل على أخبار الأنبياء من بعده داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء الذى جاءوا من بعدهء فلا يمكن بالبداهة أن يكون قد نزل على موسى ما جاء بعده من أخبار نبيين جاءوا من بعده بمئات السنين» وثانيا: لأنهم حرفوا وغيروا وبدلوا ونسوا حظا كثيرا ما نقل إليهم» ولا يزالون يحرفون» ويغيرون ويبدلون» ويعبثون. وإن الكتاب الذى نزل على موسى هى الأسفار الخمسة» حرفوها وغيروا وبدّعواء ولا يزالون يفعلون. أتى الله تعالى موسى عليه السلام إل تفسيرسورة البقرة 51 1 3 لل الكتاب الصادق» الذى هو حجة عليهم » وليس ما بأيديهم حجة لهم لأنهم كتبوه يديهم ليشروا به منا قليلا وي لهم مما تبت أبديهم وزيل لهم مما يكسبون وإن الله تعالى أرسل الرسل من بعد موسى» ليؤيدوا ما دعا إليه فى الكتاب الذى نزل عليه؛ ولذا قال تعالى: لوقَقينَا من بعْده بالرّسل» أى جاء بعده رسل تترى» رسولا بعد رسولء فمعنى قفينا أرسلنا رسولا وراء رسول وراء رسول لأن التقفية التتابع بحيث يكون كل رسول فى قفا الرسول الآخر وراءه» ومعنى هذا التتابع أن يكون الجميع على نمط واحدء وغاية واحدة» فإن الخط المستقيم المتتابع فى نقطة ينتهى إلى نقطة واحدة» وهى الوحدانية» والتكليفات الإلهية الواحدة» كما قال تعالى : شرع لَكم من الدين ما وصئ به نوحا والّدي أُوحينا إِِيك وما وصينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أقيموا الذين ولا تْرقُوا فيه كبر علَى المشركين ما تدعوهم إليه الله يُجتبي إليه من يشاء ويهدي إِلَيه من ينيب 27 4 [ الشورى] . ولقد ذكر بعد ذلك عيسى عليه السلام» وقد بعث فى اليهودء أى كانت دعوته الأولى فى اليهودء ومعه المعجزات الباهرة فقال تعالى: ذإ وآتينا عيسى ابن مريم البيّتات وأيدناه بروح القدس » ذكره سبحانه وتعالى فى ضمن الرسل الذين تتابعوا من بعد موسى» وقفاهم الله تعالى به» رسولا بعد رسولء» فهو رسول من بينهم » ولكن اختصه تعالى ببينات أى معجزات حسية باهرة قاطعة فى الدلالة على رسالته» ولكنهم كفرواء وقد ذكر سبحانه وتعالى هذه البينات فى آيات أخرى من القرآن» منها ما جاء فى سورة آل عمران» فقد قال تعالى مبشرا مريم بولادة المسيح عليه السلام, وهى مستغربة أن يكون من غير أب: ل قَالْت رب أن يكون لي ولد ولّم يمْسَسبِي بَشر قَالَ كذلك الله يَحْلق ما يشَاء ذا قضئ أمرا فإِنّمايقول لَه كن فيكون +520> ويعَلَمَهُ الكتاب والحكمة والعَوراة والإنجيل 27> ورسولا إلى ؛ بني إسرائيل أَنِي قد جنتكم بيه من وَبَكُمْ ني أََق كم من الين كهينة الطير نف فيه فيكُون طيرا ين الله وبر الأكمه والأبرص وأحبي الموتئ يإذن الله بكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لَكُمْ إن كشم مُؤمدينَ :437 ومصدقا لما بين يدي م من التُوراة ولأحل لَكُم بعض ل ل تفسير سسورة البقرة ل ل ل 00 الذي حرم عليكُم وجد نتكم بآية من رَبَكُم فَانُوا الله وأطيعون 22 إن الله ربي وربكم قاعبدوه هذا صراط مستقيم :)> 4 [آل عمران]. هذه بعض البينات» وذكرت بينات أخرى فى سورة المائدة منها أنه بإذن الله يرد الحياة إلى الموتى» والفاعل هو الله تعالى وأجرى الإحياء على يد عميسى عليه السلام» وأنه ينادى الموتى من قبورهم فيخرجون بإذن الله تعالى العلى القدير» وأنه نزل عليه مائدة من السماءء فكانت آية أخرى . وفى هذا المقام لابد من ذكر أمرين: أولهما - أن اليهود كفروا بهذه الآيات البينات» ولم يذعنوا للحق وحاولوا قتل المسيح عليه السلام» وأرادوا أن يكون فى عداد النبيين الذين قتلوهم». ولكن الله تعالى حماه منهم» وادعى النصارى الذين جاءوا بعد المسيح عليه السلام أنهم قتلوه لأوهام توهموهاء وأكاذيب اخترعها بولس الذى كان له عدوا مبيئًا. الأمر الشانى - وهو لماذا كانت هذه البيئات الخارقة للعادة للمسيح من بين سائر النبيين؟ وإن كان لمحمد يَلكِْةٌ ما هو أجل وأعظم. وجاء مثلها على يديه ولكنه لم يتحد بهاء بل تحدى بالقرآن العظيم الخليقة كلها فى كل أجيالهاء ولا يزال يتحدى العصور إلى اليوم . كانت معجزات عيسى أو بيناته كما عبر القرآن الكريم من هذا النوع؛ لأن اليهود ما كانوا يؤمنون إلا بالمادة ولا يعترفون بالروح فى كتابتهم. ولا فى أنفسهم. ولا فى دراساتهم الدينية فى العصر الذى بعث الله تعالى عيسى عليه السلام فيه ولا العصر الذى قارنه وسبقهء فكان لابد من أمر روحى يقرع حسهم وحالهم المادى فكان خلق عيسى عليه السلام» وكان أمر خارقا للعادة مبطلا سلطان المادة» وكانت المعجزات كلها من الناحية الروحية فهو يخبرهم بما يأكلون ويدخرون فى بيوتهم» وهو يبرئ الأكمه والأبرص وهو ينفخ فى الطين فيكون طيراء وهو يحيى الموتى» وهو يخرج الموتى من قبورهم بإذن الله تعالى» والله تعالى ينزل المائدة فيأكلون تفسيرسورة البقرة الل منهاء كما كان ينزل المن والسلوى على بنى إسرائيل عند خروجهم من مصرء وهم هذا بالنسبة لبنى إسرائيل خاصة, أما بالنسبة للعقل البشرى عامة الذى عاصر المسيح عليه السلام» وكان فى القرون التى قبلهاء فهو أنه عصر الفلسفة الأيونية التى تولدت منها الفلسفة اليونانية» وقد كان هذا العصر تسوده فلسفة الأسباب والمسببات فلكل شىء سبب عادى» وكل سبب هو سبب لشىء وأتبع سبباء فالوجود كله يؤثر بعضه فى بعضهء فالولد يكون من أب وأم, يِكَوّن من أصلاب الآباء وبطون الأمهات» والأبرص والأكمه لا يشفيانء ولا يمكن أن يعود الميت حياء ولا أن يخرج الأموات من قبورهم. وهكذا فكان لابد من قوارع تبين أن الأسباب والمسببات من الله» الله تعالى أبدعها بديع السموات والأرض» وهو يغيرهاء وهو الفعال للا يريد. لقد تطاولوا حتى قالوا: إن الوجود منشأ من موجده بنظام الأسباب والمسببات» فهو وجد منه وجود المعلول من علته »فهو ليس مختارا حتى فى وجودهء تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا» فهو القادر المختار المريد العليم السميع البصير» ليس كمثله شىء وهو فعال لا يريد. كانت معجزات عيسى عليه السلام قاطعة فى إبطال الأسباب العادية والمسببات ولوازمهاء فتعالى الله» وتقدست ذاته وتنزهت صفاته . وما يدعى من أن عصر عيسى عليه السلام كان عصر علم الطب لا يؤيده التاريخ » بل كان اليهود الذين بعث فيهم عيسى وخاطبهم برسالته ومعجزاته كانوا أجهل الناس بالطب كما حكى عنهم الفيلسوف المسيحى ريئنان فى كتابه . أيد الله تعالى المسيح عليه السلام بالبينات الباهرة» ولكن بنى إسرائيل كفروا بهاء وأيده عليه السلام بروح القدس. فقال تعالى: #وأَيّدنَاه بروح القدس» وروح القدس هو جبريل رسول الله تعالى إلى رسلهء كما قال تعالى: 9 وما كان لبشر أن يُكلَمَه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يُرسل رسولاً . .. يمه » [الشورى] فالرسول ا تفسير سورة البقرة الملل لللئلللا 0 اي لحر أ الذى يرسله الله تعالى إلى رسله هو الملك جبريل عليه السلام؛ وقال حسان بن ثابت رضى الله تعالى عنه: وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس به خفاء وقال تعالى: 9 تزل به الروح الأمين +4052 [الشعراء]» وروح القدس من إضافة الموصوف إلى الوصف» أى الروح القدس أى الطاهر وقد وصف بالأمين» كما ترى فى الآية التى تلوناء وليس إلهاء ولا ثالث ثلاثة كما قال الذين لا يؤمنون إلا بالأوهام » وهم النصارى الذين يتبعون بولس عدو المسيح » ولا يتبعون المسيح رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم . كفر بنو إسرائيل بالمسيح عليه السلام» وقد أتى بهذه البينات القاهرة» ولكنهم كفروا استكبارا عن اتباعه عليه السلام» ولأن ما جاء به يخالف أهواءهم فهم يريدون الرسول داعيا إلى ما تهوى أنفسهمء والكفر ملازم لكل من جعل إلهه هواهء فهو يدين لكل ما يتبع أهواءهم» ولا يدينون دين الحق الذى يقوم الدليل على صحتهء وأنه من عند الله؛ ولذلك قال الله تعالى فى بنى إسرائيل: لأَفَكُلُمَا جاءكم سول ما لا تَهوَئ أَنفْسُكُمٌ استَكيرتم» . والهوى هو الميل إلى الشىء بالانحراف» ويسمى الهوى هوى لأنه يهوى بصاحبه إلى الباطل من كل شىء فهو يهوى إلى الخلق الفاسد. وإلى الضلال» ومن بعد ذلك يهوى به إلى النار. وإنهم يرفضون طاعتهم للحق إطاعة لهواهم ولكنهم يسترون ذلك بالاستكبار» واستصغار الحق ومن يدعو إليه مستعلين عليهء كأنهم هم وحدهمء حملة الرسالة الإلهية ولايحملها سواهمء لأنهم أبناء الله وأحباؤه؛ ولذلك كانوا مستمرين فى غوايتهم . قوله تعالى: #أَفْكُلّمًا جاءكم4 الفاء لترتيب ما بعدها من حكم على ما كان قبلها من كفر متوال مستمر» والهمزة للاستفهام وهو لإنكار الواقع الذى هم فيه؛ تفسيرسورة البقرة الل باللا وكلما شرطية تدل على تكرار الفعل وهو الجواب إذا تكرر الشرطء والمعنى يتكرر منكم الاستكبار كلما جاء نبى من الأنبياء بما لا تهوى ولا تحب أنفسكمء وإن ذلك توبيخ لهم لحاضرهم وماضيهم على سواءء لأنهم فى الباطل أمة واحدة» يتبع خلفهم سلفهم» ويدين آخرهم بما يدين به أولهم» فهم جميعا يستكبرون عن الحق» وحالهم مع النبى يه هو حال أسلافهم مع أنبيائهم» فهم استكبروا عن إجابة النبى يكِدٌ لأنه ليس من بنى إسرائيل ولأنه لم يجئ بما تهوى نفوسهم. وإنهم إذ يستكبرون يرتبون من ماضيهم على الاستكبار إما التكذيب المجرد» كما كانوا يفعلون مع الأنبياء» وكما فعلوا مع عيسى عليه السلام» إذ حاولوا قتلهء فأنجاه الله تعالى منهم» وما قتلوه يقينا بل رفعه الله تعالى إليه» وإما التكذيب المقرون بالاعتداء الآثم؛ ولذا قال تعالى فيما ترتب على الاستنكار: طفَفْرِيقا كذبتم وفرِيقا تقتلون» . فالفاء للترتيب» أى ترتب على الاستكبار الآثم أن كذبتم» وأن زدتم على التكذيب القتل» كما فعلتم مع يحيى وزكريا عليهما السلام» وكما حاولتم أن تفعلوا مع عيسى فرد الله تعالى كيدكم فى نحوركم. وقد عللوا تكذيبهم للأنبياء الذى دفع إليه استكبارهم بقولهم: #وقَالُوا قلوبنا غلف» وغلف جمع أغلف وهو ما عليه غلاف أى غطاء يمنع وصول ما يدعو إليه الرسول إلى قلوبهم» وهو كقوله تعالى حكاية عن أمثالهم 9 وقَالوا قلوبنا في أكثة مما تدعونا إليه ... غ442 [فصلت] وذلك لأن الهوى إذا سيطر سد مسامع الإدراك الصحيح فيكون لهم قلوب لا يفقهون بهاء فهم لا يدركونء وهم إذ يحكمون على أنفسهم ذلك الحكم. فهو صادق فعلى قلوبهم غلاف من الهوى سد معرض عن الحق» وهم يقولون ذلك القول مصرين على التكذيب؛ ولذا قال تعالى: ابل لَعنَهم الله بكفرهم» أى طردهم سبحانه وتعالى من رحمته؛ وهو حكم تقريرى» مثبت لغلف قلوبهم. والإضراب فى قوله تعالى: بل لَعَنْهِم» إضراب عن قبول اعتذارهم» ورده عليهم بأن هذا طرد لهم من رحمة الهداية إلى كفر الغواية. با تفسير سورة البقرة ا امك ويفسر ابن عباس رضى الله تبارك وتعالى عنهما معنى قولهم فى قلوبنا غلف (إن قلوبنا ممتلئة علما لا تحتاج إلى علم جديد يأتى به الرسول محمد أو غيره» وقراً ابن عباس غلّف جمع غلاف» والمعنى أن قلوبهم امتلأت علما حتى الكظة ووضع عليها غلاف محكم يمنع أن يخرج العلم» ويمنع أن يدخل إليه غيره» وهو تعبير تصويرى ويتفق معه وصف استكبارهم» ويكون معنى : #إبل لعنهم الله» لعناهم ‏ وطردناهم» فالإاضراب فى «بل» رد لادعاء العلم بالنبوات» بل هو غرور راكز فى نفوسهم منعهم من إدراك الحقائق الدينية» والرسالات الإلهية التى انتهت برسالة خاتم النبيين محمد يَكلخ11 . وإن ذلك متفةّ مع قوله تعالى فى سورة النساء : : « فيما تقضهم مُيناقهم وكفرهم بآيات الله وقتَلهِم الأنبياء بغيرٍ حق وقولهم قُُوبنَا علْف بل طَبع الله عليه كفرهم قلا يؤمنوت إلا قليلاً +23 4 [النساء] . وقد رتب الله تعالى على تغليف قلوبهم ووضعهم الغطاء المانع من دخول الحق إليهاء فقال تعالى: طفَقَليلا ما يؤمنوت +4220 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها أى أنه ترتب تب على تغليف قلوبهم عن الحق ألا يؤمنوا به» و «ما» فى النص السامى الكريم للدلالة على القلة الشديدة» والمعنى فقليلا أى قلة يؤمنون» والعلة واضح أنها فى العدد لا فى الإيمان» فالإيمان لا يتجزأ إلى قليل أو كثيرء فهو كامل دائماء أو هو الإذعان للحق بعد تصديقه. وذلك لا يكون إلا كاملاء فالقلة والكثرة فى عدد المؤمنين لا فى مقدار إيمانهم» فالمعنى بسبب تغليف قلوبهم لا يؤمن إلا عدد قليل وقوله تعالى: #فَقَليلاً ما يؤمنون»* إن قليلا وصف لمصدر محذوف تقديره: إيمانا قليلا أى (قلة يؤمنون) والقلة كما أشرنا ليست فى أصل الإيمان» بل فيمن اتصفوا بالإيمان» لأنهم يكونون عددا قليلاء ومصداق ذلك قوله تعالى فى أهل )١(‏ عن أبى هَريرة رَضى اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول الله يل قَالَ: «إن مَكَلى متلى ومئل النْياء من قَبَلى َمل رَجل بتى ينا سه وكجمك إلا مضع له من وأويّة» تحتل لتر طوكوت ب جره ل م وضعت هذه لَه قَالَ فنا ال ونا خاتم التبيين» . [متفق عليه؛ أخرجه البخارى: كتاب المناقب (10/1؟95) ومسلم: كتاب الفضائل (475) وغيرهما] . م تفسيرسورة البقرة الااا060ال الل الالالال الكتاب : «( منهم أَمَة مقتصدة وكثير مَنْهُمَ ساء ما يَعمَلُونَ +22 4 [المائدة ] وقوله تعالى فى أهل الكتاب السابقين على رسالة محمد كَلةْ: <«( ليسوا سواء مَن أَهلٍ الكتاب أُمَة قائمة يلون آيات الله آناء اللّيل وهم يسجدون +49 يؤمنوت باللّه واليُوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المكر ويسارعون في الْخَيرات وأولتك من الصّالحين 43# وما يفعلوا من خير فلن يكفروه واللهُ عليم بالْمتّقينَ 43# 4 [آل عمران] . 50 2000 سلس يلد ص 0ج عر ا سس هه م فساءو يغضي عل عضب ول ١‏ عذاب هيرك م ره 7 1 دع ع و م ل 1 مس شر مره بر راسم َي وَإِذاشِل لهم ءا مسوأ يما انزل اللهقَا لوأ موْمِنَيِمَا 1 ساس عو 0070 ل لوس ضح سر لد 2 6 > ل م ا رار ل أَنزِلعلِسَنَا ود وستيماوراء ه.وهوا لحي مَصَدّقَا سا سس و ره يه 2 ري ع رصم ص بهد اب 2 ع و لِمَامْعَهُم قل فلم تَمَدلُونَ أيساء الله من فلن كنم غ2 سر حم موميايرت عيمه ذكرهم الله تعالى بأعمال سلفهم مع الأنبياء بصورة عامة) ثم بدأ سبحانه وتعالى أعمالهم مع النبى كَكِيْهٌ بصفة خاصة. وهى فى ذاتها أشد كفرا مما كان من أسلافهم مع الأنبياء السابقين» ولذا كان الخطاب متصلا بخطاب أسلافهم » فأسلااف أخذ عليهم الميئاق لايعبدون إلا الله». وأسللاف أخذ عليهم الميئاق ألا يسفكوا دماءهم وألا يخرجوا أنفسهم من ديارهم. خوطب أسلافهم بذلك». وكان الخطاب موجها ههه < ي- لهم» والميشاق فى رقابهم ولذلك ندد بقتلهم أنفسهمء وإخراجهم فريقا منهم من ديارهم . قال تعالى: لولم جاءهم كتاب مَن عند الله مصدق لْما مَعهُم» أخبر سبحانه وتعالى أنهم جاءهم كتاب» وهو قد جاء مع رسول من بنى إسماعيل عليه السلام بهذا الكتاب» فذكر الكتاب. وهو يقتضى أن يكون مع رسولء فأعلم بالكتاب لأن الآمر أنه كتاب يشتمل على المواثيق مثل المواثيق التى أخذت عليهم» ونقضوهاء فهو ميثاق جديد للمواثيق التى جاءتهم من قبل» ولم يذكر اسم الرسول؛ لأن الاعتبار لهذا الكتاب الذى وصفه الله تعالى بوصفين أنه من عند الله تعالى» وما يكون من عند الله جدير بأن يتقبلوه بقبول حسن» وأن يأخذوه بمأخذ الطاعة لأوامره ونواهيه. والوصف الثانى أنه مصدق لما معهم فهو مصدق لا جاء فى التوراة من وصف للنبى يِْدُ. ومصدق للموائيق التى أخذت عليهم من ألا يعبدوا إلا الله ولا يشركوا به شيئاء وأن يحسنوا إلى الأبوين وذوى القربى واليتامى والمساكين» وابن السبيل» وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» وأن يقولوا للناس حسنا من القول» ويترتب على ذلك المعاملة الطيبة» وإن هذا النبى الذى جاء معه الكتاب الذى أنزله الله تعالى» وهو مصدق لما معهم من أوامر ونواه ومواثيق أخذت عليهم بقوة ‏ قد كانوا يعلمون بمجيئه ويتوقعونه. ومعنى تصديق الكتاب لما معهم أنه تصديق لما معهم من كتاب كانوا يكتبونه بأيديهم» ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله» حتى يجىء بعض البهتانيين الكاذبين من دعاة نصرانية بولس» فيقولون إن القرآن صدق ما بأيديهم من محرف التوراة المحرفة والمنحرفة والإنجيل المحرف» إنما صدق القرآن الأوامر الأصلية مما اشتمل المواثيق التى أخذت عليهم بقوة» ولم يصدق الذى حرفوه ولا المنحرف عن الحق والخلق المستقيم» كالذى اشتملت من أن نبى الله داود زنى بحليلة جاره» وأرسله إلى الميدان ليخلو له وجه عشيقته. ذلك إفك بين لا يليق بأخلاق نبى جعله الله تعالى خليفته فى الأرض ولا يليق بذى خلق كريم. فهل هذا ما صدق به تفسيرسورة البقرة الملل االو االللوو الل الكتاب ما معهم» ذلك هو الضلال البعيد» ولن يكون فى كتاب منزل من عند الله» ولا يدّعيه إلا الذين هوت نفوسهم إلى مثل هذا الحضيض الأوهد من الأخلاق. وإن اليهود الذين كانوا فى عصر النبى وليه كانوا يعلنون أنه سيكون نبي» وأنهم يتوقعون أن لا يكون منهم كما ذكر من قبل؛ ولذلك قال الله تعالى: «وكانوا من قبل يستفتحون على الّذينَ كقروا» السين والتاء للطلب أى يطلبون الفققحء والفتح هو النصر كما فى قوله تعالي: ل« فَعَسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ... +200 4 [المائدة] وأطلق الفتح على النصر العادل» لأن النصر يفتح الطريق أمام الحق» وقد بشر الله تعالى بالنصر فى قوله تعالى : < إن قن لك قا ينا :412 ليقفر لك الله ما تقذم من ذنباك وما تأر ويم نعسته عليك وتديك صبراطا مُستقيما > وينصرك الله نصرا عزيزا <ل2) » 1 الفتح ] . كان اليهود إذا كانوا فى حرب مع المشركين تمن يجاورونهم فى المدينة يطلبون النصر بالنبى الذى حان حينه وحل» أوانه ويحسبون أنه سينصرهم على المشركين؛ لأنه سيجىء بمحو عبادة الأوثان وتحطيمها. روى محمد بن إسحاق بسنده عن قتادة الأنصارى عن أشياخ منهم: قال: فينا والله وفيهمء (يعني فى الأنصار واليهود الذين كانوا جيرانهم) نزلت هذه الآية: «ولمًا جاءهم كتاب من عند اللّه مصدق لما معَهم وكانوا من قَبْلَ يُستفتحون عَلَى الْذدِين كَقَروا قَلَمَّ جَاءَهم م عقوا كرا به4 كنا قد علوناهم قهرا دهرا فى الجاهلية» ونحن أهل شرك وهم أهل كتاب» وهم يقولون: إن نبيا مسيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم» فلما بعث الله رسوله, وكان من قريش آمنا به واتبعناه وكفروا به. ولم يكن ذلك الاستفتاح بين اليهود من بنى النضير وجيرانهم فى المدينة» بل كان بين اليهودء وغيرهم فى داخل الجزيرة» يروى ابن عباس رضى الله عنهما أنه كانت يهود خيبر تقاتل غطفانء فلما التقوا هرمت يهود خصيبر فدعت بهذا إن تفسير سورة البقرة 0 اا عليهم» فكان إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء» فهزموا غطفان . كان معروفا عند اليهود ذلك النبى محمد يلل يستفتحون به ويدعون الله غير قبيلهم أنكروا معرفتهم» وادعوا أنه لا ينطصبق عليه أوصاف من كان يستفتحون به» وهم كما قال الله تعالى: ف[ يعرفوته كما يعرفون أبناءهم ... +20 4 [البقرة ] . ولذا قال تعالى: طقَلَمَا جاءهم ما عَرفُوا كفروا بد4. الفاء للترتيب أي أنهم مع هذا الاستفتاح ترتب نقيضه وهو أنهم لما جاءهم الذي عرفوه جحدوه وكفروا به فهم رتبوا على الشىء نقيضه وبدل أن يذعنوا للحق الذى عرفوه أنكروه وكفروا به وهكذا شأنهم هم وأسلافهم دائما يعرفون الحق ويكفرون به» عرفوا باطل فرعون ومع ذلك اتخذوا العجل . عبر قوله تعالى عن إدراكهم للنبى كَلكٌ وعلمهم به بأنهم عرفوه» والمعرفة هى العلم الجازم المطابق لبواقع عن دليل» ومع ذلك كفروابه. فكانوا مطرودين عن رحمة اللهء والحق الذى جاء به النبيون» ولذا قال تعالى: #فلعنة اللّه على الكافرين»* الفاء للإفصاح.» إذ تفصح عن شرط مقدر مؤداه إذا كانوا قد كفروا بما عرفوا واستيقنوا فلعنة الله تعالى عليهم» وأظهر فى موضع الإضمار للتصريح بأنهم صاروا فى عداد الكافرين» وخرجوا عن دائرة المؤمنين الذين يؤمنون بأى شىء فى كتابهم فهم قد كفروا بكتابهم وبا عندهم واللعنة هى الطردء ووراء الطرد المذلة» وإن كفرهم هو السبب فى طردهم وذلتهم. #بكسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل اللّهِ بغي أن يَرَلَ اللّه من فضله عَلَى من يشاء من عباده 4 بئس من أفعال الذم كنعم من أفعال المدح» ويكون معها تمييز ثم يعقبه المخصوص بالذم أو المدح كأن تقول: نعم محمد رجلا» ف «رجلا) ييز تفسيرسورة البقرة الالالال ومحمد المخصوص بالمدح أو الذى يمدح. وقد تكون «ما» هى التمييز فتكون نكرة تامة بمعنى شىء مذموم. ف (ما» - هنا على ما يخرجه النحاة نكرة موصوقة بالذم - لما اشتروا به أنفسهم - ويكون المعنى بئس شيئا مذموماء والمخصوص بالذم هو أن يكفروا بما أنزل الله بغيًا .. إلى آخره. فاشتروا هنا بمعنى باعواء أى أنه يئس هذا الفعل الذى باعوا أنفسهم أن يكفروا بما أنزل بغيا ظلما وحسدا وحقدا. هذا ما يقوله النحويون فى «ما» ونحن لا نرى مانعا من أن تكون اسمًا موصولا بمعنى الذى» فيكون المعنى بئس الذى باعوا به أنفسهم فقد باعوها بأمر حقير مضرته شديدة وهو أن يكفروا بما أنزل الله تعالى من قرآن كريم هاد إلى الرشاد وإلى سواء السبيل» وقوله: بغيا مفعول لأجله أى لأجل ما فى نفوسهم من حسد أدى إلى ظلم شديد» والبغى فى أصله طلب الشىء بشدة» إرضاءً لهوى» وأن ذلك يؤدى إلى أن يطلب الشىء بغير حله؛ وإلى الظلم؛ ولذلك أطلق البغى على الظلم الذى يستغى ويطلب فى حرص ولذا يقول تعالى: «إإِنّ الله يُأمر بالعدل الإحسان وإيتاء ذي القرتئ وين عَن الْحشاء وَالْسْكْرٍ والبَغي يَعظكم لعلكم تَدَكْرون يت # [النحل]. وإن ذلك البغى الناتج عن الهوى والحسد هو أنهم يكرهون أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده ومعنى النص الكريم #أن يكفروا بمًا أَنزل الله لأجل البغى المستكن فى نفوسهمء وهو كراهية أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده. فهم ارتكبوا إثمين كبيرين بذلك: أولهما ‏ الكفر بما أنزل الله تعالى وذلك إثم فى ذاتهء وهو كفر مبين؛ لأن من يتكر ما أنزل الله تعالى» وقد قامت بيناته؛ وعرفوه من قبل فى كتبهم فقد كفر كفرانًا مبيئًا . . وثانيهما ‏ أن الباعث إثم عظيم واغترار» بأنهم المختارون وحدهم لرسالة الله - فمعنى #إمن فضله» أى من رسالة ربه» فهى من فضل اللهء والله ذو الفضل العظيم» يختص برحمته من يشاء والله أعلم حيث يجعل رسالته. ب تفسير سورة البقرة ااا افك إن اليهود يحسدون محمد يللد لأنه جاء من ولد إسماعيل لا من ولد إسحاق» يريدون أن يكون خاتم النبيين من ولد إسحاق» فهم يكفرون بما أنزل الله تعالى لآنهم يكرهون أن ينزل الله رسالته على من يشاء من عباده. فهم يريدون أن تكون إرادة الله تعالى على هواهم فى إرسال الرسل» وقد بين الله تعالى أن ذلك أدى إلى غضبه عليهم» وبعدهم عن رحمته؛ ولذا قال تعالى: طقبَاءو بفضب علَى غضب* أى فرجعوا وكانت النتيجة لهذا البغى والحمسدء أن نزل بهم غضب» والمراد أنهم باءوا بتغضب متزايد متكائر شديد لتزايد أسبابه» وتعدد دواعيهء وبواعثه . ويقول فخر الدين الرازى: «إن غضب الله تعالى يتزايد ويكثر فلا يكون غضبه على من كفر بخصلة واحدة كغضبه على من كفر بخصال متعددة) . وقد كفر اليهود الذين خاطبهم النبى كَكِيْهٌ مرتين كما أشرنا؛ إحداهما - بكفرهم بما أنزل الله تعالى» وقد عرفوه من قبل» وكانوا يعرفون النبى كَكْةِ كما يعرفون أبناءهم» والثانية ‏ أنهم يريدون أن يكون أمر الله تعالى فى رسله على هواهم . 00 ولذلك قال تعالى: #قَبَاءو عضب علَى عَضَّبِ» والغضب يكون حال تليق بذات الله تعالى يتجلى فى عدم رضاه وإنزاله العذاب بمن يغضب عليه وطرده من رحمته ولعنه. وكل ما يذكر الله تعالى من صفات وأحوال يتشابه أسماؤه مع ما يتصف به من صفات وما تكون عليه من أحوال لا يكون مشابها لناء بل يكون أمرا يليق بالذات العلية: 9 ليس كمثله شيء وهو السّميع الببصير 411 » [الشورى] تعالى الله عن مشابهة الحوادث . ولقد ذكر سبحانه وتعالى ما ينزله بهم سبحانه من عذاب فقال تعالى: «وللكافرين عَذَابِ مهن أى عذاب يوقعهم فى الذل والمهانة» وذكر سبحانه وتعالى العذاب لهم بأنه مهين مذل موقع فى المهانة؛ لأنه عقاب لاستعلائهم الكاذب» وغرورهم حتى حسبوا أن الله تعالى يتصرف كما يهوون» وكما يبتغون» والله تعالى القاهر فوق عباده وهو الحكيم العليم . 2 تفسيرسورة البقرة وإن الله يذل دائما كل من يتطاول» ويتسامى بغرور». روى الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله َه قال: «اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك لا ملك إلا الله)27© , ونحن نقول مقتدين بالنبى يَللِلَة» متبعين له: اشتد غضب الله على كل عتل جبار أذل البلاد» وأفسد العباد » وأنه القادر الذى ليس فوقه أحد. يبغون حسدا لغيرهم إذا قيل آمنوا بما أنزل الله قالوا لا نؤمن إلا بما أنزل عليناء ولذلك قال تعالى فيهم: وإذًا قيل لهم آمنوا بمًا أنزل الله قَالُوا نؤمن بما أنزل عَلَيا لس وير ويكفروت بما وراءة» . كان الكلام للغيبة» ولم يكن بالخطاب لأنه للحاضرين من بنى إسرائيل إذ هم الذين يعتذرون ذلك الاعتذار وبه يجحدون ذلك الجحود » وكان الكلام ةا تنديد بهم وبأسلافهم من قبل» وقوله تعالى: #وإذًا قيل لهم4 بالبناء للمجهول لكثرة القائلين» فكتبهم تقول لهم ذلك» وهم أنفسهم كانوا يقولون ذلك, إذا كانوا يستفتحون على الذين كفروا بالنبى الأمى كَل والنبى كَل والمؤمنون يدعونهم» وحلفاؤهم من المؤمنين كانوا يدعونهم» فكثر القائلون» وإن البناء للمجهول له معنى آخرء وهو تركيز القول على ما يكون من ردهم للداعى فهذا موضع اللام» فلا لوم على من قال فلا حاجة إلى ذكره, إنما اللوم كله فى ردهم. القائل يدعوهم إلى الإيمان بما أنزل فيقول آمنوا بما أنزل الله تعالى» فالله هو الذى أنزله وهو جدير بالإيمان به» لأنه من عند الله والكفر به كفر بالله تعالى. (1) أخرجه بهذا اللفظ أحمد فى مسنده (44410) عن أبى هريرة قَال: َال رسول الله يكل : «اشيّدَ عضب اللّه د على لاقع لك م عر وجل على رَجل قَعَلَه ليه - وكَال روح : قََلَهُ ُو الله شد خضب الله َلَى رَجُلٍ تَسَمَى ملك الأملاك؛لا ملك إلا لله عر وَجَل) . وهو متفق عليه رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة: «أخيّع امم عند الل وال فيا عير مر أت الأسمّاء عند الله رج تسممي بملك الأملاك» . َال سفيان: يقول غيره : تفسيره ه شاهان شاه. وهذا لفط البخارى : الادب (0778). وبنحوه عند مسلم : الآداب (3"9917) . تفسير سورة البقرة الملل الول حي لجل ب 2 وردهم نؤمن بما أنزل عليناء أى لا نرى الإيمان إلا بما أنزل علينا نحن مع أن المنزل واحدء وهو الله تعالى ولكنهم يغالون فى اتباع هواهم وشهواتهم» فيزعمون أنه لا أنبياء إلا فيهم وإنهم يكفرون بما وراءه» أى بكل ما جاء بعده» فوراء يبين ما جاء خََلَمَهِم وبعدهم كما كفروا من قبل بعيسى عليه السلام. ويبين الله تعالى أن ما أنزل من القرآن هو الحق وهو مصدق لما معهمء فقد وصفه سبحانه وتعالى بوصفين أحدهما ذاتى وهو الحق أى أنه ثابت فى ذاته ما أتى إلا بأمور ثابتة يقرها العقل» وتقرها الفطرة» وتدل عليها البينات وهو ذاته معجزء مثبت وجوده بنفسهء لا يحتاج إلى بينات وراءه» والثانى إضافى وهو أنه مصدق لا تضمنته المواثيق التى أخذت عليهم» وهذا الوصف يرد زعمهم الفاسد» بإثيات عدم المغايرة بين ما جاءهم به النبى مَلكٌِْ وما نزل» وبين ما عندهم؛ فالآصل واحد وأن تفريقهم بين ما أنزل الله من قرآن» وما أنزل عليهم تفرقة بين شيئين غير متغايرين . إن كانوا يؤمنون حقا بالحق من كتبهم . ا ولكنهم قوم لا يؤمنون بشىء لا بما عندهمء ولا بما أنزل الله من قرآن كريم؛ ولذا قال تعالى مثبتا كفرهم بكل شىء»: بالوقائع التى كانت من أسلافهم؛ وارتضوها همء فقال تعالى: قل فلم تقتلون أنبياء اللَّه من قبل إن كنتم مؤمنين» . والمعنى: قل لهم يا نبى الله» إن كنتم تزعمون أنكم آمنتم بما عندكمء فلم تقتلون أنبياء الله؟ أى الأنبياء الذين بعفهم الله تعالى إليكم» وذكر الأنبياء مضافين إلى الله تعالى لإثبات جحودهم المطلق» وأنهم يعاندون أوامر الله تعالى سواء أكان من بعثه من ولد إسحاق أم كان من ولد إسماعيل» فقد قتلوا زكريا ويحيى» وهما من ولد إسحاق» وإنه إذا كان عندهم بقية من إيمان فما كان يسوغ قتل أنبياء الله؛ ولذلك قال تعالى فى ختام الآية الكريمة: إن كنتم مؤمنين» أى أن ما كان منهم فى ماضيهم وأمره حاضرهم يتنافى مع صفات المؤمنين وذلك تنديد بهم» وبيان أنهم لم يؤمنوا بالكتاب الذى جاء مصدقا لما معهم» ولا يؤمنون 42 ال تفسيرسورة البقرة 0 تَداوضل م بشوو. وأنش تايوست قد مسفك وَرَصسَاوكمْالطلوز 8 مَآءَاتَدَستكُم بِمُوَّوْوَآسْمَعُوأضَانُوأ ا ذفان اليف [ يزه ذل يمامأ 24 0 07 2 عم بحم بهد[ 2 0 شم وم # ره 901 م ا 8 تبين فى الآيات السابقة أن بنى إسرائيل كفروا محمد كله وقد كانوا يستفتحون به على المشركين وأنهم قرروا في ذاتهم ألا يؤمنوا إلا بما أنزل عليهم» فلا يؤمنون بالقرآن وإن جاء مصدقا لما معهم» وذلك الكفر أكبر العناد »وفى هذه الآيات الكريمات يبين الله تعالى أن العناد فيهم منذ أرسل موسى إليهم» لقد أتى لهم ببينات حسية قاطعة فى الدلالة على أن موسى أرسله الله تعالى لإنقاذهم . ولقد أوتى عيسى بينات كثيرة وكفروا به وحاولوا قتله» ولم يمكنهم الله تعالى منه» فما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم» وموسى عليه السلام أتى لهم فَاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم ... 21# 4 [الإسراء] ومنها العصا التى أبطلت سحر الساحرين» والتى ضرب بها البحرء فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم» والتى ضرب بها الحجر» فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناء قد علم كل أناس مشربهم» ومنها ما ظهر بين أيديهم ما جرى لفرعون وقومه»ء وقد قال الله تعالى فى سورة الأعراف : © وقَالوا مهما تأتنا به من آية لتَسحرنا بها فمَا نحن لك بمؤمنين +429 فَأَرسَلنا ليم الطُوفَانَ والجراد وَالْقمّل والضفادع والدم آيات مُقَصّلات فاستكبروا وكانوا وما مُجَرمينَ +29 ولا وقَع عَلَيْهِمْ الرَجرٌ قَالُوا يا مُوسى ادع لَنَا ريك بمًا عَهِدٌ عندك لدن ل ل تفسير سورة البمرة 000 كشفت عنًا الرجز لنؤمتن لك ولنرسان مَعَكَ بني إسرائيل +4239 فَلَما كَشَفنَا عنهم الرَجر إلى أجل هم بالغوه إذا هم يدكثون جوج 4 [الأعراف]. ولما خرجوا إلى سيناء ظللتهم السحاب من مَجيرهاء وأمدهم الله تعالى بالمن والسلوى. جاءهم موسى عليه الصلاة والسلام بالبينات القاهرة الظاهرة المحسوسات» ومع وضوحها وظهورها « اتُخَذتم» أى اتخذوه معبودا وهو مصنوع بين أيديهم وتحت أبصارهم» ولذا قال تعالى: #ولقد جاءكم موسئ بِالْبَينات» وقد أشرنا إلى بعضها أو جلها . ثم قال تعالى مخاطبا الذين عاصروا النبى كلو لأنهم فى تفكيرهم وجحودهم وعنادهم امتداد للسابقين يحذون حذوهم) وما يعملونه صورة ما عملوا والباعث واحد» ثم انعذتم العجل من بعده وم , ظالمون», والعطف بثم للمفارقة الواجبة بين ما تقتضيه الآيات الحسية الظاهرة من إيمان واتخاذ هم العجل معبوداء وهو لا يضر ولا م ولا عذر ولا مبرر إلا أن يكون التقليد لفرعون وآله وقومه الذين عبدوا العجل وكانوا يقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم لأهوائهم وشهواتهم. وقد قال تعالى: #وآنه نتم ظَالمونَ4 ولم يقل سبحانه وتعالى: وأنتم كافرون؛ لآنه كفر يتضمن أشد الظلم وأفحشهء فقد ظلموا أنفسهم بأن أعطوا قوة الحق» فأبوا إلا أن يستضعفوا ويذلوا لمن أذلوهم» وظلموا الحق وظلموا من أجرى الله تعالى على يده إنقاذهم فهو كفر يتضمن ظلماء وكما قال تعالى فى آية أخرى: ولكن كانوا أنفسهم يظلمون +422 4 [ البقرة] . هذه حالهم مع موسى الذى دفعه الله تعالى لإنقاذهم مع ما جاءهم من الببنات» فكيف يمكن أن ينتزع الضلال من قلوبهم بالقرآن الكريم يا محمدء فلا تأس على القوم الفاسقين . ا تفسيرسورة البقرة الللللا0ا00ا10اااااالللااالاا6ا080ا0االل ماللا إن اليهود لا يؤمنون بشىء مهما تكن قوة أدلته ومهما تكن قوة الدعوة إليه. لقد رأينا الآيات الكثيرة التى ذكر الله تعالى أنها بلغت تسعاء وكلها حسى قاهرء وفيه نعمة النجاة والرعاية الكاملة حتى ظنوا أنهم أبناء الله وأحباؤه» ثم بين بعد ذلك قوة الدعوة إلى الحق فقال تعالى: #وإذ أَحَدَنَا ميتاقكم ورَقعنا فوفَكم الطّور خَذوا ما آتيتاكم بقوَة واسمعوا»ك دعوة إلى الحق الذى قامت أدلته بميثاق أخحذه الله تعالى» وأخحذه وقد رفع الجبل فوقهم كأنه ظلة أظلتهم وطالبهم الله تعالى على لسان كليمه أن يأخذوه بقوة أى بجدء ولا يتحرفوا عن وأن يسمعوا إليه» ولا يخالفوه . اجتمع لهدايتهم قوتان قوة الدليل فى الآيات التسع» وقوة الدعوة فى الميئاق الذى أذ عليهم فى حال رفع الجبل فوقهم ودعوتهم إلى سماع الحقء فهل أجابوا؟ . #قَالوا سمعنا وَعَصِينَاك هذا ما جاء به القرآن نصا فى إجابتهم. وإن ما حكى الله تعالى عنهم من أنهم قالوا: # سمعنا» تفسر على ظاهرها فإنه كان النداء قويا والجبل مرتفع عليهم» طحُدُوا ما آنَيناكم بقرّة4 أى ما شرعناه لكم من شرائع بجد وعزمء لإواسمعوا» فإنه لابد أن يكون الجواب سمعتا4, أما ما حكاه سبحانه من أنهم قالوا: # وعصينا» فيصح أن تخرج على أنهم قالوها بألسنتهم. وذلك بعيد يتنافى مع قوة الميثاق وتأكده ومع طلب الأخذ بقوة أى بجد وعزم على التنفيذ» ولذا نستبعد ذلك الاحتمال لقيام القرائن ضده» وما نحسب أنهم وصلوا إلى هذه الحال أن ينكثوا بالعهد وقت توثيقه وأن يجاهروا بعصيانه» والعهد بينهم وبين المنقذ لهم» والعهد قريب» ولذلك قرر المفسرون أن كلمة عصينا مجاز عن أفعالهم» أى أن عصيانهم كان بلسان الفعال لا بلسان المقال» فهم قالوا سمعنا بالقول وقالوا عصينا بأفعالهم . ها تفسير سورة البقرة 0 حي بل بو و2 ويصح أن نقول: إن عصينا القلبية كانت مقارنة لسمعناء أى أنهم قالوا سمعناء وقلوبهم جافية معرضة كأنها تنطق بحالهم» وهو عصينا فكأنهم سمعواء وهم على نية العصيان فقلوبهم جافية عن الاتعاظ بما يسمعون. ولقد كان أوضح المظاهر التى دلت على عصيانهم» وأنهم سمعوا وعصوا هو عبادتهم العجل» أو بالتعبير القرآنى المنزه الحكيم اتخاذهم» ولذلك ذكره بعد تسجيل العصيان فقال: طوأُسْربوا في قُلُوبهم العجل بكفرهم4. بعض علماء اللغة يقولون إن المعنى على حذف مضاف تقديره حب العجل» وذلك ممجاز مشهور يسمى مجاز الحذف. فذكر القلوب» والقلوب لا تشرب العجول قالوا إنه مجاز بالحذف» والقلوب تنكت فيها المفاسدء روى عن النبى يِه أنه قال: «تعرض الفتن على القلوب عودا عوداء فأى قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء» . وبعض المتفقهين فى اللغة قالوا: لا حاجة إلى تقدير محذوف؛ لأن أشرب متعلق بالعجل مباشرة» لأن تعلق الإشراب به ليس مقصورا على المحبة» بل إنه يتجاوزها إلى العبادة» وإلى أنه تكون صورته فى قلوبهم لا تفترق عنهاء ويكون من قبيل أشرب الثوب الصبغة» أى خالطت أجزاءه. وتغلغلت فيه فالعجل تغلغل فى قلوبهم فألفوه وصار جزءا من تفكيرهم» كما صارت الصبغة جزءا من الثوب» لا تنفصل عنه. وهذا نوع من الاستعارة» فاستعيرت كلمة الإشراب لتغلغل ذكره فى قلوبهم كأنه حل حلول الشراب فيها. وكلمة فى قلوبهم قرينة الاستعارة» وأشرب للبناء للمجهول لكثرة الأسباب الباطلة التى أشربته قلوبهم. فالشيطان زيئه لهم؛ء وسول لهم عبادته» وعشرتهم للمصريين الذين كانوا يقدسونه» والعشرة المستمرة لهم مع مظالمهم»؛ وضلال نفوسهم كل هذا سهّل سريان عيادة العجل إليهم؛ ولذلك قال بكفرهم» أى بسبب كفرهم المستكن فى نفوسهمء ولقد حكم الله تعالى عليهم بقولهم: «قل.بنْسما هنا تفسيرسورة البقرة !ااال لااا اانا االان انل نانا كان ااا اللا اناالا االةا ااا الالالال لطن الخال ناناطاااطان ااا طا للخل لطا الال لاااطخطنط للا تالالا يأمركم به إيجانكم إن كنتم مؤمنين» الآمر للنبى كَلْةٍ لأنهم هم الذين واجهوه (النبى يكللِ) بقولهم: « قَالوا نؤمن بما أنزل عَلَينَا ... 2:7 4 [البقرة] وهذا القرآن الكريم . بين ما يدل على أنهم لا يؤمنون بشىء حتى تركوا مايدعوهم إليه النبى كيد إلى الإيمان بما عندهمء وهذه صورة من الإيمان بما عندهم ا بئسما» دالة على ذم ما يأمرهم به إيمانهم الباطل» وهذا تهكم شديد على حالهم وعلى ما يتصورونه إيمانا بما عندك» كقوله تعالى حكاية عن قول قوم شعيب له: «إ أصلاتك تأمرك أن ترك ما يعبد آباؤنَا ... +220 4 [هود]ء وقوله تعالى: إإن كسم مُوْمنِين» أى إن كنتم فى الماضى والحاضر مؤمنين» وبيان أن إيمانهم موضع شك بل لا إيمان. ا تفسير سورة البمرة كك ل ١‏ ا 4 2 -_ مدع سلري واي سا سك قل إن كات لحكم الدارا خرة عند الله خا لصمة من و 0 م و سس لس و يم 7 حفس 0 ع سلا ص ب ص سر سم 0 1 0 أ و ان وأ نيتملوه بَدَأبِمَاقَدَمَت أَيِم واد دعم الظينَ آذه 61 7 ا 0 3 0 0 ص الئاس ء عزة وم لدبت أي 0 شَ لوَيَحَكَرأَّلْفَ ١‏ سس لخر 14 0 ل ف كان السبب فى غرورهم» واستعلائهم الفاسد أنهم بتوالى نعم الله تعالى عليهم حسبوا أنهم أبناء الله وأحباؤه» ولذلك قالوا: © أن تَمَسََّا الثار إل أيّاما مُعْدُودَةٌ ... #ج) 4 [البقرة] وقد تلونا ذلك من قبل. وقد دلاهم الشيطان بغرور فكانوا يحسبون ذلك». ويدعون فى ظاهر قولهم أنهم يؤمنون» ويواجهون النبى يَدكلْ بكفرهم به فأمر الله تعالى نبيه الذى يواجهونه بذلك الكفر أن يتحداهم ليكشف أمرهم بأن يتمنوا الموت فقال تعالى : قل إن كانت لَكُمْ الدَارُ الآخرةٌ عند اللّه خَالصَة مّن دون النّاس فَميوًا الْمَوْتَ إن كنتم صادقينَ» المخطاب للبى علد إن كانت الدار الآخرة التى تكون عند الله علام الغيوب ولا سلطان لأحد سواه» خالصة لكم من دون الناس» أى أنكم فى منزلة والناس دونكم» ولاتكون إلا لكم؛ لآن غيركم من الناس ‏ سواء كانوا أتباع محمد أم لا هم دونكم لا يبلغون منزلتكم بل أنتم وحدكم الذين تنالونها . إن كانت هذه الحياة الآخرة لكم خالصة فتمنوا الموت الذى هو الطريق إليها إن كنتم صادقين فى زعمكم؛ لأن من آمن بأنه المختص بنعمة تمنى الوصول» أن يسرع فى الذهاب إليهاء وإنها جنات ونعيم مقيم؛ فتمنوا الموت الذى هو الطريق الوحيد إليها» إن كنتم مؤمنين إيمان صدق وإذعان بما تدعون. تفسيرسورة البقرة مالالا تتا الال لالطالا وهنا إشارة بيانية يحسئن التنبيه إليها: الأولى: فى كلمة الَكم4 فيها اللام المفيدة للملكية أو الاختصاص» وقد ابتدأً بها بيانا لزعمهم» ولذلك جاء بعدها خالصة لكم من دون الناس. الثانية: الإشارة إلى أن الدار الآخرة هى عند الله تعالى مالك يوم الدين» وهو الذى تدعون أنكم أبناؤه وأحباؤه ومع ذلك تكفرون به وتتخذون العجل تشركون وتعبدونه . الثالثة: الإشارة إلى أنهم ليسوا صادقين» بل هم كاذبون؛ ولذلك كانت أداة التعليق هى إن فى قوله: إإن كنتم صادقِينَ4 ولهذا نفى الله سبحانه أن يتمنوه. تنبيه : : يلاحظ أن الله تعالى أمر نبيه بأن يتولى الرد عليهم فى قوله تعالى: ف بنسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله فيا . ٠٠‏ لق 4# [البقرة] وقوله تعالى: فل بكسما يأمركم به إِعَائكُم . . . 220 4 [البقرة] وفى قوله تعالى: ظقُلْ إن كانت لَك الدار الآخرة عند اللّه4 . لم يتول الله تعالى الرد والجدل معهم وأمر النبى َللْهٌ أن يتولى الجدل معهم فما الحكمة فى ذلك؟ ونقول ما تصل إليه مداركنا - والله هو الحكيم العليم - مجادلتهم التى فيها التتحدى كانت مع النبى كَلِلةِ فناسب أن يتولى بأمر الله تعالى الرد هو عليه الصلاة والسلام؛ ولآن مقام الله تعالى أعلى من أن ينزل لمجادلة الكافرين الظالمين لأنفسهم . ولقد قال سبحانه وتعالى حاكما على حالهم بأنهم فى ذات أنفسهم وفى مداركهم يعلمون ماثمهم. ويعلمون كذبهم؛ ولذلك ليست الجنة لهم» ولذا لا يتمنون الموت» فقال تعالى: #ولن يتَمنُوه أبدا بما قَدَمْتَ أيديهم» نفى الله سبحانه وتعالى عنهم ذلك التمنى نفيا مؤبداء وأكد ذلك النفى 1 5 الدالة على النفى المؤبد» وبقوله سبحانه وتعالى: #أبدا» وبذكر السبب آلا وهو ماقدمت أيديهم» ومعئى ذلك أنهم كاذيون فى أدعاءهم أنهم ابناء الله وأحباوه» وأنهم كاذبون فى قولهم: « أن َمْسا الثار إلا أيَاما معدودة ٠٠‏ ريه # [البقرة]. ل ل تفسير سورة البقرة 11111 11ملا لكا لاطا لمانا لالللالاا انكل نا لقالا تاتالا لالاا الالالال الالالال الطن انا لا اناق ناملالا ن طنط لطن اللا وإنهم يعلمون ما قدموا من كفرء وما قدمه أسلافهم» ولم ينكروه عليهم من اتخاذ العجل» ومن كفر بالنعم التى أنعم الله عليهم وكفروا بها. وقوله: بما قَدَمْتَ أيديهم4 الباء للسببية» والمراد ما قدموه هم بأنفسهمء من كفر قلوبهم» وجحودهم بآيات الله تعالى» واعتدائهم فى يوم السبت» وتأييدهم لأسلافهم فى ذلك» ومن كفرهم بألا يجاب الذى جاء مصدقا لما معهم» وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا به» ولكن لماذا عبر بأيديهم» دون أنفسهم؟ ونقول: أولا - يجوز ذلك تعبيرا عن الكل باسم الجزء» وإن ذلك الجزء أظهر الأجزاء فى العمل» فهو الذى به البطش والاعتداء» وارتكاب الماثم الجماعية . ش وثانيا - فيه إشارة إلى الناحية الحسية فيهم» فهم أيد باطشة آثمة» وليس لهم قلوب مدركة عالمة. ولقد سجل الله تعالى عليهم الظلم» فقال تعالى: «والله عليم بالظَالمين» وقد صدر الله سبحانه وتعالى الحكم بلفظ الجلالة تربية للمهابة» ولبيان أنهم مأخوذون والله القادر القاهر هو الذى يأخذهم بظلمهمء وبين عظيم علمه» ودقة علمهء وأنه لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء» وأظهر فى موضع الإضمار فلم يقل سبحانه وتعالى عليم بهم وبا قدمت أيديهم بل قال: #عليم بِالظّالمِين4؛ ليسجل عليهم وصف ظلمهم.ء وأنهم معاقبون بهذا الظلم الذى هو كالسجية لهم. ولقد قال الله تعالى فى هذا المعنى» وهو طلب تمنى الموت» وامتناعهم فى سورة االجمعة: قل يا أَيْها ين هادوا إن رَعَمتم أن أولياء لل من دون النّاس حَمنُوَا الموت إن كسم صادقِينَ 22 ولا يعَميونّه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظّالمين 4 [الجمعة] والفرق بين النصين» وإن كان كلاهما فى مرتبة من البيان يعجز عنه البشر» فى أمرين: الأمر الأول - أن الشرط فى الآية الكريمة التى تتصدى لتعرف معناها شرط كبير»ء وهو أن تكون لهم الدار الآخرة من دون الناس» فالشرط يتضمن الخلوص لهم وقصرهاء ولن يتمنوا ذلك فكان النفى بلن» والشرط خال من معنى زعمهم. ا تفسيرسورة البقرة ااال 000 الثانى - أن الآية الشانية كان الشرط الزعم بأنهم من أولياء الله من دون الناس» فكان النفى ب «لا2)» وهو دونه؛ فكان النفى ب «(لا» لا ب «لن» على مقدار الشرط» وكذلك يصرف الله الآيات فى كتابه الحكيم . وبعد ذلك التحدى من النبى كَلكلةِ بأمر ربه» كان الوصف الحقيقى لبنى إسرائيل بالنسبة للموت والحياة الآخرة» وأنهم لايؤمنون بالآخرة» ولا يؤمنون بأن لهم جزاء محموداء وأنه يرتقبهم خير؛ ولذا تمسكوا بالحياة الدنيا؛ لأن العصاة يظئون أنها الحياة وحدهاء ولا يرجون خيرً لأنفسهم المادية فى لقاء الله تعالى» فقال تعالت كلماته: « ولتجدنُهم أحرص النّاس على حيّاة ومن الّذين أشركوا 4 . وقد أكد الله سبحانه وتعالى الحكم بأنهم أحرص الناس على حياة بالقسم المؤكد باللام ونون التوكيد الثقيلة» ونكر سبحانه وتعالى «حياة» فى قوله تعالى: #على حياة» لتعميم معانى الحياة» فهم يحرصون على حياة أيا كانت صورتهاء سواء كانت حياة ذل أم كانت حياة عزء وسواء كانت حياة استعباد أم كانت حياة حرية» وسواء أكانت تحكمها الفضيلة أم كانت تحكمها الرذيلة» إنهم يحرصون على الحياة ذاتها من غير نظر إلى وصفها سواء أكانت مقيتة فى ذاتهاء أم كانت بكرامة من غير مهانة. وإن هذا يدل على كمال الحرص. قال تعالى: #ومن الّذين أشركوا» أى منهم من هم أحرص على حياة أيا كانت من الناس ججميعاء ومن الذين أشركواء وهم الوثنيون» وخخصوا بالذكر» لأنهم لا يؤمنون بالبعث. وأولئك اليهود أهل كتاب ويؤمنون به فى الجملة» ولكنهم مذنبون تحيط بهم خطاياهم من كل ناحية. وهم أحرص من المشركين على الحياة؛ لأنهم يريدون الحياة على أية صفة عزيزة كريمة أو ذليلة» أما المشركون من العرب فإنهم لا يريدونها إلا عزيزة لا ذلة فيهاء وشاعرهم الجاهلى يقول : لا تسقنى ماء الحياةبذلة 2 بل فاسقنى بالعز كأس الحنظل ماءالحياة بذلة كجهنم 2 وجهنمبالعزأطيب منزل ل ل تفسير سسورة البقرة "سس 0 لجيه 5 ولذلك كانوا أحرص على حياة» والمشركون يحرصون على حياة عزيزة كريمة» وإن كانوا لا يؤمنون ببعث ولا نشورء ولا حساب ولا عقاب» ويصور الله سبحانه وتعالى حرصهم على الحياة بقوله تعالت كلماته: 8 يود أحدهم لو يعَمّر ألف سنة4 يود هنا بمعنى: يتمنى أحدهم» أى أحد اليهود» لو يعمر ألف سنة» ولو هنا مصدرية وهى التى تجىء بعد التمنى كقوله تعالى: « وذوا لو تدهن فيدهنون +509 0 [القلم] فهنا «لو) مع الفعل بعدها مصدرء غير أنها لا تنصب (مثل أن). وذكر ألف عام لأنه أكبر عدد فى زعمهم .. طلب أعرابى عطاء من حاكم من حكام بنى أمية فأعطاه ألفاء فقال له قاكل: لو طلبت أكثر من ألف لأعطاك» فقال: لو كنت أعلم أن فوق الآلف عددا لطلبته» فالآلف كناية عن أكبر عدد. ومع أنهم يودون الحياة إلى أقصى أمدء آلفا أو أكثرء فإن العذاب ملاقيهم» قل إِنّ الْمَوْت الذي تفرون منه فَإنَه ملاقيكم ... 2ج » [الجمعة] بالعذاب الذى يستقبلكم ؛ ولذا قال تعالى: وما هْوَ بمُرحرحه من الْعَذَاب أن يُعَمََّ4 الزحزحة الإبعاد أو الإزالة» وهى تدل على المعاناة فى الإبعاد والإخراج من المكان الذى حل فيه كقوله تعالى : 8 فَمَن زحزح عن الثّار وأدخل الْجِنَة فَقَد فَارَ . . . +2 4 [آل عمران] . و «ما» فى قوله: #ومًا هو بمزحزحه من الْعَذَاب» النافية» والباء دالة على استغراق النفى» وهى زائدة فى الإعراب لها دلالة فى المعنى» والضمير «هو) يعود على الآحد الذى يود أن لو يعمر ألف.عام أو أكبر عدد تمكن» والمعنى على هذا التخريج : وما هو؛ أى هذا الشخص ببعده ولو بمعاناة ومعالحة عن العذاب تعميره» فالمصدر المكون من #أن يعمَّر» فاعل لمزحزحه» وقد أكد سبحانه وتعالى النفى بإعادة الضمير لتأكيد النفى» وبالباء» وبكلمة مزحزح. وما ذلك النفى المؤكد لوجود العذاب مهما طال الزمن ‏ إلا لأنه ارتكب من الخطايا ما يستحق ذلكء» والله تعالى عليم بكل شىء ولا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء؛ ولذا ختم الآية بقوله تعالى: #واللّه بصير ما يعملون» والله ذو الجلال والإكرام القادر القاهر الفاعل المختار بصير أى عالم علم من يبصر ل تفسيرسورة البقرة 111الااللكك!ئ اانا انا ا اا ااا مخ مغ مخ ممم ممما عممخامممممعمع مخ عمسن ممم ممم ممعم لاا الل ااا خلا لكالل لل مضخ خا ل للتلكما ل لتلا للللللا على مثال ما به الناس» بما يعملونه من شرور وآثام» وجحود بآيات الله تعالى فى ماضيهم وحاضرهم» ومنزل من العذاب بمقدار ما يستحقون. ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره» ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. عداوة الملالكه + م سك فاته أذرعا يَأْقَ 2 1 هلم نات عَدُوًَا لَجِبرِِلٌ فَإِنّد تزْله,علل َلْبِكَبِادٌ الله وس سس اد لا لس سس 5 0 مصرقالما بيس يد يه وَهَدَى وَنشَرَىل لِلْمُوّ مني سس ور سس هه 1 3 م عل وا لَه 20 0 داس 204 ريه من كان عدوا | سمه رشي تيد | 20 ور م وَمِي؟ " كعدو للَكَفْرِيِنَ 2د 0 قال الإمام أبو جعفر الطبرى فى تفسيره: أجمع مفسرو السلف على أن هذه الآية وما بعدها نزلت؛ لأن اليهود يعدون الروح القدس جبريل الأمين عدوا لهم؛ لأنه ينزل بالعذاب والهلاك» وأن ميكائيل وليهم لأنه ينزل بالغيث والرحمة» وتعددت الروايات عن الصحابة فى ذلك» وكلها ينتهى إلى أنهم واجهوا النبى ككل بأن جبريل» وهو ولى النبى كلكو هو عدوهمء وأن ميكائيل وليهم» وأنهم لهذا يفارقون النبى يل ولا يتبعونه. ولئن صحت هذه الروايات أو بعضها ليكونن مؤداها أنهم يتخذون تعلة لكفرهم سواء أكانت التعلة مقبولة فى العقل أو مرذولة» ومهما يكن فقد رد الله تعالى قولهمء وأمر النبى وك بأن يرد قولهم بقوله تعالى: #قل من كان عدوا لجبريل إن ْلَه على قَلبك بإذن اللّه مصدقا لما بين يَديه» أى إذا كان جبريل عدوا لكم فأنتم تعادون الله تعالى؛ لأن الله تعالى اختاره رسولا أمينا لنزول القرآن فما نزَّل القرآن بغير إذن الله تعالى إنما نزله على قلبك بإذنه سبحانه وتعالى. ل ل تفسبير سورة البقرة ااا زلتااااا!!] اناا اناالا ألن ااا ااال لاتللن الل لاتا لان الل لال الاللا]اااااا الل الاااا نالل للالات لالط لالت اخطططط طلا ل تتلا وعبر سبحانه وتعالى بقوله: «علئ قَلْبك4 بكاف الخطاب للنبى كل دون أن يقول قلبى» لبيان أن النبى يَلِ يحكى قول ربه» ولتأكيد معنى قوله تعالى بإذنه. والضمير الأول فى 8فَإنَه»4 يعود على جبريل عليه السلام» والضمير الثانى فى تزَله4 يعود على القرآن باعتبار أنه حاضر للذهن؛ لأنه ذكر فى السياق فى قوله تعالى من قبل: 9 وَلَمّا جاءهم كاب مَن عند الله ... +0 4 وقوله: #مُصدقا ما بين يديه وهدى وبشرئ للمؤمدين» يعين أن الضمير يعود على القرآن الحاضر فى الأذهان. وإنه مع قبول الروايات التى انتهى المفسر السلفى فيها إلى إجماعهم من أن اليهود كانوا يعدون جبريل عدواء فإنا نرى من المعانى القرآنية والإشارات البيانية أنهم كانوا يجعلونه عدوا؛ لأنه نزل بالقرآن على قلب النبى يله وذلك لسفه عقولهم وفساد تفكيرهم. فرد الله عليهم بأنه هو الذى نزل القرآن بإذن الله» فلا محل لعداوته» فعادوا من أنزله» ولكن سوء ظنهم جعلهم يحمّلون جبريل عليه السلام التبعة» وإذا كان نزول القرآن سببا للعداوة» فاتخذوا الله عدواء ولا غرابة فى ذلك ممن اتخذوا العجل وليا لهم. ويكون المعنى الذى يفهم من الآية: لقد اتخذتم جبريل عدوا لما انتحلتم من كذب بأنه ينزل بالهلاك أو نحو ذلك» إنما اتخذقوه عدوا؛ لأنه ينزل بالقرآن على قلب النبى عليه السلام وإذا كان نزول القرآن هو السبب فإنه يكون الله هو العدو ويكون قوله تعالى: #مَن كَانَ عَدُوَا لجبريل» شرطاء ويكون قوله تعالى: ©#فَإنَهِ تله على قلبك بإذن الله تعليلاً لجواب الشرط المحذوف إذ تقديره» فإنه عدو لله تعالى؛ لأنه الذى نزله على قليك بإذنه . والتعبير ب «قلبك» أى أن التنزيل على قلبك للإشارة إلى أن القرآن ينزل على القلب ليحفظ فى الصدورء لا أن يكتفى فيه بالسطور؛ لأن السطور يجرى فيها التصحيف والتحريف, أما ما يحفظ فى القلب فإنه فى أمان لا يجرى فيه تغيير ولا تفسيرسورة البقرة الللللللل مامالل تبديل؛ ولذا قال تعالى فى نزول القرآن الكريم وتلقى قلب النبى كله له ثم حفظه قلوب الصحابة من بعذه ) فى سورة القيامة : طلا تحرك به لسانك لتعجل به 50 8 إن علينا جمعه وقرآنه قلق فإذا فرأنَاه ائبع آنه قلق : إن علينا بيانه 0 0 4 [ القيامة ]. هكذا بَيّنَ الله تعالى طريقة نزول القرآن على القلب ليحفظه ويحتويه ثم وصرح القرآن بأن نزول جبريل به يكون متجها إلى قلب النبى عليه الصلاة والسلام فى آيات أخرى » فقد قال تعالى: تَرل به الروح الأمين 0292 عَلَئ قَلْبِك لتكون من المدذرين+39 4 [ الشعراء] . ولقد قال فى وصف القرآن الكريم الذى نزله بإذن الله جبريل على قلبه بأنه 2 مصدق» وقوله تعالى : «مصدقًا قا لما بين ) يديه والمراد بما بين يديه من الكتب التى ا )١(‏ عَن الْرَاء قال لما نرت (لا يَسكوِى الْقَاعَدُونَ من الْمُؤْمنين) ل التَبى ولهة: اادعوا فلات فجاءه ومعه الدرا” © واللّوح» أو اكتف افَقَالَ: «اكتب 2 ستو ى الْقَاعدونَ من المؤمين وأ وَالْمجَاهدون فى سل 0 الله 2 5 > ميا غَيْرَ أولى ١‏ لمر الْمجَاهدُودَ فى سيل الل" [رواه البخارى: واللفظ له: تفسير القرآن 70 وصلم كتاب الإمارة 1 176 . دعن ريد بن نابت الأْصَارى' - بى الله عه وك مسن يكب الوح" قال سل إلى لبو بكر سَفْتلَ 0 7 . له لدعم ور أهلٍ الْيَمَامَة وعنده عْمَر فَقَال ُو بكر : إن عمَرَ أثانى فَقَال: 3 القَْلَ قد استحر م.م اليَمَامَة بالئّاس إلى أخشى أن يتحر الل بالقراء : فى الْمواطن فَيدَهَبُ كير من القرآن إلا أن تَجمعوة إلى لكر أن تَحِمّمّ ته ع ره 5 و لاس سا ابه سه بيو القَرآن. ال بو بكر: لت لمم كيف أفعل هيا لم يله سول لله و؟ َال عمر: هو واللّه خير. 8 لالاه اللي وم > موسو َل يزل عمر يرَأجعنى فيه حتى شرح اللّهُ لذلك صدرى ورت الْذى رأى عمر. قال زيد بن تابت: وعمر حير عنْدهُ جالس لا تكلم َال أبُو بكر: نك اب حاقل دلا كتهمك» كلت تكتبا الرحى رول لله 6 تب اران مَاجْمَْك نَوَالله لو كَل ى نَل جبلٍ من الجبال ما كا أل علَى مما مربي به من مم له 2 عرص 8 5 ووو سن القرآن . فُلت: كيف تَفعَلان شنا لم يَفْعَله ملَهُ التبى يل؟ قَقَالَ أبو بكر: هو واللّه خير. لم آنل أراجعة حَتَى شرح الله صَدرى للذى شرح ح الله َه صَدرَ أأى بكر وَعْمَرَه فَعْمْت كَنَتَبْمْت الشرادَ أجمعه من الركاع والأكتّاف وَالْعسْب وصدور الرجال» حتى وجدت من سورة التُوبة آبتين مَمْ خَرَيْمَة الأنصارئ» لم أجدهما مم أحَد غخَيْرِه : (لقَدْ جاءكُم سول من أَنفسكُم عَزي عليه مَا عتم حري ص عَليْكُم) إلى أعرهمًا وَكَانَت كه اه ووس ”67ل ودس ست لالت ب > هو 007 الصحُف الى جمم فيها الْعرآن عند أبى بكر حَى تَونَا الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفْصة بنلت عمر ء ٠‏ [أخرجه البخارى : تفسير القرآن ]):”"31١(‏ ورواه الترمذى وأحمد بلحوه. تفسير سورة البقرة 4 حب ا أنزلها تعالى على النبى كَلِلْةِ قبل بعث محمد كَليِْوٌ والتعبير ببين يديه كناية عن أنه أمامه فما يكون أمام الإنسان يكون بين يديه سابمًا له» فهو مصدق لكل ما اشتملت عليه الكتب السابقة التى لم يجر بها تحريف. ولم ينس فيها حظ مما ذكروا به. وكان حقا عليهم ألا يعادوا الملك الذى اتخذه الله تعالى روحا أمينا نزل بهء ولكنهم أعداء الحق دائمًا عادوا موسى وربه إذ كفروا بأنعم الله تعالى. وقال تعالى فى وصف الكتاب: #وهدى4 أى فيه الهداية إلى الحق فى ذاته» وفيه البشرى بالنعيم المقيم للمؤمنين الذين من شأنهم الإيمان والإذعان للحق إذ جاءه» وهو مع ذلك شفاء ء للقلوب 8 وَتُرَلُ من الْقرآن ما هو شقاء ورحمة للْمؤمنين ... 207 4 [الإسراء] . . ع وإن الله سبحانه وتعالى بعد أن بين عداوتهم لجبريل؛ لأنه الروح الأمين الذى نزل بالقرآن» بين سبحانه أنه من كان عدوا لله تعالى وملائكتهء وكتبه ورسلهء فإن الله عدو للكافرين . فى هذا النص الكريم إثبات أن من كان عدوا للملائكة أو لواحد منهم» ومن كان عدوا للكتب التى أنزلها التى لم تحرف والرسل الذين أرسلهم رحمة للعبادء وهداية لهم فهو عدو لله تعالى» وهو كافرء والله تعالى عدو للكافرين» ابتدأ الله تعالى بذكر عداوة الله تعالى فقال: قُل» يا محمد أيها البشير النذير #من كان عدا لله فابتدا سبحانه بلفظ الجلالة الكبير فى ذاته خالق الوجودء وخالق الملائكة والجن والإنسء والشمس والقمر والسموات والأرض ابتدأ بذكره جل جلاله لبيان أن من عاداه» فقد تعرض لأعظم نقمة وأشد ضلال وخروج عن الحق» فالابتداء به سبحانه وتعالى لبيان أعظم خطورة يتعرضون لها بجهلهم وفساد نفوسهم وضلال فكرهم. وثنى سبحانه بالملائكة» وأضافهم سبحانه وتعالى إليه للإشارة إلى أن عداوتهم هى عدذاوة له فهم يعادونه ابتداء بمعاداة ذاته العلية» ثم يعادونه ثانيا بمعاداة ملائكته الذين خلقهم لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وهم فى تفسيرسورة البقرة الل اذخ 22321111 الملكوت. . ثم ثلث بكتبه التى أنزلها هداية للناس ورحمة» وشفاء لأدواء الجماعات» ونسبها سبحانه وتعالى إليه إشعارا لهم بأن عداوة هذه الكتب عداوة لله تعالى لأنها هجر لكلامه. ورد لرسالته؛» وأى ذنب أقبح من عداوة رسالات الله تعالى التى شرفت بإرساله واحتوت على البينات والحكم الباهرة» ثم بين بعد ذلك عداوتهم لرسله الأكرمين» وأنها عداوة لمن أرسلهم » فمن عادى الرسول فقد عادى من أرسله مبشرا ونذيرا» وداعيا إليه وسراجا مثيرا. وذكر سبحانه وتعالى عداوة جبريل وميكائيل وخصهما بالذكر مع أنهما دخلا فى عموم الملائكة؛ لأن الله تعالى خصهما بالشرف والتفضيل على غيرهما من الملائكة وهو يختص برحمته من يشاء وهو ذو الفضل العظيم» ولأن جبريل كان روح القدس الأآمين الذى نزلت عن طريقه الرسالات الإلهية على من أرسلهم مبشرين ومنذرين» وأن اليهود حكى عنهم أنهم كانوا يفاضلون بين هذين الملكين الكبيرين» فيعادون جبريل» لأنه ينزل بالقرآن ويوالون ميكائيل ؛ لأنه يأتى بالرحمة والغيث» فأشار سبيحانه إلى أن عداوة أحدهما عداوة له» ومن عادى جبريل لأنه مكلف بالقيام بأمر من الله تعالى فقد عادى الآخر؛ لأنه قائم بمثل ماقام به. هذا هو فعل الشرط الذى يتضمن عداوة الله وملائكته وكتبه ورسله» وجبريل وميكائيل» وجواب الشرط هو قوله تعالى: 9فَإِنَ الله عدو لَلْكافرين© فجزاء هذه العداوة الظالمة» كراهية عادلة» ويتبعها العقاب الشديد» وهنا إشارتان بيانيتان: إحداهما - فى تقدم الكتب على الرسل». والسياق يسوغ تقديم الرسل على الكتب؛ لأنهم الذين جاءوا بهاء ونزلت عليهم» فلم قدمت الكتب؟ والجواب عن ذلك أنها موضوع الرسالة ولبهاء وهى المشتملة على أمر الله تعالى ونهيه وهى خطاب الله تعالى إلى عبادى. فقدمت كما يقدم الكتاب الذى تكتبه على الرسول الذى تحمله الكتاب. الثانية - أن الله تعالى أظهر فى موضع الإضمار فقال: فإن الله عدو للكافرين» ولم يقل لهمء وذلك لبيان أنهم بهذه العداوة قد كفروا وجزاء الكفر هم تفسير سورة البقرة ااا ١ك‏ العذاب الأليم فالاضمار كان فيه وصف هو سبب العقاب» ولقد جاء فى البخارى فى حديث قدسى عن أبى هريرة قال: قال رسول الله كَيِةُ: «إن الله تعالى قال: من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب» وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى ما افترضته عليه» وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبهء فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به» وبصره الذى يبصر به» ويده التى يبطش بهاء ورجله التى يمشى بهاء ولئن سألنى لأعطينه» ولئن استعاذنى لأعيذنه» . ا هم 2 00 م0 + هه وَلَمَدَأََْنَإِليِكَ ءَاينتٍ بِنَتٍ ب وَمَا يفل يه]إ لا لفلسعون عه سر م ساح م 2 «< أَوَكُلَمَا عَدهَدُوأ وأعَهْدَ ايده و ينف بل 6ف مم به سه آ[ سس لور غدل م 0 لا تومنو يزه ولماجاء 0 و يل ل اليد الى سس 0 آله مُصَدف ١‏ لِمَامَعَهُمٌ بد ريق ون ال لذ أوثوأ َ 22201006 حك ب امد ء ظهُوره نهم لايتلثرت ج42 ل يذكر القرآن أخلاق بنى إسرائيل فى ماضيهم الممتدة فى حاضرهم.؛ إذ قد اتصف بها حاضرهم كما اتصف بها ماضيهمء وهو الإنكار لكل ما يجىء به نبى من الأنبياء» فيذكر الله سبحانه وتعالى ما تلقوا به ما أنزل إلى النبى وَل من آيات . الآيات البينات هى القرآن» وقد فسر بعضهم الآيات بالآيات الكونية» وإن ذلك بعيدء لأن وصف الآيات بالبينات دليل على أنها الآيات المتلوة» وهى بينة؛ لأن الكتاب بين واضح فى ذاته» وواضح الدلالة على رسالة النبى كَيْهِ» ونلاحظ إشارة بيانية فى الدلالة على أنه معجزة النبى كك وهى قوله تعالى: # أَنْزْلنا إليك # بالتعدية ب «إلى» دون التعدية ب «على» إذ كان التعبير فى غير هذه بالتعدية ب «على»» كقوله تعالى: «تزل به الروح لمن ج29 عَلَئ َلك لتَكُون من المندرين 347 4 [الشعراء ]» وكانت التعدية للدلالة على أن النزول والرسالة هى متجهة إلى 2 ا تفسيرسورة البقرة النبى يي فهذا النبى الأمى المقصود بالرسالة» وكان حمًا عليهم أن يتبعوه بمقتضى البشارة التى بشرت به التوراة والإنجيل. وقوله تعالى: «إ ولقد أنزلنا إليك 4 إشارة إلى أن هذه البينات وحدها فيها الدلالة على صدق ما جاء به محمد وَل وهى المعجزة الكبرى التى تحدى بها عباده أجمعين ) الجن والانس والأجيال كلها إل لين اجتَمعت الإنس والجن عَلَئ أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأُون بمثله ولو كان بَعْضهُم لبعض ظَهيرا 220 4 [ الإسراء] وقد جاءت على يدى النبى وو خوارق للعادة حسية كثيرة» ولكنه لم يتحد المشركين وغيرهم أن يأتوا بمثله إلا بالقرآن» وقد قال وَكِِ: «ما من نبى إلا أوتى ما مثله آمن عليه البشرء وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحى إلى» وإنى لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)(22 . وكانت المعجزة من هذا النوع؛ لأن رسالة محمد خاتمة الرسائل الإلهية» وهو خاتم النبيين» فكانت من نوع الكلام الذى يبقى متحديا الأجيال كلها حجة قائمة إلى يوم القيامة. ولقد أكد الله تعالى نزول القرآن باللام وقدء فقال تعالى: #ولَقَد أَنرَلْنا ليك آيات بينات» ولكن كفروا وما يَكْفْرٌ بها إلا القَاسقُون». أى المتمردون فى الكفر الخارجون عن كل حدء إذ إنها آيات واضحة شاهدة بصدق ما جاء بها الرسول له فالفاسق الكافر المتمرد الخارج عن كل حدء ولقد قال.الحسن البصرى: إذا استعمل الفسق فى نوع من المعاصى» وقع على أعظم أفراد ذلك النوع من كفر أو غيره» فالفاسق الكافر أشد أنواع الكفر؛ لأنه تمرد على كل معقول. وقوله تعالى: #وما يكفر بها إلا الفاسقون4 .نفى وإثبات للدلالة على أن الكفر بهذه الآيات البينات لا يمكن أن يقع من إنسان فيه الفطرة الإنسانية» بل لا يقع فيه مل كَال: َال اللَى ككل: ان لأا ا إل ألم ما عل ته ١‏ نما كَانَ الى > يوه القرآن (روهغ) وصلمة الإيمان (5120)]. ب# تفسير سورة البقرة سس حك إلا المتمرد على الفطرة وعلى كل ما يتقاضاه العقل المدرك» واللام فى «الْفَاسقون» للجنس» وليس المراد بها قوما معهودين» وإن كان أشد من ينطبق عليه الأمثال اليهود الذين كفروا بها. وإن اليهود إذا كانوا فسقواء وكفروا بالقرآن الكريم معجزة النبى يََِقّه فهم قد نقضوا العهد الذى عاهدوا الله تعالى عليه فى الميئاق الذى أخذ عليهم» وناقضوا أنفسهم. إذ كانوا يستفتحون على الذين كفرواء فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به. فإذا كانوا قد كفروا بالكتاب الذى جاء به محمد صلى الله تعالى عليه وسلمء فقد نقضوا عهدا أخذ عليهم مراراء نقضوا الميثاق الذى أوجب تعالى عليهم أن يؤمنوا برسله» ونقضوا العهد الذى أخذوه على أنفسهم إذ كانوا يستفتحون على الذين كفرواء ولا عقد النبى كَليِلٌ الميشاق بينهم وبينه عندما هاجر نقضوه جميعا؛ فنفضه بنو تينشاع وبنو قريظة وبنو النضير وأوى الناقضون إلى خيبر» وشنوها حربا مشبوبة على المؤمنين 000 وقد بين الله تعالى أن ذلك شأنهمء فقال: «أَوَ كُلَمَا عاهدوا عهدا نَبَدَهِ فريق مَنْهم4 الهمزة للاستفهام الإنكارى لإنكار الواقع» وهو ما يقع منهم من نقض العهدء ونبذ للمواثيق» والواو عاطفة وهى مؤخرة عن تقديم؛ لأن الاستفهام له الصدارة دائماء والمعنى أنكروا الكتاب والنبى الذى عرفوه كما يعرفون أبناءهم ونقضوا الميثاق» وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم إلى آخر الآية» وتأخير العاطف عن الاستفهام كثير فى القرآن من مثل قوله تعالى : ل أفَحْكُم الجاهلية يعون ومن أَحَسن من الله حَكُما قوم يوقنون +« (ج 4 [المائدة] وقوله تعالى: لأَنُمَ إذَا ما وقع آمهم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون +17 4 [يونس] وهكذا مثل ذلك كثير فى القرآن المبين . 2 له لس ساس ته )١(‏ عن ابن عَمَرٌ رضى الله عنْهُمَا قَالَ: حَربتا لصي ويطك َأجْلى بنى التضير وأقر فرظة ومن علَيهم» حبَّى حَاربَت قربط فقتل 2 َل رجالهم» وقَسَم نسَاءهُمْ وأولادهم وأموالهم بين الْمسَلمِينَ: إلا بعضهم لحقُوا بالبّى ول حمر وكلسلمُواء وأجلى يهو الْمدِيئة كلهم بَتى َم وهم رَعْط عبد الله , بْنِ سلام ويهوة بنى حارنّة وَكُل يَهُود الْمَديئّة. [أخعرجه البخارى: كتاب المغازى (2)11/74 ومسلم: الجهاد والسير امم 2 تفسيرسورة البقرة أو كلما عاهدوا» تدل على نقض العهد بين طرفين» وأكثر ما تكون عهود اليهود بين رب العالمين وبينهم» والعهد الذى يكون بين طرفين لا ينقض إلا بتراضمي ضيهمء ولكنهم لا يلتزمون بذلك. بل ينفردون بالنقض . أو بعبارة أدق لا يعرفون معهودهم» وقال تعالى: ظنْبذَه فريق ) متهم 4 النبذ الطرح والرمى» ومعناه فى العهود» نبذ الوفاء وطرحهء من غير موجب ولا مراعاة ذمامء ولم يجز القرآن النبذ إلا عند الخيانة» كما قال تعالى: ١‏ وإما تخافن من قوم خيانة قانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الْحَائئين229) 4 [الأنفال ] . ونسب سبحانه وتعالى النبذ إلى فريق منهم ولم ينسبه إلى جميعهم» لأن الله العدل الحكيم لا يقرر إلا ماهو عدل حكيم» وقد سكت سبحانه عن موقف الفريق الآخر فهل مالأه؟ الظاهر أنه إن لم يمالئ فلم يستنكرء ولم يمنع وهو قادر على المنع؛ ولذا يصح أن ينسب إلى جميعهم إذ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوهء لبس ما كانوا يفعلونء ولقد خكم الله تعالى عليهم بقوله: #بل أَكْتْرَهم لا يؤْسون4 ف «بل» هنا للاضراب ودفع معنى يتوهم من قبل» وهو أن أكثرهم فاضل» ومانع لهم من الشرء وذلك لقوله تعالى: ظنْبذَهُ فريق منهم4. فبين سبحانه أن كثرتهم لا يؤمن بالحق فقال تعالى: إأكثرهم لا يؤمنون» فنفى سبحانه وتعالى عنهم أصل الإيمان بشىء من الفضيلة أو الخلق فبعضهم يمعن فى الشر إمعانا والآخرون يسكتون ولا يتحركون لأن الأكثر لا يؤمنون» فكل من كان على مثل حال هؤلاء اليهود كان كل كلامه وأفعاله لا يصدر عن قلب مؤمن مذعن للحق. وإذا كانوا لا يؤمنون بكتاب الله تعالى الذى أنزل متجها إلى محمد كَكِْهِ فإنهم أيضا لا يؤمنون بمحمد يَِةِه مع ما كان منهم قبل أن يبعث كَل وينبذون كتابه. ولذا قال الله تعالى : #ولَمًا جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نَبدَ ريق من اين أُونوا اكاب كتَاب الله . ا قوله: #ولَمًا جاءهم رسول من عند اللّه4 التعبير بلما دليل على أنهم كانوا يتوقعون مجيتهء وقد كانوا يتوقعون ذلك ويعرفونه ويستفتحون على الذين كفرواء هاا تفسير سورة البقرة ا ااال 0 > از وعبر سبحانه ب «رسول من عند الله» للإشارة إلى أنه من عند الله ذى الجلال الذى أنعم عليهم بالنعم المتوالية» و«رسول» التنكير فيها للتعظيم» أى رسول بالغ أقصى درجات الفضل وقد اختاره الله تعالى. وقد وصفه الله تعالى بأنه مصدق لما معهمء وتصديقه لما معهم من ناحيتين. الناحية الأولى: أنه قد جاء بالتكليفات الكثيرة التى جاءت فى المواثيق التى أخذها الله تعالى عليهم» والناحية الثانية أنه تصديق للبشارات التى جاءت بها كتبهم» بشرت به فى عدة نصوص متها كما أشار القرآن الكريم فى مثل قوله تعالى : © الْذين يعون الرْسول. النبي الأمى ) الذي يجدونه مكتويا اعنادهم في في التوراة والإبجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المدكر ويحل لهم الات ويحرم لهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فَالّذين آمنوا به وَعَرَرُوهُ ونصروة وَاتبعوا التور الذي أنزل معه أولنك هم المفلحون +29 4 [الأعراف ]» ومثل قوله تعالى: © وكانوا من قبل يستفتحون علَى الذي كقَروا ...+250 4 [ البقرة] . هذا هو معنى التصديق» وليس التصديق الإقرار بصدق ما حرفوا وبدلوا حتى يقول ذلك الذين لا يفهمون» فإن القرآن يفهم بعضه ببعض» وقد كمّرهم» وسجل التحريف عليهم ولا يزالون يغيرون ويبدلون . ولما جاءهم محمد رسول الله نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله أى طرحوه» وهو يدل على أنهم لم يأخذوا به» ونبذوا تعاليمه» وراءهم ظهرياء وعبر الله تعالى بالذين أوتوا الكتاب توبيخا لهمء وتنديدا بفعلهم فإنهم كانوا جديرين بأن يكونوا أول من يأخذ بالكتاب لا أن ينبذوه ويجعلوه وراء ظهورهم. ودبر آذانهم. والكتاب الذى نبذوا تعاليمه وجعلوه وراء ظهورهم كما هو السياق يدل على أنه القرآن؛ لأنه هو الذى جاء به الرسول الكريمء الذى جاء به مصدقا لما معهم . وقال بعض المفسرين: إن المراد بكتاب الله التوراة» أى أنهم نبذوا بشاراته محمد كَِلٌ وراء ظهورهمء ونرى أن ذلك بعيدء ولم نجد ذكرا للتوراة فى هذا المقام» ولأن الكلام فى محمد ككل وما جاء به. ا تفسيرسورة البقرة اللللللل الل 5 وقوله تعالى: #وراء ظهورهم*# مثل لمن يستغنى عن شيء» فإنه يرميه وراء ظهرهء ولا يعنى به» أو يقبل عليه بوجهه. مثل قول العرب: (اجعل هذا خلف ظهرك. وديرا منلك وتحت قدمك). فهذه أمثال للاستخفاف. وقوله تعالى: #وراء ظُهُورهم» معناه أنهم لم يقرءوه ؟؛ أن ماوراء الظهر لا يقرأ وإغغا يقرأ مايكون أمامك» وتقبل عليه . وقد صور الله سبحانه وتعالى حالهم فقال: ©كَأَّهُمْ لا يَعلَمونَ» كأنهم لا يعلمون أمر النبوة ورسائل الله تعالى إلى رسله وهم أهل الكتاب» أو المعنى كأنهم السحر الا 010 لطن ه-ه منط ليل مك سلْيمنومَا ع1 - 1 َل 3 لطر 5 و وَأبمَلمَ ا -ه اشينطيرب .مه سر سس سه سل ور سر التَحَرَوَه راتكن 200 اَن من سق تمن ه1555 يَتَعَلَمُونَ منَهْمَاء يمَرِفُو ب يوبن الم ووَوحِوء وَمَاهُم بِصَصارنَ به من لحر إِلَابِاِدْنِ اله وَيََحَلَمُونَ يضرهمو يَنمَعَهُموَلْصَتْحَيِمُوا مس مان ف مَرَوَأَبِوه علس وح ل اسح مدير جاءت آيات الله بينات داعيات إلى الحق فلبذوهاء وجاءهم رسول الله تعالى بكتاب مصدق للحق الذى معهم » فنبذوه وراءهم ظهريا. ١ أذ ره 00 06 ل ل تفسير سورة البقرة ا ملل تركوا الحق الذى ظهر نوره» وكان من دأبهم أن يتركوا النورء ويتبعوا الظلام» لتعشعش فيه أوهامهم» ولذلك مع تباعد العهد بينهم وبين نبى الله سليمان عليه السلام الذى سخر الله له الطير والحيوان أخذوا يتبعون أوهاما كانوا قد حرفوا بها التوراة» لقد زادوا فى التوراة قصة ما أنزل الله بها من سلطان» لأنهم كانوا يكتبون بأيديهم ويقولون هو من عند الله» وما هو من عند الله. لقد جاء فى الإصحاح الحادى عشر من سفر الملوك أن السحرة هم الذين أقاموا ملك سليمان» وأن سليمان ارتد وكفر» فأخذوا يذكرون هذا السحر!! وذلك لأن الذين يضلون دائما عن الحق يتبعون أوهامًا لا أساس لها من المنطق ولا من العقل. ترك اليهود كتاب الله تعالى الذى يتلى بينا هاديا مرشدا إلى الحق» واتبعوا كلام السحر المكذوب» وراحوا يرددونه في مدراسهم» ومواضع عبادتهم» ولذا قال تعالى: #واتَبَعوا ما ُو الشياطين عَلَىْ ملك سَليمان» اتبعوا ذلك القول» وصغت قلوبهم العامرة الممتلئة بهذا العطن من الأقوال الفاسدة» والشياطين هنا هم أهل الشر من الإنس» كما قال تعالى: «وإذا لقوا لين آمنوا قَالُوا آمَنّا وإِذَا حَلّوا إلى شياطينهم قَالُوا إن معكم إِنَّمَا نحن مستهزئون +120 4 [البقرة] والشياطين يكونون من الإنس» كما يكونون من الجن كقوله تعالى: « وكذلك جَعَلنا لكل نبي عدرًا شياطين الإنس وَالْجنَ يُوحي بَعْضَهُم إلى بَعْضٍ رُخْرف القول عُرُورا ... 13 ) [ الأنعام] . فالظاهر فى هذه الآية أن الشياطين هنا من الإنس» وقوله تعالى: #واتبعوا ما ُو الشيّاطين على ملك سِلَيمَان4 أنهم يتبعونها مصغين إليها متتبعين لهاء كما يتبع الكلام القيم؛ ولذا عبر بتتلو لأن التلاوة قراءة واضحة بيئة تتوالى كلماتها» فعبر بذلك للإشارة إلى أن الشياطين يحسنون تنسيق الكلمات ويلقونها بنغمات معيئة كسجع الكهانء» وأولئك اليهود يستمعون إليها بعناية مصدقين» مع أنها كاذبة؛ ولكن أوهامهم يثبت لهم صدقهاء فسمعوها محافظين على السماع . والله سبحانه وتعالى رد عليهم أوهامهم التى سجلوها فى التوراة على أنها من عند الله» وماهى عند الله فقال تعالى: «ومًا كفر سليمان ولكن الشياطين كقروا» . تفسيرسورة البقرة الل ل 1 1 22121111111 ما هو هذا الكفر الذى نفاه الله عن نبيه سليمان عليه السلام» أهو ما ادعته الكذبة التى ألحقت بالتوراة - بتوراتهم - وما هى منها؟ وهو أنه ارتد وكفر» فنفى الله تعالى عنه ذلك الكفرء وتلك الردة» وأن شياطينهم الذين قالوا ذلك هم الذين كفروا بدعواهم على سليمان الكفر. وافترائهم عليه وادعائهم السحرء والتمويه على الناس بهء فكل هذا كفر. هذا هو ظاهر القولء إذ كان اليهود قد اتبعوا هذه القصة المكذوبة التى وضعت فى التوراة افتراء على الله تعالى. ونظر بعض المفسرين نظرة أخرى فقالوا: إن الكفر هو السحرء فما كفر سليمان بادعائهم أنه استعان بالسحر على تثبيت ملكه. وما كفر سليمان باتخاذه السحر واعتقاد أن فيه قوة ولا وقع منه ذلك». ولكن الشياطين الذين كانوا يتلونه على ملك سليمان» هم الذين كفروا باتخاذهم السحر وهو كفر. وقوله تعالى: #إمَا تتلو الشياطين علَى ملك سِلَيْمَان» أى على تثبيت ملك سليمان فى زعمهمء وقال بعض علماء اللغة إن على تجىء بمعنى فى» والمعنى ما تئلو الشياطين فى ملك سليمان» وعندى أن على فى موضعها من حيث إنها تعويذات» والتعويذات تقع على موضوعهاء وموضوعها هو ملك سليمان فى زعمهم الفاسدء وكما كذب ما فى توراتهم . وقد بين سبحانه أن أولئك الشياطين لا يقتتصرون على ذكر ما ادعوه على ملك سليمان؛ وافتروه عليه» وهو النبى الذى سخر الله تعالى له بعض الرياح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب» بل يتجاوزون ذلك إلى تعليم الناس السحر فقال تعالى: 9يعلَمُونَ اناس السّحر وما أنزل على الْمََكين بابل هَاروت ومَارُوت4 . هؤلاء الذين يسيطر عليهم الوهم» وتخيل الناس» فيتصورون أمور واقعةء وما هى بواقعة. ولكن حال السحر أهو حقيقة ثابتة أم هو تخسييل وتصوير للأمور بغير صورتها فيخيل إليه أنه يرى؟ . تفسير سورة البقرة و اكاك 6 ونقول فى الجواب عن ذلك: جاء السحر فى القرآن ووصف بأوصاف» نتعرف حقيقته من هذه اللأوصاف .. أول وصف جاء فى أخبار موسى عليه السلام مع فرعون» فقد قال تعالى فى سحر آل فرعون: فَلُوا يا موسئ ما أن تلقي وم أن نَكُونَ تحن الملقين +19> قَال ألقوا فَلَمَا لّوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم 07# 4 [الأعراف] ونرى أنه يتصف بأنه سحر أعين الناس» أى أنهم لم يجعلوا الحبال أفاعى» بل إن تأثيره أنه كان فى الأعين لا فى الوقائع» فتأثيرهم فى الرؤية لافى تغيير الحقيقة وتحويلها من حبال إلى ثعابين» وفى سورة طه قال الله تعالى حكاية عنهم عندما التقوا يوم الزينة: لقَالُوا يا موسئ لما أن تلقي وما أن تون أوَلَ من ألقى <(2>> فال بل أَلْقُوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيّل ! َيه من سحرهم أَنَها تسعئ 22 4 [طه] . ونرى أن السحر تأثير فى الأعين المبصرة» وليس تغيير للحقائق الواقعة فلا يكون تغييراء ولكن يكون تأثيراً فى العيون., ولكنه تأثير نفسى قبل أن يؤثر في العين؛ ولذا قال تعالى فيما تلونا من سورة الأعراف # استرهبوهم» أى اتجهوا إلى إلقاء الرهبة فى قلوبهم؛ ولذا جاء فى سحر بابل أرض السحر أنه لا يؤثر فى النفوس إلا بما يسبق إليها من تصديقه. ولنذكر ما عرف من سحر بابل فقد جاء ذكره فى الآية التى نتعرف معناها الكريم» فقد قال تعالى: 8يعلَمونَ النّاس السحر» إن تأثيره مثل له أبو بكر الرازى يمن يركب جارية تجرى فى الماء» فإن ضلال الأعين يجعل الناظر إلى الأشجار يحس أنها تسير لا الباخرة . وربط أهل بابل الذين كانوا يعبدون الكواكب تأثير سحرهم بالكواكب» وكانوا يقولون الرقى والتمائم والعقد والنفث باسمها ويوهمون العوام» والضعفاء صدقها ويشترطون فى القيام بأفعالهم الساحرة أن ينالوا أولا ثقة من يريدون التأثير فيهم» ويعقد مجالس سرية لذلك» ولقد جاء فى أحكام القرآن لأبى بكر الرازى ما نصه: «وكانوا يدعون عوام الناس وجهالهم سراء كما يفعل الساعة (أى فى أيامهم) كثير ا تفسيرسورة البقرة الللللاال 01 تمن يدعى ذلك مع النساء والأحداث الأغمار» والجهال الحشوء وكانوا يدعون من هذه إشارة إلى السحر» وما يعمله السحرة» وننتهى من ذلك إلى أن فى السحر ثللاث صفات: أولها ‏ أنه يسبقه الثقة بالساحر ليستطيع أن يؤثر تأثيره فى النفوس . ثانيها ‏ أنه يكون فيه إلقاء الرهبة فى النفوس» وتحويلها إلى الرهبة من الساحرء كما قال تعالى: 9 واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم 23# 4 [الأعراف] . الثالئة - أن السحر فى أعلى صوره وأدناه يؤثر فى النظرء فيجعل الرائي وإن هذه اللأوصاف تتفو تتفق الآن مع الااستهواء الذى يفعله بعض الناس بالتأثير فى غيرهم وتوجيه مشاعرهم وأهوائهم» والسيطرة على خواطرهم» ويمسحون ولاحول ولاقوة إلا بالله . هذا هو السحر فيما نعلم» وقد مهر فيه أهل بابل» حتى ضللوا به. وكان السحرة علماء» وكان اليهود يعلمون الناس السحر #وما أنزل على الْملكينِ ببابل هاروت ومَارُوت» فاليهود كانوا يعلمون ما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت» فهل هما ملكان حقيقيان نزلا لتعليم الناس السحرء أو طرق الوقاية منه. ولا يمكن أن نعرف طرق الوقاية إلا بمعرفة طريقة التأثير الظاهر أنهما ملكان؛ لأن الله تعالى سماهما ملكين» ولأن الله تعالى سمى ما كانا يقومان به أنزله تعالى عليهماء ولم يبين المدة التى أقاماها فى بابل» لتعليم الوقاية منه وإنذار الناس منه» كما قال إمام الهدى على بن أبى طالب رضى الله عنه وكرم الله وجهه. وإن نزول الملك للتعليم كما ثبت بنزول جبريل فى حديث الإيمان الذى رويناه آنفا. إل تفسير سورة البقرة 3 وإننا نسير فيما نكتب فى فقه الإسلام» وعلم القرآن على أساس أننا لا نعدل عن الظاهر إلا إذا تعذر تحقيق الظاهرء ولا ننتقل منه إلى غيره إلا مهتدين بنص؛ ولذا نرى أنهما ملكان نزلا لبيان السحر فى ذاته والتضليل به وطريق الوقاية منه فهما منذران كما قال الإمام على. ورأى بعض الكتاب المتآخرين فى التفسير أن من سما الملكين كانا رجلين متظاهرين بالصلاح والتقوى فى بابل وهى مدينة على نهر الفرات» ونالوا ثقة الناس حتى ظنوا أنهما ملكان نزلا من السماءء وبلغ مكر هذين الرجلين أنهما كانا يقولان: إنما نحن فتنة فلا تكفر. واحتج الذين قالوا هذا القول من مفسرى هذا القرن بأن الملك لا ينزل إلى الأرض معلما منذرا؛ لأن المشركين طلبوا أن ينزل ملك» فقال الله تعالى: 8 ولو لاه ملكا لَحِعَلناهُ رجلا وَلبْسنَا عليْهم ما يُلبِسون 52> 4 [الأنعام] وكان المشركون يقولون: «إما لهذا الرّسول يكل الطَّعَام وَيمُشي في الأسواق لولا أنزل إلَيه ملك فَيكون مَعْهُ نذيرا :2 4 [الفرقان]. وقالوا: إن نزول الملك مستحيل؛ لأنه لو كان ممكنا لأرسل إليهم ملكا مؤيدا للرسول. ونحن نقول إن نزوله ليس مستحيلا؛ والله لم يرد عليهم بأنه مستحيل» ولكن علم أنهم م متعنتون» وقد طلبوا غير ذلك» وقالوا فى طلبهم آيات أخرى: وقالوا أن نؤمن لَك حتَئ تفجر لَنَا من الأرض ينبوعا 5 أو تكون لك نه من نُخيلٍ وعتب فَتفَجَرَ الأنْهارَ خلالها تفُجيرا ©(50) أَوْ تُسقط السَمَاء كما رَعَمْت عَلَينَا كسفا أو تأني الله والملائكة قبيلاً :2 أو يكُون لك بيت من زخرف أو ترقّئ في السّماء ولن نُؤْصن لرقيّك حتّى تنزل علينا كتابا تَقرَوْه قل سبْحَانَ ربِي هل كنت إلا بَشرا رَسُولاً 2ه » [الإسراء]. فهم طلبوا هذه الآيات الحسية الكونية كما طلبوا أن ينزل ملك بقرطاس من السماءء وذلك كله كفر بالقرآن الذى تحداهم فعجزوا. فهل هذا كله مستحيل أن يأتى الله به» أم أن الله تعالى لا يريد أن يِل بآيات أخرى وهو يعلم أنهم لن يؤمنوا؛ ولهذا نقول إنه لايوجد دلا 2 تفسيرسورة البقرة أن ينزل الله تعالى ملكا إلى الأرضء» وقد نزل جبريل عليه السلام فى صورة رجل للنبى كله فى حديث الإيمان الذى رواه البخارى . لهذا نحن نرى كما ذكرنا أنهما ملكان؛ لآن الله تعالى ذكر أنهما ملكان» وسماهما وذكر أنه أنزل عليهماء وأنهما كانا يحتاطان فى بيان السحرهء ويقولان كان هذان الملكان غير مضلين للناسء إنما جاءا لإنقاذ الناس من فتنة السحر إذ كانا يعلمان الحيل والتمويهات» وطرق الاستهواء التى أشرنا إليها من قبل آخذين لها من القرآن أدلة» كانا يعلمان الناس ذلك حتى لا يضلوا بالسحرء وقد اشتد ظلامه» وطم سيله وما يعَلَمَان من أَحَد حت يقولا إِنَّما نحن فتنة4 أى إن ما نعلمه فتئة يختبر الناس به لفلا تَكْفرَ»ك» أى فلا تأخذ به لأنه كفرء وإما علمناك هذا لتتخذ منه وقاية» ولتحذرهء وليكون ذلك إنذار حتى لا تصدقه بعد ذلك» ولتعلم أنه يضل السحر والساحر. اتبع اليهود ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وتعلموا السحرء وأخذوا يعلمونه» وجاء الملكان ليبينا زيفه وطرق التمويه فبدل أن يحذروه تعلموه منهما. وهكذا هم دائما يأخذون من كل شىء ما يضر ويتركون ما ينفع» فهم دائما يأخذون من التحذير طريق الوقوع فى المحظورء كما أخذ إخوة يوسف من قول أبيهم يعقوب: ظ وأَخَاف أن يأكلهُ ادنب ... 27 4 [ يوسف ]» فقالوا عندما ألقوه فى غيابة الجب: أكله الذئب. المرء ا هذه صورة من أقبح الصورء ذكرها مثال ليرهاء كاستهواء النفوس بمسح تفكيرهاء وأن يستبد بما فيها تفكيراء ويسمون ذلك فى هذه الأيام ا تفسير سورة البقرة ٠‏ 1ا !!!ا ااالاانا للا كلام الك ل قالطلا اانااا انا نن ااام نالخلا لن لانن نالنا الام خانلانا طن انا لاا ناا ناا ل نل طخلل خاطلنا تاناخ ط خا ن اطلام خخخ لخ الما خخسقالل ع سعد سرج بصدد تعليمه» ٠‏ بل كانا ب بصدد بيان زيفه ولكن مزلا تعلمره ليكون تقيض فا أراه . 0 الله سبحانه» وكرجل يجمع الأحاديث الموضصوعة لكيلا تتخل للاسء+ ف فيجىء فسقة الناس وينشرونهاء وهكذا شأن الفاسدين يتبعون الشواذ فيقولونه. _ 3_7 8 وما يفرقون به بين المرء وزوجه هو طريق الاستهواء بأن يعملوا بالطريق الذى يسمونه التنويم المغناطيسى» وهو من أشد أنواع السحرء ينزع شعور المحبة من أحد الزوجين لزوجه فيكون التفريق بينهماء والسحرة الآن لايفرقون بين المرء وزوجه» بل يفرقون بين المؤمن ودينه» والناس عنهم غافلون» ألا يستيقظ المسلمون وذلك كله فسوق عن أمر الله تعالى ونهيه. وليس ذلك الكفر خارجا عن إرادة الله» ولذا قال تعالى: وما هم بضارين به من أحد إلا يإذن الله . ويطلق إذن الله تعالى تارة بمعنى الترخيص فى فعل» كقوله ' تعالى : « أذن للدي يقَانُون بِنّهُم ظَلمُوا إن الله علَى تَصرهم لَقَديرٌ 42507 [الحج] ويطلق إذن الله تعالى تارة أخرى بمعنى تسخيره» ككون السم يؤثر فى الجسم» والسحر يؤثر فى النفس» والترياق فى إزالة السم فعل هذا بإذن الله تعالى» كذلك السحر ما كان ليؤثر تأثيره فى النفوس إلا بالأوهام الفاسدة إلا بتسخير من الله تعالى» أو إذن منه سبحانه وتعالى. فتأثير السحر فى النفوس إنما هو بتسخير الله تعالى اختبار للنفوس القوية 7 تقاوم النفوس الشريرة والتآثير الفاسدة» وقد يسأل سائل: لماذا كان السحرء و على هذا النحو من الإفساد للنفوس وتخليق الأوهام؟ ونقول فى الجواب عن ذلك. كما خلق الأفاعى والجرذ؛ فإنها خلق الله تعالى» خلقها لاختبار عباده» وقد يكون لها فوائد يعلمها الله تعالى» وإنه هو الفاعل» لا يسأل عما يفعل» وهم يسألون. 3 بل تفسيرسورة البقرة والضرر : فى السحر واضح لأنه يفسد العقول» فالساحر الدائب على السحرء ينتهى أمره بفساد عقله. فيضطرب وتسارع إليه الوساوس» فلا يكون عنده ميزان عقلى سليم » يدرك به الحق من الباطل» ويكون فى وسواس مستمر »2 ويضر المجتمع ؛ إذ به يتخذ البسحر والتنويم المغناطيسى» وكان عالما رياضيا منظم العقل مستقيم الفكرء فلما أكثر من هذا التنويم الذى هو السحرء اضطربت موازين تقديره» وصار يصدق ما لا يقبل التصديق ويقبل من القول ما لا يصدقه. فسد التقدير عنده» وصار يهرف بقول لا يصدر عن مؤمن عاقل» فيفضل الرسول وذلك أن السحر أفسد عقله المؤمن» وتفكير ره السليم» ونفى الله النفع مله » فقال تعالى: لإولا ينفعهم» أى لا ينفع متخذيه بأى صورة من صور النفع. وليس لعاقل أن يقوم بعمل مؤكد الضررء ولا نفع فيه بأى صورة من النفع؛ ولذا قال تعالى: «ولقد علموا لَمَن اذ شتراه ما لَه في الآخرة من خَلاق» . أكد الله سبحانه وتعالى أن من اتخذ هذا النوع؛ أى أن من اشترى السحر» ودفع نفسه وعقله وإحساساته - ليس له نصيب فى الآخرة» فالخلاق هو النصيب. معنى المجاز بتشبيه المشترى للسحر بتقديم نفسه العاقلة الطاهرة بحال من يشترى شيئا تافهاء ويدفع فيه شيئا قيما ويبيع آخرتهء فلا يكون له نصيب فيها. ولقد أكد سبحانه وتعالى هذا المعنى» فقال تعالت كلماته: #ولبئس ما شروا به أَنفسهم لو كانوا يَعَلَمُون» فى هذه الجملة السامية تأكيد الذم للسحر وأكده باللام» هم تفسير سورة البقرة ش ااال الوك 4 جب يي وبئس فعل دال على الذم» أى بئس هذا السحر الذى باعوا به أنفسهمء أى أن السحر فوق مضراته الواضحة المفسدة للنفس وللجماعة هو فى ذاته أمر مذموم لا يصح أن يطلب فى ذاته» ولكنهم يدفعون فيه أغلى الأثمان إذ يدفعون أنفسهمء وعقلهم وإحساسهم وقلوبهم» وقوله تعالى: #شروا به أنفسهم» أى باعوا؛ لآن شروا بمعنى باعواء ولكنهم فى عمياء من أمورهم؛ ولذا قال تعالى: #لو كانوا يعَلَمون4 أى نوع من العلمء ؛ فلا يقدم عليه من عنده ذرة من العلم. إن الفقهاء أجمعين يقررون أنه من ثبت أنه يتخذ السحر عملا يقتل لحماية الناس من إفساده للنفوسء» وتفريقه للآأخيار» والله تعالى بكل شىء محيط . اليهود يختارون الشر تمر مر - 2 ررض هه 0 سر سل ع بن 3-0 لعل لاسا و واتموا أمثوبة 00 6 اتتلئوت م وس ةلد هه . 1 اسه مه 2-0 : سا ء لل مس شي كسمي احضم يميه مَنيَفَاء وَأَكَّهُ ذو الْمَضْ لٍالْعَظِيوٍ :22 1 .- م لخ ته 2 7 يرشد الله إلى الحق بدل الباطل لليهود؛ لأنهم يعرضون؛» ويطليون السحرء وينبذون آيات الله تعالى البينات الداعية إلى الحق» وإلى صراط مستقيم» وذلك من اضطراب إدراكهم وعدم إيمانهم كشأن من تحكمه الأوهامٍ وتسيطر عليه الأهواء ؛ ولذا قال تعالى: #ولو أنّهم آمنوا وات َّقَوا لمثوبة من عند الله خير» . إل تفسيرسورة البقرة موبلالل ا00االللاااالللا060االلل لا لم يقل سبحانه آمنوا بمحمد . والضمير يعود إلى اليهودء بل قال سبحانه: #ولو أَنْهم آمنوا» وذلك لأنهم لا إيمان عندهم بشىء» بل هم فى اضطراب لا قرار فى قلوبهم بشىء» والإيمان إذعان للحقائق» وجعلها مستقرة فى القلوب مصدقة للحق فالمعنى: لو ثبت أنهم آمنوا وأذعنوا وصدقوا بالحق واتقوا غضب الله تعالى وطلبوا رضاهء واتجهوا إلى السير فى الطريق السوى لكان ذلك خيرا بدل الاعوجاج الذى اختاروه لأنفسهمء. فساروا فى طريق عوجء لو فعلوا ذلك لكان لهم ثواب؛ ولذا قال تعالى فى جواب الشرط المقدر من «لو» «لَمثوبَة من عند اللّه خير»» أى لو ثبت أنهم آمنوا وأذعنوا وسكن ذلك قلوبهم» واتقوا أى اتقوا غضب الله بعمل صالح ينفعهم وينفع الناس» ويكونون به مصدر خير لخلطائهم من الناس - لكان لهم الثواب الدائم» فالمثوبة هى الثواب الدائم المستمرء وذكر سبحانه وتعالى أن ذلك خير لهم ماهم فيه من اضطراب مستمر وفساد قلب» وقوله تعالى: # خير» إما عطف بيان» وإما خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو خير. وقد أكد الله تعالى المثوبة باللام المؤكدة الواقعة فى جواب فعل لو المحذوف» وبين سبحانه وتعالى بعد علمهم بهذه الأمور التى يكون علمها والأخذ بها خيرا لهم؛ ولذا قال سبحانه: الَو كانوا يَعَلَمُون4 وعلماء النحو يقولون فى «لو» أنها حرف امتناع لامتناع أى يمنع جوابها لا متناع شرطهاء والمعنى أنه يمتنع علمهم بذلك فيمتنع إيمانهم» فهم فى ضلال مبين. وإن اليهود دائما عشراء سوءء فكانوا يغمزون فى القول دائما بالنسبة للنبى لِك كان المؤمنون يتوجهون إلى النبى ككِلْةّ طالبين إرشاده وتوجيهه ودعاءه فكانوا يقولون #راعنا» وأصل راعنا مفاعلة من رعى يرعى» ومعنى المفاعلة راعنا بالقول الموجه لمرشد نرعك بالاستماع والإنصات» فإنك هادينا ومرشدنا وقد تفيد معنى اتجه إليناء ولقد روى عن ابن عباس فى تفسير كلمة ##راعنا» أنه قال: «كان المسلمون يقولون للنبى يَكِلةٍ راعنا على جهة الطلب والرغبة من المراعاة أى التفت إليناء وكان هذا بلسان اليهود سبا أى اسمع لا سمعت فانتهزها اليهود وقالوا: كنا نسبه سر فالآن نسبه جهراً. ال تفسير سورة البقرة واااو كانوا يخاطبون بها النبى ود ويضحكون فيما بينهم فسمعها سعد بن معاذ وكان يعرف لغتهم فقال لليهود: عليكم لعنة الله لين سمعتها من رجل متكم يقولها ش للنبى مله لأضربن عنقه» فقالوا أولستم تقولونها فنزل قوله: لإا أيه اين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنًا واسمعوا 4 . نهاهم الله تعالى عن قول راعنا لآن اليهود فسروها بما يدل على السب كما قال ابن عباس رضى الله تعالى عنه ولووا بها ألسنتهم بما يدل على أن معناها رعونة من القائل والمخاطب الكريم» ولقد صرح سسبحانه اوتعالى فى موضع آخر بلى ألستتهم فقال تعالت كلماته: «إمن الّذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولُون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بأنسنتهم وطعنا في الددين ولو نهم قَانُوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لَكَانَ خيرا لهم وأَقُوم ولكن لَعنَهِم الله بكُفرهم قلا يوون إلا قَليلا تيه © [ النساء ] . كانوا يقولون: #راعنا» يقصدون الرعونة» بمعنى عدم الاستقرار الفعلى والفكرى فأمر الله المؤمنين أن يتوقوا هذه الكلمة وأن يقولوا انظرنا بمعنى اشملنا بنظرتك وإرشادك وتوجيهك؛ وأمرهم مع ذلك بأن يسمعوا للرسول إرشاده وتوجيهه . وإن ذلك يفيد أمرين: أحدهما - إرشاد المؤمنين بأن يتخيروا العبارات التى لا تثير حولها المرتابين إلى ما يتعدى مقاصدهم» وما يحرفونها عن مقصودهاء وأن يتخيروا جميل الألفاظ التى لا يؤذى جرسها الأسماع. الآمر الثانى - أنه يجب الأخذ بسد ذرائع فساد الفهم» ومايؤدى إلى الغمز فى القول» تراج الكلام عن معناه» وتعدى مقصده. بل إن بعض المشتغلين بالفقه قال: (إنها دليل على الأخذ بمبدأ سد الذرائع الذى يقوم على أن الذرائع أو الوسائل تأخذ حكم ما تؤدي إليه» فما يؤدى إلى المطلوب يكون مطلوباء وما يؤدى إلى الممنوع يكون ممنوعا» وإن لذلك وجها من 2 إل تفسيرسورة البقرة القول» فإن نهى الله تعالى عن أن يقولوا #راعنا© سد لفساد اليهود الذين يغمزون فى القول» ويتهكمون بهذا على المؤمنين» وعلى مقام النبوة السامى الجليل. ولقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: لوللْكَافرِين عَذَاب أليم» والمراد من الكافرين اليهود الذين لووا ألسنتهم غمزا واستهزاء» وقد أظهر فى موضع الإضمار لتسجيل الكفر عليهم ولبيان السبب فى عذابهم فهم كافرون بما كان منهمء وجحودهم للنبوة المحمدية وإنكارهم للقرآن الكريم ونبذهم له وراءهم ظهرياء والكافر له عذاب أليم» وأليم بمعنى مؤلم» وتنكيره للدلالة على أنه عذاب أآليم لا يدرون كنههء ولا حقيقته . وإن المشركين عبدة الأوثان لم ينزل عليهم كتاب بعد إبراهيم عليه السلام» واليهود أهل كتاب فنزل عليهم كتاب سماوى ثم حرفوه من بعده» ونسوا حظًا منه وزادوا عليه أوهاما من عندهم» وكتموا جزءا كبيرا ثما بأيديهم. إن هؤلاء المشركين واليهود جمعهم أمران: أحدهما الكفر» والثانى بغض محمد كَلكْة» أو بغض ما جاء به فإذا فرقهم العلم بكتاب سماوى» فقد جمعهم كفر وبغض لا جاء به محمد يكِ؛ ولذا قال تعالى: اما يَودُ الّذين كفروا من أَهلٍ الكتاب ولا المشركين أن يترّل لك خرن ك4 يود هنا معناها يحب» وإن الود يجىء بمعنى محبة الشىء؛ وبمعنى تمنيهء وهى هنا بمعنى المحبة فقطء وما هو بمعنى التمنى قوله تعالى: 92 ودوا لو تدهن فيَدسُونَ 4438 [القلم], وقوله تعالى: إودوا ما عشم ... :18 4 [آل عمران] . وهنا تكون بمعنى المحبة» أى ما يحب الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم» ونفى المحبة يومئ إلى الكراهية» أى يكرهون أن ينزل الله تعالى عليكم أى خير من ربكم» ومن فى قوله تعالى: #من خير من ربكم» لاستغراق النفى ومعناها أى خير من ربكم» وأعظم الخير من الله تعالى هو أن يكون رسولا من رب العالمين» وربكم الذى رباكم وصنعكم على عينه. هم تفسير سورة البقرة اللا 000 06 مل ب_م؟ 3 وقدم سبحانه وتعالى أهل الكتاب على المشركين؛ لأن الكلام كان فى أهل الكتاب؛ ولأنهم أشد جحودا وإعناتا؛ ولأن الجحود منهم وهم أهل كتاب أشد من جحود غيرهم الذين لم يؤتوا كتابا؛ فالجهل قد يكون عذرا أحياناء وإن لم يكن هنا عذرا. وإن سبب كراهية أن ينزل عليكم خير من ربكم يختلف عند المشركين عنه عند اليهودء فهو عند المشركين كفر للوحدانية» وخوف الرياشة. والتنافس بين العشائر» وأما عند اليهود. فهو كراهية أن تكون الرسل فى ولد إسماعيل» وهم فى طبيعتهم الحسدء يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. وموضع الكراهية أن ينزل عليهم أى خير من ربهم» وتنزيل الخير من رب الوجود هو الرسالة» كان المشركون الذين عاندوا النبى يَكلَةِ ينفسون على عشيرته بنى هاشمء ولقد قال عمرو بن هشام أبو الحكم الذى لقبه الإسلام بأبى جهل فى سبب كفره: (تنازعنا وبنى عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمناء وسقوا فسقيناء حتى تجائينا على الركب» وصرنا كفرسى رهانء قالوا: منا نبى فأنى يكون ذلك؟ والله لا نؤمن به) . واليهود قد علمنا أنهم كانوا يستفتحون به» فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين. ولقد رد الله تعالى كراهيتهم» وأنه سبحانه وتعالى يسير فى اممتيار نبيه على مقتضى حكمته وإرادته فقال تعالى: «واللّهُ يَحْقَصُ برحمته مَن يشَاء4» والله ذو الجلال والإكرام» والفاعل المختار يختص برحمته من يشاء وهى رحمة الرسالة التى ترحم الناس أجمعين» كما قال تعالى: 9 وما أَرْسلَاكَ إِلذّ رَحَمةَ لَلْعَالَمِينَ 27 4 [الأنبياء] ورحمة القرآن الذى جاء هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين. فمعنى يختص برحمته» أى يختص بحمل رسالته وقرآنه من يشاءء أى من يختاره بحكمته والله أعلم حيث يجعل رسالته» وإن ذلك من فضله؛ ولذلك قال تعالى: #واللّه ذو الفضل العظيم4 أى صاحب الفضل العظيم الذى يلازمه سبحانه وتعالى» فلا يكون منه إلا فضل عظيم يعم الناس أجمعين. تفسيرسورة البقرة سم يئر ب ؟ يي اللسخٌ سس 2 00 0خ 31 أب 5 2 س1 9 ت رس سه ا ص له عر ل أل ا سَئٍ ع فير 1 2 ألم تلك مل نأك تكوب وَآلارينومَالَحسكم قن ذو أن سر وي وَلَاضِيرِ ع 7 أمْ رْيدُوت أن مَنَْلوارَسُو كََاسيِلَ مُوسَى من قل ومن د يَيَبَدَ ِاْلْكه لمن مه ب 5 سرب حم فَمَدَصَلٌ سَوَاءَ أَلسَجِيلٍ ني بعد أن بين الله سبحانه وتعالى بعض أفعال اليهود من إنكار وجحود وكفر بالنتعمة وكفر بما يعرفون صدقه واتخاذ السحر وأوهامه واتباع ما يضر . سبحانه النسخ لأنه يتضمن نسخ بعض ما جاء فى التوراة وإن صدق أصلهاء ونسخ المعجزات التى كان يأتى بها موسى عليه الصلاة والسلام» ليؤمن بنو إسرائيل وآل فرعون» ذكر الله تعالى نسخ الشرائع القديمة ونسخ المعجزات الحسية السابقة وأنه أتى بمعجزة هى القرآن» وإنها أمر أوحى للنبى يَيِْةٌ وأنه كان آخر صرح للنبوة» إذ كان محمد كَكِلْدِ آخر لبنة فى صرح النبوة» وكان خاتم النبيين. بعد ذلك تعرض النبى يك للنسخ فى الشرائع والآيات. النسخ معناه الإزلة كما تقول نسخت الشمس الظل » أى أزالته وحلت محلهء ويطلق أيضا النسخ بمعنى نقل المكتوب كما قال: «إِنا كنا نسستسخ ما كنم تعملون جرت 4 [ اجائية | . والآيات تطلق على طائفة من القرآن مفصولة عما بعدها كآية الكرسى» وآيات المنافقين وآية الرباء وآية حد السرقة وغير ذلك من آيات الله تعالى البينات . م تفسير سورة البقرة لامكال 01 حي ا وتطلق على الآيات الكونية التى تدل على قدرة الله تعالى وعلى حكمته. وبديع - خحلقه ومنها معجزات النبيين الحسية كالعصاء وفلق البحر وإبراء الأكمه وإحياء الموتى بإذن الله» والإخبار عما فى بيوتهم» ومن ذلك قوله تعالى: وجعلنا ابن ريم وأمه آية .... تج لت # [المؤمنون] ومن ذلك قوله تعالى: ف وما نرسل بالآيّات إلا تخويفا الننة 4 [الإسراء ] ومن الآيات الحسية قوله تعالى : « أتبنون بكل ريع تعبثون 4 [ الشعراء ] ؛ لآن البناء العالى فيه دلالة على براعتهم فى البناء . والنسخ فى اصطلاح الفقهاء على أساس أن الآية هى الآية القرآنية هو إزالة حكم الآية» ويقسمون سخ إلى ثلاث: القسم الأول - نسخ الحكم وبقاء التلاوة» كما ادعوا لآيات نسخ حكمها وبقيت تلاوتهاء كآية تقديم الصدقة بين يدى الرسول إذا ناجوا الرسول فى قوله تعالى: «إيا أَيهَا الّذينَ آمنوا إذَا ناجيكم الرّسُول فَقَدَمُوا بَيْنَ يَدَيْ تَجوَاكم صَدقَة .. 00 20 © [اجادلة ] . القرآن آية «إذا زنى الشيخ والشيخة» فارجموهما ألبتة200 فنسخت تلاوتها وبقى حكمها. )١(‏ عن عبد الله بن عبّاس يَقُولُ: قال عمر ب بن اْحَطَاب وتو جالس عَلَى مث رول الله يله: إن الله د بَعَثَ مُحَمَدَا كل باحق ل عله الكتّاب. فَكَانَ مما تن عليه آي الرجم؛ ؛ قَرََنَاهَا يناما وَعَقَلْنَامَاء َرَجم لل ع هسل سه سا مول الل ل ورج يعدم تاطتى | إن طَلَ ل بلاس َمَادأ أن قو ائل: ادلجم فى كتَابٍ ا الله ا عر عر 8 سس 3 اإحسى « كن 050 ومسلم: كتاب ب الحدود 0 2٠‏ واللفظ له]. ورواه مالك فى الموطأ عن سعيد بن المسيب بلفظ: إباكم أن تَهلكُوا عن آيه؛ أن يقو قائل: لا نَجِد حَدينٍ فى كساب الله «فَقَد رَجَمْ رَسُول الله يك ورَجَممَاء الى تَفسبى بيده لولا أن يمول الناس واد عسمرٌ ابن الْحَطَاب فى كتاب اللّه تَعَالَى لكتكُهًا (الشيخ والشيحة قارجموهما اَن قَِنَا قَد قد قَرأَنَاهَا . قَالَ مالك : قَالَ يحت بن سيد قال سيد بن الصيب: ف 0 َل يَحتى: كتاب الحدود 5000 مه 3 تفسيرسورة البقرة هسم الال الم يبب رار يي والقسم الثالث - وهو الأصل آيات محكمة لم يعرها نسخ ولا تأويل» وهذا القسم يقولون إنه أكثر القرآن. وفى هذا الكلام نظر يستبين مما نقول إن شاء الله تعالى. ويقولون: إن هذه أقسام بالنسبة لذات النسخ» أما بالنسبة للناسخ فيقولون القرآن ينسخ السنة» ولكن يشترط الشافعى لنسخ القرآن للسنة - أن يكون من السنة ما يدل على النسخ» كالسنة التى دلت على نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة . وادعوا نسخ القرآن بالسنة بل ادعوا نسخ عموم القرآن بأحاديث الآحاد. وكل على تفسير الآية فى قوله تعالى: #إمَا ندسخ من آية أو ندسها تأت بخير منها أو مثلها 4 . فإنها الآية القرآنية المشتملة على أحكام تكليفية بإلغاء تكليف ووضع تكليف آخر فى موضعه كنسخ تحريم بإباحة» أو إباحة بتحريم » ولكن يلاحظ أن نسخ القرآن بالسنة لا يستقيم مع النص الكريم ؛ لأن النسخ يوجب أن يأتى بخير من المنسوخة أو مثلهاء ولايمكن أن تكون السنة خيرا من القرآن أو مثله. ولكن هل الآية تدل على وقوع النسخ» أو تدل فقط على جوازه على فرض تفسير الآية بالآية القرآنية (ولنا فى ذلك نظر) نقول إن الآية تدل على الإمكان لاعلى الوقوع؛ لأن النص السامي بشرط وجواب هذا الشرط - إذ إن «ما» من أسماء الشرط جزم به ننسخ وجوابه: #نأت بخير مَنْها أو مثلها» فهى دالة على الإمكان لا على الوقوع بالفعل» والوقوع بالفعل يجىء من تتبع الأحكام الشرعية الناسخ منها والمنسوخة كما ادعى فى الآيات التى ذكرناء والأحكام التى تكلم فيها الفقهاء مدعين فيها نسخ آيات بآيات . وقبل أن ننتقل بتفسير الآية إلى معنى آخر نتكلم فى معنى # ننسها» وعلى هذه القراءة يكون ننسها من قلوب الناس لأنها من أنساها - من قلوب الناس» أى ب تفسير سورة البقرة ل 1080الللصوللللال الم اي 1 له : يي تلاوتهاء» وبقيت أحكامهاء كما ادعى : فى الرجم. وهناك قراءة (تنسأها) بفتحتين وهمزة» وبمعنى نؤجلها من النسّاء بمعنى التأجيل» وخرج بعض اللغويين القراءة الأولى #أو ننسها» على هذا المعنى» فقال إن الهمزة قلبت ياء إذ أصلها ننسئها فسهلت الهمزة فعوملت الياء معاملة حرف العلة ويكون المعنى لا نزيل حكم آية أو نؤجل حكمهاء إلا أتينا بخير منها أو مثلها. ثم قال تعالى مؤكدا جواب الشرط بقوله تعالت كلماته: #ألم تعلم أَنَ الله على كل شيعو قَدير» والمعنى تعلم علمًا يقينيا مؤكدا أن الله تعالى على كل شىء قدير. وقدم قوله على كل شىء لاختصاصه تعالى بكمال القدرة وعمومهاء #ألم» استفهام للنفى مع التنبيه ونفى النفى إثبات مع التنبيه وتأكيد العلم. وهذا القول كله على تفسير الآية بمعنى الآية القرآنية . وأولئك كما ذكرنا يقررون النسخ فى القرآن» وقرره الشافعى» وغيره من الفقهاء الكبار» وعلى رأسهم شيخهم أبو حنيفة وإمام دار الهجرة مالك وإمام السنة وحجة قولهم هذه الآية» وما جماء عن الصحابة من نسخ بعض آيات 9 ةا , وقوله تعالى فى سورة الطلاق ل لات الأحمال أجل أن ين حملهن .. _0 ك4 [العلاق] وثيها ظاهر التفارق فى المتوفى عنها زوج اخامل؛ الحامل» فقال رضى الله عنه: أشهد أن سورة النساء الصغرى» أى الطلاق نسخت الكبرى . وهى قد خصصتهاء» ولكن كان السلف يعتبرو التخصيص نسخاء ولا مشاحة فى الاصطلاح . يم تفسيرسورة البقرة أ لاا وإن النسخ فى ذاته لافى القرآن بالذات لا ينكره أحد؛ لأن النبى يكلةِ كان يربى المؤمنين» ويدع الدين الحق فى قلوبهم» وقد مكث بينهم ثلاثة وعشرين عاما يربيهم؛ ويخرجهم من الظلمات إلى النورء وما كانوا ليقبلوا ذلك التهذيب الكامل الذى ينقلهم من الجاهلية إلى العلم والتفكير» والعمل التقى الطاهر دفعة واحدة؛ بل لابد أن يأخذهم فى رفق وأناة يقر أمور على رجاء التغيير» حتى تشرب قلوبهم حب الإسلام» وحب آدابه» ولقد روى عن النبى يِه «ما من نبوة إلا تناسخت» أى حولت النفوس بالتدريج» وترك أمور فى مرتبة العفو حتى تتشرب النفوس الحقائق الإسلامية. وليس معنى ذلك أن الله تعالى كان يجهل الحقائق ثم علم وهو ما يسمى بالبداء» والله تعالى منزه عنه تبارك وتعالى» وإنما معناه أن الله عالم بكل شىء» ولكن نبيه كان كالمربى الذى يتدرج بتعليمه حتى يشب ويعلو فكره» فتتكامل الشريعة نزولا إذ تكامل عقله إدراكا وبيانا. لذلك كان النسخ وكانت الأحكام التى تجيء فى السنة موضع التناسخ الثابت بالحديث . ولكن هل يجىء النسخ فى القرآن» قال جمهور العلماء ذلك مستدلين بقوله تعالى: «إما ننسخ من آية أو ندسها تأت بخير مَنْهَا أَوْ مثْلهًا 4 ولكن نقول: إن الآية الكريمة كما فى بيان الشرط وجوابه» وتدل على الإمكان لاعلى الوقوع فعلا» وإن هذا على أساس تفسير الآية بمعنى الآية القرآنية المشتملة على حكم تكليفى» ولكن كلمة الآية تدل معانيها على الآية الكونية» والمعجزات الكونية والحسية التى يجيء بها الرسل كإحياء عيسى عليه السلام الموتى بإذن الله تعالى» وإحياء الموتى من قبورهمء وتصويره كهيئة الطير فينفخ فيه فتكون طيرا بإذن الله تعالى» وكعصا موسى عليه السلام التى فلقت البحر وفجرت الماء من الحجرء وكإرسال الجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات. وإن المشركين طلبوا من النبى يَكِْةٌ آيات أى معجزات دالة على رسالته كمعجزات عيسى وموسى ويظهر أن اليهود طلبوا مثلهاء فرد الله تعالى عليهم 9 تفسير سورة البقرة ل لللللللللا 2 وي 1 الا‎ ١ 6 بقوله: اما تدسخ من آية أَوَ ندسها تأت بخير مَنْهَا أَوْ مثْلها» أى ما ننزل آية لنبى أو رسول أو نؤجلها إلا أتينا بخير منها أو مثلهاء وفى ذلك إشارة إلى أن معجزة القرآن خير من المعجزات التى سبقت كمعجزة موسى وعيسى؛ لأن معجزاتهم حوادث تنقضى» وتنتهى بانتهاء وقتها ولا تؤثر إلا فى نفوس من عاينواء وشاهدواء أما معجزة القرآن» فإنها باقية خالدة تتحدى الأجيال كلها إلى يوم القيامة. وإننا نميل إلى تفسير الآية بالمعجزة. وذلك للأمور الآتية: أولا - تعقيب النسخ والتغيير بقوله تعالى: «ألم تعلم أَنَ الله على كل شيم قدير4 فإن ذلك يتناسب بوضوح مع الآبية بمعنى المعجزة القاهرة التى تدل (على قدرة الله وصدق رسوله)» والمعسجزة الكونية» ولا تظهر مناسبة مع آية التكليف . وثانيا - قوله تعالى: #أَلْم تعلّم أن الله له ملك السّموات والأرّض» فذكر هذا النص السامى يدل قياسًا أن النسخ أو الترك يكون لآية كونية بخير منهاء تكون أبقى وأعظم أثرا. الثا - أنه كان لوم على طلب آية أخرى» فقد قال تعالى: #أم تريدون أن تَسألوا رسولكم كما سئل موسئ من قَبْل) هذه الآيات كلها جاءت تالية لآية النسخ وهى فى تواليها تناسب أن تكون الآية المنسوخة معجزة من معجزات الرسالة الإلهية»؛ ومعجزات النبيين. ورابعا ‏ أن النسخ يقتضى ألا يمكن الجمع بين الناسخ والمنسوخء وليس فى القرآن آيات تتعارضء» ولا يمكن التوفيق بينهاء والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده. وإن الله تعالى إذا أنزل معجزة لنبى» وبدل بها معجزة فذلك من كمال قدرته وليس لمؤمن أن ينكر معجزة» ولا يطلب معجزة معينة» وألا يقال: إن الرسول الذى جاء بالمعجزة القاطعة مغترء فقد قال تعالى: 9 وإذا بدلا آية مان آية والله أعلم بما ا تفسيرسورة البقرة 0م ووم الإإلل لل ب#يبجل بز بي يرل قَانُوا إِنّمَا أنت مفتر بل أكترهم لا يعلّمون 217+ 4 [النحل] فإن الله العليم الحكيم هو الذى يختار من الآيات الدالة على رسالة أنبيائه مايراه أقوى دلالة» وأكثر بقاء» فهو الذى يعلم الآيات كلهاء وهو الذى يدبر كل شىء بحكمته» وإرادته» وإن الله أعلم حيث يجعل رسالته» وهو أعلم بمكان آيته» ولقد قال تعالى فى ذلك: #أَلم تعلَم أن الله لَهُ ملك السّمّوات والأرْض4 الهمزة للاستفهام الإنكارى بمعنى النفي أى إنكار الوقوع» فما بعدها يكون منفيا بهاء ولم نافية لما بعدهاء فيكون نفى النفى» ونفى النفى إثبات» كما يقر علماء البيان» والنفى على طريقة الاستفهام فيه تنبيه بليغ» لأن الاستفهام فى ذاته فيه إثارة للانتباه» والمعنى: تعلم أيها الرسول» أن الله تعالى له السلطان الكامل فى السموات والأرض» فله التدبير المطلق الذى لا قيد يقيده لايسأل عما يفعل وهم يسألون فإذا اختار آية دالة على رسالة نبى مرسل» فله أن يختار آية أخرى لنبى آخرء فإذا اختار تسع آيات لموسى» واختار مثلها لعيسى» فله أن يختار لمحمد يَليِِهّ غيرها أبقى وأدوم» وأقوى دليلاء وتحديا للأجيال كلها الإنس والجن. وإن الله سبحانه وتعالى ببيان هذا العلم الشامل الواسع يشير سبحانه وتعالى إلى بيان القدرة على عقاب من يكذب وينكرء ويجحد بايات الله تعالى ويقول حيث وضح الحق وقام» إنما أنت مفتر؛ ولذلك قال تعالى من بعد 'بيان شمول علم الله تعالى: وما لكم من دون اللّه من ولي ولا تصير» وهذا أنفى لهم عند العذاب النازل بهم من أن يكون لهم ولى» أى صديق» أو ذو ولاية عليهم يحميهم بولايته؛ ويكلؤهم بمحبته أو نصير ينصرهم والشدائد نازلة بهم يوم القيامة. وقد أكد الله تعالى نفى الولى والنصير» بمن التى تدل على استغراق النفى» أى ليس للمعاندين لآيات الله تعالى ولى أى ولى كانء» ولا نصير أى نصير كان قويا أو ضعيفاء وأكد سبحانه النفى بتكرار لا. وإن ذلك النفى المؤكد يفيد أنهم يجيئون إلى الله تعالى فرادى كما خلقهم أول مرة» وهو سبحانه مالك يوم الدين. تفسير سورة البقرة ملالا و للب 1 أشرنا إلى أننا اخمترنا أن يكون النسخ فى هذه الآيات الكريمات هو نسخ الآيات الدالة على رسالة النبى يليل وأن تغيير آية يأتى الله تعالى بخير منها أو مثلهاء وإن قدرة الله على ذلك ثابتة وله فيما يفعل حكم ظاهرة قد نعلمها بإدراكنا الناقص» وقد تعلو على إدراكنا. ولذا قال تعالى موجها الخطاب لأمة محمد كَلِْةّ ملتفتا إليهم» وهم يشملون الوثنيين واليهود فهم جميعا أمة محمد فقد أرسل إلى الناس كما قال تعالى : وما أَرسلتاك إلا كاقة للثاس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الئاس لا يعلمون 4 [سبأ]. «أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سكل موسئ من قبلَ4 أم للإضراب عن الكلام السابق إضرابا لفظياء مؤداه علمتم أن الله على كل شىء قدير» وعلمتم أن الله تعالى له ملك السموات والأرض» وأنه يصرف الآيات لرسله الكرام فيختار لكل رسول آية» ولا يستبعد أن تكون تلك الآيات كلها على نسق هذه الآية لمن يجىء بعده» والله يصرف دلائله وآياته. أتريدون يا من تخاطبون برسالة محمد أن تسألوا رسولكم آية دالة على رسالته»؛ كما سأل اليهود موسى من قبل» أى أتريدون أن تختاروا معجزة دالة على نبوة محمد ولد كما سئل موسى من قبل . والاستفهام هنا لإنكار الوقوع؛ أى أنه كان تمن خاطبهم محمد كه من سأل النبى َلِْةِ أن ينزل عليهم كتابا من السماء يحمله ملك» ومنهم من سأل أن يكون المبعوث ملكا ولا يكون رجلا يمشى فى الأسواقء» كان ذلك من المشركين» ومن أهل الكتاب, وقد قال تعالى فى سؤال أهل الكتاب: ل يُستلك أهل الكتاب أن تترّل لهم كتابا مَنَ السّماء ققد سألوا مومئ كبر من ذلك َقَاُوا أرنا الله ' جهرة فَأحَذتهِم الصاعقة بظلمهم ثُمَ انَحَدُوا العجل من بعد ما جاءَتُهم الْبينَات فَعَفوَنَا عن ذلك وآتينا موسئ سَلْطَانًا مبينا ج4529 4 [ النساء ] . ا ا سسا لسرب از والمخاطبون فى قوله تعالى: لأأم تريدون أن تسألوا رسولكم» هم الذين خوطبوا برسالة محمد وَل وهم الناس جميعاء مشركوهم وأهل الكتاب فيهم. فقد بعث النبى يِه للأحمر والأسود والذين طلبوا تغيير المتجنزة المحمدية بغيرها من المعجزات الحسية كان منهم المشركون واليهود فهم أخص من بعث إليهم بالخطاب. وقوله تعالى: لأ تريدون أن تسألُوا رسولكم4 إلى آخره فيه الاستفهام متجه إلى إرادة السؤال لا إلى السؤال نفسه. وإذا كان الاستنكار للإرادة فهو للسؤال أشد لآنه إذا استنكرت ذات الإرادة» فالأولى يكون للفعل» وإنهم ما أرادوا المشابهة بين فعلهم وفعل بنى إسرائيل من قبل» إنما نبههم الله تعالى إلى المماثلة بقوله: #كما سكل موسئ من قَبّل4» أى مثل ما سئل موسى من قبل . وإن ذلك انحراف عن السبيل» وترك للحق» وانصراف عما يوجبه الدليل» إلى سؤال عن دليل آخر مع سلامة هذا الدليل الذى يعترضون عليه؛ ولذا قال تعالى: «إومن يتبَدل الكفر بالإيمان ققد ضّلّ سوا السبيل» أى ومن يجعل الإيمان فى مقابل الكفر فقد سار فى طريق منحرف ولم يسلك السبيل المستقيم» وضل يعنى بعدء ومعنى ذلك أن من يطلب الكفر يترك سواء السبيل والقصد» وفى ذلك إشارة إلى أمرين: أولا - أنهم ضلوا القصد ولم يسلكوا سواء السبيل أى وسطه؛ لأن وسط السبيل لايكون اعوجاجا ولا انحراقاء وأنهم إذ ضلوا سواء السبيل وبعدوا عنه سلكوا طريق الكفرء واختاروه على الإيمان. ثانيا - أن السبب فى سلوكهم طريق الغى والضلال وطلبهم معجزات يريدونها هو أنهم فى أصلهم جاحدون كافرون» ومن ترك الطريق الواضح مع وضوحه وقيام برهانه فقد كفر؛ لآنه يتبدل الكفر بالإيمان. إل تفسير سورة البقرة الحسد فى الدين وَدَكَييرتن هَل الكتب ليروك 00 مَيككئَرَاحسه سار و3 0 ا ْجَنَّهَالَامَنكانَ هُورًا سرك ءا 7م _- 2 مإ)احنتم ذآ# ماه - 7 سه و صدد كسمت و ومن هع هه ع 00 وو مدوداو-ه حجهم 0000 حَوق عَلِيَهِمْ وهم حردون يه نكككه م «بجمل بز كي كان المشركون والذين أوتوا الكتاب لا يرضون معجزة النبى كللِْةّ حجة دالة على صدق النبى يلد وقد تحداهم أن يأتوا بمثلها فعجزوا وعلموا مقامه من البيان» وأنه أعلى من البيان الإنسانى حتى يقول قائلهم: (إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة» وإن أعلاه لمثمرء وإن أسفله لمغدق» وإنه ليعلو ولا يعلى عليهء والله ما يقول هذا بشر). فقد تبين لهم الحق» وأن ما يشتمل عليه هو الحق الذى لا يأتيه الباطل» ومع ذلك جحدوا وكفروا وتمادوا واضطهدوا ضعاف المؤمنين» وكانوا يودون أن يعود النبى وَلةٌ ومن معه إلى ما هم عليهء حسدا لهمء إذا علموا أنهم على الحق» وليكونوا تحت سلطانهم وليحتفظوا بهم وكانوا سين إحساسين: إحساس السلطان وحسد أهل الإيمان؛ ولذا كانوا ب يتعنتون فى طلب آيات غير القرآن. إل تفسيرسورة البقرة ل ااال 080ا0ا0ا0ا0ااالملل واليهود كانوا يستفتحون على الذين كفروا بالنبى يَلةٌ فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به» فالحق قد تبين وكان أشد تبينّاء لأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم» ومع ذلك طلبوا آيات أخرى وجحدواء وما كان ذلك إلا تبريرً لكفرهم بما علمواء ولم يكتفوا بكفرهم بل ودوا أن يكون المؤمنون مثلهم كفر وعنادا . ولذا قال تعالى: لود كثير مَنْ أَهْل الكتاب لو يَرَدُونَكُم من بعد إمَانكم كارا حسدا مَن عند أَنفْسهم» ود هنا معناها تمنى» فإنها تستعمل بمعنى أحبء وبمعنى تمنى» وحيث كانت لو وما بعدها موضع الطلب كانت بمعنى تمنى؛ فإن أمنية أهل الكتاب (وكذلك المشركون) أن يختفى هذا الدين» ولا يكون إلا الوثنية وخصوصا الوثنيين الذين بقوا على وثنيتهم من الأوس والخزرج لكيلا يكون محمد وَلِْةٌ وصحبه مسيطرين على المدينة . ويلاحظ أمران: أولهما - أن القرآن الكريم الذى أنزله العادل الحكيم لم يذكر أهل الكتاب جميعاء بل ذكر الكثير منهم فقال تعالى: لود كثير من أهل الكتاب»؟؛ لأن بعضهم يرجى إيمانه ويسير فى طريق الإيمان» ومن سار فى طريق الإيمان لايرجو زواله. ومن يريد الهداية لايود زوالها. الآمر الثانى - أنه ذكر أهل الكتاب دون غيرهم لأنهم كانوا أشد رغبة فى تضليل المؤمنين» وكان الحق عندهم أشد بياناء وأقوى برهانا؛ ولآن حسلهم أوضحء فكلما كانت الحجة أقطع» كان حسدهم أوضح وأبين وعداوتهم أشدء ولحاجتهم فى الباطل . ويقول سبحانه فى موضع التمنى وباعثه: لو يرَدُونَكُم مَن بعد إيمانكم كقَارا حسدا من عند أنفسهم» تنوا أن تعودوا إلى الكفرء بعد أن ذقتم بشاشة الإيمان» وعبر بقوله تعالى: «إيردوتكم من بعد إيمانكم كُفَارا» للإشارة إلى أن ذلك رجعة بعد تقدمء وانتكاسة بعد استقامة. - 0 ا تفسير سورة البقرة ا ا اا 00 اك وما كان الباعث على ذلك الحسد؟ وعبر عن حسلهم بأنه منبعث من نفوسهم» وذلك التعبير يشير إلى أمرين: أولهما - أنه ليس له مبرر إلا من نفوسهم فلا وجه لأن يحسدوكم على ما آناكم الله تعالى من فضله. ثانيهما - تأكيد مافى نفوسهم من غل بقوله تعالى: فإ من عند أنفسهم ..قب4 [البقرة]. كما فى قوله تعالى: « يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله . ٠.‏ لت © [البقرة ]. والحسد تمنى زوال نعمة غيره» سواء أعادت النعمة إليه أم لم تعد. فالحاسد لا يريد الخير لغيره»ء وهو بهذا يملا قلبه بالضغن والحقد من غير أن يعود إليه شىء؛ ولذلك قيل إن الحسد مرض نفسىء» لايؤذى إلا صاحبه لأنه بمقدار ما ينال غيره من خير تتوالى آلامه. وخخير الدنيا كثير فيزيد مرضه بمقدار ما يؤتى الناس من فضل» وقد يسمى يعض الناس سل ما ينال الناس من شبطة كقول النبى 129 الا حسد إلا فى اثنتتين: رجل آناه الله تعالى القرآن» فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهارء ورجل آتاه الله مالاً» فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار»17؟ . واستعمال الحسد هنا من قبيل المجاز؛ لأن موضوع الغبطة والحسد» هو الخير بيد أن الحاسد يتمنى الزوال والغابط يتمنى الدوام والإتباع» وفى ذلك فليتنافس المتنافسون . وإن حسد اليهود كان باديا ففى كل معاملاتهم للنبى يلك وفى أقوالهم وأفعالهم» وحسد بعض الذين بقوا على وثنيتهم كان باديا فى نفاقهم وفى أفعالهم» وكانوا يجاهرون بالحسد قبل وقوعه إذ كانوا يجاهرون بهء ولا يخفون يروى أن النبى مَلَْةِ كان راكبا دابة فمر بمجلس فيه مسلمون» ويهود ومشركون من عبدة الأوثان من بقايا الأوس والخزرج الذين لم يكونوا قد دخلوا فى الإسلام .)١76-0( متفق عليه: أخخرجه البخارى بنحوه: كتاب التوحيد (5961)»: ومسلم: صلاة المسافرين‎ )١( إل تفسيرسورة البقرة اللللللإلالئلا0ا0اللاا60ا0االللللاااا0اااااا الل بعدء ولو نفاقاء فسلم رسول الله كَلقِْةٌ ثم نزل عن دابته وأخذ يدعوهم إلى الإسلام» وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله ب بن أبى : إن كان حقاء فلا تؤذنًا به فى مجالسناء ارجع إلى رحلك. فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغش مجالسنا فإنا نحب ذلك» فاستب المشركون والمسلمون واليهودء فلم يزل رسول الله كه يخفضهم حتى سكتواء ثم ركب دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة فقال رسول الله يَكْاْدٌ: «ألم تسمع إلى ما قاله أبو حباب» يريد عبد الله بن أبى بن سلول فكناه تقريبًا لنفسه «قال كذا وكذا» فقال: أي رسول الله بأبى أنت وأمى! اعف عنه واصفحء فوالذى أنزل عليك الكتاب بالحق لقد جاء الله بالحق الذى أنزل عليك رلقد اصطلح أهل هذه السحيرة على أن يتوجسرة ويعصبوه بالعصابة» فلما رد الله ذلك بالحق الذى أعطاك شرق» فذلك فعل ما رأء يت(21. والحسد هنا واضح . ولقد قال تعالى: إقاعفوا واصفحوا حنَّى يأتي الله بأمْره4. والعفو معناه» ترك المؤاخذة على الذنب والرفق فى المظهر» والمعاملة الحسنة» والصفح هو إزالة كل أثر فى النفس» فالعفو يتعلق بالمظهر كقوله تعالى: خْذ الْعقو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين دده # [الأعراف] والصفح ألا يبقى فى النفس أثر من الآلام التى أثارها الحسد والعمل على مقتضاه» وكلاهما أعلى درجة من الصبر المجرد؛ لأن الصبر معناه الضبط والتحمل مع ملاحظة ورجاءء» والعفو يتضمن كالصفح معنى الصبرء مع تجمل المظهر وألا تكون آلام قط مما يصنعون. وقد حد الله تعالى نهاية للعفو والصفح» وهو أن يأتى أمر الله قال تعالى: حتئ يأتي الله بأمره 4 وإن ذلك يكون بأحد أمور ثلاثة: إما بالقصاص منهمء بإجلائهم أو قتالهم. وإما بنزع الحسد والحقد من قلوبهم وهدايتهم» وإما بالغلب عليهم وأن يكونوا فى ظل المسلمين» ويعلنوا إسلامهم وقلوبهم ليست مؤمنة وإن الأمر بالصفح والعفو كان لإرضاء.قلوبهم» وإخراج الحسد من نفوسهم فإنه لا يدني القلوب إلا عفو رفيق وصفح جميل. . )17985( ومسلم: الجهاد والسير‎ :)47١ -( هذه القصة مذكورة فى البخارى: تفسير القرآن‎ )١( ل ل تفسير سورة البقمرة 00100 ولقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بإثبات قدرة الله تعالى فقال تعالى: إن الله على كل شيء قَدير»» فإذا أمر الله كان قادرا على نزع الأحقاد من القلوب» والقصاص من الظالمين» وكشف ضلال النافقين؛ لأنه قادر على كل شىء وقد أكد قدرته سبحانه بالجملة الاسمية وإن المؤكدة » وعموم موضوع قدرته واختصاصه سبحانه وتعالى بالقدرة على كل شىء بتقديم الجار والمجرور على قدير. تعالت قدرته وعظمته وحكمته. وإن العفو والصفح صفحا جميلا لا منة فيه» يحتاج إلى رياضة نفسية وطهارة روحية وإلف اجتماعى؛ ولذلك قرن الله تعالى الأمر بالمعروف والصفح والأمر بالصلاة والزكاة وتقديم الخير رجاء من عند الله قال الله تعالى: فإ وأَقِيمُوا الصّلاة وآتوا الرّكاة 4 . إقامة الصلاة أداؤها على الوجه الأكمل بأن يأتى بأركانها الظاهرة» وأركانها الباطنة مقومة غير معوجة طيبة خارجة من القلوب ليست النفس منفصلة عما تقوم به الجوارح» فإذا قال: «الله أكبر؛ شعر بعظمة الله وأحس برقابته» وأنه دخل بالتكبير فى ظل رحمته» وأنه رقيب عليه وأنه يواجهه؛ وأنه فى حضرة منشئ هذا الوجود بما فيه من سماء وأرض وجبال ووهاد» وأن نفسه فى قبضة يدهء والوجود كله فى قبضته» وإنه بذلك يحس كأنه يرى الله لأنه فى حضرته» وبذلك يعلو عن الأحقاد وعن الحسدء وعن كل ضغن وإحن؛ ولذا قال تعالى: إن الصّلاة تنهئ عن الفحشاء والمدكر .. . +20 4 [العنكبوت] . والزكاة تعاون إنسانى؛ لأنها معاونة القوى للضعيف وإعطاء الغنى للفقيرء والربط بين الإنسان بالأخوة الجامعة والمحبة الراحمة والمودة الواصلة» وعندها يزول الحسد ولا يتمنى أحد زوال نعمة أحدء وعند ذلك يكون العفو الشامل والصفح الجميل» ويدرك معنى قوله تعالى فاصفح الصفح الجميل» ويراه بقلبه عيانا. وإن مع الأمر بالصلاة التى هى رمز للطهارة النفسية والاتتلاف النفسى» وإيتاء الزكاء التى تدل على الطهارة الجماعية والائتلاف ‏ أمر سبحانه وتعالى بفعل الخير ل تفسيرسورة البقرة لل اللا فى شتى صوره» وقال تعالى: #وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله وما" هنا من أسماء الشرط» وفعله تقدمواء وجوابه تجدوه عند الله والنص الكريم حث على فعل الخير وبيان جزائه ؟ أن جزاءه يجده عند الله تعالى وما يجده عند الله أوفى مما قدم. وأكثر مما فعل» وقال تعالى: وما تقدموا لأنفسكم من خير» ونلاحظ ثلاثة أمور فى كل واحدة إشارة بيانية » وحكمة ربانية . الإشارة الأولى ‏ أن الله تعالى عبر عن فعل الخير سواء أكان لنفسه أم كان للجماعة بقوله: #وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله لأن فعل الخسير للجماعة فعل لنفسه» والخير يعود على فاعله ابتداع» ويعود على الجماعة انتهاء» فمن تصدق فإنما يتصدق لنفسه؛ لأن الفائدة إليه إذ يعيش فى مجتمع متكافل غير لنفسه» وهو يقدمه لنفسه أو يكون له ثوابه. الإشارة الثانية - أنه يجد العمل قائما ثابنًا عند الله» فيكون مهياً حاضراً يراه ويعاينه» وذلك كناية عن جزائه الذى لاينقص عنه» بل قد يزيد عليه رحمة من الله تعالى » ويراه عند الله محفوظا لا يضيع . الإشارة الشالثة - تذييل الآية الكريمة بما يفيد علم الله تعالى بقوله تعالت كلماته: إن الله بمًا تَعْمَلُونَ بصير» وهذه الجملة السامية تفيد علم الله الذى لا علمه بما يظهر وما يخفى مؤكدات ثلاث: أولها - إحاطته وسموا ذلك بالتعيير ب «ما» الدالة على العموم» فإنها بمعنى الذى. وهى تدل على العموم الشامل . ثانيها - بالجملة الاسمية وتأكيد الجملة بأن وتقديم الجار والمجرور على بصير » والتقديم دال على التخصيص . وثالثها - التعبير عن العلم بالبصير؛ فمعناه علم كأنه مبصور بالبصرء يعلم الم تفسير سورة البقرة ال اااالا0ا0اااللل ا يم 1 هه + - الخفى الدقيق» والجلى الواضح» فلا يخفى عليه شىء من عمل الإنسان ويعلمه علم من يبصره . ذكر سبحانه وتعالى حسد اليهود بالمدينة» وكيف يداوى المؤمنون داء الحسد عند هؤلاء وهو بالعفو والصفح رجاء أن يقربوا بدل أن يستمروا على جفوتهم ونفرتهم» حتى يكون اليأس من إدنائهم فيكون القصاص أو الكشف والإبعاد» والله تعالى على كل شىء قدير. ولقد بين سبحانه سبب حسدهم وهو غرورهم بأنهم أهل الجنة وحدهم فقال تعالى : وَقَالُوا آن يدخل الْجَِة إل من كان هودا أو تصارئ تلك أمانيهم 6 . الضمير يعود على أهل الكتاب فى قوله تعالى: ود كثير من أهل الكتّاب لو يردونكم من بعد إمانكم كُفارا حَسدا من عند أنفسهم» والضمير فى قوله تعالى: #وقالوا» يتعيّن عودته على أهل الكتاب للقول نفسه؛ لأن الذين قالوا هذا القول اليهودء والنصارى وهم أهل الكتاب وهم الذين كانوا يجاورون النبى عله . والقول بالترتيب الججماعى فاليهود قالوا: لن يدخل الجحنة إلا من كان يهوديا والنصارى قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانياء وإلا فكل فريق لا يؤمن بالآخر فاليهود لا يعترفون بالنصرانية وهم الذين عادوا المسيح» وحرضوا على قتله وإن كان الله تعالى قد نجاه من دسهم وشبه عليهمء وقد دل على ذلك قوله تعالى بعد ذلك: ‏ وَقَالت اليهود ليست التصارئ علئ شيء وقَالَت التصارئ ليست اليهود على شيء ... 7ل 4 [البقرة] . وهود قيل إنها هنا بمعنى يهودء ولكنها بمعنى الجمع؛ لأن «مَن2 هنا لفظ يدل على الجمع فالجمع أنسب إليه ويكون جمعا لها كعوذ جمع لعائتذء ولأنه مقابل لنصارى ونصارى جمعء وإن قولهم هذا كذب نشأ من غرورهم وإغلاق قلوبهم على ما عندهم» وما يتمنونه من أمانى كاذبة إذ يتمنون ولا يعملون؛ ولذلك قال تعالى فى تصوير حالهم: «تلك أمانيهم» وهى جمع أمنية وهى على وزن أفعولة فأصلها أمنوية اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء» وقد إل تفسيرسورة البقرة ااا نتارتقلزانا ران تانر ناتلا ناناناقانا نان انان انان انالا انان انان لقان انان نالانانان اتن انانانا نا مانام طلا قالطال لا بأعمالهم بما يتمنونه لا بما يتخذون لنيله الأسباب. ولأن لفظ الجمع تأكيد لأن يكون هذا تمنيا لهم استجابة لغرورهم وأهوائهم؛ وقد قال تعالى لبيان أنها أمان كاذبة ليس لها من سبب ولا دليل #قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» أقر رسوله كك أن يقول لهم: هاتوا برهانكم» ولم يقل سبحانه سنكل طلب البرهان إلينا؛ لأنه عالم الغيب والشهادة» يعلم كذب ما يقولون وافتراءهم» وقد حكم سبحانه وتعالى بأنه ما يتمنونه لا ما يستحقون فلا يطلب الدليل من يعلم؛ وقد فرض على النبى كَلْةّ أن يطلب لا ليقتنع ولكن ليبين كذبهم فى ادعائهم . طلب منهم أن يأتوا ببرهان» والبرهان هو الدليل القاطع الملزم الذى لا يعتريه مرسل . ولذلك قال سبحانه: . إإن كنم صادقينَ4 فجعل أداة التعليق الدالة على الشك. وهى (إن»؛ إذ إنه لا دليل عندهم فهم غير صادقين. ثم بين سبحانه وتعالى أن دخول الحنة بالإخلااص والعمل لا بالتمنى الكاذب فقال تعالى: # بلئ من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون 4 بلى حرف للجواب بالنفى كما أن نعم للجواب بالإيجاب» وبلى تتضمن معنى الإضراب وهذا الكلام رد على المفترين الذين يتمئنون الأمانى الكاذية فليست الحنة إلا جزاء المتقين ولا تكون للكذابين الحاحدين. كلها لله تعالى» فتكون كل جوارحه وكل أحاسيسه وحركات قلبه خالصة لله تعالى ا تفسير سورة البقرة اا اليك كما قال تعالى: ف كل شيء هالك إلا وجهه ... +427 4 [القصص ]. ولأنه مظهر النفس» ولأنه هو الذى تكون به المواجهة وهو الذى يكون به السجود ومظاهر الطاعة والخضوع والاستجابة. ولا يكون إسلام النفس إلا وهو معه الإحسان فى الأعمال كلهاء فمعنى وهو محسن أنه يكون محسنا للناس فى معاملتهم فيمدهم بالعون عند موجبه يعين الضعيف ويغيث الملهوف» ويحمل الكل» فلا يحسد الناس على ما آتاهم من خير ولا يكذب ولا يحقد ولا يمشى بنميم بين الناس ولا يتخذ السعاية سبيله» ولا يقطع ما وصل الله» ولا يفرق بين الأحبة» هذا كله يشمله معنى الإحسان وهو لا يحصى فى خصائصه ومزاياه وجملة #وهو محسن» حالية ومعناها أنه متلبس بالإحسان لا يصدر عنه غيره. ولإمن 4 من أسماء الشرط و ا أَسَلَم وجهه لله وهو محسن»* شرطه» وجزاؤه قوله تعالى: #فَله أجره» ثواب ذلك الإحسان وإسلام الوجه لله تعالى» أما الادعاء المغرور » والتمنى الكاذب فجزاؤه جهنم وبئس المصير» وإنه لا خحوف عليهم من عقاب» ولا حزن يعتريهم من عمل أسلفوه. ولذا قال تعالى: ولا خوف عليُهِم ولا هم يَحَرَنُون» أى أنهم لا يخافون حسابا ولا عقابا ولا يحزنون لأمر نالهم» بل إن إخلاصهم لله وإحسانهم العمل لا يجعل للعقاب سبيلا لهم» فهم فى أمن من الله لأنهم أطاعوه؛ أما غيرهم فهم فى غيهم وغرورهم يوم القيامة يخافون مما يستقبلهم ويحزنون على ما فاتهم . ا تفسيرسورة البقرة 2 ااا 7 أ لي الاختلاف بين أهل الكتاب وَدَالتٍ الْبَهُودُ لس تٍأَلتَصْرَئْعَل شَىْءٍ وَقَالتِا لتصرئ َس الْسهُودْعَلَ سَىْءِ وهم يتَلُو يَتلُونَ لكك كلك مَالَ ايكون يذل ولو ليحك دنهم ْمل لمَيَكَمَدَ زه ١‏ سر عو سا فيمَاكاوَأْفِهِ حسلفون 2ه 1-6 زعم اليهود أنه لن يدخل الجنة إلا من كان يهودياء وزعم النصارى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانياء وهم بذلك قد جمعهم الغرور» والأمانى الكاذبة» لأن الاعتقادات الباطلة يجمع أهلها الأمانى الكاذبة» أو يستحسنون أعمالهم ويحسبون أنها الآمور الحسنة» لتزين لهم أعمالهم» ويحسبون أنهم يحسئون صنعا وأوهامهم تسيطر عليهم وتتردى بهم فى مهاوى الضلال. وفى هذه بين سبحانه وتعالى ما يفرقهم بعد أن أشار سبحانه وتعالى إلى ما يجمعهم. وما يفرقهم هو التناكر أو التكذيب والتضليل» فاليهود يقولون: ليست النصارى على شىء والنصارى يقولون ليست اليهود على شىء » ومعنى على شىء: على شىء من العلم» ولا من الحق» ولا من الهداية» والتنكير لبيان عموم نفى الخير والأشياء الحسنة الطيبة التى ترفع صاحبها إلى مقام عال من الإنسانية الكاملة . واختلفوا ذلك الاختلاف المفرق الذى يجعل كل فريق منهم فى جانب مع أنهم علماء بالكتب السماوية» ونزل عليهم فى أصل نحلتهم رسول من الله تعالى رب العالمين؛ ولذا قال تعالى موبخا مبينا سوء تفكيرهم: #وهم يَتلُونَ الكتاب» والمراد الكتاب أي يقرأونه» ويعلمون ما فيه إن أرادوا ولم يحرفوه» وفيه الميزان بين الحق والباطل» وما فيه رضا الله» وما فيه غضبه. وفيه بيان ما يرفع» وبيان ما الل تفسير سورة البقرة يم > ا يخفض» ولكن أهواءهم هى التى تحكمهم» والهوى يفرق» والحق يجمعء والحق يهدى» والهوى يضل . وإن هذا النوع من التفكير الخاضع للأهواء المردية الذى يسرف فيه صاحبه لا يفترق فيه من أوتى علم الكتاب عمن لم يؤت علما بكتاب؛ ولذلك كان المشركون يقولون مثل قولهم؛ لأن المنزع واحدء وأهل كل ملة يقولون مثل قولهم إذا كان مصدر الحكم الهوى والشهوة؛ لأن كل حزب بما لديهم فرحون؛ ولذا قال تعالى: «كَذَلك َال الّذينَ لا يعلَمون مثل قولهم4 أى قالوا ليس غيرهم على شىء من الحق والخير» بل الحق عندهم دون غيرهم وزينت لهم أفعالهم» فلم يروا غيرهم يستوجب الجنة فهى لهم وحدهم دون غيرهم. ولعل عذرهم فى عدم العلم» أما الذين يتلون الكتاب من يهود ونصارى فما عذرهم ؟! وقد بين سبحانه وتعالى أنه هو الذى يفصل بينهم يوم القيامة» فقال تعالت آياته: ظقالله يحكم بينهم يوم الْقيَامَة فيما كانوا فيه يختلفون4 أى ليست أمورهم سددا بددًا لا حكم فيها يحكمء ولا الأهواء هى التى تتحكمء بل هناك الحاكم الذى لا تخفى عليه خافية فى الآرض والسماءء وهناك يوم يكون فيه الميزان والحكم؛ ولذا قال: فاللُه يحكم4 أى الذى يحكمء هو الذى يعلم صغائر الأمور وكبيرهاء هو الذى يحكم وسيكون حكمه الفصل يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين» وموضوع حكمه تسامى فى علمه وعدله وما كانوا فيه يختلفون أى الآمر الذى كانوا فيه يختلفون ويتجدد خلافهم آنا بعد آن. وهذا كقوله تعالى : ط إن لين آمنوا والّذين هادوا والصابئين والتصارئ والمجوس والّدين أشركوا إِنّ الله يفصل بينهم يوم الْقَامّ إِنَ الله على كل شيء شهيد 127 4 [ احج ] . وإن الله تعالى نهى نبيه الأمين يَلْةٌ عن أن يكون من الذين يفرقون دينهم شيعا ونهيه نهى لأمته»ء فقال تعالى: ط إن دين قروا ديتهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إِنّمَا أمرهم إِلَى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون +23 4 [ الأنعام ] . تفسيرسورة البقرة اللللللل 0 ١‏ ومع هذا الخبر الناهى الذى فيه العبرة وقع المسلمون فى الاختلاف ولا حول ولا قوة إلا بالله. لاجد لعب ل يمن مهام لَه 203131117 فعايو ْو 2 رح م سم 39 5 ا - لهم أن يذ حَلُوه لَاحَابدَ بوم هماد خرى َوُه ف برو داك فج فوا يسما مولأ هع 210 يألو 4 0 عر له تولوا فم وجه الله إرثت الله واسع عليم له كر فيه بعضهم بعضاء وأن المشركين يفعلون مثل فعلهمء ويقولون مثل قولهمء بعد ذلك ذكر أمر حدث من أهل الكتاب ومن المشركين معاء وقد جمعتهم الأمانى الكاذية كما جمعهم الاعتداء على بيوت الله تعالى التى حخصصت لعبادته . 5 فقد وقع ذلك من اليهود والنصارى إذ يمنعون غيرهم من المسجد الأقصى حتى دمره المتمردون من المغول والرومان والنصارى» منعوه أيضا بعد أن دخل قسطنطين وحرف النصرانية فى مجمع نيقية على ما هو معروف, والمشركون منعوا المسلمين من حج بيت الله الحرام وصدوا المسلمين فى الحديبية. فالمنع من المساجد. وقوله تعالى: «ومن أَظلَم من منَعْ مسَاجِد الله أن يذَكَر فيها اسمَهُ4. «مَن» هنا للاستفهام بمعنى إنكار الوقوع أى النفى» فالمعنى لا أحد أظلم تمن منع مساجد الله أن يذكر فيه إسمهء فقوله: أن يذكر فيها اسمه» بدل من المساجد» والمنع إنما هو من أن يذكر فيها اسمه وأضيف إلى المساجد للإشارة إلى أن ذلك اعتداء عليهاء والاعتداء عليها اعتداء على الله سبحانه وتعالى؛ لآنها مساجد الله تعالى؛ إذ قد خصصت لعيادته سبحانه وتعالى» ومنع أن يذكر فيها اسمه. منع من ذكر الله تعالى وهو أكبر الآثام . اا تفسير سورة البقرة ا اك ثم المنع أهو من مسجد واحدء أم منع من مساجد متعددة» أو حكم عام - وهو الظاهر - أم ذكر لوقائع معينة؟ قال بعض العلماء» وعلى رأسهم ابن جرير الطبرى: إن المراد مسجد واحد» وهو المسجد الأقصى» إذ منع النصارى الصلاة وذكر الله فيه»ء وخربوه بعد أن حرفوا النصرانية ودخلوا فى الديانة المحرفة. وقال الأكثرون من المفسرين: إن الكعبة المكرمة هى التى منع المشركون فى مكة أن يذكر فيها اسم الله تعالى» وذلك عام الحديبية فقد منعوا النبى كَلِلةٍ والمسلمين من أن يدخلوا البيت الحرام. وعلى رأس هذا الفريق من مفسرى السلف الحافظ ابن كثير رضى الله تبارك وتعالى عنه ولنترك الكلمة له. قال: والذى يظهر لى القول الثانى وهو أن المنع كان من البيت الحرام» وروى عن ابن عباس أن النصارى منعت اليهود الصلاة فى بيت المقدس؛ لآأن دينهم أقوم من دين اليهود (وفى ذلك نظر) وكانوا أقرب منهمء ولم يكن ذكر الله من اليهود مقبولا؛ لأنهم لعنوا من قبل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون» وأيضا فإن الله تعالى لما وجه الذم فى حق اليهود والنصارى شرع فى ذم المشركين الذين أخرجوا الرسول كَْةٌ وأصحابه من مكة ومنعوهم من الصلاة فى المسجدء وأما اعتماده (أى ابن جرير) على أن قريشا لم تسع فى خراب الكعبة؛ فأى خراب أعظم مما فعلوا؟!! أخرجوا عنها رسول الله كَكِْةِ وأصحابه واستحوؤذوا عليها بأصنامهم وأندادهم وشركهم كما قال تعالى: « وما لهم ألا يعذبَهم الله وهم يَصدُونَ عن الْمسجد الحرام وما كانوا أُوليَاءه إن أوليازه إلا المتّقون ولكن أكترهم لا يعلمون :40 [ الأنفال] وقال تعالى : :اما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللَّه شاهدين على أَنفْسهم افر ولك حبطت أعمَالهُمٍ وفي الَار هم خالدون 0170 إِنّمَا يمر مُساججد الل من آمن بالله واليوم الآخر وَأقامَ الصّلاة وآتى الرّكاة ولم يخش إلا الله فعَسئ ولك أن يكونوا من المهتدين +120 4 [ التوبة] . ويسترسل الحافظ ابن كثير فى سوق الآيات الدالة على منع المشركين من أن يدخل المؤمنون البيت الحرام» وفسر تخريب البيت لا بمعنى تدميره ونقض بنيانه» 2 إل تفسيرسورة البقرة كما تمسك ابن جرير» بل فسر التخريب بمعنى خلوها من العبادة الحق» وإن ذلك هو الأقرب إلى الدلالة اللفظية؛ لأن الله تعالى لم يقل تخريبها أو تتبيرها كما عبر عن اليهود إذا دخلوا المسجد كما دخلوه أول مرةء حيث قال: « وليتيروا مَا علوا تخبيرا 220 4 [الإسراء ]ء وإنما عبر فى هذا المقام فقال: #ومن أَظلم ممّن منَعْ مُساجدٌ الله أن يذكر فيها اسمه وَسَعئ في حَرابهًا» أى أنهم بهذا المنع من ذكر الله تعالى سعوا فى خرابها. وأى خراب لبيت من بيوت العبادة المخصصة لها ولذكر الله أعظم من منع هذا الذكر؟ ولذلك اختار ابن كثير أن يكون الذى منع ذكر الله تعالى فيه هو البيت الحرام؛ إذ منعوا المؤمنين من دخوله» وقد قال تعالى فى ذلك: شم الذين كقروا وَصَدُوكُمْ عن الْمَسْجد الحرام وَالْهَدي معَكُوقًا أن يلغ مَحلّهُ ولولا رجال مؤمنون ونساء مُؤمنات لم تعلموهم أن تطتوهم فنُصيكُم نهم مره بغر علم ليدخل الله في رحمته من يَشَاء لو تَرَيُوا لَعَدَبنا اين كفروا منهم عَذَابًا ألما 527 4 [ الفتح ] . فا خراب هو خلوها من العبادة . والبيت المسكون يكون خرابا إذا خلا من السكان» ويقول الحافظ : ليس المراد بالعمارة زخرفها وإقامة صورتها فقطء إنما عمارتها بذكر الله تعالى فيهاء وإقامة شرعه. وإن هذا الكلام ينتهى لا محالة إلى أن الكلام فى المنع من مساجد الله تعالى المنع فيه كان من مسجد معين هو البيت الحرام» فلماذا عبر إذن بقوله تعالى: #ومن أَظْلَمِ ممن مَنَعْ مُسَاجد الله أن يذكر فيها اسه فلماذا ذكر المساجد بدل المسجد؟ ونقول فى ذلك: إن المنع كان فى مسجدء وهو سبب النزول والاستنكار والظلم فيه شديد» ولكن الظلم يكون أيضا فى المنع من غيره» فالسبب إذا كان واحدّاء قد يكون الحكم أوسع شمولاء ويكون الظلم فى منع أى مسسجد»ء ولأن التتعبير بامجمع يدل على أن النع ظلم لا يكو من جنسن المساجد كلهاء ولا يختص بواحد من بينها. ولقد قرر الله تعالى لهم عقوبة الدنياء بأن ينزل الله على هذا المانع الظالم عقابا دنيويا صارماء وهو أنهم لا يدخلونهاء لأن من سكن مكانا اعتدى فيه لا هم تفسير سورة البقرة سس 6ك يدخله» والجزاء من جنس العمل» وقد نبأنا القرآن الكريم بأن العقاب سينزل بهم» وأن مكة وما حولها ستكون فى قبضة أهل الإيمان» وأنهم من بعد ذلك لا يملكون منعا به بل قد يمنعون إن شاء الله تعالى؛ ولذا قال تعالى : «أولتك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين, الإشارة فى أولئك إلى الذين منعوا مساجد الله تعالى أن يذكر فيها اسمه» والإشارة إلى موصوف تدل على أن هذه الأوصاف علة الحكم أو الخبر» وهو ألا يدخلوها إلا خاتفين» وقد عبر الله عن ذلك بقوله تعالت كلماته: #ما كان لهم أن يَدَخْلُوهَا إلا خائفين4 أى ما كان يسوغ لهم أن يدخلوها إلا وقد خرجت من أيديهم فلا يدخلون مستمكنين قاعدين مستقرين» بل يدخلونها مضطربين فيها خائفين من أن يؤخذوا بظلمهم عالمين أنها بعيدة عليهم» وليست مكان استقرار» وقال ابن كثير: إن هذه الأخبار معناها الطلب أى لا تمكنوا هؤلاء إذا قدرتم عليهم من دخولها إلا نحت هدنة» وهذا النص لا فيه من أمر وطلب فيه بشارة بأن أمرهم زائل» وأنه خارج من أيديهم إلى أيدى محمد وأصحابه. وذكر الله تعالى عقابا دنيويا آخر وهو أنهم يلحقهم الخزى بعد استعلائهم, والذل بعد استكبارهم» فقال تعالى: «إلهم في الدنيًا خزي» وهو أن يخرج البيت من أيديهم» ويكون أمره لغيرهم؛ وأن تهدم أصنامهم» وترمى من فوقهء ويطهر بناء البيت المكرم من رجسهمء ؛ ثم أن يمنعوا من البيت إلا أن يكونوا مؤمنين وقد منعوا من البيت» فقال تعالى: فيا أيه ادن آموا نما لمرحُون َحَس فلا يوا سنج الحرام بعد عامهم هذا ...420 [التوبة] وقد بَلّعْ أبو بكر فى السنة - التاسعة عندما كان أميرا على الحج» بألا يطوف بالبيت مشرك قط227. وقد أشرنا فى بدء كلامنا بهذه الآية الكريمة بأن اليهود قد منعوا من بيت المقدس وخربوه» والنصارى» وقلنا أنهم فعلوا ذلك بعد أن حرفوا الإنجيل» وآمنوا بالتثليث. (1) عن حَمَيْد بن عبد الرَحمنء أن أبَا هريرة أخبره أن أبَا بكر الصلديق - رصب اللّهُ عله - بَعَهُ فى الْحَجَة الى سه عي رول لله قبل َه الداع يم لمر فى رهط يون فى النّاسِ: ألا لا يح بَعْد العام مشرك ولا يطُوف بالبيت عريان». [متفق عليه؛ رواه البخارى: كتاب الحج (0171) ومسلم: كتاب الج ])55-1١( تفسيرسورة البقرة اللو 0000ل ا0ا0ا0االل 50 ولقد جاء فى عبارة ابن كثير أنهم - أى النصارى - خير من اليهودء وأنهم أقرب اعتقاداء ونقول: إن هذا ليس بصحيح . إنهم لا يقلون فسادا فى اعتقادهم عن اليهودء وإنهم ملة واحدة فى سوء الاعتقادء وضياع الإيمان» وإذا كان بعض النصارى فى عصر النبى يَلْةٌ كانوا أقرب مودة للذين آمنواء فجلهم آمن واهتدى» ومن بعد ذلك فهم واليهود على سواء فى العداوة الأثيمة. والآية كما قال بعض المفسرين تشمل المشركين والنصارى واليهود» فالمشركون منعوا المسجد الحرام أن يذكر فيه اسم الله تعالى» والنصارى منعوا اليهود وخربوا المسجد الأقصى» واليهود بما حرفوا وبما عصوا واعتدواء وبكفرهم عجزوا عن حماية المسجد الأقصى فدمره القوم عليهم تدميرا . وإن الذين قالوا هذا: إن هؤلاء جميعا نالهم خزى الدنياء فالمشركون بإزالتهم أصنامهم» ومنعهم من دخول البيت وهم مشركونء واليهود والنصارى بالجزية تفرض» ويدفعونها خائفين غير مستكبرين. ثم ذكر سبحانه العذاب الأنكى والأشد فى الآخرة فقال تعالى: طولَهم في الآخرة عَذَابُ عظيم» وقوله ١لهم»‏ معناه أنه مختص بهم» ونكر العذاب لشدتهء ووصف بأنه عظيم لقوته. وكان اليهود الذين يساكنون النبى يَكٌَِ فى المدينة وعقد معهم العقود» وانتهكوا حرماتهاء ونقضوها - كثيرى القول فى الإسلام» لايتركون أمرا يظنونه مكيدة للمسلمين إلا فعلوهء ولا علما علموه فيه إلا نابذوه وأشاعوا بين المسلمين الشك ئنة . كانت القبلة ابتداء - وقد هاجر النبى يِه - إلى بيت المقدسء» فأخذوا يشيعون فى المؤمنين تبعية محمد يله إلى دينهم» وقد كان من قبل يتجه إلى القبلتين» ولكن لما هاجر كانت مكة تحت سلطان الشرك وفى قبضته والآوثان حولها ولم يكن فى ظاهر الأمر أنها ستخرج من أيديهم» وإن كان أخحذ يضايقهم فى عيرهم؛ الرائح إلى الشام» والقافل منها. ا تفسير سورة ١‏ لبقرة ٠‏ 21100 م ب )5 يي مكث المؤمنون على الاتجاه إلى بيت المقدس فى صلاتهم ستة عشر شهرا حتى أذن الله تعالى بأن الأمور ستخرج من أيديهم» وقاربت غزوة بدر الكبرى فى علم الله تعالى» فحول القبلة إلى الكعبة» وكان النبى كَكِلْهٌ حريصا على تحقيق ذلك» وكان يقلب وجهه فى السماء طالبا داعياء فحوله الله تعالى إليهاء فأخذ اليهود يشددون غمزهم فى القول لهذا التحويل » ويتخذون ذلك سبيلا للطعن فى محمد يد ودينه» ويقولون إن ذلك تقلب فى الإيمان واضطراب فى معرفة الحق» كيف يتغير من القبلة الحق - فى زعمهم - إلى ما دونهاء وهم سفهاء حقا فى كلامهم. وقد بين الله سبحانه أن ذلك لا يتعلق بلب الإيمان» فالقلب موطنهء والله يختار أى مكان يكون القبلة وذلك مثل قوله تعالى: « ليس الِْرَ أن تولُوا وجوهكم قبل المشرق واْمغرب ولكن البر من آمن باللّه واليوم الآخر والملائكة والكتاب والتَببِينَ وآتى الال على حُبَه ذو القربئ الينام والمساكين وان السبيل والسائلين وفي الرقاب وأفام الصلاة وآتى الركاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البْأس أُولّدك الّدين صدقُوا وأولتك هم المتقُونَ 027 4 [البقرة] . لما كثر لغط اليهود قال تعالى: #وللّه الممشرق والمغرب» أى أن الأرض كلها ملك لله سبحانه وتعالى مشرقها ومغربهاء وما بينهماء والمشرق المكان الذى تشرق منه الشمسء. ولمغرب. المكان الذى تغرب فيهء ولا فضل لمكان على مكان إلا باختيار الله تعالى لهء #فَأَيَما تولُوا فَنَمّ وجه الله أينما شرطية دالة على المكان وتولوا الفعل مجزوم بهاء لأنه فعل الشرط». والجوات دل عليه «فثم وجه الله» أى فولوه واتجهوا إليه» فإن هناك وجه الله تعالى» فثم بمعنى مكان أو هناك وجه الله والمراد ذاته العلية الكريمة وعبر بالوجه لأن الوجه بالنسبة للعباد هو الجزء الواضح البادى» وإذا رؤى فقد رؤيت الذات. ولذا كان فى التحدث عن الله تعالى الوجه هو الذات» كما قال تعالى: 9 كل من عَلَيهَا فا 5:0 ويبقئ وَجَهُ رَبك ذُو الجلال والإكرام 290 4 1 الرحمن ] . تفسيرسورة البقرة الل ومعنى «فنم وجه للد ولوا وجوهكم فإنكم ستتجهون إلى الله تعالى إذ ستجدون الله بنوره وجلاله فى أى مكان. ولا يضير الإيمان أن يتغير الاتجاه من قبلة إلى قبلة؛ لأنه حيث كان يجد الله فيتجه» والأمر إليه سبحانه فى اختيار مكان اتجاه المؤمن . لم ذيل سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: 8 إِنَ الله واسع عليم4 والسعة بالنسبة لله تعالى سعة الملك. فالله تعالى واسع ملكه وساطائه لا يقتصر ملكه وسلطانه على مكان دون مكان» بل كله فى ملكه سبحانه الذى وسع ملكه كل شىء»ء وهو عليم بما يجري فيه فالعبادة المخلصة المحسنة يعلمها ويصل إلى صاحبها ثوابهاء سبحانه وتعالى . اللهم أحسن عاقبتنا فى الأمور كلهاء وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب ليس يوالد ولاولك الي كسيد ج بي الككوت وال 04 ع طم ١‏ وَإذَافَصحَ أ م فَإِتَمَاسُول ههكن فَيَكون 27 تكلم القرآن الكريم عن اليهودء وخياناتهم وغدرهم فى ماضيهم وحاضرهم وكفرهم بآيات الله تعالى» ومع ما صنعوا ادعوا أنهم أهل الجنة» وأن النار لن تمسهم إلا أياماء وقالوا مع النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا أو نصرانياء وذكر عنهم اختلافهم وتنابذهم مع أنهم يتلون الكتاب» ثم أشار سبحانه إلى كلامهم فى شأن القبلة ولجاجتهم فى التشنيع على المسلمين بشأن تحويل القبلة إلى الكعبة يقول تعالى: «ولله الْمَشْرِق وَالْمغرب» . إل تفسير سورة البقرة اا اك وبعد ذلك يشير إلى الوثنية فى الديانة النصرانية المثلثة» التى ابتدأت بادعاء أن المسيح ابن الله» وإذا كان اليهود قد شاركوهم فى أن عزيراً ابن اللهء فإنهم لم يلجوا فيه؛ ويجعلوه جزءا من دينهم» كما لج النصارى قبحهم الله» وزادهم ضلالا. فوق ضلالهم» ووهما فوق أوهامهم فقد ضلوا سواء السبيل ولا أمل فى هدايتهم إلا أن يتخلصوا عن هذه الأوهام وإلا فذرهم فى غيهم يعمهون. وإن الله تعالى يهدى من يشاء. وقالوا - أى النصارى ومن قاربهم من اليهودء وإن لم يلجوا لجاجتهم - قالوا وعليهم إثم ذلك القول لآنه اختراع كاذب» ونسب سبحانه وتعالى القول إليهم» لأنه ضلالهم الذى به ضلواء وخرجوا عن التوحيد إلى الوثنية. وقولهم هو: 8انّحَدَ اللّهُ ولّداك أى أن الله تعالى هو الذى اختار ولداء أو جعله ولداء وهذا يدل على زعمهم الباطل من أن الله تعالى احتاج إلى أن يكون له ولدء ورغب فيه وأرادى. أو اشتهى كما يشتهي الأحياء أن يكون له ولد لحاجته إليه. وقد رد الله تعالى عليهم ذلك الزعم بأربعة أدلة تدل على بطلان ذلك الزعم الوثنى الذى يشابه مقالة عبدة الأصنام : الدليل الأول: قوله تعالى: #سبحانه» أى تنزه عن ذلك وتقدست ذاته العلية أن تكون مشابهة لأحد من الحوادث الذين يتوالدون ويتناسلون» فهو الواحد الأحد الذى لا يشابه أحدا من خلقه» ليس كمثله شىء» ولو كان له ولد لكان مشابها للحوادث ولكان له زوج» كما قال تعالى: 9 بديع السّموات والأرض أَنَى يكون لَه ولد ولّم تكن له صاحبَةٌ ... + 4 [الأنعام] وأنه لو كان له ولد تولد منه لكان له والدء وهو منزه عن ذلك فهو الواحد الأحد الذى ليس له والد ولا ولد. 20 الدليل الثانى: أنه لو كان له ولد لكان مفتقدا إلى من يكمل وجوده؛ لأآن الولد امتداد لأبيه» فهو كمال وجوده. والله تعالى ليس بمفتقر لأحد؛ لأنه الكامل المنفرد بالكمال» وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ذلك الدليل بقوله: #بل لَّهُ ما في السموات والأرض»» وبل هنا للإضراب والانتقال من تنزيه إلى تنزيه» والمعنى أن له تفسيرسورة البقرة الام اللو 60اا100االا1060ا1الللل للا الملك الكامل والسلطان التام ف فى السموات والأرض» فيستحيل أن يكون محتاجا إلى ولدء بل كل الوجود فى سلطانه» وليس فقيرا إلى ولد يعينه» وهو يقول: يا أيها الئّاس أنتم الفقراء إِلَى الله واللّهِ هو الْعني الحميد 027 4 1فاطر] وأن كل شىء خاضع لسلطانه مسبح بحمده كما قال تعالى : فإ تسبح لَه السموَات السبع والأرض ومن فيهن وإن مَن شيء إلا يسبَّح بحمده ولكن لأ تفقهون تسبيحهم إِنَّهُ كان حَلِيمًا عَفُورا 580 4 [الإسراء ] . الدليل الثالث: أنه إذا كان الوجود كله ملكا لهء فكيف يتخذ ولداء وإنه إذا كان الوجود كله ملكا له؛ فكيف يكون محتاجا له» وإن الوالد قد يحتاج للولد ليكون مسخرا فى حاجاته يقوم بحق الوالد عليه» والله لايحتاج إلى ذلك» لأآن الوجود كله فى قبضة يدهء وكلهم خاضعون له؛ ولذلك قال: #كل لَه فَانتون» والقنوت: هو الخضوع المطلق» والعبادة والتسبيح له سبحانه وتعالى. والتنوين فى قوله تعالى: #كل» دال على عموم كل من فى الوجود خماضع لله تعالى لايحتاج إلى من يكون فى طاعته. والقنوت يشمل العيادة من ذوى الإرادة» ومن يقتتون بمقتضى التكوين الفطرى» والتكوين كما قال تعالى: 9 وللّه يَسَحَدْ من في السّمُوَات والأرض طعا م م مج وكرها وظلالهم بالْغدر والآصال 22 4 [ الرعد] . الدليل الرابع: أن الله تعالى هو الذى أبدع السموات والأرض على غير مثال» وخلق الوجود كله الأرض والسماء والأحياء فهو الذى ذرأ من فى السموات والآرض» وكلهم عبيده؛ كما قال تعالى: إن كل من في السّموات والأرض إلا أتي الرحمن عبدا 2:0 * [مريم] فكيف يكون له ولدء وأنه إذا كان له ولدء فإنه يكون من جنسهء ويكون من مثله والله المبدع للوجود والخالق منزه عن أن يكون بعضه من الحوادث والولد بعض أبيه وبضعة منه. وقد أشار سبحانه إلى هذا بقوله تعالى: «بديع السّموات والأرض» وبديع بمعنى مبدع أي منشئ على غير مثال سبق» وقد أخذ بعض المفسرين من هذا دليلاً إإ9ناا تفسير سورة البقرة لاي 00001100 225222 ةم جح م ا 7 على أنه لا يمكن أن يكون الإبداع متفقا مع اتخاذ الولد» فقد قال الراغب فى ذلك: «إن الأب هو عنصر للابن منه تكون» والله مبدع الأآشياء كلها فلا يمكن أن يكون عنصرا للولد» فمن المحال أن يكون المنفعل فاعلا» اه. وإن هذا بلا ريب يتنافى مع الإبداع . وإن الذين قالوا: إن الله اتخذ ولدا قالوا: إنه نشأ عنه ملازما له» كما ينشآً الضوء من الشمس وكما ينشاً النور من السراج» أى أنه نشأ من الموجد الأول نشوء المعلول من علته والمسبب عن سببه» وهم قالوا ذلك آخذين له من الفلسفة» وهى الأفلاطونية التى تتوافق مع النصرانية تمام التوافق» وهى بعد أن حرفت عما جاء به المسيح عليه السلام كما هى والأفلاطونية الحديثة على سواء. فهم يقولون: إن الله ليس فاعلا مختارا وإنما نشأ الولد نشوء المعلول عن العلة؛ ولذلك كان رد الله تعالى عليهم بإثبات ملكه وقدرته على الخلق والتكوين» وأنه أبدع السموات والآرض بإرادته رد لكثرهم وضلال عقولهمء وأوهامهم الباطلة» التى ضلوا بهاء وأضلوا الناس بالدعوة إلى تصديقها. ولقد بين سبحانه إرادته المختارة بأنه مبدع السموات» وبقوله تعالى: « وإذا فض أمرا فإنَمَا يقل لَه كن فَيَكُونَ 4 أى أنه إذا أراد خلق شىء ممكن قال له كن فيكون. والواو عاطفة والمعطوف عليه بديع السموات والأرض» ابديع» صيغة مبالغة بمعنى مبدع فهى فى معنتى الفعل ؛ ولذا صح عطف الفعل عليهاء أو عطف الحملة الفعلية عليها. وهى يان الاختيار والفعل المنافى للتوالد» وقضى بعنى أنشأ وخلق وكون. والأمر هنا هو بمعنى الشىء ء فإذا أراد الله تعالى خلق شىء لا يكون بتوليد شىء في شيء أو مادة من مادة» إنما يكون بكلمة يقولها وهى «كن» والأمر أمر تكوينى فيكون الشىء الذى أراده الله تعالى. تفسيرسورة البقرة الل للك وهذا يدل على أمرين : أولهما ‏ أنه سبحانه وتعالى فاعل مختار يفعل ما يريد» وأن الأشياء نشأت بإرادته المختارة» فهو فعال لما يريد» والأشياء لم تنشأ نشوء المعلول عن علته» أو المسبب عن سببه. ثانيهما ‏ أنه لايمكن أن يكون له ولد؛ لأن الولد يتولد عن والدء ولايخلق الله تعالى الأشياء بطريق التوالد» من توليد لاحق بسابق» بل إنه سبحانه وتعالى ينشئ فى الابتداء» والتوالد بين الأحياء يكون بسلطانه» وبحكمته وهو العزيز العليم . إن المسيحية بعد المسيح عليه السلام سارت فى ذلك المسار الذى انتهى بوثنيتها وانحرافهاء وتحللها من العقيذة التى دعا إليها المسيح عليه السلام» وهى عقيدة المسيح» وأنه رسول الله تعالى» وأنه عبده « أن يسشتكف الْمَسِيحَ أن يَكُونَ عبدا له ... 2ه 4 [النساء] وقد تم ذلك على النحو التالى : أ - عندما توفى الله المسيح إليه» توالى التعذيب على أتباعه» والتعذيب ابتدأ فى حياته عليه السلام فى هذه الدنيا فقد اضطهده اليهود ودسوا عليه عند الرومان حتى هموا بصلبه ونجاه تعالى إذ شبه لهمء وما قتلوه وما صلبوه وتوالى من بعد ذلك تعذيب الرومان» فى عهد ملوك كثيرين منهم» فكان منهم نيسرون الذى كان يطلى أجسامهم بالقار ويشعل فيه» ويسيرون فى مواكبهم مشتعلين مشتعلين» وكان زينة موكبه تلك المشاعل الإنسانية» ومنهم دقلديانوس الذى قتل مقتلة عظيمة فى سنة 7» وإنه فى وسط هذا الاضطهاد كان المسيحيون يقيمون شعائرهم الدينية فى الخفاء إذ كلما ظهروا عذبواء وكانوا إذا ظهروا أخفوا عقائدهم فكانوا يفتشون القلوب وينقبون عن خبايا النفوس» ولا يسلم الدين مع هذا الاختفاء إذ لا يكون مرشد هادء ولارقيب يمنع دخول الزيف فى دينهم . ب - وفى هذه العصور دخلت عناصر من الوثنيين يحملون وثنيتهم» وخلطوا ما بينها وبين عقيدة التوحيد التى جاء بها المسيح عليه السلام» وإن الاختلاط بمرضى الحقائق يجعل الضلال يسرى إليهم كما تسرى عدوى الأمراض . تفسير سورة البقرة :0 ولعل أشد الوثنيين الذين أغاروا عليهم - بولس» الذى سموه رسولاء فقد كان عدوا للمسيح فى حياته فى هذه الدنياء كان إلبّا عليه يحرض الرومان» ثم ادعى أنه دخل المسيحية» وما دخل» أو دخلها ليخربها وهو أول من أدخل الوثنية فيهاء واطرح فيها تعاليم المسبح اطراحًا . ج ‏ وقد كانت الأفلاطونية الحديثة تتكون» وأساسها أن الأوثان الرومانية فقدت قوتهاء والفلسفة هى الأخرى فقدت سلطانهاء فأرادت الأفلاطونية الحديثة أن تصل إلى نفوس الرومان باسم الدين وأرادت أن تجمع من بقايا من الوثنية» ومن اليهودية والنصرانية التى ظهرت دينا جديداء فكانت النصرانية التى خرجت عن دين المسيح عليه الصلاة والسلام»ء وهى جمعت بين الوثنية بألوهية المسيح وروح القدس مع الله واليهودية باعتبار التوراة أصلاً لها فصارت النصرانية . والأفلاطونية الحديثة التي يعد أكبر رؤسائها أفلوطين المتوفى سنة 71 ميلادية تعتقد أن العالم نشأعن الشىء الأول» وهو الله أو العقل الأول عندهم. ثم نش عنه العقل الشانى وهو ماسمى عند النصارى بالابن» ثم نشأ عنهما الروح العامة المتصلة بالمخلوقات جميعا. د مع هذه الأعراض التى ظهرت فى المسيحية» ومع هذه المحاولات الوثنية كان التوحيد هو المسيطر وهو الأكثر أتباعا فى القرون الثلاثة الأول والثانى والثالث» وخصوصا فى الأول والثانى» وإذا كانت وثنية تظهرء فإن الكثرة الموحدة تطردها كما يطرد الجسم السليم بحيويته الأمراض ويتغلب عليهاء واستمرت كذلك طول هذه القرون الثلاثة. حتى جاء بطريق الإسكندرية» وهى موطن الأفلاطونية الحديفة». جاء باتفاق مع قسطنطين إمبراطور الرومان فى أول القرن الرابع» وادعى أن التوحيد بدعة فى المسيحية» وأن الأصل فيها ألوهية المسيح فئ زعمهمء وأن آريوس الموحد وكان فى الإسكندرية قد ابتدع التوحيد مع أن كل كنائس مصر والشام موحدة لا يرتاب أتباعها فى ذلك . 2 إل تفسيرسورة البقرة وأنه يجب طرد أريوس الموحد المنكر لألوهية المسيح من المسيحية, مع أنه صورة للكثرة المسيحية الكائرة التى كانت منبثة فى ربوع مصر والشام . ه - دعى بسبب هذا لعقد مؤتمر عام فى نيقية الذى عده النصارى المصدر الأخير لديانتهمء دعى فى هذا المجمع العام 48 27١‏ ثمانية وأربعون وألفا أسقف». وجرى بينهم اختلاف» والسائد فيهم التوحيد وإن كان فيه انحراف من بعض الطوائف . ولكن قسطنطين يريد الدخول فى النصرانية» بعد أن يصيرها قريبة من دينه بإدخال الوثنية فاختار من هذا العدد الكبير "١4‏ أى ثمانية عشر وثلاثمائة» وقد رضوا بما يدعو إليه؛ وسلطهم على المسيحيين كلهم وأعطاهم شارة الملك وصو انه . فقرروا ألوهية الابن أى المسيح بقيادة بطريق الإسكندرية مهد الأفلاطونية الحديثة» وكان ذلك المجمع سنة 770. ولكن المسيحيين عارضوا ذلك المجمع» واعتبروه خارجا على المسيحية» وأيدت المعارضة مؤتمرات فى الشام كمؤتمر صور. ولكن الأفلاطونية الحديئة لم تتم فصولهاء فقد تقررت فى هذا المجمع ألوهية الابن فى زعمهم» ولكن ثالوث الأفلاطونية الحديثة الله أو الأب» أو العقل الأول» والابن أو العقل الثانى» وروح القدس لم يتقرر بعد! ولذا كان لابد من أن يتقدم بطريق من الإسكندرية سئة 4١‏ بطلب تقرير ألوهية روح القدس فانعقد مؤتمر القسطنطينية» وقرر باقتراح بطريق الإسكندرية ألوهية روح القدس. وبذلك تم ثالوث النصارى» وهو ثالوث الأفلاطونية الحديثة « لقد كفر الْذين قَالُوا إن اللَّهَ الث ثَلانَهَ ... 427 [المائدة] وهم بهذا وثنيون يشركون مع الله أحداء ولا حول ولا قوة إلا بالله. ل تفسير سورة البقرة لل 110100000 1[1[1<[[« [| |[ 1[ 1 1[ 2132560111111 تشابه المشركين وأهل الكتاب لَايَلَمُونَ ولا سكم أله وسار يلك قَالَ اديت ست من لهم يشل لمهت يت وهر كَدَيَدَمَا ليت لعو وتوت 2 2 إِنَاأَرَسَلَتَكَ ك0 مه 2 سر طم بألحقّ بشِيرا ود يرت تاس لياسر عوك _-ه للد 1 6 0 414 5 هه 004 ا مم 0 مِنَالعِا مالك ا لاض © الت وا اخ له ره لناب ند نَهدحَقَّ تلاو يو َلك يُوْمو ديو وَمنيكريو 1 دمل و ل حطهم لتيكهم الختيرون يد اليهود يتعنتتون والمشركون طلبوا آيات مختلفة؛ آيات حسية مطَّرحين الآيات المعنوية» مع أن الله تعالى أجرى على يديه خوارق للعادات باهرة كالإسراء. والطعام الكثير من الغذاء القليل» وسح الماء بين يديه» وحنين الجذع إليه» وتعشيش اليمام حول الغار» وسير السحاب معه لتظله» ونصره بالرياح وقد اشتدت الشديدة» وغير ذلك كثيرء ولكنه لم يتحد إلا بالقرآن؛ لأنه الآية الكبرىء» والمعجزة الدائمة القاهرة . + .ل10١‎ 2١ 2 -- م ولقد قال تعالى فى ذلك: #وَقَالَ لين لا يعلَمون لولا يكَلَمَا الله أو تَأتِينا 7 اي كذلك قَال اين من قبلهم» الذين أى الذين لم يؤتوا علما سابقا وهم الأمسيون» وتكون الآية الكريمة نا فى المشركين؛ لأنهم الأميون الذين لم يعلموا كتابا ولم ل تفسيرسورة البقرة ملل يكونوا من أهل الكتاب» وقد جرى تعبير القرآن بذلك فى مقابل أهل الكتاب» ولقد طلبوا آيات مختلفة» فطلبوا أن ينزل عليهم قرطاسا من السماء ء يخاطبهم به الله أو ملكا رسولاء كما رد الله تعالى عليهم بقوله تعالى: ف ولو تنا علّيك كتابا في قرطاس فَلسسُوه بأيديهم لََالَ الذدين قروا إن هذا إل سخر مين 22 وقَُوا ولا أنرل عله مَك ولو أَنرَلنا ملكا لضي الْأمر ثم لا يَُرُونَ :22> ولو جِعَلناُ ملكا ناه رجلا بسنا عليهم ما يلون 22> 4 [الأنعام] . وهذا على أن الذين لا يعلمون هم المشركون» لقد طلبوا هذا وطلبوا أب كثيرة فى سورة الإسراء وتلونا من قبل قوله تعالى: #لَولا كلما اله أو تأتِينا ] 7 لولا هنا للتحريض والطلب» تقارب معنى هلاء وليست للشرط الدال على امتناع الجواب لوجود الشرطء مثل: فإ لولا أنثم لَكنا مؤمنين 21 4 [سبأ] والفرق اللفظى أن لو النى تكون للطلب يكون بعدها الفعل» ولولا الشرطية يكون فى صدر فعلها اسمء كما دل على ذلك استقراء اللغويين» وفسر كثيرون من الفقهاءء أن الذين لا يعلمون هم من أهل الكتاب الذين حضروا عصر النبى كَكِْوّ» ويرشح لهذا التفسير قوله تعالى: «كذلك قَال الّذين من قبلهم مَثْل قولهم»* فقد قال الذين من قبلهم أرنا الله جهرة. وقوله تعالى: #مُثل قولهم» أى فى التعنت وطلب الآيات الحسية» وإذا كانوا قد طلبوا ذلك مع تسع آيات بينات حسية» فإن الذين فعلوا مثلهم طلبوا ذلك مع ما هو أعظم من ذلك» وهو القرآن المعجزة الإلهية الكبرى . وليس فى الأمر تضاد بين الرأيين؟ ولذلك يكون الجمع بينهما أولاء فالذين لا يعلمون الحقء ولا يدركون معانى الإيمان طلبوا ذلك سواء أكانوا من المشركين» أم كانوا من اليهود والنصارى المتعنتين الذين إذا كان علمهم بالكتاب فقد جهلوه أو تجاهلوه أو أنكروه» فهم مع الذين لا يعلمون على حد سواء. وقد بين الله سبحانه وتعالى تشابه ما بين ماضى الكافرين وحاضرهمء فقال تعالى: #إتشابهت قلوبهم# أى أن قلوبهم تتشابه فى الإلحاد فى دين الله ل بل تفسير سورة البقرة ااا لللاالا تن ااا لااكللل ااا للللاا لالط كط لال لللاللالااا الالالال تالالا ةط لانطلتاالاااامل الات اطسطططخننال خخخ امااط مطامط طططططططلمتتتللا حي رب ا تعالى» وتعنتهم فى طلباتهم؛ وجحودهم المستكن فى قلوبهم الذى يظهر على أقوالهم » فإذا كانت أقوالهم متحدة» فلأنها ناشئة من قلوب متحدة فى أنها لا تؤمن بشىء» ولقد جاء عيسى ببينات قاطعة من إحياء للموتى وإخراج لما فى القبورء وتصوير للطين ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله تعالى. جاءهم بكل هذا فقالوا: هذا سحر مبين فالجاحد لا يؤمن بشيء وليس عدم إيمانه لنقص فى الدليل» بل كلما زاد الدليل قوة زادوا عنتا وكفرواء وصرفوا عقولهم ونفوسهم لا فى الإيمان به» بل فى إعمال الحيلة لرده. ولذلك رد الله تعالى عليهم بقوله تعالى: لقَد ًا الآيات لقوم يُوقئون» أكد الله سبحانه وتعالى أنه بين للذين لا يعلمون فى الحاضرء والذين قالوا مثل قولهم فى الماضى» وأتى لهم بآيات من شأنها أن تدخل إلى القلوب بالإيمان» ولكن بشرط تقبل القلوب للحقيقة» وإن من شأنها أن توقن بالحق إذا عين لها دليله؛ ولذا قال تعالى: 8 لقوم يوقنون4. أى من شأنهم أن يوقنوا عند وجود الدليل؛ لا يترددون وليس من شأنهم التردد» وينتهى ترددهم بالجحود. إن الدليل إذا كان قويا صدقوا بعقولهم» ولكن إذعانهم لا يكون إلا إذا كانت قلوبهم خاضعة من شأنها اليقين» وقد تستيقنها النفس ولكن لا تسكن القلوب إلا إذا كان اليقين من القلب المؤمن بالحق أو المستعد له الذى يقذف الله تعالى فى قلبه بالنور؛ ولذا قال تعالى فى شأن المماحدين المتعنتين: 9 وَجَحَدُوا بها واستَيقننها أنفسهم . . . 7( 4 [الدمل] . والآيات هنا إذا كانت عامة للحاضرين والماضين فهى الآيات التى سبقت لموسى ولعيسى» وآية محمد الكبرى» وهى القرآن العظيم الخالد الباقى إلى يوم القيامة . ومعنى قوله: #قَد بيّنًا الآيات» قد أنزلنا بينة مقنعة بذاتها؛ لأنها العلامات والأمارات القاطعة فى الدلالة على الله؛ وعلى نبوة الرسول الذى بعفه الله تعالى. ل تفسيرسورة البقرة 2 بلللوا الل رب أ ويلاحظ أن هذا فى موضوع نسخ الآيات المعجزات» واستبدال آية بآية» والقرآن الكريم فى هذا النسق يفصل بعضها وما عرض من أخبار اليهود والنصارى والقبلة. والاعتراض والرد لم يكن بعيدا عن ذلك بعدا تاما. وإن هذا التعنت فى طلب الآيات» وعقد مشابهة بين آيته الكبرى» وآيات النبيين السابقين التى لم تأت بإيمان أهل الكتاب بل عاندوهاء وجحدوا بهاء وقالوا: هذا سحر مبين» وقالوا اثتنا بآية غير هذا القرآن» وقد ذكر أنه إن نسخ آية أى تركها يأت بمثلهاء أو خير منها. ولذا ذكر سبحانه وتعالى أن رسالة النبى كل حق فى ذاته يدعو إلى نفسه» وقد أيدت بآية هى حق» ويدعو إلى الحق» فقال تعالى: «إإِنَا أرسلتاك بالحق بشيرا ونّذيرا 4 أى إنا بعثناك نبيا مرسلاء مقترنة أو متلبسة رسالته بالحق» فهي حق يثبت نفسهء وما فيها حق» وما تدعو إليه حق» والحق وحده كاف لإقناع من يكون عنده قلب يدركهء ويمتلئ قلبه حكمة» وبصيرة:» وإذا كان القلب متخلصا أدرك وآمن» يروى أن أكثم بن صيفى حكيم العرب عندما بلغه بعث النبى كَكْةٌ أرسل ولده يسألون عما يدعو إليه فلما ذهبوا إليه تلا عليهم قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القريئ وينهئ عن الفحشاء والمنكرٍ والبغي يعظكم لعلكم تَذَكْرُونَ 22ج 4 [النحل] فلما عادوا تلوا على أبيهم ما تلاه عليهم النبى كَل فقال حكيم العرب: إن هذا إن لم يكن دينا كان فى أخلاق الناس أمر حسئاء كونوا يا بنى فى هذا الأمر أولاء ولا تكونوا آخيرً فالحق نور يدعو إلى اتباعه. وقوله تعالى: بشيرا وتذيرا» أى مبينا الحق» ومبينا أن جزاء من تبعه الحسنى» ومبينا أن من يعانده يكون السوء مصيره ف يشير بيان لبشرى من يتبع » و لإتذيرا» بيان للسوءى لمن يعاند ويجحد., إنما أنت عليك البلاغ وإنما أنت نذيرء لا قال تعالى : « وإن ما نيك بعض الي نعدهم أو فين فَإنما عليك البلاغ وعلينا الحسّاب #لج) 4 [الرعد]؛ و ولا تسآل عن أَصحَاب الْجحيم 4 لست أيها الرسول مسئولا عمن يتردون فى الضلال» وهم أصحاب الجحيم» وعبر سبحانه وتعالى ل ل تفسير سورة البقرة ١1لاااالاااااااااااللا‏ اللا اطاااالاالالا اللا نئاخ الالالال لاطا للل اتنا نطمااالالاااااالاااالاالاطاتاللق ططشططلتتل اللا عنهم للدلالة على ما يستقبلهم من عقاب فللذين أحسنوا الحسنى وللذين أساءوا السوءى . والجحيم وصف من الجحمة والجحمة شدة تأجج النيران» والمعنى لا تسأل عن الذين يلازمون النار ملازمة الصاحب فهم أصحابها والمختصون بها. وإنه لا يسأل عنهم» فهو النذير العريان الذى لا يتحمل تبعة مخالفة المخالفين» بل هذا جزاؤهم وهو بشير أو نذير» ‏ بالحق فمن اهتدئ قلنفسه ومن ضل فَِنَمَا ييضل عَليِها ... +4517 [الزمر] ل ويقول الذين كقروا لولا أنزل عليه آيةَ مّن ره إِنّما أنت منذر ولكل قوم هادٍ +2 4 [الرعد] فلست بمسئول عمن كفر وطغى . وإن الذين يثيرون القول فى الآيات البينات وخاصة معجزة القرآن هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين غلفت دون الهداية قلوبهم» وتعصبوا لأوهام باطلة سيطرت على نفوسهم» وحسبوا ألا يكون دين فوق دينهم يجب اتباعه. وجهلوا ما عندهم» وضلوا فيه ضلالا مبيناء وغاضبوا محملاً كَلِْهِ؛هِ ولذا قال تعالى : « وآن ترضئ عدك اليهود ولا التصارئ حتَئ تتبِع لهم 4 فى هذا النص إشارة إلى أنهم هم الذين يعارضونء ويتعنتون؛ لأنه سبق إليهم ما يحسبون به أنهم فوق أن يتبعوا غيرهم» بل غيرهم عليه هو أن يتبعهم» وقد أكد الله تعالى أن ذلك المعنى . فى نفوسهمء فنفى عنهم الرضا على النبى وَكِ نفيا مؤكدا للحال التى كانوا عليها عند المبعث المحمدى؛ لأن رسالته عليه الصلاة والسلام» واجهت فى نفوسهم شعورا تملوء] بالضلال والهوى والانحراف عن الجادة المستقيمة» ولكى يدخل الحق إليها لابد من تفريغ ما فيها من ضلال وفسادء وهداية النفس الخالية من فساد المتكر أقرب من النفس الممتلئة بالباطل . فهم يريدون أن يكونوا متبوعين لا تابعين» وتلك توجد فيهم جحوداء وقسوة فى قبول الحق لا يقل عن المشركين» فى تمسكهم برياساتهم؛ وشرف قبائلهم وعشايرهم». والمنافسات بينهم . للللل الااللللل ااال الل والملة هى الشريعة» وقد قال الراغب فى مفرداته: (الملة كالدين وهى اسم لا شرعه الله تعالى لعباده على لسان الأنبياء ليتوسلوا به إلى جوار الله تعالى » والفرق بينها وبين الدين أن الملة لا تضاف إلا إلى النبى عليه السلام التى تسند إليه نحو « فَاَعوا ملَّهَ إبراهيم ... 44227 [آل عمران]» 8 واتّبعت ملّة آبائي ... 2# 4 [يوسف] ولا تكاد توجد مضافة إلى الله. ولا إلى آحاد أمة النبى» ... لا يقال: ملة الله» ولا يقال: ملتى ' ولا: ملته). وعلى ذلك يكون: #ولن ترضئ عنك اليهود ولا التصارئ حتئ تتبع ملنهم» أى الملة التى جاءتهم عن أحبارهم ورهبانهم» وإن ملة اليهود. ومثلها ملة النصارى أوهام أوجدتها شهوات حبيسة ) فملة اليهود أهواء وملة النصارى أوهام وأهواء» وكلهم ضلال فى ضلال. ولذا قال تعالى: 9« ولَئن انبعت أهواءهم بَعد الذي جَاءك من الْعلّم ما لك من الله من ولي ولا تصير) أكد الله سبحانه وتعالى نهى النبى ذَكِةِ باللام الدالة على القتسم مع إنء وهما أشد ألفاظ التوكيد فى بيان عاقبة الاتباعء وأنه إذا كان الاتباع المنهى عنه نهيا مؤكداء فالعاقبة أللا يكون لمن اتبع أهواءه إلا أن ينزل عليه الله . فمعنى النص السامى أنك أيها الرسول إن اتبعت أهواءهم فإنه من المؤكد أن العذاب نازل» ولا ينجيك منه ولى ولا نصير. وهنا ملاحظتان بيانيتان: أولاهما - أن تحذير النبى كَللِْدٌ لا يقصد به شخصه أولا وبالذات» إنما يقصد به أتباع محمد يَلْةّ» وأن عليهم أن يحرصوا على مجانبتهم » وألا يغتروا بهمء وإنه فى وقت ضعف النفوس المؤمنة يكون كيد هؤلاء مستمراء دائمًا ومذهبا يصلون به إلى قلوب ضعاف الإيمان» فقد يميلون - وإن لم يستحسنون كل ماعند النصارى واليهودء فإذا ذكرت أحوالهم استحسنوهاء وإذا بهم تفسير سورة البقرة سس سس سك سرب ات ذكرت مكارم المسلمين استهجنوهاء حتى طمع أولئك الفجرة الفسقة فى بعض المسلمين» فأخذوا يستهوونهم بكل الأساليب» وقى الله أهل الإيمان منهم. الملاحظة الثانية - أن هؤلاء ما عندهم ليس بدين يتبع» ولكنه أهواء باطلة وأوهام فاسدة» وأى عقل يدرك أن الواحد اثنان وأن الاثنين ثلاثة ؟!! ولكنها أوهام ضالة» والله المنقذ من الضلال. وإن الله تعالى منصف فى أحكامه» فهو سبحانه وتعالى لا يعمم فتشمل البرىء والسقيم؛ ولذا بعد أن ذكر حال اليهود فى عصر النبى يَلكْةٌ بين أن من أهل الكتاب من يتلونه حق تلاوته» ويتعرفون غايته ومراميهء وإن هؤلاء يؤمنون بمحمد لله ويتبعونه؛ ولذا قال تعالت كلماته: 8 الّذِينَ آتيئاهم الكتاب يتَلونه حقّ تلاوته ولك يوْمُون بو . ٠‏ آثيناهم معناها أعطيناهم» وتقبلوا العطاء بنفس شاكرة» وعقل مدرك وقلب مؤمن» فلم يكن إعطاؤهم كأى إعطاء. والكتاب هو ما أعطاهم الله تعالى من قبل كتوراة موسى أخذوها من غير محاولة تحريفهاء وإنجيل عيسى أخذوه كما هو داعيا إلى الوحدانية مع الإيمان بأنه بشر كسائر البشرء رسول كغيره من الرسل أولي العزم» ليس ابنا ولا إلهاء قال لقومه: اعبدوا الله ربى وربكم» فالكتاب هو كتاب أهل الكتاب» وهم الذين عرفوهء وقوله تعالى: «إيتلونه حَقّ تلاوته» أى يتعرفون معناه فينزجرون بزجرهء ويتعظون بعظاته» ويعتبرون بقصصه؛ ولذلك فسر بعضهم التلاوة فى هذا المقام بالاتباع» كما فى 8 والقمر إذا تلاها 441 [الشمس]» أى تلا الشمس أى اتبعها واستضاء بنورها. فمعنى #حق تلاوته» أى التلاوة الحق» وهى التلاوة المتبعة المتفهمة المدركة, والمتقبلة غير المعاندة. وبين سبحانه وتعالى ججزاءها وأوصاف أهلها فقال تعالت كلماته : «أوتك يؤمنون به يصدقونه ويذعنون لما يأمر به وينهى عنهء ويعملون موجه 0000000000 م تفسير سورة البقرة اللللللللالللااا0ا0ا0اللللل0ا00ا010الاللا0ا0ا0اااللل ل الل آيات الله آناء اللْيل وهم د تقل يؤمنون بالله لد ووم الآخرٍ يوت اروف وينهون عن الْمدكّر ويسارعوت في الْخيْرات وأُولنك من الصالحين +403 وما يفعلوا من حير فلن يكفروة واللّه عليم بالْمتقين ج13 4 [ال عمرات ]. وهم الذين قال تعالى فيهم: ف الذين اتيناهم الْكتاب من قله هم به يؤمنون التق وإذا يتل عليهم فَالُوا آمنًا به نه الحق من ريّنا إِنَّا كنا من قبله مُسلمين 50> أولنك يؤْتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم يفقون 20م 4 [القصص]. هذا التفسير على أساس أن الكتاب هو كتاب أهل الكتاب الذى آمنوا به ولم يحرفوه عن مواضعه. ولم يكتبوه بأيديهم ويلوون به ألسنتهم » ويقولون هو من عند ولكن من المفسرين من قالوا إنه القرآن الكريم» وإطلاق اسم الكتاب عليه من غير ذكر أنه القرآن» للدلالة على كماله وأنه لا يماثله من الكتب كتاب ولو كان سماويا؛ لآنه الكتاب الكامل الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه» ولا من شخلفه.ء مثل قوله تعالى: ذلك الكتاب لا رَيْبْ فيه . .. 1# 4 [البقرة ]. ويكون معنى تلاوته حق تلاوته أن يتذدبر معئاه» ويتعظ بمواعظه. ويعتبر بقصصه كما ذكرنا آنفاء ولقد كان النبى يِل وهو يتلو القرآن إذا مر بآية رحمة سأل» وإذا مر بآية عذاب تعوذ(١2‏ ولقد قال عمر رضى الله تبارك وتعالى عنه» فى معنى قوله: #يتلونه حق تلاوته#: الذين إذا مروا بآية رحمة سألوها من الله وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منه ولقد قال الحسن البصرى فى الذين يتلونه حق تلاوته: هم الذين يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه. ويتفهمون معانيه . )١(‏ عن حَدَيْقَة قَال: كنات ىا نان لله 6 اتح التق قرأ حلى مي رأس الال لت يع ل مَضّى حَتَى بل ماين فد قلت يركم . . الحديث إلى أن قَال: «وكان إِذَا مر بآية رحمة مه سأل وَإِذَا مر بآية يها داب رو من بيه فيها تزه لله حر وج سي . [أخرجه أحمد: كتاب باقى مسند الأنصارَ (11/6؟51) وغيرهء وأصله عند مسلم : كتاب صلاة المسافرين وقصرها (591؟١)].‏ 3 ل ل تفسير سورة البقرة لل م ١ ١ ا‎ - هؤلاء هم أهل الإيمان - من الماضين - بكتبهم» المؤمنون بالقرآن الكتاب الأكمل» أما من كفروا فقد ذكر الله تعالى ما يستميلهم» فقال تعالت كلماته: ومن يكفر به وك هم الْخَاسِرونَ4 الكفر به جحود بآياته وإنكار لأحكامه» ومعاندة» وقال أولئك الإشارة إليهم محكمين كفرهم متصفين به» وحكم سبحانه بالخسران مؤكدا له بضمير الفصل هم.ء وبالجملة الاسمية وبحصرهم فى الخسران» والله أعلم بهم . سا رصان . سم سو 5 038 سه بل أذ كروأ نَعم َالو 0 و لاس سار 0060 > م + سر 7 مه ل جه ره هذ وده ع نعمت عكر وَأَف فصَلت5 عل العلامين نويل وأتَقوا يوم 3 0 ه62 د م سوس د تجار وس سه لدي د دعر لا يرى نسرعن نفس سَيْكًا وَلَايَبَلٌ مهاعد ل ولانتفعهسا م 0 00 : 0 شفلعة ولاهم ينصرون عه تقدم بيان معانى هاتين الآيتين الكريمتين(2»: وبقى أن يسأل سائل لاذا تكررت الآيتان» ونقول إنه ابتدأت قصة بنى اسرائيل بهاتين الآيتين» وذكر من بعدها النعم المتوالية» والكفر المتوالى» وكيف كانت النعم لا تزيدهم إلا كفراً وخخساراء وذكر سبحانه وتعالى تقلبهم فى نعمه تبارك وتعالى» وكفرهم المتوالى بهذه النعم. وفى ذلك اعتبار للناس» وتسلية للنبى كَدكِْةّ» وأنه كان فى قصصهم عبرة لأولى الأبصارء وأنه ما كان حديثا يفترى. وفى ختام قصصهم فى هذه السورة (سورة البقرة) تأكيد لنعمه عليهم» وتأكيد لم كان زجرهم؛ ليتبين أن ابتداء أمرهم كنهايته. كلك نصِرّف الآيات لقوم يشكرون 20 4 [الأعراف ] . )١(‏ راجع تفسير الآيتين 417 » 4/8 من سورة البقرة فى هذا التفسير المبارك. . إل تفسيرسورة البقرة الملل للللللااااااااااللللل0ا0اال ااا أرب إبراهيم وبناء الكعبة © وإذ اسلإ وهم ريه كلمت ع - ره ذه ََتَمَهنَ قا ْنَا ِمَا مدال وص درق فالا يتَالْعَهَدِى الللمين 12 وَإِدْجعَلَ ليت م ابه ناس 0 261 اومن مَمَا موجه فصل وه د نا] إبراهت وَإِسْمَعِيلَ أن طْهَرا بي قَلِلطايِِينَ وَالْعكفِينَ ولك ً 1 آل د 5 وَإِد بسر َجَعَلَ عدا بدا اق ل ا 7 جم نويزم الاين كر عع دًّ سه 2-2 س2 بعد أن قص الله تسالى ما آعم به على بنى إسرايل وما قروا بد هله الع فى حاضرهم وماضيهمء وكانوا يفخرون بأنهم أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» وإنهم لهذا أبناء الله وأحباؤه» وما أداهم ذلك الاعتقاد الواهم الباطل إلى ضلال توارثوه» وفساد فكر تناقلوه» وكفر بالله» وقتل للنبيين» أخحل سبحانه يقص قصص إبراهيم أبى إسماعيل وإسحاق وجد يعقوب وجد النبيين الذين ذكروا فى التوراة والإنجيل والقرآن. يقول سبحانه: #وإذ ابتلئ إبراهيم ربه بكلمات فََتَمَهنَ» و«إذ» ظرف زمان يدل على الماضى متعلق بمحذوف تقديره: اذكر الوقت الذى ابتلى الله فيه إبراهيم بكلمات فأتمهن» وذكر الوقت ليس ذكر للزمن المجرد. إنما هو ذكر للوقائع فى هذا الزمن» للعبرة بهاء والاتعاظ فى مثلها. وقد ابتدأ هذه الوقائع بايتللاء إيراهيم عليه السلام بكلمات» والابتسلاء معناه الها تفسير سورة البقرة الالال الالال انان اا ااال الا الل اناا اانا لال ام الالال للاخ لخخل انان الالال الخ ططخ ال اااطط طن الالالال نل ططخل خخنملنامخخطخخمم كطخ طاطخ خط لالش اي ا 1 رك يكون» ولا يكون إلا فى أمر يعمله العبد بمجاهدة» وصبر وجهاد نفسء وقد كان الابتداء بذكر الابتلاء لبيان أن إمامة النبوة لا تكون إلا بمجاهدة» وجهاد نفس» وقدم المفعول على الفاعل وهو «الكلمات» التى ابتلى بها؛ لأن موضع الحديث هو إبراهيم ذاته وليست الكلماتء» فكان هو موضع الاهتمام وحده» وكان المراد كشف حال نفسه القوية الطاهرة» كما قال تعالى: « ولبلونُكم حت نَعْلَم الْمُجاهدين منكم والصابرين ... 20 4 [محمد] . والكلمات التى اخصتبر الله تعالى بها إبراهيم» ليست هى ألفاظها وكلماتها وحروفهاء إنما المراد بالكلمات المدلولات والمطلوبات التى تتضمنها من أوامر ونوا ووقائع . وقد اتجه بعض مفسرى السلف إلى إحصاء ما تدل عليه هذه الكلمات» واعتمدوا فى ذلك على أقوال الصحابة والتابعين » ولكن لم يسند فيها إلى الرسول كيد شىء ؛ ولذا قال شيخ المفسرين السلفيين ابن جرير: لايجوز الجزم بشىء مما ذكروه منها أنه المراد على التعيين إلا بحديث أو إجماع .. ولم يصح فى ذلك خبر بنقل الواحد. ولا بنقل الجماعة يجب التسليم له. اه وإذا كان لم يصح خبر بهذه الكلمات أو بالوقائع التى تدل عليها الألفاظء فإننا نتلمسها من القرآن الكريم سجل النبوات وأخبارها. وأول واقعة تجلى فيها اختبار الله تعالى لإبراهيم هو فى طلبه معرفة ربه رب الوجود. ورب المشارق والمغارب» فقد اختبره الله تعالى بذلك - كما حكى القرآن الكريم - فقد كفر بالأوثان, ابتداء؛ لأنها لا تنفع ولا تضرء ثم أخحذ يتعرف رب الوجود من الوجود والملك واقرأ قوله تعالى : «وإِذ قال إبراهيم لأبيه زر أنتَخد أصتامًا آلهة إني أراك وقَومك في ضلال مبين +220 وكذلك نري إبراهيم ملَكُوت السّموات والأرض كود من الموقين 9ك فم بن عه الل وأ كرك" قال هذا و فلن أفل ا ا 00 ني حون م اقم الال ججح ذا َم وى الت باز قال هذا وبي هذا كير فلن ل تفسيرسورة البقرة م اللا أ حب ا فلت قال يا قوم إِنّي برِيء مما تش ركون رلانق إني وجَهت وجهي لذي فطر السّموات الأوض حتيًا وما أنا من المشْرِكين <(72 وَحَاج مه قال أَنْحَاجونِي في الله وقد دان ولا أخاف ما ت: ُشركون به إلا أن يَشاء رَبّي ينا وَسع وبي كُلَّ شيء علْمَا أفلا تتذَكْرونَ ريق © [الأنعام ] . هذا اختبار من الله تعالى عرف به عقل إبراهيم السليم» وإدراكه المستقيم . وقد اختبره الله تعالى وألهمه أن يحطم الا وثان فحطمها وجعلها جذاذاء وألقوه فى النار عقابا فقال الله تعالى: يا تار كوني يردا وَسلامًا على إبراهيم ةج » [الأنبياء]. واختبره الله تعالى بكلمة مدلولها أشد ما يكون على النفس البشرية أن يذبح ولده البكر إسماعيل عليه السلام» فاستجاب لأمر ربه» وأخذ يذبح ولده الحبيب استجابة للحبيب» ولكن فداه الله تعالى بذبح عظيم . واختبره الله تعالى بالهجرة من بلده إلى الشام» وإلى مكة حيث ولده العزيز اسماعيل وأمه واختبره الله تعالى بالحنيفية السمحة فحملها وكانت ملته المتبعة» وما كان من المشركين . اختبره الله تعالى بكلماته» أى بمدلولهاء وما ذكرنا بعضهاء فأتمهن أى أتم ما طلب منه فيهاء وكان أمرها عظيما وكان إبراهيم فى إتمامها عظيما. ولذا كانت مكافةة الله تعالى له أعظم» فكانت جزاء وفاقا لا أتم به الكلمات» قال الله تبارك وتعالى لخليله إبراهيم: «إنَي جَاعلّكَ للنّاس إِمَامَا»4 أى يقتدى به ويتبع» فالإمام ما يؤتم به ويتبع و«جاعلك» أى مصيّرك بإتمام الكلمات» ووفائك لهذا قدوة طيبة» وأسوة صالحة. فمن اتبعك فقد اهتدى» وأى امرئ عنده طاقة إبراهيم أبى الأنبياء فى القدرة على الاقتداء به» والاهتداء بهديه والوفاء بكلماته إن ذلك لمقام عظيم . وإبراهيم كان شفيقا رفيقا محبا لأسرته فى غير ظلم ولا اعتداء» وكان يعطف ا على الأطفال ويرفق بهم؛ ولذلك لم يكتف بأن كان هو الإمام» بل أراد أن يكون تفسير سورة البقرة سس س9 5 ١ اكاك‎ يي إمام من ذريته يعمل بمثل عمله ويقتدى به فى الهداية» فهو يطلب الهداية لذريته لااستئثارا بالمحبة ولكن بالتقوى والهداية؛ ولذلك قال مناجيا ربه: #ومن ذَريتي 4 أى اجعل يا رب العالمين من ذريتى أئمة صا حين يؤتمون ويقتدى بهم» فهو يدعو الله تعالى إلى أن تكون ذريته طيبة صالحة يقتدى بهم». فتكون خلفا له فى الإمامة لا بمجرد الانتساب إليه بل لعملهم وتقواهم وإيمانهم بكلمات الله . ولكن الله تعالى العليم الذى يعلم كل شىء يعلم ما هو كائن» وما يكون أشار إلى أنه لن تكون ذرية إبراهيم كلها من الصا حين الذين يؤتم ب:سم» بل سيكون منهم الظالمون الذين يظلمون أنفسهم» وغيرهم بالمعاصى يرتكبونها وبالشر يعملونه ويطلبونه؛ ولذا قال تعالى: طقال لا ينال عهّدي الظَالمين» . ' أى أن ذريته سيكون منهم محسنء وسيكون منهم ظالم لنفسهء بالمعاصى» فالملحسئون ينالهم عهدى. ويكون منهم أئمة يقتدى بهم» وأما الظالمون فلن ينالوا إمامة فى الدين من الله سبحانه وتعالى» وقد قال تعالى: 8 وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذَرَيهِمَا محسن وظالم لنفسه مين +25 4 [الصافات] والمعنى أن ذرية إبراهيم من أحسن منها نال الإمامة» ومن لم يحسن فهو ظالم لا ينالها؛ لأنه يضل الناس» ولا يهدى أحدا؛ ولذلك كان من ذريته أئمة فى الدين» وقد قال تعالى: «( ووهبنا لَه إسحاق ويعقُوب وجَعلْنَا في ذَرِينه لمر والكتاب وَآَيْنَاهُ جره في الدنيا إن في الآخرة لمن الصّالحين +00 4 [العدكبوت]. ْ ْ والعهد فى اللغة مراعاة الشيء والمحافظة عليهء ومن ذلك قوله تعالى: ط ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسبي ولم جد له عمًا 03 4 [طه] والعهد أيضا الأمر, الموثق الذى لايجوز نقضه. ومن ذلك قوله تعالى: « وأوقوا بالعهد إِنَ العهد كان مسئولاً 4 [الإسراء] وقوله تعالى: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدثم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكُمَ كفيلاً . ٠.‏ 479 4 [النحل] . والعهد فى هذه الآية هو الإمامة» وكأنها مأخوذة من العهد بمعنى الرعاية فعهد الله تعالى أن يعهد برعاية الدين والإمامة إلى إمام فى الدين» وإنه لا ينال هذه إل تفسيرسورة البقرة الل ليميا ار الامامة ظالمء ولاية* عهد الله بمعنى أن ب بالرعاية للظالمينء أى لا يك ً' معنى يعهل ب 7 عهدى ظالما قط . وقد تكلم بعض المفسرين على ضوء هذه الآية الكريمة على الولاية وإمامة الناس» فقال بعضهم: إن هذه الآية تدل على أنه لا يجوز ولاية الظالم» ولا يصح أن يكون إماما» وأنه إذا ولى ظالم لا تجوز طاعته» أو على الأقل فى ظلمه» وقال آخرون: تجهب طاعته فى الطاعة وتجب مخالفته فى المعصية؛ لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق» ويستمر فى ولايته» ويسعى فى تغييره. وإن الاتفاق على أنه لا يجوز تولية الجائر» ولكن أتسقط ولايته بجوره؟» أم تبقى ويسعى فى تغييره؟ المعتزلة والشيعة والخوارج قالوا: للا طاعة له ويغير بالقوة. والذى عليه الأكثرون كما قال القرطبى: أن الصبر على طاعة الإمام الجائر وإراقة الدماء» وانطلاق أيدى السفهاء وشن الغارات على المسلمين والفساد فى الأرض. ويقول: دعهم ينتقم الله من ظالم بظالم ثم ينتقم من كليهماء ولكن إذا خرجوا على مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس أن يقاتلوهم ويمنعوهم من أنعم الله تعالى على العرب بإبراهيم عليه السلام إذ جعل البيت الذى بناه وهو بيت الله الحرام مثابة للناس وأمناء كما قال تعالى فى سورة أخرى: أو لم روا أن جعَلَا حرا آمنا ويتَخَطُّف الئاس من حَولهم .. . 2 4 [العدكبوت] . ولقد قال تعالى فى ذلك: #وإِذْ جَعلَا البَيتَ متّابة للئّاس وأَمناك. والمعنى : واذكر الوقت الذى جعلنا فيه البيت مثابة للداس» أى اذكر ذلك الوقت بما فيه من نعم » وإكرام لأهل التقوى» والبيت المراد منه المسجد الحرام » وإطلاق كلمة «البيت» وإرادة البيت الحرام إشعار بفضلهء وإشارة إلى كماله» وإلى أنه أكمل بيت وضع / تفسير سسدورة البقرة 00 اي ١ لاك‎ ١ يي‎ للناسء أنه أول بيت للعبادة» ولأنه بناء إبراهيم أبى الأنبياء» ولآنه موضع الأمن‎ من الخوف» ومثابة الناس» ولأنه أنشئ مطهرا من الأصنام وما جاء بها العرب بعد‎ ذلك إلا بعد أن انحرفوا عن ملة إبراهيم وإن كان - البيت - شرفهم ومحتدهم‎ . الكريم‎ والمثابة : أى المرجع الذى يأوون إليه» والمثابة مصدر ثاب يثوب مثابا» وثووباء‎ أى مأوى يأوون إليه عندما تشتد بأحدهم شديدة ويريد الالتجاء إليه سبحانه . وقوله تعالى: #وَآنَا4 فهو مصدر موصوف به البيت فهو أمن للناس يأمنون فيه من القتل أو الاعتداء.» حتى إن الرجل ليلقى فيه قاتل أبيه أو أخيه فلا يمتد إليه» وحرم فيه القتل والقتال» وكان محترما فى الجملة من العرب أيام شركهمء وذلك من هداية الله تعالى لهم بالأخذ بأثارة من بقايا ملة إبراهيم. ولقد قال الله تعالى فى هذا البيت: ا« إن ول بيت وضع للدّاس لذي بيكة مباركا وهدى للْعالمنَ 35> فيه آيات ينات مُقَام إبراهيم ومن دَخَلهِ كان آمنا ولله على النّاس حج الْبَيت من استطاع ! َيه سبيلاً ومن كَفرَ إن لله عي عن الْعَالَمِينَ 4050 [آل عمرات ]. ْ وقوله تعالى: 8 منَابة لئاس وأَمنَاك فيه إشارة أولا إلى أن الكعبة مثابة للناس» يجيئون إليها فى حجهمء كما صرح سبحانه وتعالى» وفيها قبلتهم إذ يثوبون إليها فى الصلاة ويلتفون حولها التفاف الدائرة حول قطبهاء فهم يتجهون إليها من كل أرض الله تعالى. وإن بانى الكعبة المكرمة إبراهيم عليه السلام هو وابنه إسماعيل عليه السلام» وإنه ليبقى الاتصال بين الحاضر والماضى أمر الله تعالى أن يكون مقام إبراهيم للبناء مصلى لمن جاء بعده من الذين سماهم إبراهيم يم المسلمين» وهم أمة محمد كَكِيِ؛ ولذا قال الله تعالى: 9وانّخذوا من مُقَام إنراهيم مُصلّى» قرئ بالطلب بكسر الخاء» وقرئ بالفتح على أنها خبرء وفى ال حالين هى معطوفة على #جعلنا» فعلى قراءة فتح الخاء يكون المعنى جعلناه للناس مثابة وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى» وعلى قراءة : تفسيرسورة البقرة الللللل0ا0االلاااااللصالل :7 لاه يي الأمر يكون عطف جملة طلبية على مثلها؛ لأن #جعلنا» وإن كانت بلفظ الخبر ولكن معناها الطلب؛ لأن المؤدى أنها أمر من الله تعالى بأن يكون البيت مثابة للناس يرجعون إليه ويأوون ويحيطون به فى صلاتهم إحاطة الدائرة بقطبهاء وأمرهم أن يتخذوا من مقام إبراهيم مصلى . و # مقام اسم مكان القيام» أى الشىء الذى قام إبراهيم عليه يبنى البيت بمعاونة إسماعيل عليهما السلام» وقد قالوا إنه الحجر الذى يعرفه الناس» فى الحجء واتخاذه مصلى» أى اتخاذ المكان الذى هو فيه مصلى أى مكانا للصلاة فالمصلى اسم مكان للصلاة. وفى البخارى أن مقام إبراهيم الحجر الذى ارتفع عليه إبراهيم حين ضعف عن رفع الحجارة التى كان إسماعيل يناوله إياها فى بناء البيت7١)‏ وغرقت قدماه فيه وقال أنس: رأيت فى المقام أثر أصابعه وعقبه وأخمص قلميه. وإن اتخاذ مقام إبراهيم مكانا للصلاة إبقاء لذكر إبراهيم عليه السلام وتنويها بالصلاة فى ذاتها وأنها الصلة بين الماضى والحاضرهء وقد كانت بأمر الله تعالى» وليست بدعا قد أتيها. وقد تكلم المؤرخون فى الحجر الذى قام عليه إبراهيم لبناء الكعبة المكرمة» وأوثق من قال فى ذلك ابن كثير» لقد قال فى ذلك: «مقام إبراهيم هو الحجر الذى يصلى عنده» وهذا الحجر هو الذى قام إبراهيم عليه عند بناء البيت لا ارتفع الجدار» أتاه إسماعيل عليه السلام به ليقوم فوقه ويناوله الحجارة» فيض عها بيده لرفع الجدار (1) جاء فى صحيح البخارى فى حديث طويل عن ابن عباس - رَضى الله عَنْهُمَا - عن النبى كله قَالَ: : كم إِنَّه بدا لإبراهيم قَقَالَ لأهله : إن مَطَّلمْ تَركَتىء فَجَاء فوا إسمَاعيل من ورَاء رَمَرْمٌ يصلح نبلا له فَقَال :يا إسماعيل إِنَ ربك أمرنى أن أبنى له ينا قَالَ: أطع ربك . قَال: َه قد أمرنَى أن تُعيتتى عليّه؟ قَال: إِذَنْ َمل - أو كَمَا قَالَ. قَال: َقَاما فَجَعل إبراهيم يبنى وإسماعيل وله الحجارة ويقولان: (ربنا تقب من نك أنت السّميع الْعليم) قَال: حتَى ارتقع اليناه وصعف الششيخ عن تقل الحجارة» قَقَام على حَجَر الْمَقَام فَجَعَلَ ياوه الحجَارة ويَقُولان: (ربعَا ثعبل من إِنَكَ أَنْت السميع ؛ الْعَليم) . [أحاديث الأنبياء: باب (واتخذ الله إبراهيم خليلا) : (101)]. هاا تفسير سورة البقرة ل 000 حي ههكاف :2 7 وكان كلما كمل ناحية انتقل إلى الناحية اللأخرى يطوف حول الكعبة» وهو واقف عليه وكلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التى تليهاء وهكذا حتى تم بناء جدران الكعبة) . ويقول ابن كثير فى موضعه الذى وضعه إبراهيم بعد البناء: «وقد كان هذا المقام ملصقا بجدار الكعبة قديما ومكانه معروف اليوم إلى مكان الباب مما يلى الحجرة مين الداخل من البقعة المستقلة هناك» وكأن الخليل عليه السلام» لما فرغ من بناء الكعبة» وضعه إلى جدار الكعبة أو أنه انتهى عنده البناء فتركه هناك» ولهذا - والله أعلم - أمر الله تعالى بالصلاة عند الانتهاء من الطواف وناسب أن يكون عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة». اه وبهذا تبين أن مقام ابراهيم هو الحجر الذى كان يقف عليه إبراهيم لإتمام البناء» ولما أتمه وضعه بجوارهاء وكأن الصلاة عقب الطواف عنده حيث انتهى إبراهيم من البناء وحيث انتهى الطائفون من طوافهم. ولقد جاء فى العام السابع عشر من الهجرة سيل شديد نقل الحجر من موضعه فهال ذلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه» وركب إلى مكة وتحرى الموضع الذى كان فيه الجر فوضعه فيه رضى الله تعالى عنه. لقد أقام البناء للبيت العتيق نبيان» وبهذا البناء بنيا مجد العرب» وبنيا أمنهما ومكان عبادة الناس» ومثابتهم التى يستقبلونها فيحيطون بها. وقد بنياه طاهراء مطهراء وعهد الله تعالى إلى اللذين بنياه أن يقوما على استمرار طهارته ليتحقق الغرض الأول» وهو أن يكون مقصدا للحجيج الطائفين والذين يجاورونه عاكفين على العبادة فيهء فقال تعالى: #وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهر بيتي للطّائفين والعاكفين والركّع السجود». والعهد فى هذا النص السامى». من عهد إلى هذا برعاية بيته أو أهله فى غيبه . فمعنى #وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل»» أى جعلنا لهما عهدا وفوضناهما برعاية البيت إنشاءً وتطهيرا وقوله تعالى: #أن طهر بيتي ) تفسير للعهد المذكورء وتطهيره ا بها تفسير سورة البقرة 0100 هو التطهير من الرجس الحسى من الخبائث الحسية» والتطهير المعنوى بأن يخصص لعيادة الله تعالى وحده فلا يكون مكانا لوثن» ولا معيدًا لغير الله تعالى ؛ وقد قال تعالى فى هذا المعنى السامى: وإذ بوأنا لإبراهيم مان ايت أن لا 5 . تشرك بي شيئًا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والرَكّع السجود (5)* 4 [الحج] . ويصح على هذا أن نقول إن العهد أن يبنياه مطهرا من كل خبث فى بنائه بقلب سليم» ونفس مخلصة لوجه الله تعالى» وأن يجعلاه طاهرا معنى وحسا ليكون للقاصدين له من غير مكة» والمقيمين حوله» وسماهم هنا العاكفين مشيرا إلى أن البقاء بجواره مجاورين له قائمين بحقه عبادة» وعبر فى الآية الأخرى بالقائمين أى المستمرين حوله. والطائفون عند أكثر الكاتبين هم القادمون للطواف وحج بيت الله لمن استطاع إليه سبيلاء وإنه مع أنه موطن الحجيج الطوافين والمقيمين حوله مجاورين معتكفين هو مسجد الله تعالى تقام فيه الصلاة» فيكون لهؤلاء الطائفين العاكفين ويكون للمقيمين للصلاة» وأشار إليهم سبحانه بقوله تعالت كلماته : «والركّع السجود» هم الراكعون وهو جمع تكسيرء وهم الذين يخضعون لله تعالى راكعين متضرعين متبتلين» والسجود جمع ساجد» كقعود جمع قاعدء ورقود جمع راقد. ويراد الركوع الذى هو ركن الصلاة» والسجود الذى هو الركن أيضاء واكتفى بذكرهما دون بقية الأركان من قراءة وقيام وقعود؛ لأنهما مظهر الخضوع الكامل» والتطامن لرب العالمين. بعد أن بنى خليل الله أبو الأنبياء بيت الله تعالى بأمر ربه اتجه ضارعا إليه» أن يجعل ما حول البيت آمناء وقد أقاموا فى مكان جدب؛ ولذا دعا ربه أن يرزقهم من الثمرات» فقال تعالى حاكيا دعاءه: #وإذ قَال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من التَّمَرَاتَ»4 وفى هذا دعاء إلى أن يكون ما حول البيت بلدا آمناء وأن يرزقه من الثمرات» وهذا يشير إلى أنه عند بناء البيت لم يكن البلد قد تكونء ولكن آية أخرى تشير أن هنا بلدا متكونًا؛ ولذلك ذكر بالتعريف. فقال تعالى: 8 رب اجعل هذا للد آمنا واجنبني وبي أن تُعبْدَ الأصتام 227 > [ إبراهيم ] . ْ ل 0 تفسير سورة البقرة لل ك0 وقد قال بعض المفسرين إن الدعوة قد تكررت؛ فالدعوة الأولى كانت ولم يكن البلدء ولذلك كانت الدعوة بتكوين البلد وجعله آمناء كما فى قوله تعالى : «رينا ني أسكنت من ذَريْتِي بواد غير ذي رع عند بيك المحم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الثّاس تهوي إليهم وارزقهم مَن الثُمرات علّهم يشكرون +20 4 [إبراهيم] وإنه عند تمام البيت استجاب الله تعالى لنبيه» فأخذ الناس يأوون إليه يبنون ويقيمون الخيام» وإن البلد ينشأ بعد بضع سنين فلما نشأء وإبراهيم ذو ضراعة» وأواه حليم دعا فقال: #رب اجعل هذا بلدا آمنا» وخشى من الكثرة النسبية فى البلد الذى وجد أن يكون فيهم عبدة الأوثان فضمن دعاءه قوله: #واجنبني وبني أن تعد الأصنام» , وإن كثيرين يرون أن طلب إبراهيم لم يكن إنشاء بلد آمن» بل كان طلبه فقط أن يكون آمناء فالطلب من إبراهيم عليه السلام كان منصبا على الأمن» والإشارة إلى المكانء فالمعنى اجعل هذا بلدا موصوفا بالأمن» ويكون المطلوب الأمن» كما تقول مشيراً إلى ابنك اجعل هذا ابنا باراء ويكون المراد وصفه بالبر» وقد أجاب الله سبحانه تضرعه.» فجعله بيتا آمناء ويتخطف الناس من حولهم. #وارزق أَهله من الثّمرات من آمَنَ منهم باللّه وَاليّْم الآخر»: والرزق الإعطاء والتمكين» ومن هنا للبعضية؛ أى ارزقهم بعض الثمرات فكان الطلب قانعا غير مسرف فيه» وكذلك شأن الذين لا يسرفون على أنفسهم»؛ والشمرات ظاهرها أنه يكون مما تنبت الأرض» وقد أعطاه الله تعالى الثمرات فى حدائق الطائف وغيرها من نخيل وأعناب» وأعطاهم ثمرات التجارة» فكانت مكة موطن الاتجار فى الجزيرة العربية» وكانت مزار العرب فى الحج» وقد كان ذلك إجابة لإبراهيم خليل الله تعالى إذ قال : «ربنا إني أسكنت من ذَرِيّتِي بواد غير ذي رَرع عند بيتك الْمَحَرم ريا ليقيموا الصّلاة فاجعل أفدة من النّاس تهري إليهم وارزفهم من الثّمرَات لَعلّهم يشكرون جك © [ إبراهيم ] . وإنه فى هذه الآية طلب أن تهوى إليهم أفئدة الناس» فيقدموا على الحج” وطلب أن يعطيهم من الثمرات» كما طلب فى الآية الكريمة التّ. نتكلم فى معناها 5 تفسيرسورة البقرة السامى» وطلب الثمرات لا يتنافى مع أنها غير ذات زرع؛ لأن الثمرات من الأشجار لا من الزرع وقد رزقهم النخيل والأعناب» والفاكهة والرمان» وغيره مما ينبت فى الصحراء. وخحص خليل الله تعالى المؤمنين من ذريته بهذا الدعاء» فقال: #وارزق أهله من القّمَرَات من آمن منهم باللّه وَالْيوْم الآخر» وقوله تعالى: #مَن آمَن» بدل اشتمال من أهله فكان الطلب لهؤلاء ذ فقطء وذلك لآن الله تعالى رد طلبه بتخصيص غير الظالمين بالنسبة للإمامة» إذ قال تعالى بعد إتمام الكلمات التى اختبره الله تعالى بها: لني جَاعلّك للنّاس إِمَامَا قَالَ ومن ذَرَيِّي» فرد الله تعالى طلبه بقوله: لا ينال عهدي الظالمينَ» فظن نبى الله تعالى أن الرزق يكون للمؤمنين فقط كالإمامة» فبين الله تعالى أن الرزق يعم والإمامة خاصة بالعادلين غير المشركين؛ ولذلك قال تعالى ردا لخليله: قال ومن كفر» أى أن الرزق يعمء البرىء والسقيم» والعادل والظالم» والمؤمن والكافرء بخلاف الإمامة التى تكون من الله تعالى» فلا تكون إلا لمؤمن عادل: ولقد قال تعالى فى سورة الزخرف: (١‏ ولا أن يَكُونَ الثاس أَمّ واحدة لجعلا لمن يكفر بِالرَحَمن لبيوتهم سقًا من فضّة ومعارج علَيها يظهرون 2 ولبيوتهم أبوابا وَسَررا علَيهَا يتَككون +20) وَرْخْرَهًا وإن كُل ذلك لَمًا ماع الحياة الانيا والآخرة عند ربّك للمتّقين 27 4 [الزخرف] . وإن ذلك ليس للمحبة ولا للرضا عن كفره» ولكنه لاستدراجه إذا لم يرشد ويهتد كما قال تعالى: « سِتَستَدرجهم مَن حَيْث لا يَعلَمُونَ 20 وأملي لهم إِنّ كيدي مين 9ت 4 [الأعراف] ولذا قال سبحانهء بعد أن نبه خخليله إبراهيم يم إلى أنه يرزق الكافر #فامتّعه قَليلا4» أى أعطيه المتعة أمدا قليلاء وهو ما يكون فى الدنياء والدنيا مهما طالت أمد قليل بالنسبة للآخرة التى هى الباقية الخالدة» وعذابها خالدء ونعيمها مقيمء طثُمَ أَضْطَرَه إِلَى عَدَاب الثَارِ4 والعطف بثم هناء للدلالة على تفاوت ما أعطاه من رزق وما ادخمره من عذاب» واضطره معناها أبنئه وأسوقه إلى جهنم شعي شاع 2 سوقاء كما قال: « يوم يُدعون إلى نار جهنم دعًا +12 4 [الطور] أى يدفعون دفعاء ل / تفسير سورة البقرة 0 وكما قال تعالى: يوم يُسْحبُونَ في الا على وجوههم ذُوفُوا َنْ سقرَ :© 4 [القمر]. وبذلك ينالهم عذاب الحرمان» والإلجاء إلى جهنم فاقدى الاختيار؛ لأنه جزاءً وفاقًا لا قدمواء والثانى النار الدائمة كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرهاء جنبنا الله عقابه» وغفر الله لناء وكتب ثوابه. بناء الكعبة وَإِد رهم ررس هع وا لْفَوَاعِدَ مض بدت وَإِسْمنعيل و2 انسل مَاإِنَكَأتَألسَمِيعٌ اليم 272 ينا واجِعلنامسْلِمَيءٍ سس ل سر سر برسم وَمِن دُرَمَِينَ أ مَد مُسْلِمَةٌ لف وَأرنَامَنَا سكاو عن إن 5 أنَتَ الاب اليم 52 3 رين وَأَبَعتٌ فم رسلا وس منْهُمَيَتَلْوأْعَلهِمْ َإِيَنتِكَ وَيَعَلَمهُرا لُكتاب وا َكمة م نك أن عورا الفكير 55 لجل كان بناء الكعبة من الكلمات التى اختبر الله تعالى بها نبيه إبراهيم» فقد قلنا إن المراد من الكلمة مدلولاتها من أمر ونهى» ونحوهاء وقد أمر الله تعالى نبيه إبراهيم ببناء الكعبة لتكون المزار» وبها نسك الحج؛ ولذا قال تعالى: #وإذ يَرَفَع إبراهيم القواعد من الْبَيت وإسماعيل»» وهإذه ظرف زمان دال على الماضى» ويتعلق بمحذوف تقديره اذكر أو اذكروا الوقت الذى كان يرفع فيه القواعد من البيت وإسماعيل» وذكر الوقت ليس بذكر الزمان المجرد إنما يكون بذكر الوقائع التى وقعت فيهء وإنها تكون قليلة خطيرة» لها أثرها فيما وراءهاء وحكى الله تعالى قصة البناء بقوله تعالى: وذ يرق إبراهيم القواعد من الْبَيت» وعبر بفعل المستقبل» وهى واقعة فى الماضى؛ لأن الفعل المضارع يصور الواقع كأنه حاضر تستحضره» وتراه: شيخ هو خليل الله تعالى وشاب هو ذبيح الله تعالى يقومان معا يبناء البيت» ا تفسيرسورة البقرة الللللللل لاا ااال ويتضرعان إلى الله تعالى فى كل حجر يضعانه» ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . والقواعد جمع قاعدة. وهى الأساس لا فوقهاء وكل حجر يوضع هو قاعدة للا فوقه» والحجر الثانى قاعدة للثالث؛ ولذا قال تعالى: «وإذ يرع إبراهيم القواعد من البيت4 وعبر سبحانه عن وضع القواعد بعضها فوق بعض ب «يرفع»؟؛ لأن البناء هو الغاية من الوضع» فعبر سبحانه وتعالى عن الفعل بغايته ونهايته. ٠‏ وإن إبراهيم الخليل وولده الطاهر الذبيح المحتسبء لا يبنيان لذات البناء ولا لغرض دنيوى ولا للمأوى والسكن» بل استجابة لأمر الله تعالى» بأمره» ويتضرعان بالبناء» طالبين قبوله. ولقد ذكرنا أن البناء كان بأمر الله» رؤى البخارى وجاء مثله فى مصنف عبد الرزاق أن إبراهيم عليه السلام كان يزور ولده - الذى تركه فى البيداء - الوقت بعد . الآخر» فجاءه وقد صار فتى سويا وتزوج فوجده يصلح النبل») فقال: يا إسماعيل إن ربي عز وجل أمرنى أن أبنى له بيتاء فقال الابن البار المطيع: أطع ربك عز وجل» قال: إنه قد أمرنى أن تعينني عليهء فقال الشاب القوى: إذن أفعل» فقام فجعل إبراهيم يبني» وإسماعيل يناوله الحجارة» ويقولان: #ربنا تقبّل منا إِنْك أنت السميع العَليم4 حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ عن نقل الحجارة فقام على حجر المقام فجعل يناوله الحجارة» ويقولان ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليه”!" . والدعاء على ما بينه الحديث كان محفوفًا بالعمل فهما يعملان بأيديهم» ويحملان على عاتقهماء وقلوبهما ضارعة بالدعاء وألسنتهما لاهجة بالثناء على الله تعالى» والتقرب إليه» وقد قيل إن إبراهيم يم الخليل كان يبنى وإسماعيل كان يدعو. وذلك يخالف النص فى القرآن ويخالف الحديث ويخالف منطق العبادة» فإنه لا تكون عبادة أحدهما بالدعاء مغنية عن عبادة الآخر. )١(‏ سبق تخريجه قريبا. ل / تفسير سورة البقرة ل 0 هي جل _ر؟ يي وإن هذا العمل من الخليل إبراهيم,» وابنه الذبيح المفدّىء» يدل على أن أى عمل يمكن أن يكون عبادة إذا كان لله تعالى .. نعم إن ذلك العمل كان استجابة لآمر الله»ء فهو أجل من أى عمل» ولكن ذلك لا يمنع أن أى عمل فيه أداء فرضن كفاية يكون بأمر الله مادام مطلوبًا لصالح الجماعة» وإذا اقترنت به نية القربى كان عبادة» ولقد قال يَلِْةٌ: ١لا‏ يؤمن أحدكم حتى يحب العمل لا يحبه إلا لله27 . أقام ابراهيم خليل الله مع ابنه المطيع لآبيه وربه البناء» ودارا حول جدرانه يتممانهاء وهما يحفانه بدعائهما #ربنا تقبّل منا4. وقد أحسا بالاستجابة» لكمال الضراعة» وخاطبا ربهما فى إحساس بالقرب منه قائلين: #9إِنَّكَ نت السّميع الْعليم» وقد أكدا أن علمه تعالى علم من يسمع من غير أذن» وعلم من يعلم علم إحاطة لايخفى عليه شىء؛ أكداه أولا بالجملة الاسمية» وأكداه بإن» وأكداه بالتأكيد اللفظى بتكرار «أنت» وأكداه بتعريف الطرفين» أى أنه لا سميع غيرك» ولا عليم سواك» وهكذا كانت ضراعة الإيمان. أتم إبراهيم بناء الكعبة» وكان مما اختبره الله به» ومن الكلمات التى أتمها كما أشرنا إلى ذلك . وقد اتجه الأواب الحليم بعد أن دعا ربه بقبول عمله» إذ قال: « تقبّل مناه 2 أى اقبله راضيا عنا؛ لأن التقبل أبلغ من القبولء إذ القبول المجرد أقل من التقبل برضاء وجزاء لهذا العمل. اتجه خليل الله تعالى إلى ربه داعيا لجماعته» بعد دعائه لنفسه وابنهء فقال هو وابته عليهما السلام : «ربَنَا وَاجْعَلنَا مُسلمَين لك ومن ري َم مُسلمَة لك 4 . الواو فى قوله تعالى طوَاجِعلنَا مسلمين لَك4. عاطفة على قوله تعالى: ريا تقبّل مناه وكرر بين المعطوفين كلمة (ربنا) للشعور بكمال ربوبية الله تعالى» وبكمال () يشهد له من الصحيح الكثيسرء ومنه ما رواء أو داود فى سننه َنْب َك عن رول الل ل قال: «من حب لله وَأَبْخَضَ لله وأعطى لله ومئع [ لل فَقَد ٠‏ استَكمّل الإيمان» . [كتاب السنة: باب زيادة الإيمان 3 037 ل تفسيرسورة البقرة لل ل اللا الضراعة له سبحانه» فتكرار الربوبية شعور بذكر الله تعالى دائماء» وبذكر نعمه» وأنه كال هذا الوجود كله. #وَاجعلنا4 جعل هنا بمعنى صيرء وكون؛ أى اجعل فى كوننا ووجودنا أن نكون مسلمين لك» أى مخلصين لك ولوجهك الكريم» والإسلام هنا بمعنى الإخللاص والاستسلام» وأن يكونا لله وحدهء مثل قوله تعالى: بلى من أَسلم وَجَهَه لله وهو محسن فَلَهُ أَجرَهُ عند ربَه ولا خوف عليه ولا هم يحزنون +013 4 [البقرة] وإن الإيمان والإسلام هنا بمعنى واحدء بل إن الإسلام فى هذا المقام درجة عالية بعد الإيمان» فالإيمان تصديق وإذعان والإسلام هنا تصديق وإذعان» وإسلام النفس والعقل والجوارح كلها لله تعالى» فهو أعلى درجات الإيمان . وإنهما لم يدعوا لأنفسهما فقطء بل دعوا أيضا لذريتهماء فقالا فى دعائهما الضارع المخلص» #ومن ذَرِينا أَمَهَ مُسَلمَة لكَ4 أى: واجعل فى ذريتنا أمة مسلمة لك. و«من» هنا للتبعيض» ولمعنى اجعل بعض ذريتنا أمة مسلمة» أى موؤمنة مصدقة مذعنة مسلمة وجهها لك» ببحيث تكون كلها لك. وقالوا: إن الدعاء لبعض الأمة اتعاظا بقول الله تعالى له: «إلا ينال عهدي الظالمين 3 4 [البقرة] ونحن نرى أن «من» بيانية؛ لأن الدعاء لله تعالى يكون بأعلى ما يطلب لا بأدناه» والمعنى اجعل من ذريتنا أمة مسلمة» أى اجعل ذريتنا أمة مسلمة لك؛» والمقام مختلف عن دعاء الإمامة؛ لأن الإمامة لا تكون للجميع» إنما تكون للبعض المختار منهاء الذى يصلح أن يكون قدوة تتبع والأمة هنا الجماعة التى تجتمع على فكرة ثابتة قائمة. هذا دعاء إبراهيم - عليه السلام - لذريته» وهو دعاء أب شفيق مخلص يرتاد لذريته أكمل المناهج ) وأتم الإخلاص والضراعة ولقد دعا عليه السلام هو وابنه المخلص المطيع قالا : #إوآرنا مناسكنا» أى اجعلنا نبصر ونعلم مناسكناء والمناسك 9ن تفسير سسدورة البقرة سس حك جميع منسكء» وأصل النسك الطهارة» وأصله الغسل والتنظيف» ثم أطلق بمعنى العبادة عامة» ويطلق على العباد بالحج» وإقامة شعائره من طواف» وسعى وذبح ورمى جمار بعد الوقوف بعرفة» وبالمزدلفة» ويقال كما ذكرنا لكل عبادة» ومن ذلك الناسك بمعنى المنصرف للعبادة. وما المراد بالمناسك هنا؟» فسرها بعض العلماء بأنها العبادات الدينية سواء أكانت تتعلق بالحج. أم تعم كل العبادات كالصلاة والصوم والزكاة وغيرهاء ومنها الحج . وقال بعض المفسرين إنها مناسك الحج من طواف» وسعى وذبح هدى ووقوف بعرفة والمزدلفة ورمى الجمارء وغير ذلك من شعائر الحج. وإنى أميل إلى تعميم مدلول المناسك ليشمل كل العبادات الشرعية . والدعاء الذى يدل على قوة الإحساس الدينى » وقوة إسلام الوجه هو قوله تعالى: #وتب عَلَينا إِنّكَ أنت التَرَابِ الرحيم4 التوبة: الرجوع إلى الله تعالى» وتاب عليه بمعنى قبل التوبة» ومعنى «إتب عَلَينَا4. اقبل توبتناء وارجع علينا بالمغفرة إنك أنت التواب الرحيم» والتواب صيغة مبالغة من تائب» والمراد منها قبول التوبة) وكأن المعنى : إننا تبنا ومن الله تعالى قبول التوبة فى رحمة» فالتواب كثير القبول لتوبة التائسين» كما قال تعالى فى آية أخرى: «إغافرٍ الذنب وقابل التُوب . 2# 4# [غافر]ء وإن قبول التوبة» والإكثار من قبولها هو من رحمة الله تعالى؛ ولذا قرن فى هذه الآية الكريمة قبول التوبة ووصفه سبحانه وتعالى بها بوصفه بالرحمة؛ لأن من رحمته أن يقبل التوبة فهى من فضل الله تعالى ورحمته لا عن استحقاق . ْ وهنا يسأل السائل: إن الأنبياء معصومون عن الذنوب» فلم يتوبون» فإنه لا يحصل منهم ذنوب تستوجب التوبة والغفران؟ والجواب عن ذلك أن التوبة رجوع إلى الله وتقرب إليه سبحانه» والتوبة على ذلك مراتب: إل تفسيرسورة البقرة الل وواللا المرتبة الأولى: وهى أدناها الإقلاع عن الذنوب بالندم على ارتكابها والابتعاد عنهاء واعتزام ألا تقع من بعد ذلك وهذه تكون للعصاة الذين ارتكبوا كبائر أو أصروا على صغائر» وقد دعاهم الله تعالى إلى أن ينيبوا إلى ربهم فقال تعالى : «قل يا عبادي الذين أسرفوا علئ أنفسهم لا تقَْطُوا من رحمة الله إن اللَّهِ يغفر الذنوب جميعا .... 27> 4 [الزمر] . المرتبة الثانية: وهى متوسطة بين أعلاها وأدناهاء وهى الاستغفار عما يكون من خطأ أو نسيانء أو هفوات إنسانية فقط مما يوؤاخذ عليه الأبرار الأطهارء وهو الذى ينطبق عليه قول بعضهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين المرتبة الثالثة: وهى الإحساس بالقصور فى حق الله تعالى لفرط إيمانهم» وقربهم من الله» وهذه توبة الأطهار من النبيين والرسل» فهذه توبة إبراهيم. والتوبة كيفما كانت رتبتها عبادة» وأهل الله يقولون: رب معصية أورثت ذلا خير من طاعة أورئت دلاء فالطاعة من الأنبياء لا تورث دلاء بل نفوسهم لقربهم من الله تحس بالذل لهء فيتوبون» ثم يتوبون. وإن نبى الله وخليله وابنه لا يكتفيان بالدعوة لذريتهما ولأنفسهما بالتوبة» بل يطلبان هاديًا مرشد لهم من بعدهما؛ ولذلك يقولان فى دعواتهما: 9 ربنا وابعث فيهم رسولا منهم © الواو عاطفة عطفت «ابعث» على «واجعل»» واعترضت كلمة ربنا لكمال الضراعة والشعور بنعمة الربوبية» والرسول هو المرسل من قبل الله تعالى» وبعثه تكليفه بالقيام برسالة ربه» وتبليغهاء و «فيهم» أى فى وسطهم على أنه منهم ليكون بهم أرحم وعليهم أعطف» ولهم آلف كما قال تعالى : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عَلَيه ما عنم حريص عَلَيكُم بالمؤمنين رءوف رَحيم درك # [التوبة] وواضح أن الرسول الذى دعا إبراهيم وإسماعيل ببعثته هو محمد كلْدّء وقد روى أنه قال إجابة لنفر من الصحابة قالوا: يارسول الله عرفنا بنفسك » فقال: «نعمء أنا دعوة إبراهيم» وبشرى عيسى») فإبراهيم عليه السلام دعاء ببعثه وعيسى بشر به كما قال تعالى: وذ قَالَ عيسى ابن ريم يا ببي إسرائيل إِنّي رسول ل تفسير سورة البقرة و أب ا الله يكم صا لما ين يدي من التو وما سول يأني من بغدي امه خم . >4 [الصف]. وقد نكر «رسولا» للتعظيم» أى رسولا عظيما كريما منهم. وقد ذكر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ما أرسل به إليه فقال: #يتلو عَلَيْهم آياتك» والآيات هنا هى الآيات القرآنية» والقرآن هو المعجزة الكبرى الدالة على نبوة محمد يِه ومعنى ايتلو»؟ يقرؤها مرتلة تتلو كل كلمة أختهاء ويتلوها عليهم يعني يقرؤها فقد نزل مرتلاً كما قال تعالى: لوال الذدين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملّة واحدة كلك لبت به فُوَادَكَ تناه ترتيلاً 40 [الفرقان ] أى أنزلناه كذلك لنشبت به فؤادك باستمرار نزوله» ولنعلمك ترتيله حتى تحفظه» وقيل إن الآيات هى الدلائل على نبوته» وإذا علمنا أن المعجزة الكبرى الدالة على رسالة محمد هى القرآن المتلو, تكون النتيجة واحدة» وهى أن المتلو القرآن. وكان عمل النبى يُلْهِ بعد أن يتلو عليهم الآيات مرتلة ترتيلا» أن يعلمهم علم الكتاب من أوامر ونواه لهم تبِيينَاء ولذا قال تعالى: «ويعلمهم الكتاب والحكمة» والكتاب هو القرآن لأنه الكتاب الكامل الذى إذا أطلق اسمه انصرف إليهء لأنه الكامل كمالا مطلقًا. وتعليم الكتاب بتبيين أحكامه. فالنبى عَللِِ هو المبين له» والشارح لأحكامه ؛ ولذلك قال تعالى: 9 وأَنْلنَا إِلَيِك الذكر لتبيّن للئّاس ما نزَل إِلَيْهِم ... 228 4 [النحل]. فتعليمهم الكتاب هو تعليم أحكامه» وبيان شرائعه» وما اشتمل عليه و«الحكمة»: قال الشافعى: إنها السنة؛ ولذلك اقترنت بالكتاب باعتبارها المصدر الثانى وروى ابن وهب عن الإمام مالك رضى الله تعالى عنه: المعرفة بالدين والفقه في التأويل والفهم الذى هو منحة ونور من الله تعالى» وقيل: الحكمة هى الحكمء والفصل فى عدالة بين الناس. لل 1االلللوول الل الملل وإن الحكمة معناها حسن التدبير للأمورء وفهمها وفقه الدين» ومعرفة أسراره» وفى الجملة هى المعنى الجامع لصفة الإسلام وإدراك غاياته» وعلاجه للأمورء وسياسة الناس». وتصريف الأمور معهمء وكانت جلسات النبى َلِْدّ تحوى الكثير من أدب النفس» وتعليم لياقة المجتمع والتقريب والتأليف بين النفوس» وكل ذلك من الحكمة النبوية حتى لقد قال أبو حنيفة: إن ساعة فى حضرة النى يكل تغنى عن فقه سنين. وإن عمل النبى وَلكْةٌ بعد تلاوة الكتاب وتعليمه تزكية النفوس وتنميتها وتطهيرها فقال تعالى: « ويزكيهم» أى يطهرهم من رجس الجاهلية وينميهم» بمعنى ينمى فيهم قوة الخلق وقوة الدين» وما يكون سببا لنمو عددهم وشيوع أمر الإسلام» وبقائه خالد قائما. وإنه يستفاد من هذا أن القرآن الكريم يتعبد بتلاوته وأشار إلى ذلك قوله: «إيتلو عليهم آياتك»» ويعلم الشرع منه؛ إذ فيه كله» ويشير إلى هذا قوله تعالى: ل ويعلمهم , الكتاب 4 . وإن النبى يك يهذب النفوس» ويزكى القلوب بتعليم الحكمة والتزكية. وقد خحتم إبراهيم عليه السلام دعوته بالضراعة إلى ربه فقال: 9إنك أنت العريز لحي» العزيز: هو ذو العزة. وتتضمن معنى القدرة والمنعة» والغلب» والسلطان» أى أنت الغالب المعز العزيز الحكيم المدبر المنظم للوجودء الواضع كل شيء فى موضعه بإحكام . وأكد هذين الوصفين بإن المؤكدة» وبتوكيد القول» بقوله «أنت»)2 وبتعريف الوصفين الدال على اختصاصه سبحانه وتعالى بالعزة والسلطان» فلا عزة لأحد بجوار عزته» ولا سلطان لأحد بجوار سلطانه . ا تفسير سورة البقرة الل 11ل الل الل ملة إبراهيم هى ملة الأنبياء وهو أبوهم 2004 سد م بيو 1 وس يبرعلب > 3 00 7 اج م م ع رط مله رَهِتِمإلَّامَنَفْهَنَفْسَةُ لَعَرِأَصْطفَيِئَه فى الذي 2 ع عد وَإِنَُ ةلم نَألصَِِينَ يي َال لمر قَالَّا مَلَمْت رب الماك 81 بن 9 ووضّن . بَاإرَهِعمبَقْهِ وَيَعَضُو ب يبون هصق لَكُمْألرنَ ا تَُوخُنَإ لا وَأَنسْر مُسَلِمُونَ 27 إن إبراهيم أبو الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم وجاءوا بعده. وقد يكون هناك أنبياء آخرون بل لابد أن يكون ذلك؛ لآن الله تعالى يقول: «وإن من ملا خَلا فيها ندير :43 [فاطر] ويقول: ظ منهم مّن قصصنا عليك ومنهم من لم تقصص عليك .. . 27 4 [غافر] . ولقد دعا الله تعالى إلى ملة إبراهيم الناس جميعا من بعده؛ لأنها إجابة للفطرة» وتنبعث من النفس المستقيمة واتجاه العقل الحكيم» ولقد قال تعالى: #ومن يرَعْب عن مُلّة إبراهيم إلا من سفه نفسه» ومن هنا استفهام إنكارى يتضمن معنى نفى الوقوع» ويتضمن التوبيخ على من وقع منه هذاء والمعنى لايرغب عن ملة إبراهيم ويتركها متجاوزا لها إلى غيرها من الأوهام الباطلة إلا من سفه نفسه. وقوله تعالى: #يَرَعْب عن فيها التجاوز والترك إلى أوهام» ونقيض يرغب عنها: يرغب فيهاء فالرغبة فها إقبال عليهاء والرغبة عنها تجاوز عنهاء وترك لهاء وهذا يتضمن أمرين: أولهما - علمهاء وكان ينبغى أن يرغب فيها ولكنه تجاوزها وتركها لا عن انصراف مجردء بل عن قصد وإعراض» وثانيهما - أنه اتجه ورغب فى غيرهاء ونفى الله تعالى الرغبة عنها إلا عمن سفه. ا تفسيرسورة البقرة الالال لل وقوله تعالى: إل من سفه نفسه», أى جهلها فى حمق ورعونة؛ لأآن النفس الإنسانية المستقيمة تتجه إلى الله لما فى داخلها من ينبوع الخير الداعى إلى إدراك الحق المستقيم» ولأن كل ما فى النفس من عقل مدرك» ويد تبطش وعين تبصر وأذن تسمع ورجل تسير بها كلها يدل على الإيمان الحق ويهدى؛ كما قال فى الذين يضلون إذ ينسون خلقهم وكونهم» فيقول: «ولقد ذرأنا لجهتم كثيرا م من الجن والإنس َم قوب لأ يققهُود بها لهم عبن لا يصو بها لهم آذان لأ يَسممُونَ يها أوليك كَالأنْعَام بل هم أضل . .. 7ن 4 [الأعراف ]. فالنفئس الإنسانية لو تأملنا خحلقها وتكوينها تهدى وترشد إلى الحق» ولقد قال تعالى: ( وفي أنفسكم أفلا بْصرونَ +20 وفي السماء رزفكم وما توعدو +20 4 [الذاريات] . وقوله تعالى: «إِلذّ من سف نفسه», أى جهلها عن سفه وحمق ورعونة كما ذكرناء والفرق بين جهل النفس» وأن يكون قد سفهها أن الجهل قد يكون عدم علم وعدم اهتداء إلى الحق. وألا يكون عنده أدوات العلم وطرق المعرفة»ء أما السفه فمعناه أن يجهل وعنده طرق المعرفة» وأسبابها ويتركها حمقًا ورعونة» ولقد قال تعالى: «إ ولا تَكُونُوا كَالّدِينَ سوا الله فأنساهم أنفسهم ... (413 [الحشر] وسفه نفسهء قيل إنها بمعنى سفه بتشديد الفاء بمعنى أوقعها فى جهل وسلك بها غير ما تهدى إليه الفطرة. وإن ملة إبراهيم هى ملة النبيين فقد قال تعالى: 9 فَاتَبعُوا مه إبراهيم حنيفا وما كَانَ من الْمُشْرِكِينَ 4522 [آل عمران] وقال تعالى فى سورة الحج: «إوما جعل عليكُم في الدين من حَرَج مله يكم إبراهيم هو سَماكم المسلمين .. . 672 4 [ الحج]. وإن ملة إبراهيم كانت ملة النبيين؛ لأن الله تعالى اختارة للإمامة» وابتلاه . بالكلمات» ولأنه كان يشكر نعم ربهء ولأنه اختاره لبناء البيت» ولآنه اختاره لتعليم مناسك الحج» ولآنه اخمتاره ليكون أبا الأنبياء؛ ولذلك كله قال تعالى: « ولقد اصطفيناه في الدنيا ونه في الآخرة لَمِن الصّالحين 4 وقال تعالى فى آية أخرى: شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلَى صراط مستقيم 027 4 [ النحل] . ها تفسير سورة البمرة اللي 0 ومعنى اصطفاه الله تعالى» أى اختاره بعد أن ابتلاه بما صفى نفسه وخلصها لله تعالى؛ وصار ليس فى قلبه موضع لغيره فاختاره من بين خلقه خليلا له وكان أمة وإماماء وكان أواها حليما رجاعا إلى الله تعالى دائما. وأكد سبحانه وتعالى أنه فى الآخرة لمن الصالحين» ففى الدنيا اصطفاهء فكان معه فيها على الخير المطلق» وقد ابتلى فأحسن البلاء» وكان صفيا وكان ولياء واختص بأن يكون خليلا. ش وقد وصف سبحانه وتعالى حاله فى الآخرة مؤكدا فقال: لوَإنه في الآخرة لمن الصالحين» وقد قال بعض الناس: إن العمل الصالح فى الدنيا وإن جزاءه فى الآخرة فالآخرة دار جزاء لا دار عمل» فكيف يقال فى الآخرة إنه من الصالحين؟! ونقول فى الجواب عن ذلك إن ما ذكره الله تعالى عن حاله فى الآخرة أنه سجل له الوصف بأنه من الصالحين فقد سجل عليه سبحانه وصف الصلاح» والمعنى أنه ختم أعماله فى الدنيا بالخير» وصار فى زمرة من كتب الله لهم الصلاح فى الآخرة» ففى الآخرة جعله تعالى فى جملة من رضى عنهم ووسمهم بالصلاح فكافأهم برضوانه تعالى وهو أكبر الجزاء» فليس فى الآخرة عمل» وإئما فى الآخرة تسجيل الصلاحء والجزاء عليه» وأنه يكون الصالح الذى جعل له لسان صدق فى الاخرين. | وقد أكد سبحانه وتعالى أنه فى زمرة الصالحين الذين نالوا رضوان الله بقوله: ونه في الآخرة لمن الصّالحينَ» فأكد بإن الدالة على توكيد الخبر» وأكد ب «اللام» فى قوله لمن الصا حين» وأكده بتقديم فى الآخرة» وذلك التأكيد لأنه من الذين وصلوا إلى أعلى درجات الصلاح . وإن عده من الصا حين يوم القيامة» إغما كان لأنه أخلص وأسلم وجهه لله رب العالمين مستجيبا طلب الله تعالى منه» إذ طلب ربه منه أن يكون كله له وحده؛ ولذا قال تعالى: «إذ قَال لَه به أَسلم قَال أُسَلَمْت لرّب الْعَالَمِين4 الإسلام هنا هو الإخلاص والإذعان لله تعالى. وهو كالإسلام فى قوله تعالى: «بلئ من أَسَلّم وجهه لله وهو تفسيرسورة البقرة مالالا مُحْسنَ ... 4032 [البقرة] فهو غاية الإيمان وأقصاهء وقد ذكرنا أن الإيمان تصديق وإذعان وتسليم» والإسلام تخليص القلب والنفس والجوارح لله تعالى» فهو أعلى درجات الإيمان. وهو ليس الإسلام الذى هو نقيض الإيمان أو يغايرهء وهو الإذعان المادى. والمخضوع لأحكام الإسلام سواء أكانت مع القلبء أم لم تكن» وهو الذى قال فيه للأعراب إذ قالوا: لقَالَت الأعراب آمَنا قل لم تؤمنوا ولكن قُولُوا أَسلَمنا ولَما يدخل الإعَان في قلوبكم .. . 127 4 [الحجرات] . وهذا هو الإسلام الذى يفرق علماء الكلام بينه وبين الإيمان» وليس موضوعهء وإنما هنا الإسلام بمعنى إسلام الوجه والجوارح لله تعالى» وهو الذى قال الله تعالى فيه: إن الددين عند الله الإسلام .. . 27 4 [آل عمران] . وقد يقال إن إبراهيم أثبت إخلاصه لله تعالى ودعا الله تعالى أن يجعله وابئه إسماعيل مسلمين» فقال فى ذلك: ظ وَاجِعَلَا مُسَلمَين لَك ومن ذَرَِينَا أَمّهَ مُسَلمَة لك ... ره # [البقرة] فلم كان الأمر بذلك». وقد طلباه؟ . 0 فقالوا فى الإجابة عنه أنه أمر بالاستدامة على الإسلام وتشبيت التوحيدء ونقول فى ذلك أيضا إن الآية لبيان مقام إبراهيم عليه السلام فى الاستجابة لأمر ربه» وخلوص نفسه إذ أمره بذلك فاستجاب فورا قائلا أسلمت لرب العالمين» فهذا النص لبيان مدى استجابة خليل الله تعالى لربه غير مترددء ولا متلكئ» ولكن صار إبراهيم يقول : أسلمت أى خلصت نفسى وجعلتها لرب العالمين» أى لخالق العالمين والقائم عليهم وربهم وكالئهم» وإن ذلك شكر لهء فهو فى ذلك شاكر لأنعم الله تعالى كحاله دائما. وإن إبراهيم عليه السلام؛ وصى بهذه الملة بنيه من بعده جيلا بعد جيل» وصى بها بنيه» ووصى بها أحفاده. وأبناءهمء فمن كفر بهاء فقد كفر بالله وبوصية إبراهيم» وما كان إبراهيم ليرضى عنهم إذ كفروا بربهم كالمشركين» إذ غيروا وبدلوا فى دين إبراهيم» وكاليهود الذين ادعوا أن إبراهيم كان يهودياء ولقد رد الله تعالى ا تفسير سورة البقرة للللللاااالل ااا ااال ال 00 يم ١٠ اكاك‎ يي قولهم بقوله تعالى: «إما كان إبراهيم يهوديا ولا تصرانيًا ولكن كان حنيفا مسلما . ذكر الله تعالى وصية إبراهيم وقال تعالى: #ووصىئ بها إبراهيم بنيه ويعقوب» الضمير فى #ابها» يعود إلى ملة إبراهيم التى هى موضوع الذكر من قوله تعالى: تعالى : «إذ قَال له ربه أسلم قال أ سَلّمت لرب الْعَالْمينَ» فهى موضوع الحديث . والتوصية طلب الشخص من غيره القيام بأمر معين والتشدد فى طلبه» وهى غالبا يكون تنفيذها بعد الوفاة» فهى طلب أو إعطاء فى الحياة أو فى آخرها ليكون وقد وصى إبراهيم بنيه بأن يستمروا مستمسكين بملته بعد وفاته» ويعقوب عليه السلام - وهو حفيد إبراهيم من إسحق عليه السلام - قد وصى أيضًا بذلك. وأولاد إبراهيم المذكورون فى القرآن هم إسماعيل وإسحاق عليهما السلام» وذريتهما من بعدهماء وقد قال تعالى فى ذرية إسحاق: 2 ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيتاه أجره في الدنيا وإِنّهُ في الآخرة لمن الصالحين 227 4 [ العسكبوت] وقال تعالى : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داووة وسليمان وأيُوب ويوسف وموسئ وهارون وكذلك نجزي المحسنين +( 4 [ الأنعام ] . وقوله: #ووصىئ بها إبراهيم بنيه ويعقوب4 برفع يعقوب بالعطف على إبراهيم عليه السلام أى أن إبراهيم عليه السلام وصى بهذه الملة بنيه» ويعقوب وصى بها بنيه كذلك» وكانت صيغة الوصية كما ذكرها القرآن يا بن إِنّ اللّهِ اصطفئ لكم الدين» وهذه الحملة السامية تفسير لمجنى ووصى ؟ لأنها صيغة الوصية ؛ ولذا قالوا إن هناك تقديراء وهو أن بفتح الهمزة التى تدل على أن ما بعدها بيان لما قبلها. والوصية أو صيغنتها كانت بنداء كل من إبراهيم» ويعقوب لأبنائه بقوله: يابني» بجمع المذكر السالم الذى حذفت منه النون بالإضافة إلى ياء المتكلم . ١‏ 2 ## تفسيرسورة البقرة وناداهم بهذه الصيغة التى تدل على النسبة إليه تقريبا لهم من نفسه» وفى ذلك دليل على الشفقة بهم والرفق» وأنه يؤثرهم بما يدل على محبته وحدبه عليهم» ومضمون الملة التى وصى بها إن اللّهِ اصطفئ لكم الدين4» أى أن الله جل جلاله» وهو ربكم الذى ذرأكم وأنعم عليكمء اختار لكم الدين الكامل» والدين هناء هو ملة ابراهيم» فهى دين إبراهيم ودينكم ودين الخليقة من بعده» وهو ملتهء وهو الإخلاص لله رب العالمين وإسلام الوجه له كما فسر الله تعالى» من قبل بقوله تعالى : #إِذ قال له ربه أسلم قال ألمت لرب العالمين» . وقد صرح سبحانه وتعالى بغاية الوصية ونهايتها كما جاءت على لسانهم» «فلا تَمُونَ إل ونم مُسَلمُونَ4» والفاء هى للإفصاح عن شرط مقدرء أى إذا كانت هذه الملة هى الدين الذى اختاره لكم وهو الإسلام» فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون» وقوله تعالى: #وأنتم مسلمون» حال من تموتن. 2 وقد أكد سبحانه وتعالى الطلب بنون التوكيد الثقيلة» وليس النهى متجها إلى الموت؛ لأن الموت ليس أمر اختياريا يجرى فيه التكليف بالأمر؛ وإنما الأمر منصب على البقاء على الإسلام» أى لابد أن تبقوا على الإسلام مؤكدًا ذلك حتى تموتوا وأنتم على. حاله وقيامه» كما تقول: لا تصل إلا وأنت خاشع فهو أمر بالخشوع وليس نهيًا عن الصلاة. وقوله تعالى: يا بي إن الله اصطفئ لكم» أهى وصية إبراهيم وحفيده يعقوب معا؟ الظاهر ذلك» وقال بعضهم: إنها وصية إبراهيم وأمها وصية يعقوب فقد أشير إليها فى قوله تعالى من بعد: (أم كسم شهداء إِذْ حضر يَعْقَوب المت إذ قال لبنيه ما تَعبُدُونَ من بدي قَاُوا عبد ِلك وله آبائك إبْراهيم وإسمَاعيل وإسْحَاق إِلّها واحدا ونحن له مسلمون 229 4 [ البقرة] . وأرى أن قوله تعالى: ليا بَنِي إن الله اصطفئ لَكُم» وصيتهما معاء ولما جادل اليهود.فى ذلك قال تعالى مفندا كلامهم» مبينا حقيقة الأمر #أم كنتم شهداء إِذْ حضر يعوب الْمَوْت4 إلى آخر الآية» وعلى هذا التخريج فالوصية واحدة» اللهم إنا أسلمنا وجهنا لك كما أسلم إبراهيم وجهه لرب العالمين. نا تفسير سورة البقرة 0 ُ مه سيم < سس سل سار له غير َم تم شَهداء إذ حضر يعقوب َلْمَوَتاِدُ 110117 بَحَدِى قَالوأْسعجدُ ِلَهَكَوَِلَهَ ءَابَابِكَ ْم د إِسْمَعِيل وَإِسَحقَ قَإِلَهَا وَنِحِدَاوَ عه 2 يئر 52 م © يلك أَعدَت كا مسبت وَلَكيمَاكسِدتم ضوعم أمانايعمَلُونَ 02 كو صو أهوةا تصنو تعت دلبل مود حَنقَاوَمَ دم ناركن © ادعى المشركون أنهم على ملة إبراهيم»؛ شرفهم وشرف محتدهمء وادعى اليهود أنهم يسيرون على ملة إبراهيم وقد غيروا وبدلواء بل جرى على ألسنتهم ما يومئ إلى أن إبراهيم كان يهودياء وبذلك يقلبون التاريخ» فيجعلون أوله آخرهء وصدره عجزه» وادعى النصارى الذين يعبدون الأوهام أن ثالوثهم دين النبيين أجمعين وافتروا فرية واهمة تبهت العقول» ولكن الأوهام غلبتهم» فديانتهم وهم فى وهمء ليس فيها إلا أوهام تكائفت فاعتنقوهاء والمسيح منهم براء. هؤلاء جميعا» وخصوصا من كانوا ينتحلون نحلة ينسبونها إلى نبى من أبناء يعقوب عليه السلام كانوا يدعون أنهم على ملة إبراهيم وإسماعسيل وإسحاق ويعقوب . ولقد وجه الخطاب إليهم؛ وخصوصا اليهود والنصارى لبيان أنهم ليسوا على ملة إبراهيم» وهم على غير الوصية التى وصى بها إبراهيم بنيه» ويعقوب. فقال تعالى: آَم كنتم شهداء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت4 أم هنا تدل على الاستفهام والإضراب معا فهى تتضمن معنى «بل» و«الهمزة»» فهى استفهام إنكارى مع التوبيخ إل تفسيرسورة البقرة 105 )سس سس سسا 0 ا يي والاضراب عن إفكهم . والمعنى نضرب صفحا عما تقولون» ونسألكم: #أم كنتم شهداء إِذْ حضر يعقوب اموت » وشهداء جمع شاهدء كما قال تعالى فى الشهادة على الديون: «ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تَسأموا أن تَكْتبوه صغيرا أَوْ كبيرا إلى أجله ... +429 4 [البقرة] وتكون جمع شهيدء والمعنى على كل حال أكنتم حاضرين الوقت الماضى الذى حضر فيه يعقوب الموت» أى كنتم حاضرين الوقت الذى بدت فيه على يعقوب أمارات الموت. فمعنى حضور الموت ظهور أماراته» ومقدماته» أى وهو يحتضر؛ ولذا كان التعبير بحضر» فحضور أماراته ومقدماته» حضوره؛ ولذا لم يقل نزل به إذ الأولى فى قوله تعالى: #إذْ حضر» تدل على وقت حلول الموت بمقدماته وأماراته» وقد ذكر سبحانه وتعالى #إِذ» مرة أخرى فى قوله: #إذْ قَالَ لبنيه ما تعبدون من بعدي4 وهما يدلان على وقت واحد قد قال يعقوب أبو ب: بنى إسرائيل الذين غيروا وبدلواء قال لبنيه : ما تعبدون من بعدي4 أى من الذى تعبدونه من بعدى؟» وعبر بما هنا دون من لأن ما يستفهم بها عن الماهية في قال ما الإنسان» فالسؤال متجه إلى طلب حقيقة ما يعبدون من بعده أيستمرون على عبادة الله تعالى؟ قالوا مجيبين فى غير تردد ولا تلكؤ: «تعبد إِلْهَك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق لَه واحدا» . ابتدأوا إجابتهم بما يدل على الأسوة والقدوة الحسنة وهى تدل على أنهم لا يغيرون ولايبدلون بل هم مقتدونء ولذلك قالوا: ##إلّهك وإله آبائك» ولم يقولوا مثلا: تعبد الله وحده. وإن أباهم إبراهيم وإسحاق وليس من آبائهم إسماعيل بل هو عم يعقوب وليس أباه ولا جده ولكن العرب تسمى على المجاز العم أبا - كما يسمى العم ابن أخيه ابنه»ء كما قال أبو طالب لقريش عندما طلبوا أن يعطوا أبا طالب بدلا لمحمد ابن أخيه أنهد فتى من قريش ليسلم إليهم محمدا ذَلِةّ فقال لهم موبخا: آخذ ولدكم أغذوه لكم وأعطيكم ابنى تقتلونه؟ وروى على , بن أبى طالب أن النبى ككل قال: ها تفسير سورة البقرة ل 0100 0 1 يي" اعم الرجل صنو أبيه)17) هذا وإن عد إسماعيل عليه السلام فى آباء يعقوب يدل على أن إسماعيل وإسحاقء لا يفرق بينهما فى نسب ولا دين كما يفعل الحاقدون من بنى إسرائيل . وقوله تعالى: #إإلَّها واحدا» قيل إنها بدل من إلهك ولا مانع من أن تكون التكرة بدلا من المعرفة مثل قوله تعالى: «( كلاً كن لم ينه لَسفعا بالنّاصية +122 ناصيّة كاذب خاطعة 0130 4 [ العلق ] . ويصح أن تكون حالاً من إلهك. أى حال كونه إلها واحداء أى نعبده على هذه الحال» ولعل اعتباره بدلا؛ على أنه يكون بدل اشتمال أى أن البدل والمبدل منه شىء واحد. ونرى فى ذكر الله سبحانه وتعالى مضافا إلى ضمير المخاطب يعقوب» ثم ذكره من بعد ذلك موصوفا بالوحدانية تصريح بالوحدانية فى العبادة والامتناع عن إشراك غيره معه» وإشارة ثانية إلى الاتباع والقدوة والأخذ بالوصية التى أوصى بها إبراهيم ويعقوبء وفيها إثبات السلسلة الموحدة فى أولاده فى يعقوب عليه السلام» وإن هذا التوحيد هو الدين الذى اصطفاه الله تعالى لأنه دين الله تعالى؛ ولذا قال سبحانه: «إوما أَرسَلنا من قَبْلك من رسَول إلا نوحي إِلَيْهِ أنه لا إِلَهَ ِل أنا فَاعبدُون +ع 4 [الأنبياء] . ولقد ختم الأبناء المخلصون إجابة أبيهم» البر الرحيم» الذى ضرب به المثل فى الصبر والشفقة بقولهم: #وتحن لَه مسلمون4» أى مخلصون قد سلمنا وجوهنا وقلوبنا له وحده؛ ولذا قدم قوله: إله» على ل مُسَلمُونَ» لا يدل عليه التقديم من معنى اختصاصه سبحانه بإسلام أنفسهم له تبارك وتعالى» وقد أكدوا إسلام أنفسهم له بالجملة الاسمية. )١(‏ عن على أن النبى يك قَالَ لعمرَ فى الْعبّاس: (إنّ عم الرّجل صنو أبيه». وكَانَ عم بَكَلّمَ فى صَدقته. [رواه الترمذى: كتاب المناقب (7747) وقَالَ: هذا حديث حَسَنْ صحيح» كما رواه أحمد فى مسند العشرة المبشرين (2»)541 وبنحوه عند مسلم عن أبى هريرة: كتاب الزكاة (1575)]. تفسيرسورة البقرة الملل للم إن اليهود كانوا كلما ذكرت محمّدة لإبراهيم وبنيه اتتحلوها لأنفسهمء وتفاخروا بها على غيرهم حتى ظنهم الناس أنهم هداة آبائهم» وإن لم يهتدوا بهديهم. فرد الله سبحانه وتعالى قولهم وقول غيرهم ممن كانوا يتفاخرون بأنهم سلالة إبراهيم وإسماعيل ولا يعملون عملهمء ولا يسلكون مسلكهم»ء وكانوا يحسبون مجرد النسب يكسبهم شرفا وذكرا عند الله والناس فقال: « تلك أُمَة قد حَلَت لَهَا مَا كَسبت ولكّم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون 6 . الإشارة إلى هذه الجماعة الفاضلة إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وذريتهم الذين اهتدوا بهديهم وقبسوا من نور الله تعالى بوصيتهم» وهي «قَد خَلَتَ» أى مضتء. وصارت في عبر التاريخ لهم ما كسبوه من خير فيكون عند الله جزاؤه » وعليكم معشر العرب أن تقتدوا بإبراهيم» وتأخذوا بوصيته» وأن تعبدوا إلها واحدا هو الله جل جلاله» إن كنتم تتتمون إليه فتجمعون بين شرف النسب وشرف الاتباع» والنسب وحده لا يغنى فتيلا من غير اتباع . وكذلك أنتم معشر اليهود ليس لكم أن تفخروا بأن هؤلاء آباؤكم» وتلحقوا تاريخهم بتاريخكم إلا أن تتبعوهم فى الإخلاص لله رب العالمين والإسلام له وإلا كنتم الخارجين عليهم المحاربين لمآثرهم. وإن لم تجدوا فى اتباعهم فلكم جزاء فعلكم . ولذا قال تعالى: ظلَهَا ما كسبَت ولَكُم ما كسبتم» أى لها ما كسبته مكسويًا إليها بقدره محسوبا لها في اليوم الآخر بجزائه» ويتضمن قوله: لها ما كسبت» الجزاء لهذا الكسب». وهو خير «ولَكم ما كسبتم». إن عملتم مثل عملهمء واتبعتم هديهم وأخذتم بوصيتهم وكانت لكم شعارا ودثار تتحلون بهء» وهذا حث على الاقتداء» ودعوة إليهء فإن تجانفوا لإثم» وتخالفوا الوصية فعليكم إثم ما تفعلون. وإنكم لستم مسئولين عن أفعالهم إن خيرا أو شرا فكذلك ليس لكم أن تدعوا أن عملهم عملكم ونسبهم نسبكم؛ لأنكم انفصلتم بعملكم عنهم؛ ولذا قال تعالى : ## تفسير سورة البقرة الل ااال 0 ولا تسألون عمًا كانوا يعمَلُونَ 4 وكذلك لا يكفيكم عملهم. إن خيرا فخيره لهم إلا أن تكونوا قد عملتم مثل عملهم ولا تزر وازرة وزر أخرى. إن ملة إبراهيم عليه السلام» وهى التوحيدء والطهارة من الوثنية هى لب الدين اصطفاه الله تعالى لناء وهى الحق الذى لا ريب فيه» وهى مقياس الحق الذى يتميز به من الباطل» فمن آمن بها فقد اهتدى. ومن خالفها فقد ضل وغوىء» وأهل الكتاب الذين حرفوا القول عن مواضعه؛» وغيروا وبدلوا» وخرجوا عن المنهاج وتركوا ملة إبراهيم عليه السلام يزعمون أن ما عندهم حق» وهو الهداية» كذلك ضلت أفهامهم. فزعم اليهود أن فى يهوديتهم السلامة» وزعم النصارى بنصرانيتهم الوئنية أنها الهداية وكل فى غيهم يعمهون؛ ولذا قال تعالى: 9 وقالوا كونوا هودا أو تصارئ دوا 4 أى قال اليهود: أى الحاقدون الكافرون بأنعم الله التى توالت عليهم: كونوا هوداء أى كونوا يهودا تهتدوا؛ لأن الهداية تحوطهم» وهم فى قبتهاء وقال النصارى المثلثون الوثنيون: كونوا نصارى تهتدوا؛ لأن الهداية فى حقبتهم لا تخرج عنهم أبدا والعاقبة لهم فى زعمهمء مع أنهم وثنيونء لا يتبعون نبيا مرسلاًء ولكن يتبعون فلسفة كاذبة ضالة مضلة(2" . قال اليهود ما قالواء وقال النصارى المثلّون ما قالواء فأمر الله تعالى نبيه بأن يرد قولهم بقوله: #قل بل ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من الْمَشرِكِينَ . قل لهم يارسول الله: إن المقياس الصحيح الواجب الاتباع؛ لأجل البعد عن الباطل» والاهتداء بهدى الحق - مضربا عن كلامهم صفحا - هو ملة إبراهيم؛ ولذا قال تعالى: قل بل مله إِبرَاهِيمْ حنيقًا 4 وبل هنا للإضراب عن أوهامهم وترهاتهم, وملة مفعول لفعل محذوف تقديره: بل اتبعوا ملة إبراهيم حنيفاء أى مائلة للاستقامة أو مائلاً نحو الحق هاديًا إليه» فالحنيفية السمحة أى الحق» وجنف وحئّف معناهما الميل» بيد أن الجنف الميل إلى الباطل كما قال تعالى: «( غير متجَانف الاثم 2 لالائدة ]» والحنيف المائل نحو الحق» والحنف يطلق على الاستقامة والحنيف معناه المستقيم الذى لا عوج فيه ولا انحراف. )١(‏ راجع: «محاضرات فى التصرانية» للمؤلف. بل تفسيرسورة البقرة مائللا ويثبت الله سبحانه وتعالى الوحدانية فى ملة إبراهيم» فيقول: #وما كان من المشركين» وهذا نفى للشرك عن ملته» ورد للعرب المشركين عن تبعيته» وإن كانوا من سلالته. ووكل الله تعالى إلى رسوله الأمين الرد على اليهود والنصارى والمشركين؛ لأنه من تبليغ رسالة ربه» وبيان الحقائق التى يجب عليه بيانهاء وإن ذلك الرد كقوله تعالى: ما كان إبراهيم وديا ولا تصرانيًا ولكن كان حَنيقا مُسلمًا وما كان من المشركين 750 4 [آل عمران] . وحدةالمؤمنين باتباع مله إبراهيم 1 ا لس الى ص 1ح سوم ساسع د سا | لهسم نميل وَإِسْحَقَ ووب وَالْدَسْبَاطِ ماوق موس وَعئ ماو قلت ل نس دو« 00 م ريه دْلَاْرفبَْنَأح ونه وحن له سمو 22 فيل َإِنَّءَام مَنوأْبِوئلمَآءَ منت به عفدو وداه و .2 حيط ب سل س2 3 تر وم همف شِقَاق سَهَكفِيِحكَهُمْ الله َ وَهوَاَلسَمِيعٌ العايم 4 َو ل 1 ع ار برو 2 2 صِبْعَةَ أله وَمَنَ أَحْسَنُ مرت أ َوصبِعَة وخ نله, ١‏ 1 م عنيدون 2 يجمع الرسل على اختلاف ما أنزل على النبيين من كتب لا تتباين فى معناهاء وإن اختلفت أزمانهاء يجمع هذه الكتب أنها كلها فى لبها وغايتها ملة إبراهيم عليه السلام» فهى ملة جامعة لا تختلف رسائل النبيين ولا تتباين عندهاء هم تفمسير سورة البقرة 00 الوك فهى ملة النبيين أجمعين» وقد كانت رسالة محمد كله هى ملة إبراهيم عليه السلام؛ ولذا قال تعالى: وما جعل عليكم في الددين من حرج مله بكم إبراهيم هو سَمَاكُم الْمُسلمِينَ من قبل ... 4727 [الحج] وقد تلونا هذا النص الكريم من قبل» ولذا دعا الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يعلنوا أنهم يؤمنون بذلك فقال تعالى مخاطبا المؤمنين :9 قُولُوا آمنًا بالله وما أنزِل إلينا وما أنزِل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسئ وعيسئ وما أوتي الَبيون من ربهم 4 . وإن هؤلاء جميعا على ملة إبراهيم» وهى التوحيد» وهذا كقوله تعالى: « شرع لكم من الدين ما وصئ به نوحا الذي أوحينا ليك وما وصينا به إبراهيم ومُوسئ وعيسئ أن أقيموا الددين ولا تفْركُوا فيه كبر على الْمشرِكين ما تدعوهم ليه الله يَجتبِي إِلَيْه من يشاء ويهدي إلَيه من ينيب +20 4 [ الشورى] . إن إبراهيم ويعقوب وصى كلاهما أبناءه بملته» واتبعه من بعدهم موسى وعيسى والنبيون الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام» فهم جميعا على ملة واحدة جامعة» وهى ملة إبراهيم التى هى التوحيد والتنزيه» والاستقرار على الحق» والحنيفية السمحة. وقد أمر الله تعالى المؤمنين» ولم يكن أمره إلى النبى مَل وحدهء بل كان أمره له ولمن اتبعه» وفيه بيان أن إيمانهم هو إيمان إبراهيم» وبنيه» ويعقوب وبنيه والنبيين أجمعين» فهو إيمان عام بالرسالة الإلهية لا فرق بين رسول ورسول» ولذلك قال بحق بعض الذين علموا الإسلام وما يدعو إليه: إن الإسلام دين عام. وقيل لمسيحى أسلم: لماذا خرجت عن المسيحية؟. فقال: إنى لم أخرج عن المسيحية دين المسيح» ولكن دخلت فيها بدخولى فى الإسلام. أمر الله المؤمنين أن يقولوا: #آمنا باللّه وما أنزل إِلَينَا وما أنزل إِلَئ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط#. والأسباط هم ولد يعقوب عليه السلام الذى قال لهم: ما تعبدون من بعدى». وهم اثنا عشرء وقد ذكر القرآن لهم ذلك العدد فى رؤيا يوسف بن يعقوبء. إذ قال الله تعالى عنه: « إذ قال يوسف لأبيه يا إل تفسيرسورة البقرة مالالا أت إتي ريت أحد عر حوبا والشّمس والْقَمر رُم بي ساجدين +4 قَال يا بن لا تقصص رءياك على إخوتك فيكيدوا لَك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مين 21> 4 [يوسف]. وإن الأحد عشر كوكبا رمز لأبناء يعقوب غير يوسف» وبضم يوسف يكونون اثنى عشر .. والآسباط واحدهم سبطء وهو بمنزلة القبيلة فى العرب» وسموا الأسباط من السبط وهو التتابع»ء فهم جماعة متتابعون» وقيل إن السبط هو الحفيد» وسموا بذلك لآنهم فى أصلهم حفدة إبراهيم. ولماذا ذكر الأسباط مع أن ذكر يعقوب يغنى عن ذكرهم» لأنهم أبناء يعقوب» وقد وصاهم باتباع ملة إبراهيم وشدد فى الوصية؟ والجواب عن ذلك أنهم صاروا من بعده جموعاء كونوا العشائر والقبائتل» فكانت لهم صفة بهذا الانفراد وقد أمر الله تعالى المؤمنين» بأن يقولوا الا تفرق بين أحد مَنهم» لأنهم جميعا يتكلمون عن الله» ويذكرون أمره ونهيه» ورسالتهم رسالة من الله تعالى» #وتحن لَه مسلمون4, أى أسلمنا وجهنا وقلوبنا وكل جوارحنا له سبحانه وتعالى» جمع الله قلوبنا ونفوسنا وحواسنا لتكون لله تعالى» وهو الحكيم العليم. إن ذلك هو الإيمان الحق» وهو الإيمان الجامع غير الممرق؛ ولذلك كان هو ميزان الإيمان الصادق الموحد للناس حول ربهمء وهو الوحدانية لله تعالى» والوحدة فى الرسالة الإلهية؛ ولذا قال تعالى: «فإن آمنُوا بمثل ما آمنتم به فقَد اهتدوا 4 . الفمير فى قوله تعالى :طفَإِنْ آمنوا بمثل ما آمنتم به» يعود إلى اليهود والنصارى؛ لأنهم هم الذين ظنوا أن الامتداء عندهم فقطء ا« وَقَانُوا كونوا هودا أو تصارئ تَهْتَدُوا ... + 4 [البقرة] وأمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم: 9 قل بل مل إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين 0729# 4 [البقرة] . وفى الآية السابقة صورة للإيمان الموحد الجامع الذى لا يفرق» فإن آمن اليهود والنصارى بمثل ذلك الإيمان الجامع غير المفرق فقد اهتدوا » لا أن يكونوا قد اهتدوا بما هم عليه من الانحياز المفرق. ا تفسير سورة البقرة اللا حر ا 1 يي لفَإِن آمنوا بمثل ما آمنتم به # والمعنى فإن آمنوا بإيمان مثل الذى آمنتم به» أى مشابه له من حيث إنه يجمع الناس على الوحدانية لله تعالى » والوحدة فى الرسالة» والوحدة فى الإنسانية بالصورة التى أنتم عليها - فقد اهتدواء فكلمة «مثل» فى موضعها من القول ولها دلالتهاء فالمراد - وعند الله تعالى علمه - أن يؤمنوا بما آمنتم على أن يكون مثله فى المعنى الجامع» ولقد تهجم بعض المفسرين فى العصر الحديث» فقال إن مثل «مَقَحَم» أستغفر الله لى ولهء إنه ليس فى القرآن 'مقحم. إنما ألفاظ القرآن الكريم ليس فيها مقحم قطء إنما هى تنزيل من حكيم ونقول إن الإيمان الذى ثبت من قوله تعالى: طقُولُوا آمَا باللّه وما أنزل إِلَيْنَا وما أنزل إِلَئ إبراهيم وإسماعيل4 إلى آخر الآية الكريمة» يتحقق فيه أمران: أولهما - الإيمان بالوحدانية» والثانى - الصفة الجامعة» فالمثلية ليست فى أصل الإيمان» وإنما هى فى الصور الجامعة غير المفرقة. ما مي همدي م ولذا قال تعالى: #وَن تَولُوَا فَإِنَمَا هم في شقاق» التولى هو الشرك الجسمى والبعد الذى يدل على الإعراض النفسى فإن أعرضوا عن الإيمان الجامع للرسالة الإلهية فهم فى شقاق مستمر؛ لأن من ترك الوحدة فى الرسالة الإلهية فقد اختار النزاع والمجادلة» وحيث دخل النزاع فى الدين كانت العصبية والتعصب»ء والانحياز» ويفقد الدين سلطانه فى القلوب» ويصير لحاجة» وعداوة وبغضاء بين الناس» ويكون كل ملة أو دين فى شق منحاز لا يلتقى ولا يهتدى؛ ولذلك قال: #في شقاق». والشقاق: أن يكون كل جانب فى شق من الأرض أو الفكر والنفس . وإنه عند ذلك تكون العداوة المستحكمة من أولئك الذين تولوا عن الحق وأعرضوا عن الدين الجامع إلى الفرقة المعادية» وكأن الله تعالى ينبه نبيه الأمين» إلى أن يتوقع منهم الشرء والبغضاء المستمرة؛ ولذلك أشار سبحانه إلى أنه معه» وأنه وو إل تفسيرسورة البقرة الل ناصره تعالى عليهم؛ ولذا قال تعالى: «قَسيكُفيكهم الله وهو السّميع الْعليم» والمعنى: إذا أظهروا العداوة المفرقة على الوحدة المقربة» وصاروا أعداء لكم فسيكفيكهم» أى فسيكون الله تعالى كافيا لك» ومانعك منهم. يقال كفاك هذا الرجل» أى منعك ودافع عنك» و«السين» هنا لتأكيد وقوع الفعل فى المستقبل» ف «السين» و«سوف» الدالان على المستقبل القريب أو البعيد» يدلان مع ذلك على تأكيد الوقوع» والمؤدى أن عداوتهم سترد فى نحورهم وسيكون وبالهم عليهم. وقد أكد سبحانه وتعالى حمايته لنبيه ولمن معه بقوله تعالى: #وهو السّميع العليم4 أى أنه سبحانه وتعالى عليم بما ينوون» وما يخفون وما يعلنون» عليم علم من يسمع» ومن صفاته العلم فهو يعلم ما يكون وما يقع. وإنه بذلك العلم المحيط الدقيق يعلم خائنتهم» ويكفيك أمرهم» إنه نعم المولى ونعم النصير. إن الإيمان الجامع بالنبيين أجمعين لايفرق بين أحد من رسله» لأنهم جميعا يحملون رسالات ربهم إلى عباده وهى واحدة» إن هذا الإيمان هو دين الله تعالى» وهو ملة إبراهيم وهى الشارة الوحيدة للدين الحق؛ ولذا قال تعالى : صبغة اللّه ومن أَحْسن من الله صبغة وتحن لَه عابدون 4 . الصبغة هى الملة التى اختارها الله تعالى» وهى ملة إبراهيم» وهى دين الله الحق الذى اصطفاه واختاره وصح أن يكون دينه . والصبغة فى الأصل مايصبغ منه» ويتشربه الثوب حتى يصير لونا غير قابل للتغيير» بيد أن هذه الصبغة فى القلب يتشربها فتكون لونا ثابتا مستقرا دائما بالإيمان والإذعان» يخالط مداركه» ويتشربها قلب المؤمن كما يتشرب الثوب صبغته؛ لأنه مفطور على الإيمان والإيمان فى فطرته» إلى أن يتدرن بالأهواء والشهوات فتطمس الفطرة» ولقد قال تعالى: نَم وَجهك للددين حنيفا فطرت اله اَي فَطَرَ النّاس علَيْهَا لا تبديل لحَلْقٍ الله ذلك الدين القيّم ولكن أكتر النّاس لا يعلمون لج 4 [الروم] . تفسير سورة البقرة اناالا ااا ااا ااا تالالا تالالا ااا ااال ولقد قال كَل «كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء)(" . وصبغة هنا منصوبة على الإغراء لفعل محذوف تقديره إلزم صبغة الله. فإنها إيمان القلوب» وزيئنة النفوس للمؤمنين؛ ؛ كما يتزين الجسم بزينة الثياب الملونة بأبهى الصباغ . وإن التعبير عن الدين بأنه صبغة الله إشارة لما يفعله اليهود والنصارى من صبغ أولادهم باليهودية أو النصرانية بما يغمسونهم فيه بماء يسمى المعمودية. فإذا كان هؤلاء يعملون تلك الأعمال حاسبين أنها تصبغهم بدينهم غير الحق الذى ارتضواء فالله سبحانه وتعالى هو الذى يجعل القلوب تتشرب حب الدين الحق» فلا تتحول ولا تتغير ولا تتبدل. ولقد بين سبحانه وتعالى أن صبغة الإيمان الجامع الذى اختاره الله تعالى دينا للعالمين هى أحسن صبغة وأبهاها حسا ومعنى» وطهارة؛ ولذا قال تعالى: #ومن أَحسن من الله صبَغة» أى لا صبغة أفضل من صبغة الله تعالى؛ لأنها الحق والحق وحده زينة القلوب. وغيرها الباطل» وهو طمس للفطرة وفرق بين زين القلب وحسن الإيمان» والإشراق بنوره» وطمس النور منه وامتلائه بالظلمات. وقد قال تعالى: إن في ذلك لذكرئ لمن كان لَه قَلْبْ .. . 207 4 [ق] من شأنه الإذعان للحقء والتمسك بهء وقال هنا : #وتحن لَه عَابدُون» فالقلوب قسمان: قلوب على الفطرة يدخلها نور الإيمان فيشرق فيهاء وقلوب طمست عليها )١(‏ روا أحمد عن أبى هريرة أن رسُول الله يك قَالَ: 20 مَولُود يلد على الفطرة» َأبواه يهودانه أو يتصرآنه أو يمَجُسَانه» كم تنتج البهِيمةُ بَهِيمَة هل تُحسُون فيهًا من جَدعاء؟» [مسئد المكثرين (2)58/88 وبنحوه فى البخارى: الجنائز ( 41 ومسلم: القدر (4407)]. والجدعاء: مقطوعة الأنف أو الأذن أو غيره؛ ولفظ البخارى: عن أبى هريرَة - رضى اللَّهُ عله - كَانَ يحَدث: قال التبى يكل : «مَا من مُولُود إلا يُولَدُ على الفطرة نوا" معانو أ متصرانه أ يسانو ما تج اهمه : بَهيمة جمعَاء ل تُحسُوذ فيا بن جدعاء» ثم يفول أبو هريرة رضى الله عنْهُ: ل فطرت الله التي قَطَرَ اناس عليه .. . 4 [الروم]. 92 تفسيرسورة البقرة الأهواء وسيطرت عليها وأخفت منابع الهداية فهى فى عمياء عن الهدى» غلقت فلا تدخلها هداية. وإنما يدرك جمال صبعة الله تعالى» وتزيينها للقلب والنفوس الذين يوقنون بالحق» ومن شاء الإيمان به إذا قامت دلائلهء وبدرت محاسنه؛ ولذا قال تعالى: #وتحن لَه عابدون» خاضعون له لا لسواه؛ ولذا قدم «له» على «عابدون» إذ التقديم للاختصاص فلا نعبد سواه ولا نؤمن بغيره . وس ل هه ل ل ره َل نحا جو نناى أللّه وهوريّنا وَرَيُحكُمْ وَنَا أَعْمَدلُنَا َعَمكلنَا لَك أَعَمَناُ كم و حر له لصون آم 4 :أ ” ١‏ ل ١‏ جر ساح انه قل ساسا ادك قف و هك وََنَ له مك نكمم هه مياق 2 عَفْلعَمًَا 0 يولك مد ود حلت هَا ماك ” مخ آ م ان أو رس كم اشوا ا مسكَلُونَحَمَا كاف أيسْمَُوت 0 كان اليهود والنصارى يدّعون أن ما عندهم هو دين الله تعالى» وأئ نهم أعلم الناس بالله» وأنهم أبناء الله تعالى وأحباؤه» وحسبوا أنهم أقرب إلى الله تعالى لأنهم ليسوا وثنيين ولم يشركوا به أحداء والوثنيون ليسوا كذلك» وبذلك يحاجون النبى فى أنهم أقرب إلى الله» وأنه أقرب إليهم» وأنهم أولى بهء فأمر الله تعالى نبيه بأن يبين لهم أن الله ربنا وربكم» وأن القربى إليه بالعمل» فلنا أعمالنا ولكم أعمالكم فقال تعالى: طقل أَتْحَاجُونَنَا في الله وهو ربنا وربكم» كان الأمر للنبى كَل وليتولى الحجاج معهم إعلاء لكلمة الله تعالى لمن يتولى المحاجة والمجادلة» والله يبب بل يي" أجل وأعلى من ذلك فترك للنبى يك أمر هذه المحاجة. والاستفهام هنا للتوبيخ؛ أى ماكان لكم أن تحاجونا فى الله تعالى بادعاء القرب ٠»‏ وأنكم أولى به وبمحبته ومعرفته» فالمحاجة فى الله تعالى لا فى أصل وجوده» ولا فى أصل وحدانيته لقوله تعالى : ال( ويسيح الرّعد بحَمّده ؛ والملائكة من خيقته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشَاء وهم يجادلون في الله وَهَْ سَدِيدٌ المحال +422 © [الرعد] . ففى هذا النص كان الجدال فى الله تعالى» من حيث وجوده. وأنه الفاعل المختار. أما هنا فى هذا النص الذى نتكلم فى معانيه» فالمحاجة فى الله تعالى من جهة القرب منه» والمنزلة عنده لا محاجة أصل وجوده. والمحاجة من جانب اليهود والنصارى بادعائهم على الله سبحانه وتعالى بأن دينهم هو الذى ارتضاه وأنهم أقرب إلى اللهء وأنهم أحبابه. وأنهم أبناؤه» إلى غير ذلك من الأوهام التى يثيرونها حول الله تعالى. وهم يثيرون قولهم على اعتقاد أن النبى يحاجهم كما يحاجونه؛ ولذلك كانت صيغة المفاعلة . وقد أمر الله تعالى نبيه» بأن يبين لهم أنه لاحاجة إلى المحاجة؛ ولذا أمره تعالى بأن يقول: «وهو ربنا وربكم» فصلتنا بالله واحدة» وهو أنه ربنا جميعا » وقد بين الممائلة فى الصلة بالله تعالى لصلة الربوبية» وهى متحدة فى معنى الربوبية» ولا تفاوت بيننا فى هذاء فلستم أقرب إليهء ولا نحن أقرب من هذه الناحية»ء ونبههم النبى يلد بأمر ربه بأن التفاوت إنما هو بالأعمال؛ ولذلك أمره تعالى بأن يقول لهم: ولا أعمالَا ولَكم أَعمَالُكُم4 فاعمالنا بما فيها من خير ونفع تتحمل فى ذاتها استحقاق جزائهاء ولكم أعمالكم» إن خيرا فخير وإن شر فشرهء وأن القرب إلى الله تعالى أو البعد إنما هو بحسب الأعمال» فهى التى تقرب» وهى التى تبعد» وهى التى يكون عليها الجزاء . وقد وصف الله آمرا نبيه بقوله: «وتحن لَه مُخْلصُونَ4 أى نحن قد أخلصنا بقلوبنا فى عبادة الله تعالى فلا نشرك فى العبادة سواه» ولا نعكر إخلاصنا لله تعالى تفسيرسورة البقرة لل بسبب من أسباب الدنياء فنحن صرنا لله نحب الشىء لا نحبه إلا للهء وهذا تحريض لليهود وغيرهم على أن يكونوا مئلهمء فإن كانوا مثلهم التقوا على الإيمان الجامع غير المفرق. والإخلاص كما قلنا تصفية النفس من أن يكون فيها غير الله تعالى» وتصفية الفعل من أن تكون لغير الله فيه شائبة» ولقد قال بعض الصوفية: الإخلاص سر بين العبد وبين الله لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده. وفى الجملة الإخلاص حصن العبادة الحصين . إن اليهود والنصارى افتروا مع كفرهم وجحودهم وقولهم: عزير ابن الله وقولهم: المسيح ابن الله وإيمانهم بالثالوث. وافتروا فادعوا أنهم أقرب إلى الله وأحب» ثم انحدروا فى تفكيرهم فقلبوا التاريخ فجعلوا أوله لاحقا وآخره سابقاء وضلت عقولهم ضلالا بعيداء فزعموا أن إبراهيم كان يهوديا أو كان نصرانيا ولقد قال تعالى فى ذلك: آَم تقُونُونَ إن إراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أَوْ نصارَى» . وإن هذا قلب كما قلنا للأوضاعء فاليهود والنصارى أولاد ليعقوب عليه السلام» وهم تابعون له ولآبائه» فكيف يقلبون المتبوع ويجعلونه تابعاء ولكنهم يحسبون لغرورهم أن ديانة إبراهيم وأبنائه كانت متفقة مع اليهودية أو النصرانية؛ اليهود يقولون إنهم كانوا على ديانتهم» والنصارى يبهتون الناس بالكذب فيدعون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا يؤمنون فيما يزعمون بثالوثهم الباطل بطلانا مطلقاء ولتفنيد أوهامهم أمر الله تعالى نبيه أن يرد عليهم ردا طيبا معفقا مع قوله: 9إولا تَجَادنُوا أَهْلَ الكتّاب إلا بالّتي هي أَحسَن ... 520 4 [العكبوت] وقال الله تعالى لنبيه: طقل أأنتم أَعلَم أم الله كان جواب النبى ككل لهم سؤالا لهم محرجا كاشنا لهم؛ لأنهم ادعوا أنهم أعلم بعد أن كفرواء وإن قالوا أن الله أعلم فقد كذبوا على أنفسهمء فهو سؤال ينتهى برد كلامهم بأنفسهم» وهو سؤال من علمه تعالى الحكمة وفصل الخطاب. تفسير سورة البقرة 3 وإن أولئك اليهود والنصارى يعلمون أن ملة إبراهيم هى الإسلام» والإيمان الجامع لكل الرسل» ويعلمون ما حرف من التوراة والإنجيل» ويعلمون أن التوراة بشرت بمحمد ينه وأن الإنجيل بشر بأنه بعد المسيح رسول اسمه أحمد» يعلمون ذلك وغيره وينكرونه» ويكتمونه حتى لا يعلم؛ ولذلك قال تعالى: ومن أَظْلْم ممّن كتم شهادة عندة من اللّد4, والمعنى أنه لا أحد أظلم ممن كتم شهادة أودعها الله تعالى فى كتابه وما عنده من علم» فالاستفهام هنا إنكارى توبيخى لنفى الواقع والوقوع, فهو نفى أنه لا أحد أظلم ممن عنده شهادة من الله تعالى وكتمهاء وفى الوقت نفسه أشارت الآية إلى أن ذلك وقع من أهل الكتاب من اليهود فهم يكتمون علم التوراة عن البهود « ومنهم أُميُونَ لا يعَلَمُوَ الكتاب إلا أمَانيَ ون هم إلا يَُْونَ 22 4 [ البقرة] فيضلونهم بعلم» ويعلمون الكثير ويكتمونه. والشهادة هى الخبر الذى يجب بيانه سواء أكان بين يدى القضاء أم لم يكن فإن هذه الأخبار فى التوراة كان يجب بيانهاء ولم تكن أخبارً تقرأ ولا تعلم» ولكنها حقائق يجب أن تعلم وتبين» فالإعلام بها كالإعلام بالشهادة. وقد هددهم الله تعالى بقوله تعالت كلماته إوما الله بغافل عم تَعمَلُونَ4 فهذا وعيدء وإخبار بأمر الله تعالى» وقد نفى الله تعالى نفيًا مؤكدا أنه غافل عن عملهم» بل إنه مسبحانه آخذهم بذنوبهم» فنفى بما وبالباء الدالة على استغراق النفى . والغفلة هى : عدم التنبه إلى ما يقع» وهو مأخوذ من الأرض الغفل وهى التى لا معالم فيها ولا بناء» والآية تهديد ووعيد بلا ريب» وقد صور فخر الدين الرازى فى تفسيره «مفاتيح الغيب» الوعيد فى هذا فقال: هذا هو الكلام الجامع لكل وعيد» ومن تصور أن الله تعالى عالم بسره وإعلانه» ولا تخفى عليه خافية» وأنه من وراء ذلك مجازاته» إن خيرا فخير وإن شرا فشرء لا تحضى عليه طرفة عين إلا وهو خائف حذرء ألا ترى أن أحدنا لو كان عليه رقيب من جهة السلطان يعد عليه الأنفاس لكان دائم الحذر والوجل» مع أن ذلك الرقيب لا يعلم إلا الظاهر فكيف بالرب الرقيب الذى يعلم السر وأخفى إذا هدد وأوعد. ل تفسيرسورة البقرة ايل وقد نبه سبحانه وتعالى اليهود والنصارى وغيرهم إلى أنه لايصح لهم أن يتمسحوا بالأسلاف» فقال تعالى: ( تلك أُمة قَد حَلَتَ لَهَا ما كَسبَت ولَكُم ما كسبتم ولا تُسألونَ عما كانوا يعْمَلُون» وقد تكلمنا فى معنى هذه الآية الكريمة فى ماضى قولنا فلا نعيد ما قلنا فى ذكر معانى ألفاظها . ولكن نتلمس المعنى فى إعادة ذكرها ونرى أنها ختام لما يقوله بنو إسرائيل وغيرهم بالنسبة لأسلافهم»؛ ودعوة لهم إلى أن الله تعالى سائلهم عما يعملون هم لا ما عمل أسلافهم. وأيضا فإن الناس تعودوا اتباع الأسلاف. فالله تعالى يكرر سبحانه أن كل امرئ بما كسب رهين» وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى» ولهم.ما كسبوا وعليكم ما اكتسبتم » وأن خير الماضين ليس خيرا لكم وأن شرهم ليس وزره عليكم. ولقد قال تعالى فى ذلك: طوكلَ إنسان أَلْرسَاهُ طَائرُ في عنقه ونخرج لَه يوم الْقيَامُة كتابا يقَاُ متشورا +(12) 4 [الإسراء] وقال تعالى : « قل أغير الله أبي ربا وهو ب كل شيء ولا تسب كل نفس إلا عليها ولا تر واؤرة ور أخر .. ٠‏ 38 4 [ الأنعام ] قال تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعئ +220 > [ النجم ] . للم 00 القبلة © يفول ألشتهاةي لكين مله ص فلملا 000 رع و 2 مج سا« 1 سمج وله 2 ل يِلأَلْمَشْرِقٌ وَأَلْمَعْرِبُ يجدى من يسآم إل صِرَطٍ ف 2 لِك آ آ م ْم أمَهُوَسَطا إن يو و 0 ص م رم صثر شبهداء عَلَ السَّا سوب ون الرَسُولُ عَلِيَكُمْ هيد هيد . 7 0 > مموح - 7 سر مم 2 مِمَيَنقَِب عل عَقِبِيَة عَفَبَيّةوَإِنْكَانتَ لير إل الذين 301 هه 7 ل سخ 00 هدى الله وَمَأ كان ألم لَه مضع !د مإ ألنَهَياً لاس و 2 ل وف رحيم 0 اعلم أن القرآن كله متصل الأجزاء غير منفصل بعضها عن بعضء وقد رأينا فى الجزء الأول اتصال معانيه ومبانيه اتصالا محكمًا حتى يكاد يكون لكل موضوع منه أجزاؤه المتصلة» فابتدئت سورة البقرة ببيان أقسام من تلقوا علم القرآن بعد الإشارة فى ابتدائها إلى أنه الكتاب الكامل الجدير وحده بأن يختص باسم الكتاب. وقد قسم الذين تلقوه إلى أهل الإيمان, وأهل الكفرء وأهل النفاق» وصور النفاق وأهله بتشبيهات حسية تبين معانيهم النفسية» ثم بين سبحانه قصة خلق آدم ومكانه بين العالمين من جن وإنس وأنه كامل التكوين. ثم أشار تعالى إلى النعم التى توالت على بنى إسرائيل» وتوالى كفرهم مفصلا آثامهمء وقتلهم الأنبياء وتكذيبهم لهم» وقد فصل بعض التفصيل أمر إبراهيم عليه السلام وبنيه من بعده» وحقيقة إيمان المؤمن الجامع الذى يؤمن بكل الرسائل الإلهية والأنبياء الذين جاءوا. ل تفسيرسورة البقرة الملل وقد ذكر سبحانه أن إبراهيم هو الذى بنى الكعبة هو وابنه إسماعيل» وكان الأمن حول البيت إجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام: رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق هله من القّمَرَات من آمن منهم باللّه ايوم الآخر . ٠.٠‏ نو 4 [ البقرة ] . وكان من مقتضى النسق أن يذكر عقب أخبار إبراهيم وبنيه» والإيمان الجامع لكل الرسالات الإلهية أن يذكر أمرا يتعلق بالكعبة المشرفة» وهو أن تكون قبلة المسلمين الذين يتبعون ملة إبراهيم والذين سماهم إبراهيم - خليل الله - المسلمين ولذا قال تعالى: #سيَقُول السفهاء من النّاس ما ولأهم عن قبلتهم التي كانوا علّيها» . وإن النبى بصريح هذا النص يشير إلى أنه كانت قبلته إلى الصلاة ليست هى الكعبة» وأن الله تعالى حوله عن القبلة السابقة إلى الكعبة» وذلك أنه عندما فرضت الصلوات الخمس عند «الإسراء والمعراج أمر الله نبيه أن يتجه إلى الصخرة حول المسجد الأقصىء وكان النبى يل لايستدبر الكعبة فى صلاته» بل يتجه إلى بيت المقدس واقفا بين الركنين من الكعبة متجها إلى بيت المقدس فكان فى الحقيقة متجها إلى الكعبة وبيت المقدس(2" . ولما هاجر كان لا يمكنه أن يتجه إلى القبلتين» فاتجه إلى بيت المقدس؛ لآن أمر الله بالاتجاه إليه قائم ثابت» ولم يكن من قبل أمر بالاتجاه إلى الكعبة» بل كان النبى يَكلِْةِ حريصا على آلا يستدبرها تكريما لها وتشريفاء ولأنه كان يتجه إليها قبل الأمر بالاتجاه إلى بيت المقدسء وقد أخطأ من أهل الكتاب من زعم أن النبى َكل كان يصلى إلى بيت المقدس ليتألف قلوب اليهود فما كان للنبى كَلكِيٌ أن يشرع عبادة أو فرعًا من عبادة من تلقاء نفسهءء بل إنه أمر تعبدي من الله تعالى لاا يملك فيه رسوله الأمين تحويلا ولا تبديلا. وإنه بلا شك كان ثمة ناسخ ومنسوخ. وقد كان النسوخ هو الصلاة إلى بيت المقدس» والناسخ هو الصلاة متجها إلى الكعبة» ثم إلى بيت الله الحرام . )١(‏ قاله ابن عباس وغيره» وذكره الحافظ ابن -خجر فى فتح البارى: باب الصلاة من الإيمان. ا ته تفسير سورة البقرة ' 1110100 0 0 7*7 7 7 87ظ3ظ23# ير لبجل بار 7 ولم يكن الناسخ والمنسوخ ثابتين بالقرآن» بل إن كليهما ثبت بالسنة فالمنسوخ نبت بالسنة» وهى عمل النبى وله بوحى من الله تعالى» وتحويل القبلة - وهو الناسخ - ثبت بالسنة أيضاء فقد روى البخارى عن البراء أن النبى يَكْهِ صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشرء وكان رسول الله كك يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت» وإن أول صلاة صلاها صلاة العصرء وصلى معه قوم. فخرج رجل تمن كان صلى معه فمر على أهل المسجد - أى قباء - فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله» لقد صليت مع النبى كَلِْكٌ قبل مكة» فداروا كما هم قبل البيت7©, ولقد أعلم من يصلون فى قباء'فى صباح اليوم التالى» روى مالك عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : «بينما الناسّ بقباء فى صلاة الصبح إذ جاءهم آت. فقال: إن رسول الله ب قد أنزل عليه الليلة قرآن» وقد أمر أن يستسقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة”"". // ونرى من هذا أن استقبال بيت المقدس ثبت بالسنةء وثبت التحويل أيضا بالسنة» والقرآن ذكر آثار التحويل» وما يقوله الناس» وأكد التحويلء والقرآن الذى أشار إليه الراوى فى الحديث هو الذى نزل بعد أن تحول النبى يك ومن معه بالفعل» وقد تأكد أمر القبلة بقوله تعالى : (ومن حيث خرجت قَول وَجَهك شَطْر الْمَسْجد الحرام وحيث ما كنتم فُولُوا وجوهكم شطره ظل ) [القرة!. قوله تعالى: #سيّقول السفهاء من النّاس» . قال بعض اللمفسرين أن الاستقبال هنا موضوع موضع الماضى؛ لأنهم قالوا: وإنما عبر بالمستقبل المؤكد بالسين للدلالة على دوام قولهم إذ قالوه فى الماضى». وسيقولونه فى المستقبل» فسفه القول لا ينتهى » بل هو يمتد ويكرر ما دام السفه قائما. بت | حسمن آل . سبق تخريجه فى المقدمة من رواية البخارى ومسلم.‎ )١( .)4650( (؟) متفق عليه ؛ رواه البخارى : كتاب الصلاة يرف ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة‎ تفسيرسورة البقرة مئال وإن ظاهر اللفظ يدل على أنهم سيقولون مع ما قالواء وإن ذلك إخبار من الله تعالى» وخبر الله تعالى لا يقبل التخلف» ولم يشبت أنهم قالوا ذلك من قبل نزول الآيات» إذ إن نزول الآيات اقترن بالتحويلء أو بعده بقليل وإن لم يكن التحويل به بل كان بوحى من الله للنبى يَكيْةٌ وهو يصلى» وما كان الله تعالى ليقرئه القرآن وهو يصلى» ٠‏ فإنه عند القراءة كان يقرئه تعالى فقد قال تعالى: الإلا تحرك به لسانك لتعجل به به :20 إن عَلَينا حمْعَهُ آنه 82> فَإذا فرأناه فاع فراته +(12 لم إن عَلَينا بِيانَهُ 1222 4 [ القيامة] . وإنا لنستبعد أن يكون إنزال القرآن وإقراؤه وترتيله وهو فى الصلاة يصلى» والله على كل شىء قدير. والسفيه هو: الخفيف العقل, وذلك مأخوذ من قولهم: ثوب سفيه إذا كان خفيف النسج» وقد يكون السفه نوعياء فقد يكون متزن العقل حكيماء ويكون فى أمور أخرى سفيها» كبعض العرب الذين كان فيهم عقل» ولكن الإدراك الدينى فيه سفهء وكبعض أهل الكتاب» فإنهم كانوا فى أمور الدين سفهاء» إذا تكلموا سفهوا أنفسهم . ومن هم السفهاء ء الذين تكلموا فى القبلة متعجبين من تحويلها؟ قال بعضهم: المشركون» فقد توهموا أنه عندما حولت القبلة إلى مكة أن محمدا سيرجع إلى دينهم » وقالوا: لقد اشتاق محمد إلى مولده وعن قريب يرجع إلى دينكم» وقال اليهود: لقد التبس عليه أمره» وتحير» واستهزأ المنافقون بالمسلمين» وهم جميعا تساءلوا: ما ولأهم عن قبلتهم التي كانوا عليها». ‏ . الاستفهام هنا للتعجب الساخر المتهكم المستهزئ - لعنهم الله تعالى - وهم جديرون بهذا بوصف السفه. فليست الحقائق الدينية موضع تهكم إلا تمن سفه نفسه» وكان جهولاء ومعنى «ولاهم» أى جعلهم يعدلون صارفين النظر عن القبلة التى كانوا عليهاء وهى بيت المقدس» فالتولية معناها العدول أو الانصراف أو الإعراض» وإن هذا السؤال يدل على جهلهم وعتوهم فى الفساد؛ لآنهم نسوا أنهم يعترضون على الله تعالى . م تفسير سورة البقرة الملل ل 0 ولقد رد الله تعالى آمرً النبى يَكِِ: «قل لَلّه المشرق والْمَغْربُ» وقد أمر الله تعالى : بأن يتولى النبى يَكِِ الرد عليهم؛ لأن الاعتراض المتهكم كان على النبى وأصحابهء وهم يرمونه بالتحيرء وكان الرد «إللّه المشرق والمغرب4, أى أن الله تعالى مالك الأرض شرقيها وغربيها وشماليها وجنوبيهاء وذكر الشرق والغرب؛ لأن من ملكهما ملك الأرض كلهاء لا فرق بين قريب وبعيد» وإذا كان هو المالك ملكية مطلقة للأرض» فهو يتخير لموضع قبلته ما يشاء من أرضه وليس لأحد سلطان فيما يريد» وهو يختار من أرضه مايراه أصلح وأقرب وأنسب» وقد اختار البيت الحرام» كما اختار من قبل بيت المقدس» والبيت الحرام بناء إبراهيم وأول بيت وضع للناس» وهو كما قال علماء الكون فى وسط الأرض» واختصه الله تعالى بأن به وحوله مناسك الحج» وقالوا إنه منذ خلق الله تعالى مكة لم يكن بها زلزال ولا خسف»ء فكأن الله تعالى قد أمنها من هذه الظروف الكونية» كما كان الناس فيها آمنين من القتل» وجعله سبحانه وتعالى حرما آمناء ويتخطف الناس من حولهم. ولقد بين سبحانه وتعالى أن هذا الذى اختاره من قبلة هو الهداية لايرضى به إلا من هداه الله تعالى» فذيل الآية بقوله تعالت كلماته: «إيهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم 4 أى أن الله تعالى بحكمته كان فى عباده من اهتدى» وكان فى عباده من ضل وغوى؛ فمن سلك الجدد» وحارب هواه» ووسوسة الشيطان» فإن الله تعاي يأخذ بيده». ويوجهه إلى صراط -أى طريق- مستقيم» والطريق المستقيم هو أقرب الطرق للوصول إلى الغاية» إذ إن الخط المستقيم أقرب خط بين نقطتى الابتداء والانتهاء . وإن الله تعالى اختار خير أماكن الأرض لتكون قبلة الناس» وهى وسط الأرض وخير بقعة فيها؛ لا ذكرنا من مناقب لهذا البيت» ولأن منشئها أول نبى عرف بأنه حطم الأوثان» وجعلها جذاذاء ولقد كانت أمة محمد يليه - آخر محطم للأوثان - والذى جعلها جذاذا مطروحا ‏ خير أمة» وإنه كما اختار الله خير بقعة فى الأرض لتكون قبلة إذ أنشأها محطم الأوثان فكذلك جعل أمة محمد يَلَِِ خير أمة أخرجت للناس؛ ولذا قال تعالى : .#وكذلك جَعلتَاكم أَمّةَ وَسطا» . إل تفسيرسورة البقرة الل الوسط يطلق بإطلاقين: أحدهما - الشىء المتوسط أو الأمر المتوسط بين أمرين أو نحو ذلك ما يكون متوسطاء الثانى - الوسط بمعنى الخير» ومن ذلك قوله تعالى : قال أوسطهم هم ألم أقل كم لولا نسبحون +109 (9 4 [القلم ] أى: قال أعدلهم» ولقد قال القائلون بالتفسير الثانى: إن الوسط كان خيرا؛ لأنه متوسط بين فى حق الأنبياء» فقتلتهم» والنصرانية غلت فى حق نبى فعبدته» فكان الوسط ألا يكون غلو ولا تقصيرء بل تلق للرسالة» وإيمان بهاء ولقد أثر عن النبى علد أنه قال: «خير الأمور أرطي 0 ؛ لأن الأوسط بعيد عن الغلو والتقصير ولقد أثر عن على بن أبى طالب أنه قال: «عليكم بالنمط الأوسط فإليه ينزل العالى ٠‏ وإليه يرتفع النازل) . ولآن التوسط خير دائماء» صار يطلق الوسط على الخير فيقال عن أفاضل الناس أوساطهم» وعن خيار الأمور أوسطهاء وكل موضع فيه إصلاح أو صلح بين الناس يقال فيه وسط . والنسبية فى قوله تعالى: #وكذلك جعلناكم» من المشابهة بين خيرية الكعبة وخيرية الأمة» والمعنى كما جعلنا لكم الكعبة قبلة» وهى خير بقعة فى الآرض جعلناكم أمة وسطا. ومعنى التوسط أن أمة محمد ككلْهٌ فوق الأمم ودون الأنبياء» وهم على ذلك خير )١(‏ حديث: احير الأمور أُوسَاطّهًا» . رواه ابن السّمعانىَ فى (تاريخه)» من حديث على بسند فيه من لا يُعرف حاله. وأخحرجه ابن جرير فى (تفسيره) من كلام مطرف بن عبد اللهء ومن كلام يزيد بن مرة الجعفى . وروى أبو يعلى عن وهب بن منْبِه قال: «إنّ لكل شىء طَرَقَيْنِ ووسّطاء فَإِذَا أمسك أحَد الطَرَفَينِ مال الآخَن وَإِذَا أمسك الوسط اعتَّدلَ الطَرقَان . تَََيكُم بالأوساط من الأشيّاء» . [الدرر التثرة - ج١‏ ص ]4١5‏ وروى ابن ماجه عَنّ جاب بن عد الل قَالَ: كَانَ رسول ' الله يل ا ختطبَ احمرت عيئاه وَعَلا صوثة مرت ب لقع لع وهر ابر 0 ملذزر جيش . الى أن ؛ قال :١‏ ديقول: نا بد حي لأمور كتاب الله وخخير الهدى ره برا ودا داه 00 تفسير سورة البقرة لكلل ااال ير لوه : يي ١‏ الأمم وأعدلهم» وأقومهم سبيلا» وإن أمة محمد وَل تعلم الناس . وإن محمذا - يعلمها . وفسرها بعض العلماء بأن معنى #أُمّةَ وَسَطَا» أى أمة عادلة قويمة ارتضاها الله تعالى دون غيرها من الأمم كما قال: 9 كنتم خَيرَ أَمّهَ أُخْرِجَت للئاس تأْمَرُونَ بالمعروف وتنهَوت عن الْمَكَر وتَؤْمنُون باللّه ..... 22> 4 [آل عمران] . ولماذا كانت أمة محمد الذين يتبعونه ويهتدون بهديه خير أمة أخرجت للناس؟ الجواب عن ذلك أن خيرية هذه الأمة أو كونها فوق الأمم كانت لأنها بعيدة عن غلو النصارى فى عيسى » وسقوطها فى الأوهام الباطلة. وبعيدة عن حسد اليهود ومقتهم لكل حق» وفوق ذلك أنها تؤمن بجميع الأنبياء كما تلونا قوله تعالى : « قولوا آمنا لله وما أنزل ينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويَْقُوب والأسباط وما أوتي موسئ وعيسئ وما أوتي ي الَِيُونَ من رهم لا نفرق بين أحد مَنهم وتحن لَهُ مُسْلمُون #«نجركه > [ البقرة] فهى أمة الكمال الدينى الجامع» وفوق ذلك هى التالية لملة إبراهيم حقا وصدقاء من أجل هذا الإيمان الكامل بالأنبياء جميعا والشرائع السماوية كلهاء كان لهم حق الشهادة على غيرهم بأنهم آمنوا بالله الإيمان الكامل» هل آمنوا برسالاته الإلهية» أم لم يؤمنوا؛ ولذا قال تعالى: لالَتَكُونوا شهداء على النّاس ويكُون الرسول علَيكم شهيدا» . أى تشهدون للناس بأنهم آمنوا بمثل إيمانكمء والرسول يشهد لكم بأنكم آمتتم بالله الإيمان الكامل وآمتتم بوحدة الرسالة الإلهية» فالرسول يشهد بإيمانكم الذى يسمح لكم بأن تشهدوا على غيركم» فمقياس الإيمان وميزانه واللام فى قوله تعالى «إلتكونوا شهداء على النّاس» هى للتعليل» أى لكونكم وسطا وعدولا فى إيمانكم تكونون شهداء على الناس» مع شهادة الرسول يك بل تفسيرسورة البقرة ل الل عليكم» فالخيرية التى اتسمتم بها هى علة الشهادة» وهى باعثهاء والسبب فى أنكم فوق الناس تحكمون لهم أو عليهه''. ويصح أن تكون (اللام) ليست للتعليل» وتكون للعاقبة أو الغاية» والمعنى أن خيريتكم أو كونكم فوق الناس ودون الأنبياء غايتها وثمرتها أن تكونوا شهداء على الناس» وأن يكون الرسول شاهدا عليكم» بأنكم استحققتم هذه الخيرية . والشهداء يصح أن تكون جمعا لشاهد». أو جمعًا لشهيد» وقد ذكرنا أن من جمع الشاهدء قوله تعالى : « ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تَسأمُوا أن تَكتبوه صغيرا َو كبيرا إلَئ أله . . . +429 4 [ البقرة] . وهنا أنسب أن تكون جمعا لشهيد؛ وذلك لذن الله تعالى ذكر المفرد فى قوله تعالى: #إويكون الرسول عليكم شهيدا» والشاهد هو الحاضر الذى يعاين الأمر الذى يشهد عليه» وهذا الأمر الذى يعاينه» وينظر إليه إما أن يكون بعينه المبصرة» وإما أن يكون ببصيرته المدركة المؤمنة الفاهمة» ولاشك أن الشهادة فى هذا المقام تكون بالأفئدة التى فى الصدورء لا بالأبصار التى ترى الحسيات» ويصح أن تكون رؤية القلوب واضحة بينة كرؤية الأبصار. وهنا إشارة بيانية يجب أن نذكرهاء وهى أنه تعالى عدّى الشهادة ب «على) دون اللام» فقال تعالى: ظلْتَكُونوا شْهَداء على النّاس وَيكُونَ الرسول عَلَيَكُم شهيدا» مع أن الشهادة قد تكون لهمء وقد تكون عليهم. والجواب عن ذلك أن الشهادة هنا حكمء أو هى متضمنة معنى الحكم؛ ولذا تعدت بعلى, لتكون بمعنى الحكم» وقد تكون الشهادة بمعنى تعليم الناس» وشهادة الرسول بمعنى تعليم أمته. وقد يسأل سائل: لاذا كانت القبلة أولا إلى بيت المقدس» ثم حولت إلى الكعبة» بعد أن كانت فى مكة ملتزمة إلى أمد يسير؛ إذ كان مع الاتجاه إلى بيت (1) عن أبى سعيد الْخُدَرَى رضى الله عنه قال َال رَسُول الله وك: «بلاعى توح يوم القيامَة فقول لبيك وسعديك يا رياء يول : هل لفت ميُول: َم يقال لأسّه: : هل يلفكم؟ موود ا ثانا من تير 1 00 ( ذلك تضم ةالوو هداء على اث ويك الول حلم شهيا... 7زم © [ البقرة ] وَالْوسط الْعَدْل». [رواه البخارى: كتاب تفسير القرآن (41717)]. ها تفسير سورة البقرة ْ لل 000 اللقدس كان الاتجاه أيضا إلى الكعبة بعدم استدبارها كما نقلنا فيما سلف من قول. ونقول فى الجواب عن ذلك إن هناك بيانا لحكمة ذلك ذكره القرآن الكريم» وحكما أعظم وأعلى» وهناك سبب قد نتلمسه والسبب الذى نتلمسه هو أولاً: بيان وحدة الأديان السماويةء» وثانيًا: الإشارة إلى أن بيت المقدس مسجده مقدس كالكعبة» وإن كان دونها تقديساء وثالنًا: إن الكعبة .كانت الأضنام تحوطها فى ذلك الوقت. وأن التحويل إلى الكعبة كان إيذانا بتحطيم الأوثان وزوال دولتها؛ إذ كان التحويل فى النصف من شعبان» وكان يوم الفرقان بغزوة بدر حول منتصف رمضان كما هو ثابت فى سيرة رسول الله وَلَةٌ وهى سيرة الإسلام. هذا ما نتلمسه وقد يكون غير ذلك. ٠‏ أما ما ذكره الله سبحانه وتعالى» وهو المحكم الذى لا يأتيه الباطل أبداء فقد ذكره ه سبحانه فى قوله تعالت كلماته : وما جعلنا القبلة الّتي كنت عَلَيْهَا إلا لتعلم من يتبِع الرّسول مم يتقلب عَلَىْ عَقبَيْه4 أى ما جعلنا القبلة التى كنت عليها متبعًا فى صلاتك لها إلا لنعلم من يستمر على تبعيته للرسول كك من ينقلب على عقبيه: وما القبلة التى كان عليها النبى يَلِةِ: أهى بيت المقدس؟ فقد كان النبى عَكِاهِ يتجه إليه قبل هذا التحويل» وذلك ظاهرء لا يحتاج إلى تأويل . . أم هى الكعبة؟» وهى التى كان عليها ببمكةء وإن اشترك معها الاتجاه إلى بيت المقدس بأمر ربه كما ذكرنا من قبل» وكان يتجه إليهماء ولم يتغير ذلك الاتجاه إلا بعد أن هاجرء وللمفسرين فى ذلك اتجاهان: أولهما - أن القبلة التى كانوا عليها هى بيت المقدس», وقد كان الاختبار للمهاجرين» وللذين دخلوا فى الإسلام» وفى قلوبهم مرض أو ضعف فى الإيمان. أما المهاجرون فقد ألفوا البيت الحرام» والاتجاه إليهء وقد كان مطافهم وشرفهم فى الجاهلية» وقبلتهم فى الإسلام» وإن كان الله تعالى قد أمر بالاتجاه إلى بيت المقكدس» فقد كانوا يتجهون للاثنين على ما أشرنا ورويناء فكانت القبلة على ما ل تفسيرسورة البقرة ل الل الل ألفوا من غير منافرة ولا استدبار لهاء فلما كانت الهجرة» وكانت القبلة إلى بيت المقدس فقط. واستدبروها كان الاختيار» وقد أحسنوا الاختبار» وما كان لمهاجر فى سبيل الله أن يرتد على عقبيه. وأما الذين فى قلوبهم مرضء فكان الاتجاه إلى بيت المقدس ثم التحول عنه مظهرا ما بطن من كفر المنافقين» ومن ضعف إيمان من الضعفاء فى إيمانهم ولذا ارتد منهم من ارتدء وأظهر الكفر من أظهر فمحص الله الذين آمنوا. هذا على تفسير القبلة التى كانوا عليها ببيت المقدلس . ثانيهما - تفسيرها بالكعبة» فالمعنى على هذا: وما ججعلنا القبلة التى كنت عليهاء وهى الكعبة قبل الهجرة» ثم الرجوع إليها إلا للاختبار» وقد وقع من المنافقين ما أظهر ما كانوا يخفون,ء وارتد بعض ضعفاء الإيمان» وبذلك كان التمحيص» وقد فسر بعضهم #كنت علَيها 24 وهى الكعبة بمعنى صرت عليهاء مثل قوله تعالى: «( كُشم حير أُمّهَ أُخْرِجَت للئّاس ... +2 4 [آل عمران]» أى صرتم بإيمانكم خير أمة أخرجت للناس. وإنى أرى أن تفسيرها ببيت المقدس هو الأقرب والأظهرء والتفسير لكتاب الله تعالى بما يكون ضاحيا واضحا أولى وإنه لا يحتاج إلى تأويل» ومن المقررات اللغوية أن ما لا يحتاج إلى تأويل أولى ما يحتاج إلى تأويل . ولقول الله تعالى: #وإن كانت لَكمِيرَة إلا على الّذينَ هَدَئ اللّهه أى وإن كانت القبلة فى تحويلها من بيت المقدس إلى الكعبة لكبيرة إلا على الذين أودع الله قلوبهم هداية ثابتة مطمئنة لا تزعزعها الرياح» ولا مكان فيها للشبهات التى يثيرها من لا يؤمنون. ف (إِنْ» هنا مخففة من (إن» الشقيلة» والدليل على ذلك دخول اللام المؤكدة» وهى لا تدخل على (إن» إذا كانت نافية» وكانت دالة على تأكيد القول ببقاء الحال ا تفسير سورة البقرة الل ا 0 والله سبحانه وتعالى العليم الخبير الذى أحاط بكل شىء علما يبين أن الاختبار كبير لا يثبت فيه من تزلزل إيمانه الشبهات وتطيحه الشكوك ؛ ولذلك أكد عظم الاختبار ب (إن2 المخففة من الثقيلة وبالفعل الماضى (كانت) وباللام. بقى أن نشير إلى أمر لابد من بيانه؛ وهو قوله تعالى: «إلا لتعلم من بتع الرّسول ممّن ينقلب عَلَى قبي وهو: : هل كان الله تعالى لا يعلم من يتبع الرسول من غيره» وهو يحيط بكل شىء علما؟ ويجاب عن ذلك بجوابين: أولهما - أن علم الله تعالى محيط بكل شىء.: وهو يعلمه من قبل أن يقعء ومن بعد وقوعه ويعلمه واقعاء فذلك العلم لا غيره هو الذى يظهر به الفعل ويستبين» فالمعنى ليظهر من يتبع ممن لا يتبع» وليتبين الآثم من المطيع ومن يستمر على اتباعه ومن ينقلب على عقبيه. والثانى - أن الضمير قى «التعلم» ليس لله وحدهء ولكنه للجماعة المؤمنة والنبى كلد مع الله تعالى» وكون الله معهم لا يستلزم أنه لا يعلم» إنما الذى لا يعلم هم المؤمنون». فالاختبار وظهور الطائع المتبع» والعاصى المرتد على عقبيه إنما هو للمؤمنين وهم داخلون فى قوله تعالى: #لنعلم*. والتعبير عن الأعلى» ويقصد من دونه كثير فى اللغة العربية فإذا قال رئيس دولة استولينا على كذاء فإن الاستيلاء الفعلى يكون من الجند لا منه» وكأن يقول رئيس دولة صادقا أو غير صادق نظمنا الإدارة» وأحكمنا العمل» والذى عمل ونظم غيره. وقد عبر سبحانه وتعالى عن الذين لم يحسنوا البلاء وكشفهم الاختبار فارتدوا أو أعلنوا كفرهم. وما كانوا مؤمنين بقوله تعالى: #ممن ينقلب على عَقبَيه» والعقب هو مؤخر القدم» والمرتد على عقبيه» هو الخارج عن الإسلام» وهذا التعبير #علئ عقبيه 4 استعارة تمشيلية» فقد شبه الخارج عن الإسلام الذى دخل فيه أو أوشك أن يدخل الإيمان قلبه بحال المرتد إلى الوراء سائرا على عقبيه» سيرا مضطربا غير متماسك» فقد سجل عليه أنه رجع إلى الوراء بعد أن تقدم إلى الأمام» وأن رجوعه مضطرب بغير خطوات تسير بل على الأعقاب ينقلب» وهذا التشبيه على أساس أن الانقلاب بمعنى معنى الرجوع إلى الوراءء بعد أن سار بشع خطوات إلى الأمام. اال تفسيرسورة البقرة الل ليلا ويصح أن يفسر الانقلاب بمعنى أن يجعل أعلاه أسفله. وأسفله أعلاه» فيكون المعنى أنه شبه حال من يرتد بحال من انتكس فصار رأسه فى أسفل» وعقباه فى موضع رأسهء وفى هذا بيان أن من تكون هذه حاله معكوس منكوس قد نقض إنسانيته وكل مقومات الإنسانية فى نفسه. وإن بعض المؤمنين خافوا من أن تضيع صلاتهم الماضية» وخصوصا أن بعضهم قد ماتء وصلاته بعد الهجرة كانت على القبلة إلى بيت المقدس» فشكا الأحياء منهم إلى النبى يَكْهٌ فذكر الله تعالى مطمئنا أنه لا تضيع صلواتهم؛ ولذا قال تعالى: وما كَانَ الله ليضيع إِعَانكم» والمراد من الإيمان هنا الصلاة» وعبر عن الصلاة بالإيمان؛ لأن الصلاة ركنهء وقوامه» فلا يعد الاعتقاد والإذعان إيمانًا من غير صلاة متجهة إلى الله تعالى» وإذا كان الاعتقاد به سلامة النفس والعقل» فالصلاة بها تاليف القلوب» وتطهيرها من الآثام» وقد قال تعالى: إن الصّلاة تنهئ عن الْفَحَشَاء والْمْكَرٍ ولذكر الله أكْبِر ...52 4 [العنكبوت] ولقد قال كل: ١‏ دين من غير صلاة)(21 فالتعبير عن الصلاة بالإيمان بيان لمكانها. ولقد عبر سبحانه عن أن الله تعالى لا يضيع الإيمان بقوله: وما كَان الله ليضيع إيعانكم», أى ما كان من شأن الله تعالى» وسنته فى الوجود أن يضيع إيمان المؤمنين» ونفى الضياع يقتضى غيره والجزاء عليه بشوابه عنه يوم الحساب, وإن الله تعالى لا يضيع عمل عامل» فقد قال تعالت كلماته فى استجابة دعاء الضارعين 2 (فاستجاب لَهُمَ بهم أنّي لا أضيع عَمَلَ عامل مََكُم من ذكرٍ أو أنتئ بعضكم من ماهس مد هام واس اس اس 2 .. #دةكه # [آل عمران] » وقال تعالى : «إِنا لا نضيع أجر من أحسن عملا جتجه 4 [الكهف] فذلك شأن الله وما سنهء وهو العادل الحكيم . وإنه لا عقاب من غير شرع ينزل ببيان الأمر والنهى» فالذين صلوا على القبلة التى كانوا عليها كانوا طائعين» ولم يكونوا مخالفين عاصين» ولا عقوبة فى طاعة . )١(‏ عن ابن عمر قال: قال رسول الله وككة: «لا إِيمَانَ كَنَ لا ماه لَه ولا صلاة لَنْ لآ طُهور لَه ولا دين كن لاصلاة له إنّما موضع | المسّلاة من الدين كمّوضع الرّأس مِن الْجَسّد». ٠‏ آرواه الطبرانى فى الأوسط والصغير وقال: تفرد يه الشسين بن الحكم الورى: وانظر مجمع الزوائد .]1)5151١(‏ إل تفسير سورة البقرة 0 4 ولحبنر 7 وإن الله مع ما ذكر رؤوف رحيم؛ ولذا قال تعالى: إن اللّهِ بالئاس لرءوف رَحيم 4 الرأفة فى معناها اللغوى أشد من الرحمة, أو أعلى منهاء وإن هذين الوصفين من صفات الذات العلية أو من أسماء الله تعالى» وهما متغايران وإن لم يكونا متعارضين» بل هما فى حقيقتهما متلازمان» فحيث كانت الرأفة كانت الرحمة لا محالة» فالله رحيم بعباده فى غفران ذنوبهم» وفى نعمه عليهم ظاهرة وباطنة» وفى كشف الضر عنهم» وفى قبول توبتهم» وفى أنه منع اليأس من رحمته» وهكذا. وسعت رحمة الله تعالى كل شىء» ولو كان فى بعض الرحمة آلام» كقطع العضو المكوف ليسلم الباقى. والرأفة فى أن الله يريد توبة العاصى» ولا يريد به خساراء وفى الهداية إلى الصراط المستقيم» فيعين من كتب عليه الخروج من الشقاء» وهكذا نجد الرحمة والرأفة متقاربتين» وإن كانتا متغايرتين كتغاير الأخ عن أخيه» وإن الرأفة رحمة صافية لا ألم فيهاء أما الرحمة فقد يكون فيها ألم كالرحمة بالمريض فى أخذ الدواء المر. وقد أكد سبحانه وتعالى وصفه بالرأفة والرحمة بالوصف برءوف ورحيمء وبالحملة الاسمية وبالتأكيد بإن» وباللام. نضرع إلى الله تعالى أن يعمنا برحمته» وأن يغفر لنا ما تقدم من ذنوبناء ويهديناء إلى سواء الصراط» وأن يرحم المسلمين بالرجوع إليه. م رك ائنك ونوك فالشمل اوقلخ لكاي وأ نككت 208 مالك ا ميك 21101 بن أت ال و أ الككب بي تفسير سورة البقرة |لاااللااااا!الااااللنا! ااا لا ااا ال!ز ااا للااالااماااماعع عع عع م غ1 !!!تلط لالخ ل ل نا للا ل للطللااالاالنمملمخمل للش للك لال الللتتللا 3 2 سح ال قر ءَايَةمَاتَيِعوا قِلتَكَ ومَآأنت ِنَع قَبَلمم وَمَابعضَهم ماك مر اليل إِنَكَاِدالَمِنَالتبلييت 9 بين الله سبحانه وتعالى أنه سيقول السفهاء : ما ولاهم عن قبلتهم» وأن منهم أهل الكتاب» وقد كان النبى يَلِّ يتجه إلى ربه بقلبه ووجهه راجيا أن تكون القبلة هى البيت الجرام» فكانت إجابة هذه الرغبة» وكان التحويل» والسفهاء قالوا ما قالواء ولج بنو إسرائيل فى سفههم.ء وهم يعلمون أنه الحق» وهو تحويل القبلة إلى بيت الله الحرام» وقد قال الله تعالى فى ذلك: #قَد نرئ تقلّب وجهك في السماء فَلنولِيئك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام». كان النبى كَكِْةٌ يرجو أن يحول من بيت المقدس إلى البيت الحرام؛ لأن الكعبة العرب» ومؤتلفهم. ولأن فى الاتجاه إليه تأليف قلوبهم» ومعنى تقلب الوجه الكريم أن يخفضه خضوعاء ويرفعه رجاء» فالتقلب التردد بين الرفع لله راجيا ضارعا أن يحوله إلى قبلة يرضاهاء وترضى العرب» ولا يكون فيها تابعا لبنى إسرائيل» بل يولى وجهه إلى قبلة إبراهيم وإبراهيم أبو الآنبياء. فتقلب الوجه؛ هو الضراعة إلى الله تعالى لكى تكون القبلة هى البيت القبلة . وقد قصر بعض المفسرين تقلب الوجه وتردده بين رفعه ضارعاء وخفضه خاضعا على رجاء نزول قرآن بالتحويل» وظن أن الدعاء بتحويل القبلة تقدم بالطلب على الله تعالى» والحق أن التقلب لرجاء الوحى وللضراعة إليه والدعاء» وليس فى ا تفسير سورة البقرة 1 ا لاس سس سسسسس سس 09 1 ههه < 3-7 ذلك تقدم على الله فى طلب شرعه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام فهم أن الاتجاه إلى بيت المقدس ليس دائماء وأنه سيعود إلى بيت الله الحرام»؛ فهو إذا دعا بذلك وتضرع إنما يستنجز وعد الله تعالى» ويرجو أن ينزل قرآن بذلك. ولقد أجابه سبحانه إلى ما يرضيه ويرجوه فقال تعالى: لفَلوليئك قبلة ترضاها» الفاء هنا تشير إلى أن ما قبلها سبب لما بعدها؛ أى أن الله تعالى استجاب لرجاء النبى كَكْلْةِه ودعائه» وقوله: 9فلولَيئك قبلة ترضاها» معناها لنمكن لك ونعطيك القبلة التى ترضاهاء من قبيل وليت الأمير أى جعلته والياء فالمعنى لنعطينك القبلة التى ترضاهاء أو لنولين وجهك ناحية القبلة التى ترضاها. وقد أكد الله تعالى إجابة مطلب النبى له أو دعائه ورجائه بالقسم المطوى فى الكلام الذى دل عليه جواب المصدر بلام القسمء وتقدير القول: فوالذى يحلف به لنولينك قبلة ترضاهاء وهى الحق الذى قدره الله تعالى فى علمه المكنون أن المسلمين على ملة إبراهيم عليه السلام؛ فلابد أن يتجهوا إلى بنيته . وإن هذه الآية فى معناها سابقة على قوله تعالى: « سيقول السفهاء 72 4 #البقرة]؛ لأن تقدير قول السفهاء لا يكون إلا بعد أن حولهم عن قبلتهم التى كانوا عبليهاء كما نص القرآن الكريم وقد بين سبحانه القبلة بقوله تعالى: «فول ورجهك شطر المسجد الحرام» والفاء للتفريع عما قبلهاء والوجه المراد به حقيقة الوجه؛ لأنه يتجه بوجهه نحو البيت الحرام» وقد يراد به الشخص كلهء .ويكون الوجه المراد به الذات» والتعبير بالوجه عن الذات؛ لأنه الذى تكون به المواجهة, ولأنه أظهر جزء فى جسم الإنسان. والشطر الناحية والاتجاى والنحوء ولقد جاء فى تفسير أبى السعود العمادى: وقبل الشطر اسم لما ينفصل من الشىء» ودار شطرء إذا كانت منفصلة عن الدورء ثم استعمل لجحانبيه وإن لم ينفصل . إل تفسيرسورة البقرة ل الل الالالال ويستعمل أيضا فى نصف الشىء أو جزته»ء ومهما يكن من الأصل اللغوى فالمراد هنا الجهة أو الناحية أو نحو ذلكء والبيت الحرام قبلة الناس فى مشارق الأرض ومغاربهاء روى عن ابن عباس أنه قال إن النبى كله قال: «البيت قبلة لأهل المسجد, والمسجد قبلة لأهل الحرم. والحرم قبلة لأهل الأرض فى مشارقها ومغاربها من أمتى100؟ . وقوله تعالى: #فول وجهك شطر المسجد الحرام» الخطاب فيه للنبى كَل وهو إجابة لما رجاه» فخصه أولا بالإجابة إرضاء وتقريبا وإيناساء وتشريفاء ولتبيين منزلته عند الله تعالى. وقد بين من بعد ذلك أن هذا حكم عام» وليس بخاص بالنبى كلق فقال: «وحيث ما كشم فَولُوا وجوهكم شطرة» . وقد كان النص السابق ربا يفيد معنى المخصوصء. وإن كان لا يدل عليه» فقد يفيد خصوص النبى كَكِلِهِ» وخصوص المكان الذى يقيم فيه النبى كد فكان هذا النص يفيد عموم الخطاب. وعموم الناس. وعموم الأمكنة» وكل يتعرف مكانه وموضع اتجاهه. ففى أى مكان حيث يكون يتجه إليه مجتهدا يتعرف مكان اتجاهه. جاعلا وجهه صوب الكعبة على جانب من جوانبهاء وعلى أى ريح من ريحها مادام متجها نحوهاء غير مستدبر لها. وقد أشار القرآن الكريم إلى سفه الذين قالوا ويقولون: «إما ولأهم عن قبأتهم التي كانوا عَلَيْهَا .... 0232 4 [البقرة] وكان اليهود مبعث هذا التشكيك» وإن كانوا لم ينالوا فيه مأربا. وقد بين سبحانه وتعالى أنهم دائبون على إنكارهم وسفههمء وإثارتهم للريب وإن لم يستطيعوا » فقال تعالى مبينا مبالغتهم فى الجحود مع علمهم بالحق: #وإن الذين أوتوا الكتاب َيعلمُونَ أنه الحق من رَهم» والضمير فى قوله )١(‏ رواه البيهقى فى سننه: باب من طلب باجتهاده الكعبة (7775) ج7 ص .78٠‏ وانظر نصب الراية للزيلعى (05) ج١‏ ص67 7 0# تفسير سورة البقرة ل ال ل ل ل 1 1 1 1 1ذ 212101111111 حرم 1 الاك ١‏ يي تعالى: طلَيعَلمِونَ أَنَّهُ الحق» قد يعود إلى النبى بك وهو حاضر فى الأنفس وفى العقول فكأنه حضور عقلى لا يقل عن العود على مذكورء لأنه مبشر به فى كتبهم. معلوم عند أحبارهم» ومعنى «أَنَّه الحق» أى أن ما جاء به هو الحق» فليس فيما أتى به الباطل . ولعل ذلك قد يكون بعيدا من ناحية الصياغة البيانية» لا من ناحية الحقائق المنزلة؛ ولذا نرجح أن الضمير يعود على التحويل أو التولى الذى رجاه النبى ككل وكان يقلب وجهه رجاء أن ينزل به وحى الله تعالى» ورجحنا ذلك؛ لأنه فى الموضوع؛ ولآن السياق البيانى يتلاقى معه.ء ولأنه الجدير بأن يوصف بالمصدر وهو الحق» فالنبى عند الكلام فى شأنه يقال إنه جاء بالحق أو الصدقء أو نحو هذا من البيان . وإن ذلك هو الحق عندهم» فقد علموا مما عندهم من كتب أن النبى وجدوده كانوا فى «فاران»» وأن «فاران» هى بيت عبادة أولاد إسماعيل» و«فاران» هى مكة وما حولها. وأكد الله تعالى علمهم بالحق فقال: «أنْه الحق من ربُهم» فأكد سبحانه كونه الحق بأن المؤكدة؛ وبالقصر بتعريف الطرفين» فهو الحق. ولا حق سواهء ثم إنه وصفه بأنه من عند ربهم الذى خلقهم ورباهم» وخلق الأرض كلهاء وله مشارق الأرض ومغاربهاء فهو أعلم حيث تكون القبلة التى يختارها كما أنه أعلم حيث يجعل رسالته. ثم بين ما يعقب أقوالهم وإثارتهم للريب. فقال تعالت كلماته: #ومًا الله بغافل عما يعملُون» أى أن الله تعالى عليم بهم علم من لا يغفل عن أفعالهم من بث للشك» وغمز من القول» ومنهم ساخر بأعمال الرسول كك التى هى من عند ربهء فهم مراقبون فى أعمالهم» وذنوبهم وآثامهم لا تخفى عليهء وهو آخذهم بها يوم القيامة . بل تفسيرسورة البقرة 0 اللا سب ا إذا كان الذين أوتوا الكتاب قد أثاروا عاصفة من الشك حول تحويل القبلة من بيت المقدس» وهو أحد المساجد الثلاثة التى تشد إليها الرحال» فليس ذلك لجهل منهم بالحق كما بيناء ولكن للتعصب الذى استولى على قلوبهم» والتعصب إذا سكن القلوب حال بينها وبين الإدراك السليم فلا تغنى الآيات والنذرء ولاتزيدهم البينات إلاخسارا؛ لذا قال تعالى: #ولئن أتيت ت الْدينَ أُونُوا الكتَاب بكل آية ما تبعوا قبْلتكَ». اللام فى قوله تعالى: #ولئن نيت الّذِين» هى اللام الموطئة للقسم أى الدالة على أن ثمة قسما محفوظاء وأن جوابه سد مسد جواب الشرط» وهو #إما تبعوا قبلتك » أى والذى يقسم به إن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية قاطعة ملائمة للعقل الحر الخالى من العناد والتكبر والتعصب لكى يتبعوا قبلتك ما اتبعوها؛ لأنهم ليسوا طلاب حق يقنعهم الدليل» بل هم معاندون مكابرون» لا تزيدهم الحجة القوية إلا إصراراء ولقد قال تعالى: #بكلَ آية4. أى لوجمعت الحجج كلهاء ورميت بهاء ما تزايلوا عن إنكارهم الذى سيطر عليهم عداوة وبغضاء واستكبارا. وقال المفسرون: إن الكلام السامى فيه إظهار فى موضع الإضمار فقد قال: «ولئن أَنيْتَ لين أوتوا الكتاب» وكان موضع الإضمار؛ لأنهم ذكروا بهذا الاسم فى الآية السابقة» وكان الإظهار لبيان موضع الإنكار عليهم فى تعصبهم» » وإنغاض رءوسهم عن الحق وقد قامت أماراته وأدلته مما بين أيديهم» ومع ذلك إذا زدتهم آيات أخرى ما تبعوا قبلتك . ولقد قال الله تعالى بأن النبى َكِلَةِ ومن معه لا يتبع قبلتهم؛ لأن الحق لا يخضع للباطل المعائد المستكبر؛ ولذا قال: وما أنت بتابع قبلتهم» أى أنت على الحق» ولست بتابع باطلهم» وقد أكد سبحانه وتعالى أنه عليه الصلاة والسلام لا يتبع قبلتهم بالجملة الاسمية الدالة على استمرار نفي تبعيته عليه السلام لقبلتهم» وبضمير الخطاب وهو أنت» أى أنت بصفتك التى في علمهمء وهو أنك المرسل وهم الكذابون المبطلون» وأكده أيضا بالباء فى 8 بتابع» الدالة على استغراق النفى ل 0 تفسير سورة البقرة لل ك0 كي < اده‎ ١ يي وتأكيده» وكان النفى وكانت المحاجة موجهة للنبى ككل وقومه فى اتباع القبلة تبعًا له وهم من ورائه وهو إمامهم. كان النفى وكانت المحاجة موجهة للنبى كلد لأنهم كانوا يحاجون النبى مَل وهو عليه الصلاة والسلام الذى يمكنه أن يأتى لهم بكل آية» ولقد روى أن اليهود عندما تحولت القبلة أصابهم غم شديد بمقدار ما كان قد أصابهم من فرح عندما كانت القبلة متجهة شطر بيت المقدس» وقد كانوا يقولون: لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن يكون صاحبنا الذى ننتظره وكان ذلك تغريرً وخداعاء وما يخدعون إل أنفسهم وما يشعرُونَ > 4 [ البقرة] . وإنه فى الواقع أن أهل الكتاب ليست لهم قبلة واحدة» فاليهود لهم قبلتهم إلى الصخرة كما سارت عليه تقاليدهم» والنصارى كانت قبلتهم إلى المشرق حيثما كانوا كما روته التقاليد» لا كما جاءت به نصوص عندهم» ولقد عبر القرآن بإفراد القبلة دون جمعها مع تعددها؛ لإثبات أنها كلها باطلة فى أصلهاء لانتهاء دياناتهم» وبطلان ما هم عليه بما فيها قبلتهم . ولقد قال تعالى فى اختلاف قبلتهم: #وما بعضهم بتابع قَبْلةَ بعْض» أى ليس اليهود قابلين لأن يتبعوا قبلة النصارى إلى المشرق حيثما كانواء كأنهم يعبدون الشمس فى شروقها فى مطلعهاء وليس النصارى بمختارين قبلة اليهود قبلة لهم" فكلا الفريقين يتعصب لقبلته» ويعاند الآخرء ويستكبر عن اتباع قبلته» فهم فى عناد مستمر» وكلاهما يتبع هواه. ولا يتبع نصا جاء به دينه» فليس فى التوراة نص على قبلة معينة حتى يكون ما هم عليه اتباعا لنص» وكذلك النصارى ليس فى الإنجيل نص على قبلة» وإنهم بعد نزول القرآن وبيان القبلة يتمسكون بأهوائهم فى التعصب والعناد؛ ولذا قال تعالى: #إولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جَاءكَ من الْعلّم» . أى لعن اتبعت مايدعون إليه» وليس له مصدر دينى عندهم» وهو يخالف ما جاءك من العلم الحق فى أمر القبلة وغيرها فقد اتبعت الهوى. والأهواء جمع هوى؛ وهو ما يبتدعونه على حسب هواهم» إذ اتخذوا إلههم هواهم» ومن اتبع 5 ممما ل تفسير شورة البقرة 02 مامالل أب اا هوى الفاسدين الذين يكون هواهم منبعثا من شهواتهم الجامحة. لامن دين اتبعوه» ولا من نصوصء بل هواهم» وليس كمن قال فيه الرسول يَْوّ: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به(21: بل أهواؤهم تبعا لشهواتهم» وتبعًا لانحراف فى للَين» اللام فيها دالة على القسم» والجواب جواب القسم وقد سد مسد جواب الشرط» وهو قوله تعالى منبها النبى كَلِْةِ إلى أنه لا يقع فى اتباع أهوائهم إلا الظالمون «إِنّكَ إِذا لّمِنَ الظَالمين4 ففى هذا تحذير للنبى يَِ فى ظاهر اللفظ وهو تحذير لأمتهء وخصوصا من يقعون تحت مثل هذا الإغراء بإتيان الهوى» وإنه يجب الحذر من أن يكون فى سلك الظالمين. وقوله تعالى : إن إذا لمن الظالمينَ» فيه إذن الدالة على الشرطية والجزاء والدالة على تر تب الحكم على ما كان من اتباع أهوائهم. إذ معنى إذنء أنه إذا كان ذلك الاتباع قد وقع. فبسببه تكون من الظالمين» فوقوع «إذن» بين اسم إن وخبرها فيه إشارة إلى سبب الحكم وهو هذا الاتباع الذى لا يمكن أن يكون ممن جاءه العلم النبوى بمقتضى الرسالة الإلهية. هذا وإن الكلام فرضى لا واقعى» ولكنه فرضي فيه تحذير من الوقوع فيه فالمعنى: إن فرض واتبعت أهواءهم مع علمك ببطلان ما عندهمء فقد سايرت الذين ظلموا ورسخوا فى ظلمهم» فإنك إذن معدود فى سلكهم وجمعهم الآثم. وقد أكد الله سبحانه وتعالى الظلم ممن يتبع الهوىء وهو عالم غير غافل أولا بإن» وثانيا باللام» وثالثا بالجملة الاسمية الدالة على الاستمرار والثبات» وإن ذلك كله للتحذير من اتباع الهوى» وموافقة الآثمين فى إثمهم» والله سبحانه وتعالى هو العاصم من الضلال. )١(‏ عن أبى هريرة قال: قال رسول الله يليه : «لا يُْمِن أحَدكُمْ حََى يَكُون هَوَاه تَبَمَا لما جلت به؛ أخرجه الْحَسَن بن سفيان وغيره» ورجاله ثقات» وَقَدْ صَّحَّحَهُ النَوّوى فى آخر الأربعين. [فتح البارى: يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم (1914)]. تفسير سورة البقرة و ا دل سار سءوسوور اا ال 0 ل ع سم وهاه 2 الذين ءاتينه م الكتاب يَعرِهونَهكُما يحْرِهونَ أساء هم وَإِنَ 1 > كس جد وء د سدزز لمع ده دم عمدو د عه مع رام 0 ” ١‏ دا منمىم لتكام "١‏ , 15 البحة مره رِيعَامَنْهُمَ ليَكنمونَ الحق وهم يَعَلَمُونَ 6ه ألْحَقٌ من - و غ4 وس ور س رعذ 000 سس عه ع م وى 2 2 حعي ل ريك فلا تكوش مِنَالْممَئرس ريد ولكل وجهههومولها وروصه دود 2 و ا سا سسا ار ور روديو س اح سفوا الْحَيتٍ أبن مَاتَكُو نوأ يَأ بكم لله جَمِيصَا إن أهل الكتاب جادلوا النبى كله فى أمر رسالته» وقد كانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا بالنبى المنتظر فى حروبهم مع المشركين» فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به» وقد جادلوا النبى كَدٍ فى أمر القبلة» وظنوا أنهم يستطيعون إغراءه عليه الصلاة والسلام بقبلتهم» وهم يعلمون أن أمرها معروف فى التوراة عندهم» ولهذا سجل الله تعالى معرفتهم له كَلْةٌ معرفة مستيقن وهو علم جازم قاطع فقال تعالى: #الّذين آتيناهم الْكتاب يعرفُوته كما يعرفُون أبناءهم» وذلك تشبيه يفيد اليقين فى المعرفة» فإن الإنسان لا يمكن أن يجهل ولده الذى يعرف نسبه ساعة من زمان مادام عاقلا مدركاء وقد يجهل نفسه فى الوقت الذى لم يكن قد بلغ فيه سن التتمييزء فكما أن الذين أوتوا الكتاب لا يمكن أن يجهلوا أبناءهم الذين من أصلابهم؛ فكذلك لا يجهلون الرسول الأمين يَيْلْةِ» روى أن عمر رضى الله تعالى عنه قال لعبد الله بن سلام» وهو ممن آمن من أهل الكتاب: أتعرف محمدا يِه كما تعرف ابنك؟ فقال عبد الله بن سلام: نعم وأكثرء بعث الله أمينه فى سمائه إلى أمينه فى أرضه بنعته فعرفته» وابنى لا أدرى ما كان من أمه » والضمير فى قوله «يعرفونه» يعود على النى كَكُِ؛ لأن بعض شريعته موضوع المحاجة بين نبيه عليه الصلاة والسلام وبين اليهودء وهو حاضر فى العقول والنفوس دائما. إل تفسيرسورة البقرة هيم ل ل ل االللل الل ١ ١ الاك‎ لج ومعرفة أهل الكتاب للنبى َلك معرفة لرسالته» وما جاء به من حلال وحرامء وللأرض التى يبعث منهاء ولقومه الأميين» ولقد قال تعالى فى ذكره عليه السلام فى كتبهم: ا الذي يعون الرّسُول الب الأ الذي يجدوته مكتوبا عندهم في التوراة والإبجيل يَأمرهم بالمعروف وينهاهم عن السكر ويحل لهم الطَيّات وبحم عليهِم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال لعي كانت عليهم فَالْدين آمنوا به وعزروة وتصروه واتبعوا النُورَ ادي أنزل مَعَهُ ُلك هم الْمفْلحُونَ +029 4 [ الأعراف] . وإن أهل الكتاب من يهود ونصارى كانوا من وقت بعث محمد كَل قسمين : قسم آمن واهتدى» وقسم كابر وعاند فغوى؛ ولذلك قال: «وإِن فَرِيقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون» أى أن فريقا من أهل الكتاب الذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ليكتمون ذكر النبى كَلْةِ مع أنهم أعلنوا قبل مبعثه أنهم يعرفونه» وكانوا يستفتحون به على المشركين» وعبر سبحانه وتعالى عن النبى وشريعته» وأظهر فى موضع الإضمارء فقال: لَيَكْتَمُونَ الْحَقَ4. وذلك لبيان فساد نفوسهم ومقام ما أنكروه من رسالة ونبوة وشريعة» فهم يكتمون الحق» ومن يكتم الحق يكتم النورء ولابد من أن يظهرء ثم أكد فساد نفوسهم» فقال: «وهم يَعْلَمُون4: أى والحال أنهم يعلمون أنه حق» وأن من يكتم الحق يضل ويفسدء فهم يعلمون أن فعلهم إثم ويعلمون نتائج ذلك الإثم» ولكنهم فى غىّ دائم وضلال مستمر. هذا شأن الذين يعلمون الحق ويكتمونه» وبالإشارة إليه يتبين أن هناك من يقر به» ويؤمن به» وقوله تعالى : «وإن فرِيقا منهم ليكتمون الح وهم يعلمون» قل يشير إلى أن هناك من لا يعلم» كما قال تعالى: «( ومنهم أُميُونَ لا يعلَمُونَ الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يون +20 4 [البقرة] وإئم هؤلاء على من كتموا الحق وهم يعلمون فوق ما عليهم من إثم؛ إذ إن النبى كَل دعاهم إلى الحق . وإن النبى يله كان يجاور اليهودء والمؤمنون كانوا يختلطون بهم» ومنهم من كانت لهم محالفة ببعض منهم؛ ولذلك ثبت الله قلوب المؤمبين» حتى لا تجرهم المودة إلى أهوائهم» أو الشك فيما عندهم؛ ولذا قال تعالى: «الحق من رَبك فلا كوت من الْممترين» . 9 تفسير سورة البقرة 00 حي لبلب بر بعد أن أشار سبحانه وتعالى إلى أنه لا يجوز لمن جاءه الحق هو ومن معه أن يتبعوا أهواء الذين أوتوا الكتاب» وأن من يفعل ذلك يكون من الظالمين ظلما مؤكدا لا مرية فيه» بعد هذا بين أن ما عند النبى يَليِلْدّ والمؤمنين هو الدين وأنه الحق فقال: #الحق من رَبّك» أى الحق الجدير بالاتباع الذى لا ريب فيه هو الذى يتزل عليك من ربك وما غيره باطل لا يتبع» فإن خالفت ما جاء من ربك» فقد خالفته إلى الظلم؛ أن ماعداه سير وراء هوى التعصب المنحرف والشرك» وقوله: #من رَبّك» إشارة ما ينفع وما يضر وما فيه الهداية وما فيه الضلال. وإذا كان الحق لا يكون إلا ما هو من جانب الله وأن ما عند غيره هو هوى النفوس» ووسوسة الشياطين قلا تكوتن من الممترين» الفاء لبيان أن ما قبلها سبب لما بعدهاء والمعنى إذا كان ما نزل عليك هو الحق من منزل الحق الذى لا ريب فيه فلا تكونن من الممترين. والامتراء التردد بين الشك واليقين» بحيث يعتريه دور يحس فيه باليقين ودور يحس بالشك الذى يناقض اليقين» وقد يطلق على مجرد الشك لتردده بين اليقين والشك» بل إن هذا التردد هو الشك فى ذاته» فمعنى الشك موجود» واحتمال الشك ولو من وجه ينافى العلم الجازم . والنهى عن الامتراء نهى عن أن تدخل أسبابه النفس» وأمر باليقين الدائم ويقول بعض المفسرين : إنه أمر بالاحتياط والتوقىء» ذلك أن الشك يدخل النفوس بسريان ما عند أهل الأهواء إلى غيرهم» يبتدئ باستحسان ما عندهم. وأول الشر استحسانه؛ ثم يدخل الشر إلى النفس شيئا فشيئا حتى يحدث الشك فيما عنده. وقال الله تعالى: لفلا تَكُوَنَ من الْممتَرِينَ4»: أى لا تدخل فى صفوف أهل الشك» وفى ذلك إيذان بأنه لو شك فيما عنده لدخل فى صف الذين يمارون فى الحق ويشككون فيه. وأمر النبى كَكِلْةّ هو أمر لأمتهء فإن الشك أو الامتراء غير متصور منه» وغير متصور أن تكون من النبى يكل أسباب الامتراء أو أن يدخل فى صفوف المرتابين فى م #ل# تفسيرسورة البقرة لجل مه تىي< أمر ربهم الذين يكتمون الحق وهم يعلمونء إنما هو أمر لأمتهء بأن يحتاطوا لدينهم الحق» فيزودوا أنفسهم دائما بالعلم الذى يزيدهم إيماناء وبالقيام بالفرائض» واتباع السنن التى تزيدهم قوة فى الاعتقاد» وتبعدهم عن مواطن الشبهات فيزدادوا يقيناء ولا يبعد الشك ويحدث الاطمئنان إلا العمل الصالح وذكر الله تعالى دائما ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب 220 4 [الرعد] . وإن الله تعالى ينبهنا إلى أننا يجب علينا أن نتجه إلى قبلتنا وشرعناء وليس علينا أن نغير ما عند غيرنا إن اتبعوا أهواءهم بعد أن نبين لهم الحق وندلهم عليه بالآيات البينات» فإن أعرضوا فلهم أعمالهم» ولنا أعمالنا؛ ولذا قال تعالى: #ولكلٍ جهو مولا ُو الخيرات» . الوجهة قال كثير من المفسرين إنها القبلة» والتنكير فى «لكل» دال على محذوف». ولمعنى: لكل ملة أو جماعة قبلة يتجهون إليهاء وتبين الحق فى هذه الجهاتء ببينة الله وقبلته المختارة من بينهاء وإن العبرة بعد الاتجاه إلى القبلة الحق أن تستبقوا الخيرات» أى تسارعوا متسابقين إليهاء غير مدخرين جهدا فى الوصول إلى الخير من عمل صالح؛ وصلاة وصوم وزكاة» وتعاون على البر والتقوىء وهذا كقوله تعالى: ٍليْس الي أن فُوُوا وُوهَكُمْ قبل ارق والمغرب ولكن البر من آمن باللّه واليوم الآخر . . . 29# > [ البقرة] . هذا على تفسير الوجهة بالقبلة» ويصح أن تفسر الوجهة بالملة أو الشريعة أو الحق كقوله تعالى: ف لكل جعلنًا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء لله َحعَكم مه واحدة ولكن لمَلُوَكُمْ في ما آناكم فَاستقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فيتبئكم بما كسم فيه تخلفرن 27> 4 [المائدة] وكقوله تعالى : طلكْل َم جعلنا منسكا هم تاسكوه قلا يازِعتك في الأمر وادع إلى رَبك إِنّك لَعلَى هدى مستقيم 07 430 [الحج]. وإن المعنى على هذا: إن لكل أمة اتجاها فى اعتقاداتهم. وهم سائرون على ملتهم التى اختاروها؛ وعقيدتهم التى أرادوها ولهم طريقهم ومنهاجهمء ولا نجادلهم» ولكن أمرنا بأن نستبق بالمسارعة فى السبق إلى الخيرات» أى كل ما هو فيه ا تفسير سورة البمرة و لبلب ب_سن يي خير فى ذاتهء وفيه نفع للناس والأنفس» ومافيه تطهير القلوبء والاتجاه بها إلى الله تعالى رب الوجود ومن فى الوجود. وإنه بعد الاستباق إلى الخيرء والاختلاف فى الملة سيكون الحساب» والثواب والعقابء وبيان الحق والباطل؛ ولذا قال: أن ما تكونوا يأت بكم اللّه جميعا» وأينما اسم شرط دال على المكان» وجواب الشرط يأت بكم الله جميعا. 00 والمعنى أنه فى أى مكان كنتم لابد أن يأتى الله تعالى بكم وتجتمعوايوم القيامة» فيعرف أهل الحق من أهل الضلال» ويحاسب كل على ما قدم» إن خيرا فخيرء وإن شرا فشر. وإن هذا النص السامى فيه تبشير وإنذار؛ فيه تبشير لمن استبقوا إلى الخير» وكان دينهم الحق» وإنذار لمن اعتقدوا الباطل» ولجُِّوا فيه وعاندوا أهل الحق وكابروا. وقوله تعالى: «يأت بكم الله جميعا» فيه إشارة إلى أنها حياة لا يجيئون إليها مختارين» بل يأتى بهم الله تعالى طائعين أو كارهين» ومن يأتي بهم هو الله تعالى القاهر فوق عباده» ولذا خختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت كلماته: إن الله عَلَى كل شيء قَدير4. وقد أكد قدرته بهذه الجملة السامية المؤكدة بإن والجملة الاسمية» وتصديرها بلفظ الجلالة الدال على القدرة التى ليست فوقها قدرة» وهو سبحانه وتعالى الغالب على كل هذا الوجودء كل شىء فى قدرته وفى سلطانه. وهو العزيز العليم. لل اس ساس ثرو ساسا ىل سق لْ ومن حيث خرجت فول وْجَهَكَ سَطرًا لس اديوه ما ع م له د له ا حت تر له نملو 7 ولا وي وَمِنْ حَيْث حرجت فول وَجَهَكَ دعو لس سَطرَاَلْمَسَجِدِ الْحرَاوَ وت ما مسر هو لوأ وْجوهَكُمْ إل تفسيرسورة البقرة ا لعل ااال جل بر ىب 2 َ 2 سي وي جات من 100 سَطْرَه لِمَلَايَكْونَ تاس عَلَتَكُمْ حجَة إلا الذيت ظلموا - - 0ه - 2 أ جره وح سو د« لع م وس نم ع رمسا 0 مِْهُمْ فلا حَسُوَهُم وأَحََّو في وَلاتم نعم عايتروا به < ساغر 1 جهو : 8 تهتدورت جيه تبين فى الآيات السابقة ة اتباع القبلة فى حال المقيمين» فبينت حيث يقيم النبى ع وبينت حيث يقيم المسلمون فى الأماكن الإسلامية» كل فى مكان إقامته» فقال فيما تلونا من قبل: #وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره*» . وفى النص السامى يبين أن القبلة لابد من الاتجاه إليها فى السفر كما يجب الاتجاه إليها فى حال الإقامة» فإذا خرج من مكان إقامته اتجه إليهاء فلا تسقط فرضيتها فى السفر؛ ولذا قال تعالى: #ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام» (من» هنا أى من أى مكان خرجت» وفى أى مكان حللت» فول وجهك شطر المسجد الحرام» أى ناحيته؛ إذ لا فرق بين مكان ومكان ولا سفر ولا إقامة » فالاتجاه ضرورى» أى أن السفر لا يسوغ ترك الانجاه شطر البيت أى ناحيته ووجهته. وذكر ذلك النص لتأكيد الاتجام وأنه شرط لصحة الصلاة دائم مستمر لا فرق بين سفر وحضرء ولا فرق بين راكب وراجلء ولقد روى الدارقطنى عن أنس ابن مالك قال:١‏ كان النبى يِه إذا كان فى سفر فأراد أن يصلى على راحلته استقبل القبلة وكبر ثم صلى حيث توجهت به23, أى أنه كان يلاحظ دائما أن يكون ناحية القبلة . وقوله تعالى: #فول وجهك4 الفاء هنا فى معنى جواب الشرط . )١(‏ رواه أبو داود فى كتاب الصلاة: باب التطوع على الراحلة(55: )٠‏ بلفظ : عن أنّس بن مالك «أن رَسُول الله ل كَانَ إِذا سار فأرَادَ أن يَتَطوعٌ» استقيل + بثاقته الْقبلَهَ كبر تم صَلَّى حَيْث وجهَه ركاب . كما رواه أحمد (153170) فى مسئده عن أنس قال: هكد رسُولُ الله يك ذا راد أن يُصلَى على راحلته 00 تَطَوعًا استقبّل الْقبلةَ مَكبْرَ للصّلا : ثم خلّى عَنْ راحلته فَصلَّى حَيْثمَا توَجَهت بها تفسير سورة البقرة الل 0 يم ١ الاك‎ ش 3 وقد أكد الله تعالى القبلة إلى البيت الحرامء فقال: «وإِنّهُ للْحق من رَبّك» والضمير يعود على تولية الوجهء وقد أثبت الله تعالى بهذا أنه الحق» وأكده بإن واللام» والجملة الاسمية» وإسناد هذا الحق لله تعالى» والتعبير عن الله جل جلاله للدلالة بربك للإشارة إلى أنه اقتضته تربيته لك» وقيامه على شئونك» وأنه سار على حكمته. ولأنه رأى تقلب وجهك فى السماء» وإن ذلك الحق ثابت فى كتبهم» فإنه ثابت فى التوراة أن القبلة تتحول إلى فاران أى إلى مكة . وبعد أن أكد سبحانه وتعالى وجوب الاتجاه إلى القبلة فى السفر والإقامة ‏ بين سبحانه. أن النبى كَل وأصحابه تحت سلطان علمه وحكمته: وأنه رقيب على المؤمنين ليس بغافل عنهم ليتحروا القبلة ويتعرفوهاء ولا يصلوا إلا بعد هذا التحرى فقال تعالت كلماته: «إوما اللّه بغافل عمًا تَعملُون» . نفى الله تعالى وجل جلاله عن نفسه الغفلة» أى أثبت العلم الكامل» بتأكيد نفى أن يقع فعل فى الوجود على غير علم منه» باستغراق النفى» وبذكر لفظ الجلالة الذى يتصف بكل كمال» ويستحيل عليه أى نقصء وبالباء الدالة على استغراق النفى . وإن هذا الكلام السامى قد يكون إنذاراء ولكنه موجه إلى المؤمنين» وليس موجها إلى النبى يَف بدليل أن الخطاب كان باللفظ الدال على الجمعء ١‏ عَم تعملون» . وقد أكد سبحانه وتعالى الأمر للنبى يَلَِدِ بتكراره» وذكر الأمر للمؤسين أجمعين تعميما للأماكن» حيثما كانوا فى سفر أو إقامة كما أشرناء فقال تعالى: #ومن حيث حَرجْت فول وجهك شطر المسجد الحرام». وكان التكرار فى شأن النبى كلد لتعدد أسفاره. وغزواته» وأن القبلة الاتهاه إليها شرط لصحة الصلاة فى كل الأحوال إلا أن يكون ذلك فى حال الشوف» وتكون صلاة الخنوف» ولا يمكن الاتجاه إلى القبلة» إذ يستدبر العدو» فيأتيهم من حيث لا يشعرونء وقد بين الله تعالى صلاة الخوف فقال تعالى: « وإذا كنت فيهم فَأَقَمْت لهم الصلاة فَلَْقُم طائفة منْهُم ل تفسيرسورة البقرة م يلمر مك ويدوا أسلحتهم فَإِذاٍ ١‏ سَجَدوا فووا من ورَائكم وتات طائقة أخرئ لم يصلُوا فَليْصلُوا مك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الّذِين كَقَرُوا لو تغفلون عن أسلحتكم سكم فيَمُودَ عليكم مله واحدةٌ ولا جتاح عَليكُم إن كان بكم أذى من مر أو كم مرَضَئْ أن تضعوا أَسلحتكم وخذوا حذركم إن له أعد للكَافرِين عَدَابا مهينا 620 فَإذا قَضيتم الصّلاة فاذكروا الله قيّاما وقُعودا وعلى جنوبكم فإذا ا اطمَأنسم َأقيموا الصّلاة إن الصمّلاة كانت عَلَى الْمؤْمدينَ كتابا مْقُونًا 437 ) [ النساء ] . وقد تشير هذه النصوص الكريمة إلى أن استقبال القبلة إذا تعذر فى حال الحرب جاز الاتجاه إلى غيرها من غير استدبار للضرورة والله تعالى هو الواقى. وإن الله سبحانه وتعالى كرر طلب الاتجاه إلى البيت الحرام حيثما كانواء ومن حيث خرجوا فى سفرهم وفى مغازيهم» وكرر ذلك تأكيدا للطلب لكيلا يرتاب مرتاب» ولكى يكون حجة على الناس» ولا يكون لهم حجة على النبى وه وأصحابه؛ ولذا قال تعالى: #لثَلاً يَكُونَ للنّاس عَلَيكُمْ حجَةَ إلا الّذين ظَلَمُوا. أى أكدنا الاتجاه إلى البيت من أجل آلا يكون للناس حجة فى عدم العلم» ودليل عليكم فى عدم تحويل القبلة إلى الكعبة» وأن يسيروا على القبلة التى كنتم عليهاء وهى إلى بيت المقدس» والحجة هى التى يستدل بها المخالف» وذلك لأن اليهود والمنافقين لجوا فى التساؤل والمناقشة وتوهين ذلك التحويل» فأكد الله تعالى التوجه إلى البيت الحرام» والحجة التى نفاها الله تعالى هى حجة عدم العلم فأكده. وقد استثنى الله تعالى من الذين لا تقوم لهم قائمة الذين ظلموا فقال: «إلاً الّذين ظلموا» وهذا الاستثناء أهو استثناء متصل أم استثناء منقطع بمعنى لكن؟ لقد قال الطبرى : إنه استثناء متصل بمعنى أن الذين ظلموا لا تنتفى حجتهم» وإن كانت واهية داحضة عند ربهم» وقال: المعنى لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة حيث قالوا: «ماولاهم». وقالوا: تحير محمد فى دينه» وما توجه إلى قبلتنا إلا أنا كنا أهدى منه» وغير ذلك من الأقوال التى لا تنبعث إلا من عابد وثن ن أو من يهودى أو منافق» أى أنه لاحجة عليكم إلا المماراة وما يحسبونه حججا. وهو أقوال واهية ل تفسير سورة البقرة | . تدل على ضعف الإيمان عند قائلها وأنهم يقولون ما لا يؤمنون به» ويكون الذين ظلموا هم اليهود والمنافقون. وقال بعضهم: إن الاستثناء منقطع» ويكون المعنى: لئلا يكون للناس حجة عليكم؛ لكن الذين ظلمواء لا يقنعهم دليل ولا تعظهم حجة؛ بلٍ إنهم يلجون فى الباطل بأوهام باطلة.» فلا تنتظر منهم أن يلزموا أنفسهم بدليل مهما كانت قوته؛ لأنهم معاندون جاحدون مكابرون. ولذا قال: «فلا تخشوهم واخشؤني» الخشية نوعان: خحشية الله تعالى وهى طمأنينة فى القلوب تبعث على التوقى ما يغضب الله تعالى» وهذه هى الخشية من الله تعالى وقد أمرنا بهاء وأن تمتلىء قلوبنا بالاطمئنان مع التوقى مما يغضب الله. والخشية الأخرى الخوف والفزعء وهى ما نهانا الله تعالى عنه. فنهى أن نخاف أو أن نفزع أو أن نتوقع الأذى من هؤلاء الظالمين» وأن نخشى الله تعالى فتمتلئ نفوسنا بالاطمئنان والتقوى. كان التأكيد للاتجاه إلى البيت الحرام لذلك» ولأمر جليل آخرء أشار إليه بقوله تعالى : «ولأتم نعمتي عَليكُم4 أى كانت القبلة لكيلا يكون للناس حسجة عليكم. «ولأتم نعمتي عليِكُم4: إن نعم الله تعالى تتوالى على النبى ومن معه من المؤمنين ومن تمامها نعمة الاتجاه إلى الكعبة» إذ إنها تضمنت إجابة النبى كك إذ كان يقلب وجهه فى السماء ليوليه قبلة يرضاهاء ولما فيه من تشريف البيت الحرام» ولما فيه من إحياء ملة إبراهيم عليه السلام» ولما فيه من تأليف للعربء» ولأن ذلك إيذان بفتح مكة وإزالة دولة الأوثان» وإقامة دعائم الإسلام؛ وتلك كبرى النعم. وذكر الله تعالى أمرا آخرء وهو جماع الأمور كلهاء وسبيل الحق والإيمان وهو رجاء الهداية الكاملة» فهذا من طرقها #وَلْعَلّكُم تَهِتَدونَ» الرجاء من الناس لا من الله. فتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. 0 0# تفسيرسورة البقرة 110 رم عار ام رم شَاأَرَسَلْنَافِحكمر: سُولآ نكم 2-1 و ل رس معو 0-6 يَتَلوأَعَلَنَكمْ َايِاوَروصكم وَيُمَيْمْكُمْالكِنبَ سرس و 200 0006 وَلَلْمسكمة ود كم مالم كود وتيود ذو يي وأغحك ذو الى ولاتكددون :7 به ولى الله تعالى نبيه إلى الكعبة» تكريما للبيت وتشريقًا له ولبانيه» وأتم نعمته عليهم بالإيذان بإزالة الأصنام عنه» فعل الله تعالى ذلك لتتم الهداية كما أرسل رسولا منهم؛ ولذا قال تعالى: كما أَرسلْنَا فيكم رسولا كم يتلو عليكم آياتنا وفى هذا إجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام. ‏ إذ قال تعالى فى ذكر دعائه: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عَلَيهم آياتك ويعَلّمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم . 0337 [البقرة] فكما أجاب دعاءه عليه السلام بجعله بلدا آمنا وأن يكون مثابة للناس وأمنًا يمن الله تعالى على العرب بأن جعل فيهم رسولا منهم ليقول مانا عليهم بذلك كما من عليهم بجعل القبلة إلى الحرم الآمن الذى قدسوه وكرموه» فالرسول يَِلَهِ أرسل فيهم وهو منهمء كما قال تعالى: 99 لقَد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز - عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم +42 4 [ التوبة] . فهو فيهم ومنهم» وهو أكثر تأليفا لقلوبهم . ورعاية لنفوسهم وهو الحق من ربهم كما قال تعالى: لَقَد من اللهُ على المؤمبين إِذ بَعَثْ فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم . . . 4128# 4 [آل عمران] . وتلاوة الآيات التى جاءت فى قوله: « كما أَرسَلْنَا فيكم رسولا مدكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم 24 تلاوة الآيات هنا أى القرآن بقراءته فى ترتيل وفهم» وإدراك معانيه» وإجابة لأمره؛ واعتبار بقصصهء وذلك عبادة #ويعلمكم الكتاب» أى تعليمهم علم القرآن من بيان للصلاة والزكاة والحج والصوم وأحكام الأسرة» ال#ل# تفسير سورة البقرة االمم اللا واااو اا0االااالللللاااااللللللللك وأحكام الحرب وما يحل فيها وما يحرمء وعلاقة الإنسان بالإنسان» وآداب وأخلاق المسلم فهو مأدبة الله تعالى» وهو سجل المعجزات التى جاء بها الرسل من عهد نوح إلى عيسى عليهم الصلاة والسلام. والحكمة هى الشريعة» وما فيها من إصلاح بين الناس» وإقامة للعلاقة الإنسانية. وفسرها الشافعى بأنها السنة وقد بيناها عند ذكر قوله تعالى: ‏ ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتنك . . . 4237 4 [ البقرة], فارجع إليها. «ويزكيكم» أى يطهركم من أرجاس الجاهلية ومآئمها كوأد البنات وشرب الخمر ولعب الميسر بله عبادة الأوثان والأنصاب» وينمى فيهم قوة الخلق والشكيمة ويوجهها نحو مكارم الأخلاق. وقال الله تعالى: يلمك مَا كوبا مو علمهم الله علما لم يكونوا يعلمونه من قبل؛ علمهم علم النبوة» وعلمهم علم البعث والنشور والقسيامة والحساب» وعلمهم علوما تنفعهم فى الحياة الدنياء وتزودهم بالخير فى الآخرة» وعلمهم مكارم الأخلاق وعلمهم تنظيم الدولة» وقيام حكم صالح يستظل فى ظله البر والفاجرء وعلمهم العدالة والامتناع عن الظلم . . .. وأخيرا علمهم علم الإسلام؛ وقد جمعه تعالى فى قوله جلت حكمته: ْإِذ اللّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربئ وينهئ عن الْفَحشاء والمسكر والبَغي يعظكم لَعلّكُم تَذَكَرونَ 20> 4 [النحل] وجعل منهم دولة الإسلام الفاضلة التى لم تر الإنسانية لها نظيرا من يوم أن خلق السموات والأرض. بين الله تعالى نعمة الرسالة المحمدية فى العرب» وفى الإنسانية كلهاء وإن ذلك يقتضى أن يشكر صاحب هذه النعم 9 وإن تَعْدُوا نعْمّت الله لا تحصوها . 252 4 [إبراهيم ]؛ ولذلك قال تعالى: «إقَاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون #. الفاء هنا هى ما تسمى فاء السببية» وهى ما يكون قبلها سببا لما بعدهاء وذكر الله تعالى امتلاء النفس بعظمته وقدرته وجلالته والإحساس بنعمه الظاهرة والباطنة» وليس ذكره جلت قدرته بترديد اللسان فقطء ولا بترطيب القول بذكر تفسيرسورة البقرة مالفالل ااال اااا60اللل لولبم الئل جلاله وإنما تكون أولا بامتلاء النفس بذكره» حتى يكون كأنه سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به نطق اللسان أو صمت أو جهر به أو خفت؛ كما قال تعالى: ف ادعوا ربكم تضرعا وخفية . 2 [الأعراف ] د « واذكر رَبك في نفسك تضرعا وخيقة ودون الجهر من اقل بالغدو والآصال ولا تكن من الْقافلين 23 4 [[الأعراف] وإن الله تعالى يقول اذكرونى أذكركم؛ اذكرونى فى كل حياتكم وفى قلوبكم أذكركم بالنعم والغفران» اذكرونى بالشكر أذكركم بالزيادة © لكن شكرتم لأزيدنُكم ولن كفرتم إن عذابي لَشديد +420 [إبراهيم] روى الإمام أحمد فى مسنده عن أبى هريرة: «أنا مع عبدى حين يذكرنى فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى» وإذا ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ هو خير منه وإن اقترب إلى شبرا اقتربت إليه ذراعا وإن اقترب إلى ذراعاء اقتربت منه باعا وإن أتانى يمشى أتيت إليه هرولة» وقد أخرجه البخارى2(7. وإن ذكر الله تعالى يكون فى القلب» ويبدو فى العمل.. فالطاعات التى يقصد بها وجه الله تعالى ويبتهل فيها إليه ويطلب رضوانه بها هى ذكر لله. ا وكل أعمال كالتتجارة والصناعة والزراعة إذا قام بحقهاء وتوكل على الله . تعالى حق توكله هى ذكر للهء وكل عمل لا يعمل إلا لحب الله تعالى» فالصانع فى مصنعه, والزارع فى مزرعته ». والتاجر فى متجره إذا قصد وجه الله تعالى ونفع. الناس يكون ذاكر) لله تعالى» وإن المؤمن.لا يفرغ قلبه من ذكره»ء إذا قام بحق الله تعالى» وإن ذكر الله تعالى يصحبه الخوف من الله فيتقى الله تعالى فى كل عمل يعمله ويكون دائما فى حذر من غضب الله تعالى» وقد قال تعالى فى وصف المؤمئين: طإِنَمَا الْمُؤْمنون الذين إذَا ذكر الله وجلت قلوبهم وإِذا ثليت عليهم آياته زَادتهم مانا وعلَى ربهم يتَوكَلُونَ 22 4 [ الأنفال] . )١(‏ البخارى: كتاب التوحيد - باب: قول الله تعالى: ويحذركم الله نفسه (5805) ومسلم: الذكر والدعاء (2775). هاا تفسير سورة البقرة 00 يم جل بو يي" إن ذكر الله تعالى هو الخير كله» روى ابن ماجه أن أعرابيا قال: يارسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت على فأنيئنى منها بشىء أتشبث به قال: «لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل)21702. وإن أعلى درجات الذكر شكر الله تعالى؛ ولذا قال تعالى بعد الأمر بالذكر: #واشكروا لي ولا تكفرون4 وهنا نجد الشكر تعدى باللام وقد قال الفراء: إن ذلك هو الأفصح» ولكن يجوز اشكر لى واشكرنى وشكر العبد لله تعالى؛ الثناء عليهء وأن تكون نعمه لما خلقت له من طاعة» خلق له السمع فشكره لنعمته ألا يسمع زور القول ولا ينفذه» وشكر نعمة اللسان ألا ينطق إلا بالحق» وشكر نعمة اليد ألا يبطش إلا لتحقيق العدل» وألا يعمل إلا ما هو حق وألا يعتدى على حق غيره» وألا يؤذى» وأن يحمى الضعيف وينصر المظلوم» ويغيث المستغيث» ويدفم الكوارث عن المؤمنين» وأن يفك العانى . وشكر نعمة الرجل ألا يسعى إلا فى خيرء وألا يسعى فى ظلمء وأن يذكر دائما أن من سعى مع ظالم فقد ظلم. وإن شكر نعم الله تعالي ليرجو به الشاكر زيادتهاء ولقد قال تعالى: «وإذ تَأَذْنَ ربكم لتن شكرتم لأزيدنُكم ولئن كفرثم إن عذابي لَشَديد 722 4 1 إبراهيم ] . وإذا كان الله تعالى قد أمر بالشكرء وهو الطاعات» والآأخذ بالهدى المحمدى» فقد نهى عن الكفر فقال: #ولا تكفرون4 والنهى عن الكفر معطوف على قوله تعالى: #واشكروا لي 4 يجعلنا نتصور أن تكفرون فيها ياء المتكلم محذوفة أو بالياء كما قى قوله تعالى: فلا تخشوا الناس واخشون ... 4ك 4 [المائدة ] ويكون معنى كفر الله تعالى عدم ذكره» وعدم معرفة حقيقة نعمه» ولكن الظاهر أن المراد النهى عن الكفر المطلق» وهو ألا يعتقد بالوحدانية وألا يؤمن برسالة محمد كد وهو مقابل للشكر لأن حقيقة الشكر ابتداء هى القيام بالطاعات كلهاء وهو مع ذكر الله تعالى الإحساس بأنه كله لله تعالى. وفقنا الله تعالى للشكر وجنبنا الكفر. )١(‏ رواه ابن ماجه: الآأدب ‏ فضل الذكر (71/97) عن عبد الله بن بسرء وبنحوه عند الترمذى:الدعوات - فضل الذكر (77375) وأحمد: مسند الشاميين ‏ حديث عبد الله بن يسر .)١9/7146(‏ 22 تفسيرسورة البقرة أول الجهاد جهاد النفس 0 دعرو خ#ر حنم - 1 عر سد - ن سدم , روخ و لا مشعرورت يََيْد وَلنبَلوَنَحم بِسَىْءٍ من الخوفٍ والجوع سوج ع سمه س) سم خم سو ترس له رمي مام ونقص ونلا موال وا لا نين وا رت وص رِأْلصَبرِستَ جه م 7 _ معو في لم 22 سم ع بوم 2الَدآ متهم تِيبَةنَإدَايهَ رجهو عد حهم + 31 لز سس الإ ب ور 2-4 5 سس ل سمج سا 0 جم 2 وله ممم صَلَوَاتُ مَْرَيَهِمْ وَيَحَمَهُ وليك اتجه المسلمون بأمر الله تعالى إلى البيت الحرام الذى جعله الله تعالى مثابة للناس وأمنا » وقد اتجهوا إليه فى الصلاة إيذانا بإبعاده عن الشرك» وأن تحيط به الأوثان» وقد أشار سبحانه وتعالى بأنه سيكون الفتحء وأنه سيكون فى حوزة أهل التوحيد» وأنه من بعد سيكون يأس الشيطان من أن يعبد فى الأرض المباركة» وقد كان البيت الحرام فى أيدى المشركين ولا يخ رجون منه إلا بجهاد لإخراج أعداء الله من بيت الله» أو لجعل كلمة الله تعالى العليا فى بيته» وإنه بالتحقيق ثبت بالتقريب أن تحويل القبلة كان فى الليلة الخامسة عشرة من شعبان» وكان ابتداء يوم الفرقان لغزوة بدر الكبرى فى السابع عشر من رمضان» فكان بين التحويل ويوم الفرقان شهر واحد. ولذلك جاءت الدعوة إلى الجهاد» عقب تحويل القبلة» وأول الجهاد جهاد ل / تفسير سورة البقرة 00 وقمع الأهواء والشهوات والاتجاه إلى الله تعالى؛ ولذا ابتدا به فقال تعالى: يا أَيهَا الّذِين آمنوا استعينوا بَالصبرٍ والصّلاة» استعينوا فى أموركم» وفى استجابة أوامر ربكم والأخذ بأحكام دينكم وإعداد العدة للقاء عدوكم» فمجاهدة النفس مقدمة على جهاد العدو. بل هى عدته وقوته. والصبر ضبط النفس والاستيلاء عليهاء وهو يتنوع بتنوع موضوعهء فهناك صبر على منازعة الأهواء والشهوات لتعميمها والاستيلاء عليها بجعل الشهوة أَمَهٌ للعقل ليست مسيطرة عليه ولا مسيرة للنفس» وهناك صبر لأداء الطاعات والقيام بالواجبات فإن ذلك يحتاج إلى عزم قوى لا يكل ولا يمل» وهناك صبر على لغو القول من الناس» واستهزاء السفهاء» وتهكم ذوى الأهواءء وهناك صبر بالإقامة مع الضعفاء وقد قال الله تعالى فيه: واصبر نفسك مع الّذين يدعون بهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ... 27 4 [الكهف] . وهناك صبر عند المصائب فى الدنيا فلا يفزع ولا يجزع ويعلم أن الصبر فيه أجر وأن الجزع فيه وزرء وهناك صبر عند لقاء الأعداء ولعله نتيجة لصفة الصبر وتشعبها فى كل النواحى التى ذكرناها . والصبر خير كله. وهو أول صفات المؤمنين» ومن الصبر ألا يكفر عند النعمة وألا ييئس عند النقمة» ولقد قال تعالى : « ولتن ذقنا الإنسان منا رحمة َم ترعتاها منه َه لوس كفور 31> ولكن أَذقاهُ نعماء بعد ضراء مسن لون َب اينات عتَي إن لقَرِحَ فخور 2 إلا الذين صبروا وعملوا الصّالحات أولتك لهم مغفرة وأجر كبير لين 4 [هورد ]. ولقد قال يَيِلةٌ فيما رواه مسلم بسنده عن صهيب» قال رسول الله عَلةُ: (عجبا لآمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن» إن أصابته سراء شكر فكان خيرا لهء وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)0١2‏ فالصبر كله خيرء وهو عدة الإيمان والآأخلاق» وبناء المجتمع الصالح» وهو أقوى عدة للجهاد. دلق رواه مسلم : كتاب الزهد والرقائق (موخام) وبلحوه رواه أحمد والدارمى . إل تفسيرسورة البقرة اللا تالالا تالالا تالالطا لتاقلا هذا أمر الصبر. والاستعانة به مناجاة العبد لربه» وصرف القلب إليهء والاتجاه إليهء وهى التى تملأ القلب بذكر الله تعالى فينسى ما بينه وبين الناس» وهى استحضارر العزة من الله» وامتلاء الإنسان بجبروت الله» وأنه فوق قوى البشرء والاستعانة هى سلوك المؤمن» روى «أن النبى تيَلةٍ كان إذا حزبه أمر صلى)1(0' . ولقد أمر الله تعالى نبيه بالصبر والصلاة إذا اشتدت عليه شديدة الناس بالقول والعمل» فقال تعالت كلماته: فَاصبر عَلَى ما يَقَولُون وسبّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء اللْيل فسبح وأطراف النهار لَعلّك ترضئ 20 »4 [طه] فعبر عن الصلاة هنا بالتسبيح فسبيل الرضا بالنوازل والشدائد من الناس - كما تدل الآية - الصبر على ما يقولون» والصلاة إذ هى اطمئنان القلوب» وسرور النفوس وبها تستبدل النعمة بالنقمة» والسراء بالضراء. وختم الله تعالى الآية بقوله: #إِن الله مع الصابرين» بمعاونته لهم» فينصرهم» بسيطرتهم على نفوسهم.ء ثم ينصرهم على أعدائهم» ثم يغلبهم على كل شر فى الحياة» ثم تقوية عزمهم» وضبطهم لنفوسهم» فالله معهم فى كل أعمالهم؛ وهو وليهم ونعم المولى ونعم النصير. هذا ما يعد الله به تعالى نفوس المجتهدين» صبر وذكر لله تعالى» وإنه من بعد ذلك يكون القتال» ويكون الشهداءء وفى ذلك إشارة إلى أنه ليس القتال شهوة» ولا نزهة» ولكنه فداء وبلاء» واستشهادء وإن الشهداء لا يموتون ولكنهم أحياء عند ربهم يرزقونء والحياة ليست للأشباح فقط»ء بل هى للأرواح» ولذا قال تعالى : #ولا تَقُونُوا لمن يَقمَلَ في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لأ تشعرون» . النهى عن القول» والقول دليل الاعتقاد فهو نهي عن الاعتقاد»ء وقد صرح الله تعالى بالنهي عن الاعتقاد فى آية أخرى فى معنى هذه الآية الكريمة وفى موضوعها فقال تعالى: #ولا تَحَسبَنَ الّينَ قُتَُوا في سبيل الله أمُوانا بل أَحيَاء عند ربّهم يرَرَقُونَ 4537 [آل عمران] وفى الآية التى نتكلم فى معناها قال الله تعالى: #ولكن )١(‏ رواه أحمد (١١1؟؟١5)»‏ وأبو داود (15؟١١).‏ عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه. هن تفسير سورة البقرة الالال اااللللل اال لاملل للك وم جح _ر؟ لي لأ تشعرون»2. أى ولكن لا تحسونهم بمرأى العين» وذلك لا يقتضى أنهم ماتواء بل هم عند ربهم يرزقون» ولقد قال تعالى : «إ ولا تحسبن الّدين قتلوا في سبيل الله أمواتا 28 م 6ع وم ار بل أحياء عند رهم يررقون7399) فرحين بما آناهم الله من فضله ويستبشرون بالّذين لم هاس ولم ومهة يلْحقوا بهم من حَلفهم ألا حوف عليهم ولا هم يحزلون +50 يستبُشروت بعمة من الله وَفُضل ون الله لا يضيع أَجَر المؤمنين 23 4 [آل عمران] . ' وإن حياتهم روحية يستبشرون بها بأنهم فدوا إخوانهم» وأنهم قدموا أنفسهمء وآثروا إخوانهم» ولقد صور النبى يله حياتهم فيما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: إن أرواح الشهداء فى حواصل طير خضر تسرح فى الجنة حيث شاءت ثم تأوى إلى قناديل معلقة تحت العرشء فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال: ماذا تبغون؟ فقالوا: يا ربنا وأى شىء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقكء ثم عاد عليهم بمثل هذاء فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا قالوا: نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا فنقاتل فى سبيلك حتى نقتل مرة أخرى, فيقول الرب جل جلاله: إنى كتبت أنهم إليها لا يرجعون)27 . على أن قتلوا شهداء بل إنهم فرحون بذلك» وأنهم يتمنون أن يعودوا ليقتلوا فى سبيل الله تعالى؛ لأنهم راضون با فعلواء فهم يطلبون الشهادة بأرواحهم كما (') رواه مسلمء عن مسروق قَالَ: سآلا عبد الله - أى ابن مسعود - عن ذه الآية (٠‏ ولا تَحَسبَنَ الذين قَتلُوا في سبيل الله أموانا بل أحيَاء عند رهم يرَرَقون 4 [آل عمران] قَالَ: كأَمَا إِنَا قد سانا عن ذلك فَّقَالَ: 0 «أرواحهم في جوف طبر خضر لَها قََادِيل معلقة بالعرشء تَسرح من الْجنةٍ حيث شاءت ثم توي إلى تلك ا ل ا الْمَتَادِيل» َطَلَم يهم ربهُمْ اطلاعة فََال: هل تَشتهون شيِنًا؟ قَالُوا: . أكا فى تشسوى دلحن ريع دن الجن حيِث شننا قفعَل ذلك بم ثلاث مرات» قَلمًا رأوا نهم آن يركوا من أن يُسآلوا قَالوا: يَا رب نريد ذا ير أرواحتً فى أجْسادنًا حَبَى تقل فى سُبيلك مره أخرى. قَلَمًا رأى أذا ليس لَهُمْ حَاجَة تُرِكُوا». وبنحوه عند الترمذى (977؟) فى كتاب التفسير - باب تفسير سورة آل عمران وابن ماجه )71/4١(‏ فى كتاب الجهاد - باب فضل الشهادة فى سبيل الله (041؟) وجاء من رواية جابر بن عبد الله عند الترمذىٍ (95) وابن ماجه (--174) واللفظ له يَقول: : لما قثل عبد اللّه بن عمَرِو بن حَرَاء يوم أحد قال رسول اللّه كلل : هيا جاب" آلا يرك ما قال الله عر جل لأبيك؟» قلا بل قال: همَا كلم الله أحَدا إلا من وَرآء حجاب كلم أبَاكَ كمَاحًا فَقَالَ: َا عبدى تَمَنَ عَلَىَ أعغطك قَالَ: يَا رب تُحيينى فقتل فيك انيه ا #ع سعد م قال: نه سبق منى أنَهُم إِليهَا لا يرجعون. قال : يا رب فَأبِلِعْ من ورائى . فَأنْرَكَ الله عر وجل هذه الآية: زولا تحسين لين لوا ي سبل لل موا بل أحياء ند رتهم يرزقون <3ه 4 آل عمران]. إل تفسيرسورة البقرة ل ل 0000 طلبوها بأبدانهم» وإن ذكر الشهداء بعد الأمر بالصبر والصلاة تأكيد لضرورة الصبرء ولا يكون من غير صلاة . وإن الجهاد بلاء» ولابد أن يستعدوا له» فهو اخمتبار؛ والشّمرات وبَشَر الصّابرين 4 . إن هذا النص جاء توطئة للجهاد؛ وليتحملوا كل ما فيه من شدائد» وكله شدائد إلا على المؤمنين الصابرين» وإنه يجب أن يتوقعوا ذلك ويتحملوهء فإن الأمر المنوقع إذا وقع سهل حمله؛ وإذا جاء على غير توقع صعب وقعهء وهلعت النفوس» وهذا النص كقوله تعالى: م حسبتم أن تدخلوا الْجنَة وما يَأتكم مكل الْذين خَلَوا من قبلكم مَستهم الْبَأسَاءِ والضراء ورْلْلُوا حت يقول الرّسول والّذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إِنْ نصر الله فَرِيب +473 4 [البقرة] ومثل قوله تعالى: ظأَمْ حَسبَكمَ أن تَدخَلُوا اْجنّة ولَّم يعَلَم الله الّذين جَاهَدوا منكم ويعلَمَ الصابرين 4737 4 [آل عمران] . فهذه من أخوات هذه الآية التى نتكلم فى معناهاء فهى بيان لما يتوقعه المجاهدون» وخصوصا إن هذه الآية كما يبدو من سياقها مع الآيات كانت فى السنة الثانية من الهجرة» وقد فتح باب الجهاد الأكبر ويوم الفرقان قريب الوقوع وهو بدر الكبرى الذى فرق بين عهد النصر المؤزر» وعهد الاستضعاف. #ولَسَلونَكُم4 البلاء الاختبار لا ليعلم الله تعالى» بل ليظهر للناس ما أكنه الله تعالى فى علمه المكنون» ولقد أكد الله تعالى البلاء ليؤكد موضوعه بالقسم الذى دلت عليه لام القسمء ونون التوكيد الفقيلة #بشيء من الْخَرف» قال بعض العلماء: التنكير فيه للتقليل» وإنى أرى أن المقام موجب أن يكون التنكير فيه للتكثير لكى يتحقق معنى الابتلاء فيقدمون على حرب لقوم شداد غلاظ من شأنهم أن يحَوفوا ويمَرّعواء وقد قيل إن ذلك الخوف يتنافى مع الشجاعة التى عرف بها النبى» وصحبه الكرام أمثال حمزة بن عبد المطلب أسد الله» وعلى بن أبى طالب فارس الإسلام والزبير وغيرهم من الصناديد الذين يتقدمون فى الميدان لا يهابون إلا الل ونقول فى ذلك إن الشجاعة لا تنافى الخوف؛ لأن الخوف يحمل على تدبير الأمورء هن تفسير سورة البقرة 9 وبعد تدبيرها يفترق الشجاع عن الجبان» فالجبان لا يقدم والشجاع مقدم مقدرا النواحى المخوفة» والنواحى التى فيها جانب الله تعالى فيقدم على بينة» وقد حقق الذين درسوا النفوس فقرروا أن الشجاعة لا تكون شجاعة إلا إذا أحس بخطورة الأمر وأقدم غير هياب» وإن المؤمنين قد أصيبوا بما من شأنه أن يخيف ولكن لم يجبنوا عن اللقاء» بل أقدموا عليه فى غير تلكو ولا اضطراب. هذا شأن الخوف. ثم قال تعالى: «والجوع» فقد أصيبوا بشىء غير قليل من الجوع ء وقد كانوا يربطون الأحجار على بطونهم . كما كانوا يفعلون فى حفر الخندق. #ونقص مَن الأموال24 فإنه فى الحروب يتوقف اشتغال المؤمنين بالتجارة وغيرهاء فهل كان أبو بكر التاجر تجرى متاجره. والحروب قائمة؟ وهل كان عثمان ذو النورين تستمر متاجره غادية رائحة والحرب قائمة بين الشرك وأهل التوحيد. #والأنفس4؛ فإن ملحمة الحرب يكون فيها الشهداءء وقتل الأبطال. «#والثّمرات» وقد أصيب الأنصار فى المعارك وقد خرجوا للجهاد فلم يسقوا زرعهم ولم يرعوا ثمرات نخيلهم فنقصت ثمارها. ذكر الله تعالى ذلك الابتلاء قبل وقوعه. وكانوا على مقربة منه؛ لأن ذلك كان قبيل غزوة بدر الكبرى.» فذكر الله تعالى ذلك ليتوقعوه قبل أن يقع فيعدوا له الأنفس بالصبرء وضبط النفس» والاستعانة بقوى النفس فى الجهاد وتحمل الأذى من الحرب. فقد كتب عليكم القتال» وهو كره لكم» ولكنه خير فى نتيسجته مادام ردا للاعتداء ومنعا للفتنة وفتحا لطريق الدعوة. ولذا قال تعالى: «وبشر الصابرين » والبشارة هى النصر الكامل». وذكر أن المبشرين هم الصابرون» فالوصف علة للحكم فكانت البشارة بالنصر بسبب الصبر؛ لأن الصبر عدة النصرء كما قال على رضى الله عنه بطل الحرب الإسلامية: كنا ننصر بالصبر والتأييد. وإن الصابرين هم الذين يضبطون أنفسهم فلا تنخلع قلوبهم بفزع» ولايصيبهم عندما يفاجئون بما لا يحبون؛ ولذا عرفهم الله بقوله: «الّذين إذا أصابتهم مصيبة قَانُوا نا للّه ونا َيه راجعون» . ل تفسيرسورة البقرة لل الل معصية الله تعالى» ويكون بعزمة المؤمن القوى فى طاعة الله» وبتحمل ما ينزل ما والمصائب جمع مصيبة» وهى كل ما يصيب الإنسان بالأذئ فى نفسه من مرضء أو ماله من خسارة فادحة» أو فقد حبيب» أو مفاجأة بما لا يسر بل يضر كهزيمة فى حربء» أو غدر غادر» أو غير ذلك مما يكرث الإنسان من كوارث» والصبر المحمود فى هذه الأحوال وغيرها هو الصبر الجميل الذى يكون من غير أنين وشكوى كصبر يعقوب عندما غاب ابنه يوسف إذ قال: « قَصِبرٌ جميل واللّهِ المستَعان على ما تصفون 120 4 [ يوسف] . وإنه تما يجعل الصبر جميلا لا أنين فيه ولا شكوى» ولا تململ ما أنزل الله تعالى أن يفوض أمره إلى الله تعالى» وأن يحيل المرجع والمآب إليه» وأن يعتقد أن كل شيء من الله تعالىء وأن إليه مرجع الأمور وعنده المستقر والمعاد؛ ولذا قال تعالى فى حال الصابرين وقولهم عندما تصيبهم المصيبة وتنزل بهم النازلة لا قبل لهم بها: «إنَا لله ونا َه راجعون*. وإن هذه الجملة فيها من كمال التفويض والاعتزاز بجلال الله تعالى والاطمئنان إلى قدرته ما يعلو بالنفس على الأنين والشكوى لغير الله تعالى العلى القدير. ومعنى إن للّه أى أننا ملك له تعالى يتصرف فينا كيف يشاءء وأمورنا بين يديه يصرفها كما يشاء» وهو نعم المعتمد فى كشف الضر وإزالة الكرب» وإنه ملكنًا بخلقه وتقديره وتصريفه فينا وله الآمر والتدبير» وإليه مرجعنا فنحن راجعون إليه وحده؛ ولذا قدم الجار والمجرور و إنًا إليه رَاجعون» فنحن هنا فى الحياة مملوكون له» ومن بعد ذلك نرجع إليه وعسى أن يكون ذلك خيرا لنا. روى مسلم بسنده عن ل / تفسير سورة البقرة لكي اللللإيل ل ل 00 رسول الله عَللِْكِ أنه قال: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كقر به من سيئاته)37" . وقوله تعالى: لإإِنَا لله ونا لَه راجعون4 إقرار بالتوحيد واستشعار للعبودية» وإيمان بالبعث والنشورء وفى ذلك عزاء أى عزاء وسلوى عن البلاء» ولقد روى مسلم بسنده عن أم سلمه أن رسول الله كك قال: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره اله عز وجل: إن لله نإ و4 اللهم أجرنى فى مصييتى وأخلف فى خيرا منهاء إلا أخلف الله له خيرا منها)0 . وإن الصالحين لا يفرون من المصائب تنزل بهم» ولا يرونها من جانبها الشديد» بل يرونها من جانبها الصالح المفيد» فهى تربى فى المؤمن الإحساس بالربوبية والضعف أمام القدرة الإلهية والإخلاص لله تعالى» فالإخلاص حيث الضعف أمام الله» وأنه لا كاشف للضر سواهء وإن ذلك يجعله يرجع إلى الله تعالى ويكون ممن أناب إليه سبحانه كما قال الله تعالى: « وإِذا عَشِيَهُم مُوْجّ كالظَلل دعو الله مخلصين لَه الدذين ... 418 4 [لقمان] وحيث يحس بشدة المصيبة يتضرع إليه» فيدعو إليه متضرعا ليكشف عنه الضر. وإن المصائب تجعل النفوس بعيدة عن الاستكبار فتطمئن إلى الضعفاءء ويتربى فيها الحلم» والعفو وكثرة الثواب بكثرة الصبرء 9إِنَمَا يوَقَى الصابرون أجرهم بِغيْرٍ حساب 4# 4 [الزمر] وإن الصالحين لهذه المصائب وثمراتها من طهارة القلب وتنزيه النفس يفرحون ولا يكربون» وإن كانت تجعل غيرهم فى كربء وإنه إذا فرح شكره وإنها تمحص القلوب وتطهرها من الغطرسة والعتو. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: كتاب المرضى 2)071١١(‏ ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب (5770) واللفظ له عن أبى هريرة - رضى الله عنه. (؟) رواه بهذا اللفظ مسلم: كتاب الجنائز: باب ما يقال عند المصيبية »)١6760(‏ وبنحوه عند أحمد (/561511) فى مسئنده عن أم المؤمنين أم سلمة - رضى الله عنها -. كما رواه الترمذىء» وابن ماجهء والنسائئ» ومالكء والدارمى. بل تفسيرسورة البقرة ةالوو اللا وإن الصالحين بتفويضهم أمورهم لله تعالى؛ وثقتهم بالله تعالى يعلمون أن وراء ما نزل من مصيبة ضرا لهم ولخيرهم فَئ أن تَكرهُوا شيا وَل اله فيه حير كثيرأ 457 [النساء] وإن المصائب تفطم النفس عن الأشرء وتبعد عن الترف» ووراء الترف الظلم فيكون الاستماع للبشير النذير قال تعالى: وما أرسلنا في َي دي الأفل مقو ذا سق به فر ته 4 سا وإن الرضا بقدر الله تعالى فيما ينزل من نوازل يجعل النفس فى اطمئنان وأخيرا إن المصائب تصقل النفوس» وتربى فيها قوة الاحتمال إن صبرت وفوضت» ورجت الثواب والفرج من الله تعالى» وفيها يكثر الدعاء لله تعالى» والدعاء مخ العبادة» ولقد قال تعالى: 9 اذعوني أستجب لكم ... 207 4 [غافر] وكان بعض الصالحين إذا ألم به مرض أو وصب دعا ربه أن يجعله يحس بنعمة المرض والسقمء إذ إنه يقربه من ربه فلا يطغى ولا يستغنى بنفسه عن ربه. ولقد قال تعالى فى جزاء الصابرين عند النازلة التى تكرثهمء والرضا بما يأتى به الله تعالى: « أُوَلئك عَلَيْهِم صلّوات مَن بهم ورحمة وأولتك هم المهتدون 4 . الإشارة هنا إلى الصابرين الذين يتحملون الخوف مهما يكن مقداره» ونقص الأموال والأنفس والثمراث فى سبيل الله تعالى» وإذا نزلت بهم نازلة أصابت نفوسهم من فقد حبيب أو حرمان من مطلب من مطالب الدنيا. هؤلاء الذين تلك أحوالهم» هم من الصديقين والشهداء «عَلَيهِم صلوات من رَيْهم ورَحمة» الصلوات جمع صلاةء» وجمعها الله تعالى لكثرتهاء وتنوع أحادهاء والصلاة معناها الدعاء ولكنها من الله تعالى استجابة الدعاء» وذلك بالعفو والمغفرة» وعفو الله ومغفرته دليل رضوانه» ورضوان الله تعالى أكبر الجزاء. كما قال تعالى فى 0 تفسير سورة البقرة 0 يم ١١ الاك‎ يي ختام جزاء الآخرة: 8 ورضوان مُن الله أكْبِرَ ... 4227 [التوبة] وإن الله تعالى لم يمن على عباده الصابرين بالمشفرة والرضوان فقطء وحسبهما جزاء للصبر ولكن من بالرحمة » رحمة الله تعالى التى وسعت كل شىء» فرحمهم فى الدنيا بالهداية والتوفيق لفعل الخير» ورحمهم فى الآخرة بالنعيم المقيم. وقد وصفهم سبحانه بأنهم المهتدون» فقال تعالت كلماته: «(رأولتك هم المهتدون» أى المتصفون بالصبر على الشدائد من الخوف ونقص فى الأموال والأنفس والثمرات» هم الذين كتب الله تعالى لهم الهداية» وفى النص السامى «وأولتك هم المهتدون» إشارة إلى قصر الهداية عليهم وأنهم المهتدون حقاء وذلك بتعريف المسئد والمسئد إليه وبالضمير «هم» وذلك أشرف بيان أنهم المختصون وحدهم بالهداية الكاملة وهبنا الله تعالى عفوه ومغفرته ورحمته وهدايته. مقدسات البيت الحرام 1 © إدَألصّمَ لمن َع أ تزع لين تلجع يهل تقد : مَن نوع نَأل سَولِيءٌ 02 نزي إِنَأَلَذينَ 2 0 نامس ليست وأ د من بَعَد مَابَيّكدَهُ تاي 3 اي ولج 1 كَيلْعهِم الله وَيَلْعَيْح الله و حهم هو- َي - سا وو ٠‏ 24 ع 2 إلا لذن تَابواوَأَصَلحوأوَيِيَنُوا وكيك أنوت 02 221 و مام و جطم هم وأنا التوابالرجيم زا ل تفسيرسورة البقرة لالم ما زالت النصوص القرآنية الشريفة السامية تتكلم حول الكعبة من ناحية كونها قبلة» وأن الصلاة لا تصح من غير الاتجاه إلى البيت الحرام» وإنه ما حول البيت والصفا والمروة» وهما جبلان مجاوران للكعبة» قيل إن هاجر أم إسماعيل كانت تتردد بينهما عندما أصابهما الجوع والعطش وهى تناجى ربها أن يمن عليها بالغوث فايع الله تعالى لهسا زمزمء وقيل كانت لها طعم وغذاء وشفا. للعلة من عطشهاء جاح َيه أن طرف بهنا» . والشعائر جمع شعيرة» وهى المتعبد الذى يكون فيه عبادة الله تعالى والقيام بحق الطاعة» وفى هذا النص تقرير بأن الصفا والمروة موضعا تعبد لله تعالى» وقد قال بعض العلماء: إن ذكر أنهما من شعائر الله دليل على طلب السعى بينهماء ولكن ابن جزى الكلبى الفقيه المالكى ضعف هذاء ولكنا لا نجد فيه ما يسوغ التضعيف لأن كونهما متعبدا يدل على طلب التعبد عندهماء وقد بين النبى 95 التعبد فيهما بطلب السعى بينهما فقد قال عَللِيْةِ: «كتب عليكم السعي فاسعوا"١)‏ وإنه مَكلِيةِ فى حجة واعتماره سعى والناس بين يديه وهو وراءهم؛ لأنه كان راكباء فهو منسك من مناسك الحج والعمرة» والنبى كَل قال: «لتأخذوا عنى مناسككم)7" . ويقول تعالى: #فَمن حج البيت أو اعتمر» فمن قصد البيت حاجا أو معتمراً فلا جناح عليه أن يطوف بهما والحج هو المعرف بأركانه وركنه الأكبر الوققوف بعرفات» ومن مناسكه النحر ورمى الجمار» والوقوف بالمزدلفة» أما العمرة فهى زيارة البيت والطواف حوله» والسعى بين الصفا والمروة» وقد سعى فيهما رسول الله )١(‏ عَنْ صَفيّة بنت شيّة آذ امركة عبتا أنّهَا سمعت الى يكل بين الصمًا والمروة يقول : : اكتب عَلَيْكُمْ السعى فَاسعوا» . [رواه أحمد فى مسند القبائل (55191)]. (0) رواه مسلم: كتاب المج (5743)» وأبو داود: المناسك )١1780(‏ وأحمد فى مسنده )١5-091(‏ عن جابر بن عبد الله بلفظ: ريت الى َك يَرمِى عَلَى راحلته يوم البَّحْرٍ ويقول: التَأحَذوا منَاسككُم فَإْنّى لا أدرى على لا أحُج بَعْدَ حَجَتَى هذوه. إإإناا تفسير سورة البقرة للا 000 يك ولكن كان النص فى هذه الآيةء فلا جناح عَلَيْه أن يَطَرّفْ بهما» ونتكلم هنا أولها: إن نفى الجناح - والجناح هو الميل إلى الاثم - يقتضى نفى الإثم لا الوجوب؛ لأن نفي الإثم يؤدى إلى معنى الجواز لا الوجوب» أو الطلب فرضا أو سنة» فمن أين جاء الطلب؟ نقول إن الطلب جاء من كلمة «شعائر» أولاء وقد بينا ذلك» ومن بيان النبى وَكْةٌ بأن بين أن السعى كتب عليناء ومن مداومته يَلِْةٌ على السعى فى عمرته وحجه؛ ولذلك قال مالك وأحمد والشافعى: إن السعى فرض» وقال أبو حنيفة: واجب وهو مرتبة بين السنة المؤكدة والفرض» ويعرفونه بأنه ما ثبت طلبه الحتمى اللازم بدليل ظنى فيه شبهة . الثانى : لماذا عبر سبحانه بنفى الجناح» ولم يعبر بالطلب ولا شك أنه كان ثمة موجب لنفى الإثم؛ وجعله أساس القول» ولقد قيل فى هذا كلام فرددته بعض كتب التفسير قالوا: إنه كان على الصفا صئم اسمه إساف. وعلى المروة صئم اسمه نائلة» وقد تحرج بعض المسلمين من السعى بينهما لمكان هذين الصنمين اللذين كان أهل الجاهلية يعبدونهماء ولأن الوحدانية طردت الوثنية من القلوب» فنفى الله تعالى الإثم لهذاء ولا يمنع نفى الإثم من الوجوب أو الطلب بشكل عام» وقيل إن بعض الأنصار لم يجدوا النص على السعى فى القرآن فتحرجوا من أن يفعلوا ما كان يفعله الجاهليون من غير نص» فبين أنه لا إثئم» ودل على الطلب بالنص الذى صدر به القول فيهما وبعمل النبى كَكدّ وقوله. الأمر الثالث: قوله تعالى: #أن يطُوْف بهما»4 أصل يطوف يتطوف قلبت التاء طاء وأدغمت الطاء فى الطاء قوله تعالى: « ولْيَطُرقُوا بالبييت العتيق +520 »4 [الحج] والتطوف المبالغة فى الطواف بأن يعددوهء ولا يكتفوا بواحدة» ولكن الصفا والمروة لا يطوف حولهما ولكن يسعى بينهماء والمشابهة بينهما ليست بعيدة؛ لأن السعى سير على الأرض بينهما وتكرار ذلك سبع مرات» فكان كالطواف فى الأرض لل لالت 0 بل تفسيرسورة البقرة لوب اا التتى بينهما والله سيحانه وتعالى هو مبين مناسك الحج بالقرآن والسنة النبوية المبينة للقرآن. ومن تَطَوَعَ خَيْرا فإنَ الله شاكر عَليم4 التطوع المبالغة فى الطاعة فيما أمر الله تعالى به من فرض وواجب ومندوب» فهى المبالغة فى أصل الطاعة» وإطلاقها على النفلّ غير المفروض والمندوبات ونحو ذلك هو من قبيل الاصطلاح الفقهى باعتبار أن النوافل والمندوبات مكملات للفرائض التى هي أصل الطاعات» و«خيرا» وصف المصدر محذوف وهو مفعول مطلق» والوصف يقوم فيه أحيانا مقام المصدر كما فى . قوله تعالى: « واذكروا الله كنيرا .. . +520 4 [الأنفال] . 3 والخير كل ما يكون فيه نفع للناس» وأداء لما أمر الله وقيام بالواجبات الاجتماعية والإنسانية والدينية» ووصف طاعات الله أو اللمبالغة فى الأداء بأنها خير؛ لأنها فى ذاتها خيرء ولا يكون ما يأمر الله تعالى به إلا خيرا خالصاء ونافعا خالصاء فكل أمر من الله تعالى فهو خير نافع لا ينفع سواه. ومن تَطَوّعَ خَيْرَا4 فعل شرا جزاؤه قوله تعالى : طقَنَ الله شاكر عليم» وهذه الجملة السامية هى دالة على الجزاء»ء متضمنة له؛ لأن تقدير الجواب فله أجر يكافئ ما فعل؛ لأن الله شاكر عليم؛ أى مجاز جزاء حسنا على ما فعل؛ لأن الله شاكرء والتعبير بالشكر فى هذاء وهو أعظم من أن يشكر عبد له فالكل منه وإليهء وقد وصف نفسه بأنه غفور شكور» فكيف يشكر المنعم من أنعم عليه؟! وكل ما يقدم العبد من طاعات هو شكر للمنعم جل جلاله؛ وشكر المنعم واجب بالعقل والنقل» فكيف يكون الله شاكر لأنعمه؟ ولكن عبر بذلك» تكميلا لنعمه وتفضله أولاء كما يشكر من يقوم بالواجب تفضلاء ولتحريض العبد على كمال الطاعة ثانياء ولتعليم العبد شكر النعم ثالثاء ولإثبات رضوان الله تعالى رضوانا كاملاء فإن الشكر زيادة فى الرضوان» والرضوان الجزاء. وقد وصف الله سبحانه وتعالى نفسه مع الشكر الدال على الرضا بقوله: «عليم) أى وصف نفسه بالعلم؛ للدلالة على أنه عالم بمن يقوم بالطاعات فيجازيهء :9ه تفسير سورة البقرة : +412 2ز2ز2 2 313131010161600 ةي ههه < يي" ومن يعمل بالمعصيه» فيجزيه بالسوء سوءاء فهو إشعار للطائع بأنه يعمل تحث رعاية الله تعالى» تحت سمعه وبصرهء وهو القائم بكل ما فى الوجود» وهو القادر على مكافأة كل بما يعمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر . وإن الله تعالى من أول قوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أَنْعمت عليكم ...5 # [البقرة] كان كلامه فى بنى إسرائيل» وكفرهم بنعم الله تعالى ومخالفتهم لشرائع النبيين الجامعة لرسائل الله تعالى إلى خلقه» وما تخلل ذلك من استقبال القبلة كان ردا على سفاهتهم وغيهم» ثم ما كان يومئ إليه تحويل القبلة من إيذان بفتح مكة. وأن ذلك يحتاج إلى جهادء فبين سبحانه أن عدة الجهاد الصبر والصلاة» وجاء ذكر الصفا والمروة تبعا لذكر الكعبة وما حولها. ويختم الله تعالى الكلام فى أهل الكتاب ببيان أقبح ما كانوا يعملون» وهو كتمان آياته. ويكتبون بدلها بأيديهم ما يسمونه كتاب الله على أنه من عنده سبحانه» وما هو من عنده فقال تعالى: 9 إن الِّين يكتمون ما أَنلنَا من الْبَينَات والْهدئ ». البينات الأخبار البينة» والأحكام المبينة فى الكتاب بعد بيانهاء وقد أنزلها الله تعالى فى كتبه التى كانت للنبيين السابقين» والهدى هو ما بينه سبحانه من أوامر ومنهيات» فمن كتم البينات الدالة على الرسالات» والأخبار الصادقة عن النبيين» والأحكام الهادية إلى الصراط»ء فقد كتم علم الله» والكتمان للعلم» إنما يكون حيث تكون الحاجة إلى البيان من قبل أن يكون المقام مقام بيان وتوجيه وإرشادء فيكون من عنده علم كنما أنكر اليهود والنصارى ما عندهم من علم بالنبى مَلٌَِ ومكة وما حولهاء وإبراهيم وأولاده. وكما ينكر العلم من يسأل عنه فلا يجيب» وقد قال النبى عَكلِلة : ١مز‏ سئل عن علم فكتمه ألحمه الله بلجام من نار)20 . والآية موضوعها كل كتمان لعلم أو هداية» وقالوا إنها نزلت فى اليهودء ولكن حكمها عام يشمل كل كتمان لعلم فيه هداية للناس» فيشمل الذين يعلمون رسالة محمد َلَلة ولا يبلغونها للناس» ومن لا يبينون الشرع الإسلامى لأهلهء .)5517( أخرجه أحمد فى مسنئده عن أبى هريرة (81585)» وأبو داود: كتاب العلم (“/751”), وابن ماجه‎ )١( بل تفسيرسورة البقرة لل ااال قربوا أو بعدواء ولمن يجهلهء فإنه كما قال على كرم الله وجهه: لا يسأل الجهلاء لم لم يتعلمواء حتى يسأل العلماء لم لم يعلّموا. وقد حكم الله تعالى على الذين يكتمون العلم بقوله تعالت كلماته: 8 أولك يلَعنهم الله ويْعنهُم اللأعنُون» اللعن الإبعاد والطرد» والنبذ من جماعة الخير» وجماعة الحق» وأولئك إشارة إلى الذين يكتمون العلم» والإشارة إلى موصوف بوصف, إشارة إلى أن الوصف علة الحكم؛ فكتمان العلم علة للإبعاد عن رحمة الله تعالى» ونبذه من الناس» ولعن الوجود كله» واللاعنون تشمل الملائكة والجن والإنس» وكل من يسبح بحمد الله تعالى. ولقد قال النبى يََِْةّ: «إن العالم يستغفر له كل شىء حتى الحوت فى الماء والطير فى الهواء)'2 وهذا إذا بين العلم وذكره للناس وهدى من ليس عنده علم» فإذا كتمه لعنه كل شئ لعنته الملائتكة» ولعنه الناس» ولعنه كل شىء حتى الحوت فى الماء والطير فى الهواء» فاللعن عند الكتمان جزاءء هو نظير الاستغفار عند البيان. وقد استثنى من هؤلاء الملعونين الذين يبينون من بعد الكتمان» فقال تعالى: «إلاً الْدين تابوا وأصلحوا وبَسّوا التوبة هي الإقلاع عن الذنب» والشعور بالندم» والعزم المؤكد على ألا يعود إليه من بعدء وإذا كان الذنب بالتترك عمل» وإذا كان الذنب بالعمل ترك» فذنب الكاتمين كان بترك البيان والتبليغ فتكون التوبة بالبيان والتبليغ ؛ ولذلك قال تعالى «وبينوا» أى أكدوا بفعل نقيض ما ارتكبوا. وقوله «وأصلحوا»» أى تركوا الإفساد واتجهوا إلى الإصلاح» وعمارة الوجودء ونشر الخير بين الناس وإرشادهم إلى أقوم السبل فى هذه الحياة» وفى ذلك إشارة إلى أمرين جليلين: )١(‏ روى الترمذدى : كتاب العلم - باب ذخ فضل العلم )3 2 عن أبى الدرداء قال: قن سمعت رَسُول الله يِه يفول : ١‏ مْ َلك طريقًا يتَنَى فيه علْمًا لَك اللّهُ به طَريعًا إِلَى الْجنّء د التلائكة لتضم أجدستها ل اع مر رضاء لطالب العلىٍ ِذ لالم ليتَْفر لمن : فى السّسَوات ومن فى الأرض حَى الْحيَانً فى ْمَأ وسا سم مه ديئارا ولا درهَمًا نما ورُّوا اعم فَمَنَ ١خ‏ به أَحد بح وافر» . كما رواه ابن ماج فى المقدمة (19؟): وأبو داود: العلم فك ضقة وأحمد فى مسئده فى مسئده 55 0 وغيرهم . لا تفسير سورة البقرة كلكلا ااال أولهما - أن كتمان العلم فيه فساد فى الأرض؛ لأنه يجعل الناس فى متاهة من الباطل فتنقلب الأوضاعء. ويختالط الحق بالباطل» ولايعرف الناس سبيلا للهداية» وتسد مسالك الخير؛ إذ لا هادى إلا أن يرحم الله عباده بهاء ويرشدهم إليها. ثانيهما - أن بيان الخير والحق هو الإصلاح فى هذا الوجود فلا سلامة يسكت فيها الحق» وينطق فيها الباطل» وقد لعن بنو إسرائيل لسكوتهم عن البيان فى وقت الحاجة إليهء وقد قال تعالى: ف لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا ركانوا يعتدون +(2) كانوا لا يناهو عن منكر فعلوه لبمس ما كَانوا يفَعلُونَ +750 4 [المائدة] وكما قالت الحكمة: السكوت عن الحق نطق بالباطل» والساكت عن الحق ناطق بالباطل . وقد جزى الله تعالى التائبين العاملين المؤكدين لتوبتهم بالبيان للحق والإصلاح بأنه يقبل توبتهم. فقال تعالت كلماته: فأُولتك أتوب عَلَيْهم ونا التُوؤاب الرحيم». هنا التفات من الإخبار إلى التكلم» فالله تعالى أخبر عنهم فى قوله تعالى: إن الدين يكتمون ما أَنرلْنا من الْببّّات4» إلى آخر الآية» ثم التفت من الإخبار إلى التكلم عند الجزاءء وكذلك الأمر فى أكثر البيان يكون ذكر المعاصى والتوبة منها بالإخبار أو الخطاب؛ ويكون الجزاء من الله تعالى بضمير لمتكلم تربية للمهابة» والإشراق فى النفس» والإشعار بالرضاء وإن قبول التوبة أحب إلى العاصى التائب من كل ما فى الوجود» وهو رفع له من ذلة الذنب وخمسته إلى رفعة الحق وعزته؛ ولذا قال عز من قائل: طفَأُولَك أتوب عَلَيْهِم» الإشارة إلى الموصوفين بالتوبة الذين بينوا ما كتموا وأقاموا الإصلاح مكان الإفسادء وكما قلنا وكررنا الإشارة إلى الموصوف بيان أن العلة هى الوصف» فقبول التوبة سببه التوبة النصوح» والعمل على نقيض المعصية وما ترتب عليهاء و(أتوب عليهم» معناها أرجع عليهم تفسيرسورة البقرة الاااالااللااالااااالااالاللاتلسالالا اللا لل ااا بالقبول والجزاء» فكما أنهم رجعوا إلى من تيه المعصية أرجع بقبول التوبة وغفران الذنوب؛ ثم قال عز من قائل: #وأَنا اتاب الرحيم4 أى كثير قبول التوبة لأنى رحيم بعبادى» وإن كان الناس لا يذنبون أتيت بمن يذنب لأقبل توبته كما ورد فى معنى الأثر 17 , وإن هاتين الآيتين تدلان على وجوب بيان الهادى إلى الرشاد» كما ورد فى الأثرء وإن تبليغ العلم يجب أن يكون على علم بسياسة البيان بأن يبين للناس ما يطيقونء ويتدرج من اليسيرء حتى يكون العسير سهلا يسيراً» ولقد قال عليه : «حدث الناس بما يفهمون؛ أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ !70 . ويجب بيان الحق الذى لا زيغ فيه» ولقد قال يلليْهِ: «لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم ولا تضعوها فى غير أهلهاء فتظلموها»7" وقال عليه الصلاة والسلام فى هذا المعنى : ”لا تعلقوا الدر فى أعناق الخنازير»7؟2). وفق الله العلماء للنطق بالحق وألا يفتحوا باب التأويل لذوى السلطان حتى لا يضعوا الدر فى أعناق الخنازير )00 عا الول ا سي حص لوقا حا انحا ملقم سي بن سود ال 8 ل سمعت 0000 رواه 00 : كتاب العوية 2654 ورواه أيضا 2:55 عن أبِى هريرة قَالَ: قال رسول الله ِل : ) وَلّذَى ع ا تاس سم 8 تَفُسى بيّده لو لم تدنبُوا لدعب الله كم ولَجَاءً بقَومٍ يُدنبُونَ فَيستَعِْرُونَ الله يعفر لهم0. كما رواه أحمد والترمذى . (؟) أخرجه البخارى عن على موقوفا: : 'حَدَنُوا الئاس سما يعْرِفُونَ أتُحبُونَ أن يكب الله وَرَسُولَهُ ؟!» [كتاب العلم: (195)]. (؟) جاء فى كشف الخفا :)"١75(‏ لا تضعوا الحكمة عند غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم . رواه ابن عساكر عن ابن عباس أن عيسى ابن مريم قام فى بنى إسرائيل فقال: يا معشر الحواريين لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتظلموهاء والأمور ثلاثة: أمر تبين رشده فاتبعوه» وأمر تبين لكم غيه فاجتنبوهء وأمر 0 ل ع ل سه سل عَلَى كل ْله ووآذ صم لعل علد قر د كل لال ارم واللُؤلُوَ ولتم هاا تفسسير سورة البقرة حر 1 الوحدانية والوثئيون إدَالَكَمَروأوَمَا فوم :2 حَندنَ ديا لحنت عت الداث ولاخ زور 2ت المي كنود اهيمسن التي 72 إذَّف حَلْقَ يموت وَالْأَرْضِ وَأَخْيْك اَنَل وَأَلنَهَارٍ وَاَلْعُْ قال م تحرى ف احلاص وَمَآر انه نلق ون مأ نيسايو ارط يدمو اوها بعد أن أنهى الله تعالى موضوعات أهل الكتاب فى هذا الموضع من القرآن» وقد كان فيهم كفران النعم. والنفاق وكثرة العدوان والفساد فى الأرض» والعبث بالأحكام» والاستهزاء بآيات الله تعالى. بعد ذلك أخذ يبين أقوال الوثنيين وإثبات وحدانية الله تعالى» وابتدأ القول فى بيان حال الكفار من المشركين وأهل الكتاب الذين ماتوا على الكفرء فقال تعالى: «إِنَ الّذِين كقروا ومَاتثُوا وهم .... ذكر بعض العلماء أن موضوع الآية الكريمة كفار مكة الوثنيون قبل أن يدخلوا فى الإسلام؛ بدليل الكلام بعد ذلك فى الوثنية والوثنيين» وبيان الوحدانية ودليل التوحيد من خلق الكون. إل تفسيرسورة البقرة مالفالل ونحن نرى أن وصصف الكفر يعم المشركين والكتابيين» فالكتابيون كافرون كما قال تعالى: طلم يكن الذين كفروا م من أَهلٍ الكتاب والمشركين . ٠.‏ لله © [البينة] ولقوله: ١‏ لَقَد كَمَرَ اين قَنُوا إن لهت فاه .. . 2 > [المائدة] ولقوله تعالى: ط قَاتُوا ان لا يُْسُون باه ولا بايومٍ الآخر ولا يُحَرَمُون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الْحَقّ من الّذِينَ أُوتُوا الكتَاب حتَّئ يَعَطُوا الجزيّة عن يد وهم صاغرون 5202 4 [التوية]. وهذه أوصاف الكفار؛ لأنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخرء ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق» فهم داخلون فى وصف الكفار» والكفر كله ملة واحدة» فلا تفاوت فيهم» ولا فضل لكافر على كافر وليس كقر دون كفرء بل جميعهم فى الجحيم على سواء. وقد حكم الله تعالى عليهم الحكم الأبدى» إذا ماتوا على الكفر مصرين عليه بعد أن بلغوا بالرسالة فكفروا بهاء وماتوا على الكفر بها جاحدين معاندين منافرين معذبين الضعفاء»؛ ومثيرين للبغضاء والأحقاد» حكم الله تعالى عليهم بقوله عز من قائل : «أولك علَيهم لَعنة اللّه وَالْمَلائكة والنّاس أَجمعين» ولعنة الله تعالى إبعادهم من رحمتهء وألا ينظر إليهم نظرة رضاء ومن تكون حاله كذلك يكون فى النار خخالدا فيهاء ولعنة الملائكة تعذيبهم لهم بأمر الله تعالى» وإبعادهم عن رحمته ولعنة الناس بنبذهم» والدعاء باللعنة عليهم . وهنا أمران بيانيان نشير إليهما ونجمل ولا نفصل: أولهما- أن الإشارة فى قوله تعالى: «أُولَتك عَلَيْهمَ لَعَةَ الله تعود على الكفار الذين ماتوا مصرين على الكفر قد بلغتهم دعوة الله» وكما قلنا ونكرر الإشارة إلى موصوف فيه إشارة إلى أن علة الحكم الوصف» وهو موتهم على الكفر بعد البيان والإنذار الشديدء #... . وما كنا معذّبينَ حنئ نبعث رَسُولاً 4 [الإسراء] . ل تفسير سورة البقرة 00 هرو < لوه‎ ١ يي الثانى- أن الله تعالى ذكر فى بيان عذابهم أن عليهم اللعنة» أى أن اللعنة تنصب على رءوسهم انصبابا وتحيط بهم من فوق رءوسهم وعن أيمانهم» وعن شمائلهم» فهم بعداء عن رحمته» وعليهم غضب الله والملائكة والناس أجمعين» وإن تلك اللعنة تنالهم بسبب موتهم على الجحود والإصرار على الكفر. وقد أثار الناس جدلا موضوعه هل تجوز لعنة الكافر وهو حى» فناس لم يجيزوها؛ لأنه يجوز أن يتوب الله تعالى عليه» وجواز اللعنة إنما كانت على الكفار الذين ماتوا على الكفرء ومن كان حيا ترجى توبته» أو تجوز توبته. ومن العلماء من أجاز اللعنة على الحال التى هو عليهاء وخصوصا إذا كان من يؤذون صاحب الدعوة» ويروى فى ذلك أن النبى َك لعن عمرو بن العاص» وهو على الكفرء فيروى فى ذلك أن النبى كيد قال: «اللهم إن عمرو بن الساص هجانى وقد علم أنى لست بشاعر فالعنه واهجه عدد ما هجانى» . وقد اتفق أهل العلم على أن اللعن الذى ذكرته هذه الآية عقاب من الله تعالى» وغضب على الكافر» وجزاء له كجزاء جهنم . وأكثر العلماء على أن لعن المسلم لا يجوز ولو كان عاصيا؛ لأنه يخزيه ويذلهء وخزيانه وذله يقربه من الشيطان ويجعل للشيطان مدخلا فى نفسه» يروى عن النبى يله أنه أتى بشارب خمر مراراء فقال بعض من حضره : لعنه الله ما أكثر ما يؤتى بهء فقال الرسول الكريم يَلِّ: «لاتكونوا عون الشيطان على أخيكم»” . وقد بين سبحانه أنهم خالدون فى عذابهم» فقال تعالت كلماته: «اخالدين فيها لا يحَقّف عنهم الْعَذَاب ولا هم ينظَرُونَ» الخلود هو البقاء الدائم الذى لا نهاية له وكثيرا ما يذكر الخلود موصوفا بالدوام» وبصيغة مؤكدة.» وقد انحرف بعض الناس فقال إنهم يبقون فى العذاب بمقدار جرمهم الدنيوى وزمانه» وذلك انحراف فى الفكر وإن قاله بعض الذين لم يعرفوا بالانحراف. )١(‏ [أخرجه البخارى: كتاب الحدود - باب ما يكره من لعن شارب الخمر (5787)», كما أخرجه أبو داود زقتككرةف وأحمد (5564ل/)]. إل تفسيرسورة البقرة الالللللاا0ا0اللاا0ااال الك والضمير فى «فيها) يعود على اللعنة» وتكون اللعنة من الله تعالى مقتضية الدخول فى النار؛ لأنها متضمنة غضب الله تعالى يوم القيامة» وغضب الله تعالى مقترن به عذابه» وإنه عذاب مؤلم مستمر لا يخفف عنهم.ء ولا ينقطع بل هو مستمر؛ لأن سببه استمر طول حياتهم فى الدنياء ولا ينظرون» وقد أكد الله تعالى أنهم لا ينظرون ولا يؤجلون بذكر ضمير الفصل الذى يؤكد الحكم. وقد صرح الله سبحانه وتعالى بالوحدانية» فقال تعالى: #وإلَهكم إِلَّهُ واحد لا إِلَه إل هو الرّحمن الرحيم» وقوله تعالى: «وإلهكم» بالإضافة إليهم فيه إشارة إلى أن المعبود الذى تعبدونه بحق إله واحدء فالذين تعبدونهم من أوثان وأحجار ليسوا بالهة بل إلهكم الحق الذى يجب أن تعبدوه واحد لا إله إلا هوء لا يعبد بحق إلا هوى ولا يمكن أن يسمى غيره من الأوثان باسمهء إنما هى أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطانء» فالإله هو الخالق الذى ينفع ويضرء وأنشاً الوجود برحمته» وعمهم بنعمته» ولقد وصفه سبحانه وتعالى بأنه «الرحمن ن الرحيم) الذى يتصف بالرحمة» وتعتبر صفة من صفاته» وهو الذى يرحم العباد فعلاء وقد بينا معنى الاسمين الكاملين من قبل . وقد ذكر سبحانه وتعالى هذين الوصفين من بين الأسماء الحسنى؛ لأنهم يحسون بأنهم فى آلائه» ورحمتهء فهم إذا كانوا فى شدة لايستغي* يستغيثون بآلهتهم ؛ وإذا كانوا فى ضر لا يلجتون إلا إليه © أَمْن يجيب المضطرٌ إذا دعاه ويكشف السُوء ويجعلكم حَلفاء الأرض َه مع الله . ٠‏ لنت 4 [العمل] ويقول تعالى: 9 وإذا مس الإنسان الضر دعانَا لجنبه أو قاعدا أو قائما لما كشفنا عنه ضر مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسّهُ كَذَلك زين للمسرفين ما كَانُوا يعملون +7 4 [يونس] ويقول تعالى فى بيان حالهم فى مأساتهم وشدائدهم وأنهم يضرعون | ليه: «إقل من يتجيكم من ظَلَمَات البر والبحر تدعونه تضرّعا وخفية لين أنْانا من هذه لَكُوننُ من الشاكرين 22 قل الله ينجيكم مَنْها ومن كل كرب 5 َم أنهم تش ركون 2202 » [ الأنعام ] . فأولئك الوثنيون من العرب كانوا يعرفون الله تعالى ولكن يعبدون أوثانهم» وعندما تشتد الشديدة عليهم يلجئون إلى الله وحده مستعيئين طالبين الرحمة من ا تفسير سورة البقرة سس يك عنده؛ ولا يرجون الرحمة من غيره قط؛ ولذا كان وصفه بالرحمة؛ لأنهم يلجئون إليه وحده عند رجاء الرحمة فلا يرجونها من غيره» وكأن المعنى: الواحد الأحد هو الذى يرحمكم عندما تضرعون إليه فكان المنطق يوجب عليكم آلا تعبدوا غيره. ولقد بين سبحانه دلائل وحدانيته» وأن خلق الوجود بإرادته» ولم يخلق الوجود من غير إرادة خلاقة مسيطرة على ما فى الوجود» يعرف ما خلق» ويديره والدليل على ذ أولا- تنوع خلقه من سموات وأرضين» ومن ماء ينزل فيحيى الأرض بعد موتهاء مما يدل على أنه ممخلوق بإرادة واحدة. ثانيا- تصريف الوجود من حال إلى حال» من ظلمة ونور وليل ونهار» يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل. الثا- المخلوقات المستمرة من رياح تتحرك وسحاب مسخرء وجريان القلك على الماء بأمره.ء وكل ذاك لمعنى أريدء وغاية قصدت لا تكون إلا من خالق مريد منفرد بالإيجاد. رابعا- الإيجاد بالتوالد المستمرء وانتظام هذا الوجود ما يدل على وحدة الموجدء لو كان فيهما آلهة إلا الله لمَسَدنا فَسبْحانَ الله رب الْعرش عم يصفون +2 # [ الأنبياء ] . فهذه الآية الكريمة تشير إلى القدرة المنفردة بالتكوين» فتنفرد لا محالة بالعبادة والألوهية» وفى معنى هذه الآية وإن كانت بأسلوب بيانى آخرء ا« أَفلَمِ ينظروا إِلَى السّماء فوقهم كيف بنيناها ينها وما لها من فروج 2+ والأرض مَددتَاهًا وألقينا فيها رواسي وأنبها فيها من كل زوج بهيج +080 > تبصرة وذكرئ لكل عبد منيب ++ وَتَرَلنا من السّمَاء ماء مباركا َنبا به جنات وَحَبّ الخصيد 32> والنّخْل َاسقات لها طلع ُضيد لك رزقًا للعباد وأَحيينا به بده مَيْنَا كلك الْخْرُوج 212 4 [ق] . 2 إل تفسيرسورة البقرة هذه إشارات إلى بعض ما فى الآية من بينات» وأدلة على أن خالق الكون واحد مدبر وحله لا يشاركه فى هذا الإيجاد المحكم الذى يسير على سنة رسمها منشئهء لا تقدير لخلق إلا من الله وحدهء وهو العليم الحكيم. ولنذكر ما ساقه سبحانه وتعالى من كلمات فى هذا الكون. قوله تعالى: «إإِنَ في خلق السّموات والأرض». قالوا: إن المشركين لما ذكر الله سبحانه وتعالى وحدانيته طلبوا دليلا على الدعوى» وإردافها ببيينة واضحةء فقال الله تعالى ذلك وإذا لم يكن سؤال؛ فإنها جواب على فرض سؤال إذ العقل طُلَعَة يريد معرفة سر كل شىء. والسموات جمع سماءء وجمعت لأنها تشتمل على طبقات مختلفة من أبراج ونجوم وكواكب يمسكهن الله تعالى برباط محكم مما سنه فى الكون من جاذبية رابطة» ونسق بهيج» إن اللّه يمسك السّموات والأرض أن زولا ولئن زالتا إن أَمْسَكهما من أَحد من بعده . 4 [فاطر]ء» فهو سبحانه خلقها وأمسكها وحفظها من أن تنتثر أو أن تنفطر ووحد الأرض؛ لأنها فى سطحها وظاهرها شيء واحدء وإن كانت هى الأخرى طبقات. وآية السموات ما فيها من أبرج ونجوم وارتفاعها بغير عمد ترفعهاء وما فيها من الشمس والقمر والنجوم السائرة الباهرة مشرقة ومغربة نيرة» وغير نيرة. وآية الأرض ما فيها من بحار وجبال رواسي» وما فى باطنها من فلزات ومعادن وماسء» ومافى بحارها من لآلئْ ومرجان وعنبرء فكل هذا آية على وجود الله تعالى ووحدانيته؛ فهو خالق الوجود وحده. وقوله تعالى: «#واختلاف الَليلٍ والتّهار» بأن يكون كل واحد منهما خلفاء كما قال تعالى: « وهو الذي جَعَلَ اليل وَالتَهَارَ خلفة . .. ته # [الفرقان] واختلافهما من حيث الظلمة والنور» ومن حيث الطول والقصر وأن يطول الليل مرة أكثر من النهار وأن يطول النهار أخرى أكثر كما قال تعالى: ذلك بِأنَ الله يولج اليل في هار ويُولجَ التّهَارَ في الَيْلٍ ... +0 4 [الحج] وقد قال تعالى: «وآية لهم اليل م تفمسير سورة البمرة لون احم * كوه‎ ١ 3 تسلّخ منه النّهارَ ذا هم مظَلمُون 4500 4 [يس] ولية الليل والنهار هى انتظامهما وتغير أحوالهما بفعل الواحد الحكيم العليم . وقوله تعالى: لوالْفلُك التي تجري في الْبْحَرٍ بما ينفَعْ النّاس» والفلك تذكر ٠‏ وتؤنث» وهى السفن التى تحمل الأثقال وتنقلها من بلد إلى آخرء أو إقليم إلى آخرء لينتفع أهل الأرض بكل خيراتهاء وما يفضل من إقليم ينقل إلى غيرهاء فيعم الخير» ويتبادل الناس جميعا ما فى الأرض من نبات وحيوان؛ ولذا قال سبحانه: «النّي تجري في البحر بما ينفع النّاس» وآية الفلك أنها تحمل أثقالا ويحملها الماء السائل الرقيق» ولقد قال تعالى: (وآية لهم أنَا حملنا ديهم في الفلك المشحون وَخَلقنا لهم من مثله ما يركبون +620 وإن ّنَأ غرفم قلا صريح لهم ولا هم ينقذون 227 إلا رحمة منَا ومَمَاعا إلى حين +(:5 4 [يس] . وإن فى الفلك آيات أخرى فى تسخير الله تعالى لها بالرياح تجريها وتتحرك حيث أراد محركهاء وإنه بعد اتساع العلم» وقدرة الإنسان فى تسخير الآلات والسيطرة عليها ما زالت الرياح عاملا قائما فى تسيير الجاريات وقوله: #وما أنزل الله من السّمَاء من مّاءِ» السماء المراد بها ما علا مما يتصل بالأرضء» وإن الله وحده هو الذى ينزل الماء أى الأمطارء ولأنها تجىء من غير حسبان» وتجىء بالاستسقاء أحيانا» أسند إنزال الماء إليه سبحانه وتعالى» لأنه المصرف للسحاب» ولا يمكن ابن الأرض أن يعرف متى تمطر السماءء ومتى يكون مطرها غيئًا يسقى الناس والدواب والأنعام والحرث والنسل ومتى يكون وابلاً عاصمًا مفسدا وفاسدا. وبين الله تعالى وجها من وجوه النعمة فى نزول المياه من السماء إلى الأرض بتسخيره» فقال تعالى: «إفأحيا به الأرض بعد موتها» والمراد الظاهر أنها من قبله كانت جرداء لا نبات فيها» . ولا زرع ولا ثمرء فكانت كالميت فينزل الماء فيحييها بالخضرة والنضرة» وتصير كأنها الحى» فى ريق حياتهء كما قال تعالى: « وآية لهم الأرض الْميَة أَحيينَاها وأَخْرَجَنا منها حي فمه أكون( وجَعلا فيه نات من تُخيل وناب ونا فيه من اليو 20 ليأكلوا من نَمرِه وما عملَتْهُ أيديهم أفلا يَشْكْرُونَ +27 4 [يس] . يم لا تفسيرسورة البقرة لحب زا اللو لب يي وقوله تعالى: #وبث فيها من كِ دابّة» الدابة كل ما يدب على الأرض من لحيوان كما قال تعالى: 8إوما من دَابّة في الأَرض إلا علَى اللّه رزفها ويعلم مستقرها ومستودعها ... 2# #4 [هود]ء وبث أى فرقها ونشرها من أنعام وإنسان وطير وغير ذلك من الحيوان» فإن ذلك كله من الماء الذى ينزل من السماء سواء أكان سيلا يسيل» أم نهرا يجرى. أم عينا تختزن فيها مياه الأمطار فى باطن الآرض» ولقد قال تعالى: < ... وَجَعلْنا من الْمَاء كل شيء حي أفلا يؤمنون +22 4 [الأنبياء] والآية فى ذلك أن الماء به الحياة» والله تعالى منزله ومجريه ولو شاء ما كان فى الناس هذه الحياة من كل زوج بهيج . وقوله: #وتصريف الرياح4» معناه إرسالها على غير صورة واحدة» فقد تكون عقيماء وقد تكون مملوءة ماء» وقد تكون عاصفا وقد تكون رخاءء» وتكون حارة أحيانا وباردة أحيانا » وقد تجىء من الشمال وقد تكون من الجنوب ومن الشرق أحياناء ومن الغرب أحيانا أخرى» وفى مقدار تسييرها للسفن الجاريات فى البحر ما بين كبيرة وصغيرة ودافعة ورافعة» وإن ذلك كله بتقدير العزيز العليم» وقد يقولون: إن ذلك كله يكون تابعا لسنن كونية آنية من حرارة الأرض أو برودتهاء وإن ذلك لحق. ولكن من الذى سن هذه السئن الكونية؟ إنه هو الله تعالى» وهو قادر على تغييرهاء وهذه آية من آيات الله تعالى فى الكون» وفيه بيان قدرة الله تعالى وحكمته العالية. إن الله تعالى نصر نبيه بالريح فى غزوة الخندق» وقد روى ابن عباس أن رسول الله يَكدٍ قال: «نصرت بالصباء وأهلكت عاد بالدَبور»(2» ولقد قال تعالى فى غزوة الخندق: 8« فَأَرِسِلَنَا علَيْهِم ريحا وجنودا لم تَرَوهًا ... 20> »4 [الأحزاب] وكل خواص الرياح من آيات الله تعالى الدالة على وحدانيته وانفراده بالخلق والتكوين وذلك يقتضى انفراده تعالى بالعبادة فلا يعبد سواه ولا إله إلا الله . )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: كتاب الجمعة (91/1): ومسلم: كتاب الاستسقاء )١5948(‏ عن ابن عباس - رضى الله عنهما. # تفسير سورة البقرة سس سسالا اس 9ب أ ل وقوله: #والسّحاب الْمَسَخَر بِيْنَ السّمَاء والأَرْض» والسحاب ظلال تنتقل بين السماء والأأرض» وسميت سحابا لانسحابها من مكان إلى آخر وهى قد تكون متلئة فتنزل على الأرض إذا بردت ويكون منها الودق. وقد قال تعالى: © ألم تر أ اله يزجي سحابا فم يؤلف نه لم عله اما فَرى الودق يَخْرج من خلال ويل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويْصرفَهُ عن من يشَاء كاد سنا برقه يذهب بالأبصار 202 4 [ النور] . والسحاب المسخر المذلل لأوامر الله تعالى يبعثه من مكان إلى مكان كما يريد سبحانه» وهو العليم الخبير» فيذهب بمطره إلى الاأرض التى يريد الله تعالى إحياءهاء ولقد قال تعالى: « والله الذي أَرسل الرياح فير حاب فسقناه إلى بَلَدِ ميت .. ٠‏ ل 4 [فاطر] ويقول تعالى: #8 حتئ إذا قلت سَحَابًا ثقالاً سقناه لبلَد مت ... 22> 4 [الأعراف] فالسحب هى التى سخرت لتوزيع الياء بإرادة الله تعالى من أرض لا تنبت إلى أرض أخرى تنبت» فإذا كان الله ينزل من السماء ماء ليكون منه حياة كل شىء» فالله سبحانه وتعالى سخر السحاب لتوزيع هذا الماء الذى ينزله على حسب الحاجة وعلى حسب حكمته. هذا الذى ذكره سبحانه من خلق السموات والأرض والفلك التى تجرى فى الببحر بما ينفع الناس» والمطر الذى ينزله من السماء» وتصريف الرياح بسان كونية نظمهاء والسحاب المسخر بين السماء واللأرض» فيه آيات بينات» وأدلة واضحات قاطعة تدل على وجود الله تعالى وانفراده سبحانه بتدبير الكون» وعلى أن إرادة واحدة هى التى أنشأته وهى التى تديرهء سبحان الله رب العالمين؛ ولذلك قال تعالى بعد أن ذكر تلك الآيات البينات «لآيات لقوم يعقلون» هذه الحملة السامية فيها جواب (إن» فى قوله تعالى: إن في خَلْق السّمَوات والأرْض » إلى آخر الآية الكريمة. «آيات»؛ أى أدلة قاطعة لا مجال للريب فيها قوم يَعْقَدُوَ4 أى يعملون عقولهم لا أهواءهم. ولم تطمس عليها أوهام توارثوهاء وتقليد استمسكوا بف وقالوا ما نعبد إلا ماكان يعبد آباؤنا من قبل . وعبر سبحانه وتعالى ب (قوم» للإشارة إلى الأقوام التى لا تعقل ولا تفكر. بل تفسيرسورة البقرة 0 ل ال الم > ات مسلا وشدل_ زر تل - 2 7 ا رو 7 و يل حسمب 0ه 1 2 و 4ج 7 2 م سوسم 2خ سسا سب وَالدَبن ءامنواا أَسُد حبالله ىالذين ظلموا د يرود ير و 01 1 0 2 0-7 عه 3 ح2 > > 00 2 20 هو - ١ه‏ 2 2ه 7226 04 َم 5 - 2 ا ؟ذأاء ترد للد 200 94 ل -5 هه 218" جم ذكر الله وحدانيته سبحانه وتعالى» وأنه لا إله إلا هوء وذكر الآدلة على الوحدانية» وأنه حافظ الإنسانية ومنميهاء والأحياء جميعاء ومع هذه الأدلة الواضحة ومع ما غمر الإنسان من نعم ووجود وكيان قائم » مع ذلك وجد من يجعل للخالق المدبر أندادًا فى العبادة؛ ولذا قال: #ومن النّاس من يتَحْذْ من دون الله أندادًا 4 الأنداد جمع ند وهو النظير المقابل الممائل» وأنهم يتخذون الأصنام أو الأشجار أندادا ممائلة لله تعالى يتعبدون الأصنام» ولا يذكرون الله إلا قليلاء أو . الأشخاص فيطيعونهم كأن أوامرهم هى من الله تعالى» وإن ذلك كله مع قيام الأدلة التى لا ريب فيها مما نيط بهم فى هذا الكون الذى هو فى ذاته دليل الوحدانية. ونعم من آلائه» سبحانه وتعالى فالإنكار ابتداء هو فى اتخاذهم هؤلاء الأنداد أيا كانواء وقوله تعالى: «إومن النّاس مَن يُتَخْل من دون اللّهك فيه إشارتان بيانيتان : الإشارة الأولى- التعبير #ومن الثاس» فمن للبعضية» أى بعض الناس» وفى ذلك تصغير لشأنهم وتهوين لأمرهم سواء أكانوا عددا قليلاء أم كانوا عددا كثيرا ا تفسير سورة البقرة الملل الالال 01 رم ولبجمل بي 2 فهم مهينرن فى تفكيرهم» إذ هم رفضوا الدليل المشتق من وجودهمء. وما يحيط بهمء فضلوا ضلالا بعيداء والتعبير عنهم بذلك #ومن الثاس» إشارة إلى أنهم ليس لهم من وصف إلا أن يقال إنهم من الناس» فليس لهم وصف علم ولا إيمان» ولا شيء من المكارم التى تعلى الإنسان وتسير به فى مدارج الرقى» كما تقول عن رجل محتقرا: هذا الآدمى» أى ليس له من الصفات إلا أنه آدمى . الإشارة الثانية- أن الله تعالى قال: ظيتّحْذ من دون اللّه أندادا4. فيه إشارة إلى أنهّم - أى الأنداد - ليس لهم وجود ذاتى بهذا الاعتبارء إنما هم الذين جعلوهم كذلك جعلاء فما كان لهم ذلك إلا بزعمهم الباطل وحدهمء وهم يحسبون أنهم بهذا الاتخاذ يحسنون صنعا. وإنهم لا يكتفون بذلك الاتخاذ الباطل» بل يعبدونهم ويحبونهم كحب الله تعالى بأن يجعلوهم نظراء الله تعالى فى المحبة والخضوع وطلب الرضا. وقوله تعالى: #كحب الله قد يكون معناه أنهم يسوونهم بالله تعالى فى العبودية» والطاعة والرضا بما يعتبرونه مرضيا لهم مع أنهم يرون أنهم لا ينفعون ولا يضرون» وإذا أنزلت بهم شديدة لا يلجأون إلا لله» ولا يطلبون كشف الضر إلا منه كما تلونا من كتاب الله تعالى ما يحكيه عنهم» فهم يفرقون بين معبوداتهم» وبين الله فى شدائدهم. ولا يفرقون فى رخائهم» وقد علمت أن وثنيى العرب ما كانوا ينكرون وجود الله وأنه المنشئ المكون للوجودء 9 ولكن سألتهم من خَلَقَ السّمُوات والأرض ليون اللّه ... 27 4 [لقمان] ويقولون فى أوثانهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله . وهذا التخريج هو الأقرب إلى الخاطر» وهناك تخريج آخرء يقول إن معنى قوله تعالى #كحب الله» أنهم يحبونهم كحب المؤمنين لله تعالى» فهم يتزلون أندادهم منزلة الله تعالى عند أهل الإيمان فيفردونها بالعبادة كما يفرد المؤمنون الله تعالى بالعبادة وحده. ل تفسيرسورة البقرة 0 للفو اللا ب(لجمل بر 7 والتخريج الأول أظهر وأقرب إلى الخاطر» وهو المتبادر» ولقد قال بعد ذلك: «والّدين آمَنوا أَشَد حبًا لله أى أن المؤمنين لوصفهم بالإيمان ولإذعانهم بالحق ولآنهم يعبدون من يملك النفع والضرء وأنه خالق الكون؛ ولآن حبهم مقصور على الذات العلية» فإنهم بذلك أشد حبا لله» ومظهر حب الله تعالى الإخلاص له وتسليم الوجه والطاعة له» والخضوع له» ولا يأتى من عنده» فحب الله طاعتهء وأن تمتلئ النفس بذكره» وأن يكون حبه كله لله تعالى لا يحب شيئًا في الوجود إلا لله كما قال تعالى: «! يحبهم ويحبُونَه ... 44220 [المائدة] ولقد قال يَلِِ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشيئ لا يحبه إلا لله17» فالله فى قلبه وفى عملهء وقوله واختلاطه بالناس» وهو معه دائما. وإن الله تعالى قد أعد العقاب الشديد لأولئك الذين اتخذوا الآنداد» وقدسوا الحجارة» وعبدوا الطاغوت» وقد قال تعالى فى وصف عقابهم الهائل : #ولو يرى الّذينَ ظَلَمُوا إذ يَرَوَنَ الْعَذَابٍ أَنّ القْرَهَ للّه جميعا وَأ الله شَديد الْعَدَاب» والذين ظلموا هم الذين اتخذوا الأنداد» وأظهرهمء ولم يعبر عنهم بالضمير أو الإشارة» لبيان أنهم ظالمون ظلموا أنفسهم وظلموا الحقيقة» وضلوا وأضلواء وإن ما ينالهم من جزاء هو بسبب ظلمهم» وقوله تعالى: #أن لقو لله جميعا وأنّ الله شديد العذاب» مفعول يرى» ويصح أن تكون يرى الأولى علمية» ويكون المؤدى أن ذلك يوم القيامة وظلمهم كان فى الدنياء ويكون سياق الكلام هكذا: لو يرى الذين ظلموا أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب» لو يرى الذين ظلموا ذلك» وهم يرون العذاب الواقع فعلاء والمعنى يرون العذاب رأى العين بالعين البصرية يوم القيامة ويعلمون أن القوة لله جميعاء وأن الله شديد العقاب. فهم يرون العذاب فعلا رأى العين» وقد علموا فى ذلك الوقت أن الله سبحانه وتعالى له القوة جميعاء فلا قوة لأحد أن يزحزحهم من النار التى هم فيهاء ويعلمون أن الله شديد العقاب. )١١‏ عَنْ أبى أُمَامَهَ عَنْ رسُوفٍ الله ل ألُّ قَالَ: «مَنْ أحَب لله وأبْمَض لله وأععطى للَّهِ وَمَنَعْ لله ققَدْ استكْمَلَ الإيمان». [سنن أبى داود: كتاب السئة .])5١51(‏ له تفسير سورة البقرة سس سس 909 8 م حب اا وهنا إشارتان بيانيتان لابد من ذكرهما: الأولى- أنه سبحانه يقرر أن الذين ظلموا لو علموا قوة الله وأنه شديد العقاب» #إإذ يرون الْعدذاب» وهم يرون العذاب برؤية العين البصرية» وإذ هنا للزمن الماضى وذكرت هنا لبيان تحقق الرؤية كما يذكر الماضى فى موضع المستقبل لتأكد الثانية- أن قوله تعالى: ولو يرى الّدينَ ظَلَمُواك إلى آخره» هذا فعل شرطء فأين الجواب؟ ونقول: إن الجواب محذوف ومقدر بما يناسب المقامء وهو الهوان الشديد» ويكون المعنى لو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب لرأوا هولا شديدا لا يكتنه كنهه. ولا تدرك حقيقته إلا عند رؤيته. وإن العلم بقوة الله تعالى» وشدة عقابه» وأنهم قد رأوا بوادره» فيه تهديد شديد» وعذاب شديد» ويلاحظ أن الله تعالى قال: شديد العقاب» ولم يقل شديد العذاب كما قال فى موضع آخر؛ لأنه ذكر الجريمة» وهو اتخاذهم الأنداد» فالعذاب الذى يرونه هو عقاب» والعقاب دائما من جنس الفعل» وليس عذايا لذات العذاب بل هو جزاء وفاق لما قدموا. وإنهم فى هذا اليوم لا يكون لهم خل ولا شفيعء وإن الذين يتبرءون منهم. لأنهم جميعا فى عذاب أليم» وكل يفكر في هول ما نزل بهء ولذا قال تعالى: 9إذ تبَراً الّذين اتبعوا من الّذين اتَبعوا4 تبرأ المسبوع من التابع وتبرأ الرئيس المتخطرس من المرءوس الذليل الضعيف» وهذا كما قال الله تعالى فى سورة إبراهيم 9 وَبَرَزوا لله جميعا فَقَالَ الضَعفَاء للّذِينَ استكبروا إِنا كا لكم تبعا هَل أنتم مغنون عنا من عَذَاب الله من شيء قَاُوا لو هدانا الله تهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لَنَا من مُحيصٍ +22 وقال الشَيْطَان لما قُضي الأمر إِنّ الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سَلْطَان إل أن دعوتكم فاستجبثم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكُم ما أنَا بمصرخكم وما أنتم بمصرحي إِنَي كرت بما أشركتموني من قَبْلَ إِنّ الظَالمِين لهم عَذَابِ أليم 2 4 [ إبراهيم ]. ها تفسيرسورة البقرة لل الللللااللااللل لوللا اا0ا10ااالللإواللل الئل ٠: ككل‎ يي وقوله: لإإِذ تبر الّذينَ اتبعوا4 «إذ؛ للدلالة على الزمن الماضىء وهى هنا للمستقبل فيكون استحضار ال حال المستقبل» أو يقال إنها لزمن القول» وهو عن زمن فى الماضى وفيما بعد إخبار عن المستقبل» يتبرأ المتبوعون من التابعين الذين يقولون: هؤلاء الذين أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار. فيتبرأ المتبوعون منهم ويقال: لكل ضعف ولكن لا تعلمون. فهم إذ يرون العذاب لا يفكر أحد منهم فى تضليله لللآخرء وإن ذلك التبرؤ وهم قد رأوا العذاب. لقد ضل التابع وضل المتبوع وقد كان مآل الفريقين النار. وقد كانت بينهم مودة موصولة جعلت بعضهم يتبع الآخر على الشرك والضلالة» وكانت أحيانا تكون الصلة نسبية» أو عصبية جاهلية» وقد بين سبحانه أن تلك الصلات كلها تتقطع؛ ولذا قال عز من قائل: وتَقَطّعتْ بهم الأسَبّاب» الأسباب جمع سبب وهو فى الأصل الحبل الذى يشد به الشىء أو يصل بين أمرين برباط بينهما والمراد هنا الصلات التى كانت تربطهم من عصبية جاهلية أو رحم أو رياسة أو من أى تبعية كانت. هذه الصلات تقطعت» وتقطعت مبالغة فى القطع» أى أنها قطعت من كل ناحية بحيث لا يمكن وصلها بحال من الأحوال. وإن أولتك الذين أضلهم كبراؤهم» وأخحذوا عليهم طريق الهداية ينالهم الألم المرير؛ لأنه كان بين طريق الحق المستقيم ومخاوف الشيطان على الطريق - النبى ككُِ يدعو ويهدىء وعلى رأس السبل الأخرى شياطين الإنس يقودونهم إلى الضلال» فسلكوا طريقهم» فلما كان عذاب يوم القيامة يتخلى عنهم الذين قادوهم إلى مهاوى الشرء وكانوا معهم فى النيران وتبرءوا منهم؛ فتمنى التابعون أن يعودوا إلى الدنياء ليشبرأوا منهم كما تبرأوا هم متهم ولذا قال الله تعالى : ل ان م همان سس 0 كانوا فى الدنياء ولي للتمنى» ومعنى الجملة لو ثبت أن لنا كر نتمناها 2-2-0 منهم كَمَا تبرءوا متا وإن تفسير هذا التمنى أنهم فى الآخرة» أخلوا بهم وتبرأوا منهم فتمنيهم العود إلى الدنيا ليتبرءوا من دعوتهم إلى الباطل وينفروا منهم ويتبعوا ال تفسير سورة البقرة اللو للا يم بلج هر 7 الصالمحات. فالمتبعون يتبرءون منهم فى الآخرة» ويتمنون أن يعودوا إلى الدنياء ليعلنوا التبرؤ منهم ومنافرتهم بالبعد عنهم كما خذلوهم فى هذه الشدة؛ وقد بين سبحانه أن تمنياتهم لو حققت ما تبرأوا وما عملوا فقال تعالى: فإ ولو ردُوا لَعَادُوا لما نهوا عنه ... +420 [الأنعام] وإن غرور الحياة لا يمكنهم من أن يعتبروا بل ستدفعهم أهواؤهم إلى مثل ما فعلوا أولا فهم فى ريبهم يتسرددون» وإن ذلك التصوير الذى صوره الله تعالى لحالهم يوم القيامة هو ليريهم أعمالهم حسرات عليهم» ولذلك قال تعالى: #كذلك يريهم الله أعمَالهُم حسرات عَلَيْهُم. أى كان هذا منهم كذلك ليكون ذلك عقابا لهم فوق عقابهم بعذاب النار» وذلك العقاب بأن يريهم أعمالهم التى مضت على أنها حسرات» توالت عليهم حسرة بعد حسرة» فكان جمعها للدلالة على كثرتها وأنها متوالية حسرة تخلفها حسرة» وإذ أعمالهم كثيرة» فحسراتهم كثيرة» وحسرات مفعول ثان؛ فالله تعالى يريهم تلك الأعمال حسرات تكبو لها النفوس بعد أن كانت فى الدنيا مسرة يفرحون بها ويطربون بسوء ما يفعلون. ومع هذه التمنيات التى تجعل نفوسهم متلهفة على العودة إن كان ذلك ممكناء والحسرات المتتابعة فهم فى النار خالدون فيهاء ولذا قال تعالى: «ومًا هم بخَارِجينَ من الثار» فنفى الله تعالى نفيا باتا قاطعا خروجهم من النار» وأكد ذلك النفى باستغراق النفى الثابت بالباء وبضمير الفصل وبالجملة الاسمية. الطيباتحلال الله والشيطان بأمربالمحشاء رس مي و شرك م هه 0 2ر5 يتاد الئاس م 3 فى الارض حلدلا يباو بيعوا سر دو 1 جم 020 9 7 يم 0# تفسيرسورة البقرة النداء بقوله تعالى يا أَيها لنّاس» يشمل الناس جميعا مؤمنهم ومشركهم» وقال تعالى: إيا َيهَا الئاس كوا مما في الأَرْضٍ حَلالاً طيبَا4 الأمر هنا للإباحة جملة؛ لأنه يؤدى إلى الهلاك وهذا منهى عنه. وقوله تعالى: #إممًا في الأرض» أى مما تخرحه الأأرض من نبات وزرع وثمار وما يمشى من حيوان طيب يحل أكله وما يكون فى جوها من طير يطيب أكله. حلالا لم يحظر أكله كالخنزير والميتة وسباع البهائم وسباع الطير والمنخنقة والموقوذة والمتردية فى بئر حتى ماتت» والنطيحة» وما أكل السبع من غير تذكية» وما كان فى بالأزلام أو سمى عليه بغير اسم الله» أو لم يذك تذكية شرعية فإن ذلك كله ليس بحلال. تفسير سورة البقرة الل اااللللللللااا0ا0ااالللللل لان يم ١١ ااا‎ 7 3 والطيب هو الذى تستطيبه النفوس» وينميها ويغذيها غذاء صالحاء ولا يكون طيبًا إلا إذا كان كسبه من حلال ولا يكون من حرام» ولا يكون حلالا إذا كان من الرشوة أو من السحت أو الربا أو من غلول» وفى الجملة أن يكون كسبه خبيثاء ولو كان فى أصله طيبا. روى أن رسول الله كك سمع قوله تعالى : «يا أَيهًا الئاس كلوا مما في الْأَرْض حَلالاً طَيََا4 فقال عليه الصلاة والسلام: «والذى نفسى بيدهءإن الرجل ليقذف اللقمة الحرام فى جوفه ما يتقبل منه أربعين يوماء وأيها عبد نبت لحمه من السحت أو الرباء فالنار أولى به)10؟ . وبعد الأمر بالحلال نهى عن كل حرام بألا يطيع الشيطان» فقال تعالى: #ولا تتبعوا خطوات الشَيْطّان» وهذا يصل الكلام بالآية السابقة التى بينت أن من الناس من اتخذ أندادا بوسوسته وإغرائه. الخطوات جمع خطوة بضم الخاء وهى الأفصح.ء ويجوز فيها خطوة بفتحها والخطوة ما بين القدمين عند انتقالهماء والخطوات ما بينهما متتابعا » وهذا كناية عن السير فى طريق» وتتبع السير فيهء باتباع حركاته؛ وسيرهاء وكأنما شبهت حال أتباعه بحال من يتبع سيره خطوة بعد خطوة» فلو سار به فى ضلال سار معهء وانهوى به فى هاوية من الفساد» وإن السير وراءه هو سير وراء عدو واضح العداوة؛ ولذا قال تعالى معللا النهى بقوله تعالى: #إإنّه لكم عدو مبين4» بمعنى بيّن العداوة لا يخفيها ولا يطويهاء فمبين بمعنى إن عداوته جلية واضحة؛ لأنه يبينها ولا يخفيها من يوم أن عارض آدم كما قال تعالى: «(اهبطوا بعضكم لبعض عدو . ليله 4 [الأعراف] » وكما قال تعالى: طن الشيطان لكم عدو فَانّخَذوه عدوا نما يدعو حزبه ليكونوا من أَصحَاب السّعير 22 4 [فاطر] وكما قال تعالى: إن عدو مضل مبين >4 [القصص] . وكما قال تعالى: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ٠.‏ مجك # [ البقرة ] . 2)٠١١141١( رواه بهذا اللفظ الطبرانى فى الصغير عن ابن عباس رضى الله عنهما. [راجع مجمع الزوائد‎ )١( (الحلبى)].‎ ٠4١ والترغيب والترهيب (51114) وتخريج أحاديث الإحياء للعراقى ج؟ ص‎ و إل تفسيرسورة البقرة لكا : يي وإن النهى عن اتباع خطوات الشيطان له مغزاه ومعناه» ذلك أن الشيطان يجىء من الحلال الطيب الذى تشتهيه الأنفس فيخلطه بغيره» ويأخذ بالنفس التى تطيعه من طيب المال إلى سوئه» ويأخذهم من مشتبهات الحلال إلى الحرام» كما قال ككلِ: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات)7١2,‏ فهو يجيئهم من هذه المنتبهات ومن أجل ذلك كان الأمر بالحلال قد اقترن به النهى عن تتبع خطوات الشيطان الآثمة لأنها تجىء على مقربة من الحلال. اوكذلك من تتبع خطوات الشيطان أن يحرم المباح على نفسه كما قال تعالى: يا يها الْذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه . .. #(ي 4 [المائدة] ولقد أتى عبدالله بن مسعود بضرع وملح وجعل يأكل فاعتزل رجل من القوم» فقال ابن مسعود: ناولوا صاحبكم فقال: لا أريد. فقال: أصائم أنت؟ قال: لا. قال: فما شأنك؟ قال: حرمت أن آكل ضرعا أبدًا فقال ابن مسعود: «هذا من خطوات الشيطان»”"2» وكذلك كل تحريم للطيبات هو من خطوات الشيطان» فكان النهى عن اتباع الخطوات مقترنا بإباحة ما أحل الله تعالى؛ لأنه مخالفة لما قرره الشرع. ولقد ذكر الله تعالى أن الشيطان لا يكون منه خير قطء بل سوء وفحشاءء وما لا يكون فطرياء فقال تعالى معللا النهى عن اتباع خطواته: 8إِنَمَا يأمركم بالسوء والْمحشاء وأن 5 تقولوا على الله مَا لا تعلّمون » . الأمر هنا من الشيطان هو الغواية القوية» كما قال مسخاطبا ربه: < لأغويتهم أَجَمعينَ 57> إلا عبادك منهم المخلصين 222 4 [ص] . ولما كان أهل الغواية يطيعونه شبه بالأمر فعبر عنه بالأمر» والسوء: هو ما يسوء وتكون عاقبته السوءى» سواء أكانت السوءى فى النفس» فتسوء الأنفس» أم كانت الإساءة للمجتمع» فالسوء هو ما يكون فيه فساد وهو ضد المصلحة التى يأمر بها الله تعالى» وإذا كان إغواء الشيطان بما يسوء خاصة وعامة بلا ريب يكون مقتا للنفس وللجماعة وللأخلاق أن تتبع خطواته؛ لأنها إلى ضرر لا محالة. )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: كتاب الإيمان (00) ومسلم: كتاب المساقاة. (59145) عن النعمان بن بشير - رضى الله عنه. (1) رواه البيهقى فى السنن الكبرى (19718) ج١1‏ ص7959. ## تفسير سورة البقرة لل اال .م ١ الا‎ يي ويأمر أيضا بالفحشاء أى يغوى بهاء والفحشاء من الفحش والأمر الفاحش» وهو الذى يكون خارجا عن الفطرة المستقيمة, ؛ إذ الأمر الفاحش هو الزائد زيادة كبيرة» والفحشاء باعتبارها خروجا على الفطرة الإنسانية تعم المعاصى كلها من زنى وشرب خحمرء وسعى فى الأرض بالفسادء والإيقاع بين الناس بالنميمة والغيبة» وغير ذلك من المعاصى النفسية واللسانية والاجتماعية» وتطلق فى كثير من آيات القرآن على الزنى فقطء كقوله تعالى : ل( واللأتي يأتِين الفاحضة من تسائكم فَاسَشهدوا عليهن أربعة سكم إن شهدوا فَأمسكوهن في البيوت حتَّى يتَوقَاهنَ الموت أو يجعل الله هن سبيلاً (12) # [ النساء] . وتطلق الفحشاء على المعاصى الكبيرة التى تزيد عن المعقول» ومن ذلك قوله تعالى : ل إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربئ وينهئ عن القحشاء وَالْمَكر والبغي يعظكم لَعَلّكُم تَذَكْرُونَ +222 4 [الفحل] . فالشيطان لا يأمر إلا بما فيه مفسدة تسوء الآحاد والجماعات وإلا بالمعاصى التى تفحش حتى لا يستسيغها عاقل إلا من يكون الشيطان قد أغواه. ويأمر الشيطان أيضاء أى يغوى ويضل على ما فسرنا معنى الأمرء بأن يحرموا على أنفسهم ما لا يعلمون أن الله حرمه» ويقولون على الله تعالى ما لا يعلمون له دليلا من عند الله؛ ولذا قال تعالى فى الأمر الثالث الذى يغوى به الشيطان بعد إغوائه بالسوء والفحشاء اء الوأ : تقولوا علَى الله مَا لا تَعلَمُونَ 4 أغواهم الشيطان بأن يحرموا على أنفسهم , بعض الغنم من الإبل والبقر والنعم يحرمون أنواعا منهاء ويزعمون أن الله تعالى حرمها عليهم من غير حجة من عند الله» كما أشركوا وادعوا أن الله تعالى لا يكره ذلك,» ولو كان يكرهه لمنعناء وقال الله تعالى فى ذلك: « سيقول الْذين أشركوا لَو شاء الله ما أشركنا ولا آباونَا ولا حَرمنًا من شيء(1) كذلك كدب الذين من قبلهم حتَئ ذَاقُوا بَأسنا قل هل عندكم من علم فتحْرجُوه لا إن تتبعون لذ الظَّنَّ وإن أنتم إلا تخرصون لزه 4 [الأنعام]» فالشيطان كما سول لهم . قال المصنف رحمه الله: أى من النعم‎ )١( لل تفسيرسورة البقرة مم الل ههه : و الشرك بالله تعالى سول لهم أيضا أن يحرموا على أنفسهم ما لم يحرم الله ونسبوا ذلك لله تعالى» وهذا تطاول على الله تعالى كتطاول الشرك؛ إذ يقولون على الله ما لا يعلمون أنه قاله وحكم به» بظن آثم من عندهم» ولقد قال الله فى جملة ما حرم: «قل إِنَمَا حرم ربِي القواحش ما ظَهر منها وما بطن والإثم والبغي بغر الحق وأن تشْركوا باللّه ما لم يتزّل به سلْطّانا وأن َقُونُوا على الله ما لا تعلمون 27 4 [الأعراف ] . ونرى من هذا أن الشيطان يأمر بنقيض ما يأمر الله تعالى» وأن الشيطان يغرى بالظنون الفاسدة التى لا أصل لهاء وإن من أقبح ما يقع فيه الإنسان أن يحل ويحرم وينسب إلى الله تعالى قوله كما قال تعالى: 9 ولا 3 َُوُوا لما قصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وَهذا حرام لتفعَرُوا على الله الكذب إن الِّينَ يَفَْرُونَ على الله الكذب لا يفلحوت » :23> مع ليل ولَهُم عاب ألم :613 4 [ النحل ] . ا ا وإن إغواء الشيطان لا حدود له فمخارفه مختلفة متكائرة وصراط الله المستقيم واحد؛ ولذا يغرى أتباعه باتباع الباطل بكل الطرق يغريهم بالإشراك هم وآباؤهم» ويغريهم بتحريم ما أحل الله هم وآباؤهم. ويظهره ه لهم كأنه الحق جليا بيناء ولقد قال تعالى فى ذلك: ١‏ وَإِذًا قيل لهم البعُوا ما أنزل الله الوا بل نيع ما قينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلُونَ شيئًا ولا يهتدون 4 . نهانا سبحانه وتعالى أن نتبع خطوات الشيطانء وبين لنا أنه يأمرنا بالسوء والفحشاء وأن نفترى على الله الكذب» وأشار سبحانه وتعالى إلى أثره فى إغواء المشركين» وبين سبحانه وتعالى فى هذه الآية الكريمة إغواء شديدا آخر لهم» وهو اتباع الآباء من غير فكر ولا عقل يتدبر فعلهم وأقوالهم» يتدبر ما أثر عنهم أهو حق فيتبع أم باطل فينبذ» أو هو صدق فيقبل أم كذب فيرد» أو هو حسن فيقتدى بهم أم هو قبيح عليهم فينكره عليهم» لا يفكرون فى شىء من ذلك» بل إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءناء وألفينا معناها وجدنا آباء كانوا واستمروا إلى أن جاءوا وهم تابعون لهم. يقال لهم اتبعوا ما أنزل الله وما أنزل 94 تفضسير سورة البقرة اللي 010 م ١ ال‎ ١ لى-١!‏ الله تعالى يحمل حجته فى ذاته؛ لأنه أنزله الله ذو الجلال الخالق الرزاق ذو القوة المتين» فدليله معه لأنه من عند الله وكفى بهذا دليلا مبينا. ولكنهم يعرضون عن هذا الأمر الموجّه للحق إلى باطل لا دليل فيه #قَالُوا بل شِع ما أَلْمِينَا عليه آباءنا4, يضربون عن طلب اتباع الله ويستبدلون به اتباع ما وجدوا عليه آباءهم من غير حجة قائمة هادية» ولا دليل مرشد موجه. إن اتباع الآباء وحده ليس حجة» وكونهم استمروا عليه ليس دليلا مرشداء وإن اتباع الآباء إنما يكون حجة إذا كان عن علم وبينة» وإذا علمتم أنه كان عن علم وبينة فيكون اتباعهم للحق فى ذاته لا لآبائهم لمجرد أنهم آباؤهم» ولكنهم يتبعونهم من غير بينة ولا دليل» بل لمجرد التقليد الذى لا يهدى ولا يرشد؛ ولذا قال تعالى منددا بتقليدهم الذى أضلهم: ظ أو لو كان آباؤهم لا يَعقلُون شيمًا ولا يدون 4 . الهمزة للاستفهام التوبيخى الذى هو إنكار ما وقع منهم فقد اتبعوا على غير عقل يوجهء ولا على اعتقاد هداية قائمة» والهمزة داخلة على فعل محذوف» أى أيتبعونهم » ولو كانوا لا يعقلون ولا يدركون بعقولهم أى شىء فى هذا الاتباع» يتبعونهم فى إشراكهم بالله» ويتبعونهم فى تحريم ما أحل الله من طيبات من غير أى سبب موجب» ولا أى دليل مرشد» ولا هو فيه هداية» بل فيه ضلال مبين» لم يكن عند آبائهم دليل على ما هم عليه عقلوه. ولم يكن عندهم داعية حق يهتدون بهديه» وذكر قوله ال يهتدون بجوار قوله (لا يعقّلون» لاختلاف موضوعهماء فموضوع العقل تفكر وتدبر وطريقه المنطق والبرهان» وموضوع الاهتداء اتباع لهاد مرشد كنبى مرسل» فما كان لهم عقل مفكر ولا هاد يهتدون بهديه» ولقد قسم الغزالى أهل الإيمان إلى قسمين: قسم يدرك بالبرهان ويسير بالقسط المستقيم» وقسم يطمئن قلبه إلى الحق ويرتضيه بإشراق قلبه بنور الحكمة والفطرة المستقيمة» باتباع هاد يهديه ويوجهه ويهتدى به» وقد فقد هؤلاء الأمرين فليس لهم عقل يتدبر ولا هاد يهدى إلى التى هى أقوم؛ ولذلك استنكر الله تعالى على المشركين اتباع أبائهم فى الشرك وتحريم ما أحل الله تعالى حيث حرموه ونسيوا التحريم إلى الله تعالى من غير حجة ولا سلطان مبين إل تفسيرسورة البقرة لل اكاك :2 يي وإن ذلك مثل قوله تعالى فى موضع آخر من الذكر الحكيم : : © وإذا قيل لهم تعالوا إل ما أنزل اللّه وإلى الرّسول قَالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ... ٠‏ لز 4 [المائدة] ومثل قوله تعالى عنهم: ا إِنَا وجدنا آباءنا على َم وَإِنّا على آثارهم مقتدون 22 © [الزخرف] . وإن هذا النص السامى الكريم يدل على أن التقليد فى العقائد لا يجوزء وشذ من قال غير ذلك» وعلى الذين لا يعرفون دليلا أن يسألوا أهل العلم بذلك كما قال تعالى: ظفَاسأَنُوا أهل الذكر إن كم لا تعلمون 4227 [النحل]؛ ولذا يجب على العلماء أن يبينوا للناس عقائدهم» لا بطريق علم الكلام» بل بطريق القرآن» فدليل القرآن هو الغذاء والدواء الشافى» وأدلة علم الكلام كالدواء الذى يعطى بقدر لمن أصيبوا فى عقيدتهم . وإن المشركين الذين يتبعون خطوات الشيطان فى عقيدتهم» ويتبعونه فيما يحلون وما يحرمون» ويقولون نتبع ما ألفينا عليه آباءناء ويقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون بسبب ما أركسوا أنفسهم فيه قد صموا أنفسهمٍ عن سماع الحق» ولذا قال سبحانه فى حالهم: ل وممَلُ الّذين كَفَرُوا كَمثَل الذي ينعق ران ساص مج ما لا يسمَع إلا دعاء ونداء 6 . وقد تكلم المفسرون فى هذا التمثيل البليغ» فقال بعضهم: إن ذلك التمثيل هو ثيل لدعوة النبى كَككِلةِ والذين كفروا كمثل الراعى الذى يرعى غنمه» فينعق: أى فيصيح بالغنم التى لا تسمع إلا دعاء ونداء زاجرا لينتقل بهم من كلا إلى كلاء ولكن هذا التشبيه لا يليق بدعوة النبى كَيلْةِ؛ِ لأنها لاتسمى بهذا الاسم وهو النعيق . وقال بعضهم: إن ذلك تشبيه للذين كفروا فى دعوتهم إلى أصنامهم التى لا تملك نفعا ولا ضراء كمثل الراعى الذى ينادى غنما لا تسمع إلا دعاء ونداء ما يزجره فى الانتقال من كلا إلى كلأ» وهذا تشبيه حسن فى ذاته» ولكن القرآن نسق واحد فى البيان تأخذ كلماته بعضها بحجز بعضء وربا لا يتقارب هذا التفسير مع إن تفسير سورة البقرة لل ااال يم ااا 7 بي ١‏ قوله بعك ذلك #صم بكم عمي» آن هذه أوصاف للكافرين وليست أوصافا بقى التخريج الثالث للمثشل وهو بأن يشبه الذين كفروا وما معهم من غنم -300 د يرعونهاء يشبهون بالبهائم التى تنعق بأن تصيح بما لا يسمع إلا دعاء إن كانوا فى كرب» ونداء إن كانوا بعيدا. والكافرون مع غنمهم مثلهم كناعق ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداع فأصوات الغنم تتبادل بنعيق لا يفهم» وبصياح مجاوب للنداء» فالجميع يتصايح بالنعيق» والجميع لا يفهم إلا دعاء ونداء. ولذا صح أن يوصف المشركون بالأوصاف التى ذكرها الله عنهم» فقال #صم بكم عمي فَهم لا يَعَقلُوَ4 أى أنهم فى عدم سماعهم للحق الذى دعوا إليه كالصم الذين لا يسمعون» وهو تشبيه حالهم المعنوية فى عدم سماعهم لدعوة الحق إذا نادى المنادى به بحال الآصم الذى لا يمع شيئاء وفى عدم نطقهم بالحق» واستجابتهم له بحال الأبكم الذى لا يتكلم. شبه عدم إدراكهم الحق الذي بدت معالمه» وظهر نوره بحال الأعمى الذى لا ييصر فَإنَهَا لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور 2206 4 [ الحج] . ١‏ وقد ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: إلا يَعقلون» ما يدعون إليه» ويتفكرون فيه ويبدون وكأنهم لم يسمعوهء ولا يفكرون فى الاستجابة بالإذعان والتسليم ولا يستضيئون بنوره. فتح الله قلوبنا للحق إذ نسمع داعيه» ورطب ألستتنا بالحق لنجيب نداءهء وأنار بصرنا وبصيرتنا لنراه إنه سميع الدعاء . تفسيرسورة البقرة ا اي سسا 174 ل لس مك راسغره عوبر م سءرسا ‏ اساسسمجرسط كاد لذ ءَمَن أ كلو من طيبات مَاررَفئَكم 0 و م م ١‏ رارء ماوم+ رو سر به >- 0 وَاشكرو أله إن كتتم إِيَّاهُ غبدوت نزي إتماحرم م 0007 وو ماسج يل ري 11 عه سه 7 علتِحكم الميّنة والدم ولحم الخنزروما أه[به- لب سم 2س رسا ع م سحت رلا مع ود مدل 201010 مه لعيرِأَهَه هم نِ أصْطرَعَربَاعْ ولَاعَادٍ فلا تم لين اله در وريه | مر بذ عفوررحيم 4 بين الله سبحانه وتعالى أننا فيما أباحه الله لنا لا نتبع خطوات الذى يغوينا بتحريم ما أحل لناء وذكر حال المشركين فى اعتقاداتهم ثم بين بعد ذلك ما أحله وما حرمهء فقال تعالى: 8 يا أَيهَا الّذِين آمنوا كلوا من طَيّبات ما ررَقتاكم 4 وكان النداء إلى الناس الذين كان منهم من اتبع خطوات الشيطان» أما الآن فالخطاب للمؤمنين خاصة» وهم لا يتبعون خطوات الشيطان إنما يتبعون شرع الرحمن. الأمر هنا للإباحة» والإباحة بالجزء» أى لنا أن نتخير من الطيبات» وعلينا أن نتناول ما نحب لا ما لا نحب» من غير أن نحرم على أنفسنا شيئا كما تلونا قوله تعالى : « يا يها الّذينَ آمنُوا لا تُحَرَمُوا طَيّبّات ما أَحَلَ الله لَكُم ولا تَعتَدوا إن الله لا يحب المعتدين 2202 4 [المائدة] وبالنسبة لمجموعة الأوقات فالأكل من الطيبات فرض» فهو وإن كان مباحا بالجزء مطلوب بالكل» ليس لأحد أن يترك الأكل من الطيبات فإن ذلك يكون حراماء ويؤدى إلى الهلاك كما ذكرنا فى ماضى قولنا . والطيبات هى ما تستطيبه النفوس» ويكون حلالاء والآكل منه مطلوب لتقوى الأجسام ولتقوى العقول والنفوس فى ذاتهاء ولتقوى للجهاد فى سبيله وبشرط أن تكون حلالاء وحرم الله الخبائث التى تكون فى ذاتها مستقذرة كالخنزير والميتة أو التى تكون من كسب حرام كالربا والسحتء. وأكل مال الناس بالباطل. وإن من ل ل تفسير سورة البقرة اناالا اللا اللالللاااا!للاللاا اناالا ل لل لاالا ااا الالال لا لا لكت تلان مكاطخ ططخلا الالالال لالط ممم سلا م ههه < يي أعظم القربات بعد تقوى الله » طلب الطيبات الحلال. وقد روى مسلم أن رسول الله لد قال: (إن الله ليرضى من العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها»(2© . ولقد أردف الله سبحانه وتعالى الأمر بالأكل من الطيبات بالأمر بالشكر؛ لذن هذه الإباحة للطيبات نعمة» والنعمة توجب الشكر من المنعم» الذى أباح ومكن» والشكر يكون بترك المعاصى ولزوم الطاعات والتقوى والتقرب إليه سبحانه وتعالى» وطلب رضوانه» ويقول سبحانه: 9 لين شكرتم لأزيدتكم .. . 22> 4 [إبراهيم ], ولقد قال رسول الله يَلِ: «الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر»”". .وإن هذه المباحات نعم الله تعالى فى هذه الدنيا يسأل عن حقها وعن شكرهاء فقد قال تعالى: ثم لتسألن يومد عن النّعيم 422 [التكاثر] وإن الشكر هو الطاعات الكاملة» والعمل الصالح» وإن ذلك شريعة الرسائل. الإلهية كما قال تعالى : «إيا أَيهَا الرسل كلوا من الطَّيّبات واعملوا صالحا إِنّي بما تَعملُونَ عا عليم 217 4 [المؤمنون ]. وقوله تعالى: #كلوا من طَيّبَات ما رَرَقْنَاكُم» أضيفت الطيبات» وهى إضافة تشير إلى المصدرء وهو إنعام لمنعم؛ لأن الطيبات ما رزق الله تعالى» ومما تمكن عباده منهء فكان هنا نعمتان أنعم الله تعالى بهماء وهما: نعمة الرزق والعطاءء ونعمة الإباحة للطيبات» وكان الشكر على النعمتين واجبا. ولذا قال تعالى: #واشكروا لله أى اشكروا الله وقد بينا أن «شكر» تتعدى باللام» وهو الأفصحء وتتعدى بنفسهاء وإن الشكر ملازم للعبادة أو هو منهاء أو )١(‏ أخرجه مسلم: كتاب الدعاء ( 5916) والترمذى فى الأطعمة )١778(‏ وأحمد فى مسنده )١١51*0(‏ عن أنس بن مالك رضى الله عنه. (1) ذكره البخارى تعليقا فى كتاب الأطعمة - ترجمة باب الطاعم الشاكرء ورواه الترمذى: كتاب صفة القيامة (>© وابن ماجه: كتاب الصيام 2)١155(‏ ومن _طريق عند أحمد بسند منقطع (7/4171) كلهم عن أبى هريرة رضى الله عنه. تفسيرسورة البقرة لولاا الل 10لللل0ااملنلللااللل كك : 3 هو هى» ولذا قال تعالى: #إن كشم إِيّاهُ تعبدون» أى إن كنتم تعبدونه وحدى من غير إشراك غير» وتقديم الضمير على الفعل للإشارة إلى اختصاصه تعالى بالعبادة وحدهء اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمائلك وراضين فى السراء والضراء. بعد أن ذكر الله ما أحله من طيبات بين ما حرمه من نخبائث ث سواء أكانت هذه الخبائث حسية أم كانت معنوية» فقال تعالى: 8 إِنَّمَا حرم عليكم الْمَينَةَ والدم ولّحم الختزير وما أهل به لغير اللّه فَمَن اضطرٌ غَيْرَ باغ ولا عاد قلا إِنْم عليْه إن الله غفور رُحيم 4 . حرم الله تعالى ثلاثة أشياء من الخبائث الحسية؛ وهى الميتة والدم ولحم الخنزير» ومن الخبائث المعنوية ما أهل به لغير الله» أى ما ذبح لصنم ونحو ذلك. واميتة هى التى ماتت حتف أنفها من غير ذبح شرعى؛ وتشمل النطيحة والمتردية؛ ولذا قال فى الخسبائث ث المحرمة فى سورة المائدة: حرمت عليكم المي والدم ولّحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنختقة والموقودة والمتردية والتطيحة وما أكل السبع إل ما كيت وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذَلَكُمِ فسق اليَوْمَ يكس الّذين كفروا من دينكم قلا تخشوهم واخشون ... 22 6 [المائدة] . وإنه يدخل فى الميتة كل ما مات من غير أن يسال دمه ولو بسبب من العباد أو السبع» فيدخل فى الميتة المنخنقة التى ماتت بالخنق من غير ذبح يسيل دمهاء والموقوذة التسى رميت حتى ماتت» والنطيحة التى ماتت بنطح ولم يسل لها دم. والمتردية وهى التى تردت فى حفرة أو بكر فماتت بهذا التردى» ولم تذبح وما أكل السبع بعضه.ء ولم يذبح فإنه أيضا يكون محرماء وحرم الاستقسام بالأزلام وهى أقداح الميسر كما حرم الذبح على النصب» وحرمت هذه الأشياء لا لخبث فى ذاتها ولكن لما اقترن بذبحها وهو النصبء. كما حرم الاستقسام بالأزلام فهى فى ذاتها طيبة حسياء ولكن لازمها خبث معنوى وهو ما يقترن بها من ميسرء والقرآن الكريم قد حصر التحريم فى هذه الأشياء المذكورة فقال تعالى: 9إِنَّمَا حرم عليكم الميتة4 وإنما أداة من أدوات القصرء أى حرمت هذه الأشياء من النعم التى هى البقر جب وبر بي والإبل والغنم وغيرها نما يشبهها آكلة العشب كالغزال والأوعال» أما سباع البهائم كالأسد والذئب وغيرها فهى محرمة بذاتها؛ لأن لحمها لا يؤكل وتعافه النفوس المستقيمة» فالحصر فى التحريمء إنما هو بالنسبة للنعم وما يشبهها من آكلة العشب» والمحرمات هى الميتة ويدخل فيها كما سبق من القول المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا أن يذكى بأن يبقى بعد أكله حياء فيذكى والتذكية إسالة الدم . والميتة يبقى فيها الدم» فبمضي الزمن يفسد أجزاء جسمها وتتعفن ببقائه فيها فيفسد لحمها وتسارع إليها الجرائيم المفسدة» فتكون خبيثة وتتحول من لحم طيب إلى لحم خبيث» ويدخل فى ذلك الموقوذة والمنخنقة واللمتردية والنطيحة والدم» والمراد به الدم المسفوح. أى السائل» وليس المتجمد بأصل تكوينه وإن كان التكوين من الدم وهو الكبد والطحال» والدم المسفوح يسارع إليه الفساد وهو ثقيل الهضم وهو يفسد الجسم والنفس » ٠‏ وإنما قسيد الدم بالمسفوح؛ لأنه صرح فى آية الأنعام بأن المحرم هو الدم المسفوح فقال تعالى : قل لا جد في ما أوحي إلَي مُحرَمًا على طاعم يَطْعَمهُ إل أن يكون ميتة أو دما مَسْفُوحا أو لَحْم خنزير فَإنَهُ ِجْس أو فقا أهل لير اله به ... . +23 4 [ الأنعام ] . ومن المقررات أن المطلق يحمل على المقيد إذا اتحد الحكم والسببءفيحمل الدم المذكور فى الآية التى نتكلم فى معناها على المقيد فى آية الأنعام» والدم يسارع إليه الفساد وأكله يربى القسوة وهو ثقيل الهضم. ولحم الخنزير ذكر الله تعالى فى القرآن أنه رجس أى قذر يحتوى على كل ما يضر البنية الإنسانية» وقد ثبت بالتجربة أنه أثقل طعام على المعدة» والمعدة بيت الداء» وثبت أنه يحوى من الديدان ما يضر الجسم» وأنه يحدث فقد الشهوة » ويوجد أعراضا عصبية» ويظن كثيرون أنه مورد من موارد داء السرطان العضال. وما أهل لغير الله تعالى به؛ والإهلال رفع الصوت بذكر الله تعالى عند الذبح» والإهلال لغير الله تعالى بأن يذكر عند الذبح أنه لصنم أو وثن أو نار أو نحو ذلك» ل تفسيرسورة البقرة مم الملل ب ور يي" ويدخل فى ذلك ما ذبح على النصب التى كانت تقام للأوثان وتذبح الذبائح عليها. وقد بين سبحانه وتعالى أن ذلك عند الاختيار» وأما عند الاضطرار فإنها يرفع عنها الإثم؛ ولذا قال تعالى: © فَمَنِ اضطرٌ غير بَاغْ ولا عاد فلا إِنْم عليه 4 أى من كان فى حال ضرورة» بحيث تتعرض الحياة للهلاك إذا لم يأكل شيئا من هذه المحرمات» فإنه لا إثم عليه إذا أكل» ويكون واجبا عليه أن يأكل إن لم يجد غيرها؛ لأن ضرر الموت أشد من ضرر الأكل» والضرر القليل يتحمل فى سبيل دفع الضرر الكبير» ولقد بين النبى يَكْةِ حال الضرورة لمن سأله عن ذلك» فقال: «أن يأتى الصبوح والغبوق ولا تجد ما تأكله»7 2 ولقد قال تعالى: 8 فَمَن اضْطْرٌ في مَحْمَصة غير متجانفٍ لإنم إن الله عَفُور رحيم > ) [المائدة] . ا ولقد قيد الله تعالى رفع الإثم» فقال تعالت كلماته: #غير باغ ولا عاد» أى غير طالب لها تبتغى إشباع رغبتكء» كأن يكون فى عطش شديد ولم يجد إلا خمراء فيشربها مبتغيا لها لايقصد دفع :الضرورة ولكن يرغب فيهاء وكمن يكون فى حال ضرورة فيكون بين يديه الميتة والخنزير فيبتغى الخنزير اشتهاء له ورغبة فيه» ولا عاد أى غير متجاوز حد الضرورة» والضرورة تدفع بأقل قدر فلا يتجاوزه» فيتعدى ما رفع الله تعالى الإثم عنه. وروى عن مجاهد وابن جبير أنهما قالا فى معنى باغ وعادء» غير باغ على المسلمين ولا عاد عليهم» فيدخل فى الباغى والعادى الخارج على السلطان العادل وقاطع-الطريق» وبهذا أخذ الشافعى فى أحد قوليه فمن كان مضطراً للطعام ولا يجد )١(‏ عن أبى واقد الليثى قال: قلت: يا رسول الله إنا بأرض تصيبنا بها مخمصة» فما يحل لنا من الميتة؟ قال: «إذا لم تصطبحواء ولم تغتبقواء ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها». زواه أحمد فى مسند الأنصار 7١(‏ 897). والدارمى فى الأضاحى )١515(‏ والحاكم فى المستدرك (5؟7) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والمخمصة: المجاعة والشدة» والصبوح : شرب أول النهار» والغبوق: شرب آخمر النهارء أى اللبن» ثم توسعوا فأطلقوه على الطعام أول النهار وآخره» وهو مقصود الحديث» وتحتفئوا: تقتلعوا فتأكلوا. تفسير سورة البقرة با ا بج بر يي إلا بعض هذه المحرمات وكان خارجا فى معصية فإنه لا يترخص له فى أكل واحد من هذه المحرمات؛ لأن وقوع الضرورة بسبب معصية» والمعصية لا تحل المحرم . وأبو حنيفة ومالك وأحمدء والرأى الثانى عند الشافعى أن الرخصة قائمة وسببها ليس هو المعصية أو غير المعصية» وإنما سببها الاضطرار والخشية من الهلاك والمعصية فى قتل النفس أشد من المعصية فى الخروج على الآحكام؛ ولآن الجهة منفكة؛ فرفع الإثم لدفع الجوع والظلم فى العصيان فلا خلط بينهماء ومن المقررات أن الظالم فى معصية لا يحرم من حقوقه فى ناحية أخرى, وإلا كان ظلما والظالم لا يظلم» ولكن يقتص منه فى موضع ظلمه» هذا وإن الرخصة نتيجتها أن يرفع الإثم لا أن تباح الميتة وأخواتهاء ولكن قرروا أنه فى حال الضرورة هذا يكون الأكل مطلوبا طلبا حتميا بحيث يأثم إن لم يآكل» لأن عدم الأخذ بالرخصة قتل للنفس والله تعالى يقول: ولا تقتلوا أَنفْسَكُم إِنَ الله كان بكم رحيما 530 4 [ النساء] . ولقد ختم الله تعالى النص الكريم بقوله تعالى: لإِن الله غعفور رُحيم» . هذا النص السامى فيه تسجيل لرحمة الله تعالى» ولغفرانه فى الدنيا والآخرة ما يرتكب إن كان بقصد حفظ النفس من التلف» وكان من غفرانه أن رفع الإثم وسببه قائم عن المضطر إلى أكل المحرمات» وكان من رحمته أن أباح هذه الطيبات» وإن حرم الخبائث» فتحريم الخبائث لأضرارهاء وإباحة الطيبات لنفعها من رحمته سبحانه» إذ إن الشريعة الغراء قامت على جلب ما هو نافع ودفع ما هو ضارء وكان من رحمته جلت قدرته أن رفع الإثم عند الاضطرار. وقبل أن ننتقل إلى آياته البينات نقرر أمرين. أولهما: ما قرره بعض العلماء ذوى النظر الثاقب أن الجوع الشديد يجعل الجسم يستطيع تناول هذه الخبائث الضارة إذ الجوع يذهب بأضرارهاء أو لا يجعلها تؤثر بالأذى فى الجسم ما دام لا يتعدى حد الضرورة» فإن تعداها كان الضرر المؤكد من هذه الخبائث. الثانى: إن هذه المحرمات إنما هى فى حيوانات البر والنعم كما قررناء أما صيد البحر فإنه حلال كما قال تعالى : «( أحل لكم صيد لحر وطعامه متاعا لَكم وللسيّارة وحرم عليكم صِيّد الْبر ما دمتم حرما . .. تق © [المائدة ] . جعل الله طعامنا حلالا طيباء وهنيئا مريئا. تفسيرسورة البقرة 17م !!!ااا أ اللا 1 الا لاا !أل ةا ااال ةمالعلل ممع خخ للخم الغ لللللتا ظ كتمان الحق لي فَملونه دكار ود ع ا مَالْقَيَلمَةٍ ارمع لهم عَدَاكُ لم 2 1 و3 لِكَألَدِنَ أشعذا لصَكدةيالهدَئ والسد دايأ ؟ قَمَآ يجىء بوسوسته فيما يحل فيحرمه» وفيما يحرم في 2-5 فيبيحه فهر يجعل المشركين يحرمون على أنفسهم بعض ما أحل» ويحملهم على أن يستبيحوا الزنى والقذف والمخمر يبين» وما جاء فى الكتب السابقة يجب ألا يكتم من بشارة بالنبى وق وحلال وحرام فى هذه الكتب» وأن من يكتم الذى أنزله الله سبحانه لغرض من أغراض أو هوى من هوى الأنفس أو .رجاء رشوة أو سحت من المال» إنما يبيع الحق بثمن بخس مهما يكن مقداره؛ ولذا قال تعالت كلماته: إن الّذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به تمن قليلا أولتك ما يأكلون 4. الكلام فى كل من يكتمون ما أنزل الله فى الكتاب سواء أكانوا مؤمنين لا يبلغون الدعوة إلى الله ويبينون ما اشتمل عليه الكتاب من الأحكام التى يجب إعلانها وبيانها للناس» أم كانوا من اليهود أو النصارى الذين يعلمون أمر النبى كلد وما يجىء به من أحكام ويكتمونهاء وقد قال تعالى فى ذلك: 8 الّذين يتبعون الرسول النبي الأَمَيَ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في هل تفسير سورة البقرة الل الل 1م حر اا امؤاة اليل يرهم موف ويام عن الكو وبل هم اينات ورم لم الخبائث ويضع عنهم إصرهم وَالأَغْلال التي كانت عليهم ... 20 4 [الأعراف] . وكان من المناسب ذكر كتمانهم» والقرآن الكريم يبين الطيبات التى أحلهاء والخبائث التى حرمهاء والأغلال التى رفعهاء وقد كتموا أمر محمد كله ورسالته. وقوله تعالى: #ويشتَرُونَ به مَك معناه يقدمونه فى نظير قليل» وعبر سبحانه بقوله تعالى: #ويشترون به ثَمَنا قَليلاً» لأن المشترى طالب لمقابل المبيع» فهم يتركونها طالبين ثمنها راغبين» وهو مهما يكن مقداره قليل» فهم يستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير» والثمن هو استعلاء واستكبار عن الاتباع» وإنكار وجحودء» وعرض من أعراض الدنيا وقد بين الله تعالى سوء فعلتهم فى الدنياء وعذابهم فى الآخرة» فقال تعالى: ظأُولَئك ما يَأكلُونَ في بطونهم إلا الثار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا تقهم. الإشارة إلى الذين يكتمون ما أنزل الله فى الكتاب الحق» وتركوا الواجب فى نظير قليل بالنسبة لما تركوه فهو زهيد مهما يكن مقداره بجوار الحق الذى باعوه» فقد باعوا غاليا بما لا يكافئه مهما يكن قدرهء الإشارة إلى هؤلاء الذين اتصفوا بذلك» والإشارة إلى الموصوف بصفة يبين أن سبب الحكم هو هذه الصفة. وقد حكم الله تعالى عليهم بأربعة أحكام: أولها أنهم ما يأكلون من الثمن الذى أخذوه إلا النار تلهب بطونهم» وقوله اما يأكلُونَ في بطونهم إلا التَار مجاز فيه عبر عن حالهم بالمآل الذين يئولون إليه» فعبر سبحانه عن حالهم فى الثمن الذى أخذوه شرهاء طمعا وإيثارا للباطل» وتركا للحق بأنهم أكلوا ناراء نزلت فى بطونهم وألهبتها ومزقت لحومهم» واختار التعبير بكون النار فى بطونهم؛ لأن المال الباطل يطلب لأجل شهوة البطن وملذاتها والتعبير عن الجزء وإرادة الكل إذ المراد أن النار تعمهم» وتشمل كل أجزائهم » ولكن عبر بالجزء؛ لأن ذلك الجزء له مزيد من الاختصاص؛ لأن شهوتهم وشرههم هو الذى جعلهم يختارون ذلك الشمن الحقير وإن كان كبيرا فإن الذى تركوه من الحق أكبر وأعظم وهو الحق الذى كتموه. تفسيرسورة البقرة لللللللااالللل 0 5 يي والعقاب الثانى: أنهم ينالهم غضب الله تعالى» وغضب الله الواحد القهار فيه إيلام لأهل الضمائر وإنذار شديد لأهل الشر» لأنه غضب المقتص الجحبار الذى لا يفلت منه أثيم» ولا تنفع عنده شفاعة الشافعين» ولا يغنى أمامه سبحانه وتعالى شئ فى الوجود مهما يكن ومهما تكن صلتهء «الأخلاء يومذ بعضهم لبعض عدو ٠٠‏ 06ت 4 [الزخرف ] . والعقاب الشالث: أن الله تعالى لا يزكيهم أى لا يطهرهم من ذنوبهم فإنهم فى كون الجزاء» لا يخفف عنهم ولا يرجعونء يتمنون أن يعودوا إلى الدنياء ولكن لا يعودون» ولا يخرجون من النار التى تحيط بهم . والعقاب الرابع: أن لهم عذابا أليما أى مؤلماء نتيجة لغضب الله تعالى» وعبر سبحانه وتعالى عن غضبه عليهم بأنه لا يكلمهم., وكأنه يقول لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون. وإن الآية كما يقولون نزلت فى اليهود أو النصارى كذلك. فإن اللفظ أعم وأشمل فهو يشمل اليهود الذين كتموا الحق غرورا واستعلاء وكبرياء وطلبا للدنيا وما فيها من سيطرة وسلطة ويشمل كل من يكتم الحق من أمة محمد يلك فيشمل الذين تقاصروا عن الدعوة إلى الإسلام» وهم عليها قادرون» وتركوها استرخاء» وتقاصرا فى الهمم وتركا للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. ويشمل الوصف الذين لا يذكرون ما أحل الله تعالى وما حرمء تهاونا وكسلاء أو لينالوا مأربا من مآرب الدنياء وهو الثمن البخس الذى تركوا الواجب لأجله. ويشمل الذين تركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تخاذلا عن الحق» ورضا بالباطل» ويشمل الذين يمالئون الحكامء ويخطون على هواهم». ويقررون من الأحكام ما يخالف النقل والعقل» كأولئك الذين يستبيحون الرباء والذين يدعون إلى قتل النسل» لإرضاء الحاكمين وتقربا وإزدلافا إليهم» ويشمل الذين يفتون الناس على حسب أهوائهم بأجر معلوم أو رجاء معونة عند الحكام الذين ليس للدين حريجة فى قلوبهم» وكل أولئك نراه فى عصرناء ولا حول ولا قوة إلا بالله. م تفسير سورة البقرة ال اااالللللو واكك اهم ١ ال‎ يي وإن أولئك الذين كتموا الحق الذى أنزله تعالى لغرض أو لال أو لجاهء أو لرشوة وسحت أو لمنصب يريدونه أو يرجونه» هؤلاء تركوا الهداية وطلبوا الضلالة؛ ولذا قال تعالى مشيرا إليهم: #أُولَتك الّذِينَ اشتروا الضّلالّة بالهدئ والْعَدَاب بالمغفرة4 . الإشارة فى الأولى إشارة للذين اتصفوا بكتمان الحق وقت الحاجة إلى بيانه وأن ذلك الوصف هو سبب الحكم الذى تقرر عليهمء وهو أنهم اشتروا الضلالة بالهدى» أى تركوا الحق. وهو المبيع الثمين لأنه هدى الله تعالى وهو الطريق» وهو الإعلام بالحق المبين تركوه» وباعوه بثمن حقير فى ذاته بالنسبة لمقابله» فهو الضلالة» فى مقابل الهداية» قد تركوا الطريق المستقيم وهو الهداية التى منحهم الله تعالى بحكم الفطرة التى فطر الله تعالى الناس عليهاء تركوا ذلك الطريق المستقيم إلى متعرجات الشيطان فضلوا فى صحراء هذا الوجود ضلالا بعيدا. وكما استبدلوا بالهداية الضلالة استبدلوا أيضا العذاب بالمغفرة» أى سلكوا الطريق الموصل إلى العذاب وتركوا الطريق الموصل إلى مغفرة الله تعالى» وقد عبر الله تعالى بالعذاب» والظاهر أنه أراد سببه والطريق الموصل إليه» إشارة إلى أنه موصل إليه لا محالة» والمغفرة هى الثواب والنعيم المقيم الذى أعده الله تعالى للمهتدين» وعبر عن الثواب بالمغفرة؛ لأن المغفرة دليل الرضا أولاء وللإشارة إلى أن من يعمل صالحا يغفر الله له ما عساه يكون من سيئات؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات ثانياء ولأن من ينال غفران الله تعالى من المقربين. وقد أكد الله تعالى دوام عذابهم بقوله تعالت كلماته: 9قَمًا أَصبْرَهم على الشار)» أى أنهم يأخذون فى أسباب الجحيم» ودخول النار والبقاء» ويقال فى مثل من يكون فى حالهم ممن يسيرون سيرهم,ء ما أصبرهم على النار وهو من قبيل التهكم كما يقول القائلون لمن يرتكب أسباب العقوبة من حد أو تعزير: ما أصبرك على السياط تكوى ظهرك كيا؛ لأنه يتخذ أسبابهاء وقد يقال إن الصبر بمعناه اللغوى وهو الحبس كقوله تعالى: 9 واصبر تفْسك مع الّذِين يدعون ربّهم بالعداة والعشي يريدون تفسيرسورة البقرة البللل للفلل ااا لاملل للللللا لسر ا وجهه ...420 [الكهف]» ويكون المعنى ما أطول وأدوم حبسهم على النار يصلونها. روى عن الكسائى أنه قال: أخبرنى قاضى اليمن أن خصمين اختصما إليه» فوجبت اليمين على أحدهما فحلف فقال له صاحبه: ما أصبرك على الله أى ما أجرأك عليه. والمعنى على ذلك: ما أشجعهم على النار إذ يعملون عملا يؤدى إليها .. اللهم قنا عذاب النار» وألهمنا الصبر على النطق بالحق إنك أنت الرحمن الرحيم . وما كان ذلك الوجوب إعلام بإعلان الحق فى الكتاب الكريم والعقاب على الكتمان إلا لأن الكتاب أنزل بالحق» والذين يختلفون فيه اخمتاروا المشاقّة على الإيمان؛ ولذلك قال تعالى: #ذلك بأَنَّ الله نزّل الكتاب بالحق» أى أن الله تعالى نزل القرآن فى مدى ثلاث وعشرين سنة بالحق الثابت الذى لا مرية فيه ولا شك أن من يكتمه ولا يبينه للناس ليستضيئوا بنوره» وليهتدوا بهديه - يرتكب إثما عظيماء يستحق عليه عقابا أليما» وهو الطريق المستقيم» ولا ينبغى لأحد أن يخالفه أو يختلف فى شأنه وصدقه؛ ولذا قال عز من قائل: «وإِن الذي اخْتلفوا في الْكتّاب لفي شقاق بعيدٍ4» فمن يؤمن ببعض ويكفر ببعض ويترك ما يدعو إليه» أو يجعله عضين مفرقا يفهمه غير مستقيم فى فهمه بل يفهمه متناقضا على حسب هواهء لا على مقتضى نسقه الحكيم» من يفعل ذلك فشأنه فى شقاق بحيث يتخذ كل واحد شقة من القول» ويكون كل شق بعيدا عن الآخرء لا يتلاقون أبدا فهم فى خلاف وكل حزب بما لديهم فرحون. ا تفسير سورة البقرة 0 هم لسر أ الببر #لسَالرَكوُومْبوعك لامر السب ولك مهايو لأوَالْملَقِكوَو وَالْكتبٍ لين وَءَانَلْمَا لْمَالَعَلحنَهِءدَوى اشرق والْبِتَتم وَالْمسَكين وأ الس تولياب وَأَقَامَ ألصَلوْة وَءَاقَ الرَكوة والموفورت يعدم مإعهدرا ل 2 سس صم وَألصَّرنَئ لسك لض وبين وليك ألَدينَ صَداوا وليك مُمَالْمتُونَ زه 5 كان أمر تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام أمر هذه النفوس المؤمنة» والنفوس المشركة والكتابية وأثار جدلا وحماسة, فالمؤمنون تقبلوها بقبول حسن. لأنها بناء إبراهيم» وهو الذى سماهم مسلمين» وهو الحرم الآمن الذى جعله الله تعالى للناس مثابة وأمناء وهو مزار العرب إليه يحجون ويعتمرون من وقت أن بناه إبراهيم عليه السلام» وهو عزهمء وأما المشركون من العرب فقد ظنوا أن محمد عاد أو سيعود إليهم وما علموا أن ذلك إيذان بذهاب دولة الأوثان» وإزالتها من حول الكعبة» وأما اليهود فقد أذهب أطماعهم فى النبى كَلكةِ والمؤمنين» وعلموا أنه هو النبى الأمى الذى بشر به فى التوراة يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المتكرء ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث» وقد صدفهم الله تعالى. إن هذا الأمر الذى يشغلهم جميعاء إنه الأمر الأعظم» وهو مقصد الأديان كلهاء وغاياتهاء وهو الذى يهذب النفوسء والمجتمعات ويربيها ويقيمها على التعاون على البر والتقوى ويحميها ويدفع عنها وهو نسب الأديان كلها؛ ولذا قال تعالى: #إليس البرَ أن تولوا وجوهكم قبل الْمَشْرق وَالْمَغْرب» أى ليس هذا هو البر ش إل تفسيرسورة البقرة 1م الللللل ا ا ا ااال ا ا للل اللا لب ب__مو بي المقصود الجامع لكل معانى الخير» الذى حرص الدين عليه حرصا كاملاء بل هو إلى الشكل أقرب» أو هو الوسيلة وما يكون من الأمة هو الغاية العليا من كل دين جاء من الله تعالى لهداية البشر» وتوجيههم نحو الصلاح الإنسانى آحاد وجماعات؛ صلاحا يمس نفوسهم ويملاً قلوبهم إيماناء وليس فى العبارة السامية ما يومىء إلى الاستهانة بأمر القبلة» بل إن فيها توجيها إلى الناحية التهذيبية والكمالية للونسان فى آحاده» وجماعاته؛ ولذا قال تعالى مستدركا مثبتا: #ولكن الْبرَ من آمن باللّه واليوم الآخر والملائكة» . قال العلماء: إن «من آمن بالله» إن الكلام فيها على تقدير مضاف ومعناه. ولكن البر بر من آمن بالله واليوم الآخر . . وحذف المضاف إذا دل عليه المضاف إليه كثير فى القرآن وهو من إيجاز الحذف البليغ كقوله تعالى: « واسأل الْقرية التي كنا فيها... +420 [يوسف] أى أهل القرية» وكقوله تعالى: «ل فليدع ناديه +100 4 [ العلق] أى فليدع أهل ناديه . وإن ذلك الإيجاز من دلائل الإعجاز» وإننا نرى أن حذف المضاف أو عدم تقديره يعلو بالكلام إلى أعلى درجات البيان» إن الكلام يكون دالا على البر بمفهوم الحال المكونة من الكلام كله» فيكون المعنى ليس البر المقصود من الديانات الإلهية أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر المقصود وهو الغاية من الديانات الإلهية هو الحال التى يكون عليها من آمن بالله واليوم الآخر .. وآتى المال على حبه ذوى القربى إلى آخر ما بينته الآيات» فهذه الحال المجتمعة من تلك الصفات» وهذه الأعمال المهذبة المربية لمجتمع فاضل هى البر»ء وعلى ذلك لا تحتاج إلى تقدير» والبر كما يقول المفسرون هو المعنى الجامع لكل ما فيه نفع للنفس وللناس» وإنى أراه مرادقًا فى العرف الخلقى . وقد ذكر الله تعالى صنوف البر كلها فى هذه الآية الكريمة» وكانت بحق آية البر؛ لأنها جمعت أطرافه» ونواحيه كلهاء وهى من أجمع الآيات للتكليفات الدينية . ال تفسير سورة البقرة يم ٠: هوه‎ بي" * وأول البر وسنامه وأصله الإيمان» وهو التصديق والإذعانء» وأول من يجب الإيمان به الله» فالإيمان به هو لب الإيمان كلهء وهو الخضوع والإذعان والعبادة له وحده لا شريك له وامتلاء النفس بذكره» بحيث لا تذكر غيره فى الغدو والآصالء» وفى الصحوء وفى المنام» ومن الإيمان بالله تعالى الإيمان بأنه وحده الخالق للوجود» والإيمان بأنه وحده الموصوف بصفات الكمال» والإيمان بأنه وحده المستحق للعبادة» فليس فى الوجود من يستحق العبادة سواه. والإيمان باليوم الآخرء ويشمل الإيمان بالبعث والنشورء والإيمان بيوم القيامة» وما يجرى فيه من حساب وعقاب وثواب» وأن من أحسن فله النعيم المقيم»ء ورضوان من الله أكبر. وأن من خالف وغير وبدل فجزاؤه جهنم» وبئس المصيرء وإن ذلك كله مادى حسى» وليس روحيا كما توهم بعض الكاتبين. وكان الإيمان باليوم الآخر تاليا للإيمان بالله تعالى؛ لأنه تصديق لما أمر الله به» ولأنه سلوان المحسن العابد وإنذار للمشرك المكذب, والمعاند المستكبر الجاحد» وقد تبين له الحق . ثم يلى الإيمان باليوم الآخرء الإيمان بالملائكة الأخيار الأطهار الذين لا يعصون الله ما أمرهمء ويفعلون ما يؤمرون» وهو إيمان بالغيب الذى لا يرى ولا يحس» وأول شعار المؤمن الإيمان» وهو الفيصل بين المسلم والزنديق» فالزنديق أو الللحد فى دين الله تعالى لا يؤمن إلا بالمحسوس» ولا يصدق ما لا يرى ويحس» والمؤمن يعلم أن وراء المحسوس سرا خفياء وقد أمرنا الله تعالى بالإيمان فحق علينا أن نؤمن بوجودهم» وهم مذكورون فى كتابه الكريم» وفى الكتب التى صدقهاء فالكفر بهم كفر بالله وبالقرآن» وذكر الله بعد ذلك الإيمان بالكتاب» وهو القرآن الكريم» والإيمان تصديق بكل ما جاء به ويدخل فى ذلك الإيمان بالكتب السابقة؛ لأنه سجلها فى قصصهء فهو سجل النبوة كله» فيه ذكر كتبهاء وفيه بيان معجزات النبيين» فلولا قصصه الحكم الصادق ما عرف كتاب من كتب النبيين» ولا معجزة من معجزاتهم . إل تفسيرسورة البقرة مم لل ل االلللوول مالل حر وذكر سبحانه وجوب الإيمان بالنبيين السابقين؛ لأن الإيمان الذى جاء به القرآن هو الإيمان الجامع بالنبوات الإلهية كلهاء كما قال تعالى: 9 قُولُوا آمًا باللّه وما أنزل إلا وما أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم وَإسماعيلَ وَِسحاق ويعَقُوب والأسباط وما أوتي موسئ وعيسئ وما أوتي التبيون من ربّهم لا نفرق بيْنَ أَحَد منهم ونحن له مسلمون 2092 4 [البقرة] . هذا هو الإيمان الذى أمر به الله تعالى» وكانت حال المنصف به والقائم بما يأتى من تكليف,» وأعمالء» هى البر المطلق من الإنسان فى كل دين. ولنندقل إلى بيان الأعمال التى هى بر فى ذاتهاء وحال القائم بها هى البر الخالص التى تأمر به كل الأديان التى جاءت من الله لا من أوهام البشر: * فى حال من آنى المال على حبه» ولقد قال تعالى فيه #وآتى الْمال على حبّه» أى أعطى المال على حبه له فالضمير يعود إلى المال» والمعنى على حبه للمال ورغبته فى اقتنائه» ولكنه آثر العطاء وعلى هذا السبب وذلك كقوله تعالى: ف وَيطْعمون الطَّعَام على حبّه مسكينا ويتيما وآسيرا +20 4 [الإنسان]» وكقوله تعالى : «( أن تَانُوا الْبرَ حتّئ تنفقوا مما تحبون. .. 220 4 [آل عمران] . ويفسر هذا ما رواه البخارى عن النبى يَككِْ أنه سئل: أى الصدقة أعظم أجراء فقال كَلكِْهِ: «أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر» وتأمل الغنى» ولا تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان172 . وقد فسر بعضهم بأن الضصير يعود على الإيتاء وهو المصدر المنسبك من آتى» والمعنى أعطى المال محبا للإعطاء راغبا فيه راضى النفس» طيبا بالعطاء» راغبا فى رضاء الله به» وبذلك يجتمع له قربتان قربة العطاء فى نفسهء وقربة الاتجاه إلى إرضاء ربه. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: كتاب الزكاة ‏ باب فضل صدقة الصحيح الشحيح (:17) ومسلم: كتاب الزكاة: بيان أن فضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح (119/17). 0 تفسير سورة البقرة الملل الال 0 وهو فى مؤداه لا يختلف عن التقدير الأول» وإن كان الأول يدل على مجاهدة النفس فى العطاء بين ما يحبه ويشح به» بين إرضاء الله بالعطاء فيؤثر إرضاء الله تعالى على شح نفسه. فتكون قربة العطاء» وقربة المجاهدة حتى يكون مطيعا لله تعالى متقربا إليه» طالبا رضاه» وهو الغنى الحميد. وقد ذكرت الآية الكريمة من يخصهم بعطائه» أو من يؤثرهم بهذا العطاءء ويبدو من الذكر ومعناه ترتيبهم فى العطاء وأن بعضهم يفضل فى العطاء على بعض إن لم يتسع ماله لهم أجمعين. () ذوو القربى؛ ولذا قال تعالى: #وآتى الْمال على حبّه ذوي القربى» وهم قراباته؛ ويفضل الأقرب فالأقرب ويبدأ بالوالدين» كما قال النبى كلك ردا على من سأله من أحق الناس بحسن صحبتى : «أمك» كررها ثلاث مرات مع تكرار السؤال» ثم قال: ثم من؟ قال: «أبوك ثم الأقرب فالأقرب72١2.‏ ولقد قال يك فيما رواه النسائي : ”إن الصدقة على المسكين صدقة» وعلى ذى الرحم اثنتان صدقة وصلة»29, ولآن الإسلام أقام على دعامة الأسر المتحابة المتعاونة المتكاتفة» والأسرة مقصورة على الأبوين والأولاد» بل هى ممتدة إلى أن تشمل الأقارب؛ ولذا قال تَكِيهِد «من أراد منكم أن يبارك له فى رزقه وينساً له فى أثره فليصل رحمه)2"0» ولقد عد من ذوى القربى الزوج إذا كان فقيراء فقد سألت امرأة عبدالله بن مسعود النبى يَكلْهِ أيعد إعطاء زوجها صدقة؟» فقال يَككِِ: انعم)7؟2. )١(‏ عن بَهز بن حكيوء حَداَى أبى عن جَدى» اقَالَ: «ُلت: با سول الله مَنْ بره قالَ: ملك كَال: قلتة: ثم من قَال: أُمَكَ. قَالَ: قُلت: ثم من قَالَ: أمَكّ. قَالَ: قُلْتْ: ثم من قَالَ: تم أبَاكَ تم الأكربَ فَالأقرب». [رواه الترمذى: كتاب البر والصلة )١1814(‏ وأبو داود: كتاب الأدب (44177) وأحمد: أول مسئد البصريين (1911/6)]. () رواه الترمذى: كتاب الزكاة (241) والنسائى )١070(‏ وابن ماجه )١8*5(‏ وأحمد فى مسئده )١551454(‏ عن سلمان بن عامر. (©) عن أنّس بن مالك أن رَسُول اللّهِ يل قَالَ: «مَنْ أحَب أن بأ بيسط له فى رزقه ويد ينسا لَه فى أنْرِه 3 فيصل (5) رواه بالمعنى وأصله فى الصحيحين من رواية البخارى: كتاب الزكاة الحضتةة ومسلم: كتاب الإيمان ص ع عه هوي - عن أبى سعيد الْخْدرى - رَضى الله عنْهُ: خرج رَسُول اللّهِ يلك فى أضلحَى - أو فطر - إلى‎ )١١5( ل ل تفسير سورة البقرة مر جب و أ يي" ٠‏ (ب) والذين يلون أولى القربى فى العطاء اليتامى» سواء أكانوا من ذوى اشربى أم لم يكوتواء وإذا كانوا من ذوى القربى يكونون أولى من شيسرهم من واليتيم هو الذى مات أبوه» وهو صغيرء ورعاية اليتيم ما حرض عليه الإسلام فى عدة أحاديث» وأوصى القرآن :بهذه الرعاية فى عدة من آى القرآن» وأنه يجب ألا يذل ولا يقهر؛ ذلك لأن اليتيم إن أهمل كان عضوا هداما فى المجتمع؛ يخرج إلى الحياة ناقما عليها متمردا لا يألف ولا يؤلفء إذ إن تربية النزوع إلى الألفة تكون من الأبوين» ومن الشعور بالرحمة والحياطة والعناية وخخصوصا من الأب الحانى الرفيق الحائى العطوف. فإذا حرم من ذلك فقد يتربى على النفور وعداوة المجتمع إن لم يجد من يحل محله فى إلفه ومودته وحياطته؛ ولذا نهى دا عن قهر اليتيم» حتى لا يتربى فيه نزوع النفورء فقال تعالى: (١‏ فَأمًا اليتيم قلا نة تقهر 57 4 [الضحى] وقال عله : اخير بيوت المسلمين بيت يكرم فيه يتيم؛ وشر بيوت المسلمين بيت يقهر فيه يتيم»7١2‏ وقال كِدِ: «أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذاء وقال بإصبعيه السبابة والوسطى)(" . وقال يَككْهّ: «من ترك مالا فلورثته» ومن ترك كلا فإلى وعلى)7 وهو اليتيم . 2 سوس ع ع لعه ‏ سلاصل 0110 - المصلى ثم اصرف َوَعَفِدَ الئاس وأمرهم بالصدقة قَقَالَ: يه النّاس َصَدقُوا قمر على التْسَاءِ فَقَالَ: يا مَعَشَرَ الشساء تَصدفنٌ إن بتكن أكثرَ آهل التَاره فَكُلْنَ: سِ ذلك يا سول اللّمك قَالَ: «مُكَثرنَ اللّعنَ ود الع م كيت من نَاقصات عَقْلٍ ودين دم لنب الرجل الْحَارم من إِحدَاكُن يا مشر الناء». ل لي سر مل انصرق فم صا إلى مله جات ويب" امَك بن مَسَعُود ساون ليه ققيل: ا رسُول اللّه هذه زيب فَقَال: 5 الزيانب؟ فقيل: اموه ابن مسعود. . قَال: : انعم انذنُوا لهك أذ لا قَالَت: ا نَى الله نك مرت لع لغ ع 2 هه دهء بير ايوم ب بالصّدقة وَكَانَ عندى حُلى لى فرذت أن تمدق به زعم 6 مسعود أنه وولده أحق مَنْ تَصَدقت به عَلَيْهم. قال التبى يك : «صدق ابن مَسْحُود زَوْجُك وولدك أحق من صلقت به عليْهِم . )١(‏ سبق تخريجه. (؟) أخرجه البخارى: كتاب الأدب (00147). وقال بإصبعيه: أى أشار بهما يقرن بينهماء كما صرحت به رواية أحمد ومالك وغيرهما. (7) منفق عليه أخرجه البخارى . كتاب الفرائضن - ميراث الأسيرلا 0317 وصلوة كاب رامين باب من اه لصا سم سم َإِلَينَاه . والكل: العاجز الفقير الذى يحتاج من يعوله ويدخل فيه اليتيم الذى هذه صفته . - ها تفسير سورة البقرة اللا 0 حم - الوه‎ ١ 6 (ج) والمرتبة التى تلى اليتيم فى العطاءء هو المسكين وهو من أسكنته الحاجة» وهذا يشمل الرّمن أى المريض بمرض مع الفقرء وعدم القدرة على العمل» ويشمل أولئك الفقراء الذين لا يملكون شيئاء ويتعففون عن أن يسألوا الناس» ولقد قال النبى كَكيِهٌ فى ذلك «ليس المسكين هو الطواف الذى ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان» ولكن المسكين هو الذى لا يجد غنى يغنيه» ولا يفطن له فيتصدق عليه»!؟) وهو الذى ينطبق عليه قول الله تعالى: للفقراء الْذِين أحصروا في سيل اللّه لا يستطيعون ضربا في الأرض يَحسبهم الجاهل أَغْنيَاء من التحَقُْف . ٠٠‏ 0ك > [ البقرة ] . (د) والذى يلى المساكين ابن السبيل وهو الذى انقطع عن ماله» وصار فى مكان لا يجد فيه ما يمده بأسباب الحياة من طعام يطعمه» أو مال ينفقه أو مأوى يأوي إليه؛ ولذلك أطلق عليه ابن السبيل؛ لأنه انقطع إلا عن السبيل الذى يسير فيه» وإن إيتاء المال لهذا يكون بإعطائه ما يسعفه من قوت,. وبإيوائه حتى يئوب» وإعطائه قدرا يصل به إلى بلده» ويصح أن يسهم فى إنشاء مضيف يأوى إليه أبناء السبيل الذين ينقطع بهم الطريق» ولا يجدون مأوى» ولقد قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير» ومحمد الباقر: إن ابن السبيل هو الضيف الذى ينزل بالمسلمين» وهو لتعبير جدير ببنى هاشم الأكرمين» فقد سماه ضيقًا يجب إكرامه. (ه) ويلى ابن السبيل فى المرتبة التى تؤتى المال على حبه فيها السائلون وهم الذين يسألون ما يقوتهم من طعام أو مال يشترون به قوتهم» وهم لهم حق على كل مسلم له غنى أو فضل مالء وقد قال تعالى: ‏ وَالّذِين في أمُوالهم حق مَعلُومُ 20> - وجاء فى سن أبى داود: كستاب الخراج - أرزاق الذرية (1615) عن جَابرٍ بْنِ عبد الله قَالَ كَانَ رسول لله يك يقُول: نا أولى بالمؤمنين من أنْفسهم مَنْ تَرَدَ مالا قَلأَهْله» ومن تر دنآ ضبَاعًا فَِلَىّ على . والضياع الأبناء والذرية الذين لا يجدون من يعولهم . )١(‏ روى مسلم: كتاب الزكاة : (1015) عن أبى هريرة أن سول الله َك قَالَ: اليس المسكين بهذا الطّراف اذى وف على الث عت الم لمان لمر شرك كلو قَمَا المسكين يا رَسُول اللّه؟ قَالَ: «لّنَى لا يَجِد غنّى يغْنيه ولا يمطّن لَه فيتَصد تصلق لَه ولا َال النّاسّ شيّنًا». وبنحوه النسائى (078؟). وروآه أحمد عن أبى هريرة فى مسنده (؟5؟64). تفسيرسورة البقرة 75م الل ١ ااا‎ ١ بي للسائل وَالْمَحَرُوم +(22> 4 [المعارج] وقد روى الإمام أحمد عن الإمام الحسين أحد السبطين والثانى لسيدى شباب أهل الجنة(١2,‏ عن النبى كلِْهِ أنه قال: «للسائل حق وإن جاء على فرس)2©"7» وإنه لا يرتكب مذلة السؤال إلا عن حاجة» ومن اللؤم أن تسأله عن مقدار حاجته. هذا ما جاء عن رسول الله يِه وقد كان هناك بيت مال يسد حاجة كل محتاج » ويبحث عن المحاويج ليعطيهم ما يغنيهم عن السؤال. وكيف تكون الحال» ولا توجد أية ناحية تبحث عن المحاويج لتغنيهم عن السؤال؟! إنه يكون إعطاء السائل أهم وأوجبء ولكن من الناس من يمنع الماعون عن هؤلاء؛ بحجة أن هؤلاء لهم مال ويتخذون تكفف الناس حرفة يحترفونهاء ويؤثر المنع على العطاء» بل إنهم يذهب بهم فرط مغالاتهم فى المنع إلى أن يحرموا العطاء. ولا حجة لهم إلا ادعاؤهم أنهم محترفون» فهل فتشتم عن حالهم» ونقبتم فى بيوتهم» وكيف يفرون من أن للسائل والمحروم حقا معلوما كما فى الكتاب السامى وقول النبى يَلُهٌ فيما رواه أبو داود «للسائل حق ولو جاء على فرس)9 إنهم يظنون الظن» ويحكمون به من غير أن يستيقنوا فى الأمر شيئا ولا حول ولا قوة إلا بالله . (و) المرتبة الأخيرة التى تؤتى المال على حبه هم العبيد ليفك عتقهم» و عنهم رب العالمين بقوله عز من قائل: ##وفي الرقاب» والرقاب جمع رقبة» ا العبد الذى تعلق به الرق» وعبر عن الرقيق بالرقبة من قبيل التعبير بالجزء وإرادة الجميع» وعبر عنه بالرقبة؛ لأن الرقبة هى مظهر الخضوع حساء إذ يطأطىء العبد رقبته» خشوعا وخضوعاء وكان تعبير القرآن عن الرقيق بالرقبة مثل قوله تعالى: )١(‏ روى الترمذى ١(‏ 0 عن أبى سعيد الْخْدرِى - رضى الله عن - قال: َال رَسُول الله وَكل: «الْحَسَن وَالْحُيْنُ سيدا شباب آهل الجنة» . قال بو عيسى: هذا حَدِيث حَسَن صّحيح. )١‏ رواه أبو داود: كتاب الزكاة - حق السائل )١414(‏ وأحمد فى مسند أهل البيت - رضى الله عنهم 60 (7) سبق آنفا. ل ل تفسير سورة البقرة اللا )ب بور 7 فلا اقتحم العقبة 1ج وما أدراك ما الْعقبَة (3) :فك رقب 127 4 [البلد] وقال فى كفارة القتل الخطأ «( ومن قعل مؤمنا حَطنًا قتحرير رقب مُؤْمَة .. . 2727 4 [ النساء] . وقوله: وفي الرّقاب» أى يؤتى المال على حبه فى الرقاب أى فى فكهاء وذلك يشمل إعطاء المكاتب وهو الذى تعاقد مع مالكه على أن يعطيه ثمنه أو ما تراضياٍ عليه على أن يعتقه.ء وقد أمر الله تعالى بالمكاتبة» فقال تعالى: ل فكاتبوهم إن علمتم فيهم حيرا وآثوهم مَن مال الله الذي آنَاكُمْ . .. 50 4 [النور] وإيتاء المال بأن يعطيه ما يستعين به على ما تعهد به لفك رقبته. ويشمل الإعطاء فى الرقاب أن .يشترى عبيدا ويعتقهاء كما يشمل الإعتاق إن كان له رقيق. وإن إعتاق الرقاب من أحب ما يطلبه الله تعالى من عباده إليه؛ لأن فى ذلك صيانة 5 لكرامة الإنسان من الابتذال» وقد قال تعالى : الإوقد كرما بي ام رسلام لسري ولان فى الحرية كمال ال الإنسانية وكمال التكليف الاجتماعئ» ولأن فى الحرية قوة وتحمل الأعباء وأن يكون جزءا من المجتمع يسيره إلى الخير. * ابتدأ سبحانه وتعالى فى ذكر الخلال التى يتكون من مجموعها حال البر الذى هو غاية الغايات من الأديان الإلهية بالإيمان الجامع فى معناه. ثم ثنى ببيان المحبة للخير والإنسانية بإعطاء المال عن رغبة ومحبة للمحاويج من الأقرب فالأقرب من بنى الإنسان ثم ذكر التربية النفسية والاجتماعية فى الآحادء والجماعات» فقال تعالت حكمته: فإ وأَقَامِ الصّلاة وآتى الزَكَاة والْمُوقُونَ بعهدهم إذًا عاهدوا 4 . وإن هذه أمور تهذب النفس والمجتمع فى الأمة» ومجتمع الإنسانية فإقامة الصلاة بأدائها على وجهها الذى شرعت له» وهو إخلاص النفس للهء وامتلاؤها بذكر اللهء والإتيان بها مستوفية الأركان من قيام وقراءة وركوع وسجود» واستشعار خشية الله تعالى فى كل حركاتهاء بحيث تكون النفس مستحضرة عظمة الله فى كل بل تفسيرسورة البقرة ل ململ ل حب ا حركة من حركاتهاء وتلاوة للقرآن فيهاء ويكون القلب مع الجوارح فى معانيهاء وتكون كلها ذكر لله تعالى وتفضى إلى غايتهاء كما قال تعالى: «إإِنّ الصّلاة تنهى عن الْفَحَشَاء وَالْمِكَرٍ ولذكر الله أكبر ... +220 4 [ العنكبوت]. * وإيتاء الزكاة المفروضة» وهى التى تكون فى الال النامي المنتج إذا بلغ نصابا مقدورا بنحو عشرة مثاقيل» أو يكون من أرض زراعية أو شجر مثمرء أو نحوهما بمقدار العشر صافيا من النفقات على ما هو مصرح به فى كلام الرسول َه ومستنبط من جملة الأحكام التى قررها النبى ع2 . والزكاة يجمعها ولى الأمر وينفقها فى مصارفها المذكورة فى قوله تعالى : ظإِنَّمَا الصّدقَات للفقراء وَالْمَساكين والعاملين عليها وَالْمؤلّمَة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سيل لله وا اسيل فريضة من اله العم حكيم 4 [التوبة ] فولى الأمر هو الذى يجمعهاء وهو الذى يوزعها. وقد أجمع العلماء على أن فى المال حقا غير الزكاة» وهو الذى أشار إليه الله فى قوله تعالى: #وآتى الْمَالَ علَى حبّه ذَوِي الْقربَى» إلى آخر النص الكريم فى موضوع إيتاء المال على حبه. وذلك لأن الزكاة مفروضة وموزعة بالحق وفى مصارف ثابتة منها الفقراء والمساكين وفى الرقاب» ومنها الغارمون وابن السبيل» وفى سبيل الله أولئك فى نطاق علم ولى الأمرء أو ما يصل أمره إلى ولى الأمرء وفوق ذلك هناك واجبات غير الزكاة فإذا كان له ذوو قربى يحتاجون إلى ماله يكون إعطاؤهم واجبًا غير واجب الزكاة» فإذا كان له أبوان فقيران فمن الإحسان إليهما الإنفاق عليهماء وكذلك ذوو قربى القرابات القريبة. ومن اليتامى من لا يعلم ولى الأمر حالهم فكل من يعرف يتيما يجب عليه أن يكرمه ويعزه» وكذلك أولئك المساكين المتجملون الذين لا يسألون الناس إلحافا تعفقًا وتجملاء وأولئك لا يعرف أمرهم إلا الأقربون منهم» وأبناء السبيل حالهم تكون عارضة وتحتاج إلى إصلاح سريع» وسد حاجة» ومعاونتهم على إعادتهم . ا تفسير سورة البقرة 00 م جل _م: -- ومن الناس من تضطرهم الحاجة إلى السؤال لصعوبة وصولهم إلى بيت المال» الذى يجمع الزكاة ويوزعها فى مصارفهاء ومنهم من يكون فى صحراء بعيدا عن العمران فيكونون فى حاجة إلى الإسعاف السريع وكل هؤلاء وأولئك هم مصارف من يؤتى المال على حبهء والجزاء عند الله تعالى. * وذكر الله سبحانه الوفاء بالعهد. وهو يشمل الوفاء بالعقود التى تعقد بين الناس فى بيوعهم وتجاراتهم والجماعات فى تعاملها. “ وهى أظهر فى معاملات الدولة الإسلامية فى علاقاتها بغيرها من الدول والجماعات. فالوفاء بها تتنظيم من الإسلام للعلاقات الإنسانية بين أهل الأرض» ولقد قال تعالى: «وأُوفُوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً 20> 4 [الإسراء] وقال تعالى: « وأُوقُوا بعهد الله ذا عاهدئم ولا تفصو تنقضوا الأَيمان بعد توكيدها وقد جَعَلتُم الله بكم كا إن اله لم ما وذ 02 ولا كوا علبي تقضت زه من بد فز ينم ليان محم فيه تون بج »ل فالوفاء بالعهد قوة» وهو أساس التنظيم بين الدول» ولقد قال التبى يَكلِ: الكل غادر لواء يوم القيامة» وأعظم لواء غدرة لواء أمير عامة»0 . * والآمر الأخير فى الأمور التى جعلها الله تعالى قوام البر الكامل - الصبرء وهو ملاك الأخلاق الإنسانية كلهاء فما من خلق كريم إلا كان الصبر قوامه» وهو قوة يقين تعين على كل ما ذكر فى آية البرء فإيتاء الملل على حبه يحتاج إلى الصبرء والصلاة والزكاة والوفاء بالعهدء كل هذا يحتاج إلى الصبر وضبط النفس» وقوة العزيمة . ش سام ساس س (1) عن أبى سعيد قَالَ: قال رسول الله كلل : لكل غَادرِ لواء يوم م اْقيامَة ة يرقم له بقَدرِ غَدَرِه ألا ولا غَادرَ أعظم د من أميرٍ عَامةه [رواه مسلم : كتاب السير - باب تحريم الغدر (51/9*)]. كما رواه الترمذى وأحمد وابن ماجه. #ل# تفسيرسورة البقرة ل ل لل :7 الاك .. يي وقد قال تعالى: «إوالصّابرِين في الْبأسَاء والضرَاء وحين البَأس» . وإن مقتضى النسق أن يقول سبحانه والصابرون بالعطف على الموفون بعهدهم إذا عاهدوا ولكن كان النصب على أنه مفعول لفعل محذوف هو أخص الصابرين فهى منصوبة على الاختصاصء لعنى فى الصبر وهو واحد فى الفضائل وأفعال الخير السابقة . ش وهنا يسأل سائل» إن الجمل السابقة متعاطفة فقوله: #إوآتى الْمَالَ على حبّه» عطف عليها طوَأَقَام الصّلاة وآتى الرّكاة» فلماذا كان عند الكلام على الوفاء والصبر عبر بالوصف دون الفعل؟ والجواب عن ذلك فيما يظهر لى - والحقيقة عند منزل القرآن فعنده سر البيان الذى لا نسمو إلى إدراكه ‏ وهو أن إعطاء المال وإقامة الصلاة» وإيتاء الزكاة أفعال مطلوبة فى ذاتهاء وهى تتجدد آنا بعد آن وإن كانت واجبة على الدوام» أما الوفاء فالفضيلة فيه أن يكون صفة دائمة لا أن يكون فعلا ثم ينقطع» بل يكون حلية يتحلى بها المكلف» وكذلك الصبر المطلوب فيه أن يكون صفة مستمرة تظهر فى كل أعماله من عبادات ومعاملات وأعمال» يصبر فى كل أمر يقتضى الصبر على النعماء فيرضى ويشكرء ويصبر على الشديدة فلا يفزع» ويصبر على الضراء فلا يئن. وقد ذكر سبحانه وتعالى مواطن للصبر يختبر فيها النفس فلا تطيش ولا تضطرب؛ إذ الصبر ضبط النفس فلا تهلع ولا تتبرم ولا تجزع ولا تضطرب ولا تطيش . وقد ذكر الله الصبر فى البأساء وهى الشدة التى تنزل من فقر مدقع» ومن طاغية يطغى» ومن نوازل تنزل» كخسف أو ريح عاصف» أو سوء معاملة أو نحو ذلك مما يصيب الإنسان فى الحياة» والصبر فيها هو ألا يهلع» وأن يفوض أمره إلى الله تعالى» ويرجو كشف الغمة ولا تذهب نفسه شعاعاء بل يكون مالكا لنفسه مدركا بقلبه ومبصرا بما يدفع عنه الأذى راجيا من الله تعالى العون فى هذه الشديدة النازلة . م تمسير سورة البقرة للللللااال اللا 4م 1 سي - 2 والصبر فى الضراء»ء والضراء ما ينال الجسم والنفس من مرض عارض أو من مرض مزمن» أو من فقد عضو من الأعضاء أو إصابته» والصبر فى هذه الحال ألا يشكو ولا يئن ولا يبسئس من رحمة الله تعالى» روى أن النبي يكل أنه قال: ايقول الله تعالى: أيما عبد من عبادى ابتليته فى فراشه فلم يشك إلى عواده أبدلته لحما خيرا من الحمه؛ ودما خير من دمه فإن قسبضته فإلى رحمتىء وإن عافيته عافيته وليس له ذنب270 , والموطن الثالث الذى يكون فيه الصبر» وفضله كبير لأآنه يحمى الجماعة» وهو ١حين‏ البأس»» والبأس هنا هو الحرب وقال تعالى: «حين» إشارة إلى أن الحرب تجىء وقنًا بعد وقت» وليست مستمرة» وإن استمرت أمدا طويلا تبدل الرجال بعد الرجال» ولا يحارب الجيش كله. وأصل البأس الشدة» ومنه قوله تعالى: وَأَحَدَنًا اّدين ظَلَمُوا بعذاب بئيس ... 29 4 [الأعراف] أى شديدء وسميث الحرب بأسا لما فيها من الشدة» وإن هؤلاء الذين كانت حالهم برا قد قرر تعالى حكمه فيهم فقال تعالى: لأُولَك الّذينَ صَدقُوا وأولتك هم الْمتّفون». الإشارة الأولى والثانية إلى الذين اتصفوا بالبر» حتى كأنهم هم البر فى أعمالهم المؤلفة للقلوب» والمقربة للنفوسء» وصفاتهم المثبتة لقوة الإيمان وحسن العمل» والإشارة إلى اللأوصاف كما ذكرنا فيها إيذان بأن هذه الأأوصاف هى علة الحكم وقد حكم الله تعالى الحكم وأكده بضمير الفصل (هماء وحكم لهم بحكمين مؤكدين : أولهما: أنهم صدقواء والثانى: أنهم المتقون. (1) ذكره القرطبى بتمامه فى هذا الموضع من تفسيره. [كتاب الجامع - ما جاء فى أجر المريض .])1١540/0(‏ وروى البيهقى (1580) والحاكم فى المستدرك )١1777(‏ عن أبى هريرة قال رسول الله كلكِلِ: «قال الله تَعالى: إذا بيت عبدى الْمَؤْمنَ وَلَم يشكنى إلى عواده أَطلَقَتهُ من أسارى ثم بده خما خيراً من لحمه وما يرا من دمه ثم يَستَأنف الْعَمَلَ قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. إل تفسيرسورة البقرة م مائللا حب أ وهم صدقوا فى إيمانهم بأن كان إيمانا ساكنا فى القلب» والنفس مذعنة خاشعة» وصدقوا فى العمل» فكان عملهم منبعثا من إيمانهم» وصدقوا ماعاهدوا الله تعالى عليه» وصدقوا فى عهودهم إذا عاهدواء وصدقوا فى الصبر من غير أنين ولا ضجرء ولا تململ ولا امتعاض» وصدقوا فى الحرب فلم يفروا يوم الزحف وكانوا الصابرين من غير هلع ولافزع» وطلبوا إحدى الحسنيين النصر أو الاستشهاد» فكانوا بهذه الأعمال هم الصادقون. والوصف الثانى هو التقوى» فهم المتقون الذين وضعوا وقاية بينهم وبين العذاب» وادرعوا بطاعته فيما أمر ونهى» وهو العزيز الحكيم. البرفى الفصاص 0000 كما بدن ءَامَنوا كيب رح سرح ور « ساس سر« يصاش ف الل ل ل ولعي لبوا لاق م< 0 مه 2 2 ا 60 يأ لاد نو هَمَنُ عق أ دمن به سَى فأثباءيا اع بالْمَعرُوفٍ وما 2 صم ليه بإِحْسَن دَلِكَ َفيك مّن وش مه له الم بَعَدَ ذَلِكَ فَلَدعَدَ اا اليم :2 المذة يد ولك ف أله لصا ص حيوه له مء عجر 0 ء ج42 - جور يتأؤْلي الا ساب لمكم تسعون زب هذا كلام فى البر أيضاء ذلك أن البر عمل موجب وعمل مانع» أو عمل يبنى الجماعات فيكون موجباء وعمل يحميها فيكون حاميا مانعاء والأول تبين بقوله تعالى: 9 ليس الْبرَّ أن تولُوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ... +20 4 [البقرة] إلى ههه < 7 آخر الآية» والآية التى نتعرض للكلام فى معانيها الآنء هى لحماية الجماعة الإسلامية من الآفات التى تفتك فى بنائهاء وتحميها أيضا من الاعتداء وتفريق النفوس» وتأريث الأحقادء فإذا كان من البر إعطاء المال على حبه للضعفاء» وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصبر لأنه يؤلف القلوب» فمن البر أيضا الضرب على أيدى المفسدين» ومنعهم من أن يعيثوا فى الأرض فسادا. ولذا كانت آية القصاص فى ترتيب التنزيل وراء آية البر؛ لأن كليهما فى بناء الجماعات الإسلامية» ونفى ما يهدد بنيانهاء وإن العرب فى الجاهلية كانوا لا يقتصون من الجحانى» وإنما يثأرون من القبيلة» والدماء فيهم لا تتكافأ فى نظر العصبية الجاهلية» فإذا قتل رجل من عامة الناس رئيس قبيلة لا يقتل القاتل أو لا يكتفى بقتله» بل يقتل من يكافىء رئيس القبيلة» وقد يقتل بالواحد مئات لكى يتكافئوا مع من قتل» وهكذا كان قانون الغلب» وقانون العصبية لا قانون القصاص العادل هو الذى يحكمء وكان ذلك ناشئا من العصبية أولاء وفرض التفاوت ثانياء والثأر الذى لا عدل فيه ثالثا. جاء القرآن الكريم ليمحو هذه العادة الجاهلية» وإثبات أن الناس جميعا سواءء وأن المسلمين كما قال النبى عَللَِةِ: اتتكافاً دماؤهم, ويسعى بذمتهم أدناهم, وهم يد على من سواهم"١",‏ وفى ذلك إشارة إلى أنهم لا يكون أقوياء أمام من سواهم إلا بالعدل الذى لا يفرق بين شريف وضعيف . )١(‏ أخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد: مسئد المكثرين (1607) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جد وذكره. وبتحوه أخر جه أبو داود فى اللجهاد )771/١(‏ وابن ٠‏ ماجه: الديات 51/64 75). ورواه النسائى : كتاب القسامة ( 16)) من طريق أخرى قال: عن فيس بن عبّاد قَال: انطّلقت أن والأشير إلى على رضى الله عنْهُ فَقلَنَا: هَل عَهد إِليِك نب الله يك شيا لم عه إِلَى النّاس عَامة؟ قال: لا إلامَا كَانَ فى كتابى. هَذَا فرج كتَابًا من قراب سيف فَإِذَا فيه: الْمَوْمنُونَ تَكَانَأُ دمَازهُم وَهُم يد عَلَى مَنْ سرامم ويسعى بذسهم اهم ألا لا يقل موْمِن بكافر ولا ذو حَهْدٍ مهد م حت حَدكا ََلى تنس أر آوى مُحدئًا فَعَليِه لَعَنَُ الله والملائكة والئّاس أجمعين». وأصله فى البخارى ومسلم. وقد سبق فى المقدمة . ا تفسيرسورة البقرة مم االللللل ململ لب ا وجاءت هذه الآية الكريمة لرد هذه العادة الآثيمة فقال تعالى: #كتب عَلَيكُم القصاص في الْقتلى4. وكُتب معناها فُرِضُ فرضًا مؤكدا مسجَّلاء لا مرية فيهء والفرضية على الجماعة الإسلامية كلهاء فيفرض على الحاكم أن يقتص من القاتل أو المقتول بشكل عامء وفرض على القاتل أن يقدم نفسهء وفرض على ولى الدم أن يطالب بالدمء أو يعفو حتى لا يُطَلّ دم قط فى الإسلام» وفرض على الجماعة كلها أن يعين ولى الدم ليقتص القاضى من المعتدىء» ولو كان ولى الأمرء فقد قرر الفقهاء على ضوء هذه الآية أن ولى الأمرء ولو كان الجامعة الأعظم إذا قتل شخصا بغير حق» وأراد ولى الأمر القصاص وجب على الأمة مجتمعة أن تعينه على القصاص فإنه لا يُطَلّ دم قط فى الإسلام كما قال إمام الهدى على بن أبى طالب كرم الله تعالى وجهه'' . والقتصاص مصدر قاصء» وهو المساواة وتتبع الأثرء وقد كتبه الله تعالى بأن يؤخذ الجانى بما جنى» وتكون العقوبة مساوية للجريمة» وأساس الإسلام فى قواعده العامة» وإن ذلك هو العدل» وهو أردع للجانى؛ لآنه إذا علم أنه سينزل مثل ما نزل بالجانى» فإنه يتردد فى الارتكاب ثم يعدلء ولقد قال بعض علماء اللاجتماع والقانون: إن العقوبة إذا اشتقت من الجريمة كانت رادعة إذ تجعل المجرم يحس بأنه نازل به مثل إجرامه . وقد فصل الله تعالى حكم القصاصء فقال تعالت كلماته: #الْحر بالْحرِ» أى الحر يقتل فى مقابل الحرء 9وَالْعّدُ بالعبْد» والعبد يقتل فى مقابل العبدء «والأننئ بالأنغى» والأنثى تقتل فى مقابل الأنثى . هذا هو العدل» وهو رد على الجاهليين الذين كانوا لا يسوون فى الدماء» فالعبد إذا قتل حرا من قبيلة أو الحر إذا قتل حرا من قبيلة» وكان الأول من دهماء )١(‏ جاء فى صحيح ابن خزيمة (7707/7) عن بشير بن يسار أن رجلاً من أهله يقال له ابن أبى حثمة أخبره: «أن نفرا منهم انطلقوا إلى خيبر فتفسرقوا فيها فوجدوا أحدهم قتيلاء فقالوا للذين وجدوه عندهم: قتلتم صاحبناء قالوا: يا رسول الله إنا انطلقنا إلى خيبر. . .». فذكر الحديث وقال فى آخخره: «فكره نبى الله مَك أن يطل دمه ففداه بماتة من إبل الصدقة». م تفمسير سورة البقرة اللللللل اا 0 م لجل _ زر يي" الناس » وكان الثانى من أشرافهم لا يقتل به بل يبحث عمن يكافه وربما لا يكافئه الناس مقيتاء وإن كان مألوفا. وبين القرآن حال المساواة فى الوصف من حرية ورق» وذكورة وأنوثة» ولم يذكر إذا اختلف الوصف أو الجنس بأن قتل الحر العبد» والعبد الحر» والمرأة الرجل» والرجل المرأة» وذلك لأن النص سيق لإبطال العادة الجاهلية التى كانت تقتل غير القاتل» وتتعدى القاتل إلى قبيلة» وغير الشريف فى زعمهم إذا كان هو القاتل إلى شرفائهاء فرد الله تعالى زعمهم» وصحح الآمر فى هذا 0 بالقصاص العادل . عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنئف بالأنف َالأَدَ بالأذن والسن الس والجروح قصاص. ٠٠‏ رمق # [المائدة ] ؛ «فَمَن جَاءهُ مُوعظةٌ مَن رب فَانتهئ قله ما ملف ..٠‏ تلك 4 [ البقرة ] . وثبت أيضا بقوله تعالى بعد أن ذكر قصة ولدى آدم حين قتل قابيل أخاه هابيل لأنهما قدما قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخرى طقال لأقلئّك .. 202 » [المائدة ] إلى أن قال: فطوعت له نفسه قتل أخيه فقئله ... 0-7 [ المائدة ]» بعد هذه القصة التى تصور الاعتداء فى فى أقبح صوره» قال الله تعالى: «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أَنّهُ من قَعلَ نَفْسًا بغيْرٍ نفس أو فسَاد في الأرْضٍ فكأنما قتل الّاس جميعا ومن أَحيَاها فَكأنَمَا أحيا اناس جَمِيعا . ٠.‏ جه ب [المائدة ] . وقد تقرر بذلك القصاص على أساس تساوى النفوس .2 وعلى ذلك يقتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل » والعيد بالجر» والحر بالعبد. ولكن ترد هنا أسئلة من حيث شمول هذه الآية والآيات التى تلونا للصور أولا: تكافؤ الدم بين المسلم والذمى» أيقتل المسلم بالكافر؟» قد اتفقوا على أن الكافر إذا قتل المسلم قتل به ولكن كان الأكثرون على ألا يقتل المسلم بالكافر لما تفسيرسورة البقرة ملالا ا يي" ورد عن النبى كللَِدِ أنه قال: «لا يقتل مسلم بكافر»"21 ولعدم التكافؤ بين دم فى أصله مباح» ودم فى أصله حرام . قال أبو حنيفة والثورى: يقتل المسلم بالكافر إذا قتله عمد بمحدّد؛ وذلك لأننا أخذنا. عليهم العهد بأن يكون لهم ما لنا وعليهم ما عليناء ولأننا أعطيناهم العهد بحقن دمائهم ولو لم يقتص لهم لكان فى ذلك إخلال بالعهدء ولأنهم وقد عقدوا الذمة معنا صار دمهم حراما كدمناء ولأننا إذا وجد من يسرق الذمى قطعنا يده. ومؤدى ذلك أن ماله غير مباح فبالأولى دمه. ثانيا: إذا قتل الحر العبد أيقتص منه؟ قال جمهور الفقهاء: لا يقتص لأنهما ليسا سواء فالعبد مملوك والحر مالك ولأنه لا ند» والعبد شئ يقوم بقيمته فإذا قتل به الحر وهو ليس بال لا يكون عدلاء لأن الإنسان لا يقتل فى نظير مال. ولكن قال الإمام أحمد وماة القياس والثورى وبعض الكوفيين: إن الجر يقتل بالعبد إذا قتله؛ لأنه نفس والإسلام جعل أساس القصاص المساواة فى النفوس» وقال عليه الصلاة والسلام: «النفس بالنفس» وهؤلاء الذين قالوا إن الحر يقتل بالعبد قالوا: إن المالك يقتل إن قتل عبدهء لا ذكرناء ولقول النبى كَلكيٌْ فيما رواه النسائى وأبو داود: «من قتل عبده قتلناه؛ ومن جدعه جاعناه؛ ومن أخصاه خصيناه)2"7 وقد أخحذ به البخارى وارتأى ما اشتمل عليه الخبر صحيحاء فكان تصحيحا ضمييًا له9© , )١(‏ أخرجه البخارى: كتاب العلم 2»)2٠١4(‏ والترمذى: الديات (1777)» والنسائى: القسامة (2)4507 وابن ماجه: الديات (751548)» وأحمد: مسند العشرة (056)» والدارمى (0٠0؟١5؟)‏ من حديث على - رضى الله عنه . )١(‏ رواه النسائى بهذا اللفظ: كتاب القسامة (565) وأبو داود. كما رواه الترمذى وحسنه» وابن ماجه والدارمى من غير «ومن أخصاه خصيناه» كلهم عن سمرة بن جندب. قال الحاكم فى المستدرك ج١‏ ص8 5١‏ (8157): هذا حديث صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاهء وله شاهد من حديث أبى هريرة . ٍ (") قال البخارى: قال على بن المدينى: سماع الحسن من سمرة صحيح» وأخذ بحديثه: «مَن قَتَلَ عبده قَتلنَاه؛ وأكثر أهل العلم على أنه لا يقتل السيد بعبده. [راجع نيل الأوطار للشوكانى: الدماء - جلا ص9 ]. إن تفسير سورة البقرة الل الال 01 م 1 الا00‎ ١ بي‎ ولما ورد عن النبى يَلَِهِ من إكرام للرقيق» وفوق ذلك فإن الأساس هو المساواة‎ فى النفس » وهى ثابتة فكان القصاص حما على الحر إذا قتل عبدا وعلى المالك إذا‎ قتل عبده.‎ ثالثا : إذا قتل الجماعة واحدا فهل يؤخذون به؟ فجمهور الفقهاء أقروا على‎ أنهم يقتلون به لأنه ما داموا قد اشتركوا فى القتل فقد قتل كل واحد منهم فيؤخذ‎ بحكم القصاص» وإن تعذددواء وبهذا الاعتبار يكون التساوى لا بين الجحماعة‎ مجتمعين » بل بين كل واحد منهمء واستحق كل واحد منهم القصاص عليه‎ ولأنه لو لم نقتل الجماعة بالواحدء لأهدرت الدماء» وإذا رأى واحد قَثْل‎ شخص فقد تضافر مع غيره من الآثمين فيقتلون» وإن الآثار من الصحابة قد أقرت‎ قتل الجماعة بالواحد» وقد روى عن الإمام عمر رضى الله تعالى عنه أن سبعة قتلوا‎ واحداء فقتلهم به وقال كلمة حازمة: لو قمالة أهل صنعاء عليه لقتلتهم به.‎ : الأرت» فإنه عندما أخبر الإمام على بذلك قال الله أكبر» فدعاهم وقال لهم‎ أخرجوا إلينا قاتل عبد الله فقالوا: كلنا قتلناى» ثلاث مرات» فقال الإمام‎ هذا ما نرى أن الأخذ بالقصاص فى الآية ينطبق عليه. وثئمة فروع فى القصاص‎ كفتل الرجل ولده وعدم جواز القصاص بتركه» لأنه ليس تطبيقا للآية ولكنه أخحذ‎ َ ديث237 , والقصاص بإجماع الفقهاء كما قرر القرطبى فى أحكام القرآن يتولام ولى الأمر بطلب ولى الدمء لقوله تعالى: «إ ومن قتل مَظَلُوما فَقَد جعلنَا لوليه سِلْطانًا فلا يسرف في الْقتل إِنّهُ كان مَنصورا ج22 4 [ الإسراء] . )١(‏ راجع كتاب «العقوبة فى الإسلام» للمؤلف دار الفكر العربى. تفسيرسورة البقرة العفو والآية الكريمة فتحت باب العفو. وهو من سلطان ولى الدم» فقال تعالى: طفَمَن عَفِي لَه من أخيه شيء فَاباع بالمعروف وأداء ليه يإحسان » . وفى هذا النص تحريض على العفوء لكيلا تنهار دماء المسلمين» ولكيلا تتأرث الأحقاد» ولينسل البغض ويعود التسامح بين المسلمين» ولآن جعل الحق للولى فى القصاص يرهب الجانى» وقد يكون القصاص ضارا لولى الدم» كرجل قتل أخاه وولى الدم أبوهما فإنه إن كان القصاصء وأغلق باب العفوء فإن الأب المكلوم يفقد الولدين معا ولذلك كان من التخفيف والرحمة أن يكون حق القصاص قابلا للعفو» وإنه إذا كان العفو كانت الدية كما قال كثيرون من الفقهاء.» ودل على ذلك قوله تعالى: #فَمن عفي لَه من أخيه شيء فَاتبَاع بالمعروف» وهذا يدل ضمنا على وجوب الدية» ولقد قال يل «أيما عبد أصيب بقتل أو خَبَل - أى جرح - فله إحدى ثلاث القصاص أو الدية أو العفو فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه(" . وقوله تعالى: لفَمَنْ عي لهُمْ أخيه شَيْء» يدل على ثلاثة أولها: التحريض على العفو بذكر الأخحوة الرابطة التى لم يقطعها الاعتداء؛ لأنها برباط الله تعالى فلا يفكه العبد. ثانيها: أن أى قدر من العفو يسقط القصاصء» فلو تعدد الأولياء فى درجة واحدة» وعفا أحدهم سقط القصاص . ساس سا ساس ل 200 أن ٠‏ يَأخل النية: نَإِن أراد رابع َحُُوا على يديه ومن امْتَدى بَْدَ لك قله عذاب "لي . رواه أبو داود : كتاب الديات 55 ورواه أحمد ( ٠‏ )) بلفظ: «مَن ' أصيب” دم أو بل - الْحبْل الجراح - فهو بالْخيَار ين إحدى ثلاث : ما أن يققّص أو :اعد العقل أ يَمْمُوَه إن أراد رابعة فَخَذوا عَلَى يديه إن قعل شيئًا من ذلك تم عدا بَعْدَ مَعَتلَ قَلَهُ التَّارُ خالدًا فيها مُخَلَّدهه. ورواه ابن هم تفسير سورة البقرة الللوللللاات ل اااا6ا0الا ل م يطلب يي ثالثها: أن التعبير بالبناء للمجهول يدل على تلمس العفو. ثم قال تعالى: لقَائبَاع بالمعروف وأَداء إِلَيْه يإحسان» . أى إذا كان العفو فالأمر ينتقل من إراقة دم جديد إلى أن يكون اتباعا للقاتل من غير إرهاق بالملازمة» بل بالأمر الذى لا يستنكر فى العرف وتتعاون أسرة القاتل فى أدائه من غير غباب» وهذا من جانب ولى الدم» ومن جانب القاتل وأسرته يكون الواجب هو الآداء بإحسان» أى تكون نفوسهم سمحة. ويؤدون الدية فى مواقيتها من غير لي» والإحسان الإجادة والإتقان وهو فى مثل هذا المقام يكون بالمسارعة فى الأداء والسماحة ولا مانع من الزيادة تطييبًا للنفوس المكلومة. والنص الكريم يفيد بالإشارة إلى أن الدية بدل من القصاص عند العفوء ولذلك ذكرت مترتبة عليه» وكأنه إذا كان العفو ننتقل من القصاص صورة ومعنى بقتل القاتل» إلى القصاص معنى وهو الدية» فالقصاص ثابت فى الحالين» وإن اختلف الشكل . ولقد قال تعالى: #ذَلك تخفيف من ربكم وَرَحمَة4 الإشارة إلى العفو بعد وجوب القصاصء فهو تخفيف من عنف القتل قصاصاء الذى يفزع النفوس» ويزعج وهو قاس؛ إذ يقدم للقود فى وقت لا يكون فيه انفعال مغيظ محنق» بل فى صبر وأناة» وذلك يكون أشد وأعنف» وفيه رحمة بالجانى» إذ خرجت رقبته من القتل الذريع إلى الفداء بمال» ورحمة بالعافى إذ به يتخلص من الأحقادء وأضغانهاء وقد يكون فيه رحمة خاصة بأسرته ؛ على النحو الذى ذكرناه» ورحمة بالآمة لكونه بدل أن ينقص عددها اثنين ينقص إلى واحد» وبدل أن تتبادل الدماء تنتهى المعركة . وإن ذلك لا يسوغ الاعتداء ولا يسهله» ولا يفتح الباب لاعتداء جديد» بعد أن أفلتت االرقبة من ضرب سيف قاطع, ولذا قال تعالى: لإقَمن اعتدئ بعد ذلك فَلَه عذَاب ليم أى فمن اعتدى بعد العفو والدية» وبعد شرعية القصاص ال العادل. فله عذاب أليم فى الدنياء وله عذاب أليم أى مؤلم فى الآخرةء ولقد فهم ب بعض الفقهاء ل تفسيرسورة البقرة للا اللا 7 لال ١‏ .» يي أن عذابه فى الدنيا أن يحرم من رحمة العفوء وتحقيقه؛ ولذلك قرر كثيرون من الفقهاء أنه إذا عاد المعفو عنه فى قصاص إلى القتل مرة أخرى» فإنه يكون من المفسدين» فيقتل حدا وليس قصاصاء وذلك لأنه قد يكون من الشُطّار الذين اعتادوا الاعتداء على الأنفس» وإرهاب النفس» ويكون عفو الولى رهبة منه لا رغبة» فعندئذ يكون القتل لمنع فسادهء ولقطع طريق الشرء ولذلك لا يكون محلا للعفو إذ يكون تمكينا من الشر. وهنا نلاحظ أن فتح باب العفوء وأن يكون القصاص بطلب ولى الدم يخالف القوانين القائمة على أن جريمة الدماء تكون اعتداء على الجماعة» ويكون المجنى عليه شاهداء وليس صاحب الحق الأول» وإن العدل هو فى النظرية الشرعية التى تعتبر الجريمة ابتداء متجهة إلى أسرة المجنى عليه» وعن طريقها تتجه إلى الجماعة» وذلك تمكين للأسرة من أن تنال حقهاء وردع للأشرار عن طريق القصاص» أو التمكين منه» ويكون منعا للثارات والفساد فى الأرض» والعقوبة واحدة» القصاص صورة ومعنى أو صورة فقطء ولا يفتح باب للتخفيف من عقوبة أشد إلى أخف منها إلا بإرادة المجنى عليهء فيكون ذلك أمنع له من أن يفكر فى ثأرء أو يكون فى نفسه غيظ مكظوم دفين. وإن شرعية القصاص على النحو الذى ذكره القرآن الكريم فيه حفظ للأنفس» وإشاعة للطمأنينة فى النفوس وإرهاب للعصة المتمردين على المجتمع»؛ وإحساس بالراحة؛ ولذلك قال تعالى: #ولَكُم في القصاص حيّاة4 وإن هذه الكلمات السامية أبلغ تعبير عن آثار شرعية القصاص فى الأمة. 1 والقصاص كلمة عامة يشمل القصاص فى الأنفس الذى اخقتصت به آية القصاصء إذ قال تعالى: «كتب عَلَيْكُم القصاص في الْقتلَى4 أما فى هذه الآية #ولكم في القصاص حيَاة فإن القصاص يشمل الأنفس والأطراف والجروحء كما قال تعالى فى سور المائدة» بل يشمل القصاص فى الضرب واللطم على ما حققه فقهاء السلف, وأخذ به الإمام أحمد. إن تفسير سورة البقرة !]ااا لالل اناا لكام ناضلا ا الك ااال اا لا اتلك!ض اللا ل للا ااا ةا الال أل لالاا!ضظلاتلال اا ااال اللا[ تامالع ممم ممم ممسماماملالاك للتظللا اجر لسرب را وفى قوله تعالى: إولكم في القصاص حيّاة4 تعميم للقصاص مع تعريفه بأل التى! تفيد الاستغراق» وتنكيره لكلمة حياة» والتنكير هنا للتعظيم» أى حياة سعيدة هادئة مطمئنة خالية من عبث السفاكين» واعتداء المعتدين واستهزاء المستهزئين هى حياة كريمة تظهر فيها الفضيلة. وتختفى فيها الرذيلة؛ تحترم فيها الحقوق» وتحقق فيها الواجبات؛؟ يقام فيها العدل. ويختفى فيها الظلم» ويتحقق الاجتماع. ولا يكون التنابذ والافتراق فلا شىء يربط الحياة بين الجماعات والآحاد سوى العدل والحق . وكلمة الله السامية: «إولكُم في القصاص حيَّاة4 اشتملت على إيجاز القصر البليغ إلى ما لا يصل إليه إلا كلام رب العالمين» ولقد كان هناك مثل سائر فى العرب» يقولون إنه أبلغ الكلام فى إيجازه» وأعمقه فى أدائه» وهو قولهم: «القتل أنفى للقتل»» وعقد بعض العلماء موازنة بينهاء وبين الجملة السامية #ولَكُم في القصاص حيَاة4 وقد استنكر ابن الأثير هذه الموازنة؛ لأنه لايوزن كلام الله تعالى بكلام أحد من الناس. وعقد هوة الموازنة ربما يكون فيها تنزيل من مقام المعجز الذى لا يستطيع أحد من البشر أو الجن أن يأتى بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. وإن الموازنة انتهت بأنه لا يمكن المماثلة بين كلام العرب وكلام الله تعالى» وأنه بالنظرة العابرة نرى كلام الله تعالى فى مكانة وكلام العرب فى دركه» فنجد أولا التكرار فى لفظ «القتل أنفى للقتل»»؛ ولا تكرار فى قوله تعالى: إولكم في القصاص حيّاة4 ونجد أن الآية تدل على القصاص العادل» و«القتل أنفى للقتل» لا تدل على القتل العادل» بل تدل على مجرد القتل» ونجد أن القصاص يشمل القتل وقطع الأطراف» بينما كلمة العرب لا تدل إلا على القتل فقطء ونجد أن لفظ العرب لا يدل على حياة الجماعة. بينما أن النص القرآنى السامى لا يدل فقط على نفى القتل بل يدل على قيام الحياة الكريمة من هذا القصاص العادل» وإن المقابلة بين القصاص والحياة الكريمة تبين منزلة العدالة فى القصاص. تفسيرسورة البقرة اللا ااال اكاك يي وهكذا نهد أوجه الإعجاز فى هذا الإيجاز بما لا يمكن أن يصل إليه كلام مهما بلغت مكانته من البيان عندهم » فهى بلاغة تليق بكلام الإنسان» وتتقاصر عن أن تصل إلى كلام الديان» وكلام الناس يجرى فى مساره» ولا يصل إلى برج القرآن الأقدس» تعالت كلماته وتعالى منزله. ولقد قال تعالى مخاطبا الذين يدركون مافى القصاص من ثمرة وهى الحياة العزيزة الآمنة الطاهرة من رجس الآثام وفسق الفساق واعتداء المعتدين» فقال تعالى: قويا أولي الألباب» الألباب جمع لب وهو العقل المدرك الذى لا يكتفى فى إدراكه بمظاهر الأمورء فهؤلاء أصحاب الآلباب التى تغوص إلى الحقائق فتدركها. ثم قال سبحانه وتعالى: #العلّكم تتقون»*. ولعل هنا للرجاء والرجاء من الناس لا من الله تعالى» فالتقوى منهم وهو سبحانه وتعالى يتقبلها ويقرب بها عباده يتقوا فى جماعتهم كل ما يفرقهاء ويعملوا على أن يقوا من شر فسق الفاسقين واعتداء المعتدين والله سبحانه وتعالى ولينا» وهو د نعم المولى ونعم النصير. الوصية فى الأسرة ل أذ سل غير هه ل ص > سرج موس ممه مه الل براسم احص رَأَحَدكْملْمَو تن ترك حا حَيرا أَلوَصِيَة لِلولِدَينِ وَآَلةّ وين بالْمَعرْوف حَفَاعكَالْمنَقِينَ مُبَقِينَ 2 همده هر و ور ا مر د و 27 وو حر بَعَدَمَاسْمِعَهءفَإِنَا امه عل الذي سد لونه "| إن الله سميع عليم لي لما سحت سكسسس َناك ين ُوصٍِجنكَااَ وَإِْمَاقاضصَلَمَ نَم فِثَمَ هن تفسير سورة البقرة اللللااااللاال 01111 4 لجل بر 7 بعد أن بين سبحانه بناء الجماعة الإسلامية بما ذكره فى آية البر» وبين حماية الجماعة الإسلامية من آفات المجتمع من الاعتداء والتفريق بالقصاص بين سبحانه وتعالى بعض أحكام الأسرة التى تربط بينها بعد الوفاة» وبين فى آية البر إيتاء ذوى القربى فى حياته» وفى هذه الآية يبين سبحانه وتعالى الوصية بالإيتاء بعد وفاته. فقال: « كتب عَلَيْكُم إِذَا حضر أحدكم الموت إن ترك خَيْرا الوص للوالدين والأفريين بالمعروف 4 . وقد قال بعض الفقهاء مناسبة الآية بعد آية القصاص فوق ما ذكرنا أن آية القتصاص تفيد أن للولى أن يقتص فيكون هذا الذى يقتص منه قد حضرته الوفاة» فكان له أن يوصى» بما يوصيه؛ إذ قد حضره الموت» فيجب عليه أن يوصى» إن ترك خيرا. وهذه أول آية ذكرت فيها الوصية» وقد ذكرت بعد ذلك فى توزيع الميراث» وأنه يكون بعد وصية يوصى بها أو دين» ثم ذكرت فى آخر المائدة عند الشهادة عليهاء إن حضر الموت وهو فى سفر. وقوله تعالى: #كتب عليِكُم إذَا حضر أحدكم الْمَوْت إن ترك خَيْر) الوصيّة» إلى آخر الآآية» كتب تدل على الفرضية المؤكدة ما يؤكد به القول عادة وهو الكتابة المقيدة المسجلة. 27 ٠‏ ا وقد قال بعض الفقهاء: إن الوصية لمن كان عنده مال يسمى «خيرا» تكون واجبة» وقد احتجوا بما روى عن ابن عمر عن النبى يَكلِْكّ أنه قال: «ما حق امرىء مسلم له شىء يريد أن يوصى به فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)(21 وإذا استدل على هذا بأن ذلك إذا أراد الوصية» فإذا لم يردها لا جناح عليه إذا لم يوص ولم )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: الوصايا (7677) ومسلم: الوصية (7-1/4) عن عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما. بل تفسيرسورة البقرة االللإلل لال ١ ا‎ يي يكتب» فنقول إنه بعد ذكر صيغة الوجوب» وهى «كتب» الدالة على الفرضية يكون الحديث دالا على الكتابة تنفيذً) للفرضية وتأكيدا لهاء وتثبيتاء وقال الأكثرون الوصية ليست واجبة فى غير الودائع» والديون التى عليه» والصدقات التى وجبت ولم يؤدهاء وقد اتفق الفقهاء على وجوب الوصية فى هذه الأمور التى تكون حقا عليه ولم يقم بأدائه فى حياته فيوصى به بعد وفاته. والظاهرية من نفاة القياس قرروا أن الوصية واجبة بظاهر الوجوب فى قوله تعالى : #كتب عَلَيكُم4 وأنه إن لم يقم بذلك كان للقاضى أن يأخذ قدرا من الوصية يعطيه لمن يستحقه أى قدر كان. وقد علق تعالى طلب الوصية على وجود قدر من المال يسمى «خيرا» فقال تعالى: #إن ترك خَيرا» وما المراد بالخير؟ قال بعض العلماء: إن أى قدر من المال خير» لأن الله تعالى سماه خيرا فقال تعالى: «وما ت تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه وما فقوا من حير يوف ؛ إِليكُمْ وأهُمْ لا ُظْلَمُونَ 422 4 [البقرة] وإن المال القليل يطلق عليه إنه خير؛ ولذا قال تعالى عن موسى عليه السلام: 9 رب إِنِي لما أنزلت إِلَّي من خير ففير 4420 [القصص] وإطلاق كلمة خير على المال قل أو جل لأنه سبيل للخيرء وخلق المال للب الخير» ودفع الضر. وروى عن كثير من الصحابة أن الخير المراد به فى الآية الكثير كثرة نسبية النسبة حال الورثة وعددهم» روى عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن رجلا قال لها: إنى أريد أن أوصىء قالت: كم مالك؟ قال: ثلاثة آللاف درهم. قالت: فكم عيالك؟ قال: أربعة. قالت: إن الله تعالى يقول: #إن ترك خيرا# وهذا شىء يسير فدعه لعيالك فإنه أفضل لك37 . )١(‏ عن أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق - رضى الله عنهما - قالت: قال لَهَا رجل: إِنَّى أريد أن أوصى» قالت: كم مالك» قال: ثلاثةٌ آلاف» قالت : كم عيَائُك» قال : أرَبَعة فقالت: قال الله سبحاله: إن تَرّكَ خَيْرًا الوصيّة ٠.‏ 27 4 [البقرة] وإِنّ هذا لشىء يسيرهء فاتركه هُ لعيّالك فهو أفضّل. [رواه البيهقى فى السان الكبرى : باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئا كثيرا (151؟١)].‏ (إ#ا تفسير سورة البقرة الل الالال 0 6 ااا .» يي وروى أن عليا كرم الله وجهه دخل على رجل يعوده » فقال الرجل : أوصى ؟ فقال الإمام كرم الله وجهه: «قال الله تعالى: #إن ترك خيرا» إنما تركت شيئا يسيرا فاتركه لأولادك)20 , ويفهم من هذا أن المراد بالخير المال الكثير» وتقديره نسبى بحسب حال الورثة وحاجتهم وعددهم؛ ولذلك اختلف الصحابة فى تقدير الكثرة فمعظمهم قدرها بما فوق الستين ديناراء وقدرها بعضهم بثمانين دينارا فأكثرء وروى عن قتادة أنه قال: ألف فما فوقهاء أى من الدراهم. وهكذا نرى أن الكثرة من علماء الصحابة فسروا الخير بأنه الملل الكثير الذى يتناسب مع حاله وحال ورثته وعددهم وأن أحدا من الصحابة لم يفسره بأنه أى مال. ولم يقدر مقدار الموصى بهء ولا دليل على تقدير قدر معين له» وقد ترك التقدير لتحقيق كلمة بالمعروف؛, أى الأمر الذي لا تستنكره العقول» وتعرفه وتقر به» وتعبير القرآن الكريم فى قوله: #بالمعروف» يدل على ما لا يستنكر فى العرف والعادات» المستقيم الذى يضع الأمور فى مواضعها ويزنها بميزان الحق. وقوله تعالى: اللوالدين والأفربِين بالمعروف4 وقد ذكرنا معنى بالمعروف» وقد كان النصب يوجب على من يقول بالوجوب الوصية للوالدين والأقربين وذكر الوالدين أولا؛ لآن الله تعالى أوصى بالإحسان إليهما وأكد الإحسان ولو كانا مشركين وقال تعالى : «وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لَك به علّم فلا تطعهُما وصاحبهما في الدنيا معروقًا. ٠‏ عه © [ لقمان ] . والأقربون من الأقارب هم الذى تدنو قرابتهم أكثر من غيرهم كالاخوة والأخوات والآبناء والبنات» وغيرهم من ذوى العلاقات المباشرة بالقرابة كالعم وابن 5 الأخ. )١(‏ رواه البيهقى: : كالسابق (111771) عن هشام بن عروة» بلفظ : إن الله تَعَالَى يقول: إن ترك خَيْا اْوصيّة ٠.‏ ا 4 [البقرة] وَإِنّك إنما تَدَعْ شيئاً يسيرأء قَدَعَهُ لعيالك» فإِنّهُ أفضل. بل تفسيرسورة البقرة مم امن ق ااام ان اناما ا مقا ةا ناتللا الما نا ااانا قطنا انان اناالا انانانا نل لانن الل لال خطن اننال الال اناالا نا نان نانطتا طم خلطا قاط مالالا انالا نط لالط تلاتلا سرب اا وهنا يثور بحث أيوصى لها وجوبا بالمعروف» ولو كان لهم ميراث مقرر فى آية المواريث» والميراث فريضة محكمة» وقد قال النبى كَليِْة: «إن الله قد أعطى كل ذى حق حقه فلا وصية لوارث)272" . لقد قال الأكثرون من الفقهاء: إن هذه الآية إنما يؤخذ بها إذا كان هؤلاء غير وارثين كما كان الأمر فى أول الإسلام إذا أسلم وأبواه مشركان» وكما كان من بعد من تزاحم الورثة أو تقديم بعضهم على بعض» كأن يكون له أخحت شقيقة أو لآب» . وله ابن» فإن الأخت لا ترث وهى من الأقربين» وكذلك أخوه؛ لأن الابن حجبه ففى الخال إذا كان الأخ ذا حاجة كمتقدم السن فإنه يوصى له. ولذا قال هؤلاء الغلبة من الفقهاء إنه يجمع بين آية الوصية وآية المواريث وتكون آية الميراث مخصصة لآية الوصية بأنها فى غير الوارثين من الأقارب . 25 هذا ما عليه الجمهرة العظمى من الفقهاء. ولا يقال إن آية الميراث نسخت ية الوصية؛ لأنها بقيت شريعتها فى غير الوارثين» وهى فى ذاتها سير لما عساه يكون هذا هو العدل. وهو البر والرحمة بذوى قرباه. ويرى بعض الفقهاء أنه لا تعارض لا فى الكل ولا فى الجزء بين آيات الميراث» وآية الوصية» فآية الوصية فى الثلث يوصى به لمن يراه أشد حاجة وأقوى )١(‏ عن أبى أُمَامَةَ الباهلى قَال: سمحت رول الله يلل يَقُول فى طبته عام حَجَة الوتاع:. «إنَ الله قد أعطى لكل ذى حَقّ حَفّه قلا وَصيّة لوارث . الْولَدُ للّرَاشٍ وَللَْاهرٍ الْحَجَرْ وَحسابهُم عَلَى الله وَمَنْ ادَعَى إِلَى َي أبيه أذ الى إلى خَيْرٍ مواليه قعل ته اللّه لنِعةُ إلى يوم القيامَة. لا تق" امرآة من بيت وَوْجها إلا بإذن زوجها' ٠‏ قيل: ا رسسُولَ الله ولا اطَّنام؟ قَال: «ذلك ؛ أفْصَل أمُوالناه» كم قَالَ: «الَعَاريةٌ مؤداق والْمنْحَةُ مردودة والدين مقضى» وَالرّعيم غَارم». رواه بهذا اللفظ الترمذى: كتاب الوصايا (55 ١٠؟)‏ ورواه أبو داود مختصرا: : كتاب البيوع (15 0٠٠‏ ورواه ابن ماجه بلفظ : سَمعْت رَسُول الله يك يقُول فى خمطبته عام حبجة اوداع : إن اله قد على كل ذى حَق حَقَّهُ لا وصبيّة لوارث» . تفسير سورة البقرة ا 2221 قرابة» والميراث فى الثلثين» ولقد قال كله : إن الله تصدق عليكم فى آخر أعماركم بثلث أموالكم فضعوه حيث شئتم»17 . ولقد قال ذلك القول من الشيعة الجعفرية» وقالوا: إنه حديث «إن الله أعطى كل ذى حق حقنه فلا وصية لوارث إلا بالثلث». ولعلهم عللوا ذلك بأن بعض الورثة ربا لا يسد نصيبه حاجته. فالأخ قد يكون ذا متربة فلا يسد نصيبه حاجتهء وقد يكون أحد الورثة زمنا مريضا بمرض لا يرجى البرء منه» وهو فى حاجة إلى أكبر من نصيبه ) فيوصى له بما يكمل حاجته وقد شرع الله تعالى الوصية لتكميل ما عساه يكون فى توزيع الميراث من رأب يجب سده. وقد أخذ القانون المصرى برأى الإمامية فى جواز الوصية. ونقول إن الاعتبار فى حال الأخذ بجواز الوصية للوارث أن يكون ذلك بالأمر المعروف الذى لايستنكره الشرع ولا يستنكره العقل» فإن فعل فقد ارتكب إثماء فلا يوصى لابنه الغنى» أو الذى يكون من الزوج المحبوبة ويرك الآخرء وقد قال النبى ِهِ: «سووا, بين أولادكم»7") أو يوصى لابنه» ويترك ابنته فإن الوصية للوارث مهما يكن مبررها هى مخالفة للميراث» أو استثناء من أحكامه ويستقيم الاستثناء إذا كان فى بر وعدل» لا فى قطيعة وإثم . وإن القاعدة الشرعية فى الأمور الاستثنائية أو الاستحسانية التى تجىء على خلاف القاعدة أن تكون مكملة للقاعدة أو الأصل العام والباعث عليه» غير مناقضة له. )١(‏ عن أبى هريرة قَالَ قَالَ رَسُول الله يلل : إن اللّهَ تصدق ف عَلَيِكُم عنْدَ وقَاتكم بثُلْثْ أموالكم زيَادة لَكُم فى أعمَالكُم؛ [رواه ابن ماجه: كتاب الوصايا: : الوصية بالثلث )77٠١(‏ وأحمد عن أبى الدرداء )377١١(‏ عن رسُول الله يك أنه قَالَ: "إن الله تصق عَليْكُم تل آموالكُم عند وَكاتكُم. (5) عن الشعبى قال: : سمعت النعمان (هو ابن بشير) على منيرنا هذا يقول: قال رسول الله لله : «سووا بين أولآدكُم فى العطيّةء كَمَا تحبون أن يسووا يَيتَكُمْ ذ فى البر» شرح معانى الآثار: كتاب الهبة والصدقة ج؛ ص58 ]. تفسيرسورة البقرة مم ووو ااالموا0ااااالاللا0ا0اا0ال ل حب د ولقد أكد سبحانه طلب الوصية» فقال تعالى: حقًا على الْمتِّينَ# وحقا فى الآية مفعولا لفعل محذوف يقدر بما يناسب القول أو الحكمء فيقدر مثلا يجعلها الله حقاء أو أوجبه حقا على المتقين. وإن اقتران حكم الوصية الدال على وجوبها للوالدين والأقربين يومىء إلى أنها محكمة لا تنسخ؛ لأن الله تعالى لا يؤكد حكما جرى فى علمه المكنون أنه سينسخه ذلك التأكيد. وهو يدل على الوجوب ويؤكده» وذكر الوجوب على المتقين للإشارة إلى أنهم الذين يطيعونه اتقاء غضب الله سبحانه وتعالى وابتغاء رضوانه» وإلى أنهم يسارعون بإجابته» وأنهم ينفذون فى دائرة المعروف غير المنكور. وإن الوصية تكون عطاء من رجل فان يتركها لمن بعده من ذوى قرابته أو الاتصال بهء وهى تكون وديعة بين أيديهم» هى وديعة ذلك المتوفى الذى صار لايملك من أمره شيئاء وهى أيضا وديعة الله إذا كانت فى سبيل الخير الذى يرضاه الله تعالى؛ ولذا نهى الله تعالى عن تبديلهاء وقال تعالى: #فَمن بِدَلَهُ بعدمًا سمعه قَإِنَمَا إِنْمَهُ على الّذين يِبَدلونه4 وهذا يدل على أن التبديل إثم ممن يقع منه التبديل سواء أكان وصيا فى التركة أم كان وصيا على الورئة الضعفاء أم كان شاهداء أم كان قد أودع الوصية» وبعبارة عامة» كل من يكون فى قدرته التبديل والتغيير فى موضوعهاء أو فى مقدارهاء أو فى مستحقهاء ولا يقال إن التبديل من الموصى نفسه للسياق؛ إذ يقول #بعدمًا سّمعه4» أى القول الدال على الوصية» والموصى لم يسمع القول بل قاله» متفق عليه أن الموصى له أن يغير فى الوصية, ويبدل ما دام حيا؛ لأنها تصرف غير لازم» ولا تنفذ إلا بعد وفاة» ولا يأثئم إلا إذا غيرها من خير إلى غيره» ولا يكون الإثم إلا من قصد الشر. وكان التبديل إثما لأنه خيانة للموصى الذى استودعه أسراره» ولأنه اعتدى فغير وبيدل فيما لا يملك التغيير» ولأنه كشاهد الزور الذى يشهد بغير ما يعلم أنه الحق» ولآنه يفوت الخير المعروف الذى قصده الموصى بوصيته . هااا تفسير سورة البقرة 1110 1 1 1 23255011 م سر اا وقوله تعالى: #9فَإنّما إِنْمه على الْذِين يبدلُونه» الفاء هنا واقعة فى جواب الشرط» و«إنما» دالة على القصرهء أى فإن الإثم واقع على الذين يبدلونه» وليس على الموصى وزر فيما فعلوه» فقد احتسب الخير ونواه» وأراد تنفيذه» وليس عليه وزر الذين غيروا وبدلوا. وقوله تعالى: #على الّذِين يبَدلوته4 بواو الجمعء وقد يكون الذى غيره واحداء للإشارة إلى أن ذلك التغيير عادة يكون من الورثة الذين يريدون أن يغيروا إرادة المورث» ففى التعبير بواو الجماعة إشارة إلى اتتمار منه ولا ينسب إلى واحد يتحمل وحده الوزر» بل يتحملون جميعا الوزر. ولقد هدد الله تعالى أولئك المغيرين المبدلين المناعين للخير» بقوله تعالى: «إِنَ الله سمي عليم» أى أنه سبحانه وتعالى سميع لأقوالهم التى غيروا بها وبدلواء ومنعوا الخير عن صاحبه» وعليم بكل شىء» عليم بالوصية الحق التى كتبها الموصى» وعليم بمن غير وبدل وهو المتصف بالعلم الكامل» وهو الذى أحاط بكل شىء علما سبحانه وتعالى. وإن ذلك إنذار شديد لمن يغير. وقد أكد سبحانه الكلام بإن المؤكدة» والجملة الاسميةء وذكر اسم (الله) سبحانه وتعالى العالم بكل شىء. وإنه قد يكون الموصى ظلماء أو ميالا لظلم» أو يريد إثما لوصيته كمن يوصى فى موضعء أو يعين فى وصيته على إثم فهل تنفذ هذه الوصية» وهل يجوز تغييرها؟ قال الله تعالى فى ذلك: قن حَاف من موص جَنَفا َو إِنْمَا فَأَصلَحَ بيهم فلا إثم عليه» . الخوف يكون فى الأمر المتوقع فيخاف أن يقع. فتقول أخاف أن تفعل كذاء إذا كنت تتوقع الفعل اللَخوف» كما قال يعقوب: « وَأَحَاف أن يأكُلَهُ الذَنْب .. . 27 4 [يوسف]ء أو رأيت بوادره من قول أو فعل أو نحو ذلكء, والجنف الميل إلى ناحية تفسيرسورة البقرة مم اللي سب ات الظلمء وهو ضد الحنف فهو اليل إلى ناحية العدل فقوله تعالى: #قمن خاف من موص جنفا أو إثما# معناه من خاف من موص ميلا إلى ظلمء أو توجها خطأ إلى ظلم أو إثما مقصودا فأصلح بينهم أى بينه وبين ورثته وحمله على الاتجاه إلى العدل والخير» أو قصد إثما بأن أوصى لبنيه دون بناته أو أراد أن يوصى فى معصية» أو فى ناحية لا خير فيهاء فحملوه على اختيار ما لا معصية فيه ولا ظلمء فإنه لا يكون عليه إثم؛ كإثم التبديل؛ لأنه ما بدل إنما الذى بدل الموصى» وله فضل الآمر بالمحروف» والناهى عن المتكر وفضل الصلح والصاح خيرء وفضل منع الظلمء سقط الحرج عن الباقين» وإنه يجب على والى الحسبة القيام بالإصلاح فى هذه الوصايا التى تجنف لوثم والقاصدة الوثم. وإذا كانت الوصية فيها جنف لإثم أو تعمد لإثم» ومات الموصى مصرا عليهاء كأن يوصي لغير قرابته» وهم أغنياء» وفى قرابته فقراء فإنه إن حولت الوصية إلى فقراء ذوى قربا كان أولى لأنها عدلت إلى خير. وقد روى عن ابن عباس وقتادة وغيرهما أن معنى الآية من علم بعد موت الموصى جنفًا أو تعمد إيذاء بعض فأصاح ما وقع من الإثم وما وقع بين الورثة من الاضطراب والشقاق فلا إثم أى لا يكون إثم التبديل» بل يكون له ثواب الإصلاح» وروى النسائى أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته» وليس له مال غيرهم فبلغ ذلك النبى كلل فغضب من ذلك وقال: «لقد هممت ألا أصلى عليه ثم دعا مملوكيه فجزأهم ثلاثة أجزاء» 2 ثم أقرع بينهم ‏ فأعتق اثنين وأرق ) أربعة(ى وقد 175 رواه بهذا اللفظ عن عمران بن حصين النسائى: كتاب الجئائز باب من يحيف فى وصيته‎ )١( ورواية مسلم عنه أيضا بلفظ : «أنّ رجلا أَعتَقَ ستّة ست مملوكين لَه عند موته» َم يكن لَه مَال غَيرَهم» فدعا بهم رسول الله يك فَجَرَآهُم أثُلانا» كم فرع ب بست ينَهُم تَأعتقّ انين 317 أربْعة وقال ” قَوْلِا شديد» . [كتاب الأيمان - باب من أعتق شركا له فى عبد (07164]. إل تفسير سورة البقرة اللللللللاالل لوال 0 يي لبجل به و20 وقد اشترط فى نفاذ الوصية ألا يكون فيها مضارة» فلقد قال تعالى: من بعد وصيّة يوصئ بها أو دين غير مُضَارَ . .. 41:7 4 [النساء] وقرر مالك أن كل وصية فيها مضارة تكون باطلة. هذا وقد اتفق الفقهاء على أن الوصية بمعصية تكون باطلة؛ وكذلك الوصايا التى يكون الباعث عليها معصية من المعاصى كان يوصى لخليلته لتبقى معه على العشرة الحرام» وإن تكلموا فى مدى قوة الباعث . َ وفى الجملة إن الآية الكريمة تدل على أنه لا إثم على من بدل وصية آثمة فحولها إلى الخيرء أو أبطلها إن لم يمكن تحويلهاء وإن ذلك يكون للقضاء أو لوالى الحسبة . ولأن التبديل لا يكون فى دائرة الإثم ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: #إِنّ الله عور رحيم» أى إن الله تعالى بالغ الغفر؛ غفار للموصى أن هم وعدل» وغفار لمن أصلح ونجبح» ولا يأثم من غير بعد الوفاة» وحولها من جنف إلى عدلء وأن الله يرحم الموصى ويرجى آلا يؤاخذه ما دام لم يتم ما أقدم عليه» وقد أكد سبحانه الغفران والرحمة بصيغة الغفور الرحيم» وبإن المؤكدة» وبالجملة الاسمية. اللهم اجعلنا ندخل فى غفرانك» ونحن فى رحمتك . 2 و ع ع اح سل ادس سس و هب سه سرس بيد سه سرع ب قرس ةفر إل تفسيرسورة البقرة 09م لل ل امللولل و ااال كسح زد ره مير م سح روم 2 م تََلمونَ 02 شَهَرٌ أن تصوموا حي لحك إِنكسْر تَكَلْمُونَ لوه مي # هر 02 1 رَمَضيِسَانَأَلذَى لضو لزان مكى إكسايى سه سس له سل ضح له يس خخ مس 7 م - وَبَيْتت من هد وَالْْرفَانِ من سهد نَكْمأَلتّهِرَ 0 00 ذل م لس م يسمه ديسا أوعَلَ سَمَرِفهِدَةين او أُحَري د مه نمكم الْسْرَوَلَابرِيِدُ بحكم يو فى وصء سر ا الشدرإتصكياواأليةة وإتكرواأً نَهَعْلَ ما ممه ريرم + سئرو هده م وعَلَكم تسكروت ريه ذكر الله تعالى فى آية البرء أن من البر إتيان المال مع حبهء وإقامة الصلاة» وإيتاء الزكاة» وأشار إلى الجهاد» ولم يذكر الصوم والحج» وقد ذكر هنا الصوم» وسيذكر من بعد الحج فى محكم آياته» وبذلك تجتمع الأركان الخمسة التى هى عماد الإسلام» وهى الإيمان بالله وشهادة أن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان» وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا . وقد بين الله تعالى صوم رمضان فى هذه الآيات الكريمات التى تلوناها ونتكلم فى معناها الآنء قال الله تعالى: يا أَيْها الّذين آمنوا كتب عَلَيكُم الصيام كَمَا كُتب عَلَى الّذين من قَبْلَكُم» كتب بمعنى فرض لأنه قرره الله تعالى» وكتبه حتى صار مكتوبا على المؤمنين» وقد أكد سبحانه الفرضية بقوله تعالى عليكم» وبأنه شريعة النبيين أجمعين؛ ولذا قال تعالى: كما كتب عَلَى الّذينَ من قَبْلكُم» وأنه سبيل لتقوى النفس» ولذا قال: «لعلكم» وذكر أنه أياما معدودات معروفة القدرء مبينة الابتداء والانتهاء» وقد بينها سبحانه وتعالى فى قوله تعالت كلماته: «شَهرٌ رَمَضَانَ الذي أنزل فيه القرآن هدى لَلنّاس وبيتات مَن الهدئ والْفُرقَان» . تفسير سورة البقرة اسل 09 1 0 ١‏ والصوم فى اللغة الإمساك؛ وذلك كقول مريم فيما حكى القرآن: < فَقُولي إنّي نَدَرت للرَحَمَن صوما فلن أُكلَم اليَوْمَ إنسيًا 4:7 [مريم]» والصوم فى المعنى الدينى القرانى الظاهر هو الإمساك عن الطعام والشراب» وعن النساء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس كما قال تعالى فيما سيأتى: ل وكلوا واشربُوا حتى يتبين نكم الخيط الأبيض من الْخيْط الأسود من الْفَجَر نم أمُوا الصيّام إلى اليل ... 29 4 [ البقرة] بهذا النص الكريم يحد الصيام من طلوع الفجرء حتى يدخل الليل وذلك بغروب الشمس . كتب الصوم على الذين آمنوا فهو فرض مؤكدء وقد قال: كما كنب على الّذِينَ من قبلكم4 من أهل الديانات السماوية كديانة موسى عليه السلام» وديانة عيسى وغيرهما من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام» والتشبيه كما قال معاذ بن جبل من فقهاء الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم: التشبيه واقع على أصل الصوم. لا على صفته وعدد أيامه. وهذا يكفى فى التشبيه فهو يثبت أن الصوم شريعة فى الشراتع السماوية كلهاء وهذا يدل على كمال فرضيته» وأنه لا يختص بالمسلمين وحدهم بل يعم الديانات السماوية كلها. وقد بين الله تعالى حكمة شرعيته الأزلية الباقية بقوله تعالى: طلَعلّكُم تنَقُونَ4 أى رجاء منكم لأن تصلوا إلى درجة المنقين» فتتقوا المعاصى» وسيطرة الأهواء والشهوات على نفوسكم؛ وذلك لأن الصوم يربى النفس على الضبط» والاستيلاء على أهوائها وشهواتها وحيث قويت الإرادة قوى سلطانها على الالتواء وعلى الشهوات؛ ولذلك كان من آدابه المكملة له أن يمتنع عن المحظورات كلها فلا يسب ولا يقول الزورء ولا يعمل به» ولا يجترح المنهيات بلسانه» ولقد قال النبى عله : «من لم يدع قول الزور والعمل به. فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه»27 وقال () أخرجه البخارى: كتاب الصوم )١77/-0(‏ عن أبى هريرة - رضى الله عنه تت كما أخرجه الترمذى وأبو داود وابن ماجه وأحمد. 0# تفسيرسورة البقرة 07م ملظلل له < يي يُ: «الصوم جنة)27 وإن الصوم بهذه المعانى الجليلة المهذبة للنفس الضابطة للإرادة كان من أعظم العبادات عند الله تعالى؛ ولذا روى عن النبى كلد عن ربه: ٠كل‏ عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجرى به)”'2» وكان الصوم من بين العبادات مختصا بأنه لله تعالى وحله؛ لأنه تجرد روحىء» وانخلاع من الآهواء والشهوات وعلو بالنفئس الإنسانية عن العالم الملدى وشهواته وهو سر بين العبد وربه. وحدّ الله سبحانه وتعالى مقدار الصوم بأنه أيام معدودات ليست كثيرة» ولا مرهقةء ولكنها فى موّداها جليلة وهذه الأيام المعدودات التى لا تتجاوز الحسبة هى شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناسء وبينات من الهدى والفرقان. وإن الصيام فى هذه الأيام المعدودات فرضء رخص فيه لذوى الأعذار أن يفطروا ويؤدوا بدل الأيام ولذا قال تعالى: #قَمَن كان منكم ميض أو على سفر فعدة من أَيَام» . العدة العدد من الأيام» وقال أحمد: إن هذه العدة تبتدئ من وقت قدرته على الصوم بعد رمضان» وأوجب الشافعى أن تكون فى السنة التى يكون فيها رمضان» وقال أبو حنيفة: إن القضاء واجب على التراخى وهو يقدر» ويحسن أن يكون عند القدرة» والمرض الذى يبيح الإفطار قسمان: أحدهما ‏ المرض الذى لا يسع المريض فيه أن يصوم قطء وهذا بالاتفاق يسوغ الإفطار والقضاءء والقسم الثانى - مرض يمكن معه الإفطار والصوم. ولكن الصوم يكون بمشقة زائدة عن المعتاد من المشقات )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: باب فضل الصوم 2»)١75١(‏ ومسلم )١9547(‏ عن أبى هريرة - رضى الله عنه - بلفظ : «الصيام جنة»)» وفى بعض رواياته عند الترمذى» والنسائى» وابن ماجهء وأحمدء والدارمى بلفظ : «الصوم جنة». 7 00 (؟) متفق عليه؛ أخرجه البخارى (110/1)؛ ومسلم (1444) عن أبى هريرة - رَضرئ الله عنه - يقول:قا رول الله يكلة: «قال الله : كل عَم ابن آدم له إلا العام إن لى ونا أجزى بهء والصيام جلة. يِذ كان يوم صومٍ م أحَدكُمْ قلا يرق ولا يُصحبء فَإِنْ سابة أحَد أو قَائَله ملعل إِنَى امرق صائم ؛ وَالَذَى نفس مُحَسَّد بيده لوف َم الصّائم طب عد الله مِنْ ريح السنك» للصّائم فَرَحََان يفْرَحَهُمًا إِذا أفطرَ قرح 111100 وَإِذا لَقَى ربه قرح يصومه) . 35 ل ل تفسير سورة البقرة ملل 000 2 2 32*50 احير ١ كاه‎ يي التى يجيز الشارع احتمالهاء وقالوا إنه الصوم الذى يزيد المرض شدةء أو يطيل مدته» أو يخبر طبيب مسلم عادل بأن الصوم يضره لوجود هذا المرض والسفر الذى يجيز الإفطار اختلف فيه الفقهاء باختلاف أنظارهم فى السفر الذى يوجد مشقة توجد الرخصة.ء فقيل سفر يوم وليلة: وقال أبو حنيفة ثلاثة أيام» بالسير المعتاد للإبل بحيث يسير نصف النهار» ويستريح النصف الآخر وإن السفر بدابة على هذا المعنى مشقة ‏ ولقد قال ابن عباس رضى الله عنهما: لولا الأثر لقلت العذاب قطعة من السفرء والأثر الذى يشير إليه حبر الأمة هو قول النبى عله : «السفر قطعة من العذاب2'١2‏ ولا شك أن الانتقال فى الصحراء ينطبق عليه ذلك الوصف . وهنا يئار بحث: أيكون الأفضل فى المرض والسفر الفطرء أم الصوم؟ وقد أجاب عن ذلك بعض العلماء بأنه إذا لم يجد مشقة شديدة ذ فى المرض يكون خيرا أن يصوم» ولا يكون معاندا لرخصة الله تعالى» ولكن يكون محتاطا فى معنى المرض الذي يسوغ الرخصة» وإلا فالرخصة أفضلء» وكذلك فى حال السفرء إذا كان يرى أنه يستطيع الصوم من غير إجهادء فالأفضل الصوم»ء ويكون ذلك ليس معاندة للرخصة . والسفر المجرد فى هذه الأيام لا مشقة فيه؛ ولذا أرى أن الأفضل الصومء من غير أن نقرر وجوبه حتى لا نكون معاندين لرخص الله؛ فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه. والسفر أقسام ثلاثة: سفر للجهاد فى سبيل الله» وهذا لا يحسن فيه الصومء وإلا خالف السنة وعارض الرخصة؛ لأن الله تعالى اختبر المؤمنين فى غزوتين كانتا فى أرمضان وهما غزوة بدر الكبرى» وفتح مكة» كانت الأولى فى السابع عشر من )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: : كتاب احج (بالاتل)ء ومسلم: كتاب الإمارة (7005) عن أبى هريرة رضىَ الله عله عن الى وك قَال: : «السَقر قطعّة من الْعَذَاب يَمتَمْ أحَدكُمْ طَعَامَه وشرابَه وتوم فا قَصَى لهمت َليْحَجل إلى أهله» . ' بل تفسيرسورة البقرة مم الل > أ 8 مضان والثانية فى الشالث عشرء وقد أفطر فيهما النبى كَكِْة هو ومن معه من المجاهدين . والقسم الثانى: السفر فى مباح كالتجارة» والانتقال من بلد إلى بلد للإقامة ويترك الأمر فيه إلى حال المسافر على النحو الذى ذكرناه» إن وجد المشقة شديدة أفطر وإلا صام وينطبق عليه رأينا فى السفر فى السكة الحديدية . القسم الثالث: السفر للمعصية» وكثيرون من الفقهاء لايرون أن الرخصة تشمله لأنه عاص بسفرهء والرخصة نعمة» والمعصية لا تبرر النعمة. وهناك عذر يبرر الإفطار من غير قضاء ولكن تكون فدية هى طعام مسكين يوماء وقد قال الله تعالى فيه: #وَعَلَى الّذِينَ يطيقوته فدية طَعَام مسكين» والإطاقة كما قال الراغب الأصفهانى فى مفرداته: الطاقة اسم لمقدار ما يمكن الإنسان أن يفعله بمشقة. .» فقوله تعالى: 9 ولا تحمَلنَا ما لا طَاقَة لها به ... 5257# 4 [ البقرة] معناه ما يصعب علينا مزاولته» وليس معناه لا تحملنا ما لا قدرة لنا. والمعنى على ذلك لقوله تعالى: #وَعلَى الّذين يطيقوته4 أى يتكلفون مشقة هى أقصى الطاقة لايستطيعون المداومة عليهاء وهم الشيوخ الفانون الذين تقدمت سنهمء وقد قال ابن مسعود فى تفسير «يطيقونه؛ أى يصلون إلى أقصى المشقة» ولا أمل لهم فى قضاء وقال ابن عباس: إن قوله تعالى: «#وعلى الْذين» نزلت فى الشيخ والشيخة إذا كانا لا يصومان إلا بمشقة. . وقد أفطر أنس خادم رسول الله يَكِْهّ عندما طال عمره» فأفطر سنتين فى آخر حياته» وكانت الجفان تقام لإطعام المساكين ثلاثين جفنة لشلاثين مسكينا على عدد أيام الصوم . ولقد قال تالى بعد ذلك: ف مع را هَل وأن وو حي م إن كنتم تعلمون». لفَمن تطَرَّع» الفاء هنا للإفصاحء أى إذا كان قد كتب عليكم الصوم ويسر الله تعالى عليكم بالرخص التى رخص بها فمن تطوع خيراء أى فمن قصد الطاعة. وتكلفها قاصدا الخير فهو خير يدخره له يوم القيامة» فالتطوع هنا ليس النافلة كما تفسير سورة البقرة لل 1آ1ذ201111ظ22 حم جور يي قال الفقهاء فإن ذلك اصطلاح فقهى لا تخضع له عبارات القرآن فى دلالاتهاء بل تخضع للغة» والآثار النبوية فقط. والتطوع هنا هو المبالغة فى الطاعة قاصدا أو طالبا خيراء فهو خير له وقوله تعالى: #وآن تصومُوا خَيْرٌ لَكُمْ4 تحريض على القيام بالواجب المفروض الذى كتب عليكم وعلى الذين من قبلكم ولا شك أن أداء الواجب خير عظيم» وقال تعالى: إن كنتم تَعلمُون» أى إن كنتم تعلمون ما هو خير لكم؛ وما الواجب عليكم؛ وقد ذكر سبحانه التعليق ب «إن» حدًّا على طلب علم الغاية من فرضية الصيام وهو تربية نفوسكم على الصبرء ولقد ورد أن الصوم نصف الصبر» والصبر صفة المؤمنين» كما أشرنا من قبل . ويلحق بذوى الأعذار الحامل والمرضع» وقد اختلف فى شأنهما أهُمًا ملحقان بالمرضى مرضا قريب البرء فيكون لهما الإفطار وعليهما عدة من أيام أخرء إذ هما كحال المريض الذى يصعب الصوم عليه ويضره الصومء أو يضر ما فى أرحام الحوامل» ومن يتغذى منهماء ونظر آخرون إلى أن المرأة الولود» وهى التى يتبغى التروج منهاء إما أن تكون حاملاء وإما أن تكون حائلاً. وفى هذه الحال تكون مرضعا فتتردد بين الإرضاع والحمل» ولا فرصة لأن تكون لها عدة من أيام أخر؛ ولذلك تدخل فيمن لا يطيقون» ويكون عليهن فدية» وروى عن ابن عباس: لا فدية» وتكون كالمريض بمرض مزمن إذا كان لا يجد ما يفدى به يريد الله بكم اليسر» ولا يريد بكم العسر. وبعد أن بين سبحانه وتعالى فرضية الصوم أياما معدودات ذكر الله تعالى تلك الأيام وعينها بشهر رمضان» فقال تعالى: #شهر رَمَضَانَ الذي أنزل فيه القرآن هدى للثاس وبيتات مَن الهدئ والفرقَان» . أى هذه الأيام همى شهر رمضان الذى كان أول نزول القرآن فيه» فقد أنزله تعالى فى ليلة القدر وهى فى العشر الأواخر منه» كما قال تعالى: ط إِنَا أنزلتاه في ليله القدرٍ جل وما أدراك ما لَه قر 21 لَه لقدرٍ حر من ألف شهر رج قزل الملائكة والروح فيها بإذن ؛ رهم من كل أَمْر 20 سلام هي حت مُطَلْعْ الَْجْرٍ 22 » [القدر]. ب تفسيرسورة البقرة 6079م امامل > ا وإن اخغتصاص شهر رمضان بالصوم؛ لآنه نزل فيه القرآن فيه تذكير ببدأ الوحىء واحتفال بأكبر خير نزل فى الأرض وهو بعث النبى يَلٌْ فإنه نور الأرض وإشراقهاء والاحتفال به احتفال بنعمة الهداية» ونعمة الخروج من الظلمات إلى النور» ونعمة إرسال نبى الرحمة» فقد قال تعالى: «وما أرسلناك إِلذّ رَحَمَة للعائمين رمه © [ الأنبياء ] . ولقد ذكر فخر الدين الرازى فى تفسيره الكبير ما خلاصته: إنه فى شهر رمضان نزلت هداية الله تعالى من السماء إلى الأرض فناسب ذلك أن يفرض فيه الصوم؛ لأن الصوم فبما فيه من إ(مساك عن شهوتى البطن والفرج» وفيه علو من الأرض إلى السماء بالتجرد الروحى الذى كان فى الصوم» ولقد قال النبى كَلِلةّ فى هذا الشهر الذى هو احتفال بذكرى البعث المحمدى: (إن الله تبارك وتعالى فرض عليكم صيام رمضانء وسننت لكم قيامه» فمن صامه وقامه احتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»'") وقد وصف الله تعالى القرآن بأنه هدى للناس» فقال: #هدى للئّاس» أى حال كونه هاديا للناس؛ لأنه يخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه» وهو معجزة الله تعالى الكبرى وهو بهذا هداية وتوجيه إلى مقام الرسالة المحمدية» وهو مع ذلك فيه آياته البينات؛ ولذا قال تعالى: #وبيّنات من الهدى» أى أن آياته بينات واضحة من الهدى وهو الشريعة التى جاء بهاء والفرقان أى الأمر الفارق بين الحق والباطل» والظلم والعدل والشورى والاستبداد» والإصلاح والإفسادء» وعمران الأرض وخرابها . هذا شهر رمضان شهر البركات» ولقد بينه سبحانه وتعالىي». والابتداء يرمز إلى الانتهاء فقال تعالى: لمن شهد سكم الشهر فَلِيِصمهُ ومن كان مريضا أو علَئ صفرٍ قعدة من أَيّامٍأخر» وقد تكلمنا فى أعذار المرض والسفر والعجز فى الآيات السابقة. )١(‏ رواه - عن عبد الرحمن بن عوف_ ‏ النسائى: الصيام )5١14-0(‏ واللفظ له وأحمد فى مسند العشرة (9/ا6١)»‏ وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها .)١114(‏ 0 تفسير سورة البقرة الل ااال ااا 2121 اهم الككاة :2 يي وقال الله تعالى فى ابتدائه لفَمَن شهد منكم الشهر»» ويريد سبحانه بالشهر هنا هلال رمضان» وشهده أى حضره ورآه» وعبر عن الهلال بالشهر؛ لأن العرب كانت ترى الهلال ويراد الشهر عرفا عندهم». وهذا فى اللأصل مجازء والمجاز إذا اشتهر صار عرفا وإطلاق الشهر وإرادة الهلال من قبيل إطلاق المسبب وإرادة السبب» وذلك من علاقات المجاز المرسل؛ لأن الهلال أمارة ابتداء الشهر فكان جاريا مجرى السبب» ولأن الاعتبار بالرؤية» والرؤية لا تكون إلا لمحسوس والشهر عدد من الأيام يعد بالحساب» وذلك معنى نعيش فيه ولا نراه» والهلال هو الذى يرى فكان التعبير بالشهر عنه تعبير بالمدلول على الدال الذى يرى ويعلن الابتداء. وإذا كان الهلال دليل الابتداء فهو الذى نيط به الوجودء فيكون دليلا على الانتهاء» برؤية هلال الشهر فهو دليل الابتداء والانتهاء معاء ولقد ذكر النبى َل ذلك؛ فقال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»7١2‏ وهذا النص يدل على أمرين: أولهما: أن الصوم يجب عند رؤية الهلال» فى ابتداء الشهرء والفطر عند رؤية هلال شوال أى الشهر الثانى» وإنه إن غم أولا أو آخرا فتكمل العدة ثلاثين يوماء فإن غم الهلال أولاً أكمل عدة شعبآن ثلاثين وذلك بعد ارتقاب الهلال فى التاسع والعشرين من شعبان» فتكمل ثلاثين إن غم» وكذلك هلال شوال إذا غم تكمل عدة رمضان. الأمر الثانى : الحديث يدل على أن الهلال واحدء وذلك أنه القمر فى أول منازله» والقمر واحدء فى كل الشهور وفى كل شهر يتغير من هلال حتى يصير بدراء ثم يتغير من بعد ذلك حتى يكون المحاق» ويرتقب من بعد ذلك الهلال» فالأخيرء والأول واحد. )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: الصيام (2)1975 ومسلم )181١١(‏ بنحوه عن أبى هريرة -رضى الله عنه-» وبلفظ المصنف - رحمه الله - أخرجه النسائى عن ابن عباس - رضى الله عنهما -: كتاب الصيام - ذكر الاختلاف على عمرو بن ديار .)7١90(‏ اللا و تفسيرسورة البقرة > أ ويثار فى هذا الموضوع أمران: أولهما: إذا غم الهلال أيمكن تعرف الهلال أولد أم لم يولد بالحساب» وقد كان معروفا بتتبع أدوار القمر فى منازله من حاله هلالاء حتى يصير بدراء ثم يضؤل من بعد حتى يختفى فى السرار» أم نقف عند حد الغمة فتكون ثلاثين كما ورد عن النبى كَكِْةِ وكلامه فى المنزلة الأولى ولا معقب لقوله؟ رأى الجمهور الأكبر من العلماء الوقوف عند النص» وهو قول النبى يكل «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» فإن غمي عليكم فأكملوا العدد"""2 وإن الشريعة نزلت ابتداء لقوم أميين لا يعرفون حساب النجوم» فيكون على قدر ما يحسون ويرون» وجاء الحديث يذلك . وقد ذهب مطرف بن عبد الله بن الششّخير وهو من كبار التابعين وابن قتيبة فقالا: يعول على الحساب عند الغيم بتقدير المنازل واعتبار حسابها فى صوم رمضانء حتى إنه لو كان صحوا لرؤى لقوله كَللِةِ: «فإن أغمى عليكم فاقدروا له(" أى استدلوا عليه بمنازله» وقدروا إتمام الشهر بحسابه»”" . وقد قال بذلك بعض الشافعية» وروى ابن نافع عن مالك أنه أجاز ابتداء الشهر بالحساب» وانتهاءه بالحساب”” . وإن الأخذ بالحساب الدقيق قد يكون ممكناء وخصوصا أن الإرصاد يكون رؤية بآلة فهل يؤخذ بها؟ يقول الله تعالى: ظ وَالْقَمَر قَدرناه منَاِلَ حَتّئ عَادَ كَالْعرجون الْقديم 0 لا الشمس ينبَغي لَها أن تدرك الْقَمَرَ ولا اليل سابق النَهَارٍ وكُل في فلك يسبحون لكك 4 [ايس]. )١(‏ رواه بهذا اللفظ مسلم فى صحيحه: كتاب الصيام - صوموا لرؤيته )١8٠١١(‏ عن أبى هريرة - رضى الله عنه -. راجع - متفضلا - التخريج السابق والذى قبله. (؟) هذه رواية مسلم عن ابن عمر - رضى الله عنهما -: كتاب الصيام (201996 .)١1995‏ (*) ذكر المصنف - رحمه الله - أنه أفاد هذا المبحث من (تفسير القرطبى) وهو كذلك من بداية قوله: وقد ذهب مطرف بن الشخير [تفسير سورة البقرة: .]1١46‏ ا تفسير سورة البقرة وإن التقدير بالمنازل كان ممكنا عند العرب والأعراب» حتى إنهم كانوا يعرفون اليوم من الشهر بمعرفة منزلة الهلال ليعرفوا اليوم الأول من رؤيته فى ليلة» واليوم الثانى بما كان من تغيير» وهكذا حتى يصير بدراء ثم اليوم السادس عشر من التغير إلى آخره . ونقول فى هذه القضية: بعد أن كانت الأرصاد.ء وهى تخترق الغمة فيرى الهلال من وراتهاء يجوز الاعتماد عليها عند الغمة» وتكون هذه رؤية» ويكون الصوم لرؤيته والإفطار لرؤيتهء ويكون العمل بالحديث قائما. ويكون الحديث بظاهره منطبقا على من ليس عندهم أرصادء فإنه يؤخذ بالنظر المجرد إذا لا سبيل إلى الرؤية إلا بالنظر الطبسيعى وعلى ذلك قرر مجمع العلماء فى القاهرة» وأقره المؤتمر الإسلامى العام أنه يؤخذ بالحساب العلمى إذ غمت الشمس ولم تمكن الرؤية. الآمر الثانق الذى يثار وقد أثير فى القديم وهو أن مطالع القمر مختلفة فى البلاد شرقا وغرباء فقد يرى الهلال فى المشرق» قبل أن يرى فى المغرب» فهل يصوم كل على مطلعه.ء أم الأساس هو أول رؤية» فيصوم أهل الغرب مثلا على رؤية أهل الشرق الهلال على أساس أول رؤية» ولا اعتداد باختلاف المطالع» لأن الأمة الإسلامية أمة واحدة. ولا يفرق بينها اختلاف الأقاليم ليكون ابتداء الصوم واحداء وانتهاؤه واحدا فلا يصوم إقلر ويفطر آخر فى يوم واحد؟. قال الشافعى الرأى الأول» وقال الجمهور الرأى الثانى» أى أن الاعتداد بأول رؤية» وروى عن ابن عباس» وقد كان بمكة فرأى أهل الشام الهلال ليلة الجمعة فصاموا يومهاء ورأى أهل الحجاز الهلال ليلة السبت فلم يصوموا السبت» وقال: هكذا أمرنا رسول الله كليه1') . سس سس سس سس ١0‏ عن كريب نا أ التصال نت الحارث بده إلى ساي بالشام قال قدت" شعنت" حَاجتها ستل على رمُضان ونا بالشامٍ فرأيت ' الهلال لله الْجمعَةء ثم قدصت امد فى آخر الشهر فى عَبْد الله بن عباس - رَصَىَ الله نهم - ثم ذكرَ الهلال َقَالَ: متى رآيتم الهلال قَقُلت: : ريا ليله الْجسعة قَقَالَ: أت رآيته فَقُلْتة : نعم ورآه الس وصامُوا وصّامٌ معَاوِيَةُ فَقَال: : لكا َه لل البّت قلا يرال نُصُومٌ حَتَّى تمل ثلاثين أو تراه فَقْلْت: أو د لا تَكتَفى برلؤية مَاوِيَة وصيّامه ققَال: اح ؛ هكذا أمَرنًا رسول الله يلل . [أخرجه مسلم: : كتاب الصيام - بيان أ ن لكل بلد رؤيتهم (818)]. تفسيرسورة البقسرة مم مل بل بض يي ففهم الشافعى من هذا أن اختلاف المطالع يعتبرء بحيث لا يكلف أهل مطلع» إلا على مقتضى مطلعهمء. وإنى أرى من حديث ابن عباس رضى الله عنهما أن العبرة بمطلع مكة؛ أولا: لأآنه كان بمكة ولم يعتبر برؤية الشام وثانيا: لأن مكة قبلة المسلمين يتوحدون عندهاء فيكونون كالدائرة حولهاء وثالثا: أن هلال ذى الحجة لا يعد إلا بهلالهاء ويوم عرفة وأيام " التشريق وغيرها لا يعتد إلا بهاء ولأنها مجتمع الوحدة فى الصلاة والحج فتكون مجتمع الوحدة الإسلامية فى الصوم. هذا رأى رأيناه وعرضناه والله أعلم بالصواب. وإن شرعية صيام رمضان مع الرخص التى تسوعٌ الإفطار هو من تيسير أداء الفريضة؛ ذلك أن من شأن هذه الشريعة أنها إذا كلفت تكليفا فيه مشقة فتحت باب الترخيص ليسهل الأداء وليداوم عليه ويستمر من غير تململ» ولا تحمل المكلفين على أقصى المشقات ولذا قال تعالى: #يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم الْعسر»» وهذا النص الكريم فيه إشارة إلى تعليل هذه الرخصء وفيه إشارة إلى الوصف العام لشرع الله تعالىء الذى دعا إليه النبى يكو فقال: «يسروا ولا تعسروا» وما خير النبى بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن معصية. وقال تعالى: © وما جعل عليكم في الدين من حرج . ٠‏ اليك 4 [الحج] ولمقام التعليل فى قوله تعالى: #يريد الله بكم الْيسر ولا يريد بكم العسر». عطف عليه تعليل آخرء وهو قوله: «ولتكملوا العدّة» أى لتتموا عدة الشهر فى يسر من غير إعنات» وهنا فعل محذوف تقديره؛ شرع لكم ذاك التيسير لكيلا يكون حرج وضيق فى صومكمء ولتكلموا العدة أى لتستطيعوا أداء العدد كاملا غير منقوص بالأداء لمن لا عذر لهء وبالأداء مع القضاء من أيام أخر لمن كان ذا رخصة تجيز الفطر وتوجب القضاءء فتكون عدة الشهر قد كملت» أداء وقضاء أو أداء فقط لمن له عذر. «ولتكبروا الله علئ ما هداكم»» ولتتجهوا إلى الله مكبرين ضارعين إليه جل جلاله على هدايته لكم بأن وفقكم للإيمان بدل الكفرء وبأن مكنكم من أداء الواجب كاملا. ش ل تفسير سورة البقرة ' ميل مم 12-4 وقالوا إن ذلك إيذان بالعيد» وهو تكبير الله إذ إن التكبير يكون للفرح بالعيدء وللصائم فرحتان يوم فطره ويوم لقاء ربه(!' وفرحته يوم فطره هى فرحته بأداء الواجب وسروره بالطاعة وفرحته يوم لقاء ربه هى فرحته بالنعيم المقسيم» وبالرضوان من الله تعالى وهو لدى الأبرار أكبر من النعيم كما قال تعالى: «( وَرضوان من اللّه أكبر .. . 710 4 [ التوبة] . وإن هذه النعم نعمة الإيمان» ونعمة التيسيرء ونعمة أداء الواجب كاملا ونعمة الفرحة به يوم الفطرء وتكبيره سبحانه وتعالى يقتضى الشكرء ولذا قال تعالى : لوَلَعلَّكُم تشكْرونَ» ولعل للرجاء وهو من الناس» ومن ترتيب الأمورء لا من الله تعالى أى لترجوا شكرا لله تعالى على هذه النعم المتوالية» والله غفور رحيم . ْ م_ر2 7100 آ سر صدذ عِبسَادِى عن فَإِنْ قرب يِب دعوه الداع إذادعانٍ سم حر سلا وج رام ل ا ا ليجب الى ليمأ دوت 22 أِلَّ آَحكُم ل َكدَضِيًا رمتل يمه َليَاسُنٌ رماث ههه أ فدفز تاوت أنَفََحكُمْ ناب عَلِنَكمْ ع لتك وَحَفَاحَ سكم انرون شعو مكيب الله لَكُمْ و وأ َأشَْبوأ بيلك ركهم روصه الي لبس ونا لتيل أنه دم نَالْفْجْرِيُمًا َأَتَمُا لضام )١(‏ متفق عليه من رواية أبى هريرة. وقد سبق قريبا. يم ا تفسيرسورة البقرة ىب ناه ش27 ذه هه و م و عه 2 م سر قد إلى اليل ولا تبتروهريّ وا نسم عدجهون ف المسَدجد 2م “رع رمه لد 000006 7 0 روه كَدِكَ يبتك أ ءَايكيَدء 100 م سما جظهم للنَا س لَمَلهم يمو بح نيه إن شهر رمضان شهر التجرد الروحىء والاتجاه إلى الله تعالى» فقد كتب الله تعالى علينا صيامه؛ وسن وَلْدٌ قيامهء وسن يكِةٍ الاعتكاف فى المساجدء وإن المؤمن إذا تجرد ذلك التجرد كان الله تعالى ملء قلبه وناجى ربه سرا وعلانية» وذكره خفية وجهرة» ودعا ربه ضارعا إليه؛ وقد وعده الله تعالى بإجابة دعائه» وأنه قريب منه وأنه مستسجيب له لأنه استجاب له؛ ولذا قال تعالى : «إوإذا سألك عبادي عني فَإِني قريب أجيب دعو الداع ذا عا وإن العبد إذا أحس بعظمة الله تعالى» وامتلاً قلبه بخشيته أحس بأنه عونه» وأنه سنده» وإن أولئك الذين يشكرون لله تعالى نعمته فى شرعه الرخص بجوار العزائم يتجهون إلى الله تعالى» وكأنهم يسألون قربه ليصل دعاؤهم فقامت حالهم مقام سؤالهمء أو هم سألوا فعلا؛ ولذا قال سبحانه: «وإذًا سألك عبادي عني فَإني قَرِيب» جعل سبحانه الشرطية تتعدى بإذا - الدالة على تحقق السؤال وقد كان بحالهم الخاشعة الضارعة الطالبة» وقال سبحانه عن السائلين بحال نفوسهم: «عبادى أى" الذين يشعرون بحق العبودية ويرتضونها طيبة نفوسهم راضية خائفة قلوبهم فإذا سألوك فإنى قريب منهم قرب نفوسهم باحساسهم بمقام العبودية وأنا قريب منهم بالربوبية ثم قال سبحانه عن نتيجة هذا القرب: «أجيب دعوة الداع إذا دعان» أى أن هذا القرب ليس قرب مكان ولكن قرب إجابة ورضا ورحمة وكأنه سبحانه وتعالى يقول: ادعونى أستجب لكم كما قال فى آية أخرى: « وقَال ربَكُم ادعوني أستجب لَكُمْ إن الذي يَسَكْبرُونَ عَنْ عبادتي ميَدخْنُونَ جهنم داخرين لج »4 [غافر] وهذا يدل على أن الدعاء عبادة إذ قال عن الذين لا يدعون: «إِنّ الْذين يستكبرون عن عبادتي» : فالدعاء عبادة وروى عن النبى كله أنه قال: «الدعاء مخ 5-5 ل ل تفسير سورة البقرة اال هم > اا العبادة» 220 وإن الله تعاليٍ يحب دعاء عبيده وقد روى عن النبى كَللِِْ: «إن الله يحب اللحين فى الدعاء»!' '» روى عن أبى هريرة أن النبى كَيلْهٌ قال: «من لم يدع الله تعالى غضب عليه»7” . فالدعاء على هذا عبادة واستغاثة واتجاه إلى الله تعالى كما جاء فى المعنى اللغوى فقد جاء فى القاموس وشرحه: الدعاء الرغبة إلى الله تعالى فيما عنده من الخير» والابتهال إليه بالعبادة والاستعانة» وبالثناء عليه تعالت ذاته العلية عن الشبيه والمثيل. وإذا كان ذا ذلك شأن ال الدعاء ومسقامه؛ فقد قرب الله الداعين إليه وقال تعالى: الفاء فا للإفصاح عن شرط مقدر مضدوله إذا كنت قريا متهم جيب دعوتهم إذا دعونى وأقبل عبادتهم - إذ كان دعاؤهم عبادة واستغاثة وثناء عليه سبيحانه - إذا كنت كذلك بالنسبة لهم فليستجيبوا لى فيما أدعوهم إليه من إقامة للعدل ودفع للظلم» وإصلاح فى الأرض» ومنع للفسادء وإصلاح ذات بينهم» ومن إفراده بالعبادة والالتجاء إليه. والاستجابة الإجابة بعد معالجة النفس وحملها على الإجابة أو المبالغة فى الإجابة بالطاعة والإحسان فيها وأن يعبد الله كانه يراه فإن لم يكن يراه فليشعر أنه فى رقابة الله تعالى . قال تعالى: #ولْيْوْمنوا بي» أى حق الإيمان بآن يؤمنوا بآن الله واحد أحد لا شريك لهء وأن يؤمنوا بقدرته التى أبدعت وخلقت كل شئ فقدرته تقديراء وأنه المستعان فى الشدائد والملجأ فى المكاره؛ وليستنوا يسنته فى كل أحوالهم ؛ ولقد قال تزير تراه تعالى : 6 لمؤنون الدين إذا ذكر الله جلت فأريهم وإِذًا ليت عَليهِم آياته َادتهم .سس ماي .- سبق تخريجه من رواية الترمذى عن أنس بن مالك - رضى الله عنه‎ )١( (9) أخرجه الطبرانى فى الدعاء بسند رجاله ثقات إلا أن فيه عنعئة بقية عن عائشة - رضى الله عنها - مرفوعا [أفدته من فتح البارى - أول كتاب الدعوات]. (*') رواه الإمام أحمد بن حتبل فى مسنده جا ص47 4. 2477 بلفظ (من لم يدع الله غضب الله عليه) . ا تفسيرسورة البقرة لل ذل 1ذ1ذ56001ذ”2 تلحى- ا ثم بين سبحانه وتعالى أن طاعة الله تعالى فى كل ما يأمر بهء وينهى عنه. والإيمان به حق الإيمان هو سبيل الرشاد فى هذه الدنياء وإدراك حقيقتها وفهمها والإصلاح فيهاء ولذلك قال تعالى: #لْعَلّهُمِ يرَشْدُونَ4. أى يرجون بالإيمان الصادق والالتجاء إليه سبحانه وحده أن يرشدوا بأن يسيروا فى طريق الرشاد الذى لا عوج فيه فيصلحون ويصلح الناس بهم» ويسلكون جميعا طريق الهداية والله يهدى من يشاء. كانت آية الدعاء وقرب الله تعالى لمن يدعوه واستجابته لهء كان هذا إشارة إلى صفاء النفس الذى يكون للصائم إذا قام بحق الصيام» وقرب من الله تعالىء ولقد كان ابن عمر - وغيره من الصحابة المقربين - كثير الدعاء فى رمضان» وسماه بعض العباد شهر الاستجابة . وبعد ذلك أخذ القرآن الكريم يبين بعض أحكام الصيام يشرح وقتهء وإزالة بعض الأوهام , فقال تعالى: « أحل لَكم ليل الصيّام الرقث إلى نسَائكم هن لبَاس لَكُم وأنتم لباس لَهِنَ 4 . فهم بعض الناس أن اتصال الرجل بأهله فى ليل رمضان كان ممنوعا : ثم أحل» وفهم ذلك من قوله تعالى: «أحل لَكُم ليه الصيَام ارقت إلى نسَائكُم», فالإحلال لا يكون إلا فى موضع كان محرماء وقد نسخ التحريم» وإن ذلك ظن الذين يفرطون فى ذكر الناسخ والمنسوخ فى القرآن» وعندى أن «أحل»2 تدل على أن الرفث إلى النساء حلال قد أحله الله تعالى» وذكر بالبناء للمجهول للدلالة على أنه حلال من قبل ومن بعد. وإنه قد جاءت الروايات عن الصحابة بأن بعضهم حسب أنه بمجرد نوم أحدهم ينتهى وقت الفطرء ويبتدئ وقت الصوء”("» ويظن من يأتى أمرأته بعد أن عن ال رضي الله عل - قل: :كان آصحَابُ مُحَمَد يكل دا كان الل صائمًا فَسََرَ الإمطارٌ نام قبل أن يقطر لم يأل لَه ولا يوم حت ينسى» إن قيس بن صرمة الأنْصارِى كَانَ صائمًا قََمَّ حَضرَ الإفْطارُ أنَى امرآته فَقَالَ لَهَا: أعنْدك طَعَام؟ قَالَت: لا وككن انْطلق فَاطْلُْبُ لك» وكَان يومه يَحْمَل فَخَلََيْه ينات اس اص زمر 50006 فَجَاءنْه امراثه فلم ره قَالَتَ: : خيبَة لك فَلَمًا انتصّف النََّاُ عُشى عَلَيْه. فذكرَ ذلك للبَى ككل مَترَلت - بهم تفسير سورة البقرة مل يم 4 1 ينام أنه قد انتهك حرمة الصوم ؛ فرد الله تعالى ذلك الزعم 0 «أحل لَكم ليله الصيام الرقَثْ» . والرفث ذكر ما يكون بين الرجل والمرأة من ومقدماته ونحو ذلك من القول» وهو هنا كناية عن الجماع كما يُكنّى بلفظ َّ النساء عن الجماع» وكذلك بلفظ لمستم . وقول الله تعالى #إلى نسائكم 4 لتضمن الرفث معنى الإفضاء إلى النساء بجماعهن كما قال تعالي: ران دم استبدال ال ع دآنم داهن قنطاا إن بخص وحن سكم قا طق ج44[ انساء : وقد بين الله تعالى صلة الرجل بامرأته بأدق عبارة وأرق قول» فقال تعالى: «هن لباس لَكُم وأنتم لباس لَهن» اللباس ما يستر البدن للرجل والمرأة» فالعلاقة بين الزوجين تجعل الزوجة كأنها لباس لزوجها تستره» وتمس جسمه وتكون منه بمنزلة الشعار والدثار”2 » وهو لها كأنه لباس يسترهاء ويكون منها بمنزلة الشعار والدثار يلامس جسمها جسمهء فتكون المشاعر التى تثير وتهيج . وإن هذا اللفظ يدل على الحاجة الحسية من الرجل لامرأته» ومن المرأة لزوجهاء والحاجة النفسية والرباط الروحى الذى يربط بينهم بالمودة والرحمة» كما قال تعالى : ١‏ وه لاخو م شك ران ستولا رتك ورحمة . . 2 # [الروم ] . وقد بين الله تعالى أنهم كانوا يكلفون أنفسهم ما لم يكلفواء فكانوا يمتنعون عن مباشرة النساء ظانين أن ذلك غير حلال لهم فقال تعالى : #علم الله أنَكُم كنتم - هذه الآية: «أحل لم لي الصيّام القت إلى نسائكم . .. 8# 4 [البقرة] فَمَرِحُوا بهًا قرحا شديداء وبرت « وكلوا واشربوا حتَئ يتبَيّنَ لَكُم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ... 292 4 [البقرة] [رواه البخارى: كتاب الصوم (1747)]. )١(‏ الشعار: ما ولى شعر جسد الإنسان دون ما سواه. والدثار: الثوب الذى يسيَدَقَاً به من فوق الشعار. وفى المثل: هم الشّعارٌ دون الدثار؛ يصفهم بالموذة والقرب. . لسان العرب. مم تفسيرسورة البقرة لسرب زا تختانون أنفسكم» أى تخونون باستباحة ما أحل الله لكم إذ تضطرون بحكم العلاقة الشرعية والإنسانية أن يكون منكم لأزواجكم ما يظنونه ممنوعاء وهو غير ممنوع فتاب عليكم من هذا الظن وبين لكم أنه حلال قال تعالى آمرا بإباحة المباشرة» وحدا ميقات الصوم #قالآن باشروهن وابتَغوا ما كَتَب الله لَكم4 . المباشرة كناية عن الجماع» ككناية الملامسة» والرفث إليهن» ولكنها أقرب إلى الصراحة من الملامسة ولمس . وابتغاء ما كتب الله تعالى هو ابتغاء الولد حفظا للنسل» وعمارة للكون بالإنسان الذى هو الخليفة فى هذه الأرض» فالتكاح ما شرعه الله تعالى إلا لابتغاء ذلك لا لمجرد الشهوة» وإن الله تعالى قد أودع غرائز الإنسان ما ينوط به تكليفه فأودع فيه الشهوة ليسهل وجود النسل وتكاثره» وإن الآسرة تكليف شديدء ويتعلق به تبعات كثيرة من تربية الأولاد» والإنفاق وحضانتهم. وحمله كرها ووضعه كرهاء وحمله وهنا على وهن» وغير ذلك من المشاق الظاهرة ولولا الشهوة الدافعة ما تزوج ولا تزوجتء ولكن الله تعالى لحكمته» ولما كتبه من البقاء للإنسان ركب فيه هذه الغريزة الجنسية لتدفعه إلى الزواج راغبا ولطلب الولد محبا . والذين يدعون إلى الحد من النسل وأن تكون الشهوة للشهوة لا لطلب الولد محاربون للفطرة» وينحدرون إلى درك دون الإنسان» بل دون الحيوان. وذكر نعمة الولد وقال: #وابتغوا ما كتب الله لكم4: أى ما قدر الله تعالى لكم من ولد وهذا إشارة إلى أن الولد؛ رزق كتبه الله تعالى لكمء فأكرموه؛ لأنه عطاء الله واحفظمه لأنه أماتته التى كتبها لكم وائتمنكم عليها. وحد الله تعالى ميقات الإفطار والصومء فقال تعالت كلماته: ‏ وكلُوا واشربوا حتئ يتين كم اْخيط الأبيض من الْخَيْط الأسود من الْفَجَر» . بم تفسير سورة البقرة ل يلك هم لبلب 7 والخيط الأبيض هو خيط الفجر يشق السماء بنور كالخط ثم يتتشر ذلك الخط شيئا فشيئا حتى يختفى الظلام ويكون النهار . . والخيط الأسود ما يكون حول ذلك الخط الأبيض من ظلام وقوله من الفجر من هنا بيانية أى أن الخطين يبدوان في الفجر وهو ابتداء النهار وهو ابتداء الصوم؛ ولذا قال تعالى: «ثم أتموا الصيام إلى اللّيل» أى إلى غروب الشمس فالخط الأبيض فى سواد الليل هو نهاية الآكل والشرب وكل المباحات فى الإفطار وابتداء المنع بالصيام حتى يكون الغروب» وبذلك حد الوقت للإفطار وللصوم معا وإنه فى العشرة الأخيرة من رمضان يستحب الاعتكاف فى المسجد بأن يبقى فيه متعبدا متنسكا لا يخرج منه إلا احاجة ضرورية ية ويعود فور زوالها ويمنع من النساء؛ ولذا قال تعالى: «ولا تباشروهن وأنتم ثم عاكفون في الْمُسَّاجد» . وبهذا أشار سبحانه وتعالى إلى استحسان الاعتكاف وهو سنة عن النبى عله إنه بهذا البيان الحكيم قد حد الله تعالى ما يحل وما لا يحل ووقت ال ووقت الصوم. وحد ميعاد الصوم وميعاد الفطر؛ ولذلك قال تعالى: #تلك حدود الله فلا تَقْربوها» فالتزموها ولا تقاربوا الابتداء ولا الانتهاء» أو لا تقربوها بمعنى لا تعتدوا عليها فتمتنعوا حيث لا يجوز المنع كالامتناع عن الأكل والشرب» ثم قال تعالى: «إكذلك يبن الله آياته لئاس لعَلَّهُم يتَقَون» أى كذلك البيان الذى بين فيه الصوم ورخصه وعزائمه وحدوده وما يجوز فيه وما لا يجوز ولا بيان كهذا البيان» يبين الله تعالى الأحكام والتكليفات رجاء أن يتقوا الله تعالى ويجعلوا وقاية بينهم وبين غضبه سبحانه وتعالى وينالون رضوانه . فقوله تعالى: طلَعَلَّهُم يتَقُونَ» لعل فيه للرجاء» والرجاء من العباد لا من الله تعالى ؛ لأن الرجاء معنى لا يليق بذات الله العلية الذى جل علمه وتنزهت ذاته. وهذا يفيد أن كل التكليفات الشرعية وخصوصا العبادات لتربية النفس المؤمنة على التقوى» وإيداع المهابة من الله تعالى فى قلوب العباد فلا يجترئون فينتهكوا حرمات الشهر الذى عظمه الله تعالى» وجعله مباركاء وأنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. تفسيرسورة البقرة لل 13131000 222001111 : لكك‎ ١ نطهيرالنفس من المال الخبيث وَلامَا وام كلو امول بينم جر ايه 4 هم سم مر 4 وو مس م2 بالطل وَتَدْ أبهاإلَ الك تحنو وِيَايَنَ أمُوَكل كا ل و 2 0 - لذن 3 دو سم م بعد أن بين سبحانه وتعالى الصوم وما فيه من تهذيب النفس - بين سبحانه وتعالى أن من التهذيب النفسى أو بث التقوى فى روح الجماعة الإسلامية نزاهة المال عن الخبث كنزاهة النفس؛ ولذا عطف على الأوامر والنواهى الخاصة بالصوم النهى عن أكل أموال الناس بالباطل» فقال تعالى: ولا تأكلُوا أموالكم بيدكم بالباطل وتدلُوا بها إلى الْحَكَام 4 . الواو هنا عاطفة على ما سبق من إباحة ونهى» فى قولهء ظفَالآن بَاشْرُوهنَ وابتغوا ما كتب اللّه» وما تبع ذلك من صيغة أمر تبيح الأكل والشرب» ونهى عن المباشرة» وجاء النهى بعد ذلك عن أكل مال الناس بالباطل؛ لأنه من جنس الأوامر والنواهى السابقة» فإذا كانت لنزاهة النفس وطهارتهاء فالنهى عن أكل مال الناس بالباطل؛ لنزاهة النفس والمجتمع وطهارته من أسباب النزاع» فالنواهى تتدرج فى النصوص الإسلامية فى هذه الآيات من إبعاد نفوس الآحاد عن الإرجاس فى العبادات» إلى النهى للجماعة كلها عما يفنى الجماعات من أخذ المال بالباطل؟؛ لأنه قتل لها كما قال تعالى فى آية أخر ى: ١‏ فيا أيه اين آمنوا لا تأكلوا أَموالَكُم بتكم بالباطل إلا أن تَكونَ تجارة عن تراض سكم ولا تَقدنُوا أَنفسكم إِنّ الله كان بكم رحيما 306 © [النساء] . فأخذ أموال الناس بالباطل» وشبوع ذلك» واستمراؤه يقتل الأمة؛ لأنه يشيع فيها الفسادء ضياع الحقوق» وألا يحترم العدل» ويسود الظلم» وبذلك تفنى الأممء وتذهب قوتها أمام من يتربص بها الدوائر. إل تفسمير سورة البقرة سس يك لأسب أ وقوله: ولا تَأَكلُوا أَموَالكُم بينَكُم بالبّاطل» أمر عام للجماعة الإسلامية» بأن يكون التعامل المالى بينها على أساس من احترام كل حق الآخرين» وألا يأخذ مالا إلا بحقه» فلا يأخذه بربا أو غش أو تدليس أو بميسر» أيا كان شكله. ولا بسرقة أو وعبر سبحانه وتعالى عن الأخذ بالأكل؛ لأن أظهر مظاهر الانتفاع بالمال الآكل حلالا أو حراما وهو أشد ما يطلب المال لأجله. ولأن الأكل إن لم يكن مصدره حلالا كان كالنار وتدخل بطن الآكل . وقال تعالى: 8 أَمَوَالَكُم» للإشارة إلى أن مال الآحاد مال الأمةء إن نما قويت» وإن ضعف ضعفتء وإن كان حلالا كان طيباء كان عزاء والإشارة إلى وجوب التعاون بين الناس فى جعله لخير الجماعة» وتنميته لعمومهاء وللناس كافة مع بقاء كل ملك كان على ملكيته لقوله كَيْةّ: «لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيب 3 دنا وقوله تعالى: «بينكم»»؛ أى متبادلا بيتكم منتقلا من حيز إلى حيز بالحق. وفى ذلك إشارة إلى أنه لا يصح أن ينقل بينكم إلا بالحق» فلا يصح أن ينتقل من حيز إلى حيز إلا بالحق ولا يجوز أن ينتقل بالباطل» سواء أكان برضا كالرباء والبيوع الربوية وكالميسر» والعقود التى تشتمل عليه» وغير ذلك من العقود التى جاءت على غير ما أمر به الشرع؛ أم كانت بغير رضا صحيح كامل». كالغصب والسرقة والغش والتدليس والتغرير» فإن أخذ المال بهذا الشكل لا يجوز مطلقا؛ لآنه غير مبنى على علم صحيح فلا يكون الرضا كاملا . وقال تعالى بعد ذلك: #وتدلوا بها إلى الْحكَام لتأكلوا فريقا من أَمَوَال النّاس بالإثم 4 هذا معطوف على النهى» فالنهى منصب على أكل مال المؤمنين بينهم» وعن )١(‏ رواه أحمد فى مسنئده عن أبى حرة الرقاشى» عن عمه»: فى حديث خخطبة الوداع الطويل» وأورده أبو يعلى والدارقطنى عنه ج١‏ ص١5‏ 562 كما أورده الدارقطنى من رواية أنس - رضى الله عنه (85). إل تفسيرسورة البقرة 7م م ال الل 00 لأس 1 الإدلاء إلى الحكام؛ وقد وردت قراءة أَبِىَ بزيادة «لا»» وهى أقرب إلى أن تكون تفسيراء ومهما يكن فإن النهى ثابت عن الإدلاء» كالنهى عن الأكل ؛ لأنه ينتهى إلى أكل للمال بالباطل» فالآية تنهى عن الأكل الظالم سواء أكان فى ضمن التعامل الآثم بينكم» أم كان بالاستعانة بالحكام. بتضليل القضاءء أو بتحويل الحاكم عن الإنصاف بسحت من المال يقدم. والإدلاء فى أصله إلقاء الدلو فى الماء ليحمل الماء إليه من البئر» أو من حفرة فيها ماءء ثم أطلق على إرسال أى شيء يأتى بما يفيد. وأطلق على الذى يحتج على غيره» أدلئ بحجته لأنه أرسلهاء ليأخذ الحق من غيره» ويقال أدلى بنسب إنما اتصل بالنسبة . ومعنى أدلى إلى الحكام بالمال» أى أنهم يقدمونها للحكام الآثمين» من نسقه الذين يجلسون فى مناصب القضاء. أو الحكام الذين يملكون العطاء والمنع» أو يملكون القسمة بين الناس» ومعنى الإدلاء بالمال على هذا تقديم المال لهؤلاء ليعدلوا بهم عن قسمة الحق إلى القسمة الضيزى التى تمنع الحق» وتقرر الباطل . . والرشوة لها صور شتى»؛ فمرة تكون بإعطاء المال لتحول من هو فى منصب القضاء عن العدل» أو بالإهداء» أو بالضيافة» أو بأداء الخدمات حلالها وحرامهاء أو بمقارضة الظلم؛ كأن يظلم فى قضية لمجلس فى منصب القاضىء ليظلم فى قضيته وكل ذلك استخدام للمال» أو ما يقوم مقامه من أداء أمور تقوم بمال أو لا تقوم بمال وفيها نفع واضح . هذا تفسير قوله تعالى: #وتدلوا بها إِلَى الْحكّام لتَأكلُوا فريقا مَن أَمُوَال النّاس بالإنْمِ © أى أكلا متلبسا بالإثم» وأنتم تعلمون أنه إثم» لا حق لكم فى أكله» وهذا تأكيد لمعنى الإثم والظلم وأكل أموال الناس بالباطل» ولقد قال النبى كَللِة: «لعن الله الراشى والمرتشى)70 . )١(‏ «لعن رسول الله يلد الراشى والمرتشى» رواه الترمذى: الأحكام - ما جاء فى الراشى والمرتشى فى الحكم )١160(‏ عن عبد الله بن عمروء» وقال: حديث حسن صحيح » كما رواه أبو داودء وابن ماجهء وأخرجه أحمد فى مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص (555). ل ! تفسير سورة البقرة الل م تسب 1 وهناك تخريج آخر لقوله تعالى: #وتدُوا بها إِلَى الْحكَام لتأكلُوا فريقا مَن مال لنّاس بالإنّم 4 بآن المراد بالإدلاء بها الحصومة بشأنهاء والترافع فى أمرهاء وأنت تعلم أنك آخذها بغير حق» ولكن لا حجة لخصمك على أن ما فى يدك سلطانك عليه بالباطل» ولقد قال فى ذلك الحافظ ابن كثير عن ابن عباس رضى الله عنهما هذه الآية: #وتدلوا بها إلى الْحكّام» فى الرجل يكون عنده مال» وليس عليه فيه بيئة» فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام» وهو يعرف أن الحق عليه. فهؤلاء رشوا مْن هو فى منصب القضاءء ولكن يضله ليأكل مقدارا من أموال الناس بالإثم» فكلمة فريق معناها مقدار قطعه من مال الناس» وهو يعلم أنه إثم . ومن هؤلاء من يلحن بالحجة لضل الحاكمء وقد روت أم سلمة عن النبى ككل أنه قال: «ألا إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى؛ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض» فأقضى له على نحو ما أسمع؛ فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه. فإنما أقطع له قطعة من النار»!1" . هذان تخريجان لمعنى النص الكريم لوتَدنُوا بها إِلَى الْحكّام» وإن الإدلاء لتحويل الحكام عن الحكم يكون بسحت من المال يقدم لحكام السوء» فيحولهم عن الحق إلى الباطل» وإما بحجة براقة» أو نقصان فى دليل الخصم يتحولون به مخطئين من الحق إلى الباطل؛ ويصح الجمع بين التخريجين إذ لا معارضة بينهما. والحكام هم المنفذون للأحكام . : )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: الأحكام - موعظة الإمام للخصوم (5771)» ومسلم: الأقضية: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة (7”1571). ل تفسيرسورة البقرة 1 باللا اللو لحر ا ع نِالْأَهِدَةَ هله مَواقِيثُ لِليَّاس و11 9 2 3 وو م بير د مد يه اه بأن نأا الْسَيُوتَ من ظهورها وَلكنَ يرم نِأتَهَُ خ مه 3 ع 4ه 0 ذكر الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة ة أن الشهر وهو الهلال هو حد ابتداء شهر رمضان» وحد انتهائه ؛ ففى أوله برؤية هلاله. وفى آخره برؤية هلاله. فى موسم الحج. فقال تعالت كلماته: #يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للئاس والحج» . كان الناس من اليهود والمشركين» وبعض المسلمين يسألون عن أمور ليست من الدين وقد تكون عن الكون» وما يجرى فيه أمر الوجودء وما كانت الشريعة الإلهية لذلك» إنما هى لبيان ما يعبد الله تعالى به» وما يصلح به العباد فى معاشهم» فليس منها لماذا كانت الشمس مضيئة كحجمهاء والقمر نور يتغير حجمه من هلال كالخيط» ثم يزيد» حتى يصير بدراء» ثم يأخذ مرة ثانية فى الضيق حتى يكون الملحاق. كانوا يسألون هذه الأسئلة» وهى فى موضوعها معقولة من حيث علم الخلق والتكوين والبحث فى أسرار الوجود. ولكنها ليست من أحكام الدين» وما يجب أن يبينه ويعلم الناس به» بل أمره إليهم يتعلمونه ويتعرفونه ويذاكرونه على أمور دنياهم» لا من أمور دينهم الذى به صلاح معاشهم ومعادهم. ش إلا تفسير سورة البقرة لل بلكلل الل الملل ام > زا ولذلك لما سألوا هذه الأسئلة التى لا تتعلق بعلم الدين صرف الله تعالى نظرهم» وأخذهم إلى الناحية الدينية التى يجب أن يعرفوها ويدركوهاء فقال تعالى: قل هي مَرَاقيت للئّاس والْحَجَ4 وهذا لفت لهم إلى أن الواجب أن يسألوا عن فوائدها فى الدين والمعاملات» وهذا يقال عنه فى علوم البلاغة الأسلوب الحكيم» وذلك هو أن يكون السؤال فى غير موضعه فيجيب المسكول عن أمر آخر هو الذى ينبغى أن يكون السؤال فيهء ومن ذلك فى القرآن الكريم: 9 يَسأَلُونَكَ مَاذَا ينفقون ٠‏ . 3 4 [البقرة]» فيجيبهم النبى يكل بأمر ربه: طقل ما أنفقتم مَن حير قللوالدين 0 22 [البقرة] إلى أخر الآية الكريمة» وكذلك هنا سألوا النبى عن الأهلة عن كونهاء وبدَوَّها للناظر صغيرة ثم تكبر فأمر الله تعالى نبيه بأن يقول: إهي مَواقيت للنّاس والحج» مواقيت للناس فى معاملاتهم» وفى بيوعهم وفى ديونهم المؤجلة وإجاراتهم» ومزارعاتهم» ومساقاتهم وغير ذلك ما يجرىء وفيها تتبين مواقيت الحج» 9 الْحَج أشهر مَعْلُومَات ... +39 4 [البقرة] وبها تعين أوقات المناسك» ويضاف إلى ذلك مواقيت الطيام» إلى آخر ما هو معلوم فى الدين وأعراف الناس . وجمع فى الآية الأهلة وهى هلال واحد فى كل الأوقات والشهورء ولكن لتغير حاله من ضمور فاتساع حتى يصير بدراء ثم يصير كالعرجون القديم عدت هذه الصور أهلة؛ وإن كانت الحقيقة واحدة» والتغير فى المنظر بسبب توسط الأرض" بين الشمس والقمر فى دورانها حولها. والقمر حساب يدل العرب فى صفو الصحراء على أيام الشهر: ولقد قال تعالى : هو الْذي جعل الشُمس ضيّاء والقمر نور وقدره منازل تعلموا عدد السنين والحساب .. ٠‏ ل 4 [ يونس ]. ولقد بين سبحانه وتعالى أن الأمور يجب أن توضع فى مواضعهاء وأن يعلم أن البر هو التقوى» وليس المظاهر والأشكالء كما ورد عن النبى يك «إن الله و ظ ا تفسيرسورة البقرة ٠ ااا‎ يي لا ينظر إلى صوركم». ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"”"' ؛ ولذا قال تعالى: « ويس البر بن تأتوا البيوت من ظُهُورهًا ولكن البر من اتقَى وأتوا البيوت من أَبوابها 4 . قيل إن بعض العرب كان إذا أحرمء لا يدخل بيته من بابه وإنما يدخل من ظهرهء قال ابن عباس فى رواية عنه كان الناس فى الجاهلية وفى أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج» فإن كان من أهل المدر (أى البيوت المبنية بالآجر) نقب فى ظهر بيته نقباء» فمنه يدخل ومنه يخرجء» أو يضع سلما فيصعد منه ويحدر عليه» وإن كان من أهل الوبر (دار أهل الخيام) يدخل من خلف الخيمة. وقالوا إن الآية نزلت لإبطال هذه العادة إلتى كانت بقية من بقايا الجاهلية» وبين أن هذا ليس من الإسلام؛ لأن هذه أمور شكلية لم يأمر بها الله تعالى» وكل ما لم يأمر به الله تعالى ويتخذ على أنه عبادة يكون بدعة محرمة وخصوصا إن كان له صلة بالعبادة . هذا هو التخريج الذى يشفق مع بعض الأثورات وإن كانت لم تثبت صحتها على وجه الجزم واليقين. وهناك تخريج آخرء وهو أن هذا الكلام تصوير للذين يسألون عن الأهلة» ولا يعنون بصلتها الشرعية من حيث إنها مواقيت للناس والحج» من حيث إنهم مثل الذين ينظرون إلى أمور من ظواهر الشرعء فلا يأتون الأمور من بابهاء وهو ما يتعلق بالقلب فهم لم يدخلوا الأمور من بابها بتساؤلهم عن الأهلة. وأخذوها من غير بابهاء وقد قال فى ذلك الراغب فى تفسيره قال الله تعالى: «وليس البرٌ بأن تأتوا البيوت من ظَهورهًا» بأن تطلبوا الأمر من غير وجههء وذلك أنه يقال إن فلان أتى الأمر من غير وجههء وجعل ذلك مثلا بسؤالهم النبى يك لا هو ليس من العلم المختص بالنيوءات وإن ذلك عدول عن النهج» وذلك أن العلوم ضربان: دنيو يتعلق بأمر المعاش لمعرفة الصنائع» ومعرفة حركات النجوم ومعرفقة المعادن والنبات» 2 م م )١(‏ عن أبى هريْرة قَال: قَالَ رسول الله يكل : سَ لله لا ينظ إِلَى صوركم , وأموالكمء ولكن ينظر إِلَى قُلُوبكم وَأعمَالكُم» . [رواه مسلم: كتاب البر والصلة (4361)]. جب رار لي وطبائع الحيوانات» وقد جعل سبيلا إلى معرفته على غير لسان نبيه كك . الضرب الثانى : شريعة وهو البر ولا سبيل لأخذه إلا من جهته» وهو أحكام التقوى ومؤدى ذلك أن قوله تعالى: «وليس الْبر بأن تأنُوا البيوت من ظَهُورِها» إلى آخر الآية رد على الذين سألوا عن أدوار الأهلة. إنهم طلبوا العلم الإسلامى من غير طريقه المرسوم كمن أتى البيت من ظهره لا من بابه» وإنه كان عليهم أن يسألوا عن البر فى الشريعة لأنه المختص بالنبوة. ولذا قال تعالى: #ولكن البر» يتمثل فيمن اتقىء وأتوا البيوت من أبوابهاء فاسألوا النبى يكل فيما يختص به وهو تبليغ رسالة الله تعالى حتى ترشدوا وتدركوا لعلكم تفلحونء أى رجاء أن تفلحوا وتنالوا الفوز برضا الله تعالى» وهو التواب الرحيم . أحكام الجهاد”١)‏ ذكر الله تعالى فى آية البر أن من أعلى أوصاف أهل البرء «( والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس . .. 27 4 [البقرة]. والجهاد هو البأس الذى يوجب الصبرء ولذا قال تعالى: ده 4 م. م م5 2 20 مني 2 سوه 600 دزو روم 21 راير اسح لم ا و ووم كفم يحي 33 58 ل لعل ولَا تالوم معِند ا دَالْسْحِ درا حو م َي )١(‏ بدءا من الآية من سورة البقرة ساقط من الأصل؛ وقد آثرنا استكماله من تفسير القرطبى» لا له من مركز الصدارة فى مراجع المؤلف رحمه الله وإتماما للفائدة بعيدا عن اجتهاد د ربما لا يرضاه المصنف رحمه الله تعالى. والله من وراء القصد . الناشر. بل تفسيرسورة البقسرة 4 لل لج ب_ز: بي صد هه موسر روح و سو 0 و 2 ىوه كَدَِكَ جَرَاءالْكفرينَ 17 لزلز ونا 2 7 0 سم ل اح سا فط عَموريَحيم عله اللي وفَئلُوهمَ ع لامكو ةذه ويك 53 ص مسوة ساس جرم هه 5 هوا َكعْدَوَنَ ِلَاعلالَاليينَ 2 1 ١‏ 2 واحسل قوله تعالى: « وثَاتلُوا في سبيل الله الّذينَ يقَاتوتكُم ولا تَعتَدُوا إن الله لا يحب الْمَدِينَ4 . فيه ثلاث مسائل: ا ْ الأولى: قوله تعالى: «وقاتلوا4 هذه الآية أول آية نزلت فى الأمر بالقتال» ولا خلاف فى أن القتال كان محظورا قبل الهجرة ة بقوله: ادقع بالّي هي أحسن . . 3 4 [ المؤمنون ]» وقوله: «فاعف عنهم واصفح. ٠.‏ لتك 4 [المائدة ]ء وقوله: « واهجرهم هجرا جميلاً 2 4 [المزمل ]» وقوله: « لست عليْهم بمسيطر 17> 4 [الغاشية]» وما كان مثله مما نزل بمكة. فلما هاجر إلى المدينة أمر بالقتال فنزل: ط وَقَائنُوا في سبيل اللّه اين يقاتلونكم 4 قاله الربيع بن أنس وغيره. وروى عن أبى بكر الصديق أن أول آية نزلت فى القتال ظ أذ للّذين يقائلُون أنه ظلموا . ٠.‏ ل 4 [الحج]. والآول أظهرء وأن آية الإذن إنما نزلت فى القتال عامة لمن قاتل ولمن يقاتل من المشركين. وذلك أن النبى يَكةِ خرج مع أصحابه إلى مكة للعمرة» فلما نزل الحديبية بقرب مكة - والحديبية اسم بئر» فسمى ذلك الموضع باسم تلك البئر - فصده المشركون عن البيت» وأقام بالحديبية شهراء فصا حوه على أن يرجع من عامه | ذلك كما جاء» على أن تخلى له مكة فى العام المستقبل ثلاثة أيام» وصالحوه على ألا يكون بينهم قتال عشر سنين ورجع إلى المدينة» فلما كان من قابل تجهز لعمرة القضاءء وخاف المسلمون غدر الكفار وكرهوا القتال فى الحرم وفى الشهر الحرام؛ فنزلت هذه الآية؛ أى يحل لكم القتال لمن قاتلوكم من الكفار. فالآية متصلة بما سبق من ذكر الحج وإتيان البيوت من ظهورهاء فكان يَليلْةِ يقاتل من قاتله ويكف عمن كف عنهء حتى نزل: فَاقْْلُوا المشركين ... +4420 [التوبة] فنسخت هذه 0 تفسير سورة البقرة ل 10000 192*2*2ظغ1911ظ221 ام ااا : يي الآية» قاله جماعة من العلماء. وقال ابن زيد والربيع: نسخها ب وقَاتُوا المشركين اف .... +57 4 [ التوبة] فآمر بالقتال لجميع الكفار. وقال ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد: هى محكمة, أي قاتلوا الذين هم بحالة من يقاتلونتكم» ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان والرهبان وما شابههم. على ما يآتي بيانه. قال أبو جعفر النحاس: وهذا أصح القولين في السنة والنظر؛ فأما السنة فحديث ابن ععمر أن رسول الله كَلكِّ رأى فى بعض مغازيه امرأة مقتولة فكره ذلك» ونهى عن قتل النساء والصبيان. رواه الأئمة7" . وأما النظر فإن «فاعل» لا يكون في الغالب إلا من اثنين» كالمقاتلة والمشاتمة والمخاصمة؛ والقتال لا يكون في النساء ولا في الصبيان ومن أشبههمء كالرهبان والزمنى والشيوخ والأجراء فلا يقتلون. وبهذا أوصى أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه يزيد بن أبى سفيان حين أرسله إلى الشام؛ إلا أن يكون لهؤلاء إذاية . أخرجه مالك وغيره. وللعلماء فيهم صور ست: -١‏ النساء إن قاتلن قُتلن؛ قال سحنون: في حالة المقاتلة وبعدهاء لعموم قوله: «وقَاتلُوا في سبيل الله الذي يُقَاتلوتكُم» #وافتلوهم حيث تقفتموهم». وللمرأة آثار عظيمة في القتال» منها الإمداد بالأموال» ومنها التحريض على القتال» وقد يخرجن ناشرات شعورهن نادبات مثيرات معيرات بالفرار» وذلك يبيح قتلهن. غير أنهن إذا حصلن في الأسر فالاسترقاق أنفع لسرعة إسلامهن ورجوعهن عن أديانهن وتعذر فرارهن إلى أوطانهن بخلاف الرجال. ؟- الصبيان فلا يقتلون؛ للنهى الشابت عن قتل الذرية» ولأنه لا تكليف غليهم؛ فإن قاتل قتل (1) عن ابْن عَمَرَ -رضى الله علْهما- قَال: وجدت امرأة مَقنُولَةٌ فى بَعْضٍ مَخَازِى رسسُول الل كلل فَتّهَى رسول الله يل عن قل التّسّاء والصبيان . [متفق عليه أخرجه البخارى وهذا لفظه: : كتاب الجهاد والسير - قتل النساء ذ فى الحرب (فتخفةة ومسلم ( 2٠‏ كما رواه الترمذدى وابن ماجه ومالك والدارمى» وأحمد. ل تفسيرسورة البقرة ل مامالل ١ الاك‎ يي *- الرهبان لا يقتلون ولا يسترقون» بل يترك لهم ما يعيشون به من أموالهم» وهذا إذا انفردوا عن أهل الكفرء لقول أبى بكر ليزيد: وستجد أقواما زعموا أنهم 7< حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له؛ فإن كانوا مع الكفار في الكنائس قتلوا. ولو ترّهبت المرأة» فروى أشهب أنها لا تّهاج ‏ أى لا تزعج ولا تنفر - وقال سحنئون: لا يغير التترهب حكمها. قال القاضى أبو بكر بن العربي: «والصحيح عندى رواية أشهب؛ لأنها داخلة تحت قوله: «فذرهم وما حبسوا أنفسهم له). - الوسر 210 قال سحئون: يقتلون. وقال ابن حبيب: لا يقتلون. والصحيح أن تعتبر أحوالهم» فإن كانت فيهم إذاية قتلواء وإلا تركوا وما هم بسبيله من الزمانة وصاروا مالا على حالهم وحشوة. - الشيوخ, قال مالك في كتاب محمد: لا يقتلون. والذي عليه جمهور الفقهاء: إن كان شيحًا كبير هرما لا يطيق القتال» ولا ينتفع به في رأي ولا مدافعة فإنه لا يقتل» وبه قال مالك وأبو حنيفة. وللشافعي قولان: أحدهما ‏ مثل قول الجماعة. والثانى - يقتل هو والراهب. والصحيح الأول لقول أبي بكر ليزيد؛ ولا مخالف له فثبت أنه إجماع. وأيضا فإنه ممن لا يقاتل ولا يعين العدو فلا يجوز قتله كالمرأة. فأما إن كان ممن تخشى مضرته بالحرب أو الرأي أو المال» فهذا إذا أسر يكون الإمام فيه مخيرا بين خمسة أشياء: القتل أو المن أو الفداء أو الاسترقاق أو عقد الذمة على أداء الجزية. 5- العسفاءء وهم الأجراء والفلاحون؛ فقال مالك في كتاب محمد: لا يقتلون» وقال الشافعي: يقتل الفلاحون والأجراء والشيوخ الكبار إلا أن يسلموا أو يؤدوا الجزية. والأول أصحء لقوله كلد في حديث رباح بن الربيع : «الحق بخالد بن )١(‏ جمع زمن» وهو من به آفة من عرج أو عمى أو مرض شديد. إل تفسير سورة البقرة الا الالالال ل ةم لج _سز يي الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسفا""''. وقال عمر بن الخطاب: اتقوا الله في الذرية والفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب. وكان عمر بن عبد العزيز لا يقتل حراثاء ذكره ابن المنذر. الثانية: روى أشهب عن مالك أن المراد بقوله: إوقاتلوا في سبيل الله الْذِين يقاتلوتكم» أهل الحديبية أمروا بقتال من قاتلهم. والصحيح أنه خطاب لجسميع المسلمين» أمر كل أحد أن يقاتل من قاتله إذ لا يمكن سواه. ألا تراه كيف بينها في سورة (براءة» بقوله: «( قَاتلُوا الي يلُونَكُم مَن الْكَفَار . . . 25 > [التوبة] وذلك أن المقصود أولا كان أهل مكة فتعينت البداءة بهم؛ فلما فتح الله مكة كان القتال لمن يلى ممن كان يؤذي حتى تعم الدعوة وتبلغ الكلمة جميع الآفاق ولا يبقى أحد من الكفرة» وذلك باق متماد إلى يوم القيامة» ممتد إلى غاية هى قوله كَليلْهُ: «الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة؛ الأجر والمغنم»”'' وقيل: غايته نزول عيسى بن مريم عليه السلام» وهو موافق للحديث الذي قبله؛ لأن نزوله من أشراط الساعة . )١(‏ جامع الأحاديث والمراسيل .)5١70(‏ ورواه أبوداود: قتل النساء (5198) عن رباح بن ربيع بلفظ : قَالَ: كنا مم سول الله يك فى عرو رآى النَْسَ مُجتمِعِيِسَ على شىء فَبَعَث رجلا َقَال: الْظَرْ عَلام نمم مؤلاء فَجاء فَقَالَ: على امرأة قتيل فَقَالَ: ما كَانَتْ هذه لثقاتل قَالَ: وَعَلَى الْمقَدمَة خالد ابن الوليد فبَعَث رجلا َقَالَ: قل لالد لا 39 ا ولا عسيمًا؛ ورواه ابن ماجه: الجهاد - قتل النساء والصبيان (855؟) بنحوه عنه قَالَ: غََرُونَا مَعْ سول الله َك َمرَرنَا عَلَى امرأة مَُولة قَدْ اجْتَمَمْ علَيَْا اناس فَأَفْرَجَوا لَه َقَالَ: ١م‏ كَانَت هذه تَقَاتل فيمن يقَاتل». ثُمَ قَالَ لرَجل : «انْطلق إِلَى لد بْنِ الوكيد فَقُل لَه إن رَسُولَ الله يك يأمرك يقول لا تَقَتلَنَ ذْرَيّة ولا عسيمًا وبنحوه رواه أحمد: مسند المكيين )١9477(‏ والذرية الأطفال والصبيان» قلت: والعسيف الأجير. ومثله العسف. غير أن الأولى على صيغة المبالغة (فعيل) والثانية على صيغة المبالغة (فعل). 0 متفق عليه؛ رواه - بهذا اللفظ عن عروة البارقى - البخارى: كتاب الجهاد والسير - الجهاد ماض إلى يوم القيامة مع البر والفاجر (5550)»: ومسلم: كتاب الإمارة - الخيل فى نواصيها الخير (5180). ورواه الترمذى وابن ماجه والنسائى والدارمى وأحمدء إما مثله أو نحوه. (#ا. تفسميرسورة البقرة الل لبلب ني وقوله تعالى: #ولا تَعتّدوا4 قيل في تأويله ما قدمناه» فهي محكمة. فأما المرتدون فليس إلا القتل أو التوبة» وكذلك أهل الزيغ والضلال ليس إلا السيف أو التوبة. ومن أسر الاعتقاد بالباطل ثم ظهر عليه فهو كالزنديق يقتل ولا يستتاب. وأما الخوارج على أئمة العدل فيجب قتالهم حتى يرجعوا إلى الحق. وقال قوم: المعنى لا تعتدوا في القتال لغير وجه الله كالحمية وكسب الذكرء بل قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم. يعني دينا وإظهارا للكلمة. وقيل: لا تعتدواء أي لا تقاتلوا من لم يقاتل. فعلى هذا تكون الآية منسوخة بالأمر بالقتال لجميع الكفارء والله أعلم. قوله تعالى: #واْعلُوهم حيث تقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفننة كلك جزاء الكافرين 6110 فإ انتهوا فإ لله قور ريم 09> وفيه خمس مسائل: الأولى: قوله تعالى: « ذه تقفتموهم» يقال: ثقف يثقف ثقفاء ورجل ثُقف لقف : إذا كان محكما لما يتناوله . من الأمور. وفي هذا دليل على قتل الأسير. وسيأتي بيان هذا في «الأنفال» إن شاء الله تعالى. «وأخرجوهم من حيث أخرج وكم» أي مكة. قال الطبري: الخطاب للمهاجرين» والضمير لكفار قريش . الثانية: قوله تعالى: #والفششة أَشَدَ من الْقَدْلِ4 أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموا رجوعكم بها إلى الكفر أشد من القتل. قال مجاهد: أي من أن يقتل المؤمن» فالقتل أخف عليه من الفتنة. وقال غيره: أي شركهم بالله وكفرهم به أعظم جرما وأشر من القتل الذي عيروكم به. وهذا دليل على أن الآية نزلت في شأن عمرو بن ال حضرمي حين قتله واقد بن عبد الله التميمي ف في آخر يوم من رجب بالشهر الحرام: حسب ما هو مذكور في سرية عبد الله بن حجش. على ما يأتي بيانه» قاله الطبري وغيره. تفسير سورة البقرة لللل الل الالال للك الثالثة: قوله تعالى: ولا تقاتثوهم عند الْمَسُجد الحرام حت يقاتلوكم فيه» الآية. للعلماء في هذه الآية قولان: أحدهما ‏ أنها منسوخة:, والثاني - أنها محكمة. قال مجاهد: الآية محكمة» ولا يجوز قتال أحد في المسجد ال حرام إلا بعد أن يقاتل» وبه قال طاوس . وهو الذي يقتضيه نص الآية» وهو الصحيح من القولين» وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه. وفي الصحيح عن ابن عباس قال رسول الله يْهِ يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة"''. وقال قتادة: الآية منسوخة بقوله تعالى: «إفإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتّموهم ... 2# 4 [التوبة]. وقال مقاتل: نسخها قوله تعالى: # واقتلوهم م8 يام وبراقر كن حيث تقفتموهم» ثم نسخ هذا قوله: 9 فَاقتلُوا المشركين حيث وجدتموهم » . فيجوز الابتداء بالقتال في الحرم . وما احتجوا به أن (براءة» نزلت بعد سورة «البقرة») بسنتين» وأن النبي يَلِْهٌ دخل مكة وعليه المغفر”'". فقيل: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة؛ فقال: «اقتلوه)7" . سه بي امل عير حمر سير سمي عل )١(‏ عَن ابن عباس - رَضى الله عنْهُمًا - قَالَ: ل ْول الله يكل يوم ققح مكة: لا هجرة ولكن جياه وليه وَإذا استتفرتم َانفروا» وَقَال يوم فم مكة: 3 هذا البلَدَ حَرَمَه ال َم لق السّمَوات والأرّض"» 007 هو حرام بحرم ال إلى يم القيامة؛ هلم يحل الل فيه لآحَد كيلى؛ لم يحل لى إلا ساعة من نهار هو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة؛ لا يعضد شوك ولا يقر صيدف ولا يلتقط لُمَطَنَه إلا من م عَرَقَهَا ولا يَخْتَلَى خَلام» قَقَادَ الْعَبّامن: يَا سول الله إلا الإذر نه لهم وليّيُوتهم. . قَالَ عل : «إلا الإذخر» . [متفق عليه؛ رواه البخارى: كتاب الجحزية - إثم الغادر البر والفاجر 2)5960١(‏ ومسلم : كتاب الحج - تحريم مكة (1415)]. (1) المغفر ومثله المغفرة والغفارة ( كلها بالكسر): زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس» يلبس تحت القلنسوة . ف عن أنّسٍ بن مالك - رضى للع - أذ مول الله وك دحل عام | الْقنم وَعَلَى رأسه الْمغْفر َلَمَا تَرّعَهُ جاء رَجل قَقَال: إن ابن حَطلٍ متعلق ' يأستَار الكعبة . فَقَالَ : «اقتلوه» . [متفق عليه؛ رواه البخارى: كتاب الحج - دخول الحرم ومكة بغير إحرام (171) وأطرافه فى ثلاثة مواضع أخر» ومسلم: : كتاب الحج (5810))]. تفسيرسورة البقرة ااال 11 سلجم بير يي «وقال ابن خويزمنداد: «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام» منسوخحة؛ لأن الإجماع قد تقرر بأن عدوا لو استولى على مكة وقال: لأقاتلتكم» وأمنعكم من الحج ولا أبرح من مكة؛ لوجب قتاله وإن لم يبدأ بالقتتال. فمكة وغيرها من البلاد سواء. وإنما قيل فيها: هى حرام» تعظيما لهاء ألا ترى أن رسول الله كَكِةٌ بعث خالد بن الوليد يوم الفتح وقال: «احصدهم بالسيف حتى تلقانى على الصفا»”" . حتى جاء العباس فقال: يا رسول اللّه» ذهبت قريش» فلا قريش بعد اليوم. ألا ترى أنه قال في تعظيمها: «ولا يلتقط لقطتها إلا منشد”'"'. واللقطة بها وبغيرها سواء. ويجوز أن تكون منسوخحة بقوله: «وقاتلوهم حت لا تكون فتنة4. قال ابن العربي: «حضرت في بيت المقدس - طهره الله - بمدرسة أبي عقبة الحنفي» والقاضي الزنجاني يلقي علينا الدرس في يوم الجمعة. فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا رجل بهى المنظر على ظهره أطمارء فسلم سلام العلماء وتصدر في صدر المجلس بمدارع الرعاء. فقال القاضي الزنجاني: من السيد؟ فقال: رجل سلبه الشطار أمس» وكان مقصدي هذا الحرم المقدسء وأنا رجل من أهل صاغان من طلبة العلم. فقال القاضي مبادرا: سلوه؛ على العادة في إكرام العلماء بمبادرة سؤالهم» ووقعت القرعة على مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم» هل يقتل أم لا؟ فأفتى بأنه لا يقتل. فسئل عن الدليل. فقال قوله تعالى: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتَئ يقاتلوكم فيه قرئ «ولا تقتلوهم» ولا تقاتلوهم» فإن قرئ «ولا تقتلوهم» فالمسألة نص» وإن قرئ «ولا تقاتلوهم» فهو تنبيه؛ لأنه إذا نهى عن القتال الذي هو سبب القتل كان دليلا بينا ظاهرا على النهي عن القتل. فاعترض عليه القاضي منتصرا للشافعي ومالك - وإن لم ير مذهبهما - على العادة» فقال: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ظ فَاقَْلُوا المشركين حيث وجَدتُموهم 4 . فقال له الصاغانى: هذا لا يليق بمنصب القاضي وعلمه» فإن هذه الآية التي اعترضت بهاء عامة في الأماكن» والتى احتججت بها )١(‏ تفسير القرطبى : سورة البقرة: 197 . () جزء من حديث متفق عليه رواه البخارى: الديات ‏ من قتل له قتيل 8 ومسلم: الحج - تحريم مكة )١515(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه. ولفظه: «ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد» ا تفسير سورة البقرة الئل حم ١ ١ الاك‎ ١: 7 خاصة.» ولا يجوز لأحد أن يقول: إن العام ينسخ الخاص . فبهت القاضى الزنجانى . وهذا من بديع الكلام. قال ابن العربى: «فإن لجأ إليه كافر فلا سبيل إليه» لنص الآية والسنة الثابتة بالنهى عن القتال فيه. وأما الزانى والقاتل فلابد من إقامة الحد عليه» إلا أن يبتدئ الكافر بالقتال فيقتل بنص القرآن2. وأما ما احتجوا به من قتل ابن خطل وأصحابه فى الحرم فلا حجة فيه» (إن ذلك كان فى الوقت الذى أحلت له مكة وهى دار حرب وكفرء وكان له أن يريق دماء من شاء من أهلها فى الساعة التى أحل له فيها القدال» فثبت وصح أن القول الأول أصحء والله أعلم . الرابعة: قال بعض العلماء: في هذه الآية دليل على أن الباغي على الإمام بخلاف الكافر»ء والكافر يقتل إذا قاتل بكل حالء والباغي إذا قاتل يقاتل بنية الدفع» ولا يتبع مدبراً ولا يجهز على جريح . الخامسة: قوله تعالى: «فَإن انتهوا» أى عن قتالكم بالإيمان فإن الله يغفر لهم جميع ما تقدمءٍ ويرحم كلا منهم بالعفو عما اجترم . نظير قوله تعالى: قل للّذِين كَفَروا إن ينتهوا يعفر لهم ما قد سلف . ٠٠‏ لض 4 [ الأنفال ] . وسيأتى. قوله تعالى : «وقاتلوهم حت لا نَكُونَ فتنة وَيَكُون الدين لله فَإن انمَهوا فلا عدوان الأولى: قوله تعالى: #وقاتلوهم» أمر بالقتال لكل مشرك في كل موضع» على من رآها ناسخة» ومن رآها غير ناسخة قال: المعنى قاتلوا هؤلاء الذين قال الله فيهم: #فَإن قَاتَلُوكُم» والأول أظهرء وهو أمر بقتال مطلق» لا بشرط أن يبدأ الكفار. دليل ذلك قوله تعالى: #ويكون الدّين للّه. وقال كلِةِ: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اله2. فدلت الآية والحديث على أن سبب القتال هو 200 عَنَ ابن عْمَرَ أن رَسُول الله يك قَالَ: «أمرت أن قال اناس حتّى يوا أن لا إِهَ إلا الله وآن مُحَم سول الله ويُقِيمُوا الصّلاة ويا لكا ا هَمَلُوا لك عَصّمُوا مثى دسَاءَهُم وأموالهم إلا بحَق الإسلام وحسابهم عَلَى الله . [متفق عليه: رواه البخارى : الإيمان زهضةة ومسلم 7 1]. ا تفسيرسورة البقرة الملل الل 1 .-- ظ الكفر؛ لأنه قال: حتَئ لا تكون فَتنَةَ * أى كفرء فجعل الغاية عدم الكفرء وهذا ظاهر. قال ابن عباس وقتادة والربيع والسدي وغيرهم : الفتنة هنا الشرك» وما تابعه من أذى المؤمنين. وأصل الفتنة: الاختبار والامتحان» مأخوذ من فتنت الفضة إذا أدخلتها فى النار لتميز رديئها من جيدها. وسيأتي بيان محاملها إن شاء الله تعالى. الثانية: قوله تعالى: إن انتهوا» أى عن الكفرء إما بالإسلام كما تقدم فى الآية قبل» أو بأداء الجزية في حق أهل الكتاب؛ على ما يأتى بيانه في «براءة» وإلا قوتلوا وهم ظالمون لا عدوان إلا عليهم. وسمى ما يصنع بالظالمين عدوانا من حيث هو جزاء عدوان» إذ الظلم يتضمن العدوان» فسمى جزاء العدوان عدواناء كقوله: « وجزاء سيئة سيَّة لها ... مره # [الشؤورى]. والظالمون هم على أحد التأويلين: من بدأ بقتال» وعلى التأويل الآخر: من بقي على كفر وفتنة23. سكرام بألتَّمِلَْا لمت وِصَاضُهَم نأغتدى عَلكَكم عدوأ عَبَع همقل مَاأعْتَّدَئ عَلكَكْ وَأتَّو لَه وَاعْلَموَا أن لْميِّينَ حي وفوف اسه واخلشو يربو لا بلكو نميا مين :22 بينت الآيات السابقبة بعض أحكام القتال» وفى هاتين الآيتين بيان لبعض آخرء وقد تبين ما سبق أن المشركين إن انتهكوا حرمة البيت الحرام» وقاتلوا عند المسجد الحرام: واعتدوا على المسلمين فيه» فإنه لا يصح أن يحول بينهم وبين رد الاعتداء حرمة ذلك البيت الكريم؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعله حرما آمنا» فمن اعتدى من المشركين بالقتال فيه فقد ازدوج اعتداؤه» ابتدأ بالاعتداء» واعتدى على أهل الحق» واعتدى على حرمة البيت» وكان من الواجب أن يرد كل هذا الاعتداءء ليشفى الله قلوب قوم مؤمنين» ولأن إلقاء السلم لمن حمل السيف تمكين للباطل من )١(‏ انتهى كلام القرطبى من الجامع لأحكام القرآن. ها ته تلقشتتسير سورة البقرة ا ا 1ك( 8 لحر > ناا الحق يجعل المبطل يمترئ الظلمء فيكرر الاعتداء فى البيت الحسرام» إذ يراه أنهز للفرصة» وأنكى للمسلمين: إذ يُقتلون ولا يُقاتلون. ومثل حرمة القتال فى البيت الحرام القتال فى الشهر الحرام؛ فإن الله سبحانه قد حرم القتال فيه؛ ولكن إن اعتدى المشركون فقاتلوا فيه لا يلقى إليهم المسلمون السلم لينالوا منهم؛ وهذا ما تعرضت له الآية الأولى من هاتين الآيتين: «الشهر الحرام بالشهر الحرام»: الباء هنا للمقابلة» أى الشهر الحرام من جانبكم مقابل بالشهر الحرام من جانبهم؛ فإن تقيدوا بالحرمة فيه ولم يثيروا حوب ولم يعتدواء التزمتم حرمته» ولم تقاتلوهم فيه» ولو كان قتالهم فى ذاته عدلا. بعد أن فتنوا الناس عن دينهم؛ وإن انتهكوا حرمة الشهر الحرام» ونابذوكم فيه وقاتلوكم فلا تكفوا عن قتالهم» ولا تقبضوا أيديكم عنهم احتراما له؛ بل ابسطوا عليهم أيديكم» وخذوهم إلى الحق من نواصيهم؛ لأنه إذا كان الشهر الحرام واجب الصيانة فنفوس المؤمنين ألزم صيانة وأحق بهاء وإذا تعارضت الحقوق والواجبات قدم ألزمهاء وأحفظها لدين الله وإعلاء كلمته؛ ولاشك أن ترك المشركين يَكْلَبون فى المؤمنين ويشتدون عليهم؛ أشد ضرراً من القتال فى الشهر الحرام الذى انتهكوا حرمته» وقد أخرجوا من قلوبهم كل حريجة ديئية وخخلقية وإنسانية. و«أل؟ فى كلمة #الشهر» هى التى يسميها علماء اللغة: أل الجنسية» والشهر هنا مفرد فى معنى الجمع؟ لآن الشهر الحرام ليس واحدّاء بل هى أربعة أشهر: ذو القعدة. وذو الحجة, والمحرمء ورجب الذى بين جمادى وشعبان» والتعبير بالمفرد وإرادة الجمع فيه إشارة إلى المعنى المشترك فى هذه الأشهر الأربعة» وهو تحريم القتال ابتداء فيهاء احترامًا لهاء ولبث روح الأمن والطمآنينة بين الناس؛ لأن المعنى الجامع لها جعلها وحدة قائمة بذاتهاء وكأنها معنى واحد تعددت صوره؛ فالتعبير عن الجمع بلفظ هو فى أصل ذاته للمفرد» مشير إلى الوحلة المشتركة الجامعة بين الأفراد» مبيئًا أن الحكم قد نيط بالمعنى الجامع بينهاء ولا يتصل بالصفات الشخصية المميزة لآحادها. بل تفسيرسورة البقرة 11:1 111لا ااا تاااتاانالخالالاتلاتاللالللاللتلااطالتااطتال تلان ةلاطالا رت يي وقد ذكرت عدد الأشهر الحرم آية أخرى هى قوله تعالى فى سورة التوبة: إن عد الور عدد اله انا عَشرَ هرا في كتاب الله يوم حل السّمُوات والأرض منها أَرْبعٌَ حرم ذلك الدين اليم لا تَظْلمُوا فيهن أنفسكم. . ٠.‏ رت 4 [ التوبة] . فهذه الآية تصرح بأنها أربعة وليست واحداء ثم بينت السنة هذه الأشهر الأربعة من أشهر السنة كلها؛ فقد روى البخارى ومسلم وغيرهما أن الرسول ككل قال فى حجة الوداع: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرضء السنة اثنا عشر شهرا؛ منها أربعة حرم, ثلاثة متواليات: ذوالقعدة» وذو الحجة» والمحرم» ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان»"!' . وقد اتفق العلماء على أن النبى يلل لم يبدأ بقتال فى الشهر الحرام» فلم يبتدئ فيه بغزوء ولكن إذا قوتل فيه لم يكن يمتنع عن القتال؛ وكذلك إذا ابتدأً القعال قبل الشهر الحرام» واستمر القتال إلى أن حل الشهرء لم يكن ينقطع عن القتال حتى يأمن الرجعة؛ فقد روى عن جابر بن عبد الله أنه قال: «لم يكن رسول الله يك يغزو فى الشهر الحرام إلا أن يغزى؛ فإذا حضره أقام حتى ينسلخ)”" . ولقد استعد النبى كدَثِيِ للقتال فى الشهر الحرام مرتين» إحداهما عام الحديبية عندما ذهب معتمرا هو وصحبه ومنعوه من البيت الحرامء حتى هم بقتالهم إن بدأوه بالقتال» ولكنه صالحهم على الدخول من قابل؛ والشانية عندما عاد إلى قضاء عمرته؛ فلقد كان على استعداد لأن يقاتل المشركين إن قاتلوه على ألا يبدأهم» وكان ذلك فى ذى القعدة فى العامين. ولقد ابتدأ القتال فى العام الثامن مع هوازن وحنين فى الأشهر الحخلال» ولكن استمر القتال حتى دخل ذو القعدة الشهر الحرام» والنبى كَللَِةٌ يحاصرهم» وقد استمر )١(‏ البخارى : كتاب تفسير القرآن - باب إن عدة الشهور (2))4795) ومسلم: كتاب القسامة (119/9") عن أبى يكرة - رضى الله عنه -. وهو نفيع بن المحارث بن كلدة ٠‏ . ورواه أبو داود وابن مأاجه وأحمد والدارمى 5 عن جَابرٍ قَالَ: لم يكن رسول الله ل يَغْرُو فى الشّهرٍ الْحَرَامٍ إلا أن ؛ يُعْرَى أو يغْرّواء قإِدَا حَضَرَ ذلك‎ )١( .])١8 65( حتَى يتسَلخ. [رواه أحمد فى مسئده‎ 9 تفسير سورة البقرة 00 حي ١: ااا‎ يي النبى يَكِيهِ فى الحصار أيامًا ثم قفل راجعًا احترامًا للشهر الحرام؛ ولعل الأيام التى استمرها لينظم الرجوع ويأمن ظهره. وحتى لا يأخذه فى رجعته عدو الله وعدوه. هذه حقائق مقررة ثابتة تبين أن النبى كَكِْةّ كان يحرم على نفسه ابتداء القتال فى الشهر الحرام إلا أن يقال فيقاتل» ولقد تقرر التحريم بالقرآن الكريم فى أكثر من آية» منها قوله تعالى فى أول سورة المائدة» وهى من آخر القرآن نزولا: «إيا يها الّذينَ آمنوا لا تحلُوا شعائرَ اللّه ولا الشّهر الحرام ولا الْهَدي ولا القلائد... 222 4 [المائدة ] . 1 0 1 ولكن مع ذلك اختلف الفقهاءء فقال بعضهم وهم الأكثرون: إن تحريم القتال فى الشهر الحرام قد نسخ بقوله تعالى: «إإِنّ عدّة الشهور عند الله الا عشَر شهرا في كتاب الله يوم حَلّقَ السّموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين الْقَيّم فلا تظلموا فيهن نكم وقاتُوا مين كاف كَمَا يُعادوكم حاف واعلمُوا أن الله مع القن 0( 4 [التوبة] وقالوا إن معنى قوله تعالى: لفلا تَظلموا في فيهن أنفسكم . .. ل 4 [[التوبة] أى بمنع القتال فيها كما ذكر ابن جرير الطبرى" وقالوا: لقد قاتل النبى علو هوازن وحنيئًا فيهاء وما لأحد أن يحرم ما أحله رسول الله. ذلك قولهم ودليله. وقال بعض آخر أقل عددًا من الأول: إن تحريم القتال فيها ابتداء من غير اعتداء من الأعداء فيها شريعة باقية؛ لأنه لم يوجد نص صريح يعارض نصوص التحريم» ولايمكن إعماله إلا بالنسخ» ولأن تحريم هذه الأشهر ثبت بآيات من آخر آيات القرآن نزولا وهى سور المائدة كما نوهناء ولأن النبى مَكِْةِ أكد التحريم بذكر تلك الأشهر فى خطبة الوداع التى سجل فيها شرع الله على عباد الله» وأشهد عليهم فيها أنه بلغهم رسالات ربه؛ وما كان قتال النبى كَلْةّ لهوازن وحنين فى الشهر الحرام ابتداء بل كان امتداداء ولقد قطع القتال ولم يستمر فيه لما صارت الرجعة عن القتال لا تعرض جنده لمضار تكون أشد من تحريم القتال فى الشهر الحرام. ولأجل هذا قال عطاء بن رباح حالقًا بالله: إنه ما يحل للناس أن يغزوا فى الحرم» ولا فى الأشهر الحرم إلا أن يقاتلوا فيهاء وما نسخت. ش تفسيرسورة البقرة لل الل لل اللا «لجمل بر يي ولعل الفقهاء الذين قرروا إباحة: القتال فى الأشهر الحرم» قد استمدوا حكمهم مما ذكرنا متأثرين بأحوال زمنهم؛ فإنه بعد أن اتسع الفتح الإسلامى صار جند المسلمين فى مذأبة من الأمم المعادية تنتهز الفرص من غير هوادة أو مهادنة؛ فإذا رأوا المسلمين قد أغمدوا القُضب فى أجفانها انقضوا عليهمء وأتوهم من مأمنهم؛ بل لعلهم وجدوا أن الفتوحات الإسلامية التى تمت فى عهد الصديق والفاروق» وامتدت فى عهد ذى النورين» لم تغمد فيها السيوف فى الأشهر الحرم؛ لأنها كانت حريا ممتدة مستمرة موصولة غير مقطوعة» فحسبوا أن تحريم القتال فى الشهر الحرام قد نسخ؛ ولكنا إذا قيدنا التحريم بالابتداء وفى غير حال مباكرة الأعداء بالاعتداء» نجد النصوص سائرة مع عمل النبى يَلَقةٌ والصحابة من غير تضارب يسيغ النسخ» والله سبحانه أعلم بالصواب. ولاذا حرم الله سبحانه وتعالى القتال فى الشهر الحرام؟ يظهر لى أن السبب فى ذلك أمران جليلان: أحدهما: تأمين السبل فى الحجح» ذهابا وجيئة؛ ولذلك كان أكثرها أشهر الحج. كما قال تعالى : إ الحج أشهر مُعلومات... 50 4 [البقرة] فمنع القتل فيها تأمينا للسبل» ولآمن بيت الله الحرام» وأما رجب الذى بين جمادى وشعبان فقد كان شهر الاعتمار» فيه تؤدى العمرة المندوبة انفرادا؛ وعلى هذا يكون تحريم القتال فى الشهرالحرام ليتحقق الأمن الكامل للبلد ا حرام ولحرم الله الآمن إلى يوم القيامة ؛ كما قال سبحانه: #أو لم يروا أنَا جعلنا حرما آمنا ويَخطّف الئاس من حولهم . . . +ون* 4 [العنكبوت ]. ولعل الفقهاء الذين قالوا: إن تحريم القتال فى الأشهر الحرم قد نسخ لاحظوا هذا المعنى؛ لأن النبى وَِلدقبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى صارت العا العربية بوبرها ومدرها كلها تحت سلطانه» وفى ظل الله» فصار الحجيج يصلون إلى البيت الحرام آمنين» ولو كان القتال دائر الرحى فى غير البلاد العربية» فظنوا النسخ؛ لآن التحريم حيتئذ يكون قد استوفى أغراضه والغاية منه؛ واستنبطوا مع ذلك من نصوص وحوادث ما يزكى ذلك وينميه» على نظر فى ذلك . وثانى الأمرين اللذين نظنهما حكمة التحريم: أن الإسلام يكره القتل والقتال» وهو فى نظره أمر بغيض لا يلجأ إليه إلا عند الاضطرارء وإن النفوس السليمة تقر ذلك؛ ولذلك قال سبحانه: كتب عَلَيْكُمْ القتال وهو كره تفمسير سسورة البقرة لفكلا ااال احم حب مز لكم...:12 4 [البقرة] فكان من حصر القتال فى أضيق دئرة أن شن الفريقاة والنفوس تهدا حستهاء ٠»‏ فيكون التفاهم والسلام وحقن الدماء. وإذا كان ئمة أشهر يحرم فيهاء ويرتضى تضى الفريق الآخر ذلك التحريم حقنا للدماء فيهاء فإنها ستكون هدنة فى أوار الحرب». ولعلها تكون : نسيم السلام؛ ولقد لاحظط الناس بالتجارب المستمرة ة أنه ما كانت هدنة فى حرب ضروس إلا فلت حدتهاء وأضعفّت شرتها ؛ والله عليم بذات الصدور. #والحرمات قصاص» تعالت كلمات الله؛ تلك حكمة بالغة» وكلمة جامعة تقبلها العقول السليمة». وتقرها الأخلاق القويمة. والحرمات: جمع حرمة» كما أن الحجرات جمع حجرة؛ والظلمات جمع ظلمة. والحرمة الأمر الذى حرمه الله ومنع انتهاكه. والقصاص من معاأنيه المساواة» وتتبع آثار الجريمة بالعقوبة» ومعنى القصاص فى الحرمات أن يعامل منتهك الحرمات بمثل ما فعل» وأن يكون العقاب من جنس العملء وألا يقيد المعاقب بحرمة انتهكها الجانى » فإذا انتهك الجانى حرمة النفئس بقتلهاء لايتقيد المعاقب بحرمة نفسهء بل يقتص منهاء لأنه إذا انتهك حرمة غيره بقتل أو اعتداء فقد أباح من حرماته مقابل ما انتهك. ومعنى قوله تعالى: #وَالْحرمّات قصاص» فى هذا المقام20 أن ما انتهكوه من حرمة الأنفس بقتلها وفتنتها عن دينهاء وحرمة البيت الحرام التى انتهكوها بإخراج )١(‏ يثير الفقهاء بحوثا فى هذه القضية عند تطبيقها تطبيقا جزئياء ويختلفون فى حل ما ثيرونه بتطبيقها عليه؛ ومن هذه الأمور التى يثيرونها: : أيسوغ للشخص أن يقتص لحقه ؛ بغير أمر الحاكم؟ لقد اتفقوا على أنه فى الدماء لا يسوغ ذلك قط؛ بل لابد من حكم الجاكم ليكون القصاص؛ أما فى الأموال إذا اغقتصبت أو أنكرت فهل يسوغ أخذها من غير حكم؟ بعض الفقهاء منع ذلك منعا مطلقاء ولكن أولئك ليسوا الأكثرين » وجمهور الفقهاء على أن الشخص إن ظفر بعين حقه أو يمال من جنسه أخذهء ويكاد يتعقد الإجماع على الأول» أما ما كان من الجنس فالأكثرون على الجواز مادام لا يعد سرقة؛ فعلى ذلك الحنفية والشافعية وأكثر المالكية» وأما إن ظفر بغير جنسه من مال مغتصبه. فقال بعضهم يسوغ. وبعضهم لا يسوغ؛ وهو المعقول حتى لا تكون أمور الناس فوضى. إل تفسيرسورة البقرة باللا سرب اة يعامل بالقصاص والمساواة والعدل؛ فما انتهكوه من حرمات فى حق غيرهم . يقتص بمثله منهم ولا تحترم. فيه حرمة لم يحترموا مثلها فى غيرهم. وذلك قانون شامل يعم ولا يخص؛ ينظم العلاقات الدولية» كما ينظم التعامل فى المجتمع الإسلامى؛ فمن اعتدى على غيره فى مالهء أو نفسه أو بعضه. أباح الحاكم من نفسه وماله ما أباحه لنفسه من نفس غيره وماله؛ والمعتدى على المسلمين من الدول يعامل بقدر اعتدائه» وبطريقة اعتدائه» وفى زمان اعتدائه ومكانه؛ فإن انتهك حرمة الزمان فليس له أن يستمسك بحرمتهاء ومن انتهك حرمة المكان قتل فيهء ومن اعتدى بنوع من الاعتداء عوقب بمثله إلا أن يكون أمر لا يحله شرع اللهء ولا تحله الطبائع السليمة؛ كائئلة» وقتل من لايقاتل أبدًا - على ما سنبين إن شاء الله تعالى. وإن قضية #والْحرمَات قصاص» هى المعاملة العادلة التى تنظم الاجتماع الإنسانى فى دوله وآحاده؛ وليس من الفضيلة فى شىء أن تغل يد الفضائل عن حرمات خصمها فى الوقت الذى استباح المبطل كل الحرمات؛ وإن ذلك ليس له معنى إلا نصر الرذيلة على الفضيلة» وخضد شوكة الحق ليآكله الباطل؛ وإن التسامح فى هذه الحال هو شر ذرائع الرذائل» والقوة والقصاص فى هذه الحال هو حماية الفضيلة وفل شوكة الرذيلة. . وهكذا فضائل الإسلام دائما فضائل لها شوكة وقوة» ولا تعد التسامح الذى يمكن للباطل من أن يتغلب على الحق إلا الاستسلام والذلة . إفَمن اعتدئ عَلَيكُم فَاعِبَدُوا عَلَيّه بمثل ما اعتدئ عليكم» هذا تخصيص بعد تعميمء أو تفريع بعد ذكر القاعدة الكلية» بذكر بعض القواعد الجزئية بالإضافة إليهاء أو الخاصة بالنسبة لها؛ لأن قوله تعالى: #والحرمات قصاص* قضية عامةء كما بيناء تعم معاملة الدول ومعاملة الآحاد» وتنظم الاججماع الإنسانى وتنظيم الاجتماع فى الأمة الواحدة؛ وهى قضية الفضيلة الإنسانية الموجبة التى تحمى نفسها من الرذيلة بالقصاص منها أيا كانت صورة الرذيلة» وأيا كان موضوعها. ل ل تفسير سورة البقرة لذ ذ1ذ11ذخ خم 1 1 23250111111 احم كا ” : لي أما قوله تعالى: #فمن اعتدئ عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدئ عليكم» فهى تبين العلاقة الدولية بين المسلمين وغيرهم ؛ لأن الخطاب فيها للمسلمين مسجتمعين كدولة واحدة لها نظم حاكمة. وسياسة قائمة» يبين هذا الخطاب ما يجب على دولتهم فى معاملة غيرهم به فى حرب أو سلمء وفى منازلة أو مهادنة» فذكر الله سبحانه أن تلك المعاملة هى المعاملة بالمثل. ومعنى قوله تعالى: إفمن اعتدئ عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدئ علَيكم» أن من يعتدى عليكم من أمم غيركم بانتهاك حرمة من حرمات دولتكم أو إلحاق أذى بجماعتكم» بحرب يشنها عليكم. أو مصادرة لمتاجركم» أو ترصد فى الطرق التى تسلكها قوافلكم أو سفتكم» فعاملوه بالمثل» وأنزلوا به مثل ما ينزله بكم ؛ وإن انتهك, حرمة مكان فانتهكوا منه مثل ما انتهك من غير تحرج فى ذلك ولا تأثئمء فإن هذا ما تقضى به قوانين المساواة والمعاملة بالمثل. وهنا يثير العلماء بحثا لفظيا: كيف يسمى المقابلة بالمثل اعتداء؟ إن الاعتداء هو الابتداء» أما العقوبة أو المقاومة فهى عدل وانتصارء لأن مقاومة الظلم هى عين تقتضيها الممائلة سوغت أن يسمى الفعل باسم نظيره» كما قال تعالى: 8 وجزاء سيك سيئة مثلها . .. 5# 4 [الشورى] وإن ذلك لا يمنع الحقيقة, لأنه وإن تشاكلت الأفعال واللأوصاف المنبعثة من الفاعل مختلفة ؟ فالفعل الأول اعتداء لاأنه صدر عن ظالم» وكان ظلمّاء والثانى ليبس فى حفيقته اعتداع لأنه انبعث عن عادل» وكان عدلا. هذا مرمى ما قاله العلماء اعتراضا وإيراداء وجوايًا وردا؛ وعندى أن تسمية مقاومة الاعتداء بمثله اعتداع» إذا كانت المقاومة حربا ونزالاء فيه إشارة إلى معنزى إنسانى جليل » وهو أن القتل فى كل صوره وأحواله» ولو كان ردا للمثله» فيه اعتداء على النفس الإنسانية التى حرم الله قتلها بغير نفس أو فساد فى الأرضء» وأنه عمل خطير تقشعر من هوله الأبدان» ولا يصح الإقدام عليه إلا إذا اضطرت الفضيلة واللاحلاق إليه؛ وإن الإقدام عليه يكون كالإقدام على الضرورات المحظورة فى 0 ل تفسيرسورة البقرة م ا 0 الب بير في ذاتهاء يقدر بقدرهاء فلا يسرف القاتل فى القتل؛ لأنه فى أصله محظور ممنوع كأكل الميتة لايباح إلا للضرورة» ولا يصح للمقاتل باسم الإسلام أن يسرف فى القتل ما أمكنه الانتتصار بدونه؛ ولعل هذا المعنى الجليل هو الذى جعل عمر الفاروق الذى كان ينظر بنور الله يكره قتال خالد بن الوليدء ويقول: «إن فى سيفه لرهقًا» ويعجب بقشال عمرو بن العاص الذى فتح مصر بأقل ما يتصور من الدماء» ويقول: «إن حربه رفيقة». ااه ش وقوله سبحانه قن اعْتَدى عَلَيَكُم فَاعتَدُوا عَلَيْه بمل ما اعتدئ عليكم2174 هو القاعدة العامة للقانون الدولى فى الإسلام فى السلم والحرب معا؛ فمن لم يعتد على المسلمين» وترك دعوة الإسلام الحق تسير فى مسارهاء. وتستقيم.على منهاجها من غير محاجزة بين الناس وبينهاء فالعلاقة به سلمية خالصة» كالشأن مع النجاشى ملك الحبشة؛ ومن اعتدى على المسلمين كانت العلاقة بينهم: وبينه بقدر ذلك الاعتداء؛ سواء أكان الاعتداء فى سلم أم لبس لبوس الحرب؛ وإذا عاهدهم أحد حفظوا. عهودهم إلا أن ينتكث معهم ١‏ فمن نكت فَإنْما يكت علَئ نفسه ... 1# 4 [ الفمح ] . ولكن الخصم إذا لم يكن له خلق قد يقع فى أمور تضر بالخلق القويم» كأن يتتهك الأعراض فى الحربء» أو يقتل الذرية الضعافء أو الشيوخ الذين لا حول لهم ولا طول» فهل يعتدى بمثل اعتدائهء ويسلك المسلمون مثل مسلكه؟ هذا ما بينته الجملة الآتية» وهو عدم الجواز. | | لرائَقُوا الله وَاعلَموا أن الله مع الْمتِّين» ذيل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهاتين الججملتين لكيلا يندفع المقاتلون المسلمون فى القتال فيضعوا سيوفهم على أعناق من يستحقها ومن لايستحقهاء. وينزلوها فى موضع البرء والسقم» فيقتلوا ويتجاوزا الحد؛ لأنه إذا اشتجرت السيوف». وكثرت الحتوف؛ قد تتجاوز موضعهاء (1) طبق الفقهاء هذه الفقرة من الآية الكريمة على حوادث جزئية.مما يجرى بين الناس : أ- منها هل يشترط فى القصاص إذا كان قغلا أن:يكؤن بالآلة التى قتل القاتل بها ولو كان عصا أو نارا؟ قال الشافعى إن القود يكون بالآلة تماما؛ لأن الممائلة. تونجب ذلك . وقال مالك مثل قوله إلا أن يؤدى ذلك إلى التعذيب. وقال الحنفية القود بالسيف دائما. . ب أنه من أتلف مالا لغيره قال أبو حنيفة وأصحابه والمالكية: إن كان قيميا وجبت القيمةء وإن كان مثليا وجب المثل» والمثلى عند الحتفية المكيل والموزون والعنددى المنقارب» واقتصر المالكية على المكيلات والموزونات» وقال الشافعية عليه دائما المثل ولا .يعدل عن المثل إلا عند عدم وجودهء يستوفى فى ذلك القيمى والمثلى. وقال بعض العلماء القيمة تجب دائما؛ لأنها :وحدة التقدير وهى الممائلة فى المعنى المتحققة دائما . ا تفسير سورة البقرة الملل لل ل ل ذ[ [ [ [ [ [ [ [ 1 1 آذ 1 221001111 حم لاا 1 و2 فتكون فى غير العدل؛ وقد يسايرون خصومهم فى أذاهم فيقتلون الذرارى أو الشيوخ أو الضعاف أو الرهبان والعباد فى الصوامع كما يفعل خصومهمء أو يحرقون الزرع ويقتلون الضرع كما يعيث غيرهم فى الأرض فساداء فأمر الله سبحانه بتقوى الله فى الحرب بأن يراقبوه وحده. ويخافوه وحدهء ويلاحظوا التقوى فى قتالهم؛ فإنه ينبغى أن تكون هى الوصف الملازم لهم فى حربهم وسلمهم؛ فإن حولتهم الحرب إلى أسود كواسرء فليعلموا أن القلوب الإنسانية الدينية التى تخشى الله ما زالت فى إهابهاء أو يجب أن تكون كذلك دائما. ولقد نهى الإسلام عن قتل العسفاء وهم العمال الذين لا يشتغلون بحرب» والذرية ؛ كما نهى عن قتل الرهبان الملازمسين لمعابدهم» ولقد قال عمر بن الخنطاب: اتقوا الله فى الذرية والفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب. وقال أبو بكر فى الرهبان لقائد الحجيش: وستسجد أقواما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذروهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له. ولقد خشى النبى كَلِةِ خالد بن الوليد أن يقتل الذرية والضعاف فقال لبعض أصحابه: «الحق بخالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسسفا7 23 ولكن قد يقول قائل إن أعداء الإسلام إن قتلوا الذرية والضعاف والشيوخ الذين لا يعينون فى حرب فإن العدل معاملتهم بالمثل» وإن ذلك يكون أنكى بهم والنكاية الشديدة قد تدفعهم إلى الخنذلان. أو على الأقل تمنعهم من قتل من لا يقاتلون؟ ونقول إن الإسلام أمر بقتل من يقاتل فقطء 9 ولا تر وار وزْرَ أخْرئ... #رعن)* »© [الإسراء] وما كان الضعفاء ليقاتلواء فما يسوغ فى حكم التقوى أن يقتلوا؛ وإن تقوى الله فى الحروب تقوى القلوبء والرآفة بعباد الله تدنى نصر الله؛ ولذلك قال سبحانه فى ختام الآية: #واعلّموا أَنَ الله مع الْمَّقِينَ© فاستشعروا التقوى فى حربكم» وادرعوا بها فى قتالكم. فلا تعتدوا فى القتال» ولا تقاتلوا من لم يرفع سيفاء فإن الله مع المتقين بالنصر والتأييد دائمًا؛ والله ولى الصابرين. #وأنفقوا في سيل الله بين سبحانه مشروعية القتال عند الاعتداء» ورد الاعتداء بمثله قدرا وزمانا ومكانا مع ملاحظة الدين وعدم الاسترسال فى أمر يخالفه )١(‏ سبق تخريجه. تفسيرسورة البقرة ممالل 5] يي إن وقع من المشركين» أو المحاربين بشكل عام مثله؛ ولقد أخذ بعد ذلك يبين ما هو عدة الحربء وقوة الجماعة الإسلامية» ورباط بنيانهاء وهو المال» فأمر الأغنياء بإنفاق المال فى سبيل الله أى فى كل ما هو خير وبر؛ فإن كل خير وطاعة يعد سبيل الله سبحانه؛ وإنفاق المال على ذلك هو قوة الأمة فى سلمها؛وقوة السلم هى عدة الحرب؛ وإن من الإنفاق فى سبيل الله الإنفاق فى الحروب» وإعداد العتاد الحربى؛ ولكن ذلك وإن كان قوة الحرب المباشرة» لا ينفى أن قوة الحروب تعتمد على قوة الوحدة فى الآمة» وقوة الصلة بين ضعفائها وأقويائهاء وأغنيائها وفقرائهاء وذلك يكون بسد حاجة المعوزين» وإعطاء المحرومين؛ ولذلك قال النبى يَلكلِْدِ «أبغونى فى ضعفائكم فإما ترزقون وتنصرون بضعفائكم؟ ''. «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» التهلكة بضم اللام: مصدر بمعنى الهلاك, كما قال أبو عبيدة والزجاج؛ وادعى بعض علماء اللغة أنه لم يوجد مصدر على وزن «تفعلة» إلا هذاء ولكن روى عن سيبويه كلمتان أخريان هما تنصرة وتسترة» بمعنى نصر وستر. وقد جوز الزمخشرى أن يكون أصلها «تهلكة» قلبت الكسرة ضمة» ككسرة الحوار قد تقلب ضمة فيقال: «الجوار»» ومهما يكن فإن «التهلكة» إذا كانت بمعنى «الهلاك» فى المال» فلابد أن يكون ثمة فرق دقيق اقتضى العدول من لفظ الهلاك إلى لفظ التهلكة كما هو الشأن فى التخير من الألفاظ المترادفة فى الكلام البليغ» ولو أن لنا أن نتلمس فرقا فهو أن تقول: إن التهلكة هلاك خاص؛ وهو الذى يباشر سببه من ينزل به الهلاك» وربما لا ينزل دفعة واحدة» بل يسرى شيئًا فشيئاء ولكن نتيجته تكون مؤكدة؛ أما لفظ الهلاك فهو يشمل ما ينزل دفعة واحدة وما لا يكون للإنسان فيه إرادة وغيرهما. والباء فى قوله سبحانه «ولا تلقوا بأَيْدِيكُم» قيل زائدة فى الإعراب لتقوية معنى الإلقاء المنهى عنه» فيقوى النهى؛ وقيل المعنى: لا تلقوا أنفسكم مجذوبة )١(‏ عن أبى الدرداء قَال: سمل الى وله يول «ابكُونى صعَقَاءكُم نما ُروَقُونَ وتنْصَرُونَ بضعقَائكُم» [رواء الترمذى: الجهاد - ما جاء فى الاستفتاح بصعاليك المسلمين (1174) وأحمد: : باقى مسند الأتصار كرف 03 وبنحوه رواه ابن ما-. ٠‏ والنسائى]. ابغونى بهمزة ة الوصل والقطع بمعنى الطلب . إن تفسير سورة البقرة اللللللواااال لل لوال احم لس ا بأيديكم وإرادتكم إلى التهلكة. فلا تكون زائدة. وعلى أن الباء زائدة فى الإعراب يكون المراد بالأيدى الأنفس» من قبيل إطلاق اسم الجزء وإرادة الكل» والمعنى: لا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة. والمؤدى فى التخريجين واحد. والنهى عن الإلقاء فى التهلكة بعد الأمر بالإنفاق وبعد شئون القتال» يعين المعنى بأنه فيما يتعلق بشئون الدفاع عن الدولة والذود عن حياضهاء وحفظ كيانهاء أو على الأقل يتجه نحو هذه الغاية أو ذلك المرمى أولا وبالذات؛ ولذلك فسر الأكثرون الإلقاء إلى التهلكة بأنه الكف عن القتال والتقاعد عنه فتكون الأمة نهبا للمغيرين بسبب ذلكء» والكف عن الاستعداد للحرب بإعداد العدة وأخذ الأهبة كما قال تعالى: 8 وأعدوا لهم ما استطعتم من قُوَة ومن رَبَاط الْخَيْل ترهبون به عدو الله وعدوكم... لج 4 [الأنفال] وبقبض الأغنياء أيديهم عن إعطاء حق الفقراء؛ فيكون بأس الأمة بينها شديداء» يسهل إغارة المغيرين عليها؛ ولذلك روى ابن عباس فى تفسير هذه الآية وهو ترجمان القرآن مانصه: لا تمسكوا عن الصدقة هذا هو معنى الآية على ما عليه الأكثرون وهو الذى يتفقى مع السياق» ومع المروى فى ججملته؛ فقد روى البخارى فى سبب نزول هذه الآية أنها نزلت فى النفقة» وروى يزيد بن أبى حبيب عن أسلم قال: «غزونا القسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن الوليد والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة» فحمل رجل على العدو فقال الناس: مه مه'''! لا إله إلا الله: يلقى بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب الأنصارى: «سبحان الله أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيهء وأظهر دينه قلنا هلم نقيم فى أموالناء فأنزل الله عز وجل: «وأنفقوا في سبيل اللَه4 والإلقاء باليد إلى التهلكة أن نقيم فى أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. )١(‏ بمعنى: اكفف. تفسيرسورة البقرة اللاو اا10اااللولاا0ا0ا40ااالل ا وقد تضافرت الروايات بمثل ذلك مما يجعلنا نفهم أن الآية الكريمة تتجه إلى الجهاد دفاعا عنهاء وعدم الاستعداد لأعدائها. ولكن عموم الآية قد يشمل حال الآحاد إذا أقدموا على ما يضرهم من غير أى فائدة ا فد كانت الفائدة معنوية أدبية» فإن ذلك وقول كلمة الحق ا فإن ذلك فيه فائدة معنوية للأمة؛ وقد قال ا «أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب. ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر 20170 وقد اختلف العلماء فيمن أقدم على مهاجمة عدو كثير العدد وحده» فسوغه ناس0© لما فيه من فائدة للجماعة ولو معنوية» ومنعه آآخر لأنه لم ير فيه أية فائدة للأمة» وفيه المضرة على من أقدم؛ فتنطبق عليه الآية. والخلاصة أن الآية ينطبق النهى فيها على الأمة إن تركت أمر حمايتها من الآفات الاجتماعية فى الداخل» وغارات الأعداء فى الخارج حتى هلكت؛ وينطبق النهى على الآحاد إن أقدموا على ما يهلكهم من غير أى نفع مادى أو أدبى لأمتهم . #وأحسنوا إن اللّه يحب المحسنين» الإحسان فى لغة القرآن الكريم يطلق بإطلاقين ؛ أحدهما: الإتقان والإإجادة ذ فى العمل والقيام بالطاعات على بع ومن ذلك قوله تعالى: ال إِنَا لا نضيع أجر من أحسن عملا +« 4 [الكهف]ء. وقو تعالى: « الذي أَحسن كل شيء حلقه . ٠.‏ لل # [السجدة]. والثانى : 0 )١(‏ «أفضل الشهداء حمزة ورجل قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله» أى: فقتله السلطان أو أمر بقتله. [دليل الفالحين باب - وجوب طاعة ولى الْأَمءٍ ولسان الميزان - باب من اسمه حكيم (حكيم بن يزيد) عن جابر رضى عنه رفعه «أَفْضَل الشهداء حَمِرَةٌ ة ورجل قام إلى إمام جائر فنهاه ه فأمر بقتله4] . وقال الأردى: حكيم متروك الحديث. ورواه الحاكم فى المستدرك عن على موقوفا بلفظ: أفضل الخلق الرسل» وأفضل الخلق بعد الرسل الشهداء وأفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب. (؟) ذكر الإمام محمد بن الحسن فى كتابه السير الكبير أنه لو حمل رججمل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع فى نجاة أو نكاية فى العدوء فإن لم يكن كذلك فهو مكروه؛ لأنه عرض نفسه للتلف فى غير منفعة للمسلمين. فإن قصد تجرئة للمسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنعه فلا يبعد جوازه» لأن فيه منفعة للمسلمين على بعض الوجوه» وإن قصد إرهابا للعدر, وليعلم صلابة المسلمين فى الدين فلا يبعد جوازه. تفسير سورة البقرة ال 111 1 00000100 222*260 م / ههه : يي غيره بالعطاء والزيادة فيه؛ وعندى أن هذا فى الجمملة يعود إلى الأول لأن ذلك من قبيل إتقان العبادة» والإخلاص الكامل فيها. وعلى ذلك نرى أن الإحسان هنا هو الإجادة والإتقان؛ وقد أمر الله سبحانه المؤمنين بعد الآمر بالقتال أن يجيدوا كل أعمالهم كل الإجادة» وأن يحتاطوا فى كل ماهو متصل بحياتهم الشخصية وأحوالهم الاجتماعية» وشئون دولتهم وما يقيم أودها ويصلح أمرها؛ ففى الحرب جلاد وجهاد وفداءء وفى السلم إعداد ا ومحبة وولاع. ومودة بينهم وإخخحاء؛ ؛ ليكونوا كما وصف الله الأسلاف 9 أَشْدَاء علَى الْكفَار رحماء بينهم. ٠‏ +3 4 [الفتح] ل أَذلّة على المؤمنين أعرّة على الكافرين.. . #لؤد # [المائدة ] فإن لم يكونوا كذلك فقدوا عون الله ونصرته» بعد أن فقدوا عزة الإسلام وهدايته؛ لأن الله مع من يحسنء ولا يحب سواه؛ إذ قال: إن الله يحب المحسنين» . الحج رمم ص10 عسي هه افج وَالْمَ ب جء 6 رع سام 0000001 200 إن حور شا أسبِسَرمن افنئولكزذ مس1 ء 2 و نا سس لسر + رو م 0 منكم هررض هذى ين 0 ترصام ورد وجل 55ر2" و عوك 1د ا ٠‏ سك د و مج سل سر سر سر و سم 7 92 نمأ ما استيسرين المدي من 9 0 سس رلته وسبعة و ظٍ قحك 5 كام 00 31 0 04 المتجر لحار وات 3 َأ عَديد الو < 22 ء. وس ره 1 0220007 0 ألْحَج أَشْهِرمعَلُو معلُومات من وض فيِهرب احج فلارفَتٌ إل تفسيرسورة البقرة ١1‏ تالالطا خالل !!!11 الالاا اللا لاللالا!مخخانةاللاالااالااام ااال لالااا انخاس ططخلا طمطخشطللقا 1 ىب 1 مره سل بيقة سا سه سلبعررم مه لي سام وَلاضُْوفَوَلاجدَالَفى جو مَانعَعَلوا مِنْحَيرٍ ص يه جر اث ل لح خم و سه م لخ 2 سل 2 رميوع يَعَلَمَه أله 2 عَرَودوا حك حر قفي اك أو الأب 4 هاتان الآيتان متصلتان بما قبلهما أوثق الاتصال» وذلك بأن الآيات الكريمة من قوله تعالى: «( ليس الْبرَ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله اَيَو الآخر. . . 29 4 [البقرة] فيها تنظيم للجماعة الفاضلة؛ ببيان حق الفقير فى مال الغنى» وبيان المساواة العادلة فى تطبيق القوانين الإسلامية» لا فرق بين قوى وضعيف» ولا شريف ووضيع» وبيان أن العقوبة تكون على قدر الجريمة» وإن فى ذلك حياة الجماعة حياة فاضلة عادلة ط وَلَكُمَ في القصاص حياة . . . +7297 4 [البقرة] وفيها تنظيم للأسرة بالتعاون بين آحادها؛ بأن يمد الغنى الفقير بالهبات فى الحياة» والوصايا بعد الوفاة» وفيها بيان لما يهذب النفس» ويقوى الروح فذكر الصيام» ثم فيه إشارة إلى الحج الذى يجمع فى ثناياه بين إصلاح الآحاد فى ذات أنفسهم» وإصلاح الجماعة وتنظيمهاء وفى أحكامه تتلاقى ذرائع التنظيم الاجتماعى» والإصلاح النفسى؛ فهو فى ذاته رحلة روحية يشارف المؤمن فيها المقام القدسى» إذ يحل فى المكان الذى شرفه الله سبحانه بنسبته إليه» ووضع قواعده النبيون الصديقون» وفيه الصدقات وإمداد الفقراء؛ بل فى بعض كفاراته الصوم؛ وفيه الحج بعد الأحكام المنظمة» والعبادات المصلحة للنفس» المهذبة للروح؛ لأنه يجمعها فى أحكامه. ولكن الحج فى إبان نزول القرآن كان متعذرً أو متعسرا؛ لأن المزار الأكبر وهو البيت الحرام» والمشعر الحرام» كان المشركون قد سيطروا عليه» والأصنام تحيط به من كل جانب» وهم يمنعون المسلمين منه» والعداوة بينهم وبين النبى وصحيبه مستعرة؛ فكان لابد من القتال للوصول إليه» وأداء تلك الشريعة الإسلامية؛ لذلك جاء ذكر تفسير سورة البقرة الملل احم أرب ل القتدال بين الإشارة إليه بقوله تعالى: © يسأَنُونَكَ عن الأهلّة قُلَ هي مواقيت للنّاس وَالْحَجَ ويس الْبرٌ بأن تَأنُوا ابوت من ظَهُورهًا ولكن الْبرَ من اتَقَئ وأنوا البيوت من أبوابها . . . 237 4 [ البقرة] وبين بيان بعض أحكامه فى قوله تعالى : #إوأتموا الحج والعمرة للّه> . ثم هناك ارتباط خاص بين أحكام القتال وأحكام الحج؛ لأن القستال جهاد لحماية الدولة فى الخارج» والحج جهاد لتهذيب النفس وحماية الدولة الإسلامية فى الداحل ؛ بالجمع بين أقطارهاء والتعارف العام بين شعوبهاء ونشر المساواة العادلة بين آحادها؛ ولذلك لم يعتبر النبى كَِْةٌ عبادة تلى الجهاد فى سبيل الله غير الحج لله. ثم هناك مناسبة خاصة بين الآية الأولى وأحكام القتال؛ لأن فيها بيان حكم من يمنعه عدو من الوصول إلى البيت الحرام؛ وقد حدث فى العام السادس أن منع النبى كَليةِ من الوصول إلى البيت الحرام» وهم بأن يمتشق السلاح ويقاتل حتى يصل إليه بقوة السلاح» ولكن كان الصلح على أن يرجع من عامه هذاء ثم عاد فى العام السابع وأدى عمرة القضاء. فكانت هذه الآية ذات مناسبة خاصة تربطها بالقتال والجهاد فى سبيل الله تعالى. وهذه الآيات فى بعض أحكام الحج؛ ولذلك نبين هذه الأحكام ولا تتعرض للتفريع واختلاف الفقهاء إلا بالقدر الذى يكون تفسيرا لكلماتها؛ أو يكون مستمدا من ظلالها أو قابسًا من نورها. «وأتموا الْحج والعمرَةَ لله الحج فى أصل معناه اللغوى: القصدء وخصه الراغب اللأصفهانى بالقصد للزيارة؛ ومن ذلك قول الشاعر: 0١1١٠0000000000‏ يحجون بيت الزبرقان المعصفر والعمرة فى الأصل اللغوى تتلاقى مع مادة العمارة التى هى ضد الخراب ويراد بالعمرة فى اللغة: الزيارة التى يقصد بها عمارة المكان» وعمارة القلوب بالود» وتلاقيها على صفاء المحبة والإخلاص. 9 با تفسيرسورة البقرة هذا هو الأصل اللغوى لمعنى كلمتى الحج والعمرة؛ وقد صارت الكلمتان من الألفاظ الإسلامية التى خصها الشرع بمعان تتصل بأصل معناها اللغوى؛ فالحج فى أصل معناه كما رأيت قصد المكان للزيارة» فصار فى المعنى الإسلامى يطلق على قصد بيت الله الحرام وعرفات والمشعر الحرام للزيارة بشروط خاصة وأركان خاصة» جماعها المتفق عليه الذى لا خلاف فيه بين أهل العلم ثلاثة: الإحرام» وهو بالنسبة للحج كتكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة» والوقوف بعرفة» وهو كما قال النبى ككلِ: «الحج عرفة)17) لأن له وقنًا معينا إذا فات الشخص فاته الحج فى هذا العام؛ ووجب الحج من قابل؛ والطواف. وقد اختلف فى الوجوب فيما عدا هذه الثلاثة من السعى بين الصفا والمروة والوقوف بمزدلفة وغيرهما. والعمرة قد رأيت أنها فى أصل معناها للزيارة المقصود بها عمارة المكان بالأشخاص» وعمارة النفوس بالمودة والإخلاص» وقد خصها الإسلام بزيارة بيت الله الحرام؛ وتلاقى النفوس فيه على مودة ورحمة وإخاء؛ ولها أركان خاصة وشروط». وجماع أركانها المتفق عليها بين الفقهاء اثنان: الإحرام والطواف. وقد أمر الله سبحانه وتعالى بإتمام الحج والعمرة لله؛ فنص بهذا على وجوب أن تكون هذه العبادة خالصة لله سبحانه وتعالى لا يشرك المؤمن فيها مع الله سبحانه وتعالى أحدا؛ وكذلك الشأن فى كل عبادة» بل فى كل عمل خيرء يجب أن يتجه العبد فيه إلى الله سبحانه» لا يقصد غير الله. ولا يريد بعمله إلا وجهه؛ لأن من كمال الإيمان أن يحب المؤمن الشئ لا يحبه إلا لله ومن كمال الإيمان أن يكون هوى المؤمن وغاياته ومقاصله تبعًا لما جاء به النبى كلِْهّ» ولايقصد به إلا وجه الله سبحانه وتعالى. )000( جزرء من حديث رواه فى المناسك الترمذى 2150 والنسائى 149 وأبو داود 550 وابن ماجه - والدارمى. كلهم عن عبد الرحمن بن يعمر الديلى‎ )١18١77( وأحمد فى أول مسند الكوفيين‎ )"٠( رضى الله عنه.‎ هاا تفسير سورة البقرة ااااا0ا0اة0ا0اا0ااااااااا ل ال 0 وكل عبادة لا يقصد بها وجه الله لا يثاب عليها صاحبهاء بل إنها جديرة بالعقاب لا بالثواب؛ لأن النبى كَلكِةّ قد قرر بأن ذلك شرك؛ وهو الذى يقول عنه العلماء إنه الشرك الخفى» ولقد قال يَلِْةِ: «من صلى يرائى فقد أشرك» ومن صام يرائى فقد أشرك؛ ومن تصدق يرائى فقد أشرك:”١'‏ وقد سماه العلماء شركا خفيا لأن صاحبه يخفيه ولا يبديه» ولأنه دقيق لا يدركه إلا ذوو النفوس الطاهرة. والقلوب البارة التى تحاسب نفسها؛ ولأنه بلا ريب دون عبادة الأوثان» وإن كان من بابها؛ وقد وجدنا فى عصرنا ناس يجاهرون بأنهم يتصدقون بالصدقة العظيمة يبتغون بها الجاه» أو ملق أصحاب الجاه» فبأى اسم يسمى عملهم؟ أيسمى شركا خفياء أم يسمى شركا جليا؟ وهو على أى حال مروق من الدين» إذ قد اطرح فيه جانب رب العالمين. وما المراد بالأمر بإتمام الحج والعمرة: أيراد بالأمر إقامتهماء وإيجادهماء أم يراد بالأمر إتمامهما لا أصل إقامتهما بأن يراد الإتيان بهما تامين؛ فيكون الأمر منصبا على الإتمام؛ لا على أصل الأداء؛ ويكون المعنى على الأول: أقيموا الحج والعمرة أى أدوهماء كقوله تعالى: «إثُمَ أَتموا الصِيّام إِلَى اللي .. :4129 4 [البقرة] فليس الاتجاه إلى الإتمام بل إلى الإنشاء؛ والمعنى على الثانى اثتوا بهما تامين» أى كاملى الأركان قد استوفيت شروط كل منهماء خالصين لوجه الله سبحانه وتعالى لا تشوبهما شائبة من رياء. هناك اتجاهان فى هذا المقام؛ فبعض الفقهاء ومعهم بعض المفسرين» وسبقهم بعض التابعين والصحابة على أن المراد بالأمر الإنشاء والإتيان والإقامة» فمعنى أتموا الحج والعمرة ائتوا بهما؛ وعلى هذا المنهج علقمة والنخعى وسعيد بن جبير وعطاء؛ وطاوس» وروى عن ابن عمر وابن عباس وعلى رضى الله عنهم؛ ولهذا قرروا أن العمرة واجبة كالحج». وهذا ما قرره الشافعى على أحد قوليه وسفيان الثورى . 220 رواه أحمد : مسند الشاميين: حديث شداد بن أوس ١١61١70‏ ). تفسيرسورة البقرة للللال اللو ا0الاااللل لل اللا والاتجاه الثانى هو أن المراد بالأمر الأمر بالإتمام؛ أى أنه إذا شرع فيهما أو فى أحدهما عليه أن يتمه ويأتى به كاملاء وإذا لم يستطع إتمامه أو عدل عنه فعليه أن يعيدهء وتكون الإعادة واجبة» كما فعل النبى َل وصحبه فى عمرة القضاء؛ وعلى ذلك الرأى لا تكون العمرة واجبة لعدم قيام الدليل على وجوبهاء وليس فى هذه الآية لكريمة ما يفيد الوجوب فهى لا تفيد وجوب حح ولا وجوب عمرةء بل تفيد وجوب الإتمام إن شرع فى أحدهماء وقد ثبتت فرضية احج بآية أخرى» وهى قوله تعالى: ( لله على الئاس حي ايت من استَطاع إلّيه سبيلا. ٠.‏ هه © [آل عمرات ]. 0 1 وعلى هذا الرأى جمهور الفقهاء وجمهور التابعين وكثرة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين» فهى على هذا الاتجاه سنة. وقد تأيد استنباط هؤلاء من الآية الكريمة بأقوال للنبى يَلَلِْكِ قد صحت عنهء وثبتت نسبتها إليه؛ وفوق ذلك فإن أركان العمرة تدخل فى ثنايا أركان الحج؛ ولذلك ورد فى الصحيح عن النبى كَلكِةٌ أنه قال «دخلت العمرة فى الحج إلى يوم القيامة)0" . والقول الجملى أن فرضية الحج مجمع عليها؛ وأما فرضية العمرة ففيها خلاف» وقد فرض الحج فى العام التاسع من الهجرة على أرجح الروايات. وقد ذكرنا أن أول أركان الحج الإحرام» وأنه من الحج كتكبيرة التحريم بالنسبة للصلاة» ينوى به الدخول فى الحجء كما ينوى بها الدخول فى الصلاة؛ وإذا تم الإحرام على وجهه صار الشخص حاجاء فيلبس غير المخيط». ولا يحلق رأسهء ولا يقصر شعرهء ويحرم عليه الصيدء وتحرم عليه النساء»ء كما يحرم على المرأة الرجال. . وهكذا يستمر فى تلك الشعيرة المباركة حتى يتحلل من الإحرام بالذبح والحلق» كما يخرج المصلى من الصلاة بالتسليم. )١(‏ رواه مسلم: كتاب الحج - حجة النبى يَِْةِ )١١70(‏ عن جابر بن عبد الله» ورواه أحمد فى مسنئده (منة* 4/1 والدارمى 500849 والترمذى 60م والنسائى (6؟ه16) وأبو داود (4؟15) وابن ٠‏ ماجه (7"050). تفسير سسورة البقرة لل 0 والإحرام له ميقات من الزمان والمكان» فهو بالنسبة للزمان يكون فى أشهر الحج» كما تبين» وفى المكان يكون فى مداخل الحرم المكى؛ وقد بين النبى كَل الأمكنة لأهل كل جهة ومن وراءهم ويجىء عن طريقهم؛ فجعل لأهل المدينة ومن وراءهم قرية ذى الحليفة؛ ولأهل الشام ومن وراءهم كأهل مصر قرية الجحفة التى تقرب من قرية رابغ » ولأهل نجد جبل قرن» ولأهل العراق ذات عرق237 . فإذا نوى الحج أحد من هذه الأماكن صار محرمًا تحرم عليه محرمات الحج؛ إلا أنه قد يعرض له ما يرخص له قطع الإحرام أو التحلل من بعض ما حرم عليه؛ وذلك فى ثلاثة أحوال» اثنتان فيهما معنى الاضطرار» وثالفة فيها اختيار؛ فالأوليان حال الإحصارء. وحال المرض؛ والثالئة حال التمتع؛ وقد ابتدأ سبحانه بذكر الأولى فقال: إن أحصرتم فَمَا اسعَيْسَر من الهدذي» . مادة الحصر فى اللغة تدل على التضييق» ومن ذلك قوله تعالى فى شأن القتال: (واحصروهم) أى ضيقوا عليهم؛ ولذلك أطلقت على الحبس. وقال سبحانه: 8( ... وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا :422 > [الإسراء] أى محبسا. هذا موضع اتفاق بين علماء اللغة». ولكن الخلاف بينهم فى الفرق بين الإحصارء والحصر»؛ فقد قال الكسائى وأبو عبيدة وكثيرون من علماء اللغة: الإحصار المنع بالمرض أو ذهاب النفقة» أى ما يكون الحبس فيه من ذات الشخص لامن أمر خارج عنه؛ والحصر هو حصر العدو؛ وعلى هذا يقال أحصره المرض» وحصره العدوء وقال الفراء: هما بمعنى واحد؛ فيقال حصره المرض وأحخصرهء وحصره العدو وأحصره» وقال الراغب الأصفهانى: إن الإحصار أعم من الحصرء ك4 عن عَائشّة قَالَتْ: «وقت رَسُول الله وك لأهل المديئة د الْحليفة ولأهلٍ الشّام ومصر الجحفة ولأهلٍ العراق ذَّات عرق» ولأمل تجد قَرنَاء ولأهل الْيِمَنِ يلَمَلَم» ٠‏ أخرجه النسائى - ميقات أهل العراق م4 ) وفى الصحيحين من رواية عبد الله ؛ بن عباس قَال: سَ الى َل وت لأهل الْمَديئة ذا الحليقة, وكأمل السّأم الْحَحْفَة امل تجد قَرنَ الْمََازِلِء وَلأهلٍ اليَمَنِ ملم هن لمن ولمّن أت عَلَيِهِنَ من َيِه ممّن أَرآدَ الْحَيّ وَالْعْمرة» وَمَنْ كان دُونَ ذلك قَمن حَيث ادا حنَى أهل مَكَةَ من مَكَّة) . [البخارى - مهل أهل مكة للحج والعمرة 17 ومسلم - مواقيت الحج والعمرة ١؟؟‏ 050 تفسيرسورة البقرة الل فهو يستعمل للحبس بالعدو وبالمرض ونحوه.» وأما الحصر فيستعمل فى المنع من ذات الشخص بالمرض ونحوه فقط. ولقد قال أبو العباس المبرد والزجاج: إن كليهما يكون للحبس بعمل العدو. وبالمرض ونحوه؛ ولكنهما مع ذلك مختلفان فى المعنى؛ فالحصر معناه الحبس» والإحصار معناه التعرض للحبس والضيق» بالعدو أو المرض؛ كما يقال حبسه بمعنى أدخله فى المحبس» وأحبسه بمعنى عرضه للحبس» وقتله بمعنى أوقع به القتل» وأقتله بمعنى عرضه للقتل» وقبره بمعنى دفنه» وأقبره بمعنى عرضه للدفن. وعندى أن هذا هو الفرق الدقيق الذى يكون بين الحصر والإحصارء فالفرق بينهما فى معنى الاستعمال الدقيق؛ لا فى موضع الاستعمال. وقد فصلنا القول ذلك التفصيل فى هذا اللفظ» وانتهينا إلى ما انتهينا إليه؛ لأن الفقهاء اختلفوا فى الحكم, وبنوا اختلافهم على اختلاف اللغويين فى معنى اللفظ؛ فالحنفية قرروا أن الإحصار بالمرض أو بالعدو يسيغ التحلل بذبح الهدى. على أن يقضى الحج والعمرة من بعد إن كان الإحرام بعمرة؛ والمالكية والشافعية قرروا أن الإحصار فى الآية لا يكون إلا من العدو؛ أما المريض فإنه يستمر على إحرامه حتى يبرا من مرضهء ويذهب إلى البيت فيطوف به سبعاء ويسعى بين الصفا والمروة» وبهذا يتحلل من عمرته أو حجه؛ وقريب من ذلك قال المالكية؛ فإنهم يرون أيضا أن المريض لا يتحلل بالذبح» بل ينتظر حتى يبرأ من المرض» فإن برئّ وكان فى استطاعته أداء الحج بأن يدرك وقفة عرفات أتم الحج» وإن لم يدرك كان مخيرا بين أن يستمر على إحرامه حتى يؤدى من قابل» وبين أن يذهب ويتحلل بالطواف والسعى بين الصفا والمروة؛ وقد أخذوا ذلك الحكم من الآية الكريمة» إذ فهموا أن الإحصار لا يكون إلا للعدو؛ ولأن النبى كَكلْةّ عندما منع هو وأصحابه من أداء الحج تحللوا بالذبح(١2‏ وأما المرض فلم يرد عن النبى يك أنه بذاته أباح التحلل اس 6 هي سه 0 اي هبر اس 1 3 ل اس يعر ا#ره ا الس سس سا سق اسع ساس لس لس سه سي سس لسسع سه )١(‏ قَالَ ابن عباس - رَضى اللَّهُ عنْهُمَا: قد أحصر رسول الله يك فَحلّقَ رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى 2 اعتّمَرَ عَامَا قَابلا. [رواه البخارى: الحج - إذا أحصر المعتمر (1141)]. إل تفسير سورة البقرة لاا 1 .كم لجل نو يي المطلق؛ بل يرخص للمريض فى بعض ما يحرم على المحرمء ولذلك فدية سنبينها. و«الهدى»: اسم جنس جمعىء وهو الذى يفرق بينه وبين مفرده بالتاء أو الياء المشددة» والمفرد هدية؛ والمراد ما يذبح من نحو الشاة والبقر والإبل» أى ما يذبح من النعم؛ والمطلوب أيسره؛ ولذلك قال سبحانه: «قما استيسر من الهدي» والأيسر هو الشاة ونحوها. واستيسر بمعنى يسر وتيسر؛ لأن الاستيسار واليسر بمعنى واحد؛ كاستصعب وصعب بمعنى واحد؛ ولكن يجب أن يلاحظ أن السين والتاء فى استيسر ما زالتا تشيران إلى المعنى الأصلى لهما وهو الطلب؛ وقوله تعالى: #قَمَا استيسر من الهدي4 على هذا المعنى يكون حثا للمكلف على أن يطلب اليسير السهل الذى يؤدى من غير كلفة ومشقة» لا العسير الصعب الذى لا يؤدى إلا بمشقة وجهد. وإن ذلك سير على مبدأ الإسلام العام الذى يطالب دائما بالسهل اليسيرء لا بالصعب العسير؛ ولقد كان النبى يَكلِيْةّ كما أخبرت عائشة رضى الله عنها: «ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما"'2'. ولقد كان َكْةِ يحث على طلب الرفيق من الأمور والتكليف؛. ويقول فى دينه «أوغل فيه برفق»”''2» وينهى عن التشدد وطلب الشاق» ويقول: «لن يشاد الدين أحد إلا غلبه)7 , ويقول: «سددوا (4) وقاربوا» )١(‏ عن عائشّة - رضى الله عَْهَا - نا قَالَت: «مَا خير رول الله كه بن أمريّن إلا أختد أيسرَهُمَا ما لم يكن إِنْمَا فإن كان إِثما كَانَ أَبَعَدَ النّاسِ من وما انتَقَم رسول الله يك لنفسهء إلا أن تنتهك حرمة الله فَينتقم ل يهاه. افق عليه رداء البخارى : الناقب (131), وسلم؛ الفضائل (04144]. - جر ساس ساس سمس مسنده 051 (): (4) عن أبى هَريرة عن الى وك قَالَ: "إن الدين يسرهء ولَن يشَادٌ الدينَ آَل إلا عَلَبَه؛ فَسَدَدُوا وَقَارُوا وأْشروا واسْتَعيئُو عدو والروحَة وَشَىء من الدلجة». [رواه البخارى: الآيمان - الدين يسر (2) والنسائى (4444)] قلت: يشاد: يكلف نفسه من العبادة فوق طاقتها. السداد: التوسط فى العمل من غير إفراط ولا تفريط. قاربوا: اقتربوا من السداد والصواب فى أداء الطاعات. الغدوة: الخروج أول النهارء والروحة: الخفروج آخر النهارء والدلجة: السير أول الليل» قيل: سير الليل كله. يعنى: اغتنموا أوقات نشاطكم مع تحرى أفضل الأوقات للعبادة قدر المستطاع . إل تفسيرسورة البقرة مامالل هذه قاعدة الإسلام: طلب اليسير من الأمور دائمّاء واجتناب العسير ما لم يكن تكليفا كالجهاد فى سبيل الله. ولا تحلقرا رءوسكم حت يلغ الهدي مَحلّه4 حلق حلق الرأس أو تقصيرها شعار الانتهاء من الإحرام» والتحلل من تلك الشعيرة المباركة» كما أن السلام مظهر الخروج من الصلاة» وانتهاتهاء أو قطعها عند الاضطرار إلى قطعها. وقد بين الله سبحانه أن المحرم عند الاضطرار بالإحصارء يكون له التحلل بذبح الهدى» وتحرى اليسير دون العسير؛ ولكن لا ب يتم التحلل ولا يسوغ الحلق أو تقصير الشعر الذى هو مظهره ”إلا بعد أن يبلغ الهدى مله ويذبح عند بلوغه محله . و«الّحل» : اسم زمان الحلول أو مكانه؛ فهو يطلق على الزمان والمكان» فيقال: بلغ الدين محلّه إذا حل وقت وفائه» وبلغ الأجل الذى يستحق فيه الأداء؛ ويقال: بلغ الشخص محلّه إذا وصل إلى المكان الذى يحل فيه. وما المراد بالمحل فى الآية؟ أيراد به اسم الزمان» أم يراد به اسم المكان؟ لاشك أن اللفظ يحتملهماء فيحتمل الزمان والمكان» وإن كان فى المكان أظهرء وأقرب ورودا للخاطر؛ ولذلك كان لابد من السنة لمعرفة المراد يقيناء أو أن يستبين ذلك من آيات أخر؛ وقد قال الحنفية: إن الَحل هو اسم مكان يراد به البيت الحرام» وقد تبين ذلك بالقرآن» فقد قال تعالى: «إ ثم محلا إلى الْبِيت العتيق +220 4 [ الحج ]ء والقرآن يفسر بعضه بعضا؛ وعلى ذلك لا يصح للمحصر أن يحلق ويتحلل» حتى يصل الهدى الذى يرسله إلى البيت العتيق ويذبح؛ وقد تأيد ذلك بآية أخرى» وهى قوله تعالى: #هديا بالغ الكعبة... +4527 4 [المائدة]. ففيها التصريح بأن الهدى فى الكعبة. وقد قال الجمهور إن محل الهدى للمحصر هو المكان الذى كان فيه الإحصارء كما فعل النبى يكل عام الحديبية؛ فإن المسور بن مخرمة يروى: «أن رسول الله يك عندما منع من البيت الحرام فى تلك السنة وعقد الصلح قال لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»» فوالله ما قام رجل منهم» حتى قال ذلك ( تفسير سورة البقرة الالالال الالالال تالالا الالال ااا الالال ال اا ثلاث مرات» فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمةء فقالت له: يانبى الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم بكلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك؛ ففعل؛ فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا»7 . فهذا يدل على أن محل الهدى للمحصر هو حيث الإحصار؛ وإنه إذا كان عمنوعا فإن الهدى قد يمنع أيضا. وقد أجاب الحنفية عن ذلك بأن النبى كلل كان فى الحرم لا فى الحل» فهو كان فى محله؛ لأنه أحصر فى طرف الحديبية القريب من مكة وهو من الحرم. ولاشك أن رأى جمهور الفقهاء يتفق مع السنة النبوية» وفيه تسهيل على المحصرين» والمناسب لحالهم هو التيسير لا التصعيب. ولا شك أن ذبحهم فى المكان الذى أحصروا فيه أيسر كلفة؛ والصدقة لا يتعسين مكانها فى الضيق» ولكن النص الكريم «احتَى يلع اهدي مَحلّه» لا ينطبق تمام الانطباق على رأى الجمهورء إذا فسرنا المحل بالمكان؛ لأن البلوغ يقتضى مسافة بين المكانين؛ ولا ينطبق ذلك على مكان الحصرء بل ينطبق على مكان يكون فيه بلوغ؛ وإذا فسرنا المحل بالزمان تأنّى معنى البلوغ بأن ينتظر الملحصر حتى يجىء وقت الهدى وهو يوم النحرء ويكون بالمًا محله أى بالغا زمانه؛ وحيئذ لا يتقيد المحصر بالمكان» ولكن يتقيد فى الذبح بالزمان. وإن زال الإحصار قبل زمانه» وأمكن الوصول إلى الحج فى إبانه» فقد زال موجب الذبح ‏ وتعين إتمام احج . 8س صم عرس ةم م )١(‏ جزء من حديث طويل رواه البخارى: كتاب الشروط (705759) وفى أوله: عن الْمِسورٍ بن مخرمَة ومروان (ابن الحكم) يصق كل وأحد مهسا حَدِيث صاحيه قال: خَرَج رَسُول الله ل رمن الْحديبيّة حَسنَى إذا كَانُوا ببَعْض ببَْض الطَرِيق قال التَى كلله: إن خالد بن بن الوليد العم فى سيل لقيش طليعة كَحْدُوا ات اليَمينٍ ٠‏ إلى أن قَال: لما رع من عضي الكتاب قال لاله لامنحايه : : «قوموا فَانْحَووا ةُ لم احلقوا". قَالَ: : وال م قم مهم جل حى قال لك قلات سرات» مالم م مح مَل على س1 َلَمَهَ دك ها مَا لق من النَاسٍ قَقَالتَ أم مَلمه: : يا نبِىَ اللّهِ أُحب ذّلك؟ اعنراج ؟ ل ل نا ل ل حتى تنحر بدنّك وتَدَعوَ حَالقك فيحَلقك. فط قلا يكذ أحَدا ملقم حلى قعل ذل لسر 2 وب حالقَهُ فَحَلَقَه لما روا ذلك قَامُوا فَنَحَروا وَجَعَل بَعْضهُم يَحُلق بحن لله الحديث ‏ ورواه أحمد فى مسنده علهما (18155). اه تفسيرسورة البقرة ملل ولقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى: «إولا تحلقُوا رءوسكم حتّى يبعْ الْهَّديْ مله خطاب عام لكل المكلفين فى هذه الشعيرة» لا فرق بين مسحصر وطليق» وذى عذر وغيره؛ فهو بيان لوقت التحلل من الإحرام بشكل عام» وبيان لمكان الذبح بشكل عام وهو الكعبة؛ وإن لذلك الكلام وجاهته واستقامته؛ وهو تخريج يعاضد رأى الجمهور؛ لأن الكلام يكون فى مكان الذبح العام» لا فى الإحصارء ومكان الذبح فى الإحصار علم من السنة الصحيحة فى الحديبية . وقبل أن نترك الكلام فى المحصرين ينبغى أن نبين مذهب الحنفية وغيرهم فى قضاء الحج أو العمرة إذا أحصروا؛ فقد قال مالك والشافعى: إذا تحلل بالهدى فليس عليه قضاء إلا أن يكون الإحصار فى الحجة الأولى؛ لأن الذبح قد أحله من إحرامه وقال الحنفية: إن عليه عمرة وقضاء ما أحرم به من الحج. فإن كان محرما بحج نفلا كان عليه عمرة؛ وعليه قضاء حجه؛ لأن القاعدة عندهم أنه إذا شرع فى نفل ولم يتمه وجب عليه أن يعيده؛ لقوله تعالى: ولا تبطلوا أعمالكم . ٠‏ 2ك 4 [محمد]. وإذا كان محرما بعمرة قضاها عمرة؛ لما تقدم. ولقوله تعالى: «وأتموا الْحَجّ وَالْعمرة للّه4 فإن ذلك النص بعمومه يشمل حال من يشرع فى حج أو عمرة» ولم يتمهما اختيارا أو اضطرارا. «قَمْن كَانَ منكم ميض أَْ به أذى من رأسه فَفديةَ مَن صيام أو صدقة أو نسك» بعد أن بين سبحانه أن مظهر الانتهاء من الإحرام هو الحلق أو تقصير الشعر» وتبين مما تقدم أن الحلق غير جائز فى مدة الإحرام» أخذ سبحانه يبين حكم ما إذا تعذر أو تعسر على الشخص أن يستمر من غير حلق بأن اضطر إليه لمرض فى جسمه أو رأسه استوجب الحلق ليدفع الضرر به» أو كان برأسه هوام تؤذيه وتجعل غيره يتقزز منه؛ وقد يصير به الشخص مصدر أذى لغيره» أو عدوى» كما هو مؤذ لنفسه؛ ففى هذه الأحوال يحل له الحلق» ولا يحل له سواهء لأنه لا يتحلل بذلك من الإحرام» بل يرخص له فى بعض محرماته ليدفع الضر عن نفسه وغيره» ولا ضرر ولا ضرار فى الإسلام؛ فالكلام فى الآية السابقة فى الانتهاء من الإحرام قبل أداء الأركان لعذر 0( تفسير سورة البمّرة ا ك4 قاهرء والكلام هنا فى الترخيص من بعض المحرمات من غير إنهاء الإحرام دفعا للأذى من غير قهر. والكلام السابق كان فى الأمور التى تمنع من الوصول إلى البيت الحرام؛ أما الكلام هنا فهو قد يقع قبل الوصول إلى البيت الحرام أو بعده. والترخيص فى الحلق له فدية»؛ وهى صومء أو صدقة» أو نسك. والفدية هى العوض عن شىء عظيم جليل نفيس؛ ولاشك أن محرمات الحج والعمرة أمور لها جلالها وخطرها؛ لأنها مهذبات الروح والقلب» فهى نفيسة جليلة» وعبر سبحانه بالفدية ولم يعبر بكفارة؛ لأنه لا ذنب ولا اعتداء» حتى يكون التكفير من الإثم. والنسك جمع نسيكة وهى الذبيحة» وتكون من النَّحَم: الإبل والبقر والغنم» ويستيسر ولا يستصعب كما هو الشأن فى أمور الإسلام. ولم يبين القرآن عدد أيام الصيام» ولا عدد المساكين الذين يطعمهم. ولا مقدار ما يتصدق بهء كما لم يبين أهذه الأنواع الثلاثة فى مرتبة واحدة أيها اختار كان فيه غناء» ولو كان قادرً على أعلاها. وإن السنة بيان القرآن قد فسرت ذلك وبينته» فقد قال يَككِةِ لكعب ابن عجرة وقد رأى الهوام تتساقط من رأسه: «لعلك آذاك هوامك» قال: نعم يارسول الله قال: «احلق وصم ثلاثة أيام» أو تصدق بفرق على ستة مساكينء أو انسك شاة)"2' . وفى رواية أخرى أنه قال: «احلق وأهد هديا»؛ فقال: ما أجد هدياء قال: «فأطعم ستة مساكين»» فقال: ما أجدء فقال: «صم ثلاثة أيام»”" . 4 433+ ... متفق عليه؛ أخرجه البخارى: الحج - قول الله تعالى: ظ فَمن كان منككم مَرِيضا أو به أَذَى‎ )١( وقد رواه الأئمة بحو من ذلك.‎ )7١487( ومسلم - جواز الحلق للمحرم‎ »)١587( [البقرة]‎ (؟) عن كعب بن عجرة الانصارى أنه حدثه أنه كان أهل فى ذى القعدة وأنه قمل رأسه فأتى عليه النبى يكل وهو يوقد تحت قدر له فقال له: «كأنك تؤذيك هوام رأسك؟؟» قال: أجل» قال: «حلق وأهد هديا» فقال: ما أجد هديا قال: «فأطعم ستة مساكين» فقال ما أجد فقال: «صم ثلاثة أيام». [التمهيد ج7 ص 71#]. إل تفسيرسورة البقرة اللا لل تاللا والفرق المذكور فى الرواية الأولى هو مكيال يسع ما وزنه من البر نحو ستة عشر رطلا. والحديث بروايتيه قد بين ترتيب الأنواع الثلاثة»ء فهى ليست بدرجة واحدة؛ وبين مقدار الصيام ومقدار الصدقة» والله عليم خبير. ذا أنتم فَمن تمتع بالعمرة إِلَى الْحج قَمَا استيسر م من الْهَدي فَمَن لم جد فصيام ثلاثة أيام ف في الْحَج وَسبْعَة إذا رَجَعتمْ تلك عَشَرةٌ كام بعد أن بين سبحانه وتعالى طريق الإحلال عند الإحصارء وطريق الإحلال الجزئى من بعض المحرمات عند المرض أو الأذىء بين الإحلال حال الأمن. فقال: ظفَإذًا أمنتم» أى إذا زال خوفكم من العدو وعندكم فرصة الحج من عامكم هذا. والحكم الذى سيتبين من بعد يشمل حال الأمن المستمرء ولا يقتصر على الأمن العارض بعد الإحصار فقط؛ لآن الحكم إذا كان ثابتا للأمن العارض بعد الخوف» فأولى أن يسبت للأمن المستمر الذى لا خوف معه؛ أو نقول إن كلمة #أمنتم» المراد بها ثبوت حال الأمن سواء أكان عارضا بعد ضده أم كان حالا مستمرة؛ فإن الماضى يدل فى كثير من أحواله على الإخبار عن الحالات المستمرة. والتمتع أصل معناه الانتفاع الممتد المستمر؛ مأخوذ من المتوع بمعنى الامتداد والارتفاع ؛ والمراد هنا معنى إسلامى» وهو الجمع بين العمرة والحج فى عام واحد على أن يحرم بالعمرة أولا ثم بالحج؛ فمعنى قوله تعالى: #فمن 3 تمتَعْ بالعمرة إِلَى الحج» أى ذ فمن أحرم بالعمرة منتفعا بعبادته ونسكه إلى أن أحرم بالحج». فلكى يتحلل فى إبان التحلل يذبح هديا.. إلى آخره. وسمى ذلك الجمع تمتعا؛ لأن المحرم يجمع بين متعة الروح ومتعة الجسدء فيحرم بالعمرة ويستمر فيهاء وتلك متعة روحية» ويجوز أن يتحلل منها ثم يحرم بالحج» وتلك متعة جسدية» ثم هو يعتمر ويحج فى سفر واحدء وتلك متعة مادية؛ من أجل ذلك سمى هذا تمتعا . ل 0 تفسير سورة البقرة ال 00 ولكى ينجلى الحكم المستفاد من الآية نقول إن الإحرام ينقسم إلى ثلاثة أقسام: -١‏ إفراد: وهو أن يفرد بالحج» ولا يجمع معه العمرة فى أشهر الحج من عامهء وقد يكون الإفراد بالعمرة؛ وإذا أفرد الحج لا يحرم بها فى أشهر الحج ويحج من العام . "- قران: وهو أن يجمع بين الحج والعمرة فى إحرام واحدء أو يحرم بالعمرة فى أشهر الحج» وقبل أن ينتهى من أعمالها يحرم بالحج . - تمتع: وهو أن يحرم بالعمرة فى أشهر الحج وبعد أن ينتهى من أعمالها يحرم بالحج؛ وقد يتحلل بنسك إذا لم يكن قد ساق الهدى عند إحرامه. وقد اختلف الفقهاء فى أيها أفضل وأكثر مثوبة» وأرجى لرضا الله سبحانه؛ فبعضهم قال: إنه الإفراد»ء وأولئتك هم الأقلون» وبعضهم قال: القران» وهؤلاء هم الأكثرون؛ وبعضهم قال: التمتع» وقد أجاز النبى ككل الثلاثئة» وفى كل منها فضل» وأساس الخلاف هو حج النبى يَليُ؛ِ فقد روى عن عائشة رضى الله عنها أنه كان إفراداء ولعله اختار ذلك ليكون قدوة للناس فى طلب اليسيرء ولكيلا يفهم أحد أن القران أو التمتع فرض لازم؛ وروى أنه كان قرانًا؛ وروى أنه كان تمتعا؛ وقد نقل القرطبى الجمع بين الروايات المختلفة» فقال: «من أحسن ما قيل أن رسول الله عله أهل بعمرة فقال من رآه: تمتع» ثم أهل بحجة فقال من رآه: أفرد» ثم قال: «لبيك بحجة وعمرةً»» فقال من سمعه: قرن. وقبل أن نترك هذا يجب أن نقرر أمرين: أحدهما: إن كلمة التمتع قد تطلق بمعنى يشمل القران والتمتع» وهو المراد فى هذه الآية الكريمة» وبذلك يمكن التوفيق بين الروايات التى تقول إنه تمت والتى تقول إنه قرن؛ والراجح أنه قرن. 5 ل تفسيرسورة البقرة تارامالل انيهما: إنه روى أن عمر رضى الله عنه قد نهى الناس عن الت 1 والقران» وقد روى ذلك البيخارى 217 وغيره؛ ولعله لم يفعل ذلك تحريما لما اعتبره النبى عَللِْدِ وجاء به القرآن؛ بل فعل من قبيل السياسة العامة؛ لأنه رأى الناس يزدحمون فى موسم الحج ويمكثون أمدا طويلا لجمعهم بين العمرة والحج فى أشهره» ثم يخلو البيت من الناس طول العام؛ فأمرهم ‏ سياسة لا دينا ‏ أن يفردوا بالحج ليعتمروا فى أثناء العام ويكون للبيت الحرام أفئدة من الناس تهوى إليه طول العام ؛ ولم يوافق وقد ذكر الله سبحانه وتعالى التحلل من الإحرام للمتمتع والقارن» فقال: #قما است ستيسر من الهدي» أى د يطلب اليسير من النعم وهو الشاة» «فمن لم يجد فصيام لاثّة يام في الْحَج وسبْعة إذا رجَعتم تلك عَشَرَةٌ كَاملة» . هذه هى العبادة التى تحل محل النسك» وهى الصيام . فقامت العبادة الروحية مقام العبادة المالية ؛ لأن كلتيهما تلتقى عند غاية واحدة» وهى تهذيب النئمس إحذاهما: وهى الأقل - تكون فى الحج. وهى ثلاثة أيام ؟ وذلك أن الحج مشقة؛ فلكى يكون سهلا فى أدائه على ذوى الفقر جعل أقل الصيام فيه» فلا يجمع بين مشقة الصيام ومشقة الحج. وهو سفر فيه مشقة. )١(‏ روى الأئمة أن عثمان بن عفان نهى عن التمتع والقران» ومن ذلك ما رواه البخارى: عن مروان بن الْحَكمٍ قَال: شهدت عنْمَادَ وَعليا - رضى الله عنما - وعثْمان ينْهى عن المئعة وأن يجمم بَيتَهُمَاء قَلَمَا رآى عَلى هَل بِهمًا: بيك بعمرة وحجة قَال: ما كُنْت لدع سن الى يكل لقول أحد . [البخارى: الحج - التمتع والإقران والإفراد بالج 0 أما عمر فقد روى النسائى عن ابن عبّاس قَالَ: «سمعت عمر يقُول: واللّه إِنَى لأنهاكم عن الْمُعْمَة ونا لفى كتّاب الله وقد َعلََا رول الله كل. يَعنى الْعُمَرَةَ فى الْحَج». قلت: يعنى أنه لم يقصد بذلك النهى مخالفة الكتاب والسنة إلى غيرهماء وإنها أمر بالإفراد» وهو من أنواع الحج المعتبرة بالكتاب والسنة؛ لما رأى فى ذلك مصلحة المسلمين. فهذا اجتهاد عمر وعثمان وعلى وكلهم مهديون راشدون رضى الله عنهم . تفسير سورة البقرة ااال للفلل لل ئلللللل ماللا والمرحلة الثانية: وهى الأكثرء بعد العودة إلى أهله حيث يطمئن ويستقرء وتذهب مشقة السفرء فيصوم سبعة أيام. وقد اتفق العلماء على أنه لا يصوم السبعة الأيام قبل الانتهاء من الحج؛ ولكن اختلفوا أيجوز القيام بها بعد الانتهاء وقبل العودة؟ فقال فريق: إنه لا يجوز إلا إذا رجع» مستمسكا بحرفية النص لا يتجاوزهاء وقال بعضهم: يجوز بمجرد الانتهاء من الحج أن يصوم؛ لأن التأخير إلى الرجوع إلى الأهل ترخيص وتسهيل» فمتى سهل عليه أن يصوم صام؛ مادام ذلك بعد الحج . ولقد قال سبحانه وتعالى: #تلك عَشْرَة كاملة4 ليتقرر الحكم نصًا؛ وليتبين أن الذى يحل محل النسك هو العشرة الكاملة لا بتعضها؛ ولكى لا ينسى الناس صوم السبعة الأيام إذا عادوا إلى أهلهم حاسبين أن حجهم قد تم» بل عليهم أن يفهموا أن الحج لم يتم حتى يصوموا. #ذلك لمن لم يكن أَهله حَاضري الْمَسجد الحرام» أى أن التمتع بنوعيه من قران يجمع فيه الحج والعمرة فى إحرام» أو تمتع يجمع به بينهما فى أشهر الحج» لمن لم يكن أهله مقيمين فى مكة وما حولها؛ فإن أولئك يفردون ولا يجمعون؛ لأن العمرة فى إمكانهم فى طول العام» وهذا ما يقرره فقهاء الحنفية. وقال الشافعية: إن أهل مكة وما حولها يقرنون ويتمتعون كغيرهم من أهل الآفاق» والإشارة فى قوله: #ذلك لمن لم يكن أَهله حَاضري الْمَسجد الحرام» إنما هى للنسك وما يقوم مقامه. وذلك لأن الإشارة لأقرب مذكور؛ أى أن هذا الإهداء يكون على أهل الآفاق» لا على أهل البيت الحرام؛ لأنهم بواد غير ذى زرع» كما ذكر إبراهيم عليه السلام فى دعائه. #إوائقوا الله واعلّموا أَنّ اللّهَ شديد العقاب» تم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة التى كانت فيها الإشارة إلى أعمال الحج ونسكه وشعائره بالأمر بتقواه للإشارة إلى أن الاعتبار فى أعمال الحج لا يكون لا تعمله الجوارح» وما تقوم به من أفعال» إما العبرة فى ذلك إلى أثرها فى القلوب» فإن أوجدت رحمة بالعباد» ورهبة إل تفسيرزسورة البقرة للللللللللاااالللولل الا الل من الخلاق» وتقوى من الله» فقد أديت على وجهها إذ خلصت النية» واستقامت الإرادة؛ وإن لم تؤد إلى تقوى الله والرحمة بعباده فقد خالطها رياء ولم تخلص النية» وحق العقاب؛ ولذا قال سبحانه: #واعلموا أن اللّه شديد العقاب» ليلقى فى نفوس الناس الرهبة من عقابه حال رجاء ثوابه والناس يصلحون بالثواب والعقاب» حتى إذا علت المدارك وقويت الروح كان الثواب رضا الرحمن؛ ولذا قال سبحانه بعد ثواب المؤمنين: ورضوان مَن الله ٠‏ #لعنة # [آل عمران] . « الحج أشهر مَعلُومَات فَمَن فَرَض فين الْحَجَّ قلا رف ولا فُسُّوق ولا جدال في الحج 4 قد بين فى الآية السابقة بعض أحكام الحج» وفى هذه الآية الكريمة يبين ميقاته» وما ينبغى للمؤمن فى وقت حجه. وقوله تعالى: #الْحَج أشهر مَعْلُومَات» أى وقت الحج أشهر معلومات» وإنما جعلت النسبة إلى الحج نفسه. لا إلى وقتهء فكأن الإسناد إليه - للإشارة إلى أن هذه الأشهر لأنها ميقات تلك العبادة المقدسة» تكتسب تقديسًا منهاء وكأنها هى. والأشهر المعلومات اتفق على أن منها شوالا وذا القعدة والعشرة الأولى من ذى الحجة؛ واختلف فى العشرين الأخيرة أهى منها أم ليست منها؛ وعلى أنها ليست منها الأكثرون والصحاح من الروايات. وإن هذه الأشهر سميت أشهر الحج؛ لأن أركانه تستوفى فيهاء وتؤخذ الأهبة له فيهاء ويحرم به فيها؛ ولكن قال أبو حنيفة ومالك والشافعى: يصح الإحرام بالحج قبلها؛ وذلك رأى جمع من التابعين؛ ورأى الشافعى تابعًا لبعض الصحابة والتابعين أن الإحرام بالحج لا يكون إلا فى أشهره.ء كما أن نية الصيام لا تكون إلا فى رمضانء وكما أن نية الصلاة لا تكون إلا وقت أدائها؛ وإن ذلك هو ما يشير إليه قوله تعالى #فمن فرض فيهن الحج4 إذ جعلهن وعاء الفرض وظرفه. ومعنى فرض الحج فيهن الإحرام به؛ فإذا أحرم بالحج نزه نفسه ولسانه عن كل قول يؤدى إلى نزاع؛ ولذا قال سبحانه: قلا رقت ولا فسوق ولا جدال*. وقد فسر بعض العلماء الرفث بما يكون بين الرجل والمرأة؛ والفسوق بالخروج عن ا تفسير سورة البقرة ا مل جه بلجب بي محظورات الحجء كليبس المخيط والحلق من غير رخصته. والصيد» وغير ذلك مما حظر الله سبحانه. والجدال هو المماراة. وقد فسر بعض العلماء الرفث بأنه النطق بالفحش مما يكون بين الرجل والمرأة وغيره؛ والفسوق بالسياب؛ أن النبى كلد قال: «سيباب المسلم فسوق» وفتاله كفر»(١2.‏ والجدال: المماراة والمنازعة . وعندى أن مرمى القول الكريم هو النهى عن كل قول يجعل اللسان غير نزه» وكل قول يؤدى إلى النزاع » والحدال يؤدى إلى الخصام ؛ لأنهم اجتمعوا على مائدة الرحمن الروحية ليتعارفواء وليتلاقواء وليقوى اتحادهم» ويعتزوا بعزة الله» فيجب اجتناب كل ما يؤدى إلى النزاع والخصام . «إوما تفعلوا من خير يعلمه الله وإذا كنتم قد تنزهتم فى حجكم عن كل شر فاعلموا أنكم اجتمعتم لعمل الخير» فتنافسوا فيه» وتبادلوا النفع» وليتعرف الشرقى كيد الكائدين؛ فإن الحج الذى يزكى نفوسكم لا يشمر ثمرته» ولا ينتهى إلى غايته؛ إلا إذا اعتبرتموه المؤتمر الأكبر لدولتكم» والمجتمع الأعظم لممثلى أمتكم؛ وإن الوادى المقكدس هو ناديكم الذى اجتمعتم فيه؛ واعلموا أن خيركم محسوب لكم #وما تفعلوا من خير يعلمه اللّه» سبحانه» فيعرف المحسن والمسىء» وحسب المحسن فضلا أن يعرف الله فضله» وأن يكون عنده من الأخيار الأبرار» وأن يكون عمله مقدوراً من ربه» مذكوراً عنده؛ ثم إنه يجازى الإحسان إحساناء وما عنده خير وأبقى. #وتَروَدوا فَإِنّ خَيرَ الزّاد التّقوئ وانّقون يا أولي الألباب4 التزود هنا معنوى نفسى» لا مادى مالى؛ فالتزود: الإكثار من التقوى» وتهذيب النفس» وإشعار المؤمن بمودة المؤمن» وتوثيق العلاقة به» والتحاب على مائدة الرحمن» وتحت سلطان الديان. والدليل على أن الزاد معنوى لا مادى قوله سبحانه من يعد معللا )١(‏ متفق عليه؛ رواه - عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه - البخارى: الإيمان - خوف المؤمن من أن 5 ا تفسيرسورة البقرة لطلبه» مثبنًا الحكمة من أمره: 9فإِنَ خير الزاد التَقوئ» ففى الكلام استعارة» وهو تشبيه التقوى والمودة والمحبة والإخلاص الذى يملا قلب الحاج بالزاد المادى؛ لأن الأول غذاء القلوب» كما أن هذا غذاء الأجسام. ولقد قال بعض العلماء إن التزود مادى؛ وهو نهى للحجاج الذين لا يتزودون فى حجهم ويتكففون الناس» وقد كان يفعل ذلك أهل اليمن فنهوا عنه. ولكن المعنى الواضح من الآية هو الآول؛ ولذلك أردفت الآية بالأمر بالتقوى أمرا عاما فقال سبحانه: #واتّقون يا أولي الألباب» أى اتخذوا من عمل الخير واجتناب الشرء والقيام بالطاعات والامتناع عن المنهيات وقاية من غضبى» وخص ذوى الألباب بالنداء» وهم ذوو العقول المدركة الواعية للإشارة إلى أن من لا يتقى الله ليس عنده لب يدرك» ولا قلب يعى» ولا إرادة تعمل على مقتضى العقل والحكمة. إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار» والله سبحانه وتعالى هو العليم الخبير. عرقت اذكو اين الف عر حرا ردك اهس وإ طش رين نو لَمِنَألضالِينَ 52 ثم أَفِيصُوأْمِنْحَيّتٌ أقَاصٌ آلكتاش تاشتطيا ارت اناغث يه 2 فَإِدَافَضيِسُ م مَسَسكَكْ أذ لد و2 4 ءابا كحم أوَأَسَدَّ كدر كرا فمرَت سك السام س من 0 تفسير سورة البقرة 00 جطو لا حرهة و أ يجي أو 5-5 تصدث ة مَأ كس لله سرد ساب مم رصت روأ مد للهى- نأك ئت واس فمسلق 0 سرصم فيك صم سئظد 0 عَلَيَهلِمِ انق م ريو م همهم َهواَعَلَموَأ نع إلِنِهِ سرون :2 ريو هذه الآيات الكريمات فى ذكر بقية مناسك الحج؛ وقد ابتدأت الآيات السابقة؛ فذكرت ابتداءه» وأشارت إلى انتهائه» وكيف يكون الانتهاءء وفى هذه الآية بيان أو بالأحرى إشارة إلى ركن الحج الركين الذى يفوت الحج بفواته.» وهو الوقوف بعرفات. فهذه الآيات وما سبقها فى موضوع واحد. وقد انتهت ت الآية السابقة بآن الحاج عليه أن يتزود من المعانى الروحية؛ لأنها لب الحج ومعناه وغايته ومرماه: #فَإِن خير الزاد التقوى» . وقد ابتدثت هذه الآيات ببيان أن التزود الروحى لا يتنافى مع بعض الأغراض المادية» إذا توافرت التقوى» وتسامت النفس وعلت قوة الروح» فإن المادة فى هذه الحال تكون مطية الروح» وفى خدمة المبادئ الفاضلة؛ فليست التقوى فى الإسلام هى التجرد النفسى» والانخلاع من دواعى الجسم أو تعذيب الجسم لتطهير الروح؛ إنما التقوى فى الإسلام تقوية الروح لتسيطر على الجسم» وتقوية الجسم ليؤدى مقاصد الروح» ويصل إلى غاياتها ومراميها؛ ولذلك أردفت الآية الداعية إلى طلب الزاد الروحى من التقوى بالآية التى تنفى الإثم عن مطالب الجسدء ما دامت خاضعة لقوة الإرادة والعقل؛ لآن المادة إل تفسيرسورة البقرة الل الملل ومقتضياتها من ملاذ ومتع ليست محرمة فى الإسلام» بل هى محللة على أن تكون أمة للعقل والروح والإرادة الحازمة الفاضلة لا أن تكون سيدا حاكما مسيراًء أو أن تكون الغاية والقصدء فتلك هى الحيوانية . «ليس عليكم جتاح أن تبتَغوا فضلا من ربكم4 الجناح هنا الإثم؛ وأصله من جنح إذا مال؛ يقال جنحت السفينة إذا مالت؛ وقال تعالى: وإن جتحوا للسّلم فاجنح لها وتوكل على الله ... 27 4 [الأنفال]. ولما كان الإثم ميلا متطرفا نحو الباطل صارت كلمة الجناح تطلق على الإثم لما فيه من معنى الانحراف المائل عن الحق. والابتغاء: الطلب الشديد: والفضل أصل معناه الزيادة وهى تكون فى الخير وفى الشر؛ ولكن يعبر عن الزيادة القبيحة بأنها فضول» وعن الزيادة فى الخير بأنها فضل؛ فزيادة العالم على الجاهل فضل» وزيادة المصلح على المفسد فضل؛ وزيادة الأعمال والمقاصد الخيرة على غيرها فضيلة . وتطلق كلمة فضل ويراد بها المال الحلال من التجارة التى لوحظت فيها الفضيلة ؛ ولقد جاء ذلك فى القرآن الكريم فى مثل قوله تعالى : « فإذا قُضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فصل الله وَاذكروا الله كثيرأ لعَلّكُم تفلحون 7# 4 [الجمعة]ء وقد تطابقت كلمة المفسرين على أن الفضل فى هذه الآية الكريمة هو المال الخلال المكتسب من التجارة أو غيرها؛ لأنه جاء فى السنة النبوية التصريح بذلك؛ فقد كان الناس يتأئمون من الاتجار فى عشر ذى الحجة الاولى” ؛ لأنهم يحسبون أن تلك الأيام تكون للعبادة خالصة لا يخالطها أى أمر من أمور الدنيا؛ وكانوا يسمون من يتجر فى هذه الآيام الداج لا الحاج؛ الأنهم أعوان الحجيج فى غايتهم الروحيةء فنزل قوله تعالى: #ليس عليكم جتاح أن بتَغوا فضلاً من )١(‏ عن ابن عباس رَضى اللّهِ عَنْهُمًا قَالَ: كَانَتْ عكَاظ وَمَجَةُ وو الْمَجَاز أسوَاًا فى الْجَاهِليّة كلما كَانّ الإسلام كانم تنما فيه متت لبس عَليكُمْ جاح نا ينوا فصلا من رَيَكُمْ فى مواسم الحج4. قَرها ابن عباس . [(صحيح البخارى : كتاب اليبي و1199 وقراءة ابن عبّاس (فى موأ سم الْحج» مَعْدُودَة من الشناذً اذى صح إستادة وهو حَجة ولَيْسَ بقرآن . قاله الحافظ ابن حجر فى الفتح . بها تفسير سورة البقرة ااال اللا تالالا الئل خطالا مالك طاتا ااا الال الالالال لل ااال للخل الالال الالالال لالط ط لط لم لخن ناتللا مه زا ربكم 4 ولقد روى أن رجلا سأل ابن عمر فقال: إنا قوم نكرى» أى نستأجرء فهل لنا من حج؟ فقال: جاء رجل إلى النبى كَل فسأله عن الذى سألتنى عنه فلم يدر ما يقول حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية: لس عَليْكُمْ جنَاحٌ أن تبَعُوا فَضلا من م974 . والمعنى على هذا: ليس عليكم إثم أن تبتغوا رزقا حلالا فى أيام الحج» على أن تكونوا فى طلبكم وأخذكم بالأسباب معتمدين على الله الخالق المنعم الذى رباكم» وأنشأكم وتماكم ؛ فإضافة الرزق إلى الله ليس معناه أن نطلبه بالدعاء والتفويضء» بل معناه أن نأخذ فى الأسباب ونسعى» ثم نفوض أمور المقادير إلى مدبر الكون العليم الخبير. وإباحة طلب المال فى الحج لايقتصر على الاتجار الآحادى» أو طلب المال من الآحاد فقطء بل يشمل العمل على التبادل الجماعى» ونمو الاقتصاد بين الأقاليم الإسلامية؛ فأهل الخبرة بشئون المال من الحجاج يتصل بعضهم ببعض من الأقاليم المختلفة» ويعرف أهل كل إقليم ما عند الآخرين من فاضل الرزق الذى تخرجه أرض الله وما ينقصهم من أسباب ال حياة» ويتبادلون الفائفض» ويسدون النقص وهو مايسمى فى لغة العصر الحاضر التبادل التجارى؛ فيعم الخير» ولايكون إقليم من الأقاليم الإسلامية فى نقص من الموارد» وآخر فى الكثير منها . وهذه تكون إحدى منافع الحج المادية التى اشتمل عليها قوله تعالى: « ليشهدوا منافع لهم .. . 27 4 [الحج] . ولقد قال بعض العلماء: إن الاتجار وطلب المال هو من قبيل الرخصة؛ لأن الله لم يطلبه بل نفى الإثم؛ فقد قال: #ليس عليكم جتاح» ونفى الإثم يشير إلى أنه )١(‏ عن أبى أُمَامَةَ التَيْمِىّ قَالَ: قلت لابن عْمَر إن نُكْرى مهل لنَا من حج" قال ليس تَطُوفُونَ بالبيت وتَأثُون ترف - لى عرفة - ترود الجمار لفو رُوسكم؟ قالَ: : قَلْنَا بَلَى . قال ابن عمَر: جَاء رَجل إِلَى البى يي فَسَألهُ عن الذى سألتتى فَلَم جد حتَى يرل عليه جبريل - علي السّلام - هده الآية (ليس عَليِكُمْ جَنَاحْ أن تَبتَدُوا فصلا من ربَكُم) فَدَعَاه الى يل فَقَالَ: نتم حجَاج». أخرجه بهذا اللفظ أحمد: مسند المكثرين 2)51١51(‏ وبنحوه أبو داود: المناسك - الكرى 27/9 .])١‏ 2 ## تفسيرسورة البقرة لل ل ممالل عفوء لا مباح» أى أن الأولى تركهء ونحن نخالف أصحاب هذا الرأى لأن الرخصة تقتضى أن تكون هناك عزيمة مانعة من الكسبء ولم يقم دليل على منع الكسب» فيبقى على الإباحة الأصلية» وجاءت الآية الكريمة مؤكدة لهذه الإباحة بنفى الإثمء ولأن النبى يك خخَطّا الذين يتوهمون أن الاتجار مانع من الحج؛ ولا يكون الفعل من قبيل العفو إلا إذا كان موضوعه غير مباح» ولكنه لأحوال خاصة نفى الإثم نحو كل لهو باطل إلا لعب الرجل بقوسه. . إلخ. وطلب الال الحلال أمر مباح بإطلاق؛ ولقد قال رجل لعمر رضى الله عنه: يا أمير المؤمنين كنتم تتجرون فى الحج فقال رضى الله عنه: وهل كانت معايشهم إلا فى الحج؟! وفوق ذلك أن المعنى العام الذى يهيئ له الحج وهو التبادل التجارى بين المسلمين أجمعين» بأن يقدم كل إقليم فائض ما عنده لأهل الإقليم الذى ينقصه؛ هو أمر مطلوب يقوى الوحدة الإسلامية» وهو إحدى منافع الحج المذكورة فى قوله: ١‏ ليشهدوا منافع لهم ... +27 4 [الحج] كما نوهنا؛ فما نفى عنه الإثم هنا ذكر فائدة هناك» فكان مشروعا على سسيل الإباحة من الآحاد؛ وأحسب أنه مطلوب على سبيل الوجوب من الجماعات الإسلامية» فهو من قبيل المباح بالجزء المطلوب بالكل» أى أنه مباح للآحاد أن يتجروا فى الحج» وواجب على جماعة كل إقليم وأهل الخبرة منهم أن يقيموا أسباب التبادل التجارى» فالحج فرصته المهيأة لهم» ولا فرصة سواه» أو تبلغ درجته. لفَإِذا أفضتم من عرقات فَاذكروا الله عند الْمشعر الحرام» الفاء هنا لتفصيل بعض ما أجمل من قبل فى قوله تعالى: «فَمن فرض فيهن الحج ... 37 4 [البقرة] إلخ. والإفاضة السير متدافعين فى جمع متزاحمين» وذلك تشبيه لهم بالماء إذا أفاض ودفع بعضه بعضا فانتتشر وسال من حافتى الوادى أو الإناء. وعرفات هو الجبل المعروف الذى اتفق الفقهاء على أن الوقوف عنده هو ركن الحج الأكبر حتى لقد قال عليه السلام» كما ذكرنا من قبل: «الحج عرفة» وسمى اليوم التاسع يوم عرفة؛ لأنه اليوم الذى يقف فيه الحجيج فى ذلك الجبل الذى شرفه الله ذلك التشريف» وقد اختلف فى السبب فى تسميته عرفات مع اتفاقهم على أنه اسم مرتجل لا منقول؛ فقال بعضهم: لأن إبراهيم عليه السلام عرفه بمجرد أن وصف له. تفسير سورة البقرة ش 5 وقيل لأن إبراهيم عليه السلام علمه جبريل فيه مناسك الحج. فكان يقول: عرفت» عرفت. وقيل لأن آدم وحواء تعارفا فيه. وقيل لأن عرفات من عرف بمعنى طيبه الله جاء فى الزمخشرى: قيل لأن الناس يتعارفون فيها. وهذا ما أختاره» وإن كانت الأسماء لا تعلل؛ ذلك لأن عرفات يجتمع الناس جميعًا عليه فى وقت واحدء فيجرى التعارف بينهم» وليست هذه الخاصة فى غيره من المناسك» فغيره يؤدى أفرادًا أو جماعة, أما هذا فيؤدى فى جماعة زاخرة» هى جماعة الحجاج أجمعين. والمشعر الحرام : هو المزدلفة؛ وسمى كذلك؛ لأنه من معالم الحج التى لا يصح أن يعمل فيها إلا ما ورد به النص» وهو منسك له حرمة وتقديس» وقد سمى المزدلفة؛ لأن الحجيج يزدلفون إليه من عرفات» كما سمى جمعا؛ لأنهم يجتمعون فيه» ولأنهم يجمعون فيه بين صلاتى المغرب والعشاء جمع تأخير» كما يجمعون بين صلاتى الظهر والعصر جمع تقديم فى عرفات. وووقفت الوقوف بعرفات عند الجمهور”'' من بعد زوال اليوم التاسع إلى فجر اليوم العاشر؛ والوقوف بمزدلفة بعد فجر اليوم العاشر. وقد روى المسور بن مخرمة أن رسول الله يَكَلِيْهِ خطب الناس فقال: «أما بعد فإن هذا اليوم الحج الأكبرء ألا وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون فى هذا اليوم قبل أن ندفع قبل أن تطلع الشمس مخالفًا هدينا هدى أهل الشرك»!'' ويبين ذلك عمل النبى )١(‏ قال المصنف ‏ رحمه الله -: اتفق الفقهاء على أن الوقت من الزوال إلى الفجر وقت للوقوف» واتفقوا على أن من وقف قبل الغروب وبعده فقط صح حجه إذا استوفى ركنه. واختلفوا فى أمرين فيما إذا وقف بعد الزوال وافترق قبل الغروب؛ فقد قال الجمهور يصح؛ وقال مالك فى المشهور لا يصح حتى يكون الغروب ليفترق عن فعل المشركين» كما نص الحديث ؛ واختلفوا إذا وقف بالزوال؛ فقال الجمهور لا يصح. وقال أحمد يجوز لما روى أن النبى يلكي قال: من شهد صلاتنا هذه فوقف معنا حتى ندفع ووقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفئه» والسؤال والنبى يلي بالمزدلفة . (؟) عن المسور بن مخرمة قال: خطبنا رسول الله يكل بعرفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أمَا بعد َإِنَ أهل الشرك والأوثان كانوا يدمّعون من هاهنا عنْدَ غُروب الشّمْس حين تكونٌ الشّمْس على ركوس الْجبال مثْلّ عَمَائمٍ الرجال على رءوسهاء فَهَدَينا مُخالف لهديهم» وكانوا يَدقَمُونَ من الْمَشْعرٍ الحرام عند طُلوع - تفسيرسورة البقرة اللو لل لكلل كك؛ فقد كان يدفع من عرفات بعد الغروب ويدفع من المزدلفة قبل الشروق» بينما المشركون كانوا يدفعون من عرفات قبل أن تغيب الشمسء» ومن المزدلفة بعد أن تطلع. والوقوف بالمزدلفة ليس شأنه فى الحج شأن الوقوف بعرفات» فجمهور الفقهاء على أن من تركها لا يفوته الح(" . وعرفات لها امتدادات أربعة؛ فهى تمتد فى أولها: إلى طريق المشرق» وثانيها: يمتد إلى حافة الجبل الذى وراءهاء وثالئها: إلى البساتين التى تلى قرنيها على يسار مستقبل الكعبة» والرابع: وادى عرنة» وليس منها؛ ولذا لا يصح الوقوف فيه. والمزدلفة تمتد من عرفات إلى وادى محسرء وليس منهاء بل هو فى أصله مسيل ماء» وقد استوت أرضه الآن92 . وإن الآية الكريمة تشير إلى ذلك العمل الإجماعى الذى يقوم به الحجيج» وقد وقفوا فى عرفات تهز أعطافهم» وتنير قلوبهم ابتهاللاات جموعهم الضارعة» وتلبيتهم نداء الله الجامع» وتعلو الأرواح» وتسمو عن منازل الآشباح» تنادى الألسنة رب العالمين» وتناجى القلوب علام الغيوب؛ حتى إذا قضوا الساعات فى تلك المشاهد الربانية» وتلك المدارك الروحية؛ أفاضوا مسرعين إلى المشعر الحرام؛ سائرين حيث سار محمد النبى الكريم؛ ومن قبله أبو الأنبياء إبراهيم» وقد طولبوا بالذكر الحكيم» بأن يذكروا الله وهم فى المشعر الحرام بالقلوب المبتهلة الخاشعة» - الشمس على رءوس الجبال مل عَمائم اّجال على روسها فيا مخالف لهيِم؛. رواء الحاكم فى المستدرك ج؟ صغ 7١‏ (7”1517) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه بنحوه البيهقى: شعب الإيمان (4019) ومجمع الزوائد (4005) والطبرانى فى الكبيرء ومسند الشافعى 855 1). )١(‏ قال المصنف ‏ رحمه الله -: أقوال الفقهاء فى الوقوف بالمزدلفة ثلائة أولها: أنه فرض وركن كالوقوف بعرفات» وعلى هذا الرأى بعض التابعين» وبعض الشافعية؛ وقال آخرون: إنه واجب وليس بركن بحيث من فاته وجب عليه دم» ولا يبطل حجهء وعلى هذا الحنفية والشافعية؛ وقال آخرون: إن الوقوف بالمزدلفة سنة مؤكدةء وعلى هذا أكثر المالكية. (5) راجع تفسير الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده الذى نقله عن درسه الشيخ رشيد رضتا. ل 0 تفسير سورة البقرة 0 وبالألسنة الجاهرة التى تقرع أجواز الفضاء بذكر الله العلى العليم (الله أكبر الله أكبرء الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبرء الله أكبر ولله الحمد) . #واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قَبْله لمن الضالين» الخطاب فى هذه الخملة الكريمة» إما أن نجعله خطابا خاصا بالذين صاحبوا النبى كك إذ أنجاهم ربهم من . ضلال الوثنية ورجسها إلى نور الوحدانية وسموهاء ويكون المعنى اذكروا الله وقوموا له بحق العبودية» واملئوا قلوبكم وألسنتكم وأعمالكم بذكره دائماء واجعلوه مقترنا بكل ما يكون منكم فى وجودكم الإنسانى؛ فقلوبكم لايملؤها سواهء وألسنتكم لا , تضرع لغير الله» وأعمالكم لا يقصد بها إلا وجه الله؛ فإن ذلك ثمن الهداية» وأجر التوفيق؛ ولذا قال: #واذكروة كما هداكم» أى فى مقابل هدايتكم؛ فالكاف التى تفيد فى أصل معناها التشبيه تقتضى أن يكون المعنى اجعلوا الذكر لله مشابها ومساويا للهداية الربانية التى فاض نورها عليكم» وإنكم لتعلمون ذلك الفضل السابغ» وإشراق الهداية إن تذكرتم ما كنتم عليه من قبل ذلك النور الذى قذف الله به فى قلوبكم؛ ولذا ذكر حالهم «وإن كنم من قَبْله لمن الضالِينَ4 إن هنا هى المخففة من الثقيلة؛ أى إن حالكم أنكم كنتم من قبل هدايته من زمرة الضالين وجماعتهم» فاعرفوا ماضيكم من حاضر أولئك الذين ما زالوا على ضلالهم ووازنوا بين حالكم وحالهم؛ فإن تلك الموازنة تريكم نعمة ربكم عليكم» وتريكم حالكم كما كنتم من قبل؛ ولذا عبر عن حالهم الماضية بالوصف إذ قال: #وإن كنم مَن قَبْلهِ لَمنَ الضالينَ» أى من هذه الزمرة الضالة التى ترون حالهاء ولم يقل إنكم ضللتم من قبل. وإذا كان الخطاب للصحابة الأولين فعلى غيرهم أن يعرف فضل الهداية» وإن لم يسبقها ضلال» فليذكر الله إذ وفقه من أول الأمرء وكان فى الإمكان أن يكون من الضالين. وإن جعلنا الخطاب فى الآية لجماعة المسلمين عامة الماضين واللاحقين الذين توارثوا الهداية الإسلامية ولم يسبق إليهم شركء ولم يكونوا من أهل الوثنية» يكون الذكر لأن الله جنبهم إياهاء فباعد عنهم أسبابها؛ فإن معنى الهداية هو إنقاذ 0 تفسير سورة البقرة 20 نفوسهم من وساوس الشيطان؛ فإن له على كل قلب لمة؛ فإن أصابت من كتب الله عليه الضلال انحدر فيه» وإن أصابت من كتب الله عليه الهداية تذكر الله وعظمته» فساق الله إليه هدايته؛ ويكون المعنى اذكروا الله سبحانه وتعالى ذكرا مساويا لهدايتكم مشابها لهاء وبقدرهاء وإنكم لولا هذه الهداية كنتم من الحائرين» ولولا نور الحق لبقيتم فى حيرتكم أو لسرتم فى مخارف الشيطان. ثم أفيضوا من حيّْث أَقَاض النّاس» بعد أن أشار سبحانه إلى الوقوف بعرفة والإفاضة إلى المزدلفة» وذكر الله فيهماء بين طريق الإفاضة فقال هذه الجملة الكريمة» واستعمال «ثم» لبيان الترتيب والتراخى البيانى أو المعنوى؛ ففى الأول ذكر مطلق الإفاضة» ثم ذكر طريق الإفاضة وكيف تكونء كمن يقول أحسن إلى الناس ثم لا تحسن إلى غير كريم؛ لبيان التفاوت بين مطلق الإحسان وتخصيص الكريم بالإحسان؛ وكذلك هنا كان التعبير بثم لبيان التفاوت فى الفضل بين مطلق الإفاضة» والإفاضة مع الناس وفى جمعهم الزاخر المتدافع ليشعر كل مسلم بأنه فى منزلة واحدة مع غيره من المؤمنين» فيستوى السوقة والأميرء والكبير والصغيرء والغنى والفقير والحاكم والمحكوم؛ فتصقل هذه الزحمة القدسية قلوب المؤمنين» وتشعرهم بالمساواة أجمعين . فهذه الجملة عامة فى خطابها تشمل الحجاج أجمعين إلى يوم الدين؛ فهم جميعا مطالبون بأن يفيضوا مع الناس» ومن حيث يسيرون» لايختص أحد بطريق» ولا يمنع لأحد طريق ولا يكون لفريق مسلكء وللناس مسلكء ولا يمنع الناس حتى يمر بعض الناس؛ بل الجميع فى المرتفع والمهبط» والسير والموقف سواءء لأنهم فى ساحات رب العالمين الذى يعطى من يشاء ويمنع من يشاء. ولقد قال بعض مفسرى السلف: إن الخطاب فى هذه الجملة خاص بقريش وحلفائها؛ لأنهم فى الجاهلية كانوا يسمون أنفسهم الحمس يقفون بلمزدلفة» ولا يقفون مع سائر الناس: بعرفة» فأمرهم الله سبحانه بأن يقفوا كما يقف كل الناس» ويفيضوا كما يفيض كل الناس . ا تفسير سورة البقرة لاا 0 مي ههه + ىي وعندى أن الخطاب عام. ويدخل فيه النهى عن هذه الخال التى كانت من قريش ؛ ؛ ومرمى الآية فى معناها العام أو الخاص هو التسوية المطلقة ب بين الناس فى تلك البقعة المباركة وفى ذلك المنسك المعظم . #واستغفروا الله إن اللَّهَ عفُورٌ رُحيم» ختم سبحانه الآية الكريمة التى تشتمل على آخسر منسك من مناسك الحج» إذ يكون بعده التحلل» وإن بقسيت بعض العبادات اللأخرى. بالأمر بالاستغفار وهو طلب المغفرة من الله القدير؛ وطلب المغفرة فور العبادة أمر توحى به النفس المؤمنة البرة؛ وذلك لأن العبادة تطهر قلب العابد» وتزيل أدرانه» فتجعله يحس بما كان منه قبلها؛ فيضرع إلى المولى أن يستره بستره» ويصفح عنه بعفوه؛ ولآن المؤمن الخالص الإيمان كلما أرهفت مشاعره وقويت روحهء أحس بأنه مقصر أمام المنعم» لايصل إلى الوفاء بحقه؛ فيلجأ إلى الاستغفار عن التقصير؛ ولأن الاستغفار نفسه عبادة» وهو أبر الطاعات؛ ولذا يقول بعض الصوفية: رب معصية أورثت ذلا وانكساراء» خير من طاعة أورثت دلا واستكباراً . والاستغفار ثمرة الحج. لأنه التطهير النهائى للنفس» فيعود الحاج الذى لم يفسق ولم يرفث كيوم ولدته أمه.» ولقد ذيل سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله: إن الله غفور رحيم» أى أن الله سبحانه وتعالى كثير المغفرة» وأن الغفران وصف له سبحانه فى معاملته لعباده؛ والسبب فى ذلك أنه رحيم بالناس؛ ومن الرحمة بهم أن يغفر للمذنب؛ ليعطيه فرصة النجاة من ماضيه واطراح مآثمه» واستقبال حياة جديدة نزهة 0 بالطهر وينتفع منه الناس؛ وذلك رحمة به وبالناس؛ فالمجتمع يستفيد من كثرة أ لتائبين» ولا يستفيد من كثرة اليائسين من رحمة الله» إذ يستمرون فى غيهم يأسا من غفران ربهم ؛ ؟ ولذا قال سبحانه: قل يا عبادي اين أسرفوا على أنفسهم لا تَََطُوا من رَحْمَة الله إن الله يعفر الذنُوب جَميعا إِنَّهُ هو الور الرحيم 227 4 [الرمر]. لقَإِذَا قضيتم مناسككم فَاذْكرُوا الله كذكركم آباءكم أو أَشَدّ ذكْر)4 المناسك: جمع منسك وهو العبادة؛ أى إذا أديتم عباداتكم التى بينها النبى كَِلِلْةّ على وجههاء 8 © تفسير سورة البقرة وكما شرعها ربكم؛ فاملثوا قلوبكم بثمرتهاء وهى ذكر الله دائما وعمران القلوب به» فهو غاية العبادة ومرماها؛ وذكر الله دائما فى كل الأعمال والأقوال هو الذى ينهى عن الفحشاء والمنكر؛ فإن المرء إذا عمر قلبه بذكر ربه آناء الليل وأطراف النهار - ما أقدم على معصية» وما آذى مخلوقاء وما أفسد مجتمعاء وما ظلم وما بغى؛ ولذلك قال سبحانه: «إِنّ الصّلاة تنهئ عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. .. 0# 4 [العدكبوت] . ولذلك طالب سبحانه الحجاج بأن يذكروا الله كذكرهم آباءهم. فإن المرء لا ينسى أباه» وإذا كان لا ينسى أباه لأنه كان السبيل الذى وصل به إلى هذا الوجودء فليذكر خالق أبيه وخالقه وخالق كل من فى هذا الوجود. وإن ذكر الله سبحانه يقتضى أن يغضب المؤمن لعصيان الله فى الأرض؛ لأن ذلك اعتداء على محارم الله؛ ومن اعتدى على محارم الآباء قوتل فمن اعتدى على محارم خالق الآباء أولى أن يقاتل ويحارب؛ وقد سثئل ابن عباس عن قوله تعالى: «فاذكروا الله كذكركم آباءكم» فقيل له: قد يأتى على الرجل اليوم ولا يذكر أباه فقال ابن عباس: ليس كذلكء» ولكن أن تغضب لله إذا عصى أشد من غضبك لوالديك إذا شتماء ففسر ابن عباس رضى الله عنه الآية بلازمها ونتيجتها وغايتها؛ إذ إن نتيجة ذكر الله دائما الغضب عندما تنتهك محارم الله سبحانه وتعالى» وإن الله طالب بأن نذكره كذكر آبائنا أو أشد ذكرً أى اذكروه سبحانه كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا من آبائكم؛ و«أو) فى معنى الإضراب والترقى» أى أنه يطالبهم سبحانه بأن يذكروه كما يذكرون أباءهم» ثم يترقى فى معانى التقرب منهء فيطالبهم بأن يكونوا أشد ذكرا! له من آبائهم؛ وكأن لطالب الهداية درجتسين: أولاهماء أن يكون ذكره لله كذكره الآباء» فيغضب لمحارمه كما يغضب لشتم أبويه» ثم تترقى حاله فى مراتب التهذيب الروحى والنفسى» فيكون أشد ذكراً لله فيغضب لمحارمه أكثر ثما يغضب لشتم الآباء. وفى الآية فوق هذه المعانى السامية تعريض بما كان يفعله أهل الجاهلية من قيامهم بعد يوم النحر فى الأسواق يتفاخرون بالأنساب والآباء؛ كما تروى كتب #9 تفسير سورة البقرة ش 9 الأدب عما كان يجرى من المسابقات الشعرية فى الفخر والغزل فى سوق عكاظ. ولقد استبدل النبى كك بهذه المفاخرة خطبة استعرض فيها أمر الإسلام وذكر بعض أحكامه ليقتدى من بعده الأمراء فقد روى الإمام أحمد من حديث أبى نضرة قال: حدثنى من سمع خخطبة النبى كَكِلهِ فى وسط أيام التشريق» فقال: «يأيها الناس» ألا إن ربكم واحد. وإن أباكم واحد. ألا لافضل لعربى على عجمى, ولا لعجمى على عربى, ولا لأحمر على أسود. ولا لأسود على أحمر إلا بالتقفوى. أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله »7 . «إقمن الئاس من يقول ربَنا آتنا في الدنيًا وما له في الآخرة من حَلاق» بعد أن بين سبحانه وتعالى ما يجب على الناس أن يذكروه عقب القيام بمناسك الحج» وهو أن يذكروه هو وحده؛ وينسوا أهواءهم وشهواتهم ويغضبوالمحارم ربهم» بين ما يقع من الناس؛ فذكر أنهم طائفتان: طائفة تذكر الدنياء ولا يدعون الله بعد مناسك الحج إلا بما يشبع رغباتهم وأهواءهم» ولا يذكرون الآخرة» كأن العبادة فى نظرهم ليست إلا ذريعة لطلب الشهوات أو الرغبات» أو مصالحهم الشخصية فى الدنيا؛ وفريق يذكر الدنيا والآخرة؛ وقد ذكر الفريق الأول بقوله: «قمن النّاس من يقول رين آتنًا في الدنيًا4 الفاء هنا للإفصاحء أى إذا كان ذلك أمر الله فالناس ليسوا جميعا سواء فى طاعته» فمنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنياء وقد حذف المفعول للفعل آثنا للدلالة على تعميم المطلوب. فهم يطلبون كل ما يمكن أن يصل إليهم؛ ومن طلب الدنيا لا يفرق بين هوى يرديهء وصالح يقيمه؛ ومعنى وما له في الآخرة من حَلاق» أى لا نصيب لهم. وخلاصة المعنى: أن هؤلاء يلجأون إلى ربهم لينيلهم حظهم من الدنياء راغبين فى كل ما فيها لأنها همهم. ولا شىء سواها فى نفوسهمء ولاغاية عندهم غيرهاء وليس لهم أى نصيب فى الآخرة. )١(‏ رواه أحمد: باقى مسند الأنصار - حديث رجل من أصحاب النبى يله .)5١794١(‏ وأبو نضرة هو المنذر ابن مالك بن قطعة» من الطبقة الوسطى من التابعين. إل تفسيرسورة البقسرة ممالل الل ااال ماللا #ومنهم من يقول رَبّنَا آننا في الدانيا حسنَة وفي الآخرة حَسنَة وقنا عَذَاب الثارِ» هذا هو الفريق الثانى؛ ليس همه الدنيا وليست مطالبه مقصورة عليها؛ بل مطالبه ثلاثة : أولها: حسنة فى الدنيا» أى حال حسنة فى الدنياء فلا يذل للئيم» ولا يرام بضيم » ولا تكرثه كوارث الحياة» ولا يبتلى فى دينه ومروءته وخلقهء ولا يسلط عليه حاكم ظالم أو متسلط غاشم؛ وهكذا يعيش آمنا فى سربه عنده قوت يومه» ينفع الناس ويصل رحمه؛ فكل ما يؤدى إلى الاطمئنان والبعد عن الحرام فهو حال حسنة فى الدنيا. والمطلب الثانى: حسنة فى الآخرة» أى حال حسنة فى الآخرة» بأن يكون من المرضى عنهم من رب العالمين» فلا تلحقه آثام من آثام الدنيا. والمطالبة بالحال الحسنة فى الآخرة هى مطالبة بأن يجنبه السيئات فى الدنياء» ويوفقه للطاعات فيها؛ لأن حال الآخرة مبنية على حال الدنياء فإن كان قائما بالطاعات نافعا للناس فيها غير ظالم ولا متكبرء لا يعيث فى الأرض فساداء فحاله فى الآخرة حسنة؛ وإن انهوى فى الشر وركبته الآثام فى الدنياء وأحاطت به خطيئته» فليست حاله فى الآخرة حسنة . والمطلب الثالث: أن يقيه عذاب النار؛ وقد ذكر ذلك مطلبا قائما بذاته مع أنه داخل فى حسنة الآخرة؛ إذ إن حسنة الآخرة تقتضى ألا يكون فى النار؛ لأن المؤمن الخاشع الخاضع يغلّب الخوف على الرجاء؛ فكلما ازداد قربا من الله ازدادت خشيته ورهبته » وكلما أكثر من الطاعات استصغر ما صنع فى جانب ما أنعم عليه الكبير المتعال ؟؛ ولذلك كان الصديقون والنبيون أخوف لله من غيرهم لأنهم أقرب إليه» وأدنى منه» ومراتب الناس فى الخوف من العقاب هى كمراتبهم فى الطاعات لا كدركاتهم فى المعاصى؛ لأن أهل المعاصى فى لهو شاغل» أما أهل الطاعات فهم فى ذكر لله دائم» وقد وصف الله الطائعين بقوله: 8 الَّذِينَ إذَا ذكر الله وجلت قُلوبهم سس ص زر إذا ليت عليهم آيانهُ انهم انا وَعلَن بهم يَوكُنُونَ لج © [الأنفال] . ا تفسير سورة البقرة .. ال ك0 يم ١ الاك‎ - ولقد وصف القاسم بن عبد الرحمن ذلك القسم الذى يطلب حسنة الدنيا والآخرةء فقال: من أعطى قلبا شاكراء ولسانا ذاكرا» وجسدا صابراء فقد أوتى فى الدنيا حسنة» وفى الآخرة حسنة» ووقى عذاب النار. ولقد كان أكثر دعاء النبى يَكلهٌ «ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)(" . ولم يذكر قسم ثالث وهو الذى يطلب الآخرة فقطء ولا يطلب الدنيا؛ لأن الإسلام لا يرضى أن ينسى المسلم حظه من الدنيا ؛ ولأن من يطلب الآخرة يطلب الأعمال الحسنة فى الدنيا؛ لأنها قنطرة الآخرة» ولأن الإسلام لا يقر الانقطاع عن طيبات الدنيا لحظ الآخرة لأنه لا يرضى بتعذيب الجسم لتهذيب الروح كما يزعم الذين يسلكون ذلك المسلك . ولقد روى البخارى ومسلم أن النبى يَلِيهٌ عاد رجلا من المسلمين صار مثل الفرخء فقال له رسول الله َيِه : «هل تدعو الله بشىء أو تسأله إياه؟» قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبى به فى الآخرة فعجله لى في الدنيناء فقال رسول الله يَكِية: «سبحان الله!! لا تطيقه. أفلا قلت: ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»7" . «أولتك لهم نصيب مما كَسَبُوا واللّه سَرِيعْ الحسّاب4 فى هذا بيان لجزاء الذين يتجهون إلى ربهم داعين أن يوفقهم لما فيه حسنة فى الدنيا وحسنة فى الآخرة» ويقيهم عذاب النار. والإشارة للبعيد لبيان علو منزلتهم؛ وقد بين أن الجزاء هو نصيبهم ما كسبوه من عمل الخير والقيام بالحق الواجب عليهم» وفى هذا التعبير الذى يفيد أن النصيب مأخوذ مما كسبوه من أعمال إشارة إلى أمور ثلاثة: )١(‏ متفق عليه رواه البخارى: كتاب الدعوات )2541١(‏ ومسلم: الذكر والدعاء (5405) عن أنس بن مالك رضى الله عنه. (؟) رواه بهذا اللفظ مسلم: الذكر والدعاء (5451) وقال فى آخخره: فاعا الله له فشفاه. والترمذى: الدعوات (54069) وأحمد )١١701(‏ عن أنس بن مالك رضى الله عنه. أولها: إن هؤلاء الذين دعوا ربهم بالتوفيق لابد أن يقرن دعاؤهم بإرادة قوية عاملة متجهة إلى تحقيق ما يبغون وما يدعون الله سبحانه وتعالى فى التوفيق لهء وإن لم يكن عمل فالدعاء أمانى وأحلام» ولا يتحقق فيها القصد الكامل والضراعة الخاشعة لرب العالمين؛ لان الدعاء مخ العبادة؛ فإن كان صادقا فالإرادة تتجه نحوه. الأمر الثانى: الذى يشير إليه التعبير الكريم: أن الجزاء ليس على الدعاء» وإنما الجزاء على العمل» فيجب أن يعملوا؛ فليس الدعاء وحده بمستحق جزاء إن كان العمل ينافيه . الأمر الثالث: أن كسب العبد لعمل الخير يطوى فى ثناياه جزاءه» وكذلك كل عمل للإنسان جزاؤه مشتق من منهاجه» إن خيرا فخير وإن شرا فشر؛ فمن أسدى إلى الناس معروفاء فقد قدم بهذا الإسداء لنفسه؛ ومن أعان مكروباء فقد كسب الجزاء ساعة عمل. وكذلك من قتل نفساء فقد قتل نفسه إذ استحق ذلك الجزاء. ومن سرق فقد قطع يده؛ ومن زنى فقد رجم نفسهء وهكذا «كل امرئ بما كسب هين 202 4 [الطور] . وقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله الكريم «والله سريع الحساب» وسرعة حسابه سبحانه وتعالى كناية عن تحقيقه؛ وتحقق يوم القيامة وقربه» وعلمه سبحانه وتعالى بإحسان المحسن وإساءة المسىء؛ لأن تطويل الحساب يكون من جهل المحاسب» فيبطئ ليعرف؛ فإذا كان المحاسب هو العليم الحكيم الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء فإن حسابه يكون سريعا؛ إذ لا تخفى عليه سبحانه خافية . وفى هذا التذييل إشارة إلى عقاب الذين ليس لهم فى الآخرة من خلاق على ما يرتكبون من موبقات ما داموا قد جعلوا الدنيا كل همهم» وغاية أمرهم. ومقصد وجودهم. ' «واذكروا الله في أَيَامِ مَعْدودَات» هذا ذكر لله ماص فى أيام مذكورة بعد قضاء مناسك الحج؛ وقد أمر الله فى الآية السابقة بالذكر العام» وفى هذه الآية ذكر © تفسير سورة البقرة 5 خاصء والايام المعدودات التى يصحبها ذكر خاصء أيام التشريق الثلاثة» وقد نقل القرطبى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن عن أبى عمر بن عبد البر الإجماع على أن الأيام المعدودات فى الآية الكريمة هى أيام منى» أيام التشريق الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من ذى الحجة»ء وهى أيام أكل وشرب. وذكر الله الخاص فى هذه الأيام بالتتصدق على الفقراء من الذبائح التى ذبحوها فى يوم النحرء ورمى الجمار فيهاء بعد أن يكون الحجيج قد رموا جمرة العقبة فى يوم النحر؛ وفى رمى الجمار يكبر عند كل حصاة يرميها؛ وهذا بلا شك ذكر خاص. ورمى الجمار على ذلك الشكل فى أيام منى الثلاثئة عملى حسى مادى يقترن به عمل نفسى وجدانى» وهو إشعار القلب بعظمة رب العالمين» وتلك الحسركات الجسمية هى للدلالة على التعلق القلبى بالارض التى بارك الله فيهاء وبالتالى التعلق بمن شرفها بالانتساب إليه؛ فسماها حرمه المقدس. وبيته الآمن. وكون الحركات على هذا الشكل وبهذا الوضع ليس من الأمور التى تعلل؛ كما أن محاولة معرفة العلة فى كون الصلاة على هذا الشكل محاولة فى غير جداءء إنما هذا أمر توقيفى» قد ارتضاه رب العالمين على لسان النبى الكريم سبيل الزلفى إليه» وتوجه القلوب نحو ذاته العلية التى لا يحدها مكان. ولا يجرى عليها الزمان. وقد أشار النبى يَكِيْدِ إلى أن هذه الأيام هى أيام منى بما روى الدارقطنى والترمذى أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله يكل وهو بعرفة» فسألوهء فأمر مناديا فنادى: «الحج عرفة» فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدركء أيام منى ثلاثة فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه»"" . وإن هذه الأيام يحرم الصوم فيها عند جمهور الفقهاء؛ فقد روى أن النبى يك قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله»”" . نلق رواه الترمذى عن عبد الرحمن بن يعمر: كتاب احج - من أدرك الإمام بجمع 41" ورواه النسائى (10) وأبو داود )١1771(‏ وابن ماجه )7”٠٠١5(‏ وأحمد (18077) والدارمى .)١481١(‏ زفق رواه مسلم: كتاب الصوم - تحريم صوم أيام التشريق )١1995(‏ وأحمد: أول مسند البصريين ةا9١).‏ تفسيرسورة البقرة للملا الول الل 01 «إفمن تعجل في يومين فلا إِنم عليه ومن تََخَرَ قلا ْم عليه لمن انَقَو4 هذه الأيام هى التى يكون بعدها النفير إن كان قد أدى الحاج كل الأركان» وقد بين القرآن الكريم أنه لا يلزم أن يبقى الأيام الشلاثة بمنى فإن شاء بقى يومين يرمى فيهما الجحمرات» ونفر قبل فجر اليوم الثالث؛ وإن شاء بقى اليوم الثالث؛ وهذا معنى الجملة الكريمة إفمن تعجل في يومين» أى سافر معجلا فى اليومين الأولين فلا إثم عليه فى التعجيل «ومن تَأَخَر فلا إِنْم عليه4 أى من بقى إلى تمام اليوم الثالث فلا إثم عليه. وقد قيد الله سبحانه نفى الإثم بقوله #لمن انَقَى4 للإشارة إلى أن العسبرة بتقوى القلوب فتلك الحركات الحسية من التزام مكان معين فى زمان معين» ورمى الجمار الشلاث لكل جمرة سبع حصيات؛ كل هذا لا غاية له» ولا ثمرة إلا تربية التقوى وتنميتها فى القلوب» لتتهذب النفسء ويربى الوجدانه ويخشى العبد الديان» فيراقبه فى كل الأفعال وكل الأقوال» فيكون مجتمعًا مهذبًا كاملا صا ًا قويًا؛ لآن تهذيب الآحاد تقوية لبناء الجماعة. فلا تتنافر أجزاؤهاء ولا تتباعد آحادهاء وتقوم على تقوى من الله ورضوان. وإن هذه الأيام التى يقوم فيها الحجيج بذلك الذكر فى البقعة المباركةء يشاركهم فيها المسلمون فى كل بقاع الأرض فى بعض أفعالهم» وذكرهم؛ فالحجيج ينحرون ليتحللواء وسائر المسلمين ينحرون ليضحواء ويشاركوا وفود الله فى صدقاتهم ؛ والحجيج يكبرون ويرمون الجمار» والمسلمون فى الأمصار يشاركونهم فى التكبير عقب الصلوات. وقد اتفق الفقهاء على أن المسلمين يسن لهم أن يكبروا عقب الصلوات من صبح يوم عرفة وهو اليوم التاسع إلى ما بعد صلاة العصر يوم عيد الأضحى؛ واقتصر أبو حنيفة على ذلك وتبع فى ذلك عبد الله بن مسعود» ولكن أبا يوسف ومحمدا مع جمهور الفقهاء على أن التكبير لا يتتهى عقب صلاة عصر يوم النحرء بل يستمر إلى عصر اليوم الشالث من أيام التشريق» أى اليوم الشالث عشر من ذى لهل تفمسير سورة البقرة الملل ااال الل ل يم جب يي الحجة؛ وأن تكبير المسلمين جميعا إشعار لهم بأنهم جميعا مع الحجيج بقلوبهم وذكرهم؛ وأن الممجتمع الأكبر فى حرم الله هو جمعهم أجمعين» وأن أولئك الضيوف الذين حلوا فى ساحة الكريم المنان هى وفودهم إلى ذلك المؤتمر الأكبرء وأن المؤمنين مهما تتباعد الديار كلهم على قلب رجل واحد فى رفع راية الإسلام ونشر مبادثئه الفاضلة . «وائقوا اللّه واعلموا أنَكم إِلَيْه تحشّرون4 ختم الله سبحانه وتعالى آيات الحج التى أشار فيها إلى مناسكه؛ وذكر فيها بعض أعمال الحجيج الواجبة فيهاء بهذه الجملة السامية. وبذلك الأمر الجازم القاطعء وهو الأمر المكون من عنصرين أحدهما: تقوى الله» وثانيهما: العلم اليقينى بالحشرء وأنه سيكون إلى رب العالمين؛ وفى هذا إشارة إلى خلاصة التدين وثمرة العبادات بكل أنواعها وكل طرقهاء فإن لم تؤد أية عبادة إلى هذين الأمرين» فهى صورة لا روح فيهاء وشكل لا ثمرة منه» فإن لم ترب العبادة قلبا خاشعاء وعقلا خاضعًاء وهوى ممنوعاء وترقبا خائفاء فهى عبادة جوفاء» وإن نسى الشخص لغفلة فى نفسه أو غفوة من عقله؛ أو غشيان الضلال على قلبه - الحشر والحساب والعقاب والثواب فقد ضل ضلالا بعيدا .. إن الإيمان باليوم الآخر هو لب الدين» وهو الفاصل بين المهتدى والضال» فمن حسبها دنيا لا آخرة بعدهاء فقد خسر خسرانا مبينا؛ خسر نفسه» فضل وأضل.». وخسر حياته ففهمها أجلا محدودا لا غاية وراءهاء ولا سمو بعدهاء وخسر العزاء الروحى الذى يجعله يرضى بشداتد الحياة رجاء لما وراءها؛ ولذلك قال الله تعالى: قد خسر الّذين كبوا بلقاء اللّه. .. 2:0 4 [ الأنعام] . وفى الجزء الثانى من الأمر تهديد بالعقاب» بعد الترغيب فى الثواب» وعند الله حسن الماب. ومن 27 ترح تر دع 200 2 و ار» د تاس من يعجبك قوله.ف الحيوة الديا وصنهدا 0 دس هر م« 0-0 مه ما 2 ال يي ات عجو - ب 35-2 سر 2ه ١‏ فى قلبهءو: الدالخصامر للك إذانون سعل 00 وء ام م مه 2 2 ده و و ملس 7 00 ع مومه وم 00 يحب الهسماد 2 وإذاسل انق الله خذته الحرهة صضهد «. خج اع 9 ب« وبر 00 هج و و 2 لد مَحَسبهجَهَموَلِنْسَألِمَهَاهُ نيه ديت 21 2 ع 0 لخر سه م ارم م لاس من يشُرى نفسمه ابتعاء مرصابت الله وألله بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة بعض العبادات التى تطهر النفوس وتزكى القلوب» وتحمى الجماعات وتوجهها نحو الخير العميم؛ فذكر الصدقات ثم ذكر الصومء ثم ذكر الحج الذى تنلاقى فيه القلوب وتلتقى فيه وفود الجماعات الإسلامية من كل فج عميق فى الساحة الربانية؛ وقد ذكر فى طى الكلام أصناف الناس فى أدعيتهم التى تكشف عن خبايا قلوبهم» وأن منهم من يطلب الدنياء ولا غاية له وراءهاء ومنهم من يقول: ل ربنا آنا في اللانيًا حسنَة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب الثارٍ 427 © [ البقرة] . والعبادات أيا كان نوعها دواء الجماعة وبلسم القلوب الشافى» ويعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك الدواء الناجع ذكر سبحانه داء الجماعات المستحكمء ومرضها الممض» وهو النفاق» وخلابة اللسان مع فساد القلب والمظهر الحسن مع القصد السيىء؛ ومحاولة اجتذاب الناس بالقول المعسول مع فعله المرذول حتى إذا نال ثقتهم ملأ الدنيا بالشرء وظهر الفساد فى البر والبحر. وهكذا يذكر الله سيحاته دواء القلوب» ويذكر داءهاء ليطب كل امرئ لنفسه كما ينقى الكير خبث الحديد. وهذا التداوى يقوم به فريق الخير الذى نصبه الله سبحانه حجة للحق ومنار) للشرع. وهذا ما ترمى إليه الآيات الكريمات: 9 ومن الّاس من يعجبك قَوله في الحيّاة الدانيا 4 إلى آخر الآيات المذكورات. وقد ذكر الله سبحانه فى هذه الآيات أن الناس فريقان: فريق الشر أهل النفاق. وهم الداءء وهم درن الامة. بل السرطان الذى يقضى عليهاء إن لم يجتث من أصله . والفريق الثانى » وهم الذين يتولون العلاج وهم الأخيار الذين شروا صفات أهل الشر؛ فكانت ثلاثة: وثالثها: اللدد فى الخصومة. «ومن الثاس من يعجبك قَوله في الحيّاة الدنيَا4 هذه هى الصفة الأولى. وهى أصل الداء القاتل وقوتهء فإن خلابة اللسان المنافق» وقوة البيان الكاذب» وحسن العرض للقول الباطل» هى المعاول القوية التى يرفعها المبطلون لهدم الفضائل؛ فهم بعر فتهم بمأتى القول ومورده يثيرون الإعجاب بحسن تأتيهم. وينالون الاستحسان العظيم بلطف مداخلهمء أو بزخرف القول وزوره»؛ ويسترعوتث ألباب بعض أهل الخير الكرام ؛ فالمؤمن غر كريم» واللمنافق خب لثيو(١2.‏ )١(‏ عن أبى هريرة قَالَ: قَالَ سول الله يكل: «المؤمن غر كَرِيم والْمَاجِرٌ خب لَنِيم». [رواه الرمذى: كتاب البر والصلة - ما جاء فى البخيل» (1840) وأبو دارد: كتاب الادب - حسن العشرة ».)11١6(‏ وأحمد فى مسنده (81700)]. الغر: قليل الفطنة للشر لكرمه وحسن خلقه. والخب: الخداع الذى يسعى بالإفساد ل / تفسير سورة البقرة. لامعل لمخم 1414111 الال للك أ التائك!! !!!ااا اااا !111 ا 11411 1غ خ خ نالل تاللا اتا الال 1غ خخ خخ خخخ ل لل لاما اللا «زبجلب بر - وقوله تعالى: في الْحيّاة الدنيًا4 إما أن يكون متعلقًا بالقول» ويكون المعنى يعجبك قولهم الذى يكون موضوعه الحياة الدنياء إذ يفهمون ما فيها ولا يدركون سواها؛ لأنها خلب أكبادهم» وغاية أمورهم؛ ومن أحب شيئًا أحسن القول فيهء ومن كانت الدنيا همه أحسن حكاية أمورهاء حتى إن قوله فيها ليكون عجيبًا؛ أما الآخرة فلا يحسن القول فيهاء لأنه لا يبتغيهاء فإن تكلم فى أمر يتعلق بها اعترته حبسة وعى وحصر. وإما أن يكون في الْحيّاة الدنيَا4 متعلمًا بالإعجابء أى أن قدرته على إثارة الإعجاب والاستحسان لبيانه إئما يكون ذلك فى الدنيا فينتج ثمرته حيث يكون الحكم للظاهر» ولاينقب عن القلوب والسرائر» كما قال عمر رضى الله عنه: أيها الناس إن الوحى قد انقطع» وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم. هذا أمسر الدنياء أما الآخرة فالحكم فيها علام الغيوب الذى يعلم ما تخفى الصدورء فلا سبيل للخديعة بالقول» فالله يكشف مستور القلوب» ويحكم عليه بمقصده وغايته» لا بقوله وإجادته. ونحن نختار أن يكون متعلق الجار والمجرور لا القول؛ لأنه الذى يتفق مع السياق؛ إذ إن السياق فى بيان الذين يخدعون الناس فى الدنيا وقلوبهم ممريضة لابيان حال من يجيدون القول فيهاء وإن بغض الذين يجيدون القول فى الدنيا أخيار لا أشرار. هذا أول حال من أحوال الذين يظهرون ما لا يخفونء ويقولون ما لا يفعلون. أما الصفة الثانية فهى قوله تعالى: #ويشهد اللّهَ على ما في قَلَبِه4 أى أن هذا الذى يثير إعجاب الناس فى الدنيا بخلابة لسانه وقوله الحلو المعجب المطرب» إن رأى الناس يتشككون فى قوله أقسم بصدقه؛ لأنه قد يبدو من فحوى بيانه ما يدل على جنانه كما قال تعالى سبحانه فى شأن المنافقين ومن فى قلوبهم مسرض: « ولتَعرفهم في لحن القول... 2:2 4 [محمد] فإذا لمح المخادع من النظرات التى / 9 تفسبير سورة | لبقرة. ل ااا 1آ1آ11آ11 2 1 1 1 233107107011 توجه إليه استغرابًا لدعاويه» أو استبعادًا لهاء وثقها بأن أشهد الله على أن ما فى قلبه يوافق ما يجرى على لسانه . فمعنى قوله تعالى: «ويشهد الله على ما في قَلبِه4 أنه يقسم بالله تعالى إن ما جرى على لسانه هو نفس ما يختلج فى قلبه. أو ما يؤمن به ولقد قرر علماء اللغة أن من ألفاظ القسم: الله يعلم أنى فعلت كذاء أو الله يشهد أنى قلت كذا؛ فهذا توكيد بالأيمان معروف فى لغة العرب» ولقد قرروا أن الحلف على هذا النحو أوكد وأوثق من القسم الصريح» وقال بعض الفقهاء: إن من يقول كاذبا: الله يشهد بكذا أو يعلم بكذاء مؤكدا كذبه بذلك» يعتبر مرتدا؛ لأنه كذب على اللهء أو رماه بالجهل. وعندى أن ذلك لا يعد كفرا لعدم القصد إلى ذلك المعنى الإلحادى؛ ولكنه على أى حال مستهين بحق الله عليه كشأن كل حالف بالكذب» سواء أكان الحلف بلفظ صريح فى الحلف. أو بلفظ يؤدى إليه. أولئك المخادعون الذين يخدعون الناس ولا يخدعون الله هم الذين يقطعون أوصال الأمة. وبهم تبتلى» وبسببهم تنزل الفتن ويئور الشرء وتذهب الثقة بين الناس» وتقوم العداوة بينهم مقام المودة» والبغضاء محل الإخاء؛ لآأنهم بخديعتهم للناس» ثم تكشف أحوالهم بمرور الأيام تضيع الفقة؛ ثم الذين يعمدون إلى تلك الأساليب الماكرة لايبغون خيراء بل لا يبغون إلا شرا؛ لأن الأخيار لا يحتاجون إلى إخفاء نياتهسم» وما يجول فى قلوبهم؛ إنما الذين يبدون ما لا يخفون هم الذين توسوس نفوسهم بالشر والهوىء ولا يريدون أن يطلع عليه أحد؛ ولذلك عرف النبى كلل الشر بأنه : «ما حاك فى الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس)"١2,‏ فالشر لا يعيش إلا فى كن مظلم والنور يقتله» والخير يزيده النور وضوحا وقوة ونماء؛ ومن كان الشر غايته فهو عنصر مخرب مفسد مهلك؛ وهو بلاء لأمته وجماعته وأسرته؛ بل بلاء على نفسه فى الدنيا عندما يعلم أمرف وفى الآخرة له عذاب أليم. (1) ع عَن النَوَاس بْنِ سمْعَانَ الأنصارى قَال: سالت رسول الله يك عن الب وَالإنم ققَال: الب حسْنْ الْحَلُقِ وَالإنْمِ ما حَاكَ فى صَّدْرِكَ وَكَرهَت : أن يطَّلمْ عليه الئاس». [رواه مسلم: البر والصلة: البر والإثم (855)» والترمذى فى الزهد () وأحمد (791/7١)ء‏ والدارمى: الرقاق (5531/0) . 9 0© تفسير سهرة البقرة ولذلك كان أخوف ما يخافه النبى يَكِيَخَ على أمته من بعله: رجلا عليم اللسان منافق القلب(١2؛‏ فإن ذلك النوع من الرجال يثير التظنن بالصالحين» ويفسد الأمر على المحقين؛ ويجعل بأس الأمة بينها شديداء ولقد روى ابن جرير عن بعض الصا حين أنه قال: إنى لاجد صفة ناس من هذه الأمة فى كتاب الله المنزل: قوم يحتالون على الدنيا بالدين» ألسنتهم أحلى من العسل» وقلوبهم أمر من الصبرء يلبسون للناس مسوك الضأنء وقلوبهم قلوب الذئاب؛ ويقول الله عز وجل : فعلى يجترئون وبى يفترون» وعزتى لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران7؟؟ . ومهما يكن من أمر ذلك الخبرء فإن معناه متحقق سجله الإسلام» وأثبتته الوقائع» فما من أمة ابتلاها الله بهيمنة هذا النوع من الرجال إلا فسد أمرهاء واضطرب حالهاء وسارت فى طريق أوله نفاق وفسادء وآخره فتنة وخراب. لوَمْرَ أَلَدُ الخصام» هذه هى الصفة الثالثة الملازمة للمخادعين الذين يستلبون قلوب الناس من جنوبهم بحسن بيانهم وكذبهم على الله بأيمانهم » والألد من معناه فى اللغة: العوج» وفسر بعض العلماء قوله تعالى: ف وتندر به قَوما دا 72+ 4 [ مريم ] أى عوجاء والمنافق ألد دائما لأنه أعوج دائما. واللدد من معناه اللغوى أيضا : الشدة ف فى الخصومة والمغالبة فيهاء ويقال رجلٍ ألد وامرأة لداء» وقد ده يك - كفرح يفرح - لددا؛ أى صار ألدء ولددته أل كنصر ينصر إذا جادله فغليف وقال الزجاج فى أصل اشتقاق اللدد بمعنى الشدة فى الجدل والخصومة إنه مأخوذ من لديدى العنق» وهى صف حتاه؛ وتأويله أنه 8 وجه أخذ من يمين أو شمال فى أبواب الجدل غلب. شاي سال (1) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَاب - رَضئ اللَهُ علْهُ - أن سول الله يكل قَال: : إن غوف ما أخَاف عَلَى أستى كل منّافق عَليم اللّسّان» . . [رواه أحمد فى مسئد العشرة المبشرين بالجنة (/1)111. (1) روى الترمذى: : كتآب الزهد - باب ما جاء فى ذهاب البصر (3118) عن أبي هريرة يفول : : قال رسول اللّه كل : ليخرج فى آخبر الزّمّان رجَال يَخْتَلُونَ الدنيًا بلحي يبسن لئاس جلو الضسآن من الين» الستهم أحلّى من السك وقُلُوبهم ُلُوبُ الذتّاب» يَقُولَ اللّهُ عر وَجَل: أبى يَفْتَرون؟ أم على يَجَْرِتُونَ؟ قَبى حَلَفت بعك عَلَى أولتك منْهُم فثنة تَدََ الْحَلِيم منهُم يران" . 01 تفسير سورة البقرة 5 والخصام ‏ إما أن يقال إنه مصدر خاصم أى جادل أو عادى؛ أو تقول جمع خصم كضخم وضخام؛ وقال أبو عبيدة الأول أى أنه مصدر خاصم» وقال الزجاج الثانى . والمعنى على الأمرين: أن ذلك النوع من الناس الذى يحاول أن يخدع الناس بحلو لسانه» ويضلهم بقدرة بيانه» فيه طبع ملازم له» وهو شدة الخصومة. ويصح أن نفسر الخصومة بالعداوة» كما يصح أن نفسرها بالجدل والمغالبة البيانية فى ميدان المناظرات . وعلى الأول يكون المعنى إنه شديد العداوة واللجاجة فى الختصومة» فليس هينا لينا قريب الرضا سهل الرجوعء بل إنه لحب نفسه وكراهيته لخسير الناس» لا يصفح عمن ينال منه ولو بالحق فهو قد أكل الحقد قلبهء واعتركت فى نفسه حسكة(٠2‏ الحسد؛ وكذلك كل شرير؛ لا يحب الناس» ولا يظهر لهم المودة إلا برا القول: بل ذلك شأن المجرمين؛ ففى طبيعة كل مجرم بغض للمجتمع» وكأن بينه وبين الناس ثأرا لا يطل» وترات27 يجب استيفاؤها؛ وكلما انحدر فى جريمة وتلقفته يد العدالة ازداد للناس كرها وعاد إلى مثلها أو أكثر؛ وكذلك أولئك الذين فى قلوبهم مرضء وفى ألستتهم حلاوة يخدعون بها الناس: يبغضون الناس ولا يحبونهم إلا بمقدار ما ينالون من أرب فيهمء ولا يصفحون عمن ينالهم بالققتصاص العادل» ويتبعون العورات؛ وهكذا هم فى خصومات قلبية بينهم وبين الأخيار؛ يظهرون القول الحسن ليستمكنوا من الرقاب» ثم يشفوا غيظهم. وعلى الثانى» وهو أن يكون الخصام بمعنى المجادلة والمنازلة البيانية» يكون المعنى : أن هؤلاء الذين يخادعون الناس بالقول الحلو؛ يثيرون الإعجاب بحسن بيانهم» ويوثقونه بالأيمان المغلظة» ويجادلون عنه بقوة وعنف وغلب؛ فالكلام زق4 الحسكة: لبت له ثمرة خشنة (السعذنان)ء» أو عشب له شوك يؤذى» وحسكة الصدر: العداوة والحقد والضغينة ٠‏ على التشبيه . لسان العرب (1) ترات: : جمع ترّء من تر العضو إذا بان وانقطع بضربة بالسيف وتنحوه . لسان العرب. بم تفسيرسورة البقرة امن يكون كله فى بيان منهاجهم فى خصدع الناس» وسلب ثقتهم بقول الزور؛ ولذلك كان هذا المعنى أنسب للسياق. واللدد فى الجدل فى ذاته صفة ملازمة للمراء والمهاترة؛ لأن من يكون همه الجدل يندفع إلى تأييد مذهبه بالحق وبالباطل» إذ لا يهمه الحق بمقدار مايهمه انتصار فكره» وغلبه فى ميدان النزال البيانى؛ ولذلك كان مبغضا إلى الله» وإلى الذين يدعون إلى الحق المجرد؛ ولقد قال النبى يَلكلْهِ فيما رواه مسلم: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)") ولقد كان الإمام مالك رضى الله عنه يقول: كلما جاء رجل أجدل من رجل نقص مما جاء به محمد كَل وفى الحق إن أولئك الذين يحاولون أن يكسبوا قلوب الناس ليتمكنوا من رقابهم بالقول المعسول الخادع فيهم الأمران السابقان: فيهم البغض الشديد للناس» وفرضهم أعداء وحمصوماء ولا يفرضونهم أولياء وإخوانا؛ وفيهم اللدد فى الجدال ومحاولة الغلب بالحق وبالباطل. بل إن بغضهم للناس» أو على الأقل عدم نظرتهم إليهم نظرة أخوة واصلة» ومودة مقربة»ء هى التى جعلتهم يحاولون خديعتهم بالقول البراق» واليمين الغموس» والجدل الذى تبرق فيه الألفاظء ويختفى فيه نور الحق وتنقطع به أسباب اليقين؛ ولو كانوا يفرضون الأخوة الرابطة بينهم وبين الناس» لأحبوا لهم ما يحبون لأنفسهم » ولكرهوا مايكرهون لهم» ولكشفوا عن نيتهم واضحة بينة؛ فالحق دائما أبلج , والباطل لحلج7"؛ فحيثما كانت خديعة فثمة هوة فارقة» لا أخوة جامعة؛ وحيثما كانت لحاجة فثمة حق ضائع وباطل رائج. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى : كتاب المظالم والغضب (/2)771/7 ومسلم: العلم (6851) عن أم المؤمئين السيدة عائشة - رضى الله عنها وأرضاها. (0) يقال: الحق أبلَج والباطل لَجِلَّجء أى يُرَدَدُ من غير أن يَنْمُّدْء واللّجِلّج: المخَتَلط الذى ليس بمستقيمء والأبلّج: المضىء المُستقيم. لسان العرب. م تفسير سورة البقرة الول لل لل لل 0110 رذ تون سن في الأرض ليد فيها نلك لحرت والثسل واللا يحب الفساد» فى هذه الآية الكريمة بيان الغاية التى تغياها من يريد أن يخدع الناس» فهو يخدعهم ليمكن لأهوائه وشهواته. وإذا تمكنت الأهواء والشهوات واندفع الشخص فى اجتراعهاء يشتار عسلها(ا من غير دين رادع» ولا حكم زاجر ‏ سرى الفساد فى جسم الأمة كما يسرى الداء العضال فى جسم المريضء وبذلك يهلك الحرث والنسل» أى يهلك الزرع والحيوان» وفيهما جماع حاجات بنى الإنسان» فما من أمر يحتاج إليه الإنسان فى مقومات جسمه إلا كان من الحيوان أو من النبات» وهلاكهما كناية عن الخراب العام والضيق الشديدء والفساد المستحكمء وضياع المصالح . والحرث: مصدر حرث يحرث؛ بمعنى أثار الأرض لإعدادها للزراع ثم أطلق وأريد به المحروث وهو الاأرض نفسهاء ثم أطلق وأريد به ثمرات الحرث وهو الزرع الذى حان حصاده. .والثمر الذى آتى أكله؛ والمراد به هنا ذلك . والنسل فى أصله: مصدر نسل ينسل بمعنى خرج وسقطء ومنه قوله تعالى: ف( إلى رهم يتسلون (> 4 [يس] وقوله تعالى: طم كل َب يسلُودَ 30> » [الأنبياء]» أى يخرجون, ثم أطلق على خروج الحيوان7' من بطن أمه وولادته؛ ثم أطلق وأريد به ذات الحيوان الوليد. وفى التعبير بهلاك الحرث والنسل بسبب استحكام الشهوات وسيطرة أهل الأهواء» إشارة كما قلنا إلى عموم الفساد فى المدائن والقرى» وبين أهل الزرع وسكان البوادى» أى بيان عموم الشر للحاضرة والبادية؛ لأن هلاك النسل رمز لهلاك ما تقوم عليه البادية وما به قوام حياتها؛ إذ إن رأس مال البادية النعم من الإبل والبقر والغنم وأخواتهاء'وقيام الشروة فى سواد الأرض الزرع وما تنتجه )١(‏ اشتار العسل: اجتناه من خخلاياه ومواضعه. قلت: وسياق الكلام يدل على المقصود وهو ما يجده الفاجر من لذة الشهوات المحرمة» هى عنده كالعسل حلاوة لما مات قلبه» وفسد سه حتى إذا ما جاءهم الموت حيل بينهم وبين ما يشتهون . (؟) الحيوان: الجسم النامى الحساس المتحرك بالإرادة [التعريفات - باب الحاء - ج١‏ ص"1]. فيشمل الإنسان والبهاكم . ل تفسيرسورة البقرة يلللا الل الآرض» فإذا هلك الأمران يسبب استحكام الأهواء والشهوات» فقد عم الفساد؛ وهلك العباد. وقوله تعالى: #إوإذًا تَولّى سعئ في الأَرض ليفسد فيها4 قد قال العلماء فيه إن التولى يحتمل أحد أمرين: إما أن يكون معناه الانصراف والذهاب بعد أن خدع الناس بحلو القول وأقسم بالأيمان المغلظة الكاذبة وجادل وناضل فيما يدعيه من حب للخير والإصلاح» وإما أن يراد به التولى بمعنى الولاية والإمرة على الناس» ولقد قال العلماء إن الآية الكريمة تحتمل الأمرين كما نوهنا. وعلى الأمر الأول يكون المعنى والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده: إن ذلك الذى يدعى الصلاح والإصلاح» وحب الخير والمنفعة» ويعلن ذلك بحلو اللسان» ويقسم عليه الأيمان» ويجادل عنه بأبلغ البيان - إذا تفرقت المجالس» وانصرف إلى العمل» بدت طويته» وظهرت نيته» واتكشفت سريرته» فاندفع فى الشهوات ينال منها؛ وقد ترك قوله دير أذنه» وما قال ما قال إلا ليكيد أو ليخفى حقيقة أمره» فيكون منه الشر والفساد» وإذا كثر من على شاكلته فسدت الحال» وكانت العاقبة السوءى. وعلى الأمر الثانى» وهو أن يكون معنى تولى صار واليا: أن هذا الذى اجتذب ثقة الناس بالأمانى البراقة» والأقوال الخادعة والأيمان الكاذبة واللسن فى الجدل إذا تحققت بغيته» ونال طلبته» وصار واليا على الناس» لا يسعى لنفعهم» ولايقيم الحق بينهم» بل يسعى لإشباع رغباته» ويحكم الناس لنفسه لا لهم والفاصل بين الحكم العادل والحكم الظالم» أن الحاكم العادل يعتقد أنه تولى أمر الناس لتكون ثمرة الحكم للناس» كما كان الشأن فى أبى حفص عمر رضى الله عنه» وأما الحاكم الظالم فهو الذى يحكم الناس لتكون الثمرة له ومن معهء وأمثلة ذلك فى التاريخ كثيرة لاا يحصيها العد. وهذا الخادع الكاذب المجادل المرائى يكون حكمه الناس لنفسه لا لهم» ومن ثم تحكم رغباته وأهواؤه. ومن حكمت رغباته وأهواؤه فإن سعيه لا محالة يؤدى إلى الفسادء لا إلى الصلاح؛ لأن الطمع يلد الطمع» والهوى يلد الهوى فتتسلسل ا تفسير سورة البقرة لل الأهواء فى سلسلة أولها إعجاب بالنفس وزهو وخخيلاء» وآخرها ضياع وفسادء وهلاك للحرث والنسل» ثم ذل واستخذاء. واللام فى قوله تعالى: #ليفسد فيها» هى التى يسميها العلماء لام العاقبة أى أنها تشير إلى أن العاقبة ‏ فى عمل المتولى الذى يحكم الناس لنفسه ولرغباته وأهوائه لا لمصالحهم ونفعهم - هى الفساد فى الأرض» والهلاك العام لكل ينابيع الثروة فى البلاد» والله يتولى برحمته العباد. ونحن نختار أن يكون معنى التولى هو صيرورته واليا؛ لأآنه ذلك هو الذى يتفق مع الآية الآتية» وهى قوله تعالى: « وَإذًا قيل له ان الله أَحَذَْه الْعرّة بالإثم 6 . وقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله: #واللّه لا يحب الْفسَادَ وذلك لعدة أمور: 1 أولا- لبيان أن الله لا يحب ذلك الصنف من الناس الذى يخدع الناس ويكذب على الله» ويجادل ويمارى» ويضل عن بينة» ويسعى فى الأرض بالفساد؛ إذ الله لا يحب الفساد فلا يحب المفسدين» ومن لا يحبه الله فهو بعيد عن رحمتهء معرض لنقمته . ثانيا- ولبيان أن الله سبحانه وتعالى لا يريد بما فرض من عبادات إلا مصلحة الناس ودفع الضر عنهم؛ فهو الغنى الحميد الذى لا يكسب من عبادة عابد؛ ولا يضار من فسق فاسق؛ إنما الأمر فى ذلك إلى مصلحة الناس ودفع الضر عنهم. النشا- وفوق ذلك هذا التذييل يدل على أن شرع الله كله أساسه إقامة المصلحة ودفع المضرة» فما من أمر شرعه الله إلا فيه جلب نفع أو دفع ضررء وأن دفع الضررء مقدم على جلب النفع» وأن دفع الضرر العام مقدم على دفع الضرر الخاص» وأن جلب المنفعة العامة مقدم على جلب المنفعة الخاصة . رابعا- وإن هذا التذييل فوق ذلك يشير إلى أن الله سبحانه استخلف الإنسان فى هذه الأرض ليُعمرها لا ليفسدهاء فأولئك الذين يبذلون الجهود العقلية ليصلوا ب تفسيرسورة البقرة لل إلى ما يدمر الأرض ويخربها ويجعلوا عاليها سافلها قد ضلوا عن سنة الله وخرجوا على قانون الفطرة وهم بعيدون عن محبة الله؛ لأنهم يفسدون فى الآرض ولا يصلحون. «وإذًا قيل لَه ان الله أحَدَتَهُ الْعرةُ بالإم فحَسبَهِ جهنم ولبئس المهاد» هذه حال الطغاة يرتكبون ما يرتكبون» وينزلون بالناس ما ينزلون» وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا؛ وقد زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنّاء وإذا كانت النوازل تنزل بالضعفاء لم يلتفتوا إليها لعماية الطغيان وفساد البصر ولمدارك» فإذا تقدم أحد الناس مرشدا واعظًا نهروهء وربما امتدت إليه أيديهم بالأذى» وأخذتهم العزة؛ أى الاستعلاء الجاهلى وحماقة الكبرياء؛ ودفعتهم الجرائم إلى إثم آخر فوق إثم الطغيان» وفوق ما ارتكبوا من آثام» وما أنزلوا بالضعفاء من آلام. والباء فى قوله تعالى: #بالإثم» إما أن تكون بمعنى المصاحبة والاققتران» والمعنى على هذا أخذتهم العزة واستولت عليهم مقترنة بالإثم مصاحبة له» فهى ليست عزة محمودة» بل كبرياء مبغوضة؛ أو تكون الباء للسببية بمعنى لام التعليل» ويكون المعنى: أخذتهم العزة الغاشمة والعنجهية الظالمة بسبب الإثم الذى استغرق قلوبهم وأحاط بنفوسهمء أى أنهم لفرط ما ارتكبوا من آثام» قد أحاطت بهم خطيئاتهم فسدت مسارب الهداية إلى قلوبهم» فإذا سمعوا كلمة الرشاد لم يتقبلوهاء وأنغضوا رءوسهم حاسبين أن ذلك إهانة لسلطانهم؛ وإصغار لشأنهم» وما هو فى حقيقة الأمر إلا حماية للسلطان» وإكبار للآمرء وخصوص إذا كان من ناصح أمين. وإذا كانت تلك حالهم فلا صلاح لهم فى الدنيا؛ وهم فى إحدى حالين» وكلتاهما نتتيجتها السوءى: إما أن يديل الله منهم فى الدنياء ويجعلهم عبرة المعتبرين» ويذيقهم وبال أمرهم فى الدنياء وتمامه فى الآخرة .. وإما أن يمهلهم ويملى لهم حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدرء ويلقى بهم فى نار جهنم؛ ولذا قال سبحانه : لفَحَسبه جهنم ولَبمْس الْمهادذ4» الفاء هنا للإفصاح» لأنها تفصح عن شرط مقدرء أى إذا كانت هذه حال ذلك الطاغى الفاجر: لا يقيم الحق. بل يفسدء ولا ها تفسبير سورة البقرة الا 11ا! ا اناا انااا ااال الما االالانالل اللا ال اناااتللنااا الال ااال اللت الالالال انالا لاتالللا !ااا لاانطل تالا تنططلاا ا اااط لمالا ااطخ لطس وم كه < 2 يطيع الناصح بل يؤذيهء وربما يقتله؛ فالله كافيه ومتوليهء وهو العزيز المنتقم الجبارء والله سبحانه ينزل به العذاب الأليم» بإلقائه فى نار الجحيم؛ فمعنى #فحسبه جَهنم4 أى جهنم هى التى تكفيهء بدل كلمة الحق التى كانت تؤذيه» وبيس الْمهاد» اللام هنا تنبئ عن قسم مقدر وهى داخلة على جوابه» والمهاد جمع مهدء وهو المكان المهيأ للنوم» والتعبير عن جهنم بأنها بئس المهاد لا يخلو من تهكم بأولئك الفاجرين» كما يقال: (تحية بينهم ضرب وجيع) وكقوله تعالى: « فبَشْرهم بعذَابٍ ألم 2:2 4 [الانشقاق] . وبعدء فإن أول مظاهر الطغيان صم الآذان عن سماع كلمة الحق؛ ولعل الأمارة الظاهرة للحاكم العادل هى سماعه النقد والملام» فضلا عن الوعظ والإرشاد؛ وأمارة الحاكم الطاغى تبرمه بنصح الناصحين ونقد الناقدين فضلا عن لوم اللائمين؛ والمثل فى التاريخ كثيرة مستفيضة؛ يروى أن رجلا قال لعمر بن الخطاب أمثل الحكام: اتق الله»ء فقال بعض الحاضرين أو تقول لأمير المؤمنين: (اتق الله) فالتفت الفاروق» وقال: آلا فليقلهاء لا خير فيكم إذا لم تقولوهاء ولا خير فينا إذا لم نسمعها! وعمر هذا هو الذى صاح عندما تولى: من رأى منكم فى اعوجاجا فليقومه فقال أعرابى: والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا! فقال أبو حفص: الحمد لله الذى جعل فى أمة محمد من يقوم عمر إذا اعوج! ولو تنزلنا عن مقام عمر مقام الصديقين لوجدنا من بعض الحاكمين حتى فى عصور الاستبداد من يستمع إلى كلمة الحق أحيانًا؛ يروى التاريخ أن يهوديا له حاجة تلقى هارون الرشيدء وهو خارج» وقال له: اتق الله يا أمير المؤمنين وذكر حاجته. فنزل هارون عن دابته وخر ساجدء ثم أمر فقضيت لليهودى حاجته؛ فقيل له: يا أمير المؤمنين نزلت عن دابتك لقول يهودى! قال: لاء ولكن تذكرت قول الله تعالى : «وإِذا قيل له ات الله أَحَذَتَه لْعَة بالإنّم فَحَسبَه جهنم ولبفس المهاد» . وبجوار هذه الذكريات العطرة» توجد صور معتمة؛ ومن ذلك ما قاله أحد ملوك بنى أمية: من قال لى: اتق الله قطعت عنقه. -. م تفسير سورة البقرة بل إن هذه الصور المعتمة هى التى يسود بها تاريخ المستبدين» فإن لم يقولوها بلسان المقال قالوها بلسان الفعال» وهو أقوى أثراً وأبعد طغيانا؛ ولذلك كان من الجهاد فى سبيل الله: أن يقول المؤمن لهم كلمة الحق؛ وقد قال يَدِيةِ: «أفضل الجهاد كلمة حق لسلطان جائرر 0 وشام مهاس الناس الذين يعدون داء , الجماعات ا تؤدى إلى الفسادء وإلى الهلاكء وحالهم إذا تولوا حكم الناس - ذكر أهل الفضل الذين يعدون دواء هذا الداء» وعلاج ذلك المرض الفتاك» وصلاح ذلك الفساد؛ فإنه إذا كان طغيان بعض الولاة هو الذى يؤدى إلى هلاك الحرث والنسل» فأولئك الأبرار الذين يجاهدون الطغيان هم الذين يقفون تياره» ويصاعون بأمر الله» وهم الذين باعوا أنفسهم مجاهدين ناطقين بكلمة الحق؛ ولذا قال سبحانه: #ومن الئاس من يشري نفسه4 أى يبيع نفسه لله سبحانه؛ فيفدى دين الله والحق بنفسه وماله وكل ما يملك وفى ذكر الفريق المقابل لأهل الشر بذلك الوصف الذى يشعر بأن أخص حالهم بذل النفس والنفيس» لا مجرد الإخلاص والبراءة من النفاق - إشارة إلى عظم المهمة الملقاة على عاتقهم» وهى مجاهدة الشر والتغلب عليه؛ء وإزالة أوضاره؛ فإن ذلك يقتضى التعرض للأذى» بل للتلف» ومن قتل فى سبيله قتل شهيداء بل إنه يكون أفضل الشهداءء كما صرح بذلك النبى كوا" . )١(‏ رواه بهذا اللفظ أحمد فى مسنده )١١117(‏ فى حديث طويل فيه مواعظ وفوائد. ورواه الترمذى فى الفتن 20 َنم ب هر أن رجلا سال ١‏ الى له أ الشهداء أفضل؟ قَال: «الّدِينَ إن يَقَوا فى الصف ' يْفعُونَ وو لو هه وجوههم حتَى يقتلُواء أولتك ينَطَلقُونَ فى الْعْرَفَ على من الْجلّة وَيَضحَك لهم ربهمء وَإذَا ضّحك ربك إِلَى عبد فى الدنيّ قلا حساب علَيه). آرواة أحمد: باقى مسند الأنصار .])5١4(‏ وددى الترمذى: فضل الشهداء عند الله عن عَم بْنِ الْحَطَاب يقُول: سمعت رسُول اللّه يك يقول: «الشهداء أَربَمَةٌ رُجُل" مُؤْمِن جَيدُ الإيمان لقى الْعَدَوٌ قَصَدَق اللّهَ حتّى قتل» فَدَلك الى يَرَفَع النّاس إِليْه أيهم يوم الْقياسَة هكذا» ورَكم سه حتَّى وقَم قلُوثةُ - قال: َمَا أذرى أملشَسُوة عم أراد ام فلشموة الى كه قَالَ: «رَجْل مون حي الإيمان لق الع انما رب" جد بوك طح م من الجن أَنَاه سهم غَرب فَفتَلَهُ فَهُوَ فى الدرّجَة الثَانيّة: مي خلا ملا انا وخر سي لق لت صلق لله تفسير سورة البقرة 6 وإن هذا الذى يبيع نفسه لله سبحانه» ويفدى الحق بنفسه وماله» لا يطلب إلا ثمنا واحداء 0 الأثمانء وهو رضا الله سبحانه وتعالى , ؛ ولذا قال سبحانه ومرضاة مصدر ميمى بمعنى الرضاء ولا شك أن التعيير بالمصدر اليم دون المصدر الأصلى له معنى يدركه السامع بذوقه. ولم نجد النحويين ولا البلاغيين تعرضوا لبيان التفرقة بين التعبير بالمصدر الميمى وغيره؛ والذى يتبدى لنا ونظنه تفرقة بينهما أن المصدر الميمى يصور المعنى المصدرى واقعا قائما متحققا فى الوجود. أما المصدر غير الميمى فيصور المعنى مجردا؛ فإذا كانت كلمة مقال بمعنى القول» فإن التعبير بالقول يصور معنى مجردا من غير نظر إلى كونه تحقق وجوده أو لاء أما كلمة مقال فتصور معن وجد وتحقق ؛ أ فى صورة الموجود المسحقق؛ وعلى ذلك يكون + معنى واقعة مؤكدة, . ويتصورون رضاه سبحانه حقيقة قائمة قد حلت بهم» فيشتد طبهم وافتداؤهم للحق بأموالهم وأنفسهم وأولئك الذين باعوا أنفسهم للهء وافتدوا الحق بأموالهم وأنفسهم. هم حجة الله القائمة فى عهد الظلم والظلمات؛ وإذا كان الله سبحانه وتعالى يبتلى الجماعات بأهل الشر والطاغوت» وحكم الظالمين؛ فإنه يرسل فى هذا البلاء أولئك الذين ندبوا أنفسهم للحق يدعون عليه» ويجهرون بهء ويجاهدون فى سبيل الله لرفع مناره» وجعل كلمة الله هى العليا؛ وعندئذ يكون معهم كل من يميل إلى الحق قلبه» وبين هؤلاء قوم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وبذلك يكون الناس أربع طوائف: أولاها - أهل الشر الطاغونء الظالمون. - حتَّى قل قَدَلكَ فى الدرجة التَّلقَةء وجل مُؤْمِن أسرف عَلَى تَفْسه لقى الْعَدوَ قَصَدقَ الله حَنَّى قل َدَلكَ فى الدرّجَة الرابعة». قال أبو عسيسى : هد حَديث حَسَن غرِيب. ورواه أحمد فى مسئد العسشرة .)١560( المبشرين‎ ا تفسيرسورة البقرة ل ‏ الل وثانيتها ‏ أهل العدل الذين يفتدون الحق بأنفسهم وأموالهم» ويطرحون كل هوى لهم فى سبيل رضا الله وإقامة الحق. وثالثتها ‏ أولئك الذين يتبعونهم وإن لم يبلغوا شأوهم» ولم يفتدوا الحق مثل افتدائهم . ورابعتها ‏ أولئك الذين ينظرون» ويتبعون الفريق الغالب فى هذه المعركة التى تقوم بين الخير والشر؛ وأولئك هم الذين سماهم النبى َك الإمعة؛ وقد نهى وَل عن مسلكهم» فقال:١‏ لا تكونوا إمعة؛ تقولون إن أحسن الناس أحسناء وإن ظلموا ظلمناء ولكن وطنوا أنفسكم. إن أحسن الناس تحسنواء وإن أساءوا فلا تظلموا»"''. #والله رَءُوف بالْعبّاد4 ذَيّل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بتلك الكلمة السامية؛ للإشارة إلى أمور ثلاثة وصلت إليها مداركنا: أولها ‏ إن الله سبحانه وتعالى من رحمته بعباده جعل الخير القوى بجوار الشر المندفع» فهدى الله أهل الخير الأقوياء إلى مدافعة أهل الشر الطغاة» ولولا ذلك لعم الفسادء وهلك العبادء ظولَْلا دفْعَ الله الئاس بعضهم ببعض لُفسدت الأرض . لتك © [البقرة] . وثانيها ‏ الإشارة إلى أن الغلب للحق دائما؛ لأن ذلك من دواعى رأفته ورحمته بعباده» والحق الذى يجىء بالمغالبة حق قوى عزيز يعض عليه بالنواجذل؛ وفيه إعلان لغلبة المعانى الإنسانية على النواحى ال حيوانية. وثالئها ‏ إن من رحمة الله بعباده ألا يمكن للظالمين» وأن يمكن للعادلين؛ فإن الحكم العادل يكون رحمة بالناس ورفقا بهم؛ والحاكم العادل ظل الله فى أرضهء ورحمته بخلقه؛ وتسليط الظالمين من أمارة غضب العلى الحكيم . )١(‏ رواه الترمذى: كتاب البر والصلة - باب الإحسان والعفو .)١90(‏ والإمعة من يقلد غيره فى قوله أو فعله . ل ل تفسير سورة البقرة 1 !!!ناما اناالا لقانلا ك انل ناننلتاكا الال لطن اناا اتا ن امنا نا نالا لا انان نالخ خ لخم نان انلخ خلال اناما خ انان نا طخل خا نالا الاق طامط شنال 4ك سب أ ثم فى تذيبل الآية ذلك التذييل فوق ما سبق دعوة إلى الرحمة بالناس والرفق بهم والحدب عليهم؛ ولقد قال كَكْةِ: «اللهم من ولى من أمر أمتى شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه؛ ومن ولى من أمر أمتى شيما فرفق بهم فارفق بها" الهم هب لنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا. 3 0 حصححَامَنُوأ ا . بيس 0 مَبََعوا 1 اه العا 4ع 1 روم روي 07 112 ا إن وَكشْريْؤئَد 0 2# 020 + 20 ل فس 00 مَاجآء تَحكم بست فَأَعَلَموأ الله بكي 1١ "م 200 مه سور ا ا ا الال ء يه سل بن إسراء يل كم عاتدنهم من ءايه يدنَةَ ومن سد ليعمة 3 ره لا رص لوزي مهدو لا ومج ده جم ردس ة ل لله من بَعَدِمَاجَاء نه وإنَالله سيد لقاب بيد رينللدين ل سح ع سا 00 07 -ه كشن الحموة أداموعَأَمأة لذب سي و سدى يج الاو سر ص 9 الله ررق م يسو به سر . ار سه )١(‏ عن عبد الرّحَمَن بن شماسة قَال: تيت عائشة أسآلها عن شىء فقَقَالَت: مم أنت؟ قَقُلْت: رجل من أهلٍ مصرء قَقَالَت : كيْف كا صاحبكُم لَكُمْ فى عَرَائكُمٍ هذ.؟ فَقَال: ما نما مله شيا إن كان لسوت للرجلٍ منَا البعير قيْطيه الْبَعِير والعبد قيعطيه الْعبَدَ وبَحتاج إلى التنقّة فَيُمْطيه التق فَقَالت: : أمَاإِنَهُلا عا ماةه 3 يسَمَى الّذى فَمَلَ فى متمد بن أبى بكر أخى أن أخبرك ما سمغت من رَسسُول الله وكلقة: يَقُول فى يتى هَذَا: «للّهُمَ مَن ولى من آم أمتى شبن فق عَلَيْهِم فَاشْشق عَلْهُ ومن ولى من أمرِ أمنَى شَيِمًا فَرققَ بهم فَارَفْقَ به». [رواه بهذا اللفظ مسلم: فضيلة الإمام العادل وعقوية الجائر 677010 ورواه أحمد مختصرا (41مغ59)). ا تفسيرسورة البقرة اللللللللاا00ا0االلل مالسالل حر د بين الله سبحانه فى الآية السابقة على هذه الآيات حال أولئك الذين يفرقون بين الجماعات؛ ويعيثون فى الأرض فساداء ويهلكون الحرث والنسل» وفيهم لدد وعنف وخصومة تغرى بالعداوة» وتنشر الفرقة والانقسام؛ وكل هذا ضد مبادئ الإسلام؛ ولذلك ناسب بعد أن بين عمل المفسدين» أن يبين واجب المصلحين؛ وهو السلم بين بنى الإنسان» والوحدة بين أهل الإسلام؛ ولذلك قال سبحانه: يا أَيها الي آمنوا ادخْلُوا في السَلّم كافَة4 قرئ السّلم بكسر السين» كما قرئ فى قراءة مشهورة بفتحها؛ وكذلك قوله تعالى: « وإن جتحوا للسّلّم فاجتح لَهَا وتوكل على الله ... 27> 4 [الأنفال] فقد قرئ بفتح السين؛ كما قرئ فى قراءة أخرى مشهورة بكسرها"؛ ولذلك قال الكسائى وعلماء البصرة: إن السّلم والسّلم بمعنى واحدء ويطلقان على المسالمة وعلى الإسلام؛ وفرق عمرو بن العلاء فقرأها فى هذه الآية بالكسرء وقال: إنه الإسلام؛ وفى قوله تعالى: ون جتحوا للسلّم ... نت 4 [الأنفال] قرأها بالفتح» وقال: المراد الموادعة والمسالمة؛ وأنكر المبرد هذه التفرقة . وعندى أن لفظ السلم بالكسر أو الفتح هو للمسالمة والصلحء وإطلاقه على الإسلام من حيث إن أحكام الدين الحنيف تتجه كلها نحو تحقيق السلام بين الناس» وتخليص القلوب من أدرانهاء وتوجيه الناس نحو السلامة» والبعد بها عن مواقع الهلاك . وما معنى السلم فى الآية: أهو الإسلام» أم هو المسالمة والموادعة والصلح؟ اتجه بعض المفسرين من السلف والخلف إلى أن معنى السَلم فى الآية الإسلام ؛ ومعنى كافة: مجتمعين» وتكون كافة حالا من الواو فى «ادخلوا» أو تكون حالا من كلمة «السلماء والمعنى على الأول: يأيها الذين آمنوا وصدق إيمانهم ادخلوا فى الإسلام مجتمعين غير متفرقين ولا متنايذين» أى انقادوا لأحكامه (1) (للسّلم) هذه القراءة لأبى بكر والمفضل كلاهما عن عاصمء وقرأها بالفتح ل للسَلم © نافع وابن كثير وأبو جعفر والكسائى. غاية الاختصار - ج 7 1. تفسير سورة البقرة ٠‏ و أ مجتمعين لا يفرقكم إقليم ولا يحاجز بينكم جنس ولا لون؛ لأن وصف الإيمان جامعكم» وكلمة التوحيد رابطة بينكم؛ فإيمانكم يبعثكم إلى أن تكونوا طائعين منقادين للإسلام فى اجتماع لا افتراق معهء ويوجب عليكم أن توحدوا كلمتكم. والمعنى على أن كافة حال من «السلم): ادخلوا فى الإسلام بكل شرائعه وأحكامه. فلا تأخذوا بحكم وتتركوا حكماء فلا تأخذوا بالصلاة وتمنعوا الزكاة» ولا تأخذوا بأحكام الزواج وتتركوا أحكام الرباء ولا تأخذوا بنظام الميراث وتتركوا أحكام الخدود وتعطلوهاء وهكذا لا يصح أن يؤخذ بعض الإسلام» ويترك بعضه؛ من فعل ذلك كان كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه؛ وكان كمن جعل أحكام القرآن عضين» فيفرق بينها بالطاعة والعصيان» والأخذ والترك؛ء وأحكام الإسلام كل لا يقبل التجزئة» ومجموعها هداية العقول» وطب القلوب» وعلاج الأدواء الاجتماعية والشخصية» فمن أخحذ ببعضها وترك الآخرء فقد فتح فى قلبه للشيطان ثلمة ينفذ منهاء وحيثما حل الشيطان فى قلب زلت الأقدام» وحكمت الأوهاف فيطمس نور الهداية من قلبه» وتنحل عرى الإسلام فى نفسه من بعد ذلك عروة عروة. هذا توضيح المعنى على تفسير كلمة السلم بمعنى الإسلام» وهو قول الأكثرين . وقال قتادة ووافقه بعض مفسرى السلف: إن معنى السلم المسالمة والموادعة والصلح. وهو يشمل مسالة المسلمين فيما بينهمء فلا يفترقون» ولا يختصمون. ولا يتنازعون حتى لا يكون بأسهم بينهم شديداء ويكونوا طعمة للآكلين ونهزة للمفترضين» كما يشمل مسامتهم لغيرهم» فلا يعتدون على غيرهم مادام لم يعتد عليهم . والمعنى على هذا: يأيها الذين آمنوا إن إيمانكم يوجب عليكم أن تدخلوا فى السلام العام» فلا تنابذوا أحدا لم يعتد عليكمء ولا تقاتلوا من لم يرفع عليكم سيقّاء ولم يوال عليكم عدواء ثم قووا وحدتكم بالسلم الموثقة والإخاء الجامع. ولاشك أن السلام بين المسلمين أمر يفرضه الدين» وهو مما علم من الدين بالضرورة لا يمارى فيه من فى قلبه ذرة من إيمان» ومن قال غيره فقد أعظم الفرية على الإسلام وأهله. ب تفسيرسورة البقرة للا1للللااللللو ملل ا ىج أما مسالمة المسلمين لغير المسلمين فقد أثار القول حولها من فهم ظواهر الأمورء ولم يتغلغل فى بواطنهاء إذ قال إن الإسلام قد أباح القتال» والقتال والسلام نقيضان لا يجتمعان» والكثرة الكبرى من فقهاء المسلمين تقرر أن الأصل فى العلاقة الدولية بين المسلمين وغيرهم الحرب» حتى يتقدموا بعهد أو موادعة» كما قال سبحانه: «وإن جتحوا للسلم فَاجتح لَها وتوكّل على الله ... الزن 4 [الأنفال ] . ذلك قول الذين فهموا الأمور بظواهرها. والحقيقة أن الإسلام دعا إلى السلام وحث عليه. ومبدؤه العام التعارف بين بنى الإنسان لا التنابذ يينهم؛ ولذا قال تعالى : يا أيها النّاس إِنَا حَلَقناكم من ذكر وأنتئ وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم .. . 127 4 [الحجرات] فما جاء الإسلام للحرب والخصام» بل جاء بالهدى والسلام» ولكن سلام الإسلام سلام عزيز قوى» وليس بسلام ذليل خانع» والسلام القوى يرد الاعتداء بمثله؛ ولذلك لا اعتدى المشركون على المسلمين أباح الإسلام القتال وقال سبحانه: 9 أذن للّدينَ يقاتلون نهم طَلمُوا إن لله على نصرهم لقدير :(5> الْذين أخْرجُوا من ديارهم بغي حَق إلا أن يقوُوا ربا الله وّولا دقع لل لئاس بعضهم ببعض لهمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولَيَصرن الله من ينصره إِنَ الله لَقَوي عزيز 2:2) 4 [الحج] فما أباح الإسلام القتال إلا لدفع الاعتداءء وليس القتال لدفع الاعتداء إلا دعوة إلى السلام القوى الفاضل» وفرق ما بين السلم العزيزة القوية» وبين الذل والخضوع. أن السلام القوى هو القدرة على رد اعتداء المعتدين إن اعتدوا؛ أما الذل فهو الاستسلام والخضوع للمعتدين» وما بذلك أمر الإسلام» وليس هذا من السلام فى شىء» بل هو إغراء بالقتل والقتال وتمكين لظلم الظالمين. وإنه لا يغرى بالقتال إلا ضعف الضعفاء واستخذاؤهم» فإن أخذوا الأهبة وأعدوا العدة وقاوموا الشر بمثله» تروى القوى فى غارته» أو امتنع عن عدوانه» فما استمرأ الذئب لحم الشاة إلا لأنها ليس لها ناب» وما عاف الأسد لحم الأسد إلا ها تفسير سورة البقرة 00 دل هوه < 7 لآن له نابا وبرائن يفتك بها فالحرب أنفى للحرب» والقوة العادلة سبيل السلم العزيزة . ولقد قرر الفقهاء أن الأصل الحرب حتى يكون عهدء لأن الأصل بين الدول يحاربون. #ولا تتبعوا خطوات الشيطان إِنَّه لكم عدو مبين» الخطوات: جمع خطوة بفتح الخاء وضمهاء وهى مابين قدمى من يخطوء ولمعنى: لا تتبعوا سير الشيطان. وعبر عنه بخطواته لأن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء لاتجر المرء إلى الشر دفعة واحدةء بل تأخحذه إليه درجة درجة» فيبتدئ بأيسرها وأصغرها فيقتحمه من أغواه لصغره» حتى إذا ألفه جرأه على ما هو أكبر منه» ثم ماهو أكبر حتى تحيط بالنفس قال العلماء: إن كثرة ارتكاب الصغائر تجرئ على الكبائر» والشيطان يأتى من صغائر المخاصى ليغرس فى النفوس غرس الرذائل» فسخطوات الشيطان مدارجه يغرى بالواحدة بعد الأخرى حتى يصل بالمرء إلى أقصى درجات الرذيلة . ولقد كان ذلك النهى بعد الأمر بالدخول فى السلمء لأننا إن فسرناه بالإسلام يكون المعنى ادخلوا فى الإسلام كلهء ولاتحلوا عراه عروة عروة باتباع خطوات الشيطان» وإطاعة هوى النفس الأمارة بالسوءء فإن ذلك يذهب بالإسلام كله وبحرماته فى النفس؛ وإن فسرنا السلم بالسلام والموادعة» فيكون المعنى: لا تحلوا وحدتكم» ولا تتبعوا خطوات الشيطان المفرق لجماعتكم بإغرائه وتدرجه فى الإغراء وإردافه المعصية المفرقة بأكبر منها حتى يكون الانقسام» ويكون بأس المسلمين بينهم شديدا . ولقد ذيل الله سبحانه الآية بقوله: «إِنّهُ كم عدو مِينْ © أى إن الشيطان الذى يتحكم فى النفس الأمّارة عدو مبين» أى ظاهر العداوة» بظهور آثار المآثم التى تفسيرسورة البقرة 0 !!!ااا ا|اا!!! اللا الللكك! 1ل الا!الااا! ا لللاك1ن !الل ممم ع ممم ممم ماعن ااال 1 نا تلة لكلل للك ستتللكا سس ]7 يي وجعلهم طعامًا سائغا؛ فظهور العداوة بظهور آثار الأعمال الوخيمة؛ إذ إنه يغرى باتباع الشهوات وهى حلوة المذاق» فإذا ذاقها من أغواه اندفع فيهاء وهى مردية فى نتائجها وبيئة فى نهاياتهاء فيكون الضرر المحقق بالآحاد والجماعات. وإن عداوة الشيطان مقررة ثابتة من بدء الخليقة» فهو الذى أغوى آدم وأنزله من الجنة» وبمثل ما صنع مع الآب يصنع مع الآبناء؛ وإن الله سبحانه قد سجل أن عداوته مستمرة» فقال سبحانه: « وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولَكُم في الأرض مستقر وممَاع إآى حين 22 4 [ البقرة] . لفَإن زللتم من بعد ما جاءتَكم الْبَينَات فَاعلَمُوا أن الله عير حكيم» يقترن فى آى الله الحكيم الأمر بالشئ بالنهى عن نقيضهء وعن أسباب المخالفة؛ ويقعرنان بالترغيب فى نعيم الله أحيانّاء وبالترهيب من بطش الله العزيز الحكيم أخرى؛ وفى هذه الآية قد اقترن النهى بالترهيب من العصيان؛ لأن النهى كان منصبًا على اتباع خطوات الشيطان والخضوع لإغرائه؛ وهو يجىء إلى النفس من جهة شهواتها وما تألفه»؛ فناسب ذلك الترهيب من العقاب؛ ليعلم من يجترح اللذات أن وراءها محاسبة القوى الحبار الذى لا تخفى عليه خافية؛ ولقد بين عداوة الشيطان للإنسان» فمن والاه فقد عادى نفسه وربه» ويحق عليه العقاب» وقبل نزوله يلزم التهديد به ليكون على بينة من أمره. #فإن زللتم» أى عدلتم عن الطريق المستقيم إلى الطريق المنحرف» وأصل الزلل يكون فى القدم» ثم استعمل فى الآراء والمسالك المعنوية؛ يقال زل يزل زللا وزلولاء أى دحضت قدمه؛ وهناك لغة فى زل تجعلها من باب فرح يفرح» #إمن بعد ما جَاءَتَكم الْبَيتات4 أى من بعد أن ساق الله سبحانه وتعالى لكم الحجج والآدلة المبينة لكم الحق من الباطل» والضلال من الهدى . ومعنى الآية إجمالا: إن حدتم عن طريق الاستقامة والإخلاص والحق من بعد أن علمتموه ببرهانه» فليس ثمة إلا العقاب الرادع بعد الدليل القاطع؛ واعلموا أن الله عزيز لا يغلب» ولا يهزم من ينصره» ومن عاداه وعادى أولياءه فهو عرضة آنا تفسير سورة البقرة لوو 000 جه واج مو 7" لنقمته؛ وهو حكيم يضع الأمور فى مواضعها؛ فلا يجعل المسئ كالمحسن» المصلح كالمفسد؛ فكان من مقتضى حكمته أن يفرق بين الأخيار والأشرار وأهل الإيمان وأهل الكفر. هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللَّهُ في ظَلَل م الْعمَام والْملائكة وَقُضي الأمر وآلَى الله ترجع الأمور» نادى الله سبحانه أهل الإيمان بأن يدخلوا فى الإسلام بكل شرائعه وأحكامهء وأن يدخلوا فى السلام العام. كما يقيم فيما بينهم السلام والآمن؛ وحذرهم من الشيطان وغروره؛ وحذرهم من أن يزلوا فيحرموا من نصر الله» وينزل بهم عقابه؛ وبعد ذلك أشار سبحانه إلى أهل الضلال» وكيف استمرءوا الغواية» وسدوا فى نفوسهم طريق الهداية؛ وقد أقام سبحانه عليهم الدليل بعد الدليل والحجة بعد الحجةء وقد استنكر حالهم منذراء فقال: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل مَن الْعَمَام4 وينظرون: معناها ينتظرون؛ يقال نظرته وانتظرته بمعنى واحد؛ و«ظلل»: جمع ظلة. كظلم جمع ظلمة؛ و«الغمام) اسم جنس جمعى لغمامة» وهى السحاب الرقيق؛ وسمى بذلك لأنه يغم أى يستر؛ والاستفهام إنكارى؛ فمعنى #هل ينظرون» لا ينتظرون. وقد وجه بعض المفسرين الآية على أن الكلام على حذف مضاف؛ فمعتى إتيان الله إتيان عقابه؛ وعلى ذلك يكون المعنى: إن هؤلاء المشركين الذين كفروا بالله بعد أن جاءتهم البينات هم فى غيهم يعمهون. وكأنهم لا يتنظرون بعد هذه الحجج الدامغة القاطعة إلا أن يأتيهم عذاب الله فى ظلل من السحاب يحسبونها عارضا ممطرهم» وهى عذاب يسحقهمء فتأتيهم النقمة من حيث ينتظرون النعمة» ويأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون فعلى هذا التخريج تكون الآية للوعيد؛ ويكون معنى إتيان الله وملاتكته إنزال عذابه الدنيوى؛ ومعنى قوله تعالى: #وقضي الْأمْر» على هذا التخريج أنه إذا نزل عذاب الله فى الدنيا فقد قضى أمره فيهم؛ إذ لم يكن ثمة رجاء فى إيمانهم؛ وكذلك كان يفعل الله سبحانه فى الأقوام الذين طغوا وبغواء وحالوا بين الناس والهداية»ء كما فعل بعاد قوم هودء وبثمود قوم صالحء وبفرعون وجيشهء ومن قبل ذلك بقوم نوح» وغيرهم.ء أما الذين علم الله أن سيكون فيهم هداية» فإنه يمهلهم ولا يهملهم. 0 تفسيرسورة البقرة لك لال حب ا وهناك اتجاه آخرء وهو عدم تقدير كلمة عذاب» وأن مجىء الله هو تجليه يوم القيامة» وكشف الحجاب للناس يوم الجزاء؛ فيتجلى عليهم ربهم وملائكته؛ والمعنى على هذا الاتهاه أن أولئك الجاحدين سادرون فى ضلالهم ولهوهم حتى يأتيهم أجهلم» وكأنهم لا ينتظرون وهم مستمرون فى ضلالهم إلى اليوم الآخر حيث يحاسبهم الديان» وتجرهم إلى النار ملائكة الجبار» وينال المؤمنون مثوبة الرحمن؛ ويكون معنى #وقضي الأَمرٌ» أنهم عاينوا الحقائق التى أنكروها حيث قضى الأمر نهائيا ولم تعد لديهم فرصة للتوبة والرجوع إلى ربهم؛ ولقد قال عَيِةِ: «ايجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة» شاخصة أبصارهم إلى السماءء يتظرون فصل القضاء؛ وينزل الله فى ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسى)7' . وقد بدا معنى لى غير المعنيين السابقين فى إتيان الله سبحانه وملائكته» وهو أن أولئنك المشركين قد كفروا مع أن الحجة قاطعة» والبينات دامغة» والحق واضح أبلج والرسول بين ظهرانيهم قد عرف طول حياته بالصدق والأمانة» وإذا كانوا قد كفروا مع تلك البينات فهل ينتظرون أن يأتيهم الله هو وملائكته فى ظلل من الغمام» لكى يؤمنوا برسالة محمد يَللُةٌ بتعد أن يشاهدوا الله وملائكته؛ ولقد طلبوا أن ينزل ملك من السماء برسالة محمد يَلكَِة: (١‏ وَقَانُوا لولا أنزل عليه ملّك ولو أنزلنا ملكا لقَضِي الأمر ثم لا يرون +20 ولو جنا ملكا لجعلناه رجلا وللبِسنا عليهم ما يأبسوت 22 4 [ الأنعام ] فالاستفهام حيئئذ للتوبيخ واللوم مع النفى؛ أى أن حالهم حال من لا يريدون أن يؤمنوا إلا بعد أن يعاينوا ويروأ الله وملائكته جهرة؛ كما قال إخوان لهم سبقوهم لموسى : ل أرنا اللّه جهرة . .. 2ه 4 [النساء]؛ ومعنى «رقضي الأَمرِ» أى أنتهى الأمر عند هذه المعجزة التى جاء بها محمد» فمن شاء فَليْوّمن ومن شاء فليكفر. .. لقم > [ الكهف ] . «وإلَى الله ترجع الأمور» إليه سبحانه وحده لا إلى أحد سواه» ولا إلى أحد معهء تصير الأمور خيرها وشرهاء وسيجزى كلا بما يستحق» إن خيراً فخير» وإن شرا فشر. )غ2 رواه ابن أبى الدنياء والطبرانى من طرق أحدها صحيح .2 والحاكم وقال: صحيح الإسناد . ذكره المنذرى فى الترغيب والترهيب . تفسير سورة البقرة اللللللباا06الال الالالال جه 1 وه : 37 #سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بين وإذا كان المشركون قد كفروا مع البينات وطلبوا ملائكة ينزلون من السماءء أو كتايًا فى قرطاس يقرءونه» فليس ذلك لنقص فى الدليل؛ أو لأنه عقلى ويريدون حسيا؛ بل الكفر غشاوة تكون على قلب الكافر تجعله ينكر الحق» ولو كان مع الحق ألف دليل؛ وهذا أمر بنى إسرائيل: نزلت عليهم عدة آيات» ومع ذلك قالوا أرنا الله جهرة؛ ولذا قال سبحانه: #سل بني إسرائيل» سل الحاضرين منهم أو استقر أخبار السابقين وسل تاريخهم: «كم آتيناهم من آية بينة8 من معجزة واضحة مثبتة إثباتا لا مجال للشك فيه ولا إثارة الريب حوله؛ فيد موسى تنقلب بيضاء من غير سوء» وعصاه تنقلب حية تسعى» ويضرب بها البحر فتفلقه اثنى عشر طريقاء وتضرب الحجر فينبجس منه اثنتا عشرة عيناء وتظلهم الغمام فى الحرء وينزل عليهم المن والسلوى؛ ومع كل هذه الآيات البينات قالوا: أرنا الله جهرة» ومنهم من كفر وعبد العجل؛ فقوة الدليل لا تحمل الجاحد على الإيمان» ومن كفر لا يكفر عن نقص فى الدليل» ولكن عن فساد فى الفكرء بسبب غشاوة على القلب وضلال فى النفس؛ وقوة الدليل مع هذه الحال لا تزيده إلا عنادا وإصرارا. <١‏ #ومن يبدل نعمة اللّه من بعد ما جاءَتّه4 نعمة الله هنا عامة تشمل نعمه الظاهرة والباطنة ؛ فتشمل نعمة الصحة» ونعمة المال» ونعمة الجاه» كما تشمل نعمة العقل» ونعمة الهداية بإرسال الرسل وإقامة الأدلة على رسالتهم؛ ومن يبدل هله النعم السابغة فيجعلها حجة عليه تؤدى إلى العقاب» فلا يبذل جهده فى مرضةة الله» بل فى معصيته. ولا يبذل ماله فى النفع بل فى الضررء ولا يبذل جاهه لإعانة الضعيف» بل لحيف الشريف؛ ولا يعمل عقله ليصل إلى الحقء بل ليضل نفسه؛ ولا يقبل الهداية بل يردها؛ ومن يبدل نعمة الله ذلك التبديل» فإنه سبحانه وتعالى سيعاقبه لا محالة؛ ولذلك قال ظفَإِنَ اللّهَ شُديد العقاب» والكلام فيه حذفء إذ حذف السبب» اكتفاء بذكر المسبب» كما تذكر المقدمة ولا تذكر النتيجة لأنها مفهومة ضمنا؛ والمعنى: من يبدل ذلك التبديل فإن الله سيعاقبه عقابا شديداء لآأنه سبحانه شديد العقاب» كما أنه عفو غفور»ء تواب رحيم. إل تفسيرسورة البقرة ١ 79‏ الا اللا الاااااااااااالللاة طن نااالاالااااااااث اللا ااانا لاللاقنااالاللاا انالا للاخ خظ اطاط ططللااااااامماااااااامااللاللانطلاالتتتللا 4 7 لجمل ونه #إزين للّذين كفروا الحياة الدنيا ويمسخرون من الذين آمنوا والّذين اتقوا فوقهم يوم وقامت الدلائل القاطعة» بين السبب فى غشيان الضلال قلوبهم؛ وهو أن الدنيا زينت لهم فحسبوها كل شىء وأنساهم ذلك ذكر الآخرة وما فيها من حساب وعقاب» بل إنه بسبب ضيق عقولهم انحصر تفكيرهم فى هذه» وحسبوا أن لا بعث ولا نشورء وأنكروا ذلك إنكار تاما؛ ولذلك قال سبحانه: #زيّن للّذين كفروا الحيا الدنيا فهى كل شىء فى تفكيرهم وقد دفعهم إلى اللجاجة فى الكفر والجحود أن عند الله هو التقدير بحال الدنيا من مال وجاه» وحسب ونسب » لا بمقدار الحق فى القلوب والأعمال7(١2؛‏ ولذلك سخروا من الذين أحبوا الإيمان وأهله وقالوا: أهؤلاء الذين سبقونا بالإيمان؟ ولذلك قال سبحانه: #ويسخرون من الّذين آمنوا» يستهزئون بالذين آمنوا. ولقد قال عطاء فى هذه الآية: نزلت فى المنافقين: عفن عبدالله ابن أبى وأصحابه» كانوا يتنعمون فى الدنيا»ء ويسخرون من ضعفاء المؤمنين» وفقراء المهاجرين» ويقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين يزعم محمد أنه يغلب بهم . وإن أهل الحق دائما ليسوا ممن نالوا حظا كبيرا فى الدنيا؛ فإن أولئك أقرب إلى بذل النفوس فى سبيله بعد الإيمان» والعبر كل يوم قائمة شاهدة مثبتة. ولقد ذكر سبحانه منزلة المؤمنين الذين يستهزأ بهم فقال: #والذين انقو فَوقَهم» الذين آمنوا واتقوا الله فوق أولئك الجاهلين الجاحدين الذين كفروا بالآخرة» وآمنوا الإيمان كله بالدنيا؛ ولا ارتباط بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة» بل قد يكون )١(‏ ذكره المنذرى فى الترغيب والترهيب وقال: رواه ابن أبى الدنيا والطبرانى من طرق أحدها صحيح واللفظ له والحاكم وقال: صحيح الإسناد. تفسير سورة البقرة 8 سس 0 > أ محروم الدنيا هو المنعم فى الآخرة» والجزاء على الأعمال لا على الأموال» وعلى القلوب لا على الأحساب» وعلى التقوى لا على الأنساب؛ ولذلك قال سبحانه: وال وق م يام بعيْرِ حساب» فالله سبحانه هو الرزاق ذو القوة المتين» يعطى من يشاء ويمنع من يشاء» ولا أحد يحاسبه» وليس عطاؤه دليل رضاهء فقد يعطى الكافر» وهو غير راض عنه كما قال تعالى: 9 وَلّوَلا أن يكُونَ النّاس أَمةَ واحدة لجنا لمن يكفر بالرَحَمن لبيوتهم سقفا من فضّة ومعارج عليها يَظهرونَ +420 [الزخرف] والرزق فى الدنيا منوط بأسباب دنيوية يجيدها الكافر كما قد يجيدها المؤمن» ومن سلك سبيلها وطلبها من مظانها رزقه الله» مؤمنا كان أو كافراً» ومن تنكب الطريق» لم يرزقه الله» وله فوق الأسباب تصريف الحكيم وتدبير العليم سيحانه؛ إنه على ما يشاء قدير. والخطأ أن يجعل تقدير الناس بأموالهم لا بأعمالهم» وبمظلاهرهم لا بنفعهم» روى أن رسول الله كان بين أصحابه فمر بهم رجل فقال النبى وَكِة لرجل جالس عنده: «ما رأيك فى هذا»؟ فقال: رجل من أشراف الناس» هذا والله حرى إن خطب أن ينكح» وإن شفع أن يشفع» وإن تكلم أن يسمع فسكت رسول الله؛ ثم مر رجل آخر فقال رسول الله ةم «ما رأيك فى هذا»؟ فقال: يارسول الله إن هذا رجل من فقراء المسلمين» هذا حرى إن خطب ألا ينكح» وإن شفع ألا يشفعء وإن قال لا يسمع لقولهء فقال يَكِةِ: «هذا خير من ملء الأرض مثل هذ)7 , وإن المال هو الذى يضل العباد فيجعلهم يخطئون فى تقدير الناس» وتقطع به الأواصرء ولو قدره الناس حق قدره» ولم يتجاوزوا به الحد ما كانت تلك الآفات» ولو كان الناس يقدرون بفضائلهم لا بأموالهم وتساووا فى الحقوق أمام القانون ما كان ذلك الألم الذى يمض الفقيرء وحسب الغنى أن المال عبء عليهء وأنه ظل زائل» وعرض حائل؛ ولقد قال تَلَِّ: «يقول ابن آدم مالى مالى» وهل لك من مالك )١(‏ رواه البخارى: التكاح . الأكفاء فى الدين ١(‏ ) عن ابن سعد رضى الله عنه. ا تفسيرسورة البقرة ااا الالالال إلاما أكلت فأفنيت» وما لبست فأبليت» وما تصدقت فأمضيتء وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس)7١'‏ والله سبحانه مالك الملك ذو الجلال والإكرام. كج هود هه هه له و مل وه كان النّاس أمة واجلاه اعت ألَه اليش مبشررة 02 2 و3 ساس إلا إوسلر 0 وَمَنذِ رن وأنزل معهمأ كتبيا لحن لِيَحَكم بين ألشَاس زر اح سس لخر 8 2 عر سر لح سل سسا سل 020 ع مدو مله فيا أختَلو أو وَأ خلتَ جه أ لذن بن أودوه من يعيك صد و ئًّ 2 خا لو 15 سرح بسر 2 هك ل" لاسرم نهم لمينات بعيا دنهم فهدى الله الذتءامنوأ ليا املف م سه اذآ 0 هه لمَامْتََُأفه بَأنقَ وى من 11 ل 2 سح 2 رط مُسْنَقَم حي ذكر الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أن الناس فريقان: فريق يسعى فى الأرض فساداء ويضل التاس بخلابة لسانه؛ وفريق باع نفسه للحق يفتديه» ولربه يبتغى رضاهء ولا يرجو سواه؛ وإن النضال بين الفريقين قائم» على مقتضى سنة هذا الوجودء من التنازع بين الخير والشرء وبين أهل الحق والضلال؛ وإنه من أجل ذلك سوغ الله سبحانه وتعالى لأهل الخير أن يحملوا السيف مناضلين مدافعين» وإن كان أصل الفضيلة فى الأمن والسلام؛ ولكن إن كانت الحرب سبيل السلام الفاضل فهى مطلوبة لأجل السلم» وإن كانت شجرة السلام التى تظل أهل الحق لا تقوم إلا إذا سقيت بالدماء» وجب القتال؛ لأن ما لا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب» والسلام واجب على بنى الإنسان. وفى هذه الآية يشير سبحانه إلى أن الاختلاف بين الناس ما بين محق فاضل» ومبطل شرير» مستكن فى أصل الوجود قائم على أصل من الفطرة التى ألهمت فيها 220 رواه م بهذه الزيادة فى آخره: «وما سوق ذلك فذاهب وتاركه للناس» - مسلم : الزهد (9ه6؟6) وأحمد (84619). والترمذى (5575)» والنسائى فى الوصايا (76065) وأحمد فى مسنئده (18/ا8١).‏ ل 0 تفسير سورة البقرة 000 النفوس فجورها وتقواهاء وهداها الله النجدين؛ وأن الله العليم الحكيم بعث الرسل مبشرين بحسن العقبى لأهل الخير وسوء العقبى للأشرار؛ ليكون من ضل إثما يضل عن بينة» ومن اهتدى فعن بينة؛ ولتتحقق التبعة على الأفعال بالعقاب والثواب؛ وليكون الجزاء العادل على العمل إن خيرا فخير» وإن شرا فشر؛ وليخفف بعث النبيين الخلاف وإن كان لا يمحوه؛ فإن المماراة واللدد فى الخصومة التى اختص بها أهل الشر يمنعانهم من أن يسلموا بالحق رغباء وإن كانوا أحيانًا يسلمون به رهبّاء وبعضهم يطمس الله على بصيرته فلا يجديه ترغيب؛ ولا يؤثر فيه ترهيب؛ بل هو ضال مضل إلى يوم الدين. ولهذا قال سبحانه وتعالى: #كان الئاس أَُمّةَ واحدة فَبَعث الله التبيين مبشرين ومنذرين» الأمة مأخوذة من أمّ بمعنى قصد؛ والجماعة من الناس التى تربطها رابطة» وتجمعها جامعة تسمى أمة؛ لأن كل واحد منها يؤم المجموع ويقصده» ويعتمد عليه نصه : «والأمة كل جماعة يجمعهم أمر؛ إما دين واحد. أو زمان واحدء أو مكان واحدء» سواء أكان الأمر الجامع تستخيرأ أو اختياراء»ء وجمعها أممء وقوله تعالى : وما من داب في الأوض 0 ١‏ عأثر بطر يجاح ِل أمم 0 0 ٠‏ 430 [الأنعام؛ كالعتكبوت» وبانية 03 ومدخرة كالتمل . ومعتمدة على قو قوت وقتها تعالى: #كان الئاس أَمةَ واحدة» أىّ صنفا واحدا وعلى ظريقة واحدة فى الضلال والكفرء وقوله: «إ ولو شاء ربك لجعل الئاس أَمّةَ واحدة ... 42# * [هود] أى فى الإيمان؛ وقوله: 9«( ولتكن مكم أُمَة يدعون إِلَى الخير ... +23 4 [آل عمران] أى جماعة يتخيرون العلم والعمل الصالح يكونون أسوة لغيرهم؛ وقوله: 8 إِنَا وجدنا آباءنًا على أَمّة. .. 22> 4 [الزخرف] أى على دين مجتمع. . إلخ». )00( السترفة بضم السين وسكون الراء: دويبة تتخذ بيتا من دقاق العيدان فتدخله وتموت» ومنه المثل: أصنع من سرفة - قاموس . م تفسيرسورة البقرة اللو ااام الل ومن هذا التحقيق» وتتبع الآيات الكريمات» تبين أن معنى «أمة» الطائفة التى يجمعها أمر» ويربط بينها وصف جامع؛ فقوله تعالى: لكان النّاس أَمّةَ واحدة»* أى كان الناس على اختلاف أجناسهم وأقاليمهم وألوانهم أمة واحدة» أى تجمعها رابطة واحدة» ووصف مشترك يوحد بينهم جميعاء مهما تختلف المنازع وهنا يتطلع العقل لمعرفة ذلك الأمر الذى اشترك الناس جميعا فيه» فكانوا بذلك الاشتراك أمة واحدة ثم إلى ما تدل عليه كلمة «كان» أهو الدلالة على الماضى من غير استمرار» بمعنى أن ذلك الوصف الجامع كان فى الماضى وانتهى وانقطع» أى أن الناس فى الماضى كانوا أمة واحدة» وفى الحاضر والاستقبال زال ذلك الوصف عنهم» أو على الأقل فى حكم المسكوت عنه» والحكم على الماضى يشمل الحال والاستقبال؛ أم أن مدلول كان هو الوجود والاستقرارء فتدل على الوقوع فى الماضى يشمل الحال والاستقبال» فتدل على وقوع فى الماضى والاستمرار فى الحاضرهء والبقاء إلى المستقبل ككان فى قوله تعالى: 9 وَكَانَ الله غَفُورا رُحيما 22 4 [الفرقان] . هذان هما الأمران اللذان يعدان مجال القول» عند تفهم مدلول تلك الجملة السامية: كان النّاس أَمّةَ واحدة» فلنقصد لذكر أقوال العلماء فيهماء وهى فى نظرنا ترجع إلى ثلاثة أقوال: أولها - أن الوصف الجامع الذى كان يجتمع الناس جميعا عليه هو أنهم كانوا مهديين» وعلى الفطرة المستقيمة التى فطر الله الناس عليها؛ وقد اختلف العلماء فى نوع هذه الهداية وأسبابها؛ والذى نختاره ما أشرنا إليه من أنها هداية الفطرة؛ «وكان» تكون للماضى ولا يستمر الحكم بها فى الحاضرء ولا يمتد إلى القابل. ويكون على هذا التخريج لابد أن يقدر ما يدل على زوال وصف الهداية» حتى تكون الحاجة إلى بعث الله النبيين؛ ولذلك قال العلماء: إن معنى الآية على هذا التخريج: كان الناس أمة واحدة مهديين فاختلفوا ما بين ضال ومهتد» فبعث الله النبيين بالكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. هاا تفسير سورة البقرة لل 20100 ويصح أن نقول: إن «كان» تدل على الاستمرار» ويكون المعنى أن الناس كانوا وما زالوا أمة واحدة مهديين بمقتضى الفطرة» ولكنهم يضلون أنفسهم» فبعث النبيون ليكونوا حجة على الناس» وليكون الجزاء من عقاب وثواب» وليتحمل كل امرىء عاقبة ما صنع بالتبليغ . القول الثانى ‏ أن الناس كانوا أمة واحدة من حيث إنهم كانوا ضالين» فبعث الله الأنبياء لهدايتهم» ولإنقاذهم. من حيرتهم» وليكونوا حجة عليهم» ولتترتب تبعات الأعمال» من عقاب وثواب» وذلك بالإنذار والتبشير. «وكان» على هذا التخريج تكون للماضى واضحة المعنى» بينة» ولا حاجة إلى تقدير كلام محذوف. القول الثالث ‏ وهو قول القرطبى» إذ يقول فى أحكام القرآن: المراد الإخبار عن الناس الذين هم الجنس كله أنهم أمة واحدة فى خلوهم عن الشرائع» وجهلهم بالحقائقء لولا من الله عليهم» وتفضله بإرسال الرسل إليهم؛ فلا تختص "كان) على هذا التأويل بالمضى فقط. بل معناه معنى قوله تعالى ظ وَكَانَ الله عَفُورا رحيما عر 4 [ الفرقان ] . وإن هذا هو الذى نختاره(١2‏ وعلى هذا التأويل لا يكون ثمة حاجة إلى تقدير محذوف؛ لأآن ذات حالهم من كونهم لا علم لهم بالشرائع» ولا تهتدى عقولهم إلى الحقائق بنفسهاء توجب البعث؛ ولأن تلك الحال التى تكون على الفطرة وحدها توجب الاختلاف فتوجب بعث النبيين؛ وذلك لأن النفوس إن تركت لمقتضى جبلتها من غير شرع مبين» ولا كتاب يحكم» تكون بين نفس غلبت عليها شقوتها؛ وبين نفس ضالة حائرة» تدفعها الغرائز إلى الشهوات دفعاء فيكون التناحر والتنابل؛ ولابد حينئذ من حاكم يقضى» ويقدع النفوس عن شهواتها. )١(‏ قال المصنف - رحمه الله -: وهو عين ما اختاره اللأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده» وقد استفاض فى توجيهه» وحرره بقلمه البليغ رضى الله عنهء فارجع إليه. إل تفسيرسورة البقرة لئل للللل ال الللللللن ثم إن نفس كل إنسان فيها نزوع إلى الاجتماع» واستعانة بعضهم ببعض؛ وحيث كان الاجتماع لابد من نظام يربطء وشرع يحكمء وعقاب يردع؛ وإلا أكل القوى الضعيف,. كما يأكل كبار السمك صغارها عند اجتماعهاء وكما تفترس السبع الأوابد من يكون أضعف منها. وعلى هذا تكون الفاء فى قوله تعالى: طقَبْعَتْ الله الَبِينَ مبشرين وصسذرين» للترتيب والتعقيب فى موضعها من غير حاجة إلى التقدير؛ لأن كون الناس أمة واحدة اقتضت الرسالة واقتضت الاختلاف» فكان لابد من شرائع السماء لتبخع الشهوات» ولتقضى على الخلاف» ولتهدى الناس وتنقذهم من الضلال. ولأن اتحاد الفطرة واتحاد الغرائزء واندفاعها إن لم يكن لها عاصم من شرع زاجر وعقاب مانع» يجعل الناس يتناحرون ويتنابذون فلابد من حكم صالح بين الناس» فكان ذلك الحكم من السماء. «وكان» على هذا التأويل تكون دالة على الاستمرار والثبوت؛ لأن الناس بمقتضى فطرهم دائما فى حاجة إلى شرع من السماءء لايهتدون إلا به» ولا ينير السبيل لهم شىء سواه؛ وإنه مهما تعل العقول فلن تقوى على التهذيب من تلقاء نفسها؛ بل لابد من دين قد اشتمل على الترغيب والترهيب من بارئ الكون ومنشئ الخلق» الذى خلق الإنسان وهداه النجدين: طريق الخير» وطريق الشر. واعتبر بما ترى بالمدنية الحاضرة ؛ فقد علت العقول عند أهلهاء حتى استخرجوا كنوز الأرض» وتعرفوا على كثير من نواميس الوجودء ولكنهم يأكل بعضهم بعضا لهجرهم الأديان» وعدم وجود داع ينادى بينهم باسم القرآن. وقد يقول قائل: إن جعل «كان» للاستمرار» يفيد أن وحدة الناس فى الفطرة وتأديها إلى التناحر يقتضى بعث النبيين إلى يوم القيامة» وإنه لابد من نبى لعصرنا؛ ونحن نسلم بالاعتراض» ولا ندفع إيراده» ونقول: نعم إنه لابد من قيام رسالة إلى يوم القيامة» وتلك الرسالة قائمة إلى يوم القيامة؛ وهى رسالة محمد وَْةٌ التى جاءت بكتاب تتجدد به الرسالة والبعث إلى أن تفنى الأرض ومن عليهاء وذلك 0 تفسير سورة البقرة لااتالللتائ اللا تالالا لا لاا االاك ال اللللة الللا1 ا لللللاا! !الالالال ناملالا لالت تالالطا خااااتاا تناكل الل طامطلا ل لاط لالط طش طططظ ل ْاللاللا اه ٠: كا‎ يي بالقرآن الكريم لا تبلى جدته» وبقائه محفوظا إلى يوم القيامة من غير تحريف ولا تغيير ولا تبديل؛ وكون الذى يقرؤه كأنما يتلقاه عن النبى ليله فيتلقى التكليف؛ وهو فى ذاته حجة قوية معجزة» ولا يختص إعجازها بجيل من الأجيال» ولا عصر من العصور؛ إذ هو بما اشتمل عليه من علم وشريعة» وقصص مستقيم» معجز إلى يوم الدين؛ وإذا كان الناس فى جهالة به» ولم يتلقوا رسالته» فهذا من تقصير الذين توارثوه وانتقل إليهم متواتراً جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة؛ فبعثة النبى مَلِْهٌ مبشراً منذر إذن متجددة فيه؛ وحق على حملته» ومن توارثوا علمه أن يعلنوه بين الناس» ليصدق عليهم قول الرسول كله «العلماء ورثة الأنبياء»7'' وإلا فهم عن ذلك فى واد يهيمون. «وأنزل معهم الكتاب بالْحق ليْحكُم بين اناس فيمًا اختلَُوا فيه» بعث الله سبحانه وتعالى النبيين مبشرين ومنذرين» أى مبشرين بحسن العقبى فى الدنيا والآخرة إن أطاعوا ربهم» ومنذرين بسوء العقبى فى الدنيا والآخرة إن عصوا ربهم. ووقعوا فى الشرء ولم يستقيموا على الطريقة . ولقد أنزل الله سبحانه كتابًا مشتملا على الحق مع كل نبى يرشد به ويبين ويهدى ويقوم ويحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه» بالحق الذى اشتمل عليه» إذ إن الاختلاف من طبيعة التكوين الإنسانى» ومشتق من كونهم أمة واحدة فى الجهل بحقائق الوجود إلا من رحم الله» وإن الغرائز إن لم يكن لها عاصم من الإرادة القوية والهداية الإلهية تندفع إلى الشهوات فتتناحر القوى ويأكل القوى الضعيف ولقد ذكر الكتاب بصيغة المفرد» مع أن كل نبى مبعوث له كتاب» وجاء محمد بكتاب جامع مصدق لا بين يديه وما خلفه يهدى للتى هى أقوم؛ عبر بصيغة الواحد للإشارة إلى أن كتب النبيين وإن تعددت هى فى لبها كتاب واحد؛ لاشتمالها على شرع واحد فى أصلهء كما قال تعالى: 8 شرع لَكُم من الدين ما وَصّئ به نوحا والّذي )١(‏ جزء من حديث رواه الترمذى فى العلم (5 22560 وأبو داود: العلم 20161 وابن ماجه فى المقدمة أبى الدرداء رضى الله عنهء وذكره البخارى تعليقا فى ترجمة باب «العلم قبل القول والعمل» . لل تفسيرسورة البقرة الل اااللللفواا6االل ل أَوَحينا لِك وما وصينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أَقِيمُوا الددين ولا تترُوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إلْيه ؛ الله يجتبي إِلَيه من يشاء ويهدي َيه من ينيب 20 4 [الشورى]. وكلمة اليَحَكم بين النّاس» قرئت بضم الياء للبناء للمجهول؛ وقال القرطبى إنها قراءة شاذة؛ والمعنى عليها أن الكتاب مشتمل على ما يحكم به بين الناس فيما يختلفون فيه مما يتعلق بالدنيا والآخرة» فهو المرجع الذى يدركون به الحق فى ذاته إذا اختلفوا فى العقائد أو الشرائع» أو اليوم الآخر؛ وهو الحكم العدل إذا اختلفوا فى شئون دنياهم» ومارب الحياة» والمعنى على القراءة المشهورة «ليحكم» بفتح الياء للبناء المعلوم: أن القرآن هو الذى يحكم بين الناس» فهو الفيصل فى الخلاف» وهو المصدر العلمى فى كل شئ يتعلق بالدين» وفيه الحكم العادل إلى يوم القيامة» وإسناد الحكم إلى الكتاب للإشارة إلى وجوب الرجوع إليه عند كل اختلاف» وللإشارة إلى ألا نحكم أهواءنا فى فهم الكتاب وتأويله تأويلا بعيد ليتفق مع رغباتناء أو ما يسميه البعض مصالحناء ولا مصلحة فى غير ما جاء به النص المبين» ولقد قال فى هذا الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده ما نصه: الحكم مسند إلى الكتاب نفسه؛ فالكتاب ذاته هو الذى يفصل .بين الناس فيما اختلفوا فيهء وفيه نداء للحاكمين بالكتاب أن يلزموا حكمه ولا يعدلوا عنه إلى ما تسوله الأنفس وتزينه الأهواء؛ فإن الكتاب نفسه هو الحاكم وليس الحاكم فى الحقيقة سواه؛ ولو ساغ للناس أن يؤولوا نصا من نصوص الكتب على حسب ما تنزع إليه عقولهم» بدون رجوع إلى بقية النصوصء وبناء التأويل على ما يؤخذ من جميعها جملة ‏ لما كان لإنزال الكتب فائدة ولما كانت الكتب فى الحقيقة حاكمة» بل تتحكم فيها الأهواء.؛ وتذهب النفوس منازع شتى» فينضم إلى الاختلاف فى المنابع اختلاف آخر جديدء وهو الاختلاف فى ضروب التأويل» وبناء كل واحد حكما على ما نزع إليه» فتعود المصلحة مفسدة» وينقلب الدواء علة! ولهذا رد الله تعالى الحكم إلى الكتاب نفسه لا إلى هوى الحاكم به. . ونسبة الحكم إلى الكتاب كنسبة النطق ل بل تفسير سورة البقرة لام ااال ب والهدى والتبشير إليه فى قوله تعالى: «( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق.. . +20 4 [الجاثية]» وقوله تعالى: «إإِنْ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين . ل 4 [الإسراء ] . المنافع الدنيوية والشهوات فيها: «يتخذ الواحد منهم كلمة من الكلمات أو أثرا تمن جاء به» وسيلة إلى تسحخير غيره لما يريد» وذلك بقطع الكلمة أو الأثر عن بقية ما جاء فى الكتاب والآثار الأخرىء ولى اللسان أو تأويله بغير ما قصد منهء وما هم المؤول أن يعمل بالكتابء وإما كل ما يقصد هو أن يصل إلى مطلب لشهوته» أو ثم يأتى ضال آخر يريد أن ينال من هذا ما نال غيره فيحرف ويؤول» حتى يجد والاضطراب؛ وآلة المختلفين فى ذلك هو الكتاب)7' . ونا الف في إلا لذن أوفوة من بد ما اهم يات امه من شأن الكتاب أن يزيل الخلاف ويحسم النزاع إن احتكموا إليه واهتدوا بهديه» وهو لا يحمل الناس على الهداية حملا بل ينير الطريق ويهدى إلى التى هى أقوم » فهو كالضوء لا يخلق البصر» ولكن ينير للمبصر»؛ وهو كالدليل فى الصحراء الكتاب» بل يوجد خلاف آخر حوله؛ لأن الأهواء إذا استحكمتء لا تسترشد بمرشدء ولا تتبع هاديا؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى: #وما اختلف فيه إلا الْذِين أوتوه» . )١(‏ قال الشيخ الإمام رحمه الله: نقلنا ذلك الكلام مع طوله ليعلم الناس رأى الإمام فى طريق التأويل الصحيح» وليدركوا بطلان أقوال الذين يتعلقون بالإمام ليخضعوا الشريعة لحكم الزمان» فيعاقبون على الطلاق بالحبس والغرامة بدعوى عدم صلاحية ذلك للزمان» ويبيحون الربا بدعوى أن ذلك مصلحة الأيام» ويبيحون القمار بدعوى أنه كالبيع» أو هو تبرع» وهكذا وهكذاء ويحسبون أنهم يقلدون الإمام» والإمام من منهجهم برىء إلى يوم الدين» وتلك عباراته بقلمه» فقد كتب تفسير هذه الآية بقلمه (ج؟" ص2»585 9 ا تفسيرسورة البقسرة موبلالل نا الضمير فى «فيه» وفى «أوتوه» إما أن نجعله يعود إلى الحق» وإما أن نجعله يعود إلى الكتاب» وكلاهما مذكورء وله وجه؛ فإن كان الضمير يعود إلى الحق» فالمعنى على ذلك: إن الذين يختلفون فى شأن الحق» اختلافهم ظلمء هم مأخوذون به معاقبون عليه» فليس الاختلاف مبنيا على جهالة كالاختلاف قبل نزول الكتاب» بل هو ترك للحق عن بينة؛ لآنهم أوتوا الحق أى أوتوا العلم به» فليسوا جاهلين كشأنهم الأول؛ ولأنهم علموا الحق ببينات جاءتهم؛ ولذا قال سبحانه: #إمن بعد ما جاءتهم البينات4 أى من بعد ما جاءتهم الحجج البيئة المثبتة له التى يدركها كل إنسان إلا من ران الله على قلبه؛ ولأن البغى أى الظلم الشديد هو الذى يدفعهم إلى ذلك الاختلاف. ولو جعلنا الضمير يعود على الكتاب» يكون المعنى أن الاختلاف يكون حول الكتاب الذى هو بيان الحق ونوره؛ وذلك لأن الذين فى قلوبهم مرضء وعلى . أعينهم غشاوة» تبعث الرسل إليهم لهدايتهم بكتب فيها الحق والميزان فيجعلون تلك الكتب موضع الجدل والاختلاف ولكنه ليس كخلافهم قبل البعث؛ لأن الخلاف الأول عن جهل ففيه العذرء أما الخلاف الثانى فلا عذر فيه؛ لأنه خلاف بعد أن أوتوا علم الكتاب» وما اشتمل عليه؛ وبعد أن جاءتهم البينات والدلائل على الصدق . ولقد ذكر سبحانه الباعث على الخلاف بعد نزول الكتب المقدسة بالحق المبين المؤيد بالأدلة القاطعة» فقال سبحانه: بغي بينهم» والبغى معناه طلب الشئ متجاوزا حد الاقتصاد. وقال الراغب الاأصفهانى: البغى على ضربين: محمود وهو تجاوز العدل إلى الإحسان. والفرض إلى التطوع؛ والثانى مذموم. وهو تجاوز الحق إلى الباطل . وأكثر ما يكون البغى فى الثانى» وهو المراد هناء أى أن الباعث على الخلاف فى الكتاب بعد نزوله مؤيدا بالحجج الدامغة والأدلة القاطعة هو الشهوات المستحكمة التى تدفع النفوس إلى مجاوزة الحد فى الطلب» وقال سبحانه: #بغيا بينهم» أى أن ل تفسير سورة البقرة اللللإإاا ل مللللل ااال اه «لجمل بار بي البغى واقع فيهمء وإن لم يكونوا كلهم بغاة» فيكفى أن يكون بعضهم باغيا ليقع الخللاف حول الكتاب» بين طللاب الحق الممتدين» والذين أركسوا فى الباطل فلا ينطقون إلا تحت سلطانه» ولا يعملون إلا تحت تأثيره. والاختلاف فى الكتاب يشمل الاختلاف فى شأنه ما بين مصدقين بما جاء به ومكذبين» ومذعنين لأحكامه ومخالفين» ويشمل الاختلاف فى أحكامه ما بين منفذين خاضعين» وعصاةة لها قد ارتضوا حكم الجاهلية بدل حكم الله ويشمل أيضا الاختلاف فى تفسيره وتأويله مابين راسخ فى علم الكتاب يطلبه من أوجههء وبين زائغ القلب والبصيرة يتبع المتشابه» أو يشير حوله الشبه ولو كان واضحا بين 3-2 صريحا. وكل هذا يدفع إليه البغى والعدوان» ولا يعتمد على حجة من برهان» وهو حجة كما قررنا على المختلفين؛ لأنه بعد أن «أوتوه» أى أوتوا علم الكتاب مؤيدا بالبينات» ولكن جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم» واستحكمت شهواتهم» وسموها مصالح ومنافع» وأرادوا أن يخضعوا نصوص الكتاب لهاء فضلوا ضلالا بعيدا. #فهدى الله الّدينَ آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه» أشار سبحانه فى الجملة الكريمة السابقة إلى السبب فى غواية الغاوين» وإثارة الخلاف» وهو البغى وتحكم الشهوات التى تدفع إليه؛ وفى هذه الجملة الكريمة يبين موقف المهتدين؛ ولذا قال سبحانه: طفَهَدى الله الّذِينَ آمنوا4 والفاء هنا للإافصاحء لأنها تفصح عن شرط مقدرء إذ المعنى: إذا كان هذا شأن الظالمين فقد هدى الله الذين آمنوا. . إلى آخره. وعبر بالذين آمنوا للإشارة إلى سبب هدايتهم للحق» وهو الإيمان والإذعان؛ فهم يؤمنون بالحق إذا جاءهم» ويذعنون له ويخضعون؛ وهم لاستقامة نفوسهم يتبعون النور الذى يكشف لهم الطريق ويسيرون فيه. وأسندت الهداية إلى الله سبحانه وتعالى لأنه مقلب القلوب» وهو علام الغيوب» المسيطر على كل شئ. وللعبد إرادة أيضاء فمن كان له قصد إلى الخير» واتجاه إلى الفضيلة وسار فى الطريق المستقيم» قذف الله فى قلبه بنور مشرق» وسار ا تفسيرسورة البقرة لللوللاا0ا0ا0ا10ا0االلل لل به مهديا فى مضطرب الخلاف» ومعترك النزاع؛ فالمؤمن باتجاهه المستقيم وإذعانه لليقين» وهداية رب العالمين يصل إلى الحق فى موضوع الخلاف» والصواب فى متنازع الآراء؛ لأن الذى يفسد الرأى هو الهوى. وتسلط الشهوات؛ فهى إذا استحكمت أضلت ذا اللب» وطمست البصيرة إذ أصبح محكوما بالآهواء والشهوات» يسير فى مسارهاء وهو يحسب أنه يسير وراء العقل؛ وذلك هو الضلال المبين؛ فإذا خلص المؤمن من أدران الهوى ولم تتحكم فيه الشهوات فسيصل إلى الحق لا محالة؛ لأن الذى يضل العقول رين الشهوات. و«من» فى قوله تعالى: #الما اختلفُوا فيه من الْحَق» هى البيانية» والمعنى : هدى الله الذين آمنوا للحق فى موضع الحشلاف: فلا يطيش عقله ولا يضل فهمه / بل ينجه إلى الحق الذى جرى الخلاف حوله من غير أن تتآثر نفسه بهوى أهل الأهواء الذين احتلفوا فيهء وكانوا بسبب الاختلاف فى ريب يترددون؛ لأن الاختلاف بالنسبة للمؤمن يجلو الحق ويمحصه.» وبالنسبة لمريض القلب يطمس الحق فى نفسه فيتخل منه تعللات يبرر بها ضلاله. وقوله تعالى: #ياذنه 4 معناها بتيسيره وتوفيقه؛ وقال الزجاج معناها: بعلمه: وقال بعضهم: بأمره؛ ونحن نرى أن التيسير والتوفيق يتضمن هذا كله؛ لأن الله سبحانه وتعالى أعلم بالحق وأمر به؛ وهذا من تيسيره؛ ثم وفق سبحانه المؤمن للعمل بهء لاستقامة فكره وقلبه؛ ولم يوفق غير المؤمن ذلك التوفيق لتحكم الأهواء والشهوات فى قلبه» فلم يتجه اتجاها مستقيما لطلب الحق والعمل به. إواللّه يهدي مَن يشاء إلى صراط مُستقيم» الصراط: هو الطريق المستقيم» فوصفه بالاستقامة تأكيد لمعنى الاستقامة؛ وقد ذيل الله سبحانه الآية الكريمة بهذه الجملة السامية الحكيمة؛ لبيان كمال سلطانه سبحانه» وأن الذين يعاندون حكم الكتاب هم فى قبضة يده لو أراد أن يهديهم لفعل؛ فليس لأحد سلطان بجوار سلطان الله؛ وليس الشر قوة قائمة بذاتهاء إنما اللجميع تحت أمر الله الكونى وسلطانه؛ ولو أراد أن يكون الجميع مهديين لكانواء ولكنه يختبر الإنسان فى هذا تفسير سورة البقرة ش سس سس حك الوجودء فجعل الشر بجوار الخير» وجعل المعركة قائمة بينهما ليكون للمهتدى ثواب الهداية إذا قصد إليهاء وعلى الضال إثم ضلاله؛ وإن الاعتراك بين الخير والشر يصقل أهل الحق» ويزكى نفوسهم. وفقنا الله إلى الحق. ومن الدعاء المأثور: اللهم أرنا الحق حمّاء وارزقنا اتّباعه» وأرنا الباطل باطلاء وارزقنا اجتنابه» ولاتجعله متلبسا علينا فنضل» واجعلنا للمتقين إماما. َمْحَسِبُم ا - أألْحَسََدَوَلمَا لخ سراد ا 20 1 8 و_- له سم 0 لون ميلك عستم بمالأسَآءوَالقَمَاه أحوًا دقو مول سول وَالَدَنَ | َاموأْمعَهدمَنص رف نراقي 5 9 لوكت كماد امُنفمُون 0 ررح سكا 0 0 مَآأَْفَقسّم من مودي والْيِينَ واس واس تيبل ومَاتَََوَ مِن حير كن أله بدعليم 9 0 كيب عَِنَكُمْ اليا 0 »ل وَمهج أن ككرهوأ وض و ويد وعس5 يو 6 سسء كر 20700 و 26 شيعا وهوحر عَسَو أن تحبوأ سيا وهوس ولاه الو ماع ل« .2< كرو حطو الله و 1 ترس جه بين الله سبحانه وتعالى فى الآية السابقة أن الناس جميعًا قد فطروا على فطرة واحدة» وأن من هذا الاتحاد كان الافتراق والاحتلاف؛ ولقد ألهم الله كل نفس فجورها وتقواها؛ وخلق الناس مستعدين للخير وللشر»ء وللطاعة والعصيان؛ فكان منهم من غلبت عليه شقوته فاتجه نحو الشر» ومنهم من عمته رحمة الله فاهتدى إلى الخير؛ فكان من الناس الأخيار والأشرار؛ وكان هذا من مقتضى الاستعداد للأمرين بمقتضى الفطرة التى فطر الناس عليها وكانوا فيها على سواء. ب تفسيرسورة البقرة ل ولا شك أن العاقبة للخير؛ لأن الله هو الذى أمر به؛ فإذا كان الناس فيهم الفجار والأبرار» وأن فى نفس كل امرئ استعدادًا للفجور والتقوى؛ فالله سبحانه قد دعا إلى الخيرء وحث عليه» وهو غالب على أمرهء وهو لابد ناصر للخيرء هازم للشرء والعاقبة للمتقين؛ ولكن النصر يكون على مقتضى تدبير محكم» على البلاء؛ وعدم استنامة إلى الرخاء. فلا يتتصر الخير على الشر إلا بشدائد ومكاره تنزل بالأخيار ويتغلبون عليها بعد مغالبتهاء ومغالبة الأشرار معها؛ ولذلك أردف الله سبحانه وتعالى الآية الدالة على اتفاق الناس واتختلافهم» بالآيات الدالة على الشدائد النازلة بالأخيار وأتباع النبيين؛ فقال سبحانه: «أم حسبتم أن تَدَخَلُوا الجن . . إلخ. فى هذه الآيات إذن يبين الله سبحانه وتعالى ما ينزل بالآخيار فى سبيل الاستمساك بالحق والدفاع عنه» وكيف يغالبون المحن التى تنزل بهم» والأعداء الذين يحيطون بدولتهم ؛ ولقد وصف سبحانه وتعالى أولا البلاء فى الداخل والخارج» ثم وصف علاجه في الداخل بالبر والإنفاق ثم وصف علاجه فى الخارج» بالمقاومة وحمل السيف عند الاضطرار. «أم - حسبتم أن تَدخَلُوا الجنة ولَما ا يكم مَتَلَ الّدينَ حَلَوَا من قَبَلَكُم مُستهُم البأساء والضراء ولو 4 فى هذه الجملة السامية بين الله سبحانه وتعالى أن طريق الحنة محفوف بالشدائد؛ كما قال يَكلِ: «حفت الجنة بالمكاره» وحفت النار بالشهوات»'") وأن تعيم الجنة مرتقى عظيم» لا ير تفع إليه إلا المجاهدون؛ وأنه كلما عظمت الشدة وطالت المدة كان الخير أعظم» ومعه رضون الله وهو أكبرء وأن البلاء منوع مختلف ؛ فهو بالبأساء وهى الشدائد والمكاره التى تكون من خارج الجسم» كحرب ضروسء. أو خطر داهم؛ والبلاء قد يكون بالضراءء وهى الآلام والشدائد التى تحل بالجسم» كجراح شديدة» أو أمراض ممضة.ء أو آلام نفسية مزعجة وإن هذه الالام قد تزعجهم وتشتد عليهم» وتصير كالزلازل تهز نفوسهم هزا عنيفا؛ كما يهز الزلزال )١(‏ رواه مسلم: صفة الحنة (9غ0١ه6).‏ والترمذدى 850 وأحمد فى مسنده د لشن والدارمى فى الرقاق (7770) عن أنس بن مالك رضى الله عنه. م تفسير سورة البقرة لل ااال أديم الأرض؛؟ وإذا كان زلزال الأرض يهزها حتى يلقى ما عليها من قصور مشيدة» فزلزال المؤمنين لا يقلب نفوسهم؛ ولا ينكس ما فى صدورهم؛ بل يصقلها وينفض عنها ما عساه يعلق بها من درن. ولقد فسر العلماء البأساء ‏ بالشدة من خارج الجسمء والضراء بما يكون داخله كما نوهنا - وهى واضحة فى الآحاد؛ وقد تكون البأساء والضراء بالنسبة للمجموع؛ فالبأساء التى تنال المجموع هى مهاجمة الأعداء» واعتداؤهم وتوالى إيذائهم؛ وعدم تركهم أهل الحق فى قرار واطمئنان؛ والضراء فى المجموع هى ما يكون من فقر ومرض» وما يتخلل صفوف المؤمنين من منافقين يرجفون بينهم بالأقوال الكاذبة» ويخذلون ضعاف الإيمان عند لقاء الأعداءء ثم ما يكون من نقص فى الأموال والأنفس والثمرات كما قال سبحانه: « ولَبلوتكُم بشيء مَن الخوف والجوع وتقصٍ من الأموال والأنفس والشمرات وبشر الصابرين 4292 > [ البقرة ] . و«أم» فى قوله تعالى: #أم حسبتم» قد اختلف العلماء بشأنها من ناحية التخريج اللفظى بمقتضى الأحوال التى تستعمل فيها «أم»: فقال بعضهم: إنها للاستفهام المجردء وهذا هو ما قاله الزجاج» وجوزه الزمخشرى؛ ولمعنى على ذلك التخريج واضح» ويكون من قبل الاستفهام الإنكارى بمعنى إنكار النهى؛ أى لا تحسبوا أنكم تدخلون الجنة «ولَمًا يَأتكم مَمَلَ الّذينَ حَلَوا من قَبْلَكُم4 أى لم تأتكم حال كحال الذين مضوا من قبلكم إذ مستهم أى أصابتهم البأساء والضراء» والتعبير بمستهم للإشارة إلى أنها نالتهم بالأذى أحسوا بهء والآلام نالت حسهم» ولكن لم تئل قلوبهم . وقال بعضهم: إن «أم» هى «أم المتصلة»؛ وكأن فى الكلام محذوفا دل عليه لازم قوله تعالى: كان النّاس أُمّهَ واحدة ... 207 4 [البقرة] وما قبلهاء وكأن تقدير القول هكذا: أفرضيتم بالحق تنصرونه؛ وتدفعون بغى الباغين عليه متحملين الشدائد والمكاره» )أم) حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء. . . . وبهذا تكونهأم»متصلة؛ دالة على المعادلة بين حالين» بل تفسيرسورة البقرة الل والموازئة بين أمرين؛ وقد قال سيبويه فى الكتاب: إن «أم» المتصلة تكون دائمًا دالة على المعادلة والتسوية» وإن كان التعادل غير مذكور»ء كان مقدر فى القول مطويا فى ثناياه . وقال بعضهم إن «أم» هى أم المنقطعة الدالة على الإضراب؛ وقد قال البصريون: إن أم المنقطعة تدل على الإضراب والاستفهام معّا؛ وكأن تقدير القول لقد نزلت بكم الشدائد من أذى شديد فى مكة وأنتم مستضعفونء ومن حرب وبلاء وهزيمة أحيانا وأنتم بالمدينة» ونزعت العرب كلها عن قوس واحدة فى غزوة الأحزاب؛ لتقتلع مدينة الله من أرضهء فعليكمٍ أن تصبروا . .آَم حسيكم أن تَدخَلُوا الجئة ولْما يَأتَكُم مَعَلَ اين لوا من قبلكم مُستهِم البأساء والضراء وَْلْلُوا حت يقول الرّسُول وَالّين آمنوا معَهُ مئ نصر الله ألا إن نصر الله قريب +3( 4 [ البقرة ] . و الما فى هذا الكلام الكريم تدل على النفى مع توقع وقوع المنفى كما قال الزمخشرى؛ والمعنى: لم ينزل بكم مثل حال الذين خلوا من قبلكم وقد ينزل أو سينزل» فإن نزل فاصبروا واعلموا أن الله مع الصابرين. والزلزلة: شدة التحريك» وهى تكون فى الأشياء وفى الأشخاصء وفى الأحوال؛ فيقال زلزلت الأرض إذا تحركت واضطربت» وزلزلوا أى خوفوا. وقال الزجاج: أصل الزلزلة من زل الشئ عن مكانه» فإذا قلت زلزلته فمعناه كررت زلله. والمعنى فى الجملة أن أهل الحق دائمًا مَعَنَّونَ بظلم الظالمين» وتضييق الأشرار عليهم» ودس الأشرار ونفاق المنافقين» ودعةة التردد والهزيمة؛ وهم لهذا فى بأساء وضراء؛ وقد نزل ذلك بالذين خلوا من قبل؛ فحياة الأنبياء وحواريهم كانت كلها امتحانا واختباراء وأن على أصحاب محمد أن يعلموا أنه نازل بهم ما نزل بالسابقين من بأساء وضراءء وشدائد تزلزل النفوس وتضطرب لها القلوب بين الجنوب؛ وأن ذلك طريق الجنة؛ ولقد قال ككلِْهِ: «ألا إن عمل الجنة حزن بربوة» آلا إن عمل النار 2 سَهْلٌ بسهوة»97 . .)585-0( رواه أحمد فى مسند بنى هاشم‎ )١( ل تفسير سورة البقرة يي سب ا وإن تلك الشدائد كانت تبلغ أقصاهاء حتى إذا وصلت القلوب إلى حال تقارب اليأس من الفرج» إذ تغمرها الشدائد غمراء حتى تكون فى شبه ظلماء لولا نور القلوب» جاء نصر الله؛ وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: حََى يقُولَ الول ودين آمُوا مه م نر الله ألا إذا صر لله َي 4 أى أن الشدائد كانت تنزل بالماضين من أنصار الحق والدعاة إليه» ويطول زمنهاء ويتطاول فيها أهل الباطل» حتى تصير النفوس فى حال تريد النصر القريب. وليس معنى ذلك أن الهلع يستولى عليهم» أو أن اليأس يملك قلوبهم؛ فإن المؤمن لا ييئس من روح الله؛ إنما معناه أنهم تنزل الشديدة فيحتملونها ويألفونها ثم تنزل الأخرى التى تكون أشد قسوة فيروضون نفوسهم على احتمالها مستعذبين العذاب فى سبيل الحق؛ وهكذا تترادف عليهم الشدائد» وتتوالى عليهم المحن حتى تصل إلى أقصى ما تحتمله النفوس الآدمية» وتبلغ حد الطاقة البشرية؛ عندئذ يطلب الرسول والذين آمنوا معه النصر. وقدم الرسول فى هذا المقام للدلالة على أمرين: أولهما: أن الشدة قد بلغت متتهاها بدليل أن الرسول يديد سارع بطلب النصر من رب العالمين؛ والثانى: أن رأفة الرسول يَلِْةٌ بأتباعه تجعله يسارع بطلب نصر الله رحمة بهمء وإشفاقًا عليهم . وعند بلوغ الشدة هذا الحد يكون ابتداء الفرج؛ ولذا قال سبحانه: «ألا إن نصر الله قريب 4 أى الله سبحانه وتعالى يبشرهم فى هذه الحال بأن النفوس قد انتهى اختبارهاء وبدا جوهرهاء وأن النصر لا محالة آت وهو قريب؛ فهذه الجملة الكريمة من كلام الله تعالى لهم. وقد قال بعض العلماء: إن هذه الجملة يصح أن تكون من كلام الرسول ككِلِةِ ومن معه؛ أى أنهم لفرط إيمانهم بحسن العقبى؛ ورجائهم فى نصر ربهم» وإيمانهم بأن الحق منصورء يحسون فى الحال التى يطلبون فيها النصر بأن النصر منهم قريب؛ فيقول لهم الرسول وَكةٍ بعد طلب النصر ويستمعون إليه مصدقين كأنهم القائلون: «إألا إن نَصرَ الله قَريب # والتعبير على هذا الشكل يدل على توكيد الخبر بالنصر؛ من جملة وجوه؛ ففيه التعبير بالجملة الآسمية ا تفسيرسورة البقرة الالالال الل فى مقام الفعلية فلم يقل ستنصرون.ء والتعبير بالجملة الإسمسية دليل على التوكيد؛ وفيه أداة الاستفتاح؛ وفيه (إن» الدالة على التوكيد؛ وفيه إضافة النصر إلى رب العالمين القادر على كل شىء ‏ ولَيَنصرن الله من ينصره إن الله لَقَرِي عزيزٌ جل 4 [الحج]. والرسول فى الآية الكريمة للجنس. أى أن هذه الحال هى حال عامة تعرض لكل رسول من الرسل فى قومه إذ يدعوهم إلى الحق؛ وإن قصص القرآن عن النبيين ينبئ عن ذلك؛ فمومى عليه السلام آذاه وأصحابه فرعون حتى قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف» وصلبهم فى جذوع النخل ؛ وعيسى عليه السلام آذوه هو ومعه الحواريون؛ ومن قبل إبراهيم ولوط ونوح؛ وهكذا أهل الحق لايصلون إلى الغاية الفاضلة إلا بعد أن يقطعوا كل ما يلقيه فى طريقهم أهل الباطل من أحجار تدعثرهء وأشواك تعوق السالك فيه. ولقد قال العلماء: إن هذه الآية نزلت بعد أن أصاب المسلمين القرح فى أحدء فكانت هذه الآية للتسلية لهم؛ ولكن الذى نزل فى غزوة أحد هو قوله اَم حسبتم أن تدخلوا الْجنة ولمَا يعلم الله الّذين جاهدوا منكم ويَعلَمَ الصابرين 4252 4 [آل عمران] بدليل ماقبلهاء وهو قوله تعالى: إن يمسسكم قرح فقد مس الْقرم قرح مله وتلك الأَيَامم نداولها بين الئاس ... +22 4 [آل عمران]؛ ولذلك يرجح أكثر العلماء الذين عنوا ببيان أسباب النزول أن هذه الآية نزلت عند غزوة الأحزاب» حين أصاب المسلمين ما أصابهم من جهد ومشقة؛ وهم يحفرون الخندق» ثم أصابهم من تهديد فى الأموال والأنفس عندما جاء أولئك الأحزاب مجتمعين؛ كما قال الله تعالى: «( وبلغت القلوب الْحتاجر وتَظُنُونَ باللّه الظُونَا 2 4 [الأحزاب] . ومهما يكن من سبب لنزول هذه الآية الكريمة فإنها تدل على أن أهل الحق فى مغالبة دائمة» وأنهم لا ينتقلون من شدة إلا إلى أعلى منها حتى يفوزوا؛ فإن الشيطان من يوم أن وسوس لآدم وحواء وأخرجهما من الجئة» وأبناؤهما فى بلاء: تستغوى الشهوات جموعهم. فيندفعون فيها مجترعين من عسلها الوبىء» ثم يلغون م تفسير سورة البقرة اللللوبللللال1الااالاااال0الللوولالللل الل فى الشرء ويكلبون على أهل الخير؛ فإذا تقدم دعاة الخير يدعونهم بعد أن يتبين الرشد من الغى ببعث النبيسين مبشرين ومنذرين» عادوهم وناوءوهم وأصابوهم» واعتقدوا أن ما يدعون إليه فيه ذهاب طغيانهم» وقدع شهواتهم» والحد من أهوائهم» وحاولوا افتراسهم كالوحوش الأوابد عندما تحس بمن يمنعها من الافتراس» ويكبحها عن الأذى . وإذا كان أهل الحق يصابون بالضراء وهى الأذى الذى يكون فى داخل جماعتهم كما قررناء والبأساء وهى الأذى الذى يأتى من خارجهم» فقد وجب عليهم أن يدرعواء ويعملوا صابرين على دفع الأذى فى الداخل والمخارج؛ ودفع الأذى فى الداخل بالتعاون والتكافل الاجتماعى» ودفع الأذى الخارجى بأخذ الأهبة للقتال» والتعاون أيضًاء فإن التكافل الاجتماعى هو العدة لدفع أذى الداخل والخارج معا. ولقد أخذ يبين الله سبحانه أساس التكافل الاجتماعى» وهو معاونة الفقير والضعيف ودفع حاجته بالمال؛ ولذا قال تعالى: « يسألُوتك مَاذَا يفقوت قل ما أنفقتم مَن خَيْر فللوالدين والأقربين والْيتامئ والمساكين وابن السبيل 4 لقد سألوا عن نوع ما يتفقون» وقد تضافرت الآيات الحاثة على الإنفاق الداعية إليهء باعتبار أن التعاون الاجتماعى ركن من أركان الإسلام؛ فقد قرن سبحانه وتعالى الزكاة بالصلاة باعتبارهما صنوين لا يفترقان؛ سألوا عن نوع ما ينفقون ومقداره بعد أن سمعوا الدعوة إليه» ولكن الله سبحانه وتعالى قال فى الإجابة عن هذا السؤال: قل ما أنفقتم من حير فللوالدين والأفربينَ4 وظاهر القول أن الجواب ليس عن السؤال؛ لأنهم سألوا عن النوع» فأجيبوا عن المصرف؛ وعلى حد تعبير علماء الاقتصاد: سألوا عن وعاء الفريضة فأجيبوا بموضع صرفهاء فلماذا عدل الله سبحانه وتعالى عن. الإجابة عن سؤالهم إلى هذه الإجابة؟ الجواب عن ذلك أن النوع والمقدار يبينه المصرف» فأجاب عن المصرف؛ ليعلموا أن المطلوب هو سد حاجة هؤلاء؛ والنوع الذى يسد حاجتهم مطلوب إنفاقه. فالإجابة ببيان إن تفسيرسورة البقرة 1ل !!!ااال ااا ااال 1 ل لان أا! !ااا الا ا اللا ا لات ا أ !]اللا الال ااال للك 1ط ممم ل الل لللللا المصرف فيها أسلوب حكيم» وفيها إيجاز معجز؛ لأنه قد بين بها موضع الصرفء وإن لم يسألوا عنه. وبين فيها المقدار؛ لأن حاجة هؤلاء هى التى تعنيه؛ وفيها بين النوع» فإن كانوا محتاجين إلى ثياب يكسون» وإن كانوا محتاجين إلى طعام يطعمونء وإن كانوا محتاجين إلى مأوى يؤوون. وفى هذه الإجابة فوق ذلك تصريح بحق هؤلاء على ذويهم وعلى المجتمع الذى يعيشون فيه» وهو أن يمكنوا من العيش طاعمين كاسين آوين مطمئنين؛ وأى مقدار ينفق فى ذلك من حقهم على ذويهم وعلى الناس. وإن ذلك الحق واجب على كل من عنده يسار بالنسبة لهم» واليسار يفهم من قوله تعالى «إما أنفقتم من حير 4 فكلمة خير تطلق بالنسبة للمال على الوفير منه» لا على القليل؛ ومن ذلك قوله تعالى: كتب عَلَيكُم إذَا حضر أحدكم الْمَوْت إن ترك خَيْرا الْوصِيّةَ للوالدين والأقْربين ... +20 4 [ البقرة] فالخير هنا هو المال الوفير كالخير فى تلك الآية الكريمة ذكر سبحانه أن موضع الإنفاق هم الوالدان» والأقربون» واليتامى» والمساكين» وأبناء السبيل؛ ذكر هؤلاء بذلك الترتيب؛ وإذا كان العطف بالواو لا يفيد ترتيبًا من الناحية النحوية فمن المؤكد أن الترتيب فى الذكر يفيد معنى الآولوية من الناحية البلاغية؛ فالترتيب فى الذكر إذن يشير بلا شك بأولوية البعض على البعض» فيسد حاجة الأبوين» ثم يسد حاجة الأقربين؛ ثم يسد حاجة المحتاجين من غير أسرته. وقد روى فى سبب النزول عن عطاء: أن هذه الآية نزلت فى رجل أتى النبى كلد فقال: إن لى دينارً؛ فقال: «أنفقه على نفسك» قال: إن لى دينارين» قال: «أنفقهما على أهلك» قال: إن لى ثلاثة» قال: «أنفقها على خادمك» قال: إن لى أربعة» قال: «أنفقها على والديك». قال: إن لى خمسة قال: «أنفقها على قرابتك» ل تفسير سورة البقرة قال: إن لى ستةء قال: «أنفقها فى سبيل الله تعالى»7'. وروى عن أبى هريرة أن رسول الله َليِق قال: « تصدقوا»ء فقال رجل: عندى دينار. قال: «تصدق به على نفسك)» قال: عندى دينار آخرء قال: «تصدق به على زوجك» قال: عندى دينار آخرء قال: «تصدق به على ولدك»» قال: عندى دينار آخر» قال: «تصدق به على خادمك» قال: عندى دينار آخر» قال: «أنت أبصر)7" . فهذه الآثار تبين أن الترتيب فى الذكر هنا يفيد الأولوية فى العطاء إن ضاق الخير عن أن يشمل الأنواع كلهاء وقد ذكر سبحانه الوالدين والأقربين من غير ذكر ما يدل على الحاجة» وذكر بقية الأصناف مع ذكر بقية الأوصاف الدالة على الحاجة؛ لأن الوالدين والأقربين يجب رعايتهم والإحسان إليهم» وإن لم تكن فيهم حاجة شديدة؛ فإن كانوا فى حاجة شديدة فالإنفاق ألزم. ولقد قال مَللِةِ: «أمك وأباك وأختك وأخاكء ثم أدناك أدناك»”"» ولقد قال كَلِ: «من أراد منكم أن يبارك له فى رزقه. وينساً له فى أجله فليّصل رحمه)”؟". والبر بذى الرحم مطلوب فى القطيعة أشد منه عند المودة؛ فقد قال كك: «أفضل الصدقة على ذى الرحم الكاشح)*) )١(‏ ذكر ذلك عن عطاء الرازى فى تفسيره: البقرة )7١0(‏ وجاءت الرواية فى البحر المحيطء وفى آخرها: «أنفقهما فى سبيل الله» وهو أحسنها»؛ وذُكرت فى ضعفاء الكامل عن جاير قال: قال رجل: يا رسول الله عندى دينار. قال: أنفقه على نفسك». قال: عندى آخر. قال: «أنفقه على زوجتك». قال: عندى آخر. قال: «أنفقه على ولدك أو خادمك» - شك الوليد - قال: عندى آخر. قال: «اجعله فى سبيل الله وهو أحسئها موضعا». وروى عن جابر أيضا: جاء رجل إلى النبى كلِلْهِ وأنا جالس عنده فقال: يا رسول الله عندى دينار» فقال: «أنفقه على نفسك». قال: يا رسول الله عندى آخخمر. فقال: «أنفقه على زوجتك». قال: يا رسول الله عندى الثالث . قال: «أنفقه على خادمك إن كانت لك». قال: يا رسول الله عندى الرابع والذى أكرمك ما عندى غيره» قال: «فاجعله فى سبيل الله عز وجل وهو أدناها أجرا». (؟) رواه النسائى فى الزكاة (718/8)»: وأبو داود »)١5415١(‏ وأحمد )91١١7(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه . (”) رواه النسائى: كتاب الزكاة (7”1486) عن طارق المحاربى» وأبو داود: بر الوالدين (5141/54) عن ج كليب بن منفعة» وأحمد عن أبى رمثة رفاعة بن يثربى (58-08). (4؟) سبق تخريجه. (5) رواه أحمد: مسند المكيين »)١417/81(‏ والدارمى: الزكاة )١511‏ عن حكيم بن حزام رضى الله عنه. والكاشح: الذى يطوى العداوة فى باطنه ولا يظهرها. تفسيرسورة البقرة الملل اللو لاا وقال كَلِيّ: «ليس الواصل بالمكافى,. وإنما الواصل من يصل رحمه عند القطيعة»" . أما بقية الأصناف فإن العطاء فيها أساسه الحاجة» فاليتامى يعطون لاحتياجهم إن تركهم آباؤهم من غير مال. والمسكين : هو الفقير الذى أسكنته الحاجة» أو أسكنه المرض أو السن وجعله فى عوز. وابن السبيل: المسافر الذى لا مأوى له. وقد انقطع عن ماله إن كان له مال؛ وأولئك يعطون ما يسد حاجتهم» وينقع غلتهم. «وما تفعلُوا من حير فَإِنَ اللّهَ به عليم 4 ذيّل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهذه الجملة السامية لبيان فضل عمل الخير» والحث عليه؛ لآنها تدل على فضل ذلك العمل وتدفع إلى الرغبة فيه؛ إذ إن الله سبحانه وتعالى يعلمه؛ وإحساس المؤمن التقى بآن الله يرى عمله فى الخير حين يعمله» وأنه يبصره وهو يقدم عليه» يشجعه على الاستمرار عليه؛ لأنه إذا كانت رؤية أى عظيم من الناس لعمل خير يعمله الإنسان يحمله على الاستمرار» فكيف إذا شعر المؤمن الذى يحس بعظمة خالق الكون بما فيه ومن فيه؟ ثم إنه فوق ذلك ينال جزاءين مع ذلك؛ أولهما: رضاه: وهو وحده جزاء ليس فوقه جزاء؛ ولذلك قال سبحانه يعد بيان ثوابه فى الآخرة: « ورضوان من الله أكبر... +20 4 [التوبة]. وثانيهما: النعيم المقيم يوم القيامة جزاء وفاقا لما قاموا من عمل صالح علمه رب العالمين وقت وقوعه» وحين أدائه. كتب عليكم القتال وهو كر لَكُم © بين سبحانه الطريق لدفع الضراء» والآلام الداخلية» وهو التعاون» ثم بين بعد ذلك ما يدفع البأساء» وهى الشدائد التى تدهم . الجماعة من الخارج» وهو أخذ الأهبة والاستعداد للقتال؛ فقال تعالى: كتب عليكم القتال وهو كر 4 وقد قرئ بضم الكاف وفتحهاء والضم أكثرء وهو بمعنى الكراهة؛ أى القتال لشدة ويلاته وما فيه من إزهاق الأرواح كأنه الكراهة نفسها ويصح أن يكون كره بمعنى المكروه أي خبز بمعنى المخبوز» أى هو أمر مكروه فى )١(‏ رواه البخارى: الأدب (5077).» والترمذى: البر والصلة »)١48751(‏ وأبو داود فى الزكاة »)١415(‏ وأحمد فى مسئده .)١55(‏ تفسير سورة البقرة 8 ذاته وعلى قراءة الفتح يكون فيه معنى الإكراه» فيكون المعنى عليه: كتب عليكم القتال» وهو أمر أنتم تلجئون إليه إلجاءء وتضطرون إليه اضطرارا؛ إذ إن الكره ضد الطوع؛ فكأنكم لا تدخلون الحرب طائعين» بل تدخلونها مكرهين كارهين» مضطرين غير مختارين» الجأكم إليها الاعتداء عليكم» وانتهاك الحرمات والفتنة فى الدين» فأنتم مضطرون مكرهون على القتال؛ لإزالة الفتنة وصونا للحرمات» وذودا عن الدين؛ تقاتلون حتى يكون الدين كله لله. والأمر على قراءة الفتح واضح؛ لأن القتال فى الإسلام أمر غير مرغوب فيه لذاته» إنما اضطر إليه المسلمون اضطراراء كما قال تعالى: 8 أَذنْ للَذِينَ يقاتلون بأنّهم ظُلموا وإنَ الله على نصرهم لقدير 257 4 [الحج] . وأما على القراءة المشهورة»؛ وهى قراءة ضم الكاف» فكيف كان القتال مكروهاء مع أن الصحابة كان الموت فى سبيل الله أحب إليهمء وكانوا يرون الشهادة فى سبيل الحق غنما وليست غرما؟ . لقد قال المفسرون: إن القتال مهما يكن أمره فيه ويلات وشدائد تتلوها شدائدء ومشقات تتلوها مشقات؛ فلا يمكن أن يكون محبوبا مع ما فيه من صعاب. ومع ما يكتنفه من شدائد» فهو كان مكروها لشدائده» والعافية أحب. ولكن ذلك لا يتفق مع ما عرف عن العرب عامة من أنهم أهل بأس وقوةء وعزيمة ونجدة. ولا ما عرف عن أصحاب محمد خاصة من أنهم كانوا يتنافسون على أماكن الردى» يلقون بأنفسهم فى مواطن الموت» لا يهمهم إلا أن يغنموا النصر أو يغنموا الشهادة» ففى كليهما فضل عظيم. ولذا لابد أن نبحث عن سبب آخر للكراهة؛ وذلك السبب هو الذى يتفق مع الهدى المحمدىء. والمتزع الإسلامى؛ ذلك أن الإسلام أودع قلوب المؤمنين رأفة ورحمةء وإلفا وائتلافاء وسلاما واطمئناناء وبرا بالرحم» وحنانا على الأقربين؟ وتلك المبادئ لا تلتقى فى قلب مع الحب فى إزهاق الروح» وقتل النفوسء» وإلقاء , الحتوف فى ميادين القتال؛ فليس من خلق المؤمن المحب للسلام» أن يكون محبا ا تفسيرسورة البقرة للبلا اللو للقتال» ولعله كان من الصحابة من يؤثرون مطاولة المشركين» رجاء إيمانهم» ورغبة فى هدايتهم» مساوقا بذلك الهدى الإسلامى ؛ ولكن الله سبحانه وتعالى كتب القتال مع هذه الكراهة» لآنه الأهدى سبيلا بعد أن قامت المحجة؛ ووضحت المحجة» واستطالوا على المؤمنين بالأذى» وأخرجوهم من ديارهم» وألبوا العرب عليهم» وجمعوا الجموع. رضن أن ترمو ينا وه خيرم وسَئ أن موا ينا و شلك فى عسى أن تكرهوا القتال رحمة بمخالفيكم ورجاء هدايتهم» ورجاء الخير منهم» وهم لا يريدون لكم إلا خبالاء ولو سكتم عنهم لكان أمرهم وأمركم وبالا» وفسدت أمورهم وأموركم» واضطربت حالهم وحالكم؛ فكانوا يغيرون عليكم» وأنتم ساكتون؛ ولو قاتلتموهم وأريتموهم الحق مؤيدا بالسلاح يقمع رءوس المعاندين المعتدين الذين يفتنون الناس عن دينهم ويحاولون نشر الفساد» لكان ذلك خيرا لكم ولهم. ووجه الخير لكم أنه رد الاعتداء» ووقف الأعداء» والذود عن الحياض؛ وأما وجه الخير لهم فهو أنهم عساهم يهتدون؛ فإن الناس أقسام ثلاثة فى قبول الحق: نوع يقنعه الدليل ويهديه البرهان» ونوع تجديه الموعظة الحسنة» ونوع جائر بائر طاغ فاسد مفسد لا تجدى فيه الموعظة ولا يقنعه الدليل» فقال الله فيه: © وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومافع للنّاس... +520 »4 [الحديد] فبقتاله قد يسكت عن الشر واللجاجة فيه» ويتدبر الآمر من جديد» كما قال أبو سفيان فى غزوة: لو كانت آلهتنا تنفع وتضر لنفعتنا! فكان ذلك هو السبيل لدخول الإيمان إلى قلبه» فآمن وصار من المهتدين وإن لم يكن من السابقين بالقبول والإحسان. ثم عسى أن تحبوا الأمن والسلام وتؤثروا المحبة على الخصام» وأعداؤكم يتربصون بكم الدوائر» ويرتعون فى الشر رتعا شديداء فلو تركتموهم وأمرهم لكان ذلك شرا لكم» ولكانوا هم قوما بوراء لا يرشدون ولا يسترشدون؛ فمن الرحمة ما تحوى فى نفسها أقسى الظلم» ومن الرفق ما يشجع أشد العنف؛ ولذا ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: إ واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون 4 فالله يعلم مغيب الأمور تفسير سورة البقرة ا اا 00 لايك ومكنون المستقبل وأنتم لا تعلمون» واللّه يعلم ما تكنه الصدور وما تخفيه وأنتم لا تعلمون» والله يعلم ما تصلح به أمور الناس في الدنيا والآخرة وأنتم لا تعلمون؛ وأنى يكون علم المخلوق كعلم الخالق» وعلم الناقص كعلم الكامل» وعلم القاصر كعلم اللطيف الخبير! . وقبل أن ننهى الكلام فى تفسير هذه الآية نقرر أمرين: أحدهما: أن قوله تعالى © وعسئ أن تكرهوا شيا وهو خير لُكم »4 هى قضية عامة فى كل التكليفات الشرعية يجب أن نقر صاغرين بهاء وأن نقبلها طائعين ما دامت قد ثبتت بدليل قطعى لا شبهة فيه» وألا نمكن أهواءنا من التحكم فى أمور دينناء فعسى أن يكون ما نحب شراء وما نكره خيرا؛ كما يجب ألا نتململ بأحكام الشارع بدعوى معارضتها للمصالح, أو لروح العصرء فقد يكون ذلك هوى لا مصلحة» وفسادا ومضرة. وليس صلاحا ومنفعة!. ثانيهما: أن هذه الآية فيها فرضية القتال؛ وظاهرها أنها تفرض الجهاد على جميع الناس القادرين عليه» وقد قال بعض العلماء لهذا: إن الجهاد فرض عين على القادرين عليه؛ ولقد قال كَلِْد: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية)(١2‏ وقال بعض العلماء: إن الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين؛ وقد قال الزهرى: الجهاد واجب على كل أحد غزا أو قعدء فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين» وإذا استغيث أن يغيث» وإذا استنفر أن ينفر. وقد أجمع العلماء على أنه إذا نزل العدو بساحة البلاد وجب القتال على كل المسلمين» كل بمقدار قدرته؛ وقد ابتلى الله أكثر البلاد الإسلامية بالعدو نزل بساحتهاء فالجهاد حق على كل مسلم حتى لا يكون فيها عدو متحكمء وتكون العزة لله ولرسوله. وللمؤمنين. )غ2 رواه مسلم : الإمارة لف 0ه ” والترمذى: فضائل الجهاد (46 )ل والنسائى: الجهاد 0.5 وأبو داود "1١1‏ وأحمد فى مسنده .)86١١(‏ إل تفسيرسورة البقرة م مممممامامممامممماممملم لكألا اناا !!!الالالال لللاا!! ماخ عماللا الأ تللم ناا ااا ممالل للا ل لل لمملا للاا التظللا وه و 2_2 _! دم ص رع 100 0 11 20 ء رع ررمءره قاذ اه م 2 ةاش أخارين لز رلزال: بسو ص موه اه م و و« حول بردو وبسكإ اليك ٠ 21‏ ساسا 9 200007 00 م م له .2 2-1 م2 ا 00 2 2و أ" 08 27 رة ةلحن كا ١ الل ا ل ا ا 29 0 هاجروا وتجلهدوافى سيل 2011010 011 ور حم شرع الله القتال دفعا للأذى» ومنعا للفتنة» ونصرا للحق وخفضا للباطل» ولقد بين سبحانه أن المؤمنين الذين أرهف وجدانهم ومازج حب البشرية قلوبهم» كرهوهء فقال سبحانه: كُتب عَلَيْكُمَ الْقَال وهو كه لَكُم 4 كرهه المؤمنون المخلصونء وتمنوا لو أن قومهم آمنوا طائعين أو كفوا عن أذاهم حتى لا تزهق أرواح» ولا تخضب الأرض بالدماء» ولكن الله سبحانه بين لهم أنه لا سبيل لرفع الحق إلا بعزة أهله. ولا عز له بين المشركين إلا بنور الحق» وبريق السيفء وإن ذلك فى مصلحتهم. كما فيه إعلان الحق لهم» ومنع الأذى عن المؤمنين» وزوال الفتنة فى الدين» حتى يصير الدين كله لله» يطلبه من يريده حراء ويريده من يريده مخلصاء لا لوم ولا تثريب» ولا فتنة ولا تعذيب. والمؤمنون الذين كرهوا القتال فى ذاته كرهوه أيضا لملابساته» فقد يكون فى زمان له حرمة وتقديس. أو فى مكان مقدس قد حرم فيه القتال جاهلية وإسلاماء تفسير سورة البقرة الللل الل اللا هوم ٠: اه‎ 7 فتتضاعف الكراهة؛ إذ تجتمع الكراهة الذاتية» والكراهة الإضافية لزمان القتال أو مكانه» فبين الله سبحانه ما يطمتن قلوب المؤمنين» وإن من يرد الاعتداء بر لا فاجرء ولو اضطر إلى القتال فى الشهر الحرام أو البيت الحرام ولذا قال سبحانه: ف يسألونك عن الشهرٍ الحرام » . الشهر الحرام - قد بيناه فى تفسير قوله تعالى: 9 الشهر الحرام بالشهر الحرام َالْحْرّمَاتَ قصاص .. . 4538 4 [البقرة]. وإنه مفرد أريد به الجمع وإن الأشهر الحرم أربعة» هى: رجبء وذو القعدة» وذو الحجة. والمحرم» وبيئا البلاغة التى أدركناها فى التعبير بالمفرد فى معنى الجمع . وقوله تعالى: قتال فيه» بدل اشتمال من الشهر الحرام» قد وقعت كلمة قتال فى موضع الجر على البدلية» والمعنى: أن السؤال عن القتال فى الشهر الحرام» لا عن ذات الشهرهء وإنما ابتدأ بذكر الشهر لأنه موضع القداسة فى نفوسهم. ولأنه أساس التحريم» فالقتال فى ذاته لم يعد موضع تفكيرء بعد أن اطمأنت قلوبهم إلى أمر ربهم» وأنه سبيل الدفاع عن نفوسهم, إنما موضع السؤال هو القتال فى تلك الأزمنة» فابتدئ بذكرهاء لأنها الباعث على السؤال: وهو الذى سارع إلى الخاطرء فكان الابتداء به مجاوبة للمسارعة الفكرية بالسبق البيانى . ومن هم الذين سألوا؟ أهم المشركون» فيكون السؤال تشنيعاء أم هم المؤمنون فيكون السؤال تحرجا وتأثما من الوقوع» أو ندما أن فرط ذلك منهم؟ إن ذلك أمر لا يعرف إلا من صحيح الآثار. لقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والطبرانى» والبيهقى فى سئنه بسند صحيح أن النبى كيد بعث بعثا على رأسه عبد الله بن جحش ليتبع عيرا لقريش قبل غزوة بدرء وكتب له كتاباء وأمره ألا يقرأه حتى يبلغ مكان كذاء وقال له: «لا تكرهن أحدا على السير معك»., فلما قرأ الكتاب قال: سمعا وطاعة» وخير أصحابه» وقرأ عليهم الكتاب» فرجع منهم اثنان وتبع العير فغنم غنائم وأسر أسيرين» وكان ذلك فى أول ليلة من رجب حسبوها آخر ليلة من جمادى» وقيل فى تفسيرسورة البقسرة اللللللل لل االللللللللالللللل الا آخر ليلة من رجب» ولم يستأنوا إلى أول شعبان حتى لا تفلت طلبتهم» ولا جاءوا إلى النبى كله وقد علم أنهم قاتلوا فى الشهر الحرامء توقف وقال: ١ما‏ أمرتكم بقتال فى الشهر الحرام»7"" . ويروى أن المشركين قالوا: قد استحل محمد الشهر الحرام» فسفك فيه الدماء» وقالوا لمن عندهم من المسلمين المستضعفين: يا معشر الصبأة استحللتم الشهر الحرامء وقاتلتم فيه. وهذا الخبر يفيد فائدتين: أولاهما - أن تلك السرية قاتلت فى الشهر الحرام جاهلة بدخوله» أو مضطرة» وكلتا الحالين تحمل العذر أو المسوغ. الثانية - إن قريشا عيرت المسلمين بذلك وأن النبى كَل توقف عن التصرف حتى ينزل قرآن فنزل» وعلى ذلك يصح أن يكون السؤال من المشركين» وهو أوضح . ومهما يكن فإن القتال فى الأشهر الحرم حرام فى حال الاختيار والابتداء فلا يصح البدء بالغزو فيه. ولقد قال جابر: كان رسول الله يَلْةّ لا يقاتل فى الشهر الحرام إلا أن يغزى أو يغزو حتى إذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ7" . ولقد قال بعض العلماء: إن تحريم القتال فى الشهر الحرام منسوخ بقوله تعالى: ظ وقاتلُوا المشركين كافْة كما يقاتلونكم كَاقَةَ ... 20 4 [التوبة]ء وبقتال النبى كَل أهل الطائف فيهء ولكن قال عطاء: إنه لم ينسخ . والحقيقة إنه لم يثبت ناسخ صريح فى النسخ فإن قوله تعالى: 9 وَقَاتلُوا المشركين كافَة4 العموم فيه بالنسبة للمقاتلين لا بالنسبة لزمان القتال» وإن النبى د لم يبتدىء قتالا فى الشهر الحرام مختارا قطء لحري فى لضان و يتنا" كما بينا لا فى البقاء والاضطرار؛ ولذا قال سبحانه: فلا تظلموا فين أنفسكم .. 1) دواء ابيهقى فى السان الكبرى» ج17 ص 7١١‏ عن جسندب بن عبد الله (001819 وعن عروة بن الزبير ج1١‏ ص5١"‏ (1857). وانظر البداية والنهاية لابن كثير ج5 ص55 . (0) سبق تخريجه. 1 ااا تفسير سورة البقرة وك 20 © [التوبة] ولآن الأشهر الحرام نص عليها فى خطبة الوداع» وكل ما جاء فيها غير منسوخ. وقد بينا حكمة تحريم القتال فى الآشهر الحرم عند تفسير قوله تعالى: الشهرٌ الحرام بالشهر الْحَرام .. . +039 4 [ البقرة] . طقل قال فيه كير وَصدّ عن سبيل الله وف به والمَسجد الحرام وإخرَاج أهله مله أكبر عند الله وَالْفشَة أكبر م من القتل © عير المشركون المؤمنين بأنهم قتلوا أو قاتلوا فى الأشهر الحرم مع أنهم كانوا معذورين» لجهلهم بالميقات» أو لدفع الضمرر عن أنفسهم بمبادرة عدوهم قبل أن يقتلهم. وما سوغ أحد ترك الدفاع عن النفس إن هاجمه العدوء فرد الله سبحانه قولهم بقوله تعالى: طقل قعَالَ فيه كبير» فهو رد بالموافقة؛ أى أن القتال فى الشهر الحرام أمر كبير على النفوس تستثقله القلوب المؤمنة فكيف إذا كان هو أمرا مكروها فى الجاهلية والإسلام؛ لأن الشهر الحرام مقدس فى الإسلام» أو يقال إن المعنى القتال فيه ذنب كبيرء وعمل خطير؛ لأن فيه اعتداء على الشهر الحرام المقدس . وهذا التسليم ليس لآن المؤمنين جديرون بأن يعيرواء» لآنهم معذورون بل إن التسليم ليأخذ الكفار من نواصيهم إلى ١‏ لحق» ويبين لهم مقدار ضلالهم وفسادهم» فإذا كان كبيرا وخطيرا وذنبا وإشما قتال فى الشهر الحرام لأنه اعتداء عليه هو» فكيف يكون الصد عن سبيل الله والكفر بالله» والكفر بالمسجد الجرام» وإخراج أهله منه» وكيف تكون الفتنة فى دين الله وحمل الناس على الخروج منه؟ إن ذلك يكون بلا شك أعظم وأخطر لأنه اعتداء على الله وعلى بيت الله» وعلى الأنفس» وعلى الأهل والعشيرة؛ ولذا قال سبحانه: ‏ وَصد عن سبيل الله وكفر به وَالمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر © . أى أن هذه الأمور مجتمعة ومنفردة أكبر من القتال فى الشهر الحرام» ومع ذلك ارتكبوها وأخذوا على الناس القتال الشريف اضطرارا فى هذا الزمان. والكلام مستقيم تمام الاستقامة على أن السؤال كان من المشركين» والإجابة له مفحمة ملزمة موجهة باعثة على الخير. وإذا كان السوال من المؤمنين كالسؤال فى ا تفسيرسورة البقرة الللللللل ااا قوله تعالى: « يسألوتك مَاذَا ينفقون ... +23 4 [البقرة] وكالسؤال فيما يأتى: « يسألونك عن الْحَمَر وَالْمَبْسرٍ ... +43 4 [البقرة] إذا كان السؤال من المؤمنين إعلانا لندمهم على صنيعهم» فقوله تعالى: (٠‏ قُل قال فيه تكبير وص عن سبيل الل فيه بيان معذرتهم» وأنهم مضطرون لا مختارون وإن الذين قاتلوهم ارتكبوا معهم الشر بكل صنوفهء فإن أخطأتم غير قاصدين فأولئك ارتكبوا أصناف الشر قاصدين» وهم لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة. والأصناف التى ذكرها الله سبحانه من اعتدائهم خمسة: هى الصد عن سبيل الله والكفر بالله» والكفر بالمسجد الحرامء وإخراج أهله منهء والفتئة فى دين الله. أما الصد عن سبيل الله فمعناه المنع من سبيل الله أى السنن المستقيم الذى سنه الله سبحانه وتعالى لخلقه ليسيروا على الفضيلة متآخين متحابين وابتدأ الله ببيان صدهم عن سبيله للإشارة إلى أنهم يعاندون الحق فى ذاته ويمنعون أن تقام العلاقات بين الناس على أسس من الفضيلة . والفعل صد: يستعمل لازما ومتعدياء فيقال: صد عن هذا الأمر أو عن فلان صدودا إذا أعرض عنه وانصرف» ويقال: صله عن هذا اللأمر صدا أى منعه وصرفه. والكفر بالله يشمل الشركء ويشمل كفر النعم التى غمرهم الله بها وأسبغها عليهم» سواء أكانت مادية ببسط الرزق» أم كانت معنوية بآياته البينات» وبعث الرسالة فيهم تهديهم وترشدهم» وكون الرسول كَكهْ منهم <( وكدّب به قومك وهو الحق . . . 350 4 [ الأنعام ] . والكفر بالمسجد الحرا م عدم شكر الله على : نعمته إذ جعلهم فى حرم آمن والناس يتخطفون من حولهم: «أو لم يروا نا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ... +للت # [العنكبوت ]» ومن الكفر أنه بيت الله ومع ذلك يقيمون عليه الأصنام وهى الأحجار التى يشركونها بالله فى العبادة» ومن الكفر به أن يمنعوا الناس من القيام بحقه فى الزيارة والطواف فى الحج والاعتمار» ومن الكفر أن يؤذوا الناس حوله ويقتلوهم ويفتنوهم عن دينهم فى بطحاء مكة» وهكذا لم يقيموا للبيت تفسير سورة البقرة "0 ل أى حرمة ويتمسحون بالشهر الحرام والقتال فيه» فيعيبون ناسا اضطروا إلى القتال غير قاصدين» وقد ارتكبوا هم معهم المنكر والزور. وإخراج أهل المسجد منه» فإن إخراج الآمنين من مستقرهم جريمة كبيرة» وإخراج الساكنين حول البيت أكبر جرما وأعظم إثما؛ لأنه اعتداء عليهم» واعتداء على البيت واعتداء على الأمن الذى بقى لهم من شريعة إبراهيم عليه السلام» إذ قال: رب اجعل هذا البلْد آمنا واجنبني وبي أن تُعبد الأصنام +227 4 [إبراهيم ] فهم تعدد اعتداؤهم عليه: فأزالوا الأمن الذى أوجبه الله»ء ووضعوا حوله الأصنامء وأخرجوا أهله منه. هذه الأمور الأربعة كلها جرائم متتالية» وكل واحدة منها جريمة بذاتهاء ولكنها فى مجموعها تساوى جريمة واحدة قائمة بذاتها وهى الفتنة فى دين الله ولذلك خصها الله سبحانه وتعالى بالذكر كأنها وحدها تساوى الكل أو تزيد وهى مبعث أكثرهاء فقال سبحانه: #والفتنة أكبر من القتل» . فالفتنة فى دين اللهء بإنزال الشدائد بالمؤمنين ليحملوهم على ترك دينهم وتضليلهم وصرفهم عن الحق الذى اختاروه بالمحن والشدائد» وتوهين نفوس الضعفاء ليرتدوا عن دينهم . وأصل اشتقاق كلمة الفتنة من الفّتتن» وهو إدخال الذهب النار لتظهر جودته من ردائته» واستعمل فى إدخال الإنسان النار» قال تعالى: 9 يوم هم عَلَى الثَارٍ يفتنون قلق ذوقُوا فنستكم .. ٠‏ لي 4 [الذاريات ] أى عذابكم» وتستعمل الفتنة فى الاختبار ومن ذلك قوله تعالى: « وَفنَاكَ فتونا . .. وك 4# [طه] وجعلت الفتنة كالبلاء فى أنهما يستعملان فيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاءء وهما فى الشدة ايد لي 0 استعمالاء وقد جاء فيهما قوله تعالى: ف( وتبلوكم بالشر واْخير لعل 4 [الأنبياء] . وقال فى الشدة: «[إِنمَا نحن فتنة. . ٠‏ نك © [ البقرة] ره أذ لق" ٠.‏ #زنه 4 [البقرة] 20 )١(‏ جاء فى الهامش: مفردات القرآن للراغب الأصفهانى - فتن. 1 إل تفسيرسورة البقرة 1 ىم ااا اناا اناالا تاتالا ااا الالتان طالتخالا ااا تالالض خ ااا اخخل انط خخخ خا ااا ااا انالا خل لط لامك ناا مالالا تلطا نطق طلقا حب أ والفتنة التى أنزلها المشركون بالمؤمنين» وهم مستضعفون بمكة كانت أكبر من القتل؛ لأنها أذى شديد يلحق الروح» وأذى الروح وبخعها بحملها على الكفر بعد الهداية لا يقل عن القتل» فهذا موت مادى» وذلك موت أكبر وأعظم» ولقد قال تعالى « أو من كان ميا فأحيبناه وجعلنا لَه نورا يمشي به في النّاس كَمَن مله في الظلمّات ليس بخارج متها . .. +زركة # [الأنعام] فالضلال كالموت» بل هو أشد الموت» والهداية حياة أى حياة. والفتنة فوق ذلك محاربة الفضيلة» ومحاربة قيام الجماعة على أسس من الخير فهى تؤدى إلى موت الجماعة؛ لأن حياة الأمم بروابط الفضيلة بين أحدها وكيف يكون قتل واحد أو اثنين أو عشرة مساويا لقتل أمة» وذهاب وحدتها وتحكم الأشرار وسيادة الظلم وانتشار الفوضى؟! وإن الحرية الدينية هى معنى الإنسانية» فقتلها بالفتنة قتل لآقدس معانى الإنسانية . ولقد كان أولئك المشركون يفتنون المسلمين الأولين عن دينهم بصنوف الأذى, والابتلاء لم يسلم من أذاهم ضعيف أو ذو عصبة» فذوو العصبة كانوا يستهزئون بهم ويثيرون السخرية حولهم.ء وقد تمتد أيديهم بالأذى إليهمء وقد كانوا يقاطعونهم ويمتنعون عن معاملتهم كما فعلوا ببنى هاشم عندما ناصروا النبى كَل ولم يسلموه إليهم ليقتلوه. وكان أشد الآذى بالضعفاء وخصوصا الموالى» وقد حفظ التاريخ بلاء شديدا لكثيرين من المؤمنين أمثال عمار بن ياسر وأبيه وأمه» وقد مات الأب والأم فى العذاب الأليم» وبقى الابن وقد خرج من المحنة مصقول النفس قوى الجنان ثابت الإيمان» وكذلك نزل بخباب بن الآرت وبلال وغيرهم. وإن أولئك الذين فتنوا المؤمنين الأولين وهم مستضعفونء ولا يزالون على نيتهم » وقد صار الإسلام فى عزة؛ ولذا قال سبحانه: «( ولا يزالون يقاتلوتكم حتّى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا 4 فهؤلاء المشركون أعداؤكم لا تأخذكم بهم هوادة» ولا تجعلوا لهم عندكم إرادة» لآنهم أعداء دينكم» فتنوكم فيه فى الماضى» ا تفسير سورة البقرة كك سب أ وآخرجوكم من دياركم» وما زالوا على هذه النية فى الحاضرء لا يودون لكم إلا خبالاء وهم دائما فى قتال معكم. فالتعبير بالفعل الدال على الاستمرار مع التعبير بالمضارع يدل على الدوام والبقاء» فهم مستمرون على القتال معكم» وأنتم معهم فى قتال دائم» فإن قاتلتموهم فى الشهر الحرامء فأنتم لم تبتدئوهمء بل هم الطغاة المبتدئون» وإن تركتموهم لم يتركوكم» وإن تركتموهم زمنا فقد مكنتموهم من فرصة ينتهزونهاء وسهلتم لهم رغبتهم التى يضعونها نصب أعينهم وهى أن يردوكم عن دينكم . وقد بين الله سبحانه أيضا غايتهم من هذا القتال» وأمنيتهم التى يتمنونهاء وهى أن يردوكم عن دينكم الذى ارتضيتم ؛ لآنهم رأوا أن هذا الدين يهدم طغيانهم » ويأتى بنيانهم من قواعدء ولأنه دين الفضيلة وهم أعداؤها ودين المساواة وهم لا يحبونهاء ودين العدل وهم لا يرتضونهء ودين النور وهم يطمسونه . ولكن الله سبحانه وتعالى لا يمكنهم وهو ناصركم؛ إن ينصركم اللّهُ فلا غالب لَكُمْ وإن يَحَذْلْكُم فَمن ذا الذي ينصركم من بعده .. ٠‏ وك 4 [آل عمران]. ولقد عقب الله سبحانه وتعالى الحملة الكريمة بقوله: «إإن استطاعوا» . والتعبير ب (إن» يفيد الشك فى قدرتهم» بل إن الزمخشرى يقول إن قوله تعالى: إن استطاعوا # دالة على عدم قدرتهم على ذلك أو استبعاد ذلك» فهو كقول الرجل لعدوه» لا تبق على إن ظفرت بى وهو واثق أنه لن يظفر به» وكأنه قيل لهم وأنى لهم أن يستطيعوا ذلك» والله محيط بهمء ولهذا الدين رب يحميه؛ ولن يذل قوم الله ناصرهم!! بيد أنهم إن عجزوا عن ذلك بالنسبة للجماعة فلن ترد تلك العصابة المطهرة عن دينهاء قد يميل معهم من يكون فى قلبه مرضء أو فيه ضعفء أو لم يكن قوى الإيمان بحيث يصبر على المحن». وتصقله التجارب» وتضىء قلبه الشدائد. ولقد حذر الله سبحانه وتعالى أولئك الضعفاء» فقال تعالت كلماته: 6 تفسيرسورة البقرة اللا الل لل لسرب ل « ومن يرتدد منككم عن دينه يمت وهو كافر فَأولك حَبطت أَعمَالهُم في الانا والآخرة وأوليك أصحاب الثَارِ هم فيها خَالدونَ4 بين الله سبحانه وتعالى فى تلك العبارات السامية حال من يرتد» ويستمر على ردته إلى أن يموت» ولقد أشار فى قوله تعالى: #سسكم» إلى أنه لا يتصور أن تتحقق بغية المشركين» وهى أن يردوكم أجمعين» بل أقصى ما يصلون أن ينالوا ضعيف الإيمان» فيعيدوه إليهم ولا خير فيهم ولا فيه» والنار أولى بهم جميعا. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الردة عن الدين وحكمهاء والردة أن يكفر بالله بعد إذ آمن» أو بالرسول بعد أن أذعن لما جاء به أو ينكر شيئا مما جاء بالكتاب من أخبار النبيين» أو الأعمال التكليفية» وبالجملة يتكر شيئا ثما علم من الدين بالضرورة» ولقد عقب الله سبحانه وتعالى الردة بالموت كافرا غير مؤمن؛ ولذا عطف بالفاء»ء وكأن الردة يترتب عليها الموت كافراء وذلك لأن الشخص إذا كان مضطربا غير مستقرء يؤمن ثم يكفرء ليس من شأئه أن يموت مستيقنا ثابتا قارا على حال» كما قال تعالى: ظ إن الّذِين آمنوا ثم كفروا 5 ثم آمنوا ثم كفروا 5 م ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهَديهُم سبيلاً 27 4 [النساء] فالمضطرب العقيدة يغلب عليه ألا يموت مستقرا على حال» بل يموت كافراء وإذا كان الشرع الإسلامى قد أوجب استتابة المرتد فلكيلا يكون ثمة عذر فى قتله. ولقد منع الإمام مالك استتابة الزنادقة لكيلا يتخذوا التوبة الظاهرة ذريعة لدسهم الخبيث. وقد ذكر الله سبحانه جزاء المرتدين» فذكر عقوبتين: إحداهما: بطلان أعمالهم الصالحة فى الدنياء فلا يكونون أمام الناس مؤمنين» وفوق ذلك تفسد نفس المرتد» فيذهب عنه نور البصيرة الذى يستفيده بالإيمان» فإن العقيدة الصحيحة توجه الفكر والعمل توجيها صحيحا يكون إشراقا فى العقل» واستقامة فى الأفعال والأقوال» وفوق ذلك يفقد المرتد الثقة بنفسه وثقة الناس بهء وأما بطلان أعماله فى الآخرة فبعدم الجزاء عليهاء وهو النعيم المقيم الذى خصص للمتقين. اا تفسير سورة البقرة 111لاائتااائااللك:1[1 ااا اال اناا الالالال لاا لاا لناااالااا لل كطخ الالال لل لاط خط االاللخلل ا اخلط امطططللطم ل لاك لالط طط لالط ةلالا يم 1 هده < يي وعبر عن بطلان أعمال المرتدين بقوله تعالى: #حَبطّت أُعمَالْهُم4» واصل الحبط من الحبط وهو أن تأكل الدابة أكلا حتى تنتفخ بطنهاء فلا تتتفع بما أكلت ويفسد حالهاء وكذلك الأعمال التى يحبطها الله يكون فسادها من صاحبها وتكون ضررا له وقد كان الأصل أن تكون خيرا. العقوبة الثانية: ملازمة النار فى الآخرة والخلودء ولذا قال سبحانه: #وأولتك أصحاب الثَارٍ هم فيها حَالدونَ» أن هذا التعبير فيه تأكيد نزول العذاب بهم من ثلاثة وجوه: أولها - الإشارة إلى سببهء فإن الإشارة فى قوله سبحانه: #أولتك» إلى هؤلاء الذين يرتدون باضطراب قلوبهم وفساد خلقهم» وذكر السبب مع الحكم تأكيد له. والثانى - أنه ذكر أنهم ملازمون للنار ملازمة الصاحب لصاحبهء وكأنهم مختصون بها وهى مختصة بهم . والثالث - التعبير بالجملة الاسمية مع التأكيد بضمير الفصل» وإن ذلك التعبير السامى كثير الورود فى كتاب الله تعالى فى مقام العقاب ومقام الثواب» والتعبير عن العقاب والثواب بالنسبة للكافرين والمؤمنين بالخلودء يدل على الدوام السرمدى والبقاء الابدى؛ لأن ذلك صريح» ولكن فهم بعض العلماء أن المراد طول المدة لا البقاء الدائم» وأولئك يحسبون أن عذاب النار غير دائم» وذلك لا دليل. عليه بل عبارات القرآن صريحة قاطعة» وأحاديث النبى كلد لا تقبل الشك فى دلالتها. وإنها للجنة أبدا أو للنار أبدا . وأن أولئك المشركين قد اعترضوا على القتال فى الشهر الحرام مع أنهم المعتدون ولا يبغون إلا أن يرتد المؤمنون عن دينهم» وقد تألم المجاهدون لقتالهم فى الشهر الحرام مع أنهم مدافعون» ولم يكونوا قاصدين القتال فيه وقد رد الله سبحانه كيد الضالين فى نحورهم» وبين عقاب من يجيبون رغبتهم» وقد بين بعد ذلك حال المؤمنين ومنزلتهم من ربهم ليزول ندمهم» فقال سبحانه: تفسيرسورة البقرة 4 لل ب ا إن الّدِين آمنوا وَالّذين هاجروا وجَاهَدوا في سبيل الله أولتك يرجون رَحْمَت الله الله غفُور رّحيم ‏ . هذه أوصاف ثلاثة لأولئك المقربين الصديقين: أولها - أنهم آمنواء والإيمان تصديق للحق» وإذعان لحكمه؛ وتنفيذ لأوامره.» وإخلاص فى القلب» ونور فى البصيرة» وذلك وحده كاف للجزاء إن قام المؤمن به» وحقق لوازمه وخواصه» وصار شعاره ومظهره» وسريرته وحقيقته. وثانيها - الهجرة» فقال تعالى: #والّذينَ هاجروا4 وكرر الموصول هنا للإشارة إلى أن الهجرة وحدها عمل زائد على الإيمان يستحق وحده الثواب لأنه ترك للمال والأهل. وطلب للعزة وإعزاز الدين» بدل البقاء فى الذلة والرضا بحياة المستضعفين وقد أمر الله بالهجرة عند الاستضعاف» ونهى عن البقاء تحت نير غير المسلمين؛ ولذا قال تعالى: إن لين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم الوا فيم كنتم الوا كن مُسمَضعفن في الأرض فوا ألم تكن أَْض الله واسعة فَهَاجروا فيها وك مأواهّم جهنم وساءت مصيرا +350 إل المستضعفين من الرّجال والتساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ينه فوهك عسى الله أن يعفو عنهم وكان اللّهِ عفوا غقورا 50 ومن ياج في سبل الله يد ف الأْض رضنا كير وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إِلَى الله ورسوله ثم يدركه الموت فَقَد وقَع أجره على الله وكات اللّهِ غَفورا رَحيما درم © [النساء] . وثالنها - الجهاد فى سبيل الله تعالى» وهو باب الحنة» وهو رهبانية هذه الأمةء فإن النبى يَكٌِ يقول: «رهبانية هذه الأمة فى الجهاد فى سبيل الله عز وجل)20. ولقد بين سبحانه جزاءهم فقال: «أولتك يرجون رحمت اللّهِ» أى إن أولئك المتصفين بهذه الصفات ليس من شأنهم أن يخافوا العذاب لخطأ غير مقصود فى الجهاد» بل إنهم يرجون الرحمة والثواب» ومن رجا طلب» ومن خاف هربء فلا )١(‏ رواه أحمد )١7705(‏ فى مسلده. هل تفسير سورة البقرة ' سس 0ك سرب أ تخافوا فى الجهاد إلا اللهء ومن أخطأ فله أجرء ثم ذيل سبحانه الجملة الكريمة بقوله: #واللّه غَفُور رُحيم» لبيان أنه سبحانه يقبل القوبة عن عباده فيقبل إسلام الكافرين والإسلام يجب ما قبله» وكما قال تعالى: قل لَلّذِين كقروا إن ينتهوا يغقر لهم ما قد سلف ... 27> 4 [الأنفال] ويقبل توبة العاصى ويدنيه» وإن غفران الذنوب تشجيع على الطاعات وهجر المنكرات» وعند اليأس تموت النفس ولا يقدع الهوى» وإن ذلك كله برحمة الله تعالى لعباده آحادا وجماعات» فمن مصلحة الآحاد أن يهجروا المعاصى ويكونوا عاملين فى بناء الفضيلة» ومن مصلحة الجماعة تكثير العاملين على الخير وإقامة الحق والعدل» والله من ورائهم محيط. أ و2 سر < كَل بلق . 1 مه نط رك 0 سمج وو 2 رسيي قر 2 00 وَالْمَيْسرِ قل نيهم إئم كبير ومنلقع إلناس وَإِثمهما اهم 02 قل 2 7 : ع مورا و رةه كبر من تفعهما ويسَكَلُوَلكَمَا د قفون فل المعو - ا 00 ساس سريف كن للك سر كم َدَيتِمَلَكم د كرون 5 هس دهجي | هسم ا ا 2 ضور رصة اه سغل كوم في لديا وا لاخرو وسكلونكعن اليتمئ قل إصلاح هم عه وه رمدي جو موه ا و 2ح سس سا سوس ال 2 -7 جوج اج رس و ل لس 2 م ور رق وو جح المج وَكسَكَ أمَهَتحَكنَأنَعَير كيه جب أسئلة ثلاثة وإجابتهاء وكلها يتصل بإصلاح المجتمع» وتقوية بنيانه» وكل واحد منها يتجه إلى ناحية إصلاحية» وكلها يتلاقى نحو مقصد واحدء وهو إقامة بناء المجتمع على دعائم من الفضيلة والمودة والتعاون على الخير» وعدم التعاون على الإثم والعدوان» وقد جاءت هذه المعانى الإصلاحية التى توثق الوحدة» وتقوى الروابط بعد الأمر بالجهاد مع بعض أحكام القتال؛ لآن القتال حماية للدولة من أن ها تفسيرسورة البقرة الملل ااال الملل الللللمل ااا لكالل بطل بإ بي" يلتهمها العدو الخارجى» والإصلاح فى هذه المسائل الثلاث يتناول حماية الأمة من أن تأكلها نيران العدو الداخلى» وهو التنابذ» وأن تنظر كل طائفة لللأخرى نظر العدو المترصدء لا نظر العضو المتعاون والأخ المتوددء ولأن الوحدة الداخلية والاتحاد المكين عدة القتال» وذخيرة الحرب» فقوة الحرب تستمد من السلمء ولأن مقصد الإسلام الأسمى هو إيجاد جماعة متآاخية متحابة على أسس من الفضيلة والخلق الكريم ولكنه ما إن دعا بدعايته» حتى خرج عليه إخوان الشيطان يحاولون أن يبيدوه وأن يقضوا عليه فى مهدهء وفتن المسلمون فى دينهم» وعذبوا فى إيمانهم عذابا شديدا فأذن للذين يقاتلون بأنهم ظلمواء وساروا على سنة الوجودء وهو أن يدافعوا ذلك العدو المعتدى الذى يريد الفتك بهم» حتى إذا دفعوه وأمنوا شره» أو فلوا قوته» وخضدوا شوكتهء اتجهوا إلى إقامة مدينتهم الفاضلة» وإرساء قواعدها وحققوا بهذا القصد الأول» ومكنوا لأنفسهم وأعدوا بالفضائل عدة أقوى لنازلة الأعداء . وقد ابتدأ القرآن الكريم فى إصلاح المجتمع الإسلامى بهذه المسائل والإجابة عنها؛ لأنها هى التى تنفى الأذى وتدفع الخطر الاجتماعى» ومن المقرر عند علماء الإسلام أن التخلية مقدمة على التحلية» أى أن نفى الإثم مقدم على جلب النفع» وأن دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة, إذ إنه لا منفعة مع أن الفساد يشيع. والداء يستشرى» والأذى يستمكن» ومثل الجماعة فى علاجها من أدوائهاء كمثل الجسم الإنسانى فى علاجه من أمراضهء فإن الطبيب النطاسى217 لايبادر بتقوية الجسم ويترك الجرائيم تفتك به بل يجتهد أولا وبالذات فى محاربة هذه الجرائيم والقضاء عليهاء ثم يقوى الجسم» وإن عمد إلى التقوية فى أثناء العلاج فلتقوى المقاومة» ولتزداد الحصانة» ولتشتد المناعة وغرضه الأأول محارية الآفات» وكذلك الأمر فى إصلاح الأمم: يبتدئ بإماطة الأذى الذى يفتك بهاء ثم يثنى بأعمال الإنشاءء التى تقيم البناء . )١(‏ نطاسئ: عالم بالأمور حاذق بالطب وغيره. [لسان العرب - نطس]. تفسير سورة البقرة اللامماا لوصولل يم ههه : يي وإن هذه الأسئلة الثلاثة - هى: السؤال عن الخمر والميسر والسؤال عن مقدار ما ينفق والسؤال عن اليتامى وإصلاحهم. أما السوال الأول» فقد جاء فيه قوله تعالى: ينون عن لخر وار ل فها كير وفع نس ومن تُفعهما 4 السؤال عن الخمر والميسر هو بلا شك عن الحل والتحريم لا عن الحقيقة والذات» فإنهم يعرفونهما بلا شك. وكان الأغنياء وذوو المقدرة فيهم منغمسين فيهماء ولذلك كان الجواب مشيرا إلى عدم رضا الشارع عنهما أو مشيرا إلى تحريمهما؛ لأن ما غلبت مضرته على منفعته - كما هو حكم الإسلام - يكون حراماء ولا يكون حلالاء» وقد صرح سبحانه وتعالى بذلك» فكان يحق على المؤمن النقى النفس» الذى خلص من أدران الهوى أن يكتفى بذلك ويجتنبهماء وكذلك فعل خواص المؤمنين» والعلية من أصحاب الرسول الأمين كأبى بكر وعمر وغيرهما من السابقين المقربين. ولقد كان عمر رضى الله عنه يحس بأن شرب الخمر لا يسوغ فى الإسلام؛ ولذا كان يدعو الله قائلا: اللهم بين لنا فى الخمر بيانا شافياء خصوصا بعد أن نزلت الآيات التى تشير إلى التحريم» ولا تصرح به. ولماذا كان السوّال عن الخمر والميسر» وممن كان السؤال؟ إن السؤال بلا ريب من المؤمنين» ولم يكن من غيرهم؛ لأنهم رأوا الخمر تذهب الرشد» وتضعف العقل» وتجعل المرء يقع فيما لا يحسن» حتى أنه ليروى أن حمزة بن عبد المطلب شرب الخمرهء فعقر ناقة لعلى بن أبى طالب قد أعدها ليحتطب عليهاء ويجمع بذلك مهر فاطمة الزهراءء فشكا إلى النبى ْله عمه. ولما خاطبه النبى كِلِلْةٌ كان سكران» فقال للرسول الكريم: ما أنتم إلا عبيد أبى(21! فما كان المؤمنون الأولون وقد أرهف الإيمان قلوبهم وزكت أرواحهم؛ وطهرت نفوسهم ليرضوا عن الخمرء وإن لم يصرح القرآن بالتحريمء ولذلك كثر سؤالهم عنهاء ليكون القطع فى أمرها. )١(‏ متفق عليه؛ رواه بنحو من ذلك البخارى: كتاب المساقاة - بيع الحطب والكلا ,))5١١5(‏ ومسلم: الأشربة - تحريم الخمر (-357) عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه. 0# تفسيرسورة البقرة الللإواائلاا0ااااا0االللل0اا0ا0ا0ااالللاا0ا00اااللللللن سحب 5 ولقد نزل فى الخمر أربع آيات من القرآن الكريم: أولها: ١‏ ومن ثَّمرَات النُخيل والأعتاب تَتَحْذُونَ منه سكرا ورزْقا حَسّنا إن في ذلك لآية قوم يُعقلون +2 4 [ التحل] . داية: يأو ع لطر وام قل هما يروف فاح . والشالفة: «إيا أَيهَا الّذِينَ آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارئ ... 20 4 [النساء ]. والرابعة: <إيا أنه دين وا ما مر اليس والأنصاب وَالأزْلام رج من عمل الشيطان فاجتنبوه لَعلَّكُم تفلحون +20 > [ المائدة] . ولقد اتفق العلماء على أن الآية الأولى أول ما نزل فى القرآن خاصا بالخمر» مشيرا إليهاء لأنها نزلت بمكة» إذ إنها من سورة النحل وهى مكية. وقد اتفقوا أيضا على أن آية المائدة وهى الرابعة آخر آية نزلت فى الخمرء لأنها القاطعة فى التحريم؛ ولذا قال عمر عندما سمع قوله تعالى فى آية المائدة: «فَهَلَ أنتم منسهون 42002 4 [المائدة]: انتهيناء وشفى ذلك ما فى نفس الفاروق من الخمر. والأكثرون على أن قوله تعالى: « يُسألُوك عن الْحَمْرٍ» سبقت فى النزول آية: «إيا أَيهَا الّذين آمنوا لا تَقربوا الصّلاة وأنتم سكارئ ... 27> 4 [النساء] ولكن يميل بعض امتآخرين7' إلى أن آية «إ لا تَقربوا الصّلاة وأنتم سكَارَى » مقدمة على آية 9 يُسأَلُونك عن الْحَمَرٍ »4 لأن هذه فيها إشارة إلى التحريم المطلق لأنه من المقررات الشرعية أنه إذا كان الضرر أكبر من النفع. فإن الحكم هو التحريم» وكذلك كل المحرمات ضررها أكبر من نفعهاء ولا يكاد يوجد أمر يكون ضارا ضررا محضاء إذ إنه ما من ضار إلا فيه نفع» وما من شر إلا كان فيه بعض الخير» وما من نفع إلا تأشب به بعض الضررء والعبرة فى التحريم بالغالب فإن غلب النفع كانت الإباحة» وإن غلب الضرر كان التحريم» فإذا كانت آية 9 يُسألُونك عن الْحَمْرِ»م قد صرحت بعلة التحريم فقد أومأت إلى التحريم المطلق» أما آية «إ لا تقربوا الصّلاة وأنتم سَكَارَى 4 فهى لم تصرح بالتحريم المطلق» )١(‏ قال الشيخ رحمه الله: ذكر ذلك الأستاذ الشيخ محمد عبده والسيد رشيد رضا رضى الله عنهما. إن تفسير سسورة البقرة م حب ل بل أومأت إلى التحريم المؤقت أو المعلل بكونه لأجل الصلاة» وإذا كان الترتيب فى النزول لأجل التدرج فى المنع» فالمنطق يوجب أن يكون ما فيه إشارة إلى التحريم المطلق مؤخرا عما فيه إشارة إلى التحريم المؤقت» والمعلل بكونه لآجل الصلاة. وقبل أن نترك الكلام فى آيات الخمر عامة إلى الكلام فى هذه الآية الخاصة « يسألوتك عن الخمر » لايد أن نشير إلى معنى خاص بالآية الأولى وهو قوله تعالى : ومن ثَمَرَات النُخيل والأعتاب تَتَخْدُونَ منه مكرا وَرزقًا حَسنا . .. ان 4 [النحل ]» فقد فهم بعض الناس أنها تبيح الخمرء ومن المقررات العلمية فى الإسلام أن ما أباحه الله لا يرد نص صريح بإباحته بل يكون متروكا لا نص فيه بالإباحة ولا بالمنع» ولذا يقول علماء الأصول أنه لا يكون مباحاء بل يكون فى مرتبة العفو لآن ما فيه من أسباب التحريم قائم» ولكن لا نص يمنع» فيكون محل عفو اللهء إذ لا عقوبة من غير نص» فكيف تكون هذه الآية مشيرة بالإباحة؟ والجواب عن ذلك أن ذا الفهم المستقيم لا يأخذ من الآية الأولى دلالة على الإباحة لا بالإشارة ولا بالعبارة» بل إنها تدل على التحريم بالإشارة» وإن لم تكن قريبة كالإشارة فى قوله تعالى: 8 يُسأَنُونكَ عن الْحَمْرِ وَالْميِسِرِ)4 ووجه الإشارة إلى التحريم فى تلك الآية أن الله سبحانه وتعالى يمن عليهم بنعمه وذكرها لهمء فذكر أنه سبحانه وتعالى رزقهم ثمرات النخيل والأعناب فاتخذوا منه سكراء ورزقا حسناء أى أنهم أخذوا منه نوعين متقابلين: أحدهما مسكر والآخر شراب حسن وطعام جيد سماه رزقا حسنا» فتسميته أحد النوعين بأنه رزق حسن معنى ذلك أن مقابله ليس رزقا حسناء بل هو استعمال سيىء لما أنعم الله به» وفى ذلك بلا ريب إشارة إلى أنه مبغض غير مستحسن» ولايقر من يتخذه كذلك على ما يفعل» فليس فى هذه الآية إذن إشارة إلى الإباحة بل فيها إشارة إلى التحريم أو تصريح بعدم الاستحسان أو ما هو فى حكم التصريح من حيث الدلالة اللغوية. وبعد ذلك نتكلم عن حقيقة الخمر عند الفقهاءء ثم نتكلم عما فيها من إثمء ومافيها من نفع» ووجه الكبر فى إثمها والقلة فى نفعهاء وقبل أن نخوض فى كلام الفقهاء نذكر الاشتقاق اللغوى لكلمة الخمر: ا تفسيرسورة البقرة اللا أصل كلمة خمر تستعمل بمعنى الستر» وبمعنى الترك» وبمعنى الاختلاط فيقال خمر بمعنى ستر» ومنه مار المرأة لأنه يستر وجههاء ومنه: خمروا آنيتكم أى غطوهاء ويقال للشجر الملتف (خمرا) لأنه يستر بعضه بعضا ومنه قول القائل: دخل فى غمار الناس وخمارهم» أى اختفى فيهم وستر بهم. ومن استعمالها بمعنى الترك قولهم: اختمر العجين» أى ترك حتى بلغ إدراكه» وقولهم خمر الرأى واختمر أى تركت حتى تبين وجه الحق فيه ومن استعمالها بمعنى المخالطة أن يقول القائل: ما خامرنى شك» أى خالطنى شك . والخمر التى تسكر فيها المعانى الثلاثة» فهى تستر العقل» وهى لا تكون كذلك مسكرة إلا إذا تركت مدة طالت أو قصرت حتى تتكون منها المادة المسكرة» وهى تجعل الشارب لها يختلط عقله؛ ويغلب صوابه» فلا يعرف الحق من الباطل» واللائق من غير اللائق» والضار من النافع . وقد اختلف الفقهاء فى مدلول كلمة خمر التى نص عليها القرآن بالتحريم مع أن كل مادة من شأنها الإسكار تكون حراماء إنما موضع الخلاف فى الأمر الذى حرم بنص الآية أيشمل المسكرات كلهاء فيدخل فى عموم التحريم بالنص كل الأنبذة وكل المواد التى من شأنها أن تسكرء وإن لم يسكر المتناول فعلا سواء أكانت تلك المواد من عصير العنب أم كانت من غيره . . أم أن النص الوارد بالتحريم فى الخمر هو فيما كان من عصير العنب» وغيره من المحرمات ثبت تحريمه بالقياس عليه لتحقق علة التحريم فيه» ولعموم النص فى الحديث «كل مسكر حرام)؟7" . قال الجمهور الأول» وهو أن كلمة خمر تشمل كل مسكرء وحجتهم فى قولهم أصل الاشتقاق لأن كل مسكر يتسلاقى مع أصل الاشتقاق فى الكلمة» لأنه يستر العقل» ويجعل الشارب مختلط الفكر مضطرب النظر لا يعرف الحق من الباطل» وقد تبين من قبل أصل الاشتقاق. وقد روى الترمذى أن رسول الله عله )١(‏ متفق عليه؛ ر واه البخارى: كتاب المغازى - بعث أبى معاذ إلى اليمن (7991): ومسلم: الأشربة - بيان أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام (9839). تفسير سورة البقرة ا 4 قال: «كل مسكر خمر) فكان هذا تبيينا من النبى كلد لمعنى كلمة خمرء والنبى َل هو المبين الأول للقرآن الكريم» فلا تفسير وراء تفسيره كَكِلَّه ولقد روى أن الرسول كْْهٌ قال: إن من العنب خمرا وإن من التمر خمراء وإن من العسل خمرا وإن من البر خمراء وإن من الشعير خمرا""' فلم يقتصر النبى ككل فى تفسيره على عصير العنب» بل شمل أكثر المواد التى كان يتخذ العرب منها خمورهم. ولقد فهم الصحابة» وهم من العرب الذين أوتوا علم هذه اللغة تحريم كل مسكر عندما نزل قوله تعالى: ف إِنْما الْحَمرَ والميسر والأنصاب والأزلام رجس مَن عمل الشيطان فاجتنبوه ... +4500 [المائدة]؛ ولذلك أراقوا كل الأنبذة التى كانوا يتناولونهاء وليس فيها شىء من عصير العنب. ولقد روى البخارى عن أنس رضى الله عنه أنه قال: «حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نهد خمرا من الأعناب إلا قليلا وعامة خمرنا البسر والتمر)”" . هذا تفسير الجمهور لكلمة خمر الواردة فى القرآن الكريم» ولقد خالف أبو حنيفة وأصحابه الجمهور فى تفسير كلمة خمر التى ورد بها النص القرآنى» فقالوا: إنها النيئْ من ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزيد.» وما عدا ذلك لا يسمى خمراء وإن كان مسكرا محرما. وترى أنهم لا يعدون حتى كل عصير العنب من الخمرء فلا يدخل فى كلمة الخمر المطبوخ من ماء العنب» إنما كلمة خمر مقصورة على النيئ منه غير المطبوخ» ويستدلون لقولهم هذا بأن النبى كله أتى بنشوان فقال: «أشربت خمرا؟) فقال: ما شربتها منذ حرمها الله ورسوله. قال: «فماذا شربت»)؟ قال: الخليطين. فحرم الرسول يكِةِ الخليطين»”". فنفى الشارب اسم الخمر عن )١(‏ رواه أبو داود: كتاب الأشربة (2)9191 وبنحوه الترمذى (هولاداي4, وابن ماج ه(90١؟9)),‏ وأحمد )١771(‏ عن النعمان بن بشير رضى الله عنه. (؟) رواه البخارى: كتاب الأشربة (0165). العنب والزبيب» أو الزبيب والتمر. وأنا لا أرى فى ذلك حجة؛ لأن الرجل كان نشوان فيحاول التخلص» كما ادعى بعض الشاربين أن قوله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا» [المائدة “97] يدل على الحل» وما كان النبى كله ليجادل نشوان ويصحح له اللغة» بل جاء من أقرب طريق وهو أن هذا حرام أيضا. انتهى كلامه رحمه الله . هاا تفسيرسورة البقرة تاللا ناملالا خخلا اللا اتنا االناك؟ ااا تاملكلل الات انلك اة الت الالالال لالط اتاقةالششتتلتلا الخليطين بحضرة النبى كلق فلم ينكره عليه» ولو كان ذلك يسمى خمرا من جهة لغة أو شرع لا أقره كَكِلة. وقد روى أن النبى مَلَيِْدّ قال فى حجة الوداع ».وقد سئل عن الأشربة: حرام الخمر بعينها والمسكر من كل شراب» . ومهما يكن من الاختلاف فى تفسير كلمة خمرء فقد اتفق الفقهاء على أن كل مادة من شأنها الإسكار تكون حراما وتأخذ حكم الخمر تماماء وإنما موضع الخلاف هو فى أن كل المسكرات داخلة فى النهى بئص الآية أم داخلة بالقياس وبال حديث؟ قال الجمهور الأول» وقال الحنفية الثانى . وإن الأحاديث الصحيحة تثبت أن علة تحريم الخمر إسكارها أو تخديرها على حد تعبير العلماء اليوم» فقد ورد أن النبى يَكٍ قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام)"'. وإذا توافرت هذه العلة فى شراب كان حراما قليله وكثيره؛ لأنه يكون حرام التناول فى الكثير لذاته» وفى القليل لسد الذريعة» ولأنه إذا كان مسكرا فإنه لا يكون عند الأكثرين طاهراء ولأنه إذا كان مسكرا فى ذاته فإن قليله مهما قل يكون مخدرا. وفى الحقيقة أن المسكر حرام, لا لأنه مسكر فقطء بل لأنه يميت الضمير» أو يخفت صوت الوجدان الخلقى» ويضعف صوت النفس اللوامة» وإن ذلك يحدث فى القليل والكثير» ويحدث لكل الناس» حتى أولئتك الذين لا تظهر عليهم أمارات السكر من اضطراب القول واختلاط مظاهر التفكير. وتعجبنى كلمة فى هذا قالها الفيلسوف تولستوى فقد قال فى كتابه الآفات الاجتماعية: (إن النبى محمذا عله حرم الخمر لأنها تميت الوجدان أو تضعفه). والخمر كذلك حقيقة» لأن الرجل يؤنبه ضميره على فعل» فلا يتناول الكأس حتى يزول تأنيب الضمير» والرجل يهم أن يقدم على الشر فيستيقظ وجدانه» ويقف حائلا بينه وبين فعله» فلا يلبث أن يتناول الكأس أو بعضه حتى تزول محاجزات الضمير» ويندفع فى الشر اندفاعا لا يقف فى )١(‏ رواه مسلم: كتاب الأشربة ف 1 ة ” والترمذى (:64لادي والنسائى 2))0551١(‏ وأبو داود ا كر وأحمد (5 ١غ‏ ). اا تفسير سورة البقرة سسا سس 1ك لسرب ا سبيله واعظ من ضمير» أو زاجر من نفس لائمة» ويستوى فى ذلك قليل الخمر وكثيره» كما يستوى فى ذلك من لا يسكر ومن يسكر من الشرب. بعد هذا نشير فى إلمامة موجزة إلى معنى قوله تعالى: #فيهما إِنم كبير» لوَإِنْمهمَا أكبر من نَفْعهمَا» ولنبتدئ الآن ببيان إثم الخمر ثم نعقب على ذلك ببيان إثم الميسر. الإثم فى أصل معناه: اسم لكل فعل معوق مبطئ لا يوصل إلى الأغراض والنتائج » ثم أطلق فى لغة القرآن على أفعال الشر؛ لأن الشر يعوق الإنسان عن الوصول إلى الغاية الإنسانية الكاملة» ويبطىء عن الوصول إلى الثواب فى الآخرة. وقد تطلق كلمة إثم فى لغة القرآن الكريم ويراد منه العذاب والعقاب ومن ذلك قوله تعالى : « ... ومن يفعل ذلك يلق أَنَامًا +220 4 [ الفرقان] . والمراد من الإثم فى الآية الكريمة ما يقابل النفع وهو الضرر. وفى الحقيقة أن الخمر فيها ضرر لاا شك فى ذلك» وضررها أكبر من نفعها بلا ريب» وحسبها ضررا أمران لا شك فى وجودهماء ولاريب فى أنهما يترتبان عليها: أولهما - إضعاف صوت الضمير» ولا شىء يضر فى الاجتماع أكثر من صوت الضمير أو إضعافه؛ لأن الخلق الاجتماعى الذى يترتب عليه الإلف»ء والائتلاف بين الناس أساسه الحياءء. والإحساس بسلطان الجماعة لائمة ومهذبة» وتبادل الشعور بينه وبين غيره» ثم النفس اللوامة» وإن الكأس تذهب بكل هذا: تذهب بالحياء والحياء خير كله وإذا لم تستح فاصنع ما * شئت» ويندفع الشخص فى مخالفة الجماعة غير هياب ولا وجل» وكثيرا ما يكون القصد الأول من الشرب خرق حجاب الحياء» لينطلق بالقول والفعل بما لا يليق. وإن ذلك الأمر يعم كل شارب» سواء أكان ممن تقرب سكرتهم» أم كان تمن تبعد» وسواء أكان المقدار قليلاء أم كان كثيراء فلا يكاد يكون شارب بعد شربه فى حيائه الذى كان عليه من قبل» وفى قوة وجدانه وضميره التى كانت له قبل أن يتناول ذلك السم الخلقى الذى يفتك بالأخلاق والفضيلة؛ ولذلك سميت الخمر بحق تفسيرسورة البقرة الل أم الخبائث ؛ لأنها بعد تناولها تسهل كل خبيثة كانت مستعصية لا تقبلها النفس ويعافها الشارب. ثانى الأمرين اللذين يترتبان على الشرب بلا مراء: ذهاب الرشد» أو إضعاف الإدراك ووزث الأمور وزنا صحيا» وإنا والله لنعجب لأولئك الذين يرضون الضلال بدل الرشد» والغفلة بدل الصحوء وقد كان فى الجاهلية رجال عافوا ذلك» ولم يرتضوه لأنفسهم» وقد قيل للعباس بن مرداس» وكان لا يشرب: (ألا تشرب الخمرء فإنها تزيد فى حرارتك؟) فقال: (ما أنا آخذ جهلى بيدى. فأدخله فى ولكن الفوضى الخلقية التى صار عليها الناس اليوم جعلتهم يغفلون عن هذه الحقائق المقررة الظاهرة» ولايلتفتون إليهاء بل لقد ذهب بعضهم إلى المغالاة فزعم أنها ضرورية للمدنية اليوم» فإن الآلام النفسية قد اشتدت» والمحن قد كثرت» ولا دواء لهذا الداء إلا الخمر» فهى اليوم دواء لاداء» وإنها علاج المجتمع ! ذلك قولهم بأفواههم . وذلك تفكيرهم فى أهوائهم. ونحن نقول: إنها تناسب مدنيتهم» وهى خاصة من خواصها؛ لأنها مدنية اتسمت بالرذيلة» وصارت شعارهاء فكان من المناسب أن تكون الخمر دواءها؛ لذن الدواء يكون من جنس الداءء وأم الخباتك هى التى ترأم الخبائث» وتكنفها وتحوطها وترعاهاء فلا عجب إذا رأينا التفكير المعكوس هو الذى يدافع عن الخمر» ولابد أن قائله قاله ورائحتها تنبعث من فيه!. من ذا الذى يقول إن تفاقم الرذائل داع للانغمار فيها؟ إنه كلما تفاقم الشر وجب جمع العزائم لمحاربته» وإن المحن النفسية إذا اشستدت وجب تقوية الوجدان الخلقى» والضمير الخلقى» وتربية الناس على ضبط النفئس والصبر ا جميل » وإيقاظ النزوع الدينى» والعزاء الروحى» أما إذا تألمت النفئس وقوى الضمير» واشتد اللوم من مواطن الجهاد» وميدان العمل إلى أن يكون فى موضع الهمل» فهل يرضى كريم تفسير سورة البقرة 1 جب ا يي لإنسانيته بتلك المنزلة الهون فيميت آدميته ويقتل خلقه؛ ويذهب بمروءته ورشده. ويكون ملهى الصبيان» يتلعب بكرامته الغلمان» أو على الأقل يعمل على أن يفسد تقديره ووزنه للأمور؛ لأن معرفتها على حقيقتها تؤلمه! وهل يذهب بأسباب المحن غفلته عنها وابتعاده عن الإحساس بها!! كلا إنه يتردى بالخنمر من محنة إلى محنة فغفلته عن المحنة» بالخمر تدفعه إلى ثانية ثم إلى ثالشة» وهكذا تتوالى عليه المحن بهاء حتى يضيع نفسهء وأهلهء وأولاده» وأصحابه ولا يبقى معه إلا إخوان الشرء ودعاة الفساد! هذه إشارة إلى مضار الخمر المعنوية والاجتماعية» أما مضارها الجسمية» فيكاد العلم الحديث يثبت أنه لاشىء يدخل الجسم أضر عليه من الخمرء فهى تأكل الكبد وتضخمه» وتفسد الكلية» وتضعف أنسجة الجسم وتنهك الأعضاء الداخلية العاملة» وتفقد الشهية للطعام» وتفسد المعدة وتحدث تصلبا فى الشرايين وتمددا فيهاء وأحيانا يموت السكير فجأة لهذا الداء» والخمر تضعف الحنجرة» وشعب التنفس» وتكثر السعال. وقد أثبت التحليل الطبى أن الجسم لا يستفيد منها أية فائدة» فإنها وإن كانت فيها مواد غذائية» يذهب السم الذى صاحبها بفائدتها فهى فى جملتها عقاقير سامة. وما يحدث من نشاط فى الجسم ونشوة عند شربها سببه أنها مواد غريبة على المزاج المسمى» فعناصر الجسم تقاومها وتدافعها وبهذه المقاومة والمدافعة يتولد الإحساس بالنشاط» وإذا كانت الخمر فى أحيان قليلة تقى من بعض الأمراض التى لا خطر منهاء فالضرر الناشىء عنها أشد من الأضرار الناشئة عما تدفعه!. وقد يقول قائل: إنها تتخذ دواء أحيانا؛ ولذلك يتساهل بعضهم فى ذلك» ولكن وجدنا طبيبا إنجليزيا يصرح فى قوة قائلا: (أنا لا أعلم مرضا قط شفى من الخمر)! ويقول آخر أسكتلندى: (الخمر لا تشفى شيئا) ويقول ثالث: (إن الخمر تدخل الجسم وتخرج منه ولا أثر لها إلا ما تحدئه من أضرار)'2. وهكذا تتوارد )١(‏ قال المصنف رحمه الله: هذه النقول من كتاب جواهر القرآن للمرحوم الشيخ طنطاوى جوهرى. إل تفسيرسورة البقرة الالالال أقوال الأطباء فى أنها لا تصلح شفاء وإن كانت تقى فى حالات قليلة من بعض أمراض لا خطر فيهاء وبهذا يصح الأثر عن السلف: دلا دواء فى محرما» ولقد روى مسلم أن طارق بن سويد سأل النبى كَل عن الخمر فتنهاف أو كره أن يصنعهاء فقال: إنى أصنعها للدواء» فقال الرسول يَككِ: «أنه ليس بدواء ولكنه داء»7١2‏ فما أصدق الرسول يَلةِ ولكنه المبلغ عن ربه» وكفى ذلك تصديقا. إلى ذريته من بعذه» إذ يكون النسل ضعيفا ضاوياء» فى جسمه وعقله. حتى يكون أقرب إلى الجنون» وأشد استعدادا له» فإن تناولها يجعل السكير ضعيف العقل» إذ تضعف قواه العقلية شيئا فشيئا حتى يصير كالابله. وينتقل ذلك إلى ورثته. ولقد قال بنتام فى كتاب «أصول الشرائع» ما نصه: «النبيذ فى الأقاليم الشمالية يجعل يد جميع المشروبات» وهذه من محاسنها)7". ولقد علم الأوربيون مضار الخمر علما يقيناء» ووجدوا أن الإكثار منها بين أمم (الإسلام خواطر وسوانح) فى عجر المدنية الأوربية عن إبادة المسلمين: (إن المسكرات التى استعملها بعض الفاتحين لا تؤثر فى أهالى الجزائر لكونهم يمقتونها 500 زرف مقتا شديدا)” *. ولكن المسلمين قد أصبح قادة الفكر فيهم لا يمقتونها اليوم» فهل فتحت أبواب الفناء» وزالت حواجز البقاء؟ اللهم أصلح الأحوال» وقو العزائم» وهيئ لنا هذه بعض آثار الخمرء فما منافعها؟ والله العلى القدير لولا أن القرآن الكريم ذكر أن فيها منافع للناس ما ظننت أن فيها نفعا ولو بطريق الشبهة» ولكن هكذا قال الكوفيين (18075). )'١ 30‏ ترجمة فتحى زغلول باشا. اا تفسير سورة البقرة سس سس حك القرآن» وليس لنا إلا الإيمان. ولقد ذكر بعض العلماء منافع ظاهرية لهاء منها أنها وقاية أحيانا من بعض جرائيم الأمراض بما فيها من كحول» ومنها أنها قد تثير النخوة» ومنها أنها تسلى» ومنها أنها تسخى البخيل أحياناء وأن ما يكنف هذه الأمور التى يكون ظاهرها نفعا من أضرار يجعل النفع لا جدوى فيهء بل يكون الضرر فى هذه الأحوال نفسها أكثر من النفع . هذه الخمرء أما الميسرء فهو قمار العرب» ويطلق على كل قمار اسم الميسرء فكل ما يتخاطر فيه الناس من معاملة فيها خطر الكسب المطلق أو الخسارة المطلقة يعد ميسرا أو قماراء وأصل اشتقاق كلمة ميسر إما من الميسر بمعنى السهولة؛ لأن الملل يجىء للكاسب عفوا من غير جهد» وإما من يسر بمعنى وجب؛ لأن اللاعب إذا آل إليه الكسب يصير واجباء وإما من يسر بمعنى ججزأء وقد اختار ذلك الأرهرى» فقال: الميسر: الجزور الذى كانوا يتقامرون عليه» سمى ميسراء لأنه يجزأء. فكأنه موضع التجزتة» وكل شىء جزأته فقد يسرته» والياسر الجزارء لأنه يجزىء لحم الجزور .. وهذا الأصل فى الياسرء ثم قيل للضاربين بالقداح والمتقامرين على الجزور ياسرون؛ لآنهم جازرون إذ كانوا سببا لذلك). هذا هو الأصل فى استعمال كلمة ميسر» وقد أطلقت على كل قمار» وقمار العرب الذى أطلقوا عليه كلمة ميسر هو أنهم كانوا يقسمون البعير المذبوح إلى ثمانية وعشرين قسماء ويوضع عشرة أقداح» ثلاثة منها غفل لا علامة عليها تسمى : السفيح» والمنيح» والوغدء ومن طلع له واحد منها لا يأخحذ شيئاء وقد تزاد الغفل على هذا العدد» أما السبعة الأخرى فهى الكاسبة وهى: الفذ وله سهم واحد. والتوأم وله سهمان» والرقيب وله ثلاثة» والحلس وله أربعة» والنافس وله خمسة» والمسل وله ستة» والمعلى وله سبعة» والمجموع ثمانية وعشرون. ولا شك أن هذا من قبيل ما نسميه اليوم (ورق اليانصيب»)» وقد كانت عادة العرب أن يفعلوا ذلك عند اشتداد الضائقة ليتبرعوا بنتائج الكسب على الفقراء» وما أشد الشبه بين هذا وبين عمل الجماعات التى تجمع التبرعات بهذه الطريقة! . إل تفسيرسورة البقرة مالالا ولقد جاءت النصوص الصريحة بتحريم كل قمار»ء وقد ورد أن رجلا قال: إن أكلت كذا وكذا بيضة فلك كذاء فارتفعا إلى على فقال: ذلك قمار!. والميسر مضاره كثيرة» فهو يؤدى إلى إتلاف المال وإهمال الأعمال» وهو أكل لمال الناس بالباطل» ويفسد الأخلاق» وقد يترتب عليه خراب البيوت» وهو فوق ذلك يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويورث العداوة والبغضاء. كما قال تعالى: ف إِنمَا يريد الشيطان أن يوقع بِيكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصّلاة فَهَل أنتم مسهون ج27 4 [المائدة] . ومنافع الميسر ضئيلة أيضا بجوار مضاره.ء ومنها إعطاء الفقراء» كما يرى فيما تصنع جماعات الإحسان» وأن الحكومات التى تعنى بتربية شعوبها وتهذيب نفوسهم تحارب انتشار القمار» وتقطع السبل المؤدية إليه» ولو كانت تبيحه فى النوادى الخاصة فبعض الآمم الأوربية يحرم قانونها بيع أوراق اليانصيب» ولو كانت للبر؛ لأنها تربى فى الشعب روح المقامرة» مع أن هذه الأمم تبيح فتح النوادى للقمارء فهى لا تمنع فتحها للحرية الشخصية فى زعمهاء ولكنها تمنع ما يبعث فى الشعب روح المقامرة . ويلاحظ فى الكلمات السامية: قل فيهما ِنَم بير ومافع للنّاس» أنه أطلق الإثم ولم يضفه فلم يقل إثم على الناس أو للناس» وقيد المنافع بأنها للناس» وهذا يدل على أن الإثم فى الخمر والميسر ذاتى» فهما فى ذاتهما رجس كبيرء وخطر وبيل» وأن ما فيهما من منافع فهى ضئيلة وهى بالنسبة لبعض الناس» فهى منافع إضافية» لا منافع ذاتية» فجوهر الخمر والميسر شر لا خير فيه» وما يكون من نفع فيهما فى بعض الملابساتء كما يلاحظ فى بيع الأوراق لتمويل بعض جماعات البرء فليس ذلك لآن فى الميسر خيرا أو نفعاء بل لأن النفوس فسدت». وشحت بالخيرء فلا تجود إلا من هذا الطريق الفاسدء فما فيه من نفع إضافى سببه فساد الناس» وهو نفع ضئيل للناس ومشتق من أحوالهم. وأما السؤال الثانى فقد جاء فى قوله تعالى: ل ال تفسبير سورة البمرة لل ل 00 4 لح بز يي « ويسألوتك مَاذَا ينفقون قُل الْعَفُو كذلك بين الله لَكُم الآيات لَعَلْكُم تتَفَكرُونَ 4532 في الدنْيًا والآخرة 4, ومناسبته للسؤال الأول أنهم كانوا يتخذون من الخمر والميسر طريقا لتسخية نفوس الأشحة على الخير الذين لا يجودون من تلقاء أنفسهم» فكان السؤال عن الإنفاق على البر» عقب السؤال عن الأمر الآثم الذى كانوا يحسبونه برا وهو إثم لا بر فيه. وفى الإجابة عن هذا السؤال بيان طريق العطاء المنظم المعلوم الخالى من الإثم. بدل العطاء المجهول غير المنتظم للتأشب بالإئم الذى أحاط به. والعفو معناه: السهلء أو الزائد فإن كلمة عفو لها ثلاثة إطلاقات أولها الترك» كما قال تعالى: عقا اللّهِ عمًا سلّف. . .+2227 4 [المائدة] أى تركه وتجاوز عنه» وبمعنى السهل» كما قوله تعالى: ‏ خذ الْعَفَو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين +4459 [الأعراف]. وبمعنى الزيادة. والمعنى هنا السهل الزائد عن الحاجة . سألوا عما ينفقون من مال فى البر» فقال لنبيه قل الْعفو» أى السهل الزائد عن حاجتكم الأصلية الذى لا يشق عليكم بذله» إن استقامت النفوس. وامتلاات القلوب بالإيمان» وعمرت بالرحمة وأجابت نداء الرحمن. والعفو يشمل الزكاة المفروضة؛ لأنها ليست إلا فضلا قليلا من المال» كما يشمل صددقة التطوع» وكما يشمل الصدقات التى يتعين أداؤها إذا كان شخص فى مخمصة ولا يدفع غائلة الجوع إلا شخص واحد يعرفه» ولا يعرفه سواهء فإنه يتعين عليه الأداء» وأنه فى وقت الحاجات يفيض الغنى على الفقير بكل مايسد حاجته. ولقد روى عن أبى سعيد الخدرى أنه قال: بينما نحن فى سفر مع رسول الله كَلكيٌ إذ جاءه رجل على راحلة فجعل يصرف بصره يمينا وشمالاء فقال رسول الله يللد «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له. ومن كان معه فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له4 فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا فى فضل0؟2. )١(‏ رواه مسلم: كتاب اللقطة وامقفرة واللفظ لىع وأبو داود: الزكاة (415 241" وأحمد: باقى المكثرين 984570 1). ا تفسيرسورة البقرة للفلا للووللا ااا الل00ا0ااا0االلللل0ملل وإن الآية كما تدل على ذلك توجب على المتصدق أن يبقى لنفسه ولعياله ما يكفيهم؛ ولذا قال كك «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)”' وروى أن رجلا أتى النبى ككل ببيضة من ذهب أصابها فى بعض المغانم فقال: خذها منى صدقة فأعرض عنه حتى كرر عليه مرارا... فردها الرسول جَلِْةٌ وقال: «يأتى أحدكم بماله كله يتصدق به ويجلس ويتكفف الناس. إنما الصدقة عن ظهر غنى)”" . وقد ختم الله سبحانه الآية الكريمة بقوله تعالى: طكَذَلك يبن الله لكم الآيات لَعلَكُم تتَفَكّرونَ4 أى يبين سبحانه وتعالى فى كل الأحوال بيانا كهذا الذى ذكره فى الإنفاق وفى الخمر والميسر لكى تتفكروا وتتدبروا فى مصالحكم فى الدنيا والآخرة» فتسيروا على الطريق المستقيم فى الدنياء وتتكون منكم الجماعة الفاضلة ال متعاونة اللنآزرة» ويحسن جزاؤكم فى الآخرة» وتحظوا برضوان الله» وذلك هو الفوز العظيم. و «لعل» للرجاءء وهو من الله سبحانه وتعالى فى معنى التعليل» لأنه لا رجاء من اللهء إنما الرجاء من العبيد فهذا التمثيل والتصريف فى آيات الله البينات ليرجوا التفكر والتدبر» ويسيروا فيه ليصلوا إلى الغاية الصالحة. وأما السؤال الثالث فقد جاء فيه قوله تعالى: ويسألونك عن الْيتَامئ قل إصلاح لهم حير وإن تخالطوهم فَإِخوانكم واللّه يعلّم الْمَفْسد من الْمُصلح وَلَوَ شَاء الله لَعْنتَكُم إن الله عير حكيم 4 . والإجابة فيه وأساسها أيضا إماطة الأذى عن الحماعة الإسلامية» فإنه إذا كان الإنفاق على الفقراء يحمى المجتمع من الفقر وأهواله وغوائله» فحماية اليتامى وكلاءتهم تحمى المجتمع من أن يكون منهم شريرون يبغضون المجتمع» ويجلبون له الويلات وهم فى كنف المجتمع ورعايته. لقد سألوا عن اليتامى أيضمونهم إليهم ويأكلون معهم أم يدعونهم وأموالهم» وكيف يرعونهاء وكيف يقومون عليها؟ سألوا هذه الآسئلة ومايشبههاء وقد قرأوا قوله تعالى: © فَمًا اليتيم فلا تفهر 27 4 [الضحى] وقوله تعالى: «إولا )١(‏ رواه البخارى: كتاب الزكاة ,)١779(‏ والنسائى (491؟2)7 وأبو داود 2)١471/(‏ وأحمد (5886)., والدارمى .)١5917(‏ )١(‏ رواه أبو داود: الزكاة »)١575(‏ ورواه الدارمى: الزكاة ( )١5١ ١‏ بنحوه. ل تفسير سورة البقرة سك تقربوا مال اليتيم إلا باّني هي أحسن.. . +4232 4 [الأنعام] وقوله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامئ ظلما إِنّمَا يأكلون في بطونهم ارا وسيصلون سعيرا ل »4 [النساء] فكانوا من أمرهم فى حيرة: إن قاربوهم وأموالهم يخشون على أنفسهم أن ينالوا إثماء وإن تركوهم ضاعوا وهم فى كفالة المجتمع كلهء فأمر الله نبيه أن يقول لهم أن المطلوب إصلاحهمء فقال سبحانه: قل إصلاح لهم خير»» أى أن المطلوب إصلاحهم وإصلاح مالهمء وذكر إصلاحهم؛ لآنه المقصد الأول» ولآن إصلاح مالهم إصلاح لهمء وخير لكم ولهمء وإصلاح حالهم بالتهذيب والتربية والعطاف والمحبة»ء والرأفة» وعدم تكليفهم ما يشق عليهم؛ لأن الغلظة معهم تربى فيهم الجفوة» وتنشأ عنها القسوة» فينشئون وهم يبغضون الناس» ويتربصون بهم الدوائر. وقد أثبت علم النفس الجنائى أن روح الإجرام تنبعث عند النشأة الأولى فى الغلمان الذين يحسون بأن المجتمع يجفوهم, ويغلظ عليهم فيخافونه ويبغضونه» ويترقبون الفرصة السانحة ليستلبوا المال أو الأرواح» أو ما يمكنهم أن يصلوا إليه» فكان لابد من تربية اليتيم بالإصلاح والتهذيب» وألا يقهر نفسه حتى لا يجفو فيكون من وراء ذلك الشر المستطير والخطر الكبير . وإذا كان المطلوب هو الإصلاح بكل وسائلهء وهو الغاية المطلوبة فإن كان الإصلاح بمخالطتهم وضمهم إليهم من غير أن تؤكل أموالهمء فالمخالطة سائغة جائزة؛ ولذا قال سبحانه: #وإن تخالطوهم فَإِخْوَانكُو» أى عند المخالطة استشعروا أنهم إخوانكم فى الدين والإنسانية وأبناء إخوانكم». وعاملوهم بتلك الأخوة الرحيمة الرابطة» ولا تنظروا إليهم شذراء وتؤكلوهم نزراء ؛ لأنهم غرباء عن بيتكم» بل أشعروهم بأنهم دائما فى بيت أهلهم وذويهمء حتى لا تتربى نفوسهم على الحفوة فيبغضوا الناس» ويتربصوا بهم الدوائرء ويكون ذلك فى طبعهم إذا كبروا وبلغوا أشدهم . . تفسيرسورة البقرة لللو الل كالمل ثم قال سبحانه: #واللّه يعلّم المفسد من المصلح» وهذا ترغيب فى الإصلاح» وترهيب من الفساد؛ لأنه إذا كان يعلم المؤمن أن الله مطلع على ما يفعل» تجذنب الشرء وآثر الخيرء فتجنب إهمال اليتيم لكيلا يفسد وعمد إلى تهذيبه لكى يكون عضوا عاملا فى الجماعة يبنى كما يبنى غيره» وتقوم الجماعة على سواعد قوية يشترك الجميع فى إقامتها. ثم إنه إذا علم الله المصلح فسيجزيه خير الجزاءء وما دام يعلم المفسدء فحسابه وعقابه بمقدار فساده. ثم قال سبحانه ولو شاء الله لأعنتكم». العنت المشقةء وأعنتكم: أوقعكم فى المشقة» وذلك بأن يترككم تهملون أيتامكم. فيكونون إلبا عليكم فى قابل حياتهم» وشوكة فى جنب الدولة» ويكون منهم قطاع الطريق واللصوص وال منتكهون لحرمات المنازل» ويفتكون بمجتمعكم. وينزلون الأذى بكم ولكن الله سبحانه كان من رحمته أن دعاكم إلى العناية باليتامى ليكونوا عاملين بدل أن يكونوا هادمين» وليكونوا قوة للجماعة بدل أن يكونوا قوة عليها هادمة فى بنائها . ثم ذيل الله سبحانه الآيات بقوله تعالى: إن الله عزيز حكيم» للإشارة إلى ثلاثة أمور: أولها: أن الله سبحانه عزيز يعز من يشاء ويذل من يشاء فمن أذل يتيما أذله الله» ومن أعزه أعزه الله سبحانه . وثانيها: أن الله سبحانه وتعالى هو الغالب على كل شىء» فهو الذى سيجزى القوامين على اليتامى بما يفعلون» إن خيرا فخيرء وإن شرا فشر. وثالثها: أن هذا التنظيم هو من حكمته ورحمته» فمن رحمته بخلقه أن حثهم على معاونة اليتيم وإصلاحه» والقيام على شئونه» وليكون التراحم بين الناس» وليضعف الشر فيهم» ويكثر الخير والإنتاج» والله سبحانه وتعالى بكل شئ عليم. ل( تفسير سورة البمرة ل دك > ومجوء سم سج وج لألوعر دياه رم وَلا كحو ا الْمُْشْ كات حو يوون ولامة مَؤْصِنه حير 7 كم م 4ح سس مو ل و2 000 2 ل سم 2 6 لءووى تاج 4 سس 00 هه مُوّمنْوأو لبد موصن حَيُرمن مشْرِلدٍ وَلَوَأَعَجَبَكمْ لِك ره واس هاس مط رص بوره ا ا يا ل الي ام ايا عد عون إلى النار والله يدعو إلى الجِنةَ والمغفرويإذنه- 0-0 - 0 اع 7 ذه 2 2 ا ل ا 0 4 مه للد حم وبين ءايلتهء للناس لعلهم يتذرون نزي ابتدأ الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة ببيان الروابط التى توثق العلاقات الفاضلة فى المدينة الإسلامية» التى هى المقصد الأول من هذا الشرع الحكيم؛ فقد تضافرت الأخبار والآثارء وجاءت آيات الله البينات المثبتة أن شرع الله سبحانه وتعالى لخير الناس فى الحال والمآل» وإقامة مدينة فاضلة فى الدنياء يكون الثواب لمن شاد بنيانهاء فى الآخرة» وكل عبادات هذا الدين تتجه نحو هذه الغاية» وتستهدف هذا الهدف؛ ولقد قال سبحانه فى وصف شرعه وكتابه: « يا أَيها الئاس قَد جاءتكم تُرعظة من ربكم وشا ما في الور هد ررحم لمؤسين <53> قل بقل الله وبرحمته فبذلك فَلْيفرحوا هو حير مَمَا يجمعون 227 4 1 يونس] . وقد ذكر سبحانه وتعالى فى الآينين السابقتين بعض الأمور التى تحل عرى الجماعة» وتوقع بينهم العداوة والبغضاءء وعلاج هذه الأمور»ء والطب لها بدواء ناجع يشفى من سقامها؛ فذكر مافى الخمر والميسر من مآثم» واكتفى فى هذا الموضع بذلك بيانآً للعاقل الرشيد؛ وأشار إلى التنابذ والتدابر إن ضن الغنى بالعطاء» وفقد الفقير الرجاء» فأوجب الإنفاق؛ وأشار إلى المعاول التى تهدم الجماعة الإسلامية» وتقوض أمنهاء وتكثر شذابهاء وأولئك هم الضعفاء واليتامى ومن لا مأوى لهم. فإن لم يصلحوا وعودهم أخحضرهء كان منهم الشطار واللصوص والهادمون الذين يأتون بنيان الجماعة من قواعده. 0 تفسيرسورة البقرة وبعد أن أشار إلى الأذى والوقاية منه» والداء ودفعه. أخذ يبين أسس البناء الااجتماعى الفاضل» وابتدأ من هذه الأسس بالقاعدة التى يشاد عليها البناء»ء والوحدة التى يتكون منها البنيان» والتى إذا قويت فيها الروابط قوى» وشد بعضه بعضا؛ وتلك القاعدة هى: الآسرة؛ فهى وحلة البناء الاجتماعى» وقاعدة كل بناء فاضل» وفيها تتربى كل المنازع الاجتماعية الفاضلة. ولقد ابتدأ من أحكام الأسرة ونظمها الإسلامية الفاضلة بالانتقاء فى ركنيها؛ وهما الزوج والقرينة؛ فإنه إن كان الاختيار فيهما حسنا كانت العلاقة موثقة بروابط المودة والرحمة والإخلاص» كما قال تعالى: ‏ ومن آياته أن خَلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إِلَيها وجعل بيتكم مود وَرَحَمّة . ٠.‏ 5ك 4 [الروم] . ولقد ابتدأ ببيان أساس الاختيار وهو التدين» فقال تعالت كلماته: #ولا تتكحوا المشركات حتَى يؤمن» عندما ابتدأ النبى يَلَلِّْ بدعوته» وانبعث فى مكة نور هدايقه؛ كان أكثر المؤمنين؛ من الضعفاء غير ذوى الجاه والنسب والحسب. والأقلون كانوا كذلك؛ وكل المعاندين أو جلهم من أوسط قريش نسباء وقالوا للنبى يَكْة مثل مقالة الكفار الذين سبقوهم لأنبيائهم: ١‏ وما تراك اتَبعك إلا الّذِينَ هم أَرَاذلنَا بادي الرأي. .. 7 4 [هود]. ولما قويت شوكة الإسلام» كثر دخول ذوى الأنساب فيه شيئا فشيئاء وإن كانوا مع ذلك قلة من قريشء» وكان أولئك بمقتضى : نسبهم الرفيع يرون فى بنى أعمامهم من قريش الكفاءة النسبية فى الزواج» وربما كان فيهم بعض الميل لمصاهرتهم » بل كان من بعضهم فعلا من أبدى رغبة فى المصاهرة؛ فجاء النهى القرآنى عن نكاح المشركات» حتى يؤمن. والتكاح فى أصل معناه اللغوى: الضمء وتداخل أجزاء الشئّ بعضها فى بعض» ثم أطلق على العقد الذى يحل علاقة الرجل بالمرأة» وعلى العلاقة التى تكون بينهما بما يتقاضاه الطبع'2؛ وإطلاقه بمعنى العقد إطلاق معروف قبل )١(‏ قال الشيخ رحمه الله: يختلف فقهاء الحنفية وفقهاء الشافعية فى قضية الحقيقة والمجاز فى كلمة النكاح؛ فيقول الحنفية: هو مجاز فى العقد حقيقة فى الوطءء ويقول الشافعية: هو مجاز فى الوطء حقيقة فى - ل تفسير سورة البقرة الل لكلل الل ااال 0اااللااا0ا0ا0ا0ا0ااالللاا للك 1 ىج الإسلام» وقد أقره الإسلام بشروطء والدليل على أنه بمعنى العقد كان معروفا فى |الجاهلية قوله عَِلْةِ: «ولدت من نكاح. ولم أخرج من سفاح)"'' أى أنه عَلئِيدٌ فى سلسلة نسبه الشريف لم تكن ولادة أى جد من جدوده. أو جدة من جداته إلا من نكاح صحيح حتى إسماعيل عليه السلام؛ وعلى ذلك يكون المراد من قوله تعالى : ولا تدكحوا المشركات حت يؤْمنَ» النهى عن العقد عليهن. والإنكاح: هو التزويج؛ فالنكاح الزواج» والإنكاح مباشرة العقدء وهو أكثر مايكون عندما يتولى الشخص الزواج عن الغير؛ فمعنى «ولا تتكحوا الْمشْركات» لا تتزوجوهن؛ ومعنى #ولا تتكحوا المشركين» لا تزوجوهن من نسائكم؛ فقد جرى العرف على أن المرأة يتولى زواجها أحد قرابتها؛ وقد استنبط الجمهور من هذه الصيغة أن المرأة ليس لها أن تتولى عقد زواجهاء وأن العقد لا ينعقد يعبارة النساء؛ وخالف فى ذلك أبو حنيفة وانفرد بالمخالفة؛ وروى عن أبى يوسف تلميذه أنه يرى رأيه؛؟ وقد قال أبو حنيفة: إن المرأة لها أن تتولى زواج نفسهاء وتنفرد بالعقد» بشرط أن يكون الزوج كفئاء فإن كان غير كفء فلا يجوز العقد؛ وأن قوله تعالى: ولا تتكحوا المشركين» جرى مجرى الأغلب الشائع» ولأن ذلك هو الحسن المندوب إليه؛ لا اللازم الذى لا يجوز خلافه . والمشركون ‏ هم عبدة الأوثان. وأصله من الإشراك» وأصل كلمة أشركته بمعنى جعلت الشئ بينه وبين غيره شركة» والشركة كما تكون فى المحسيات - العقد؛ ولقد قال بعض الحنفية والزجاج والفارسى: إنه مشترك بينهماء فهو حقيقة فيهما؛ ولقد صرح الزمخشرى أن أكثر وروده فى القرآن بمعنى العقدء وقال أبو الحسين بن فارس: إن التكاح لم يرد فى القرآن إلا للتزويج إلا قوله تعالى: ١‏ وابتوا الْيتَامئ حت إذا بِلهُوا التكاح . .. لق 4 [الساء]ء ويختار الراغب الأصفهاتى أنه مجاز فى الوطء؛ لأن العرب ما كانوا يصرحون بهذه العلاقة بل يكنونء فالأولى أن يكون إطلاقه على الوطء مجازا. )١(‏ رواه البيهقى: باب نكاح أهل الشرك وطلاقهم ج١٠‏ ص400. عن جعفر بن محمد عن أبيه؛ ورواه البخارى فى الأدب المفردء والطبرانى فى الأأوسط عن على رفعه. ل تفسيرسورة البقرة الول ماللا حاكيا عن موسى عليه السلام «إ وأشركه في أَمري 220 4 [طه] وفى الحديث النبوى: «اللهم أشركنا فى دعاء الصاحين» . ومن هذا الباب أطلقت كلمة «(إشراك» على عبادة غير الله معه؛ لآن من فعل ذلك فقد أشرك مع الله غيره فى العبادة والتقديس والألوهية؛ وألفاظ القرآن الكريم الدالة على ذلك كثيرة جداء ولا تكاد تحصى؛ ولكثرة استعمال القرآن هذا اللفظ فى هذا المعنى كان لكلمة «مشرك) إطلاق خاص فيه؛ وهو إطلاقه على من يعبد الأوثئان؛ فكلمة: مشركء» ومشركين» ومشركاتء كلها إذا ذكرت فى القرآن انصرفت إلى عبيدة الأوثان من غير أية قريئة دالة على ذلك؛ لأنها صارت فى الإسلام حقيقة عرفية عليهم؛ ولا تطلق على اليهود والنصارى؛ وإن قال الله سبحانه عن النصارى: 9 لَقَدَ كَفَرَ الّذينَ قَالُوا إن اللَّهَ الث ثَلانّة . ... +2 4 [المائدة ] وعن اليهود: وَقَالَت البَهُودُ عَرَيدٌ ابن الله ...4 4 [التوبة] بإذ صار لفظ المشركين اسما لجنس معين؛ ولذا كان يذكر النصارى واليهود بعنوان أهل الكتاب» وعبدة الأوثان باسم المشركين؛ فقد قال تعالى: لم يكن الّذين كَمَروا من أَهل الكتاب والمشركين منفكينَ حتَئ تأتيهم الْبينَة >4 [البيئة] فذكر فى هذه الآية الكريمة الجميع بعنوان الكفر؛ ولكنه فصل بينهماء فجعلهما جنسين مختلفين» وإن ذلك أدى إلى الاختلاف فى المعاملة» والاختلاف فى الأحكام؛ وكانت العلة فى هذا الاختلاف مشتقة من التسمية نفسها؛ فأولئتك لهم كتاب» وإن كان محرفا؛ والمشركون ليس لهم كتابء. فلا ضابط يضبطهم.» ولا عاصم يحول بينهم وبين الإيغال المطلق فى الشرء ولا حريجة دينية تقيدهم» بل هم حائرون بائرون. وعلى هذا التحقيق اللغوى يتبين أن قوله تعالى: #ولا تتكحوا المشركات حنّى يُؤِْنَ» لا يُدخل فى عموم النهى إلا الوثنيات ولا يدخل فيه قط الكتابيات» لأن الحقيقة العرفية القرآنية لا تدخل اليهود والنصارى/فى عنوان المشركين» ولا فى عموم الوثنيين» وإن كانوا مثلتّين. ولقد قال بعض المفسرين: إن كلمة المشركات تشمل بمقتضى عمومها الكتابيات؛ لأنهن يشركن بالله فى العبادة» ويثلئن» ولكن جاء بعد ذلك النهى العام إباحة زواج الكتابيات فى قوله تعالى: © اليوم أحل لكم تفسير سورة البقرة 8 الطَيّبات وَطَعام الّذين أُوتوا الكتاب حل لَكُم وطعامكُم حل لَّهُم والمخصنات من الْمؤْمنات والمحصنات من لين أوتوا الْكتَاب من قَبْلكُم ... )4 [المائدة]. فكان فى نظر أولئنك تخصيصا لعموم النهى» أو نسخا لبعض هذا العموم»؛ كما يقول بعض الفقهاء . ولكن ذلك التوجيه غير مستقيم عند الدارسين للقرآن الكريم العارفين لأسلوبه» وتقييد العبارات التى اشتمل عليهاء والتبديل الذى يطرأ فى أسلوبه على عمومها؛ فما من نص يخص أهل الكتاب وصفوا فيه بالإشراك» بل ترى كل النصوص الخاصة باليهود والنصارى إما أن يعبر عنهم باليهود والنصارى» كما فى قولم تعالى : « لتجدن أَشْد الناس عداوة لّذِين آمنوا اليهود والّذين أشركوا ولتجدن أفربهم مُودَة لين آمنوا الَذِينَ قَالُوا إِنَا نصارئ . ٠‏ ال5هك 4 [امائدة] أو يعبر عنهم بأهل الكتاب» كما فى قوله تعالى ومن أَهَل الكتاب من إن تأنه بقنطار يده إِلَيِك ومنهم من إن تَأْمنْه بدينار لأ يده إلَيِك. . . 27) 4 [آل عمران]» وقوله تعالى: «إمن أهل الكتاب أُمهَقَائمة ُو آيات الله آناء اليل وهم يَسْجُدُونَ 2ن 4 [آل عمران] . وحتى إنهم فى مقام الذم يوصفون بالكفر ولا يوصفون بالشركء كما فى قوله تعالى : لعن الذين كقروا من ب بني إسرائيل علئ لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وَكَانوا يَعْتَدُونَ 20 4 [ امائدة] . وبهذا كله يتبسين أن التحريم من أول الأمر كان خاصا بالمشركات» ولم تحرم الكتابيات؛ بل جاء النص بإباحة الزواج منهن؛ وعلى ذلك تضافرت الأخسبار عن الصحابة والتابعين بإباحة زواج الكتابية» وتحريم زواج المشركة؛ وقد قال جمهور المفسرين إنه لا يعرف أن أحدا من الصحابة قد حرم زواج الكتابية» وقد جاءت الروايات بأن عثشمان بن عفان تزوج نصرانية ثم أسلمت وأن طلحة بن عبيد الله وحذيفة اليمان تزوجا يهوديتين؛ ولكن مع ذلك روى عن عمر وعبد الله ابنه رضى الله عنهما أنهما حرما ذلك أو كرهاهء والثانى هو الأصحء فإن عبدالله بن عمر رضى الله عنه كان رجلا متوقفا حذراء وقد خحشى على المسلم من زواج الكتابية؛ إل تفسيرسورة البقرة الال أما أبوه النافذ البصيرة القوى الفراسة» الصادق الحس والحدسء» فقد رأى أن المسلم الذى يتزوج الكتابية لا ترضى به كرائم العقائل منهن» بل ترضاه من ترضاه لمأرب حسى من مال أو جمال؛ أو نسب» ولا ترضاه ذات الأسرة الكريمة العريقة منهم؛ ولذلك ورد أنه استدكر من طلحة وحذيفة ما صنعاء فقال له حذيفة: أتزعم أنها حرام فأخلى سبيلها يا أمير المؤمنين؟ فقال: (لا أزعم أنها حرام» ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن!) رضى الله عن أبى حفص الفاروق! لقد خشى ألا يتزوجوا إلا المومسات منهن؛ وإن ذلك الظن الذى ظنه وخشيه نرى كثيراً منه يقع فيمن يتزوج من غير دينه؛ إذ لا يجد إلا المنحرفة فى نفسها وخلقها وعقلها التى ترضى أن تخرج على أهلها وذويهاء وأهل دينها لتتبع مسلماء ماله أو جماله أو جاههء لا لدينه أو خلقه؛ لأنها لو كانت كذلك لارتضت الإسلام دينا. وإن المسلمين قد أجمعوا على كراهة تزوج المسلم غير المسلمة» وإن كان جمهورهم على حل الكتابية اتباعا للنص القرآئى الكريم 9« وَالْمُحْصنات من المؤمنات وَالْمُحَصَات من الّذينَ أوتوا الكتاب من قَبَلكُم .. . 4# 4 [المائدة] وكانت الكراهة لما سبق من أنه فى الغالب لايرضى بالمسلم منهن إلا المنحرفات؛ ولأن المودة التى تكون بين الزوجين قد تؤثر فى دينه فينخلع من أوامره» وإن لم ينخلع من عقيدته؛ وتؤثر قطعا فى دين الأطفالء» فيخرجون إلى الحياة» وقد رضعوا الميل إلى دين أمهم. فغلتهم به كما غذتهم بلبانها؛ وقد رأينا رجالا متعلمين يعدون فى عداد المسلمين فى الإحصاء ويدخلون الكنيسة؛ لأن أمهاتهم عودتهم ذلك. ولا حول ولا قوة إلا بالله! ولولا النص الكريم لقلنا إن حالناء وانحلال الدين فى نفوس الذين يقومون على ذلك توجب التحريم سدا للذريعة» ومنعا للفساد؛ وإن السلف الصالح كان لهم من قوة الدين» والحرص على مصلحة أولادهم» وتنشئتهم على الإسلام» ما يحصنهم وأولادهم؛ وما يجعلهم يجذبون أزواجهم إلى دينهم من غير أن يخلعوا هم الربقة. النص الكريم الذى نتكلم فى معناه فى تحريم المشركات فقط كما تبين» والكتابيات فى هذه الآية مسكوت عنهن» ونص على الإباحة فى آية المائدة. ل 0 تفسير سورة البقرة سس سس ا 19 1ك سس يي وقوله تعالى فى الغاية التى يتنهى إليها التحريم #حتّئ يَوْمن» فيه إشارة إلى توقع إيمان المشركين رجالهم ونسائهمء. وأن الفتح المبين قريب وليس ببعيد؛ فأولئكك الذين يتعلقون بأنسابهم» ويرون اللصصاهرة معهم» لا يتعجلون أمرا لهم فيه أناةء فسيأتى اليوم الذى يؤمن هؤلاء جميعاء 7 يزول السبب الذى كان من أجله التحريم» وهو الإشراكء» وإن فى ذلك بشرى للمؤمنين بعامة بهذا الفتح» وبإعلاء كلمة الله وبانتهاء القتال بين ذوى الأرحام الواصلة؛ وبشرى خاصة للذين يرغبون فى الزواج من بنات أعمامهم» ويحول الشرك دونهم. #ولآمة مؤمنة حير من مُشركة ولو أَعَجبيَكُم4 فى هذه الجملة السامية بيان فضل التدين والإيمان على الشرك والكفرء وبيان فضل المؤمن على الكافرء وبيان فضل كمال النفس على جمال الجسمء وبيان فضل شرف القلب على شرف النسب؛ ومثلها فى هذا المعنى قوله تعالى بعد ذلك: #ولعبد مؤمن خَير من مشرك ولو أعجبكم» فكلتا الجملتين الساميتين تشير إلى فضل الحقيقة الخلقية والدينية على المظهر الجسمى» والاستعلاء النسبى . والآمّة: الأنثى من الرقيق؛ والسبب فى أن زواج المؤمن من أمة مومنة لا يروقه منظرهاء خير من زواجه من حرة مشركة يروقه منظرهاء ويثير الإعجاب حسنهاء كما دل على ذلك قوله تعالى: #ولو أعجبتكم» السبب في ذلك أن الزواج ليس علاقة وقتية» بل هو علاقة دائمة وليس قضاء وطر عاجل يكون الإعجاب المجرد سببهء بل الزواج صلة مودة رابطة يلاحظ عند الإقدام عليه عوامل بقائه لا الدوافع المجردة إلى إنشائه. وإذا كانت الأمة المؤمنة التى لا تشير الإعجاب قد اجتمعت فيها صفتان لا تثيران النفس» بل تمنعان» وهما الرق» وعدم رواء المنظرء ففيها صفة توجد المودة والوتام» وهى الإيمان. وإذا كانت الحرة المشركة التى تثير الإعجاب بجمالها فيها صفتان تسترعيان الأنظار» وهما النسب والجمال» ففيها صفة تقطع العلائق» وتفسد البيت.» وهى الشرك الذى ليس معه عاصم عن إثم ولا غواية» ولا اتجاه معه إلى فضيلة ومودة واصلة وخلق كريم. إن الزواج اختلاط روحى» وشركة أدبية» وتعاون دائم على قطع لآأواء هذه الحياة وشدتهاء والبيت الزوجى فى هذه الحياة اللاغبة الكادحة كالواحة فى وسط إل تفسيرسورة البقرة 0االلللل الل الصحراءء يأوى الرجل إليها بعد التعب واللغوب» فلا يصح أن يكون مناط الاختيار هو الجمال ولا النسب فقطء ولاهما معا من غير أن يكون إيمان وخلق واطمئنان نفس وعلو إدراك وأمانة» وحسن عشرة ولطف مودةء والمؤمنة ولو كانت أمة لاتثير الإعجاب بمنظرها فيها تلك الخصال الكريمةء فهى عالية المدارك؛ ولذا همجرت الشرك إلى الإيمان» وفيها حسن عشرة ومودة وخلق» واستمساك بالأمانة والفضيلة ويعد عن الخيانة والرذيلة» وقد كون ذلك كله الإيمان. أما المشركة ولو كانت جميلة نسيبة فإنها فى غالب أحوالها لا تتوافر فيها عوامل بقاء الحياة الزوجية ؛ فهى مستعلية بنسبها» مزهوة يجمالهاء له عاصم من دين يعصمها عن الغواية» ولا مانع من خلق يمنعها من الخيانة» وليست عالية المدارك» بدليل أنها بقيت على الشرك مع قيام البينات على التوحيد شاهدة معلمة موضحة مبينة؛ وكيف يلتقى قلبان قلب يعبد الواحد القهارء وقلب يعبد الأوثان وليست المفاضلة بينهما فى المنفعة التى تعود على العشير فقطء بل المفاضلة من حيث أثرهما فى ثمرة هذا الزواج» وهما الأولاد؛ فالملشركة تغذى طفلها والانحلال» والمؤمئنة تغرس فى قلبه غرس الفضيلة والاستمساك بالعروة الوثقى؛ فالطفل بين المسلم والمشركة ينشأ حائر النفس» مضطرب الوجدان» سقيم الضمير؛ بيئما أولاد المؤمن والمؤمنة ينشأون على خلق قوى». ووجذدان مستقيم » وقلب سليم. وإذا كان زواج المؤمن من المشركة حراما فتزويج المؤمنة من المشرك حرام أيضاء بل إنه أشد تحريمًا إذا كان التحريم مراتب؛ لأن فى الزواج نوع ولاية من الرجل على المرأة» بدليل أن له حق تأديبها إن خرجت عن جادة الحق من غير تبريح ولا اعتداء» ولا قصد إلى الإيذاء ؛ ولذلك نهى الله سبحانه وتعالى عن أن يزوج الأولياء نساءهم من مشركين . والإنكاح كما قلنا تزويج الإنسان غيره. ل ل تفسير سورة البقرة لل ل للاااالللإل الل وإن الأسباب فى تفضيل المؤمن ولو عبد على المشرك ولو كان يثير الإعجاب بجمال جسمه وقوة بدنه» وجاهه الدنيوى» هى التى ذكرناها هناك» ويزاد عليها أن المشرك بما فيه من عنجهية ورجس الجاهلية» والطغيان النفسى» يسئ معاملة زوجه من غير دين مانع» ولا خلق زاجر» ولا ضمير لائم؛ فمن زوج ذات رحم منه مشركا فقد أسلمها إلى الجحيم. وألقى بها فى فتنة» تفتن بها فى دينها وفى خلقهاء وفى كرامتها وفى إنسانيتها؛ وإن ذلك لا يغنى عن كونه حرا نسيباء» فإن تلك المعانق التى تبذل أغلى من الحرية والنسب والمال والنشب؛ لأنها معانى الإنسانية السامية» ولهذا كان عبد مؤمن خيراً من كافر نسيب ولو غير مشرك. ويجب أن نشير فى هذا المقام إلى أمرين: أولهما - أن التعبير بلفظ الإنكاح فى جانب تزويج المؤمنة بالمشرك» استدل به لجمهور الفقهاء بأن المرأة لا تباشر عقد زواجها بنفسهاء وأنها لا تنفرد باختيار الزوج» ولو كانت بالغة عاقلة رشيدة» وقد أشرنا إلى ذلك من قبل؟ وهنا نبين وجه الاستدلال للجمهور ومستنده من السئنة: أما وجه الاستدلال بالآية فهو أنه عند النهى عن الزواج من المشركة» قال: إولا شتكحوا» وعند النهى عن الزواج من المشرك قال: #إولا تتكحوا» والأول العقد للنفسء والثانى العقد للغير» فذكر العقد للغير فى مقام تزويج الأنثى دليل على أنها لا تتولى إنشاء العقد بنفسهاء ولا يسوغ لها أن تنفرد به دون وليها؛ وقد أيدت ذلك أحاديث قد وردت مثل قوله عله : «لا نكاح إلا بولى»”'' ومثل قوله يَكِةِ: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فتكاحها باطل. فنكاحها باطل» فنكاحها باطل»”" . وخالف الجمهور أبو حنيفة» وفى رواية عن أبى يوسف أنه منعه؛ وقد زعم أن كل الأخبار الواردة بمنع الزواج إلا بولى لم تصح نسبتها إلى الرسول» وروى أن )١(‏ رواه الترزمذى فى النكاح »)5١7١(‏ وأبو داود (2))10/85 وابن ماجه (1471): وأحمد: أول مسئد الكوفيين »)١18591/(‏ والدارمى )7١41/(‏ عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه. غ2( روآه الترمذى : التكاح (171 )2 وقال أبو عيسى : هذا حديث حسن ».2 ورواه أبو داود (114). وابن ماجه »)١879(‏ وأحمد: باقى مسند الأنصار (77375), والدارمى .)5١89(‏ ل تفسيرسورة البقرة الللل اا للل060االللووو الل لاملل للا الرسول كَكِةٍ قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها”!' وإن التعبير بالإنكاح فى الآية جرى مجرى العرف الشائع الغالب» وأن النكاح قد أسند إليها فى قوله تعالى: طفن طَلَقَها فلا تحل له من بعد حتّى تدكح روجا غيره. .. 527 4 [البقرة] ولأنها تدير أموالهاء وتتولى العقود عليهاء فأولى أن تتولى أمر زواجها؛ ولآن الولاية تثبت فى الشرع لمصلحة المولى عليه. ومصلحتها فى أن تكون حرة» ولا ضرر على أوليائها إذا تقيد الزواج بالكفاءة ومهر المثل» فلا عار يلحقهم حينئذ. ومع أن أبا حنيفة يطلق حرية المرأة فى الزواج» فإنه يستحسن أن يتولى زواجها وليها كما هو العرف الجارى بين الناس . أما الأمر الثانى الذى يجب أن نشير إليه - فهو أن هذه الآية حرمت نكاح المسلمة بالمشرك؛ وليس فيها ما يدل على تحريم المسلمة بالكتابى؛ لآن كلمة مشرك لا تعم الكتابى فى لغة القرآن الكريم» والحقيقة العرفية الإسلامية» والتى أجمع المسلمون عليها تحريم زواج المسلمة بالكتابى؛ وسند هذا الإجماع قوله تعالى فى سورة الممتحنة: 9إيا أيهَا الّذين آمنوا إِذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإمَانْهن فَإِن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إِلَى الْكفَارٍ لا هن حل لَهِم ولا هم يَحلُون هن وآتوهم ما أَنفَقوا ولا جتاح علَيكُم أن تتكحوهن إذا اتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر... 41# 4 [الممتحنة] فهذه الآية صريحة فى أن زواج المسلمة بالكافر لا يحل» وإن كانت زوجته وأسلمت دونه انتهت وصارت لا تحل لهء ولا يحل لها. وكلمة كافر تشمل الكتابى والمشركء كما قال تعالى: «إما يود الّذينَ كقَروا من أَهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم . . . +43 © [ البقرة] . وعلى هذا النص وعمل الرسول وَلِْةِ اعتمد إجماع الصحابة والتابعين من بعدهم إلى اليوم . )١(‏ رواه مسلم: التكاح - باب استئذان الشيب فى التكاح بالنطق والبكر (55054) ورواه الترمذى: التكاح - ما جاء فى استثمار البكر والشيب (2)5 والنسائى فيه وأبو داود (6ة/ا١1)‏ وأحمد فى مسلده (2ع)) ومالك فى الموطأ (/951). والدارمى (؟95١5).‏ ا تفسير سورة البقرة لل «أولتك يدعون إِلَى الثَار واللّه يدعو إِلَى الجئة والمغفرة بإذنه» وارّن سبحانه وتعالى بين الزواج من المؤمنة والزواج من المشركة» والزواج من المؤمن والزواج من الملشرك؛ وكانت الموازنة من حيث الخيرية فى كل جانب؛ فكان خير المشركين والمشركات حسيا مادياء والمتفعة فيه عاجلة غير باقية؛ وكان الخير فى جانب المؤمنين والمؤمنات نفسيا وروحيا والمنفعة فيه باقية غير سريعة الزوال» وتتناسب مع عقد الزواج وهو عقد الحياة الذى يمتد بامتدادها؛ وانتهت الموازنة بأن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو كانت نسيبة حسناء؛ وبأن المؤمن ولو كان عبد خير من المشرك ولو كان حسيبا نسيبا ونهدا قويا. وفى هذه الجملة السامية يبين سبحانه مغبة السوء فى الزواج بالمشركين والمشركات» فقال سبحانه: #أُولَتك يدعو إِلَى الثَارِ» أى أن أولئك المشركين والمشركات إذا كان فيهم ما يستهوى الراغب فى الزواج منهم من نسب رفيع» وجاه عريض » ومال وفيرء وجمال ومنصب» فهم بهذه الأوصاف الدنيوية التى تستهوى النفوس الضعيفة إذا كان معها الشرك بالله وعبادة الأوثان» يدعون إلى الإقدام على أسباب النار فى الآخرة والعذاب الأليم فيها؛ فإن الاستهواء المادى للنفس الضعيفة» والخلطة المستمرة بين الزوجين» والاتصال الدائم بينهماء كما قال تعالى: هن لبّاس لَكُم وأنتم لباس لَهِنَ. .. 020 4 [البقرة] إن هذه الأمور كلها من شأنها أن تسهل قبول المسلم أو المسلمة لما عليه المشرك من ععادات جاهلية» وأخلاق وثنية؛ تبتدئ تلك المفاسد بالسريان إلى النفس بالسكوت عنهاء ثم بالرضا عن فاعلها؛ ثم بالرضا عن فعلهاء ثم باستحسانها؛ وأول الشر استحسانه؛ وبذلك تنحل عرى الإسلام فى نفس المسلم عروة عروة» حتى لايبقى من الإسلام إلا الاسم والرسم؛ وهما لا يغنيان عن حقيقته شيئا! . وكلما كانت عوامل الإعجاب أكثرء. كانت عوامل التأثير والدعوة أشد وأقوى؛ فإذا كانت مسلمة تحت سلطان رجل مشرك له فضل سطوة وجاه ومال وقوة ونسب وله جمال وهمة وإقدام» فإن تلك العوامل كلها تؤثر فى نفسها شيئا فشيًا إل تفسيرسورة البقرة مالفالل اللا حتى تخرجها من الإسلام خطوة بعد خطوة» وتكون خارجة عنه وهى لا تحس ولا وكذلك إذا كان الرجل المسلم قد تزوج مشركة حسناء لها منصب ومال ونسب» ولطف مودة وحسن مدخل» فإنها كلما قويت عوامل التأثير عندهاء ضعف مقدارها من خلق الإسلام عنده؛ حتى يستحسن ما تستحسن؛ ويستهجن ما تستهجن؛ ولا دعوة إلى النار أقوى من هذا! وليس المراد بالدعوة القول والنداء إلى ما يدخل النار؛ بل المعنى أن المودة والإغراء ولطف المدخل والاستيلاء النفسى؛ كل هذا من شأنه أن يؤثر» فيكون كالدعوة إلى الشرك والنار بالقول» بل أقوى تأثيرا. وقد يقول قائل: هذه الدعوة إلى النار بهذا التأثير قد تكون أيضا فى زواج المسلم بالكتابية» كما هى فى زواج المسلم بالمشركة؛ فإنها إن كانت ذات جمال ومنصب فى قومهاء ولها استهواء خاص» قد تدعو إلى النار» كما تدعو المشركة» وتحل الخلق الدينى فى نفس المسلم» كما تحله المشركة؛ وكان مقتضى هذا أن يحرم زواج المسلم بغير المسلمة مطلقا كما حرم زواج المسلمة بغير المسلم مطلقا؛ وإن لذلك الكلام موضعه؛ ولذلك أجمع الفقهاء على كراهة زواج المسلم بالكتابية؛ بل لقد زعم بعض العلماء أن زواج المسلم من الكتابية محرم كزواجه من المشركة. ولكن الجمهور لا يقطعون بالتحريم أمام النص القاطع بالحل» ولا يعملون العلة ليهمل النص؛ بل يرون أن علة التحريم لا تتوافر فى الكتابية توافرها فى المشركة؟ فإن المشركة لا ترتبط بأى قانون خلقى يعصمها من الزلل» ويجعل الزوج يربطها به؛ أما الكتابية فإن مجموع الفضائل الإنسانية من الصدق والأمانة» ومنع الخيانة» وحسن المعاملة وحسن العشرة» وغيرها من المبادئ الفاضلة لا تزال باقية فى تعاليم دينها؛ فيمكن الاحتكام إليهاء كما يمكن الاطمئنان إلى أن الزوجة تستمسك بالفضيلة فى الجملة إن أحسن الاختيار. ل 0 تفسير سورة البقرة ميال 0/0 لس أ وإن القرآن الكرم فى جدله مع أهل الكتاب كان يلاحظ إمكان الام معهم وماق هاس اساي عمس سمس معنا مضا ايا من ذُون الله .. 02 » ذآل عمران ] وقوله تعالى فى مجادلته : طقل أتحاجوننا في اللّه وهو ربا ركم لضان ولكم أعمالكم . . . 4289 4 [ البقرة ] كما أمر الله سبحانه المسلمين عامة بألا يجادلوا أهل الكتاب إلا بالرفق» كما قال تعالى : « ولا تُجَادنُوا أَهْلَ الكتَاب إلا بالّتي هي أَحْسَنْ إلا لين ظَلَمُوا منهم وقُولوا آمنا بالّذي أنزل إِلَينَا وأنزل إليكم وهنا وإلّهكم واحد ... 250 4 [ العنكبوت] . فكان من اطراد تلك المعاملة الحسنة المقربة» غير المبعدة. أن أباح الإسلام بيد أنه يلاحظ فى إباحة الزواج من الكتابيات أمران: الأمر الأول: أن النص القرآنى المبيح خاص بالمحصنات منهن» إذ قال سبحانه: 8« والمحصتات من الْذين أوتوا الكتتاب من قبلكم... +442 [المائدة] والمحصنات فى أظهر التفسير هن العفيفات؛ فأولئتك الذين يعمدون إلى المنحرفات منهن فى أخلاقهن وعقولهن ولا يتخيرون» خارجون عن موضع الإباحة فيما أحسب ؛ لأن الله أحل المحصنات » وهم استحلوا المنحرفات» ووقع ما توقعه عمر رضى الله عنه . الأمر الشانى: أن ولى الأمر إذا رأى خطرا على الدولة الإسلامية» أو على سدًا للذريعة ومنعًا للشر؛ وذلك من باب السياسة الشرعية» لا من باب تحريم ما إذ فى ذلك من الاعتداء على جماعتهم ما فيه؛ كما أن أصل الأكل حلال؛ ولكن رجال السلك السياسى من الزواج من الأجنبيات. وقد علمنا أن ضباطا فى اليش إل تفسيرسورة البقرة الل لاملل لل 0 يجلسون فى مناصب قد تمكنهم من معرفة سر عدته وعتاده قد تزوج بعضهم من يهوديات» فحق على الدولة أن تنحيهم من أماكنهم» خشية على الجيش وقادته» وأن تسن قانونا يمنع ذلك فى المستقبل! . هذه دعوة المشركين والمشركات بالإغراء ويعدوى الأخلاق, إلى النار» وهى نقيض نداء الله لعباده؛ ولذا قال سبحانه: « واللّه يدعو إِلَى الْجنة وَالْمغفرة بإانه »4 فالله سبحانه بأوامره السامية» وشريعته المحكمة ينادى المؤمنين إلى سلوك طريق الحنة بأن يقوموا بالأعمال الصالحة» ويحصنوا نفوسهم فى زواجهم بما يحمى أنفسهم من الشر والفسادء وبواعثهماء وما يغرى بهماء ويحموا جماعتهم من أن تكون فيها تلك الأدواء الفتاكة بقيام أسر من أزواج قد انحلت فى نفوسهم روابط الفضيلة والأخلاق» فإن ذلك التتحصين الشخصى والاجتماعى هو السبيل إلى جنة الرضوان» كما أنه السبيل إلى مغفرة الرحمن؛ لأن صون النفوس وعفة القلوب» وسيادة الفضيلة فى المجتمع؛ كل هذا من شأنه أن يوجه إلى الخير وإلى الكمال» فتذهب عن النفس أدرانهاء وتستر عيوبها؛ وبذلك يغفر الله ذنوبها إذا تابت وأقلعت. ولقد قيّد سبحانه الدعاء إلى الجنة والمغفرة بقوله سبحانه: #بإذنه» والإذن يطلق على الإعلام» كما يطلق على الأمرء ويطلق على الإرادة مع الرضا والتوفيق والتيسير؛ وإن تلك المعانى الثلاثئة متحققة فى هذه الجملة السامية؛ فإن الله سبحانه أعلم الناس بطرق الجحنة والمغفرة» وآذنهم بها ليسلك من يريد السلوك» وأمرهم أمرا قاطعًا بالحق فى كل شئ ليطيع من طلب الحق وسلك سبيله . وإنه سبحانه موفق من طلب الهداية ميسر له السبيل» آخذ بيده إلى الحق الذى لا مرية فيه. #ويبين آياته للنّاس لَعلّهمَ يتَدَكَرُون4 يدعو الله سبحانه وتعالى إلى الجنة والمغفرة ويعلم الناس بالحق ويأمرهم به» وييسر السبيل إليه؛ ولا يكتفى سبحانه ل ل تفسير سورة البقرة الل وتعالى بذلك» بل يقيم البينات والآيات الدالة القاطعة على أن الحق هو ما يدعو إليه» والمصلحة فيما يأمر به» والفضيلة والكمال فيما يشرع لهم من شرع ويوضح لهم من مناهج؛ فقد اقترن كل حكم بحكمته» وكل أمر بوجه المصلحة فيه» وكان ذلك لأجل أن يتذكر الناس دائمّاء ويكونوا على علم بوجه الخير فى أوامر دينهم» وأحكام الشرع الذى نزل من عند الله الحكيم العليم؛ وهذا معنى قوله تعالى: لَعَلْهُمَ يتَدَكرُونَ4 فالرجاء هنا فى معنى التعليل؛ لأن الرجاء من الله تعالى فى موضع التحقيق؛ أو نقول: الرجاء على حقيقته» وهو من العبد لا من الرب؛ أى أن الله سبحانه وتعالى شرع ما شرع من شريعة محكمة لا يآتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفهاء وبين بالآيات البينات وجه الخير فيما يشرع ليرجو الناس أن يكونوا فى حال تذكر دائم لربهم وشرعهء وخخالقهم وما أنزل لهم من أحكام تصلح دنياهم» وتقربهم إلى الله زلفى فينالون رضوانه يوم الدين. أما بعد: فإن هاتين الآيتين الكريمتين توضحان لكل مؤمن الطريق الذى يتخذه ليختار زوجًا يرضاها قريئة له ويقطعا معا صحراء الحياة» وتكون له السكن وَالُطَمانُ؛ وتبينان له أنه يجب عليه ألا يسير وراء ما يثير الإعجاب من رواء المنظرء أو علو النسب» أو جاه دنيوى ؛ بل يطلب ذات الدين أولا؛ فإنه إن استقامت الأخلاق وتلاءمت النفوس والتقت القلوب». حسنت العشرة» وقامت الأسرة على دعائم من الفضيلة والخلق الكريم؛ وأنبت الله لهما الذرية الصالحة نبانًا حسنا؛ وإن لم تستقم الأخلاق ولم يكن الدين» تقطعت الروابط» وكاد كل منهما لصاحبه» أو أفسد الاستهواء قلب الصالح منهما لصاحيه» فيصير سس.ء ويرين الله على قلبه» ولا يكون نبت الذرية إلا نكداء» وقد ثبت فى الصحيحين أن رسول الله كيد قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالهاء ولحسبهاء ولجمالهاء ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك»'1 والله سبحانه وتعالى ولى التوفيق. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: النكاح - باب الأكفاء فى الدين »)47٠٠(‏ ومسلم: الرضاع - استحباب نكاح ذات الدين (51731) عن أبى هريرة - رضى الله عنه. تفسيرسورة البقرة الل اللا 0 00 ير 00 ماحم 4 وم ار 20 . صد و 2 م قد .2 > ا 2 ل 2-1 ةم وه فوت نوكم حَرَتٌ اي م 2 اتقو لله 0ط 21 »وب مؤت © بين الله سبحانه وتعالى فى الآية السابقة من شئون الأسرة كيف يختار الزوج» وكيف يصطفى عشير الحياة» وأن الأساس هو الدين والفضيلة فى الاختيار» لاجاه الدنيا ولا أحسابها ولا أنسابها؛ لآن العشرة الحسنة تقوم على الفضيلة ومكارم الأخلاق» لا على الاستعلاء بالنسب,» والتفاخر بالحسب. وفى هذه الآيات يبين سبحانه وتعالى العشرة الحسنة؛ وقد تصدى فيها القرآن الكريم لبيان النزاهة البدنية فى العلاقة الطبيعية التى يتقاضاها الطبع السليم بين الرجل والمرأة» والتى بها يعمر الكونء» ويبقى الإنسان الذى جعله الله سبحانه وتعالى فى الأأرض خليفة . وقد ذكر سبحانه وتعالى وصايا كريمة فى أمرين» وتشير هذه الوصايا إلى بعض مقاصد الزواج العليا؛ ثم ذكر حكمًا شرعيا قاطعا فى أمر ينفذ فيه بحكم القضاءء لابحكم التدين المجرد. أما الأمران اللذان جاءت فيهما الوصايا الكريمة المرشدة الهادية» العفيفة النزهة. فهما يتعلقان بمباشرة الحائض» والنهى عنه» وبالمقصد من الزواج وملاحظته عند المسيس وقضاء الوطر الجنسى؛ وهو النسل القوى ذو الخلق الكريم؛ والأمر الثالث الذى ينفذ بحكم القضاء هو الامتناع عن العلاقة الفطرية الطبيعية مضارة وإيذاء لامرأته بأيمان يحلفها للضرر والإيذاء؛ فقد حكم فيه الشارع حكما مقرراء ل تفسير سورة البقرة مم ملل 0/16 تحب 1 وهو الفرقة بعد الامتناع أمدا معلوما؛ ونؤجل الكلام فى هذا الأمر إلى موضعه من تفسير الآيات الكريمات التى تصدت لحكمه. ونكتفى هنا ببيان الوصايا فى الأمرين الأولين. . «ويُسألونك عن الْمحيض» السؤال كان من المؤمنين» ولم يكن من غيرهم؛ لأنهم أرادوا أن يعلموا حكم دينهم فى أخص شكونهم؛ ولأنهم أدركوا بقوة وجدانهم الدينى أن الإسلام مرشد إلى الأمر الصالح فى كل شىء وفى كل الأمور. ما دق منها وما جل» بل ما خص منها وما عم؛ وليس أى شأن من الشئون الخاصة إلا له صلة بالشئون العامة؛ لأن الإنسان ليس شيئا قائما بذاته منفردا عن غيره مفصولا عن سواهء بل هو جزء من كل» موصول بما عداهء فالأجزاء تتلاقى فتكون ذلك المجموع وتربطه بروابط من الفضيلة» فما من خصوص للآحاد إلا له صلة وثيقة بعموم الجماعة؛ ومن فصل الأمور الشخصية عن الأمور العامة لم يفهم علاقة الإنسان بالإنسان ولم يمهم قانون الجماعات وسر الاجتماع . من أجل هذا المعنى سأل المؤمنون عن هذا الأمر الخاص الذى يتصل بأدق العلاقة بين الرجل والمرأة. والمحيض مشتق من الحيضء» وأصله بمعنى السيل؛ يقال: حاض السيل بمعنى فاضء ثم أطلق الحيض على ما يقذفه رحم المرأة من دم فى حال فراغه من الحمل؛ والمحيض قال الزمخشرى فيه: إنه مصدر ميمى ك: مجىء» ومبيت؛ وعلى ذلك يكون السؤال عن المحيض أى عن حكم العلاقة بين الرجل والمرأة عند وجوده. وقد يراد منه اسم الزمان» ويكون السؤال عن حكم العلاقة بين الرجل والمرأة فى وقته؛ وقد يراد منه اسم المكان من حيث العلاقة فى مكان الحسيض وهو جهزز المرأة التناسلى . والظاهر أن السؤال عن حكم العلاقة عند وجود الدم وكل التخريجات السابقة تصلح لذلك وكلها تحتاج إلى تأويل محذوف مقدر وهو السؤال عن الحكم. وكل التقديرات تنتهى إلى معنى واحد وما جرى بين المفسرين من خلاف فى هذا هو إل تفسميرسورة البقرة ل ل [1#1[1[1أآ1 221210011111 خلاف لفظى لا جدوى - من حيث المعنى - فيهء ولماذا كان السؤال؟ ألم يكن من مقتضى الفطرة أن يعلموا الجواب؟ نعم لقد كان من مقتضى الفطرة أن يعلموا أن الحيض أذى فى كل أحواله»ء وأنه يعتزل موضعه إبان ظهوره؛ ولكن أهل الديانات السماوية التى كانت تصاقب7) أماكنهم فى بلادهم من اليهود والنصارى قد اختلفواء ما بين متشددين فى شأن الحاتض» ومتسامحين فى شأنها؛ فالنصارى ما كانوا يفرقون بين حائض وغير حائض فى المعاملة والمباشرة؛ واليهود كانوا يشددون عليها وعلى أنفسهم فى المعاملة فيتجنبونها اجتنايًا تامّاء ولا يعتزلونها فى المباشرة وحدهاء بل يعزلونها فى كل الأحوال عن أنفسهم عزلا كاملاء حتى ليعتبرون كل ما مسته يكون نجساء ومن يمسها يكون نجساء وكأنها تكون من الأنجاس فى هذه المدة0") , وكان من العرب من تأثروا بطريق اليهودء ومنهم من سلكوا مسلك النصارى» فسألوا عن حكم الإسلام إلى أى الطريقين يتجهء فكان الفطرة التى فطر الله الناس عليهاء وكان بين ذلك قواما؛ فأباح المعاملة ومنع المباشرة. قل هو أذى فَاعِمَُوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حت يَطْهِرنَ4 أجاب الله سبحانه وتعالى بما أمر به النبى كك أن يجيب به هو أَذَى» أى هذا الدم الذى يلفظه الرحم أذى يتأذى به الإنسان تأذيا حسيا جسميا؛ فرائحته»ء يتأذى منها من يشمهاء وهو قذر فى ذاته» وهو فوق ذلك أذى نفسى للرجل والمرأة معا؛ فالمرأة لا تكون فى حال تستسيغ معها المباذ ة ؛ بل إنها تكون متقززة منها فى هذه الحال نافرة إلا فى الأحوال الشاذة والصور النادرة» وجهازها التناسلى يكون فى حال اضطراب» فتتألم من كل مباشرة» وأعصابها وأحوالها وعامة شئونها تكون فى حال تتأذى معها )١(‏ صاقبه مصاقبة» وصقابا: إذا قاربه وواجهه» يقال: جار مصاقب. [الوسيط (صقب)]. (0) قال الشيخ رحمه الله: جاء فى الفصل الخامس عشر من سفر اللاويين (أن كل من مس الحائض فى أيام طمثها يكون نجساء وكل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء» ويكون نجسا إلى المساء» وكل من مس متاعا تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء» وإن اضطجع معها رجل» فكان طمثها عليه يكون نجسا سبعة أيام وكل فراش يضطجع عليه يكون نجسا). وبهذا يستبين أن اليهود كانوا يشددون فى شأن الجائض» حتى تنطوى. على نفسهاء فلا تمس شيئا حتى لا تنجسه. م تفسير سورة البقرة لولاا اللا من كل اتصال جنسى؛ والرجل يتأذى نفسيا؛ إذ يكون خليطه فى حال نفرة بل بغض لا يقدم عليه؛ ثم إن المباشرة فى هذه الحال لا يتحقق معها القصد الأسمى وهو النسل؛ فإن المرأة فى هذه الحال لا تكون صالحة للإنسال. وإذا كان موضع الحيض أو الحيض نفسه شيئًا يتقزز منه» فإن الوصية الواجبة فى حاله هى الاعتزال؛ ولذا قال سبحانه مرتبا الوصية على تلك الحال التى يتأذى منها: طفَاعترلوا النْسَاء في الْمَحيض»4 أى اعتزلوهن فى وقت الحيضء والمراد بالاعتزال الامتناع عن المباشرة؛ وقد روى عن ابن عباس أن المراد بالاعتزال هو اعتزال الفراش» وهو فى ذلك أقرب إلى مسالك اليهود؛ ولكن تلك الرواية شاذة لا يلتفت إليهاء ولا تنقض إجماع العلماء على أن المراد بالاعتزال هو الامتناع عن المباشرة» لا ترك الفراش وتجنب النوم معها على فراش واحد؛ فقد أجمع العلماء وتضافرت الروايات على أن المنهى عنه فقط هو المباشرة نفسها. ولعل تلك الرواية المروية عن ابن عباس رضى الله عنه تتجه إلى أن اعتزال الفراش بأن ينام فى مكان وهى فى مكان إنما هو للاحتياط حتى لا يكون اتحاد الفراش مؤديًا إلى ذلك الأمر الممنوع. ولئن أخذنا بهذه الرواية لكان تحريم المباشرة لذاته» وتحريم الاجتماع فى المبيت على فراش واحد لغيره؛ لأنه يؤدى إلى الممنوع لذاته. ويلاحظ فى نسق الكلمات السامية #قُل هو أَذى فَاعِتَزلوا النساء في المحيض» أنه قد قدم السبب على المسبب» والعلة على المعلول؛ فإن سبب الوصية بالاعتزال هو كون المحيض أذى يوجب الاعتزال فيه. وإذا كان سبب الاعتزال وعدم المباشرة هو أذى المحيض فإن الاعتزال مؤقت بوجودهء ويزول بانتهائه؛ ولذلك بين سبحانه مدى تحريم الاعتزال بقوله تعالى: ولا تقربوهن حتّى يَطْهِرن4 والقرب المنهى عنه كناية عن المباشرة» وهى من الكنايات القرآنية التى تربى الذوق وتمنع عن الأسماع الألفاظ التى يجافى سماعها الأذواق السليمة؛ وكم للقرآن الكريم من كنايات ومجازات تعلو بمستوى القارئ» ولها تفسيرسورة البقرة ااال وضوح وقصد إلى المعانى من غير خطأ فى الفهم؛ ولا غموض فى الموضوع؛ وأى قارئ يقرأ كلمات: #فَاعتزلُوا النساء في الْمحيض ولا تقربُوهن حتَئ يطَهِر4» ولايفهم منها النهى عن الحال التى يتقضاها الطبع فى الأحوال الاعتيادية» وأن النهى موقوت بذلك الوقت المعلوم. والقراءة المشهورة هى بفتح الراء فى إولا تقربوهن» وبضم الهاء 8 يَطْهِرن» من غير تشديد الطاء. وقرأ حمزة والكسائى وعاصم فى رواية المفضل: #يطهرن» بفتح الهاء. وتشديد الطاء. ويذكر العلماء فى مادة «قرب» أن هذا الفعل من باب كرّم» ومن باب فرح» فيقال قرب يقرب» ويقال قرب يقرب» والأول لازم والثشانى متعد» والمعنى فيهما مختلف؛ فالأول يكون بمعنى الدنو» والثانى كذلك» ولكنه غلب فى العرف أنه مجاز عن اللبس أى الاتصال بالشىء؛ ومن ذلك قوله تعالى: «إ ولا تَقربوا مال اليْتيم ... 29# 4 [الأنعام] وقوله تعالى: قلا يقربوا المسجد الحرام بعْدَ عامهم هذا .. 207 4 [التوبة] أى لايدخلوه وكذلك قوله تعالى: #ولا تَقَربوهن». وقوله تعالى فى القراءة المشهورة يطهرن يكون معناها انقطاع الدم ؛ لأنه إذا كان سبب الأذى هو الدم» فانقطاعه طهور منهء» فهو وصف وحال قائمة بالمرأة تنبت عند انقطاع الدم لزوال سبب النجاسة. وأما قراءة يطَّهرنء فمعناها يغتسلن؛ لأن التطهر غير الطُّهورء إذ هو فعل من المرأة نفسها منسوب حدوثه إليها؛ فهى التى تنشئه لا أنه حال طهر يعود بعد زوال سيب النجاسة المؤقتة. هذا تفسير بعض العلماءء وبه أخذ الحنفية. وقال آخرون وعلى رأسهم شيخ المفسرين ابن جرير الطبرى: إن القراءتين فى معناهما واحدء وهو التطهر» فلا تعد طاهرة إلا بالاغتسال؛ وهذا ما سلكه جمهور الفقهاء غير الحنفية . وقد انبنى على ذلك الخلاف فى التفسير خحلاف فقهى؛ فالحنفية قالوا: إنه بمجرد انقطاع الدم إذا كان الانقطاع لأقصى مدة المحيض وهو عشرة أيام تحل المباشرة ولو قبل الاغتسال أخذا بالقراءة المشهورة وهى قراءة #يَطْهرنَ» لتأكد زوال الدمء ل ل تفسير سورة البقرة ل ل لل وبه الطهارة» وإن كان الانقطاع لأقل من عشرة أيام فلابد من تأكد زوال الدم بعمل آخر من جانبها وهو الاغتسال الفعلى» وبذلك تنطبق قراءة «حتّى يَطْهرنَ» فالحنفية قد أعملوا القراءتين فى نظرهم. وغيرهم لم يفرق بين القراءتين فى المعنى وفسرهما بمعنى الاغتسال فلا تحل قبله مطلقا؛ فالطهر حقيقة فيه» وغيره مجاز»ء ولا قرينة تدل على إرادة المعنى المجازى» فلا يعدل عن الحقيقة؛ وفوق ذلك فإن إباحة المباشرة صرح فيها بأن ذلك متصل بالتطهرء لا بالطهور؛ فقد قال سبحانه: «فإذا تطهرن فَأَتوه من حَيْث أَمَرَكُم اللّه4 وإذا كان المنع مؤقتاء فإنه بزواله تجىء الإبياحة» وتعود الحال إلى ما كانت عليه؛ وهنا كلمتان ساميتان نشير إلى بعض ما اشتملتا عليه من معان سامية؛ وهما قوله تعالى: طفَأَتَوهن» والثانية قوله: #من حيث أمركم اللّه>. والطلب فى قوله تعالى: # فَأَتَوهنَ» ليس المراد به الحتم واللزوم. فليس بلازم الإتيان عقب التطهر؛ لأن ذلك مبنى على الرغبة والطاقة» إثما المراد هو إباحة المباشرة فإنه من المقرر عند علماء الأصول أن الأمر بعد النهى يكون للإباحة» وخصوصا إذا كان الموضع موضع حل وإباحة لا موضع تكليف وإلزام» مثل قوله تعالى: وإِذًا حللهم فاصطادوا. .. 44 [المائدة] ومثل قوله تعالى: . « فَإِذَا فضيت الصّلاة فَانتَشروا في الأرض وابتَغوا من فَضَل اللّه. .. لي 4 [ اجمعة] . وأما الكلمة الثانية وهى #من حيث أمركم اللّه» فمن هنا المسماة بمن الابتدائية؛ أى الإتيان يكون مبتدئا من المكات الذى أحله الله سبحانه» وهو الذى كونه الله سبحانه على أنه المكان الفطرى الطبيعى لتلك العلاقة الجنسية» وهو مكان البذر والإنسال؛ فالمراد من أمر الله فى هذا المقام الأمر الإلزامى الذى جاء الإلزام فيه بحكم الشرع الإلهى» وبحكم الفطرة التكوينية؛ فقد أمر الله بأن تكون المباشرة فى موضع النسل وال حرث والبذر. والفطرة التى فطر الله الناس عليها توجب ذلك وتلزم به؛ إلا من إيفت مشاعرهم وشذ تكوينهم؛ ولذلك كانت تلك الفطرة هى الوضع تفسيرسورة البقرة الل الإنسانى الذى التزمه بنو الإنسان حتى المتوحشون المتبدون» ولم يخرج عن ذلك إلا الذين أصابهم شذوذ فى عقولهم ونفوسهم من بعض الذين سموا متمدينين. إن الله يحب التَوَابِينَ ويحب الْممَطْهَرِينَ» ذيل الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة بتلك الجملة السامية؛ والتواب صيغة مبالغة من تائب بمعنى راجع إلى ربه إذا هفاء منيب إليه إذا انحرف؛ كثير الرجوع إلى رب العالمين بتوبة نصوح؛ والتواب وصف مدح يمدح به العبيد. وإن للتوبة منزلتين: المنزلة الأولى : أن يرتكب الشخص منكرا أو معصية بشكل عام» سواء أكانت صغيرة أم كانت كبيرة» ويفعل ذلك بجهالة» ثم يتوب توبة نصوحاء ويحسن التوبة فيغفر الله له» فإن الله سبحانه يغفر الذنوب جميعا لمن أحسن التوبة؛ والتوبة فى هذه الحال وصف مدح بلا شك». وخصوصا إذا استشعر التائب ما كان فيه» وأحس با لخضوع وأحسن التضرعء وكان تذكره للماضى حافزا على الاستمساك بحاضره» والاتجاه إلى ربه» وطلب المغفرة؛ فإن الإحساس بذل المعصية يدنيه من ربه» ويقربه منة . والمنزلة الثانية من التوبة وهى العالية السامية: أن يحس المؤمن التقى بمقام ربه»ء فيحس مع ذلك بالقصور فى حقهء فيراجع ربه بالتوبة الحين بعد الحين» تداركا لما ظن من تقصيره» وما ارتكب فى تقديره» فيكون توابا منيبا مستمرا فى توبته . والله سبحانه يحب التائب فى كلتا حاليه» وإن تفاوتت المنازل واختلفت الدرجات. ومحبة الله تعالى للتائبين رضاه عنهم» وإسباغ رحمته عليهم؛ فالمحبة رضا ورحمة وتقريب. والمتطهرون هم الذين طهروا حسهم ونفوسهم» وظاهرهم وباطنهم . وإن تذييل الآية بهذه الجملة السامية يفيد ثلاث فوائد: 0 تفسير سورة البقرة مل لل ايم > زا أولاها: إشعار المؤمن بأن الله غفار للذنوب لمن ارتكب كما قال تعالى : «قل عبادي ادن أسرفُوا عئ أنسهم ل وا من رحمَ لل إن اله يفف اانوب جميها ... +22 4 [الزمر] . ثانيتها: أن الله سبحانه وتعالى يحب المؤمن الذى لا يغتر بطاعاته» حتى لا يزين لنفسه كل أعماله» فقد يتأدى الأمر بمن يزين لنفسه عمله إلى أن يزين له سوء عمله فيراه حسناء وإن الذى يستصغر حسناته فيكثر من التوبة قريب من ربه مستمتع بمحبته سبحانه وتعالى» وهى أقدس ما فى هذا الوجود. ثالثتها: أن طهارة الحس تؤدى إلى طهارة النفس» فمن كان طهور النفس لا يقبل أن يقدم على أمر مستقذر فى ذاته» تعافه الطبائع السليمة» والفطرة المستقيمة . جساوكُم حر كم انوا ركم أن شم فى هذه الآية يشير الله سبحان وتعالى إلى ثلاثة أمور : 1 أولها: بيان أن المقصد من الزواج ليس هو قضاء الوطر وإشباع الشهوة» فإن ذلك كما يكون فى زواج شرعى يكون فى المسافدة الحيوانية؛ إنما المقصد هو النسل وبقاء هذا الإنسان فى الوجود على أكمل وجه.ء وتهذيب النشء بين أبويه وفى أحضانهما لتنمو غرائزه وتتهذب طبائعه» وتستيقظ ينابيع الخير فيه. وثانى هذه الأمور: أن ما يكون بين الزوجين اللذين جمعههما الله بكلمة الشرع وحكمه هو الأنس الروحى مع المتعة المسدية؛ وإن ذلك ليقتضى زوال الكلفة» وأن يكون بينهما من المباسطة ما تسهل معه الحياة» ويكون فى البيت تخفيف أعبائهاء واستجمام القوى» ليستطيع تحمل تكليفاتها. وثالث هذه الأمور: أن الدين يجب أن يكون مسيطراء ويجب أن تكون العدالة قائكمة» والمودة حاكمة فيما بين الرجل والمرأة. وقد أشير إلى الأمر الأول بقوله تعالى: #نساؤكُم حرث لكم» وأشير إلى الأمر الثانى بقوله تعالى: #فَأتوا حرنكم أَنَئْ شنتم» وأشير إلى الأمر الثالث بقوله تعالى : لوَقَدَموا لأنفسكم وانَقُوا الله واعلّموا أَنَكُم ملاقوه وبشر مر المؤمنين» . تفسيرسورة البقرة لل للفلل 1ن وبعد هذا الإجمال نتكلم فى معانى هذه الجمل السامية لنستبين هذه الإشارات من تلك العبارات القدسية» فنتكلم فى معنى قوله تعالى: #نساؤكم حرث لكم» أصل كلمة حرث تطلق على إثارة الأرض لإلقاء البذر فيهاء وقد تطلق كلمة الحرث على الأرض المحروثة نفسهاء فتسمى الأرض المحروثة المهيأة للزراعة أو المزروعة فعلا حرثاء ومن ذلك قوله تعالى: « أن اغدوا على حرثكُم إن كنشم صارمين 07 4 [القلم] ثم أطلقت كلمة حرث فى الآية الكريمة وأريد بها الزوجة على سبيل التشبيه» وقد قال فى وجه التشبيه الراغب الأصفهانى (بالنساء زرع ما فيه بقاء نوع الإنسان» كما أن بالأرض زرع ما به بقاء أشخاصهم). ففى الكلام إذن تشبيه للزوجة بالحرث؛ ووجه التشبيه الذى ذكره كان بين الزوجة وبين الأرض الخصبة المنتتجة من حيث إن كليهما يمد الوجود الإنسانى؛ فالزوجة تمده بعنصر تكوينه وإنشائه» والأرض تمده بالزرع الذى يكون به بقاؤه. وذكر الزمخشرى أن التشبيه بين ما يلقى فى الأرحام من النطفة والبذر الذى يلقى فى الأرض من حيث إن كلا منهما ينمو فى مستودعهء ويكون به البقاء والتوالد. وكيفما كان توجيه التشبيه من الناحية اللفظية» فإن الجملة الكريمة ترمى إلى معنى كريم» وهو أن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست هى قضاء الوطر لإشباع الشهوة المجردة» بل هى تنظيم النسل فلا يصح للرجل الكامل الذى اتجهت به الإنسانية نحو الكمال أن ينظر إلى زوجه إلا على أنها مستودع سر الوجود الإنسانى» وأنها مربى ولده» وأن قطعة منه تتصل بها فيختلط وجوده بوجودهاء وتخرج من رحمها وديعته» وقد امتزجت فيها عناصرهما وخواصهما وطبائعهماء وصارت صورة فى الوجود لأشخاصهماء ومنازعهماء وإذا كانت الخلطة الفطرية قد أوجد الله بها ذلك المخلوق الذى يريان فيه أنفسهما موحدة متلاقية» فإن ذلك يتقاضاهما أو يحملهما على تنشئته على صورة لما يصبوان إليه من كمال؛ وإذا تقاصرت نفس أحدهما عن الآخر فقد يكون الاضطراب فى تكوينه الخلقى» بل يكون نقص فى تكميل غموه الجسمى . ا تفسير سورة البقرة ا مالل وإذا كان ذلك بعض ما يشير إليه التعبير عن الأزواج بأنهن حرثء» فإنه بلا شك يحث الرجل على أن يتخير موضع حرثه» كما يتخير موضع زرعهء فإنه لا يطلب لبذره إلا الخصبة القوية من الأرض» فكذلك لايطلب إلا القوية من النساء فى جسمها وخلقها ودينهاء وطيب أرومتهاء وكرم بيئتها؛ ليكون الولد قوياء ولينشاً نشأة كاملة تربى فيه قوة الجسم والخلق والدين والعقل؛ ولذا جاء فى المأثور «تخيروا لنطفكم واتكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم”) وروى عن النبى كَل أنه قال: «إياكم وخضراء الدّمّن» وهى المرأة الجميلة التى نبتت فى منبت سوء”"؟2. فلا تطلب المرأة لجمالها ولا لمالهاء ولا لماه أسرتهاء ولكن تطلب لدينها وخخلقهاء ولبيئتها الدينية الخلقية الطاهرة. وقوله تعالى: ظقَأنُوا حَرتَكُم أَنّئْ شنتم» تشير إلى المباسطة التى تكون بين الزوجين» وإبعاد ما يتكلفه الإنسان فى لقاء الإنسان؛ فإن ذلك يزول عندما يكون الرجل مع زوجهء ويستروح راحة الحياة» ومودة العشرة الزوجية؟ فإن قوله: «قأتوا حرتكم أَنْى شنتم 4 معناه قاربوا أو باشروا نساءكم كيف شئتم. وقد روى الرواة أن اليهود الذين كانوا يجاورون أهل المدينة كانوا عند المباشرة لا يرى الرجل من زوجه شيئاء ولا تكون المباشرة إلا بإبعاد حرف من الشياب؛ وقد سرت تلك الحال من التكلف إلى الذين كانوا يساكنونهم من أهل يثرب» ولعلهم ظنوا ذلك أدبا وتهذيباء وحسبوه أمرا فى هذه الحال مطلوباء فسلكوا مسلكهم؛ وكانت قريش تزيل كل تكلف من هذا عندما يختلى الرجل بزوجه؛ فلما كان التزاوج بين المهاجرين من قريش» والأنصار من أهل المدينة الذين سرى إليهم ذلك التزمت من اليهودء كانت تحدث نفرة أحيانا بين الزوجين بسيب التزمت من جانب» ورغبة التبسط من جانب آخرء فكان قوله تعالى: فَأنُوا حَرتَكُم أن شنتم» مزيلا للتكلف» داعيا إلى .)١968( رواه ابن ماجه: كتاب التكاح - الأكفاء‎ )١( مسنئد الشهاب (2»)461 وجاء فى كشف الخفا (866): (إياكم وخضرء الدمن». رواه الدارقطنى فى‎ )١( . الأفراد» والرامهرمزى والعسكرى فى الأمثال» وابن عدى فى الكامل‎ ا تفسيرسورة البقرة الملل ذأ 2225111 المباسطة» ليكون ما بين الرجل والمرأة فيه استرواح للنفوس» واستجمام للقلوب؛ فكلمة (أنى) معناها (كيف) أى باشروا نساءكم فى موضع الحرث على أى شكل كانت المباشرة. ويقول علماء اللغة إن (أنى) يستفهم بها وتكون بمعنى كيف». وذلك أصل استعمالهاء وقد تكون مع استعمالها بمعنى كيف للمكان أيضا؛ ولذلك يقول الراغب الأصفهانى : (أنى للبحث عن الحال والمكان؛ ولذا قيل هو بمعنى أين وكيف لتضمنه معناهما؛ قال الله عز وجل: 9 أَنَئ لَك هذا... 20 4 [آل عمران] أى من أين وكيف لك هذا؟). وهى هنا بمعنى كسيف الذى هو أصل استعمالها. وذكر الحرث(2 فى قوله سبحانه : «قأتوا حرتكم» للإشارة إلى أنه مع إباحة الاستمتاع الجسدى» والاسترواح النفسى» وإحلال المباسطة محل التكلف والتزمت» مع كل هذا لا ينسى المقصود الأصلىء وهو أن الغاية هو النسل والقيام على شئونه وتربيته؛ فإذا كانت المياة الزوجية يزوك فيها كل ما يحجب الإنسان عن الإنسان من ظواهر وأشكال» فإن لذلك غايتين ساميتين: إحداهما: النسل وتهذيبه والقيام على شئونه والثانية : الاستجمام والاستعداد بهذا الاستجمام للقيام بأعباء الحياة موفور القوى النفسية التى هى معين الصبرء وأساس الاحتمال. )١(‏ قال المصنف رحمه الله: أصحاب النفوس المنحرفة والأهواء المردية ينقولون الأقاويل» وقد انحرفوا فى تفكيرهم بمقدار انحراف نفوسهم عن الفطرة القويمة» فقد زعم بعض الجهلاء الذين إيفت نفوسهم أن معنى قوله: «أنَى شتثم» أى فى أى مكان شئتم فى القبل أو الدبرء» ولم يكتفوا بذلك الفهم الضال» بل حاولوا إسناده إلى عبد الله بن عمر. وإلى مالك» وقد كان ذلك كذبا لا شك فيه فقد نفاه ابن عمر نفيا باتا عندما ترامى إليهء بل إنا لا نتتصور أن شخصا مستقيم الفطرة يقوله» وكذب الثقات بالإجماع نسبته إلى مالك؛ والآية لا تفيده. ولا يتصور أن تفيدهء لأن الله سبحانه وتعالى يقول: نوه من حيث أمركم الله أى بمقتضى الفطرة والتكوين وذلك فى موضع النسل؛ ولأن الله يقول: لإنساؤكم حرث» ويكون حرثا إذا كان المقصود موضع النسلء ولأن الله يقول: «فَأنوا حرتكم أَنْىْ شنتم» أى اثتوا موضع الحرث» ولا يتصور ذلك إلا فى موضع النسل» وما كان لنا أن نخوض فى هذا لولا هؤلاء الذين انحرفت فطرتهم فضل فهمهم . لل تفسير سورة البقرة مل م 1 سه + 3 «وقدموا لأنفسكم واتّفو | الله وَاعلَمُوا أَنَكُم ملاقُوه وبَشَر الْمؤمبِينَ» اشتملت هذه الجمل السامية على ثلاثة أوامرء وبشرى؛ أما الأوامر الثلاثئة فهى «وَقدموا لأنفسكم وانَّهُوا الل وَاعْلَمُوا أَنَكُم مُلاقُوه4؛ وأما البشرى»ء فهى #وبشر المؤمنين». والأمر الأول: وهو قوله تعالى: طوَقَدَموا لأنفسكم» معناه اعملوا فى حاضركم ما يكون لمستقبلكم ذخرا وعتاداء وقدموا من الأعمال الصالحة فى الحاضرء ما يكون نفعا لكم فى المستقبل؛ لأن من يعمل عملا صال ًا فى حاضره» يمكن للمستقبل الحسن لنفسه؛ وهذا المعنى عام يشمل كل عمل صالحء وكل بر يقدم عليه الإنسان» فهو حصن المستقبل» يقدمه لنفسه من بناء الحاضر على عماد مكين من الخير؛ وهو فى هذه الآية يدل مع هذا العموم على معنى فيها على وجه الخصوصء» وهو ما يتناسب مع الزواج وعشرة الأهل» والقيام على شئونهم؛ فال معنى على هذا: قدموا لأنفسكم فى أمر الزواج وما يثمره» بأن تختاروا عند الزواج ذات الخلق والدين والعفاف والاعتدال» حتى يكون لكم حياة هنيئة فى حياتكم الزوجية» فمن اخختار الزوج العفيفة ذات الدين فقد قدم لنفسه» ولمستقبله» وإذا أحسنتم الاختيار فاطلبوا النسل وقوموا على شتونه وتعهده بالخلق الجميل وبث الفضيلة فى نفسهء فإن من قام على تربية ولده فقد قدم لنفسه والولد عمل صالح لأبيه؛ وإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من بر يؤثر عنه» وولد صالح يذكره ويدعو لهء وصدقة جارية مأثورة عنه؛ ثم إذا أحسلتم اختيار الزوج فأحسنوا عشرتهاء وخذوها بالرفق والدين والفضيلة والمعاملة الحسنة والقيام بحقهاء فإن من يفعل ذلك يقدم لنفسه» فإن المرأة إذا جمحت نغصت البيت» وكان العيش نكداء فمن أحسن معاملة أهله فقد قذَّم لنفسه. وعلى هذا يكون لقوله تعالى: #وقَدَمُوا لأنفسكم» معنى عام يشمل كل خير» ويدخل فى عمومه معنى خاص» وهو ما يتعلق بالزواج والعشرة الزوجية والولد. تفسيرسورة البقرة !مانا مالالا ة ان لاسن ال لاق انان لانن الالالال ناما انان لاطا نانانا انان تلان مانالا نل اتات تاناخ طط اططخ نط تاللا والأمر الثانى: قوله تعالى: وتوا الله وله معنى عام وهو أن يجعلوا بينهم وبين عصيان الله وقاية» ويخافوا الله سبحانه؛ ويجتنبوا المعاصى» والأذى» وظلم الحقوقء والاعتداء على الناسء» وخصوصضً الرقيق؛ ويدخل فى هذا المعنى العام معنى خاص يتصل بموضوع الآيات الكريمات» وهو الزواج وما يشمره» وهو أن يتقى أذى العشير» وظلم المرأة» وهضمها حقوقهاء وظلم الأولاد بعدم القيام على شئونهم» وحسن تربيتهم؛ وإن أذى المرأة ظلم ليس فوقه ظلم» وهو ظلمات يوم القيامة. وفى المأثور عن النبى كَل أنه قال: «اتقوا الله فى النساء فإنهن عوان عندكم, اتخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله'2. وكان آخر ما وصى به النبى كَلِْةٌ أن يتقوا الله تعالى فى المرأة والرقيق. والأمر الثالث: قوله #واعلّموا أَنَكُم مُلاقُوه» والإيمان بلقاء الله تعالى هو الذى يربى النفس على فعل الطاعات واجتناب المنهيات» وهو الذى يجعل الإنسان يطمئن إلى فعل الخير» إذ يعلم أن فيه رضوان الله» وهو سيلقاه» ويجنب نفسه فعل الشر؛ لآن فيه غضب الله. وسيلقاف. وسيجزيه الجزاء الأوفى؛ سيجزيه على الإحسان إحساناء وعلى السوء سوءا؛ إنه بكل شئ عليم؛ وهذا المعنى عام فى كل شئون الحياة؛ ويدخل فى هذا العموم المعنى الخاص بالحياة الزوجية» وهو أن يراقب الله ففى معاملته لأهله وولده. وإن المرأة إن كانت بين يديه قد فقدت النصصير» حيل بينها وبين نصرائهاء فليعلم أن الله معهاء وأنه عليه رقيب» وأنه سيلاقيف. وسيأخذه أخذ عزيز مقتدرء ومنتقم جبار» وأنه إن استبد به طغيانه فأكل حقوقهاء وانحرفت فطرته فضيع أولاده. فإن الله عليه رقيب» وسيلقاه» ويجزيه على سوء ما صنع ؛ وإذا أحسن العشرة» وقام بحق الله وحق الزوج وحق الولد» فأعطى كل ذى حق حقهء فإن الله سيلقاه.» وسيجزيه من الخير بما قدمت يداه. )١(‏ رواه مسلم: الحج (51727), وأبوداود: المناسك 0 »© وابن ماجه )7١70(‏ عن جابر رضى الله عنه؛ والدارمى( 8ل/الا١)2‏ وهو جزء من حديث طويل فى حجة النى وَكل. َال أبو عيسى : : هَذَا حَدِيث حَسْ صحيح ومَعنّى قَوله عوآن عنْدكُم يَعنى أسرى فى أيديكم . كما رواه ابن ماجه: التكاح - حق المرأة على زوجها )144١(‏ ورواه أحمد فى أول مسند البصريين» عن عم أبى حرة الرقاشى )١91/7/4(‏ . ا تفسير سورة البقرة الل وإن هذه هى بشرى المؤمنين» وهى قوله تعالى: #وبشر المؤمنين» فالإيمان يتقاضى المؤمن أن يقوم بحق أهله وبحق ولده. وأن يكون حسن العشرة» وألا يد سار م أللّه عَرْصحَة 0-4 ل 0 0 وَتَحَفوا وم ١‏ سج سر 2 1 76 تمف نيابت فين" هبيخ ع سم حي لهم وَاعدٌ اك نوفَأَيَمد لكن مُوَاضِْدٌ م مَاكَسَيَتَ دوا ممأ دسب م غم سروه وسنم ل مده وب وهم لله عمو ر حلم ديد و ومن اهم تربص سي مغرو هم أرْبَحَة َه رِوِإن قَآمو وله دوس 2 وَإنعرَموأ لطَلقَ فَإِنَّ ليه ست يع مم 52 كلام الله سبحاته 3 من قوله : 5 تتكحوا الْمُشْركَات حت يؤمن... 0# 4 [البقرة] فى الأسرة وبيان أسس التلاؤم بين ركنيها ودعامتها؛ وهى الدين والأخلاق» لا المال ولا الجاه ولا الجمال؛ فإن تلك أمور قد تكون عند التفاضل بعد تحقق الأصل وهو التدين والخلق؛ فلا ينظر إلى هذه الأمور إلا بعد تأكد هذين الأصلين . وقد بين سبحانه بعد ذلك شيئا من العشرة الزوجية يتصل بالعلاقة الفطرية بين الزوجين؛ وفى هذه الآيات ذكر الأمر الذى يتصل بظلم الرجل لزوجه فيما يتصل بتلك العلاقة, وذلك بأن يمتنع عما يتقاضاه الطبع مضارة لهاء وقد يكون له زوج أخرى يشبع عندها حاجته الفطرية» ويترك هذه كامعلّقة» لا هى زوج تأنس بالحياة الزوجية» ولا هى مطلقة تأنس بأهلها ولا تذوق مضاضة الظلم والحرمان مما أحله الله؛ وقد يوثق ذلك بيمين يحلفهاء ويتوهم أن من الخبر البر بهذه اليمين» وأن يترك زوجه تأكلها الغيرة» وتكتوى بلوعة الظلم والأذى والمكايدة» وتستوحش بتلك النفرة المستحكمة . ا تفسيرسورة البقرة ال 111ل 7 ولقد بين سبحانه وتعالى الأمرء ووثق البيان» فنهى عن الأيمان إن حلف وكان الاستمرار على البر باليمين ظلمّاء وذكر العقوبة الرادعة لمن يعمد إلى مكايدة أهلهء والإساءة إليها والإضرار بها إن استمر فى غيه ولم يسلك الطريق الذى بينه رب العالمين للخروج من تبعة اليمين» وهو تحلتهاء وهى الكفارة. وفى بيان الأمر الأول قال سبحانه وتعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيْمَاَكُمْ أن تبروا وتنّقوا وتصلحوا بَيْنَ الّاس» العرضة بضم العين: تطلق على النصبة التى تتعرض للسهام ونحوها؛ وأطلقت على كل ما يتعرض للأشياء والآمور ويكون هدمًا لها فيقال: فلان عرضة للسفر أى متعرض له. وتطلق العرضة على القوة وعلى الهمة؛ ومن ذلك قول بعض الشعراء فى مدح الأنصار: «والانصار عرضتها اللقاء» وتطلق العرضة على الحاجز الذى يحول ويمنع. واليمين تطلق بمعنى الحلف والقسّم؛ وأصل ذلك أن العرب كانوا إذا وثقوا عهودهم بالقسم يقسمونه. وضع كل واحد من المتعاهدين يمينه في يمين صاحبه وأطلق على القسم كلمة اليمين؛ وتطلق اليمين على الأمور المحلوف بها؛ ومن ذلك قوله وَلْ: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذى هو خير وكفر عن يمينك)27. وكلمة العرضة فى الآية الكريمة يصح أن تكون بمعنى القوة؛ والمعنى عليه لا تجعلوا الله قوة لأيمانكم التى تمتنعون فيها عن أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس» أى لا تتخذوا من قسم الله سبيلا للامتناع عن فعل الخير. ويصح أن تكون العرضة بمعنى المعرض للأمر كقول القائل: (فلا تجعلونى عرضة للوائم) ويكون المعنى على هذا كما قرر الزمخشرى: لا تجعلوا الله سبحانه وتعالى معرضً لأيمانكم فتبتذلوا القسم بالله بكثرة الحلف؛ وذلك لكى تبروا وتتقوا وتصلحوا؛ وذلك لأن من يكثر الحلف يكون مهِينًا بين الناس» كما قال تعالى: 00 متفق عليه؛ رواه البخارى: الأيمان والنذور قول الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم) (؛» ومسلم: الأيمان - ندب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها (7170)]. ل ل تفسير سورة البقرة لل لل «إولا تطع كل حلاف مَهين +( 4 [القلم]. ولأن المكثر من الحلف لا يكون ممن يصون يمينه فيبر بها؛ ولذا قال تعالى: «( واحفظوا أيماتكم. .. +(25) 4 [المائدة] ومن يعرض اليمين فى القليل والكثير والعظيم والحقير من الأمور لايكون متقيا للهء ولمهانته لايصلح بين الناس . المعنى على ذلك: لا تجعلوا الحلف بالله سبحانه وتعالى حاجزرا مانعا بينكم وبين فعل الخيرء فلا تحلفوا فى أمر يكون الامتناع فيه امتناعا عن خير وتقوى وإصلاح بين الناس؛ وذلك لآن الرجل كان يحلف على الامتناع عن بر غضبا على من يطلبه؛ كما روى أن سيدنا أبا بكر حلف ألا يعطى ذا قرابة له عندما خاض فى شأن ابتته عائشة فى حديث الإفك عليهاء فتزل قوله تعالى: ( ولا يأل أُولُوا الفضل منكم والسّعة أن يووا أولي القربئ والْمَساكين وَالْمُهَاجرين في سبيل الله وليعَفُوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم واللّه فور رحيم 2502 4 [ النور] . وقد روى أيضا أن عبد الله بن رواحة كان بينه وبين خحتنه (زوج أخته) النعمان خصمه. وإذا قيل له فيه قال: قد حلفت بالله ألا أفعل فلا يحل لى إلا أن تبر يمينى؛ فكانت الآية الكريمة ناهية عن ذلك فمن حلف على شىء فرأى خير منه فلا يصح أن يجعل الحلف بالله عرضة محاجزة دون فعل الخيرء بل عليه أن يفعل الخير ويحنث ويؤدى كفارة اليمين المذكورة فى سورة, المائدة» فى قوله تعالى : ولا يوَاخذكم الله العو في أَيْمَانكُم ولكن يؤَاخذكم بما عَقَدتُم , الآيمان فكفارته إطْعام عشرة مُساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقب فَمَن لم يد قصيام ثَلانة يام ذلك كَقَارَة أيمانكم إذَا حلفتم واحفظوا أيمانكم . . .لقي 4 [المائدة ] . نوهناء والإيمان حينتذ تفسر بأنها أفعال الخير المحلوف على الامتناع منها؛ ووجه الترجيح من ناحيتين: تفسيرسورة البقرة الللللل لل ااال0ال10اااالللاا الل أولاهما - أن هذا التفسير هو المناسب لما يجئ بعد ذلك» وهو المقصد من السياق» وهو قسوله تعالى : «الأذين يلود من نسَائهم ريْص َم أشهر إن فوا إن الله غمُور رحيم» فإن مقتضاها أنه لا يصح أن تكون اليمين محاجزة دون فىء الرجل. إلى أهله» ومنع الأذى والضرر عنها. وثانيتهما - أن الأحاديث كثيرة متضافرة تحث الحالف على الحنث فى يميئه إذا كان الحلف مؤداه الامتناع عن البر؛ فقد روى فى الصحيحين أن رسول الله كَل قال: «إنى والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذى هو خير» وتحللتها»”!' وروى أيضا أن النبى يك قال لعبد الرحمن بن سمرة: ”يا عبد الرحمن ابن سمرة لا تسأل الإمارة» فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليهاء وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليهاء وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها. فأت الذى هو خير وكفر عن يمينك»)2' . وروى مسلم أن النبى يك قال: «والله لأن يلج أحدكم بيمينه فى أهله آثم لَه عند الله من أن يعطى كفارته التى افترض الله عليه»”" . وقوله تعالى: #أن تبروا وتتّقوا وتصلحوا بين النّاس» هو بيان للخير الذى كانت اليمين تحاجز دونه» وتمنع القيام به؛ والمعنى: لا تجعلوا الله محاجر دون أيمانكم لكى تتمكنوا من أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس. والنسق البيانى الكريم يفيد أن علة النهى فى قوله تعالى: #ولا تجعلُوا اللّهَ عرضة لأيمانكم» هو (أن روا وا ُو ين النأمي» . فالخير الذى يطلب» ولا يصح أن تحاجز اليمين دونه ثلاثة أنواع على حسب ما كان يقع من الناس فى أيمانهم: )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى فى عشرة مواضع أولها فى كتاب فرض الخمس - الخمس لنوائب المسلمين )١9٠(‏ ومسلم فى ثلاثة مواضع أولها: الأيمان - ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها 36 9( (0) سبق تخريجه . (؟) متفق عليه؛ رواه البخارى: الأيمان والنذور (7*0 داكي ومسلم (3"1770) عن أبى هريرة - رضى الله عنه . بل تفسير سورة البقرة ااال 0/4 وب ةر 3 أولها: البر بالرحم» كما حصل فى يمين الصديق الكريم أبى بكر رضى الله وثانيها: التقوى بأن يجعل بينه وبين أذى الناس وغضب الله بأذاهم وقاية» كما يتبين فى حلف الرجل فى أهله مضارة بهن وإيذاء لهن. والنوع الثالث: الصلح بين الناس كما حدث فى يمين عبد الله بن رواحة مع تنه النعمان بن بشير رضى الله عنهماء وما من خير يحلف الناس على الامتناع عنه إلا وهو داخخل فى هذه الأنواع الثلاثة . إوالله سميعٌ عَليم» ذيل الله سبحانه وتعالت كلماته الآية الكريمة بهذه الجملة السامية للإشارة إلى أنه سميع لأيمانهم عند النطق بها وتوثيقهم القول بهاء عليم بالدوافع إليهاء والبواعث التى بعثت عليهاء والنتائج التى تتأدى إليها؛ وإنه تقدست ذاته» وتعالت صفاته» يغفر لهم أيمانهم بالحنث ثم الكفارة فى نظير الخير العميم والنفع العظيم» ومنع الضرر والضرار بالأهل» والبر بذوى الأرحام؛ ثم ذلك التذييل الكريم لايخلو من إنذار بيغضب الرحمن الرحيم إن أصروا على ماهم عليه ولم يثوبوا إلى رشدهم ويتخذوا تحلة أيمانهم طريقا للعودة إلى البر. ذلا وال كم اللّه اللو في أَيمانكُم» اللغو من الكلام: ما لا يعتد بهء ولا يصدر عن فكر وروية؛ وأصله من لغا الطيرء وهو صوت الطيور الذى لا يفهم منه شىء ويظن الإنسان أنه لا يقصد به شىء» وقد يطلق اللغو على الكلام القبيح الذى ينبغى آلا يعتد به؛ ومن ذلك قوله تعالى: «إلا يُسْمَعُونَ فيها لَغْوَا ولا كدابا 57 4 [النبأ] وقوله تعالى: 9 وَإِذًا سمعوا للعو أعرضوا عنه. . . +227 4 [ القصص] وقوله تعالى : ظ وَإِذًا مرُوا باللَْوِ مَرُوا كراما +720 4 [ الفرقان] . وإذا كان اللغو من الكلام ما لا يعتد به ولايورد مورد الروية والتفكير» فلغو اليمين ما لا يعتد به ولم يصدر عن روية وتفكير. وقد روى فى الآثار صور لأيمان اللغوء وأخذ بعض الفقهاء صورة منها وحصر اللغو فيهاء وأخذ غيره بصورة أخرى» وقصر اللغو عليها. بل تفسيرسورة البقرة الل 7 #007”77*ظ232 وأرى أن كل صور أيمان اللغو الواردة عن الصحابة تدخل فى معنى يمين اللغو التى كان من فضل الله على عباده ورحمته بهم أن رفع عنهم إثمهاء ولم يجعلها موضع مؤاخذة ولا اعتداد» فلا إثم ولا كفارة فيها. ولنسرد هذه الصور بإسنادهاء وكلها يقع مثله فى الحياة اليوم» كما وقع مثله بين الناس فى الماضى : (أ) ومن صور يمين اللغو ما رواه الزهرى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: إن اللغو هو ما يكون بين القوم يتدارءون به فى الأمرء فيقول هذا والله وبلى والله» وكلا والله يتدارءون فى الأمرء ولا تعقد عليه قلويهم؛ أى أن القوم يتحادثون أو يتذاكرون فتجرى على السنتهم ألفاظ اليمين لا يقصدون بها يميئّاء فلا يقصدون توثيق قول, ولا تأكيد خبرء وقصر الشافعية اللغو على هذا. (ب) ومن صور اللغو ما روى عن عائشة أيضا أن اللغو هو الشىء يحلف عليه أحدكم لا يريد منه إلا الصدق. فيكون على غير ما حلف عليه؛ أى أن الشخص يحلف على أمر يعتقد أنه المدقء ثم يتبين أنه كان مخطنًا فى اعتقاده؛ فهذا لا يؤاخذ عليه رب العالمين» ؤلا كفارة فيه. وبهذا فسر الحنفية اللغو. (ج) ومن صور اللغو المروية عن ابن عباس يمين الغضب الذى يذهب فيه اللب» ويفقد التقدير؛ فقد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: (لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان) وإن ذلك فيه بعض النظرء وهو سليم إن قصد به الغضب الذى يفقد فيه الغاضب وزن الأمور. (د ) ومن صور اللغو ما روى مرسلا عن الحسن البصرى أن رسول الله مَك مر على قوم ينتضلون - يعنى يتسرامون بالسهام ‏ ومع رسول الله كله رجل من أصحابه» فقام رجل من القوم فقال: أصبت والله» وأخط أت والله؛ فقال ل تفسير سورة البقرة لاملل الذى مع النبى يكم «حنث الرجل يا رسول الله! قال: «كلا؛ أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة»(). وهذه الصورة قريبة من الصورة الأولى أو الثانية. وإنا نرى كما نوهنا من قبل أن هذه الصور كلها تدخل فى معنى اللغو؛ لأن معنى اللغو يفهم من مقابله؛ وهو ما ليس بلغوء وغير اللغو هو ما يقصده القلب قصدًا صحيحا مبنيًا على علم صحيح» وهو موضع المؤاخذة والله سبحانه عبر عن موضع المؤاخذة بأنه ما اكتسبته القلوب أى قصدته واتجهت إليه بعزيمة وعلى علم صحيح ؛ وكل الصور السابقة ليس فيها كسب للقلب مبنى على إرادة وعلم صحيحء. فلا مؤاخذة» فتكون لغوا. ومعنى عدم المؤاخذة أنه لا إثم فى الآخرة ولاعقوبة فى الحنث؛ لأنه لا يمين حتى يكون منعء وحتى تجب الكفارة» وقد يقول قائل: إن الحلف بالله ولو لغوا وتكرار ذلك فيه بلا شك ما لا يتفق مع ماللاسم الكريم من إجلال وما يستحق من صون وتحفظ عند النطق» وهو الأمر الذى اتفق عليه العلماء»ء فكيف لا تكون مؤاخذة فى لغو الأيمان؟ ونقول فى الإجابة عن ذلك: إنه بلا شك يجب أن يصان اللسان عن النطق بأيمان اللغو ما أمكن» وإن ثمة إثما إذا كررها وأكثر منها فى الجليل والحقيرء والصغير والكبير» حتى صار اللفظ يجرى على لسانه من غير احتياط؛ لأن ذلك قد يؤدى إلى الحلف غير لاغ» بل مع اكتساب القلب؛ ولكن ذلك الاسم الذى جاء من الإكثار والتكرار والاستمرارء ليس هو الإثم المنفى في الحلف الواحد فالإثم الثابت هو ما كان في الكل والاستمرار» والإثم المنفي ما كان فى الجزء والانفراد. على أن نفى المؤاخذة إنما هو ليقدم على الفعل من غير تحرج»ء وذلك متحقق فى كل أيمان اللغوء سواء أكانت ممن يكثر أم كانت ممن يقل» وإن كان ثمة لوم فهو موجه إلى الشخص فى جملة أحواله وصفاته» لا فى ذات اليمين منفردة. . . من مراسيل الحسن» ذكره الحافظ ابن حجر فى الفتح باب (لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم)‎ )١( تفسيرسورة البقرة لاا #ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم# هذا موضع المؤاخذة» وهو ما كسبته القلوب» أى قصدته وأرادته . ولم يجئ عفو الخاطر؛ أو لم يبن على علم ناقص وما قصدته القلوب نوعان: أحدهما - أن يقصد إلى فعل أمر أو الامتناع عن أمر مستتحصدا عزيمته على ذلك». موثقا تلك العزيمة بيمين الله سبحانه وتعالى. وثانيهما - أن يحلف على شئ كاذب مؤكدا قوله لسامعه ليعتقد السامع صدقه. والحالف جازم بأنه كاذب؛ وتسمى هذه اليمين يمين العّموس» ويدخل فيها والمؤاخذة فى النوع الأول بوجوب الكفارة إن حنث فى يمينه» وفى النوع الثانى بالإثم المستمرء حتى يتوب توبة نصوحاء ويرد الحقوق إلى أصحابها إن ترتب ذلك كفارة يمين» ولم ير الحنفية فيها كفارة» إنما الكفارة فيما يقبل الحنث. وتلك لا تقبل الحنث . وكسب القلب أدق وأخص من مجرد التعمد؛ وذلك لأن كسب القلب معناه أن اليمين كان لها أثر فيه» قد اكتسبه منهاء كما كسبت منه القصد والابتعاد عن معنى اللغو. والأثر الذى تنتجه الأيمان المقصودة يختلف باختلافها؛ فإن كانت يمينا برة هى خير فى ذاتها وفى موضوعهاء والإصرار عليها لا ينتج إلا خيراً» اكتسبت القلوب عزيمة نحو الخير» وإصرار) عليه وإيمانا به» فتشرق بنور الله» وتستنير بذكر الله. وإن كانت اليمين فاجرة كاذبة فى موضوعها لم يقصد الحالف فيها إلا تزكية الإئم» فإن القلب يكسب منها شراء إذ ينكت فيه الإثم نكتة سوداءء وبتكرارها تحيط بالقلب خطيئاته» وتستغرقه سيتاته» ويرين الله سبحانه وتعالى عليه بغشاوة كثيفة من الاثام. ب تفسير سورة البقرة الل لول مالل 0/4 تحب أ وإن كانت اليمين غير فاجرة» ولكن الإصرار على موضوعها فيه منع للخيرء يكون الكسب شرا إن أصر عليهاء ويغفر الله إن اتخذ السبيل الذى يكون به تحلة الأيمان» وهو الكفارة السهلة الميسرة لكل إنسان. هذا بعض ما يشير إليه التعبير الكريم السامى لإبما كسبت قلوبكم». «والله غَفور حَليم» ذيل الله سبحانه هذه الآية الكريمة بهذه الجملة السامية لتأكيد معنى عدم المؤاخذة فى اللغو» ولبيان أنه سبحانه يأخذ عباده بالرفق» ويسهل لهم سبيل العودة إلى الجادة المستقيمة إن حادوا عنهاء وتنكبوا سبيل المؤمنين» ويرشدهم إلى ما يخرجون به مما يلقون بأنفسهم فيه من أقوال وأفعال؛ فهو يبين طريق التحلل من الأيمان إن حلفوا ليتركوا خيراء أو ليرتكبوا شرا» وهو بحلمه وتدبيره وحكمته يبين لهم الحق والسبيل إليه؛ وإن سبقت الأيمان محاجزة دون الخير طلب إليهم ألا يتمسكوا بها ويفعلوا الخير. وإن رحمة الله سبحانه وتعالى فى الأيمان وغفرانه وحلمه قد بدا فى الإعفاء من يمين اللغوء وعدم اعتبارهاء وفى المؤاخذة على ما تكسبه القلوب مع تسهيل العودة إلى فعل الخير» وفى بيان التحلل من اليمين إن حالت بين صاحبها والبر والتقوى والإصلاح بين الناس. «للّذين يؤلون من نُسائهم تربص أربعة أشهر» هذه إحدى الآيمان التى لو استمسك بها الحالف كانت محاجزة ممانعة دون البر والتقوى». فهى من جهة تطبيق عملى للحكم الذى قرره العلى القدير فى قوله تعالى «إولا تَجِعَنُوا الله عرضة لأيمَانكُم4: ومن جهة ثانية هى بيان لحكم حال تعرض فى أثناء العشرة الزوجية؛ وذلك جزء من موضوع الأسرة الذى ابتدأه سبحانه بقوله: ‏ ويسألوتك عن الَيتامئ ل إصلاح لهم خبر... 40 4 [البقرة] أو بقوله تعالى: (رلا تتكحوا الْمشركات حتئ يؤّمن. .. +43 4 [البقرة] على حسب الاختلاف فى معنى الأسرة من حيث العموم والمخصوص . إن تفسيرسورة البقرة الملل اللو اللو لاا الوه * - والإيلاء مصدر آلى يؤلى بمعنى حلف». وخصه الأصفهانى بالخلف على التقصير فى الأمر فقال: (حقيقة الإيلاء والأليّة الحلف المقتضى لتقصير فى الأمر الذى يحلف عليه). وقد خص فى الشرع بالحلف على الامتناع عن القرب من.امرأته ومسيسهاء وكان ذلك التخصيص مشتقا من هذه الآية: #للّذِين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر» . والتربص الانتظار» والترقب» ومعنى الجملة الكريمة أن الله سبحانه وتعالى جعل للذين يحلفون ويجعلون موضع حلفهم الابتعاد عن نسائهم وتجنبهن متجنين عليهن ظلمين - تربص أربعة أشهر ينتظرونهاء والله يرقبهم فيهاء وحكم الله يترقبهم» فإطلاق التربص من غير أن يضاف إلى الحالفين» ولا أن يضاف إلى الله سبحانه وتعالى كان بمعنى الانتظار» وهو من العبيد توسعة لهم» ومن الله سبحانه وتعالى وشرعه ترقب لهم حتى يقطع السبيل على ظلمهم إن طال الأمد وقست قلوبهم. وتلك المدة التى وسع لهم فيها ليعودوا إلى رشدهم. ويقلعوا عن غيهم» وإلا حقت عليهم كلمة الله سبحانه وتعالى؛ هى أربعة أشهرء وبعدها يوضع حد لذلك الظلم والمضارة فى العشرة الروجية. إن العشرة الزوجية أنس وإلف والتقاء روحى وجسدى بتحقيق ما يتقاضاه الطبع الإنسانى» والإنسال؛ ليبقى الإنسان فى هذه الأرض يعمرها إلى أن يقضى الله سبحانه وتعالى أمرا كان مفعولا؛ فإذا جاء الرجل وهو القوام على الأسرة وهو رأسها وعمادهاء واشتط واتخذ المضارة والكيدء بدل أن يؤلف القلوب ويؤنس النفوس ويربط بالمودة بينه وبين أهله؛ إذا فعل ذلك فإن الجو يعتكرء والأمور تضطرب» وتحل البغضاء محل المحبة» والمضرة محل المودة؛ فوجب أن تنتهى هذه الحال إما بإعادة الود إلى صفائه» وإما بفصم عرى الزوجية التى صارت لا تنتج إلا نكد . وإن من أشد مظاهر المضارة والمكايدة القطيعة فى المضجع. والهجر غير الجميل فى المبيت» فإنه أذى شديد» لا لأنه امتناع عن قضاء الوطرء بل لأنه يدل تفسير سورة البقرة للالللوللللو الل 1 أرب أ على البغض الشديد. ولا شىء يفعل فى نفس المرأة أشد من الإحساس بالبغض من العشير والضجيع الذى وهبت له نفسهاء وأعطته قلبهاء فكان منه ذلك النكر وذلك الهجر . ولقد جعل الله سبحانه وتعالى أقصى غاية الصبر منها هو أربعة أشهرء وبعدها يكون الفصمء وإنهاء تلك الحياة الزوجية التى تحكمت بين الزوجين فيها البغضاء . ولماذا كانت المدة أربعة أشهر؟ لقد ذكر بعض العلماء أن تلك المدة أقصى ما تصبر عليه المرأة فى المضارة بذلك الهجر غير الجميل. ولقد سأل عمر نساء عن مقدار ما تصبر المرأة عن زوجهاء فقالت بعضهن شهرين» ويقل صبرها فى ثلاثة. وينفد صيرها فى أربعة أشهر. ولقد كان عمر رضى الله عنه بعد هذا يسترد الغزاة ويستبدل بهم غيرهم بعد أربعة أشهر. ثم إن التقدير بأربعة أشهر هو الذى يتفق مع جملة الأحكام الشرعية؛ ذلك لأن الرجل أبيح له أن يتزوج أربعا من النساءء وإذا كان فى كل شهر يقرب نساءه مرة» ويبادل بينهن» فإن قسمها يكون مرة كل أربعة أشهرهء فكان من تناسق الأحكام الشرعية أن جعلت المدة التى تصبر فيها المرأة مع هذا الهجر أو تتصبر أربعة أشهر؛ وذلك فوق أن الفطرة تقول: إن ذلك أقصى غاية الصبر على البعد المتعمد. لفن فَاءوا فَِنَ الله عَمُورٌ رُحيم» وإن تلك المهلة التى أعطيها الزوج يتربص فيها ويتنظرء والله يرقبه» والشرع يترقبه» إنما هى لكى يقلع عن الظلم وتعود المودة إلى ما كانت عليه» ويؤدم بينهما بحياة رفيقة يقطعانهاء فإن فاء إلى زوجه أى رجع إلى مضجعه الذى هجره» وقرب من امرأته ومسهاء وحنث فى يمينه» كمَّر إذ جعل الله سبحانه وتعالى الكفارة تَّحِلَّةَ الأيمان» وعندتذ يغفر الله سبحانه ما كان منه؛ ولذا قال سبحانه: لفن الله عمُور رّحيم» أى أن الله سبحانه وتعالى يغفر لهم ما فرط منهم فى جنب أهلهم» والقطيعة التى كانت منهم ما داموا قد رأبوا الصدع وعادوا إلى رشدهم وطيبوا قلوب أهليهم» وأقاموا المودة» وملئوا البيت أنسا بعد أن ملئوه ناا تفسيرسورة البقرة مالكلل 1 ىح بور يي وحشة؛ ويغفر لهم سبحانه حنثهم فى يمينهم ؛ لآن الله سبحانه لا يريد إلا إصلاح حالهم» ولا ينقص من عظمته وجلاله أن يحنث عبد فى قسمه.ء ما دام الخير يريد والشرّ يجتنب ؛ والله سبحانه وتعالى رحيم بعباده فى أن جعل لهم تحلة أيمانهم كفارة يستطيعونها وأن غفر لهم الحنث» وأن دعاهم إلى ذلك الحنث رحمة بالأسرة من أن تتهدم أركانهاء وتتقطع أوصالها وتذهب المودة بين العشير وعشيره» والأليف وأليفه؛ ورحيم بهم فى أن غفر لهم ما فرط من كل منهما فى حق أخخيه إذا أعادا المودة إلى سابق أمرها بعد أن كاد الهجر يقطعها. 2 ٠‏ «إوإن عزموا الطّلاق فَإِنَ الله سَميع عليم» هذا هو الفرض القاسى الغليظ» بعد الفرض الرحيم الرفيق؛ وهذه هى العقوبة التى وضعها الشارع الحكيم؛ أى أنهم إن أصروا طول الأشهر الأربعة ولم يرعووا عن غيهمء فإن الطلاق واقع لا محالة بحكم الشارع وكان ذلك الاستمرار هو عزيمة الطلاق القاطعة» وإرادته من الزوج حين صمم عليها؛ لأن الشارع جعله عقوبة لفعله؛ فمن لم يأت امرأته أربعة أشهر كاملة بيمين حلفهاء فإن طلاقها يقع» وهو عقوبة ابتة مقررة يعتبر الزوج قد اعتزمها وأصر عليها. فهذه الآية الكريمة تفيد وقوع الطلاق عقوبة للزوج إن أصر على يمينه ولم يحنث فيهاء ولم يتحلل منها ويحسن عشرة أهله؛ وهو فى ذلك إنهاء لحال ظالمة للمرأة لا تقوم فيها حقوق الزوجية» ولا هى حرة يختارها من يريد الزواج» وهو منع للمرأة أن تتردى فى مهاوى الرذيلة بسبب هذه المضارة» بل يفتح لها الباب لتختار زوجا عادلا بدل هذا الظالم. وقد يقول قائل: إن إيقاع الطلاق بحكم الشارع هو عقوبة» فكيف تنسب عزيمة الطلاق إلى الزوج الذى حلف فعوقب بإيقاع الطلاق بغير إرادته» ورغم أنفه؛ مع أن من يعزم أمرا ويقطعه لابد أن يكون مختارا حراء وأن يكون الفاعل للأمر ينسب إليه على وجه الجزم واليقين؟ والجواب عن ذلك السؤال من وجهين: ا تفسير سورة البقرة ال الئل 1 > ا أحدهما - أن طائفة من العلماء قرروا أن الطلاق لا يقع فور انتهاء الأربعة الأشهرء بل يمهل الحالف إما أن يفئ إلى أهله بأن يقربها ويحسن العشرة» وإما أن يقع الطلاق عليه ؛ فإن لم يفىء واستمر مستمسكا بقولهء فقد اختار الطلاق واعتزمه حقًا وصدقاء وأراده عن بينة وعلم» ولا ينفى تلك العزيمة أن يوقعه القاضى» أو يوقعه هو؛ لآأنه باشر سبيه واختار الطلاق وأصر عليه» وذلك هو قول طائفة من الصحابة والتابعين» وقول مالك والشافعى وأحمد والليث وإسحاق بن راهويه.» وأبى ثورء وداود الظاهرى. وأما قول أبى حنيفة رضى الله عنه فهو أن الطلاق يقع بانتهاء الأربعة الأشهرء والفىء إنما وقته فى الأربعة الأشهرء فلا زيادة فوقها بنص الشارع» وحيئنئذ يقال كيف اعتزم الطلاق وهو لم يوقعه؟ وحينئذ يكون الحواب هو: الوجه الثانى - أن هذه العقوبة حتمية بأمر الشارع أعلنها دفعًا للظلم» أو منعا لاستمراره» أو حملا على العشرة الحسئة ويجب أن يضعها الزوج الحخالف نصب عينيه طول مدة الإيلاء» وأن يعرف أنها نتيجة لازمة لاستمراره عليه» فإن أصر عليها من بعدء فقد ارتضى الطلاق واعتزمه؛ وكيف لا يقال إنه اعتزم الطلاق من استمر أربعة أشهر مصراً على الامتناع الظالم وهو يعرف أن نتيجته الطلاق الحتمى؟ وكيف يعطى فرصة أخرى من ترك فرصة أربعة أشهر؟ . والطلاق فى هذه الحال هو عقوبة عادلة؛ لأنه من جنس الحريمة» وهو نتيجة طبيعية لمن يظلم زوجه فى العشرة الزوجية؛ وهو باب الفضيلة» إذ يمنع الزوج من أن تتقحم فى الرذيلة . والطلاق الذى يقع يكون رجعيًا عند الأئمة الثلاثة؛ ودليلهم أن كل طلاق رجعى إلا ما ورد النص بأنه بائن» وليس منه ذلك الطلاق؛ وعلى هذا يكون له الرجعة فى العدة؛ وقد روى عن مالك رضى الله عنه أنه اشترط للرجعة أن يفىء إلى أهله» فلا تتم بمجرد القول. بل لابد من الدخول» وقال أبوحنيفة : الطلاق بائن لأنه دفع للضررء ولا يتحقق إلا بالبينونة» وإلا كان تمكيئًا للزوج من معاودة الظلم. يم ا تفسيرسورة البقرة يي اللاي ين وقد أشار الله سبحانه إلى غضبه وعقوبته إن عزم الطلاق؛ فقد جعل جزاء الشرط كونه سميعًا عليمّاء إذ قال «وإن عَرَمُوا الطّلاق فَإِنّ اللّهِ سميع عليم» أى أن الله سبحانه وتعالى سميع إلى ما كان من الزوج الحالف» قد سمع يمينه التى لم يرد بها خيراء وكلامه الذى لم يرد به إلا ضرا؛ عليم بما وقع منه من مضارة وإيذاءء وأنه لم يحسن العشرة الزوجية» ولم يحسن الفراق» فإنه لم يسرحها بمعروف» بل تركها هملا حتى أنقذها الله من ظلمه بحكمه العادل الحاسم الرحيم؛ وإن الله سبحانه إذا كان عليما بما وقعء سميعا لما قيل فإنه لابد يوم القيامة مجاز الإحسان إحسانًا والسوء سوءا؛ والطلاق ليس العقوبة الكاملة» إنما العقوبة الكاملة يوم الجزاء الأوفى» وعندئذ تجزى كل نفس بما كسبت» وإلى الله مرجع الأمور. و و سس بوه 200 2 غ2 2 ني 28 02 م ص لبه نال مرا عوبر ه كر ماس في دَلِكَ إن أرا كاملل 0 د مك مسقم 2و 2 كس ع حر وَلِلرَجَالٍ عَلِيهِنٌ درجة وله ء عير كم 2 أشارت الآيات السابقة إلى أمثل السبل لاختيار الزوج؛ وهو أن يكون أساس الاختيار الدين والتقوى والخلقء لا المال والنسب» ٠‏ ل ولآمة مؤمنة حير من مشركة ولو أعجبتكم . ٠٠‏ لوت 4 [ البقرة ] . ثم أشارت الآيات أيضا إلى حسن العشرة الواجبة» ولطف المودة الواصلة» وبينت أن العلاقة بين الزوجين طهر لا دنس فيهء ونظافة لا رجس معها يستوى فى وأوجبت أن تكون العلاقة قائمة على العدل من غير ضرار ولا ظلم» وبينت الحكم فى الظلم الواقع إن استمر عليه مرتكبه» ووثق إصراره بيمين يحلفهاء ا تفسير سورة البقرة ل ل 0ه بوزذجهميي؟ يي" وذكرت أن القطع فى هذه الحال أولى من الوصلء والإنهاء أولى من البقاء لأن بقاء الحياة الزوجية فى هذه الحال استمرارا للظلم» وبقاء للإثم» ولا منفعة ترجى» ولا جدوى تلتمس؛ ولذلك قرر الله سبحانه وتعالى حكمه الصارم وهو الطلاق القاطع لهذا الظلم المستمر. ولقد بينت بعد ذلك هذه الآية الكريمة التى تلوناهاء والتى سنتكلم فى معناها حكم الطلاق» وفصلت أحواله ومراته الآيات من بعدها. وقبل أن نخوض فى معنى هذه الآية الكريمة» والإشارة إلى دقائق ألفاظها ومعانيهاء نقرر أن شريعة القرآن شرعت الزواج عقدا أبديا فى أصل شرعته؛ لأنه شرع لمعان وأغراض لا تتحقق إلا مع البقاء والدوام» فقد شرع لإقامة الأسرة. وتنظيم الحياة بين الرجل والمرأة» وإنجاب النسل» والقيام على تربيته وتهذيبه والسير به فى مدارج الحياة» وتلك أغراض لا تكون على الوجه الأكمل إلا إذا استمرت الحياة الزوجية موصولة موثقة بروابط من المودة والأخلاق والشرع إلى أن يقضى الله قضاءه. ذلك حكم الشرعء وهو سنة الوجودء وهو أكثر أحوال الزواج بين بنى الإنسان» لا يختلف فى ذلك شرقى عن غربى ولا مسلم عن مسيحى . والإسلام هو دين المبادئ السامية» يبين المثل العليا ويدعو الناس إليهاء فهو يشير إلى المثل السامى فى الزواج فى مثل قوله تعالىى: ( رم يق أن لق لم من فكع أو لسكا لها وجل يكم مو رض في ذلك لات لقم بطو لج 4 [الروم] وبقوله سبحانه وتعالى فى العلاقة الزوجية: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن. . . 4120 4 [ البقرة] . ولكن الإسلام مع دعوته إلى تلك المثل العالية فى العلاقة الزوجية يعترف بالحقائق الواقعة ويعالجهاء ويطب لهاء ليأخذ النفوس إلى السير فى طريق الكمال» فإن عجزت أو انبتت نبتت فى الطريق عالج ذلك العجز. وكذلك عالج الأمر فى شأن الزواج فشرعه أبدياء ولكن الشرط فى استمراره أن يكون الوداد هو الرابطة الواصلة» وأن تلك الرابطة قد تتقطع أسبابها وتنفر 0 تفسيرسورة البقرة الل الل ااال ااال لل حب ا القلوب بعد مودتهاء وتنفصم عروتهاء فهل يبقى المثل السامى للزواج وهو الاستمرار ولا يلتفت إلى النفرة المستحكمة والعداوة المسيطرة» ونيران البغضاء بالمثل العليا يعلنها ويدعو إليهاء بل اعترف بالواقع وعا له وطب للآأسقام» فكان دين الحقائق الثابتة» والسمو النفسى . والنزاع بين الزوجين أمر يقع» مهمايكن الزوجان. ومهما تكن درجة كمالهماء وقد كان نساء النبى يَلكِلْدٌ يختلفن معه فى الشأن الذى يربط بينهماء بمطالبته بما ليبس عنده» وكان النبى لل الأسوة الحسنة لقومه وأمته فى أخلاقه ومعاملته أخلاق النبيين» والوحى ينزل عليهم من السماء» ونفوسهم علت إلى الملكوت الأعلى ولقد كان النبى كك يقول: «خيركم خيركم لأهله. وأنا خيركم لأهلى»”'. ولقد دعا الإسلام إلى إصلاح ما بين الزوجين إن ابنّدأت العلاقة بينهما تسير فى غير طريق المودة؛ ولذا قال تعالى : طإوإن امرأة حافت من بعلها نشوا أو إعراضا فلا جتاح علَيهمًا أن يصلحا بينهمَا صلحا والصلح حير وأحضرت الأنشئ الشّح وإن تحسنوا وتَتّقُوا فإِنَ الل كان بما تَعَملُونَ حَبيرا 4522 4 [ النساء . ردم الزوجين بن ل بهما صلة أن يتدخلوا عند الشقان بيتهما أو عند جود فاق ينها ا حكن أل وسكا لها إن نر إصادس توق ال يت وم سم ا ساس اللَّهَ كان عليما خبيرا <(22) 4 [ النساء] . وإذا تعذر الإصلاح ولم يمكن التوفيق وصار الأمر نيراناء ولم يكن سلاما كان لابد من التفريق؛ ولذا قال سبحانه: فإ وإن يتفَرَقًا يغن اللّهِ كلا من سعته وكَان اللّه واسعا حكيما 4207 4 [ النساء] . )١(‏ رواه ابن ماجه: النكاح - حسن معاشرة النساء )١94517(‏ عن ابن عباس - رضى الله عنهما. ل تفسير سورة البقرة الل ١‏ رب 1 لابد إذن من التفريق بينهما؛ لأن عقد الزواج أصبح غير صالح للبقاء. ولكن من الذى يملك التفريق؟ لاشك أنهما إن اتفقا عليه وقع الطلاق» ولا ضير فى ذلك ما دام لم يكن فى نوبة غضب جامحة»ء ولم يكن لأمر عارضء فيجب الاحتياط لذلك ما أمكن الاحتياط . هذا إذا لم يتفقا فهل يقع الطلاق بإرادة منفردة من غير حكم قضائى؟ لقد قال بعض الذين يظنون أن فى ذلك صلاحا أنهما إن لم يتفقا على الطلاق لا يقع إلا بأمر القضاءء وإن ذلك القول له وجهته لو كانت كل أمور الأسرة يجرى فيها التقاضى» ويسوغ فيها الأعلان» وأن تتكشف أسرارها بين الناس» ولكن الأمور بين الزوجين لا تجرى فيها البينات» وهى مستورة بستر الله لا يسوغ إعلانهاء وليس من مصلحة المجتمع إظهار العيوب الخاصة فيها. وهب السبب المسوغ للطلاق هو النفرة الشديدة فكيف يمكن إثباتها؟ إنها لا تعرف إلا من صاحبها؛ لذلك لم يكن الطلاق فى الإسلام فى عامة أحواله بيد القضاءء بل جرى الأمر فيه على أن يكون بيد الزوج إن كان هو الراغب» وبيد القضاء إن كانت هى الراغبة فيه. وهنا يرد سؤالان : أولهما: لاذا كان بيد الزوج مطلقا وبيد الأخرى مقيد)؟ والثانى: ألا يخشى ألا تكون النفرة مستحكمة» ويطلق الزوج لنوبة غضب جامحة» وتحت تأثير هوج ليست فيه إرادة مستقيمة؟ والجواب عن السؤال الأول: أن الزوج تكلف فى سبيل الزواج ما لا كثيراء وسيعقب الطلاق تكليفات مالية أخرى. فوق ما يحمله الزواج الجديد من أعباء جديدةء فكل هذا يدفعه إلى التأنى والتروى فلا يندفع وراء هوى جامح إلا إذا إيفت مشاعرهء وفسدت ملداركهء أما المرأة فعكس ذلكء. فلو كان الطلاق بيدها من غير تدخل قضاء لا ندفعت وراء هواها جامحة» ولكان فى ذلك ظلم شديد على الرجل بضياع ماله» وتكليفه بأعباء مالية جديدة فكان لابد أن يتدخل القضاء ليعرف أكان 0 ا تفسيرسورة البقرة حر اا ااال ووو ا ا ين الزوج ظالما فيذوق وبال أمره بضياع مالهء وهدم الحياة الزوجية التى أقامها على الظلم» أو ليعرف أن الزوجة ظالمة بالنشوز فيقضى بالطلاق» ويكلفها المغارم المالية التى غرمها الزوج فى سبيل الزواج كما هو مذهب مالك؟ وليس السبيل لمعرفة الحق فى الأمر هو الإثبات بالبينات فقطء إنما هو الإثبات بتحكيم الحكمين من أهلها وأهله . وأما الجواب عن السؤال الثانى» وهو الخناص بألا تقع الحياة الزوجية تحت تأثير الغضب الجامح» فقد احتاط الشارع الإسلامى لأمر ذلك الغضب فى الطلاق بأحكام شرعها قبل الطلاق وبعده: (أ) فهو أولا: فرض أمر الحكمين والإصلاح ما أمكن الإصلاح إذا كان شقاق بين الزوجين كما أشرنا من قبل. (ب) وأوجب ثانيا: أن يكون الطلاق فى وقت لا تكون المرأة فيه على حال تسوغ النفرة» إلا إذا كانت مستحكمة» فمنع الطلاق فى حال الحيض ومنع الطلاق فى الطهر الذى دخل بها فيهء وظواهر السنة أن يكون الطلاق فى هذه الأأاحوال باطلا . (ج) واحتاط الشارع الإسلامى ثالشا بالنسبة للزوج المدخول بها وهى التى قامت معها الحياة الزوجية فعلاء فلم يسوغ أن يكون الطلاق فى هذه الحال باتاء فلم يسوغه إلا واحدة» ولم يسوغه إلا رجعيا فى أثناء العدة. (د) واحتاط الشارع رابعا: فجعل للزوج الحق فى مراجعة زوجته من غير عقد جديد ولا مهر جديد مدة طويلة تقارب نحو ثلاثة أشهرء فإذا مضت هذه المدة الطويلة» مع الإصرار والباب مفتوح وتدخل أهل الخير بينهما محتمل» فإن ذلك يكون دليلا على استحكام النفرة» وإن القلوب قد تشعب ودهاء ولم يعد من الصالح بقاء الحياة الزوجية فى ظلها. ل ل تفسير سسبورة البقرة : ل 0 2/0 بلبمب_نماة يي (ه) واحتاط الشارع الإسلامى خامسا فسوغ لهما أن يستأنفا حياة زوجية جديدة» إن عادت القلوب النافرة» واستقامت على الحق» وندم كل واحد على ما فرط منه فى جنب صاحبه . فإن تكرر الطلاق من بعدء تكررت الاحتياطات السابقة» فإن كانت الثالثة فهى التحريم المؤقت» حتى تكون التجربة القاسية بزواجها من رجل آخر زواجا صحيحا للدوام والبقاء وقيام العشرة الزوجية الجديدة ثم انتهائها بأى سبب من أسباب الإنهاء الشرعية الصحيحة» فإنها بعد ذلك تحل لزوجها الأول» وقد صقلته التجربة وصقله البعد» والله عليم بذات الصدور. ولقد سقنا هذا القول فى مقدمة تفسير هذه الآيات الكريمة المشتملة على أحكام الطلاق؛ لأن ذلك القول خلاصتهاء وهو مرماهاء ولنضع الأحجار فى أفواه الذين يعيبون أحكام الطلاق فى القرآن» وهى أحكام قد اشتقت من الفطرة وطبيعة الحياة الزوجية» والاحتياط لها ما أمكن الاحتياط ولم يكن شىء منها معروفا من قبل» ولم يصل العقل البشرى لأدق منها وأحكم من بعد؛ إنها شريعة اللطيف الخبير . «والمطلقات يتربصن بأَنفْسهن ثَلانَة فُرُوء4 التربص معناه: التأنى والانتظار» وقد قال بعض العلماء أنه مقلوب التصبرء فهو تكلف الأناة» وتكلف الانتظار مع صعوبة الاحتمال» كما هو الشأن فى أمر الصبر والتصبرء وسواء أصح ذلك القول أم لم يصحء فالتصبر والتربص متلاقيان فى المعنى» ومتشابهان فى اللفظ . والتعبير «يتربصن» يدل على الأمرء وهو الطلب اللازم المؤوكدء وإن كانت الصيغة فى ظاهرها صيغة خبرية» وقد قرر الخبراء بالبيان العربى أن أوكد الصيغ دلالة على اللزوم الموثق: الصيغ الخنبرية التى تساق للطلب» مثل 9 والوالدات يرضعن أولادهن حولي كَاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ... 29 4 [البقرة]ء ومثل هذه الآية الكريمة التى نتكلم فى معناهاء ولكن مع ذلك لاذا كان النسق البيانى تفسيرسورة البقرة اللللللللا ااا ل60ا0ااالللاللل ااال السامى فى أن يجىء الأمر فى هذا المقام بتلك الصيغة الخبرية» فيكون معنى يتربصن : ليتربصن؟ . والجواب عن ذلك من عدة وجوه: أولها: الإشارة إلى أن ذلك التربص يجب أن يكون من ذات نفس المطلقة» لآنه هو الذى يليق بكرامتهاء ويتفق مع فطرتهاء فإن كانت الرغبة تدفعها إلى الزواج العاجل السريع إن كان الزوج الجديد كفئاء فإن الكرامة توجب عليها الانتظار والتريث» فلا يليق بالحرة الكريمة أن تنتقل بين الأزواج انتقالا سريعاء لافاصل فيه بين الزوجين. وثانيها: أن نداء الفطرة يوجب عليها الانتظار لتستبرئْ رحمهاء حتى إذا كان حمل نسب لأبيه ولا يتنازعه الأزواج» فهن إذا انتظرن وامتنعن عن الزواج هذه المدة فكأن ذلك من أنفسهن لامن أمر فوقهن» وكأن ذلك إلزام الفطرة قبل أن يكون إلزام الشرع . وثالثها: الإشارة إلى أن الآمر بالتربص أجيب وحصل التربص فعلاء فالتعبير بصيغة الخبر إشارة إلى الأمر والتنفيذ معا. ش وإن من أبلغ الإشارات السامية الإتيان بكلمة 8ابِأَنفْسهنَ» فى الإلزام بالتربص» فإن فيها الإشارة إلى ما فى معنى التربص من الصيانة لأنفسهن عن الابتذال والاحتفاظ بكرامتهن. ولقد قال الزمخشرى: فى ذكر «الأنفس» تهييج لهن على التربص وزيادة بعث؛ لأن فيه ما يستنكفن منهء فيحملهن على أن يتربصن» وذلك أن أنفس النساء طوامح إلى الرجال» فأمرن أن يقمعن أنفسهن., ويغلبنها على الطموح ويجبرنها على التربص . ولماذا كانت تلك الإشارات المتعددة على المرأة؟ لأن التربص لا يعرف إلا من جانبهاء فمداه لا يعرف إلا منهاء فكان ذلك التشديد النفسى». لتتغلب على أهوائها ولا تقول إلا حقا. 9 تفسير سورة | لبقرة ‏ الل اا اللا خا خط غانناالا1لال اا اناا اانا ااال نضا لانن اللااناااا ااا امال ال انان اا !لالط لالط ةا ططخل الالال ططخن خطمطط تلاتلا وقد كانت مدة التربص بحكم القرآن الكريم هى ثلاثة قروءء والقروء جمع قرء» بضم القاف وفتحهاء وقد اتفق علماء اللغة على أن كلمة القرء تطلق على الحيضة وعلى المرة من الطهر الذى يكون بين الحيضتين» وأصل معنى القرء بمعنى والقرء كما يطلق فى أصل معناه على الجمع» يطلق على الانتقال والخروج من حال إلى حال فيطلق على الانتقال من الحيض إلى الطهرء ومن الطهر إلى الحيض . وقت الطهرء أو وقت الحيض . هذا هو الأصل اللغوى لكلمة «قرء»» وقد اتفق علماء اللغة على أنه يجوز إطلاقه على مدة ا حيضة» وعلى مذة الطهرء ولكن اختلف مفسرو السلف فى المراد بالقرء فى الآية: أهو مدة الطهر بين الحيضتين» أم هو مدة الحيضة؟ فعمر وعلى وابن مسعود وأبو موسى الأشعرى » ومجاهد وقتادة وعكرمة والسدى وغيرهم على أن المراد فى الآية مدة الحيضة» وبهذا أخذ فقهاء العراق» وعلى رأسهم أبو حنيفة» وقالت عائشة رضى الله عنهاء وعيد الله بن عمر» وزيد بن ثابت» والزرهرى وغيرهم: إن المراد بالقرء مدة الطهر بين الحيضتين » وبهذا أخذ فقهاء الحجاز» وعلى رأسهم إمام دار الهجرة مالك رضى الله عنه» ثم جاء من بعده الشافعى» ونهج هذا المنهاج . وقد حاول كل واحد من الفريقين المختلفين من الفقهاء. أن يلتمس من آى القرآن ومن السنة ما يؤيد مذهبه» ويوضح تفسيره» وقد استدل الحنفية والحنابلة فى تفسير القرء بالحيضة بأدلة» منها: إل تفسيرسورة البقرة الللللللك لال 00 () أن النبى يَكْةِ فسر القرء بمعنى الحيض» وذكر ذلك فى عدة مواضعء فقد قال النبى يَلكِِ: «دعى الصلاة أيام أقرائك200. ولاشك أن المراد فى هذا الحديث الجيض؛ لأنه الذى تفسد الصلاة فيهء وأيضا فإن فاطمة بنت أبى حبيش فشكت إلى رسول الله يَلكِْةّ الدم فقال لها يَيِةِ: «إنما ذلك عرق» فانظرى إذا أتى قرؤك؛ فلا تصلى, وإذا مر القرء فتطهرى ثم صلى من القرء إلى القرء»”" . وفوق ذلك فقد قدر عفر على جمع من الصحابة ووافقوه ولم يعرف لهم مخالف عدة الأمة بالحيض دليلا على أنهم فهموا القرء حيضة؛ لأن عدة الآمة من جنس عدة الحرة» وإن كانت نصفهاء فكان لابد أن يكون المراد من القرء من الآية الحيض فى نظرهم . (ب) وإن الدليل على أن المراد بالقرء فى تقدير العدة هو الحيض لا الطهر أن القرآن الكريم جعل الأساس فى تقدير العدة بالأقراء كون المعتدة حائضا أو غير حائتض» فكان الأساس هو الحيض» فقد قال تعالى: واللأئي يسن من المحيض من نُسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثَلانَة أشهر . .. ل 4 [الطلاق] وإذا كان الحيض هو الأساس فى تقدير الأقراء» فلابد أن تكون الأقراء هى الحيضات . (ج) وإن الغرض الأول من العدة لا يتحقق إلا بالحيض؛ لأن الغرض براءة الرحم» وذلك لا يتحقق إلا بالميض, ولأن الحيض هو الأساس للطهر الذى يتخلل الحيضتين» فكأن الأنسب للسياق البيانى أن تقدر العدة بالحيضات لا بالأطهار التى تتخللهاء وفوق هذا أننا لو قدرناها بالآطهار لكانت العدة دون الثلاثة إن احتسبنا الطهر الذى حصل فيهء وتكون أكثر من الثلاثة إن لم تحتسبه» وإن احتسبنا الأقراء بالحميضات كانت الأقراء ثلاثة ما دام هو طلاق السنة الذى لايكون إلا فى طهر: وهو المفروض شرعا. .) 6 ١( وجاء فى البخارى: الوضوء دنافرة ومسلم الحيض‎ 5١ رواه الدارقطنى (69) ج١ ص‎ )١( رواه النسائى: الطهارة - باب ذكر الأقراء (11؟). ورواه أبو داود: الطهارة 0( وابن ماجه (؟ تك‎ (0,0 .)55.98( وأحمد‎ ا تفسير سورة البقرة ميال م لأا ب 2 ثم فوق كل ذلك إن الذى يتفق مع معنى الجمع الذى هو فى معنى القرء هو الحيض؛؟ لأنه دليل الامتلاء والاجتماع الكامل» فهو الفيض بعد أن امتلاً الإناء. هذه حجج الحنفية والحنابلة الذين قرروا أن القرء هو الحيض فى الآية: وأن العدة تقدر بالحجيضات» لا بالأطهار التى تتخللها. أما الشافعية والمالكية ومن سلك مسلكهمء فقد قالوا فى الآحاديث السابقة إنها إن صحت تكون دليلا على أن الحيض تطلق عليه كلمة قرء» ولا مشاحة فى ذلك وليست دليلا على أنه المراد فى الآية الكريمة» وأما قول عمر إن عدة الأمة صحابى مثله بل يختار أقواهماء والاستدلال بآية 9 واللأئي يعسن من المحيض ... > 4 [الطلاق] لاينتج؛ لأن الأآقراء إذا فسرت بالطهر لا تكون إلا لذات الحيض» إذ هو فاصل بين حيضتين . واللغة والرأى : أما الكتاب والسنة فقوله تعالى: « فَطَلَقُوهَ لعدتهنَ ... 10> 4 [الطلاق] وقد وردت السنئة بأن الطلاق لا يكون فى الحيضء ولا يتصور أن يكون الطلاق فى العدة مع نهى النبى كله عن الطلاق فى الحيض إلا إذا فسرنا القرء بالطهر لا بالحيض . وأما استدلالهم باللغة والرأى» فلآن القرء معناه الجمع» يتم فى الطهر لا فى ا حيض ؛ لأن الحيض» مؤداه أن يرخى الرحم فيخرج الدم فهو تفريغ لا جمع». والجمع فى الطهر. ولأن القرء معثاه فى اللغة الانتتقال» فيكون المطلوب ثلاثة انتقالالات» وهى الانتقال من الطهر إلى الحيضء» ثم من الحيض إلى الطهرء ثم من الطهر إلى الحيض وبه تتم العدة» وذلك يقتضى أمرين: تفسيرسورة البقرة الملل اال ل أولهما: أن يفسر القرء بالأطهار؛ لأنها التى بها تتحقق الانتقالات الثلاثة» ولا يفسر بالحيضات؛ لأآن بها :> تتحقق انتقالاات أربعة لا ثلاثة . الأمر الثانى: أنه يحتسب من الأطهار الثلاثة الطهر الذى حصلت فيه الطلقة. وفى الحق أننا بعد ذلك الاستدلال الطويل نميل إلى رأى عمر وعلى وابن مسعودء وهو رأى الحنفية؛ لأن الأساس فى تقدير العدة بالاتفاق هو الحيض» سواء أفسرنا القرء بالطهر أم بالحيضة؛ لأن الطهر زمن بين حيضتين» والمناسب أن يكون الجيض هو وحدة التقدير؛ لأنه الأمر الإيجابى فى المقام» والطهر أمر سلبى» ولأنه المناط المفرق بين الحامل وغير الحامل» والمفرق بين العدة بالأشهر» والعدة بالأقراء. وقبل أن نترك هذا المقام نشير إلى أن قوله تعالى: #والمطلّقات يَتَرَبَصنَ بأَنفسهن ثَلانَة قُروءٍ» خاص بالمعتدات من المطلقات ذوات الحسيض غير الحوامل» أما غير المطلقات وهن المتوفى عنهن أزواجهسن فقد بينت عدتهن بقوله تعالى : « والّذين يتوفُون مدكم ويذروت أَزْوَاجَا يربص بأَنفْسهن أربعة أشهرٍ وعشرا ٠.‏ قبل 4 [البقرة] . وأما الحوامل فقد بينت عدتهن بقوله تعالى: 8 ... وأُولات الأحمال أَجَلْهَنَ أن يضعن حملهن . ٠٠‏ +ل> 4 [الطلاق]. ومن لا يحضن ليأس من الحيض» أو لأنهن لم يرين الحسيض» فقد ثبتت عدتهن بقوله تعالى: واللآئي يعسن من الْمَحيض من نُسائكُم إن ٠‏ ارتبتم فدهن ثَلانَة أشهر وللأني لم يحض . ك4 ا ناط بها أحكاماء فكانت" الأمينة على تلك لسكا كما كانت الأمينة بمقتضى نظام الله فى الكونء على الأنساب والأولاد, وبمقدار عظم الأمانة كان عظم التكليف؛ لذلك قرر سبحانه وتعالى أنه لا يحل لهن أن يكتمن أمانة الله التى خلقها فى أرحامهن من ولد لينسبنه إلى غير أبيه» فإن ذلك خيانة للأمانة وكذب على الله تفسير سورة البقرة االو الالالال 6 ١‏ وافتراء على الحق» وكذلك لا يكتمن ما خلق فى أرحامهن من دم تلفظه الأرحام بعل أن خلقه الله سبحانه وتعالى فيهاء وذلك لتطول العدة ويمتد الإنفاق» كما كان يفعل ذلك كثيرات من نساء هذا العصرء مما اضطر الحكومة أن تمنع سماع دعوى نفقة المعتدة لأكثر من سنة ميلادية» ولا يزلن مع ذلك يكتمن ما تخلق الله فى وعبر الله سبحانه وتعالى عن الدم والولد بأنه اما خَلق الله في أَرْحامهن» للإشارة إلى أن الكتمان كذب على الله ونفى لخلقه وتكوينه» وفى ذلك مضاعفة الجرم وعظم الإثمء وذلك فوق أن هذا التعبير عام شامل كامل موضوعى الإنكار والكتمان وهما الحمل والحيض. وقد قرن سبحانه وتعالى النهى عن الكتمان بقوله تعالى: 9إن كن يوم بالله واليوم الآخر» للحث على عدم الكتمان» والإخبار بما خلق اللهء لتستقيم الأحكام» وتتقرر الحقوق». وفى ذلك تعظيم لأمر الكتمان» بأنه ينافى الإيمان» لأن الإيمان لنفسها أن تعاند أحكام الله وتخون أمانته» وتجحد وديعته!!. وفوق ذلك فى هذه الجملة السامية تهديد ووعيد» باليوم الآخرء وما يكون فيه من عذاب شديد» ثم ما يكون فيه من إظهار ما كتم» وكشف ما أسرء وإظهار ما أخفى . هذا وقبل أن نترك الكلام فى هذا الكلم المحكم نقرر أن الفقهاء مجتمعين قرروا أن القول قول المرأة فى الإخبار عن عدتهاء ابتداء وانتهاءء ولكن قرروا مع ألفاظ القرآن الكريم والله سبحانه وتعالى بكل شئ محيط . إل تفسيرسورة البقرة اللا اللللب ل ااالللل الل راتوا لتر ار #وبعولتهن أحق بِرَدَهن في ذلك إن أَرَادُوا إصلاحا» فى هذه الجملة السامية بيان لبعض المقاصد الشرعية التى أرادها الشارع الحكيم من شرعية العدة» وهو أن يكون لدى المطلق فرصة مراجعة نفسه» بعد أن تكون قد ذهبت عنه نوبة الألم التى أدت إلى الفراق» وقد تكون سحابة صيف تقشعتء. وعارضا قد زال» وفى هذا بيان لعلاج الله سبحانه وتعالى لنفوس المطيقين» إذ جعل لهم وقت التربص من جانب المرأة» وقت تروية وتدبر من جانب الرجل» وفرصة لائحة لمن يريد الإصلاح من الأهل والعشيرة» وكل من يهمهم أمر الزوججين. وما كان بينهما من ثمرة لهذا الزواج» والبعولة هم الأزواج» قال فيه الزمخشرى: إنه جمع بعل على وزن فعول» ولكن ألحقت به التاء» وجوز أن تكون مصدرا على وزن فعولة أريد به الجمع» أو يكون الكلام على حذف مضاف تقديره أهل بعولة. وتسمية المطلق بعلاء بعد أن أوقع الطلاق فعلاء دليل على أن الطلاق الرجعى الذى تجوز فيه المراجعة لا تنفصم به عرى الزوجية» بل تستمر قائمة» ويعتبر المطلق زوجاء وتعتبر المطلقة زوجا أيضاء وكذا يتوارثان إذا مات أحدهما والعدة قائمة . وفى اعتبار كل مطلقة زوجة إذا كان الطلاق الأول أو الثانى وهى ذات عدة ما دام الطلاق من غير فداء بالمال ‏ إشارة إلى أن الطلاق الأول والثانى رجعى دائما ما دام إلى عدة» ومن غير فداء» وهو مذهب الجمهور من الفقهاءء فقد قرروا أن ذلك حكم الشارعء» وأنه لا يسوغ للمطلق أن يجعل بائنا ما اعتبره الشارع رجعياء وخالف فى ذلك الحنفية وقالوا: إنه يسوغ للمطاق أن يجعل الطلاق باكنا ولو كان بعد الدخول ودون الثالئة ومن غير فداء؛ لأن الرجعة حقه فله أن ولكن الجمهور يرون أن الشارع الذى أعطى الزوج حق الطلاق هو الذى قيد ذلك التقييد فالرجعة ليست حقا مطلقا للزوج ولكنها فرصة» وقيد فى الطلاق» فلا يرفع القيد» ولا يزيل الرخصة التى رخصها الله سبحانه وتعالى له» ونظم بها أمر ل تفسير سورة البقمرة ل الطلاق» ولكنه يستطيع ألا ينتفع بها من غير أن يسقطهاء فإنها لتدارك ما فاته» إن جمحت به نفسهء فنطق بالطلاق ثم تبين خطؤه. وإن تسمية المطلق زوجا أو بعلا فهم منه فقهاء الحنفية أن الطلاق الرجعى لا يزيل الحقوق الزوجية ما دامت العدة قائمة» والتربص فيها لازما؛ ولذلك لا يعتبرون الرجعة إعادة للزواج» أو فى معنى إنشائه» بل يعتبرونها استدامة لأحكام الزواج واستمرارا له؛ لأنه لم يزل ما دامت العدة قائمة؛ ولذلك لا يعتبرون الدخول بها حراما قبل النطق بالرجعة» ويعتبرون الدخول نفسه رجعة» وفهموا أن الرد فى قوله تعالى: #أحق بِردَهن» معناه الاستدامة والاستمرار على أحكام الزواج. ولكن الشافعية فهموا أن الرجعة ليست استدامة لأحكام الزواج» ولكنها إعادة له؛ ولذا لم يسوغوا الدخول قبل النطق بالرجعة» والدخول لا يعتبر رجعة لأنه قبل النطق بها حرام» والحرام لا يكون سببا لنعمة الحلال. والرجعة عمل من جانب الزوج وحدهء وليس فيها مهر جديد» ولا تعتبر عقدا يحتاج إلى رضا المرأة» وقد اشترط بعض الشافعية والحنابلة الإشهاد عليها لقوله تعالى: 9 واَشْهدوا ذوَي عدل مُنكم ... 22> 4 [الطلاق] وكان ذلك القول الكريم بعد بيان الطلاق والرجعة» والحنفية استحسنوا الشهادة فى الرجعة القولية ولم يوجبوها. وقد قيد الله سبحانه وتعالى جواز الرجعة بقوله تعالى: «إن أَرَادُوا إصلاحا» أى أن الرجل لا يسوغ له أن يفكر فى الرجعة إلا إذا حاول إصلاح حاله» وتقويم معوج نفسهء وحملها على الاستقامة فى المعاملة» والعمل على خير الأسرة» وإبعاد الغضب عن أن يكون حكما فى الحياة الزوجيةء» كما يحاول أخذ زوجه بالرفق» والتقويم بالموعظة الحسنة» وتقريبها بالمودة الواصلة» مع الإرشاد الحكيم»؛ والإعراض عن البهتان» وتجنيبها الزلات» وسياسة الأسرة على أسس قويمة من الرحمة ولطف العشرة»؛ والحزم الصادق» من غير إرهاق» ومن غير إعنات» وتعجبنى كلمة حكيمة قالها عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فقد قال: (يعجبنى الرجل يكون فى أهله كالصبى» فإذا التمسوا ما عنده وجدوه رجلا). إل تفسيرسورة البقرة 1 ااا فإن راجع الرجل زوجه وهو على هذه النية فقد اخحتار الطريقة المثلى» وسيكون التوفيق من الله» وإن راجعها فى نوبة رضا غير مدركة» ولم يفكر فى الأمر فعسى الله أن يحدث أمراء وإن راجعها على نية الكيد والأذى والمضارة فهو إثم عند اللهء والله عزيز حكيم. ١ن‏ من الذي عل باسُوف لجال هن د هذا هو القاتون العادل الشامل» نطق به القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناء وقد شرعه الإسلام فى وقت لم يعترف أى قانون من قوانين العالم بأن للمرأة أى حق من حقوق» وفرضت عليها القوانين فى العصور الغابرة كل الواجبات» فجاء الإسلام ووضع تلك القاعدة العادلة» وهى أن الحقوق يجب أن تكون متكافئة مع الواجبات» فما على الإنسان من واجبات يكافئ ماله من حقوق» وما من حق إلا تعلق به واجب» فإذا كان للرجل سلطان فى البيت وعلى المرأة واجب الطاعة» فلها حق» وهو العدل .. وإذا كانت المرأة قارة فى البيت قائمة بشئونه» وفرض عليها ذلك الواجب فلها حق الإنفاق .. وإذا كان عليها أن تعد البيت إعدادا حسنا بمقتضى العرف فلها حق المهر ..٠‏ وإذا كان عليها أن تؤنس زوجهاء فعليه ألا يوحشهاء وقد أدرك ذلك المعنى الجليل» وهو التساوى بين الحقوق والواجبات الصحابة الأولون» حتى أن ابن عباس كان يقول: (إنى لأتزين لامرأتى كما تتزين لى) . وإن التساوى بين الحقوق والواجبات ليس مقصورا على ما بين الرجل والمرأة؛ بل إنه قانون شامل سنه الإسلام وأيده العقل» وبه يقوم العدل». فقد جعل الواجب على المرء بمقدار ما له من حق» وعلى هذا السنن المستقيم جعل الإسلام عقوبة العبد نصف عقوبة الحر؛ لأن الرق الذى أسقط بعض حقوق الآدمية» أسقط أيضا بعض واجباتها. وليس معنى أن الواجبات على المرأة مساوية للحقوق التى لها على الرجل أن المرأة مساوية للرجل من كل الوجوه» فإن الإسلام قرر فقط تساوى الحقوق والواجبات» بالنسبة لها وليس لذلك علاقة بشأن المساواة بينها وبين الرجل فى نوع لل تفسير سورة البقرة مالم لحر ا الحقوق والواجبات»ء ولكى لا يفهم أحد هذا المعنى قال الله سبحانه وتعالى: «وللرجال عليهن درجة» فالرجل ليس مساويا للمرأة» وليست المرأة مساوية الرجل؛ أن قانون المساواة يوجب أولا تحقق الممائلة» ومن البداهة أنه لا ممائلة بيئهما» فهما وإن كانا من جنس واحد إلا أنهما نوعان متقابلان غير متماثلين» وإن كان كلاهما وإذا كانت الآسرة لا تتكون إلا من ازدواج هذين العنصرين» فلايد أن يشرف على تهذيب الأسرة» ويقوم على تربية ناشتتها وتوزيع الحقوق والواجبات فيها أحد العنصرين» وقد نظر الإسلام إلى هذا الأمر نظرة عادلة فوجد الرجل أملك لزمام نفسه» وأقدر على ضبط حسه» ووجده الذى أقام البيت ماله وأن انهياره خراب عليهء فجعل له الرياسة؛ ولذا قال سبحانه: 8 الرجال قَوَامُونَ على النّساء بما فَضّل اللّهِ بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم .. . +(25) # [النساء] . للرجل فضل درجة» فعليه فضل واجب . وبلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قيد الممائلة بين حقوق المرأة وواجباتها معئأه التقييد بالأمر الذى لا تستنكره العقول» بل تقره وترضاه» ويتعارفه العقلاء, فعلى المرأة أن تقوم بواجباتهاء وتطالب بحقوقها بالنسبة لنفسها ولأولادها فى دائرة العقل» والعرف المستمد من قضايا الحق والعدل» وألف العقول والفضلاء ؛ ولقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: #واللّه عزيز حكيم» وفى ذلك دلالة على ثلاثة أمور: إل تفسيرسورة البقرة اا 230 أولها - أن تلك الممائلة بين الحقوق والواجبات فى الحقوق الزوجية بل فى كل شئون الاجتماع الإنسانى» هى مقتضى الحكمة الإلهية والعدل الزبانى» وإن ذلك أقصى ما تصل إليه المعاملة الإنسانية من سمو ثانيها ‏ إن الله سبحانه وتعالى القاهر القادر العزيز هو الذى أعز المرأة بعد ذلهاء وأعطاها حقوقها بعد هضمهاء وليس لها أن تطلب العزة من غير شرع الله فهو الملجأ والمعاذ لكل ذى حق مهضومء وقد أعلاها بعد خفض» وكرمها بعد المهانة» فما يسوغ لامرأة مسلمة من بعد أن تتمرد على حكم العزيز الحكيم؛ وإن حكمته اقترنت بعزته فما للرجل من درجة هو مقتضى الحكمة». والله بكل شىء محيط . ثالثها ‏ إشعار الرجل بأن الله فوقه» وهو القادر القوى الغالب» وهو المعز المذل» الحكم العدل اللطيف الخبيرء فإن تجاوز الرجل شرعه؛ وعدا ما حلده له الكبير المتعال» أخذه الله أخذ عزيز مقتدر» وناله عقابه وحرم من ثوابه. تلك شريعة الله العادلة» فليتدبرها الذين يشتطون فى القول والعمل» وليعلموا أن القرآن أول صوت سجل حقوق المرأة المعقولة كاملة « إن في ذلك لُذكرئ لمن كان له قب أو ألقى المع وهو شهيد :40 31]. ٍ : إِحْسَن ولا ب لكمأن ديك ذو كا هوعد 1 وأو 9 تفسير سورة البقرة امال ذكر سبحانه وتعالى فى الآية السابقة شرعية الطلاق» ومداه إذا طلق الرجل امرأته المدخول بها طلقة رجعية؛ وفى هذه الآية الكريمة يبين سبحانه وتعالى الحد الذى ينتهى فيه ما للرجل من حق المراجعة» فيبين سبحانه وتعالى أن الرجل ليس حرا يطلق ثم يراجع» ثم يطلق ثم يراجع لغير حد محدود؛ ولقد قيل إن الرجل فى الجاهلية كان يطلق ويراجع لغير عدد ولا حد فتضطرب حياة المرأة؛ وقد يتخذ ذلك للكيد والأذى» لا للعشرة الحسنة» والرغبة فى البقاء؛ ولقد روى أن رجلا قال لامرأته: والله لا آويك ولا أفارقك! قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك. فذكرت ذلك لرسول الله يكل فأنزل الله عز وجل «الطَّلاق مرتان») . وسواء أصح هذا سببا لنزول الآية أم أن الآية مقترنة بالآية قبلها متممة لموضوعها مقيدة لإطلاقها؛ فقد ذكرت الأولى أن المطلّق أحق بامرأته ما دامت العدة قائمة» ثم بينت هذه وهى الثانية أن ذلك ليس على إطلاقه إنما هو مقيد بالطلقتين الأولى والثانية» أما الثالثة فقد ذكر من بعد حكمهاء وهو أنها لا تحل له حتى تتزوج زوج غيره. #الطّلاق مَرَان4 كلمة الطلاق فى هذه الججملة السامية؛ ذكر الزمخشرى أن المراد بها التطليق» كالسلام بمعنى التسليم؛ أى أن التطليق الشرعى الذى يقره الشارع ويسوغه هو الطلاق الذى يكون على التفريق» واحدة بعد واحدة» ومرة بعد مرة؛ وليس التطليق الذى يكون بالإرسال مرة واحدة» وعلى هذا التخريج الذى ساقه الزمخشرى يكون مساق الآية لتقرير أن الطلاق الشرعى لا يكون دفعة واحدة» بل يكون مرة بعد مرة؛ وتكون التثنية فى هذه الحال لبيان التكرار لا للعددء كقوله تعالى: 9 ثم ارجع البصر كرتين ... +22 4 [الملك] وكقول: (لبيك اللهم لبيك) ويكون قوله تعالى من بعد: 9فَإمْسَاكُ بمعْروف أو تَسْريح بإحسان4 لبيان الغرض من التكرار وهو أن يكون بعد كل طلاق فرصة مراجعة نفسه ليمسك زوجه ويبقيها معاملا لها بالمعروف لدى أهل العقول المستقيمة الذى لا يتكره عقل ولا شرع أو يصر على طلاقهاء وإخراجها. إل تفسيرسورة البقرة مالكلل 011 وإن ذلك التخريج يستقيم فى ذاته» ولكن قرن بالآية الكريمة بعد ذلك. قوله تعالى: ظ فَإن طَلَقَهَا فلا تحل لَهُ من بعد حت تدكح روجا غير .... +220 4 [ البقرة] فدل هذا على أن المراد حقيقة التثنية» لأن بعد الثانية الثالثة . ولذلك نختار التخريج الشانى» وهو أن الطلاق فى قوله تعالى: #الطّلاق مرتان» أل فيه للعهد الذكرى, أى الطلاق المشار إليه فى قوله تعالى: « والمطلّقات يعربّصن بأنفسهن ثَلانَة قُروءٍ . .. رك # [البقرة] فالطلاق المذكور هو الذى يكون فيه للزوج حق مراجعة زوجته فيه؛ فالسياق يكون لبيان الطلاق الذى تبقى معه عصمة الزوجية ؛ ولذلك قال بعد ذلك: فَإن طَلَها فلا تحل لَه من بعد حتَى تدكح زوج غيره ... نج 4# [البقرة] فهو ذكر حكم المرتين» ثم ذكر من بعد ذلك حكم الشالثة وتكون التثنية على هذا التخريج المستقيم من كل الوجوه على حقيقتها لا لمجرد التكرار. ومهما يكن السياق. فإن قوله تعالى: الطَّلاق مَرَنَان4» يستفاد منه أن الطلاق لا يقع العدد به مرسلا دفعة بل هو دفعات ومرات» وكل واحدة منها يتخللها رجعة أو عقد جديد؛ وذلك ليتحقق المقصد الحكيم الذى. قصد إليه الشارع من عدد الطلاق» وإعطاء فرصة المراجعة بعد كل طلاق نحو ثلاثة أشهرء ثم تكرار تلك الفرصة؛ حتى إذا كانت الثالثة فصم ذلك العقد الذى أصبح بقاؤه شراء «اون يََركَا يغن الله كلا من سعته ... +5© 4 [النساء]ء وأصبح من الضرورى أن يكون ثمة تجربة قاسيةء عساها تصلح من قلب الناشز منهما. وذلك ما فهمه السلف الصالح. فما كان الطلاق يقع دفعة واحدة» بل كان يقع دفعات» لكيلا يقطع الرجل السبيل على نفسه» ولكيلا يتعدى حدود الله» وكما قال الله تعالى فى هذا المقام : « ومن يعد حدود الله ققد ظَلَمِ نَفْسّهُ لا تَدرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذلك أمرا ل( 4 [الطلاق ]؛ فلعل الله فى مدة العدة أو بعدها إذا طلق واحدة» أو اثنتين على دفعتين., أن يحدث أمرا بإحلال المودة محل العداوة» والرحمة محل البغضاءء فتستأنف حياة زوجية هنيئة سعيدة. هاا تفسير سورة البقرة ل م ملم ملل وإذا أوقع الرجل الطلاق دفعة واحلة» ولم يوقعه على ثلاث مرات» أو أوقعه فى مجلس واحد متتابعا» أو أوقعه فى مجالس متفرقة) فما حكمه. وما مؤداه؟ لاشك أن صريح الآية أن الطلاق لا يقع مرة واحدة» فلا يقع الطلاق الثالث بلفظ الثلاث ثلاثاء ولكن يقع طلقة واحدة لآنه مرة واحدة» وليس ثلاث مرات» ولكى يكون ثلانًا يجب أن يكون ثلاث مرات. وذلك لأن اقتران الطلاق بكلمة ثلاث لا يجعله ثلاث مرات» بل إنه مرة واحدة» ولو وصفه بالمائة» كمن يقول أحلف بالله ثلاناء فهو يمين واحدة» وكمن يقول قرأت هذه السورة ثلاث مرات» وقد قرأها مرة واحدة» فهو كاذب. إن كلمة المرة توجب أن يكون الطلاق فى حال واحدة» ولسبب واحد» وفى مجلس واحد» ولغاية واحدة» مرة واحدة ولا يخرجه عن كونه مرة واحدة» تعدد الألفاظ فى المجلس» أو لأجل السبب» أو لهذه الغاية ؛ ولهذا قرر كثيرون من العلماء منهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم» وطائفة من شيوخ قرطبة» منهم ابن زنباغ ' ومحمد بن بعَى» ومحمد بن عبد السلام» وإصبغ بن الحباب» أنه يقع بعض التابعين» ثم تتابع العلماء يقولونه . وقد روى طاووس عن ابن عباس أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله عَنِلُةّ وأبى بكر وسنتين من خلافة عمر بن النطاب طلاق الثللاث واحدة» فقال عمر رضى الله عنه: (إن الناس قد استعجلوا فى أمر لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم) فأمضاه . هذا تفسير قوله تعالى: #الطّلاق مَرَتَانِ4؛ وهذا ما فهمه منه بعض العلماء بالعدد لفظًا أو إشارة يكون ثلانًا أو اثنين على حسب ما اقترن به ؟َ وقد قال العلماء 1 بها تفسير سورة البقرة 11خااااااناناا خش انالا ل للاللاالا لل ا لالاااااالانطمط ناا اااااااااامطط سامخ خخخ طناخ تلان طاطخ ططط الالال تتلا إنه قد اتفق عليه أئمة الفتوى» وكأن غيره من الأقوال من شواذ الفتيا الذى لا يلتفت إليه وقد استندوا إلى الأخذ بفتوى عمرء وادعوا أن الإجماع قد انعقد علي ومن المؤكد أن طائفة كبيرة من الصحابة كانت على ذلك الرأى» وما كان لمثلهم أن يقولوا ما يخالف ظاهر القرآن من غير سند من حديث صح عندهم.ء والآية الكريمة تبين ما ينبغى» ولا تبين بطلان سواهء وأنه لا يقع إلا ذلك النوع من الطلاق17؟ . 9فَإِمساك بمعروف أَوْ تَسَرِيحْ بإحْسَان» الإمساك بالمعروف هو العشرة الحسنة» والمعاملة الرفيقة بأهله؛ فالمعروف هو الخلق الفاضل الذى تعرفه العقول السليمة» وتدركه الفطر المستقيمة» وتعالج به النفوس» وتطمئن به القلوب والتسريح إرسال الشىء وتفريقه؛ ولذلك يقال سرح الشعرء أى فصله وفرقه ليخلص بعضه من بعضهء ويقال سرح الماشية» أرسلها وفرقها فى المرعى . ولاشك أن لفظ التسريح بإحسان يتضمن مع ما يشتمل من معنى التفريق والإرسال» معنى الرفق فى التفريق» فلا يفرق بعنف». وحرج للنفسوس. وخدش للمروءة» وللمكارم الأخلاق» بل يفرق فى رفق وعطف,. من غير حرمان» بل بإعطاء من غير منع» كما قال تعالى فى هذا المقام: « ولا تدسوا الفضل بينكم ... 207 4 [البقرة] فالإحسان فى هذا المقام» بمعنى الرفق والعطف والتسامح المادى والمعنوى» فهو من أحسن إليه» بمعنى أسدى إليه خيرً. أو أدى معروفًاء أو أعطى عطاء. )١(‏ قال المصنف رحمه اللّه: الأقوال بالنسبة للطلاق بلفظ الثلاث ثلاثة: أولها: قول الأئمة الأربعة أنه يقع الثلاثة» وقد اعتمد ذلك الرأى على قول عمر ومن معه من الصحابة. وثانيها: قول بعض الشيعة إن الطلاق الثلاث بلفظ الفلاث لا يقع به شىء؛ لأنه بدعة» فهو جاء على خلاف المنهاج الذى سنة القرآن: وسنه النبى يَلِ للطلاق» والطلاق إنما ثبت فى الحدود الشرعية التى حدها الشارع» وما جاء على خلاف ما حده فهو باطل مهما يكن العدد. القول الثالث : إن الطلاق الثلاث بلفظ الثلاث لا يقع إلا طلقة واحدة» وهذا رأى بعض الشيعة» ورأى ابن تيمية وابن القيم وبعض الظاهرية وغيرهم؛ لأن الطلاق الموصوف بالثلاثة لا يكون إلا مرة واحدة بنص الآية» وما دام مرة واحدة فهو يقع واحدة. وقد اختار القانون المصرى ذلك الرأى فى القانون رقم 70 لسنة 64 (راجع فى هذا الموضوع كتاب «الأحوال الشخصية» وكتاب «ابن تيمية» للمؤلف) . ل ل تفسير سورة البقرة 1للنانااا اانا خخم ااا ااانا اناالا لتخن طالخ اتاا لاا اناا انا لتلا لخا اط اتخاطططاخاط متاخل ططخ لخلا لممن طاقن لننتلانة انال ااام طا لط تالا م 7 > ووقت الإمساك أو التسريح فى هذا المقام» مقام ذكر الطلاق ومراته» هو ما بعد الطلقة الأولى أو الثشانية» أى أنه بعد إحدى هاتين الطلقتين» إما إمساك بمعروف» بمعنى رجعة على نية البقاء والإصلاح» واطراح أسباب النزاع والخلاف» والأخذ بالرفق والحسنى» والعيشة الهنيئة الكريمة؛ وإما تسريح بإحسانء بمعنى تركها حتى تنتهى عدتهاء ويغنى الله كل واحد عن الآخر من سعته. فكأن هذه الجحملة السامية تشير إلى ما ينبغى أن يكون فى فترة الروية والتفكير» وهى الأجل المفروض الذى تتربصه المرأة بعد طلاقهاء بأن يفكر فى ماضى أمره» ويقدر عاقبة حاله إن أمضى الطلاق؛ فإن رأى أن الحسنى فى الإبقاء أبقاها على نية الإصلاح من شأنه» والتقويم من معوجهء والأخذ بالرفق؛ وإن رأى أن الخير فى التفريق فرق غير مجاف ولا مشاق ولا مضارء كما قال تعالى: وَسَرَحُوهُنَ سَرَاحًا جميلاً 55 4 [ الأحزاب ] . وعلى هذا يكون الإمساك بمعروف والتسريح بالإحسان موضعه فى هذا المقام هو فى وقت النظر والتروية» وإن كان الإمساك بالمعروف مطلوبا دائما. ولقد قال بعض العلماء: إن المراد من التسريح بالإحسان هو الطلقة الثالثة؛ أى بعد الطلقتين الأوليين يتروى فى الأمر فيمسك بالمعروف أو يطلق الطلقة الثالثة . وعندى أن ذلك التخريج بعيد لوجهين: أولهما: أن التسريح يكفى فيه بعد الطلقتين أن يسكت من غير مراجعة حتى تنتهى عدتهاء ولأن الترديد بين الإمساك بالمعروف» والتسريح بالإحسان لا يكون إلا فى وقت يجوز فيه الأمران» والآنسب فى ذلك ما بعد الطلاق؛ وهو المراجعة أو تركها؛ وليس المناسب فى ذلك هو إرداف الطلاق بالطلاق؛ إن ذلك لايكون فيه تسريح بإحسان» بل فيه تضييق على نفسه وظلم لهاء إذ قطع السبيل» ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. وفوق ذلك فيه مجافاة ومبالغة فيها بإيقاع طلاق ثان من غير حاجة إليه . تفسيرسورة البقرة لل الول 00 ثانيهما: قوله تعالى بعد ذلك: 9 فَإن طَلَّقَهَا فلا تحل لَه من بعد حبّى تنكح زوجا غيره ... +لتك 4 [البقرة] فإن هذه الطلقة الشالثة» ولو كان التسريح بإحسان هو الثالثة لكانت هذه نه رابعة. 0 يقل ذل ذلك أحد. ساس صم ص دي كان الفراق ب بين الزوجين يجب أن يكون مصحوبا بالإحسان والرفق» وآلا ينسوا الفضل بينهم» فلا يصح أن يأخذ شيمًا نما آناها من مال؛ لأن ذلك يكون مجافاة لا إحسانا؛ ؛ ولآن ذ ذلك ل يكون * ظلما لا عدل في فيه ؛ ؛ ولقد قا قال سبحانه نه وتعالى ع وس 2 اام هم تج 0 ال تعاى: طول وضعو يت ا وض إل أ أب فاحة مي ٠‏ 6ق © [النساء] . وإن أخذ شىء حرام بلا ريب عند الفرقة» وإن الحرمة سببها ألا يجمع على المرأة أمرين كلاهما مؤذ لها؛ أولها الفراق الذى لا تريده» وثانيهما استرداد ما وهب. وقد يقول قائل: إذا طابت نفسها بذلك فلماذا لا يأخذ؟ فنقول: إذا كان طيب نفسها من غير نشوز منهاء والبغض منه هو الذى رغب فى الطلاق وأراده» فإن ذلك مكارم أخلاق منهاء وفساد نفس منهء ومثل ذلك لا يكون حلالا؛ وليس من ذلك قوله تعالى: فَإِن طبن لكم عن شيء منه نفسا فَكُلُوهُ هنيئًا مريًا 22> » [النساء] لآن هذه الآية موضوعها حال قيام الزوجية» كما أنه ليس منه قوله تعالى : «( ون تعفوا قرب للتّقوئ .. . +4720 4 [البقرة] لآن تلك الآية موضوعها الطلاق قبل الدخول الذى يسقط نصف المهرء فإنهما لم تقم بينهما عشرة زوجية» فسوغ العفو منها إذا لم تكن قد قبضت شيئَاء أو قبضت دون نصف المهر؛ وسوغ العفو منه إن كانت قد قبضت أكثر من النصف؛ ولذلك لم يكن فى ذلك أخمذ لما أعطى عند . عفوهاء بل إسقاط لما يجب» وعساه يكون فى عسرة» وعسى أن يكون ذلك سبب الفراق ولم يكن منه أخذء ولكن كان منها إسقاطء فلا ظلم ولا بهتان. آنا تفسير سورة البقرة ل لل ولم يسوغ الشارع الحكيم الأخذ إلا إذا خافا ألا يقيما حدود الله ففى هذه الخال يحل الأخحذ. وحدود الله سبحانه وتعالى ما أوجبه من حقوق للرجل على زوجتهء ولها عليه» وهى مقاصد الزواج؛ فإن لم يتحقق من الزواج مقاصده. ولم تقم الأسرة الهنيئة التى تربط بين آحادها المودة الواصلة بين الزوجين فأخذ المال جائز. وتلك الحال التى يخافان ألا يقيما حدود الله» وواجباته» وحقوق كل منهما على صاحبه» تتحقق يسببين: أحدهما - أن تكون المرأة ناشزا عاصية أو كارهة» كتلك المرأة التى ذهبت إلى رسول الله يَكلةِ تقول: «والله ما أعتب على ثابت فى دين ولا خلق» ولكنى أكره الكفر فى الإسلام؛ لا أطيقه بغضا! فقال لها النبى ذَلِةِ: «أتردين عليه حديقته؟» - وهى المهر الذى أمهرها - قالت: نعم. فأمره أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد2؛ ففرق رسول الله يكل بينهما بطريق الخلع» ويقال إنه كان أول خلع فى الإسلام . وأحيانا تكون المرأة كارهة ولا تبدى بغضها بهذه الصراحة» ولكنها تثير الشغب فى البيت لأتفه سبب» وتعصى زوجهاء وتقوم بالكفر فى الإسلام» ولا تتورع عنه» وهذا ما كرهت امرأة ثابت بن قيس التى جاءت الرواية بأمرها. ثانيهما - أن يكون بالمرأة عيب مستحكم ولا يمكن معه القيام بالحقوق الزوجية» فإن أخذ المال فى هذه الحال يكون سائغّاء وإن لم يكن نشوز ولاعصيان؛ ولذلك سوغ الحنابلة والمالكية أن يطلب الرجل من القاضى التفريق على أن يأخذ ما أعطى أو بعض ما أعطى» وإن لم يعتبر التفريق خلعا. وإن هذين السببين كلا منهما يدل على أن أخذ المال جائز إذا كان سبب الفراق من جانبهاء أو سبب عدم القيام بحدود الله وتحقق العدالة من جانبها؛ ولكن الآية الكريمة مطلقة لا تقيد فى جواز الأخذ بكون النشوز من جانبها أو من جانبه» بل فق هذا لفظ ابن ماجه : الطللاق (55 ١ن‏ ورواه البخارى : الطلاق (لاكمة). والنسائى (9:.:*"). إل تفسيرسورة البقرة لمم مانغ خالا اكاك ا الا للك!ا ]ل لللا! اللا الالال اناالا الالالال لاااااالمالام امنا لما لمم كطخ طلخ ممما خخخ وممخمخططضسسلسطط لالتلا مام م ا سي يقول سبحانه فى الاستثناء: «إلاً أن يَخَافَا ألا يُقيمَا حَدُود اللّهه. وذلك كما يكون عندما يكون النشوز من جانبهاء يكون عندما يكون من جانبه. وإن ذلك العموم قد يبدو بادى الرأى» ولكن المتأمل البصير فى عبارات الجملة الكريمة يستنبط من إشاراتها أن جواز الأخذ مقصور على الحال التى يكون النشوز من جانبها أو سببه من جانبهاء أو على الأقل كان الجانب الأكبر منه يتصل بها؛ وذلك لآنه عبر عن حال جواز الأخذ بألا يخافا ألا يقيما حدود الله وحال الخنوف الذى يكون من جانبهما معًا لا من جانبها وحدها تكون فى الحال التى يكون السبب من جانبها؛ وذلك لأنه مفروض أن الخوف الذى يكون هو الخوف الذى يكون سيبه لا ظلم فيه؛ وذلك فى غالب الأحيان لا يتحقق إلا إذا كان السبب من جانب المرأة؛ لأنه إن كان من جانب الرجل فهوظلم؛ إذ يملك أن يطلق» ولا يقال إنه إذا خاف أن يظلم يجوز أن يأخذ المال؛ لأن أخذ المال فى ذاته ظلم إذا كان البغض من جانبه؛ لأنه يكون داخلا فى قوله تعالى: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن... نلك # [النساء] وخوف الظلم لا يبرر ظلمًا آخرء وخصوصا إذا كان ثمة مندوحة عنه» ويكون داخلا فى قوله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا لتَعَعَدُوا... 27 4 [البقرة] وفوق ذلك فإن النسق القرآنى قد جعل للرجل حالين» وهى حال الطلاق الذى لا يحل فيه الأخحذء. وحال جواز الأخذء وكلاهما لا يجوز إلا إذا تعذر قيام الحياة الزوجية على أسس الإصلاح والصلاح» وقد جعل الطلاق إذا كانت النفرة من جانبه» فكان السياق يوجب أن يكون الافتداء إذا كانت الفرقة من قبلها؛ فهذه حال وتلك حال؛ ولذا قال أهل البصرة من النحويين: إن الاستثناء فى قوله تعالى: «إلاً أن يَخافًا ألا يقيمًا حدود الله استثناء منقطع بمعنى لكن؛ لأن مابعد إلا غير داخل فى عموم ما قبلهاء بل هو حال مغايرة له. وأخيراً إن قوله تعالى عن إعطاء المال بأنها تفتدى نفسهاء أى تخلص نفسها بفداء تقدمهء دليل على أن خوف عدم القيام بحدود الله هو من جانبهاء أو على الأقل هو من جانبها أظهر . ا تفسير سورة البقرة الل 4 الاك 1 يي" هقَإِنَ خفثم ألا يُقِيمًا حَدُود اللّه قلا جتاح عَليهما فيمًا افتدت به» الجناح معناه الإثم» من جنح بمعنى مال. والافتداء معناه تخليص النفس بمال يبذل لتخليصهاء ودفع الآذى عنها؛ وأصله من الفدى والفداء بمعنى حفظ الإنسان نفسه عن النائبة بما يبذله . والخطاب فى الآية إما أن يكون لجماعة المؤمنين من حيث إنهم متعاونون فيما بينهم» بحيث وجدوا الشر بين الزوجين؛ وإما أن يكون خطابًا لجماعة الأزواج الذين كان بينهم وبين نسائهم ما يخشى معه ألا يقيم كلاهما حدود الله التى رسمها للحياة الزوجية؛ فالخطاب لإباحة الأخذ والفداء. وعندى أن جعل الخطاب لجماعة المؤمنين أولى بالاعتبار؛ فإن على من يعرف ما بين الزوجين أن يتدخل بالنصح والإرشاد وبيان حكم الله؛ ولذلك كان الخطاب عاما لجماعة المؤمنين بقوله طفَإِنَ خفتم ألا يقيمًا حدود الله ونفى إثم الأخذ خاصا بالزوجين؛ ولذا قال فلا جاح عَليْهِمًا فيما افْتدت به ولقد فهم بعض العلماء من التابعين من كون الخطاب موجها إلى جماعة المؤمنين أن الخلع الذى هو التفريق بين الزوجين فى نظير مال تفدى نفسها بهء ولا يكون إلا بأمر ولى الأمر أو القاضى الذى يقيمه ولى الأمر لذلك؛ وقد فهم هذا الفهم الحسن البصرى.» وسعيد بن جبيرء وابن سيرين؛ وكان يسير على ذلك الرأى زياد بن أبيه فى حكمه. وقد كان مقبول الولاية من عمر وعلى» وكلاهما مكانته فى الفقه مكانته. وإن قصر الخلع على السلطان على هذا المذهب لا نحسبه صوابًا؛ ولكن نرى أن الأولى أن يقال: إن الخلع كما يجوز بتراضى الزوجين إذا خافا ألا يقيما حدود الله كذلك يجوز بأمر القاضى إذا تبين له بعد تحكيم الحكمين أنهما لا يقيمان حدود الله بسبب نفرة المرأة من الحياة الزوجية؛ وذلك ما نص عليه فى مذهب مالك رضى الله عنه؛ فقد جاء أن الأمر إذا فسد بين الزوجين» ولم تعلم له أسباب ظاهرة حكم الحكمان» فإن تبين أن العشرة بينهما غير ممكنة» فرقا بينهماء وجاز أن يكون التفريق خلعًا إذا كانت الإساءة من جانب المرأة. 0# تفسيرسورة البقرة اللللل 110 1 1 1 1 11 221313111112311 ومن صريح الآية يتبين أن الخلع لا يكون إلا إذا خافا ألا يقيما حدود الله؛ ومن سياق الآيات وتناسقهاء وإشارة الآية الكريمة وصريح الحديث النبوى يفهم أن الخلع يكون حيث تكون النفرة من جانب الزوجة؛ ولذلك قال ابن رشد فى بيان المقصد من شرعية الخلع: (الفقه أن الفداء إنما جعل للمرأة فى مقابل ما بيد الرجل من الطلاق» فإنه لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا فرك( المرأة» جعل الخلع بيد المرأة إذا فركت الرجل) ولهذا قال الظاهرية إن الخلع لا يكون إلا إذا كان النشوز من جانبها؛ لأنه إذا كان النشوز من جانبه يكون النهى عن أخذ المال لوقوعه فى عموم قوله تعالى: «إولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ... 207 4 [البقرة] وقرروا أنه لا الأحوال» وبأى قدر من المال» وإن كرهوا الخلع إذا كان النشوز من قبله. وكرهوا أخذ أكثر مما أعطى . هذا وللفقهاء خلاف طويل فى شأن الخلع» نتركه لكتب الفقه9© . #تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتَعَدَ حدود الله فَأوك هم الظّالمُون» بعل بيان أحكام الطلاق وعلده وأحواله» قال سبحانه «تلك حدوده للد والإشارة إلى ماتقدم من الأحكامء والإشارة للبعيد لبيان علو قدرهاء وعظم منزلتهاء وجلال ما فيها من مصالح ظاهرة بينة لذوى الألباب؛ وسمى تلك الأحكام حدود الله للإشارة إلى أنها فاصلة بين الحق والباطل والظلم والعدل» والمصلحة والمضرة؛ وإضافتها إليه سبحانه وهو العليم الخبير البصير إشارة إلى أنه لاينبغى أن )١(‏ ,الفرك: البغض يكون بين الزوجين. (0) قال المصنف رحمه الله : لا مانع من أن نشير هنا إلى أن الخلاف فى موضعين: من عدد الطلقات» والحنفية والمالكية قالوا: إنه طلاق يحتسب من عدد الطلقات» ولكنه طلاق بائن» وروى عن سعيد بن المسيب أنه طلاق» ولكن عند المراجعة يرد ما أخذ. ثانيهما: فى سببه وطريقه ومقدار المال» فقال بعضهم: إنه لا يجوز إلا من السلطان» وكلام المالكية يفهم منه أنه يجوز من السلطان بعد تحكيم الحكمين. وجمهور الفقهاء على أنه لا يقع إلا بتراضى الزوجين» وقال الظاهرية: إنه لا يكون إلا إذا كان النشوز من قبلهاء ولا يقع رذا كان النشوز من قبله» وقال بعض الحنابلة إنه إن كان النشوز من قبله لا يثبت المال ويقع الطلاق» ويثبت الخلع عن دالجمهور فى الحالين وبأى مقدارء ولكن يحرم ديانة لا قضاء أن يأخذ أكثر نما أعطى . وعندى أن رأى الظاهرية أوضح الآراء . ل.ل تفسير سورة البقرة ل يتطرق الريب إليهاء وأن من يخالفها يعاند الله ويحاربه» ويتجنب الصالح» ويتبع الطالح» ويترك النافع إلى مافيه الضرر فى الدنيا والآخرة. وإذا كانت تلك الأحكام حدودًا فلا يصح تجاوزها وتركهاء وإلا كان معتديا على حرمات الله» متهجمًا على شرع الله؛ ولذا قال سبحانه: #فلا تعتدوها» فالفاء هى فاء السببية التى تبين أن ماقبلها سبب لما بعدها؛ أى أنه إذا كانت تلك الأحكام حدود الله #فَلا تَعْتَدُوها» فلا تتجاوزوها إلى الشقة الحرام» وإلا كان الردى وسوء العقبى وفساد المال؛ لأن تلك الحدود عدل الله القائم إلى يوم القيامة» وهى عدله فى الأسرة التى هى عماد المجتمعء وبها قام بنيانه» فإذا قامت على الظلم انهار ولقد ذيل الله سبحانه الآية الكريمة بقضية عامة هى فى عنق التاركين لأحكام الله إلى يوم القيامة» فقال تعالى: #ومَن يتَعَدَ حدود الله فَأولَك هم الظّالمون» من الناس . وقد أكد الله سبحانه وتعالى الحكم على من يترك شرع الله بالظلم» فقد ربط وعبر بالإشارة مع وجود ما يغنى عنها لتأكيد معنى السببية»؛ أى أن السبب فى ظلمهم تحملهم لتلك المخالفة والمعاندة لحدود الله وللهء وأردف ذلك بقوله (هم) وهو للتأكيد؛ ثم عبر بالجملة الاسمية للإشارة إلى أن الظلم شأن من شكئونهم ووصف ملازم لهم ما داموا تاركين لحدوده؛ ثم كان القصرء أى قصر الظلم عليهم. وهو قصر حقيقى . ولماذا كان ذلك التأكيد الشديد؟ كان لسببين: أولهما: أن الإنسان مغرور دائمّاء ومحكوم نفسيًا بأمور زمنية» تسيطر عليه الأحوال التى تلابسه.» وقد يكون فيها الظلم والضرر» ويتوهمهما العدل والمصلحة» تفسيرسورة البقرة ل ”2 ويتوهم أن لا مصلحة فى شرع الله ويحاول إخمضاع حدود الله لزمانه» أو يتركهاء كشأن الناس فى الربا والطلاق وتعدد الزوجات والحدود وغير ذلك» فبين الله سبحانه وتعالى أنهم ظالمون لأنفسهم إن تركوا شرع الله إلى أهوائهم» بل يجب أن تكون أهواؤهم خاضعة لحكم الله» كما قال كَكِ: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جكت به(" . ثانيهما: المقام الذى سيق فيه ذلك النص الكريم» وهو ما يتعلق بالأسرة» فإن الظلم فيها أقبح الظلم. وفقنا الله سبحانه لاآن ندرك شرع الله ونؤمن بأنه الحق الذى لا حق سواه وفيه المصلحة التى يقوم عليها بناء اجتماعى فاضل . والحمد لله الذى هدانا لهذاء وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله . فى الآيات السابقة سين الله سبحانه وتعالى طريقة إيقاع الطلاق» وأنه يكون على دفعات لا دفعة واحدة» حتى لا يضيق الرجل على نفسهء ولا يغلق بابا قد فتحه الله سبحانه وتعالى له؛ ولعل الله سبحانه وتعالى يحدث من بعد ذلك أمرا « ومن يت الله يجعل لَه مَخْرجَا 4# 4 [الطلاق]. وبين سبحانه الطلاق الذى يكون للرجل فيه أن يستأنف حياة زوجية؛ ثم بين سبحانه وتعالى الحكم إذا كان الطلاق ا تفسير سورة البقرة 00 بافتداء المرأة نفسها من الرجل على براءة من صداقها أو بمال تدفعه» أو بإسقاط حقوق مالية نشأت عن الزواج؛ أو نشأت حال قيام الحياة الزوجية . وفى هذه الآية الكريمة يبين سبحانه الطلاق الذى لا يمكن بعده استئناف الحياة بل تحرم عليه مؤقتاء وهو الطلاق المكمل للثلاث» فقال تعالى: «نإن طَلْقهَا فلا تحل له من بعد حت تنكح زوَجا غيرة» أى أنه إن طلقها بعد الطلقتين اللتين سوغ الله سبحانه وتعالى له الرجعة بعد كل منهما فى أثناء العدة؛ أو عقد زواج بعد انتهاتها؛ إن طلقها بعد هاتين الطلقتين فلا تحل له من بعد طلاقه حتى تنكح زوجنًا غيره؛ فمعنى «تنكح»: تتزوج بعقد شرعى صحيح. ففى هذه الجملة السامية بيان لانتهاء الحل بالطلاق الثالث» وإثبات الحرمة ووقوعه؛ كما أن فيها بيان انتهاء ذلك التحريم؛ فهى قد حدّت اللمبدأ والغاية؛ فمبداً التحريم من الطلقة الثالثة» وينتهى التحريم بعد تزوج شخص آخرء والدخول بهاء ثم تطليقها من بعد ذلك . والنكاح المراد فى الآية هو الزواج وظاهر الآية أن الزواج ثم الطلاق من بعده يحلها للزوج الأول من غير حاجة إلى الدخول؛ وبذلك أخذ سعيد بن المسيب؛ ولكن جمهور الفقهاء والتابعين من قبلهم ثم الصحابة أجمعين قد قرروا أنه لابد من الدخول الحقيقى لكى تحل له. وذلك لنص الحديث المخصص لظاهر الآية؛ فقد ورد فى البخارى ومسلمء ومسنئد الإمام أحمد» ومسئد الشافعى من حديث عائشة رضى الله عنها أنها قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظى إلى رسول الله يكل فقالت: إنى كنت عند رفاعة» فطلقنى» فبت طلاقى» فتزوجنى عبد الرحمن بن الزبير» وما معه إلا مثل هدبة الثوب؟؛ فتبسم النبى كَكٌ وقال: «أتريدين أن ترجعى إلى رفاعة؟ لاء حتى تذوقى عسيلته» ويذوق عسيلتك»27 وواضح أن معنى ذوق العسيلة أن يفضى إليها ويدخل بها. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: الشهادات - شهادة المختبئ (1440): ومسلم: التكاح - لا تحل المطلقة ثلاثا لطلقها حتى تنكح (10417) عن أبى هريرة - رضى الله عنه. تفسيرسورة البقرة الملل لاللللل اللو الئل وقد تعددت روايات الحديث بهذا المعنى» فكان حديثا مستفيضا مشهوراء وهو يخصص عموم القرآن الكريم» بل هو فى الحق تفسير لظاهره» وليس بعد تفسير النبى يله لكتاب الله تفسير؛ وعلى هذا انعقد الإجماع قبل سعيد بن المسيب» وانعقد الإجماع بعده؛ فقوله من شواذ الفتيا التى لا يلتفت إليها. لفن طلَقهَا فلا جتاح عليهما أن يتَرَاجعا إن ًا أن يقيما حَدُودَ الله أى فإن طلق الزوج الثانى» فلا جناح على المرأة وزوجها الأول أن يتراجعاء أى لا إثم عليهما فى أن يستأنفا حياة زوجية جديدة؛ فالضمير فى «عليهما» يعود إلى المرأة والزوج الأول؛ لأن العلاقة بينهما هى مساق الآية الأول؛ فقد بينت الآية التحريم بالطلقة الثالثة» وأنه ينتهى بالزواج من الثانى والتطليق منهء» ثم صرحت هذه الجمملة السامية بابتداء الحل بعد انتهاته. وهو أنه يبتدئ بالطلاق من الثانى وزوال بقايا النكاح الثانى وآثاره بانتهاء العدة؛ فهذه الجملة الكريمة توضيح لابتداء الحجل» كما كانت الأولى فيها بياذ لابتداء التحريم وإشارة إلى انتهائه . وعلى هذا سار أكثر المفسرين» وكلامهم واضح بين؛ ولكن اختار الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رضى الله عنه أن يكون الضمير فى «عليهما» فى قوله تعالى : فلا جتاح عَلَيْهمَا أن يتَرَاجِعَا4 يعود على الزوج الثانى والمرأة لا على الزوج الأول فهى كقوله تعالى: « وبعولتهنَ أَحق برهن في ذلك إن أَرَادُوا إصلاحا ... 42 [البقرة]. فهى تدل على معنى جديد» لم يتضمنه معنى الجسملة التى سبقتهاء وهو بيان أن الزواج الثانى يكون ككل أنواع الزواج» وله كل أحكامها وحدودها؛ فلا يكون زواجا مؤقتاء ولا لغرض مؤقت. إنما يعقد للبقاء والدوام ويقصد فيه معنى الزواج كاملا غير منقوصء» وقد يتوهم بعض الناس أن الزوج الأول أحق بهاء فدفع ذلك بأن المراجعة فى العدة حق ثابت للمطلق الثانى» وهو أولى بمقتضى الحكم العام الذى جاء به النص الذى نوهنا عنهء وهو قوله تعالى: لعق لمهم «( وبعولتهن أحق بردهن . . . 4572 © [البقرة] . بهل تفسير سورة البقرة الل حزق وقد يعترض معترض على ذلك الرأى فيقول: إنه لايوجد على ذلك التخريج ما يفيد حلها للأول» فتنقول فى رد ذلك الاعتراض: إن الحل بالزواج ثم الطلاق بعد الدخول وانتهاء العدة فهم من انتهاء التحريم بقوله تعالى: «حتّى تتكح وجا غيره» فالتحريم مؤقت بتوقيت زمنى غير معلوم ينتهى بالزواج الثانى» وزوال سائر أسباب التحريم الأخرى . ومهما يكن من الأمرء فإن السياق يسير على مقتضى رأى الجمهور؛ لأن السياق كله متعلق بشأن المرأة مع زوجها الأول» والكلام فى الزوج الثانى جاء لتتميم الكلام فى الزواج الأول وإنهائهء ومدى ذلك الإنهاء؛ ويزكى ذلك أن الله سبحانه وتعالى عبر عن عودة الزواج بقوله: #أن يتراجعا» وهذا يفيد أن ذلك بعقد جديدء ولو كان المراد الرجعة ما عبر بصيغة المشاركة؛ لأنه ينفرد بها الزوج إن كان الثانى . وحلها للزوج الأول منوط بأمر دينى مقرر ثابت» وهو أن يكونا قد انتفعا من ذلك الدرس القاسى» وهو الفرقة المحرمة بينهماء وتجربتها عشرة غير وتجربته ؤيتها عشيرة لسواه؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى فى بيان إنهاء التحريم: #إن ظنًا أن يقيمًا حدود الله فنفى الإثم فى العودة إلى الزوج الأول مربوط دينيا وقلبيًا بقصدهما إلى العشرة الحسنة وإرادتهما لهاء وظنهما القدرة عليهاء وزوال النفرة التى كانت توجب الشقاق والنزاع» وتؤدى إلى الطلاق وتكراره المرة بعد الأخرى. وقد فهم بعض العلماء أن المراد بالظن هنا هو العلم واليقين؛ فالمراد إن تيقنا أنهما سيقيمان حدود الله فليس للرجل والمرأة» وقد فرق بينهما تفريقا بمحرم بالطلاق الثلاث المتكررء أن يستأنفا حياة زوجية بعد زوال التحريم إلا إذا علما على وجه الجزم واليقين أنهما سيقيمان فى هذا الزواج الجديد حدود الله بإعطاء كل واحد منهما ما للآخر من حقء ويقوم بما عليه من واجب., لتكون المودة بينهما فى ظل من الرحمن الرحيم . هذا نظر بعض العلماء فى تفسيرهم الظن باليقين؛ ولكن الزمخشرى لم يرتض ذلك النظرء ولم ير أنه يتفق مع الذوق البيانى لمن يذوق كتاب الله؛ ذلك بأن ا تفسيرسورة البقرة لل الل االللللول ااال إقامة حدود الله أمر يتعلق بالمستقبل» والمستقبل مغيب مستور غير معلوم» وما كان لؤمن ولا مؤمنة أن يججزم فى أمر يتعلق بالمستقبل بأنه سيكون على ما يسغى وما يريد» ولو كان يتعلق بقلبه ونيته؛ فالله سبحانه مقلب القلوب» وهو وحده علام الغيوب؛ بل إن أقصى ما يستطيعه الزوجان فى مثل هذا المقام أن يعتزما العشرة الحسنة ويطرحا أسباب الخللاف التى كانت منها الفرقة الحافية» والتى هى أبغض الحلال إلى الله سبحانه وتعالى» وهما مع ذلك يظنان أن فى قدرتهما تنفيذ ما أراداء واجتناب ما كان منهما قبل تلك التجربة الشديدة. وإنه لواضح كل الوضوح من أن الرجل إذا طلق امرأته مرة بعد مرة» حتى أتم الثلاث» يكون هو وهى فى حاجة إلى علاج؛ إذ إن العشرة بينهما صارت غير صالحة للبقاء» وأنهما إن يتفرقا نهائيا يغن الله كلا من سعته؛ فهو وهى يسيران فى خطين متقاطعين» لا يلتقيان إلا يصطدمانء فيطلقهاء ثم يراجعها أو يعقد عليهاء حتى إذا التقيا تنابذا للمرة الثانية وتدابراء فيطلقها ثم يراجعها أو يغقد عليهاء حتى إذا استأنفا حياتهما الزوجية تكررت منهما المأساة؛ إن ذلك هو الكفر فى الإسلام» وإن ذلك هو الظلم الذى يجب اجتثائه من أصله» وذلك بمنعهما من استئناف الحياة الزوجية فقد أثبتت التجربة المريرة أن الزوجية بينهما غير صالحة للبقاء» إما لعيب فيه أو لعيب فيها أو لعيب فيهماء وذلك هو غالب الأحوال؛ لأن أحدهما لو كان خالصا من العيوب التى تتعلق بالحياة الزوجية لصبر على الثانى» ولأصلح بصبره حاله؛ ولسارت السفينة فى جو هادئ لا يؤدى إلى الفصم والقطع. وبعد تلك الفرقة المحرمة قد يحدث أن تتزوج زوجا آخرء وتعائسره معاشرة الأزواج على قصد أن تدوم العشرة بينهما؛ ولكن بعد مدة طالت أو قصرت ينتهى هذا الزواج وتزول آثاره» إما بموت الزوج وانتهاء عدة الوفاة» وأو بتطليقه وانتهاء عدة الطلاق» فيبدو لزوجها الأول أن يستأنف حياة زوجية وتبادله هذه الرغبة؛ عندئذ ينهى رب العالمين التحريم الذى أوجده الطلاق المكمل للثلاث؛ لأنه عسى أن يكون الزمان والتجربة» وعشرة غيره قد صقلت نفوسهما وأصلحت قلوبهماء ولطفت من حدة النفور منهما. الل تفسير سورة البقرة اللا الل الملل وترى من هذا أن الزواج الذى ينهى التحريم هو الزواج غير المؤقت الذى لا يقصد به مجرد التحليل للأول» بل الزواج الدائم المستمرهء أو الذى يكون على نية الدوام والاستمرار؛ لأن الشارع الكريم جعل نهاية التحريم هو هذا الزواج والدخول فيه ثم الطلاق؛ لتكون تلك التجربة الشديدة المريرة» ولتصقل النفوس الرعناء المتمردة؛ فإذا لم يكن العقد زواجا قصد به البقاء والدوام» ما كانت تلك التجربة» وما كان ذلك الغرض المقصود من الشارع الحكيم. ولكن الناس ضيقوا على أمرهم ما وسع الله ثم أخذوا يفكون ما قيدوا أنفسهم به؛ فطلقوا لآدنى ملابسة» وطلقوا الطلقات الثلاث إما فى مجلس واحد أو بلفظ واحدء أو فى دفعات متقاربة» وقطعوا على أنفسهم الطريق ولم يفهموا قول الله تعالى: «إ لَعلَ الله يحدث بَعْدَ ذلك أَمْرا +42 4 [ الطلاق ] ثم بعد أن سدوا طريق الحلال» وأخذوا يتحايلون لفتحه بمفاتيح من الحرام» فأوجدوا ما سمى فى عرف الناس والفقهاء «زواج المحلل» أى الزواج الذى لا يقصد به عاقده العشرة الزوجية الدائمة» إنما يقصد به مجرد إحلالها للأول؛ فهو فى الواقع يتحايل على الأحكام الشرعية ليهدمهاء لقد جعل الشارع نهاية التحريم أن تنكح زوجا آخر زواجا شرعيا صحيحا يقصد به دوام العشرة» ثم تجىء الفرقة عارضة لتكون تلك التجربة التى تهذب النفوس» وتضطط الإرادة» وتمنع الأهواء من الاندفاع؛ ولكن يجىء الناس فيهدمون مقصد الشارع ويمنعون التهذيب الذى أراده» فيكون ذلك العقد الذى ما قصد به الدوام ولا تتحقق به تجربة» وإن كانت تسقط به المروءة» وتنحرف النفس عن الجادة» ويتحايلون على أوامر الله بذلك ليسقطوهاء ويخدعوا الله 8إوما . يخدعون إلا أنفسهم وما يَشْعرُونَ 22> 4 [ البقرة] . ولقد ابتدأ ظهور ذلك النوع من الخداع الدينى فى صدر الإسلام؛ ولذلك نهى عنه النبى يله وشدد فى النهى» وتضافرت بذلك اللأخبار عنه وعن الصحابة. وسماه استهزاء بكتاب الله» ونقتبس من تلك الآثار النبوية قبسة تضئ للناس فى عصرناء حتى لا يضلواء فيضيقوا على أنفسهم واسعاء ثم يجتهدوا فى فتح باب الإثم إذ ضيقوا الحلال» ومن ذلك: تفسيرسورة البقرة اللللل الل للا () أنه روى عن ابن عباس أنه قال: سثل رسول الله يَكلِيةِ عن المحلل فقال : «لاء إلا نكاح رغبة لا نكاح دلسة؛ ولا مستهزئ بكتاب الله عز وجل لم يذق 1 بلة)0 , 1 ب - وروى الإمام أحمد والنسائى عن ابن مسعود أن رسول الله كلد قال: «ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: هو المحللء لعن الله المحلل والمحلل له)”" . ج - وروى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال: «لعن رسول الله كله صاحب الربا وموكله وكاتبه وشاهده؛ والمحلل والمحلل له)”" . وهكذا تعددت الروايات والإسناد عن رسول الله كك فى هذا المعنى . عليه» ودخل بها يكون زانيا يستحق كلاهما عليه الرجم . ولقد جاء رجل إلى عبد الله بن عمر يسأله عن رجل طلق امرأته د ثاء فيتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيهء هل تحل له؟ قال: «لاء إلا نكاح رغبة؛ كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله كلكا . ولقد روى البيهقى أن عثمان بن عفان رضى الله عنه تزوج امرأة ليحلها لزوجها ففرق بينهما. وهكذا استفاضت الأخبار عن أصحاب رسول الله كَل بتحريم نكاح التحليل واعتباره خداعا للشرع. ولقد سئل ابن عباس رضى الله عنه )2 عن رجل .591١ص رواه الطبرانى؛ وراجع جامع الأحاديث والمراسيل - الإكمال من الجامع الكبير (57571/5؟) ج8‎ )١( عن عقبة بن عامر - رضى الله عنه.‎ )١975( (؟) رواه ابن ماجه: كتاب التكاح - باب المحلل والمحلل له‎ .)5*2( زهوف رواه أحمد فى مسئد العشرة‎ م تفسير سورة البقرة ل الل 1 تس اق طلق امرأته ثلاثا ثم ندم فقال: هو رجل عصى الله فأندمه. وأطاع الشيطان فلم يخدعه . لتضافر الأخبار بلعن النبى يَلِْهِ له ولأنه يخادع الشرع الشريف» ويتحايل لإسقاط أحكامه ؛ ولأنه ما قصد بالعقد زواج رغبة وبقاء» بل قصد التحليل» فهو عقد مؤقت» وهو منهى عنه؛ ولأن الباعث على العقد ليس أمراً أحله الشارع» إنما هو نقيض أمره» وكل أمر على خلاف أمر الشارع فهو رد على صاحبه؛ والعبرة فى الأمور الشرعية ببواعثها ونياتها؛ لقوله يَكِ: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى0"١2‏ فمن نوى أن يخدع الشرع بفعله فعليه إثم نيته» ومن نوى بعقده ما أحله الله سبحانه وتعالى فله نيته . ومع اتفاق فقهاء المسلمين على أن نكاح التحليل حرام لصريح النصوصء إلا أنهم قد اختلفوا فى بطلانه» وفى تحليلها للمطلق الأول بمقتضى ذلك العقد؛ ذلك أن بعض الفقهاء يرون أن النهى عن عقد لا يمنئع صحته» فالصحة والحل ليسا متلازمين تلازما لا يقبل الافتراق؛ فالنهى عن البيع وقت الجمعة لا يقتضى بطلانه والنهى عن الزواج مع تأكد الظلم إن تزوج لا يمنع صحته إن تزوج مع هذه الحال» وهكذا. . وبتطبيق هذه النظرية عند أولتكك الفقهاء على نكاح التحليل نراهم يقررون أنه حرام» ولكنه إن وقع فهو صحيح» ويترتب عليه حلها للأول مع إثم الاثنين أو الثلاثة . وأما الذين قالوا إن النهى عن عقد يقتضى بطلانه» فقد قرروا أن عقد التحليل وإنا نبين موضع الخلاف بإجمال؛ فنقول: إن عقد التحليل له حالان: )١(‏ متفق عليه؛ أخرجه البخارى: بدء الوحى )١(‏ بهذا اللفظ. يم تفسيرسورة البقسرة اك ١١‏ لل الالالال الالالال الالالال لاا ااا 7 إحداهما: ألا تظهر نية التحليل فى أثناء العقد. بل تختفى فى أنفس الثلاثة: الزوج الثانى» والأول» والمرأة» فلا ينطق واحد منهم فى العقد بهذه النية» ولكنها فى أطواء نفوسهم جميعا؛ وفى هذه الحال قال مالك وأحمد: إن العقد غير صحيح.ء ولا تحل للآول؛ لأن الأحكام بالنيات» والبواعث والغايات تناط بها الأحكام. وما كان النكاح نكاح رغبة» بل هو نكاح دلسة كما عبر النبى كلو وهو تحايل فى شرع الله» فلا يقر عليه المتحايل» والله لا يقر أمر جاء على خلاف ما أمرء وهو داخل فى عموم نهيه. وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنه فى هذه الحال ينعقد العقد صحيحا مع تحقق الإثم» ويترتب عليه حلها للأول بعد الدخول والطلاق وانتهاء العدة؛ لأن الأحكام تناط بظواهر الألفاظ» والنيات علمها عند الله» وهو الذى يؤاخذ عليها. والشافعى قد أثر عنه قولان: أحدهما وهو القديم كمذهب مالك وأحمدء وثانيهما وهو الجديد» كمذهب أبى حنيفة وفقهاء العراق. الحال الثانية: أن يصرح بالتحليل فى العقد» فيعقد العقد على شرطه» وهذا قال فيه الشافعى: إنه كنكاح المتعة فهو باطل؛ لأنه نكاح مؤقت؛ ومالك وأحمد على أصلهما وهو بطلانه وعدم حلها للأول بمقتضاه؛ والشافعى يوافقهما كما رأيناء وإن كان الأساس مختلفاً؛ فالشافعى أبطله لآنه مؤقت كنكاح المتعة» ومالك وأحمد أبطلاه لذلك» ولآن الباعث عليه حرام» وما كان باعثه حراما فهو حرام. هذه أقوال الآئمة الثلاثة» وقد وافقهم أبو يوسف من أصحاب أبى حنيفة» من حيث إنه عقد فاسد لا يحلها للآول؛ وقال أبو حنيفة وزفر: يصح العقد ويحلها للأول؛ لأن اشتراط إحلالها للأول شرط فاسدء فهو يلغى ولا يكون لازماء ويصح العقد.ء ويحلها للآول بعد استيفاء شروط الحل . وقال محمد من أصحاب أبى حنيفة: إن عقد الثانى صحيح مع هذا الشرط؛ لأن الشرط يلغى» ولكن هذا العقد لا يحلها للأول» أما صحة العقد فلأن الشرط ملغى لا يلتفت إليه؛ ولكن لأنه قد اشترط حلها للأول قد استعجل أمرا آخره الله هاا تفسير سورة || لبقرة ٠‏ ل ل ل 1 لحل بط 7 تعالى» وهو بذلك قد ارتكب محرماء وكان مستعجلا أمرا قبل أوانه» فلا يصل إلى غايته» كمن قتل مورئه مستعجلا ميراثه فإنه لا يرث لأنه استعجل أمرا قبل أوانه فعوقب بحرمانه . هذه خلاصة أقوال الفقهاء فى نكاح المحلل» وهو أقبح عقود الزواج» وترى منها أن جميع الفقهاء يرون أنه حرام» وأنه خداع لله سبحانه وتعالى» وأنه تحايل على إبطال أحكام الله» وتفويت لمقاصد الشارع الحكيم» وأن جمهور الفقهاء يرون أنه عقد فاسد لا تحل به للأول؛ وإذا كان ذلك شأن عقد المحلل فليتق الله الناس فى أنفسهم وأخلاقهم ومروءاتهم» وليجنبوا أنفسهم ألفاظ الطلاق ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاء ولا يضيقوا على أنفسهم ما أفسح الله لهم؛ وليحفظوا على أنفسهم أعراضهم ومروآتهم فلا يضطروا إلى ذلك العقد الذى هو إثم فى إثم؛ وجرم فى جرمء وتعريض الحرمات للانتهاك . «وتلك حدود الله يها لقوم يعَلَمُونَ» ذيل الله سبحانه وتعالى أحكام الطلاق وعدّده» ودفعاته» وما يترتب عليه بهذه الجملة السامية؛ ومعناها أن تلك الحقوق والواجبات التى بينها سبحانه وتعالى فى الطلاق من أن الزوج أحق بزوجته بعد الأولى والثانية» ومن أن النساء لا يسوغ لهن أن يكتمن ما خلق الله فى أرحامهن» ومن أن الطلاق ثلاث» بعدها تحرم عليه حتى تتزوج زوجا آخرء ومن أنه لا يحل له أن يأخذ منها شيئا إلا أن يكون فداء لنفسها خشية نشوزها. كل هذه الأحكام» هى الحدود التى أقامها سبحانه فارقًا بين العدل والظلم» والحق والباطل» والخطأ والصواب. وهى التى : تقوم عليها معالم الأسرة الإسلامية؛ وقد بينها لقوم من شأنهم أن يعلموا الأمور على وجوهها ويدركوها على حقيقتهاء ومن لم يلتزمها فقد ضل ضلالا مبينا. وإن ذلك التذييل الكريم يستفاد منه ثلاثة أمور: أولها: بيان أن الأحكام الخاصة بالطلاق هى حدود حدها الشارع» من يتجاوزها فقد تجاوز ماله إلى ما ليس لهء وترك الحلال إلى الحرام» وترك الحق إلى ا تفسيرسورة البقرة الال 0 ب ا الباطل؛ وفى ذلك حث على الطاعة» وتحريض على التزام ما أمر الله سبحانه وتعالى . ثانيها: الإشارة إلى أن هذه الأحكام هى المصلحة الحق. وأن الناس إن تجاوزوها فقد تركوا الخير إلى الشر والنفع إلى الضرر. الأمر الثالث: حث الناس على تعرف حكم الشارع وغاياته؛ فإن مقاصد الشارع لا يعرفها على وجهها إلا الذين من شأنهم أن يعلمواء ويصلوا إلى لب الحقائق» ومرامى الأحكام الشرعية القاصية والدانية» والله بكل شئ محيط . وَإِدَاطْلَّقَم ألنْسَآهَ جضن أجَلَهُنَ َمَسوْهْريَ مَعُوٍ أو اس ال لاي ساس 2006 #آ# ل سر سار 20 مر« مر . ف هرّضرارا تعدوأ و من يتعل َلك مَعَدَطَْسَةوََاتتضدوَا ادق اموا نعمت الل علي وَمَا أل 76 منَالُككب 1( حكية / عض ماهوا نوا لله وأغلجوا أن أ أله 2 . لهم ىع هو وَإِذَاطَلَقَمالِيْسَآك فلم أَجَلهِنَّ فلا مَمَصَفُوَهنَ أن يكحن 1 ا ال 0 2 سل زواجهن إذا تراضواأ ب ووه عَظِهمَنَكانَ مِنَكُ يُوْمن أله 2-7 الآ دل وق لوطو وا 0-7 وا 0 ان وأنتم لا 2 بين الله سبحانه وتعالى نظام الطلاق فى الإسلام» فذكر عدده» وأن الرجل أولى بزوجه» له ردها من غير عقد مادامت فى العدة. إذا كان ذلك بعد الطلقة الأولى أو الثانية ؛ ثم بين متى يسوغ أن تفتدى المرأة نفسها بمال تقدذمه » وبين التحريم الذى يعقب الطلقة الثالثة» ومتى ينتهى ذلك التحريم؛ وفى الجملة بين نظام الطلاق تفسير سورة البقرة الم الل لأسب أ الذى يجعله فى دائرة المعقول» وعند الحاجة إليه؛ وبين معه طريق تفادى نتائجه من الفصمء متى كانت ثمة ندحة» أو متى كان هناك أمل فى اسئكناف حياة زوجية سعيدة » يعالج فيها كل واحد من الزوجين نفسه» ويجعلها ملائمة لنفس صاحبه» ويصلح من حاله وحال من معه» متى كان ذلك فى دائرة الإمكان. بعد بيان ذلك النظام المحكم الوئيق الأركان» أخذ سبحانه وتعالى يبين ما يجب على الرجال إذا كانت الفرقة» وقد انشعبت القلوب» ولم يكن سبيل للالتثام» أو كان ثمة سبيل موصل إليه؛ أى أن الآيات السابقة فى بيان نظام الطلاق» وهاتين الآيتين فى بيان ما ينبغى اتباعه فى معالحة نتائجه» ليكون العدل والحق» ولا يكون الجور والباطل» أو الشطط والتهور .وقد قال سبحانه عز من قائل : وإذا طَلّقَتم النساء فلن أجلن كوه بمعرو ف أو مرحوهن بمعروف ». الآجل هنا: العدة؛ ويصح أن يطلق على آخرها؛ فإن كلمة أجل تطلق على المدة كلهاء كما تطلق على الزمن الذى تنتهى إليه؛ فيقال: أجل الدين هو شهران» ويقال: أجل الدين هو نهاية شهر كذا؛ وكلا التفسيرين يصح أن يكون مرادًا هناء والأقرب أن يراد به انتهاء المدة. وبلوغ الأجل المراد به هنا قرب انتهاء العدة» ومشارفة ذلك الانتهاء؛) وذلك لآن الإمساك بالمعروف؛ وهو المراجعة لا يمكن أن يتحقق إلا إذا فسرنا بلوغ الأجل بقرب انتهائه؛ إذ لا معنى للإمساك بمعروف بعد انتهاء الأجل؛ فإن المراجعة لا تكون بعد انقضاء العدة. ولقد قال الراغب الأصفهانى فى معنى البلوغ ما نصه: (البلوغ والبلاغ : الانتهاء إلى أقصى المقصد والنتهى» مكانًا كان أو زمانّاء أو أمرا من اللأمور المقدرة» وربما يعبر به عن المشارفة عليه» وإن لم ينته إليه؛ فمن الانتهاء «حنَّى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة . ٠.‏ امل 4 [ الأحقاف ] وقوله عز وجل : «وإذا طلقم التساء فبلْغن َلَعْنَ أَجِلَهُنَ فلا تعضلوهن» وأما قوله عز وجل: فإذا بلغن بلَغن أجلن فأمسكوهن بمعروف ... 420 4 [الطلاق] فللمشارفة؛ فإنها إذا انتهت إلى أقصى الأجل لا يصح للزوج مراجعتها وإمساكها له). ا تفسيرسورة البقرة الال ااال 0 1-4 وإن استعمال البلوغ بمعنى مشارفة الانتهاء مثاله فى المكان أن تقول: بلغت المدينة. إذا وصلت إليهاء وصرت على مقربة منها بحيث صرت تشرف عليهاء وتبدو لك مطالعها. ومعنى الجملة السامية: إذا شارفت العدة الانتهاءء وقاربت العلاقة على الانقطاع التام وجب على الرجل أن يتدبر فى أمره؛ فينظر فى ماضيه معها وحاضره. وما يرجوه فى المستقبل ويترقبه؛ فإن رجح لديه أن البقاء أولى من القطعء وأن ما كان سبًا لكلمة الطلاق لا يصاح أن يكون سببًا لقطع العلاقة قطعًا بانّاء وأن يتفرقاء وأنه إن أعاد الحياة أقام العدل معهاء ولم يكن فيها ما يدفعه إلى الظلم» ولا فى طباعه ما يدفع إلى الأذى؛ إن كان ذلك كذلك فليمسكها بمعروف» أى فليرجعها إليه معتزمًا إمساكها والبقاء معها بالمعروف» أى بالتزام الأمر المعقول الذى تعرفه العقول وتقره» ويرضاه الناس. ويزكيه الحق سبحانه وتعالى. وإن رجح لديه بعد أن ينظر فى غابر أمره وحاضره أنه لا يرجو فى المستقبل خيراً» وتأكد لديه ذلك أو كان قريبًا منه» أو غلب الظن بذلكء» فليسرحه7) بمعروف أى فليمض الطلاق» ويخل بينه وبينها بمعروف» أى بالأخلاق الحسنة من غير مشاحة ولا معاندة ولا إيذاء» فإن ذلك هو الذى يعرفه العقلاء» ويؤمن به الأتقياء؛ ولقد كان الصالحون من أصحاب رسول الله يليه ومن جاء بعدهم لا يذكرون نساءهم اللائى يطلقونهن بسوء قط. سثل بعض التابعين: لم طلقت زوجك؟ فقال: إن العاقل لا يذكر ما بينه وبين أهله. وإن التسريح بالمعروف يتقاضى أن يؤدى لها كل حقوقها من مال كان عليه وألا يذكرها إلا بخير» وأن يعاونها إن كانت فى حاجة إلى معونته؛ حتى لقد قرر )١(‏ قال المصنف رحمه الله تعالى: حسقق الراغب الأصفهانى معنى التسريح» فقال: «السرح شجرة لها ثمرة» الواحدة سرحة» وسرحت الإبل أصله أن ترعيه السرح ثم جعل لكل إرسال فى الرعى. قال 0 « ولكم فيها جمَال حين ترِيحُونً وحين تَسْرَحُونَ 21 4 [النحل ] والتسريح الطلاق نحو قوله تعالى: 8 .. تسريح بإحسان .. 02 4 [البقرة] وقوله: 8١‏ .. وَسرحوهن سرَاحًا جميلاً 57 4 [الأحزاب ] سار من تسريح الإبل» كالطلاق مستعار من إطلاق الإبل. تفسير سورة البقرة اللللللااالللااللولل ااا لالت : 1 يو الفقهاء أنه تستحب المتعة لكل مطلقة؛ وقد ادعى بعض الفقهاء وجوبهاء عملا بقوله تعالى : فإ وللْمَطلّقَات ماع بالْمعْرُوف حقًا على الْمتّقينَ 4217 4 [ البقرة] . وفى الجملة إن التسريح بالمعروف يتقاضى الامتناع عن كل أذى» ومد يد المعونة إن تعينت إليه؛ وهذا هو التسريح الجميل المذكور فى قوله تعالى: :ل وسرحوهن سراحا جميلاً 557 4 [ الأحزاب] . «ولا تمسكوهن ضرارا لتَعتدوا ومن يَفعَلَ ذلك فَقَد ظَلَم نَفسه4 وإذا كان الإمساك بالمعروف» أو التسريح بالإحسان هو المطلوب» فإن الإمساك الذى يترتب عليه الضرر لا يسوغ وقد يسأل سائل: إن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالإمساك بالمعروف» أو التسريح بالإحسان» وإن ذلك يفهم منه ضمنا النهى عن الإمساك ضرار وإيذاء؛ إذ إن الله سبحانه وتعالى قد خير المؤمن بين أمرين لا ثالث لهماء فكان ذلك نهيا عن الثالث والرابع» وهو الإمساك ضراراء والتسريح مع الإيذاء. والجواب عن ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد خص الإمساك ضرارً بالنهى بعد أن فهم النهى عنه وعن غيره ضمنًاء ليبين للمؤمن أنه لا يحل له أن يراجع إلا إذا كان قد اعتزم العدل وأراده» ولم يجد معوقًا له عن إقامته» بل وجد أنه يستطيع أن يتعاون مع أهله عليه» وأن التنفير من الطلاق والنهى عن القطيعة لا يسوغان له أن يرضى بإعادة العشرة مع توقع الضرار والآذى» واستمرار الحياة المعتكرة بالشر والحدة والآذى» فإنه إذا كانت القطيعة والفراق أمرين غير مرغوب فيهماء ويتنافيان مع المودة التى يدعو إليها الإسلام؛ فإن الضرار بين الزوجين أمر منهى عنه» وإن المودة هى المطلوبة» فإن تعذر قيامهاء أو غلب على الظن عدم قيامهاء فلا يسوغ استئناف الحياة الزوجية مع النفرة المستحكمة, والأذى والنشوز؛ فإن ذلك هو الكفر فى الإسلام؛ لأنه كفر فى العشرة» وعداوة فى موطن المودة» ومكايدة فى موضع المسالمة . وقد فهم بعض العلماء أن المراد من الضرار هو الإضرارء فإن ذلك هو الذى يصلح سببًا من جانب الذى يملك الرجعة وحده وهو الزوج؛ أما الزوجة فإنها لا تفسيرسورة البقرة للللاالولالللل الل أ اد تملك الرجعة فلا يتصور ضرر من جانبها يكون مقصودًا عند الرجعة» والضرار يوجب عملا مشتركا من الجانبين» والاشتراك غير متصور؛ فالضرار يكون بمعنى الضرر؛ وإن ذلك الفهم صحيح فى جملته؛ ولكن لم عبر عن الفضرر بالضرار» وعدل عن اللفظ الأصلى الموضوع له إلى لفظ آخر؟ " والجواب عن ذلك هو أن الرجل عند الإمساك الذى يؤدى إلى الضرار - وهو مبادلة الضرر التى تنشأ عن المعاندة والمكايدة - له حالان: إحداهما: أن يقصد إلى الضرر والأذى بالرجعة» بأن يمسكها مكايدة وعنانًا ومبالغة فى الظلم لتكون كالمعلقة؛ وذلك كما كان يقع من بعض الناس فى عصر التنزيل» إذ يرج عون أزواجهم قبل انتهاء العدة» ثم يطلقونهن لتطول العدةء وليبالغوا فى الآذى» وذلك أمر منهى عنهء لا حاجة إلى النص عليه» ومعنى الضرار فيه خفى؛ لأن الضرر فيه واقع على جانب واحدء ومن جانب واحدء أو هو على الأقل واضح فى أحد الجانبين» وليس واضحًا فى الآخر. انيهما: هو أن يكون المطلق قاصدا الرجعة الحق» ولكنه لم يعتزم العدل» ولم يتوقعهء ولم ير أن أسباب الطلاق قد زالت» بل أراد العودة مع قيام أسباب النفرة؛ فإن ذلك يكون كقاصد الضرار» وإن لم يعلنه وإن لم يشعر؛ لأنه سيكون بينهما لا محالة وسيقع؛ ويكون حيئئذ الضرار على أصل معناه» ويكون مقصودًا من فاعل الرجعة» أو فى حكم المقصود. وقد بين سبحانه وتعالى أنه سيترتب على الرجعة مع قيام الأسباب التى أوجبت الطلاق والتى اعتبرت ضرارً - أمران: أحدهما: أن يعتدى فى الحياة الزوجية فيظلم» بل إن إقدامه مع توقع الكيد والأذى اعتداء؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: لالْتَعبَدواك فاللام هنا هى التى تسمى لام العاقبة» فهى تبين أن ثمرة الرجعة التى لا يتوقع فيها العدل هو الاعتداء» بل إن ذات الرجعة فى هذه الحال من الاعتداء والظلم . الل أ ا الأمر الثانى: الذى يترتب على الرجعة ضراراء هو أنه يظلم نفسه» فكما أنه يترتب على ذلك الضرار اعتداء على غيره يكون فعله ظلما لنفسه؛ ولذا قال سبحانه: ومن يَفعَلَ ذلك فَقَدْ ظَلَم نَقْسه» أى أن من يرجع مطلقته إضرارا أو ضرارا فقد ظلم نفسه ظلمًا مؤكداء وإذا كان قد أراد ظلمها فمن المؤكد أنه قد ناله حظ عظيم من الظلم قبل أن ينالها؛ وذلك لأنه عصى ربه فاستحق عذابه» ولأنه جعل البيت الذى هو مثابة الراحة والقرار مكان نكد واضطراب يستبدل فيه بالمودة البغضاء؛ ولأنه لا يعيد إلى حظيرة الزوجية زوجًا ودوداء بل عدوا شديداء وأشد الأعداء من كان منك قريباء وقد يكون كالثعبان بين جنبيك؛ وأى ظلم للنفس فوق هذا الظلم. ولا تَفَخْدُوا آيات الله هزوا وَاذْكُرُوا نعمت الله عليكُم وما أنزل عليكم من الكتاب وَالْحكْمة يُعظكُم به»4 بعد أن نهى سبحانه وتعالى عن أن تتخذ الرجعة ضراراء أو يقدم الرجل عليها وهو يعلم أو يظن أنه لن يكون إمساك بمعروف؛ أعقب ذلك بنهى آخر هو توكيد للنهى الأول» فقال: ولا تَتَخدُوا آيات اللّه هزوا» وذلك لأن الله سبحانه وتعالى رسم فى آياته حدودًا ونظمًا تتقرر بها الحياة الزوجية» فشرع الرجعة لتدارك ما فاته وقت الغضب» ولرجاء أن يستقيم الأمرء وتقام الحياة الزوجية بالمعروف» بعد أن تهددتها القطيعة» وقاربت على الانفصال؛ فمن اتخذ الرجعة للضرار» أو وهو غير مستيقن صلاح الحال أو يرجو ذلك» فهو كمن يستهزئ بأحكام الله» وآياته سبحانه؛ لأنه ينفذ الأوامر فى غير موضعهاء ويكذب على نفسه وعلى دينه وعلى ربه» فهو يعمل عمل من يريد الصلاح ولا يريده» وعمل من يقيم الحياة الزوجية الصحيحة ولا يقيمهاء ثم هو فى أعماله يشبه اللاعب الهازئ» بل إنه لاعب هازئ فى موضع الجدء يطلق لأتفه الأسباب» ويرجعها من غير أن ينوى الصلاح والعشرة بالمعروف» فيطلق ثانيًا عابئاء» ثم يرجعها عابثاء ثم يطلق» فيكون التحريم بسبب العبث والمجون. الا تفسيرسورة البقرة لل الل ”2 | اله : 7 ويصح أن يراد بالآيات الآيات التكوينية» لا الآيات القرآنية الحكمية المتلوة؛ وذلك ان من آيات اله في الكو أن جرعل لزع سكا تربطهها به المودة؛ فقال: رشق 44 [الروم] فمن طلق عابشا وراجع عايعاء وجعل الحياة الزوجية اضطراب وضرارا وعداوة بدل المودة» فقد استهزأ بآيات الله الكونية» فحرم نفسه من نعمتها؛ ولذا قال سبحانه بعد هذا النهى: #واذكروا نعمت الله عَلَيْكُم وما أنزل عَلَيْكُم من الكتاب ٠‏ والحكمة يعظكم به». فقد أمر سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يتذكروا دائما نعمة الله تعالى عليهم» وأن يتذكروا ما فى الكتاب وما جاءت به السنة من أحكام وعظات. أما النعمة التى يجب تذكرها فهى نعمة الزوجية خاصة» ونعمه سبحانه وتعالى عامة» ونعمة الزوجية تتجلى فى أن يكون للشخص أليف فى الحياة يقطع معه بيذاءهاء ويتحمل معه لأواءها؛ ويكون بيت الزوجية فيها كواحة فى وسط صحراء الحياة» وروضة يأوى إليها بعد المشاق وبعد الكد واللغوب» فمن عبث بهذه النعمة فقد ظلم نفسهء ونسى أنعم الله سبحانه وتعالى عليه» ثم حق عليه أن يتذكرها؛ ومن كمال نعم الله أن ذكره بها فى مقام نسيانه لها. والتذكير الثانى هو بما أنزل الله من الكتاب والحكمة؛ والكتاب هو القرآن الكريم» والحكمة هى السنة النبوية كما فسرها الشافعى رضى الله عنهء وهو تفسير حكيم نقبله؛ لأن العطف يقتضى المغايرة» فلابد أن تكون الحكمة غير الكتاب؛ ا شىء نزل على النى يُلوُ بعد الكتاب غير ما اشتملت عليه السنة من أحكام؛ فما كان النبى كَكِةِ ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحئ +470 عَلّمَهُ شَديد القُوى +5 4 [النجم] والحكمة معناها العلم النافع الذى يتجه إلى ناحية العمل الذى به تنضبط النفس» وذلك يتلاقى مع السنة النبوية» فكانت جديرة بهذه التسمية؛ لآنها تفصل الأحكام العملية الجزئية» وترشد إلى تنفيذ ما اشتمل عليه القرآن الكريم من قواعد كلية» ونظم جامعة. ها تفسير سورة البقرة لل الل اللو الئل 4 ٠: اا‎ يي والتذكير بالكتاب والسنة هو تذكير بأمرين يجب أن يكونا فى ذاكرة كل مؤمن» فهو تذكير زاجر؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: يُعظكم» فالوعظ تذكير فيه زجر وتخويف؛ ولذلك قال الخليل , بن أحمد فى تعريف الوعظ :(. . . هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب». والضمير فى «يَعظكم به» يعود على المذكور من الكتاب والسنة» وجعل الضمير واحدًا؛ لأنهما فى مؤداهما وغايتهما شىء واحد؛ وإن السنة ليست إلا تابعة للكتاب» منه أخذت قوتها وسلطانهاء إذ قال تعالى: 9 وما آتاكم الرّسول فَحْذُوه ومَا تهاكم عنه فَانتهُوا . . . 22 4 [الحشر] . وقد قال تعالى فى ختام الآية: وا ُّوا الله وَاعلَمُوا أن اللّهِ بكل شيء عليم 4 بعد أن بين سبحانه العواقب الوخيمة لمن يعبث بالحياة الزوجية» ويجعلها مضارة وعداوة؛ لا مودة فيها ولا خيرء» وذكر بنعمة الله عليه فى أحكامه وشرعية ة الزواج» وبين مغبة العيث بالأحكام ؛ بعد هذا كله حدر وأنذرء فأمر بتقوى الله سبحانه وتعالى بأن يجعل بينه وبين غضب الله سبحانه وتعالى وعذابه وقاية» وذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه؛ وإن تربية معانى التقوى فى النفس تجعلها تدرك الخير والشرء وتمنئعها من أن يتأشب إدراكها نوازع من الهوى والعبث؛ لأن التقوى تربى المهابة من الله والخوف منهء وتجعلها تذكر عقابه. ثم وصل سبحانه بالتهديد إلى أقصى الغاية ببيان علمه الكامل بكل شىء فقال: واعلموا أن الله ِكل شيء عليم4 فإنه سبحانه يعلم ما تخفى الصدورء وما تطويه النيات» وما تكنه السرائر؛ ثم إن التذكير بعلم الله فوق أنه إنذار أى إنذار» :فيه بيان أن المصلحة فيما يشرع من أحكامء وما يبين من نظم؛ لأنه على قدر العلم يكون الإحكامء وعلى قدر الإحاطة يكون الإتقان؛ فهذا التنزيل فيه حث على الطاعة» كما أن فيه إنذار بالمخالفة؛ والله سبحانه الهادى إلى سواء السبيل. وإذا طلقم النساء قلغن أجلن فلا علو أن يدكحن أزواجهن إذا تراضوا بيتهم بالمعروف » بعد أن بين سبحانه العواقب الوبيلة التى تترتب على الإمساك ضرار» وما فيه من ظلم للرجل والمرأة معاء أخذ يبين حكمه سبحانه فى ظلم آخر يقع بالنساء وعاقبته وبيلة للمجتمعء » فقال سبحانه: «( وإذًا طَلّقتَم النساء قبل أَجَلَهِنَ ماعو 5 قلا تعضلوهن أن يكحن أَزوَاجهن 4 . تفسيرسورة البقرة الملل الللالللللو لل الل للك" بلوغ الأجل هنا هو بلوغ أقصى العدة» فالبلوغ هنا غير البلوغ فى الآية السابقة» إذ الأول كان للمقارنة والمشارفة» وهنا للانتهاء والسياق هو الذى عن معنى البلوغ فى الأول كما بيّناء وهو الذى عيّن معنى البلوغ الثانى» إذ إن العقد المعبر عنه بقوله تعالى: #أن يكحن أَزْوَاجَهنَ» يدل على أن المراد هو انتهاء العدة؛ إذ لا يتصور النكاح وهو العمّد الذى يكون من طرفين إلا بعد انتهاء العدة؛ ولذا قال الشافعى رضى الله عنه فى هذه الآية والتى سبقتها: (دل سياق الكلامين على اختلاف البلوغين). والعضل معناه هنا المنع الظالمء وأصله بمعنى الحبس والتضييق مع الألمء ومنه: عضلت الدجاجة إذا تعلقت بها بيضتها فلم تخرج منهاء وعضل المرأة يمنعها من الزواج من غير مبرر فيه حبس لها وتضييق عليهاء وإرهاق لنفسها ولحسها. وإن النساء اللائى يطلقن يتعرضن لظلم المطلقين» فيحاول المطلقون أن يرهقوهن من أمرهن عسراء بأن يمنع كل مطلق من طلقها من أن تتزوج من غيره؛ خصوصً إذا كان صاحب سطوة باغية» أو كان ذا جبروت طاغية؛ وتلك نزعة جاهلية» لا يقرها عرف ولا شرع ولا عقل» ويتعرض أولئك المطلقات لظلم ذويهن» فقد يردن العودة إلى أزواجهن» ويتراضين معهم على ذلك». ولكن يقف الولى محاجرًاء حاسبًا أن ذلك مهانة له ولها» كما فعل بعض الناس فى عصر النبى ككدِ؛ وقد ترتضى المطلقة رجلا زوجا لهاء عفا فى عرضهه تقيًا فى دينه فيملاً نفسها؛ ولكن لا يرتضيه أولياؤها لأمر لا ينقص من قدرهء كفقر أو نحوهء ا تفسير سورة البقرة ل الل ميل فى كل هذه الصور يكون عضل المرأة» وحبسها والتضييق عليها فى ذات نفسها؛ فنهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك فى قوله تعالى : «١‏ وإذًا طَلْقتَم النساء فبلغن جهن فلا تَعضْلُوهن أن يتكحن أزواجهن » . وقد قال بعض العلماء: إن الخطاب للمطلقين ليمتنعوا عن تلك العنجهية الجاهلية؛ وقال بعضهم الخطاب للأولياء لكيلا يحولوا بين النساء وبين الزواج من يردن من غير سبب ومبرر» سواء أكان الزوج الذى ارتضته هو المطلق السابق أم كان غيره . ونحن نرى أن الخطاب عام لكل المؤمنين ممن يقع فى دائرتهم ذلك» فهو يعم المطلقين» ويعم الأولياء» ويعم غيرهم ممن يتصلون بهم» ويعم أولياء الأمر الذين بيدهم الهيمنة على الأمور؛ والتعميم بهذا الشكل يدل على التكافل بين آحاد الآمة؛ ووجوب التعاون بينهم فى منع كل ظلم» وخصوصًا ما يقع على الضعفاءء وما يمس الحرية الشخصية فى أدق ما تتجه إليه؛ ولا شىء يهم المرأة أكثر من اخحتيار زوجهاء ولا عقد أمس بالوجدان من عقد الزواج» ولا اتفاق أكبر خطراً فى الحياة من ذلك الاتفاق؛ فالظلم فيه خطير بمقدار ماله من خطر وشأن. غير أن المرأة ليست لها الحرية المطلقة فى اختيار من تشاء من الأزواج؛ بل إن رضاها مقيد بالمعقول والمشروع؛ ولذا يد التراضى بقوله: © إذا تراضوا بينهم بِالْمعروف 4 أى بالأمر الذى تسير عليه العقول» ويجرى به العرف» ويقره العقل» ولم يكن ثمة سبب للاعتراض» فليس من المعقول أن يطلق اختيارها ويحترم إذا اختارت لمجرد الهوى العارضء» سواء أكان كفئا لها أم لم يكن كفئا؛ ولذلك سوغ أبو حنيفة للولى أن يعترض إن تزوجت بغير كفء» فهو قد أطلق حريتهاء ولكن إن أساءت الاختيار كان للولى الاعتراض» وغير أبى حنيفة أشركوا الولى معها فى الاختيار حتى لا تضل» ولكن نهاهم القرآن عن أن يمتنعوا من غير سبب معقول». وإلا كان ذلك عضلا» ولها أن ترفع الأمر إلى القاضى صاحب الشأن ليرفع ظلم الأولياء. ا تفسيرسورة البقرة مالل وهنا نكتة بلاغية نشير إليها؛ ذلك أن الله سبحانه وتعالى عبر عن الذين يختارهم النساء ويمنعن عنهم ظلمًا بالأزواج مع أن الزواج لم يتم» للإشارة إلى الحقيقة المقررة الثابتة» وهو أن من يقع اختيارها عليه» ويتراضيان عليه بالمعروف» ولم يكن الزواج بينههما فيه ما يشينها أو يشين أسرتها هو الذى ينبغى أن يكون ازدراجها بهء وهو فى حكم الفطرة زوجهاء وعلى الأولياء ألا يعاندوا حكم الفطرة» بل عليهم أن ينفذوه ويقروه. ولا يصح لأحد أن يعارضه. د ذلك يوعظ به من كان منكم يوم بالّه واليوم الآخر 4 ذلك القول الحكيم. والأمر الكريم يذكر الله به تذكيرا يرق معه قلب المؤمن وتخشع نفسه. ويوجل قلبه إذا كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ ذلك لأن الإيمان بالله» والإحساس بعظمته وكبريائه» يمنع الظالم من أن يظلم. ولا يظلم الظالم إلا وهو فى غفلة عن الله ولو أحس بأن الله محاسبه» وأنه يأحذ الظالم بظلمهء وأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجابء ما استمر فى ظلمه؛ء ولا استرسل فى غيهء ولكنه يكون حال ظلمه فى غفوة عن الإيمان» ونسيان للواحد الديان وهو القاهر فوق كل شىء. والإيمان باليوم الآخر من شأنه أن يحس معه المؤمن بالحساب والعقاب الذى يرتقبه» ومن شأنه أن يجعل المؤمن يستهين بالدنيا وما فيهاء ويعلم أنها ظل زائل» وعرض حائل» وأن الآخرة هى الباقية وإذا كان كذلك قلل من الرغبات» وإذا قلت الرغبات ضعفت الدوافع إلى الظلم» وخمدت نوازع الشر. «ذلكم أزكئ لكم وأَطْهرَ واللَهُ يعلَم انتم لا تَعلَمُونَ4 ذلكم أيها المؤمنون أجمعون من غير تخصيص طائفة بالخطاب» وهو ما شرعه الله سبحانه من أحكام خاصة بسلطان الأزواج والأولياءء أزكى وأطهرء والزكاة النماء» أما أنه أزكى وأتمى؛ فلأن قيام الأسرة على العدل والمودة والتراحم يزيد فى عدد الأمة فيكثر السل ؛ ويزيد من قوتها؛ لأن الجماعات القوية هى التى تقوم على أسرة قوية» ولا شىء يقوى الأسرة أكثر من المودة والعدل والرحمة؛ وأما أنه أطهر فلآن المرأة إذا عوملت معاملة كريمة بالحق والعدل وأطلقت حريتها فى دائرة المعروف المعقول ولم إإإنا تفسير سورة البقرة لل تظلم فى رغباتها العادلة» أدى ذلك إلى الطهر والعفاف؛ فإن احترام النفس صون وعفاف» وامتهانها نقيض ذلك؛ لأن النفس إذا أكرهت جمحت» وإذا جمحت لم ترتبط برباط من الحكمة والصون والعفاف» بل إنها إذا جمحت عميت» فلا تدرك خيراً ولا شرً. ولقد روى أن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: (إن للقلوب شهوات» واإقبالا وإدباراء فأتوها من قبل شهواتها وإقبالهاء فإن القلب إذا أكره عمى) ولا عفة ولا طهر عند عماية القلوب. ولقد قال سبحانه: #ذلكم» بضمير الجمع» وغيّر النسق؛ للإشارة إلى أن حماية المرأة من الهوان ومنع التضييق عليها فى اخستيار زوجهاء إن كان الاختيار فى دائرة المعقول - حق على الجميع» وفائدته للجميع . ولقد ذيّل سبحانه الآية الكريمة بقوله: ظ واللَّه عل وأنتم لا تَعلَمُونَ 4 للإشارة إلى أن شرع الله تعالى فيه النفع الدائم» والمصلحة الحقيقية» والنتائج المرضية؛ لآنه شرع من يعلم كل شىء ولا يجهل شيئاء وليس للناس أن يتمردوا عليه أو يخالفوه» أو يهونوا مخالفته فى أنفسهم بدعوى أنهم يرونه فى الظاهر مخالقًا للظاهر من مصلحتهم؛ فإن ما يدركونه مصلحة ليس بمصلحة فى ذاته إذا جاء نص الشرع القاطع على خلافه؛ لأن علم الإنسان قاصرء وعلم الله وحده هو الكامل؛ فلنتبع شرع الله ولا نحَكّم الهوى فى نصوص الكتاب» ولبّحثُ التراب فى وجوه الذين يحاولون مخالفة النصوص الصريحة القاطعة بدعوى أن المصلحة فى خلافها؛ لأنه لا توجد مصلحة قاطعة تخالف نص قاطعًا؛ إنما هى أوهام» وعقول خاضعة لأزمان محكومة بالشر المتكائف. حتى حجب النور؛ ولنقل لهم إن شرع الله هو المصلحة: 9 واللّه يلم وأنثم لا تَعلَمُون 4 . تفسيرسورة البقرة الال ااال وس م له 2 ل ممم ام 1 حولي نكن لمن راد أن عر دوعلا دفن 97 20 0 و لم يرم 3 سم 6 ا ١‏ لا شكف نفس[ لا وْسعَه لاتيسآةت 34 00 < عو سمس قد و ها ولا مولوة لَممولر و و لوَارث مِسْل دك إن أ اتات كيده هه 08 أ .و أ 1 7 21 07 جاح حلم اي 170 سيو 27 و سر 0 م اكيم 7 افوأ تاغلو لاوس 2 بين الله سبحانه وتعالى حقوق الزوجين» وما لكل واحد منهما على صاحبه» ثم أحكام الافتراق إن لم تكن المودة سائدة؛ وبهذا بين العشرة الحسنة والتسريح بإحسان» أو الفراق الجميل. وبعد بيان حقوق الزوجين فى الاجتماع والافتراق» أخذ سبحانه وتعالى يبين حقوق من كانوا ثمرة لهذا الزواج» فى حالى الاجتماعى والافتراق أيضًا؛ وهذه الآية تت تبين ذلك؛ وقد ذكرت أول حق يتقرر للطفل فور ولادته؛ وهو حق التغذية الأولى التى تناسب سئه» وتكون لحمهء وتنشز عظمه؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 4 . الوالدات: هن الأمهاتء سواء أكن أزواجً لآباء''2 الأولاد أم كن مطلقات منهم ؛ والتعبير عن الأمهات بالوالدات فيه إشارة إلى أمرين: )١(‏ قال المصنئف رحمه الله: كون المراد بالوالدات الأمهات سواء أكن أزواجا أو مطلقات هو الذى اخترناه من بين ثلاثة آراء لأنه هو الذى يتفق مع عموم كلمة الوالدات ومع المعانى التى يشير إليها التعبير بالوالدات» والرأيان الأخيران: أولهما: أن المراد المطلقات؛ لآن السياق كله فى الطلاق وأحكام الطلاق والمطلقات. ولاأنهن مظنة إهمال - تفسير سورة البقرة 6 هوه + 7 أحدهما - أنهن اللائى ولدنهم وكن الوعاء الذى برزوا منه إلى الوجودء وقد تربوا فيه ومنه تغذواء فكان من الحق أن يتغذوا منه حتى يستغنوا عنه؛ وفى هذا إيماء إلى وجوب الإرضاع على الأمهات. وثانيهما - أن الغذاء الذى يناسب الطفل فى مهده هو الغذاء الذى يكون من نوع ماكان يتغذى منه فى بطن أمه؛ وكان فى التعبير بالوالدات إشارة إلى ذلك؛ لأن الولادة انفصال الحمل عن أمه وبروزه إلى الوجود؛ فهى تشير إلى الصلة بين المكان الذى خرج منه؛ وحياته التى يستقبلها؛ وذلك إيماء إلى وجوب التناسب بين الحالين» والتناسب بينهما من حيث الغذاء» يوجب التجانس بين حالى الغذاءء وذلك يوحى من جهة ثانية إلى وجوب إرضاع الأم ولدهاء وهو ما سيقت له الجملة السامية . وقوله تعالى: إيرضعن أولادهن» هو أمر جاء على صيغة الخبر؛ فمعنى #يرضعن أَولادهن» ليرضعن؛ أى عليهن إرضاع أولادهن؛ وعبر عن الطلب بصيغة الخبر؛ للإشارة إلى أن ذلك الوجوب تنادى به الفطرة» ويتفق مع طبيعة الأمومة. وأن الأمهات يلبين الطلب فيه بداع من نفوسهن؛ فلذلك عبر بالخبر» كأن الإرضاع وقع من غير طلب خارجى., فكان ذلك التعبير مفيدًا للأمر التكليفى» ومقررا للأمر الفطرى . والفقهاء يقررون أنه مطلوب من المرأة أن ترضع ولدهاء ولكنهم يختلفون فى مدى هذا الطلب؛ فالحنفية يرون أن هذا الطلب للندب فى جملته» فليس على الأم إرضاع ولدهاء إلا فى حال الضرورة» بأن لم يوجد من يرضعه سواهاء أو لا يلقم الولد إلا ثديهاء أو كان الأب عاجزا عن استرضاع ولده عند ظكر؛ إذ لايملك أجرتها؛ وينافى هذا الرأى قوله تعالى: « وإن أَردثُم أن تسترضعوا أؤلادكم فلا جتاح - الولد عند المكايدة» ولان إيجابه الرزق بعد ذلك فى نظير الرضاع يوجب ذلك» وللنهى عن المضارة وهى لا تتصور إلا عند الطلاق . ثانيهما: أن المراد الزوجات وهذا قول لا حجة لف وما اخترناه أولى لا فيه من عموم ولا دليل على التخصيص . ل تفسيرسورة البقرة الالو عَلَيِكُمِ 4 لأن هذا يفيد أن الأب غير ملزم بالاسترضاعء بينما رأى الحنفية يفيد بأنه الملزم» والأم غير ملزمة؛ ولا رأوا ذلك قالوا: إن الأم عليها الإرضاع ديانة لا والمالكية يرون أن المرأة عليها إرضاع ولدها إلا لعذرء واعتبر من الأعذار أن تكون من الطبقة التى لا ترضع أولادها عادة. اللازم للغذاء لا يتجاوز حولين كاملين؛ ووصف الحولين بأنهما كاملان؛ للإشارة إلى النهاية الكاملة التى لايدخلها تجاوز ولا تسامح؛ وليتناسب مع قوله: #لمن أراد أن يتم الرضاعة» وإن بيان الحدود من حيث الابتداء والانتتهاء يجب أن يكون دقيفّاء وإن الناس قد يعدون ما دون الحولين إذا كان قليلا كشهر أو نحوه غير ناقص للمدة؛ فذكر سبحانه وتعالى وصف الكمال» لينفى مثل هذا الاحتمال. وفى التعبير عن السنة بالحول فى هذا المقال» إشارة إلى معنى دقيق؛ يبين أنه فى انتهاء السئتين يكون الطفل قد بلغ حد الاستغناء؛ ذلك أن كلمة حول تدل على التحول من حال إلى حال» فيكون التعبير بها مشيراً إلى تحول الطفل فى مدارج تموه من وقت ظهوره فى الوجودء ورؤيته شمسه»ء فإنه ينتقل شهراً بعد آخر فى التغذية» تبعا لنمو قواه» وحاجة جسمهء فهو يبتدئ ضعيفا لا يستطيع أن يتناول غذاءه إلا من ثدى أمهء ثم يتناول غيره قليلاء ثم يزاد حتى إذا أتى على الحولين حالت الحال» واستغنى تمامًا عن الرضاعة؛ ولذا قال سبحانه: #لمن أَرَادَ أن يتم الرضاعة» وهذه الحملة السامية تشير إلى أنه قد يستغنى الطفل عن أمه قبل ال حولين» وأن من أراد التمام إن وجدت أسبابه يصل إلى نهاية الحولين» سواء أكان المريد الأب أو الأم . وهذه المدة هى حد لثلاثة أمور عند جمهور الفقهاء: أولها - أجرة الرضاعة التى تستحقها الأم» والتى دل عليها قوله تعالى من بعد «وعلى المولود له رقن وكسونهن بالمعروف» . هل تفسير سورة البقرة, سس سك وثانيها - على نهاية الوجوب الذى أوجبه الشارع على الأم عند القائلين بأنه يجب عليها قضاء) إرضاع ولدها؛ وعلى نهاية الوجوب الدينى عند الذين لا يفرضون عليها إلا الوجوب الدينى دون القضائى . وثالثها - أن الرضاع المحرم الذى يكون موجبًا لصلة تكون الأنثى فيها حرام كالنسب تماما فى كل أحوال التحريم لا يكون إلا فى هذين الحولين؛ أما بعد ذلك فالرضاع لا يحرء(2؛ وعلى ذلك الرأى جمهور الفقهاء. وقال أبو حنيفة: الرضاع المحرم مدته ثلاثون شهراً» وأما الرضاع من حيث الأجرة» ومن حيث الوجوب على الأم ديانة أو قضاء فمدته حولان كنص الآية الكريمة. وإن هذا الوجوب الذى أوجبه القرآن الكريم على الوالدة يدل على مقدار عناية الإسلام بالرضاعة» ومقدار عنايته بتربية الأطفال» وتغذيتهم» وعنايته بأجسامهم» وسلامة دمهم؛ فإن لبن الأم هو الغذاء الطبيعى لولدهاء ينمو بنموه. ويسير من حيث كم الغذاء مع تقدم سن الطفل شهرا بعد شهرء وهو غذاؤه فى بطن أمهء فيكون هو غذاءه بعد ولادته وإن تعرض الطفل للمراضع يعرضه للأدواء الوراثية تنتقل إليه؛ بل يعرضه للأدواء النفسية والعقلية تؤثر فيه؛ فإن المرضع تحمل إليه مع اللبن ما فى جسمها من عيوب وراثية» وما فى نفسها وعقلها من عيوب أيضا؛ وقد أثبتت التجربة أن العيوب النفسية فى المرضع تسرى إلى من أرضعته. وتتشربها نفسه» بل تتكون منها طباعه» كما تكون من لبنها جسمه. ومن عناية الشارع بالرضاعة جعلها من أسباب التحريم» فيوجد الرضاعة بين الطفل ومن أرضعته وذويها وكل من تلقوا من ثديها صلة تشبه صلة النسب؛» ولكى يتحرى الآباء من يرضعن أولادهن» وتتحرى الأمهات من تقمن مقامهنء أو من يشركنهن فى الأمومة الفطرية التى أوجدتها الولادة. )١(‏ قال المصنف رحمه الله: فرق أبو حنيفة بين مدة الرضاعة التى تجب فيها الأجرة» ومدة الرضاعة المحرمة» فاعتبر الأولى: حولين كاملين كنص الآية الكرية». واعتبر الثانية ثلائين شهراء بقوله تعالى: #وحمله وفصله ثلاثون شهرا إذ فهم منها أن مدة الفصال الذى ينتهى بانتهاء الرضاعة تحتمل أن تكون ثلاثين شهراء 8 0 تفسير سورة البقسرة «وعلى المولود له ررقن وكسوتهن بالمعروف لا تُكلّف نفس إلا وسعها» فى الجملة السامية السابقة نص على واجب الأمهات المشتق من كونهن والدات؛ وفى النص واجب يقابله على الآباء لكونهم قد ولد لهم» فالتعبير عن الأب بقوله تعالى: #وعلى الْمولود له4 هو فى مقابل التعبير عن الأمهات بالوالدات؛ وكما أن الأول أوجب عليهن الرضاعة» فالثانى أوجب على الآباء النفقة؛ لأن الولادة لهم فالنسب لهمء والولد تابع تبعية مطلقة لهم؛ وكأنه كسب كسبوهء وغنم غنموه» فحق عليهم القيام على شئونه ورعايته» والإنفاق على من خصصت نفسها وخصصتها الفطرة لخدمته ورعايته وتغذيته بلبنها الذى هو در من دمها . ويلاحظ هنا عندما أوجب الله سبحانه وتعالى على الآباء الإنفاق على الأمهات اللائى يرضعن أولادهن» أمران: أولهما: أنه قيد الإنفاق بالمعروف». وهو الأمر الذى يتعارفه العقلاءء فلا تستنكره العقول ولا يجفوه الذوق السليم بأن يليق بحالها ويكفيها شكونهاء ولا يخرج عن طاقة الأب. ولا يكلفه شططاء ويسهل لها الأب ذلك الإنفاق؛ فيجىء إليها من غير جهد منهاء ولا إعنات لها. ثانى الأمرين: أن الله سبحانه وتعالى ذكر أن الإنفاق يكون فى وضع الرجل فلا يرهقه» ولا يشق عليه؛ ولذا قال: 9لا تكلّف نفس إلا وسعها4» وهى قضية عامة» وقاعدة كلية فى كل تكليفات الشارع الإسلامى. يلاحظ فيها أن تكون فى وسع المكلف» وليس معنى الوسع هو الطاقة» فإن الفرق بينهما كبير؛ لأن الطاقة هى أقصى قدرة المكلف بحيث لا يستطيع الأمر إلا بمشقة وجهد؛ أما الوسع فهو قدرة المكلف على الأمرء مع بقاء فضل من جهده؛ بحيث لا يستغرق العمل أقصى قدرته؛ وقد وضح ذلك المعنى فى إيجاز بليغ فجعل مناط التكليف ما تسعه قدرة المكلف؛ قال تعالى: «إ لا يكلف الله نفْسا إلا وسَعها ... +423 4 [البقرة] تنبيها إلى أنه لا يكلف دون ما تنوء به قدرته. بهل تفسير سورة البقرة 52 وإذا كان الأمر كذلك فكل التكليفات. الشرعية يكون فى الوسع القيام بهاء بمعنى أنها تؤدى بيسر وسهولة ولا مشقة فيها لمن ذاق طعم الطاعة» وفهم معناها؛ ولذا قال تعالى: ظ يريد الله بكم اليس ولا يريد بكم العسر .. . +029 4 [البقرة] . ولا شك أن الإنفاق على الأم بالمعروف» هو تكليف بما فى الوسع الذى يقوم به المرء بيسر وسهولة؛ لأن أساس المعروف ألا يكون فيه غضاضة على المرأة» وآلا يكون شطط على الرجل؛ فلا يكلف أحدهما إلا وسعه وما يكون يسر من أمره. ولقد عبر الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية الكريمة عن الإنفاق بالرزق والكسوة» أى بالإطعام والإيواء والكسوة» وعبر فى آية الطلاق بالأجرة» فقد قال الله تعالى: « فَإِن أَرْضَعنَ لكم فَانوهن أَجورهن . . .+22 4 [الطلاق] فالأجرة هنالك هى الكسوة والرزق هنا؛ وتخالف التعبيران؛ لأن كل واحد فيما يناسبه؛ فالتعبير بالأجرة؛ لأن الكلام فى المطلقات» وما يفرض لهن من نفقة وأمدها؛ ثم بين ما يستحق فى مقابل الإرضاع إن أرضعن وقد خرجن من بيت الرجل وسلطانه. أما فى هذه الآية فالكلام فى أصل وجوب الإرضاع على الأمهات» وبيان توزيع التكليفات؛ والآية هنا عبر القرآن فيها عن الأم بوصف كونها والدة» وعلى الأب بوصف كونه مولودًا له» فناسب أن يعبر عن النفقة هنا بالرزق والكسوة لأن مؤدى التعبير الكريم أن الواجبات للطفل موزعة» والحقوق فيه متقابلة؛ فالأم لأنها تفرغت لخدمته» وقامت على حياطته» وغذته من لبنها بعد أن غذته من دمهاء وأوجب عليها الشارع ذلك الغذاء - كان على الأب فى نظير ذلك أن يكدح ويعمل ليوفر لها رزقها وكسوتها بالمعروف من غير غضاضة ولا شطط. لا تُضارٌ والدةٌ بولّدهًا ولا مَولُود لَه بولّده4 هذه الجملة السامية فى مقام التعليل للأحكام السابقة المورعة بين الوالد والوالدة» والتى أساسها القيام بحق ذلك المخلوق الذى كان كل واحد منهما طريقا لخروجه إلى هذا الوجود الإنسانى. والمعنى أنه لا يصح أن يقع ضرر على الأم بسبب ولدها لما لها من حنو وعطف» فيستغل ذلك الحنو وذلك العطف لإنزال الأذى بها وإعناتها وتكليفها ما ليس فى وسعهاء وما 0# تفسيرسورة البقرة للاال 0110 ليس متفقا مع فطرتها؛ وكذلك لا يصح أن يقع ضرر بالأب بسبب ولده لأنه يعنى بإنباته نبانًا حسنًا وتنشئته على أكمل وجهء فيرهق بالمطالب المالية» ويكلف ما ليس فى وسعه أو لا تتسع له قدرته عليه إلا بمشقة وجهد شديد. وفى هذه الجملة السامية بحثان لفظيان نقولهما بإيجاز: أولهما - أن كلمة #لا تضارَ» من مادة المفاعلة من الفضررء وقد قرئت مرفوعة على معنى نفى الضررء ونفى الضرر يقتضى النهى عنه؛ وقرتت مجزومة» وعند الوصل خفف السكون بالفتح على أصل التخلص - من التقاء الساكنين» وإن لم يكن هنا ساكنان؛ ولذا قرئ بالسكون» وقراءة السكون تدل على النهى الصريح . ولأن كلمة #لا تضارٌ» من المفاعلة تصلح أن تكون صبنية للمفعول؛ والمعنى فى الفرضين واحد. وهو أنه لا يجوز أن يضر كل واحد منهما صاحبه» أو يضر من صاحبه بسبب عطفه على ولده وحنوه عليه. ْ البحث الثانى - فى التعبير بقوله سبحانهء «والدةٌ بولّدها ولا مولود لَهُ بولّده» وتقديم الأم على الأب؛ فإن ذلك التعبير يشير إلى منزلة الولد من قلب كل منهماء وأنه قطعة من قلوبهما؛ ولا يصح أن يكون مزيد العطف الوالدى سببًا فى أن يتخذه كل منهما ذريعة لإيذاء الآخر والعبث بحقوقه. ولإشعارهما بأن الإيذاء باسم الحنو قد يؤدى إلى نقص العطف على الولد» ولكى يعرف كل منهما أن الولد ولدهما معًا ومزيج من جسمهما معاء فلا يصح أن يتخذ سبيلا للكيد والإعنات والإرهاق؛ وقدمت الأم لأن حئوها أشدء ولأن مظنة إنزال الأذى بها أقرب. 9وعلّى الوارث مثل ذلك» هذه الجملة الكريمة سيقت لبيان من ينفق على الولد إن لم يكن له أب» أو كان له أب عاجز عن الإنفاق عليه؛ فإن الإنفاق فى هذه الحال يكون على الوارث الذى يرث الولد إذا مات؛ لأن الغنم بالغرم» فما دام يرئه عند الوفاة إن كان له مال فإنه ينفق عليه إذا كان محتاجًا عاجز . وفى التعبير بكلمة #الوارث» بدل كلمة قريب» إشارة إلى أن الوراثة هى السبب فى وجوب تقديم الرزق والكسوة» لا مجرد القرابة» أو القرابة المحرمية؛ ل تفسير سورة البقرة ل 4 وعلى ذلك يكون الوجوب تابعا لمقدار الميراث» ولدرجة التوريث؛ لأن الميراث هو السبب فى الوجوب» فيكون الوجوب مشتقًا من درجته ومقداره وقوته . وفى هذا الكلام الحكيم تنظيم للعلاقات المالية بين الأسرة أو إشارة إليه؛؟ فإنه يوضح أن الحقوق المالية فى الأسرة متقابلة» فمن كان له حق الميراث عليه واجب الإنفاق؛ وكأن مال الأسرة شركة بين أحادها يتوارثون المال فيما بينهم ؛ ؟ ويتعاونون فى الإنفاق فيما بينهم؛ فالقادر ينفق على العاجزهء والغنى يمد الفقير بحاجته فى موضع الحاجة . ولقد فهم الإمام أحمد بن حنبل من هذه الآية أن نفقة القرابة تسير مع الميراث وجودًا وعدمّاء وقوة فى الوجوب. وتقديرا له؛ لأن الميراث جعل أساس الإنفاق بمقتضى نص الآية الكريمة لوَعلَى الوارث مثل ذَلك» . وقبل أن ترك الكلام فى هذا نشير إلى معنى لفظى أشار إليه النص» وهو قوله: #وَعَلَى الوارث مثْلَ ذَلك» فإنه أشار إلى أن الوجوب على الوارث هو وجوب بدلى» أى أن الوارث قام فيه مقام الأب». والوجوب الأصلى على الآب؛ فقد قال فى الوجوب على الوارث: #مثْلَ ذلك فالتعبير بالمثل يشير إلى أن أصل الوجوب على الأب؛ ولذلك قرر أن الأب لا يشاركه أحد فى الإنفاق على ولده. ولو كان يشارك الأب فى الميراث من الولد غيره» فلا تشارك الأب القادر غير العاجز الأم فى الإنفاق إذا كانت غنية . لفن أرَادَا فصالاً عن تراض مهما وتَشَاور قلا جتاح علَيهما» تبين فى سابق النص الكريم أن الحد بالحولين من حيث وجوب الإرضاع ووجوب الإنفاق ليس حدًا لازمًا بل هو حد للكمال لمن أراد أن يتم الرضاعة كما صرح النص الحكيم؛ ولذلك كان للأب والأم مجتمعين غير منفرد أحدهما ولا مستبد أن يفطما الطفل قبل هذه المدة؛ ولذا سيقت الحملة السامية» لقَإنَ أَرادَا فصالاً عن تراض مَنهِمَا وتشاورٍ فلا جتاح عليهما» أى لا إثم عليهما إن فعلا ذلك» والفصال هنا هو الفطام؛ لأن الفطام يفصل الولد عن ثدى أمهء ويفصله تدريجيا عن ملازمتها. وإن الفصال لابد فيه من أمرين: تفسيرسورة البقرة اللمللللللل الوا أحدهما - التشاور فيه بأن يفحصا حال الطفل من حيث قوته وقدرته على الاستغناء عن لبن الأم وسلامة جسمه وغوه ولا مانع من أن يستعينا فى ذلك برأى خبير رثسيد وقد أوجب سبحانه وتعالى التشاور عند الفطام؛ لآن ذلك سيؤثر فى صحته فى قابل حياته. بل ربما أثر فى أعصابه ؛ وإن لذلك خطره وشأنه فوجب التشاور فيه » والشورى واجبة فى كل أمر ذى شأن وخطر. وثانى الأمرين اللذين لابد من وجودهما عند الفطام : أن يكون الفطام بإرادة حرة صريحة واضحة ورضا كامل من كل منهما؛ ولذلك أكد الرضا من كل منهما بالذكر مرتين: أولهما أنه قال: #فإن أرادًا فصالا» فأوجب تحقق إرادتهماء وثانيهما أنه قال: عن تراض4 أى إرادة حرة صريحة صادرة عن تراض صحيح ليس فيه شائبة إكراه. وفى ذلك فوق ما فيه من رعاية مصلحة الطفل احترام لإرادة المرأة فيما يتعلق بطفلهاء وأنها ليست كما مهملا فى البيتء بل لها الرأى بجوار رأى الرجل فى أخطر الأمور وأشدها أثر. بالناشئة وتربيتها تربية جسمية وخلقية وعقلية؛ فإن العناية بالطفل عناية بجيل كامل من الأمة؛ وعلى حسب العناية بالتربية الأولى يكون الجيل من الآجيال. «وإن أَردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جتاح عليْكُم إذَا ملّمتم ما آتيتم بالمعروف # ما تقدم كان فى إرضاع الأم ولدهاء وفيه بيان وجوبه عليهاء وما يقابل ذلك من حق لها على الأب؛ وفى هذا الكلام يبين الله الحكم فى استرضاع الأب غير الأم» فبيّن أن ذلك يكون برضا الأم وقند قال سبحانه: 9 وإن أَرَدتُمُ أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم 4 أى إن اجتمع رأى الأب ورأى الأم على أن يسترضعوا لولدهما ظتراء فلا إثم عليهما فى ذلك. ولكن على الآباء أن يلاحظوا حق ذلك المرضع من الأجرة؛ ولذا قال سبحانه: «إإِذَا مِلَمثم ما تيم بالمعروف 4 أى سلمتم ما وجب عليكم إعطاؤه بالمعروف أى يكون تقديره بالمعروف بين الناس هل تفسير سورة البقرة 5 الذى يتعارفونه أجراء ويكون عطاؤه من غير ممانعة» ولا مماكسة» بل بالمعروف الذى لايستنكره الناس وتقره العقول والأخلاق القويمة» وهنا بحث لفظى فى موضعين: أولهما: فى قوله تعالى: أن تسترضعوا أولادكُم 4 فإن استرضع كما قال الإمام الزمخشرى منقول من أرضع؛ يقال أرضعت المرأة الصبى» واسترضعتها الصبى» فهى متعدية إلى مفعولين» كما يقال نجحت الحاجة» واستنجحته الحاجة؛ وفى الآية الكريمة قد حذف أحد المفعولين» إذ المعنى أن تسترضعوا المراضع أولادكم» وحذفه متسق مع السياق الكريم؛ لأن الحذف يدل على العموم وعدم تخصيص مرضع دون مرضعء فإنه عند إرادة الاسترضاع لا يتقيد الأب بواحدة دون الأخرى ما توافرت السلامة فيهن» ولم ينل الطفل من إحداهن ضرر فى جسمه أو خلقه أو أعصابه. الموضع الشانى: فى قوله تعالى: «إذَا ملّمتم ما اتيتم» ففى قوله تعالى #آتيتم» ثلاث قراءات: أولاها آنيتم بالمد» وثانيها من غير مد مع ضم الهمزة» وثالثتها (أوتيتم) والقراءات الثلاث تتلاقى فى معنى واحد»ء وهو إعطاء الأجرة بالمعروف أى المتعارف كما نوهنا؛ وتخريجه على القراءة الأولى ما آتيتم» أى أردتم إيتاءه كقوله تعالى : يا أَيْهَا الّذِين آمنوا إذا قمتم إِلَى الصّلاة .. . +202 4 [المائدة] أى أردتم القيام إلى الصلاة» وعلى القراءة الثانية «ما أتيتم) أى ما أعطيتم من مال» لآن أتى تستعمل بمعنى أحسن» فيقال أتى إليه إحسانا إذا فعله» وتكون متعدية» ومنه قوله تعالى: لإ إِنّه كان وعده مَأتيَّا 217 4 [مريم]. وعلى القراءة الثالثة (أوتيتم) أى أعطيتم المعنى واضح صريح فيها. ١‏ وَاتُّوا الله وَاعلَمُوا أن الله ما تَعمَلُونَ بصير» ذيّل الله سبحانه وتعالى هذه الآبة الكريمة التى تبيّن واجب الآباء والأمهات نحو الأمانة التى سلمها الله لهم؛ ليقدموها للمجتمع الإسلامى غرسًا طيبًا وجيلا قويًا'طاهرا؛ ذيّل تلك الآية الحكيمة بالأمر بتقواه» والتذكير بأنه علم بكل شىء علّم المبصر الذى يرى؛ إذ خلجات القلوب فى علمه الأزلى المحيطء كأنها المرئيات المبصرات . ا تفسيرسورة البقرة لاا ااال ال أولاها: تربية المهابة فى قلوب المؤمنين؛ ليتذكروا الله سبحانه وتعالى فى كل أعمالهم الصغيرة والكبيرة» وليعلموا أن شئون الحياة كلها سواء كان منها ما يتعلق بالأسرة أو ما يتعلق بالمجتمع» وما يتعلق بالآحادء لا تستقيم إلا بمراقبة الله تعالى» والإحساس بتقواه» وأنه عليم بما تخفى الصدور وما تكنه القلوب؛ وأن من يعمل عملا يعمله كأنه يرى اللهء فإن لم يكن يراه فإن الله سبحانه وتعالى يراه. وثانيها: بيان أن العلاقات بين الآباء وأولادهم وأمهاتهم لا يغفل الله عنهاء وسيجزى المحسن إحسانًا والمسيئ سوءاء وإن استطاع الرجال أو النساء أن يستطيلوا ويظلموا فى الدنياء أو يخدعوا القضاء بزور من القول» فلن يخدعوا الله سبحانه وتعالى» وهو على كل شىء رقيب» وسيجزى كلا بما صنع» إن خيرا فخيرء وإن شرا فشر. والثالثة: التذكير بأن شئون الأسرة تقوم على التدين» لا على الظواهر المادية» فإنه إذا صلحت القلوب استقامت العلاقة بين الرجل وأهله وأولاده» وإن تقطعت حبال المودة» وذهبت التقوى من القلوب» وأقفرت النفوس». فسيكون الظلم مهما تكن الأحكام» ومهما يكن القضاء. منحنا الله سبحانه رضوانه» ووهبنا عرفانه» وأصلح لنا فى ذرياتناء إنه سميع مجيب الدعاء . ل تفسير سورة البقرة ١‏ ساس سس سس ب برو ني 2 م - آ هر ته سا وَألَذْبن يتوهون منكم ويذرون أزواجابير: سن بهن أَرَيسَة أ شمر وَعَخْراً َإِذَابلَعْنَ أَجِلْهِنَّ هن اجا ا ع 020 02 و 06 سآن َالَو مما اسن ع ِ جخم م 2 هه 2 00000 ب ل سم و اك وض شدي هن َوَآحَمَنشْرٌ مختطرو لشيك ع 0 َي وَلكن لَاوَاعِدُوهنَّ ينا د لذ وَلاحَرْمُوأ مُمَدَةايسكاءٍ ا وَأعلمأ أأنْ الله لينف أشي كارا 2 بر ا م أن َهَعَفورحيمٌ 2 ١ فى الآيات السابقات بين سبحانه إنشاء الزواج؛ وما ينبغى أن يكون فى الاختيار وما يجب. ثم بين العشرة الزوجية» ثم بين الفراق بين الزوجين والأحكام التى تتبع عند الافتراق» وأن الزواج إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» وأنه إذا لم يكن واحدا منهما فهو الكفر فى الإسلام» أو الجهل بأحكامه أو الزيغ عن قانونه» والخروج من ربقته ونظامه؛ ثم أشار سبحانه إلى حقوق ثمرة الزواج فى حالى الوفاق والخلاف, وأنها حقوق مقررة فى الحالين. وبعد ذلك بيّن الحكم إذا فرق بين الزوجين الموت» فذكر القيود المعقولة التى تقيد بها المرأة» وبعدها تكون الحرية التى يكون من آثارها اختيار الزوج الكفءء فقال تعالى: « والّذين يتوقون كم ويذروت أَزواجا يتَربّصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا 4 فى هذه الآية الكريمة يتبين عدة المتوفى عنها زوجهاء وهى أربعة أشهر قمرية وعشرة إل تفسيرسورة البقرة الل أيام؛ وعبر سبحانه عن العشر بما يدل على أن المعدود مؤنث؛ إذ إنه حذف التاء فدل على أن المراد عشر ليال والمؤدى واحدء ولكن التعبير بالليالى فيه فائدة أكبر من التعبير بالأيام؛ لأن فيه إشارة إلى أن تقدير الأشهر بالقمرية كما نوهنا؛ لأن الليالى هى التى تعرف فيها أحوال القمر وأدواره؛ فكان التعبير بها توجيها لما يكون فيهاء وهو القمر بأطواره وأحواله. وقبل. أن نخوض فى حكمة تقدير عدة الوفاة ذلك التقدير» وما يعارض ظاهرها فى سورة الطلاق؛ وما كان عليه العرب من عادات فى حداد المرأة على زوجها؛ قبل ذلك نذكر بعض مباحث لفظية فى تلك الجملة السامية. وأول تلك المباحث اللفظية» هو فى كلمة 8 يتَوقُوْنَ» بالبناء للمجهول» ولم تقرأ غير ذلك؛ لأن الفعل توفى متعد؛ فالله سبحانه وتعالى يقول: 9 الله يتوَفّى الأنفس حين مُوتها ... +00 4 [الزمر] فإذا لم يذكر الفاعل بنى للمفعول. وثانيها: فى كلمة «يذرون» معناها يتركون؛ وقد ادعى علماء النحو أنه من الأفعال التى مات ماضيهاء ولم يعرف إلا فعل المستقبل لها؛ مضارعا كان أو أمراً؛ ولكن وجدنا فى أساس البلاغة للزمخشرى ما دل على أن ماضيها حى وليسْ بميت؛ فقد جاء فيه ما نصه: (ذره واحذره والعرب أماتت المصدر منه فيقولون: ذر تركاء إذا قيل لهم ذروه قالوا وذرناه)77©. ونرى من هذا أن ذلك العالم اللغوى العظيم لم يعترف إلا بأن العرب أماتوا المصدرء أما الماضى فلم يميتوه» وذكر الاستعمال الذى يدل على حياتهء فقال: (إنهم إذا قيل لهم: ذروه. قالوا: وذرناه). وثالث المباحث اللفظية: فى كلمة «أزواج» وهى جمع لزوج» وهو كلمة تفيد بأصل معناها الدلالة على اثنين اتحدا فى الخواص والصفات وكل المشخصات حتى صار كل واحد منهما صورة كاملة من الثانى» وكأنه هو فى شخصه؛ ولذلك أطلق . قال المصنف - رحمه الله -: انظر أساس البلاغة ج؟ ص458 طبع دار الكتب‎ )١( .: سس الب ص ب‎ إل تفسير سورة البقرة 5 على كل واحد منهما بأنه زوج» وأطلق على كل واحد من الرجل والمرأة بعد ذلك العقد المقدس بأنه زوج؛ لأنه ثانى اثنين قد امتزجت حياتهماء وتلاءمت شخصياتهما حتى صار كل واحد منهما كأنه صورة من الآخرء وكأنه شخصه فى كونه ووجوهه لا ارتبطا به من حياة» ولكمال الخلطة بينهماء ولتمائل الحقوق والواجبات عليهما ولاتحاد شخصيتهما بذلك الزواج الموحد بينهما. ورابع المباحث اللفظية: فى كلمة «يتريصن» والتربص معناه الانتظار؛ فقد قال تعالى : ط فَرئُصوا به حتّى حين +4520 [المؤمنون] وقال تعالى: ف ومن الأعراب من يتَخذَ ما ينفق مَغْرما ويتريئص بكم الدوائر . .. 27 4 [التوبة] وقال تعالى: 9 آم يقولون شاعر تربص به ريب امون رم 4 [الطور] وفى كل هذه الآيات الكريمة كان التربص معناه الانتظار مع الترقب؛ والتربص من المتوفى عنها زوجها فى هذا المعنى تقريبا و(يتربصن» هى خبر فى معنى الطلب فالمعنى ليتربصن» كقوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولَيْن كَاملَين ... 22 4 [البقرة] وفى ذلك إشارة إلى أن التربص أمر نظرى يتلاقى مع الأمر الشرعى؛ فإن الحرة الكريمة لا ترضى لنفسها ولا ترضى معها أسرتها أن تتزوج فور وفاة زوجهاء أو بعدها بمدة قليلة؛ فإن ذلك أمر مستهجن فى الفطرة السليمة» وفى الشرع الحكيم» وفى عرف الناس» ولا ترضى العقول به والمدارك الصحيحة. وكان مع ذلك التعبير بقوله تعالى: ل بأَنفسهن» فيه إشارة إلى أن ذلك التربص فيه صيانة لأنفسهن» وحفظ لكرامتهن» ودفع لمعنى الامتهان والعار الذى يلحق المرأة من أن يموت ضجيعهاء فلا تابث إلا قليلاً بعد أن يسجى ويدفن» حتى تعرض نفسها طالبة الأزواج» كأنه ليس المتوفى عشير) آليقًا يستحق الحداد. وقد حد الشارع للمتوفى عنها زوجها عدة هى فى جملتها أكثر من عدة المطلقات؛ لأن تلك ثلاثة قروء تجىء عادة فى نحو ثلاثة أشهر. وهنا يرد سؤالان: اا تفسيرسورة. البقرة ا لل أولهما: للماذا كانت العدة فى المتوفى عنها زوجها بالآشهر دون الحيض» فلم تجعل أربع حيضات بدل ثلاثة؟ ... ولماذا كانت الزيادة؟ ولم نجد أحدا تصدى لبيان الحكمة فى جعلها بالأشهر» ويبدو لنا أن الحكمة النتى تدركها عقولنا - وإن كانت الحكمة الشرعية السامية قد تغلو على مداركنا - هى أن عدة الوفاة تكون للمدخول بها وغير المدخول بهاء» وللصغيرة والكبيرة» والأساس فيها هو الحداد على الزواج السابق الذى انتهى بوفاة أحد ركنيه» فلزم أن يكون بأمر يشترك فيه الجميع ما دام السبب واحدا فى الجميع؛ وفوق ذلك إن العدة فى الوفاة لو قدرت بالحيضء» وهو أمر لايعلم إلا من جهة المرأة» فربما تدفعها الرغبة فى الزواج إلى الكذب فتدعيه وهو لم يقع؛ وفى المطلقات العدة حق للمطلق فيستطيع أن ينكر عليهاء أو يظهر كذبهاء وهى تخشى صولته» فتبتعد ما أمكن عن المراء؛ أما فى حال الوفاة فصاحب الحق الأول قد مات وصار الحق لله خاصاء فحد ذلك الحق بالأشهر والأيام حتى لا يكون مساعًا للكذب وادعاء ما لم يحصل؛ لأن الآيام والأشهر تعرف بالكتاب والحساب» وليست أمر يعرف من جهتها فقط. أما الجواب عن الأمر الثانى وهو: لاذا كانت العدة بالوفاة أكثر فى الحملة من العدة الناشئة عن الطلاق؟ فيبدو بادى الرأى» من الفرق بين حال الطلاق وحال الوفاة» أن الطلاق نتيجة شقاق؛ فالحداد على الزوج الذى ينشئه ليس قويّاء ومعنى براءة الرحم وإعطاء الزوج فرصة للرجعة يكون أوضح فى معنى العدة» ويكفى لذلك نحو ثلاثة أشهر؛ أما حال الموت» فإن مرارة الفراق فيها أوضح وأشدء ومعنى الحداد يغلب فيها معنى براءة الرحم؛ ولذلك تجب على المدخول بها وغير المدخول بها؛ وإن الشارع قد جعلها لذلك أطول من عدة الطلاق؛ وإن الشارع الحكيم قد خفف من حدة ما كانت تعمله النسوة الجاهلية؛ فقد كانت المرأة فى الجاهلية تغلق على نفسها أضيق مكان فى مسكنها وتقضى فيه سئة كاملة؛ حدادا على زوجهاء فجاء الإسلام» وخفف عليها وجعلها أربعة أشهر وعشرً» ولنذكر لك ما كان فى الجاهلية وما كان فى الإسلام» كما روى فى صحاح السنة: - اا تفسير سورة البقرة اال 0 لأسب 1 فقد روى البخارى ومسلم عن زينب بنت أم مسلمة أنها قالت: «دخلت على أم حبيبة حين توفى أبو سفيان (أبوها) فدعت أم حبيبة بطيب فدهنت منه جارية» ثم مست بعارضيهاء ثم قالت: والله مالى بالطيب من حاجة غير أنى سمعت رسول الله يَكٍِ يقول على المنبر: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشر)”) سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله َلك فقالت: يارسول الله إن ابنتى توفى زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله يَلِْةِ: «لا» مرتين أو ثلانًا. ثم قال: «إنما هى أربعة أشهر وعشراء وقد كانت إحداكن فى الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول؟» قال الراوى'' قلت لزينب: ما ترمى بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: «كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها دخلت حفشا”) ولبست شر ثيابهاء ولم تمس طيبًا حتى تمر بها سنة؛ ثم تخرج فتعطى بعرة» فترمى بهاء ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره»!؟). وترى من هذا أن الإسلام قد ألغى تلك العادات الجاهلية» وقصر أمد الحداد على الوفاة» فجعله أربعة أشهر وعشرا بدل سنة. وقد يرد سؤال آخر: لماذا حد العدد بأربعة أشهر وعشر]؟ وإن تقدير الأعداد أولهما ‏ أن الأشهر الأربعة هى التى يظهر فيها الحمل ويستبين» وقد جعلت العشر بعدها للاحتياط» وتعرف أعراضه وظواهره؛ وذلك أنه لما وكل أمر براءة الرحم إلى مدة. لوحظ فيه المدة التى فيها يعرف ويستبين وتظهر أعراضه. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: الجنائز - إحداد المرأة على غير زوجها »)١١١١(‏ ومسلم: الطلاق - وجوب الإحداد فى عدة الزواج (39770) . (؟) الراوى هو حميد بن نافع» شيخ البخارى» من الطبقة الوسطى من التابعين» وكنيته أبو أفلح. (©) الحفش: المكان الضيق فى البيت. (4:) هذا الحديث متفق عليه» رواه البخارى: الطلاق: تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا »)157١(‏ ومسلم: وجوب الإحداد (59/70). ز إل تفسيرسورة البقرة و00 الللللللاال ااال الاك ١‏ يي" انيهما - أن مدة أربعة الأشهر هى المدة التى قررها الشارع أقصى مدة للحرمان من الرجال؛ ولذلك جعل الإيلاء مدته أربعة أشهرء بحيث إذا حلف الرجل ألا يقرب امرأته أربعة أشهرء ومضى فى يمينه وانتهت المدة طلقت منهء فكان من التنسيق بين الأحكام الشرعية أن تجعل مدة الإحداد على الزواج فى حدود هذه المدة» ومقاربة لها فى الجملة؛ وليس من المعقول أن يعاقب الشارع الرجل إذا أصر على هجر زوجه بالفراق إذا أصر عليه أربعة أشهرء وفى الوقت نفسه يلزمها بالحداد مدة أطول من ذلك» بل ينبغى أن تكون مدة الإحداد حول هذه المدة أيضا . فَإِذا بلغن أجلَهنَ فلا جتاح عليكم فيما فَعلْنَ في أنفسهن بالمعروف» بينت الجملة السامية السابقة مدة العدة للمتوفى عنهن أزواجهن» وفى هذه الجملة الكريمة يبين سبحانه وتعالى انتهاءها وما يترتب على الانتهاء؛ والمعنى: إذا انتهت المدة المقررة للتربص؛ فلا إثم على الناس فيما يفعلن فى أنفسهن من زينة واستعداد للزواج والزواج بالفعل؛ ونرى فى التعبير الفعل المباح منسوبًا لهن» ونفى الإثم عن الناس المنصلين بهؤلاء المتوفى عنهن أزواجهن؛ وفى ذلك دلالة على أمرين : أحدهما: أن المرأة تباح لها الزينة بالمعروف» أى بالأمر المعقول الذى تقره العقول» وتدركه الأفهام» وتعرفه أهل المدارك السليمة والأذواق الدقيقة المحكومة بشكائم الأخلاق؛ ويدخل فيما يفعلن بأنفسهن الزواج» فلها اختيار الزوج» وتولى العقدء بشرط أن يكون ذلك فى دائرة العرف والتقيد بالكفاءة» وألا تجلب عار على أسرتها وذويها. وثانيهما: أن نفى الإئم عن الجماعة فيما يفعلن بأنفسهن بالمعروف غير المستنكر» دليل على أن الجماعة الإسلامية متعاونة متازرة متماسكة بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء وأن على كل امرىء أن يصلح من شأن أخيهء ويقومه بالمعروف» ويبين له أوامر الشرع وحكم الله تعالى» ولا تذهب عنه هذه المسكولية حتى يكون عمل من يكون ذا صلة به فى دائرة الشرع والخلق القويم. إل تفسير سورة البقرة للا الل وقبل أن نترك الكلام فى عدة المتوفى عنها زوجهاء نشير إلى موضوع يتصل به» أو هو من لبه» وهو مقدار شمول هذا النص للمعتدات من وفاة: أيشمل الحامل وغير الحامل» أم يختص بغير الحامل فقط؟ لقد ورد فى عدة الحامل قوله تعالى: «وأولات الأحمال أَجَلِهن أن يضعن حملهن 00 40 [الطلاق] وورد فى عدة الوفاة هذه الآية الكريمة التى نتكلم فى معناهاء وهذان عمومان متعارضان» أو يبدو فى الظاهر أنهما متعارضان. وقد قال جمهور الفقهاء: إن آية عدة الوفاة التى نتكلم فيها خاصة بغير الحوامل؛ فعلة المتوفى عنها زوجها غير الحامل تكون بأربعة أشهر وعشراًء وعدة الحامل بوضع الحمل عملا بآية الحمل» فكانت آية الحمل شاملة لحال الطلاق وحال الوفاة؛ ويستدل على ذلك الرأى» بالحديث الشريف ؛ فإنه روى أبو داود عن النبى كك أنه أفتى سبيعة الأسلمية» بأنها حلت حين وضع حملهاء وكانت قد ولدت بعد موت زوجها بنصف شهر. هذا رأى جمهور الفقهاء» وذلك نظرهم؛ ولكن يروى عن على» وابن عباس رضى الله عنهما أن المعتدة الحامل من وفاة تعتد بوضع الحمل» بشرط ألا تقل العدة عن أربعة أشهر وعشر؛ أى أنها تعستد بأبعد الأجلين: وضع الحمل» أو مضى أربعة أشهر وعشر. وذلك الرأى إعمالا للآيتين الكريمتين وإمضاءً لعمومهماء وهو يتفق مع الحكمة من إطالة مدة العدة بالنسبة للمتوفى عنها زوجها؛ فإنه لا يتفق مع ذلك أن تنتهى العدة بوضع الحمل بعد ساعة من الوفاة. «( واللّه بما تعمَلُونَ حَبِيرَ 4 ذيّل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهذا التذييل؛ لبيان أنه سبحانه وتعالى عليم علّم الخبير الدقيق الذى لا تخفى عليه خافية» بما يعملون من تنفيذهم لأوامره» أو إهمالهم؛ وأن من سنته سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم أنه بعد كل أمر أو نهى يذكر رقابته سبحانه وتعالى فى التنفيذ» ليعلم من تفسيرسورة البقرة لولاا لووول يهمل ومن يطيع» ولكل جزاؤه؛ إن خصيراً فخيرء وإن شرا فشر؛ وإذا كان المكلف يحس بأنه تحت رقابة الله دائمًا فإنه يراقب الله فى عمله. ؤيكون منه الخير واجتناب الشر. فإ ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة التساء أو ْم في أنفْسكُم ) الخطبة من الخطاب» وهى مسخاطبة المرأة أو ذويها فى أمر زواجها؛ والتعريض ضد التصريح» وهو إفهام المراد لكلام يحتمل ما يريده المتكلم» ويحتمل غيره»ء وهو فى ظاهره غير ما يريد» ولكن يبدو من لحن القول وإشاراته والمقام ما يريده؛ وهو من عرض الشىء وهو جانبه» كأنه يحوم به حول الشىء وعلى جوانبه ولا يظهر مراده. والنساء المراد بهن فى الآية هن المتوفى عنهن أزواجهن فى أثناء العدة. والإكنان فى النفس أن يخفى إرادة الزواج والرغبة فيه مع الإصرار عليه» واعتزامه من غير إعلانه لأحد. ومعنى الجملة الكريمة: أنه لا إثم فى التعريض بخطبة المتوفى عنهن أزواجهن» كما أنه لا إثم فى الرغبة فى الزواج منهن مع إكنان ذلك وستره من غير كشف وإعلان؛ لأن الكشف والإعلان قد يؤذى الميت» وهو فوق ذلك لا يليق بأهل المروءة من الرجال. والتصريح بالخطبة لا يجوزء حتى لا يؤذى أهل الميت» وحتى لا يدفعها إلى الامتناع عن الحداد على زواجهاء فوق أن ذلك نقص فى الخلق. وفساد فى الذوق لا يصدر عن ذى إحساس كريم؛ فالتعريض فقط هو المباح فى الخطبة فى حال عدة الوفاة؛ وأساليب التعريض متباينة يبينها المقام؛ ومن ذلك ما يروى عن سكينة بنت حنظلة أنها قالت: «استأذن على محمد بن على زين العابدين فقال: قد عرفت قرابتى من رسول الله وَل وقرابتى من على» وموضعى فى العرب. . فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفرء إنك رجل يؤخذ عنك؛ تخطبنى فى عدتى!! قال إنما أخبرتك بقرابتى من رسول الله وَكأْةٌ ومن على» . 9 تفسير سورة البقرة: الاللللخ تالكا الات لالتلة!لللا!للاااااللللاا ةللا للاللالتلككا! الالال لطا انالا الالال لاوطط لاخلا لاخلا ممم خممممممممكسكسضطط_سطسضاققا وقد أخرج الدارقطنى أن رسول الله يََِْةٌ دخل على أم سلمة وهى متأيمة من أبى سلمة» فقال: «لقد علمت أنى رسول الله وخيرته وموضعى فى قومى). وكانت تلك خطبة0؟ , «إعلم الله أنَكم ستذ كروتن ولكن لأ تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا مُعروفا 4 فى هذه الجملة الكريمة يشير سبحانه وتعالى إلى طبائع النفس البشرية فيمنعها من الانسياق فيما يردى ويفسد. ويبيح لها ما لا ضرر فيه» وقد يكون فيه ما تطيب به نفوس» وتطمئن إليه قلوب. فالله سبحانه وتعالى علم أن العارفين لأخبار المتوفى عنها زوجها وأحوالها وحقيقتهاء من جمال أو نحوه» ومن حسن عشرة ولطف مودة» أنهم سيذكرونها فى نفوسهم ويقرنون الذكر بالرغب والاتجاه إلى طلبهاء وإعلان الرغبة والتحبب إليها وإمالة قلبها؛ ولقد علم الله سبحانه وتعالى حال التفوس هذه فأباح للناس ما تكون مغبته حسنة» ومنع غيره؛ فأباح إكنان الرغبة فى الأنفس وحديث النفس بهاء فإن حديث النفس ليس موضع مؤاخذة؛ وأباح التعريض بالخطبة» ونهى عن أمرين: أولهما: المواعدة السرية» سواء أكانت تلك المواعدة على الزواج أو غيره. وقد تكلم العلماء فى معنى كلمة «سرا» فقيل: إن معناها ما يكون بين الرجل وزوجه من متعة جسدية. وقيل: إن معناها عقد الزواج. وقيل إن سرآء معناها زنا. وروى أن ابن عباس وابن جبير والشعبى ومجاهد] وعكرمة والسدى» فسروا «سرا» بألا يأخذ عليها ميثاقا بألا تتزوج غيره فى استسرار وخفية. وإن الذى ميل إليه أن ٠سر»‏ وصف لمحذوف أى لا تواعدوهن وعد سريا بأى شكل من الأشكال» وفى أى موضوع من الموضوعات؛ لأن الإسرار يدفع إلى الخلوة فتكون الحال فى مكان النهى حيث قال النبى يَِةْ: «لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما"!'" والمعنى على هذا: لا تندفعوا وراء رغباتكم فتلتقوا بهن سرا )١(‏ ذكره بهذا اللفظ وهذا التخريج القرطبى فى تفسيره: سورة البقزة 78 وراجع الدارقطنى فى سئئنه "7 774.. (؟) جزء من حديث رواه أحمد: مسند العشّرة )١١9(‏ من حديث عمر بن الخطاب - رضى الله عنهء والترمذى بنحوه: الفتن - ما جاء فى لزوم الجماعة )7١91١(‏ عن ابن عمر رضى الله عنهما. 9 تفسيرسورة البقرة وتقولوا معهن ما تستحيون من قوله جهرا؛ إما لأنه قبيح لا يعلن» وإما لأنه فى غير وقته فيستنكر القول فيه فور الوفاة؛ وذلك فوق قبح الخلوة فى ذاتها. ولقد استثنى سبحانه استئناء منقطعا فى قوله تعالى: 9إلاً أن تَقولوا قَولاً مُعرُوًا 4 والمعنى لكن المباح لكم أن تقولوا قولا معروفا لا تستنكره العقول» وتقره الأخلاق» ولا يقبح إعلانه» بل يقال فى غير استسرار؛ وبهذا الاستثناء يحد الله سبحانه فرق ما بين الحلال والحرام فى هذا المقام؛ فالسرية ممنوعة أيا كان موضوعهاء لأ يكون معها من ملابسات محرمة» والقول المعروف الذى يكون بالتعريض» وإظهار المودة بشكل لا يؤدى إلى محرم» ولا تستهجنه العادات الفاضلة والأخلاق الكريمة» هذا حلال لا ريب فيه. وقبل أن نترك الكلام فى هذا الأمر المنهى عنه» نذكر تحقيقًا لفظيًا ذكره الزمخشرىء وهو مقام الكن» فى قوله تعالى: «ولكن لا تواعدوهن سر». مما قبلها؛ فقد قرر رحمه الله أن المعنى: علم الله أنكم ستذكرون النساء فاذكروهن» ولكن لا تواعدوهن سراء ويكون المؤدى اذكروهن ذكرً حسنا معروقًا معلئًا غير منكرء لا تمجه الأذواق» ولا تنبو عنه الأخلاق. الأمر الثانى الذى هو فى موضع النهى ما اشتمل عليه قوله تعالى: ولا تعزموا عقدة التكاح حتَئ يََلْعَ الكتّاب أجله4 العزم: القطع» وهو يتعدى بعلى» وبنفسهء فيقال: عزم الأمر وعزم غليه» وعقدة التكاح: الارتباط به. والكتاب: هو الأمر المكتوب المفروض» وهو هنا العدة. والأجل: هو انتهاء المدة المقررة للعدة والمعنى : لا تعقدوا العزم نهاتيًا فى أثناء العدة على أن تتموا الزواج بعدهاء بأن تقطعوا فى أمر الخطبة فتجعلوها تصريحا بدل أن تكون تعريضًا؛ فإن العزم القاطع لا يكون بالتعريض» بل يكون بالتصريح؛ لأن عبارة التعريض كيفما كانت يدخلها الاحتمال» فلا تنبئ عن القطع أو الجزم؛ وعلى ذلك يكون هذا الكلام السامى ذكرا لا فهم عند نفى الإثم عن التعريض من منع التصريح؛ وفوق ذلك فيه دلالة على منع العزم مطلقًا ولو بإصرار النية» وإكنان النفس؛ لأن العاقل لا يسوغ له أن يعزم اللو الل الملل مر > أ أمرا ولو فى نفسه قبل أن يجىء وقته؛ لأن المستقبل بيد الله ولا تدرى نفس ماذا تكسب غداء ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. « وَاعلَمُوا أن الله يعلّمِ ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الل فور حليم 4 فى هذا الكلام الكريم الحكيم تحذير وتقريب» وتخويف ورحمة؛ إذ بِيّن سبحانه أنه يعلم خلجات القلوب. وخطرات النفوسء وما تخفى الصدور وما يستكن فيهاء وما يعلن؛ وإن للنفس هواجس وخواطرء فإذا همت النفس أو جالت فيها أمور تستهجن ولا تستحسن» كأن يجول بخاطره ه أن يكلم المعتدة من وفاة ذ فى أمر منكر لا يسوغ فى الدين» ولا فى العرف» ولا فى الأخلاق» فليعلم أن الله عليه رقيب يعلم تلك الخواطر؛ فليحذره؛ لكيلا يبرزها إلى الوجودء فيندفع وراءهاء وإنه إذا قمعها وقدع نفسه عنهاء وجعلها فى محيط قلبه لا تخرج منهء فإن ذلك يكون فى عفو الله تعالى؛ ولذا قال سبحانه: ‏ واعلموا أَنّ الله مور حليم 4 يغفر الله فلا يأخذ العبد إلا بما يفعل ولا يأخذه بما يجول بخاطره» ولا بما تحدئه به نفسهء ومن هم بسيئة فلم يفعلها لم يكتب عليه شىء» تبارك الله سبحانه هو المنتقم الجبار العفو القدير» الغفور الرحيم. احا اح 06 1 2 0 الس باسني و 5 مالم تمسوهنأوْتمَرِضُوأ نيط تس 000 - ا عإالمحن: 2 0 قدرهدوعل المغت رهد ره.متعابا مروف حَمًا قر وو 2 ست سس سر حو .سه صر جور لوه وَإن طَلَفَسَمُوهنَّ نيل أكون ودف شر ًَ دج م اح عر ع اع غرس م ويه يضف ماض إلا أديدثورت اتتنقد 2 لي خسم - لَذِى يارو عَفدَة لياح و أن 7 تََهُوَ أو لِلتَّقُوَئد 20 0 2 سر وو له له تنو الْفَضْلَبنتَك َه شَهبِمَاحَمَلُونَ بصي 72 تفسيرسورة البقرة هه االللملللئتاااالل الالال : رب اد بين سبحانه آثار الفراق بين الزوجين بالطلاق أو الموت؛ فقد بين العدة» وهى فى معناها حق الزواج وحق الزوج وحق الولد؛ وقد ذكر بعد ذلك حق المرأة الخالص » وهو المهسر أو المتعة؛ وقد أمر الله سبحانه وتعالى بإيتاء المهر فى قوله تعالى: ١‏ وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ... > 4 [النساء] ووجوبه كاملا فى حال الطلاق بعد الدخول فى قوله تعالى: «وإن أردتم استبدال زوج مَكَانَ زوج واتيتم وفى هذه الآية يبين سبحانه المهر الواجب أو ما يقوم مقامه فى الصورة التى قد يتوهّم الناس أنه لا مهر فيهاء لأنه لم يفض أحدهما إلى صاحبه؛ إذ لم يحصل مساس بينهما؛ فقال تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة * الجناح معناه الوثمء ومعنى تمسوهن هنا أى لم تباشروهن ولم تدخلوا بهن 2 وهو كناية جميلة من كنايات القرآن الكريم التى هذبت الألفاظ العربية» وعلمت الناس الأدب والمس فى أصل معناه اللغوى: اللمس» فهو يطلق على كل ما يكون فيه إدراك بحاسة اللمس» ثم أطلق على سبيل الكناية على كل ما يكون فيه إصابة وزوجهء كما فى هذه الآية الكريمة» وكما فى قوله تعالى: «إيا أَيهَا الّذِين آمَنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ... +(53) #4 [الأحزاب]» وقوله تعالى : ١‏ أنئ يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ...7 (9 4 [آل عمران ]. « الذي يتخبّطه الشيطان من الْمْسَ ... 292 4 [البقرة]ء وقال تعالى: «/ مُستهم لبَأْسَاءء والضراء ... قن 4 [البقرة]ء وقال تعالى: 8 وإِذَا مس الإنسان الضرٌ دعانا لجنبه أو قَاعدا أو قائما .. . 17 4 [ يونس ]» وقال تعالى: 9 وَقَالُوا آن تَمَسّنَا الثار إل أيّاما مُعدودة . . . رج 4 [البقرة] . . وهكذا. #١‏ تفسير سورة البقرة ل 000 والفريضة معناها المهر المقدرء وأصل الفرض معناه التقدير؛ فمعنى لم تفرضوا لهن فريضة: لم تقدروا لهن تقديرا. ومعنى الآية الكريمة بعد ذلك التفسير اللفظى» أنه لا إثم على من يطلق قبل الدخول إذا لم يكن ثمة فريضة مقدرة. ونفى الجناح أو الإثم عن الطلاق قبل المسيس لا عن مطلق طلاق؛ ولقد فهم بعض العلماء أن نفى الإثم هو عن مجرد الطلاق» لا عن الطلاق المقيد» واستنبط من هذا أن الطلاق مباح فى ذاته من غير نظر إلى دواعيه؛ وذلك النظر لا نحسب أنه الصواب» لسببين: أحدهما: أن الطلاق أبغض الحلال إلى الله(١؟»‏ وأن الله ما أحل شيئًا أبغضه كالطلاق”"2. فلا يمكن أن يكون الأصل فيه الحل من غير نظر إلى دواعيه وبواعثه؛ لأنه شرع للحاجة النفسية إليه» وذلك إذا تعذر قيام المودة فى الحياة الزوجية؛ ولذا قال سبحانه بعد محاولة الإصلاح بين الزوجين بكل الطرق وتعذر الإصلاح: 9 وإن ثانيهما: إن من المقررات اللغوية أن أداة النفى إذا دخلت على شىء مقيد .بوصف أو حال» فإن النفى لا يكون منصبا عليه مقيد بذلك القيدء ويكون القيد هو موضع النفىء لا أصل الشىء فى ذاته؛ وكذلك هنا؛ فالنفى منصب على الطلاق المقيد بأنه قبل الدخول وقبل فرض فريضة» أو بالأحرى هو منصب على الطلاق قبل المسيس» سواء أكان ثمة فريضة أم لم تكن» ولكنه فى حال الفرض للمهر قدر مخصوص» وفى حال عدم الفرض للمرأة حق آخر معلوم. 0 رواه أبو داود: الطلاق - فى كراهية الطلاق »)١877(‏ وابن ماجه: الطلاق - باب حدثنا سويد بن سعيد 0١80‏ 6). (0) عَنَ مُحَارب قَالَ: قَالَ رسول الله يكهِ: «مَا أحَل اللّهُ شيمًا أبْمَض إِلَيْه من الطّلاق». [رواه: أبو داود الطلاق - كراهية الطلاق (1877)] وهو حديث مرسل؛ ومحارب بن يسار السدوسى من الطبقة دون الوسطى من التابعين» وكنيته أبو مطرف» أقام بالكوفة وتوفى بها 5١١ه.‏ . 8 تفسيرسورة البقرة وننتهى من ذلك إلى أن موضوع الآية الكريمة هو حق المرأة فى حال الطلاق قبل الدخول» سواء أكان ثمة فرض أم لم يكن فرض؛ وإذا كان ثمة نفى للإثم فهو عن الطلاق فى هذه الحال» وإن نفى الإثم عن الطلاق فى هذه الحال؛ لا يقتضى نفى الإثم فى غيرهاء وإن الفرق بين الحالين واضح؛ فإن الفرقة قبل الدخول يكون الضرر الواقع فيها على المرأة أقل» ولم يستوف فيها شىء من أحكام الزواج» ولم توثق الصلة فيها بأولاد» وإقامة بيت» يتهدم بالطلاق؛ أما الطلاق بعد الدخول» فإن جل أو كل أحكام الزواج فيها تكون قد استوفيت» والضرر فيها أشد» وقد يتعدى الضرر إلى ثمرات الزواج؛ فنفى الإثم فى ال حال الأقل ضرراء أو التى لا ضرر فيها لا يستلزم نفى الإثم فى الحال الأشد ضررا . وقد يقول قائل: إن الطلاق قبل المسيس قد يسيىء إلى سمعة المرأة» ويقول الناس إنه ما طلقها إلا من شىء» وقد يكون اختياره لها مفونًا لزوج كفء ربما لا يمكن تداركه» وذلك حق فى بعض الأحوال. ويجاب عنه بأن حسن سمعة الأسرة التى تنتمى إليها الزوجة» وكرم محتدها قد يرد كل إيهام أو اتهام وإن ما يعروها من ألم بسبب ذلك الفراق المعجل يخففه التمتيع» وهو إعطاء المتعة؛ وفوق كل هذا إن الاختلاف الذى أذى إلى الافتراق قبل الدخول يدل على أن الاختيار فى الزواج لم يكن موفقاء فكان إنهاؤه قبل الدخول من المصلحة الحقيقية للزوج» ويهون بجواره كل ألم فى سبيل تلك المصلحة؛ لأنه يكون الأمر بعد ذلك عيشة كلها مضارة؛» أو افتراق فى غير الوقت المناسب» وإذا كانت المرأة قد تأللت فالرجل قد أصابه غرم مالى. «وَمَعُوهن على الموسع قَدرهُ وَعَلَى المقتر قَدَرهُ منَاعا بالمعروف حقًا على المحسنين 4 هذا بيان لما تعوض به المرأة إذا حصلت فرقة قبل الدخول وقبل أن يقدر لها شىء من المهر؛ فذكر الله سبحانه أن الواجب هو المتعة؛ ولذا قال سبحانه: « وَمتَعوه4. والمعنى أعطوهن متعة ينتفعن بها ويكون فيها تسرية عن أنفسهن» وبعض التعويض عما نالهن» وما فاتهن فى هذا الزواج» فتطيب نفوسهن. والتمتيع ب تفسير سورة البقرة "اس 6 لأسب أ مأخوذ من المتاع» وأصل المتاع الامتداد فى الارتفاع. يقال متع النهار إذا ارتفع؛ ثم انتقل إلى الانتفاع الممتدء ثم إلى الشىء المنتفع به انتفاعا ممتدًا يعلو به الشخص فى الحياة الدنياء» ثم أطلق على كل ما ينتفع به؟ ومله المتعة فى الزواج» وهو ما يعطى للمطلقة لتنتفع به مدة عدتها؛ ويلاحظ أن يكون الانتفاع مما يمتد زمنّاء ومما يعلو به الشخص؛ ولذا عرفها الشافعى بأنها: شىء نفيس يعطيه المطلق للمرأة لتنتفع به أمد] . وقد جعل الله سبحانه المتعة تابعة لحال الرجل» فقال: «إعلَى الموسع قدره وعلى المقتر قَدره متاعا بالمغروف 4 . اموسع : القادر المطيق للإنفاق عن سعة» فهو ذو السعة أى القدرة الكبيرة» كما قال تعالى فى الإنفاق: «( لينفق ذو سعة من سعته ومن قُدر عليه زه فليفق مما آناه اللّه .... 77> » [الطلاق] والمقتر هو من كان قليل المال» مأخوذ من أقتر الرجل بمعنى قل ماله؛ والقدر: الطاقة» أو المقدار؛ والمعنى؛ على الموسع قدر طاقته» وعلى المقل قدر طاقته؛ وقرىء #قَدَره4»: وهما بمعنى واحد. وبعض العلماء يفرق بينهما فيجعل «القدّر» بالتحريك المقدارء و«القدر» بالتسكين الطاقة» والمؤدى واحد بلا ريب؛ إذ المراد والله أعلم: أن ذلك المال الكثير يكون عطاؤه متناسبا مع ما آتاه الله من بسطة فى الرزق؛ وذو المال القليل يكون عطاؤه بقدر طاقته. ولكن مع هذه الرخصة التى أعطيت للمقتر يجب أن يكون ما يعطيه مقدارا يكون الانتفاع به ممتدا زمنا؛ ولذا قال سبحانه: متاعا بالمعروف 4 أى يكون شيئًا ينتفع به انتفاعا ممتدا فى الزمان بالقدر المتعارف بين الناس. الذى لا يستنكره عرفهم. ولا الطبقة التى يكون فيها الزوجان بين الناس. والناس أصناف وألوان» وكل بقدر ما يتعارفه. ولقد أكد سبحانه وتعالى الطلب فى قوله: #ومتعوهن» أكده بصيغة تفيد أن التمتيع لازم لا مساغ من التخلص من لزومهء فقال سبحانه عز من قائل: حَقَا مه على المحسنين 4. أى أن التمستيع هو حق أى أمر ثابت لازم واجب على المحسنين ها تفسيرسورة البقرة ملالا ا الذين يتحرون الإحسان إلى معاشريهم ومخالطيهم والمتصلين بهم؛ فالتعبير بالمحسنين؛ للؤشارة إلى أن ذلك الواجب هو من قبيل الإحسان فى المودة» والإشعار بالقربى فى وقت الانفصال» ومنع الغضاضة والألم» وتطييب القلوب؛ وذلك لا ينافى الوجوب واللزوم . ولقد قال بعض العلماء: إن التعبير بالمحسنين يدل على أن المتعة غير واجبة» وذلك لاعتقاده أن الإحسان تبرع غير واجبء. وكان ذلك حقا على المحسنين الذين يلزمون أنفسهم بما لا يلتزم به الناس. ولكن الظاهر غير ذلك القول؛ لأن الإحسان لا ينافى الوجوب الذى دل عليه الأمر في قوله تعالى: ا وَصعُوضَ» وتأكد ذلك الأمر بقوله: «حَقَا على الْمُحَسنينَ4؛ لأن الإحسان فى ذاته: الإجادة والإتقان وتحرى الحق وأداؤه على الوجه الأكمل» وذلك يتلاقى مع معنى الوجوب؛ وقد ورد الإحسان فى القرآن فى معنى الواجب فقد قال تعالى عن نفوس الكافرين يوم القيامة: #إ أو تقول حين ترى الْعَدَاب لَوْ أن لي كر فَأَكُونَ من الْمُحَسنِينَ 27> 4 [الزمر] أى يكون ممن يؤدون الواجبات كلها فيكون من المحسنين» وذلك لا يتصور فيه معنى التبرعء بل وفوق ذلك فإن قوله تعالى: «إعَلَى الموسع قَدرِهُ وعَلَى المقتر قدره4» يؤكد معنى الوجوب؛ إذ فيه التعبير بعلى التى تفيد اللزوم؛ وفيه أن المقل والمكثر عليهما أداء بطاقتهما؛ ولو كانت المتعة تبرعا لأعفى منه المقل» واستحسنت من المكثر . ظ ومع أن المتعة واجبة إذا لم يكن ثمة مهر مسمى فى العقدء ولم يكن دخول؛ فإن الشارع قد ترك تقديرها إلى نظر المطلق» وتقديره وطاقته» ولم يكن لها حد معلوم؛ وقد قدرها الحنفية بكسوة كاملة للمرأة وهى لباس الخروج» فإن المرأة تلبس عادة عند خروجها أكمل ثيابهاء وتركوا نوع الشياب إلى طاقة الرجل وتقديره» واشترطوا ألا تقل عن خمسة دراهمء وهى نصف الحد الآدنى للمهر عندهم» وإذا اختلف الرجل والمرأة فى“تقديرهاء كان الحكم فى ترجيح قول أحدهما على الآخر نصف مهر مشلها؛ فإن كان أقل نما ادعى الزوج كان القول قولهء وإن كان أكثر مما تدعى الزوجة كان القول قولها. هاا تفسير سسورة البقرة 00 والمتعة عند الشافعى شئ نفيس يقامه المطلق لمن طلقها قبل الدخول» ويكون فى طاقته للا وأحمد بن حنبل يتبع ما روى عن ابن عباس من أنه يرى أن المتعة تكون على حسب حال الرجل من يسار وإعسار؛ ونوعها يختلف باختلاف اليسر والعسر؛ وقد قال ابن عباس: أرفع الممنعة الخادم (أى عبد أو أمة يعطيها أياها) وأوسط المنعة الكسوة» وأدناها النفقة. وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال:. متعة الطلاق أعلاها الخادم» ودون ذلك الورق (أى الدراهم تعطاها) ودون ذلك الكسوة. وقد كان الصحابة رضوان الله تبارك وتعالى عليهم والتابعون من بعدهم يبالغون فى العطاء على قدر طاقتهم ليقوموا بالتسريح بإحسان» وتطيب نفس مطلقاتهم؛ حتى إن الحسن بن على رضى الله عنهما قد متع امرأة طلقها بعشرة آلاف درهم» فقالت المرأة : متاع قليل من حبيب مفارق. « وإن طلقمو من قَبلِ أن تمسوهن وقد فرضتم لَهِنَ فريضة قنصف ما فرضتم 4 بين سبحانه فى الآية السابقة» ما يجب عند الطلاق قبل الدخصول إن لم يكن قد سمَّى مهر وقت العقد» وفى هذه الآية يبين المطلوب إذا سَمّى مهرء وكان الطلاق قبل الدخول أيضاء وقد قدم حكم الحال الأولى؛ لأن عدم ذكر المهر مظنة ألا تعطى شيئا إذا كان الطلاق قبل الدخول» فسيقت الآية الكريمة ببيان هذا الوجوب ليزول من الأفهام ما يسبق إليها. وقد بِيّنا معنى الفرض فيما سبق؛ ومعنى الآية الكريمة: إن طلق أحدكم المرأة وقد قدر لها مهرً وقت العقدء فالواجب عليه هو نصف المهر الذى تراضيا عليه وقت العقد. وقد صرحت الآية بوجوب النصف» ولم تصرح بوجوب دفعه؛ لأنه )١(‏ قال المصنف - رحمه الله تعالى - فى الهامش: جرى خلاف فى الفقه الحنفى: أينظر فى المتعة إلى حال الرجل؛ أم إلى حال المرأقء أم إلى حاليهما؟ قال بعضهم: ينظرْ إلى حال الرجل» وهو صريح الآية 8 .. عَلَى الموسع قَدرْهِ وعلَى المقتر قَدره ... +23 4 [البقرة]. وذلك هو الراجح» وقال بعضهم: ينظر إلى حالها؛ لأنها بدل نصف مهر المثل» وهو يقدر على حسب حال المرأة. وقال بعضهم: إنه يقدر على حسب حالهماء لقوله تعالى: #متاعا بالمعروف* والمعروف هو الذى ينظر فيه إلى حالهما. 0 تفسير سورة البقسرة عسى أن يكون قد قدم لها المهر كله أو بعضهء بل إن ظاهر الحال أنه يكون قد قدم المهر كله أو نصفهء أو أكثر منه؛ فكان التعبير بالوجوب ليبين حت المطلق فى استرداد ما دفعه أكثر من النصف» وليشمل وجوب الأداء ومققداره إن لم يكن قد أدى شينًا أو أدى أقل من النصف . إلا أن يعفون أو يعمو الذي بيده عقَدةٌ التكاح 4 هذا استثناء من الوجوب الذى قدره الله سبحانه وتعالى بالنصف» وهذا الاستثناء يبين الله سبحانه وتعالى فيه أن وجوب المهر إنما هو لحق العاقدين» وأن العفو عنه بابه متسع لمن يريد أن يصل إلى رحابه الفسيح» والعفو معناه: الإبراء والتنزل عن المطالبة سماحا؛ فإن كان الزوج أدى المهر كله فقد فتح له الشارع باب العفو بأن يترك لها حقه مبالغة فى مرضاتهاء وقد أرمض نفسها('' بالطلاق؛ وإن كان الزوج لم يقدم لها مهراء وحدث الطلاق برغبة منها فإنه يحسن العفو منها وترك المطالبة» حتى لا تصيبه الخسارة فى عقد لم ينل منه مأربا؟ وقد يكون مظهر العفو بالعطاء بأن يقدم الرجل كل صداقها إن لم يكن قد أعطاها شينًا منه» وفى الجملة إن العفو مستحسن من كل منهما فى موضعهء فيستحسن منها إن كانت راغبة فى الطلاق غير راضية بالبقاء» ويحسن منه إن كان الطلاق بغير طلبها. وقوله «إإلاً أن يعفون» معناه: إلا أن يعفو النساء عن صداقهنء أو عن حقهن» فالنون هنا نون النسوة» ووزن يعفون يفعلن. ومعنى قوله تعالى: أو يعو الّذي بيده عقدة التكاح 4 أى يعفو الزوج الذى بيده عقدة النكاح؛ فيستطيع فكها بالطلاق إن شاء» وإبقاءها إن شاء. وقيل: إن المراد به الولى الذى عقد الزواج؛ وذلك لأن الولى على مقتضى مذهب جمهور الفقهاء هو الذى تولى عقد الزواج» فهو الذى بيده عقدته. وإن الذى نختاره هو أن المراد الزوج لا الولى؛ وذلك لأمور ثلاثة: )١(‏ الرَمّض: شدة الحر. والإرماض كل ما أوجع. يقال: أَرمُضنى أى أوجعنى . وارتّمَضْ الرجل من كذا أى اشتدّ عليه وأَقلّقه . [لسان العر ب - باب الذال - رمض]. لل ل تفسير سورة البقرة ايل أولها: إن العقدة ليس معناها العقد؛ لأن العقد هو الربط الذى يتم به الاتفاق بين الرجل والمرأة ويكون به التكاحء وهو الزواج؛ أما العقدة» فهى الرابطة التي تكون بعد العقد أو الأثر الذى ينتجه العقد. ولا شك أن العقدة بهذا المعنى يملكها الزوج» ولا يملكها الولى. ثانيها: إن مقتضى الآية أن من بيده عقدة النكاح أى الزواج يستطيع أن يعفو عن مقدار من المهر؛ ومن المقررات الفقهية أن الولى على النفس ليس له أن يسقط حمًا ماليّاء خصوصا إذا كان فى وقت الطلاق. ثالثها: إن العفو من جانب النساء يثبت بقوله: #يُعفون» والعفو مستحسن من الرجل» كما هو مستحسن من المرأة» وكل له موضع» فإذا ذكر الله سبحانه عفوهن» فمقتضى السياق أن يذكر عفو الرجل» ولو فسر قوله: بيده عقدة التكاح» بولى الزوجة لكان معنى هذا أن العفو هو المستحسن من النساء دائماء مع أن الله يقول مخاطبا الجميع: «إ وأن تَعفُوا أرب للتقُوئ » . والتعبير بقوله تعالى عن الزوج بأنه بيده عقدة التكاح يشير إلى أن الزوج هو الذى يملك فك الزواج بالطلاق» فكان العفو من جانبه أحق وألزم . « ون تَعَفوا أَقْرب للتقوئ ولا ترا الْفَضل بتكم 4 فى هذه الجملة الكريمة إشارة إلى وجوب التسامح والتعاطف فى وقت ذلك الافتراق القاطع» وإلى أنه تجب الرحمة فى وقت الانفصال؛ ولذلك صرح سبحانه بأن العفو: أى ترك بعض الحقوق فى ذلك الوقت» أقرب لتقوى الله سبحانهء وأدنى إلى رضاهء لكى يكون الافتراق بمفردهء ولا تكون مشاحة تدفع إلى المشادة» ثم إلى اللخنصومات التى تورث العداوات» وتستمر الأحقاد بين الأسرتين» وتكون الإحن ومن ورائها المحن. ولقد ذكر سبحانه أهل الفضل بفضلهم فقال: « ولا تَسوا الفضل بينكم 4 أى لا يذهب بكم الغضب والمكايدة إلى درجة لا تتذكرون فيها ما يكون عندكم من شمم وإباء» وإرادة للتفضل والعطاء. ا تفسيرسورة البقرة لل الل 010 والفضل فى أصل معناه: الزيادة فى كل شىء» وأكثر ما يكون فى الزيادة فى الأشياء المحمودة؛ ولذا صار يطلق بمعنى العلوء فيقال: فضل هذا على ذاك كذا. ومنه الفضيلة؛ لا فيها من خير زائد» ولا فيها من علو نفسى وكمال وسمو. فالله سبحانه وتعالى» حين ذكّر المطلقين بالفضل الذى أنساهم إياه الغضب» صرفهم إلى الاتجاه إلى الكمال» والتعالى عن سفساف المشاحنات والمنازعات؛ ليكونوا هم الأعلين دائما. ولقد كان أصحاب النبى يَلِْةٌ يتجهون ذلك الاتجاه السامى؛ فيروى أن بعض الصحابة تزوج امرأة» وطلقها قبل أن يدخل بهاء فأعطاها الصداق كاملاء فقيل له فى ذلك» فقال: أنا أحق بالعفو منها. ويروى أن جبير بن مطعم تزوج ابئة سعد بن أبى وقاصء ثم طلقها قبل الدخول وبعث لها المهر كاملا؛ فقيل له: لم تزوجتها؟ فقال: عرضها على فكرهت ردهء قيل: فلم بعثت بالصداق؟ فقال: وأين الفضل؟ . ولقد ذيّل الله سبحانه وتعالى أوامره الحاسمة» وإرشاده الحكيم بقوله عز من قائل: إن الله بما تَعملُونَ بصير» للإشارة إلى أنه مطلع على حركات الجوارح» وخلجات النفوسء ونيات القلوب» وما تخفى الصدور؛ فليعلموا ذلك» فإن العلم به يربى فيهم المهابة منه سبحانه وتعالى؛ إذ يشعرون برقابته» فيكفكفون20 من غضبهم ويتهنهو ”© إلى نسيان المعروف» وتجاهل الفضل؛ فلا يسرّحوا بإحسان بعد أن فات الإمساك بمعروف. وقبل أن ننهى الكلام فى معانى هذا النص الكريم لابد من الإشارة إلى أمرين: () الكتكفة: كنك الشىء؛ أى ردك الشىء عن الشىى. و كفكَقْت دمع العين. [لسان العرب - الكاف - كفف] . () النَهتَهَةُ: الكفا. تقول: تَهُتَهْتَْ فلانا إذا زجرته فََنَهنَهَ أى كففته كفً. [ لسان العرب - باب النون - نهنه]. تفسير سورة البقرة الل للفلل للك مر لحب أ أولهما: اذا كان المهر فى الزواج من جانب الزوج؟ والثانى: ولماذا وجب النصف أو ما فى معناهء وهو المتعة إن حصل الطلاق قبل الدخول ؟ والجواب عن السؤال الأول: أن المهر شرع فى الزواج على أنه ثمرة من ثمرات العقد» وأثر من آثاره» وليس ركنا من أركانه» وليس شرطا من شروطه. فليس هو كالثمن فى البيع كما فهم بعض الذين لا يفقهون المعانى الشرعية على وجهها؛ وشرعيته على أنه هدية واجبة من الرجل لزوجته؛ لأن المرأة إذ تنتقل من بيت أبيها إلى بيت زوجهاء تستقبل حياة جديدة» وهى تحتاج فى سبيلها إلى ثياب» وزينة وعطر وغيرها بالقدر الذى يليق بحالهاء فكان من اللازم أن يقوم لها الزوج ببعض ما يعينها على ذلك؛ ولذا أوجب الله لها المهرء وأوجب العرف أن يقدم بعضه على الزفاف إليه. وقد جرى عرف الناس على أن المرأة هى التى تعد أثاث البيت» وما يحتاج إليه من فراش» فكان من الواجب أن يعينها الزوج على ذلك ببعض المال يقدمه. فكان هو المهرء أو بعبارة أدق معجلة. وإن تقديم المهر من جانب الرجل هو النظام الفطرى؛ لآن الرجل هو الكادح العامل الكاسب للمال. وقد حالفت أوربا ذلك النظام الفطرى» فجعلت المرأة تقدم مالا؛ هى» فكانت الفتاة تسعى إليه» فتتعثر فطرتهاء وتنحرف عن الفضيلة» وتقع فى حمأة الرذيلة قبل أن تصل إلى المال الذى تعده لخطيبهاء فكان ذلك جزاء كل جماعة خالفت فطرة الله التى فطر الناس عليها. هذا هو الجواب عن السؤال الأول. أما الجواب عن السؤال الثانى» وهو يتعلق بالسبب فى وجوب النصف بدل الجميع عند الطلاق قبل الدخول؛ فنقول: إن إعطاء نصف المهر أو المتعة من قبيل التسريح بإحسان كما أشرنا من قبل؛ وقد قال تعالى: « وَسَرَحوهن سراحا جميلاً 4532 [الأحزاب] وإن التفرقة قبل الدخول تجرح إن تفسيرسورة البقرة لاا ل 0 إحساس المرأة إن لم تكن بطلبهاء فأوجب سبحانه نصف المهرء ثم حث الرجل على إعطائها النصف الثانى فضلا وسماحا. وذلك شرع الله. وهديه الحكيم » وإرشاده السامى؛ والله سبحاته وتعالى ولى لايم 0م 72 جر ى راس ص آذه ره يل ممو يا م حلفظوا عل الصَلُوات وَالصَلوةَ الْوسطن وقوموا إن -ه > حم لاء ‏ <درو.ى بعرت 6م 2ل كار اسه و فَلبِيِينَ 5 وَإنْجِفسم وجا لا أو ركْبانا قدا أمنم” َأَذْكرُو لله كمَاعَلَمَحكُم مالم تكو نوسليو © توسطت الآيات التى تبين أحكام الأسرة» وعلاقات الزوجين عند الافتراق بالطلاق» أو عند التفريق بينهما بالموت ‏ آيتان كريمتان تدعوان إلى الصلاة والمحافظة عليهاء والإتيان بها على وجهها الكامل: من قنوت لله» وخضوع له» وخحشوع وابتهال وضراعة؛ ولذلك التوسط مغزاه ومرماه؛ ذلك بأن الله سبحانه وتعالى دعا إلى العفو والتسامح» وعدم نسيان الفضل عند الافتراق» ومنع المشاحنة والمنازعة حيث تتوقعان؛ ولقد بين سبحانه بعد ذلك ما يربى فى النفس نزوع التسامح» والبعد عن التجافى وهو ذكر الله سبحانه وتعالى» والإحساس بالخضوع له والانصراف إليه؛ ومحبته وطلب رضاه؛ فإن من يحب الله ورضوانه يحب الناس ولا ينازعهم؛ لأن الله سبحانه رب الناس وخالق الناس» وهو القاهر فوق عباده والقادر على كل شىء» والمحبة فى الله والبغض فى الله ركن الإيمان» ولا يكون ذلك كله إلا بالقيام بالصلاة وأدائها على وجهها؛ ولذا قال تعالى: إن الصّلاة تَنهئ عن القحشاء والمدكر ولذكر الله أكبرَ . . . 27 > [العدكبوت]. وإن أداء الصلاة على وجهها والقيام بحقها ليس أمرا صغيراء بل إنه أمر كبير خطير» له نتائجه العليا فى الاتجاه بالنفس الإنسانية نحو السمو والتعالى عن متنازع الأهواء فى هذه الحياة؛ ولذلك قال تعالى فى الاستعانة على التغلب على الأهواء فى حياتنا الدنيا: واستعينوا بالصبرٍ والصّلاة وإنها لكَبِيرة إلا على الْحَاسْعينَ (22) > [ البقرة] . ل تفسير سورة البقرة ل مالل وقد يقول قائل: أفما كان الأولى أن تذكر آيات الصلاة بعد بيان أحكام الأسرة كلها؟ ونقول فى الجواب عن ذلك: إن الحق الذى لا ريب فيه هو فيما سلكه كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهء وإن كتاب الله ليس مؤلمًا ينهج مناهج التأليف من حيث التبويب والتقسيمء بل إن كتاب الله تعالى كتاب عظة واعتبار» وبيان شرع» وإرشادء ولترتيب منهاجه وحده. ولا يضارعه كتاب فيهء فهو يتتبع فى ترتيبه تداعى المعانى فى النفس» وتواردها على الفكر. ويأتى بالحكم حيث تتطلع النفوس إليه» فيملؤها ببيانه الرائع» وحكمه الخالد. ولا شك أن العقل البشرى يتطلع ويستفهم كيف يمكن تذكر الفضل فى وقت تلك الفرقة التى فى أغلب أحوالها تكون نتيجة للبغض الشديد» وكيف يكون التسامح والعفو فى موطن تحكم البغض؛ فأجاب الله سبحانه داعية العقل» وتطلع الفكرء بأن الصلاة على وجهها حيث يخاطب العبد ربه» وينصرف إليه خاشعا ضارعا محسا بعظمته وتجليه» ومتجها إليه سبحانه فى علو سلطانه؛ إن ذلك كله هو الذى يعلو بالنفس عن شهواتهاء ويصعد بها فى سموها؛ تعالت كلمات الله العلى القدير» وتسامت حكمة العليم الخبير. حافظوا على الصّلوات والصّلاة الْوْسَطَى 4 الصلوات جمع صلاة» والصلاة لها . معنى إسلامى» وهى تلك الهيئة المعروفة» ومعنى آخر وهو الدعاء والتسبيح؛ والمراد هنا المعنى الإسلامى» وهذا أمر صريح بالمحافظة على الصلاة؛ وحفظ الصلاة معناه: المداومة عليهاء والاستمرار على أدائهاء وعدم التهاون فى ركن من أركانها فالمحافظة على الصلاة تقتضى لا محالة أمرين: أولهما: أداؤها باستمرار فى أوقاتها من غير تخلف ولا تفريط. وهذا هو الحد الأدنى من المحافظة . وثانيهما: هو الإتيان بها كاملة الأركان مستوفية للشروط» تشترك فيها النفس مع حركات الجسم» ويشترك فيها القلب مع حركات الجوارح وما ينطق به اللسان؛ فإن قال فى صلاته: (الله أكبر) أحس بجلال الألوهية» وعظم الربوبية» وأخلص ها تفسيرسورة البقرة ممالل ااال 1 قلبه للعبودية؛ وإذا قال: (الحمد لله رب العالمين) استشعر معانى الشكر والثناء على ذات الله العلية بما هو فى طاقة العبد الأرضية؛ وهكذا فى كل ما ينطق به» وفى كل ما يعمل من ركوع وسجودهء حتى إنه لا ينتهى من صلاته إلا وقد صار كله لله وامتلأت نفسه بهيبته» وقلبه بعظمته» وعقله بنوره؛ وبذلك يتحقق المعنى السامى فى الصلاة» وهو نهيها عن الفحشاء والمتكرات» والتسامى بصاحبها عن متنازع الأهواء . وهنا بعض الإشارات اللفظية التى لابد من التصدى لها بإجمال؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى عبر عن إقامة الصلاة المطلوبة بالمحافظة عليها فلم عدل عن التعبير بإقامة الصلاة إلى التعبير بالمحافظة؟ ولماذا قال سبحانه وتعالى: فإ حافظوا على الصلّوات 4 ولم يقل: احفظوا الصلوات؟ 1 والجواب عن السؤال الأول: أن المحافظة أو الحفظ تتضمن مع الأداء والإقامة معنى الصيانة والحياطة» فهى فوق ما تدل عليه من طلب الإقامة على وجههاء تدل على أن الصلاة فى ذاتها شئ نفيس عزيز تجب حياطته وصيانته» وأن من نال فضل الصلاة فقد نال أمرا عظيمًا وخطيراء وقيّما فى ذات نفسه. وأما الجواب عن السؤال الثانى: وهو التعبير بالمحافظة بدل الحفظ ‏ فهو: أن التعبير بالمحافظة يدل على المداومة» والاستمرار؛ ولأن الأصل فيه أنه يكون للأفعال التى تكون من جانبين مشتركين» لأنه من مادة المفاعلة التى تدل على المشاركة» وقد تتضمن المنازعة أو المقابلة؛ والمداومة على الصلاة فيها هذا المعنى الجليل» وقد وضحه الراغب الأصفهانى بقوله فى المفردات: (إنهم يحفظون الصلاة بمراعاتها فى أوقاتها ومراعاة أركانها والقيام بها فى غاية ما يكون من الطوق» وإن الصلاة تحفظهم الحفظ الذى نبه الله سبحانه وتعالى عليه فى قوله: إن الصّلاة تنهئ عن الفحشاء والمدكر .. . 4527 4 [العدكبوت] فالمشاركة فى الحفظ بين الصلاة وبين من يؤديها: يحفظها هو بأدائها على الوجه الأكمل وتحفظه هى نفسه بإبعاده عن السوء). ا تفسير سورة البقرة ار م لج جر يي وقد قيل إن المحافظة بين العبد والرب؛ العبد يحفظ الصلاة ويصونها ويؤديها على وجههاء والرب يحفظه يحفظه ظه ويصونه عن المعاصى» وهذا فى معنى الأول أو قريب منه . توسوس به النفس فى الطاعات؛ فصيغة المحافظة ليست للدلالة على المشاركة فى الحفظط, بل تدل على المغالبة فى سبيله » كالمصايرة؛ وذلك لأن من يديم الصلاة مقيمًا لها على وجهها تقاومه نوازع النفس الأمارة بالسوءء وإن ذلك يقتضى مغالبة نفسية» فكان التعبير بالمحافظة دالا على ذلك أو مشيراً إليه. وإلى هذا المعنق أشار الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده فيما رواه عنه السيد رشيد رضا من تفسير. ولقد قال سبحانه بعد الأمر بالمحافظة على الصلوات عامة: # والصلاة الْوْسَْطَى» فما هى الصلاة الوسطى التى خصها الله سبحانه بالذكرء أهى واحدة من أحدهما: اتجاه الجمهور وهو أن الصلاة الوسطى واحدة من الخمس الصلوات المفروضة وإن اختلفوا فى تعيينها؛ وكثرتهم على أنها صلاة العصر؛ لوصف التبى ككدِ الصلاة العصر بأنها الوسطى217؛ ولأنها تقع فى وسط الصلوات المخمس؛ فقبلها اثتتان وبعدها اثنتان؛ ولأنها وسط بين صلاتى النهار وصلاتى الليل» فمعنى التوسط فيها واضح؛ وخصت بالمحافظة عليهاء لأنها مظنة التفريط» إذ تجئ بعد القيلولة؛ فيكون كسل» فخصت بالذكر لهذا المعنى لا لأنها أفضل من غيرهاء فجميعها قربات تزكى التفن وتطهر القلب. الْمَصْرء مَلذ الله وت و ن» شه لاما بن المشامينء 5 الْمَغْرب وَالْعشاء . [ رواه مسلم: المساجد ومواضع الصلاة - الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هى صلاة العصر (2))955 والبخارى: الجهاد والسير - الدعاء على المشركين (70/15)]. 9 ا تفسيرسورة البقرة والاتجاه الثانى: وليس عليه الجمهور من التابعين ‏ أن المراد بالصلاة الوسطى الصلاة كلهاء والوسطى ليس معناها المنوسطة» بل الوسطى معناها الفضلى؛ وذلك لأن الوسطى مؤنث أوسطء والأوسط فى أكثر استعمال القرآن الأمثل والأفضل؛ ولذا قال سبحانه: فإ قال أوسطهم سطهم ألم أقل لَكُم لولا تسبَحون 527 4 [ القلم ] . والمعنى على ذلك الاتجاه: حافظوا على الصلوات كلها بالمداومة عليهاء وحافظوا على أن يكون أداؤكم لها من النوع الأمثل الفاضل بإقامة الأركان خاشعين متبتلين خاضعين منصرفين فى أدائها عن كل شئون الدنيا مستجهين إلى رب العالمين دون سواه. وهنا يرد سؤال: لماذا جمع الصلوات فى الأول» وأفرد الصلاة فى الثانى؟ والجواب عن ذلك أن المراد من الصلوات فى الأول الفرائض الخمس بأعيانهاء والمعنى فى الصلاة فى الثانى هو الفعل» فكان المؤدى: داوموا على الصلوات وأن تكون صلاتكم كلها من النوع الأمثل الفاضل . وقد روى هذا الاتجاه عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهماء وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه» وقد اختار ذلك الانجاه الحافظ أبو عمر بن عبد البر إمام الأندلس فى الحفظ والآثار» وإنا نميل إلى ذلك» وخصوصا أن الروايات فى كونها صلاة معينة من الخمس متضاربة» فقيل العصرء وقيل الظهرء وقيل الصبح» الجمعة» وقيل الظهر والعصرء وقيل الصبح والعصر؛ وإزاء ذلك ميل إلى ما اختاره ابن عبد البرء وهو الثقة الثبت فى الحفظ ونقد المتن والرجال. © وَقُوموا لله قانتين4 القنوت فى معناه المداومة على الفعل» وقد خصه القرآن الكريم بمعنى الدوام على الطاعة والملازمة لها وأدائها على وجهها؛ ومن ذلك قوله تعالى فى وصف نبيه إبراهيم عليه السلام: ف إن إبراهيم كان أَمّهَ اننا لل حنيقا. . انين 4 [التحل] وقال سبحانه مخاطبًا نساء النبى عله : طوس يقت مَك لله ورسوله . ٠‏ 7ك 4 [الأحزاب] وقال فى وصف المؤمنين والمؤمنات: فإ والقانتين والقانتات . . .2222 4 [الأحزاب] . ها تفسير سورة البقرة لاملل فالقنوت على هذا المعنى الإسلامى الرائع: ملازمة الطاعة والقيام بالعبادة فى خشوع ضارعء وانصراف كامل» وشعور بالعبودية الحقة لله رب العالمين؛؟ فمعنى قوله تعالى: « وَقُوموا للّهِ قَانتينت4: قوموا بعبادتكم على وجهها الكامل ملازمين للخضوع والخشوع» غير مفرطين» ولا منصرفين عن رب العالمين» مستشعرين عظمتهء قد ملأت قلوبكم هيبته. ونرى من هذا أن قوله تعالى: « وقُوموا لله قَانتينت4 يزكى ما انختاره ابن عبد البر ويقويه»ء وهو أن معنى الصلاة الوسطى» الصلاة الفضلى وامثلى؛ وهى التى تؤدى على الوجه الأكمل . ولهذا المعنى السامى فى الصلاة»ء كانت أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا اللهء فإن كانت (لا إله إلا الله محمد رسول الله) هى الفارق بين الإسلام والكفرء فالصلاة ثمرتها الأولى» والدعامة من بعد ذلك لكل الطاعات والفرائض؛ بها إن أديت على وجهها تستعصم النفس عند الشهوات» وبها إن أديت على وجهها يلتزم العبد ما أمر الله» وينتهى عما نهى الله سبحانه وتعالى عنه» وبها يكون التعامل الفاضل بين الناس بعضهم مع بعض؛ لآنها ذكر دائم لله سبحانه وتعالى» فتمتلىء النفس البشرية بعظمة الله» وتستنير البصيرة» ويتجه المؤمن إلى الخير؛ ولقد قال بعض العلماء إن ترك الصلاة كفر وروى أبو داود والترمذى وابن ماجه أن رسول الله يك قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»"'' وروى الإمام أحمد أن رسول الله يككةٍ قال عندما ذكر الصلاة: «من حافظ عليها كانت له نور وبرهانًا ونجاة يوم القيامة» ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نور ولا برهانًا ولا نجاةء وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبى بن خلف»”"' . )١(‏ [رواه مسلم: الإيمان - بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة )١١7(‏ كما رواه الترمذى: الإيمان (5044؟)» وأبو داود: السنة :»)4*١04(‏ وابن ماجه: إقامة الصلاة 2)٠١١54(‏ وأحمد: باقى المكثرين »)١461١(‏ والدارمى: الصلاة (0١؟١)].‏ (؟) رواه بهذا اللفظ الدارمى: الرقاق - فى المحافظة على الصلاة (5500)» وبتحوه أخرجه أحمد: مسئند المكثرين (778) عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنه. تفسيرسورة البقرة اللا لان تالالا تاطالسلا ااال ااام اللا ااال ولآن الصلاة لها تلك المنزلة لم تسقطها رخصة. ولا تجهب على فريق دون فريق» فلها عموم الوحدانية» ولها لزوم الشهادتين» فأكثر العبادات قد تسقط عن فريق دون فريق إلا الصلاة» فإنه لا رخصة لسقوطها؛ ولذا وجبت فى حال الأمن والخوف» وقال تعالى فى حال الخوف: فإن خفتم فَرِجَالاً أو ركبانا 4 هذا بيان ما يجب من الصلاة حال الخوف» وهى أعم من حال الحرب» وأخص منها؛ فبينهما ما يسميه المناطقة عموم وخصوص من وجه؛ فإن حال الخوف قد تكون فى حال الحرب» وقد تكون فى غيرها كهجوم وحش مفترس؛ وحال الحرب ليست دائما حال خوف؛ فقد يكون فيها وقت يأمن على نفسه فيصلى آمنًا مؤديًا الأركان بالجوارح . وإيجاب الصلاة فى حال الخنوف وحال الأمن يدل على أمرين: أحدهما - أن الصلاة ركن لا يقبل السقوط إلا فى حال العجز التام حتى عن الصلاة بالإيماء» وقد نوهنا إلى ذلك من قبلء وبيّنا أنها اختصت من بين الفراتض العملية بذلك . ثانيهما - أن الصلاة فى لب معناها هى اتجاه القلب.» وعمل الحركات مظهر ذلك الاتجاه القلبى» والنزوع الروحى السامى؛ فإذا حالت الأحوال دون القيام ببعض هذه الحركات من ركوع وسجود كاملين أغنت عنهما الإشارات إليهماء وهو ما يسمى الصلاة بالإيماء والمعنى متحقق فى الحالين» ولكن لا ينتقل المصلى من حال كمال الحركات إلى ما دونها إلا عند تعذر الإتيان بها كاملة فى نحو خوف أو مرض . وقد رخص الله سبحانه وتعالى للمؤمنين فى حال الخوف أن يصلوا رجالا؛ أى راجلين مشاة على أقدامهم. أو وقومًا فى أماكنهم» وأن يصلوا ركبانًا أى راكبين . وركبان جمع لراكب» وأما رجالا فهى كما يقول الزمخشرى: جمع راجل كقيام جمع لقائم» أو جمع رجل يقال رجل رجل أى راجل» وتوجيه قول ل 0 تفسير سورة البقرة مم الئل الزمخشرى أنه يقال رجل الإنسان يرجل إذا لم يكن معه ما يركبه ومشى على قدميه فهو رجل ورجل بضم الحيم ورجلان ورجيل ورجل بسكون الجيم» ويجمع فى الأحوال كلها على رجال. وقد جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى ما نصه: (اشتق من الرجل رَجل وراجل للماشى بالرجل» ورجل. . ويقال رَجل راجل أى قوى على المشى» جمعه رجال). والخلاصة: أن الصلاة كما تؤدى بالمحركات كاملة» تؤدى بالإشارة إليها بما يكون فى وسع المكلف القيام به؛ وذلك لأن الصلاة كما قلنا فى لب معناها؛ اتجاه قلبى إلى الله سبحانه وتعالى خالق كل شىء. وقد يقول قائل: إن الصلاة إذا كان ذلك لب معناها فلماذا كانت تلك الحركات؟ وألا يغنى فيها الاتجاه القلبى» وحصر الذهن والنفس لله» وفى ذلك عمران القلب بذكر الله وامتلاء النفس بهيبته؟ قد يقول قائل ذلك». وقد قاله بعض المقلدين الفرنجة» واتبعوا من زعموا أن ذلك طريق الإصلاح الخلقى. وقد يكون ذلك القول مجديًا لو كان يمكن تحقق معناه من غير تلك الحركات» ومن غير هذه الأقوال التى تشتمل عليها الصلاة إن هذه الحركات معين لاستذكار القلب» وامتلاء الفكر بعظمة الله سبحانه وتعالى» والأقوال التى تقال فى الصلاة هى لهذا . الاستحضار؛ ف (الله أكبر) التى تتكرر عند الانتقال من حال إلى حال هى فى معناها لملء النفس بعظمة اللهء والآيات التى تتلى هى حمد لله وثناء على الله سبحانه وتعالى وشعور بالربوبية وسلطان الله سبحانه مالك يوم الدين» ودعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم» وتجنب طريق الضالين؛ والحركات هى مظاهر الطاعة والخضوعء والقيام بحق الربوبية. . وهكذا كل قول وفعل فى الصلاة إنما هو لتوجيه القلب نحو الملكوت الأعلى» وذكر الله العلى القدير» اللطيف الخبير. ولا يمكن استحضار القلب لذكر الله بغيرها؛ بل إنها تكون ثمرة ذلك الاستحضار؛ فإن القلب إذا شعر بعظمة الله نطق اللسان بها وتطامنت الرأس خضوعاء وخر الإنسان ساجدًا صاغرً لله رب العالمين. ا تفسيرسورة البقرة الالال طفَإِذا أستم فَاذْكروا الله كما عَلّمَكُم ما لم تكونوا تَعلَمُونَ4 أى إذا زال الخوف» وأقبل الأمن» فأقيموا الصلاة مستوفية لكل الأركان» أى تأتون بحركاتها كاملة؛ وذلك فى معنى قوله تعالى بعد بيان صلاة الخوف: 9 فَإذَا اطْمأَنسْم فَأقِيمُوا الصّلاة إن الصّلاة كانت على المؤمدين كتابًا مَوَقُونَا 7ج 4 [النساء] . فالذكر المراد به هنا الصلاة الكاملة المستوفية الأركان» وععبر عنها بالذكر للإشارة إلى أن المغزى فيها هو ذكر الله تعالى» وإلى أن ذكر الله مطلوب أشد الطلب» وأن الصلاة بغيره لا تسمى صلاة ولو كانت مستوفية الأركان الظاهرة؛ وبهذا يتبين أن هذه الحركات مهما تكن كاملة لا يمكن أن تغنى عن استحضار القلب لمعانى العبودية والخضوع الكامل لرب العالمين؛ ولذا يقول الصوفية: إن الصلاة بغير هذه المعانى الروحية لا تكون صحيحة مهما تكن كاملة من حيث الأقوال والأفعال. وقوله تعالى: #كما عَلَمَكُم ما لم تكونوا تَعلَمُون» أشار فيه النمخشرى إلى تفسيرين» على أن النص الكريم يحتملهما: أحدهما: أن المعنى أدوا الصلاة كاملة كما علمكم على لسان رسوله الكريم» وبأفعاله» بأن تأتوا بالركوع والسجود تامين؛ فالكاف معناها المشابهة بين ما يفعلون وما يطلب منهم فعله» وبين ما علمهم إياه رب العالمين بتبليغ النبى الأمين إذ قال: «صلوا كما رأيتمونى أصلى)”7' . وثانيهما: أن المعنى أدوا الصلاة شاكرين حامدين ذاكرين رب العالمين» ويكون ذكركم مقابلا بما أنعم الله به عليكم من تعليمكم شريعته التى يكون فى اتباعها صلاح حالكم فى الدنيا والآخرة؛ ففى الدنيا صلاح أنفسكم وأسركم ومجتمعكم»ء وفى الآخرة بالزلفى لرب العالمين؛ ويكون معنى الكاف على هذا هو المشابهة المقربة )١(‏ جزء من حديث أخرجه البخارى: الأذان - الأذان للمسافر (2)8696 ومسلم: المساجد )١١80(‏ غير أنه لم يذكر قوله علد : «صلوا كما رأيتمونى أصلى» .2 ورواه الدارمى بنحو من رواية البخارى: الصلاة - من أحق بالإمامة (6؟؟١).‏ ها تفسير سورة البقرة ل مر حب ل بين النعم التى أسبغها عليكمء والتكليفات العبادية التى كلفكم إياهاء فيكون الشكر بالعبادة مشابها ومماثلا لنعمة التعليم التى علمنا الله إياها بتلك الشريعة المحكمة التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؛ وهذا معنى قول بعض العلماء: إن الكاف هنا للتعليل» وذلك مستقيم من حيث المؤدى وإن كانت مع ذلك لم تخرج عن معنى التشبيه والممائلة . ولعل التفسير الثانى الذى أشار إليه الزمخشرى ووضحناه بعض التوضيح هو الذى يتفق مع سياق الآيات الكريمة التى تسبق آية الصلاة وتلحقها؛ لأن فيها إشارة إلى أن تعليم الله تعالى لنا ما عََلَّم من أحكام الشرع الشريف هو فى ذاته نعمة تستحق الشكر لله وذكره سبحانه؛ فالصلاة وإن كانت باعثفة على أحسن التعامل» هى كذلك شكر للمنعم على ما علّم وأنعم وهدى. وفى الآية الكريمة بعض إشارات لفظية نذكرها: ذلك أن الله سبحانه وتعالى قال فى حال الخوف: 8قَإِنْ خفتم4 معبر) سبحانه بإن الدالة على التعليق فى موضع الشك أو القلة. وفى حال الأمن قال: 8قَإِذًا أمنتم» معبر) بإذا الدالة على التحقيق والكثرة؛ وفى ذلك إشارة إلى أن حال الأمن هى الكثرة» وهى الأمر المحقق الثابت» وأن حال الخوف هى القلة وهى ليست أمرً مؤكدا ثابنًا. وفى ذلك بيان لنعم الله على الإنسان أنه وهبه الأمن والدعة والاطمئئان» وما يكون من اضطراب وجزع وقلق فمن فعل الإنسان. فقد وهب الله الإنسان العقل» وجعله فى أطوار نفسه يألف ويؤلف» فإذا غلبته شقوته فبدّل من الأمن حربّاء ومن السلام خصاماء فقد تعدى حدود الله وتجاوز فطرته» والله من ورائهم محيط . تفسيرسورة البقرة اللللللل ولوللا ا060ااال رصصة سب سسا لاسو اوساو صِيَة وَالْذِبنَ يتوفوت منحكم ويدرون أ صيه اح عا عع مر د هه ماع هه و هل هم لالع هخم فلاجِسَا تح يكف مَافَل اهرك ون 5 وَإلْمَطلَقتِ متنا ص سر يد ع سر ور الْمعروفي حَقَاعِلَ المتقيرت كك للعَيْبَينُ يي 020 ل اا 262 .ا أله | ءَايَنتِهء لمكم جر قَلُونَ م توسطت آيات الصلاة بين الآيات التى تبين ما للمعتدات وما عليهن؛ وذلك الصلاات التى تربط أحاد الأسرةء وأن التقوى لازمة لتكون روح الاتصال» وميزان الاعتدال عند قيام الحياة الزوجية وعند انقطاعها . وقد بينت الآيات السابقة بقة ما للمطلقة من حقوق أوجبها العقد نفسه؛ فنصف المهر أو المتعة عند الطلاق قبل المسيس وقبل تسمية المهر أمران أوجبهما العقد نفسه؟؛ لأن العقد الصحيح يوجب مهراً على أى صورة كان المهر. وهاتان الآيتان اللتان سنتكلم فى معناهما تبينان ما يجب ليكون الانتهاء من غير قطيعة» ولتكون المودة موصولة بعد انتهاء عقدة التكاح ؛ والوجوب فيههما لا يشتق من ذات العقد» ولكنه يترتب على انتهاء العقد» وتوجبه الأخلاق الكريمة . والآية الأولى تبين ذلك النوع من الحقوق الذى يجب للمتوفى عنها زوجهاء عقد الزواج؛ كنصف المهرء أو المتعة السابقة والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج 4 والمعنى الجملى للآية الكريمة - فيما يظهر ويبدو بادى الرأى ‏ أن الذين 0 تفسير سورة البقرة ا 4600 يتوفون ويذرون أى يتركون أزواجاء والمراد الزوجات؛ لأن كلمة الزوج تطلق على الذكر والأنثى ‏ فرض الله وصية لهؤلاء الزوجات متاعا أى انتفاعًا مستمراً إلى نهاية الحول» أى حتى يحول الزمن ويجىء الوقت الذى مات زوجها فيه #غير إخراج» أى ينتفعن بالإقامة فى مسكنهن الذى كن يسكن فيه فى حياة أزواجهن من غير إخراج منه؛ ويصح أن يقال غير مخرجَات منه» فيكون المصدر على معنى اسم المفعول؛ والمؤدى واحد. وهنا بعض مباحث لفظية نشير إليها: أولها: كلمة «وصية» فيها قراءتان مشهورتان؛ إحداهما بالفتح» والثانية بالضم؛ وعلى قراءة الفتح يكون تقدير القول: كتب الله وصية متاعا إلى الحول غير إخراج. وعلى قراءة الضم يكون تقدير القول: عليهم وصية لأرواجهم حال كون هذه الوصية متاعا إلى الحول غير إخراج» أو لأجل الانتفاع إلى الحول غير إخراج. ثانيها: إنه عبر بحول بدل سنة؛ للدلالة على التحول حتى تعود الأيام التى كانت فيها الوفاة» ولو قيل إلى السنة مثئلا لاحتمل أن ينتهى الانتفاع بالسكن بانتهاء السنة التى حصلت فيها الوفاة» ولو لم يحل الحول» فكان التعبير السامى بالحول نص فى أن يمر عام كامل من وقت الوفاة. ثالثها: قوله «غير إخراج» فالمعنى: غير مخرجات» أو يبقين فى مسكنهن من غير إخراج من ورثة المتوفى لهن؛ والتعبير بالمصدر فى هذا المقام هو الأصل» وهو المغزى والمرمى؛ لأن الوصية هى عدم الإخراج؛ فالوصية ألا يخرجن؛ ولذلك كان التعبير بالملصدر هو الأصل؛ وقوله «غير إخراج» صفة لمتاعاء ومتاعا بدل أو عطف بيان لكلمة «وصية» على قراءة النصب» وحال على قراءة الرفع» أو تمييز. رابعها: إن الله سبحانه وتعالى عبر عن حق الانتفاع بالسكنى سنة بعد الوفاة بأنه وصيةء وبأنه متاع؛ أما التعبير بأنه وصية» فلأنه حق يثبت بعد وفاة الزوج فى ماله لا على أنه ميراث» بل على أنه وصية أوجبها الله سبحانه وتعالى بموجب الفرقة بالوفاة؛ فهو يثبت من غير أن يكون له أثر فى قدر ميراثها فى تركة زوجها؛ 8 ل تفسيرسورة البقرة وأما التعبير عنه بمتاع» فلأنه فى مقابل ما للمطلقات من متاع فى الآية الكريمة الآتية وَللْمطلقات ماع بالمعروف حَقًا على المَتقين (1© 6 . فإ خرجن فلا جناح عليكُم في ما فعأن في أنفسهن من مروف » بقاء المتوفى عنها زوجها سنة فى مسكن الزوجية من غير نظر إلى مقدار ميرائها ومن غير تأثير فى مقداره أيا كان ذلك المقدار هو حق للزوجة» وليس بواجب عليها؛ وكان حقًا لها من قبيل أنه متصل بحقوق الميت فى تركتهء فكأن حق الزوجة من المقام فى بيت الزوجية من المقام سنة بعد الوفاة هو من قبل حقوق المتوفى فى ماله كالديون. ولما كان ذلك حقًّا لهاء وهو واجب على الورثة أن يوفروه» فليس واجبًا عليهاء فلها أن تبقى ولها أن تخرج؛ ولذا قال تعالى: 8 فَإِنْ خرجن فلا جتاح عليكم في ما فَعلْنَ في أَنفسهن من مُعْرُوف » أى فإن خرجن مختارات راضيات راغبات غير مخرجات» فلا إثم عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروفء. أى فيما فعلن من أمور تتعلق بأنفسهن؛ أى أن البقاء فى مسكن الزوجية وعدم البقاء أمر يتعلق بأنفسهن وهن أدرى بمصلحة أنفسهن» فى ذلك؛ فإن وجدت مصلحتها وراحتها واطمئنانها وقرارها فى أن تتتفع بحق البقاء سنة كاملة بعد وفاة زوجها فإنها تبقى» ويجب أن تمكن من ذلك» ولا يخرجها أحد؛ وإن رأت أن مصلحتها فى أن تأوى إلى بيت ذويهاء أو عرض لها أن تتزوج بعد انتهاء عدتها وهى أربعة أشهر وعشرة أيام» فإن لها ذلك. وقد قيد نفى الإثم عن الجماعة فيما يفعلن فى أنفسهن بكلمة (من معروف)؛ وهو الأمر الذى تقره الشرائع» وتعرفه العقول ولا يستنكر من أحد؛ قيد نفى الإثم بذلك؛ للإشارة إلى أن الجماعة الإسلامية مسئولة عما يقع من آحادها مخالفا للمعروف فى الشرع والعقل» فمن يأئم فعلى الجماعة أن تعمل على إصلاحه؛ ولا ينتفى عنها الإثم حتى تقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهى عن المتكرء وفسر بعض العلماء المعروف بأنه الزواج بعد انتهاء العدة. وهى أربعة أشهر وعشرة أيام؛ والحق أن المعروف أعم من ذلك . ل ل تفسير سورة البقرة 00 مر أ أ « والله عزيز حكيم » ذيل الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة بهذا للإشارة إلى ثلاثة أمور: أولها: أن هذه الأمور التى شرعها الله فى الأسرة إنما هى بحكمته» وفيها صلاح المجتمع» وإذا كان يسوغ أن تجبر المرأة على الخروج من منزل الزوجية بمجرد وفاة الزوج» فإن ذلك قد يؤدى إلى فساد كبيرء وتهزيع للأخلاق؛ ولقد أعطاها الله سبحانه وتعالى ذلك الحق درءا لهذا الفساد ومنعا له. وثانيها: إن الله سبحانه وتعالى غالب على كل شىء؛ وله سبحانه وتعالى العزة فى السموات وفى الأرضء» وأن الورثة إن استضعفوا شأن المرأة فمنعوها حقها فالله فوقهم قاهر غالب», وهو مجازيهم بعملهم» وهو ناصر الضعيف. وثالشها: إشعار النفوس بتذكر الله رب العالمين عندما ينظمون علاقاتهم بعضهم مع بعض» وخصوصا فى شئون الأسرة. تبين مما سبق أن موضوع هذه الآية الكريمة لا صلة لها بمدة العدة بالنسبة للمتوفى عنها زوجها؛ لأن هذه الآية الكريمة بألفاظها ومعانيها لا تلزم المرأة بالتربص والامتناع عن الأزواج مدة معينة كقوله تعالى : «والمطلقات يترئصن بأنفسهن ثلاثة فروء. 4 [ البقرة ] وكقوله تعالى : <إ وَالّدين يتوقُونَ منكم ويذرون أزواجا يترصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا . .. +23 4 [البقرة] إا تدل هذه الآية على ما للمتوفى عنها زوجها من حق البقاء فى بيت الزوجية سنة بعد موت زوجهاء وأن لها أن تبقى فيهء وأن تخرج منه على ما تراه مصلحتها ويكون فيه اطمئنانها وقرارها. وعلى ذلك لا تكون ثمة معارضة بأى نوع من أنواع المعارضة بين هذه الآبة وقوله تعالى فى عدة المتوفى عنها زوجها ‏ والذين يعوقُونَ منكم ويذرون أَزوَاجا يترئصن ) بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا 6 49 [البقرة] لآن هذه فى بيان العدة» أما الآية التى نتكلم فى معناها ففى بيان حق المرأة» لا بيان الواجب عليها . 0 تفسيرسورة البقرة ااال ١ الا‎ ١: يي ولكن فرض الكثيرون من المفسرين تعارضا بين الآيتين» واعتبروا الآية الأولى ناسخة للآية الثانية» وادعوا أن جمهور السلف على ذلك الرأى؛ واعتمدوا فى ذلك على روايات رويت عن عثمان بن عفان» وعبد الله بن عباس وغيرهما. وقد خالف ذلك شيخ المفسرين ابن جرير الطبرى» فروى عن مجاهد أن هذه الآية - وهى التى نتكلم فى معناها ‏ آية محكمة لا نسخ فيها؛ فقد قال مجاهد: العدة تثبت أربعة أشهر وعشراء ثم جعل الله لهن وصية سكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة؛ فإن شاءت المرأة سكنت فى وصيتهاء وإن شاءت خرجت» وهو قوله تعالى: «( غير إخراج فإن خرجن قلا جناح عليكم 4 . ولقد روى البخارى مثل ذلك عن مجاهد أيضا؛ فقد أخرج البخارى عن ابن أبى نجبح عن مجاهد فى قوله تعالى: « والّذين يتَوَقُونَ منكم ويُذرون أَزْوَاج 4. قال: سا مي هاس (كانت هذه العدة تعتدها عند أهل زوجها واجبّاء فأنزل الله تعالى : ( والّدين يتوقون منكم ويذارون أزواجا وصيّة لأزواجهم متَاعا إلى الحول غير إخراج فإن خَرَجَن فلا جتاح عليكم في ما فَعلْنَ في أنفسهن من مَعْرُوف » قال : جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية» إن شاءت سكنت فى وصيتهاء وإن شاءت خرجت. وبهذا التخريج وذلك السند الصحيح يثبت أن لا تعارض قط بين الآيتين» وشرط النسخ التعارض ولم يوجد فلا نسخ» ولكن الجمهور من الفقهاء يعتمدون فى النسخ على قوله يَلَلِّْ: إنما هى أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن فى الجاهلية ترمى البعرة عند رأس الحول»'١'‏ ففى هذا الحديث تصريح بأن أربعة أشهر وعشر ليال نسخت وجوب البقاء حولاء وهذا كلام حق» وهو لا يخالف الآية التى. نتكلم فيها؛ لأن الجاهلية كانت تجعل العدة سنة فجعلها الإسلام أربعة أشهر وعشراء وهذه الآية لا توجب عدة الجاهلية» فهى لا تلزم المرأة بالامتناع عن الأزواج سنة كاملة» ولكنها تعطيها حق البقاء سنة كاملة» فهى تبين ما لها من حق» ولا تذكر ما عليها من واجب اكتفاء بما ذكر فى آيات العدة التى تعتدها. )١(‏ سبق تخريجه من رواية البخارى ومسلم. | تفسير سورة البقرة لل 0 هر ١ لاا‎ ١ يي وعلى هذا نقرر أن حكم هذه الآية باق لم ينسخ» وثابت مقرر بنص القرآن الكريم؛ وقد قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية» وقد وجه الحكم بعدم النسخ من قبله فخر الدين الرازى فى تفسيره الكبيرء فقد جاء فيه ما نصه بعد بيان قول من حكم بالنسخ : القول الشانى قول مجاهد: إن الله أنزل فى عدة المدوفى عنها زوجها آيتين إحداهما ما تقدم وهو قوله تعالى 9 يتربّصن بأنفسهن أَربْعَة أشهر وَعشرا .. . +29 4 [البقرة] والأخرى هذه الآية» فوجب تنزيل هاتين الآيتين على حالتين» فنقول إنها إن لم تختر السكنى فى دار زوجها ولم تأخذ النفقة من مال زوجها كانت عدتها أربعة أشهر وعشراً فى تلك الآية المتقدمة» وأما إن اختارت السكنى فى دار زوجها والأخذ من ماله وتركته فعدتها هى الحولء وتنزيل الآيتين على هذين التقديرين أولى حتى يكون كل واحد منهما معمولا به. القول الثالث وهو قول أبى مسلم الأصفهانى: إن معنى الآية من يتوفى منكم ويذرون أزواجاء وقد وصوا وصية لأزواجهم بنفقة الحول وسكنى الحول» فإن خرجن من قبل ذلك وخالفن وصية الزوج بعد أن يقمن المدة التى ضربها الله تعالى فلا حرج فيما فعلن فى أنفسهن من معروف» أى من نكاح صحيح؛ لأن إقامتهن بهذه الوصية غير لازمة؛ قال: والسبب أنهم كانوا فى زمان الجاهلية يوصون بالنفقة والسكنى جولا كاملاء وكان يجب على المرأة الاعتداد بالحول» فبين الله تعالى فى هذه الآية أن ذلك غير واجب؛ وعلى هذا التقدير النسخ زائل؛ واحتج على قوله بوجوه: أحدها: أن النسخ خلاف الأصل فوجب المصير إلى عدمه بقدر الإمكان. والثانى: أن يكون الناسخ متأخراً عن المنسوخ فى النزول» وإذا كان متآخر) عنه فى النزول كان الأحسن أن يكون متأخرً عنه فى التلاوة أيضا؛ لآن هذا الترتيب أحسن» فأما تقدم الناسخ على المنسوخ فى التلاوة فهو وإن كان جائز فى الجملة يعد من سوء الترتيب» وتنزيه كلام الله عنه واجب بقدر الإمكان؛ ولما كانت هذه الآية متأخرة عن تلك فى التلاوة كان الأولى ألا يحكم بكونها منسوخة بتلك. بل تفسيرسورة البقرة ع لل االللرل ملل هه < يي الوجه الثالث : هو أنه ثبت فى علم الأصول أنه متى وقع التردد بين النسخ وبين التخصيص كان التخصيص أولى» وها هنا إن خصصنا هاتين الآيتين بالحالتين على ما هو قول مجاهد اندفع النسخ» فكان المصير إلى قول مجاهد أولى من التزام النسخ من غير دليل؛ وأما على قول أبى مسلم فالكلام أظهر؛ لأنكم تقولون تقدير الآية فعليهم وصية لأزواجهمء أو تقديرها فليوصوا وصية» وأنتم تضيفون الحكم إلى الله تعالى» وأبو مسلم يقول فى تقدير الآية: والذين يتوفون منكم ولهم وصية لأزواجهم» فهو يضيف هذا .الكلام إلى الزوج» وإذا كان لابد من إضمار فليس إضماركم أولى من إضماره» ثم على تقدير أن يكون الإضمار ما ذكرتم يلزم تطرق النسخ إلى الآية» وعند هذا يشهد كل عقل سليم بأن إضمار أبى مسلم أولى من إضماركم؛ وإن التزام هذا النسخ التزام له من غير دليل. اه. هذا كلام الفخر الرازى فى تفسيره الكبير» وهو يدل على أمرين: أحدهما: أن رأى أبى مسلم أن الوصية من الأزواج وليست من الشارع» وهذا الرأى لا جديد فيه إلا جواز مثل هذا النوع من الوصاياء وأما قول مجاهد فالوصية من الله» وهى ملزمة للورثة» وليست ملزمة للزوجة» وهو الذى نختاره» ويتفق مع السياق.. الأمر الثانى: أن فخر الدين الرازى يميل ميلا واضحًا إلى منع النسخ» ولذلك نراه يبتدى موجه الأقوال موضحًا التوجيه ثم ينتهى بعبارات واضحة كل الوضوح فى أن التزام النسخ التزام له من غير دليل؛ وذلك حق لا ريب فيه. ل وَللمطلقَات ماع مروف حَمًا على اين ]4 4 بينت الآية السابقة حق المتوفى عنها زوجها من متاع أى انتفاع بالسكن بعد وفاته على ألا تخرج من بيت الزوجية» وفى هذه الآية يبين سبحانه وتعالى حق المطلقات. والمتاع فى أصل معناه ما ينتفع بهء وهو المعنى فى قوله تعالى: ‏ وصيّة لأَرواجهم مَنَاعَا إِلَى الْحَوْل غير إخْرَاج» وقد بيّنَا ذلك فيما سبق من قول؟ وقد ذكرنا أيضًا من قبل أن المتاع انتفاع ممتد الوقت» وهو على هذا التوجيه قد يراد منه النفقة ل تفسير سورة البمّرة 001010 ام لبجل بزو يي" أمدا طال أو قصر؛ لأن النفقة ‏ وهى الإدرار على الحى بما به حياته وبقاؤه انتفاع بمتد فى الزمانء» وقد يراد المتعة أى إعطاء شئ من نحو الشياب ينتفع به أمداً متد] . وا مناع فى هذه الآية ما المراد به؟ أهو المنعة التى ذكرناها فى قوله تعالى : ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قَدره متاعا بالمعروف حَقَا على الْمُحْسنينَ تج © [البقرة]؟ أم المراد الانتفاع بالنفقة فى أثناء العدة؟ ذكر الفخر الرازى أن معنى كلمة متاع للمفسرين فيها قولان هنا: أحدهما: إن المراد بالمتاع هو المتعة» وهو ما يعطيه المطلق للمطلقة لها من نصف المهرء أو كسوة أو نحو ذلك من كل عطاء غير ممنون لمطلقته ليكون التسريح بإحسان . والقول الثانى : المراد به النفقة التى تكون للمطلقة فى العدة. وإن القول الأول قد خاض تحت ظله الفقهاء كل يريد أن يخرج الآية على مقتضى مذهبه» ومنهم من أطلق نصها وجعله على عمومه؛ فأبو ثور والشافعى فى أحد قوليه قد أخذا بعموم الآية الكريمة» وقررا أن لكل مطلقة متعة واجبة» فإنها قد وثق الوجوب فيها بقوله تعالى: ط( حقًا على الْمتّقِين 4 ولا يوجد تعبير يوثق الوجوب كقوله تعالى: «(حقًا على الْمتّقِينَ4؛ لأن الوجوب فيه قد تأكد بأنه من موجبات التقوى التى يتقى بها العذاب» وبالتعبير بعلى التى تفيد الإلزام» وبكلمة «حقًا؛ وهى مصدر حذف فعله. وهو يدل على تقرير الأمر وتثبيته . ولقد اتبع هذان الإمامان فى ذلك القول الزهرى وسعيد بن جبير وغيرهما. وقال مالك قريبًا من ذلك» وهو أن المنعة تكون واجبة لكل مطلقة إلا المطلقة المسمى لها مهر قبل الدخول بها؛ فقد جاء فى المدونة فى إرخاء الستور: جعل الله المتعة لكل مطلقة بهذه الآية ثم استثنى فى الآية الأخرى التى قد فرض لها ولم يدخل بهاء فأخرجها من المتعة. ل تفسيرسورة البقرة ملل لأسب ا وفى قول آخر للشافعى: إن هذه الآية خاصة بغير المدخول بها التى لم يسم لها مهراء وهو قول أبى حنيفة وأصحابه فى المتعة الواجبة ؛ وقد قال الطبرى فى ذلك إن الآية الأولى» وهى: «( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قَدره متَاعا بالْمعرُوف حفقًا عَلَى المحسنين +223 4 [ البقرة]: فهم بعض الناس منها أن المتعة لمن لم يسم لها مهرا ولم يدخل بهاء من الإحسان غير الواجب وليست بواجبة» فجاءت هذه الآية صريحة فى الوجوب. وعلى ذلك الرأى تكون هذه الآية عامة فى لفظها أريد بها الخصوص فى معناها . هى التخريجات الفقهية على تفسير المتاع بأنه المتعة»ء وقد رأيت اضطراب أقوال الفقهاء بشأنها واختلافهم فى معناها وقد ادعى بعضهم أن هذه الآية منسوخة بالآية السابقة: « وَمتَعُوضَ عَلَى الموسع قَدرهُ وعلَى المقتر قَدرهُ متاعا بالْمَعرُوف حقًا على المحسنين 23 4 [ البقرة] . أما القول الثانى وهو تفسير المتاع بالنفقة فالذين قالوه أقل عدداء ولكنه أكثر اتسافّاء وأبعد عن كل معانى التأويل» وقد قال فيه الفخر الرازى: والقول الثانى بالمتاع النفقة» والنفقة قد تسمى متاعّاء وإذا حملنا هذا المتاع على النفقة اندفع التكرار فكان ذلك أولى. ونحن نوافق الرازى على أن ذلك التفسير أولى؛ لأنه أولا يندفع به التكرار» وتندفع به ثانيًا دعوى التخصيص ودعوى النسخ» ويندفع به الاضطراب الكثير فى تحرير معنى الآية الكريمة السامية؛ وآخيرً هو الذى يتسق مع ما كان للمتوفى عنها زوجها من متاع هو السكنى؛ وهى إحدى شعب النفقة» فوجبت حقّا فى مال المتوفى» ولم يجب الباقى لعدم وجود من يجب عليه» أما المطلقة فتجب لها النفقة كاملة بشعبها الثلاث السكنى والطعام والكسوة» والله سبحانه هو العليم بمراده؛ تعالى كلام الله علو كبيرا . ل تفسير سورة البقرة انط ااخا خخخ خةةاانالاالن اللا !!!ا االتاااااالامطللاااالالالل اطنط ااال خألل نالل اطخ طلاااتالللاللل م خاطط لالط طلاخ الالططسطسطط للشلا م ولجل ب يي «( كذلك يبي الله لكم آياته لَعلّكُم تعقلون 4 بهذه الجملة الكريمة السامية ختم الله سبحانه وتعالى الآيات المتعلقة بأحكام الأسرةء وقد ابتدأ بيانها بقوله تعالى : ولا تدكحوا المشركات حتئ يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتئ يؤمنوا وَلَعبد مؤمن خَير من مشركٍ ولو أعجبكم أولتك يدعون إلى الثار واللّه يدعو إِلَى الْجنة والمغفرة بإذنه وبين آياته للئّاس لَعلّهِم يعَذَكَرُونَ 4207# 4 [ البقرة ] . وإن ذلك الختام الكريم فيه تصوير لبيان الله سبحانه وتعالى لأحكام الأسرة وشدة عنايته بأمرهاء وتو ضيح الأسس الصالحة التى تقوم عليهاء والعدالة والمودة والرحمة التى تربط بين آحادهاء وكيف فصل سبحانه القول فيها تفصيلا لم يفصله فى غيرها من شئون الدين» فلم يبين الصلاة والزكاة والحج كما بين الله سبحانه فى كتابه الكريم أحكام الأسرة والروابط التى تربط بين آحادها؛ لآن الأسرة قوام المجتمع الإسلامى الفاضل ١‏ فإذا تزلزلت اضطرب ميزان الاجتماعء وتهدمت أركانه. «( كذلك يبيّن الله لَكُم آياته4 أى مثل هذا البسيان القوى الواضح العالى الذى يوجه النفوس نحو المودة الرابطة» والرحمة العاطفة» والعدالة المنصفة» يبين الله سبحانه وتعالى آياته المتلوة» وآياته النفسية» وآياته الكونية؛ أى أن الله سبحانه وتعالى يبين دائمًا آياته المذكورة مثل البيان الذى يبين به أحكام الأسرة؛ فهذا التشبيه لتصوير بيان الله دائما لآياته بهذه الصورة التى يقرأها القارئ لكتاب الله فى آيات النكاح» «الَعلّكُم تعقلون 4 وفى هذه العبارة السامية إشارة إلى الغاية من بيان الله سبحانه وتعالى لحقائق الشرع وتوجيه النظر إلى النفس وإلى الكون» وتلك الغاية هى أن يعقل الناس أى يفكروا بعقولهم» ويبعدوا عنها أرجاس الجاهلية» ويحرروها من ربقة التقاليد القديمة التى كانوا يعبرون عنها بقولهم بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا .. 50 4 [البقرة] والتعبير بصيغة الرجاء» وهى « لعلكم تعقلون 4 هو فى معنى التعليل أى لتعقلوا؛ كن الرجاء من الله سبحانه وتعالى لايكون على معئاه الأصلى» تفسيرسورة البقرة 0م اللللللبالاااللاال باللا لاا اااالللللناائلللك .هل 7 أو يقال إن ذلك البيان من شأنه أن يرجى أن يعقلوا ويتفكرواء فالتعبير بلفظ يدل على الرجاء للإشارة إلى هذا المعنى المحكم . هذا وإن أحكام الأسرة كما جاءت فى الآيات الكريمة باعثة على التأمل وإحكام النظرء والإيمان بأن هذه الشريعة من عند اللطيف الخبير» والله سبحانه وتعالى بكل شىء عليم . © ألمْمَرَ سا مسا بر م اس سعم غ6 4 لهس ءاره ل إلى الذين خرجوا من د يرهم وهم ألوف حدر الموت ا ا ا 0 00 لبخ اموأ شه لسه مإ اه آومَضْلٍ عَلَ -ه 02000 سه ام ودصاس - و فى الآيات السابقة قد بين سبحانه وتعالى أحكام الأسرة» والدعامة التى يقوم عليها بنيانهاء والنظم التى تربط آحادهاء وحقوق كل واحد فيها على سائرها؛ فبين حق الزوج» وحق الولدء وما ينبغى لتستمر المودة الرابطة حال بقاء الزوجية وعند انتهائها ليكون حبل الوداد موصولا دائما. والآسرة هى بناء المجتمع الإنسانى» واللبنات التى يشاد منها صرح مجتمع فاضل؛ فالمجتمع القوى الفاضل لا يقوم إلا على دعائم من أسر قوية فاضلة؛ ففى الأسرة يتعلم الطفل مبادىء المجتمع المشترك المتحد المؤتلف» وفى الأسرة يسمو نزوعه المدنى إلى الاجتماع والائتلاف» ويتجه اتجاهًا مستقيمًا نحو أسمى الغايات الاجتماعية» وهو أن يكون امرأ يألف ويؤلف؛ وإن الأساس الحقيقى للاجتماع أن يكون آحاده من يألفون ويؤلفون؛ ولذلك قال النبى كلهم «المؤمن مألفة» ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف70'. )200 رواه أحمد: باقى مسئد الأنصار 1 عن سهل بن سعد الأنصارى» كما رواه عن أبى هريرة فى مسنده (848725) بلفظ : «المؤمن مؤلف». إإإننا تفسير سورة البمرة ل لاا امام الملل ار حب ا وإن القادة والزعماء الذين يعدون أممهم للكفاح يبتدئون بالأسرة» فيحمونها ويقيمون دعائمها على أسس الخير وحب الاجتماع» والاستعداد للفداء فى سبيله والنظم الاجتماعية التى جرب فيها محو الأسرة لتتربى الأمة على الكفاح ‏ كنظام ليكورغ فى أسبرطة ‏ أدى إلى وجود شباب قد يكون قويًا فى جسمه.ء ولكن لا يمكن أن يكون قويًا فى خلقه وإيمانه بالفضيلة» والمثل العليا للمجتمع الفاضل الذى يحمى نفسه من ذرائع الانحلال فى داخله» ويدرع بعدة القتال الحماية الحوزة ودفع الذل. من أجل هذا كانت أحكام الأسرة بين أحكام الجهاد فى القرآن؛ فقد سبق أحكام الأسرة كلام من الله تعالى فى القتال وأعقبها دعوة وتحريض على الجهاد, وحث عليه بضرب الأمثال من الأمم السابقة» وكيف جاهدت فى سبيل الحقء وانتصرت القلة مع إيمانها على الكثرة مع كفرهاء وقد ابتدأ سبحانه وتعالى هذا بقوله تعالت كلماته: شامم وام هة َم أحيّاهم 4 الاستفهام هنا يؤدى فى مغزاه معنى التقرير والتثبت؛ وذلك لأنه للوتكار والنفى» وقد دخل على منفى فنفى النفى» وبذلك تقرر المعنى وثبت؛ لأن نفى النفى إثبات؛ فالمعنى قد رأيت ونظرت وعلمتء» والخطاب عام لكل قارىء وسامع إلى يوم القيامة» والرؤية بمعنى العلم؛ فإن رأى تكون بمعنى علم وبمعنى أبصرء أو تكون دائمًا بمعنى أبصر» ولكن الإبصار قد يكون بالبصرء وقد يكون بالبصيرة فيكون علمًا؛ وقد تتضمن الرؤية معنى النظر وهو نظر بالبصيرة؛ ولأنها تضمنت معنى النظر قد تعدت بإلىء فقال تعالى: ألم تر إَِى الذي خَرجُوا من ديارهم وهم ألوف > وقد ذكر الراغب الأصفهانى فى مفرداته: أن رأى إذا تضمنت معنى النظرء ولو كان النظر بالبصيرة» تتعدى بإلى. والمعنى الإجمالى: لقد علمت أيها القارئ المنتبع لسنن الله فى الناس واجتماعهم الناطقة به آياته فى نفوسهم وفى الآفاق» علم اليقين والجزم الناشئ عن ١‏ # تفسيرسورة البقسرة 09م البلللللواال لل الال 5ج 5 7 دليل مثير - حال أولئك الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت» ومن لم يعلم ذلك ينبغى أن يعلم؛ لأن البينات قائمة؛ والعلامة المعلمة واضحة فالاستفهام فى الآية يقرر العلمء ويوجه الأنظار إلى وجوية» ويحثها على الأخل فى أسبابه والالتفات إلى أماراته وأعلامه؛ فهو تمرير وتلبيه ) وإثارة للمعجب من حال من فروا من الجهاد فلقوا الموت . أحدهما إلى الحق فى شأن أولئك الذين خرجوا من ديارهم . الأمر الأول كلمة «ألوف» فإن بعض العلماء فسرها بمعنى كثرة العددء أى أنهم عدد كثير» ألوف مؤلفة» وكثرة كائثرة؛ فما كان خوفهم عن قلة. بل كان عن كثرة ؛ أو ما كان الخوف عن سبب يسوغه. بل كان عن جبن يخذل. وبعض العلماء قال: إن معنى «ألوف» مؤتلفون مجتمعون؛ فألوف على هذا جمع آلف» كقعود جمع قاعدء. وركوب جمع راكب» ونحو ذلك؛ والمعنى على ذلك أنهم قبل خروجهم من ديارهم» وتفرقهم فى الأرض كانوا مؤتلفين مجتمعين توحدهم كلمة جامعة» ووحدة رابطة. ففرقهم الخوف على الحياة أيا كانت صورها ولو كانت حياة الذل والانكسار» وإنه ليعقبها الشقوة والانهيار. الأمر الثانى ‏ كلمة «حذر الموت» تنبئْ عن الباعث على فرارهم» وهو حرصهم المطلق على الحياة على أى صورة كانت تلك الحياة» كما وصف سبحانه وتعالى اليهود فقال سبحانه: 9 ولتجدنّهِم أحرص الئاس علَىئ حيّاة ... +357 4 [البقرة] أى مهما يكن نوع هذه الحياة» ثم خوفهم المطلق من الموت» أيا كانت أسبابه» ومهما تكن نهاية الفرار منهء وإن ذلك الخوف كان قبل أن تتحقق أسبابه فلم يكن. الموت قد نزل ضربة لازب لا مناص منه إلا بالخروج من الديار؛ بل إن الذى دفعهم هو الحذر من الموت» وليس الحذر إلا توقيّا للأسباب واحتراسًا وابتعادا قبل أن تظهر الأسباب قوية ملزمة موجبة» وعلى ذلك يكون الحذر من الموت أدق تفسير سورة البقرة للللل ام ااالللووو اول ل جر ا 1 بي فى بيان جبنهم من الخوف» إذ الخوف يكون وقد ظهرت موجباته» وتعنددت أمور احتمالية لوجود هذه الأسباب. المقدور, فقال لهم الله موتوا؛ وأمر الله سبحانه وتعالى هنا أمر تكوينى ؛ أى أنه سبحانه وتعالى أماتهم» وإن أمر الله التكوينى هو بإيجاد ما ساقه على أنه أمره © إِنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون +7 4 [ يس ] . واقع لا محالة طال الأمد أو قصر» وهو واحد مهما تعددت أسبابه» والموت فى شرف خير من الحياة فى خسة» والموت فى عزة خير من الحياة فى ذلة! . بعد هذا نجيب عن السؤال: من هم هؤلاء الذين فروا من الموت فلقيهم من حيث لا يقدرون». ثم أحياهم من ذلك رب العالمين؟ وهل هذه الحياة كانت فى الدنيا؟ قد وردت فى ذلك أخبار وروايات لم تثبت بسند صحيح عن النبى يَلْةِ الذى بين الكتاب للناس» ولا عن أحد من أصحابه الذين تلقوا ذلك البيان. ومن تلك الروايات أنهم قوم من بنى إسرائيل خرجوا هاربين من الوباء فنزلوا وادياء فأماتهم الله ثم أحياهم اعتبار وإجابة لدعاء نبى من أنبيائهم . وفى رواية أخرى أنهم قوم من بنى إسرائيل فروا من الجهاد مع نبيهمء فأماتهم الله ليعلمهم أنه لا ينجيهم من الموت شىء » ثم أحياهم ليجاهدوا. القرطبى فى أحكام القرآن بعد ذكر هذه الروايات ما نصه: قال ابن عطية: وهذا ب تفسيرسورة البقرة |أاااااللاا!!مم))/م ل ملالك! مك111 ل اتلك !!!ا لاا لللاا!! !ااال لالضلا ل أ تاللا للك لل تاللخم ممالل لالتلا القصص كله ليّن الأسانيد» وإنما اللازم من الآية أن الله تعالى أخبر نبيه محمدا مَكِلِ إخبار)ً فى عبارة التنبيه والتوقيف عن قوم من البشر خرجوا من ديارهم فرارا من الموت فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم ليروا هم وكل من خلف من بعدهم أن الإماتة إها هى بيد الله تعالى لا بيد غيره» فلا معنى نوف خائف ولا اغترار مغتر؛ وجعل الله تعالى هذه الآية مقدمة بين يدى أمر المؤمنين من أمة محمد يَلللَدٌ بالجهاد؛ وهذا قول الطبرى» وهو ظاهر وصف الآية 23 . هذه كلمة نقلها القرطبى» وقد اختار من قبله شيخ مفسرى الأثر ابن جرير ذلك» وقد ارتضى ألا يتعرض لأولئك الأقوام من هم؟ إذ لو كان فى ذكرهم فائدة لذكرهم القرآن» أو لذكرتهم السنة النبوية. وإن المفسرين السابقين قد نهجوا على أساس أن الموت حقيقى حسىء» وأن أولئك قد ماتوا حسًا وأحياهم الله سبحانه وتعالى حساء وإن ذلك بلا ريب يكون فيه مع إعلامهم بأن الموت لا مناص منه» بيان لقدرة الله الخارقة للعادات» المتحكمة فى السنن الكونية» فلا تخضع لهذه السنن؛ لأن الله منشئها. ولقد جاء من بعد أولئك المفسرين السابقين الأستاذ الشيخ محمد عبده. فرأى أن الموت معنوى» والحياة حسية» فرأى رضى الله عنه أن الموت هو موت الأمم» والحياة هى حياتهاء وموت الأمم بتفرق كلمتها وذهاب وحدتهاء وضرب الذلة عليها؛ وأن حياتها هى اجتماع كلمتهاء ونيل عزتهاء وتولى أمرها بنفسها؛ وخروجها من ديارها أن يتحكم فيها عدوهاء فإنها تكون غريبة فى أرضها ما دام لاأمر لها فيهاء وقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة» ولنترك الكلمة له كما رواها تلميذه السيد رشيد رضا رحمه الله تعالى» فقد قال: «أطلق القرآن القول فى هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم ولم يعين عددهم ولا أمتهم ولا بلدهمء ولو علم لنا خصيرا فى التعيين والتفصيل لتفضل علينا بذلك فى كتسابه المبين» فلنأخذ القرآن على ما هو عليهء لا ندخل فيه شيئًا من الروايات. .77١ص أحكام القرآن للقرطبى ج”‎ )١( لم تفسير سورة البقرة موبلالل الإسرائيلية التى ذكروهاء وهى صارفة عن العبرة» ولا مزيد كمال فيها. المتبادر من السياق أن أولتك القوم خرجوا من ديارهم بسائق الخوف من عدو مهاجم لا من قلتهم» فقد كانوا ألوفا أى كثيرين» وإنما هو الحذر من الموت الذى يولده الجبن فى أنفس الجبناء» فيريهم أن الفرار من القتال هو الواقى من الموت» وما هو إلا سبب الموت. . ولما خرجوا فارين «فَقَالَ لهم الله موتوا 4 أى أماتهم بإمكان العدو منهم؛ فالأمر أمر التكوين» لا أمر التشريع؛ أى قضت ستته فى خلقه بأن يمموتوا بما أوتوه من سبب الموت؛ وهو تمكين العدو المحارب من أقفائهم بالفرارء ففتك بهم وقتل أكثرهم؛ ولم يصرح سبحانه بأنهم ماتوا؛ لأن أمر التكوين مشيئة الله سبحانه. . ثم أحيّاهم 4 إنما يكون الإحياء بعد الموت؛ والكلام فى القوم لا فى أفراد. . . فمعنى موت أولئك القوم أن العدو نكل بهم فأفنى قوتهم» وأزال استقلال أمتهم. حتى صارت لا تعد أمة» بأن تفرق شملهاء وذهبت جامعتهاء فكان من بقى خاضعين للغالبين» ضائعين فيهم مدغمين فى غمارهم لا وجود لهم فى أنفسهم» وإنما وجودهم تابع لوجود غيرهم؛ ومعنى حياتهم هو عودة الاستقلال إليهم؛ ذلك أن من رحمة الله تعالى فى البلاء يصيب الناس أنه يكون تأديبًا لهم» ومطهر]ً لنفوسهم مما عرض لها من دنس الأخلاق الذميمة. أشعر الله أولئك القوم بسوء عاقبة الجبن والخوف والفشل والتخاذل بما أذاقهم من مرارتهاء فجمعوا كلمتهم» ووثقوا رابطتهم؛ حتى عادت لهم وحدتهم قويةء فاعتزوا وكثروا إلى أن خرجوا من ذل العبودية التى كانوا فيها إلى عز الاستقلال. فهذا معنى حياة الأمم وموتها»(©. وهذا نظر الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبدهء ونراه نظر إلى مرمى الآية الكريمة» وهو يتجه إلى أن الموت والحياة هو موت الآمم وحياتها؛ وموت الأمة ليس بموت أحادهاء إنما هو بذهاب الجامعة التى تربطهاء واندغامها فى غيرهاء حتى لا يصبح لها كيان قائم بذاته؛؟ وحياتها هى عودة هذه الوحدة الجامعة» والعزة المسيطرة والكيان المستقل . . 40 ١ص تفسير المنار ج7'‎ )١( تفسيرسورة البقرة مالل الل 0 وبعد هذا العرض الذى سقناه بيانًا لآراء العلماء أجد فى نفسى ميلا لأن أعتبر الحياة التى منحهم الله سبحانه وتعالى ليست تلك الحياة المادية فى الدنيا بإعادة الروح إلى العظام واللحم؛ وإن كان ذلك فى قدرة الله سبحانه وتعالى؛ ولو كانت الآية فى مقام إثبات البعث والنشور لقررنا ذلك وقلنا إن الآية لا تحتمل سواهء ولكن المقام هنا هو مقام الحث على القتال والتحريض عليه وسوق القصص الدالة على وجوبهء ليكون حفاظًا للأمم» وسياجًا لوجودهاء فيكون الإحياء بمعنى غير إعادة الروح إلى الجسد فى هذه الدنياء وعلى ذلك لا مناص لى من أن أختار أحد أمرين : أولهما: أن نقول إن الحياة هى حياة الأمم برد عزتها بعد أن فقدتهاء والموت هو موت الأمم بذهاب جامعتها على النحو الذى بينه الأستاذ الإمام؛ فالحياة والموت هنا معنويان» والقرآن الكريم قد أطلق الحياة والموت على الأمور المعنويةء «9يا أَيّْها الّذِينَ آمنوا استجيبوا لله وللرّسُول إذَا دَعَاكُمْ لما يُحْيِيكُم. . . 527 4 [الأنفال] وقال تعالى : «( أَوَ من كان ميتا فََحينَاهُ وجَعلنَا لَه نورا يَمّشي به في النّاس كَمِن مَكلّهُ في الظُلّمّات ليس بخارج منها .. . 29 4 [ الأنعام ] . وإنا إذا اخترنا ذلك المنهاج الذى نهجه الأستاذ الشيخ محمد عبدهء فإننا نقرر أن الله سبحانه قد ذكر لنا فى آية آخرى فى بنى إسرائيل أنهم تفرقوا فى الصحراء تائهين عندما عجزوا عن دخول الأرض المقدسة مع موسى فذهبت وحدتهم» حتى إذا رد إليهم بأسهم وقويت نفوسهم بالحياة البدوية جمعهم الله فأحياهم وجعلهم جماعة تقاتل فى ظل النبيين. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك فى سورة المائدة فقد قال تعالى فى مجاوبة بنى إسرائيل لموسى عندما دعاهم إلى القشال ليدخلوا الأرض المقدسة: طقَالُوا يا مُوسئ إِنَا ن نَدخَلَها أبَدا ما دَامُوا فيها فَاذْهَب أنت وربُك فقاتلا إِنّا هاهنا قاعدون 227 قَالَ رب إِنّي لا أَملك إلا نسي وأخي فَافْرق يتنا وبين القوم الفاسقين +(2) 4 [المائدة ] . تفسير سورة البقرة عي 40 فهؤلاء الذين تاهوا فى الأرض قد ماتت وحدتهم» وقد أحياهم الله سبحانه من بعد بجمع كلمتهم فى عهد الملوك والنبيين. وإنه ليزكى ذلك النظر أن الآيات من بعد ذلك فى قتال بنى إسرائيل مع ملوكهم وأنبيائهم» وانتصارهم وهم فئة قليلة مع داود عليه السلام على أعدائهم وقد كانوا كثيرين. الأمر الثانى: الذى تحتمله الآية الكريمة فى معنى الحياة والممات: أن يكون المراد الموت الحقيقى بموت أكثرهم» وتشتت باقيهم؛ وذلك لأن حذر الموت جعل عدوهم يعمل سيفه فى رقابهم حتى أباد خضراءهم» واجتث شأفتهم؛ والحياة من بعد ذلك هى الحياة الآخرة» وما يجرى بعدها من حساب وعقاب؛ فهم قد أذاقهم الله سبحانه وتعالى بها مغبة الجبن فى الدنياء وسيحاسبهم على ما كان منهم فى الآخرة؛ فهم بهذا قد خسروا الدنيا والآخرة» وذلك هو الخسران المبين. وقد يقول قائل: إن التعبير بالماضى والحياة فى الآخرة أمر مستقبل غيب الله سبحانه زمانه» وأكد وجودهء فنقول: إن التعبير بالماضى للدلالة على تأكيد أن الوقوع فى المستقبل منهاج قرآنى كما فى قوله تعالى : 9 أَنَئ أَمر الله قلا َستعجلوه .... 20 4 [النحل] ف (أتى) هنا بمعنى سيآتى» بقرينة «فلا تستعجلوه؛ ومثل قوله تعالى فى أهوال يوم القيامة: ا وَقَدمنًا إلى مَا عملُوا من عمل فَجعلناه هباء موا 22 4 [ الفرقان] . هذان هما الأمران» ولعل أولهما أبين وأوضح. ونحن إليه أميل. وقد يقول قائل: لماذا تستبعد الإحياء الجسمى فى الدنيا؟ أهو مستحيل؟ وجوابنا عن ذلك: إنه ليس بمستحيلء» ولكنه خارق للعادة» والله سبحانه وتعالى يسير أمور الناس على مقتضى ما سنه فى الكون حتى تقتضى حكمته خرق ذلك النظام ليكون حجة على رسالة رسول» وليس فى الآية ما يدل على ذلك» كما أنه لم يسق الآية لبيان البعث حتى يكون خرق سنن الله التى سنها فى الكون لبيان قرب البعث وقدرة الله عليه؛ إنما الأمر فى الجهادء ويناسب ذلك أحد المعنيين اللذين ذكرناهماء والأول فى هذا المقام أنسب» وهو على النحو الذى وضحناه يكون تمهيدا لبيان قصص بنى إسرائيل فى قتالهم . إ# تفسيرسورة البقسرة الملل لللل لوالا « إن الله لذو فَضل عَلَى النَّاس وَلَكن أكثْرَ النّاس لا يشَكْرُون 4 بعد بيان حال الذين فروا من الجهاد» وآثروا الدعة والراحة فلم يأحذوا الأهبة للقاء عدوهم الذى يتربص بهم الدوائر» وينتهز أية فرصة لينقض عليهم؛ بعد بيان حال هؤلاء وأنهم يفرون من الموت فى شرف إلى الموت فى خمسةء ومن الموت العزيز الكريم» إلى الموت الذليل الذى يدفع إليه الطبع اللئيم؛ بعد هذا كله أشار سبحانه إلى فضله تعالى على الناس أجمعين؛ وإن الإشارة إلى فضل الله تعالى فى هذا المقام تنبيه للعقول الغافلة» وإيقاظ للأفكار الراقدة إلى عظيم نعمته تعالى على الناس فى أنفسهم وفى اجتماعهم؛ وذلك لأنه سبحانه وتعالى أنشأ النفوس الإنسانية» وأودعها الإلف والائتلاف» وبذلك يتكون الاجتماعء. ويعاون كل امرىء الآخرين» وبفضل التعاون تقوم الأمة. ويشتد ساعدها؛ ولقد أودع الله سبحانه وتعالى مع تلك النعمة المؤلفة الرابطة قوة أخرى فى الإنسان» وهى القدرة على الدفاع عن النفس» ومغالبة الذين يصاولونه» ويريدون به الأذى» من أعداء مغيرين» أو حيوان مفترس؛ فبهذه القوة الخلقية التى أودعت نفسهء وبتلك القوة الجسمية المكافحة يصاول أعداءهة. ويحمى أولياءه؛ ومن مزيد فضله على الناس أن أباح الدفاع عن النفسء» والقتل فى سبيل ذلك» كما قال تعالى: «إأَذن للّذِينَ يقاتلوت بأنّْهم ظلموا وإِنَ الله على تصرهم قير 5 4 [الحج]. ومن فضل الله على الناس أن مكن للمظلوم من ظالمه» وللمعتدى عليه من المعتدى إذا أخذ المظلوم فى أسباب دفع الظلم واستعدء ولم يمكن الظالم من رقبته؛ فإن مات فى سبيل ذلك مات شهيداء وجعل الله سبحانه وتعالى له فى الآخرة نعيمًا مقيمّاء وثوايًا دائماء واعتبره أفضل الأحياء؛ كما قال تعالى: «ولا تَحسَبِن الذين قَُنُوا في سبيل الله أمُوانًا بل أَحياء عند ربهم يررَقُونَ +23 4 [آل عمرات] . واعتبر سبحانه وتعالى الجهاد فى الدفاع عن الحوزة والديار مادام عادلا» جهادًا فى سبيله سبحانه وتعالى. ا «جبلبب_-مة يي كل هذا من فضل الله على الناس 8 ولكن أكثر الثاس لا يشكرون» لا يشكرون هذه النعم ويقومون بحقها عليهم» فإن شكر النعم: أن يحس المنعم عليه بفضل المنعم» ويحملده ويثنى عليهء ويقوم بحق الإنعام بأن يجعل ما أنعم الله به عليه لخيره وخير الناس» ويستعمله فيما أحله سبحانه. وأكثر الناس قد كفروا هذه النعم؛ فمنهم من أشرك مع المنعم سبحانه غيره من أحجار وأوثان وشمس وبقر ونار» فطمس الله على بصيرتهم؛ ومنهم من كفر بما أودع الله نفسه من قوة» فاستخذى واستكان» ورضى بالمكان الدون» والمنزل الهون؛ ومنهم من تقاعس فى الدفاع عن حوزته ودياره وهو على ذلك قادر حتى أبيح الحمى وهدمت الديار؛ ومنهم من فر من لقاء الأعداءء حتى آل إلى الموت الخسيس» وقد جهل نعمة الله على الناس» وسئنه فيهم وهى أنه لا ينجى من الموت إلا الإقدام على الموت مدرعًا بكل وسائل القتال والدفاع؛ وأن من يطلب الموت ينال الحياة » ومن يفر من الموت الشريف يطلبه الموت الذليل تلك سنة الله فى خلقه» ولن تجد لسنة الله تبديلا . هذا موضع قوله تعالى: إن الله لَدذُو فَضل على النّاس ولكن أكثر الناس لا يَشْكُرُونَ 4 فى مقام بيان عاقبة الذين يتركون الجهاد ويفرون حذر الموت» وهو يدل على أن أولئك الفارين لم يقوموا بحق المنعم الذى أنعم عليهم؛ إذ لم يطيعوه بأخذ الأهبة والاستعدادء ولم يعتمدوا عليه سبحانه بعد أن يأخذوا بالأسباب» وكفروا بأنعم الله عليهم ولم يقوموا بحقها فعطلوا قواهم ورضوا بالفرار والعار» وعندهم القدرة على الدفاع مستعيئين بالله سبحانه . وقد قال تعالى فى وصف ذاته الكريمة:.« إن الله لذو فَضْل على النّاس 4 أى لصاحب فضل دائمًاء أى أن الفضل على الناس بلازم ذاته الكريمة» فهو المتفضل سبحانه وتعالى دائمًا؛ تفضل بالإيجاد»ء وتفضل بإيداع القوى» وتفضل بسن السنن الكونية والشرائع الهادية» والإرشاد القويم؛ وتفضل بأن أقام الأمور على الحق والقسطء وأن الخير يدفع الشرء وأهل الحق يدفعون الباطل وأنصارهء وأن 9 تفسيرسورة البقرة المعتدى عليه يدفع اعتداء المعتدى» وفى كل ذلك صلاح الأرض 9 ... ولولا دقع لَه اناس بَعْضَهُم ببَعْض لَفَسَدت الأرض ولكن الله ذو فَضْل عَلَى الْمَلَمِنَ 20> »4 [البقرة ] . وقَاتلوا في سيل الله وَاعلّمُوا أن الله سميع عليم 29# 4 هذه الآية الكريمة استئناف مترتب فيه الآمر الملزم بالقتال على القصة المشار إليها آنفّاء فإنه إذا كان الخروج من الديار حذر الموت يؤدى لا محالة إلى الموت» فإنه من الواجب القتال فى سبيل الله تعالى ورد الاعتداء؛ وإذا كان الموت فى القتال محتملا أو راجحاء فالموت فى الفرار والخروج من الديار حذر الموت مؤكد لا محالة؛ ولو خير العاقل بين موت احتمالى وفيه الفخارء وموت مؤكد وفيه العارء لاختار بلا ريب القتال. وإن القتال فى سبيل الله هو الحياة الكاملة؛ فإن قتل فى ذلك فقد رزق الشهادة» وهى رزق يتنافس فيه المؤمنون» ويطلبه المتقون؛ وسبيل الله هي سبيل الحق؛ فكل قتال لأجل الدين والدفاع عنه فهو قتال فى سبيل الله» وكل قتال فى سبيل الجماعة هو قتال فى سبيل الله ما دام القتال عادلاء 'وقتال المرء دون عرضه هو قتال فى سبيل اللهء وقتاله دون ماله هو فى سبيل الله سبحانه(2. فكل قتال لدفع الظلم وإعلاء منار الحق هو من القتال فى سبيل الله سبحانه» ولقد قال الإمام مالك رضى الله عنه: (سبل الله كثيرة) وكل طريق للوصول إلى الحق أو حمايته أو الدفاع عنه هى من سبل الله سبحانه وتعالى. ش والخطاب فى الآية الكريمة: ط وَقَاتلوا في سَبيل اللّه4 للمسلمين أجمعين فى كل الأجيال وفى كل العصورء ولم يقل فى هذه الآية كما قال فى غيرها: (١‏ وقاتلوا في سبيل اللّه اْذين يقاتلوتكم ولا تَعتَدُوا ... ذه 4 [البقرة] مع أن أصل القتال فى الإسلام لدفع الاعتداء فقطء لم يقل سبحانه وتعالى ذلك إلا شار إلى أمرين )١( ٠‏ عن سعيد بن ريد قَالَ: ممعت رَسُول الله كل يقول: «من قعل دون ماله فهو شَهِيدٌء ٠‏ ومن قل دولا ديئه َهْوَ شهيد» ومن قل دون دم فَهُوَ شهسيد ومن قل دون أهله فهو شتهسيد) قَال: هَذَا حديث حَسن صحيح . ٠‏ [سنن الترمدذدى: : كتاب الديات - من قتل دون ماله فهو شهيد .])١"41(‏ # تفسير سورة البقرة 3 أولهما: وجوب الاستعداد الدائم للقتال فإ حب الغلب فى فطرة الإنسان» وتوقع الاعتداء مع ذلك أمر لابد منه كما قال تعالى: : « وأعدوا لَهُم ما استطعتم من قو ومن باط الْخيل ترهبُون به عَدرٌ الله وعدوكم ... 220 4 [الأنفال] ولا شىء يمنع الاعتداء أكثر من الاستعداد لدفع الاعتداء فلو كان للحَمل ناب ما عدت عليه الذئاب؛ ولو كان للظبى ظفر وناب ما افترسته أوابد الوحوشس. ثانيهما: القتال فى سبيل نصرة الحق ودفع الظلم ومعاونة المظلومين ضد الظالمين؛ وذلك حق على كل مسلم وإن لم يكن الاعتداء واقعًا عليه؛ فالقتال لدفع الظلم وإقامة الحق قتالا عادلا وهو قتال فى سبيل الله سبحانه ولو لم يقع الاعتداء على شخص القاتل؛ لأن ذلك من قبسيل الأمر بالمعسروف والنهى عن المدكر (( كنم حير َم أخْرِجَت للناس تَأمْرونَ بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ... 12> 4 [آل عمران] . ولقد بارك النبى يكلهِ حلف الفضول» وقد كان عهدا بين المتحالفين أن ينصروا المظلوم على الظالم(1 . ولقد عطف الله سبحانه وتعالى على الأمر بالقتال قوله تعالى: « واعلّموا أن الله سميع عليم 4 فهو أمر منه سبحانه بأن يتذكروا دائمًا أن الله سبحانه وتعالى سميع لكل أقوالهم التى ينطقون بها سواء أكانت تلك الأقوال تدل على رغبة فى الجهاد وطلب للاستشهاد» أم كانت هذه الأقوال مخذلة معوقة للمجاهدين الأبرار من مثل قول: لو كَان لَنا من الأمر شيء ما قَُنَا ها هنا ... . +428 4 [آل عمران] ومثل قول: « ليس لَك من الأمْر شيء ... +479 4 [آل عمران] وإنه سيجازى كل واحد بقوله» إن خيرا فخير» وإن شرا فشر. وكما أمرنا أن نتذكر دائما أنه سميع لنشعر برقابته على أقوالناء أمرنا بأن نتذكر بأنه عليم بخواطرنا وبالدوافع التى تدفعنا إلى القتال» فهو يعلم الوساوس التى تلقى فى النفس ضعمًا يظهر على الشفاهء وتعلنه الأفعال» ويعلم البواعث التى تدفع إلى القتال أهى فخار ورغبة فى دنيا يصيبهاء أم لتكون كلمة الله هى العلياء . راجع فى ذلك: فتح البارى (70؟١) - لا حلّف فى الإسلام‎ )١( ا تفسير سورة. البقرة" الملل اا6ا10االللل ااا ااا 2 ورم منار االحق» وخفض الباطل؛ فإن كانت الأولى فقد ذهب ثوايه بما أصاب من دنيا قصدهاء وإن كانت الثانية فكل خطوة خطاها لها ثوابهاء وكل مقام شهده له أجره؛ وإن ظفر بالشهادة فقد ظفر بغاية الغايات للمؤمن الصبور التقى الطاهرء والله سبحانه عليم بحال المقاتلين: اندفعوا فى قتالهم إلى الاعتداء» أم ساروا على الطريق المستقيم» فلا اعتداء فى قتال» فلم يقتلوا غير مقاتل» ولم يقاتلوا من لا يقاتل . هذا هو الجهاد فى الإسلام: دفاعًا عن الذمارء وطلبًّا للحياة الكريمة فى الوغى حيث يحمى الوطيس» ويكون الموت قد فغر فاه» وحيث المنايا تعددت طرائقها؛ وإن المجاهد فى الإسلام إنما يخط بسيفه نور الحق فى وسط ظلمات الباطل؛ وإن الجهاد لسبيل لإعلاء كلمة الله حيث يشتد الظلم»ء ويستغلظ الظالمون» ويريدون أن يلتهموا الآمم والجماعات» ويبيدوا خضراءهاء فعندئذ يكون القتال فى الإسلام» ومن يفر منه حذر الموت فإنما يفر من العزة إلى الذلة» ومن الحياة الكريمة إلى الموت؛ ولذلك قال على بن أبى طالب: (الجهاد باب من أبواب الجنة) وعند الله النصر المبين. من دا الى يقر ضٌأَلَهََرَصبَاحَسَم فيِضَعِفَه ضاق كير وَاهيَفِْسُ ينظ ولك هيجوت 22 بين الله سبحانه وتعالى أن الجهاد سبيل لحياة الأمم. والقعود عن الدفاع سبيل لفنائهاء وبذهاب دولتهاء وتقطع وحدتهاء وفقد لكيانها المجتمع» وأمرها المؤتلف». وأنه لاسبيل لأن تعيد الجماعة قوتهاء ودولتها إلا بالجهاد والاستعداد له؛ ففى الاستعداد للجهاد الحياة» وبالجهاد ترد الحياة؛ والجهاد فى أدق معناه هو تعرض النفس للتلف ليبقى المجموع, فهو إيثار بالنفس» وبذل للمهج والأرواح»؛ وتقدم للبأس من القادرين؛ بيد أن الجهاد لابد له من عدة وعتاد» وشكة وسلاح؛ ولابد له من أن تكون الكلمة موحدة» والقوى مجتمعة بالتعاون بين الغنى والفقير؛ فإذا كان تفسير سورة البقرة آئ ل 4 حب ل الجهاد بذلا للأنفس والمهج فى سبيل حياة أعز فلابد فيه من بذل المال؛ فالجهاد بذل للنفس والنفيس معًا؛ ولذا أردف سبحانه الأمر بالقتال بعد ضرب الأمثال» بالأمر بالبزل والعطاء. فقال عز من قائل: طمن ذا الذي يقرض الله فَرْضًا حسنًا 4 القرض: أصل معناه اللغوى: القطع, ومنه المقراض» ثم أطلق على معنى المجاوزة؛ لآنها قطع للمكان؛ ومن ذلك قوله تعالى: «وَإِذًا عربت تُقرضهم ذات الشمال ... 4407 [الكهف] أى تتجاوزهم وتدعهم إلى أحد المكانين؟؛ ومنه انقرض القوم أى انقطعوا من الدنيا وتجاوزتهم. وسمى إسلاف المال وبذله فى سبيل الخير قرضًا لأنه يقتطع من المال الملدخرء وينتقص منه» والمال نظير النفس فكأنه يقتطع من النفس؛ ولذلك كان الجواد شجاعا عادة؛ لأن بذل النفيس كبذل النفس كلاهما ينبع من نفس واحدة فالجود والشجاعة صنوان أو أخوان لا يولدان إلا من أب واحد» ولا يترعرعان إلا فى منبت واحد وبيئة واحدة» والبخل والجبن أخوان منبتهما واحد. ومولدهما واحد؛ فالبخيل جبان فى مجرى العادة» وقد دل على ذلك الاستقراء. والقرض بعد هذا البيان هو إسلاف المال فى السبيل الحسن لمعاونة صديق أو سد حاجة معوز أو حماية الدولة أو إغاثة ملهوف على أن يرد مثله من غير وكس ولا شطط؛ وقد يكون من جنسه مالا بمال» وقد يكون العوض أزكى من المال وأنمى منهء وأنفع وأبقى» وذلك هو الإسلاف فى سبيل الخير غير مبتغ جزاء ولاشكور) إلا من خالق الناس مالك الملك ذى الجلال والإكرام. والزمخشرى يرى إطلاق القرض على بذل المال من غير رجاء لرد البدل فى الدنيا إطلاقا مجازياء كأنه يرى ‏ رحمه الله أن القرض فى حقيقته اللغوية» إسلاف المال على أن يأخذ بدله؛ لأن ذلك هو الحقيقة التى آل إليها اللفظ بعد انتقاله من معنى القطع المجرد فيكون استعمال القرض فى هذا الموضع من قبيل المجاز فى نظر الزمخشرى؛ فقد شبه هنا بذل المال فى سبيل الخير ورجاء ما عند الله ورضوانه والثواب المقيم فى الآخرة» والتوفيق والبسط فى الرزق فى الدنيا؛ شبه هذا بمن يبذل المال ليرد عليه مثله» فعبر باللفظ الدال على المشبه به فى معنى المشبه . 3 #ا تفسيرسورة البقرة معناها من غير مجاز؛ لأن معنى القرض ثابت؛ إذ إنه اقتطاع من مدخر المال» لمن يعطى سماحًا جوادًا من غير من ولا أذى. والقرض الحسن المذكور فى الآية الكريمة» هو القرض الذى يكون منبعًا من نفس طيبة بالعطاء. قاصدة وجه الخير ورضا الله سبحانه وتعالى» ومتحرية موضع الإنفاق وزمانه» فالقرض الحسن فى هذا المقام لابد لتحققه من أن يكون الباعث عليه خيرا مقصودا به وجه الله تعالى» فلا ينفق رثاء الناس» ولا ينفق ابتغاء جاه ولا مَلَمَا لذى جاه كأولئك الذين يتصدقون بالصدقات العظيمة لإرضاء كبير مسيطرء لا يقصد الصدقة لذاتها ولا وجه الله فيهاء ولا المعاونة لمستحقيهاء وإغما يقصد إرضاء الكبير فقط؛ وإن ذلك هو الشرك الخفى؛ ولقد روى أن النبى يَكِلْهِ قال: «من تصدق يرائى فقد أشرك)7' . ولابد لتحقق القرض الحسن أن يتحرى الشخص موضع الحاجة فيسد حاجة المعوزين» وينفق على المحتاجين» يؤثر أشدهم حاجة؟؛ فالأدنى منه» ما وسع فضل ماله؛ ثم ينفق فى المصالح العامة لإقامة مشروعات اجتماعية أو عمرانية» والإنفاق للجهاد فى سبيل الله هو المرتبة السامية العليا. هذه معانى القرض الحسن فى ذاتها ولبها؛ وما المراد به هنا؟ أيراد به المعنى العام الشامل» أم يراد به المعنى الخاص الذى يدل عليه ما قبل الآية ومابعدها؟ إن الاتجاهات فى هذا ثلاثة: أولها: القرض الحسن هنا هو المعنى العام له وهو كل إنفاق فى سبيل الخير» سواء أكان الإنفاق لسد حاجات المحتاجين من الآحاد» أم كان للمصالح التى يعم ل تفسير سورة البقرة 5 نفعهاء ويشمل خيرهاء أم كان فى الجهاد فى سبيل اللهء ووجهة هؤلاء فى هذا العموم أن كل ذلك يضاعف الله فى جزائه» وذلك قرينة العموم» والمقام لايمنعه؛ لأنه يدخل فيه الجهاد. وثانيها: أن القرض الحسن ما ينفق فى سبيل المصالح العامة من إنشاء جماعات للبر بكل ضروبه والإنفاق عليهاء ومن بذل فى سبيل إعداد الأمة إعدادًا حربيا؛ لأن كل ذلك تقوية للوحدة فى الأمة» وهو من عدة القلوب» فالتعاون فيه قوة» بل هو عماد القوة. وثالفها: أن المراد الإنفاق فى الجهادء بدليل توسط الآية بين الآيات الدالة على القتال المحرضة عليه؛ فهى تخص البذل فى القتال» وهو فى ذاته أقواها أثراء والمقام يؤيد إرادته . وعندي أن السياق حقا يجعل القرض الحسن فى هذا المقام متجها أولا وبالذات نحو البذل لإعداد العدة وأخذ الأهبة؛ ليتحقق على الوجه الأكمل قوله تعالى : ط وأَعدوا لَهُم ما استطعتم من قَُة... 1 4 [الأنفال] ولكن ذلك لا يمنع الشمول» فإن الله سبحانه وتعالى يأتى بالعبارات السامية المحكمة الشاملة فى معناها فى مقام يستدعى ذكرها لوجود حال تدخل فى العموم» فلما ذكر القتال ذكر معه وجوب البذل عامة كقاعدة شرعية وأصل من أصول الاجتماع الإسلامى الفاضل» ودخل فى هذا العموم البذل فى القتال على وجه الخنصوص وخصوصيته جاءت من السياق القرآنى السامى. ولقد حث المولى الكريم عباده المؤمنين على البذل والعطاء لمعاونة المحتاجين» وعلى الإنفاق فى مصالح الاجتماع» والإنفاق فى الحروب بشكل خاص» وقد جاء النص الكريم متضمنًا بعبارته وإشارته أبلغ ما يدل على التحريض على البذل» والدعوة إليه؛ وإنا نذكر قدرً ما وصلت إليه مداركنا. وأول ما يدل على المبالغة فى الحث على البذل فى الخير التعبير بقوله تعالى طمن ذَا الذي يقرض الله فَرضا حَسا 4 فقد تضمن ذلك التعبير الحث على البذل من عذة وجوه: 1 تفسيرسورة البقرة الل 2 منها: التعبير بالاستفهام؛ فإنه للتنبيه وبعث الأذهان وحفز العقول على الالتفات. :وبمقدار الوعى عند الاستماع تكون الإجابة وبمقدار الحث على الانتباه يكون الطلب. ومنها: أنه جمع الإشارة والموصول فى الاستفهام فقال من ذا الذي 4 وفى ذلك بيان لعلو شأن من يبذل؛ فإنه لا يستفهم «إمن ذا الذي # إلا إذا كان المقام ذا شأن وخطرء وكان موخ ضع الاستفهام خطيرً وعظيمًا وكان المخاطب له شأن. جليل إلى درجة أن يشار إليه» ويتحدث عنه؛ فالإشارة كناية عن أنه يشار إليه فى كل أمر جليل» والموصول كناية عن أنه يتحدث عنه عند ذكر كل أمر جليل . ومن وجوه الحث على البذل فى الجملة السامية: أن الله سبحانه وتعالى سماه قرضا؛ لأن فيه إشارة إلى أنه سيرد لصاحبه» وأنه ليس مالا يبذل من غير بدل يعود إليه؛ بل إن له بدلا أسمى منهء وعوضًا أجل وأعظم؛ واعتبره سبحانه قرضا لله تعالى؛ وأى سمو تعلو إليه نفس الباذل عندما يحس بأن المقتترض منه هو رب العالمين» الذى يملك كل شىء وهو خالق كل شىء؟ أى كلام يحرض على البذل أبلغ من أن يسمى فعله قرضًا لله المنعم بالوجودء والمالك لكل موجود؟ ثم إن القرض لله تعالى قرض مضمون الوفاءء مؤكد الأداء. ومن وجوه الحث على البذل فى التعبير السامى: أن سماه سبحانه قرفي حسنًا؛ فهو حسن فى باعثه» وفى عطائه» وفى نتيجته وثمرته. وقد ذكر سبحانه بدل القرض فقال: « فَيُضاعفه لَه أضْعاهًا كنيرة 4 . وهذا هو الأمر الثانى الذى يدل على المبالغة فى الحث على البذل والعطاء فى سبيل الجهاد والنفع العام؛ فإذا كانت الجملة السابقة تدل على علو شأن الباذل الذى يعطى وعظم البذل فى سبيل الخير والعطاء» وشرف ذلك العمل لأنه عطاء لله العلى القدير مالك كل شئ؛ إذا كانت الجملة السامية التى سبقت تدل على ذلك» فإن هذه الجملة الكريمة تحرض على العطاء من ناحية العوض الذى يعوض عنهء فإنه ليس بقدرهء بل هو أضعافه. اه تفسير.سورة البقرة.' لال م تحب ل والفّعف: مثْل الشىء» وضعفاه أى مثلاه» وقد يراد من الضعف الثلان» وقد جاء فى القاموس المحيط ما نصه: (ويقال لك ضعفه يريدون مثليه وثلاثة أمثاله؛ لأنه زيادة غير محصورة) وقد جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى: (الضعف من الألفاظ المتضايفة التى يقتضى وجود أحدهما وجود الآخر كالنصف والزوج» وهو تركب قدرين متساويين» ويختص بالعدد فإذا قيل أضعفت الشىء وضعفته وضاعفته ضممت إليه مثله فصاع دً؛ قال بعضهم: ضاعفت أبلغ من ضعفت). ومن هذا يتبين أن (يضاعف) فى الآية الكريمة معناها يرد إلى الباذل المعطى المقرض لله بدلا ما أعطى أمثالا كثيرة؛ فمعنى أضعافًا: أمثالا كثيرة. ولم يذكر سبحانه وتعالى العدد»ء وذلك يدل على الكثرة الكاثرة التى لاحد لهاء ولا عدد يحصيها؛ وحسبك أن تعلم أن الذى يوفى بالقرض هو مالك السموات والأرض. وإذا علم الباذل أن ذلك جزاء عطائه وإنفاقه» فلابد بالغ أقصى غايات الجودء باذأل كل موجودء وليس بذاهب ما يكون فى سبيل الخيرء ولا ضائع ما يكون فى سبيل النفع العام . وما هذا الجزاء؟ أهو فى الدنيا أم فى الآخرة؟ لا شك أن ثمة جزاء فى الآخرة وأن جزاءها هو الجزاء الأوفى» والغاية القصوىء. والأمل المرجى لكل مؤمن؛ وإن فيها للذين أحسنوا الحسنى وزيادة. وإنه مع ذلك الجحزاء الأوفى يوجد جزاء دنيوى» ومضاعفة لفعل الخير فى هذه الحياة تبدو لكل من يفهم معانى الحياة» وإن هذا الجزاء الدنيوى هو العيش العزيز» والحياة الكريمة له ولقومه» ودفع الهلاك عن أمته؛ فإن بذل المال دفاعا عن الحوزة هو الحياة» وهو أقصى غاية الوجود بعد بذل النفس؛ ولذا اعتبر من لم ينفق قد ألقى بنفسه فى الهلكة» كما قال تعالى: « وأَنفقُوا في سبيل الله ولا دلوا بأيديكم إِلَى 9 ا تفسيرسورة البقرة وليس بذل المال للجهاد هو وحده الذى يكون فيه الجزاء الدنيوى ودفع الهلاك عن النفس» بل سد حاجة المعوزين وإعطاء المال للسائل والمحروم فيه عزة الأمة؛ لأنه لا عزة لأمة لا تدفع المتربة عن آحادها وتذل فقراءها؛ ولئن تململوا بحياتهم لكان التقاطع والتنابزء ومن وراء ذلك الفراب» وأن يكون بأس الأمة بينها شديداء هذا فوق أن البذل فى سبيل الله والإنفاق فى سبيل الخير والتفع العام والمصالح الإنسانية يلقى فى النفس سعادة واطمئنانًا لا يشعر بهما إلا الأبرار؛ وإن الله يبارك فى رزق الذين ينفقون» فوق غنى النفس الذى تمتلئ به النفس؛ وقد قال يك: اليس الغنى عن كثرة العرضء ولكن الغنى غنى النفس)!" . فالبذل والعطاء فى سبيل الخير يدفع ضراء ويقى من شرء ويحمى الجماعة من الآفات» ويسعد النفس» ويبارك فى رزق المعطى» ويكثر قوى الإنتاج فى الأمة» فتقوى الأيدى كلها على العمل فيعم الخير» وتكثر الثمرة» ويكون الإنتاج الطيب الذى يعم ولا يخص. فمن أعطى قليلا يأخحذ كثيرا فى نفسه وقومه وأهله ك0 وعشيرته. وقد ذكر سبحائه أن الأرزاق كلها بيد الله» فعلى كل امرئ أن يعرف أن الغنى ليس بالعمل فقطء بل بتوفيق الله تعالى وتقديره وهو العزيز العليم؛ ولذا قال تعالى : ظ واللّه يقبض ويبصط وليه ترَجعُون 4 . وهذا هو الطريق الثالث الذى اشتملت عليه الآية الكريمة فى الحث على البذل والعطاء فى سبيل الخير؛ فقد بين بهذا سبحانه أنه تعالى القابض الذى يقتر الرزق على من يشاء» ويبسط الرزق لمن يشاء؛ فعلى الغنى أن يستشعر فى نفسه أنه كان يجوز أن يخلقه الله فقيرا لا يستطيع إعطاء» فعليه أن يشكر النعمة التى أعطاها الله سبحانه وتعالى إياه» وإن شكرها أن يبذلها فى سبيل النفع العام؛ ثم ليعلم أن )١‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: الرقاق - الغنى غنى النفس (2)04560 ومسلم: الزكاة )١/541١(‏ عن أبى هريرة - رضى الله عنهما. ل )| تفسير سورة البقرة 00 حر لل ا: لمآل إليه سبحانه وتعالى؛ ولذا قال تعالى: « وإلَيْه ترجعون 4 أى إليه وحده ترجعون فيحاسبكم سبحانه وقد جردتم من كل قوة قاهرة» وكل سلطان ظاهرء ولم يكن معكم إلا عمل صالح. وهنا نشير إلى بعض اللمباحث اللفظية» وبعض المعانى الاجتماعية : أما المباحث اللفظية فهى معنى القبض والبسطء والسبب فى تقديم الجار والمجرور فى قوله تعالى: فإ وإلَيه ترجعون 4 . القبض معناه: جمع اليد على الشىء» ويقال حيكذ قَبّضته اليد» ويقال قبض عنه يده أى جمعها قبل تناوله» فلم يأخذهء وذلك يقال فيه إنه إمساك عنه. ويقال لإمساك اليد عن البذل قبضء ومن ذلك قوله تعالى: 9 ويقبضوت أيديهم ... زد 4 [التوبة] أى يمتنعون عن الإنفاق؛ ولذلك أطلق القبض على المنع» والبسط على العطاء؛ قال الأصفهانى فى قوله تعالى: «( يقبض ويبصط 4: (أى يسلب تارة» ويعطى تارة أخرى» ويسلب قوما ويعطى قوماء ويجمع مرة ويفرق أخرى) . والبسط معناه النشر والتوسعة» وبسط الرزق التوسعة فيه» والبسطة فى الجسم أن يكون مديد القامة بعيد ما بين المنكبين وذلك كناية عن القوة؛ والبسط المد» وقد يطلق ويراد به الصولة والقوة» كما يراد به الإعطاءء ومن الأول قوله تعالى: « ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ... +22 4 [الممتحنة] ومن الثانى قوله تعالى: « بل يَدَاهُ مبسوطتان ينفق كيف يَشاءً ... 322 © [المائدة ] . وتقديم الجار والمجرور فى قوله تعالى: ١‏ وَإِلَيه ترجعون 4 للدلالة على كمال سلطان الله سبحانه وتعالى فى الدنيا والآخرة» وأنه لا سلطان لأحد سوا ولا مرجع إلا إليه؛ فالمعنى: إليه سبحانه وتعالى وحده ولا أحد غيره ترجعون» تعادون بالبعث فى الآخرة» وترجعون إليه فى الدنياء فهو وحده فوق عباده يعز من يشاء ويذل من يشاءء ويقبض ويبسطء ويفرق ويجمعء وكل ذلك بأسباب وضعهاء وسنن أحكمها؛ فلا ينصر إلا من يعمل للنصرء ولا يخذل من أخذ الأهبة واستعد إل تفسيرسورة البقرة ااال لل للأمر» ولا ينصر بعد أذ الأسباب إلا أهل الحق 9 ولَيَنصرن الله من ينصره إِنّ الله قَوِي عزيز :5:0 4 [الحج] . وقد يقول قائل: إن الحكمة الإلهية قد اقتضت أن يكون كل عمل له نتائجه وثمراته»ء فمن يعمل خيراً يجد ثمرة عمله» ومن يَجَد يَجِدٌ نتائج جده؛ فالغنى والفقر ثمرتان للعمل والكسل» فمن عمل واتخذ الأسباب وسار فيها نال الثمرة» ومن كسل وأهمل ناله الفقر ولا يلومنٌ إلا نفسهء وقد تكرر فى القرآن أن الله القابض الباسطء وأنه الرازق» وأنه يرزق من يشاءء فكيف يوفق القارئ بين ذلك السنن الحكيم» وبين ذلك القول الكريم؟ ٠‏ ظ ونقول فى الجواب عن ذلك: إن على كل مؤمن أن يعملء وأن يجد ويجتهد» وعليه فوق ذلك أن يعلم أن الله هو الرازق» وأنه فوق كل شىء» وأنه القابض الباسط» وأنه الرزاق ذو القوة المتين» ولكل موضعه؛ وإن المستقرئ لشئون الناس وأعمالهم فى الحياة ونتائجها ينتهى به الاستقراء إلى أن الرزق لا يمكن أن يجىء ثمرة للعمل وحده.ء بل إنه يجىء مع العمل توفيق الله» ومصادفات قدرها العليم الخبير» اللطيف البصير؛ فائثنان يعملان عملا واحداء فيلقيان البذر بعد الحرث» ومع البذر السماد» والآأرض طيبة منتتجة» والرى متحد الزمان فى كليهماء ولكن زرع أحدهما قد يبتلى بآفة تس: منه فتبيده أو تكادء ولا تصيب زرع الآخر إلا قليلا» فيكون فى سعة والآخر قد قتر الله عليه فى الرزق؛ وقد تكون الثمرات متحدة فى النتائج والمقدار» ولكن أحدهما سارع بالبيع» فصادف غلاءء والثانى أخر فى البيع فصادف كسادًا؛ وقد يبيع هذا لتاجر حسن الأداء ملىء» والغانى يبيع لآخحر مثله؛ ولكنه قبل الأداء يضاب فى تمارته؛ وهكذا؛ فاتخاذ الأسباب أمر لابد منه؛ ولكن وراء الأسباب القدرة القاهرة التى هى فوق كل شىء.» وهى قدرة الله تعالى» فاتحاد الأسباب لا يستدعى اتحاد المصادفات ولا اتتحاد الفرص؛ واتحاد الفرص المهنية لا يوجب اتحاد الثنمرات والنتائجح؛ فقد تكون ثمة ملابسات لم تكن فى الحسبان» وما كان يستطيع تقديرها إنسان» وإن تقدير الإنسان مهما يكن من قوة هو فى دائرة القدرة الإنسانية» وهى محدودة اللأفق» محلودة ا _تفبسير سورة. البقرة : اللللل ئلا للا الغاية» وإن كان له سلطان على الأعمال فليس. له سلطان على النتائج والأحوال» ومن هنا كان الواجب على المؤمن أن يعمل ثم يفوض أمره إلى الله. ويقول: وأفُوَض أَمرِي إلى الله إن الله ببصير بالعباد 250 4 1غافر] . «واللّه يقبض ويبصط وإِلَيه ترجعون» وإذا كان الرزق بيد الله فعلى الغنى أن يعلم أن ما بيده فيض من الله تعالى القدير؛ وإذا كان فيضا من الكريم الحليم فعليه أن يشكر لله بإنفاقه فى الحلال دون الحرام» وفى إنفاقه على عيال اللهء وهم الفقراء الذين اقتضت حكمته تعالى أن يحرمهم مما أعطاهء وفى سبيل النفع العام الذى يقيم دولة إسلامية فاضلة» بها يعتز دين الله» وبها تعلو كلمتهء وبها يحق الله الحق ويبطل الباطل» وبها تعتز الفضيلة وتعلو الإنسانية» وعليه أن ينفق مال الله الذى أعطاه فى سبيل نصرة دينه وإعلاء كلمته؛ ولقد سمى الله سبحانه وتعالى ذلك كله قرضا حسنا له. وهو سبحانه وتعالى الذى أعطى والذى وهب ورزق؛ سبحانك ربى تعاليت» وإنك كما قلت فى كتابك المحكم: «فَإِنَ اللّهَ شاكر عليم +422 4 [البقرة]ء ولقد قال رسولك الآمين: «الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله»9© . لقد علم الأتقياء الأبرار فى كل العصور أن الأسباب مهما تكن قوية محكمة فإن النتائج بيد الله تعالى» ولأن كل الكون فى سلطان الله تعالى» كما قال سبحانه: 3 ... إن استطعثم أن تنذوا من أَْطَارِ السّموات والأرض فَانفذوا لا تنفذون إل بلطن :20 فبأي آلاء ربكم تبان :45 4 [الرحمن] . ولهذا المعنى بذلوا فى نصرة الله تعالى» فهذا أبو بكر فى الجسهاد يشطر ماله فى ذلك» وهذا عثمان بن عفان رضى الله عنه يجهز فى زمان العسسرة جيش تبوك من ماله إذ كان الناس فى عسرة وجدب» حتى يروى ابن هشام أن عثمان رضى الله عنه أنفق ألف دينار غير الإبل والزاد والعدة؛ فقال النبى َيِه : «اللهم أرض عن عثمان فإنى عنه راض»! . )١(‏ رواه أبو يعلى » والبزار عن أنس» والطبرانى عن ابن مسعود - رضى الله عنه . [جامع الأحاديث والمراسيل _- من الجامع الصغير وزوائده اج ص ؟1١"3].‏ 9 ل تفضسيرسورة البقرة وروى زيد بن أسلم أنه لما نزل قوله تعالى: «إمن ذا الذي يقرض الله فَرْضًا جسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة # جاء أنصارى اسمه أبو الدحداح فقال: فداك أبى وأمى يارسول الله! إن الله يستقرضناء وهو غنى عن القرض؟! قال: «نعم يريد أن يدخلكم الجنة»» قال: فإنى إن أقسرضت ربى قرضًا يضمن لى ولصبيتى الدحداحة معى الجنة؟ قال: «نعم». قال: ناولنى يدكء فناوله رسول الله يليد يده فقال: إن لى حديقتين إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية» والله لا أملك غيرهماء قد جعلتهما قرضا لله تعالى! قال رسول الله يكِيَةِ: «اجعل إحداهما لله تعالى والأخرى دعها معيشة لك ولعيالك» قال: فأشهدك يارسول الله إنى قد جعلت خيرهما لله تعالى» وهو حائط فيه ستمائه نخلة» قال: إذن يجزيك الله به الجنة220 , هذا هو الإيمان حقا وصدقاء وهذا هو شكر النعمة» وهذه هى المعاونة الصادقة» وهذه هى القوة الروحية التى تشع النور على الوجود الإنسانى؛ فهل للخلف أن يقتدوا بما كان يفعله السلف؟ وهل آن للمؤمنين أن يفدوا دينهم ودولتهم بأموالهم؟ وهل آن للمسلمين أن يعتبروا بالعبر وقد خلت من قبلهم المثلات» وأن يعلموا حق الله فى أموالهم؟ لقد صار الهوى متبعاء والشح مطاعًاء وتشنعت الفتن» وتحكمت الإحن» وغلبت على المسلمين الشقوة» وضربت عليهم الذلة» حتى إنه ليقتطع من جسم العالم الإسلامى قطعة هى منه بمنزلة الكبد من الجسمء والأعداء يسلطون على المشردين والمقيمين فى الوادى المقدس الفقر والجوع» ويحاولون إخراجهم بالجوع والعرى من دينهم» والمسلمون يرون ويسمعونء وهم فى غفلة لاهون! ألا فأقرضوا الله قرضًا حسنا يضاعف لكم. ولا حول ولا قوة إلا بالله. 4 ارواه أبو يعلى والطيرانى ورجالهما ثقات ورجال أبى يعلى رجال الصحيح». [مجمع الزوائد - جم ص4 .]4١‏ #0 تفسير سورة البقرة 9 لمكم إِلَ لملا منْبَوَإِسسَِيلَ بد موسو د َالو َل متخ إن سكي عَيِسك يكال انيرا إِلَاقيِلآ ينهم وَاسَهْعلي اليرت وَقَالَ َهُرَيَيهُمْنَأهَهَكَّدْبمَتَ لحم طَالوْت م6 د سابد مدن ء. كَاوالقَ يكل انثاك عَلِحَاَعْكس الماك ته 24 3 -_- < عو سلس ء ل ا 2 ٌُّ م 1-2-0 عع منه وا تن سَعةمَر المَال إذّالله اصطفنه 026 وس سه لو سو سن اد م 2 رصم أي عحدرمدوو عليحكم وزادم! ف الجلي والجسيوالله و2 20 بر سا 5 | # م تر ل و وو حم يوق مت _يشساء وألله اسع عسايم ها كانت الآيات السابقة فى الحث على القتال دفاعا عن النفس والحوزة» ورفعا منار الحق» وخفضا للباطل» ولتكون كلمة الله هى العلياء ولبيان أن الاستعداد للجهاد ورد الاعتداء يقتضى البذل والعطاء. وفى هذه الآيات يقص سبحانه وتعالى قصصًا صادقًا فى وقائعه» وصادقًا فى حكايته للأمم التى تبتلى بالهزيمة كيف يتفرق أمرها وتذهب وحدتهاء وكيف تفعل الهزيمة فى قلوب الأكثرين منهاء وبيان أن الطريق لجمعها قيادة حكيمة رشيدة» ونفر قليل أو فئة قليلة لم تذهب الهزيمة بنخوتهاء ولم يضعف اليأس من بأسها وعزمها. لال تفسيرسورة. البقرة. ال الالو الولو اخقر الله سبحانه وتعالى لقصصه الذى جعله عبرة للمعتبرين بنى إسرائيل؛ لأنهم اتصلوا بالعرب» ولأن النبوات المعروفة للعالم فى عصر نزول القرآن كانت فيهمء ولأنهم يلتقون مع قريش فى إبراهيم أبى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ ولأنه تتمثل فيهم الطبائع البشرية فى عزتها وانتصارهاء وفى هزيمتها وانكسارها؛ وتتمثل فيهم الطبيعة البشرية فى لحاجة القول والمغالبة به فى حال الضعف والاستخذاء» ونقدهم كل شىء فى تلك الحالء وبعدهم عن العمل إلى الخلاف فى المقال؛ وتتمثل فيهم الطبائع البشرية للجماعات المغلوية عندما يعمل على إنقاذها من لم تنل الهزيمة من قلوبهم؛ ومن لم يستول الخور على قص الله سبحانه وتعالى ذلك القصصء وقد قال سبحانه: « لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ... 418 4 [يوسف]. فالمقصود من قصص القرآن العبرة والاعتبار لاسرد وقائع وإمتاع الناس بسردها وتفصيلها عبرة لأولى الألياب» ولذلك يقصد المولى الكريم إلى موضع العبرة فيجليه» وإلسى مكان الاستبصار فيبيئه وتلك أقوم السبل؛ التربية بالتاريخ» والتثقيف بأحوال السابقين . إن الإنسان ابن الإنسان» فمن يريك صورة للماضى مع العبرة»ء فهو يريك نفسك مع العظة» والماضى دائمًا نور يضىء للمستقبل» فهو المصباح الذى يحمله من يبتغى الهداية ويرجوها. ' وإن فى تلك القصة التى ذكرها القرآن الكريم» المنزل من حكيم عليم» عبرة للناس أجمعين؛ وخصوصا الأمم التى تبتلى بالهزيمة. وقبل أن نخوض فى تفسير إل تفسير سورة البقرة ممم !!!]أ لنا!! !ااا اا للم خم ااام مما و 11ل خخخ خخ امام ممم ماخ مم14 خم ةطخ خل خط اللا هزم بنو إسرائيل من بعد موسى هزيمة شديدة سبى فيها نساؤهم وذراريهم وأخرجوا من ديارهم» وكان ذلك قبل مبعث داود عليه السلام» كما يدل على ذلك اشتراك داود عليه السلام فى المعركة التى أشارت إليها الآية الكريمة» وقد بعث الله سبحانه وتعالى فيهم نبيا وهم فى هذه الهزيمة» ولم يذكر سبحانه من هذا النبى الكريم» فلا نحاول معرفة من هوء وإن بعث النبى وهم فى هذه الهزيمة ‏ وقد أراد سبحانه وتعالى أن يفيقوا من هذه الضربة دليل على أن السبيل لإنقاذ الأمم من كبوتها وإنهاضها يكون بالرجوع إلى الدين؛ لأنه هو الذى يصهر القلوب ويملؤها بقوة الله فتهون بجوارها قوة الناسء» وقد كان الرجوع إلى الدين قبل مبعث محمد وَكِلةٌ بنبى يرسل» وأما وقد خدتمت النبوة بمحمد ككل فقد أصبح الرجوع إلى الدين بالرجوع إلى كلام الله تعالى الخالد وهو القرآن الكريم؛ لأنه صوت الوحى الدائم إلى يوم القيامة: 8إإِنًا نحن نرَلَنَا الذكر وإنًا لَه حَافظون +20 »4 [الحجر]. وبعد أن تعمر القلوب بالإيمان ويذهب عنها الخور بقوة اليقين» تتلاقى القلوب فيحاول الفضلاء أن يجمعوا الشمل تحت قيادة موحدةء وتحت إمرة قوية» وسلطان يصرف الأمورء. ويدبر الشئون فى السلم وفى الحرب؛ وذلك ما اتجهوا إليه: «قَانُوا نبي لهم ابعث لَنَا ملكا 4 فاخحتار الله سبحانه وتعالى ملكا لم يكن اخشياره بالوراثة والسلالة؛ بل كان اصطفاؤه للمزايا التى تتفق مع الإمارة والسلطان» وهى قوة العقل وقوة الجسمء فاصطفى الله سبحانه وتعالى طالوت؛ لأنه زاده بسطة فى العلم والجسمء وهما الصفتان اللازمتان للأمير» ولكن بنى إسرائيل وقد أرهق نفوسهم الذل؛ وتعودوا المراء والجدل. وعجبوا كيف يختار طالوت» وهو ليس بذى فضل عليهم فى النسب» وليس ذا مال وفير؛ فبين الله لهم أن الغاية من الإمارة هى بسط السلطان» والخروج من ذل الهزيمة إلى عزة الانتصارء وأمارة استحقاق طالوت لهذه الإمرة أن يحقق ذلك الاتتصارء وأن تأتى إليهم شارة عزهم ومجدهم وهى التابوت . ل تفسيرسورة البقرة لولاا وا كالبلل حمل طالوت الملك راية الجند إلى ميدان الجهادء وكذلك يكون الَلك حما؛ ولكنه قبل أن يتقدم للقاء عدوهم»ء أراد أن يختبر قوة إرادتهم وصدق عزيمتهم» وذلك بمعرفة مقدار استيلائهم على أنفسهم» فمن استولى على نفسه فهو معه فى الجهاد» ومن آم يستطلع جهاد نفسو فهو عن لقاء العدو أعجز : __ < إن الله ٠.‏ 423 ابقرة] فإه ا منى » ولكن النتيجة ظهرت فى هذا الامتحان مبيئة أن القليل هم الذين استطاعوا أن يجاهدوا أنفسهم وينتتصروا عليها «( فَشَربوا منه إلا قليلا مهم . ... #قزْتهة » [البقرة] وهم الذين اجتاز بهم النهر»ء وترك الآخرين مخلفين مع نفوسهم التى لم يستطيعوا التغلب عليها. أصبح جند طالوت قليلى العدد» وليس فيهم إلا مجاهد مجالد مصابر» ولكن اعتراهم شىء من رهبة الموقف؛ إذ رأوا عدوهم كثير العدد عظيم العدّد يعتز بكثرته وعدته وسابق غلبته» فقالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده» ولكن الصفوة من تلك الصفوة لم تعترها تلك الرهبة «إقَال الّذين يَظنون أنه ملافُوا الله كم ته فتقدم الجميع مستعينين بقوة الله طقَالُوا ربا أْرِغ عَلَينَا صبرا ود بت أقدامنا وانصرنا على الّقوم الْكَافرِين 4527 4 [البقرة] . وبالإيمان القوى» والعزيمة الصادقة» والتفويض المطلق لرب القدرة والعزة» انتصرت الفئة القليلة على الفئة الكثيرة « فَهَرَمُوهم بإذن اللّه وقل داود جالوت ... مت > [البقرة ] . وآل الأمر من بعد طالوت إلى داود ومعه عزة ب: بنى إسرائيل «( وآناة الله املك والحكلمة وعلَمهُ مما يشا وولا دفع لله اناس بعضهم يبعض لفَسدات الأرض ولكن الله ذو فَضل عَلَى الْعَالَمينَ 20 4 [ البقرة] . هذه قبسة من قصص الذكر الحكيم فى جهاد بنى إسرائيل» وإن العبر فيه لكثيرة» فهى تشير إلى الشدة كيف تصهر النفوس فتجعلها تتجه نحو المعالى ل ل تفسير سورة البقرة ا 00 فتطلبهاء وكيف يكون الدين أساس العزة لمن غلبت عليهم الشقوة» وأنه لا سلطان من غير إمرة يعمل تحت سلطانها البر» ويزجر بها الفاجرء وأن الأمير يجب أن يكون له من قوة العقل وقوة الجسم وسعة العلم وكمال التجربة ما يقود به الشعب إلى صالح الأمورء وأن أساس الانتصار السيطرة على النفس فلا يغلب خصمه من لا يغلب نفسه» ولا يقمع عدوه من لا يقمع شهوته» وإنه بعد أخذ الأهبة يفوض المجاهد أمره إلى الله» ويتوكل عليه. بعد هذا نتجه إلى تتبع الآيات الكريمة آية آية» مستنبطين العبر من ثناياها كما تلوح العبر فى مجموعها: « ألم تر إِلَى الملا من بني إسرائيل 4 قد ذكرنا ما فى هذا التعبير من إثارة الاهتمام والتقريرء وتثبيت المعنى فى نفس القارئ والسامع» وقد عبر هنا بالرؤية» وهى إما أن تكون بمعنى العلم كما ذكرنا من قبل» وهى تكون للعلم القلبى الذى يستيقن فيه الإنسان كما يستيقن بالعلم الحسى الذى يكون طريقه النظر والإبصار . وإما أن يراد بالرؤية النظر أو البصر؛ وفى هذا تصوير للقصة المخبر عنها كأنها المرئية المحسوسة المشاهدة. والملاأً هم الكبراء وأشراف القوم» كأنهم ممتلئون شرقًا. وقال الزجاج: سموا بذلك؛ لأنهم بممتلئون ما يحتاج إليه منهم» ويطلق الملا ويراد به الجماعة» من قبيل إطلاق اسم الجزء وإرادة الكل؛ لأن ذلك الجزء له مزيد فضل وشرف على بقية الأجزاء» وقد فسر الراغب فى مفرداته الملأ بأنه «الجماعة يجتمعون على رأى فيمائون العيون رواء ومنظراء والنفوس بهاء وجلالا» . وما المراد بالملاً هنا؟ أهم كبراء بنى إسرائيل» أم القوم كلهم؟ أكثر المفسرين على أن المراد بنو إسرائيل وعلى هذا تكون «من» بيانية؛ فالمعنى أن بنى إسرائيل جميعا اجتمعوا وقالوا فى عصر من العصور لنبى لهم ابعث لنا ملكا. وإنى أرى أن كلمة الملا هنا المراد بها الكبراء وأهل الرأى منهم» فإن الدهماء دائمًا فى شغل شاغل حتى ينبههم كبراؤهم» وذوو الرأى والشأن فيهم. وخصوصا إذا كان الدهماء قد غلبت عليهم الشقوة والذلة» وكذلك يكونون دائما فى حال الانهزام وتغلب الأجنبى على الأمة. تفسيرسورة البقرة !!!ااا الللك؟! انال ااا أ اال ع خخ اا امالغ ع خا لالخ لمخم لاا[ ااام !لام ااام مع امع خا مامالل تامملا اللا وقوله تعالى: #من بعد موسى» بيان لزمان تلك الهزيمة» فذكر أنه من بعد موسى» ولم يبين الزمان بالتعيين» وذكر كونه من بعد موسى للإشارة إلى أن تلك الهزيمة كانت بعد أن أخرجهم موسى من ذل فرعون الذى كان يذبح أبناءهم الذل» حتى إن موسى عليه السلام لما دعاهم لأن يدخلوا الأرض المقدسة ظهر خورهم وضعفهم فتاهوا فى الأرض أربعين سنة استردوا فيها بأسهم وذهب عنهم خور العزيمة» ثم بعد ذلك نزل بهم ما نزل؛ فقوله تعالى: من بعد موسى» فيه إشارة إلى تلك التجارب الشديدة التى كانت تنزل بهم فهم ذلوا ففى مصرء ثم أعزهم الله بموسى فلم يقووا على حياة العزة وتكليفاتها من جهاد ونضال إلا بعد أن تعودوا حياة الشدة والبأس فى الصحراء» ثم بعل هذه العزة دخلوا الأرض المقدسة ثم أخرجوا منها بعد أن استناموا إلى الدعة والراحة؛ وفى هذه التجارب بيان لأطوار الأمم بأنها إن استنامت إلى الراحة واستمرأت الحياة الوادعة غلب على أمرهاء ثم كان من وراء ذلك ذهاب سلطائهاء حتى إذا أحست بمرارة الهزيمة» وذاقت وبال الراحة» استيقظت فيها القوى الكامئة. واستفاقت من سبات الغفلة وسكرة النعمة» فعملت على استرداد أمرهاء ومقاومة عدوها. وقوله تعالى: © إذْ قَالوا نبي لهم ابعث لَنا ملكا ثقاتل في سبيل اللّه 4 فيه بيان موضع القصة ومكان الالتفات» والانهاه بالنظر والقلب»؛ فالمعنى : ألم تنظر وتتفكر وتعتبر فى أمر نبى إسرائيل عندما قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله؟ لقد وجدوا أنهم قد تفككت وحدتهم» وضاعت كلمتهم» وفقدوا كونهم فاتجهوا إلى جمع الكلمة» ولم يجدوا السبيل إلا برياسة تلم الشعث» وتجمع المتفرق» وكان بينهم نبى مبعوث». فعهدوا إليه أن يختار من بينهم ملكاء ليكون اختياره منزهًا عن الغرض» بعيدا عن الهوى., لا يقصد به إلا الخيرء ولا يكون إلا فى الخير» لا خطأ فيه؛ لأنه نبى لا ينطق عن الهوى. لقد قالوا لنبيهم: ابعث لنا ملكا. وأصل البعث الإثارة والإخراج» فمعنى «ابعث لَنا ملكا» يتضمن أنه يفحص بها تفسير سورة البقرة ل ل 0100 0 1 00 37 الجماعة بإثارة أحوال رجالها وتعرف خواصهم ومزاياهم وتخير أمثلهم. وإخراجه من بين صفوفهم ليكون ملكا عليهم؛ فلا يكون مفروضا عليهم» بل يكون متخيراً من بينهم بتخير من لا يشك فى تخيره» وهو نبى مبعوث. وقد قالوا فى طلبهم إن الغرض من طلبهم ملكا ينصب عليهم أن يقاتلوا فى سبيل الله» وهو إعلاء كلمة التوحيد» ورد عزتهم المسلوبة» وأرضهم المغصوبة. وفى هذا الطلب منهم عبر وعظات: أولها: أنهم أحسوا بالضياع» إذ أصبحوا لا رياسة من بينهم تجمعهم. وثانيها: أنهم آمنوا بأن القدال لا يكون إلا تحت إمرة حازمة تسير بهم نحو الهدى والرشاد» وأنه لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا رياسة فيهم. وثالفها: أن القتال دفاعًا عن الحورة» واستردادًا للحق المسلوب» والوطن المغصوب. قتال فى سبيل الله. وقد طلبوا أن يكون الرئيس ملكاء لأن نظام الحكم الذى كان سائد إِيَان ذاك كان ملكياء والمذموم منه هو الظالم» والممدوح منه هو العادل» وليس ذلك دليلا على أن النظام المطلوب فى الشرائع السماوية هو الملكى على ما نعرفه وهو الورائة بالسلالة؛ بل إن إجابة الله لطلبهم بهداية نبيهم لملك أى رئيس دولة قد اختاره الله» دليل على أن نظام الحكم هو ما يكون إجابة لداعى الشعب» وتكون فيه ملاءمة لحال الأمة وملابساتها وما يقترن بها. ولقد كانت حال بنى إسرائيل لا تسمح بأن يختاروا هم بأنفسهم رئيسًا للدولة؛ لأنهم كانوا مغلوبين على أمرهم لا سلطان لهمء والاختيار يكون من ذوى السلطان» ولا يكون من مكره مغلوب على أمره» والملك الذى اختاره ليس ملكا بالمعنى الذى نعهده كما سنبين. كانت حال بنى إسرائيل فى أشد الاضطراب» وقد انخلعت منهم الإرادات الحازمة» إلا من قلوب ربط الله عليها بالإيمان؛ ولذلك توقع نبيهم آلا يصبروا على القتال إذا حمى الوطيس واشتد البلاء؛ ولذلك حكى الله سبحانه ذلك الشعور الذى خالج قلب نبيهم» فقال تعالى: #ل) تفسيرسورة البقرة لللللل الل لولاا امالك طقال هل عسيم إن كب عَلَيِكُم القتال ألا تقاتلوا 4 توقع نبيهم إن كتب عليهم القتال ألا يقاتلوا فيجمعوا بين ذلة الهزيمة» والفرار يوم الزحف» والنكوص فى مقام الإقدام وعصيان الله سبحانه وتعالى؛ فبين لهم العقبى إن كتب عليهم القتال أى فرض ولزم بإلزام الشارع» ثم جاءوا بعد ذلك ونكصوا على أعقابهم» وفى هذا القول من النبى الكريم تنبيه إلى أمرين أحدهما: أن يفكروا فى أنفسهم وفى حالهم» وفى قوة أعدائهم» وفى عاقبة القتال» فإن رأوا فى أنفسهم القدرة على اللقاء» فى ميدان القتال مع أعدائهم مهما يتكائف جمعهم» أصروا على طلب فرضية القتال» واختيار ملك يتولى قيادتهم» ويكون قطبًا تدور رحى الحرب به وبتدبيره. ثانيهما: أخذهم الأهبة والاستعداد للقتال إن أصروا عليه» فإن فيه الفصل» وليس بالهزل؛ حتى لا تكون عقبى القتال أسوأ ما هم عليه. وهنا بحث لفظى نشير إليه» وهو قوله تعالى: قال هل عسيتم إن كتب عليْكُم القتال َل تَقَاتلُوا 4 فالاستفهام هنا للتنبيه إلى مخاطر القتال وحالهم من الاضطراب» وتحلل الإرادة وتفكك العزائم» وأن حالهم هذه لايصلح لقتال» فعليهم أن يغيروهاء فالمعنى: أتتوقعون إذا كتب عليكم القتال ألا تقاتلواء فتبوءوا بإثم الهزيمة» وإثم الفرار» وإثم العصيان! . و(عسى) معناها هنا توقع وقارب» فمعنى فهل عسيتم أي: فهل توقعتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا؛ أى تومىء حالكم التى يبدو أنكم لا تحاولون تغييرهاء مع أن الاستعداد للقتال يوجب تغيبير الحال» وأنكم إذ توقعتم ذلك عاحتم حالكم. و(عسى) لها استعمالان: أحدهما: أن تكون بمعنى لعل» مثل قوله تعالى : ف فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ... 51ت 4 [المائدة]. فالمعنى: لعل الله أن يأتى بالفتح أو أمرء ويكون ما يعدها اسمهاء وما يليه خبرها. ا تفسير سورة البقرة الل ااال للك وثانيهما: أن تكون فى معنى الفعل توقع أو قارب» وما بعدها يكون فى معنى الفاعل» ويصح أن يكون فى مقام الاسم إعراباء وهى هنا بهذا المعنى» كما هى فى قوله تعالى: «فهل عسيتم إن تَولَينَم أن تفسدوا في الأرض وتَقَطَعوا أرحامكم 10 4 [ محمد ] . « قَانُوا وما لَنا ألا نقاتل في سبيل اللّهِ وقد أحْرِجِنًا من ديارنًا وأَبتائمًا 4 أجابوا نبيهم بأنهم قدروا حالهم» وعالجوا ضعف نفوسهم» وبينوا أن بواعث القتال قد توافرت» فحق علينا أن نقاتل؛ إننا قد أخرجنا من ديارنا باستيلاء العدو عليهاء وأخرجنا من أبنائنا بسبيهم» وفصلهم عناء وجعل قوتهم لأعدائنا وليست لناء فساغ لنا القتال» بل وجب علينا؛ أى أننا فى حال توجب القتال عليناء فما الذى يمنع منه؟ لقد توافر الباعث. وزال المانع فحق الجهادء فإما فناء فى طلب العزة» وإما بقاء فى ظلها؛ بل إن حالنا شر أنواع الفناء؛ لأنه موت الأحياء! وهنا بحث لفظى نشير إليه» وهو فى موضعين: أولهما: فى قوله تعالى: 9 وما لَنا ألا نقاتل في سبيل الله فالاستفهام هنا للنفى» والجار والمجرور «لنا) متعلق بفعل محذوف تقديره: ما سوغ لنا ألا نقاتل وقد أخرجنا من ديارنا! أى أنه لا مسوغ قط لعدم القتال بعد خراب الديار وذهاب الأبناء إن المرء يدافع عن أرضه وعن ولدهء وقد أخرجنا من الاثنين» فأرضنا ليست بيدناء وأنفسنا ليست بأيدينا؛ إذ أخرجنا عن فلذات أكبادناء وقطع عنا من هم قطع من نفوسنا. الموضع الثانى - قوله تعالى: 9 وَقَد أُخْرجتا من ديَارنَا وأبتائَا 4: الواو هنا واو الحال» ولكن ما حقيقة الإخراج؟ أهو الإخراج الحسى بطردهم من بلادهم. والفصل بينهم وبين أبنائهم» فطردوا الكبار من الديار» وأبقوا الصغار عبيدا فى الأرض وعسفاء فيهاء أم المراد الخروج المعنوى بأن يكونوا فى أرضهم وليس لهم من أمرها شىء» وأن يروا أولادهم وليس لهم من أمرهم شىء بأن يسبيهم عدوهم» أو يتخذهم قوة له بكل الوسائل المادية والنفسية؟. تفسيرسورة البقرة ممالل الالالال تحتمل كلمة الإخراج المعنيين؛ فيحتمل أنهم أخرجوا الكبارء وأبقوا الصغار لينشئوهم عبيدا لهم أو أدوات عمل؛ ويحتمل أنهم أبقوهم أذلاء قد ألصقوا بالآأرض وليمس بصاحب بيت من لا يديره» ولا بصاحب البلد من لا يكون له أمره؛ وأولادهم لا سلطان لهم عليهم؛ فهم ليسوا لهم بل لعدوهم. إسرائيل الحق» وفعلوا الباطل؛ قالوا إنه لا مسوغ للقعود عن القتال» لأنه منا جهاد عن النفس» والمال والولدء والأهل والديار؛ ولكنهم عندما اشتدت الشديدة والتقى الجمعان» تولى الكثير منهم» وصبر القليل؛ وذلك عندما اختبروا بالتهر كما ييا وهذا ما يذكره قوله تعالى : 9 لما كب عليْهم الْقَالَ تَولّوًا إلا قليلا مَنْهُم واللّه عليم بالظّالمين 6 » أى فلما فرض عليهم وكانت القيادة الحكيمة القادرة» وانتظمت الصفوف»ء. وتولوا عن القتال أى أعرضوا عنه؛ والتولى عن القتال والإعراض عنه يتضمن معنى الفرار فى الزحف بأن يولوهم أدبارهم» وبآلا يسلحوا نفوسهم بالصبرء والضبطء فلا يجعلوا لشهواتهم سلطانًا على إرادتهم» وبأن يتمردوا على القيادة» ولا يطيعوها فى وقت لا يجدى فيه إلا الطاعة المطلقة. وإن بنى إسرائيل بتوالى الهزائم عليهم؛ وسيطرة الشهوات على إرادتهم» وتفكك وحدتهم» كشأن كل الأمم المغلوبة على أمرهاء قد تحقق فى الكثيرين منهم كل أسباب الإعراض عن القتال» أو الفرار فى الزحف. أو التمرد وقت الحاجة إلى الطاعة المطلقة» وتحكم الشهوة فى أشد أوقات الحاجة إلى ضبط النفس والصبر؛ وإن هذه الحال كما قلنا تلازم الأمم المغلوبة على أمرهاء حتى تتسجه عزائم أهلها إلى التغيير من هذه الحال» أو يكون منهم فئة قادرة تتولى فى أول الأمر لقاء العدو بنفسهاء ثم يسرى الخلق القوى شيئا فشيئًا فى سائر الأمة» فتكون العزة بعد الذلة» ويبدلهم الله من بعد خوفهم أمنًا. لقد صبر القليل من بنى إسرائيل» وكانوا فئة الله الغالبة» وسرى دم الحياة فى الأمة بانتصار تلك الفئة القليلة» فقادها من بعد ذلك نبى الله داود إلى مواطن النصر والظفر. #9 تفسير سورة البقرة ا الئل يم لسرب د وإن الله سبحانه وتعالى قد ذيل الآية الكريمة بقوله تعالت كلماته: ط والله عَلِيم بَالظالمينَ 4 وفى هذا التذييل إشارات إلى معان جليلة» منها: الإشارة إلى علم الله السابق بأن هؤلاء الكثيرين سيكون منهم ما كان؛ لأن حالهم كانت تؤدى إليهاء ومنها أن الله يميز الخبيث من الطيب ويعلم الصالح والطالح» ويضع كلا فى موضعه الذى يليق به عند الناس وعنده يوم القيامة؛ ومنها أن الذين نكصوا على أعقابهم والبلاء بلا ظالمون؛ ظلموا أنفسهم بالرضا بالذل» وبالمتزل الهون» وبأدنى معيشة؛ وظلموا إخوانهم بعدم معاونتهم فى الشديدة؛ وكانوا ظالمين بعصيان أوامر القيادة الحكيمة» ثم ظلمين أكبر الظلم بعصيان الله رب العالمين؛ ثم كانوا ظالمين للذرارى والأخلاف من بعدهم» لولا توفيق الله للفئة القليلة. ( وقَالَ لَهُمَ نبيهُم إِنَ الله قَد بع لَكُمْ طَانُوتَ ملكا »4 لقد ذكر الله سبحانه وتعالى حالهم عند القتال عندما طلبوه» ليبين سبحانه الفارقة بين القول والعمل عند الذين غلبت عليهم الذلة» واستولت عليهم شهواتهم؛ ؛ ثم أخعل سبحانه يذكر بقية القصة والعبرة فيها : « وقَال لَهُم نيهم إن الله قد بَعَثْ لَكُم طَانُوتَ ملكا 4 أى أن الله سبحانه قد أخرج من صفوفكم - وهو العليم الحكيم الخبير بأحوالكم - شخصا قد استوفى كل أسباب الرياسة وجعله ملكا عليكم. وفى التعبير إشارة إلى أنه أمثلهم وأقواهم على تحمل أعباء الحكم؛ لأن «بعث» تتضمن معنى الإثارة والفحص ثم الإخراج. والملك المراد به هنا فيما يظهر مالك أمرهمء والمتولى ملكهم» وليس المراد منه المعنق المتعارفء وهو من يتولى بالسلالة» فإنه سيتبين أنه لم يختر لسلالته» بل اختير لعلمه وحكمته وقوته؛ ولم يستمر الملك فى ذريته» بل آل من بعده لنبى الله داود كما تدل على ذلك أخخبار داود التى ذكرها القرآن الكريم؛ فقد آتاه الله الملك والحكم» وإنه اختير باختيار الله تعالى بما أوحى به لنبيه؛ ولم يكن باختيارهم حتى لا يتنافسوا فيكون بأسهم بينهم شديداء بدل أن يكون على عدوهم. 6 تفسيرسورة البقرة الالال ل لل 2 5ل زا يي 1 فليس فى الآية دلالة على أن النظام الملكى الذى نعرفه فى عصرنا مطلوب لا بالعبارة ولا بالإشارة؛ لأنها ليست ملكية الوراثة والسلالة» بل رياسة العلم والقدرة والحكمة. فما اتير طالوت لسلالته ونسبه بل انختير لمعان شخصية فيه . لقد كان مقتضى ما طلبوه من نبيهم من أن يختار ملكا أن ينفذوا من غير تردد الأمر فيما اختاره بهداية الله ووحيه؛ لآنهم فوضوا الأمر إلى نبيهم؛ ولآن الله سبحانه وتعالى هو الذى اختاره» وما كان لهم الخيرة بعد اختيار الله سبحانه وتعالى» ولآن الله قد اختاره لأجلهم ولمصلحتهم؛ ولذا عبر سبحانه وتعالى بقوله: «إبعث لكم طَالُوت 4 فالتعبير ب «لكم» إشارة إلى أنه فى مصلحتكمء وأنكم ستنتفعون بقوته» وستكون قوته لكم على أعداكم . ولكنهم بدل أن يطيعوا ويأخذوا الأهبة أثاروا اللجاجة التى تعودوها؛ ولذلك قال سبحانه حكاية عنهم: طقَالوا أنَى يكون له الملك علَيَا وتحن أحق بالْملك منه ولّم يوت سعة من الَمَال 4 . تمردوا على نبيهم بذلك الاعتراض؛ لقد أبدوا اعتراضهم بعد أن فوضوا الأمر فناقضوا أنفسهم» وبنوا الاعتراض على أسباب جعلوها مناط الملك» وليست هى السبب للرياسة الصالحة والملك القوى؛ ظنوا أن سبب الملك أحد أمرين: إما سعة من المال وثروة طائلة» وإما سلالة ملكية توارئهاء فقالوا: أن يكون لَه الملك 4 من أى جهة استمد الملك» أى أنه ليس فى عروقه دم ملكى يستحق به الملك» وليس هو ذا نسب رفيع» بل أى واحد منا أحق بالملك منه؛ لأنه ليس من الأشراف» ولئن تجاوزنا شرف النسب وكرم الولادة لنجدن أنه فقير ليس فى سعة من المال» فقّد سلب منه سببا السيادة» وهما النسب والمال. وكذلك يكون تفكير الجماعات التى سيطرت عليها الأهواء؛ وغلبت على أمرهاء تتجه إلى الماديات فتحكمهاء وتفقد تقدير المعنويات؛ وبذلك تختل مقاييس التقدير؛ فأول ما تبتلى به الجماعات الضعيفة أن تختل مقايس العظمة فيها؛ فإنه إذا اختل مقياس العظمة غمر العظماء» ولم يظهروا إلا بالمصادفات أو القوى الخارقة» ل ل تفسير سورة البقرة لل م لحب اق والعظماء فى الأمم هم القمم العالية التى تهدى إلى مواطن القوة» وتشير العزة من مكامنها . وإن أردت أن تعرف مقياسًا ضابطا لرقى أمة من الأمم فخذه من مقياس العظمة فيهاء وقد كان بنو إسرائيل فى وقت هذه القصة فى أشد الانهيار الخلقى كما يدل على ذلك مقياسهم للعظمة بالسلالة والمال. وفى هذه الحملة الكريمة مباحث لفظية نشير إليها: أولها: قوله تعالى: أَنّى يكون لَه الملك 4 أثى» قد تستعمل بمعنى كيفء وقد تستعمل بمعنى من أين» وهى هنا يجوز أن تكون بمعنى كيف» ويكون المعنى: كيف يكون له الملك عليناء على أى حال يسوغ ذلك ويمكن؟ فهو استفهام المقصود منه الاستبعاد المطلق» أى أنه لا يتصور أن يكون مثله ملكا؟ أى أنه ليس فيه من الصفاتء. ولا فى بيته من المحتد» ما يسوغ معه أن يكون ملكا. فالمقصود من الاستفهام استبعاد أن يكون فيه سبب من الأسباب المسوغة للملك. ثانيها: قوله تعالى: «إ ونحن أحق بالملك منه# المتكلم بهذا الملأ من بنى إسرائيل أى كبراء بنى إسرائيل ؛ فكل واحد منهم يقرر أنه أحق بالملك» ومجموعهم يقرر أنه دونهم » وأحقيتهم من ناحية النسب وناحية المجاه فى بنى إسرائيل » وناحية ثالثها: قوله تعالى:. إولم يُوْتَ سعة مَنَ الْمَال4 أصل السعة أن تكون فى المكان وفى الفعل وفى الحال» والسعة فى الحال أن يكون على حال من القدرة أو المال بحيث لا يكون مضيقا عليه أو لا يكون فى ضيق» فلما كنّى عن قلة المال بالضيق كتّى عن كثرته بالسعة. «قَال إِنَ الله اصطفاه عليكم ورَاده بَسَطة في الْعلّم والجسم 4 لقد اعترضوا على اخقيار طالوت بأنه ليس خير)ً منهم سلالة ومحتداء وأنه ليس ذا مال وفير؛ فرد نبيهم قولهم: ا تفسيرسورة البقرة حر نا أولا: بأن الله اصطفاه أى اختاره من الصفوة وأهل الهمة والنبل؛ وقال: «اصطفاه عَلَيكُم4. ولم يقل منكم مع أنه منهم» للإشارة إلى فضله عليهم واستعلائه بما منحه الله من خواص وصفات؛ وإنه كان يكفى اصطفاء الله له ليسكتوا ولا يعترضوا؛ لأنه ليس فوق إرادة الله إرادة» وليس لهم الخيرة فيما اختاره الله؛ ولأنهم فوضوا أمر اختيار الملك إلى النبى» وقد اختاره الله ربهم ورب النبى . ثانيا : ورد نبيهم اعتراضهم ببيان المقياس الصحيح لعظم الرجال واستعدادهم لقيادة الشعوب إلى مواطن العزة والشرف؛ لقد حسبوا النسب والمال مقياس العظمة» فبين لهم مقياسهاء فقال: ظ وزاده بسطَة في الْعلّم وَالْجسّْم » أى أنه أعظم منكم جميعًا؛ لأن الله سبحانه زاده عليكم فى الأمرين اللذين هما سبب للقيادة الحكيمة» وهما: أولا: قوة العقل وسعة العلم وكثرة التجارب» وثانيا: قوة الجسم وعظم المنّةا'». وفى ذلك فوق التنبيه إلى مقاييس العظمة الحقيقية» إشارة إلى الأهلية للمنصب فى الدولة» فالأهلية للمنصب ليس الحسب والنسب والمال» ولكن الأهلية للمنصب بالكفاية فيه» فإذا كان الملك أعلى المناصب» وإذا كانت الرياسة الكبرى أعظم الأعمال تبعات» فليس الذى يؤهل للمناصب السعة والمال» بل الكفاية لها والقدرة عليها؛ ففى الآية الكريمة إشارة إلى مقياس العظمة» وإلى مقياس الاختيار للأعمال والمناصب. والبسطة فى العلم معناها الاتساع فى الأفق والتجارب» وقوة العقل والتدبير والإحكام فى التفكيرء فالبسطة معناها الاتساع» وإذا أضيفت إلى العلم فمعتاها الاتساع والإحاطة بكل ما يوجه العقل إلى التفكير المستقيم مع سلامة العقل نفسه . وبسطة الجسم اتساعه. لا بمعنى كثرة اللحم والشحم» بل بأن يكون سبط العظام مديد القامة بعيد ما بين المنكبين؛ وقد يراد ببسطة الجسم تلك الحقيقة» وهو زفق ده المنّقٌ بالضم : القوةء وخص بعضهم به قوة القلب. [لسان العرب - الميم - منن]. لال تفسير سورة البقرة 00 هر ٠: كك‎ 7 بذلك فوق قوة المنئة» يلقى بالرعب منظره فى قلوب الأعداءء وبالهيبة فى قلوب الأولياء؛ أو يراد ببسطة الجسم مطلق القوة؛ لأن طويل العظام عريض ما بين المنكبين يكون فى غالب الأحوال قوى الجسم» فأطلق ذلك وأريد مطلق القوة. ويلاحظ أنه قدمت بسطة العلم على بسطة الجسم للإشارة إلى أنها فى الرياسة أقوى تأثير وأنها الأصل وغيرها التابع» وأنه ليست الحاجة إلى قوة الجسم بمقدار الحاجة إلى قوة الرأى والتدبير وسعة العلم وكثرة التجارب. «( واللّه يؤتي ملكه من يشاء واللّه واسع عليم 4 ذيل الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة بهذه الجملة السامية؛ للدلالة على أمرين أولهما: أن الأمور كلها بيده سبحانه وتعالى» وأنه فعال لما يريد» وأن ما يشاء فى هذا الكون يقع» وما لا يشاء لا يقع» وأنه سبحانه يؤتى الملك فى الدنيا لمن يشاءء وأنه إذ يعطيه هو المسيطر عليه؛ ولذلك أضيف الملك إليه إذ قال #ملكّه» فهو إذ يعطيه لمن يعطيه هو الغالب على أمره يستطيع أن يسلبه فى أى وقت شاءء فهو مالك الملك» يؤتى الملك من يشاءء وينزع الملك من يشاءء وهو القاهر فوق عباده . ثانيهما: أن كل شىء فى الوجود تحت سلطان الله تعالى» وهذا معنى أن الله واسع» أى محيط بكل شىء. قد وسع كل شئ برحمته وقدرته» وأنه يدبر الأأمور على مقتضى العلم الواسع الشامل؛ فهو يربط الأسباب والمسببات؛ وهو يعطى لحكمة يعلمهاء ويمنع لحكمة يعلمهاء يبتلى الأمم بالقوة والضعف والعزة والذلة» والهزيمة والانتصارء والبأساء والضراءء ثم النعماء والسراء» كما قال تعالى: « وتبلوكم بالشر والخير فتنة. .. +ع 4 [الأنبياء] وعلى الأمم المغلوبة أن تتخذ الأسباب بجمع الكلمة» وتأليف القلوب» وتحرير النفوس من ربقة الأهواء والشهوات» ولا تستسلم للضعف. ولا تستخذى للقوى» وتناضل وتكافح وتصابر» وتتوكل على اللهء وإلى الله مصير الأمور. ل تفسيرسورة البقرة ل ةمللا يبجل هه 7 أ[ ور بر 2 وَقَالَّ لهم يَسْهُمإِنَ ءايه يَدَ مأحجك.-ء أنيَأَنيحكم ٠. ١‏ د 0 رم ا التَابوْتفِيه سَحكيئة يريسم وبقيّة 7 مَك كوك ءَالُّ فوسل وءَالْهدرونَ كما كيكبك إِنَّف دَلِككَلَديَة يَهَ َع إِنكددُ مُؤمِنِيرت 2 آ اه قصل لوت يلج لك تيت جَاوَرَهدهو وَأأزِ رك !مسوأ محة.ها 3 10 ١١) انتهينا فى قصة بنى إسرائيل الذين أخرجوا من ديارهم وأبنائهم إلى أنهم أرادوا أن يتخذوا الأسباب لإعادة ملكهم وإخراج العدو من ديارهم» فوجدوا أنه لابد من رياسة تقود إلى موطن العزة» وميدان الشرف والجهادء فطلبوا من نبيهم أن يختار لهم قائدا يكون رئيسهم ويكون له ملكهم؛ وسموه ملكا؛ لأنهم لم يعرفوا الرئيس المالك للسلطان إلا باسم الملك؛ وقد اخختار الله لهم طالوت» ولم يكن من ذى النسب فيهم» أو على الأقل لم يكن من أعلى الأنساب فيهم وكان فى المال قلا؟ وما علموا أن الملك يكون فى غير ذى المال والنسب؛ فبين الله سبحانه أن مناط الاختيار للسلطان القدرة على تحمل أعباء الملك؛ وذلك يتحقق بقدرة الجسم المعرفة والعلم» وهما أمران قد تحققا فى طالوت الذى اختاره الله سبحانه وتعالى. ا تفسير سورة البقرة ش ااال ل حر ١١ اكاك‎ 7 يي فالله سبحانه وتعالى يبين أن أساس الولاية قدرة الوالى على تحمل الأعباء الجسام بالتزود بالعلم الكثير والتجارب الواسعة» والجسم القوى الذى لا يخذله فى ميدان الجهاد؛ وهم يرون الولاية بالوراثئة وبين ذوى الأموال؛ فالمناط عندهم المال الوفير والنسب» ولا عبرة بشىء وراء ذلك» والله سبحانه وتعالى يبين لهم أن الاعتبار للقدرة» ولا عبرة بما وراء ذلك . ٠‏ فسكتواء ثم أراد رب العالمين أن يشبت قلوبهم» ويزيل شكهمء فذكر لهم علامة ملكهء وأمارة السلطان الذى أفاضه الله سبحانه وتعالى على ذلك الحاكم المختارء فأوحى إلى نبيهم المبعوث أن يسوق إليهم البشرى» فقال سبحانه: آل موسئ وآل هارون تَحَمِلُهُ المَلائكة 4 لقد خضعوا لقول نبيهم ولحكم الله باخستيار طالوت وليا لأمرهم» متوليًا قيااتهم» ولكنه خضوع القلق المضطرب الذى لم يصب السكون قلبه. فلم تطمئن قلوبهم» فساق الله إليهم آية تدل على سلطان الله» إذ لابد من أمارة تثبت القلوب» وخصوصا أنهم مقدمون على حرب فيها تشتد الشديدة وتبتلى القلوب» فلابد من نفوس ملتفة حول قائد لا يرين عليها شىء من الريب؛ ولا يمسها شئ من ظلمة الشكء بل يكون النضوع الكاملء والاتحاد الشامل» والتآلف بين اليش والقائد. فكانت آية ملك طالوت» أى أمارة سلطانه المتقرر الثابت» أن يأتيهم التابوت فيه سكينة من ربهم. والتابوت على وزن فعلوت» كما قال الزمخشرى ورجحه. على اعتبار أنه من تاب بمعنى رجع وآب؛ لأن نفوسهم كانت تكوب إليه وتثوب» وتسكن وتطمكئن» ويرون فيه شارة عزهم» ورمز مجدهم. وصلة حاضرهم بماضيهم . والتابوت الذى ارتبطت به قلوبهم ذلك الارتباط صندوق فيه آثار من آثار آل موسى وآل هرون» وقد فقدوه وقت أن ضربت عليهم الذلة» وأخرجوا من ديارهم» فكانت الذلة مقارنة لذلك الفقد» والعزة مقارنة للبقاء. 6 تفسيرسورة البقرة 0 جه يي" وقد وصف التابوت بأن فيه سكينة أى أن فيه اطمئنانًا لهم» من حيث إنهم يرون فى عودته بشرى بالسلطان والعزة والقوة» وقال سبحانه: #سكينة من ربكم» إشارة إلى أن السكينة والاطمئنان فيض من فيوض الله سبحانه وتعالى يرحم به الناس؛ وإن اقترنت تلك السكينة بأسباب فليست تلك الأسباب العادية هى المؤثرة فى وجودهاء بل الذى يوجدها هو رب العالمين» ومن حكمته سبحانه أن جعلها مقترنة بتلك الأسباب الدنيوية» وإن كانت غير مؤثرة فيها بالإيجاد» بدليل أنه قد توجد تلك الأسباب ولا توجد معها السكينة» ولا يكون معها الاطمتئنان قط واقتران السكينة والاطمئنان بالأسباب ليطلب الناس الأسباب» ويرجوا الرحمة منهء وكل شئ عند الله بمقدار. وفى التابوت كما ذكرنا بقية من آل موسى وآل هرونء أى آثارهم» وتلك الآثار هى سبب الاعتزاز به والتيمن واعتباره أمارة عزهم» والصلة بين حاضرهم وماضيهم؛ وفى تقديم السكينة على «(بقية» إشارة إلى أن السكينة هى الغاية المطلوبة» والاطمتنان هو الأمر المرغوب» فتلك الآثار ليست فى ذاتها الغاية» إنما الغاية هى السكينة» وقد اقترنت بوجودها لتكون علامة ومظهرً» وإن المؤثر بالإيجاد هو رب العالمين كما ذكرنا. وهنا يثار بحث: كيف كان إتيان التابوت؟ أجاء بأمر خارق للعادة» أم جاء بأمر عادىء, وكان التنبؤ بمجيئه أمارة سلطان طالوت واختيار الله سبحانه له؟ ثم كيف كانت تحمله الملائكة؟ أهو الحمل الحقيقى» أم هى القوة الروحية الغيبية التى كانت بأمر الله تعالى من غير أن تعرف أسبابها ومظاهرها؛ كما ذكر الله سبحانه من أن الله كان يؤيد المسلمين بالملائكة فى غزوة بدرء وما كانت إلا القوى الروحية؟ للإجابة عن هذا السؤال نقرر أن الباحثين فى المسائل الديئية» والمعنيين بالدراسات القرآنية فريقان: فريق يتجه إلى تفسيره بما يقرب معانيه من الأسباب العادية» ولا يفسره بالخوارق إلا إذا لم يكن مناص» من غير أن يؤول الألفاظ بما يناقض ظاهرهاء ولا يتفق مع أسلوب القرآن ومنهاجه البيانى. إإ9ها تفسير سورة ا لبقرة ١‏ ل ا 0 حر بالجمل بس يي وفريق لا يحرص على تفسير القرآن بالأسباب العادية» بل يفسره بالخوارق ما دام ظاهره يؤدى إلى ذلك من غير محاولة تقريب؛ لأنه كتاب يتحدث عن اللهء والأسباب إثما يقيد بها العباد» والله خالق كل شىء فهو فوق الأسباب والمسببات» وهو الفعال لما يريد» وكل محاولة لتقريب الألفاظ التى يدل ظاهرها على خرق للعادات إنما هو لتحكيم الأسباب العادية فى الإرادة الإلهية» تعالى الله عن ذلك علو كبيراً. ولقد كانت العبارة السامية «إإِنَ آي ملكه أن يأَتِيَكُم التَابوت فيه سكينة من ربكم وبقيّة مما ترك آل موسئ وآل هاون تَحَملُهُ الْمَلائكَة 4 هذه العبارة الكريمة موضع نظر أولئك الباحثين على اختلاف منهاجهم, فالذين لا يحكمون العبارات بالأسباب العادية قالوا: إنه قد أتاهم التابوت تحمله الملائكة حقّاء وإن كان هذا بطريقة لم يفصلها القرآن. فهى واضحة الدلالة بينة المعنى؛ ويرشحون قولهم بآن الآية الإلهية التى تدل على اختيار طالوت يجب أن تكون أمر خارقًا للعادة» لتكون الدلالة على اصطفاء الله له قاتد) ومدبراً واضحة بينة؛ فالملاتكة حملته حقّاء وهم جنود الله الذين لا نراهم وإن كنا نؤمن بهم . والفريق الثانى الذى يفسر القرآن بالأسباب العادية ما وسعت العبارات ذلك قالوا: إن التابوت قد جاء إلى بنى إسرائيل إما بأنهم عثروا عليه» وقد غيب عنهم أمدا طويلا من غير أن يعلموا له مكانّاء والآية هى إخبار نبيهم لهم بذلك قبل وقوعه. وحمل الملاتئكة له هو بالقوة الروحية التى وفقتهم له بعد طول فقدلهم كالقوى الروحية التى أيدت المسلمين فى غزوة بدر وغيرها من الغزوات الإسلامية. وإما أن يقال: إن إعادة التابوت فى جولات الحرب التى كللت بالانتصار هى العلامة على إمرة طالوت التى كانت باختيار إلهى» وأمر لدنى؛ والمعنى على ذلك: إن آية ملكه وأمارته أنه سيقودكم إلى مبواطن الظفر ومواضع الفخار وستعود إليكم فى حروبه شارة عزتكم» وأمارة مجدكم التليدء وعزكم الغابر وهى التابوت» وإنه سيعود إليكم مكرما معز تحمله ملائكة الله» والقوى الروحية. وفى هذا إشارة إلى أن أمارة السلطان العمل المنتج المثمر. تفسيرسورة البقرة 0 2 لل الل سرب ا وقد أخطأ بعض المفسرين المحدثين» فذكر أنه يحتمل أن المراد من # تحمله الْمَلائكة4 أن التابوت كان فى شكل صندوق تحمله تماثيل كانوا يسمونها الملائكة من حيث إنها صورة ملائكة فى خيالهم. إن ذلك خطأ مبين» وإن ذكر فى التوراة الحاضرة! لأن القرآن الكريم الذى حارب الوثنية وذرائعها لا يتفق مع منطقه أن تسمى التماثيل ملاتكة» ولو كان فى ذلك مجاراة لتعبيراتهم» ولا يصح أن يفسر القرآن بما لا يتفق مع منطقه ويخالف اتجاهاته ومراميه. إن في ذَلك لآية لَكُم إن كم مُؤْمدينَ» خم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهذه العبارة السامية» لبيان أن عليهم أن يخضعوا لإمرة طالوت بعد أن تبين لهم اختيار الله له واصطفاؤه؛ والمعنى: إن فى عناية الله سبحانه وتعالى بكم» من إعادته التابوت شارة عزكم - لآية لكم وعلامة توجب عليكم أن تخضعواء ولا تتململواء ولا تتمردوا إن كنتم مؤمنين. أى إن كان شأنكم أن تؤمنوا بالحق» وتذعنوا إذا علمتموه. وهذا التخريج على اعتبار أن هذه الجملة السامية من كلام بنى إسرائيل لهم» فهى تبين وجوب الطاعة عليهم بعد هذه البينات. ويحتمل أن الخطاب فى هذه الجملة السامية للمؤمنين من أمة محمد َك ويكون المعنى: إن ذلك القصص الحكيم» وتلك العظات البالغة لآية» أى لآأمارة تدل على صدق محمد يلو فيما يدعوكم إليه؛ وأنه يتحدث عن ربه؛ لأنه وهو النبى الأمى الذى لم يقرأ كتابّاء ولم يجلس إلى معلم ولم يلقن أى علم من أى طريق قد ساق إليكم تلك الأخبار الصادقة» فهى آية من آيات نبوته إن كان من شأنكم الإذعان للحق إن بدت آياته وظهرت بيئاته . لفََما فصل طَلُوت بِالجنود قَال إن الله مبتليكم بتهر» تولى طالوت إمرة بنى إسرائيل» وقيادة جيوشهم» وتقدم بهم للانتصاف ممن أرهقوهم وأذلوهم؛ فخرج بهم من هدوء الاستخذاء والاستكانة إلى ميدان الجهاد. و«فصل» معناها انفصل» وقد قال فى ذلك الزمخشرى: (فصل عن موضع كذا إذا انفصل عنه وجاوزه. هاا تفسير سورة السقمرة ال مامالل لس اق وأصله فصل نفسهء ثم كثر حذف المفعول حتى صار فى حكم غير المتعدى ك "انفصل»» وقيل فصل عن البلد فصولاء ويجوز أن يكون فصله فصلاء وفصل فصولاء كوقف وصدهء ونحوهما؛ ولمعنى انفصل عن بلده) ويستفاد من هذا النقل أن فصل تستعمل لازمة ومتعدية عند بعض اللغويين» وعند الأكثرين هى متعدية أجريت مجرى اللازم لكثرة حذف المفعول. ولا خرج طالوت بجند بنى إسرائيل قال لهم: إن الله مبتليكم أى مختبركم «بنهر» وهو بالفتح والسكون لغتان فيه؛ والنهر: المجرى الواسع الذى يجرى فيه الماء» مأخوذ من نهر الأرض بمعنى شقها شقًا واسعا. وما نوع الابتلاء؟ أهو ابتلاء لمعرفة مقدار طاعة جنده؛ لأنهم بايعوه وما أرادواء» وقبلوا ملكه وماكادوا يفعلون» فأراد قبل أن يخوض غمار الحرب أن يعرف من أذعن ورضى فيقاتل به؛ لأنه يكون كنفسه» ومن كان فى قلبه ذرة من التمرد أو عدم الإذعان القلبى» فإنه ليس له به حاجة. والنصرة فى الجيش باتحاد القلوب والقوة المعنوية» وحسن الطاعة للقيادة» فجند قليل متحدة أهواؤهم ينتصرون بعون الله. على ذلك جمهور المفسرين. ويصح أن يكون المراد بابتلاء الله لهم أنهم يفصل بينهم وبين أعدائهم نهرء وقد وصلوا إليه مجهدين من العطش والتعب. فخشى أنهم إن مكثوا حولهء وملثوا مزاداتهم وبطونهم واستراحوا واستجمواء أحس بهم أعداؤهم» فاجتازوا النهر إليهم» وأبعدوهم عنه؛ فأراد طالوت أن يأخذ عدوه بالجولة الأولى المفاجئة» فيجتاز النهر قبل أن يحسوا به» وإن اجتازوه صار النهر فى قبضتهم يشربون منه ما شاءوا من غير حاجة إلى التزودء وكانوا هم على الماء» وعدوهم أسفل منه. هذا احتمال قريب لا ينافيه نسق القرآن الكريم» ويتحقق فيه معنى الابتلاء الشديد؛ لأن كونهم بجوار الماء بعد جهد وعطشء ولا يأخذون منه إلا غرفات تذهب بالعطش من غير شبع وتزود منه» هذا بلا شك ابتلاء من الله»ء ويتحقق فيه أيض معنى الاختبار للطاعة» وهو يتفق مع الخطط الحربية؛ لأن الفجاءة فى الحروب ل تفسيرسورة البقرة يوي ل ا ا ا ا ا ا ا ا ا اا الاا اللا ٠: ااا‎ يي اسلاح يقتل ويفرق الجمع» ثم فيه اختبار لعزائمهم وقوة إرادتهم فوق اختبار بجواره فليس مني # أى فليس فى قيادتى» بل هو خارج على طاعتى» وليس معنا فى هذا الجهاد المتعب فى أولهء والمثمر فى آخره؛ 8[ ومن لم يطعمه 4 أى لم يذقه « إلا من اغترف غرقة بيده 4 أى أنه لم يذق من ماء النهر إلا بقدر اغترافه بيده ما يبل عطشه» وينقع غلته» ويدفع حاجته العاجلة من الماء أى فمن لم ينل من ماء النهر إلا بهذا القدر طفَإِنّه مني »4 أى معى فى جندى» وهو فى سلطان قيادتى» وله معى غب النصرة وفخار الانتصار. والاغتراف هو الأخذ من الشىء باليد» والغرفة مقدار الماء الذى يغترف باليد. وهنا ببحث لفظى تبه إليه الزمخشرى» وهو تقديم جواب الشرط على جه وهم مجر الاستثناء من الشرطء فقد قال: « ومن لم يَطْعَمه فَِنَهُ مني إِلذّ من اعْترف غرفة 4 وكان التأليف المعهود للناس أن يقال: (ومن لم يطعمه إلا من اغترف غرفة بيده فإنه منى) المسارعة إلى الحكم بالاتصال؛ وإثبات أن أساس الصلة التى تربطهم ألا ينالوا من الماء» ثم رخص لهم فى الغرفة بيد لنقع الغلة» وذلك ليقللوا ما كان فى طاقتهم التقليل؛ لأنهم إن استرسلوا فى أخذ الماء لا يقفوا عند القليل» بل ينالوا منه الكثير. © فَسْربُوا منه إلا ليلا منهُم 4 لم تكن نتيجة ذلك الامتحان الذى اختبرت فيه حكمتهم» وطاعتهم» وعزيمتهم تتفق مع رغبتهم فى العزة بدل الذلة» فلم ينظروا إلى المآل بدل الحال» لم يصبروا على التعب الوقتى بالعطش ليفاجئوا عدوهم فى عر داره» وما غزى قوم فى عقر دارهم إلا ذلوا؛ ولم يطيعوا قائدهم الحكيم» والطاعة أساس الجندية؛ ولم يستحصدوا بعزائمهم فلا يستنيموا إلى الراحة قبل وقتها. ا تفسير سورة البقرة ل 000 0 هيه : - ولذا قال تعالى: فَسْربوا منه إلا قليلا منْهُم4 أى فشربوا منه وكرعوا واستراحوا حوله واستجموا قبل أن يجىء وقت الاستجمام» إلا قليلا منهم ربط الله على قلوبهم؛ وبذلك لم يطيعوا ولم يصبرواء ولم يجمعوا عزمهم متحملين التعب العاجل» فى نظير النصر والظفر الآجل . ولقد قرأ أُبى والأعمش «إلا قليل» ومن المعروف أن المستثنى بعد الكلام التام الموجب يكون المستثنى منه منصوباء فما وجه الرفع هنا؟ قالوا: إن معنى «فشربوا» أنهم ليسوا منه؛ لأنه تبين الارتباط اللازم بين الشرب» وكونهم ليسوا منهء» فقد قال تعالى : «لل فَمن شرب منه فيس مني 4 فالمعنى إذن «فليسوا منه إلا قليل منهم» فقراءة الرفع إيماء بليغ بمقتضى المنهاج العربى إلى تضمن فشربوا معنى فليسوا منه المصرح بها سابقًا. ولقد قال فى ذلك الزمخشرى: «قرأ أبى والأعمش إلا قليل بالرفع» وهذا مع ميلهم إلى المعنى» وإعراض عن اللفظ جانباء وهو باب جليل من علم العربية» فلما كان معنى فشربوا منه: فلم يطيعوه» حمل عليه» كأنه قيل فلم يطيعوه إلا قليل منهم». وإن لذلك فائدة بلاغية هى أنه كما قلنا إيماء إلى النتيجة المقررة للشرب» وكأنه تصريح بهاء وهى أنهم ليسوا منه وقد انقطعت الصلة بينهم وبينه» فصاروا فى ضفة . من النهر مستريحين مستنيمين إلى هوى النفس» وطالوت ومن معه قد صاروا فى الضفة الأخرى» قد فاجئوا العدو وحالوا بينه وبين الماء؛ ولذا قال سبحانه من بعد: ف فَلَّمّا جاوزه هو والّذِين آمنوا مَعَه قَالُوا لا طَاقَةَ نا اليو بجالوت وجنوده 4 اجتاز طالوت النهر مع الذين صبروا على العطش والتعب» ولم ينالوا من الماء إلا ما يدفع العطش المميت؛ ولقد عبر سيحانه عن أولئك الصابرين الطائعين المدركين بقوله تعالى: ا والّذِينَ آمنوا مَعَهُ 4 للإشارة إلى أن الإيمان بالله والإذعان له سبحانه هو السبب فى طلبهم العزة» وتحملهم المشاق فى سبيلهاء والصبر على المتاعب لنيلهاء والطاعة لمن اصطفاه الله وليا لأمرهم» ومدبرا لشئونهم» وقائدا لهم فى ميدان العزة والكرامة. تفسيرسورة البقسرة للفلل اللا ج#بب ب يي والضمير فى قوله تعالى: 8 قَالوا لا طَاقَة لنا اليوم بجالوت وجنوده # يحتمل أن ولم يجتازوا النهر. وعلى الأول يكون المعنى: إن الذين اجتازوا النهرء وهم الطائعون الصابرون المعتزمون كانوا فريقين: فريق هاله العدو وكثرته» فاعتراهم الخوف» وقالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت (وهو قائد جيش العدو) وجنوده؛ وفريق آخر لم تأخذ فؤاده الكثيرة ولم يذهب قلبه شعاعاء وهم الذين قال سبحانه وتعالى عنهم: «قَال الّذِين يظنون أَنّهم ملاقوا اللّه كم مَن فة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن اللّه 4 . النهر وأطاعواء ولكن هالتهم الكثرة الكائثرة» وحسبوها الكارئة؛ والمرتبة العليا هم أولئتك الذين آمنوا بلقاء الله تعالى» وفضلوا الباقية على الفانية» وباعوا أنفسهم لله سبحانه وتعالى. وعلى أن الضمير فى «قالوا» يعود على الذين لم يجتازوا النهر» يكون المعنى : إن الذين استناموا للراحة» وآثروا العصيان تقاولوا فيما بينهم وقالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده» أى أننا فى حاجة إلى الراحة اليوم وإذا نلنا حظنا من الاستجمام والماء فقد يكون اللقاء. وأما الفريق الذين اجتازوا النهر» فقد وجلوا أنفسهم قلة قليلة أمام جموع كثيرة» وقد تخلف من إخوانهم الأكثرون» وقعدوا فى الضفة الأخرى مخالفين» ولكنهم مطمئئون إلى نصر الله وتأييدهم وقد آمنوا بالآخرة فطلبوا الموت لينالوا الحياة» كما قال الصديق خليفة رسول الله: (اطلب الموت توهب لك الحياة) وقالوا: « كم من فنة قَليلة غلبت فنةَ ير بإذن الله 4 . ومعنى لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده : لا قدرة لنا اليوم على ملاقاة جالوت وجئلوده » ولو بتحمل أقصى المشقة؛ إذ الطاقة معناها أقصى ما يبذل من مشقة لحمل الأمرء وإذ انتفى ذلك فمعناه أن الأمر مستحيل بالنسبة لقدَرهم» وهذا تفسير سورة البقرة لزنا 1 الت الت لنا تا لانااااااااالاالا لاا لالخ طالنا ال طاطخ لالطالا اخلط لامالا اطنط طا اللا طخطااااالالااالا لاا نا خط الخطن الا لطخسسطخاسقلل 0 لسرب أ هو مأ يصوره الضعف والاستخذاء» واستمراء الذلة والضعة والهوان. ولآن القائلين لذلك القول فيهم هذه الصفات» ترجح أن الضمير يعود على الذين لم يجتازوا النهر فهذا قول الذين عصوا وذلواء أما قول الآخرين فقد حكاه الله تعالى بقوله: ذل الذن يود له ملو اله كم من فت فيل عفن ير اذ ال الظن هنا بمعنى العلم القطعى الجازم؛ لآن شأن المؤمن أن يؤمن بالله ورسله واليوم الآخر إيمانًا قاطعًا جازمًا لا شك فيه» وإنما عبر عن العلم اليقينى فى هذا المقام بلفظ الظن لسببين: وثانيهما: أن الظن يتضمن معنى الرجاء» ورجاء لقاء الله سبحانه وتعالى راضيًا عن فعل العبد يدفعه إلى العمل والجهاد فى سبيله» وبيع النفس فى سبيل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى. ووصف أولئكك الشابتين الصابرين الذين أرادوا العرة فافتدوها بأنفسهم وأعظموا الفداء بأنهم الذزين يظنون أنهم ملاقو الله» بيان للباعث القوى الدافع للرضا بالفداء» والصبر على البلاء ؟؛ وذلك لآن الإيمان بلقاء الله يجعل المرء يستهين بكل ما ينزل به فى الدنيا؛ لأنه مهما يكن مقداره» تعب ضثئيل فى مقابل نعيم مقيم يوم القيامة» ولأنه مهما يكن ما يلقاه من عنت فى الدنيا لايعد شيئًا مذكورً فى نظير لقاء الله تعالى راضيًا عنه» متقبلا لأعماله» فذلك الرضوان دونه الدنيا كلها بحذافيرها. فيهاء فهو مستهين بعدوه مهما تكن كثرته؛ ولذلك قالوا: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله 4 الفئة: الجماعة المتعاونة المتساندة التى يفىء بعضها إلى بعض» ويظاهر بعضها بعضء والمعنى كم من مرات كثيرة غلبت جماعة متعاضدة قليلة العدد جماعة كثيرة العدد» لقوة إيمانهم بالله وبحقهم . 9 تفسيرسورة البقرة اللللللللياي للفلل الللللو الوب االلللللالئلل! ههه < 7 وفى هذا إشارة إلى أن من أسباب النصر ألا يؤخذ الخصم بقوة خصمه بأكثر من أن يستعد له ويأخذ الأهبة للقائه؛ أما إن هاله أمره فإنه لا محالة مغلوب؛ لآأن القوة المعنوية ذخيرة فوق العدة والسلاح» ولا تكون القوة المعنوية لقوم يرهبون لقاء عدو الله وعدوهم». بعل أن اتخذوا الأهبة» واختار الله سبحانه وتعالى لهم القيادة الرشيدة» ذات الرأى السديد؛ والمنهج الحميد. «( واللّه مَعَ الصابرين » ختم الله سبحانه وتعالى الآيات التى تفيد الاستعداد للقتال بتهيئة النفوس» واتخاذ سلاح المفاجأة أول سلاح يرفع ضد الأعداء - ببيان سلاح آخر هو أمضى الأسلحة التى تغالب الزمان» وتناضل الحدثان» وهو الصبرء فقال سبحانه: © واللّه مّعْ الصّابرين4 أى أن على الذين يتقدمون للجهاد فى سبيل الله أن يدرعوا بالصبرء ويجعلوه أخص صفاتهم» ويستمسكوا به؛ فإن الله سبحانه وتعالى مع الصابرين. والمصاحبة الكريمة التى أفاض الله بها على الصابرين فقال: #واللّه مّعَ الصابرين* هى مصاحبة النصرة والتأييد والتوفيق. فالله جل جلاله» وعظمت قدرته. مع الصابرين» ومن كان الله معه فهو منصورء فإنه هو : نعم المولى ونعم النصير. سه 0 أ 1 0 وَجووودقا | اام الستعزيس " 000 دم أللَهِوَفسَلَ داف دجَالوْمكتو ءا ضسَئه لد تالبك ولك 00 0011001 ح وصي مي 22 لع . 1 سس ل 56م 1+0 در ع بِبَعْض أْفْسَدَّت الأرض_ والحكن الله دو فصل عل الأمكلمركت لم تَأكَ ءاسك اللّد 3 0200 وح سا ل ا هه ورم جور مها َلك ٍالْحَقَ وَإِنَكَ لع نَالْمرسليسه <يهٌ 9ه تفسير سورة البقرة ل .0 اا :2 يي اجتاز المؤمنون الصابرون النهرء وجمعوا عزائمهم فى عزيمة واحدة» وقدروا النصر مع قلتهم وكثرة عدوهم؛ لأن الإيمان بالحق وحده عدة هى أقوى عدد الجهادء وبهذه النفوس المؤمنة المتوثبة المفوضة أمورها لرب العالمين» تقدموا للقاء الأعداء» ولم يغرهم بالله الغرور ولم يفرضوا أن قوة البدن والسلاح والشعور بالحق وحدها كافية للنصر بل لابد من تأييد الله؛ ولذا قال سبحانه فى وصفهم فى ميدان القتال : ( ولمً روا لجاُوت وود او وا أفرغ عي صبرا وت أفدامنا وانصرن علَى القوم الكافرين 4720 4 أى أنهم خرجوا إلى الأرض الفضاء المنسعة التى تتلاقى فيها القوى المناضلة» «فبرزوا» معناها خرجوا إلى البراز» أى الفضاء المتسع المترامى الأطراف» وكان بروزهم وظهورهم لقوى جبار غالب» ومعه جند مدذرب تعود الانتتصار فى الماضى» وأذاق بنى إسرائيل من الذل أكؤؤسا؛ ذلك هو جالوت وجلوده . وذكره بالاسم ومعه جنوده للإشعار بأن المؤمنين لاقوا جماعة موحدة منظمة» لها فوق كثرة العدو والعدد قوة النظام وتوحيد القيادة وقوة الانتصار فى الماضى والغلب عليهم. ولكن التعبير يشعر مع ذلك بأمر آخر قد يكون من أسباب الضعف مع هذه القوة وهو أنهم جند لشخص واحدء يعملون لغايته بمصلحته وسلطانه» بل شهواته ورغباته» فهم لا يعملون لأنفسهم وجماعتهم» بل يعملون لملكهم» وكأنهم مع دربتهم وقوتهم وغلبهم مسخرون لإرادة شخص وهواهء وذلك من أسباب ضعف الإرادات» وعدم الصبر عند الشدائد» وهكذا حكم الواحد المستبدء يحمل فى داخله دائما عوامل ضعفه مهما يكن فيه من توحيد وتنظيم للقوى وجمع للقيادة» وذلك يكون إذا كان حكم الفرد صالحاء ولم يكن فسادًا غاشمًا وطغيانًا ئس آثما . عندما التقى المؤمنون الصابرون من بنى إسرائيل بعذدوهمء هالهم أمره» وهالهم أمر قائدهم) ولكنهم كانوا مستولين على قلوبهم» مؤمنين بالنصر أن أخلصوا الملل لال ل لل و تفسير سورة البقرة لحب ات فى أمرهمء وشروا أنفسهم لربهم؛ ولذلك اتجهوا إليه بعد أن أخذوا الأهبة» فدعوه ضارعين بثلاث عبارات مفوضة تفيد إدراك أسباب النصر: أما الدعاة الأول فهو: « قَالوا با أفرغ علينَا صبْرا 4 يقال أفرغ الإناء: صب ما فيه من ماء» وأفرغ الدلو على نفسه: صب ما فيه من ماء على نفسهء فمعنى أفرغ علينا: أفض علينا صبرا يعمنا فى ظاهر جمعناء وفى خاصة نفوسنا. فالتعبير ب اأفرغ علينا صبرا» فيه استعارة تمثيلية شبه فيه حالهم والله سبحانه وتعالى يفيض عليهم بالصبر يظهر فى جماعتهم مجتمعة وفى الأفراد منفردين بحال الماء يفرغ على الجسم فيعبه كله؛ يعم ظاهره ويتسرب إلى باطنهء فيلقى فى القلوب بردًا وسلامّاء وهدوءً واطمئكنانًا . وصدروا الدعاء بالنداء «ربنا» أى خالقنا ومنشئنا ومربينا ومميتناء وفى ذلك إشعار بأنهم دعوا مجيباء وضرعوا إلى قادر غالب» وإلى منشئْ موجدء فهو قادر على أن يأويهم بالصبر» ويغنيهم به عن نقص العدد. وابتدءوا بالدعاء بالصبر؛ لأن الصبر هو عدة القتال الأولى» وهو ذخيرة المؤمنين وبه ضبط النفس فلا تفزع» وبه يجتمع قلب الشجاع فلا يجزع. والانتصار فى القتال بصبر ساعة» والصبر عند اللقاء الأول هو الذى تتبدد به قوى العدو مهما تكاثرت؛ ولذا قال النبى يَكِِ: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى:7" . والدعاء الثانى الذى ضرعوا إلى ربهم فيه قولهم: © وتَبّت أُقْدامنا 4. وهذا كناية عن أن يمنحهم سبحانه وتعالى الثبات فى الزحف وعدم الفرار فى النزال» فمعنى: ظ وثَبّت أقدامنا 4. أى ثبتناء ومكنا من عدوناء ولا تمكن عدونا مناء ولا تجعل للفرار سبيلا إلى قلوبناء فالتعبير بقوله: «إ وتَبّت أَقدامنا 4. تعبير بالجزء وإرادة الكل؛ لأن الأقدام هى التى يكون بها الفرار» فتثبيتها إبعاد للفرار بثبات أداته وعدم تحركها إلا إلى الأمام» وأن الثبات مظهر الصبرء وذريعة النصر بل مظهر القوة» )١(‏ رواه البخارى: :)١7١١7(‏ الجنائز > زيارة القبورء ومسلم (1655): الجنائز - الصبر عند الصدمة الأولى. ل تفسير سورة البقرة ااا لللاا1اااالاةالالائاااا الالالال الللاناناللاتاا! الا الاك ااال تلااكامطممللم الالالال لاططاا اا لللااططط اطاط تططخ خط لشسللا لكا بي وعنده تتحطم قوى العدوء وتتفرق كلمته إذا لم يكن محاربًا فى سبيل حق» بل كان يقيم الظلم ويؤيد الباطل. والدعاء الثالثء وهو قولهم: لإ وانصرنا على القوم الْكَافرِينت4 وإن إجابة هذا الدعاء هو محقيق لثمرة الصبر والثبات» وكان الدعاء تحقيقه للإشارة إلى أن الأمور كلها بيد الله» وإن أولئك المؤمنين الصابرين الثابتين كانوا يأخذون بالأسباب» ثم يفوضون الأمور إلى الله مسبب الأسياب معتقدين أنه مهما يتحقق السبب ولا تكون المعونة الإلهية» والتوفيق الربانى» والتأيبد من القوى الجبار - فلن يكون الانتصارء وأن الجيش القوى مهما يكن عنده من صبر وثبات يجب أن يؤمن بأن النصر من عند الله العزيز الحكيم الفوى الغالب على كل شىء. وقد رأينا فى العصور الحديثئة قادة عظاما يأخذون بالأسباب ثم ينهزمون» مع أن تحت سلطانهم جنودا مدربين طائعين صابرين ولكنهم لم يقولوا: المستقبل بيد الله» بل قالوا: المستقبل بأيديئا » فكف الله أيديهم عن الناس» وكانوا عبرة المعتبرين . «( فَهَرَموهم بإذن اللّه 4 الفاء هنا للسببية» أى أنه بسبب قوة عزائمهم » وحسن صبرهم واتجاههم إلى ربهم ضارعين أن يلهمهم الصبر عند اللقاء. والثبات عند الزحف» والنصر فى النهاية لأنه المالك لكل شىء » بسبب كل هذا هزموهم بإذن الله» أى بتوفيقه سبحانه وإرادته وهدايته» وإمداده سبحانه بعونه بعد اتخاذهم وأصل الهزم معناه الكسرء وكثرا ستعماله فى كسر الأعداءع. وتشتيت شملهم» وذلك لأن العدو فى هجومه يشبه الصخرة المنقضة فى تجمعه وصلابته وحدة صدلمته,» فإذا رد على أعقابه تكون حاله كالتكسر بعد الاجتماع والتقطع بعد الاتصال. وَقعَلَ داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلَّمَه مما يشاء 4 فى هذا التعبير ذلك أن طاغيتهم قد قتل» وهو الذى كان يفرض أهواءه وشهواته عليهم فيجعل م تفسيرسورة البقرة فىج-1 لاوا ين منهم جندا طائعين له يسيرون مع رغبته فى السلطان والقهر والغلب بالحق وبالباطل» وكذلك الشأن دائما فى أهل الباطل يجتمعون على رجل ويسيرون وراءه» فليست لهم إرادة غير إرادته» ولا روح جماعية تجعل لهم كيانا قائما بذاته» مظهره قائدهم. بل يكون الطاغية هو المسلط عليهم» يملى إرادته على أحدهم» ولا إرادة لأحد وراء إرادته» فإذا قتل ذلك الطاغية أو قضى على سلطانه تفرق الجمع وذهبت الوحدة الرابطة» وعملت السيوف فى أقفيتهم . وكذلك كان أمر أعداء الله جمعهم جالوت تحت إمرته» وفرض عليهم إرادته بحكم القهرء أو بالاستهواءء أو التبعية الشخصية» فمكّن الله أولياءه من حتى إذا قتل تفرق الجمع وولى الأدبار» ولا يكون الأمر كذلك إذا كانت الجماعة تحس بالوحدة الجامعة التى تربط أحادهاء وقائدها مظهر توحد الإرادة وجمع الكلمة» وليس موجد هذه الوحدة لتسخر لإرادته؛ فإنه فى هذه الحال إذا ذهب القائد» قام مقامه من يماثله أو على الأقل يقاربه؛ لأن الجماعة لها إرادة موحدة» وليست خاضعة لإرادة مسلطة وهى الموجدة لقائدهاء وليس قائدها هو الموجد لإرادته» والإرادة التى أقامته تقيم غيره مقامه إذا خلا مكانه. كان القاتل لجالوت رأس العدو هو داود» وقد رشحته قوته الجسميةء وإحكامه للقتال وعلمه وحكمته لأن يتولى الملك من بعد طالوت والملك الذى تولاه ليس هو الملك الورائى الذى يئول فيه السلطان إلى أحد من أسرة الملك السابق بالوراثة القانونية؛ لأن داود لم يكن من أسرة طالوت» وما رشحته للملك وراثة قانونية» بل رشحه للملك انتخاب طبيعى» وإرادة إلاهية آتته الحكم والنبوة» فليس الملك الذى آل لداود هو الملك الورائى» بل السلطان الحَكَم ذلك الانتتخاب. وقد ذكر سبحانه العناصر التى ترشح للسلطان وحكم الناسء» فكانت قوة الجسم» والحكمة والعلم؛ ولذا قال سبحانه بعد ذكر قتله لجالوت: وآيّاه الله املك والحكمة وَعَلَمَه مما يشاء 4 والحكمة هى وضع الأمور فى مواضعها والتدبير المحكم على وفق العلم» فالحكمة تقتضى صفتين ذاتيتين فى الشخص: عقلا مدركا نافذ ا تفسير سورة البقرة اذ اك 04 3 9 بصيراً يرى بواطن الأمور ويتغلغل فى أعماقهاء وإرادة محكمة تجعل العمل يتلاقى مع الفكر الصحيح والإدراك السليم» فلا يكون سلطان يعارض دواعى العقل» وأحكام الفكر السليم» فليس بحكيم من يبادر بالحكم على الأشياء من غير دراسة عميقة مستقصية وليس بحكيم من يكون عمله على غير ما تقتضيه قواعد الفكر المستة ولقد ذكر سبحانه أنه علَّم داود مما يشاء أى علَّمه علمًا كثيرا واسعًا ما شاء أن يعلمه. فقوله تعالى: و مما يشاء # يشير إلى سعة العلمء وأنه كثير متشعب لا تحده إلا مشيئة الله وإرادته. فعلّمه سبحانه سياسة الملكء» وأحوال الناس» ومنازع النفوسء وأحوال البلدان وما تنتجه من خيرات» وغير ذلك» وكان تعليم الله سبحانه وتعالى له بالنبوة التى أفاضها سبحانه وتعالى عليه» والتجارب التى ساقها الله إليه» والذخيرة التى بين يديها من أحوال الحاكمين السابقين» والهداة المرشدين» وما أوتيه من علم التوراة» والأخبار الصحاح عن النبيين السابقين» وفى كل ذلك هداية وإرشاد إلى أقوم مناهج الحكم الصحيح . تلك هى عناصر الحكم الصالح» لابد أن يكون الحاكم قويًا فى جسمه. بحيث لا يخذل جسمه إرادته» فكثيرا ما يكون ضعف الإرادة من ضعف الجسمء وضعف التدبير من تخاذل القوى البدنية عن الاحتمال» ولكن قد تكون الإرادة القوية والعزيمة الماضية فى جسم ضعيف» وفى هذه الحال قد يستغنى عن ذلك العنصر إن لم يوجد شخص تتوافر فيه قوة النفس وقوة الجسم معاء فالاعتبار الأول لقوة النفس » وقوة الجسم خادمة لقوة النفس وليست مقصودة لذاتها. والعنصر الثانى هو الحكمة: وهى كما رأيت جعل العمل يسير مع العقل فلا تتحكم الأهواء والشهوات» وآفة الحكم الصالح هوى الحاكم» فإن غلبت رغيته عقله غلب الفساد حكمه؛ فليختبر كل حاكم نفسهء فإن رأى أهواءه هى المسيطرة فليعلم أن الشر قد استحكمء وأنه أولى به ثم أولى أن يعتزل وإن وجد عقله هو المسيطر فليعلم أن الله أجرى عليه التوفيق . ا تفسيرسورة البقسرة لال الال وجو 7 والعنصر الشالث الإحاطة التامة بمصالح الناس وأحوالهم: فإن الحكم عمل للمصلحة» وليس سيطرة وتحكماء ومن ظنه سيطرة وتحكما فهو ممن طمس الله بصيرته» وغلبت عليه شهوته» ثم غلبت عليه شقوته. إن فرق ما بين الحكم الصالح وغير الصالح دقيق فى معناه» وإن كان الأثر كبيراً فى مبناه»ء فالحكم الصالح أساسه أن يكون الحكم لمصلحة المحكوم وإجابة لرغبته» والحكم غير الصالح أساسه أن يكون الحكم تحكما فى المحكوم» فمن تحكم فى الرعية ولو باسم مصلحتهاء فقد سلك سبيل الفساد؛ لأن التحكم ينبعث من الرغبة فى السيطرة» ولو لبس لبوس المصلحة. والسيطرة تسلط» والتسلط فى ذاته فساد يؤدى لا محالة إلى فساد» ويؤدى إلى موت الإرادات فى الجماعة» وفى ذلك إضعاف لقوتها. وأما الحكم المنبعث من إرادة الجماعة الذى يقودها لمصلحتهاء فهو يؤدى إلى الصلاح لا محالة» وإن تعثر فى أخطاء أحيانا؛ لأنه من الخطأ يتعلم الناس الصواب» ومن الخط المعوج يعرف الخط المستقيم . «ولولا دَفْع اللّه النّاس بعضهم ببعض لُفَسَدت الأرض ولكن الله ذو فُضل عَلَى الْعَالَمينَ4 بِيّن الله سبحانه وتعالى قصة بنى إسرائيل» وهى قصة يتجلى فيها استخذاء الضعفاء» إن خافوا الموت» وجهلوا أن البقاء على الذل هو حقيقة الفناء ثم بين كيف تتحفز بعض العزائم لرفع نير الظلم وكف يد الظالم» ثم بين كيف يقوم فى المغلوب عليهم نزاع بين دعاة التردد والهزيمة ودعاة الإقدام» وكيف تخضع النفوس لخواطر الرغبة فى العزة والإقدام على التغيير» وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. ثم بين حال الجيوش القوية فى وجوب توحد قيادتها تحت سلطان قائد قوى عالم مفكر مجرب» وكيف تضعف العزائم عند الذين ألفوا الذل فيستنيمون إلى الراحة الذليلة» بدل الشدة العزيزة» ثم بين سبحانه كيف تغلب فئة قليلة مسلحة بالإيمان القوى والتصميم على طلب العزة» مستعينة بالصبر» معتمدة على الله جلت قدرته. ل تفسير سورة البقرة الل ملللل 1م حب أ بين سبحانه كل ذلك فى عبارة جلية» أو إشارة واضحة» ثم بين سبحانه أن سنة الله فى خلقه أن يدفع الخيرٌ والشرء وأن تكون المدافعة بينهما مستمرة» حتى لا إن الله سبحانه قد قدَّر أن يبتلى الناس من يوم أن هبط آدم وحواء إلى الأرض» فقد ابتلاهم بإبليس وإخوانه» فكان النزاع بين الخير والشر والحق والباطل» والظلم والعدل» والله دائمًا يسخر للحق أنصارًا يعملون لنصرته» ويتخذون الأسباب والأهبة) ثم يؤيدهم بنصره وتوفيقه فإن الأرض لا تخلو من قائم للحجة ظاهراً مشهوراء أو مستورا مغموراً» حتى لا تذهب بينات الله كما قال على رضى الله عنه . ولذا قال سبحانه: 9 ولولا دَفْع الله النّاس بعضهم ببعض أُفسدات الأرض »4 أى لولا دفع الله سبحانه بعض الناس الأشرار بيبعض الناس الآخيار لفسدت الأرض» لأنهم إن تركوا من غير أن يدافعوا عم الفساد وعم الدمار. وإن دفع الشر بالخير يكون فى داخل الأمم وبين الآحاد» وبين الأمم بعضها مع بعض» فالأمة الواحدة يكون من آحادها الأخيار والأشرار» ويدفع الله بعمل الأخيار وبال عمل الأشرار. ودفع ذلك يكون بطرق مختلفة: ٠‏ منها: أن يكون الشر فى خفاءء والخير فى جلاءء فيكون انزواء الشر دفعًا له وفى ظهور الخير دعوة إليه» وحثا عليه . ومنها: أن يقل عدد الأشرار الظاهرين ويكثر عدد الأخيار البارزين فيدفع الله سبحانه بتلك الكثرة الظاهرة شر تلك القلة الفاجرة. ومنها: أن عمل الأبرار فى الأمة يصلح الله به ما أفسده الأشرار مهما يكن عدد هؤلاء» ففى بعض الآثار عن النبى تك أنه قال: (إن الله يدفع العذاب ‏ أى الدنيوى ‏ بمن يصلى من أمتى عمن لا يصلى وبمن يزكى عمن لا يزكى» وبمن يصوم عمن لا يصوم, وبمن يحج عمن لا يحج وبمن يجاهد عمن لا يجاهد» ولو اجتمعوا ا تفسيرسورة البقرة على ترك هذه الفرائض ما أنظرهم الله طرفة عين. ثم تلا قوله تعالى: ذإ ولَولا دف له لاس بعضهم يبعض لفسَدت الأرض 76 . وأما دفع الله بعض الناس الأشرار ببعض الناس الأخيار فى الأمم بعضها مع بعض فإن ذلك بجهاد الأمم التى تعمل للحق للأمم التى يناصر أكثرها الباطل» أو تسكت عن ظلم حكامها لغيرهم من الأمم. ولقد روى أن ابن عباس قال فى تفسير قوله تعالى: «( ولولا دع الله الئاس بعضهم يبعض لْفَسَدت الأرض 4 : «لولا دفع الله العدو بجنود المسلمين لغلب المشركون فقتلوا المؤمنين وخربوا البلاد والمساجد». وفى المحملة أنه لابد للحق من قوة تدفع الباطل» وأن الله قد أمد الأخيار بقوته» ليدفعوا الشر ويكفكفوا من حدته. وفى العبارة السامية إشارة إلى أن تلك المغالبة هى فى طبيعة البشر بمقتضى خليقتهم وفطرتهم» إذ قال سبحانه: «ولّولا دَفْع اللّه الئاس بعضهم ببَعْض »4 فهو سبحانه قد حكم بأن دفعه للناس أجمعينء ثم أردف القول بالبدل بقوله: ل بَعْضهُم ببعض 4 وفى ذلك إشارة إلى أن تلك المدافعة بين الناس مستمرة» وأنها ليست فى جيل دون جيلء» ولا زمان دون زمان» ولا يتعين أن يكون قوم بأعيانهم للشرء» وآخرون للخيرء فقد يكون بعض الناس فيه خير فى بعض نواحيه» فيدفع شر غيره فى هذه الناحية» ويكون فى الآخر ما يدفع به شرا فى بعض نواحى الأول» وقد يكون بعض الأقوام فى ججانب الحق ينصرونه لغايات فى نفوسهمء وإن لم يكونوا فضلاء فى عامة أحوالهمء فالشر يدفع بالبر والفاجرء وينصر الحق بالأخصيار والأشرار؛ ولذا لم يقل سبحانه وتعالى: ولولا دفع الله الأشرار بالأخميار» بل قال سبحانه: 8 بعضهم ببعض 4 ليعم تلك الأحوال. وذلك من فضل الله على عباده؛ ولذا ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت كلماته: « ولَكن الله و فَضْل عَلَى العالمين 4 . .)7861١( راجع الدر المنثور للسيوطى ج١ ص754ء كما ذكره القرطبى: سورة البقرة‎ )١( ا تفسير سورة البقرة ل 0 1 جه ل يي" وقد دل ذلك الختام الكريم على ثلاثة أمور: أولها: أن ذلك التنظيم الحكيم هو من فضل الله ورحمته؛ وإنعامه على خلقهء وليس ذلك بواجب عليه سبحانه؛ وذلك لأنه خلق الناس» وخلق معهم عقولا يعرفون بها خيرهم وشرهمء فإن ساروا فى طريق الخير والفلاح فلهم ما قصدوا إليه. وإن ساروا فى طريق الشر والفساد فإلى الهاوية يسيرون» وعليهم وبال أمرهم. وعاقبة عملهم إنما هو من فضله. وقد دل على ذلك الاستدراك بقوله تعالى: 8 ولكن الله ذو فَضّلٍ 4 ووصف ذلك بأنه فضل من رب العالمين خالق الناس اأجمعين . الأمر الثانى: فضل الله سبحانه وتعالى الكثير» ووصفه سبحانه بأنه ذو فضل» وقد دل على كثرة الفضل التدكير فى قوله تعالى: «طذُو فَضَّلٍِ4 أى ذو فضل كثيرء لا يدرك الناس قدره» ولا يعرف كنهه. ولا يحد بمقدار حتى يعرف ويعين بالتعريف . الأمر الثالث: أن النعمة التى أنعم الله بها على خلقه من دفع الفساد ينعم بها المؤمنون والمشركون. والأشرار والأبرار؛ لأآن الفساد إذا عم لا يسلم منه أأحد» والخير إذا تحقق عم الجمسيع» وقد دل على هذا المعنى قوله تعالى: على العالمين 4 فلم يقل على المؤمنين أو المتقين» بل عم الخير على الناس أجمعين للإشارة إلى ذلك المعنى الجليل . هذه قصة بنى إسرائيل الذين غلبوا على أمرهم ثم بدلوا من الذلة عزة» وهى قصة تكشف عن سنن الاجتماع والحروب, وأمثل طرق الحكم. فمن سنن الله فى الجماعات التى أشارت إليها الآيات أن الجماعة إن غلبت على أمرهاء وسامها الغالب الخسف والهوان تحفزت قوى آحاد منها للحياة» فطلبوها عزيزة كريمة» فإذا طالبوا اتجهوا إلى قيادة تجمع أمرهم» وتنظم شئونهم» ثم ساروا تحت لواء تلك القيادة. وقد تصارعت عوامل الضعف مع دوافع العزة» فإن كان الصبر كان معه النصر وإن ضاقوا بأمرهم كان الخذلان» وضربت عليهم الذلة إلى يوم القيامة. امل شج-آ ومن سنن الله فى الحروب التى استبانت من القصة أن النصر يكون عند اتحاد العزائم وتلاقى القلوب» وأخذ الأهبة» والصبر والشبات» وأن النصر ليس بكثرة العدد» وإنما هو بالعزيمة الماضية والثبات والصبرء ولمعونة من الله العلى القدير» وأن الحق فى ذاته قوة إن آمن به صاحبه» وأراده عزيزاً كريمًا غير ذليل. ولقد سن سبحانه فى هذا القصص الطريق لاختيار الحكام» فبين أن الحاكم لا يختار لنسب ب رفيع » ولا يختار لمال وغير» ولكن يختار لقدرته على القيام بأعباء الحكم من قوة فى نفسهء وقدرة على الاستيلاء على أهوائه وشهواته» وعلم غزير بشئون الاجتماع وأحوال الناس» ومن تجارب هادية إلى الحق فى الأمورء وإخلاص ينير الطريق والبصائر» وليس الحكم عطاء يُعطى» ولكنه ابتلاء وأعباء. وإن الحاكم الذى تجتمع القلوب حوله هو حكم الجماعة» والحاكم مظهرهاء وأن شل المحاكم أو مات أقامت الجماعة مثلهء أو خيرا منهء أما الحاكم المتسلط المتجبر فإنه جامع للناس على رغباته» فإن قتلَ أو مات تفرق الجمع وولى الأدبار. وهذه إشارات إلى العبر فى ذلك القصص الحكيم. ل تلك آيَات الله تَْنُوهًا عليك باْحق وإِنّكَ لمن المرسلين 29 4 بعد ذكر تلك القصة المرشدة الهادية لكل مستبصر معتبر» بين الله سبحانه أن هذه الآيات المتلوة هى من عند الله» وهى تتلى بالحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه» وأنها تتلى على الرسول الكريم وهى معجزته وآية رسالته» وإنما ذلك بعد هذه القصة لما فيها من الدلائل الواضحة البينة التى تثبت رسالة النبى الكريم؛ لأن ذلك القصص الصادق جاء على لسان أمم” لا يقرأ ولا يكتب» لم يجلس إلى معلم» ولم يأته علم لا بطريق كتاب يقرؤه؛ لأنه ليس بقارئ» ولا بطريق معلم يعلمهء ولا بتلقين من أى جهة كان التلقين» إذ كان كَكَِهٌ من أمة أمية ليس فيها علم مدون فى كتب» ولا علماء يتدارسون» ولم يكن جو علمى ينال منه الأريب بالخلطة والاتصال» ولم يكن محمد كله فى حياته ذا نجعة وأسفار» بل لم ينتقل من مكة إلا مرتين كانت أولاهما وهو غلام» وكانت الثانية وهو يقارب الخامسة والعشرين ا تفسير سورة البقرة 00 010 ١ كا‎ يي فإذا كانت حال النبى كذلك والقصص جاء على ذلك النحو من الأحكام والإرشاد والتعليم وبيان سنن الاجتماع والحكم الأمثل والقيادة الرشيدة مع صدقه فى ذاته» فهو دليل على أنه من عند الله. والإشارة فى قوله تعالى: ل تلك آيّات اللّه» إلى الآيات المتلوة من قوله تعالى: ألم تر إِلى الملا من بني إسرائيل ... +423 4 [البقرة] إلى آخر القصة وكانت الإشارة للبعيد» لما فى ذلك من معنى الاستقصاء للآيات مسن أولها إلى آخرها ولعلو شأنهاء» وكمال معانيها والوفاء فى مقاصدها. وإضافة الآيات إلى الله لأنها جزء من القرآن وكله من عند اللهء فالإضافة لتقرير هذا المعنى وتوكيده» وثنبيه الأذهان دائما إليه ليعطوه حقه من الفهم والتدبير والاسترشاد به والاعتبار بما اشتمل عليه من مواعظ وقصص وعبر. وقوله تعالى : 9 تَتَلُوها عليّك بِالْحقّ 4 يفيد أمرين: أولهما: أن القرآن كان يتلى على النبى يَكِْكٌ ويتلقاه بالروح الأمين. وإسناد التلاوة إلى الله العلى القدير مع أن الذى كان يلقى القرآن على النبى يله هو جبريل - للإشارة إلى أن تلاوة جبريل هى تلاوة الله فهو رسوله الأمين إلى رسله المكرمين . الأمر الثانى: أن ما فى القرآن حق دائماء أى أمر ثابت لا يقبل التغيير فليس لأحد أن يقول إن القرآن صالح لزمان دون زمان؛ لأنه الحق الثابت المستقر الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهء فعلى العقول أن تتفهمه وتتدبره ثم تخضع لأحكامه المستقرة الثابتة من غير محاولة للتغيير أو التبديل. والتلاوة هى القراءة المتتابعة المفسرة الواضحة التى تتصل فيها المعانى وتتسابق فيها الألفاظ بحيث يكون الأداء ممقلا للمعنى مصور له. وقد قال الراغب فى مفرداته إن مادة «تلا» أصلها بمعنى تبع متابعة ليس بينها ما ليس منهاء وذلك يكون تارة بالجسم» وتارة بالاقتداء فى الحكم ومصدره تلو وَتُلَىّ وتارة بالقراءة وتدبر المعنى» ومصدره تلاوة. . ثم قال: 1 .6 تفسيرسورة البقرة للفلل الل حب ا «والتلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة تارة بالقراءة» وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهى وترغيب وترهيب» وهى أخص من القراءة فكل تلاوة قراءة وليس كل قراءة تلاوة» . فالتلاوة خاصة بقراءة كلام الله سبحانه وتعالى بمقتضى التخصيص القرآنى . وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: 8 وإِنَّك لمن المرسلين» . وإن ذلك كالنتيجة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يتلو عليه آياته بالحق والصدق» فإن تلك الآيات برهان النبوة ومعجزة الرسالة» وقد أكد الله سبحانه وتعالى رسالة رسولنا محمد كَكِلةٌ بثلائة مؤكدات: أولها: «إن»» فإنها فى أصل معناها للتأكيدء وهو يصحبها فى دلالتها دائمًا . وثانيها: «اللام» فى قوله تعالى #لمن» . وثالثها: «الجملة الاسمية»» وإدخاله كك فى عداد المرسلين. وإن قوله تعالى: 9 وَإِنَّكَ لمن الْمرسلينَ4 يدل على أمر آخخرء وهو أن إرسال رسول من قبل رب العالمين أمر مقرر ثابت معروف عند أهل العلم فلم تكن رسالة محمد وهو من البشر بدعاء ولا أمر غير مألوف أو معروف فلا يمارى فى أصل الرسالة إلا جهول» أو جحود. وإن القرآن وحده حقا هو الدلالة على رسالة محمد يكِْة فهو حبل الله الممدود من السماء إلى اللأرض. تفسير سورة البقرة لاملل لوبلل الالالال اللا كم ١١ لكا‎ 1 32 -22 ع م مه هدم برت ا ا ا ا ل 0 م ل 0 ورقع بعضصهم درجلت يَديوَءَاونَاب ىمري ليت د ع سا تر بر م جح سل ساس وله سا ادر لشم وكا آنا “مال لزيد مِنبِعَدِهِم مُنْبِعَد ماج هم نهم بيست وآ كن أ سفوا -ه م 2 0 لانت لكا وَشَاء أله ما فْتمَلُواأ لله يفَعَلُ اريك 09 0 ايف 7 2ه سرع 52006 هك وه باتك يكين * لاستعم و حل 200 د را شفلعة وَالْكفرونَ هم الظلمون 22 عي فى الآيات السابقة ذكر الله سبحانه وتعالى اصطراع الحق مع الباطل» وانتصار الحق فى المآل؛ لأن غلبة الباطل فيها فساد الأرض ١‏ ولولا دَفْع اللّه ؛ الّاس بعضهم ببعض لفسدات الأرض ... #إزتك 4 [البقرة] وذكر فى ختام الآيات السابقة أن النبى كه من المرسلين الذين بعثوا لينصروا الحق» وليعم نور الله فى الآفاق. وفى هذه الآيات التالية يبين سبحانه أن الرسل» وإن كانوا جميعًا مبعوثين من رب العالمين» ليسوا فى درجة واحدة» وأن بعثهم ينصر الحق ولا يمحو الباطل» ويرفع منار الهدى. ولا يزيل الضلال» ولكنه يكون ضلالا بعد البينات» ولا يكون ضلالا عن جهالة». فلا يعذر فيه الضال؛ ولذلك كان القتال بعد الأنبياء بين المهتدين والضالين» وتلك إرادة الله؛ وقد ابتلى الخير بالشر» والمهتدين بالضالين « وليمحَص الله الّذين آمنوا .. . 427 4 [آل عمران] . «إتلك الرسل فَضْلنا بعضهم علَئ بعض» الإشارة هنا إلى ججماعة الرسل الحاضرة فى ذهن التالى للقرآن الكريم» المستقرة فى وعيه بما ختمت به الآيات جع م #ل تفسيرسورة البقرة مده < - السابقة» وهو قوله تعالى: 9 وإِنّكَ لمن المرسلين 5559 > [البقرة]. والإشارة باللفظ الدال على البعيد» لبيان علو منزلتتهم أجمعين» وأنهم المصطفون الأخيار» وأنهم مهما تتفاوت منازلهم فى رسالاتهم» هم جميعا ليسوا كسائر الناس» فلهم شرف البعث والرسالة والاصطفاء. والتفضيل مشتق من الفضل وهو الزيادة؛ فمعنى «إ فضلنا بعضهم على بعض # هو كقوله تعالى: ‏ ولقد فضلنا بعض النبيين علئ بعض ... +ع # [الإسراء] أى جعلنا لبعضهم زيادة فى بعض النواحى على البعض الآخر. والفضل هنا إضافى وليس بذاتى ؛ أى أن هذا ليس من ذات الرسل» إنما هو بما يختص الله بعضهم من معجزات مغايرة لمعجزات الآخرين. ثم التفضيل إضافى لأنه يكون فى ناحية من النواحى» وقد يكون هناك ناحية أخرى فَضَل بها المفضول غيره؛ فموسى فَضل على عيسى يأنه كلمه الله وعيسى فضَّل على موسى بأنه أحيا الموتى؛ فالتفضيل إذن إضافى فى موضوعه؛ وفى نوعه» وفى نواحيه. وإن تفسير التفضيل على ذلك النحو فيه توفيق بين الآيات الكريمات المشبتة للتفضيل بين الرسل وبين ما ورد عن النبى كَلَِْةٌ من النهى عن التخيير بين الأنبياء. فقد روى الأكمة الثقات أن النبى يَكلَِهِ قال: «لا تخيروا بين الأنبياء»(21 «ولا تفضلوا بين أنبياء الله»”"2 وفوق ذلك فإن النهى عن أن يجرى على ألسنة الناس تفضيل نبى بذاته على نبى آخر فتكون المشادة والملاحاة. وروى فى الصحيحين عن أبى هريرة قال: (استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود. فقال اليهودى ؛ والذى اصطفى موسى على العالمين؛ فرفع المسلم يده فلطم بها وجه اليهودى وقال: أي حبيث! وعلى محمد كَكةِة! فاشتكى المسلمء فقال يكل : «لا تفضلونى على الأنبياء»”” . :)47198( متفق عليه؛ رواه البخارى (54086): الديات - إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضبء ومسلم‎ )١( الفضائل - من فضائل موسى عليه السلام] عن أبى سعيد الخدرى - رضى الله عنه.‎ (؟) رواه اليخارى: أحاديث الأنبياء (717), ومسلم: الفضائل (143795). () راجع السابق. وبهذا اللفظ رواه البخارى (77726): الخصومات - ما يكون فى الإشخاص والخصومة» عن ا 2 مره 2 52 أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه . ا تفسير سورة البقرة لب الاك كم أب أ والنهى عن التفضيل منعا للمماراة لا ينفى حقيقة التفضيل المقررة» كما أن النهى عن سب الأوثان لا يثبت أنها واجبة الاحترام إذ النهى لسد الذريعة» فلا وإن هذه الآية الكريمة سيقت لبيان فضل , بعض النبيين على بعض لكيلا يندفع بعض الناس إلى الححود. فيقولوا: إننا نتبع النبى موسى أو عيسى دون محمد» وما داموا جميعًا أنبياء فأيهم نتبع يكون فى اتباعه النجاة؛. فبين سبحانه أنه فضل بعض الرسل على بعض فى الشريعة والزمان» فجعل محمد شريعته عامة ناسخة لا عداهاء ورسالته للناس كافة. وهو خاتم النبيين» وذلك من فضل الله؛ كما أن من فضله أنه كلم موسى تكليماء ومن فضله أن جعل عيسى يحيى الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص » ويخبر الناس بما فى بيوتهم» فليس لأحد أن يرفض شريعة محمد لأنه اختار شريعة عيسىء إذ إن من فضل الله الذى اختص به محمد كَلِْةِ أن جعل شريعته ناسخة لغيرها؛ لأنها آخر الشرائع» ولأن محمد خاتم النبيينء ورسالته عامة مي هم مهم م لم الله وق هم رات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأَيّدنَاه بروح القدس » فى هذه الجملة السامية من الآية الكريمة بيان لبعض وجوه التفضيل التى اختص الله سبحانه وتعالى بها بعض النبيين» وهى فى الحقيقة وجوه للتفضيل لا تتصل بأشخاصهم» بل تتصل برسالاتهم» وما تؤيده هذه المعجزات من شرائع؛ ومن تخاطبهم من أقوام تكون تلك المعجزات مناسبة لهم. وفى هذه الجمل ذكر الله نبيين من أولى العزم من الرسل» وأشار إلى ثالث: فأما الأول فهو موسى؛ قد أشير إليه بما يشبه النص بقوله: « منهم من كَلّم الله 4 فإن ذلك هو موسى عليه السلام» فقد قال سبحانه وتعالى فى شأن موسى عليه السلام: : «١‏ وكلّم الله موسئ تكليما +438 4 [النساء] وقال سبحانه: فيا موسئ إنّي اصطفيتك على النّاس برسالاتي وبكلامي . .. نوك # [الأعراف] وقال تعالى: وَلَمًا جاء موسئ لميقاتنا . . . +022 4 [الأعراف] . تفسيرسورة البقرة امال الل لل لحمل بر يي فهذه الآيات الكريمات تدل على أن الله سبحانه وتعالى قد اختص موسى عليه السلام بكلامه» وهو إحدى طرق اتصال رب العالمين بالمبعوث من خلقه» فقد قال تعالى : وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلا وحيا أو من وراء حجابٍ أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إِنّهِ علي حكيم خرن © [الشورى] وكلام الله سبحانه وتعالى مع موسى كان من النوع الثانى» وهو الكلام من وراء حجاب. وكان خطاب الله سبحانه وتعالى بتكليمه من وراء حجاب مناسبًا لأقوام موسى؛ لآنهم قد غلبت عليهم المادية» وغلب عليهم الجحود وإنكار الألوهية لرب السموات والأرض» حتى لقد قالوا: 8 أرنا اللّه جهرة ... 2222 » [النساء]؛ فكان المناسب للمثل هؤلاء الأقوام أن يكون كلام الله للمبعوث إليهم مباشرة ولا يكون وحيًا يوحى» ولا برسول من الملائكة يرسله إليه» فما كان ذلك تشريمًا فقط لموسى» بل كان مع ذلك التشريف مقصد يتفق مع حكمة الله سبحانه وتعالى» وهو العلى الحكيم . وليس معنى ذلك الاختصاص أن الله سبحانه وتعالى قد رفع الله به موسى عليه السلام على كل الرسل» بل إن الله سبحانه رفع بعض الأنبياء درجات» وإن لم يكن لهم ذلك الاختصاص؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذى يرفع ويخفض» وهو الذى يختص برحمته واصطفائه من يشاء؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى بعد ذكر تكليم الله لبعض رسله ل رقع َعْضهُم رَجَاتٍ» فقرن هذه بكلام موسى لتدل على أن التكليم وإن كان شرفا عظيما لا يقتضى أن يكون الملك فوق الأنبياء منزلة» بل إن بعض من لم يكلمه الله رفعه الله درجات. والدرجات جمع درجة. وهى النزلة الرفعية السامية» وفى التعبير بالجمع إشارة إلى علو المنزلة» وكبر التفاوت بينه وبين غيره ممن لم يؤت ما آتاه الله» وما نيط به من تكليف هو عين التشريف. وإن الله سبحانه قد ذكر أنه رفع مقام بعض النبيين؛ فقد ذكر عن إدريس عليه السلام أنه رفعه مكانا علياء فقال سبحانه: « ورفّعناه مكَانا عليا 220 4 [مريم ] م تفسير سورة البقرة ا ل ملل 1م حب ل ولكن الرفع إلى مكان على غير الرفع درجات؛ لأن الرفع درجات يدل على التفاوت بينه وبين غيره كما قال تعالى فى حقوق الرجال والنساء: ل وللرجال عليهن درَجَة ... 422 4 [البقرة] أما الرفع إلى مكان على فلا يدل على هذا التفاوت . وإن ذلك الارتفاع درجات عن النبيين كان لنبينا محمد كَيِْهّء فهو ذو الدرجات الرفيعة؛ لمعجزته الباقية إلى يوم القيامة» ولشريعته الخالدة» ولعموم رسالته» ولأن أمته الآخذة بشرعه المتبعة له حقا وصدقا خير أمة أخحرجت للناس. ولقد قال الزمخشرى فى ذلك المقام ما نصه: «الظاهر أنه أراد محمدا كَكلِيةِ؛ِ لأنه هو المفضل عليهم. حيث أوتى ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة. . ولو لم يؤت إلا القرآن وحده لكفى به فضلا منيفا على سائر ما أوتى الأنبياء؛ لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات. وفى هذا الإبهام ‏ (أى أنه لم يذكر اسم محمد) من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفى؛ لا فيه من الشهادة على أنه العلم الذى لا يشتبه» والمتميز الذى لا يلتبسء ويقال للرجل من فعل هذا؟ فيقال أحدكم أو بعضكم» يريد به الذى تعورف واشتهر بنحوه من الأفعال» فيكون أفخم من التصريح به» وأنوه بصاحبه. وسئل الحطيئة عن أشعر الناس فذكر زهيرا والنابغة» . ثم قال: ولو شئت لذكرت الثالث» أراد نفسهء ولو قال: ولو شئت لذكرت نفسى لم يفخم أمره». وإن القرآن الكريم قد جاء فيه ما يدل على رفعة محمد يُليةٌ درجات بشريعته؛ فقد كانت شريعته رحمة للعالمين كما قال تعالى: وما أَرسلناك إل كاقة للناس بشيرا ونذيرا . .. 27 4 [سبأ] ورفعه سبحانه بمعجزته الكبرى وهى القرآن» فقد قال فيه سبحانه : « واتبعوا أَحَسن ما أنزل إِليكم من ربكم . .. 2# 4 [الزمر] ولقد قال يِ: «بعثت إلى الأحمر والأسود. وجعلت لى الأرض مسجدا وطهوراء ونصرت بالرعب مسيرة شهر, وأحلت لى الغنائم» وأعطيت الشفاعة»"''. .)81١١( رواه أحمد فى مسئده (هغ/ا17). ورواه البخارى (2):169 ومسلم‎ )١( 6 تفسيرسورة البقرة الملل ل 7 حب أت بعد أن أشار سبحانه إلى علو منزلة النبى يَلّ ذكر ما اختص به عيسى عليه السلام من فضل فقال: « وآتينا عيسى ابن مريم الْبينَات وأَيَدنَاهُ بروح الْقدس » وكان ذكر فضل النى يَلْةٌ بين فضل النبيين قبله للمسارعة إلى أنه مهما يكن ما اختص كل واحد منهما من معجزات ترفعه فمقامه ليس أعلى من مقام النبى يِه بل للنبى فوق ذلك درجات. اذكر الله سبحانه ما اختص به عيسى من فضل لآ وآتينا 4 أى أعطينا «( عيسى ابن مريم البيتات 4 أى المعجزات المبينة لصدق رسالته» من إحياء للموتى» وإبراء للأكمه والأبرص» وتصوير للطين كهيئة الطيرء ثم يصير طير بإذن الله» وإخبارهم ما يأكلون وما يدخروة فى بيوتهمء وغير ذا ذلك مما ما يدل على علو روجى ؛ ع مؤيد أصل » معناه الطهارة: وهو يطلق على الطهارة ال لمعنوية؛ وروح اح القدس الذى أيد الله به عيسى عليه السلام هو جبريل الأمين» وهو فى عبارات الإسلام وفى لغة القرآن يطلق عليه؛ فقد قال تعالى: قل ترَلهُ روح الْقدْس ... 2ج 4 [النحل] أى أن القرآن الكريم نزل به الروح القدس الأمين؛ ولذا قال سبحانه فى آية أخرى ف تزل به الروح الأمين 502 علَئ قَلْبك لتَكُون من المدرين 386 © [الشعراء]. وقد قيل إن روح القدس هو الإنجيل؛ وذلك لا يختلف فى الجملة عن سابقه» إذ إن جبريل هو الذى نزل بالإنجيل والتأييد بروح المقدس حيتئذ يكون مقصورا على نزول الإنجيل» ولكن إطلاق العبارة فى التأييد يشمل نزول جبريل بالإنجيل وتأيبده بغير ذلك» فتفسير روح القدس بالإنجيل تفسير يؤدى إلى تأييد جزئى» أما تفسيره بجبريل الآمين فهو تفسير يؤدى إلى تآييد أوسع شمولا. ولماذا خص سيدنا عيسى عليه السلام بأنه مؤيد بالروح القدس وهو جبريل» مع أن أكشر النبيين كانوا مؤيدين بنزول الشرائع من الله عليهم عن طريق ججبريل؟ والجواب عن ذلك أن السيد المسيح عليه السلام لم يكن محاربا لخصومه. بل عاش حياته كلها بين خصومه وأعدائه الذين يتربصون به الدوائر» من رومان ووثنيين امامل 0م لسرب نا ويهود ماديين» ولم يؤذن له فى القتال» حتى يتولى حماية نفسه بسيفه وسيوف أنصار الحق معه» كالشأن بالنسبة لموسى وداود وسليمان» ومحمد يله فكان يتولى حمايته رب العالمين بملائكته الأطهار والأمين جبريل يعاونه» ولعله هو الذى أنقذه من بنى إسرائيل وقد بسطوا أيديهم لقتله» وأغروا به الرومان ليقتلوه» فرفعه الله سبحانه وتعالى إليه. ط وَل شاء الله ما اقل اين من بَعُدهم من بعد ما جاءتَهم البينَاتَ ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر 4 أرسل الله سبحانه وتعالى رسله» وخص كل رسول بمعجزات قاطعة من شأنها أن تهدى إلى الصراط المستقيم إن استقامت الفطرة» ولم تنحرف العقول» ولم يطمس على القلوب؛ ولكن الدليل وحده لا يهدى» بل لابد من نفوس متقبلة» واتجاه لطلب الحق اتجاها مستقيما؛ ولذلك لم يكن الناس متفقين فى تلقى ما جاء به الرسل بل كان منهم من غلبت عليه شقوته» فحارب الحق وحارب النبيين معهء ومنهم من آمن واهتدى» فكانت المغالبة بين الحق والباطل» والهداية والضلالة؛ وكان الاقتتال بين أنصار الحق» وأنصار الباطل» وبين الضالين والمهتدين؛ لا يدرك الضالون الحقّ يسير فى مجراه؛ ويصل فى القلوب إلى منتهاه؛ بل يقاومونه» وينزلون الأذى بأهله . وهنا يتساءل العقل البشرى: لماذا لم يكن الناس جميعا على شرع سواء؟ ولماذا لم يكن الناس جميعا على الهداية؟ فبين سبحانه وتعالى أن تلك مشيئته» وهذا هو التكوين الذى كون الخلق عليه؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: ظ ولو شاء الله ما افتتل الَّذِينَ من بعدهم 4 أى لو شاء ألا يقتتل الذين جاءوا من بعد الرسل ما اقتتلواء فالمفعول للفعل شاء محذوف دل عليه جواب الشرط؛ ولمعنى أن الذين جاءوا من بعد الرسل بعد أن بين لهم الرسل المحجة الواضحة البيضاء التى لا يضل فيها سالكء قد اقتتلوا حولها ما بين مؤيد لهاء ومعاند كافر بها؛ ولو شاء الله سبحانه ألا يكون فى كل نفس استعداد للطاعة» واستعداد للعصيان» ونزوع إلى الشرء واتجاه إلى الخيرء كما قال تعالى فى تكوين الإنسان: ا وهديتاه التُجدين 101 4 0 ا تفسيرسورة البقصرة ال 10100000 1 2212001111 © [البلد]» أى خلقناه وفى نفسه استعداد للسير فى نجد الخير» واستعداد للسير فى نهد الشرء وكما قال تعالى: «إ ونفس وما سوَاها 2 فَألهمَهَا فجورها وتَقْوَاها 47> [الشمس]؛ وإذا كانت النفوس كذلكء فمنهم من يغلب عليه الخدير فيطلب الحق ويهتدى به؛ ومنهم من يغلب عليه الشر فيعرض عن الخير فيطلب الحق ويهتدى به ومنهم من يغلب عليه الشر فيعرض عن الخير وينأى بجانبه؛ فالأولون يؤمنون بما جاء به الرسل» والآخرون يكفرون بالحق الذى جاءوا به؛ ولذا قال سبحانه بعد ذلك: ل ولكن احتلقُوا فَمنْهم من آمَنَ ومنْهم من كَفرَ) أى اخستلفوا فى التفسوس والعقول والمدارك» واستقامة الفطرة وانحرافها؛ فترتب على ذلك أن كان منهم من آمن لأن قلبه يتجه إلى الحق اتجاها مستقيماء ومنهم من كفر لأن قلبه عمى عن إدراك الحق» واستولت عليه النزعات المردية» فاتخذ إلهه هواه. وهنا إشارات بيانية من أسرار إعجاز القرآن» فلنذكر بعضها مما أدركته مداركنا: - ومن هذه الإشارات البيانية الرائعة» أن الله سبحانه وتعالى ذكر المسبب قبل أن يذكر السبب؛ لأن الاختلاف فى الإيمان هو سبب الاقتتال؛ فذكر الله سبحائه وتعالى أولا الاقتتال الذى هو النتيجة لهذا الاختلاف» للإشارة إلى بيان أسوأ أحوال الاختلاف» ليبين للناس ما يتعرض له الدعاة إلى الحق من تعرضهم للقتل والقتال» وللؤشارة إلى أنه سبحانه وتعالى قادر على إزالة الاقتتال فى ذاته حتى مع وجود أسبابه؛؟ فالله سبحانه وتعالى لا يتقيد بالآسباب والمسببات؛ لأنه سبحانه وتعالى خالق الأسباب والمسببات» وهو الرابط بين الأشياء ونتائجها؛ وليقرن سبحانه وتعالى أسوآ النتائج بخير المقدمات» فيتبين الناس مقدار ضلال العقل البشرى إن انحرف عن فطرته. - ومن الإشارات البيانية قوله تعالى: لمن بَعْد ما جَاءَنَهمَ الْبينَاتَ 04 ففى ذلك بيان مقدار ما فى حيز الإنسان من حب المنازعة» وما استقر فى ثنايا الإنسان من تنازع بين الخير والشر فى أنفس الآحاد وأنفس الجماعات؛ لأن ذلك الاقتتال بعد بم تفسير سورة البقرة و "لك 7 أن جاءتهم البينات أى الأدلة الواضحة المعلنة للحق الكاشفة له» فليس اقتتالهم عن جهالة» بل هو بعد أن تبين الحق ووضحت معاله؛ وذلك لأن الهوى يعمى» والأعمى لا يبصر ولو كانت الشمس مشرقة. - الإشارة الثالثة: الاستدراك فى قوله تعالى: 9 ولكن اختَلَفُوا 4 فإن هذا الاستدراك يشير إلى أمرين: أحدهما: أن الله سبحانه وتعالى لم يشأ أن يزيل القتال؛ لأنه سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفى المنازع؛ منهم من يتقبل الحق ويصغى فؤاده إليه» ومنهم من يعرضون عنه ظ وإذا دعو إلى الله وَرَسُوله لِيحكم بيهم إذا ريق منهم معرضون +220 4 [النور]. الأمر الثانى الذى دل عليه هذا الاستدراك: أن مجىء البينات المعلنة الكاشفة كانت توجب أن يكونوا جميعًا مجيبين» ولكنهم كانوا مختلفين» فالناس ليسوا سواء. ا ولو شاء الهم اُوا ولكن الله يَفعل ما يريد 4 الاقتتال خالد إلى, يوم القيامة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال لآدم وزوجه وإبليس: ف وَقُلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ... 2078 # [ البقرة] وقد كان القتال السابق بسبب الإيمان.والكفر أو بسبب إجابة بعض الناس للأنبياء وجحود الآخرين لرسالات الرسل بعد أن قامت عليها البينات» وثبتت دعوة الحق بالأدلة؛ وهنا يبين بشكل عام أن الله سبحانه لو شاء لمنع الاقتتال سواء أكان الاختلاف على غرض من الأغراض؛ فإن المغالبة فى طبيعة الإنسان؛ ذلك أن فى الإنسان بطبعه حبا للعلو» والمنازع مختلفة» والقوى متباينة» والغفرص قد تواتى فريقاء وتناوئ فريقاء» وإذا اتحدت القوى والفرص فقد يحدث موانع لهذا لا تحدث لذاك» وبهذا يعلو فريق على فريق» فيكون النزاع» ويكون الغلاب ويكون الاصطراع» ويسرى ذلك التعالى فى كل شئ فى السلطان وفى التجارة» وفى الاقتصادء بل فى المذاهب الاجتماعية. وإذا وجد ذلك الصراع فسيكون من ورائه - إن اشتد - القتال» ولو شاء الله لجعل بنى آدم على طبيعة الملائكة لا يتنازعون» ولا يتقاتلون» ولكن الله الذى خلق .6 إل تفسيرسورة البقرة ل ا 00000 ١‏ لاا ١‏ يي السموات والأرض فأتقن كل شئ خلقه. خلق طبيعة الإنسان تتأدى إلى ذلك النوع من المغالبة؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى: 9 ولكن الله يفعل ما يُرِيد © فإنه لا وجد الاعتراض بقوله تعالى: 8 ولكن اخَتلَفُوا»4 كرر مشيئة الله سبحانه؛ ليعقبها بقوله: ف( ولكن اللّهِ يفعل ما يريد 4 . ولكنا نميل إلى تعميم الاقتتال بتعدد أسبابه من غير نظر إلى مجرد الاختلاف بسبب الإيمان والكفر. والاستدراك فى قوله تعالى: « ولكن الله يفعل مَا يريد 4 فيه الإشارة إلى أنه سبحانه لم يشأ منع الاقتتال» بل أراد أن تكون هكذا طبيعة الإنسان» وهو العلى القديرء فعال لا يريد. يا أيها الّذين آمنوا أنفقوا مما ررَقَاكُم مَن قبل أن يأتي يوم لأ بيع فيه ولا خَلّةَ ولا شَفَاعَةَ 4 بعد أن بين سبحانه أن الاقتتال قائم فى الدنياء وأن الحق لا ينال فى راحة واطمئئان؛ لأن البغى والعدوان فى طبيعة كثير من بنى الإنسان؛ وإذا كان الحق فى ذاته أنبل ما يطلبه ابن الإنسان فإن الطريق إليه ليس خاليًا من مذأَبة من ابن الإنسان؛ وإذا كان ابن آدم قد قتل أخاه؛ لأنهما قربا قربانًا فتقبل من أحدهماء ولم يتقبل من الآخرء فقال من رد عليه قربانه لأخيه: لأقتلنك» وقتله؛ فالتزاع مستمر؛ لذلك « أذن للّذين يقائلون بأَنّهِم ظَلمُوا ون الله على نصرهم لقدير 257 4 [الحج] فكان لابد من أخذ الأهبة» وبذل النفس» ثم بذل النفيس أيضا. ولذلك أمر سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يستعدوا للقتال بالإنفاق فى سبيل الله تعالى: «إيا أَيها الّذِين آمنوا أَنفقوا مما ررَشَاكُم 4 أى أنفقوا فى سبيل الله. فالإنفاق فى سبيل الله هو الإنفاق فى سبيل الحق» وسبيل كل خير:فى هذا الوجودء فكل ما ينفق فى سبيل الفضيلة من إعطاء لليتامى والمساكين وابن السبيل» وإقامة دعائم الاقتصاد الفاضل» والعمران الشامل هو مما ينفق فى سبيل الله وأقواها مما ينفق فى سبيل حماية ا حوزة» والدفاع عند الاعتداء. هن تفسير سورة البقرة ل ملم 0 تسرب ل وإن إنفاق المال فى سبيل الله على المعنى الذى وضحناه هو عنصر القوة فى الأمة» وبالقوة تستطيع الأمة أن تدافع عن نفسهاء وترد كيد أعدائها فى نحورهم. وكان الإنفاق على ذلك النحو عنصر القوة فى الأمة لثلاثة أسباب: أولها: أن المال عدة التسليح» ولا قتال من غير سلاح يفل شوكة العدو ويدفع كيده» بل يمنعه من أن يفكر فى الاعتداء. فإنه لا شئ أنفى للقتال من السلاح؛ فذو الناب لا يعدو على ذى الناب» وتعدو الذئاب على من لا كلاب له. وثانيها: أن الإنفاق فى سبيل إقامة العمران رفع لمستوى الأمة الاقتصادىء والاقتصاد سلاح ماضء والحرب اليوم تلبس لبوس الاقتصاد فى الحصار الاقتصادى والتضييق التجارى . وثالثها: أن الإنفاق على ضعفاء الآمة يجعل منهم سواعد قوية تحمى الذمار» وإن تركهم يجعل منهم شوكة فى جنب الدولة يعوقها عن العمل» وقد يكونون قوة مدمرة مخربة» وإن الهرة إذا جوعتها انقلبت ذتبًا. وقد قال سبحانه وتعالى فى المال المنفق منه 8 مما رَرَقنَاكم 4 إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الذى أفاض بنعمته على الغنى فهيا له الأسباب» ومكنه من الفرص» ومنع عنه العوائق» فإن أنفق فى سبيل الله فأعطى المجاهدين» والضعفاء» فمن المال الذى مكنه الله منه أنفق؛ ولقد قال يَلِة: «ابغونى فى ضعفائكم. فإئما تنصرون وترزقون بضعفائكم)»!!' . والإنفاق المطلوب فى هذه الآية واجب» بدليل الوعيد الذى تضمنه الطلب؛ ولذا قال كثير من المفسرين إن الإنفاق المطلوب فى هذه الآية هو الزكاة» والزكاة ينفق منها فى الجهاد وللفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمين؛ ففيها كل المعانى التى تتحقق بها قوة الأمة من حماية للحوزة وسد للخلة» وإقامة للعمران. وإنا نوافقهم على أن الإنفاق المطلوب فى هذه الآية إنفاق واجب؛ ولكنه أعم من الزكاة» فليس الإنفاق الواجب مقصورا على الزكاة .. بل الإنفاق فى الحرب )١(‏ سبق تخريجه. 6 ش تفسيرسورة البقرة للك 1010000 ##1#1#1آ111ذآ1ذ1ذة5ظ22 كاك ١‏ .. بي" عندما تشتد الشديدة» ولا يكون فى بيت المال ما يكفى - يكون واجيبا. والإنفاق على الفقراء إذا لم تكف الزكاة يكون واجبًا؛ فالقصر على الزكاة ليس بصحيح. وقد ذكر الله سبحانه وعيدًا شديدا لمن لا ينفق فى سبيل الله فقال سبحانه: طمن قبل أن يأتي يوم لأ بيع فيه ولا حلَةٌ ولا سَفَاعَة 4 والْخلّة المودة والمحبة» وأصلها من الخلل بمعنى الفرجة بين الشيئين» وقد جاء فى مفردات الراغب ما نصه: «الُخَّْة المودة» إما لأنها تتخلل النفس أى تتوسطهاء وإما لأنها تخل بين النفس فتؤثر فيها تأثير السهم فى الرمية» وإما لفرط الحاجة إليها؛ يقال منه خاللته مخاللة وخلالا فهو خليل». والشفاعة مأخوذة من الشفع بمعنى الضمء فالشفاعة الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه» وأكثر ما تستعمل فى انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو دونه ومئله الشفاعة يوم القيامة . وقد صرح سبحانه وتعالى بأن الإنفاق يجب أن يتداركه المنفقون قبل أن يأتى اليوم الذى لايجدى فيه بيع ولاامودة ولاشفاعة. ولا شك أن هذا اليوم هو يوم القيامة» ولكن ما المراد من نفى البيع والصداقة والشفاعة فيه؟. هناك منهاجان فى معنى هذا النفى : أحدهما: أن معنى هذا النفى أنه يوم لا بيع فيه أى لا تجارة حتى يدفع الحرص عليها إلى عدم الإنفاق» ولا صلافة حتى يؤثر الإنفاق عليها أو طلب المادة عن طريقها فى عدم الإنفاق» أو شفاعة أى طلب المال بطريق شفاعة الشفعاء ووساطة الوسطاء. والمعنى على هذا: أنفقوا قبل أن يجىء اليوم الذى لا تجدون فيه جدوى للمال بتجارة ) أو بصداقة تتبادل فيها المنافع المعنوية والمادية» أو بشفاعة شفعاء يطلب المال عن طريقهم. والمغزى فى هذا أنه إذا غرتكم فوائد المال فى هذه الأبواب الدنيوية» فأنفقوا لتتقوا بهذا الإنفاق اليوم الذى لا تروج فيه هذه الأسباب» بل يحكم فيه الحكم العدل مالك الملك. والمنهاج الثانى: أن يكون المراد نفى هذه الأمور فى الآخرة؛ فالمعنى : أنفقوا بها تفسير سورة البقرة ل 200 4م لباه ىج كالبيع» ولا تجدون صديقا يدفع عنكم؛ ولا شفيعا يشفع لكم فيحط من سيئاتكم إلا أن يأذن رب العالمين. والمغزى على هذا يكون الوعيد فيه أشد وأوضح؛ لأن المعنى نجوا أنفسكم بالإنفاق قبل أن يكون زمان لا منجاة فيه. والكافرون هم الظَالمُون» ذيلت هذه الآية الكريمة بهذه الجملة السامية للإشارة إلى أن المؤمنين عدول إذا قاتلوا الكافرين ؛ لآنهم هم الذين اعتدوا.» وإلى أن الذى يقع بهم من عقاب يوم القيامة يستحقونه» وإلى أنهم هم الذين حركوا ذلك الشر» وأنهم هم الذين أشعلوا نيران الحروب بالشر الذى كان فى نفوسهم. طمسوا قلوبهمء وجعلوا أنفسهم فى شدة وبلاء» ثم هم ظالمون فيما بينهم؛ كبراؤهم يظلمون ضعافهم» وضعفاؤهم يظلمون أنفسهم ء بالاستضعاف والحياة الهون بينهم» » وظلموا أنفسهم بأن حرموها من سعادة الإيمان وبرد اليقين ونور الحق» ورضوان الله ونعمة الله وقد خسر انين كَذَبوا بلقاء اللّه ع 4 [ يونس ]. لكل هذه المعانى كانوا ظالمين» وقد أكد الله سبحانه وتعالى ظلمهم بالقّصرء هدانا الله إلى سبيل الحق والعدل والنور» إنه سميع مجيب الدعاء. مه سم سس سر م لور له الله لا إللهإ لاهو 1 لع عرو دس بس ووو ل 0 الحى القيوم لاتأخذهسِئة ولانو له ف السموا'ت وما ع سو سبي كه احج سح سي سا سرس لأس الى هذ يلما 2 00 وا سج 7 كس يد يهم وَمَاحَلمَهُم وَلَا طون دك و منْعلوِو لايم ع م سر عر عو دورعء شَآء وَسِع 0 4 لوت الارض ول وده حعظهها 1 ناليغ :#2 إل -تفسيرسورة البقرة , ل لل لبجل بز ىر ١‏ اقتتل الذين جاءوا بعد النبيين كما بينت الآية السابقة» واختلفوا فى تلك الحقيقة المقررة الثابتة التى دعا إليها النبيون منذ أول مبعوث رحمة للعالمين؛ ولقد ناسب أن يبين سبحانه بعد ذكر الخلاف ثم القتال ما جعله المشركون موضع خلاف» وهو فى حقيقة الأمر فوق كل خلاف إن استقامت العقول» وسلمت الفطرة» ولم يدس النفس فى الشر نازغ الشيطان» ويضل ابن آدم حتى يطمس فى قلبه نور البرهان. ولذلك قال سبحانه: © الله لا إل إلا هو الحي الْقَيُوم4 وهذه الآية الكريمة تذكر صفات الله تعالى وسلطانه وكمال وجوده» وفيضه بنعمة الوجود على كل شىء فى الوجود. ولقد ذكر العلماء أنها تشتمل على حقيقتين مقررتين تؤكدان معنى الوحدانية» وتربيان المهابة الإلهية فى قلب كل مؤمن صافى السريرة قد خلا قلبه من كل رين الشرك؛ ومن مظاهر العبودية لغير الله سبحانه وتعالى: الحقيقة الأولى: أنها تشتمل على عشر جمل» كل جملة منها تشتمل على وصف أو وصفين فيه بيان كمال الله العلى الأعلى » وسلطانه الشامل الكامل» وألوهيته الحق المستقرة فى ثنايا كل نفس إلا من ختم الله على قلبه. الحقيقة الثانية: أنها أكثر آى الكتابٍ الكريم ذكرً لله رب العالمين. ولقد ذكر عشرة مرة» وقد أحصاها عدا. ولاشتمال تلك الآية الكريمة على ذكر الاسم المقدس» وتنزيهه سبحانه وكمال سلطانه» وامتيازها بتكرار ذكر الله ذكر كثير من العلماء أنها أعظم آية فى كتاب الله واستندوا فى ذلك إلى أخبار صحاح وردت فى صحاح السنة» من أقوال النبى الأمين27. والقرآن كله فوق قدرة العقل البشرى» وهو فى ذاته أعظم كتاب نزل من ناه لس يي ه رمه اشاس سا سا سمس 08 وول اعد . قَالَ: «يا أيَا السدر |3 أَتَدرى أىّ َه من كتّاب اللَّه 0 قَالَ: قُلت: الله لا إِلّه إلا هُوَ الْحى الْقَيوم. قَال: فَصْرَب فى صَدرى وقَال: «رالله ينك الْعلّم أن الْمُنْذر) [رواه مسلم: صلاة المسافرين - فضل سورة الكهف وآية الكرسى]. ل ل تفسير سورة البقرة ل 00 مم حر أ 8 رب العالمين؛ لأنه كتاب الحقيقة من بدء الخليقة؛ ولا نرى ما يمنع أن تتفاوت آياته فى العظم» وإن كان أصل العظم المتسامى عن قدرة البشر محققًا مؤكدا فيه كله وفى كل آية بخصوصها. « الله لا إله إل هو »4 تلك هى الجملة السامية الأولى من الجمل العشر التى اشتملت عليها الآية الكريمة» ولفظ الحلالة «الله» قال العلماء: إن أصله: إلهء دخلت عليه أداة التعريف «أل» وحذفت الهمزة فصارت: الله. وهى بهذا المعنى تفيد التعريف بأنه وحده هو الإله» فهى تتضمن معنى الأآلوهية المنفردة؛ دلت على ذلك «أل» التى تفيد التعريف» فمعنى كلمة الله: الإله المنفرد بالألوهية التى لا يشاركه فيها سواه؛ وعلى ذلك تكون كلمة الله تفيد معنى استحقاق العبادة» ومعنى الوحدانية» ومعنى الكمال كله؛ لأنه المنفرد بذلك كله؛ فإذا أطلق اللفظ انصرف إليه» ولم يفهم منه سواه؛ تعالى سبحانه عن الشبيه والمثيل» والمقارب والنظير. وإن ذلك المعنى المفهوم من لفظ الجلالة وأصل اشتقاقه قد صرح به فى هذه الآية الكريمة؛ فقد قال سبحانه: الا إِلََ إل هوَ)4 فهو تصريح بما فهم ضمنًا مما قبله» فاجتمعت فى الدلالة على الوحدانية الدلالتان: الدلالة التضمنية» والدلالة اللفظية» أو الدلالة بالإشارة» والدلالة بالعبارة؛ فكان فى ذلك تأكيد فضل تأكيد معنى الوحدانية فى الألوهية. ومعنى قوله تعالى: لا إلَه إلا هوي لا معبود بحق إلا هوء وهذا هو المعنى الذى اختاره جمهور المفسرين» وهو واضحء وفيه إشارة إلى وقائع الأمور؛ ذلك لأن بعض الناس عبدوا غير الله تعالى» فعبد بعضهم الشمس والكواكب» وعبد بعضهم النار» وعبد بعضهم الأوثان» واعتبروا كل هذه آلهة» فكانت عبادتهم باطلة وبغير حق إنما المعبود حقاء والمستحق للعبادة صدقا هو الله سبحانه وتعالى» وهو العليم الحكيم» العلى القدير. ُ ولقد سلك بعض العلماء مسلكا آخر فى تفسير قوله تعالى: « لا إِلَه لذ هو فذكر أن معنى الآلوهية هو تسخير الكون كله لقوة القادر الغالب على كل شىء» وتعلق الخلق كله بخالقه»ء واتصاله به اتصال إنشاء وتكوين» ثم اتصال تدبير م ا تفسيرسورة البقرة 1 اسه < 2 وتنظيم» ثم اتصال خضوع وسيطرة كاملة» وتعلق به سبحانه. وعلى هذا يكون المعنى : لا منشئ ولا خالق ولا مسخر ولا مسيطر على الوجود إلا رب الوجود وهو الله سبحانه وتعالى» ولا خضوع إلا لقدرته» ولا تتعلق الأشياء إلا بذاته سبحانه وتعالى؛ وإذا كان كذلك فإنه لا مستحق للعبادة سواه؛ وبذلك يجىء المعنى الأول نتيجة لهذا المعنى وثمرة لهء وهما بهذا متلاقيان. وفنى الحق أن أصل اشتقاق كلمة «إله4) يتضمن معانى الخلق» والعيادة» والمحبة» والضراعة إليه سبحانه. ولننقل عبارة الأصفهانى فى أصل اشتقاقهاء فإنها فى هذا شاملة كاشفة؛ فقد قال: «وإله جعلوه اسما لكل معبود لهم» وسموا الشمس إلها؛ لاتخاذهم إياها معبوداء وألَّهَ فلان يأله عبّدء وقيل تَالَّهِ؛ فالإله على هذا المعنى هو المعبود» وقيل هو من أله أى تَحيّر. . وذلك أن العبد إذا تفكر فى صفاته تحيز فيها؛ ولذا قيل: تفكروا فى آلاء الله ولا تفكروا فى الله. وقيل أصل إله ولاه» فأبدل من الواو همزة» وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والهًا نحوه» إما بالتسخير فقط كالجمادات والحيوانات» وإما بالتسخير والإرادة مع كبعض الناس. ومن هذا الوجه قال بعض الحكماء: الله محبوب الأشياء كلها. ودل عليه قوله تعالى: 9 وإن مَن شيء إلا يُسبْح بحمده ولكن لأ تفقهون تسبيحهم . . . +20 4 [الإسراء] . «( الحي الْقيُوم 4 هذا خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو الحى القيوم. والحى هو ذو الحياة الكاملة» والحياة الكاملة مظهرها الشعور والإدراك والعلم» وهى كمال الوجود فى المحسوسات والمخلوقات» ولكنها بالنسبة لله سبحانه وتعالى صفة كمال له جلت قدرته.» مظهرها العلم والإرادة والقدرة» والخلق والتكوين! فإنه وإن اشترط لفظ الحياة بين الباقى والفانى» فمعناه فى الفانى لا يليق بذاته» ومعناه فى الباقى سبحانه وتعالى يليق بذاته العلية فل ليس كمثله شيء. .. 7# 4 [ الشورى] . والحياة على هذا صفة كمال قد وضصف الله سبحانه وتعالى بها ذاته الكريمة» والعقل يوجب اتصافه سبحانه بها؛ لأنها من كمال الوجود؛ والله سبحانه وتعالى ا تفسير سورة البقرة الس سس لاك ١١ 0 ال‎ ١ يي هو وحده كامل الوجودء وفوق كل موجود. وقد ذكر الأستاذ الشيخ محمد عبده بيان وجه الكمال فى صفة الحياة له سبحانه» فقال فى رسالة التوحيد: «إذ وجب أن يكون له سبحانه صفة الحياة» وهى صفة تستتبع العلم والإرادة؛ وذلك أن الحياة مما يعتبر كمالاء للوجود بداهة؛ فإن الحياة مع ما يتبعها مصدر النظام وناموس الحكمة» وهى فى أى مراتبها مبدأ الظهور والاستقرار» فهى كمال وجودى» ويمكن أن يتصف بها الواجب» وكل كمال وجودى يمكن أن يتصف به وجب أن يثبت له فواجب الوجود حى» وإن باينت حياته حياة الممكنات» فإن ما هو كمال للوجود إنما هو مبدأً العلم والإرادة» ولو لم تثبت له هذه الصفة لكان فى الممكنات ما هو أكمل منه وجودا.. والواجب هو واهب الوجود وما يتبعه فكيف يكون فاقدً للحياة ويعطيها؟). وإذا كان الله سبحانه وتعالى حيا ذا إرادة كاملة» وعلم شامل» وقدرة قاهرة» فإن الكون نشأً بإرادته» وقام بسلطانه» وهو فوقه والمسيطر عليه» ولم ينشاً عنه سبحانه كما ينشاً المعلول عن علته؛ كما قال بعض الفلاسفة قديمًاء وكما يزعم بعض الماديين حديئاء ممن ينكرون القوة الغيبية المسيطرة القادرة المريدة. و الْقيوم4 معناه القائم بنفسه الذى لا يقوم بغيره» فلا يحل فى شخص ولا فى شىء؛ والقائم على كل شىء بالتدبير والحياطة والكلاءة و( من يكلؤكم باللَيل والنهار ... +57 4 [الأنبياء] والقائم على كل نفس يحصى عليها ما كسبت وما اكتسبت» والقائم الدائم الذى لا يفنى ولا يزول. ويظهر أن كلمة قَيُوم بهذا المعنى كانت معروفة عند العرب وصمًا لله سبحانه وتعالى؛ فقد قال أمية بن أبى الصلت: 0 تُخلق السماء والنجوم والشمس معها قمر يقوم ره مهيمن قيوم والحشسر والجنة والنعيم ووم إلا لأمرشانه عَظيم 4 تفسيرسورة البقرة اللللللل ولوللا «لبج بوه يي اجتمعت الواو والياء وسبقفت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدرغمت الياء ففى الياء . «إلا تأخذه سنة ولا نوم 4 هذا وصف سلبى يؤكد الوصف الإيجابى السابق؛ فإن قيامه سبحانه وتعالى على الكون وكلاءته له يقتضى ألا تأخذه سنة ولا نوم؛ لأن الحركة المستمرة للعالم» والبنيان الذى ارتبطت به أجزاؤه يقتضيان ألا تعرض غفلة للقائم عليه: إن الله يِمْسك السّمَوَات والأرض أن ترولا ولين رَالَنَا إن أَمسَكَهُمًا من أحد من بعده ... 4450 [فاطر]. ولأن السّة والنوم من أعراض الجسم الحيوانى » سواء أكان ناطقًا أم كان غير ناطق» والله سبحانه وتعالى منزه عن مشابهة الحوادث» وليس سبحانه وتعالى جسماء وليست له أعراض أى جسم. والسنة هى تحدث ثلاث مراتب عند وجود أسباب النوم: أن يحس الشخص بفتور ويبتدئ يفقد سيطرته على أعضائه» ثم يجئ النعاس »2 فتتراخى العين» وتبتدئ الأعضاء كلها فى التراخى ؛ ثم يحصل النوم» وبه يفقد الشخص وعيه ؟ ولذا قال الملفضل : «الستّق من الرأس» والنعاس فى العين» والنوم فى القلب» والسّنة أصلها وسنة. حذفت الواو لم سريت السين أيمكن لباه ها؟ مها ولع وقد قال عدى بن الرقاع : لع هس حي 8 2 2 0 200 ولقد كان مقتضى النسق أن ينفى عنه سبحانه النوم» ثم ينفى السنة؛ لأن نفى النوم لا يقتضى نفى السنة» وعلى العكس نفى السنة يقتضى نفى النوم . ولكن عدل عن ذلك؛ بنفى السّنة ثم نفى النوم لمعنى بلاغى؛ ذلك أن الترتيب الطبيعى لهذه الحقائق فى الوجود أن السنة تسبق النوم» وإن ذلك الترتيب الطبيعى يعطى للقارئْ صورة حية للتالى لكتاب الله تعالى» إذ يتصور الذين يعرض لهم النوم كيف يبتدئ بالسنة ثم النعاس ؛ ثم النوم؛ وإذا تصور ذلك المنظر الطبيعى تصور معه الضعف الإنسانى أمام سلطان النوم بمقدماته ؛ وإذا تصور ذلك تبيلنت له استحالة م تفسير سورة البقرة و لسرب ا ذلك على الله سبحانه وتعالى القوى القادر القاهر لكل شىء» فكان ذلك الترتيب الطبيعى فيه إشارة إلى دليل مانع من أن يوصف المولى العلى القدير بهما. وفى التعبير بقوله سبحانه: لا تَأَخذه سنة ولا نَوْم* إشارة أخرى إلى استحالة قيامهما بالذات العلية فقوله: طلا تَأَحُذُهُ4 فيها دلالة على القوة القاهرة للنوم» وأنها تأخذ الحىً أخذاء وتقهره قهر؛ وذلك مستحيل أن يكون للقاهر فوق عباده. والنوم معروف» وهو حقيقة ترى» كما يرى الضوءء وكما تحس الحرارة» 'ولكن ما سببه؟ وقد اتفق المتقدمون والمتأخرون على أن سببه التعب الجسمى» وإن كانت عباراتهم مختلفة فى تأثير التعب على الجسم حتى يكون منه النومء فيقول البيضاوى فى تفسيره: «النوم حال يعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة» بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس رأسا»). وقال علماء العصر: (إن النوم وقوف سلطان المخ على الأعضاء بسبب ما تولده الحركة من السموم الغازية المؤثرة فى العصب). وقيل بسبب ما تفرزه الحويصلات العصبية من الماء الكثير وقت العمل» فكثرة هذا الماء تضعف قوة تأثير المخ فى العضلات» فيحدث الفتور» فيكون النوم» ويستمر ذلك إلى أن يتبخر ذلك الماء» وعند ذلك تتنبه الأعصاب ويرجع إليها تأثرها وإدراكها» . لَه ما في السّموات وما في الأَرْض » فى هذه الجملة السامية إثبات كمال سلطانه سبحانه» وتمام سيطرته على الكون؛ لأنه ملكه. ولا مالك فيه غيره. وذكر السموات بالجمع» للإشارة إلى ملكية كل دقائقهاء وكل نواميسها وسننهاء فهو الذى يغير فيها ويبدل» وهو الذى أوجدها على ذلك النسق البديع المحكم الذى ربط أجزاءها بأواصر قوية. وكان إفراد الأرض مع جمع السموات للإشارة إلى وحدتها فى الجملة بالنسبة لعالم السموات» وإن كانت الأرض طبقات؛ وللإشارة إلى أن ما فى الأرض ليس إلا مظهراً من حركات السماء» وأن الأرض شىء صغير بجوار السموات وما فيها. 6 ا تفسيرسورة البقرة للفلل لحب ا والجملة السامية تفيد الملكية المطلقة لرب العالمين» فيملك ما فيها من حى وجمادء ومن ناطقين وغير ناطقين» والجميع فى قبضة العليم الخبير. وتقديم الجار والمجرور وهو «له» لإفادة القصرء أى ملك السموات والأرض له سبحانه. فليس لأحد سواه» فهو المنفرد بالسلطان فيهاء والملكية لها؛ فهذا القصر يدل على الوحدانية فى الخلق والتكوين» كما يدل قوله تعالى: < لا إِلَهِ إِلذّ هو ... 12 4 [البقرة] على الوحدانية فى العبادة. من ذا الذي يشفع عنده إِلذّ يإذنه 4 الاستفهام فى هذه الآية إنكارى بمعنى النفىء أى لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه؛ وسيق النفى بطريق الاستفهام للإشارة إلى استحالة ذلك كأنه قد سكل وبحث عن نظير تكون له قدرة الخالق البارئ حتى يكون شفيعًا عنده قريبًا منه يؤثر فى إرادته» فلم يوجد؛ لأن ذلك مستحيل استحالة والشفيع يكون بمعنى النصير للمشفوع لأجله. المعاضد له» ويكون فى مرتبة المشفوع عنده أو قريبًا منه؛ لأنه يؤثر فى إرادته» ويحوله من نظر إلى نظر»ء وله معه أو عنده سلطان أو شركة فى أمره؛ وإن ذلك مستحيل على الله سبحانه وتعالى» فلا نظير له سبحانه؛ إنه القادر فعال لما يريد» فلا إرادة للأحد بجوار إرادته سبحانه» إنما الإرادة له وحده؛ ولذلك كان أكثر العلماء على أن هذه الجملة السامية سيقت لبيان عموم سلطانه» وأنه قد انفرد بالتدبير» فلا إرادة لأحد فى سلطانه غير إرادته. ولقد قال البيضاوى» وهو من أئمة أهل السنة» فى تفسير قوله تعالى: من 5 الذي يشفع عنده إلا بإذنه 4 «بيان لكبرياء شأنهء وأنه لا أحد يساويه أو يدانيه يستقل بأن يدفع ما يريده شفاعة واستكانة» فضلا عن أن يعاوقه عنادًا أو مناصبة أى مخاصمة) . وإنه من كمال سلطانه وشمول إرادته أنه لا إرادة لأحد إلا مشتقة من إرادته؛ ولذا كان الاستثناء فى قوله تعالى: إلا بإذنه 4 أى أنه لا يكون لأحد إرادة إلا إذا كانت مستملدة من إذنه؛ فهو المسيطر على كل شئ» يعطى من يشاء ويمنع من لها تفسير سورة ١‏ لبقرة الل م حب زا يشاء» ويأذن لمن يشاءء ويعطى لمن يشاء إرادة فى سلطان إرادته» هو المنفرد بالأمر والتدبير. وأصل كلمة الشفاعة من الشفع بمعنى الضمء ولقد وضحها الأصفهانى فى غريب القرآن» فقال: «الشفع ضم الشىء إلى مثله. . والشفاعة الانضمام إلى آخر مناصر له وسائلا ومنه الشفاعة فى القسيامة؛ قال تعالى : ل مكو لفاعة لأس اذ عد ارس عهدا +( © [مربم] وقال تعالى: دلأ تفع الشفاعة لذ من أذن لَه الرّحمن .. درم © [طه ]» . وترى أن هذه الآية الكريمة على تخريج كثير من المفسرين لا صلة لها بالشفاعة يوم القيامة» التى هى موضع خلاف فينفيها المعتزلة» ويؤولون الآية الواردة سا م إنما هى أحاديث آحادء وأحاديث الآحاد لا تثى- تثبت بها | العقائد. والإيمان بالشفاعة يوم والجمهور على إثبات شفاعة النبى كَِلْدِ بإذن ربه» تكريمًا له عليه الصلاة والسلام» ورحمة بالناس» وعفواً من الله العلى القدير؛ والأحاديث الواردة فى هذا لباب صحيحة تبره ف 0 ت فى الصحاح من كتب السنقء فلا يصح أن يذكره ولقد قرر الزمخشرى وهو من المعتزلة أن هذه المحملة السامية لا تثبتهاء وقال فى ذلك: « من ذا الذي يُشْقَع عنده إلا بإذنه 4 بيان لملكوته وكبريائه» وأن أحدًا لا يتمالك أن يتكلم يوم القيامة إلا إذا أذن له فى الكلام؛ كقوله تعالى: «لا يَكَلمونَ إِلذَ من أَذن لَه الرَحَمَن . . . +27 4 [ انبا ] . اللللللل 0 و تفسيرسورة البقرة 01 «يعلّم ما بين أَيدِيهِم وما حَلَفَهُم 4 هذه الجملة تأكيد لنفى الشفاعة وتأكيد لكمال سلطان الله سبحانه وتعالى فى هذا الوجود. والضمير فى أيديهم وخلفهم يعود إلى ما فى السموات وما فى الأرض؛ وعبر بضمير الذكور العقلاء تغليئًا لجانب العقلاء فى السموات والأرض من ملائكة أطهار وأناسى سواء أكانوا أشرارًا أم كانوا أبرار ؛ وما بين أيديهم هو ما يعلمونه من شئون سابقة أو حاضرة» وما وقع منهم مما يوجب المساب والجزاء من ثواب أو عقاب. وعبر عن هذا بما بين أيديهم؛ لأنه حاضر يستطيعون أن يعرفوه؛ ولا عجب فى أن يعرف الإنسان ما وقع فى الماضى؛ فهو من حيث التمكن من معرفته كالشىء الذى يكون بين يدى الإنسان من حيث إنه يكون محضرا مهيئًاء وكذلك يكون مما بين يدى الإنسان المحسوسات والمعلومات التجربية التى يمكن الإنسان بعقله أن يدركها. وأما ما خلفهم فهو ما يكون علمه مغيبا عنهم» إما لأنه فى ذاته خفى لا يدرك كنههء ولا تعلم حقيقته؛ وليس فى طاقة العقل البشرى - من غير استعانة بالنقل - معرفته؛ وإما لأنه أمور ستقع فى المستقبل قد غيب عن البشر العلم بهاء ومنه ما يكون يوم القيامة» أو اختص بها عالم الغيب فى السموات وفى الأرض» وعبر عن ذلك النوع من العلم بأنه خلفهم 4 لآنه يخلفهم فى زمانه» ولأنه مستقبل وليس من مستدبر الماضى . إن العلم بالماضى والحاضر والمستقبل: وما وقع وما لا يقع ينفى الشفاعة بمعنى أن يستنزل الشفيع المشفوع عنده عما اعتزم وأراد؛ لأن ذلك يقتضى ألا يكون عانًا بما مضى أو بما يكون., إذ الشفيع ينبه المشفوع عنده بما غاب عنه من أمرء وذلك لا يليق فى حق العليم الخسبير» وهو ينافى علمه بالماضى والقابل وما يقع فى الحسء. وما يكون فى الغيب؛ ولذلك أجمع علماء المسلمين على نفى الشفاعة بهذا المعنى» إذ الشفاعة التى قررها جمهور أهل السنة هى الشفاعة لمن ارتضىء والتى قدر الله سبحانه وتعالى إجابتها تكريمًا للشافع» ورحمة بالمشفوع لأجله. ولا يحيطون بشيء من علّمه إلا بمَا شَاء» هذه الجملة السامية بيان لنقصان علم المخلوق بجوار علم الخالق» والعلم المراد به المعلوم» أى لا يحيطون بشىء من م تفسير سورة البقرة و حر اا المعلومات الى يعلمها الله سبحانه وتعالى. والإحاطة معناها هى العلم الكامل بالأمر فيدركه العقل إدراكا ويستولى عليه استيلاء» كما تحيط الدائرة بكل أقطارها وما فى داخلها. وهذه الجملة السامية تدل على نقص العلم البشرى من ناحيتين : أولاهما: أن أحد من البشر لا يستطيع أن يعلم كل شىء» بل إن ما يجهل أضعاف كثيرة ما يعلمء كما قال تعالى: 8 وما أوتيئم من الْعلّم إلا فلبلا +20 4 [الإسراء ]. الثانية: أن الجزء الذى يعلمه البشر من الآشياء علمه فيه ناقص كل النقص»ء وهذا ما قرره سبحانه فى قوله تعالى: « ولا يحيطون بشيء من علّمه 4 أى أنهم لايعلمون شيئًا واحدا علم إحاطة واستغراق لكل ما يشتمل عليه وعلم الإحاطة هو العلم الكامل. ولقد فسره الأصفهانى بقوله «الإحاطة بالشىء علمًا هى أن تعلم وجودهء وجنسهء وكيفيته» وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه» وذلك ليس إلا لله تعالى»). وعلم الإنسان لا يكون إلا بالقدر الذى يشاؤه الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك كان الاستثناء فى قوله سبحانه: إلا بما شاء إذ إنه إذا كان علم الإحاطة الكامل لشىء لا يمكن أن يكون إلا لله العليم الخبير» فالله سبحانه يعطى البشر من العلم ببعض الأشياء بالقدر الذى يريده سبحانه ويقدره» وقد خلق البشر على استعداد له. «وسع كُرْسيّهُ السّمُوَات والأرض » الكرسى فى تعارف الناس ما يقعد عليه» وهو منسوب إلى الكرس بمعنى المجتمع» ومنه الكُرَاسّة للمتجمّع من الأوراق ويقال كرس الرجل كثر علمه. والعلماء فى تفسير معنى الكرسى هنا على وجهين: أحدهما: أن لله سبحانه وتعالى كرسيا وعلينا أن نؤمن بوجوده وإن كنا لا ندرك كنهه ولا نعرف حقيقته»ء إذ ليس ذلك فى مقدور العقل البشرى؛ ومن هؤلاء العلماء من قال: إن الكرسى هو العرشء وقد قبله الزمخشرى احتمالا للآية؛ ا تفسيرسورة البقرة لال الل ا لسر ان وروى فى ذلك قول الحمسن البصرى : (الكرسى هو العرش) وقد اختار ذلك الوجه جمهور المفسرين. الوجه الثانى: أن الكرسى فى الآية كناية عن عظم السلطان ونفوذ القدرة وشمول الإرادة» فهو كقول بعض الناس: شمل كرسى الملك الفلانى ربع أقطار الأرض والمراد نفوذ سلطانه» وعظم دولته. أو يكون الكرسى كناية عن عظم العلم وشموله واتساعه. وتفسيره بعظم السلطان يتناسب مع قوله تعالى بعد ذلك: ولا يئوده حفظهما 4 وتفسيره بمعنى شمول العلم يتناسب مع قوله سبحانه قبل ذلك: 9 ولا يحيطون بشيء من علمه إل بما شاء 4 ولذلك يصح أن نقول إن قوله تعالى: <( وسع كرسيّه السّموات والأرض 4 كناية عن عظيم قدرته ونفوذ إرادته» وواسع علمه. وكمال إحاطته. وإن ذلك الوجه قد ورد عن السلف» كما ورد الوجه الأول عن السلف؛ فقد روى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - أنه قال: «كرسيه علمه» وروى مثل الطبرى. وقد لخص الآراء ووجهها توجيها جيدا الزمخشرى فئ تفسيره» فقال: «وفى قوله وسع كرسيه أربعة أوجه: أحدها : أن كرسيه لم يضق عن السموات والأرض لبسطته وسعسته» وماهو إلا تصوير لعظمته» ولا كرسى ثمة ولا قعود ولا قاعد كقوله تعالى : «ومًا قدروا الله حق قَدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة وَالسّمُوَات مَطْويّاتَ بيَمينه .. . ل 4 [الزمر] من غير تصور قبضة وطى ويمين» وإنما هو تصوير لعظمة شأنه وتمثيل حسى . والثانى : وسع علمه» وسمى العلم كرسيًا تسمية بمكانه الذى هو كرسى العالم . والثالث: وسع ملكه تسمية بمكانه الذى هو كرسى الملك . بل تفسير سورة البقرة و لحب ل والرابع: أنه خلق كرسيًا هو بين يدى العرش» دونه السموات والأرض» وهو إلى العرش كأصغر شىء. وعن الحسن (الكرسى هو العرش). وعندى أن أجود هذه الوجوه هو أن يكون كناية عن سعة الملك وسعة العلمء وهو المناسب لنسق الآية الكريمة» وهو تفسير ترجمان القرآن عبد الله بن عباس. «ولا ينُودهُ حفظهما 4 هذا وصف يدل على كمال قدرته» وعظيم حياطة خلقه ومعنى ولا يعُودْهُ حفظهمًا 4 لا يثقله ولا يتعبه حفظ السموات والأرض وكلاءتهما؛ لأن ذاته العلية منزهة عن التعب» إذ هو من صفات الأجسام ال حيوانية» والله سبحانه وتعالى منزه عن مشابهة الحوادث. وأصل آد من الأود بمعنى العوج» فآده يؤده بمعنى عوجه بثقله وعبئه. وإن ذلك النص الكريم يدل على أن كل شىء فى الكون فى حفظ الله وحياطته؛ فالسماء بأفلاكها وطبقاتها وكواكبهاء وكل ما فيها يسير على نظام محكم محفوظ بعناية بديع السموات والأرض» والأرض وما عليها ومن عليهاء ومافيها ظاهرا وباطنّاء كل ذلك فى حفظ الله خاضع لقوانينه التى سنها فى خلقه» ولا شىء يكون فيها أو منها إلا بإرادته سبحانه 9 وكُل شيء عنده بمقدار 21> عَالمُ اليب والشهادة الكبير المتعال )+ # [ الرعد] . «( وهو الْعَلِيّ العظيم 4 هذان هما الوصفان الشاملان لكل الأوصاف السابقة؛ فالله سبحانه هو العلى: علا بصفاته وذاته عن مشابهة المخلوقات» وعلا أيضًا على خلقه بمعنى سيطر عليهم» وسيرهم؛ فالعلو يشمل معنيين: أولهما: علو المنزلة والقدرء وذلك متحقق بتنئزهه سبحانه عن مشابهة المخلوقين وأنه فوق كل موجود. وثانيهما: علو السلطان؛ والقدرة ‏ والقهر ‏ ومن هذا الباب لغة (لا معنى لأنه يناسب المقام هنا» قوله تعالى: إن فرْعَوّدَ علا في الأَرْضٍ وَجَعَل أَهلهَا شيعا .... :> 4 [القصص] والله سبحانه غالب على كل شىء» قاهر كل شىء» وهو فوق عباده. هذا هو الوصف الأول. أما الوصف الثانى فهو عظم الذات العلية وصفاتهاء ا تفسيرسورة البقرة وم المللللل ل 10 حب أ فذاته العلية جلت عن المشابهة» وهو الخالق القاهر القادرء وهو وحله الإله المعبود بحىء) وهو الذى يسبح كل شىء فى الوجود بحمده» فهو العظيم وحذدهء والمعبود حقا وحده» المعظم وحده. وإذا كانت غواشى الحياة قد أضلت الأكثرين فلم يدروا عظمته فى الفانية» فستتجلى لهم عظمة ذى الجلال فى الباقية؛ وهم من خخثسيته مشفقون ( يود يعون الذاعي لا عوج له وَحَشَعت الأمنوات رحس قلا تسمَع إل همس 0 لك يومد لأ تدقع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له ولا 5ن يعم ما بين أيديهم وما لمهم ولا يحيطون به علمًا 41 وعنت الْوجوه للحي اليو وقد حَاب مَن حمل ظَلْما 0107 ومن يعمل من الصّالحات وهو مُؤمن فلا يَخَاف ظلَمَا ولا ضما 232 4 أما بعدء فهذه آية الكرسى» أعظم آية فى كتاب الله» كما ورد فى بعض الآثار المثبتة فى الصحاح؛ وإنها لتدل على وحدانية الله تعالى بكل شعبها؛ ذلك بأن الوحدانية لها شعب ثلاث: وحدانية الألوهية» وقد دلت عليها بقوله تعالى: « الله لا إله إِلذّ هر »4 ووحدانية الخلق والتكوين فلا" خالق مع الله تعالى» ولا إرادة تمنع إرادته» وقد دل على ذلك بأكثر ما فى الآية الكريمة كقوله سبحانه: الحي القيُوم 4 وقوله تعالى: له ما في السّموَات وما في الأرض 4 والشعبة الثالثة وحدانية الذات والصفات» بمعلى أنه لا يشبهه شئ أو أحد من خلقه: «( ليس كمثله شيء . الله 4 [الشورى] وقد أشار سبحانه إلى ذلك بقوله تعالى : لا تأخذه سنة ولا نوم 4 وبقوله تعالى: «( وهو الْعَلي العظيم © تعالى الله رب العالمين علوا كبيرا؛ تولانا سبيحانه بعنايته وتوفيقه وهدايته . ل ل تفسير سورة البقرة ملل سع ادم 0 وى فاوح ربد يس م قهرم بره 86 سْتَمْسَك ماوتلا أنيصَام لهسي أله وَلى 1 000ص و شل فسا - 2 ١2‏ - الثور إل الظلمنت ولك سحب التَّارِهُمُ فيه خدارور 2 فى الآيات السابقة بين الله سبحانه وتعالى أمرين: . لاسرم برج سرض م ع رحءامنوأ يخرجه مم نَالظلمت إلى و 4. رب ا أحدهما: المغالبة بين أهل الحق وأهل الباطل» وأن تلك مشيئته الأبدية الأزلية منذ خخلق بنى آدم على ذلك التكوين الذى يضم فيه كل آدمى بين جنبيه نزوع الخير في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 212 4 [البقرة] . الأمر الثانى: هو ما يجرى حوله الخلاف بين أهل الحق الذين يستمسكون بالهدى والنورء وأهل الباطل الذين يستمسكون بالضلالة؛ وذلك الأمر هو وحدانية الله سبحانه وتعالى فى الألوهية» وفى الخلق والتكوين» وفى المشيئة والإرادة وفى الذات والصفات: «[ ليس كمثله شيء وَهَوَ السّميع المبصير 27 4 [الشورى]. وإن هذا أمر تقره بداهة العقول» ولا مجال فيه للريب فما كان ينبغى القتال حوله ولكن من ضل وغوى أيجوز إكراهه على الدخول فى ذلك النور بحكم تلك المغالبة بين الحق والباطل المقررة فى هذا الوجود؟ أجاب الله سبحانه وتعالى عن ذلك السؤال الذى يتردد فى قلب كل من يؤمن بالحق» إذ يكون واقفًا أمام حق نير واضح مستبين» ولجحاجة فى باطل مظلم» وقد تكون الهداية أن يقضى على تلك اللجاجة الاثمة. 2 تفسيرسورة البقرة الل للفلل لذن 127ص جج-1 وقد كان جواب الله العلى القديرء كلامًا محكما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. هو قول الحق: «إلا إكراه في الدين قد تَِيْنَ الرّشد من الْفَيّ4 نفت الجمملة الأولى من هاتين الجملتين الساميتين الإكراه فى الدين» وبينت الجملة الثانية علة هذا النفى» وكيف تدرك الآديان» ومهمة الداعى إليها؛ فأما النفى الذى قررته الجملة اللأولى فهو يتضمن أمرين : أحدهما: تقرير حقيقة مقررة ثابتة» وهو أن الإكراه فى الدين لا يتأتى؛ لأن التدين إدراك فكرى. وإذعان قلبى» واتجاه بالنفس والجوارح بإرادة ممختارة حرة إلى الله سبحانه وتعالى» وتلك معان لايتصور فيها الإكراه؛ إذ الإكراه حمل الشخص على ما يكره بقوة ملجئة حاملة» مفسدة للإرادة الحرة» ومزيلة للاختيار الكامل؛ فلا يكون إيمان ولا تدين» إذ لا يكون إذعان قلبى» ولا اتهاه حر مختار بالنفس الأمر الشانى: الذى تضمنه نفى الإكراه هو النهى عن وقوعه. فلا يسوغ للداعى إلى الحق أن يكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؛ لأن الإكراه والتدين نقيضان لايجتمعان. ولايمكن أن يكون أحدهما ثمرة للآخرء» ونتيسجة له؛ لآنه كلما حمل الإنسان على أمر بقوة قاهرة غالبة ازداد كرما له ونفورً منه. النفى عن الاكراء إذن تمن نفى تصوره فى شئوذ الدينء ونفى المطالبة به َجَادلهُم بالتي هي هي أَحسن إ رك هر أغلم من صل عن ليله وو أل بدي تزه 4 [النحل] . هذه معانى ال حملة الأولى السامية» أما الثانية وهى : : قد ثبيّنَ الرشد من الغي 4 , » فمعناها قل تبين وجه الحق ولاح نوره» وتبين الغى » وهو الضلال والبعد عن محجة الحق, وطمس معالمه؛ وهذه الجملة السامية تفيد أمرين كسابقتها: بل تفسير سورة البقرة . : سس سك > ار أحدهما: أن طريق التدين هو بيان الرشد» وبيان الصواب» وبيان الضلال فى وسط النور؛ فمن رأى الحق بيئًا فقد أدرك السبيل» وعليه أن يسير فيهاء وليس لأحد أن يحمله حملا؛ لأنه لا سبب للتدين إلا المعرفة» بإدراك الحق وغايته» ومعرفة الباطل ونهايته. وذلك المعنى فى مرتبة التعليل للنهى عن الإكراه ونفيه) لأنه إذا عرف الحق معرفة مثبتة له بالأدلة القاطعة» وعرف الباطل معرفة مبينة وجه الضلال فيه» فقد توافر سبب التدين» ومن كفر بعد ذلك فعن بينة كفر» ولا سبيل لهدايته» وليتحمل مغبة كفره بعد هذه البينات الواضحة الكاشفة. الأمر الثانى: الذى يدل عليه قوله تعالى: قد تَبيّنَ الرشد من الي 24 هو بيان أقصى قدر من التكليف للداعى إلى الحق من الرسل ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين» فليس على الداعى إلى الحق إلا تكليف واحدء وهو بيان الرشد من الغى» فهو لم يكلف حمل الناس على الهدىء إنما هو مكلف أن يبين الهدى من الضلال» والهداية بعد ذلك من الله سبحانه وتعالى: «إإِنَكَ لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .. . 457 # [القصص] . وإذا كان الرشد قد تبين من الغى وتميز» ولم يعد مختلطا به» بل خلص منهء وخرج نير واضحاء . كما يخرج النور من الظلمة عند انبثاق فجر الحقيقة» وظهوره ساطعًا منيرً هاديّاء إذا كان الأمر كذلك فعلى كل طالب للتدين أن يسلك سبيل الحق» ومن بقى مترديًا فى الباطل» فعليه إثم بقائه؛ وما عليك من أمره شىء» ولذا قال سبحانه : «فَمَن يَكْفر بالطَاعُوت وَيؤْمن بالله فَقَد اسحَمْسَك بالعروة الْوثْقَى لا انفصام لها 4 الطاغوت أصله مأخوذ من الطغيان» ويؤدى معنى الطغيان» وإن اختلف علماء اللغة فى أصل اشتقاقه» وفى وزنه الصرفى . والطاغوت يطلق فى القرآن على كل ما يطغى على النفس فيسيطر عليهاء أو على العقل فيضله» أو على الأمة فيتحكم فيها ظلمّاء أو على الجماعة فينشر فيها أهواء مردية» وآراء فاسدة؛ ولذلك يطلق الطاغوت على الكاهن» والشيطان» وكل رأس للضلال. وقد جاء فى تفسير القرطبى: قد يكون واحدًا؛ قال الله تعالى: .6 تفسيرسورة البقرة لما الل 0 تأ سب اد « يريدون أن يُتَحَاكَموا إلى الطَّاعُوت وَقَد أُمروا أن يَكْفُرُوا به .... 2ت 4 [النساء] وقد يكون جمعاء قال الله تعالى: أَولياؤهمْ الطأعُوت .. . :29 4 [البقرة] . وما المراد بالطاغوت هنا؟ الظاهر أن الطاغوت هو كل طغيان يطغى على النفس أو العقل أو الجماعة. فيتسلط عليه» ويمنعهم من اتباع الحق من زعماء يقودونها إلى الضلال» أو ملوك يسوقونها إلى الباطل سوقا؛ ولعل أظهر معانى الطاغوت أن يفسر بالملوك المتحكمين والكبراء المتجبرين الذين يفتنون الناس عن دين الحق» ويكرهونهم على اعتناق الباطل. وقد سوغ لنا استظهار ذلك ما جاء من نفى الإكراه فى الدين سابقًا لهذه الجملة السامية» وما سيق بعد ذلك من قصة ملك متجبر يريد أن يتحكم فى عقائد الناس وأهوائهم» فإن ذلك يومىء لنا أن نفهم من كلمة الطاغوت بأنه الحاكم المتجبرء أو الكبير المسيطرء أو الملك القاهر بالباطل» ويكون المعنى: فمن يكفر بالطاغوت» أى يزيل سلطان المتجبرين عن نفسه» ويمنع تحكم المسيطرين على قلبه» ويحرر عقله من أوهام الطغيان» ويؤمن بالله» فقد استمسك بالعروة الوثقى» . أى اعتمد على جانب قوى» وعماد على لا يهن من اعتمد عليه» ولا يسقط من ركن إليه» وفى ذلك إشارة إلى أمرين: أحدهما: أن لا يحجب النفوس عن الإيمان بالله إلا طغيان المتجبرين عليهاء وسيطرة أوهام الكبراء» فمن تحرر من ربقة الطاغوت تتكشف له الحقيقة العالية فيؤمن بهاء ويدركهاء ويعتصم بالله سبحانه وتعالى. ثانيهما: إرشاد ضعفاء النفوس ومن أصاب الخور عزائمهم وأماتت الأوهام ثقتهم بأنفسهم أنهم إن رفضوا سلطان الطغاة» وحاجزوا بينهم وبين قلوبهم» فقد أمئواء ولن يصيبهم ضير إن آمنوا؛ لأنهم آووا إلى ركن شديد» وإلى معتصم حصين» فلن تضيرهم مخالفة الملوك وغيرهم؛ لأن سلطانهم وهمى» وسلطان الله حقيقى» وقوتهم فانية» وقوة الله أزلية باقية» فمن آمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها. ا تفسير سورة البقرة لل 2 أب أ والعروة فى أصل معناها اللغوى تطلق على ما يتعلق بالشىء من عراه أى ناحيته» فالعروة من الدلو والكوز المقبض» ومن الثوب مدخل الزر؛ وتطلق العروة أيضا على الشجر الملتف الذى تأكل منه الدواب حيث لا كلأ ولا نبات. والوثقى مؤنث الأوثق» وهو الشىء المحكم الموثق. وتطلق كلمة الموثق أيضا على الشجر الذى يتجه إليه الناس عندما ينقطع الكلأ. والانفصام الانكسار» وهو مطاوع فصم بمعنى كسر؛ وإنما تكون المطاوعة حيث يحتاج الفصم إلى معالجة» أى أن الشئ المفصوم يكون قوياء بحيث يعالج الشخص كسره حتى ينكسر بعد طول المحاولة وعلى ذلك فالعروة الوثقى فى الآية إما أن تخرج على أنها الحبل الموئق الشديد الأسر الذى يربط بين شيئين» ويكون المعنى: من آمن بالله وكفر بالطاغوت فقد استمسكء. أى أمسك بقوة وشدة طاليًا العصمة بحبل موصول موثق قوى لا انفصام له. وقد تخرج العروة على أنها الشجر الذى لا يوجد سواه للمرعى والغذاء» فيكون من كفر بالطاغوت وآمن بالله فقد اتجه وأخذ الجانب المفيد المربى المغذى وترك الجدب الذى لا يجدى. وقد مال الزمخشرى إلى التخريج الأول» وهو عندى أوضح وأشهر . والاستمساك كما أشرنا هو الإمساك المطلوب المستقر؛ لأن السين والتاء. تدل على الطلب» والطلب هنا يفسر بأنه هجر الطاغوت طلبًا للاعتصام بهذا الجانب القوى الذى لايضل من طلبهء ويصل إليه من اعتمد عليه ولم يطلب سواه. وقد ذكر الزمخشرى فى تفسيره أن هذا التعبير الكريم كله « فَقَد استَمْسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها 4 فيه تمثيل وتصوير للمعانى السامية بالأشياء المحسوسة فقال: (هذا تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصوره السامع كأنما ينظر إليه بعينه» فيحكم اعتقاده والتيقن به). هذه هداية الله سبحانه وتعالى, لا يكره أحد عليهاء ولكن يدعى الناس إليها باليينات الواضحة التى يتميز بها الخسير من الشرء والحق من الباطل» والنور من / تفسير سورة البقرة 0 الل 000 ١ الا‎ يي الظلام» وبعد ذلك يكون الأمر لله تعالى» ولقد ذيل سبحانه الآية بقوله تعالى: «واللّه سميع عليم 4 وفى هذا إشارة إلى أمرين جليلين : أولهما: رقابة الله سبحانه وتعالى فى الدنيا رقابة العليم الخبيرء فهو يعلم علم من يسمع همسات القلوب» وخلجات الأنفس» وهو وحده النصف بالعلم المطلق الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء ولايعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماءء ولا فى الأنفس؛ وإذا كان المؤمن يحس برقابة الله تعالى المطلقة فإنه يتجافى عن المعاصى» ويبتعد عنها استحياء من الله» فقوة الإحساس بعلم الله ترهف وجدان المؤمن وهذا مقام الإحسان كما فى الحديث الشريف «اعبد الله كأنك تراه» فإن لم تكن تراه فإنه يراك)(3" . الأمر الشانى : التنبيه إلى ما يترتب على العلم من الرضوان والشواب المقيم الدائم لمن أطاع الله وطلب رضساه. والعذاب الأآليم وغضب الله لمن عصاه سبحانه . هذه الآية الكريمة واضحة كما قررنا فى حقيقتين ثابتتين : إحداهما: أن التدين لا يكون مع الإكراه؛ لأن الإكراه ينافى الاختيار الحرء والتدين طلب الحق والأخذ به فى حرية واختيار لا تشوبهما شائبة. الحقيقة الثانية: أن الله سبحانه وتعالى ينهى عن الإكراه فى الدين» وحمل الناس عليه بقوة السيف حتى لا يكثر النفاق والمنافقون. وكثرة المنافقين» وإن كثر عدد المسلمين فى الظاهرء تفسد جماعتهم فى الحقيقة والواقع. ولكن مع هذا الحق السائغ والنور المبين» وجدنا الكثيرين يدعون أن هذه الآية منسوخة» وادعوا أن الذى نسخها قوله تعالى فى آيات كثيرة من آيات الجهاد ما | يدل على القتال»حتى يكون الإسلام مثل قوله تعالى: يا أَيها الي جاهد الْكْمَار )١(‏ جزء من حديث جبريل الشهير» متفق عليه؛ من رواية البخارى (54)» ومسلم :)٠١(‏ كتاب الإيمان عن أبى هريرة رضئ الله عنه. تفسير سورة. البقرة . ش 0 لال لك كم <9 والمنافقين واغلظ عَلَيِهِم . 4 [التوبة] ومثل قوله تعالى: « ستدعون إلى قوم أولي أ شديد تقاتلوتهم أو يسلمون . 42 [ الفتح ] وقوله تعالى: «يا يها اين آممُوا قَاتلُوا الْذين يلُونَكُم من الْكُفَارٍ وليجدوا فيكم غلظة واعَلّموا أن الله مع الْمتّقين 29# 4 [التوبة] ففى هذه الآية تصريح بالقتال والغلظة مع الكفارء وفى بعضها جعلت غاية القتال أن يسلمواء ولقد ورد أن النبى كد قال لرجل: «أسلم» قال إنى أجدنى كارماء فقال يَكِةِ: «وإن كنت كارها)7'. والحق أن حكم هذه الآية فلا إكراة في الدين 4 ماض إلى يوم القيامة؛ لأنها تؤيد حقيقة ثابتة» وتزكيها آيات أخرى». وأحاديث للنبى كلِْةِ؛ِ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: 8 ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أَقأنت تكره الدَّاس حتَى يكونوا مؤمنين +(35)* 4 [ يونس] . وإن الباعث على القتال كما تصرح آيات القتال هو دفع الاعتداءء فقد قال تعالى : 8 أَذن للّذين يقاتلون بِأَنْهُمِ ظُلموا وإِنَ اللَّهَ على نصرهم لَقَدير +250 4 [الحج] وقال تعالى: (١‏ وقَاتلوا في سبيل الله الّذِين يقاتلوتكم ولا تَعتّدوا ... 41202 > [ البقرة] وجعل سبحانه وتعالى نهاية القتال أن تنتهى الفتنة فى الدين» والإكراه عليه؛ فقد قال تعالى: 9 وقاتلوهم حتّئ لا تكون فته ويَكُون الدين لله إن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين 5206 4 [البقرة] وهكذا فليس القتال فى الإسلام للإكراه على الدين لآن الدين اختيار ورضاء ولا اختيار أو رضا مع الإكراه» والآيات الواردة بالأمر بالجهاد كلها محمولة على خال الاعتداء» أو التحفز للاعتداء» فلا يسوغ لمؤمن أن ينتظر حتى يغزى؛ فإنه ما غزى قوم فى عقر دارهم إلا ذلوا. وحية النبى علد فى مكة والمديئة تنييء عن منع الإكراه فى الدين؛ فقد كان َِهٌ فى مكة هو ومن معه من المؤمنين فى اضطهاد ومحاولة لفتن الضعفاء منهم عن دينهم» وحملهم على تغيير اعتقادهم وأنزلوا بهم من الأذى والعذاب ما لا تحتمله النفس البشرية حتى اضطر بعضهم إلى النطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالويمان؛ .)١1514( رواه أحمد فى مسنده‎ )١( 0 تفسيرسورة البقرة الل الالالال اللا لجل _ رار بىي < ولا انتقل إلى المدينة لم يحارب أحدا إلا بعد أن شنوا عليه الغارة» أو استعدوا لها وألبوا عليه؛ وكان على ذلك إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى. وإن حديث النبى كَةٌ الذى قال فيه لرجل: «أسلم وإن كنت كارها» لا يدل على جواز الإكراه فى الدين ؛ لأن النبى يكيم ما أكرهه بالسيف أو بالأذى على أن يسلم» بل إن الرجل بدت له البينات الواضحات» والحجج النيرات» ومع ذلك كان مأخودًا بما ألف. كارها بعاطفته لأن يغير ما كان عليه آباؤه؛ فالنبى كَكْلةٌ يوصيه بأن يتغلب على إحساسه ويتبع البرهان والدليل؛ وكثير من الناس يبدو له وجه الحق واضحاء وتلوح له بيناته باهرة» ومع ذلك يكره السير فى هذا النورء اتباعا لما كان معروفًاء وسيراً وراء ما كان مألوقًا؛ فمثل هذا عليه أن يتبع الحق ولو كان كارماء وأن يستولى على نفسه فيحملها على اتباع الحق ولو كرهته؛ والطاعات قد تثقل على النفوس» ولكن يجب اتباعها؛ ولذا قال يكل «حفت الحنة بالمكاره»27 فحديث النبى كه لهذا الرجل من هذا الباب. بعد هذا البيان نكرر ما قررنا وهو أن هذه الآبة محكمة غير منسوخة» وخصوصا أن ادعاء النسخ لا دليل عليه» وإن النسخ لا يصار إليه إلا إذا لم يمكن التوفيق بين الآيتين» فلو أمكن التوفيق ولو بتخصيص إحدى الآيتين لوجب السير إلى التخصيص دون النسخ؛ وإن التوفيق هنا ممكن بين آيات القتال وهذة الآية» بل إن شئت الحق فقل إنه لا تعارض حتى تكون محاولة التوفيق» فما كان القتال لحمل الناس على الإسلام» بل كان القتال لدفع الاعتداء أولاء ولكى يخلو الوجه للدعوة الإسلامية ثانيّا» ولتكون كلمة الحق هى العليا ثالنًاء والناس فى كل الأحوال أحرار ٠‏ فيما يعتقدون وما يؤمنون به طإِنَّكَ لا تهدي مَن أَحبَبْت ولكن الله يهدي من يشاء . نه # [ القصص] . ولقد روى فى سبب نزول هذه الآية: إلا إكراه في الدين 4 أن رجلا من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصينء كان له ابنان نصرانيان» وكان هو .)0019( متفق علبه؛ رواه البخارى: الرقاق (50-05)» ومسلم: الجنة وصفة نعيمها‎ )١( 5 تفسير سورة البقرة و > اا مسلماء فقال للنبى َلِة: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فنزلت هذه الآية. وفى رواية أخرى أنه حاول إكراههما فاختصموا إلى النبى يَكلِيةِ فقال الأنصارى: يا رسول الله يدخل بعضى النار وأنا أنظر إليه! فنزل قوله تعالى: لا إكراة في الدذين 274 . وقد كان المسلمون يسيرون على هذا المبدأ وهو «إلا إكراه في الدين 4 ويروى فى ذلك أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لعجوز نصرانية: أسلمى تسلمى» إن الله بعث محمد بالحق» فقالت: أنا عجوز كبيرة والموت إلى قريب. فقال عمر رضى الله عنه: اللهم اشهدء وتلا بإ لا إكراه في الدين قد بين الرشد من الْغي 4 . «اللّه ولي الّذين آمنوا يَحَرجِهُم من الظلمَات إِلَى الثور» لقد ذكرنا فى الآية السابقة أن الطريق للإيمان هو الكفر بالطغيان» بالامتناع عن إجابة كل دعاة الشر من كبراء متجبرين» وحكام مسيطرين بأوهام باطلة» وهكذا؛ وأن من كفر بالطاغوت فقد أوى إلى ركن شديد.ء إذ لجأ إلى الله العلى القديرء ومن بقى تحت سلطان الطاغوت من ملوك عاتين» ورؤساء ضالين» فقد آوى إلى ما لا يعتمد عليه؛ لأنه ركن هاو يهوى بصاحبه فى نار جهنم . والولى فعيل بمعنى فاعل من الولاية. ولقد قال الراغب الأصفهانى: الولاية بالكسر النصرة» والولاية بالفتح تولى الأمر. وقيل الولاية والولاية واحدة» نحو الدّلالة والدّلالة؛ والولى والمولى يستعملان فى ذلكء كل واحد منهما فى معنى الفاعل» والولاية كما تطلق بمعنى السلطان تطلق بمعنى المحبة والولاء؛ كما فى قوله تعالى : ل هتالك الْوَلَاية لله الحق .. . 27) 4 [ الكهف] . والولى فى الآية الكريمة: 9 الله ولي الّذين آمنوا © يكون بمعنى ناصرهم؛ وقد ذكرنا أن الولاية تكون بمعنى النصرة» وبمعنى المسيطر على نفوسهم وحده الموجه الهادى؛ إذ قد سلمت نفوس المؤمنين من نزغات الشيطان. )0غ( رواه ابن جرير الطبرى (1559) عن ابن عباس رضى الله عنهما» وروىق أبو داود: الجهاد - الأسير يكره على الإسلام 059097 . 8 ل ل تفسير سورة البقزة يم ل 00 لحب أ والظلمات جمع ظلمة:» والمراد بها هنا الضلالة؛ ففى الكلام مجاز؛ لأن المفاسد التى ينشرها الطغيان تظلم بها النفس وتكون فى حيرة» وتنقطع عن سبيل الهداية؛ والنور هو الهدى؛ لأن الهدى يكشف عن ينابيع الحق والخير فى النفس» وهو سلوك الطريق الموصل إلى ما يسعد الإنسان فى الفانية والباقية فهو كالمصباح للمؤمن به يهتدى» وبه يصل إلى الغاية. والمعنى للجملة السامية: الله سبحانه جل جلاله الذى ليس فوقه شىء وهو القاهر فوق كل شىء هو ولى الذين آمنوا أى ناصرهم يأخذ بأيديهم من ضلالات الشرك والأوهام والشهوات» والذلة والاستعباد» إلى نور الحق والهداية والتحرر من الأوهام ومن الذلة» والاستقامة نحو العزة. فهذه الحملة تتضمن ثلاثة أمور: أولها: نصرة الله القوى القادر؛ فلا يصح لمؤمن أن يضعف أمام جبروت الملوك الطغاة أو الحبابرة العتاة» أو الكبراء المضلين. وثانيها: أن الله سبحانه وتعالى هو المسيطر على النفوس يوجه القلوب المؤمنة إلى الحق فيلوح لها نوره» وتشرق فيها حججه. وثالئها: أن الذين يفيض الله عليهم بهذا النور ويؤيدهم بنصره هم الذين ارتضوا الحق بإرادتهم المختارة» وزفضوا طغيان الكبراء والجبابرة» وقاوموا نزغات الشيطان؛ فإن هؤلاء هم الذين ينصرهم رب العالمين» ويهديهم بنوره. « والّدين كفروا أُوليَاوهم الطَاغْرت يخرجونهم من الثور إِلَى الظَلمّات 4 المؤمنون يوجه قلوبهم رب العالمين» وينصرهم بقدرته» ويعتزون بعزته» وهو رب العزة» له الكبرياء فى السموات وفى الأرض» وهو العلى العظيم؛ أما الذين كفروا فالطاغورت أى الطغيان بكل أنواعه من جبابرة متحكمين» وكبراء مضلين» وأوهام مستحكمة» وضلالات مسيطرة» هو الذى ينصرهم ويسيطر على قلوبهم؛ والسبب فى ذلك أنهم جعلوا الكفر وستر الفطرة هو الذى يتحكم فى قلوبهمء فهم اختاروا تلك الأوهام المضلة» وولاية الجبابرة المذلة» واتباع الكبراء المردى» ففتحوا بسبب ذلك قلوبهم للضلالة تدخل فيها جزءا جزءً) حتى أظلمت وبعدت عن نور الفطرة» وغلقت عليها ا تفسير سورة البقرة ل لل كم حر د أبواب الحق» فلا يدخلها إلا ضلال؛» وكأن للقلب بابين: بابًا للنورء وبابًا للضلال؛ فإن أركست النفس فى الشهوات» فإن باب الضلالة يتسع ويضيق باب الحق حتى يغلق فلا يدخل النور إليها. وفى الجملة الكريمة السامية إشارات بيانية يجب التنبيه إليها : أولها: أن الله سبحانه وتعالى قال: ا والَّذِينَ كَمَروا أَوليَاوَهُمْ الطّاغرت 4 ففى التعبير بالذين كفروا إشارة بيانية إلى أنهم هم الذين ارتضوا أن يجعلوا الطضيان متحكمًا فى قلوبهم» إذ كفرهم واستيلاء الشهوات على نفوسهم هو الذى سهل استمراء ولاية الطاغوت عليهم» وتحكمه فيهم» وسيطرته على نفوسهمء وحيث كانت الشهوات مستحكمة فللأوهام سلطان» وللجبابرة سلطانءوللكبراء المضلين مكان. والثانية : أنه أفرد الطاغوت» وجمع الأولياء» ففى ذلك إشارة بيانية إلى أن الطاغورت مهما تتعدد ضروبه» وأشكاله ومظاهر سلطانه» فهو نوع واحد» أساسه أن يتحكم الوهم والهوى والذل والضعف فى النفس ولكن مع ذلك يتعدد سلطانه» فهو مرة يظهر فى مظهر ذى سلطان متجبر تخضع الرقاب لطغيانه لتحكم الذلة أو الشهوة المردية فى نفوس الذين يتحكم فيهم» ومرة يظهر سلطان الطاغوت فى دعوة إلى الباطل زخرفها تمويه داعية مضل» وأحيانا تكون فى أوهام مسيطرة على الجماعة تجعلها تعبد حجراً أصم لا يسمع ولا يبصر؛ وعلى ذلك يكون الطاغوت واحدا؛ لآنه ضلال كيفما كان» ولكن لتعدد مظاهر سلطانه تعددت ولاياته وكلها لاقوة لها أمام قوة الله سبحانه وتعالى علو كبيرا . والثالثة من الإشارات البيانية: ما تضمنه قوله تعالى: ا يَخْرِجُوتَهُم من الثور إلَى الظُلّمَات 4 أى الضلالات المردية المختلفة الأنواع» فإن فى ذلك إشارة إلى أن الفطرة فى أصلها نورء ففى الفطرة الإنسانية نور.الحق ووجدان الهداية» والإيمان الفطرى؛ حتى يكون الضلال إذ تتحكم الأهواء والأوهام وتستخذى النفوس» فكل و تفسيرسورة البقرة يجبي بي ٠١‏ : مولود يولد على الفطرة'''؛ وهى نورء حتى يكون الضلال بما فى النتفس من استعداد له مع وجود ذلك النور. و ع" أولتك أصحاب الثَارٍ هم فيها حَالدُونَ4 الإشارة إلى الذين كفرواء وفى هذه الإشارة بيان إلى أن أحوالهم التى عرفوا بها من كفرهم» ورضاهم بالطغيان حاكمًا عليهم متحكمًا فيهم مسيطراً على قلوبهم. هى السبب فى ذلك الحكم الخالد عليهم. وهو أنهم أصحاب النار. وفى التعبير بأصحاب النار إشارة إلى ملازمتهم لهاء وبقائهم فيهاء واختصاصها بهم؛ لأن أصحاب جمع صاحبء والصاحب هو الرفيق الملازم الذى اختصصت بصحبته» فهذا التعبير أفاد ملازمتهم للنار واختصاص النار بهم . وفى قوله تعالى: هم فيها خَالدُون4 تأكيد لبقائهم فيها واختصاصها بهم دون غيرها؛ ذلك لأن التعبير بالجملة الاسمية فيه تأكيدء وتكرار المسند إليه بذكر كلمة «هم»ء فيه فضل تأكيدء وتقديم الجار والمجرور وهو «فيها» دليل على اختصاصها بخلودهم فيها فلا منفذ لهم فى غيرها؛ لأنهم سدوا على أنفسهم باب النور فى الدنياء فسدت عليهم أبواب الرحمة فى الدنيا والآخرة. )١(‏ عن أبى هريرَة رضى اللَّهُ عله قَالَ: َال رسُول الله كل: «مَا من مَولُود إلا يلد على الفطرة» ذأبواه يهودانه 2-2 عض نع او ويُتصرانه أذ يُمجّسَانه» كَمَا تت اهمه بَهِيمَة جَدْعَاءَ ل سول فيا من جا مولا لد طن رضى الله عنه: : «فطرت الله التي فطر النّاس علَيهَا لا تَبْديل لخَلق الله ذلك الدين اقيم .. ٠‏ لنة 4 [الروم] آرواه البخارى )2 : الجنائز» ومسلم سن 24 القدر]. إل تفسير سورة البقرة الل ممللل لال لل م لها 0 5. 0 َم هه م ته 5 أ إلى اذى حاج رهم فى رَبْوء ' 94 ل ل 01 و ل يو - نءاتئه الله ا لمل لك إذ قال إتراهتم رن الزى يحى- 20 و 1 لا عي ل 1 رس ويميت قال أنا أحي- أميت رهم وك للهياق 552 21 اس آذ 2 و 26 المي من المشرق فاتَ باس المَعْرِبٍ فبهت الزى لم وا 57 وج دع ساص به جه > 1 00 كفر وَأللّه لا بدى القوم الظَدلِمِينَ نيد أوَكالذِىمر 00 و 8 ٠.‏ - 0 و 2 ري وهِى حَاوِيَة عل عروسِها فَالَ أن يحى. هذ و اللّهُ 0 صطر ‏ - صد رص ىل م ع 07 جر على اس فأنظرإِلَطعَامِكَ وَسَرَابك لم يَتَسَنَّه وأنظر أ ا 01 أ أ عا رص 1ن م م45 د م و دس ره يه ا سه 2 01 حر 220 . 7-0 1 ودح سام هه 20011 رف كيف تحى ا لموق قال أولم ع يس اح سه يح 1 ب 7 4س ل ل بك ولدكن ليَطمِينَ قلّى قال فحد أريعة من رم الح و 2خ عي لج 4 يم سرح عع عشة ساس الى حل 2 عر عر الطير فصرهن إ ليك ثم أجعل ع كل جبل مَنن جزء] 2 ع م 7 رع بر ع 4 2 م صا كه ع 00 5 تماد عهن ياتدتك سَعيا واعلم أن الله عزي ركيم نزي أ 0 ا تفسيرسورة البقرة اللا 22332 لسرب ا بعد أن بين سبحانه تحكم الطغيان فى نفوس الكافرين ذكر سبحانه وتعالى لونًا من ألوان الطغيان أو أظهر ألوانه فقال: ألم تر» وفى هذا تصوير لملك من الملوك يدفعه اغتراره بملكه إلى أن ينكر رب العالمين ويسأل إبراهيم عنه» وتصوير لطاغية من طغاة الدنيا يدفعه طغيان الغرور على نفسه ثم طغيانه على شعبه إلى أن يدعى الربوبية. فلننظر إلى تلك المحاجة: ينبهنا الله سبحانه وتعالى إلى تلك الحال الشاذة فيقول سبحانه: ألم تر وقد بينا ما فى هذا التركيب من أسرار بلاغية عند تفسير قوله تعالى: «إ ألم تر إِلَى الملا من بني إسرائيل ... 4523# 4 [البقرة] وخلاصة المعنى: لقد عرفت هذه القصة بالخبر القرآنى اليقينى معرفة واضحة جلية بينة كأنها فى تعينها ووضوحها المعرفة بطريق الرؤية البصرية والنظرء وهذا على أن رأى بمعنى أبصر. وإن كانت رأى بمعنى علم فالمعنى : تأمل وانظر بعين بصيرتك وادرس حال تلك النفس الطاغية التى تحمل الناس على الظلمات بطغيانها وإذا تأملتها علمت أيها المحكلف أو أيها القارئ للقرآن إلى أى مدى يصل الطغيان من الظلمات والضلالات. « ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربّه 4 حاجه: أى بادله المحجة وفى تسمصية كلامه حجة إنما هو من قبيل الممائلة اللفظية أو هو حجة فى نظره السقيم الذى أفسد تفكيره وأضله فقد توهم وتخيل ثم ظن فضل عن معرفة نفسه وعن معرفة الحق ووقع فى أمور لا يقبلها أى عقل سليم . وما السبب فى كل ذلك الضلال؟ هو'شىء واحد هو أن الله سبحانه وتعالى أعطاه الملك؛ ؤلذلك قال تعالى: « أن آتاه اللّهُ الملّك 4 أى أن سبب تلك المحاجة التى تدل على مقدار ضلاله وطغيانه هو أن الله سبحانه وتعالى آتّاه أى أعطاه الملك والسلطان الدنيوى وهو زائل فقوله: أن آناه اللّه الملك 4 مجرور بحرف جر محذوف هو الباء أو اللام» أى أن الذى بعثه على ذلك الإسراف فى القول الوقوع فى هذا الضلال هو عسمة الملك التى أنعم الله بها عليه فسجعلته مسقا فى الضلال ذلك الإسراف المردى. ا تفسير سورة البقرة , 4 > أ وفى الكلام إشارة إلى أن هذا ما كان يسوغ له أن ينكر وأن يحاج فى إنكاره؛ لأنه يحاج فى موضوع لا يقبل الجدل والمناقشة؛ لآنه يناقش فى ربه خالقه وخالق كل شىء» فالضمير فى «ربه» يعود إلى ذلك الملك الطاغى المتجبرء ويصح أن يعود الضمير إلى إبراهيم وإنى اختار الآول؛ لأآن الطاغية هو المتحدث عنه فالضمير يعود إليه . إذ قَال إبراهيم ربِي الذي يحبي ويميت » هذا كلام نبى الله إبراهيم وخليله» كلام معترف بالربوبية عرف ربه بأوضح ما يعرف به وبأروع آثار قدرته فى هذا الوجود وبأبعدها أثر فى نفس العاقل المتفكر المتدبر وهو الحياة والموت لأنهما أشد الأمور أثر فى نفس كل إنسان ذى حس وشعور وعقل وأفاد القول صيغة الحصر إذ قال سبحانه: «ربي الذي يحبي ويميت ‏ وفى ذلك تعريف البتدأ والخبر وتعريفهما يفيد القصرء فالمعنى أنه وحده سبحانه هو الذى يحيى ويميت ولا أحد سواه يفغل ذلك. ومعنى يحيى ينشئ الحياة ويوجدهاء ومعنى يميت يوجد تلك الحقيقة التى تفقد الجسم معنى الحياة. والتعبير بالمضارع يفيد معنى الاستمرار الذى يرى ويحس كل يوم؛ فال معنى أن ربى وخالقى هو الذى يحيى الناس كل يوم كما ترى ويميت منهم كل يوم من ترى. هذا كلام إبراهيم وهو يحوى حجة قوية واضحة من شأنها أن تشير فى النفس نزوع الاتجاه إلى الحق؛ لآنها تشير مع ذلك إلى حقيقة الحياة وهى أنها إلى فناء» فلا يصح أن يغر الشخص بها الغرور ولا يذهب به الطغيان إلى إنكار ربوبية الخالق . قال أنَا أحبي وأميت »4 هذا جواب الملك الذى سيطر الهوى عليه فأضله وسيطر الطاغوت على نفسه فحمل شعبه على الإذعان لطفيانه وضلاله: ومنعهم من أن يصل النور إلى قلوبهم وحاجز بينهم وبين كل دعوة إلى الحق والنور» وبذلك كان من يدعون إلى الظلمات كما ذكر فى الآية السابقة © والّذينَ كفروا أولياؤهم الطّاغوت يخرجوتهم من الثُور إِلَى الظُلمَات 4 . .و تفسيرسورة البقرة لج لل أجاب ذلك الملك بنقض الاختصاص الذى ذكره خليل الله لرب العالمين» وهو أنه وحده الذى يحيى ويميت» فقال ذلك الضال: أنا أحيى وأميت أيضاء ومرمى قوله أنه إذا كان ربك يا إبراهيم يحبى ويميت واستحق الربوبية لذلك» فأنا أيضا أحبى وأميت فأستحق هذه الربوبية» ويقصد بالإحياء كما يقول العلماء العفو عمن حكم عليه بالإعدام وبالإماتة وقتل من شاء قتله هذا ما قاله العلماء. ولو أن لى أن أقول كلامًا آخر لقلت إن ذلك الطاغوت يقصد بالإحياء الاستيلاد والاستنيات ونحو ذلك مما يفعله الإنسان ويتخذه سببا عاديا من أسباب ظهور الحى بحياته؛ وبالإماته القضاء على الحى بالقتل أو القطع أو الاستتصال ونحو ذلك مما يجوز أن تسند فيه أسباب الحياة إلى الإنسان وأسباب الإماتة إليه» وهذا بلا شك غير ما قصده الخليل عليه السلام؛ لأن ما قصده هو خلق الحياة وخلق الموت» وذلك ما لا يستطيعه إلا رب العالمين تعالى الله علوا كبيرا. وكان الخليل يستطيع أن يبين له تلك الحقيقة ويحرر موضع القول ولكن ذلك قد يجر إلى مراء فاختار طريقًا آخر أجدى وأردع وأقوى وأشد إفحامًا؛ قال له ما حكاه رب العالمين فى قوله: قل رام فا هبأي بالشنس من سر فات به من لغرب 4 لد ادعى الطاغية أنه شريك الله سبحانه وتعالى. والشركة تقتضى المساواة فى القدرة والسلطان والخلق والتكوين ولا تبدو تلك المساواة إلا إذا كان أحد المتساويين عنده قدرة على مقاومة إرادة الآخر وبسط سلطانه حيث بسط هو سلطانه» والله سبحانه يأتى بالشمس من المشرق» أى الجهة التى تشرق منها فعلى المدعى أن يعاند هذا النظام المسيطر الذى يدعى ربوبيته عليه» بأن يأتى بالشمس من جهة الغروب» ويعكس الفلك الدوار. ش والفاء فى قوله تعالى: ظفَإِنَ الله يأتي 4 هى فاء الإفصاح التى تفصح عن شرط مقدر وتقدير القول: إذا كنت تدعى الآلوهية أو الربوبية فأظهر أمارات قدرتك وسلطانك على الكون بأن تأتى بالشمس من جهة غروبها الآن بدل أن تخرج من جهة شروقهاء والمعنى أن ذلك الكون قد خلق على نظام محكم وأحكم تنسيقه بنظم ل تفسير سورة البقرة ل الل الل كم ها > ا قدرها منشئه وأمارة قدرتك أن تغير هذه النظم فافعل إن كنت قديراء فليست القدرة فى أن تدعى إنشاء نظام وجد قبل أن توجد أنت وأشباهك من الطغاة» إنما القدرة تكون فى تغييره فافعل هذا التغيير وما كان ذلك فى قدرته لأنه ضال مضل؛ ولذا حكى الله سبحانه وتعالى حاله فى قوله: «فبهت الذي كفر# أى تحير واضطرب ولم يجد جوابًا ولم يستطع أن يتكلم قليلا أو كثيرا. وقد عبر عنه بقوله: « الذي كفر» للإشارة إلى أن سبب الحيرة هو كفره» إذ لو كان طالب هداية لكانت الحجة القاطعة الملزمة هادية بدل أن تكون محيرة ولكنه صمم على الكفر وأصر عليه؛ فكانت نفسه حائرة بين حق ظهرت بيناته وباطل قد عض عليه بالنواجذء وكذلك شأن كل من أضله الله على علم. «( واللّهُ لا يهُدي الْقَوْمْ الظَالمِينَ # ختم الله سبحانه وتعالى الآية بهذه الجملة السامية وهى تدل على ثلاثة أمور: أولها: إن الذين يعاندون الحق ظالمون دائمًا: يظلمون أنفسهم لأنهم يسدون منافذ النور فلا يصل إلى قلوبهمء ويظلمون أقوامهم لأنهم يحملونهم على الضلال» ويظلمون الحق لأنهم يحاربونه . ثانيها: إن ظلمهم يسبق كامل ضلالهم؛ ذلك لأن الشهوات تتحكم فيهم فتدفعهم إلى طلب ما ليس لهم ثم يستهويهم الشيطان بالطمع بعد المطمع» فيتجاوزون الحدود ويطغون ثم يكون الضلال الكامل الذى تطمس فيه البصيرة فتغلف القلوب عن الحق وتقسو فلا تلين. الثها: إن الظلم إذا استحكم فى النفس أصبحت كل البراهين لا تجدى بل تزيده عنادًا وإصرارًا؛ ولذلك لم يكتب الله الهداية لمن استمرأ الظلم آحادا أو جماعات والله ولى المتقين . ولقد كان احتجاج إبراهيم عليه السلام على الطاغية الذى يدعى الربوبية بأن الله هو الذى يحيئ ويميت» فتجاهل الطاغية معنى الحياة والموت» وحرف الكلم عن مواضعه فلوى خليل الله عنقه حتى أراه عجره وقدرة الله على نحو ما ذكر سبحائه : « فبهت الذي كفر» . 6 بهل تفسيرسورة البقرة لو لالا600ااالااااللل لحر أ إن الأمر الذى يحير العقول التى لا تربط بين بدء الحياة وانتهائها هو أمر الحياة بعد الموت» وقد ذكر سيحانه ما يزيل أسباب الحيرة أولا بأن الله سبحانه هو الذى يحيى ويميت» وأن ذلك من أوصاف الربوبية التى اختصت بها الذات العلية» وأزال الريب ثانيا ببيان ما كان منه سبحانه للذين أرادوا أن يروا بالحس الحياة بعد الموت والإعادة بعد الفناء فذكر سبحانه وتعالى قصتين تكشنفان عن القدرة الإلهية فى الإعادة والإبقاء كما هى قادرة على الإنشاء الأولى: قصة القرية التى موت على عروشها وتعجب من رآها من إعادتها وسأل متعجبا أَنَّى يحيى هذه الله بعد موتهاء والثانية: قصة إبراهيم عليه السلام وقد سأل ربه أن يريه كيف يحيى الموتى . أما القصة الأولى فقد قال سبحانه: لأ الذي مر على قري وه حَاوَة على عَرُوشها قال أ يُمِْي هده الله بد موتها 4 هذه الآية مرتبطة بالسياق والعطف بالآية قبلهاء والعطف فى المعنى واللفظ أو فى المعنى فقطء ونسق القول هكذا: ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك» أو ألم تر كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها والكاف هنا بمعنى مثل فا معنى : أو لم تر مثل هذا الذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها؟ ولأن القصة الأولى قصة نبى معلوم من أولى العزم من الرسل مع ملك طاغية فى زمانه لم يعبر بالكاف» أما هذه فلأن الشخص غير معلوم والمكان غير معلوم والقرية غير معلومة ذكر سبحانه الكاف فقال: ظ كالّذي مر على قَريةٍ وهي حَاوِيَةَ على عروشها 4 لأنه إذا لم يعلم الشخص ولا الزمان ولا المكان كان المقصود العبرة وبيان الحال والشأن فناسب ذلك التعبير بالكاف التى هى بمعنى مثل وإن كانت القصة لها حقيقة واقعة كما ذكر سبحانه وهو العليم الحكيم. والقرية المدينة من القَرى بمعنى الجمع؛ لأنها الجامعة لأشتات الناس وأصنافهم. ومعنى خاوية على عروشهاء أى سقطت جدرانها على سقوفها؛ لأن العرش معناه السقف» والتعبير ب #حَاوية علّى عروشها» كناية عن خرابها وذهاب عمرانها وفناء أهلهاء وأنه لم تعد لهم من باقية وقد خرجوا من هذه الدنيا الفانية . ها تفسير سورة البقرة سس 0 دده < 7 وجد ذلك الذى مر على هذه القرية العظيمة الخراب قد خيم عليها وذهب كل ما فيها ومن فيها من الأحياء وبقيت الرسوم والآثار تعلن عمن عفت عليه الديار فهاله الأمر وتذكر الفناء وما بعد هذه الدنياء ثم انبعث إيمانه باليوم الآخرء ولكن كان بين حقيقتين ثابتتين: إيمان صادق باليوم الآخر والبعث والنشور وذلك الفناء المحسوس الذى تحللت فيه أجزاء الإنسان فقال: لإ أَنْ يحي هذه الله بعد مُوتها 4 أى كيف يحى هذه القرية التى فنيت وخربت بعد موتها و«(أنى» تكون بمعنى (من أين»»2 وتكون بمعنى «كيف), وهى هنا بمعنى ١كيف).‏ ويلاحظ أن التساؤل عن كيفية الإعادة لا عن أصل الإعادة فهو مؤمن بها صادق الإيمان لكنه مأسور بالحس والعيان وكأن سلطان الحس هو الذى دفعه إلى ذلك التساؤل. وفى العبارة ما يدل على ذلك فالتعبير بالإشارة «هذه) فيه إشارة إلى تلك الحال الحسية الثابتة التى استولت على حسه وهى تلك القرية الخربة. وقد قدمها على لفظ الجلالة فقال: طأَنَئْ يحبي هذه الله بعد مَوتها © لأن السبب فى التساؤل تلك الحال الحسية التى هو عليها. 070 1 وموت القرية هو موت السكان فهو من قبيل إطلاق المحل وإرادة الحال» وكذلك الحياة فليست الحياة هى حياةة البناء والجدران؛ لأنه لا حياة لهما إنما الإحياء يكون لمن كانوا يسكنون البناء والحدران» سأل ذلك المار عن كيفية الإحياء وهو سر القدرة الإلهية لا يعلمه أحد من عباده ولكن يرون آثاره» ولقد أجاب سبحانه ذلك السائل عن الكيفية بالحال العملية. سبحانه وتعالى ذلك السائل عن الكيفية واستمر ميتا مائة عام ثم بعئه أى أثاره بالحياة لقال كم لبغت» أى مكثت فى هذه الحال» والقائل هاتف نفسى أو ملك ناداه أو قاله الله سبحانه وحيا إذا كان ذلك السائل نبياء» والأقرب إلى خاطرى هو أن يكون المتكلم عن الله إما ملك من السماء أو وحى أوحاه الله رب العالمين إليه. سأله كم مدة من الزمان مكثتها؟ فأجاب بإحساسه الذى أحسه وهو أنه ظن أنه كان نائما قد !!!ااال الل نالل !للا للاخ لامعالل اناالا لل لال لاطا لل ممم مالالا لاملا لمخم سمللا اا 0 استيقظ من نوم طويل ١‏ لبقت يوما 4 أى مكثت فى نومى هذا يوما ولكنه رأى الشمس لم تغب فقال: أو بعض يوم» هذا مظهر حسى قد تصور فيه الشخص الذى أماته الله أنه كان نائمًا ثم استيقظء وفى ذلك تصوير للإنسان بأن الموت يشبه النوم والبعث يشبه اليقظة بعد النوم» ولقد قال النبى وَليَِةِ ففى جمع قريش عندما دعاهم دعوة الحق: «والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون.ء وإنها للجنة أبدا أو للنار أبدا)7' . «قَال لبمْت يوما أو بعض يوم قال بل لبقت مائة عام قانظر إلى طعامك وشرابك لم يَسنهُ وَانظرٌ إِلَى حمّارِك 4 أجابه الله سبحانه وتعالى بهاتف نفسى وجه نظره إلى ما حوله. أو بملك أرسله أو بوحى أوحى به إليه على ما بينا فى الجملة السامية السابقة. أثبت سبحانه وتعالى أنه لبث مائة عام ووجه نظره إلى آيتين تثبتان قدرة الله تعالى: إحداهما: إنه لم يتغير الطعام والشراب بل بقى كما هو على مر السنين وهذا معنى قوله تعالى: 9 لم يتسنّه »4 وكان الضمير للواحد مع أنهما طعام وشراب؛ لأنهما فى معناهما ومقصدهما الحاجة منهما شىء واحد. الآية الثانية: الحمار وكيف بلى وتحلل وتفتت ولم يبق منه شىءء وهذا يدل على مسر السنين وكر الأعوام. ويتجه بعض المفسرين إلى أن الحمار كان قائما كالطعام والشراب وأنه لم يتغير» ويؤيدون اتجاههم بأن السياق يدل على ذلك لأنه معطوف على الطعام والشراب» والفعل محذوف فى المعطوف لدلالة المعطوف عليه. ويرى بعضهم أن المراد انظر إلى حمارك وقد صار عظاما بالية ثم رد إليه سبحانه وتعالى الحمياة وقد اتخذوا من قوله بعد ذلك: 8 وانظر إِلَى الْعظام كيف تنشزها ثم نَكْسوها لَحَما 4 قرينة على ذلك. وعندى أن الأقرب هو التخريج الأول؛ ولذلك أمر سبحانه وتعالى بالنظر إلى الطعام والشراب وحدهما ثم أمر بالنظر إلى الحماز وحده فكان هذا يشعر بالتقابل و4 تاريخ ابن عساكر ج1 ص 756 اا تفسير سورة البقرة اا اه لسرب ا وهو يومىء إلى تغاير بينهما: فهذا بلى» وهذان بقيا على حالهماء وكان بقاؤهما دليلا على قدرة العلى القدير» وتغييره أمارة على مرور السنين. وهنا ببحث لغوى فى قوله تعالى: 8 يتسئّه 4 فإما أن نقول أنه من السنة كقولهم: سانهت وسانيت فمعنى «إلم يتسنه 4 لم يتغير بمرور السنين وذلك من سنهت النخلة وتسنهت إذا أتت عليها السنون وغيرتهاء وإما أن نقول إنها من أسن الماء أى تغير. وقيل أصلها «لم يتسئن» وقلبت النون هاء ولكن على معنى يتغير والأولى أولى بالقبول وأقرب فى المعنى والاشتقاق. «( ولنجعلك آي للدّاسِ ) والمعنى : فعلنا ما فعلنا لتدرك قدرة الله سبحانه وتعالى كما رأيت ولنجعلك آية» أى معجزة معلنة قدرة الله سبحانه وتعالى للناس لكى يؤمن بالبعث والنشور من لايؤمن ولكى يدرك عظمة الله فى الخلق والتكوين من لم يدركها وعلى ذلك فالواو فى قوله تعالى: 8 ولنجعلك » للعطف على نتائج الكلام السامى الذى سبقها؛ لأن نتيجته أن تطمئن وتدرك ولنجعلك ... إلخ. ووجه كونه آية للناس أن الناس تناقلوه فيما بينهم وأن أحفاده يذكرون أنه مات وانتهى فإن وجدوه حيا وأعلمهم بما كان له وما أصابه من موت ثم حياة» ولابد أن من أسرته ومن ذريته من يذكر غيبته وأنه عاد وأنه حيى بعد وفاة وبعث بعد موت - كان ذلك آية البعث وعلامته الحسية ودلالته القاهرة لمن عنده قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وبعد أن ذكر سبحانه تلك الآية الدالة على كمال قدرته وجه الأذهان إلى ما فى أصل الخلق من دلالة على قدرة الله سبحانه وتعالى على الإعادة كما هو قادر على الإنشاءء وأن الإنشاء نفسه دليل القدرة على الإعادة « كما بدأكم تعودون +02 # [الأعراف] وأنه لو تنبه الإنسان لأصل خلقه لأدرك عظيم القدرة» فقال سبحانه مخاطبا ذلك الذى أحياه بعد موت: ف( وانظر إلى العظام كيف تُنشزها ثم تكسوها لَحَمَا4 أى انظر إلى العظام كيف ننشزها أى نركب بعضها فى بعض بعد أن نوجدهاء فالإنشاز الإنشاء للعظام الل اا60ا0 ااال سب ب 3 وتركيبها. وقرئ (كيف ننشرها) أى نحييها ونوجدها فالمعنى : التفت إلى تكوين الله سبحانه وتعالى للإنسان والحيوان كيف ينشئ العظم أولا ويوجده ويركبه بعضه فوق بعض» حتى إذا تكونت العظام خلق سبحانه اللحم وتكون حول العظام كأنه الكسوة تكسوها فهذا كقوله تعالى: ف ولد حَلَقنا الإنسان من سلالة من طين +427 ثم جعلناه نطفة في قرار مُكين +(52> ثم حلفا الطْفَة لَه فلن الْعلقة مضعَة فَحَلَقنَا المضغة عظاما َكَسَونَا العظام لَحما ثم أنشأنتاه حَلْقَا آحَرَ شَبَارَكَ الله أَحسن الْحَالقين 4 [المؤمنود ]. ولقد أنتجت تلك البينات نتيجتها الحسية فحكى الله سبحانه ذلك عنه فقال: ط فَلَمَا تبي لَه َال أَعلّم أن الله على كل شيء قير أى لم تبين له بالأدلة الحسية المادية القاطعة لكل جدل قال: «أعلم» أى استيقن وأومن وأعتقد «أن الله على كل شىء قدير». ويدخل فى ذلك العموم البعث والنشور وإنشاء الحياة وإعادتهاء ولكن إذا كان ذلك المار المتنحدث عنه من الأنبياء كيف يقال عنه أنه تبين بعد تلك الإعادة الحسية وأنه علم علما مقترنا بها ؟ إذ معنى ذلك أنه لم يكن عالما بذلك قبلها ونقول فى ذلك: إنه إذا لم يكن نبيا فلا مورد للاعتراض ولا داعى للجواب» ولكن إن كان نبيا فللاعتراض مورد وللإجابة موضع فنقول: إن العلم درجات واليقين درجات فالعلم المبنى على الأدلة العقلية وعلى الإذعان المطلق للحق ببيان من لا يتطرق الظن إلى قوله هو نوع من العلم القاطع الجازم وهو مهما تكن درجته من القوة والإيمان والإذعان دون العلم المبنى على التجربة والحس والعيان» فذلك العلم المبنى على التجربة والحس هو العلم الجديد الذى علمه ذلك النبى والذى كان نتيجة لذلك التبيين الحسى الذى لم يعتمد على التفكير المجرد بل اعتمد مع ذلك على قوة الهس والتجربة فالتقى للعلم سببان: سبب مشتق من التفكير والإيمان والتصديق» وسبب آخر مشتق من التجربة والعيان. هذه هى القصة الأولى التى تؤكد بالحس الإيمان بالحياة بعد الموت وبالبعث والنشور. أما القصة الثانية التى تؤكد هذا فهى قصة سيدنا إبراهيم خليل الله فقد قال تعالى: وض تفسير سورة البقرة سس سس رب أ ف وذ قَالَ إبراهيم رب أرني كيف تحبي الموتئ قال ألم تؤمن قَال بلَئ ولكن ليطمئن قَلبِي # هذه مجاوبة بين رب العالمين وخليله إبراهيم. لقد كان إبراهيم قاننًا لله حنينًا وكان غواصًا طالبًا للمعرفة يتأمل فى كل شىء ويتقصى بفكره باحثًا وراء الحقيقة طالبا لهاء قال لربه الذى اتخذه له خليلا: 8 رب أرني كيف تحبي الموتئ 4 نادى ربه ذلك النداء» فيشير بأنه مقر بأنه خالقه ومربيه والقائم على أمره» وطلبه هو طلب الكيفية» فهو مقر بالأصل مذعن له خاضع كل الخضوع لحكمه مؤمن بالبعث والنشورء وأن الله سبحانه هو الذى يحيى ويميت» وأنه القاهر فوق عباده» ولكنه يريد أن يعلم بالحس كما علم بالقول الحق وبالعيان كما علم بالبرهان. قال إبراهيم ذلك» فقال له ربه مشيرا إلى أن الغاية هى الإيمان 8 أُوَلّم تؤمن 4 أى: أتقول ذلك وتطلبه وأنت لم تؤمن؟ فإن كنت مؤمنا فإن ذلك غاية المطلوب وإن لم تكن فليس وراء ما علمت من حجة» وإن فيه الدليل القاطع والبرهان الساطعء فأجاب إبراهيم ربه: قال بلئ ولكن ليطمئن قلبي 4 «بلى) أى آمنت؛ فهى نفى لما بعد الهمزة» ونفى عدم الإيمان إثبات للإيمان؛ لآن نفى النفى إثبات كما يقول العلماء»؛ وإذا كان إبراهيم مؤمنا فلماذا طلب ما طلب؟ فقد قال مستدركا: 9 لَيطمئن قَلْبِي 4 والاطمئنان السكون والقرار فهل كان إبراهيم غير مطمئن وفى اضطراب حتى رأى وعاين؟ إن الاضطراب ينافى الإيمان والشك ينافى اليقين» وقد قرر أنه مؤمن فلا اضطراب» إنما كانت حيرة إبراهيم فى الكيفية لا فى أصل القضية؛ لأن إبراهيم كما قلنا كان غواصا متأملا يتطلع لتعرف كل شىء» فحمل نفسه بسبب ذلك عناء البحث عن الكيفية» فكان فى حاجة إلى ما يذهب حيرته فى هذه الكيفية» فطلب ما طلب ليطمئن عقله الحائر الذى تجاوز منطقة الإيمان بالأصل إلى محاولة معرفة كيفية الإعادة وهى فوق القدرة العقلية البشرية. ولقد قال بعض العلماء إن الاطمئنان الذى طلبه إبراهيم عليه السلام هو الاستدلال بالعيان بعد الاستدلال بالبرهان» فإن الحس يحمل الإنسان على الإذعان أكثر مما يحمل الدليل العقلى» وهذا رأى حسن فى جملته ولكن ما سقناه أولا أقوى فى نظرنا وأحكم . هذا طلب إبراهيم عليه السلام» ولقد كان جواب ربه هو ما كان بقوله تعالى: 1 ا 000100 جل بطر ىر ب «قال فخذ أَربِعة من الير فصرهن إِلَيك» أى إذا كنت مُصرا على طلبك فخذ أربعة من الطير . فالفاء هنا فاء الإفصاح التى تفصح عن شرط مقدر. ومعنى فصرهن إِلَيِك 4 أى فضمهن إليكء أو أملهن أو حوّلهن إليك؛ والضمير يعود على الطير؛ لأن كلمة الطير فى معناه جمع لا لا يعقل» وجمع ما لا يعقل يصح عود الضمير عليه بصيغة ضمير جماعة الإناث» وقد كانت عودة الضمير بتلك الصيغة دالة على معنى الجماعة وعموم ضم الطير واحدة واحدة» وإنما كانت الطير موضع تجربة لأنها لا تستأنس بالإنسان وتطير عند مجرد رؤيته» فتحويلهن إليه بيسر لا يكون إلا بتأليف من الله العلى الخبير. وأن تحويل الطير إليه لتجرى تلك التجربة الربانية» وهى أن يجعل على كل جبل منهن جزءا ثم يدعوهن يأتين إبراهيم سعيًا؛ ولذا قال سبحانه: نم َل على كل بل مهن جما هم عه يتك سعيًا 4 أمر الله إبراهيم بن يجعل أى يضع على كل جبل أى كل جزء مرتفع من الأرض جزءا وأن يدعوهن بعد ذلك يأتينه سعيا. وجمهور المفسرين يقول فى تفسير هذه الجملة السامية: أن الله سبحانه وتعالى أمر إبراهيم خليله أن يجرى هذه التجربة» بأن يذبح تلك الطيور ويقطع أجزاءها ويضع على كل مرتفع من الأرض جزءا من تلك الآشلاء المتقطعة». ثم يدعوها فتكون طيراً بإذن الله ويجىء إليه سعيّاء وعلى هذا النحو يكون ذلك العمل الحسى تقريبًا لمعنى الإحياء وإن لم يكن بيانا كاملا للكيفية؛ لأن الكيفية عند الله العليم الخبير علمهاء ويكون ذلك إظهارا للإحياء بمظهر حسى وإن لم يكن فيه بيان الكيفية . هذا نظر جمهور المفسرين» ولقد قال أبو مسلم الأصفهانى إن الآية ليس فيها فيها أنه حولها إليه ووضع جزعا على كل مرتفع من الأرض » وعلى هذا يكون المعنى أن إبراهيم عليه السلام طلب منه رب البرية أن يحول جمعا من الطير إليه اا تفسير سورة البقرة 0 رب لز ويجعل على كل مرتفع من الأرض طائفة من هذا الطير ثم يدعو هذه الطوائف يأتينه سعياء وفى هذا توجيه لإبراهيم عليه السلام إلى أن الله سبحانه وتعالى يؤلف كل شىء ولو كان متنافرا ويجمع كل جزء ولو كان بعيداء كما دعوت الطير التى لا تجيب إنسانا وتنفر منه فآجابتك بقدرة العلى الحكيم الذى يؤلف بين المتنافرات» فإن كان ثمة استغراب من أن الحياة تقتضى أن يجمع الله سبحانه وتعالى أجزاء متنائرة قد تحللت وتجزأت إلى أجزاء بل جزيئات» فها أنت ذا ترى تلك النفرة التى بين الإنسان والطير تزول» تدعوها فتستجيب وهى من شأنها النفورء وكذلك يؤلف الله بين الأجزاء المتناثرة» فيجعل منها ذلك الحى الذى كان من قبل ثم إن فى تلك التجربة تصويرً دقيفّاء وهو أن إعادة الله تعالى للأشياء لا تكون إلا بقوله تعالى كن فيكون» كما يقول خليل الله إبراهيم للطير وقد تفرقت: أقبلى قبل . هذان هما التفسيران للآية» ونرى أن رأى الجمهور يتجه إلى تحقيق معجزة تجرى على يد إبراهيم عليه السلام وهى إحياء الموتى بالحس المعاين وإن لم تعلم الكيفية» كما جرى بالحس المعاين إماتة الرجل مائة عام ثم إحياؤه» ويكون من مقتضى التناسق بين الآيتين أن تكون فى هذه الآية معجزة الإحياء بعد تقطيع الأجزاءء فالمقام كله يتجه بنا إلى الإعجاز بإحياء الميت بمرأى العين» وتكون العبرة فى القصة هى أنه يريه الحقيقة واضحة جلية» ورؤيتها تغنى عن البحث فى كيفيتها وإنا نميل لهذا الرأى. أما رأى أبي مسلم فهو مبنى على الألفاظ من غير أن يرمى بنظره قليلا إلى الآية التى سبقت ذلك من الإماتة مائة عام ثم الإحياء بعد ذلك» وهو نظر إلى أن الكيفية لا يمكن أن تعلم للإنسان» وَإِنما أقصى ما يعلمه هو أثر القدرة لا كيفيتها وأنه صور للإنسان الإعادة بقوله سبحانه وتعالى: 9 كن فَيَكُون +79 4 [ البقرة] وأنها تكون كقول إبراهيم للطير: أقبلن أيها النافرات فيقبلن. وقد ذيل سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالت كلماته: 8 واعلم أن اللّه عزيز حكيم 4 وكان ذلك التذييل الكريم للدلالة على ثلاثة أمور: ا تفسيرسورة البقرة ١‏ لولاا الللا0ل060االللر للك أ سرب> زد أولها: إن العزة لله وحده فلا يركن إليه مؤمن إلا عر ولا يبعد عنه أحد إلا ذل» فمن اعتز بغير الله فهو الذليل» ومن آوى إلى فضل الله فقد آوى إلى ركن شديد. وأن مناسبة هذا للآيات السابقة كلها واضحة؛ لأن إبراهيم كان يغالب طاغية جبار عاتيا قد استهان بالناس جميعا كما دلت عليه الآية الأولى: « ألم تر إلى الذي حَاجّ إنراهيم في ربّه أن آثَاهُ اللَّهُ املك إِذْ َال إبراهيم ربَي الذي يُحبِي ويُميت قال أنَا أحبي وَأميت 4 فالله العلى القدير يدعو خليله أن يتقدم لدعوة ذلك الجبار معتزا بالله فلا عزة إلا من الله» والله غالب على النمرود ومن هو أكبر من النمرود. وثانيها: الإشعار بأن الله سبحانه وتعالى خالق كل شىء وعزته هى عزة القادر الغالب» لا عزة الضعيف العاجز. وثالثها: إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق بحكمته وبعث الرسل يدعون إلى عبادته وحده وهو الذى قدر الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وكل ذلك من مقتضى الحكمة الإلهية التى لا تصل العقول إلى العلم بها؛ لأنها لا تعلم من الكون إلا مظاهره وأشكاله وألوانه» ولا تعلم شيئًا عن كيفيته وأسراره» إن ذلك كله عند علام الغيوب» وفوق كل ذى علم عليم. 02200 . وآ هه سر 7 حت َّ 5 مَكَلَأأَذِينَ يَنْفِفَونَ أَمَوَالَهُمْ في سبي لال د سرس عه رص رسال تر لت م سايز نش يو لوهذ لمن ك2 و ووس عي 2 2 27 لذن ين : ينَففون أموا ف سي لاونم بيعو مقو مارك أل 0 الي ل وو 01-8 ا 2 حَوَ د عَلَيهِمْ وَلَاهمْ يَحرووْتَ 22 0000 و سس جح سك سرج وري ١‏ سس سه ب سس حرس سرصم قول معروف ومغغيفرة حي رمن صدّقَة يتبعها ها تفسير سورة البمرة باللا 0 أذّى وَاشَهْعَنّ حليم 7 0 صقني لمن وَالدَىكَالَدِى يُنَفِقٌ و 0 لاسو سل الور سابال كد صا َاِفْدُوسَعَل مَكَاصِكَّ و لابه دَى الْعَوم الكم رن 2 المؤمن الحق يشعر أن الحق يتقاضاه دائمًا الجهاد لأجله» والسعى فى سبيل رفعته؛ لأنه منذ أن أخرج إبليس وآدم وحواء من جنة الله» والعداوة مستحكمة بين الحق والباطل» وإبليس يغوى الأشرارء والله سبحانه يهدى المؤمنين إلى الحق» ويوفقهم لنصرته. وإن الجهاد فى سبيل الحق له ميادين ثلاثة: أولها: الإقناع بالحجة والبرهان» كما قال سبحانه وتعالى لنبيه محمد كلو ادع إل سبيل رَبك باْحكمة والْموْعظة الْحَسَة وَجَادلْهم بالّتي هي أحسن . ٠.‏ مز 4 [النحل] وإن ذلك الجدال مع أهل الشر الذين مردت نفوسهم على النفاق والمغالبة بالباطل ليس أمرا سهلا يسيرً» بل هو أمر الأمور؛ لأن التقاء العقل الذى أناره نور الحق بالعقل الذى طمس الله على بصيرته ليس من الأمور التى يستطيعها كل العقلاء . والميدان الثانى من ميادين الجهاد: الجهاد المسلح» بمنع اعتداء الباطل» وخضد شوكته وفَلّ حدته» وحمله على الجادة» ومنع أهله من أن يفتنوا الناس فى دينهم؛ وإن ذلك أظهر ميادين الجهادء وهو باب من أبواب الجنة . والميدان الثالث من ميادين الجهاد: البر وإعطاء المال» وبذله مع طيبة النفس ببذله وعطائه؛ وإذا كان المال قد سمى النفيس؛ فلأنه قطعة من نفس من يبذله» وإن بذل المال هو الذى يقوى وحلة المؤمنين؛ لأنه من التعاون بين الفقير والغنى» ها تفسير سورة البقرة 11117700000000 1 00 1 #00*7*7*#**##ظ2غ2 4 والتعاون جماع كل القوى. وفوق ذلك فإن إمداد الجند بالمال» إنما هو إمداد بذخيرة القتال» وعدة النزال. والمال فى الحروب من عصبهاء كما هو عصب كل إصلاح فى الآأمة. وقد ذكر سبحانه وتعالى قصص القتال بين الحق والباطل» وكيف ينتصر الحق مع الإيمان به وقلة العدد والعدد. وينهزم الباطل مع كثرة العدد؛ وذكر عمل المرسلين» وتبليغهم رسالات ربهم؛ وذكر من ذلك مجادلة إبراهيم خليله لطاغية من طغاة الدنيا. وفى هذه الآية الكريمة يذكر سبحانه ميدان الجهاد الثالث» وهو ميدان الصدقة غير الممنونة ولا الممنوعة؛ ولقد روى أن هذه الآيات نزلت فى صدقة عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان فى الجهاد فى سبيل الله عند غزوة تبوك؛ وذلك أن رسول الله يَلِْةِ للا حث الناس حين أراد الخروج إلى غزوة تبوك. جاء عبد الرحمن بأربعة ]لاف درهم فقال: يا رسول الله كانت لى ثمانية آلاف. فأمسكت لنفسى ولعيالى أربعة آلاف» وأربعة آلاف أقرضتها لربى؛ فقال رسول الله يَكِِ: «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت)22 , وقال عثمان: يا رسول الله علي جهاز من لا جهاز . له. ولقد قال عبد الرحمن بن سمرة: جاء عشمان بألف دينار فى جيش العسرة فصبها فى حجر رسول اللدوَِة!''. ولقد قال أبو سعيد الخدرى: رأيت النبى َل رافعها يديه يدعو لعشمان يقول: «يارب! عشمان» رضيت عن عثمان فارض 20 )١(‏ رواه البزار عن أبى هريرة»؛ وكذلك أخرجه عبد بن حميد» وأخرجه ابن أبى حاتم والطبرى وابن مزدويه» وذكره ابن إسحاق فى المغازى بغير إسناد. راجع: فتح البارى 2777/4 ومجمع الزوائد /ا/ 275 وكنز العمال 05770 , () رواه الترمذى : مناقب عثمان (575” . () رواه أبو نعيم وابن عساكر عن أبى سعيد الخدرى يلفظ: «اللهم قد رضيت عن عثمان فارزض عنه» قالها ثلاثاء وكذا رواه ابن عساكر عن عائشة رضى الله عنها. [جامع الأحاديث - السيوطى (17786)]. لم تفسير سورة البقرة سك لسرب أ وفى الحق إن هذه الآية تشمل صدقة عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف فى معناها؛ لأنه يتحقق فى تلك الصدقة السخية كل أوصاف الصدقة التى يتقبلها رب العالين فرضى الله عن الصحابة أجمدين . . مَانَة 4 الحم اسم لكل ما بورع ابن آدم ويكون مه قوت وأكتر ما تكون فى لبر وسنابل جمع سنبلة» وهى وزن فنعلة من السبل» ويقال أسبل الزرع إذا صار فيه السنبل» أى استرسل بالسنبل كما يسترسل الستر بالإسبال» وقيل معناه صار فيه حب مستور كما يستر بإرسال الستر عليه. وسبيل اللهء هى سبيل النفع العام» والجهاد فى سبيل الله وإعطاء السائل والمحروم أو بعبارة عامة: الإنفاق فى سبيل كل خيرء لايقصد بالإنفاق فيه كل وجوه البر والنفع» ولكن إذا اجتمعت مع أبواب البر الأخرىء كان المقصود بها الإنفاق فى الجهاد فى سبيل الله. وهو الإنفاق على المحاريين والغزاة وإعداد العدة» كما هو فى آية الصدقات فى التوبة: © إِنَما الصدقَات للفقرَاء والمساكين والعاملين عليها وَالْمؤلّقة قُنُوبْهُم وفي الرقَاب وَالَْارِمينَ وفي سبيل الله وابن السَبيل .. . 22 4 [التوبة]؛ ولذلك كان الغالب على هذا اللفظ أن يكون الإنفاق فى سبيل الجهاد.» وكل ما يعد القوة المدافعة عن الأمة. وقد شبه سبحانه حال الذين ينفقون فى سبيل الله بحال حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة» وقد ذكر الزمخشرى وغيره من المفسرين: أن التشبيه ليس بين الذين ينفقون والحبة» بل بين الصدقة نفسها والحبة؛ فالكلام فيه مضاف محذوف مقدر فى القول» وتقديره: مثل صدقة الذين ينفقون فى سبيل الله: . فقد شبه سبحانه الصدقة التى تنة تنفق فى سبيل الله بحبة تلقى فى الأرض فتخرج عودا مستويًا قائمًا تتعلق به سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة» أى أنه يتولد عن هذه الحبة التى باركها خالق الحب والنوى سبعمائة حبة» وإسناد الإنبات إليها من حيث اتصاله بهاء وأن تلك الحبات هى نماء متولد عنهاء» وفى الحقيقة إن المنبت هو الله سبحانه وتعالى . تفسيرسورة البقهرة اجر ال 14121 [ز[ز1ز1[ز3 131 ز زذ<ز1ز1ز1ز231ز3213 1 1 1 ز1 [ [ ل ل ل 1 3# لح زا والمفسرون جميعًا مجمعون على أن النفقة فى سبيل الله تنتج سبعمائة مثل لها؛ لأن صاحبها يكافئه الله تعالى عليها بتلك المكافأة السخية» وهو سبحانه وتعالى المعطى الوهاب» وإن ذلك وجه صحيح بلا شك» ويزكيه قوله تعالى بعد ذلك: 8 واللّه يضاعف لمن يشاء # فإنه فى ظاهره يدل على عطاء الله بالثواب على الحسنة بعشر أمثالهاء وعلى الصدقة بسبعمائة مثل؛ فلا حد لفضله وعطائه سيحانه. ولكن يصح مع ذلك أن نقول: إن الصدقة فى سبيل الله تنتج سبعمائة مثل لهاء لا من حيث الثواب الذى يناله المنفق من يملك الثواب فقطء بل من حيث النتائج التى تنتج عنها؛ فإن نتائج الإنفاق فى سبيل الله عظيمة تعود على الأمة بسبعمائة مثل لهذه الصدقة أو تزيد» فإن الإنفاق فى سبيل الحرب بإعداد العدة يدفع كيد الأعداء فتنجو الأمة» وفى نجاتها خير كثير هو أكثر من سبعمائة ضعف من المال الذى أنفق. ومن يعط يتيما ويدر عليه من ماله فإنه يربيه» فتكون منه قوة عاملة فى الأمة» تأتى من وجوه الخير بأضعاف ما أنفقت فى تربيته» ودفع شرا خطيراء وهو أن يكون ذلك اليتيم إن لم يتعهد بالتربية الصالحة عنصر تخريب فى الأمة. ومن ينشئ مستشفى» فإنما يدفع أدواء تعوق القدرة الإنسانية فلا تنتجء فإذا حمى هذه القدرة فقد قدم للجماعة خيرا كثير بهذا الإنتاج . وعلى ذلك نقول: إن سبعماتة الضعف ليست فقط هى الثواب الذى يثاله صاحب الصدقة» إنما هى مع ذلك النتائج الجليلة التى ترتبت على هذه الصدقة. وإنه ليزكى نظرنا هذاء إسناد الإنبات إلى الحبة» وهى التى شبهت بها الصدقة؛ لأن ذلك يدل على أن تلك الأضعاف ناء لتلك الحبة» وهى أنسب فى معنى النتائج النافعة للصدقة فى الأمة» لا مجرد النفع فقط بالثواب لصاحبها. وإن ذلك القول كله مبنى على أن التشبيه بين الصدقة فى نتائجها وبين الحبة فى ثمائها الدر الوفير؛ وأن الكلام على تقدير مضاف فى قوله: مل الْذين ينفقون 4 أى نفقة الذين ينفقونء على هذا التخريج الذى قاله كل المفسرين. ولقد خطر لى أنه لا مانع من أن يكون التشبيه ب بين المنفقين أنفسهم من حيث كونهم عنصر تفسير سورة البقرة اللا اا00االاا0ا0ا0ا0ااالللللك م يف-1 خير فى الأمة له ثمرات منتجة» وبين الحبة من حيث ذلك النماء» وعلى ذلك لا يكون ثمة حاجة إلى تقدير مضاف محذوف, بل يكون المعنى على ذلك التخريج الذى يفيده ظاهر اللفظ: إن أولئك الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله بإنفاقها فى الجهاد لإنقاذ الأمة» أو لسد حاجة المعوزين ليكونوا قوة عاملة فيها ولا يكونوا عنصر تخريب» ويعملون لحفظ القوى الإنسانية من أن تبددها الأمراض» إن هؤلاء أنفسهم مثلهم فى إنتاجهم وثمرات أعمالهم كمثل حبة نمت» فكان تماؤها أن تولد عنها عدد قد استغلظ وقام على سوقه.» فحمل سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة» وإن ذلك يكون كقوله تعالى فى وصف المؤمنين ونتائج أعمالهم؛ ؛إذ قال تعالى : ف محمد رَسُول الله والذين معه أشداء على الْكفَارٍ رحماء بينهم تراهم رَكُعا مدا يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا سيماهم في وجوههم من أَثْرٍ السجود ذلك متلهم في التوراة لهم في الإنجيل كزرع أَخْرَجَ شطأه فآْره فاستغلظ فاستوئ علَى سوقه يغجب الرَرَاعَ ليغيظ بهم الكقار .. . عرق © [الفتح ] . وعلى هذا يكون تشبيه المنفقين أنفسهم بالحبة التى تنمو فتكون مائة» هو تشبيه المؤمنين بالزرع الذى يستغلظ فيقوم على سوقه» وينبت الخير الكثير. وإن هذا خاطر خطر لى؛ وإنه يصح أن يستقيم عليه التخريج» وحتى على فرض التقدير؛ فإن حذف المقدر يومئ إليه ويشير. واللّه يضاعف لمن يشاء واللَّهُ واسع عَليم 4 هذا هو التشبيه المحكم الذى ذكره رب العالمين» وتلك تخريجاته. ولقد بين سبحانه بعد ذلك أن هذا كله من فضل الله تعالى ومن رحمتهء ونعمه التى أنعم بها على عباده؛ ولذا قال سبحانه: ف واللّه يضاعف لمن يشاء # ولهذه الجملة السامية تخريجان: أحدهما: أن تكون المضاعفة هى ذلك النماءء وهذا الثواب العظيم» يجعل الإنفاق ينتج عنه سبعمائة ضعف»ء ويجعل الحسنة الواحدة فى باب الصدقات يكون ثوابها بسبعمائة مثل» وتكون بركتها فى مال المنفق بسبعمائة مثل أيضا؛ إن هذه المضاعفات يضاعفها الله سبحانه لمن يشاء بتوفيقه لفعل الخيرء والإنفاق فى سبيل الله»ء وهو سبحانه وتعالى الفعال لما يريد. إل تفسيرسورة البقرة 2 اللا لل ىج وثانيهما: أن تكون المضاعفة التى يضاعفها ثوايًا أكثر من سبعماتة المثل وفوقهاء وثماء أوفر منهاء وعطاء أكبر. فالله سبحانه» وهو رب كل ششىء وخالق الأسباب والمسبيات يستطيع أن يعطى سبعمائة وأكثر منها لمن يشاء؛ إذ يوفقه لفعل الخير بئية خالصة وقلب نقى» فيضاعف له أضعافًا كثيرة بعد السبعماتة التى نص عليها سبحانه . ومهما يكن فإن الاتجاه واحد» وهو بيان سعة عطاء الله تعالى» وسعة نمائه» وهو الرزاق ذو القوة المتين. وقد ذيل سبحانه الآية الكريمة بقوله تعالى: ‏ واللّه واسع عليم 4 أى أنه سبحانه عطاؤه واسع» فالسعة وصف للعطاءء أو وصف لله سبحانه وتعالى باعتبار شمول قدرته» وسعة ما يدخل فى سلطان إرادته» فلا حد يحد هذه القدرة» ولا سلطان لغيره ه سبحانه يمنع شمول هذه الإرادة. وهو سبحانه عليم بعباده» عليم بالسر والجهرء وبما يجرى على الآلسنة وما تخفيه الصدورء وعليم بالأعمال؛ والنيات التى تنبعث عنها هذه الأعمال» وعليم بالأعمال ونتائجهاء وهو سبحانه بقدرته القاهرة هو الذى يرتب المسببات على الأسباب» وينشئ بحكمته العلاقة المؤثرة بينهماء فلا يؤثر السبب فى المسبب إلا بقدرته وإرادته التى تسير على مقتضى علمه الذى شمل كل شىء. وقد ذيل سبحانه الآية بهذين الوصفين للذات العلية» لكيلا يقع فى نفس قارئ وهم بالاستكثار أو الاستبعاد» فإنه لابعيد على قدرته سبحانه» ولا كثير أمام إرادته» وإن كل شىء عند الله بمقدار» وهو يدبر كل أمر بعلمه وحكمته. العزيز الحكيم» وهو بكل شىء عليم . ل الّذِينَ ينفقون أَمَوالَهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا ما ولا أذَى لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يَحَرَنُونَ 2379 » الإنفاق فى سبيل الله» سبيل النفع العام» يثمر ثمراته من الخير العميم؛ لأن العطاء المادى ينتج نتائجه من معونة فى الجهاد» وسد للثغورء ومنع للأذى» ودفع للكرب» ولكن المنفق لا يستحق ثواب الإنفاق إلا إذا كان طيب النفس فى عطائه لا يرَنّقه من ولا أذى ولا رياء؛ فالصدقة الل و حر أ تنتج آثارها فى الجماعة حتماء مهما تكن نية صاحبهاء ولكن صاحبها لا ينال أجر المنفق إلا إذا خلصت نفسه من هذه العناصر الثلاثة: المن» والأذى» والرياء؛ فإن النتائج للأعمال؛ أما الثواب فللنيات؛ كما قال يَللِيْهّ: «إنما الأعمال بالنيات» وإئما لكل امرئ ما نوى)7"" . والمن: أن يعد الإنسان إحسانه على من أحسن إليه متطاولا به عليهء مبينا له: أنها فضل ساقه إليه» غير مشكورء وإن ذلك فيه اتجهاه إلى طلب المثوبة من العبدء لا من الرب» فله ما اختار. ولقد قال الزمخشرى فى تفسيره: «صنوان مَن منح سائله ومن ومن منع نائله وضرًً) ولقد قال ككةِ: «ثلاثة لايد خلون الحنة: العاق لوالديه. والمدمن الخمرء والمنان بما أعطى)”" . والأذى: أن يصدر عنه ما يؤلم من يأخذ ولو بغير مر كأن يقول له: ألا تعمل! أو يتجهم فى وجهه عند العطاء. أو ينتقد بغير الحق الذين قاموا على المال الذى جمع لوجه عام. ويروى أن امرأة قالت لصحابى: دلنى على رجل يخرج فى سبيل الله حمّاء فإنهم إنما يخرجون يأكلون الفواكه. فإن عندى أسهمًا وجعبة» فقال: «لا بارك الله فى أسهمك وجعبتك فقد آذيتهم قبل أن تعطيهم!». ولماذا كان المن والأذى مانعين للأجر؟ لأن الأجر هو جزاء من الله» فمن تصدق يبتغى وجه الله فله ثوابه» ومن مَنَ أو آذى فقد قصد غير وجه الله فليس له أن يطلب ثوابه. ولقد قال فى ذلك ابن جرير الطبرى: (أوجب الأجر لمن كان غير مان ولامؤذ لمن أنفق عليه فى سبيل الله؛ لآن النفقة فى سبيل الله مما ابتغى به وجه الله وطلب به ما عنده؛ فإذا كان معنى النفقة فى سبيل الله هو ما وصفناء فلا وجه من المنفق على من أنفق عليه؛ لأنه لا يد له قبله ولا صنيعة يستحق بها عليه إن لم يكافئه عليها ‏ امن والأذى إذا كانت نفقة ما أنفق عليه احتسابًا وابتغاء ثواب الله وطلب مرضاته» وعلى الله مثوبته دون من أنفق عليه) . )١(‏ سبق قريبا تخريجه من رواية البخارى ومسلمء وقد استفتح به البخارى صحيحه. )١(‏ رواه النسائى: الزكاة - المنان بما أعطى .])561١6(‏ 1 تفسيرسورة البقرة 4 مالل اال 0 1 الاك‎ ١ يي وقد بين سبحانه جزاء الذين ينفقون على هذا الوجه لا يبتغون إلا رضاء سبحانه» ولا يرجون ثوابًا من أحد سواهء فذكر جزاءين عظيمين: أولهما: « لهم أجرهم عند ربَهِم 4 أى لهم جزاؤهم مكافاة لهم على أعمالهم وسماه سبحانه وتعالى أجراً» وهو المعطى الوهاب» توثيقًا للعطاء» وقال سبحانه: «لهم»ء ولم يقل مثلا: «أعطيهم»., ولكلام الله تعالى المثل الأعلى للإشارة إلى أنه كان لهم بنياتهم» واستحقوه باحتسابهم» وليعلمهم كيف يكون العطاء من غير أجر؛ إنه سبحانه وتعالى هو الذى منحهم المال الذى أعطوا منه» وهو الذى وفقهم أن يعطواء وهو الذى يملكهم وما ينفقون وما يعملون» ومع ذلك يسمى ما يعطيهم أجرا قدموا مثيله من قبله مع أنه يعطيهم أضعافًا كثيرة عنه ولكنه يعلم الناس كيف يكون البعد عن المن» وكيف العطاء غير ممنون. الجزاء الثانى الذى ذكره رب العالمين هو الأمن والاطمئنان؛ ولذا قال سبحانه: «إ ولا خوف عليهم ولا هم يحزئون 4 وقد نفى سبحانه وتعالى المخوف» ولم يقل لا يخافون؛ لأن الخوف أمر نفسى» وقد يكون من غير مخوف» وتكون الخشية والخنوف من شأن المؤمن شعوراً بتحمل التبعة؛ ولذا نفى سبحانه الخوف أى الأمر المخوف» أى لا ينزل بهم أمر من شأنه أن يخافوهء ولم ينف الخشية النفسية فى ذاتها؛ إذ الحال النفسية من قوة الإحساس؛ ولذا يقول الصوفية: غلب الخنوف على الرجاء. أما الحزن وهو الهم الذى يصيب القلب فهو منفى فى كل صورة ولا يصح أن يكون حالا من حالات الإيمان. وما اللخوف المنفى والحزن؟ أهما ما يكونان فى الآخرة؟ جل العلماء على ذلك» ولكن لاذا لا يراد ما هو أعم من أحوال الدنيا والآخرة؟ وإن ذلك ما نختاره؛ لأن الإنفاق فى سبيل الله يدفع خطر الأعداء من نخارج الأمة» ويجمع الوحدة ويقضى على أسباب الفتن الداخلية» فيكون الأمن فى الداخل والخارج معّاء فالمتفقون فى سبيل الله لا خوف عليهم فى الدنياء ولا يحزنون فى الدنيا أيضًا كما أنهم لا خوف عليهم فى الآخرة ولا يحزنون. اا تفسير سورة البقرة لل م لسرب ا وقبل أن ننتقل إلى الآية الثالئة من آيات الإنفاق ننبه إلى بحثين لفظيين: أولهما: أن الله سبحانه وتعالى كرر النفى فقال: ©تثُمٌ لا يعون ما أَنفقوا من ولا أََى » لتأكيد النفىء بألا يصدر عنهم أى نوع من أنواع الأذى» فلا يكون مَنء ولا شبهة مر ولا أذى» سواء أكان أذى عن قرب أو بعد؛ حتى لقد قال بعض الصالحين: (لثن ظئنت أن سلامك يثقل على من أنفقت عليه تريد وجه الله فلا تسلم عليه) . وثانيهما: إنه سبحانه وتعالى عطف بثم فى قوله تعالى: 8 الذين ينفقون أَموَالَهُم في سبيل الله ثم لا يشبعون ما أَنفقُوا ما ولا أذى 4 فلماذا كان العطف بثم دون الفاء؟ فهل مقتضى هذا أنه يسوغ المن والآذى عند العطاء» ولا يسوغ بعده بفترة من الزمان؟ والجواب عن ذلك أن التعبير بثم أفاد النفى المطلق على عدم اتباع الإنفاق بالمن والأذى فى زمن قريب أو بعيد؛ لأن المنفق فى غالب الأحوال يكون عند إنفاقه فى حال حماسية نفسية تدفعه إلى الإنفاق» فما يفكر فى من ولا أذىّ وقته» وإن خطر له ذلك فقد يمنعه من الإعطاءء إنما يكون التفكير فى اَن أو الأذى بعد ذهاب فورة الخير فى النفس» فإذا كان الله سبحانه قد صدر النفى ب «ثم» فليحث المنفق على الاستمرار على نزعة الخير» ولا يتكص على عقبيه» فيفسد نيته بأذى يؤذى به من أجرى الخير على يديه» أو من يمن به على من أعطاه. قُوَلَ مُعروف ومَغْفرَةٌ خَيْرَ مَن صدقَة يبعا أذى واللّه غنِي حليم +527 4 # فى هذه الآية الكريمة يبين سبحانه منزلة قول المعروف» وكيف يذهب الأذى بخير الصدقة الفردية» وأن الحرمان فيها مع قول الخير خير من الصدقة مع الأذى بالمن أو غيره» وأن ألم الحرمان أقل من أذى القول؛ لأنه أذى يصيب النفس بالجراح» وججبراح النفس ليس لها التئام» أما ألم الحرمان فيذهبه الصبرء ووراء الصبر الفرج القريب» وإن الله مع الصابرين. وقول المعروف هو الرد الجميل لطالب العطاءء وذلك بتأنيسه» وترجية الخير له» وإن هذا فى ذاته صدقة؛ ولقد قال تَللةِ: «الكلمة الطيبة صدقة. وإن من لللللللالتاللل 01 لسر زد المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق)"'. ولقد قال بعض الحكماء: (الق صاحب الحاجة بالبشرء فإن عدمت شكره لم تعدم عذره). وإنه ظاهر من هذا أن قول المعروف يكون لصاحب المصلحة الشخصية الذى يطلب من المنفق مباشرة. ولقد ذكر الآستاذ الإمام الشيخ محمد عبده أن قول المعروف يكون أيضًا عندما يكون الإنفاق فى المصلحة العامة» وإنه يكون كفاءهاء ومساويًا لهاء وخيرا من الصدقة التى يتبعها أذى. وذلك بالتحريض على العمل» وعلى الإنتاج» وعلى الإعطاءء ويكون بالدعوة إلى كل ما فيه رفعة الأمة وتقوية عناصرها والتعاون بين أحادهاء وإن ذلك بلا ريب فضله لا يقل عن الإنفاق من غير م ويزيد عن الإنفاق مع اَن والأذى . والمغفرة معناها الستر أو العفوء والمراد: إما الستر من المطلوب منه العطاءء وعفوهء» وذلك بآن يستر خلة المحتاج ولا يعلن سوء حاله؛ ويجعلها موضع حديثه. ويعفو عنه إذا أغلظ أو جفاء أو أثقل فى السوّال» وألحف فى المسألة؛ وإما أن نقول إن المغفرة هى مغفرة الله سبحانه وتعالى للمسئول إذا لم يعط من غير شح ولا بخل . والمعنى على هذا التخريج: إن قول المعروف مع مغفرة الله سبحانه وتعالى خير من الصدقة يتبعها الأذى. والوجه الأول أظهر وأبين» وهو المتفق مع سياق القول.. وقد خحتم الله سبحانه الآية بقوله تعالى: « واللّهِ ني حليم 4 لإثبات أن الذين يعطون إنما يقصدون وجه الله بعطائتهم لينفعوا عباده. فإذا لم يقصدوا وجهه تبارك وتعالى؛ ويطلبوا رضوانه» فإنه غنى عنهم» وهو بغناه الذى يعلو فوق كل تقدير يستطيع أن يجعل الفقير غنيا يعطى. والغنى فقيراً يسأل. فالمال مال اللهء وهو غاد ورائح والله سبحانه وتعالى حليم» وعلى الناس أن يتخلقوا بأخلاق الله تعالى» ولله المثئل الأعلى» وليس كمثله شىء» فلا يصح أن يدفعهم حمقهم لأن يقولوا .)١51417( وأحمد‎ 2))١8937( رواه الترمذى : البر والصلة‎ )١( ب# تفسير سورة البقرة سس سس سس للفقير ما يؤلم» أو للقائم بالمصلحة العامة التى أنفقوا فى سبيلها ما يشبط همته. وينهنه من عزيمته. وفى ذكر هذا الوصف الكريم فى هذا المقام إشعار بأن المن والأذى ذنب كبير يستحق العقاب» ولكن لحلم الله تعالى» ولأن رحمته مسبقت عذابه أمهل ولم يهمل. يا أَيها الّذِينَ آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذئ كالّذي ينشق مَالّه رثاء الثاس ولا يؤْمن باللّه وَالْيَوْمِ الآخر» هذا نهى صريح واضح عن المن والأذى» وقد تضمن هذا النهى الحاسم أن الصدقات يبطلها المن والأذى» فلا يكون لها أجر من اللهء ولا يكون لها شكر ممن أسدى إليهء سواء أكان الإنفاق فى سبيل النفع العام» أم كان لبعض آحاد الأمة بسد الخلة» ودفع الحاجة؛ وقد أكد سبحانه النهى عن المن والأذى بثلاثة توكيدات : أولها: تصدير الآية الكريمة بنداء للبعيد وفى ذلك فضل مبين» وبأن النداء للذين آمنواء وفى هذا إشعرار بأن الأذى فى الصدقات ليس من صفات أهل الإيمان» إنما هو من صفات أهل الصلف والكبرياء والذين يمئنون على الله وعلى الناس إن فعلوا الخيرء وليست الكبرياء والاستطالة بفضل العطاء من صفات وثانيها: أنه صرح سبحانه بأن المن يبطل الصدقة. ولا يجعل لها ثوايًا عند الله» ولا شكراً من الناس؛ ولذا قال كة: «إياكم والامتنان بالمعروف فإنه ييطل الشكر ويمحق الأجر)(' وتلا قوله تعالى :يا أيها الّذِين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذئ » . وثالثها: أنه سبحانه وتعالى جعل المنفق مع المن والأذى كالمتفق رئاء الناس» والمنفق للرياء والسمعة مشرك شركا خفيا؛ ولذا وصف سبحانه وتعالى الذى ينفق ماله رئاء الناس» بأنه لا يؤمن بالله واليوم الآخرء فأفعاله كقلبه ليست أفعال المؤمنين» وقلبه ليس قلب مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ وإذا كان المنفق الذى يتبع صدقته بالمن.والأذى مثلهء فإن إبطال الصدقات أقل ما يناله. )١(‏ ذكره القرطبى فى تفسيره: البقرة (14؟) عن ابن سيرين رضى الله عنه. هاا تفسيرسورة البقرة )اها لسزير شورق لقره رب أ ولماذا شدد سبحانه فى النهى عن المن والأذى» وكرر ذلك فى ثلاث آيات متواليات» وأكثر من التشبيه لتقبيح المن والأذى فى الصدقة؟ الجواب عن ذلك: أن المن والأذى فى الإنفاق ينشأ عن استطالة الغنى بفضل غناه» والمباهاة بثروته وقدرته» وإنه لا شىء يرمض نفس الفقير إلا إحساسه باستعلاء الغنى بسبب الغنى» وصغار الفقير بسبب الفقرهء وإن ذلك يدفع بلا شك إلى تفكيك الروابط» وقطع ما أمر الله به أن يوصل» فإن الفقراء لا يتألمون لذات الفقر إنما يتألمون من مرارته باعتزاز الغنى عليهم» وإشعارهم بذل الحاجة» وعندئذ تتمرد النفوس» وتتعرض الأمم للخراب» وتذهب الوحدة الجامعة. إن الغنى والفقر أمران لا يخلو الوجود منهماء ولا يمكن أن تخلو أمة من غنى وفقيرء» مادامت القوى متفاوتة» والفرص لا تواتى الجميع بقدر واحد» والأقدار لا تسعف الجميع فى زمن واحدء وما دامت تلك حقيقة مقررة» فعمل الشرائع هو تخفيف ويلات الفقر» ومنع استطالة الغنى؛ ولقد قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه: (إن الله أامتحن بعض عباده بالفقرء وأمرهم بالصبر؛ وامتحن الأغنياء بالمال» وأمرهم بالعطاء) . ولقد شبه سبحانه وتعالى المن والأذى بالرياء فى الصدقة كما أشرنا فقال: كالّذي ينفق ماله رثا الّاس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر»4 وفى هذا التشبيه إشارة إلى أن الذى ينفق ماله رئاء الناس» أى لأجل الرياء والسمعة» وأن يقول الناس: إنه سخى جواد.ء أو لتملق ذى جاه أسوأ حالا عند الله من ذى المن والأذى؛ لأن المشبه به أقوى دائما من المشبه. ولقد ذكر سبحانه حال المرائى بنفقته على أنه أمر مقرر سوءه» وليس فى حاجة إلى بيان؛ لأنه لا اشتباه فى بطلان ما أنفق» إذ إنه ماقصد الخير حتى يبطل قصده. فالفرق بينه وبين الأول أن الأول قصد الخير واحتسبه» ولكنه أفسد عمله بما خخالطه به من من وأذى؛ أما الثانى وهو المرائى فلم يقصد خيرا قطء» حتى يبطله سواه؛ فشبه سبحانه حال قاصد الخير المنان فى إبطال عمله؛ بحال من لم يقصد خيراً قط. بل الرياء والسمعة» وهو من فعل الشرك لإا تفسير سورة البقرة !لاا الا اناالا االانا انا لانالط لان ناا اناا اناالا الالالال ناللاالااللا نط اخامطااا ااا تخ ططخل لاناالاللاللاالاالل ااا لشطاقاة م ١ الا‎ 7: يي" الخفى؛ فقد قال النبى كَكِةُ: «من صلى يرائى فقد أشركء ومن صام يرائى فقد أشرك» ومن تصدق يرائى فقد أشرك)7' . ولهذا الفارق الجوهرى بين المنفق المنان» والمنفق ركاء الناس» ذكر الله عمل الأول بأنه صدقةء فقال سبحانه: إيا أَيْهَا الّذِين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذئ # ولم يصف عمل الثانى بأنه صدقةء ولا فى سبيل الله؛ ولذا قال سبحانه: «( كَالّذي ينفق مَالَه رنَاء الئّاس 4 فما الصدقة ابتغاها ولا الخير أراده» بل الشر كل الشر ما عمله. 000000 «فَمَلهُ كَمكَلِ صَفْوَان عله تُرَابْ فَأَصابَه وابل فترَكَهُ صلدا لا يدرو على شَيء مما كَسبوا 4 هذا تشبيه جديد. وقبل أن نذكر التشبيه ووجه الشبه نذكر معنى هذه الألفاظ : صفوان» وصلدء ووابل: فالصفوان اسم جنس جمعى لصفوانة» كشجر وشجرة» وهو الحجر الأملس. وقال الأخفش: إن صفوان مفرد كحجر. والصلد معناه الأجرد النقى؛ وقد قال الكسائى فيه: إنه من صلد يَصَلَّدٌ صلّداء وهو ما لا ينبت شيئًاء وقد قال النقّاش: الأصلد الأجرد الذى لا ينبت شيًا . والوابل هو المطر الشديد» وقد وبَلّت السماء تبل» والأرض موبولة. والآن نذكر المشبه به فى الآية الكريمة؛ ويبدو بادى الرأى» أن التشبيه بين الذى ينفق ماله للرياء والحجر الصفوان الأملس الذى يكون على ظاهره قليل من التراب الذى يبدو به خصبًاء ووجه الشبه هو ظاهر الخصب الذى يبدو على ظاهر الحجرء ثم انكشافه بمطر وابل» وظهور حقيقته» وهو أنه لا يمكن أن يكون منبنًا؛ فالمعنى أن حال من ينفق للرياء والظهور بمظهر البر المعطى وهو لا يقصد وجه الله تعالى ولا يبتغى رضاه بل ينفق ليرائى الناس» هى كحال حجر أملس لا ينتج شيئًا ولا ينبت نبانًا ولكن عليه ظاهر من التراب يوهم الناظر إليه أنه خصب منتج» ثم تتبين حاله بمطر يزيل ما ستره ويكشف حاله» فالمرائى لا إنتاج لعمله مطلقًا كالحجرء وإن كان يبدو للناس برا فإن ذلك لا يلبث أن ينتكشف» وتظهر حاله بأمر )١(‏ سبق تخريجه. 6 تفسيرسورة البقرة 2 ل ااال هه يي - لم يكن فى حسبانه» فشوب الرياء يشف دائمًا عما تحتهء وإن لم يكشفه فإن الله كاشفه . هذا الكلام يدل على أن التشبيه منعقد بين المرائى والحجر الأملس الذى عليه قدر رقيق من التراب ستر حاله؛ ولكن كثيرين يجعلون التشبيه بين المنفق المنان والحجر الصلدء ويكون المعنى على ذلك أن حال المنان فى نفقته التى يبطلها بالمن والأذى» كحال الحجر الأملس الذى عليه تراب كان يرجى أن يكون منتجًا منبنًا للزرع فيصيبه وابل يزيل التراب الذى عليه» فيزول سبب إنتاجه» ومادة الخصب فيه؛ فالمن والأذى فى إيطالهما الصدقات التى من شأنها أن تأتى بالثواب ورضا رب العالمين» كالوابل الذى يزيل الصعيد الطيب الذى يخرج نباته بإذن ربه» من حيث كان من شأنه أن ينتج الثواب» فأزال ذلك بمنه وأذاه. وإنى أرجح الأول» لأن التشبيه بلفظ المفرد» وهو يناسب الذى ينفق ماله رئاء الناس؛ لأنه بلفظ المفرد» والمنفق مثا وأذى ذكر بلفظ الجمعء فالضمير فى قوله تعالى: فَمثله 4 أولى بأن يعود على المرائى لإفرادهماء ولآن الآيات التالية تبين حال المنفق ابتغاء مرضاة الله» وفيها تشبيه صدقتهم بالحبة التى تكون فى أرض خصبة» وإن هذه مقابلة ظاهرة بين المنفق رياء» والمنفق ابتغاء مرضاة الله فكان الأظهر إذن أن يكون التشبيه فى هذه الآية بين الإنفاق رياء والحجر الأملس . «إلاً يَقَدرونَ على شيء مما كسبُوا4 جمهور المفسرين على أن هذه الجملة السامية للدلالة على أن المنان والمرائى كلاهما لا ثواب له» فالمعنى لا يقدرون» أى لا ينالون شيئًا من المال الذى أرادوا بإنفاقه كسب الثواب» ولكن كيف يعبر عن نيل الثواب بالقدرة عليه» وعن الإنفاق بالكسب؟ وقد يجاب عن ذلك بأنهم إذا أنفقوا فقد صاروا قادرين على الثواب» وعلى كسبه بمقتضى ما وعد الله به عباده المتقين» فإذا مثا وآذوا فى نفقته» فقد انتفت عنهم تلك القدرة على ثواب هذا الذى أنفقوا وقد كان من شأنه أن يكون كسبًا لهم. 9 تفسير سورة البقرة لل لبمار يرب وإنى أرى أن يكون المعنى أن المنفقين الذين يتبعون ما أنفقوا منا وأذى» والذين يراءون ليس عندهم قدرة على شىء من المال الذى كسبوههء إثما القدرة من الله العلى القدير» فما كان لهم أن يمنوا ولا أن يؤذوا فى سبيل ذلك الإنفاق» ولا أن يراءوا به» فالمال مال اللهء وهو الذى بقدرته مكنهم منه» وسلطهم عليه» فعليهم أن يتقوا الله فيهء ويشكروا نعمة المنعم به» ولا يراءوا فى إعطائهم» وإلا كانوا بالنعمة كافرين. وعلى ذلك تكون هذه الجملة لتقوية المعنى فى الإنفاق» والتحريض على الإخلاص لله فى النفقة بحيث تكون خالية من المن والآذى والرياء. ط وَاللّهُ لا يَهُدي الْقَومْ الكَافرين »4 ختم سبحانه وتعالى الآيات بهذه الجملة الحكيمة للإشارة إلى أن الإنفاق من غير من ولا أذى هو من خواص الإيمان» فالله سبحانه وتعالى يهدى إليه المؤمنين ولا يهدى إليه الكافرين» وللإشارة إلى أن اكَن والأذى والرياء إنما هى صفات الكافرين فيجب أن يقلع عنها أهل الإيمان» فهى صفات لا تليق بهم» ولا ينبغى أن يكونوا عليها؛ لأن فيها كفراً للنعمة التى أنعم الله بهاء والصدقة رياء وسمعة فيها شرك خفى فيجب على المؤمن أن يطهر نفسه من هذه الأهواء المردية» وليضبط نفسه إذا أعطى» فلا ينطق لسانه بالمَن» ولينق قلبه من الرياء فإنه يأكل الحسنة فيجعلها سيئة. وفى الجملة إشارة إلى أن الله غنى عن عطاء المنان المؤذى أو المرائى» إن أعطوا لنفع عام أو لدفع أذى الكافرين» فإن الله سيتولى الكافرين» وهو لا يهديهم إلى سبيل الانتصار على المؤمنين الصادقين فى إيمانهم ؛ لأنهم أولياء الله الذين قال فيهم : «ألا إن أُولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون +2 4 [ يونس] . ٠ 0000‏ ا م محا مه ه22 2و هك رج مه 54 لخر انشيج و ا وايل وو سا ل ووظة فَعَانتَ أحكلها ضَكات قن لَميصِسَهَاوَابِلٌ فطل 4 ل تفسيرسورة البقرة لسر اق وَأللَه بماك مَلُونَ بصِير ف 2 سيك أنتكوت سه من َل وَأَعَابٍ تَجرِى من تحتها الَْدْهارله. فِهَامن كك لَالتّمرتِ صاب أل 0 قَأَصَابَهَ]إعصار فيه تار وأَحَيرَةَ مَتكُدللك 20 5 آل ههه 02 لكم الْدي'تِ ورت جه حيةه فى الآيات السابقة بين سبحانه الصدقات التى يشوبها الرياء فيذهب بخيرهاء وأن الرياء فى الصدقة لا يصدر عن شخص يؤمن بالله واليوم الآخر صادق الإيمان» وأن الرياء فى الصدقة يذهب بثمرتها والقربى فيها كما يذهب المطر الغزير يصيب أرضا حجرية عليها قشرة رقيقة من التراب» فيذهب المطر الشديد بها. وفى الآية الأولى من هاتين الآيتين يبين سبحانه وتعالى الثمرة المدرتبة على الصدقة ابتغاء مرضاة الله تعالى» ولتربية التقوى فى النفس وتهذيبهاء وإرهاف إحساسها بحق المجتمع على ذوى الملل من المؤمنين فقال تعالى: 8 ومكل الّذين ينفقون أموالهم ابتغاء مَرضات الله وتنا من أَنفُسهم 4 . يشبه سبحانه وتعالى حال الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله ولتثبيت النفس على التقوى وتهذيبها وتقويتها تهذيبًا ناشئًا عنها منبعنًا منها - يشبه سبحانه وتعالى حال هؤلاء المتفقين بجنة» أى حديقة غنّاء كثيرة الأشجارء بربوة أى أرض مرتفعة أصابها مطر غزير فآتت ثمراتها ضعفين أى مثلين مما ينتج آمثالها . ولابد لبيان هذا التشبيه السامى أن نبين المشبه» والمشبه به» ووجه الشبهء والتوجيه الكريم من هذا التشبيه: ها تفسير سورة البقرة ا ل سوزي» 280 8 م أشي فال هو الال والشأن» ومعنى ابشغاء مرضاة الله طلب رضاه سبحانه وتعالى الدائم المستمر» فالمرضاة مفعلة من الرضاء فهى مصذر ميمى من الرضاء وهو أقوى فى الدلالة من معنى الرضاء إذ المعنى فيها الرضا الثابت الدائم الذى لا يكون معه أى غضب من المولى العزيز الحكيم القوى القهارء فهو ينفق طاليا وأما معلى ..١‏ 8 'تّد اختلفت عبارات المفسرين حولهاء وإن انتهت ت إلى ش الاتفاق على مغزاها ومرماها؛ وإن أصل معنى ثبت قوى حقيقة ودعمهاء ومن ذلك قوله تعالى : يبت الله دين آمُا بلقل التَابت في الحية اليا وفي الآخرة ويضل اللّه الظالمين ويفعل اللّه ما يَشَاءِ 10 4 [إبراهيم ] ريشال ثبت فلات فى بد لي صحت عزيمته فيه وداوم عليه؛ ويقال أيضًا : نت فلانًا فى الأمرء أى جعلته ثا فيه لا يتزعزع عنه ولا يضطرب» وقويت رأيه فيه. والمعنى على ذلك: أن أولئك المتقين من المنفقين ينفقون طلبًا لرضا الله الدائم عليهم وتثبيئًا من أنفسهم أى تقوية لليقين والإيمان والاحتساب إلى الله تعالى؛ وتلك التقوية وهذا التثبيت صادر عن أنفسهم» فهم يربوت أنفسهم على الإيمان واليقين» ف امن'؛ فى قوله تعالى: موت من أنه هى «من» التى تكون بمعنى الابتداء» أى أن التشيت مبتدئ من أنفسهم» فهم يزكونها وينقونها ويراقبونهاء لكل" يدخلها أى معنى من معانى الرياء والنفاق» أو الاتجاه إلى اكَنَّ والأذى؛ وفى هذا إشارة واضحة إلى أنهم ينفقون ما يتفقون قاصدين وجه الله تعالى» وأن ذلك القصد يستمر دائمّاء فلا يجىء وقفت يمئون فيه ويؤذون؛ لآن الثبات يقتضى الاستمرار على حال واحدة» وهى حال ابتغاء رضا الله وحده» لا يرجون من غيره جزاء ولا حمدا ولاثناء» ولا يبتغون بغير رضا الله بديلا . ويصح أن يكون معنى « وتَثبيتا مّن أنفسهم 4 أى يقينًا وإيمانًا صادراً مسن أنفسهم فالمعنى على هذا أن أولئك المنفقين المخلصين يتفقون طالبين رضا الله تعالى 6 ال تفسيرسورة البقرة ٠ 2‏ ل م2111 ىح وهم موقنون صادقو الإيمان بربهم محتسبو النية له تعالى. وفى ذلك إشارة إلى أن أولئك المراءين الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس أو يتبعون ما ينفقون ما أو أذى ليس إيمانهم كاملاء ولا يقينهم مستقرا ثابنًا؛ والمعنيان متلاقيان فى الجملة» أو على الأقل متقاربان جدا. هذه مفردات المشبه ومعناه. أما المشبه به فهو قوله تعالى: 9 كَمثلٍ جنة بربوة أصابها وابل فَآنت أُكلَها ضعفين 4# والجنة البستان» وسمى البستان جنة» وهى فعلة من جن بمعنى ستر وغطى؛ لأن الأشجار تغطيها فلا ترى أرضهاء وكأن الأرض مغطاة بلفائف الأشجار. والربوة المكان المرتفع قليلاء فى خصوبة تربة» وجودة زرع» والربوات من الأراضى أخصب وأكثر إنتاجًا من الملنخفضات؛ ولما كان مرتفع الأرض لا تصل إليه مجارى الأنهار عادة ذكر الله سبحانه وتعالى أن تلك الربوة قد أنعم الله عليها بوابل أى مطر غزير أصابهاء وبذلك تجتمع لها أسباب الإنتاج الكثير» وهى ثلاثة: خصب تربة؛ وتخلل الشمس لأجزائهاء إذ إنها بارتفاعها صارت الشمس تنفذ إلى الأشجارء وفى ضوء الشمس غذاء للأشجار كغذاء الماء؛ والثالث الماء النقى الغزير» يصيبها به مالك السموات والأرض يكون لها نعمة يمد زرعها بالغذاء» ولا يزيل طبقة الخصب فيه كالوابل الذى يصيب الحجر الصوآن فيتركه أملس صلداء بل إنه يمدها بالإنتاج لآن الخصوبة فيها ليست قشرة ظاهرة من التراب يزيلها الماء الغزير فلا تنبت بل خصوبتها فى معدنهاء وليست مظهراً بل هى حقيقة وجوهر. وإذا كانت أسباب الإنتاج الكثير قد توافرت» فإن الثمرة ستكون لا محالة بمقدار توافر هذه الأسباب؛ ولذا قال تعالى: # فآتت أكلها ضعفين # فالفاء للسببية أى أن ما قبلها سبب لما بعدهاء وآنت بمعنى أعطتء والمعطى فى الحقيقة هو الله تعالى» ولكن أسند إليها العطاء لتوافر الأسباب التى خلقها المولى القدير فيهاء وتضافر كل المهيئات التى هيأها المولى العلى القدير لإنتاجها. ش والأكل : الثمر الذى يؤكل» وفى التعبير عن الشمر بالأكل من غير وصف سواه إشارة إلى طيب ثمرها وحسنه»؛ واستساغة النفس له وجودة الغذاء منه؛ لآنه م تفسير سورة البمرة 6م سح وصف بأخص ما يطلب له الثمر الجيد الطيب المستساغ وهو أن يؤكل» ومعنى «ضعفين» أى أنها آتت بضعفى ثمر غيرها من الأرض» والضعف معناه هنا المثل» وقد ذكرنا ذلك من قبل» أى أن توافر هذه الأسباب جعلها تنتج بمقدار مرتين ثما ينتج غيرها. ويصح أن يكون المراد من الضعفين الكثرة المطلقة من غير تقيد باثتين كما فى قوله تعالى: 9 ارجع البصر كرتين ... #ر 4 [الملك] . ولكن تلك الأرض الطيبة المباركة التى شبهت بها نفس المؤمن الطيبة» ربما لا يصيبها الوابل وهو المطر الغزير فلا يننتج طيبًا فى هذه الحال؛ فبين سبحانه وتعالى أنها تنج أيضنًا بمطر قليل؛ ولذا قال تعالى: 8 فَإِن لم يصبها وابل فَطَلَّ» والطل أضعف المطرء وزرع الطل أضعف من زرع المطر الغزير وأقل ريعاء ولكن يكون فى عيدانه قوة تماسك ونمع. ولكن هل يكون المعنى فى الآية أنها تنتج ضعفين» كما أتتجت فى حال الوابل؟ بين أيدينا منهاجان: أولهما أن نقول: إنها تننج مثلها بما توافر فيها من علو يجعل الشمس تخلل أجزاءها فتمدها بغذاء يغنيها عن كثرة الماء» وبما فيها من خصب تتوافر فيه عناصر التغذية أكثر من غيرهاء فيكون ذلك معوضًا لها عن قلة الماء» وتكون النتيجة على هذا التوجيه أن قلة الماء وكثرتها سواءء لتوافر أسباب النماء. هذا هو التوجيه الأول. أما التوجيه الثانى فهو أن نقول: إن المعنى أنها تنتج على كل حال؛» فإن كان المطر غزيرً أنتجت كثيرً وإن كان المطر قليلا فالإنتاج وإن قل طيب نافع» وإن كانت الربوة هى المقابلة فى التشبيه للنفس المؤمنة الطيبة» فيكون المعنى أن النفس التقية المؤمنة التى تبغى بإنفاقها رضوان الله تعالى» وتشبيت إيمانها وتصديقها بالإنفاق فى سبيلهء لإنفاقها إنتاج عظيم) ونعيم مقيم» إن قل فهو فى نفعه كالثمر الذى ينتج من الربوة الخصبة التى يصيبها طل» وإن كشر فهو كتلك الربوة تؤتى ثمرتها ضعفين إن أصابها وابل؛ وعلى ذلك فالقليل والكثير ذو نفع عظيم وخير عميم. و ا تفسيرسورة البقرة لسر د لا والتوجيه الأول عندى أولى بالقبول؛ لأنه ليس فى الآية ما يدل على قلة الإنتاجء فإن قلة المطر لاتستلزم قلة الشمرء بل قد تكون كثرة الماء معوقة عن الإنتاج لا مكثرة له وعلى ذلك يكون المعنى: أن تلك الربوة لخصبها وطيب مناخها وتخلل الشمس لأجزائها تنج خيرا كثيراء سواء قل الماء أم كثرء متى وجد القدر المنبت . هذان طرفا التشبيه: المشبه والمشبه بهء وبقى علينا أن نبين وجه الثسبه فى النص السامى الكريم» وذلك بتوجيه التشبيه فى جملته وسياقه؛ وذلك أن الله سبحانه وتعالى شبه هؤلاء المنفقين عن إيمان صادق» قاصدين بإنفاقهم وجه الله جل جلاله لا يبغون سوى رضاه. مثلهم فى إنفاقهم الكثير والقليل كمثل جنة بربوة خصبة منتجة تنتج دائم فى حال غزارة المطرء وفى حال قلته» فأكلها دائم» ونفعها مستمرء لا يمنعون خيرهم إن لم يشكرهم الناس» ولا يؤذون فى نفعهم أحدا من الناس» ولا يراءون الناس» فصدتتهم فى نماء» تنمو دائمًا فى الناس بنفع ينالهمء كصدقة جارية مستمرة لا تنقطع؛ ثم نفعها للمنفق دائم بما يبحسه من أريحية دينية واطمئئان قلب» ولذة العبودية فى الاتجاه إلى الله وحده والاستعلاء بالاستغناء عن شكر الشاكرين ومدح المادحين ؛ ثم يعقب ذلك كله جزاء كريم من رب العالمين» يوم الدين؟ ولذا قرر النبى كله أن الصدقة تنمو لصاحبها كما ينمو الفلو”'" يربيه صاحبهء فقال كَل : «لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه فيربيها كما يربى أحدكم فلوه. أو فصيله. حتى تكون مثل الحبل أو أعظم)”" . ٠‏ ف( واللّه بم تعملون بصير# ختم سبحانه وتعالى هذه الآية بتلك الجملة السامية ليعلم الناس عظيم مراقبته سبحانه وتعالى لأحوالهم» واطلاعه على خفايا نفوسهم. فيراقبوه سبحانه فى أفعالهم وأقوالهم, كما يراقبهم سبحانه» فتمتلئ قلوبهم عند العمل بعظمته. فيعملوا ما يعملون محسين بأنه مطلع على ما تخفى صدورهم. )١(‏ الفَنُو هو اُهر. زفق رواه بهذا اللفظ أحمد )٠(‏ فى مسنده عن أبى هريرة رضى الله عنه) وبتحوه عنه أيضا رواه البخارى: الزكاة (151) ومسلم (1587). 9 تفسبير سورة البقرة الال الالالال الالالال الاق صنل لسرب اا فتسجه القلوب - تحت تأثير هذه الرقابة المسيطرة العليمة التى لا تغادر صغيرة ولا كبيرة - إليه سبحانه وحدهء ولا تتجه إلى سواه. وفوق ذلك فإن لذلك التذييل السامى معنى آخر مناسيًا مناسبة أخص للسياق الخاص بحسن القصد فى الإنفاق» وهو بيان أن الله سبحانه وتعالى يعلم الذين أخلصت قلوبهم فى الصدقة فلم تبتغ رضا أحد غير الله تعالى» فيجازيها على إخلاصها فى النية» واحتسابها الخير لوجه الله الكريم» ويعلم من ينفق رياء أو يتبع ما ينفق بالمن والأذى فيحبط عمله. وإن عبارات التذبيل فى ذاتها تربى المهابة للذات العلية فى النفس التى تريد ما عند الله تعالى؛ فإنه قد صدر الجملة السامية بلفظ الجلالة الذى يدل فى ذاته على العلو والسلطان والألوهية الحق؛ ثم إن هذا القاهر فوق عباده يعلم علم من يبصر ويعاين ويرى بكل ما يعمله الناس من خير وشرء وما يقصدون فى صدقاتهمء فإن أرادوا رضاه فقد آووا إلى ركن حصين» وإن قصدوا سواه فهم على شفا جرف هارء وسينهار بهم فى نار جهنمء فلا أموالهم بقيت لهم» ولا الشواب نالواء بل العقوبة تستقبلهم ومقت الناس يلحقهم» والله من ورائهم محيط. ٍأَيْوَدُأحَدكُم أن تَكُون لَه نه من ُخيل وأعتَاب تَجري من تحتها الأقهار له فيها من كُلَ لمات وَأصابَهُ الكبر وله ري عَء فََصَابها إعصار فيه نار فاحترقت 4 هذا مثل ثان يذكره سبحانه وتعالى فى بيان أولئك الذين يحبطون أعمالهم من صدقات أو صلوات أو حج وغير ذلك من أعمال البر بالرياء أو المن والأذى» أو التطاول على الناس بما يزعمون لأنفسهم من عمل خير قاموا به. وهو يختلف عن التشبيه السابق من ناحيتين: أولاهما: فى الشكل» فإن التشبيه الأول كان بصريح اللفظ» وقد ذكر فيه المشبه والمشبه به وأداة التشبيه وهى الكاف فى قوله تعالى: كمدل جنة بربوة 4 ؛ أما هذا التشبيه فلم يذكر فيه المشبه ولا أداة التشبيه» وهو من النوع البيانى الذى يسميه علماء البلاغة «استعارة قثيلية») وهى تشبيه حال بحال لم تذكر فيه أداة التشبيه ولا المشبه» بل ذكر المشبه به فقط » وقامت قرائن تدل على إرادة التشبيه. 6 ا تفسيرسورة البقرة : ل 1##*1خت ‏ ا 2101 لأسب أ الناحية الثانية : أن التشبيه الأول فيه تشبيه من يبتغى بعمله مرضاة الله» وينقى ضميره وقلبه من كل رياء ونفاقء بالحديقة الغناء المكمرة القائمة على ربوة من الأرض خصبة منتجة؛ أما هنا فالتشبيه هو تشبيه من ينقض عمل الخير الذى يعمله برياء يحبطهء أو من وأذى» أو مباهاة ومفاخرة ببرَه بين الناس» بمن كانت له حديقة فيها نخيل وأعناب, وأنهار تجرى فيها مع الثمرات وقد أصابه الكبر» وله ذرية ضعفاء. وتكون عونا لهم بعد وفاته فأصابتها رياح شديدة فيها نار فاحترقت. ولم يذكر فى هذه الآية المشبه ولا أداة التشبيه كما نوهناء بل ذكر المشبه به فقطء فعلينا أن نتكلم فى مفردات المشبه به ومعانيهاء ثم نتعرف المشبه ووجه الشبهء ومغزى هذا التشبيه السامى الكريم . والود فى قوله تعالى: 8 أَيودُ أحَدكُم 4 معناه محبة الشىء مع تمنيه؛ ولذلك يستعمل فى مقام التمنى. والنخيل اسم جمع النخل» والأعناب جمع عنب» وهو ثمرة الكروم» وقد جاء فى تفسير المنار فى السبب فى ذكر النخيل دون ثمرتها وهو التميرء بيئما ذكر العنب وهو ثمر الكروم وقالوا فى تعليل ذلك: (إن كل شىء فى النخيل نافع للناس فى إنفاقهم: ورقه وجذوعه وأليافه وعثاكيله”2. فمنه يتخذون القفف والزنابيل والحبال والعروش والسقوف وغير ذلك)2 . والإعصار ريح عاصفة تستدير فى الأرض ثم تنعكس منها صاعدة إلى السماء على هيئة العمودء وقيل: الإعصار ريح تثير سحابًا ذا رعد وبرق» وسميت إعصار لأنها تلتف كالثوب» أو لأنها تكون سببًا فى نزول المطرء فكأنها تعصر السحابء فتنزل ما يحمل من ماء؛ ولذا فسرت المعصرات فى قوله تعالى: 9 وَأَنزلنَا من الْمعصرات مَاءٌ نَجَاجًا 520 4 [النبأ] بأنها السحاب؛ لأنها تعصر بالإعصار ذلك العصر. والثار التى تكون فى الإعصار هى البرق الذى يتسبب عن اصطدام السحاب بتحريك ذلك الإعصار» أو (1) العناكيل: جمع العذكال: العذق من أعذاق النخل الذى يكون فيه الطب [لسان العرب: العين - عثكل]. زفق تفسير المنار جم صة"”". #١‏ تفدسسير سورة البقرة 0 ؛ ٠‏ لج ,5 .0 أن السحاب مع هذه القوة الشديدة التى يتحرك بها هو أيضا حامل لنار إذا أصابت هذه مفردات المشبه به ومعانيهاء والاستفهام فى قوله تعالى: 8 أَيودُ أحدكم أن َكُونَ لَهُ ةك هو للإنكارء وهو لإنكار الوقوع أى بمعنى التفىء والمعنى لا يود أحدكم أن يكون له جنة. . إلخ» ومجىء النفى على صيغة الاستفهام على ذلك النحوء لتأكيد النفى» وبيان أن الأمر فى ذاته غير معقول» بحيث لو سئل عنه أى عاقل لأجاب بنفيه؛ لأن النفى مجمع عليه من كل العقلاء. وخلاصة القول: إنه لا يود أحد أن تكون له جنة فيها نخيل وعنب» وفيها من كل الثمرات غير النخيل والعنب ‏ وكان النص عليهما لأنهما فاكهة العرب - وإنها مع هذه الشمرات الطيبة ذات منظر بهيج» فالأنهار تجرى من تحتها فتمدها بالخصبء كما تسر الناظرين» قد احتازها وقد أصابه الكبرء وله ذرية ضعفاء من ذكور وإناث يحتاجون إلى مال من بعده يسد عوزهم» ويقيم أودهمء ومع هذا الأمل المدخر فى هذه الحديقة أصابتها ريح شديدة فيها نار فاحترقت بنارها؛ لا يود أحد ذلك أبداء وهو شر يتوقاه ويدعو الله سبحانه وتعالى أن يجنبه إياه. هذا هو المشبه به فما هو المشبه؟ إنه يفهم من سياق القول من سابقه ولاحقه» وهو العمل الطيب المنتج الذى يكون مدخر الرجل فى حياته الآخرة» كما كانت الحديقة مدخرة لذريته فى كبره» وهم امتداد حياته وفيهم بقاؤه بعد تماته» وإنه فى هذه الحياة الدنيا الفانية الوشيكة الزوال كمن أصابه الكبر وله ذرية ضعاف تحتاج إلى مدخره بعد مماته» فهو محتاج إلى مدخره من الأعمال الصالحة بعد وفاته لتكون ذخره وثروته فى الحياة الباقية بعد هذه الفانية» وإنه إذا أبطل ذلك العمل برياء يحبطه» أو من أو أذى أو مباهاة أو فخرء يكون كمن يرضى بأن تحترق جنته فى كبره بريح عاتية تأكل الأخضر واليابس ولا تبقى من المدخر لذريته فى القابل قليلا . هذا هو المشبه المستنبط الذى تدل عليه الآيات السابقة واللاحقة. و ا تفسيرسورة البقرة 324 الملل 10100000000000[ 1 1[ 1 1 أ 11 222*600 ولقد روى البخارى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال يومًا لأصحاب رسول الله وَلهّ: (فيمن ترون هذه الآية: «أَيَوَدُ أحدكم أن تَكُون لَهُ جِنّة 4 نزلت؟ قالوا: الله ورسوله أعلم» فغضب عمرء وقال: قولوا نعلم أو لا نعلم! فقال ابن عباس: فى نفسى منها شىء يا أمير المؤمنين» قال: يابن أخى قل ولا تحقر نفسك. قال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل . قال عمر: أى عمل؟ قال ابن عباس: لعمل رجل غنى يعمل بطاعة الله. ثم بعث الله له الشيطان فعمل فى المعاصى حتى أحرق عمله» وفى رواية أخرى: فإذا فنى عمره واقترب أجله ختم ذلك بعمل من أعمال الشقاء) . وروى أن عمر رضى الله عنه قال: هذا مثل ضرب للإنسان يعمل عملا صا ًا حتى إذا كان آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل عمل السوء. وإننا إذا نظرنا إلى سياق الآيات قصرنا المشبه على من يفسد عمله بالمن والأذى والمباهاة والمفاخرة» ثم إذا نظرنا إلى هاتين الروايتين اعتبرنا المشبه هو حال الرجل يعمل الصالحات» حتى إذا دنا أجله أو كاد» عمل عملا غير صالح» فكانت حاله كحال رجل كل ثروته حديقة غناء فيها من كل الشمرات وكل زوج بهيج» قد توافر خيرهاء حتى إذا أصابه الكبر وله ذرية ضعاف تحتاج إلى ما يترك من مال» أضابت ثروته ريح عاتية فذهبت بهاء فترك ذريته من غير شىء. وعلى هذا يكون المقصد والمرمى الاستمرار على عمل البر والمداومة عليه فى هذه الدنيا. وعندى أن يجعل المشبه خاصا فى دائرة السياق الخاص بالمن والآذى والرياءء ويكون التشبيه على هذا الوجه أن حال من يفعل الخير ويكثر منه ثم يبطله بالمن أو الأذى أو الرياء. كحال رجل يملك حديقة غناء جعلها موضع أمله فى حياته. وغذاء أولاده بعد وفاته وهو فى سن الكبرء ثم وهو فى هذه الشيخوخة الفانية أصاب ثروته ريح أحرقتها؛ إنه لا يود أحد أن يكون فى هذه الحال» فكذلك يجب أن ينفر فاعل الخير من تلك الموبقات التى هى كالريح العاصف الذى يهلك الزرع تفسير سورة البقرة ا حر > لاه والنسل» ويذهب بالشروة المثرية فى وقت هو أشد ما يكون حاجة إليه فى قابل حياته» ولذريته بعد مماته. وإنه يرشح لهذا المعنى قوله تعالى: «يا أَيْهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَبطلُوا صدقاتكم امن والأذئ 4 كما يرشح له كل التشبيهات السابقة . 1 1 وإن وجه الشبه على هذا هو أن فى الحالين إبطالا لأمر جوهرى فى الحياة له نفاسة فى ذاته» وله نفع فى الحاضر والقابل» يذهبه أمر عارض مزيل لا يبقى بعده شيئًا مفيداء فكما أن الحديقة الغناء ذات النفع فى الحاضر والقابل للحاضر ومن يخلفهم يذهب بها الإعصار الشديد المحرق» فكذلك النفاق والرياء والمن والأذى والتطاول على الناس بفعل الخير يفسد عمل الخير الذى هو ثروة معنوية لفاعله فى حاضره ومستقبلهء وفيه رضوان الله وعزته؛ فهل يود مؤمن أن تكون حاله كحال من يصيب الإعصار ثروته فى كبرهء فيمد يده إلى الناس شيخًا هرمًا فانياء ويترك أولاده كلاً على الناس من بعده؟ لا يود مؤمن ذلك فلا يصح أن يمكن الرياء من نفسه والاستطالة والمباهاة والمن والأذى من لسانه» فيكون ذلك إعصارًا شديدا يذهب بعمله . وفى هذا التشبيه فوائد كثيرة: أولها: الإشارة إلى أن هذه الحياة الدنيا مهما طالت فهى متاع قليل» وعلى المؤمن أن ينتفع بكل لحظة بعمل الخير يحتسبه عند ربه» كالرجل الذى يكون فى شيخوخة فانية فعليه أن يتوقع الموت دائمًا كما يتوقع صاحب هذه الشيخوخة» وعليه أن يعمل الخير عمل من يخشى الفوت» وقد قرب منه الموت. ثانيها: أن الرياء والمباهاة والاستطالة بعمل الخير تذهب به بل تحرقه» كما يحرق الإعصار الحديقة الغناء. ثالثها: أن عمل الخير ينمو ويربو وينتج كالحديقة الغناء التى فيها من كل الثمرات والمياه تجرى من تحت أغراسها والشمس تمد ثمارهاء فتؤتى أكلها بإذن ربهاء فهى فى نماء مستمر دائم. إلا تفسير سورة البقرة 2 ليو 20522 ا ١‏ ىا ١‏ رابعها: أن من مطالب الحياة التى يقرها الدين أن يحرص الرجل على أن يترك لأولاده إذا كانوا ذرية ضعافًاء فضلا من المال يستعيئون به فى شدائد الحياة» ولا يكونون كلاً على الناس» كما قال النبى يك لسعد بن مالك27 فى مرض كان يتوقع الموت منه» وقد أراد أن يتصدق ماله كله فنهاه وأقره على التصدق بالثلث: «إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)7" هذه بعض إشارات الآية الكريمة وإنها لتشع منها معان سامية متعددة كما يشع الثمر الجيد من الغصن المثمرء تعالت كلمات الله العليم الحكيم. ومن أجل هذه المعانى السامية المنبعثة من ذلك النص الكريم المفهومة من عباراته أو إشارته. دعا سبحانه إلى التفكير فيها وتدبرها مع غيرهاء فقال عز من قائل : كذلك يبيّن الله لَك الآيات لَعَلَّكُم تتَفَكَرُونَ 4 هذا ختام هذه الآية الكريمة» والآيات اللقصودة هنا هى الآيات القرآنية. والمراد من التفكر هو التدبر والتأمل وتعرف مرامى العبارات القريبة والبعيدة» والتفكر فى عواقب الأعمال ونتائجهاء وفى أسبابها وغاياتها. والتشبيه فى قوله تعالى: :ل كذلك يبين الله لكم الآيات لَعلَكُم تتفَكرُونَ 4 فيه تشبيه الكلى العام من بيان الله سبحانه وتعالى فى كل آياته» بهذه الصورة الجزئية التى رأيناها فى تلك التشبيهات الرائعة وذلك السياق المحكم» وتلك المعانى الجلية التى يتدبرها المتدبرء فتجلى له معان كريمة سامية كلما أعمل فكره وتفكر وقدر. ومثل ذلك كما يجرى فى عباراتنا ‏ ولكلام الله المثل الأعلى ‏ أن يقول عندما يعمل عملا جيدا يعمله فيستحسن. فيقول: كذلك أعمل دائمّاء أى كهذا العمل الذى استحسنتموه كل عمل . ومعنى التشبيه فى الآية الكريمة على هذا يكون هكذا: كهذا البيان الجلى الرائع الذى بدا فى هذا المثل المحكم بيان الله الكلى لكل آياته فى كتابه الحكيم . )١(‏ هو سعد بن أبى وقاص بن مالك بن أهيب بن عبد مناف» الزهرى القرشى» كنيته أبو إسحاق» ولقبه: فارس الإسلامء صحابى جليل» أقام بالكوفة» وتوفى بالمديئنة 8660ه. زهة6 رواه البخارى : الوصايا - أن يترك ورثته أغنياء 220 5*6 ومسلم: الوصية - الوصية بالثلك ركلا .”م بر تفسير سورة البقرة ميل م أرب أ ولعل فى قوله تعالى: ل لَعلَكُم تَتفَكرونَ 4 هى فى الرجاء» وليس الرجاء من الله تعالى؛ لأن الله سبحانه وتعالى عالم بكل شىء» فلا يكون منه رجاء وتوقع؛ لأن ذلك شأن من لا يعلم» إنما يكون منه سبحانه وتعالى تحقق وتأكد ؛ وإنما معنى الرجاء هو المتفق مع ذات البيان؛ لأن ذلك من شأنه أن يرجى معه تفكر المتفكر وتدبر المتدبر؛ ولذلك قال بعض العلماء: إن لعل هنا للتعليل» فالمعنى كان ذلك البيان لتتفكروا وتتدبروا. والمعنى الإجمالى لذلك الختام الكريم لهذا المثل السامى الحكيم: يبين الله سبحانه وتعالى آياته دائمّاء كذلك البيان الذى اتضح لكم فى هذا المثل الرائع المحكم الذى تتسع آفاق الفكر فى إدراكه» فينال كل منه بمقدار إدراكه» فبيان الله دائمًا من ذلك النوع» لتتفكروا وتتأملوا آيه؛ وتدركوا مراميها القريبة والبعيدة. وفقنا الله سبحانه وتعالى لإدراك معانى كتابه» والعمل به» وألهمنا الصواب فى فهمه؛ إنه سبحانه وتعالى الهادى إلى الحق دائما. سلا سر صدد كم خط لا وه و 11 ع سدح عي سر .. كسمم عرص م س سمه جم و 0 5 كاضديه إلا عمش فتكت 6 © السَّيَطن يعد كم الْمَفْرَوَيَاْمُرَكم بأل 2 2 ل حوس سج جر 0 عو لله بعد تَفَْةيَنْه وََضْدُوأَمموَسِع عي 47 2 ين سبحانه وتعالى الإنفاق الذى يعد برا» ويؤتى ثمراته فى الدنيا والآخرة» وهو الإنفاق ايتغاء مرضاة الله تعالى لابتغاء تسهيل مطلب من مطالب الدنيا» ولا طليًا لجاى» ولا ملَفًا لذى جاه» ويشترط فى ثواب الآخرة مع ذلك ألا يعقب العطاء ا تفسيرسورة البقرة اللمل يي الل 000000 1آ1آ##ةآة1ة 222*121 2-7 من أو أذى» فلا يشعر المعطى من أعطاه بمنة العطاء» ويستكثر عليه ما أعطاف ولا يؤذيه بإعلان عطاته أو توجيه كلمات مذلة» فحسبه أن يده هى الدنياء ويد المعطى العلياء والنبى يَلِهُ قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى»”" فلا يصح أن يجمع عليه بين هذا الضعف مع المن وأذى الكشف والإعلان فى مواطن لا يحسن الإعلان فيها. وفى هذه الآيات التى نتكلم فى معانيها السامية الآن بيان المال الذى يكون منه العطاء» ففى الآيات السابقة كان بيان مقاصد العطاء وما يقترب به وما يعقبه» وفى هذه الآيات بيان المال الذى يكون منه العطاء؛ وأن تخير المال واصطفاءه يدل على مقدار الصفاء فى النيةء فمن اختار عند العطاء أجود ماله؛ء كان ذلك دليلا على حسن القصد إن لم يصحب العطاء مَنْ أو أذى أو رياء» وإن اتجه إلى غير الجيد من ماله يعطيه كان ذلك دليلا على ضعف العزيمة وشح النفس 99 ومن يوق شح تفسه ولك هم المقلحون 2ج 4 [الحشر] . ولذلك بين سبحانه عقب المطالبة بأن يكون ابتغاء مرضاة الله أنه لا يسوغ أن يكون الإنفاق من الردىء دون الجيد» ومن النبيث دون الطيب؛ فقال تعالت كلماته: (يا أيها الّذين آمنوا أنفقوا من طيبَات ما كَسبَكم وممًا أَخْرَجنا لَكُم من الأرْض 4 ابتدأ سبحانه بالنداء بالبعيد للدلالة على عموم النداء للمؤمنين فى كل الأجيال من وقت البعث المحمدى إلى يوم القيامة» وكان النداء للمؤمنين لبيان أن من أخلاق أهل الإيمان أن يتصدقوا من الطيب لا من الخبيث» ومما تحبه النفس لا مما تزهد فيه فليس من مقتضيات الإيمان فى شىء أن يجىء الرجل إلى أخبث ماله أو النبيث فيلفق منه لزهادته فيه» ولرغبته عنهة» وعدم اتجاهه إلى الانتفاع به؛ إذ لا يكون فيه معاناة لعمل الخير» ولا مصابرة فى إرادته» ولا جهاد نفسى للحمل على الفعل؛ والأجر على قدر كف النفس عن الهوى» ومشقة الإرادة فى التغلب عليه. )١(‏ رواه البخارى: الزكاة - لا صدقة إلا عن ظهر غنى »)١178(‏ ومسلم بنحوه عن ابن عمر: الزكاة - بيان أن اليد السفلى خير من اليد العليا (16/ا١).‏ بم تفسير سورة البقرة ال 4 سرب أ وما المراد بالطيب؟ للعلماء فى ذلك منهاجان: قال بعضهم: إن المراد بالطيب الحلال. أى أن الإنفاق الذى يقبله الله سبحانه وتعالى هو الإنفاق من المال الحلال الذى كسب من طريق حلال؛ فإن الله سبحانه وتعالى لا يقبل إلا طيبّاء ولا يريد من العبد إلا خيرا» فمن كان يريد بعمله وجه الله تعالى فلا يكسب إلا حلالاء ولا ينفق إلا من حلال. ولقد روى الإمام أحمد رضى الله عنه فى ذلك أن رسول الله ع قال: «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم, وإن الله عز وجل يعطى الدنيا من يحب ومن لا يحبء ولا يعطى الدين إلا لمن أحبء فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه. والذى نفسى بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه» ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه. قالوا: وما بوائقه يا نبى الله؟ قال: غشه وظلمه. ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه» ولا يترلكٌ خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار؛ إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيىئ بالحسن؛ إن الخبيث لا يمحو الخبيث»"'' . وعلى هذا التخريج يكون الاتجاه فى الآية هو الحث على الإنفاق من الحلال دون الحرام» ويكون بالنتيجة اللازمة الحث على طلب الحلال؛ لأنه إذا كان الكسب الحرام لا يقبل فى الصدقات» فأولى أن يكون الأكل منه إثمّا يلقى فى نار جهنم» ومن يأكل منه كمن يأكلون فى بطونهم نار . فيكون على هذا القول» المرمى يتجه إلى أمرين: الحث على طلب الحلال فى الإنفاق» والحث على طلب الحلال من المكاسب» دون المآثم منها. هذا هو القول الأول فى تفسير الآبية ؛ وهو كلام فى ذاته صحيح تؤيده الأحاديث والمعانى الدينية المقررة الثابتة» ولكنه لا يتفق مع سياق الآية ولا موضوعها ولا معنى كلمة الطيب فى مقامها؛ ولذلك رجح أكثر العلماء التفسير الثانى لمعنى الطيب وهو أن المراد به الجيد فى نفسه؛ لأن كلمة طيب على وزن فيعل من طاب» )١(‏ رواه أحمد (19-0") فى مسئده عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. 0 ا تفسيرسورة البقرة 000011000 1 1 121000100 0 7 غيل ب_رزة وهو ما تستطيبه النفس وتتجه إليه وتطلبه؛ وإن ذلك هو الأصل فى معنى طيب؛ ولذا جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى ما نصه: «أصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس» وإطلاق الطيب بمعنى الحلال عرف إسلامى» لا معتى لغوى؛ لأن الله سبحانه لا يبيح إلا ما كان طيبًا فى ذاته تستسيغه النفوس السليمة المستقيمة ولا يحرم عليهم إلا ما كان خبيئًا فى ذاته تعافه النفوس السليمة» فالله سبحانه وتعالى يحل الطيبات ويحرم الخبائث؛ كما ورد بذلك النص القرآنى الكريم. وإن تفسير النص بذلك» وهو أن الطيب المستطاب المحبوب للنفس هو الذى يبدو بادى الرأى من الآية الكريمة» فوق أنه الذى يتفق مع المعنى اللغوىء ولقد فسره ابن عباس بذلك؛ فقد روى عنه أنه قال: (أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه. ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وخبيثه؛ «فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا)27 . وعلى هذا المعنى المستقيم يكون توجيه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى يحث المنفقين على أن ينفقوا من الطيب النفيس» ابتغاء وجه الله تعالى» ولآن البر كل البر هو فى إنفاق الإنسان مما يحب لا مما يبغض؛ ولقد قال سبحانه وتعالى: « أن شَالُوا لبر حتّئ تفقوا مما تُحبُونَ... 42:7 [آل عمران]. وقال تعالى: ويطعمون الطَّعَام علّى حَبّه مسكينا ويَتِيمًا وأسيراً لج 4 [الإنسان]. ولقد نهى النبى كك المؤمنين عن أن يطعموا الفقراء إلا نما يطعمون» فقال كك: ١لا‏ تطعموهم ثما لا تأكلون»2 . إن الله سبحانه وتعالى يحاسب القلوب؛ فيثيبها على مقدار ما اعتزمته من خير» وإن أدل شىء على قوة العزيمة فى الإنفاق والرغبة فيه وخروجه عن طيب 59160 رواه مسلم: الزكاة -_- قبول الصدقة من الكسب الطيب (كمحطيل والترمذى: تفسير سورة البقرة‎ )١( .)55031( وأحمد (2)074944 والدارمى: الرقاق - الكسب الطيب‎ . (؟) رواه أحمد فى مسئده عن السيدة عائشة رضى الله عنها (0/ال791)‎ ا تفسير سورة البقرة اال ااام > اا نفس وقوة إيمان» أن يخرجه وله فيه رغبة» بل فيه شوق ومحبة؛ ولذا ورد عن النبى يِه أنه قال فى خير الصدقات: «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح ترجو الغنى وتخشى الفقر»(١'‏ أى أن تتصدق والمال حبيب إليك غير زاهد فيه» فإنك إن صابرت نفسكء» وحملتها على التصدق فى هذه الحال نلت أجرين: أجر العطاء فى ذاته؛ وأجر تلك المغالبة النفسية التى انتصرت فيها لله وللحق» فأطعمت وكسوت» وأنت تحب المال موفور كثيرا» فآثرت محبة الله على محبة المال» ورضا الله على رضا الهوى» ورضا الحق على رضا النفس» فانتتصرت فى الجهاد الأكبر» وهو جهاد النفس والهوى. هذا هو المعنى الذى اختاره جمهور العلماء لهذا النص الكريم» وهو المعنى القويم الذى يتفق مع سياق الآية وموضوعهاء ويزكيه قوله تعالى: من طَيبات ما كسبتم ومما أَخْرَجِنَا لكم من الأرض » فإن الكسب إذا ذكر مقرونًا بما يلقيه سبحانه وتعالى فى الآرض ويضعه لنا من نفائس فى باطن الأرض» وزرع نضير» وغراس مثمر»ء إن هذا يدل حينئذ على أن المال كله حلال» وأنه يقصد إلى طيبه أو رديئه فينفق منه» فبين أن ذلك الكسب الحلال لا يتخير فى الإنفاق منه إلا جيده» فلا تجعل حصة الفقير إلا أجوده؛ إن المال الذى كسبته رزقًا حلالا: قسم هو حق الفقير والمسكين واليتيم وقد تولى الله عنهم مطالبتك به» وقسم هو لك ولأولادك ومن تعول» فهل يسوغ أن تجعل حق من تولى الله عنهم المطالبة أردأه وأحبثه وأرذله وأسوأه؟ تلك إذن قسمة ضيزى» وكيف تصنعها وتريد بها وجه الله» والتماس عفوه ورضاه؟! إن ذلك غير معقول فى ذاته» ووقوعه غير سائغ ولا مقبول. ولقد قسم سبحانه موارد المال الحلال إلى قسمين: قسم بعمل من العبد؛ إذ عمل العبد فيه واضح بين» واجتهاده فيه ظاهرء وإن كان التوفيق من الله» وهو الرزاق ذو القوة المتين؛ وقسم هو بعمل العبد ولكن فيض الله هو الواضح البين» والأول هو كسب العبد بالعمل والضرب فى الأرض صانعًا أو تاجرآء أو مسهمًا بماله دلق رواه البخارى: الزكاة م فضل صدقة الصحيح الشحيح الفضدةة ومسلم 1/1 .)١‏ 1 0# تفسيرسورة البقرة لب )؟ يي فى صناعة أو تجارة؛ والقسم الثانى» بما يخرجه الله سبحانه وتعالى من زرع يحصد فيكون منه القوت للإنسان والحيوان أو غراس أو شجر يؤتى أكله كل حين بإذن ربه المصانع» والأعمال الإنسانية التى تسجل خلافة الإنسان فى هذه الأرض ليصلح فيها ولا يفسد. م الأرض) فى هذ الع لكريم الف لق ل ؛ وقد قدم سبسحانه وتعالى القسم الأول» وهو الكسب الذى يكون بعمل الإنسان» سواء أكان صناعة أم كان تجارة. وسواء أكان عملا آليا أم كان عملا فكريا؛ وكان ذلك التقديم لأسباب كثيرة؛ منها بيان فضل الأكل من العمل والكسبء كما قال كَك: «ما أكل ابن آدم طعامًا خييرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبى الله داود كان يأكل من عسمل يده( '» ومنها أن العطاء من مال يجىء ء بمجهود وتبذل فيه الجهود د يكون أعظم ثوايًا ؛ ومنها إعلاء ء قدر العمل الإنسانى ليأن به إقامة العمران» وإصلاح الأرض» وتقدم هذا الوجود الإنسانى فى معيشته ووسائل رزقه. وتعالى مع أن للعبد فيه عملا من حرث وبذر وإصلاح ومراقبة» ثم أضيف الكسب بالتجارة والصناعة والعمل فى هذه الدنيا إلى العبد مع أنه برزق من اللهء لأنه هو الذى قسم الأرزاق بين العباد» وجميع ما للعبد من مكاسب بتوفيقه ورزقه. كما قال تعالى فى آية أخرى: «(ومما رزقناهم يففون 27> 4 [البقرة] وكما قال تعالى: وما من دابّة في الأرض إلا علَى الله رْقُها ... #3 [هود] فكل شىء منه وإليه وكل كسب للعبد سواء أكان من الزرع والضرع أم كان من الصناعة أو التجارة فهو من اللهء» وبفضله. وبتوفيقه ورزقه وهدايته بل عطائه سبحانه؟ )١(‏ رواه البخارى: البيوع - كسب الرجل وعمله بيده (-197) بلفظ : «ما أكَلّ أحَد2. بل تفسير سورة البقرة 1 ل لصا 4 ا وإن لذلك السؤال موضعه» وأن الله سبحانه فى بعض آى الذكر اكيم يضيف الكسب إلى العبد لأنه الذى باشر العمل» وفى بعضه يضيف الرزق إلى الرب لأنه المائح» وهو سبحانه يصرف الآيات لمن يفقهونها كما قال سبحانه: «انظر كيف نصرّف ؛ الآيات لَعلَّهُم يفقهون +(2ج) » [الأنعام ] ولكل مقام ما يناسبهء ولكلامه سبحانه المثل الأعلى فلا يحاكيه كلام الإنسان مهما يعل قدره فى البيان. ولو حاولنا أن نصل إلى سر التعبير» ما بلغناه على وجهه الكامل؛ وأقصى ما نقول هو أنه سبحانه وتعالى أضاف الكسب إلى العبد فى الأولى» وإخراج النبات والغراس إليه» ليتميز القسمان من الإنتاج» فهما قسمان متقابلان بلا شك؛ إذ الآول العنصر الواضح فيه كسب الغبد» والثانى العنصر الواضح فيه عمل الرب» كما أشرناء فلهذا التمييز بين القسمين كانت الإضافتان المختلفتان» وليحث سبحانه الناس على النوعين من العمل» وبيان أنهما أساس العمران فى هذا الوجودء فكلاهما إصلاح فى الأرض وسبيل من سبل الإنتاج فيها؛ وقد كان بعض الاتتصاديين المتقدمين يعتبر طريق الإنتاج فقط الزراعة» وما تخرجه الأرض؛ والأخرى طرق ثانوية» فالله سبحانه يرشد إلى أن كليهما طريق متميز فيه عمران الأرض والإصلاح فيهاء وفوق ذلك فإن إضافة الكسب إلى العبد مع الحث على الإنفاق من طيباته فيه إشارة إلى أن للفقير حقا معلوما فى كل ما يكسب من مال سواء أكان بصناعة أو تجارة أو عمل باليد أم كان بالبحث فى الأرض وإلقاء الحب ورجاء الثمار من الرب» فللفقير قدر معلوم فى كل هذاء وفى كل شئ صدقة؛ فى المال المكسوب بالجهد صدقة» وفى المال الذى يخرج من الأرض صدقة» وفى العمل نفسه صدقة؛ فعلى الطبيب أن يجعل جزءا من عمله صدقة بأن يداوى المرضى» وعلى المدرس أن يجعل جزءًا من عمله للصدقة بالإرشاد والتوجيهء وعلى الصانع أن يجعل جزءًا من عمله صدقة كالإسهام بعمله فى بناء مسجد أو مستشفى أو نحوهماء وهكذا ففى الآية الكريمة إشارة إلى كل هذا. وبعض المفسرين لا يقصر ما تخرجه الأرض على الزرع والشجرء والحشائش التى يتغذى منها ذات الضرع وذات الحافر» بل يتجاوز إلى ما يكون فى باطن 9 ا تفسيرسورة البقرة اا 0 ###7#717101000 للا 211111111 حت الأرض من معادن وفلزات» وسواء ما تقوم عليه الشروات عند بعض الأممء وما صار أساس العمران فى عصرنا الحاضر؛ فإن أولئك المفسرين الأجلاء أدخلوا ذلك فى عموم قوله تعالى: «إ ومما أخرجنا لَكم من الأَرْض »4 وإن ذلك صادق بلا ريب» وهو نظر مستقيم . وقد يقول قائل: إن ذلك مودع باطن اللأرض» ولم يخرجه الله سبحانه وتعالى إلى ظاهرهاء بل الإنسان هو الذى يخرجهء فنقول: ليس المراد بالإخراج هو هذا المظهر الحسى» بل المراد منه التكوين والإنشاء وظهور الأعراض التى تكون سبيلا لخروجه. فيشمل الإخراج ذلك كما يشمل تكوين الزرع بخروج البذرة من باطن الأرض؛ فإن كليهما يكونه الله تعالى ويظهره لعباده؛ هذا بعوده مستقيما يراه الحمس بما يحمل من ثمر وما معه من غذاء» وذاك يظهر بأعراضه التى يعرفها الخبراء» وقد يظهر للحس ويبدو للنظرء كما يرى البترول طافيًا على الأرض فى بعض البلدان» يعلن ما حوته فى باطنها من عيون ثرَة(' تفيض به. وإن للفقير حقا فى كل هذاء وقد اتفق علماء الإسلام على أن يكون للفقير حق معلوم فيما يوجد فى باطن الأرض» وإن اختلفوا فى مقدار ذلك على آراء فهو على أى حال لا يخلو من إنفاق واجب فيه بقدر معلوم» أو بصدقة منثورة تقدرها الحاجة العامة . وفى الجملة إن على كل مؤمن صدقة يقدمها من طيب ماله أيا كانت مصادره وموارده؛ فهو خير ساقه الله إليه يجب أن يجعل للمحتاجين قدر فيها ليبارك الله تعالى له. «إولا تَيسّموا الخبيث حنْه تفقو ولَسهُم بآخذيه إل أن تُحْمضُوا فيه 4 بعد أن أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يقصدوا فى إنفاقهم إلى الطيب النفيس ينفقون منهى ةف | سكام 32 ره وو و عر سر سروه م م للك ثرة: من ثرر: عين ثرة و ثرارة و ترثارة: غزيرة الماء [لسان العرب: الثاء - ثرر]. ل( تفسير سورة البقرة يس > أ وقد فهم من ذلك الأمر ألا يقصدوا إلى الخبيث» أكد سبحانه ذلك الأمر والقصد إلى الطيب وعدم القصد إلى سواه أكده بأمرين: أحدهما: هو النهى عن القصد إلى الخبيث فى الإنفاق» فهو تكرار حسن أفاد توكيد الأمر بقصد الطيب» وأفاد أيضًا أن الصدقة المجزئة لصاحبها التى يثاب عليها والتى تنمو حتى تصير كالحبة التى فيها سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة» هى التى تكون من الطيب لا من الخبيث» فلا ثواب لمن ينفق يتحرى الخبيث ينفق منه . ومعنى «لا تيمموا» لا تقصدوا إلى الخبيث. فإن التيمم معناه فى الاأصل اللغوى القصدء ويقال يممت جهة كذا أو نحو كذا قصدتهاء كذلك تيممت أى قصدت ولمعنى: لا تتحروا أن تكون صدقتكم من الخبيث أى الردىء . وهذا يستفاد منه أن الإنفاق بالنسبة للمال الذى يؤخذ منه ثلاث مراتب: المرتبة الأولى وهى أعلاها وأزكاها عند الله» هى أن يقصد إلى الطيب فينفق منه» وهذا هو الذى يليق بالمؤمن» وقد دعا إليه الله سبحانه وتعالى بقوله: (يَا أَيّها اين آمنُوا أنفقوا من طَيََات ما كسبتم 4 والمرتبة الثانية: أن ينفق من ماله فيأخذ منه اعتباطاء غير قاصد إلى جيد أو ردىء» فيعطى منه من غير تحر لأحدهماء وهذه دون الأولى بلا شك» ولصاحبها قصد الخير؛ لأنه يشطر من ماله شطراً. والمرتبة الثالثة» وهى الدنيا: أن يقصد إلى الردىء لينفق منه» وهى موضع النهى» وإذا كان منهيا عنها فهى إثم وغير مقبولة عند الله»ء وهى تكشف عن شح النفس وفساد القلب . هذا هو الأمر الأول الذى تأكد به طلب الإنفاق من الطيب النفيس . أما الأمر الثانى: فهو قوله تعالى: 8 ولّستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه 4 أى أنتم تقصدون إلى الإنفاق من الخبيث غير الجيد رذالة المال» مع أنكم لا تأخذونه إن أعطى إليكم هبة أو شراء أو غير ذلك إلا أن تغمضوا فيه؛ أى تتغافلوا عن ملاحظته وتتساهلوا فى قبوله؛ وإن ذلك غير عدل إن أنفقتم المال وأعطيتموه للفقراء والمساكين تحريتم الردىء» وإن طلبتم المال وأردتم أخحذه لا تأخذوا خبيًا إلا إذا أغمضتم عن عيوبه قاصدين الإغماض» وفى ذلك تنبيه إلى أن يضع الرجل فى أعماله مقياسا 0 ا تفسيرسورة البقرة لال لل 211111111 ىج ضابطاء وهو ألا يفعل لغيره إلا ما يحب أن يفعله لنفسه ولا يعطى من شىء إلا ما يحب أن يعطى إليه» وهذا قانون ضابط يحمل المرء على الاستقامة فى كل ما يفعل» وهو مايرمى إليه الحديث الصحيح: «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك بهع(3) فكذلك لا تعط من امال فى إنفاقك إلا ما تقبله طيب النفس إن أخذته فى شراء أو هبة أو غيرهما. وهنا مبحثان لفظيان : أولهما: فى معنى الإغماض فى قوله تعالى: « إلا أن تغمضوا فيه» فقد قال بعض العلماء : إنه من قبسيل أغمض الرجل فى أمر كذا إذا تساهل فيه؛ فالإغماض هنا بمعنى الإغضاء؛ وهذا يستلاقى مع من يقول إن معنى الإغماض ألا يتحرى الفحص تسامحا أو تساهلا؛ وقيل: إن معنى الإغماض أن يأخذ زيادة فى نظير هذا الردئ» فهو يأخذه مضاعفاء فإنه يقال لغة أغمض لى فيما بعتنى أى أعطنى زيادة» وكأن المعنى: إنكم لا تأخذون الردىء إلا متساهلين مغضين مغمضين أعينكم عن الفحص » أو تأخذونه فى نظير زيادة. وثانيهما: قوله تعالى: ١‏ إوا تخمو اتيت من تون ولس ديد أن تغمضوا فيه يقف بعض القراء على قوله تعالى: ١‏ تيَمّمُوا الْحَبِيث 4 ثم يبتد بقوله تعالى: (منه تنفقون ولسم بآخديه إلا أن تعْمِضُوا فيد» ويكون التخريج على هذه القراءة أن قوله تعالى: منه تنفقون ولستم باخذيه » فى مقام تأكيد النهى وإردافه بما هو فى معنى التوبيخ» أى لا تقصد تقصدوا إلى الخبيث مع أنكم تنفقون منهء ولا تأخذونه فى ديونكم. ؛ ففى ديون الله تعالى تتحرون الردىء وفى ديونكم تتحرون الجيد! وليس ذلك من العدل فى شىء. )١(‏ عن عبد اللّه اليشكرى: : تايا رول الله حيرنى بصَمَلٍ يري من ال يناعد من الاو قَال: : اقيم علس ال الو عل الصلاة وتؤتى الزكاة وتحج الت وتصوم رمضاناً وشحب للناس ما تُحب أن يؤتَى لبك وك لَهُم ما نَكرَهُ أن يؤتى ليك . حل عن وجوه الركاب». آرواه أحمد فى مسنده عن عبد الله اليشكرى عن رجل] مبهم كملع /90ا؛ تفسير سورة البقرة ان 4.0 حب اا 9 وَاعْلَمُوا نالل عي حَمِيدُ # ختم سبحانه وتعالى الآية بهذه الجملة السامية» وهى تتضمن التذكير بالله تعالى ذى الجلال والإكرام» وإشعارهم برقابته على أفعالهم وصدتقاتهم؛ ولذا ذكر لفظ الجلالة الذى يربى المهابة وخشيته سبحانه فى النفوس؟؛ لأنه المعبود وحدهء المسيطر على كل ما فى الوجود وحده» وقد تضمنت الجملة وصف الله سبحانه وتعالى بوصفين كريمين مناسبين : أولهما: وصفه بأنه سبحانه غنى» فمن يعطى الفقراء فهو يقرض غنا يضاعف ما أقرض عند العطاء» وهو غنى فلا يقبل إلا الجيد الذى يقدم بنفس سمحة» وبقلب مطمئن ممن يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وهو الحميد» أى الذى يستحق أن يحمد» ولا يحمد سوه؛ لأنه المعطى الوهاب؟ فهو الذى وهب الغنى غناه» واختبر الفقير بفقره» وكان حقا على من أعطاه أن يحمده؛ والحمد أن يجود من ماله سمحًا فى جوده» قاصدا إلى الطيب من ماله يجود به فإن خالف ذلك فقد أخطأ مرتين: مرة لأنه لم يقرض الله قرضا حسئًاء وهو الغنى المعطى» ومرة ثانية؛ لأنه أخل بواجب الحمد» فالاعتراف بالنعمة للمنعم كان يوجب عليه أن يعطى خير ما فى يده» ورجاء الثواب» ورجاء دوام هذه النعمة» كان يوجب عليه مضاعفة العطاء» لا تحرى البخس منه. الشَيْطَانُ يَعَدَكُمْ الققر ويأمرَكُم بالقحشاء» فى هذه الجملة يسبين سبحانه وتعالى بواعث الشر الكامنة فى نفس الإنسان» فالشيطان يجرى فى عروقه مجرى الدم» وهو يوسوس للإنسان بالشرء فإذا تقدم لينفق فى سبيل الله» وإعلاء شآن الحقء أو سد حاجة المعوزين من الفقراء والمساكين وأبناء السبيل» وسوس إليه بأن ذلك سبيل نفاد المال» وأنه إذا ذهب ماله» ضاع وهانت حاله» ويوسوس له بذلك» فيحجم بعد إقدام» وإن أقدم فليعط قليلا من المال» أو ليتخير الحشف'") من ماله. هذه وسوسة الشيطان» وهذا مغزى قوله تعالى: الشيطان عد كم الفقر» أى يوعدكم إذا أنفقتم بالفقرء ويحذركم من الصدقة بما يوسوس بذلك فى أنفسكم؛ )١(‏ الحشف: التمر اليابس الفاسد» والمقصود هنا ردىء المال. ا تفسيرسورة البقرة ل لل 0000 211011 > أ وفى هذا الكلام عبر سبحانه عن التهديد بوعد. وهو المشهور فى لغة القرآن» وقد تستعمل أوعد فى الشر والخير معًا؛ وإن كل بخيل تحدثه نفسه بخوف الفقر عند الإنفاق» وهذا الحديث هو حديث الشيطان؛ ولذا قيل: الناس من خوف الفقر فى فقر. 9 ويأمركم بالفحشاء 4 أى يغرى نفس المؤمن بالفحشاءء ويستمر فى إغرائها حتى تطيعه وتخضع خضوع المأمور للآمر. والفحشاء قال بعض العلماء: إن المراد بها المعاصى التى تردى النفس الإنسانية» من مثل الزنا والسرقة وشرب الخقمر؛ واقترانها بالوعد من الشيطان بالفقرء ليدفع الإنسان تلك الوسوسة عن نفسه؛ وبذلك يشير المولى الحكيم إلى أن وسوسة الشيطان للإنسان بتخويفه بالفقر هى من قبيل وسوسته بالفحشاء والمعاصى المنكرة القبيحة» وإن الممتنع عن الإنفاق فى موطنه كمن يرتكب أفحش الفواحش» وينتهك الحرمات؛ لأن امتناعه عن العطاء وقت لزومه يؤدى إلى انتهاك الحرمات» وارتكاب المعاصى؛ إذ ينقلب الفقير هادمًا مخربًاء فترتكب أبلغ المحرمات إيغالا فى الشرء وقد يكون فى ترك الإنفاق تعريض البلاد للخراب والدمارء وفى ذلك نشر للفسادء وتعريض البلاد لآن تنتهك فيها الحرمات» وترتكب فيها أشنع الموبقات» وهل بعد الذلة خير يرتجى وشر يدفعم؟ هذا قول بعض العلماء فى معنى الفحشاء هنا وتوجيهه. وهو تفسير للكلمة بمعناها الشائع فى استعمال القرآن الكريم» وقد فسر الزمخشرى هنا الفحشاء بالبخل الشديد»؛ اخ لح تلق فى لضة العرب على النخيل الشديد البخل» ومن 20004 أرى الموت يعتاء الكرام ويصطفى عقيلة مال الفاحش المتشده7١)‏ فالفاحش هنا المراد به البخيل . ويكون توجيه الكلام على هذا المعنى » أن الشيطان يوسوس فى نفس الغنى , يخوفه بالفقرء ؛ حتى إذا استمكن من نفسه وسيطر عليها فى هذا وجهه إلى طريق )١(‏ قال المصتف رحمه الله تعالى: اعتام معناها اختار أحسن المال» والعقيلة أكرم المال. والفاحش البخيل» ومعنى البيت أرى الموت يختار الكرام ويختار خيار مال البخيل» ٠»‏ فلا جدوى فى البخل . ها تفسير سورة البقرة لل الاك | .. -- البخل الشديد فاتجه وأطاعه كما يطيع المأمور الآمرء ويصير سيّقة فى يله يسوقه حيث يشاء . ولقد قال كَكلَِ: «إن للشيطان لمة بابن آدم» وللملك لمة» فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق» وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق» فمن وجد ذلك فليعلم أنه من اللهء ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثم قراً: الشيطان يعد كم الفقر ويأمركم بالفحشاء 4 الآية"'" . هذه وسوسة الشيطان» وتلك خاطرة النفس الملكية» وقد ذكر سبحانه أمره فى مقابل وسوسة الشيطان فقال: « واللَهُ يَعدكم مَغْفرة منهُ وضلا » . صدر سبحانه القول بلفظ الجلالة للإشارة إلى أن الوعد الذى وعد به المنفقين وعد حق» لا يمكن أن يجى الشك فى صدقه؛ لأنه وعد الله ذى الجلال والإكرام المعبود بحق» الذى لا يستحق العبادة سواه سبحانه وتعالى عن الشريك والمثيل» وإذا كان الشيطان يهدد بالفقر عند العطاء» فالمولى تعالت حكمته يعد المنفق بأمرين: أولهما المغفرة» وثانيهما الفضل» وهو الزيادة فى الدنيا والاخرة. فأما المغفرة» فلأن الصدقة التى يقصد بها وجه الله تعالى لا لأحد سواهء وليس فيها رياء ولا نفاق» ولم يعقبها من ولا أذى» تدل على نفس صافية خالصة مخلصة» متجهة إلى الله تعالى منصرفة» فإن كان منها فى ماضيها ما يؤاخذ المرء عليه فإن الله تعالى يغفر لهء ويتوب عليه» ولقد قال تعالى: إن الْحَسنَات يذهين السيتات . .. #لزاة 4 [هود] وقال كو : «الصدقة تطفئ الخطيئة» '' ولآن النمس تكون صافية إذا كانت الصدقة على هذا الوجهء قال الله تعالى: «(خذ من أموالهم صدقَة تطهرهم وتركيهم بها. . . 02272 4 [ التوبة ] فالصدقة التى تؤدى ابتغاء وجه الله تعالى تطهر النفس كما تطهر المال» وتوجه النفس نحو الخير» كما تنمى المال. .)591١8( رواه الترمذى: تفسير سورة البقرة‎ )١( .)؟ا١‎ ١15 هم جزء من حديث رواه الترمذى : الإيمان (١651؟) وأحمد فى مسئده عن معاذ‎ لل 00000 1[ 1 1 2”21*3*5511 لسرب ا هذه هى المغفرة التى يعد الله سبحانه وتعالى بهاء وأما الفضل وهو النماء والزيادة فإن ذلك يتحقق بالصدقات؛ لأنها تحدث البركة فى الرزق فيكون القليل فى يد المتصدق كثيرا بتوفيق الله تعالى» وبتوجيه من الله تعالى إلى السبل الناجحةء وإبعاده عما يذهب فيه المال ضياعاء وإن الفضل يتحقق بسيادة المرء على نفسه» ومن ساد على نفسه فقد ساد على غير والمنفق يغالب الأهواء فينتصر» فيشرف فى نفسهء ويشرف أمام الناس؛ ثم إن الله سبحانه مخلف الرزق فى الدنيا بالتمسير والتسهيل والرزق الوفير» وفى الآخرة بالنعيم المقيم ؛ ولقد قال تعالى: وما أنفقتم من شيع فهو بو يخلفه وهو خَير الرازقين لت 4 [سبأ] وقد روى البخارى ومسلم أن رسول الله كه قال: ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفاء ويقول الآخر: اللهم أعط بمسكا تلقًا""'" وإن ذلك مشاهد محسوس بين الناس اليوم» فإن الممسك إن لم يتلف ماله تلف جسمهء فإن لم يتلف جسمه تلفت نفسه» أو شرفهء وتقطعت صلات المودة بينه وبين الناس حتى أقرب الناس إليه . والله واسع عليم 4 ختم الله سبحانه وتعالى هذه الآية بتلك الجملة السامية تأكيدا لوعده الذى وعد به عباده المتقين المتصدقين؛ فإنه سبحانه وتعالى قد وعدهم بآن يعطيهم من فضلهء فبين سبحانه وتعالى أنه واسع المغفرة» واسع الفضل» يعطى من يشاء؛ فإذا كان هو الذى أعطى الغنى من فضله ابتداء» فهو الذى يمده إن تصدق بفضله أيضّاء وهو مع سعة فضله ومغفرته عليم بموضع المغفرة وموضع الفضل» وهو الصادق فيما يعد» يعلم نتيجة العطاء» وأنها لا تنتج فقرً كما يوسوس الشيطان» بل يعلم الغيب» وقد أكنّ فى قدره أنها تننج مغفرة وفضلاء فصدقوا أيها المنفقون من يعلم الغيب» ولا تسيروا وراء وسوسة الشيطان الرجيم )١(‏ البخارى: الزكاة - قول الله تعالى: #فأما من أعطى واتقى# »)١751(‏ ومسلم: الزكاة - فى المنفق واللمسك (8/ا5١).‏ . عن أبى هريرة رضى الله عنه . له تفسير سورة البقرة سس سس وي حر اد 0 < مدي سس 2000 لج هو ار رس تر هه هو أ و وصء اجر 6 وي س2 ولو لدبب © لحي مه هه همه 4-6 > ا ع ل 0 وال قم قن نشقة نكاد ون سورت يله سك يَعَلَمَدءوَمَا إلطابلميرك من نك ار بعد أن بِيّن سبحانه وتعالى نوازع الشر فى نفس الإنسان له الله له بالخير» وأن الشيطان يعد بالفقر ويحرض على الفحشاء والبخل» وأن الله يعد بالمغفرة والفضل؛ بعد ذلك بِيّن أن الحكمة فى أن يجيب داعى اللهء وأن هذه الحكمة إنما هى من الله سبحانه وتعالى وأن من نالها فقد أعطاه الله خيرا كثيرا . وأصل الحكمة مأخوذ من حكّم بمعنى منع» وهى فى الإنسانية صفة نفسية هى أساس المعرفة الصحيحة التى تصيب الحق» وتوجه الإنسان نحو عمل الخير» وتمنعه من عمل الشرء فهى فيه مانعة ضابطة حاكمة للنفس مسيرة لها نحو الكمال. ولقد قال الراغب الأصفهانى فى معنى الحكمة: «الحكمة إصابة الحق بالعلم والعقل» والحكمة من الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام» ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات» وهذا هو الذى وصف به لقمان فى قوله عز وجل: « ولقد آنينا لقمان الحكمة ... 17 4 [لقمان] ونبه على جملتها بما وصفه بها». والمعانى التى أشار إليها الراغب هى فى قوله تعالى: # . .. أن اشكر للّه ومن ماكر سه ومن حفر فإ لهي حميد 612 وإذ قال لمان لاننه وهو يع يا بي لا ُشَرِك باللّه إن الشرك طلم عظيم +(12) 4 [ لقمان] إلى آخر الآيات التى تدل على معرفته للحق وإدراكه له وإيمانه به» وعمله على منهاج ما علم وإرشاده الناس إلى فعل الخير. فالحكمة إذن فى حقيقتها تتضمن معانى العلم الصائب والإيمان بالحق والإذعان له وطلبه» والعمل على وفق ما علم» وإرشاد الناس إلى المنهاج المستقيم ؛ ا تفسيرسورة البقرة الل 211 حرم 2 ولذا قال الله تعالى : «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والْمُوعظة الْحَسنَة .. ٠‏ 2 4 [الدحل] وقال النبى كَلْةٌ: «لا حسد إلا فى اثنتين: رجل آناه الله مالا فسلطه على هلكته فى الحق» ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضى بها ويعلمها»(" . وقد يقول قائل: ما موضع هذه الآية من آيات الصدقات؟ فنقول: إن الله سبحانه وتعالى أشار إلى أن المنفق عليه أن يستولى على نفسه. وأن يدفع دواعى الشر» ويحمى قلبه منهاء وأن يجيب نداء الله تعالى؛ وفى هذه الآية أن تلك هى الحكمة» فالحكمة فى ضبط النفس» ومنعها من أهوائها والسيطرة عليهاء وإطاعة الله تعالى. ومن الناس من يحسب الحرص والضْنٌ بالمال حكمة. ويدّعى أن ذلك من الاقتصادء وأن الإنفاق إسراف» فأشار سبحانه أن التصدق هو الحكمة» بذكر آية الحكمة فى آيات الصدقة. وإن الحكمة نور يقذفه الله فى قلب المؤمن الذى يطلب الحق ويتجه إليه ويقصده؛ فإنه إن استولى على نفسه وطلب مرضة الله تعالى آتاه الله نور به يبصر الحق. فأشرق فى قلبه الإيمان به فاندفع إلى العمل الصالح؛ إذ إن الاتجاه المستقيم» بقلب مخلص سليم» يكون معه نور الحكمة» إذ يقذف الله سبحانه وتعالى به فى قلبهء فيكون الفكر المستقيم الذى يصيب الحق» ويكون القلب الذى يؤمن به ويكون العمل النافع؛ ولذا يقول بعض العلماء: إن الحكمة هى العلم النافع الذى يكون معه العمل . هذا معنى قوله تعالى: « يؤتي الْحكْمة من يَشَاء 4 فالمعطى للحكمة هو الله ولكنه العليم بكل شىء يضع الأمور فى مواضعهاء فهو لا يعطيها إلا لمن يخلص قلبه» ويسلم وجههء وإن كان كل شىء بمشيئته سبحانه» إنه على ما يشاء قدير. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: العلم - الاغتباط فى العلم والحكمة ,)9/١(‏ ومسلم: صلاة المسافرين: - فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه (1707) عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه . وفى الباب عن عن عبد الله بن عمرء وعند البخارى عن أبى هريرة أيضا. اناا تفسير سورة البقرة الس اا لحر > ا والحكمة على هذا التوجيه هى علو بالإنسان» وسمو بهء إذ إنه يخلص نفسه من الأهواء المردية» ومن الشهوات الجسدية الأرضية. ومن المأثور أن الإنسان فيه طبيعتان: طبيعة أرضية منها ينفذ الشيطان» وطبيعة ملكية بها سموه» ومن جانبها تنفذ دعوة الديّان» فإن غلبت عليه طبيعته الأرضية غلبت عليه شقوته وكان شرا من الشيطان» وإن غلبت عليه الثانية سمت إنسانيته وكان أفضل من الملك؛ وتلك هى الحكمة؛ ولذا قال تعالى: 9 وَمَن يوت الحكمة ققد أوتي حيرا كثيرا 4 . ١‏ وما يَدَكْرٌ إلا أولوا الألباب 4 أى وما يتذكر ويعتبر بأوامر الله تعالى» ويستولى على نفسه ويحارب أهواءه حتى يقذف الله فى قلبه بنور الحكمة إلا أولو الألباب» أى أصحاب العقول التى تصيب الحق وتدركه» وتتجه إليه غير متأشبة بلذة من لذات الحسدء أو شهوة من شهوات الدنيا المردية. فاللب معناه العقل» ولكنه لا يستعمل فى القرآن إلا فى العقول المستقيمة المدركة التى تخلصت وسلمت من شوائب الهوى» ومعايب اللذات» فهى العقول المسيطرة التى تستخدم لطلب الحق وتوصل إليه» لا العقول المسخرة للآهواء واللذائذ تتحكم فيها وتسيرها. وقد خختم الله سبحانه وتعالى الآية بذلك الختام الحكيم» للإشارة إلى أن الله سبحانه الذى يعطى حكمته من يشاء لا يعطيها إلا للذين خلّصوا قلوبهم من المفاسد والملاذ الأرضية» ولم يجعلوها حاكمة على قلوبهم» متحكمة فى تفكيرهم. وللإشارة إلى أن الذين يجيبون داعى الله» ويردون داعى الشيطان هم ذوو العقول المستقيمة» فلا يتحكم الشيطان إلا فى غفوة من غفوات العقل المدرك؛ وللحث على وجوب تذكر الله دائمّا» وأن على ذوى العقول أن يتجهوا بعقولهم دائمًا لله ليتذكروا ويعتبرواء ويستبصرواء فإنها لا تعمى الأبصار» ولكن تعمى القلوب التى فى الصدورء والله سبحانه وتعالى هو القادر على كل شىء الهادى إلى سواء السبيل. 2 تفسيرسورة البهرة الل ااال ل لس ات « وما أنفقتم من تَقَقَة أو نتم من ندر قن الله َعلَمهُ 4 النفقة هى العطاء العاجل فى باب من أبواب البرء فهى عطاء منجزء توجبه حاجة من يعطيه» أو حاجة الجماعة التى يعيش فيهاء والضرورات الاجتماعية» أو السياسية أو العسكرية لها أما النذر فهو التزام طاعة من الطاعات» أو عطاء فى بر. ويقول الراغب: النذر أن توجب على نفسك ما ليس بواجب لحدوث أمرء يقال نذرت قال تعالى: #إني نذرت للرحمن صوما فلن ألم اليوم إنسيًا 127) 4 [مريم ] وأصل مادة نذر من المنوف؛ لأن الإنسان إنما يلتزم ما يلتزمه على نفسه مما ليس بلازم عليه خوف التقصير وخوف أن تضعف الإرادة البشرية فى القيام بذلك الفعل الذى ليس واجبًا فى أصله. والصيغة المشهورة للنذر أن يقول: لله على نذر أو نذرت لله كذاء فهى فى معناها تتضمن العهد الموثق لله ومعنى الجملة السامية: ما أنفقتم من نفقة عاجلة وأديتموهاء أو التزمتم بنفقة قابلة وعاهدتم الله على القيام بهاء فإن الله تعالى سبحانه وتعالى يعلمه؛ فيعلم الباعث عليه أقصد ابتغاء مرضةة الله أم قصد به رئاء الناس» أو كان من الطيّب الذى يقبله اللهء أم تيمم الخبيث فلم يختر لله سواهء وأتبعه مَنّا وأذى» وجرحًا للكرامة وعزة النفس» أم كان بطيب النفس» ومن غير ذل ولا امتهان؛ ثم يعلم سبحانه أَوَقَى الناذر بنذره على الوجه الأكمل أم نكث عهدهء وأبطل ذمته؛ يعلم الله سبحانه وتعالى ذلك كله يعلمه علم القادر القائم على كل شىء» الذى يجازى المحسن إحسانًا والمسئ إساءة؛ فقوله تعالى: فَإِنَ الله يعلمه 4 مع إيجازها أفادت فوائد جمة: أفادت الوعد والوعيد» أفادت التبشير بالشواب والنعيم المقيم ورضوان الله تعالى» وأفادت الإنذار بالعقاب» لمن فسد قلبه» فلم يقصد بعطاته وجه الله تعالى» ولمن نقض عهده؛ وأخل بذمته؛ ثم أفادت مع ذلك تربية المهابة فى قلب المؤمن؛ فإن المؤمن إذا ذكر أن الله تعالى يعلم عمله. أحس برقابته فى خحلجات نفسهء وخصوصًا أن الجملة السامية: فَإِنَ الله يعلمه 4 صدّرت بما يؤكدها. وذكر العليم الحكيم بلفظ الجلالة الدال على الاستحقاق الكامل للألوهية» وانفراده سبحانه وتعالى بهاء فإن ذلك كله من شأنه أن يجعل المؤمن يحس بمقام الآلوهية» م تفسير سورة البقرة !!!أ اذااااا! !ااا اااناا!! ااا لااالاا !ا [لكات انام ااا ااا مسلاا تالاخ لمخم طاطخلل 42 حب اا ويشعر بحق العبودية» فتخلص نيته» ويخلص قلبه من كل الشوائب والأغراض الدنيوية . وما للظالمين من أنصار» : ختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهذه الجملة السامية التى تفيد النفى المطلق لنصرة الظالمين» ومعناها ليس للظالمين أى نصير فى الدنيا والآخرة» وهى توّكد الوعيد فى الجملة السابقة» وتشير إلى أن الامتناع عن الإعطاء ظلم» وليس للظالم نصير؛ وأن الامتناع عن الإعطاء حقيقة هو ظلمء فهو ظلم للجماعة؛ لآنه منع صاحب الحق من حقه؛ لأن الله سبحانه وتعالى وهو أحكم الحاكمين حكم بأن للفقير فى مال الغنى حقا معلوماء و لاظلم أفحش من أن يمنع صاحب الحق من حقهء ولأن الممتنع عن العطاء يظلم نفسه؛ لأنه يعرضها للهوان فى الدنياء» ولعذاب الله فى الآخرة» وهو يظلم نفسه وجماعته؛ إذ إن الجماعة التى يشح فيها الغنى بالعطاء لإمداد الجند المدافع» ولإمداد الفقير وجعله يعيش عيشة آدمية محترمة - يبتليها الله تعالى ببلاء واقع ماله من دافع؛ لآن ذلك الفقير إذا جوّعته كان أداة هدم للجماعة» فيكون الشّداب217 الذين يبدلون أمن الجماعة خومًاء ويكون المنحرفون فى تفكيرهم ومنازعهم الذين يهدمون بناء الجماعة» ويقوضون كل قائم. ونفى الأنصار يشمل النفى فى الدنيا والآخرة كما قررنا؛ أما نفيه فى الآخرة فمعلوم ظاهر ثابت» ونفيه فى الآخرة يدركه البصير النافذ البصيرة؛ فإن البخلاء بأموالهم عن مواطن الخير مبّخَضُون إلى الناسء لايرضى عنهم أحد» ولا يناصرهم أحد بالقول أو العمل» وأحب الناس إلى الناس الباذل المعطى» وأبغضهم إل الشحيح المانع . والآية الكريمة تشير إلى أن الوفاء بالنذر مطلوب فى العطاء؛ فإنه اقترن بالإنفاق المطلوب الذى حث عليه القرآن الكريم فى الآيات السابقة» فكذلك ما اقترن به. )١(‏ الشداب:من الشَذَب» محركة: قطّم الجر أو قشرة» و الشىء: قَطَعَه. والتّشُذيب: الطّردُء والتفريق والتّمرِيقٌ فى المال [لسان العرب: الشين - شذب]. 1 تفسيرسورة البقرة ١١ 0 الااا‎ | ١ يي وإنه من الحق علينا قبل أن ننتقل إلى تفسير الآية الآتية نتكلم فى النذر: إن العلماء يقسمون النذر إلى قسمين: نذر مطلق هو التزام بطاعة غير معلق على زمن. ولم يكن المقصود منه الحض على فعل أو المنع من فعل» أو الامتناع عن فعل» أو توثيق فعل» كأن يقول القائل: لله على نذر أن أعتكف فى العشر الأخيرة من رمضان» أو: لله على نذر أن أتصدق على الفقراء بعشرة جنيهات. فإن النذر فى هذه الحال يجب الوفاء به ما دام طاعة باتفاق الفقهاء ء ويقسم الفخر الرازى فى تفسيره الكبير هذا النذر إلى قسمين : : مفسر وغير مفسرء فالمفسر أن يقول مثلا: لله على حي وهذا يلزم الوفاء به وغير المفسر أن يقول: لله على نذر» من غير أن يسمى النذر ويبينه فيلزمه فيه كفارة يمين لقوله عَلبله: «من نذر نذرً وسمى فعليه ما سمىء ومن نذر نذرا ولم يسم فعليه كفارة يمين70. وهذا مذهب الشافعى. ويلحق بالنذر غير المفسر فى المذهب الشافعى النذر الذى يكون فى معناه تحريض على فعل» أو الامتناع من فعل» كأن يقول: نذرت لله ألا أفعل كذا ثم يفعله» فإنه يجب فيه كفارة يمين؛ لأنه فى معنى اليمين. ولقد روى أن رسول الله كَككِلَةِ قال: «من نذر نذرً لم يسمه فكفارته كفارة يمين» ومن نذر نذر فى معصية فكفارته كفارة يمين» ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين)7'. هذا إذا كان النذر التزامًا مجردًا من غير تعليق أو تقييد بمكان؛ فقد اتفق الفقهاء على وجوب الوفاء به ما دام - لقوله عليه : من نذر أن يطيع الله فليطعه. ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه)”". ولقوله تعالى: 8 ولَيُوقُوا تذورهم 0.٠‏ © [الحج] فهو أمر حتمى لازم. )١(‏ رواه ابن ماجه فى الكفارات )5١١4(‏ عن عقبة بن عامر الجهنى» وعنه رواه الترمذى: النذور والأيمان 4ع 4 .)١‏ (5) رواه أبو داود: الأيمان والنذور - من نذر نذرا لا يطيقه (58410؟) عن ابن عباس بهذا اللفظ» وفى آخخره: «ومن نَذَرَ ندرا أطاقه قليف به). (*) رواه اليخارى : الأيمان والنذور - النذر فى الطاعة (؟ ١‏ ؟5) عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها. اا تفسير سورة البرة لل 42 يج بير يي أما إذا علق النذر على أمر سيقع فى المستقبل كأن يقول: إن شفى الله مريضى ما ألم به فلله على نذر أن أتصدق بمائة جنيه مثلاء فقد اختلف الفقهاء فيه؛ فقال الحنفية فيجب الوفاء بشروط ثلاثة: ألا يكون معصية وألا يكون واجبّاء وأن يكون قربة بحيث يكون من جنسه واجب؛ فنذر المعصية باطل كما قدمناء وكنص الحديث الذى ذكرناه؛ ونذر الواجب لا جدوى فيه؛ لآنه واجب من تلقاء نفسه؛ أما نذر اقرب التى من جنسها واجبات كالصدقات والصيام والحج فإن الوفاء به واجب» وهذا هو مذهب الالكية إلا أنه إذا كان النذر بجميع المال وجب الثلث فقط عندهمء إن لم يكن المال معيئًا بالتعيين. والشافعى فى قول اعتبر النذر المعلق على الشرط كاليمين تجب به كفارة» كأن يقول: إن شربت الدخان وجب عَلََّ كذا صدقةء فشرب» فإنه تجب كفارة يمين . ومذهب الإمام أحمد كما حققه العلامة ابن تيمية أن النذر المعلق على شرط إن قصد به التعليق حقيقة ك: (إن جاء رمضان فلله على نذر أن أعتكف العشرة الأخيرة منه»» فهذا يجب الوفاء به» وإن كان المقصود به الحض على فعل أو الامتناع عن فعل» فإنه لا يجب الوفاء به ولكن تجب كفارة يمين؛ لأنه حلف تجهب فيه الكفارة. وقد اتفق العلماء على عدم وجوب الوفاء فى نذر المعصية» لقوله وَلْةٌ: ١من‏ نذر أن يعصى الله فلا يعصه"''. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعى: لا يجب شىء؛ ولكن قال أحمد: تجهب كفارة يمين» للحديث الذى رواه أبو داود ونقلناه آنفًا؛ ففيه التصريح بأن نذر المعمصية تجب فيه الكفارة ولآن منطق الحنابلة أن النذر الذى يكون فيه الحض على فعل أو منع فعل هو من قبيل اليمين» واليمين فى المعاصى حكمها أنه يجب الحنث فيهاء وتجب كفارة اليمين» لقوله ةد «من حلف على شىء فرأى خيرا منه فليحنث وليكفر)»”" . )١(‏ انظر السابق. (؟) روى مسلم فى صحيحه: الأيمان - ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها (0117 . 1 ش ا تفسيرسورة البقرة يض أحى- هذه كلمة إجمالية فى حكم النذر واختلاف أقوال الفقهاء فيهء ومن المفيد فى هذا الموضع أن نتكلم فى أمرين: أحدهما: فى نذر القيام بقربة فى مكان معين, كالصدقة عند البيت الحرام» أو عند المسجد الفلانى. وثانيهما: هل النذر فى ذاته حسن فى الدين أو ليس بحسن؟ فقد كان الكلام فى وجوب الوفاء به. أما الكلام فى هذا الموضع فهو فى أصله أيكون من المستحسن أن يلتزم الإنسان الطاعة أم يفعلها ولايقيد نفسه بالتزامها أولاً ثم يفعلها؟ . أما بالنسبة للأمر الأول. فقد اتفق الفقهاء على أن الالتزام بقربة فى مكان تشد الرحال إليه وله مزيد اختصاص بالفضل فى الشرع» كالمسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد النبى له يجب الوفاء به؛ فقد ورد أن النبى كله نص على أنه لا تشد الرحال إلا إلى هذه المساجد الثلاثة» فالنذر بالصلاة فيها أو الصدقة عندها يجب الوفاء به؛ لأن الصدقة فى ذاتها قربة» والاتجاه إلى الله فى هذه الأمكنة بالذات قربة ثانية. وأما إذا كان المكان الذى نذرت القربة فيه ليس من الأماكن التتى تشد الرحال إليهاء فقد قال كثيرون من الفقهاء: تجب القربة من غير تقييد بالمكان؛ فمن نذر أن يتصدق عند مسجد الحسين أو غيره فالوفاء واجب من غير تقيد بالمكان. وقال بعض الفقهاء: يجب الوفاء بهذا المكان الذى عيّنه واستدلوا على ذلك بما روى أبو داود أن ثابت بن الضحاك قال: «نذر رجل على عهد رسول الله عليه أن ينحر إبلاً ببوانة فأتى رسول الله َك فسأله. فقال يكِلْهّ: «أكان فيها وثن يعبد؟» قال: لاء قال: «فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟» فقال: لاء فقال: «اوف بنذركء فإنه لا وفاء لنذر فى معصية الله تعالى» ولا فى قطيعة رحم. ولا فيما لا يملك ابن آدم»”" . )١(‏ رواه ببحو من ذلك أبو داود: الأيمان والنذور - ما يلزم به من الوفاء ء بالنذر (5881) عن نابت بن الضّحاك . وبوانة : قيل هضبة وراء يلبع ) وقيل :موضع بين الشام وديار بكر» وقال البغوى: أسفل مكة دون يلملم. ب تفسير سورة البقرة بس ابه غ > 1 وبهذا يتبين أن الوفاء بالنذر واجب ما دام غير معصية» وفى مكان لا معصية فيه» ولكن هل النذر عند الأضرحة والقبور خال من المعصية؟ إن ذلك موضع نظرء والاحتياط فى النذور أن تكون لله خالصة. أما الأمر الثانى» وهو التزام الطاعات بالنذور المطلقة أو النذور المعلقة على شرط» أهو أمر مستحب» أم الأولى خلافه وإن كان يجب الوفاء به إن التزمه؟ لقد اختلف فى ذلك الفقهاء؛ فقال فريق كبير منهم: إن الأولى ألا ينذر العبادة» بل يقوم بها متى قدر عليها من غير نذرء وذلك لما روى عن ابن عمر عن النبى 255 أنه نهى عن النذرء وقال: «إنه لا يأتى بخيرء وإنما يستخرج الله به من السخيل»""' وإن أكثر النذور فى الماضى كما هى فى الحاضر تكون لرجاء أمر فتعلق القربة على وجوده» أو للخوف من نتائج أمر فتعلق القربة على عدمه» وإن تعليق القربة على ذلك أمر غير مستحسن» بل هو مكروه» بل صرح بعض الأئمة بأنه حرام؛ ولقد قال ذلك القول كثيرون من فقهاء المذاهب الأربعة» بل رواه أبو داود عن بعض الصحابة . وقال آخرون : إن النذر مستحب؛ لأنه يحمل الشخص على القيام بالقرب» فهو تقوية للعزيمة على الطاعة؛ ولقد صرح النووى فى المجموع بأنه ٠. ميسشعحنا‎ وعندى أن النذر غير المعلق على شرط قد يكون مستحبا لما فيه من حمل النفس على الإصرار على الطاعات» وأما المعلق على شرطهء فهو الذى ينطبق عليه الحديث» وقد صرح النبى كَل بأنه لا يأتى بخير لمنع اعتقاد الناس ذلك,» وكثيرون يتوهمون أن النذر يغير القدرء فنفى النبى يَلَِةٌ صحة اعتقادهم. والله سبحانه هو القادر على كل شىء» وله عاقبة الأمور. )١(‏ رواه بهذا اللفظ مسلم: النذر - النذر وأنه لا يرد شيئا (2705059» والنسائى: الأيمان والنذور: النهى عن النذر (١41/ا”)‏ عن ابن عمر رضى الله عنهء ورواه البخارى بنحوه: النذر - إلقاء العبد النذر إلى القدر (6113). 2 / تفسيرسورة البقرة 15 >2 إن دوأ إل سدوا د لي ا مه يح ع سا سارح عر مد ع سسسم ا وو وهالفْمَرٍ آ و هله سح فوء” يُكيرَعربكُم 0 مدعا مون 2 سك و 0 و 7 ظ<شظ510ط) وا 211 انسحت وَمَاديففو د انيس و جوائم < 0‏ ماح ودين و ل ره وَمَاتنِفِفوامِنَ حَيْ يوق 2-0 2 فى الآيات السابقة حذر الله سبحانه وتعالى لمتفقين من أدواء الصدقات التى تفتك بها وتذهب بخيرهاء وهى أعداء الإخلاص الثلاثة: الم والأذى» والرياء. والممة والأذى عملان حسيان قد يسهل على المؤمن اجتنابهماء أما الرياء فهو داء نفسى الاحتياط فى تجنبه يوجب تفتيش النفس فى داخليتهاء ومراقبتها فى حركتهاء والتنقيب عن بواعثها؛ فإن كانت تتصل بالرياء عن قرب أو بعد طهرها وزكاهاء وإن سلمت منه فقد برئت واصّعدت إلى سماء التقديس؛ وإن المؤمن فى سبيل هذه المعاجة الروحية عند الإنفاق قد يتردد بين الإعلان ليكون أسوة حسنة للناس» إذ يعلن حق الله فى ماله فيعرف كل ذى مال ذلك» ولكنه يخشى أن يجد الرياء منفذ إلى نفسه من هذه الناحية» وإن أخفاها وسترها عن الأعين» فقد يضل فى العطاءء فيعطى من لا يستحق العطاءء ولا يكون إعلان تلك الشعيرة المقدسة» شعيرة الصدقة التى تثير نخوة ذى المال» فيقتطع من ماله حق الله فيه. ولقد بين سبحانه أن فى الإخفاء خير) كثيراء والجهر محمود إن نقَّى من كل أعراض الرياء» فقال تعالى: ا تفسير سورة البقرة سسا مه لسر نأ ( إن تُبْدُوا الصدقَات شنعمًا هي وإن تخفوها وَتَوْنُوها الفقراء فهو حير لُكم » هذه الآية الكريمة تفيد أن الصدقات فى كل أحوالها خير محض ما دام المنفق قد خلص من الرياء» وجانب المنّ والأذى؛ وإذا كان ثمة تفاوت فهو فى حال النفس» والاحتياط للرياء» وسد مداخله؛ ولذا قال تعالى مادحًا النوعين من الصدقة: صدقة الجهرء وصدقة السر: ظإن تبّدُوا الصّدقات فنعماك أى إن تظهروا صدقاتكم وتعلنوها بين الناس فنعم تلك الصدقة» أى أنها أمر محمود ممدوح يوجب الثناء والذكر الحسن؛ فقوله تعالى: 8 فنعما هي » هو نعم المدغمة فى ماء وما هى التى يقول عنها علماء اللغة إنها نكرة تامة بمعنى شىء» والمعنى نعم شيئا يستحق المدح والثناء تلك الصدقات. وعبر فى قوله عن الإنفاق بالصدقات هناء للاشارة إلى أن الممدوح من الإنفاق المعلن هو الصدقات التى يقصد فيها الشخص إلى إرضاء الرب» وتصدق فيها نيته» ويخلص قلبه؛ لأن كلمة (الصدقة) مأخوذة من الصدق» والصدق هنا هو صدق النية وتخليصها من كل شوائب الرياء. وإذا كانت الصدقة التى خلصت النية فيها لوجه الله تعالى هى موضع مدح وثناء ولا ذم فيها قطء فهى خير بلا شك . وذكرت خيريته بعبارات المدح والثناء دون التصريح بالخيرية» للإشارة إلى أنها ممدوحة عند الله كما هى ممدوحة عند الناس؟ إذ إن المعلن لصدقته سينال ثناء الناس» وسيتحدثون بجوده؛ فبين سبحانه أن عمله نممدوح عند الناس أيضا وبذلك ينال المتصدق المخلص فى نيته ومقصده إن أعلن» ثواب اللهء وثناء الناس» وثناء الشرع . هذه صدقة الجهر إن خلصت من الرياء؟ أما صدقة السر فقد أثنى عليها سبحانه بقوله تعالى : ظ وإن تُحْفُوها وتؤْنُوها الْفقَراءَ فهو حير كم أى إن تخفوا الصدقات التى خلصت فيها النية وتؤتوها الفقراء بأنفسكم فهو خير لكم؛ لآن البعد عن الرياء يكون أوثق؛ إذ فى السرية سد لكل ذرائع الرياء؛؟ ولذلك كان السر خيرا للمعطى؛ إذ فيه احتياط لنفسه من أن يدخلها داء الإنفاق» وهو الرياء؛ فإذا كان فى الجهر فائدة الثناء» فى السر فائدة الاحتياط من الرياء؛ وذلك خير من كل ثناء. ثم تفسير سورة البقرة 1 لل 21101 لحب د صدقة السر خير فى ذاتها كصدقة الجهرء وفوق ذلك فإن صدقة السر خير للفقير؛ لآأنها تستره بستر الله فلا يجتمع عليه ذل الفقر. وذل الأخحذء وذل الإعلان والكشف. والتعبير فى نفقة السر بقوله تعالى: « وتؤتوها الفقراء 4 فيه إشارة إلى ثلاثة أمور: أولها: أن الصدقة قسمان: قسم يعطى إلى الحكام» وهو الصدقات المفروضة :التى قدرها الشارع ؛ فهذه يجمعها أولو الأمر ومن ينوبون عنهم من ولاة وعمال» أو جماعات يختارونها لذلك وهذه تكون معلنة بلا ريب. والقسم الثانى يعطى الفقراء مباشرة وهو الصدقات غير المفروضة» والصدقات المفروضة غير المقدرة التى تكون على حسب حال الشخص» كمن يرى شخصا فى مخمصة وجوعء ويخشى عليه من الموت فإن الصدقة تكون فرضا على من يعلم حاله؛ وهذه الصدقات التى تعطى الفقراء مباشرة يكون السر فيها أولى» بل أكاد أقول إنه يكون لازما؛ لأن الإعلان أذى» وقد قرر المولى العلى القدير أن الأذى يبطل الصدقة فى قوله تعالى: يا أيها لين آمنوا لا تبطلُوا صدقَاتكم بالْمَنَ والأذَئ . ٠٠‏ فيك 4 [البقرة ]. الأمر الثانى: الذى يفيده التعبير بقوله تعالى: ل وتؤتوها الفقراء 4 : الإشارة إلى وجوب تحرى صفة الفقر فيمن يعطى» فلا يعطى إلا ذا حاجة» ولا يكون من الصدقات ما يعطى لغير الفقراء؛ لأنه يكون مروءة أو جودا ولا يكون صدقة يبتغى بها ما عند اللهء إذ يبتغى بها ما عند الناس؛ وإن ذلك وإن كان من نظام الدنيا ليس من الصدقة فى شىء. الأمر الثالث: أن الإعطاء فى هذه الصدقات بوصف الفقرء لا فرق فى ذلك بين مسلم وغير مسلمء ولا بر أو فاجر؛ فإذا كان غير المسلم فى حال مخمصة ولا يعلم حاله إلا مسلم فرض عليه أن يدفع عنه مخمصته؛ فإن ذلك من الرحمة اللغفروضة لكل إنسان؛ ولذا ورد فى صحيح البخارى ومسلم أن رسول الله كك له تفسير سورة البقرة حك لأس أ قال: «فى كل كبد رطبة جر( وفى رواية لغيرهما «فى كل كبد حرى أجر»(") فهذا يدل على أن الرجمة بكل الأحياء فيها أجر» فكيف بالرحمة بالإنسان. بعد بيان أن صدقة السر فيها خير وصدقة الجهر موضع ثناء ومدحء» قال سبحانه : «( ويكفر عنكم من سيئاتكم 4 أى أنه سبحانه وتعالى يستر السيئات التى يرتكبها الشخصء ويخفيها ولا يظهرها عند الشواب والجزاء» فلا يحاسب عليها أصحابها إذا تصدقوا وأعطوا مبتغين وجه الله تعالى فى صدقاتهم. و«من2 فى قوله تعالى : #من سيناتكم» إما أن تكون اامن) البيانية» والمعنى أن الصدقات تكفر السيئات وإما أن تكون «من» الدالة على البعضية» أى أن الله سبحانه وتعالى يكفر للمتصدقين من الخطايا بمقدار ما يتصدقون من صدقات» وينفقون ابتغاء وجه الله تعالى. وعندى أن «من» بيانية؛ لأن النفس التى تفيض خيراتها وتتجه إلى الله تعالى فى صدقاتها لا تبغى إلا مرضاته» فلا تبغى رياء ولا نفاقّاء ولا جاها فى الدنياء نفس برة تقية لم تحط بها خطيكاتها والنفس التى تكون على هذا النحو لا تسيطر عليها المعاصى» فيكون غفران الله تعالى لما كان منها من سيئات فى بعض الأحوال. وقوله: «( ويكفر عدكم من سيئاتكم 4 قال بعض العلماء: إنه بالنسبة لصدقة السر؛ ولذا قال يكلِِ: «صدقة السر تطفىء غضب الرب)”" وقال بعضهم: إن الصدقة بنوعيها تكفر السيئات؛ وذلك أوضح من الأول؛ لآن الصدقة إن سلمت من الرياء وقدمها الشخص طائعًا مختارً ولو بإعلان هى حسنة مقبولة» والله سبحانه وتعالى يقول: «إإِنّ الحسنات يذهبن السيّكات ... 8# 4 [هود] ولقد روى أن )١(‏ رواه البخارى: المساقاة - فضل سقى الماء (14-0١5؟)»‏ ومسلم: السلام - فضل سقى البهائم المحترمة وإطعامها (4175). (؟) رواه ابن ماجه: الأدب - فضل صدقة الماء (51/5") وأحمد (59/98) عن عبد الله بن عمرو بنحوه. ذات كبد:كل ما فيه روح. حرى: من شدة الجر وهو كناية عن شدة العطش . (") جامم الأحاديث والمراسيل : الجامع الصغير وزوائده - الصاد مع الدال. عع سيل : الجامع الصغير عع ا لمسسبير سنورهة البقرة : لال 111 1 1 222*611 15 3 ا النبى كله قال: «الصدقة تطفىء المعصية)”'' ولأن من الصدقات ما لا يمكن إلا أن تكون معلنة كشراء سيدنا عثمان بن عفان لبر رومة ووقفها على المسلمين؛ فلا يمكن أن تكون تلك الصدقات المعلنة التى يبتغى فيها وجه الله غير مكفرة للسيئات» وقد أعد عثمان جيش العسرة» فهل يغض ذلك من صدقته. ولذا نرى أن تكفير الصدقات للسيئات لا يختص بصدقات السر وحدهاء بل يعم الصدقات كلها. ولقد أثار العلماء بحثا فى أيهما أفضل : صدقة السر أم صدقة الجهر؟ وقبل أن نخوض فى أقوال الفقهاء فى ذلك نقرر أن الصحابة أثرت عنهم صدقات الجهرء كما كان معلوما عنهم أنهم يتصدقون ويخفون حتى لا تعلم شمالهم ما تنفق وما يروى فى صدقاتهم التى كانت معروفة أن عمر رضى الله عنه جاء إلى النبى عَللِهٌ بنصف مالهء فقال النبى مَكَئِْة: «ما خلفت وراءك لأهلك ياعمر؟» قال: خلفت لهم نصف مالى: وفى هذا الوقت جاء أبو بكر بكل ماله فقال له النبى كِةِ: «ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟» قال: عدة الله وعدة رسوله. فبكى عمر وقال: بأبى أنت وأمى يا أبا بكرء والله ما استبقنا إلى خير قط إلا كنت سابقا! 9 . وتبرعات عثمان كثيرة مشهورة معلمة بينة» دونتها كتب التاريخ». والسيرة المحمدية الشريفة . وإذا كان المأثور عن الصحابة وعن النبى يك صدقة العلن والسرء ففى كل خير» والآية صريحة فى ذلك. ولكن بعض العلماء فضّل صدقة السرء لقول النبى كك فى حديث البخارى: «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لاظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشاً فى عبادة الله ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه يرجع إليه. ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. . " سبق قريبا بلفظ: " الصدقة تطفئ الخطيكة‎ )١( . رواه ابن أبى حاتم فى التفسير - ما خلفت وراءك لأهلك» وابن مردويهء» وابن عساكر. عن الشعبى‎ 20 ا تفسير سورة البمرة 1 حر اد ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إنى أخاف الله رب العالمين» ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه»”' . وقال بعض العلماء: إن صدقة الفرض المقدّر الأحب فيها الإعلان؛ وصدقة الفرض المقدَر هى الزكاة وصدقة الفطر. والصدقة غير المقدَّرة الأحب فيها الستر حتى لا يؤذى الفقير. ولقد أثر عن ابن عباس أنه كان يقول: (جعل الله صدقة السر فى التطوع تفضل علانيتها بسبعين ضعفّاء وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا). إنه بلا شك صدقة الفريضة المقدرة تكون علنّاء وهى معلنة بحكم أن الإمام يجمعها بعماله» أو يمن ينوبهم عنه؛ وأما صدقة التطوع فإنه بلا شك واضح أن سترها أولى للبعد عن الرياء» ولعدم إيذاء الفقير؛ ولكن قد يكون فى إعلانها ما يتحقق به الأسوة» ويكون كدعوة عامة للإنفاق فى باب معين من أبواب غير المفروضة» فيكون فى الإعلان خير يفوق خير السترء ولكن بشرط البعد عن الرياء؛ ولذلك كان السر فى غير الفريضة المقدرة التى يجمعها ولى الأمرء والأمر متروك لتقدير المنفق» لأنه يتصل بقلبه أخلا من الرياء أم شابته شوائبه؟ ولآنه يعرف حال الفقير الذى يعطيهء أويؤذيه الإعلان أم لا يؤذيه؟ ولأنه هو الآدرى بفائدة الإعلان وفائدة الستر فى أمر صدقته . هذا هو الحكم العام فى الصدقات فى ماضيها عندما كان الناس يقومون براقبة تفوسهم» وإنه بالنسبة لزماننا وقد ساد النفاق» وسيطر الرياء» وعطلت الفرائض نرى أن. الستر أولى حتى تهذب النفوسء وقد سكل رسول الله يَك: أى الصدقة أفضل؟ فقال يَكِةِ: «سر إلى فقير أو جهد من مقل)7' . )١(‏ روى البخارى هذا الحديث فى ثلاثة مواضع» ورواه كاملا فى موضعين منهما ولفظه: الأذان - باب من جلس ينتظر الصلاة وفضل المساجد (770). كما رواه الترمذى ومالك وأحمد. هق جرزء من حديث طويل رواه الإمام أحمد (ل/زه؟١؟)‏ فى مسلده . م تفسيرسورة البقرة 2 !!!الالالال تالكا ال اللا لااانانالل لط خ اللا كتلاخ ططخلا ام الاما للاخ شاط اطاط اما للاخ خخخ لان التطططط انظ خشط طلا لسرب ا « والله بما تعمَلُونَ حَبيرٌ 4 ختم سبحانه الآية الكريمة بذلك اتام السامى؛ والمعنى فيه أن الله ذا الجلال والإكرام المعبود بحقء» الذى انفرد بالألوهية خبير» أى عليم علمًا دقيقًا صادقًا بما تعملون أيها المؤمنون. فهذه الجملة السامية تشعر المؤمن برقابة الله تعالى على أعماله» وعلى بواعث هذه الأعمال وعلى القلوب التى تنبعث منها النيات والمقاصدء عليم سبحانه بكل ذلك؛ فإذا أحس العبد برقابة الله القوى القادر بهذا العلم السامى نقّى قلبه من كل شوائب الرياء فى صدقاته كلهاء جهرها وسرهاء خافيها وظاهرها. ثم هذه الجملة كما تربى فى نفس المؤمن المهابة من الله» والشعور بمراقبته تتضمن وعدا ووعيدً؛ لأنه إذا كان الله سبحانه وتعالى عليمًا علمًا دقيقًا بكل ما يعمل العبد من خير وشرء فإنه يكافئ العبد بما ينتج فعله. إن خيرً فالئواب والنعيم المقيم» وإن شرا فالعذاب الأليم . « ليس علي هداهم ولكن الله يَهْدي من يَشَاء 4 كان المسلمون الأولون قلة فى أرض العرب» وكان المشركون يحيطون ن بهمء واليهود يجاورونهم» وكان يربطهم بالفريقين صلة قرابة» أو على الأقل صلة جوار. فكان بعض المسلسين يمتنع عن مد يد المعسوثة بمال ليهودى أو مشركء مع شديد حاجته إليه» وكان ذلك الامتناع من قبل المعاملة بالمثل من جهة» ولأن فقراء المسلمين الأولى» ولمحمل أولئك على الدخول فى الإسلام دين الوحدانية والعزة؛ فبين الله سبحانه وتعالى أن الصدقة واجب إذا وجد سببهاء ووجدت الحاجة إلى العطاء من غير نظر إلى الموضع الذى يستحقهاء فإنك تكرم إنسانيته» لا يهوديته» ولا نصرانيته ولا إشراكه. ولقد روى ابن عباس عن النبى يَلةٌ أنه كان يأمر بألا يتتصدق إلا على أهل الإسلام» فنزلت هذه الآية: « ليس عَلَيِكَ هداهم ولكن الله يَهْدي من يَشَاءُ 4. وقال ابن عباس أيضا: «كانوا (أى أصحاب رسول الله يَله) يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين» فسألوا رسول الله وَليْةٌ فرخص لهم» فنزل قوله تعالى : « ليس عليك هداهم ولكن الله هدي من يشَاء 4 . هاا تفسير سورة البقرة ال اا هه 7 وبهذين الخبرين يتبين أن هذه الآية الكريمة نزلت لبيان أن الصدقة تسوغ على غير المسلم» بل تجب إذا كان غير المسلم فى حاجة شديدة» ويخشى عليه إن لم يقدم له عطاء ينقذه. وإن هذه الآية وما يليها من آيات تبين من يستحقون الصدقات ومن يؤثرون» فصدرها سبحانه وتعالى بالإشارة إلى أنه يسوغ إعطاء غير المسلمين» بل يجب» وبذلك التصدير يتبين موضع الإسلام من احترام الإنسانية» والإخاء الإنسانى العام؛ فإنه يدعو إلى التعاون والسلم العام» وما يحارب إلا لتقرير ذلك السلام؛ فقد قال تعالى : «إيا أَيهَا الّذين آمنوا ادْخْلُوا في السَلم كاقّة .... +42 4 [البقرة] وقال تعالى : « وإن جَنَحُوا للسّلم فَاجتح لَها وتوكّل علّى الله .... +210 4 [الأنفال] . ومعنى قوله تعالى: ليس عَلَيِك هداهم 4 أى أن الواجب المفروض عليك هو التبليغ والدعوة إلى ربك بالموعظة الحسنة؛ فليس عليك أن تهدى عاصيّاء ولا تدخل الإيمان فى قلب كافرء فلا تمنع صدقة لأجل الكفر» ولا تمنع عطية للحمل على الإيمان ا ولكن الله هدي من يشاء 4 فهو يهدى من يسير فى طريق الهداية» ويفتح قلبه لنور الإيمان» فيوفقه المولى العلى القدير العليم بما تخفى الصدور إلى الحق فيدركه بعد أن يأخذ فى الأسباب» ويسد عن قلبه مداخل الشيطان إليه . وعليك أنت أيها الرسول أن تبلغ ما أنزل إليك» وأن تعامل الناس بما يليق بأخلاق أهل الإيمان» وباحترام الإنسانية وسد حاجة المعوزين» ولو كانوا من المخالفين الذين يدينون بغير دينك» وأن تعاملهم بالتى هى أحسن . وبهذا المنهاج القويم أخذ السلف الصالح رضوان الله تبارك وتعالى عليهم مقتدين بالنبى كِةِ. وإنه يروى أنه فى الموادعة التى كانت بين النبى كَكةّ والمشركين التى تمت فى صلح الحديبية أصابت قريشًا ضائقة» فأرسل النبى كي إلى أبى سفيان بن حرب زعيم الشرك فى ذلك الإبان خمسمائة دينار يشترى بها قمحا يفرج به ضائقتهم» ويسد حاجة المعوزين منهم» وهم ما زالوا مشركين"!'. .)5١غه( رواه أبو داود: الأدب - الحذر من الناس (2.)159 وأحمد‎ )١( هاا تفسير سدورة البسقرة ١‏ ال 01000000 إ 1 1 1 220101111 اكاك ١١‏ را ١.‏ ويروى أن عمر بن الخطاب وجد شيخا ذميا على باب المسجد يتكفف الناس» فأجرى عليه رزقًا مستمرا من بيت المال بعد أن قال له كلمته الرحيمة: «ما أنصفناك! أخذنا منك الجزية صغيراً» وضيعناك كبيرا» . ولقد أمر النبى كَةٍ المسلمين أن يعطوا فقراء غير المسلمين من صدقة الفطر فقال عليه السلام: «أغنوهم عن سؤال هذا اليوم)(" . وإنه إذا كانت الصدقة جائزة على غير المسلمين فأولى أن تكون جائزة على عصاة المسلمين. وقد أجمع على ذلك علماء المسلمين» ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا ابن تيمية؛ فقد أفتى بعدم جواز ذلك لقلا يكون ذلك تشجيعا لعصيانهم؛ وهذا غير ما ورد فى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم والبخارى عن أبى هريرة فقد قال: قال رسول الله كه : «قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة فوضعها فى يد زانية فأصبح الناس يتحدثون: تصدق على زانية» فقال: اللهم لك الحمد على زانية. لأتصدقن الليلة بصدقة» فوضعها فى يد غنى» فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على غنى؛ قال: اللهم لك الحمد على غنى, لأتصدقن الليلة» فخرج فوضعها فى يد سارق فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على سارق فقال: اللهم لك الحمد على زانية وغنى وسارق فأتى» فقيل له: أما صدقتك فقد قبلتء وأما الزانية فلعلها أن تستعف بها عن زناهاء ولعل الغنى أن يعتبر فينفق ما أعطاه الله» ولعل السارق أن يستعف بها عن سرقته»27" , «وما تفقوا من حير فَلأَنفسكُم 4 بين سبحانه أن الصدقة تجوز لكل من يكون فى حاجة إليهاء سواء أكان موّمنً أم كان كافراء وسواء أكان برا تقياء أم كان فاجرا عصياء فالعطاء لإنقاذ الإنسانية أيا كان صاحبها بعد أن بين ذلك بين سبحانه أن الصدقة كيفما كانت» وأيا كان موضعها هى خير لصاحبها؛ وخيريتها ثابتة من ثلاث نواح : )222 أخر جه الدارقطنى عن أبى معشر )» كما رواه ابن عدى فى الكامل وأعلّه بأبى معشر» وراجع أيضا جمع الجوامع (/77573). () رواه البخارى: الزكاة - إذا تصدق على غنى وهو لا يعلم (2)1775 ومسلم واللفظ له: الزكاة - ثبوت أجر المتصدق .])١598(‏ ا تفسير سورة البقرة مل اكاك ٠‏ .ب الناحية الأولى: أنها تعود على نفسه بالتهذيب والتربية» وتقوية الإحساس بحق الجماعة عليهاء» والتأليف الروحى بينها وبين الناس ؛ وهذا ما ذكره سيحانه بقوله: 8 وما تنفقوا من خير فلأنفسكم # أى أن كل شىء تنفقونه خير عائد على أنفسكم من حيث إنه يهذبهاء ويقوى صلاتها الاجتماعية» ويرهف الوجدان» وفوق هذا وذاك فإن الإنفاق يدفع غوائل اجتماعية إن سلطت على الجماعة أذهبت وحدتهاء وقفوضت بناءها ؛ فإن أولعتك الفقراء إن لم يمكنوا من حقهم فى الحياة كانوا أداة تخريب وعنصر هدم» وكانوا كالشاة إذا جوعتها انتتشرت ذتبّاء وافترست كل ما فى طريقها؛ وإن دفع هذه الكوارث هو حماية للنفس » ودفاع عن الوجود». وهذا المعنى يتضمنه قوله تعالى: « وما تنفقوا من خير فلأنفسكم » لأنه حماية لها. فهذه هى الناحية الأولى التى تعود بالخير على المنفق» أيا كان من يعطيه» وأيا كان مقدار العطاء قليلا أو كثيرً؛ ولذا قال: طمن خير 4 ف «من» الدالة على البعضية تنبئ عن أنه يجوز الإنفاق بالقليل والكثيرء وفى كل نخير يعود على النفس . والناحية الثانية: ما أشار إليها سبحانه بقوله تعالى: 9 وما تفقون إلا ابتغاء وَجه اللّه 4 فهذه الجملة السامية تثبت الخيرية فى الصدقة» ولو كانت لعاص أو كافر؛ تعالى ورضاه» ورضا الله سبحانه وحده غاية ترجى» وخير عظيم يطلب» ومقصد أسمى يتجه إليه المؤمن ويبتغيه طالب الهداية؛ فإن المؤمن العامر قلبه بالإيمان يحس بروحانية إن طلب رضا الله وابتغاه» أى طلبه بشدة. ش مع ذلك على طلب إقبال الله تعالى عليه؛ لأن كلمة ( وجه الله #4 تدل على الرغبة فى المواجهة والاتصال بالله تعالى» وإقباله على ربهء وإقبال ربه عليه؛ وتلك منزلة 6 تفسيرسورة البقرة ال 110010000 1 1 1 1 220010111 حرب> أ روحية سامية حسبها جزاء للصدقةء ولو كان الععلى كافرا عاصيًا. ولقد قال بعض الباقية فى الدنيا والآخرة؛ وهى ) ناحية الله تعالى) ولذا يقولون إن لكل شئ ولكل عمل وجهين: وجها يتجه إلى هذا العالم وما فيه من أناسى. وهو الوجه الفانى» والوجه الثانى هو الوجه الدائم الباقى» وهو رضا الله تعالى. هذه هى الناحية الثانية من الخيرية فى النفقة بالنسبة للمنفق من غير نظر إلى من أنفق عليه . أما الناحية الثالثة : فهى التى بينها قوله تعالى: « وما تفقوا من حَيْر يُوفإِليْكُم وَأشمْلا نُظْمُوَ) فى هذه الآية الكريمة يمة يبين سبحانه جزاء الصدقات» من حيث إنها تعود على المنفق مغباتها وثمراتها؛ والمعنى: أن ما تنفقون من خير فى هذه الدنيا يوفى إليكم جزاؤه فى هذه الدنياء وفى الآخرة؛ أما فى الآخرة فبالنعيم المقيم الخالد» وهو أضعاف مضاعفة للصدقة» وجراؤها فى الدنيا من حيث إنها تقوية للعناصر الضعيفة فى الأمة» فتنقلب إلى عناصر قوة تمدها بالخير والمعونة الصادقة» فتكون قوة عاملة منتجة تعود ثمرات أعمالها إلى الجميع ومنهم المنفقون» وإن الفقراء إن لم يعطوا كانوا أداة تخريب وهدمء» والصدقة تجعلهم عنصر عمل وبناء» وخير ذلك للجميع . وقد أشار سيحانه إلى أن ذلك الجزاء الدنيوى واللأخروى هو للصدقة» وكأنه وفاء لها مولّد منها؛ ولذا سماه بهاء فقال: فإ وما تفقوا من حير يَف إلَيكُم 4 أى يعود إليكم ذات الخير» فالجزاء لأنه ثمرة لازمة كأنه هو نفس الإنفاق» والنتيجة لأنها متولدة عن الإنفاق كانت كأنها هو. . ثم ختم سبحانه الآية بقوله: «( وأنتم لا تَظلّمون 4 أى لا تنقصون أىّ جزاء لعمل قدمتموه هلا تبغون به إلا وجه الله تعالى» وهو العليم الحكيم القادر على كل شىء؛ وإلى الله المصير. تفسير سورة البقرة الال الحو 4ج ل لامَكعَلُو رب السّاس إنحاناً وَمَاكُنَفِفُوأْمِنَ حير - 00 2 ٍَىَ اا قَلِت١‏ عط ج كفك ١لهم‏ 7 سر وَعَلَانيسَةَ 2 أَجَرَهُمع 00 00 ع سه سإ سر رَتَهمو حَوَفْ عليه وَلاهم يحَرَوْتَ قم بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة آفات الصدقات التى تذهب بخيرها بالنسبة لمعطيها من من وأذى ورياء وقصد إلى الخبيث دون الطيب ينفق منهء مع أن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا؛ ثم بِيّن أنه لا يصح أن يكون الكفر أو العصيان سببًا للمنع حيث يجب العطاءء » ليحمّل المشرك على الإيمان» والعاصى على الطاعة. بعد هذا بين سبحانه موضع الصدقات والصفات التى وجب العطاء فى مستحقها؛ وقد قصد سبحانه وتعالى إلى بيان موضع الأولوية فيها؛ فقال تعالى : « للفقراء الّذينَ أُحْصروا في سبيل اللّه4 أى أن الصدقة تكون للفقراء الذين اتصفوا بهذه الصفات» وكانوا على تلك الأحوال» وهى خمس؛ فالحار والمجرور (للفقراء) خبر لمبتدأ محذوف يفهم من مطاوى الكلام الكريم السابق كله وثناياه؛ لأن الكلام السابق كله فى الإنفاق فى سبيل الله» والصدقات المأجورة المشكورة» وما يعكر إخلاصهاء ويعوق جزاءها؛ فكان المحذوف المطوى فى القول مع قيام المشير إليه هو «الصدقة»» فهو محذوف فى حكم المذكورء ولكن لاذا آثر النص القرانى المحذف مع أن الأصل الذكر ليتم النسق الكلامى؟ الجواب عن ذلك هوء أولة الإيجاز المعجز الذى يكون فيه قصر اللفظ مع غزارة المعنى» وثانيًا هو تعليم العباد 4 ل ل ##1ذ1ذ 221 لاا ١١‏ يي من حيث إنه طوى لفظ الصدقة» ولم يصرح فيه بالإسناد ووضعه بجوار الفقراء؛ للوشارة إلى أن الأدب يوجب على المعطى ألا يصرح أن يعطيه بأن هذا صدقةء حتى لا يحس بمذلة الأخذ» فحذف القرآن لفظ الصدقة عند الإسناد إلى الفقراء مع وجوده فى السابق من القول» ليخفيه المعطى عند العطاء» مع احتسابه النية بإخفائه المقصد. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى للفقراء الذين يستحقون الصدقة أوصافًا أو أحوالاً خمسة: الوصف الأول منها: ما ذكره سبحانه وتعالى بقوله: «أُحْصروا في سيل الله 4 أى منعوا من الكسب الحلال الطيب الذى يطلبه صاحبه مجاهدً فى طلبه. فالإحصار هنا المنع ؛ ؛ وأصله من الحصر بمعنى التضييق كما قال تعالى : واحصروهم ... 2# © [التوبة] أى ضيّقوا عليهم. والإحصار هو التشديد فى التضييق بالمنع من الحركة والسير والعمل المنتج المثمر؛ والمئع إما أن يكون لعجز مطلق بمرض أ شيخوخة أو صغر أو غير ذلك» وإما أن يكون المنع بسبب ضيق مسالك الكسب» فإن كان قادرا ولا يجد عملا مع طلبه» أو هو مشغول عن طلب الرزق لنفسه بما هو أجدى على الجماعة وأنفع كالفدائيين الذين يتقدمون الصفوف ليفتدوا جماعتهم» ويعلوا كلمة الحقء ويخفضوا كلمة الباطل؛ فكل هذا إحصار ومنع من اكتساب الرزق. وعبر فى الآية الكريمة ب «أُحصروا 4 بالبناء للمجهول للإشارة إلى أن فقرهم لم يكن نتيجة امتناع عن العمل المجدى النافع» ولم يكن تخاذلا أو كسلاء أو تهاونا فى طلب الرزق الحلال. إنما كان بمنع من غيرهم» أو ليس لهم فيه إرادة حرة قد آثروا فيها الكسل على العملء وإنما كان المنع عجزا؛ أو لأنهم بمقتضى التوزيع العادل والتنسيق الكامل فى الأعمال تحبسهم الجماعة عن طلب الرزق لينصرفوا إلى عمل آخر يجدى وينفع كالجهاد فى سبيل الله» فكانوا ممنوعين عن طلب الرزق بحكم الواقع أو التكليف ولم يكونوا ممتنعين. لما ىج 1 وكلمة في سبيل الله ما موضعها فى الوصف المذكور؟ قال بعض العلماء: إن كلمة فى سبيل الله فى هذا المقام فيها إشارة إلى سبب الإحصار والمنع» وهو أنهم حبسوا أنفسهم للعمل فى سبيل الله وانقطعوا عن المكاسب وطلب الرزق؟؛ لأنهم ربطوا أنفسهم فى سبيل الله بالجهاد فى سبيل إعلاء الحق» أو بالقيام بعمل عام وقالوا إن هذه الآية نزلت فى أهل الصفةء وهم طائفة من المهاجرين الفقراء انقطعوا عن أموالهم» وأقاموا: بالمدينة لا مرتزق لهم فيهاء ينتظرون غزوة يسيرود فيهاء أو سرية يذهبون معهاء فكان النبى كيه يأمر الصحابة ذوى اليسار باستضافتهم» فتستضيف كل أسرة واحدا أو أكثر على حسب قدرتهاء ومن بقى منهم من غير استضافة بسط النبى كَلِْةٌ مائدته لهم فى المسجد وأكلوا معه؛ وقد أقام لهم فى المسجد صّمّةء أى ظلة يأوون إليها يتقون الحر والبرد. وعلى هذا التخريج يكون الإحصار المذكور فى الآية ما يكون سببه الانصراف عن العمل بالاشتغال بعمل عام؛ فإن هذا يوجب على الجماعة التى يعملون فيها أن تجرى على العامل ما يكفيه وأهله بالمعروف؛ فإن لم تفعل الدولة ذلك» وهى التى تمثل اللجماعة» تولى الآحاد والجماعات من الناس تهيئة أسباب الرزق لهم بما ولكن الأوصاف ١‏ اللاحقة لهذا الوصف تومىء إلى أن الآية الكريمة يدخل فى عمومها كل فقير يتعفف يتعفف عن السؤال» ولا يستطيع كسب عيشه لأى سبب من الأسباب المانعة أو المعوقة من العمل للرزق؛ بل إن قوله تعالى: لا يسألون النّاس إلحافا #» يجعل موضوع الآية الكريمة الفقراء العاجزين عن الكسب غير المتفرغين لخدمة عامة؛ لأن هؤلاء لا يتعرضون للسؤال ثم يمتنعون عنه. إنها الذى يتعرض له» ويعف عنه هو العاجز لغير ذلك السبب. حينئذ يكون قوله تعالى: في سبيل الله أعم من الحال التى ذكرها أولئك المفسرون بأن يكون معناهاء أى فى سبيل القيام بما يجب عليهم» سواء أكان ذلك الواجب رزقًا يطلبونه» ولكنهم يعجزون عن الحصول عليه» فهم فى سبيل هذا © ال تفسيرسورة البقرة : الل 11000 1 50001 ةظ#*ظظ2ظ2 سب" ا الطلب فى سبيل الله» أم كان ذلك الواجب خدمة عامة حبسوا أنفسهم لهاء أو القيام بأمر من الفروض الكفائية التى تخصصوا فى بعضها كطلب العلم»ء فإن هؤلاء على المجتمع فرادى وجماعات وعلى الدولة أن تسهل لهم الحياة» وتمكنهم من الاستمرار على طلب ما يطلبون. والخلاصة أن الإحصار على هذا يشمل العجز المادى عن الكسب إما لمرض أو شيخوخة أو نحوهماء أو لطلب العمل مع عدم القدرة عليه. كما يشمل الذين حبسوا لتكليف عام» والقيام بفرض من فروض الكفاية. وأما الوصف الثانى من أوصاف أولئك الفقراء الذين هم أولى الناس بالإنفاق عليهم أنهم «إلا يستطيعون ضربًا في الأرض 4 . والضرب فى الأرض إما أن نقول إنه بمعنى الذهاب فى الأرض والسفر فيها طلبًا للرزق؛ إذ إن هذا المسافر يضرب الأرض برجله كما قال تعالى: «إ وإذا ضربتم في الأرض ... 7ن 4 [ النساء] والمعنى على هذا أن هؤلاء لا يستطيعون السفر للانّجار وكسب الرزق. إما أن يقال هذاء وإما أن يقال إن الغمرب فى الأرض بمعنى حرثها وزرعهاء فإن الحارث الزارع يضرب الأرض بفأسه ويشقها بمحراثه. والاأولى فى نظرى أن تكون كلمة الضرب فى الآأرض شاملة» وأن يكون النفى شاملاء أى أن هؤلاء الفقراء لا يستطيعون العمل فى الأرض بالزراعة» أو الذهاب فيها للاحتطاب والكسبء أو السفر للاتجار» والتنقل بين الأمصار سعيًا فى الرزق» لا يستطيع أولئك الفقراء شيئًا من هذا بسبب العجز المادى» أو لآنهم حبسوا لنفع عام» أو واجب كفائى على العموم» وقد تخصصوا هم لأدائه؛ ولقد قال يَككِ: «لا تحل الصدقة لغنى, ولا لذى مرة سوى)7) وأما الوصف اللسثالث من أوصاف أولئنك الفقراء الذين هم جديرون بالعطاء أنهم 8 يحسبهم الجاهل أغنياء من التَعقف 4 ومعناه أنهم متجملون لا يعرف حالهم )220 رواه الترمذى: الزكاة - من لا تحل له الصدقة )2 وأبو داود: الزكاة - من يعطى من الصدقة وحل الغنى )١797(‏ وأحمد (57414), وابن ماجه: الزكاة - من سأل عن ظهر غنى )1١8579(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه. ب تفسير سورة البقرة 5 ا 1 للب أ من فقر مدقع إلا أهل الخبرة بالنفوس وذوو البصيرة النفاذة» والفراسة الصادقة» فهم لا يعرفون بفقرهم وحاجتهم وعوزهم» بل يحسبهم الجاهل» أى يظنهم أغنياء ويقوم ذلك بحسبانه وتقديره من غير أمارات ظاهرة وبينات قائمة» فالظن فى قوله تعالى: « يحسبهم 4 ظن فى حسبان صاحبه فقط؛ و«الجاهل» إما أن يكون المراد به من لا يعرف حالهم, أو المراد به من لا ينفذ إلى حقائق الأمورء بل يأخذها بمظاهرها التى تبدو بادى النظر» وليس عنده إحساس مرهف يعاونه على إدراك حال هؤلاء الفقراء ما يحيط بهم لا من مجرد المظاهرء وهذا هو الحق» و«التعفف»: تكلّف العفة إما بالمبالغة فيهاء والشدة فى النزاهة» أو بمحاولة الصبر عليها وتحمل المشقة فى سبيلهاء أى أن الدواعى لتركها أقوى من البواعث على الاستمساك بهاء ولكنه يستعين بالصبر» فيرجح العفة بعد تكلف المشقة واحتمالها. والآية الكريمة تقبل المعنيين» فإن الفقير العاجز عن الكسب عند تحمله ما يتحمل الحر الكريم فى سبيل عفته. والمحافظة عليها مبالغ فى العفة؛ أولا: لأن المبالغة فى العفة ليست بالقدر منهاء إنما يكون بقدر ما يبذل فى سبيل المحافظة عليهاء فالغنى لا يبالغ فى العفة إن امتنع عن أخذ أموال الناس» أو طلب المعونة منهم أو أكل مالهم بالباطل» أو سرقتهم أو اغتصابهم» ولكن العاجز عن الكسب يعد مبالعًا فى العفة إن امتنع عن طلب المعونة» وهو فى أمس الحاجة إليها .. وهذا الفقير يبالغ فى العفة ثانيّا: بتحمل المشقات والتصبر عليها وفى سبيلها. وأما الوصف الرابع فهو « تعرفُهُم بسيماهم » وهو أمر متصل بهم ويمن يراهم من ذوى الحس المرهف» والبصيرة النافذة؛ ولذا كان الخطاب فى معرفة سيماهم للنبى كَل وهو البصير النافذ البصيرة» ولمن كان مقتديًا به من كل مؤمن قوى الوجدان» تمن قال فيه النبى يلِ: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله»""". والسيما: العلامة» فما هى علامة الفقراء المتجملين الذين ستروا حاجتهم» والتى يعرفون بها؟ قال بعض العلماء: التواضع والخشوع؛ وقال بعضهم: الرثاثة ومظاهر .)50855( الترمذى: تفسير القرآن - ومن سورة الحجر‎ )١( نا تفسيرسورة البقرة 2 0000 ذ1ذ[ذ[ |[ 1[ [ 1[ [ 1[ 1[ 1 1101000100111 رب أ الفقر؛ وقال بعضهم: الجوع وآثاره. والحق أن الله سبحانه وتعالى لم يبين لنا هذه العلامة التى يعرفون بها؛ ولكنه ذكر أنها تعرف لذى البصيرة؛ أى أن الشخص المدرك الفاهم يستطيع معرفتها بزكانة7') نفسه. من لمحات الوجهء ومن تعرف مصادر الشخص وموارده» وما يحاول به ستر حاله؛ فإنه مهما يحاول الفقير التجمل والصبر فإنه لابد أن تبدو حاجته لذى البصيرة الكريم الذى لا يعلن عورات الناس؟؛ فالعلامة إذن هى الظاهرة التى تبدو للفاحص الذى يُطْمَآن إليه. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى بهذا أمرين: أحدهما ينسب للجاهل وهو الظن بأنهم من الأغنياء» إذ قال سبحانه : يحسبهم الجاهل أَغْنياء من التَعَقْف 4 ؛ هذا ظن الجاهل بالنتفوس يحسبهم لفرط تجملهم بالصبر أغنياء» والأمر الشانى أن لهم سيما ومظهراً لا يعرفه الجاهل» ويعرفه غيره بالنظر الفاحص العاطف» الكاشف السائر. وأما الوصف الخامس من أوصافهم أنهم <الا يسَأَلُون النّاس إِلْحَاقَا 4 أى أنهم لا يسألون الناس» ولا يلحفون فى السؤال أو الطلب؛ ولقد قال الزمخشرى فى معنى (إلحاقًا) : «الإلحاف الإلجاح. وهو اللزوم. وألا يفارقه إلا بشىء يعطاه من قولهم: (لحفنى من فضل لحافه) أى أعطانى من فضل ما عنده»» وقال الراغب الأصفهانى: «أصله من اللحاف» وهو ما يتغطى به» وعلى هذا يكون معنى الإلحاف: هو الملازمة فى الطلب وملاصقة من يطلب العطاء كملاصقة اللحاف لمن يستتر به» أو الإلحاف يأخذ به الفضل الذى يعطاه. وقد اختلف العلماء فى النفى بهذه الجملة السامية: أهو نفى للإلحاف وليس نفيًا للسؤال؛ أى أنهم يسألون ولكن لا يلحفون فى السؤال؛ أم هو نفى للسؤال مطلقًا سواء أكان إلحافًا أم من غير إلحاف؟ قال بعض العلماء: إن النص الكريم يفيد بظاهره نفى الإلحاف لا نفى أصل السوّال؛ لأن النفى منصب عليه إذ النفى إذا كان لأمر مقيد بوصف يكون موضعه ومناطه هو القيدء لا الأصل . )١(‏ الزكانة والرّكنُ بالتحريك التَفرُس والظن يقال زكنُْه صالحا أى ظننته . [لسان العرب - زكن]. يل ك1 وقال بعض آخر: إن أولئك الفقراء لايسألون مطلقا لا بإلحاف ولا بغير إلحاف؛ وإنى أرى أن ذلك هو الراجح؛ لأنهم لو كانوا يسألون ما حسبهم الجاهل أغنياء من التعفف؛ ولو كانوا يسألون ماكانوا متعففين» ولو كانوا يسألون ما احتاج البصير ذو الوجدان إلى تعرف حالهم بالمظاهر والسمات؛ فإن طلبهم يغنى عن التعرف» إذ هم يعرفون أنفسهم بالسؤال؛ فسياق الآية يفيد أنهم لا يسألون مطلقا؛ ولكن لاذا كان النفى متجها إلى الإالحاف فى ظاهرهء لا فى أصل السؤال؟ فنقول فى الجواب عن ذلك: إن النفى ذكر بهذه الصيغة» ليكون فيه إيماء إلى أن يوازيهم المعطى بغيرهم» وأن غيرهم يسأل الناس إلحافًا وهم لا يسألون؛ فالله سبحانه وتعالى نفى عنهم ما يقع من غيرهمء والنفى بهذه الصيغة فيه تعريض بالملحفين»؛ وبه يبدو فضل المتعففين. وفى الحقيقة إن نفى السؤال قد فهم فهما ضمنيا واضح الدلالة من الأوصاف السابقة؛ أما الوصف الأخير فهو ينفى عنهم ما يقع من غيرهم وهو الإلحاف؛ ويندر أن يكون سائل غير ملحف؛ وذلك لأن السؤال حيث وقع يكون التعفف قد زال» وإذا زال التتعفف وجد الطلب والرغبة فى الآأخذء» وعند ذلك يكون الإلحاف» حتما. لايسألون؛ لأآنهم الذين يستحقونء وهم المساكين كما قال النبى كلِل:ْ «ليس المسكين الذى ترده التمرة والتمرتان» إنما المسكين المتعفف» اقرءوا إن شئتم 9لا يَسأَلُونَ الئاس إِلْحافا 2170 . وإنه إذا أعطى هذا المتعفف يجب عليه أن يستر حاله» ولا يكشف أمره؛ ليكون ذلك عوئًا له على تعففه وتحمله» وكل كشف- له أذى» والأذى من آفات الصدقات . )١(‏ رواه البخارى: التفسير - لا يسألون الناس إلحافا (4110)» ومسلم واللفظ له: الزكاة - المسكين الذى لا سس تفسيرسورة البقرة ”م الل 1111100[ 1 1[ 1[ 1[ 1[ذ1ذ 2222*012 اك ١١‏ يي وإذا فضل شىء بعد كفاية المتعفف أعطى السائل؛ فإن مذلة السوّال توجب العطف؛ ولذا ورد «للسائل حق ولو جاء على فرس)7' وإن على من يعطى سائلة وشحه قبل أن يتهم السائل ؛ ولأن يخطئ فى إعطاء غنى عن جهالة خير من أن يخطئ بمنع فقير تظننًا وتأثمًا؛ فإن فى الأول ثوابًا له بنيته» وفى الشانى إثما عليه بتغليب شح نفسه» وتركه فقيراً يتضور جوعاء مسوعًا ذلك بالظن الآثم والتهمة . وإن الإثم فى ترك السائلين يسألون إنما هو فى عدم تنظيم الإحسان» وإغناء الفقراء عن مذلة السؤال. ولقد تكلم العلماء فى السؤال أهو سائغ من الفقير أم غير سائغ ؛ فاتفقوا على أنه جائر عند الضرورة» وأنه لا يصح أن يسأل من عنده قوت يكفيه. ولقد روى الإمام أحمد بن حنبل أن رسول الله يَكِةٍ قال: «المسألة لا تحل إلا لشلاثة: لذى فقر مدقع. أو لذى غرم مفظع. أو لذى دم موجع)”". وإن السؤّال فى غير هذه الأحوال غير سائغ » وهو داخل فى عموم النهى ؛ ولقد قال النبى عله : ١لأن‏ يغدو أحدكم فيبحد فيحتطب على ظهره فيتصدق به ود يستغنر به من الناس خير من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه)”" فالسؤال حيث القدرة على العمل غير جائز. ولقد قال النبى عي : من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم» قالوا يا رسول الله: وما يغنيه؟ قال: ما يغديه أو يعشبه)7؟) . )١(‏ سبق تخريجه. (؟) قال المصنئف رحمه الله: الفقر الماقع: هو الذى يلصق صاحبه بالأرض. والغرم المفظع: الدين الشديد الكثير. وذو الدم الموجع : المتحمل لدية ثقيلة الأداء . اه. والحديث رواه أحمد فى مسئده عن أنس بن مالك رضى الله عنه 2)١18170(‏ ورواه الترمذى وأبو داود وابن ماجه بأطول من هذا. زفوة روآه البخارى: الزكاة - الاستعفاف عن المسألة 2000000 ومسلم واللفظ له: الزكاة - كراهة المسألة 117 (4) جزء من حديث رواه أحمد: مسند الشاميين )١5951(‏ عن سهل بن الحنظلية رضى الله عنه . هاا تفسير سورة البقرة مل ١‏ أب اا وإن كل سائل وعنده ما يغنيه يعد ملحفاء والالحاف بكل صوره منهى عنه؛ ولذا قال يك «من استعف أعفه الله» ومن استغنى أغناه اللهء ومن يسأل الناس» وله عدل خمس أواق فقد سأل الناس إلحافًا)”"' . وفى الجملة إن السؤال ذل وأمر قبيح لا يلجأ إليه المؤمن إلا عند الضرورة» وعلى من يرى سائلاً أن يعطيه إن كان المعطى فى سعةء وإن قام فى نفسه أنه غنى لا يعظيه» ولكن عليه أن يحتاط لدينه كما يحتاط لصدقته؛ وخصوصا فى عصرنا هذا الذى أهمل فيه حق الفقير» فلا يجرى عليه رزق دائم من الدولة» وليس للناس المحرومين» كما قال تعالى: وفي أموالهم حق للسائل والمحروم +(02* 4 [الذاريات ] . وما تفقُوا من حير فَنَ اللَّهَ به عليم 4 هذه الجملة السامية تمت بها الآية الكريمة» لثلاثة أمور: أولها: تربية الشعور براقبة الله فى نفس المومن» فإنه إذا أحس أن الله سبحانه وتعالى مطلع دائمًا على كل ما يعمل من نخير ومن شرء أحس بمراقبته سبحانه» ودام ذكره له وشعوره بعظمته» فيكون فى مقام العبودية الرفيع » ويعبد الله كأنه يراه» كما قال كَل «اعبد الله كأنك تراهء فإن لم تكن تراه فإنه يراك)9" . انيها: هو الإحاس برضا الله عنه عند فعل الخير؛ إذ إن الله يراه وهو يفعله» والإاحساس بمرضاة الله مقام جليل » فرضوان الله أكبر من كل نعيم. )١(‏ أحمد: مسئد الشاميين - حديث رجل من مزينة رضى الله عنه. ا تفسيرسورة البقسرة ل 2110 حر أ ثالثها: العلم بالجزاء الأخروى؛ فإن الله إذا كان يعلم الخير من الأخيارء فإنه يثيبه عليه ؛ لضي أجرمن اسن مل ل سبيل الله وقد خحتم سبحائه ه هذه الآيات كما ب بدأهاء بدأها بالجراء الأوفى لمن يتصدق وينفق فى سبيل اللهء وختمها بالعاقبة الحسنى لمن يتحرى فى الصدقات مواضعهاء أيا كان زمنهاء وأيا كان حالهاء فتستوى نفقة الليل ونفقة النهار» وصدقة السر وصدقة العلن» مادامت الصدقات قد قصد بها مرضة الله تعالى»؛ وسلمت من آفاتها وهى أبن والأذى الم فليس للصدقات وقت معلوم تقبل فيه: وأخسر ترد وترقض» بل هى خير كلهاء المقصود منها النفع العامء وهو متحقق فيها ليلاً ونهارً» وغدوة وعشياء وفى الضحى وفى الأصيل» فالعبرة بالفعل ونيته ونتيجته لا بزمانه ولا بوقته. وقوله تعالى : سر وعلانية 4 فيه بيان عموم الأحوال» ما دامت الصدقة قد خلت مما يربق صفو الإخلاص فيهاء ولا يجعلها خالصة لوجه الله الكريم. ولقد قالوا إن تقديم الليل على النهارء والسر على العلانية فيه إيماء إلى أن الأولى الإخفاء والستر؛ وإن ذلك واضح؛ لآن فى الإخفاء والستر احتياطا للنفس وصونا لها عن كل ما يؤدى إلى الرياء؛ فإن الإعلان قد يؤدى إلى الحمد والثناءء وقد يستمرئ المعطى ذلك». ويستطييه يبه» ثم يطلبه ويقصدهء وعند ذلك يدخل الرياءء إذ يجد الثغرة فى هذا الموضع فينفذ إلى النفس منها. وهناك نوع من التعريم آخر فى الآية غير عموم انما واخال, وهو و عموم باب 9 يشمل الإطعاء والكسوة كما يشمل سناد الديد ودفع فع المغارم» و! وإعداد العدة فى سبيل الله تعالى» وإمداد المحاربين» وشراء ما يخصص للنفع العام كشراء عثمان بئر رومة؛ فكل هذا من الإنفاق» وعمم مع الإنفاق الأموال التى تنفق. فكله خير وكله له جزاؤه. إن تفمسشبير سبوره البقرة ١‏ لين ( > اا ظفْلَهُم أجرهم عند ربّهم ولا خف علَيهِم ولا هم يحزنون 4 هذا جزاء الذين ينفقون بإخلاص غير مقيدين بزمان ولا حال ولا مكان» ولا قدر من الإنفاق» ولا نوع منه. والجملة موقعها من الإعراب أنها خبر والمبتدأ الذين ينفقون» ودخلت الفاء فى الخبرء لأن الموصول فى معنى الشرط فتدخل الفاء فى خبره جوارًا» كما تدخل جواب الشرط . والجزاء الذى ذكره سبحانه وتعالى ثلاثة أنواع: أولها: الثواب يوم القيامة» وفى الدنياء وذلك بالبركة» وبفضل التعاون الذى توجده الصدقة والإنفاق فى سبيل الله؛ ثم بالنعيم المقيم يوم القيامة. وقد سمى سبحانه وتعالى ذلك أجراً» وسماه فى مواضع أخرى جزاءء مع أنه المعطى والمانع» والرازق والباسطهء وذلك تفضل منه وكرمء ولنتعلم من الله عدم المن فى العطاء . والثانى من الجزاء: الأمن من الخوف؛ إذ قال سبحانه: « ولا خوف عليهم 4 والصدقة تؤمن من الخوف فى الدنيا وفى الآخرة» فهى أمن من عذاب الله يوم القيامة ؛ إذ إنها تكفر السيئات؛ كما قال تعالى: إن الْحَسنَات يذهين السسيئات . قزم 4 [هود ] وكما قال يَكلِِ: «الصدقة تطفئ الخطيئة)0١2.‏ أما الأمن من الخوف فى الدنيا؛ فلأن الإنفاق فى مواضع الإنفاق وقاية للمجتمع من غوائل الفقرء وعوامل التخريب» فلا يحصن مال الغنى إلا الإنفاق فى كل ما يعود على الفقير والمجتمع بالنفع» وإن الأمن من الخوف بالإنفاق واضح كل الوضوح فى الإنفاق لإمداد القوات المجاهدة فى الدفاع عن الآأمة» كما هو واضح فى سد حاجات الفقير» وتهيئة فرص الحياة الرفيعة والعمل له. )١( .‏ سبق قريبا. 0 ش تفسيرسورة البقرة 4 للا 00ل 1 1+1 1 1[ ذ1ذ00011011011##111”ض لسر ا . والثالث من أنواع الجزاء: نفى الحزن» والبعد عن أسبايه. والحزن هم نفسى ولذا عبر عنه باسفعل الذى يصور النفس والشخص فقال سبحانه: 0 يحزنون 4 وهم النفس يدفع بالاعتماد على الله» وطلبٍ رضاهء واطمئنان الضميرء وبرد اليقسين» وذلك كله يتحقق فى الدنيا بالصدقة؛» وزوال الحزن فى الآخرة بها أعظم وأكبر . هذا والآية عامة تشمل كل من يسارع إلى الإنفاق فى وقت الحاجة إليه فى سر أو فى إعلان فى ليل أو فى نهار» غير قاصد بما أنفق إلا الخير يبتغيه» ومرضاة الله سبحانه وتعالى» لا يرائى ولا يمن ولا يؤذى. ولقد ذكر العلماء أن الآية مع عمومها وجدت روايات فى سبب نزولها. وهذه الروايات كلها لا تمنع عمومهاء وإنها تبين فضل المنفق المخلص الذى يعم إنفاقه» ويجىء فى وقت الحاجة إليىى و «الله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه)7 . )١(‏ جزء من حديث رواه مسلم: الذكر والدعاء - فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر (1850) عن أبى هَريرَة رضى الله عنه . م تفسير سورة البقرة 117/11 اا لارا الال نابلا تاتاا اتناك لان الالالال اناالا اناالا لالات لمان الالال لانانطلل الا لاللا نمال ططخن مطامط ططق 4 ليسا 1 7 اا ته آ ‏ آ ب دوم ل - عو م2 ن خب 20 211 ره ا سر عد لخر تخيطها لن من المس ذا ء بأَنْهِمْ لوااد البيع ص . 7 م صر _م ا ىن اهم ١ 00‏ | كللِأوَالَا ا يمس جَلممَرعكاةٌ يانه فلهمَاسَلَتَ مَامَلَكَ نإل اووس عاد مولي علاطت 5 ينح اياوزو ألصد سواه يِب لكريم 7 كانت الآيات الكريمات من قوله تعالى: مل الذين يتفقون أموالهم في سبيل اله َمل حب نبت سبع سابل في كل سبل ماله حبق .. اكه ليك 4 [البقرة] إلى هذه الآية الكريمة © الْذين يأكلون ربا لا يقومون إِلذّ كَمَا يقوم الذي يتَحَبطهُ الشيطان من امس » كلها فى الصدقات؛ بينت مقاصدهاء وبينت آفاتهاء وبينت وعاءهاء وما يكون الإنفاق منه» ثم بينت مواضع الصدقات» وما ينبغى الإنفاق فيه؛ وفي هذه الآية الكريمة يبين سبحانه قبح الربا؛ وإن المناسبة بين الإنفاق فى سبيل الله والرباء هى المناسبة بين الضدين؛ فإنه إذا تذكر الشخص أحد الضدين سبق إلى ذهنه ضده؛ وإن التضاد ثابت بين الإنفاق فى سبيل الجماعة والربا من عدة نواح: من ناحية النفس التى ينبعث منها الرباء والنفس التى تنبعث منها الصدقة؛ فنفس الربوى نفس محب لذاته يريد أن يحتاز كل شىء» ونفس المنفق فى سبيل الله نفس محب للناس ألوف» يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة, ومن ناحية الحقيقة» فالربا أكل لأموال الناس بالباطل» والإنفاق بذل لال النفس فى سبيل الغير ورفعة شأن الجماعة؛ وأكل أموال الناس نقسيض لإعطاء الناس من حر ماله. ومن ناحية التتيجة فالربا يقطع التعاون بين الناس» أو يكون التعاون قائما على الإثم والعدوانء بينما الإنفاق فى 0 ال( تفسيرسورة البقرة ) . ال 100000010000 1 1 1 1 1 1 1 1 1 #1#1#1آ#آآ22201111 لأس أ سبيل الله يقيم التعاون بين الجماعة والآحاد على أساس من الفضيلة» والبر والتقوى» ثم الربا يوجد قلق المرابى» والصدقة توجد اطمئنانًا وقرار . فالربا والإنفاق فى سبيل الله نقيضان لا يجتمعان؛ ولذا جعلهما سبحانه وتعالى متقابلين تقابل الأضدادء فى قوله تعالى : «وما آتيتم من ربا لِيربُوَ في أَمْوَال الّاس فلا يربو عند اللّه وما نيكم من رَكاة نيدو جه الله قأولك هم الْمُصعفُون 252 4 [الروم]. وقد ابتدأ سبحانه فى بيان حقيقة الربا وحكمه ببيان أثره فى نفس المرابى. ليعلم كل إنسان أن أثره شر فى نفس صاحبه» وأن أول من يناله الضرر هو المرابى نفسهء فهو بمقدار ما يكثر من مال يكثر من الهموم؛ ولذا قال سبحانه: الّذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما قوم الذي يَتَحَبّطهُ ليطن من الْسَسَ فهذه الحملة السامية تصوير لحال المرابى» واضطراب نفسه. وقلقه فى حياته؛ فالله سبحانه وتعالى يمثل المرابى فى قلقه المستمر وانزعاجه الدائم بحال الشخص الذى أصيب بجنون واضطراب» فهو يتخبط فى أموره وفى أحواله» وهو فى قلق مستمر. ومعنى التخبط الضرب فى غير استواء؛ ولذا قيل فى المثل: خبط عشواء. والمعنى على هذا أن الذين يأكلون الرباء ويتخذونه سبيلاً من سبل الكسب هم فى حال لا يقرون فيها ولا يطمئنون» فلا يقومون ولا يتحركون إلا وهم المال قد استولى على نفوسهم» والخوف عليه من الضياع مع الحرص الشديد قد أوجد قلقا نفسيا دائما فى عامة أحوالهم» فهم كالمتخبط بسبب ما مسه الشيطان. وإن تشبيه حال المرابين بحال المجنون الذى مسه الشيطان فيه إشارة إلى أن الشيطان قد يمسر نفس الإنسان فيصيه: وقد أنكر ذلك الزمخشرى فى تفسيره. وخرج الآية الكريمة على غير المعنى الذى يفيد هذا فقال فى الكشّاف فى هذا التعبير الكريم: وتخبط الشيطان من زعمات العرب. فورد على ما كانوا يعتقدون» والمس الجنون» ورجل ممسوس. وهذا أيضا من زعماتهم وأن الجنى يمسه فيختلط عقلهء ب تفسير سورة البقرة م أ > ا وكذلك جد الرجل معناه ضربته الجن» ورأيتهم لهم فى الجن قصص وأخبار وعجائب» وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات . وإن هذا الكلام يفيد بفحواه أن العرب يزعمون صلة بين الجنون والجن» وأنه من مس شياطين الحن» وأن القرآن ورد التعبير فيه على مثل ما كانوا يعبرون» وإن لم يكن ذلك حقيقة مقررة فى الإسلام عند الزمخشرى. ولكن وردت أحاديث تفيد أن الشيطان يمس الإنسان» ويكون لمسّه أثر فى فكره وعقله؛ فهل نترك ظواهر هذه الأحاديث مثل قوله يل فيما رواه النسائى: «اللهم إنى أعوذ بك من التردى والهدم والغرق والحريقء وأعوذ بك أن يتخبطنى الشيطان عند الموت» وأعوذ بك أن أموت فى سبيلك مدبراء وأعوذ بك أن أموت غ237 , وفى الحق إن البحوث الروحية التى يجريها العلماء الآن فى أوربا أثبتت الشياطين من الجن تخبط نفس الإنسان أو تمسها فيكون الحنون» وأن تلك العبارات التى كانت تجرى على ألسنة العرب حقائق ثابتة الآن» فلا يسوغ لنا أن نؤول القرآن الكريم بغير ظاهره» لإنكار لا دليل عليه. وإن ظاهر الآية الكريمة يفيد أن هذا التمثيل هو لبيان حالهم فى الدنياء فهو تصوير لاضطرابهم وقلقهم وتخبطهم فى حياتهمء وإن بدوا منظمين فهو تنظيم مادى» ومعه القلق النفسى» والاتزعاج ' المستمر. هذا هو ظاهر الآية» وبه قال بعض المفسرين» ولكن قال الزمخشرى ومعه الكثيرون: إن ذلك التخبط من أكلة الربا هو يوم القيامة» فقال فى الكشاف: (المعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين؛ تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقفا» وقيل الذين يخرجون من الأجداث يوفضون إلا أكلة الرباء ينهضون 2000( رواه النسائى : الاستعاذة - الاستعاذة من التردى والهدم (60185) عن أبى اليسر» وأبو اليسر هو كعب بن عمرو بن عباد الأنصارى توفى ه٠ه.‏ وعنه أيضا رواه أبو داود: الصلاة - الاستعاذة 2)١778(‏ وأحمد: مسند المكيين .])١491/8(‏ 2 اله تفسيرسورة البقرة > د ويسقطون كالمصروعين؛ لأنهم أكلوا الربا فأرباه الله فى بطونهم حتى أئة فلا يقدرون على الإيفاض»). ونرى من هذا أن الكشاف يقصر تلك الحال التى صورها التمثيل على الآخرة. وإنى أرى أنه يصور حالهم فى الدنيا والآخرة؛ فهم فى الدنيا فى قلق مستمرء وفى الآخرة تشقلهم سيئاتهم فيتخبطونء وكأنهم المصروعون. ولا عجب فى أن تكون تلك حالهم فى الدنياء فالربويون أكثر الناس تعرضً للأزمات القلبية» كما يعرضون الجماعات للأزمات الاقتصادية؛ ولقد قرر الأطباء أن نسبة ضغط الدم؛ وتصلب الشرايسين» والشلل والذبحة الصدرية عند الربويين الساتها عند رمع وما علمت ربويا مات إلا سبقه الشلل أو أخواته قبل أن يجىء إليه اموت ت ليستقسبل نار جهنم ؛ ؛ وذلك لأنهم «إلا يقومون إلا كما يَقُوم الذي يتخبطه الشيطان من الْمسَ 4 والله أصدق القائلين. والربا معناه واضح يفهمه العامة وهو الزيادة فى الدين فى نظير الأجل» ولكن الذين يحاولون تطويع الشريعة لتكون أمة ذليلة للاقتصاد الربوى عقّدوا معنى الرباء وهم يحسبون أنهم يحسئون صنعًاء ولذلك وجب أن نتكلم بإيجاز فى معنى هذه الكلمة . أصل الربا من (ربا)_يربو _بمعنى «زاداء. أو «نما4) ثم أطلقت كلمة ربا على ذلك النوع من التداين» وهو أن يزيد المدين فى الدين فى نظير الزيادة فى الأجل» وقد صار إطلاق كلمة الربا على هذا المعنى حقيقة لغوية» أو هو عرف لغوى , وهذا هو الربا المذكور فى قوله: «ايا يها اين آمنوا لا تأكلوا الربا أَضعافًا مضاعقة . ند 4 [آل عمران]ء وقوله تعالى: « وما آتيم من ربا يربو في أمُوَال النّاس قلا يَربُو عند الله ... . 50 4 [الروم] وقوله ود ألا إن ربا الجاهلية موضوع., وأول ربا أبدأ به ربا عمى العباس بن عبد المطلب)07) وهذا الربا يسمى ربا النسيئة؛ ولقد ورد فى )١(‏ جزء من حديث طويل رواه مسلم: احج - حجة النبى يكِِهٌ (71700)». وأبو داود فى المناسك - صفة حجة النبى يله (4؟1), وابن ماجه: المناسك 2)7١75(‏ وأحمد: أول مسند البصريين .)١91//5(‏ ل 4 حر اا الأثر (إنما الربا النسيئة)7١2‏ ولم يشك أحد من الفقهاء فى أن هذا محرم» فتحريمه ثابت بالنص القرآنى» والحديث النبوى» والإجماع الفقهى؛ ولقد سثل الإمام أحمد عن الربا المحرم قطمّاء فقال رضى الله عنه: أن تزيد فى الدين فى نظير الزيادة فى الأجل . | وهناك نوع سمى الربا فى الشرع الإسلامى» لا فى الحقيقة اللغوية» وهو ربا العقودء الثابت بقوله يكل «الذهب بالذهبء والفضة بالفضة» والبر بالبر» والشعير بالشعيرء والتمر بالتمرء والملح بالملح مشلاً بمثل» يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى» والآخذ والمعطى فيه سواء»!" . 1 1 ١‏ وهذا النوع من الربا لم يكن معروفا فى الجاهلية» بل هو حقيقة إسلامية وردت فى مقام النهى؛ ولذا يقسم الجصاص الربا قسمين: ربا غير اصطلاحى» وهو ربا الجاهلية عرفته اللغة» ولا مجال للريب فيه؛ وربا اصطلاحى» وهو الربا الذى جاء الإسلام بتحريمه. ومع وضوح معنى الريا الجاهلى ذلك الوضوح » وهو الذى جاء بتحريمه لقرآن لكريم: وجدنا ناما يحاولون أن بشككرا الناس فى حقيقته» ليحلوا بذلك ا ان ع جنا لي ثرا لاطا لزن اق مساطة .ا 27 4 [آل عمران] فهموا منه أو بالأحرى حاولوا أن يفهموا الناس أن الريا المحرم هو ما يكون بمضاعفة الدين؛ وما دون ذلك حلال؛ وأهملوا قوله تعالى: © وإِن تبتم َلَكُم روس أَمْوَالكُم لا تظلمون وَلا تُظلَمُونَ +579 4 [البقرة] مع أن قوله تعالى: ل أَصَعَافًا مضاعفة 4 حال من (الريا) وهو الزيادة» أى لا تأكلوا تلك الزيادة التى )١(‏ رواه البخارى: البيوع - بيع الدينار بالدينار نساء (707)؛ ومسلم واللفظ له: المساقاة - بيع الطعام مثلا مثل (5991)]. () رواه مسلم: : المساقاة - الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا (41/1؟)) عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه. كما رواه أحمد والنسائى بمثل هذا. 0 اا تفسيرسورة البقرة 2 ااا لللالاللللالللالاللنالالاللااالالا نالل الالالال ناتللا اللا الالالال انالا اطاط ااال 1-6 تتضاعف عاما بعد عام» فالمضاعفة فى الزيادة لا فى أصل الدين» وفوق ذلك فالوصف جار مجرى الواقع من تكرار الزيادة حتى تصل إلى قدر الدّين أو تزيد. ثم إنه من المقرر فقها أن النهى إذا ورد عاما ثم جاء نهى فى بعض أفراد هذا العام لا يكون ثمة تعارض حتى يخصص العام بل أقصاه أن بعض أفراد العام ورد فيه النهى مرتين» فله فضل تأكيدء وكذلك الأمرء كما فى قوله تعالى: حافظوا على الصلوات والصّلاة الوسطى .٠٠‏ امرك 4 [البقرة] . المسلك الثانى من مسالك التشكيك أنهم قالوا: إن الربا المحرم هو ما قصد فيه المقترض أن يستدين للاستهلاك لا للاستغلال؛ فمن يقترض لشراء حاجات لازمة لنفسه أو أهله لا يصح أن يؤخذ منه زيادة نظير الأجل» ومن اقترض ليوسع تجارته» أو ليصلح زراعته. فهو مستغل بما اقترض» فالزيادة لا تكون رباء بل هى مشاركة فى الربح . ذلك قولهم بأفواههم. والله يقول الحق. وهو يهدى السبيل. وإنه ينقض ذلك الزعم أمران: أحدهما: : عموم النص القرآنى» فهو عام فى كل قرض قد جر زيادة فوق رأس المال» بدليل ١‏ وإن تبتم فلكم رءوس أَمَوَالكُم . ٠٠‏ الشركة 4 [ البقرة ] . وثانيهما: أن الذين كانوا يقرضون تجاراء وكان ربا الجاهلية فى مكة التى اشتهرت بالتجارة» وكان تجارها ينقلون بضائع الروم إلى الفرس والفرس إلى الروم؛ وكانت اليمن والشام فيهما الجلب والعرضء كما قال تعالى: « لإيلاف فريش +20 إيلافهم رح الشتَاء والصيف طج) 4 1 قريش] فشيوع الربا فى ذلك الحو التجارى يدل على أنه كان ثمة ربا استغلال» وأن ربا الاستهلاك والاستغلال كلاهما حرام. ولا يصح أن يسمى ربا الاستغلال مشاركة فى الربح؛ لأن أصول المشاركة أن يكون ثمة شركة فى المغنم والمغرم معاء لا أن تكون الشركة فى المغنم دون المغرم . ل تفسير سورة البقرة لل 2 > لاد هذه حقيقة الرباء وهى واضحة إلا عند الذين يتقبلون تشكيك المشككين و كان أهل الجاهلية يسوغون الربا مع إحساسهم الفطرى بأنه ليس أمراً حسناء وكانوا يسوغونه بعقد المشابهة بينه وبين البيع؛ ولذا قال الله تعالى فيهم وفى الرد عليهم: ذلك نهم قَالوا إِنّما ليع مثل الريًا وأحل اللّه البيع وحرم ّم الربا © لقد عقد أولئنك المشركون مقايسة بين البيع والرباء فقالوا: إن البيع يماثل الرباء فكما أن كسب البيع حلال؛ فكسب الربا حلال أيضاء ولا فرق بينهما فى نظرهم الكليل» كالذين قالوا مقالتهم فى ظل الإسلام؛ لا فى حكم الجاهلية. ولكن ما الوصف الجامع فى نظرهم بين البيع والربا؟ لعلهم نظروا إلى أن البيع قد يكون فيه بيع ما يساوى عشرة بخمسة عشرء فكان كسبه من تلك الزيادة» وهى حلال» فكذلك إعطاء مائة وأخذ عشرين ومائة حلال أيضا؛ وإلى أن من يقترض مالا ليتجر فيه يكسب منه وكسبه حلال بالبيع والشراءء فكذلك يكون الربا بالمشاركة فى هذا الكسب؛ وإلى أن البيع بثمن مؤجل أكثر من الثمن العاجل حلال؛ فكذلك تأجيل الدّين فى نظير زيادة يكون حلالاً» وتكون الزيادة كسبًا طيبًا. ذلك قولهمء وقد رد الله سبحانه وتعالى قولهم بقوله: #وَأَحَلَ الله البيع وحرم الربا» فهذه الجحملة السامية رد من الله سبحانه وتعالى لقولهم» وعلى ذلك جمهور المفسرين» ويؤيده قوله تعالى: ط فَمَن جَاءهُ موعظة من رَبّه فانتهئ فَلَه ما سلّف 4 . ومرمى الرد الحكيم» أن طالب الحق من عند الله يجب عليه أن يتلقى حكم الله من غير محاولة تشكيك ولا اعتراض» والله قد حرم الربا وأحل البيع»ء فحق على كل امرئ يؤمن بالله أن يذعن لحكم اللهء من غير تململ ولا اعتراض؛ وإنه نظام الله الذى ارتضاهء ولم يرتض سبحانه سواهء وإن هذا الكلام جدير بأن يخاطب الذين يحاولون التخلص من النهى عن الربا بالتفرقة بين الاستدانة للاستهلاك» والاستدانة للاستغلال. وإن التفرقة بين البيع والربا واضحة؛ فإن البيع موضوعه عين مغلة أو منتفع بها مع بقاء عينهاء أو يجرى عليها الغلاء والرخص» فكان من المعقول أن يجرى ' ل.ل تفسير سورة البقرة )ا ها سير سورة البقسرة 20 فيها الكسب؛ أما الدين فموضوعه نقد لا يغل بنفسه. ولا ينتفع من عينه؛ ولا يجرى عليه الغلاء والرخص؛ لأنه ميزان لقيم الأشياءء فلا تتغير قيمته فى الأمة» وإن اختلفت قوة الشراء به» فالتفرقة بين البيع والربا ثابتة» ولكن الله سبحانه وتعالى يعلمنا الأدب فى تلقى أحكامه. فلا يصح أن نقايس أمام أمر الله ونهيهء لتناقض عموم أمر الله ونهيهء وكل تفكير فيه معارضة لأوامر الله أو لنهيه فهو رد ولقد كان مقتضى القياس الظاهرى أن يقاس الربا على البيع فيقال: إنما الربا مثل السيعء لا أن يقاس البيع على الربا فيقال: 8إِنَمَا ايع مل الربًا 4 ولكن جاء سياق القول على ذلك النحو؛ للإشارة إلى أن أولئك يؤمنون بالربا أشد الإيمان» حتى إنهم ليجعلونه أصلاً فى التشبيهء فيشبهون البيع به وكآن حلّه أصل: والبيع فرع. ولقد ذكر ابن كثير أنهم بقولهم هذا إنما يعترضون على الله فى تحريمه. فاقتضى ذلك أن يكون أصلاًء وكأن مرادهم أن يقولوا: إن البيع يشبه الربا تماماء فما دام الإسلام قد حكم بتحريم الرباء فكان ينبغى أن يحكم بتحريم البيع ؛ ولذلك رد سبحانه وتعالى ذلك عليهم بقوله: « وَأَحَل الله ابيع وَحَرم اليا 4 وما كان لهم أن يعترضوا على أحكام ربهم. وهو العليم بكل أمورهم؛ الخبير بالصالح لهمء وينبغى أن يتلقوا أوامره ونواهيه بالإذعان الكامل؛ ولذا قال سبحانه وتعالى بعد ذلك: ف( فمن جاءه موعظة من رَبّه فَانتهئ قله ما سلف وأَمْره إلى الله 4 . الموعظة : اسم لما يأمر الله سبحانه وتعالى زاجرً للناس إن خالفواء مبيئًا لهم أن المصلحة فى اتباعه» ضاريًا لهم الأمشال على أن فيه مصلحتهم فى معادهم ومعاشهم؛ والمعنى : من جاءه الأأمر من الله سبحانه وتعالى أو النهى عنه فعليه اتباعه والتفكير فيه والاتعاظ به» بالبحث عن حكمته؛ لا أن يعترض عليه» ويجعل الشريعة تبعًا لهواه. ويخالف قول الرسول كَكةِ: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به)'"2 بأن يخضع الشريعة لأهواء الناس. وإن انتهى من جاءته موعظة . سبق تخريجه. وقد صححه النووى فى آخر الأربعين النووية من رواية أبى هريرة عن النبى كَل‎ )١( م تفسير سورة البقرة ا > ات الله فله ما سلف من أمره» أى لا يعاقبه سبحانه على ما سلف من أمره قبل وجود الأمر والنهى فالإسلام يَجُْبْ ما قبله» وقانونه لا يطبق على الماضى قبله. فما أكله المرابى من قبل تحريم الربا فلا عقاب عليه وهو ملك له وليس له أى حق ربوى بعد التحريم» وليس كذلك من أكل الربا بعد التحريم فإنه لا تَحبهِ توبة حتى يعطى الماك لصاحبه؛ لأنه أكل لال الناس بالباطل» وقد أكل بعد النص على التحريم» فإن لم يعرف له صاحب فإن عليه أن يتصدق به ولعل الله سبحانه وتعالى يقبل توبته. ولقد قال الله سبحانه: ظوَآَمْرَه إنَى اللّه4 أى أمر المرابى الذى رابى قبل التحريم إلى ربه» وهو العفو الغفور الرحيم؛ وفى هذا إشارة إلى أن ما يحرمه الشارع الإسلامى لا يكون مباحًا قبل التحريم بل يكون فى مرتبة العفو من الله سبحانه » وأمره إليه تعالت حكمته . هذا شأن من انتهى» أما من عاد إلى المحرم بعد تحريمه» فقد بينه سبحانه بقوله: « وَمَنْ عاد فَلوَْكَ أَصْحَاب الَارِ هم فيها حَالدون 4 . أصحاب النار هم فيها خالدون. وفى هذا التعبير الكريم إشارات بيانية إلى عدة معان» منها: أولا: تأكيد العقاب النازل بهم بالتعبير ب «أولئك» التى تدل على البعيد» وتأكيد القول ب لهما؛ والتعبير ب «أصحاب»)» فإنه يدل على ملازمة العقاب. وثانيا: أنه سبحانه قال #قأُولتك أَصْحَاب النّارٍ» ولم يقل فعقابهم» للإشارة إلى الملازمة بين الجريمة والعقاب» وإلى أن العقاب ثمرتها . وثالنًا: الإشارة إلى أن المعاند لإرادة الله سبحانه وتعالى» والمستحل لما حرم الله تعالى إذ يحكم بالحل وقد حكم سبحانه بالتحريم كافر؛ ولذا حكم الله سبحانه بأنه خالد فى النار» ولا يخلد فى النار مؤمن. 2 اا تفسيرسورة البقرة ا الل 000000 210010011 2 يمحق الله الا ويربي الصّدقات » المحق: النتقص والذهاب» ومنه محاق القمر: أى اتتقاصه فى الرؤية شيع فشينًا حتى لايرىء فكأنه زال وذهب ؛ والله سبحانه وتعالى يمحق الربا فى الدنيا والآخرة؛ ففى الآخرة عقاب أليم» وعذاب مقيم» وفى الدنيا ينقص ماله» كما قال ككْ: «إن الربا وإن كثر فعاقبته إلى لغ( أو تمحى من المال البركة؛ بحيث لا يمكن الانتفاع به» إما لهم دائم وقلق مستمرء وإما لمرض يصيبه فيكون المال الكثير مع عدم القدرة على الانتفاع بهء كمن عنده طعام شهى ولكنه لا يستطيع أن يتناوله؛ لأنه يكون وبالاً عليه؛ وإما لمقت الناس لهء فيفقد تعاونهم» وفى ذلك شر عليه» والربوى لا يمكن أن يخلو فى الدنيا من واحد من هذه الأمّورء فكان الربا ممحوقًا دائما. هذه نتيجة الرباء أما الصدقات فإن الله يربيها وينميهاء إما بالكسب الوفير» وإما بفضل التعاون وبالهدوء والاطمئئان» ثم بالنعيم المقيم يوم القيامة؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: ١‏ إن صدقة أحدكم لتقع فى يد الله فيربيها كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله؛ حتى يجئ يوم القيامة» وإن اللقمة لعلى قدر أحد»(". والصدقة ليس اراد منها مجرد العطاء» بل تشمل ككل نفع عام أو خاص لا يقصد به المؤمن المنفعة الشخصية التى تنبع من الهوىء وعلى ذلك يكون القرض الحسن الذى يقصد به التعاون على الاستغلال من الصدقة أيضاء وهو من حير الصدقات أيضاء وهو من خير الصدقات التى يربيها الله فى الدنيا والآخرة. «والله لا يحب كُلَ كُمَار أي » هذا تهديد لمن استحلوا الرباء أو ارتكبوه» وقد ذكروا فى ذلك الكلام العام للإشارة إلى أن المرابين يسترون الحق» ويعوقون عن الخير؛ إذ معنى «كمّار؛ من كفر بمعنى ستر وأخفى وجحدء فهى صيغة مبالغة لكافر؛ )١(‏ رواه بهذا اللفظ أحمد: مسند المكثرين - مسند عبد الله بن مسعود (60 ,»2 ورواه ابن ماجه: التتجارات - التغليظ فى الربا (77170) عن عبد الله بن مسعود مرفوعا إلى النبى يكلا (؟) رواه بنحو من هذا البخارى: الزكاة - الصدقة من كسب طيب 2)15١(‏ ومسلم: الزكاة - قبول الزكاة )١7484(‏ عن أبى هريرة وقد سبق. ا تفسير سورة البقرة 1 لسرب اد ومعنى أثيم معوق مبطئ عن الخي ر(1؛ فالذين يرابون ويأكلون أموال الناس بالباطل الوصفين للإشارة إلى أن إيمان المرابين ناقص إن لم يستحلوه. وهم كفار إن استحلوه ؛ وهم فى الحالين آثمون معاقبون» ولكل حال مقدارها من الوثم» فليس إئم من جحد بآيات الله كإثم من نقص إيمانه بترك العمل بهاء فذلك كافر» وهذا فاسق» وفرق ما بين الامرين عظليم: يتح أن نقول : إن الكافر هو الكقّار بنعمة له فى النفع » فيأكل أموال الناس بالباطل يسبب ما أعطاه الله من مال» وإنث ذلك ونفى حب الله تعالى بحرمان الآثمين من رضاه؛ إذ إن محبة الله تعالى شأن من شكونه» ومن مظهره الرضاء ومن حرم من رضا الله فقد حرم خير الدنيا والآخرة» وإلى الله عاقبة الأأمور. وَالدسَ !موحي وأ الصبلحنت وَأَقاموا الصَكرة املكو ل رْلَجَرُهُمْ يدري ولوف علو َك وَلَاهْمْ يروت 2د 10 يتأرها لد رج ءامنوا أَتّهواالَهَ يدنش ممه ب يك ِنَم ملوأ رس ل ن رصاق سم قح يرح 27 رظح نر اوأر دواو إن ب كس ادن أَموولِكُمْ لاتظلمور تظلمور َو ولاتظكمو رت 4 2 تإدكات دوعسْرَةْفَنْظِرة لاز أن يسك ف ع2 + كوب ج الاير جور فبداق ور ول 2 لع له رج دو سر شه ون وو كلت سِمَامكَسَبت وهم الي 4 لين محيياة إن . وأثيم على وزن فعيل لآثم؛ مبالغة فى الاثم‎ )١( 0 تفسير سورة البقرة الب زه ىي 3 الله سبحانه وتعالى ف الآية السابقة الجر لملدم الذى 3 ضيه آكل والذيد يداون : بأكل أموال النامس بالباطل الزكاة يؤدونهاء والفرانض يقيمرنهاء وحق الله والناس فى أنفسهم وأموالهم يأتون به على الوجه الأكمل ؛ وبعدك بيان تلك المرتبة العالية لأهل الإيمان» ذكر الطريق لتوبة أكلة الرباء والمسلك الذى يسلكونه ليرتفعوا إلى مرتبة الطاهرين» وعاقبة السوء إن استمروا فى غيهم يعمهون. ابتدأ سبحانه ببيان الأطهار فى مالهم وأنفسهم فقال سبحانه : إن الْذِين آمنوا وعملو | الصالحات وأَقَاموا الصّلاة وآنَوًا الزّكاة4 ذكر سبحانه ذلك الصنف الفاضل الذى جعله الله تعالى من صفوة عباده» فوصفه بأربع صفات» هى: الإيمان . . والعمل الصالح . . وإقامة الصلاة . . وإيتاء الزكاة. أما الوصف الأول فهو الإيمان, فهو نور القلب به يشرق وبه يهتدى» وإذا الإيمان 3 أول أوصاف الأبرار لثلاثة أمور: وجد الإخلاض للنااس وطلب الحقء فاتجه الإنسان بكل جوارحه إليه؛ والإخلاصض هو النور الذى يهتدى به الإنسان ويحميه من كل حيرة. وثانيها: إن الإيمان الذى هو الوصف الثابت للمؤمنين هو والربا نقيضان لا يجتمعان؛ فما من * شخص يأكل الربا أو يبيحه إلا كان منشأ ذلك نقصا فى إيمانف واضطرابا فى يقينه؛ إذ يكون إيمانه بالمال أكثر من إيمانه بالله. وثالنها: إن الإيمان يتضمن معنى الإذعان للحق» ومن ادعى الإيمان ولم يذعن للحق». فقد جافى حقيقته . من أجل هذه المعانى صدّرت أوصاف الذين لا يأكلون الربا بوصف الإيمان. م تفسير سورة البقرة 1# لج ا والوصف الثانى من أوصاف الذين لا يأكلون الربا: هو العمل الصالح؛ والعمل الصالح هو كل عمل فيه خير للمجتمع الذى يعيش فيه المؤمن» يبتدئ فيه بالآسرة: الأقرب فالأقرب» ثم بالجيران: الأدنى فالآدنى» ثم بالعشيرة كلهاء ثم بقومه» ثم بأمته. وإن اقتران الإيمان دائما بالعمل الصالح يدل على أن الإسلام يدعو إلى العمل الإيجابى للخير» فليس الإيمان فى الإسلام مجرد نزاهة روحية» وتعبد فى الصوامع» إنما الإيمان مظهره عمل إيجابى فيه نفع للناس؛ فالإسلام يدعو إلى العمل الإيجابى» لا مجرد التقديس السلبى . ش وإذا كان العمل الصالح هو النفع العام والنفع الخاص» فإنه يفترق عن الصلاة والزكاة» من حيث إن هذه هى الفرائض الوقتية المنظمة للعلاقات بين العبد وربه» وبين العبد والناس؛ أما العمل الصالح فهو الحال الدائمة للمؤمن التى لا تتقيد بزمان ولا مكان» ولا حال؛ فكما أن الإيمان حال دائمة» فالعمل الصالح أى النفع الدائم المستمر للإنسان هو الذى ينبغى أن يكون حالا دائمة مستمرة للمؤمن . | وذكر هذا الوصف فى مقابل أكل الربا فيه إشارة إلى التقابل بين الشر والخير» والإثم والبر؛ فإن الإثم إيذاء للناس ومن ذلك الرباء وأخلاق المؤمن العمل النافع الدائم للناس» وهو الخير وهو البر. والوصف الثالث: إقامة الصلاة» أى الإتيان بها مقومة غير معوجة بحيث يستذكر فيها المصلى ربه» ولا يسهو فيها عن ذكره سبحانه» وما ذكرت الصلاة فى مقام المدح للمصلين إلا ذكرت بالإقامة؛ لأن إقامتها هى التى اتهذب النفس» وتبعدها عن الفواحش والمتكرات» كما قال تعالى: إن الصّلاة تنهى عن الفحشاء وَالْمَكَرِ ولَذَكرٌ اللّه أكبر ... ركه # [ العنكبوت]. وإِنّ ذكر الصلاة بجوار العمل الصالح فيه إشارة إلى أن الإسلام يلتقى فيه وصفان جليلان: التهذيب الروحى» والنزاهة النفسية التى تكون بالصلاة والمداومة 2 ا تفسيرسورة البقرة : 4 ا 00000 21111 لسرب ار على إقامتهاء والعمل النافع المستمر وجلب الخير للناس» ففيه نزاهة الروح والنفع العام . والوصف الرابع من أوصاف المؤمنين إيتاء الزكاة؛ والزكاة هى الفريضة الاجتماعية التى فرضها الله سبحانه وتعالى» وبها يأخذ ولى الأمر من مال الغنى ما يسد به حاجة الفقير؛ فهى قدر معلوم قدره الشارع الحكيم بحيث يأخذه من مال الغنى قسرً أو اختيارا» وذكر الله سبحانه وتعالى فى هذه الجملة أولئك الذين يؤتون الزكاة طواعية واختياراء فهم يعطونها محتسبين النية معتقدين أن الزكاة مغنم لهم ومطهرة لأموالهم» وليست مغرمًا لهم ولا منقصة لأموالهم. وقد أشار النبى عل إلى أن المسلمين بخير ما حسبوا الزكاة مغنمّاء ولم يحسبوها مغرمّاء ولقد قال تعالى : : (إخذ من أموالهم صدقَة تطَهرهُم وتركيهم بها . ٠٠‏ تزه © [التوبة] . وذكرت الزكاة فى هذا المقام؛ لأنها مقابلة للربا كما بينا فى الآية السابقة» وقد تلونا فيما سبق قول الله تعالى: «(وما آتيتم من ربا يربو في أَمْوَال النّاس فَلا يريو عند لوم آم من زكاة يدون وجة اله رات هم امضعفود 420 [الروم]. «إ لهم أجرهم عند ربَهم ولا خوف عليهم ولا هم يَحرَنُون 4 هذا جزاء الذين يؤمنود؛ ويعملون العمل الصالح فى سبيل النفع» ويطهرون نفوسهم بالصلاق ويطهرون أموالهم بالزكاة» وقد ذكر سبحانه وتعالى لهم أنواعا ثلاثة من الجزاء . أولها: الأجرء وهو عوض ما قاموا به من خيرء واعتبر إنعامه عليهم بأضعاف ما صنعوا أجراً وعوضا وهو المنعم المتفضل» ؛ حثا على فعل الخير» وتعليم الناس الشكرء. ومقابلة الخير بالخير. والثانى من أنواع الجزاء: الأمن وعدم الخوف. فلا مزعج يزعج فاعل الخير» إذ إنه بالعمل للنفع العام وتطهير النفس» وإعطاء الفقير حقه المعلوم قد وقى نفسه ووقى مجتمعه من ذرائع الفتن ونوازع الشر؛ هذا فى الدنيا؛ أما فى الآخرة» فالأمن من عذاب الله تعالى. ا نك ا لحب أ والجزاء الشالث: أنهم لا يحزنون؛ وذلك لأنهم باستقامة قلوبهم» وامتلائها بالإيمان وتهذيب أرواحهم وأدائهم ما عليهم من واجب فى حق أنفسهم ومجتمعهم قد حصنوا أنفسهم من أسباب الهم والغمء فلا يأسون على ما يفوتهم» ولا يجزعون لما يصيبهم ؛ لأن نفوسهم روحانية تعلو عن متنازع الأهواء التى تملا النفس بأسباب الهم والغم. وإن ذكر هذه الأحوال فى مقام مقابل لحال الربويين الذين لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ‏ له مغزاه ومعناه؛ إذ فيه بيان للنعيم فى مقابل الجحيم » وللراحة والاطمئنان» فى مقابل الجزع والاضطراب» وكل امرئ بما كسب رهين . يا يها الذي آمنوا انّقُوا الله وذَروا ما بقي من الربا إن كنم مَؤُمنينَ 4 فى هذه الآية الكريمة يبين سبحانه وتعالى طريق التوبة من الرباء» والخروج من مآئمه. ويحث على هذه القوبة بإثبات أنها من مقتضيات الإيمان؛ وأول طرق التوبة لمن خوطبوا بالقرآن أول نزوله» أن يتركوا ما بقى من الربا؛ فما كسبوه قبل الخطاب بالتحريم فإنه فى مرتبة العفوء أما ما يجىء من بعد ذلك ولو كان بعقد سابق فإنه حرام؛ ولذا خاطبهم سبحانه وتعالى بقوله: (يا أَيها اْدينَ آمنُوا الوا الله ودَروا ما قي من الربًا إن كُهْم مُومنينَ وفى ذلك نهى عن أخذ ما استحق بالعقود السابقة؛ وقد تأكد النهى بثلاثة مؤكدات: أولها: تصدير النداء يا أَيَْا الّدين آمَنو 4 فإن ذلك التصدير لبيان أن ترك الربا من شان الإيمان ومقتضياته» فليس من خلق أهل الإيمان بالله ورسوله وكتابه وما اشتمل عليه من أخلاق سامية ومبادئ اجتماعية عالية» أن يأكلوا الربا وأن يتعاملوا به؛ لأنه ضد تهذيب النفس وسمو الروح؛ إذ هو شرم مادى وكسب بغير الطريق الطبعى» ولأنه يقوض بنيان الاجتماع» ويجعل كل واحد من آحاده ينظر إلى الآخر نظر القنيصة التى يقتنصها والفريسة التى يفترسهاء فتنقطع الأوصال» وينتثر العقد الجامع . ها تفسيرسورة البقرة لل هه تفسهرسورة البقرة لأس > ا ثانيها: قوله تعالى: « انوا الله فهذا النص يفيد أن من مقتضيات التقوى اجتناب الربا؛ لأن التقوى معناها أن يجعل المؤمن بينه وبين الآثام وقاية» وأن يجعل ضد هذا كله؛ لأنه يعرض المرء للمآئم؛ فإنه جرد أن يعجز الدين عسن الوفاء - ثالثها: أنه سبحانه جعل ترك الربا شرطا صر عل الا فقال فى ختام الآية الكريمة: : «إإن كنتم مُؤْمنين4 أى إن كنتم مستسمرين على حكم الإيمان: مذعنين لأحكام الديان. وهنا بحثان أحدهما لغوى. والآخر موضوعى: أما البحث اللغوى فهو فى معنى كلمة «ذَرُوا؛ فإن معناها اتركوا. وقد قال النحويون: إن ماضى «ذروا) ومصدرها قد أماتهما العرب كالشأن فى دع ويدعء وقد قال فى ذلك الراغب اللأصفهانى: يقال فى ذلك فلان يذر الشىء أى يقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه) وهذا الكلام يدل على أن الماضى قل مات» وعلى أن "يذر» لا تستعمل فى مطلق الترك؛ بل تطلق على الترك الذى يصحبه عدم اعتداد بالمتروك. فكأن معنى «( وذروا ما بقي من الربًا 4 اتركوه ه غير معتدين به بل اتركوه مهملين له؛ لآنه أذى فى ذاته . مات» وليس الماضى ؛ ولذا قال فى أساس البلاغة : (ذره واحذره» والعرب أماتت المصدر منه. فيقولون: ذر تركاء وإذا قيل لهم ذروه قالوا وذرناه). وهذا معنى جديد أتى به الإمام الزمخشرى فى معنى ذره؛ لآنه يدل على ترك غير معتدين به حذرين من أن تنالوا منه شينًا فإنه إثم كله . ناا تفسير سورة البقرة ا حب اا هذا هو البحث اللغوى الذى يظهر لنا بعض ما فى النص الكريم من دقة وإحكام وإشارات بينة محكمة. أما البحث الموضوعىء فهو «إما بقي 4 الذى أوجب الله تركه فى قوله: 8 وَذروا ما بقي من الربا 4 ما المراد منه: أهو الجزء الباقى من الربا الواجب التنفيذ بمقتضى العقد؟ وهل الجزء الذى تسلموه من قبل مباح أو فى موضع العفو؟ قال العلماء ذلك؛ أى أن الآية خاصة بالذين كانوا يتعاملون بالرباء ولهم عقود ربوية قد قبضوا بعضهاء فإن لهم ما سلف؛ آما الباقى فليس لهم أن يقبضوه.ء وإن كان بعقود ربوية عقدت قبل التحريم. ويزكى هذا المعنى قوله تعالى من قبل: طفَمَن جَاءَهُ مُوْعظةٌ من به قانتهئ فلَهُ ما سلف وأمره إِلَى الله .. . +دك 4 [ البقرة ] . ولقد روى فى سبب نزول هذه الآية أنه كان بين قوم من ثقيف» وبنى المغيرة من بنى مخزوم عقود ربا فى الجاهلية» فلما جاء الإسلام وحرم الربا ودخلت ثقيف فى الإسلام طالبوا بنى مخروم بالربا الذى تعاقدوا عليه من قبل» فقال أولئك؛ لا نؤدى الربا فى الإسلام بكسب الإسلام» فكتب فى ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله ككل فنزلت هذه الآية(3©. وترى من هذا أن ما أخذ قبل التحريم فأمره إلى الله تعالى» وما كان بعد التحريم لا يحل» ولو كان العقد قبله؛ ولذلك كانت الأحكام الإسلامية واجبة التطبيق على العقود التى تعقّد قبل الإسلام إذا كانت مستمرة التنفيذ بعده وأحكامها تشتمل على أمر منهى عنه فى الإسلام . هذا حكم اللهء ومن امتنع عن تنفيذه فإنه يحاد الله ورسوله؛ ولذا قال تعالى بعد ذلك : )١(‏ راجع: أسباب النزول - الواحدى - سورة البقرة من الآية (1/8؟) إلى الآية (7/9؟). وراجع تفسيسر الطبرى» والدر المنثور للسيوطى ج١‏ ص١1١5”1.‏ 2 تفسيرسورة البقرة ا 110 1 [ 1[ 1[ 22501 ال-1 فَإن لّم تفعلوا فَأنُوا بحرب من اللّه ورسوله 4: أى فإن لم تفعلوا وأخذتم ما بقى من الربا فأنتم معاندون لله ولرسوله» وأنتم فى حرب معهماء ومن حارب الله فإن الله غالبه» وهو مهزوم لامحالة» وإن الله سيعاقبه على عظيم ما ارتكب . وهنا عدة كلمات فيها إشارات بيانية تبين عظيم ما يتعرض له من يعاند الله ورسوله. ويخالف أحكامه التى يقررها الله تعالى لتنظيم المجتمع الإسلامى» وتبين أيضا عظيم عمل من يحترم أحكام الله تعالى: أول هذه الكلمات: إن الله تعالى يقول: طفن لم تفعلوا 4 أى لم تتركوا ما بقى من الربا؛ فعبر عن الترك هنا بالفعل» فلم يقل: فإن لم تتركواء بل قال: «فإن لم تفعلوا4 وذلك لآأن الذين يتركون ما بقى من عقود عقدوهاء يقاومون رغباتهم ويقاومون أهواءهم وشهواتهم. فهذه المقاومة. وذلك الكف فعل نفسى جليل يحرضهم سبحانه وتعالى عليه» ويدعوهم إليه» فإن فعلوه كان لهم الثواب المقيم والرضا الكريم» وإن لم يفعلوا فقد أعلنوا الحرب على الله ورسوله. والكلمة الثانية: أن الله سبحانه وتعالى يقول للذين لا يتتركون ما حرم الله من ربا © فَأَذَنوا بحرب 4 أى فاعلموا بأنكم فى حرب؛ وذلك لأآن أذن هنا بمعنى علمء وفى قراءة «فآذتوا» بحرب. ويقول الزمخشرى فى هذه القراءة إن معنتاها «فأعلموا بها غيركم» وعلى ذلك يكون آذنوا بالحرب معناها الإعلام بهاء وأما أذنوا بحرب فمعناها العلم بها؛ ولكن الراغب الأصفهانى يقول: «إن الإذن بالحرب والإيذان بها بمعنى واحد». وماذا عبر عن معاندتهم لله وحربهم لشريعته بقوله: 9 فَأَدَنُوا بحرب 4 ولم يقل فأنتم فى حرب؟ للإشارة إلى أن الجهالة توهمهم أنهم ليسوا بخارجين عن إرادة الله تعالى إن طالبوا بأحكام العقود التى عقدوها من قبل» فالله سبحانه وتعالى . أعلمهم بأنهم فى أخطر مخالفة وأشد معاندة. والكلمة الثالشة: إنه تعالى قال فى الحرب: ط فَأَذنُوا بحرب مَنَ الله وَرَسُوله 4 ولم يقل فى حرب الله ورسوله» وقد بين السر فى ذلك الزمخشرى فى الكشاف بقوله: «كان هذا أبلغ؛ لآن المعنى فأذنوا بنوع من الحرب عظيم من عند الله الل حو حب أ ورسوله» أى أن فى هذا التعبير الكريم تهويلا لشأن هذه الحرب من ناحيتين: ناحية التذكير » فهى حرب هائلة لم يدركوا كنههاء والناحية الثانية ناحية التصريح بإضافتها إلى الله ورسوله» فهى حرب معهماء والنتيجة فى هذا مؤكذة محتومة . وهذه الحرب أهى مجازية» أم حقيقية؟ يبدو بادى الرأى أنها مجازية من حيث إن كل معاندة لله ولرسوله عن عمد وبسبق إصرارء فيها معاندة لأحكامه سبحانه» ومصادمة لأوامره ونواهيه» وكل مصادمة لأوامر الله تعالى ونواهيه نوع من الحرب والمحادة له سبحانه . ولكن بعض المفسرين يقول: إن ذلك كان إيذانًا فعلاً بالحرب؛ كما حارب أبو بكر أهل الردة عندما منعوا الزكاة» وزكوا ذلك بأن النبى وَكْة عندما بلغه صنيع ثقيف من مطالبتهم بربا كان ثمرة لعقود عقدوها من قبل» قد آذنهم بحرب» وكتب إلى عتاب بن أسيد والى مكة من قبله يقول له: «إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب»"') أى أنه ككْهِ اعتبرهم مرتدين يقاتلون باستمرارهم على أكل الربا؛ وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام عندما صالح ثقيمًا بعد حرب كان ما نص عليه فى هذا الصلح أن ما لهم من ربا على الناس» وما كان للناس عليهم من ربا موضوع . ليست من الربا أن يعتبروا ببنى ثقيف وبنى مخروم!! فإن أولئك كانوا يأخذون من الثقفيين ليتجرواء وليريوا» فوضع الله الربا الجاهلى كله واعتبر المطالبة بما بقى ( نذا يحب من لله وول وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون © أى أن من يقع فى الربا وأراد أن يتوب إلى الله ويرجع إليه» فليعلم أنه ليس له أن يأخذ بعد تحريم الربا إلا رأس المال. وإن الاقتصار على رأس المال لا يكون فيه ظلم للدائن؛ لأنه )١(‏ رواه الطبرى فى جامع البيان: اج الال والسيوطى فى الدر المنتثور ج755/1. ها تفسيرسورة البقرة ىم للللل 10000 1[ ذ[ [ 1 1 #5017*#**22 جر زا وصل إليه مثل ما أعطى وليس له وراء ذلك حق» ولا ظلم فيه على المدين؛ لأن أداء الحق لا ظلم فيهء وإن امتنع عن إعطاء رأس المال كان ظاكًا؛ مادام يمتنع عن قدرة؛ لأن النبى كَل قال: «مطل الغنى ظلم»”9" . وفى النص الكريم إشارة إلى أمرين: أحدهما: أن من يعطى الربا. ليس له إلا رأس المال» وأن الزيادة أكل لمال الناس بالباطل أيا كانت هذه الزيادة قليلة كانت أو كثيرة» فلا عبرة بالمقدار مهما يكن ضئيلاء ولا عبرة بالدين أيا كان نوعه. والتعبير عن أصل الدين برأس المال نص فى أن الربا يكون إذا كان الدين قد اتخذ أصلا للاتجار والكسب؛ أى أن الدين الذى يؤخذ للاستغلال الربا فيه حرامء وبالأولى الدين الذى يؤخذ للاستهلاك واختيار ذلك اللفظ بالذات يومئ إلى أن الربا كان يتخذ سبيلا للاستغلال. والتعبير ب «رأس» أيضا يحسم الخلاف؛ لآنه لو عبر بالدين فربما يدعى الربوى أن الدين هو الأصل والزيادة معًا. انيهما: الذى يدل عليه النص الكريم: أن طريق التوبة داتمًا أن ينقى التائب ماله من كل مال خبيث» فكل زيادة عليه ترد إلى أصحابهاء وإلا يتصدق بها. «وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى مَيْسَرَّة 4 أى إن كان المدين غير قادر على الأداء لعسرة ملازمة له كملازمة الصاحب لصاحبه فانتظار إلى وقت يتيسر فيه فلا يزيد عليه ليرهقه؛ فيعجز عن الوفاء» بل ينتظر حتى يجىء الوقت الذى يستطيع الأداء قنة . وهنا بعض عبارات فيها إشارات بيانية جديرة بالتنبيه : أولها: التعبير بذو عسرة فى قوله « وإن كَانَ ذو عسرة 4 أى كان صاحب عسرة وضيق شديد يلازمه كملازمة الصاحب» لأن كلمة ذو تدل على المصاحبة؛ (1) متفق عليه؛ رواه البخارى: الاستقراض - مطل الغنى ظلم (27775؛ ومسلم: المساقاة - تحريم مطل الغنى 552 عن أبى هريرة رضى الله عنه . ا تفسير سورة البقرة . ا مل 2 لحر اه وفرض أن بعض المدينين ذو عسرة يدل على أن مدينين آخصرين يستطيعون الوفاء؛ ثانيها: قوله تعالى: ذل فنظرة إلى ميسرة 4 معناها: فالحكم أو الأمر انتظار إلى ميسرة» وهناك قراءة أخحرى» وهى (فتّاظره إِلَى ميسرة) أى فمتنتظره إلى الثها: قوله «إِلَئ مَيْسَرّة4 فالميسرة بفتح السين وضمها كمقبرة ومقبرة: هى حال اليسرء فليست الميسرة هى مجرد اليسار» بل هى اليسار المستقر الثابت الذى يتمكن فيه المدين من وفاء دينه كله مقدما القوى على الضعيف» أى أن الدائن ينتظر المدين حتى يقف من عثرة العسرة ويستقيم أمره) لا أن يترقب أى مال حتى يأخذه كما يأخذ الصائد قنيصته . ون َصَدَقُوا حير لَكُمْ إن كسم تَعْلَمُونَ4 أى أنه إذا ثبت العجز وتقررء وأصبح احتمال اليسار غير قريب فتصدقوا بالدين على صاحبه وأبرئوه منه؛ فإن ذلك يكون خيرً لكم فى الدئيا والآخرة؛ أما فى الدنيا فلأنكم إذا فقدتم الأمل فى الاستيفاء فكل جهد فى سبيله ضائع» وكل تعقب فى سبيله يورث الإحن من غير جدوى؛ ويثير الأحقاد المستمرة من غير فائدة» فيكون من الخير العفو والإبراء» والإبقاء على الأخوة» والعلاقات الاجتماعية؛ وأما فى الآخرة فالنعيم المقيم . وهذا الجزء من النص الكريم فيه إشعار للدائنين بأنه إذا ذهب دينهم بالتّوى'١)‏ وعجز المدين عن الوفاء فلا تذهب أنفسهم حسرات» وليعلموا أن التصدق أجدى إن كانوا يعلمون. وذكر سبحانه هذه الجملة السامية: إن كسم تَعلّمون 4 لأن غمرة الألم لفقد الدين قد تنسيهم ما ينبغى فى مثل هذه الحال فنبههم إلى ما ينبغى ليكونوا فى حال وعى نفسى دائم» ولا ينسيهم المال الحال والمال. (1) التّوَى: الهلاك والخسارة - الوسيط . © ل( تفسيرسورة البقرة 4 الل 111100000000 1 1[ 1[ 21325202011 لسرب | دوا ما رود فيه إلى اله َم وى له تس ما تست وم لا يمو » ترقبوا وخافوا يومًا يردكم الله سبحانه وتعالى إليه فلا تملكون من أموركم شيئا فيه؛ فإذا ملكتم المال فى الدنياء ففى هذا اليوم لا تملكون شيتاء وإذا ملكتم المنح والمنع اليوم ففى اليوم الآخر لا تملكون شيئا. وفى هذا اليوم « توقّى كل نفس ما كَسبَتْ 4 أى جزاء ما كسبت إن خيراً فخيرء وإن شرا فشر» وكأن ما توفاه عين ما كسبت للممائلة بين الجزاء والعمل « وهم لا يُظَلَمُون4 أى لا ينقصون شيئا من ثواب ما عملواء ولا يعاقبون على ما لم يعملوا. وتمت آيات الربا بهذه الآية ترغيبًا وترهيبّاء ترغيبا فى القرض الحسن» وترهيبًا من أكل الربا. ومن الحق علينا أن نختم الكلام فى هذه الآيات بكلمات ننقلها عن الأستاذ الإمام محمد عبده» لقد قال رحمه الله: ليقول كثير من الذين تعلموا وتربوا تربية عصرية» وأخذوا الشهادات من المدارس؛ ومن هو أكبر من هؤلاء: إن المسلمين منوا بالفقر وذهبت أموالهم إلى أيدى الأجانب» وفقدوا الثروة والقوة بسبب تحريم الرباء فإنهم لاحتياجهم للأموال يأخذونها بالربا من الأجانب» ومن كان غنيا منهم لا يعطى بالرباء فمال الفقير يذهب» ومال الغنى لا ينمو. . وهذه أوهام لم تقل عن اختبار؛ فإن المسلمين فى هذه الأيام لا يحَكّمون الدين فى شىء من أعمالهم ومكاسبهم ولو حكموه فى هذه المسألة ما استدانوا بالربا وجعلوا أموالهم غنائم لغيرهم» فإن سلمنا أنهم تركوا أكل الربا لأجل الدين فهل يقول المشتبهون إنهم تركوا الصناعة والتجارة والزراعة لأجل الدين) . هذه كلمة الأستاذ الإمام الذى تجنى عليه المنحرفون» وقالوا عليه ما لم يقل ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن تفسير سورة البقرة | 1 1 ل يسا كا يَأَبهاالَِسَح ءامنا إدَاتَدَايَدمُ نابج رفسم م حيو كش ينك كايا لص ل ولاب كيب أن يكنب كما كما عله دقل مكيب وَلُْمَلِلٍ أَلَّذِى 2 يوان وَلَكن أمري كيكس ه ممه هيك ونون الى َي وِالْحَقٌ سَفِيهًا أَوَصَعِيِمًا وَلَايسْتَطِيعٌ 700 أن يول ململ وليه بألْمَدْلٍ وَأَسَتَشَبِدَوأْسَِيِدَيْنِ مِن رَجَالكم م وَإنْلَّم يَكوْنَايجَنِ حلن فرحل ومن ركان مِمَِنْتْصوَنَ من الشْبَدَاءٍ تل ِحَدهَمَا نكر ---ه رامج غم و إِحَدَ نهم اده 0 ملكا 2 لله زا ع جه 2 جِ > سارو عند الله وَأقَوم و 7 2 4-0100 2 عو وتهابة: ا 0000 2 تجدرة حَاضْرَة تبر فلسى عَليكة جنا وسره سا ساسا رد وام دم هوشي رو أإِدا سَايْعَسمو ابْصَا ركاب 2 وجه المناسبة بين هذه الآية وما قبلها أن الآيات كلها موضوعها المال؛ فالآيات الأولى كانت فى بيان الحقوق المتعلقة بالمال» وهى الإنفاق فى سبيل الله؛ وإعطاء السائل والمحروم؛ وآيات الربا كانت فى الحدود المحرمة التى لا يصح لصاحب الال أن يرتع فيهاء وهى أكل أموال الناس بالباطل؛ وهذه الآية فى بيان حق صاحب المال 6 إ## تفسيرسورة البقرة الل ااا 21111 حبق إن خرج من يده وهو الاستيثاق من الوفاءء وذلك بكتابة الدين والإشهاد علي ويشمل الإشهاد على المعاملات المالية ذات الأثر الباقى بين المتعاملين . وثمة مناسبة خاصة بين هذه الآية وآيات الربا؛ فإن الربا استغلال آثم غير حلال ويؤدى إلى الكل لأموال الناس بالباطل؛ إذ إنه كسب لا يتعرض للخسارة» فهو غنم لا غرم فيه» بل لا تعرض فيه للغرم؛ وفى آية الديون إشارة إلى طريق كسب حلال؛ فإن من الديون ما يكون سلما وهو أن يبيع شخص لآخر شيمًا غير حاضر»ء ولكنه معرف بجنسه ونوعه ووصفه. ويكون التسليم مؤجلا إلى أجل معلوم على أن يقبض البائع الشمن معجلا فيكون البائع مديئًا بذلك المبيع المعرف بالأوصاف. فقد ثبت ديئًا فى الذمة؛ وإن هذا السلم باب حلال من أبواب الاستغلال» فدافع النقود ينتفع لأنه سيتتفع من فرق السعر بين العقد وبين التسليم» وفى غالب الأحوال يكون علو السعر متوقعاء وينتفع البائع من أخذ الثمن يستغله فى أى باب من أبواب الاستغلال؛ فالدافع ينتفع مع التعرض للخسارة. وهذا هو الفرق بين الربا والسلم فى المعنى . وثمة وجه خاص للمناسبة بين هذه الآية وآخر آية الربا؛ فإن آخر آية الربا «وإن كان ذو عسرة فنظرة إلئ ميْسَرَّة 4 وقد بين سبحانه وتعالى طريق الاستيثاق من وفاء الدين وعدم جحوده. وهو كتابته والإشهاد عليه» وإن الدين المؤجل يحتاج دائمًا إلى الاستيثاق من الوفاء. «إيا أَيهَا الّذين آمنُوا إذا تدايم بدين إلَى أجل مُسَمّى فَاكْبُوهُ 4 التداين معناه: التعامل بالدين» أى أن يستدين بعضهم من بعض على نية الجسزاء. والدين يطلق على المال الثابت فى الذمة الذى يكون معرفًا بالجنس والوصف والنوع» فهو يشمل . اقتراض النقودء واقتراض المثليات بشكل عامء كما يشمل الدين الذى يكون مبيعًً فى باب السلم؛ بل روى عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت فى سَلّم أهل المدينة. ولقد يرد سؤال: لاذا صرح بقوله «إ بدين »4 مع أن ( تدايشم 4 لا يتحقق معناها إلا فى الديون؟ ب تفسير سورة البقرة اا اال ولقد أجيب عن ذلك بجوابين : أحدهما : بأن معنى تداينتم هو تعاملتم» والتعامل يكون بالدين وغيره» فلما ذكرت كلمة #8بدين 4 كانت صريحة فى أن التعامل كان بالدين. وعندى أن استعمال تداين بمعنى تعامل هو توسع» وإن التفسير الخاص لها هو أن التداين معناه التعامل بالدين» لا مطلق تعامل. والجوات الثانى: هو ما أجاب به الزمخشرى فى الكشاف بقوله: (ذكر الدين ليرجع الضمير إليه فى قوله: (فاكتبوه) إذ لو لم يذكر لوجب أن يقال فاكتبوا الدين فلم يكن النظم بذلك الحسنء ولأنه أبين لتنويع الدين إلى مؤجل وحال). ومقتضى التخريج أوجه من قول غيره إن ذكره لمجرد التأكيدء مثل قوله تعالى : ولا طائر استدنتم فإنها تطلق على المدين فقط» والثانية تطلق على الدائن» والمطالبة بالكتابة موجهة إلى الدائن والمدين معاء فالكتابة ليست حقا للدائن» بل هى واجب عليه » وإن كان الذى يتولاها هو المدين . ووصف الأجل بالمسمى» للإشارة إلى وجوب إعلام الأجل» فيذكر الشهر الفلانى» أو إلى وقت الحصاد»ء ونحو ذلك مما يكون معرفًا تعريفًا يمنع من الجهالة. والدين يشمل دين القرض» ويشمل أثمان المبيعات إذا كانت مؤجلة» ويشمل ابيع فى السّلم إذا كان الثمن معجلا والمبيع مؤجلا ومعرفا بالوصف والنوع والجنس؛ فكل هذه ديون مؤجلة إلى آجال مسماة» على خلاف فى القرض» فإن ال حنفية والشافعية قالوا: إنه لا يصح أن يسمى له أجل ؛ وذلك لآن القرض تبرعء والأجل شرطء والشروط لا تلزم فى عقود التبرعات» ولأن القرض عارية» ولا ينقلب مضموئًا إلا باستهلاكه على رأى البعض؛ ولذلك يقول فقهاء هذين المذهبين: 6 تفسيرسورة البقسرة لللئئ ا 000000001000 2222# 74 عارية الدراهم والدنانير قرض. ويقول القانونيون فى مثل هذا إنه عارية استهلاك: أى عارية لا ينتفع بالعين فيها إلا باستهلاكها والتصرف فيها وقال المالكية وأكثر الحنابلة: إنه يصح الأجل فى القرض وتجب تسميته وتعريفه» لنص هذه الآية؛ إذ هو دين داخل فى عموم الدين فى الآية الكريمة؛ ولآن القرض لا فائدة فيه للمدين إلا إذا كان مؤجلاء فكانت المصلحة فى أن يعين الأجل ويتفق عليه بينهما دفعا للمشاحة»ء ومنعا للنزاع وإن ذلك الرأى هو الأظهر وهو الذى يشمله عموم النص» وهو الأقرب إلى عرف الناس» والمصلحة فيه. والأمر بالكتابة هنا أهو للطلب الملزم الذى لا محيص للمكلف عنه؛ أم للإرشاد أو الندب؟ قال جمهور العلماء: إنه للندب؛ وذلك لأن النبى يَيِْدِ ما ألزم الدائنين بكتابة ديونهم» ولا المدينين بأن يكتبوها؛ لأن النبى يَكلِهِ قال: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب'١'‏ ولأن الله سبحانه وتعالى قال بعد ذلك: :+ فإذ أ بَمْضُكم بعضا فَليوَدَ الذي اوثمن أَمَانمَهُ ... +2 4 [البقرة] وإن ذلك بلا ريب تسويغ لعدم الكتابة» والاعتماد على مجرد الأمانة» فإنه مع الكتابة لا اتتمان» أو لا اعتماد على الأمانة . وقال الظاهرية: إن الأمر هنا للوجوبء. ومن لم يفعل كان آثمّاء ذلك لأن الأصل فى الأمر أنه للوجوب؛ ولا يخرج عن الوجوب إلى غيره إلا بدليل من النصوص » ولم يوجد الدليل؛ ولأن طلب الكتابة تأكد بطرق عدة؛ منها النص على الكتابة فى الصغير والكبير من الديون بقوله تعالى: «اولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيرا إلى أجله 4 ومنها النص على أنه الأقسط والأقوم للشهادة» والأدنى للمنع من الارتياب؛ ومنها التعميم واستثناء صورة واحدة» وهى حال التجارة الدائرة بين التجار» وقصر نفى الإثم عليها دون غيرهاء فإنه إذا كان نفى الإثم مقصور على هذه الحال فمعنى ذلك أن الإثم ثابت فى غيرها؛ وإن الاتتمان لا يتنافى مع الكتابة» )١(‏ رواه البخارى: الصوم - قول النبى 6ه : الا نكتب؛ (-2)178 ومسلم: الصيام - وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال .)١805(‏ ناا تفسير سورة البقرة اال ا ١ بل إنه مع الكتابة الاثتمان قائم؛ على أن قوله تعالى: ظفَإِنَ أمن بعضكم بعضا فليو الذي اؤتمن أَمانتّه . .. +29 4 [البقرة] سيق فى حال السفر عند تعذر الكتابة . هذا وإن تصدير الآية الكريمة بالنداء «إيا أيْهَا الّذِينَ آمنوا 4 يشير إلى أحدهما: أنه ليس من مقتضى الإيمان أن تلزموا المساجد والصوامع» بل إن الإيمان أن تهذبوا نفوسكمء وترهفوا وجدانكم وتشعروا بمراقبة ربكم» لتكون دنياكم فاضلة» ويكون تعاملكم» وإدارة المال بينكم على نهج دينى فاضل» فالمال ليس طلبه ممنوعاء بل إنه من طريقه الحلال مشروع ومطلوب. الأمر الشانى: أن الإسلام ليست أوامره مقصورة على العبادات» بل جاء لتنظيم المعاملات» بل إن العبادات فيه طريق لإصلاح التعامل الإنسانى؛ وكذلك كل الأديان السماوية» فإنه من الجهل الادعاء بأن الأديان جاءت لتنظيم العلاقة بين العبد والرب فقط. ولا تتدخل فى العلاقة بين الإنسان والإنسان. 9 وليكتب بينكم كاتب بالْعدل » فى النص السابق أمر بالكتابة وحث عليهاء وفى هذا النص يبين الكاتب؛ فبين أن الذى يكتب ششخص يجيد الكتابة» وعنده فقهها وعلمهاء بأن يكون على علم بشروط العقود وتوثيقهاء وما يكون من الشروط سائغا فى الشرع وما يكون غير سائغ؛ وقيّد كتابته بأن تكون بالعدل بألا يزيد ولا ينقص فى الدين الذى يكتبه» ولا يقيد أحد العاقدين بشروط شديدة» ويحل الآخر من كل القيود والشروط» بل يكون مراعيًا العدل فى كتابة أصل الدين» ومراعيًا العدل فى الالتزامات بين الفريقين» ثم إن العدل يتقاضى مع هذين أيضًا أن يكون الكاتب خبيرا بمعاملات الناس» وما يقع بينهم» وما يمكن تنفيذه من الشروط وما لا وهكذا فالكاتب الذى يتولى ميزان العدل بين العاقدين يمنعهما من الشطط» ويمنعهما من التجانف لوثم. وقد ذكر فى النص السامى بوصف «كاتب» للدلالة على مهارته فى الكتابة» وكونها له كالملكة. ا تفسيرسورة البقرة 5ض )سس سس 4 5 2 «ولا يأب كاتب أن يكتب كما علّمه الله فليكتب # هذا نهى لمن كان قادرً على الكتابة من أن يمتنع عن الكتابة» فلا يصح لمن يحسن الكتابة من حيث جودة الخط واستبانته») ومن حيث العلم بفقه العقود. والقدرة على محقيق العدالة بين العاقدين فى وثيقة العقد؛ لا يصح له أن يمتنع عن الكتابة إذا دعى إليها؛ وإنه ليأثم إن تعين للكتابة ولم يوجد موثوق به فيها سواه وامتنع عن الكتابة؛ ولقد قال الفقهاء : إن الكتابة فرض كفاية بمعنى أنه إذا امتنع كُتَّابِ أهل قرية عن الكتابة أثمواء بل إنه يجب على أهل كل قرية أن يخصصوا ناس لكتابة الوثائق فيها . وإنه على هذا يجب أن تعمل الدولة على تهيئة ناس لتوثيق العقود وكتابتها . وإن الكتابة لطلابها من التعاون على البر والتقوى» فهى صناعة)» وهى علمء وواجب على الصانع أن يعين من لا يحسن؛ فقد قال كَكَّ: «إن من الصدقة أن تعين صانعاء أو تصنع لأخرق270 والامتناع عن الكتابة ككتمان العلم» وقد قال : «من كتم علمًا يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار»(" . وقوله تعالى: «( كما علْمَه الله فليكتب 4 فيه بحثان لغويان: أولهما: فى التشبيه بالكاف فى قوله: كما عَلَّمَهُ اللّه4 ما المعنى الذى يفيده؟ ذكر الزمخشرى أن معناه إما أن يكون تشبيها بين علم الكتابة والواجب على الكاتب» أى أنه كما أن الله علمه الكتابة ويسّرها له» وجعله أهل خبرة» عليه واجب المعاونة بالكتابة لغيره» فالتشبيه تُسُبيه بين نعمة الكتابة» والواجب المتعلق ويشابهها ويمائلها واجب معاونة غيره بهاء وهو بقدرهاء ويأثم عند الترك بمقدار علمه. هذا أحد وجهى التشبيه» أما الوجه الآخرء فهو أن التماثل بين ما يكتب على القرطاس وما آتاه الله الكاتب من فقه وعلم بالعقود والالتزامات؛ والمعنى على )١(‏ رواه مسلم: الإيمان - كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال »)2١١9(‏ والبخارى: العتق - أى الرقاب أفضل (757”5) غير أن روايته بلفظ : «ضايعا» بدلا من: «صائعا». () رواه بهذا اللفظ أحمد )٠١١87(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه. م تفسير سورة البقرة حر لبجب 3 ذلك: لتكن كتابة وثيقة الدين على مقتضى العلم والفقه الذى فقَّه الله به الكاتب» أى تكون الكتابة على مقتضى أحكام الشرع» فلا تكون فيها شروط ليست فى كتاب اللهء أو لا يسوغها الشرع» أو لا يمكن تنفيذها. الأمر الثانى: إن قوله: كما علَمَهُ الله ما متعلقه؟ أهو متعلق ب «يكتب» الأولى» أو «فليكتب») الثانية؟ يجوز الأمران» وعلى الأول يكون المعنى: لا يمتنع أن يكتب كما علمه الله؛ ثم أكد المعنى بعد ذلك بتكرار الأمر بالكتابة» فقال سبحانه: طفَليْكتُبْ4؛ وعلى الثانى وهو أن يتعلق بقوله «فَيكُتْبْ4 يكون المعنى: لاياب كاتب أن يكتب؛ فهذا نهى عن الامتناع ؛ ثم قال ذلك فى كيفية الكتابة طإ كما علَمه الله فليَكْتَبَ » أى لتكن على قدر علمه وفقهه» ومساوية فى روحها لنعمة العلم بها . « َيل الذي عليه الحق ولي الله به ولا بحس منه شيئا ‏ فى لحمل السامية السابقة بان طلب الكتابة والكاتب» وفى هذه الجملة بيان من يتولى الإملاء؛ فقال سبحانه: وَلْيُملِ الّذِي عليه الحق4 أى ليَمَلٍ على الكاتب الذى عليه الدين ويلتزم بأدائه»ء وذلك ليكون إملاؤه إقرار بالدين وبالحقوق التى يجب عليه الوفاء بها. والإملال معناه الإملاء» وهما لغتان فى الإملاء. وقال بعض اللغويين: إن الأآصل هو الإملال» وعلى أى حال قد وردت اللغتان فى القرآن» فقد قال تعالى: (١‏ اكْبَها فَهِي ثملئ عليه بككْرَة وأصيلاً +(2) 4 [ الفرقان] . وإذا كانت تبعة الإملاء قد وضعت فى عنق من عليه الحق فإن عليه عند الإملاء واجبين: تقوى اللهء وعدم البخس؛ ولذا قال تعالى: ( وليك الله ربّهِ ولا َنْخَْ4 أى لا ينقص 9لا منْه شيا 4 وقد وثق سبحانه الأمر بالتقوى بأن جعل التقوى من اللهء وهو رب كل شىء ورب من عليه الحق. أى عليه عند الإملاء أن يراقب الله جل جلاله الواحد القهار الغالب على كل شىء المسيطر على كل شئ الذى يغلب ولا يغلب» فلا يتلاعب بالعبارات حتى لا يذهب بحق صاحب الحق؛ ثم 6 ا تفسيرسورة البقرة اللا 121 1 1 1[ 22*77 > ا ليعلم أن الذى عليه أن يتقيه هو ربه الذى ذرأه ورباه ونماه» ووهب له المواهب التى توجب الشكرء ولا تسوغ التلاعب بالحقوق وإذا كان لا يسوغ أن يتلاعب بالعبارات فلا يسوغ أن ينقص من الدين أو يزيد فى الأجل» أو يضع شروطا فى مصلحته وليست فى مصلحة الدائن» فإن ذلك وغيره بخس لحق صاحب الحق . «( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفًا أو لا يسمَطيع أن يمل هو فليمالَ وليه بالعدل 4 فى هذه الجملة السامية بيان الحكم إذا كان من عليه الحق لا يحسن الإملاء» وقد أظهر فى موضع الإضمار فلم يقل تعالت كلماته: (فإن كان سفيها) وإنما أظهر للتوضيح؛ ولأن الذى عليه الحق المبين الفاهم المتكلم القادر وهو المذكور أولاء غير الذى عليه الحق السفيه أو الضعيف أو الذى لا يستطيع. وقد ذكر سبحانه فى هذا النص ثلائة لا يحستون الإملا وهم: ' أولا: السفيه. وهو الجاهل بالعقود والتصرفات» أو الذى لا رأى لف أو المبذر المتلاف الذى لا يحسن تدبير أموره وإدارة أمواله؛ وكل هذه معان تدور حول الجهل بالعقودء أو فساد الرأى فى التصرفات. ْ وثانيا: الضعيف وهو الصبى والشيخ الهرم. الثا: من لا يستطيع» وهو معقود اللسان» أو من لا خبرة له بهذه العقود. والولى: هو النصير الموالى ذو الصلة بمن عليه الحق الذى يهمه أمرهء ويهمه ألا يضيع حقه. سواء أكان النصير وليا بالمعنى الشرعى» أو قيما أقامه القاضى المخقصء أم كان وكيلا أقامه صاحب الشأن معبر عن إرادته مصور) لما يعتزم عليه . وذكرت كلمة العدل فى هذا المقامء للإشارة إلى أن ذلك الولى عليه العدل» ويجب أن يلاحظه من ثلاث نواح: من ناحية صاحب الحقء فلا يبيخسه ولا اا تفسير سورة البقرة ل سك لحر ا الطرف الثانى فى أمره» ومن ناحية الشرع فلا يذكر شرطا أو التزامًا يخالف الشرع الشريف . واستشهدوا شهيدين من رجالكم # احتاط الشارع الحكيم للديون المؤجلة» تتعرض للضياع» ودعا المتداينين إلى أن يطلبوا شهودًا عدولا يشهدون عند كتابة الدين» توثيقا للدين وتوثيقا للكتابة؛ ولذا قال تعالى: 8« واستشهدوا» أى اطلبوا وابحثوا وتحروا؛ فالسين والتاء للطلب. شهيدين 4 أى شاهدين عدلين ؛ لأن (اشهيد) صيغة مبالغة من شاهد» والمبالغة فى معنى الشهادة تحرى معنى العدالة فيهاء شاهد إشارة إلى ضرورة العدالة وقوة الضبط وقوة الصدق والمروءة فيهما. من رجالكم © خرج به شهادة النساء من غير حضور الرجال» وشهادة غير المسلمين. وقال بعض المفسرين: إنه خرج به أيضا شهادة العبيد؛ لأن © من رجالكم 4 أى من أحراركم» وبئوا على ذلك بطلان شهادة العبيد من المسلمين» وهو قول الجمهور؟؛ وخالف فى ذلك الإمام أحمد بن حنبل وقرر أن شهادة العبيد من المسلمين» جائزة تلزم القضاءء وإنما نميل إلى ذلك الرأى من بين آراء الفقهاءء فإذا كان الموالى تقبل روايتهم عن رسول الله تعالى» فكيف لاتقبل شهادتهم فى أمور الناس؟ ولأن فإ من رجالكم # يدخل فى عمومها العبيد؛ لأن الخطاب للمؤمنين» وهم من الرجال المؤمنين» وإخراجهم يقتضى إخراجهم من الخطاب بيأيها الذين آمنواء فكيف يخرجهم مفسر من ذلك الخطاب؟ فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء © فى هذا بيان لشهادة النساء مع الرجالء وهو أنه إذا لم يكن رجلان يشهدان» يقوم مقامهما رجل وامرأتان؛ والمعنى: فإن لم يكن الشاهدان رجلين فرجل وامرأتان يشهدان. واشترط 5 ش هام واس فيهما ماهو الشرط فى كل شهادة» وهو أن يكونوا ممن ترضون من الشهداء # أى تفسيرسورة البقرة ااالوالئلاا0االاللا ااال ااااا ان سر ا من الذين يرتضى قولهم ويقبل» أى من العدول الذين يمارسون الشهادة ويقولون الحق» ويقيمونها على وجهها الحق» ويشهدون ولو على أنفسهم أو الوالدين العدالة؛ لآن العدل قد يكون مرضيًا فى دينه وخلقه ولكنه ممن يتأثرون بالمشاهد المؤثرة» فتخونهم ذاكرتهم فى وقت الحاجة إليهاء وقد يكون فى الناس ذوو مروءات يمنعهم جاههم ومقامهم فى الناس من أن يكذبواء وإن كان منهم بعض المعاصى . أن تضل إحداهما فَتَذَكَرَ إِحَداهُمَا الأخْرى» هذا بيان العلة فى أن المرأتين تقومان مقام الرجل ؛ فالمعنى كانت المرأتان بدل رجل لتوقع أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى؛ فإن المرأة لقوة عاطفتهاء وشدة انفعال نفسها بالحوادث» قد تتوهم ما لم ترء وهذا هو الضلال؛ فهو نسيان مع اعتقاد غير الواقع» أو ظن غير الواقع» وهذا النوع من الضلال يكثر فى النساء والأطفال؛ فالحوادث تفعل فى نفوس هؤلاء ما يجعلهم يتخيلون مالم يقع واقعيا؛ ولهذا الضلال كان لابد أن يكون مع المرأة أخرى بحيث يتذاكران الحق فيما بينهماء وليس من المعقول أن يتحد الضلال؛ ولذلك كان من المقررات الفقهية أن الرجال تسمع شهاداتهم على انفراد بحيث يسمع كل شاهد منفردا من غير أن يسمعه الآخرون من الشهود؛ أما المرأتان فتسمعان معاء لتتذاكرا إن كان ضلال من إحداهما أو منهما بحيث تذكّر كل واحدة الأخرى بما غاب عنها متوهمة سواه. وهنا سؤال وهو: لماذا أظهر فى موضع الإضمارء فقال سبحانه: 8 أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى »4 ولم يقل فتذكرها الأخرى؟ والجواب عن ذلك فيما يبدو لى: أن إحداهما معناها واحدة منهما فلمعنى فيه: أن تضل واحدة منهما؛ فتذكر كل واحدة تضل الأخرى» فهما يتبادلان الخطأ ويتبادلان التذكيرء فكان فى إظهار المضمر إشارة إلى هذا المعنى» وإشارة إلى أنهما معًا فيهما شهادة رجل متذكر غير ناس» إذ إن التصريح ب #إحداهما» ثانية تصريح بأن إحداهما والأخرى شهادة لا نسيان فيهاء فهى شهادة رجل متذكر. إإ#ناا تفسير سورة البقرة الل ا حر د « ولا يأب الشهَداء إذَا ما دُعُوا4 أى لا يأب الذين اشتهروا بالعدالة ووثق الناس بهم واطمأنوا إليهم عن الشهادة إذا دعوا إليهاء سواء أكانت الدعوة للحضور وتحمل الشهادة كالشهادة فى التوثيق بالكتابة» أم كانت الدعوة لأداء الشهادة عند الإنكار فى مجالس القضاء؛ وإن هذا يدل على أن الشهادة إذا تعين الشاهد ٠‏ فرض أداؤهاء وهذا تطبيق لقوله تعالى: ولا َكتُمُوا الشهادة ومن يَكتمها فَإِنَّه آثم به 7ن 4 [[البقرة] وقال بعض العلماء: إن أداء الشهادة عند الدعوة واجب» ولك ليست إجابة الدعوة إلى تحمل الشهادة بحضور الكتابة ونحوها فرضا . ولا تسأمُوا أن تكتبوه صغيرأ َو كبيرا إلى أجله © أى لا تملوا من كتاب الدين إلى أجله بأن تحدوه وتبينوا أجله» سواء أكان الدين كبيراً أم كان الدين صغيراً» فلا يذهب بكم احتقار الصغر إلى إهماله وعدم كتابته؛ لآن الصغر والكبر لاحدود لهماء فقد يكون صغيرا فى نظر غنى ملىء» ويكون كبيرا خطيرا عند غيره؛ ولأن إهمال الصغير يؤدى إلى جحوده؛ وعندئذ تذهب الثقة» وإذا ذهبت ساد التناحر والتنازع ؛ ولأن التهاون فى الصغير قد يؤدى إلى التهاون فى الكبير؛ وإن التشديد فى كتابة الصغير والكبير يدل على أن الأمر بالكتابة للوجوب كما بينا. ل ذَلكُمْ أقسَطُ عند الله ووم لشتهادة وأدَئ ألا تَرتَاُوا 4 الإشارة هنا إلى كل ما ذكر من الأمر بالكتابة» والنهى عن الامتناع عنهاء والأمر بالاستشهاد» والنهى عن الامتناع عن الشهادة» والأمر بكتابة الصغير والكبير؛ وإن هذه الجملة السامية فيها تعليل للتشديد فى الأوامر السابقة» وقد تعللت هذه الأوامر والوصايا بثلاثة أمور: آأولها: أنها أقسط عند اللهء أى أنها أعدل فى ذاتها؛ لأنها أعدل عند الله تعالى» وكل ما يكون أعدل فى علم الله تعالى فهو الأعدل فى ذاته» وكانت الأعدل فى ذاتها؛ لأنها حماية لنفس المدين من الجحودء وحماية لحق الدائن من الضياع» فهى حماية للفريقين. والأمر الثانى: أنها أَقُوم للشتهادة 4 أى أن الكتابة والشهادة على الكتابة أشد تقويمًا للشهادة والإتيان بها مقومة عادلة ثابتة لا زيف فيها ولا اضطراب؛ والمراد ا تفسيرسورة البقرة 0ك ل 0 1 #ذ#1ذ#1#ذ22011#1#1# حب ل بالشهادة الإثبات» أى أن الكتابة والإشهاد عليها أقوم طريق للإثبات والحكم. وقد فهم بعض العلماء من هذا أنه يجوز أن يستعين الشاهد بما كتب وقت المعايئة عند تحمل الشهادة . والأمر الشالث: أنها 8 أدنئ ألا ترتابو.4 أى الأوامر السابقة والوصايا إذا نفذت على وجهها أقرب إلى ألا يكون ريبا وتظننا فى التعامل» والريب والتظان ونحوهما يفقد الفقة» وإذا فقدت الثقة بين المتعاملين فسد التعامل» وانحلت عرى التضافر الاجتماعى» والتعاون الإسلامى. والاقتصادى. « إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فَليس عَلَيِكُم جاح ألا تكتبوهًا 4 التجارة الحاضرة التى تدور بين التجارء هى التى يجرى فيها التقابض فى المجالس» أو التى يتأخر فيها الأداء ساعة أو بعض يوم أو نحو ذلك» ووصفت بأنها تدور؛ لأن هذا يعطى وذاك يأخحذء وقد يطلب هذا بضاعة ويدفع ثمنا مرة» ثم يعطى بضاعة أحيانا» وسميت حاضرة؛ لأن المبيع والثمن كلاهما حاضر؛ فهذا النوع من التعامل ليس هناك جناح أو إثم فى ألا يكتب؛ وإن الاستثناء على هذا يكون استثناءً منقطعا؛ لأنه إذا كانت التجارة حاضرة بمعنى أن الثمن والمبيع كلاهما حاضر مهيأ للدفع» وإن تأخر أحدهما قليلا من الزمن لايعد تأجيلاء فإنه ليس ثمة دين داخل فلا أمر بالكتابة حتى يكون الاستثناء منه» ف (إلا» هنا بمعنى «لكن». وفى نفى الجناح والإثم إشارة إلى أمرين: أولهما- أن الأولى الكتابة» وثانيهما- أن غير ذلك يأثم فيه من لا يكتب؛ فالكتابة واجبة فى غير موضع الاستثناء. لأن الامتناع عن موضع الإثم واجب. ط وأشهدوا إِذا تبابعتَم 4 هذه وصية جديدة من وصايا التعامل» وهو الإشهاد على البيسع. وقد قرر الظاهرية أن الإشهاد على البيع واجب بحيث لو لم يُشهد المتبايعان على البيع يأثمان» وإن كان البيع يقع صحيحا؛ وذلك لأن الظاهرية قرروا أن الأمر للوجوب حتى يوجد دليل يمنع الوجوب, ولم يوجد عندهم الدليل. وقال الجمهور: إن الإشهاد فى البيع غير واجب, وإنما هذا إرشاد وتعليم مجرد؛ وذلك اا تفسير سورة البقرة ااا اه لسرب د لأن النبى كد كان يتبايع ولا يشهدء حتى لقد جحد البائع العقد مرة فشهد له .ل () حريمه . وعندى أن الإشهاد فى بيع الأشياء التى تبقى يجب» حتى يعلم الناس انتقال اليد فيه» وانتقال الحوزة» وليمنع الجحود. ولا يضار كاتب ولا شَهيد 4 كلمة «يضار» تحتمل أن تكون للفاعل» ويحتمل أن تكون بالبناء للمجهول» ولمعنى على الأول نهى الكاتب والشاهد عن أن ينزلا ضررا بأحد المتعاملين» بأن يبخس الكاتب أحدهماء أو يشهد الشاهد بغير الحق؛ والمعنى على الثانى - وهو الظاهر - لا يصح أن ينزل ضرر بالكاتب أو الشاهد لحملهما على كتابة غير الحق أو قول غير الحق» فإنهما أمينان» وإضرار الأمناء يحملهم على الخيانة وفى ذلك ضياع للأمانة» وذهاب للثقة؛ ولذا قال تعالى بعد ذلك : « وإن تفعلُوا فَِنّهُ فُسوق بكم » أى إن تفعلوا الضرر بالشاهد والكاتب» وتنزلوا الأذى بهما فإن ذلك يكون فسوقًا بكمء أى معصية وخروجا عن جادة العدل يحل بكم» وينزل فى جماعتكم فتضيع الحقوق» وتذهب الأمانات» وتمحى الثقة فى التعامل» ولا يمكن إقامة حق وخفض باطل» فخير الجماعة فى حماية الذين يوثقون الحقوق من كاتبين وشاهدين. «( وائقوا الله ويعلمكم اللّهُ واللّه ِكل شيء عَليم 4 ختم الله سبحانه وتعالى هذه الآية بما يربى المهابة للأوامر العلية والوصايا الإلهية؛ وقد اشتمل ذلك الختام الكريم على ثلاثة أمور: أولها: تقوى اللهء فإنها نور القلب» وهى الشعور بمراقبة الله» وفى ذلك إشارة إلى وجوب مراقبة الله عند التعامل» ونية الأداء. ثانيها: الإشعار بأن هذا تعليم من الله اللطيف الخغبير» ليحسن التعامل» ويقوم على أسس من الثقة والاطمئنان ومنع الريب. )١(‏ رواه النسائى: البيوع - التسهيل فى الإشهاد على البيع (55748)»: وأبو داود فى الأقضية - إذا علم الحاكم صدق شهادة الواحد :)07١70(‏ وأحمد: مسئد الأنصار (481/8١؟7)»‏ عن عمارة بن ثابت رضى الله عنه. اا تفسيرسورة البقرة ١‏ اللاتاة الت الات ائاائ!ا ااال الللاا ل لانن للللتكك اناالا انط اناا لتا كن اتات لةااااااا الا ل اطنط اناا ااا ااا اناالا اللا اااذال اللا للتاتاللا لسرب د 2 ## وَإِن كسرع سه رول تشوا ادفو إن أن يع 1 عن أَمَتَهولْمَتَ جح ل 0 3 م تيه 5-1 همه صح عي قد سا ودا عع م6 عي 0 ان برعو 0 إنتبدواماقا 7 ييحعوه صد قد هه وه 1" ا 0 104 موده عو سلس 0 ركيد :2 2 فى الآية السابقة بين سبحانه وتعالى وجوب الكتابة» عند من يقول: إن الأمر للوجوب؛ أو وصى سبحانه وتعالى بالكتابة وأرشد إليها؛ وفى هذه الآية يبين سبحانه حال الترخص من الكتابة» وهى الحال التى لا تكون الكتابة فيها ممكنة» إذ يكون المتداينان على سفرء ولا يوجد كاتب؛ فإنه فى هذه الحال يترخص فى عدم الكتابة» ويعوض عن الكتابة والشهادة فى الاستيثاق بالرهن» وإن لم يكن رهن فإنه يكون الاعتماد على الأمانة المطلقة حيث تعذر الاستيثاق بالأمور المادية» وهى: الكتابة والشهادة عليهاء ثم الرهان المقبوضة» فيقوم مقام هذه الأمور الأمانة والذمة. «وإن كسم على سقر ولّم تجدوا كاتبا فَرِهَانَ مَقبوضَةٌ» الرهان: جمع رهن بمعنى مرهون» فرهن ليس معناها المصدرء بل معناها العين المرهونة» وقرئ (ثَرَهن مقبوضة). وقد خرج بعضهم هذه القراءة على أن (رَهُن) جمع رهان بمعنى رهن . ل م 286 وخرجه بعضهم على أنه جمع رَمْن كسقف وسقف؛ وفَرشٍ وفرش» وحَلْقٍ وحلّق» وعكذا. وت بل لولم تجنر كانا4. هلم دوا كايا يكتب فيه» أو لم تتيسر أسباب الكتابة لأى سبب من الأسباب» فإنه يقوم مقام الكتابة رهن يستوثق به فى أداء الدين» وإنه لا يقوم مقام الكتابة فقط بل يقوم أيضًا مقام الشهادة. وهنا إشارتان بيانيتان ويجب التنبيه عليهما: أولهما: أن الله سبحانه وتعالى يعبر عن المسافر فى حال بيان الرخصة التى ترخص له بسبب السفر بقوله تعالى: علئ سفر» وقد عبر سبحانه بذلك فى حال رخصة الإفطار» ورخصة ترك الكتابة» ورخصة التيمم عند عدم وجود الماء؛ وذلك لأن معنى ا عَلَئْ سَفْرِ» يتضمن معنى الركوب» أى راكبين فوق سفر؛ وذلك يشير إلى اضطراب الحال والقلق والانزعاج» فليست الحال حال استقراره إذ من كان مركبه سفرا واتتقالا مستمراء فهو غير مستقر ولا مطمكن. وتلك الإشارة تتناسب مع الترخيص فى الإفطارء والترخيص فى ترك الكتابة» والترخيص فى التيمم. ثانيهما: أن فى الآية قراءتين متواترتين كما بينا؛ إحداهما: ظولَمْ تجدوا كاتا 4 والأخرى (وَلم تجدوا كتاباً) وإذا كانت القراءتان متواترتين فكلتاهما قرآن مقروء مفهوم بمعناهاء ومجموع القراءتين يؤدى معنى تتضافران فى أدائه» وهو أنه فى حال السفر يقوم الرهن مقام الكتابة والشهادة إذا لم يوجد كاتب»ء أو وجد الكاتب ولم يوجد الكتاب » أو أى أداة من أدوات الكتابة . والفقهاء فى ظل هذا النص الكريم يتكلمون فى مسائل فقهية» ويقتبسود معانيها من إشاراته وعباراته؛ وإنا نوجز المسائل التى يتكلمون فيها فى ثلاث: أولها: إن الذين يقولون: إن الأمر فى الكتابة والاستشهدد على الدين للوجوب يقول بعضهم: إن الترخص فى الرهن بدل الكتابة والشهادة إما يكون فى 1 ا تفسيرسورة البقرة لحر ل حال السفرء وكل حال يتحقق فيها المعنى المسوغ للترخيص فى السفرء وهو عدم وجود الكاتب الذى يكتب» أو الأداة التتى يكتب بهاء أو القرطاس الذى يكتب عليه» ولو كان فى حضر لا فى سفر؛ لأن المعنى وهو تعذر أو تعسر وجود الكاتب أو ما يكتب به يتحقق فى هذه الحال كما يتحقق فى السفرء ولكن ذكر السفر؛ لأنه مظنة لذلك التعذر. وهو فيه كثير عند العرب لغلبة الأمية عندهم» أما فى الحضر فذلك نادر» وإن وجد فإنه يطبق عليه حكم السفر. وبعض هؤلاء الذين قالوا إن الكتابة واجبة والشهادة عليها مثلها قالوا: إن الترخص مقيد بالسفرء ولا ترخص بغير الكتابة فى الحضر. وكأنهم بهذا يرون أن من الضرورى أن يكون فى كل قرية أو حى كاتب وأدوات كتابة» وأن على أهل هذه القرية أن يهيئوا الأسباب لذلك؛ لأنه فرض كفاية إن تركه الجميع أثمواء وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن كلهم . الثانية : أن الرهن يقوم مقام الشهادة والكتابة فى الاستيثاق من أداء الدين؛ ولذلك فإن المعقول أن يكون قريبًا من الدين فى قيمته. وقد استنبط مالك رضى الله عنه من هذا أنه إذا اختلف الدائن والمدين فى مقدار دين موثق برهن ولم يكن للدائن بينة تنبت مقداره فإنه لا توجه اليمين إلى المدين» بل يُحكّم الرهن؛ فما يشهد له الرهن يكون القول قوله ؛ فإن كان مثل ما يقول المدين أو أقل فالقول قول المدين» وإن كان مثل ما يقول الدائن أو أكثر فالقول قول الدائن» وقال أبو حنيفة والشافعى: إن اليمين فى كل الأحوال على المدين ما لم تكن بينة للمدعى. وحجة مالك أن الرهن قائم مقام الشهادة والكتابة فهو شهادة وكتابة معا؛ فما يشهد به يكون الحكم على مقتضاه. الثالثة: قوله تعالى: ظ فَرهان مَقْبُوضَة 4 فقد أخذ بنص الآية الكريمة أبوحنيفة وأصحابه؛ وقرروا أن الرهن لا يتم إلا بالقبض فإن لم يكن قبض لا يتسمء فإذا افترق العاقدان من غير قبض فالرهن غير صحيح. وقال مالك رضى الله عنه: إن الرهن يتم من غير القبض» ولكن القبض حكم من أحكامه» فمن حتق المرتهن وهو الدائن بعد تمام عقد الرهن أن يطالب بقبض العين المرهونة» فالقبض حكم للعقدء ا تفسير سورة البقرة الل لك لح اا وليس ركنا من أركانه. ولاشرطا لتمامه. وقال الشافعى: إن الرهن يتم من غير حاجة إلى القبضء وإنما الرهن للاستيثاق من الوفاء بالدين» ووصف «مقبوضة'» جرى مجرى العرف» وليس وصمًا له مفهوم يعطى تخلفه غير حكمهء بل يكون الرهن مقبوضا أو يكون غير مقبوضء وأثره فى حال عدم القبض أن يتعلق حق الدائن بالعين بحيث يمنع صاحب العين من التصرف فيها حتى يستوفى الدين» وأنه إذا حل الأجل من غير أن يوفى المدين فإنه تباع العين فى سبيل أداء الدين. وكأنه فى المذهب الشافعى كما هو فى القانون المدنى المصرى الرهن ينقسم إلى قسمين : رهن حيازة» وهو الذى يتم فيه القبض» ويكون أكثر ما يكون فى المنقول؛ ورهن تأمينى» وهو الذى يستمر تحت يد المدين» ولكن يؤمن به الدين ويوئق» وهو أكثر ما يكون فى العقار. «فَإن أمن بَعضكم بَعضا فَلْيْوَدَ الذي اؤتمن َمَانتَهُ وليئّق الله ربّه 4 هذا تدرج حكيم؛ الكتابة فى الديون والإشهاد عليها مطلوبان» فإن تعذرت الكتابة والشهادة فإنه يتترخص حيتئذ بالرهن المقبوض» ولكن إذا كان طالب الدين ليس عنده رهن يوثق به الدين» وهما فى سفر ولا كاتب ولا شهيد أيمتنع القرض ويكون الحرج على المدين» وقد يكون فى ضرورة للاستدانة وهو ملىء فى دياره يستطيع الأداء عند عودته؟ إنه لم يبق إذن إلا الاعتماد على أمانته» وهذا هو الذى يتبين فى ذلك النص الكريم ؟ والمعنى : إذا أمن الدائن المدين» واعتمد على ذمته ومقدار أمانتهء فليؤد الدين فى ميعاده؛ لأنه أمانة فى عنقهء ولأن الدائن اعتمد على حسن أآدائه وعلى مقدار ما عنده من أمانة» فلا يضيع رجاء الخير فيه؛ ولأن الله سبحانه عليم بما فى الصدورء فليتق الله ربه. وإذا كان النص الكريم قد جاء فى مساق الدين وتوثيقه» فإن اللفظ عام يعم وجوب أداء الأمانات كلها سواء أكانت ديوئًا فى الذمة» أم كانت ودائع مقبوضة» أم كانت أمانات مرسلة حمل المؤتمن أداءها. وفى النص الكريم عدة إشارات بيانية» تتضافر فى مجموعهاء وتؤكد وجوب أداء الأمانة . تفسيرسورة البتمقرة : 000000 3*5 الس ل أولها: فى قوله تعالى: «فإن أمن بعضكم بعضا» فإن التعبير ب (أمن» 1 أعطى أو أودعء إشارة إلى الجانب الذى اعتمد عليه وهو خلق الأمانة فى صاحيه فهو لا يرى فيه إلا جانبًا مأمونا لا يتوقع منه شرا من جحود أو خيانة . انيها: ذكر الظاهر بدل الضمير فى قوله تعالى: 9 فَلَيوَدَ الذي اؤثّمن 4 فإن التعبير با ماوصول هنا يشير إلى علة وجوب الأداعع أو إلى توثيق الآداء ؛ لأنه ائتمئه فحق عليه أن يؤدى الأمانة. النها: فى إضافة الأمانة فى قوله تعالى: لا أْمَانتَه4 فإن الأمانة هى فى الواقع للدائن أو المعطى من حيث إنه مالك للدين وللوديعة ونحوهاء ولكن أضيفت إلى المدين من حيث إنها عبء عليه يجب أن يؤدى. وبأدائه يزيل ما عليه من عبء رابعها: قوله تعالى: 9 ولي الله نّه4 فإذا كان صاحب الحق لم يوثق حقه بكتاب أو شهادة أ 0 افإن التقوى هى الوثيقة َه ثيقة الكبرى التى لا تعدلها وثيقة . الحلالة الذى يربى ذكره المهابة فى النفس» إذ يحس القارئ بعظمة الخالق وجبروته وألوهيته. ومؤكد أيضً بالتعبير بريه ؛ إذ فيه إشارة إلى أنه خالقه وباركه ومربيه » ١ل‏ شر الشهادة ومن يكتمها فَإِنَّه آثم قله © بين سبحانه فى النص السابق وجوب أداء الآمانة عامةء ولأن الكلام فى الديون وطرق توثيقها كانت دالة على الآمانات يجب أداؤى وأداؤه أشد وجويا» وأغلظط تكليفاء وهو أمانة الشهادة ؛ فإن أمام القضاء أو أمام غير القضاء؛ وإن هله الأمانة كانت أغلظ الأمانات لأنها ثناط بها الحقوق» وانتظام المعاملاات» وقيام الممجتمع على أساس من الثقة وتبادل المنافع ؛ ولهذا قال تعالى: طاولا تكتموا الشهادة 4 وكتمان الشهادة ألا يقول ما عاين» بأن ها تفسبير سشسبورهة البقرة 7111ل قالزنا ماللا تلاتلا را ]انال اناتاك ان الااخ طن لمانالا تلا اننال الالالال لللالالة الالا لطم ط لان امام طالم 1 لسر أ يمتنع عن الذهاب إلى مجلس القضساء مطلقاء أو يذهب ويقول لا أعلم؛ فإن ذلك فوق أنه كتمان كذبء» أو يقول بعض ما يعلم. والآداء أن يقول كل ما يعلم حيث طلب إليه أن يقولء ولا يترك شيئًا مما يعلمه متصلا بموضوع الشهادة . وقد وصف الله سبحانه من يكتم الشهادة بالإثم» وأسند الإثم إلى القلب. فقال سبحانه: :ل ومن يكتمها فَإنّهُ آثم قله 4 وقد أسند الإثم إلى القلب خاصة مع أن الإثم يسند إلى الشخصء وهذا من قبيل المجازء وهو تعبير عن الكل باسم الجزء؛ لأن لذلك الجزء مزيد اختصاص فى موضع الحكم؛ لآن الإثم فى كتمان الشهادة عمل القلب لاعمل الجوارح؛ ولآن القلب أساس كل خير وكل شر ولو كان الوثم من عمل الجوارح» فهو المضغة التى إن صلحت صلح الجسم كلهء وإذا فسدت فسد الجسم كله . ولقد قال الزمخشرى فى هذا المعنى : «كتمان الشهادة هو أن يضمرهاء ولا يتكلم بهاء فلما كان إثما مقترنا بالقلب أسند إليه؛ لآن إسناد الفعل إلى الجارحة التى يعمل بها أبلغ ؛ ألا تراك إذا أردت التوكيد تقول: هذا مما أبصرته عينى» وما سمعته أذنى» ومما عرفه قلبى؟ ولأآن القلب رئيس الأعضاء والمضغة التى إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله؛ فكأنه قيل: فقد تمكن الإثم فى أصل نفسهء وملك أشرف مكان فيه» ولثلا يظن أن كتمان الشهادة من الآثام المتعلقة باللسان, وَليّعلَمّ أن القلب أصل متعلقه» ومعدن اقترافه» واللسان ترجمان عنه؛ ولآن أفعال القلوب أعظم من أفعال سائر الجوارح» وهى لها كالأصول التى تشع منها؛ ألا ترى أن أصل الحسنات والسيئات الإيمان والكفر» وهما من أفعال القلوب؛ فإذا جعل كتمان الشهادة من آثام القلورب» فقد شهد له بأنه من معاظم الذنوب»2. وهنا يسأل سائل: إن ما يهم به القلب لا يحاسب عليه الشخص؛ ألا ترى أن من هم بسيئة فلم يفعلها لم يكتب عليه شىء؛ فكيف يكون إثم فى عدم أداء الشهادة» وهى ليست إلا عملا قلبيا لا أثر له فى الجوارح؟ والجواب عن ذلك: أن 0 2 « 92 ا تفسيرسورة البقرة لل 111 1[ 1 1[ 1 آذ 212232321211111 لحب اق أعمال القلب ليست معفاة من الإثم دائمّاء إنما الذى يعفى من العقاب ما يجول بخاطره ويتمناه من غير أن يكون له أثر فى الجوارح» أما ما يعتزمه ويصمم عليهء ويتجه إليه؛ ولكن يفوت التمام لأمر خارج عن إرادته وليس له قبل به» كمن يعتزم قتل شخص ويذهب إليه ليفترسه» وقد عقد النية» واستحصد العزيمة» ولكن أفلت من يدهء أفلا يكون ثمة إثم؟ وأحيانا تكون عزيمة القلب وحدها هى موضع المؤاخذة» وذلك إذا كان عمل القلب كف الجوارح عن العمل فى موضع يجب فيه العمل» فترك الواجبات كلها موضع مؤاخذة» ومن ذلك ترك الشهادة. وفى الشرع الإسلامى جرائم تسمى جرائم الترك» وهى الجرائم التى يكون الجزاء فيها ليس على الفعل» ولكن على ترك واجب» كمن يرى شخصا يموت جوعا ومعه مال ولا يسد غائلة جوعه. وكمن يرى أعمى يتردى فى بئر ويتركه قاصد بالدترك أن يموت» وهكذا ؛ ومن ذلك النوع كتمان الشهادة» فهو ترك الواجب» وهو إثم وجريمة بسبب ذلك الترك . « والله بمَا تَعملُون عليم 4 ختمت الآية الكريمة بهذه الجملة السامية» للوعد والوعيد» ببيان علم الله ذى الجلال والإكرام المنتقم الجبار علما دقيقًا بما يعمله كل إنسان؛ يعلم الخير والشرء ويعلم ما تخفى الصدورء وما تكنه القلوب» وما يظهر على الجوارح» فيجازى على الإحسان إحسانًاء وعلى السوء سوءا؛ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره» ومن يأكل أموال الناس بالباطل إما يأكلون فى بطونهم نار ويصلون سعيرا. «إلله ما في السّموات وما في الأَرضٍ 4 فى هذه الجملة السامية بيان لشمول ملك الله سبحانه وتعالى» وفى ذكر هذا الشمول بعد الآيات التى بينت أحكام الأموال ببيان مصارف البرء ومواضع التحريم» وطرق التعامل» وما يوجد الثقة - إشارة إلى معان عامة وخاصة: أما العامة فهى بيان أن ما فى يد الإنسان عارية مستردة» وأن المالك فى الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى» فلا يغتر ذو مال بماله» ولا تذهب به النهمة إلى طلبه من غير حلال؛ فإن يده زائلة عنه لا محالة» وعليه أن يجمل فى الطلب» وأن ينتهز /إإها تفسير سورة البقرة ل مالل يو 5] > 7 فرصة وجود المال بين يديه ليكثر من البر وفعل المفير» فهو الباقى والدائم» وأنه سبحانه وتعالى المسبيطر على كل شىء المعطى الوهاب» فهو الذى أعطى ذا المال وبسط له الرزق» وهو الذى قدر رزق الفقيرء فليس لغنى أن يعتز بغناه» ولا ذى فقر أن يذل لفقره» فالعزة لله وحدهء والخضوع له وحده؛ وإنه سبحانه إذا كان المالك لكل ما فى السموات والأرض» فله وحده العقاب والثواب» وليس لأحد من عباده إلا ما ينعم به عليه من نعم. وأما الإشارة إلى المعنى الخاص» فهو أنه سبحانه وتعالى ذكر فى الآية السابقة أنه عليم بكل ما يعملون؛ وإن من أسباب هذا العلم الدقيق أنه مالك لكل ما فى السموات والأرض؛ لأنه خالق ما فى السموات والأرض 9 ألا يَعلَم من خَلّق وهو اللُطضيف الخبير 128 »4 [الملك] وإذا كان الله سبحانه وتعالى عليما بكل ما يعمله الناس» ومالكا لكل ما فى السموات وما فى الأرض فإنه سبحانه وتعالى يحاسب على كل ما يفعله الإنسان سواء أكان من حركات النفس أم كان من حركات الجوارح ؛ ولذا قال سبحانه: ف وإن تُبَدُوا مَا في أَنفسكم َو تَحْفُوه يُحَاسبكُم به اللّه 4 : فى هذا النص الكريم يبين سبحانه أنه يعلم السر والعلن» ما ظهر وما بطن» وأنه يعلم حركات النفس وما تصر عليه وما تعزمه من فعل» سواء أعلنته أم لم تعلنه؛ وإن هذا النص كما يفيد علم الله بما ظهر وما بطن من أعمال النفوس» يفيد بصريحه أنه يحاسب الإنسان على النيات وما تكسبه القلوب» سواء أأخفاه الشخص أم أظهره» فما تكسبه القلوب موضع مؤاخذة بهذا النص؛ وقد قال تعالى: «إلا يوَاحْذَكم الله بلغو في أَيْمَانَكُم ولكن يوَاحذَكُم بما كسبت فلوبكم ... 428 4 [البقرة] ولكن قد اعترض على ذلك بقول النبى عَلللْه : «إن الله تجاوز لأمتى ما حدثت به أنفسهاء ما لم يتكلموا أو يعملوا 0 )١(‏ رواه مسلم: الإيمان - تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب »)١81١(‏ بهذا اللفظء والبخارى: الأيمان والنذور - إذا حدث ناسيا فى الأيمان (511/1). 9 ©# تفسيرسورة البقرة , 21111 لسرب ا ولقد ادعى بعضهم لهذا الحديث أن الآية منسوخة؛ لآن حديث النفس لا يمكن التخلص منه؛ وأنها نسخت بقوله تعالى: «إلا يكلف الله نفْسا إلا وسعَها ... نيه © [البقرة] ولكن ذلك القول غير مقبول؛ لأنه لا تعارض بين الآيتين» حتى تنسخ إحداهما الأخرى» كما أنه لا تعارض بين الآية والحديث الشريف؛ لآن حديث النفس ليس هو ما تكسبه النفس» ويعزمه القلب» وينويه الشخص ويصر عليه؛ وإنما هو تلك الخواطر النفسية التى تعرض للإنسان فتوجهه نحو الهوى والشهوة؛ فإن سار وراءها حتى اعتزمها وأرادها وأصر عليهاء ولكن عاقه عائق عن تنفيذهاء لا يكون حديث النفس» بل يكون كسب النفس» ولكل نفس ما كسبت» وعليها ما اكتسبت؛ فالمرتبة الأولى وهى تلك الخواطر ليست موضع مؤاخذة» بل إن التغلب عليهاء وكفها بعد مكافحتها موضع ثواب؛ لأنه جهاد التفس» وجهاد التفس هو الجهاد الأكبر» كما ورد فى الأثر «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الحهاد الكك )217 ويقصد به جهاد النفس؛ إنما موضع المؤاخذة الإصرار بعد الخواطر. وعلى ذلك: نقول إن موضع التجاوز هو حديث النفس» وموضع الحساب هو الإصرار والنيات» والاتجه القلبى إلى الأذى والاتتقام وقد بينا ذلك من «فيغفر لمن يشاء ويُعَذب من يَثَاءُ 4 وإن هذه نتيجة الحساب» فيستر الله سبحانه وتعالى ذنوب من يشاء ويعفو عنه» وإنه ليعفو عن كثير كما ذكر سبحانه» ويعذب من يشاء جزاء ما اقترف من آثام؛ وإن مشيئة الله سبحانه وتعالى لا قيد يقيدهاء ولا شىء يحدهاء ولكنه سبحانه يغفر لمن سار فى طريق الهداية» ولم تركس نفسه فى المعاصى» ولم تحط به خطاياه حتى تستغرق نفسه» وتستولى على حسهء ويغلب عليه حب الخير؛ وهذا معنى قوله تعالى: «إإِنّ الْحَسَنَات يهن السيئات ... +139 4 [هود]. أما من استولت عليه الشهوات» وأحاطت به ا تفسير سورة البقرة سس سب اد الخطاياء وغلب عليه الشر والأذى» ولم يكن منه الخير إلا لماماء فإن الله محاسبه بما كان؛ لأنه لاحسنات تذهب بالسيعات؛ والله سبحانه وتعالى هو امالك للإنسان وما يصنع الإنسان» فلا قيد يقيد إرادته تبارك وتعالى. واللهُ على كل شيء قَدير 4 هذا ختام الآية الكريمة» وهو فى بيان شمول قدرة الله تعالى وعموم إرادته سبحانه» فهو القادر على الثواب والعقاب» وهو القاهر فوق عباده» ولا سلطان فوق سلطانه» وهو الذى يلهم التوفيق لمن كتب له التوفيق» وهو الذى يترك من يقع فى غواية الشيطان» وهو الذى يسهل التوبة لمن يتوب» غافر الذنب» قابل التوب» شديد العقاب؛ فالإنسان وما يملك» وخواطره وهواجسه» وأحاسيسه» ونياته واعتزاماته؛ كل ذلك تحت سلطان القادر» وقوة القاهر. اللهم اجعلنا من عبادك الطائعين الخاضعين» الراضين بقضائك وقدرك» إنك أنت العزيز الحكيم. 2 م عه 0/0 آله ءَامَنَالرسول يما أثر 2 07 م ور و 0 ص يب سس سر صل كر له من رَيْدء وَالْمَوّمِنْونَ كل ءَامَنَياللهِ وملتيكدء وكيوء شو اريت أحلوتات د - كَالْوأْسَوِعْسَا اي كر يبلك لمصير له 2 لايكليك و2 َاإِلَاوْسَعَهَا لَهَامَا كسَيء مشهت 02000 :| هد مسيع 6 00 9 لَاتَوَاخِد نا إن شسِيناأ 3 خعلانا رسكا وَلَاسَحْمِلُ 02002 سم الى ا ذختأ 2ع ساسا صم 77 220 00 عَلَنا إضرًا كَمَاحَمَلْتَهُعَلَ الذي من فبلناريناولا 1 رصي بي ماص راصح بإ« بيت ممع سيط لنابهء اعْجعئَ وموك نايعا 72-0 4 تفسيرسورة البقرة لسر أ بهاتين الآيتين الكريمتين ختمت هذه السورة» وهى أطول سورة فى القرآن, وفيها لب الإسلام» ومغزاه ومرماه؛ فيها بيان أخلاق الناس. واختلاف تلقيهم للحق الذى يدعون إليه؛ فمن مؤمن يذعن للحق بقلبه وجوارحهء ومن منافق يظهر الإذعان ويبطن الكفرء ومن معاند مشرك بالله يعرض عن الحق» وقد لاحت بيناته وأضاءت الوجود آياته. ثم بينت أصل الخليقة» وبها تبيين الطبائع الإنسانية والطبائع الإبليسية» والإخلاص الملاتكى ثم ضرب سبحانه الأمثال وقص سبحانه قصص النبيين: موسى وإبراهيم وإسماعيل» وبنى إسرائيل» وفيهم يتمثل الإيمان أحياناء والطبائع الإنسانية يتسلط عليها الشيطان فى أكثر الأحيانء ويتمثل الطبع الإنسانى فى قوته وضعفه. ثم ذكر سبحانه أحكاما للجماعة فى القتال» وفى السلام» فى الأسرة وفى المجتمع» وفى التعاون بين الآحاد بالإنفاق فى سبيل الخير وإعلاء كلمة الحق والفضيلة» ثم فى الأسباب المفرقة بين الجماعات كالرباء ثم فى المعاملات الفاضلة التى تحفظ فيها الثقة المتبادلة بين آحاد الجماعات الإسلامية. بين سبحانه وتعالى ذلك ثم ختم السورة ببيان أمرين: أحدهما: أن رسالة محمد َكل هى امتداد للرسالات السابقة كلهاء وأن لب الدين واحد فى كل الرسالات الإلهية. وثانيهما: بيان أن كل التكليفات الدينية يسر لا عسر فيهاء وأنها تهذيب روحى وتعاون اجتماعى. وقد بينت الآية الأولى من الآيتين الكريمتين الأمر الأول وبينت الثانية الأمر الغانى ولنبتدئ بالكلام فيما اشتملت عليه الآية الأولى : «آمن الرّسول بمًا أنزل إِلّيه من رَبّه والمؤمنون 4 وفى هذا المسزء من الآية الكريمة يبين سبحانه وتعالى الأصل الأول من أصول الإيمان» وهو الإيمان بما جاء به وما نزل عليه؛ فهو يَلْةٌ ومعه المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليه من ربه وك الذى أنشأه ونماه وكملهء وخخصه بالخصال التى تؤهله للرسالة» وتعده للنبوة: «اللَهُ ألم حيث يجعل رسَالتهُ .. . +473 4 [ الأنعام ] . ا تفسير سورة البقرة و1 لك او > اا والإيمان بما أنزل الله يشمل الإيمان بالتوحيد المطلق للذات العلية وبكل ما اشتمل عليه القرآن من غيبيات» والإيمان بكل ما اشتمل عليه القرآن من تكليفات على أنها من عند الله اللطيف الخبير» سواء أكانت تتعلق بالعبادات أم كانت تتعلق بالمعاملات؛ فيؤمن النبى ومعه كل المؤمنين الصادقى الإيمان بأن الله حرم الربا كما حرم الشرك وكما حرم الاعتداء على النفس والمال» وحرم الزنا كما حرم الخمر والخنزير وأكل الميتة؛ وأمر بالزكاة كما أمر بالصلاة» وأمر بإقامة الحدود كما أمر بالحج؛ فالإيمان ما أنزل الله إيمان بكل ما اشتمل عليه الوحى المحمدى. ومن قال إن منه ما يناسب عصر النبى يكل ولا يناسب عصرنا فهو لم يؤمن بما أنزل إليه من ربه» ولم يكن من المؤمنين الذين اقترن إيمانهم بإيمانه وَ. ونشير هنا إلى معنى سام تفضل به الله على المؤمنين» وهو أنه قرن إيمان المؤمنين بإيمان النبى وَكلةِ وجمعهما فى نسبة واحدة» وفى ذلك إشارة إلى أن المؤمنين الذين يصدقون فى إيمانهم بما أنزل الله يقاربون فى منزلتهم منزلة النبيين . وفى تأخيرهم فى الذكر إشارة إلى تأخر التابع عن المتبوع) وإشارة إلى أن النبى ككل أول من يؤمن بما أوحى إليه» وأنه أقوى الناس إيمانا بوجوب طاعة اللهء وأنه أول من أطاع الله؛ فكانت نبوته يلد تصديمًا منه وطاعة . كُلُ آم باللّه ومَلاَكته وكتْبه ورْسّلهِ4 بهذا النص الكريم يبين سبحانه معنى الإيمان الجامع من حيث الاعتقاد» وذلك الإيمان يتضمن الإيمان بالله تعالى أولاء ثم بملائكته» وهم وسائط التبليغ لمن يختارهم لرسالته من خلقهء ثم بكتبه» وهى سجل شرائعه التى تنزل من السماءء ورسله» وهم المصطفون الآخيار من البشر الذين اختيروا لتبليغ ما اشتملت عليه الكتب. فهذا تدرج قويم؛ فابتدأ بالإيمان بالله المنعم بكل شىء فى هذا الوجود؛ ثم ثنى بالملائكة الأطهار وهم غيب لا يرى ولا نعرف شيئًا عنهم إلا بالإخبار منه سبحانهء وهو الذى أمرنا بالإيمان بهم» فالؤيمان بهم نوع من الإيمان بالله سبحانه . وكذلك الكتب والرسل . هاا تفسيرسورة البقرة 4 ال #717100 22011111112 حر ا وقد يقال: لماذا ذكر الإيمان بهؤلاء بجوار الإيمان بالله تعالى؟ والجواب عن ذلك أن بعض المنحرفين من أهل الآديان السابقين كانوا يذكرون بغير الخير وبالعداوة بعض الملائكة كجبريل الأمين» فبين سبحانه أن الملائكة جميعا من غير استثناء يجب الإيمان بهم» والإذعان ن لكل ما ينزلون به من رسالات بهم ؛ وكذلك الكتب السابقة» والنبيبون السابقون؛ فمن بنى إسرائيل من قتلوا , بعض النبيين» وكفروا ببيعضهم وحرضوا على قتله» فبين سبحانه وجوب الإيمان بكل الرسل من غير استثناء؛ لأنهم المبلغون للناس رسالات الله» وفوق ذلك فإن هذا الذكر المفصل يفيد اشتراك المؤمنين جميعا فى عناصر الإيمان» وأن الإسلام امتداد لسائر الآديان المنزلة ؛ وهو الخطوة الأخيرة فى شرائع السماء إلى الأرض» وأن من يؤمن بالإسلام يؤمن بكل الأديان والشرائع التى أنزلت على الرسل غير محرفة ولامبدلة؛ فهو دين الوحدة الإنسانية» كما هو دين التوحيد الإلهى. والإيمان بالله تعالى هو الإيمان بوحدانيته تعالى فى الذات؛ “سن لاه سحا وتعالى مشابه له من الحوادث «[ ليس كمثله شي وهو السّميع البصير + لبن 4 [الشورى] وبوحدانية الله فى الخلق والتكوين. فهو سبحانه أخالق لكل هر؛ وليس لآحد مهما يكن شركة لله سبحانه فى الخلق والتكوين؛ ووحدانية العبودية»؛ فلا يعبد مع الله أحد؛ لأنه المنعم بهذا الوجود. وليس أحد يستحق معه العبادة؛ إذ لا يماثله أحد؛ تعالى الله عما يقوله المشركون علوا كبيرا. وهنا ملاحظة لفظية يجب أن نشير إليهاء وهى لفظ «كل» وعدم إضافته؛» إذ قال سبحانه: ١‏ كل آم باللّه 4 و١كل؟‏ سواء أضيفت باللفظ أم لم تضف» على نية الإضافة؛ فالمعنى: كل فريق من هذين الفريقين» وهما الرسول والمؤمنون وذكر كل على هذا فيه إشارة إلى مرتبة النبيين» وأنها أعلى من مرتبة المؤمنين ولو كانوا صادقين» وإن جمعهما المولى القدير فى نسبة واحدة» تعالت كلمات الله سبحانه. «لا فرق بين أحد من رُسُلهِ 4 هذا التفات فى القول» وهو منهاج بلاغى؛ فبعد أن كان الكلام بصيغة الحكاية ع النبى كلد والمؤمنين» صار بصيغة المتحدثين عن أنفسهم هم» وهى أن حالهم فى هذا الإيمان أنهم لايفرقون بين رسول ورسول» ا ررب أ فيؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض» وهناك قراءة أخرى» وهى: (لا يفرق بين أحد من رسله) والضمير فى الفعل «(يفرق) يعود فى هذه القراءة على «كل»2 ولفظ «كل» مفرد» فيعود الضمير عليه مفردًا وإن كان معناه جمعَاء وقد يعود الضمير جمعا ملاحظًا فى ذلك المعنى لا اللفظ . ومعنى هذه الجملة السامية هو تصريح بما تضمنه ما قبلها؛ لأن ما قبلها تضمن أنهم يؤمنون بكل الرسل» ومقتضى ذلك أنهم لايفرقون فى الإيمان بهم وكونهم مبعوثين من عند الله بين رسول ورسول» وعدم التفرقة لا صلة لها بالتفضيل فى الدرجات؛ لأن ذلك من فضل الله إذ يقول: « تلك الرّسل فَصْلنَا بعضهم علَى بعض ...+20 4 [البقرة]» ولأن موضوع التفرقة وعدم التفرقة هو فى الإيمان. وقَاُوا معنا طعا غفرَانك ريا ويك المَصير 6 فى هذه الجمل السامية يبين سبحانه وتعالى خواص الإيمان التى لا تفارقه إلا إذا اعتراه نقص» وبمقدار نقصها يتخلف المؤمن عن مراتب الكمال» ودرجات الفوز. وأول خاصة من خواص الإيمان» ومظهر من مظاهره - الاستماع لما يدعو إليه استماع متعرف طالب لحقيقته متقص لغاياته» متجرد من الأهواء والشهوات» حتى إذا عرف الحق فى الشرع سائعًا أطاعه غير متململ» وصبر على تكليفه غير متضجر؛ فمن طلب الدين مؤولا نصوصه على غير وجهها خضوعا لأهواء زمانه» أو خضوعا لهواه» فهو غير مستمع ولا طائع» نعوذ بالله العزيز الكريم . والخاصة الثانية ‏ أن يحس المؤمن بالتقصير مهما يكن مؤديًا لواجب الطاعة» فإن ذلك الإحساس يرهف الوجدان» ويجعله على مخافة من الزلل» فيتجنب الشطط» ويلتزم الاعتدال؛ ولذلك قال فى هذه الخاصة رب النفوس ومقلب القلوب: غَفْرَانَك ريَنَا © أى أنهم لفرط إحساسهم وخشية التقصيرء لأن هذا الدين متين» يضرعون إلى الله دائمًا طالبين المغفرة» ويقولون: #غفراتك ربّنا 4 أى اغفر لنا غفرانك الذى هو من مقتضى رحمتك ونعمك التى تفيض علينا دائماء وأنت ربنا الذى خلقنا وربانا وتماناء والعليم بأحوالنا. 1 تفسيرسورة البقرة الال ل 001 لل ا وإن هذا هو مقام الخوف الذى يجب أن يَعَلّبه المؤمن؛ ولذا كان محمد يل يقول: «إنى أخشاكم لله" ومقام المخوف من قوة الإيمان» والغرور من ضعف الإيمان» فلا يليق بمؤمن أن يغتر بعبادته» فإن هذا ينقصها أو دليل على نقصهاء ويقول الصوفية: إن معصية أورئت ذلا واستخذاء خير من طاعة أورثت عزا وافتخارا . والخاصة الثالثة - التفويض إلى الله تعالى» والإيمان باليوم الآخر؛ ولذا قال . تعالى عنهم: © وإليك المصير)» وإن هذا مقام التفويض والإيمان بالقدر خيره وشرهء وهو مع ذلك يتضمن الإيمان باليوم الآخر؛ فالمؤمن الحق يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله» ويذعن للحق ويعمل به غير مغتر بعمله؛ بل يرجو عفو ربه وغفرانه» ثم يفوض أموره إلى ربه» عامًا بأن المآل إليه ومصيره عنده سبحانه وتعالى. «إلا يكلف الله نفس إلا وسعها 4 قال الزمخشرى فى تفسيره: لالوسع ما يسع الإنسان ولا يضيق عليه ولا يحرج فيه» أى لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقه» ويتيسر عليه دون مدى الطاقة والمجهود. وهذا إخبار عن عدله ورحمته كقوله تعالى: «يريد الله بكم اليسرَ ولا يريد بكم الْعسْر. . . +625 4 [البقرة] لأنه كان فى إمكان الإنسان وطاقته أن يصلى أكثر من الخمس» ويصوم أكثر من الشهر» ويحج أكثر من حجة)ء وهذا الكلام يستفاد منه أن الوسع غير الطاقة» فالطاقة هى غاية المجهود وأقصاه. وما يفعله الإنسان قادرا عليه ولكن فى تعب وجهدء والوسع ما يكون فى الإمكان» ولكن تكون بعد الأداء سعة من قدرة على أداء غيرهء ولكن لا يوّدى الزيادة إلا بجهد. ولا يفهم من هذا أن تكليف الوسع لا تكون فيه مشقة قطء بل إن كل تكليف هو أمر بما فيه كلفة» وهى المشقة؛ وعلى ذلك تكون التكليفات الشرعية لها ثلاث خواص ملازمة: وهى أن فيها مشقة محتملة» وأنها تكون فى الوسع والقدرة من غير حرج ولا ضيق» وأنها تكون من غير مجهود شديد يكون () روى البخارى: الإيمان - أنا أعلمكم (19). 9 تفسير سورة البقرة ل ااا ا رب ا أقصى الطاقة. تلك هى خواص تكليف الله تعالى لكل نفس كما تدل عليه الجملة السامية . «إلَهَا ما كسبت وعليها ما اكتسبت » هذه الجملة السامية تبين أن كل تكليف قد اقترن بجزاته» وأن كل امرئ سيجزى على الخير خيراء وعلى الشر شرا. وما تضمنه ذلك النص الكريم هو نتيجة لما تضمنه النص السابق؛ لأن النص السابق أفاد أن ثمة تكليفاء ولا ينتج التكليف نتائجه إلا إذا كان ثمة جزاء؛ والنص السابق أيضًا أفاد أن الله لا يكلف إلا بما يكون فى القدرة من غير إرهاق» بل بإرادة حرة ويسر لا عسر فيه. وذلك أساس للقيام بالتكليف بإرادة حرة» ومقدرة غير مرهقة؛ وذلك يوجب الجزاء العادل . وقد اتفق العلماء على أن قوله تعالى: «إلَها ما كسبت 4 المراد بها الحسنات التى يثيب الله عليها؛ وقوله تعالى: 9 وعليها ما اكتسبت 4 المراد به السيئات التى التى يعاقب الله تعالى عليها. وقد أخحذوا هذا من النص باللام فى الجملة الأولى» والنص بعلى فى الجملة الثانية؛ فإن التعبير باللام التى تفيد الملكية المفيدة فى مقابل على التى تفيد التحميل» ووضع الشئْ على الشخص» يجعل الأآولى مفيدة للجزاء ثواباء والثانية مفيدة للجزاء عقايًا؛ وإذا لم يكن ذلك التقابل» فإنه يعبر باللام فى موضع الثواب والعقاب؟؛ فيقول سبحانه: 9 ولهم عَذَاب أليم ... ري 4 [ البقرة] ول لَهُم جنات تجري من تحتها الأنهار ... 22 4 [البقرة] إذ لا قرينة تدل على الملكية المفيدة؛ فتكون اللام لمطلق الاختصاص. وهنا سؤال لفظى: لماذا عبر سبحانه عن هذا الخير بقوله: «إ لها ما كسبت 4 وعن الشر ب #8 اكتسبت » مع أن الكسب يكون للخير وللشر كما فى قوله تعالى: ذلك الزمخشرى بقوله: «فى الاكتساب اعتمال؛ فلما كان الشر ما تشتهيه النفس » وهى منجذبة إليه وأمّارة به» كانت فى تحصيله أعمل وأجد؛ فجعلت لذلك مكتسبة ى تفسيرسورة البقرة ربب ات فيه» وهذا التعليل قد يشير إلى أن الشر الكبير الذى تعتمله النفس وتجد فيه» وتلح وتستمر عليه» هو موضع المؤاخذة» والضئيل قد يكون موضع العفو؛ أى ما تفعله النفس من خير فكله موضع ثواب» قل أو جل؛ وذلك معنى صحيح . ولكن هناك تعليلا آخر نراه» وهو أن التعبير باكتسب يفيد معنى الاعتمال» وهو ما يفعله الإنسان غير منساق إليه» والطبيعة الإنسانية تنحو نحو الخير» والشر ضد الفطرة وضد الوجدان والضميره ومن يفعله يغالب فطرته ثم لا يلبث إلا قليلا حتى يذوق شجرة الشر فينساقء وإن الإنسان ليرى ذلك فى كل من يرتكب الجرائم» فهو يبتدئ بالجريمة مغالبًا نفسه ثم تطاوعه ثم ينساق؛ فالقاتل كذلك» والسارق» والزانى؛ أول جريمة يرتكبها بتعمل» ثم يألف الارتكاب فيكون سهلا؛ لذلك عبر عن الشر بالاكتساب؛ لآنه ضد الفطرة التى فطر الله الناس عليهاء وضد الضمير» وعبر عن الخير هنا بالكسب لأنه الفطرة. وبعد بيان سنة الله فى التكليف وجزائه ذكر سبحانه حال المؤمن المخلص فى ضراعته» وضراعته بالالتجاء إلى ربه ودعائه» وقد ذكر سبحانه ستة أدعية تفيد هذه الضراعة وتشير إلى رحمة الله تعالى وخواص شرعه الشريف. « ربا لا تؤاخذنا إن نّسينا أو أَحَطَأَنَا 4 هذا هو الدعاء الأول» وقد ابتداً بنداء الله سبحانه ب «ربنا» لكمال الضراعة والشعور بالربوبية» وكمال إنعام الله تعالى» وضعف المخلوق أمام الخالق» ووفاء المنعم عليه أمام المنعمء وللإشعار بأن ما تضمنه الدعاء من النعم التى أنعم بهاء وكمال الربوبية التى رب الناس بها. والمؤاخذة معناها المجازاة» وأصلها من الأخحذ. وفى التعبير عن المجازاة بالمؤاخذة إشارة إلى أن ما يستحقون من عقاب هو فى نظير ما أخذوا من نعم لم يعرفوا حقهاء فهم أخذوها وجحدوهاء فأخذهم الله تعالى بحقها. ش إل تفسير سورة البقرة الل ادي وقد سأل سائل: لماذا ذكر الله سبحانه عن أحوالهم هذا الدعاء مع أنه مرفوع عن أمة محمد بقوله ككةِ: ارفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»؟'" وقد أجاب عن ذلك الزمخشرى فقال: «إنهم كانوا متقين الله حق تقاته» فما كانت تفرط منهم فرطة إلا على وجه النسيان والخطاء فكان وصفهم بالدعاء بذلك إيذانًا ببراءة ساحتهم عما يؤاخذون بهء كأنه قيل: إن كان النسيان والخطأ ما يؤاخذ به فما فيهم سبب المواخذة إلا الخطأ والنسيان ويجوز أن يدعو الإنسان بما علم أنه حاصل له قبل الدعاء من فضل الله لاستدامته والاعتداد بالنعمة فيه». هذه إجابة قيمة. وأزيد عليها أن المتقين أرهفت ضمائرهم وقويت نفوسهمء واشتدت خشيتهم من اللهء حتى لقد أحسوا من فرط حساسيتهم أنهم محاسبون على ما لا حساب عليه؛ وإن المؤمن التقى يستكثر هفواته» ويستقل حسناته» وإن النسيان والخطأ قد توهموا فيهما أن يكون سببهما الإهمال وعدم العناية» وهما كذلك أحيانًاء فكان فرط إحساسهم مرجحًا لجانب المؤاخذة على جانب العفوء وجانب الخوف على جانب الرجاء» فكان الدعاء. ل ريا ولا تحمل عَلينَا إصرا كما حمَلْتَه على الّذِين من قبلنا 4 الإصر : هو العبء الكبير» مأخوذ من أصر بمعنى حبّس» فكأنه لثقله يحبس صاحبه فى مكانه فيمنعه من الحركة» وحمل عليه بمعنى وضع عليه وألقى عليه. وهذا هو الدعاء الثانى» ومعناه أن أولئك المتقين حالهم حال ضراعة لربهم بألا يلقى عليهم آصار شدادًا من التكليفات تثقل عليهم حتى يعجزوا عن أدائها أو لا يؤدوها إلا فى حال من الشدة» كما حمل الله جلت قدرته وعلت حكمته على الذين من قبلهم. ولكن ما هذه الآصارء وتلك الأعباء؟ أهى أعباء من التكليفات تتعلق بالأوامر الشرعية والنواهى» أم هى ما يبتلى به المؤمن من شدائد واختبارات كما ابتلى الذين من قبلهم فى قوم تعالى : لم حَسيحُم أن تَدَخْنُوا لْجنةَ وما كم َكل اين خَلَوَا من قبلكُم متهم البأأساء - فتح البارى: الأيمان والنذور - (519/1) وأخرجه ابن مَاجَهُ من حَديث ابن عباس - كتاب الطلاق‎ )١( .)7١516( المكره والناسى‎ كم 0# تفسيرسورة البقرة لحر زا الراء وورُوا حت يقول الول ودين آمو هئ صر لل ألا إن عر اله قري فزت * [البقرة] وإنى أميل إلى أن الآصار هى من هذا النوع من الابتلاء» كأنهم لرغبتهم فى نصر الله تعالى يضرعون إليه أن يمدهم بعونه فى حمل عبء الجهاد فى سبيل نشر الإسلام والدعوة إليه. ويزكى ذلك قوله تعالى فى خختام السورة 8 فَانصرْنا على القوم الكافرين4 ولكن هل معنى ذلك أنهم لا يريدون أن يختبروا كما اخستبر أقوياء الإيمان عمن سبقوهم؟ وأقول فى الإجابة عن ذلك: إن طالب الحق المؤمن به يستكثر فعل الخير من غيره» ويستقل حال نفسه وفعله» وكأنهم يعترفون بفضل من سبقوهم» ويحسبون أنهم دونهم» فيطلبون عون الله تعالى» وذلك دليل قوة الإيمان» وأنهم ليسوا أقل منهم» بل يزيدون بذلك الاعتراف الكريم. «إربّنا ولا تحمَلنَا ما لا طَاقَة نا به4 الطاقة: قال فيها الراغب الأصفهانى ما نصه: «الطاقة اسم لمقدار ما يمكن الإنسان أن يفعله بمشقة؛ وذلك تشبيه بالطوق المحيط بالشىء؛ فقوله تعالى: فلا تَحمَلنا ما لا طَاقَة لَنَا به4 أى ما يصعب علينا مزاولته» وليس معناه لا تحملنا مالا قدرة لنا به فالطاقة على هذا تكون فيما يمكن فعله بأقصى القدرة. وهذا هو الدعاء الثالث وقد كررت فيه كلمة «ربنا» لكمال الضراعة ولبيان أن حالهم دائمًا يتجدد فيها الشعور بالربوبية» وحق الخالق المنعم عليهم. وهذا هو الدعاء هو تدرج مترتب على الدعاء السابق. لقد ضرعوا إلى الله ألا يختبرهم ذلك الاختبار الشديد الذى ألقى على عاتق من سبقوهم أو يخشون ألا يقوموا بحقه كما قام من قبلهم ثم يضرعون الآن ألا يكلفوا إلا ما يطيقون» أى أنهم على أتم استعداد لأن يبذلوا أقصى قدرتهم» وغاية قوتهم؛ فإن الطاقة أقصى القدرة كما بينا ونقلنا. فمعنى الجملة السامية: لا تحملنا ما فوق الطاقة ونحن على استعداد بعونكم لما هو كل الطاقة. وهذه حال من الإيمان سامية. وعبر هنا بالفعل المضعف اتحملناء وفى الأول من غير تضعيف؛ لأن الإصر نفسه والتعبير بعلى فيهما بيان شدة الاختبار» فلا حاجة إلى مبالغة فى صيغة الحمل؛ أما هنا فالاختبار بما هو فى الطاقة وإن كانت المشقة شديدة» فكان ثمة متسع فى المبالغة فى الصيغة. به تفسير سورة البقرة الملل الل الل ايو لح ا واعف عنًا واغفر لَنَا وَارَحَمنًا 4 هذه هى الأدعية الثلاثة الأخيرة وكلها فى باب واحدء وهو باب الإحساس بالمصير فى القيام بالواجب» وهى مرتبة من الويمان سامية؛ لأن المؤمن يفرض التقصير فى نفسه ليسعى إلى الكمال» وليرجو رحمة الكبير المتعال» لا يفرض فى نفسه الكمال حتى لا يدلى بغرور» ويكون ممن زين له سوء عمله فرآه حسنًا. وحال الرسول مع المتقين حال الشاعرين بالتقصير مهما يكن مقدار ما قاموا به؛ وإذا ضرعوا بهذا الدعاء؛ طالبوا بالعفو بألا يحاسبهم على ما عساه يكون منهم من هفوات» أو ما تتحدث به نفوسهم من إصرار على شر ولا نية له» وما يكون موضع الحساب يضرعون إلى ربهم أن يكون موضع غفرانه» فيستر ذنوبهم ولا يفضحهمء ثم يضرعون إلى الله بعد ذلك أن يمن عليهم برحمته فى الدنيا والآخرة» وإنهم لفرط إحساسهم بالتقصير لا يعتبرون الشواب جزاءء بل يعتبرونه رحمة ومنةً وفضلا من رب العالمين. 0 «إأنت مولانا فانصرنا عَلَى الْقَرم الكافرينت4 هذه هى الوثيقة الربانية» يستمسكون بهاء وهى إحساسهم بآن الله مولاهم» أى معينهم وكالئهم وناصرهم وممدهم بفضلهء وقد طلبوا منه النصرة الدائمة على القوم الكافرين. وإن هذا الدعاء الأخير يقوى المعنى الذى قررناه فى تفسير قوله تعالى: 98 ولا تحمل عَلَينَا إصرا 4 . وإنا نضرع إلى المولى جلت قدرته أن يعفو عناء ويغفر لناء ويرحمناء إنه الغفور الرحيم» والعفو القدير. ظ بين يدىالسورة: هذه أولى آيات سورة آل عمران» وهى مدنية» وقد سميت آل عمران لاشتمالها على قصتهم؛ إذ قال سبحانه: ل إِنّ الله اصطفئ آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين 27 4 [آل عمران] إلى آحر كلامه العزيز فى تلك العبرة التى ساقها. موضوعات السورة: وإن هذه السورة الكريمة : )١(‏ فيها تنويه بذكر القرآن وأقسامهء وإشارة إلى محكمه والمتشابه منه» (0) وفيها قصة آل عمران» وولادة مريم البتول» ويحيى النبى» وعيسى الرسولء وما اكتئف ولادتهم من آيات تدل على كمال إرادة الله تعالى فى خلقه. إفرة وفيهاأ إشارات إلى معجزات عسيسى عليه السلام» وكفر من دعاهم بعد هذه المعجزات الظاهرة القاطعة؛ وإن ذلك يدل على أن العناد يضع غشاءً على (4) وفيها مجادلة النبى كَلِْةٌ مع النتصارى واليهود» وبيان طائفة من أخلاق اليهود واعتقادهم أن الإيمان احتكار لذهب» وتغليق القلوب عن غيره؛ إذ قالوا: © ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم 2# 4 إلى آخر كلامه العزيز فى تلك العبرة. (5) وفيها بيان أن الإسلام فى لبه ومعناه هو دين كل الأنبياء السابقين؟؛ لأنه دين الله السرمدى » سبق بالدعوة إلى حقيقته النبيون» وختم الله الدعوة بخاتم النبيين محمد الأمين. م تفسير سورة آل عمران اال 0 > ا (5) وفيها بيان فريضة الحج المحكمة وبيان الوحدة الإسلامية؛ وفى جمعها مع الحج فى موضع واحد إشارة إلى أن الحج من وسائلهاء وأعقب ذلك ببيان فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر» وأنها ركن الوحدة الإسلامية ودعامتهاء والذريعة لجعل هذه الوحدة على أسس فاضلة مشتقة من هدى الدين الحكيم. () وفيها بيان واجب قادة المؤمئين من ألا يتخذوا بطانة من غير المؤمنين؟ إذ هم فى حقيقة أمرهم لا يألون المؤمنين خبالا ويودون عنتهم»؛ ثم فيها تفصيل محكم لغزوة أحدء وبيان سبب الهزيمة وأعقابهاء والعبرة فى هذه الغزوة التى كانت فيها هزيمة ولكن لم يكن فيها خذلان» بل كانت العبرة فيها والاعتبار بها باب الفتح المبين. وفى أثناء القصة وختامها بيان حال قتلى المؤمنين وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون. (0) وفيها إشارة إلى أعمال المنافقين فى النصر والهزيمة» واتباع ضعاف الإيمان لوسوستهم» وصيانة الله لأقوياء الإيمان من أعمالهم. (9) ثم فيها عزاء للنبى #كْةٍ بذكر ما كذب به الأنبياء السابقون مع أنهم أتوا بالبينات والأدلة الحسية القاطعة إذ قال سبحانه: 8 فَإن كَذَبُوكَ فَقَد كذّب رسل من لك جا يتات والزئر والكاب الثير :43 . )٠١(‏ وفيها بيان أن الله سبحانه سيبتلى المؤمنين ويختبرهم» وفى الابتلاء صقل إيمانهم . )١١(‏ وفيها بيان أخلاق المؤمنين وتفكرهم فى خلق السموات والأرض وما بينهماء وضراعتهم إلى ربهم» واستجابة الله تعالى لهم» وجزاؤهم يوم القيامة) والمقابلة بينه وبين جزاء الكافرين الذين اغتروا بالحياة الدنيا مع أن متاعها قليل» وفيها إنصاف كريم لبعض أهل الكتاب الذين آمنوا وصدقوا ولم يسرفوا على أنفسهم بالإنكار والتكذيب مع قيام الدلائل الواضحة القاطعة. 0 1 تفسيرسورة آل عمران الال احج ل () ثم ختم سبحانه بدعوة المؤمئنين إلى مجاهدة المشركين بالتقوى وبالصبر وبإعداد العدة» فقال تعالى: :يا أيها الّذِينَ آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا وَانّقُوا الله َعلكم تفقلحوت +1 4 . للدم 12 جك ر, و مه 0 2114 وس عه حه ,- 20 020 الع لد أَلهلا ]لهأ لاهوا لس الْقيوم عي نَل علي كَالْكنبَ ضح سات و نا هد وه م ججهم ِْحقِ مُصَرالَمَابَيدَيه وَل لَه و جيل عي بن معط عر 41 رامعم : 7 تك تيأرل ددنت ا هه ل ا 00 ل 7 رم و < م 2 2 داب ويد معناو يه 3 عه إن الله لا يفن عايهٍ مه سر تَىْءق الأارض ولافى اسم > مي هْوَالرى يضوَوكُرٌ 3 فادرا كت يَكَك لكلل افيد + # الم هذا الاسم القرآنى الذى سّمى به القرآن هذه السورة» وهذه حروف تقرأ فى القرآن الكريم بأسمائهاء وهى ألف لام ميم. والمعنى الذى تدل عليه هذه الحروف غير معلوم على وجه اليقين كما أسلفنا فى سورة البقرة والله أعلم بمراده منهاء ولا يستطيع عالم يعتمد على الحقائق العلمية أن يقرر المراد من هذه الحروف. والمعنى المحرر لهاء وأقصى ما ذكره العلماء لها حكم يدل عليها ذكرهاء ومن أحسن ذلك أن يقال : إن هذه الحروف تشير إلى أن القرآن الكريم من جنس ما يتكلم به العرب» وأنه مكون من الحروف التى يتكون منها كلامكم, ومع ذلك تعجزون عن أن تأتوا بمثل سورة منه؛ فهى إشارة إلى العجز مع الطمع فى أن يحاولواء ولن يأتوا بسورة من مثله. ومن أحسن ما يقال أيضا أن النبى الأمى كان ينطق بهذه الحروف التى كان لا يعرفها إلا من يقرأ ويكتب» فاشتمال القرآن عليها مع أميته ‏ عليه السلام ‏ دليل على أنه من عند الله. ومن ذلك أيضا ا تفسير سورة آل عمران الللللللت ال للا لل ل اي ١ ل‎ 2 ما قيل من أن هذه الحروف الصوتية التى اشتملت عليها بعض أوائل السور إذا أنطق بها الناطق مع ما فيها من مد طويل أو قصيرء استرعى ذلك الأسماع فاتجهت إليهء وإن لم يرد السامعون. ويروى فى ذلك أن المشركين من فرط تأثير القرآن قد تفاهموا على ألا يسمعوا لهذا القرآن: « وقَال الّذينَ كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والْعَوَا فيه لَعَلّكم تَعْلبُوَ +(:> 4 [فصلت]. فكانوا إذا قرعت آذانهم هذه الحروف بمدهاء التفتوا مرغمين» ثم هجمت على قلوبهم من بعد ذلك الآيات البينة المحكمةء تعالت كلماته سبحانه: الله لا إِله لذ هو الحي الْقيوم 4 : هذه الجملة السامية تبين أصل التوحيدء وتقرر معناه» فابتدثت بلفظ الخحلالة الذى يدل على كمال الألوهية, وانفراده ‏ سبحانه ‏ بحق العبودية» إذ إنه الإله وحده الذى أنشأ الخلق ورباه ونماف ولا مالك لهذا الوجود ومن فيه وما فيه سواه. ولفظ «الله) علم على الذات العلية ا لتصفة بكل كمال والمنزهة عن كل نقصء والتى لا تشابه الحوادث» ولا يشبهها شىء من الحوادث: « ليس كمثله شيء وهو السميع البصير +50 4 [الشورى]. ثم صرح سبحانه وتعالى بما تضمنه لفظ الجلالة وهو الانفراد بالألوهية وحق العبودية فقال سبحانه: للا إِلَه إِلأّهوَ»4 أى لا معبود بحق إلا هوء أو لا إله فى الحقيقة والواقع إلا هو » وكل ما يدعى له الألوهية من شخص أو وثن فهو ليس إلا أسماء سمّاهم بها المشركون الضالون» وليس من حقيقة الألوهية فى شىء إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلْطان ... 20 4 [النجم] ثم بين سبحانه الأوصاف التى تبين استحقاقه وحده لحق العبودية» فقال سبحانه: «الحي الْقيُوم 4 أى الدائم الحياة الذى لا يفنى» ويفنى ما سواه» ولا يستمد حى حياته إلا بإرادته سبحانه» وهو القائم بنفسه. والقائم على كل شىء» والمدبر لكل شىء. فهذا معنى القيوه(©. . قال الشيخ أبو زهرة رحمه الله تعالى: قد فسرنا هذه الجملة السامية فى تفسير آية الكرسى فارجع إليه.‎ )١( 0 تفسير سورة آل عمران 7ل | .. يي « نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه 4 «الكتاب» هو القرآن الكريم» وإن أكثر السور التى تبتدئ بتلك الحروف تقترن فيها الحروف بالتنويه بذكر القرآن. وإعلاء شأنه» مما جعل المفسرين يعتبرون تلك الحروف أسماءً للسورء سماها القرآن بهاء وفواصل محكمة بين سورة وأخرى من سور القرآن الكريم» وقد أشرنا إلى ذلك من قبل. وقد عبر - سبحانه وتعالى ‏ عن نزول القرآن الكريم ب #نزّل» للإشارة إلى أن النزول كان تدريجياء ولم يكن دفعة واحدة» إذ إن التنزيل يدل على التدرج فى النزول» وكذلك كان القرآن الكريم؛ فقد نزل منجما ينزل فى الوقائع» أو الأسئلة ليكون السبب الذى اقترن بنزوله معينا على فهمه وإدراك بعض مغازيه. وقد ذكر تنزيل القرآن مقترنا بأمرين متصلا بهما : أولهما: أنه حق فى ذاته» ومبين للحق مشتمل عليه» وداع إليه» فقال الله تعالى: 8 بالحق »4 أى مصاحبا له مقترنا به ملازما له» فهو حق لأنه نزل من عند رب العالمين» واشتمل على الحق» فكل ما فيه من قصص وأخبار وشرائع وأحكام وعقائد حق لا شك فيهء وهو يدعو إلى الحق والعدل. فهو الحق الملازم للحق» الناصر للحق . وثانى الأمرين: أنه مصدق لا بين يديه؛ أى الشرائع الإلهية التى سبقته؛؟ ولذا قال سبحانه: مصدقا لما بين يديه 4 فهو فى لبه ومعناه مبين لكل الشرائع مصدق لصدقها؛ وهذا يدل على أن الشرائع الإلهية واحدة فى لبها ومعناها وأصولها؛ ولذا قال سبحانه: شرع كم م الي ما ون بد توح وأدي أوْحيْنا يك وما وَصِينًا به إيراهيم وموسئ وعيسئ أن أقِيمُوا الدين ولا تتَقرَقُوا فيه . 27 4 [الشورى]. فالإسلام هو لب الأديان وغايتها؛ ولذا قال سبحانه: إن الدين عند الله الإسلام .... 57 > [آل عمران]. © وأنزل التوراة والإنجيل 4 هذا تصريح ببعض ما تضمتته الجملة السامية السابقة؛ إذ قد تضمنت الجملة السابقة أن القرآن يصدق الثايت النازل من عند الله ا تفسير سورة آل عمران 2 1 > ا فى الشرائع السابقة» وهى تتضمن أنها كانت هداية للناس؛ وهذه الجملة تصرح بأن التوراة أنزلت هى والإنجيل من عند الله هداية للذين أنزلت لهم. وفى. هذه الجملة إشارة إلى معنى آخرء وهو أن لكل أمة كتابا وهداية خاصة» وإن كانت فى معناها مشتقة من الهدى الإلهى العام» حتى إذا كانت دعوة محمد يله كانت هى الهدى العام الخالد إلى يوم القيامة. « التّوراة4 اسم للكتاب الذى اشتمل على شريعة موسيعليه السلام» ونزل عليه من رب العالمين» وليست هى التوراة التى يتلوها اليهود اليوم؛ لأن هذه التى تسمى بهذا الاسم الآن تشمل ما نزل فى عهد موسى» وتشمل ما جاء بعد ذلك فى عهد النبيين الذين بعثوا فى بنى إسرائيل كداود وسليمان وغيرهماء وفوق ذلك فإن القرآن الكريم أشار فى عدة مواضع إلى أن أهل الكتاب نسوا حظا مما ذكروا به» وحرفوا الكلم عن مواضعه. وغيروا وبدلواء ثم كانت التخريبات التى حلت بأورشليم فى عهد بختنصر أولاء ثم فى عهد الرومان ثانيا سببا فى أنهم نسوا حظا مما ذُكَّروا به» فليست التوراة المذكورة فى القرآن هى التوراة الشائعة الآن. والإنجيل 4 كلمة يونانية'2 معناها البشارة» والإنجيل هو الكتاب الذى نزل على عيسى» وليس هو هذه الأناجيل التى يقرؤها المسيحيون اليوم» فإن هذه مؤلفات ألفت بعد السيد المسيح عيسى عليه السلام؛ نسبت إلى بعض الحواريين من أصحابه؛ ولقد كان للمسيح عليه السلام إنجيل غير هذه الأناجيل» وهو الذى ذكره القرآن الكريم على أنه هداية للناس. ولقد قرر الأحرار من النصارى ذلك؛ فقد قال أكهارن من مؤلفى تاريخ النصرانية : (إنه كان فى ابتداء المسيحية رسالة مختصرة يجوز أن يقال إنها هى الإنجيل الأصلى» والغالب أن هذا الإنجيل كان للمريدين الذين لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم ولم يروا أحواله بأعينهم» وكان هذا الإنضجيل بمنزلة القلب» وما كانت الأحوال المسبيحية مكتوبة فيه على الترتيب)592) . . ١-1 وقيل: سريانية» وقيل: أعجمية (اللباب ه/‎ )١( زفف راجع تاريخ الأناجيل وصحة نسبتها فى كتاب «محاضرات فى النصرانية» للأستاذ محمد أبو زهرة» دار‎ . الفكر العربى‎ 0 ##/ تفسير سورة آل عمران اللا 111100000 1 1[ 1[ 1 1 1 1 1 1 1 0000111ةؤ#*222 أرب أ وقد ذكرت ذلك الإنجيل الأناجيل المنسوبة لبعض الحواريين وهى المعروفة الآن؛ فقد جاء فى إنجيل متى ما نصه: «وكان يسوع يطوف كل الجليل» يعلّم فى مجامعهم» ويكرر ببشارة الملكوت» ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب» وبشارة الملكوت هى ترجمة دقيقة لكلمة إنجيل» فإن كلمة إنجيل يونانية كما نوهناء فقد كانت إذن بشارة أى إنجيل غير هذه الأناجيلء وهو المذكور فى القرآن» وإن لم يعلم الآن. « وأتزل الْفرقَان) : «الْفْرَقَانَ4 هنا هو: القرآن» وكرر ذكره بعد أن ذكرت التوراة والإنجيل؛ للإشارة إلى الاتصال الكامل بين شرائع الله تعالى» وأنه تتميم لما سبقهء وأنه كمال هذه الشرائع كلهاء وأن رسالة النبى يَكةِ هى آخر لبنة فى صرح الشرائع الإلهية. وبنزولها كمل دين الله(١2.‏ وكرر ذكره أيضاً لوصفه بالفرقان» فهو أتى بمعنى جديد لا يغنى عنه ذكر الكتاب أولا. ووصف القرآن الكريم بالفرقان؛ لأنه فارق بين الحق والباطل» ومبين للصادق من الكتب السابقة» ولأنه فارق بسين عهدين فى الرسائل الإلهية؛ فقد كانت رسالات الرسل من قبل لأمم خاصة. ومن بعد كانت الرسالة المحمدية للناس كافة» فمن قبله كانت الرسالات لعلاج أحوال عارضة وقتية؛ أما رسالة القرآن فعلاج لأدواء الإنسانية» وتقرير الصالح لها مهما تختلف الأمصارء وتتباعد الأقطارء ولأنه ميزان الحقائق إلى يوم القيامة؛ ولذلك قال تعالى: 8اللّهُ الذي أَنرّل الكتَاب باحق والميزان ... 0 4 [الشورى] . إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد واللّه عزيز ذو انتقام» ذكر سبحانه عقاب الذين يكفرون بآيات الله أى معجزاته الباهرة» وآياته المتلوة القاهرة» بعد أن ذكر كتب الديانات الثلاث : اليهودية» والنصرانية» والإسلا م )١(‏ يشير - رحمه الل ل إلى ما وده عن أي هري رضي اله له أن سول الم ق: : «إنّ ملي وَمَكلَ حا حس مله إلا وضع لَب من ذآوية مجَعل اناس يفون به حو ل ووه : حلا رشا حلم ال 5ل 3ق لل ,أ حا ين وهو ديت مف على صحته رواه البخاري: المناقب - حجار م النبيين (00710/1 ومسلم: الفضائل (88؟4). م تفسير سورة آل عمران اا 0 كج ل للإشارة إلى أن الذين يكفرون بمحمد إنما يكفرون بشرائع الله المنزلة كلها؛ لأن شريعته كمالهاء وبها تمامها وختامها؛ وللإشار إلى أن اليهود والنصارى الذين لا يتبعون محمداء إنما يكفرون بحقيقة النصرانية نفسهاء واليهودية ذاتها إذ يكفرون بمحمد يَللِيْةِهِ فليست رسالة محمد إلا الخطوة الأخيرة فى الشرائع الإلهية» وهى الكمال» وقد بشرت به الكتب السابقة كلهاء فالكفر به كفر بهاء والإسلام سيمر بالشرع الإلهى إلى أقصى غايته؛ ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا الإيمان بما جاء به محمد كما أشار بذلك النبى ومن أجل هذا كان الذين يكفرون بمحمد لهم عذاب شديد» وخخحصوصا إذا كانوا من اليهود والنصارى؛ لأنهم حينئذ يكفرون بكل آيات الله تعالى. ثم وصف سبحانه ذاته الكريمة بما يفيد أنه غالب» وأنه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاءء فقال: 9 واللّه عير ذو انتقام» أى أنه سبحانه بعزته غالب على كل شىء؛ مسيطر على كل شىء؛ ليس فوقه أحدء وهو القاهر فوق عباده. وهو ذو انتقام؛ أى أنه سبحانه له انتقام شديد لا يدرك كنهه؛ ولذلك نكر الانتقام. والانتقام إنزال النقمة والشدة فى مقابل ما يرتكبه الشخص؛ فإن كان من عادل حكيم كان عقوبة عادلة» وجزاء وفاقا؛ وكذلك يكون عقاب الله تعالى ؛ فانتقام الله ليس تشفيا وشفاء غيظ كما هو الشأن من البشرء بل انتقام الله عقوبة عادلة» وقصاص رادع. وعبر ب #ذو انتقام, أى صاحب انتقام؛ للإشارة إلى أن هذا الانتتقام فى قدرته سبحانه وسلطانه ينزله أنى شاء» ومتى شاء بمقتضى حكمته وإرادته وقدرته» وعلمه الذى يحيط بكل شىء؟؛ ولذا قال بعد ذلك: تفسيرسورة آل عمران لللللللللل 0 كوو << يي « إن الله لا يخفئ عليه شيء في الأَرض ولا في السّمَاء 4 هذه الجملة السامية تفيد تمام إحاطة الله تعالى فى علمه» فهو سبحانه وتعالى يتجلى له كل شىىء ولو كان خافيا عن الناس أو من شأنه الخفاء؛ ولذلك جاء التعبير عن العلم الكامل» ببيان نفى الخفاء عليه سبحانه؛ وذلك لأن العالم المحيط قد يخفى عليه شىءء لكن علم الله غير ذلك» فهو علم لا خفاء معه فى شىء مطلقا؛ وإذا كان الله سبحانه وتعالى عليما بكل شىء لا يخفى عليه شىء فهو يعلم القلوب وما تخفيه» وما تكنه السرائر» وما تكنه الضمائر» فهو يعلم البواعث على الكفرء وأنها ليست نقصاً فى الدليل» ولكنها مآرب الدنياء والعصبية الجنسية والمذهبية» فليس الذين ينكرون ما جاء به محمد مخلصين فى إنكارهم» بل هى لحاجة العناد» وجحود المستيقن. وذكر سبحانه السماء والأرض للإشارة إلى أن علمه قد وسع كل شىء؛ وسع السموات والآرض» وليس الإنسان وما تحدثه به نفسه إلا شيئا صغيرا فى هذا الملكوت العظيم» وذلك العالم بأرضه وسمائه. وأكد نفى الخفاء بتكرار «لا» فى قوله تعالى: فإ ولا في السّماء 4 فَذكرها ثانيا تأكيد لأنه لايخفى عليه شىء. هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يَشَاء4 هذا بيان لسبب علم الله بعامة» وعلمه بالإنسان بخاصة؛ فإنه علم المكون المنشىء, الخالق المبدع» ومن ذا الذى لا يعلم ما أنشأه وكونه وأبدعه على غير مثال سبق؟! ولذا قال تعالى : «ألا يعم من حَلق وَهُوَ الُطيف الْحَبِيرٌ 57 4 [الملك] . فهذه الآية الكريمة فى مقام التعليل للآية السابقة؛ إذ الأولى بينت أن الله لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء وهى تتضمن الإشارة إلى أن ما تخفيه السرائر من بواعث على الإيمان أو الكفر». والوفاق أو العناد» يعلمه سبحانه لأنه لا يخفى عليه شىء / تفسير سورة آل عمران اال 22 ست اد فى الأرض ولا فى السماء. وهذه الآية تفيد أن الله سبحانه وتعالى يعلم الإنسان لا بعد أن استوى وصار فى أحسن تقويمء بل يعلمه وهو نطفة لُفظّت» ثم استقرت فى الأرحام» ويعلمه كذلك علم المكون المنشىء المربى الذى يتولى بقدرته والتصوير: مأخوذ من مادة صار إلى كذا بمعنى تحول إليهء أو من صّاره إلى كذا بمعنى أماله وحوله؛ فالتصوير معناه إذن تحويل شىء من حال إلى حال مخيّرا فى شكله وهيئته بإمالته من مشابهة شىء إلى مشابهة شىء آخر؛ وكذلك صنع الله تعالى فى النطفة؛ فإنه يحولها إلى علقة» ومن علقة إلى مضغة.ء ثم يجعل المضغة عظاماء وهكذاء وتحويل الله وتصويره ليس تغييرا فى الشكل» بل هو تنمية» وتكوين» وتدرج فى هذا التكوين يستمر من وقت إيداع النطفة فى مستودعهاء حتى يصير إنسائًا فى أحسن تقويم» بل يستمر التكوين حتى يبلغ أشده . والأرحام: جمع رحم» وهو مستود النطفة فى المرأة الذى فيه يتربى وينمو»ء ويجرى تصوير الله له وتكوينه إياه؛ حتى يبرز فى الوجود حيا يحس ويسمع» ثم يعلم ويتعلم؛ والله سبحانه وتعالى على كل شىء قدير. وقوله تعالى: 9 كيف يشاء 4 فيه بيان لأمرين: أحدهما: أن هذا التكوين تبع مشيئة الله وإرادته» فلم يكن وجوده كوجود المعلول من علته؛ وكالمسبب من سببه. إنما وجوده وتكوينه وتموه بإرادة الله تعالى ومشيئته» وهو فعال لما يريد. الأمر الثانى: بيان أن الله وحده هو الذى يجعله ذكرا أو أنثى» وجميلا أو دميماء وأبيض أو أسود»ء بل إنه سبحانه يكتبه وهو فى رحم أمه شقيا أو سعيداء موّمنا أو كافراء عالما أو جاهلاء تعالى الله سبحان فى علمه علوا كبيرا. 0 تفسيرسورة آل عمران 2 . لل ا #710*## 211 لح لز ولقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية الكريمة فيها رد على بعض النصارى الذين اعتبروا المسيح عيسى ابن مريم إلها؛ لأنه ولد من غير أب؛ فالله سبحانه وتعالى يبين فى هذه الآية أنه هو الذى صوره وكونه فى رحم أمهء كما يكوّن سائر الناس» وما كان الإله قابلا للنمو من الصغر إلى الكبرء ومن النطفة إلى العلقة» فالمضغة» فالعظام» وإذا كان رب البرية قد ألقى فى رحم مريم ما هو من جنس النطفة البشرية من غير أب يودعها فإن التكوين الذى يسرى على البشر سرى عليه فكيف يكون إلها؟ ويزكى هذا أن الآيات من أول السورة إلى ثمانين آية كان سبب نزولها - فيما يروى فى أسباب النزول - وفد نجران ومناقشة النبى 2 وسواء أصح ذلك سببا للنزول أم لم يصح فإن الآية فيها رد على من يدعى ألوهية المسيح . لا إِله له هو الْعَرِيرَ الْحكيم4 فى هذه الجملة السامية تقرير للوحدانية وانفراده سبسحانه وتعالى بالألوهية وحق العبودية» بعد أن قدم ما هو دليل على هذه الوحدانية» وهو العلم الشامل لكل شىء الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء وبعد أن أشار سبحانه إلى أنه المكون لكل شىء وخص الإنسان بالذكر؛ لأنه هو الذى يتمرد ويضل» وكل ما فى الوجود مسخر له كما قال تعالى: «هرو الذي حَلَقَ لَكُم ما في الأَرْضٍ جَميعًا . ٠.‏ للخ 4 [ البقرة ]. ثم ختم سبحانه وتعالى بالعزة والحكمة» لبيان كمال سلطانه فى ملكه الذى خلقه» وإثبات أنه لا سلطان لأحد معه حى يشترك فى عبادته سبحانه وتعالى»ء وكيف يكون إله لا سلطان له! ولبيان أن الله سبحانه يدبر هذا الكون بواسع علمه وعظيم حكمته. إنه على كل شىء قديرء وهو نعم المولى ونعم النصير . ل تفسير سورة آل عمران 2 هو ص رعس سد ل ص ساس سد دعر و اس 1 و م له مه اذى أنزل عليّك ا لكتتب مه ءاينت متكمات هن أم | لكنلب 1 9 رس بعس سه س2 2 ع . ل ل سح سي و لس يس سس 4 *ث ١1١‏ م رة ٠.‏ 1 - ا وأخرمتشديهلت فأما الذين في قلوبه مزيغ فيتيعون ماتشابه ى و به سلسم ورد ل لا 5 قد لمع سرج اله 2 مندابتغاءأ تنة وابتغاءَ تأويله - و: يعلم 3 م إلا الله 2-9 _- 2 : هسه‎ 1 ١. 2 فى الآيات السابقة ذكر سبحانه منزلة القرآن بين الكتب السماوية» وأنه فرقانُها وميزانهاء وذكر أنه سبحانه وتعالى العليم بكل شىء» الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء فهو العليم بخلقه» والعليم بما ينزل عليهم من آيات بينات» والعليم بمداركهم البشرية» وطاقاتهم العقلية» يطالبهم بما يدركون ويكلفهم ما يستطيعون؛ وفى هذه الآية يبين أقسام القرآن من حيث قوة إدراكهم لهء وتطلعهم لفهمه» وتباين مقاصدهم فى طلب حقيقته ومعناه» وغايته ومرماه؛ وفيها بيان أنه قسمان: قسم لا تدركه كل العقول» وقسم تدركه كل العقول المميزة» وأن ما يعلو على الإدراك» أصله ما أدركه كل الناس. ولذا قال سبحانه : ِهْرَ اندي أنزل عَلَيِكَ الكتاب4 الضمير يعود إلى الذات العلية التى وصفت فى الآيات السابقة» إذ قد وصف ذاته ‏ جلت قدرته ‏ بأنه الحى القائم على كل شىء» والذى به يقوم كل شىء» وبأنه منزل الكتب من السماءء وجاعل القرآن ميزانهاء وأنه سبحانه لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء» وأنه سبحانه الذى يعلم الإنسان منذ يكون نطفة فى بطن أمه إلى أن يصير إنساناً مستوياً كامل التكوين» وهو الذى يصوره ذلك التصويرء ويكونه ذلك التكوين» وهو العزيز الغالب المسيطر على كل شىء خلقه» ولا شىء فى الوجود إلا كان خلقه؛ الذى يتصرف فى هذا الكون بمقتضى حكمته وعلمه بكل شىء؛ فقوله تعالى: )0 تفسيرسورة آل عمران 2 1 اللي 0000 3 ”ك0 سر زر هو الذي أنزل 4 الضمير يعود إلى المنصف بهذه الصفات. وقوله: الذي أنزل عليك الكتاب 4 معناه أن هذا الكتاب العظيم الشأن الذى هو ميزان الكتب السابقة وفرقانهاء أنزله الله العلى القدير اللنصف بهذه الصفات عليك» وقد اختارك موضع رسالتهء وأداء أمانته. و # الله ألم حيث يَجَعل رسالتَه ... 386 4 [ الأنعام ] وهو أعلم بشأن الكتاب وما جاء فيه» وتلقى الناس له ومقدار إدراكهم لما فيه» وقد شاء بحكمته الواسعة أن يجعله قسمين؛ أحدهما: يدركه كل الناسء والثانى : فوق مستوى عامة الناس» ولذا قال بعد ذلك: «منه آيات مُحْكَمَاتَ هن أمُالكتاب وأَحر مَشَابهَاتَ 22 4 أى أن القرآن مد حيث بيانه وإدراك الناس له: محكم» ومتشابه؛ ولقد وجدنا القرآن الكريم وصف بأنه كله محكم فى مثل قوله تعالى: طاكر كتاب أحكمت آيائَهُ ... 2ج »4 [هوه] أى أنها نزلت محكمة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؛ ووصفه الله سيحانه وتعالى بأنه متشابه؛ فقد قال تعالى : 9 كتابا متشابها مُثاني 0-0 وو عو 5 عو ررد اي رام تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم نَم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكرٍ الله 5 2ل 4 [الزمر] ومعنى التشابه هنا هو أنه على شاكلة واحدة من حيث قوة تأثيره» وتاخى معانيه» وإحكام نسقه) وفصاحة ألفاظه. وفوة تأثيره ألقَاظه ومعانيه؛ فهو فى هذا متشابه» أى يشبه بعضه بعضاً. وفى هذه الآية التى نتكلم فى معانيها وصف القرآن بأن منه آيات محكمات» وآخر متشابهات؛ فلا شك أن معنى مُحكم هنا غير معناها فى قوله تعالى : « كتاب أحكمت آيانه . . .لل 4 ومتشابه غير معناها فى قوله تعالى : ( الله نر أَحَْسَن الحديث كتبًا مَشابها ماني . .. 32 4 وإن ذلك يتضح من تفسير كلمة محكم ومتشابه فى أصل معناها اللغوى. وهذا ما جاء فى كتب اللغة: العرب تقول: حاكمت وحكمت وأحكمت بمعنى رددت ومنعت» والحاكم يمنع الظالم من الظلمء وحكمة اللجام هى التى تمنع المفرس من الاضطراب. وروى إبرا هيم النخعى : : أحكم اليتيم كما تُحَكم ولدك. أى امنعه عن الفساد. تفسير سورة آل عمران اال ه22 اس أ وقال ابن جرير الطبرى: أحكموا سفهاءكم أى امنعوهمء وبناء محكم أى وثيق يمنع من تعرض له. وسميت الحكمة حكمة لأنها تمنع عما لا ينبغى. وأما التشابه فهو أن يكون أحد الشيئين مشابها للآخرء بحيث يعجز الذهن عن التمييز؛ قال تعالى: إن الْبَّقَرَ تَشَابَه علينا ... +( 4 [البقرة] وقال فى وصف ثمار الجنة طوأنُوا به مُتََابهًا ... 4*2 [البقرة] أى متفق المنظر مختلف الطعوم» وقال تعالى : #تشابهت قلوبهم .. . 12 4 [ البقرة] . ومنه يقال: اشتبه على الأمران» إذا لم يفرق بينهما وقال عليه الصلاة والسلام: «الحلال بين» والحرام بين» وبينهما أمور متشابهات». وفى رواية أخرى «مشتبهات2122. ثم لما كان من شأن المتشابهين عجز الإنسان عن التمييز بينهما سمى كل ما لا يهتدى الإنسان إليه بالمتشابه إطلاقاء سواء أكان له مشابه أم لم يكن له مشابه0©. وعلى هذا الأساس اللغوى» نقول : إن التشابه فى القرآن أطلق على ما لا يمكن فهمه مطلقاء أو ما لا يمكن معرفة حقيقته على الوجه الأكملء أو ما يدق ويختفى على العامة» ولا يستغلق على الخاصة. هذان هما الوجهان اللذان يحتملهما معنى التشابه؛ فإما أن نقول إنه ما لا يمكن معرفة حقيقته على الوجه الأكمل فى هذه الدنياء وإما أن نقول إنه ما يمكن معرفته ولكن لبعض الخاصة الراسخين فى العلم» والمحكم هو ما يقابل المتشابهء وهو الواضح البين للعامة والخاصة الذى لا تتفاوت فى إدراكه الأنظار» وما يمكن معرفة حقيقته على الوجه الأكمل؛ وهو أم الكتاب؛ لأنه الأصل الذى يجب على كل مؤمن معرفته» والجزم بمعناه» والتصديق بمغزاه. فالآيات المحكمات أم الكتاب» أى أصله الذى يرجع إليه» ويحمل المتشابه عليه» ويخرج بتخريج لا يناقضه إن كان ممكن الإدراك على الوجه الكامل. فالآيات المحكمات هى الحكم الذى يفصل بين التأويل الزائغ » والتأويل الصادق» فما شهدت لهء فهو الصادق الذى يتفق مع أصل التنزيل» وما يخالفه فهو الزيغ فى الدين» والخروج عن جادته. . متفق عليه وقد سبق تخريجه بألفاظه‎ )١( (؟) جاء فى هامش الأصل هذا التحقيق اللغوى منقول من التفسير الكبير للفخر الرازى» بتصرف قليل.‎ 2 اها تفسيرسورة آل عمران 2 ااا تاللا لتا لل لاتاالللللانال نالل ااال اكنال اللا الالالال الالالال الالالال لالتلا لالطالا لحر ل والمتشابه ينتهى كما ذكرنا إلى أحد معنيين؛ إما أن نقول إنه الغيب الذى لا يستطيع الإنسان معرفته» كحقيقة الروح, وحقيقة الجن والملائكة؛ وما يكون يوم القيامة» وكيف يكون نعيم التنة الحسىء وعذاب الجحيم المادى» وكيف ينشىء الله الخلق. وكيف يعيده. وكيف يتجلى سبحانه يوم الحساب» وهكذا مما غيبه الله تعالى علينا؛ لأن عقولنا مأسورة بالحس الذى نحسهء وبالمادة التى ندركهاء وعلم الغيب قد أخفاه الله سبحانه عناء لآنه يعلو عن مداركنا فى هذه الدنيا» وعلينا أن نؤمن بما أخبرنا به القرآن الكريمء وما جاءت به السنة الصحيحة؛ فإن من صفات أهل الإيمان الإيمان بالغيب» إذ قال سبحانه فى أوصافهم: « الّذِين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصّلاة وممًا اهم يُْفقُوَ لج 4 [البقرة] . هذا هو الوجه الأول الذى يحتمله تفسير كلمة المتشابه. أما الوجه الشانى فمعنى المتشابه أنه الذى يدق معناه إلا على طائفة خاصة من أهل العلم» كبعض العبارات القرآنية الخاصة بالكون وتكوين السماء والأرضء وبعض ما ذكر فى القرآن من أوصاف لله سبحانه وتعالى» ونحو ذلك من الحقائق التى لا يخوض فيها إلا أهل الذكرء وهى دقيقة فى معناها. هذان هما الوجهان اللذان تحتملهما الآية الكريمة» ويدخل فى عمومهما كل الأقوال التى قيلت فى هذا المقام17) .ونرى أن كلا الوجهين تحتملهما الآية» من غير ترجيح لأحدهما على الآخرء بل يصح لنا أن نقول: )١(‏ جاء فى هامش الأصل : اختلف المفسرون فى المحكم والمتشابه على أقوال كثيرة: ا- منها أن المحكم ما اتفقت عليه الشرائع السماوية» والمتشابه ما خالف فيه الإسلام ما سبقه . "- ومئها أن المتشابه أوائل السور المبتدأة بالحروف. 9 ومتها أن المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ . 4- ومنها أن المحكم ما كان دليله واضحا والمتشابه ما يخفى دليله إلا على الراسخين. - ومنها أن المحكم ما أمكن الاستدلال عليه بدليل جلى أو خفى» والمتشابه ما لا يمكن الاستدلال 3 ومنها أن الحكم ما فيه بيان الحلال والحرام والمتشابه ما سواه. /ا- ومئها أن المتشابه ما احتمل فى تأويله عدة وجوهء والمحكم ما لا يحتمل إلا ويجها واحدا.. 8- ومنها أن المحكم والمتشابه فى القتصص» ؛ ا فصل منها مسكمء وما أجمل متشايه. 1 مت ل تفسير سورة آل عمران ا 1 ههه : 7 إن الوجهين معا مرادان» وسنختار ذلك» ونبين وجهه عندما نتكلم فى تأويل المتشابه إن شاء الله تعالى. وإن وجود هذين القسمين فى القرآن الكريم كان سببا فى أن وجد الذين زاغوا وأضلهم الله على علم سبيلا لأن يفتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم؛ وذلك بمحاولة تأويل المتشابه من غير أن يلاحظوا الموافقة بينه وبين الآيات المحكمات وهن أم الكتاب؛ ولذا قال سبحانه : مواسا اس هامس فى هذه الآية الكريمة يبين سبحانه وتعالى أن الذين يتلقون هدى القرآن قسمان» كما أن آيات القرآن قسمانء ولكلام الله تعالى المثل الأعلى؛ فالقسم الآول يتلقى الهدى القرآنى مستضيئا بنوره آخذا بهديه؛ ما يعرفه يهتدى به وما لا يعرفه يؤمن به» ويفوض فيه الأمر إلى ربه» ويقول: طقل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين +0 4 [ص] . والقسم الثانى زاغ» قأزاغه الله عن الحق . وقد ذكر لله ذلك القسمء ويفهم القسم الأول من قوله تعالى فى حق الراسخين فى فى العلم أنهم يقولون: ظ ربنًا لا ترغ قُلُوبنَا بعد إذ هديتنا 4 . والزيغ أصل معناه فى اللغة: الميل عن الاستقامة. والتزايغ التمايل» ورجل زاك تغ: أى مائل عن الطريق المستقيم فى طلب الحق. والمعنى على هذا: أن الذين فى قلوبهم زيغ» أى ميل عن طلب الحق وعدم أخذ بالمنهج المستقيم» لا يتجهون إلى المحكم يطلبون منه حكم القرآن» بل يتبعون ما تشابه من القرآن؛ لأنه بغيتهمء ويجدون فى الاشتباه ما يتفق مع اعوجاج نفوسهمء وعدم استقامة تفكيرهم» وما ينطوى عليه مقصدهم الباطل؛ فإن اعوجاج القلوب يجىء من تحكم الهوى فى - 0 9- وقال ابن تيمية: المحكم: ما يجب الإيمان به والعمل به والمتشابه ما يجب الإيمان به من غير تكليف يعمل . -٠‏ ومنها أن المتشابه آيات الصفات» وغيرها محكم. -١‏ وقال ابن حزم الظاهرى: كل اقرك سكم مادا احسروف التى اتدقت بها ينظ السور واقا القرآن مثل قوله تعالى: «( وَالشمس وَضحَاهًا ©( 4 [الشمس]. تفسيرسورة آل عمران 2 400000000 141414141414145 1[ 1[ 1 #5 #ذآ1آ221110111#1#1 7 النفس» وإذا تحكم الهوى وسيطرت الشهوات المختلفة كشهوة التسلط والغلب وحب السلطان» وشهوة المال» وشهوة النساء»ء وشهوة المفاسد؛ فإن القلوب تركس»2 وتفسدء وتعوج» فلا تطلب الحق لذات الحق» بل تطلب ما يحقق شهوة النفوسء وأولئك لأنهم لا يطلبون الحق يتبعون المتشابه يتقصونه ويتعرفون مواضع الريب» ليثيروا الشبهات حول الحق» ويشككون الناس فيه؛ ولذا قال سبحانه: ل ابتغاء الفتنة 4 أى طلبًا لفستنة الناس عن دينهم وخصدعهمء وإثارة لريب فى قلوبهم. بأوهام يثيرونها حول المتشابه الذى جاء فى القرآن» مثل أن يقولوا: ما نعيم الجنة وما جحيمها؟ و 8 أنذا كنا ترابا أَنَا لفي حَلْقَ جديد ... 22 4 [الرعد ]. وكيف يخلق الله العالم؟ وهكذا يثيرون هذه الأوهام المشتقة من مألوف الحياة الفانية» ليشككوا فى حقيقة الحياة الباقية. فابتغاء الفتنة مقصودهم | الأول؛ ابتغوا التأويل بالبعات من الهوى والرغبة فى تضليل الناس وإثارة الشكوك حول حقائق الدين» فالرشبة فى الفتنة هى المقصد الأول» والرغبة فى التفسير أو معرفة المآل جاءت تابعة إذ لا تتحقق الفتنة إلا بها. والتأويل فى أصل معناه اللغوى كما قال الأصفهانى فى مفرداته «من الأول أى الرجوع إلى الأصل» أى رد الشىء إلى الغاية المقصودة منه علما أو فعلا» فهو معرفة الغاية» إما بمعرفة المراد المقصود؛ ولذلك أطلق التأويل على التفسير ومعرفة ما يخفى من الحقائق وإرادة غير الظاهر لقريئة تدل عليه؛ وإما بمعرفة المآل والنتتيجة عملاء » كما فى قوله تعالى : «هل ينظرون إلا تأويله يوم يَأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت سل ربا باْحق هل لنَا من شفعاء فيَفَعُوا لنا أو نرد فتعمل غَيْرَ ادي كنا نَعمَلْ قَدْ حَسروا أَنفْسَهُمْ وضل عَنْهُم ما كانُوا يفون 20# 4 [الأعراف ] . والتأويل الذى يبتغيه الزائغون هو معرفة المآل فى الدنياء كأن يطلبوا إنزال العذاب الذى يهددون به» وكأن يطلبوا إحياء بعض الموتى» وقد يفسرون تفسيرات ها تفسير سورة ال عمران ااام لالزلا ا7تاال رالا تالالا تالالا الات بالطلا لالط ااا سسب أ المقصود منها تشويه الحقائق وتضليل العقول» وقد قصدوا فى الآمرين الضلال. وإن الله سبحانه وتعالى قد بين بعد ذلك أن معرفة المآل عند الله تعالى وحده. ومعرفة المعنى قد يدركها الراسخون» فقال سبحانه: ج رما يَعلَم ويل إل الله وَالرَسخُونَ في الْعلْم يَقُونُونَ آمنا به كل من عند ينا # فى هذا النص الكريم قراءتان: إحداهما بالوقف عند لفظ الجلالة» والابتداء بقوله تعالى فى استعناف للقول: 8 الرّآسخون في الْعلم 4. وهذه القراءة يستفاد منها أن معرفة التأويل والعلم به هى لله وحدهء وعلى هذا يكون التأويل بمعنى معرفة مآل ما اشتمل عليه القرآن من أخبار اليوم الآخر وغيره من مغيبات عن الحس. والقراءة الشائية بالوصل من غير وقف» بعطف الراسخين فى العلم على لفظ الجلالة؛ ومعنى هذا أن العلم بالتأويل عند الله» ويعرفه الراسخون فى العلم من غير زيغ مع استقامة المنهاج» ووضوح الغاية» والتأويل هنا بمعنى التفسير وتعرّق المراد علما. وإذا كانت قراءات القرآن سنة متبعة وكل قراءة هى بذاتها قرآن متلو مبين» فمجموع القراءتين يشير إلى أن التأويل قسمان؛ أحدهما: علم بالمآل والغاية» وهذا لا يعلمه إلا الله» كما أشارت القراءة الأولى» والقسم الثانى من التأويل علم بالتفسير والمراد من الألفاظ» وهذا يعلمه اللّه» وقد يعرفه الراسخون فى العلمء وهم فى الحالين يقولون آمناء أى صدقنا وأذعنّاء كل من عند ربناء فهم مفوضون مؤمنون مذعئون فى حال علمهم وجهلهم» مصدقون بأن المحكم والمتشابه من عند الله . فمعنى كل مَّنْ عند ربّنا 4 أى كل واحد منهما يجب الإيمان به من غير تشكيك. وهذا هو الفرق بين الزيغ» واستقامة الفكر؛ فالمستقيم المفكر المؤمن يتقدم الإيمان على طلب التأويل» أما الآخر فيطلب التأويل ليلقى بالريب والشك . تفسيرسورة آل عمران لل ‏ #771710 لالا111' لس زا وإن هذا المنهاج المستقيم الذى يطالب به الإسلام هو منهاج أهل العقول الراجحة المستقيمة» وهم الشابتون فى تفكير هم وإيمانهم» الذين لا تعبث بإيمانهم الأهواء؛ لأنه إيمان عميق» » وسماهم العلى الحكيم : «الراسخين» فى العلم» من الرسوخ وهو الثبات والتمكن» فالراسخ فى العلم المؤمن الثابت الإيمان المتحقق الذى لا تعرض له شبهة إلا أزالها بنور بصيرته؛ إذ الشبهة كالظلمة يبددها الضوء الساطع. وقد بين سبحانه أن أولئتك هم الذين يتذكرون القرآن» ويتدبرون معاني, ويدركون مراميه وهم ذوو الآلباب حقا وصدقا؛ ولذلك ختم اللّه سبحانه وتعالى الآية بقوله: «وما بذك إلا أُولُوا الألبّاب 4 أى ما يدرك الحقائق الدينية ويعتبر بهاء ويتذكر ما فى القرآن من عبر ومواعظ وهداية إلا أصحاب العقول الراجحة التى لا تخضع للهوى والشهوة. وفى التعبير عن إدراك الحقائق الدينية والمعانى القرآنية وتفويض الأمور إلى الله تعالى فيما يعلم ويجهل بقوله: 9 وما يذَكُرُ 4 إشارة إلى أن المعانى الدينية فى فطرة كل إنسان» ولكن يطمسها الهوى عند بعض الناس فلا يتذكرون» وتتكشف هذه الفطرة ة عند الذين لم تسيطر عليهم الأهواء فيتذكرون» والله أعلم بالأنفس . هذه آية المحكم والمتشابه تكلمنا فى معانيها التى تفهم من ألفاظهاء ولكن بعض العلماء يتكلمون فى موضوع هذه الآيات المتشابهة؛ وقبل أن نخوض فى ذكر بعض ما قالوا نقرر أن الذى يستخلص من مصادر الشريعة ومواردها أن الآيات المتشابهة لا يمكن أن يكون موضوعها حكما تكليفيا من الأحكام التى كلف عامة المسلمين أن يقوموا بهاء وإنه لا يمكن أن تكون آية من آيات الأحكام التكليفية قد انتقل النبى يَلْةٌ إلى الرفيق الأعلى من غير أن يبينهاء ولا تشابه فيها بعد أن بينتها السنة النبوية؛ لآن الله تعالى يقول: 9 وأنزلنا إليك الذكر لتبين للّاس ما نزْل لبهم ..٠‏ +520 4 [الفحل] ولا شك أن من أوّل بيان ما نزل إليهم بيان الأحكام التكليفية. ولو تصور أحد أن من آيات القرآن التى تشتمل على أحكام 9 تفسير سورة آل عمران 1 سس اا تكليفية لم يبينه النبى كَِةِ لكان معنى ذلك أن الرسول الكريم لم يبلغ رسالة ربه؛ وهذا مستحيل . لذلك نقول جازمين: إنه ليس فى آيات الأحكام آية متشابهة» وإن اشتبه فهمها على بعض العقول لأنه لم يطلع على موضوعه فليس ذلك لآنها متشابهة فى ذاتهاء بل لاشتباه عند من لا يعلم» واشتباه من لا يعلم لا يجعل آية فى القرآن متشابهة . وأكثر العلماء يقولون إن آيات الصفات التى توهم التشبيه هى من المتشابه كقوله تعالى: 8 يد الله فوق أيديهم +4412 [ الفتح ] وقوله تعالى : لكل شيء هالك إل وَجْهَهُ ... 27 4 [القصص] وقوله تعالى: «الرَحَمَن على العرش استوئ 22> 4 [طه] فقالوا إن السلف يفوضون فيقولون آمنا به كل من عند ربناء والخلف يؤولون» فيقولون: إن اليد هى القدرة» والاستواء الاستيلاء» والوجه هو الذات؛ وهكذا يعتبرون تلك الآيات من المتشابه. وقد وجد من العلماء من لم يعدوا آيات الصفات من المتشابه إنما المتشابه عند أكثرهم هو ما يكون خاصا بالغيب الذى لا نعلمه» ولم يعلمه لناء كحقيقة الروح» وما يكون من نعيم اليوم الآخرء والعقاب والثواب فيه؛ من حيث إنه لا يعرف مآله إلا الله تعالى» وما أخبره الله تعالى إن هو إلا تقريب» ففى الجنة ما لا عين رأت» ولا أذن سمغت» ولا خطر على قلب بشر. وهؤلاء الذين نفوا أن آيات الصفات من المتشابه» لهم ثلاثة مناهج : المنهاج الأول: منهاج ابن حزم؛ فهو يقول إن آيات الصفات لا تشابه فيهاء فهى كلها أسماء للذات العلية؛ فاليد كناية عن الذات» والوجه كذلك» والاستواء فعل للذات العلية . . وهكذاء وقصر المتشابه على الحروف التى تبدأ بها السور» والأقسام التى يقسم بها الله تعالى. والثانى: منهاج للغزالى ذكره فى بعض كتبه» وهو (الجام العوام عن علم الكلام»؛ وقد ذكر فيه أن بعض هذه الألفاظ التى توهم التشبيه هى استعمال مجازى مشهورهء وليس تأويلا؛ فإنه يقال: وضع الأمير يده على المدينة» 0 تفسيرسورة آل عمران الاي 220011011111100 لسبي-ه ا لحب 1 فيفهم كل عربى أن معنى ذلك أنه استولى عليها وسيطرء ويكون من هذا القبيل: «إيد الله فوق أيديهم + 4 [الفتح ]. فعبارات الغزالى فى هذا الكتاب تفيد أن هذه العبارات مجاز عربى مشهور لا يحتاج إلى تأويل» ولكن يجب بعد هذا الفهم الظاهر التفويض وأن نقول: آمنًا به كل من عند ربَنا © . المنهاج الشالث: منهاج ابن تيمية» وهو يرى أن هذه الآيات ظاهرة فى معانيهاء فهو يقول: إن لله يدا ولكن ليست كأيديناء ووجها ولكن ليس كوجوهنا وإن هذه معان حقيقية» ويقول إن ذلك هو مذهب السلف؛ وهو فى هذا تابع لطائفة من الحنابلة ادّعوا أن ذلك منهاج الإمام أحمد. ولكن رد عليهم ابن الجوزى» وأنكر أن يكون ذلك مذهب أحمد فقال: «رأيت من أصحابنا من تكلم فى الأصول بما لا يصلح. ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام» فحملوا الصفات على مقتضى الحس» فأئيتوا له سبحانه صورة ووجها زائدا على الذات؛ وقد أخذوا بالظاهر فى الأسماء والصفات. ولا دليل لهم فى ذلك من النقل ولا من العقل» ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعانى» ثم يقول: ١‏ أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتباع» وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل رحمه الله يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل! ثم قلتم فى الأحاديث تحمل على ظاهرهاء فظاهر اليد الجارحة». ومن قال استوى بذاته المقدسة فقد أجراه سبحانه مجرى ال حسيّات» وينبغى ألا يهمل ما يثبت به الأصل» وهو العقل» فإنا به عرفنا الله تعالى» وحكمنا له بالقدم» ثم يقول «لا تُدخلوا فى مذهب هذا الرجل الصالح ما ليس فيه». رضم تفسير سورة آل عمران سس البط لسرب أ 0 ات إذهديتناوهب 6 2 و ص ماه داك 2010 يه ينك 5 7 0 سح الى بيعكاد جطه د جه 2 دس 0 ره سا و هدس رام ا 1 ولق متف الو أوَللدهم هه أ[ وو فهو هه َنَآمَ كي وَأوْلَقِكَ هم وود آلَارِ ده حَدَأَبٍءَالٍ و ساد ل مط نا سا و 2 و 20 0 للم 0 وَأَسَمُسَرِيدأَلِقَابٍ فلنَايت رج كفروا مسَتَعْلبوتَ فر قر 2_0 2م صمح و جه وَتُحَصَرَو سإ لْجَهَنَم وين سَالمهَاد د 0 ظ ربا لا ترغ قلُوبنا بعد إِذ هديتنا » هذه ضراعة يجب على كل مؤمن أن يتضرع بها إلى ربه. وقد قال بعض العلماء ء إنها من مقول الراسخين فى العلم» فهم يقولون: «(آمنا به كل مَن عند رينا 4 ويقولون أيضاً: ربا لا ترغ قلوبنا 4 وكأنهم إذ يعلنون الإيمان والإذعان يضرع ون إلى الله تعالى أن يحفظه ويبقيه بإبعادهم عن الزيغ والاضطراب فى العقيدة. وقال بعض المفسرين: إن هذا كلام جديدء وهو تعليم من الله تعالى للمؤمنين ليدعوا بهذا الدعاءء والمعنى على الحالين: ربنا أى ياخعالقنا والعليم بنفوسنا والقيوم على أمورنا إلا نغ قُُوبنا4: لا تبتلينا بابتلاء واختبار تريغ معه قلوبناء وتضطرب معه نفوسناء فتكون الإزاغة عن الطريق المستقيم والمنهاج الحق . والزيغ يبتدئ دائما بسيطرة الأهواء على النفوس» فتضطرب فتحيد» فيكتب الزيغ فتزيغ؛ وهذا كقوله تعالى: فَلَمَا رَاغوا أرَاغَ الله قلوبهم .. 8م # [الصف] وروت أم سّلّمة رضى الله عنها أن أكثر دعاء الرسول وَلكوْ: فيا مقلب القلوب ثبت 0 ا تفسيرسورة آل عمران ) الل #717071000”#”#317 211111111 1 ل قلبى على دينك». فقالت له: يا رسول الله ما أكثر دعاءك يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك؟ فقال: : ليا أم سلمةء إنه ليس آدمى إلا وقلبه معلق بين أصبعين من أصابع | اللّم فمن شاء ا أقامء ومن شاء ااا م اماه اعت ني الى تر على الس سحي 0 وهى من تعليم الله سبحانه وتعالى: وهذا الدعاء يتضمن طلب الرحمة» وقد تضمن الأول طلب تثبيت الإيمان» وهو أول أبواب الرحمة» والأصل لكل رحمة؛ فبعد أن علمنا الضراعة بأن لا تميل قلوبناء وجهنا لطلب الأثر كذلك وهو الرحمةء ورحمة الله تفضل وإنعام على العبد؛ لأنه وما يملك ملك لله تعالى يتصرف فيه كما يتصرف المالك فى ملك وليس لأحد عند رب العالمين حساب. والرحمة المطلوبة كلمة شاملة جامعةء فتجمع النصر فى الدنيا والقرار والاطمئنان فيهاء والنعيم فى الآخرة. والتعبير بقوله تعالى : «إمن لَّدنك 4 أى من عندك, ولَدّن لا تستعمل بمعنى عند إلا إذا كانت العندية فى موضع خطير جليل عال. والمعنى على هذا أن الرحمة فيض من فيوض الله ينزل على عباده كما ينزل المطر من مرتفع السماء إلى الأرض. وقد ختمت الآية الكريمة بما يدل على أن هبة الرحمة شأن من شئون العلى القديرء ووصف من أوصافه. فقال سبحانه على ألسئة الضارعين المبتهلين: إِنّك أنت الوهّاب 4 فى هذا تأكيد رحمة الله تعالى بعدة مؤكدات» منها (إن) التى للتوكيدء ومنها تأكيد الضمير بقوله «أنت» ومنها القصرء أى لا يهب أحد سواك» وذلك بتعريف الطرفين؟؛ ومنها التعبير بصيغة المبالغة» وهى: الوهاب؛ وإنه سبحانه قد انفرد بالرحمة وهبة الرحمة لمن يشاء» وإن رحمته وسعت كل شىء. نا إِنّك جامع النّاس ليم لا ريب فيه إن الله لا يُخْلفْ الْميعاد 4 هذه هى الضراعة الثانية التى اقترنت بآية المحكم والمتشابه فى القرآن» والكلام فيها كالكلام )١(‏ رواه السرمذي: الدرعوات (448") عن شهر بن حوشب رضي الله عنه» وأحمد: مسند الأنصار (564690). اا تفسير سورة آل عمران ا لل 19 لسرب أ فى الآية السابقة» من حيث كون هذا الدعاء من مقول الراسخين فى العلم» أو تعليم من الله للراسخين فى العلم من المؤمنين» وكلاهما ينتهى إلى أن هذه الضراعة إن صدرت عن القلب تكون مانعة له من الزيغ ؛ فإن الإيمان باليوم الآخر لب الإيمان» وهو يربى الإذعان» وفيه كل معانى التفويض» وبه يستعين المؤمن على محاربة داعى الهوى والشهوة. وقوله تعالى على لسان المؤمن الراسخ فى العلم: ريا نك جامع النّاس ليم لأ ريب فيه 4 تنبيه إلى أنه فى هذا اليسوم يتبين الحق» ويواجه المحق والمبطل» ويعلن الذين يزيغون والذين يذعنون» ويتبين زيغ الزائغ وجزاؤه» وثمرات الإيمان وجزاؤه. وفى هذا تنبيه أيضا إلى أن اليوم الآخر لا ينبغى أن يكون محل ريب ؛ لأآن الذى أخبر به هو الذى خلق الخلق» فهو الذى بدأهمء وهو الذى يعيدهم؛ ولآنه سبحانه ما خلق الخلق عبثاء وما ترك الآمر للباطل والمبطلين يرتعون فى الأرض ويفسدونء بل جعل للحق سلطاناء وجعل له العلوء فإن لم يكن فى الحال» فإنه سيكون لا محالة فى المآل» والله على كل شىء قدير. والأساس فى العلم باليوم الآخر هو إخبار الله تعالى الذى لا يحتمل إخلافا؛ ولذلك قال سبحانه بعد ذلك: إن الله لا يُخَلف الميعاد 4 أى إن اليوم الآخر الذى لا ينبغى لمؤمن أن يرتاب فيه هو وعد لله الذى وعد به المتقسين» ونذيره الذى أنذر به الجاحدين الضالين» والله سبحانه وتعالى لا يخلف اللميعاد. وفى هذه الجملة السامية ظإِنّ الله لا يخَلف الْميعاد 4 إشارة إلى الجزاء الأخروى وما فيه من جزاء بعد الحساب» فهى تتضمن تبشيرا للمؤمنين» وإنذارا للعاصين الكافرين. جعلنا الله من المتقين المهتدين» الذين لا يزيغون فى فهم دينه» وتفهم قرآنه؛ والمذعنين للحق الطالبين له. إن الذي كمَرُوا أن تي عَنْهمْ أموَالْهُمْ ولا أَولادْهم من الله شيئا 4 كان السبب فى كفر من كفرء وزيع من يزيغ» هو اغترارهم فى هذه الحياة الدنيا بكثرة المال؛ وعزة النفر» وقوة العصبية» ما جعلهم يبغون على الناس» ويبغون على أنفسهم» ا تفسيرسورة آل عمران , الل 1311050 1 21001111 لحر ل فتطمس مسالك النور إلى قلوبهم؛ وإنه لا شىء يُدَلّى بالنفس فتعمى عن الإدراك أكثر من الغرور؛ ولذلك ذكر سبحانه وتعالى أن هذه الأموال وأولئك الأولاد وإن كانوا العصبة أولى القوة ة لن تغنى عنهم شيئاً. وقد أكد القول سبحانه فى موضعين فى قوله: ط إن الذين كفروا» وبهذا يؤكد سبحانه وقوع الكفر منهم. ويؤكد النفى سبحانه فى قوله: :9 أن تغبي نهم ماهم ولا أولاذهم من اللّه شيا 4 إذ نفى ب: «لن»؛ فالخبران موّكدان: الإثبات والنفى ؛ فكفرهم وعدم نفع أعراض الدنيا مؤكدان» وكأن مجرى القول هكذا: غرتهم أمانى الدنيا بالأموال والأولاد فكفروا. كفراً مؤكدا مع أنه من المؤكد أنها لن تنفعهم بأى نفع» ولن يكون فيها ما يغنى عن رحمة الله التى حرموها بسبب كفرهم المؤكد. وهنا بعض إشارات بيانية منها قوله: فلن تُعنِي عنهم ماهم 4 فقد قال بعض المفسرين: إن معناها لن تدفع عنهم من عذاب الله شيئا. فتغنى معناها تدفع» والدفع المنفى هو منع العذاب». ولكن كلمة تغنى لا تدل على معنى الدفع إلا على سبيل المجاز» الذى يرشح له ويقويه قوله تعالى: من الله 4 و١من»‏ هنا بمعنى البدلية؛ والمعنى يكون على هذا: لا تكون الأموال والأولاد مغنية أى غناء ونافعة أى نفع بدل رحمة الله تعالى وقدرته وإرادته ونفعه لعباده؛ فالغاية أن الأولاد والأموال لا تجلب رحمة بدل رحمة الله تعالى ونفعه لعباده شيا شيئا من الغناء أو النفع. ثم قوله فى نفى نفع الأولاد بعد نفى نفع الأموال 9 ولا أَولادُهُم 4 إشارة إلى أن قوة النفع بمقتضى الفطرة والعادات الجارية فى الأولاد أكثر؛ ولذا أكد النفى فيه بعد تأكيده أولا بتكرار «لا» كأن نفى نفع الأموال أسهل قبولا من نفى نفع الأولادى ولذا زاده توكيدا بعد توكيد؛ وإن أولئك الكافرين إذا كانوا قد حرموا نفع الأولاد والأموال» ولم يستبدلوا برحمة الله شيئاء فلهم مع ذلك عذاب شديد؛ ولذا قال سبحانه بعد ذلك: هاا تفسير سورة آل عمران اال 0 0 ا > 7 «وأولتك هم وقُود الَارِ4 الإشارة فى قوله: «وأولتك4 إلى أولئك الكافرين الذين غرهم غرور الأموال والأولاد فضلوا لفرط اعتزازهم بسلطان المال والعصبية؛ وفى الإشارة إليهم وهم موصوفون بالكفر المؤكد الذى لا سبيل إلى الشك فيه ولا الريب بيان أن السبب فى العقاب الذى ينزله الله بهم هو هذا الكفر الذى ادقع إليه الغرور والاعتزاز بغير الله وبغير الحق. والجملة السامية «! وأولئك هم وقود الثار4 دالة على عقابهم الشديد يوم القيامة. وقد أكد الخبر بثلاثة مؤكدات : أولها: الإشارة إلى البعيد ب لإأولئك؟ الدالة على غلوهم فى الكفرء وإيغالهم فيه» وكلما قوى السبب قوى المسبب» وكلما اشتدت الجريمة اشتد 0 العقاب» فهى مثلة للجزاء. وثانيها: ذكر ضمير الفصل «هم»» فهو يؤكد؛ إذ فيه تكرار لذكر الموضوع الذى يرد عليه الحكم» وكل تكرار فيه تأكيد فوق ما يدل عليه من الاختصاص. وثالنها: التعبير عن العقوبة النارية التى تنزل بهم» بأنهم يكونون وقود النار؛ فإن الوقُودَ هو الحطب الذى تُحرق به النار» وأصله من وقدت النار تقد إذا اشتعلت» والمصدر الوقود وبالفتح ما يكون به الاتقاد واللااشتعال. والمعنى على هذا أن الكافرين يكونون وقود النار؛ أى أن النار يشتد اشتعالها فيهم حتى كأنهم هم مادتها التى بها تتقد وتشتعل. وقرئ #وقود»227#. وهذا يكون فيه مبالغة فى شدة احتراقهم» أى أنهم يحترقون بالنار ويسجرون فيها حتى كأنهم الاشتعال لا مادة الاشتعال» ولا من يكوى بهذا الاشتعال. وإن هذا العقاب هو الذى ينتظر الكفار جميعاء وإن حال متكرى الإسلام فى الإنكار والجححود والغرور بالمال والولد» والعزة بالنفر والعصبية» كحال من )١(‏ قرأ بها مجاهد والحسن وجماعة (المحرر الوجيز ٠5 /١‏ 5» البحر المحيط 7/ 40» الدر المصون 7/7 51؟). ا تفسير سورة آل عمران م لال ملل لبجل بز يي" كدأب آل فرعون وَالّذين من قبلهم 4 الدأب : العادة والشأن» وأصله من دأب الرجل فى عمل يدأب دأبا ودءوبا إذا جد فيه واجتهد» ثم أطلق الدب على العادة والشأن؛ لأن من يدأب فى عمل ويستمر عليه أمدا طويلا يصير شأنا له وحالا من أحواله» وعادة من عاداته؛ فهو من باب إطلاق اسم السبب وإرادة المسيب. وآل فرعون» وهم نصراؤه وأهل حوزته ومعاضدوه» قد استمرءوا الطغيان وألفوه حتى صار الكفر دأيا وعادة وشأنا من شئونهم. وقد شبه الله سبحانه وتعالى حال الكافرين الذين كفروا بمحمد يَلكِيْةٌ وما جاء به» بحال آل فرعون والذين سبقوا فرعون من الطغاة العتاة القساة المغرورين» وقد أولهما: أن الغرور هو الذى دفع إلى الجحود واللجاجة فيه والإصرار عليه حتى إنهم ليردون الدليل تلو الدليل» وما تزيدهم الآيات إلا كفوراء وما تزيدهم الموعظة إلا عتوا فى الأرض وفسادا. وهنا يرد سؤالان أولهما: لم ذكر آل فرعون» ولم يذكر فرعون؟» والثانى: اذا نص على قوم فرعون من ب بين الذين سبقوهم بالكفر والجحود ومعاندة النبيين؟ والجواب عن السؤال الأول: أن ذكر آل فرعون يتضمن ذكر فرعون؛ لأنه إذا كان العناد فى التابع فهو فى المتبوع أشد؛ وفوق ذلك فإن آل فرعون وحاشيته ونصراءه هم السبب فى طغيانه؛ وهم الذين سهلوا له سبيل الطغيان وضنوا بالموعظة فى إبانهاء وهم الذين حرضوه على الاستمرار فى الشر والإيغال فيه» فهم اتبعوه أولاء ثم حرضوه على الطغيان ثانيا بمبالغتهم فى مرضاته» واستحسان ما يفعل. وأما الجواب عن السوال الثانى» وهو اخمتصاص فرعون وآله بالذكرء فلأن فرعون كان أقوى الطغاة وأشدهم». وكان أكثرهم مالاء وأعزهم نفراء تفسير سورة آل عمران الالال للك 1 حب أ وأكثرهم غرورا؛ أليس هو القائل: ا أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي . .. رتك 4 [الزخرف] أليس هو الذى ذهب به فرط غروره إلى أن يقول فى حماقة ظاهرة: ايا هامَان ابن لي صرحا لَعلّي أبلغ الأسباب 2 أسباب السّموات فَأَطْلعَ إلى إِلّه موسئ . .. 07ت 4 [غافر] ولقد كان مستكبرا يصم آذانه عمن سماع الحق حتى لقد قال سبحانه فيه: « واستكبر هو وجنوده في الأرض بغيْر الحق .. . 227 4 [القصص] . سنة الله فى الذين كفروا ولجوا ولم يثوبوا إلى رشدهم» وينيبوا إلى ربهم» فقال © كذبوا بآياتنا فََحَدَهمِ اللَّهُ بذنوبهم واللّه شَديد العقاب» هذا هو الدأب والعادة» وهو الغرور المردى» وهذه نتائجه التى تجمع بين المغرورين دائماء وهو التكذيب بآيات الله تعالى. وفى هذه الجملة السامية يقرر الله سبحانه ثلاث حقائق ابتة؛ اثنتان منها تتعلقان بالكافرين المغرورين» وهما: التكذيب بآيات الله تعالى» والعقاب الذى يأخذهم سبحانه وتعالى به؛ والثالثة بيان شأن من شئون الله تعالى جلت قدرتهء وهو أنه سبحانه وتعالى شديد العقابء. كما أنه سبحانه غفور فأما الحقيقة الأولى فقد قال سبحانه فيها 9 كذَبوا بآيَاتنا 4 أى كَدْبُوا بالآيات والآدلة التى تثب ثثبت تبت رسالاات الرسل» وتثلبت وحدائية الله تعالى . وأضاف سبحانة الآيات إليه جلت قدرته» للإشارة إلى عظم دلالتها وقوة إثباتهاء وأنها آيات الخالق لتعريف خلقه. وأدلة الواحد الأحل لإثبات وحدانيته» ومع ذلك لجوا واستمروا فى غيهم يعمهون. والحقيقة الثانية: قال سبجانه وتعالى فيها: ا فَأَحَذَهمِ الله بذنوبهم 4 أى أنه سبحانه وتعالى يعاقبهم على هذه الذنوب بما يساويهاء وبما يقابلهاء وعبر عن العقاب بهذا التعبير ؛ لآنه يفيد أمور ثلاثة : م تفسير سورة آل عمران |! !!!اا ااا ااا ااا ااالللك] ل لل لكك 1 لاا ااال للك 1 الاااااا للا ةلالا لالخ ع ممما مالالا امم ممما للا الللللا أب أ أولها: أن الأخذ يفيد الوقوع التام فى سلطان الله تعالى» فهو سبحانه أخذهم كما يؤخذ الأسيرء لا يستطيع من أمره فكاكا. ثانيها: أن التعبير بالباء يفيد أمرين: المصاحبة والمقابلة؛ فهم قد أخذوا مصاحبين ومتلبسين بذنوبهم لم يقلعواء ولم يتوبواء بل استمروا على حالهم ملابسين لها ومقترنة بهم» كما تدل على أن العقاب مقابل للذنوب» فهو بدل ببدل» وكما أنهم قدموا الذنب» فليتسلموا العقاب. وثالثها: أن هذا التعبير فيه إشارة إلى عدل الله سبحانه وتعالى الكامل؛ فالذنب هو الذى ولد العقاب» وهو يماثله تمام الممائلة» وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون. والحقيقة الثالثة: قال سبحانه وتعالى فيها: « والله شديد العقاب 4 وفى ذكر هذا الوصف للذات العلية إشارة إلى شدة العقاب لشدة الجريمة» وإشارة إلى أن العدالة الإلهية تقتضى شدة العقاب؛ لأنه لا يستوى الذين يحسوون والذين يسيئون» ولا يستوى الآأخيار والأشرار؛ فإن المساواة هى الظلم فى هذه الحال. ثم فى هذا الوصف للذات العلية تعليم للناس بأن كل فعل يجب أن يكون له جزاؤه «فَمن يعمل مثقَال ذَرَةِ خيرا يه 222 ومن يَعَمَلَ مثقال ذَرَةَ شرا يره 21 4 [الزلزلة] . وهذا النص الكريم فوق ذلك يربى المهابة فى النفس». ويجعل كل مؤمن يغلَّبِ الخوف على الرجاء؛ فإن الخوف يجعل العابد يستشعر الطاعة دائما ولا يدل بالعبادة» وتغليب الرجاء يمكن للنفس الأمارة بالسوء أن تسيطرء ويجعل العابد يدل بعبادته . طقل للِّينَ كفروا ستَغلبون وتحشرون إلى جهنم وبكس المهاد 4 اغتر المشركون بأموالهم وأولادهم وقوتهم فى الأرضء» فكفروا وعتوا عتوا كبيرا؛ فبين الله سبحانه وتعالى أنهم سَيّغْلَسِون فى هذه الدنياء وأنهم فى الآخرة سيحشرون إلى جهنم؛ ولذا أمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يقول فيهم هذه الحقيقة فقال سبحانه: «قل للّدِين كقروا 4 . تفسير سورة آل عمران لولاا 2 فهذه الآية الكريمة إنذار للمشركين بأن الهزيمة يمة ستلحقهم فى الدنياء وأن العذاب سيستقبلهم فى الآخرة. وقد أمر الله سبحانه نبيه بأن يواجههم بهذا الخطاب» ولم يوجهه سبحانه وتعالى إليهم؛ لأن أولئك المغترين المفمتخرين كانوا يدلون بقوتهم على النبى يله ويعتزون بها فى مخاطبته يَكّ فكانوا يقولون له: «إنحن أَكْثْر أموالاً وأولادا وما تحن بمعدَبينَ (52 4 [سبأ]. وكانوا يأخذون من عزتهم فى الدنيا دليلا على عزتهم فى الآخرة» فكان حالهم كحال هذا العامل الذى حكى الله سبحانه عنه بقوله : ف( ودخَل جننه وهو ظالم لنقسه قال ما أ أن تبيد هذه أبدا جرج»> وما أَظن الساعة قائمة ولئن رددثت إلى ربي لأجدن حيرا مَنْهَا منقلبا 27 4 [الكهف ] وهكذا الطبيعة الإنسانية إن استغنت طغت فى حاضرهاء وغرها الغرور فى قابلها: كلا إن الإنسان لَيَطْفَئ ج42 أن رآه استغتئ 2ر2 »4 [العلق ] . وإذا كانوا يجابهون النبى يك بذلك فإنه يكون من المناسب أن يتولى هو الرد» وهو الذى جرد من المال والولد» ولا ناصر له إلا الله سبحانه وتعالى. وإن ذلك الاغترار كان من المشركين واليهود الذين كانوا يجاورون النبى عله بالمدينة» وقد جابهوا النبى كَكلِْةّ بذلك عندما دعاهم إلى الإسلام بعد واقعة بدر التى انتصر فيها المسلمون؛ فإنه يروى أن النبى كَكلَهٌ جمعهم فى سوق بنى قينقاع, وقال لهم: «يا معشر اليهودء احذروا مثل ما نزل بقريش» وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم» فقد عرفتم أنى نبى مرسل». فقالوا: لا يغرنك أنك لقيت أقواما أغمارا لا يعرفون القتال» إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أننا نحن الناس» وأنك لم تلق مثلنا0) . وإذا كان الاغترار من الفريقين فإنه يصح أن نقول إن الخطاب للكفار جميعا الذين يغترون مثل هذا الغرور» وخصوصا أن النبى لَه أمر بأن يخاطب بهذا الذين كفرواء سواء أكانوا من هؤلاء أم كانوا من أولقك» وإن الكفر بالحقائق .)71( رواه أبو داود: الخراج والإمارة والفيء - كيف كان إخراج اليهود من المدينة‎ )١( )د 70 تفسيرسورة آل عمران 11١‏ !ااا الللكك1ااا ااا اااالالاااا لاا للك 111 خ ااال لال للك11خالااا !ااا الا للك 1 ااا تاطلخم ممم للا رب أ الواضحة البينة التى تدركها العقول السليمة يكون سببه دائما اغترارا بأمر مادى مسيطر على النفس يجعل عليها غشاوة فلا يدرك العقل» ولا يؤمن القلب. وهنا يرد بحث لغوى وهو: اذا أدخل السين فى قوله تعالى: « ستغلبون» ولم يقل تعالت كلماته: ستحشرون؟ والجواب عن ذلك: أن السين لتأكيد القول» والذى كان موضع شك عند هؤلاء هو كون النبى يَللْةٌ سيهزمهم فى الدنياء والحشر قد أكده سبحانه وتعالى فى كثير من آى الكتاب. وفوق ذلك فإن السين مقدرة فى تحشرون باعتبارها معطوفة على «ستغلّبون» والعطف على نية تكرار العامل. ولقد أشار سبحانه إلى أن الحشر سيكون تجميعا للكفار يساقون بعده إلى نار جهنم؛ وجهنم هى الجزء العميق فى النار؛ ولأنه بعد الحشر يكون السّوق إلى نار جهنم وتعدت كلمة يحشرون ب (إلى1؛ إذ قد تضمنت مع معنى التجمع معنى السوق والآخذ إلى نار جهنم. ثم أشار سبحانه إلى شدة العذاب بقوله تعالى: «(وبئس المهاد4 أى أنها ليست مَقَاما محمودا بالنسبة لهم» بل هى مقام مذموم منهم يصح أن يقال فيه بالنسبة لهم «بئس المهاد) فجهنم ليست موضع ذم فى ذاتها باعتبارها دار جزاء عادل» ولا يذم الجزاء العادل ولو كان قاسياء ولكن هى موضع الذم ممن ينزل به لأنه سيتلقى قسوته. ومعنى المهاد : الفراش المبسوط السهل اللين المريح » فيقال: مهد الرجل الأمر بسطه وهيأه وأعده.ء وعلى هذا فالتعبير فيه نوع من التهكم بهم» إذ هى لا تكون أمرا ممهدا. د سه د سوه بن 2 ا 5 م لي سام 2ك 00 الأيصَكر 2 جور # هه 0 م لحم يهم التمعافقة فِيَهُتْعكَيِلُ ف سبي لال ىَالْمَيْنِ وأ تفسير سورة آل عمران البلللل الل الل لل 01 7 اا 1 .. يي «قد كان لكم آيْة في فتن التَقا فَة تقاتل في سبيل الله وأخرئ كافرة يروتهم يهم رأي العين » هذه الآية نزلت بعد غزوة بدرء فالفئتان المشار إليهما فى الآية: المسلمون» والمشركون. والمسلمون الفئة التى تقاتل فى سبيل الله»ء أى فى سبيل إعلاء كلمته وطلبا لمرضاته» والأخرى الكافرة: المشركون. والمعنى على هذا أن الله سبحانه إذ ينذر الكافرين بأنهم سيغلبون فى الدنياء ينذرهم بما قامت عليه البينات» وظهرت به الأمارات؛ وذلك لأن لهم آية أى أمارة ودلالة تدل على صدق ما يوجهه النبى يله من أنهم سيغلّبون» وتلك الآية الدالة على صدق ذلك التهديد والإنذار الشديد هى فى حال الطائفتين اللتين التقتنا فى حرب قوية» إذ انتتصرت الفئة التى تقاتل فى سبيل الله وهى القلة» على الفئة الكافرة وهى الكثرة» ومع أن أولئك الذين يقاتلون فى سبيل الله كانوا يعلمون أن أولئك أكثر عدداء وأكثر عدَة. ونريد أن نبحث هنا فى بعض الألفاظ التى لها إشارات بيانية: فقوله تعالى عن الفئة الكافرة: لإ وأخرئ كافرة 4 فيه إشارة إلى بعد ما بين الفريقين من حيث الغاية من القتال؛ ففيه إشارة إلى تقدم الأولى معنوياء وتأخر الثانية ؛ فالأولى تقاتل له لعرض من أعراض الدنياء ولا لغاية مادية مبتغاة» بل للحق» وفى سبيل الحق» ومرضاة للحق جل جلاله؛ والأخرى تكفر بكل هذه المعنويات فتقاتل فى الباطل وللباطل ولنصرة المادة » ولأعراض الدنيا؛ وفرق ما بين الفنتين عظيم؛ فإن كانت الأولى فقيرة فى المال قليلة فى العددء فهى قوية بالمقصد والغاية» والثانية على نقيض ذلك تماماء فهى كثيرة المال وكثيرة العدد ولكنها فقيرة فى الإيمان. وقوله تعالى: ‏ يرونهم مثليهم رأي العين 4 فيه بيان أن المؤمنين يرون المشركين # مثليهم» أى أكشر منهم مرتين» فالمثل معناه المساوى» والمشلان لأمر ضعفه والمعنى على هذا أن المؤمنين الذين أعطاهم اللّه ذخيرة من الإيمان واليقين وطلب الحق يرون أعداءهم رأى العين لا بالوهم والخيال ضعفهم» ومع ذلك لم تفسير سورة آل عمران «' الللللإإإائتتت0اا مالكلا تلب أ يجبنوا ولم يضعفوا. فالتعبير بقوله: «إرأي العين »4 تأكيد الرؤية بأنها رؤية بصرية» لا رؤية تقديرية؛ فهم يعاينون معاينة لا لبس فيها ولا غموض أنهم ضعفهم. فالذين يعتزون بالكثرة عليهم أن يعرفوا أى الفريقين غلب». والذين يعتزون بالمادة عليهم أن يعرفوا لمن كانت النصرة: أهى للمادة أم للروح والإيمان؟ فالذين رأوا خصومهم مثليهم هم المؤمنون. وهذا ترجيح ابن جرير الطبرى. وقد رجح الزمخشرى أن الذين رأوا: هم المشركون» قد رأوا المؤمنين مثليهم. وإن الأول فى نظرنا أولى؛ لأن المسلمين فى غزوة بدر كانوا فعلا أقل عذددا من المشركين» وأقل عدة» ولأن التعبير بقوله تعالى ‏ رأي العين 4 يفيد أن رؤية هذه الكثرة كانت بصرية بالمعاينة» لا بالتقدير أو التخيل أو التوهمء ولا يمكن أن يتحقق ذلك فى رؤية المشركين للمؤمنين؛ لأنه كان يكذب» ولذلك نختار أن الرؤية كانت رؤية المؤمنين للمشركين» ولكن قد ورد اعتراضان: أحدهما: أن المشركين فى بدر كانوا ثلاثة أمثال المؤمنين تقريبا ولم يكونوا ثانيهما: أن الله سبحانه قد قال فى غزوة بدر: فإ وإِذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولاً . . . +250 4 [ الأنفال ] . وإن رد الاعتراض الأول سهل؛ فإن العين لا تقدر تقديرا عددياء ولكنها تقدر تقديرا تقريبيا؛ فثلاثة الأمثال قد ثرى رأى العين مثلين. وقد يقال إن المراد بكلمة مثلين ليس التثنية إنما المراد مجرد التكرار وذلك استعمال عربى» كما فى قوله: ثم ارجع البصر كرتين ... +432 [الملك] ٠‏ فالمراد تكرار النظرء لا التقدير بمرتين اثنتين؛ كذلك هنا المراد التكرار العددى لا مجرد مثلين اثنين» وإن ذلك شائع» فيقال مثلا: اقرأ هذا مرتين ولا تكتف بالنظرة الأولى» والمراد التكرار. أما الاعتراض الثانى» فقد أجاب عنه ابن كثير فى تفسيره المستمد من الآثر» بأنهم عندما أرادوا حسبانهم رأوهم ضعفهم أو يزيدون» فلما ألقى فى قلوب الذين تفسير سورة آل عمران لللللووول اللا ااا ا0ا0ا0ااااللا080ا0اللللللك سرب ا آمنوا البأس والقوة» والتقوا بهم استهانوا بهم؛ ولذا روى عن ابن مسعود أنه قال فى غزوة بدر: «نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون عليناء ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا» وتلك حكمة الله العلى الخبير؛ رأوهم يزيدون عليهم أضعافاء وذلك هو الحس الواقع» ولكن عند اللقاء صغروا فى أعينهم ليكون النصر؛ لأن المقاتل إن استكثر قوة خصمه عند اللقاء ضعف أمامه فيكون الانهزام» وإن استهان مع الحرص كان النصر؛ ولذا سثل على رضى الله عنه: كيف كنت تصرع من يبارزك؟ فقال: «كنت أكون وهو على نفسه» أى أن عليا يقدم مستعليا بإيمانه على خصمه»ء وخصمه يحس بالخوف فتكون عليه قوتان ينتفع بهما على: قوة من نفسه» وقوة من نفس خصمه ولَّدها الخوف. وال يبتر م انا في ذلك قمر لول الأنار» اشتمل ذلك النص الكريم على حقيقة مقررة» ودعوة إلى التأمل والاستبصار لأولى الأبصار» ليمتنع الناس عن الاغترار بالقوة والاعتزاز بغير الله تعالى. أما الحقيقة فهى أن الله ينصر من يشاء» فهو الذى سينصر ويخذل» وأن من يعتمد على قوته وحده من غير اعتبار بما تجرى به المقادير يخذله الله» وإن شأن الذين يغترون بالقوة المادية دائما ويعتزون بها لا يعتمدون على الله تعالى» ولا يعملون حسابا للقدر الذى يجريه خالق الكون حسب مشيئكته وتدبيره» وأنهم إذ ينسون هذا يأتيهم القدر من حيث لا يحتسبون» فينهزمون حيث يرتقبون النصر؛ وإذا كان النصر والخذلان بيد الله تعالى» فالله سبحانه ينصر من ينصره» ويخذل من يكفرهء كمال قال تعالى: إن تنصروا الله ينصركم ويتبت أقدامكم 22 4 [محمد] وكما قال تعالى: 9 وَلَينصرك الله من ينصره إن الله لقوي عزيز عي # [الحج ]. وأما الدعوة إلى الاعتبار فقد ذكرها رب البرية بقوله تعالى: إن في ذلك لعبرَةَ لأولي الأَبْصّارٍ) أى إن ذلك الذى رأوه وشاهدوه وهو أن الفئة القليلة المؤمنة التى تقاتل فى سبيل الله» غلبت الفئة الكثيرة الكافرة التى تقاتل فى سبيل الشيطان .6 تفسيرسورة آل عمران الالللللل0ااالل اللا رب ا مع كثرتها وعدتها وأموالها فيه اعتبار بأن يجعلوا منه سبيلا لإدراك المستقبل؛ فإن العبرة معناها فى اللغة وفى عرف القرآن والناس أن يؤخذ من الأمور الواقعة المحسوسة دليل على ما يمكن أن يأتى المستقبل غير المحسوس والمكشوف» فكان على هؤلاء أن يعرفوا من هذه الواقعة التى انتصر فيها الإيمان مع قلة أهله على الكفر مع كثرتهء أن القوة المادية ليست كل شىء؛ وإن الذى يدرك ذلك هم أولو الأبصار» أى أصحاب المدارك الصحيحة التى تفهم الأمور على وجههاء فالمراد من الأبصار ليس البصر الحسى بل البصر المعنوى العقلى ولكن الذين طمست عليهم لمادة لا يدركون الأمور على وجههاء كما قال تعالى: 9 لهم قُلُوب لأ يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولّهم آذَانَ لا يسمعون بها أُولك كالأنعام بل هم أضل أُولتك هم الغافلون +0130 4 [ الأعراف ] . وإنه لكى تخرج النفس من ربقة المادة تذكر الله دائماء كما قال تعالى: « الّذِينَ آمنوا وتطمكن قُلوبهم بذكر الله آلا بذكر الله تطمكن القلوب +220 4 [ الرعد] . اللهم ثبت قلوبنا على دينك والإيمان بنصرك وعدلك يارب العالمين. 20 ص وير م ا هه م ب.- سير رد لِلَّاس حب الشّهوات مر السكاء 2 هر سورع سس سل وجري رسملى ص - رصح سر والبئين وا نطير المقنطر وهر[ ]لذ هب والْفِصةٍ م م ل 0 0 ال 00 024 مر وه مور )ا بتي و الحموو الد نا وأللهعنده, حسن المَحَابٍ بل زر قل سوس سح ع جل اشح 5 02226 ساسم ع يم غير ونش بحر من ذالحكم لِلذِين | اعند ربهم- 0 -- جه سامة 6س واس أ[ #1 دس د 2 سرس لير ٠ 5 ٠. 0.‏ . 0 186 35 - تجرى من نحتها ١‏ / نهدرخدإرينفيها وأزواج مطهرة قد 2 و ابي 2 314 َك حطو وَرضوارك مرت الله وَأللَهُ بصضصير يالهبَادٍ ع - 2 | تفسير سورة آل عمران الللللملللالللل ل الل اللا سك لبلب بم بي ايِسَيَفؤْنَ آنآ مَكاناءْفِ رْلنَادوْكَاوْقِه عدَاب نار بي ألصَيرِنَ وَألصدرقيت والْقَدِِتِيت لفق وَالْمُسَتَفْف يت بِالْأَسَحَارٍ 7 فى الآيات السابقة بين سبحانه اغترار المشركين بأموالهم وأولادهم وكثرتهم» وكثرة النفر الذين يعاضدونهم» وأشار إلى اغترار آل فرعون بسلطانهم» وعاقبة أمرهم؛ وفى هذه الآية يبين سبحانه مصدر الغرور وأسباب الاغترار فى هذه الدنياء وما ركز فى قلوب الناس من حب الشهوات التى يؤدى الاشتداد فى طلبها إلى الانحراف فى التفكير وإلى أن يطمس على البصيرة فلا تدرك الأمور على وجهها؛ ثم يبين سبحانه منزلة ما فى هذه الدنيا من متّع فانية بجوار ما فى الآخرة من نعيم دائم. وإذا كان قد بين سبحانه وتعالى أولا مآل المغترين المعتزين بأعراض الدنياء فقد بين فى هذه الآيات مآل المتقين وأوصافهمء ومقدار فهمهم لزخارف هذه الحياة وما فيها من شهوات مردية عند الانحراف فى طلبها. ولقد ابتدأ سبحانه بما ركز فى فطرة كل إنسان من حب وطلب لهذه الشهوات فى مواضعهاء فقال سبحانه: ين ناي حب الشهوات من الساء وال اطي لمُطرة ملقب والفضّة والخيل المسومة والأنعام والْحَرْث 4 هذه زينة الحياة الدنياء وهذه متعهاء وهى مصدر الخيرء ومصدر الشر فيهاء وبها تكون الرفعة» وبها يكون السقوطء وبها تكون العزة»ء وبها تكون الذلة؛ والإرادة الإنسانية هى التى تجعلها فى أحد الطريقين» فإن كانت الإرادة قوية حازمة جعلت من هذه الأأمور مصدر خير وطريقا إلى الجنة» وإن تحكم الهوى وغلب الشيطان» وضعف الوجدان الدينى» كانت هذه الأمور مصدر شر وطريقا إلى النار؛ فهى طريق الجنة عند الأبرار» وطريق النار عند الاأشرار» وكل امرئ وما تهوى نفسه. 0 تفسيرسورة آل عمران اللللل! 414441 1خ ا اا ااا لال !!!الا أ لاا ااا ل اللا أ ]الل ااًا!!!!!!!!!!!!!!! !!!ماللا 1ج يزو 2 وإن هذه الأمور محببة لنفس الإنسان» مجبول بفطرته على الميل إليهاء والاستشراف لها وطلبهاء فهى طَلبّة النفس الإنسانية؛ إذ هى من طبيعتهاء وهى تتقاضاها طبيعة الإنسانية» ومن يحاول أن ينزع الميل إلى هذه الأشياء الستة من نفسهء فإنما يحاول اقتلاع الخاصة الإنسانية من كونه» فالطبيعة الإنسانية قد ركز فيها حب هذه الأمورء ولا تخرج هذه الأمور من النفس الإنسانية إلا إذا بعد الإنسان عن طبعه. ولأن هذه الأمور فى الفطرة الإنسانية عبر سيحانه وتعالى بالبناء للمجهول» فقال سبحانه: «زْيْنَ للناس حب الشّهوات من النَسَاءِ »4 فابهم سبحانه مَن رين حب هذه الأمور للإشارة إلى أنها فى الفطرة الإنسانية» نشأت فى الإنسان منذ خلقه سيحانه وأنزله إلى هذه الدنياء فهو قد كوه سبحانه ومعه تلك الطبيعة الإنسانية» وإنه ينتهى الأمر إلى أن الذى زين هذا الحب هو الله سبحانه وتعالى» وقد يؤكد ذلك قراءة مجاهد (ينَ للتّاس)7) بالبناء للفاعل» ويكون الفاعل ضميرا يعود على الله سبحانه وتعالى. ومعنى 9 زينَ للنّاس حُبُ الشهُوات 4: أودعت فطرتهم حب هذه الشهوات» وأنهم لا يرون فيها نقصا ولا مخالفة للكمال والشهوات المراد بها موضع الشهوات» فهى من باب ذكر المصدر وإرادة اسم المفعول؛ فهذه الآمور الستة هى المشتهيات» وليست هى الشهوات» ولكن أطلق عليها اسم الشهوات للإشارة إلى شدة محبتها والحرص عليها. ولقد قال الزمخشرى فى ذلك: «جعل الأعيان التى ذكرها شهوات مبالغة فى كونها مشهاة محروصا على الاستمتاع بها) فالمراد أنهم يحبون هذه الأشياء» ويرون محبتها أمرا حسناء ولا غضاضة فيه. ويرى الزمخشرى أن قوله تعالى : ط وين لاس حب الشهوات من التساء4 فيه إشارة إلى خساسة هذه الأمورء ويقول فى ذلك: «والوجه أنه يقصد تخسيسها فيسميها شهوات؛ لأن الشهوة مسترذلة مذموم من اتبعها شاهد على نفسه . 271١/7 الدر المصون‎ »5١7 /7 البحر المحيط‎ »5 ١8/١ وبها قرأ الضحاكء» ينظر: المحرر الوجيز‎ )١( تفسير سورة آل عمران الللاالللللللااااللللللاااللااللل00االللن 1 يب بو ز)ز - بابهيمية» وقال: «إزين للا حب الشنهوات من النساءِ ثم جاء بالتفسير ليقرر فى النفوس أن المزين لهم حبه ما هو إلا شهوات لا غير» ثم يفسره بهذه الأجناس فيكون أقوى لتخسيسهاء وأدل على ذم من يستعظمها ويتهالك عليها ويرجح طلبها على طلب ما عند الله) . ولسنا نرى رأى الزمخشرى فى أن هذه خسيسة فى ذاتهاء أو يقصد إلى تخسيسها فى ذاتهاء وإنما نرى أنها فطرة الله يبينها الله سبحانه وتعالى» ويشير إلى أنها مطلوبة من كل إنسانء وأن المقتصد يجمل فى الطلب ويجعله للخيرء وغير المقتصد يسرف فيفحش. فيكون الشر. وزينة الله التى خلقها ليست حراماء وهى من قبيل هذه المشتهيات» فيقول تعالى: «إقل من حَرَم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق . 2ك 4 [الأعراف]. وقال تعالى: خذوا زيتكم عند كل مُسجد وكلوا واشربوا ولا تَسرفوا نه لا يحب المسرفين +( [الأعراف] وقال تعالى: «9 وأنزل من السّماء ماء فأَحْرج به من الثّمرات رذقًا كم قنش [[البقرة]ء وقال كَدلةٌ فى الخيل: «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة)(2. وقال فى الحرث وهو الزرع: «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو دابة إلا كان له به صدقة2(©. وقال كلِيْ: «حبب إلى من دنياكم: النساء. والطيب» وجعلت قرة عينى فى الصلاة»9©. وقال كَك: «ألا أخحبركم بخير ما يكشز الرء؟ الراةالصالحة. إذا نظر إليها سرته» , وإذا غاب عنها حفظته؛ فض ليها وجعل 0 موده وَرَحْمَة إن في َك لآيات لقوم يتفَكُرُون 0 [ الروم]. )١(‏ متفق عليه رواه البخاري: الجهاد والسير - الخيل معقود في نواصيها الخير (2»)5778 ومسلم: الإمارة (78-0). () رواه بهذا اللفظ أحمد فى مسند المكثرين »])1720١75(‏ والحديث متفق عليه فقد رواه البخاري: المزارعة - فضل الغرس (5107؟): ومسلم: المساقاة (4 -018. () رواه النسائى: عشرة النساء - حب النساء (7817/8)): أحمد: مسند المكثرين .)١1856(‏ (4) رواه أبو داود: الزكاة - حقوق المال (1417). تفسيرسورة آل عمران 2 الالال لل ئ ائ لل الل الل اناالا لسرب أ وبهذا يتبين أن هذه الأعيان ليست خسيسة فى ذاتهاء ولا يقصد تخسيسهاء وإن كانت هى دون نعيم الآخرة ومتعها. وقوله تعالى: 9 زين للنّاس حب الشّهُوات » فيه إشارة إلى أن الناس يحبون هذه الشهوات ويستحسئون هذه المحبة؛ وذلك لأن الإنسان قد يحب شيئا ولكنه فى محبته له غير راض عن نفسهء كأولئك الذين يميلون إلى بعض الآفات الاجتماعية» كالخمرء والميسر؛ فإنهم مع ميلهم إليها يستنكرون حالهم» ولا يحمدون ما يفعلونء إلا إذا كانوا قد طمس الله على بصيرتهم» فعموا وضلواء ورين لهم سوء أعمالهم فرأوه حسناء ولكن الناس جميعا مع محبتهم لهذه الأمور يستحسنون هذه المحبة» ويرضون عن أنفسهم فى ميلهم إليها؛ وإن ذلك الاستحسان من عامة الناس يدل على أن محبة هذه الأمور من فطرة الإنسان ومن طبيعته؛ وإن هذا الميل لا يدل على خسة فى الطبع؛ ولكنه يدل على أنها فى الفطرة . وإن محبة هذه الأشياء» وهى رمز للطبيعة الإنسانية ليست بدرجة واحدة» بل تختلف بمقدار قوة نزوع النفس إليهاء وتختلف بمقدار ما تشبع به الحاجات والغرائز الإنسانية . وقد يقول قائل: وكيف يكون حب الذهب والفضة فطرياء مع أنه ليس من الفطرة؟ والحواب عن ذلك: أن الذهب والفضة يشبعان الحاجات الإنسانية» فهما من الوسائل للوصول إلى النساء وغيرهن» وهما فى خدمة تلك الفطرة» وأحبهما الناس لأنهما يوصلان دائما إليهاء ثم صار حبهما لذاتهماء وأشبه أن يكون من الفطرة . ولنذكر هذه الأمور الستة» وهى مرتبة مراتب بترتيب القرآن الكريم: المرتبة الأولى: النساء» وحبهن فطرى فى الطبيعة الإنسانية مستكن فيهاء لا يختلف فيه الناس إلا من إِيفّت() مشاعره وفسدت طباعه» وهن زهرة هذا )١(‏ أي أصابتها الآفة. ااا تفسير سورة آل عمران !)امم !!!مما !!!]للا !!!لالم !!!ااا !!!ااا اطلام ممما للخل للخل اللا م1 ههه + يي الوجود الإنسانى» ولقد سماهم القرآن كذلك فقال تعالى: 9 ولا تمدن ينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرَة الْحيَاة الذنيا . . . 27 4 [طدع . وقال تعالى فى العلاقة بين الرجل وامرأة: (هن لباس لكُم وأنتم لباس لمن ...+29 4 [البقرة]. وإن الرجل فى حب النساء قد يستهين بكل شىء. ولقد قال رسول الله كَكةِ فيما رواه البخارى ومسلم: «ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء)(21. وقد يقول قائل إن المرأة من المكلفين ومن الناس فلماذا ذكر حب الرجال للنساء» ولم يذكر حب النساء للرجال» وكلاهما فطرى فى الطبع الإنسانى؟ وقد أجاب عن ذلك بعض المفسرين بأن طلب الرجل للمرأة أشد وأقوى وأحدء وكثير من الرجال من يفتتنون بالنساءء وقليل من النساء من تظهر فتنتهن بالرجال» والحس يؤيد طلب الرجل للمرأة» فهو يذل النفس والنفيس فى طلبهاء ولا يعرف من النساء إلا قليلا من يبذل ذلك. والرأى عندى أن ذكر حب الرجال للنساء فيه إشارة إلى علاقة المحبة المتبادلة بين الفريقين؛ فهى إشارة إلى تلك العلاقة الفطرية من الجانبين» فذكر محبة الرجل للمرأة فيه تنبيه إلى محبة المرأة للرجل؛ وما يستفاد بالإشارة يستغنى فيه عن العبارة» واكتفى بذكر حب الرجل لأن حبه الأوضح» ولأنه الأشدء ولأنه الذى يؤدى فى جملة أحواله إلى الفتنة» ولأن المرأة مجيبة فى هذا الباب لا طالبة» وإن سبقت هى بالمحبة حاولت أن تخلق الطلب فى نفس من تحب. وحب النساء ليس شرا؛ لأن الله جعل المرأة رحمة للرجل» إنما يكون الشر فى الإسراف فى الطلب حتى يكون النساء خلب كبده» وفى طلب الحرام» وفى طلب الجمال من غير ملاحظة الدين؛ فلقد قال يلِِ: «إياكم وخضراء الدّمن»229, )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري: التكاح - ما يتقى من شوم المرأة »)417١7(‏ ومسلم: الذكر والدعاء (59577) عن أسامة بن زيد رضى الله عنه. (؟) سبق تخريجه. وراجع الإكمال من الجامع الصغير» والكامل لابن عدي. .6 م تفسيرسورة آل عمران « الللللوم للا بولج بز يي" وقال كَكلِ: «تنكح المرأة لمالها وحسبها وجمالها ودينهاء عليك بذات الدين تربت يداك)20 , ولقد قال كلد «من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر)9" . المرتبة الثانية: حب البنين» وقد ذكر حب البنين بعد حب النساء؛ لأن البنين ثمرة الحب الأول؛ وفيه إشارة إلى التوجيه الإسلامى» وهو أن يكون حب النساء ذريعة إلى الإنجاب والنسل لا لذاته» كما قال يللدم «تناكحوا تناسلوا تكثروا فإنى مبّاه بكم الأمم يوم القيامة»0©. وهل المراد من البنين الذكور فقط؟ الظاهر ذلك» ويزكى هذا قوله تعالى: «الْمَال والبنون زيئة الحياة الدنيا .... 50 4 [الكهف ] وما هو واقع بين الناس فى الماضى والحاضر من أنهم يطلبون الذكر دون الأنثى» وأنهم يرون فى كثرة البئين نصرة وفخاراء وفى البنت غير ذلك؛ ولكن لو آننا قلنا إن المراد الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا لكان فى النص القرآنى متسع؛ لأن الابن يطلق ويراد الذكر والأنثى على سبيل المجازء وإن محبة الولد بعد ولادته أمر فطرى لا فرق بين ذكر وأنئى» وإن كان الكثيرون يرغبون فى الذكور دون الإناث فإن ذلك لا ينفى المحبة الفطرية لأولاده جميعاء والعرب أنفسهم كانوا يحبون بناتهم وإن كانوا لا يعتزون إلا بالبنين. وإنى أميل إلى هذا؛ فالأولاد جميعا ثمرات القلوب وقرة الأعين؛ ولقد قال النبى وَِة: «إنهم لثمرة القلوب وقرة الأعين» وإنهم مع ذلك لمجبنة مبخلة محزنة)9؟2. والمرتبة الشالثة: حب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة. روى أن النبى يَككِيدِ قال: «القنطار ألف أوقية وماثتا أوقية»(*2 وإن كانت الأوقية التى نعرفها هى - ومسلم: الرضاع‎ 2) ٠( متفق على صححته وقد رواه البخاري: النكاح - الأكفاء في الدين‎ )١( .)535501( استحباب نكاح ذات الدين‎ (1) رواه ابن ماجه: التكاح - تزويج الحرائر (18557) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. () فتح الباري في شرحه حديث: من استطاع منكم الباءة (//431). (5) أخرجه ابن ماجه: الأدب - الوالد والإحسان إلى البنات» وأحمد: مسند الشاميين (5 .)١59-‏ (0) رواه الدارمي: فضائل القرآن - كم يكون القنطار (7775) عن معاذ بن جبل راضي الله عنه. تفسير سورة آل عمران لولاا الل ك2 و )5 7 الأوقية التى أشار إليها النبى يَكَئِْةّ فالقنطار الذى نعرفه فى مصر هو القنطار الذى ذكر فى حديث النبى تَلِْدِهِ لأن القنطار )١١١١(‏ أوقية لأنه مائة رطل والرطل (0 أوقية. وقد قال الزجاج فى أصل معنى القنطار: إنه مأخوذ من عقد الشىء وإحكامه» تقول العرب: قنطرت الشىء إذا أحكمته.؛ ومنه سميت القنطرة لإحكامهاء والقنطرة المعقود» فكأن القنطار شىء محكم يسع ذلك المال» أو أنه جمع قدر كبير من المال متراص الأجزاء محكم الربط. والمقنطرة معناها مضاعفة مقادير القنطار» فمعنى قناطير مقنطرة عدد كثير من القناطير متضاعف» كقولك ألوف مؤلفة» وأضعاف مضاعفة» والمراد أن كثرة المال أمر محبوب مطلوب زين للناس حبهاء ومحبة المال الكثير قد أودعت قلوب الناس؛ لأنهم رأوا أنه السبيل إلى طلب ملاذ هذه الحياة» فلا يجد غايته من النساء إلا ذو مالء ولا غايته من إشباع الحاجات إلا ذو المال؛ ولقد قالت عائشة رضى الله عنها: «رأيت ذا المال مهيباء ورأيت ذا الفقر مهينا» وقالت رضى الله عنها أيضا: «إن أحساب ذوى الدنيا بنيت على المال) . وإن محبة المال لم تكن فى أول الأمر لذات المال» ولكن لآنه ذريعة لغيره من ملاذ الحياة ومطالبهاء ولكن بتوالى الأرمنة نسى كثير من الناس الغاية» واتجهوا إلى الوسيلة فصارت فى ذاتها غاية» وأصبح المال يطلب لأنه غاية فى ذاتهء كما هو الشأن فى كل وسيلة تؤدى إلى أمر محبوب مؤكد المحبة وهى مؤكدة التوصيل؛ ولذلك صار المال مطلوباء وطلبه كالأمر الفطرى. ولقد قال كلل «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثاء ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب» ويتوب الله على من تاب)(22. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري: الرقاق - ما يتقى من فتنة المال (5موه»), ومسلم: الزكاة - لو كان لابن آدم ١ 720‏ )]. وجاء بلفظ «من ذهب» في صحيح مسلم (19/94). كما رواه الترمذي وأحمد والدارمي تفسيرسورة آل عمران لل الل مالالا اللا جحلب يي وطلب المال ليس شراء» بل قد يكون خيرا إن طلب من الطريق الحلال» وأنفق فى حلال» وأعطى منه حقه. ولقد قال عليه السلام: (إن الله يحب العبد التقى الغنى الخفى)27 . أدوات القتال» وكانت عزا للعربى؛ ولقد ذكر النبى كَل أن فى نواصيها الخير» كما أشرنا من قبل؛ وقد روى أبو هريرة أن رسول الله تَكلِْهِ قال: «الخيل ثلاثة: لرجل ذكْرٌء ولرجل سترء ولرجل وزر»”"© فهى ذكر لمن كان يقتنيها للجهاد فى سبيل الله» وستر لمن يقتنيها ويربيها ويبيع من نتاجها ما يستر به حاله ويرد غائلة الفقرء ووزر لمن يقتنيها ويفاخر بهاء وكمن يسابق بها فى قمار أو ما يشبه القمار. والخيل فى أصل طلبها كانت لأنها أداة الحرب» ومن عدة القتال» ثم صارت هى والنوع الخامس: الأنعام» وهى الإبل والبقر والغلمء. وهى تكون فى حاجات الإنسان» ويتخذ منها مركبا وزينة ومطعما؛ قال تعالى: «[ والأنعام خلقها لكم فيها دفء وضافع ومنها تأكلون :2 ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون 76 # [النحل] . والنوع السادس: اللمحرث» وهو الزرع والغراس ؛ لآن المحرث معناه إثارة الأرض ووضع البذر أو الغراس فيهاء فأطلق السبب وأريد المسبب. والزرع هذه إشارات إلى متع الحياة التى ذكرها النص القرآنى الحكيم. ويلاحظ أن القرآن الكريم اقتصر على ذكر هذه الأمور مع أن فى الحياة متعا حلالا غيرهاء )220 صحيح مسلم: الزهد والرقائق (0175) عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه» وأحمد: مسلد العشرة .)١9514( المبشرين‎ زفق جزء من حديث طويل رواه مسلم: الزكاة - إثم مائتع الزكاة )١140(‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه» ورواه البخاري: شرب الناس والدواب من الأنهار (94 ١‏ ؟). ها تفسير سورة آل عمران الللللليا اللا حك كاه : يي فلماذا اختصها بالذكر؟ والجواب عن ذلك أنه ذكرها لأنها أوضح من غيرهاء ومجمع على طلبهاء ولأن فيها إشارة إلى أنواع المتع كلها؛ فذكر النساء فيه إشارة إلى متعة الصلة التى تربط بين الرجل والمرأة» سواء أكانت متعة جسدية أم كانت متعة روحية» وإشارة إلى الأسرة التى هى قوام المجتمع. وذكر البنين فيه إشارة إلى بقاء النوع الإنسانى» والعزة بالقبيلة والعشيرة والجنس والأرومة. وذكر المال فيه إشارة إلى الحاجات الإنسانية والنظم الاقتصادية التى يعد المال أساسها وعصبها. وذكر الخيل المسومة فيه إشارة إلى الكفاح فى نصرة الحق. والجهاد فى سبيل الله وأنه لا يحمى الجماعة إلا قوة مسلحة» كما قال تعالى : ج وأعدوا لهم ما استطعكم من فر ومن راط اليل ترهبون به عدو الله , وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلموتهم الله لمهم وما تفقوا من شَيء في سبيل الله وف إِليْكُم وأنكم لا تظلَمون رين © [الأنفال]. وفى ذكر الآنعام والحرث إشارة إلى أصول الإنتاج الطبعى الذى هو مادة الاقتصاد الأولى. فذكر هذه الأمور الستة يومئ إلى سائر متع الحياة؛ ولذلك اعتبرها الله سبحانه متع الحياة فقال : « ذلك ممَاع الحيّاة الانيا واللّهُ عددة حسن الْمَّآب 4 أى هذه الأمور التى حببت إلى النفوس هى متاع الحياة الدنياء وموضع النفع والانتفاع فيهاء وهى موضع الزينة ومطلب الناس الذى يستمتعون به ويرغبون فيه» ولكن عليهم فى طلبها والسعى إليها واللجاجة فى طلبها أن يلاحظوا ربهم؛ وأن يطلبوا ما عنده؛ ولذا قال سبحانه: والله عنده حسن الْمَآب » أى أن الله جل جلاله وهو المستحق للألوهية وحده عنده حسن المرجع» فإن المآب معناه المرجع» من آب يئوب بمعنى رجع . وفى ذكر هذه الجملة السامية فى هذا المقام إشارة إلى أن هذه الأمور مع أنها متع هى موضع حسابء. فإن اعتدلوا فى طلبها وقصدوا إليها من طريقها الحلال وأجملوا فى الطلب كانت موضع ثواب» وإن طلبوها من غير حلهاء ولم يعطوا حقهاء فإنها تؤدى إلى العقاب. وفى هذا الذكر إشارة إلى وجوب الاعتدال فى تفسيرسورة آل عمران اللو ااال لاا 1 .» 2 طلبهاء فما يعاقب عليه هو الإسراف والإفحاشء وأن ينسى بها ربه وحقه فيهاء حتى تلهيه عن ذكر الله وعن حق الله. وأيضا ففيه إشارة إلى أن عند الله نعيما آخر أعلى وأعظمء وهو ما بينه بقوله تعالى: قل أَؤنبئكم بخير من ذَلكُمْ » الخنطاب للنبى يكل يكلفه جل شأنه أن يوجه إليهم ذلك السؤال لينبههم إلى عظيم شأن ما ادخره لهم سبحانه من نعيم مقيم إن أحسنواء فالاستفهام للتنبيه؛ وقد حوى من طرق التنبيه ثلاثة: أولها: التعبير ب « أَوْنبتْكُم 4؛ لأن الإنباء معناه الخبر العظيم الخطير الشأن» وثانيها: التعبير ب ذلكم 4 بالإشارة للبعيد للدلالة على عظيم شأن ما سيخبرهم بهء وبالتعبير ب (كم) كأنه يدعوهم جميعا ليستمعوا إلى ما سيخبرهم بهء وثالئها: التعبير ب «خير) الدالة على الأفضلية» وأن نعيم الجنة خير لا شر فيه قطء وأن نعيم الدنيا لا يخلو من شر. وبعد أن كان الاستفهام الذى سيق للتنبيه كان الجواب هو : ٍِللدين ارا عد بهم جنات تَجري من بها الأتهار حَالدين فيها وأؤواج مطهّرة وَرِضوَانُ مَنَ اللّه4 هذه متع الآخرة» وهى أعلى مقاماء وأعظم مكانا من نعيم الدنياء وهى أربعة: أولها: جِنَاتَ تَجري من تحتها الأنهار». وفى هذه الجنات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشر. وثانيها: الخلود» وهو نعمة وحده.ء فكل ما فى الدنيا عرض زائل يعروه الفناء» ومافى الآخرة دائم البقاء. وثالئها: 9 وأزواج مَطَهّرَة» لا دنس فيهاء ولا ما يشينهن أو يوجد الريب؛ فلا معكر من شر أو ما يشبهه. ورابعها: وهو أعظمها بل أعظم ما فى الوجودء وهو ( ورضوان مَنَ اللّه 4 أى رضا عظيم من خالق الخلق. ومبدع الكون ومنشئّ الوجودء فالرضوان مصدر تفسير سورة آل عمران الل ا ١ الا‎ ١ 20 كالرضاء ولكن يزيد عليه أنه الرضا العظيم؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنىء ولأن التدكير قصد به التفخيم والتعظيم» ولأنه إبهامه ثم بيان مصدره فيه إشارة إلى شرف هذا الرضا بإضافة لأعظم نسبة إذ هو منسوب إلى الله جل جلاله . طإواللهُ بصير امياد 4 أى أن الله سببحانه جل جلاله عليم بأحوال العباد علم من يبصر ويرى» فهو يعلم دقائق أحوالهم وخفى أمورهم. وخلجات قلوبهم. وصدَّر سبحانه القول بلفظ الجلالة لتربية المهابة فى القلوب» وإشعارها بعظمته. وإذا كان الله سبحانه وتعالى عليما بخفى أحوالهم» فإنه سيجزى المحسن إحسانا والمسىء عقابا؛ فهذه الجملة السامية فيها وعد ووعيدء وفيها إشعار برقابة العلى القدير» ما يجعل المؤمن التقى يشعر دائما بأن الله يراه وإن لم يكن هو يراه ويتحقق قول الرسول يَليْةُ: «اعبد الله كأنك تراهء فإن لم تكن تراه فإنه يراك»20. اين يقولون ربا نا آمنا َاغفر لَنَا ذُنوبنا وقنَا عَدَابِ النّارِ) هذه أول أوصاف المؤمنين الذين استحقوا ذلك الجزاء الكريم من رب العالمين: « الذين يقولون 4 وهذا الوصف يدل على أنهم دائما متذكرون للإيمان وحالهم إنما هو تصديق للنبى فى كل ما جاء به» فلسان حالهم دائما أنهم يقولون #آمنّا» أى أنهم يقولون إنهم يذغنون ويصدقون كل ما جاء به القرآن الكريم» وهدى النبى الأمين» ومن كان لسان حاله تذكر الإيمان والإذعان لأمر الله تعالى لا تكون منه معصية كبيرة» ولا إهمال لأوامر الله تعالى؛ لأن ارتكاب المعاصى يتنافى مع الإذعان المطلق» وتذكر الإيمان الدائم؛ إذ المعصية تكون فى غفلة القلب وعدم تذكر الإيمان؛ ولذا قال عليه الصلاة والسلام: ١لا‏ يزنى الزانى وهو مؤمن2©"9): وإذا كان الإيمان بالله )١(‏ هو جزء من حديث جبريل الشهير وقد سبق تخريجه من رواية البخارى ومسلمء وذكر الحافظ ابن حجر فى الفتح بلفظ المصنف رحمه الله تعالى. (0) متفق عليه؛ رواه البخاري: المظالم والغصب - النهبى بغير إذن صاحبه (946؟2)51 ومسلم: الإيمان - نقص الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس(85)]. 6 تفسير سورة آل عمران !ااا الالا!! !!!ااا ااال للااا!اا لاا اانا غلم و ممم 11خ لاا اللتلللا اله :2 2 مستوليا على شعورهم فهم دائما يغلبون الخوف على الرجاء والضراعة على الطمع» ولذا رتبوا على هذه الحالة طلبهم المغفرة وقالوا #فَاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب الثار» فهم دائما يحسون بعظم أخطائهم» وذلك من قوة إيمانهم» وقرة إذعانهم ؛ ولذلك يطلبون الستر والغفران» والوقاية من النار» وذلك كله من قوة الوجدان الدينى» وعظم سلطان النفس اللوامة» والضمير المستيقظ» فتكبر فى نظرهم هفواتهم» وتصغر حسناتهم» ويعتقدون أنه لا جزاء إلا أن يتغمدهم الله برحمته . الصّابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار» هذه خمسة أوصاف للمؤمنين الصادقى الإيمان» والمذعنين حق الإذعان: أولها: أنهم صابرون» والصبر صفة الإيمان حقا وصدقاء وقد حث عليه القرآن فى أكثر من سبعين موضعاء والصبر له شعب كثيرة» منها وهى أدناها الصبر عند الشديدة» وتحملها من غير أنين ولا شكوى» وهذا هو الصبر الجميل» فإن ضج الصابر وشكا فصبره غير جميلء ومنها الصبر بضبط النفس عن الشهوات وقدعها عن الأهواء المردية» وجعل العقل متحكما دائما؛ وهذه مرتبة عالية فى الصبر. ومنها الصبر على تحمل النعم؛ فإن النعم تحتاج إلى صبر لكيلا يطغى الإنسان بسبب النعمة فتؤدى إلى الكفر بدل الشكر. ولقد قال تعالى : « ولين أذقنا الإنسان منا رحَمَة ثم اها منه إِنّهُ ُو كفور 31> ولين أَذَقنَاه تعماء بعد ضراء مسته ليقوآن ذهب السيّنات عتي نه قرح فخور 10ج إلا الذين صبروا وَعَملُوا الصّالحات أُولئك لهم مغفرة وأجر كب كبير 2ن 4 [هود ] . والوصف الثانى: أنهم صادقون؛ والصدق من أكمل الصفات الإنسانية» وهو شَعَبْ أيضا فمنها الإخبار بالحق؛ ومنها أن يصدق نفسهء فلا يخدعهاء ويزين لها سوء الأعمال» ويغالط قلبه وحسه؛ ومنها أن يتعرف عيوب نفسه بالحق ويتكشفها ويتعرفها ولا يسترها عن نفسهء لتكون بين يديه ماثلة دائما فيستيقظ ضميره» وهذا هو طريق التهذيب الروحى الحق. ا تفسير سورة آل عمران ا مال 7 ا يي والوصف الثالث: أنهم قانتون. والقانت هو الطائع المديم للطاعة غير متململ منهاء ولا متبرم بهاء ولا خارج على حدودهاء فالقنوت يصور الإذعان المطلق . والوصف الرابع : أنهم المنفقون. أى أنهم ينفقون المال فى مصارفه سواء أكانت عامة أم كانت خاصة. وقد بينا مناهج الإنفاق الدينى فيما أسلفنا. والوصف الخامس: أنهم مستغفرون بالأسحار, والأسحار جمع سحرء وهو آخر الليل»ء وهذا الوقت وقت التهجد. وتذكر ما كان من عمل» واستقبال ما يكون من أعمالء فالاستغفار فيه باستشعار الضراعة وتذكر الله» والشعور بمراقبته» يجعل المؤمن يستقبل أعمال الحياة بقلب سليم نقى كما هوء فلا يكون فيه إلا خيرء وليس الاستغفار هو ترداد كلمة أستغفرء إنما هو الشعور بالخضوعء ومراقبة الله والضراعة إليه سبحانه» وليس كذلك أكثر المستغفرين؛ ولذا قالت رايعة العدوية: «استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير». ولقد روى البخارى أن رسكل الله يكِ قال: «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت» خلقتنى وأنا عبدك وأنا علق بمنهدك ووعدك ما استطعت. أعوذ بك من شر ما صنعت» أبوء لك بنعمتك على» وأبوء بذنبى فاغفر لى» فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . ومن قالها بالنهار موقنا فمات من يومه قبل أن يمسى فهو من أهل الحنة» ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات من ليله قبل أن يصبح فهو من أهل الحنة) 2320 , 50 سهد مَلَاهُوَوَالمكَهَكَه وَأَولُوا لديم بالْقِسَل د له ألله نهدلا الله )١(‏ رواه البخاري بهذا اللفظ عن شداد بن أوس رضي الله عنه: الدعوات- أفضل الاستغفار (081) كما رواه الترمذي والنسائي وأحمد بلحوه . تفسير سورة ال عمران ]لاا ااااائااااااااا! !اللا للااكك11لاااللا!للاالاك طلاخ لاوط امالغ ممس ططخ خط طوطخم عض املاطل ك العامة اللا حر لا سم سس سه ل لوسر صرحت سل و 02002 أ إل إلا | بيرالمَكيم زا إن لزرك عند واج مرءه ل هر راوء ساسم وه ع وم 24 0 لَه ا لإِسُلمَ وَمَا تت الست أوتوالكتب | لامن - 2 بمْد مَاَكَهْمُالْهِ هيا يهم وَمَنِيَكفْرْيكايكتِ مد تج سر مير سل ورمع سن حت ألله وت الله سربيع الجساب زلا 20 بِينَ سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أوصاف المؤمنين فى تبتلهم» وصدق إيمانهم» وإذعان نفوسهم» وصبرهم وضبط شهواتهم؛ وهنا يبين حقيقة الإيمان والإسلام وأن الإسلام شريعة النبيين أجمعين» وهو دين الله المتين؛ وابتدأ سبحانه بحقيقة الإيمان فقال: ١‏ وشهد الله أَنّهُ لا إِلَهَ إل هو والْمَلائكة وأُولُوا الْعلّم قائما بالقسط»# الشهادة: الحضورء إما بالبصرء وإما بالبصيرة؛ ومن هذا المعنى قوله تعالى: ( ليشهدوا منافع لهم . .. 27> 4 [الحج] وقوله تعالى: ط وَلَيَشْهَد عَدَابَهُمَا طائقة من الْمؤمنين 22 4 [النور] ثم أطلقت الشهادة على الإخبار المبنى على المشاهدة والمعاينة» ثم أطلقت بمعنى العلم» وبمعنى الحكم؛ ومن ذلك قوله تعالى: وشهد شاهد من أهلها ... 2:7 4 [يوسف] . وقوله سبحانه وتعالى فى هذه الآية الكريمة : 8 شَهد الله أَنَهُ لا له إلا هو وَالْمَلائكة وأولوا الْعلّم 4 للعلماء فى تفسير الشهادة فيه طريقان: أحدهما: أن الشهادة الإخبار» وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن وحدانيته بالآيات القرآنية التى أنزلها على نبيه فى القرآن الكريم مثل قوله تعالى : < للهلا إنه إل هو الحي القيوم. .. التعة 4 [البقرة] وقوله تعالى: طقل هو الله أَحَدُ <> الله الصّمد 27> :> لم يلد ولَم يُولّد 22> ولَم يكن لَه كفوا أحد > 4 [الإخلاص] وأخبر الله سبحانه وتعالى عن وحدانيته أيضا بالآيات الكونية التى وجه الأنظار إليها من خلق السموات والأرض وما بينهماء ومن تسخير ا تفسير سورة آل عمران لللللللي الال 11111111111111 2 5]... يو الشمس والقمره» ومن إيلاج الليل والنهار. وأخبر سبحانه عن وحدانيته بالأدلة القاطعة التى أشار إليها فى كتابه العزيزء من مثل قوله تعالى: 9 لو كان فيهما آلهة ل الله ََسَدتَا فسبحان الله رب الْعرّش عَم يَصفُوت 550 4 [ الأنبياء] . إخيار الملائكة عن وحدانيته سبحانه » بعبادتهم له سبيحانه وطاعتهم المستمرة لأ يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون +4430 [التحريم] ونزولهم على الأنبياء بأخبار الوحدانية . وشهادة أولى العلم من الناس هى إخبارهم أيضا بما يستنبطونه من ونطقهم بما آمنوا به ودعوتهم إليه؛ وهذه الشهادة مختصة بأهل العلم الذين قد أخلصوا فى طلب الحقيقة؛ فقد قال تعالى عن الجهال: «إمّا أشهدتهم خلق السّموات والأرض ولا خلق أنفسهم ... 2176 4 [الكهف] . وفى إجماع هذه الأخبار -_- إخبار خالق الكون» وإخخبار المللائكة الأطهار. وبنى آدم الأبرار - دليل على أنه معنى مقرر لا مجال لأن يرتاب فيه عاقل. المعنى الثانى للشهادة فى قوله تعالى: (١‏ شهد الله أَنّهُ لا إِلَه إِلاّ هو 4 هو العلم. والمعنى: علم الله فى علمه الأزلى» وعلم الملائكة بفطّرهم وبما أنشأهم عليه رب العالمين» وعلم أهل العلم من الناس باستنباطهم وتقصيهم لأنواع الاستدلال المختلفة أنه لا إله إلا هو. وفى جمع العلم على هذا النحو إشارة إلى أن أنواع العلم الثلاثة قد اتفقت على الوحدانية. فعلم الله الأزلى» قد تلاقى مع علم الملاتكة النورانى وعلم الناس الاستدلالى على أن الله واحدء فكيف يختلف الناس فيه؟! تعالى اللّه سبحانه وتعالى علوا كبيرا. وقوله تعالى: «إقائما بالقسط 4 معناه أنه هو الواحد الأحد»ء الذى يسيطر 0م تفسير سورة آل عمران كا < يك" أعده الله سبحانه له كما قال سبحانه: © وَالشّمس تَجَرِي لمستقرٌ لَهَا ذلك تقدير اْعَِيزالْعَليمٍ :(452 4 [يس] وهذا التعبير السامى طقَائمًا بالقسْط 4 فيه مع المعنى الذى ذكرناه إشارة إلى مقام الربوبية» وهو أنه الخالق المسيطر المسير المحكم لهذا النظام الكونى» وإشارة إلى مقام الألوهية» وهو أنه وحده المستحق للعبادة» ما دام هو وحله القائم على كل شىء وفيه إشارة إلى مقام العبودية» وهو أنه لا يعبد سواهء فلا قوة لأحد أو لشىء بجوار قدرة الله؛ فهو سبحانه الديان» والمجازى للخلق على ما يعملون» بمقتضى قيامه على هذا الكون بالقسطء فإنه بحكم القسط لا يستوى الذين يعملون الخيرء والذين يعملون الشر؛ ولهذا نقول: إن فى هذه الجملة الكريمة «قَائمَا بالْقسّط » إشارة أيضا إلى اليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب وثواب. وكرر سبحانه تقرير الوحدانية فقال: إلا له إلا هوَ الْعَزِيرٌ الحكيم » وفى هذا التكرار إشارات إلى معان جديدة. منها: الإشارة إلى أنه سبحانه وتعالى لا يترك الناس سدى» فهو بمقتضى انفراده بالربوبية والألوهية والعبودية» قد شرع الشرائع بمقتضى حكمتهء وهو يحميها بعزته وسلطانه؛ ولذا وصف سب حانه بأنه © العزيز الحكيم # أى الذى يدير هذا الكون وأمور الناس» ويشرع لهم الشرائع ويحميها؛ لأنه العزيز الحكيم . ثم فى هذا النص أيضا إشارة إلى كمال سلطانه وانفراده وحده بهذا السلطان. وفيه أيضا رد على الذين يتخذون لله شفعاء يحسبون أن لهم سلطاناء وما لأحد عند رب العالمين من سلطان» فكل خلقه بالنسبة لقدرته وعلمه وإرادته سواء. وقبل أن نترك القول فى هذه الآية الكريمة لابد من أن نتكلم كلمة موجزة فى أولى العلم ؛ فمن هم أولو العلم الذين قرن اسمهم باسم الملائككة بل بلفظ الجلالة»ء ووضعت شهادتهم مع شهادته سبحانه» وشهادة ملائكته الآطهار؟ هذا سؤال يتردد فى نفس كل قارئ يتلو كتاب الله العظيم. ونقول فى الإجابة عنه: إنهم الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى فى قوله: «إِنَمَا يَحْشَى الله من عباده الْعلماء تفسير سورة آل عمران الل لل ل ال 150 ههه : يي ... ليت 4 [فاطر] وهم الذين وصفهم الله تعالى بالتفويض والإخلاص فى قوله: « وَالرَاسحُون في الْعلم يقُولُون آمنا به كل من عند ريَنَا وما كر ِل أوُوا الألبّاب 2 4 [آل عمران ] ولذا نرى أن أول وصف من أوصافهم الإخلاص فى طلب الحقيقة والصدق فى القول والعمل» ٠‏ فلا يقال لهم مثلا: لم 3 تقولون ما لا تفعلون له كبر مقتا عند اللّه أن 3 تقولوا ما لا تَفعَلُونَ 1 4 [ الصف ] وقد أشار سبحانه إلى وصف آخر من أوصافهم فقال: «وأولوا العلم4 أى الذين صاحبوا العلم ولزموه؛ واتجهوا إلى المعانى الروحية» ولم يخلطوا بالمعانى العلمية الرغائب الملدية» ولم يجعلوا العلم مطية للأهواء والمآرب المادية؛ فهاتان صفتان لازمتان أو هما خاصتان من خواص العلماء» وهما الإخلاصء» والانصراف التام لطلب الحقائق العلمية بألا يجعل العلم طريقا للمنافع الذاتية الآثمة. ولقد قال رسول الله محمد يَليةٌ فى العلماء الذين كانت فيهم هاتان الخاصتان: «العلماء أمناء الله على خلقه)(200 وقال فيهم: «العلماء ورثة الأنبياء» يحبهم أهل السماءء وتستغفر لهم الحيتان فى البحر إذا ماتوا)9 . هؤلاء هم العلماء الذين قرنت شهادتهم بشهادة الله والملائكة» فإن لم يكونوا كذلك فإنه يخشى أن يكونوا من خوف أمته منهم فى مثل ما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أخوف ما أخاف على أمتى رجل منافق» عليم اللسان غير حكيم القلب» يغيرهم بفصاحته200 , « إن الدين عند الله الإسلام 4 فى هذا النص الكريم قراءتان: قراءة بفتح همزة «أن»» وقراءة بكسر همزة (إن24(0 وعلى القراءة الأولى يكون سياق النص )١(‏ رواه ابن عساكر» والقضاعي عن أنس رضي الله عنه [كنز العمال: ج١‏ ص١98١‏ (758715)» وقد أورد الإمام أحمد: مسند الشاميين .)١91١1١8(‏ (0) راجع تلخيص السنن للمنذري» وقد أخحرجه عن أبي الدرداء الترمذي: العلم - ما جاء في فضل الفقه على العبادة )75١5(‏ وأحمد (17؟) والدارمي : المقدمة (7557). سئن أبى داود: العلم - الحث عل طلب العلم . (9) رواه أحمد فى مسند العشرة المبشرين بالجنة (/179). (5) قرأها الكسائي بفتح همزة إنء وقرأ الباقون بالكسر. [غاية الاختصار في قراءات العشرة أئمة الأمصار - أبو العلاء الحسن الهمداني ص419]. م تفسير سورة آل عمران 17م الل يجل بز يي الكريم هكذا: شهد الله أنه لا إله إلا هوء شهد أن الدين عند الله الإسلامء فيكون قوله تعالى: إن الدين عند اللّه الإسلام 4 فى موضع البدل أو عطف البيان من قوله تعالى: «اأَنّه لا إله إلا هو وينتهى ذلك إلى أن معنى لا إله إلا الله هو الإسلام» وأن الله يشهد بالإسلام وقد أقام الأدلة على صحته» وأنه دينه الذى ارتضاهء وشهد بذلك الملاتكة الأطهار بما أخبرهم به رب العالمين» وشهد به أولو العلم بما استنبطوه» فهو دين العقل» ودين الإخلاص» ودين الله. هذا على قراءة الفتح» أما قراءة الكسر فإن الكلام يكون مستأنفا مقررا لمعانى الآية السابقة وما اشتملت عليه من معانى الألوهية والعبودية والربوبية وعزة الله وحكمته؛ لأن دين الإسلام يقتضى الإيمان بكل هذا؛ فكأن سائلا سأل: ما هو الدين الذى يقرر هذه الحقائق؟ فقال سبحانه: إن الدين عند الله الإسلام؛ وكلمة الدين تطلق بمعنى الجزاء» وبمعنى الطاعة والعبادة وبمعنى مجموعة التكليفات؛ وإنى أميل إلى المعنى الشانى» وهو أن يكون الدين هنا بمعنى الطاعة والعبادة» والمعنى على ذلك: أن الطاعة والعبادة التى يقبلها الله هى الإسلام والإسلام هو الإذعان المطلق لله سبحانه وتعالى والإخلاص لله سبحانه وتعالى» وعدم الاستكبار على الحق فى أى ناحية من نواحيه؛ وعلى ذلك يكون الإسلام هنا مكونا من عنصرين : الإخلاص للّه سبحانه وتعالى» والخضوع لذات الله وحده لا لأحد سوأه. وقد يؤيد هذا المعنى قول الله تعالى بعد ذلك: ( فإن حَاجُوكَ قفل ألمت وجهى لله ومن ن ابن 44 وقوله تعالى فى آية أخرى: 9 بل من أَسلّم وجهَه لله وهو محسن . ٠‏ 7ل 4 [البقرة ] وعلى هذا يكون الإسلام هنا هو كمال الإيمان بالله جلت قدرته» وتوحيده. ولقد قال النبى يَلكِةْ: «الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان» وعمل بالأركان)(21 . وإضافة الدين إلى الله تعالى بقوله سبحانه: #عند الله واعتبار الإسلام وحده دين الله» كما يدل على ذلك تعريف الطرفين» فيه بيان فضل الإسلام )١(‏ رواه ابن ماجه: المقدمة - الإيمان (54) عن علي بن أب بي طالب رضي الله عنه. تفسير سورة آل عمران ال1ااالللللا6ا0االلللاللاللللاالل الل للك 14 1 كا :”2 7 بالمعنى الذى ذكرناه؛ لأنه له ذلك الشرف الإضافى» وهو أن الله لا يقبل غيره» فوق أنه الحق الخالص من شوائب الشرك . والإضافة فوق ذلك تفيد أنه الدين الذى نزل على كل النبيين» وأنه الأصل فى كل شرائع السماء؛ ولذلك قال الله سبحانه وتعالى : طإ شرع لكم من الدين ما وصّئ به نوحا والّذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ ... 4127 4 [الشورى] فهو دين الله وقد صرح سبحانه بأنه دين أبى الخليقة الثانى نوح كما يعبر بعض القصصيين» ودين آخر الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام. وعلى هذا فدين جميع النبيين دين واحدء وهو دين الله» وهو دين الإسلام. « وما اختلف الّذينَ أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم 44 وعلى هذا كانت شريعة الله واحدة. وإن اختلفت الديانات السماوية التى لم يجر فيها التحريف والتبديل» فإن ذلك لا يكون فى الأصل» بل يكون فى الفرع» ولا يكون فى الكليات» بل يكون فى الجزئيات ولكن لوحظ مع ذلك أن كثيرين من أهل الكتاب اختلفوا فيما بينهم» فقالت اليهود ليست النصارى على شىء» وقالت النصارى ليست اليهود على شىء» واختلفت كل طائفة فيما بينهم على فرق» كل واحدة تحسب أنها اختصت بالخلاص وحدهاء وتكفر اللأخرى أو تشلحخها من حظيرة الإيمان المقدسة؛ ثم اختلفوا مسجتمعين على المسلمين» ونابذوهم العداوة» وقد كانوا من قبل يستفتحون على الذين كفرواء فكانت هذه المنابذة عن بينة» ولم تكن عن جهل» بل إنهم يعرفون النبى كما يعرفون أبناءهمء ولم يؤمن بالحق كثيرون فى عصر النبى كك2؛ ولذا قال اللّه سبحانه وتعالى فيهم : « ولو نهم أقاموا لتّوراة والإنجيل وما أنزل إِليهم من رَبَهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم مَنهم َم مقتصدة وكثير منهم ساء ما يَعمَلُونَ +(25) 4 [المائدة] وقد بين سبحانه أن سبب ذلك الاختلاف هو البغى والظلم؛ ولذا قال سبحانه وتعالى : وما اخمَلّف الّذِين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم 4 فالسبب هو البغى فيما بينهم؛ لآنهم قد بغى بعضهم على بعض بالباطل» وتبادلوا ذلك البغى» كل يبغى على غيره» وإذا تبادل قوم الباطال ضعف فى نفوسهم الإيمان» فإن شدة المخصومة تورث 6 4# تفسيرسورة آل عمران اللللللل مالالا لجل بيو بي الريب» ومع الريب يكون النفاق» والمنافق لايؤمن بشىء ولقد قال الإمام جعفر الصادق: (إياكم والخصومة فى الدين» فإنها تحدث الريب وتورث النفاق» فتبادل البغى فيما بينهم كما قال سبحانه وتعالى: «إبَغيَا بيهم 4 كان سببا فى عدم إيمانهم بالحق» بل فى عدم إيمانهم بشىء وإن كانوا يعلمونه ويفهمونه» فليس مصدر الإيمان العلم فقط. بل مصدر الإيمان علم وإخلاص فى طلب الحق» وإذعان له إذا بدا نوره. ولماذا قدم سبحانه وتعالى كلمة «إإلاً من بعد ما جاءهم 4 إذ إن السياق هكذا: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب بغيا بينهم إلا من بعد ما جاءهم العلم» فقدم حيئتذ المستثنى على بعض المستثنى منه؟ والجواب عن ذلك: أن هذا البيان موضع التوبيخ والاستنكار؛ إذ إن ذلك الاختلاف ما كان عن تعذر العلم بالحقائق» ولكنه كان مع أن العلم بها قد جاءهم» وكان فى قدرتهم أن يصلوا إلى الحق فى الأمر من غير اختلاف ولا نزاع ولا إثارة للشك». وكيف يختلفون مع أن العلم قد جاءهم» وكان بين أيديهم أن يعرفوا السائغ منه» والحق أن العلم كالنور لا ينتفع فيه إلا الذين أوتوا بصرا يميزون به وينظرون؛ وكذلك لابد لإدراك العلم من بصيرة نافذة» وقلب يخضع للحق؛ أما إذا كانت البصيرة غير نافذة» والقلب قد ران الله عليه» فإنه لا يدرك» وإن كسب السيئات يضع غلافا على القلب يمنعه من إدراك الحق؛ ولذا قال سبحانه وتعالى فى شأن الضالين: « كلاً بل ران على قلُوبهم ما كانوا يَكْسبُون +20 4 [المطففين] فأسباب العلم لا تكفى للوصول إلى الحقائق» بل لابد معها من قلب منير» والذين أوتوا الكتاب لم يكن أكثرهم على ذلك من الإخلاص فى طلب الحقيقة والإذعان لحكمها؛ ذلك لأآن الشهوات تحكمت فى قلوبهم واستولت على نفوسهم» فجعلتهم يبتغون الباطل» ويطلبونه طلبا شديدا؛ ولهذا جعل الاختلاف مع وجود العلم أساسه البغى فيما بينهم» إذ إنهم يبتغون بالأمر السيطرة والسلطان واحتيازا للسيطرة الدينية؛ ولذا قال: « بغيا بينهم 4 أى ظلما وتحاسداء وتغالبا بالباطل بينهم . تفسير سورة آل عمران ش 0 للمللللل لاا ١١ ااا‎ بي وهؤلاء جاءهم العلم ولم يلازموه ولم يصاحبوه ولم يذعنوا لحكمه؛ ولذا لم يقل سبحانه «أوتوا العلم» بل قال: إجاءهم العلم» إذ قد جاءهم ولم يردوا موارده العذبة. والعلم كالمطر الغزير لا تستفيد منه إلا الأرض الطيبة» وكذلك ل يستفيد من العلم إلا النفوس الطيبة» فأولئك الظالمون جاءهم العلم» ولم يكونوا علماء يخشون الله ولم يكونوا أولى العلم الذين يشهدون بوحدانية الله . © ومن يكفر بآيّات الله وَإِنَ الله سرِيع اللحساب 4 آيات الله تشمل آياته الكونية الدالة على وحدانيته» وآياته المنزلة الداعية إلى شريعته» والمبينة لها. والمعنى: من يكفر بآيات الله جاحدا غير مذعن لحكمها طامسا لداعى الفطرة فى قلبه فإن الله محاسبه ومعاقبه. والله سريع الحساب. فقوله تعالى: ذإ فإن الله سريع الحساب © قائم مقام الجواب المحذوف» والسياق هكذا: ومن يكفر بالله فإن الله معاقبه ومحاسيه» والله سريع الحساب » وسرعة الحساب تدل على سرعة العقاب» وعلى العلم الكامل للمحاسب وهو الله سبحانه وتعالى» فهو لا يحتاج إلى فحص اقترفواء بل تشهد عليهم قلوبهم بما جحدواء وختم الكلام عن أهل الكتاب بهذه العبارة السامية للإشارة إلى أن اختلافهم لا محالة راجع إلى كفرهم » وأن الكفر له عقاب بعد حساب سصريع مؤكد » ونتيجته عذاب أليم» وأسباب العلم حجة كه 2 سس ري ساس قد را سس سس سر رص 2 9 2 وجهى ل وول نَل أذ الكتت انو يكن سح هر وا سا« م سم فإ سكم ين سمو تك هكد وتَ ولا لكأي" يريا لجباد ليا إِنَالدنَ يكثروت 200 هو- سح سات اا جَاينكا اوفوت بين بفَيرحقل و2 رت تفسيرسورة آل عمران 4 ا اللا يبل بيه لي 2 ِالديا ياوا ا كر 50 ذكر سبحانه اختلاف أهل الكتاب فيما بينهم» واختلافهم على أنبيائهم بعد أن جاءتهم البينات من ربهم؛ وفى هذه الآية يبين سبحانه محاجتهم للنبى كلاد وأشار إلى أنها محاجة ليس أساسها الإذعان للحق إذا تبين» بل أساسها محاولة طمس الحق» واللجاجة بالباطل؛ وذلك لأن المجادلة قسمان: قسم يراد به طلب الحق وتمحيصه» ودراسة الأمر من كل نواحيه» وتبادل الأدلة ليستبين من بينها نور الحق» وهذا القسم محمود لا شك فيه. والقسم الشانى لا يقصد به طلب الحق» بل يقصد به الدفاع عن فكرته من غير نظر إلى كونها حقا أو باطلاء فهو يجادل ليغالب خصمه. لا ليهتدى إلى أقوم المناهج؛ ومن ذلك النوع الأخير مجادلة أولئكك الذين اختلفوا من أهل الكتاب» ومجادلة أولئك الذين جحدوا بالآيات من المشركين الذين قال الله سبحانه وتعالى فى أمثالهم: © وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم . ٠.٠‏ لق © [النمل ] وإذا كان جدل هؤلاء من ذلك النوع الذى لا يقصد به رفع منار الحق أو طلب الحق» فإن النبى يَلِْةٌ بأمر ربه طلب إليهم أن يخلصوا فى طلب الحقيقة كما أخلص هو؛ ولذا قال سبحانه: إن حَاجُوك َل أسلمت وجي لله وس ابن وقل دين أوثوا الكتاب والْأَمبينَ أَسلّمتم 4 المحاجة: أن يتبادل المتجادلان ما يعتقده كل فريق أنه حجة بأن يقدم كل واحد حجته» ويطلب من الآخر أن يرد عليها أو يقدم الحجة على ما يدعيه ويزعمه الحق الذى لا شك فيه. والمعنى: فإن حاجك أهل الكتاب» ومن لف لقَّهِم» وسلك مثل طريقهم» فلا تسر معهم فى لجاجتهم؛ فهم لا يطلبون الحق مخلصين فى طلبه لا يبغون بدله» ولا يريدون غيره؛ بل إنهم قد شاهت عقولهم» وتأشبت بالغرض المردى نفوسهم وكلامهم هو التمويه الكاذب ولذلك لا ا تفسير سورة آل عمران 1غ 11 عا م11 ممم !111111 ااا أ لطا عماللا ممم لطا ادي للبم 6 تجارهم فى هذه اللجاجة» واطلب تصفية قلوبهم من الغرض والهوىء وابداً بنفسك فبين سلامة مقصدك ونيتك: ا«فَقّل أملَمْت وَجهي لله وَمَِ لعن . والوجه المراد به الذات؛ لأنه هو الذى تكون به المواجهة» وهو مجمع محاسن الجسم؛ فالتعبير به عن الجسم تعبير بجزء له شأن خاص وتتم به إرادة الكل. ومعنى أسلمت وجهى: أخلصت وسلمت نفسى وتفكيرى لله سبحانه وتعالى» فلا أفكر إلا فى الله» ولا أطلب الأمر إلا لله» ولا أقصد فى طلبى إلا وجه الله. ومعنى قوله: ‏ ومن اتبعن » أى قد أسلم الذين اتبعونى وارتضوا الإسلام دينا؛ فقد أخلصوا فى طلب الحق وأسلموا وجوههم لله تعالى. وإن إسلام الوجه لله تعالى وحده فيه إشارة إلى التوحيد»ء وأن محمدا وأتباعه لا يعبدون إلا الله» وفوق ذلك لا يطلبون أى أمر من الأمور إلا لوجه الله تعالى؛ وتكون هذه المجملة السامية كقوله تعالى : فيا أهل الكتاب تعالوا إلئ كلمة سواء ب يننا وبينكم ألا تعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتَخذ بعضنًا بعضا أَربَابا من دون الله إن تولُوا فقولوا اشهدوا أن مسلمون +220 4 [آل عمران] . وإذا كان النبى يَلكِْهٌ وأتباعه قد أخلصوا لله ذلك الإخلاص فى العبادة فإن الأساس الذى تبنى عليه المجادلة بالتى هى أحسن.ء أن يطلب منهم النبى َل أن يكونوا على مثل تلك الحال من الإخلاص فى طلب الحقيقة؛ ولذا أمر الله نبيه بأن يطلب إليهم ذلك» فقال سبحانه: « وقل لَلّذِين أُوتوا الكتّاب والأميين عأسلمتم 4 . أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى؛ لأن أسلافهم قد أوتوا الكتاب أى أعطوه كاملا وأخذوه كاملاء وإن كانوا مع ذلك قد نسّوا حَظا مما ذُكُرُوا به. والأميون هم المشركونء وجاء التعبير عن المشركين بالأميين؛ لأنهم أولا تغلب فيهم الأمية؛ إذ قليل منهم من يقرأ ويكتب» وليست لهم علوم؛ ولذا كان يقول العرب عن أنفسهم؛ نحن أمة أمية» ولآنهم لم يعرف لهم كتاب يرجعون إليه فى أحكام دينهم. وفوق ذلك هذا التعبير فيه توبيخ لليهود والنصارى؛ إذ إنهم بعدم تسليمهم للحق وإذعانهم له تساووا مع أولئك الذين كان يسميهم اليهود تفسيرسورة آل عمران الللللاا الالال االللللللاللا ١: ااا‎ يي أميين ولا يحت رمونهم » ويقولون عنهم : ليس علينا في الْأمبِين سبيل ... +(72* 4 [آل عمران] . ومعنى النص الكريم: قل لأهل الكتاب والمشركين: إذا كنت قد أخلصت فى طلب الحق فهل أخلصتم؟ والاستفهام فى قوله تعالى: 9 ءأسلمتم 4 للحض على أن يسلموا وجوههم لله ويخلصوا فى طلب الحقيقة كما أخلص الرسول وأصحابه» وكأن النبى عله يوجههم إلى أن يطلبوا الحقيقة مجردين أنفسهم من كل هوى وغرض وتعصب» بدل أن يحاولوا الإلحان بالحجة والمغالبة بالقول» وأن يستمروا على اللجاجة فى الحدل. وبهذا يتضمن الاستفهام معنى جليلا وهو أن يبين لهم النبى كلد أن العبرة فى طلب الحقائق ليس بالأدلة تصطنع» والحجج تزورء إنما العبرة بإسلام الوجه لخصت له المسألة. ولم تبق من طرق الاستدلال طريقا إلا سلكته: هل فهمتها؟ لا أم لك!» ويكون الاستفهام حيتئذ عند الزمخشرى من قبيل التوبيخ على عدم الإخلاص. بين سبحانه نتيجة الإخلاص إن أخلصوا فقال: 7 م مني 86 ماي م فَإِنَ أسلموأ فَقد اهتدوا ون تولُوا فَإِنمَا ليك ابلاغ 4 والمعنى: إن أسلموا وجوههم للهء وأخلصوا دينهم لله» ولم يلاحظوا فى طلب الحقيقة عصبية مذهبية أو جنسيةء فقد اهتدوا أى سلكوا طريق الحق» ومن سار على الدرب وصل. وقد فسرها بعض العلماء بمعنى يهتدون» وعبر بالماضى لتحقق الهداية تحققا كاملا. وعندى أن نفس ذلك الإخلاصء» وهو إسلام الوجه لله تعالى هو الهداية الحق» فمن أسلم وجهه لله تعالى مخلصاً فى طلب الحق» فقد اهتدى حقا وصدقا؛ إذ إن ذلك الإخلاص هو روح الدين وغايته» فمن وصل إليه فإنه لا محالة سيتبع الدين الذى يوصل إليه وهو الإسلام. تفسير سورة آل عمران 2 1 > أ هذا إن أخلصواء وإن تولّوا أى أعرضوا عن هذا الإخلاص» وانصرفوا إلى المثارات البيانية يشيرونها ليطففئوا نور الحق» فما من حجة تهديهم» وما من آية ترشدهمء وقد أديت ما وجب عليك وهو التبليغ؛ ولذا قال سبحانه: 8 ون تولُوا فإنَما عليِك البلا 4 وقد بلغتهم فالمحاجة معهم لا تجدى؛ لأنهم مكابرون» والمكابر لا تزيده قوة الحجة إلا إصراراً وعنادا ولجحاجة؛ فإن أعرضوا فأعرض عنهمء واتجه إلى المخلصين طلاب الحقيقة تهديهم وترشدهم» وتأخذ بيدهم إلى ما فيه صلاحهم فى الدنيا وثوابهم فى الآخرة. ثم ذيل سبحانه الآية بقوله تعالى: «واللّه بصير بالعباد » . والمعنى أنه سبحانه وتعالى عليم علم من يبصر بالعباد» يعلم نفوسهم ما يهديها وما يرديهاء وما يصلحها وما يجدبهاء وعليم بنفوس هؤلاء المتمردة التى لا تبغى سداداء ولا تريد رشاداء وعليم بمسالكهم فى الدنياء وأعمالهم التى أركستهم فى ذلك الضلال المتكائف. والذى يزيده إمعانهم فى الإنكار والجحود ظلاماء وعليم بما يصيبهم فى الآخرة. فهذا التذييل لتلك الآية الكريمة فيه عزاء للنبى عن كفرهم وإشارة إلى أحوالهم» وإنذار بسوء مصيرهم. وقبل أن نختم الكلام فى هذه الآية الكريمة نقرر أن جمع أهل الكتاب والأميين فى دعوة النبى يَكِلَهِ إشارة إلى عموم رسالتهء كما قال تعالى: وما أَرْسَلتَاكَ إلا كافَة لئاس بشيرً وتديرا... 27> 4 [سبأ] ولقد قال كَلهِ: «بعنت إلى الأحمر والأسود(2 وقال يَيَِيهِ: «كان النبى يبعث إلى قومه خاصة:» وبعثت إلى الناس كافة)("2 ولقد قال يَديْةِ: «والذى نفسى بيده لا يسمع بى أحد من هذه . .)9١705( رواه الدارمى: السير - الغنيمة لا تحل لأحد قبلنا (/770)» وأحمد: مسند الأنصار‎ )١( (؟) هذه الرواية تفسر قوله عليه الصلاة والسلام: «بعثت إلى الأحمر والأسود» يعني: «إلى الناس كافة»» وبالأول رواها مسلم في صحيحه باللفظ المشار إليه فى التخريج السابق. مسلم: المساجد ومواضع الصلاة فيها »)8١١(‏ النسائي: الغسل والتيمم (2)559 أحمد: باقي المكثرين: (2119/55» الدارمي: الصلاة (؟765١1).‏ 6 تفسيرسورة آل عمران ممما امم أل الام م ع ممشاامممممممامممماما الملل 1 !!!المع مغ غم االللا!! لط مخ لمعم مالع ع لمخملا ماللا ااا الللللا ب بر 292 الأمة يهودى ولا نصرانى» ومات ولم يؤمن بالذى أرسلت به إلا كان من أهل النار)237 , ط إن الذين يكْفُرُوَ بآيات الله ويَقَُون الي بغيْرِ حَق وَيقُونَ الدين يَأمرُونَ بالقسط من النّاس فبشرهم بعذاب أليم4 هذه بعض أعمال أسلاف الذين كانوا يحاجون النبى قله وقد ذكرت تلك الأعمال للدلالة على أنهم لا يطلبون الحق» 0 وقد ذعيت لماجت هم إلى درجة ألا يقتدوا الداعين إلى سببحانه لهم ونا ثم ذكر من أعمالهه عملين ب يتصلان بوصفهم) أما الوصف فهو أنهم يكفرون بآيات الله أى يكفرون بالحجج والبينات المثبتة لوحدانية الله ولرسالة رسله وصدق دعواتهم». فهم لا يكفرون فقط بالله» بل يكفرون مع ذلك بالآيات الدالة المثبتة» وهذا أقصى ما يصل إليه الضالونء لا يهتدون إلى الحق» ويغلقون عقولهم فلا يمكن أن تصل إليها دعوة الحق» ويمنع الغرض مداركهم من أن تفهم ما تشير إليه الآيات البينات وأمثال هؤلاء لا تجدى معهم محاجة. فهم قوم بورء كسما عبر القراا الكريم عن أمثالهم» وإنهم لكفرهم بالحق وعنادهم, وصم آذانهم عن أن 3 تستمع إلى الداعى إليه اندفعوا فعملوا عملين وهما: قتل النبيين» وقتل الدعاة إلى الققسط ؟؛ ؛ والقسط هو الحق والميزان والاعتدال والمعقول فى كل شىء» وهؤلاء اليهود قد قتلوا , بعض النبيين كيحيى بن زكريا عليهما السلام فكيف يقال إنهم قتلوا النبيين» ولم يقل بعض النبيسين؟ والجواب عن ذلك أنهم استهانوا بمقام النبوة» - الدعوة إلى الحق» فاعتدوا ذلك الاعتداء ا على بعضص الأنبياء. كما قال تعالى: م قل نضا بق تل أن قاد في الأرض فكائا قل الئاس جميعا ومن أحياها فَكَأَنَمَا أحيًا النّاسَ جميعا ...ريه +20 4 [المائدة ] . )١(‏ رواه مسلم: الإييمان - وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد عل )07١/(‏ وأحمد: باقى مسند المكثرين الحتتيكفة ا تفسير سورة آل عمران خلال ااا ااا الاك ادي اكاك + و2 ولماذا ذكر سبحانه وتعالى كلمة #بغير حق» مع أن قتل الأنبياء لا يمكن أن يكون بحق أبدا؟ والجواب عن ذلك أن هذا تصريح بموضع الاستنكار» فموضع الاستنكار اعتداؤهم على الحق بالاعتداء على النبيين» وللإشارة إلى أنهم بما طمس الله على بصائرهم صاروا أعداء للحق لا يألفونه» ولا يريدونه ولا يخلصون فى طلبه. وذكر سبحانه كلمة الحق بصيغة التدكير فقال #بغير حق» لعموم النفى» بحيث يشمل الحق الثابت» والحق المزعوم., والحق الموهوم» أى لم يكونوا معذورين بأى نوع من أنواع العذر فى هذا الاعتداءء فلم يعتقدوا أنه الحق» ولم يزعموهء ولم يتوهموهء بل فعلوا ما فعلوا وهم يعلمون أنهم على الباطل» فكان فعلهم إجراما فى باعثه» وإجراما فى حقيقته» وأبلغ الإجرام فى موضوعه. هذا قتل الأنبياء» وهو أفظع جرم فى هذا الوجود» ويليه ومن جنسه قتل الدعاة إلى الحق» والقسط الذى هو الميزان فى كل شىء» فإن قتل هؤلاء كقتل النبيين منشؤه صمم الآذان عن سماع الحق» وإعراض القلوب» والتململ من أهل الحق والتبرم بهم. وقد قال يَلكِْهِ: «بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس» بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف» ولا ينهون عن المنكر» بكس القوم قوم يمشى المؤمن بينهم بالتقية00١)!‏ وروى أن أبا عبيدة عامر بن الجراح سأل رسول الله يِهِ: أى الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ فقال الرسول كَقكُ: «رجل قتل نبياء أو من أمر بمعروف ونهى عن المنكر)(". )١(‏ ذكره القرطبي في تفسيره وقال روي عن ابن مسعود قال: قال النبي يكة: «بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس»وذكره بتمامه. [تفسير القرطبي: سورة آل عمران .])5١(‏ وفي كنز العمال “مهه2). (1) رواه الإمام أحمد (5714) في مسئده عَن عبد اللّهِ بن مسعود رضي الله عنه. وراجع الدر المنثور - ج” ص؟١.‏ تفسيرسورة آل عمران للفلل الملل مالفالل رب د ولاذا قال سبحانه: «إمن النّاس » فى قوله: 8 الّذين يَأْمرونَ بالقسط من الئاس 4 مع أنهم حتما من الناس؟ والجواب عن ذلك أن هذا للإشارة إلى أنهم ليسوا بأنبياء بل من الناس غير المبعوثين» وفى قرنهم بالأنبياء» وإثبات أن الاعتداء عليهم قرين الاعتداء على الآنبياء إشارة إلى بيان منزلتهم» وأنهم يعملون عمل النبيين وأنهم حقيقة ورثة الأنبياء» بالقيام بحق هذا الواجب المقدس؛ فإن لم يقوموا بهذا الواجب فليس لهم من وراثة الأنبياء شىء . وقد ذكر سبحانه عقاب هؤلاء وهو العذاب الأليم» فقال تعالى: 9 فَبَشْرهم بعذاب أليم 4 أى أن جزاءهم فى الآخرة عذاب مؤلم ينزل بهم. وفى هذا الجزء من الآبة بحثان لفظيان: أحدهما: دخول الفاء فى خبر الذين وهو: لفَبَشَرَهم »4 وقد دخخلت الفاء لأن الجملة طلبية» والجملة الطلبية تحتاج إلى الفاء لتصلح خبرا فى كثير من الأحيان؛ ولآن الاسم الموصول فى معنى الشرط» وخبره فى معنى اللجواب» وإذا كان الجواب جملة طلبية فإن الفاء تدخله. والثانى: هو فى التعبير بقوله تعالى عن العذاب: قَبَشَرَهم» مع أن البشارة لا تكون إلا فى الأخبار السارة؛ لأن البشارة والبشرى الخبر السار الذى تنبسط له بشرة الوجه؛ والجواب عن ذلك أن هذا التعبير من قبيل التهكم؛ وذلك لآن هؤلاء الضالين من بنى إسرائيل وغيرهم مع أنهم جحدواء وفعلوا بالآنبياء ودعاة الحق ما فعلواء وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه» وأن لهم البشرى بجنسهم لا بعملهم؛ فالله يقول له: «( فبشرهم بعَدَاب أليم» أى أن البشرى التى يرتقبونها بسبب المحبة التى يدعونها هى عذاب آليم وليست بنعيم مقيم» وليس هذا العذاب فى الآخرة فقطء بل إنه فى الدنيا بفساد جماعتهم؛ ولذا قال سبحانه: « أُولئك الّذين حبطت أَعمَالهم في الدنيًا والآخرة وما لهم من ناصرين 4 : الإشارة إلى هؤلاء الذين يحاجون بالباطل» ولا يسلمون وجوههم لله ولا يذعنون للحقء ويقتلون الأنبياء» ويقتلون دعاة الحق؛ هؤلاء بسبب هذه الصفات تفسير سورة آل عمران اال ا اه لحب أ وهذه الأعمال حبطت أعمالهم؛ أى بطلت وأصبحت لا تنتج إلا شرا لصاحبهاء كالدابة التى تأكل شر الشمار حتى ينتفخ بطنها من سوء ما تأكل» وَحَبِط الأعمال أن لا تنتج خيرا لصاحبهاء وأن يكون الجزاء عليها شراء وأن تكون نتيجتها سوءاء فيحاسب الله الفاعلين على نياتهم التى طويت فى صدورهم وعملوا الأعمال باسم الخير»ء وهى للشر » وأولئك الأشرار يبطل الله أعمالهم ويحبطهاء فجزاؤها شر فى الآخرة بعذاب أليم» وفى الدنيا بذهاب دولتهم وسلطانهم؛ لأن الإعراض عن الحق» ومعاقبة من ينطق بكلمة الحق» وقتل الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكرء من شأنه أن يفسد الدولة» وإذا فسدت الجماعة ذهبت القوة» ولذا قال سبحانه: 9 وما لهم من نَاصرِين 4 أى ليس لهم أى ناصرء فالنفى المستغرق مع تأكيده بمن الزائدة» يفيد أنه لا يمكن أن يكون لمن يقتل الداعى إلى الخير ناصرً مطلقا؛ لأن الناس لا يثقون به ويتقونه ولا يطمئنون إليه» ولا يمكن أن يعيش امرؤ هنيئا إلا بشقة من الناس. ولقد قال يكِِ: «خير الناس آمَرهم بالمعروف» وأنهاهم عن المنكرء وأتقاهم لله» وأوصلهم للرحم)(©. لرَتَرَِلَ درت حك أُوتو ايب منَالْحكبَار يِنْعَوْد ل كنب اح - 00 سول - عر < ترم سير رح و مه جهم لله لحك دنهم ثميسول ريق ونه وهم معرصون 3 لكب أتهرقا لوأ لن تَميسنا لمر[ لَه أَيَامَ معدو 00 0-1 ددج رو ع ا ل دنهم كاد أيفترؤرت الله كت رةجسْتهد سول 06 سخرات 34 ال حكَكّتٌ و سل ان سل إن مو .)55156( رواه أحمد: مسند القبائكل‎ )١( تفسيرسورة آل عمران 1 الللللللالاال 0 رب نز قد بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة عن ماضى اليهود من أهل الكتاب أنهم اخمتلفوا بغْيا بينهم مع أن أسباب العلم متوافرة بين أيديهمء ولكن البغى ومجاوزة الحد إن سكنا فى رءوس قوم أذهب عنهم الهداية» وتحكمت فيهم الغواية مهما تكن أسباب العلم قائمة؛ وبين سبحانه أيضا أنهم قوم غير مخلصين فى طلب الحقيقة» وأنهم لو أخلصوا لوصلواء وأن محاجتهم للنبى مَل منبعثة عن الهوى والغرض . وفى هذه الآيات يبين سبحانه صورة حسية عن مناقشتهم للنبى كَةِ؛ يكون الحق محسوسا بين أيديهم ويعرضون بعد أن تتبين الحجة ناصعة . وام هم هذه الآية نزلت فى طائفة من اليهود داهم البى كله إل لدي لمق نا فأعرضوا » ودعاهم ليحكم بينهم كتاب الله فأعرضواء ولكن ما كتاب الله الذى دعاهم إليه؟ روى فى ذلك ابن جرير الطبرى روايتين إحداهما: أن المراد من كتاب الله التوراة» فهى فى أصلها كتاب من عند الله وإن حرفوه وغيروه؛ ويروى فى ذلك أن النبى كَكِلْهٌ دخل مَدرَاس اليهودء وهو بيت تدارسهمء فدعاهم إلى الله فقال قائلهم له: على أى دين أنت يا محمد؟ قال: ُ ملة إبراهيم » فقال القائل: إن إبراهيم كان يهودياء فقال الرسول الكريم 3 كله «ملم إلى التوراة فهى بيننا وبينكم» هذه هى الرواية الأولى . وإطلاق كا كلمة #كتاب اللّد4 على التوراة باعتبار أصلهاء وباعتبار أن الجزء الذى كان التحاكم إليه فيها هو من الجزء الباقى الذى لم يدخله تحريف . والرواية الثانية: أن كتاب الله هو القرآن؛ وذلك لآن طائفة من اليهود تحاكموا إليه يَلْةٌ ليحكم بينهم بحكم القرآن» فلما تبين لهم الحكم وأنه على غير هواهم أعرضوا ونوا بجانبهم عن سماع قول الحق والإنصات إليه. ها تفسير سورة آل عمران ش لماكل لاغخلغنعغك11 !!!لاا الااللاللل ك1 !!!كم 1خ 1ت للا ا لتنا اللا لاا ا للا ل ل الالال لل تتلتلكللا 0ك كا < يي وأياما كان الكتاب المشار إليه فى الآية فالأمر دليل على أنهم لا يذعنون لحق ولا يهتدون بهدى؛ بل هم قوم غلبت شقوتهم» وغلب هواهم على تفكيرهم وطمس الله على أبصارهمم وبصائرهم» فهم لا يهتدون» ولا ترجى منهم هداية» فلا تعجب إذا لم يؤمنوا. وقوله تعالى: 8 أَلَمِ تر هذا تعبير قرآنى معناه لقد رأيت وتحققت وعجبت من أمر أولئك الذين أُوتوا نصيبا من الكتاب كيف يدعون إلى حكم الحق فيتولون ويعرضون. والاستفهام داخل على الفعل المنفى» وهو استفهام إنكارى تعجبى» فهو نفى دخل على فعل منفى» ونفى النفى إثبات» إذ إن نفى عدم الرأى معناه ثبوت الرؤية» وسيق الكلام على ذلك النحو لتأكيد الأمرء وللتعجب» ولبيان أنه ما كان يصح أن يقع» ولكنه وقع. وقوله تعالى: « أوتوا نصيبا من الكتاب 4 يشير إلى أمرين : أولهما: أنهم يتعلقون باسم الكتاب ولكن لا يأخذون به؛ فالنصيب المراد به الجزء المعنوى من الكتاب» وهو أنهم تلقوا كتاب التوراة وأخحذوا منه ترديده وذكرهء ولم يأخذوا منه الهداية والإيمان. وثانيهما: أنهم حرفوا هذا الكتاب وغيروه» فما عندهم هو نصيب من الكتاب أى جزء منه» وليس كل الكتاب. وعبر هنا بقوله تعالى: 9 أُوتوا نصيبا من الكتاب 4 وفى الآيات السابقة قال سبحانه: « وما اختلّف الّذين أُونُوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم الْعلّم بغيا بينهم ... لق 4 [آل عمران] وذلك لأن الكلام هنا فى الذين كانوا يعاصرون النبى كِْهُّء والذين كانوا يعاصرون النبى يَلِْ لم يكن عندهم قطعا إلا حظ من الكتاب» ولم يكن عندهم كل الكتاب؛ أما فى الآيات السابقة فقد كان الكلام فى الذين عاصروا النبيين السابقين من بنى إسرائيل» وقد كان عندهم الكتاب كله؛ ومع تفسيرسورة آل عمران ككل لل لل الل ىج-1 ذلك ضلوا على علم» وذلك لسيطرة الهوى على قلوبهم» وغلبته على نفوسهمء فبغوا وطغواء وقتلوا النبيين والذين يأمرون بالقسط من الناس. دعى أولئك اليهود إلى كتاب الله تعالى ليحكم بينهم» وقد كانت النتيجة أنهم لم يذعنوا للحق كما قررناء بل تولوا عنه» أو تولى فريق منهم عن الحق؛ ولذا قال تعالى: « ثم يتوأى فريق منهم وهم معرضون 4 أصل تولى الأمر أو الشخص الإقبال عليه» والانصراف إليه؛ ومن ذلك قوله تعالى: «[ ومن يتَولّهم منكم فَإنَّهِ منهم ... رزج #4 [المائدة] أى من يتخذ منهم ولاية ونصرة» ويقبل عليهم فهو منهم. وإذا عدّى هذا الفعل ب «عن) أو قدرت فى القول كانت بمعنى الانصراف عن الأمر وعدم الإقبال عليه؛ ومن ذلك قوله تعالى: فَإن تَولّوَا فإ اللَّهَ عليم بالمفسدين 2 4 آل عمران] وقول تعالى : طون ولا ستل ةلم ل يووا أمثالكم 27> 4 [محمد]. والمعنى فى هذه الآية هو من هذا القبيل» أى أنه بعد الدعوة إلى تحكيم كتاب الله تعالى ينصرفون عن الحق. ويولونه أدبارهم» بدل أن يولوه قلوبهم . وعبر هنا بنُم التى تفيد التراخى للإشارة إلى تباين حالهم مع ما كان ينبغى منهم؛ وذلك لأنهم ليسوا أميين أو جاهلين فيعذرواء بل هم قوم أهل علم ودين» ونزلت بين أيديهم كتب السماءء فهم كانوا جديرين بآن يرضوا بحكم الكتب المقدسة» ولكنهم بدل أن يخضعوا ويذعنوا أعرضواء واستمروا فى غيهم يعمهون» فكان هذا التفاوت بين ما كان ينبغى» وما هو كائن» سببا فى التعبير بئم المفيدة للتراخى بين المعطوف والمعطوف عليه»ء والتباعد بينهما زمانا أو معنى . وقوله تعالى: وهم معرضون» قال بعض المفسرين: إنه تأكيد لمعنى التولى» والحق أنها أفادت معنى جديداء إذ أفادت أمرين: تفسير سورة آل عمران 01 لكك + يي أولهما: أن حال هؤلاء الناس حال إعراض دائم عن الحق» فليس توليهم إذ دعوتهم إلى أن يحكم كتاب الله بينهم أمر عارض لحال وقتية اقتضتهء بل الإعراض صفة مستمرة لفريق منهم لا تنفصل دائما عن تفكيرهم. الآمر الثانى : أن تلك الحال المستمرة الدائمة من الإعراض هى سبب توليهم عن الحق عندما يدعون إلى كتاب الله تعالى ليحكم بينهم والقرآن الكريم ينصف. الحق فى أخباره» كما هو الحق فى ذاته؛ ولذلك لم شر ج42 مده « ذلك بِأَنَّهِمِ قَالُوا أن تَمَسنا الثّار إلا أَيَّامَا مُعْدودات »4 فى هذه الآية يبين سبحانه السبب فى أنهم لا يقبلون على الخير ولا يعملون بالحق» وهو اعتقاد أنهم لن يعاقبوا عقابا أليماء ولن يعذبوا عذابا شديدا؛ وذلك لا ركز فى نفوسهم من أنهم أبناء الله وأحباؤه» وأنهم شعب الله المختار» وأنهم لا يحاسبون إلا بمقدار ما يحاسب الأب ولده المدلل» وحبيبه المختار» إذا رأى مخالفة أو عنادا فإنه لا يجافيه ولا يعاقبه» ولكن يقربه ويعاتيه؛ فمعنى ذل ذلك بِأَنّهم قَانُوا آن تَمَسنَا الار إلا اما مَعْدودَات 4 : ذلك الإعراض عن الحق» والتولى عن الداعى إليه» واللجاجة فى اللّه» وزعمهم الباطل أنهم ينالون ما وعد به من ثواب ونعيم مقيم من غير عمل يعملونه» ولا كسب يكسبونه» فهم بهذا قد استناموا إلى الأمانى وغرتهم الأوهام . عن الحق؟ الجواب عن ذلك أن الحق يصل إليه المؤمن بأحد أمور ثلاثة: إما بإشراق النفس» واستقامة القلب» وسلامة الفكر من الهوى والغرض» وذلك شأن من زكت نفوسهم وعلت قلوبهم ؛ وإما شكر للنعمة» ووفاء لحق المنعم» وذلك تفسير سورة آل عمران لال لكلل لل ااال سرب أ شأن عباد الله الأخيار؛ وإما خوف العقاب والحساب» وذلك شأن المتقين وأولئتك قد حرموا الآول والثانى» فلم يبق إلا الشالث» فاستهانوا بالعقاب فكانوا قوما بورا. وإن المؤمن يجب أن يصون نفسه دائما بخوف العقاب» وأن يغلب الخوف على الرجاء؛ فإنه إن زاد الرجاء عن الخنوف تسربت الاستهانة إلى النفس وإذا تسربت الاستهانة هانت النفس فأركست فى السيئات» وارتكبت الموبقات؛ وذلك شأن كثيرين من المنتسبين للأديان» وشأن كثيرين من المسلمين فى هذه الأيام. وإنه يجب على المؤمن ألا يغترء ولا يأخذه الغرور فيستهين بعقاب. ولقد رد الله سبحانه وتعالى فى غير هذه الآية على اليهود فى زعمهم أنهم لا يعاقبون إلا أياما معدودةء فقد قال الله تعالى : ف وقاُوا أن تمسنا الثار إلا أيّما معدودة قل أَنَحذتَمٍ عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أ : تقولون عَلَى الله ما لا تعلمون <> بلئ من كسب وأحَاطَت به حَطَيععهُ وك أَصْحَاب الثَارِ هُمْ فيهًا حَالدُونَ 20> وَالّدينَ آمنُوا وَعَملُوا الصّالحات أُولّيك أصحاب الْجِنّة هم فيها حَالدون :2:0 > [ البقرة] . وَعَرَّهم في دينهم ما كانوا يفْتَرُون» يقال غررت فلانا أى أصبت غرته ونلت منه ما أريد بسبب ذلك» والغرة: الغفلة والغفوة. ومعنى «( وغَرَهم في دينهم ما كانوا يفترون4: أصاب موضع الغرة والغفلة منهم فى دينهم ما كانوا يفترون أى يكذبونه متعمدين قاصدين . وإن الآوهام التى ترد على النفس وتستولى على القلب تدفع إلى الضلال» وكذلك شأن هؤلاء اليهود: تعصبوا تعصبا شديدا لدينهم» وأبغضوا غيرهم بغضا شديداء حتى إنه لا يتصور أن يهوديا أحب غير يهودى لغير مأرب من مآرب الدنياء أو غاية من غاياتها؛ وحتى لقد حسبوا أن الديانة جنس.ء واندفعوا تحت تأثير ذلك التعصب إلى اعتقاد أوهام» ثم تأييد هذه الأوهام بأكاذيب افتروهاء ثم تكائفت تلك الأكاذيب جيلا بعد جيل» حتى أصابت غرة وغفلة فى عقولهم» فاعتقدوا ما لا يعتقد؛ اعتقدوا أنهم شعب الله المختار» وأنهم أبناء الله وأحباؤه. واعتقدوا أن الجزاء بالجنس لا بالعمل؛ وهذا ما يفيده قوله تعالى: «( وعَرَّهم في ا تفسير سورة آل عمران اا ا 2 لحب أ دينهم ما كانوا يفتَرونَ 4 أى ما استمروا على افترائه جيلا بعد جيل. ولقد رد الله سبحانه وتعالى زعمهم بإثبات أن الثواب والعقاب بالعمل» إن خيرا فخير» وإن شرا فشر؛ ولذا قال سبحانه: «فكيف إذا جمعناهم ليم لأ ريب فيه وفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلّمون 4 كيف: يستفهم بها عن الحال» أى ما حالهم وما شأنهم إذا جمعهم الله رب العالمين» ليوم لا ريب فيه؟ لا شك أنهم يفاجأون بذهاب غرورهم الذى اغتروه؛ وضلالهم بسبب استمرار افترائهم الذى أحدثوه فدلاهم فى غرورهم؛ وإنه فى هذا اليوم الذى لا ريب فيه توفى كل نفس ما كسبت أى جزاء ما كسبت» وهم لا يظلمون أى لا ينقصون مما فعلوه شيئاء فسيجزون بالخير الحسنى» وبالشر السوءى . وفى الآية الكريمة بعض البحوث اللفظية نشير إليها واحدا واحدا؛ لأن فى بيانها توجيها إلى معان دقيقة فى النص الكريم: أول هذه الأمور: الفاء فى قوله تعالى: 9 فكيف 4 فإنها هى ما تسمى فاء الإفصاح. وهى التى تفصح عن شرط مقدرء أى أنه إذا كانت العقوبة المقررة عليكم أياما معدودات فى اعتقادكم مهما ارتكبتم» فماذا تكون حالكم إذا كانت المفاجأة التى لم تقدروها وطّمس عليكم فلم تعلموها؟. وثانى هذه المباحث اللفظية قوله تعالى: 9 جمعتاهم »4 فإن التعبير بلفظ الجمع فيه إشارة إلى معنى المساواة التامة» وأنه لا فضل لجنس على جنس» وإضافة هذا الجمع إلى رب العالمين» خالق الناس أجمعين يزكى هذه المساواة؛ لأنه خالق الجميع» ورب الجميع» وجامع الجميع يوم القيامة» فالجميع بين يديه سواء فى الأصل والتكوين وفى الربوبية والحفظ. وفى الجمع يوم القيامة فيكونون سواء فى الحساب والعقاب والثواب» وكل وعمله. وثالث هذه الأمور: تنكير «يوم) فى قوله تعالى: #ليوم لأ ريب فيه» فإن ذلك التنكير للتهويل» وبيان عظم شأنه وأنه يوم عبوس» وأنه مع شدته وشدة تفسيرسورة آل عمران 0 لالللللو الل الل اا0ا0ا0االلللاا0االللللللل ل ب بز 3 الحساب لا ريب فى وجوده ولا شك. وذكر قوله: فلا ريب فيه 4 فى هذا المقام لآن من اليهود طائفة تنكر البعث؛» فالتأكيد لأجل هذه الطائفة المنكرة الملحدة فى دين اللهء الخارجة على كل أديان السماء» والباقون إن اعتقدوا بعقولهم لم يذعنوا بأفعالهم . ورابع هذه المباحث اللفظية فى التعبير بقوله تعالى: وفيت كل نفس ما كسبت # إسناد التوفية إلى ما كسبت وعدم ذكر الجزاء» فيه إشارة إلى عدل الله اللطيف الخبيرء وهو مساوة الجزاء للعمل» وكأن المثاب يُوقّى عملهء لا جزاء عمله. وذلك لشدة المساواة بينهما. وقد أكد سبحانه وتعالى معنى العدالة وأن كل شىء بالقسطاس المستقيم بقوله: إ وهم لا يظَلَمون 4 أى سيجزون بأعمالهم» وسينالون ما يستحقون» وكل ما ينالهم بسبب ما فعلوا هو العدل عينه» ولا ظلمء فإذا ألقوا فى السعير فليس فى ذلك ظلم بل هو العدل. وإن سبب ضلال اليهود أنهم زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا. فاللهم أرنا عيوب أنفسناء وجِتّبنا الاغترار فى دينناء إنك سميع الدعاء. هه 8 . من قشاء وتنر ررحة ل سس رح سرح و لس ع ع قري سس غر ومص + اي 2 8 م 1 0 مَننَشَاءْ بيد ك الحير إن كع كل سَىءودير نيك تولِج لينل اه يي اص سس ع ل مص عار ا ومح هه آذ م قالتهارودول ١‏ رفي اليل وتخرج الحىئّم رح الميت 01 حم وتخرج الْمِيت من الح وترزق من مشا عير ساب 2 بين سبحانه وتعالى اعتزاز المشركين بقوتهم الدنيوية وغلبهم وسلطانهم» وذكر أنهم فى غرورهم كفرعون ذى الأوتاد» واعتزازه بقهره لشعبه » وطغيانه فى ا تفسير سورة آل عمران للملا الالال 2 لج مو 7 ملكه؛ إذ يقول: #ونادئ فرعون في قومه قال يا قوم ليس لي ملك مصر وهذه الأنهارٌ تجري من تحتي أَقلا تبصرون +200 4 [ الزخرف] . ثم أشار سبحانه إلى طغيان أهل الكتاب». واختلافهم على النبيين» وقتلهم بعض الأنبياءء وقتلهم الذين يأمرون بالقسط من الناس» وما كان ذلك الإعراض عن الحق بعد أن تبين لهم إلا لأن حب السلطان والغلب قد استولى عليهم واستغرق نفوسهمء ولذلك كانوا إذا حاجهم النبى كَلِْهٌ أو حاجوه نظروا فى محاجتهم إلى الأمر من وراء ذلك الغرض» وتلك الشهوة؛ وقد أمر الله سبحانه نبيه بأن يقابل هواهم بإعلان إخلاصه فى طلب الحق» وإسلامه وجهه لله سبحانه! وفى هذه الآية: «(قل اللهم مالك الْملْك تؤتي الملك من تَشَاء » إشارة إلى أن الإخلاص للذات العلية» وطلب الحق إرضاء لله لا لأحد سواهء فيه اتجاه إلى مالك الملك الذى يؤتى الملك من يشاءء فالإخلاص للحق جل جلاله» يؤدى إلى السلطان الحق من مالك الملك . «قل اللّهُم مالك الملك تؤتي الْملّك من تَشاء وتتزع الْملْكَ ممّن نَشَاء 4 الآمر للنبى عله ولكل قارئ للقرآن الكريم مؤمن بالله مذعن للحقء أن يضرع إلى الله تعالى ناطقا بهذه الحقيقة؛ فإنها الحق فى هذا الوجودء ولا يعرف مؤمن سواها؛ والمعنى فى هذا الدعاء الكريم الضراعة إلى الله تعالى ونداؤه بأنه مالك السلطان المطلق فى هذا الوجودء فليس فقط صاحب السلطان» بل إنه يملك ذات السلطان. يؤتيه ويعطيه من يشاءء وينزعه ممن يشاء؛ أى يسلبه ممن يشاء ممن يكون السلطان فى يده. والملك هنا هو السلطان» وفسره بعضهم بالنبوة» وعبرعن النبوة بالملك عند هؤلاء باعتبار أن الملك الحق لازم من لوازمها؛ ولذا قال سبحانه: 99 أم يحسدون الئاس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآنينَاهم ملكا عظيما :4520 4 [ النساء] والظاهر أن المراد هو السلطان. وقوله تعالى: ١‏ اللّهم 4 نداء إلى الذات العلية بلفظ الجلالة» والميم المشددة فى الآخر قائمة مقام حرف النداء على ما قال الخليل وسيبويه. وقال بعض الكوفيين: إن الميم المشددة هى (أم) بمعنى قصدء أى أقصدك يا مولاى بضراعتى» وأنت صاحب السلطان. نا تفسير سورة آل عمران !!!اا !انل امنا ألاالاً!لااللكة!! لألالا! ااا االلكا! ااا للااااالاللال لا ك لال ا _وطل ةوق طخ ااا اللا ممع خغمس طم ط لتلا اكه < يي ولكن خطأ ذلك النظر الزجاج» وقرر أن معنى القصد ثابت بمجرد الالتجاء والدعاء. وقوله: «إمالك الْملّك 4 نداء آخر وضراعة على تقدير أداة النداء» أى يامالك الملك» فكأن فى النص دعاءين: دعاء للذات العلية بلفظ الجلالة» وقد اشتمل على كل معانى العبودية» والتنزيه والتقديس» والخضوع التام» والتسليم لله سبحانه وتعالى بكل معانى الألوهية؛ والدعاء الثانى لمالك الملك» وفيه كل معانى الإحساس بالربوبية» والضعف أمام جبروت الله سبحانه وتعالى وملكوته. وقلنا إن قوله تعالى: «إمالك الْملّك 4 أبلغ من صاحب الملك أو صاحب السلطان؛ لأن من يملك شأن أمة لا يملك ملكهاء ولكنه يستولى على ملكها ويده فيها ليست يد ملك ولكنها يد عارية؛ أما سلطان الله تعالى ذى الملكوت فسلطان مالك متصرف فى السلطان» يعطيه من يشاء عطاء عارية» ويمنعه ممن يشاء» ويسترد عاريته من يشاء؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى: 9 تؤتي املك من َاء وتوم املك مس نا 4 . وهنا أمران لابد من الإشارة إليهما: أولهما: التعبير عن إزالة الملك بقوله تعالى: 8 وتَرع الْمَلكَ ممّن تشاء 4 فالتعبير بالنزع مع تكرار كلمة ملك» فيه إشارة إلى أنه يأخذه منه بعد أن استقر فيه وثبت له وظن أنه لا مزيل لسلطانه» فيأتيه الله من حيث لا يحتسب» ويأخذ ملكه أخذ عزيز مقتدر ثم إن فى النزع إشارة إلى أن من يؤتى سلطانا يطغى فيه ويبغى ولا يسير بسنة الحق والعدل لا يتركه طائمّاء بل لابد أن يُمكّن الله منه من ينزعه من يدهء وقد يأخذه منه من كان يأتمنه «ومن مَأمَنهِ يؤتى الحَذر). وفى كثير من الأحيان يكون السبب فى زواله هو من كان السبب فى طغيانه .. الأمر الثانى الذى تجب الإشارة إليه: أن الله سبحانه وتعالى بمقتضى حكمته وما سن من نظم فى هذا الوجود» وما تسير عليه أعماله فى خلقه» لا يعطى الملك إلا من يستحقهء ويآخذ بالأسباب العادلة فى طلبه» ويقصد به رفعة قومه. ولا ينزعه إلا تمن يسىء ويطغى» ويفهم أن الملك متعة تشتهى وليس تبعات تفسير سورة آل عمران ال المي لل ل 1[ ذ[ ذ 1 1 2325621 حر اا تؤدى» فينزعه منه غيره» وكذلك سنة الله تعالى فى الحكم بين الناس: من لا يسوس الملك يخلّعه؛ ومن حل محله ينزل به ما نزل بسابقه إن سار سيرته. وكلمة «الملك» ليس المراد منها ما تعارفه الناس من الحكم بمقتضى الوراثة فى أسرة» إما المراد بالملك السلطانُ فى هذه الأرض» سواء أكان سلطانا بالعّلب» أم كان سلطانا بالاختيار والانتخاب» أم كان سلطانا بالوراثة»ء وسواء أكان محدودا بجزء من الدولة» أم ناحية من نواحيهاء أم كان عاما شاملا لكل أجزائها تجتمع فى يد صاحبه كل السلّطات فيهاء ٠»‏ فكل هذا ملك لأنه سلطان. وقد ذكر سبحانه بعد ذكر الملك يعطيه من يشاء وينزعه ممن يشاء العزة» فقال: ف وتعز من نَشَاء 4 العزة ليست مرادفة للسلطان» وإن كان الأصل فى كلمة عر معناها غَلَبَْ؛ ومن ذلك قوله تعالى: ( وعزني في الخطاب 20 4 [ص] ولكن العزة صارت تستعمل بعد ذلك فى معنى نفسى» وهو عدم النضوع إلا للحق. والتسامى عن اضوع الذى ينافى المروءة والخلق الكريم» وقد يكون ذلك فى ضعيف فى بدنه مستضعف عند الناس» ما دام قد علا عن الخضوع إلا لذات الله تعالى؛ وإن صهيبا وآل ياسرء وخباب بن الأرت وغيرهم» كانوا وهم المستضعفون فى مكة الأعزاء فى أنفسهم؛ لأنهم لم يجعلوا قلوبهم مراما للأقوياء. فلا عزة إلا مع الإيمان بالله وحدهء والاعتماد عليه وحده؛ ولذلك لا يكون المنافقون مهما يؤتوا من مال ونسب وسلطان إلا أذلاء. ولما قال المنافقون فى شأن الؤمنين: فإ يرجن الأعر منها الأ . .. 2 4 [المنافقون]. نفى سبحانه وتعالى عنهم العزة فقال سبحانه: «يقولوت أكن رَجَعنا إلى الْمَديئة حجن الع مها الل وللّه العرة ولرسوله وللمؤمبين ولكن الْمَافقينَ لا يعلَمُونَ )4 [المنافقون]. وكيف يكون المنافق عزيزا وهو الذى جعل نفسه وفكره ولسانه ملكا لغيره؟ فهو قد سلب كل شئ حتى قلبه ولسانه. ومشيئة الله تعالى فى العزة والذلة تسير على مقتضى حكمته. فهو لا يعطى العزة إلا لمن خلّص قلبه من كل أدران الهوى والشهوة» فالشهوات مردية؛ ولا إ#ا تفسير سورة آل عمران كم رااان !اناا لاااا!!! لالتااااااان قا تالا ااانا لكك لللاانااالااالكةا لط نانل تاللا للاللاالاالالالا طاطخ اططخ طخخطمططلخط اللا <١ لكا‎ يي" يكون عزيزا بين الناس من يكون عبد شهوته؛ فإن العزة تبتدئ من النفس» فإن ضبط المرء أهواءه وشهواته وسيطر عليها أعطاه العزة» فكان بين الناس عزيزا؛ ومن سيطرت علية أهواؤه ومطامعه وشهواته كتب الله عليه الذلة» وكان الذليل وإن ظهر أنه العزيز؛ ولذا كان من حكمة السلف الصالح قولهم: «أذل الحرص أعناق الرجال) . ( بيّدك الْحَبر ِنْكَ على كل شيء قدير4 هذا تسليم بأن ما يفعله الله تعالى دائما خيرء وأن الخير كله بيده سبحانه وقوله تعالى: بيدك الخير 4 معناه إنك وحدك الذى تملك الخير كله ف «ال» فى قوله «الخير» للاستغراق الشامل؛ فكل خير هو بيد الله سبحانه. والتعبير ب «يد» هنا إشارة إلى الملكية التامة السيرة» فهو استعارة تمثيلية» فقد قرب سبحانه - ولله تعالى المثل الأعلى - لأذهاننا معنى سلطانه وكمال ملكه لكل الأمورء بحال من يكون الأمر فى يده وقبضتهء ولا سلطان لأحد من الناس فيما بيده» وفى قبضته. ومعنى قوله تعالى: «إِنّك على كل شيء قَدير 4 شمول قدرته على الأشياء كلها: : ما يتخذه الناس سببا للخير عندهم » وما يتخذونه سببا للشر عندهم. وفى الجمع بين قوله تعالى: © بيدك الحَيْر 4 و ل إِنّك علَئ كل شيء قدير © إشارة إلى أمرين : أولهما: أن كل ما يفعله الله تعالى هو خخيرء فلا يقال إن بيده الخير والشرء فإن الشر معنى نسبى بالنسبة للعبيد» ولكن بالإضافة إلى الله تعالى فإن الله لايفعل إلا خيرا. ولقد قال الزمخشرى فى هذا المقام ما نصه: «إن كل أفعال الله تعالى من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خخير كله كإيتاء الملك ونزعه) . الأمر الثانى: إثبات أن الله تعالى خالق الأسباب» وهى الأشياء التى يستخدمها الناس للخير والشرء يحسنون فلا يقصدون إلا النفع فيكون ما مكّن الله لهم فى الأرض نفعا للناس وخيراء ويسيكون فيقصدون إلى نواحى الفساد فيكون ما يفعلونه فسادا وضررا عاما. وهذا أشار إليه سبحانه بقوله تعالى: © إنّك على تفسير سورة آل عمران ال ل ل 1 1 1 1 1 2132601011111 2 ١١ ااا‎ 3 كل شيء قَدير4 فكل ما فى هذا الوجود من أشياء وأعمال ومخلوقات تحت قدرة الله وكله خخصير بالنسبة له سبحانه» والشر والخير بالنسبة لمقاصد الناس» ولانتفاعهم بما مكّن الله تعالى فى هذه الأرض. وإنه يلاحظ دائما أن الشر نسبى للناس» ولا يصح أن يقال فى فعل الله إلا أنه خمير. ولقد بين سبحانه مظاهر قدرته فى الكون المحسوس فقال سبحانه مبتدثا بآياته جل شأنه فى الليل والنهار: « تولج ليل في النّهَارٍ وتولج النّهَارَ في اللَيّلِ4 هذا مظهر حسى لقدرة الله تعالى فى هذا الكون. تولج معناها تدخل» أى تدخل الليل فى النهار وتدخل النهار فى الليل. "وقد فسر بعض العلماء دخول الليل فى النهار بزيادة الليل حتى يصل إلى أقصى الزيادة» وفى هذا الوقت ينقص النهار حتى يصل إلى أقصى النتقصان» وكذلك دخول النهار فى الليل فمعتاه أن يأخذ النهار جزء! من معدل النسبة بينهما وهو تتساويهماء فيدخل النهار فى الليل. وفقد فسر الزمخشرى مع كثير من الممسرين دخول الليل فى النهار ودخول النهار فى الليل بالتعاقب بينهما بأن يكون الوقت نهارا ثم يصير ليلاء ويكون ليلا ثم يصير نهاراء ولكن كيف نسمى ذلك التعاقب دخولا لليل فى النهارء ودخولا للنهار فى الليل؟ والجواب عن ذلك: أن الليل لا ينقلب نهارا دفعة واحدة. بل إنه يدخل النهار فى الليل شيئا فشيئاء فيبتدئ النور يدخل فى الظلمة شيئا فشيئاء يبتدئ الفجر الكاذب فالصادق» فتنفس الصبح لحظة بعد لحظة» والنور يغزو الظلمة حتى تنجاب غياهبهاء فيكون الضوء الساطع ؛ وكذلك لا يجىء الليل دفعة واحدة» بل يبتدئ الضوء يضعف من الأصيل حتى تجئ الغروب» ثم تجىء العشية» فيكون ظلام وتمحى آية النهار. وإن توجيه الأنظار إلى دخول الليل فى النهارء ودخول النهار فى الليل» سواء أكان بالمعنى الأول أم كان بالمعنى الثانى» فيه توجيه الأذهان إلى عظمة الكون وكمال سلطانه سبحانه وتعالى فيه» فما كان تعاقب الليل والنهار وتداخلهما إلا ظاهرة لدوران الأرض حول الشمس» وحزكة الفلك الدوار المشتمرة الدائبة بقدرة - / تفسير سورة آل عمران ١م‏ لل لأس زا الله تعالى وقيامه على كل شىء» وفى الليل تبدو الكواكب والنجوم» وتظهر آيات ذلك النظام العجيب المحكم الذى يسيره سبحانه بقدرته وحكمته. وبرج الح من اميت وتُخْرج المت من الْحِيَ) هذا مظهر كونى حسى يدل على عظيم قدرة الله» وبيان أنه لا إرادة فى هذا الكون غير إرادته» وأنه القادر على كل شىء» يخرج الضد من ضدهء وهو المبدع لكليهماء المسير لهما؛ فالله سبحانه يخرج الجىً من الميت» ويجعل من هذا الحى الذى أخرجه ميتا؛ وإخراج الحىّ من الميت ليس هو الخلق الأول الذى ذرأ الله به الأحياءء وهو خلق آدم من طين» فإن الخلق غير الإخراج؛ إذ الخلق إبداع وإنشاء ابتداءء والله هو الخلاق العليم» ولا خالق سواه» والإخراج تحويل فيه معنى الاستخراج والتوليد؛ وإخراج الله الحى من الميت قال بعض العلماء وهم الأكثرون: إنه إخراج الجسم النامى الذى يسير فى مدارج الحياة» من الجسم الجاف الذى لا تبدو فيه حياة» كإخراج الشجرة من النواة» والعود من البذرة؛ وإخراج الميت من الحى هو أيضا إخراج النواة الصلبة من الجسم الحى النامى» وإخراج البذرة الجافة من العود الحى الرطب. وقد يعترض على ذلك بأن النواة الحافة والبذرة الصلبة فيها حياة تولدت عنها تلك الحياة المحسوسة للئبات» وكذلك النطفة التى تبدو سائلا ليس فيه حياة فيها أحياء تتوالد فتكون ذلك الحيوان المحسوس. وقد يجاب عن ذلك بأن ذلك اصطلاح علمى» وإن الحياة التى تعرفها اللغة مظهر ذلك النماء المتدرج المستمر. وفى الحق إن إخراج الحى من الميت أمر محسوس مرئى كل يوم؛ فإن تلك الشجرة أو ذلك العود النامى يتغذى من الهواء والضوء والماء والتراب» وكلها جماد لا حياة فيهاء وما يتم التحول المتدرج فى الحياة إلا بتلك العناصر التى هى غذاء الحمى. فهى إخراج الحى من الميت» وليس المراد من الميت من كانت به حياة ثم انتهت» إنما الظاهر من كلمة الميت هو ما لا حياة فيه؛ وإن إخراج الميت من الحى أمر واضح لا مجال للشك فيه؛ فهذا العود الآخضر يصير حطاماء وهذا الجسم الحيوانى يتحلل فيكون رميما ثم يكون ترابا. تفسير سورة آل عمران 0 لكك : يي وعلى هذا نقول إن إخسراج الحى من الميت ليس فلْق النوى بإخراج النبات والشجر منه فقط» بل بهذا وبتدرج الحياة» وإدخال عناصر الغذاء التى تكون الحى وأكثرها من جماد؛ ولذا قال سبحانه فى آية أخرى: ( إن الله قائق لحب والتوئ يخرج الحي من لمت ٠‏ ومخرج المت من الحي ذَلكم الله فَأَنْْ تَوَفَكُونَ 3 4 [الأنعام ] «وترزق من تشاء بغر حساب» هذا مظهر رابع من مظاهر قدرة الله تعالى المحسوسة بين الناس» وهو الرزق للعبادء وكلمة الرزق تشمل إعطاء الله عبيده مالاء وإعطاءهم جاهاء وإعطاءهم علماء وإعطاءهم حزما ورأياء وإعطاءهم صحة؛ فكل هذه أرزاق يعطيها رب العالمين. ولذا قال الراغب الأصفهانى فى مفرداته: «الرزق يقال للعطاء الجارى تارة» دنيويا كان أم أخروياء وتارة للنصيب» ولما يصل إلى الجوف ويتغذى منه به تارة أخرى؛ يقال أعطى السلطان رزق الجند» ورّزقت علما؛ قال تعالى: « وأنفقوا من ما ررَقنَاكُم من قبْلِ أن يأتي أَحَدَكُم الْمَوات 0.٠‏ # [المنافقون] أى أنفقوا من المال والجاه والعلم» . فاللّه سبحانه وهو الرزاق ذو القوة المتين» قد وزع رزقه بين عباده بالقسطاس المستقيم؛ فمنهم من أعطاه صحة وعافية» ومنهم من أعطاه مالا وحرمه من نعمة العلم» ومنهم من أعطاه جاها وسلطاناء ومنهم من أعطاه أولادا تقر بهم عينه. ومنهم من وهب له ذكرا حسنا بين الناس. ومن قصر الرزق على المال فقد ضل ضلالا بعيداء كذلك المعترض الذى يقول: كم عاقل عاقل عت مذاهبه وجاهل جاهل تَلقاه مرزوقا هذا الذى ترك الأوهام حائرةٌ وصيّر العالم الُحْريرَ زنْديقا فما فى ذلك حيرة إلا فى رأس القائل» فتلك هى القسمة العادلة: حَرم هذا من المال وأعطاه علماء وحرم هذا من الولد وأعطاه ذكرا بين الناس . . وهكذا؛ ولو اجتمعت كلها فى واحدء لكانت الحيرة» وعلاجها التفويض المطلق لرب العالمين . م تفسير سورة آل عمران الئل <١ ١ اواك‎ 7 7 وقوله تعالى: #بغير حساب # معناه أنه ليس فوقه أحد يحاسبهء تعالى الله علوا كبيراء وأن عطاءه كثير يعلو على العد والحساب» وهو يعطى من يشاء بسنة الحكمة والعدل والفضل» وإليه مصير كل شىء» ولا ينتج عمل عامل نتيجته إلا بفضل من الله . روى الحافظ ابن كثير عن ابن عباس عن النبى كلك أنه قال: (بسم الله الأعظم الذى إذا دعى به أجاب» فى هذه الآية: طقل اللْهمَ مَالك الْملّك تؤتي املك من نَشَاء َع املك ممّن تَشاء تعر من قَشَاء وتدل من نشاء بدك الخير إِنّك على كل شيء قدير 4 . ّ_- هه م7ى -. و ا سر سس وو 5-2 5 صط له تدز الئءمى نا لكف م أو ما مر دون المدمنس وم لايتجذ المؤمنونا م أولياء من دون المؤمنِين ومن يَقَعَلٌ ذلك فلس مر أله ف شَىْءٍ إلا أن تَتفوأ مِنْهُمْ قل وه 2 . - 2 سا ص سد صرت جهم ورد ع اي الا 2 2 - 1 عر جا + نفلة وتخحدر أللّهُ نفسسة: و إلى الله المصير ري قل | ترح بهم سل ار ره ع ع ع و 252011001 ن تخفوامافي صدورحكما دوه يعلمّه ون ىٌَ 10107 وم 000 وام م 2 غير لْسَّموَاتِ ومَات | لارض والله عل حكلي نى ء درمر عي لوس م ار وا ده 2ه لح ع سح م سه سر ع سس سا 0 ع و له أ اس ل و وو 58 0-0 من سوء تود لَوَأنَ بسَهَاوبَيسَه مدا بعِيداوَيحَرَ ركم قد وسور دص تولاعر خم م سا جه لَه نفسه ود و أله رء وف - لعماد 6ن بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أن المللك كله بيد الله سبحانه وتعالى» وأنه هو الذى يعطى بعض عباده سلطاناء» وهو الذى ينزع السلطان من أيديهم إن لم يحسنوا القيام عليه؛ وفى هذه الآية يبين سبحانه أنه لا يصح للمؤمن أن يستعين بسلطان غير المؤمن على المؤمن لما يراه من قوة سلطان غير المؤمن» فإن ل ل تفسير سورة آل عمران الالالال 0 2 سر اق الملك بيد الله» قد يديل سبحانه من دولة الشرك والكفر(2» ويكون لله ولرسوله الكلمة العليا؛ فكأن الآيات السابقة مقدمةء وهذه الآية نتيجة؛ أى أنه إذا كان الملك لله سبحانه. وهو مالك الملك» فلا يسوغ لمؤمن أن يدخل فى سلطان غير مؤمن وولايته؛ لأنه بذلك يخرج من ولاية الله مالك الملك إلى ولاية كافر أعير الملك» والعارية مستردة لصاحبها فى أى وقتء. وهو الحق سبحانه الذى لا سلطان فوق سلطانه؛ ولذا قال سبحانه: «إلا تخد المؤضوت الْكَافرين أَوْليَاء من دون الْمُؤْمدِينَ4 أولياء جمع ولى» وهو من الولاء. وأصل هذه الكلمة بينها الأصفهانى فى مفرداتهء فقال: «الولاء والتوالى: أن يحصل شيئان حصولا ليس بينهما ما ليس منهماء ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان» ومن حيث النسبة» ومن حيث الدين» ومن حيث الصداقة والنصرة» والاعتقاد. والولاية (بكسر بالواو) النصرة. والولاية (بالمتح) تولى الأمر. وقيل الولاية والولاية واحدة نحو الدلالة والدلالة». وعلى ذلك تكون كلمة ولى تطلق بمعنى الصديق وبمعنى النصير» وبمعنى من يتولى أمر غيره. وما لمراد بها هنا؟ الظاهر أن المراد هو من يتولى أمر غيره» فمعنى «إلا يُتَخذ الْمَوْمنُونَ الكافرين أوليَاء من دون الْمَؤْمدِينَ4 نهى المؤمنين عن أن يدخلوا فى ولاية الكافرين و تحت سلطانهم وفى ظلهم دون ظل المؤمنين وسلطانهم؛ فإن على المؤمنين أن يكونوا لأنفسهم دولة وولاية تظلهمء ولا يكون أحد منهم فى ولاية غيرهم والدليل على أن أولياء هنا معناها متولون الأمر قوله تعالى: 9 من دون الْمؤمنين» فإن دون هنا بمعنى غيرهء وهذا يومئ إلى ترك ولاية المؤمنين ليكونوا فى ولاية غيرهم؛ فالمعنى إذن أنه لا يجوز لطائفة من المؤمنين أن يكونوا فى ولاية غير المؤمنين. وهنا إشارة بلاغية رائعة فى قوله تعالى: بإلا يَتخذ الْمَؤْمُون الكافرين أولياء 4 وفى قوله: ا من دون الْمَؤْمدِينَ»؛ فإنه من المقررات البيانية أن اللفظ إذا )١(‏ يديلنا: من الدولة . والإدالة : العَلَة. ودالت لكيام : دارّت» واللّه تعالى يُداولها بين الناس . [القاموس المحيط - فصل الدال - الدولة]. ا تفسير سورة آل عمران ل 1 لاه يي أعيد معرفا ب «أآل»2 كان الثانى هو عين الأول» فإذا قلت: خاطبت رجلاء فأفهمت الرجل حقيقة موقفه» كان الثانى عين الأول» فتكرار المؤمنين بالتعريف بأل إشارة إلى أن الشانى هو عين الأول» وفى ذلك إشارة إلى أن المؤمنين الذين يدخلون ولاية غيرهم يتركون أنفسهم» ويتخذون من عدوهم نكاية لأنفسهم . وإن النهى عن تولى المؤمنين لغير المؤمنين غير معلل هنا صراحة» وإن كان قوله تعالى: « من دون الْمِؤْمنِينَ4 يشير إلى أن تولى المؤمنين لغيرهم يكون نكاية ليع وفى آ آية أخمرى كان التفى ٠‏ معللا تعليلا « صريحا؟ ؛ فقد قال تعالى : 1 همهم . .442 [الاسهع وقالٍ تعالل : « والذين كوا بعصم ويا بض إلا تفْعلُوه تَكُن فته في الأرض وقساد كبير +27 6 [ الأنفال ] . نفى هاتين الآبتين تعليل صريح للنهى عن أن يكون المؤمنون أو بعضهم فى ولاية غير المؤمنين» وأن تكون سيوفهم وكل قوتهم لغير المؤمنين. . والذى يستفاد من هاتين الآيتين أن السبب فى أنه لايجوز للمؤمنين أن يتلا غ غير المؤمنين بأن يكونوا فى ولايتهم» يتكون من ثلاثة أمور أولها: أن غير المؤمنين لا يمكن أن يرعوا حقوق المؤمنين حق الرعاية» بل لا يألونهم خبالاء وقد حققت الأيام ذلك؛ فإن المؤمنين الذين يخضعون للأمم الأوروبية كمسلمى يوغسلافيا مع قيامهم بحق إقليمهم فى نصرته لا يكادون يستمتعون بأى حق سياسى, ولا يتولون أعمالا إدارية إلا فى صغير الآمور. وثانيها: أن الذى يكون فى ولاية غير المسلمين تكون نصرته وقوته لغير المسلمين؛ ولذا قال سبحانه: 9 ومن لهم سكم فَإنَه منهم 4 إذ تكون كل قوته وكل نشاطه الإنسانى والاجتماعى لهم» وليس للإسلام منه شىء. وثالثها: أن المسلمين الذين يكونون فى ولاية غيرهم يفتنون فى دينهم» ولو من قبيل العدوى وعدم تنفيذ أحكام الإسلام فى الدولة» وفى ذلك فساد أى تفسير سورة آل عمران ل ا 1*11*#*#*##ذخأ 2110 2 ا 1 يي فساد؛ ولذا قال تعالى : « إلا تفعلوه تكن فتنَةَ في الأرض وَقَسَاد كبر 4 أى إلا تمتنعوا عن الدخول فى ولاية غير المسلمين تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير. هذاء ويجب التنبيه إلى أن تولى المؤمنين لغيرهم ليس معناه المحبة» فإن بر المؤمن لغير المؤمن واجب إن تحقق السبب الموجب للبر؛ فقد قال تعالى: إلا يتهاكم له عن الي لم يُقاتلُوكُم في الدذين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتفسطوا إلبهم إن له يحب المَفُسطين 21 إِمَا ينهاكم الله عن الدين قَاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولّهم فأُولك هم الظالمون 27 4 [ الممتحنة] . «ل ومن يفعل ذلك فلس من اللّه في شيء إلا أن و تتّقوا منهم ثقَاةَ 4 أى من يدخل فى ولاية الكافرين» ويترك ولاية المؤمنين فقد قطع صلته بالله سبحانه وتعالى قطعا تاما؛ لأن ولاية المؤمنين هى ولاية الله تعالى؛ وهذا معنى قوله تعالى: 9 ومن يفعل ذلك فلس من الله في شيء» . وقد أولها بعض العلماء على حذف مضاف» والمعنى: فليس من ولاية الله فى شىى وبعضهم قال: فليس من الصلة بالله فى شىء ) ولكن لم حذف المقدرء وجعل النفى عن ذات الله مباشرة؟ والجواب عن ذلك هو الإشارة إلى أن من دخل فى ولاية غير المؤمنين تاركا ولاية المؤمنين» فقد ترك ذات الله سبحانه وتعالى وكان مختارا لقوة الكفار دون قوة العزيز الجبار» فهو يعاند الله نفسهء ويحاد الله سبحاتهء والله عزيز ذو انتقام»ء وهو ذو القوة المتين» وهو الناصرء فإن نصر فلا خذلان, وإن خذل فلا نصر: [إن ينصركم الله فَلا غالب لكم ... 1ه 4 [آل عمران] . هذا حكم الجماعة الإسلامية أو بعضها فى الدخول فى ولاية غير المسلمين» ولكن قد يكون بعض الآحاد فى حال ضعف» وهم مضطرون لأن يعلنوا الموالاة لبعض الكافرين» فهل يسو ذلك؟ ذكر الله حكم هؤلاء فى هذا الاستثناء» فقال سبحانه: إلا أن تتَقُوا منهم ثقَاةَ4 أى أن براءة الله سبحانه وتعالى من الذين يوالون الكفار ثابتة قائمة إلا فى حال المخوف وخشية الضرر المؤكد لبعض المسلمين إلا تفسير سورة آل عمران 17م ل .. ١ لوكا‎ يي" فإنه يجوز لهؤلاء أن يظهروا لهم الولاءء وهم بذلك يتقون ضررهم المؤكد؛ ومعنى: أن تََقُوا منهم قا أى تخافوا خوفا شديدا لضرر مؤكدء فتجعلوا إظهار الولاء وقاية تتقون بها الضرر؛ وقد أكد سبحانه وتعالى الخوف بالمصدر فقال: أن تَقُوا منْهُم ثَقَاةَ)4 أى يكون الضرر ثابتا لامجال للشك فيهء وآلا يتجاوز الولاء المظهر واتخاذ الوقاية المؤقتة . و«تقاة؛ مصدر وقى على وزن فعلة» وأصله وقية» قلبت الواو تاء كما فى تؤدة أصلها وأدة» وتهمة أصلها وهمة. وإن هذا النص يستفاد منه أن التقية جائزة» والتقية أن يظهر المؤمن غير ما يعتقد اتقاء الأذى الذى يتلف الجسم على أن يكون نزول الآذى مؤكداء وهذا ماخوذ من قوله تعالى: « إلا من أكره وقَلبهُ مطْمْنْ بالإيهان ... «23© # [ التحل] على أن يكون ذلك مقصورا على الأحوال الأحادية لا الأحوال الجماعية» وعلى أن يجتهد الذين يكونون فى ولاية غير المؤمنين أن يخرجوا من ولايتهم واد , يبقوا مستضعفين فى الأرض؛ فقد قال تعالى: إن الذينتوقَاهُم الملائكة طالمي أنفسهم انوا فيم حسم قَئُوا كنا مُسمَضعَفينَ في الأَضٍ فَلُوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيه فَأُولََك مَأوَاهمْ جهنم وسَاءت مصيرا 4370 إلا المستضعفين من من الرّجال والنساء اوداك ل يسمَطِيُونَ حيلة ولا دون سيلا 5 فأوك عسى الله أن يفو عنهم وَكَانَ الله عَفُوًاً غَفُورًا 327 4 [النساء ] . هذاء وإن التقية الأحادية أمر لا يعلمه إلا الله وقد يمالئ بقلبه ولسانه رجاءً رجاء كما يفعل بعض ملوك المسلمين ويدعى أنه يفعل ذلا تقية ودفعا للضرر؛ ولذا قال سبحانه محذرا هؤلاء.» ومحذرا من يوالى الكفار بشكل عام: ( وَيُحَدَرَكُم الله نَفْسه وِلَى الله اْمصير » : التتحذير: هو التخويف لأجل الحذر واليقظة» والعمل على منع الآأمر المخوف قبل وقوعه. والتحذير لا يكون إلا حيث يتوهم الشخص الآمن» ويعتقد أنه لا مخاف» ولا ما يثير الخوف؛ وإن مقام التحذير هنا واضح بين ؛ لآن أولئك الذين يوالون الكافرين يظنون أن ذلك من دواعى الأمن والاستقرار» والواقع أنهم تفسير سورة آل عمران ل 1700000 1 1 1 1 1 1 1 1 1 12122220011 2 ا 7 إن أمنوا الكفار ومالأوهم على هذا واختاروا ولايتهم دون المؤمنين» فإنهم لا يأمنون عقاب الله فعليهم أن يحذروه . ومعنى «إ ويحذركم الله نَفْسَه4 قال بعض العلماء فيه: إن الكلام على حذف مضاف وهو: عقاب الله أو نقمته» وعندى أنه لا حاجة إلى تقدير مضاف» بل إن التحذير من ذات الله والتحذير من ذات الله يقتضى الخوف ووقوع الرهبة فى النفس من الذات العلية» كما يقول القائل ولله المثل الأعلى: احذر الأسد؛ فإنه لا يقدر: صولته ولا شدته. إنما يريد أن ذاته فى كل أحوالها مخوفة مرهوبة. وعبر سبحانه عن التحذير من ذاته العلية بقوله: 9 وَيُحَذَرَكُم الله نقْسَه 4 للإشارة إلى تأكيد معنى المعاندة لله تعالى عند موالاة الكافرين» فإن كلمة نفس تقال لتأكيد التعبير عن الذات» كما يقول القائل: خاصمت زيدا نفسه» وغاضبت عمروا نفسه؛ وللإشارة إلى أن ما ينزله الله تعالى مغيب غير معلن الآن؛ إذ إن التعبير بالنفس يكون لما يخفى فى أطوائهاء كما قال الله تعالى عن نبيه عيسى : تعلم ما في نفسي ولا أَعلّم ما في نفْسك إِنّك أنت عَلاَم الْيُوب +73 4 [ المائدة] . وهذا التحذير من ذات الله تعالى تحذير ممن يكون عقابه أدوم بقاءء» ونقمته أكثر استمراراً؛ ولذا قال بعد ذلك: 8 وَإِلَى اللّه الْمُصيرٌ»4 أى إليه وحده المآل وانتهاء أمر العباد» فلا يكون ثمة معقب لما يقول ويفعل» والمصير إليه حيث تذهب سطوة الكفار الذين يمالكئونهم على المؤمنين ويوالونهم دون المؤمنين؛ فإن كانت للكافرين قوة ظاهرة فى الدنيا فهى حال ليست باقية» والمصير إلى الله والعاقبة للمتقين » وإن كان للكافرين عزة فى الأرض فاجرة» فالعزة الحقيقية لله ولرسوله وللمؤمنين . طقل إن تُحْفُوا ما في صدوركم أو يدوه يَعلَمْهُ الله كان التحذير والتخويف من الله سبحانه وتعالى» وقد أمر سبحانه نبيه بأن يبين لهم مقدار علمه بخفايا نفوسهمء وعلمه بالكون وما فيه» فقال سبحانه: طقْل إن تُحْفُوا ما في صَدوركُم 4 أى أن علمه سبحانه وتعالى يعم الظاهر والباطن» وإن كون الأمر ظاهرا أو باطنا #0 تفسير سورة آل عمران 0 ميا 7 الع .. يي إما هو بالنسبة لناء أما علم الله تعالى فإنه ليس فيه ظاهر وباطن» بل العلم كله سواء بالنسبة له سبحانه وتعالى وسيق إثبات علم الله تعالى وإحاطته الشاملة فى هذا المقام» لمقام التحذير أيضا؛ لأن الذين يوالون الكافرين يظنون فى أنفسهم ضعفا وقد يظهرون أن ما يفعلون إنما هو تقية وخوف من الكافرين» والواقع أنهم يفعلون ذلك استخذاء وذلة» أو تملقا للأقوياء أو مداهنة لهم على أقوامهم» أو رجاء غرض دنيوى ينالونه» كما نرى فى عصرنا الحاضر» إذ نجد ناسا يبررون كل هو إلا ضعف وازع الدين وفقد اليقين» ورجاء الدنيا الذليلة» وفرار من العزة والحياة السامية الكريمة حقا وصدقا؛ فأمر الله نبيه أن يبين أنه يعلم ما تخفيه الصدور» وما تختلج به القلوب» وما يلوون وما يقصدون» كما يعلم ما يبدون ويعلنون» وأن الله سبحانه محاسبهم على أعمالهم بنياتهم» لا بظواهر هذه الأعمال» ولا بما تتلوى به الألسنة» وإن كانت مخالفة لما تطويه القلوب. العلية؛ لأن ذلك التنويع من شأنه أن يربى المهابة» كما يقول ذو السلطان محذرا مخوفا: أحذركم مخالفتى» ثم يتركه لصفى من أصفيائه يبين له مدى سلطانه وقوته وعلمه. ويعلّم ما في السّموات وما في الأرض واللّه علئ كل شيء قدير # فى هذا بيان شمول علم الله تعالى وشمول قدرته» فهو يعلم سرائر النفوس وظواهرهاء كما بين فى الجملة السابقة» ويعلم الكون وما يجرى فيه من نجوم سارية» وأفلاك دائرة » وشمس مشرقة» وقمر مئير » والسحاب وما تحمل ) والرياح المسخرات بين السماء والأرض » ويعلم كل الأحوال» وكل الأزمان» وكل اللحظات» وجميع الأوقات» وما من شىء فى هذا الوجود إلا تمت سلطان علمه.» وفى متعلق إرادته » وفى شمول قدرته؟؛ إنه فعال لا يريدك؟ فكيف يتصور من عاقل أن يترك ولاية ا مؤمنين وهع أولياؤه» ويدخل فى ولاية الكافرين وهم أعداؤه؟ فإن كانت تفسير سورة آل عمران لكل الئل ل ل يي ١١ 00 37 الولاية للعزة والقدرة والسلطان والعلم » فلله وحده العزة والكبرياء فى السموات والآرض. وقد ذكر سبحانه شمول القدرة بعد شمول العلم؛ لآن القدرة الكاملة لا تكون إلا عن العلم الكامل» فكمال القدرة من مظاهر كمال العلم. ولقد قال الزمخشرى فى معنى هذا النص الكريم: «هذا بيان لقوله: «« ويحذركم الله نقْسه 4 لأن نفسهء وهى ذاته المتميزة من سائر الذوات متصفة بعلم ذاتى» لا يختص بمعلوم دون معلومء فهى متعلقة بالمعلومات كلهاء وبقدرة ذاتية لا تختص بمقدور دون مقدورء فهى قادرة على المقدرات كلهاء فكان حقها أن تحذر وتتقى. فلا يجسر أحد على قبيح ولا يقصر عن واجبء فإن ذلك مطلع عليه لا محالة فلاحق به العقاب» ولو علم بعض عبيد السلطان أنه أراد الاطلاع على أحواله فوكل همه بما يورد ويصدر. ونصب عليه عيوناء وبث من يتجسس على بواطن أمورهء لأخذ حذره وتيقظ فى أمره» واتقى كل ما يتوقع فيه الاسترابة به» فما بال من علم أن العالم بالذات الذى يعلم السر وأخفى وهو آمن. اللهم إنا نعوذ بك من اغترارنا بسترك» ولقد بين سبحانه وقت تنفيذ عقوبته المؤكدة» وهو يوم القيامة» فقال : يي مه ع م تر مده اي ني الإيوم تجد كل نفس ما عملت من خير مُحضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبيته أَمدا بعيدا ويحدركم اللّه نفسه واللّه رءوف بالعباد 4 المعنى الجملى للنص الكريم: خافوا الله واحذروه. واخشوا حسابه وعقابه» وارجوا ثوابه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير ظاهرا ثابتا واضحاء كأنه قد أحضر من الدنيا إلى الآخرة فيرى رأى العين» وما عملت من شر معلوما كذلك كأنه رئى بالحس والبصرء وتود كل نفس أن لو يتأخر أمدا طويلا بعيداء وذلك لأن ما يخافه الإنسان يتمنى أن يتأخر ويؤجل ؛ ليكون عنده أطول فسحة من الأمان. وهنا عدة مباحث لفظية تجلى المعنى : المبحث اللغوى الأول - متعلق يوم تجد»: لقد ذكر العلماء ثلاثة توجيهات؛ أولها ذكره الزمخشرى أنه مبتعلق ب «تود» والمعنى : تود كل نفس لو 0 م تفسير سورة آل عمران 1!!11!]]11 11 الا 111 تالالا اللاااا!!ا! ل الالن اا لالت تلتااا!!لالااكا م نلللااالاااالاطط لط لل كلملل طلخ لالط ااا لللااااللاططط الل للللللا :ب را 3 أن بينها وبينه أمدا بعيدا أى زمنا طويلا وقت أن تهد كل ما عملت محضرا من خير أو سوء. وهذا يؤدى إلى أن من عملت خيرا تود أمدا بعيداء مع من عملت سوءاء مع أن رجاء الثواب يسوغ تمنى المسارعة لا تمنى التأجيل؛ ولهذا لا نوافق عليه. والوجه الثانى: أنه متعلق بقوله تعالى: 8 ويَحَذرَكُم الله نفسه 4 بدليل قوله تعالى مكررا التحذيرء فقال: «( ويحذركم الله نقسه 4 مرة أخرى» ولكن يرد على هذا بعد القول» ومجىء جملة مستقلة بينهماء واختلاف القائل؛ فالأول من قول الله تعالى والتحذير من الله والثانى من قول النبى يَلَِدٍ بأمر الله ولكن قد يرد هذا الاعتراض بأن قوله تعالى: طقل إن تَحَفُوا ما في صدوركم أو تبدوه 4 معترضة بين كلامين متلازمين للمسارعة بإثبات شمول علم الله تعالى وقدرته . التوجيه الشالث: أنه متعلق بمحذوف تقديره: اذكرواء وهذا أسلمها فى نظرى . المبحث اللغوى الثانى - قوله تعالى: وما عملت من سوء» أهى معطوفة على ما عملت من خير 4 أم «ما» مبتدأ خبره «تود)؟ أظهر الأقوال أنها مبتداً وجملة تود خبر» والمعنى: ما عملت: ما عملت من خير تجده محضراء وما عملت من سوء تتمنى كل نفس أن يكون بينها وبينه أمد بعيد. المبحث الثالث - الأمد اسم للزمان كالابد يتقاربان» لكن الأبد كما قال الأصفهانى مدة من الزمان ليس لها حد محدودء ولا يتقيد» فلا يقال: أبد كذا؛ أما الأمد فمدة لها حد مجهولء إذا لم يضف إلى غاية معينة؛ فإن أضيف كان محدودا بهذه الغاية. والمعنى أن النفس التى تجد عملها السيئّ محضرا تود لو يتأخر أمدا بعيداء ولكن لا تحقيق لهذا التمنى. ولقد كرر الله سبحانه التحذير من نفسه تذكيراء وليكون فى بال المؤمن دائماء ولبيان أن ذلك التحذير من دواعى الرحمة كما هو من تربية الرهبة» فهو تفسير سورة آل عمران 1 11 ل 1 121211101 ١ ااا‎ ١ يي" قد ذكر تمهيدا لقوله تعالى: 9 واللّه روف بالعباد 4 فتذكير العباد وتحذيرهم من رحمته بهم حتى لا يؤخذوا أخذ عزيز مقتدرء وختمت الآية بهذا التذييل الكريم؛ لإثبات أن عقاب المسىء وثواب المحسن من الرحمة» فليس من الرحمة فى شىء أن يتساوى المحسن والمسىء» ولإثبات أن ولاء المؤمنين ومعاداة الكافرين من الرحمة بالعباد.» حتى لا ب يعم الظلم وينتشر الفساد. اللهم وحد الولاية الإسلامية» واجعل المسلمين جميعا بعضهم أولياء بعض ا 58 في رمع تمتحون الله الله وعد 2 ا وو ر_- غو لين أن 0 اللمعمور جيم جهم 2< 2 026 5-0 ىا مر لي مل أَطيعُواًأ سكن وَلَوَا دنه ليث 1 لعررين يكل كه 2 يؤمن المؤمن رغبة فى الشواب» ويؤمن المؤمن خوفا من العقابء ويؤمن المؤمن إذعانا للحق» ومحبة للرب» وإخلاصا وخلاصا من أدران الهوى» ومآثم هذه الدنيا ؟ وتلك أعلى المراتب» وأشرف المناصب» وبها يعلو المؤّمن. وفى الآية السابقة حذر الله المؤمن من نفسهء فقال: «ويحدركم اللّه نفسه وإلى اللّه المصير 4 وقال: © ويحدركم الله نفسه واللّه رءوف بالعباد 4 فكانت هذه الآية تدعو المؤمن إلى الطاعة ولزوم الجماعة بالترهيب» وفيها إشارة إلى الترغيب فى قوله تعالى: © واللّه روف بالعباد 4 . وفى هذه الآية يدعو إلى الطاعة لا خوف العقاب ولا رجاء الثواب» ولكن لأن الطاعة تؤدى إلى أعلى منازل السائرين» وهى المحبة: محبة الله لعبده» ومحبة العبد لربه. قال بعض السلف: ادعى قوم محبة الله فأنزل الله تعالى آية المحبة: #4 تفسير سورة آل عمران ييا > ات فل إن كنتم تحبون اللّهِ فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم # الأمر للنبى عد وجعل سبحانه وتعالى الخطاب منه للنبى يَلَيِةٌّ إليهم لبيان شرف النبوة وعلوهاء ومكانة الاتصال بينها وبين الله سبحانه وتعالى؛ إذ جعل اتباع الرسول يكون من نتائجه محبة الله تعالى. وكون النبى يَكلَهِ هو الذى يخاطب بذلك ويقررهء وأن الله تعالى يمضى ما يقرره» علو بمقام الرسالة المحمدية» وبمقام النبوة؛ لأن فيه إشعارا بعظم محبة الله لنبيه» وأنها فوق كل محبة؛ فإذا كان من يتبعه يحبه» فهو إذن فى أعلى درجات المحبة؛ ولأن فيه بيان أقوى الاتصال؛ لأن خطابه لهم هو خطاب من الله لهمء بدليل أن المحبة من الله تجىء نتيحة لاتباعه الذى دعا إليه ككة. وقوله تعالى: إن كُسْم تُحبُون الله فَاتبعُوني يُحَببْكُم الله 4 فيه إيجاز معجزء وهو إيجاز حذف دل عليه المقام؛ لأن المعنى: إن كنتم تحبون الله فاتبعونى» وإن تبعتمونى يحببكم الله؛ لأن جواب فعل الأمر فى معنى الجزاءء فكان ثمة فعل شرط مقدر؛ وإن هذه الجملة السامية تدل على ثلاثة أمور: أولها: أن أول طرق محبة الله تعالى هو اتباع الرسول كَلِْةِ؛ِ لأن طاعة الرسول طاعة لله تعالى جلت قدرته» وعصيان الرسول عصيان لله تعالى» وليس من المعقول أن يحب الله تعالى ويعصيه؛ ولذلك يقول الشاعر الصوفى: ْ 5 عو عمو 1 ه - - عو عق 2 لوس ير 2 هك سوير # عو ايع يترتب عليهما حتما محبة الله سبحانه وتعالى لعبده. وأى منزلة للطاعة أسمى من أنه يتبعها حتما محبة الله سبحانه وتعالى. الأمر الثالث الذى يدل عليه النص القرآنى: #ويغفر لكم ذنوبكم» أن من يصل إلى مرتبة المحبة التى تبتدئ بالطاعة وتنتهى بمحبة الله تعالى يغفر له الله ا تفسير سورة آل عمران الللللل لكلل 11111111 1ك كوه < 2 سبحانه وتعالى كل ما كان له من تقصير سابق وإثم قد جلته المحبة عن القلب؛ وذلك لأن السيئات أدران تعلق بالقلب» فإذا وصل إلى درجة محبة الله تعالى» بعد قيامه بحق الطاعات» انصهر قلبه بهذه المحبة» وإذا انصهر القلب بالمحبة زال عنه كل خبث ومحى كل درن» فصفاء والله سبحانه وتعالى يغفر لمن يصل إلى هذه المرتبة. ولقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله: 8 واللّه عَفُورَ وصفان كريمان للذات العلية : أولهما أنه غفور؛ أى أنه كثير الغفران لعباده؛ لأن فعول تدل على المبالغة» ووصف الله تعالى نفسه بهذا الوصف للوشارة إلى أنه يحب من عباده الطاعة»؛ ويحب من عباهه التوبة؛ فهو ليس كحكام الدنيا الذين يفرضون العقاب ولا يتمنون لرعاياهم الخلاص منه» بل يتمنون إنزال العقوبة بهم» والله سبحانه وله المثل الأعلى فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم يقبل التوبة عن عباده؛ ويحب المغفرة» ولذلك وصف بالتواب؛ فالعقاب ليس لذاته» ولكن لكيلا يتساوى المسىء بالمحسن» وليحمل المسىء على الطاعة ويستمر المحسن على إحسانه. والوصف الشانى الذى وصف به ذاته العلية: أنه رحيم. وكان من رحمته أن قبل التوبة وغفر الذنب» ومن رحمته أنه أرسل الرسل بالبينات ليقيموا القسط بين الناسء ويَعَلّمُوا هذه الشرائع التى بها صلاح الدنياء وبها تقوم على الخسير والفضيلة؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: 9 وما أَرَسَلنَاكَ إلا رَحَمَة للعالمين +9ج) 4# [الأنبياء]. وكان من رحمته أن سن العقاب للمسىء المستمر على إساءته الموغل فى الفساد؛ فإن من يفسد فى الأرض يكون من الرحمة عقابه» ومن لا يرحم الناس كان من مقتضى الرحمة بالناس أن لا يرحم؛ ولذا قال النبى كَلكِِ: لمن لا يرحم لايرحم)217. )١(‏ رواه البخاري: الأدب - رحمة الولد وتقبيله (0054): ومسلم: الفضائل - رحمته يَلةٌ الصبيان والعيال (4585). تفسيرسورة آل عمران للللل ل لالللالاالولل ااال لكك يي وقبل أن نترك الكلام فى هذه الآية الكريمة» لابد من الإشارة الواضحة إلى وثانيهما: التعريف بهذه المحبة التى يتصف بها العبد» وتترتب عليها محبة الله تعالى: أهى الطاعة أم شىء أعلى من الطاعة؟ وما محبة اللّه: أهى الرحمة أم أمر أعلى من الرحمة والإحسان» ولله الفضل والمنة فى كل حال. أما بالنسبة للأمر الأول؛ فإن النص الكريم قل إن كنتم تحبون الله فاشعوني يُحببكُم اللّه4 يفيد الطريق والغاية» أو الدليل والتتيجة؛ أما الطريق فهو اتباع الشريعة» وأما الغاية القصوى فهى محبة العبد لربه» ومحبة الرب لعبده» أى تبادل المحبة بين الخالق والمخلوق» وكل بما يليق به» وبما يتفق مع نوع وجوده؛ فواجب الوجود وذو الكمال المطلق جل جلاله محبته تليق بذاته العلية» وجائز الوجود الحادث المخلوق محبته حال يتفق مع حدوثه. ونقص وجوده. وقد فصل الله الاتباع الذى يوجب المحبة السامية بعض التفصيل فى قوله تعالى: «إيَا أَيْهَا الّذِينَ آمنوا من يرتدٌ منكم عن دينه فَسَوف يأتي اللّهِ بقوم يحبهم يأل على مين أعة على افر اهدو في سبل اله ولا مخافت لون لائم . . . #() # [المائدة ] . فعلامات الاتباع التى يترتب عليها أن يحبهم الله ويحبوه. أربع: أولها: أنهم أذلة على المؤمنين» وقد قال عطاء فى هذا : إنهم للمؤمنين كالولد لوالده والعبد لسيده» وعلى الكافرين كالاسد على فريسته: 9 أَشداء على والعلامة الثانية: أنهم أعزة على الكافرين» أى لا يخضعون للكافرين ولا يحالفونهم على المؤمنين» ولا يختارون أن يدخلوا فى ولايتهم ويتركوا ولاية المؤمنين . 4# تفسير سورة آل عمران السسسسسسسسسس ‏ 019 حر ا العلامة الثالثة: الجهاد فى سبيل الله بالنفس واللسان والمال» وذلك هو تحقيق دعوى المحبة. والعلامة الرابعة: أنهم لا يأخذهم فى الله لومة لاثم » وهذه علامة صحة المحبة» فكل محب أخذه اللوم عن محبوبه فليس بمحب على الحقيقة"١2.‏ تلك هى آيات الاتباع الذى يوجب هذه المحبة» وقد وصف النبى يله كمال الإيمان الذى يوجب هذه المحبة» فقال: «أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما('2 وهذا الوصف هو الجامع لكل الأمارات التى لا يند عنه0© شىء منها . هذا هو القول فى الأمر الآول» وهو الاتباع الذى تترتب عليه المحبة. بقى أن نتكلم فى الأمر الثانى وهو التعريف بالمحبة التى تكون من الله للعبد» والمحبة التى تكون من العبد لله تعالى: أما محبة الله فحال من أحوال الذات العلية لا نعرف كنههاء ولا ندرك حقيقتها وهى تليق بذاته الكريمة» وتتفق مع صفات الجلال والكمال التى يتصف بها واجب الوجود. والذى خلق بقدرته كل موجودء وهى غير الإحسانء وإن كانت من فضل اللّه» وغير الرحمة» وغير الرضا؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعلها لبعض عباده» والإحسان والرحمة يَعمَّانَ كل موجود». والرضا وإن جعله جزاء أعلى للمحسنين» كما قال فى جزاء المؤمنين بعد ذكر الجنات والنعيم المقيم: «« ورضوان مَن الله أَكْبَرَ . . . 27 4 [التوبة] نجد المحبة أكثر منه. وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى فكان هذا دليلا على أنهما متغايران بالنسبة لذاته العلية» كما أن المدلول اللفظى لهما متغاير» وإن كانت المحبة تتضمن الرضا لا محالة» بل إنها لا تكون إلا حيث يكون أقصى الرضاء هذه إشارة إلى محبة الله لبعض عباده الذين اصطفاهم . .١5ص جاء فى هامش الأصل: راجع فى هذا الجزء الثالث من «مدارج السالكين»»ابن قيم الجوزيةء»‎ )١( .)50( البخاري: الإيمان- حلاوة الإيمان (10). مسلم: الإيمان‎ )١( أي لا يشرد. ند البعير يد ُدودا إذا شّرة. لسان العرب - باب اللون - ندد.‎ )9( ز ل تفسيرسورة آل عمران 1 العلا ااا ااال لوه < يي وأما محبة العبد لربه» فقد قال الحارث المحاسبى فى تعريفها بأنها: الميل بكُلّيته لربه» وإيثاره على نفسه وماله» ثم مرافقته له سرا وجهراء ثم اعتقاده تقصيره فى حقه مهما يوْدٌ من واجبات وطاعات. ومحبة العبد لربه غير طاعته المجردة لأوامره ونواهيه» وإن كانت ملازمة للاتباع المطلق للأوامر والنواهى» وفى الحقيقة إن طاعة العبد لربه لها مرتبتان: أولاهما: الطاعة رجاء الثواب وخوف العقاب». والثانية: الطاعة محبة لله تعالى ولقد قال فى هذا المعنى النبى كَيلهٌ فى وصف بعض أصحابه «نعم العبد صهيب» لو لم يخف الله لم يعصه». ولقد قال الله تعالى فى وصف المؤمنين المتتقسين : ( أولك الّذِينَ يدعون يتغون إلى ربّهم الوسيلة أيهم أَقُرب ويرجون رحمته وَيَحَافُونَ عذَابَهُ إن عدذَاب رَبك كَانَ مَحَذورا 257 [الإسراء] فإن هذا النص الكريم دل على أن ثمة مقامين جليلين: مقام الطاعة رجاء الثواب وخوف العقابء والطاعة بالتوسل إلى الله والتقرب منهء كما قال تعالى: # أيهم أقرب 4: وهذا مقام الطاعة محبة وازدلافا إليه سبحانهء وهذه هى الوسيلة المبتغاة» والمحبة المرتجاة» وإن المحبة تقتضى الأنس بذكر الله تعالى» فتكون النفس ممتلئة بالسرور لقرب اللّه» ومعرفة الله» وكمال العبودية له» والشعور بكمال ألوهيته» حتى يستغرق ذلك كل حسهء وكل نفسه وقلبه» ولا يكون موضع لتذكر سواه. والمحبة هى غاية التصوف العالى وسمته وعنوانه؛ ولذا يقول ابن القيم فى مدارج السالكين: «المحبة سمة هذه الطائفة المسافرين إلى ربهم» الذين ركبوا جناح السفر إليه» ثم لم يفارقوه إلى حين اللقاءء وهم الذين قعدوا على الحقائق» وقعد من سواهم على الرسوم». والمحبة ثلاث درجات: أولاها: استغراق النفس بذكر الله» فلا يرتفع إلى مقامه فى القلب ذكر شىء سواهء ويصف الهروى فى «منازل السائرين» تلك المحبة بأنها: تقطع الوساوس» وتسلى عن المصائب» وتثبت تلك الدرجة من الشعور بقوة الله؛ ومن اتباع السنة المحمدية» والشعور بالحاجة والفاقة إليه تعالى. تفسير سورة آل عمران سسا سس سا9 كاه : يي" والدرجة الثانية: وهى أعلى من هذه فى درجات المحبة - هى التى يلهم فيها اللسان بذكر الله بعد امتلاء القلب؛. والجوارح بإيثار الحق» ويقول فيها ابن القيم: «فيها مطالعة الصفات» وشهود معانى آياته المسموعة» والنظر إلى آياته المشهودة. وكل منها داع قوى إلى محبته سبحانه؛ لأنها أدلة على صفات كماله. ونعوت جلاله» وتوحيد ربوبيته وألوهيته» وعلى حكمته وبره وإحسانه» ولطفه وجوده» وكرمه وسعة رحمته» وسبوغ نعمه» فإدامة النظر فيها داع لا محالة إلى محبته) 217 , والدرجة الثالثة: المحبة التى يكون فيها الشهود بنور القلب. وجاء فى «منازل السائرين»؟ فى هذه المحبة (هذه المحبة هى قطب هذا الشأن» وما دونها محاب نادت عليها الألسن» وادعتها الخليقة وأوجبتها العقول). هذه إشارات موجزة إلى ما يقوله أهل التصوف فى المحبة بين العبد وربه» وقد قبسنا منها قبسة نرجو أن تضىء فى هذا الموضوع» وإن كانت لا تدفئ. وإن العبرة فى هذا الموضوع هى أن الشريعة لا يصح أن تنسى حتى فى أعلى مقام للمحبة» فإنها هى الدليل المرشد» والمصباح المنير لمن يريد أن يصل إلى درجة المحبة الحقيقية» وهى أعلى درجات الإيمان» وأقوى درجات الاتباع . فاتباع أحكام الشرع هو طريق المحبة عند أهل السنة الراشدين» وتتكب طريق الاتباع وادعاء الارتفاع عن التكليف هو مَخرف أهل الابتداع الضالين. وإذا كان ذلك هو الحق. فإطاعة الله ورسوله هى فيصل التفرقة بين الحق والباطل وبين محبة الله ومحبة الضلال» وبين الإيمان والكفر؛ ولذا قال سبحانه وتعالى بعد ذلك: قل أطيعوا الله والرّسُول 4 . الآمر للنبى وَكْدٌ بأن يدعوهم إلى طاعة الله وطاعته؛ وهو معنى الاتباع فى الماضى» وتكرر الأمر بهذه الصيغة للإشارة إلى أن اتباع الرسول هو طاعة لله 6 تفسيرسورة آل عمران لل لسر أ وللرسول» فمن اتبع الرسول لايطيع الرسول فقط» بل يطيع الله رب العالمين» وما كان الرسول ينطق عن الهوى» إن هو إلا وحى يوحى» والسبب فى التكرار فى ذاته هو تأكيد المعنى الذى قررناه» وهو أن محبة العبد للرب ليس لها طريق إلا الاتباع» ولذا يقول الزمخشرى فى الكشاف: «من ادعى محبته وخالف سنة رسوله فهو كذاب» وكتاب الله يكذبه» وإذا رأيت من يذكر محبتهء ويصفق بيديه مع ذكرهاء ويطرب وينعر ويصفق» فلا تشك فى أنه لا يعرف ما الله» ولا يدرى ما محبة الله. وما تصفيقه وطربه ونعرته وصعقته إلا لأنه تصور فى نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشقة فسماها الله بجهله ودعارته ثم صفق وطرب ونعر وصعق على تصورها». وهنا إشارة بلاغية تتفق مع المقصد الأسمى من الآيتين الكريمتين» وهو إثبات أن محبة الله تعالى طريقها المستقيم الذى لا عوج فيه هو اتباع الرسول» وتلك الإشارة أنه سبحانه قال: قل أطيعوا اللّهَ وَالرّسول4 فقد ذكر الأمر بالإطاعة غير مكرر عند العطف» فلم يقل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول» وعدم التكرار يومئ إلى أن الطاعة واحدة» وأن إطاعة الرسول إطاعة لله تعالى» كما صرح سبحانه وتعالى بذلك فى قوله تعالى: لا من يطع الرّسول فَقَد أَطَاعَ الله ومن توك فما أَرْسلَْاكَ عَلَيْهُم حفيظا ل 4 [النساء] وإن من إعجاز القرآن الكريم أن تكون العبارات والإشارات البيانية كلها تنجه إلى مقصد النص الكريم وترشح له. إن ولا َِنَ الله لا يحب الْكَافِرين» أى فإن أعرضوا عن اتباع ما تدعوهم وهو اتباعك الذى به تكون إطاعة الله ومحبته» فإنهم لا ينالون محبة الله تعالى ؛ لأنهم كافرون؛ إذ تعمدوا ألا يطيعوك» وأنكروا أن اتباعك طريق محبة الله رب العالمين.: ففى هذا النص الكريم دلالة على أن محبة الله لا ينالها إلا من يتبع الرسولٌ بأبلغ ما يكون من بيان» وذلك لوجوه: 4 تفسير سورة آل عمران الل اي هه : 7 أولها: أنه سبحانه عبر بأنه لا يحبهم» وليس بعد نفى الحب إلا البغض والسخطء فالله ساخط على من لا يتبعون الرسول» وإذا كان رب العالمين ساخطا عليهم» فمن المؤكد أنه لم يعتبر حالهم حال من يحبونه ويبتغون رضاه. وثانيها: أنه عبر عن تركهم اتباع الرسول بالتولى وهو الإعراض» وكيف يكون طالبا لمحبة الله من يعرض عن طاعة الله . وثالثها: أنه سبحانه وتعالى عبر عنهم فى حال الإعراض متعمدين منكرين بأنهم كافرون» وكيف يكون محبا لله ومحبويا من الله من يكون كافرا بأوامرف منكرا لرسالته» معاندا لرسوله! إن ذلك فى القياس غريب. اللهم وفقنا لاتباع نبيك لنرتفع إلى مقام من يحبونكء ولتنال سمو محبتك. فقد قال نبيك وقوله الحق: (إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إنى أحب فلانا فأحبه» فيحبه جبريل» ثم ينادى فى السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه» فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض. وإذا أبغض عبدا دعا جبريل» فيقول إنى أبغض فلانا فأبغضه. قال: فيبغضه جبريل ثم ينادى فى أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه فيبغضونه» ثم توضع له البغضاء فى الأرض)27. داه َصَطْفءَادَم وَدوحَاوَءَالَِبرَهِيمٌ وََالعِسْرنَع لَالْعلمين نزي ريه بعصهَاص بض أده يع علبم اله 2 إِذْقَا مرت عِمْوَنَ رَيَِنْ ندر ثُ لهك ماق بطي محرا ْمَك أتألجيع الي :2 كلما 2 1 خآ[ هه وَصَعَتبَاقَاتَ باق وَصَعَها ني عدبم وَضَحَتَ م ا سه 220 رواه مسلم : البر والصلة والآداب - إذا أحب الله عبدا حبية إلى عباده (الالاع )ل وأحمد: ياقى مسئلك المكثرين ()) وروآه البخاري : التوحيد - كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة (59*1). # تفسير سورة آل عمران ]اا ز ازا الالكا!!ك!التاللاااااااااالاكط اناالا ططخ ططخاااالاالااالااالا 11 اناالا لاط ااالاالالالامااللطا تك لللتلللا ١1 لاا‎ 7 2 نقٌّ وَِقٍ سَيَيْهَا مَرَيْمَوَإِوْأيذُهَابيله ذه 0 ا مد جنم فتك لها ريه 1 لبو 2 ُو سل لك 2 ري د م 000 حَسَن وَأَْيَتَهَا يََانَاحَسَنَا وَكدَ هاري كلما كلما حَلْعَليهٍ 0000 1 يالا جَمَمَدَعسَهَانَمدْأذكَي هد يَاَمَ 2 قالتهومنءع عِنداق ل سي مره الله رَرْقَ من شاع بعَبرحِسَابٍ ها إن أشار سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة إلى اختلاف المشركين وقتالهم المؤمنين وإلى اختلاف أهل الكتاب فيما بينهم» وقال سبحانه وتعالى: «إوما اختلَف الّدين أُونُوا الكتاب إل من بعد ما جَاءَهُم العلم با بينهم ...+4120 [آل عمران]» ثم أشار سبحانه إلى محبته لعباده الذين يطيعونه ومحبتهم له» ورأفته سبحانه وتعالى بعباده؛ وسبق رحمته لغضبه وفى هذه الآيات: ١‏ إن اللّه اصطفئ آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العائمين (» بين سبحانه وتعالى وحدة الإنسانية التى ما كان يسوغ معها خلاف إلا تمن ضل سبيل الهداية» ووحدة النبوة والرسالة الإلهية» التى وحدت بها شريعته تعالى» وما كان يسوغ بعد هداية الله تعالى خلاف إلا إذا كان الضلال. ثم بين سبحانه من يجتبيهم ومن يصطفى ويحب من عباده» وكيف يحبونه هم ويخلصون لذاته العلية: بآن يسلموا وجوههم له سبحانه وتعالى» ويحررون أولادهم لعبادة الله تعالى . وقد ذكر سبحانه وتعالى فى هذا أربع قصصء كلها يصور قدرة الله سبحانه وتعالى وإرادته فى خلقه. ولا تخلو واحدة منها من خوارق العادات. وأولى هذه القتصص: قصة مريم البتول» وكيف كانت خالصة لله تعالى مذ حملت بها أمهاء حتى ولدت» ولزمت المحراب» وكفلها زكرياء وكيف كانت مرزوقة مكفولة يأتيها رزقها رغدا بغير حساب . اا تفسير سورة آل عمران لس سسا سس ١ الك‎ 7 والقصة الثانية: قصة زكرياء وكون الله سبحانه وتعالى قد وهب له يحيى» مع أنه كان قد بلغ من الكبر عتياء وامرأته عاقرء وبذلك خرقت العادة المعروفة» وهو أن العاقر لا تلد قطء وهذا قد أنجب وقد أصابته الشيخوخة؛» وامرأته عاقر لا تلد. والقصة الثالثة: قصة ولادة السيد المسيح عليه السلام؛ وقد كان ذلك أعظم حرق للعادات» إذ ولد من غير أب» وفى ذلك تتسلسل القصص الثلاث فى خوارق تبتدئ بالخارق القريب من المعروف ثم بغير المعروف مطلقاء ثم بالخارق الغريب الذى لم يعرف قط لغير عيسى بعد أن انتشر بنو آدم فى الأرض . القصة الرابعة: قصة حياة عيسىء. التى اشتملت على خوارق كثيرة كانت فى ذاتها أغرب من ولادته؛ منها: إبراء الأكمه والأبرص» وإحياء الموتى بإذن الله على يديه»ء وهكذا غيرها. وقصص القرآن ليس المقصود منه مجرد السرد التاريخى» كما يسجل التاريخ وتدون قصصه. إنما قصص القرآن المقصود به أولا: العظة والاعتبارء كما قال تعالى : ا لَقَد كان في قَصّصهم عبرة لأولي الألباب. . . 7ل 4 1 يوسف ]ء ثم ثانيا: إثبات صدق الرسول ذلِةِ؛ِ وذلك لأن هذا القصص الحق يتفق مع الصادق من كتب أهل الكتاب يجرى على لسان أمى لا يقرأ ولا يكتب» ولم يجلس إلى معلم» ولم تعرف ملازمته لأحد من أهل الكتاب حتى يطلعه على ذلك» بل كان لمتقطع فى بلد أمى ليس به علم يدرسء» ولا فلسفة تبحث. ثم المقصود ثالثا: بيان وحدة الشرائع الإلهية السماوية؛ لأنها جميعها تنبعث عن مصدر واحدء وهو رب السموات والأرض وما فيهما؛ فبيان قصص النبيين السابقين وما كانوا يلقون فى الدعوة إلى التوحيد دليل على أن التوحيد هو الوحدة الجامعة”بين كل الشرائع» وهو الحد الفاصل بين ما هو من السماء» وما هو من إفك أهل ألأرض . وفى بيان قصص النبيين تسلية للنبى مَلْوٌ» وتسرية عن شدائده بالاستبصار فيما لقيه غيره من عنت . تفسيرسورة آل عمران عو لل وفى قصص النبيسين وكفر أقوامهم مع الآيات الحسية التى أتى بها النبيون بيان أن الكفر ليس منشؤه نقصا فى البينات» ولكنه ينشأ من الجحود وغلبة الهوى» والإعراض عن مناهج الاستدلال الصحيح. ولعل أوضح مثل لذلك» الآيات التى أجراها الله تعالى على يد عيسى عليه السلام؛ فما كانت وراءها آيات تقرع الحس» وتدل على خوارق العادات كهذه الآيات».ومع ذلك كفروا وما آمنواء وما ازدادوا إلا طغيانا وعتوا. هذه تقدمة نقدم بها قصة أولئك الأبرار الأطهارء ونبتدئ بما ابتدأ به القرآن الكريم من قصة مريم البتول: إن الله اصطفئ آم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران معنى الاصطفاء: طلب الصفوة من كل شىء» ولذلك قالوا إن معناها اختارهم مؤثرا لهم على غيرهم» وفى التعبير بالاصطفاء إشارة إلى أن آدم ونوحاء وآل إبراهيم وآل عمران هم صفوة الناس والتعبير بعلى فى قوله تعالى: على الْعَالْمينَ 4 إشارة إلى معنى التفضيل على غيرهم من الناس؛ فهم صفوة الناس» وهم مفضلون على كل الناس. وآل إبراهيم هم أسرة إبراهيم بفروعهمء. سواء منهم من أووا إلى مكة وكان منهم صفوة الخلق محمد يو ومن كانوا فى الأرض المقدسة وكان منهم النبيون من بعد؛ وآل عمران هم ذرية عمران» وهو أبو مريم البتول» ومن ذرية عمران السيد المسيح عليه السلام الذى خلقه رب العالمين بكلمة منه هى «كن) . وإن فى ذلك التسلسل إشارة إلى أن الخليقة لم تخل من هاد يهديها إلى الحق وإلى صراط مستقيم؛ فقد ابتدأت الهداية بأبى الإنسانية آدم كما قال تعالى: لثم اجببَاهُ ربُهُ فاب عَلَيْهِ وَهَدَئ +4429 [طه] فهو أول خليفة» وأول هاد للإنسانية بمقتضى أبوته» وبمقتضى اجتباء الله تعالى لهء وقد حكم بأنه هداهء واهتدى به بئوه من بعده. تفسير سورة آل عمران 00 اللللاااااللل الل 59 كاه < بي ثم جاء نوح من بعده بسنين وقرون لا يعلمها إلا علام الغيوب» وهو الأب الثانى للخليقة» » فاصطفاه رب العالمين للهداية كما قال تعالى: ط(وكلاً هدينا ونوحا هدينا من قبل . ٠٠‏ + # [الأنعام ] . ثم جاء من بعد ذلك بقرون لا يعلمها إلا فاطر السموات والأرض أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام» فكان هو وآله من أقارب كلوط وذريته التى جاءت من بعده فيها صفوة الخلق وفيهم النبوة» فكان منهم إسماعيل ومحمد فى فرعء وإسحاق وبنوه فى فرع آخرء وكان من هؤلاء آل عمران وهم ذرية عمران وأقاربه كزكريا ويحيى عليهما السلام» ومن تلك الدوحة النبوية عيسى عليه السلام الذى ختمت به تلك الشعبة من أولاد إبراهيم. وتسلم الرسالة الخالدة إلى يوم القيامة الفرع الثانى من أولاد إبراهيم وهم ذرية إسماعيل» فكان محمدء وبه ختمت الرسالة الإلهية فى هذه الأرض. وعمران هذا هو أبو مريم كما نصت على ذلك الآية التالية» ولا حاجة لفرض أنه عمران آخرء وهو أبو موسى» فذكر اسم واحد فى مقام واحد يشير إلى أن المدلول واحدء ولا حاجة إلى فرض التغاير. وكلمة الآل تشمل الأقارب من العصبات» والذرية. ولقد بين الله سبحانه بعد ذلك تسلسل هذه الصفوة المختارة بعضها من بعض فقال: « ذَرِيّة بعضها من بعض واللّهُ سميع عليم » : الذرية هم الفروع من الأولاد وأولادهم مهما نزلواء وأصلها من مادة «ذرأا وقيل من «الذرو»ء وقيل من «الذر». وكل هذه الآلفاظ تنتهى إلى التكوين والتفريع فرعا من بعد فرع؛ ومعنى النص الكريم أن أولتك المصطفين الأخيار بعضهم ذرية من بعضء فهم متصلو النسب بسالسلة لا تنقطع؛ فنوح من ذرية آدمء وآل إبراهيم من ذرية نوح» وآل عمران من ذرية آل إبراهيم» وهكذاء فهى ساسلة متصل بعضها ببعض فى النسب والهداية. بيترتب على أنا يعضوم من بعض أن تتشابه صفاتهم فى الخير والفضيلة ما داموا جميعا مصطفين» و داموا جميعا من سلسلة ونسبة واحدة. وقد قال بعضهم ا مسي وي تفسيرسورة آل عمران 5م 11اا!!!ا خ امماا ل الاممممااالامخع ممما للألل طخل قلط ل ل لل لل لالتلا : لوه‎ ١ 7 بَعض »4 أنهم متشابهون» كقوله تعالى: لإ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعضٍ ... +( 4 [التوبة] فهم يشبه بعضهم بعضاء وهم ذرية واحدة لآدم. والحق أن ذلك المعنى يجىء بالالتزام من المعنى الأول فليس مغايرا له من كل الوجوه. ثم ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: 9 والله سميع عَليم 4 إشارة إلى كمال إحاطته» وإلى أنه إذ اصطفى هؤلاء اصطفاهم على علم كعلم من يسمعء أى أنه علم دقيق لا يخفى على الله شئ فى الأرض ولا فى السماءء وإن ذلك النص الكريم فيه تمهيد لما سيتلى من بعدء وهو قول امرأة عمران» فقد قال تعالى حاكيا عنها: «إذ قَالَت امرأت عمران رب إِنّي نذرت لَك ما في بَطني محرا فَتَقبّلَ مني ِنّكْ أنت السّميع العليم 4 فقوله تعالى: 9 إذْ قَالَتِ امُرأت عمران» متعلق بقوله تعالى : «إوالله سَميع عَليم 4 أى أن الله سبحانه وتعالى كان يعلم علم من يسمع فى الوقت الذى قالت فيه امرأة عمران ذلك القول» فهو سبحانه وتعالى سمع قول امرأة عمران ذلك القول» ونَذْرَّها ذلك النذر» وقد عقدت العزم على أن يكون ما فى بطنها خالصا لله سبحانه وتعالى؛ ومعنى النذر التزام التقرب إلى الله تعالى بأمر من جنس العيادات المفروضة؛ وقد نذرت هذه السيدة الكريمة لله» أى التزمت لله أن يكون ما فى بطنها محرراء أى خالصا لله سبحانه وتعالى ولخدمة بيته المقدس؛ فمعنى «محررا» أى مخلصا للعبادة والمناجاة» ومن أخلص للعبادة فقد صار عتيقا من كل رق فى الدنياء فهوعتيق من رق الهوى» ومن رق الرجال» ومن رق ذوى السلطان؛ لآنه يكون خالصا لالك الملكوت» ومن خلص له تعالى فقد عتق من كل رق فى الدنيا. وعمران: هو أبو مريم بهذا النص» وهو عمران المذكور أولا كما ذكرناء وفرض المغايرة بأن يكون الأول عمران أبا موسى» وأن عمران هذا هو أبو مريم» تكلف لا حاجة إليه» وليس فى النص ما يدل عليه. تفسير سورة آل عمران 52 سس سسا اس لس ل 0719 ك0 رب أ قصدت امرأة عمران تلك العبادة واحتسبت هذه النية راجية ما عند ربهاء وأول رجائها أن يقبل نذرها؛ ولذلك تضرعت إليه أن يقبل فقالت: « فتقبّل مني إِنْكَ أنت السّميع الْعَليم 4. أى أضرع إليك أن تقبل نذرى» فإنك سمعت ما قلت» وما حدثت به نفسى» وما احتسبت به القربى عندك» فكان النذر بذاته عبادة» وكان الدعاء بالقبول عبادة أخرىء فإن الدعاء مخ العبادة» خصوصا فى ذلك المقام الروحانى السامى الجليل» والتقبل هو الأخذ بالأمر فى طريق القبول» حتى يتم القبول» فكأنها ما كانت تطمع فى القبول بادئ ذى بدء» بل تطمع فى أن ينظر فى الأمر نظرة رضا حتى ينال القبول» وتلك مرتبة الصديقين يستصغرون أعمالهم بجوار رضا الله. ولقد كانت إجابة الله تعالى لهذه العبادة التى طويت فى ثنايا النذر» والعبادة الأخرى التى طويت فى ثنايا ذلك الدعاء الضارع» ما حكاه بقوله تعالى من بعد لما وضعتها: 9 فَتَقبّلهَا ربها بقبول حَسّن». وهى فى نذرها وفى ضراعتها لقبول هذا النذر كانت تفرض أن الحمل ذكرء لأنه هو الذى يصلح لسدانة المسجد الأقصى والبيت المقدسء ولكنها عند الولادة تبين أنها أنثى» فذكرت ذلك» وأشارت فى ذكرها إلى تقديرها وفرضها؛ ولذا حكى الله عنها أنها قالت: طلم وَضعنها قات وب إتي سسا أنئ والله ألم بم وصَعْت ويس الك كالأنشئ »4 أى أنها قدرت المحمل ذكراء وقدرت لذلك أن يكون فى خدمة البيت وأنها لذلك تتحسر؛ لأنه لا يستطيع المولود بعد أن تبين أنه أنثى الخدمة» فليس فى هذه الخدمة المقدسة الذكر كالأنثى» فإن الأنثى لا تستطيع ذلك. وقوله تعالى: «إوالله أعلم بما وضّعت4 جملة معترضة بين كلاميها؛ وهى تشير إلى أن الله تعالى أعلم منها بما وضعت, فليس لها هذا الاعتذار لآن من تعتذر إليه» وتتحسر بين يديه أعلم منها بما وضعته؛ لأنه هو الذى خلقه وجعله أنثى» وهو أعلم بما يصلح لهء وهو وحله العليم بما هيأ له فى لوح القدرء فإذا كانت لا تستطيع خدمة البيت كالذكر فقد اختارها رب العالمين ليكون منها عيسى عليه السلام من ا تفسير سورة آل عمران ل للا 4ج بسر يي غير أب؛ ولذا قال الزمخشرى فى هذا: «قال الله تعالى: ظواللّه أَعلّم بم وَضَعَتَْ» تعظيما لموضوعها .. ومعناه والله أعلم بالشىء الذى وضعت وما علق به من عظائم الأمورء وأن يجعله وولده آية للعالمين» وهى جاهلة بذلك لا تعلم عنه شيئا». وقوله تعالى: ظ ولَيس الذَّكْرٌ كَالأَنقَ» إما من كلام الله فيكون فى الجملة المعترضة» ويكون المعنى وليس الذكر الذى طلبت كالأنثى التى أعطيت فى الشرف والمكانة والعبادة بل هو دونهاء وهذا هو الظاهر؛ وإما أن يكون من كلامها وهو غير الظاهر؛ إذ يكون الأولى حيئئذ التعبير بقولها: وليس الأنثى كالذكر لأنها ترى الذكر أفضل . ومع أن هذه التّقيّةَ تتحسر على أن مولودها لم يكن ذكرا كما قدرت؛ ليكون فى خدمة بيت الله تعالى كما نوت» فقد رضيت بما وهب الله تعالى» وضرعت إليه أن يهديها ولذا قالت : طوَإنّي سَمَينها مَريَم وإنَي أعيذَها بك ودْرِيتهَا من الشيطَان الرجيم 4 فهى قد اختارت الاسم راضية بما أعطيت» قال الزمخشرى فى الكشاف: «وإن اختيار الاسم فيه تقرب إلى الله تعالى؛ لأن مريم فى لغتهم معناها العابدة والخادم؛ فأرادت بذلك التقرب إلى اللّه» والطلب إليه أن يعصمهاء حتى يكون فعلها مطابقا لاسمهاء وأن يصدق فيها». ولذا طلبت إلى ربها أن يعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم . ومعنى الإعاذة أن تكون فى ملجاأً من الله تعالى يعصمها من الشيطان؛ وذلك لأن التعوذ الالتجاء. فمعنى أعوذ بالله ألحأ إليه» وأتخذ منه معاذا؛ ومعنى أعذته بالله من الشيطان جعلت الله تعالى معاذا له منه» وهذه الإعاذة كانت دعاء من الله تعالى» فكان هذا الدعاء عبادة أخرى. وهكذا اقترنت ولادة مريم وحملها من قبل بعبادات متضافرة متوالية مستمرة» وضراعة تدل على خلاص النفس وإسلام الوجه لله تعالى. والشيطان: ما يوسوس فى النفس» وهو يجرى من الإنسان مجرى الدم. والرجيم أى المطرود المنبوذ من رحمة الله من وقت قال.له رب البرية: قال ل تفسير سورة آل عمران الالالال 00100 2 ٠: مهاوه‎ يي فاخرج منها فَإِنّكَ رَجيم +(2) ون ليك اللَعةَ إلى يوم الدذين :220 4 [الحجر ] . وإن الله تعالى عصم بهذا الدعاء مريم وابنها من أن يمسهما الشيطان. وقد ورد فى ذلك بعض الآثار. ولقد قال الزمخشرى فى ذلك: يروى من الحديث «مامن مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها» 2١7‏ فالله أعلم بصحته؛ فإن صح فمعناه أن كل مولود يطمع الشيطان فى إغوائه إلا مريم وابنهاء فإنهما كانا معصومين» وكذلك كل من كان فى صفتهما كقوله تعالى: ل« ولأَغْرِيئهم أَجَمَعِينَ 22> إلا عبّادك منْهم الْمُخلصِينَ 21 4 [الحجر] واستهلاله صارخا من مسه تخييل وتصوير لطمعه فيه كأنه يمسه ويضرب بيده عليه» ويقول: هذا تمن أغويه» ونحوه من التخييل قول ابن الرومى: لما تؤذن به الدنيا من صروفها يكون بكاء الطفل ساعة يُولّد تلك ضراعات امرأة عمران عند ولادة مريم البتول» وقد تقبل الله نذرهاء وأجاب دعاءها؛ ولذا قال سبحانه: «فَقبَلهَا بها بقبول حسن وأنْبَتَهَا نبَانَا حَسنًا 4 قلنا إن التقبل هو أخذ الأمر بالنظرة الراضية المستحسنة غير المستهجنة» ويكون القبول نتيجة له وقد ضرعت أم مريم أن يؤخذ نذرها مأخذ الرضا والاستحسان من ربهاء فيقبل» وقد أجاب الله دعاءهاء وعلى ذلك لا يكون التقبل بمعنى القبول» ولقد قال فى ذلك الراغب الأصفهانى: (إنما قال: طفتَقبلها بها بقبول حَسَّن4. ولم يقل: بتقبل حسن؛ للجمع بين الآمرين التقبل الذى هو التدرج فى القبول» والقبول الذى يقتضى الرضا والإثابة) . هذا هو قبول النّذرء أما إجابة الدعاء وهو ألا يمسها الشيطان أو لا يكون له سلطان عليها؛ لأنها من عباد الله المخلصين» فقد بينه الله تعالى بقوله: 9 وأَنْبتها )١(‏ متفق عليه؛ رواه بهذا اللفظ البخاري: تفسير القرآن (2»)4184 ومسلم: الفضائل - فضائل عيسى عليه السلام 13590 م تفسير سورة آل عمران لمم جرب 1 نَبَانَا حسنا 4 أى أنشأها برعايته ومحبته وحَّصّنهاء وكانت حالها كالنبات ينبته رب العالمين فينمو يوما بعد يوم حتى يستوى على سوقه. فكذلك كان مع مريم: تولى رعايتها من المهدء وغذاها بغذاء من الروح» فبعدت عن كل شرء وغذاها وثماها جسمياء فجعل لها رزقا مستمرا يأتيها من حيث لا تحتسب» ولا يحتسب كافلها ) أما التنشتة الروحية التهذيبية فقد كانت: بأن نشأت فى بيت العبادة» وإن كان الكافل لها نبيا من الأنبياء» وأما الثانى فبالرزق المستمر كما أشرناء وقد ذكرهما الله تعالى بقوله: وتلا زر كنا د ها و امراب وجد عن رة». «وكملهَا4: أى ضمها إلى زكريا؛ لأن الكفالة فى أصل معناها الضم» وقد ضمها إليه لتكون فى رعايته» وكان ذلك بإرادة الله» ونتيجة اقتراع كان بينهم؛ ذلك بأن الصالحين من قومها تنازعوا فيمن يكفلهاء فاقترعوا فكانت القرعة لنبى الله زكريا؛ ولذا قال سبحانه: ذلك من أنباء اليب نوحيه إِلَيك وَمَا كنت لَدَيْهمْ إذ يلقُونَ أفلامهم أَيْهُم يقل مَريُم وما كنت لَديْهم إذ يختصمون :> 4 [آل عمران] فكانت تلك القديسة الطاهرة فى رعاية نبى» وتربت فى مهد النبوة» لتكون هى وابنها آية للعالمين. وأما كفالة الله تعالى لرزقهاء فقد أشار إليها سبحانه بقوله: 9 كلما دخَل عَلَيهَا ركرِيًا المحراب وجد عندها زقًا4 المحراب هو مقدم بيت العبادة» فكأنها كانت فى عكوف دائم بالمسجد منذ غرارة الصباء بل كان ذلك وهى بالمهدء والرزق كان يجىء من حيث لا يحتسب كافلهاء إما من هبات توهب لهاء أو من فيوض الله تعالى عليهاء وهو خالق كل شىء» فمن خلق من العدم كل هذه الموجودات قادر على أن يؤتى لهذه المصطفاة رزقا جاريا لا يعلمه إلا هوء وهو على كل شىء قدير. ومن أنكر ذلك» فقد أنكر علم الغيبء وهذا التخريج الأخير هو ما نراه حقا؛ ولذا عجب زكريا منه» فقال سبحانه حاكيا عنه: تفسير سورة آل عمران اللا ا 10 1 1 1111111 ا ااه 7 و «إقال يا مريم أنّى لَك هذا قَالَتَ هو من عند الله إن الله ررق من يَشَاء بغي حساب »# عجب نبى الله فقال: أَنَى لك هذا؟ أى من أين لك هذا؟ فإن أَنّى تكون بمعنى كيفء كما قال تعالى: «فَأتوا حرتَكُم أَنّى شنكم ... +72 4 [البقرة] وتكون بمعنى من أين» وهى هنا كذلك؛ عجب نبى الله من هذا الرزق» وما كان العجب إلا لأنه لا يعرف سببه» ولو كان يعرف أنها هبات تأتيها ما ثار عجبهء ولقد كانت إجابتها إجابة الربانيين الأبرار؛ ظقَالَت هو من عند اللّه) . أكدت أنه رزق الله» ولذلك أتت بالضمير» » ثم أكدت ذلك بما يزيل العجب» فقالت: إن الله يرزق من يشاء بغيْرِ حساب » أى أن رزق الله كثير غير محدود بحدء ولا مقدر بقدر؛ ولذا لا يحده الحساب» ولا تجرى عليه الأعداد التى تنتهى. ويصح أن تكون هذه الجملة السامية من كلام الله تعالى لتقرير ما قالت» وبيان أن الله أجرى عليها الرزق لينمو جسمها مع نمو روحهاء ويتم لها الإنبات الحسن فى الجسم والروح معاء واللّه سبحانه وتعالى على كل شىء قدير. ب أ هه آ ته 2 ص | ع سمل ام ره مالي دار لصون شلك زه صد 2 221 وم 2004 1 وشو فم طيّبة نكمي الدعاء نوي 2 : فنادته١ا‏ لم الى صمح 7 أ سس 5 007 ييل في ا محرا أَنَ الله بي دسح مه 200 1 سيدا وَحَصُومًا 201101 6 و ا 020 2 أَمَرَأَنَ َنَيَكُونُلَِعْلم وَكَدَء . لق الحكبر وَأمَر 100 آل ره ل كَدَيدَكَ) نَل م25 4 قَالَّر ب امَك 00 د قَالَ م ركس 51 َ وده دي #ممرامء مم ال رمعم الكل حجر بك كيرا وَسيَح بالْعَنِيَوَألإبَكر زر 84 ١ «5 حج)‎ 52 ع 36 كلق 3 1 0 3 5 عملي علي‎ 1١ 2 ١١ ءما 3 ب ا سام ع" 0 م تفسيرسورة آل عمران الللللللللتتمللللل > أ فى الآيات السابقة ذكر سبحانه قصة ولادة مريم» وفى هذه الآيات يقص ولادة يحيى» وإن ولادة مريم كانت ذات صلة وثيقة بولادة يحيى عليه السلام» وإنها تتجه نحو خوارق العادات أكثر من ولادة مريم وحالها. فالقصص الأربع تتدرج فى خوارق العادات» تبتدئ بالقريب من اللمألوف ثم تنتهى بخوارق لم يكن للناس بها عهد من قبل. وانتهينا فى قصة مريم البتول إلى أن نبى الله زكريا كفلهاء وأنها تربت منذ صغرها فى المسجد» بيت الله المقدس» وأن الله أفاض عليها بالخير والنعم الظاهرة والباطنة» فملاً قلبها إيمانا وروحانية» وغذاها بلبان المعرفة» وبغذاء مادى طيب. ولقد كان زكرياء ومريم تدرج فى مدارج الصباء شيخا هرما يئس من الولادء ولكنه عندما رأى مريم وتنشئتها على الإيمان والمعرفة ومحبة من الله تعالى» ورآها ترزق بغير حساب» ورأى منها مع صغر السن نجابة وتفويضا وإيمانا راسخاء حر إلى الولد حنيناء ورغب فى الذرية» وكان بين حالين متناقضتين: حال تلك الرغبة وعدم اليأس من رحمة الله القادر على كل شىء» وحال الكبر الذى أصابه» والشيخوخة الفانية التى هو فيها؛ ولكنه قد تحرك فيه عامل الرغبة عندما تكلم مع مريم فى المحراب يسائلها عما عندها من رزق كلما دخل عليهاء ؛ ولذا قال سبحانه وتعالى فى قصته. ل مالك دعا رَكَرِيا ره قَالَ رب هَبْ لي من لدنك ذَريَةَ طَيْبة نلك سميع الدعَاء 4 ففى هذه الحال التى رأى ضيها مريم تغلب فيه جانب الرجاء على جانب اليأس» ولذا قال تعالى: «( مالك دعا َكَريًا به 4 أى فى هذا المحكان وهو المحراب الذى كان يلتقى فيه بمريم الفينة بعد الفيئة» ويسائلها فيه» وتتكلم بلسان البر والتقوى» تحركت غريزة الأبوة فئ ذلك المكان المقدسء فدعا ربه. والتعبير بدعا ربه إشارة إلى شعوره بقدرة الله تعالى على كل شىء, إذ هو ربه الذى ذرأه وثماه صغيرا» حتى بلغ أشده ثم تولاه حتى بلغ من الكبر عتياء فقد اتجه إذن فى دعاته إلى الرب القادر العليم الذى أبدع كل شئء على غير مثال سبق قال: #رب» أى )0 تفشسير سورة آل عمران سس سسا 1ك لحر د خالقئ الذى خلقنى» وخلق كل شىء من طين» وصدر عنه كل ماافى الوجود بإرادته العالية: هب لي من لّدنك 4 أى أعطنى أنت عطاء كريما لا سبب له إلا إرادتك» ولا باعث عليه إلا رحمتك» فلا يكون الأمر فيه جاريا على مقتضى الأسباب ومسبباتها» إما يكون على مفقتضى الهبة المجردة » والعطاء الخالص الذى لا سبب له إلا إرادتك الأزلية وإلا رحمتك: 8 من لُّدنك 4 أى من عندك؛ أى السبب يكون من عندك لا من عندى؛ لأن الأسباب عندى قد زالت». ولم يعد إلا سبب منك» وإلا معجزة تكون فيها المانح المعطى من غير أى علة أو ترتيب. والتعبير ب 9 لّدنك 4 التى لا تكاد تستعمل فى القرآن إلا فى جانب الله تعالى يفيد العندية العالية السامية» لا العندية القريبة المقارنة» ولا.العندية المقارية. ودعاء نبى الله أن يهب له ذرية طيبة» فلم يذكر الله سبحانه عنه فى هذه الآية سوى أنه يطلب ذرية طيبة» والذرية قد بينا معناها من قبل. والطيبة: هى الذرية الحسنة المرغوب فيها التى تكون ذات أثر طيب؛ لأن الطيب هو الأمر الحسن المحبوب المرغوب فيه الذى لا ينتج إلا خيراء ويأتى بخير الثمرات وأحسن النتائج ؛ ومن ذلك قوله تعالى : ج والبلد اليب يخرج نباته يإذن به والْذي حَبث لا يخرج إلا نكدا ... )4 [الأعراف]. وبعد أن ضرع هذه الضراعة بدأ رجاؤه فى الإجابة بقوله: ف إِنّك سميع الدذعاء 4 أى إنك تعلم بدعائى علم من يسمعء وإن الأمر إليك إذ علمته وسمعته؛ فإن أجبت فبرحمتك». وإن لم تجب فبحكمتك» فآنت العليم الحكيم» والرحمن الرحيم. والصيغة تفيد قرب الرجاء وإمكان الإجابة. وفى هذه السورة لم يبين سبحانه شكل الدعاء أكان جهرا أم كان خخفياء وفى سورة مريم بين حاله؛ وبين نوع ما يطلب من الذرية» فقال سبحانه: كهيعص + 00 00> ذكر رحمت ربك عبّده زكريًا > إذ نادئ ره نداء حفيًا 2 َال رب إِنّي وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولّم أكن بدعائك رب شقيًا + وإِنّي تفسميرسورة آل عمران 11 اللاا !اناالا ااا الاك 11 ط نالك ااا لاما كخم !لمخم خمممعمغ ممم عمس خسم خخ خخخ طخلل طاطخلل ناتللا ا حت مولي م وتاي وكات أي عاف ا فب ل من لذن ون 6210 في وترث من آل يوب واجعل رب رضي 22 4 امم ]. وفى هذا النص الكريم يتبين أنه مع رجائه كان يذكر شيخوخته الفانية» وكون امرأته عاقرا لا تلدء ومع ذلك تغلب عليه جانب الرجاءء فدعا ذلك الدعاء»ء وضرع إلى الله تعالى تلك الضراعة» وقد أجاب الله تعالى دعاءه فور طلبه؛ ولذا قال سيحانه : « فنادته المَلائكة وهر قائم يُصَلَي في المحراب أن الله شرك بيحيئ 4 والتعبير ب «الفاء» يفيد أن النداء كان فى زمن قريب من الدعاء. وهنا ثلاث نقط نريد أن نوضحها بعض التوضيح: أولاها: فى النداء ونسبته إلى الملائكة» فهل خاطبه بهذا عدد منهم؟ لقد أجاب المفسرون عن ذلك بجوابين؛ أحدهما: أن الذى ناداه هو جبريل الذى ينزل بالوحى على النبيين» ولقد قال فى ذلك التفسير ابن جرير الطبرى «يقال خرج فلان على بغال البريد» وإنما ركب بغلا واحداء وركب السفنء وإثما ركب سفينة واحدة» وكما يقال: ممن سمعت هذا؟ فيقال: من الناس» وإغا سمعه من رجل واحدء وقد قيل إن منه ظ الّذين قَالَ لَه النّاس إِنّ النّاس قد جمَعوا لَكُم .. . 22> 4 [آل عمران] والقائل فيما ذكروا كان واحدا». هذا توجيه من قال إن المراد جبريل. وفى ذكر الملائكة بالجمع إشارة إلى الجنس» أى أن الله سبحانه كان من رحمته به أن أجاب دعاءه» وسارع بتبشيره بإجابته» وكانت الإجابة بملائكته» وإن كان المبلغ واحدا. وأما التخريج الثانى: فهو أن المراد الجمع من الملائكة؛ لأن من كمال عناية الله تعالى بعباده أن ألقى إليه بالبشرى عدد كبير من الملائكة لا واحد منهمء وهذا ما رجحه ابن جرير؛ ولذا قال: «والصواب من القول فى تأويله أن يقال إن الله جل ثناؤه. أخمبر أن الملاتكة نادته» والظاهر من ذلك أنها جماعة الملائكة دون الواحد. وجبريل واحدء فلا يجوز أن يحمل تأويل القرآن إلا على الأظهر الأكثر تفسير سورة آل عمران .1 االللللللللللاتالاااااااااااااللاالللبلل للك لسر اا من الكلام المستعمل فى ألسن العرب دون الأقل» ما وجد إلى ذلك سبيل» ولم تضطرنا حاجة إلى صرف ذلك إلى أنه بمعنى واحد» فيحتاج له إلى طلب المخرج بالخفى من الكلام والمعانى» ولا شك أن العدد فيه مبالغة بالتبشير» وكأن حال هذا النبى الكريم فى يأسه من الولد لشيخوخته الفانية وكون امرأته عاقرا وعجوزاء كان يحتاج فيها إلى عدد من المبشرين ليزول من نفسه كل يأس» ويحل محله الرجاء . النقطة الثانية: أن النداء الذى وجهته الملائككة كان وهو قائم يصلى فى المحراب» فهو فى وقت مواجهته لربهء ومناجاته لخالقه» وإنه بابتداء القول بالفاء الدالة على التعقيب من غير تراخ» وكون خطاب زكريا لمريم كان وهو فى المحراب» وأن الدعاء كان وهو فى المحراب» يتبين أن إجابة الدعاء كانت فور الدعاء» فهو قد ضرع إلى الله خالص النية» طاهر النفس والحس فأجاب الله دعاءه على سنته فى إجابة المهديين من خلقه دعاءهمء كما قال تعالى: « وقال ربكم ادعوني أستجب لَكُم إن الّذين يَستَكْبرون عن عبادتي سَيدْخَلُونَ جَهِنّمْ داخرين +1 4 [غافر] . النقطة الثالشة: فى قوله تعالى: «إأَنّ الله شرك بِيَحبَئ 4 وهنا قراءتان فى أنء إحداهما بالكسر على تضمين النداء معنى القول» أى فنادته الملائكة قائلين إن الله يبشرك بيحبى» والفتح على أن الباء محذوفة والتقدير فنادته الملائكة بأن الله يبشرك بيحيى» واقتران التبشير بالتسمية بيحيى للإشارة إلى أن ذلك المولود سيحيى اسمه وذكره بعد موته» وبذلك تتحقق الإجابة الكاملة للدعاء » إذ قال كما فى سورة مريم «( يرثنى ويرث من آل يُعقوب وَاجِعَلَهِ رب رَضَيا >4 1[ مريم] . وقد أجاب المولى القدير كل دعاء زكرياء فكان المبشر به رضيا فى خلقه ودينه؟ ولذا قال سبحانه فى وصفه: مص ماله ويد وَحَُورا ونين لاحي وصفه الله سبحا وتعالى بصفات أربع كلها بجعل من الله وتكوينه وخلقه: وأولى هذه الاأوصاف: تفسيرسورة ال عمران لللملم اللا لبجل ب_زؤز يي أنه كان مصدقا بكلمة من الله» وتصديقه بكلمة من الله اختلف المفسرون فى تحرير معناهاء لاختلافهم فى معنى: ١كلمة»»‏ فمنهم من اتجه إلى أن كلمة الله هو المسيح عيسى بن مريم» ما قال تعالى من بعد ذلك لمريم: يا مريم إِنَ الله يتشّرك بكلمَة من اسمه الْمسيح عيسى ابن مريم ... +520 4 [آل عمران] ويكون المدح فى يحيى حيئئذ بأنه صدق عيسى وأذعن للحق إذ تبين له» فلم يكن من المعاندين الذين يجحدون بآيات الله تعالى» ويكفرون ببيناته» وسمى عيسى «كلمة من الله» من الله؛ لأنه نشأ بكلمة منه سبحانه» ومن المفسرين من قال إن المراد من كلمة الله تعالى كتابه؛ وذلك لأنه تطلق الكلمة ويراد منها الكلام» وذلك من هذا القبيل» والظاهر عندى هو الأول؛ لأنه فى هذا المقام ذكرت كلمة الله على أنها المسيح عليه السلام» والاسم المكرر فى مقام واحد تكون فيه وحدة المقام دليلا على وحدة المسمى. وكان فى هذا التعبير إيذان بأن ولادة المسيح ستكون قريبا من ولادة يحيى وفيه إيماء إلى أن زكريا نبى الله قد أوتى علما بأن المسيح عهده قريب. والوصف الثانى من أوصاف يحيى: أنه سيد» والسيد فيعل من السيادة» وهى الشرف والتفوق والعلو» وتبتدئ السيادة بسيادة الإنسان على نفسه بأن يملك زمامهاء ويضبطها ويأخذ بعنانهاء فلا تذل» ولا تتكبر ولا تجمح» ولا يزال يترقى فى معنى السيادة من ضبط النفس والعلو عن سفساف الأمور» والاستغناء عما فى أيدى الناس حتى يفوق الناس . وإنه يروى أن أعرابيا مر بالبصرة» فسأل من سيد هذا المصر؟ فقيل له: الحسن البصرى فقال: وبم ساده؟ قيل استغنى عما فى أيدى الناس» واحتاج الناس إلى ما فى يده» فقال: ذلك هو السيد حقا. فكلمة السيد فى النص القرآنى الكريم تتضمن كل معانى السؤدد ومكارم الآخلاق. . والوصف الثالث: أنه حصور. وأصل الحصر معناه الحبس» والمراد أنه حيس نفسه عن الشهوات» حتى لقد روى أنه امتنع عن النساء زهادة واستعفافاء واتجاها إلى الروحانية . وقيل إنه كان لا يأتى النساء عجزاء وذلك غير صحيح» والحق أنه تفسير سورة آل عمران 01 اس د إن كان قد امتنع عن النساء فعن قدرة واختيار لا عن عجز؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى ساق ذلك الوصف فى مقام المدح والثناء» ولا يتحقق معنى المدح والثناء إلا إذا كان فيه اختيارء ولم يكن عجزا وجبرا. ولآن «حصور» صيغة مبالغة لحاصرء أى أنه يبالغ فى منع نفسه من الشهوات . وليس فى النص ما يدل على أنه امتنع عن النساء بخاصة» بل النص يدل على أنه حبس نفسه عن الشهوات» وقدعها عن أهوائها. الوصف الرابع: أنه نبى من الصا حين» وفى هذا بشارة أخرى لزكريا بأن اللّه سيختار ابنه نبيا؛ فإن الاأوصاف السابقة فيها إجابة لدعائه» ولكن الله سبحانه وتعالى من عليه بأعظم مما دعا به» وأعطاه النبوة وقوله إ من الصالحين 4 إشارة إلى موطن النبوة. وموضع اختيارهاء والله سبحانه وتعالى أعلم حيث يجعل رسالته» وهو سبحانه وتعالى لا يختارهم إلا من الصالحين» فالله سبحانه يقيهم الانغماس فى الشر قبل النبوة» ويعصمهم عن المعاصى بعدها. استمع زكريا إلى تلك البشارة الإلهية» فاعتراه العجب» لا كان يتنازعه من عامل الرجاء وعامل اليأسء فقال: قَالَ رب أَنّى يَكُونْ لي غْلام وقد بلغي الكبر وامرأتي عاقر » . « أنَى > هنا بمعنى «كيف»2 فهو يعجب من الحال» ولا يصح أن تكون بمعنى «من أين» لأن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه سيعطيه الولد» فلا يليق أن يسأل من أين» إنما العجب من حال العطاء مع حاله هو وامرأته؛ ولذا كانت الجملة من بعد ذلك جملة حالية صدّرت بواو الحال» فقال: ا وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر 4 كان وجه العجب من ناحيتين: الناحية الأولى: أنه شيخ فان قد أصابه الكبر ب فيه من ضعف» والثانية أن امرأته عاقر لا تلدء والعقر يوصف به الرجل والمراق فيقال رجل عاقر» وامرأة عاقر أى بينة العقرء والعقر مصدر عَفَرَ يعقر عقرا ويظهر أن امرأته مع شيخوختها كانت عقيما لا تلد. فكان العجب إذن من ثلاث نواح: شيخوختهماء وعقرها. وقد عبر عن شيخوخته بقوله : 9 وَقَد بلع الكبر4 ولم تفسيرسورة آل عمران لللمالل مالفالل لا كاهو :2 - يقل قد بلغت الكبر وهو الظاهرء ولكنه عدل هنا للإشارة إلى أن الكبر قد أصابه بضعفه وما فيه من آلام وأسقام وضعف. ويقول فى ذلك الزمخشرى: (وقد بلغنى الكبر كقولهم أدركته السن العالية» والمعنى أثر فى الكبر فأضعفنى) وعلى ذلك يكون قوله تعالى: 8 بلغي الكبر4 يتضمن بلوغ الشيخوخة» وأنها أوجدت فيه ضعفا وعجزاء ويكون هذا فى معنى قوله تعالى فى سورة مريم حكاية عن زكريا: 8 وقد بلغت من الكبّر عت 2 4 [مريم] . وقد أجابه سبحانه وتعالى بما يزيل عجبه» ويمنع حيرته؛ وذلك بأن بين أن الله تعالى فوق السنن الكونية وفوق الأسباب فى الخلق؛ لأنه خالق الأسباب؛ فقال تعالى : (٠‏ كَدَلك الله يفَعلَ ما يشَاء 4 أى مثل ذلك الذى رأيته من أن يكون لك وأنت شيخ وامرأتك عاقرء يفعل الله تعالى ما يشاءء أى أن الله سبحانه يفعل بمشيئته واختياره غير مقيد بالأسباب والمسببات والعادات وأحوال الناس؛ لأنه مسيحانه وتعالى خالق الناس؛ وخالق الأسباب» وخالق مجارى العادات التى تجرى بينهم . فالإجابة لا تتضمن فقط إزالة تعجب زكريا عليه السلام بل تتضمن مع ذلك تقرير قضية عامة» وهو أن الله يفعل ما يفعل باختياره وإرادته غير مقيد بأى قيد إنه سبحانه فعال لما يريد. ولماذا كان ذلك الخارق» وما يجىء بعده؟ الجواب عن ذلك: أن هذا لآن بنى إسرائيل كانوا لا يؤمنون إلا بالجسد» إذ كانوا يفسرون كل شىء تفسيرا مادياء وقد سادت عندهم الفلسفة المادية» وكثر بينهم القول بأن الأشياء تنشأ عن العقل الأول نشأة المسبب عن السبب أو المعلول عن علته» فكان لابد من صادع يقرع حسهم بحادث من هذا الصنف الذى تتخلف فيه فلسفتهم» فيوجد المسبب من غير سبب فيدل هذا على أن المنشئْ فاعله مختار يفعل ما يريدء وهو اللطيف الخبير؛ . ولذا قال سبحانه <( كذلك الله يفعل ما يَشَاء 4 . تفسير سورة آل عمران ل الل 00 .م رب 5 ولقد أراد نبى الله زكريا أن يعلم الوقت الذى تبتدئ فيه هذه البشارة أن تتحقق» وأن تقوم آية تدل على الحمل كما يقول بعض المفسرين فقال كما حكى الله عنه: «إ قال رب اجعل لي آية قَال آيتك ألا كلم النّاس ثَلاثَة يام إل وَمَرَا © : فى تفسير هذا النص الكريم اتجاهان: أولهما: أن سيدنا زكريا عليه السلام طلب علامة تدل على موعد الحمل» فقال: « اجعل لي آية4 أى علامة أعرف منها موعد الحمل» فقال له ربه: آيتك أى علامتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاء أى لا تستطيع أن تكلم الناس إلا بالرمز والإشارة» وأن تستطيع ذكر الله فاذكر ربك كثيرا وسبح بالعشى والإبكار أى فى المساء» وفى الصباح من وقت الفجر إلى الضحىء وقد وضح هذا الاتجاه الزمخشرى فقال: «آيتك ألا تقدر على تكليم الناس ثلاثة أيام» وإنما خص تكليم الناس ليعلم أنه يحبس لسانه عن القدرة على تكليمهم خاصة مع إبقاء قدرته على التكلم بذكر الله؛ ولذلك قال: «واذكر رَبك كيرا وسبّح بالعشي والإبكار4» يعنى فى أيام عسجزك عن تكليم الناس» وهى من الآيات الباهرة. فإن قلت لم حبس لسانه عن كلام الناس؟ قلت ليخص المدة بذكر الله لا يشغل لسانه بغيرهاء توفرا منه على قضاء حق تلك النعمة الجسيمة» وشكرها الذى طلب الآية من أجلهء كأنه لما طلب الآية لأجل الشكر قيل له آيتك أن تحبس لسانك إلا عن الشكر. وأحسن الحواب وأوقعه ما كان مشتقا من السؤال ومنتزعا منه) . هذا هو الاتجاه الأول. وأساسه أن ثمة أمرا آخر خارقا للعادة» وهو عجزه عن كلام الناس مع قدرته على الذكر. أما الاتجاه النانى» فأساسه غير ذلك» إذ إن معنى النص الكريم على هذا الاتجاه أن زكريا شعر بإكرام الله تعالى إكراما خصه به»ء وكانت آية ذلك الإكرام بين الناس أنه قد أنجب من عاقر وعجوز ولداء وقد بلغ من الكبر عتياء فدعا ربه أن يجعل له بين الناس آية تدل على عظيم شكره» وأن يختص من بين الناس بهذا الشكرء ليعلم الناس علامة شكره كما علموا علامة إكرامه» فقال سبحانه: ا تفسير سورة آل عمران الملل بولح ب_بسا]ز يي «آيتك ألا كلم النّاس ثَلانة يام إلا ما 4 بآن تحبس أنت لسانك عن حديث الناس وتجعله خاصا لله ثلاثة أيام لذكره وتسبيحه طرفى النهار وزلفا من الليل» فهذه آية شكر فى نظير آية إنعام» وقد يزكى ذلك الاتجاه أنه لا دليل فى الآية على العجز عن الكلام» فما قال تعالت كلماته ألا تستطيع الكلام» بل قال: « ألا تكلم اناس 4 وإضافة عدم الكلام إليه يدل بظاهره على أنه امتنع اختيارا لا اضطراراء وأن الأنسب بشكر النعمة أن يكون امتناعه عن كلام الناس بالكف عنه» لا بالعجز عنهء فإن الأول اختيارى يعد شكراء والثانى غير اختيارى يعد عجزاء وإن سياق القصة فى سورة مريم أظهر فى الدلالة على الاختيار دون الإجبار إذ يقول سبحاته : طقال َب اجعل لي آية فال آينّك ألا تكلم اناس ثلاث ليل سوا 2 لق فَخرج علَئ قومه من المحراب فأوحئ يهم أن سبّحوا بكرة وعشيا 421 4 [مريم] . وقد كان الدعاء بطلب الولد فى المحراب وإجابته فوره كما نوهناء» وكانت المجاوبة فيه أيضاء فخرج إلى الناس ينفذ طلب ربه فى أن يحبس وهو مختار لسانه عن غير ذكر الله تعالى» ويعتزم العكوف على الذكر والتسبيح ويدعو الناس إليه بالرمز والإشارة» لا بالكلام والعبارة. وإن هذا الاتجاه لا ينكر الخوارق» ولكنه ليس فى الآية مايدل على الخارق» ويعتبر من مرشحات شكر النعمة أن يكون ترك كلام الناس اختيارا . وفوق ما تقدم فإن عطف قوله تعالى: «١‏ واذكر رَبك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار» . يقتضى أن يكون قوله تعالى: ( ألا تكلم الئاس . 4 جملة طلبية؛ لأن الجملة الطلبية لا تعطف إلا على مثلهاء وإذا كان الامتناع عن كلام الناس طلبا من الله العلى القديرء فهو اختيارى من المكلف وليس حبسا وعجزاء أما إذا كان خارقا فهو إخبار وليس بطلب. وهنا بعض عبارات نفسرها لفظيا: الأولى: كلمة #إلاً رما قد جاء فى تفسير الزمخشرى: «إلا إشارة بيد أو راس أو غيرهماء» وأصله التحرك» يقال ارتمز إذا تحرك» ومنه قيل للبحر الراموز» أاء 1 5 75 0 1 وقرأ يحيى بن وثاب (إلا رمزاً» بضمتين جمع رموز كرسول ورسل؛ وقرئ "رمزا) تفسير سورة آل عمران 151514107 4 1|14141454|ذ1[1#1#1#1#1[#[1[ 1 1 ز ذة1010101111011[1[1 0 ب ا 3 والثانية : كلمتا «#بالعشي والإبكار» ؛ فالعشى من حين تزول الشمس إلى أن تغيب» والإبكار من طلوع الشمس إلى وقت الضحى. والثالثة: كلمتا ذكر وتسبيح؛ فإن الذكر معناه أن يستحضر الإنسان عظمة ربهء وينطق بها لسانه» والتسبيح معناه التنزيه المطلق لله سبحانه وتعالى» وقد كان طلب الذكر والتسبيح فى هذا المقام مناسبا لتلك النعمة التى أسداها لعبده ونبيه زكريا عليه السلام؛ فإن سيادة المادية فى بنى إسرائيل وطغيانها على الروح أنستهم ذكر اللّهء وسيادة الفلسفة المنكرة للإرادة جعلتهم لا ينزهون الله تعالى» فدعا ربه لأن يقوم بهذا الأمر الذى فيه استذكار كل معانى الألوهية وانصراف بالكلية للنواحى الروحية. وفى التسبيح إدراك لله وتنزيه له عن العلية؛ ولذا اتخذ زكريا من هذا الخارق للعادة بإنجابه ولدا سبيلا لان يدعوهم إلى التسبيح وهو التنزيه عن العلية والسببية وكل ما لا يليق بذات الله تعالى» وأن يتركوا ما هم عليه من ماديات وفلسفة تنكر الإرادة لرب العالمين» فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا. وَِدَاتٍ انلق لكر زاتقد عل نك العنلميرت نوي يَلْمرياهي لريْكِوَأَسْجُررى لكي كيرت ' يا دون ألمي ود 2 اك ف 1 سر يك وَمَا كنت لَدَيَهم ِو بأ يلقورت قتعا يز يحثل يَكفْلٌ آ ا[ ا أذ-- 5« 2 7 طهر ا هاسنت ادها إذ يخنصمون م بين الله سبحانه الأمر الخارق للسنن التى سنها فى خروج الحىّ من الحى» بالنسبة لولادة يحيى من عجوز عاقر» وإن الذى خرق هذه السئن هو خالق السئن. وإا خرقها الذى خلقها ليعلم الناس أنه سبحانه خلقها بإرادته وحكمته؛ ل تفسير سورة آل عمران لم ١ ااا‎ يي" فإنه سبحانه وتعالى فعال لما يريد. وبعد أن بين ذلك» وهو العليم» مهد سبحانه لخارق أعظم وأبين» ليقرع حس الناس فى عصر غلب فيه التفكير المادى على التفكير الروحى؛ وذلك هو خلق عيسى بن مريم من غير أب» كما خلق من قبل آدم من غير أب ولا أم» وكان ذلك التمهيد ببيان الإرهاصات التى سبقت ولادة عيسى عليه السلام » وهو اصطفاء مريم واختيارها لتكون محل تلك الوديعة التى يودعها الله رحمها من غير علاقة ذكر بأنثى» وكان الاصطفاء بالطهارة والعفة والقنوت» والركوع والخضوع لرب العالمين» ثم باختيارها النهائى للوديعة الربانية؛ ولذا قال تعالى: ل وإ قَالت الْمَلائكَةٌ يَا ريم إِنّ الله اصطفاك وطَهّرَك واصطفاك على نساء العالمين » «الواو؛ هنا عاطفة». وهى تعطف هذا النص الكريم على قوله تعالى: إذ قَانَت امْرأَت عمْران رب إني نَدَرْت لَك ما في بَطْبِي محرا ... #رم)ه # [آل عمران ] فهذا عود إلى قصة مريم البتول التى ابتدأت بالنذر بها وهى حمل» ثم ببيان حال أمها عند وضعها وبعد وضعهاء وما كان من رزق الله تعالى لها وكفالة نبى الله زكريا إياهاء ثما جعلها تنشأ تنشئة التقوى والورع» ولما شبت عن الطوق واكتملت فى تكوينها وأنوثتها خاطبتها الملائكة بذلك الخطاب © قالت الملائكة يا مريم # وتفسر كلمة الملائكة هنا بعدد منهم» لا بواحدء كما استظهرنا مع ابن جرير فى خطاب الملائكة لنبى الله تعالى زكريا عليه السلام؛ ولكن يجتىء هنا البحث: من أى نوع خطاب الملائكة لمريم البتول؟ أكان بالمخاطبة كما يخاطب النبيون» أم كان بالإلهام أو الرؤيا الصادقة فى النوم؟ لم تبين الاية هنا نوع الخطاب؛ ولذا قال بعض العلماء: إن الخطاب كان بالإلهام» وإلى هذا يومئ الزمخشرى رضى الله عنه» ولكنه صرح بقوله: «روى أنهم كلموها شفاها معجزة لزكرياء أو إرهاصا لنبوة عيسى عليه السلام» . وبعض العلماء كما ترى قرر أن الخطاب كان مشافهة ولم يكن إلهاماء ولا رؤيا صادقة فى النوم؛ وإنا نميل إلى ذلك الرأى. ؛ لأنه ثبت بنص القرآن الصريح م تفسير سورة آل عمران لللللللالالللئلللااااالللللل ااال ااا 10اللللاللك! ١‏ 1-71 الذى لا يحتمل تأويلا أن الملك خاطبها حين ابتدأ حملهاء » كما جماء فى سورة مريم ) إذ قال اللّه سبسحانه وتعالى: «واذكر في الكتابٍ مريم إذ انتبذات من أهلها مكانا شرقيً :(5 فَائْحَدتْ من ذونهم حجابا رسلا يها رونا َمل لها شرا سنوي د 9 فَالَت إِنّي أعوذ بالرَحَم منك إن كنت تقيًا :27> قال إِنَمَا أنا رسول ربك لهب َك غلاما زكيًا 130 4 [مريم] . والروح الذى ذكر مضافا إليه سبحانه هو روح من عند الله؛ أرسله سببحانه ليبشر مريم البتول بعيسى عليه السلام» ولم يكن الملك يحمل وديعة كما يحمل الإنسان؛ لأنه ليس بإنسان» والعلاقة الجنسية من خواص الآدمية؛ بل الوديعة التى يحملها هى بشرى» والخلق والتكوين لرب العالمين» وهو يخلق الى من غير جرئثومة حياة» كما يخلق جرثومة الحياة نفسها. وإذا كانت الملائككة قد خاطبت مريم مشافهة فهل هى نبية» لأن الملائكة خاطبوها؟ هكذا قال بعض العلماء. ولكن الأكثرين على أنه لا يمكن أن تكون نبية» وخطاب الملائكة لها لا يقتضى النبوة؛ لأن النبى من يوحى إليه بشرع» ومريم لم يوح إليها بشىء من الشرع ء ولكنه كان خطابا للبشارة بواقعة معينة دالة على علو منزلتهاء واصطفاء الله سبحانه وتعالى لها. والاصطفاء افتعال من صفا» فمعنى اصطفى طلب الصفوة المختارة ؟ والمعنقى اللازم هو اختيار الله تعالى لها باعتبارها من صفوة الإنسانية البرة التقية. ولقد كان اصطفاء الله تعالى إياها مرتين بينهما طهر وتقى ؛ فأما الاصطفاء الأول فحين علاقة تناسلية تما يجرى بين البشر؟ وبين الاصطفاءين طهر وتقى وعفاف» وإيمان وانصراف للعبادة» وهذا هو معنى قوله تعالى عن خطاب ملاتكته لمريم: إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين وذكر فى الاصطفاء ما يدل على أنها م تفسير سورة آل عمران ْ الل للا 1 حب ا به مختارة دون نساء العالمين؛ لأن الاصطفاء الأول ومعه الطهر والتقى لا تختص به مريم» فكم من عابدات قانتات قوامات بالليل صوامات بالنهار؛ أما الاصطفاء الثانى وهو أن تلد من غير أب فإن ذلك قد اختصت به لم تشركها فيه امرأة فى هذا الوجود؛ ولذا قال فيه: ‏ واصطفاك على نساء الْعالّمين 4 . وإن هذا التعبير يدل فوق دلالته على اختصاصها بهذا الاصطفاءء يدل على أن لها فضلا على نساء العالمين» إذ إن التعبير ل على نساء العالمين »© يتضمن معنى الأفضلية عليهن» وإن لها ذلك الفضل» ولذلك قال النبى يلد فيما رواه مسلم عن أبى موسى الأشعرى: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران» وأسية امرأة فرعون» وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)7١"‏ وروى من طرق صحيحة: ااخير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران» وآسية امرأة فرعون» وخديجة بنت خويلد» وفاطمة بنت محمد)!(؟) , نا ميم ني لبك راسي وامي ع الاي القتوت لزدم الطءة والاستمرار عليها» مع استشعار الخضوع التام المطلق» والاستسلام لله وإسلام الوجه لله الكريم» فمعنى نداء الملائكة دعوتها إلى أن تستمر على ما هى عليه من خضوع لله وإسلام وجهها له سبحانه؛ وتفويض أمورها له. وتكرار النداء لإشعارها بقربهم منها وهم رسل ربهم إليهاء وفى ذلك بيان قربها منه سبحانه وتعالى. وفى تكرار النداء إشعار بأن طلبهم الاستمرار على القنوت هو من قبيل شكر الله على هذه النعمة؛ فهذا الاصطفاء يوجب الشكر بالاستمرار على القنوت» وقوله تعالى: « واسجدي »4 هذا الأمر هنا يفسر بملازمة الطاعة والعبادة؛ (1) متفق عليه رواه البخاري: أحاديث الأنبياء - (2)5118 ومسلم: فضائل الصحابة”- فضائل أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها (4405) عن أب موسى الأشعري» واللفظ لمسلم. 000 أخرجه الحاكم في المستدرك ج1 ص5 14 ؛عن أنس رضي الله عنه» وروأآه التردمذي: المناقب - مناقب تفسير سورة آل عمران اال 0 لحب د فالسجود الخضوع المطلق لله تعالى؛ لأن أظهر مظاهر الخضوع أن يتطامن الشخص فيضع جبهته على الأرض خضوعا لله تعالى» وشعورا بعظمته وجلالتهء وعلوه سبحانه» وانخفاض العبد أمامه. وقوله تعالى: 8 واركعي مع الراكعين4 فسرها الزمخشرى بأن تصلى مع المصلين» فقال: «ظآ واركعي مع الراكعين 4 بمعنى لتكن صلاتك مع المصلين أى فى الجماعة؛ أو انظمى نفسك فى جمملة المصلين» وكونى معهم فى عدادهمء ولا تكونى فى عداد غيرهم»» فالآمر بالركوع مع الراكعين كناية عن صلاتها مع الجماعة» وهذا فيه فائدة» وهى إثبات أن الصلاة مع الجماعة من تمام النسك والعبادة. فمريم البتول كانت ملازمة للمحراب منذ نشأتها فى كفالة زكريا عليه السلام» وهى بهذا تشبه أن تكون بعزلة عن عوجاء الحياة وما فيهاء وما عند الناس حتى فى عباداتهم» فبينت لها الملائكة عن الله سبحانه أن تصلى جماعة مع الناس» فإن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد. وعلى ذلك يكون الأمر بالسجود من قبيل الأمر العام بالانصراف للعبادة والطاعة؛ لأن فيه أظهر مظاهر إسلام الوجه لله ويكون الأمر بالصلاة ثابتا بقوله ( واي م لرأكعين» . ويصح أن نقول إن الأمر بالسجود هو أمر بالصلاة مطلقاء إذ إنه أظهر مظاهر الصلاة» وأقواها تأثيرا فى النفس. وكان الأمر على هذا النحو بآن تديم الصلاة منفردة وفى خلواتها؛ وقوله تعالى: ا واركعي مع الراكعين» أمر آخر بأن تصلى مع الجماعة وألا تنقطع عنهم لفضل الصلاة فى الجماعة» وكأن فى النص تعبيرا عن طلب الصلاة بتعبيرين؛ أولهما: طلبها بعبارة «اسجدى» والثانية: طلبها مع الجماعة» بعبارة «اركعى)» والبلاغة تسوغ أن تعبر عن المعنى الواحد بعبارتين مختلفتين فى صيغتيهما ومادتهما فى مقام واحدء وإن كان الأمر الأول مطلقاء وكان الثانى مقيدا. هذه قصة مريم فى ولادتهاء وتهيئتها للآية الكبرى الدالة على أن الخالق فاعل مختارء قد قصها الله جل شأنه فى القرآن الذى جاء به أمى لا يقرأ ولا م تفسير سورة آل عمران ) للللل0الللو الل لج جبزز يي يكتب» لم يتعلم ولم يجلس إلى معلم» ولم يختلط باليهود والنصارى» وفوق ذلك هذه القصة لم تكتب فى التوراة قطء ولم يتعرض لها الإنجيل» وجاء بها القرآن الكريم. وهى صادقة كل الصدق فمن أين جاء علم هذا إلى ذلك الآمى؟ إنه من عند الله . أشار المولى إلى هذا المعنى بقوله: (١‏ ذلك من أَنبَاء اليب نوحيه إِليِك 4 الإشارة إلى القصص الحكيم الذى شمل نذر أم مريم» وولادتهاء وكفالة زكريا لهاء ودعاء زكريا وإجابة الله دعاءه» ولزوم مريم للعبادة» وخطاب الملائكة؛ فبين الله سبحانه وتعالى أن هذا القصص من أنباء الغيب» أى من الأخبار العظيمة الشأن التى اختص بها علم الله» وهى مغيبة عن الناس لم يدونها تاريخ» ولم يذكرها كتاب» فهى مغيبة عن علم الناس لا يعلمها أحد إلا من الله تعالى» وهى عظيمة الشأن فى مجرى التاريخ الدينى» ومجرى الفكر الإنسانى» ومجرى التاريخ بشكل عام؛ وذلك لأنها تتعلق بآية من آيات الله الكبرى فى هذا الوجود» وهى إيجاد إنسان كامل مستو من غير أب » وحمل امرأة من غير تلقيح؛ فإن هذا يفتق ذهن الإنسان المفكر لأن يدرك أن الله يخلق الأشياء بإرادته غير مقيد بسنن كونية» ولا بنظم فى الخلق والإنشاء؛ لأنه خالق كل السنن وكل النظم؛ وبذلك يرد أقوال الفلاسفة الذين زعموا أن العالم نشأ عن العقل الأول نشوء المعلول عن العلة من غير إرادة مبدعة مسيرة. والأنباء جمع نبأ والنبأ هو الخبر العظيم الشأن» فليس كل خبر يسمى نبأء والغيب هو الأمر المغيب المستور الذى لا يعلم إلا من قبل الله تعالى. وقوله: «نوحيه إِلَيِك» إشارة إلى موضع الصدق وهو أنه بوحى من الله تعالى؛ وهو كالنتيجة لكون الموضوع مغيباء لم يذكر فى واقعة تاريخية ولا فى كتاب دينى من قبل» لأنه إذا كان مغيبا عن الناس جميعا فعلمه لا يكون إلا من الله تعالى. وفى قوله: < نوحيه إِلَيِكَ# مع كونه من قبل كان مغيبا إشارة إلى معنى الاختصاص» وفى الاختصاص بالتعريف كل معانى التكريم الإلهى لمحمد كَل. وإذا كانت حال مريم وخلوصها لعبادة الله تعالى مجهولة للناس قبل بيان القرآن» فإن القرآن صاحب الفضل فى بيان براءتها من الدنس» ومقامها فى عبادة تفسير سورة آل عمران ااا ا 0 جب بر َي الله تعالى» وكفالة الله تعالى لها بنبى من أنبيائه» وتشريف الله تعالى بخطاب ملائكته لها مبشرين بالآبية الكبرى والمعجزة الإلهية القاطعة» وذلك بولادة عيسى عليه السلام . وفى ذلك إشارة إلى وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم» وهو إخباره بالصادق الذى لا يوجد دليل قط على كذبه مع أن النبى وه لم يقرأ ولم يكتب» ولم يتعلم» والخبر لم يكن مدونا من قبل حتى يتلقاه من أحد كأولئك؛ الذين ادعوا أنه كان يقول ما يقول عن أخبار بنى اسرائيل من حداد بمكة. وقد رد الله +2ن # [النحل ]. فلا يمكن أن يدعى لأخبار مريم؛ لأنه ما كان معلوما قبل بيان الله تعالى» ولذلك سماه غيبا. وقد وضح سبحانه وتعالى هذا المعنى» وهو كون هذا بوحى» لا من عند محمد عليه الصلاة والسلام» بقوله: «إوما كنت لديهم إذ يلقرن أثلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون 4 الأقلام جمع قلم» من قلمه بمعنى قطعه, والمراد بالأقلام القداح التى يضربون بها القرعة. والاختصام معناه فى الأصل أن يكون كل فى خصم أى جانب» والاختصام هنا هو التنافس بينهم فى كفالة مريم؛ وذلك لأنها ولدت يتيمة» وقد تيمن العباد من بنى إسرئيل بهاء وكل يرجو خيرا من كفالتهاء ويتخذ من هذه الكفالة قربة وزلفى إلى الله العزيز الحكيم» العليم الخبيرء فلما كان الاختصام والتنافس اتفقوا على القرعة تحكم بينهم» وقد كانت نتيجة القرعة أن آلت كفالتها إلى نبى الله زكريا عليه السلام» وهكذا كان الله تعالى يختار لها ولابنها؛ فاختارها من صفوة آل عمران» واختارها منذورة للعبادة محررة لهاء واختارها مكفولة بنبى» واختارها لخطاب اللملائكة إياهاء ثم كانت النتيجة لهذا كله أن اختارها على نساء العالمين لتكون موضع آيته الكبرى فى هذا الوجود. والمعنى الجحملى للنص الكريم : وما كنت لديهم أى عندهم إذ يختصمون ويتنافسون على كفالة مريم» كل يريدها فى كنفه ورعايته» وما كنت لديهم إذ #ا تفقسشير سبوره ال عمران 2 > !!!ااانا 1ن لنا لاغ كالمالا االالاك!!اا ماللا ط للاخ مضخ اناا امم نامك خ اام الالالال مالالا علاطا امنا ناتللا 3 زيمل زه 7 يحتكمون إلى القرعة» ليعرفوا بطريق التفويض للغيب أيهم يكفل مريم فتضم إليه» وقد ذكر سبحانه من قبل أن الكفالة بهذه القرعة آلت إلى زكريا عليه السلام» إذ قال من قبل: «وكفلها كَرِيا لما دحل علا ريا المخراب ود عددها رزقا .. . +0 4 [آل عمران] . ش ما كنت عندهم فى هذا الوقت» وما تلقيت بالسماع من أحد» وما كنت تقرأ فى كتاب» فمن أى شىء علمت هذا الغيب الذى لا يعلمه أحد؟ إنه لا بد أن يكون من عند الله تعالى» فهذه الجملة الكريمة سيقت لإثبات أن العلم كان وحيا من عند الله العليم الخبير. وهنا بعض مباحث نشير إليها: أولها: أن «لدى» معناها (عند»» و «لدى» هنا تشير إلى معنى ليس فى (عند»؛ ذلك أنها تشير إلى عندية بعيدة غير حاضرة ولا قريبة فى الزمن؟؛ فهى تشير إلى أن خبر مريم وولادتها خبر بعيد موغل فى القدم بالنسبة للإنسان» فما كانت هذه العندية متصورة» وما كان لأحد أن يعلم ما عند القوم علم من يشاهد ويعاين؛ لأن كثيرا منها كان نفسيا قلبياء وبعضه كان حسيا ماديا ولكن لم يعلم للناس . وثانيها: أن هذه القصة ليست معلومة على هذا الوجه عند المسيحيين» ولا يسعهم تكذيبها؛ لأنها أقرب إلى العقول ما ينسبونه لمريم من أنها كانت ذات بعل» أو مخطوبة أو نحو ذلك» فما عندهم مدعاة للشك» وما ذكره القرآن مدعاة للصدق والطهر والنقاء» وهذا الذى يرشح للآية الكبرى بولادتها من غير حمل؛ فأى الخبرين أصدق قيلا؟ وثالثها: وهو أن هذه القصة بما تشير إليه الآية الكريمة : وما كنت لديهم إذ لون أَفلامهم 4 تشير إلى بعض معانى الإعجاز فى القرآن الكريم» وهو حكاية أخبار الأولين التى لم يكن يعلمها أحد إلا رب العالمين» وهى حكاية دلائل الصدق فيها واضحة. وبينات الحق فيها لائحة؛ وإذا كان النبى لا يعلمها عن تفسير سورة ال عمران الملل 2-6 مشاهدة ولا عن سماعء فطريق العلم بها هو الله» وهذا يدل على أن القرآن من عند الله العزيز الحكيم» وهو سجل الشرائع السماوية الخالد إلى يوم القيامة» ولو كره الكافرون» كما قال منزله سبحانه: 8 إِنَا تحن نََلْنا الذكر وإِنّا له ُحافظون # [الحجر ] . ا ال إذقاالتِ َّ 2 1ك 0 0 001 وو لْمليكة يلمريم! إن الله بشم | ك بِكِلِمَة مَنَهُ سمه أَلْمَسِيحٌ 0 ا آذ ص 4 نم م جطهمر عسى أبن مريم وجيهافى 20 وَمِنالمفربين عثي نع لوص رس سح تر سل سرصم م ات ن اسفدتسته نيدوت 52 2 لت رَبٍ أن يكو ىود وام يَنَحَسن يَكَدمَالَكَدَلِكٍ تر 7-0 0 ذا فَصََ أَمْرَا َم فَإِتَمَايمُولُ له دن قيكُون 27 توالت فى هذه القصة خوارق العادات متدرجة من القريب من المألوف إلى البعيد الذى لا يعرفه الناس قط بمقتضى السنن الكونية المطردة؛ فقد ولدت مريم البتول بعد أن نذرت لتكون خالصة للبيت المقدس» وكان يأتيها فى المحراب الرزق من حيث لا تحتسب ولا تقدر» حتى أثار ذلك عجب نبى الله زكرياء ثم كانت ولادة امرأة زكرياء وهى عجوز عاقرء وهو قد بلغ من الكبر عتيا؛ ثم كانت الحادثة الكبرى ى التى تدل على أن الله تعالى مبدع الكون وخالق الأسباب ينشئ الكون كما يريدء وتلك الحادثة هى ولادة عيسى من غير أب؛ وهذا هو ما اصطفى الله به مريم ابنة عمران؟ ولذا يقول سبحانه: «إذ قَانَت الملائكة يا مريم إِنَ الله يبشرك بكلمة منه اسمه الْمُسيح عيسى ابن مريم 4 الكلام فى هذه الآية الكريمة يمة متصل بما سبقها؛ فإذ هنا متعلقة بما تعلقت به تفسيرسورة آل عمران . ااا لازنا لان الا اناا الاتنا؟!! ]اناا تالاخلا ناخمامامااااا اال ئخالاالاا اا الك ااال ااام مالالا اتللللا ل سرب> اه إذ فى قوله تعالى: 8 وَإِذْ قات الْمَلائكَةَ يا مريم إِنّ الله اصطفاك وَطهّرك واصطفاك علئ نساء العالمين +(7 (5 4 [آل عمران] فإذ هنا فى مقام البدل أو البيان من الأولى؟ لآن هذا فيه تفصيل لمعنى الاصطفاء الذى اختصت به على نساء العالمين؟؛ والمعنى: اذكر إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك . . إذ كان ذلك الاصطفاء على نساء العالمين؛ بأن كانت هى التى تلقت البشارة الكبرى بأن تلد مولودا من غير أب قد أنجبه. والملائكة الذين خاطبوا مريم بذلك الخطاب يتضح من السياق أنهم الذين خاطبوها بالاصطفاء؛ فكأنهم قد بشروها بالاصطفاء على نساء العالمين» وبشروها مع ذلك بنوع الاصطفاء. وقد استظهرنا كما استظهر ابن جرير الطبرى أن الملائكة الذين بشروا بالاصطفاء كانوا عددا ولم يكونوا واحداء فلابد إذا أن الذين بشروا بحقيقته كانوا عددا أيضاء ولكن سورة مريم فيها بيان أن الذى أنبأها نهائيا بهبة الله تعالى لها كان ملكا تمثل فى صورة بشر قد أودعها ما يكون منه الولد من غير تلقيح جنسى ؛ لآن الملك ليس له تلك الشهوة الإنسانية؛ ولذا قال سبحانه: واذكر في الكتاب مريم إذ انتبات من أهلها مكانا شرقيًا :(015 فَانُحدَتَ من دونهم حجابا فَأسلنا يها روحنا فتَمثل لها بشرا سويا 10+ قات ني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيًا :20 قَال إِنّما نا رسول ربّك لأَهب لَك غلاما زكيا +« 037 قات أنى يكون لي لام ولّم يمسسي بشر ولّم أك بغيا 1ج 2 + َال كذلك قَال ربك هو علي هين ولنجعله آية لئاس وَرَحْمَة منّا وكات أمرا مُقضيًا 7+ 4 [مريم] . وإن التوفيق بين هذا النص الكريم» والنص الذى نتكلم فى معناه سهل لا يحتاج إلى إعمال فكر؛ ذلك أن الله سبحانه وتعالى أرسل ملائكته إليها يبشرونها بالاصطفاء ويبشرونها بنوع الاصطفاء» ثم أرسل إليها بعد هذه البشارات المتكررة ملكا تمثل لها بشرا سوياء . ليودع رحمها نهائيا تلك الهبة التى أهداها رب العالمين إليها . ذكر سبحانه البشارة بأنها كلمة منه» وأن معنى هذه الكلمة شخص حى يسرى عليه حكم الآحياء اسمه المسيح عيسى ابن مريم» فلماذا اعتبره الكريم كلمة 9 تفسير سورة آل عمران سسا اس سا 009 06 7ك 1 منه؟ لآنه سبحانه خلقه وأبدعه بكلمة منه؛ فإذا كان سبحانه قد خلق الأحياء بطريق التناسل: الرجل يلاقح الأنثى» ويخرج الأولاد من أصلاب الآباء» فإن عيسى عليه السلام لم يخلق ذلك الخلق» بل خلقه الله تعالى خلقا آخر؛ خلقه بكلمة منه وهى ١كن»2‏ فكان» فكان جديرا بأن يعتبر كلمة» وأن تكون هذه الكلمة منسوبة إلى الله تعالى. ويقول ابن جرير: إن الكلمة هى كلمة البشرى» تشريفا لمريم البتول» وتكريما لها بأن تكون البشرى بكلمة من الله أى بخطاب من الله تعالى مرسل منه إليها. ويزكى هذا قوله تعالى : ف( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه : 53072 © [النساء] . وقوله تعالى: «اسمه المسيح عيسى ابن مريم 4 هو ما تضمنته البشارة» ويكون التأويل : يبشرك ببشارة جازمة قاطعة لا احتمال لتخلفها؛ هذه البشارة هى ولد اسمه المسيح عيسى ابن مريم. وكأن (أسمه المسيح» تكون خبرا لبتدأ محذوف تقديره: البشارة ولد اسمه المسيح عيسى بن مريم. وقد عرف سبحانه وتعالى ذلك المولود بثلاثة تعريفات: لقبء واسم وكنية؛ أما اللقب فهو المسيح» وأما الاسم فعيسى» وأما الكنية فهو ابن مريمء وهذه التعريفات الثلاثة» كل واحد منها يومئ إلى معنى قد تحقق فى السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ فأما الكنية فللإشارة إلى أن نسبه ثابت لأمه لا لأحد سواهاء فليس ابنا لأى حى من الأحياء» وليس ابنا لله تعالى كما توهم أو كما لبّس على نفسه كل من لا يريد أن يحكّم عقله فيما لمن من عقا باطلة» ولا تعلق لهم فى أن عيسى قيل عنه كلمة الله» فالكلمة هى البشارة» وهى مخلوقة, أو لأنه خلق بكلمة الله وهى «كن» وكلتاهما لا يمكن أن تكون ابنا لله تعالى. وأما الاسم فينبئ عن البياض والصفاء المعلم الواضح؛ ولذلك يقول الأصفهانى: «عيسى اسم علم وإذا جعل عربيا أمكن أن يكون من قولهم: بعير أعيس وناقة عيساء» وهى إبل بيضاء يعترى بياضها بعض الظلمة» أى فيها اغبرار يعطى بياضها صفاء وجمالاً» فهو ينبئ عن جمال تكوينه» وجمال دعوته وصفاء رسالته . ش , ل تفسير سورة آل عمران 2 اا اناا خخخ ولط خم مخ اماك انلالخ ظخخلنااملااماااكضخ خط نالاااااللاكلاااااااللاااللالالاااانلطللاالططلل طلا ااال لتلللا لاسر د وأما اللقب فهو ينبئء عن البركة والفضل» وهو أحسن ما قيل فى ذلك؛ فقد ذكر الزمخشرى أن كلمة مسيح فى أصلها العبرى» وهو مشيح ‏ معناه مبارك» وهذا قد جاء فى شكره لربه إذ قال: « وَجَعلِي ماركا أين ما كنت ٠.‏ لل 4 [ مريم ]. وقد وصفه الله سبحانه وتعالى بأربعة أوصاف وأحوال؛ أولها: أنه وجيه فى الدنيا والآخرة» والثانى: أنه من المقربين» والثالث: أنه يكلم الناس فى المهد وكهلاء والرابع: أنه من الصالحين. وقد ذكرت هذه اللأوصاف كلها لأآمه وقت البشارة به» فكانت أجل تبشير لأم رءوم فى مثل تقوى مريم البتول. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الوصفين الأولين بقوله تعالى: © وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين 4 هذان وصفان تا لعيسى الرسول بعد كمال رجولته» وظهرا أتم ظهور فى أداء رسالته» وأحدهما وصف ذاتى أضفاه الله تعالى على ذاته النبوية الطاهرة ليكون صاحب رسالته» وداعى هدايته» وناشر رحمته» وذلك الوصف هو الوجاهة فى الدنياء والوصف الثانى وصف إضافى» وهو أنه فى موضع المقربين من الله تعالى» وهذا وصف يضفى شرفا إضافياء فوق شرف النبوة» وشرف الرسالة الإلهية . وكلمة «وجيه» مشتقة من الوجه؛ لأنه هو الذى يلقى به الناس» وهو مظهر كل مافى النفس مما يوجب الاحترام» ومنه اشتقت كلمة جاه أى أن من له جاه يكون ذا وجه دال على الاحترام والشرف» فمعنى «وجيها» أى أنه ذو شرف ومكانة؛ أما مكانته يوم القيامة» فأمر مقرر ثابت» وإذا لم يكن لمثل عيسى هو وأمثاله من النبيين عليهم السلام وجاهة فوق تقديرناء فلمن تكون وجاهة الآخرة؟ وأما وجاهة الدنيا فأمر ثابت مقررء وأى وجاهة وشرف وأثر فى النفوس أكبر من وجاهة رجل روحانى يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى ا موتى» ويؤثر فى القلوب فتنجذب لهء ولم يستطع أن ينال خصومه منه شيقاء وإذا قيل إن اليهود آذوه وطردوه فليس ذلك بمانع من وجاهته. بل إنه دليل وجاهته وأثره فى تفسير سورة آل عمران سسا سس 0169 سرب أ القلوب» ولو كان حاملا ما تحركوا لإيذائه, ومع ذلك لم ينالوا منه شيكاء» ولم يمكنهم الله من رقبتهء بل نجاه من شرورهم ودسائسهم» فكيف لا يكون وجيها عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأد تم التسليم؟! . فعيسى عليه السلام كان وجيهاء ووجاهته أكمل أنواع الوجاهة» وهى القلوب. والجاه الحق - كما قال الغزالى - هو ملك القلوب. وأما كونه من المقربين إلى الله تعالى. فمعناه أنه مقرب إلى الله تعالى كما هو قريب من الناس» وأنه وجيه عند الله تعالى ذو مكانة قريبة منه» كما هو ذو تعالى: ويكلم الئاس ف في المهد ركهلا ومن الصالحين» مهدا , هو مضجع الطفل» ومن فى المهد يكون طفلا صغيرا يحمل لا يتصور منه كلام مطلقاء والكهل هو الرجل السوى., والأمر الخارق للعادة فى هذا أن عيسى عليه السلام تكلم وهو فى المهدء وكلامه وهو فى المهد ليس لغو صبيان» بل هو كلام شبان مكتهلين» وقد بلغوا تمام الرجولة والاستواء العقلى» وجمعهما معا فى الكلام يدل على أن كلامه فى الآول من نوع كلامه فى الثانى؛ ولذا يقول الزمخشرى: «ومعناه يكلم الكهولة التى يستحكم فيها العقل» ويستنبأ فيها الأنبياء» وإن ما حكاه الله تعالى عن كلامه فى المهد ليوضح ذلك؛ ففى سورة مريم: #فأشارت إِلَيْه قَالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا 4(2 قَال إِنَى عبد اللّه آثاني الكتاب وجعلني نبيًا +4 وجعلني مباركا ين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًا 22> وبر بوالدتي ولم تفسيرسورة آل عمران 4 7ج يجعلني جبارا شقيا +21 والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا #(* 4 [مريم ]. وقد ذكر سبحانه حالا ثانية من أحواله» أو وصفا من أوصافه» وهو أنه من الصالحين» وهذا رمز إلى ما يأتى به من إصلاح خلقى واجتماعى» وروحى فكرى؛ إذ يزيل النزعة المادية من قلوب المؤمنين؛ فإن الصالح حقا هو الذى يصلح» فليس بصالح صلاحا كاملا من لم يرشد غيره إلى طريق الصلاح. هذه بشارة الله بطريق ملائكته ريم البتول» وقد بين الله تعالى أن هذه البشارة أثارت عجبها واستغرابها: «اقَالت رب أَنَىْ يكون لي ولد ولم يمسسني شر : هذه الجملة السامية تدل على بالغ عجبهاء وتومئ إلى ارتياعها الذى عبرت عنه كما فى سورة مريم: / الى مْتْ قبل هذآ وكنت نسياً منسيًا 2 4 [ مريم] . صدرت إجابتها بالنداء للرب» وفيه معنى الاعتراف بالخلق والتكوين» وكمال الربوبية لله سبحانه وتعالى» فهو تسليم بالقدرة الإلهية» وبأن خالق كل شىء لا يكبر عليه شىء» سبحانه وتعالى. وها أن 4 فى قوله تعالى: « أَنّى يَكُون لي ولد هى بمعنى كيف» أى كيف يكون منى ولد ولم يمسسنى بشر أى لم يكن منى ما يكون بين الرجل والمرأة مما يكون منه ولد. فالاستغراب فى الكيفية» لا فى أصل القدرة الإلهية. وكلمة «ولم يمسسني # إما أن نعتبرها كناية عن اختلاط الرجل بالمرأة» وهذا ظاهرء وتعبير القرآن عن اتصال الرجل بالمسيس مجاز مشهور معروف» حتى يكاد يكون حقيقة عرفية فى لغة القرآن الكريم؛ أو نقول: المس المراد به حقيقته» وهو أنها لم يلمسها رجل؛ لأنها متبتلة دائما منصرفة للعبادة لم يلمس جسمها رجل من غير محارمها قط؛ وبذلك ينتفى بالأولى ماهو أبلغ من مجرد اللمس» فموضع العجب والسؤال هو أن يكون ولد من غير اتصال رجل بامرأة. ولقد أزال عجبها رب البرية بقوله تعالى: 1 تفسير سورة آل عمران حك الللللل 72110000 . حر ار لإقال كذلك الله يخلق ما يشاء » أى كهذا الخلق الذى تجدينه فى أن يكون لك ولد من شير أن يمسك رجل وهو إبدا ؛ يخلق الله تعالى ويبدع ما يشاء ويريد إبداعه» وكلمة يخلق غير ينشئ؛ لأن الخلق إنشاء على غير مثال سبق» فالتعبير ب «يخلق» يفيد الإبداع» وأنه منهاج فى التكوين يخالف منهاج غيره فى التكوين. وهذه الجملة السامية تفيد أمورا ثلاثة أولها: أن هذا النوع من التكوين» وهو إنجاب من غير أب هو فى قدرة الله تعالى؛ لآنه الخالق المبدع» وما هو غريب عليكم هو فى قدرته سبحانه؛ لأن من خلق الخلق الأول وخلق السنن الكونية وغيرها قادر على تغييرها؛ لأنه مبدعها ومنشئها. انيها: أن خلق عيسى أمر من أمر الله تعالى» وعيسى ليس إلا مخلوقا من مخلوقاته» فهو أبدعه كما أبدع غيره من المخلوقات». فليس إلها ولا ابن إله. الثها: أن خلق الله تعالى بمشيئته وإرادته» وهذا فيه إشارة إلى السبب الذى من أجله خلقه الله تعالى من غير أب وهو أن المخلوقات لا تصدر عن الله صدور المعلول عن علته» ولكنها توجد بإيجاده وتنشأ بإبداعه: #بديع السموات والأرض أنَى يكون له ولد» وفى ذلك رد عملى على أهل الفلسفة المادية التى تة تقول إن العالم نشأ عن العقل الأول نشوء المعلول عن علته. ثم أشار سبحانه إلى عظيم قدرته بقوله تعالى: ذا قضئ أمرا فَإِنّمَا يقول لَه كن فَيَكُون 4 أى أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يوجد أمرا لا يوجده إلا بكلمة «كن» وعبر سبحانه عن الإيجاد ب «قضى» للؤشارة إلى أن إيجاده للأشياء ليس إلا من قبيل الحكم عليها بالوجودء فإذا حكم بالوجود فى أمر نفذ حكمه. وحكمه هو أن يقول كن» فيترتب على ذلك أن يكون . وهل الأشياء حقيقة تنشأ بمجرد الإرادة الإلهية» أم أن هذا تصوير لسهولة الخلق؟ الظاهر أن هذا بيان لسهولة ذلك على خالق الخلق» ويارئ النسم؛ فهو ا تفسير سورة آل عمران ل اطخ نالل كك لالطاااااااط اخ لاخلخ لاما لاط ع مخ لمخم نمطا وخا الوط عماللا اللا .. ١ اك‎ بيب تمثيل لبيان قدرة الله تعالى الشاملة وسهولة الإنشاء عليه سبحانه » ونفاذ إرادته فى خلقه ولذلك جاءت الإجابة فى مثل هذا المقام بهذا المعنى فى سورة مريم فقل قال تعالى فى الإجابة عن استغرابها فى تلك السورة : 8 قال كذلك قال ربك هو علَيَ هين ولمجَعله آية لئاس وَرَحَمَة مََا وكان أمرا مقضيًا 7[ 4 [ مريم] . فهذا لتعبير الكريم صريح فى أن السياق لبيان سهولة مثل هذا الخلق على خالق الخلق. و أيضا أن المقصود بيان أن الله سبحانه فعال لما يريد»ء وهو على كل شىء قدير. رينا هه 42 ب ويعلمه ال< والححكمة والتورسة وا 2 و دأ 0 امم 2 ساس صرح رت يو ير أ وى الحم لبه َتنك لم بِمَانَاً طون ذ آ اه دس . عي وي لمق بِدنِ ونوا نماض رضن ل وو سر ع ا سر 24 ع 101 7 هه ومصد ل م راج عسثش حارس س مده ارقم بصم ةدنر ْ 0 عمل يم | رماس د 1 7 يعول عي إن نَأللَه ره [نوريكمنا عبدوه فى هذا القصص القرآنى الصادق تستمر الآيات الكريمة متممة قصة البشارة بعيسى عليه السلام؛ بشرت به أمه قبل أن يكون فى بطنهاء وقد أوحى إليها أنه ستكون له تلك المنزلة فى الدنيا والآخرة التى اصطفاه الله تعالى لهاء وإن من سنة . . تفسير سورة آل عمران سسا سس سس ل 9ك ك0 حر أت الله تعالى فى كلامه المعجز أن يشتمل الكلام على الإيجازء الذى هو من أسرار الإعجازهء ففى أثناء البشارة قبل المحمل كان بيان رسالته وما هياأه الله به لآداء الرسالة» والمعجزات الكبرى التى أجراها الله سبحانه وتعالى على يديه» وماهية الرسالة التى جاء بهاء ومقام رسالته من الرسالات قبلهاء ثم بيان تلقى الذين أرسل إليهم هذه الرسالة مؤيدة بهذه المعجزات الباهرة القاهرة» ثم بيان النهاية التى انتهى بهاء عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. ولقد ابتدأ سبحانه ببيان علم الرسالة الذى تكون به قوة الرسول الذى يدعو قوما معاندين من أمثال اليهود والمشركين من الرومان» فقال: ويعلَمهُ الكتاب والْحكمة وَالتورَاة والإنجيل4 فى هذه الآية الكريمة يبين الله سبحانه وتعالى علم الرسالة التى أرسله بهاء وهو علم بأربعة أمور: علمه بالكتاب» وعلمه بالحكمة» وعلمه بالتوراة» وعلمه بالإنجيل. أما علمه بالكتاب فقد قال بعض مفسرى السلف: إنه العلم بالخط والكتابة» وتوجيه ذلك التفسير أن. عيسى بعث فى أمة اشتهرت بالعلم والمعرفة» فلابد أن يكون فيه ما هو سبيل العلم والمعرفة وهو الكتابة» وقد كانت آيته فى إثبات رسالته فوق علم العلماء. وقدرة الناس قاطبة. وقال بعض مفسرى السلف أيضا: إن علم عيسى بالكتاب هو علمه بما نزل على النبيين السابقين. وإنا نختار الأول؛ فإنه على التفسير الثانى يكون تكرار؛ لأن علم الرسالات السابقة» فى التوراة التى ذكر أنها من علمه. والتأسيس أولى من التأكيد. وأما العلم الثانى» وهو الحكمة. فهو العلم الذى يحكم صاحبه فى القول والعمل» وسياسة الناس فى القول والعمل» ولذا يقول العلماء: إن الحكمة هى العلم النافع؛ ذ فهى العلم الذى تظهر ثمرته فى القول بالعمل وهذاية الناس ؛ لوطي تومه ولذلك قال الله تعالى آمرا نبيه الكريم 0 [التحل] و وإن هذا التوج من العلم هو الزم لعلوم لمن يقود الناس إل إلى الإيمان» ويدعوهم بدعاية الرحمن. 0 تفسيرسورة ال عمران 2 ْ للك 4 حي رد وأما العلم الثالث والرابع: فهما علم التوراة وعلم الإنجيل» والتوراة تومئ إلى علم الرسالات التى كانت قبلهاء وعلم الإنجيل هو العلم برسالته التى بعث بها فى وسط تلك المادية التى استولت على بنى إسرائيل» وهذا يدل على اتصال رسالته بالرسالات التى سبقته» وكل رسول مبعوث لا تكون رسالته مقطوعة عما قبلهاء بل هى موصولة بها متممة لهاء وهى لبنة فى صرح الرسالات الإلهية وبعد أن أشار سبحانه وتعالى إلى علم الرسالة التى هيأه الله تعالى لهاء أشار إلى من أرسل إليهم» فقال تبارك وتعالى: ل ورسولا إلى بني إسرائيل 4 : أى بعثه سبحانه وتعالى رسولا إلى بنى إسرائيل. ومعنى الكلام: ويجعله أو يبعئه رسولا إلى بنى إسرائيل. وذكر بنو إسرائيل خاصة مع أن دعوته كانت تعم كل الذين علموها من اليهود والرومان وغيرهم حتى يجىء من السماء ما ينسخها أو يكملهاء وهى الرسالة العامة الخالدة» رسالة محمد بن عبد الله 85ة؛ والسبب فى اختصاص بنى إسرائيل بالذكر أنهم هم الذين خرج عيسى من بينهم» فهو منهم»ء وقد كانوا يدعون أنهم أولى الناس بعلم الرسائل الإلهية» وكانت دعوته بينهم» وانبعثت منهم إلى غيرهم» فكان تخصيصهم بالذكر» فيه إشارة إلى حقيقة واقعة وتوبيخ لهم؛ لأنهم أوتوا العلم برسالات الأنبياء» مع ذلك كفروا برسول مبعوث منهم» أوتى بمعجزات لا تجعل للعقل مساغا لإنكار. ولقد ذكر سبحانه فى هذه الآيات معجزات عيسى التى أرسله الله بها لإثبات رسالتهء فقال سبحانه: «أنِي قد جنتكم بآية مَن ربكم 4 وهذا النص الكريم فيه معنى هذه الرسالة التى كان بها رسولاء أى أنه يتبين معنى أنه رسول بقوله: أَنّي قد جنتكم بآية من ربكم 4 فالجملة عطف بيان لمعنى الرسالة المنطوى فى الكلام. وفى الكلام التفات وانتقال من خطاب الله لمريم» إلى بيان رسالة بشارة الله إليهاء وجاء بيان الرسالة على لسانه هوء وابتدأ بيان الرسالة ببيان إثباتهاء وهو المعجزة» وكأن المعجزة جزء من الرسالة؛ لأنها ركنها ودعامتها التى قامت عليهاء ولآن معجزة عيسى كانت تفسير سورة آل عمران سسالا 0 ىل تومئ إلى معان من رسالته؛ ذلك بأن عصره كان عصرا مادياء لا يؤمن بالإرادة المختارة لله تعالى» ويؤمنون بالأسباب التى تجرى فى الحياة على أنها المؤثرات فى إيجاد الآشياء» فكانت معجزاته عليه السلام إعلانا لبطلان تأثير الأسباب» بدليل خرق هذه الأسباب» بإحياء الموتى؛ وقد جرت الأسباب الادية التى ترى على أن من مات لا يحيا فى هذه الدنياء وأن الأكمه الذى ولد أعمى لا يرتد بصيراء وأن إخراج الحى من الطين مباشرة لا يكون»ء فجاء عيسى بكل هذاء فكان إعلانا قويا بأن الله فاعل مختارء وذلك جزء من رسالته. والآية هنا هى المعجزة» وهى فى أصلها العلامة» والمراد بها هنا العلامة الدالة على الرسالة» وأطلق على الجزء من القرآن آية؛ لأن كل آية فى كتاب الله تعالى معجزة فى ذاتهاء دالة بوحدتها على رسالة النبى عله . ولقد ذكر بعد ذلك سبحانه آيات» وكانت الآيات المذكورة فى هذا المقام أربعا؛ وعبر عنها بآية؛ لأن مجموعها دال على رسالته» وإن كانت كل واحدة منها تصلح حجة قائمة بذاتها؛ فذكرها بلفظ المفرد للإشارة إلى أنها جميعا كانت ايته . والآيات الأربع : هى أنه يخلق من الطين كهيئة الطيرء فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأنه يبرئ الأكمه والأبرص» وأنه يحيى الموتى» وأنه ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون فى بيوتهم؛ فهذه آيات أربع. والآيات الأربع ذكرت مضافة إلى السيد المسيح عليه السلام؛ لآنها كانت تجرى على يديه ولآنها هى التى كان يقيم بها الدليل على رسالته؛ وقد خاطب بها بنى إسرائيل» ومن استمع إليه من الرومان وغيرهم. وأول هذه الآيات تصوير الطين ثم النفخ فيه فيكون طيراء وقد ذكرها سبحانه وتعالى بقوله: 9 أَنَي أَخَلق لَكُم من الطين كَهِيئَة الطَيّر فأَنفخ فيه فيكون طيرا يإذن الله : ها تفسير سورة ال عمران ١‏ 111 اااا1!!!!!1 ااا اااااالاااالتاك!11 ال الالئ!! ]ااال ظلالتاناا ااال التاتككا ااا التالتااا متاخلل اننال اللا ل لاطكططخال ااال الالا خالا ااانا اللا ١ ا‎ 7 الخلق المراد به هنا التتصويرهء أى أنه صور من الطين كهيتة الطيرء بشكله. فينفخ فيهء فكان طيرا بإذن الله تعالى» فهنا أعمال ثلاثة» اثنان منها لعيسى عليه السلام» والثالث لله تعالى جل جلاله وعظمت قدرته, أما اللذان لعيسى فهما: تصوير الطين كهيئة الطير» والنفخ فيه»ء وأما الثالث الذى هو من عمل الله تعالى وحدهء فهو خلق الحياة فى هذه الصورة التى صورها عيسى عليه السلام؛ ولذلك قال: «يإذن اللّه4 أى بأمره وإعلامه» والكون كله بأمره سبحانه «إنمًا أمره إذا أراد شيئا أن يُقول له كن فيكون 4 . وهذا يدل على أنه لم يكن فى عيسى ألوهية» ولا أى معنى من معانيها. ولقد قال الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده: إن الصيغة التى ذكرت بها هذه الآية وهو قوله: ل أَنَي أخلق لكم من الطين كهِيئَة الطَير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله # تدل على استطاعته ذلك ولكنها لا تدل على الوقوع» وعندى أنها تومئ إلى الوقوع لأن ذكر الكيفية وهو أنه يتخذ من الطين صورة الطيرء ثم التفخ ثم الكون طيرا يدل على الوقوع لا على مجرد الاستطاعة وفوق هذا فإن آية المائدة تدل على الوقوع بشكل أوضح من هذا؛ فإنه سبحانه وتعالى يقول: 9 أَنِي أخلق لكم مَن لين كَهبتة الطيرٍ فَأنفخْ فيه فيَكُونَ طيرا بإذن الله فهذا النص الكريم دليل على الوقوع» لا على إمكان الوقوع؛ لأن الله تعالى لا يمن عليه إلا بالذى وقع فعلا. والآية الثانية والثالثة : بينهما سبحانه وتعالى بقوله: « وأبرئ الأكمه والأبرص وأحبي الموت بإذن ؛ الله الأكمه هو الأعمى الذى يولد أعمى» أى الذى لم يوت حاسة الإبصار؛ أجرى الله تعالى على يد عيسى عليه السلام إبراءه. والآبرص هو الذى يكون فى جلده بياض مشوب بحمرة» وهو مرض لا يبرأ منه من يصاب به؛ فهذان مرضان لا يتصور بمقتضى العادة» والأسباب الجارية بين الناس أنه يمكن أن يكون منهما شفاء؛ لآن الأول يولد به الشخص ناقصا حاسة الإبصارء والثانى لم يصل الطب إلى الآن إلى طريق للشفا منه» فإذا كان الله قد أجرى على يدى عيسى عليه السلام الشفاء بهما فإن هذا لال تفسير سورة آل عمران لل 10000 1 1 1 1 1 22*<560010111 ا لحب" أ يقنع الماديين بأن وراء هذه الأسباب فاعلا مختاراء وليست الأسباب مؤثرة فى الإيجادء إنما المؤثر هو الله سبحانه وتعالى. إحياء الموتى وحده برهان قاطع على أن الأسباب العادية ليست هى المؤثرة وإنما الخالق المكون هو المؤثرء وأن الأشياء لم تخلق بالعلّيةء إنما خلقت بالإرادة المختارة المبدعة المنشئة المكونة» وعبر بقوله: ليذ الله فى كل هذا للإشارة إلى أن المبدع المنشئ هو الله سبحانه وتعالى» وأنه ليس ما يجرى على يدى عيسى لمعنى الألوهية فيهء إنما هو لله العلى القدير. ٠‏ والآية الرابعة بينها سبحانه وتعالى بقوله: « وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم # : الإنباء والتنبىء: الإخبار بالخبر العظيم» إما لموضوعه.ء وإما لعظم شأن الإخبار نفسهء والإخبار عن شىء من غير رؤيته» إخبار عظيم فى ذات شأنه؛ ولقد كان عيسى لفرط روحانيته» ولما أكرمه الله به من إجراء الخارق للعادة على يديه تأييدا لرسالتهء يخبر من بعث إليهم بما يأكلون» أى ما يأكلون» وما يدخرون فى بيوتهم» وهذا نوع من الكشف النفسى أعطاه الله لنبيه عيسى عليه السلام» وهو ليس من قبيل الإخبار عن المستقبل» وإنما هو من قبيل الإخسبار عن الحاضر الواقع من لا يراه. وقد كان النبى محمد كله يخبر عن بعض الأمور المستقبلة» كما أعلمه الله تعالى ؛ ٠‏ مثل قوله تعالى : «إغلبّت الروم فى أدنى الأرض, وهم من بَعَدَ لهم سيعليونَ فى بضع سنين 4 وكإخباره عليه الصلاة والسلام عما يحدث لأمته فى الأزمان المستقبلة» وكإخحباره عليه الصلاة والسلام عن فشو الربا فى أمتهء مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «يأتى على الناس زمان يأكلون فيه الربا» قيل: الناس كلهم يارسول الله ؟ ! قال «من لم يأكله ناله غباره»)270© . )١(‏ رواه بهذا اللفظ أحمد بن حنبل : باقىي مسند المكثرين /9. . )٠١‏ عن أني هريرة رضي الله عنهو كما رواه النسائي: البيوع (57/9)» وأبو داود: البيوع (7857): وابن ماجه: التجارات (759؟) بنحوه. ا تفسير سورة آل عمران 7 )سس اساسا اسلا اساااا_ ١ اا‎ تج هذه المعجزات الأربع وغيرهاء هى آية الله تعالى لإثبات رسالة السيد المسيح عليه الصلاة والسلام؛ ولذا قال تعالى بعد ذكرها: إن في ذَلك لآية لُك إن كنهم مؤمدين 4 أى إن فى هذه الأمور التى أجراها الله على يد السيد المسيح عليه السلام لآية؛ أى لعلامة واضحة بينة تدل على صدق رسالته» وتثبت دعوته» ويقتنع بها من يريد الاقتناع. وقوله: إن كنتم مُؤْمنِينَ 4 إيماء إلى أن الذين يقتنعون بالحجج والآيات هم الذين من شأنهم أن يذعنوا للحق» ويخضعوا له؛ فالناس قسمان : قسم يذعن للحق ويؤمن به إن قام الدليل عليهء وأولئك هم الذين من شأنهم الإيمان والإذعان للحق؛ وقسم لا يزيده الدليل إلا عنادا واستكياراء وأولئك هم الذين من شأنهم أن يجحدوا ولا يذعنوا للحق إذا دعوا إليه؛ ولذلك عبر بالوصف فى قوله: إن كنثم مؤمنين4 أى إن كان الإيمان والإذعان للحق شأنا من شئونكم» ووصفا ذاتيا لكم. وإن هذه المعجزات الباهرة القاهرة التى خضع لها من خضعء وكفر بعدها من كفرء دليل على أن الدليل مهما يكن قويا لا يكفى للإيمان» بل لابد من اتجاه نفسى لطلب الحق من أن يتأشب بالنفس أى داع من دواعى الهوى» أو أى غرض من أغراض الدنيا؛ وأى دليل حسى أقوى فى الدلالة على الرسالة الإلهية من إحياء الموتى» وأن يصور من الطين كهيئة الطير فيكون طيرا بإذن الله ومع ذلك آمن من آمن» وكفر من كفرء وكان الذين عاندوا أكثر عددا من الذين أذعنوا وآمنواء والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم. بعد أن أشار سبحانه إلى الآيات الكبرى التى أجراها على يدى السيد المسيح عليه السلام» أشار إلى رسالته» وهى تتلخص فى أمرين: أنها مصدقة لما جاء فى التوراة مع إحلال لبعض الذى حرم على اليهود فيهاء وثانيها: أنه يدعو إلى الإيمان بأن الله خالق كل شىء ومبدعه ومنشئه بإرادته المختارة؛ وهذا ما تضمنه قوله تعالى: « وجتدكم بآية من ربكم 4 : 4 تفسير سورة آل عمران ل اال 0 ؟ يي وقوله تعالى: ‏ ومصدقا لما بين يدي من التوراة4 حال من الفعل المحذوف الذى دل عليه العطف» أى أنَّى جنتكم بآية من ربكم أنى أخلق» وجثتكم مصدقا للا بين يدى؛ يقال الأمر بين يديه أى أنه حاضر ثابت موجود) وعيسى جاءت رسالته متممة لرسالة موسى ناسخة لبعض ما جاء فيهاء كالشأن فى كل نبى ولذا أحل الله لهم على يديه بعض ما حرم عليهم بظلمهم وقسوتهم وجفوتهم ط فبظلم من الذين هادوا حرا عليهم يات أحلت لهم . .. نمه © [النساء] ولقد قال تعالى : وعلى اين هادوا حرمنا كل ذي ظَفْر ومن البقرِوالْنم حَرَسنا عليْهِم شحومهما إلأما حملت ظهُورهُما أو الحوايا وما اخلط عَم ذلك جزيْنَاهُم ببَغيهم ون َصادقُونَ +23 14 الأنعام ] . ذلك لأنهم قفست قلوبهم وغلظت أكبادهم » واستناموا إلى الراحة واسترخت أجسامهم » فابتلاهم الله بهذا التحريم لينشطوا ويعملواء ويكونوا قوة عاملة, ولا يكونوا أجساما مسترخية؛ فلما جاء عيسى عليه السلام» وقد نزل بهم من البلاء ما نزل» أحل الله لهم على لسانه ما كان قد حرم. وقوله تعالى: 8 وجنتكم بآية من رَبَكُمِ 4 ذكرت الآية» لأن جزءا من الرسالة العيسوية إثبات خلق الأشياء بالإرادة المختارة» ومعجزته كلها تتحه نحو هذا الاتجامى فهى فى ذاتها جزء من دعوته؛ لإثبات قدرة الله تعالى وإرادته فى الخلق والإبداع . وبعدل أن أشار سبحانه إلى ما تضمنته الرسالة العيسوية» ذكر دعوة عيسى لقومه بهذه الرسالة» فقال سبحانه حاكيا قول عيسى لهم: © فاتقوا الله وأطيعون 4 كانت دعوة عيسى تتجه إلى هذين الأمرين: تقوى اللّه تعالى ) وأن يطيعوه بأن يتبعوه فى منهاجه الذى رسمه لهم ووجههم إليه تبليغا لرسالة ربه. أما تقوى الله تعالى فكان لابد أن تكون لباب الدعوة العيسوية؛ لأن اليهود كانوا قد أعرضوا عن الله تعالى إعراضا تاماء حتى لقد كان فريق منهمء وهم الصدوقيون لا يؤمنون باليوم الآخرء وحتى لقد حسب أكثرهم أن العقاب الذى هدد الله به هو العقاب الدنيوى» لا العقاب الأخروى؛ ومن أجل ذلك سرى 7 4# تفسير سورة آل عمران ل للا حب( فى قلوبهم حب الدنيا والحرص عليها حرصا شديدا أيا كانت حياتهم فيها؛ ولذا وأما الطاعة لعيسى عليه السلام فبأن يتخذوا منه قدوة حسنة فى زهادته وروحانيته وسماحته» ليخففوا من غلظتهم وقسوتهم. واليهود إلى الآن فى أشد الحاجة إلى مثل هذه الدعوة» وهى التقوى والعفة والسماحة» ولكنهم أجابوا فى الماضى داعى الحق بمحاولة قتله»ء وكذلك يفعلون الآن» فهم يحاولون قتل من حموهم وآووهم. ولقد قرر عيسى - عليه السلام ‏ أن هذه المعجزات الباهرة لا تخرجه عن أنه عبد لله تعالى مخلوق له سبحانه؛ ولذا حكى الله تعالى عنه قوله: إن الله ربّي وربكم فَاعبدُوه هذا صراط مُستقيم 4: أى أن الله تعالى خلقنى وهو الذى يربنى ويكلؤنى ويحيينى» وهو أيضا الذى خلقكم وينميكم وي ويحييكم؛ وإذا كان كذلك فحق علينا أن نعبده وحده ولا نشرك به أحدا سواهء فإن العبادة تكون شكرا لهذه النعمة» وقياما بحقهاء وصلاحا لأمر الناس فى هذه الدنيا. وعبادة الله وحده والاعتراف بربوبيته وألوهيته وحده هى الصراط أى الطريق المستقيم الذى لا اعوجاج فيهء اللهم اهدنا إلى سواء السبيل . ًَّ 0سا سيت م سم كم أنصحات ووو سد رست اموت عه دك س2 سه 2 1 2001 مهدر سد 32 ود ره 41 ده وم 0 2 حو الكتهييت 2# كَرواً ومحكرالله والله حير 1 5 1 > جه ترات خرههة ل تفسير سورة آل عمران الللللللي 1 حو هذا القصص الحكيم مستمر فى قصة عيسى» وقد انتقل فى الآيات السابقة من بشارة مريم بأن تكون المختارة لتكون منها الآية الكبرى وهو أن يولد منها ولد هو إنسان حى يأكل ويشرب وينمو من غير أب ينجبه» إلى ملاقاة قومه له وتكذيبه؛ ولم يكن ذلك الانتقال مفاجتئا من غير تمهيد بل مهد له.» فأشار فى البشارة إلى مقامه ورسالته وآيته الباهرة القاهرة؛ وبهذا علم القارئ الذى يتلو كتاب الله من السياق رسالته والمعجزات التى تحدى بها قومه أن يأتوا بمثلها؛ وعلى ذلك لم يبين فى هذا الموضع ولادة عيسى عليه السلام» وحال مريم عند ولادته» وتكلمه فى المهد صبياء وبين ذلك فى سورة مريم فى قوله تعالى : فحملته فانتبات به مكانا قصيًا <(72 فأجَاءهاالْمَخَاض إلى جذع النخْلَة قَالَت يا لي من قبل هذا وكنت نسيا ميا 7( فناداها من تنتها ألا تحزني قد جعَلَ ونلك تحتك سَريًا 3 وهري إِلَيك ؛ بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جا +(422 فكلي واشربي وقَرَي عدا فنا تين من اشر أحدا فوني إن نذت رسن صوما ف أكلم الوم إنسا <١‏ نت به قومها تحمله قالوا يا ميم قد جنت شين فيا 80 يا أَخْت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت مك بَغيًا 2 فأشارت إلَيه الوا كيف نكلم من كان في المهد صَبيًا 57 قَالَ ني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبا 60.7 2 وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصّلاة والركاة ما دمت حيا :610 وبا بوالدتي وم يجعلني جبارا شقي :10 والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويم أَبْعَْ حي 2 4 1 مريم ] . ففى سورة مريم فصل خبر ولادته» وفى هذه السورة فصل الآيات التى أثبت بها نبوته» وكسان هذا مناسبا لما يجىء بعد ذلك من ملاقاة قومه لدعوته إلى اللهدء وإقامته الآيات التى تدل على رسالتهء فقال : فلم أَحْسَ عيسئ منهم الكفر قال من أنصاري إِلَى الله 4 هذا النص الكريم كان معقبا للآيات الباهرة من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص» وتصوير الطين كهيئة الطير فيكون طيرا بإذن الله . وتعقيبه لهذه الآيات» وكون الكثرة لم يكونوا د سرب مؤمنين كما يشير النص» يدل على أن الآية مهما تكن باهرة قاهرة لا تحمل 7 إلا تفسير سورة آل عمران 2 لل رب ا الجاحدين الذين غلفت قلوبهم دون نور الهداية على الإيمانء» والفاء هنا كأنها فاء التعقيب على الآيات الباهرة» أى أنهم فور هذه الآيات كفروا ولم يتدبرواء وأحس منهم عيسى هذا الكفرء فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله . والإحساس هو العلم الذى يكون بالحواس» وإطلاقه على العلم المجرد بعد ذلك من قبيل تشبيه العلم اليقينى القاطع البدهى بالعلم المدرك بالحواس ولما أحس عيسى الذى أوتى هذه البينات الكفر من قومهء وعلم ذلك علما يقينياء اتجه إلى من يدعوهم يتعرف من أصاب الإيمان قلبه ليتخذ منهم قوة للدعوة وليكونوا صورة للمهتدين الصادقين؛ ولذلك قال: 8 من أنصاري إِلَى اللّه 4 أى من الذين رضوا أن يكونوا أنصارى لأواجه بهم الذين يحاربون دعوتى» على أن يكون أولتك الأنصار منصرفين متجهين إلى الله تعالى لا يبغون غير رضاهء وهذا التعبير الكريم فيه إشارة إلى معان ثلاثة: أولها: أن الأكثرين لم يكونوا مؤمنين؛ ولذلك عبر بقوله تعالى: 8 فَلَمًا أحس عيسئ منهم الكفر 4 فنسب الكفر إليهم؛ وذلك لا يكون إلا إذا كان الكافرون هم الكثرة الظاهرة» والمؤمنون هم القلة المغمورة» حتى ببحث عنهم السيد المسيح عليه السلام بقوله: من أنصارى إلى الله تعالى. المعنى الشانى: الذى يشير إليه النص الكريم: أن السيد المسيح عليه السلام أحس بأنه أصبح مقصودا بالأذى» وأن الدعوة الحق أصبحت مهاجمة من تلك الكثرة الساحقة؛ ولذلك طلب أن يكون له نصراء يجعلون للحق منعة وقوة من جهة. ويكونون مدرسة الدعاية له» والخلية التى تدرس فيها حقائقه من جهة أخرى . المعنى الثالث: الذى يشير إليه النص: هو أن النصرة الحقيقية فى مثل هذا المقام أساسها إخلاص النية لله تعالى» والاتجاه إليه؛ وتفويضٍ الأمور إليه» فإنهم إن كانوا قليلا فهم بمعونة الله كثيرون « وَلَيمَصِرَنٌ الله مَن يَنصره إن الله لَقَرِي عزيز #ل)ه # [الحج ] ولذلك كان فى سؤال السيد المسيح عليه السلام إضافة النصراء تفسير سورة آل عمران امالك اا 0 حرو حر زد إلى اللهء فقال: من أنصاري إِلى اللّه 4 وقد قال فى ذلك الزمخشرى: «إلى الله من صلة أنُصارى مضمنا معنى الإضافة» كأنه قيل: من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله ينصروننى كما ينصرنى» أو يتعلق بمحذوف حالا من الياء» أى من أنصارى ذاهبا إلى الله أو ملتجئا» والأوضح فى نظرى أن يكون المحذوف حالا من الأنصار أنفسهم أى من أنصارى حالة كونهم متجهين ملتجئين إلى الله تعالى» وفى هذا طمآنة لهم بأن نصرته هى نصرة اللّه» وأن الذين ينصرونه يلتجئون إلى جانب الله تعالى» يعستمدون عليه» فهم إذا كانوا للحق منعة» فى عزة من الله ومنعة منهء وإن دعوة الحق لابد أن تجد نصيرا وإن طغى الباطل واشتد؛ ولذلك أجيب عيسى عليه السلام من المخلصين من قومه: «إقال الحواريون نحن أَنصارٌ الله الحواريون هنا هم أنصار عيسى عليه السلام الذين أخلصوا له ولازموه» وكانوا عونه فى الدعاية إلى الحق بعد الله تعالى الذى أمده بنور من عنده. وأصل مادة (حور): هى شدة البياضء» أو الخالص من البيياض» ولذلك قالوا فى خالص لباب الدقيق: الحوارى» وعلى النساء الييض : الحواريات» والحوريات؛ وعلى ذلك يكون تسمية صفوة الرجل وخاصته حوارى؛ لأنهم أخلصوا له؛ ولأنهم لباب الناس بالنسبة له» وكذلك كان حواريو عيسى عليه السلام؛ فقد كانوا خاصتهء والذين صفت نفوسهم. وخلصت من أدران الدنيا وأهوائها كما يخلص الثوب الأبيض الناصع البياض من كل ما يشوبه. 00 أجاب أولئتك الحواريون عيسى عليه السلام عندما أخذ يبحث عن النصراء نحن أنصَار اللّه وهم بذلك بينوا اهتداءهم لأمرين: أولهما: أنهم علموا أنه يتكلم عن الله تعالى وأنه رسول أمين؛ ولذلك اعتبروا إجابة دعوته هى من إجابة دعوة الله وأنهم إذا كانوا نصراءه فهم نصراء الله تعالى؛ ولذا قالوا: نحن أنصار اللّه» ولم يقولوًا نحن أنصارك . الأمر الثانى : أنهم فهموا أن نصرته تكون بإخلاص النية لله لله تعالى» وتصفية نفوسهم من كل أدران الهوى» حتى تكون خالصة لله تعالى» ولذلك أردفوا قولهم هذا بما حكاه سبحانه وتعالى عنهم بقوله تعالى: 7 تفسيرسورة آل عمران لجار 2 «آمنًا باللّه واشهد بأنا مُسَلمُون4 فهذا النص الكريم يفيد مقدار إدراكهم معنى نصرة الله تعالى ونصرة رسوله عيسى عليه السلام؛ قالوا © آمنًا بالله4 أى آمنا بأنه الواحد الأحد الفرد الصمدء الذى لم يلد ولم يولد» ولم يكن له كفوا أحدء وأنه خلق الأشياء بإرادته المختارة» وبقدرته الفعالة» ولم توجد عنه الأشياء وجود المعلول عن العلة» والمسبب عن السبب» كما كان يدعى بعض الفلاسفة فى عصرهم» وأردفوا قولهم بما يدل على الإذعان المطلق لله تعالى» وإخلاص نياتهم وقلوبهم له سبحانه بقولهم: 9 واشهد بِأنا مُسلمون4. الشهادة هنا بمعنى العلم المنتبعث من المعاينة والمشاهدة» فهم يطلبون من سيدنا عيسى أن يعلم علم معاينة بأنهم مسلمون أى مخلصون قد أسلموا وجوههم لله رب العالمين» وصاروا بتفكيرهم وقلوبهم وجوارحهم لله تعالى» وإن ذلك فوق أنه إعلام لحقيقة نفوسهم هو إشهاد من قبلهم بما خلصت به أرواحهم. حاطبوا بهذا الخطاب نبى الله تعالى مجيبين دعوته» ملبين نداءه» معلنين نصرته» 5 ثم انتجهوا بعد ذلك إلى الله تعالى ضارعين إليه قائلين : « ربا آمنا بما أَنَزلت واَبعنَا الرّسول 4 وقد صدروا ضراعتهم إلى الله تعالى بالاعتراف الكامل بالربوبية» وفى الاعتراف بالربوبية إحساس صادق بجلال النعم» وتقديم شكر المنعمء ثم الاعتراف بالربوبية الحق يطوى فى ثناياه الاعتراف بالألوهية الحق؛ لأن كمال الخضوع لله لا يكون إلا بالإيمان بالربوبية» ووراء هذا كله الإفراد بالعبودية» ثم بعد الضراعة بلفظ الربوية أعلنوا الخضوع والإذعان الكامل» فقالوا: 9آمنًا بما أنزلت 4 أى صدقنا تصديق إذعان وتسليم وهداية بما أنزلت. وما أنزل الله تعالى على عيسى عليه السلام هو تكليفات؛ فالإيمان الصادق بها يقتضى العمل ؛ لأن العمل يدل على كمال الإيمان» ولأن المخالفة من غفوة الإيمان» ومن قبيل ذلك قول محمد ذَكِْةٌ: «لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن22072. وقد تأكد ذلك المعنى وهو العمل بمقتضى ما أنزل لهم بعد ذلك فى " سبق تخزيجه.‎ )١( تفسير سورة آل عمران سس سسا سا سا ا ل لا 0 الا يي" ضراعتهم ‏ وَانَبْعنًا الرّسول 4 وهو عيسى عليه السلام» واتباع الرسول يكون بالعمل بهديه. والأخذ بسنته. وإذا كانوا قد ضرعوا إلى ربهم بهذا الإيمان تلك الضراعة» فقد اتجهوا مع ذلك إلى دعاته راجين بإجابته أن يقوى الله سبحانه وتعالى إيمانهم» وأن ينقلهم من الإيمان الغيبى إِلَى الإيمان الذى يصل إلى درجة تشبه المشاهدة؛ ولذا قالوا: ( فاكتبنا مع الشاهدين» أى إذا كنا قد امتلأت قلوبنا بربوبيتك» وآلوهيتك وعبوديتك فارفعنا إلى مرتبة أعلى هى أن نكتب مع الشاهدين؛ ومن هم الشاهدون؟ يصح أن نقول إنهم الذين صفت نفوسهم وزكت مداركهم» حتى وصلوا إلى درجة العلم الذى يكون كعلم المشاهدة والرؤية» الذين قال فى أمثالهم محمد وَييلْة: «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك( فهذه مرتبة من الإيمان» والمعرفة أعلى من مجرد الإيمان. ويصح أن تسمى هذه المرتبة مرتبة الشهود أو المشاهدة التى يقول عنها الصوفية.ء فالمؤمن يتعبد» ويصفى نفسه من أدران الدنياء حتى يصبح كأنه يشاهد الله رب العالمين فى أعلى ملكوته» ويحس فى كل فعل يفعله كأنه فى حضرته العلية كمن يعاينه. وإن النص الكريم يدل على وجود ذلك الصنف من العباد الأصفياء الأتقياء الأبرار» وأنهم فى أعلى درجات اليقين» بدليل أن هؤلاء الأتقياء طلبوا أن يكونوا فى هذا الصنف» وحكى العلى القدير للأجيال طلبهم الذى رشحهم له فرط ضراعتهم وتقواهم» وأولئك الشاهدون هم الأنبياء والصديقون والشهداء. أحس عيسى عليه السلام بحدة كفر الكافرين» وشدة نضالهم؛ ولذلك انهه إلى أن يكون له دعاة مناصرون أطهار.» تكون منهم مدرسة الحق» وأخذ يبث تعاليمه فى تلاميذه. وينتقل فى أراضى بيت المقدس وجبالها وآكامها هاديا مرشدا باعثا الأرواح إلى الإيمان بالحق؛ ولكن جحدوا 'بالحق بعد أن ظهرت أماراته. )١(‏ سبق تخريجه. # تفسير سورة آل عمران 11111111 ااا الالالال الالالال الالالال مالسالا لاا لاا تالالا ط لطا ااال كك + يي" وقامت بيناته» ثم أخذوا يحولون بينه وبين هدايته» ودعوة الحق التى يدعو بهاء ولا رأوا أن نور الحق يزداد انتشاراء قرروا أنه لابد أن يقطعوا حركته نهائيا بتدبير الشر لشخصه. ويستفاد من الإشارات القرآنية أنهم حاولوا قتله» ولا عجب فقد قتلوا يحيى بن زكريا عليه السلام الذى عاصره. ولا يستغرب على اليهود عمل فاجرء فهم فى ماضيهم كما نراهم اليوم فى حاضرهم» ولقد قال تعالى بعد أن بلغت دعوة الحق أقصاها وأعلاها 9 وَمَكَرُوا وَمَكْرَ الله 4 : أى أن هؤلاء الذين أحس عيسى عليه السلام من منهم الكفر. ورآه عيانا منهم بعل أن كون فيهم مدرسة الهداية بالحواريين» وأخذوا يدبرون التدبير للقضاء عليه أو على دعوته. واككرء كما يظهر من عبارات القرآن: هو التدبير الذى يجتهد صاحبه فى إخفائه عمن يمكر به؛ ولذا نسب المكر إلى الله تعالى» ولا يمكن أن يكون عمل الله تعالى إلا خيراء ولذا ذكر المكر موصوفا بالسوء فى قوله تعالى: ولا يُحيق الْمَكْرُ السبَئ إل بأهله ... :27م 4 [فاطر] فدل هذا على أن مطلق المكر لا يعد سوءاء مكر الفجار لإيذاء الأبرار لا يمكن أن يكون خيراء ومكر الله تعالى لإحباط تدبير الأشرار لا يتصور إلا أن يكون خيرا. وقد قصر بعض المفسرين المكر على التدبير السيئْ» وسمى تدبير الله لإحباط تدبيرهم مكرا من قبيل المشاكلة ورد الفعل بمثله وإن لم يكن له وصفهء كتسمية رد الاعتداء اعتداء فى مثل قوله تعالى: 8 فَمَن اعتدئ عليكم فَاعتدوا عليه بمثل ما اعتدئ عليكم ... +289 4 [البقرة] وما هو إلا عمل عدل ولكن سمى به للتمائل بين الفعلين فى الواقع ليتحقق الدفاع العادل. دبر أولئك قتل عيسى عليه السلام كما قتلوا يحيى» فكانوا - لاستيلاء الفساد على قلوبهم - قد أصابهم شره لدماء الأطهار دبروا ذلك» والله يدبر حمايته» وقد تم ما أراد الله تعالى؛ ولذا قال تعالى: . ف والله خير الماكرين 4 فسرها بعض المفسرين بأن الله سبحانه لا يصدر عنه إلا الخير» فمكره خير مكر لأنه لا يتصور فيه شر قط. وفسر الزمخشرى قوله: ل تفسير سورة آل عمران الملل كالبلل لو الل © واللّه خير الماكرين 4 بقوله: أقواهم مكراء وأنفذهم كيداء وأقدرهم على من وراء كل من يدبر الشر للأطهار» وهو الذى يحفظ بعلمه وقدرته الأبرار» ربنا هيئ لنا من أمرنا رشذا. 11 2 ماه لس إذقَالَ أله يعسو إن مويك وَرافْعَكَ س رم سق 2 2و م لسن ال ص سا مورع يسا ِل وَمُطْهَرَكَ و مرح ألذد بن صحصحدرواو الذيناتبعوك 0 1 ص - و ب« و 00 رى د م 4 فوق أأزي رت كفرواً! لتر و الْعِيِمَوَنْمَإِلَمَرَجِمْحكمْ حصت ري نه فيه كل 2 وماد حصب فيما كتْسَمَفِيه لمعون ويه دن مقر هل 2 | يا 2.2 مام اليم 4 روأ اعد به بهمعذ ابَاسَدِيدَا قال ياوا لَكحْرَوَوَمَا 07 ا ا - _- 3 3 من نلص سن لم وَأماالْذزمسءامنوأوعملوا عد ت فيوفيه م أجورهم والله ليجب الظالوين اه ل 2 مك وه دلِك تَبَلُوه عاكلكت 2 عَلِتَلكَع ليت وألزه السك - 2 تعالى : « إذ قَال الله يا عيسئ إنِي متوفيك ورافعك إِلّي » : والمعنى : اذكر يا محمد للعظة والاعتبار قصص عيسى بن مريم» إذ قال الله تعالى له فى نداء رحيم منجيا له من أذى اليهود الذين كانوا ولا يزالون أعداء لكل ١ هذه الآيات موصولة بالقصص السابق» والذى تدل عليه الآيات قبلها هر أن معركة قائمة بين الخير والشر؛ فعيسى عليه السلا ينادى أنصاره إلى الله تعالى؛ ويجيبه الحواريون بالإيمان والإخلاص والاستعداد للابتلاء فى سبيل إيما ونصرتهم للسيد المسيح عليه السلام» والشر يدبّر التدبير السيّئ» والله من ورائهم محيط» يدبر الخير ويهدى إليه 9 وَمَُكَروا وَمُكر الله والله حير الْماكرين 4 وفى هذه . الآيات يبين سبحانه خيبة تدبيرهم ونماته عليه السلام من شرهمء وذلك قوله” 1 1 ههه « يي 1١ ١ 1 0 0 4# تفسيرسورة آل عمران 2 اللللللإتات ا ١ لاا‎ و2 خير» أنصارا لكل شر: فإيا عيسئ إن متوفيك وراففك إِلَي4 والمعنى المتبادر من هذا النص الكريم أن الله تعالى توفى عيسى كما يتوفى الأنفس كلهاء وأنه رفع مكانته برفع روحه إليه سبحانه وتعالى» كما ترفع أرواح الأنبياء إليه سبحانه وتعالى» هذا ظاهر هذا النص» ولكن جاءت نصوص أخرى يفيد ظاهرها أن الله تعالى رفعه بجسله إليه سبحانه؛ فقد قال تعالى: وما لوه وما صاوه ولكن شي هم ون اين اخْتَلَُوا فيه لي شل مَنهُ ما لهم به من عم إلا اع الظَنَ وما قَُوه يقينا له 9 بل رَفعَه الله َه وكان الله عزيزا حكيما 22 4 [ النساء] فظاهر هذا النص > أن الله تعالى رفعه إليه بجسمه؛ لأنه مقابل بالقتل والصلب» ولا يصلح مقابلا لهما رفعه بالروح؛ لأنه يجوز أن يجتمع معهماء ويؤيد هذا ما ورد فى صحاح السنة من أن عيسى عليه السلام سينزل إلى الأرض فيملؤها عدلاء كما ملكت جورا وظلما؛ فقد روى مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله َلِْةٌ قال: «والله لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب» وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية» ولتتركن القلاص(2 فلا يسعى عليهاء ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد» ويدعون إلى المال فلا يقبله أحد)('2 فإن ظاهر هذا الحديث يفيد أنه ينزل بجسمه من الملكوت الأعلى . وإزاء تعارض ظواهر النصوص على ذلك النحو» كان لابد من تأويل جانب منها لتكون ثمة مواءمة بينه وبين الأخرى؛ ففريق من العلماء وهم الأقل عدداء أجروا قوله تعالى فى الآية الكريمة التى نتكلم فى معناها على ظاهرها وأولوا ما عداها؛ ففسروا قوله تعالى: 9إإِنَي متوفيك ورافعك إِلَي 4 بمعنى بميتك ورافع منزلتك وروحك إلى» فالله سبحانه وتعالى توفاه كما يتوفى الأنفس كلهاء ورفع روحه كما يرفع أرواح النبيين إليه. . جاء فى الهامش: القلاص جمع قلوص وهى الناقة) ولعل المعنى أن ابن آدم يتجرد للروحانية‎ )١( متفق عليه» وقد روآه بهذا اللفظ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مسلم: الإيمان - نزول عيسى ابن‎ )6( ورواه البخاري:‎ »2٠٠١٠١1١( مريم حاكما بشريعة نبينا (١؟7١7)») وبه رواه أحمد: باقى مسند المكثرين‎ البيوع - قتل الخنزير (00370. تفسير سورة آل عمران !]11اا!اا!!!!!!!للك!!ل تل أ الالال الاللك111 !!!لك 1 خالل ال ةاااااا ألم ع 1ع ع عملم مل ل 1غ خخخاخاا م امامممااااا ل اممما للا ا لحر د وإذا كان أصحاب هذا الرأى قد فسروا الآية على ذلك الظاهر.ء فقد قرروا أنه لا معارضة بينها وبين الأحاديث التى تفيد النزول؛ لأنها تدل على مجرد العودة إن أخذناها بظاهرهاء وليس الله سبحانه وتعالى بعاجز عن أن يرد روحه إلى جسمه» وهو الذى يحيى العظام وهى رميم» وكما قال تعالى: #8 ... كما بدأكم تعودون 4:2 [الأعراف ] وفضل عيسى عليه السلام أنه عاد إلى جسده قبل أن يعود غيره إلى جسده؛ هذا إذا قبلت هذه الأحاديث بظاهرها من غير تأويل» ومن غير نظر إلى سندها وكونها أخبار آحاد لا يؤخذ بها فى الاعتقاد. وأما التوفيق بين الآية الكريمة وبين قوله تعالى: بل رَفَعَه الله ليه 4 فإنه فى نظر أصحاب ذلك النظر لا يحتاج إلى عناء فى التأويل؛ لأن الإضراب الذى تضمنته «بل» إضراب عن القتل والصلب» وليس إضرابا عن الموت الطبيعى» وكونه لا يقتل ولا يصلب لايقتضى أنه لايموت موتا طبيعياء والتعبير بقوله: # بل عه الله إِلَيه4 فيه إشارة إلى معنى الكرامة والإعزاز والحماية» وأنه تعالى حاميه منهم » ومائعه دونهم» وأنهم لن يتمكنوا من رقبته؛ إذ إن الذى يحميها هو خالق الكون» وخالق القدر. هذا هو التفسير الآول للآية الكريمة» وهو الذى يجريها على ظاهرها من غير أى تأويل» ويقرر أنه إن كان لابد من تأويل فهو فيما يعارض ظاهره ظاهرهاء على أن التوفيق فى ذاته مكن من غير تأويل بعيد أو قريبء إذ الظاهر أن التفسيرين فى نظرهم غير متعارضين» والتوجيه الصحيح لمعانيها يجعلها متلاقية غير متنافرة وإن التأويل إنما يكون بترك ظاهر الآية الكريمة: 9 متوفيك ورافعك إلي ‏ . والتفسير الثانى: يقرر أن الرفع بالجسم لا بالروح فقط» وأن عيسى حى فى السماء» وأن الآأرض قد خلت منه ليعود إليها فيملؤها عدلاء بعد أن ملئت جورا؛ وإن أصحاب هذا الرأى وهم الأكثرون ويحتاجون بلا ريب إلى تأويل هذه الآية ولهم فى التأويل طرق مختلفة» منها أن قوله © متوقيك 4 ليس معناها مميتك» بل 02 تفسيرسورة آل عمران ) اللفللللل ااا ااال ههه : -- معناها هو المعنى اللغوى الأصلى؛ إذ إن التوفّى فى اللغة أخذ الشىء وافيا تاماء والمراد فى نظرهم أَنَّى موفيك حياتك كلها فى الدنيا على الأرض ببقائك فيهاء ثم رافعك إلى السماء تستوفى حظك من الحياة هناك. ولكن يعارض هذا التأويل أن القرآن له استعمال فى العيارات يخصصهاء وقد خصص هذا اللفظ بالموت» كما خصصته اللغة» ومن ذلك قوله تعالى: #والله يَتَوقى الأنْفْس حين موتها» وقوله تعالى : « قل يتوفاكم مُلَكَ الْمَوْت الذي وكل بكم .. . 217 4 [السجدة] . ومن التأويلات: أنهم فسروا الوفاة بمعنى النوم باعتبار أن النوم هو الموتة الأولى» ومن ذلك قوله تعالى: فإ وهو الذي يتوقاكم بالليل ويَعلّم ما جرحتم بالنّهار ... #يه # [الأنعام]. والمعنى على هذا منومك نوما عميقاء ثم رافعك فى أثناء هذا النوم إلى . ومن التأويلات: ماذكره القرطبى بقوله: ظإإِنّي متوفيك ورافعك إِلَي 4 على التقديم والتأخير؛ لأن الواو لا توجب الرتبة» والمعنى إِنَّى رافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماءء كقوله تعالى: «( ولولا كَلمَةٌ سبقت من رَبّك لَكَانَ لزاما وأَجَل مُسمى +43 4 [طه]ء والتقدير ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما(") أى أن الوفاة ستكون» وليست سابقة على الرفع» بل هى متأخرة عنه» أى أنه عليه السلام يموت بعد أن ينزل إلى الأرض ولا شك أن هذا ضرب من التأويل» وليس ظاهر النص. ذانك نظران فى تفسير الآية الكريمة» أولهما يعتمد على ظاهر الآية الكريمة» وعلى أنه لا تعارض بين هذا الظاهر وظواهر النصوص الأخرى» ومنهم من يقف من أحاديث نزوله إلى الأرض موقف المستفهم؛ لماذا اختص عيسى بهذا؟ ولماذا لا يكون هذا لنبينا محمد يد ويخشى أن يكون ذلك من دس النصارى» وكم دسوا فى الإسلام؛ ولقد كان فى عصر التابعين يوحنا الدمشقى فى بلاط بنى )١(‏ أحكام القرآن للقرطبى ج4؛ ص99. ل تفسير سورة آل عمران المبللل الالالال 011111110111110 ال هه : 7 أمية يؤلف الجماعات السرية التى تدس الآراء والأفكار التى من شأنها أن تفسد عقائد المسلمين. أما النظر الثانى فاعتماده الأكبر على الأخبار التى وردت بنزول عيسى عليه السلام وأول من أجلها هذه الآبة الكريمة» مع أن الأخخبار أحاديث آحاد» وأولئك هم الأكثرون كما قلنا. - « ومطهّرك من الذين كفرُوا وَجَاعل الذينَ الَبعُوكَ فوق الّدين كَقَرُوا إلى يوم القيامة 4 التطهير معناه إزالة الأدران والخبائث» والله سبحانه وتعالى طهر المسيح عليه السلام من الآثام التى حاول أن يلصقها به وبأمه اليهود ومن جاءوا بعده تمن ادعوا اتباعه وهم لم يتبعوهء وأبدى سبحانه وتعالى للملا من اليهود طهر أمه وعفتها ونزاهتهاء كما أبدى روحانيته وسلامته مما رماه به من عادوه وأفرطوا فى عداوته» وما رماء به من أحبوه وأفرطوا فى محبته حتى حسبوا أنه إله أو ابن إله. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. هذا تطهير الله لعيسى عليه السلام» ولقد طهره أيضا بأن لم يمكن اليهود والرومان من صلبه ومن قتله بل شبه لهمء ونجاه الله تعالى من كيدهم؛ وهكذا طهر الله عيسى من كل رجس معنوى أو حسى» ومن كل أذى حسى أو معنوى. ولقد جعل الله سبحانه وتعالى الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة» وهنا يسأل القارئ لكتاب الله: من هم الذين اتبعوه؟ ومن هم الذين كفروا به؟ وما هذه الفوقية التى تكون للذين اتبعوه؟ ليس الذين اتبعوه هم الذين قالوا إنا نصارى أو نحن نتبع المسيح وكانوا يزعمون أنه ثالث ثلاثة أو ابن الله؛ لأنه ما قال هذا وما ادعاهء ولكنه جاء بالتوحيدء والإيمان بالله العلى القدير وحده؛ وإنما الذين اتبعوه هم الذين آمنوا به» ويأنه رسول من رب العالمين» وبيأنه بشر كسائر البشرء وأن تعاليمه هى العدالة» والرحمة» والسماحة» والإخلاص فى طلب الحق وعبادة الله تعالى كما أمر اللّه ؛ ولذلك لم يجانب الحق من قال إن أتباعه هم المسلمون» لأنهم هم الذين 0 #4 تفسير سورة آل عمران 2 لسعو اللا رب ا يؤمنون برسالته حق الإيمان من غير إفراط ولا تفريط» ومن غير أن يتجاوزوا به قدره الذى قدره الله تعالى له وسواه عليه. والفوقية ليست هى القوة؛ فإن الأسد أقوى من الإنسان» ولكنه ليس فوقه ولا أعلى منه» بل الفوقية هى فوقية الإدراك والإيمان والإخلاص؛ وذلك لآن سبب الفوقية هو الاتباع» والمسبب من جنس السبب» فالسبب معنوى روحى» فالفوقية روحية معنوية» فليست الفوقية إذن فوقية سيف وسنان» بل فوقية حجة وبرهان» . ولقد قال الزنمخشرى فى ذلك: «يعلونهم بالحجة» وفى أكثر الأحوال بها وبالسيف؛ ومتبعوه هم المسلمون؛ لأنهم متبعوه فى أصل الإسلام» وإن اختلفت الشرائعء دون الذين كذبوه» والذين كذبوا عليه من اليهود والنصارى17؟ . نَم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون4 إن الفوقية التى أشرنا إليها هى فوقية الحجة القوية الثابتة عن النظر بعين الحق السائغ» والقسطاس المستقيم» وإن هذه الحجة قائمة فى الدنيا إلى يوم القيامة» حتى إذا انتهوا إلى ذلك اليوم المعلوم المقطوع بأنه سيقع لا محالة» يكون الاحتكام بها إلى الحكم العدل العليم؛ ولذا قال سبحانه: ثم إلي مرجعكم 4 أى إلى رجوعكم ومآبكم» وإذا كان المرجع إلى الله والمصير إليه سبحانه وهو العليم بكل شىءء فهو الذى يحكم بينهم فيما كانوا يختلفون فيه» وحجة بعضهم فوق حجة الآخرين» فالفاء فى قوله تعالى: ط فَأَحَكُم بِينَكُم فيما كنتم فيه تختلفون» هى التى تسمى فاء الإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء وقد ذكرناه فى مطوى كلامنا. ولقد بين سبحانه وتعالى بعض الُكم مفصلا فى قوله تعالى: قم الذين كفروا فَأعَذَبِهِم عذابًا شديدا في الدنيًا والآخرة وما لهم من ناصرين 4 هذا هو الجزء الأول من الحكم» وهو عذاب الذين كفرواء وفى التعبير بالملوصول إشارة إلى أن سبب العذاب هو كفرهمء وقد أكد سب حانه وتعالى شدة )١(‏ الكشاف: جا ص197. تفسير سورة آل عمران ا ال 111[ 1[ 1 ذ ذ1ذآذذذآ211011111[1 ١‏ اا يي العذاب بعدة تأكيدات» أولها: بنسبة التعذيب إليه» وهو القوىٌ القهار الغالب على كل شىء» وفيه إشعار بعدالة العذاب عدالة مطلقة» وثانيها: بالتأكيد بالمصدرء وثالثها: بالوصف بالشدة» ورابعها: : بعدم رجائه إنهاءه أو إزالته؛ إذ لا يوجد لهم من ناصر؛ ولذا قال سبحانه: «ومًا لهم مَن ناصرين 4 وهو نفى مؤكد مستغرق» أى ليس لهم من ناصر أيا كان هذا الناصرء وأيا كانت نصرته» ولو كانت ضئيلة . ولقد ذكر أن العذاب فى الدنيا. وفى الآخرة؛ أما عذاب الآخرة فالأمر فيه إلى الله تعالى العلى القديرء وأما عذاب الدنيا بالنسبة لمن كذبوا المسيح من اليهود فهو هذه الذلة والتفريق فى الأرض» ومهما يحاول الكافرون أمثالهم لهم من معاونة فإن حبلها مقطوع بعون الله تعالى العلى القدير ( وسيعلم الذين ظَلَمُوا أي منقآب | يتقلبون +2590 © [الشعراء] وأما النصارى فإن العذاب الذى هم فيه يبدو للناظر الفاحص من اختلافهم فيما بينهم؛ وتفرقهم أحزابا وشيعاء وجعل بأسهم بينهم شديداء وهذه هى الحروب بينهم مستمرة مفئية مدمرة» وأى عذاب أشد من هول الحروب التى وقعت بينهم فى الحربين العالميتين السابقتين!! فكم من دماء أهرقها أولئك الذين كفروا بالمسيح فيما بينهم» وأى ذرية أبادوهاء وكم من العمران خربوه!! ولا يدرى إلا الله ما سيكشف عنه المستقبل من عذاب شديد يعده بعضهم لبعض» حتى يصيروا فى نهايتهم بورا. وأمًا الّذِين آمنوا وعمنُوا الصّالحات فيوفيهم أجورهم واللّه لا يُحبْ الظّلمِينَ 4 هذا هو الجزء الثانى من الحكم وهو جزاء الذين آمنواء وقد ذكر جزاءهم الحكيم العليم بأنه يوفيهم أجورهم أى ججزاءهم على ما قدموا من أعمال استحقوا عليها ذلك الجزاء» وهو النعيم المقيم؛ وقد جعل ذلك الوفاء وهذا الجزاء مبنيا على أمرين» أحدهما: إيمان صادق» والثانى: عمل صالح». فهما اللذان نيط بهما الجزاء» وفى الحق إن الإيمان الصادق يتبعه العمل الصالح» وليس بمؤمن حق الإيمان من يتخلى عمله عن اعتقاده» ولم يذكر سبحانه وتعالى نعمته فى ثوابه وهو المنعم دائما المتفضل بالثواب؛ للإشعار بأن إنعامه سبحانه منوط بعملء 9 تفسير سورة آل عمران ١‏ 0 مل > أ ولْيُعلمُنا العدالة بأن نربط الجزاء بالعمل. ثم ذيل سبحانه وتعالى الآية بقوله: « واللَهُ لا يُحبُ الظَالمينَ4 لإعلان عدالته ولإثبات أن الكفر والظلم قرينان» وأن الإيمان والعدل متلازمان» ولبيان استحقاق الذين آمنوا وعملوا الصالحات لما أعطوا من ثواب ونعيم مقيم. ولقد ختم الله سبحانه وتعالى قصص عيسى بقوله تعالى : ذلك نتلُوه عَلَيّكَ من الآيّات والذكر الحكيم » ذلك القصص الذى ذكرت فيه قصة آل عمران» وقصة مريم وولادتها وزكريا ونداءه وإجابته» وعيسى وروحانيته وآياته الباهرة» نتلوه» أى نقصه عليك بعضه تلو بعض فنتلوه فى بيان رائع» وهو من الآيات البينات المثبتة لرسالتك» فما كنت لديهم إذ حدثت هذه الوقائع الشابتة التى لا مجال للريب ولا للشك فى صدقهاء وما كنت تقرأ فى كتاب» ولا تلقيته بيمينك» إنما هو وحى به إليك لتثبت به رسالتك» وتؤيد به دعوتك» وهذا القصص مع دلالته على نبوتك هو فى ذاته يحمل العظة والاعتبار؛ ولذلك كان هو من والذكر الحكيم 4 أى الذكر الذى يربى الحكمة فى القلوب النى تقرأ وتعى وتدرك» إذ هو يذكر القارئ بآن الأدلة مهما تكن قوتها لا تجعل الضال يهتدى ما لم يفتح قلبه لهاء فالأدلة كالنور لا يراه إلا من له بصر يبصر به» اللهم افتح قلوبنا لإدراك الحق والإيمان» إنك على كل شىء قدير. 7 7 و2 مَكَلَعِسِعِنْدَأسَه كمسل ا مك2 ومن را ب تُمقَالَ ل < و حي لحن 1 لامك مسا لمم ده م ره آ ده تر 02 م اه صه 2 سلر< سسا ل وسح قر ناج عمجا كن لفقل تهالق سنا 7 0 0 ا 0 َو شر أَبسَاء نا وَأيسَ] 0 وضَآء ا مساو 500 بت له آ ره 2 سس سس لوسر صرح سل سر و فح سه ا ل 00000007 ع ل ل مِنَإلَهِ إلا اسه ا لهو ده /‏ دو 2 د واه 2 لْعَرْبِرَ 1 أحكة يم حي فَإِن َوَافَإِنَا حلمم بالْمَفسِدِينَ 32 تفسير سورة آل عمران ااال لل 14 لجل هار - فى الآيات السابقة بين الله سبحانه وتعالى كيف كان الحمل بعيسىء وما أجراه الله تعالى على يديه من معجزات» وكيف كان عبدا من عباده الصالحين» وذكر دعوته إلى ربه» ومعاداة قومه لهء وتقدم الحواريين ليكونوا أنصاره إلى الله وكيف مكر القوم به وأحبط الله مكرهم» ثم توفاه سبحانه» ورفعه إليه» وجعل فوقية للذين اتبعوه فى هدايته» فآمنوا بوحدانية الله وبرسالته» وليس منهم قطعا أولئك الذين قالوا إنا نصارى وادعوا ألوهيتهء أو أنه ابن الله. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وإنه فى هذه الآيات يبين الله سبحانه وتعالى حقيقة تكوين عيسى» ويزيل وجه الغرابة فى ولادته» وأن الله تعالى لا يتقيد بالأسباب والمسببات؛ لأنه خالق كل شىءء وهو الفاعل المختار» يخلق الأشياء بإرادته واختياره» ولا تصدر عنه المخلوقات صدور المعلول عن علته.» كما يتوهم الماديون الذين عاصروا عيسى عليه السلام» والذين يعاصروننا اليوم» وإن الله سبحانه كما خلق الإنسان الأول آدم من غير أب ولا أم» فكذلك خلق عيسى من غير أب» وهو سبحانه ذو القوة المتين. ولقد بين سبحانه هذه الحقيقة بقوله: «إإِنّ مثل عيسئ عند الله كمثل آدم حَلَقَهُ من تراب 4 يبين الله بهذا النص الكريم مكان خلق عيسى عليه السلام من قدرته سبحانه وتعالى» بجوار خلق آدم من تراب؛ فالله سبحانه وتعالى خلق آدم من تراب» أى من غير أب ولا أم» ومن مادة ليس من شأنها أن يكون منها إنسان حى ينطق ويتكلم» وقد تعلم الأسماء والأشياء كلها؛ ومعنى النص الكريم: إن حال عيسى فى تصويره وتكوينه من غير أب بالنسبة لقدرة الله تعالى كحال آدم صوره وكونه من طين. وفى هذا التمثيل احتجاج على النصارى الذين آلَّهوا المسيح عيسى ابن مريم لأنه خلق من غير أب» واعتبروه ابن الله والاحتجاج من وجهين: أولهما: أنه إذا كان خلق عيسى من غير أب مسوغا فى زعمهم لآن يكون إلها أو ابن إله» فأولّى بذلك ثم أولى آدم؛ لأنه خلق من غير أب ولا أمء ولا م م تفسيرسورة آل عمران ملو ااال لا0اا0ا0ا0اااللللللل سرب أ أحد من الناس ادعى ألوهية آدم لهذا السبب فيبطل حيئئذ ذلك الزعم الباطل لانهيار الأساس الذى قام عليه. ثانيهما: أن الله سبحانه وتعالى إذا كان قادرا على خلق إنسان حى من غير أب ولا أم» ومن مادة ليس من شأنها أن يتكون منها إدسان حى» فأولى أن يكون قادرا على خلق إنسان من غير أب» ومن أم هى إنسان يلد ويحيا ويموت» وهى وعاء لحياة الإنسان وهو جنين؛ وإذا فلا غرابة فى خلق عيسى من غير أب» وما كان يصح أن يكون هذا دافعا لهذا الضلال المبين. والنص الكريم فوق ما تضمنه من حجة دامغة تقطع دعوى المبطلين» هو بيان لقدرة الله تعالى العلى القدير فى خلق الأحياء وخلق الأشياء» من حيث إنها تخلق بإرادته المختارة» وأنه بهذه الإرادة يخلق الحى من غير الحى» ويخلق الحى على غير النظام الجارى فى مجرى العادات» وما نسميه طبائع الأشياء فى التكوين والتوالد» ولا تصدر عنه الأشياء كما يصدر المعلول عن علته» وإلا ما كان من الطين إنسان حى ناطق هو أبو الخليقة آدم عليه السلام. ولذا بين سبحانه بعد ذلك عظم إرادة الله تعالى فى خلق آدم: ظثُمْ قَالَ له كن فَيَكُونْ4 هذا تصوير لخلق الله تعالى آدم من تراب» أراد سبحانه وتعالى أن يكون فصوره من طين» ثم قال له لما صوره آمرا له أمرا تكوينيا (كن» فكان. وهذه الجملة السامية تصور خلق الله سبحانه وتعالى للأشياء الأحياء وغير الأحياء» فليست إلا أن تتجه الإرادة إلى تكوينهاء فيكون الأمر التكوينى» وتكون الاستجابة التكوينية» ويكون الأمر كما أراد سبخانه. وقال سبحانه وتعالى بالنسبة للخلق آدم عليه السلام: كن فَيَكُون» ولم يقل كن فكانء وهو المناسب للماضى» وذلك لآن التعبير بالمضارع دائما فيه تصوير وإحضار للصورة الواقعة كما وقعت». ومن جهة أخرى فضيغة المضارع فى هذا المقام تنبئْ عما كان» وتومئ إلى ما يكون بالنسبة لخلق الله تعالى المستمر فى المستقبل كما كان فى الماضى وقد بين سبحانه أن هذا هو الحق الثابت المستمر» فقال: إل اتة تفسير سورة آل عمران الس ساس 9 0 حر أ © الحق من رَبك قلا تكن مَن الْمَمترِين 4 أى هذا الذى أخبرك الله به سبحانه من أن عيسى خلق من غير أب» وكونه كذلك» وكون خلق آدم من طين» وكون هذا التكوين العام هو بإرادة مختارة» لا قيد يقيدهاء وأنها خالقة الأسباب» هذا هو الحق. والحق هو الثابت اليقينى الذى لا مجال للشك فيه. وقد أكد سبحانه وتعالى كونه الحق الذى لا مجال للريب فيه بثلاثة تأكيدات: أولها: بتعريف كلمة الحق بأل فإن مؤدى ذلك أن خلق الله بإرادته المختارة على النحو الذى بينه هو الحق وحده» ولا حق سواه. ثانيها: أنه بين أن إثبات ذلك الحق هو من ربك الذى ذرأك وحفظك» وفى ذلك مايدل على صدق الإثبات صدقا لا ريب فيه. الثها: أنه نهى عن الامتراء والشك فى ذلك الحق» فقال سبحانه: قلا تكن مَن الْمَمتَرِين 4 أى أنه لا مجال فيه للشكء أو للجدال والمراء المشير للشك. والخطاب موجه إلى النبى يله مع أن النبى مَلَِْةِ لا شك عنده. وكان كذلك لإثارة الاهتمام والاتجاه إليه» وبيان أنه لا موضع فيه للجدل والامتراء» فيكون الاطمئنان إلى الحق المبين» وإذا كان هذا دعوة للنبى إلى الابتعاد عن الامتراء فغيره أولى بأن توجه إليه الدعوة القاطعة لكل ريب . والامتراء: هو الشك الذى يدفع إلى المراء والمجادلة المبنية على الأوهام لا على الحقائق ولذلك قال الراغب الأصفهانى فى معنى الامتراء ما نصه: «المرية التردد فى الأمرء وهو أخص من الشكء قال تعالى: «إ ولا يال الّذينَ كَفَرُوا في مرية مَنْه .. . +(22) 4 [الحج] فلا تك في مرية مَمَا عبد هؤلاء ... +3 4 [هود] ط(فلا تكن في مرية من لقائه .. . :120 4 [السجدة] < ألا نهم في مرية من لقاء رهم ... عه # [فصلت] والامتراء والمماراة: المحاجة فيما فيه ترددء وأصله من مريت الناقة إذا مسحت. ضرعها للحلب». فمؤدى كلمة الامتراء هو المحاجة فيما فيه ريب» فكأن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه الكريم أو لقارئ القرآن العظيم: فلا تكن من الذين يجادلون فى هذا . تفسيرسورة آل عمران لل ااااللللل اللا لح ا شاكين؛ فإنه ليس موضع شك من جهة؛ وليس موضع جدال؛ لأن الذين يجادلون فيه يجادلون فى قدرة الله تعالى « وهو شديد المحال 272 4 [الرعد] وإذا كان النبى كله منهيا عن المجادلة فى هذا الأمر لأنه لا مسوغ فيه للجدل» فماذا يكون من أمره إن حاجوه هم؟ فبين سبحانه ما يكون منه إن حاجوه بقوله تعالت كلماته: © فمن حَاجَك فيه من بعد ما جَاءكَ من الْعلم فقل تَعَالُوا تدع أبناءنا وأبناء كم سانا سامحم وأنفنا وأشكُمْ مهل عل له لله على الكادين» المحاجة تبادل الحجة» سواء أكانت الحجة قوية آم كانت حجة داحضة عند ربهم» والفاء هنا فاء الإفصاح؛ إذ إنها تفصح عن شرط مقدر؛ ولمعنى إذا كانت هذه حقيقة السيد المسيح عليه السلامء وهذه إرادة الله تعالى فى الخلق والتكوين» فكل ما يدعى له من الألوهية باطل» ولا يؤمن به أحدء فمن حاجك إلخ: والمعنى: فمن حاجك فى شأنه من حيث كونه إلها أو ابن إله أو غير ذلك من الترهات الباطلة» بعد أن علمت من شأنه ما علمت» وذلك بعلم الله الذى أعلمك إياه» ووحيه الذى أوحاه إليك» فلا تبادلهم حجة بحجة لأنهم لا يؤمنون بحقيقة ما يقولون» ولا يذعنون للحق الذى تقول» وإن كانوا يعلمونه» ولكن قل لهم: ل تَعَالُوَا تدع انا نادُم وَنسَاءَنَا ونسَاءَكُم وَأَنفْسنَا وَنفسَكُمْ 4 والمعنى ندع من عندنا من ذرية ونساء» ومن عندكم من ذرية ونساء» ومن عندنا من رجال» ومن عندكم؛ أى يتلاقى جمعنا وجمعكمء ثم نتجه نحو الحقيقة طالبين لهاء أو على الأقل يعلن كل واحد منا إيمانه بما عنده» ونبتهل إلى الله ضارعين إليه» متجهين بقلوبنا نحوه أن يجعل لعنته وطرده من رحمته على الكاذيين فى دعواهم المنحرفين فى اعتقادهم . وهذا المعنى هو ظاهر الآية؛ إذ فيه الدعوة الاجتماعية من الفريقين ليكون الجمع فى مقابل الجمع فيعرف المحق من المبطل . اا تفسير سورة آل عمران ماللا ال اللكة)) ممما لاا الات لأللتلكك!! لال لتلكك !الل ك1 اانا للالكة1للنا لا للكك تلاك 1 لالت للك لل تاللا للك اللا لل كطخ لة! لتتلللا م لجل بر يي وهناك معنى آخصر تشير إليسه مرويات الصحاح من السنة» وهو أن يدعو النبى خاصته من أهل بيته» وهم نساء قرابته وذريته» ورجال أسرته؛ وقد روى البخارى وغيره أن النبى يلك ذهب إلى المباهلة ومعه الحسن والمحسين وفاطمة وعلى0©. والمعنى على الأول يشير إلى أن المباهلة بين أهل الحق مجتمعين» وأهل الباطل مجتمعين» ثم يتجهون جميعا إلى رب العالمين؛ لأن الأمر يهم الجميع» فإما أن يذعن أحد الفريقين للآخصرء وإما أنه يطرد من رحمة الله تعالى. وعلى الثانى يشير إلى أن المباهلة بين النبى وأسرته» وكبراء الفريق الآخر وأسرهم. وإلى أن الذى يؤمن بما يقول لا يمتنع عن تقديم أحب الناس إليه فى المباهلة مادام مؤمنا بأن الحق فى جانبه . وإن النبى تقدم إلى هذه المبارزة المعنوية الاعتقادية» ولكنهم أحجموا ولم يتكلموا ورضوا أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون. والابتهال قال فيه الزمخشرى: « ثم تبتهل » : ثم نتباهل بأن نقول بهلة الله على الكاذب منا ومنكم» والبهلة بالفتح والضم اللعنة» وبهله الله : لعنه وأبعده من رحمته» .من قولك أبهله إذا أهمله. وأصل الابتهال هذاء ثم استعمل فى كل دعاء يجتهد فيه» وإن لم يكن التعانا. وفى الآيات الكريمة إشارة إلى عدة معان نفسية واجتماعية: أولها: أن المجادل الممارى لا تزيده الحجة القوية اقتناعاء ولا تحمله على الإذعان» إنما يحمله على الإذعان التوجيه النفسى» بأن يدرس مقدار اقتناعه هو بما يقول» وفى الابتهال وسط لحاجة أولئك الذين يحرفون الكلم عن مواضعه دعوة لهم إلى أن يفتشوا قلوبهم ويعرفوا مقدار إيمانهم بما يقولون» ومقدار الحق فيما يعدلون؛ ولذلك خروا صاغرين» ولم يستطيعوا جدالا. )١(‏ رواه الترمذي: المناقب - مناقب على بن أبى طالب (7”558) وأحمد: مسند العشرة المبيشرين بالجنة (؟؟16), م تفسير سورة آل عمران 2 للا اللا | .. في 1 وثانيها: أن الدعوة بالتى هى أحسن توجب على الداعى ألا يفرط فى المجادلة» كما كان يقول الإمام مالك: بين الحق ولا تجادل فيه» فإن كل مجادلة الشها: أنه يجب أن تعلم الذرية والنساء شكون الدين؛ ولذلك كانوا مشتركين فى تلك المنازلة بين الحق والباطل وهذه المعركة النفسية الفاصلة بين إيمان المؤمنين» واتحراف المنحرفين. ورابعها: التعاون الفكرى والنفسى بين المؤمنين؛ فإن تلك المباهلة كانت بين أهل الإيمان متعاونين على دعوة الحق» وأهل الباطل مدعوين إلى التعاون عليه فيها إن كانوا مؤمنين به» فلم يحيروا جوابا. تعالى: إن هذا لَهوَ القصص الْحق» أى إن هذا الذى أخبرت هو القصص الثابت القصص فى تلك الجملة السامية بأربعة مؤكدات هى: إن فهى للتوكيد» واللام فى قوله تعالى: # لهو القصص الحق» وضمير الفصل» والقصر الذى تضمنه تعريف الطرفين؛ إذ المعنى فيه أن ما أخيرت به فى شأن عيسى عليه السلام هو وحده الخبر الحق» ولا حق فى سواه بل ما عندهم ترهات وأباطيل . وإن هذا الخبر يتضمن فى ذاته أن المسيح عيسى عليه السلام ليس إلها ولا الألوهية الحق هى لله تعالى وحده؛ ولذا صرح بهذا عقب تأكيده القصص الحقء فقال تعالى : ط وما من إِلَه إل الله ون الله لهو العَزير الحكيم 4 : هذا نفى بات قاطع للألوهية من غير الله تعالى » وإثبات الألوهية لله وحده. وقد أكد النفى بكلمة «من» فهى تفيد استغراق النفى استغراقا مستمرا ثابتا مؤكداء وفى النفى والإثبات تأكيد لمعنى المستثنى أبلغ تأكيد» وإن هذا النفى فيه رد بالغ على النصارى الذين ادعوا ألوهية للمسيح عليه السلام. تفسير سورة آل عمران لال ١ ا‎ 7 وقوله تعالى: ‏ وإِنَ الله لهو العزيز الحكيم 4 معناه أن الله سبحاته وتعالى المنفرد بالألوهية وحده هو العزيز الغالب الذى لا يقهرء الحكيم الذى يدبر كل شىء بكمال سلطانه وسيطرته على هذا الوجود الذى لا ينازعه السلطان فيه غيره كائنا من كان. وإن الجملة السامية فيها تأكيد لمعنى العزة والسلطان الكامل بالتعبير بإن» وباللام» وبضمير الفصل» وبتعريف الطرفين. وفى هذا الكلام رد على أولئك الذين يزعمون أن المسيح إله. ويعتقدون مع ذلك أنه غلب على أمره وصلب ولم يستطع لنفسه حولا ولا طولاء ولا حيلة يخرج بها من ذلك المأزق» ولكن هكذا يعتقدون» وبه يؤمنون. «فإن تولّوا فإنَ الله عليم بالمفسدين» أى فإن أعرضوا ولم يبتهلوا لتكون لعنة الله على الكاذبين» وكلمة الحق هى الغالبة المسيطرة» فاعلم أنهم ليسوا طلاب حق وهداية ولكنهم دعاة باطل» وفى دعاوى الباطل يكون الفساد فى الأرض؛ لآنه لا فساد فى الأرض أكثر من فساد الاعتقاد» فإن فساد الاعتقادء يدفع إلى فساد العمل. وقوله تعالى: ظفَإِنْ الله عليم بالمفسدين4 ليس هو جواب الشرط ولكنه ينبئ عن جواب الشرط المحذوفء. إذ تقدير القول: فإن تولوا وأعرضوا فأنذرهم بسوء المغبة وسوء العقبى» فإن الله عليم بالمفسدين. وهذه الجملة السامية تتضمن فى ذاتها تهديدا شديداء إذ إن الله تعالى إذا علم بالمفسد لا يسكت عنهء ولا يتركه يعيث فى الآأرض فساداء بل إنه يأخذه أخذ عزيز مقتدرء ويوم القيامة يأخحذه بالنواصى والأقدام» وكذلك الشأن فى كل من يعرضون عن الحق إذا دعوا إليه. اللهم مكن الحق من قلوبناء واجعلنا من يؤمنون بهء ويذعنون له. وأعز الإسلام» واجعل أهله يؤمنون بهء ويفتدونه» إنك أنت العزيز الحكيم. هم تفسيرسورة آل عمران 2 1 لاا الخال لاا للا لالط مالالا خلس املاط مالالا لمخم مخ لالطالا لطت لمخم لالط ط ماللا الشتتللا «لج يرز في د ل له سس صرح سر سل ا أ سم رم ع قليتأه ل الكثب تعالوًا! ككلمة سواء يننا ويس 2 5 ممم .م ل ل سر و له د 7 سس لس بسر سه 1 سك عِلمِ فلم تحاجون فِيما لس بعلم الله يعلم وأنتم 1 1و ر يمه ذكر سبحانه وتعالى فيما سبق خبر مريم البتول» وخبر ابنها عيسى الذى رفعه الله مكانا علياء ثم ذكر سبحانه وتعالى الآيات الكبرى التى أجراها على يد عيسى عليه السلام لإثبات رسالته» وتوثيق دعوته» ثم آمن به الحواريون» وكفر به الأكثرون» ما يدل على أن المعجزة لا تحمل على الإيمان حملاء ولكنها تنير السبيل أمام طالبى الحق الذين لا يبغونها عوجا؛ ثم أشار سبحانه إلى انحراف الذين جاءوا بعد عيسى وادعوا أنهم اتبعوه» وما اتبعوه فى شىء؟؛ فقد ادعوا أنه إله أو ابن إله» وليس إلا عبد الله ورسوله» وقد اعتمدوا فى هواهم على أنه خلق من غير أب» فأبطل سبحانه قياسهم بقياس أدق وأقوى إنتاجاء وهو أن آدم خلق من غير أب وأم فكان أولى أن يعبد» إن كان قياسهم سليماء ولكنه غير سليم . ثم أمر سبحانه وتعالى أن يخاطب نبيه محمد يله نصارى عصره بما يكشف خبيئة نفوسهم» :وهى أنهم لا يؤمنون بشىء إيمانا صادقاء ولكنهم يمارون» وما أمره سبحانه به هو أن يبتهل هو وهمء فيجعلوا لعنة الله على الكاذبين» فلم آل تفسير سورة آل عمران 07 اللا الل 0 2 جا يدخلوا فى تلك المبارزة النفسية التى يبارز فيها الحق اليقينٌ الشابت الباطل المتردد ا متحي ر. وفى هذه الآيات ينتقل سبحانه وتعالى من المخصوص إلى العموم. فيخاطب أهل الكتاب من نصارى ويهود على لسان نبيه» يدعوهم جميعا إلى الحق الذى يتساوى عنده الجميع » فقال تعالى: «قل ل يا أهل الكتاب تعالوا 3 كلمَةَ سوا بيننا ينا وينكم 4 النداء هنا لأهل فرق بين طائفة منهم وطائفة» وكان النداء فى هذا عاما؛ لآن العيب عام فيهم » والدواء واحد؛ فلوحدة الداء ووحلة الدواء كان النداء عاما؛ ذلك أن عيبهم هو التعصب لما عندهم تعصبا أعماهم عن الحق عند غيرهم, فهم يظنون أنهم وحدهم أهل علم النبوة لا ينزل على غيرهم ولا يدينون به لسواهمء فهم يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه» وكل يتعصب لا عنده» فاليهود يقولون: ليست النصارى على شىء » والنصارى يقولون: ليست اليهود على شىء» وكلاهما يقولون: ليس غيرنا على شىء» والدواء واحد أيضاء وهو طلب الحق لذات الحق من غير إذعان لهوى» ولا إفراط فى العصبية» وحتى لا تؤدى إلى الانحراف. وناداهم سبحانه : ب «أهل الكتاب» مع أنهم حرفوا فيه الكلم عن مواضعه» وانحرفوا عن مبادته» وفرقوا فى أحكامه» وتفرقوا فى فهمه؛ والسبب فى هذا النداء هو أولا توبيخهم على ما كان منهم؛ لآن علمهم بالكتاب كان يوجب عليهم الإذعان للحق بدل التفرق فيه» «( وما تفرَقُوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بيتهم . . لي 4 [الشورى] ثم هناك سبب آخر» وصو أن علمهم بالكتاب فى الجملة يجعل الاحتكام إلى ما بفى مله عندهم كافيا لإذعانهم إن كانت عندهم أثارة من ولقد أمر الله نبيه بأن يدعوهم بقوله: «( كَلمَة سواء بِينا وبِيكم 4 أى كلمة هى مستوية بيننا وبينكم» أى فيها إنصاف لنا ولكم» ونلتقى فيها معكمء وتلتقون تفسير سورة آل عمران : آ اناالا لطن ااال طخع ممما اناق خا للالا ااا ااالاااا نطلا خخ ملع خخخ الات طامط وخ طاطم »!اللا رب ا عندها إن طلبتموهاء وكلمة سواء تطلق بمعنى العدل والنصفة» وقد قال زهير بن أبى سلمى : أرونى خطّة لاضِيم فيها ‏ يسَوَى بيننا فيها السواء فالسواء هنا هو العدل. وأصل السّوَىء والسُوى الاسّتواء» وإذا فتحت السين منها صارت سواءء ولقد قال تعالى: ... مَكَانَا سُوى 202 4 [طه] أى مكانا مستويا. والمؤدى أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه أن يدعوهم إلى كلمة يستوى فيها النبى معهمء وكان ينبغى أن يستووا بالنسبة لها معه. وتلك الكلمة» أو تلك الحقيقة المقررة الثابتة فى كل الكتب السماوية التى لا يفترق فيها كتاب عن كتاب هى ما ذكره سبحانه وتعالى بقوله: ألا عبد إِلذ الله ولا ُشْرك به شيمًا ولا يتَخدَ بعضنا بعضا أَبَابا مّن دون الله فهذه الكلمة التى يستوى فيها الإسلام مع الأديان التى سبقته هى التوحيدء والتوحيد بشمول معناه يشمل التوحيد فى العبودية» والتوحيد فى الربوبية» والتوحيد فى العبودية ألا يعبد إلا الله سبحانه وتعالى» وهذا ما بينه سبحانه وتعالى بقوله على لسان نبيه: ألا تَعبْد إلا الله ولا نشرك به شيئًا 4. فلا يصح أن يشرك مع الله فى الألوهية حجر ولا بشرء فلا يقال: فلان إلهء ولا ابن إله ولا عنصر ألوهية قط فى حجر. أما التوحيد فى الربوبية» فهو ما أشار إليه سبحانه بقوله تعالى : ولا يتخذ بعضنا بعضا أَربَابًا مّن دون اللّهِ4 أى لا يتخذ أحد من البشر فى مقام الرب» بأن يكون له فضل فى التكوين أو الإنشاء أو التأثير فى الخلق بأى نوع من أنواع التأثير» فإن هذا كله من عمل الرب» والله سبحانه وتعالى هو رب العالمين وحده. ولا رب سواهء فلا مؤثر فى الكون ولا فى الأشخاص» ولا فى الأشياء سواه فلا أثر الحجر ولا لبشر كائنا من كان هذا البشر. اا تفسير سورة آل عمران سس ا ل ك0 دوه 2 وهناك معنى آخر للربوبية يدخل فى مضمونهاء وهو أن يكون الشرع كله لله تعالى» فلا يتكلم عن الله أحد إلا نبى يوحى إليه» والجميع بعد ذلك أمام الشرع سواء» إلا أن يكون فهم متميز متفهم متعرف» ومن ادعى أنه يتكلم عن الله باسم اللّه من غير وحى يعتمد عليه» فقد زعمه ربا يؤوخذ عنه؛ ولذلك عبر القرآن عن علماء النصارى واليهود الذين ادعوا أن قولهم دين يتبع» وتقاليد تؤثرء بأنهم قد اتخذوهم أربابا من دون اللهء فقال تعالى: 8 اتّحَدُوا أحبارهم ورهباتهم أَربابا من دون الله .. . +517 > [التوبة] ذلك بأنهم جعلوا لهم الحق فى أن يشرعوا باسم الله ما لم يشرعه اللهء وأن يخالفوا ما أمر الله سبحانه وتعالى» فهم جعلوهم فى مقام الرب جل جلاله» ولقد روى عندما نزل قوله تعالى: <« انّخَذْوا أحبارهم ورهيّاتهم أرباباً من دون الله 4 قال عدى بن حاتم: ما كنا نعبدهم يارسول الله! فقال الرسول عليه السلام: «أليسوا كانوا يحلون لكم ويحرمون فتأخحذوا بقولهم؟» قال: بلى. قال النبى كللِْة: «هو ذاك)200 . وعن بعض التابعين أنه قال: لا أبالى أطعت مخلوقا فى معصية الخالق أو صليت لغير القبلة!! فكانت التسوية كاملة بين الأخذ فى دين الله بغير ما أنزل الله والخروج عن الإسلام الذى رمز إليه ذلك التابعى الجليل» وهو ألا يكون من أهل القبلة . عرض النبى بأمر الله تعالى ذلك الأمر الذى يكون فيه نصفة له(١2‏ ولهمء وكانت الدعوة إلى أخذ دين الله من ينبوعه الصافى فيهما فائدتان: إحداهما: ألا يتزيدوا على ما أمر الله تعالى وما نهى عنه؛ والثانية: أن أولئك المجادلين هم الذين يبثون فى نفوس أتباعهم التعصب الأعمى» محافظة على سلطانهم أن يزول؟ فكانوا فى زعامتهم بمنزلة زعماء قريش وأشباههم من أنهم حشوا على سلطانهم من اتباع النبى الكريم كَلة. .07050( رواه الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة التوبة‎ )١( النصفة: الإنصاف» وهى المعاملة بالعدل.‎ )١( ء' 1 هل تفسيرسورة آل عمران 2 للم االمااااااالل سرب اا .20 وإذا كان قد دعاهم إلى هذا الإنصاف وإلى ترك التعصب جانباء وعدم الخضوع لأسبابه» فإن حال الذين يخاطبهم إحدى حالين: إما أن يخلصوا فى طلب الحق» ويجيبوا داعيه» وتلك خير الخصلتين» وإما أن لايجيبوا داعيه وتلك هى السوءى» فإن كانت الأولى فتلك هداية الله» وإن كانت الثانية فإن الله تعالى قد كتب عليهم الشقوة» ولا سبيل لأن يدخل النور قلوبهم» فإن من طلب منه الإنصاف فأعرض عنه فلا سبيل إلى هدايته» والجدل معه لا يجدى؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: 9 إن تولُوا ققولوا اشهدوا با مسلمون» : أى فإن أعرضوا ونأوا بجانبهم عن إجابة داعى الإنصاف» والدعوة بالتى هى أحسن فلا تجادلوهم ولا تحاجوهمء فإن الجدل مع من لم يجب داعى العدالة لا يزيده إلا لحاجة وعنادا؛ وإن الحقائق تتبعثر على ألسنة المتجادلين» ويتبدد ' رونقهاء ويذهب بهاؤهاء وتفقد النفس عند الجدل الإيمان بالحقائق والإذعان لهاء بل أمرهم الله تعالى بقوله: «فَقُولُوا اشهدوا بأنَا مسلمون 4 أى يقول النبى كَل ومن معه من المؤمنين لأولئك الذين مردوا على الجدال وبعثرة الحقائق فى حومة الجدل: اشهدوا بأنا مسلمونء مذعنون لطلب الحق فلا تحاولوا أن تغيرونا عما اعتقدنا وقد أنصفناكم بالدعوة إلى كلمة الحق والإنصافء فلم تجيبواء والآن ننصفكم مرة أخرى بأن نشهدكم بأننا مخلصون فى طلب الحق مذعنون له؛ ومن" جانبنا؛ فإن أذعنتم مثلنا فنعمًا هى» وإن لم تذعنوا فلنا ديثناء ولكم دينكمء والله يحكم بيننا وهو خير الحاكمين. وإن إعلان الإذعان للحق من جانب المؤمنين فيه دعوة للحق بإعلان المثل الواضح البين السامى» وهو يؤثر فى الدعوة إلى الحق أكثر من الجسدلء إذ يكون فيه ذكرى لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وإن الجدل يثير غبارا يجعل الوصول إلى الحق عسيرا وسط عجاجة المتجادلين. وإن هذه الآية الكريمة صورة سامية من الدعوة إلى الحق. ولذا كان يتخذها النبى يَكَلِيهِ منهاجه فى دعوته» فقد كانت فى الصيغة التى اختارها فى دعوة الملوك والحكام الكبراء إلى الإسلام» وهذا نص كتابه عليه الصلاة والسلام إلى هرقل ملك الروم: تفسير سورة آل عمران 2 الللللباااااااالاااااللللل لل لل خش 5 00 يي «من محمد عبد الله ورسوله». إلى هرقل عظيم الروم؛ سلام على من اتبع الهسدى. أما بعد فإنى أدعوك بدعاية الإسلام» أسلم تسلمء وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين» وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين27 » ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاء ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون اللّه» فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)292؟. ولقد كان النصارى يحاجون بولادة عيسى» ويتخذون منها دليل ألوهيته» واليهود يتحاجون ويجادلون بما عندهم من توراة » أو بالأحرى بما بقى عندهم منها؛ ولما كان كل من الفريقين يدعى أن إبراهيم أبا الآنبياء كان على مثل دينهم» وذلك ليبينوا أن ديانتهم هى ديانة السابقين» كما هى ديانة المتأخرين؛ بين الله سبحانه أن مثل هذا الاحتجاج منهم باطل فى معناه» كما هو باطل فى شكله ومبناه؛ فقال سبحانه: / فيا أهل الْكتّاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التَوَرَاةَ والإنجيل إلا من بعْده4 أى أنه لا يسوغ لكم المحاجة فى شأن إبراهيم من حيث إنه كان يهودياً أو كان نصرانيا ومن حيث إنكم أتبع الناس له أو أبعد الناس عنه» ومن ححيث ما جاء به وحقيقة دعوته؛ فإن التوراة والإنجيل ما جاءا إلا من بعده. فكيف يكون يهوديا يدين بالتوراة قبل أن تهىء التوراة»ء وكيف يكون نصرانيا يدين بالإنجيل قبل أن ينزل الإنجيل؟ إن هذه محاجة واضحة البطلان. والمحاجة معناها مبادلة الحجة» فما هذه المحاجة؟ أكانت مع النبى عله أم كانت فيما بينهم؟ ظواهر النصوص تفيد بمقتضى السياق أنها كانت مع النبى كَل فهم يقيمون الحجة على سلامة دينهم بأنه دين إبراهيم الذى كان موضع إجلال الجميع» والذى بنى البيت الحرام الذى هو أول بيت وضع للناس» والذى كان موضع تقديس العرب أجمعين. (1) جاء فى الهامش: الأريسيون هم: العمال والفلاحون» أو الدهماء بشكل عام . (؟) متفق عليه؛ رواه البخاري: بدء الوحي(5)؛: ومسلم: الجهاد والسيير - كتساب النبي وكِدِ إلى هرقل امقضفةة عن أبى سفيان (صخر) بن حرب رضى: الله عنه. تفسير سورة آل عمران 4 ااا للااتللا! لل لاك][ خخ ااا االك11ا ااا الم ااالالااااالنامغ ع عماللا لل ةلل مامالا الاك لظا ةمس خخممممغ1عسخلعخمخم كال االللا بلجمبه يي ولكن مع هذا الظاهر روى ابن اسحاق عن ابن عباس أنه قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله َلِِْةّه فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياء وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانياء فأنزل الله تعالى: «يا هل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم 4 الآية(9 . وسواء أكانت المحاجة مع النبى مَلِْةِ أم كانت فيما بينهم فإنها غير معقولة فى ذاتها؛ ولذا وبخهم سبحانه وتعالى عليها بقوله تعالت كلماته: «أفَلا تَعقلُون» هذا النص الكريم هو نتيجة لهذا الحكم الذى يتحاجون فيه وهو كون إبراهيم يهوديا أو نصرانيا؛ إذ أن ذلك هو حكم من لا يعقل؛ ولذلك كانت الفاء التى تفيد السببية» وهو كون ما قبلها سببا لما بعدهاء فتلك الخال التى هم عليها من الغرابة هى السبب فى ذلك السؤال عن أصل عقلهم» وإدراكهم لمعناها . والاستفهام إنكارى؛ فهو نفى لكونهم يعقلون فى هذه الأمور التى يتجادلون حولهاء وذلك يؤدى إلى السؤال عن أصل وجود العقل عندهمء وإن هذا النفى هو فى ذاته توبيخ» وتنبيه إلى ما أدى إليه التعصب الأعمى الذى جعلهم لا يدركون الأأمور على وجههاء وينسيهم البدهيات التى لاا تختلف فيها المدارك والعقول» حتى يكون أصل العقل عندهم موضع إنكار. ولقد زكّى سبحانه وتعالى ذلك التوبيخ» وهذا النفى ببيان مظهر آخر من مظاهر مخالفتهم لا يقتضيه العقل فى أمر آخرء يتصل بهذه المسألة» وهو أنهم يجادلون ويتقدمون بالحسجج فى أمر ليس عندهم أصل العلم به؛ ولذا قال تعالى : «(ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لَكُم به علم فلم تُحاجون فيما ليس لكم به عم 4 : أى أنتم معشر أهل الكتاب حاججتم وبادلتم الحجة» سواء أكانت داحضة أم دامغة فى أمر عندكم أسباب العلم به» سواء أكنتم تجادلون بمقتضى هذا العلم أم .)58( أخرجه البيهقي في الدلائل - أسباب النزول للسيوطي: آل عمران‎ )١( 4# تفسير سورة آل عمران الوا الول ىم بلحم _م_أو يي تخالفون مقتضاه. وتلوون منطقه»؛ وتبعدون به عن الحجج. فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم؟ وبيان ذلك أن اليهود والنصارى عندما كانوا يتجادلون مع النبى علد وفيما بينهم كانوا يتجادلون فى أمر أسباب العلم به قائمة حاضرة مهيأة وإن كانوا ينحرفون بها عن غاياتهاء ويلوونها عن مقاصدها ومراميها تبعا لأهوائهم وشهواتهم» فكانت محاجة فى أمر لهم به علم» وإن لم يسيروا على مقتضى أحكام العلم» أما جدلهم فى كون إبراهيم كان يهوديا أو نصرانياء أو فى كون النبى يلد اللبعوث فى المستقبل يكون عربيا أو عبريا فجدل ومحاجة فى أمر لا علم لهم به» وإن العاقل ينأى به عقله عن أن يجادل فى أمر ليس عنده شىء من أسباب العلم به» ولكن هكذا يتردى أهل العقول عندما تنحرف نفوسهم إلى التعصب» فيتحكم الهوى فى العقل . وهنا مباحث لفظية: أولها: أن الهاء المكررة فى قوله تعالى: ها نتم هؤلاء4 هى هاء التنبيه» وتكرارها فى موضع واحد للدلالة على غرابة ما هم عليه ومجافاته لكل تفكير ولكل عقل» وكيف دلاهم التعصب فى هذا الانحراف الفكرى. ‏ / وثانيها: أن «هؤلاء» إشارة إلى النصارى واليهود الذين قالوا فى إبراهيم ما قالواء وقد أنزلت التوراة والإنجيل من بعده» فهى تتضمن الأحوال الغبريبة التى كانت منهم» وأنها أدت إلى شذوذ عقلى آخر. الثها: أن الزمخشرى ذكر أن بعض العلماء قال هنا إن «هؤلاء» بمعنى «الذين» وإن هذا يفيد أن الذى أدى إلى ترديهم العقلى هو أنهم يتكلمون فيما يعلمون وفيما لا يعلمون. « والله يعم وأنتم لا تعلمون 4 ختم الله سبحانه وتعالى ببيان علمه تعالى المؤكدء فقرر العلم المطلق له سبّحانه» ونفى عنهم العلم فى هذا المقام» فالله سبحانه وتعالى هو الذى يعلم حال إبراهيم عليه السلام» ويعلم الحق فيما يتحاجون به بعلم وبغير علمء ويعلم من الذى يكون أهلا لرسالته أيكون من ل تفسير سورة آل عمران م ل ل جل بير ني العرب أم يكون من الععجم؟ <« الله أعلم حيث يَجَعَلَ رمالتَه ... +79 4 [الأنعام ] وهو الذى يعلم بخفايا نفوسهم. والحقد الدفين فيهاء والحسد للناس على ما آتاهم الله من فضله. وقد قرر سبحانه أنهم لا يعلمون» فقال: «إ وأنتم لا تعلمون» فهم لا يعلمون حال إبراهيم عليه السلام ولا من هو أهل للرسالة؛ وليس من شأنهم أن يعلموا؛ لأن أحقادهم تحول بينهم وبين أن يدركوا الذى عليه من يخالفونهم. فإنه لا شىء كالحقد والحسد يحول بين المرء والإدراك السليم والعلم الصحيح . اللهم وفقنا للحق» وهيئ لنا أسباب العلم به» والإذعان له؛ فإن الهداية منك وإليك» من يهد الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادى له. حَنِمِقَا مُسَلِمَاوَمَاك 27 7 1 ا قد م سر بِإِرَهِيم كد لذي أتّبعوه وندًا ليوارس ءامنوأ وموم 011 3 ع وا أ 2 وَمَابْحِلُو بإ لَدأنشهم وَمَامَفْعوُوت يا اهل 0 جه كني نِم تَكْمْرُو كايا ٍ أله َنم مَنْهَدُوتَ جره يج سد قرع 2 21 يَتأهْ لا كنب لم تليسورت ألْسَقَ يالباطل وتَكنمونالْحَقَّ ذكر الله سبحانه وتعالى فى الآية السابقة ما يشير إلى أن كلتا الطائفتين من اليهود والنصارى كانت تدّعى أن دينها هو دين الله الخالص» وأنه دين اتسين جميعاء وأنه دين أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام» وأنهم ما غيروا وما بدلوا؛ وكذلك كان يدعى المشركون؛ لأنهم من سلالة إبراهيم عليه السلام» وحسبوا هذا تفسير سورة آل عمران لل لل 0ك لب بور؟ يي يسوغ لهم ذلك الإدعاء؛ وقد بين الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية أن إبراهيم عليه السلام برىء من هذه اللحل ؛ ؟ لأنه نبى الوحدانية» هادم الأوئان.» وحاطمهاء والذى تعرض للأذى بالنار لجرأته الكبرى عليها وعلى عبادهاء وما نجاه إلا الله . كما قال تعالى: «قُلنَا َا نار كوني بردا وَسلاما علَى إبراهيم 437 1 الأنبياء] ولقد قال سبحانه فى تقرير هذه البراءة من اليهودية والنصرانية والشرك: «إما كان إبراهيم يُهوديًا ولا نصرانيً ولكن كَانَ حديفا مُسلما 4 وفى هذا النص القرآنى الكريم نفى لوصف اليهودية والنصرانية عن خليل الله تعالى» ومرمى النص هو براءته منهم» وفى نفى الوصف على ذلك النحو توكيد لهذه البراءة» وتثبيت لهذه النزاهة؛ إذ إن المؤدى أنه لو كانت اليهودية أو النصرانية على ما هما عليه تنتمى إلى إبراهيم عليه السلام لكان متصفا بهماء وهو قد نزهه ربه عن أن يتصف بما عليه اليهود من ضلال؛ فنفى وصف اليهودية عنه عليه السلام تضمن براءته منهم» وفيه التعريض بما فيهما من ضلال لا يليق أن يلصق بنبى من أنبياء الله والتنويه بشأن إبراهيم من أن يكون فى مثل حمأة اليهود والنصارى الذين عاصروا النبى لَه وقد ذكر سبحانه على سبيل الاستدراك وصفه الحقيقى» ودينه الحق فقال تعالى : © ولكن كان حنيفا مُسلما وما كَانَ من المشركين» . فقد ذكر سبحانه فى وصفه الحقيقى ثلاثة أوصاف تتنافى كلها تمام التنافى مع ما عند اليهود والنصارى» وهذه الأوصاف هى أنه: حنيف» ومسلم» وما كان من المشركين . والوصف الأول وهو حنيف معنه: الميل إلى الحق وطلبهء والاتجاه إليه» وتحريه والاستقامة فى الوصول إليه؛ ولقد قال الأصفهانى فى مفرداته: «الخَنف ميل عن الضلال إلى الااستقامة. ٠‏ والجنف ميل عن الاستقامة إلى الضلال. والحنيف هو المائل إلى ذلك». قال عز وجل: # .. ٠‏ قَانتا َلّه حنيفا . 502 7 4 [التحل] وقال: «إحَميفا مُسلما # وجمعه حنفاء؛ قال عز وجل: ز تفسير سورة آل عمران «ل واجتنبوا قول الزور جل حتقاء لله ... عله # [الحج ]. وتحنف فلان أى تحرى طريق الاستقامة) . ووصفه عليه السلام بأنه حنيف يطلب الحق مستقيما فى طلبه فيه بيان منافاة أخلاق اليهود والنصارى لأخلاقه وهديه» فهم لا يطلبون الحق لذات الحق» ولكن يطلبون هوى أنفسهم» فإن يكن الحق لهم يأتوا إليه مذعنين» وإن يكن الحق عليهم أعرضوا عنه وذلك لمرض قلوبهم. والوصف الثانى من أوصاف إبراهيم خليل الله أنه مسلم. والإسلام هو الإخلاص لذات الله والمحبة والانصراف إليه سبحانه وتعالى» حتى لا يعمر القلب بغير نوره» وهذا أيضا وصف مناف لا كان عليه اليهود والنّصارى» فإلههم هواهم»؛ ومحبتهم لآنفسهم لا لله وإنما هى أعراض الدنيا أركست نفوسهمء وأغلقت دون نور الله قلوبهم . والوصف الثالث: وصف سلبىء وهو أنه كان غير مشرك» وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن خليله وصف الشرك بهذه الصيغة الجامعة فقال: وما كان من الْمُشْركين» ولم يقل «وما كان مشركا» لأنها تتضمن نفى الإشراك كله وشوائبه عن إبراهيم عليه السلام؛ فإن المشركين أصناف وألوان؛ فمنهم من يعبد الأوثان, ومنهم من يجعل لله ابنا يعبدء ومنهم من يجعل الله ثالث ثلاثة» ومنهم من يتخذون أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللّهء ومنهم من يتخذون وساطة بين العبد والرب» وهكذاء فما كان إبراهيم من أى صنف من هذه الآأصناف. وفى ذكر هذه الصيغة السامية فى نفى الشرك عن إبراهيم تعريض بين حالهم وما هم عليه من الشرك الظاهرء فكيف يدعون الانتساب لإبراهيم عليه السلام» وهم على ماهم من الشركء إنما الذين يعدون أولى الناس هم من قال الله فيهم: ل إِنّ أُولَى الئاس بإبراهيم للّين البَعُوه وَهذَا الي والّذين آمَنوا4 أى إن أشد الناس ولاية بإبراهيم وأجدرهم بالاتصال بهء لَلَّدِينَ اتبعوهء وهذا النبى والذين آمنوا بهذا النبى» فهم أصناف ثلاثة قد أكد سب حانه اتصالهم بإبراهيم بشلاثة 0 تفسير سورة آل عمران ال سس 1109 > لز تأكيدات؛ أولها: «إن» وثانيها: أفعل التفضيل» وثالثها: اللام فى قوله تعالى: لين ابعوه 4 . والذين اتبعوه موصول عام يشمل الذين اتبعوا هدايته فى حياته» وأجابوا دعوته» ولم يخالفوه» والذين اتبعوه من بعد وفاته» وإنهم لكثيرون» وكان يمكن أن يكون من هؤلاء اليهود والنصارى» لو اتبعوا هديه فطلبوا الحق وأخلصوا لله فى طلبه» وتجنبوا الشرك بكل ضروبه وبكل أشكاله؛ وفى هذا توبيخ لهم على أنهم لم يتبعوه» وادعوا الانتماء إليه. وقد ذكر النبى يَلِْةٌ بالنص عليه بالذات على أنه أولى الناس بإبراهيم عليه السلام» ولم يذكره فى ضمن الذين اتبعوه؛ لأن النبى يبد تلقى الهداية من السماء كما تلقاها إبراهيم» ولأن محمدا كَلييٌ خاتم النبيين» ولأنه آخر دعامة فى بناء صرح الرسالة الإلهية إلى أهل الأرض. وفى ذكر النبى ل قهيد لبيان أولوية الذين آمنوا به كَكِْةّ وبسيدنا إبراهيم من اليهود والنصارى؛ لأنهم حنفاء طلبوا الحق و وتحروه وآمنوا به واهتدوا » وأخلصوا دينهم لله تعالى» وصار الله ورسوله أحب إليهم من أنفسهم. والذين آمنوا فى الآية هم من آمنوا بمحمد كِلَيَِةِ؛ِ ولقد قال النبى عله : «لكل نبى ولاة من النبيين» وإن وليى منهم أبى وخليل ربى إبراهيم)(1. وولاية إبراهيم للنبى ومن اتبعهما بإحسان إلى يوم الدين أساسها الإخلااص لله تعالى وتوحيدهء فهى من ولاية الله؛ ولذا قال سبحانه: والله ولي الْمؤمنين4 أى أن الله سبحانه وتعالى جل جلاله» وعظمت قدرته» وتعالت حكمته»؛ وتسامت عظمته» هو ولى المؤمنين وناصرهم» وهم أهل محبته ورضوانه؛ وذلك لآنهم لا يطلبون إلا رضاه» ولا يبتغون إلا محبته ورضوانه؛ فهم بإخلاصهم قد نالوا ولاء الله ومحبته؛ والله سبحانه وتعالى لا يوالى إلا من يؤمن للحق ويذعن لهء ولا يطلب سواه. )١(‏ رواه أحمد : مسند المكثرين - مسند عبد الله بن مسعود (9. كحكي والترمذي : تفسير القرآن - ومن سورة آل عمران (5951). تفسيرسورة آل عمران لل الل لل لكا :< يي وفى هذه الجملة السامية إشارة إلى عدة معان عالية: أولها: أن اتصال النبى كَلٌِ والذين اتبعوهء والذين اتبعوا إبراهيم بخليل الله؛ لأنهم اتصلوا بالله تعالى» والمؤمنون بعضهم لبعض ولى ونصير؛ لأنهم جميعا أولياء الله . فالمؤمنون برسالة إبراهيم والمؤمنون برسالة محمد كلهم أولياء» لأنهم جميعا أولياء الله تعالى» وفى ذلك يبين سبحانه لليهود وغيرهم الطريق الحق الذى يجعلهم أولى بإبراهيم كالنبى ومن اتبعه. ثانيها: الإشارة إلى أن ولاية الله هى الغاية الكبرى التى يجب أن يطلبها كل مؤمن» وطريقها الإحسان فى كل شىء» وأساس الإحسان الإخلاص؛ ولذا يقول النبى كلِ: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراهء فإن لم تكن تراه فإنه يراك)210. ثالفها: الإشارة إلى منزلة أهل الإيمان عند الله والوعد بنصرتهم مهما يتكائف عددهم: ١‏ إن الله لوي عزيرٌ 2ه 4 [الحج] . ودت طائقة من أهل الكتاب لو يضلونكم 4 إن اليهود والنصارى كانوا يحسدون المؤمنين على ما آناهم الله من فضله: كما قال تعالى : ود كثير من أهْل الكتاب لَو يرَدُونَكُم من بعد إِعَاَكُم كُقَارَا حَسدا ...+023 4 [البقرة] فأولتك الكتابيون كانوا يشعرون أنهم فوق مستوى سائر العرب» فلما جاء النبى عد بهديه فيهم ارتفع مستوى العرب فلم يذعنوا للحق الذى كان عليهم أن يؤمنوا له» بل تمردوا عليه ولعظم المنزلة التى يعلمونها فيما جاء به محمد يَلْةٌ كانوا يتمنون أن يضل المؤمنون» وأن يتركوا الحق؛ ولذا قال تعالى: إ ودّت طَائفة من أَهلٍ الكتاب ُو يُضلُونَكُم 4 أى تمنت طائفة من أهل الكتاب ضلالكم» فلو هنا مصدرية تدل على التمنى» أى ودت هذه الطائفة ضلالكم ولم يكن ذلك منهم أمنية يتمنونها فقطء بل كانوا يقرنون القول بالعمل» فكانوا يلقون بالظنون والشكوك والآوهام حول الدعوة المحمدية ليرتاب الذين آمنواء وكان منهم منافقون ينبثون بين المسلمين باسم أنهم مسلمونء» ويلقون بالريب والتشكيك فى النبى كد وما جاء به كما 4 تفسير سورة آل عمران سسا لس 0 بلجب يي يفعل اليوم أخلافهم من بعدهم؛ ولقد كان منهم من يجرؤ على الدعوة إلى اليهودية» حتى إنه ليروى أن يهود المدينة دعوا حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر إلى اليهودية» ولكن ضل سعيهم,ء وباءوا بالخسران المبين. وإن الذى يعلم الحق». ويحاول أن يضلل غيره يزداد ضلالا ويعمى عن طريق الهداية» حتى ينتهى الأمر به إلى أن يجهل الذى كان يعلمه؛ وكذلك كان هؤلاء؛ ولذا قال سبحانه: وما يضلُون إل أنفسهم وما يشَعرُون» أى أنهم بسبب غوايتهم وعمايتهم واستيلاء الهوى على قلوبهم أخذوا يثيرون الشك على أهل اليقين» فما أُثَّرَ الشك فى أهل الحق» ولكن تأثرت نفوسهم هم بهذا الشك الذى أثاروه ليضلوا غيرهم. فضلواء فهم حاولوا إضلال المؤمنين» فأكد الله سبحانه أنهم ما أضلوا إلا أنفسهم » وكان ضلالهم لآنفسهم من ناحيتين: إحداهما ما ذكرناها من أن إيرادهم للشك فى الأمر الذى كانوا يعلمون الحق فيه قد أوجد فيهم هم أنفسهم حيرة بعد أن كانوا يعلمون» ومثل هذا مثل الكذوب الذى يكذب ويكرر كذبته حتى يعتقد صدقها. الناحية الثانية: أنهم كلما لجوا فى الدعوة إلى الباطل الذى استمسكوا به بعدوا عن الإذعان للحق, فبمقدار ما كانوا يثيرون حول الحق من أكاذيب كانوا يبتعدون من الإيمان والإذعان» فيزدادون ضلالا فوق ضلالهم؛ وتلك حال نفسية يقيمون فيها ولايشعرون بها. «يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تَشْهَدُونَ 4 وجه الله سبحانه وتعالى بهذه الآية النداء إلى أهل الكتاب يدعوهم إلى الإيمان مبينا لهم فى صيغة استفهام إنكارى توبيخى أن دواعى الإيمان قائمة» ودواعى الكفر غير ثابتة» ولذا يستفهم عنهاء إنكارا وتوبيخاء وابتدأهم بهذا النداء الكريم» إذ قال: «إيا أهل الكتاب 4 وفى هذا النداء إشارة إلى أن ما أُعطّوه كان يقستضى أن يسارعوا إلى تفسير سورة آل عمران 2 2 اللللللإإاللا0ااا للا ل : الإيمان لا أن يكفرواء ثم وجه إليهم ذلك الاستفهام الإنكارى : لم تَكفرون بآيات الله 4 أى لقد كفرتم بآيات الله وبيناته الدالة على صدق الرسالة المحمدية وعندكم علم بهاء وأنتم تعلمون صدقهاء فالآيات هنا هى آيات نبوة محمد وكاو وهى القرآن الكريم» وما اشتمل عليه» والاستفهام لإنكار هذا الواقع الذى وقع منهم وهو الكفر مع قيام دلائله. ولقد أكد سبحانه وتعالى الاستنكار بقوله تعالى: وأنتم تشهدون4 أى وأنتم تعلمون صدق الرسول علما يقينيا كعلم المشاهدة والعيان» بما أخبر به فى كتابكم» أو: وأنتم تشهدون كل يوم الدلائل الصادقة التى تثبت الرسالة المحمدية. » ولكن اليهود والنصارى الذين عاصروا النبى لله ما كانوا يكتفون بالكفرء بل كانوا يحاولون أن يلبسوا الحق بالباطل» ليفسدوا الإيمان على أهله؛ ولذا قال سبحانه: لإيا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون» صدر النداء هنا ب «أهل الكتاب» زيادة فى التوبيخ» وكل توبيخ لهم يعد قليلا مهما يتكاثر وتترادف عباراته» والاستفهام هنا إنكارى لإنكار ما وقع منهم؛ ذلك بأنهم لبسوا وخلطوا الحق بالباطل» وكتموا الحق الذى يشهد لمحمد وله بالصدق وهم يعلمون به» فكان الاستفهام للتوبيخ على هذا الذى وقع منهم؛ فقد وقع منهم أمران» وثبت فيهم آمر ثالث: أما الآأمر الأول: فهو خلط الحق بالباطل» بأن حاولوا أن يزيفوا الحق» فألبسوه ثوب الباطل» وأظهروه بمظهره إمعانا منهم فى التضليل. وقد فسر الكشيرون كلمة «تلبسون» بمعنى تخلطون» وهى فى المؤدى كذلك» ولكن لابد أن يلاحظ معنى الستر واللباس فى الكلمة» ذلك بأنهم جاءوا إلى الحق المبين فألبسوه ثوب الباطل لَيَسْتَبْهَمِ؛ ولقد قال فى هذا المعنى الأصفهانى: أصل اللبس ستر الشىء» ويقال ذلك فى المعانى» يقال لبست عليه مللم لوم الحق بالباطل . . . 4206 » [آل عمران]. ل تفسير سورة آل عمران اال ا ا لس أ الأمر الثانى: كتمان الحق الذى عندهم فهم يسترون الحق الذى يقدمه النبى كب بلباس الباطل الذى يخترعونه» ويكتمون الذى عندهم» ويشهد بصدق النبى كلِْدٌّء وهذا أقصى ما يمكن أن يصل إليه الكفر بالحق» يكون عند الكافر دليل الحق» ومع ذلك ينكر الدليل الذى يقدمه صاحب الحق» ويحاول أن يزيفه بالباطل. وكل ذلك وهم يعلمون الحق فى ذاته» ولكنهم أضلهم الله على علم . اللهم اكتبنا فيمن هديتهم» وامنحنا التوفيق؟؛ وأنقذنا من الضلال» ووفقنا لإدراك الحق. والإذعان لهء والإيمان به» إنك سميع الدعاء. وَقَالت طَايضَه نَم لٍالكتب اونا مم ع آه تله 222“ لو 7 آذه 0 . اذى أندز عل ل ءَاموجهألتها لتَّهَارِواً وأعاخره, سك لور سس عو ل 06 2 يَجِعُونَ إ َي وَلَاتونوأ لا لمن تيع د ديك فلن الهدَى هدى الله أن يوق أحد مُكَل م] م وتم أ ومحَاجوو ديك نَل لي وينوي عي 5 يحص يَحَمَتِومَن يَف وَأَسَدَُو َلْمَضَلِ ير :2 8 بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أن أهل الكتاب يودون أن يضل المؤمنون» ويعملون على إضلالهم» وكلما أمعنوا فى هذا الطريق ازدادوا ضلالاء وما ازداد المؤمنون إلا إيمانا» وإن وجدوا فى ضعاف الإيمان ما يشبع نهمتهم وقتيا فإنهم سرعان ما يقوى إيمانهم بالحق» ويرتد أولئك المضلون فى طغيانهم يعمهون. وفئ هذه الآيات يبين سبحانه طريق طائفة منهم فى إضلال المؤمنين» وإثارة الشك فى قلوب ضعاف المؤمنين» وهى أن يظهروا الإيمان والإذعان والاطمئنان 4 تفسيرسورة آل عمران ْ الللللااالللل اول الولو 0االللللللل اللا لحر اد إلى الحقائق الإسلامية» ليظن فيهم الظن الحسن من لم يعرف مكرهم وكيدهمء حتى إذا اطمآن الناس إليهم أعلنوا كفرهم» بعد مظهر الإيمان ليوهموا المؤمنين أنهم كانوا مخلصين فى إيمانهم طالبين الحق بهذا الإيمان» فلما تبين لهم البطلان خرجواء فقد يخرج بهذا الخروج ضعاف الإيمان» ويلقون بذلك بين المسلمين شكا عمليا. وقد حكى الله سبحانه وتعالى عمل هذه الطائفة الماكرة الخبيثة فقال عز من قائل : وقَالَت طائفة من أَهُل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهَار واكفروا آخرة 4 أخرج ابن جرير الطبرى عن قتادة التابعى أنه قال: «قال بعض أهل الكتاب لبعض : أعطوهم الرضا بدينهم أول النهارء واكفروا آخرهء فإنه أجدر أن يصدقوكم» ويعلموا أنكم قد رأيتم فيه ما تكرهونه» وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم). وأخرج ابن جرير أيضا عن السّدى أنه قال: «قالوا لبعضهم: ادخلوا فى دين محمد أول النهار» وقولوا: نشهد أن محمدا صادقء» فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا: إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارناء فسألناهم فحدثونا أن محمدا كاذب» وأنتم لستم على شىء»؛ وقد رجعنا إلى دينناء فهو أعجب إلينا من دينكم لعلهم يشكون» فيقولون هؤلاء كانوا معنا أول النهار فما بالهم؛ فأخبر الله سبحانه وتعالى رسوله بذلك وروى أنهم نفذوا قولهم عملا» والروايات فى هذا كثيرة» وكلها متلاقية فى المعنى غير متنافرة. وخلاصتها: أن أولئك المضللين الذين أكل الحسد قلوبهم دعا بعضهم أن يظهروا الإسلام ليبدوا طلاب حقيقة» فإن رجعوا استطاعوا أن يجتذبوا معهم بعض ضعفاء الإيمان. والمراد بوجه النهار ما يقابل آخرهء وهو أول النهارء وعبر عنه بالوجه؛ لأن أول النهار هو وقت إقباله» والوجه هو مظهر الإقبال؛» والوجه أيضا كناية عن الظهورء وأول النهار هو وقت الظهور ووقت الوضوح» بعكس آخره. هاا تفسير سورة آل عمران ااال اتلك للاا!! امام اللا الفا الملل لال لل ةلتلا الى كرب أ وهل معنى الاتفاق الذى اتفقوا عليه هو أن يبدءوا فى الضحى فيسلموا ثم يكفروا فى المساء؟ ظاهر اللفظ ذلك» ولكن يبدو للمتأمل البصير أنهم يريدون أن يسلموا حينا من الزمان حتى تتم الثقة بهم والاطمئنان إليهمء ثم يكفروا من بعد ذلك» على ألا يستغرق إظهارهم الإسلام إلا أمدا يستطيعون فيه جلب الثقة إليهم؛ ويكون حيئئذ التعبير كله من قبيل الاستعارة التمثيلية» سيقت لتصور حالهم التى اتفقوا عليهاء وهى أنهم يظهرون الإيمان ثم يكفرون بعد أمد قصير. فالاستعارة لتصوير سرعة الرجوع وإظهار الكفرء وتأكد التعاقب بين إظهار الكفر وإظهار الإسلام» كما يتعاقب ظهور آخره بعد أوله. وقد حكى الله سبحانه وتعالى عنهم مقصدهم ومكرهم السيئ بقوله تعالت كلماته: ل لعلْهِم يرجعون4: فهذا التعببر يفيد بيان مقصدهم وهو رجاء أن يرجع بعض المؤمنين إلى الكفر بعد الإيمان» ولكنهم عبروا عن البعض باسم الكل» فإنه لا يمكن أن يرجعوا جميعاء بل الذى يرجى رجوعه من المسلمين هو الضعيف غير القوى فى دينه» غير المطمئن فى يقينه» ولكن كفر هذا الفريق بعد إيمان يحدث اضطرابا فى جماعة المسلمين» فيكون التظنن فيهم» وحيث جرى الشك فى الجماعة كان وراءه التفرق وفقد الثقةء» وكان وراءهما الفشل الذريع. وإنهم من بعد ذلك يطمعون أن تعود الجزيرة العربية إلى الشرك بعد هذا الإيمان الذى هددهم فى كيانهم؛ وكذلك سولت لهم نفوسهم» فإن الذى يركب رأسه الشيطان توسوس له نفسه بالشر» ويتسع أفق تصوره حتى يتمنى الأمانى البعيدة القاصية كأنها قريبة دانية . وإن تلك الطريقة التى سلكوها من أقوى ما تفتق عنه التدبير الإبليسى؛ فإن إظهار الكفر بعد إظهار الإيمان مع التذرع بتلبيسات مضللة من شأنه أن يدخل الشك فى ضعفاء الإيمان» وقد يكون معه الجهر بما يثير الريب حتى فى أقوى الحقائق صدقا وأجدرها باليقين؛ ولذلك كانت عقوبة الردة التى ثبتت بقوله عَلله: . تفسير سورة آل عمران 7 السك : يي «من بدّل دينه فاقتلوه20. هى القتل؛ وذلك لقطع السبيل على الذين يدخلون فى الإسلام ظاهراء وهم يريدون إثارة الشك حول حقائقه»؛ وليس فى ذلك منافاة للحرية الدينية التى قررها الإسلام فى قوله تعالى: «إلا إكراه في الدين قد تَبين الرّشّد من الْفَي ... +523 4 [البقرة] ولقد كان أولئك الذين أخذوا بذلك الطريق الخبيث لإفساد العقائد يظهرون فى عصور الإسلام الوقت بعد الآخرء وهم الزنادقة» فهم كانوا فى باطنهم كفارا يستترون بستار الإسلام ليفسدوا الآمر على أهل الإسلام» ويشككوا الناس فى عقائدهم. وإن الفقهاء كانوا يحذرون الناس من سمومهم التى ينفشونهاء وقرر جمهورهم أن كل مرتد يستتاب إلا من عرف بالزندقة» فإنه يتخذ التوبة ستارا. ليستطيع بها الكيد للإسلام وأهلهء فيرد عليه كيده فى نحره» وإن ظهر منه الكفر الذى يحاول ستره يؤخذ بالنواصى والأقدام. 3 وإن أهل الكتاب ليبالغون فى التدبير للاحتياط من أن يذهب منهم إلى المسلمين من يؤمنون بالإسلام» فهم يحاولون من جهة بث الشّك فى الإسلام بين أهله» ومن جهة أخرى يعملون على الاحتياط من أن يدخل أحد منهم فى الإسلام» ولذلك يثيرون العصبية الدينية فيما بينهم» ويتداعون ألا يذعن أحد منهم. لخير طائفته؛ ولذلك يقولون: 9 ولا تُوْمنوا إلا لمن تبع ديتكم قل إن الهدئ هد الله أن يؤتئ أحد مثل ما أوتيتم 4 : أى لا تذعنوا مصدقين مقرين بالحق إلا لمن تبع دينكم» أى لا تنطقوا باحق الذى تعلمونه مذعنين له إلا لمن تبع دينكم؛ وذلك لأنهم يعرفون محمدا كما يعرفون أبناءهم» وبين أيديهم الأدلة الصادقة الناطقة بصحة دعوته؛ فهم يعرفون ذلك ويتذاكرونه فيما بينهم» ولكنهم يتناهون عن أن يقولوه لغيرهم. )١(‏ رواه البخاري: الجهاد والسير - لا يعذب بعذاب الله (1/44ا7)» والترمذي: الحدود - ما جاء في المرتد لفرت والنسائى: تحريم الدم - الحكم في المرتد (5991)) وأبو داود: الحدود - سان من ارتد (40/ا") عن ابن عباس رضى الله عنهما. تفسير سورة آل عمران الل م 1 1 221101 ١ك‏ ا 1 2 وقوله تعالى: «( أن يؤتى أحد مثْل ما أوتيم © فيها قراءتان» إحداهما: بهمزة واحدة» والأخرى بهمزتين إحداهما سهلة. والثانية قراءة ابن كثير(27» وإحدى الهمزتين على هذه القراءة تون للاستفهام الإنكارى. وقوله تعالى: «فل إن الهدئ هدى الله4 يحتمل أن تكون معترضة» ويكون قوله تعالى: « أن يؤتى ' أَحَد .© متصلا بقوله: ولا ة تؤمنوا 4 ويحتمل أن تكون غير معترضة» وتكون متصلة بما بعدها. وعلى الاحتمال الأول مع قراءة الهمزة الواحدة يكون تخريج القول هكذا: ولا تصدقوا مذعنين ومقرين إلا من تبع دينكم كراهة أن يؤتى أحد بمثل ما أوتيتم من كتاب منزل من السماء ومنزلة دينية بين الناس» وكراهة أن يحاجوكم سبب ذلك الإذعان وذلك الأمر من عند ربكم» وقد اعترض سبحانه وتعالى بين قولهم بقوله: «قل إِنَّ الهدئ هدى اللّه4 أى إن هداية الله تعالى ملك له وحده يعطيها لمن يشاءء فليست حكرا لأحدء ولا أمرا مقصورا على أحدء بل يعطيها من يشاء. وسبب ذلك الاعتراض هو المسارعة ببيان بطلان زعمهم من أنهم ذوو المنزلة الدينية وحدهمء ولبيان أن المنزلة منشوّها الهداية» والهداية طريقها وحدها فلهم أن يتبعوهاء ولبيان أنهم بذلك التفاهم على الشر والتواصى على الباطل قد خرجوا عن نطاق الهداية فحقت لغيرهم. وعلى قراءة الهمزتين لا يتغير المؤدى» ويكون تقرير القول هكذا: ولا تذعنوا مصدقين إلا لمن تبع دينكم. أتقرون بذلك لأن يؤتى أحد مثل ما أوت تيتم أو يحاجوكم عند ربكم. هذا هو تخريج الآية الكريمة على احتمال أن قوله تعالى: « َل إِنَ الهدئ هدى الله جملة معترضة بين متلازمين» أما تخريجها على احتمال أنها متصلة بما يليها فهو هكذا: لا تذعنوا مصدقين إلا لمن : تبع دينكمء بذلك ينتهى قولهم» فيرد )١(‏ قرأ ابن كثير المكي بهمزتين على الاستفهام, الثانية منهما مسهلة؛ وقرأ الباقون بهمزة واحدة على الخبر [النشر فى القراءات العشر ج١‏ ص 253216 7511 - غاية الاختصار في قراءات أئمة الأمصارء ج؟/ 0 45]. ١‏ # تفسير سورة آل عمران اك مال الج وزإز 7 الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: طقل إِنّ الهُدئ هدى الله ثم يبين سبحانه وتعالى أن هدى الله أن يؤ تى أحد مثل ما أوتيتم بأن ينزل بينهم وحى السماء ء كما نزل بينكم» أو يحاجوكم به عند ربكم» و«أو» هنا تكون بمعنى الواو. وعلى قراءة الاستفهام يكون المعنى: أتنكرون أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم . ذانك الاحتمالان؛ وإنى أميل إلى الاحتمال الأول» وأن تكون الجملة السامية طقل إِنّ الهدئ هدى الله 4 معترضةء وأن قوله « أن يؤتى أَحَد مقْلَ ما أوتيتم 4 من قولهم» وذلك ليستقيم أمر الله بعد ذلك لنبيه بقوله: قل إن الفضل بيد الله 4 فإنه لا يتضح معنا إلا إذا كان عقب قولهمء ؛ ليكون معنى جديد للأمر الثانى بعد الأمر الأول؛ إذ لو كان قوله: أن يؤتى أحد 4 من كلام الله تعالى المأمور به ما اتضح لنا معنى الآمر الثانى : قل إن القضل بيد اللّه 4 إلا إذا كان لتكرار هدايته وفضله» والتأسيس أولى من التأكيد. لقد بين سبحانه بعد ذلك أن الهداية هى فضل من الله تعالى يتفضل به على من يشاء من عباده؛ ولذلك قال سبحانه: ل إِنّ الفضل بيد الله يؤتيه من فهداية الله تعالى» والنبوة والرسالة التى تنبعث منها هداية المؤمنين الذين يذعنون للحق؛ ذلك كله فضل من الله تعالى لعباده» فليس حقا عليه لهمء هو منه تكرم وعطاء» والمتفضل المتكرم ليس بملزم بالعطاء لأحدء فإن كان قد جعل الرسالة حينا فى بنى إسرائيل فبفضل منه وبرحمة» وليس ذلك بملزم له» ولا بمسوغ لهم بأن يمنعوها عن غيرهم» ويستتنكروا أن تكون فى قوم أميين؛ وعليهم أن يذعنوا للحق أينما كان» ومن أى جهة كان النداء به» فالله أعلم حيث يجعل رسالته؛ وليس فوق إرادة الله سبحانه وتعالى إرادة» وليس من حق طائفة من الناس أن تقول نحن أيناء الله وأحباؤه. تفسير سورة آل عمران الل ا0ا640ا0ا060ا0ااااااااللو الال 0 حب أ ثم بين سبحانه وتعالى سعة فضله وجليل حكمته. وإحاطة علمه» فقال عز من قائل : والله واسع علي 4 أى أن رحمة الله تعالى واسعةء وفضله عظيمء لا يكون لقبيل دون قبيل» وإن تعدد من يوّتون فضلا لا يغض من قدر الفضل عند غيرهمء فالذين يريدون أن يحتكروا الهداية» أو يحتكروا بينهم وفى أوساطهم رسالة الله إلى أهل الأرض» إنما يضيّقون واسعاء ويحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله من غير أن يعود عليهم من هذا الحمسد شىء. ووصف سبحانه وتعالى ذاته بأنه واسع مع أن الظاهر سعة فضله؛ لبيان أن شمول فضله شأن من شئكونه سبحانه» يظهر آثاره فى خلقه. فما من شىء فى هذا الوجود إلا وهو بفضله سبحانه وتعالى. وقد اقترن وصف السعة هنا بوصف العلم» للإشارة إلى أن فضله تعالى هو على مقتضى علمه؛ فهو يعطى من يشاء بمقتضى فضله وعلمه. فما من شىء يكون من الله تعالى لعباده إلا بميزان» وكل شىء عند ربك بمقدار؛ وإنه مقتضى هذا يختص هذا برحمته» ويختص آخر بنوع آخر؛ ولذا قال سبحانه وتعالى : « يَخْتَصُ برحمته مَن يَشَاء واللَّهُ ذو الْفَضْل الْعَظيم 4 اختص تستعمل لازمة ومتعدية» فيقال اختصه الله بفضلهء ويقال اختص بفضل الله والله سبحانه وتعالى عقتضى علمه وحكمته يختص برحمة معينة من رحماته خلقا من خلقه. فقد يقول قائل إن كل من فى الوجود فى رحمة الله تعالى» ما من أحد من خلق الله تعالى إلا ناله نصيب من رحمة الله» ومنهم من يشكرء ومنهم من يكفرء قلم عبر سبحانه وتعالى بهذا الاختصاص, ولا عام أعم من رحمة الله» ولا عموم إلا فى فضل الله تعالى؟ . والجواب عن ذلك أن الرحمة التى يختص الله تعالق بعض عباده بها هى الرحمة النوعية» فيختص سبحانه هذا بالعلم» وذلك بالمال» وهذا بالجاه» وذلك إلا تفسير سورة آل عمران 2 اللزل ل للل للللللإل الل للك > أ بالراحة» وهذا الفريق بالرسالة والهداية» وذلك الفريق بالغلب والسلطان؛ و«كل ميسر لما خلق له)237. فإذا كان بنو إسرائيل وأشباههم قد تَفْسوا على بنى إسماعيل”) أن تكون فيهم النبوة الكبرى التى تختتم بها رسالة السماء إلى الأرضء فذلك مما اختص به سبحانه وتعالى بعض عباده بالرحمة» وليس لأحد أن يعترض على فعل الله فإن فضله على من اختصه عميم؛ وفضله أيضا على من لم يمنحه هذا النوع من الرحمة عظيم؛ ولذا ختم سبحانه الآية الكريمة بقوله: 8 واللّه ذو الفضل العظيم # فلا عظمة تساوى عظمة فضل الله تعالى على خلقه» فالاختصاص النوعى لبعض الرحمات لا يعارضه عموم الفضل على خلقه» ولا عظمة هذا الفضل . اللهم من علينا بتوفيقك لنعرف فضل نعمتك» ونشكرك ولا نكفرك» وتب عليناء إنك أنت التواب الرحيم. سه * 5 77 20 مدعل > وَمِنْ أهلٍ الكتب مَنإِن مَنْهِيقِنطارٍ كت موسا سم جربو ىم سح قر ثم ساس سرح سه مه يؤدوءإ بك وَمِنْهممّنإن تأمنة بدي ر لايؤدوء !لم ك إلا و هه سم مرق ل ص 000 وه 4د سا مَادْمَُتَ عليه قايما ذلك بأنهم قا لوا لسىعلِّنافى | لاميئتن 0 صم 8 ل فر يت فرح سي سس سر لخو سرح سس قور ججم سيل ويقو لوت عل اندو الكذ ب وهم يعلموت + ل د 4ح دع كه ودر مره د جه > بن مَنْ أو يعهروء واتقئ َإِنْ الله يحب المتقين حي إن 0 دسنس لماعي م ىس م اي او ل 2 ٍ 0 مر 24 أَلْذينَ مَتَعرونَ بعهد الله وَايَمنهم ثمناقليلا أؤلق لف لا جزم . 0 72 5-5 04 00000 و حَلَقَ لهف الْأحْرَةَوَلَايْكَيْمهُمُ الله ولايَنظر يليم سح سر ص 2 وله 3 .ى سروح سمه 00 ىت 4 2 وو حهم )١(‏ رواه البخاري: التوحيد - قول الله تعالى: ولَقَد يسنا القرآن للذّكر» (21447» .ومسلم: القدر - كيفية خلق الآدمى فى بطن أمه (89/ا4). (؟) أى ضنوا عليهم . الصحاح . ل تفسير سورة آل عمران بلالا 511111111110 “اك «جملبب_رر 3 بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة استهانة بعض أهل الكتاب الذين عاصروا النبى كك بالحق وتلبيسهم الحق بالباطل» وكذبهم وافتراءهم على النبيين وعلى رأسهم أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام» ثم بين تعصبهم؛ وحرصهم على أن يظهروا بين الناس بأن الهداية فى حوزتهم وحدهمء وأن الناس ما عداهم دونهم» ثم ذكر ما يتواصون به فيما بينهم من النفاق بأن يؤمنوا أول النهار ويكفروا آخرى» لعلهم يفسدون بذلك عقائد المؤمنين؛ وهكذا مما يدل على فساد اعتقادهم وعدم إذعاتهم للحق» وكذبهم فيما يدعون. والكذب والخيانة توأم» كما أن الصدق والأمانة توأم» وفساد النفس يترتب عليه فساد العمل» وعدم الإذعان للحق فى الاعتقاد يترتب عليه عام الإذعان للحق فى المادة» فإذا كان بعض أهل الكتاب قد كان منهم ذلك النفاق الدينى» فإنهم قد بدت منهم الخيانة المادية» ولذا قال سبحانه: :ومن هل الكتاب من إن تَأمنه بقنطار يوَدَه إليك ومنهم من إن تَأَمنه بدينار ل وده إِلِيِك إلا ما دمت عليه ؛ قائما 4 قسمان متقابلان أحدهما يبلغ الغاية من الأمانة» فيعطيها عند طلبها مهما تكن قيمتها؛ ومهما تكن نفاستهاء وعبر عن الكثرة بالقنطار من الذهب» ولم يذكر كونه من الذهب؛ لأنه مفهوم من السياق؛ لأن الدينار لا يكون إلا من الذهب» فلا بد أن يكون القنطار الذى يكون فى يد الأمين من الذهب». وهذا القسم الذى يكون على هذا القدر من الأمانة هو الذى يجيب داعى الحق ويؤمن به إذا دعى إليه؛ لأن التسليم بالحق فى الماديات الى تصورها الأمانة لا ينشأ إلا من ينبوع النفس التى تؤمن بالحق فى المعنويات؛ بل إن هذا فى الحق ينتهى إلى معنى الأمانة؛ لأن نصر الحق والإذعان له بعد قيام الدليل عليه نوع من الأمانة» إذ إن الله سبحانه أودعنا هذه القوى المدركة لنجعلها للحق وللنفع» فذو العلم عليه أن يؤدى أمانة العلم» وذو المال عليه أن يؤدى أمانة المال» ومن قام بين يديه الدليل على صدق دعوة إلى الحق لا يكابر ولا يمارى» وكانت الأمانة أن يعلن تلك الحقيقة ويناصرها ويؤيدهاء ولذلك قال كثيرون من العلماء: إن الأمانة #ا تفسير سورة آل عمران ل رب أ التى حملها الله للإنسان بمقتضى الفطرة هى إدراكه لمعنى التكليفات الإنسانية والإلهية وقيامه بحقهاء وقد قال تعالى: 8 إِنَا عَرضنا الأَمَانَةَ على السّموات والأرض وَالْجبال فَأبِينَ أن يحملنها أَسْفَقنَ منها وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كان ظَلوما جهولا 17# 4 [الأحزاب ]. ْ هذا هو القسم الأول» وقد قال العلماء إنهم أهل الكتاب الذين آمنوا برسالة محمد يللد كعبد الله بن سلام» وغيره من اليهود الذين سارعوا إلى الإسلام» وكذلك الشأن فى كل كتابى علم الحق فى رسالة النبى يَككِْةٌه وأذعن له؛ لأنه يكون ممن يؤدى الأمانة. والقسم الثانى هو الذى لا يؤدى الأمانة» وهو فى مقابل الآول؛ لأن الأول فى السماك الأعزل» وهذا فى الحضيض الأوهد. وصور الله سبحانه الفرق بينهما ذلك التصوير الحكيم البين الواضح بأن الأول لو اكئتمن على قنطار من ذهب لأداه» والثانى إن ائتمن على دينار لا يؤده إلا بالملازمة الدائمة» والتتبع وال لحاف الشديد» وعبر الله سبحانه وتعالى عن هذه الملازمة بقوله تعالى: 8 إلا ما دمت عليه قائما 4 أى إلا إذا استمررت مطالبا له مصمما على أن يؤدى مشرفا عليه فى غدوه ورواحه. ودام معناها استمر» وقائما معناها ملازما متتبعا؛ ذلك لأآن قام فى استعمال القرآن الكريم لها تكون كما قال الراغب فى مفرداته: «على أضرب» قيام بالشخص إما بتسخير أو اختيار» وقيام للشئ وهو المراعاة للشىء» والحفظ له وقيام هو بمعنى العزم على الشىء .. ومن المراعاة للشىء قوله تعالى: دا قَرَامينَ لله شهداء با بالقسط ... رق + [امائدة] وقوله تعالى : « قائما بالقسط . 0 27> 4 [آل عمران] وقوله تعالى : ٍأَفنَ هئم على ل نفس بما كسبت 0 (5 #4 [الرعد] وقوله تعالى: «ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة : نر © [آل عمران] وقوله تعالى : اذ ما دمت عليه قائما 4 أى ثابتا على طلبه. تفسير سورة آل عمران اللو االلل لاملل ك2 كاده :7 يي" وإن هؤلاء الذين لا يؤدون الأمانة المادية إلا بهذه المطالبة الدائمة» والملازمة المستمرة - هم الذين لا يتركون التضليل كما أشرناء فلا يأمن أهل الحق شرهم إلا برقابة مستمرة لمنع تضليلهم» وفتنة الناس عن دينهم» ثم هم يخونون العهود. وطالما خانوا النبى مَلَةٌ فى حروبه مع المشركين» حتى اضطر لإجلائهم عن المدينة وما حولها. وإن هؤلاء يبررون خيانتهم للآمانة المادية بقولهم كما حكى الله سبحانه الى عنهم ذلك همق ع ف لأا س4 أى ذلك الامتناع عن وفاء الحق» وأداء الأمانة والإذعان لبواعث الهداية الذى هو أداء الأمانة المعنوية سببه زعمهم الذى قالوه. ونطقوا به وهو أنهم ليس عليهم سبيل أى تبعة أو ملام أو عتاب فى شأن الأميين وأموالهم» وهذا معنى قوله تعالى: 8 ليس عَلَينَا في الْأَميِينَ سبيل 4 فالأميون هم العرب» وسموا أمَيين؛ لأنهم لم يكن عندهم علم ولا حضارة» وكانت تغلب عليهم الأمية» وهى الجهل بالكتابة والقراءة» فكان هذا الاسم لهم لغلبة الآمية عليهم؛ ومعنى سبيل حجة ملزمة؛ لأن السبيل هو الطريق؛ وهو يطلق بمعنى الحجة باعتبارها طريق الإلزام وتحمل التبعات» وقد قال الزمخشرى فى تفسير هذه الجملة السامية ا ليس عَلَينَا في الأَمبينَ سبيل » أى لا يتطرق علينا عتاب وذم فى شأن الْأَمَّيِينء يعنون الذين ليسوا من أهل الكتاب» وما فعلنا بهم ما فعلنا من حبس أموالهم والإضرار بهم؛ إلا لآنهم ليسوا على دينناء وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم» ويقولون لم يجعل لهم فى كتابنا حرمة» وقيل: «بايع اليهود رجالا من قريش» فلما أسلموا تقاضوهم قالوا ليس لكم علينا حق» حيث تركتم دينكم). وإن هذه أخلاق الذين يظنون فى أنفسهم العلو المطلق» ويستخدمون ذلك الظن الباطل؛ لأكل أموال الناس بالحق» وليفسدوا فى الأرض وهو ما عليه أهل أوروبا؛ يقومون بالحق فى بلادهم. ويثبتون دعائمه فى عشائرهم لا يضيع عندهم ا تفسير سورة آل عمران للللل لاا لاملل لحم به يي حق؛ فإذا تجاوز الحق أقطارهم أنكروه»ء ولم يذعنوا له؛ وتقولوا الأقاويل وادعوا أنه ليس للأمم المتخلفة فى الحضارة حق كحق غيرهاء وأنه ليس للملونين حق كحق غيرهم . وإن هذا مبدأ اليهودء وهم مغرقون فيه» فقد كانت التوراة تحرم الربا تحريما مطلقاء وكان النص فيه: لا تأخذ ربا من أخيك إذا أقرضتهء فزادوا كلمة أخيك الإسرائيلى لآنهم لا يشعرون بالأخوة الإنسانية فى ذاتها. وإن المبادئ الخلقية الفاضلة لا تعرف جسا ولا لونا ولا ثقافة؛ ولذا قال تعالى ردا عليهم مبينا كذبهم . ش «(يقولون على اللّه الْكَذب وهم يَعْلَمُونَ4 فى هذه الجملة السامية رد عليهم بآن ما قالوه من أنه ليس عليهم فى الأَمّيِين سبيل كلام لا أصل له فى شرع سماوى فهو ليس ديناء وإذا كانوا قد قالوه على الله تعالى فقد كذبوا على الله تعالى» وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك فى قضية عامة تدل على أن من شأنهم أن يقولوا الكذب على الله تعالى» وهم يعلمون أنه كذب فقد كذبوا فادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه. وكذبوا فادعوا أن إبراهيم كان يهودياء وكذبوا فادعوا أنه لا نبى إلا من بنى إسرائيل» فكان الكذب على الله تعالى شأنا من شكونهمء ولذلك عبر بالمضارعء أى أن شأنهم أن يقولوا الكذب على الله» قالوه فى الماضى» ويقولونه فى الحاضر»ء وسيقولونه فى المستقبل» وذلك شأن الذين يحتكرون لأنفسهم حق التكلم فى الدين» ويبحس بون غيرهم ليس من حقهم أن يتكلموا فيه. وإن الأمانة كانت توجب عليهم ألا يقولوا إلا الحق. ولكنهم خانوها فى الماديات» وما ذلك إلا لآنهم فقدوها فى المعنويات» فكان هذا هو أساس ذلك الضلال البعيد» ولقد روى سعيد بن جبير أن النبى تَلَكِيةِ قال فى أهل الكتاب عندما نزل قوله تعالى عنهم: «( ليس عَلينا في الأَمَبِينَ سبيل 4 : قال عليه الصبلاة والسلام: ل تفسير سورة آل عمران الممبمللل اا الل الل ل 0 اح اكه < 7 «كذب أعدء الله. ما من شىء فى الجاهلية, إلا وهو تحت قدمى هاتين إلا الآمانة» فإنها مؤداة إلى البر والفاجر)20: ويروى أن رجلا سأل ابن عباس» فقال: «إنا نصيب فى الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة» والشاة» فقال ابن عباس: فتقولون ماذا؟ قال نقول: ليس علينا بذلك بأس . فقال حبر هذه الآمة: هذا كما قال أهل الكتاب: «9 ليس علينا في الأُمَِينَ سبيل 6 . إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم». وإن الحق الثابت المقرر أن الفضائل الدينية هى حق على المؤمن كل 1 إنسان.ٍ ويأثم إن م يؤدها لكل إنسانء» ولذا قال تعالى: بلى من أوفئ بعهده واتقى الله يحب الْمتّقين 4 . هذا تأكيد لبيان كذبهم على الله تعالى» وبلى هنا معناها إثبات ما نفوه؛ لأنها تجىء فى القول لإثبات المنفى؛ لقد نفوا أنه ليس عليهم فى الأمُِين سبيل» فقال سبحانه بل عليكم فيهم سبيل» وأنتم معذبون بما تجرمون فى شأنهم» ومثابون إن أوفيتم لهم بعهدهم وآمنتم» وقد علل سبحانه ذلك لمكم العادل بقضية دينية عامة ثابتة» وهى قوله سبحانه: ©« بلى من أوفى بعهده وائَقءا فِإِنَ الله يحب المتقِين» . وإن معنى هذا النص السامى أن الذى ينال محبة الله تعالى ورضاه سبحانهء لابد أن يتحقق فيه وصفان: أولهما الوفاء بالعهدء فكل ما يلتزمه من عهودء سواء أكان موضوعها أمرا ماديا كأداء الأمانات أم كان الموضوع أمرا معنويا كالقيام بحق من الحقوق - الوفاء به يستوجب رضا الله سبحانه» وكل غدر يكون فيه إبعاد عن رضوان الله سبحانه ومعحبته . )١(‏ رواه ابن أبي حاتم» ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره وقال: حدثني ابن حميد» وراجع الدر المنثور للسيوطي ج27 ص١20.‏ للا تفسير سورة آل عمران 1 لل لكك .. يي ويدخل فى العهود ما أودعه الله سبحانه قلب كل إنسان من إدراك للحقء وفهم له وإدراك لمعنى الدليل» فإذا لم يذعن له ويعلنه لا يكون موفيا للعهد. الوصف الثانى المستوجب لرضا الله ومحبته - هو التقوى بأن يشعر بحق الغير عليه ويؤمن به» ويجعل بينه وبين الاعتداء أيا كان نوعه وقاية. هذان هما الوصفان اللذان يستوجبان محبة الله تعالى» وقد خلا اليهود منهماء فليسوا من محبة الله فى شىء» وإن هذين الوصفين متداخلان فالوفاء بالعهد داخل فى التقوى» ولذلك قال سبحانه فى جزاء الوصفين معا: ظقَإِنَ الله يحب ' الْمتّقينَ 4 أى من أوفى بعهده واتقى فقد استحق تحق محبة اللهء لآن محبة الله تعالى لا يعطيها إلا لأهل التقوى الذين يجعلون بينهم وبين غضب الله تعالى وقاية» فيوفون بالعهد ويعطون كل ذى حق حقهء ويخشون مقت الله وعذابه» وأن الذى يسهل عدم الوفاء بالعهد أعراض الدنياء وهى ثمن لا يساوى شيئا فى جانب عدم رضا الله تعالى؛ ولذا قال سبحانه : 5 إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم َمَا قَليلاً ولك لا خَلاق لهم في الآخرة » : أى إن الذين يتركون عهد الله تعالى فى مقابل عرض من أعراض الدنيا يستبدلون ثمنا قليلا بأمر جليل إذ إن من يترك عهد الله الذى عاهد الناس عليه ويمين الله التى وثق بها ذلك العهد يفقد ثقة الناس» ومن فقد ثقة الناس لا يأمنونه» وتلك خسارة كبيرة» وإذا فقد المجتمع الثقة بين آحاده صار كل واحد ينظر إلى الآخر كما ينظر الوحش إلى فريستهء فيذهب الاطمئنان» فتكون الجماعة كقطيع من الذئاب. وعهد الله تعالى يشتمل معنيين: أحدهما ما التزمه بمقتضى فطرته والتكاليف الدينية والمدارك العقلية من أداء الحقوق والواجبات ومراعاة الأمانات» والثانى ما يعطيه هو من عهود يذكر فيها اسم اللّه تعالى» ويوثقه بيمين الله تعالى أو لا يوثقه. وإن ترك هذه العهود له أثر فى الدنيا وفى الآخرة» أما فى الدنيا فالنبك والطرد. وأما أثره فى الآخرة» فذكر سبحانه بعضه بقوله: «أُوَلكَ لا خلاق لهم تفسير سورة آل عمران الل ااال الول 2 لجل به 7 في الآخرة4 أى أولئك الذين ينكثون بالعهود ولا يحترمون يمين الله لا نصيب لهم فى الآخرة من ثواب؛ ولكن مغبتهم حساب وعقئاب» فخسروا الدنيا والآخرة» وذلك هو الخسران المبين. (رلا كلهم ل ولا ينهم وم اام ولا هم رهم داب أي أربعة أنواع من الجزاء تنالهم أولها: أن الله لا يكلمهمء وهذا كناية عن عدم محبته» لأن المحب مقبل على حبيبه» متحدث إليه» ومن فقد محبة الله فقد فقد معنى الوجودهء وثانيها: أنه لا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يرعاهم؛ لأنهم إذا فقدوا النظر إليهم منه سبحانه فقدوا كلاءته وحمايته» فعدم النظر كناية عن أنه لا يحميهم من العقاب. ولا ينزل بهم نعيماء والنوع الثالث: أنه لا يزكيهم» وذلك كناية عن عدم رضاه سبحانه؛ لآن من يرضى عن شخص يزكيه ويطريه ويثنى عليه. والجزاء الرابع الذى هو نتيجة ما سبق من بغض الله وسخطه. ومنع حمايته هو أن لهم عذابا مؤلما: اللهم قنا عذاب النار» وامنحنا رضاك واعف عنا واغفر لنا وارحمناء وأنت خير الراحمين. م 01 و2 دنه ايلو ابص لكك لصَحسسبوة مِنَالحكتب وَمَاهوَمِ رت الكتاب ويَفُولُورَ هه 7 معن دٍأنومَاهْ من َه لكي َه يلمُودَ 2 ماك دسف ِأديوْقِيهُللةالكتب الحم سبو يول للصاكء ايك اليد دون الله ولك كونوا وبين ب بماك ون الككت يماكش كوو 7 وباي ا ل ل ل سي رج 0 م سه لكف يعدا 22 ل ام والبيكن َسَأْبا يا مركم يأ لكض 901111 0 ا تفسير سورة آل عمران ل لوللا لبجل بار ي- بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة كذب اليهود والنصارى الذين عاصروا النبى كَل والذين سيقوهء ومن جاء بعد هؤلاء وأولئك؛ كيف كانوا يكذبون فى الوقائع البدهية» فَيدَّعون أن إبراهيم أبا الأنبياء كان يهوديا أو نصرانيا وكيف كان اليهود وغيرهم يدعون أن هداية الله حكر احتكروه» وهى فى حرزهم لا تخرج عنهم إلى غيرهمء وقد اندفعوا إلى النفاق بإظهار الإيمان وإبطان الكفرء ثم اندفعوا إلى خيانة الأمانات المادية» وأكل أموال الناس باسم أنهم الصنف الممتاز فى هذه الأرض الذى يباح له كل شىء. وفى هذه الآيات التى نتكلم الآن فى معانيها السامية قد أعظموا فى البطلان كما يحكى رب العالمين» فكذبوا على الله تعالى» وهذا الكذب هو أصل الداء» وأبعد غايات الافتراءء كذبوا على الله فحرفوا الكتاب» وقرءوا أهواءهم على أنها من عند الله» وما هى من عند اللّه» وعلى أنها من الكتاب وما هى من الكتاب ولذا قال تعالى: ون مهم ريق يوون ألستَهُم بالكتاب لتَحسبُوهُ من الكتاب وما هو من الكتاب 4 هذا من عدل القرآن الكريم فى حكمه على الطوائف والجماعة» لا يعمّم الحكم على الجماعة كلهاء ولكن يخص بالذكر الذين ارتكبوا ابتداء كبر الشرء وإن عم ضلالُهم من بعد الطائفة كلهاء ولهذا نسب التحريف ابتداء إلى طائفة منهم» وإن كان الضلال شاملا . ولَىّ اللسان معناه» فِدْلُه عند النطق لتوجيه الكلام نحو معنى لا يقصد من ظاهر اللفظ ؛ وهذا يشمل معانى كثيرة؛ فيشمل إخفاء بعض الحروف عند النطق بكلمة» فيتغير المعنى؛ كمن يقول: (السلام عليكم) فيخفى (اللام) فتصير الكلمة «السام عليكم) ويكون المعنى مناقضا للمعنى الأصلى» إذ السلام هو: الآمن» والسام هو : الموت» والأول دعاء له والثانى دعاء عليه؛ ومن اللَّىء أن يغير لفظا بلفظ آخرء ويومئ اللفظ الثانى إلى معنى غير المقصود من الأول» ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن بعض أهل الكتاب: «(من الّذين هادوا يَحَرفُونَ اكلم عن مُواضعه وَيَقُولُونَ سمعنا وَعَصِيمًا واسمّع غَيرَ مُسمَعْ وراعنا ليا بألسنتهم وَطَعنا في الدين تفسير سورة آل عمران 0 اح لكاو :* 2 ولو أَنْهُم قَالُوا سمعنا وَأَطْعنًا واسمع وانظرنًا لَكَانَ خيرا لهم وأَقْوَمَ ... #0 4 [النساء] فكان لَىً اللسان أن استعملوا كلمة (راعنا) بدل كلمة (انظرنا) وكلمة راعنا - فى لغة السريان والعبرانيين - للسب» فهم باختيارها يشيرون إلى معنى السب فى هاتين اللغتين» وبذلك يطعنون فى الدين» ويسبون النبى كَل ومن لى اللسان» أن تقرأ عبارات فى الكتاب بنغمته» وهى ليست منه. ومن اللَّىّ المعنوى» تحريف المعانى بتوجيهها إلى غير المراد منها . وبهذه الأنواع الأربعة كان بعض اليهود والنصارى يلؤون ألسنتهم بالكتاب أى عند قراءته و«الباء» فى قوله تعالى: ب الكتاب 4 ؛ بمعنى «فى») فهم ينظرون إلى الصحائف التى تحوى التوراة» ويقرءون غير ما فيها بلى ألسنتهم إما بحذف حروف يغير المعنى حذفهاء أو بتغيير كلماتهاء أو بقراءة كلام غيرها بنغمتها وتجويده» أو بتحريف معانيهاء ليتجهوا إلى معان ليست فيها؛ وليس شىء من هذا فى الكتاب الذى يوهمون سامعيه أنه منه» وليس منهء وبذلك ضَلُوا وأضلُوا كشيرك وضلُوا عن سواء السبيل» وإن ذلك هو أصل الشر فيهم» وأصل فساد الاعتقاد عندهم . والضمير فى قوله سبحانه: 8 لتَحَسَبُوهُ من الكتاب 4 وفى: وما هو من الكتاب 4 يعود إلى مالوًوا به ألسنتهم؛ وتكرار الكتاب فى النفى» لبيان شدة براءة الكتاب المنزل على موسى وعيسى عليهما السلام بما يدعون ويفترون. ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلَمُون4 فى هذا النص السامى بيان مدى الخطورة فى لَىّ ألسنتهم بالكتاب» وإيهام الناس أن ما يقرءون وما يقولون من كتاب الله حتى يحسبه الناس كذلكء» فإنهم إِذْ يفعلون ذلك ينسبون لله تعالى ما لم يقله فيقولون: إن كلامهم هو من عند اللّه» وليس من عند الله» وذكر «هوا فى كلامهم يفيد إصرارهم على ما يدعون مع علمهم بأنهم يكذبون ويفترون وذكره فى نفى ادعائهم لتأكيد هذا النفى» وبيان أنَّه منصب على كلامهم؛ لا على أصل الكتاب» ويقول الزمخشرى فى قوله تعالى: لويَقَولُونَ هو من عند الله4 0 تفسيرسورة آل عمران اللا رب أ تأكيد لقوله: التحسبوه من الكتاب4» وزيادة تشنيع عليهم» وتسجيل بالكذب» ودليل على أنهم لا يعرضون. ولا يورون» وإنما يصرحون بأنه فى التوراة هكذاء وقد أنزله الله تعالى على موسى عليه السلام كذلك؛ لفرط جراءتهم على الله تعالى» وقساوة قلوبهمء ويأسهم من الآخرة. وقد سجل سبحانه وتعالى عليهم الكذب بقوله سبحانه: «( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند اللّه4 فى هذه الجملة السامية بيان مقدار جرأتهم فى الباطل» وكذبهم على الحق» فهم يكذبون على الله وهم يعلمون أنهم كاذبون. وقد أكد سبحانه وتعالى شناعة تصرفهم وتبجحهم بأربعة مؤكدات: أولها: أن كذبهم لم يكن تعريضاء ولا بلسان الفعال» بل كان بالقول الصريح . وثانيها: أن المفترى عليه هو الله سبحانه وتعالى» فهم لا يفترون على بشر مثلهم. ربما لا يعلم افتراءهم عليه» بل إنهم يكذبون على علام الغيوب الذى يعلم ما تنطق به الألسنة وما تكنه القلوب». وإذا كانوا ينكرون علمه واطلاعه» فقّد كفروا بهذا الإنكار قبل أن يكفروا بهذا البهتان. وثالثها: أنهم يعلمون الحق» وينطقون بالباطل» ويعلمون حكم الله تعالى» ويكذبون عليه» ويتقولون الأقاويل» وهم يعلمون آنها غير صادقة. ورابعها: أنه أكد علمهم بذكر الضمير» فى قوله: © وهم يَعلّمون 4 ٠‏ أى: هم بأعيانهم وأشخاصهم يعرفون كذبهم» وذلك هو الضلال البعيد. وإن أعظم فرية افتراها بعض أهل الكتاب هى ادعاؤهم أن بعض النبيين دعوهم إلى أن يعبدوهم من دون الله تعالى» أو يتخذوهم أرباباء ولقد أشار الله سبحانه وتعالى ‏ إلى هذه الفرية العظيمة ببيان أنها غير معقولة فى ذاتهاء وأعظم الاقتراء ما كان منافيا لطبيعة من ينسب إليه؛ ولقد قال تعالى فى وطلان هذه تفسير سورة آل عمران لل 1 1 1 230171715 اح سر أ الفرية : «إما كان لبشر أن يؤتيه اللّهِ الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول لئاس كونوا عبادا لي من ذون اللّه 4 . لقد ادعى النصارى أن المسيح إله وعبدوه؛ وادّعوا أن ذلك من رسا التهء واتخذ اليهود والنصارى الأحبار والرهيان أربابا من دون الله تعالى بمعنى أنهم لم يتصلوا فى معرفة الدين بنصوص كتابهم من غير حجاب, بل اتصلوا به عن طريق تفسير الأحبار والرهبان» وأولئكك حرفوا وبدلواء وكانوا ينشرون كلامهم على أنه من دين اللّه» وما هو منه. وقوله تعالى: «إما كان لبشر» استعمال قرآنى يفيد نفى الشأن وعدم اتفاق هذا المعنى مع الحقيقة المفروضة فى الرسولء وقد قالوا إن كلمة «ما كان» فى هذا المقام وما يشبهه فى معنى ما ينبغى . وذلك مثل قوله تعالى: « وما كان لمؤمنٍ أن يقتل مؤمنا إلا حَطَنًا . ٠‏ 7ت 4 [النساء] ٠‏ وقوله تعالى : «ما كان للّه أن يتتخذ من ولد . ٠٠‏ +20 4 [مربم]. وقوله تعالى: فإمًا يكون لَنا أن تكلم بهذا سبْحَانَكَ ٠٠‏ للج © [النور] . والنفى فى النص القرآنى منصب على اجتماع الرسالة مع القول الذى يكذبون به على أنبياء الله» ومعنى النسق هذاء لا ينبغى لبشر أن يخاطبه الله تعالى ويعطيه الحكم والنبوة أن يقول للناس كونوا عبادا لى من دون الله فليس النفى بالبداهة منصبا على إيتاء الله الكتاب والحكم والنبوة» بل هو منصب على المعطوف» وهو أن يكون منه - مع ما آتاه الله - ذلك الادعاء فيدعو الناس إلى عبادته . و«الكتاب» المراد به سجل الشريعة التى جاءت» و«الحكم» قيل المراد به الحكمة» ومن ذلك قول أكثم بن صيفى: (الصمت حكمء وقليل فاعله)» وأنا أرجح أن المراد هو الشريعة المنزلة التى يحكم بها بين الناس» و«النبوة» هى الرسالة الإلهية التى حملها النبى من أنبياء الله تعالى» وتلك النعم التى أنعم الله بها على هذا النبى لا تتفق مع ما ينسب إليه» فالكتاب الذى آناه حجة عليه والشريعة التى تفسير سورة آل عمران ل ملام يبل بير يي جاء بها تتجافى عن هذا الادعاء» والأمانة التى تحملها برسالته عن الله تعالى تمنعه من أن ينطق بهذا البهتان الصريح؛ فإنه ليس فى كتابه ولا شريعته» ولا يتفق مع معنى رسالته»ء وإذا كان من المستحيل أن يدعى تلك الدعوة فإن المعقول أن تكون دعوته متفقة مع هذه الأمورء ولذا قال سبحانه فى دعوته: ولكن كونوا رانين بما كنتم تَعلَمون الكتاب وبما كنم تدرسون 4 أى : ولكن يقول أولئك الذين أوتوا علم الكتاب» وعلم الشريعة. وفضل النبوة والسفارة الإلهية للناس: «كرنوا ريانيين» والربانيون» نسبة إلى الرب سبحانه وتعالى وقويت النسبة بزيادة الآلف والنون» ومعنى هذه النسبة إلى الله تعالى ٠‏ يتضمن أنوارا يتخلق بها المؤمن. أولها: ألا يعبد إلا الله وحدهء فيكون بعقله وقلبه وأحاسيسه خالصا لله سبحانه وتعالى ولا يشرك فيها أحداً سواه. وثانيها: ألا يعرف حقيقة شرع إلا عن الله فلا يوسط فى تعرفها عبادا لهم أهواء وشهوات» يحرفون الكلم عن مواضعه إلا أن يكونوا ذوى فهم فى كتاب الله تعالى قد حرم هو منه» فيستعين بهم على فهم كتابه سبحانه لا أن يأخذ أقوالهم على أنها دين الله . الثها: ألا ينفذ من الآحكام إلا أحكام الرب سبحانه وتعالى . رابعها: أن تكون كل أعماله خالصة لوجه الله فلا يمارى ولا ينافق. خامسها: أن يخضع للحق لذات الحق» وقد بين سبحانه -حكاية عما ينبغى أن يقوله الرسل وقد قالوه- كيف تتربى الربانية فى نفس المؤمن» فذكر أنها علمٍ الكتاب المنزل والعكوف على دراستهء فقال: بم كسم تُعَلَمُونَ الكتاب وبما كنتم تدرسون 4 . أى: أن الذى يربى الربانية هو الاستمرار والدءوب على أمرين اثنين: أولهما: دراسة الكتاب المنزل الذى بينه الرسول» فهو يدرسه مع شارحه. ويقطع كل الحجزات التى تحول بينه وبين هذه الدراسة» فلا يأخذ دين الله عن غير كتاب الله الذى بينه رسول الله تعالى. تفسير سورة آل عمران سسا سسسب سس مسرا .9 1 جب مز يي ثانيهما: استيعاب علم الكتاب وتعليمه من البعض ليتمكن الدارسون من أن يعرفوا حقيقة كتاب اللّه» والاهتداء بهديه. وقُدّم تعليم علم الكتاب على دراسته لأمرين: أولهما: الإشارة إلى جرم أهل الكتاب الذين اتجهوا إلى تعليم الناس أهواءهم بدل أن يعلموهم كتاب الله . وثانيهما: أن بيان الدراسة من غير تعليم وتدريس خبط عشواء. وسير فى ظلماء؛ كما يحاول ملاحدة اليوم الذين يريدون أن يفهموا القرآن من غير أن يعلموا شيئا حتى علم العربية: ولا يأمركم أن تتّخدَوا الملائكة وَالنِيَينَ أَبَابًا 4 فى النص القرآئى7١2‏ قراءتان إحداهما بضم الراءء ويكون الكلام بها مستائفاء ومتمما بيان ما لا ينبغى لرسل الله تعالى . . والثانية بفتح الراء؛ بالعطف على أن يؤتيه مع ملاحظة المعطوف الأول عليهاء والمعنى: أنه لا ينبغى لبشر أن يؤتيه الله الكتاب مع قوله كونوا عبادا لى من دون الله» ولا ينبغى له أيضا أن يأمرهم بأن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابا بأن يعتقدوا أن الملائكة والنبيين يسيرون الكون بغير إرادة الله وأنهم يعبدون من دون الله أو مع الله . . وقد وقع فى عبادة الملاتكة - الصابئة الذين كانوا يقيمون فى بلاد الكلدان» وتبعهم بعض المشركين من العرب» والذين عبدوا بعض النبيين هم النصارى فقد اتخذوا المسيح إلها يعبدء وبعض اليهود فقد اتخذت طائفة منهم عزيرا إلها وزعموه ابن اللّه» تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. «أيأمركم بالكَفْرِ بعد إِذ أم مَُلمُون» هذا استفهام إتكارى بمعنى النفى أى: أن الرسل لا يمكن أن يأمروا بالكفر بالله وقد أوتوا علم الكتاب وفضل السفارة» وتنفيذ تسريعة الله تعالى. ذلك لأنهم يكونون مضللين ولا يكونون هادين» وقوله: 8 بعد إذ أنتم مُسلمون 4 فيه إشارة إلى أن الناس بمقتضى فطرهم يسلمون ويخلصون وجوههم لله سبحانه وتعالى» فهذا شأن من شئونهم» وطبيعة فى فطرهم» حتى لقد قال بعض العلماء: إن معرفة الله تكون بالعقل؛ وأوجب . 450 ١ص غاية الاختصار‎ )١( غم تفسيرسورة آل عمران ا ا ل 1 ا يي أبو حنيفة معرفة الله بالعقل؛ وما كان الرسل ليصرفوا الناس عن مقتضى الفطرة والعقل ؛ فعبادة الله وحده فى فطرة اللّه التى فطر عليها الناس. اللهم جنبنا الهوى» واهدنا إلى الرشاد. وذ و 0 سر سيم سح لطر 10201 وَإِذأ أللهميثق 3 ييحن لَمَآء انَمتُحكُم ون حكتاب ِِ ح-. غم سر ركام مول مُصَرْقٌ لماه 0 وَحكمةٍ ثرجاء حكم رسول مُصدٍ 00 72> صر ره ريع + ساح ؤس ري سح ره سس مه 8 د يوء ولتنصمد أل مافررشد مكرايد 2 َالو قروو َال مدو ونام نهدن (( كَمَنَتَولَبَسَدَ كلك وكيك مم الْفسِفوت 172 َفَسَْرَ وِيِ لَهِيَبْعْ وَلَهةَأَمْتَكَمَ مف السّموات وَالْارضِ طوٌحَاوَكَرَهَا وله يْجَمُورت 2 بين سبحانه وتعالى أحوال اليهود الذين عاصروا الرسالة المحمدية» وكيف كانوا يتعصبون لما عندهم» ويحرفون الكلم عن مواضعه؛ تشددا فى التمسك بما عندهم على أن يكون على هواهم. وبين سبحانه كيف أداهم ذلك إلى الظلم» وإلى فساد الاعتقاد. بعد هذا بين سبحانه وتعالى وحدة الشرائع السماوية» وأنها يكمل بعضها بعضا. وأنها كالقصر المشيدء كل لبنة منه جزء من كيانه» وهو جماع لبناته وأركانه وأشكاله؛ وأكد سبحانه تلك الوحدة ف فى الرسالة الإلهية ببيان أنها ميثاق الله على الأنبياء» وأن الله سبحانه أخذه عليهم ليصدق بعضهم بعضا فقال تعالى : وذ أَحَدَ الله مياق البِيَينَ لَمَا آتيتكم من كتاب وحكمة © . الميشاق مأخوذ من الوثاق» وهو ما يشد به الأمرء ويثبت ويؤكد؛ والميثئاق الذى أخذه الله على النبيين هو ميثاق بمقتضى الهداية التى جاءوا بهاء والحق الذى تفسير سورة آل عمران و لمي ل ذ ذ 225011111 ١ اكلا‎ يي يناصرونه » وهو مشتق من معنى النبوة» والرسالة الإلهية؛ فإن هذه الرسالة بمقتضى وظيفتها وعملها هى عهد موثق بين العبد المختار» والرب الذى اختاره كمن يرسل رسولاء فإنه يكون ثمة عهد بين الرسول ومن أرسله» بأن يقوم بواجب الرسالة على الوجه الأكمل. وإنه بمقتضى هذا العهد الموثق الذى اشتق من منصب الرسالة الأسمى» تكون الرسالة الإلهية واحدة فى مقصدها وغايتهاء وهى إسعاد البشرية» وتنظيم العلاقات الإنسانية على دعائم من الأخلاق الفاضلة المنبعثة من النفس العابدة» والروح الزاهدة» التى لا تحرم طيبات ما أحل الله . وإذا كانت الوسائل تختلف أحيانا قليلة» فالغاية واحدة» وهى الرحمة » وإقامة الحق والقسط بين الناس. وكل نبى متمم ما بدأ به النبى الذى سبقهء أو بالأحرى يؤكد ما جاء به ويوثقه ويقويه. حتى نتم الله أنيياءه بمحمد عَلََِِ ؛ فكان خاتم النبيين» ولذلك كان حقا على كل نبى أن يصدق ويؤمن بما يجىء به النبى الذى بعدهء والذى أعلمه الله تعالى به» وإذا كان حقا على النبى المبعوث أن يؤمن بمن سبقه» ومن يجيئون بعده ممن أخبره الله تعالى بمجيئهم» فإنه بلا ريب حق على الذين يتبعونه أن يصدقوا ذلك النبى الذى يجىء بعده؛ لأنهم يتبعونه فى كل ما يؤمن به؛ فحق على اليهود والنصارى بمقتضى العهد الذى أخذه الله على النبيين» وبمقتضى إيمان هؤلاء النبيين» وتنفيذا لهذا العهدء أن يؤمنوا بالنبى كلل وإلا ما كانوا متبعين لموسى وعيسى عليهما السلام» إنما يكونون متبعين لأهوائهم وشهواتهم؛ ولذا يقول النبى وك فيما رواه جابر: «لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن عد 2006 .)١51٠١ 5( زواه أحمد : مسئد المكثرين - مسند جابر بن عبد الله رضى الله عنه‎ )١( ها تفسير سورة آل عمران 78م _ يئر بج -وزة يي هذا هو معنى النص الكريم بالإجمال» بقى أن ننظر فى تخريحج هذه المعانى السامية من الألفاظ المقدسة» فنقول: إن فى الآيتين قراءتين217؛ إحداهما: القراءة بفتح «اللام» وتكون اللام فى هذه الحال هى اللام الموطئة للقسمء التى تشعر بأ فى الكلام قسمًا تضمنه سابقها؛ وأن ما بعدها يتضمن الجواب؛ وتكون (ما) شرطية» ويكون معنى الكلام: مهما آنيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمان؛ أى أنه ميثاق الله وعهده إن أتاكم علم الكتاب والحكمة. وهى الشريعة الحاكمة» وجاء رسول أن تؤمنوا فالعهد الأساس بينكم معشر الرسل» وبين من أرسلكم» أنه إن جاء كتاب الرسالة» وشريعتها التى هى حكمتها الحاكمة هو أن تؤمنوا بكل رسول يجىء بعدكم مصدقا لما معكم كإيمانكم بكتابكم: هذا تخريج معانى الآية على قراءة فتح «اللام» . وثانيتهما القراءة بكسر (اللام) وتكون (ما) بمعنى الذى» فهو اسم موصول» وقوله تعالى: ثم جَاءَكُم رسول مُصَدَق لما مَعَكُم 4 عطف على الصلة» ويكون المعنى : أخذ الله سبحانه وتعالى الميثاق على النبيين بسببُ الكتاب الذى نزل» والحكمة التى جاءوا بهاء وتصديق النبى الذى جاء من بعدهنم - أخذ عليهم عهدا بأن يؤمنوا به. وقوله تعالى: «( لتؤمنن 4 جواب القسم الذى تضمنه معنى الميثاق؛ لأن الميثاق المؤكد الموثق هو فى حكم القسم المؤكد الموثئق» وقوله تعالى : « ولسصرنه 4 عطف على لتؤمنن أى أن مقتضى العهد والميثاق على النبيين أن يؤمنوا بما جاء به الرسول الذى صدق ما معهم؛ وأن ينصروه إذا اختلف مع المشركين. ولكن قد يسأل سائل: إنهم قد مضواء فكيف تتصور منهم النصرة؟ . إن تصور الإيمان منهم ممكن باعتبار أن الله تعالى مخبرهم بمبعثه» ولكن النصرة غير متصورة» والجواب عن ذلك: أن الكلام بالنسبة للأنبياء فرضى» وبالنسبة لأتباعهم واقعى؛ وكأن المراد أن هؤلاء الأنبياء لو كانوا أحياء فى عهد )١(‏ قرأها (لما) بكسر اللام حمزة» وقرأ الباقون الما بفتح اللام. غاية الاختصار - ج401/1.. تفسير سورة آل عمران 2 ااال 22”123501311 1 3 لحب لز الرسول الذى يجىء مصدقا لا معهم. لآمنوا به» ولاتبعوه ونصروه وآزروه؛ لأن ذلك ميثاق الله الذى ربط النبوات بعضها ببعضء فهى متلاقية عند غاية واحدة» وإذا كان النبيون لا يفرض فيهم إلا ذلك فاتباعهم يجب عليهم أن يفعلوه إن كانوا بعد أن صور الله سبحانه وتعالى ذلكِ العهد الموثق بمقتضى الرسالة الإلهية قال: لقال أأفررتم وأَحَدثَمْ علَئ ذَلكُم إِصرِي 4 فى الجملة السابقة بين سبحانه عهد الله على النبيين» وفى هذه الجملة يوثقه ويؤكده بأخذ إقرار منهم بهذا الميثاق» وبأخذ عهد آخر عليهم» وهو أن يتولوا هم أخذ العهد على غيرهم بأن يقوموا بعهد الله تعالى الذى عاهدهم عليه؛ أى أنه سبحانه يأمرهم بأن يأخذوا ذلك العهد على أتباعهم ؛ وهذا معنى « وأحذتم على ذلكم إصري 4 أى أخذتم من أتباعكم على ذلك الميثاق - أن ينفذوه وأن يتبعوهء وأن يقوموا بحقه عليهم» فثمة إذن عهدان: عهد الله على النبيين» وعهد النبيين على أتباعهم» وهذا هو الإصر الذى أخذوه عليهم. فالإصر هنا هو العهد الموثق الشديدء وقد قال الراغب فى أصل اشتقاق «أصر»: «والإصر عقد الشىء وحبسه بقهره يقال أصرئه فهو مأصور». قال تعالى: ا ويضع عنهم إصرهم ... 429 4 [الأعراف] أى الأمور التى تثبطهم» وتقيدهم عن الخيرات» وعن الوصصول إلى الثوابات . . و«الإصر) العهد المؤكد الذى يثبط ناقضه عن الثواب» وعن الخيرات» قال تعالى: 3 أأفررئم وأحَذتم عَلَى ذَلكُم إصرِي 4 . وإذا كان أتباع النبيين قد أخذ عليهم العهد بأن يؤمنوا بالرسول ويصدقوه وينصروه» فإنه فى عنق اليهود والنصارى أن يؤمنوا بمحمد وينصروه ويؤيدوه؛ لأن ذلك جزء من الرسالة التى أتوا بها. ولقد زكى سبحانه العهد الذى أخذه النبييون على أتباعهم بقوله تعالى: «قَال فاشهدوا وأَنا مَك مَنَ الشاهدين 4 . اا تفسير سورة آل عمران م لل ١ ال‎ ١ يي أى أن الله سبحانه قد أخذ هذا الإقرار على أنبيائه» وأخذوا هم ذلك الميثاق على أتباعهمء وبعد ذلك أمرهم سبحانه بأن يشهدوا على أتباعهم بأنهم أخذوا ذلك الميثاق عليهمء فمعنى قوله تعالى: ظقَالَ فَاشْهَدوا 4 أى فاشهدوا أيها الأنبياء على أتباعكم بأنكم أخذتم عليهم تلك العهود بأن يؤمنوا بالرسول الذى يجىء مصدقا لا معكمء وأذ نهم إذا لم يفعلوا فقد خالفوا العهد والميثاق» ونقضوا عهد الله تعالى الذى أمر النبيين بأخذه عليهمء ثم أكد سبحانه وتعالى تلك الشهادة بشهادته سبحانه وتعالى» وليس كمثله شىء» وهو السميع البصير؛ ولذا قال ونا مَعَكُم مَنَ الشاهدين 4 وأى شهادة أجل وأعظم من شهادة خالق السموات والأرض ومن فيهما. وإن هذا كله يتتهى بلا ريب إلى أن اليهود والنصارى عليهم أن يتبعوا النبى يك وأن ينصروهء وأن يؤمنوا به» وعليهم أن يعلموا أن ذلك اتباع لدينهم. وأنهم إن ناوءوا الرسول» فإنما يناوئون أنبياءهم » وأنهم بمخالفتهم له قد خرجوا عن دينهم الذى ارتضواء والذى يزعمون أنهم يناقضون النبى يلد لتأييده ونصرته . وإن هذه الآية السامية تدل على وحدة الرسالة الإلهية إلى أهل الأرض» فما جاء به إبراهيم وموسى وعيسى هو ما جاء به محمد ولا ولذا قال تعالى : «شرع لَكُم من الددين ما وَصّئ به نوحا والّذي أوحينا ليك وَمَا وَصِينَا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أَن أَقِيمُوا الدين ولا تتَفرقُوا فيه ... . +22 4 [ الشورى] . ولهذه الوحدة الدينية فى الرسالة الإلهية سمى الله سبحانه كل مكذب لتبى مكذبا لدين الله» ولو كان يدعى أنه يتسيع ديناً ولذا سمى الخارجين فاسقين فقال تعالى : « فَمَن تولَئ بَعْدَ ذلك فَأولَكَ هم الَاسقون 4 . أى فمن أعرض بعد ذلك عن الإيمان بمحمد وعن نصرته وتأيبده» فأولتئك هم الفاسقون» أى الخارجون على كل دين غير المؤمنين بأى نوع من الويمان» فلم يؤمنوا لا بأنبيائهم ولا بمحمدء ولا يمن يدّعون الإيمان بهم وقد أكد فسقهم / تفسير سورة آل عمران !!!ااام مم ع ل 1 ااام عماللا لاملل ماما خخ ع خخ عع م ع ام ع ملظتلا اح أ الفسق فيهم» وأكد أيضا بضمير الفصل الذى يفيد التخصيص. قير دين الله يبغون» هذه الجملة السامية فيها تصريح بوحدة الرسالة» فإن ما يجىء به الرسل جميعا واحد لا يتغير» وهو دين الله تعالى؛ ومن خالفه فقد خالف دينه سبحانه» ومن آمن ببعض الرسل» وكفر ببعض آخرء فهو يبغى غير دين الله» ويطلب سواهء ومعنى النص الكريم: أنهم إذا أعرضوا عن تصديق محمد طلبوا غير دينه سبحانه. والاستفهام هنا للتوبييخ» واستنئكار ما يفعلون» وبيان أن مؤداه أنهم يطلبون غير دين الله سبحانه وتعالى» وأنهم لا يمكن أن يكونوا مؤمنين بنبى قطء إذا أنكروا رسالة نبى من الأنبياء» وخصوصا محمدا يَلِِهِ الذى جاء بكتاب مصدقا لمن بين يديه من الكتب . وفى هذا الكلام إشارة إلى أن دين الله واحد لا يتجزأء فمن كفر ببعضهء فقد كفر بكلهء وأن حقيقة هذا الدين تتجلى فى كل ما جاء به الرسل لا فى بعضههء وأنه يتلاقى كله فى مجموعهء» ولا يتعارض إلا ما يكون من جزئيات عملية ضئيلة» فلا تختلف رسالات الرسل فى قواعد كلية. وهنا مباحث لفظية. أولها: أن الفاء هنا للترتيب والتعقيب» وهى مؤخرة عن تقديم؛ لأن الاستفهام له الصدارة دائماء والمعنى أنه ترتب على كفرهم بمحمد ِهٌ أنه وجه إليهم ذلك الاستفهام الإنكارى توبيخا لهم على ما فعلوا وما أنكرواء وما ضللوا. ش وثانيها: إسناد الدين إلى الله تعالى» ففيه إشارة إلى أن من يكفر ببعضه إنما يكفر بالله» لا بنبى من الأنبياء فقط . وثالثها: تقديم المفعول على الفعل» أى تقديم كلمة «غير دين الله على اليبغون» ففيه تنبيه إلى موضع الاستنكار وهو أنهم أرادوا غير دين الله تعالى» فقدم المفعول لأهميته» إذ هو موضع التنبيه والتوبيخ. 4 ل تفسيرسورة آل عمران الملللللللل الل «بجمل_ر؟ 2ي- ورابعها: التعبير ب © يبغون » بدل يريدون. فإنه يفيد شدة إلحافهم وإصرارهم» وفى ذلك إشارة إلى أنهم بذلك ظالمون. وقد بين سبحانه أن ذلك الأمر الذى ابتغوه وطلبوه كان تمردا على الله طوعا وكرها؛ ولذلك قال سبحانه: س هات سس مه2 الله ويخرجون عن طاعته ؛ مع أنه قد أسلم له من فى السموات والأرض طوعا وكرها؛ وتقديم الجار والمجرور لإفادة القضرء أى له وحدةء لا لأحد سواه خضع وأخلص كل من فى السموات والأرض من عقلاء. طَوعا وَكَرها 4 أى أنهم خاضعون مستسلمون له بنوعين أحدهما: بالطاعة» والإخلاصء والإذعان» وقبول كل ما يحكم به» والتقرب منه بعبادته» وأولئك هم الآخيار. وثانيهما: بالخضوع لقوته القاهرة» وكونه سبحانه مسير الأكوان؛ لأنه لا أحد من الخلق له أثر فى تمسييرها»ء وفيما يكسب من خير وشره والجميع فى قدرته وحفظه» وهذا الخضوع هو الخضوع كرها وقسراء وهو سار على الأخيار والأشرار. ثم هددهم سبحانه بقوله تعالى: «وإليه يرجعون 4 . أى إليه وحده المرجع والماب» يحاسب كلا على ما صنع من خير وشر. اللهم اغفر لنا وارحمناء وأنت خير الراحمين. 2071 لسع ل ل ل رسخ د سرس كل ءا مَسَا اط وما أنزل عَلِكَنا وما أْنرْلَ عل بوهيم وح سه سا سم له ل سرع التو رصح عم سسا .ل و لعي وَإِسَحَق وَيعهوبت والأسباطٍوماأوق و سم سه و رآ ا مون سك لوسك عن ناريأ 2 وَنَحنُ لهدمُن! و 9 بج ص سحي 70 ضيهم ودحجن هه ع و سا رس ع 2 صر جه هه دِيم فلن د نه وَهُوَق لحر ومِنَالْكصِرين 2 ل تفسير سورة آل عمران لل الل 2325*111 1 لس ا بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة شدة تعصب بعض الذين أوتوا الكتاب» وأنهم غلّقوا بهذا التعصب باب النور فلم تشرق قلوبهم بهداية الإيمانء ثم بين سبحانه أن صرح النبوة واحدء وأن كل نبى متمم لما جاء به سابقه مصدق له» ومبشر بالنبى الذى يجئ بعده» وأن ذلك عهد الله وميشاقه» وفى هذه الآية يشير إلى وحدة الرسالة الإلهية» وأن محمدا جلي مؤمن بكل رسول جاء من قبله. وأ ذلك الابما زه من اله عليه المادة ولس ولذلك أمره ربه بقوله تعالى : طقل آمنا بالّه وما أنزل عَلَينا وما أنزل علَى إبراهيم وإسمَاعيل »4 وهذا أمر من الله لنبيه بأن يبين لهم ارتباط شرائع الله وأنها سلسلة متصلة» ٠‏ كل حلقة منها آخذة بالحلقة الأخرىء لتنتهى معها إلى نهاية واحدة» وهى الإخلاصء وقد ابتدأً سبحانه بذكر الإيمان بالله» فقال: قل آمنا باللّه4 والإيمان بالله هو جماع ' الشرائع كلهاء إذ الإيمان بالله يقتضى الإيمان بوجوده واحدا منفردا بالعبودية» ومنفردا بالتكوين والإنشاءء ويقتضى الإخلاص لذاته العلية فيطيعه فيما يأمره بى وينتهى عما ينهاه عنه. وتصديق رسله». وعدم الاستكبار على أحد منهمء وذلك هو الإيمان حقًا وصدقاء والإسلام الذى هو دين النبيين أجمعين» وإذا كان الإيمان بالله يقتتضى تصديق كل ما جاءت به رسل الله - ذكر سبحانه بعد ذلك الإيمان بما أنزل على النبيين» وهو عطف للمسبب على السبب وللنتيجة على المقدمةء لبيان شرف النتيجة فى ذاتهاء وأنها غرض مقصود لذاته» وليس فقط تابعا لغيره؛ وذلك لأن ما أنزل على الرسل فيه لب الشريعة السماوية المشتركة فى كل الأديان التى ذكرها الله سبحانه بقوله تعالى : شرع لكم من الددين ما وصئ به نوحا والّذي أوحينا إِليك وما وصينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أقيموا الدين ولا تركو فيه ... 120 4 [الشورى] . وإن الأنبياء الذين ذكرتهم الآية هم الأنبياء الذين يدعى اليهود والنصارى أنهم يتبعونهم» وفيهم إسماعيل أبو العرب» وفى ذكرهم بيان أن اليهود والنصارى قد خرجوا عن دينهم بكفرهم بالنبى جَك. ٠‏ ظ 5 تفسير سورة آل عمران 2 تيحط وزو 3 والأسباط هم أولاد يعقوب الاثنا عشرء والمراد بما أنزل على الأسباط هو ما أنزل على ذريتهم كالذى أنزل على داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء الذين جاءوا من سلالة هؤلاء الأسباطهء فكان المعنى: آمنا بما أنزل على إبراهيم وولديه إسماعيل وإسحاق وحفيده يعقوب» ثم من جاء بعد ذلك من ذرية الأسباط الذين هم أولاد يعقوب» فأنبياء بنى إسرائيل لا يخرجون عن ذلك» الم : خص اثنين من أنبياء بنى إسرائيل بالذكرء وهما موسى وعيسىء .فقال: «إوما أوتي موسئ وعيسئ ليون من رهم 4 . وهنا قد يسأل سائل ما الذى أوتيه موسى وعيسى والنبيون» أهو شىء آخر غير ما أنزل عليهم: ونجيب عن ذلك السؤال بآن ما ذكر بأنه أنزل على النبى كك وإبراهيم وإسماعيل وإسحقء هو الجزء الذى لا تختلف فيه الديانات السماوية قطء وهو لبها وخلاصتهاء وأساسه التوحيد المطلق» والإيمان بفضائل الأخلاق» وغيرها مما لا يقبل النسخ والتغيير» وأما الذى أوتيه موسى وعيسى والنبيون من ربهم فهو ما اختص به كل نبى من أحكام توافق زمنهمء ويصح أن نقول جوابا آخر وهو أن ما أوتيه موسى وعيسى والنبيون هو معجزاتهم التى أقاموا بها الدليل على رسالة ربهم» ويصح أن يكون الجواب شاملا للأمرين معا. وقد أورد الزمخشرى» سؤالا وأجاب عنه هو وغيره؛ وهو أنه فى سورة البقرة» قد قال الله تعالى: «قُونُوا آما باللّه وما أنزل إلَينَا وما أنزل إِلَى إبراهيم . . 27 > [البقرة] فلماذا عبر هنا بقوله تعالى: «أنزِل َنب وحنالك «أنل إلَينا 4 وقد قال الزمخشرى فى السؤال وفى الجواب ما نصه: «فإن قلت لم عدى ل «أنزل» فى هذه الآية بحرف الاستعلاء» وفيما تقدم من مثلها بحرف الانتهاء27؟. قلت لوجود المعنيين جميعا؛ لأن الوحى ينزل من فوق» وينتهى إلى الرسل » فجاء تارة بأحد المعنيين» وأخرى بالأخرىء» ومن قال إنما قيل «علينا» لقوله: «قل».2 و«إلينا» لقوله: «قولوا» تفرقة بين الرسول والمؤمنين؛ لآن الرسول . حرف الاستعلاء (على): وحرف الانتهاء (إلى)‎ )١( 4 تفسير سورة آل عمران اللمملالللللل الل للا .س1 لحر اة يأتيه الوحى على طريق الاستعلاء» ويأتيهم على طريق الانتهاء - فقد تعسف» ألا ترى إلى قؤله: «إبما أنزل إِلَيْكَ ... +4 [البقرة]ء و«أنزلنا إليك»» وإلى قوله تعالى: 9آمنوا بالّذي أنزل على الّذِين آمنوا .... 757 4 [آل عمران] . وإنا غيل إلى ما اعتبره الزمخشرى تعسفا؛ لأن الخطاب فى الأول من الله لنبيه» والوحى ينزل عليه؛ فكان من مقتضى الحقيقة أن يعبر بعلى» والثانى خطاب للمؤمنين» والوحى لا ينزل عليهم» ولكن ينتهى فى نزوله إليهمء وكون الله تعالى عبر فى مقام النزول على النبى ب «إلى»» وحكى عن اليهود أنهم قالوا فى مقام النزول إلى المؤمنين بعلى» فلأسباب واضحة فى مقامها لا يخل بالتعليل فى هذا المقام . (لا نُقَرْقَ بن أَحَد مَْهُمْ وحن لَهُ مُسلمُون 4 هذه ثمرة الإيمان بالله وحده لاه شريك لهء والإيمان بكل رسله». وبكل ما أنزل على رسله» فالنبى والمؤمنون معه إذ يؤمنون بكل ما جاء به الرسل لا يفرقون بين أحد منهم. فلا يؤمنون بواحد ويكفرون بآخرين» ولا يؤمنون بجماعة ويفردون بالكفر واحداء بل هم فى الإيمان سواء» وإذا كان بينهم تفاضل فى أشخاصهم.» فأصل الإيمان برسالتهم واجب لا تفرقة فيه؛ ولكن التفضيل يكون بأمور أخرى وراء أصل التصديق والإيمان؛ ولذا قال تعالى: «( تلك الرسل فَضْلنَا بعضهم علَى بعض مَنْهم من كلم الله ورقع بعضهم درجات ... 6202 4 [البقرة] . ثم بين سبحانه الوصف الكامل لأهل الإيمان» وهو الإذعان لذات الله ولذات الحق» فيطلبون الحق مذعنين له مؤمنين به خاضعين» ولذا قال سبحانه: #وتحن لَه مسلمون» أى ونحن لله سبحانه وتعالى مذعنون مخلصون, لا نذعن إلا له» فلا نفكر فى الأمور تحت تأثير عرض من أعراض الدنياء أو عصبية جنسية أو دينية» أو حب رياسة وسلطان» بل نطلب الأمر من الأمور وقد أخلصنا فى طلبه» وخلصنا أنفسنا من شوائب الدنيا وأعراضهاء فالإخلاص لله والإذعان له فيه الخلاص والاستقامة نحو الحق. تفسير سورة آل عمران م مائللا جل ب يي وقد بين سبحانه وتعالى أن الإخلاص لله سبحانه والإذعان المطلق هو لب الأديان كلها وروحهاء وهو دين الله الحق» ولذا قال سبحانه: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن ية قبل منه 4 الإسلام هنا هو الإسلام فى قوله تعالى: إن الدين عند اللّه الإسلام ...+3 # [آل عمران] فهو الإيمان بالله تعالى وحدهء وإذعان العقل والنفس والقلب لله سبحانه وتعالى» فهو التوحيد» والانقياد» والإذعان» والإخلاص لذات الله بحيث يحب الشىء لا يحبه إلا لله. وكأن المعنى: من يطلب غير الإخلاص دينا لله تعالى فلن يقبل منه؛ لآن عدم الإخلاص لله تعالى إشراك للهوى ومارب الدنيا فى الاتجاه إليه سبحانه» وذلك نوع من الشرك النفىء ولذا أكد سبحانه وتعالى ذلك بقوله: 9فَلَن يقب منه 4 أى أنه ليس من شأنه أن يقبل غير الإخلاص إذ إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من عباده إلا ما كان خالصا له مجردا من كل هوى من أهواء الدنيا» ومن كان عنده ذلك الإخلوصٍ الحق هو الذى قالٍ سبحانه نه وتعالى 5 مثله : 5 لزين لي ُمُه درن 4472 [فصلت؟ وإن الله تعالى إذا كان لايقبل ذلك النوع من التدين» وهو الذى خلا من الإخلاص» فإن صاحبه يكون يوم القيامة من الخاسرين» ولذا قال سبحانه: 9 وهو في الآخرة من الخاسرين 4 أى أن الخسران يوم القيامة يكون شأنه» إذ خسر رضوانه تعالى» وخسر النعيم المقيم» وخحسر رحمة الله فألقى به فى الجحيم. اللهم هب لنا الإخلاصء وأئر به بصائرتاء وامنحنا قبولك ورضاك يا أرحم ا تفسير سورة آل عمران الالالال ااا ااا ار #لجمهاه يي ا 0 أ ناولح وَجَآءهُمْ الت و 05 لَه لايَهدى الْمَوْمٌ لين © أ فلب جرائك عه هاه 55014 ا وه و 0 يمفب نف ذاش ولاش يوه © ليرا حد راط 1 2 إن لله سبحانه وتعالى سننا محكمة فى خلقه» وكما أن الكون يجرى على قوانين ثابتة لا تقبل التخلف إلا إذا أراد الله سبحانه وتعالى» كذلك هناك سنن فى النفوس لا تقبل التخلف إلا أن يشاء ربك» ومن ستنه تعالى فى النفوس أنه لا يهدى إلا من طلب الحق مخلصا فى طلبه» لا يرين على بصيرته هوى يُظلمها: ولا يعوق طريق الهداية عرض أو عصبية» وإذا كان الله يهدى الضال عن جهالة» فإنه لا يهدى من يضل عن بينة؛ لأنه أركس نفسه فى الشرء وسد ينابي الخير فى قلبه» وسد مطالع النور فلا تصل إليه؛ تلك سنة الله فى خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا . وإن أولئك اليهود أضلهم الله على علم» فهم آمنوا بالله تعالى ثم كفروا به» ثم شهدوا بأن الرسول حق وجاءتهم البينات المشبتة المنيرة» ثم بعد ذلك كفروا به» لقد كانوا يعلنون بين المشركين أنه سيجىء رسول يحطم الأصنام» ويستبشرون بمقدمه» فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به. ولذا قال سبحانه وتعالى فى شائهم وشأن من يمائلهم بعسد أن قص الكثير الإكيف يهدي اللّه قَوما كَفروا يعد إيانهم وشهدوا أن الرسُول حق وجاءهم بيات 4 هذا استفهام للنفى واستبعاد الإيمان مع الحال التى عليها هؤلاء؛ فالمعنى أن هؤلاء مع حالهم التى هم عليهاء وهى استيلاء الهوى على ا تفسير سورة آل عمران ل ال . ١ ل‎ يي قلوبهم» وسيطرة الغرض على نفوسهم » وطمس العصبية لإدراكهم - لا يمكن أن يتحقق منهم إيمان وإخلاص صادق فلا يهديهم الله فالنفى الذى اشتمل عليه الاستفهام هو النفى مع هذه الحال؛ ولذا كانت صيغة الاستفهام بلفظ كيف التى يستفهم بها عن الحال» ويكون النفى فيها أيضا مقيدا بهذه الحال التى هم عليها. وحالهم التى أوجبت هذا النفى مكونة من عناصر أربعة: إيمان فى الابتداء» وشهادة بأن الرسول حق» وكون البينات قد جاءتهم موضحة لهذا الحق» ثم بعد ذلك يكفرون» فلو كان حالهم حال ضلال عن غير علم لأثار الله أبصارهم ) ولو كانوا مخلصين جهلوا الحقيقة وطلبوها لكانت هداية الله لهم ثابتة» ولكنهم غير ذلك» فهم قد كانوا مؤمنين» ويشهدون بالحق» وذلك عن بيئة وعن أدلة يقينية ملزمة» ومع ذلك استولى عليهم التعصب بالباطل» فكان العمى الذى أرادوه» فلا هداية إلى الحق من بعدء وذلك لأن الله تعالى يهدى إلى الحق ص أخلص وطلبه» فإن الإخلاص يقذف فى القلب بالنور فيكون الإشراق الروحى؛ وتكون الهداية الربانية» أما من قصد إلى الباطل» ولم يخلص وعكرت بصيرته بالهوى» فإنه يكون محروما من هداية الله» حتى يغير من حاله بأن يتوب عن غيهء ويخلص وينيب. والآية عامة لا ريب فى ذلك» فهى تبين من يحرمه الله من هدايته» وهو الذى لا يذعن للح إلا إذا كان متفقا مع غرضهء وهو من الذين قال الله تعالى نيهم ( وإذا ُو إلى الله ووَسُوله لَحَكُمْ بهم إذا فرِيق مهم مُعْرِضُون :(2) وإن يكن لهم الحق يَأتوا إِلَيه مذعدين +(55) > [النور] . ولكن المفسرين يذكرون لهذه الآية سببا للنزول» فيروى النسائى عن ابن عباس أنه قال: كان رجل من الأنصار أسلم» ثم ارتد ثم ندمء فأرسل إلى قومه يطلب إليهم أن يسألوا الرسول كل هل من توبة؟ فنزلت الآية'!). وروى عن (1)ارواه النسائى : تحريم الدم - توبة المرتد (0- 224٠‏ وأحمد: مسند بني هاشم .)7516١(‏ ا تفسير سورة آل عمران ال 1 1 ذآذ1ذ2(200#1#1 0-09 ١‏ الا ١١‏ يي مجاهد أنه جاء الحارث بن سويد فأسلم عند النى وَل ثم كفر فرجع إلى قومه نادماء فأنزل الله : : ( كيف يهدي الله وما كفروا بعد إِمَانهم 4 فحملها إليه ليه رجل من قومه. فقال الحارث: (إنك والله ما علمت لصدوقء» وإن رسول الله لأصدق منك». وإن الله لأصدق الثلاثة) ثم رجع وأسلم”'؛» وروى عن الحسن البصرى أنه قال: إنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين رأوا نعت النبى يَلِةٌ فى كتابهم وشهدوا أنه حق». فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك وأنكروه وكفروا بعد إقرارهم . وإن هذا هو الذى أميل إليهء فقد قال تعالى فى شأن اليهود: ولَما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما مهم وكَاُوا من قَْلُ يحون على الدين عقوا َل جاءهم ما عرفوا كرو به قله الله عَلَى الكافرين 202 4 [البقرة]. وإن قصص القرآن فيه بيان تعصب اليهودء ومعاملتهم للمسلمين» وتلقيهم لهداية القرآن. وتواصيهم بالنفاق والكفر. على أنه مهما يكن سبب النزول فإن الآية تقرر حقيقة ثابتة» وهى أن النفس التى تشهد بالحق وتؤمن به ثم تكفر للهوى والعصبية لا يرجى لها هداية إلا أن تزيل منها درن الغرض» وتنخلع عن العصبية الجامحة بالتوبة النصوح . وفى النص السامى بعض مباحث: أولها: ما حقيقة الهداية الإلهية فى هذا المقام؟ وإنا نقول فى الإجابة غير متعرضين لا , بين المعتزلة والأشاعرة من خلاف: إن الهداية هنا هى الهداية المطلوبة فى قوله تعالى: تواهدتا الصراط المستقيم >4 [الفاتحة] والمذكورة فى قوله تعالى: ووجدك ضَالً فهدئ 6858 [الضحى] وهى بيان الطريق الحق». والإرشاد إلى سبيل المعرفة الحقيقية؛ وإن من يكون على هذه الحال؛ وهى الإيمان» والشهادة بالحق ومجىء البينات السابقة - لا يحتاج إلى بيان فوق ما جاء إليهء بل يحتاج إلى عقاب صارم يجعله عبرة لكل من يكون على مثل حاله. () رواه ابن جرير الطبري في تفسيره: سورة آل عمران 88:/85. م تفسيرسورة آل عمران م ا يلا اكاك 2 يي ثانيها: قوله تعالى: ط رَشهدوا أن الرّسُولَ حَقّ»4 على أى شىء يكون العطف فى العبارة السامية # وشهدوا» وقد ذكر الزمخشرى موضع العطف» فقال: «فيه وجهان: أن يعطف على ما فى إيمانهم من معنى الفعل؛ لأن معناه بعد أن آمنواء ويجوز أن تكون الواو للحال» بإضمار قد بمعنى كفروا وقد شهدوا بأن الرسول حق . ولماذا لا تكون عطفا على كفروا نفسها ويكون من باب الجمع بين المتناقضات» كما تقول قتل القتيل وبكى عليه» أى أن حال هؤلاء مذبذبة متناقضة.» فهم يكفرون بالرسول ويشهدون بأنه حق» والعطف بالواو لا يقتضى ترتيباء فيصح أن يكون الكفر فى الوقوع متأخرا عن الشهادة ولكن يجىء سؤال: لماذا ذكر الكفر أولا؟ والجواب عن ذلك أن الكفر هو موضع الاستنكار» فكان تقديمه لهذا المعنى . ثالثها: أن الله تعالى يذكر أنهم شهدوا بأن الرسول حق» وجاء الحق وصفا للرسول» ولعل الظاهر أن يكون وصفا لما جاء به وهو القرآن» ولكن وصف به؛ لأن اليهود ما كانوا ينكرون الشرائع السماوية» وما كان السبب فى كفرهم هو ما جاء به النبى كله بل كان السبب هو الحسد لشخصه وللعرب» فأشار سبحانه إلى أنهم كانوا يشهدون لشخصه. فأوصافه عندهم» وكانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم» فشهادتهم منصبة على شخص الرسول صلوات الله وسلامه عليه؛ فهم يعرفون شخصه من أوصافه فهو فى علمهم حق وكل ما جاء به هو الحق. ل وَاللَهُ لا يَمْدي الْقَوْمَ الظَالمينَ» ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بهذا النص الحكيم للإشارة إلى أنهم ظالمون» فهم ظلموا أنفسهم» وظلموا الرسول! وظلموا الحقائق وطمسوا على بصائرهم» فلا يمكن أن تدخل الهداية إلى قلوبهم » وفى النص الكريم إشارة إلى أن الظلم يحدث فى نفس الظالم ظلمة شديدة لا ينفع معها ضوء. فتغلق كل الأبواب التى ينفذ منها النور إلى موضع الإدراك» إذ إن أساس الظلم هو تسلط الهوى والغرض الفاسد والحقد والحسد على النفس» تفسير سورة آل عمران ل 0 ١1100 يي فتنحرف عن مدارك الحق ومشارق العرفان» فلا يمكن أن يكون للهداية موضع فى النفس» فلا يهديه الله سبحانه» وإن الظلم بطبيعته يفسد الإدراك كله؛ لأآن إدراك الحقائق يستلزم صدق النفس فى طلبهاء وصدق النفس فى طلب الحقائق لا يمكن أن يكون مع الظلم. الذى يجعل الهوى مسيطراء فالظلم ظلمات فى النفس» وظلمات يوم القيامة. «أوامك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والثاس أجمعين # بعد أن شرح الله سبحانه نفس الذين سيطر الهوى عليهم بين الله جزاءهم فى الدنيا والآخرة» وقوله تعالى: © أولعك 4 إشارة إليهم فى أوصافهم السابقة» فالإشارة ليست إلى أشخاصهم ؛ لآنه لم يذكر أشخاصاء إنما ذكر أوصافاء فالإشارة إلى من عندهم هذه اللأوصاف». وقد ذكر سبحانه فى هذه الآية الكريمة الجزاء الأول لهم. وهو اللعنة المؤكدة الثابتة المجمع عليهاء وهى لعنة من الله.وهى أعلاهاء ولعنة من الملائكة» ولعنة من الناس أجمعين» أى أنها لعنة من الخالق والمخلوقين العقلاء سواء منهم من كانت طبيعته روحية ملكية» ومن كانت طبيعته إنسانية لها صلة بأعلاق الأرض ولها صلة بالروحانية السماوية؛ ذلك بأن الظلم أبغعض الصفات الإنسانية عند الله والناس» فالله سبحانه قد كتب العدل على نفسه» ولذا روى أنه ورد فى حديث قدسى: الياعبادى إنى قد حرمت الظلم على نفسى فلا تظالموا د والظالمون الذين سيطر الغرض والهوى على نفوسهم فلا يؤمنون بشىء» ولا يذعئون للحق إذا عارض ض أهواءهم الظالمة لا يحبهم أحدء فإن من غلب عليه هواه» وأحب نفسه أبغضه الناس. ولكن ما اللعنة التى ضربها الله على الذين اتخذوا إلههم هواهم؟ قال علماء اللغة: إن اللعن فى الأصل معناه الطردء وإذا أسند إلى الله تعالى كان المراد الطرد من رحمته» وإنى أرى أنه قد يستعمل بمعنى غضب الله تعالى وسخطه. وهذا )١(‏ جزء من حديث قدسي طويل رواه مسلم: البر والصلة والآداب - تحريم الظلم 51/2 وأحمد: مسئد الأنصار (1هغ 2)5١‏ عن أبي ذر رضي الله عنه. خم تفسيرسورة آل عمران الالاالا ااانا الالالال بستنا تتبن االتتاا اتللتا لالتلا تاقلل لالظلا ١ واكك‎ يي معنى لازم للطرد الذى هو الأصل ة فى المعنى اللغوى؛ لأآن الطرد يترتب عليه السخط والمقت والغضب؛ إذ لا يُطرد من رضى الله عنه» ولا يطرد محبوب» وعلى ذلك تكون اللعنة هنا بمعنى سخط الله تعالى وغضبهء وسخط الملائكة وغضبهم» ولا مانع من أن يراد الطرد من رحمته إذا اجتمع مع الغضب فى مثل قوله تعالى: ل وَعَضْب الله علََه ولَعنه وعد لَه عذابا عظيما +(22) 4 [ النساء] . . فهذه معان متلازمة مترتب بعضها على بعض» فيترتب على الغضب الطرد من الرحمة؛ ويترتب على الطرد من الرحمة عذاب السعير» فإنها للجنة أبداء أو للنار أبداء كما قال ه210 . وكون اللعنة تكون من الناس أجمعين معناه أن الفطرة الإنسانية السليمة كلها تتتكر وتلعن تلك القلوب المنحرفة التى لا تخضع لحق» ولا تؤمن للبينات» بل تتجه إلى طمس المعالم التى تنير وتهدى. فالمراد المعنى الإنسانى العام لا الإحصاء والجمع لآحاد بنى الإنسان. خَالدِينَ فيهًا لا يُحَقُفْ عنم العذاب ولا هم ينظرون 4 هذا تأكيد للجزاء الأول وتصريح يلازمه.ء فاللعنة دائمة مستمرة» وهم فيها خالدون لا تزايلهم ولا تنفصل عنهم أبداء فهم فى سخط من الله مستمرء وسخط من الملائكة والناس دائم» وإنه يترتب على سخط الله عذابه» وإذا كان اسخطٍ الله دائما فعذابه دائم لا يقبل التتخفيف»ء ولذا قال سبحانه: 9لا يَحَقّف عنهم الْعَذَاب 4 لآن تخفيف العذاب لازم لتخفيف الغضب والسخطء وإذا انتفى الملزوم فقد انتفى اللازم . وهذا العذاب فى الآخرة عاجل لا يقبل التأخيرء ولذا قال سبحانه: «إولا هم يُنَظَرُونَ 4 أى لا يؤجلون ولا يؤخحرون لمعذرة يعتذرون بها أو ليتمكنوا من إصلاح خطئهم» فإن الآخرة دار جزاء عما عملوا فى الدنيا. 00 عن أبي سعيد الْخُدَرِي رضي اللّهُ عَنْهُ قَالَ: قال رَسسُولُ اللّه كل : ايؤلَى المت عَهيَة كش آمل نادي ماد : يا آمل الله رون ويَنْظرون قَيقُول: مَل تَعْرمُونَ ها؟ فَيقُوُونَ: : نَع هذا الموت» وكلهُم قد 7 ثم يادي : ا آهل اله يرود ينون قيَُول: : هل تَعرِقُونَ هذا يَقُولُون: َعَم هذا المُوت» كلهم درا لبح ثم يقول: أي أهْل" الجن لود قلا مَوت ويا هل الدَارِ خلُود قلا موت ثم قرأ: «وأنذرهم يوم الحسرة إذُْضِي الأمْرُ وَهُمْ في ع4 رعؤْلاء في عَفْلَة أهل الدنيا «رهم لا يؤمئون». تفسير سورة آل عمران الئل م ااال 0 0-8 .١١ الاك‎ ١ يي إلا الّذين تَابوا من بعد ذلك وأصلّحوا فَنَ الله عفر رحيم 4 إن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعا لمن يتوب ويحسن التوبة» كما قال سبحانه وتعالى: «إقل يا عبّادي الذي أَسَرَفُوا علَى أَنفسهم لا تَقْنَطُوا من رُحْمَة الله ... +22 4 [الزمر] فباب التوبة مفتوح» والتوبة أحب إلى الله من العقاب» ولذلك فتح باب التوبة لهؤلاء» التى كانت حالهم ما بيناء استئنى التائبين فى هذا النص الكريم» والمعنى أن اللعنة مستمرة» والعذاب لا يخفف إلا للذين تابوا من بعد إجرامهم وأصلحواء ومعنى ذلك أن يقوموا بعمل صالح.» فالتوبة الحقيقية مظهرها العمل الصالح» وهو ركن من أركانها وغايتها الجوهرية» فمن ادعى التوبة من غير عمل» فهو كاذب فيهاء ومن تاب تلك التوبة النصوح فَإِنَ اللّه فور رَحيم 4 أى بكقتضى اتصافه البالغ بالغفران يقبل التوبة» وبمقتضى الرحمة يَجَبْ ما كان من سيئات» اللهم اغفر لنا ذنوبناء وكفر عنا سيئاتناء وتوفنا مع الأبرار. 22 و‎ ٠ 19 ا م إِنَالَذنَ إِذَالذِين لح م لوب بَتهرّ نروا بعَدِيمنهم 0 دق أو لم 000 اوشم ص 00 1 بين اللّه سبحانه وتعالى حال أولئتك الذين أركسوا أنفسهم فى الضلالة وقد جاءتهم البينات من ربهم» وشهدوا أن الرسول حق» بين إلى النار» إلا إذا تابوا وعملوا عملا صالحاء فإن الله تشير إلى احتمال توبتهم بيقظة الضمير بعد فى الآخرة» وأن مصيرهم تواب رحيم» وإن الآيات السابقة حالهم فى الدنيا وحالهم 1 لها تفسير سورة آل عمران اا ١: ااا‎ ١ و3 غفلته» فإن النفس قد تظلم وتشتد ظلمتهاء ثم ينبثق إليها النور من إحدى النوافذ» فتكون الهداية بعد الضلال» والإيمان بالحق بعد الباطل» وذلك مشروط بألا يمعن الشخص فى طريق الضلال فيزداد كفرا وشراء أما الذين يمعنون فى الغواية» ولا يقفون فيها عند نهاية» فإنهم يستمرون فى غيهم يعمهون ولا يتوبون؛ ولذا قال تعالى فيهم: إن الّذدين كَمَروا بعد إيمانهم ذ ثم ازْدَادُوا كفْرا أن قبل توبتهم 4 . فهذا كما أشرنا قسم نمن كفروا بعد إيمان؛ لأن أولئك قسمان أحدهمما يرجى توبته. وذلك هو الذى لم يوغل فى طريق الكفر والإامعان فيهء وقد أشار سبحانه بقبول توبته بقوله تعالى مستثنيا له: إلا لين تَابوا .... 37> 4 [آل عمران] والقسم الثانى هم الذين كفروا بعد أن آمنواء ولم يكتفوا بذلك بل لجحوا فى العناد» واسترسلوا فى الغى» واستمروا فى مقاومة الحق» فإنهم كلما أوغلوا فى الباطل بعدوا عن التوبة والرجوع» ومثلهم كمثل من يسير فى صحراء وقد ضل الطريق» فإنه كلما أوغل فيها ازداد ضلاله. وهذا القسم لا تقبل توبته؛ لأنه لا يتوب توبة نصوحاء وقد عبر سبحانه عن إيغالهم فى الشر بقوله: 7 ثم ازْدَادُوا كفرا »4 أى أن الكفر درجات» وكل إيغال فيه ازدياد؛ ذلك لأن الكفر جحود القلب مع قيام الأمارات والأدلة» وكلما اشتد العناد اشتد الجحود. واستغلظت الحجب التى تحول بين المرء والهداية» فإذا كان الحجاب عن الإيمان بالحق رقيقا أولاء فبالإمعان فى العناد يغلظ الحجاب» ويستمر فى الغلظ حتى يحكم الإغلاق» وهو الذى عبر الله عمن تصاب قلوبهم به بقوله تارة: « طبع الله على قُلُوبهم . ٠‏ ليك 4 [النحل] وتارة لحَتم الله على لوبهم . .. 7# 4 [البقرة] وقوله تعالى مرة ثالثة: دبل ران علَئ قُلُوبهم ما كانوا يكسبون 1239 4 [المطففين] . وأولئك قال تعالى فيهم: « أن تقبل توبتهم 4» فنفى سبحانه وتعالى قبول توبتهم» ولنا أن نفسر نفى قبول التوبة على ظاهره بمعنى أنه قل تقع منهم توبة ا تفسير سورة آل عمران الل 11 +1 1[ 1[ 1 225201111 1 00 يي ولكنها ليست التوبة التى تُقبل» ونص على قبولها فى قوله تعالى: 9 وهو الذي يقبل التُوبَة عن عباده ويَعْفُو عن السيئّات ت ... 2# 4 [الشورى] وعدم قبول توبتهم هذه لأنها بظاهر من القول» أو لأنها فلتات نفسية تحدث أحيانا فى حال كرب أو شدة» ثم يعودون للا كانوا عليه كما قال تعالى : « حت إذا كسم في الك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءنها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مَكَانِ وَظَنُوا م مد بهم د لله مخلصيا لا لذن ل لعا من هذ كو من الاي 10> فلا أبجاهم إذَا هم يعون في الأرض بغيْرِ الح . ٠٠‏ +( * [يونس]. أو تكون التوبة فى آخر رمق فى الحياة كتوبة فرعون وقد أدركه الغرق: فقد حك اله تعالى ذلك عنه إذ يقول: حتى إذا أذركه الْعْرَق قَالَ آمنت أنه لا إِلّهَ إل الذي آمنَتا به بنو إسرائيل ونا من الْمسَلمِينَ > آلآنا وقد عَصيْت قبل وكنت من المفسدين الزن 4 [يونس]. فإن هذه التوبة لا تقبل؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ف إِنْما الوب على الله لذين يعْملُونَ السُوم ء بجهالة ثم يتوبون من قَرِيبٍفأوليك توب الله علهِم وكا لله عليما حكيما 250 وليست التوية لذن يمون السيتات حتئ إذا حضر أحدهم الموت قَالَ ني تب تبت الآن ولا الّذينَ يموتون وهم كفَار أولك أَعتَدنًا لهم. عذابا أليما لخن #4 [النساء] . هذا هو الفرض الأول فى تخريج الآية الكريمة» وهو عدم قبول التوبة إن وقعت» والفرض الثانى أن نقول إن النفى المؤكد منصب على عدم وقوع التوبة» بله على عدم قبولهاء فا معنى لن تقبل توبتهم لأنه لا توجد لهم توبة قد استوفت شروط القبول. ومؤدى الفرضين واحد» لأنه على تسليم وجود توبة فى الفرض الأول يجب أن نقرر أنها كلها توبة» وقد أكد سبحانه النفى بكلمة (لن) التى تدل على تأكيد النفى» كما أكده ببيان استمرار ضلالهم فقال سبحانه : «وأوك هم الضالُون 4 : وفى هذه الجملة السامية أكد سبحانه ضلالهم بثلاثة أمور: أولها الجملة الإسمية» وثانيها ض ضمير الفصل الذى يدل على تأكيد النسبة بين المسند والمسند تفسير سورة آل عمران 01م مم ١ اكاك‎ جا إليه» وثالشها القصر والتخصيص» فقد قصر عليهم الضلال كأنه لكماله فيهم لايوجد فى غيرهم» وإن السبب فى استمرار ضلالهم هو لجاجتهم وعنادهم» فهم كلما لجوا فى مقاومة الحق ازدادت نفوسهم بعدا عنه. وكلما بعدوا عنه أوغلوا فى الضلال» والإشارة فى قوله سبحانه (أولئنك) هى إليهم متصفين بما اتصفوا به من كفر بعد إيمان» وازدياد ولحاجة فى هذا الكفر والححود . فتلك الصفات هى السبب فى هذا الاستمرار وتأكد الضلال» وإن هؤلاء الضالين سيموتون بلا شك وهم كفار فيندرجون تحت حكم الآية الكريمة الآتية: إن الذين كَفَرُوا وَمَاتوا وهم كُفَار فَأَن يقبَل من أحدهم مَلْءْ الأرض ذَهَبا ولو افتدئ به 4 إن هذه الآبة تبين مآل الذين يموتون وهم كفارء أى أنهم يستمرون على كفرهم حتى يلقوا ربهم» فالواو فى قوله سبحانه: وهم كقار4 واو الحال وهى تفيد أنهم ماتوا وهم على حال لهم مستمرة ملازمة لم تفارقهمء وهى الكفر والضلال» وإن أولئك فى اليوم الآخر يلقون جزاءهم على ما قدموا من سيئات وجحود بالحق موفورا كاملاء وذلك الجزاء ذو شطرين» أحدهما سلبى والآخر إيجابى. أما السلبى فهو أن كل ما عملوا من خخير وأنفقوا من من مال لا يكافأون عليه» كما قال تعالى: ( وَقَدمنا إن مَا عمنُوا من عَمَل فَحَعَلَاه هبّاء مُشُورا + 4 [الفرقان ] والسبب فى فقد الجزاء عليه أن أساس الجزاء فى الدين النية» والنية لا تكون سليمة إلا إذا كان فعل الخير قد قصد به وجه الله سبحانه وتعالى»؛ وذلك لا يكون ممن لا يذعن لدين الله ؛ لآنه لو طلب وجه الله لأجاب نداءه» وقد عبر سبحانه عن ذلك بقوله: ج قن يب من أحدهم مَلء الأرض ذهب 4 أى لن يقبل منهم أى إنفاق» ولو كان بمقدار ما يملأ الأرض من ذهبء» فمهما يفعلوا من عمل. هو فى ذاته خيرء فقد أفسدوه بنياتهم الآثمة» وتمردهم على الحق إذ دعوا إليه . والجزاء الإيجابى هو العقاب الذى لا يكون منه مناص ولو بفدية مهما كبرت أو عظمت» كما قال تعالى مخاطبا المنافقين: ط فَاليَوْم لا يوَحَدُ مدكم فدية ولا ا تفسير سورة آل عمران لل لولاا ا كه ”7 6 من الّذين كفروا مأواكم الثّار هي مولاكم وبنّس الْمَصيرٌ #رم # [الحديد] وقد أشار إلى هذا العذاب بقوله سبحانه: ولو افتدئ به » أى لو افتدى نفسه من عذاب الآخرة بمثل الذهب الذى يملا الأرض. والواو هنا تفيد أنه لا يقبل منه أى إنفاق يقدمه ولو كان ذلك الإنفاق قدمه ليفتدى به نفسه من عذاب الله. ثم بين سبحانه العذاب بقوله تعالى: طأولّئك لهم عذاب أليم وما لهم مَن نّاصرين 6. أى أولئك الذين ماتوا وهم كفار بسبب الكفر الذى لازموه حتى موتهم» لهم عذاب مؤلم شديد الإيلام مستمر»ء وليس لهم ناصرء و(من) هنا لاستغراق النفى» أى ليس لهم أى ناصر مهما يكن» فمن كانوا يتخذونهم شفعاء لا يشفعون لهم» والرسل الذين كانوا يتعلقون بهم لا يعرفونهم» ولا نجاة لهم من عذاب الله لا بفدية يفتدون بها أنفسهم» ولا بناصر ينصرهم من دون الله وبذلك يكونون حطب جهنم والنار مأواهم وبئس المصير» وللّه الأمر من قبل ومن بعد. وهنا بحث لفظى أثاره إمام اللغة الزمخشرى . وهو لاذا عبر فى الآية السابقة فى الخبر من غير فاء» فى قوله تعالى : طن الّذينَ كَمَروا بعد إعانهم ثم ازْدادوا كفرا أن تقبل تربتهم »4 وفى هذه الآية أتى بالفاء فقال: إن الذين كفروا وماتوا وهم كقَار فَن يُقَبلَ4 إلى آخرهء وقد أجاب عن ذلك بقوله: أوذن بالفاء أن الكلام بنى على الشرط والجزاءء وأ سيب امام بول الفدية هو الموت على الكفرء وبترك «الفاء» أن الكلام مبتدأ وخبر ولا دليل فيه على التسبب» كما تقول: الذى جاءنى له درهم» لم تجعل المجىء سببا فى استحقاق الدرهم. بخلاف قولك: فله درهم. وإن ذلك الكلام مغزاه أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبين لهم أن هذا الجزاء نتيجة للعمل» وأنه مسيب عنه لآن الجزاء من جنس الفعل دائماء إن خيرا فخير» وإن شرا فشر. وأما فى الآية الأولى فلأن عدم قبول التوبة ليس جزاء؛ إذ معناه عدم وجود توبة صالحة للقبول؛ أجرى القول مجرى الإخبار كأنه وصف ملازم لحالهم» أو هو حال أخرى من أحوالهم» وإذا كان الجزاء من جنس العمل دائماء فإن الله بعد أن بين جزاء الشر بين سبحانه جزاء الخير فقال تعالت كلماته: تفسير سورة آل عمران اما اللو اللا لح اا «إلن تَنالوا الب حَتَئ تدفقوا مما تحبون» الخطاب عام» وقد صدر بتأكيد النفى المنصب على نيل البرء ولمعنى لن تنالوا وصف الأبرار الأخيار حتى تنفقوا مما تحبونء وفى هذه الآية حث على الإنفاق» وعلى القيام بالأعمال التى تكون فيها مخالفة للهوى ومنازعات النفس» وقد تكلم المفسرون فى معنى البر المذكور فى هذه الآية» فقال بعضهم: إن المراد الاتصاف به كقوله تعالى: 9 ليس الْبرّ أن تولُوا وجوهكم قبل الْمَشْرق والمغرب ولكن الْبرّ ... 44720 [البقرة] إلى آخحره.ء فلمعنى لن تنالوا وصف البر الذى هو خاصة الأخيار إلا بأن تنفقوا مما تحبونء وهذا ما نختاره» وهو الأوضح مما عداهء ولكن لم يذكر على هذا جزاء الآخرة. ونقول إن ذلك حكم من الله تعالى بأن الذين يفعلون ذلك من الأبرار. ولن ينال ذلك الوصف إلا المنفقون». وقد كنى بهذا اللفظ «اثما تحبون »© عن المال» لأن جميع الناس يحبون المال. وقيل: معناه ما تحبون من نفائس أموالكم» دون أرذلها كقوله تعالى: « ولا تَيْمّمُوا الْحبيث منه تفقوت ... +479 4 [البقرة] . وقد روى أى عليا رضى الله عنه اشترى ثوبا فأعجبه فتصدق به وقال: سمعت رسول الله َلِْةِ يقول: «من آثر على نفسه آثره الله يوم القيامة بالجنة» ومن أحب شيئا فجعله لله قال تعالى يوم القيامة قد كان العباد يكافئون فيما بينهم بالمعروف وأنا أكافئك اليوم بالجنة27©. ثم اعلموا أن الله يعلم كل ما تفعلون» ويعلم ما فى نياتكم» ثم هو الذى يجازيكم على هذه الأعمال والنيات» فاختاروا لأنفسكم» إذا كنتم ترجون أحسن ما عند الله» فقدموا لأنفسكم أحسن ما عندكم» نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما يحب وير ضى . )١(‏ رواه البخارى: الزكاة - الزكاة على الأقارب »)١58(‏ ومسلم: الزكاة - فضل النفقة والصدقة على الأقربين ..)١5515(‏ تفسير سورة آل عمران الال ل ااام 0 2 لجي ها 14 .-- 7 وم 3 724 |[ مر 007 الطعاموكا نجلا لى- هذه الآيات الكريمة متصلة بمحاجة اليهودء ومجادلتهم فى ذات الشرع الإسلامى» وذات النبى كلك فقد بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة عدم استقامتهم فى طلب الحق» وأنهم كانوا يتواصون فيما بينهم ألا يؤمنوا ولا يذعنوا للحق إذ جاء إليهم» وكانوا يقولون: آمئوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخرهء وقد اعترضوا على النبى يله بالباطل وما اعترضوا عليه بحق قطء وما دفعهم إلى ذلك إلا تعصبهم المردى وظنهم أنهم أولياء اللّه وأحباقؤه. وأن الناس جميعا مهما تكن منزلتهم دونهم» ولقد روى فى الآثار» وكما تدل عبارة التوراة أنهم كانوا يحرمون على أنفسهم لحوم الإبل وألبانهاء ويظهر أنهم كانوا يعيّرون العرب بأن طعامهم لحم الإبل وألبانهاء وأن غذاءهم الجوهرى هو ذلك اللبن والتمرء ولذلك بين الله سبحانه وتعالى أنه حلال لهم أيضا أن يأكلوه» وأنه طعام لهم كما هو طعام عند العربء وأنهم إِذْ حرموه على أنفسهم قد نحالفوا الفطرة وخالفوا التوراة ثم ادعوا أن تحريم لحوم الإبل كان شرعة إبراهيم» ولقد رد الله عليهم ذلك بقوله : «( كل الطّعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل علَ نفسه من قَبلٍ أن تترّلَ التُوراة 4 «حل» معناها حلال» ومعنى النص السامى أن كل الطعام قبل التوراة كان حلالا لبنى إسرائيل حتى غلظت أكبادهم, واستولت عليهم الماديات» م تفسيرسورة آل عمران 01م الالالال حب اا فأراد الله سبحانه وتعالى أن يَمُطموا نفوسهم عن أهوائها ليكبحوا جماح شهواتهم ولكيلا يندفعوا فى الظلم والأهواء المردية؛ ولذا قال سبحانه: «فَبِظْلْم من الذين هَادُوا حَرَصًا علَيْهِم طَيّبَات أُحلّت لهم ... 207 4 [النساء] . والطعام هو ما يطعمه الإنسان ويستسيغه ويطلبه راغبا فيه» وهو فى عمومه يشمل البُرّ والذرة والشعير» وكل المواد النباتية والحيوانية؛ ولذا قال تعالى: « أحل لَكُمْ صِيْد الْبحرٍ وطعامه متاعا لَكُم وللسيّارة ... 257 4 [المائدة]. وقال تعالى : الم أل لك الات رطم الدن أونوا الكناب حل كم وطَندكم حل لهم ...38> 4 [المائدة : ] والمراد ذبائحهم . وبمقتضى هذا النص السامى يكون كل طيب مطعوم مرغوب فيه حلالا ولا يحرم إلا الخبائث من الميتة والخنزير وغيرهماء وأن ذلك كان شريعة إبراهيم عليه السلام» وأنه ما كانت لحوم الإبل ولا ألبانها من المحرمات لآنها من الطيبات» وإبراهيم وذريته على هذه الشريعة الفطرية» حتى قست قلوب بنى إسرائيل ففطمها الله بذلك التحريم المؤقت. إذن فلم يكن شىء من الإبل محرماء ولم يكن شىء من الطيبات محرما على بنى إسرائيل من قبل التوراة» إلا ماحرمه إسرائيل على نفسه» وإسرائيل اسم ليعقوب بن اسحق عليهما السلام» وقد اختلف العلماء فى تخريج قوله تعالى: إلا مَا حَرَمَ إسرائيل عَلَئ نَفْسه» ما المراد بإسرائيل أهو القبيل كلهء وهم اليهود؛ أم المراد ذات يعقوب الذى هو أبو القبيل» وإليه ينتمى؟ . ذكر الزمخشرى التخريجين» ورجح أن المراد ذات يعقوب عليه السلام» ويكون المعنى: إن كل الطعام كان حلالا لبنى إسرائيل إلا ماكان يحرمه إسرائيل على نفسه باجتهاد منه لشخصه: إما لعلاج جسمى بأن وجد أن هذا الطعام يضره ويؤذيه» وأن الابتعاد عنه ينفعه ويجديه» كما نرى من ناس يتجنبون بعض الأطعمة لأنها لا تناسب حالهم بإشارة طبيب أمين أو بتجربة شخصية؛ وكل امرئ طبيب نفسه. وإما لعلاج نفسى كأن يمتنع عن بعض ألوان الطعام قناعة وفطما ا تفسير سورة آل عمران للا 2 | لاا ١‏ بي للنفس» وما كسان يذ ذلك شريعة تيع بل اتشذء علاجا شخصيا خسم أ لنفسهء. ولقد قال النبى يَلَِْةِ: «من الإسراف أن تأكل كل ما تشتهى أما التخريج الثانى فإن مقتضاه أن بنى إسرائيل هم الذين حرموا بعض الأطعمة على أنفسهم كما كان العرب يحرمون على أنفسهم بعض أنواع الأطعمة» كتحريم التحيرة17) ونحوها ثما ثعأه القرآن الكريم عليهم . ولعل القبيل كان يحرم على نفسه الإبل مثلا تقليدا ليعقوب فيما لاا يجب التقليد فيه . ولكنهم ادعوا أن تحريمهم لبعض الأطعمة التى لم يحرمها الله تعالى عليهم كان فى التوراة منسوبا لإبراهيم» ولذلك تحداهم الله سبحانه وتعالى بقوله: « قل فَأنُوا بالُوراة فَائلُوها إن كنم صادقين4 الخطاب للنبى كَكِه وهو تكليف منه تعالت قدرته بأن يطلب إليهم أن يأتوا بالتوراة ليبينوا النص الذى كان به التحريم أهو يدل على أنه كان قبل التوراة. أم كان بعدها؟. وأيدخل فى عموم التحريم تحريم لحوم الإبل وألبانها؟ و«الفاء» فى قوله: فوا بالتّوراة 4 هى التى تسمى فاء الإفصاح» وهى تفصح عن شرط مقدر. أى إذا كانت دعواكم تحريم الإبل فى شريعة إبراهيم وقبل التوراة فأتوا بها أى أحضروهاء و«الفاء» فى قوله: فاتلوها 4 فاء العطف» أى فأحضروهاء واتلوها عقب إحضارهاء وتلاوتها أى قراءتها بإمعان» وتبين التحدى فى قوله تعالى: إن كسم صادقينَ 4 والتعبير ب «(إن» للإشارة إلى عدم صدقهم؛ لأنها تدل على الشك فى الشرط» وعدم ترتب الجواب عليه» أى هم ليسوا صادقين فيما يدعون» ولذلك لا يتلون ولا يقرءون. والمؤدى : أنكم لو جتتم بها وأمعنتم فى تفهمهاء ٠‏ لَكَبتَكُم وَلأثبت نبت افتراءكم على الله سبحانه وتعالى» وإن من افترى الكذب على الله تعالى ظالم لنفسه وللناس» ولذا قال تعالى بعد ذلك : (1) البحيرة ابنة السائبة» والسائبة هي الناقة التي كانت تسَيّب في الجاهلية لنذر أو نحوه. الصحاح. 0 م تفسيرسورة آل عمران ١: ااا‎ ١ 2 فمن افترئ على الله الكذب من بعد ذلك فَأُولَك هم الظَالمون» الفاء هنا للإفضاح كسابقتهاء ولمعنى إذا كنتم مصرين على قولكم فأنتم ظالمون؛ لأن من افترى على الله الكذب فهو ظالم» وافتراء الكذب معناه القصد إليه وتعمده»ء والقطع بالقول فيه من غير تردد» مأخوذ من قَرى يفرى بمعنى قطع. وأولئك باستمرارهم على قولهم هذا قد كذَبوا على الله»ء فادعوا أنه حرم» وهو لم يحرم. وادعوا أن ذلك فى شريعة إبراهيم عليه السلام التى نزلت من عند الله تعالى» وليست منها فى َه شىء. ومن قصد إلى الكذب قاطعا به من غير دليل ولا حجة (بل قام الدليل على نقيض ما يقول) فهو ظالم» ولذا قال تعالى: « فأولَتك هم الظّالمون» الإشارة إليهم محملين وصف الافتراء على الله تعالى وعلى النبيين» وهذا الوصف هو سبب الحكم بالظلم» وقد أكد الله تعالى وصف الظلم بقصر الظلم عليهم بضمير الفصلء وهم ظالمون للحقيقة إذ أخفوها وكذبواء وظالمون لأنفسهم لأنهم يخادعون الله الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماءء وهم إذ يخادعون الله تعالى» يخادعون أنفسهم ويضلونها باستمرارهم على السير فى طريق الغواية» ؛ إذ كلما أُولّجوا فيه بعدُوا عن طريق الهداية» وظلموا بغمطهم الحق والناس» وحسدهم لهم على ما آتاهم الله من وإن أولئك الذين يتمسحون بذكر إبراهيم لم يتبعوه » ولم يهتدوا بهديه» بل خريجوا عن منهاج الفطرة الذى هداه الله تعالى» ولذلك أمرهم الله سبحانه وتعالى باتباعه فقال تعالت كلماته : « قل صدق الله فَاتَبعُوا مله إِيْرَاهِيم حَنيقًا 4 الأمر للنبى يللد فقد أمره أن يذكر لهم صدق الله تعالى فيما أخبره به من أن إبراهيم ما حرم الإبل ولا آلبانهاء وأن بنى إسرائيل من قبل التوراة كان كل الطعام الطيب حلالا لهم غير حرام عليهم . م تفسير سورة آل عمران مل الل لسرب ا وفى ذلك إشارة إلى أنهم يعاندون الله تعالى بأخبارهم الكاذبة» وأن كلامهم لا يروج عند مؤمنء لأنه إما أن يصدق الله تعالى ذا الجلال والإكرام» المنفرد بحق العبودية» والمنفرد بالألوهية» وإما أن يصدق أخبارهم الكاذية التى تتنزى بالحقد والحسد الدفين. وإذا كانوا يتتمسحون بإبراهيم فعليهم أن يتبعوه فى أخص شريعته ولبهاء ولذا قال: ١‏ فَاتبعوا ملَّةَ إبراهيم حنيفا 4 أى اتبعوا منهاجه وشرعته وطريقته» وقد كان طريقه هو طريق الفطرة السليمة» ولذلك وصفه بقوله «حنيفا» أى متجها إلى الحق لا ينحرف عنه إلى غيره» ولا يسلك غير سبيل المؤمنين يجيب داعى الحق إذا دعى إليه. وإذا استمروا على طريقهم من معاندة الحق ومنازلته» وإثارة غبار الشك حولهء فإنهم بعيدون عن إبراهيم» كما بعد عنه المشركون» وقد أكد سبحانه بعد إبراهيم عن الشرك بقوله: «ومًا كَانَ من الْمُشركين» هذا نفى الإشراك عن إبراهيم عليه السلام نفيا مؤكدا وهو مؤكد بالجملة الأسمية» وبالفعل «كان»ء. فهو نفى للكينونة أى المشركين » وفى ذلك بيان براءة إبراهيم من مشركى قريش براءته من اليهودء فليس لأحد الفريقين أن يتمسح بهء وأن يذكر أنه يسير على ملته» وهو لاا يخلص فى قول ولا يجعل وجهته رب العالمين. اللهم اهدنا بهديك» وخلص قلويناء وأصلح أحوالناء ووفقنا إلى الإخلاص فى القول والعمل إنك سميع الدعاء. 2 تفسيرسورة آل عمران الل لاا يدح مضع تاكيك _-4 209 اس ارح سا سر م ببَكَةَ ميا ماركا و لِلْعَالَمِينَ ا يي ذه ايت يست ماه - 00 - مج سام إتراهيم حكن يلايخ الت > >< 2م 1021 50 017 2116 مس ص سا مَنِأسنَطَاع إِليهِ سيبيلا وَمََكفرقَإنَ الله عىّعن ا لعدلمين ضع ره بين الله سبحانه وتعالى بطلان ما كان يحتج به أهل الكتاب فى الآيات السابقة» ورد عليهم بما يرشدهم إلى الصواب لو كانوا طللاب هداية» وباحثين عن الحقيقة لا يبغونها عوجاء؛ وفى هذه الآبة وما وليهاء يرشدهم إلى الأمر الجامع الذى يلتقون فيه مع العرب» وهو الاتصال بإبراهيم الذى يعتزون بنسبتهم إليه» وهو جد إسرائيل الذى كان منه الأسباط» وكان منه عن طريقهم من ينتمى إليهم الى لم بحسن لبود من بعدهم لقم علي بل عثوا فيها بالفساد» حتى مزقهم يختنصر شر ممزق» وشرد الرومان بعد ذلك بهم من خلفهم» حتى جاء المسلمون فأعادوا إلى الوادى المقدس شريعة الله المقدسةء» وهى الإسلام الذى كتب له أن يعمره بها إلى يوم القيامة27: 8 وكان أَمرا مُقضيا 4517 [مريم]ء ولقد ذكر الله سبحانه ذلك الأمر الجامع فى بيان شرف بيت الله الحرام فقال: )١(‏ روى الإمام أحمد (11145) في مسنده عن أبي أَمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه يلل : «لا تَرَال طائقَة من أمتي على الْحق ظاهرين لَعَوّهم فهر لا يضرهم من حَالفَهُمْ إلاما صلم من لأواء حى أيهم أمر الله وهم كذلك» قَالوا: يا رَ ل الله و ؟ قَالَ: : بيت المقد وأكنّاف بيت الْمُقد 6 هم سو ين هم َس سٍِ تفسير سورة آل عمران ااا ا60ااااااللإللللااا0ااال للك سم ١ ا‎ 2 إن أَوْل بيت وضع للنّاس لَلّدي ببكّة ماركا 4 البيت المقصود به هنا هو البيت الحرام» وهو الحرم المكى العامر إلى يوم القيامة» وقد عرفه بأنه الذى ببكة وبكة هى مكة. وفى لغة العرب قلب اميم باء فى أحوال كثيرة من غير انضباط» ولقد جاء فى تفسير الزمخشرى ما نصه: (مكة وبكة لغتان فيها نحو قولهم: النبيط والنميط فى اسم موضع بالدهناء ونحو: من الاعتقاب أمر راتب» وراتم» وحمى مغمطة ومغبطة. وقيل: مكة البلد» وبكة موضع المسجدء وقيل اشتقاقها من بَكَهُ إذا زحمه؛ لازدحام الناس فيها). وقيل: بك بمعنى دك؛ وذلك لأن الله يدق عنق كل من يرومها وعرف البيت بأنه الذى ببكة للإشارة إلى أن مكة ذاتها هى مثابة الشريعة الباقية وهى شريعة النبيين أجمعين» وهى خالدة إلى يوم القيامة» وهى الإسلام جح كل الشراع السماوية؛ وهو الذى وصى الله به إبراهيم وموسى وعيسى . وما معنى أولية البيت الحرام؟ أهى أوليته من ناحية أنه أول بيت بنى للعبادة؟ أم أنه أول بيت بنى بإطلاق. قيل: إنه أول بيت بنى فى الأرض ؛ فقيل إن الملائكة بنته لآدم؛ كما ورد فى بعض الآثار؛ وليس ثمة مانع عقلى؛ إن الذى يبدو من خلال الآيات: أنه أول بيت من بيوت العبادة القائمة؛ فهو أسبق من بيت المقدس وجودا؛ وهو أجمع للديانات السماوية من بيت المقدس؛ لأن إبراهيم أبا الأنبسياء أصحاب هذه الشرائع الباقية هو الذي بناه؛ بينما بنى بيت المقدس فى عهد داود وسليمان عليهما السلاه(؟؟ . )00( عن بي در رضي الله نه قال: مُنْتا يا رول اله أي سَنْجِد وشيم في الأرض أول؟ قَالَ: «الْمَسَجِد اْحرام؛ قال كُلت: َم أي قَال: «الْمَسْجِدٌ الأقصى» قُلَت: : كم كان بِيْنَهمَا؟ قَال: «أربعون سند ثم ينما أدركتك الصلاة بعد قصل ؛ إن الْمَْلَ فيه» [رواه البخاري: أحاديث الأنبياء - واتخد الله إبراهيم خليلا (2)593116 ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة 85 8))]. . تفسيرسورة آل عمران اللللللل الل لل | ههه < تي فوجود مقام إبراهيم بالبيت الحرام» وآثار أقدامه الشريفة دليل على مكانة هذا البيت من ملة إبراهيم عليه السلام» وأما ما يلعيه اليهود من وجود آثار هيكل ووصفه سبحانه وتعالى بأنه مبارك؛ أى فائض الخنيرات كثير الثمرات المادية والمعنوية؛ فمن بركاته المادية أنه يفد إليه الحجيج من كل فج عميق؛ ويعتمرون فيه فى كل أيام أشهر السنة» حتى أنه لا يمر عليه يوم من غير وفود تجىء إليه» ومع هذه الوشود خيرات الأأرض؛ وكان ذلك إجابة لدعاء إبراهيم فى قوله تعالى : ا« رينا إني أسكنت من ذَرِيِي بواد غير ذي َع عند بيتك المحرم , ربنا . ليقيموا الصّلاة فَاجعل أفعدة من النّاس تهوي لهم وارزقهم من الشّمرات لَعلَهُم يشكرون +0جك> 4 [إبراهيم ] . وقد كان فى البيت تلك البركة المادية بتلك الوفود؛ وبالشمرات التى كانت فى باطن الأرض حوله أو على مقربة منه فقد كشفت على مقربة منه فلزات الأرض وسيول الغاز» مما كان خيرا وبركة على سدنته ومن يعيشون حولهء وبذلك أجاب الله تعالى دعاء إبراهيم عليه السلام» وبقى على الذين يتنعمون بهذه الثمرات أن يشكروا الله: « لعلّهم يشكرون 4 . هذه هى البركة المادية» أما البركة المعنوية فهى أنه موضع لأكبر عبادة جامعة وهنى الحج. وهو مبعث محمد يله وفيه منازل وحيهء وإليه يتجه الناس فى كل بقاع الأرض» وتلتقى عنده قلوب الأجناس والألوان المختلفة فى عباداتهم» ولذا وصفه سبحانه بقوله: وهدى لَلْعَالَمِينَ ‏ : هذا عطف علئ قوله سبحانهء «إمبَاركا4 أى أن الله سبحانه وتعالى جمع لهذا البيت الكريم حالتين خاصتين به لم تجتمعا فى بيت غيره» فهو قد اسْتَمَل على البركة المادية والمعنوية» وحماه الله تعالى من اعتداء المعتدين» ولهذا قال: رهدى للعالمين » أى هو بذاته مصدر هداية للعالمين أى للناس أجمعين؛ ففى وسط الشرك كانوا يلتحمون ويتقاتلون حوله» فإذا جاءوا إليه كان الرجل يلقى قاتل أخيه أو أبيه فلا يمسه بسوء لعظم حرمة البيت فى قلبه» وإن مس الشرك تفسير سورة آل عمران لاا ااا0ا64020الاااالللاا61االا61االللاا060االلللللل امل الهو * 32 والذين أرادوه بسوء ما إن جاءوا إليه حتى ارتدوا على أدبارهم خاستين؛ وبذلك ثبتت حرمته» وأشع نوره لغير العرب» كما امتلأت قلوب العرب بحرمته» وبعد الإسلام كان قبلة المسلمين فى كل العالمين ومزارهم وموضع مِوَتّرهم الأكبر» وإلى البيت الحرام يَأرزَ الإسلام» فكون هذا البيت العتيق مصدر هداية ثبت جاهلية وإسبلاماء وهدايته فى الإسلام مطلقة» وهدايته فى الجاهلية نسبية: «فيه آيات بيات مَقَام إبراهيم ومن دَخَلَهُ كَانَ آمنا# فى هذا النص السامى بيان عظمة البيت الحرام» ومكاتته والأدلة على قدمه وبركته؛ ومعنى النص الكريم: 0 فيه علامات واضحة تبين شرف منزلته وقدمه وطهارته» وفيض الله سبحانه وتعالى عليه بالنور وأسباب الهداية» وأنه لا بيت يدانيه فى منزلته عند الله وإن كان هذا البيت الآخر تشد إليه الرحال(2. وقد قالوا إن قوله تعالى: « مَقَام إبراهيم 4 بيان لهذه الآيات البينات» ويصح أن نعتبرها وحدها بيان هذه الآيات من حيث الدلالة على قدمه.ء وأن بانيه إبراهيم» وأن آثار أقدامه واضحة شخالدة فيه» وقد وضح هذا المعنى الزمخشرى أتم توضيح فقال: (فإن قلت كيف صح بيان الجماعة بالواحد؟ قلت فيه وجهان؛ أحدهما: أن يجعل وحده بمنزلة آيات كثيرة» لظهور شأنه وقوة دلالته على قدرة الله تعالى ونبوة إبراهيم عليه السلام» ومن تأثير قدمه فى حجر صلد . . والثانى: اشتماله على آيات كثيرة؛ لأن أثر القدم فى الصخرة الصماء آية» وغوصه فيها إلى الكعبين آية» وإلانة بعض الصخر دون بعض آية» وإبقاؤه دون سائر آيات الأنبياء آية» وحفظه مع كثرة أعدائه من المشركين وأهل الكتاب والملاحدة ألوف السئين آية) . وهذا الكلام على اعتبار أن مقام إبراهيم هو موضع الآيات البينات ولكن الذى نراه وقد ذكره الزمخشرى أيضا أن هذه الآيات البينات ليست مقام إبراهيم )١(‏ عن أبي هريرة يلم به النِي يكلق: «لا شد البحَال إلا إِلَى كلائّة مَسَاجدَ: مَسْجدي هذا وَمَسُجد الْحَرامٍ وَمُسجد الأقصى» [ متفق عليه؛ رواه البخاري: الجمعة - فضل الصلاة في مسجد مكة والمديئة 011 ومسلم واللفظ له: الحج - لا تشد الرحال (15406)]. ##/( تفسيرسورة ال عمران الالالال اللا ١: لكك‎ 1 يي وحدهء ولكنها مقام إبراهيم وكونه أمنّ الناس ومثابتهم» وكونه المكان الذى يحج إليه المسلمون إلى اليوم» وكان العرب يحجون إليه ويقومون بكثير من المناسك» وإن خالطوها بشرك. ولقد ذكر سبحانه الآية الثانية البينة لمقام البيت عند الله تعالى وعند العالمين بقوله: «( ومن دَحَلَهُ كان آمنا4 أى آمنا من الأذى والقتل. وهذه آية لا شك فيهاء فالعرب كانوا يحترمونه كما نوهناء وكانت هذه نعمة أنعم الله بها عليهم. حتى فى شركهم؛ ولذا يقول سبحانه: «أو لم يروا أنَا جِعلنا حرما آمنا ويتخَطّف الئاس من حولهم ...420 [[العدكبوت]. وأنعم عليهم سبحانه بأن حماه من كل من يغير عليه معتديا. حتى إن أبرهة عندما أغار بجيشه وأفياله ليهدمه» ارتد خاسئا كما قال تعالى: ألم تر كيف فَعل ربك بأصْحَاب الفيل 10> ألم يجَعل كَيْدَهُمْ في تطليل, لزه وَأَرسَل عَلَيهم طبرا أبَابيل 22> ترميهم بحجارة من سجيل 108 فَجعلهِم كعصف مُأكول 21> 4 [ الفيل] . وتلك آية من آيات الله الكبرى فى البيت. ولقد حماه الله سبحانه وتعالى فى الإسلام» حتى إن النبى كلل عندما فتح مكة احترم أمنها فكان مناديه ينادى : من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن» ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن» ومن دخل البيت الحرام فهو آمن7١)‏ ووصف يوم الفتح بقوله: «هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة» ويوم تكسى فيه الكعبة)2©20. «إولله علَى النّاس حج البِيت من استطاع إليه سبيلاً » هذه آية لتعظيم الله سبحانه وتعالى شأن بيته المقدسء وحرمه الآمن إلى يوم القيامة» وذلك أنه . )98717( صحيح مسلم: الجهاد والسير - فتح مكة‎ )١( . 2 جزء من حديث رواه البخاري: المغازي - أين ركز النبي كد الراية‎ )( ا تفسير سورة آل عمران لل اال الل 2 ١ اواك‎ يي سبحانه فرض احج إليه على من يستطيع» وجعله موضع المؤتمر الإسلامى الأكبرء ٠‏ كما قال تعالى: وأذن في الئاس بِالْحَج يَأنُوكَ رجالاً وَعَلَى كل ضامر يأتين من كل فم عميق 100 4 [الحج] . والحج بالمغنى الشرعى هو القصد إلى أداء المناسك ونية العبادة به» وهو فى أصل معناه اللغوى القصد المجرد إلى مكان معين» وتقرأ كلمة «حَج» بفتح الحاء» وهى لغة أهل الحجاز وبها قرأ أكثر القراء» وبكسر الحاء وبها قرأ الكسائى وحفضص20. وقوله تعالى: من استطاع إلَيه سبيلاً4. بدل من «النّاس»» فالفرضية العينية منصبة على من يستطيع دون غيره ولكن تصدير الكلام بإضافة الفرضية إلى الناس» ثم البدل منهم بالمستطيعين يدل على أن عامة المسلمين عليه فرضية عامة وإن لم تكن كفرضية المستطيعين» وهذه الفرضية نفسرها بأمرين أولهما: بالتكليف العام الذى يدخل فى عموم فروض الكفاية» بمعنى أن عامة المؤمنين عليهم أن يسهلوا تلك الفريضة على من يريدها ويستطيعهاء ويبتغى بها مرضاة الله تعالى؛ فعلى ولى الآمر الذى يمثل جماعة المؤمنين أن يسهل هذا الفريضة لطلابها؛ وعلى جماعة المؤمنين ين أن يعملوا على إقامتها كل فى طاقته وفى حدود قدرته. وثانيهما: ما يقرره الفقهاء من أن أصل الوجوب ثابت ما دام الشخص مكلفا؛ ولكن وجوب الأداء هو الذى يشترط فيه الاستطاعة. فمن لا يستطيع هذا العام قد يستطيع فى قابل وهكذا. والاستطاعة التى توجب فرضية الأداء هى الحد الأدنى من الاستطاعة. ولذلك قال النص الكريم: «إ من اسعَطاع إِليه سبيلاً) . فق «وحج البيت4#: قرأها بكسر الحاء عاصم وحجمرة والكسائي وخلف - غير أبي بكر - ويزيد. وقرأ الباقون بالفتح . [غاية الاختصار - ص١‏ 50] وقوله: «وحفص» أي عن عاصم. . تفسيرسورة آل عمران لسر ا أى استطاع بأى سبيل للوصول إلى الحج» فليست الاستطاعة الموجبة للحج هى الاستطاعة الواسعة لمعنى التى لا تكون إلا للأغنياء» ولذا فسرها الفقهاء بالقدرة البدنية» والقدرة على الزاد والراحلة أى ما يمكن أن يصل به؛ ولابد أن يكون ذلك فاضلا عن حاجاته الأصلية وعمن يقوتهمء فإن ترك من يقوتهم بلا مال إثم» فقد قال عليه الصلاة والسلام: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت)20. والفرض لا يؤدى بالإثم. ومن استطاعة المرأة ألا تكون ذات أطفال صغار يخشى عليهم الضيعة إن تركت حضانتهم ولا حاضن لهم سواهاء كما أن من استطاعتها أن يكون معها زوجها أو ذو رحم محرم منها. والحج عند الأكثرين فرض على السراخى» ولكن المالكية يقررون أنه لا يسع من تجاوز الستين أن يؤخر عن قدرةء وإن كان أصل التراخمى ثابتا لصريح الآثار الواردة فى ذلك» والحج فرض مرة واحدة فى العمرء والحج هو مؤتمر الإسلام الأكبرء وقد بيناه مرارا. «( ومن كفر فَإِنَ الله غَنِي عن الْعَالَمِينَ4 فى معنى هذا النص اتجاهان؛ أحدهما: أن يكون الكلام فى تارك الحج ويكون المعنى من ترك الحج جاحدا له منكرا لفرضيته فقد كفر وأضاع مصلحة نفسه ومصلحة أمته بالإجماع فى المؤتمر الأكبر؛ والله سبحانه غنى عن العالمين أى عن الناس أجمعين. فهم محتاجؤن إليه» وهو غير محتاج إل والاتجاه الثانى: أن يكون الكلام متجها إلى اليهود الذين أنكروا فضل البيت وقدمه وبناء إبراهيم له. ويكون المعنى: ومن أنكر تلك الحقيقة الثابتة وجحدها بعد البينات فقد أركس”2 نفسه والله سبحانه غنى عن العالمين. اللهم اهدنا إلى الحق ووفقنا للويمان به. )١(‏ رواه بهذا اللفظطل أبو داود: الزكاة - فى صلة الرحم 21:5 وأحمد: مسند المكثرين من الصحابة 6500). (؟) أركس الشيء: رده مقلوبا. ومنه قوله تعالى: #والله أركسهم بما كسبوا» أي ردهم إلى كفرهم . تفسير سورة آل عمران لك م > اد يهل لكب لم تَكفرو سيت ال والَهمهِيدٌ عَلَ مَاصَمَلُونَ ني فل يتأَهْلَ لكك لم صِدُو نت م لِألَهِمََءَامَنَ تب َوُه شه دَآمْومَالَه عَفِلَِمَاتَملُونَ 5 ا إن تطيعواأ مر ا مانن أوثوأآ لُكتنب روك بعلا اميك كَفرنَ 2 يِفَ ترون ونم مَل 7-6 39 يت لله وَفر ع رسو ولوس بتكي ورد ىفق 2 فى الآيات السابقة بين الله سبحانه وتعالى شرف البيت» وأنه أول بيت بنى للعبادة» وضعه إبراهيم عليه السلام» وأن على كل مؤمن أن يحج إليه»ء وكان ذلك فى مساق الرد على اليهود الذين أنكروا فضل البيت الحرام» وادعوا أن بيت المقكدس أقدم منه عبادة» فبين سبحانه أنه أول بيت وضع للناس» وقد ذكر سبحانه وتعالى أن هؤلاء اليهود كانوا يحاولون دائما تضليل المؤمنين» وما كانت مجادلتهم هذه لأنهم يتشككونء بل لأنهم لا يذعنون للحق بعد إذ عرفوه» ويريدون أن يكون الناس جميعا على طريقتهم العوجاء» وعلى ما هم عليه؛ لأنهم يحسدون الناس على ما آناهم الله من فضله. ولقد أثاروا كثيرا من الشك فى مجادلاتهم ليوهئوا أمر العقيدة فى قلوب المؤمنين» فلم يجدوا بين المؤمنين آذانًا مصغية» ولا قلوبا مفتوحة لظلامهمء بعد أن أشرق فيها نور الحق» فإنه لا يلتقى فى قلب واحد نور الله وظلمات الباطل» ولقد انتقلوا من التشكيك فى العقيدة إلى إثارة الفتنة بين المؤمنين» لتعود العادات الجاهلية كما بدأت» فإنه يروى أن رجلا يهوديا قد عتا فى الجاهلية» وكان شديد الضغن على المؤمنين - أراد أن يثير الفتنة بين الأوس والخزرج فأمر فتى بأن يجىء إليهم» وينشدهم بعض الأشعار التى كانوا 2 تفسيرسورة آل عمران الل لا ا اا 0111 حب أ يقولونها فى الجاهلية متفاخرين؛ ففعل» فتذاكروا يوم بعاث» وهو يوم حرب من أيامهم فى الجاهلية» وتكلموا فى ذلك فتنازعوا وهم لحان أن يتقاتلاء حتى جاءهم النبى يَلْة يقول لهم: «يا معشر المسلمين. الله الله» أتدعون بدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم بهء وقطع به عنكم أمر الجاهلية» واستنقذكم به من الكفر» وألف بينكم» أترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا؟)20 , هذا فعل اليهودء كفروا بالحق بعد أن جاءتهم البينات» ولم يكتفوا بالكفرء بل أخذوا يصدون ويمنعون عن الحق أو الاستقرار فيه غيرهم؛ ولذا قال سبحانه : قلا أل الكتاب لم تكفرُون بيات الله الله هيد على ما نَمو الامر للبى عله وقد أمره سبحانه وتعالى أن يوبخهم على ما كان منهم» وأمره أن يناديهم ب «أهل الكتاب» للمبالغة فى التوبيخ والاستنكار؛ لأن علمهم بالكتاب كان يتقاضاهم الإيمان» وأن يذعنوا للحق. فإنه لا يستوى من يعلم ومن يجهل؛ فإن كانوا مع علمهم بأخبار النبوات يكفرون» فهو دليل على فساد قلوبهم» ويقول سبحانه: 9 لم تكفرون بآيّات الله 4 والآيات هنا هى الآيات القرآنية» والكفر بها هو عدم الإذعان لأحكامها وإنكار صدقهاء ومنازعة أهل الحق فى معانيهاء أو نقول: آيات الله تعالى هى الأمارات التى ساقها الله سبحانه وتعالى لإثبات الحق فى الرسالة المحمدية» فهم لإيغالهم فى الجحود والإنكار لا يكتفون بإنكار الحق» بل ينكرون الدليل الذى قام عليهء وثبت بهء وهم بذلك يغلقون قلوبهم» فلا يصل إليها نور الحقء» وإذا كانوا يتكرون كل دليل يصلهم بالهداية» فقد سارعوا إلى الكفرء وقوله تعالى: 9 واللّه شَهيد علَئ ما تَعَملُونَ» أى عالم علم المعاين الحاضر القائم الحاكم على ما يعملون دائماء سواء أكان العمل عمل القلب أم كان العمل عمل الجوارح . )١(‏ رواه ابن جرير الطبري في تفسيره - آل عمران:49 تفسير سورة آل عمران اللمللالااا0الل ل االللالللل لل لولاا 01 سس : يي والإنكار فى الآية الكريمة منصب على كفرهم مع هذه الحال» والمعنى: يا أهل الكتاب الذين أوتوا علم النبوات لم تكفرون بالأدلة القائمة على صدق رسالته» والحال أن الله تعالى شهيد عالم معاين حاكم قوام على ما تعملون من خير ومن شرء فالنص السامى يتضمن توبيخا على الكفرهء وتهديدا بالعقاب الشديد على ما يعملونء لأن الله تعالى إذا كان شهيدا على ما يفعلون. وهو الحكم العدل القادر على الشواب والعقاب» فإنه بلا ريب مجازيهم على فعلهم» ومحاسبهم على مقاصدهم فى أقوالهم وأفعالهم. طقل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل اللّه من آمن تبغوتها عوجا وأنتم شهداء 4 ذكرنا أنهم لا يكتفون بكفرهمء. بل يبغون فى غيرهم إيعاده عن الحق» فيصدون عن سبيله» وقد كرر سبحانه بالحق الذى أنكروهء ويضع أيديهم على حالهم التى ألفوا فيها الباطل» حتى غلقوا به أبواب الحق على أنفسهم وقوله تعالى: 9 لم تَصدون عن سبيل الله4 معناه لم تصرفون الناس عن سبيل الله تعالى وهو سبيل النور وسبيل الحق» فالصد هو الصرف ولمنع» والحيلولة بين الشخص والوصول إلى الأمر؛ و«سبيل الله؟ هى السبيل التى وضحها وبينها سبحانه» وهى الصراط المستقيم الذى يوصل إلى رضاه سبحانه» وإذا كان أولئكك يحاولون منع الناس من الطريق الذى رسمه العلى الكريم وحد حدوده فقد عاندوا إرادة الله وحادوهء ومن يحاد الله تعالى فإنه مغلوب لا محالة» وقد وصف سبحانه وتعالى حالهم فى الصد عن سبيل الله فقال: « تبغوتها عوجا 4 أى ترغبون العوج لهاء أى تريدون أن تكون ملتوية غير واضحة ولا بينة فى أعين المهتدين» كما التوت نفوسكمء, وحالت عيونكم» فلم تدرك الحق مستقيما بعد أن قامت بيناته» أو المراد تبغونها أى تطلبونها معوجة حائلة» أى لا تتجهون فى طلبها بقلب سليم» فتكون معوجة لاعوجاجكم . وقد قال الزمخشرى فى معنى هذه الجملة السامية: «فإن قلت: كيف تبغونها عوجاء وهو محال؟ قلت: فيه معنيان؛ أحدهما: أنكم تلبسون على الناس حتى توهموهم أن فيها عوجا بقولكم: إن شريعة موسى لا تنسخ» وبتغيسيركم 0 تفسيرسورة آل عمران الل لللااالللوو الل يمنالل < 1 2 صفة رسول الله كَلِْكٌ عن وجههاء ونحو ذلك. والثانى: أنكم تتبعون أنفسكم فى إخفاء الحق وابتغاء ما لا يتأتى لكم من العوج فيما هو أقوم من كل مستقيم». وهذا الكلام فى جملته قريب منه ما بيناه آنفا. ومعنى قوله تعالى: « وأنكم شهداء 4 والحال أنكم شهداء عالمون بالحق علم من يعاين ويشاهد ويحكم بأنه الحق والصواب» فهو جحود عن علم» وكفر ليس عن جهلء» وإيغال فى الكفر بالصد عن سبيل اللّه» وبينات الحق بين أيدي وأماراته معلئة له فى أيديكم. والاستنكار التوبيخى متجه إلى جملة حالهم» ومعنى كلامه السامى سبحانه: لم تصرفون الناس عن طريق الحق» وتبغون الاعوجاجء أو توهمون الناس أن فيه عوجا والتواءء» والمحال أنكم تشهدون بالحق الذى اشتمل عليه» وتعلمه علم المعايش الذى يراه ويحسه» ولقد أنذرهم سبحانه بعد ذلك بقوله تعالى : «( وما الله بغافل عَم تَعملُون 4 هذا نفى مؤكد لإهمال الله تعالى عملهم, وغفلته عنهم وما يضمرون ويفعلون» وقد تأكد النفى بالباء الزائدة التى تفيد توكيد النفى» وكان ذلك النفى المؤكد لبيان عاقبة أعمالهم» فإذا كان ما يفعلون فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء فإنهم مجزيون به. محاسبون عليه» وهو من جنس ما صنعواء وما صنعوا بكفرهم وصرفهم الناس عن طريق الله تعالى» وطريق الحق ‏ إلا شراء وإلا خسارا يعود عليهم فى الدنيا والآخرة» ففى الدنيا يعود بالفشل والذلة» وفى الآخرة عذاب الهون بما كانوا يكسبون. ولقد حذر الله سبحانه المؤمنين ما يريدونه بهم. فقال سبحانه: يا أَيًْا الذي آمنوا إن تطيعوا فَريقا مَن الّذين أوثوا الكتاب يردوكم بعد إِيَانكم . كافرين # كان نزول هذه الآية وما وليها من آيات بعد تلك المحاولة التى حاولها الشيخ اليهودى فى التفرقة بين الأوس والخزرج» والتى هم الفريقان بسببها أن . يتشاجرا بالسيوف لولا أن نبى الرحمة تداركهم قبل أن يفعلواء وأدركوا بكلمات اا تفسير سورة آل عمران سسا ساس سا9 كاه : يي الرسول أنها نزغة الشيطان» فحذرهم الله تعالى هذه النزغة مرة أخرى» وأمرهم بالحذر الشديد من اليهود خشية أن يكون فعلهم محاولة لا يريد أولئك الأشرار الذين ابتلى الله بهم البرية» ومطاوعة لمقاصدهم الآثمة» وصدر الخطاب بقوله تعالى: «إيا يها الْذِين آمنوا © تنبيها لخطر ما يدعوهم إليه؛ ولتحرييك عناصر الإريمان فى قلوبهم» فيكون منهم الحذر واليقظهء فإن الإيمان فطنة("2, ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”"2» ولأن علة الإجابة للطلب هى الإيمان» وفى قوله تعالى: إن تطيعوا فَرِيقا م الْذين أُونُوا اكاب 4 عبر فى الشرط ب #إن» للإشارة إلى بعد وقوع الطاعة منهم لهؤلاء مع إيمانهم». لأن «إن» الشرطية تفيد الشك فى وقوع الشرطء وبالتالى ترتب الجواب عليهء» بخلاف (إذا» فإنها تفيد وقوع الشرط أو تؤذن بوقوعه وترتب الجواب عليه كقوله تعالى : (إِذَا السَماء انشقّت >4 [الانشقاق] وقوله تعالى: إإذا السّماء انفطرت اليه وإذا الكواكب انتخرت 72 4 [الانفطار]. وقوله تعالى: « وإذا الموءودة سعلت +20 بأي ذَنْبٍ قلت +2 4 [التكوير] وذكر سبحانه وتعالى الذين يحاولون إركاس المسلمين فى الفتنة وتضليلهم. بأنهم فريق من الذين أوتوا الكتاب؛ لآنهم لم يكونوا كلهم. ولآنه يرجى الإيمان من بعضهم. بدل الاستمرار على الغى والفساد؛ ووصفهم سبحانه وتعالى : بأنهم أوتوا الكتاب للإشارة إلى أن تضليلهم مقصود. وأز نهم أهل معرفة» ولكنهم استخدموها للضلال والتضليل» فصاروا بهذا كالأنعام بل أضل سبيلا؛ لأن المعرفة إن لم تكن لنصرة الحق كان الجهل خيرا منها؛ لأنه أدنى إلى المعذرة . وقد رتب سبحانه على الطاعة المفروضة التى حذر سبحانه وتعالى منها نتيجتها إن وقعت» ولا تقع من مؤمن بحمد الله تعالى فقال سبحانه: يرذوكم )١(‏ الفطنة : الفهم والحذق. )2( متمق عليه؛ رواه البخاري : الأدب - لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين (للمككحم) ومسلم: الزهد والرقائق كاله) وجاء في فتح الباري . (م تفسير سورة آل عمران لل بعد إيانكم كافرين 4 وفى هذا يعبر سبحانه وتعالى بقوله: 9 يردُوكم 4 ولم يقل : «ترتدوا 4 والمعنى متلاق» ولكن الأول فى بيان تسلط الكفار على قلوب أهل الإيمان فى حال تلك الطاعة» فهو نوع آخر من التحذير منهم؛ لأنهم كالشياطين» فعلى كل مؤمن أن يحذرهم. أما الارتداد فإنه يكون انبعاثا من نفس المرتد » بضلاله هو لا بتأثير من غيره. وفى الجملة النص السامى الكريم سيق لتحذيرهم من ذلك العدو الذى اختلط بهم وأخذ ينفث سموم الشرء وسموم التفرقة بينهم وأنهم يعودون إلى الكفر إذا استجابوا لدعوته» ومكنوا لسمومه من أن تصل إلى قلوبهم, ولقد بين سبحانه بعد ذلك أنه ما كان يسوغ لهم أن يستمعوا إلى دعوات الأعداء » ويفتحوا الباب لتدبيرهم الخبيث» ورسول الله فيهم فقال: « وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله 4 : الاستفهام هنا للتعجب أو للإنكار» ومعنى التعجب فيه هو أنه لايتتصور أن يكون منكم كفرء ولو تصور لكان موضعا للعجب والاستغراب؛ لأن آيات الله تتلى عليكم» ورسوله بين ظهرانيكم» ويردكم للحق إن زغتم» وتهديكم آيات الله البينة إن ضللتم» وهذا فيه ما يومئ إلى إلقاء اليأس فى قلوب اليهود من أن يصلوا إلى ما يبتغون من إيجاد الفرقة والانقسام بأمر جاهلى » وأما على اعتبار الاستفهام للإنكار فهو إما نفى للوقوع أى أنه لا يمكن أن يقع منكم الكفرء ورسول الله بينكمء وآيات الله تتلى عليكم» وإما أنه نفى للواقع» فيكون للعتب» والمعنى كيف سوغتم لأنفسكم أن تفتحوا قلوبكم لأسباب الكفر التى ابتغاها اليهود بالاستماع إلى كلماتهم المفرقة» فيكون الإنكار لما وقع باعتباره كان يؤدى إلى الكفرء فيعودون إلى ما كانوا عليه فى الجاهلية يضرب بعضهم رقاب بعض» فإذا كان الإنكار للواقع يكون الإنكار للسبب الذى وقع ويؤدى إلى السبب وهو الكفرء لا أن الكفر قد وقع. تفسير سورة آل عمران اللللللل الل ااا6ا0260اا ااا ااال اااااللللللللللكا م اا 1 7 والإنكار أو التعجب أساسه الحال التى هم عليهاء وهى كونهم فى حضرة الرسول كَل وهو يتلو عليهم الآيات. فالمعنى كيف تكفرون أو يتصور منكم الكفرء أو يسوغ لكم أن تسيروا فى أسبابه» وآيات الله تتلى عليكم بلسان رسول الله كك لا بلسان أحد سواهء ويقول الزمخشرى فى توضيح هذا: (تتلى عليكم على لسان رسول الله كله غضة طرية» وبين أظه ركم رسول الله كَل ينبهكم ويعظكم ويزيح شبهكم). والخطاب فى الآية: ( وكيف تكفرون وأنتم تتلئ عَلَيكُم آيّات الهم - كما يبدو من عبارات الزمخشرى وغيره - خاص بالمؤمنين فى عصر النبى كلد وهم الذين شاهدوا النور المحمدى وشافهوا الرسول كلل وإن ساعة فى حضرة النبى يِه تغنى عن اجتهاد سنين» كما قال أبو حنيفة رضى الله عنه. ويصح أن يكون الخطاب لكل المؤمنين» وتكون الآيات تتلى على لسان القراء والعلماء من جعده. وهى ستتلى إلى يوم القيامة: 9 إِنَا تحن تَزَلْنا الذكر ونا له لُحافظرن 31 4 [الحجر] وأما وجود الرسول فى الأخلاف فإنه يكون بوجود ستته النبوية الشريفة» وإنه إن كان الاحتياط يكون أشد - لا يخلو من فضل ثواب إن سلم القلب واهتدى العقل وتحصنت النفس» وقد روى البخارى أن النبى كَل قال لأصحابه يوما: [7أى المؤمنين أعجب إليكم إيمانا؟» قالوا: الملاتكة» فقال عليه الصلاة والسلام: «وكيف لا يؤمنون والوحى ينزل عليهم؟!» قالوا: فنحن؟ «وكيف لا تؤمنون» وأنا بين أظهركم؟!» قالوا: فأى الناس أعجب إيمانا؟ قال: «قوم يجيئون من بعدكم يجدون صحفا يؤمئون بما فيها»]. (وتن يتم لله فق مدي إلى راط ُتتبو» بعد أن يتن سياه ا يحاوله اليهود وما يتمنونه وهو أن يضلوا المؤمنين كما قال تعالى: « وَدّت طائفة من أَهل الْكتّاب لَو يُضِلُونكُم وما يْلُونَ إلا أنفسهم وما يَشعْرُونَ 4352 4 [آل عمران] - أخذ يبين سبحانه طريق العصمة من مكايدهمء ويغلق أبواب القلب حتى لا يتأثر بما يحاولون أن يفسدوه به» فقال سبحانه: ومن يعتصم باللّه » أصل . تفسيرسورة آل عمران أ الاعتصام معناه الامتناع والالتجاء والاستمساك» وهو من عصم بكعنى ملع يقال عصمه الطعام أى منع عنه الجوع ‏ وعصمته النبوة أى منعته من أن يقع فى قطء. ومعنى النص السامى: ومن يعتصم بالله أى يجعل الله تعالى عاصما له إلى صراط مستقيم » أى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا انحراف» ومعنى الاعتصام بالله : الاعتصام بدين الله كما قال أكثر المفسرين» وإنى أرى الاعتصام بالله هو الاعتصام بذاته سبحانه» وإن كان الاعتصام بالذات العلية يستلزم حتما الاعتصام بدينه الحق الخالد إلى يوم القيامة» ولكنى اخحترت الاعتصام بالله» وأن يكون الإسناد إلى ذاته سبحانه من غير تقدير مضاف؛ لأن الاعتصام بالله يقتضى ألا يحب أحدا إلا الله ويقتضى أن يكون الشخص بربانيا لا ينظر إلى عصبية جاهلية ) ولا لهوى ولا لعرض من أعراض الدنياء» فيلجأ إلى اللّه» ويحب الشىء لذات الله كما ورد فى الحديث الشريف: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله تعالى)27, ويقتضى أن ينجه إلى الله ويتذكره عندما ينزغ فى النفس نازغ» كما قال تعالى: وما ينرَعَئَك من الشيطان ترغ فَاسِتّعد باللّه ... 50 4 [فصلت ]» ويقتضى الاعتصام بالله أن يتوكل على الله حق توكله» فيدبر الأمور ويعتزمها ثم يفوض أمر مصايرها إليه سبحانه وتعالى» ويقتضى الاعتصام بالله أن يبتعد عن مواطن الريب» ولا يد يتبع الشبهات» كما قال تعالى: ( فَأما اين في قلوبهم زيغ فيو م تابه مل اعاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يَعَلّم تأوِيله إلا الله والراسخُون في العلم يَُوُو د آمنا به كل من عمد ويا وما كر إلا وا الأنباب 020 ينا لا تزغ فلوبنا بعد إِذ هديتَنا وهب لا من لَدَنكَ رَحَمَة إِنّكَ أنت الْوَهّاب +« 42 [آل ذلك بعض مظاهر الاعتصام بالذات العلية» ولذا نجد أنه لا حاجة إلى تقدير مضاف هو لفظ دين » وفوق ذلك فإن هذا التقدير لا يستقيم معه نسق القول فى ل تفسير سورة آل عمران اللا الك ال ١ ١ لي‎ نظرى؛ لأن الصراط المستقيم هو دين الله القويم» فكيف يكون دين الله هو الذى يهدى إلى دين الله إغما الذى يهدى إلى دين الله هو الاعتصام بذات الله العلية. وقوله تعالى: لفَقَد هدي إل صراط مُستقيم4 عبر فيه بالماضى للإشارة إلى التحقق والتأاكد والثبوت» أ ى اللجوابٍ يترتب على الشرط لا محالة» فإذا وجدت حقيقة الاعتصام بالله - وإنها لجل حقائق هذا الوجود - فإنه يوجد لا محالة الاهتداء إلى الطريق المستقيم الواضح الذى لا عوج فيه ولا أمت(1©. اللهم اعصمنا من الزلل» واهدنا فيمن هديت. ووفقنا لما يرضيك يارب العالمين. 3 عتمأ بل له جمِيعَاوَلَا ادو 4 ني 2 5 267 ويم مي كر له عَئَ و 20 سر هه أصبحم. نعموءإخوانا و و نتم علن سفا وَمْنَالنْارٍ 21111 2 بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة عناد بعض أهل الكتاب واستمرارهم فى غيهم» وسدهم طريق الهداية فى قلوبهم» وتحديهم للحق وأهلهء ومعاندتهم للبينات الشابتة التى لا تقبل نكيراء ثم مجاوزتهم الحدء ومحاولة صدهم المؤمنين عن الحق» وبث روح الفرقة والانقسامء لكى يعود أمر الجاهلية كما كان» ولكى يتفرقوا أوزاعا كما كانوا أولا. وفى هذه الآيات يبين للمؤمنين )١(‏ الأمت: المكان المرتفع. والعوّج: المرتفع. الصّحاح. فالطريق المستقيم هنا هو المستوي الذي لا ارتفاع فيه ولا انخفاض . 1 . تفسير سورة آل عمران رب ا الحبل الوثيق الذى لا يضلون إذا استمسكوا به» ولا يتفرقون ما داموا آخذين بعروته الوثقى» وهو تقوى الله حق تقاتهء فقال تعالى: «إ يا أيْها الّذِينَ آمَنوا انوا الله حق تقاته # . صدر الكلام سبحانه بهذا الموصول الذى كانت الصلة فيه الإيمان» للإشارة إلى أن المطلوب من مقتضيات الإيمان ومن نتائجه» وهو غاية الغايات فيهء والثمرة الدانية له. وقوله تعالى: 8 انوا الله حقّ تقاته 4 معناه: اتقوا الله تعالى «واجب تقواه» أى اتقوا الله تعالى بالقدر الذى يجب أن يتقى به وهو الحق الثابت المستقر الذى ينبغى أن يستمر ولا ينقطع ؛ و«تقّاة» مصدر على وزن فعلة كتؤدة» والواو قلبت تاء على ما هو الأصل فى كلمة تقوى لأنها من الوقاية؛ وكلمة ١حَقَ»‏ منصوبة على أنها مفعول مطلق مضاف إلى المصدر المشتق منه الفعل؛ ومثل هذا قولنا ولكلام الله المثل الأعلى: أكرم فلانا حَىَ الإكرام» أو أدب ولدك حق التأديب» وإضافة تقة إلى الله تعالى فى قوله تعالى: حق ثقاته » تفيد علو الواجب المطلوب له سبحانه وتعالى من التقوى» فالمطلوب هو التقوى الواجبة التى تليق بذى الجلال والإكرام الواحد القهارء والمالك لكل شىء؛ القاهر فوق عباده؛ الغالب على كل أمرء ويقول الزمخشرى فى تفسير قوله تعالى: ظاتَقْر | الله حق ثقاته ) : «(حق تقاته 4 واجب تقواه وما يحق منهاء وهو القيام بالمواجب» واجتناب المحارم» ونحوه < فَائقوا اللّه ما استطعتم . 4 [التغابن] يريد بالغوا فى تقوى الله حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيكا) . وهذا معنى مستقيم ؛ وتخريج قويمء ويكون المعنى فى الآيتين متلاقيا؛ إذ يكون معنى: ا انّقُوا الله حَقّ تقاته 4 71 تقوه بأقصى الاستطاعة فى التقوىء فبذل المستطاع منه هو عين التقوى. وهو أقصى غاياتها. وقد زعم بعض المفسرين أن الصحابة عندما نزل قوله تعالى: ظانَقُوا الله حق فاته شكوا إلى رسول الله مشقة ذلك عليهم» فنزل قوله تعالى: ل فَاتَقوا الله ما تفسير سورة آل عمران الللللللل الل للااال 00 ات .. ١ الاك‎ يي استطعتم ... 47# 4 [التغاين ] واعتبروا هذه الآية ناسخة للسابقة» وفى الحق» إن دعوى النسخ باطلة» فإنه إذا صحت الرواية» فإن المنامسب لعناها أن نقول: إن القوم لقوة إحساسهم الدينى لم يرفقوا بل اشتدوا على أنفسهم فى العمل» فقاموا فى صلاة الليل حتى ورمت عراقيبهم» وتقرحت جباههمء كما ورد عن سعيد بن جبير» فبين الله سبحانه وتعالى المقدار الذى كلفوه» وهو الاستطاعة الدائمة» فهم لا يكلفون إلا المستطاع الذى لا يشق أداؤهء وهذا هو المعنى الذى يتفق مع الحقائق الإسلامية والسنن المروية الثابتة» فإنه يروى أن النبى مله رأى عابدا يعبد الله حتى أرهق نفسه وغارت عيناه» فقال له عليه الصلاة والسلام: (إنّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق» إن المنبت لا أرضا قطع» ولا ظهرا أبقى)20. وإن أفضل التقوى فى الإسلام ما يدوم» وما يمكن أن يستمر الشخص عليه من غير إجهاد ومشقة» ولذا قال النبى ميلد «أحب الأعمال عند الله أدومها وإن قل)(0) وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يجب الديمة من الأفعال)0© وذلك لا يكون إلا فى دائرة المستطاع» وقد جمع النبى يَليلةٌ معنى تقوى الله حق تقاته فى قوله: «حق تقاته: أن يطاع فلا يعصىء وأن يذكر فلا يُنسى» وأن يشكر فلا يكفر' « ولا تموتن إلا وأنم مُسَلمُون 4 : النهى ليس منصبا على الموت» وإنه بضم النهى إلى الاستثناء يكون المطلوب أمرا إيجابياء وهو ما بعد أداة الاستثناء» فيكون المعنى الجملى كونوا على حال الإسلام المستمرة إلى الموت؛ إذ كل كلام مشتمل على استثناء هو فى معناه تكلم بالباقى بعد أداة الاستثناء؛ فإذا قال قائل: لا تكرم إلا محمداء فمعنى القول أكرم محمدا وحده؛ لأن معنى الاستثناء نفى وإثبات» فهو يتضمن النفى لما عدا ما بعد . )١781/94( رواه أحمد: باقى مسند المكثرين‎ )١( (1) رواه البخاري: القصد والمداومة على العمل (0187): ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها - فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره (1708). () سبق تخريجه . . ا تفسير سورة آل عمران لالت جب بيرم - إلاء والإثبات لما بعد إلاء وقد يكون العكس ويكون موضع النهى هنا هو النهى عما يمنع استمرار الإسلام إلى الوفاة ولقاء الرب تعالت قدرته» وعظمت نعمته» فهو أمر لهم بأن يقصروا أنفسهم على حال الإسلام وحده إلى أن يتوفاهم الله سبحانه وتعالى. ومعنى الإسلام هو الإخلاص لله سبحانه وتعالى وحدهء والإذعان له تبارك وتعالى» وألا يستمعوا إلا إليه» وأن يصموا آذانهم عن كل دعوة تخالف ما يأمر به وما ينهى عنه؛ فذلك هو الإسلام المطلوب ممن تشرفوا بذلك النعت الكريم» وهو ما قد بِينّاه من قبل عند الكلام فى قوله تعالى: «إوله أَسَلّم من في السّمُوات والأرض ... 4227 [آل عمران] وقوله تعالى: إن الدين عند اللّه الإسلام ...44732 [آل عمران] وقوله تعالى: « وَنحن لَهُ مُسَلمون +222 4 [البقرة] وإطلاق الإسلام بمعنى الإذعان الظاهرى لا يكون فى القرآن إلا بقرينة» ويعبر عنه فى مقابل الإيمان» وبالفعل لا بالوصف. ومن ذلك قوله تعالى: لقَالَتِ الأعراب آمنَا قل لم تؤمنوا ولكن والخلاصة أن الله تعالى يأمر المؤمنين بأن يستمروا على إذعانهم للحق الذى يدعوهم إليه» ويمنعوا أن يدخل الانحراف إلى قلوبهم» فلا يجيبوا داعى اليهود وأشباههم الذين يريدون أن يصدوهم عن دينهم حسدا من عند أنفسهم . ولقد أمر الله سبحانه وتعالى من بعد ذلك بما يكون فيه العصمة من الزلل» والاستمرار على الحق إلى أن يلقوا ربهم» فقال تعالى: 9وَاعْتَصِموا بحبّل اللّه جميعًا ولا. تَقَرَقُوا4 العصمة: المنعة. ومعنى اعتصموا اجعلوا أنفسكم فى عصمة ومنعة عن الزلل بحبل اللّه» ولكن ما هو حبل الله الذى أمر سبحانه بالاستمساك بهء واعتبر الأخذ به عصمة من الزلل؟ والجواب عن ذلك أن «الحبل» فى أصل معناه اللغوى «السبب» الذى يوصل إلى الغاية» وله بعد هذا المعنى الأصلى اللغوى معان أخرى مشتركة» فيطلق على ا تفسير سورة آل عمران ال الل 2521171717171 أت اه ١‏ 37 الرسزا"اء كما يطلق على العهد. ٠‏ كما فى قوله تعالى: « ضربت عَلَيهِم الذلة أَين قفوا إل بحبّل مَنَ اللّه وَحَبْلٍ مَنَ النّاس . .409 [آل عمران] ويطلق على 0 كما يطلق على القرآن» وقد ورد بذلك الحديث النبوى» فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إنَ القرآن هو حبل الله لمتين» وهو النور المبين» والشفاء النافع» عصمة لمن استمسك يه0(0), وروى عن زيد بن أرقم أن النبى كَلكِْةٌ فسر حبل الله تعالى فى هذه الآية بالقرآن» فقد قال: «حبل الله هو القرآن»0© وإن ذلك هو الواضح» فحبل الله تعالى هو شريعته المحكمة الباقية إلى يوم القيامة» والمؤدى واحدء فشريعة الله ستجلها القرآنء فهو بيانهاء وهى حبل الله» والعروة الوثقى التى يضل من فصمها أو تركها. وقد ذكر سبحانه أن الأمر بالاعتصام لا يؤدى غايته وحقيقته إلا إذا اعتصمت الأمة جميعهاء ولذلك قال سبحانه: © واعتصموا بحب الله جميعًا 4 أى كونوا جميعا مستمسكين به؛ وذلك لآن هذا الدين كل لا يقبل التجزئة والجماعة الإسلامية كل وطائفة واحدة» وكلمة لإجميعًا 4 يصح أن تكون حالا من الواوء ويصح أن تكون حالا من حبل الله تعالى» وعلى الأول يكون المعنى كونوا جميعا مستمسكين بحبل اللّه. ولا اي يصح أن ينفصل منكم طائفة لا تأخذ بذلك الحبل ؛ لأن الشيطان ينفذ إليكم عن طريق هذه الطائفة التى شذت وعصت أمر ربها. وعلى أن كلمة «إجميعا 4 حال من حبل اللهء يكون المعنى خذوا بالقرآن كلهء ولا تجعلوه عضينا تؤمنون ببعضه وتكفرون ببعضهء أو خذوا بشريعته كلها ولا تأخذوا بجزء منها دون جزءء فإنها كل لا يقبل التجزتة . . الرسن: الحبل» ورسن الفرسء إذا شده. من باب نصر. الصحاح‎ )١( فق رواه بهذا اللفظ الدارمي: فضائل القرآن - باب من قرأ القرآن )718١(‏ هكذا موقوفا على عبد الله بن مسعود. () عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله مَكلِ: : «ألا وإنى تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله عز وجل هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة». . جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه : فضائل الصحابة - فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (408؟). تفسيرسورة آل عمران ل امل لبجل بطر يي" والأمران مرادان معا» فإن مقتضى النص أن نأخذ جميعاً بالشريعة كلهاء لا نفرق بينهاء ولا نتفرق فى أمرها؛ ولذا قال سبحانه: «ولا تفَرَقُو 4 أى لا تتفرقوا فى أنفسكمء فلا يضرب بعضكم رقاب بعض» ولا تتنادوا بنداء الجاهلية» ولا تتفرقوا فى دينكم» فتذهبوا فى فهمه شيعا وفرقا مختلفة» فتضلوا عن سبيل الله ولا شىء يذهب بنور الحق المبين أكثر من اختلاف الأنظار فى فهمه وإدراكه؛ والنظر إليه بروح التعصب الذى يغفل عن الاتجاه إلى الحق فى كل جوانبه» ولذلك جاء النهى عن التفرق فى الدين» فقد قال تعالى: إن الّذين فَرَقُوا ديتهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ... 44259 [الأنعام] ولقد توقع النبى كله الافقراق لأمته» وأنه سيكون سبب ضعفهاء وأن عودة قوتها فى عودة اجتماعهاء ولذا قال النبى كَلكِةِ: «ليأتين على أمتى ما أتى على بنى إسرائيل حذو النعل بالنعل» وإن بنى إسرائيل تفرقت اثنتين وسبعين ملة» وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين» كلهم فى النار إلا واحدة» قالوا: ومن هى يا رسول اللّه؟ قال: ما أنا عليه وأصحابى)(1) . وإن الطريق للخروج من الافتراق هو الذهاب إلى لب الدين بإخلاص» ومن غير انحراف إلى طائفة دون أخرىء» ولذا قال النبى كَليلْةِ: «من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده لاشريك له» وإقام الصلاةء وإيتاء الزكاة» مات والله عنه . راض»(" فإنه لايفرق إلا الأهواءء ولايهدى إلا الإخلاص» فإذا سيطرت الأهواء المنحرفة» سرى الضلال إلى النفس وإلى الفكر»ء ولذا قال كِْهُ: «إنه سيخرج من أمتى أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله)79 , )١(‏ رواه الترمذي: الإيمان - ما جاء في افتراق هذه الأمة (076؟). (6) رواه ابن ماجه: المقدمة - الإيمان (59) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. قرف جزء من حديث رواه أبو داود: السنة - شرح السنة (945؟). تفسير سورة آل عمران اللللولللا الل ااال ل10الل امالك 4 البجل باه 23 وإن النهى عن التفرق توجب إطاعته الإخلاص والحذرء وطريقه الاعتبار» ولذلك قال تعالى: « وَاذْكروا نعمت الله عليكم إِذ كشم أعداء فَأَلْف بين قلوبكم أبخم شه إغرانا». 000000 ْ الخطاب عام لكل المؤمنين فى كل الأجيال وكل الأعصارء ويدخل فى عمومه كل الأجناس وكل الشعوب. فالدعوة إلى التذكر دعوة عامة» وهى تذكر لماضى الانقسام»؛ ثم من بعد الاتفاق والوئام» والطريق إلى الوحدة» ولكن إذا كان التذكير عاماء فإن الاختلاف الذى أشار إليه النص الكريم كان خاصا بطائفة من المؤمنين» وهم الذين عاصروا النبى مَدَئِيّ من المهاجرين والأنصار» فالأنصار أكلتهم الحرب التى قامت بين الأوس والخزرج حتى أتم الله عليهم نعمة الهداية» والعرب جميعا كانوا فى تنابز وتنافر حتى كادت بعض قبائلهم تفنيها الحروب التى لا تبقى ولا تذر. ولماذا اعتبر الاختلاف السابق الخاص كأنه اختلاف عام» وخوطب به المؤمنون جميعا؟ والجواب عن ذلك أن هذا للدلالة على وحدة الأمة» فما كان من ماضيها يخاطب به حاضرها للاعتبار والاتعاظ» ولأن سبب الاختلاف فى كل نفس لا يقى منه إلا الهداية» فما وقع من الماضين يتوقع أن يقع من الحاضرين» لأن الإنسان ابن الإنسان» ولأن الخلاص طريقه واحد» فما خلص به الماضون يخلص به الحاضرون» إن اعتزموا سلوك ما سلكه الذين من قبلهم. والنعمة التى يذكرنا الله بها فى قوله تعالى: ظ وَاذْكُرُوا نعمت الله عليكُم 4 هى نعمة الهداية والتأليف القلبى» وهو أعظم النعم على الجماعات والأمم» وقد بينها سبحانه بقوله: «(إذ كنم أعداء فألّف بين فلوبكم 4 فهذه نعمة بيّنة واضحة» وهذه النعمة ترتب عليها أثرها الجليل الخطير بفيض آخر من نعمته سبحانه أيضا ولذا قال: ‏ فَأَصبَحتم بنعمته إِخْوانا» فالنعمة الثانية التى كانت امتدادا للنعمة وفيضا لها هى نعمة الأخوة العامة» التى تجعل الأهواء مشتركة» والمصالح متشابكة متوحدة» يتعاون كل واحد فى الأمر الذى يحسنه لمصلحة الجميع» والآية ترمى إلى بيان أن تألف القلوب وحده نعمة والأخوة المترتبة عليه المتعاونة نعمة أخرى» م ا تفسير سورة آل عمران امالك للا لاا لال ااخم مغ غما))ا ل مااام مخ مممامماااماماملمامااممامع ا للللطا مااع عع ع مااع ع ع ااام ل لل للل لت تلان لتك تتلا #لجل بو يي والتألف معنى نفسى» والأخوة مظهر اجتماعى عملى» ولقد شدد - سبحانه ‏ فى التذكير بمآئم الاختلاف بعد أن أشار إلى نعمة الوفاق بقوله : « وكنتم على شا حفرة مَن الثَارٍ فََنقذَكم منها 4 . أى كنتم -بسبب اختلافكم وضلالكم وعبادتكم للأوثان وانتحراف تفكيركم- قد أوشكتم على أن تقعوا فى النار بسبب تغلغلكم فى أسبابها وسيركم فى طريقكم حتى صرتم كأنكم على شفا حفرتهاء وشفا الحفرة حرفهاء وقوله تعالى : فأنقذكم مُنهَا » الضمير يعود إلى الحفرة؛ لأن من يكون على شفاها يقع فيها لا محالة إلا أن يبعده مبعد عنهاء فيكون منقذا له منهاء والكلام فيه استعارة تمثيلية» وخلاصتها أنه شبهت حالهم فى ترديهم فى الاختلاف والوثنية وسيرهم فى طريق النار يوم القيامة بحال من يكون على طرف حفرة من النار لا يتماسك عن الوقوع فيهاء وشبهت هداية الله تعالى لهم بحال من يتولى تجنيبهم التردى فى تلك الحال الخطرة الخطيرة» ولقد ذكر سبحانه وتعالى سنته فى بيان هدايته فقال: أى كهذا البيان الذى بينه الله سبحانه وتعالى لكم فى محكم القرآن» وبين لكم به سبيل هدايتكم» وبين لكم به نعمة هدايتكم ونعمة أخوتكم» يبين سبحانه وتعالى دائما الآيات البينات سواء كانت تلك الآيات قرآنية أم كانت كونية» وذلك لتقربوا دائما من الهداية» ولتكون بين أيديكم أسبابهاء لعلكم تنالون الثمرة وهى الاهتداء الدائم» والله سبحانه وتعالى هو الهادى إلى سواء السبيل. لمكن و ميد عونَإِلَ احير يمرو ,اروف ْمَعَن لكر وَأوْكَيكَ مْمْالميخوس 2ه و1 واي هرأ تكش ريت ميث وَأُوْلَعِكَ طم عَدَاب عَظِيم :2 يوم يَيِضُ وجوه وسو تفسير سورة آل عمران لاا الول اللو 0 4 ٠: اا‎ بي وى ساعساى #ي كرى وجوههُم فَفى رَحمَة انهم فيا نادو 7 بعد أن أمر سبحانه وتعالى بالاعتصام بحبل الله تعالى؛ والاستمساك بالقرآن الكريم» والالتفاف حولهء وعدم التفرق والانقسام - بين سبحانه وتعالى السبيل لهذا الاعتصام» والطريق للوحدة الفاضلة:. التى لا تفرق فيهاء ولا اختلاف يفك عراهاء ويهدم بنيانهاء وذلك السبيل هو الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر. ولذلك فرضه سبحانه وتعالى بقوله تقدست كلماته: (وَلتكُن سم مه يعو إلى احير ويَامرُودَ بالعروف ويه عن السك > المعروف هو الأمر الذى تعارفته العقول ولم تختلف فيه الأفهام؛ وهو الذى يكون متفقا مع الفطرة الإنسانية التى لا تختلف فى الناس» والمنكر هو ما تضافرت العقول الإنسانية على إنكاره وقبحه» وهو مناقض للفطرة الإنسانية. وإن العقول من بدء الخليقة تضافرت على أمور أقرتهاء وعلى أخرى أنكرتهاء فلم تختلف العقول فى مدح الصدق والعدل والحياء والعفة» ولم تختلف العقول فى استنكار الظلم والكذب والفجور والاعتداء بكل ضروبه» ومهما يحاول الذين يريدون حل المجتمعات الفاضلة وهدم :بنيانهاء من إنكار لتلك الحقائق» وادعاء أنها ليست مقومات الإنسانية» وأنها اتفاقات زمنية» وأوهام سيطرت على العقول - فلن يصلوا إلى غاياتهم» وإن ادعوا أن ما يقولونه هو طبيعة الوجود. ولذا سموا أنفسهم وجوديين» وذلك لأن كلامهم ضد طبائع النفوس» وضد السمو الإنسانى عن الطبيعة الحيوانية» وضد الفطرة التى فطر الله الناس عليهاء وإن الأعرابى الذى سئل : لماذا آمنت بمحمدل؟ فقال: مارأيت محمدا يقول فى أمر: افعل» والعقل يقول لا تفعل» وما رأيت محمدا يقول فى أمر: لا تفعل» والعقل يقول افعل - أكبر إدراكا من هؤلاء المتفلسفة. وأكثر اتصالا بطبائع الوجود الإنسانى منهم. وهم 0 (/ تفسيرسورة آل عمران ال االللللللا .. 1 ااا‎ ١ يي فى حقيقة أمرهم وتفكيرهم أكثر اتصالا بالطبائع البهيمية منهم بالطبائع الإنسانية. و (من) فى قوله تعالى: 9 ولْتَكُن مَنكم َم قيل: إنها بيانية» وقيل. إنها تبعيضية» وهى تحتملهما معاء وعلى أنها بيانية يكون المعنى أن الأمة كلها عليها واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء ويكون التخريج اللفظى لقوله تعالى تقدست كلماته: « ولتكن منكم أَمَة يَدعون إلى الْخَيرٍ ويَأمرون باُعروف 4 مثل قول القائل: ليكن منك رجل خير» أو ليكن منك رجل جهاد؛ أى ليكن منك رجل خير ورجل جهاد» فالمعنى الجملى للنص الكريم : ولتكونوا أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكرء وإذا كان ذلك الواجب على الأمة كلهاء فهو يتفاوت بتفاوت مقدار ما أوتيه كل واحد من العلم والقوة» فعلى أولياء الأمر أن يرتبوا أمر الدعوة الإسلامية» وبيان الحقائق» ووضع النظم الزاجرة المانعة من الشرء أن يتفاقم أمره» ويشتد سيله» ويكون على العلماء واجب بيان الشرع فى دروس عامة وخخاصة:» وبيان الحق فى كل أمر يجد فى شتون الناس» وبيان طرق الدعوة إلى سبيل الله ويكون على العامة كل فى محيط وجوده وبمقدار طاقته أن يرشد وأن ينصح» فمن رأى رجلا يرفث فى القولء أو يجرح كرامات الناس» أرشده ونهاه» ومن رأى رجلا يفطر فى رمضان وعظه وهداه؛ ومن رأى رجلا لا يصلى حثه على الصلاة» على أن يكون ذلك برقيق القول» لا بالجفوة والعنف فإن الجفوة لا تجدى بل تبعد» والمودة تجدى وتقرب» وبهذا تكون الآأمة كلها تتواصى بالحق» وتتواصى بالصبر والهداية . هذا سياق القول على أن (من) بيانية» وأما سياقه على أنها تبعيضية» فيكون لمعنى: ليكن بعض منكم أمة أى طائفة تَّوْم وتقصد وتكون مجابة الدعوة» إذ تدعو إلى الخير أى إلى كل ما هو نافع فى ذاته» ويأمرون بالمعروف وينهون عن المتكرء وعلى ذلك يكون فى الآية الكريمة طلبان: تفسير سورة آل عمران ٠ش‏ ااال 10600اا ال ل 0 2 ١١ 0 | 2 أحدهما موجه إلى الأمة كلهاء وهو إعداد هذه الطائفة التى تقوم بالإرشاد العام والتوجيه الفكرى والنفسى» وتزويدها بكل ما يمكنها من أداء مهمتهاء والقيام بالواجب عليها على الوجه الأكمل» وثانى الواجبين هو واجب هذه الطائفة التى تكونت؛» والوجوب عليها أخص من الوجوب الأول» وكذلك الشأن فى كل الفروض الكفائية؛ فيها وجوبان: وجوب خاص على من عندهم الأهلية الخاصة للواجب الكفائى» ووجوب عام على الأمة كلهاء وهو تمكين هؤلاء الخاصة من القيام بواجبهم وتزويدهم بما يحتاجون إليه. وقد رجح الزمخشرى أن تكون «من) تبعيضية» وقال فى ذلك «من» للتبعيض لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من فروض الكفايات» ولأنه لا يصلح له إلا من علم المعروف والمنكرء وعلم كيف يرتب الأمر فى إقامته» وكيف يباشره» فإن الججاهل ربما نهى عن معروف» وأمر بمنكرء وربما عرف الحكم فى مذهبه» وجهله فى مذهب صاحبه» فنهاه عن غير منكر» وقد يغلظ فى موضع اللين» ويلين فى موضع الغلظة» وينكر على من لا يزيده إنكاره إلا تمادياء أو على من الإنكار إليه عبث» كالإنكار على الجلادين وأضرابهم). والأمة التتى تُقصد وتكون من صفوة الأمة لها عملان متمايزان بنص الآية؛ أحدهما: الدعوة إلى الخيرء وثانيهما: الأمر بالمعزوف والنهى عن المنكر. أما الأول فهو توجته الأمة إلى النفع العام» فالخير هو كل أمر نافع فى الدنيا أو فى الآخرة. كتنظيم الاقتصاد» وترتيب العمران» وتنظيم حقوق الفقراء» وربط العلاقة بين الأغنياء والفقراء بوثائق من الدين والنصوص المحكمة التى لا تقبل التخلف» وإنشاء المساجد ودور التعلم وتوجيهها التوجيه السليم» فكل هذا دعوة إلى الخير» وبعبارة عامة شاملة الدعوة إلى الخير تشتمل على كل ما يقوم عليه بناء الاجتماع من الناحية المادية والأدبية. أما الثانى وهو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء فالمراد به نشر الفكر الإسلامى» وبيان الحقائق الدينية» وتوجيه النفوس إليها وجذبهم نحوهاء ودفع كل ما ليس بإسلامى» وإقامة الحق والعدل» وهو مقام سام لا يصل إليه إلا ذوو م تفسيرسورة آل عمران اااالاام ااا ااا ااا الاك أل الاااالاااالالاة ااا لالاك! طخلل مامالا لالع مخ لخ ممم ملت كلام ططق ططخ اماما مان للا كه < 3 الهمة والتقى من الرجال» وهو شاق إن أدى على وجهه. بحيث يرشد الحاكم والمحكوم. والقوى والضعيف» لا يخشى فى الله لومة لاتم» لا يجمجم إذا كان المنكر من قوى ظالم» ويغلظ ويعنف إن كان المنكر من لا يخشى بطشه ولا يرجى عطاؤه» ولا يتأول لتصرفات من يخاف شره ويطمع فى خيره. فإن كان المرشد على ذلك النحو فقد سار فى طريق النبيين» ولقد روى أن النبى كَلْهِ قال: «من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله فى الأرض» وخليفة كتابه» وخليفة رسوله7(١2‏ وهو بهذا الاعتبار خير الناس» ومعنى خلافته عن الله تعالى أن يكون مصلحا فى الأرض غير مفسد فيهاء ولذا قال تعالى عند خلق آدم للملائكة: 8إِنّي جَاعلٌ في الأَرْض حَليفَةَ فَانُوا أََجعلَ فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ... غ4 4 [البقرة] فخلافة الله فى الأرض تقتضى الصلاح والدعوة إليه» وذلك ما يقوم به الآمر بالمعروف والناهى عن المنكرء ولقد سثل عليه الضلاة والسلام وهو على المنبر: من خير الناس؟ قال: «آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المتكر وأتقاهم وأوصلهم)(©. ولقد قال أبو الدرداء: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم سلطانا ظالماء لا يجل كبيركم» ولا يرحم صغيركم» ويدعو عليه خياركم فلا يستجاب لهم» وينتصرون فلا ينصرون» ويستغفرون فلا يغفر لهم). وإن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مراتب» تعلو كل مرتبة عن الأخرى بمقدار ما يكون فيها من مشقة وتعرض للعنت مع الجدوى والفائدة» ولذا كان أعلاه ما يوجه إلى الجائرين من الحكام والأمراء؛ ولذا قال النبى يَلِْةِ: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»9». وبذلك اعتبر النبى كَككِلْهٌّ هذه المرتبة جهاداء .)06514( رواه الديلمي عن ثوبان. كنز العمال ج"‎ )١( (0) سبق تخريجه. 1 (؟) رواه النسائي: البيعة - فضل من تكلم عند سلطان جائر (51178) عن طارق بن شهفب» وابن ماجه: الفتن - الأمردبالمعروف وألنهى عن المنكر (7 ٠ ٠١‏ 5) عن أبى أمامة الباهلى» وأحمد: باقى مسند المكثرين )٠1١17(‏ عن أبي سعيد الخدري: 1 ا ْ تفسير سورة آل عمران 0 لاون ال حر ل واعتبر من يقتل فى سبيلها شهيداء كمن يقتل فى الحرب» بل اعتبره فى أعلى درجات الشهداء» فقد قال عليه الصلاة والسلام: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب» ثم رجل قام إلى إمام فأمره ونهاه فى ذات الله تعالى فقتله على ذلك)2)327, وإن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر وخصوصا للأمراء والحكام هو الذى أضاع المسلمين فى الماضى» وأضاع بنى إسرائيل قبلهم» ولقد روى فى ذلك أحمد والترمذى وأبو داود أن النبى كَل قال: (إن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل أن الرجل كان يلقى الرجل» فيقول: ياهذا اتق اللّه» ودع ما تصنعء» فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيدهء فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. كلا والله لتأمرّن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم» ولتأطرنه على الحق أطراء أو ليضربن بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم"” . وإن القيام بحق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يؤدى إلى الفلاح فى الدنيا والآخرة» ولذا ذيل سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: «وأوكتك هم الْمَفْلحون» أى أولئك الذين قاموا بهذا الواجب هم المفلحون,ء ولا يمكن أن يفلح سواهم تمن لم يقم بهذا الواجب» ففى النص' قصرء أى نفى وإثبات». فهو يثشبت الفلاح لهم» وينفى الفلاح عن غيرهم تمن لم يقم بهذا الواجب المقدس» فهو مناط عزة الآمة ورفعتها وقوتها وتقدمها. ونشر العدل والحق والؤيمان فى ربوعهاء والإشارة هنا إلى الأمة كلها سواء اعتبرنا (من) )١(‏ سبق تخريجه. (5) رواه أبو داود: الملاحم - الأمر والنهي (17717/4) . وبنحوه رواه الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة المائدة (2937). وابن ماجه: الفتن - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (57995): وأحمد: مسند المكثرين - مسئد عبد الله بن مسعود رضى الله عنه (07089, ١‏ والأطر: الردء وأصله العطف والثني» لسان العرب. 0 ا تفسيرسورة آل عمران ب ]5 يي لأن الأمة هى فى جملتها الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر الداعية إلى الخير» وأما على أن الأمة التى تدعو إلى الخشير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المتكر هى طائفة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وحدهمء بل الفائدة تعود عليهم أجمعين» إذ إن ضرر الترك يعود عليهم أجمعين» وإنه لا نجاة للأمة إلا إذا تواصّوا بالحق وتواصوا بالصبرء وتواصوا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» وقد ضرب النبى كدي مشلا لترك الأمر بالملعروف والنهى عن المنكر بقوم يركبون سفينة» ووجدواأ واحدا يخرق السفينة» فإن تركوه غرق وغرقوا معه» وإن أخحذوا على يده تجا ونجوا معه0١)‏ , ولا تَكُونُوا اين قروا وَاخُْوا من بد ما مايا4 بعد أن بين سبحانه وجوب الاعتصام بحبل الله وأن الاعتصام به مدعاة الوحدة والقفوة والاجتماع على الحق» وبين طريقه وهو الأمر بالملعروف والنهى عن المتكرء أخذ سبحانه وتعالى يشير إلى نتائج التفرق ناهيا عنه محذرا منه» مبينا نتائجه فى الدنيا والآخرة» وأول نتائج التفرق هى العمى عن الحق مع وضوحه وقيام البينات عليه» فقال سبحانه: « ولا تكونوا كالّدين تفقوا 4 نهى سبحانه وتعالى بهذا عن التفرق بأبلغ تعبير» وألطف إشارة» فقد كان النهى عن أن يكونوا كسمن سبتوهم فى التتفرق» وذلك نهى مع الدليل الموجب للنهى » » والغاية التى تر تبت على النهى عنه ) وذلك بالإشارة إلى ما كان عمن سبقوهم؛ إِذ تفرقوا أحزابا شيعا كل حزب بما لديهم فرحخون» فتفرق اليهود طوائف » وتفرق النصارى طوائف مثلهم » وكل طائفة تَكَفّر الأخرى» أو ترميها بالزيغ والضلال» وقد تر تب على التفرق وتوزع أهوائهم ومنازعهم أن اختلفوا فى إدراك الكتاب مع وضوحه» ومع ما جاءهم من در عه ب سل . رواه البخاري: الشهادات - القرعة في المشكلات (14489) عن التْعْمَان بْن شير رضي الله عنهما‎ )١( (4 تفسير سورة آل عمران الل ا للفلل لا 49م بلحب يي" البينات الموضحة البينة التى قامت مثبتة للحق» وهو واحد لا يتعدد» وإن ذلك فيه بيان نتيجة التفرق» وهو الاختلاف مع وجود الحق» وهو تأكيد لمضمون النهى؛ لأنه إذا كان التفرق مؤديا إلى استبهام الحق أمام المختلفين مع وضوحه فى ذاته فإن الافتراق فى ذاته أمر قبيح» وإن هذه الصيغة فوق ذلك فيها الاعتبار بمن سبقواء ووضع صورة واقعية لتتائج الافتراق» ولذا كان قوله تعالى: « ولا تكونوا كَالّذِينَ تفرقُوا 4 أكثر معانى من (ولا تتفرقوا) وهى فى هذا المقام أبلغ وأبين» ولأن الآيات الشابقة فيها كلام عن أحوال اليهود والنصارى». ومناقضتهم للحقائق الإسلامية» ومحاولتهم تضليل المسلمين عن الحق الصريح» فكان من المناسب أن يشار إلى حالهم» ونتائج تفرقهم» وإعراضهم عن الحق بعد إذ تبين لهم . وقد يقول قائل : إن :لاختلاف يؤدى إلى التفرق مع أن ظاهر الآية أن الافقراق هو الذى أدى إلى الاختلاف» ونقول فى ذلك: إن الاختلاف الذى لا ينشأ عن التفرق ولا يؤدى إليه هو اختلاف تفكير» ولابد أن يصل فيه المختلفون إلى الحق ولا يضلون, وأما الاختلاف الذى يؤدى إلى الافتراق» فهو بلا شك يؤدى إلى الضلال» ويترتب عنه ضلال مع وجود بينات الحق؛ إذ التفرق معناه انحياز كل جماعة إلى ناحية وفرق معين» وكذلك التفرق السابق على الاختلاف» فإنه يكون نوعا من تحكم الهوى» أو العصبية النسبية» أو العصبية الإقليمية» فيكون كل تفكير تحت سلطان هذه العصبية» فلا تستقيم الحقائق» ولا تدركها العقول» مع قيام البينات. ' وقد بين سبحانه نتائج هذا الضلال فى الآخرة فقال سبحانه: « وأولتك لهم عَذَاب عظيم 4 . أى أولئك الذين فرقتهم الأهواء فضلوا ولم يدركوا الحق مع قيام البينلات عليه لهم عذاب عظيم فى الآخرة» وهذا التهديد الشديد مقابل للنتيجة الحسنة التى تككون ثمرة التواصى بالحق والتواصى بالصبرء وهى الثابتة بقوله تعالى: « وأولّتك هم المقلحون 422 4 [البقرة]. فالافتراق نتيجته خسران فى الدنيا وعذاب عظيم فى الآخرة. 0 1 لإا تفسير سورة آل عمران الل 1 هوه : 7 وقد بين سبحانه حالهم فى ذلك اليوم فقال: «إيوم تبيض وجوه وتسود وجوه 4. والتعبير عن الحق بالبياض» وعن الباطل بالسواد» مجاز عربى مشهور» كوصف الحق بأنه نور» ووصف الباطل بأنه ظلام » ووصف الوجوه بالبياض مجاز عن إشراق القلوب بالمعرفة» وامتلائها بالنور؛ ووصف الوجوه بالسواد مجاز من إظلام القلوب» وانطفاء نورهاء ولقد قال الزمخشرى فى تحقيق هذا المعنى اللغوى: (البياض من النور» والسواد من الظلمة» فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشراقه وابيضت صحيفته» وأشرقت» وسعى النور بين يديه وبيمينه» ومن كان من أهل ظلمة الباطل وسم بسواد اللون وكسوفه وكمده» واسودت صحيفته وأظلمت» وأحاطت به الظلمة من كل جانب. نعوذ بالله وبسعة رحمته من ظلمة الباطل وأهله) . ثم بين سبحانه حال الذين اسودت وجوههم وعقابهم بقوله تعالت كلماته: ظ فََما الذي اسودت وجوههم أكفرثم بعد إانكم فَذوقُوا العذاب بما كنم تكفرون 4 . هنبا تفصيل لا أشار إليه الإجمال» وفيه بيان العقوبة وسببهاء وقوله تعالى: ل أَكَفَرْتم بعْد إِعانكُمَ 4 بيان لحالهم» أى أن حالهم حال من يستفهم عنها استفهام إنكار وتعجب فيقال لهم: أكفرتم وجحدتم الحق وأنكرتموه بعد إيمانكم به وإذعاتكم» وهذا حقا موضع عجبء, كمن يكون فى روضة من الرياض فيها النعيم» ويتركها إلى الكفر والجحيم» فهم كانوا فى روضة الإيمان» وبتفرق أهوائهم وتنازعهم وعصبيتهم انتقلوا إلى جحيم الكفرء وإذا كانوا كذلك فكفرهم كان كفرا عن علم بالحق وهم لذلك لاى عذرون» ولذا ترتب عليه العقاب فقال: «فَدَوقُوا العدذاب بما كنتم تَكْفْرون 4 أى فادخلوا جهنم وذوقوا مرارة العذاب وآلامه كما ذقتم حلاوة الهوى» وكان ذلك العذاب بسبب استمراركم على الكفرء وموتكم عليه؛ ودل على الاستمرار التعبير ب #كُسْم4» فإن (كان) تدل على الاستمرار» وقد استمروا على حال الكفر فى أقبح صورهء وهو الكفر بعد الإيمان» وبعد هذا بين حال الذين ابييضت وجوههم فقال: تفسير سورة آل عمران لاا لاا ال 19 ا اس اا م شير وار م « وما الذين ابِيضّت وجوههم قفي رحمة اللّه هم فيها حَالدون 4 أى أن الذين أشرقت نفوسهم بنور الحق». وأدركت قلوبهم معنى الإيمان» وذاقت حلاوته» فى رحمة الله تعالى» ورحمة الله تعالى تتسع لكل معانى النعيم المقيم» ورضوانه العظيم وهو أكبر الرحمة» ثم خصهم سبحانه بالخلود فى هذا النعيم الذى لا يحد بحدء ولا يرسم برسم » ولا تبلغ العقول مذامةء فقال سبحانه : هم فيها خَالدون 4 . . أى هم فى الرحمة باقون.دائمون. ويجب التنبيه هنا إلى أمرين: أولهما: أنه ذكر بياض الوجوه قبل » د : ثم ذكر حال الذين اسودت وجوههم قبل الذين ابيضت» ليختتم الآية برحمته» كما اختتم الآية السابقة ببيان من يفوز بهذه الرحمة . الأمر الشانى: أنه سبحانه ذكر وصف الخلود فى النعيم» ولم يشبت الخلود لقابله. وقد صرح به فى غير هذا الموضعء وذلك أيضا من باب الرحمة ورجاء التوبة. 1 اللهم من علينا بهدايتك» وأنعم علينا بنعمة الإيمان الدائم» واشرح صدورنا لكل ما تأمر به» واصرفنا عما نهيت عنه» فإن القلوب بيدك وأنت مقلب القلوب. 2 00 سج سار عر سر لح ل ليل هر اليك باحق وما 0 2 سحتب 1206ل ا تفسير سورة آل عمران 0م للا > ا بعد أن بين سبحانه وتعالى ما كان من اليهود فى ماضيهم» وكيف أضلهم الهوى» والعصبية العنصرية» ومنعتنهم من أن يصل نور الحق إلى قلوبهم. ختى إنهم ليرون النور يمشى بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وشمائلهم» ومع ذلك يصمون آذانهم عن سماعه. ويحجبون أضواءه عن نفوسهم؛ ذكر سبحانه أنه بين ذلك فى آياته ليعتبر من يعتبر» ولينتفع الحاضرون بنتائج ما وقع فيه الغابرون؛ فيستبصروا ويستبينوا ويتعظوا ويعتبرواء ولذا قال سبحانه: تلك آيات الله نتلوهًا يك باحق . الإشارة فى الآية الكريمة إلى ما كان من آيات: سنابقات بينت فيها أحوال النفوس التى ضلت وعميت عن الحق» وكانت الإشارة بالبعيد لعلو منزلة هذه الآيات فى بيانها للحق» وإعلانها له» وصدقها فيما حكت وأعلنت» «تَلُوها» : ننزلها عليك متلوة مقروءة واضحة مبينة سهلة الفهم لمن يريد الحق ويبتغيه » وقوله تعالى : « بالحق 4 أى متلبسة بالحق مبينة له موضحة» والحق هو الأمر الثابت الذى لا.مجال للشك فيه» ولا تختلف فيه العقول السليمة» والمدارك القويمة» ولا يوجد أمر ثابت كالحق» وهو ميزان الأفكار ومقياس الأشياء» وعليه قامت السموات والأرض وما بين الناس. وإضافة التلاوة إلى الله تعالى والإظهار فى موضع الإضمارء فقد قال سبحانه: ١‏ تلك آيات الله نلُوهًا 4 لكى يكون التصريح باسم الله سبحانه وتعالى مربيا فى النفس المهابة والإجلال لهء» وهو المستحق وحده لوصف الألوهية» فلا إله سواه ولا معبود بحق غيره» وهو ذو الجلال والإكرام» وهو المنشئ الموجد لهذا الكون وما فيه ومن فيهء وهو العلى القدير» فالتصريح باسمه الكريم يزيد البيان جلالاء ويتضمن معنى الحساب لمن يعرض عن آيات ربه» ويجعل النفس لا تسير وراء الهوى» ويتضمن معنى القدرة على إنزال العقاب والثواب بعد الحساب» وإنه إذا كان كل شىء فى هذا الوجود أوجده ربه بالحق» وأخبر عنه» فالظلم منفى عنه سبحانه وتعالى» ولذا قال سبحانه : اا تفسير سورة آل عمران فلا111 مس سي ا 2 «وما اللّهِ يريد ظلْما للْعالَمينَ) هذا نفى للظلم عن الله سبحانه» والتصريح بلفظ الجلالة ففى موضع الإضمار هناء كان لمشل ما ذكرنا لتربية المهابة» وليكون ذلك تأكيدا لنفى الظلم» إذ كيف يظلم الموصوف بالألوهية» وحده» وكيف يريد الظلم مانح العالم كله الوجود؛ وقال: 9 لَلْعالمِين4 وهم العقلاء فى هذا الكون؛ لآنهم هم الذين يحسون بوقع الظلم وآلامه.؛ ويشعرون بمتاعبه وآثامه» وأصل الظلم معناه النقص» ومن ذلك قوله تعالى: 9 كلتا الجنتين آنت أكلها وَلّم تَظلم مَنه شيكا . .. 572 4 [الكهف] ثم أطلق على نقص الحقوق وهضمهاء » ومن ذلك قوله تعالى : «( فلا يُحَافَ ظُلَمَا ولا مضما +110 4 [طه] وقوله تعالى: 9 ومن يعمل سوءا أو يظلم نفْسه ... 27 4 [النساء] ثم أطلق الظلم على وضع الأمر فى غير موضعهء حتى لقد قالوا فيمن حفر الأرض» ولم تكن موضعا للحفر إنه ظلمهاء ويقال عن التراب المظلوم؛ وعن الأرض المظلومة» ولقد قال الراغب فى معنى الظلم : (الظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء: وضع الشىء فى غير موضعه المختص بهء إما بنقصان أو بزيادة» وإما بعدول عن وقته ومكانه). والظلم الذى نفاه سبحانه وتعالى عن نفسه عام لا يخص نوعا دون نوع» وهو نكرة فى موضع النفى» ومن المقررات اللغوية أن النكرة فى مقام النفى تعم ولا تخص. فلمعنى لا يريد الله سبحانه وتعالى ظلما قط أى ظلم كان» فقد خلق السموات والأرض بالحق» وربطهما وما فيهما بميزان لا يتخلف إلا بإرادته سبحانه وتعالى» فليس فيهما شىء إلا فى موضعه.؛ ودبر أمور الكون والناس بدقة وإحكام» وهو العليم الحكيم اللطيف الخبير السميع البصيرء سبحانه الشرائع بالحق والميزانء فليس فيها شىء إلا وهو عدل لا ظلم فيهء وأساس الشرائع السماوية كلها العدل الذى يستطيعه الإنسان» وقد قال تعالى: ط إن الله يَأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القريئ وينهئ عن القحشاء والْسَكَرٍ والبغي ...ريق 4 [النحل]. وبهذا نفى الله سبحانه وتعالى الظلم عن نفسهء ونفى أن يكون نظام شرعه فيه إباحة لظلم العباد فيما بينهم» ولذا قال سبحانه فى حديث 6 تفسير سورة آل عمران لل لالللل الل لل بلسصطبي م ني قلسى : «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى ) وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)217 . ويلاحظ أن النص القرآنى لم ينف فقط الظلم عن الله سبحانه» بل نفى عنه إرادة الظلمء فهو أمر لا يليق بذاته» ولا يتصور وقوعه منه. وإنه سبحانه وتعالى مالك كل شىء؛ فهو مانح الحقوق ومعطيها ف وخلق كل شيع َقَدَرَه تقديرا >4 [الفرقان] ولذا قال سبحانه بعد أن نفى عن نفسه إرادة الظلم: (ولله ما في السَمَوَات وما في الأض وإلَى الله ترجَعْ الأمور» كل ما فى السموات من أفلاك وأجرام ونجوم وكواكب وأبراج وعوالم لا يحصيها إلا خالقها هو لله تعالى» أبدعها على غير مثال سبق» وأنشأها بإرادته» نظم مسالكها وما يربطها بحكمتهء وكل ما فى الأرض من سهل وجبل» وصحراء وماءء وأقاليم مختلفة» ومزارع وأغراس تؤتى أكلها كل حين بإذن ربهاء وكل ما يحتويه باطنها من معادن سائلة» وفلزات متماسكة. وأحجار تبهر الآنظارء ملك لله تعالى أبدعه وأنشأه» وإذا كان هو المبدع المنشئ لكل ذلك. وهو الذى وضع لكل شىء نظامه المحكم» وسيره المنظمء فإنه لا يتصور منه سبحانه أن ينقص شيئآ أو حقاء أو يضع أمرا فى غير موضعهء فهو خالق النظم» وخالق الأوضاعء والمسيطر على كل شىء. وكما أن المبدأ منه فالعود إليه سبحانه» ولذا قال سبحانه: « وإِلَى اللّه ترجع الْأَمُورُ)4 فكل أمر ونظام مرد بقائه وإنهائه إليه. كما كان إبداعه وإنشاؤه منه؛ وكل تصرفات الناس راجعة إليه يوم القيامة» وهم محاسبون عليهاء إن خيرا فخيرء وإن شرا فشرء فهو مالك الميزان والقسطاس المستقيم فى الدنيا وفى الآخرة. )١(‏ جزء من حديث قدسى رواه مسلم : البر والصلة والآداب - تحريم الظلم (لالاه )2 عن أبي ذر عن النبي كك فيما يرويه عن رب العزة تبارك وتعالى. تفسير سورة ال عمران الالال الل #لجم بي ي: يي وإن الله سبحانه قد نفى عن ذاته الكريمة إرادة الظلم» وبين أنه يضع الأمور فى مواضعها؛ ليصحح الأفهام التى تتوهم أن النبوة تكون فى قبيل دون قبيل» ولبيان أن كل شىء له ميزان ومقياس» وأن رقى الأمم ورفعتها يكون بميزان ثابت» وأن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهمء وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له» وأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ما كان فى أمة إلا وقاها الآفات الاجتماعية» وأنه لا تتركه أمة إلا تردت فى مهاوى الفسادء وأدال الله من قوتهاء ذلك هو الميزان الذى وضعه العلى القدير لرفعة الأمم» ولذا قال سبحانه فى وصف الأمة المثلى : ( كنتم خَيرَ مه أُخْرِجَت للثاس تَأمرون بالمعروف وتنهون عن المدكرٍ وتؤمنون باللّه 4 والخطاب فى هذه الآية للمؤمنين الذين تلقوا الوحى من النبى يك والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين» و١كان»‏ فى قوله تعالى: «إ كنتم خير أَمّةِ» يصح أن تكون بمعنى وجدء أى وجدتم خير أمة لهذه الأوصاف ما تحققت فيكمء ويصح أن تكون ناقصة» ويكون المعنى قدرتم فى علم الله تعالى خير أمة إن قمتم بهذه الأمور» ويصح أن تكون بمعنى صارء أى تحولتم معشر المؤمنين الذين عاصرتم النبى ود من جاهليتكم إلى أن صرتم خير أمة أخرجت للناس بسبب الإيمان والأمر بالمعروف والنهى عن المتكرء ونحن نميل إلى أن تكون بمعنى وجد أو ناقصة» والمعنى فيهما متقارب» ليشمل النص المخاطبين بتلك الحقائق فى عصر النبى وَليْْةٌ ومن يجيئون بعدهم ويتبعونهم بإحسان إلى يوم القيامة . وإن هذه الخيرية التى قدرها سبحانه لهذه الأمة منوطة بتحقيق أمرين أحدهما: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء والثانى: الإيمان المطلق بالله والإذعان له وتفويض الأمور إليه بعد الأخذ فى الأسباب» واعتقاد أنه لا قوة فى هذا الوجود غير قوته. ولا معبود بحق سواه ولا خضوع لأحد كائنا من كان غيره تعالت قدرتهء فليست الخيرية التى خاطب الله بها المهاجرين والأنصار والذين يتبعونهم ؛ لأنهم مسلمون فقطء أو لأشخاصهم وذواتهم» بل لآنهم متصفون ## تفسيرسورة آل عمران االللل مل 14 جل بأوصاف هى علة هذه الخيرية» ومناط تلك الرفعة الإلهية. وتلك اللأأوصاف هى: الأمر با معروف والنهى عن المنكر والإيمان بالله» وقوله تعالى: 9 تأمرون الْمَعْروف # موقعها من الإعراب إما أن تكون جملة حالية من ضمير المخطاب» وإما أن تكون كلاما مستأنفا مفصولاء ولذا قال الفخر الرازى فى التفسير الكبير: «اعلم أن هذا الكلام مستأنف. والمقصود منه بيان علة تلك الخيرية كما تقول: زيد كريم» يطعم الناس ويكسوهم» ويقوم بما يصلحهمء وتحقيق الكلام أنه ثبت فى أصول الفقه: «أن ذكر الحكم مقرونا بالوصف المناسب له يدل على كون ذلك الحكم معللا بذلك الوصف؛ ضهنا حكم بثبوت وصف الخيرية لهسذه الآمة ثم ذكر عقيبه علة هذا الحكم». هذاء ويصح أن نقول: إن الحكم بالخيرية مبهم» وقد بينه سبحانه بقوله: ل تَأمرُونَ بِالمعروف وتنْهَوْنَ عن الْمكَرِ) فالخيرية التى حكم سبحانه وتعالى بها هى هذه الأوصاف» وهذا ينطبق على المثل الذى ساقه الرازى» وهوء فلان كريم يطعم ويكسوء فإن يطعم ويكسو تفسير لمعنى كرمه» وبيان لهء فالاستئناف إذن ليس لأن جملة «تأمرون» علة للخيرية» بل هى بيان للخيرية» ولذلك لاينطبق الحكم بالخيرية على من لا يتصف بهذه الصفاتء فالجماعات التى تهمل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ولا يكون فيها إيمان» لايمكن أن تكون خير أمة» بل لا توصف بالخيرية قط؛ لأنه لا خير إلا فى الفضائل والحق والعدل» ولا تقوم هذه الأمور إلا بالإيمان وقيام رأى عام مهلّب لائم يقوم المعوج» وتنزوى فيه الرذائل انزواء» إذ يقتلها نوره المشرق وشمس الحقيقة الناصعة. وهنا قد يسأل سائل: لماذا قدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الإيمان؟ ولماذا اقتصر فى الإيمان على الإيمان بالله» ولم يذكر الإيمان بالرسل والملائكة واليوم الآخر والحساب والعقاب وغير ذلك ما يوجبه الإيمان» ولا يعد الشخص مؤمنا إلا به؟ ويجاب عن السؤال الأول: بأن ذكر الأمر بالمعروف والنهى تفسير سورة آل عمران الالالال 0 7س هه يي عن المتكر مقدما لبيان أنه مطلوب لذاته؛ وأنه فضيلة لا تختلف فيها الأمم ولا الحماعات. فهو كالصدق والعدل والحق تتفق عليها الأفهام وبل ولا يمكن أن يتحقق بنيان جماعة من غير تحققه؛ وإلا كانت كالذئاب الضارية» أو كانت كالوحوش فى الغابة» والإيمان سياج الجماعة وحمايتها من أن تضل» وكأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو الذى يقوم به بناء الجماعة» والإيمان هو الذى يحميها ويسدد خطاهاء فذكر مايقوم به البناء ثم ذكر ما يكون به ذلك البناء فى دائرة الفضيلة والأخلاق الكريمة وهو الإيمان» وفى الحقيقة هما متلازمان» فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والتواصى بالحق يتبعه إيمان الشذاذ الخارجين» والإيمان الحق بالله تعالى والإذعان لأوامره ونواهيه يتبعه حتما الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. هذا هو الجواب عن الجزء الأول من السؤال» أما الجواب عن الجزء الثانى» وهو لاذا اقتصر على ذكر الإيمان بالله؟ فهو أن الإيمان بالله هو لب الإيمان بكل أجزائه وعناصره.ء فالإيمان بالله هو الإذعان المطلق لقوة غيبية تسيّر هذا الكون وتدبره» وتقوم على كلاءته وحمايته» والإيمان بقوة غيبية يقتضى الإيمان برسالتها للناس» ويقتضى الإيمان بالأرواح الطاهرة المطهرة» والإيمان بأن الله لم يخلق هذه الأشياء عبثاء وإن ذلك يقتضى الإيمان بقدرة الله على الإعادة كما بدأ الخلق بالتكوين» وبأن هنالك يوما آخر فيه الحساب» وإن من يؤمن بالله ولا يؤمن بهذه العناصر كلها لا يكون مؤمنا بالله حق الإيمان» ولا مذعنا لأحكامه حق الإذعان» ولذا كان أهل الكتاب الذين أعلنوا إيمانهم بالله» وأنكروا رسالة الرسول مع قيام البينات عليها غير مؤمنين» وغير مذعنين للحق الذى ارتضاه الله . ويجب التنبيه هنا إلى أمرين: أولهما: أن الأآمر بالمعروف والنهئ عن المنكر غير تغيبر المتكرء وغير العمل بالفعل على منعه؛ فالأمر والنهى إرشاد وتوجيه ونصح وتنبيه» والتغيير يكون بالعمل المنظم والأحكام الرادعة» وذلك يتولاه الحكام» إلا إذا تقاصرت همم الحكام, فإنه يجب تغييرهم ليتولى من يقيم حدود الله وينفذ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر . ها تفسير سورة آل عمران ملل الااكاااة ” يي والأمر الشانى الذى يجب التنبيه إليه: أنه ليست الخيرية مرادفة للقوة» فالخيرية هى أن يكون المجتمع فاضلا يقوم بحق العدل». وأن يكون كل شىء فيه بقسطاس مستقيم» وأن تسوده الأخلاق الكريمة والسلوك القويم» وأما القوة فالآمر فيها لسيطرة المادة والغلبة والاستعداد الحربى» وإنا نرى أقوى الأمم الآن أشدها اتتهاكا لحرمات الفضيلة فى داخلها وخارجهاء ومن الأمم الضعيفة ما يكون للفضيلة فيها موضعء وللأمانة فيها سلطان» وللحق فيها أنصار» ولا شك أنها أقرب إلى الخير من تلك الأمم القوية» وفى الجملة» إن القوة تستمد من المادة إذا انفصلت عن الفضيلة» والخيرية تستمد من الحق والعدل والفضائل الإنسانية» والمساواة بين بنى الإنسان من غير عصبية جنسية أو إقليمية» وهما فى عصرنا الحاضر متمايزان لسيطرة المادة على الأقوياء» وفقدانهم قوة الإيمان» ولا حول ولا قوة إلا بالله . وقد قلنا: إن الإيمان بالله يقتتضى الإيمان بكل رسول إذا قامت الآدلة على رسالته؛ ولذا نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن بعض أهل الكتاب» فقال تعالت كلماته: ( ولَوْآسَ أَهْلٌ الكتّاب لَكَانَ حيرا لَّهُم 4 و«لو» هنا هى التى يقول عنها علماء النحو: إنها حرف امتناع لامتناع , أى امتنع الخير فيهم لأنفسهم لامتناع الإيمان الكامل» وقد ذكر نفى الإيمان عنهم مطلقا مع أنهم يقولون إنهم يؤمنون باللّه» ويقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه» وذلك لأنهم إذ لم يذعنوا لآحكام الله تعالى وأوامره - وقد فسروها على حسب أهوائهم ومنازعهم العصبية والجنسية» واعتقادهم أنهم شعب الله المختار - قد فقدوا الإيمان» إذ الإيمان كل لا يقبل التجزئة» فليس بمؤمن بالله من يكذب رسالة الله التى جاءت بها البينات» وقامت عليها الدلائل؛ وفى نفى الإيمان نفيا مطلقا ما يومئ إلى أن الذين يجعلون هواهم مسيرا لاعتقادهم وفكرهم لا يؤمنون بحقيقة من الحقائق إلهية كانت أو إنسانية . تفسير سورة آل عمران 110707000 1 1 1 1 1 22321111 ال هه < يي وقد نفى سبحانه عنهم الإيمان بأى شئ» ولذلك لم يكن ثمة حاجة بعد هذا إلى نفى القيام بالآمر بالمعروف والنهى عن المتكر؛ لأن ذلك يقتضى الإيمان بالفضائل والمعانى الإنسانية» وهم لا يؤمنون بشىء منهاء وإن ذلك ليس خيرا لهم فى شىء؛ لأنهم بذلك تنحل جماعتهم» وتتفرق وحدتهم. ونفى الإيمان عن أهل الكتاب ليس نفيا له عن الكل» بل هو نفى عن الأكثر؟ لذا قال سبحانه: © منهم المؤمنون واَكَترّهم الَْاسقُونَ 4 المؤمن هو المذعن للحق إذا قامت بيناته أو دلت أماراته» وهو ينشأ عن استقامة القلب» والتزام الجادة» والاتجاه دائما إلى الطريق المستقيم بإخلاص ونزاهة نفس عن الهوىء ولذلك كان غير المؤمن خارجا عن الاستقامة» ولذا يسمى فاسقاء باعتباره خرج عن منهاج الاستقامة» وترك طريق الحق» وسلك سبل الشيطان» ويسمى كافرا باعتباره جحد الحق» وستر ينابيع الإدراك فى نفسه» وناسب أن يذكر وصف الفسق بالنسبة لغير المؤمنين من أهل الكتاب؛ لأنهم خرجوا عن منهاج الكتاب المنزل» وفسقوا عن أمر ربهم وتركوه وراءهم ظهريا. وإن منهاج القرآن هو العدالة فى الحكم دائماء ولذا لم يصفهم كلهم بالفسق وإن كان قد عمهمء بل وصف بعضهم وإن كان الأكثر» ومثل ذلك قوله تعالى: « منهم أَمَة مقتصدة وكثير مَنْهِم ساء ما يعَمَلُونَ لتك 4 [الائدة] ولكن من هم المؤمنون ومن هم الفاسقون؟ سنبين ذلك فى تفسير الآيات الآتية» والله سبحانه وتعالى هو وحده العليم بالصواب. نَيَصُرُو كك إِلَأدى خوخ الر شه لابنصروس جع يريت لم لد أن مَاِْضَْأإِلا بحل نَأ َحبْلٍينَكلناس وبأو بعص بي نَل وض رِبَتْ عَليمْ الْمَسَكدَة رركت | م تفسير سورة آل عمران م لال سر ا لسر ع عي 2 م باه ك وه انوا يَكُفَرونَ عاب يت الله ودهتلون الا ا صوا واوا يدس 0000 حي يك يماعصواو نوأ يدون عي بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة منزلة المؤمنين من غيرهم إذا أخذوا بأحكام الإسلام واهتدوا بهديه» وكوتوا منهم جماعة فاضلة تؤمن بالله تعالى حق الإيمان» وتذعن لشريعته حق الإذعان» وتتواصى بينها باحق والصبرء وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكرء وبين أن ذلك هو عصام الأمة وجامع وحدتهاء والرابط بينها بأرسان(21 من الهداية الربانية» فيستتر الشر ويختفى» ويظهر الخير وينتكشف, وإن تلك المنزلة جعلها الله تعالى خير المنازل» وبين سبحانه أن أهل الكتاب الذين عادوا المسلمين» وهم يعلمون أنهم أهل الحق وأهل الإيمان لو آمنوا بما أنزل على الذين آمنوا لكان خيرا لهم. ولكن آثروا مجافاة الحق على اتباعه وعداوة أهل الإيمان على موادتهم» ولقد بين سبحانه من بعد أن عداوتهم لاا تضر المؤمنين ضررا بليغا له أثر» مادام أهل الإيمان مستمسكين بما رفع منازلهم وأعلى درجاتهم» ولذا قال تعالى: أن يضروكم إلا أذى » : فى هذا النص الكريم بيان أن الذين أوتوا الكتاب» ثم كفروا به وبالبينات للا جاءتهم» لن يضروا المؤمنين ضررا يبقى أثرا فى جماعتهم» ويؤثر فى قوتهم» وإ وقع منهم أذى؛ وذلك لأن الضرر قسمان: ضرر يترك أثرا فى الأمة» فيضعف قوتهاء ويوهن أمرها. وضرر لا أثر له: كالأذى بالقول أو الفتنة فى الدين تتناول الآحادء» أو محاولة التأثير فى ضعاف الإيمان»؛ أو محاولة بث روح النفاق بين الجماعة من غير أن يعم ويشيع» وقد نفى الله سبحانه وتعالى النوع الأول من الضرر نفيا مؤكدا بلفظ 9 لن © فإنها تدل على تأكيد النفى باتفاق علماء اللغة» وقال الزمخشرى وطائفة كبيرة من اللغويين: إنها تدل على تأبيد النفى وعلى ذلك يكون الاستئثناء متصلاء ولا يكون منقطعاء لأن الأذى مهما ضؤل نوع من الضرر» وإن لم يبق أثرا. اا تفسير سورة آل عمران الل ل يآ آ+ + + [1[1[ 1 1[ 1 [ 1 1[ 212210010111 كت وإن الشرط فى نفى الضرر الذى يؤثر فى الجماعة الإسلامية أن تكون مؤمنة بالله حق الإيمان آخذة بتعاليمه مهتدية بهديه» وأن يسودها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى هو خاصتهاء ورباط وحدتهاء وإلا فإن الضرر البالغ يصيبها؛ لآنها فقدت مشخصاتها ومكوناتها. ولقد بين سبحانه بعد ذلك حال أولئك الكفار من اليهود والنصارى مع المؤمنين الصادقى الإيمان: « وإن يقاتلوكم يولُوكُم الأدبار ثُمْ لا يُنصرون» هذه الحال الى ذكرها الله سبحانه تفصيل لبيان ما تضمنته الجملة السامية من قبل» فإنها تضمنت أن هؤلاء لا يمكن أن يصيبوا المسلمين بضرر بليغ يبقى له أثر» وإنه من تفصيل بعض ذلك أنهم ينهزمون فى قتال المسلمين, ومعنى قوله تعالى: ‏ وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار» أنهم إن قاتلوا ينهزمون» وعبر عن انهزامهم بتوليهم الأدبارء لأن من ينهزم فى ميدان القتال لا يقابل عدوه بوجههء ولكنه يطلب النجاة بالفرار» ولسان حاله يقول: النجاء النجاءء والتعبير عن الهزيمة بتوليتهم الأدبار؛ فيه إشارة إلى جبنهم» وأنهم يفرون فرارا أمام خصومهمء وكذلك كان الشأن فى قتال المسلمين الأولين للكفار اليهود والنصارى. فقد قاتل المؤمنون بنى النضير وبنى قريظة ويهود خيبر وغيرهم» وكانوا يفرون فراراء وقد كتب الله على بعضهم الجلاء» وعلى بعضهم الفناء» وعلى بعضهم البقاء فى ذلة» وكذلك كان الشأن مع النصارى بالشام ومصر. وقد ذكر سبحانه وتعالى أنهم مع انهزامهم فى القتال لا يمكن أن ينتصروا على المؤمنين ما دام المؤمنون على الشرط الذى ذكرناه» ولذا قال سبحانه وتعالى مخبرا: ثم لا ينصرٌوت 4 أى أنهم لا يمكن أن ينصروا أبداء وهذه الجملة خبرية ليس لها صلة لفظية بالجملة الشرطية» فليست معطوفة على جواب الشرطء فهى إخبار عن نفى الانتصار غير مرتبط بكونه فى قتال أو غير قتال. ولقد وضح الزمخشرى فى الكشاف هذا المعنى أكمل توضيح» فقال: (فإن قلت؛ هلا جزم 5 بهم ىم ا تفسير سورة آل عمران وتسم الل يبل وهو يي" المعطوف فى قوله: دنم لا ينصرون 4؟ (قلت) عدل به عن حكم الجزاء إلى حكم الإخبار ابتداء» كأنه قيل ثم أخبركم أنهم لاينصرون» فإن قلت: فأى فرق بين رفعه وجزمه فى المعنى؟ (قلت) لو جزم لكان نفى النصر مقيدا بقتالهم كتولية الأدبار» فحين رفع كان نفى النصر وعدا مطلقاء كأنه قال: ثم شأنهم وقصتهم التى أخبركم عنها وأبشركم بها بعد التولية أنهم مخذولون منتف عنهم النصر والقوة» لا ينهضون بعدها بجناح » ولا يستقيم لهم أمرء وكان كما أخبر حال بنى قريظة» وبنى النضير» وبنى قينقاع» ويهود خيبر) . وكان العطف الخبرى ب (ثم) على مضمون الجملة الشرطية كلهاء وكان التراخى لتقرير عدم النصرء إذ إن عدم النصر المطلق الذى يكون بالقتال وغيره ينشا من توالى الانهزام» إذ إن توالى الانهزام يلقى فى قلوبهم بروح اليأس فلا تكون لهم من بعد ذلك نصرة فى أية ناحية من النواحى . ذلك خبر الله تعالى» وخخبر الله تعالى صادق إلى يوم القيامة» ولكن الذى نراه منذ قرون هو انهزام المسلمين» وتوالى انتصار النصارى من أهل الكتاب» بل إن بلية البلايا أن يتتصر اليهود»ء فهل أخلف الله وعده؟! كلاء ما أخلف الله موعداء وإن وعد الله لحق» وخبره صادق» ولكن الذى تغير هو حال المسلمين» فقدام شترطنا لتحقق نصر الله أن يكونوا مؤمنين بالله حق الإيمان» مذعنين لأحكامه حق الإذعان؛ متعاونين فيما بينهمءٍ يأمرون بالمعروفٍ وينهون عن المتكرءٍ فعندكذ يكونون أنصار الله تعالى: « وَلينصرنٌ الله من ينصره إِنّ الله لَقَوِيُ عزيز ري 4 [الحج ] ]. فهل كان المسلمون على هذا الشرط عندما انهزموا؟ لقد تغيرت حالهم» فلم يذعنوا لأحكام الله تعالى» ونقص إيمانهم بهء ولم يتواصوا باحق والصبرء ولم يعودوا أشداء على الكفار رحماء بينهم» بل صار بأسهم بينهم شديداء وأخذ يأكل بعضهم بعضاء وبذلك تغيرت حالهم فخير الله تعالى بهم ؛ كما قال سبحانه: ( إن الهلا عيرم قوم حتَئ يَيرُوا ما بأنفسهم رذ أراد الله بقوم سُوءًا قلا مَرَدَ لَه وما لهم مَن دونه من وال 218 © [الرعد] . ولكن عادوا إلى الإيمان تفسير سورة آل عمران اا اي > اد والإذعان والتعاون والتواصى بالحق ليعودن النصرء فإنه وعد الله تعالى» واللّه لا يخلف الميعاد. ولقد بين سبحانه حال الذين كذبوا بآيات الله تعالى» ولم يذعنوا للحق بعد خذلانهم فى كل مجال: «ضربت علَيهم الذلّة ين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل مَن النّاس © أى أحاطت بهم الذلة كما يحيط السرادق بمن فيه» وكما تحيط القبة بما فى داخلهاء فهم فى نشاطهم وحركتهم فى ذلة» لا ينتقلون من ذل إلا إلى ذل» و أين ما ثقفوا # معناها أينما وجدوا جماعات ووحدانًاء فجماعاتهم فى ذلة» وآحادهم فى جبن. ذلك بأنهم فقدوا الإيمان بالله» والاعتزاز بعزته» فاعتمدوا على عزة من الناس» ومن اعتمد على أن يستمد عزته من غير الله فهو الذليل» فأولئتك الذين فقدوا الإذعان لأحكام الله تعالى قد استعانوا بغير الله فحقت عليهم كلمة الذلة. ولقد استثنى سبحانه حالا يرتفعون فيها من الذلة فقال تعالى: 8 إلا بحبل من اللّه وحبل من الشاس 4 . والحبل معناه فى أصل اللغة ما يربط بين شيئين» ويطلق على العهدء» وقد فسره جمهور المفسرين هنا بهذا المعنى وهو العهدء فال معنى لا ترفع الذلة عن هؤلاء اليهود إلا بعهد من الله تعالى وعهد من الناس» وذلك العهد هو عقد الجزية الذى يربط بينهم وبين المسلمين» فهو حبل من الله تعالى يصلهم بأهل الإيمان إذ هى بأمر الله تعالى» والوفاء بها وفاء بعهد الله ورسولهء إذ يقول سبحانه : ف وأوفُوا بعهد الله ذا عاهدثُم ولا ت نقضوا ليما بعد توكيدها وقد جعتم ال عليكم كفيلاً . .. > 4 [النحل]. والجزية أيضا حبل يربطهم بالمؤمنين؛ إذ يكونون بهذا العهد بين المسلمين» ترعى حقوقهم وتحفظ أموالهم ودماؤهم»ء ويكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم. وهذا تفسير حسن» وهو مشتق من قواعد الإسلام ذاتها وأحكامه المقررة الثابتة» ولكن يلاحظ أن الله سبحانه قرر فى الاستثناء أن حبل العزة هو حبل مُن الناس» ولم يذكر أنه حبل من المؤمنين؛ إذ يقول سبحانه: إلا بحبل من الله وحبل, م تفسيرسورة آل عمران الللللللم اللا سورب ا من الئاس 4 . ولذلك يصح أن يفسره بما هو أعم من الجزية» فإن حبل الناس أوسع من معنى الجزية» وإن ذلك يفسره بعض الوقائع التى تجرى فى العصور الأخيرة» فقد كانت لهم عزة وقتية بسبب اتصالهم ببعض الناس. وتخاذل المسلمين عن الأخذ بحكم الكتاب والسنة والهدى الإسلامى» ولكنه على كل حال استثناء؛ لأن الله ضرب عليهم الذلة» وإنه ليرجى أن يعود الإسلام كما بدأ فى قلوب أهله. فيتحقق وعد الله لهم» إذا تحققت أسبابه. «( وباءوا بغضب من الله وضريت عليهم س4 أصل معنى «باء؛ ساوى؛ فيقال باء فلان بدم فلان» أى: ذهب وساواه» ومن ذلك ما جاء فى بعض أقاصيص العرب على لسان المهلهل أخى كليب : «بْوٌ بشسع نعل كليب» أى أنه لا يساوى إلا هذاء ويطلق البواء بمعنى الإقامةء ومنه المباءة والبيئة أى شكل الإقامة. والمعنى الجملى أنهم قد صاروا فى غضبء ويعتبر هذا مباءتهم التى باءوا بها والتى هم يستحقونء وقد ضربت عليهم المسكنة. أى أحاطت بهم واستولت عليهم؛ والمسكنة ضعف نفسى» وصغار ينال القلب» فيستصغر الشخص نفسهء ويحس بهوانها مهما تكن لديه أسباب القوة متوافرة متضافرة» والفرق بينها وبين الذلة أن الذلة هوان تجىء أسبابه من الخارج بأن يكون بفرض من قوىء» أو يكون نتيجة انهزام حربى» أما المسكنة فهى هوان ينشأ من النفس لعدم إيمانها بالحق» واتباعها للمادة» وإن توارث الذلة قرونا طويلة يورث هذه المسكنة» إن بواء اليهود . والنصارى بغضب اللّه؛ وضرب المسكنة عليهم» لا استثناء فيه» بل هو أمر مستمر إلى يوم القيامة ما داموا على حالهم» ولا يغرنك ما عند النصارى وتقلبهم فى البلاد» بل انظر إليهم إن أصابت فريقا منهم هزيمة فإنهم يخرون للأذقان يبكون صاغرين » مما يدل على أن المسكنة فى طبيعتهم؛ إذ عزة الحق قد فارقتهم. ثم ذكر سبحانه وتعالى السبب فى استحقاق أهل الكتاب ذلك فقال تعالت كلماته: « ذلك بِأنْهُم كانوا يكفرون بآيات اللّهِ ويقتلون الأنبياء بغي حق» الإشارة إلى هزيمتهم المستمرة» وأنهم لا يمكن أن يتتصرواء وأن الذلة ضربت عليهم إلا بحبل ااا تفسير سورة آل عمران الملل الل 0 سم > ا من الله وحبل من الناس» وأنهم فى غضب من الله» وأن المسكنة قد ضربت عليهم إلى يوم القيامة» فالصغار ملازمهمء لا يفارقهم أبداء لآن الصغار والإيمان بالباطل متلازمان لا يفترقان. وقد ذكر سبحانه أن السبب فى كل هذا أنهم كانوا يكفرون بآيات الله أى بأمارات الحق وأدلته التى يقيمها الله سبحانه وتعالى عليهم فى كتبه وخلقه وعلى ألسنة رسلهء وأز نهم لا يكتفون بجحود الحق بعد قيام البينات عليه» بل يعتدون على الداعى إليه» فيقتلون الرسل الذين ينادون به» ويجاهدون دونه» ولقد قال سبحانه وتعالى: 9 وَيقتَلُونَ الأنبياء بغير حق» والحكمة فى ذكر هذا أنهم لم يكونوا فى اعتدائهم لهم أية شبهة حق» ولذا نكر كلمة حق» وقد بينا هذا من قبل» ولماذا كان ذلك الكفرء وهذا الجحود المستمكن الذى يدفع إلى قتل الداعى إلى الحق؟ ذكر سبحانه ذلك بقوله: « ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون » : أى أن الذى أورث فى قلوبهم الجحود بالحق» والتمادى فى الباطل» هو ارتكاسهم فى المعاصى» وتعودهم الاعتداء على الناس» فإن المعاصى تنكت نكتا سوداء فى القلب» فإذا استمر الشخص عليها وضعت عليه أغلفة من الظلمة تمنع أن يصل احق إليه. فعمى القلب عن الحق وصمء ولذا قسال تعالى: مما خَطيئاتهم أَغرِقُوا فَأَدَخْلُوا َارًا . .. غم © [نوح] وقانا الله شر المعاصى». وجعل قلوبنا تشرق بنور حكمته» ووفقنا لقصد السبيل» وجنبنا جائره» إنه سميع الدعاء. 0 > 6 ام ها جه خسسم 00 ل ) ذم الاق 00 ١١ 3-3 2 ١ ا‎ 5-38 صم‎ - 0 9 5 ارح ساح عرو ممه رصبره صوي. وهم لسجدون ءيه 227 2 وَآلْمْوم ا لآخِر وذ 0 آذ ته 2 سعرس ا لي مروت بِالْمَْروفِ هونن . 0 ف الكرت كم الصا ابسن 2 ومايمعكواً م 10 فك 2 بر 2 هه ل حههم ذلن ركو و © واللّه عليماً بالمتقيرت ل تفسيرسورة آل عمران لل > ات هذا من إنصاف القرآن» فهو لا يعمم حكمه إلا حيث يكون التعميم هو الحق الذى لا شك فيهء وإن كان فى قوم من هم جديرون بالثناء ذكرهم, وكذلك كان الشأن فى ذكر أهل الكتاب» فيقول: ومن آمل الكتاب من إن تأمنه بقعطار يده َك ومنهم من إن تمه بديتار لا وده ليك إلا ما دمت عليه قائما . ٠.‏ 82 4 1آل عمران] ويقول سبحانه: «إومن قوم موسئ أَُمهُ يدون بالحق وبه يعدلُون ذم 4 [الأعراف ] وفى هذه الآية يذكر بالخير العظيم طائفة من هؤلاء فيقول الحكم العدل تعالت كلماته: 8 ليسوا سواء . أى ليسوا متساوين فى هذه الأعمال وتلك الأخلاق» أو ليسوا متساوين مطلقاء فليسوا جميعا أشرارا. وإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق طائفة كبيرة من الناس اجتمعت على الشر اجتماعا مطلقاء بحيث يرتضيه الجميع ويقصدونه ويريدونه ويبتغونه عامدين مريدين معتدين» بل إن منهم الضال» ومنهم المضل» ومنهم الناطق بالحق الذى لا يجد داعياء أو يحمل على السكوت فى وسط نكران الضالين» ففى وسط طغيان فرعونء وانقماع قومه فى إرادته» وجد مؤمن آل فرعونء ينطق فيهم قائلا كما حكى الله تعالى عنه: : «وقال رجل مؤمن من آل رعو يكم اه أنَفُون رجلا أن يقول وبي الله وقد كم بيات من يكم وإن يك كاذب ف كَذبهُ وإن يك صادقًا يُصبكُم بعض الذي يعدكم إن الله لا هدي من هو مُسرف كَدَاب 22 يا قوم لَكُم الملك اليوم ظَاهرينَ في الأَرض فَمَن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إِلذّ ما أرئ وما أهديكم إل سبيل الرشاد لذن 4 [غافر] . وبعد أن ذكر سسبحانه أنهم ليسوا سواءء وقد ذكر أحوال أشرارهم» أخذ يبين أحوال أخيارهم . طمن أَهْل الكتاب أَمَة قائمة يلون آيات الله آناء ؛ اليل وهم يسجدون4 أى من أهل الكتاب الذين ذكرنا أوصاف الكثرة منهم - طائفة تم وتقصد موجودة حاضرة ليست ماضية خالية» فمعنى قائمة على هذا موجودة» وفسر الزمخشرى تفسير سورة آل عمران اللللاال للا 01 سم كا :< يي" كلمة قائمة بمعنى مستقيمة على العدل والحق. مأخوذة من قولهم أقمت العود فقام واستقام. وقد ذكر سبحانه وتعالى فى هذا الجزء من الآية الكريمة وصفين اثنين : أنهم يتلون آيات الله والثانى أنهم يسجدون» ومعنى يسجدون أى يخضعون ويتطامنون للحق ولا يجحدون» ويتجهون إلى ربهم. يرجون رضا ولا يستكبرون عن نداء الحق إذا دعواء فكنى بالسجود عن الخضوع المطلق الذى يعد السجود مظهره؛ ويصح أن يراد به السجود الذى يقع فى صلاة المسلمين على ما سنبين» وقد ذكر ذلك الوصف مصدرا ب اهم' إذ يقول: وهم يسجدون» فلم يقل ويسسجدون؛ للإشارة إلى أن الخضوع والإذعان للحق شأن من شئونهم, وليس حالا تعرض لهم» إذ إن ذكر الضمير فيه تقوية الإسناد وتوثيق لدوامه واستمراره. وما هو الكتاب الذى يتلونه كما أشار الوصف الأول؟ إن الجواب عن هذا السؤال يستدعى بيان مَنْ هذه الطائفة التى استحقت تلك الأوصاف الجليلة التى وصفها الله تعالى بهاء ونقول فى ذلك: إن العلماء قد اختلفوا فى ذلك على رأيين : أحدهما: أنها طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالله - تعالى - وبرسوله محمد 2 وأذعنوا للحق الذى جاء به ودعا إليه» ومن هؤلاء عبد الله بن سلام وطائفة من اليهود الذين كانوا يقيمون مع النبى يلي وهو ينطبق على النصارى وغيرهم الذين يهتدون بهدى الإسلام» ويرتضونه عن بينة دينا لهم» وقد قال النبى عله فيهم وفى أمثالهم تمن يكونون فى قابل الأيام: «ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمدء والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه؛ ورجل كانت عنده أمة فأدبها وأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فله أجران72١2‏ وعلى هذا الرأى يكون تفسير قائمة بمعنى موجودة؛ لأنها قد وجدت حقيقة» وارتضت الإسلام دينا. )١(‏ متفق عليه» وقد سبق تخريجه. 7 م تفسيرسورة آل عمران 111١|‏ االتللا !أ لاا!ال الك للاا اللا لالاااا لا املاغغخمخم الال الالا انالا قالطالا اناالا لطلاااامالل طخلل نطلل للخم خمخطملاما ل ناتللا #لبجل ب يي الرأى الثانى: أن هذه الطائفة من أهل الكتاب ولم تعتنق الإسلام» وكانت قبله أو بعده ولم تبلغها الدعوة على وجههاء ولم تحرف التوراة أو الإنجيل أو لم تأخذ بالمحرف منهماء وقد أثر ذلك الرأى عن بعض السلف» فقد روى عن ابن عباس أنه قال فى معنى أمة قائمة: «أمة مهتدية قائمة على أمر الله لم تنزع عنه وتتركه كما تركه الآخرون وضيعوه» وروى عن قتادة أنه كان يقول فى الآية: «ليس كل القوم هلك. لقد كان فيهم بقية؟. ويكون معنى لقَائمَة4 على هذا التفسير بمعنى مستقيمة مهتدية مؤمنة بالحق مذعنة له. وقد اختار التفسير الثانى الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده فيما نقله عنه صاحب المثار» فيقول: (وظاهر أن هذا كالذى قبله فى أهل الكتاب حال كونهم على دينهم). وآيات الكتاب التى يتلونها على ذلك هى البقية الصحيحة من كتبهم التى تشتمل على أدعية كلها توحيد وضراعة ونحو ذلك من أمثال بعض مزامير داوود» مثل ما جاء فى المزمور الخامس والعشرين: (إليك يارب أرفع نفسى» عليك توكلت» فلا تدعنى أَخرّىء لا تشمت بى أعدائى» كل منتظريك لا يخزونء ليخز الغادرون بلا سبب» طرقك يا رب عرفنى» سبلك علمنى» وربنى فى حقك وعلمنى). وأمثال هذه الأدعية والمناجاة لعلها البقية الباقية من تلك الكتب التى حرف فيها الكلم عن مواضعه. وعندى أن الآية الكريمة فى أهل الكتاب الماضين الذين استقاموا على الحق» ولم يدركوا عصر النبى ككِّْ وذلك لأن القرآن الكريم تكلم عن ماضى أهل الكتاب وحاضرهم» فحاضرهم كان سوءاء وذكر ما ضيهم فبين أن بعضه كان سوءا وكان منهم أمة مقتصدة» فهذه اللأوصاف فى الأمة المقتصدة التى مضت» ويصح أن تطلق على المخلصين من أهل الكتاب الذين لم يبلغوا دعوة الإسلام» وكان فيهم إخلاص للحق وطلب له وإجابة لداعيه إن دعوا إليه» ويكونون داخلين بالقياس على الماضين . ا تفسير سورة آل عمران للللللللا الل 111111111111 أت | كا :7 يي وقد ذكر سبحانه أوصافهم فقال تعالت كلماته: يؤمنون باللّه اليم الآخر» هذا النص الكريم فيه بيان حال من أحوالهم, وهى الخال الدائمة المستمرة التى جعلتهم مستقيمين على الحق مهتدين بهديه؛ فإن الإيمان بالله تعالى حق الإيمان يجعل المؤمن يذعن للحق» ويخلص فى كل ما يطلب» ولا يحب الشىء إلا لله ويكون الله تعالى سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يسصر بهء ويده التى يبطش بهاء فلا يكون منه إلا ما يكون للحق جل جلاله» وتكون كل مشاعره وأهوائه تبعاً لأوامر الله تعالى ونواهيه. هذا هو الإيمان بالله» أما الإيمان باليوم الآخرء فإنه يعرف به حقيقة هذه الدنياء وأنها لعب ولهوء وزينة وتفاخرء وأنه فى هذه الحياة الآخرة يلقى الله سبحانه وتعالى» وأنه إذ يلقاه يجد كل ما عمل من خير محضراء وما عمل من شر يود لو أن بينه وبينه أمدا بعسيداء وإذا عمل حساب ذلك اللقاء ما أقدم على شر إلا مضطرا أو لماما . « ويأمرون بالمعروف وينهون عن الْمْكَرِ 4 هذا هو العمل الذى يفيضون به على غيرهم» ويشعرون بأن عليهم حقا بالنسبة للحق الذى أدركوه. وهو أن يتواصوا بالحق» ويتناهوا عن الباطل» ويأمروا بالمعروف الذى تقره العقول» ولا تنكره الفطرة المستقيمة» فإن المؤمن المذعن للحق يدعو إليه» ولا يسكت على باطل ولا يرتضيه» وتلك صفة أهل الخير من أهل الكتاب» وعلى عكس ذلك أهل الشرء فإنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه. ولذا قال تعالى فى أهل الشر نمم : أ لذن وا م بي إسرائيل عل لس داو وعيسى اميم ذل ب عصوا وكانوا يعدو +(72> كَانُوا لا ياهو عن مكر فَعلُوه لبمس ما كَانُوا يفعَلُونَ رتت 4 [المائدة ] . ٠‏ 1 © ويسارعون في الخيرات » هذه حال من أحوالهم المستمرة» وهى أنهم فى خير مستمرء لا يجدون لحظة إلا يقومون فيها بخيرء ولا تلوح لهم فرصة خير إلا يقدمون عليها. م تفسير سورة آل عمران الم لمم جد يي ولقد ذكر بعض العلماء هنا وجه البلاغة فى التعبير ب «فى» دون (إلى»2 إذ كان مقتضى الظاهر أن يقال يسارعون إلى الخيرات» ولكنه سبحانه وتعالى قال: يسارعون فى الخيرات» للإشارة إلى أن هؤلاء يسيرون فى كل أعمالهم فى سبيل الخير » فهم يتتقلون من خير إلى خير» فى دائرة واحدة هى دائرة الخيرء ينتقلون بين زواياها وأقطارهاء ولا يخرجون منهاء فهم لا ينتقلون مسارعين من شر إلى خير» بل إنهم ينتقلون من خير إلى خير» فكان التعبير ب «فى» له موضعه من البيان. وأُولَتك من الصّالحين» الإشارة هنا إلى الموصوفين بالصفات السابقة» من تلاوة الكتاب فى خشوع وخضوع وتعرف لمراميه ومعانيه» وإذعان لحقائقه ومغازيه» ومن خضوعهم المطلق لله سبحانه وتعالى» ومن إيمانهم حق الإيمان بالله تعالى» وتصديقهم لكل ما جاء عن الله تعالى ببيناته وأدلته» ورجائهم لليوم الآخرء وخوفهم من عذابه» وترقبهم فى كل ما يعملون لمسابه» فهذه الأوصاف كلها سلكتهم فى عداد الصالحين» ولم تجعلهم فى زمرة الفاسقين الذين ذمهم الله سبحانه وتعالى: والصال حون الذين دخل هؤلاء فى جماعتهم هم الذين صلحت أحوالهم واستقامت أمورهم» وفى التعبير بقوله تعالى: إ من الصالحين 4 إشارة إلى أنهم بهذه المزاياء وتلك الصفات قد انسلخوا من عداد أهل الكتاب الذين ذمهم الله تعالى: وذكر أن أكثرهم فاسقون» فهم قد خرجوا من صفوف المذمومين إلى صفوف الممدوحين. «وما يَعْعَلُوا من حَيرٍ فلن يْفرُوه واللّه عليم بالمتّقِينَ4 فى هذا النص الكريم بيان أن الله تعالى يحتسب ما يفعلون من خيرء ويثيبهم عليه» و(ما» هنا شرطية»؛ ولذا جزم الفعل بعدهاء و«من» هنا تفيد العموم» أى: إن يفعلوا أى خير قليلا كان أو كثير فلن يحرموا ثوابه» وقد أكد احتسابه ب «لن»»: لآن النفى ب «لن» يفيد التوكيد» و«كمر) بمعنى سترء وهى لا تتعدى إلى مفعولين» ولكن لتضمنها معنى احرم» تعدت إلى مفعولين» ويقول فى ذلك الزمخشرى: «فإن قلت: لم عدى إلى مفعولين وشكر وكفر لا يتعديان إلا إلى واحد» تقول: شكر النعمة وكفرها؟ ا تفسير سورة آل عمران الئل للا لل لان “سكم جل بر يي" (قلت): ضمن معنى الحرمان فكأنه قيل فلن يحرموه» بمعنى فلن يحرموا جزاءه) وفى حذف هذا المضاف وهو الجزاء إشارة إلى أن الجزاء ثمرة الفعل دائماء وأن عمل العامل خيرا أو شرا يتضمن كسب الجزاء إن خيرا أو شراء وذلك بالنسية للثواب تَمَهمّل من الله تعالى دائما. وفى هذا النص الكريم إشارة إلى أن النية الطيبة فى الخير مع سلامة العقيدة ونزاهة النفس تجعل العمل طيبا مرجو الشواب دائماء لأن الأساس دائما تقوى القلوب» ولذا قال تعالى فى تذبيل الآية: « واللّهِ عليم بِالْمتّين 4 . ونى هذا لذبل الكريم إشارات إلى أمور ثلاثة أولها: أن تقوى القلوب هى أساس لكل خير» وهى المجنب من كل شر. والثانى: أن التقوى إذا كانت شأنا من شئون النفس» صار الشخص لا يوصف إلا بأنه من المتقين» وصار عمل الخير كسجية له من السجايا. والثالك: أن الله عليم بكل ما تخفيه القلوب وهو يجزى بما يعلمء اللهم وفقنا لتقواك» وأنر بصيرتناء وطهر قلوبنا من رجس الهوى» إنك سميع الدعاء. 492 01 1 2 عع 9 1 00 إِنْ الذ» بس كفروا أن عَنْهُمَ وه موالهم وَل ولد هم 0 ىم جه - الله وأو صب تاهما دون 272 الوه كر 26 َكَل مَاسْفِفُونَ فى هذ وأ اديوه 7 ماج لس 2 م4« 12201 يو 0030 220 اه صِرأصَاتَ َرَت موه أنشَْهُم نوما 1 ا 2 2 ظلمهم الله نفسهم يظلِمونَ 22 بعد أن بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة ة أعمال الكافرين» أشار إلى مبعث جحودهم» وهو اغترارهم بآموالهم وأولادهم. واعتزازهم بما يملكون من 0 م تفسير سورة آل عمران لجل باه يي حطام الدنيا وما فيهاء وقد أشار إلى هذه الأموال وأولئك الأولاد ببيان أنها لن تغنى عنهم من الله شيئاء ولذا قال سبحانه: «إإِنّ الّذين كَفَروا أن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا 4 . يقال: أغناه عن هذا الأمر فلان أى كفاه» ومن ذلك قوله تعالى: ما أغنى عني ماليه +6801 هلّك عنَي سلطائيه 37ج 4 [الحاقة] وقوله تعالى : ( أي عنهم ما كانوا يمتّعون +4207 » [الشعراء] وقوله تعالى: «إلا تغن عني شفاعتهم شيا .. 4 [يس] وهى فى كل هذا بمعنى لا يكفى عنهء وهى هنا من هذا الاستعمالء» فمعنى قوله تعالى: «أن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيا 4 لن تكفى عنهم بدل الله شيئا من العَنّاء» فمن هنا هى التى تستعمل بمعنى بدل» والغناء يتضمن هنا أمرين: أحدهما سد الحاجة» والثانى دفع الأذىء وإن الله سبحانه وتعالى قد قرر أن هؤلاء الكفار لن تدفع عنهم أموالهم أذى» ولن تسد عنهم حاجة قطء فى وقت هم فى أشد الحاجة إلى معونة» وقرر ذلك بصيغة التأكيدء وذلك بالتعبير ب «لن» لأن «لن» تفيد تأكيد النفى . وإن أولئك الكفار ما كانوا يعتزون إلا بالمال والولدء فهذا قائلهم يقول: ( أنا أَكثْرٌ منك مالا وأَعر قرا 227 4 [ الكهف ] . ولقد كانوا يربطون بين المال وكل المعانى السامية» فكانوا يظنون أن كل الخير وكل الفضائل للأغنياء» وكل الرذائل للفقراء» فلا يتصور من الأغنياء إلا الخيرء ولا يتصور من الفقراء إلا الشرء ولقد أخذ منهم العجب عندما أرسل الله محمدا يكو وهو فقيرء فقد قال الله تعالى عنهم : « وقالوا لولا رَلَ هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم كه هم يقسمون رَحْمَت ربك تحن قسمنا بهم مَعيشتَهُم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم قوق بعض درجاتٍ ليتتخذ بعضهم بعضا سَخْرِيًا ورحمت ربك خَير مَمَا يجمعون 4 [[الزخرف] وفى هذا بيان خطأ نظرهم» فالغنى والفقر لا يتجاوز كل منهما أنه قسمة الله تعالى للمعايش فى هذه الحياة» أما رفع الدرجات فأمر آخر ليس مرتبطا بالمال قلة أو كثرة» ويشير إلى أن الرفعة تكون للفقراء ليسخر الأغنياء منهم» فيزداد الأولون من الله قرباء» ويزداد الآخرون من الله بعدا. اا تفسير سورة آل عمران اللللللللوالاالا0ا0ا0للل اا ١س‏ لجل ب يي وإن الله سبحانه إذ قد حكم بذلك» وهو أن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاء فقد أشار إلى أن السبب فى ذلك كفرهم؛ لأن التعبير بالموصول يشير إلى أن سبب هذا الحكم هو الكفر. ولاذا اعتبر النص الكريم الكفر سببا لعدم غناء الأموال والأولاد» مع أن طبيعة هذا الوجود تجعلها غير مغنية مؤمنا أو كافرا؟ والجواب عن ذلك أن المؤمنين لا يعتقدون أن أموالهم وأولادهم تغنى عنهم من الله شيئاء فلم يكن ثمة حاجة للنفى بالنسبة لهم» وفوق ذلك فإن المؤمنين يتخذون من الأموال والأولاد سبيلا لرفع منار الحق وعزتهء فهى تكفيهم بعض الكفاءء وإن كانت لا تغنيهم عن الله تعالى» ؤلأن كلمة «تغنى» فى معناها دفع الأذىء والله سبحانه وتعالى منزل الأذى بالكافرين عقابا لجرائمهم ولشرورهم» وما تعرض المؤمن لهذا الأذى» فلا حاجة لهذا الدفع. وفى ذلك النص السامى بحث لفظى» وهو تكرار النفى فى قوله تعالى: « أموالهم ولا أولادهم 4 ف «لا» هنا تفيد ثلاثة أمور: أولها- مزيد تأكيد للنفى الثابت ب «لن». وثانيها- أن تكرار «لا» يفيد أنهم كانوا يعتزون بالأموال والآولاد مجتمعين ويعتزون بأحدهما منفرداء فنفى سبحانه وتعالى الغناء عنهما مجتمعين ومنفردين أيضا. وثالثها- أن المال يكون قوة فى مواضع» والولد يكون قوة فى مواضع» فتكرار النفى يستبين أنه لا قوة تدفع مقت الله وغضبه لا من المال ولا من الولد. وقد بين سبحانه تبعد ذلك عذاب الله تعالى الواقع الذى ليس له من دافع» ولا يغنى فيه المال ولا الولد» فقال تعالى: « وأُولتك أصْحاب الثَار هم فيها خَالدُوت 4 : الإشارة هنا إلى الذين كفرواء ليس لهم أمام الله ولى ولا نصير» ولا عون ولا دفاع» فالله سبحانه وتعالى يحكم عليهم وهو خير الحاكمين بأنهم أصحاب النار الخالدون فيها. فمعنى المصاحبة هنا الملازمة الدائمة المستمرة» و«لعل») فى هذا التعبير إشارة إلى أنهم بعد أن كانوا يصطحبون فى الدنيا أموالهم مفاخرين بها وأولادهم مستنصرين بهم» يصاحبون بدلهم فى الآخرة نار الله الموقدة» وعذابه الأليم» وبعد أن تركوا نعيما غير مقيم استقبلهم شقاء دائم مستمر. . تفسيرسورة آل عمران , ل ا ا ا ا ا ا ا لالل اللا | ا 7 وقد أكد سبحانه وتعالى الحكم العادل بعدة تأكيدات: منها التعبير بالإشارة المتضمن السلب من كل قوة كانوا يعتزون بهاء ومنها ذكر مصاحبتهم للنار» ومنها بيان قصرهم على النار لا يتجاوزونهاء ومنها ذكر الضمير (هم) فهو لتأكيد الحكم. وقد يقول قائل: لاذا لا ينفعهم فى الآخرة ما كانوا ينفقون من مالهم فى الدنياء وقد كان منهم جود وسخاء؟ بين الله سبحانه مغبة ذلك الإنفاق وعاقبته فقال تعالت كلماته: مَل ما ينفقُونَ في هده اْحياة الدنيا تمل ريح فيها صر 4 وفى هذا التشبيه بين سبحانه أن هذا الإنفاق ليس خالصا من الضرر فى ذاته» فهو يحمل فى ذاته ما يفسده ويجعله ضارا لا نفع فيه» وشرا لا يمازجه خير» فقد شبه سبحانه إنفاقهم فى هذه الحياة من حيث اشتماله على الضار» وعدم إثماره وإنتاجه» بالريح التى لا ترسل لواقح» ولا تكون نسيما عليلا تلقى فى النفوس بالبشر والحبور» ولا تكون ريحا يحمل للزرع عوامل النماء إذ يكون فيها غذاء» بل يكون فيها ما يميت الزرع والضرعء وهى الريح التى يكون فيها صر والصر معناه البرد الشديد المميت للنبات» ومعنى اشتمالها على الصر وصفها به أى أنها ريح صر فهى ريح قارة باردة مهلكة مفنية وليست منمية مبقية» وهنا يرد سؤال: لماذا ذكر الصر على أنه فى الريح وأنها مشتملة عليه؛ وهى له ظرف وهو مظروف؟ وقد أجاب الزمخشرى عن ذلك بأنه ضرب من ضروب البالغة» وبأن «صر» مصدر فى أصله فجىء به على أصله؛ كما تقول : ثوب فيه جمالء والكلام بمعنى جميل» وقد خرج تخريجات أخرى ليست واضحة ونحن نرى أن التعبير بقوله تعالى: فيهًا صر يشير إلى أن الرياح فيها بطبيعتها رجاءء ولكنها اشتملت على ما يذهب بخيرهاء وفى ذلك وصف من أوصاف من المشبه؛ وذلك لأن الإنفاق فى ذاته قد يرجى منه النفع» ويظن فيه ولكنه اشتمل فى ذاته ما يذهب بخيره» ولا ينبت إلا باطلاء وذلك أنه بمقاصده ا تفسير سورة آل عمران لل اللا مك 4 سمه < 2 التى لا يقصد بها وجه الله ولا نفع الناس» ولكن يقصد التفاخر والتباهى والتنافر» والاستطالة على الناس بفضول القول» يذهب كل خيره» فالتعبير بقوله سبحانه: « فيها صر » فيه إيماء إلى أن الآذى والضرر الذى لابس المشبّه وهو الإنفاق لم يكن من ذاته, ولكن من قلب النفق ونيته» وغايته من الإنفاق» وإن هذا الانفاق - كما قلنا وكما أشار النص القرآنى الكريم - يحمل فى ذاته موجب رده» وقد بين سبحانه أنه ضار مؤذ فى الشطر الثانى من التشبيه» إذ قال سبحانه فى وصف الريح: «( أصابت حرث قوم ظَلَموا أنفسهم فأهلكته 4 . الحرث هو الزرع» وأصل كلمة «حرث» قَلْم الأرض وإلقاء البذر فيهاء ثم أطلقت فى مجاز مشهور على ما هو نتيجة ذلك وهو الزرع» وقد أطلق على كل موضع يكون فيه إنتناج ولو لم يكن أرضاً وزرعاء كما قال تعالى: « نساؤكم حرث لم فأتوا حرلّكم أَنْى شنتم .. . :479 4 [ البقرة] . ومعنى التشبيه فى جملته - كما دل على ذلك هذا النص الكريم والنص الذى سبقه - أن حال هذا الإنفاق الذى لم يقصد به وجه الله تعالى بل قصد به التفاخر وكسب الثناء وتحدث الناس بالعطاء» كمثل الريح التى تكون باردة بردا شديدا يتوقع منها الناس الخير لزرعهم» فتهلكه وتبيد خضراءه وتجعله حطاماء والجامع فى هذا التشبيه بين المشبّه والمشبه به هو أن كليهما كان يرجى خيره» ولكن بما لابسه من ضر وأذى صار مؤذيا. وفى هذا التشبيه بيان أن الضرر لاحق بهم من هذا الإنفاق؛ ولاحق بالناس» لأنهم كانوا يعينون به على الشر» إذ كانوا ينفقونه فى محاربة الرسول كيد وإيذاء المؤمنين؛ وهو سبب فى استعلائهم واستكبارهم» » ولو حرموا المال والإنفاق لكان خيراً لهم . فى النص القرآنى إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى يعاقب بالريح من يظلمون أنفسهم بارتكاب المعاصى» فقال سبحانه: 9 أَصَابَت حرث قوم ظَلَمُوا أنفسهم َأهلَكَْه 4 فإن هذا النص السامى يومئ إلى أن الله تعالى يرسل فى الدنيا عقابا 1 ا تفسيرسورة آل عمران اللللل راتت اللا ٠ امه‎ 7 على أموال الظالمين فيهلكهاء ولو اتخذوا الأسباب وما يجب اتخاذه من احتياط لحفظ الآموال» وإن ذلك التخريج لا يوجد ما يمنع من قبوله» بل الإذعان له لآن تدبير العبد واحتياطه» لا يمنع تقدير الرب وقضاءه» وإن الريح كانت سببا فى نصرة النبى يِه فى غزوة الأحزاب» فإن الله تعالى أرسل على المشركين ريحا ألقت الرعب فى قلوبهم مع كمال العدة والعددءٍْ وقال تعالى فى ذلك: «( ورد الله الّذِين كفروا بغيظهم لم يتالوا خَيرا وكفى اللّه الْمؤْمنين القتال وكان اللّه قويا عزيزا 420 [الأحزاب ] . ولقد روى عن النبى بكي أنه قال: اانصرت ؛ بالصبًا ملكت عا بالديور)27© . وإذا كان ذلك ثابتا فلماذا نستبعد أن يعاقب بعض الظالمين فى الدنيا بإصابة حرثهم بريح» لفساد نياتهم» ولاستخدامهم المال فى غير مواضعهء وإن الذين يستبعدون ذلك هم الذين بفْرِطُون فى الإيمان بالأسباب العملية» ولا يذعنون للأحكام القدرية» وإن الزرع بالذات ليس لأحد أن يدعى أنه يستطيع حمايته من الرياح والآفات» مهما يتخذ من الاحتياط. فإن للأجواء أثرهاء وللآفات الوبائية حكمهاء ولا سبيل إلى التوقى الكامل منها. وإذا كان الزرع وغيره مهما يتخذ من احتياط لحفظه لا يتقى الريح والآفات» فإنه لا يصح أن يكون ذلك نتيجة للمصادفة» فإن المصادفة بالنسبة لمداركناء أما بالنسبة لأعمال الله تعالى فإن كل شىء عنده بمقادير» ومقصود بإرادته السرمدية» وهو يكون ثوابا أو عقابا أو إملاء يملى الله به للظالمين حتى حين»؛ كما قال تعالى : ( وأملي لهم إن كيدي مين 227 4 [القلم] وقد قال تعالى : طهر الذي يريكم البرق خوفا وطمعا ويدشئ السسّحَاب الال (11> ويسبّح بَح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يُجَادنُونَ في الله وهو شديد المحال +120 4 [ الرعد ] . )١(‏ رواه البخاري: الجمعة - قول النبى كل : نصرت بالصبا لا ومسلم: الاستسقاء 5-5 في ريح الصبا رريح الدبور ٠(‏ 06 الصبا: ريح تهب من المشرق . والدبور: ريح تهب من المغرب . تفسير سورة آل عمران الملل ا0ا00اااا الل سكم رب أ إذن فالأمر فى الريح يصيب الله بها بعض الظالمين لظلمهم حق لا ريب فيهء ولقد أخبر الله تعالى أن الظالم يسىء إلى نفسه دائماء فقال: وما ظَلَمَهمِ الله اكز شه لرة». والضمير هنا يعود إلى الذين أصيب حرثهم بسبب ظلمهم. أى أن الله تعالى ما ظلمهم بالريح تصيبهمء إنما هم الذين ظلموا أنفسهم بفساد قلوبهم ونيتهم» واعتقادهم أنهم يستطيعون التحكم فى القدرء وفى هذا إشارة إلى أولئك الذين أنفقوا فى الإفساد للافتخار والخيّلاء والاستكبار» فى أن الله ما ظلمهم بإبطال إنفاقهم» إنما هم الذين ظلموا أنفسهم بأن تجنبوا إنفاق المال فى الحلال بنية الحلال» بل أنفقوه فى الحرام» وما أنفقوه فى حلال إلا بنية الحرام . وجوز الزمخشرى أن يعود الضمير إلى الذين ينفقون فى هذه الحياة» وهو ظاهر كل الظهور. ونضرع إلى الله أن يلهمنا الإنصاف فى أقوالنا وأفعالناء وأن يرزقنا صدق القول». والإخلاص فى أعمالنا له إنه سميع الدعاء. 2 00 تَتخِلُ 221 بوتي حب ادلي اهو وماتخى شارف أكر الكت إد كمس 2 آآ هه م ا ساسم 5 7 مول رارح وروا م صحع 0 ممع سم حوت وتؤمنونيا 00 لغ 000 و اي و مح يت اس وَإِدًا 5 قَالَوَا سملي ملعيل 5 قل موثو د 0 نس 0ك للا مه 71000 2 رم لس 0001110 م عد ل 02 رس صحف وود ء ع 2 عم إن تسوه دت سفوا لم ا كما مورت رما 2 20 اسم 3 ناا م اا تفسير سورة آل عمران للا اللا جلي 2 هذه الآية وما وليها من آيات فيها عود إلى التحذير ما يريده أهل الكتاب والمنافقون من أهل الإيمان والإخلاص» فقد قال تعالى من قبل : «(يا أَيهًا الْذين آمَنوا إن تطيعوا فَرِيَا مَنَ الّذين أُونوا الكتاب يردوكم بعد إانكم كافرين < 4 [آل عمران] وبين وجوب الاعتصام بحبل الله تعالى وهو كتابه تعالت كلماته» وعظمت آياته» لتتم الوحدة الإسلامية» ثم ذكر من بعد ذلك بعض أحوال أهل الكتاب» وما عساه قد يكون فى بعضهم من خير» وما عليه سائرهم من شرء وفى هذه الآية يحذر تحذيرا شديدا من نوع آخرء فقد كان التحذير متجها إلى الحث على اليقظة الفكرية» حتى لا يفسد أهل الكتاب على المؤمنين دينهم الذى ارتضواء فبين أنه لا يصح الاسترسال فى إرضائهم» فإنه لا يرضيهم من المؤمن إلا أن يخرج عن دينه ويطرحه وراءه ظهرياء وأن يسير وراء ركبهمء ولقد قال سبحانه: ولن تَرضئْ عنك اليهود ولا التُصارئ حت تتبِع متهم . ٠٠‏ نز 4 [البقرة]. فالتحذير هنالك للخوف على العقيدة أن يفسدها هؤلاء» أما التحذير هنا فهو للخوف من أن يفسد أولئك المنافقون من أهل الكتاب الجماعة الإاسلامية» وينشروا فيها الاضطرابء وألا يكون نظام قائم ثابت الدعائم» ولذا قال سبحانه: «إيا أَيهَا دين آمنُوا لا تتَحْذُوا بطانة من دونكم 4 بطانة الرجل: خاصته الذين يعرفون خفايا أمره» ومكنون سرهء ويستبطئون ما يخفى على غيرهم» فيعرفون موضع قوته وضعفهء ويتخذ منهم مستشاريه الذين يستشيرهم» ويستنصحهم إن احتاج إلى نصيحة» وأصل البطانة خلاف الظهارة» وتطلق على الثوب الخفى الذى يكون باطنا غير ظاهرء وقد استعير اللفظ للدلالة على الذين يختصون بالاطلاع على باطن أمر الشخص» وكأنه شبه الذين يختصون بشئون الشخص خفيها وظاهرها ببطانة الثوب التى تلاصق الجسم أو تقاربه» لقوة الاتصال فى كل منهماء ولأن كليهما يمس ذاته وشخصه: بطانة الثوب تمسه حساء وبطانة الرجل تسه معنى» وكما أن الأولى أدرانها تكون أمكن فى الأذى وتكون أسرعء كذلك الثانية تكون أمكن وأقوى تأثيرا وأسرع . لا تفسير سورة آل عمران ا | لاا . 14 77> لذ ومعنى النص الكريم أنه لا يجوز للمؤمنين أن يتخذوا مستشارين ونصحاءء يستبطنون أمورهم من دونهم أى من غيرهمء فمعنى «دونكم)» هنا «غيركم» الذين لم يبلغوا ما أنتم فيه من قوة الإيمان والإخلاص للحق» ومثل ذلك قوله تعالى: « ويعملُون عملا دون ذلك . .. لتم 4 [الأنبياء] أى غيره الأقل منه. وصدر النداء بوصف الإيمان للإشارة إلى أن مقتضى الإيمان ألا يستعينوا بأولتك الذين كفروا بآيات الله تعالى» وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم» إيمانكم وكفرهم توجب ألا تأمنوهم فى خاصة أموركم» ولقد كان السلف الصالح يأخذون بذلك الهدى القرآنى » فقد كان عمر رضى الله عنه ينهى عن اتخاذ الأعوان من أهل الكتاب وغيرهم» فقد قال رضى الله عنه: (لا تستعملوا أهل الكتاب» فإنهم يستحلون الرشاء واستعينوا على أموركم ورعيتكم بالذين يخشون الله تعالى) وقيل لعمر رضى الله عنه: إن ها هنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحد أَكْتَبّ منه. ولا أَخَطً بقلم» أفلا يكتب عنك؟ فقال الإمام النافذ البصيرة: (لا اذ بطانة من دون المؤمنين). وقد ذكر سبحانه الأوصاف والأحوال التى توجب الامتناع عن اتخاذ بطانة منهمء فذكر لهم أحوالا ثلاثة: أولهاء وهى كافية فى إبعادهم عن أسرار الدولة» وهى التى قال الله تعالى فيها: لا يألونكم حَبَالاً 4 . الخبال كالخبل : الاضطراب والفساد وهما متلازمان» فلا اضطراب إلا ومعه فساده ولا فساد إلا يترتب عليه اضطراب» فهما معنيان متقاربان ومتلازمان» ومعنى «يألو» بقصر فى بذل الخير ويبذل الأذى غير مقصر ولا متوان» بل ينتهز الفرص» وهى تتعدى إلى مفعول واحدء وقد تتعدى إلى مفعولين إذا تضمنت معنى المنع» ومعنى قوله تعالى: «إلا يَأنُونَكُمْ خبَالاً4 (لا يقصرون فى جهد يبذلونه لضركم» ولا يمنعونكم خبالا واضطربا فى الأمور)» أى لا يمنعوتكم باذلين الجهد فى تحقيق مقصدهم ومرادهم فسادا واضطرابا فى الأمورء ليفسدوا عليكم دينكم» ويقوضوا دعائم دولتكم» ويخضدوا شوكتكم» ويكون أمركم بوارا بالفتن التى يبثونهاء والريب التى يثيرونها. تفسيرسورة آل عمران الل الل 00 لبلب يي ولقد صدق الله تعالى كلماته» فمن وقت أن صارت بطانة الملوك والأمراء من أهل الكتاب» وأمور المسلمين فوضىء. تختفى الفوضى السياسية عندما يكون الأمير أو الملك قوياء ولكن تكون فى بث أفكار فاسدة» وآراء تحل الوحدة» وقد كان أول من اتخذ كتابا من أهل الكتاب معاوية بن أبى سفيان» وحسبك أن تعلم أنه فى عهده اتتشرت الإسرائيليات» والأفكار التى تشير الريّب فى الحقائق الإسلامية» وقد كان يوحنا الدمشقى كاتب عبد الملك بن مروان وأبوه الذى كان كاتبا لمعاوية يبان الأفكار الفاسدة بين المسلمين» مثل ادعائهم عشق النبى عَلِل لزينب بنت جحشء ومثل إثارة الكلام فى الطلاق الشلاث» بل الكلام فى أصل الطلاق» وإثارتهم الكلام فى أن الله متصف بصفة الكلام أو غير متصفء, وأن القرآن قديم أو غير قديم» ومثل إثارتهم الكلام فى الجبر والاختيار. وبذلك كانوا يحلون الوحدة الفكرية» ليتسنى لهم من بعد حل القوة الإسلامية» كما ظهرت النتائجح من بعد. «ودوا ما عنتم4 هذا هو الوصف الثانى, أو الحال الشانية من أحوالهم» وهى سبب لإرادتهم البوار والفساد للمسلمين» فالأولى مظهر ونتيجة» والثانية باعث ودافع» فهم لا يودون للمسلمين السعادة والرفاهية والخير والقوة بل يودون لهم الشقاء والتعس والأذى» وليس لعاقل أن يطلع خفايا أموره ويستنصح من لا يود له إلا الشر والأذى. ومعنى قوله تعالى : « ودوا ما عشم 4 أى ودوا عنتكم وهلاككم» وإجهادكم وإنزال المشقة بكم» التى يترتب عليها تفريق جمعكم» وذهاب قوتكم. وما) فى قوله تعالى: «إودوا ما عشم 4 هى ما المصدرية التى يسميها علماء النحو الموصول الحرفى؛ وهى تؤول هى وما بعدها بمصدر. «( قد بدت البغضاء من أَفْراههم وما تخفي صدورهم أَكْبْرُ)4 البغضاء: البغض الشديد المستمكن الثابت الذى لا يتغير ولا يزول» فهى صفة ثابتة» وفرق بين البغض والبغضاء فالبغض حال تقبل الزوال» وأما البغضاء فهى كراهية يبعد تفسير سورة آل عمران 1 الالالال ل 001 جور 2 زوالهاء وهى على ذلك أخص من البغض المطلق» إذ هى بغض مقيد» وهى تظهر من عباراتهم وكلماتهم» كما قال تعالى: « وَلتَعرفتّهم في لحن القول ... 22 4 [محمد]. وليس معنى ذلك أن البغضاء لا تبدو إلا فى الأقوال» بل تظهر أيضا فى الأفعال. ولكن عند الفحص الدقيق» والوزن الصحيح؛ وإن ما يظهر على اللسان هو طفح مما امتلا به القلب» فهى فيض الإناء وما يسيح منه» وما فى الإناء أكثر وأغزر» وهو المادة الوفيرة التى كان منها طفح الكيل» ولذلك قال تعالى: وما تخفي صدورهم أكبر 4 أى ما يطوون فى صدورهم وتنطوى عليه نفوسهم أكثر ثما يظهرء إذ إن ما يظهر هو الجزء الذى انبثق من الوكاء» أو هو فى الحقيقة الرشح الذى ظهر من المسام التى تخفى ما وراءها. وهذا الوصف هو فى الحقيقة توبيخ لأولئك الذين يأقنونهم. وحالهم فى البغضاء ظاهرة مكشوفة» غير مخفية ولا مستورة. «قَد ْنَا لَكُم الآيات إن كشم تَعقلون 4 ختم الله تعالى هذه الأحوال بهذا النص الكريم» ليدعوهم إلى التفكير فيما هم مقبلون عليه» وليدعوهم إلى الحذر وتخير خاصتهم وبطانتهم»ء وخصوصا الحكام منهم» فإن البطانة تكون خيرا إن حضت على الخير» وتكون شرا إن حرضت على الشرء والعميق النظر المدرك المتعقل فيما يفعل هو الذى يدرك الأخيار من الأشرار» ولقد قال النبى يللد فيما روى البخارى: ما بعث الله من نبى» ولا استخلف من خليفة» إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخيرء وتحضه عليهء وبطانة تأمره بالشرء وتحثه عليه» والمعصوم من عصمه الله)(20. والآيات المراد بها تلك البينات التى ذكرها صفات وأحوالا لهؤلاء يعرفون بهاء وقد بينها الله للحكام إن كانوا يدركون الأمور بعقولهم لا بشهواتهم (1) رواه البخاري: الأحكام - بطائة الإمام وأهل مشورته: البطانة: الدخلاء (27505: كما رواه النسائي: عنة . 4 تفسيرسورة آل عمران ' وواللا ١ ا‎ 2 وأهوائهم» فمعنى «إإن كنتم تعقلون 4 تدركون الأمور بعقولكم» وإن ذلك لحق» فما رأيت حاكما يتخذ خاصته من غير المؤمنين إلا إذا كان ممن غلبت عليه شهواته وأردته ودولته أهواؤه» وما رأيت حاكما مسلما يتجنب هؤلاء إلا إذا كان ممن غلب عقله هواه» وممن جنبه الله الزلل فى الحكم. بعد هذا أخذ سبحانه يقابل بين إخلاص المؤمنين» وحقد الكافرين الذين يتخذ بعض المسلمين منهم بطانة فقال: ها َنم أولاء تحبونهم ولا يحبوتكم وتؤمنون بالكتاب كله 4 . الإشارة إما أن تكون لعامة المؤمنين: من يتخذون بطانة من الكافرين» ومن لا يتخذون» ويكون المعنى ها أنتم أولاء أيها المؤمنون تحبونهم وترجون لهم الهداية والتوفيق» والخير والرشاد» وتؤمنون بالكتاب كله أى بالكتاب المنزل الذى يحوى شريعة الله تعالى التى لا تتغير ولا تتبدل» فالكتاب هنا جنس للكتب المنزلة كلهاء وهم لا يحبونكم ولا يريدون الرشاد» واستمرار الهداية» بل يريدون إفساد أموركم . وإما أن يكون الخطاب للذين يخطئون ويتخذون منهم خاصة وبطانة ويطلعونهم على سر الأمورء ويكون المعنى ها أنتم أيها الذين أخطأوا تحبونهم وتقربونهم وتجعلونهم خواص لكم وهم لا يحبونكم» وأنتم أكمل إيمانا وأقوى يقيناء لأنكم تؤمنون بالكتاب المنزل كلهء ففى ضمن إيمانكم التصديق بالصادق عندهم» وهم ناقصو الإيمان» فكيف تثقون بهم وهم متكرون جاح دون لا عندلكم؟ ثم ذكر سبحانه حالا لهم تكشف عن كراهيتهم وبغضهم ونفاقهمء فقال سبحانه : <« وَإذَا لَقُوكم قَانُوا آمنَا وإذَا حَلُوَا عضوا عَلَيكُم الأتامل من الغيظ 4 . هذا بيان لنفاقهم» ولا يمكن أن يكون فى بطانة المؤمنين إلا المنافق منهم» سواء أكان من المنافقين الذين أعلنوا الإسلام فى ظاهر أحوالهم وعامة شئونهم 4ه تفسير سورة آل عمران ل الل لل سم ىجا وأضمروا غيره» أم كان من الذين لم يدخلوا فى ضمن المسلمين ظاهرا؛ إذ لا يمكن إلا أن يكون فى قلبه حظ كبير من النفاق ما دام قد قبل أن يعمل خاصة وبطانة لمؤمن؛ لأنه لا يمكن أن يصل إلى هذه المنزلة إلا إذا أبطن غير ما يظهرء إن لم يكن فى شتون الاعتقاد ففى غيرهاء فمن كان شأنه كذلك يكون منافقا لا محالة . ويصح أن يكون المراد المنافقين الذين أضمروا الكفر وأظهروا الإسلام» ويكون هذا واضحاء ويؤيده قوله تعالى: وإذا تقوكم قَالُوا آمنا 4 لأنهم يعلنون الإيمان» ولكن واضح أيضا أن قوله تعالى : : هيا أَيّها اين آمنُوا لا تتَحَذُوا بطانة مَن ذونكم لا يَلُونَكُم خبَالا4 . عامة تشمل المنافقين وغير المؤمنين» فكيف نذكر بعد ذلك أوصاف النافقين فقط؟ والجواب عن ذلك أن النهى عام» وقد ذكر التعليل خاصا بال منافقين» لأنهم الأقرب لتلا يعهد إليهم بخواص الأمورء إذ هم يعلنون الإسلام» ويبطنون غيره» فهم مظنة أن يخدع الحاكم فيهم» فدعاه القرآن الكريم إلى أن يتخير بطانته» وغيرهم لسان حالهم ينفر منهم إلا إذا كان الأمير أو الحاكم من لا يحسنون الحكم ولا معرفة المصلحة. وعلى النظر الأول» وهو أن يكون الكلام فى قوله تعالى: « وإِذًا لقوكم الوا آمنا »4 عاما لكل الكافرين يكون معنى: طقَالُوا آمنَا» أنهم يظهرون الرضا بحكم الإسلام والاطمتئنان إليه» وأنهم يريدون قوة الدولة الإسلامية وعزتهاء فليس الإيمان على حقيقته» بل معناه الرضا بقبول الحكم الإسلامى . ولا شك أن التخريج الآخر أوضح وأبين ومعنى 9 وإذًا خَلَوَا عَضوا عليكم الأتامل من الفيظ * أن الحقد يأكلهم ولا يستطيعون إظهار الألم الشديد فى حضرة المؤمنين» فيدخرون إظهاره حتى إذا خلوا أظهروه فى أقسى مظاهرهء وهى عض الأنامل من الغيظ. والأنامل قيل هى أطراف الأصابع» وقيل الأصابع نفسهاء والمغيظ المحنق دائما يعض الأنامل» فهذا تفسيرسورة آل عمران اللللللل لل للالللاللو لل 01111 ١1 الااا0‎ 7 مظهر لأعلى درجات الغيظء وإن لم يقع من بعض الناس بالفعل» ولذا قال الشاعر: 305 وى كه عديوئةكه 2 فأقتل أقواما لئاما أذلة ١‏ يعضون من غيظ رؤوس الأباههم7) منافقون. والمنافق ليس جديرا بالشقة. ولأنهم لا يسرهم من المؤمنين إلا أن يكونوا فى خبال . وإنهم ما داموا لا يريدون إلا الشر بأهل الإيمان» فإنه يجب أن يستمروا على حالهم من الغيظ. لأن الخير فيما يغيظهم» ولذا قال سبحانه: ‏ قل موثوا بِغيظكم إِنَ الله عليم بذات الصّدور» . الخطاب للنبى يَلِةٌ ابتداء» ولكل مؤمن بالتبع له عليه الصلاة والسلام» وقوله « موثوا بغيظكم 4 ظاهره الأمر بالموت أو الدعاء بالموت» وحقيقته الدعوة إلى استمرارهم على غيظهم ما دام غيظهم سببه نجاح الإسلام ودعوتهء وعموم وقوته» وصيغة الأمر هنا للتهكم عليهم. وقوله تعالى: إن الله عَلِيم بذّات الصّدور» لإفادة أن ما يبيتونه للمسلمين يعلمه الله ويحاسبهم عليه ويعذبهمء فحالهم فى الدنيا شر حالء وفى الآخرة العذاب الأليم» فلهم كمد الدنياء وعذاب الآخرة» وقد جوز الزمخشرى أن تكون تلك الجملة من مقول القول المأمور به فى «قل» وأن تكون من قول الله تعالى» والمؤدى واحدء وهو أن الله عليم بالسرائر والضمائر» وفيها تطيب لنفوس النبى والذين آمنوا بأن الله تعالى ناصرهم وكاشف أمر أعدائهم إذا أطاعوا أوامرهء (1) الأباهم: جمع الإبهام. تفسير سورة آل عمران الالالال ااال الئل احير 173 يك واجتنبوا نواهيه» ولم يجعلوا من أولئك الأعداء بطانة لهم» حتى لا يمكنوهم من دخائل أمورهم » فيكون سر المسلمين مكشوفاء وأمر هؤلاء مستورا. (إه تستكم نه فز وإ بحم سيب يسا بها هده صورة واضحة لأنهم لا يحبون المؤمنين» ويغيظهم صلاح حال المؤمنينء وإمداد الله تعالى بالنصر لهم» ولمعنى إن أنزل الله لكم نعما ونصرا وأمرا حسنا نافعًا فى ذاته ويحسن فى نظركم وينفعكم ساءهم ذلك» وأثار غيظهم وحسدهمء وإن نزلت بكم شديدة وأمر يسوء يفرحواء وتستطار ألبابهم سرورا وحبوراء وقد عبر سبحانه وتعالى فى جانب الحسنة بقوله: 9إن تَمَسَسكُم حسنة 4 وفى جانب السيئة بقوله: وإن تصبكم سيعَة يْرَحوا بها 4 للإشارة إلى تمكن الحقد والحسد فى قلوبهم بحيث إن أى حسنة ولو مست ولم تغمر وتعم - تسؤهم؛ لأنهم يستكثرون كل خير للمؤمن مهما ضؤل كالشأن فى كل الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله» ولا يفرحون بالمصيبة التى تمس» فإنها لا تشفى غيظهم بل لا يفرحون إلا بالمصيبة التى تغمر وتعم وتستمر. وإن هذا كله يدل على أنهم يكيدون للمؤمنين ويبالغون فى الكيد لهم» وإن دفع هذا الكيد يستدعى الصبر والتقوى» ولذا قال سبحانه: فإ وإن تصبروا وتنّقوا لا يضركم كيدهم شيا 4 . أى وإن تصبرواء فتضبطوا أنفسكم ولا تنساقوا فى محبة من لا يستحق المحبة» وتتحملوا مشاق التكليفات» وتقاوموا العداوة بمثلهاء وتردوا اعتداءهم بمثله» وتتقوا الله تعالى» وتتقوا أذاهم» فلا تتخذوا منهم بطانة - إن فعلتم ذلك لا يضركم كيدهم وتدبيرهم السبئ شيئا من الضرر مطلقاء وإن لم تفعلوا ذلك فلم تأخذوا حذركم منهم» وسهلتم دول الغفلة عليكم» ولم تضبطوا أنفسكم عن محبتهم» فإنهم يستمكئون منكم بكيدهم» ولا منجاة لكم من شرهم. وقد قرئ قوله تعالى: «إلا يضركم» بالضم على أن ذلك من قبيل التخلص من التقاء الساكنين بالضمء فإن الفعل مجزوم» فيفك الإدغام» ويتخلص 1 تفسيرسورة آل عمران لاصولا اللا (لجل بيو يي من التقاء الساكنين بالضم أو الفتح» وقد قرئ بالفتح» كما قرئ «لا يُضركم) من « إن الله بمَا يَعْمَلُونَ محيط » ذيل الله سبحانه الآية بهذا النص» ليطمئن المؤمنين ويهدد الكافرين» فالمعنى : الله تعالى محيط بما يعملون إحاطة علم وإحاطة قدرة» وإحاطة العلم فيها بيان أنه لا تخفى عليه خافية من كيدهمء وإحاطة القدرة مؤداها أنه محبط كل ما يدبرون ‏ ومكروا ومَكَرَ الله واللّه خير الماكرين 5:7 4 [آل عمران]. هذه وصايا الله تعالى للنبى يَلِْةٌ وللمؤمنين بالنسبة لسياسة أمورهم مع مخالفيهم» يحترسون منهم» ولا يفرطون فى الثقة بهم. فلا يتخذوا منهم بطانة وخاصة» وإلا كان الدمار والبوار والخبال» وهكذا نحن الآنء» اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا. وإذ عدوت م نأ 2 2000 ا م هم ع مَفَلعِدَ ألله الظلة بو لَمُؤّمِنِينَ لقتال عدم اهلك قد دَهَكَّتَ 0000 غرم 2 ولتق وه آذ تل إذهمت طايفتان م: أن تَفمَك و مه 00 آم و ولق 2-7 م مو و5 00 3 060 0000 0 م جم أذلة تقوأاً ل كك ود حية اذ فى الآيات السابقة بين سبحانه وتعالى ما بيته أعداء المسلمين من خبال وأذى ينزلونه بهم إن اتخذوا منهم بطانة يلقون إليهم بالمودة ويكشفون سرائرهم لهم» وبين أن أولئك المنافقين تسوءهم مصلحة المؤمنين» وتسرهم مساءتهم» وأنه للا تفسير سورة آل عمران 0 لسر لا علاج إلا أن تحذروهم وتصبروا عليهم» وتتقوا الله تعالى» وتصونوا أنفسكم عن تمكينهم من الأذى» وفى هذه الآيات يشير سبحانه إلى بعض صنيعهم فى شديدة للمسلمين» وكيف كانوا يبثون الشك والفوضى فى نفوس المجاهدين؛ ما جعل بعضهم يفكر فى أن يفشل ويعجز وتخور عزيمته» ولقد أشار سبحانه فى ذلك إلى غزوة أحد وغزوة بدرء فقال سبحانه: «وَإِذ عدوت من أهْلك تَبْوَئّ الْمُؤِْينَ مَقَاعد للْقعال 4 هذه الآية وما تليها نزلت فى غزوة أحدء إذ خرج النبى يَكلِهِ فى السحر من السابع من شوال فى السنة الثالئة من حجرة عائشة». وأخذ يصف المؤمنين للقتال» ويقف كل فريق منهم فى موقفهء وقد جعل الرماة من وراء المقاتلين» وأمرهم بأن يكونوا وراء ظهور المقاتلين ينضحون عنهم بالنبل» وقال لأميرهم: «انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتونا من خلفناء إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك» لا نؤتين من قبلك» وأمر الجيش كله ألا يتحرك إلا عندما يأذنه بالحركة» حتى إن أحد الأنصار استشرف للقتال وتمناه عندما رأى قريشا قد سرحت أفراسها وإبلها فى زروع المسلمين» وقال: «أترعى زروع بنى قيلة (يعنى الأنصار) ولما تضارب». وهذا موّدى قوله تعالى: «وإذ غدوت من أهلك » ومعنى غدوت: أصبحت مبكرا مسارعا إلى تنظيم جيش المؤمنين جيش الله تعالى» والغدوة والغداة أول النهار» ويذكر الغدو والغداة أول النهار» ويذكر الغدو مقابلا بالآصال أى وقت العصر وقبل المغرب» ومن ذلك قوله تعالى: في بيوت أَذن اللّهِ أن ترقَع ويذكر فيها اسمه يُسبّح لَهُ فيها بالْغدرَ والآصال +4420 [النور]. وقوبلت الغداة بالعشى» ويطلق الغدو على الذهاب ويكون مقابلا للرواح» ومن ذلك قوله تعالى فى الرياح: طعُدُوُهَا شَهِرٌ وَرَوَاحَهَا شهِرٌ ...422 [سبأ] وذلك لأن الذهاب عادة يكون فى البكورء وتبوئ معناه تسهل وتنظم وتثبت» وأصله من البواء وهو مساواة الأجزاء فى المكان» وبوأت له مكانا سويته»ء ومن ذلك قوله تعالى: وَأَوْحينا إلَى مُوسئ وأخيه أن تبَوَءًا لقَومكُمًا بمصر بيوتا ... 44207 [يونس]. 1 تفسيرسورة آل عمران الللللللللاالللااا اللا رب أ وعلى ذلك يكون معنى قوله تعالى: 9 تبوئ المؤمئين مقاعد للقتال 4 أى تسوى لهم بالتنظيم والترتيب مقاعد للقتال» فهى إذا تتضمن معنى التنظيم والتهيئة والاستعداد» ولقاء المشركين صفا واحداء كأنهم بنيان مرصوص . يقفه» ولكن النص السامى الكريم قال: 8 مقاعد للقتال4 فعبر عن المواقف بالمقاعد للإشارة إلى وجوب الثبات والسكون. حتى لا يتحركوا إلا بأمر من القائد الأعظم وهو النبى َل وقد كان الثبات سبب النصر فى غزوة أحد» والهزيمة كان سببها عدم الاستمرار فى البقاء فى مواقفهم» ذلك أن الرماة عندما رأوا المؤمنين قد انقضوا بأمر النبى كك على الملشركين يقتلونهم ويزيلونهم عن مواقفهم. تركوا مواقمهم وذهبوا وراء المؤمنين يغتمون ويأخحذون» فانقض عليهم حت إِذا فدئم تضم في الأغر وعم من ند ما رُم م بود مكم من يريد الانيا ومكم من يريد الآخرة .. ٠‏ 7ق 4 [آل عمراد] ومن هنا كانت إصابة المسلمين فى موقعة أحد. «إوالله سميع عليم4 ذيل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهذا النص السامى لبيان أنه تعالى مطلع على ما كان يجرى بين المؤمنين وبين النبى كَلكاْةٌ من مشاورات» وما استقر عليه رأى كثرتهم ء ثم نزوله عليه الصلاة والسلام عند رأى الكثرة» ثم عدول الكثرة إلى رأى النبى يَلكِْةّ» ثم قول النبى لهم معتزما إمضاء ما المحتمل ضرره أكثر من المضى ولو فى الرأى المحتمل للخطأ فإن صواب الحروب وخطأهاء لا يتبين» وإن التردد فيها يقتل» والمضاء فيها ينصرء وبين بهذا التذييل أيضا أن الله تعالى عليم بخفايا القلوب» فهو يعلم ما تهم به قلوب المؤمنين» وما توسوس به قلوب المنافقين» وما يبثونه من روح الذعر والهلع فى نفوس المؤمنين» وبحديثهم مستجابا فى قلوب ضعفاء الإيمان» وهم الذين قال القرآن عنهم : ف في قلوبهم مض .. .22# 4 [ البقرة] . م تفسير سورة آل عمران لل اللو 1 لح لاا ولقد علم الله ما كان من المؤمنين والمنافقين من مناقشات عندما ساور المدينة المشركون فى العام الثالث» وأرادوا أن يثأروا من الدماء التى أصابتهم فى بدرء فقد جمع النبى وله أصحابه ليستشيرهم فى الأمرء أيخرجون إليهم» أم يبقون حتى يجىء العدو إليهم فى الديار» فقال بعض المؤمنين: (أقم يارسول الله بالمدينة» ولا تخرج إليهم» فوالله ما خرججنا منها إلى عدو قط إلا أصاب مناء ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه» فكيف وأنت فينا؟ فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر محبسء وإن دخلوا قاتلهم الرجال فى وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة» وإن رجعوا رجعوا خائبين). وعارض ذلك الرأى الآكثرون ممن لم يحضروا بدرا فقالوا: (اخرج بنا يارسول الله إلى هؤلاء الأكلّب لا يرون أنَّا قد جنا عنهم). وما زال أولئك الذين لم يحضروا بدرا بالرسول حتى نزل عند رأيهم» وقد كان إلى الأول أميل . وتركهم وعاد إلى أهله ليلبس لأمةَ الحرب». فتلاوم المسلمون فيما بينهم» وقال قاتلهم: بئسما صنعناء نشير على رسول الله تَلِةِ والوحى يأتيه؟ فلما جاء إليهم الرسول قالوا: اصنع يا رسول الله ما رأيت» فقال الرسول كَكْةِ ذو العزم: «ما كان لنبى لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه»(22. وقد خرج رسول الله كَلِةٍ فى ألف من أصحابهء وكان عدد المشركين ثلاثة آلاف» وكان مع المسلمين طائفة من المنافقين» على رأسهم عبد الله بن أبى ابن سلول» فرأى أن يحدث الخلل فى الصفوف فرجع ومعه نحو ثلاثمائة ممن على شاكلتهة وضعاف الإيمان» وبرز تخاذله بأنه كان يرى ألا يخرج إليهم المؤمنون وأن يبقوا بالمدينة» ومنهم من زعم أنه لا قتال» وقالوا: «لو تعلّم قثَالاً لأتبعناكم ... 2 4 [آل عمران ] . )١(‏ جاء في البخاري في ترجمة «بَاب فول الله تَعَالَى #وأمرهم شورى بيْتهُم*. وأحمد: باقي مسد المكثرين (0475). نا تفسير سورة آل عمران |اخااا لا )للاخ م 1 !]اللا ططخ العممماماماماماماماماماانمامماممملمماامللاامخممم الكل قلقلا ممع للخل للخ اممامممخغمسس مخ لل ك خالا للة للا 8ككككوة :” يي وقد ظهرت عداوة المنافقين» وبرزت نياتهم» وتكشفت سرائرهم» حتى إن أعمى منهم قد مر النبى فى بعض أصحابه بحائطه (أى بستانه) فأخذ يحثو التراب فى وجوههمء ويقول وقد أخذ حفنة بيده: لو أنى أعلم أنى لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك فابتدره القوم ليقتلوه» فقال النبى كَةِ: «لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب» أعمى البصر» وفى وسط تلك الزوبعة التى أثارها المنافقون بانشقاقهم عن الجمع وعودتهم إلى المدينة ألقوا الرعب فى قلوب بعض الضعفاء» حتى لقد هم بعض المؤمنين بالفشل» وهذا هو ما يشير إليه قوله تعالى: إِذ هَمّت طَائقَعَان منكم أن تَفشلا واللّه وليهما 4 . الهم هو حديث النفس واتجاهها إلى أمر معين من غير تنفيذ» فحديث النفس هو ما يأخذ طريق التنفيذ» فإذا أخحذ طريق التنفيذ فهو إرادة وعزيمة» ومن ذلك قوله تعالى: «وَهَمُوا با لم ينالو 4 والفشل ضعف مع جبن» ومن ذلك قوله تعالى: ولا تَازَعوا فَتَفْشْلوا وتذهب ريحكم ... 257 4 [الأنفال] ومن ذلك أيضا قوله تعالى: حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد مّا أراكم ماتحبون » ومعنى النص اذكر أيها النبى الكريم أنت وأمتك أثر إفساد المنافقين إذ اتخذتم منهم بطانة» اذكر ذلك إذ همت طائفتان منكم أن تفشلاء أى إذ حدثت نفسها طاتفتان من المؤمنين لا من المنافقين أن تفشلا وتضعفا فى وقت الشديدة والكريهة, .مع أن الله تعالى وليهما وناصرهماء ومن يكون الله معه لا ينهزم إلا إذا الف أوامر الله وأوامر نبيه وقائده الأعلى» فذكر ولاية الله تعالى فى هذا المقام لسببين: أحدهما: أن المنافقين استطاعوا أن يؤثروا فى المؤمنين ذلك التأثير السيئ مع أن المؤمن يشعر دائما بولاية الله تعالى وعزته» وأنه سبحانه وتعالى ينصر من تفسير سورة ال عمران 0س لل بلجب _راو -- ينصرهء وهو القوى العزيزء وأن هذا يوجب أن يعمل الهادى والمرشد على أن يصون نفوس المؤمنين من أن يدخل إليها شياطين الإنس من المنافقين والمخادعين . الثانى: أن ذلك فيه معنى التوبيخ لأولئك الذين تأثرت نفوسهم بأولئك المنافقين لأنه ما كان ينبغى لهم أن يستمعوا إلى دعاية المنافقين» أو أن يفتحوا لها بابا تدخل منه إلى قلوبهم» ولكن هكذا البشر تتسرب إلى نفوسهم وسوسة الشيطان من حيث لا يشعرون. وإن الطائفتين اللتين همتا بالفشل هما بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج» وكانا جناحى العسكر يوم أحدء وقد ذكر البخارى عن جابر قال: فينا نزلت: 9إذ همت طائفتان مسكم أن تفشلا واللّه وليهمًا 4 . نحن الطائفتان بنو حارثة وبنو سلمة» وما نحب أنها لم تنزل لقول الله عز وجل: 9 واللّه وليهمًا4 « وعَلَى الله فَليَتوَكل المؤمنون» وإذا كان الله سبحانه وتعالى ولى المؤمنين حتى من يهم أن يضعف متأثرا بحركات المنافقين» فإنه سبحانه وتعالى هو الذى يتوكل عليه المؤمنون» والمؤمن بوصف كونه مومنا لا يعتمد على حليف أو نصير» وإنما يعتمد على الله تعالى وحدهء فإذا كان المنافقون قد خذلوا المؤمنين فى ساعة العسرة فإن الله معهم وناصرهم» ولن يخذلهم ما داموا آخذين بأوامره منتهين عن نواهيه» ولن يتمكن منهم فى هذه الحال أعداؤهم 9 واللّهِ من ورائهم محيط لله # [البروج]. والتوكل الحقيقى لا يستدعى ترك الأسباب» فإنه لا توكل إلا بعد الأخذ بالأسباب» إذ إن حقيقة التوكل الذى طالب الله تعالى به هو أنه يأخذ بالأسباب ويستعدء ثم يترك الأمور لله تعالى» فإنه قد يعرض للإنسان ما ليس فى حسبانه» فعليه أن يترك تلك المنطقة الغيبية لعلام الغيوب» والدليل على أن التوكل فى القرآن والسنة يستدعى اتخاذ الأسباب» أنه يجتمع مع الجهاد والمشاورة» فاللّه 4 تفسيرسورة آل عمران كه < يي تعالى يقول: ا وشاورهم في الأَمْرِ فَإذَا عَرَمْت فَمَوكَلَ علَى الله ... +423 4 [آل عمرات ]. وفى الآية التى نتكلم فى معانيها السامية جاء الأمر بالتوكل بعد أن أخذ النبى يلد يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال. ويأخذ الأهبة ويستعدء وإذا كان التوكل ترك الأسباب قَلم كان الأمر بالعمل والقتال وغيره من التكليفات التى تكون سببا ' ( ولقد نصركم اللّهِ ببدر وأنتم أَذلّة4 بعد أن أشار سبحانه إلى تأثير أهل . السوء مع كثرة المؤمنين - فى غزوة أحد وكيف حاولوا أن يوهنوا عزائم المؤمنين أخذ سبحانه وتعالى يبين غزوة بدر» وقد كانت وليس بين المؤمنين منافقون؛ لأن أولئتك المنافقين ما دخلوا إلا بعد أن وجدوا أن كلمة الله هى العلياء فأظهروا الإسلام وأبطنوا غيره» وكان منهم يهود ومنهم مشركونء فكان المسلمون قلة» ولكن لأنه لم يكن بينهم منافقون: ولم يتخذوا بطانة من غيرهم نصرهم الله سبحانه وتعالى. والمعنى أن اللّه تعالى نصركم والحال أنكم كنتم قليلا وكنتم مستضعفين فى الأرض كما قال تعالى: « واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأَرْضٍ تَحَافُونَ أن يتخطّفكم الئاس فاواكم وأيّدكُم بنصره ورزفَكم من الطَّيئات لعلّكم تشكروت 27> 4 [الأنفال] . وإن ذكر هذا يدل على أمرين: أحدهما: أنه لابد من التفويض إلى الله تعالى مع أخذ الأسباب» والثانى: أن القلة مع نقاء القلوب وتلاقى العزائم يكون معها النصر؛ لأن توحيدد الغرض قوة فى ذاته تكافئ قوة العتاد والعدة. وقد يقول قائل: كيف يعبر القرآن الكريم عن المسلمين بأنهم كانوا أذلّة قبل بدر؛ والذلة أمر نفسى» وما كانوا كذلك فى أى دور من أدوارهم. فأولئك الضعفاء الذين كانوا يفتنون فى دينهم فلا يغيرون هم فى عزة نفسية أكثر من مضطهديهم» والله تعالى يقول: وله العزة ولرسوله وللمؤمنين ... نه 4 ها تفسير سورة آل عمران الالالال للا :0 كه 37 [المنافقون] ويقول فى وصف المؤمنين : نما وليكم الله ورسوله ودين آمنوا الْدين يقيمون الصلاة ويؤتون الرّكاة وهم راكغوت (2) 4 [المائدة] ويقول تعالى: « أشداء على الْكَفَار رحماء بينهم ٠٠‏ رقت © [الفتح ] ؟. والجواب عن ذلك أن الذلَّة التى وصف بها المؤمنون قبل بدر هى مظاهرها من ضعف العدة» وقلة العدد وقلة المال» حتى إنه لم يكن معهم ظهرء وقد خرجوا للقاء المشركين فى بدر» وقد قال الزمخشرى فى معنى كلمة أذلة: «والأذلة جمع قلة» والذلان جمع الكثرة» وجاء بجمع القلة» ليدل على أنهم على ذلتهم كانوا قليلاء وذلتهم ما كان بهم من ضعف الحال» وقلة السلاح والمال» والمركوب» وذلك أنهم خرجوا على النواضح» يعتقب النفر منهم على البعير الواحد. وما كان بينهم إلا فرس واحدء وقلتهم أنهم كانوا ثلاثمائة وبضعة عشرء وكان عددهم فى حال كثرة زهاء ألف مقاتل» ومعهم مائة فرس والشكة والشوكة). فليست الذلة ذلة النفوس إنما هى ظاهر الحال وما كان فيه من ضعف. «فَانّقَوا الله لَعلّكُمْ تَشْكرُونَ4 إذا كان النصر من عنده تعالى» وهو ولى المؤمنين» فعليهم أن يتقوه» والتقوى معناها استشعار هيبته وجبروته وعظمته وقوته» وأنه إن أراد بقوم خيرا فلا يستطيع أهل الدنيا أن يمنعوه» وإذا أراد بقوم سوءا فلا يستطيع أن يمنعه من قوة الله تعالى» فلا عزة إلا منه» ولا ذلة إلا فى عصيانه» وأن التقوى على هذا المعنى توجب الشكر» ولذلك قال بعد اللأمر بالتقوى: ١‏ لَعَلَّكُمَ تَشْكرُون 4 أى اتقوا الله تعالى وهابوه» وأقروا بأن الكبرياء له وحده فى السموات والأرض» رجاء أن تشكروه بهذه التقوى» والرجاء من العبيد لا من الله تعالى» فهو الغنى الحميد» فالتقوى هى فى الحقيقة شكر الله تعالى» لأنه سبحانه هو المنعم وهو اللتفضل فى كل ما يتعلق بالإنسان من نعم هذا الوجودء وشكره أن تعرف حق ما أسدىء. وما تدل عليه النعم من جلال الله وعظمته» فاللهم وفقنا لتقواك» ليتحقق منا شكرك» إنك أنت العلى الوهاب. تفسيرسورة آل عمران للمللا ال اللللفوااللل االللو ل اااللللل الل لللل ب ب 1 لي < 6 تَفْوَلَللْمُوّمِنيتَ سس اق 0 20 هه أأن يكفيكم أن يعدم رَجَكُم لم اك تاكيك اام آذآ ره 6 مرإ مل 2د بن تصيرو أ تفقوأ وبأ فور ابمَددم ركم بحَمْسَةٍ يحَمْسَةَ ءا للف من لم1 كي مسو مين 122 ل 27 لتم لانن نولم لمكيو 12 لطر نَل َكتردا يجين كيين 2 اختلف المفسرون فى هذه الآيات» أهى فى غزوة بدر الكبرى التى جعل الله فيها الكلمة العليا للمسلمين» والكلمة السفلى للمشركين» والتى خرجت بالمؤمنين من حال الضعف فى الأرض إلى حال القوة فيها؟ أم هى فى غزوة أحد التى اختبر الله المؤمنين إذ لم يتبعوا أمر الله تعالى الذى يتضمن الطاعة للرسول ولأولى الأمرء فبين لهم سبحانه وتعالى نتيجة المخالفة بذلك الاختبار الشديد» قال بعض الممفسرين: إن الآية فى غزوة بدر الكبرى». لأن الله تعالى يقول قبل هذه الآية مباشرة: 9 وَلَقَدْ نَصِرَكُم الله بر وأَنتُم أذ َانَهُوا الله َعلْكُمْ تَشْكْرُونَ» . فقد ذكر النصر مجملا فى هذه الآية فيكون ما بعدها تفصيلا لمجملهاء وتكون هذه الآيات الكريمة التى نتكلم فى معانيها السامية بياناً لأسباب هذا النصرء وهذا يتفق مع السياق. وقال أكثر المفسرين: إن هذه الآيات فى غزوة أحدء فقوله: 8إِذ تقول للْمَؤمنينَ ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بلاثّة آلاف من الملائكة منزلين +23 4 [آل عمران] فى موضع البيان أو البدل من قوله تعالى : إذ همّت طائفتان ن منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتَوكلٍ المؤصون +22 4 [آل عمران] . تفسير سورة آل عمران سسا 519ب ك0 سورب ا إن الرواية تؤيد ذلك إذ روى عن كثيرين من التابعين أن إمداد الله بالملائكة كان فى بدر بألف» كما قال تعالى : «إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أَنّي ممدكم بألف مَن الملائكة مردفين +3 * [الأنفال]. وقد ذكر الضحاك فى قوله تعالى: «ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بعَلاثّة آلاف» أن هذا كان موعدا من الله يوم أحدء عرضه الله على نبيه محمد وَكَْة وقد روى أن المجاهدين قالوا لرسول الله كلد وهم ينظرون المشركين: أليس الله تعالى يمدنا كما أمدنا يوم بدرء فقال رسول الله : ( ألن يكنفيكم أن يمدكم ربكم بَلاثة آلاف من الملائكة 4 . ويرجح شيخ المفسرين ابن جرير أن هذه الآية فى غزوة أحد. وإنا نختار ذلك الرأى؛ لأن الآيات من بعد ذلك ستتكلم على نتائج غزوة أحد فى تفصيل بيّنء وما كانت الإشارة إلى بدر إلا من قبيل التذكير بحال المجاهدين ذ فى الغزوتين» وأن حالهم فى الأولى أوجبت النصرء وما كان فى أثناء القتال أنتتجت ذلك القرح الذى أصاب المسلمين فى تلك الغزوة وهى أحد: 8 إذ تقول للمؤمدين أن يكفيكم أن يمدكم ريك بعَلانَة ة آلاف من الملائكة منزلين ‏ . على الرأى المختار وهو أنها فى غزوة أحد تكون كلمة «إذ ظرف زمان بدل من (إذا فى قوله تعالى: إذ هَمّت طائفتان منكم أن تَفْشلا واللّهُ ولِيْهُمًا 4 ففى هذا النص السامى بيان حال الوهن الذى أصاب بعض المؤمنين » وفى هذه الايات التى نتكلم فى معناهاء عمل الله ونبيه على علاج هذا الوهن» وهو بالبشرى التى يزفها لهم من تأييد لهم بالملائكة ينزلون إليهم. وإن ذكر عدد الملائكة هنا مناسب لعدد المشركين؛ لأن عدد المشركين كان نحو ثلاثة آلاف أو يزيدون» وعدد المسلمين كان نحو ألف؛ انخذل منهم نحو ثلثهم قبل القتال» وهم أولئك الذين اتبعوا رأس النفاق عبد الله بن أبى» كما أن عدد الملائكة كان مساويا لعدد المشركين كانوا نحو ألف. وعدد المؤمنين نحو ثلاثمائة» وإن هذا مما يزكى أن الآية التى نتكلم فى معانيها السامية نزلت فى غزوة أحد. تفسير سورة آل عمران ل لاا اللا لجل مزه يي وقوله تعالى على لسان نبيه: «( أن يكفيكم أن يمدكم 4 تومئ إلى أن حالا من الخور قد اعترت نفوس بعض المحاربين» إذ إن الاستفهام كان منصبا على (لن) التى تفيد النفى المؤكد» والمعنى: أمن المؤكد أنه لا يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين» وهذا فرق ما بين الاستفها إذا دخل على «لا» والاستفهام إذا دخل على «لن» فالأول استفهام منصب على نفى غير مؤكدء والثانى استفهام منصب على نفى مؤكد» وذلك يدل على خور قد اعترى بعضهم» فكانت الحال فى الابتداء عن بعض المحاربين تومئ إلى احتمال هزيمة. ومعنى الآية الكريمة فى الجملة: تذكر حالهم أيها النبى الكريم فبعضهم هم بأن يفشل» وأن قوما قد نكصوا على أعقابهم» وأثر ذلك فى نفوس غيرهم» وأنك بأمر ربك وعدتهم بأن يمدهم الله تعالى بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين» أى ينزلهم الله تعالى إلى أفئدتهم فؤادا فؤاداء ويكون منهم النصر العزيز بأمر الله تعالى» وإن هذه الحال» وهى ابتلاء الوهن على نفوس بعض المسلمين» جعلت النبى َك بأمر ربه يعدهم وعدا أَوقَى» ويزيل احتمال عدم الكفاية من مدد الله ويؤكد الكفاية فيقول تعالى: بن إن تبروا وتوا ويأوكم من فارهم هذا ددحم رُم َس آلا من الْمَلائكَة مسومين4 «بلى» هنا إجابة لحاجتهم من المعونة الروحية» وفيها معنى الإضراب عن الإمداد الكثير إلى الإمداد الأكثر». والمعنى: يكفيكم أن يمدكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة» ونرى من المقابلة بين النصين الكريمين أن النص الأول فيه استنكار للنفى المؤكد ب «لن» من أن ثلاثة آلاف لا يكفى» وفى هذا النص تأكيد بأنه يكفيهم خمسة آلاف» ولكن الكفاية لا تتحقق فى ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف إلا بشرط» وهو الصبر»ء والتقوى» ولذا قال تعالى: لا بَلَئْ إن تَصَبروا 4 أى إن تسربلتم سربال الصبر» واستشعرتم تقوى اللّه» وعلمتم أن النصر من عندهء فإنكم لا محالة منتصرون» وسيمدكم الله بروح منه» أولئك الملائكة الأطهارء وإن الصبر هو قوة الحروب» والصبر يتقاضى أن يضبط المجاهد نفسه فلا ينساق وراء ا تفسير سورة آل عمران 4 اولان «لج بز يي هوى المال» وأن يضبط نفسه فلا يفر فى لقاءء والتقوى تتقاضى التوكل بعد الأخل فى الأسبابء والاعتماد على القوى القهار الغالب على كل شىء» فبالتقوى والصبر تفيض الروحانيات المؤيدة التى هى مدد الله من الملائكة. ومعنى #ويأتوكم من فورهم» أى من ساعتهم» والأصل فى الفور“أنه مأخوذ من فوران القدرء ونحوهاء ثم استعير للسرعة؛ ثم صار بمعنى التعقيب وعدم التراخى» ويطلق على كل حال لا تأخير فيها ولا بطء. ومعنى طمسَوْمِين» أى مكلفين أو مرسلين. ومعنى النص الكريم: إن تصبروا وتتقوا ويأتوا من ساعتهم وقد استعددتم له أتم استعداد» فإن الله تعالى ‏ ممدكم بخمسة آلاف من الملائكة - يرسلها تأييدا لكم. ولقد قرر بعض العلماء أن الله أمد المؤمنين فى بدر بالملاتكة» ولم يمدهم بها فى أحدء وقد قال فى ذلك الطبرى: إن الله أخبر عن نبيه محمد كَللِِةِ أنه قال للمؤمنين : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة» ثم وعدهم بعد الثلاثة آلاف بخمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم» ولا دلالة فى الآية على أنهم امتدوا بالشلاثة آلاف» ولا بالخمسة الآلاف ولا على أنهم لم يمدوا بهم ولا خبر عندنا صح من الوجه الذى يشبت أنهم أمدوا بالثلاثة آلاف» ولا بالخمسة» وغير جائز أن يقال فى ذلك إلا بخير تقوم الحجة به» غير أن فى القرآن دلالة على أنهم أمدوا يوم بدر بألف. وذلك قوله تعالى: إإِذ تَستغيثون ربكم فاستجاب لكم أَنَي مُمِدُكُم بألف من الْمَلائكة مُرْدفِينَ لج 4 [الأنفال] أما فى أحد فالدلالة على أنهم لم يمدوا أبين منها فى أنهم أمدواء وذلك أنهم لو أمدوا لم يهزموا ونيل منهم ما نيل منهم) . ونحن نوافق شيخ المفسرين فى ذلك» ذلك أن شرط الإمداد كان الصبر والتقوى؛ والصبر أى ضبط النفس لم يكن من الرماة الذين أمرهم النبى كَل أن يحموا ظهر المؤمنين» فلا يتحركون سواء أكانت الجولة الأولى للمؤمنين أم كانت عليهم . تفسيرسورة آل عمران لللالللط لل لل اللا ١ ل‎ 7 2 ولكن ما معنى الإمداد؟ وهل نزل الملائكة إلى الأرض حاملين السيوف مقاتلين فى صفوف المؤمنين؟ لقد ذكر بعض الرواة أنهم نزلوا ذلك النزول» ويكون معنى الإمداد هو الإمداد الحسى الذى يرى ويسمع ولكن ليست هذه الرواية هى المشهورة وإن الحق فى الموضوع أنهم لم يروا مقاتلين» ولا محاربين. وإذن كيف كان الإمداد؟ الإمداد من مده بمعنى بسطهء ثم أطلق على الزيادة فى المال والقوة» ويصح أن يطلق بمعنى الإمداد الروحى» وليس معنى الإمداد الروحى هو تقوية العزيمة فقط»ء بل معناه أن الله يفيض بأرواح الملائكة المطهرين» فتكون فى قلوب المؤمنين تثبتهم وتقويهم»ء وتطهر نفوسهم. وتجعلها نحو الدين» ثم تفيض هذه الأرواح من الملائكة فتشبط المشركين وتخذلهم وتلقى الرعب فى قلوبهم» فعمل الملائكة تثبيت المؤمنين وإلقاء الرعب فى قلوب المشركين» ولذا قال تعالى فى غزوة بدر الكبرى : < إِذ يوحي ربك إلى الملائكة أنّي معكم فبتوا الذين آمنوا سألّقي في قلوب الّذين كفروا الرعب .. . 2 4 [الأنفال] وعلى ذلك نحن نميل إلى أن نزول الملائكة نزول روحى» والأرواح الطاهرة المطهرة تحل فى قلوب أهل الحق. إذا وجد عندهم الاستعداد لتلقيهاء والاستعداد لتلقيها يكون بالتقوى وتخليص النفس من أهوائهاء وضبط المشاعر والإحساسء» حتى يكون الجو الروحى الذى يمكن أن تنزل فيه تلك الأرواح التى هى نور خلقه الله تعالى» ولذلك كان الشرط فى نزول الملائكة» وإمدادهم للمؤمنين» أن يصبر المؤمئون جميعا ويتقوا. ولا يكون فى فريق منهم ما يجعل للهوى فى قلبه سبيلا فيمنعه من ذلك التلقى الروحى. وإن ذلك هو رأى الطبرى فقد ذكر ذلك فى تفسير قوله تعالى : © فَتبتوا الّذِين آمنوا 4 إذ قال: (قووا عزائمهمء وصححوا نياتهم» فى قتال عدوهم من المشركين» وقيل كان ذلك بمعونتهم إياهم بقتال أعدائهم) ونرى بهذا أنه اعتبر من قال إنهم قاتلوا معهم قوله ضعيف, ولذا عبر عنه بقيل» وقد أنكر أبو بكر الآصم من فقهاء الحنفية قتال الملائكة. وقرر أن ذلك إن كان فهو من أعظم المعجزات ولم يذكر قط أنه معجزة» ولأن ملكا واحدا يكفى لدك مدائن» ا تفسير سورة آل عمران لل اللو ا 0 نبل بم 6 فلا تكون ثمة حاجة لعدد من الملائكة ألفا أو ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف» وإنا المراد تقوية القلوب والعزائم . هذاء وإننا ننتهى من هذا إلى أن الملائكة وهى الأرواح المطهرة نزلت» وامتزجت بأرواح أولئك الصديقين الأطهار فى يوم بدرء وكان النصر من عند الله تعالى. وأن الأرواح الطاهرة من الملائكة قد تلابس أرواح أمثالهاء ولا دليل من العقل يمنع وقد قام الدليل من النقل» والله سبحانه وتعالى أعلم . «وما جِعلَه الله إلا بشرئ لَكم ولتطمئن قُنُوبْكُم به4 أى وما جعل الله تعالى ذلك الوعد الذى ساقه على لسان رسوله لكم إلا تبشيرا لكم بالنصر إن أخذتم الأهبة» وسلكتم الجادة واستقمتم فى إطاعة القائد الحكيم» والمدبر العظيم» وقد كنتم فى حاجة إلى هذا الوعد» إذ أصاب بعضكم الوهن عندما رجع المنافقون بجموعهم وهم ثلث الجيش يقولون: «لو نعلم قتالا لاتبعناكم» حتى لقد همت طائفتان منكم أن تفشلا؛ ولذلك قال تعالى: «إ ولتطمكن قلوبكم به» فهذا الوعد الإلهى الذى جاء على لسان النبى الأمى كان للتبشير بالفوز إن صبروا واتقواء ولتطمئن قلوبهم به وليذهب فزع الذين أصابهم الفزع عندما كان من المنافقين ما كان. ولقد يقول قائل: كيف تكون البشرى مع أن النتيجة لم تكن نصراء والبشرى يكون فيها الفوز ولا فوز هناء والله سبحانه وتعالى لا يتخلف قوله ولا وعده؟ ونقول فى الحواب عن ذلك: إن تلك البشارة مقرونة بشرطها من جانبهم وهى أن يتقوا ويصبرواء وما صبروا أو على الأقل ما صبر الرماة منهم لأنهم ما ضبطوا أنفسهم» بل خالفوا نهى النبى يَلكِةُّ واتبعوا هواهم فكان ما كان». وفوق ذلك فإن البشرى قد تحققت فى أن الله تعالى ألقى فى قلوب المشركين الرعب عندما تلاوموا فيما بينهم بعد أن أصابوا من المؤمنين قرحاء وقال قائلهم: الم تصنعوا شيئاء أصبتم شوكتهم وحدهم وقد بقى منهم رءوس يجمعون لكمء فارجعوا حتى نستأصل شأفتهم» وما زالوا حتى أجمعوا الكرة على المؤمنين ولكن 4 تفسيرسورة آل عمران ااا ال نا أ زا الله تعالى أركسهم وخذلهم» وألقى فى قلوبهم الرعب» فرضوا من الغنيمة بالإياب . وما التصر إلا من عند الله العَزِيزٍ الحكيم 4 هذا تقوية لمعنى البشرى» ورد على كل الأوهام التى ثارت» وفيها أمر لهم بالتفويض لربهم» وأنهم إن كانوا قد أصابتهم جراح لأخطاء ارتكبوهاء ومخالفات للطاعة وقعوا فيهاء فإن الله تعالى لم يتخل عنهم» ولا نصر إلا من عنده» لآن كل شىء بيده» وقد حرم المشركين من ثمرات ما فعلوا حتى عادوا من غير نصر نالوه» وإنه يعدكم النصر منه متى أخذتم بالأسباب» وتركتم عوامل الخذلان» وقد وصف ذاته الكريمة بأنه عزيز حكيم؛ لأن ذلك هو الذى يناسب المقام» فالله سبحانه عزيز غالب قهار لا يغلب» وهو حكيم لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماءء وقد وعد بالنصرء فالنصر آت لا ريب فيه. «ليقطع طَرقًا من الذين كفروا أو يكبتهم فَينَقلبوا حَائبِينَ4 فى هذا النص الكريم بيان لثمرات نصر الله تعالى» وفيه يتبين أن نصر الله لعبادة المؤمنين ينتهى إلى غايات منها: أن يقطع طرفا من الذين كفرواء وفسر العلماء ذلك بأن يقتل فريق منهم ويؤسر فريق» فإن ذلك قطع لهمء وعندى أن قطع طرف من الذين كفروا يتحقق بذلك» ويتحقق بما هو أقوى منه» وهو أن تنقص عليهم الأرض من أطرافهاء ويستولى على جزء من أرضهمء حتى يتحقق قوله تعالى: ل وأورنكُم أرضهم وديارهم وأموالهم ... 20> 4 [الأحزاب]. ومن غايات النصر ونتائجه أن يكبت الله تعالى الذين كفروا بسبب كفرهم» والكبت يطلق بعدة معان» فيراد به الرد العنيف» ويراد به شدة الغيظ» وقيل: إن أصله الكبدء. أى إصابة الكبد وتقريحه بالغيظ الشديدء ويطلق ويراد به الخزى» والمعنى أن من غايات نصر الله تعالى للمؤمنين أن يصاب الذين كفروا بالغيظ الشديد والخزى والألم النفسى» حتى يخبو صوت الكفر» ويعلو صوت الإيمان» ويصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعند الناس ينقلبون» أى يعودون خحائبين. وفى التعبير عن العودة بالانقلاب تفسير سورة آل عمران الالال اا10اااللل ل الملل ا لجل بر يي إشارة إلى أن مقاصدهم قد انقلبت» فقد أرادوا اقتلاع الإسلام فما وهن المسلمون» وأرادوا أن يطفئوا النور فما انطفأء فالانقلاب عودة من غير تحقق المقاصدء وفى هذا إشارة إلى أن الجراحات التى أصابت المؤمنين لم تكن نصرا للكافرين» بل قد كانت ثمرة النصر للمؤمنين» إذ قد انقلب الكفار خحائبين: ورد الله الّذِينَ كفروا بغيظهم لم يتَالُوا خَيرا ... +20 »4 [الأحزاب ]0 9 وَعَلَى الله 2 7 1 ا سه سل م 00000 0 0 أوستوب ددهم لهم ليلو 2 سه سه 2 َو وو م وو ويعذب من دشاء سس 76 2 ل 7ه جه 2 22 (١‏ ب ١‏ ل ص1 8 83 66 3 3 م ع ١‏ احا 2 الكلام متصلٍ بغزوة أحد وما فيها من عبر فإنه يروى فى الصحاح عن أنس : أن النبى ولي كسرت رباعيته يوم أحدء وشح وجهه الكريم» حتى سال منه الدم الزركى» فقال عليه الصلاة والسلام : اكليف يفلح قوم فعلوا هذا بنبسيهم)(1) فأنزل الله تعالى : # ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم # . )١(‏ ذكر ذلك البخاري في الترجمة: المغازي - باب (ليس لك من الأمر شيء)» ورواه مسلم فى صحيحه: الجهاد والسير - غزوة أحد .)١9/41١(‏ كما رواه الترمذي: تفسير القرآن (75978)» وابن ماجه: الفتن (017 25 وأحمد: باقى مسند المكثرين (م١6 ١١‏ ). .4 ا تفسيرسورة آل عمران للم الالالال عب |5 يي وسواء أكان هذا هو السبب فى النزول أم لم يكن» فإن الخبر صحيح فى ذاته» والآية الكريمة متصلة بما قبلهاء وهو اتصال تفسير وتتميم على بعض التخريجات؛ أو اتصال موضوع على تخريج آخرء إذ إن موضوعها متصل بغزوة أحد كالآيات قبلهاء والتخريجان يظهران فى تفسير قوله تعالى: أو يتوب عَلَيْهِم 4 فإن بعض العلماء يعتبرها معطوفة على قوله تعالى فى الآية السابقة: «أَوْ يكبتهم 4. ويكون قوله تعالى: 9 ليس لَك من الْأَمْر شيء 4 جملة معترضة؛ والمعنى على هذا: إن النصر من عند الله العزيز الحكيم يعطيه عباده المؤمنين ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم» بأن يخزيهم ويرد كيدهم فى نحورهم» أو يتوب عليهم أو يعذبهم» ولكن الأمر فى هذا ليس لكء إنما هو لله تعالى» لأنه يتصل بتدبيره سبحانه الكونى» وتقديره الأزلى» وليس لك إلا أن تدبر ما تستطيعه» وتقدر ما يدخل فى حسبانك» وتنفيذ ما تكلف بتكليفه وقد رجح هذا التخريج الزمخشرى» وقال فيه: (المعنى أن الله مالك أمرهمء فإما أن يهلكهم أو يهزمهم أو يتوب عليهم إن أسلمواء أو يعذبهم إن أصروا على الكفر. وليس لك من أمرهم شىء إنما آأنت عبد مبعوث لإنذارهم ومجاهدتهم). هذا هو التخريج الأول فى قوله تعالى: أو يتوب عليه 4. وهناك تخريج آخر مؤداه أن الاتصال ليس اتصال عطف بين الآيتين» إنما هو اتصال موضوع فقطء وهذه الآية تكون لأمر جديد فى الموضوع» وهو بيان أن هؤلاء منهم من يفلح فيتوب» ومنهم من يصر على الكفر فيعذب» وتكون نصب (أو يتوب) على تقدير (أن) الناصبةء وتكون (أو) بمعنى (حتى) والمعنى: ليس لك من أمرهم شىء فيما يتعلق بمستقبلهم حتى يتوب الله عليهم فتفرح بتوبتهم» أو حتى يصروا فيعذبهم فترى آية الله فيهم وصدق وعده لأنبيائه» إذ قد وعد. ووعده حق وصدق. وقيل إن (أو) هنا بمعنى (إلا»» والمعنى: ليس لك من أمرهم شىء إلا أن يتوب الله عليهم فتفرح» أو يعذبهم فيذهب غيظ المؤمنين» والمؤدى واحد سواء كانت (أو) بمعنى «حتى) أو (إلا». تفسير سورة آل عمران السسسسسسس سس سس ٠‏ 0 أرب د وقوله تعالى: 8 فَإِنَّهِم ظَالمون 4 تعليل لعذابهم عند إصرارهم» فالسبب فى التعذيب بعد هذا الإصرار أنهم ظالمون» لآنهم اعتدوا على المؤمنين ففتنوهم عن دينهم الذى ارتضواء واعتدوا على النبى كَكْنْةّ بإيذاته والسخرية منه» واعتدوا مرة ثالثة بقتال المؤمنين» ومحاولة اقتلاع مدينتهم الطاهرة» واعتدوا على الحقائق فموهوها وزيفوهاء واعتدوا على أنفسهم فأضلوها وأفسدوها؛ اعتدوا كل هذه الآنواع من الاعتداء فكانوا ظالمين ومستحقين للعذاب» وقد أكد سبحانه وتعالى وصفهم بالظلم ب «إن المؤكدة للحكمء وبالجملة الاسمية» وبوصفهم بالظلم كأنه شأن من شئونهم وطبيعة فى نفوسهمء إذ لم تهدهم إلى الحق الحجج الدامغة» ولا الآيات البينة ولا القوة الغالبة. «ولله ما في السّموات وما في الأرض 4 هذا تأكيد للنفى السابق فى قوله تعالى: 9 ليس لَك من الأمر شيء» إذ الأمر فى السموات والأرض كله لله تعالى» وسلطانه تعالى على ما فى السموات والأرض سلطان المنشئ والمدير والمالك والعالم بماضى ما فيها وحاضره ومستقبله» خلق كل شىء فقدره تقديراء وهو يعلم بما يجرى فيه؛ وما سيكون من شأن له فى المستقبل فهو علام الغيوب الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء وإذا كان كذلك فلا سلطان لأحد سواه. وليس لأحد مهما أعلى الله تعالى منزلته» واختصه بفضله ورحمته. شىء من الأمرء وهو سبحانه وتعالى يعلم توبة التائتب قبل أن يتوب» وإصراره على الذنب قبل أن يموت» وهو الذى يغفر إن شاءء ويعذب من يشاءء ولذا قال بعد ذلك للدلالة على كمال سلطانه: فإ يغفر لمن يشاء يعدب من يشَاء 4 . وسلطانه تعالى فى هذا مطلق لا قيد يقيده؛ لآنه الحكم المطلق الذى لا يرد حكمه» والقادر المهيمن القاهر فوق عباده. ولقد قيد الزمخشرى الغفران بالتوبة» ويقول فى ذلك: (عن الحسن البصرى) يغفر لمن يشاء بالتوبة ولا يشاء أن يغفر إلا للتائبين» ويعذب من يشاء) ولا يشاء أن يعذب إلا المستوجبين لعذابه» وعن عطاء: (يغفر لمن يتوب إليه»ء ويعذب من لقبه ظالما ..) ويشير إلى اختيار ذلك م 4 تفسيرسورة آل عمران لل ااالول ااال كه + يي الرأى الذى نقلهء ويقرر أن السياق يؤدى إلى هذاء لأن هذا تفسير لقوله تعالى من قبل: أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون» إذ تكون المغفرة عند التوبة والعذاب عند البقاء على الظلم» ويرمى الذى يسوغون الغفران لغير التائبين بأنهم يتصامون ويتعامون عن آيات الله فيخبطون خبط عشواء!. والأمر فى هذه القضية يرجع إلى أن المعتزلة يقررون أن الذنب لا يغفر إلا بالتوبة» لصدق وعد الله ووعيده وقد وعد المتقين والتائبين بالشواب» وأوعد الظالمين بالعقاب» والله سبحانه وتعالى منجزّ وعده ووعيده» وأكثر العلماء على أن الله تعالى وصف نفسه بالغفران» وقال: ظإِنَ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشَاء ... +4200 4 [النساء] ولقد ذيل سبحانه وتعالى النص الكريم بقوله : واللهُ عَمُور رّحيمِ 4 وصف سبحانه وتعالى ذاته العلية بصيغة المبالغة فى الغفران» فقال «غفور» أى كثير المغفرة يحبها ويريدهاء وهو رحيمء والرحمة أوسع معنى وأشمل من مطلق التجاوز عن الذنب» بل إن الرحمة قد تعم العقاب كما تعم الثواب» فاقتران الرحمة بالغفران يدل على ثلاثة أمور . أولها: أن الله تعالى لا يكتفى بغفران الذنوب عن العصة التائبين» بل يثيبهم على ما يفعلون من حسنات» وإن الحسنات عنده سبحانه وتعالى يذهبن السيكات . ثانيها: أن الغفران من الرحمة» وما دام من الرحمة فلا قيد يقيدهء والله أعلم بمن يكون موضع رحمته» ومكان مثوبته. الثها: أن العذاب للمصر على الذنب الذى يعيث فى الأرض فساداء ويفتن الناس عن دينهم يعد من الرحمة؛ لأن رحمة الله تعالى عامة لا خاصة» ومن الرحمة بالعامة عقاب العصةة المفسدين» وثواب الطائعين الأبرار: تفسير سورة ال عمران اللللااالااالل اللا #لجل بر يي بعد أن أشار سبحانه إلى أن التفرق وعدم الطاعة للرسول كان سببا للهزيمة يوم أحدء والتعاون والاتحاد كان أساس القوة والنصر والتأييد من الله تعالى يوم بدر أخذ يبين أن قوة الأمة تكون بالتعاون. ولعل أبعد الأمور عن معنى التعاون - الرباء ولهذا نهى الله سبحانه وتعالى عن الربا فى هذا المقام؛ فقال: «9يا أَيها الّذين آمنوا لا تَأَكلُوا الرا أَضعافًا مضاعفة 4 . ولقد ذكر القفال - من علماء الشافعية - أن بين هذه الآبة الناهية عن أكل الربا أضعافا مضاعفة. وغزوة أحد مناسبة ظاهرة» وذلك أن المشركين فى غزوة أحد أنفقوا على عساكرهم أموالا كثيرة جمعوها من الرباء ولعل ذلك يدعو بعض المسلمين إلى الإقدام على الرباء حتى يجمعوا المال وينفقوه على العسكر ويتمكنوا من الانتقام منهم» فلا جرم نهاهم عن ذلك . لقد ابتدأ الله سبحانه وتعالى الآية بالنداء بقوله تعالى: (إيا أَيهَا الّذين آمنوا 4 لبيان أن أكل الربا ليس من شأن أهل الإيمان» وإنما هو من خواص أهل الكفر والعصيان. فإذا كان المشركون يأكلون الربا ويتقووث به» ويكاثرون أهل الإيمان بأموالهم التى اكتسبوها من السحت فليس لأهل الحق أن يجاروهم» بل عليهم أن يحرموه على أنفسهم». ولا يأكلوا إلا حلالا طيبا. و«الربا» معناه الزيادة» والمراد بها هنا الزيادة على الدين» وهو ربا الجاهلية» ذلك أن الرجل منهم كان يكون له على رجل منهم مال فإذا حل الأجل طلبه من صاحيه» فيقول المدين: أخر عنى دينك . ولقد قال عطاء: كانت ثقيف تداين بنى المغيرة فى الجاهلية» فإذا حل الأجل قالوا: نزيدكم وتؤخرونء ولقد قال زيد بن ثابت: إنما كان ربا الجاهلية فى التضعيف يكون للرجل دين فيأتيه إذا حل الأجل فيقول: «تقضينى أو تزيدنى». وبهذه الأخبار الصحاح تبين أمران أولهما: أن ربا الجاهلية كان أساسه الزيادة فى الدين للزيادة فى الأجل من غير نظر إلى سبب الدّين» وأن هذا الربا آ تفسيرسورة آل عمران 2 ااال ااا لسرب ا المنصوص عليه فى الآية هو ربا الجاهلية» وهو الذى ذكره النبى يَلكِلدِ فى خطبة الوداع» إذ قال: «ألا إن ربا الجاهلية موضوع» وأول ربا أبدأ به ربا عمى العباس بن عبد المطلب)'١2‏ ويبين بهذا أن المضاعفة هى فى الزيادة لا فى أصل الدين» فهى التى تتضاعف سنة بعد أخرى» وذلك هو معنى اللفظ فى واضح معناه؛ لأن المضاعفة فى الآية موضوعها الرباء والربا ليس هو أصل الدّين» إنما هو الزيادة عليه» وإن كلمة الربا مرادفة لكلمة الفائدة فى لغة الاقتصاديين» فإذا قال قائل: لا تأكلوا الفائدة أضعافا مضاعفة.» أفيكون المراد مضاعفة الدين أم مضاعفة الزيادة؟ وإن ضعف الشىء معناه مثله ومعنى الإضعاف إضافة أمثاله» ومعنى ضاعفها أكثر من الإضعاف سئة بعد أخرى . وهذا النوع من الربا هو الذى يسمى فى لغة الصحابة والفقهاء بالنسيئة» وهو حرام لا شك. وقد قال الإمام أحمد بن حنبل إنه يكفر من يجحد تحريمه. وقال ابن عباس : لا ربا إلا ربا النسيئة. ويقابل ربا النسيئة ربا البيوع؛ وهو المنصوص عليه فى حديث: «البر بالبر مثلا بمثل يدا بيدء والذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد» والفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد» والشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد» والتمر بالتمر مثلا بمثل يدا بيد والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيدء» فمن زاد أو استزداد فقد أربى)22 وقد اتفق العلماء على أن بيع هذه الأصناف لابد أن يكون بغير زيادة إذا كانت بمشلها كقمح بقمح. ولابد من قبضهاء وإذا اختلف الجنس كقمح بشعير جاز الزيادة» ولابد من القبض فى المجلس» والتأخير يسمى ربا النساء؛ والزيادة المحرمة تسمى ربا الفضل» وما يمائل هذه الأصناف يكون لها مثل حرمتها كالأرزء والزيت ونحو ذلك » وقد اختلفوا فى تعيين من يماثلها اختلافا طويلا قد دون فى كتب الفقه» وأقرب الآراء فى نظرى هو قول حفاق المالكية: إن علة التحريم هو الثمنية والطعم معا قبل )١(‏ رواه مسلم: الحج - حجة النبي يلد (14؟١)»‏ أبو داود: المناسك 2»)١578(‏ وابن ماجه (2)70585 م6 رواه مسلم : المساقاة - الصرف وبيع الذهب بالورق (مه5ك) وأحمد: باقى مسند المكثرين (4 77 .)١‏ تفسير سورة آل عمران امالك 2 حوب لاا الادخار؛ لأن نظام المقايضة فى هذه الأموال يؤدى إلى احتكارها فى يد منتجيهاء ويريد الإسلام الاتجار فيها بتوسيط النقدين لكيلا يكون تغرير ولا غررء ولذلك قال بعض الصحابة للنبى مَلَلِْة:ْ عندى تمر وأريد رطباء فقال عليه الصلاة والسلام: ابع التمر واشتر الرطب)21722. ولا شك أن ذلك يمكن من ليس عنده تمر ولا رطب من أن يأكل» ولأن السعر يكون مضبوطاء وتحريم المقايضة فى الذهب والفضة إلا بالمثل لأنهما مقاييس لضبط قيم الأموال فلا يصح أن تكون موضع اتجار حتى لا يقيد التقويم . وربا الجاهلية المنصوص عليه فى الآية يحرم كل زيادة قلت أو كثرت» أيا كان سبب الدين» إذ يقول سبحانه فى آخر البقرة وهى آخخر آيات الربا نزولا: «وإن تبتم فلكم رءوس أُمَوَالكُمْ لا تظلمون ولا تَظلَمون +39© »4 [البقرة ]. وقد ادعى بعض الذين يريدون أن يطوعوا الشريعة لتخضع للنظام الربوى البهودى القائم - أن ربا القرآن هو ربا الديون الاستهلاكية أى الديون التى تقترضها لغرض: ليأكل أو ليسكن أو ليشترى ثياباء وذلك قول باطل. لأن تخصيص عموم القرآن لا يكون بالتحكم فى عباراته» بل يكون تخصيصه بنصوص» أو بقواعد مستمدة من نصوص الدين عامة» ولأآن العرب لم تكن حياتهم عريضة, ؛ لأن عيشهم كان ساذجا ولم يكن معقداء إذ حياتهم تقوم على التمر واللبن وسكنى الأخبية» فلماذا يكون الاقتراض للاستهلاك؟! ولأن ربا الجاهلية كان حيث التجارة» فقد كان فى مكة والمدينة وهما يتجران كما هو ثابت فى التاريخ إذ ينقلان بضائع الروم إلى الفرس» وبضائع الفرس إلى الروم عن طريق القواقل فى الصحراءء وقد قال الله تعالى: «لإيلاف فيش 22> إيلافهم رحلة الشتاء والصيف +0 * [قريش]. ولأن الدائنين الذين كانوا يرابون فى الجاهلية لا يتصور منهم أن يجيئهم محتاج للمال ينفقه فى حاجاته الضرورية .)١١85( روى الترمذي: البيوع - ما جاء في النهى عن المحاقلة والمزاينة‎ )١( (/ تفسير سورة آل عمران اللو اال ماملإلا لال 414 رب أ فيمتنع عن إعطائتهم إلا بربا» فهذا العباس الذى كان يسقى الحجيج جميعا نقيع الزبيب والتمر لا يتصور منه أن يجىء إليه محتاج» فلا يعطيه إلا بفائدة» إنما يتصور أن يعطى تاجرا يتجر فى ماله ولا يحد له الكسب إلا بزيادة محدودة مستمرة لا بنسبة من الربح؛ ولآن المدينين الذين جاءت الآخبار بذكرهم لم يكونوا من الفقراء» بل كانوا من التجار» فبنو المغيرة الذين كانوا مدينين لبعض ثقيف هم تجار لا فقراء. وبهذا يتبين أن تحريم الربا فى الإسلام لإيجاد نظام اقتصادى تمنع فيه الأزمات» وقد بينا ذلك من قبل فى عدة بحوث ومقالات» ولذا قال سبحانه: ١‏ واوا الله َعلَكُم تفلحون 4 . أى اجعلوا بينكم وبين غضب الله تعالى وقاية» فأطيعوه فى أوامره ونواهيه» ولا تحاولوا التخلص منها بما تزعمون من أوهام لا أصل لهاء فلا تأكلوا الرباء ولا تعينوا عليه» ولا تحرفوا الكلم عن مواضعه» لعلكم تفلحون» أى لترجوا أن تنالوا الفلاح والفوز فى الدنيا والآخرة» وهذه إشارة إلى أن تحريم الربا فيه صلاح الدنياء وأن أولتك الذين يزعمون أن المصلحة فى إباحته فى عصرنا ويتأولون الشريعة ليخضعوها لتلك المدنية الآثمة» واهمون فى معنى المصلحة» لأآن علماء الاقتصاد يقررون أن نظام الفائدة هو سبب الأزمات» وهو نظام مؤقت حتى يجدوا ما يحل محله»ء وعندنا نظامناء وأكثر البلاد الخاضعة للنظام الروسى أو آخذة به حرمتهء والاشتراكية الوطنية الآلمانية قبل الحرب حرمته» ولم يضر مصلحتها شىء » بل حمت مصالح البلاد: وَائقُوا النَارَ التي أعدّت للكافرين4 أى اجعلوا بينكم وبين النار التى أعدها الله تعالى للكافرين وقاية من الطاعة» ولا تنحرفوا عن الشرع ومقاصده إلى أهواء الكافرين ومنازعهم» وقد اقترنت هذه الآية بآية تحريم الربا لتهديد المعاندين أو الذين يمارون فى الشرع ويجادلون فيهء وهذا كقوله تعالى فى آية تحريم الربا فى 3 البقرة: «إيا أَيهَا الّذين آمنوا انّقوا الله وذَروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين 27 فَإن ا تفسير سورة آل عمران 11 ههه < يي َم تَفْعلُوا فَأَذَُوا بحرب من اللّه ورسُوله .. . +573 4 [البقرة], فالذين يأكلون الربا أو يدعون إليه» أو يسهلون أمره أو يوطئون أحكام الشريعة لأحكام الكافرين يحاربون الله ورسوله. وأطيعوا الله والرسول لَعلّكُم ترحمون 4 جاء الأمر بالطاعة لله ولرسوله بعد ذلك النهى القاطع؛ لأن ما يتعلق بالأموال يتحكم فيه الأهواء» وتستولى عليه المنازع المختلفة فيكون مظنة العصيان بتأويل فاسد»ء أو تحريف مقصودء أو انحراف بسبب الطمع فينساق الشخص فى طاعة من لا يطاع» ويترك طاعة الله والرسول» وفى ذكر طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله فى قرن واحد إشارة إلى أن طاعة الرسول طاعة الله» وأن الرسول مطاع فيما يقول عن الله» ومعنى النص: أطيعوا الله والرسول رجاء أن تكونوا فى رحمة لا فى شقاءء وفى هذا إشارة إلى أن تحريم الربا فيه رحمة عامة شاملة» اللهم اجعلنا فى طاعتك وطاعة رسولك دائما. 95 # وسَارعوا إل مَعفْرَ مفروم من ود معفر تت كُمْ وَجَنَّةِ عَرْضُهًا أَلسَموَثُ ولوس هِدَّث تمه 4 الن ثور فى الَوَاء وَاَلصََدَاءِ حاطو التيظ وَالْمَافِيَ عن لاس وَاشَّهُ حب الْمحسِينيرك 59 © تَالبِكاذًا فَصَلُوا فََحِسَةٌ أَوَظلموا أَنفْسَهُم نفسهم 5 كرو أله َاَسَمَعْفْروأ دوع سه ع لكد 11 01 ساسم سم مر 000 0 لذؤيوع دَمَيمفِءلذوب إلاآده هلم يصِرٌواعل اقوش يتور © لهك حالم تن م 2000 #هره ديم وجنت جَتَرى من ححتها الْدَمَمر حت فَاوَنتما جَرالْممِِينَ 57 تفسيرسورة آل عمران الل لولاا لس ا هذه الآيات موصولة بالآيات التى قبلها؛ إذ الآيات التى قبلها ختمت بالأمر بطاعة الله ورسولهء فقد قال سبحانه: ذإ وأطيعوا الله والرسول لَعَلّكُمَ تُرَحَمُونَ 4 وفى هذه الآيات بيان معنى هذه الطاعة المطلوبة التى تؤدى إلى التراحم والتواصل والتواد» ولذلك كانت هناك رواية بالقراءة من غير وصل بالواو ‏ ساروا ج17) بدل ‏ وَسَارعوا4. وإن رواية القراءة من غير وصل واضحة من حيث النسق فى أنها تفصيل لمعنى الطاعة المطلوبة» والقراءة المشهورة التى عليها القراء السبعة فيها ما يدل على أنها لبيان معنى الطاعة بالمعانى لا بالنسق. وسارعوا إلى مغفرة من رَبَكُم# المسارعة هنا معناها المبادرة والاتجاه الذى لا تراخى قي ومعنى المسارعة إلى مغفرة الله تعالى المبادرة باتخاذ طريقهاء بأن يطهر قلبه من المعاصى ونفسه من الأدران» ويتجه إليه سبحانه بقلب سليم قد رحض عنه المعاصى كما رحض الثوب من الأوساخ» ولقد فسر ذو النورين قوله تعالى 8 إِلَئ مغفرة مَن رَبَكُم 4 بالإخلاصء أى بادروا بالإخلاص وتنقية القلوب إلى مغفرة الله تعالى فإن ذلك هو الطريق المستقيم لطلب رضا الله تعالى» ولقد عظَّم سبحانه وتعالى شأن المغفرة التى ينبغى طلبها والاتجاه إليها فذكر بأنها تجىء من ربكم الذى خلقكم وتماكم ورعاكم» فهى مغفرة تعلو بعلو مصدرها وهى الأمان والاعتصام . ويلاحظ أن القرآن يعدى المسارعة فى الخير ب (إلى»؛ والمسارعة فى الشر ب «فى»ء فيقول سبحانه: و يسارعون فى الكفر 4. ويقول هنا: 9 وسارعوا إلى مغفرة 4 ؛ لأن المسارعة فى الكفر تنقّل فى براثنه فهم فى قبته المظلمة التى تحيط بهم يتنقلون بالضلال فى أرجائهاء وهم فى مرتبة واحدة» أما المسارعة إلى الخيرء فإنها انتقال من رتبة إلتى رتبة» ومن مقام صالح إلى مقام أصلح منلة . )١(‏ قرأها بلا واو: نافع وأبو جعفر المدنيان» وأ بن عامر الشامي» وقد رسم هذا الحرف بغير واو قبل السين فى مصاحف أهل المدينة والشام . تفسير سورة آل عمران سسا 011 ل حر أ وجَنَة عرضها السّموات والأرض أعدت للمتّقِينَ 4 هذا عطف على مغفرة» وفيها إشارة إلى أن مغفرة الله سبحانه يُطلب وحدها؛ لأن فيها طلب رضا الله تعالى» ورضا الله تعالى أكبر غايات المتقين» ولذا قال تعالى فى جزاء المتقين: ورضواث من الله أَكبرٌ . . .+720 4 [التوبة]. فأكابر المتقين يطلبون رضا الله لذاته لا خوفا من ناره ولا طمعا فى جناته . فالمطلب الأكبر هو المغفرة» والمطلب الذى يليه هو «جنة عرضها السموات والأرض» وهو ما يطلبه الذين دون الصديقين والشهداء». والعرض ضد الطول» وهو أقصر منه فى الغالب» والنص لبيان سعة الجنة» لأنها رحمة الله تعالى بعباده الأتقياء» ولذا عبر عن هذه السعة بأوسع ما يدركه الحس» وأوسع ما يعلمه الناس من خلقه سبحانه» وقد يقول قائل: لم ذكر العرضء ولم يذكر الطول» وهو أدل على الانفراج والبسط؟ والجواب عن ذلك أن ذكر العرض أبلغ فى الدلالة» لأنه إذا كان عرضها كعرض السموات والأرض فإنه يذهب العقل فى إدراك طولها كل مذهبء ويتصور الكثير من الصورء وذلك كقول الله تعالى: بطائنها من إستبرق ... كمه # [الرحمن] فإنه إذا كانت البطانة من الحرير الثمين فكيف يكون ما فوق البطانة مما تراه الأعين ويسر الناظرين؟ وقد يقال إن ذكر العرض ذكر للطول فإن تنسيق البيان يوجب المساواة بين طول الجنة وطول السموات والأرضء كما أن عرضها كعرضهماء ويكون ذلك من الإيجاز البليغ . وقد فسر أبو مسلم الأصفهانى - العرض هنا - بالأشياء القيمية المعروضة للبيع التى جمعها عروضء ومن ذلك قول النبى يَكةِ: «ليس الغنى عن كثرة العرض» ولكن الغنى غنى النفس)(22» ويكون المعنى على هذا التفسير أن الجنة فى قيمتها وعلوها وسموها ومكانتها تعادل السموات والآرض فى قيمتهماء فهى الحياة وهى النعيم المقيم الدائم : «أعدّت للمّقين » أى هيئت ووضعت للمتقين» وهم )١(‏ متفق عليه رواه البخاري: الرقاق - الغنى غنى النفس (2294756» ومسلم: الزكاة: ليس الغنى عن كثرة العرض )٠١١5(‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه. ل تفسيرسورة آل عمران ااال جب وري يي الذين جعلوا بينهم وبين الشر وقاية أى جعلوا أنفسهم فى حصن فلا مدخل للشيطان إليهاء ولا سارب له فى قلوبهم» وصار ذلك شأنا من شئونهم حتى كان وصفا وحالا دائمة مستمرة لهم. وقد أخذ بعد ذلك يبين سبحانه وتعالى الصفات التى رفعتهم إلى هذه الرتبة» والتى جعلتهم يصلون إلى هذه المنزلة فذكر خمس صفات كلها ذات صلة وثيقة ببناء مجتمع سليم قوى ثابت» وقد ذكر الصفة الأولى فقال سبحانه : « الّذين ينفقون في السَرَاء والضَرَاء »4 ومعنى النص السامى أنهم يتفقون» ويتجدد إنفاقهم آنا بعد آن» ولذا عبر المضارع؛ لأن التعبير بالمضارع يفيد التجدد المستمرء والتعبير بالماضى يفيد الواقع المنقضىء ومعنى قوله تعالى: «إ في السراء والضّرَاء 4 أنهم ينفقون فى حال مسرتهم» وحال مساءتهم» وهذا يشمل أحوالا كثيرة» فهم ينفقون فى حال الغنى والفقر واليسر والعسرء وكل حال بمقدارهاء وفى حال الصحة والمرض» وفى السرور والحزن» وحال عرس أو مأتم أو حبس» والمغزى فى هذا أنه لا تشغلهم أنفسهم عن حاجة الناس إليهم أو إلى أموالهم» ولا تشغلهم همومهم الخاصة عن هموم الناس» والإنفاق منهم ليس لمناسبات تعرض وتزول» ولا لأحوال تجىء ثم تحول» بل هو لطبيعة ثابتة فيهم مستقرة غير مفترقة لا تزايلهم. وقدم الإنفاق على غيره من الصفات» لأنه وصف إيجابى وما عداه سلبى أو يتصل بهء والإيجابى فى أكثر أحواله أشق من السلبى» ولأنه أدل على الإخلاصء ولأنه فى صدر الإسلام كان المجتمع أشد احتياجا إليه من غيره؛ إذ كان الفقر كثيراء وكانت الحاجة إلى المال فى الجهاد أشد؛ إذ كان ذلك ابتداء دولة» ولذلك قرن الأمر بالإنفاق بالنهى عن التعرض للتهلكة» فقال تعالى: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأَيْدِيكُم إلى التهلكة . . . +23 4 [ البقرة] . والكاظمين الغيظ والعافين عن الئاس واللّه يحب المحسنينَ» كظم الغيظ أن يمسك على ما فى نفسه؛ء فيحملها على الصبر» ولا يظهر أثر لهذا الغيظ». ولقد قال الراغب الأصفهانى فى مفرداته: (الغيظ أشد الغضب وهو الحرارة التى يجدها اا تفسير سورة آل عمران اا 0 بلس برو الى الإنسان من فوران دم قلبه). والغيظ بلا شك يدفع إلى الثورة وهى مظاهر الغعضب فكظمه إبقاؤه فى النفس وعدم ظهور آثاره فى القول أو فى الفعل» وأصل كظم من كظم السقاء إذا مللأه وسد فاه والكظامة ما يسد به مجرى الماع وكظم البعير إذا لم وإن هذا الوصف ليس فيه منع للآلم الذى يحدث من الأذى» بل إنه يدعو إلى كبح جماح الغضب ومنع نفسه من الاسترسال فى مجصاوبة الشر مثله. وإن هذا لا ينال إلا بشق الأنفس وقوة الإرادة: ولذلك قال النبى يَللِلِِ: «ليس الشديد بالصرعةء ولكن الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب22 ولقد اعتبر النبى مَك أقرب القربات ألا يغضب. واعتبر أن إبعاد المؤمن الغضب عن نفسه إبعاد لغضب الله تعالى عليهء فقد سأله أنس رضى الله عنه عما يبعد غضب الله تعالى» فقال له عليه الصلاة والسلام: «لا تغعضب92؟. وإن غضب المؤمن يجب أن يكون لأجل حقوق اللهء وغيظه يجب أن يكون لانتهاك حرمات الله تعالى. ولقد قال النبى كَكلْه: «ما من جرعة يتجرعها العبد خير له وأعظم أجرا من جرعة غيظ فى الله تعالى»0©. هذا هو الوصف الثانى من أوصاف المتقين؛ أما الوصف الثالث فهو العفوء وهو ثمرة لكظم الغيظ» وإنه يجب أن يكون معه لأن الغيظ الشديد إذا لم يصحبه عفو فإنه يمض القلب» ويفسد النفسء وينهك القوى فلابد أن يقشرن بالكظم العفو لمصلحة الشخص ولمصلحة الناس» ولكيلا تتولد الإحن7؟»» وتتكائر المحن» وليس العفو هو الستر على الجرائم العامة» فإن الجرائم العامة إذا ظهرت وجب )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري: الأدب - الحذر من الغضب (0549)» ومسلم: البر والصلة والآداب - من يملك نفسه عند الغضب (5104) عن أبي هريرة رضي الله عنه . (؟) رواه أحمد: مسند المكثشرين 753 عن عبد الله بن عَِْو ألّهُ َل رسُول الله يلق: مَاذَا يباعدئئي من غَضنّب الله عر وجل قَال: ولا تَعْضَب». (*) رواه ابن ماجه: الزهد - الحلم )١511/9(‏ عن ابن عمر رضي الله عنه. تفسيرسورة ال عمران 2 االإطاللللااالاال لل ل بجحب )7 7 العقاب لأنه تقليم لأظفارهاء وقطع لآثارها فلا يصح العفو عن زان يعلن جريمته» ولا عن سارق اعتاد السرقة واستهان بالحرمات» وروع الآمنين» كما لا يصح العفو عن فساق الآلسنة» الذين يقذفون الناس» ويرمونهم بالسوءء ويعملون بذلك على إشاعة الفاحشة فى الذين آمنواء فإن العفو فى هذه الأمور استهانة بحرمات الله تعالى» إنما العفو المطلوب هو الذى يكون فى أنواع الأذى الشخصى وهى التى ينطبق عليها قول الله تعالى: © خذ العفو وأَمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين لقن 4 [الأعراف ] وقوله تعالى: ادفع بالّتي هي أَحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم :)4 4 [ فصلت ]. ولقد ذكرت عائشة فى وصف النبى أنه كان لا يغضب إلا أن تتتهك حرمات اللّه» فإذا انتهكت حرمات الله لا يقوم لغضبه شىء حتى ينتقم لله10" . ولقد ختم سبحانه هذه الآية بقوله تعالى: « واللّه يحب المحسنين» وهى الصفة الرابعة» وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى بهذه الصفة لتوجيه النظر إليهاء ولبيان أنها أعلى منازل التقوى» وأنها تنال بها محبة الله تعالى» والإحسان معناه الإتقان والإجادة» وهو يطلق فى عبارات القرآن الكريم بإطلاقين أ-حدهما أن يراد به الإجادة المطلقة فى كل ما يطالب الله تعالى به عباده» ومن ذلك قوله تعالى: «إِنَا لا نضيع أَجِرَ من أَحَسن عمَلاً 2:7) 4 [الكهف], وقوله يه فى إحسان العبادة: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»20. والثانى أن يكون العمل أكثر من المكافأة» فهو لا يكافئ بالعدل بل يزيد» ومن ذلك قوله تعالى : : (إذال اللّه 9 بالعدل والإحسان ولام ذي أقيئ ته عن الفحشاء والسكر 2 [ القصص ]ء والإحسان بالإطلاق الأول يتعدى بنفسه ويذكر بجواره العمل» والثانى يتعدى ب (إلى» ويذكر بجواره المحسن إليه» وأقرب الإطلاقين فى . )1771( رواه البخاري: المناقب - صفة النبي كَكِةٍ (7779), ومسلم: الفضائل - مباعدته وكيد للآئام‎ )١( (؟) متفق عليه وقد سبق تخريجه من رواية البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.‎ ناا تفسير سورة آل عمران اللو ال لل 5 أرب أ الآية الكريمة هو الثانى» فإنها تومئ إلى أن البر التقى يكظم غيظه» ويعفو عمن ظلمه بل يحسن إليه إن كان للإحسان موضعء وإن الله سبحانه وتعالى أمر أهل الفضل بألا يذهب غيظهم بإحسانهم فقد قال تعالى: 9 ولا يأتل أُولُوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربئ والْمساكين والمهاجرين في سبيل الله ولْيِعفوا وليصفحوا آلا تحبون أن يُغفر الله لكم .. . 27 4 [النور] فقد نزلت هذه الآية عندما حلف أبو بكر ألا يعطى بعض قرابته الذين خاضوا فى حديث الإفك بالنسبة لعائشة زوج رسول الله وإن هذه الدرجة هى أقصى ما تصل إليه السماحة البشرية» وهى لا تكون إلا لنفس محبة للناس» ولذلك كانت المكافأة هى حب الله تعالى: والّذين ذا فعلوا فاحشة أَوَ ظَلَموا أنفسهم ذَكَرُوا الله فاستغقروا لذنوبهم »4 هذا هو الوصف الخامس من أوصاف المتقين الذين أعدت لهم الجنان التى عرضّها كعرض السموات والأرض» والفاحشة هى المعصية الزائدة التى تكون خارجة على مقتضى الطبيعة الإنسانية الفاضلة» وقد غلبت على الزناء وبذلك فسر بعض العلماء الفاحشة هناء وعلى هذا الرأى يكون المراد من قوله تعالى: أو ظَلَموا أنفسهم 4 كل ذنب غير المعصية» وقال آخرون: الفاحشة الذنب الكبيرء وظلم النفس الذنب الصغير» وبعض المفسرين يقول الفاحشة ما يتعدى أذاها إلى غيره» وظلم النفس ما لا يتجاوز الأذى نفسه»ء ويكون هذا كقوله تعالى: ومن يعمل سوءا أو يِظلم ... > 4 [النساء] وهذا كله على أن الفاحشة وظلم النفس أمران متغايران؛ وبعض العلماء على أنهما وجهان للمعصية» وأن كل معصية كبيرة فيها هذان الوجهان وتكون «أو)» بمعنى «الواو»» ويكون المعنى: من يرتكب فاحشة ويظلم نفسهء ويتذكر الله عند ارتكابها فيعود إلى ربه يكون من المتقين؛ وإلى هذا ميل» والتعبير بصيغة الشرط 9إإذَا فَعَلُوا فاحشة أو ظَلَموا أنفسهم ذَكَروا الله يفيد اقتران الجواب بالشرط» أى أن ذكر الله يكون عند الارتكاب ولا يكون بينهما تراخ يجعل الشر يفرخ فى النفسء فالتوبة إلى الله تكون فور الارتكاب لا تراخى بينهما ولا يستمر فى المعصية حتى تحيط به خطيتتهء وهذا ما صرح الله تعالى به فى تفسيرسورة آل عمران فلالا للااالاا ا لحمو - قوله: 8 إِنّمَا العُوبة على الله للّذين يَعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قَرِيبٍ فأُولَك يعُوبُ الله عليْهِمَ وكا الله عَليمًا حكيمًا 4790 4 [ النساء ] . ومعنى قوله تعالى: 8 ذَكرِوا الله 4 أى تذكروا أوامره ونواهيه وتذكروا عظمة الله تعالى وجلاله وقوته» ولذكر الله تعالى مرتبتان (إحداهما) ذكر أوامره ونواهيه وما أعده للمذنبين وما أعده للمتقين (والثانية) وهى العليا ذكر جلاله وعظمته وعلمه بما تخفى الصدور وهذه لا ينالها إلا الأبرار المقربون. وإن ذكر الله تعالى لابد أن يتبعه لا محالة الاستغفار والإنابة» ولذا عقبه سبحانه بقوله: ا فَاستغفروا لذنوبهم » فهو ثمرة ملازمة ونتيجة محتمة للذكر. « ومن يغفر الذنوب إلا الله ونم يصروا علَئ ما فعلُوا وهم يَعَلَمُون» الكلام موصول بالكلام السابق» وقوله تعالى: #ومن يعفر الذنوب إلا اللّه4 فيه بيان إجابة الاستغفار وفيه بيان أنه لا مفزع من الله إلا إليه» ولذا يقول الزمخشرى فى قوله تعالى: 9 ومن يَغْفرٌ الذنُوب إلا الله 4 «وصف لذاته بسعة الرحمة وقرب المغفرة» وإن التائب من الذنب عنده كمن لاذنب لهء وإنه لا مفزع للمذنبين إلا فضله» وأن عدله يوجب المغفرة للتائب لأن العبد إذا جاء فى الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه وجب العفو والتجاور» وفيه تطييب لنفوس العباد وتنشيط للتوبة وبعث عليهاء وردع عن اليأس والقنوط» وإن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم». وذلك كلام مستقيم لولا أنه أوجب المغفرة حيث التوبة» والله تعالى لا يجب عليه شىء» وإن رحمة الله بعباده مع علمه بطبيعة تكوينهم الذى يتنازعه الخير والشر جعلت المغفرة قريبة» ولذا ورد عن النبى كَللِْدّ أنه قال: «والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجحاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم)(1) وشرط الاستغفار المجاب ألا يصر المذنب على ذنبهء ولذا قال تعالى: «ولم يصروا عَلَئ ما فَعَلُوا وهم يَعَلَمُونَ» أى لم يصروا على الفعل الذى فعلوه بأن تكون )١(‏ رواه مسلم: التوبة - سقوط الذنوب بالاستغفار توبة يف06 وأحمد: باقى مسند المكثرين [لكرة ةف 4ة عن أبي هريرة رضي الله عنه. تفسير سورة آل عمران للللللاااللااالولل ااال 41 ده < عندهم النية إلى العودة إليه» وقد فعلوه وهم يعلمون أمر الله تعالى فيه نويه ولذلك قال العلماء: (لا توبة مع الإصرار) وإن الاستغفار مع الإصرار ذنب فى ذاته وقد قال الحسن البصرى: (استغفارنا يحتاج إلى استغفار) وإن من الإصرار على الذنوب أن يعلن التوبة» وللناس عنده مظالم لا يردهاء فحقوق العباد لا تقبل التوبة فيها إلا بعد ردها إلى أصحابهاء وإن التائب المعترف بذنبه المستكبر له التائتب عنه مقرب إلى ربه حتى إن الصوفية يقولون: (إن معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت دلا وافتخارا). (أقند حرام فر هم وجنات قري من مها انار ادن يها أى أولئك الذين اتصفوا بهذه الصفات بسببها قد استحقوا برحمة الله تعالى جزاءهم وهو ثلاثة: أعلاها مغفرة من ربهم الذى خلقهم وهذه المغفرة دليل رضاهء وهو أعلى جزاءء والثانى الجنات التى تتوافر فيها أنواع النعيم» وثالثشها الخلود. فهو نعيم ليس على مظنة الانتهاءء إذ إن توقع الزوال ينقص من قدره» ولذلك قال بعد ذلك سبحانه: #8 ونعم أجر العاملين# أى ذلك الجزاء جدير بأن يرغب فيه» ويتنافس فيه المتنافسون» ويطلبه كل عارف لحقيقته لم تلهه الدنيا بما فيهاء فذلك المدح للحث على طلبه والعمل على استحقاقه وعدم التخلف عن الاتجاه إليه» اللهم اغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. ميرو ف ألْدَرَضٍ فَأنظ روا كيَفَكاَعقبَةالْمَكذيِيَ سس ره جه ل د 1 سلا مر َه ال ايم ا و م م ا ومع عي ا سق ع رج 2 ولااتهنوا ولا خزنوا وأنتم لْأَعلونَإِن كتم مُؤّمِنِينَ 6 جه لاسر سور ل 2 > 2 76 22س مساح قل عاج ل < سا مح للب وس ال سر سسا صم 7 وَتِلكَلَايَام نذاو لْهَابينَ تاس وَلِيَعْلمَ لهذت قد عر سوك ا وخر جر 2 > ججم ءامنوأوشَخِدٌ م شهداء وألله لاحب الظبليين 531 7 راس صض ضصي وي سن سس لير 6 ساسا سر سر قرخ ل 1 1-4 ول ألله الذينء امنوا ويمحقالكتفريت كا تفسيرسورة آل عمران ااال اللا فلوو ٠: هه‎ يي أشار سبحانه فى الآيات السابقة إلى غزوة أحد وإمداد الله بالملائكة للمؤمنين فى الحروب إن صبروا فى اللقاء» ولم يختلفوا على قائدهم فى المعركة» وجعلوا ما عند الله تعالى الغاية والمرمى» ثم ذكر من بعد ذلك سبحانه ما هو دواء القلوب» وغذاء الإيمان» وهو الطاعة والتعاون, وألا يأكل أحد حق أخيه أو ماله بالباطل» وأن المال الحلال هو قوة الحروبء ولمال الحرام كمال الربا مسحت» وطلبه من ضعف الإيمان» ويربى خور العزائم إذ إن شهوة المال» والشجاعة وحب الفداء خلال لا تجتمع فى قلب رجل واحدء ثم بين سبحانه أن أعظم الذخائر هو تربية النفوس على التقوى وطلب مغفرة الله سبحانه وتعالى. ولقد جاء بعد ذلك الكلام على أثر غزوة أحد فى نفوس المؤمنين» وقد نهاهم سبحانه عن الضعف والوهن والحزن» وأمرهم أن يتخذوا من الهزيمة سبيلا للنصرء وإنها سنة الله فى خلقه فعليهم أن يخضعوا لها ويقروا فى ذات أنفسهم بهاء ولذا قال سبحانه: قد حلت من قبلكم سنن 4 . ١اخلت»‏ معناها مضت وثبتت وتقررت» والسنن جمع سنة» وهى تطلق بمعنى الطريق المسلوك المعبدء وتطلق بمعنى المثال الذى يتبع» ولقد قيل إنها من قولهم سن الماء إذا صبه صبا متواليا فشبهت العرب به الطريقة المستقيمة المتبعة المستمرة» والمعنى أنه قد مضت وتقررت من قبلكم سنن ثابتة ونظم محكمة فيما قدره الله سبحانه وتعالى من نصر وهزيمة» وعزة وذلة » وعقاب فى الدنيا وثواب فيها» فالحق يصارع الباطل» ويتتصر أحدهما على الآخر بما سنّه سبحانه من سنة فى النصر والهزيمة» من طاعة للقائد» وإحكام فى التدبير» وقوة إيمان» واستعداد للفداء» وهكذا؛ ١‏ وكل شيء عنده بمقدار > عالم الْغَيْب والشهادة الْكَبِيرٌ الْمتعال <> # [الرعد]. 00 1 وإن من سنن الله تعالى الثابتة ألا يمكن من الظلم وأن يتتصر أهل الحق إذا عملوا على نصرته» وتضافروا على إقامته ولم ينحرفوا عن طاعتهء وأن أهل الباطل قد يتتصرون إن اتحدوا واستعدواء فينالون الظفر لتخاذل أهل الحق تفسير سورة آل عمران 011 أب أ وانقسامهم» أو إرادتهم عرض الدنياء أو عدم الصبر على طاعة القائد العظيم كما كان الشأن فى أحد. وإن من سنن الله تعالى أن يجعل العاقبة للصابرين الصادقين» فإن أملى للكافرين سنة فإنه سيأخذهم من بعد أخذ عزيز مقتدر. وينصر عليهم أهل الحق. وإنما قدر الله تعالى نصرتهم الوقتية على أهل الحق ليصقل أهل الإيمان» وليهديهم هداية عملية إلى طريق الانتصار» وليميز من بينهم ضعيف الإيمان» ويظهر نفاق أهل النفاق» وبذلك تتبين الصفوة المختارة التى يعتمد عليهاء ويذهب الذين مردوا على النفاق بنفاقهم» فلا ينخدع بهم أحدء ولا يرجفون بكيدهم فى الجماعة:؛ ولقد بين سبحانه لأهل الإيمان عاقبة المكذبين تثبيتا لقلوبهم؛ وتأيبدا لهم فقال جل من قائل: طفَسيروا في الأرضٍ فَانظروا كيف كان عاقية المكذبين» . أى أنه إذا كانت سنة الله تعالى فى خلقه» أو العاقبة دائما للمتقين» فسيروا فى الأرض» فانظروا الحال التى قد انتهى بها الكاذبون. والتعبير بلفظ (كيف) الدال على الاستفهام يقصد به التصوير وتوضيح الحال فى صورة تدعو إلى العجب وتثير الاستغراب» أى أن عاقبتهم التى انتهوا إليها من تدمير ديارهم» وتعفية آثارهم بعد أن طغوا وبغوا فى البلاد وأكثروا فيها الفسادء تثير العجب والدهشة لمن ضعف إيمانه» وتلقى بالطمآنينة والصبر والرضا لمن قوى إيمانه. وفى هذه الآية وأمثالها من الآيات التى تدعو إلى السير فى الأرض والبحث لمعرفة أحوال السابقين دعوة إلى أمرين: أحدهما- دراسة تاريخ الأمم بشكل عام» فإن التاريخ كتاب العبر»ء وسفر المعتبر» وهو رباط الإنسانية التى يربط حاضرها بماضيها . والأمر الشانى- دراسة أحوال الأمم من آثارها فإنها أصدق من رواية الرواة وأخبار المخبرين» فقد يكون التاريخ المكتوب أكاذيب» أما الآثار فصادقة لمن يعرف كيف يستنطقهاء وإن الملوك وأشباههم يزيفون الأخبار المنقولة» وإنه ليحكى أن 01 99 تفسير سورة آل عمران ااال ااالللللل الل > ناز أحد الملوك كلف كاتبا أن يكتب تاريخ دولته» فسأل بعض أصحاب الكاتب عما يكتب فقال: «أكاذيب ألفقها وأباطيل أنمقها». هذا بيَانْ لئاس رهدى وموعظة لَلمتّقينَ4 الإشارة فى النص السامى إلى ما تضمنته الآية السابقة من الحث على السير فى الأرض وتعرف سنن الله تعالى من آثار المكذبين الذين طغوا أولا ثم ذلوا وأخذوا من حيث لا يحتسبون - وقد ذكر أن هذا بيان للناس أجمعين» يدركه كل من له بصر يبصر به» وفهم يفهم بهء وتحقق البيان لا يقتضى تحقق أثره وهو المعرفة التى تهدى إلى الإيمان وتوجب الاتعاظ» إنما تكون الهداية من البيان والاتعاظ به للمتقين دون غيرهم» ولذلك جعل سبحانه البيان للناس جميعاء والهداية والموعظة للمتقين منهم فقط؛ إذ إن الهداية بالبيان تقتضى إشراقا روحياء واستعدادا قلبياء وإخلاصا فى طلب الحقيقة» والموعظة وهى الاستفادة من العبرء تقتضى قلبا متفتحا لإدراك الحقائق والاتجاه إليها بقصد سليم» وذلك كله لا يتوافر إلا للمتقين الذين أخلصوا أنفسهم لله وطلبوا الحق» وسلكوا سبيله لا يبغونه عوجاء ومثل البيان مثل البذر يلقى فى الأرض» فإذا أصاب صحراء قاحلة جف ولم ينتج» وإذا أصاب أرضا خصبة أنبتت نباتا حسناء وقد مثل النبى يَلِْةِ العلم بالغيث وبين اختلاف الناس فى تلقيهء فقال: «مثل ما بعثنى الله كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاء فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء» فأنبتت الكلاً والعشب الكثير» وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعواء وأصاب منها طائفة أخرى» إنما هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأء فذلك مثل من فقه فى دين الله ونفعه ما بعثنى الله به» فعلم وعمل» ومثل من لم يرفع رأسا ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به)20 , وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد بين هذا البيان فيجب على المؤمنين أن يعتبروا بسنن الله تعالى وأن يعرفوا أن ما أصابهم فى أحد فبسنن الله» وعليهم أن )١(‏ رواه البخاري: العلم - فضل من عمل وعلم (/ا9)» ومسلم: الفضائل - بيان ما بعث الله به النبي صلل (2598) عن ابى موسى الأشعري رضى الله عنه وقد سبق تخريجه بألفاظه . ل تفسير سورة آل عمران ااال انا ال اج يأخذوا الآهبة للمعركة القابلة» ولا تأسر تفكيرهم المعركة السابقة إلا بمقدار ما فيها من عظة وعبرة» ولذا قال سبحانه: ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلّون إن كنم الوهن: ضعف النفس» وقد يؤدى إلى ضعف الجسم عن العمل» والحزن ألم نفسى يصيب الإنسان عند فقد ما يحب أو عدم إدراكه» أو عند نزول أمر يهم النفس» ويجعلها فى هم دائم» ومعنى النهى عن الوهن والحزن - وهما أمران نفسيان - هو النهى عن الاسترسال فى الألم ما أصابهم» والمغزى: لا تسترسلوا فى الهم والألم مما كان يوم أحدء فإن ذلك يؤدى إلى ضعفكم عن القتال» فليس النهى منصبا على أصل الوهن والحزن» ولكنه منصب على سببهما الذى هو فى قدرة المؤمن وهو الاسترسال فى الوهن والحزن. والآية الكريمة تضمنت ذلك النهى» وتضمنت بشارة وتسلية» كما تضمنت فوق ذلك بيان سبب النصر وهو صدق الإيمان. فأما النهى فقد بينا ما يتجه إليه» وأما البشارة والتسلية» فهى قوله: وأنتم الأعلون 4 فهى تسلية للنبى وأصحابه من حيث إن فيها بيانا لأنهم أعلى» ومعنى العلو أنهم قد كان لهم غلب أكثر ما كان للمشركين» فقتلى المشركين يوم بدر أكثر من قتلى المؤمنين يوم أحدء والمؤمنون فى أحد ذاتها قد كانوا أعلى منزلة من الكفار؛ لآن قتلى المؤمنين فى الحنة» وقتلى المشركين فى النار؛ ولأن قتال المؤمنين فى سبيل الحق. وقتال المشركين فى سبيل الطاغوت» وأى علو للإنسان أكثر من أن يشعر بأنه يقاتل لنصرة الحق» ويغالب فى سبيلهء فإن الحق فى ذاته عزة وعلوء وفوق ذلك فى النصٍ بشارة بأن العاقبة للمتقين» وهو العلو فى الأرض كما قال تعالى : © ونريد أن نُمن على الذين استضعفوا في الأرض وتجعلهم أئمّة وتجعلهم الوارثين 2 4 [القصص] . وأما سبب النصر فهو صدق إيمان المؤمنين» فإن صدق الإيمان يصفى النفوس من أدرانها ويبعد عنها آثامهاء ويجعل القصد هو إعلاء كلمة: الحق» فيقدم تفسيرسورة آل عمران : |1ااااالاللاك!1 خخخ م خا ل كل كعم و11 ممم ا أ لتناغ! ]ااا لللاا!!!اا !!!للك 1ك اللك!!لللاا!!للالا!!اا الل مخ لاملااالا لاا اللللللا 34 لجملبطضر يي المؤمن على القتال وهو يعلم أنه يفوز بإحدى الحسنيين: الشهادة أو النصرء وكلتاهما غاية الطلب. فالآيات تساق لمقاصد سامية منها إلقاء البشرى» والتسلية والتعزية» فقد بين الله سبحانه أن ما أصاب المسلمين فى أحد قد أصاب المشركين مثلهء وفى ذكر ذلك دعوة إلى تجديد الجهاد بقلوب مستبشرة» ونفوس مطمئنة» فقال تعالى: إن يمسسكم قرح ققد من القوم قرح مئله 4 . القَرّحَ بفتح القاف: الجرح» وبضمها: الألم الذى يترتب عليه» وقال الكسائى والأخفش: اللغتان بمعنى واحد وهو الجرح وأثره» وبهما قرئت الآية(1), ولقد جاء فى المفردات للأصفهانى: (القرح الأثر من الجراحة من شىء يصيبه من الخارج» والقرح أثرها من الداخل» كالبثرة ونحوها). فالقرح على هذا أثر الجراحات فى الظاهر» وبالضم أثرها فى الباطن وإذا كان القرح هنا معنوياء فيصح أن نقول: إنه بالفتح ما يعقب المعركة من ألم واضح للهزيمة» وهو بالضم الغم والحزن الذى يستولى على النفوس حتى يكون النصر من جديد» وإن الظاهر هنا أن الفتح أوضح؛ لأن الله عبر عن أثره بأنه مس فقال: إإن يمسسكم قرح »4 والمس إنما يتناول الظاهر فقط . والقرح الذى أصاب المشركين هو يوم بدرء وما أصاب المسلمين هو يوم أحدء وقد قرر الزمخشرى أنه يجوز أن يكون القرح الذى أصاب المشركين هو يوم أحد؛ لأن المشركين قتل منهم عددء فكان فيهم مقتلة كما فى المسلمين فقد قال الله تعالى: « وَلَقَد صَدقَكُم الله وعده إذ تحسوتهم( بإذنه حتَئ إِذَا فشلتم وتتازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أرَاكُم ما تُحبُون . . . +23 4 [آل عمران] . )١(‏ قرأها بضم القاف: حمزة والكسائي» وخلف وأبو بكر. وقرأ الباقون بالفتح. [غاية الاختصار لأبي العلاء الهمداني: ج75 ص 07م (0) تحسونهم: تقتلونه . ا تفسير سورة آل عمران الللل لل ل اننا ل لا يي ولكن الظاهر هو الأول» ليتحقق معنى قوله تعالى فى بيان سننه إذ قال: وتلك الأيام نداولّها بين النّاس 4 . هذه هى الفائدة الأولى التى تستفاد مما أصاب المسلمين يوم أحدء وهذه الفائدة هى أن يروا سنة الله قائمة» فلا نصر يدوم» ولا هزيمة تدوم؛ لأنه لو دام النصر لكان الغرور» ومع الغرور الطغيان» ووراء ذلك الترف» وإذا أصاب الترف نفوس الشعوب ذهبت نخوتها وضؤلت قوتها كما توقع الصّديق خليفة رسول الله كه للعرب عندما يتوالى اتتصارهم: (والله تألمن من النوم على الصوف الأذربى (أى صوف أذربيحان) كما يتألم أحدكم من النوم على حسك السعدان)210. والمداولة معناها تبادل النصرء وقد كان ذلك فى أول الإوسلام مرة واحدة لكيلا يأخذ الترف السابقين من المؤمنين» وفسر الزمخشرى مداولة الأيام يتبادل النصر وقال: (المراد بالآيام أوقات الظفر والغلبة. نداولها: نصرفها بين الناس نديل تارة لهؤلاء وتارة لهؤّلاء)» وأصل كلمة نداول من الدولة» وهو مصدر لدال يدول بمعنى انتقل من حال إلى حالء أو من يد إلى يدء ومن ذلك قوله تعالى: <( كي لا يكون دولة بين الأغنياء سكم ... 420 [الحشر]ء أى يتدولون الماك فيما بينهم» ولا يصل إلى أيدى الفقراء منه شىء. والمعنى الحملى: فعلنا ذلك إجراء لسنة من سنن اللّه التى خلت من قبلكم وهى مقررة فى قوله تعالى: 9 وتلك الأَيّام نداولها 4 ولذا عطف عليه قوله تعالى : «( وليعلم الله الّذين آمنوا ويتَخِذ مدكم شهداء 4 : هاتان فائدتان أخريان لما أصاب المسلمين يوم أحد» فأولاهما- تحقق علم الله تعالى وإظهاره المؤمنين الثابتين» والذين ينافقون» فمعنى علم الله تعالى هو تحقق ما قدره فى الأزل» فيعلمه الناس» ويعلمه الله تعالى واقعا حاضراء ولقد )١(‏ حسك السعدان: نبات شوكي وهو من أفضل مرعى الإبل» وفي المثل: مرعى ولا كالسّعدان. الصحاح. سعد. 1 لإا تفسير سورة آل عمران للللالاتتلاااااالللل للا لجل بزر 6 ذكر الزمخشرى فى تفسير علم الله فى هذا المقام أنه على وجهين: أحدهما أن يراد تمييز قوى الإيمان من ضعيف الإيمان فيتميز الخبيث من الطيب» ويكون هذا من قبيل التمثيل» أى فعل الله تعالى ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت على الإيمان منكم من غير الشابت» والوجه الثانى- أن يكون علم الله الذى ثبت بالواقعة هو علم الجزاء أى يتحقق فيهم جزاء الله تعالى وفى الحق أن المؤدى فى الأقوال كلها واحد وهو أن يظهر صادقو الإيمان ويتكشف نفاق المنافقين» ويعلن بذلك للناس علم الله تعالى المكنون. والفائدة الأخرى فى الآية هى اتخاذ شهداء - أى وقوع الشهادة فى المؤمنين أى قتل المؤمنين الذين يشهد لهم بالجنة ويشهد لهم بالفداءء وإن هذه فائدة؛ لأن هؤلاء يكونون مثلاً عليا فى الفداء يقتدى بهم غيرهم» ويستهينون بالموت فى سبيل إعلاء كلمة الحق» وخفض كلمة الباطل؛ ولأن هذا يجعل المجاهدين يعلمون أن الحرب مع نصر الله غير خالية من الشدائد والاستعداد لهاء والإصابة فيها. «( والله لا يحب الظَالمِينَ4 إذا كان من هؤلاء الذين تقدموا للقتال من كانوا من أهل الحق» ومنهم من كان من أهل الدنياء وقد علم الله تعالى الفريقين» فإنه لا شك أن الذين لم يثبتوا على القتال وقد دخلواء والمنافقين الذين ثبطوا الذين آمنوا حتى همت طائفتان منهم أن تفشلا - ظالمون» وإذا كانوا ظالمين» فمن نتائج المعركة أن يتميزوا وأن يعلموا أنهم ليسوا من أهل الله؛ لأنهم فقدوا محبته» وفى هذا النص إشارة إلى ظلم الذين اتبعوا الغنائم» وتركوا موضع الرماية وكشفوا ظهر المؤمنين إذ إن هذا كان سبب الهزيمة» والله لا يحب الظالمين» ولا يحب أفعالهم» ولذلك قدر الهزيمة مع هذا الفعل» فعلى القائد أن يختار جنده من الصفوة دون غيرهم» وبهذا يكون ذلك النص فائدة رابعة. « وَليمحص الله الّذين آمَنوا ويَمَحق الْكَافرِينَ4 هاتان فائدتان» أولاهما تمحيص الذين آمنواء والتمحيص هو التخليص» أى تخليص المؤمنين من ذنوبهم والمنافقين» وقد جاء فى أساس البلاغة للزمخشرى: «محص الشىء محصاء تفسير سورة آل عمران ال اللللللللل ااال لجيه يي ومحصه تمحيصا خلصه من كل عيب» ومحص الذهب بالنار خلصه مما يشوبه)» والمعنى على هذا أن هذا القرح الذى أصاب المؤمنين خلصهم نما كان يشوب قلوبهم من أعراض الدنياء وخلصهم تمن كانوا يخالطونهم من ضعاف الإيمان والمنافقين» إذ تبين خصبثهم». فصاروا لا يجدون لقولهم سامعاء ولا لدعوتهم إلى التردد والهزيمة مجيبا. والفائدة الأخرى قررها الله سبحانه وتعالى بقوله: « ويمحق الكافرين 4 أى ينقصهم. إذ المحق معناه النقصان. ومنه المحاق لآخر الشهر؛ لأن الهلال يبلغ أقصى مدى النقصان فيختفى» والمعنى أن هذه الإصابة التى ترتب عليها تخليص المؤمنين من الشوائب يترتب عليها أن يختفى علّم الكفر فلا يظهرء وتنقص قوتهم فلا يتتصرون من بعد؛ لأن العزائم قد تحفزت حذرة لنازلتهم» فكانت الهزيمة سبيلا للنصرء وكان الجرح سبيلا لإعلاء كلمة الله تعالى. هذه عبرة ساقها العزيز القدير لهزيمة المؤمنين يوم أحدء وقد نبه سبحانه إلى طريق الاستفادة من الهزيمة» بأن نخلص أنفسنا من شوائبهاء ونمحص جماعتناء فهل لنا أن نستفيد من ذلك؟! إن الله تعالى يداول بين الناس وقد دالت علينا الأزمان بما فعلنا وبما ظلمنا أنفسنا وباستخذائنا وضعفناء وقد بدت البشائر بأن الدولة أوشكت أن تعود إليناء اللهم أجعلنا ننتتفع بمواعظ القرآن». وهداية الرسول كل : ريا لا : تؤاخذنا إن نُسينا أو أخطأنا ينا ولا تحمل عَلَينَا إصرا كما حملت على لين من قبلنا ينا ولا تحَملنا ما لا طَاقَة لَنَا به واعف عنًا واغفر نا وَارَحَسنَا أنت مَوْلانا فانصرنا عَلَى الْقَوْم الكافرين 723 4 [ البقرة] . موي ما 7 يي سه صخ سو ما ُ 20 لديا كعم ته موصن أذ ل سا قرو 1 7 وم 5 أن تَلْهَوه فَهَد رَأَيْسُموه وَأَدمُ 9 لأا تفسير سورة آل عمران م اللا لبجل وزو لي هذه الآية موصولة بما قبلها؛ لآن موضوعهما واحدء إذ الكلام فى أثر غزوة أحد فى نفوس المؤمنين» ومداواة العزيز الحكيم لهذه النفوس بالعبر يسوقهاء وسننه تعالى يبينهاء وآياته فى الآفاق والأنفس يكشفهاء وقد بين سبحانه وتعالى فى الآية السابقة مداولة الله سبحانه فى الأمم بالنصر والهزيمة» وأن العاقبة للمتقين» وفى هذه الآيات يبين أن الجماعات تصقل بالمحن» والمجاهدين يتميزون عند وجود الشدائدء وأنه لا تخلص النفوس وتطهر إلا بالاختبار الشديدء ولذا قال تعالى: م حسبتم أن تدخلُوا الجن ولَمَا َعْلَم الل الْذِين جاهدوا منكم «أم» هنا إما أن تكون للإضراب» ويكون المعنى: بل حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكمء والإضراب هنا معناه الاتتقال من طريق للبيان إلى طريق آخرء ففى الأول بين العبر والسنن بطريق التقرير» وفى هذه الآية يبين سنة أخرى بطريق الاستفهام الإتكارى» وفيه فضل تنبيه وفضل تقريرء والمعنى: أن سنة الله تعالى فى نعيمه أنه لا يستحقه على كماله إلا من بذل المهجة فى حياته؛ وصبر فى السراء والضراء» وهذا كقوله تعالى: آم حَسيعم أن تَدخْلُوا الج لما يأتكم مل اين خَلَوا من قبلكم متهم الْبأسَاء والضراء وروا حت يَقُول الرّسول والّذِين آمنوا مَعَه مت نصر الله ...0398 4 [البقرة] . وكقوله تعالى: « أحَسب الئاس أن يتركوا أن يَقولُوا آمنا وهم لا يفشون 277 [العنكبوت ]. ويصح أن تكون «أم» هنا للمعادلة». أى تكون متصسلة لا منقطعة» ويكون المعنى على هذا: أعلمتم أن لله تعالى سننا فى خلقه وأنه يداول النصر بين الناس» تفسير سورة آل عمران اال ا ا جلو يي غير أن يصيبكم الجرح» وتدمو(' فى الحروب» ويكون منكم شهداء. وقوله تعالى: 9 وَلَمًا يَعلّم الله الّذِينَ جاهدوا منكم » . المراد من العلم فيها المعلوم» أى ولما يستبن لكم أمركمء ويظهر لكم جهاد المجاهدين وصبر الصابرين» فالمعنى ظهور علم الله الواقع فيكم وبيانه لكم» وذلك لأن الله يعلم الأمور قبل وقوعهاء فلا يتصور أن يكون غير عالم حتى تقعء بل المراد وقوع ما علمه الله تعالى وظهوره وكشفه وإعلانه مُحّسا واقعاء بعد أن كان خفيا لا يعلمه إلا علام الغيوب» وقد تكلموا فى الحكمة فى أن الله تعالى عبر فى نفى المعلوم الواقع بنفى العلم الثابت» فقال: © ولما يعلّم الله » ولم يقل: وما يقع معلوم الله ونقول: إن حكمة ذلك هو تعليمنا بألا نحكم إلا بما يظهر ويقوم عليه الدليل المحسوس» ولا يحكم أحد بما يتوقعء فالله العليم بكل شىء يرشد إلى أنه وقد نفى الله تعالى «العلم» بكلمة «ولا») وهى فى معنى لم» بيد أنها تمتاز عنها بأنها تنفى الأمر فى الماضى والحاضرء وتؤمئ إلى وقوعه فى المستقبل» ففى الآية إيماء إلى أن المعلوم وهو المجاهدونء لم يكونوا معلومين قبل الاختبارء وكانوا بعد الاختبار»ء وظهرت تلك الصفة فيهم. ل ويعلم الصابرين 4 . أى ويقع المعلوم الثانى الذى قدره الله تعالى» وهو أن يتميز الصابرون من غيرهم» فالابتلاء الشديد أظهر نوعين من الرجال: أولهما- المجاهدون الذين يجالدون ولا يفرون ولا يولون الأدبار» ولا يذهب ببيأسهم قوة عدوهم» وفشل فريق من إخوانهم. والفريق الثانى الذى أظهره هم الذين صبروا ولم تذهب قلوبهم شعاعاء ولم يذهب تفكيرهمء ولم يضع رشدهم»ء ولم تطش أحلامهم » وقد يقول قائل: إن الجهاد يتضمن الصبرء كما قال النبى كلِةّ: «إنما الصبر عند 05 اللا تفسير سورة آل عمران لالم اللو اللو هه : 7 الصدمة الأولى»270»: وإن الصبر عدة الجهاد الأولى» فلماذا خصً الصابرون بالذكرء» وخص الصبر بالتنويه» ونقول فى الإجابة عن هذا السؤال: إن الصبر ولو أنه عدة الجهاد ينفرد بمعنى آخر غير الجلد والصبر تحت حر القتال وفى بريق السيوف». فإن الصبر يتضمن ثبات الفكرة واطمئنان القلب إلى الحقائق المقررة» وعدم طيش الأحلام» فإن الأخبار التى تثبط العزائم فى الحروب إذا كانت كاذبة قد يصدقها المجاهدء ولكن شجاعته تدفعه إلى مواصلة القتال» وعدم التأثرء والصابر المطمئن النفس يمحص الأخبار فى وسط الاضطراب النفسى» فإذا أشيع فى ميدان القعال أن القائد قد قتلء كان الأبرار من الجند فريقين: أحدهما- المجاهدون الشجعان الذين يستمرون على القتال» ولو كان الخبر صادقاء ويندفعون فى الميدان. والفريق الثانى المجاهدون الذين نالوا حظ الأولين وكان لهم مع ذلك قدرة على التأمل أصادق الخبر أم كاذب» وإذا كان صادقا حثوا غيرهم على الاستمرار وبينوا لهم أن الواجب صار أشد وأقوى وألزم» فهذا فريق الصابرين» وإن هذا النوع من الصبر هو أعلى أنواع الصبر؛ لأنه ثبات الجنان» وتحمل التبعات بأبلغ أحوالها وأشد صورهاء فهو صبر فى جهاد الفكرء وجهاد النفس» وتحمل عبء الجاهلين الأغرار» وتولى إرشادهم وتوجيههم. والنص يفيد أن الطريق إلى الجنة ليس سهلا يسلكه كل إنسانء إنما هو محفوف بالمكاره والشدائد» ولا يصل إلى غايته إلا الذين جاهدوا وصبروا وصابرواء ولذا قال النبى يكلم «حفت الجنة بالمكاره» وحفت الثار بالشهوات)57) وذلك لأن المعاصى أسبابها اندفاع الشهوات الإنسانية» وانطلاق الغرائز المنحرفة» فليس فيها جهاد بأى نوع من أنواعه. بل فيها تلذذ وانحراف» وأما الجنة فسبيلها جهاد للنفس ومغالبة للهوى» ومنازلة بين الحق والباطل» وتكليفات يجب القيام )١(‏ سبق تخريجه من رواية البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه. (1) رواه مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها لف5023 والترمذي: صفة الجنة (5485؟١)2‏ وأحمد: باقى مسند المكثرين 22١5١١ ١(‏ والدارمي: الرقاق - حَقّت الجنة بالمكاره ( 0٠‏ عن أنس رضي الله عنه. ل تفسير سورة آل عمران لولاا 0 حك بزبجطمل بن يي بهاء وكل هذه مشاق يحتاج احتمالها إلى جهد فى دائرة الطاقة» و 9 لا يُكَلَف الله نفسا إلا وَسْعها . . .297 4 [ البقرة] . ولقد أشار سبحانه وتعالى إلى أن المؤمن الصادق الإيمان يعرف طريق الجنة» وأن الموت فى سبيلها هو شكر لنعمة الله تعالى فيما أنعم فى الحياة الدنياء وفيما ينعم فى الجنات فى الحياة الآخرة» وإن الذين قاتلوا فى غزوة أحد الذين سيقت لهم هذه العبر يعلمون ذلك ويعرفونه ويؤمنون به» وينفذونه» ولذا قال سبحانه وتعالى: ذإ ولقد كنتم تَمَنُوَنَ الْمَوْتَ من قَبْل أن تَلقَوه 4 . كان المؤمنون يتمنون الموت حقا وصدقاء وصدق الله العظيم» ذلك أنهم كانوا يتشوقون للشهادة ويريدونها ويطلبون أسبابهاء وفى غزوة أحد بالذات ما كان للنبى يَكيةِ رأى فى الفروج من المدينة» ولكن شباب المجاهدين أرادوا اللقاء خارجهاء فنزل عليه الصلاة والسلام على حكم الشورى وقادهم» وما كانوا يريدون عرضا من أعراض الدنياء ولا غاية لهم إلا أن ينالوا إحدى الحسنيين الظفر أو الشهادة» وفى كلتيهما إعلاء كلمة الحق» وخفض كلمة الباطل. ومعنى تمنى الموت: تمنى لقاء سيبه وهو الحرب» وكأن الله سبحانه وتعالى ينبههم إلى أنهم بتمنيهم لقاء الأعداء فى الميدان يجب أن يفرضوا أن الموت ينالهم كما أن الحياة العليا قد ينالونهاء فكان عليهم أن يتوقعوا الموت عند تمنى اللقاءء وأن يعلموا أن تمنيهم للقاء هو فى ذاته تمن للموتء وأن تمنى الموت هو سبيل النصر وطريق الظفرء فإن الشجاع هو الذى يدخل الميدان طالبا الشهادة» فإنه لا يموت إلا إذا قتل عدداء ولقد وصف فارس الإسلام على رضى الله عنه بأنه كان إذا تقدم إلى الميدان لا يدرى أيقع على الموت أم يقع الموت عليه فكان يقع رضى الله عنه على الموت يصيب به أعداء الله وأعداءه. ولقد أورد الزمخشرى فى الكشاف اعتراضا خلاصته: كيف يتمنى المؤمنون الموت» وفى الموت غلبة ونصرة للأعداء فكأنهم يتمنون ذلك النصر لأعدائهم» وقد أجاب عن ذلك بأنهم يتمنون فضل الشهادة من غير نظر إلى ما يجره ذلك 6 ها تفسير سورة آل عمران لل الللللإلالل0060االلللللل > أت على الأعداء من ظفرء ونحن نجيب جوابا آخرء وهو أن تمنى الموت هو تمنى الحرب فى سبيل نصرة الله ومن دخل الحرب متمنيا الموت فإنه لا يترتب على قتله نصر للأعداء بل يقرتب عليه هزيمة لهم» كما أشرنا قريباء وقد كان السبيل الحق إلى النصر أن يدخل المجاهدون غير حريصين على حياتهم» إنما يحرصون على النصرء ولو كان يموت آحاد منهم» ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان كل واحد لا يحرص على الحياة» ولكن يطلب الموت» وإن طلب الموت يؤدى إلى الحياة» كما قال الصدّيق: (اطلب الموت توهب لك الحياة» وفر من الشرف يتبعك الشرف)» وإن الحرص على الحياة يؤدى إلى الجبن» والجبن يؤدى إلى الهزيمة» وإن المجاهد الذى يستحق شرف هذا الاسم يتقدم مريدا عزة الحق» وقابلا الموت» بل يتمناه ليكون شهيداء وإذا وقع يكون أمرا قد توقعه» ومن بقى من بعد عليهم أن يجددوا العزيمة» ويعيدوا الكرة عليهم» ولذا عتب الله سبحانه وتعالى على المؤمنين إذ أصابهم الغم عندما اشتدت شديدة الحرب عليهم فأصابهم ما أصابهم بل أمرهم أن يثبوا مرة أخرىء» وإذا كانوا قد تمنوا الموت» فقد وقع لبعض منهم ما تمنواء ولذا قال سبحانه وتعالى : « فَقَد رأيتموه وأنكم تنظروت 4 . الفاء هنا للإفصاح» فهى تفصح عن شرط مقدر دل عليه صدر الكلام» ومعناه: إذا كنتم تمنيتم الموت فقد رأيتموه رأى العين وشاهدتموه» فوقع ما توقعتم» وقوله تعالى: « وَأَنَم تَمظرون 4 تأكيد لحال الرؤية أو تصوير لرؤيتهم؛ لأن الجملة حالية والتعبير بالمضارع يفيد التصويرء وإحضار الصورة الواقعة فى الماضى كأنها واقعة فى الحاضرء فيستحضرها العقل كما وقعت» وكما ظهرت فى الوجودء والنظر الذى قرره سبحانه بقوله تعالى: « وأنتم تسظرون 4 يتضمن النظر إلى الموقعة كلهاء وكيف كان الانتصار فى ابتداء الأمر عند الطاعة» ثم كيف كان الانهزام عند المخالفة إرادة عرض الدنيا من بعضهم كما قال تعالى: 9 منكم مّن يريد اانا ومنكم مّن يريد الآخرة ... +27 4 [آل عمران] . ويتضمن النظر بعد وقوع الانهزام كيف تفرقت الإرادات» وقد كانت إرادة واحدة» وكيف تضعضعت بعض الهمم» وكيف كثرت الظنون» وكيف أصابكم هاا تفسير سورة آل عمران الللللإواالوو لل ات كه : 3 الغم» ولم تفكروا فى إعادة الوثبة» ولذلك كان قوله تعالى: « وأنثم تنظرون 4 متضمنا تأكيد الرؤية ومصورا لهاء ومتضمنا مع ذلك العتب أو اللوم؛ لأن حالهم لم تكن متفقة مع ما كانوا يتوقعونه من قبل» إذ إن حالهم من بعد انتهاء الموقعة تفيد أنهم كانوا يريدون النصر رخاء سهلا من غير عقبة تحول يجب تذليلهاء ومن غير شدة عنيفة يجب الصبر عليها. ولقد حدث فى أثناء الموقعة أن زاغت الأبصارء فظن بعض المجاهدين أن النبى وَلْةٌ قتل»ء فاضطربت عزائم» واسترخت هممء واستضعف أقوياء»ء وقد لامهم الله تعالى على ذلك أشد اللوم» وكأنما كان الظن الذى غلبهم ليبين الله لهم حقيقة غابت عنهم» وهى أن محمدا بشر كالبشر» يموت كما يموتون» ويحيا كما يحيونء ولذا قال سبحانه: وما محمد إلا رسول قد حَلَت من قَبله الرسل 4 . تقرير لحقيقة ثابتة وأمر واقع» وهو أن محمدا بشر من البشر» وأنه يموت كما يموت سائر البشرء وقد قرر هذه الحقيقة ومعها دليلهاء وذلك ببيان حقيقتين كل واحدة منهما تصلح مقدمة فى دليل لإثبات أنه ميت لا محالة كما قال تعالى : «إِنك ميت وإِنّهم مُيتون +2 4 [الزمر ] . الحقيقة الأولى أو المقدمة الأولى: أن محمدا جَكُةٌ رسول فقط فليس أكبر من رسولء ولذا قال تعالى: «إومًا محمد إلا رسول 4 أى ليس له صفة تميزه على الناس إلا الرسالة» والحقيقة الثانية: أن الرسالة لا تقتضى البقاء» فقد مضى رسل من قبله وماتواء وقد قررها سبحانه بقوله: «إقَدْ خَلَتَ من قَبَلهِ الرّسل ‏ . ومن مجموع الحقيقتين يثبت أن محمدا سيموت؛ لأنه إذا كان ليس إلا رسولاء والرسل من قبله قد ماتواء فهو سيموت لا محالة. وإذا كان محمد سيموت لا محالة فإن رسالته لا تموت من بعده» ولا يصح أن ينقلب المؤمنون من بعده. بل عليهم أن يحملوا العبء من بعده. وقد بلغ إإإإذا تفسير سورة آل عمران لمانالا ناان لل انا للا نا نالل نالل لنلط نالل ن قلطا ططط نالخ نالخ نا انالا انلالخ لل نالل ط لطم لماخ للا نط ط لاخلخ اناطخ انط ططخ طاطخ ط ةلاقا رسالات ربه» وأتم بيان دينه» ولذا وبخ المؤمنين على ما كان منهم يوم أحد إذ ذاع فى وسطهم أن محمدا قد قتل» فقال تعالى: أفإن مات أو قل انقلبتم على أعقابكم ‏ . الفاء هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أو للإفصاح عن شرط مقدرء والاستفهام للتوبيخ» والمعنى: أإذا مات وقد علمتم أن موته حق لا ريب فيهء أو قتل فى الميدان والقتل طريق من طرق الموت» انقلبتم على أعقابكم» أى عدتم كفارا بعد أن آمنتم» وعباد أوثان بعد أن صرتم من أهل التوحيدء وضلالا بعد أن اهتديتم» والتعبير عن ذلك بقوله تعالى: 9 انقلبتم على أَعقَابكُم 4 تصوير سام لمن ضل بعد أن اهتدى» فهو تصوير لمن يرجع إلى الوراء وبصره إلى الأمام» وأعقابه هى التى تقوده» وهو منكس جعل رأسه فى أسفل وعقبه فى أعلى» وذلك أقبح منظر يكون للإنسان. ولكن هل وقع ذلك الضلال أو كان ما يدل على احتمال وقوعه. يروى فى ذلك أن عبد الله بن قمئة الحارثى أقبل يريد قتل النبى يِه فتصدى له مصعب بن عمير حامل راية المؤمنين فقتله المشرك» وظن أنه الرسول فأذاع ذلك فى المشركين» وانتقل الخبر إلى بعض المؤمنين» إذ قد اختلط الحابل بالنابل» فريعت قلوب بعض المسلمين وولوا مدبرين» وانطلق المنافقون يقولون : لو كان نبيا ما قتل» وثبت المؤمنون الصادقونء وقد مر أنس بن النضرء ووجد قوما خارت عزائمهم فقال لهم: يا قوم إن كان محمد قتل فإن رب محمد حى لا يموت» وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله َيِه فقاتلوا على ما قاتل عليه» وموتوا على ما مات عليه .. اللهم أعذر إليك مما يقول هؤلاء. وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء» ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل. وقد مر بعض المهاجرين بأنصارى يتشحط"١'‏ فى دمهء فقال له: أشعرت أن محمدا قد قتل» فقال: إن كان قد قتل فقد بلغ» فقاتلوا على دينكم» ولقد صاح بعض المجاهدين فى وسط ذلك البلاء: يامعشر المؤمنين إن كان محمد قد أصيب أفلا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به. . أي يتخبط فيه ويضطرب ويتمرغ‎ )١( ل تفسير سورة آل عمران : الس 96 صلب ىي ١‏ وبهذا يتبين أن المحاربين كانوا فريقين: أحدهما رعب واضطربء والثانى ثبت وجاهدء ولقد ذكر الله حال الفريقين» ومقام كل واحد من الحق ودعوته فقال تعالت كلماته فى الفريق الأول: «إ ومن ينقلب علئ عقبيه قلن يضر الله شيئا 4 . أى ومن ينقلب على عقبيه بعد وفاة النبى يِه فلن يضر دين الله تعالى فى شىء» ولأن دين الله تعالى بعسد أن بلغ النبى رسالة ربه» وأكمل البيان لهذا الدين» قد ظهر وصار حقيقة ثابتة فى الوجود. فلا عبرة بمن يخرج. كما قال تعالى: طمن يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين . . . 20ج 4 [المائدة ] . وفى هذا تنبيه إلى ثلاثة أمور: أولها: أن من يجاهد عليه أن يجاهد لحفيقة من الحقائق الثابتة الخالدة التى لا تفنى ولا تنتهى » ولا يقاتل لآأجل الأشخاص الذين ينتهون ويفنون» فالمعانق خالدة» والأشخاص ميتول . الثانية: أن من يفسد قلبه فيرتد بعد إيمان ويكفر بعد يقين» لا يضر دين الله بل يضر نفسه؛ لأن الضال المضل يضر نفسه قبل أن يضر غيره. الثها: إخبار الله تعالى بأن هذا الدين خالد ثابت باق إلى يوم القيامة؛ لأنه سبحانه قد قرر أنه لا يضره من يخرج عنه أو يمرق عن أحكامهء أو يتركها ثم بين سبحانه من بعد ذلك جزاء الصابرين الذين لم يرعبوا ولم يضطربواء فقال سبحانه: < وَسيّجزي الله الشاكرين 4 . أى وسيجزى الله سبحانه وتعالى الذين صبروا فى هذه الشديدة وشكروا الله الشكر كصفة الصبر كلتاهما تظهر فى السراء والضراء معاء فالصبر يكون فى النعمة بالقيام بحقهاء وفى الكريهة باحتمالها» من غير تململ وتضجر . 6 إم.. تفسير سورة آل عمران العم عع ع خخ ع مخ غم خم ممم ممنماملماماململام م م مللل أ أ !ااا !!!لالتلا لمم ممم مالم عع 1ع ع ل لللللللا لحب أ وقد يقول قائل: لماذا عبر هنا بالشاكرين ولم يعبر بالصابرين» والصبر هنا هو الأظهرء فنقول: إن الشكر فى هذا المقام هو أعلى درجات الصبرء وذلك أنهم لم يحتملوا البلاء فقط. بل تجاوزوا حد الصبر إلى حد الشكر على هذه الشديدة» فالشكر هنا صبر وزيادة» وقليل من يكون على هذه الشاكلة» ولذا قال تعالى: « وقَليلَ من عبّادي الشكور ج22 4 [سبا] . ٠‏ وإنا نضرع إلى الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين فى البلاء» الشاكرين فى الضراء والسراء معاء إنك سميع الدعاء. وَمَاكَانَ 3-2 18 د هه 2 2 و 2 2 و لنفيس نتموت! لابإذ دن الله لبأ مؤوجلا وكرت 59 ّ م 7 هه 2 توا بالدنيا 3 ل ل أ[ صرت دودو م: كن برد دعاب َدجْرَةَ د وَنَؤْقوء ع ا ميم" صم 03 ا م وَسَسَحرِى الشدكرينَ 28 وين من بي دحل مَعَهُه وري سلس 1 0 2 صا 5 بون كِكادصََاوَهَسوألِمَا أصا بهم فى سدم ألو وماضعفوا َمَاستكَاء ويب حب الصَديرِنَ لزيا وَمَاكانَ فَوْلَهُمٌ لأ أ اس و تله اوم يي سس سس مدص ام ل أن قَالْوأْرَ نا أعفر اناد هو ناوَإِسُرًا افنا قا مّرِنا وثيبت 2 210001 سس سر سر ورج ساو 1 00 ص هه كَدَامََاوَأَنصْرَكَاعلَالْمََ والحكفرن 20 فا همأل دح سل ل هه له و 6 رج 2-04 واب لدبي وَحْسَنَ واب الْأحرَوَوَأَسَهض لين 02 الكلام فى هذه الآيات موصول بالآيات قبلهاء ففى الآيات السابقة أشار سبحانه إلى اضطراب بعض المؤمنين عندما بلغهم كذبا أن النبى كَلةِ قد قتل» فضعفت نفوسء» ووهنت قلوبء» واضطربت عقولء» فبين الله سبحانه وتعالى أن محمدا رسول من البشرء وأنه يموت كما يموت سائر البشرء وأن له أجلا ملموساء وأن الدعوة الإسلامية كاملة ما دام النبى يك قد بلغها وأتم تبليغهاء وبهذا. تفسير سورة آل عمران اا د > ل أتم ما عهد إليه» فإذا مات حمل هذه الأمانة مّن بعذه ونقلوها إلى الأخلاف» ثم أشار سبحانه وتعالى إلى أن النفوس جميعها بيد الله» وأنه سبحانه قد جعل لكل أجل كتابا . ْ « وما كَانَ لتفس أن تَمُوت إلا بإذن الله كتابًا مُوَجَلا 4 والمعنى ما تحقق وما ثبت لنفس أن تموت إلا بإذن الله تعالى» وقد كتب لها كتابا مؤجلاء ومعنى الإذن هنا يتضمن أن لله تعالى الإرادة المطلقة فى قبض النفوس وإرسالهاء فهى لا تموت إلا بمشيئته» ولا تحيا إلا بإرادته» وقد عبر سبحانه وتعالى عن الإرادة بالإذن» وذلك للإشارة إلى أنه إذا كان القتل فى الحروب سببا للموت» فإنه ما دام لم يجئ الإذن الذى يعلن مشيئة الله تعالى وإرادته فإن المقاتلين مهما يكونوا أقوياء لا يمكن أن يصيبوا نفسا لم يشأ الله تعالى قتلهاء فهذا النص الكريم يؤكد معنيين: أحدهما: أن الموت بالإرادة الأزلية» وبالمشيئة الإلهية» فما لم يأذن فلا موت. والثانى: أن القتتال مهما يكن شديدا فلن تموت نفس لم يكتب الله تعالى لها الموت» وهناك إشارات فى الآية كثيرة: منها أن الموت لا يحتاج بالنسبة لله تعالى إلى أسباب» فليس إلا أن يأذن بقبض الروح فيكون الموت من غير أى مجهود يبذل» ومنها تحريض المؤمنين على الجهادء وتشجيعهم على لقاء الأعداءء فإن الحذر والحرص على الحياة لا يمنعان ما قدر الله تعالى» فإذا كان قد أذن للنفوس أن تلقى ربها فلا مانع يمنعهاء ولا دافع يدقع عنها أسباب المنايا» ومنها الإشارة إلى حفظ الله تعالى لنبيه جَلِْةّ وقد تربص به الأعداء» وأحاطوا به من كل جانب» وصار قريبا من نهزة المختلس» ولكن الله تعالى أحاطه بكلاءته وعنايته» ومنها بيان أن الله سبحانه وتعالى قابض نبيه كد مهما يطل الأمد أو يقصر. وقوله تعالى: 9 كتابًا مُوَجَلاً مفعول مطلق لفعل محذوف معناه: كتب كتابا مؤجلا» أى له أجل معلوم لا يتقدم ولا يتأخرء وهو آت لا محالة. ط ومن يرد تَوَاب الدنيا نؤته منها ومن يرد تَواب الآخرة نؤته منها 4 وإذا كان الأجل مكتوباء فإن ذلك لا يمنع أن العمل مكسوبء فعلى كل أن يعمل» وكل .م تفسيرسورة آل عمران لل الل الام ماللا ١‏ اكاك و ميسر لما خلق لهء وكل يكون جزاؤه فى الدنيا والآخرة» فمن يرد ثواب الدنيا أى جزاءها والنتائج المطلوبة فيهاء ويسلك السبيل القاصد الذى يوصل إلى الغاية» وينتهى إلى النهاية» يمكنه الله تعالى من الأسباب» ويسهل له الحصول على النتائج» ومن كان يريد الآخرة ويقصد وجه الله تعالى فى كل ما يعمل» إلى الدنيا لا لذاتهاء بل على أنها مزرعة الآخرة» فإن الله تعالى يؤتيه من ثواب الآخرة ما ادخره لعباده المنقين» وهذا كقوله تعالى: فل منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة . . ٠‏ #لذلك 4 [آل عمران] . وكقوله تعالى : (إمن كَانَ يريد حرث الآخرة ترد لَه في حرئه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما لَه في الآخرة من نَصيبِ لج © [الشورى ]. فالنص الكريم يثبت أن الدنيا لها وسائل» والنجاح فيها له أسباب توصل إلى النتائج» والآخرة لها أسباب وذرائع» وعلى ذلك لا يكون النجاح فى شئون الدنيا دليلا على القرب من الله تعالى» ولا الفشل فيها دليلا على البعد عن الله تعالى» ذلك قول الفجار» الذين يتخذون من سطوة الكفار مع كفرهم دليلا على أنهم أقرب إلى الله من المؤمنين» ويغفلون عن قول الله تعالى: ( ولولا أن يكون الّاس أُمّةَ واحدة لَجِعلنا لمن يَكْفرٌ بالرّحمن لبيوتهم سقفا مّن فضّة ومعارج ليها يظهرون 0ه 22> ولبُوتهم أنواا وسررا عليه كود 20> ورُخرَهًاوإن كل ذلك لما َع اْحياة نا والآخرة عد ربك لس :42 [الزخرف ]. وفى النص الكريم إشارات بينات» فهو يشير إلى الذين اتبعوا الغنائم وتركوا طاعة الرسول يوم أحد بأنهم أرادوا الدنياء ولكن لم يسلكوا مسالكهاء ويشير إلى الذى يقاتلون طلبا للغنائم» وأنهم لا ينالونها إلا إذا استقاموا على مناهج القتال الصحيحة» ويشير إلى فضل الذين صبروا ويصبرون فى الحرب» ويطلبون بها وجه الله تعالى لا يريدون علوا فى الأرض ولا فساداء ويشير إلى أن القتال يجب أن يقصد به وجه الله تعالى» لعمارة الأرض ومنع الفساد فيهاء ثم يبين سبحانه أن أولئنك هم الذين ينالون الثواب» ولذا قال تعالى : تفسير سورة آل عمران لوول ااا لوال 0م زج _ رن يي فإ وسنجزي الشاكرين 4 شكر النعمة القيام بحقهاء وأداء ما ينعم الله تعالى به من نعم فى مواضعهء فإذا أعطى فشكر العطاء بإنفاقه فى مواضع الإنفاق» وإذا منح القوة فشكرها أن يجعلها لنصرة الحق وخفض الباطل» وإذا أعطى نعمة الحكمة والفكر السليم» فيكون الشكر بتسخير ذلك لنفع العباد» وهدى الناس» وإرشادهم إلى طرق البحث وتذليل الأرض لهمء وأن يكون ما ينتجه للعمارة لا للخراب . وهنا نجد النص لم يبين الجزاء» ولم يبين من الذين يتصفون بالشكر من طلاب الدنيا أو طلاب الآخرة» وقد ترك الجزاء من غير بيان ليعم الجزاء الدنيوى» والجزاء الأخروى. فمن طلبوا الدنيا واتخذوا أسبابهاء ونصروا الضعيف». وخذلوا القوى» وعمروا الأرض ولم يفسدوهاء ولم يطرحوا ما عند الله تعالى بل طلبوه. كانوا من الشاكرين. واستحقوا الجزاءين: جزاء الدنيا بأن يصلوا إلى النتائج التى قصدوهاء وهى العلو فى الأرض من غير طغيان» والجزاء فى الآخرة عند تجلى الرحمن . ولم يبين سبحانه من هم الشاكرون؟ أهم طلاب الدنيا أم طلاب الآخرة» وذلك لأن المطلبين ليسا متضادين» بل إنهما يتلاقيان» وإنه عند التحقيق لا يعد طالب الدنيا سالكا طريقها إلا إذا طلب الآخرة فيهاء وأذعن لقدرة الخالق فى طلب الحياة الدنياء فكل شىء عنده بمقدارء فمن اعتمد على الأسباب الدنيوية وحدها من غير تفويض الله معها فإنه يعاند قدرة الله ولا ينجح له تدبير» ولا ينتهى إلى غاية فى تفكيرء ط وهو القاهر فَوق عباده وهو الحكيم الخبير 27> 4 [الأنعام]. ولذلك كان الشكر مشتركا عند طلاب الدنيا إن طلبوها على وجهها وطلاب الآخرة» وإنه عند التحقيق أيضا طلب الآخرة لا ينقطع تماما عن طلب الدنياء فإن الزهد فى الإسلام طلب الحلال وليس إعراضا عن الدنياء وإن من تفسيرسورة ال عمران ) اااااااا للا خخخ لاوط ضماغ اماما امام لالط لط مالالا كال مخممممخمخماخممخمخمس )لالتلا ١١ اا‎ 7 و2 يحتطب لقوت أهله أَعْبَّدٌ من ينقطع فى صومعة للعبادة» ولذلك ورد فى بعض الآثار «رهبانية أمتى فى الجهاد)17؟ . وكاب ”فق م ُو فنا وو ا اهم في ب اله ون ضعفوا وما استَكانوا 4 كلمة 9 وكأيّن 4 بمعنى كم الخبرية الدالة على الكثرة» أى كثيرون من الأنبياء قاتل معهم ربيون كثيرون» وهناك قراءة و١كائن2(2,‏ وهى لغة جائزة فى كأين» وقد جمع بينهما الشاعر فى قوله : ين َنم دعكا وكائ برا من ضتعيف وخائف والربيون هم المؤمنون الصادقون الإيمان الذين يقاتلون ابتغاء ما عند الرب» فهم منسوبون للرب سبحانه وتعالى لخلوصهم له واتجاه قلوبهم إليه وحدهء وقال الزمخشرى: إنها نسبة غير فيها النسب» وقد قرئ بفتح الراء وضمها وكسرهاء ولذا قال الزمخشرى: «والربيون هم الربانيون» وقرئ بالحركات الثلاث» فالفتح على القياس والضم والكسر من تغييرات النسب». والمعنى كثيرون من الأنبياء قاتل معهم مؤمنون صادقو الإيمان وكانوا يصابون» والقتال يتعاور فيه المقاتلون الجروح والدماء» فليس القتال ريحا رخاء سهلاء بل هو عاصفة وملحمة بشرية يدال بين المقاتلين فى الميدان» فكانوا بهذه الجراح راضين صابرين لم يهنوا ولم يضعفوا ولم يستكينوا ويذلواء وهذا الكلام للاعتبار بحال الماضين الذين قاتلوا من قبل مع الأنبياء» ما ضعفوا عندما أصابهم القترح» فكذلك أنتم ما كان يليق أن تضعفوا إذا أخطأتم فجرحتم يوم 03 أحد. )١(‏ سبق تخريجه من رواية الإمام أحمد وغيره عن أنس رضي الله عنه. (1) وبها قرأ ابن كثيرء وأبو جعفر المدني ولين الهمزة. [غاية الاخستصار لأبي العلاء الهمداني: ج7 ص”67 4 ]. ا تفسير سورة آل عمران اا ا د > ات جيشه بقتله ولا ضعف» فما كان يسوغ لهم أن يضطربوا ذلك الاضطراب يوم 0 احد. ولكنا نرى أنه ليس فى الآية ما يشير إلى هذا المعنى» حتى يتعين مرادا لها والحق أن العبرة فى كون النبيين كانوا يقاتلون ومعهم مؤمنون صادقو الإيمان» يصيبهم جراح» وتصيب أعداءهم» وما كانت جراحهم توهنهم أو تضعفهم أو تجعلهم يستكينون ويذلون» وقد نفى الله تعالى عن أولئك الربانيين ثلاثة أوصاف لا تتفق مع الإيمان: أولها: الوهن فقد نفاه سبحانه وتعالى بقوله تعالى: «إفَمَا وهنوا لما أصابهم في سبيل الله 4 والوهن اضطراب نفسىء وانزعاج قلبى» فهو يبتدئ فى الداخل» وإذا وصل إلى الخنارج كان ضعفا وتخاذلاء وإذا أنتتج الضعف نتائجه كانت الاستكانة والذل» ولذلك ابتدأ بنفى الوهن» وقرن نفى الوهن بكون سببه ما أصابهم فى سبيل الله للإشارة إلى أن الوهن ينافى قوة الإيمان» لأن من كان يقاتل فى سبيل الله عليه أن يعلم الغاية من القتال» وهى توجب تحمل كل الشدائد» والعاقبة للمتقين. الوصف الثانى: الضعف والتخاذل الذى يوجبه اليأس والاضطراب» وهذا كما قلنا نتيجة للوهن. والوصف الثالث: الاستكانة» وهى الرضا بالذل والعيش مع الهوان. وذلك ليس شأن المؤمن. وقد نفى سبحانه هذه الأوصاف الثلاثة مع أن واحدا يكفى نفيه لنفيهاء لأنها متلازمة» لبيان قبح ما يقعون فيه لو سلطوا وصفا منها على نفوسهم فاستمكن فيها. تفسيرسورة آل عمران ملالا االللللإوااا الل الئل (لجمب بز يي « واللّه يحب الصابِرِين» الله سبحانه وتعالى يشير بهذا إلى أن الذين لا يصيبهم وهن بسبب اشتداد المعركة ولا ضعف ولا ذل ولا استكانة واستسلام هم الصابرون حقا وصدقا. واللّه سبحانه وتعالى يحبهم. ونقف هنا وقفة قصيرة عند معنى الصبرء واستحقاقه للمحبة لا لمطلق الجزاء» إن الصبر ليس هو احتمال الشدائد. فقطء بل هو ألا يتتضعضع عند نزولهاء وألا يضطرب التفكير عند اشتداد الشديدة» وأن تنفى مطامع النفس إلا ما كان منها إجابة لداعى الحق ونصرته» وأن تخلص القلوب عن شوائب الشهوات فلا تخضع لها ولا تذل» بل تتحكم كل نفس فى أهوائهاء وألا يكون أنين ولا شكوى ولا ضجيحج» وهذا هو الذى سمى الصبر الجميل» والصبر على هذا المعنى هو أجل الصفات الإنسانية وأكملها؛ لأنه ضبط النفس» وكمال العقل» وسيطرة الحكمة وقوة الحنان» وهو يتضمن فى ثناياه معنى الشكرء فهو عنصر من عناصره» ومظهر من مظاهره. وكان الجزاء أعلى جزاءء وهو المحبة من الله» ومحبة الله تعالى تتضمن رضوانه» وتتضمن ثوابه» وهى مرتبة أعلى منهماء ولا ينالها إلا الصابرون. وما كان قولهم إلا أن قَالُوا ربا اغفر لََا ذَنوبنَا وإِسراقنًا في أَمْرِنَا 4 أى أن هؤلاء الصابرين ليس لهم شأن فى ميدان القتال وفى عموم الأحوال إلا الاتجاه إلى ربهم ضارعين شاعرين بالتقصير فى جنب الله سبحانه وتعالى» فمعنى قوله تعالى : « وما كَانَ قَولَهم إلا أن قَالُوا4 وما ثبت وتحقق لهم من قول إلا أن قالوا: «رينا اغفر لَنَا ذنونَا وَإِسرافنَا في أَمَرِنَا)4 فنفى الله تعالى عنهم كل قول إلا الاستغفار وطلب النصر» فلم تكن منهم صيحات الفزع والاضطراب» ولا صيحات الأخذ من الأسلاب والغنائم» إنما قولهم هو فى علاج نفوسهم والطب لأدوائهاء وطلب النصر من ربهم على أعداء الحق الكافرين به. وتلك غاية الغايات عندهم . تفسير سورة آل عمران 64 الل ااااال0ا لتك سر أ ولقد كانت ضراعتهم إلى ربهم بالدعاء تتجه إلى ثلاثة أمور: أولها: طلب غفران الذنب والإسراف. والذنب هو التقصير فى حق الله تعالى» والإسراف فى الأمور هو تجاوز الحد فى الأمورء وأمرهم هو كل ما يتعلق بإجابة الله تعالى» فهم يستغفرون من التقصير فى حتق الله تعالى» وتجاوز حدود الله تعالى» وإن ذلك الدعاء مناسب للقتال لأن المقاتل إما أن يقصر فيتخاذل» وإما أن يتجاوز الحد فيقتل فى غير حاجة إلى القتال. فكان هذا الدعاء فى موضعه» وإن الإسراف فى القتل من غير حاجة إلى القتل مؤاخذ عليه كالتقصيرء فمن يقتل امرأة أو عاملا غير مقاتل أو شيخا هرما لا رأى له فى القتال» أو يقتل أسيراء أو يقتل بعد الأمان» يكون مسرفا فى أمره» فيكون موؤّاخذاء ولذلك طلبوا الاستغفار من الأمرين: التفريط والإفراط . وإن طلبهم هذا يدل على سلامة قلوبهم» واستصغار عملهم» وذلك شأن الأتقياءء ولذا جاء فى الكشاف فى هذا المقام: (هذا القولء. وهو إضافة الذنوب والإسراف إلى أنفسهم مع كونهم ربانيين كان هضما لها واستقصارا) ولقد كان دعاء النبى كَليْهّ: «اللهم اغفر لى خطيئتى وجهلى وإسرافى فى أمرى» وما أنت أعلم به منى»(2. الثانى: طلب تثبيت الأقدام بألا يهزموا ولا يفرواء بل يلاقوا الأعداء بصدورهم ولا يولوهم الأدبار» وفى تقديم الدعاء بالغفران إشارة إلى أنهم يقدمون طهارة نفوسهم وتزكية القلوب واعتبارها أساس الثبات والصبر فى مواطن القتال» وجاء فى الكشاف: «والدعاء بالاستغفار مقدما على طلب تثبيت الأقدام فى مواطن الحرب والنصرة على العدو ليكون طلبهم إلى ربهم عن زكاة وطهارة وخضوع وهو أقرب إلى الاستجابة». )١(‏ رواه البخاري: الدعوات - قول النبي يكِِ اللهم. . (2970) واللفظ لهء ومسلم: الدعوات - التعوذ من شر ما عمل (7119). 42 ل تفسيرسورة آل عمران ااال للللااا لا ١ ااا‎ بي الثالث: طلب النصر على الكافرينء وهو غاية القتال؛ لأن الانتصار عليهم رفع لاعتدائهم» وتمكين لأهل الإيمان فى الأرض» ومنع للفتنة فى الدين» وإزالة الحواجز التى تحول بين النبى ودعوتهء وذلك نصر لحق الله تعالى. « قاتاهم الله نَواب الدنيا وحسن تَوَاب الآخرة4 الفاء هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنهم بسبب ذلك الصبر والاطمئنان نالوا جزاء الدنيا وثوابها بالنصر والغنيمة وجعل كلمة الله تعالى هى العلياء ومكن لهم فى الأرض» وبسبب هذا أيضا نالوا حسن ثواب الآخرة» أى نالوا النعيم المقيم» وجنات عدن» وما فيها مما لا عين رأت. ولا أذن سمعت . ولا خطر على قلب بشرء ونالوا ما هو أعلى من ذلك وهو رضا الله تعالى ثم محبتهء وهى أعلى الدرجات» ووصف ثواب الآخرة بالحسن؛ لأنه الثواب الذى لا يعكره معكرء ولا تكليف فيه ولا مشقة تحتمل فى سبيله؛ فهو حَسّن بإطلاق» وأما ثواب الدنيا فحسنه إضافى إذ فيه تكليفات ومشقات» إذ الدنيا قد اختلط حلوها بمرهاء وسراؤها بضرائهاء وشقاؤها براحتهاء ولذلك كان ثوابها غير حسن إلا حسنا إضافيا نسبياء أما ثواب الآخرة فحسن باستمرار وإطلاق 8 واللّهُ يحب الْمحْسنينَ» . ذيّل الله سبحانه وتعالى الآية التى تتعلق بالجزاء بأعظم جزاء وهو محبته الكريمة» وأشار إلى أن هؤلاء الربانيين قد استحقوه بسبب إحسانهم وإتقانهم لا عملوا وما جاهدوا فيه»؛ وصبرهم فى الشدائد والمكاره» وتلقيهم للأحداث بجنان ثابت وقلب رابط. وإننا نجد أن الله تعالى وصف المؤمنين بثلاث صفات,ء وكل واحدة منها قد استحقت جزاءء فالوصف الأول أنهم شاكرونء فقال: « وسنجزي الشاكرين 4؛ لأن الشكر أول أبواب الطاعة» والرغبة فى الفداء؛ إذ هو الإحساس بحق المنعم فيما أنعم به. 1 والوصف الثانى هو الصير؛ لأن الإيمان الذى هو أول ثمرات الشكر يقتضى ضبط النفس عن أهوائها ومنع الاضطراب فى (الصدمات) والرضا بكل شديدة من تفسير سورة آل عمران ل اللي ااال الملل ال سب أ غير أنين» والصابرون يحبهم الله» والوصف الثالث الإحسان» وهو نتيجة للصبرء وهو أن تكون النفس كلها لله تراقبه فى كل عمل تعمله» وكل قول تقوله» ‏ وكأنها ترى الله»ء وقد قال النبى يك «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراهء فإن لم تكن تراه» فإنه يراك02١2‏ وبذلك يكون من يحبهم الله» ولقد قال النبى َيه عن ربه فى العبد الذى يحبه: (إذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع بهء وبصره الذى يبصر به» ويده التى يبطش بها)0"©. اللهم إنا ما عملنا عملا نستحق به محبتك» ولكنًا مع ذلك نطمع فيهاء فإن أعطيتها فبفضلكء» وإن منعتها فبحقكء, وإنا لنضرع إليك من بعد ألا نكون ممن غضبت عليهم وسخطت أعمالهم» إنك غفور رحيم. وه 5-8 صأيها ا ألدم> ءا سوا إن ث3 1 0 نعلا -- 1 دو م 1 52 ته 21 1 بَ لَه ا 1 وَهو سي لد 9 ريا مسأ عرو 0 - اه سرع 2 م مم فى كلو ب أذ كمروا الرعب يما أشركو بالل كانت غزوة أحد فيها العبر» وهى عركة نفسية عركت بها قلوب المؤمنين» وتميزت فيها نفوس المترددين» وقد اتخذ القرآن الكريم منها درسا نبه المجاهدين إلى ما ينبغى أن يعلموه فى المواقع والحروب» نبههم إلى أن النجاح فى الأعمال )١(‏ سبق تخريجه من رواية البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه. زفق رواه البخاري: الرقاق - التواضع(١؟650).‏ 4 تفسيرسورة آل عمران 2 اللللللااا ااال كاك : يي" مهما يكن .. أساسه التنسيق والتوزيع؛ وتخصيص كل طائفة لما تحسن» حتى تتلاقى الجهود كلها فى ثمرات مفيدة للجماعة» والجهاد عمل من الأعمال» فلا بد أن تنسق فيه الأعمالء ويكون كل لما يخصص له» فإذا خرج عما هيئ له وأسند إليه» انتثر العقد» واضطربت الأمورء وخفت الثمرات» وذلك ما كان فى أحدء ولقد قرر الله تعالى أن يصاب المسلمون بذلك الجرح الدامى لتكثير العبرء فقد افترى من افترى فادعى أن النبى عليه الصلاة والسلام قد قتل» فاضطربت الآفهام» إذ لو كان الخبر صادقا لأوجب على المجاهدين أن يتضافروا على حمل العبء لا أن تذهب نفوسهم شعاعا. ولقد أصابت الهزيمة قلوبهم» وأصابهم غم شديدء فأخذ يبين الله أن القتال تتعاوره الهزيمة والنصرء وأن الهزيمة بسبب خطأ لا توجب الوهن» ولكن توجب تجنب الخطأ. ولقد وجد ناس وقد اشتد البلاء» وأظلمت نفوسء وذهب ما فيها من أضواء الحق. فتنادى بعضهم أن يوسطوا المنافقين ليتخذوا لهم عند أبى سفيان زعيم الشرك إبان ذاك عهدا بالأمن والاستسلام» وقد بين الله سبحانه بعد ما بين من عبر أن هذه هى الخطة الذليلة» وهى المنزلة الدون» والمكان الهون. فقال عز من قائل : «يا أيه لذن آمنوا إن تطيعوا الّذين كفروا يردوكم على أَعَقَابكُم 4 النداء للمؤمنين بوصف كونهم مؤمنين» وفيها بيان أنه لا يليق بهم بوصف كونهم مؤمنين أن يطيعوا الذين كفروا؛ فإن الكفر والإيمان نقيضان لا يجتمعانء» ولا يكونان فى قلب رجل واحدء ولقد أشار سبحانه إلى بعد احتمال أن يطيع المؤمنون الكافرين بالتعبير فى أداة الشرط ب (إن) دون (إذا)؛ إذ إن: (إذا) للتحقق أى تحقق الشرطء وتحقق الجزاءء أما (إن) فإنها لا تفيد تحقق الشرطء وبالتالى لا يتحقق الجزاء. والمعنى فى هذا هو التحذير من مسايرة الكافرين بأى نوع من أنواع المسايرة؛ إذ كل مسايرة طاعة» ولا يليق بالمؤمن أن يطيع كافرا؛ لأنه يجب أن يكون فى حذر دائم» وإنه لو فرض وأطاعوهم فإنهم يرتدون على أعقابهم خاسرين . تفسير سورة آل عمران 2 سس سس 4 لس لا والنداء متجه ابتداء للمؤمنين المجاهدين الذين حضروا أحداء ووجد بينهم المنافقون ينادون بالويل والثبور وعظائم الأمورء ويرجفون فى المدينة» ووجد أيضا المترددون الضعفاء الذين استجابوا أو كانوا على استعداد للاستجابة» إذ دعا بعض المنافقين بأن يتوسطوا عند أبى سفيان لينجوا بأجسامهم . الأجيال وفى كل اللأحوال بألا يسايروا الكافرين» رجاء نصر» أو تحقق نفع » وألا يمالئوهم بأى نوع من أنواع الممالأة. فإن الكافرين فى كل العصور لا يريدون بالمؤمنين إلاخبالاء ولا يرجون لهم إلا أن يكونوا قوما بوراء فالآية الكريمة تحذر المؤمنين تحذيرا عاما بألا يطيعوا الكافرين» ولا يستنصروا بهمء ولا يجعلوا لهم ولاية عليهمء لأن ولايتهم غير ولاية اللهء وولاية الله هى الولاية الحق» وهم موضع غضب الله تعالى دائماء والذى يتولاهم ويستلصر بهم فإنما يتولى قوما غضب الله عليهم» والله تعالى يقول: «إ يا أيها الّذين آمنوا لا تتولّوا قَوما عضب الله لهم قد يدوا من الآخرة كَمَا يكس الْكُقَارَ من أَصّحَاب الْقَبورٍ +27 4 [ الممتحنة] . وقد ذكر الله سبحانه وتعالى نتيجة إطاعة الكافرين فى أى عصر من العصور إن كان هناك احتمال لذلك. فذكر فى جواب الشرط نتيجتين » كلتاهما مترتبة على الآخرى. أولاهما: أشار إليها بقوله سبحانه: 9 يرذوكم علَئ أعقابكم 04 والثانية المترتبة عليها: أشار إليها بقوله عز من قائل: «إ فتنقلبوا خاسرين 4. ولنتكلم بكلمة موجزة فى كل واحدة من هاتين التتيجتين المتلازمتين اللتين يقنضى وجود إحداهما وجود الأخرى: الذلة الذى كانوا فيه قبل أن يؤذن لهم بالجهاد أو يرجعوا إلى ما كانوا عليه فى غير انتظام وفى اضطراب» والمضطرب دائما لا يملك زمام نفسه» والآعقاب جمع عقب» وهو مؤخر القدم. والتعبير ب: يردوكم علئ أعقابكم 4. فيه إشارات إلى أمور ثلاثة, أولها: أن هذا مطلب للكافرين» فإن أطعتموهم فقد حققتم لهم تفسير سورة آل عنمران م لمم اللو الل لكا * 2 مقصدهم» وهو أن يردوكم» ولذا أسند الرد إليهم» ولم يقل ارتددتم» وثانيها: أن طاعتهم التى يترتب عليها ما ذكره سبحانه هى أقصى الهزيمة وهى الكبوة التى لا قيام بعدهاء ولذلك عبر عن هذا بالرجوع على الأعقاب» فهو رجعة إلى الوراء وليس وثبة إلى الأمام» والأمر الثالث الذى يشير إليه النص هو أن زمام المؤمنين يكون نهائيا بأيدى الكافرين إذا أطاعوهم» وهذا هو ما آل إليه أمر المسلمين فى العصور الأخيرة» وفى هذا تذكرة لمن يخشى . والنتيجة الثانية هى الانقلاب خاسرين» والتعبير بالانقلاب فى قوله سبحانه: «فَسَقَلبوا حَاسرين4 يفيد أن إطاعة الكافرين يكون حتما فيها تغيير حال أهل الإيمان» ولكنه تغيير هو انقلاب» وجعل أعلى ما فيهم أسفل» فهو نكسة تصيبهم» ويعز عليهم من بعد أن يعودوا مستقيمين يضعون أغلى ما فيهم وهو الإيمان فى موضعه» وإن ذلك الانقلاب تلابسه لا محالة الخسارة المؤكدة التى لا احتمال فيها؛ إذ يخسر المؤمنون إيمانهم» ويخسرون من وراء ذلك الآخرة» وينطبق عليهم قوله تعالى: © حَسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين 21> 4 [الحج] وإن أولئك الذين يستخذون للكافرين ويسايرونهم» بل يطيعونهم وينتقلون من العزة والكرامة إلى الذلة والمهانة ويعتقدون القوة فى الكافرين فيعطونهم الولاية» ينسون الله تعالى وولايته» ولذلك قال سبحانه مطمئنا المؤمنين الصادقين الذين لا يرضون بولاية الكافرين: « بل اللَّهُ مولاكم وهو حَيْر النَّاصرين 4 . المولى هنا هو النصيرء وإذا كان الله ناصرهء فإنه لا محالة غالب» فهو نعم المولى ونعم النصير. والمولى لا تدل على النصرة فقط» بل تدل على كمال الصلة والمحبة والقرب» والنصرة تهىء لازمة لهذه المعانى» و«بل» هنا للإضراب وهو إضراب انتقالى؛ إذ هو انتقال من الكلام فى موالاة الكافرين» وما يترتب عليها من نكوص على الأعقاب» واضطراب بين الحق والباطل» واستكانة وذلة وخحسران مبين» إلى الكلام فيما هو سبب العزة والرفعة والكرامة والقوة والسؤدد والنصر المؤزر الثابت» وهو موالاة الله تعالى» وعبر عن ذلك بقوله تعالى: 8 اللّه 0 تفسير سورة آل عمران اللا الل 47 < ههه‎ ١ - مولاكم 4 أى أن الله الخالق لكل ما فى الوجودء والذى بيده مقاليد كل شىء. والمسيطر القوى الجبار القاهر فوق عباده هو مؤلاكم» فعليكم أن تطلبوا ولايته» ومن اعتصم به فقد آوى إلى ركن ركين» وحصن حصينء وذكر هذا الأمر بصيغة الخبر للإشارة إلى أن المؤمن بمقتضى كونه مؤمنا هو فى ولاية الله تعالى فلا يخرج عنهاء وولاية الله تعالى تقتضى أن يكون فى ولاية المؤمنين» لا يخرج عن جماعتهم ولا يسلك غير سبيلهم» ولا يطيع أعداءهمء أويمالئهم» أو يسايرهم» فإن ذلك يكون محادة لله ولرسوله ومشاقة لله ولرسوله» والله تعالى يقول : ولا تجد قَومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادٌ اللّه ورسوله . 22 > [امجادلة] ويقول سبحانه جلت حكمته: وس يُشَاقق السو من يندم بين له الهدئ ويتع غيْرَ سبيل المؤمنين نُوله ما تَولّى ونصله جهنم وساءت مصيرا 09 © [النساء ] . وإذا كانت النفوس الضعيفة تجد فى الالتجاء إلى الكافرين بعض الحماية فلتعلم أن المعاذ والنصرة من عند الله؛ ولذا قال سبحانه: وهو خَير التاصرين 4 . أى أن الله تعالى هو الذى ينصر المؤمنين» ونصره هو المؤكد المحتوم الباقى» وهو نصر مالك القوى كلهاء والمسيطر على العالم بكل ما فيه ومن فيه وما تجرى به الأسباب» وما ارتبطت به شئون الناس والكون» ولذلك كان نصره خير نصر» إذ هو أدومه وأقواه» وما عند الناس من نصر فهو ظاهرى» ولا يتحقق إلا بأسباب قدّرهاء فهو المسيطر المريد لكل ما يقع فى الكون» ونصر الله تعالى معه العزة» ونصر الناس معه الذلة» فمن استنصر بالله عزء ومن استنصر بالناس ذل» وهذا على أن «خير» وهى من أفعل التفضيل على بابه» وقيل: إن أفعل التفضيل هنا على غير بابه» وأن المعنى أنه لا ناصر إلا الله» ولا ناصر سواهء فنصره هو النصرء ونصر غيسره يس بنصر البو 0 فقال: > 2 8م م تفسيرسورة آل عمران ًش للللو ل اااااالل ان 1 رب أ الرعب الخنوف والانزعاج» أو امتلاء النفس بالخقوف والانزعاج» حتى تضعف الجماعة مع وجود أسباب القوة» وأصله من الملء مع الاضطراب» يقال سيل راعب» يملا الوادى ويضطرب به» ورعبت الحوض ملأته» ومعنى إلقاء الله تعالى بث روح الخوف والفزع فى قلوبهم» وإن إلقاء الله تعالى الرعب فى قلوب المشركين كانت له مظاهر شتى: منها أن يضع سبحانه وتعالى فيهم الفزع. فيخافون عند النصر لهم من متابعته» كما كان عقب أحدء فإن المشركين سارعوا بالعودة وبينما هم فى الطريق ندموا وقال قائلهم: بئس ما صنعناء قتلناهم حتى لم الله فى قلوبهم الرعب» فانصرفوا لايلوون على شىء» ومن مظاهره النصر بالريح» كما كان فى غزوة الأحزاب» فقد جاءت إلى المشركين ريح شديدة قذفت فى قلوبهم الرعب» فعادوا ولم ينالوا شيئاء وقال تعالى فى ذلك: «( ورد الله الّذينَ كَفَروا بغيظهم لم يِنَانُوا حيرا وكفى الله الْمؤْمينَ الْقتَال وكان الله قَويًا عزيزا ع » [الأحزاب ] . وقد روى فى الصحيحين أن رسول الله كَل قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلى» نصرت بالرعب مسيرة شهرء وجعلت لى الأرض مسجدا وطهوراء وأحلت لى الغنائم» وأعطيت الشفاعة:» وكان النبى يبعث إلى قومه خاصة؛ وبعثت إلى الناس جميعا»9©. وقد ذكر سبحانه وتعالى السبب فى إلقاء الرعب فى قلوب أعداء أهل الإيمان فقال سبحانه وتعالى: «إبما أَشْركُوا باللّه ما لم يتَزَّل به سلطانا 4 والسلطان هنا هو الحجة والدليل» كما قال تعالى : ل اين يُجَادنُونَ في آيات الله عير سُلطان أَنَاهُمْ ...+42 [غافر]» وكما قال تعالى: 8 فَنُونَا بسلْطَان بين :> 4 [إبراهيم]: وقال: « ولَقَد أَرسلْنَا موسئ بآياتنا وَسلطان مين +20 4 زهوة]. نل تفسير سورة آل عمران اللللللا لا ا حيبي 6 فالمعنى أنهم أشركوا بالله أحجارا لم ينزل الله بها حجة مثبتة لصحة عبادتهاء لأنه لا دليل على سلامة هذه العبادة» ولا يوجد دليل قط يؤيدها. ويصح أن يفسر السلطان هنا بمعنى القوة والتمكن» والمعنى على هذا أنهم أشركوا بعبادة الله تعالى أشياء لم ينزل أى لم يجعل فيها قوة تنفع وتضرء فهم يعبدون ما لا يملك نفعا ولا ضراء ويشركونه فى العبادة مع الذى يملك كل شىء» وهو الذى ينفع ويضر من غير شريك . والسببية التى أشار إليها سبحانه وتعالى فى قوله: «بما أشركوا باللّه» لها توجيهان: أحدهما : أن الله تعالى يلقى الرعب فى قلوبهم لأنهم عاندوا الله سبحانه وحادوهء وأشركوا معه فى العبادة» ولأنهم ينشرون بهذا التفكير الفاسد الشر والفساد فى الأرض» والله تعالى لا يحب الفساد»ء وهو ينصر الخير على الشرء والصلاح على الفسادء فالسببية هى إرادة الله تعالى التى بها قوام كل مسعوج وصلاح كل فاسد. وثانيهما: أن السبب فى إلقاء الرعب من حالهم هم؛ ذلك لأنهم يعبدون ما لا ينفع ولا يضر . ولا تقوم عندهم حجة ولا شبه حجة على صلاحية ما يعبدون للعبادة» ويكون الوهم هو الذى سيطرء والهوى هو الذى تحكم» ومن تتحكم فيه أهواؤه وأوهامه يكون مضطرب النفس مزلزل القلب تزعجه الكوارث» ويضطرب عند نزول أى حادث» فكان الشرك وتحكمه فى النفس هو السيب فى الرعب والخوف والفزع؛ إذ هم يخافون من غير مخوف. ويفزعون فى غير مفزع. تلك هى حال الكافرين الذين ناوءوا أهل الإيمان» كان سبحانه يلقى الرعب فى قلوبهم» ويشبت قلوب المؤمنين» فهل هذه سنة أهل الإيمان مع المشسركين وأشباههم دائما؟ والجواب عن ذلك: أنه شأن المؤمنين حقا وصدقا إذا لم يضعفوا ولم يذلواء ولم يوالوا أعداء المؤمئين على المؤمنين» بل يأخذون الأهبة» ويغلبون الهدى على .م تفسير سورة آل عمران ااالللفو ااال االلللببل مل 1 0 7 الضلال» ويجعلون الله مولاهم» فإذا رأينا الحال قد تغيرت» فليس ذلك لتغير سنة الله فى خخلقه» ووعده لأنبيائه والصديقين معهم. بل لتغير حال المؤمنين» لإ الهلا يما بحت روا ما أفهم وإذا أ له وو سوم فلا مر هونا هم مَن دونه من وال 40# [الرعد] ولقد تنبا وَكِ بها آل إليه المسلمون» وبين ذلك سببه الوهن الذى يتولد عن حب الدنياء وكراهية الموت» وإنه عندما تصاب القلوب بهذه الإصابة ذكر النبى يك أن الله يتزع من قلوب أعدائهم المهابة منهم» فقال عليه الصلاة والسلام: «وليتزعن من قلوب عدوكم المهابة منكم0". فإذا كنا نرى المؤمنين قد ألقى فى قلوبهم الرعب بدل الكافرين» فليس فى هذا مخالفة لوعد اللّه؛ لأن بعض المسلمين فى هذه الأيام وألّوا الكافرين على المؤمنين» وذلُوا تحت ولايتهم واستخدوا لهم واستَعْدُوهم على أهل الإسلام» فنزع الله المهابة من أهل الإيمان» فكان ما كان» وشرط إلقاء الرعب فى قلوب الكافرين ألا نطيعهم» فقد وقعنا إذن فى المنهى عنه فى قوله تعالى: «إيا أَيها الْذين آمنوا إن تَطيعوا الّذينَ كفروا يَردُوكم عَلَئ أَعقَابكُم فقوا خَاسرين 423 4 [آل عمران ] . ولقد أطعناهم وواليناهم دون المؤمنين» ولم نتخذ الله مولى لناء فخسرنا خسرانا مبيناء ولا حول ولا قوة إلا بالله . 9 ومأواهم الثار وبئس مثوى الظّالمين 4 المأوى اسم مكان من أوى يأوى وهو الذى يرجع إليه الشخص ويعود إليه» ويقيم فيه إقامة طويلة» والمثوى اسم مكان من ثوى يثوى أى أقام إقامة لا نهاية لهاء والمعنى أن الكافرين إذا ألقى الله فى قلوبهم الرعب خسروا وباءوا بخسرانهم فى الدنياء وليس لهم مأوى فى الآخرة إلا النار» وبئس هذه النار موضع إقامة دائمة لهم» وقد أظهر سبحانه وتعالى الاسم فى موضع الإضمارء فلم يقل تعالت كلماته: وبئس النار مثواهمء بل )١(‏ رواه أبو داود ولفظه عن كَوَيَانَ قَالَ: َال رمَسُول الله يك: «يوشك الأمم أن تَدَاعى عَلَيِكُمٍ كَمَا تَدَاعَى الأكلة إلى قصعتهاء فقَالَ قائل: : ومن قل نحن يَومذ؟ قال: : ابل أنم يومكذ كثير ولكدكُم غَْاء كَغْنءِ السيْلء ولينزعن اللّهُ من صدور عَدوَكُم الْمَهَه متكمء ولَيَقَذَهَن اللّهُ في فُلُويكُم الْوهن» قَعَا َعَالَ قائل: يًّ صو رسول الله وما الْوَهن؟ قَالَ: «حب الدنْيًا وكراهية الْمَوت». (## تفسير سورة ال عمران ال 01111110100 يطل ب_رز ني قال: ١‏ وبئس مثوى الظَالمين 4 للإشارة إلى أن هذا المآل جزاء وفاقا لظلمهم فهو عقاب يستحقونه بسبب الظلم؛ إذ قد ظلموا أنفسهم فأضلوها وصدوها عن الحق وسبيله بسبب الغواية التى ارتضوهاء وظلموا الحق فصدوا الناس عئه) وظلموا وخضبوها بالدماء البريئة» فكان ما لقوه من هزيمة ورعب وخسران فى الدنيا بعض الجزاءء والجزاء الأوفى فى الآخرة. اللهم قنا عذاب النارء اللهم اهدنا فيمن هديت» وتولنا فيمسن توليت» وقنا شر ما قضيت . اللهم أعزنا بعزتك» اللهم قنا فد صعرة 4 20 وذ 0 حَوََّإِدَا فَشْلَُْمَ ع سس تور وعده ل ع و ل 2 2 20 ور ال 20 تنازعتمف لامر وَعَصحَيْتَم ونه بَحَدمَآارَسُم فم سرع ل اعم ص ى ‏ ب م وساس 0 سر ما نحبورت و من بْرِيِ د الدّياومونكم 2 ع الرويي. ذه 7 ص جوم ادس ود من رِيِدا لاخر 8 تمَصرَفَكُمْ 2 عم بلك بقارمو ابو ره 2 عد عَم 1 6 0 واللهذو 0 منين فى الآيات السابقات إشارات إلى بعض ما كان فى غزوة أحد من اضطراب القلوب؛ والرجفة التى أصابت الصفوف. وشيوع القالة المثبطة للعزائم الممزقة تفسيرسورة آل عمران للم حب اه للوحدة» وإنتاج هذه المقالة نتائجها فى قلوب ضعيفة» ونفوس مريضة بالنفاق» وفى هذه الآيات وما وليها يذكر الله سبحانه وتعالى سبب الهزيمة مقترنا بنتائجها فى نفوس المؤمنين الثابتين فى إيمانهم» الأقوياء فى عزيمتهم» الذين احتسبوا النية لله رب العالمين» فقال سبحانه: « ولَقَد صّدقَكُم الله وَعدَهُ إِذْ تحسُوتهم بإذنه حَتَى إذا فشلتم وتتازعتم في الأَمر وعد الله تعالى الذين آمنوا بالنصر وعدا عاما عندما أذن لهم بالقتال» ووعدهم فى أحد وعدا خاصاء فقد قال سبحانه وتعالى فى الوعد العام: «أذن للذين يقاتلون انهم ظَلمُوا ون الله على تصرهم لقدير +(53 اين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربا الله ولولا دفع الله الثاس بعضهم ببعضٍ لهدمَت صوامعٍ دبع وصلّوات وَمَسَاجد يُذَكرُ فيها اسم الله كثيرا ولَيَصرك الله مَن ينصرَه إن اللَّهلَقَوِي عزيز « 445 [الحج]. والوعد الخاص فى أحد جاء ذكره فى قوله تعالى: إذ 5 تقول للمؤمنين ألّن يكْفيَكُم أن يُمدكم ربكم بِعلائّ آلاف من الْملائكة ملي 6737 يِل إن تصبروا وتوا ويَأتوكم من قورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الْمَلائكة مسوّمِين 399 4 [آل عمرات ]. ونرى الوعد بالنصر فى الآية الأولى التى كان الوعد فيها عاما كان مقيدا بأن ينصروا الله فى قتالهم» لا يريدون مأربا دنيويا ولا عرضا من أعراض الدنياء كما ترى الوعد فى أحد خاصة كان مقيدا بأن يصبرواء وقد تخلف الشرطان فى أحدء فإن فريقا منهم أراد عَرَضا من أعراض الدنيا فى أثناء المعركة» ولم يصبروا؛ إذ لم يضبطوا إرادتهم ولم تستحصد عزائمهم فى طاعة القائد» فإن طاعة القائد من سبل النصرء وتحتاج إلى صبر وضبط نفس» ولذلك لم يكن فى أحد ما ينافى صدق الله وعده لنبيه»ء وصدق النبى فى وعده لهم بإذن من ربه سبحانه وتعالى . ومعنى صدق الوعد فى قوله تعالى: ظوَلَقَدْ صَدقَكُم الله وعده 4 أن يقع الأمر فى الوجود كما وعد الله تعالى وهنا (صّدق) متعدية إلى مفعولين» والمعنى ل 1 #1#1ة#ة220221111111 لس ا قد أوقع الله سبحانه وتعالى الأمر ذ فى الوجودء كما وعدكم»ء بروح منه» ولكنكم أنتم الذين لم تلتزموا الجادة» ولم تكونوا ناصرين الله تعالى فى المعركة كلها؛ إذ لم يكن قتالكم لله تعالى فى هذه المعركة من مبتدثها إلى انتهائهاء ولم تضبطوا أنفسكم» وإن وعد الله تعالى لكم بتأييد الملائكة» وهى الأرواح الطاهرة المطهرة» كان مقيدا بالصبر النفسى. ولم تصبروا أنفسكم وبين سبحانه وتعالى وقت النصرء وهو وقت ابتداء الحربء فقال سبحانه: «إذ تحسونهم ياذنه 4 ومعنى تحسونهم أى تصيبون حسّهم بإزالته» وذلك يكون بقتله» فمعنى حسه أصاب حسهء مثل كبده أصاب كبدهء وفأده أصاب فوؤادم» وشغفه أصاب شغاف قلبه. ولقد قال فى ذلك الأصفهانى: احَسّسّت» وحسيت» وأحسست) يقال على وجهين: أحدهما- يقال أصبته بحسى (أى أدركته بإحساسى» ومنه شىء محسوس) والثانى- أصبت حاسته نحو كبدته» وفأدته. ولا كان ذلك قد يتولد عنه القتل عبر به عن القتل. فقيل: (حسسته أى قتلته) . والمعنى كان وعد الله صادقا كل الصدق عندما كنتم تقتلونهم بإذنه» مؤيدين منصورين» ومعنى الإذن هنا يتضمن معنى التأييد والتقوية والتثبيت» ولكنكم تدم الذين أبعدتم أنفسكم عن نصر الله تعالى» وأشار إلى ذلك سبحانه بقوله: 98 حتى ذا فشلتم وتتازّعتم في الأَمرٍ وعصيئم من بعد ما أَرَاكُم م تُحبُونَ 4 أى حتى إذا ضعفت نفوسكم وعجزتم عن مقاومة أهوائكم » وتنازعتم فيما بينكم أنتبع الغنائم نجمعهاء أم نطيع الرسول؟ وانتهى أكثركم إلى العصيان من بعد ما أراكم الله - تعالى ‏ ما تحبون من نصر مؤزر ثابت أو من غنائم تحبونهاء وتهواها أنفسكم . وهذا يفيد أن الترتيب النفسى يتفق مع الترتيب فى الذكر؛ وذلك لأن الفشلء ومعناه العجز النفسى عن الصبر والاحتمال» ترتب عليه التنازع وعصيان الرسولء ولابد أن نذكر هنا بعض ما روى عن ذلك فى غزوة أحدء فقد روى البخارى عن البراء بن عازب: "لما كان يوم أحدء ولقينا المشركين أجلس رسول الله كد أناسا من الرماة» وأمّر عليهم عبد الله بن جبيرء وقال لهم: ”لا تبرحوا مكانكم» وإن رأيتموهم قد ل تفسيرسورة آل عمران الال الئل ١ اا‎ يي ظهروا علينا فلا تعينونا عليهم» فلما التقى القوم وهزمهم المسلمون حتى نظرنا إلى النساء يشتددن فى الجبل(2 وقد رفعن عن سوقهن قد بدت خلاخلهن فجعلوا (أى ناس من الرماة) يقولون: الغنيمة الغنيمة» فقال لهم عبد اللّه: امهلوا أما عهد إليكم رسول الله كَللِيهِ ألا تبرحوا؟ فانطلقواء فلما أتوهم صرف الله وجوههم وقتل من المسلمين سبعون رجلا)09©. وإن الرماة لم يذهبوا جميعا إلى الغنائم يجمعونهاء بل بقى منهم عدد قليل» قيل إنهم عشرة» ولكن نسب العصيان إليهم جميعاء بل نسب إلى الجيش كلهء مع أن غير الرماة كانوا الفريسة لعصيان كثرة الرماة؛ وذلك لأن ما يعم أثره ينسب إلى الجميع» باعتبار ذلك الأثر» وأنهم جميعا كان عليهم أن يتواصوا بالطاعة المطلقة للقائد الخبير» وذلك كقوله تعالى: 9 وَانّقُوا فتنة لا تصيبن الْدين ظَلَمُوا كم حَاصّةَ .. . 44220 [الأنفال] فعلى كل جماعة أن تتضافر فى منع ما يضر أثره بها كلهاء لا بالظالمين فقط منهاء وإن إثم الآثمين فى الجماعات والأممء ينشأ من سكوت أهل الحق والعدل» ويعيش فى ظل صمتهم» ولذلك ينسب العصيان إلى الجميع» ولقد بين سبحانه أن العصيان وإن نسب إلى الجميع كان فيهم من أراد الحق» وفيهم من أراد الدنيا من غير طريقهاء فقال سبحانه: سكم ل ري نوكم م ره اآخرة» . هذا تفصيل للتنازع الذى كان بين الرماة» وما كان فى الجيش نفسهء وهو خطاب لجمهور الذين اتبعوا النبى كَلهِ . . منكم أيها المحاربون من يريد الدنيا بإرادة الغنائم » والقصد إليهاء وقد غلبته على نفسه حتى نسى الطاعة الواجبة والخطة المرسومة» وهو إذ يطلب الدنيا فى هذا المقام» إنما يطلبها بغير الأخذ فى أسبابها الحقيقية التى توصل إلى الغاية فيهاء ولذلك ذهب طمعهم بالغنيمة والنصر معاء ولو صبروا حتى سارت الحرب فى طريقهاء والخطة إلى غاياتهاء لنالوا . قال المصنف رحمه الله تعالى: يسرن مسرعات بشدة من الفزع‎ )١( . رواه البخاري: المغازي - غزوة أحد (لا“/") عن البراء رضي اللّه عنه‎ )١( تفسير سورة آل عمران ْ لاا اللو الول حل حر نا النصر والغنيمة معاء فإنه لا غنيمة إلا بالنصر المستقرء ولا نصر إلا بالتزام خطة القائد الرشيدء ومنكم أيها المجاهدون من يريد الآخرةء وهم أنتم الذين ضبطوا أنفسهم عن الغنيمة » ولم يعصوا ما أمر به رسول الله ككل ولو ذهبت الغنائم» وأنتم الذين صبرتم فى فتنة الهزيمة العارضة بعد أن اضطربت القلوب وأرجف المرجفون» وتنادى الكاذبون بأن محمدا قد مات» فقد صبرتم وصابرتم» وجاهدتم ونازلتم فى الشديدة. والقوى حقا من يملك نفسه عندما تضطرب النفس » عندما تكون دواعى الهزيمة» وأولئك أرادوا الآخرة؛ لأنهم ما طلبوا غنيمة» وكان ثباتهم فى وقت الفزع دليلا على امتلاء قلوبهم بالإيمان بالله واليوم الآخر. وهنا بحث لفظى يثيره العلماءء وموضوعه (إذا) فى قوله تعالى: / حتئ إذا فشاتم وتنازعتم 4. فقد ذكر الزمخشرى وغيره أن فيها وجهين: أحدهما- أن تكون «حتى» بمعنى «إلى»: وأن تكون (إذا) لمجرد الوقت أى أن النصر كان حليفكم تقتلون فيه القتل الذريع» إلى وقت أن فشلتم وتنازعتم فى الأمر. والوجه الثانى أن تكون شرطية» وجواب الشرط محذوفء وإن كان مفهوما أنه شر لا خير فيهء وضرر لا نفع معه؛ لأن ما يكون مقدمه عجزا واضطرابا نفسيا . وتنازعاً فى أمرء ثم عصيانا يترتب عليه عدم تنفيذ خطة القائد الحكيم - لا يكون التالى المترتب عليه خيرا قطء ولم يذكر لتذهب فيه العقول كل مذهبء وللإشارة إلى أنه شر عظيم لا يكتنه كنهه. ولا يتصورون حقيقته. وإنه كان من نتائج ذلك الضرر أنكم لم تنالوا بغيتكم من المشركين» ولذا قال تعالى: « ثم صرفكم عنهم يبتليكم 4 . أى النتيجة التى صرتم إليها غير المقصد الذى قصدتم إليهء لقد خرجتم من مدينتكم لتقتلوهم وتنالوا منهم ما نلتموه فى بدرء ولم تريدوا أن تكونوا فى المدينة يأتون إليكمء بل أردتم أن تواجهوهم فى الميدان لا فى الأزقة وبين الجدران» ولكن بسبب ذلك العصيان من بعضكم صرفكم الله عنهم» أى انصرفتم عنهم بإرادة الله تعالى» ورضيتم أن تعودوا مقهورين» وقد خرجتم لتعودوا اا تفسير سورة آل عمران كم !!!| ناا الائ ًا !!!ااا للائل! لمالا الللاا!!] !ل للل تل الالالال تاكة!للل لا للع ممممخمماماما سمخل ناما طلا للخ لالط ماما مكنا تاللا يبحمل بر 5 منصورين بتأييد الله ولتفاوت ما بين المقصد الأصلىء والنتيجة التى انتهوا إليها بسبب هذا الخطأ الجزئى - عطف سبحانه وتعالى ب «ثم» بدل الواو أو الفاء. وكان التعبير بكلمة (صرفكم) بدل (هزمتم) لأن ما حدث فى أحد لم يكن هزيمة» وإن لم يكن نصراً؛ لأن الهزيمة تقتتضى أن يولى المسلمون الأدبار» وأن يتحكم الأعداء ؛ وليس ما حدث أكثر من أن القتلى فى المؤمنين كانوا أكثر من القتلى فى المشركين» ولم ينل المشركون بذلك مأرباء فكأن الله سبحانه وتعالى يشير لهم بأن ما حدث لا يصح أن تبتئسوا له ولا يصيبكم الحزن؛ لأنه ليس هزيمة» بل هو نوع من الصرف عن الغاية التى من أجلها خرجتم. وكان هذا لابد منه ليمحص قلوبكم» وليختبركم بالشدائد التى تصقل نفوسكم. وتجعلها مستعدة لما يأتى به القدرء ولبيان أن الطاعة للقائد الحكيم هى أساس الظفرء والعصيان سبب للاندحار. « وَلَقد عقا عنكم واللّه ذُو فضل علَى الْمؤمنين4 فى هذا النص السامى يبين سبحانه عفو الله تعالى ليرفع من نفوسهم» ويذهب الحسرة من قلوبهم» ويحيى موات العزة التى اختفت فى وسط ذلك المضطرب» ولقد أكد سبحانه وتعالى عفوه بعدة تأكيدات أولها: بالتعبير ب «قد»» فإنها للتحقيق» واستعمالها فى أكثر آى القرآن للتحقيق» وثانيها: باللام. وثالثها: بالتعبير بالماضى. ولاذا أكد سبحانه وتعالى عفوه بهذا التأكيد؟ لأن أولئك الأبرار الذين أخلصوا دينهم لله تعالى قد تجسم فى نفوسهم خطؤهم» حتى توهموا أنه غير قابل للغفران» فإن المؤمن التقى يستكثر هفوته» ويستصغر حستته؛ لأنه يحس بحق الله تعالى عليه» ووجوب شكر النعم التى أنعم بهاء وبمقدار قوة الإيمان يغلب المؤمن خوف العقاب على رجاء الثواب. ش ولقد ذيل سبحانه الآية بقوله تعالى: 9 واللّه ُو فضل علَى الْمؤمنين4 لبيان فضل الله تعالى العميم على عباده المؤمنين» فكل شىء بفضله» فنصرهم فى بدر بفضل منه» ونصرهم فى الابتداء فى أحد كان بفضل منهء وخذلانهم بفشلهم تفسير سورة آل عمران لل أي جل ب - وتنازعهم فيه فضل بتعليمهم حق الجهاد وواجبه» وعفوه عنهم هو الفضل كله. ولقد تأكد فضل الله تعالى فى الآية بقوله: «إذو فَضْلِ» أى صاحب فضل» والمرمى أن الفضل يلازمه» ولا ينقطع عنه سبحانه وتعالى أبدا. «إِذ ُصعدو ولا تلوُون علَئ أحَد والرسول يدعوكم في أخراكم 4 هذا بيان لبعض ما جرى للمسلمين فى أحد» بعد أن نزل الرماة إلى ميدان الغنيمة فى غير الوقت المحدود»ء وهو يصور جيش الحق» وقد اضطرب بسبب ذلك الغلط الذى كان يبدو صغيرا لمن وقعوا فيه» وله نتائج خطيرة» والصورة البيانية التى تستمد من النص الكريم ترينا كيف كان المقاتلون يسيرون على غير مقصد يقصدون إليه» لا إلى النجاة بأنفسهم يسعون» وقد أحيط بهم ولا إلى العدو يقصدونء» وقد أظهر أنه استعلى عليهم مؤقتا وظنوا هم فى أنفسهم الظنون» ولا فوضى فى جند أكثر من أن يسير على غير مقصدء وجيش الإسلام وهو فى هذه الحيرة وهذا التيه كان النبى يك فى آخره يدعو جنده قائلا فيما روى عنه: ”إلى عبَادَ الله إلى عبَادَ الله أنا رسول الله من يكز فله الجئة220. ا 0 ومعنى #تصعدون» تسيرون فى بطن الوادى؛ لأن الصعود معتاه الارتفاع ‏ والإصعاد معناه السير فى بطن الوادى؛ , وقال أبو حاتم فى هذا: (أصعدت إذا أمضَّيت حيال وجهك» » وصعدت إذا ارتقيت فى جبل أو غيره). وقال قتادة: أصعدوا يوم أحد فى الوادى. ومعنى (تلوون) تعطفون فى سيركم إلى مقصد تقصدونه. ولقد جاء فى المفردات للأصفهانى: يقال فلان لا يلوى على أحد إذا أمعن فى الهزيمة. والمعنى: عفا الله عنكم فى الوقت الذى وقعتم فيه فى الفوضى والاضطراب» وأصبحتم تسيرون فى بطن الوادى لا تقصدونء» ولا تبتغون أمراء )١(‏ ذكره بهذا اللفظ في تفسيره: الرازي» والنسفي» والبيضاويء والالوسي» والزمخشري» ورواه ابن جرير الطبري فى .تفسيره جامع البيان» عن ابن عباس بلفظ : إلي عباد الله ارجعواء إلي عباد الله ارجعوا! وراجع البداية والنهاية. غزوة أحد م تفسيرسورة آل عمران ليلل 0 لسر زا ولا تتبعون غاية أيا كانت» بل تضربون فى الأرض وتخبطون خبط عشواء» ولقد. ذكر النتيجة الحتمية لهذا الاضطراب» وهى الغم الشديد. فقال تعالت كلماته: ل فَنَابَكُم غم بِعَم لكيّلا تحزنُوا على ما فَاتَكُم ولا ما أَصابَكُم» أثاب معناه أعاد وأعقب ما ارتكبوه كنتيجة غما بغم» فمعنى الثوب عودة الشىء ورجوعه إلى الأمر الذى كان مقدرا له على أنه غايته ونتيجته. والغم أصل معناه فى اللغة التخغطية» ومنه غم الهلال إذا غطاه الغمام فلم يرَء والعّم يطلق على الألم الذى يغطى العقل والإحساس ولمشاعرء. والذى يكون الشخص معه فى حال استسلام لا يدرى ما الخلاص منهء فهو من العْمةَ وقد جاء فى أساس البلاغة: (وأنه لفى غمة من أمره إذا لم يهتد للخروج منه). والباء فى قوله تعالى: ا بغم © يحتمل أن تكون للسببية» ويحتمل أن تكون بمعنى (على) أو دالة على المصاحبة» وعلى الأول يكون المعنى: أعقبكم الله تعالى غما بأن فاتكم النصرء ونزلت بكم الجراح» وقتل من قتل منكم بسبب الغم الذى أنزلتموه على الرسول كَكْةٍ بالمخالفة وعصيان أمرهء وعلى الثانى يكون المعنى أعقب الله تعالى فيكم غما بعد غم أو غما مصطحبا بغم» فقد أصابكم غم فوات الغنيمة» وغم فوات النصر» وغم الإرجاف بقتل الرسول يكل وغم الاضطراب. وكان ترادف الغموم هذه كنتيجة لمخالفتكم الأولى له غاية ونتيجة مؤكدة إن اعتبرتم واتعظتم» هو: ألا تحرنوا على ما فاتكم من غنائم ونصرء وما أصابكم من جراح وتقتيل» بل تستحصدون العزائم» وتتقفون الخطأ من بعد. ويقول الزمخشرى فى تعليل ترتب عدم الحزن على ترادف الغموم : (لكيلا تحزنوا : لتتمرنوا على تجرع الغموم. وتضرو(2 باحتمال الشدائد فلا تحزنوا فيما بعد على فائت من المنافع ولا مصيب من المضار). وإن ما ذكرنا من ترتب عدم الحزن أظهر فى نظرناء والله - سبحانه ‏ أعلم بمراده. )١(‏ يقال: ضري الكلب وأضراه صاحبّه أي عوده وأغراه بالصيدء ويجمع على ضوار. [لسان العرب - باب الضاد - ضرا]. والمقصود هنا أنهم يتدربون على احتمال الشدائد ومواجهة الصعاب؛ فيصيرون شجعانا تشبيها لهم بالسباع الضارية . تفسير سورة آل عمران لالم أ حب أ واللّه خبير بما تَعمَلُون 4 ذيل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهذا النص للإشارة إلى أن ما وقع كله كان فى علم اللهء يعلمه علما دقيقا قد أحصى فيه كل أعمالكم قبل وقوعهاء وقدر نتائجها ونهاياتهاء وما يعقبه بعد ذلك من عبرة يحملكم على الطاعة المطلقة للقائد الحكيم الذى يهديكم سبيل الرشادء وأنه لا نصر مع المعصيةء ولا 00 واحتساب النية» والله بكل شىء محيط . 75 ْ 51 لْمَىّأَمرَد عار أ سر سير ١‏ 0 أَنَفْسهُم 5 3 دي سه صر 2 لحو هيرس عل لتر نك لإا ترجاه همود نأنشييمعَالابدُود لق و61 كاين لتر و اين هلوقم 24 0 رن لذن 5 يِب عَلِعَهِمالْمَتلْإِلَ مجه 00 -_ 44 36 اح سا رسا الل . وذ مإ دوتع وحص مافى قلوبكُم م و و 059 لَوَأْمِنكمْ أ دس م 2 فوم ا 20 يوم ال لتم نما مله شيط مضا _- د يو سه © يمر + سوأ وَلََدَعَهَ َعَم لَه حَعو ريج( 00 رم الآية الكريمة موصولة بما قبلهاء فهى تبين ما أصاب القلوب التى توهمت أنها انهزمت بعد موقعة أحدء وقد بين فى الآيات السابقة ة أنها أصابها غم كان كثيفا على النفوس» وفى هذه الآية يبين ما حدث بعد الغم» فذكر سبحانه أن قلوب المؤمنين بعد هذا الغم اعتراها الاطمئنان إلى قدر الله تعالى المقدورء وثقتهم فى المستقبل تحقيقآ لوعده بنصر عبده ونبيه محمد يَلكْدِ والاطمئنان هو سبيل التدبير المحكم» والقلق لما كان فى الماضى يجعل العقل مأخوذا بحوادثه فلا يفكر ولا م تفسير سورة آل عمران ماللا 2 كا < يي يدبر» ولا يتحفز ويتوثب للمقاتلة مرة أخرى» ولقد قال تعالى فى وصف حال المؤمنين التى أفاضها عليهم بعد الغم المتولى : طلم أنزل عليكم مَن بَعْد الهم َه سا , يَْشَئ طائقَة نكم 4 أمنة: مصدر بمعنى الأمن» وقرئ: : (أمنة) بتسكين بتسكين الميم» وهى مصدر بمعنى المرة من الأمن» وقد بين سبيحانه نوع الأمن أو مظهرهء بقوله: «( نعاسا يَعْشَئ طائقة مَنَكُم © والنعاس فتور مع استراحة من غير فزع ولا قلق وهو النوم الهادئ؛ ومعنى يغشى: يغطى, أى أنه يغطى الحس» ويستر الإدراك والتنبه» والمعنى أنه سبحانه وتعالى أفاض وأنزل بعد الغم الذى غمر النفوس بالآلم أمنا كان مظهره نعاسا اطمأنت فيه النفوس واسترخت الأعضاء واستسلمت لمقادير الله تعالى وإرادته فى خلقه ونصره دينه» مطرحين الماضى مكتفين منه بالعبرة ومتخذين منه نورا يضىء للمستقبل بخطئه وبصوابه. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى النعاس مظهرا للاطمتنان قبل واقعة بدرء فقال تعالى : «( إذ يعَشيكم النعاس أَمنَ مَنهُ وَل عَليكُم من الما مَاء ليطهرَكُم به يذهب عدكم رجز الشيطَان وليربط عل قُلُوبكُم وَيعبّت به الأقدام 2:ج 4 [ الأنفال] . وفى غزوة أحد كان النعاس مظهر الاطمكنان والتسليم لله سبحانه وتعالى والثقة بالمستقبل - بعد الفزع والهلع والاضطراب. وتلك الطائفة التى غشيها النعاس واطمأنت بعد الاضطراب» وآمنت بأن ما كان كان بخطأ من بعضهمء وأنه عبرة لأولى الأبصار - هم المؤمنون الصادقو الإيمان الذين يريدون ما عند الله تعالى» ولا يبتغون غير رضاهء ولقد ترم القرآن وحدهم الأهل للخطاب» الأنهم هم الذين يعدون ذخيرة ة المستقبل» و الله الغالب» ولذلك قال: لاثم أنزل عليكم من بعد العم مب 4 . وإن أن ونومهم مع أن الجراح قد أثقلتهمء والاضطراب كان قد أذهلهم» دليل على عمران قلوبهم بذكر الله وصدق وعده: «إألا بذكر الله تطمئن القلوب +( 4 [الرعد ]. تفسير سورة آل عمران باللا ال جب يي والطائفة التى لم تكن على هذه القوة والإيمان ذكرها سبحانه على أنها خارجة على الخطاب» وكأنها ليست من المؤمنين فقال تعالى: ظ وطَائقَة قد أهمتهم أنفسهم ينون باللّه غير الْحق ظَنَ الجاهليّة 4 . لأن نسق الآية يومئ إلى أنها بعيدة عن الخطاب» قال أكثر العلماء: إنها من المنافقين» أى أن هذه الطائفة ليست مؤمنة» بل كافرة تظهر الإسلام وتبطن غيره» ولكن الأوصاف التى ذكرت لها من بعد تومئ إلى أنهم من ضعاف المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى بأن فى قلوبهم مرضا - فى غير هذا الموضع؛ وذلك لأن الله تعالى يصفهم بأنهم يظنون ظن الجاهلية» وهذا يفيد أنهم ليسوا من أهل الجاهلية» وهم يعتذرون لأنفسهم بالقضاء والقدرء والله سبحانه وتعالى بين أن ما نزل كان للابتلاء والتمسحيص وأدخلهم فيه» وليس كذلك المنافقون» والنص يومئ إلى أنه كانت فيهم جراحء والمنافقون لم يخوضوا غمار الحرب» فلا جراح فيهم» ولا قتل» وهؤلاء كان فيهم قتل. وفى الحق إن غزوة أحد كان فيها عدد من ضعاف الإيمان» إذ قال سبحانه : ل إذ هَمْت طائقتَان منكُم أن تفْشّلا والله وليهمَا وَعلَى الله بتكل المؤمنون نمه 4 [آل عمران] . وعلى ذلك نقول: إن هؤلاء كانوا من ضعاف الإيمان لا من المنافقين. ولقد وصف الله سبحانه وتعالى هؤلاء بأنهم أهمتهم أنفسهم. وبأنهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية» وكلمة «أهم» مأخوذ من الهم. والهم ما يهم به الإنسان» وما يحزنهء يقال: همنى الأمر بمعنى أذابنى من الحزن» ومعنى أهمتهم أنفسهم. جعلتهم لا يجعلون لهم أمرا يهتمون به سواهاء فلا يهمهم شأن الإسلام» انتصر أو انهزم» ولا شأن النبى َل وصحابته» بل الذى يهمهم وحده هو أنفسهمء أو يكون المعنى: أوقعوا أنفسهم فى الهم والحزن بعدم اطمكنانهم وعدم صبرهم وجزعهم المستمر. تفسير سورة آل عمران 1|1#[#1#1#1[1[1[131341[14141414141414141414141414141415415[|<[|[|[| [ [ [ 1 1[ 1[ 10101010101011 وإن المرء إذا لم يكن له تفكير إلا فى نفسهء ولا يهمه شىء سواهاء أضفى عليها المعاذير إذا قصرت» وجعل السبب من غيرها لا منهاء ومن هنا يجىء الوصف الثانى» وهو ظ يظُون بالله عيرَ الْحَّ ظَنّ الْجاهليّة4 والظن هنا ليس هو الاعتقاد الجازم» بل هو الوهم الملازم للضعف. المسيطر على النفسْ» وقوله « غير الْحقّ 4 مفعول مطلق وصف لمصدر محذوف»ء ولمعنى يظنون ويتوهمون بالله ظنا ليس هو الحقء» ولا الذى يجب أن يظن بالله تعالى» وهو العدل والمعاونة الصادقةء والتأييد عند الثبات» وقد بين سبحانه وتعالى ذلك الظن غير الحق والذى لا ينبغى أن يظن بالله تعالى» بينه بطريق عطف البيانء أو البدل المبين فقال: ظطظن الجاهليّة 4 وشأن أهل الجاهلية أن يطرحوا عن أنفسهم التبعات» ويدعوا ألا مسئولية عليهم» وأن الأمر للمقادير وحدها إذ كانت النتيجة على غير ما يبغون. ولذا قال سبحانه فى تفسير ظن الجاهلية: ‏ يَقولُونَ هل لَنَا من الْأَمْرِ من شيع قل إن الأمر كله لله 4 . هذا القول هو مظهر الظن الباطل الذى ظنوه بالله سبحانه وتعالى: والاستفهام هنا استفهام إنكارى بمعنى النفى المطلق الشامل» والمعنى: ليس لنا من الأمر شىء أى شىء» فلسنا مسئولين عن الهزيمة إن انهزمناء إنما الأمر كله لله تعالى» فأمر النصر والهزيمة بيده» وقد وعدنا بالنصر ولم ننتتصرء فهم يلقون عن أنفسهم كل تبعة وكل مسئولية. وإن هذا إنكار للأسباب» وظن جاهلى؛ لأن الجاهلى إذا انتصر فرح وأشر وبطرء وأصابته عزة النصر غير ملتفت إلى إرادة غير :إرادته» وإن أصابته كارئة حسبها من المقادير ملقيا عن نفسه كل تبعة» وقد رد سبحانه وتعالى وهمهم بأن أمر النبى بقوله: طقل إِنّ الأمر كله للّه أى أن تقدير الأمور كلها لله سبحانه وتعالى» لا أمر النصر والهزيمة» فكل شئ عنده بمقدار» ولكنه سبحانه وتعالى خلق كل شىء بحكمته ومشيئته وإرادته وحدهء وهو الذى قدر الأسباب ومسبباتهاء وربط بين الأفعال ونتائجهاء فمن اختلفوا ولم يطيعوا ل تفسير سورة آل عمران !نا لاطا ااا ةلالا ااا لالط انال ااام ت قلخا ااا الالال لالخالا ناموط قط طاطخلا لالخ ل لل مك طخ وض كلتلا احرو بلج بر يي" قائدهم» وأقدموا على الغنائم فى غير الوقت المعلوم فلا بد أن يحدث عن فعلهم الهزيمة والاضطراب» لأن هذا هو النظام الذى سنه رب البرية فى الارتباط بين الأسباب ومسبباتهاء فكون الأمر كله لله لا ينفى عنكم التبعة» بل يؤكدها وقوله تعالى : « قل إن الأمر كله لله 4 جملة سامية معترضة بين متلازمين» وهو قولهم: «إهل لَّنا من الأمر من شيء 4 وقوله تعالى من بعد ذلك: « يخفون في أنفسهم ما لا يدون لك يَقُولُون لو كَان لَنا من الأمر شَيءٌ م نا ها هنا 4 . الله تعالى» وأنه قد حرمهم منهء وفى هذه الجملة يبين الله سبحانه وتعالى أن لهم غاية يقصدون إليها من وراء هذه المحملة. وهو إثبات أن الذى كان سبب قتلهم ووقوع الهزيمة عليهم هو خ روجهم إلى هذا المكان» ولو بقوا فى أماكنهم بالمدينة ما قتلواء وكان فى ذلك إشارة إلى ما كان من خلاف عند مجىء المشركين إلى المدينة أيخرج المؤمنون إليهم ليقاتلوهم فى أحد أم يبقون فى المدينة حتى يقاتلوهم فى الأزقة ومن وراء الجدران فلا يبقوا منهم أحداء وأن الذى انحتارته الكثرة هو الخروج» وأن النبى يَلةِ نزل على حكمها وإن كان يرى غيره. إلى آخر ما كان فى هذه المشاورة» وعلى هذا تكون خلاصة المعنى: يخفون بقولهم هل لنا من الأمر من شىء أمرا لا يريدون إبداءه» وهو أنهم لو كان لهم رأى يطاع» وقول يسمع ما خرجوا إلى هذا المكان وقتلوا فيه» بل بقوا فى ديارهم آمنين» ولكنه أمر الله تعالى وتقديره» وتطوى هذه الحملة الإشارة إلى أمرين: أحدهما - أنهم ما كانوا يريدون القتال» ولكنه قدر الله وأمره لهم» وهذا يذكر بقوله تعالى: 9إذ همّت طائفتان منكم أن تفشلا واللّه وليهما ... 427 4 [آل عمران] . والأمر الثانى الذى يشير إليه النص- أنهم ما كانوا يرون الخروج من المدينة للقتال؛ بل ينتظرون حتى يجىء إليهم الأعداء» وأنه لو كان لهم شأن ما خرجوا وما قاتلوا. : وهم فى كلتا الحالين يلقون تبعة الهزيمة عن أنفسهم» ويشيرون إلى أن الخروج لم يكن رأيا حسناء ولكنه قضاء الله وقدره جعلهم يقعون فى هذا الخطأ. 1 تفسيرسورة آل عمران ل ا االل 0100 حب 3 وقد رد سبحانه وتعالى ذلك عليهم بقوله: طقل لو كُممْ في يكم لبر ادن حب عله لفل إلى مُصاجعهم 4 أى أن الله سبحانه قدر الأمور تقديراء ولكل أجل كتاب» فأولئك الذين كتب عليهم أن يقتلوا فى الميدان» لابد أن يقتلواء فلو كنتم فى بيوتكم. لخرجوا إلى الأماكن التى قتلوا فيها وقتلواء ومعنى «برز» أى خرج من مكمنه المستور الذى لا يظن الخروج منه» والمضاجع جمع مضجعء وهو مكان النوم» والمراد هنا مكان قتلهم الذى قتلوا فيه وصرعوا وناموا إلى يوم البعث والنشور؛ وهو المكان الذى خرجوا إليه فى أحد وماتوا فيه» وفى هذا يدعوهم رب البرية أن يستسلموا لحكمه. ويخضعوا لقدره» ويرضوا بهء ويطمئنوا إليه؛ لأن الإطمئنان إلى القدر بعد أخذ اللأسباب رضا بحكم الله وقبول لإرادته فى خلقه» وعدم الرضا بالقدر تمرد على الخالق» وانزعاج نفسى لا علاج له؛ وإذا كان من الناس من يعيب الرضا بالقدر فهى نزعة إلحاد فى النفس» والذين يشكون من المقادير» ويتمردون عليها لا يرضون برب المقادير حكما عدلا وهو اللطيف الخبير» السميع البصير» والرضا بالقدر يلقى فى النفس بالاطمئنان والصبر والرضا والقدرة على الاحتمال» والاستعداد للقابل وعدم الالتفات إلى الوراء»ء فمن لا يؤمن بالقضاء قصير النظرء ومن يؤمن به متجدد الفكر؛ نظره إلى الأمام دائما ثم قال سبحانه: «وليبتلي الله ما في ٠‏ صدوركم وليسحص ما في فلكم 4 . الواو هنا عاطفة ؛ والمعطوف عليه فعل دل عليه ما طوى فى الكلام السابق» من معنى الدعوة إلى الصبر والاطمئنان والاستجابة للدعوة» لتتعودوا الصبر والاطمئنان والاستجابة للدعوة» ولتتعودوا تحمل الشدائد ولتعرفوا أن الحياة قد اختلط حلوها بمرهاء وليبتليكم. ومعنى قوله سبحانه: 9 وليبتلي الله ما في صدوركم 4 يعاملكم معاملة المختبر لنفوسكم» فيظهر ما تنطوى عليه فيعالج هذه الأوزار التى تظهر بما يذهب تفسير سورة آل عمران سس سس سس 0ك بطل برو 1 23 بوضرها"' ويوجهها نحو الخير» ومعنى يمحص قلوبكم» يزيل ما عساه يعلق بها من أدران» ويطهرها ما يخالطها من ريب يحدث من الشدائد؛ وذلك لأن مَحَصْ وسَّصّ فى أصل معناهما تخليص الذهب ما يختلط به من مواد غربية عنه. وخلاصة معنى النص الكريم: نزل بكم ما نزل لتتعودوا تحمل الشدائد والمحن» وليظهر الله ما فى صدوركم فيصلحهاء ويخرج من قلوبكم ما يخالط الإيمان من بعض الأوهام. «واللّه عليم بذّات الصّدور» وهو إذ يفعل ذلك يعلم بما فى صدوركمء يعلم ما يخالطها وما توسوس به ويعلم مواضع أدوائهاء وما تنطوى عليه نفوس الأبرار الأقوياء» ونفوس الضعفاء ونفوس الأشرار» وقد أكد سبحانه وتعالى علمه بخفايا النفوس» بثلاثة تأكيدات: التأكيد الأول- التعبير بالجملة الاسمية» والثانى- التعبير بوصف عليم» فهو يعلم صغائر الأمور وجليلهاء ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض» والثالث- التعبير بذات الصدورء فهذا من قبيل ما يشبه التأكيد المعنوى» فمعناه يعلم الصدور ذاتهاء فلا يقتتصر علمه على ما فى الوعاء» بل يعلم الوعاء ذاتهء ولقد فتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة بعد ذكر بيان السبب فى الذنب» فقال تعالت كلماته: إن الّذين تَولّوا منكم يوم التقَى الجمعان إِنّمَا استزلهم الشيطان ببعض ما كُسبوا 4 . التولى يستعمل بمعنى الإقبال وبمعنى الإدبار» فإن كان متعديا بنفسه كان بمعنى الإقبال» ومن ذلك قوله تعالى: ف[ رمن يول الله ووسوله ودين او .. لتم 4 [المائدة ]» و «إيا أيه الذي آمنوا لا تَعولَوا قَومًا عضب الله علَيهم‎ ٠ 42 [ الممتحنة ] وإذا كانت متعدية ب «عن) أو غير متعدية أصلا كانت بمعنى الإعراض ومنه الإدبار عن الزحف والأمر فى وقتهء وهى هنا لذلك» والتولى الذى وقع فيه أولئك الذين ذكرهم سبحانه يوم التقى الجمعان كان فى أحد ويشمل 1 محركة. ست او اله السقاء والقّصعة ونحوهماء وما َه من ريح ما تفسيرسورة آل عمران لللللل لل للفلل ااال مائللا وجل -ب_ز]؟ و22 فريقين: أحدهما الذين أقبلوا على الغنيمة وتركوا مواقعهم من الرماية فأولئك بتركهم مواقعهم وإقبالهم على الغنيمة كانوا مدبرين يشبهون الفارين (والفريق الثانى) الذين فروا من القتال يوم أن اضطربت الموقعة وأصيب المؤمنون بجراح» وكانت فيهم مقتلتهم. وقد ذكر سبحانه السبب فقال تعالى: 8إِنَّما استزلهم الشيطَان ببعض ما كُسبوا 4 ومعنى استزلهم الشيطان طلب لهم الزلل وسهله لهم ببعض ما كسبوا من صغائر؛ فإن تضافر الصغائر» وطلب الدنيا من شأنه أن يسهل ارتكاب الخطايا فإن النفس تمرد عليها"'' وتسير فى طريقهاء ولقد قال فى ذلك الراغب الأصفهانى: استزله إذا تحرى زلته. وقوله تعالى: «إإِنَّمَا استزلهم الشيطان 4 أى استخرجهم حتى زلوا فإن الخطيئة الصغيرة إذا ترخص الإنسان فيها تصير مسهلة لسبيل الشيطان على نفسهء ومعنى هذا أن الشيطان لا يفتح معاقل النفس» ويغزو مواضع الفضيلة» إلا بالصغائر التى تسهل الرذائل» فإذا فتح النفس من هذا المعقل هجم بكل أسلحتهء فتحكم الهوى والشيطان واستضعفت النفس وذلت» وأحاطت بها الخطاياء وسدت عنها منافذ الهداية والنور. والمعنى الجملى أن أولئك الذين كانوا سبب تلك الجراح أو فروا من الموقعة قد وقعوا فيْما وقعوا فيه بسبب أن نفوسهم لم تتجه إلى الله بكليتها ولهذا استزلهم الشيطان» وأمامهم الفرصة لتطهير نفوسهمء وقد أعلن سبحانه العفو عنهم فقال: ولقد عقا الله عنهم إِنَ الله عور حليم 4 . وقد أكد سبحانه عفوه بأربعة تأكيدات أولها: باللام فهى تنبئ عن القسمء والشانى: قدء فإنها تفيد تأكيد تحقق القولء والثالث: وصف الله تعالى بالمغفرة فإنه يؤكد أن العفو شأن فى شئونه سبحانه» والرابع: الوصف بالحلم فإنه سبحانه لا يسارع بالعقاب: 9 ولو يؤاخذ اللّهُ الئاس بما كسبوا ما ترك علئ ظَهَرِهَا من دابة ... «م؛ 4 [فاطر]. )١(‏ المرود على الشيء: المرون عليه. الصّحّاح. ومنه قوله تعالى فى سورة التوبة :)٠١١(‏ طمَرَدُوا عَلَى تفسير سورة آل عمران اللللللل ااال لك حلي أ أ وقد أكد سبحائه أمر العفو لتذهب عن نفسوسهم حي تهاء ولتنخا من الماضى ولتستقبل الحاضر والمستقبل بقلب جرىء ثابت» ولتشعر بعولن اللّه وتوفيقه وتأييده وتسديده. ما زالت النصوص القرآنية الكريمة تذكر العبر فى هئيمة أحدء وكأن هذه الهزيمة التى لم تكن فاصلة» بل رجع فيها المنتصرون لم يلووا على شىء - فيها دروس فائدتها أكبر من فائدة النصرء وفيها كشف لأحوال نفسية» ومعرفتها ذريعة إلى الاستمرار على القتال والانتصار فيه» وفى هذه الآيات بين الله سبحانه وتعالى الفرق بين النفس المؤمنة إذا فقدت أحبابها أو أصفياءها فى جهاد أو ما يشبهه. والنفس الكفارة إذا أصيبت بمثل هذه الإصابة» وفى هذه الآيات أيضا يبين سبحانه أن النظر إلى الماضى المؤلم من غير الاقتصار على الاعتبار يؤدى إلى الحسرة والحزن الدائم» فالنفس الدبرية التى تلاحقها دائما بآلام الماضى لا تسعد فى ذاتهاء ولا تتأهب لعمل يحتاج إلى تضافر الهمم وتحفز العزائم» فإن تقرح القلب بآلام 6 تفسيرسورة آل عمران الاللاللوطا ماللا ١‏ الاك ي- الماضى كفر بالله» وعدم تفويض إليه سبحانه» وعدم إيمان بالمستقبل الذى يكون يوم القيامة» ويكون الأمر فيه كله لله تعالى» وإن هذه الروح الدبرية هى روح الكافرين» وقد نهى الله سبحانه عن أن يكونوا مثلهم» فقال تعالى: «إيا أَيها الْذين آمنوا لا تكُونوا كالّذينَ كفروا وقَانُوا لإخوانهم... 4 . الخطاب واضح بأنه للمؤمنين الصادقى الإيمان» وهو نهى عن التشبه بالذين كفرواء فى حالهم التى يبينها سبحانه وتعالى» وفى التعبير بالذين كفروا إشارة إلى أن الجزع للحاضر أو الماضىء والالتفات إلى الماضى» والنظر إلى وجوب تغييره وقد سجل فى الوجودء وأصبح لا سبيل إلى تغييره؛ لأن ما وقع لا يكون - كل هذا من شأن الكافرين الذين يأسرهم ما يقع؛ ويتخذون «لو) التى هى سبيل الشيطان دائما وسواسا لنفوسهم» يكررون ما كان يجب» وقد وقع ما وجب» والبصير الذى آتاه الله نعمة الهداية والتوفيق لا يفكر إلا فيما يجب فى المستقبل على ضوء ما وقع فى الماضى وصيغة النهى التى عبر بها سبحانه: «إلا تكونوا كالّذين كفروا» تفيد تباعد ما بين المقامين: مقام الإيمان» ومنزل الكفران» وأنه لا يصح بالمؤمن أن ينزل إلى المرتبة الدون» بعد أن عل بالإيمان إلى مقام الأعلين الأبرار» وفى هذا تقبيح المنهى عنه بأبلغ تعبير»ء وأرق تصوير؛ إذ حسب الذين أهمتهم أنفسهم » وقالوا عن إخوانهم فى حال يأس مستول: لو كان لنا من الأمر شيء نا فنا ما ها .. 02398 آل عمران. أن يكونوا فى هذا كالذين كفروا؛ إذ يوسوس ! الجزع بأن يقولوا مثل هذه المقالة - حتى يبتعد المؤمنون عنهاء ويجانبوها كل المجانبة: والأمر نهى عن المماثلة فيما حكاه سبحانه يقول: وَقَانُوا لإخوانهم إِذا ضربوا في الأرض أو كَانوا عُرَى لو كَانُوا عندنا ما مَاتوا وما قتلوا 4 . ضربوا فى الأرض معناها سافروا وأبعدوا فى السفرهء ولم يكن سفرا قاصداء بل كان سفرهم فيه مشقة وجهدء وتعرض فيه المسافر للأذى. وغرى : جم غازء كراكع وركّعء وصائم وصومء ونائم ونُوم» وشاهد وشهدء » وغائب وغْيّبء واللام فى قوله تعالى: لإخوانهم » إما أن تكون دالة على موضع ااا تفسير سورة آل عمران الل ااال للا م الخطاب» ويكون المعنى أن هؤلاء الذين كفروا لفرط جزعهم على الذين فقدوهم يقولون لإخوانهم الآحياء: لو كانوا مقيمين معناء وملازمين بيوتهم» ولم يضربوا فى الأرض ولم يغزوا فيها ما ماتوا وما قتلوا؛ فالأحياء يتبادلون الكلام فى شأن الذين قتلوا أو ماتوا. ويقول الزمخشرى: إن اللام هنا ليست دالة على الخطاب» إنما هى للتعليل» والمعنى: يقول أولئك الذين نجوا لأجل ما فقدوه من إخوانهم» تحسرا وأسفا عليهم : لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. وهذا القول ينبعث من قلوب غير مؤمنة يسيطر عليها غم حاضر وهم غابرء وهو يدل على ضيق العقول» ومصادمة لكل معقول تحت تأثير الهوى التامح المسيطر» فإنهم ما داموا قد خرجوا مختارين» فليس لكلمة «لو» مقام بعد ذلك فى اعتبارهم» ثم إن هذا الكلام يضعف العزيمة» ويفتح القلوب للخورء فالمأسور بهزيمة الماضى لا ينتصر فى المستقبل» وفوق هذا فإن ذلك القول يدل على عدم تفويض الأمور لله سبحانه» فهو مسيّر كل شئ» وكل شىء عنده بمقدار» وعلى المؤمن أن يعمل ويجدء ويترك تقدير الأمور لرب العالمين» وما حاول إنسان أن يضبط شتون المستقبل كما يجب إلا أصابه الله سبحانه وتعالى بما يخالف تقديره» ويبطل تدبيره» وهذا القول لا يصدر أيضا إلا عن قوم لا يؤمنون بالله واليوم الآخرء ولا يرجون ما عند الله سبحانه وتعالى» ولذلك ذكر سبحانه أنه من خواص الذين كفروا بالله واليوم الآخرء وإن تلك الحال اليائسة القاتلة شأن من شئون الذين يلحدون فى الله دائماء وهى عقاب دنيوى لهمء ولذا قال سبحانه: يمل للك حَرة في ريوع . اللام هنا هى التى تسمى لام العاقبة» وهى تدل على المآل» ولا تدل على ل الباعث. وذلك مثل قوله تعالى: 9 فَالتَقَطَه آل فرعون ليكون لهم عدوا ... لي 4 [القصص] فإنه ما كان الباعث على الالتقاط هو أن يكون لهم 7 وحزناء بل كانت النتيجة هى العداوة. طج ذىج] 01 4# تفسير سورة آل عمران لل بالبللا ١ لااااااا00‎ لجا ويصح أن تكون اللام للتعليل» ويكون المعنى: أن الله سبحانه وتعالى خلق الكفار على هذه الأخلاق اليائسة» أو قدر لهم هذه الأحوال الموئسة ليلقى الحسرة فى قلوبهم» والغم فى نفوسهمء والضلال بهذه الآقوال فى عقولهم. والحسرة هى الهم المعيى الكاشف للنفس الذى يلقى بالحزن المستمر فيهاء وقد قال الأصبهانى فى هذه المادة: «الحاسر من لا درع لهء والحاسر المعيا لانكشاف قواه» ويقال للمعيا حاسر ومحسورء أما الحاسر فتصور أنه قد حسر بنفسه قواه» وأما المحسور فتصور أن التعب قد حسره. وقوله عز وجل: 9 ينقاب إليك البِصر حَاسِئًا عا وهو حَسير +2 »4 [الملك ] يصح أن يكون بمعنى حاسر وأن يكون بمعنى محسورء وقال تعالى: ١‏ فقَعد ملوما مُحسور 7 4 [الإسراء]. والحسرة الغم على ما فاته» والندم عليه» كأنه انحسر عنه الجهل الذى حمله على ما ارتكبهء وانحسرت قواه من فرط غمء وأدركه إعياء عن تدارك ما فرط منه» قال تعالى: لعل الله لك حَسْرة في قُلُوبهم 4 « وإِنّه لحَسرة على الكافرين نج » [الحاقة]. ومن هذا يتبين أن معنى الحسرة يتضمن هما وحزنا وإعياء» وتكشفا للآلام يلقى تشاؤما وارتياعا وانزعاجا مستمرا. والكلام السابق على أساس أن الحسرة نتيجة لقولهم واعتقادهم الفاسد. ذلك أنها تلقى فى قلوبهم ضعفا وألماء فالسبب فى الحسرة على هذا التوجيه من أنفسهم التى ركبها الله سبحانه وتعالى ذلك التركيب» ويصح أن تكون الحسرة نتيجة للنهى» وتكون اللام للتعليل» ولا تصلح أن تكون للنتيجة والمآل» ويكون المعنى على هذا: يأيها المؤمنون لا تكونوا كالذين كفروا إذ يشغلهم الماضى ولا يفكرون فى الحاضر» بل اتخذوا من الماضى عبرة» وفوضوا الأمور إلى الله تعالى ليجعل الله لكم بهذا قوة» ويكون ذلك حسرة فى قلوب الكافرين؛ إذ يرونكم مستبشرين بنعمة من الله وفضل. دائماء فلا تألمون لمن تفقدون» ولا تتخاذلون بمن يقتلون من صفوفكم» بل تأخذون الأهبة» وتتقدمون طالبين الشهادة أو النصر المؤزر» وذلك هو سبب الحسرة. تفسير سورة آل عمران اللللللللل ااال الول ل لم لح اا ( والله يحبي ويميت واللّهِ بما تَعملُونَ بَصيرٌ 4 فى هذه الجملة السامية ترشيح وتقوية لمعنى النهى السابق» وتأكيد لضلال الكفار ومن يحاكونهم فى انشغال أنفسهم بمن ماتواء وظنهم أن الخروج هو الذى كان سببا فى قتل من قتلواء كما قال الكافرون: #إلو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا#» ففى هذه الجملة يبين سبحانه أن الأرواح كلها بيد الله تعالى يقبضها إن شاءء ويرسلها إن أراد»ء فهو سبحانه لا يتقيد بخروج للقتال» فالقعود لا يضمن الحياة» والخروج لا يكون معه التلف. بل ربما كانت فيه النجاة» وهذا مثل قوله تعالى: 9أَينمًا تكوئوا يدرككم الموت ولو كدثم في بروج مُشَيّدة ... 27 4 [النساء] وإنه إذا كانت الحياة والموت بيد الله وحده قد جعل لكل أجل كتابا ومن جاء أجله لا يستأخر ساعة ولا يستقدم» وأن الله سبحانه وتعالى خالق الأسباب ومسبباتهاء وهو الذى يربط بينهما برباط السببية لحكمة يراهاء والأسباب لا تلزمه سبحانه» لا يسأل عما يفعل» وهم يسألونء والله سبحانه فى أفعاله كلها بالإحياء والإماتة يتصرف تصرف العليم الخبير» ولذا قال سبحانه: «واللّه بما تعملون بصيرٌ» أى أن الله تعالى عليم علّم من يرى ويبصر بأعمالكم التى تعملونهاء يعلم البواعث والنتائج ويعلم الحقائق والوقائع» فلا تذهب أنفسكم حسرات على الماضى» واستعدواء وقد بين سبحانه أن الله غافر ما كان منكم من خطأ فى ماضيكمء ومجازيكم بخير ما ينال هؤّلاء» ولذا قال تعالى: ولكن قتلتم في سبيل الله أو متم لَمَغْفرة من الله وَرَحمَة حير مما يَجَمَعُون 6 . اشتمل الكلام على قسم وجملة شرطية واقعة» فالله سبحانه وتعالى يقسم وهو العزيز الحكيم بأن من يموت أو يقتل فى سبيل الله طالبا رضاه محتسباً النية فى جهاده يناله جزاءان عظيمان: أحدهما- أن يغفر الله تعالى ما تقدم من ذنبه وما تأخرء وتلك نعمة عظيمة, لا يشعر بها إلا من يشعر بتقصيره ويحاول رضا مولاه» ويغلب الخوف على الرجاء» ويستصغر حسناته بجوار ما يرتكب من هفوات» وتلك مرتبة الصديقين والشهداء والصالحين» وذلك ما يتضمنه الوعد ا تفسير سورة آل عمران الل ااال الل حب از بالمغفرة من رضوان الله تعالى» فإن الله تعالى لا يغفر إلا لمن يرضى عنه» ويذهب عنه سخطه سبحانه وتعالى» ففى الوعد بالمغفرة نعمة الغفران» ونعمة الرضوان» وهو أكبر. ا الأمر الشانى- الرحمة من الله تعالى» ورحمة الله تعالى تتضمن الثواب» والنعيم المقيم يوم القيامة» وذكر رحمة الله تعالى فى هذا المقام لكيلا تذهب نفوس المؤمنين حسرة على ما ماتوا منهم» فإنهم ليسوا فى شقاء بل هم فى نعيمء ولا تحسبن الْذين لوا في سبيل الله أمواتا بل أحيَاء عند ربهم يررقون #نزكه »4 [آل عمرات ]. وهنا بحوث ثلاثة حول هذا النص الكريم: أولها: أنه سبحانه وتعالى صرح بأن مغفرته ورحمته خير ما يجمع المشركون من أموال وعقار وكل أغراض الدنياء ويقول ابن عباس فيما روى عنه من تفسير: (خير من طلائع الأرض ذهبة حمراء) أى خخير من ملء الأرض ذهب أحمرء و«اخير» أفعل تفضيل» وهو هنا ليس على بابه فإن الخيرية فى مغفرة الله تعالى» ولا خيرية فيما يكنزون» فإنها تكوى بها جباههم وجنوبهم» أو تقول أفعل التفضيل على بابه» ويكون المراد من الخير مطلق النفع» ولا شك أن رحمة الله ومغفرته أنفع لآنهما أبقى. ثانيها: أنه ذكر أن الموت قد يكون فى سبيل الله وذلك إذا كان المؤمن يعيش طول حياته مخلصا لله وللحق وللمعرفة والهداية يحب الشىء لا يحبه إلا لله تعالى» وكان الله ورسوله أحب إليه من نفسهء فإن من يكون كذلك يعيش لله وفى سبيل الله ويموت فى سبيل الله . ثالثها: أنه قدم (قُتلتم) فى هذا المقام لأنه المناسب؛ لأن الكلام الكريم فى أعقاب مقتلة أصابت المسلمين وأصابهم هم بسببها فناسب تقديم (قتلتم) على (متم) وإن الخطاب هنا للمؤمنين الذين جاهدواء. وهو مبين لجزائهم وقال سبحانه: رقن م أَْقُكُمْلإلى الله ُحَشرُون 4 . تفسير سورة آل عمران اللو لاملل فلل الحو لب 2 ربهم» وأنهم سيحشرون إليه» أى سيجمعون جميعا يوم الحشر مسوقين إليه سبحانه وتعالى» والتعبير بالحشر إشارة إلى أن الجميع يجتمعون لا يفلت منهم ربهم » وسيلقاهم» وسيحاسب كل امرئ بما كسبء للمجاهدين مقامهمء ولغيرهم مهواهم الذى هووا إليهء ففى هذا إنذار وتبشير وتذكير بلقاء الله العلى رج مر 12 فِمَارحَمَوَونٍ لله لِ: لدت هملكت قط ال لانمَسْواو نسل كِ 56 ع عي 2000 2 عط لا سر 0-0 عف عتهم واستغيهر تفزع وَحَاونهُم اليدعت صر َكل عل نمهب موك 0 إن ينرمأ لَب كمون كم سه الى ينصركم من بَعَدِهوَعَلَ اده و1 سوك ل مويو 0 بين سبحانه حال المؤمنين قبيل المعركة فى غزوة أحدء وبعدهاء وفى أثناتها وما أصابهم من غمء ثم بين سبحانه دواء أسقامهم» ودعاهم إلى استكناف الجهادء وإن يكونوا قد مسهم قرح» فقد مس القوم قرح مثله؛ وقد بين سبحانه أسباب الهزيمة ليتوقوهاء فإن الغلط الذى يعلّم الصواب خير»ء وليس بشرء ولقد بين بعد ذلك سبحانه حال النبى ككِلْهّ فى القيادة الحكيمة»ء وما اتبعه وما تحلى بهء وأمره سبحانه وتعالى بالاستمرار عليهاء فبين سبحانه أن القيادة الحكيمة تكون مع العزيمة رحيمة.» ومع استقبال الأحداث بقوة تكون خالية من الفظاظة والقسوةء وتلتزم الصفح عن الخطأ ليعتزموا الصواب» والاستغفار من الذنب لتجدد التوبة» 45 تفسيرسورة آل عمران الالللللل اللا كاوه :2 يي ولذا قال تعالى فى حال النبى عَللِْهِ وما انبعث منه فى موقفه يوم أحدء فقال تعالت كلماته: «قَبمَا رحمة من اللّه لنت لهم ولو كنت فَظَا عَليظ الْقَلْب لانفضوا من حولك ». «الباء» هنا باء السببية» و«ما» زائدة فى الإعراب» ولكنها فى المعنى لتقوية معنى الرحمة» والمعنى: بسبب رحمة أى رحمة عظيمة فياضة أفاضها المولى العلى القدير كنت لينا معهم فى كل أحوالك» وكنت لينا لهم بعد الأخصطاء ء التى وقعوا فيهاء والكارثة التى نتجت عن مخالفتكء فما لْتَهُم» ولاعِتَفتّهم بل سكت حيث رأيت ما أصابهم من غم استغرقهمء وحزن استولى عليهم» ولقد شكر الله سبحانه وتعالى لنبيه ذلك اللين؛ إذ لم يؤاخذهمء ولم يفرط فى القول معهم؛ لأن اللوم على الماضى ييئس النفس من غير جدوىء وهو رجعة إلى الوراء» والقائد الحكيم يتجه إلى الأمامء ولا يلتفت إلى ورائه إلا بمقدار ما ينير له السبيل أمامه» وبمقدار ما يجنبه خطأ وقع فيه» وبمقدار ما يحفز همة من معهء ويشحذ عزيمتهم» وإن اللمبالغة فى اللوم على ما وقع فى الماضى يلقى باليأس» وفى اليأس الهزيمة» واليأس والقنوط إسراف على النفس بالهموم,» ولا نجاح لمن فى هم دائم» وحزن واصبء فكان لين النبى كَكلْهّ معهم فى هذه الآلام التى أصابتهم كالبلسم الشافى لأسقامهمء والقائد الماهر الحكيم يجب أن يجمع إلى العزيمة القوية الموجهة إلى العمل اببشر ولين العريكة» وتسهيل الخروج من أوضار الخطأء حتى لا يعنتهم ولا يبهظهم(2, وحسبهم ما أصابهم» وإن الشدة فى مثل هذه الأحوال والغلظة فى القول والعمل تنفر ولا تجمع» وقد بين ذلك سبحانه وتعالى بقوله: « ولو كنت فَظَا عَليظ الْقَلْبِ لانقَضوا من حولك 6 . وهذا النص الكريم يثبت أن النبى كلل ليس فظا ولا غليظا ولا قاسيا؛ لأن «(لو) تدل على نفى الجواب لنفى الشرط » ولمعنى أنك لست فظا ولا غليظ )١(‏ بهظه الحمل: أثقله وعجز عنهء فهو مبهوظ» وأمر باهظ: أي شاق . الصحاح - بهظ. تفسير سورة آل عمران لل ااالللإلللل الل م > اد القلب. وهذا هو الذى يتفق مع صفات النبوة والقيادة الحكيمة الرشيدة الهادية الموجهة إلى أمثل الطرق الجامعة للقلوب» لأنك لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. والفظاظة خشونة المظهرء والعشرة السبّعة وسوء القول» وتجهم الوجه؛ وغلظ القلب قسوته» وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن نبيه الغلظة فى المظهر والباطن» فالغلظة فى المظهر هى الفظاظة» والغلظة فى الباطن قسوة القلب وكلا الوضعين من شأنه أن ينفرء ولقد قال الله تعالى فى وصف نبيه: «( لقد كم سول م سكم عير ع ما ْم ريص عليكُم بالمؤمين روف دحم 2082 * [التوبة]. وكان النبى يلد باشا لطيف المعشر متسامحا رحيما لا يقسو ولا يعنت أحدا ولا يغضب ولا يسب» وما ضرب أحدا بيده قطء وكان سهلا فى معاملاته متسامحاء وكان طلق الوجه دائماء رآه أعرابى» فاسترعاه بشاشته وطلق محياه فقال له: أأنت الذى تقول عنه قريش إنه كذاب؟ والله ما هذا الوجه بوجه كذاب!. وأسلم إذ دعاه النبى عَكِْةٌ . ولقد وصف عبد الله بن عمرو بن العاص النبى كيو فقال: (إنه ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فى الأسواقء. ولا يجزى السيئة بمثلهاء ولكن يعفو ويصفح)17'. وكان عليه الصلاة والسلام لا يثير غيظه شىء» ويدارى الناس إلا أن يكون فى المداراة حق مضيع» ولقد روت عائشة رضى الله عنها أن رسول الله مَل قال: (إن الله أمرنى بمداراة الناس كما أمرنى بإقامة الفرائض)9'' . وإذا كانت الغلظة منفرة فالعفو جامع» ولذلك أمر الله تعالى نبيه الكريم بما يترتب على الرفق والبشاشة» وهو العفو فقال: فاعف عنهم واستغفر لهم و في لأشر». )١(‏ رواه بنحوه البخاري: تفسير القرآن - #إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا» »)555١(‏ والدارمي: المقدمة - صفة النبى يل ()» وأحمد مسئد المكثرين (770) عن عيد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عله . (؟) جمع الجوامع (41/17): والسلسلة الضعيفة للألباني »)8١١١(‏ والفتح الكبير ج١ء‏ ص54 ؟» وكنز العمال جزء١)»‏ ص١٠6.‏ ش( تفسيرسورة آل عمران الللااا0اااللوللااااللللواااااالا0ااالللللل ا ا0ااااللا لحب ا الفاء هنا تفيد ترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه يترتب على اتصافك بالعفو والرحمة والبشاشة: والبعد عن الفظاظة وغلظ القلب أن تكون عفواء ولذا أمره سبحانه بالعفو عن المخالفة التى وقعوا فيهاء وترتب عليها ما ترتب من هزيمة وفوات فرصة. وإن العفو فى هذه الحال ليس للرحمة فقط» بل هو للمصلحة أيضا؛ لأنه يشحذ العزائم» إذ هو يقيل من العثرة» ويرفع من الكبوة» وعندئذ تستقيم القلوب نحو الحق» كما قامت الأجسام بعد الوقوع . وأمره سبحانه بأن يستغفر لهمء بأن يطلب من الله أن يغفر لهم ما أساءواء وأن يغفر هو لهم هذا الخطأء وإن فى استغفاره الله تعالى لهم. وإعلانه ذلك الاستغفار بينهم تأكيدا لعفوه» وتشجيعاء وضراعة إليه سبحانه أن يجعل حاضرهم وقابلهم خيرا من ماضيهم الذى أخطأوا فيه. وقد أمر نبيه بأمر ثالث» وهو أن يشاورهم» وإن المشاورة من بعد ما كان منهم دليل على عفو النبى كَكِلْهٌ بعد عفو الله تعالى وغفرانه؛ لأن مما أخطأوا فيه فى الماضى أن النبى كَكِْهّ شاورهم فى أمر الخروج إلى لقاء المشركين فى أحدء وأنه كان يميل إلى البقاء حتى يدخلوا المدينة» وشبابهم كان يريد الخروج, فنزل عليه الصلاة والسلام عند رأيهم» ثم كان ما كان منهم من أن طائفتين هما بأن تفشلاء ثم ما كان من خروج الرماة عن مواقفهم» ولو بقوا فى المديئة ما وقع هذاء ولكن الله سبحانه مع ذلك أمره بمشاورتهم للإعلان عن سماحته المطلقة» ولأن المشاورة إن أخطأت فيها النتيجة مرة» فصوابها كثير. والشورى أصل من أصول الحكم فى الإسلام» قد التزمها النبى كَل فى كل أمر كان يمس أمور المسلمين العامة فقد استشار فى غزوة بدر قبل وقوعهاء واستشار فى الأسارى غب وقوعهاء واستشار فى أحد» واستشار فى غزوة الأحزاب» وكان من نتائج الشورى حفر الخندق والتحصن وراءه» واستشار فى القتال يوم الحديبية» والتزم أبو بكر ومن بعده عمر الشورى» وما اضطرب حبل الأمور من بعد إلا عندما منعت أمر الشورى. تفسير سورة آل عمران لل لللللااالللبلل الل اللا ك2 7 لاا .. يي والأمر الذى وجه للنبى كَلِةٌ فى الشورى قال بعضهم إنه أمر إلزام» وقال آخرون إنه بالنسبة للنبى كَلْةٌ ليس أمر إلزام» بل طلب استحباب» ولكن الأكثرين على أنه أمر إلزامء بدليل التزام النبى َه للمشاورة فى كل أمر يمس مصلحة المسلمين فى السلم أو فى الحربء ولم يكن تبليغا لرسالة ربه؛؟ وإن أفعال النبى ومن المتفق عليه أن الشورى لازمة بالنسبة لغير النبى يِه ولذلك قال تعالى : « وأَمرَهُم شورئ بَينهُمْ ... 422 4 [الشورى] أى الأمر الجامع للمسلمين يكون بالشورى وتبادل الآراء» والتعاون والإخلاص فى القول» ولذا يقول النبى يككه: «الدين النصيحة» قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولآأئمة المسلمين وعامتهه)27. والنصيحة لعامة المؤمنين هى بالشورى التى تَبدَى فيها الآراء لله وحده» لا لشىء سواه»؛ ولا لطلب الحاه عند الناس. ولقد قال البخارى: «وكان الأئمة بعد النبى مَلَِْةّ يستشيرون الأمناء من أهل العلم فى الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها)79 . ومع اتفاق الفقهاء على أن الشورى أصل من أصول الحكم فى الإسلام لم نجد نصا قرآنيا وضع منهاجا لهاء ولم نجد النبى كه وضح أسسها وطرائقهاء نعم إنه كان يستشير من معه من أهل المدينة» وكذلك كان يفعل الشيخان أبو بكز وعمر رضى الله عنهماء فلماذا لم يبين ذلك فى كتاب ولا سنة؟ والجواب عن ذلك أن مناهج الشورى تختلف باختلاف الجماعات وباختلاف الأحوال» وباخمتلاف الملوضوعات ولا يوجد نظام ضابط لكل ذلك» بل ترك سن النظام للناس» ولابد أن يتحقق معنى الشورى فى النظام على أن يكون أهل الشورى من ذوى العلم والخبرة» ففى أمور الحروب يستشار أهل الحرب» وفى أمور القانون يستشار الفقهاء )١(‏ رواه مسلم: الإيمان - الدين النصيحة (255»: وذكره البخاري في الترجمة: الإمان - الدين النصيحة» كما رواه النسائي: البيعة - النصيحة للإمام (5157)» والترمذي: البر والصلة - ما جاء في النصيحة )١1849(‏ عن تميم الداري رضي الله عنه. (1) من كلام البخاري في ترجمة باب: الاعتصام بالكتاب والسنة - (بَابِ قل اللَّه تَعَالَى: وأمرهم شورى بينهم » وشاورهم في الأمر). 4 م تفسيرسورة آل عمران 4 ل 0 كج والمشرعون» وفى أمور العمران يستشار أهل الهندسة» ولذلك تتألف اللجان فى المجالس النيابية من أهل الخبرة فى كل أمر من أمور العامة. وفى الجملة فإن الشورى مطلب كالعدل» يجب تحققه من أقرب الوسائل إليه توصيلاء ولقد جاء فى تفسير القرطبى ما نصه: «والشورى بركة» وقال عليه الصلاة والسلام : (ما ندم من استشارهء ولا خاب من استخار)(١2‏ وروى سهل بن سعد الساعدى عن رسول الله كَلَِهِ: «ما شقى قط عبد بمشورة» وما سعد باستغناء رأى)20) . وإنه يجب أن نعلم حقيقتين ثابتتين: أولاهما: أن الشورى إحساس نفسى من الحاكم يدفعه إلى طلب أمثل الطرق للحكم وتحقيق العدالة والمصلحة» فإن لم يكن فى الحاكم ذلك الخلق» فإنه لا ينتفع بأى نظام للشورى مهما يكن» وإذا لم يكن المستشار يحس بأن إبداء القول فى الشورى واجب عليه وليس مجرد حق له فإنه لايمكن أن يكون من رجال الشورى. انيهما : أنه لا يعادى الشورى من الحكام إلا أحد اثنين إما رجل قد أصابه داء الغرورء فظن أن قوله الحق الذى لايخالطه باطل» وإما رجل يخاف من اطلاع الناس حتى لا يظهر شئ من أموره. والمشاورة لها وقت معلوم» وهو وقت الدراسة والفحص» فإذا تمت المشاورة وجب الأخذ بالعزيمة فى الأمر والإقدام على العمل؛ ولذا قال سبحانه بعد الأمر بالشورى : 9 فَإذَا عرمت فَتَوكل عَلَى الله إِنَ الله يحب الْمتوكلين 4 . )١(‏ جاء فى مجمع الزوائد: ج48 ص١18١‏ (9071) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله كَكُ: «ما خاب مَنِ استَخَارَ» ولا نَدم من استشاره ولا عال من اقتَصد». رواه الطبراني في الأوسط والصغير من طريق عبد السلام بن عبد القدوس» وكلاهما ضعيف جداً. (؟) القضاعي في مسند الشهاب: ج؟ء ص" (1/77) عن سهل ابن سعد الساعدي قال: قال رسول الله عكلا : «ما شقي عبد قط بمشورة» وما سعد باستغناء برأي» يقول الله تعاا . #وشاورهم في الأمر» وقال تعالى #وأمرهم شورى بينهم»». اا تفسير سورة آل عمران لخا خالا !ااا للاتكك!ف !لا | ل لاا ااال ا ل لتلا لاا لاللك!ف]] امال عع مع مممامالالالكط للخل مخ لغ خعس ممالا امام عع خغ سامملا للسطتللا اك لح اا العزيمة عقد النية على إتمام الأمر بعد الاستشارة» والنبى ككل اشترط لتحقق العزم سبق الاستشارة فاعتبر الشورى ركنا من أركان العزم»ء فقد سئل كله عن العزم»ء فقال: «مشاورة أهل الرأى ثم اتباعهم2"0. وفى النص القرآئى الكريم»ء والحديث النبوى الشريف إشارة إلى أنه بعد تعرف كل وجوه الرأى يكون الاعتزام ثم يكون العمل ولا يصح أن تكون مشاورة أخرى بعد الدراسة العميقة السابقة إلا إذا جد أمر لم يكن فى الحسبان ولم يكن فى تقدير الذين استشيروا أولا فإنه يعاد النظر إليهم. وفى غير هذه الصورة تكون العودة إلى الاستشارة ترددا يدعو إلى الهزيمة والاضطراب» ولا يصح أن يكون التعصب لرأى إذا لم يؤخذ به باعثا على إعادة النظرء فإن ذلك استبداد من أصحاب هذا الرأى» وفوضى فى الشورى؛ لأن ما يعتزم من آراء بعد الشورى هو رأى الجميع» ويجب أن يفنى معه كل رأى معارض وإن النبى يلد مع أنه فى غزوة أحد كان يرى البقاء فى المدينة حتى يجيء إليها المشركون فيضيعوا فى طرقها وأزقتهاء وتكون الدور حصونا يرمون منها ولكن الكثرة رأت غيرهء فنزل على رأيهاء وأمضى الأمرء ولا وجدت حركة تدعو إلى رأيه وتكونت له كثرة» قال الرسول الحازم الرشيد: «لا ينبغى لنبى يلبس لأمّته أن يضعهاء حتى يحكم الله(" واللأمة: الدرع أو السلاح. ولقد أمر سبحانه وتعالى بالتوكل بعد المشاورة وأخذ الأهبة» وأن يكون التوكل مصاحبا للعزيمة والإقدام على العمل» وإن ذلك يستفاد منه أن التوكل على الله تعالى حق التوكل لابد أن يقترن بالعمل» وأن يسبقه دراسة للموضوع من كل نواحيه» وإن التوكل بعد ذلك أمر لابد منه؛ لأن العلم بالحق الأمثل من المناهج والأعمال عند علام الغيوب» فمهما يكن علم الإنسان فهو ناقص»ء فالتوكل عليه سبحانه فيه معنى الشعور بالنقص الإنسانى مهما يظهر كمالهء ولأن دق أورده السيوطي في الدر المنثور ج؟ ص /اه 7 ٠.‏ (؟) سبق تخريجه قريبا. #0 تفسير سورة آل عمران اللا الالالال 1 ليحميومنه يي" الله تعالى خالق الأسباب والمسبيات,» وهو القادر على تغييرهاء أو جعل الأمور على غير ما توجبه أسبابها» فالتوكل عليه ضراعة وإحساس بالكمال المطلق لله تعالى وقدرته الشاملة الكاملة على كل ما خلق» وإن عدم التفويض مع العمل التنفيذ كما كان فى غزوة أحد. ويجب أن نقرر هنا حقيقتين: «إحداهما» أن قدرة الله تعالى واضحة فى زرعه وكلاهما احتاط وأخذ بالأسباب . «والثانية» أن الاتكال على الله تعالى ذكر ولهذه المعانى النفسية العالية فى التوكل الحق صرح بحب المتوكلين المولى العلى القدير فقال تعالت كلماته: إن الله يحب المتوكلين» وأى منزلة أعلى فى الوجود من هذه المحبة التى تتضمن الرضاء ورضوان الله أكبر من كل شىءء الأرض» ودرج بنفسه فى مدارج الروحانية ؛ لأنه اعتبر إرادته وعزيمته وتدبيره وعمله ليست بشئ بجوار قدرة الله . بقوله تعالى: « إن يتصركم الله فلا غالب لَكم وإن يَحَذلْكُم فَمَن ذَا الذي ينصركم من بعْده 4. أى أنه إذا أراد الله تعالى أن ينصركم» واستحققتم نصره فإنه لا يوجد قوم من شأنهم أن يغلبوكم, والتعبير باسم الفاعل فى قوله تعالى: 9 فلا غالب لكم » يفيد أنه لا يوجد من عنده القوة ومن شأنه أن يغلبكمم؛ لأنه إن كان قويا فى نفسه فالله معكم وهو القاهر فوق عباده» وهو الحفيظ عليهم» وخلق تفسير سورة آل عمران اللما ا ا1االلل ااا 01 يي لحب يي الإنسان ضعيفا مهما تكن قوته» وإن استحقاق نصر الله يكون بأخذ الأهبة ومبادلة الرأى» وتعرف أسباب النصرء ثم التوكل على الله تعالى» وتفويض الأمور إليه. وإن النبى مَلَكِْةٌ بعد أن أعد الأهبة أخذ يدعو الله تعالى بالنصرء ويكرر هذه العبارة: «اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد فى الأرض)20©. وإنه إذا فقد المؤمن نصر الله فلا ناصر له من غيره» ولذلك قال سسبحانه: «( وإن يخذلكم فم ذا الذي يَنصركُم من بده 4 . أى إن يكتب الله سبحانه وتعالى لكم الخذلان» ويحرمكم من معونته وتأييده» فلا أحد ينصركم من بعده أى ممن هو دونه أو من بعد خذلانه لأنه لا أحد عنده قدرة تقف أمام قدرة الله تعالى» والاستفهام هنا إنكارى بمعنى النفى» وقد جاء النفى على صيغة الاستفهام ليوجه أنظار المخاطبين إلى البحث عن قوى تكون قدرته كافية للوقوف أمام إرادة الله تعالى الخذلان» فإنهم سيبحثون عن قوى لا تكون قوته إلى بقاء» ولن يجدوه.ء فعندئذ يحكمون بأن الله وحده الكبير المتعال» ولا ناصر سواه ف وعَلَى الله َليتوكَل المؤمنون» . أى عليه وحده لا على شىء سواه وأفاد ذلك تقديم «علَى اللّه 4 أى أن المؤمنين لا يتوكلون إلا على الله سبحانه وتعالى فالاتكال عليه وحده. والإيمان متلازمان لا ينفصلان» فغير المؤمن يعتمد على الأشخاص الفانين» أما المؤمن فلا يعتمد على أحد سوى الله تعالى» والاتكال على الله من مقنضيات الإيمان بالله وحده؛ لأنه جزء من الوحدانية» فالذين يعتمدون على غير الله من العباد يصيبهم نوع من الشرك الخفى؛ لأنهم يفرطون فى تقدير العباد» بل قد تفرط منهم عبارات )١(‏ وذلك يوم بدرء وقد رواه مسلم بنحوه في حديث طويل: الجهاد والسير حول والترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة الأنفال (5 ٠.0‏ *8) عن عمر بن الخطاب عن ابن عباس رضى الله عنهم . كما رواه: مسند العشرة .)7١7(‏ #4 تفسير سورة آل عمران لل التقديس» وقد كان بعض الذين لا دين لهم يعبرون عن بعض الملوك بالذات العالية» وذلك شرك بلا ريب» وأهل الإيمان الصادق لا يعتمدون إلا على الله بعد أخذ الأسباب؛ لأنهم لا يؤمنون إلا بالله: «رَبْنَا عليِك توكلا وإلَيك أَنبنا وإلّيك الْمصيرٌ ع4 4 [الممتحنة ] . سر اص 0 < وَمَا كن لتىّأن دس لح قر أًَ لز سيت سسحت سس صرح عع سين 1 وه يغل ومن يغلل يآتٍ يماغل يوم القيئمةٍ ثم توفكل _-2 د سه سس ا ل لور 0 ا 00 ا لي ا 0 سم 9 7 مه مار ةما رو مح در صءه باء بمسحط ون الله ومأوده جَهم و يشر لْصِير ٍ وح للا ملل ف .2 يعرم يبوم م ذه سح سر لور 24 نوين هم د رجدت عند الله وألله بصيريما يعملوت ليا ا 00 2 1 حج مدب .دام 0 لقد من الله عل الْمَؤّمِرِينَ إِذ بعت فيهم رسولا من أنفسيم يتَأعَك َيِه وكيب وَيمَنَمُه الككب آذ - سام لس هام 0 2 --" والحبكمة وَإِنَكانوَامِن مَبَلْلفى صلل مَبِينٍ ١:‏ الكلام فى غزوة أحد وما فيها من عبر وما بينه الله سبحانه وتعالى من أحكام لمناسبة ما كان فيهاء وفى هذه الآيات يبين ما يجب من مراعاة الأمانة بالنسبة للغنائم فى الحروب» ذلك أن الرماة الذين خالفوا أمر النبى كَل قد خالفوه لأنهم خشوا أن ينفرد المقاتلون بالغنيمة دونهم؛ إذ ظنوا أن من يستولى على شىء فهو له» وهم بموقفهم موقف الحراسة لظهور المقاتلين سيحرمون إن لم يقاتلواء فبينت هذه الآيات بالإشارة أنه لا قسمة قبل انتهاء المعركة» وأن الغنيمة لا يختص بها فريق دون فريق» وأن الغنيمة نتيجة النصرء والنصر ثمرة تعاون الجميع» فحق أن تقسم الثمرة على الجميع» ولقد روى أن النبى يللد قال للرماة: «أظنتتم أنا نغل ولا نقسم لكم)(21. )١(‏ ذكره الواحدي في أسباب النزول عن الكلبي ومقاتل. تفسير سورة آل عمران ا الل الا0ا0ا0ااااللا0ا0اااللو ااال الللللإلالا1ا1اا6ا0ااااللل اللا ىم بلحم به يي وإن الله سبحانه وتعالى يسن الأحكام العامة للمناسبات الخاصة» ليكون السبب موضحا للحكمء وإن كان الحكم عاماء ولذا قال سبحانه: 9 وما كان لنب أن يغلٌ ومن يلل أت بما عَلَ يوم القيّامة 4 . ابتدأ سبحانه بنفى وصف الغلول وهو الخيانة فى الغنائم عن النبى كك وذلك لبيان أن التسوية فى القسمة مطلوبة من الجميع لا فرق فى ذلك بين قائد وقائد» ولو كان أحد يسوغ له ألا يسوى فى القسمة لما كان رسول رب العالمين» ولكنه أول من ينفى عنه هذا الوصف». ولأن الرماة تعجلوا خشية ألا يأخذواء فبين الله لهم أن عدم تسويتهم فى الغنيمة غلول» وما كان الغلول من شأن النبى كِْدٌ ولبيان أن عدم توزيع الغنيمة بالعدل خيانة» فلا يستكبر قائد عن أن يوصف بها إذا وقع منه عدم التسوية. ومعنى قول الله تعالى: وما كَانَ لتب أن غ4 ما ساغ وما صح لنبى أن يخونء فالنفى هنا نفى للشأن» أى ليس من شأن النبى أن يخونء والتنكير هنا للتعميم» فليس من شأن أى نبى يتكلم عن الله تعالى أن يخون.» وإذا كان التنكير للتعميم لأنه تنكير فى مقام النفى» فمؤدى الكلام أن النبوة والغلول نقيضان لا يجتمعان» فما كان لأحد أن يظن أن النبى سوف لا يقسم بالسوية» وإذا وقع ذلك الظن فهو من الظن الإثم: لإ إِنّ بعض الظَن إِنْم ... 10> 4 [الحجرات] . وأصل الغلول من الغلّل» وهو دخول الماء فى وسط الشجر كما جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى» وسميت الخيانة فى الغنيمة غلولا؛ لأنها تدخل الملك من غير حله وفى نخحفاءء كجريان الماء بين الأشجار فى خفاء. ويقال تخلغل فى الشىء دخل فيه واختفى» ويطلق الغل بكسر الغين على الحقد لأنه يكون دفينا متغلغلا فى كيان النفس الإنسانية ويفسدها. وإن المعنى الذى يجرى عليه جمهور المفسرين بأن المراد بالغلول المنفى عن الرسول وسائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هو الغلول المادى فى شئون المادة» ولم تتعرض الآية الكريمة للغلول المعنوى وهو كتمان ما أنزل الله 4 تفسيرسورة آل عمران الملل الل لل ااال اللللملللللا لبلب يي تعالى وعدم بيانه؛ ولكن قال بعض العلماء: إن الغلول المنفى عن الأنبياء هو كتمان ما أنزل الله تعالى وعدم بيانه؛ لأن الغلول المادى غير متتصور الوقوع» ولكن السياق لا يؤيد هذا المعنى؛ لأن السياق كله فيما قبله وما بعده يدل على أنه فى الحرب وما يتعلق بها من غنائم أغرت الرماة وأخرجتهم من مَحَارسهم'!'؛ ولما يجىء بعد ذلك من تعميم الحكم لكل من يغل غير الأنبياء من حيث إنه يأتى بما غل يوم القيامة؛ ولذلك قال تعالى: «إ ومن يَغلل يأت بما عل يوم اقيامة 6 . والمعنى أن من يخون فى الغنائم أو غيرها بأن يكون ذا سلطان على مال» فيخص نفسه مئه بما شاء يأتى يوم القيامة مأخوذا بإثم ما غل يوم القيامة» صغيرا كان أو كبيراء حقيرا كان أو خطيراء فالمراد على هذا التفسير من قوله سبحانه: ف بِما غَلَّ4 وزره؛ وذلك كقوله تعالى: ل فَمَن يعمل مَالَ َه حيرا ره ليل ومن يعْمَلَ مثقال ذرَة شرا يرَهِ 22> 4 [الزلزلة] فما يراه الإنسان يوم القيامة هو عمله المبرور وعمله الموزور» وأما موضوع العمل فلا وجود له إذ هو يرى الوزر أو يرى البر. وظاهر كلام المفسرين أنه يرى ذات الشىء الذى غلهء لظاهر قول النبى كي فيما رواه الشيخان: «لا ألفين أحدكم يجىء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء» فيقول: يارسول الله أغثنى»'فأقول له: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك» لا ألفين أحدكم يجىء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة» فيقول: يارسول الله أغثنى» فأقول: لا أملك لك من الله شيئًا قد أبلغتك. .202 فإن ظاهر هذا الحديث أن موضوع الغلول يجىء بذاته يوم القيامة» ومثل ذلك ما روى عن النبى كله من الغلول فى جمع الصدقاتء فقد روى أن رجلا اسمه ابن اللتبية جمع الصدقات» ثم قال: هذا لكم وهذا أهدى إلى» فوقف النبى يَكِيهِ خطيباء وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (ما بال العامل نبعثهء فيجىء» فيقول هذا لكم. وهذا )١(‏ جمع محرس» اسم مكان من «حرس:» والجمع محارس» أي: أماكن الحراسة . (؟) رواه البخاري بنحوه: الجهاد والسير - الغلول وقول الله عز وجل #ومن يغلل يأت بما غل» (5845). ورواه مسلم: ك الإمارة - غلظ تحريم الغلول 181 ). تفسير سورة آل عمران اي اللللللل بالل «لجليبا بي أهدى لى» ألا جلس فى بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا» لا يأتى أحد منكم بشىء إلا جاء به يوم القيامة» إن كان بعيرا فله رغاء» أو بقرة فلها خوار» أو شاة تيعرء ثم رفع يديه حتى رأينا عمفرتى إبطيه» ثم قال: اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت»7©. والذى نراه أن هذه الأحاديث إنما هى تصوير لا يكون يوم القيامة من أن وزره يكون قائما بين يديه» وصور ما وقع وموضوع أوزاره تكون قائمة فى كتابه كأنها حاضرة بأعيانهاء هذا هو الذى تدل عليه الألفاظ. ولا نقول إن حضور ذات الأشياء مستحيل على الله فإن الله على كل شىء قدير» ولكن نقول: إن ذلك هو ما يؤدى إليه الذوق البيانى العربى» وإن ذلك يومئ إلى دقة الحسابء وقيام الموازين بالقسط» ثم بين سبحانه نتيجة هذا الحساب» فقال سبحانه: «إ ثم توق كل نفس ما كسبت وهم لا يظَلَمُون 4 . وبعد الحساب العسير لهؤلاء الذين يأكلون الأموال بالباطل» ويغلون فى الغنائم؛ ويغلون فى أموال الدولة - يوفون جزاء ما كسبوا من غير ظلم» وفى النص الكريم عدة إشارات بيانية» الأولى: التعبير ب (ثم) وهى تفيد التراخى بين إحضار الأعمال بأوزارها ثم يتولى جزاءها؛ فإن هذا التراخى يفيد طول الحساب» وطول الحساب عذاب فى ذات نفسهء وهو فى الوقت ذاته يدل على دقته إذ تقام الموازين بالقسط . والثانية: التعبير ب (توفى) فإن فيه إشارة إلى أنه لا ينقص شىء تما عملت إن خيرا وإن شراء إلا أن يتغمده الله برحمته فيعفو عن بعض السيئات وهو العفو الغفورء والثالثة: أنه عبر سبحانه وتعالى عن المساواة بين العمل والجزاء بقوله سبحانه «إما كسبت »4 فإن هذا التعبير يفيد بظاهره أن الوفاء يكون بالعمل ذاته» ولكن المعنى: جزاء ما كسبت ولكنه سبحانه عبر بهذا التعبير للدلالة على للق متفق عليه ؟ وقد رواه بألفاظ متقاربة البخاري: الأحكام - هدايا العمال (2)55179 وملم: الإمارة فضت 56 كما رواه أبو داود: الخراج والإمارة والفىء (لأمه )ل وأحمد: باقى مستد الأنصار زهة 5622 والدارمي: الزكاة (15.9). تيعر » من اليعار وهو صوت الشاة. والعفرة: بياض غير ناصع مشرب بحمرة | 0 وسمرة. تفسير سورة آل عمران ىم ملل 1 اا‎ ١ ى كمال المساواة بين العمل وجزائه» حتى كأن الجزاء هو العمل ذاته» الرابعة: قوله تعالى : « وهم لا يظلمون 4 فيه تأكيد للمساواة وفيه أيضا نفى للظلم نفيا مؤكدا بالتعبير بالجملة الإسمية» إذ المعنى أنهم ليس من شأنهم أن يظلموا؛ لأن الله تعالى خالقهم والله تعالى لا يظلم مطلقا؛ لأنه لا يليق بكماله تعالى» ولأنه كتب العدل على نفسه» كما ورد فى الحديث القدسى7١2.‏ وإن التسوية بين الجزاء والعمل هى القانون العادل الذى سنه رب العالمين» فلا تستوى الحسنة ولا السيئة» ولا يستوى الخير والشر ولذا قال سبحانه : «أَفَمَنِ اتبَع رضوان الله كمن باء بسخط مُن اللّه 4 . هذا هو القانون السامى الذى وضعه سبحانه» وهو التساوى بين العمل وجزائه» وأنهم لا يتساوون فى ذات أنفسهم » وفى الحزاء إذا اختلفت أعمالهم » ويفيد النص أن الجزاء يتحد إذا اتحد العمل» ويختلف إذا اختلف العمل» وفى النص الكريم عدة إشارات بيانية : الأولى: أنه ساق الكلام مساق الاستفهام الإنكارى الذى يفيد النفى أى إنكار الوقوع, وهذا يفيد أن ذلك القانون بدهى لا تختلف فيه العقول» بحيث لو سئل كل واحد من الناس عن ذلك لأجاب بأنه لا يستوى من اتبع رضوان اللّه؛ مع من يبوء بغضب الله . والثانية: أن الله سبحانه وتعالى سمى الأمناء الذين لا يغلون ولا يخونون فى أى شىء» وخصوصا فى الغنائم: يتبعون رضوان الله تعالى» وذلك لأنهم يخرجون مجاهدين فى سبيل الحق ورفع كلمة الله وقد قدموا أنفسهم لمرضاته؛ وكانوا من شرا أنفسهم لله» ومن المؤمنين الذين اشسترى الله سبحانه وتعالى أنفسهم » وفى ذلك رضوان الله تعالى» وهو أعظم جزاء فى الدنيا والآخرة. )غ2( إشارة إلى الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه : البر والصلة - تحريم الظلم (لالزه ؟) عن أبِي در عن الي يل فيمًا روَى عن الل تارك وتَعَالَى أنه قالَ: هيا عبادي إن حَرَمْت الظُّلْم على نَنسِي وَجَعَلْته يينَكْمْ محرا قلا تَظَالَمُواه الحديث . #4 تفسير سورة آل عمران للملا ااال ”م ب يي والثالثة: أنه عبر عن الذين يغلون ويخونون بأنهم يبوءون أى يعودون على أنفسهم بسخط الله تعالى» والسخط ليس هو الغضب المجردء بل هو الغضب الذى يصحبه أو يترتب علينه العقاب» وفرق بين عملين: أحدهما يجلب أبلغ الرضاء وثانيهما يجلب أبلغ الغضب وأشد العقاب» وإن ذكر هذه المقابلة ليعرف الذين يغلون بالغنائم أنهم لا يكسبون لأن ما يخسرونه أضعاف ما يكسبون من عرض لا بقاء له» والعبرة بفاضل ما بين الكسبين» أما الذين قد انختاروا الأمانة سبيلاء فإنهم لا يخسرون شيئا؛ لأن مال الخيانة لا يعد كسباء بل هو سحت لا كسب فيه» ومع أنهم لا يخسرون شيئاء وكسبهم عظيم لا حد له وهو رضوان الله تعالى. والرابعة: أنه سبحانه عبر عن اتباع أوامر الله ونواهيه باتباع رضوانه» لآن الطاعة المخلصة تؤدى إلى رضوانه سبحانه وتعالى» فطلب رضا الله فى طاعته . ولقد عقب سبحانه ذكر سخطه بذكر عقابه؛ لآن السخط والعقاب متلازمان» كما أشرنا؛ ولذا قال سبحانه: «ومأواه جهنم وبفس الْمَصير) أى أن عودتهم بغضب الله الشديد يتبعه حتما ذلك المصير يوم القيامة» وهو أن يكون المستقر الذى يستقرون فيه وينتهون إليه»ء هو جهنمء وهى الهاوية التى يهوون إليها فى النارء جزاء هاوية الخيانة التى أصابتهم فى الدنياء وبئس ذلك المصير الذى صاروا إليه» وكان لهم نهاية» وإن لم يريدوه لهم غاية. وإن نتيجة عدم التساوى بين من يتبع رضوان الله تعالى ويطلبه بإقامة الطاعات على وجهها الأكمل» ومن يختارون الشر سبيلا - هى أن يكون الناس درجات بحسب مقدار طلب الرضوان» ومقدار اتباع السخطء ولذا قال سبحانه : «(هم درجات عند اللّه الله بصي بما يَعَمَلُونَ 4 الدرجة هى الرتبة والمنزلة» ومنها الدرج بمعنى السلم؛ لأنه يعلى عليه رتبة بعد رتبة» وأكثر ما تكون كلمة الدرجة فى القرآن بمعنى المنزلة الرفيعة» ومن ذلك قوله تعالى: 9 وَرَقَعنًا بغضهم (#/ تفسيرسورة آل عمران االو ماللا ١ اه‎ 7 فوق بعض درجات ... +250 4 [الزخرف] وأما المنزلة غير الرفيعة فيعبر سبحانه بالدركة؛ ولذا يقول سبحانه: إن الْمافقِين في الدّرك الْأَسَفلٍ من الثَارِ ولّن تجد لهم نصيرا 4292 4 [النساء] ولقبد قال الراغب الأصفهانى فى المفردات «الدرك كالدرج» لكن الدرج يقال اعتبارا بالصعودء والدرك اعتبارا بالحدورء ولهذا قيل درجات الجنة ودركات الثار» . والضمير فى قوله تعالى: هم دَرَجَات 4 يعود على الفريقين الذين اتبعوا رضوان الله تعالى» والذين اتبعوا سخطه سبحانه» وإطلاق «درجات» على الفريقين وفيهم الأشرار من قبيل التغليب» وهو تغليب له مغزاه؛ إذ هو تغليب الخير على الشرء وتغليب رضا الله على سخطهء وتغليب الأبرار على الفجارء وإن الآية الكريمة تشير إلى معنى جليل» وهو تفاوت درجات الأبرار» وتفاوت دركات الأشرار» فالذين يسيرون فى الخط الذى رسمه الله تعالى لطاعته متفاوتون فى مقدار ما يقطعونه من ذلك الطريق النورانى الذى يتتهى بطاعته سبحانه وهم بذلك درجات عند الله تعالى بمقدار اتباعهم ما فيه رضوانهء وهو الأوامر والنواهى» والآخرون متفاوتون فى مقدار انهوائهم فى الشر بمقدار ما يخالفون أمر الله ونواهيه» وإن تلك الدرجات المتفاوتة هى نتيجة العمل» ولذا قال سبحانه: واللّه بصير بما يَعَملُونَ 4 أى أن الله سبحانه وتعالى يعلم عمل كل إنسان علم من يراه ويبصره» فلا يغيبٍ عنه سبحانه مثقال ذرة فى السماء ولا فى اللأرض» وإنه سبحانه سيجزى كل نفس بما كسبت» على مقتضى علمه الكامل» وإن هذه الدرجات التى يضع الناس فيها هى بمقتضى علمه سبحانه. ش وإن النبى ملي قد خولفت أوامره فى غزوة أحدء فنزل بالمؤمنين فيهاما نزل» ولقد ناسب أن يبين الله سبحانه وتعالى للمؤمنين نعمته عليهم فى إرسال الرسول الأمين» ويشير إلى الهداية التى اشتملت عليها رسالته» وأن اتباعه اتباع رضوان الله»ء ومخالفته اتباع لسخط الله فقال سبحانه: تفسير سورة آل عمران االلللل الل اي ». ١ الا‎ 37 طلَقَد م الله علَى الْمَؤْمدنَ إِذْ بَعثْ فيهم رسولاً مَن أنفسهم4 لقد من الله تعالى» ونعمه على المؤمنين كشيرة» باختيار رسول الله محمد يكل والله أعلم حيث يجعل رسالته» فلقد كان حكيما أمينا فيهم من قبل الرسالة» وكان رفيقا بهم لا يعنتهم بعد الرسالة» لان لهمء ولم يكن فظا غليظا بهم» وفى هذا النص السامى يبين أن ذات رسالته نعمة» فقال: 8 لقد من4, أنعم وأعطى ووهب» وأكد عظيم ال منة والعطاء باللام» ولقد كانت منته فى بعث الرسول من أنفسهم» ومعنى لمن أَنفْسهم» يصح تخريجها تخريجين : الأول: أن يكون من نفس العرب» ومن قومهم.ء ويكون كلمة المؤمنين خاصة بمؤمنى العرب. والثانى: أن يكون من أنفسهم» أى أنه بشر مثل سائر البشر آتاه الحكم والنتبوة» وكان رسول رب العالمين ليرسم لهم طريق الهداية ويكون لهم أسوة حسنة؛ إذ لا يمكن أن يكون أسوة حسنة لهم إلا إذا كان من جنسهمء وكان بشرا مثلهم» يأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون» وما يأتيه من خير يكون جنسه فى طاقة البشرء وإن كان مقام النبى يَلِيةِ فيه أعلى وأزكى وأوفر خيراء وقد بين سبحانه وجه النعم فى هذا البعث المحمدى فقال: ( يتلُو علَيهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة 4 التلاوة القراءة المتابعة المرتلة التى يكون بعضها تلو بعضء» أى يعقبه فى نظام محكم دقيق» والتلاوة فى أكثر أحوالها لا تكون إلا فى آيات مقروءة» والآيات تطلق على الآيات الكونية باعتبارها أمارة وشاهدا على قدرة الله تعالى ووحدانيته» وتطلق على الآيات المتلوة باعتبار أن كل آية من كتاب الله تعالى دليل على أنه من عند الله» وظاهر السياق أن الآيات التى تتلى هنا هى الآيات القرآنية» والمعنى فى ذلك أن الله سبحانه يلقى على نبيه القرآن الكريم فيتلوه عليهم متحديا العرب أن يآأتوا بمثله» وقيل: إن المراد بالآيات . . الكونية» ومعنى تلاوتها تلاوة القرآن المشتمل على أنبائهاء وعلى توجيه الأنظار إليهاء وإن الظاهر هو الأول» ولا يخلو الرأى الثانى من تكلّف, 4# تفسيرسورة آل عمران لل ا م الملل 01 1 2/1 حر ا وإنه من أعظم منن الله أن يخاطب المؤمنون بكتاب يتلى عليهم من السماءء وأن يوجه إليهم الخطاب مباشرة من الله تعالى. والتزكية هى العمل الثانى من عمل النبى يِه وهى تطهير نفوس المؤمنين من أدران الجاهلية» وتنميتهم وتقويتهم. فالرسالة المحمدية كأن آثارها فى المؤمنين تتجه إلى ثلاث نواح : تهذيب نفوسهم آحاداء والربط بين قلوبهم جماعات» والعمل على على رفع شأنهم والتمكين لهم فى الأرض بأسباب القوة» كما قال تعالى : «( ونريد أن تمن على الْذين استضعفوا في الأرض وتجعلهم أئمّة وتَجعلّهم الوارنين 2#** [القصص]. والكلمة «١‏ ويزكيهم » تشتمل على كل هذه المعانى التى ترفع من _شأن أهل الإيمان. وتعليم الكتاب هو تعليمهم ما اشتمل عليه من أحكامه ببيان ما عساه يكون فيه من نصوص تعلو على مداركهم» وتفصيل المجمل فيه» وتطبيقه عليهم» فتعليم علم الكتاب غير تلاوته إذ تلاوته قراءته مرتلا مفهوماء وتعليمه بيان أحكامهء فقد أمر بالصلاة» والنبى كلد علمهاء وأمر بالحجء والنبى كَكِلْةِ علمه وهكذاء وقيل: إن تعليم الكتاب هو تعليم المؤمنين الكتابة ونقلهم من الأمية إلى العلم» فتعليم العلم فى ذاته غاية من غايات الإسلام» ولذا كانت أولى آيات القرآن: «اقرأ باسم ربك الذي خَلق :> حَلَقَ الإنسات من علق > اقرأ ورك الأكرم 22> الذي علّم بالْقلّمِ لج عَلَّمْ الإنسان مالم يَعلَمْ رج 4 [العلق] . وتعليم الحكمة» فسره الشافعى بأنه تعليم السنن العملية» ويصح أن تفسر الحكمة بما هو أعم من ذلك وأشمل» فتشمل العلم بأسرار الكون» وأسرار النفوس» والسلوك القويم الذى يسدد الخطا فى الدنياء ويرضى الله سبحانه وتعالى فى الدنيا والآخرة. «إوإن كانوا من قبل لَفِي ضلال مبين 4 أى إن حال الناس» وخمصوصا العرب, أنهم كانوا من قبل بعث النبى كلك فى ضلال واضح بِيّنء تنفر منه العقول المستقيمة وتأباه الأذواق السليمة» ألم يكن العرب فى عمياء من أمورهم تفسير سورة آل عمران امم لللل 2 > ا متنابذين متدابرين يكئدون بناتهم؟ وألم تكن فارس فى اضطراب ونزاع وانحلال؟ وألم ب يكن الرومان ومن أخضعوهم فى طغيان واضطراب عقائد؟ كل ذلك كان وقت أن برغ فجر الإسلام» اللهم أتم علينا نعمة الهداية والتوفيق لك تُصِررَة د ُصِيمُ 011ص عدو م 0 - مه صّ اللا أده 2< ل سَ صر 52 أ# م 07101 معروسا شا اح وي داسو ير ضعو 27 ديار لز مام رانك ةلازا يلاه واد فَحوا قاو وتَكْموِتَاَا كمه ينحكفر م 20 30 0 م َيِل أقرب نهم لاج يمن يو لوت أَفههممَالِيَ دريراة ات متكترة © ابسكذ لخي آذ سس ور 200000 مام ماعو عدوا أطاعُوئاماوأخل ََمُوأع نكم 7 0 - حشر َلْمَوتَ إن ؟: : صَندِوِينَ نزي اليه الكلام إلى الآن موصول فى غزوة أحد وأعقابهاء وفى هذه الآيات يبين سبحانه أنه ما كان يليق بالمترددين الذين أصاب اليأس قلوبهم. أن يعجبوا لماذا كانت الهزيمة» وإنه لا يصح أن تأخذهم روح الانهزام إلى هذا الحد؛ لأنهم إذا كانوا قد أصيبوا فى هذه الواقعة بقتلى فقد أصيب أعداؤهم بضعف ما أصيبواء ولأنه لا عجب فى أن يهزموا لأنهم خالفوا قائدهم» والله سبحانه وتعالى قدر لهم تلك الهزيمة يمة لكى يعتبرواء» ويحسنوا التدبير» ويحسنوا الطاعة» ويحترموا حق القيادة الحكيمة الرشيدة» ولكى يتخذوا:من الهزيمة علاجا للأخطاء التى سببتها وتوقيا فى المستقبل لهاء ولكى يبث فى نفوس أهل الإيمان أن الحرب ليست نصرا م تفسيرسورة آل عمران ل لوو حر اا مستمراء ولكن العاقبة فى النهاية لأهل الحق والعدل والرشادء وهناك فائدة للهزيمة أنها تبين الصادق الإيمان من المنافق الذى لا يؤمن بشىءء ففى المحنة يتميز الخبيث من الطيب» وإذا كان النصر فى بدر قد فتح باب النفاق» فدخل فى الإسلام من لم يؤمنوا به وأعلنوا الاعتقاد من يبطنون خلافه. ويخفون مالا يبدون» فإن الهزيمة فى أحد قد كشفت النفاق والمنافقين» بل إن غزوة أحد من أول أمرها قد كشفت النفاق» فقد أخذ المنافقون يشبطون. حتى همت طائفتان أن تفشلا والله وَليهما» فلما كانت النتيجة أخذوا يبثون الأوهام الفاسدة. ليضعضعوا عزائم المؤمنين» ويشككوا ضعفاءهم فى اعتمادهم على الله فغزوة أحد قد كشفت النفاق فى أولها وفى أخرهاء وحسبها ذلك فائدة . أو لَمًا أصابتكم مصبَةٌ قد أصبثم مَثْلهَا فلم أَنّ هذا 4 المصيبة أصلها فى اللغة الرمية التى تصيب الهدفء ولا تخطئه. ثم أطلقت على النائبة التى تنزل» ولا تكاد تستعمل فى القرآن فى معنى الخير» وأما الفعل «أصاب» فيستعمل فى الخير والشرء ومن ذلك قوله تعالى: لما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن تُفسك . .. 59 4 [النساء] وقوله تعالى: إن تصبك حسنة تسؤهم : لي 4 [التوبة] والمثل هو المساوىء والمثلان هما ضعف المساوى» والمعنى‎ ٠ أُولّمَا أصابتكم مصيبة قد أنزلتم بالأعداء ضعفها أصابكم الشك والتردد وقلتم أَنَى‎ هذا؟ وقد أصابوا من الشركين ضعف ما أصاب الشركون منهم؛ فد قتلوا منهم‎ مقتلة فى بدر»ء قتلوا نحو سبعين» وأسروا مثلهم» وقتلوا منهم مقتلة فى أول‎ الحرب فى أحدء والاستفهام هنا إنكارى للتوبيخ» وموضع التوبيخ هو قولهم:‎ «أنَى هذا»؛ لأن ذلك يدل على التردد والشك أو تسربه إلى قلوبهم» ومعنى "أَنى‎ هذا»): من أين هذاء أى من أين جاءت هذه الهزيمة» وهذا لا يقوله إلا ضعاف‎ الإيمان؛ لأن المؤمنين الصادقين يدركون خطأهمء ويعرفون تقصيرهمء ويغلبون‎ إسناد عيبهم إليهم على إسناد العيب إلى غيرهمء فكأن حل النسق البيانى الرائع‎ هو هكذا: أقلتم من أين هذه الهزيمة لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليهاء بالمقتلة‎ تفسير سورة آل عمران للك لل مامالل الح 1-74 العظيمة فيهم فى بدرء والمقتلة العظيمة فى أول الغزوة فى أحدء ويصح أن يقال: إن الذين قالوا من أقوياء الإيمان؛ لأنهم يستعجلون نصر الله تعالى لإعزاز دينه» ويَخْشون أن يكون الله تعالى تخلى عن نصرتهم لعيوب فيهم» وقد أمر الله تعالى أن يجيبهم» ويزيل تعجبهمء فقال: قل هو من عند أنفسكم 4 . أى أن سبب المصيبة منكم أنتم» وقد أكد أنه منهم بإبراز الضمير فى الإجابة7١»‏ وبالإتيان بالظرف وهو عند» وبالتعبير ب «أنفسكم» التى تدل على التوكيدء وكان سبب الهزيمة منهم لأنهم لم ينتظروا فى المديئة حتى يجيء إِلْب الأعداء ويقضوا عليهم» فالنبى كله حرج من المدينة نزولا على حكم الشورى» وعلى رأيهم » فعليهم أن يتحملوا تبعته» وهم فوق ذلك هموا بأن يفشلواء ولأنهم عندما رتب النبى يك جيشه ترتيبا حكيماء وأخحذ المقاتلون ينفذون الخطة بإحكام» والرماة يحمون ظهورهم» حتى أخذوا يحسونهم بإذنه» وقتلوا من المشركين مقتلة عظيمة» وفروا أمامهم. ترك الرماة أماكنهم» فكان الاضطراب فى جيش الحق» وفوق ذلك فإن الشك قد أصاب القلوب الواهنة» حتى أخذ يضرب بعضهم رقاب بعض» وضعف صوت الهادى الرشيد» وانطلق المنافقون يعلنون قتل النبى كله فبسبب ذلك كله كانت الهزيمة. بيد أن هذه الهزيمة كانت إرادة الله سبحانه وتعالى ليمحص المؤمنين» وليبين لهم بالعمل أن طاعة القائد الرشيد سبب النصر» وأن قدرة الله تعالى فوق كل شىء» فهو قادر على كل شىء» كان يستطيع أن ينصركم فى هذا المضطرب» وقد فعل فإنه صرف المشركين عن أن يعودوا إلى المدينة وقد أثخنتكم الجراح وأثقلكم الاضطراب» ولكن الله خوقهم فَرَضوا من الغنيمة بالإياب» ولذا قال سبحانه مؤكذدا قدرته: 1 «إ إن اللَهَ على كل شيء قَدِير 4 وهذا رد على ضعفاء الإيمان الذين يقولون كيف ننهزم والله معناء فبين سبحانه أن قدرته فوق كل شىء» وأنه سبحانه أراد )١(‏ أي الضمير «هو؛ في قوله تعالى: #هو من عند أنفسكم». ل تفسيرسورة آل عمران اللللللل الل ااال حب اا لكم تلك التتيجة وحماكم من أن تؤثر فى مجرى تاريخكم فصرفهم ذلك الصرف» حتى كأنهم المهزومون وأنتم المنصورونء» وقد أكد سبحانه قدرته بلفظ لإن)» وبذكر لفظ الجلالة الذى يربى المهابة من الخلاق العليم فى قلب المؤمن» وبعموم قدرته سبحانه على كل شىء وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير » وقد بين سبحانه عموم إرادته وقدرته فقال: «وما أصابكم يوم الْتَقَّى الجمعان فَباِذْن اللّه4 أى إن ما أصابكم يوم التقى الجمعان فى أحد وكلاهما قد أصر على أن يكون الموقف حاسما لمصلحته. قد كان بإذن الله تعالى» أى بإرادته الأزلية» وتقديره الحكيم» وقضائه المحكم. فما كان بغير إرادته: بل كان على مقتضى حكمتهء ذلك أن الله سبحانته ربط الأسباب بمسبباتها والمقدمات بنتائجهاء فمن سلك طريق النصر يتتصر إن خلصت نيته» واستقامت إرادته» وتوكل على الله تعالى» ولا يبغى إلا وجهه سبحانه» وإن طريق النصر أوله انصراف عن المادة لأنها تضعف العزيمة» ثم تنظيم محكم ووضع لكل شخص فى موضعه الذى يحكم القيام به» ثم طاعة وإصرار وعزيمة على امتثال الخطة المثلى» ثم ثبات جَنَان وتصرّف فى الشديدة» ولم تكونوا كذلك فى هذه المعركة الطاحنة التى اختبرتم فيها اختبارا شديداء وهو سبيل النصر إن انتفعتم به» فقد شابت نفوس بعضكم المادة وهمت طائفتان أن تفشلا فلم تكن النية المحتسبة. وخالفتم القائد الرشيدء وأفسدتم النظام المحكم» وذهب الهلع بنفوس أكثركم إذ اشتدت الشديدة وقوى البلاء. وهنا بحثان لفظيان: أحدهما: أن الله تعالى عبر فى غزوة أحد عن الموقعة بقوله: ”2 التقى الجمعان 4 وفى ذلك إشارة إلى قوة التجمع فى الفريقين» وذلك يدل على أن كل فريق مصر على القتال» مريد للنصر فيهء فهزيمة بدر جمعت المشركين فى أحد وجعلت لهم عزيمة مريدة ماضية» وإيمان المؤمنين جعل فى أقويائهم رغبة فى النصر أو الاستشهاد. تفسير سورة آل عمران الال لاملل حل ب _ ل -- والثانى: أنه سبحانه وتعالى عبر عن إرادته الأزلية بالإذن؛ لأن الإذن هو | الإعلان» وقد علمت تلك الإرادة بهذا الأمر الذى وقعء وقد كانت تلك المصيبة التى نزلت لها فوائد؛ أولها: ضرورة الاستمساك بأسباب النصرء وطلبه بأسبابه» وقد أشرنا إلى ذلك» وثانيها وثالئها: ما أشار إليه سبحانه وتعالى بقوله: 9« وليعلّم الْمؤمنين وليعلم اين نافقوا 4 . أى ليعّم الله سبحانه وتعالى وقوع ما قدره فى علمه الأزلى» فيعلم المؤمنين الثابتين الأقوياء الذين لا يبغون مادة» بل يبغون إعلاء كلمة الله تعالى» وجعلها هى العلياء وكلمة الشرك هى السفلى» وليعلم وقوع ما قدره فى علمه الأرلى وهو ظهور المنافقين فى هذه الشدة» ولتقريب المعانى نقول: إن الله تعالى يعلم ما يقع فى المستقبل علما أزليا كما قال سبحانه: ط إن الله عندره علّم الاعة ويل الْعيث ويَعلم ما في الأرحَامٍ وما دري نفس مَاذَا تسب غَدا وما تَدرِي نفس بأي رض تموت .. . 28 4 [ لقمان] فإذا وقع ما قدره علمه سبحانه واقعاء وما يتغير بذلك علم الله تعالى» بل الذى يتغير هو المعلوم من أنه سيقع إلى أنه واقع» وعلم الله واحد. ويصح أن يقال: إن معنى علم الله تعالى فى هذه الآية الكريمة وما يشبهها من آيات هو ظهور ما قدره سبحانه وتعالى بحيث يعلمه الناس» وهو من قبل فى علم الله المكنون» ولوحه المحفوظ . ومرمى النص الكريم أن تلك الشدة التى نزلت تميز بها الصادقون من أهل الإيمان من المنافقين الذين كانوا يبثون روح الهزيمة فى أوساط المؤمنين كما قال تعالى : «إما كان الله يدر المؤمدين عَلَئ ما أنتم عليه حَنَئ يميز الْحَبيث من الطَّب ...9 4 [آل عمران] لقد دخل المنافقون صفوف المؤمنين بعد غزوة بدرء فكان لابد أن يميّزوا ويعرقوا ليتوقى المؤمنون شرهمء ولا يكون ذلك إلا بتجربة تعرك فيها النفوسء» وتلك التجربة كانت فى غزوة أحدء فعلم أمر أهل النفاق من بعدهاء حتى صاروا يعرفون بسيماهم وأقوالهم وأفعالهم» وقد عبر الله سبحانه 6 تفسيرسورة آل عمران الالال اللا ٠ 5-56‏ عن المنافقين بقوله: وليعلم الّدين تاقوا » لبيان أن النفاق حدث جديد» قد وجد فى صفوف المؤمنين» ولم يكن قبل بدر الكبرى» فالقوة فى بدر قد أوجدته؛ والتجربة القاسية فى أحد قد كشفته. ولقد قال سبحانه وتعالى فى مظاهر المنافقين» وأوصافهم. وأحوالهمء وإعراضهم عن الجماعة فى الشدة: « وقيل لهم تَعالُوا قَاتلُوا في سبيل اللّه َو ادقعوا فَلُوا لو نَعلّم قتالا لأتبعناكُم » هذه الجملة السامية فيها بيان حال أولئك المنافقين» وعدم مجاوبتهم نفسيا مع المؤمنين» وقد أشار سبحانه بهذا إلى أنهم كانوا معوقين7١2‏ فى ابتداء القتال» قيل لهم من النبى يَلِةٌ ومن الذين يعاشرونهم ويجاورونهم» ومن أهليهم وعشيرتهم: تعالوا» أى تساموا بأنفسكم وارتفعوا لتقاتلوا فى سبيل الله تعالى مجاهدين مبتغين مرضاته بالدفاع عن الحق» فإن لم تسم نفوسكم إلى حد القتال طلبا لمرضاة الله فلتقاتلوا دفاعا عن الوطن والعشيرة» فالمعنى: قاتلوا لرضا الله» أو ادفعوا عن أنفسكم عار الذل وعار سيطرة قريش عليكم إن لم تقاتلواء وقيل إن معنى ادفعوا أن يكثروا سواد المسلمين» فيلقى ذلك الرعب فى قلوب الأعداء فيعرفوهم بهذا التكثير»ء وعن سهل بن سعد الساعدى وقد كف بصره قال: لو أمكننى لبعت دارئى ولحقت بثغر من ثغور المسلمين» فكنت بينهم وبين عدوهم». قيل: كيف وقد كف بصرك؟ قال: لقوله تعالى: لآو اذفَعُوا4 وعبر بالمجهول فى قوله تعالى: 9 وقيل لهم تَعالّوا 4 للإشارة إلى كثرة القائلين فقيل لهم من النبى» ومن الأصحاب» ومن أهلهم وعشيرتهم المؤمنين» ولكنهم امتنعوا لامتلاء قلوبهم بالنفاق. «قَالُوا لو تَعلّم )١(‏ أي مثبطين» قال تعالى: «طقَد يعلَم اللّهُ المعرقِينَ منكم والقائلينَ لإخوانهم هلم ْنَا ولا يَُونَ البَأس إل قليلاً يت 4 [الأحزاب] . 9 تفسير سورة آل عمران !!!ااا خم 1م1111 !!!1 !!!]ةلطامم ]ممم 11خ اللا 7 / هوه < يي" ظاهر المعنى أنهم يوهمون دعاتهم للخروج معهم أنهم لا يعتقدون أن قتالا يقع» وأن الآمر ينتهى بغير قتال» ولكن الزمخشرى فسر بغير هذا الظاهر» فقرر أن المعنى أننا لو نعلم أنكم تخرجون لقتال رتبت أسبابه وأخذ فيه بالاحتياطء ولكنه زلل» وإلقاء بالتهلكة» وكان خيرا أن تبقوا بالمدينة» حتى يجىء العدو إليكم» وكأنهم بهذا يرجحون الرأى الأول» وهو البقاء فى المدينة» ولو بقوا فى المدينة لوجدوا السبيل لبث الفتنة بطرق أخرى» فهم لا يبغون إلا الفتنة» وذلك لأنهم خرجوا معهمء ولكنهم قبل أن يصلوا إلى أحد رجعوا فرجع كبيرهم عبد الله بن أبى بن سلول فى ثلاثمائة ممن على شاكلته ليخذلوا المؤمنين. «(هم للكفر يَوسذ أرب منهم للإمان يعَولُوَ بأفواههم ما ليس في قلُويهم 4 تضمن ذلك النص حكما على أعمال المنافقين» وبيانا لحقيقتهم.ء فأما الحكم فهو أنهم فى هذا اليوم المشهود الجليل الذى ميزهم وعرف بهم - كانوا أقرب إلى الكفر من الإيمان» وأما الوصف فهو أنهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم مغررين مظهرين الإيمان» وكاتمين الكفرء ويذكرون لبث روح الهزيمة بين المؤمنين أمورا يعرفون كذبهاء وينشرون أراجيف يعلمون بطلانها. والحكم الذى حكم الله به عليهمء وهو أنهم فى هذا اليوم» أقرب للكفر منهم للإيمان» ظهرت بوادره فقد كانوا يتمنون نصر المشركين ويعملون لبث روح الهزيمة فى صفوف المسلمين» فهم بلا شك كانوا أقرب للكافرين منهم للمؤمنين بإرادة نصر الأولين» وهزيمة الآخرين» مع أنهم عشراؤهم وخلطاؤهم» ومنهم من تربطه ببعض المؤمنين قرابة قريبة فمنهم من كان أبا لبعض المؤمنين أو أخاء ولكن نفاقهم جعلهم ينسون تلك الوشائج من القربى» فكانوا يقطعون ما أمر الله به أن يوصل . فالمراد ب «الكفر» أهله» وكما فى قوله تعالى: فليدع ناديه +[ #4 [العلق]» ويصح أن يقال: إن المراد من قربهم إلى الكفر هو بالنسبة لأقوالهم وأفعالهمء فأفعالهم وأقوالهم فى يوم أحد كانت تدل بظواهرها على قربهم إلى إلكفر وبعدهم عن الإيمان» وإن كانت لا تدل على كل حقيقتهم؛ وذلك لأن تلك 6 ا تفسير سورة آل عمران 5 أرب نر الحوادث قد كشفتهم» وبينت قربهم من الكفر؛ إذ حرصهم على ألا يظهروا بحقيقتهم جعلهم لايعلنون كل أمرهمء ولكن الجزء الذى ظهرء وإن لم يكن الكلء دل على حقيقة النفاق الذى يسكن قلوبهم» وكان مظهرهم به أقرب إلى الكفرء وأما الوصف الذى وصفهم الله سبحانه وتعالى به وهو أنهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم» فتلك طبيعة النفاق دائما فهو ستر للباطن» وإعلان ما يناقضهء وقد أظهروا أنهم يريدون مصلحة المسلمين» وهم يريدون خذلانهم وأظهروا أنهم يقولون الحق عندما كانوا يثبطون المؤمنين» وهم لا ينطقون بالحق» ولا يريدونه. ثم ختم الله سبحانه النص الكريم بقوله: والله أعلم بما يكتمون » . أى أنهم يخادعون المؤمنين» ويبدون ما لا يخفون» ويحسبون أنهم يخادعون الله والذين آمنواء وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرونء فالله سبحانه وتعالى عليم بالسرائر وما يبيتونه للمؤمنين» وقد كشف الله تعالى بعض شكئونهم» ليحترس المؤمنون منهم» ولكيلا ينخدعوا بهم» ولكى يتجنبوهم فى الشدائد حتى لا يحدث لهم بسببهم محنة» وإن أولئك قد كتموا الرغبة الشديدة فى الكيد للنبى وأصحابه» وأنهم كلما ثار حقدهم على النبى يَلكٌ ازداد كيدهمء وما كان يشير حقدهم إلا نصر يؤيد الله تعالى به نبيه» وقد كتموا موالاتهم لأعداء الإسلام من اليهود وغيرهم» وإن أولئك المنافقين لا يكتفون بتخذيلهم والمعركة قد ابتدأت» بل يظهرون الشماتة بعد أن وقعت» لكى يثبطوا المؤمنين عما يكون من قتال من بعد وقد حكى الله سبحانه وتعالى عنهم» فقال: الّذين قَانُوا لإخوانهم وقَعَدُوا لو أطَاعوَا ما قَُُوا 4 فى هذا النص قولهم بعد اتتهاء الحرب» وقد قالوه ليبعثوا الريب فى جماهير المؤمنين» وليعلنوا تخلى الله عن نصرتهم» ولمعنى : هؤلاء قالوا لإخوانهم الذين هم مثلهم لو أطاعنا المؤمنون ما قتلواء فقد دعوناهم إلى العودة إلى المدينة والامتناع عن الخروج ولكنهم خالفوناء فانتهوا إلى القتل» فالتقاول كان بين المنافقين أنفسهمء أو نقول: إن تفسير سورة آل عمران الملل لللا الك م 5 يي إخوانهم هم ذوو رحمهم وعشائرهم من المؤمنين الذين استشهدوا فى أحدء والمعنى على هذا أن الذى قالوه لأجل أو فى شأن إخوانهم» فاللام للتعليل وبيان الباعث على القول» فهم لا يتألمون لإخوانهم وذوى رحمهم. ولكن يلقون باللوم عليهم . وخلاصة القول: إنهم فرحون بأنهم لم يقتلوا لأنهم لم يخرجواء ولائمون لمن خرجوا وقتلوا»ء شامتون فيهمء وهم بهذا يقررون أن موتهم سببه الخروج للقتال» وقد رد الله سبحانه وتعالى ذلك عليهم ببيان أن الموت مكتوب على الإنسان» وتقدر أسبابه» فقد يكون قتال ولا موت» وقد يكون موت من غير قتال» فقال سبحانه: « قل فَادرءوا عن أنفسكم الْموت إن كثم صادقِين 4 . الفاء هنا هى التى تسمى فاء الإفصاح وهى تفصح عن شرط مقدرء والمعنى: إذا كنتم تظنون أنكم دفعتم عن أنفسكم الموت بامتناعكم عن الذهاب إلى الميدان وقعودكم فى الديار» فادرءوا أى ادفعوا عر عن أنفسكم الموت المكتوب الذى لا تفرون منه أبداً وهذا كقوله تعالى: لما ونوا يدرككم الموت ولو كسم في بروج مشيّدة . .. 27> > [النساء] والمرمى فى هذا النص أنهم يعتقدون أنهم نجوا من الموت ١‏ بقعودهم» فهل يعتقدون أنهم نجوا منه نهائيا؟. إنه ملاحقهمء ومادام ملاحقهم وهو حقيقة مقررة يثبنها الحس المستمرء فلماذا تفرون من القتال؟ والتعليق فى قوله تعالى: «إإن كنتم صادقينَ4 لإفادة كذب حسهمء وكذب قولهم فى زعمهم إن القعود سبب للنجاة» فإن الله سبحانه وتعالى يذكر لهم أنهم إن كانوا صادقين فى أن القعود سبب للنجاة فليدفعوا عن أنفسهم الموت؛ لأن الموت لا يدفعه قعود ولا يستعجله خروج» ولتوضيح هذا الذى نقٍصده نقول: إن كلام هؤلاء المنافقين ككلام الكافرين الذى حكاه الله تعالى آنفا فى قوله تعالى: «يا يها اين آمنوا لا تكونوا كَالَدِينَ كفروا وقَالُوا لإخوانهم إِذا ربوا في الأرض أو كانوا غْرَّى لو كانوا عندنًا ما ماتوا وما ُو ليَجَعَل الله ذلك حسرة في قلوبهم .23 © [آل عمران ]. .م م تفسيرسورة آل عمران للم اللو وواللا 4 ارب ا وإن هؤلاء قد زعموا أن القعود دافع للموت مانع من نزولهء فإن كان فى إمكانهم بقعود أو نحوه أن يدفعوه فليدفعوه إذا جاء إن كانوا صادقين فى هذا الزعم الذى زعموه» والمؤدى أن الموت إذا جاء الأجل ليس له من دفاع» فلا ينجى منه القعود» ولا ينزله الخسروجء فَرَعمهم بأنهم كانوا ينجون لو لم يخرجوا زعم باطل» وإن كانوا صادقين فليدفعوه إذا نزل . اللهم اجعل لنا فى الموت عبرة» واجعل خير أعمالنا خواتيمهاء وخير أيامنا يوم لقائك يارب العالمين. آ# هر ا ل 00 ولا سين الَذينَ تلوق جَ 2 وس د سد 16ح سل" دعاس م عد ده سي ل أله ابل أَحيَءعِندَرَههم رركو ا حر آذ ل 20100 00 سرح سر لور 8 بماءاتنهم أ لمن فَطمله- سعد يمسو 07 وا 6 لاه ع 214 م بت م سر يوم ون خلفهم ألاحَوَفٌ عَليم 1 وَلَاهُمْ يَحَرْنوتَ 42 4# مسَمَنْشْرونَ َيْعْمَةمِنَالنَوفَضَلوَأَنَالَه لامضيع َرَ لتقم «نَاسْعِجَا يولول ور بَت رمآ صَايَه المح لَِّدتَ أ كمأ حَسَموأ تم وأَتَقوَأَجرعَظليع 77 حم ما زالت النصوص الكريمة فى ذكر أعقاب غزوة أحد التى كانت أبلغ درس 0 إسلامى للغزاة خاصة» وللمؤمنين عامة» وقد كانت المسبار(١2‏ الذى سبرت به . النفوسء» وتكشفت به قلوب المؤمنين» وأظهرت قلوب المنافقين» ولقد كانت عباراتهم فيها شماتة بأهل الإيمان» وقد بين الله سبحانه وتعالى فى هذه الآيات ما ناله أهل الشهادة باستشهادهم» وما هم عليه من روح وريحان» وما يستقبلونه من جنات النعيم» وقد بين فى هذه الآيات الكريمة ما أعده الله سبحانه للمؤمنين )١(‏ سبر الجرح: نظر ما غوره؛ء والمسبار ما يسبر به الجرح. الصحاح. والمعنى هنا الكشف عن أغوار التفوس. 4 تفسير سورة آل عمران للللل اللا .6 1 المجاهدين الذين استجابوا لله ورسوله من بعد ما أصابهم القرح»ء من أجر لا يضيع ؛ وعمل صالح يرى» وقول طيب هدوا إلييه يسمع» » وقد قال تعالى: ولا تحسبن الّدين قُلُوا في سبيل الله أمُوانا بل أحياء 4 . وفى هذا النص الكريم رد على شماتة المنافقين» وتحريض للمؤمنين» وتقرير لحقيقة إسلامية ثابتة» وهى أن الاستشهاد فى سبيل الله تعالى ليس فناء» بل هو بقاء» وأن الموت ليس إنهاء للحياة» ولكنه امتداد لها بصورة أكمل وأبقى» أو بعبارة أخرى هو انتقال من دور الحياة المادية إلى دور الحياة الروحية حتى تكون القيامة» وتجزى كل نفس بما كسبت» إن خيرا فخير» وإن شرا فشر. نهى الله سبحانه وتعالى نبيه الأمين عن أن يظن أى ظن بأن الذين قتلوا فى سبيل الله تعالى أموات بل هم أحياء؛ والتأكيد هنا تأكيد للنهى» أى أن الله تعالى ينهى نبيه نهيا مؤكدا عن أن يظن ذلك الظن» ف «نون التأكيد» ليست لتأكيد الظن المنهى عنهء بل هى لتأكيد النهى» كما يقال: لا تفعلن كذاء فليست النون لتأكيد الفعل» بل هى لتأكيد النهى. ولا شك أن نهى النبى َللِْهّ نهى لغيره» وغيره أولى بهذا النهى منه وأجدر؛ لأن الناس منهم من ظنوا بالله الظنون» وقد أصابتهم حسرة شديدة» وبعضهم أصابتهم خيبة آمال» ومنهم من كان فى ألم شديد للذين قتلوا منهم» وقد وجه النهى للنبى كَلكْةِ ابتداء ليكون انتهاء النبى يَكِلْهِ أسوة حسنة لهم» والنبى أقرب البشر إلى الله سبحانه» فنهيه فيه تأكيد النهى لغيره. والذين قتلوا فى سبيل الله تعالى هم الذين قتلوا فى سبيل الحق والدعوة إليه»ء سواء أكان ذلك فى ميدان القتال» أم كان فى ميدان الدعوة إلى الله تعالى وإلى صراط مستقيم» وكل داع لله إذا قتل فى سبيله أو مات فى طلبه فهو قد قتل فى سبيل الله تعالى» ولقد قال النبى يك : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»"؟ فمن قتل فى هذه السبيل فقد قتل فى سبيل الله تعالى. ري 7) 0١‏ ها تفسير سورة آل عمران ع الل ٠ ااا‎ يي وقد يقول قائل: كل ميت فهو حى بروحه؛ لأن الله تعالى قد بين فى محكم آياته أن الموت ليس فناء» كما قال سبحانه: كل نفس ذائقة الموت وإِنّما تَوفُونَ أجوركم يوم القّامة .. . +29 4 [آل عمران]. وقد بين النبى كَل بمخاطبته يوم بدر قتلى المشركين أن أرواحهم تسمع الكلام237» فلماذا إذن اختص الذين قتلوا فى سبيل الله تعالى بأنهم أحياء؟ . والجواب أحد أمور ثلاثة: (أولها) أن هذا النص الكريم رد على شماتة الذين شمتوا من اليهودء وتطييب لقلوب الذين فقدوا أحبتهم من المؤمنين» وتشجيع للذين يحملون السيوف على عواتقهم لجعل كلمة الله تعالى هى العلياء وكلمة الشرك هى السفلى. (ثانيها) أن النص الكريم تذكير بحقيقة مقررة ثابتة وهى أن الموت ليس فناء» فى وقت قد غامت فيه على النفوس غيمة من الألم المرير» وقد كان أقرب المتوفين ذكرا فى هذا الوقت هم الشهداء الذين قتلوا فى سبيل الله تعالى. (ثالثها) أن الله تعالى قد ذكر لأولئك الشهداء حياة ليست كحياة غيرهم» بل هى حياة فيها تكريم واستبشار ورزق كريم» ونعيم وسعادة ورضا بما كان منهم» وأنهم قد نالوا جزاء كريما بمجرد الاستشهادء وأن هذه الحياة السعيدة لا يصح أن يطلق عليها اسم الموت» وإن كان يصح إطلاقها على غيرهم. وما هذه الحياة التى ينالونها بعد الاستشهاد وما كيفها؟ وإن كنا لا نشعر بها ولا نراهاء كما قال تعالى: «إولا تَقُولُوا لمن يِقتَلَ في سبيل اللّه أموات بل أحياء ولكن لآ تشعرون 4 [ البقرة]؟ . والجواب عن ذلك أنه قد وردت أحاديث كثيرة فى هذا الباب تدل على حياة كريمة لهؤلاء الشهداءء فقد روى مسلم عن مسروق: إنا سألنا عبد الله بن عباس عن هذه الآية: « ولا تَحَسبن الّذين قُتلُوا في سبيل الله أَْوَانا بل َحْيَاُ عند ربْهم يُررَقُوَ4 فقال: إنا قد سآلنا رسول الله يك )١1(‏ رواه بهذا اللفظ مسلم: الإمارة - بان أن أرواح الشهداء في الجنة »)١841(‏ وقد سبق تخريجه. تفسير سورة آل عمران 0 .م حر رز فقال: «أرواحهم فى جوف طير خضرء لها قناديل معلقة بالعرش» تسرح من الجنة حيث شاءت» ثم تأوى إلى تلك القناديل» فاطلع عليهم اطلاعه» فقال: هل تشتهون شيئا؟ فقالوا: أى شىء نشتهى» ونحن نسرح من الجنة حيث شتنا؟ ففعل ذلك ثلاث مرات. فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يارب نريد أن ترد أرواحنا إلى أجسادنا حتى نقتل فى سبيلك مرة أخرى» فلما رأى أن ليس لهم سؤال تركو|)27 , وهذا الحديث يدل على حياة كريمة» وهى حياة روحية لا جسدية» وأقصى ما يدل عليه التجسيد هو أنها تكون فى طيور خضرء وأن هذه الآية تشير إلى الجزاء الأوفى الذى يستقبلهم فى الحياة الآخرة» وإلى أن الأرواح بعد الموت إما فى شقاء» وإما فى نعيم» وأن حياة أولئك الشهداء الآطهار فى أحسن نعيم» وأكمله, ولذا قال سبحانه: «9 عند رهم يرزقُون 4 . فى هذا النص الكريم ما يثبت أن حياتهم فى هذه الفترة التى تكون بين الاستشهاد والحساب والثواب حياة كريمة سعيدة هنيئة؛ لأن فيه التصريح بأنهم: عند ربهم الذى خلق الكون وخلقهم» والذى جاهدوا فى سبيله» وقاتلوا وقتلواء وإذا كانوا عنده فهم عند من يكرمهم ومن يجازيهم جزاء عاجلاء حتى يكون الجزاء الأوفى والنعيم المقيم» عندما تنصل أرواحهم الطاهرة بأجسامهم التى يعيدها الله سبحانه وتعالى إليهم فى سعادة وحبور. والرزق الذى يرزقهم اللّه تعالى رزق معنوى من سعادة وهناءة» وطيب مثوى تشعر به أرواحهم ويرون مقدمات جزائهم. ولا نقول إنه فى هذه الفترة مادى؛ لأن الحياة فى هذه الحال حياة أرواح قد انفصلت عن أجسادهاء والرزق حينئذ يكون معنوياء وإن هذا معنى تقريبى؛ لأن كل الأحاديث النبوية الواردة فى هذه الفترة تشير إلى أن الحياة روحية» ومن ذلك قوله يِه فيما رواه الإمام مالك )22 رواه بهذا اللفظ مسلم : الإمارة - بيان أرواح الشهداء فى الحنة (اممطا)ء وقد سبق تخريجه. تفسيرسورة ال عمران سل الالال سحت _رراو 2و رضى الله عنه: «نسمة المؤمن طائر يعلق فى شجرة الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم مبعقه0 00 . ولقد قال النبى كَل مخاطبا صحابته من أهل بدر وأحد: «لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم فى أجواف طير خضرهء ترد أنهار الجنة» تأكل من ثمارهاء وتأوى إلى قناديل من ذهب فى ظل العرش» فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهمء قالوا: ياليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا للا يزهدوا فى الجهادء ولا ينكلوا فى الحرب)2" . وإن هذا الحديث وإن ذكر طعاما ماديا يتناوله الطير الخضر التى حلت فيها الأرواح هو يدل على أن الحياة روحية» إذ الأرواح ليست فى أجسادها. وقد بين الله سبحانه وتعالى حالهم فقال سبحانه: « فَرِحينَ بما آتاهم الله من قلد). أى أنهم فى هذه الحياة التى يحيونها يشعرون بسعادة عظيمة؛ لآنهم يرون ثمرات أعمالهم من الجهاد فى سبيل الله ويشعرون برضا الله سبحانه وتعالى» وأنهم فى تكريم» وقد آناهم الله تعالى نعمة الطاعة ونعمة الجهاد» وأشعرهم بالسعادة المطلقة فى حياتهم الروحية» ورحابه الكريم. وأن الملاتككة أولقك الأرواح الطاهرة تحفهم بالتكريم والتترحيب» ويروى فى ذلك البخارى أن جابراء قال: لا قتل أبى جعلت أبكى وأكشف الثوب عن وجهه؛ فجعل أصحاب رسول الله كَكِْةِ ينهوننى» والنبى يلد يقول: «لا تبك» ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع7" فأرواح الشهداء فى تكريم من الملائكة الأطهارء والله (1) رواه الإمام مالك في الموطأ: الجنائز - حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (5 .)0٠0‏ )١(‏ رواه بهذا اللفظ الإمام أحمد: مسئد بني هاشم (77717) عن ابن عباس رضي الله عنهماء كما رواه أبو داود بنحوه: الجهاد - فضل الشهادة .)5١648(‏ فرق رواه البخاري: الجنائز - الدخول إلى الميت (لككدطكي ومسلم : فضائل الصحابة - فضائل عبد الله بن عمرو اين حرام 2/1 ؟). تفسير سورة آل عمران ش سسا ك0 رب ا سبحانه وتعالى يتغمدها برضاه وتقريبها حتى إن النبى يَلكٌْ ليذكر أن الله تعالى يخاطبها كفاحاء أى مواجهة» وأى تكريم أعلى من ذلك وأسمى؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم. وإن أرواح الشهداء الأبرار لترضى بجهاد الذين أعقبوهم فى الميدان فلم يخلوه؛ ولذا قال سبحانه: 8 ويستبشرون بالّذين لم يلْحقوا بهم من خَلفهم أله خورف عليهم ولا هم يحزنون 4 . الاستبشار: طلب البشرىء والبشرى هى الأمر الذى يدخل السرور فى النفس» لأمر كان يتوقع منه مرهوبا أو محبوبا فتجىء البشرى بالمحبوب دون المرهوب» وفى بيان استبشار أولئك الشهداء الأبرار تخريجان: أحدهما- أن يكون المراد طلبهم البشرى بأن الذين لم يلحقوا بهم فى الاستشهاد وخلفوهم فى الميدان» لا خوف عليهم من أن يستمكن العدو منهم ولا يتتصر عليهم» ولا هم فى حزن أو غم بسبب أنهم لم ينالوا ما يرغبون من نصرة كلمة الحق» ورفع كلمة الدين» فهم على اطلاع بما يجرى للمؤمنين» ويريدون أن تجيء إليهم البشرى بالانتتصار الباهرء والفوز الظاهر الذى يذهب معه الخوف ويكون بدله الأمن» ولا يكون حزن من هزيمة» أو غم من قرح يصيبهم وتكون كلمة يستبشرون معناها يطلبون البشرى. التخريج الثانى: أن يكون معنى الاستبشار طلب البشرى ونيلهاء فالاستجابة معناها طلب الإجابة ونيلهاء والمعنى أنهم فى سرور وحبور هما آتاهم الله تعالى من فضله» ولأنهم جاءتهم البشرى بأن الذين لم يلحقوا بهم فى الاستشهاد لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» بل يقبلون على الجهاد طالبين الاستشهاد من غير خوف» ولا رهبة» ولا حزنء» بل تلقيا لأسباب المنون بإيمان قوى؛ لأنها إما الشهادة فى عزة وكرامة» وإما الانتصار وإعلاء كلمة الله تعالى. ولقد بين سبحانه وتعالى استبشارهم بحسن الجزاء فقال سبحانه: يسود ةين الله وقصل وأ الهلا مضيع جر المؤمين» . م تفسيرسورة آل عمران ممالل بلج به 7 هذه الجملة بيان للاستبشار السابق» والتخريج فى معنى كلمة الاستبشار الذى ذكرناه فى النص السابق يجرى فيها. والمعنى أن هؤلاء الشهداء يطلبون البشرى بنعمة من الله تعالى» وهى نعمة جزيلة كريمة فاضلة لأنها صادرة عن مانح النعم لهذا الوجود كله ومسديها لكل حى» والنعمة هنا هى نعمة الانتصارء والفضل هو ما يسبغه الله تعالى على أهل الحق من عزة» وطلب له شاعرين بأن الموت فى سبيل الله هو عين البقاء» والحياة فى باطل هى عين الفناء» فالاستبشار من هؤلاء الأطهار استبشار بالعزة لدينهم وللحق الذى افتدوه بأجسامهم وخفقت من بعد ذلك أرواحهم» فهم يستبشرون بنعمة النصر وفضل العزة للذين جاءوا من بعدهمء فنعمتهم هم وفضل الله عليهم فى نصرة الإسلام بعدهمء وكون الله تعالى لا يضيع أجر المؤمنين» بأن يعطيهم النصر والعزة والكرامة جزاء جهادهم. وليس الاستبشار هنا بما ينالونه هم» بل بما ينال الإسلام والمؤمنين من بعدهمء والدليل على ذلك أن الاستبشار هنا بيان للاستبشار الذى سبقه» والاستبشار الذى سبقه كان لأن الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» وأيضا فإن المؤمنين الذين لا يضيع جزاؤهم فى الدنيا بالنصرء ولا فى الآخرة بالنعيم المقيمء بينوا بأنهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم» وهم الذين قال الله تعالى فيهم: 8االّذِينَ استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح 4 . أصل استجابوا: طلبوا الإجابة» والمعنى هنا أنهم عالجوا أنفسهم وطلبوا إجابة داعى الله إلى النصرء فأجابواء فالاستجابة لآن السين والتاء للطلب تدل على أنهم راضوا نفسهم على إجابة الله تعالى» ونالوا ذلك الشرف العظيم؛ إذ أجابوا داعى الله ورسوله من بعد ما أصابهم ذلك الجرح ولم ينهنه من قوتهمء بل استرسلوا فى قوة وصبر وعزيمة» واستثارهم الجرح ولم يضعفهم.ء وأنهم أجابوا الداعى فور الواقعة» فإنه يروى فى ذلك أنه لما رجع المشركون قالوا: (لا محمدا ا تفسير سورة أل عمران 2 و11 .مك أ قتلتم» ولا الكواعب أردفتم(21» بئسما صنعتم» ارجعوا). فسمع رسول الله بذلك فندب المسلمين» فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد. ولكن خذل الله المشركين» وقوى المؤمنين» فرجع المشركون من حيث جاءواء ويروى أن النبى كَكِلْةّ عندما ندب المؤمنين أذن مؤذن رسول الله بطلب العدوء وأذن مؤذنه «ألا يخرجن معنا إلا من حضر أحدا(2. فخرجوا فهؤلاء هم الذين استجابوا لله والرسول» لأنه لم تأخذ الهزيمة من نفوسهم» وإن أصيبوا بكلوم فى أجسامهم» وقد قال سبحانه وتعالى فى جزائهم . للّذِين أحسنوا منهم واتَقَوًا أَجْرٌ عظيم 4 اختص سبحانه وتعالى من أولئنك الذين جاهدوا ولم يستشهدوا بعد بأن لهم أجرا عظيماء وهنا يلاحظ ثلاثة أمور: (أولها) أن الله لم يذكر الأجر لهم جميعاء لأنهم كانوا أحياء» والحى قد يغير ويبدل» فكان لابد من التقييد بالإحسان والتقوى» أى يستمر على ما هو عليه . (وثانيها) أن الإحسان هنا غير التقوى؛ إذ الإحسان هو إجادة الخطة» واتباع المنهج المستقيم فى القتال» وذلك لابد منه فى الانتصارء والطاعة المطلقة للقائد من إحكام الخطة . (ثالثها) أن التقوى - وهى وقاية النفس من الغرض والهوى والاتجاه إلى الله بإخلاص وقلب سليم خال من الشوائب - أساس الأجر العظيم» والله سبحانه وتعالى بكل شىء عليم . )١(‏ أخرجه النسائي: السنن الكبرى ج5؛: ص76؟ .)١١41/4(‏ وفي مجمع الزوائد: ج57 ء ص75 ١‏ وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجوازء وهو ثقة. وذكره الحافظ ابن حجر فى فتح البارى (باب قوله تعالى: #الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح» . () السيوطي: الدر المتثور ج؟ ص7 ٠٠١‏ وعزاه لابن جرير عن عكرمة . إلا تفسير سورة آل عمران : الل لحمل بر ىب سس هو ره و آ ته 1 1< ملع هرم لدنَ مَل همالا مد داس مد بعال تأَخَْوَهُم َرَادَهُم ماوكا انالوم كيل ج ا ل سي ص سا ع سح سا جح ورم برسم 0 فانقلبوا بِنْعَمةَ مِن مضل ميته سوء وأتبعا ا كد < ساس نس سد مور رضوان لله وألله ذو هم لعَظِيوٍ 517 ج نادي الل وله بو ع سم 207 و دار عم يرم + حجم يخوف 1 لباء ملا ححافوهم وَحَافو كد مؤْمنن 2ه ا ال ٠. 07‏ 5 سرح ص 00101 ولايحوة َ لذن مسرِعُوتَفٍ الْكْفر إِنَهُمْ أنيضرو الله 20 0 سساح سه ب ل فو ور سَيعَارْيدُ لجسل لَهُمَحَطانى أ يرو وَمدْعََاكُ 75 قر‎ ٠> اا‎ ضيه‎ الكلام متصل بالكلام فى أعقاب أحدء وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابتهم الجراح» ولم تمنعهم هذه الجراح من أن يجيبوا داعى الله» ويستعدواء ويتقدموا؛ ويتغلبوا على روح التردد والهزيمة التى كان يبثها المنافقون» وترشح لها الجراح» وإن أبا سفيان قد هم أن يرجع إلى المدينة»ء فخرجوا للقائه» ولكن ثبطه الله فعادواء ولقد كان أولئك الذين استجابوا لداعى الجهاد» وهم فى تلك الحال» لهم موقف آخر جليل ذو شأن فى الجهاد وأثر فى الإسلام» ولقد ذكر الله ذلك الموقف بقوله تعالت كلماته: 8 الّذين قال َهُم اناس إن اناس قَد جَمَعُوا لَكُم فَاحَسُوهُم قرَادهم انا 4 . وقوله تعالى: « الْذين َال لَهُم النّاس» الموصول فيها بدل من الموصول فى قوله تعالى: #الَّذِينَ استجابوا لله والرسول» فهم طائفة واحدة لم تتعدد» ولكن تعدد عملهم» فهم فى الأول لم تثقلهم الجراح عن أن يجيبوا الرسول كلد وهم فى الثانى لم ترهبهم أقوال الناس . . المتضافرة عن أن يتقدموا للقتال» وقد تفسير سورة آل عمران الللللللا0اا40االل مالو لكلل اللا 6-9 لم برا يي تكاثرت أسباب الرهبة» وأخبار الاستعداد» فهذا موقف آخرء وإن كان الذين نالوا الفضلين طائفة واحدةء. وذلك الموقف هو أن أيا سفيان ومن معه لما رجعوا لا يلوون على شىء» قال للنبى كفي موعدكم بدر القابل فقبل النبى ذلك التهديد. وكان ذلك فى شوال من السنة الثالثة» وكان تجار قريش يقدمون إلى بدر فى ذى القعدة» ويسمون ذلك بدرا الصغرى» فاستعد النبى ككِلةِ للقائهم بعد نحو شهر من أحدء وخرج أبو سفيان فى أهل مكة ولكن ألقى الله الرعب فى قلوبهمء فبدا له أن يرجع» فلقى نعيم بن مسعود الأشجعى وقد قدم معتمراء فقال: يا نعيم إنى أوعدت محمدا أن نلتقى بموسم بدرء وإن هذا عام جدبء ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر. ونشرب فيه اللبن وقد بدا لى» ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاده ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثبطهم ولك عندى عشرة من الإبل» ويروى أن الذين دسهم أبو سفيان ليبثوا الهزيمة فى قلوبهم هم ركب عبد القيس» ويظهر أنه تكرر ذلك الدس من أبى سفيان» ولذلك قال الله تعالى: 8 الّذين قال لَهم النّاس» أى تضافرت الأخبار من هؤلاء الناس: الذين اندفعوا يشبطون» ويقولون إن الناس - أى مشركى مكة - قد جمعوا لكمء. وكانوا يقولون فى أخبارهم المثبطة الملقية بالرعب لمن لا يعتمد على الله تعالى وقد وجدوا المؤمنين يتجهزون للمعركة: (ما هذا برأى» آتوكم فى دياركم وقراركم» فلم يفلت منكم أحد إلا شريداء أفتريدون أن تخرجواء وقد جمعوا لكم عند الموسم؟ فو الله لا يفلت منكم أحد) فقال عَكِلهِ: «والذى نفسى بيده لأخرجن ولو لم يخرج معى أحد)(21 فخرج فى سبعين راكباء وقيل ألف راكب. وقوله تعالى حكاية عنهم: قد جمعوا لكم» قد حذف فيه المفعول» فلم يقل جمعوا جيشاء وذلك ليذهب الخيال كل مذهب فى مقدار ما جمعوا من )١(‏ رواه ابن جرير الطبري في التفسير بلفظ: وإن رسول الله ندب الناس لينطلقوا معهء ويتبعوا ما كانوا متبعين» وقال: (إِنْما يَرتَحلُونَ الآن فَيَأَنُونَ ولا يَقَدرونَ على مثلها حَتَى عام مقبل» فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال: إن الناس قد جمعوا لكم. فأبى عليه الناسن يتبعوه) فقال: «إنى داهب وإن لم يتبَعنى أحَدّ لأحخضض النّاس)» . 60 تفسيرسورة آل عمران عممممممماماممامممممععمعم م ماممممع لكالا للك ااال للك لاك لمعم ماعممامممممماملاللا لالط اطاط اططخ مامالا كط للك ططق طخلا اللا بجوو 7 المؤمنين بقوله تعالى: «( قزادهم إِعانا وقَالُوا حسبنا الله ونعم الوكيل 4 . أولئك المثبطون الدساسون قالوا ما قالواء وقالوا: اخشوهمء أى قَدَروا أنهم سينزلون بكم الأذى الشديد والقتل الذريع إن خرجتم» فهو إفزاع عن المستقبل» والفرق بين اللخوف والخشية أن الخوف يكون من أمر حاضرء والخشية من أمر متوقع» وهى إن كانت فى الحاضر تكون خشية من قوى لما يكون منه فى القابل. أحدهما: زيادة الإيمان» والثانى التفويض إلى الله تعالى . فأما زيادة الإيمان هنا فمعناها قوة اليقين وعدم تضعضع الثقة فى الله تعالى . والأمر الثانى الذى كان أثرا لذلك الكلام الماسوس المشبط أنهم قالوا: ل حسبنا الله ونعم الوكيل 4 ومعنى حسبنا أى كافيناء أى إذا كانوا هم يستنصرون بقواتهم يحشدونهاء» وعددهم يستكثرون به ويعدون ذلك كفايتهم» فنحن كفايتنا من الله تعالى» وقد وعدنا بالنصرء وهو نعم النصير المعاون» فالوكيل هنا معناه النصير الكفيل المعاون» والوكيل الذى يستعان به فى الدنيا إنما يكون لفضل قوته أو خبرته أو حكمته. فكيف يكون والمستعان هو الله سبحانه وتعالى» وهو نعم المولى ونعم النصير» فالوكيل هنا هو القادر الذى توكل إليه الأمور. ويتكلم العلماء حول قوله تعالى: 9 قزادهم إيانا 4 فيقولون هل الإيمان يزيد وينقص؟ لقد قال بعض العلماء إنه لا يزيد ولا ينقص لأنه اعتقاد وإذعان» وتلك حقيقة ثابتة إما أن توجد كاملة وإما ألا توجدء ويكون معنى الزيادة على هذا الرأى ليست زيادة أصل الإيمان» إنما زيادة الشقة بنصر الله تعالى وعونه» وذلك من ثمرات الإيمان» لا من أصله. وهو شعبة منه» وليس جوهره. تفسير سورة آل عمران ساس سس 0.9 51 | اكاك :2 يي وقال آخرون وهم الأكثرون: إن الإيمان يزيد وينقص» وقد قال الزمخشرى فى تصوير ذلك الرأى من هذه الآية: لما أخلصوا النية والعزم على الجهادء وأظهروا حمية الإسلام كان ذلك أثبت ليقينهم وأقوى لاعتقادهم. كما يزداد الإيقان بتناصر الحسجج.؛ ولأن خروجهم على أثر التثبيط - إلى العدو طاعة عظيمة» والطاعات من جملة الإيمان لأن الإيمان اعتقاد وإقرار وعمل» وعن ابن عمر رضى الله عنه أنه كان يأخذ بيد الرجل» فيقول: قم بنا نزدد إيماناء وعنه: «لو وزن إيمان أبى بكر بإيمان هذه الأمة لرجح». ولقد قالوا: إن قوة الإيمان بإشراقه فى القلب» وشدة ذلك الإشراق» وروى عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه. عن النبى يلّ: «إن الإيمان ليبدو لَمظّة بيضاء فى القلبء وكلما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة»(2. أى كثر الصفاء وأشرق البياض» وكان العمل الصالح. والإيمان هو اليقين الجازم القاطع واليقين وهو من حيث أثره ف فى النفس ثلاث مراتب: أولاها: علم اليقين» وهى أن تتوافر الأدلة والاطمئنان حتى يكون اليقين الجازم القاطع الذى لا يكون معه شك ولا ريب» ولا إنكار أو جحود. بل تسادم وإذعان من غير مماراة. وثانيها: عين اليقين » وهو أن تكون أعماله كلها وفق ذلك الاعتقاد الجازم ‏ فيكون اليقين قد رؤى عيانا فى الجوارح والأعمال. والثالثة» وهى المرتسبة العليا: حقيقة اليقين» وهى أن يصل إلى درجة تشبه المشاهدة أو تكون من جنسها وهى التى قال فيها النبى تَكلِِةِ: «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)("2 وهذه مرتبة المشاهدة ولقد وصل إليها الأبرار من أصحاب النبى ذَلَِةٌ مثل أبى بكر وعمر وعثمان وعلى» ولقد قال على كرم الله )١(‏ ذكره القرطبي في التفسير: آل عمران (19/7)» وأحسبه موقوفا على على رضي الله عنه. (؟) سبق تخريجه. تفسيرسورة آل عمران ل خا ممم خلا للك عم خم مغ هخ لاما اناالا[ لاك ع لل كا اااااااللا! الام ممم ع لعمخامعممممممممممماام !!!اسمخ لامعل للخم ااانا اللا كاك :2 يي ٠‏ وجهه: (لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا) لأنه رضى الله عنه وصل إلى مرتبة المشاهدة. وفى الجملة فإننا نرى أن الإيمان يزيد وينقص والله سبحانه وتعالى عليم بذات الصدور. فاقوا بنعمة مَنَ الله وفَضل لم يمسَسهم سوء واتْبَعوا رضوان الله بعد أن حرج أولئك الأبرار الأطهار وقد استعدوا إلى اللقاء عادوا من بدر إذ لم يجدو('2» فمعنى انقلبوا عادوا. والانقلاب فى العودة تصوير للحال الحسية عند العودة؛ لأنهم بعد أن كانوا مستقبلين بدرا استديروها وبعد أن استديروا استقبلوهاء وهذا التعبير يدل على أنهم عادوا كما خرجوا لم يقتلوا ولم يقاتلواء ولكن صحبهم فى هذه العودة أمور أربعة: أولها- نعمة الله عليه إذ خذل أعداءهم وثبطهم وألقى الرعب فى قلوبهم وأحسوا بأنهم وحدهم لا قبل لهم بمحمد كك والذين آمنوا معه. ولذلك لا عادوا إلى “القتال ومحاولة ضرب المدينة ضربة قاصمة جمعوا العرب بشتى قبائلهم فى غزوة الأحزب فى العام الثانى» وثانيها- الفضل من اللّه» وقد فسر كثيرون الفضل بأنه فضل مالى؛ لأن المسلمين لا لم يجدوا قتالا اتجروا فى بدرء ويروى أن عيرا كبيرة مرت ببدر فى هذا الموسم من سوقها فاشتراها النبى كد فربح مالاء وقسمه بين أصحابه وذلك الربح هو الفضل» وقد روى البيهقى ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما”" ولا مانع من أن نعتبر ذلك الفضل معنوياء وهو فضل الجهاد والنية المحتسبة وقد باعوا أنفسهم لله تعالى» ولعل الأولى أن نقول: إن الفضل يشمل النوعين الربح المالى» والشرف المعنوى» وكلاهما قد تالوه. 20 وثالث الأمور- أنهم عادوا سالمين» وهذا معنى: لم يمْسَسهم سوء» أى لم تنزل بهم جراح» بل إنه حتى الآمر الذى يسوءهم لم يمسّسهم بل قد عادوا )١(‏ أي لم يجدوا قتالا. )١(‏ رواه البيهقي عن ابن عباس - في قول الله #فانقلبوا بنعمة من الله وفضل* قال: التعمة أنهم سلمواء والفضل: أن عيرا مرت في أيام الموسم قاشتراها رسول الله يَلِْةٌ فربح فيها مالا فقسمه بين أصحابه. تفسير سورة آل عمران مالل 2 حب ا فرحين مستبشرين» ورابع الأمور- أنهم اتبعوا رضوان الله. أى اتبعوا أمر الله تعالى» وساروا فى الطريق الذى يكون فيه رضوانه تبارك وتعالى» ورضوان الله أعظم ما يناله المؤمن» وحسبه أن يكون فى عمل فيه رضوان الله الذى هو أكبر النعم لينال حظى الدنيا والآخرة» وإن هذه النعم التى نالوها هى من فضل الله تعالى : واللّه ذو فَضَل عَظيم» ختم الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة بذلك النص السامى وهى تصف المولى العلى الكريم بأنه صاحب فضل عظيم لا تكتنه حقيقته» ولا يحده الحصرهء وقد بدا فيما أسبغه الله تعالى من نعم على الناس أجمعين» وما أنقذ به عباده المؤمنين من شر الكافرين» وما وفقهم له من طلب رضوانه وما نصرهم به من نصر مؤزرء والتنكير فى الفضل ووصفه لإفادة كثرته وقوة أثره. ومن أفضل نعم الله أنه ثبت قلوب المؤمنين» فلم يفزعوا عندما دست الأخبار لإفزاعهم وترويعهم» فلم يروعوا لأن الله حاميهم وهم اعتمدوا عليه وهو وليهم؛ والترويع من الأوهام إنما يكون لأولياء الشيطان» ولذلك قال سبحانه موازنا بين أهل الإيمان وأهل الكفر والشيطان: ل إِنَّمَا ذَلكُمَ الشَيَطَانَ يَحَوَف أُوَليَاءهُ فلا تَحَافُوهم وَحَافُون 4 الخطاب فى الآية للمؤمنين الأقوياء أى إن الإرهاب والإفزاع يكون من أولياء الشيطان27. وهو يخوف أولياءه ونصراءه بهذا التتخويف وذلك الإفزاع» لأن أولئك لا يهمهم إلا الحياة الدنياء ودائرة سلطان الشيطان فى أن يحملهم على ألا يؤمنوا بالحياة الأخرى» ومادامت الدنيا همهم اللازم» فإنه لا يهمهم إلا الفوز الحاضرء ومن هنا يجد الشيطان موضع ثقته ووسوسته» فأولياء الشيطان إذا كانوا قد خوفوا المؤمنين بالكثرة والعدد والهزيمة القريبة» فذلك هو منطقهم ومنطق الشيطان» أما المؤمنون فهم أولياء الله ولا يعتمدون إلا عليه ولهم إحدى الحسنيين إما النصر العاجل . قال القرطبي: «قال اين عباس وغيره : ا معنى يخوفكم أولياءه ؛ أي بأوليائه‎ )١( 6 تفسيرسورة آل عمران الملل الال لااا060ااالل 111 جب بر ؟ 1 6 ومعه الجزاءء وإما الاستشهاد والثواب المقيم» ورضوان الله أكبر» وهو ثابت فى الحالين» ولذلك لا يفزعهم مثل هذا التهديد الذى حملته رسل أبى سفيان» ويكون المعنى على هذاء إن تخويف الشيطان المبنى على الإفزاع والإرهاب إنما يكون أثره فى أوليائه من الكافرين والمنافقين» ولا يمكن أن يكون له أثر فى قلوب المؤمنين» والإشارة فى قولهتعالى: 8إِنّمَا ذَلَكُم »4 هى للعمل الذى قام به أولئئك الذين دسوا القول المفزع المشبط فى النبى يليد والذين آمنوا معهء» وجعل المسند إليه من قبيل ذكر السبب وإرادة المسببء. فالمعنى: إنما ذلكم القول الملدسوس هو الشيطان أى عمله وتدبيره» ولا يمكن أن يكون إلا فى أوليائه» والله ولى الذين آمنواء والشيطان على هذا هو إبليس اللعين الذى أضلهم ويخوفهمء هم ومن هم على شاكلتهم من المنافقين. ولقد أكد الله سبحانه ولاينه لهم» ونصرته لهم فقال تبارك وتعالى: قلا تَحَفوهُمْ وَحَاُوَ إن كسم مُوْمينَ»4 فى فلا تخافوا تهديدهم الذى هو تديير الشيطان» فإنه إذا كنتم أولياء الله ولا يهمكم إلا رضاهء ولستم أولياء الشيطان» ولا أثر له فى قلوبكم. فلا يصح لكم أن تخافوا أولياء الشيطان» ولا تدبيره. والله معكم» ولذلك لا تخافوا سواه ما دام الإيمان شأنكم ووصفكم» فضعوا فى نفوسكم ولاية الله ونصرته وتقواه» وضعوا أيضا فى نفوسكم خشية عقابه ورجاء رضاهء فإن فعلتم خفتم الله وأرضيتموه» واتبعتم طريق السداد» وكنتم فى أمن من الشيطان وأولياته . والنوف أمر نفسى لا قدرة للإنسان على منعهء فكيف يكون النهى عنه؟ والجواب عن ذلك أن النهى عن الخوف نهى عن أسبابه» ودعوة إلى رياضة النفس على الصبر؛ وذلك لأن سبب الخوف والجبن حب الدنيا وكراهية الموت» وعدم عمران القلب بذكر الله وعدم الإحساس بولاية الله تعالى» وضعف الثقة بالنفس وبالله» فالله سبحانه وتعالى إذ نهى المؤمنين عن الخوف من الشيطان فمعناه النهى عن أسباب الخوف والأخذ فى أسباب القوة» بالتقوى وذكر الله تعالى» والاتكال تفسير سورة آل عمران 2 ااال لل 610 حر ا عليه تعالى بعد الأخذ فى الأسباب» والإيمان بأن الله تعالى ناصر دينه» وناصر من استمسك به وأخذ بعروته ولم يتركها قط . والمقابلة بين النهى عن المخنوف من أولياء الشيطان» والآمر بالمخوف منه سبحانه» فيها بيان علاج النفس إذا ضعفت وخحافت من الشيطان وأوليائه» فدفع الخوف من أولياء الشيطان يكون بالخنوف من الله تعالى» فمن خاف الله تعالى حق الخوف منه لا يخاف أحدا من العباد إذا عاندوا وحادوا الله ودينه» لا يخاف أهل الضلال من يخاف الله سبحانه وتعالر 270 . ولقد كان المشركون بعنادهم المستمر ومقاتلتهم النبى كه وأصحابه بعد فتنتهم يوغلون فى الكفرء والنبى يلد تذهب نفسه عليهم حسرات» فهو لا يخاف منهمء ولكن يشفق» ويتمنى أن يجيئوه مؤمئين» بدل أن يأخذهم مقتولين» ولقد نهاه سبحانه عن الحزن عليهم فقال تعالى: 9 ولا يحزنك الذي يسارعون في الكفر إِنْهُم أن يَضرّوا اللّهِ شيعًا ‏ : والمعنى لا يحزنك ولا تكن فى نفسك حسرة على الذين يسارعون فى الكفر أى يوغلون فيه ويتتقلون من درجة إلى درجة فينتقلون من الضلال والجحود إلى التضليل ومن التضليل إلى الفتنة ثم القتال» ثم التدبير الخبيث والمكر السيئ» ولقد فسر الزمخشرى كلمة 8 يسارعون في الْكفْر) بمعنى الوقوع فيه سريعا من غير تريث وتدبر وتفكير» والأول عندى أوضح؛ لأن الكلام ليس فى الذين وقعوا فيه من جديد. وإنما هو فى الذين مردوا عليه وأوغلوا فيه واستمروا عليه» والنهى عن الحزن نهى عن الاسترسال فيه» ونهى عن أسبابه» وهو الظن بغلبة الضلال على اليقين والكفر والإيمان» ولقد طمأن الله تعالى نبيه تأكيدا للنهى» ونفيا لمبرراته» فقال سبحانه: «إِنّهم لن يضروا الله شيئا 4 أى إنهم مهما يتماد شرهم وطغيانهم وفتنتهم الناس عن دينهم». فلن يضروا الله شيئا من الضرر ولو صغيرا. فلن ينقص كفرهم 000 أي فهما ضدان» والضدان لا يجتمعان. 4 تفسيرسورة آل عمران مخ ماما مخاماماماممماممعام !ما اًااااا]!]أ ا اا 11 لامالا مااع خخخ الا !]ااا ع ع م امم !اكلام لالط اللللا لحب أ من سلطان الله» ولن يزيد إيمانتكم من سلطان الله تعالى» فالله غالب قاهر فوق عباده» فعظمة الله لا ينقصها كفر»ء وقد زكى سبحانه النهى عن الحزن بأمر آخر وهو بيان أن الله أراد لهؤلاء ما هم عليهء وإن كان باختيارهم. ولذا قال سبحانه : ١‏ يريد الله ألا يجعَل لَهِم حَظًَا في الآخرة 4 أى أنه لا يصح أن تحزن لمسارعتهم فى الكفر وانحدارهم فى مهاويه؛ لأن الله سبحانه هو الذى لم يجعل لهم حظا فى الآخرة» فما عصوا الله تعالى غالبين لإرادته؛ بل عصوا بإرادتهم وإرادته سبحانه» وإن كان لا يرضى لعباده الكفرء وفرق ما بين الرضا والإرادة» فالله سبحانه وتعالى لم يرد أن يجعل لهم حظا فى الآخرة» ولكنه لا يحب الكفر ولا يرضاه. فالمعنى أن كفرهم ليس مراغمة لله - سبحانه ‏ حتى تحزن وإنما هو بإرادته لأنه أراد ألا يكون لهم حظ من الخير فى الآخرة ولهم بدل الحظ من الخير عذاب عظيم» ولذلك قال سبحانه: 8 ولّهم عَدَابَ عظيم 4. لتهديدهم بما يستقبلهم فوق الخزى العظيم فى الدنيناء ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار. 2 و وَل سين لذن كفرواأ ساب لوسرة 2< رع اخلط حر لمي امل ام ل زدادواإِتُما كو د 0 وز مجه م 2106 هه ور ك2 سم تابهر :42 تَهََادَئدرَالْفوْمني كَل ع الح لس ١‏ سه ييه عه رص سا ارال هر ره هع يليت ليوا ن الله ا -_ 0 6 8 ١ سر سح رمه 06 عَلَالَحَيبِ ولكنَ الله مت من ملو كايو ل 2 2-6 2 - ورسله-و إن نَومِنُوا وتَمَهُوأ 1 جَرَعَظ يغ :4 2 ل | تفسير سورة آل عمران 1 .. | اكاك‎ ١ و النص الكريم فى بيان معاملة الله تعالى للذين تركوا الحق» ويتبعون الضلال» ويحادون الله ورسوله سرا وإعلاناء وقد بين سبحانه فى الآية أنه لا يصح أن تكون مسارعة الكفار فى الكفر وتنقلهم من حال إلى حال فيه سببا فى حزنك» وإلقاء الغم فى قلبك» لأنهم لايضرون إلا أنفسهم ولن يضروك شيئا ما دام الله سبحانه معك» ولن يتخلى عنك» وفى هذه الآيات يبين معاملة الله تعالى لهؤلاء الكافرين» واختباره سبحانه للمؤمنين» وأنه سبحانه وتعالى قد قدر كل ذلك فى علمه المكنون الذى لا يطلع عليه أحدء وقد قال سبحانه فى أوصاف الكافرين: إن الّذينَ اشوا الْكَفْرَ بالإيمان أن يضروا الله شيئا ولّهم عداب أليم 4 . هذه الآية تبين حال الذين عاندوا الرسول» ولم يخلصوا فى طلب الحقء وهؤلاء أقبلوا على الكفر راغبين فيه طالبين له» حتى إنهم ليجعلون الإيمان الذى أودعه الله تعالى النفوس فى تكوينهاء وجعله موضع النور فى كيانها - ثمنا يقدم فى نظير الكفر الذى يأخذونه» وفى هذا دلالة على أمرين: أولهما: أن الكافرين طمس على قلوبهم فاستبدلوا بفطرة الإيمان التى فطر الله الناس عليها كفرا قامت الدلائل على بطلانه فكان هذا دليلا على تمكن الضلال» وكل ما يقع منهم بعد ذلك من شر يجب أن يكون متوقعاء فيهون أمره» ويضعف فى النفس أثره. ثانيهما: أن الإيمان فى ملك كل إنسان» وهو الأصل الذى يجب أن يهتدى إليه عندما تلوح ظواهره وبيناته فإن الله تعالى قد ألهم كل نفس فجورها وتقواهاء والبينات الشاهدة الواضحة المؤيدة الهادية تجعل الإيمان فى قبضة يد طالب الحق» فإذا فتح قلبه للكفر» فقد باع أغلى شىء فى الوجودء وهو الإيمان» بأحقر شىء فى الوجود وهو الكفرء والكلام بعد ذلك فيه استعارة مثيلية» وهى تصوير الكافر الذى يترك بينات الله وآياته» وإنها لكثيرة» ويختار الضلال مع قيام الأدلة على بطلانه» بمن يكون فى يده أجود بضاعة» ويبيعها بأرخص الأثمان» بل بشىء لا 6 لها تفسير سورة آل عمران اللللللل ااال الل اللللل رب أ يفيد قطء وفيه إشارة إلى أن الكافرين يعلمون أن ما هم عليه هو الباطل» ولكنه العناد والطغيان» وقد ذكر ذلك سبحانه وتعالى بقوله: ا وَجَحَدوا بها واستيقنتها أنفسهم . . . 27 4 [التمل] . وقد بين سبحانه أن هؤلاء الذين اتجروا بإيمانهم وجعلوه سلعة تباع - مغبة فعلهم عليهم وحدهم دون سائر الناس» ولن يضروا المؤمنين إلا أذى والعاقبة للمتقين» ولذا قال سبحانه: أن يضروا الله شيًا4 أى ليس فى طولهم ولا فى طاقتهم أن يضروا دين الله تعالى ولا رسول الله كد ولا المؤمنين بالله تعالى شيئا من الضرر الذى تكون عاقبته انتصارهم إلى النهاية» فإن الله تعالى ناصر دينه خاذل أعداء الحق» فإضافة إرادة الضرر إلى الله تعالى على حذف مضاف.». أى وتقديره دين الله أو رسوله أو المؤمنين بالله» وفى حذف المضاف إشارة إلى أن ما يفعله المشركون ويوجهونه إلى المؤمنين إنما يوجهونه إلى الله تعالى رب العالمين» وذلك إعلاء للدين وللرسول وللمؤمنين. ١‏ وإذا كان أولئك لا يضرون الله فهم لايضرون إلا أنفسهم» وبين سبحانه الضرر الذى يلحقهم بقوله سبحانه: « ولَهم عَذَاب أليم 4 أى عذاب مؤلم شديد الإيلام لهم فى الدنيا وفى الآخرة» فآلامهم فى الدنيا هزائم تتلوها هزائم» وخزى وسقوط لهم عن علياء طاغوتهم إلى الدرك الأسفل» وفعيل هنا بمعنى فاعل» ك بديع السّموَات والأرض ... 519 4 [ البقرة] بمعنى مبدع . ولقد يسأل سائل: لاذا يتمتع هؤلاء بالسلطان» ولاذا يتتصرون أحيانا؟ فبين سبحانه أن ذلك إملاء لهمء فقال: «إولا يَحَسَبْنَ الّذينَ كفروا أَنمَا نملي لهم خير لأنفسهم 4 . قد يرد على الخاطر: إذا كان أمر الله هو الغالب قلم يترك هؤلاء فى هذا النعيم؟ فقال سبحانه ذلك النص الكريم . 9ه تفسير سورة آل عمران اللللللااا اااللللولاا لل للا 619 لجل بر يي الإملاء: الإمهال والتخلية بين العامل والعمل ليبلغ مداه» من قولهم: أملى لفرسه إذا أرخى له الطول ليرعى كيف شاءء ويطلق الإملاء على طول العمرء وهو من أملى بمعنى أعطاه ملاوة أو مهلة من الزمان. جاء فى مفردات الراغب الآأصفهانى: «الإملاء: الإمدادء ومنه قيل للمدة الطويلة ملاوة من الدهرء وملى من الدهر). وهنا فى النص الكريم قراءتان إحداهما بالياء أى: 9 ولا يحسبن الدين 4 ويكون النهى عن الظن متجها للذين كفرواء والمعنى على هذا لا يجل بخواطر أولئك الكافرين أن إملاءنا لهم بإعطاتهم نعيما فى الدنياء وإرخاء العنان لهم» وتمتيعهم وعدم القضاء عليهم دفعة واحدة - فيه خير لهم» ويكون مفعولا يحسب قد سد مسلهما (أن» المصدرية و(ما» بعدها فإن ذلك كثير فى القرآن وكثير من كلام العرب» كقولك عن شخص: لا يحسب أنه عالم. وعلى القراءة الثانية2"0. «إولا يَحَسبِنَ الّذين كوا أَنّمَا نملي لهم حير لأنفسهم 4 يكون الخطاب بالنهى متجها إلى النبى كك ويكون المفعول الأول هو «الّذين كقروا4. وطأَنّمَا نملي لهم حير لأنفسهم» بدل من الذين كفرواء وسد مسد المفعول الثانى» ويصح أن يكون هو المفعول الثانى» ويكون المعنى على هذا: لا تظن يا محمد ولا يظن أحد من أمتك الذين كفروا قد أُملىَ لهم لخير يأتيهمء ويكون توجيه الفن إلى الذين كفروا له فائدة؛ لأن الظن قد سبق إلى المؤمنين من أشخاصهمء وما أوتوا من مال وقوة وعزة نفرهء وبقاءهم على هذا أمدا طويلا. وقد صرح سبحانه من بعد ذلك بنتيجة الإملاء فقال سبحانه: 8إإِنمَا نملي لهم ليزدادوا إِنّما ولهم عذاب مهن 4 . 1 )١(‏ أي: (ولا تحسبن) قرأها بالناء خطابا: حمزة» وقرأ الباقون بالياء فيهاء وكذلك في الآية (180) التي بعدها من نفس السورة. غاية الاختتصار ج7 ص5 55 . 0 م تفسير سورة آل عمران ) الملل ااال 1 اكاك يي ١‏ والمعنى أننا لاغملى للذين كفروا إلا لنتيجة واحدة مقررة ثابتة» وهى أن يزدادوا إثماء وينالهم عذاب مهين مذل لهم فى الدنيا والآخرة» فإنهم إن كانوا قد نالوا فى هذا الإملاء نعيما وعزاء فإنهم بعد ذلك سينالهم العذاب الأليم المهين الذى لا يكون لهم قبل بدفعه. و«اللام» هنا لبيان العاقبة لا للتعليل والغاية وذلك كقوله تعالى: ١‏ فَالْتَقَطَه آل فرعو ليكون لهم عدوا وَحرنا ... لخ 4 [القصص ].ء وذلك بيان للنتيجة؛ لأن نتيجة الالتقاط كانت كذلكء» وإن كان الباعث فى الحقيقة هو أن يتخذوه لهم وليا وموضع سرورء وبهذا تكون الآية مبيئة لغاية عملهم» وأن النتيجة شر لهم لا محالة . وقد يقول قائل: إن من الكافرين من تكون زيادة الإملاء له سببا فى زيادة خير يقوم به وإن كان كافراء وإن من هؤلاء الكافرين من يؤمن ويحسن إيمانه فكان حقا أن الإملاء أنتج خيرا إذ مكنهم من الإيمان. ونقول فى الإجابة عن الأول إن زيادة الإثئم» لا تمنع وجود فعل خير» وهم يزداد إثمهم باستمرارهم على الكفر ومشاقة الله ورسوله على أن ما يفعلون من خير يحبطه جحودهم وإنكارهم ومعاندتهم لله سبحانه إذ تنقصهم عند فعل الخير النية الطيبة . وعن الثانى نقول: إن زيادة الإثم مشروطة باستمرارهم على الكفر؛ لآن الإملاء ينقطع بإيمانهم» وإن الإملاء إنما هو لأجل مشاقة الله ورسوله وإعلان الكفر ومحادة الحق» وبإيمانهم تنتهى هذه المشاقة فيزول سبب الإملاء» وإن زيادة الإثم إنما هى منوطة بوصف الكفرء فبانتهائه تزول الزيادة» بل يغفر الله سبحانه وتعالى ما سبق كما قال تعالى: «قُل لُلّذِينَ كَقَروا إن ينتهوا يغقر لهم ما قد سلف ... 2278 4 [الأنفال ] . ها لفسبير شنبورهة ال عمران / اللللللللااا 1111 4 2 وقد وصف عذاب هؤلاء بأنه مهين ليتعزى المؤمنون عما يرون من عزة هؤلاء وسلطانهم ببيان أنهم سيكونون من بعد فى أشد الذلة؛ لأن عذاب الله سبحانه سيريهم الهوان الحقيقى الدائم الذى لا رفعة معه. وقد بين سبحانه أن تلك الشدائد التى تنزل بالمؤمنين هى خير لهم ليتسبين الطيب من الخبيث» ولذا قال سبحانه: ما كان الله لِيَذرَ المؤمنين علَى ما أنثم عليه كانت هذه الشديدة التى نزلت بالمسلمين فى غزوة أحد سببا فى أن عرف المؤمنون الصادقون من المنافقين وضعاف الإيمان» وقد بين سبحانه أن شأن الله تعالى فى عباده أن يختبرهم» ويصهر جماعتهم بالشدائد ليتفصل عنهم الخبث» كما ينفصل الخبث عن الذهب بصهره» و«يذر»: معناها يترك» وقوله: #على ما نتم علَيه4» من اليسرء وعدم التعرض للشدائد» ومعنى يمير يفصل» وقرئ (ِيزْ)217 أى يحدد ويبين» والطيب هو الصادق الإيمان» والخبيث هو المنافق ومن يئق به من ضعاف الإيمان» ومعنى النص الكريم: ما كان من شأن الله تعالى وسنته فى عباده؛ ومعاملته لأهل الإيمان والصدق أن يتركهم فى حال من اليسر الذى لا صعوبة معه. فإن ذلك يجعلهم مختلطين لا مميز يميز من دخل فى الإيمان وأشرب قلبه حبه. ومن دخل فى الإسلام ولم يذق حلاوته» ومن أضمر الكفر وأظهر الإيمان» وما كان الله تعالى ليتركهم غير متميزين حتى يبين الخبيث من الطيب» وتنفصل الأقسام» وتتميز كل جماعة بحقيقتها. وهذا على أن قوله تعالى: علَئ ما أنتم عَلَيَه 4 من نصر مستمرء لا مشقة فيه ولا ابتلاء» وعلى أن قوله تعالى: «علئ ما أنتم عليه 4 بمعنى مختلطين غير متميزين يكون السياق واضحاء وقد بينه الزمخشرى بقوله: (لا يترككم مختلطين حتى يميز الخبيث من الطيب بأن يكلفكم التكاليف الصعبة التى لا يصبر عليها إلا الخلّص الذين امتحن الله قلوبهم كبذل الأرواح فى الجهاد» وإنفاق الأموال فى سبيل الله فيكون عيارا . أي بتشديد الياء؛ وبها قرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف. المرجع السابق‎ )١( م تفسير سورة آل عمران الم لسر أ على عقائدكم» وشاهدا بضمائركم» حتى يعلم بعضكم ما فى قلب بعض من طريق الاستدلال » لا من جهة الوقوف على ذات الصدور والاطلاع عليها فإن ذلك مما استأثر به علم الله). وإن أولئك المنافقين الذين يتخذون من الهزيمة دليلا على عدم صدق الرسول لكاذبون؛ لأن الله لا يطلع على غيبه أحداًء وماكان لكم معشر المؤمنين أن تعلموا حقيقة المنافقين وضعاف الإيمان فإن ذلك من الغيب. ( وما كان الله ِيُطْلعَكُم على العيبِ ولكن الله يجتبِي من رسله من يَشَاء 4 الغيب ضد المشاهد . وهو ما غيب عنا مما لا نعلمه بطريق الحس ولا تصل عقولنا المجردة إلى معرفته» كالعلم بما يكون فى المستقبل» وحقيقة الملائكة وذواتهم» وغير ذلك مما غيب الله عنا علمه» و«اجتبى» معناها اختار واصطفى» والمعنى: من شأن الله تعالى أن لا يطلع عباده المؤمنين على الغيب من الأمور» حتى يعرفوا ما يكون لهم فى الغدء بل إنه يغيب المستقبل عنهم ليجدوا ويجتهدواء ويعلمواء وسيرى الله عملهم ورسوله والمؤمنون» ومع ذلك يصطفى من رسله من يطلعهم على بعض الغيب» كما كان يطلع رسوله أحيانا على بعض ما يدبر له كاطلاعه على مادبره اليهود لاغتياله» وكاطلاعه على من حملت رسالة إلى قريش تخبرهم بسر غزوته لهم» وكمكاشفته بالوحى لجبريل الأمين» وهكذا من شئون الغيب» ويستفاد من هذا أن الله سبحانه وتعالى قد اختص بعلم الغيب» كما فقال تعالى: وعندة مَقَاتح اليب لا يَعَلَمَهَا إل هو .. .+( 4 [الأنعام] وأن الأنبياء قد يصطفى الله منهم من يعطيه علم بعض المغيبات» فما يعطيهم يعلمونه» وإنه لتزر قليل لايعد شيئا ولقد قال سبحانه على لسان نوح عليه السلام: « ولا أَقُول لَكُم عندي خزائن الله ولا أعَلَم اليب ولا أَقُول إِنّي ملك ...438 4 [هود]؛ وقال تعالى عن النبى عَللة: ولو كنت أعلم الْغَيب لاستكترت من الْخَيْرٍ .. . 20 4 [الأعراف] . « فَآممُوا باللّه وَرسَله ون تُؤْمنُوا وتَتقُوا فَكُمْ جر عظيم 4 أى إذا علمتم أن الله تعالى لا يطلع على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يتعين أن تؤمنوا بالله تفسير سورة آل عمران الل أو ب«لحم بير يي حق الإيمان بأن تعرفوه متصفا بصفات الكمال منزها عن المشابهة للحوادث» ليس كمثله شىء» وأن تؤمنوا برسله فتعرفوا حقيقة رسائلهم وأن تؤمنوا بالله حق تقومون بها وتؤدونها على وجهها فلكم أجر عظيم. 024 ولا سر يه دل 0 م ار م و هو م بن الي سحلو يماء >اتلهم الله من فضِلِه ‏ هوخرا سي و و 2 0 سر سر 2 - ّ هو 3 سو يبوم لولس أ م 2706 4 7 و نيدي سخ ع هه 2 لله مير او عِوالارض وأ للمما تعملون حير 2 ا 100010 فد سيمع أله فول أده : 515 إِنْ 1 ود غ6 مس لح سه سس لس لور سَتَكُتْب مَافَالوا وصسَلْهُمُ الأنيية بِعَيْرِحَقٌّ وتَقُولٌ دُوفوأعدَابَتالْحَرِيقٍ للق © كَلِكَيمَائكَمَتَأرِيي 0 هر 2 م -. وَأَنْ الله ليس د يظ لل م العسند كما ال سم له : بين الله سبحانه وتعالى العبر فى غزوة أحد وما كان فيهاء وقد أشار سبحانه فى آخر بيان العبر إلى ماعليه أهل الكفر من نعيم دنيوى» وتمكين من أسباب الحياة» وأشار سبحانه وتعالى بالشدائد» مع رؤية نعيم الكافرين» ليميز الله سبحانه وتعالى الخبيث من الطيب» وأشار سبحانه إلى أن هذا الإملاء للكافرين ليس خيرا لهم» بل إن عقباه ستكون شرا لهم؛ لأنهم بهذا العطاء سيستمرئون الشرء ويوغلون فيه إيغالاء ووراء ذلك العذاب الأليم» والخزى فى الدنيا والآخرة» وفى هذه الآيات يصرح سبحانه بما يكون منهم فى النعمة التى اختبرهم سبحانه وتعالى بها؛ إذ إنهم لا يجعلونها سبيلا للخير» بل يحبسونها على أنفسهم حبساء فتكون شرا لا خير فيه لأحد» ولذا قال سبحانه: «إولا يحسبن الْذين يِخَلون بما آتاهم الله من فضله هو حيرا لهم بل هو شر لهم » . ا تفسير سورة آل عمران 2 ا لل «لبملببيزه يي البخل هو الحخحرص الشديد فيما يملك الإنسان من مال أو علم أو أى ضرب من ضروب القدرة التى يستطيع أن يعين بها غيره» وعلى ذلك يشمل البخل كل شحء سواء أكان موضوعه المال» أم لم يكن موضوعه المال» وقد فسر بعض العلماء البخل فى هذه الآية بكتمان العلم» ذلك أن اليهود كتموا أوصاف النبى يِل وتبشير التوراة به» وضنوا بها فلم يعلنوها ليضلواء أو ليمنعوا الهداية. وقد فسر الأكثرون البخل بعناه الظاهر المتبادر» وهو البخل فى المال» ويتفق هذا مع سياق الكلام» إذ إن الله سبحانه وتعالى قد حكى عن هؤلاء الذين يبخلون با آناهم الله من فضلهء أن منهم من يقول إن الله فقير ونحن أغنياء» ولأن الله سبحانه وتعالى ذكر بعد بيان بخلهم أن الله سبحانه وتعالى له ميراث السموات والأرض» والتعبير بكلمة ميراث يومئ إلى أن موضوع البخل هو المال. والنهى عن الظن وأن البخل المالى فيه خير فى قوله تعالى: ولا يحسبن الّدِينَ يَبَحَنُونَ )4 يدل على النفى المؤكدء فالمعنى لا يصح لهم أن يظنوا بأى حال من الأحوال أن ذلك البخل فيه خير لهم» بل فيه شر لهم» وفى الآية الكريمة إشارة إلى أن سبب البخل نسيان أصل المال» إذ أن البخيل يحسب أن ما يأتى إليه من مال إنما هو بجهوده وكسبه فقط. وليس فضلا من الله» وينسى أن الله سبحانه وتعالى هو المعطى المانع» وأنه يرزق من يشاء بغير حساب» وأن الرجلين يسعيان ويتتخذان الأسباب» فتأتى جائحة لهذا تأكل الأخضر واليابس» وينجو مال ذاك» والله على كل شىء قذير» وبكل شىء عليم» ولذا بين الله سبحانه أن المال الذى يجىء إليهم إنما هو بفضل من الله سبحانه وتعالىء ولذلك قال: يبْحَلُونَ بم آنَاهُم اللّهُ من فَضّله؟. فهو يبين لهم أن المال مال الله تعالى» وأن الله تعالى يعطى من يشاء» ويمنع من يشاء. 0 والضمير فى قوله تعالى: هر خيرا لهم 4 تأكيد لمعنى البخل المفهوم من قوله تعالى 8 يبْحَلُونَ4» ونرى أن الضمير ضمير الفصل لتأكيد نفى الظن فى الخيرية . ظ ظ ا تفسير سورة آل عمران اال د كاه يي وقد بين سبحانه أنه شر لهم» فقال سبحانه: بل هو شر لهم 4 وفى إعادة الضمير» وذكر الجملة الاسمية تأكيد لمعنى الشر فى البخل» والبخل شر فى الدنيا وفى الآخرة؛ وذلك لأنه يدفع إلى الحقد فى الدنياء والحقد فى الآحاد يؤدى إلى النزاع المستمرء وتقطع العلاقات الأدبية» وهو فى الجماعات يؤدى إلى الخراب والدمار. ولقد روى مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ككِْدٌ قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم» حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)(©. « سَيطَوَقُونَ ما بخلُوا به يَوْمَ القيَامَة4 التطويق إما من الطاقة» والمعنى سيكلفون أقصى ما يطيقون ليخسروا المال الذى بخلوا به يوم القيامة» ولكنهم لا يملكون فى هذا اليوم من أمرهم شيئاء فلا يستجيبون لنداءء ولا لكلام» لأنهم لا يستطيعون» وذلك على حد قوله تعالى: «إ يوم يُكُشف عن ساق ويُدعون إِلَى وقد يكون وهو الأرجح من الطوق» والمعنى أنه سيكون ما بخلوا به طوقاً فى أعناقهم» وغلا فيها يشعرهم بما كان منهم فى الدنياء وهو طوق مؤلمء » مَثَله النبى يَكلِ بنعبان» فقد روى البخارى عن أبى هريرة أن النبى يل قال: لمن آثاه الله مالا فلم يؤد زكاته مَثّلَ له شجاعا(" أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه7" يقول: أنا مالك أنا كنزك ثم تلا قوله تعالى: «« سيِطَوَقُونَ ما بَخْلُوا به يوم القيامة 90044 . 217 رواه مسلم: | البر والصلة والآداب - تحريم الظلم (5115) عن جابر رضي الله عنه . (؟) قال الإمام رحمه الله: الشجاع: هو الثعبان الذكر الذى يقوم على ذنبه ويوائب الراجل والفارس والأقرع هو الذى يكون أملس الجلد كثير السم» والزبيبتان علامتان سوداوان فوق عيئيه» وهما تكونان لأخبث الحيات. اللهزمتان بكسر اللام والزاى: شدقاه. 0 ش (5) رواه البخارئ: الزكاة - إثم مانع الزكاة .)١7516(‏ كما رواه النسائي : الزكاة - مانع زكاة ماله (455 7)ع وأحمد: باقي مسند المكثرين ١17(‏ 011 كلهم عن أبي هريرة رضي الله عنه: إلا تفسير سورة آل عمران م ممالل بلجل بم 7 والنص القرآنى والحديث النبوى استعارة تمشيلية لإحاطة البخل بصاحبه يوم القيامة» وإنها إحاطة إيلام؛ وفيها بيان أن السعادة الوقتية للاكتناز والبخل فى الدنيا ستكون يوم القيامة بؤسا شديداء وشقوة وإيلاما. بهذا النص الكريم تبين قبح البخل» ويتبين مقام الإنفاق فى سبيل الله ولكن ما حد البخل؟ وما حد السرف؟ وبهذين الحدين يتبين الإنفاق الحلال والقصد. لقد قرر العلماء أن الإنفاق فى سبيل الله تعالى لا إسراف فيه قطء ولو كان بكل المال وأنه يروى أن عمر بن الخطاب تبرع فى إحدى الغزوات ينصف ماله؛ وأن أبا بكر الصديق تبرع بكل مالهء فسأله النبى يع قائلا: «ما أبقيت لأهلك؟' فقال صديق هذه الأمة: «الله ورسوله2(2 وقد كان ذو النورين عثمان بن عفان يجهز الجيش كله أحياناء كما فعل فى ساعة العسرة» ولم يعد ذلك إسرافا. ‏ - وقد اتفقوا أيضا على أن الامتناع عن الإنفاق فى سبيل الله تعالى فى عسرة الدولة» ومداهمة الأعداء لهاء بخل بل هو أقبح البخل وأشدهء ولذلك أجاز الفقهاء فرض ضرائب إذا داهمت الأمة الإسلامية الأعداء وامتنع الأغنياء عن الإنفاق» وهذا النوع من البخل هو المقصود بهذا النص الكريم . وقد اتة تفقوا أيضا على أن كل درهم ينفق فى معصية هو إسراف؛ والخلاصة أن الحد ما بين الإسراف والبخل هو الإنفاق فى غير ما أمر الله تعالى» ولذلك يقول ابن عباس: إنفاق ألف فى سبيل الله لا يكون إسرافاء وإنفاق درهم فى معصية يكون إسرافا. «ولله ميراث السّموات والأرض واللّهِ بمَا تَعْمَلُونَ خَبير» هذا النص الكريم يفيد أربعة معان تؤكد وجوب الإنفاق فى سبيل الخيرء والجهاد فى سبيل الله تعالى : )١(‏ رواه الترمذي وقال هذا حَدِيث حَسَن صحيح: : كتاب المناقب - في مناقب أبي بكر وعمر رسي الله عنهما كليهما(4م ره * كما رواه أبو داود في الزكاة - ف فى الرخصة في ذلك .)1١479(‏ والدارمي : الرجل يتصدق بجميع ما عنده ١(‏ 6 5 وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (باب لا صَدقة إلا عن ظهر غتى) . تفسير سورة آل عمران الس سسا ل 619 ك0 حر ا المعنى الأول - أن المال كله لله تعالى» فهو الذى أعطى كما عبر سبحانه وتعالى: #بما آتّاهم الله من فَضلهك, وأن مآل المال إليه سبحانه وتعالى فى ضمن ما يثول إليه كل شىء فى هذا الوجودء بلا استكناء مطلقاء ومن يبخل لورثة يرثونف فليعلم أن الميراث كله لله تعالى» وأنه سيعطيهم إن أراد سبحانه» وإن لم يرد لهم عطاء فسينفقونه إسرافا وبدارا. والمعنى الثانى - هو بيان سلطان الله تعالى على كل ما فى الوجودء فهو ملكهء وهو الذى يكول إليهء وفى ذلك بيان كمال سلطانه» وتأكيد لعنى أنه المعطى الوهاب» والقوى الرزاق المتين» ولذلك لم يعبر عن الميراث بأنه ميراث الأموال التى نعرفهاء بل ميراث كل ما حوته السماء وما حوته الأرض. والمعنى الثالث - أن العطاء الذى يعطيه الله تعالى بعض عباده» ويختصهم به يوجب عليهم تكليفات مالية فيه» فإذا كان سبحانه وتعالى قد ابتلى الفقراء بالفقرء فقد ابتلى الأغنياء بالمال» وأوجب عليهم أن يعطواء وهم محاسبون على مالهم» « ومن يوق شح نفسه فأولتاك هم الْمفلحود +4432 [الحشر]ء وقد فهم هذا من ذكر علم الله تعالى الدقيق العظيم» ولذلك قال سبحانه وتعالى: 8 واللّه ا اون خير. والمعنى الرابع - أن الجزاء سيكون شاملا كاملا؛ لأن علم الله دقيق لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها: «فمن يعمل مثقال ذَرّةَ خَيْرا يْره 477 ومن يعمل مثقال ذَرَة شرا يْرهِ > 4 [الزلزلة] . ولذلك عبر سبحانه عن علمه بأعمالنا بأنه خبير» والخبرة هى العلم الدقيق الشامل. ولقد كان الشح فى موضع الإنفاق يسرى إلى المسلمين من اليهود الذين كانوا يجاورونهم» ولذلك ذكر بعض شنائع اليهود لينف المسلمون منهم» ولا يقلدوهم فى خساستهم» فقال سبحانه وتعالى: « لَقَد سمع الله فول الّذِينَ قَانُوا إن الله فقير وحن أَعنياء ‏ . ' تفسير سورة آل عمران 1١١١1 2‏ ااا ااتاان ناكا ااا اللالالا!! اط الاانا ااال الاالاالاااااااااااااااااااامامممممامنااااالاا اللا اللالللالالا اللا ا لقد كان اليهود يحرضون المؤمنين على الشح وعدم الإنفاق فى سبيل اللّه تعالى بطرق شتى» وكانوا يحاولون أن ينالوا من إيمان أهل الإيمان» فلما نزل قوله تعالى: من ذا الذي يفصن الله نا حننا. .. #جه # [الحديد] أخذوا يتهكمون على القرآن» وعلى دعؤة الرسول يله ويصفون الله سبحانه بما لا يليق» وذلك ليوهئوا قلوب المؤمنين» ويشككوهم فى دينهم» أو ليبعثوا فيهم رمح الشح. ويروى فى ذلك عن ابن عباس أنه لما نزلت هذه الآية: إندة الله يقرض اللّه فَرْضا حسنا ... لضي »4 جاءت اليهود إلى النبى يلد فقالوا: محمد ربك فقير يسأل عباده القرضص(2؟2» ويظهر أن ذلك قد تكرر منهم» وتجرءوا به على ذات الله سبحانه» أو اتجهوا إلى تكذيب ما فى القرآن بالتهجم على ما اشتمل عليه فى هذا المقام» ولقد ب بين سبحانه أنه عليم بقولهم علم من يسمع القول» ولذلك قال سبحانه: لق يع اقول الذين قالوا. ..# وفى هذا التعبير بيان أن الله تعالى مَطَّلمْ عليهم» ومراقب لهم مراقبة من د يستمع إليهم» وفى ذلك من التهديد ما فيه» إذ إنه إشعار بأن ذا الجلال القوى القهار القادر على كل شىء والذى يملك الوجود ومن فيه وما فيه» مستمع لما يقال فى شأنه» وما يتجرءون به عليه» كما يقول القائل لمن يجده يتجرأ على عظيم: إنه يسمع قولك ويعلم به فارتقب عواقب ما تفعل. واستشعر الهيبة والمخافة والخشية: © وللّه المثل الأعلى وهو العزيز زّ الحكيم + 4 [النحل] وقد عقب سبحانه ذلك بنتائج تلك المراقبة» وصرح بالتهديد الشديد فى قوله تعالى: ستكتب ما قَالُوا كلهم الأنبياء بغيرٍ حق4. فى هذا الكلام تهديد شديد لهمء وذلك لأن المعنى: ستثبت عليهم فى سجل الله تعالى قولهم هذا وتجرؤهم عليه سبحانه» وليس المراد مجرد الكتابة» بل المراد نتيجتها وهو الحساب عليهاء والجزاء من العذاب الأليم» والتعبير بالكتابة كناية عن العلم المستتر الثابت الذى تترتب عليه نتائجه وثمراته. ولما تضمنته الكتابة )١(‏ رواه ابن أبى حاتم» وابن المنذر عن ابن عباس بسند حسن» وذكره الواحدى فى أسباب النزول. ها تفسير سورة ال عمران اللاالتل الا الااألالكا اللا الااللا لا تلل ااا الالالال الللاا اانا اتلاا لاا الالالا!ا!الالللا طخلل ناملالا الخال لالم طمممط امسا طضضسالا_ ظ للح د من معنى العقاب الرادع الذى لا مناص منه عبر بالمضارع فقال سبحانه: «١‏ ستكتب ما قَالُوا 4 والتعبير ب إما قَانُوا فيه إشارة إلى ما فيه من تجرؤ على الله تعالى » وتهجم على مقامه الأعلى سبحانه . وقد قرن سبحانه ذلك القول الجرىء بعمل جرىء من أسلافهم» وقد ارتضوه» فكان من الحق أن ينسب إليهم» وهو ما عبر عنه سبحانه وتعالى بقوله: وقتلهم الأنبياء بغير حق 4 وذلك لإثبات د جرأتهم فى الشرء واستهانتهم بالحقائق الدينية» وشرههم إلى الفساد» وقد أثيت الله سبحانه وتعالى بذلك فساد فعلهم بهذا القتل الشنيع» وفساد قولهم بذلك القول الفاسد الجرىء على الله سبحانه وتعالى . وهنا تثار ثلاثة أمور نتكلم فيها بإيجاز: أولها: فى قرن هاتين الجريمتين» وقد أشرنا إلى أنهما من نوع واحدء وهو التجرؤ على الله سبحانه وتعالى» فالقديمة تجرؤ على رسالة الله» والثانية تجرؤ على ذات اللّه» وبذلك يكونون قد عتوا عتوا كبيراء وضلوا ضلالا بعيدا. انيها: أن نسبة القتل إلى الحاضرين صحيحة لأنهم رضوا به» وإن لم يكونوا قد باشروه» ومن رضى بجريمة فقد فعلهاء وقد قال النبى كَليِْهِ: «إذا عملت الخطيئة فى الأرض كان من شهدها فأنكرها من غاب عنهاء ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها)( , والشها: أنه وصف قتلهم للنبيين بأنه بغير حق - مع أن هذا النوع من الإجرام لا يمكن أن يكون بحق أبداء وذلك للإشارة إلى شناعة أفعالهم» وعظم شرهم» وأنهم لا يبالون أكان فعلهم فى موضعه أم فى غير موضعه. وقد قلنا إن هذه الكتابة هى للعقاب». وقد قال سبحانه بعد ذلك مصرحا بالعقاب: ١‏ ذوقُوا عَدَابِ الحرِيق 4 . )١(‏ رواه أبو داود: الملاحم - الأمر والنهي(71787)عن العرس بن عميرة الكندي. 0 تفسيرسورة آل عمران الللللل الل اللا ١ الاك‎ ١ 2 الذوق هو الإحساسء وهو هنا الإحساس بالألم» والتأصل فى الذوق أن يكون فى أمر مرغوب فى ذوقه وطلبه» وهو هنا للألم» فالتعبير فيه تهكم عليهم» كما قال تعالى: 8 فَبَشْرَهم بعَدَاب أَليم 2( 4 [الانشقاق ], والحريق النار الملتهبة» وهذا الكلام فيه إيجاز حذف» إذ أن السياق تضمن حذف كلمات دل فيها ما ظهر على ما طوىء إذا المعنى سنكتب ما قالوا وما فعلوا ونلقيهم فى جهنم وبئس المصيرء ونخاطبهم وهم يصلون نارها بقولنا: ذوقوا عذاب تلك النار الملتهبة وآلامهاء وذلك مثواهم» وقد صرح سبحانه بالسبب فى ذلك العذاب الأليم» وإن كان ما مضى دالا عليه فقال: 9 ذلك بما قَدَمْت أيديكم وأنَ الله ئيس بظلام أى ذلك العذاب الشديد الأليم بسبب ما قدمت أيديكم وما تكلمتم به والتعبير ب #بما قَدّمت4, وتخصيص الأيدى بالذكر؛ للدلالة على التمكن من الفعل وإرادته» ولأن أكثر الشر يكون ببطش اليد. ولأن نسبة الفعل إلى اليد تفيد الالتصاق به» والاتصال بذاته. وإذا كان ذلك العذاب لأجل هذا العمل» فهو لا ظلم فيه» وفوق ذلك فإنه لو أهمل حسابهم لكان الله ظلاما لعباده بتسوية المحسن بالمسىء» فكان العذاب لينفى عن ذات الله تعالى الظلمء وأبلغه وأقصاه بأن يتساوى المحسن والمسىء» وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن ذاته الكريمة تلك التسمية» كما قال تعالى: 9 أَم تجعل الْمتّقينَ كالفجَارٍ 44722 [ص]. ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. لل / تفسير سورة آل عمران سس سس ا ا 0 لفت ل قَالْوَإِنَ لَه عه 2 إِلَدَعَ ألا مُؤْصِرَى ررَسُولحَقٌَ َأتيَسَابِشرََانٍ تأ كا التارُهل كذ جا تُسَلْي قي ,يقتت وَيَلَِى َلَشْمَ لشم فم قَسَأَمْمُوهُمإنَ كُنتمَصَدقِينَ 0 إن كد بوك فَعَدَ رب مخؤت نيك علو ,يكت ادر لكك الغير 7 مل تين َبفَهألْوْت 0 ومو ورك م لْقَسَو من ومن كار وَأدِلَ ألْبجْكدَ ََدمَاوَ كيوك لحو الذي 4 الميلة يد 6 الكلام مستمر فى وصف اليهود وأخلاقهم واستيلاء المادة عليهم» وغلظ قلوبهم وقسوتهاء حتى لقد بلغ بهم الجحود أن يقولوا عن الله تعالى وقد سمعوا من الرسول كَل - أن من يتصدق يقرض الله قرضا حسنا - إن الله فقير ونحن أغنياء» وفى هذه الآيات يبين أن من نتائج جحودهم أن يطلبوا معجزة غير المعجزة التى جاء بها النبى كَل فيطلبون دليلا غير الدليل الذى قام حجة عليهم» سألوا موسى من قبل أكبر من ذلك» فقالوا: أرنا الله جهرة» ومع أنه قد جاء على يد موسى عليه السلام من المعجزات المسية العدد الكشير كانوا يطلبون غيرها؛ لأنهم معاندون والمعاند لا يزيده الدليل البين إلا عنادا وكفرا وجحودا. لقد سألوا النبى معجزة. وكذبوا فيها فقال اللّه فيهم: ل اين قَالُوا إِنَ الله عهد إِلينا أل نؤمن لرسول حتَئ يأتينا بقربان تكله التار) . تذكر كتب التفسير أن من معجزات بعض الرسل الذين جاءوا من قبل أن ِقَدمّ القربان» وهو الصدقة من النّعمء فتكون أمارة قبوله أن تنزل نار من السماء تفسيرسورة آل عمران , مامإلل كج-: بيضاء تأكله» وقد ادعى اليهود أن ذلك عهد من الله عهد إليهم» وهو ادعاء باطل» فهذا الأمر إذا كان معجزة لرسول لا يستلزم أن يكون معجزة لكل رسول» وآيات الله تعالى لإثبات رسالات الرسل متعدهدة النواحى» مختلفة المناهج » لكل أمة منهاج من الإعجاز يناسبهاء وكون هذا كان حجة من الحجج الدالة على الرسالة وصدق الرسول فى زمن - لا يقتضى أن يكون حجة فى كل الأآزمان. ولا شك أن ذلك النوع من الإعجاز قد وقعء وذلك لأن الله تعالى يقول: قل قَدجَاءُمْ ول من قلي بيات وبادي قم 4 والذى قالوه هو أن يأنيهم بقربان تأكله النار. ولتتميم الكلام فى النص لابد أن نتعرض لتفسيرات لفظية لبعض الكلمات» ومن هذه الكلمات كلمة (نؤمن لرسول)» وكلمة (قربان)» وكلمة (يأتينا)» وكلمة (تأكله) . ومعنى #نؤمن لرسول*: أى نذعن لما يدعو إليه ونخضع؛ إذ المطلوب منهم هو الإذعان للحق والخضوع له والتسليم به لا التصديق المجرد الذى يصوره مجرد إيمان» فالفرق بين الإيمان بالرسول والإيمان له أن الأول يتضمن معنى التصديق» وإن لم يكن معه إذعان والتسليم والخضوع لما يدعو إليه. ومعنى (إيِأَتيَا بقربَان تأَكلُه الثّارِ» أن الرسول هو الذى يأتى بالقربان من النعم وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى من النعم» ويقدمه هوء تنزل النار البيضاء من السماء فتأكله» فليسوا هم الذين يقدمون القربان الذى تأكله النار» بل الذى يفعل ذلك هو الرسول إعجازاء ولبيان أنه رسول» ولا يقال حيتئذ إنه إذا كان كل قربان تأكله النار لا تكون ثمة فائدة يستفيدها الفقراء من القرابين» بل هذه حال خاصة يأتيها النبى من الأنبياء» ويقوم بها فتكون تلك الأمارة التى على التأييد من السماءء كانقلاب العصا حية» وانيجاس الماء من الحجرء وانفلاق البحر اثنا عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم. ْ ب تفسير سورة آل عمران *' بالل اا > أ ولقد بين سبحانه وتعالى أن هؤلاء الذين سألوا النبى كلد قوم يتعنتون والمتعنت لا يِلْتَفَت إلى مطالبه» وقد ذكر سبحانه الرد مع الدليل على تعنتهم» فقال: قل قد ادك يس من قلي اينات وبالدي ثم قم فو إن حلم صادقين 4؟ . الخطاب للنبى يليد و«البينات» المراد منها الحجة المبينة المثبتة لرسالة الرسل» وابالذى قلتم»» والمعنى بموضوع القول الذى قلتموه» وهو الإتيان بقربان تنزل عليه نار بيضاء من السماء فتأكله» وقد يطلق القول ويراد منه موضوع القول» كأن يقول قائل: قلت لك إن الأمر سيكون على وجه كذاء وقد كان ما قلت» أى قد كان معنى القول الذى قلت وتحقق موضوعه. والمعنى: إن عليك يا محمد أن : تقول فى محاجتهم ولبيان تعنتهم قد جاءكم رسل بالبينات من قبل» وتحقق من الأنبياء ما تطلبون» وهو أنهم أتوا بقربان تأكله النارء فلم تؤمنوا ولم تصدقواء وقد دل على هذا المعنى بقوله تعالى: فلم تتلتموهم إن كنتم صادقين» إذ إن القتل لا يكون إلا أثرا من آثار التكذيب العنيد» والجحود الشديدء فيكون نسق القول الكريم هكذا: لقد كذبتم وأبلغتم فى الكذب بادعائكم أن إيمانكم مرتبط بالقربان تأكله النار» فقد جاءكم هذا ذا ولم تؤمنواء بل كذبتم وأعنتم حتى بلغ بكم الأمر والاستهانة بالداعى أن قتلتموهء ولو كنتم صادقين فى ادعائكم ارتباط الإيمان بالإتيان بقربان تأكله النار قلم كان القتل؟ . فالصدق المنفى هو صدق الارتباط بين الإيمان وتلك الحجة التى يطلبونهاء والاستفهام إنكارى ينفى أن يكون ثمة مبرر للقتل على أى وجه كان المبرر» وينفى وسياق الخطاب اموجه للنبى ف هو ليان تعنتهم؛ وأنهم لا يطلبون حجة لنقص الدليل » بل يتعنتون» وأنهم فعلوا مع من أتوا لهم بهذا الدليل أشد مما فعلوا معك وهنا أمر يجب التنبيه إليهء وهو أن القتل والتكذيب مع هذه الحجة كان من أسلافهم» والخطاب للذين حضروا عصر النبى يَكْدٌ ومن يجىء بعده ثمن على 6 ا تفسير سورة آل عمران اعم ااا اأااااااااااااااااالاالل !ا ااازالكك!! !1 لاااااااالا لكان ااال طنط لاغ خسمخممخمخممغخماخممخمغ مك1 اناطخ مطخمط نطلل لالتلا كاوه < يي شاكلتهم» ولقد وجهت إليهم جريمة الماضين منهم؛ لآن وصف التعنت الذى أدى إلى ما كان من الأسلاف قائم فى الأخلاف, ولأنهم راضون عن أعمالهم» فكان حقاً أن يخاطبوا بجريمتهم؛ ولأنهم تكلموا عن الماضين منهم بأنهم منهم فقالوا: إن الله عهد إليناء مع أن الأمر كان فى هؤلاء الماضين لا فيهم» لذلك كان عليهم أن يتحملوا وصف الإجرام الذى وقع من الماضين حتى يتخلصوا من تلك الآمة الخاسرة» ويدخلوا فى أمة الإيمان وأهل الإذعان. ولقد ب بين الله لنبيه أن هؤلاء جنس قائم بذاته تعود التكذيب» فلا تبتشس كانوا يفعلون» ولذا قال سبحانه: قد يود فقا ب سل قب انوا بيات والزر وكاب الش ري البينات هى الآيات المبينة للحق» الموضحة لهء وهى الأدلة التى يتحدى بها النبى من الأنبياء قومه ليثبت لهم رسالتته» والزبر جمع زبورء وهو الصحيفة أو الكتاب أو هو جمع جمع لبر وهو الأمر الشديد» وحص الزبور بالكتاب الزل على داود عليه السلام وقال تعالى: « وآنَينا داود زبورا 50ت 4 [الإسراء] وقرئ «زبورا» بضم الزاى27 كقولهم فى جمع ظريف ظروف» أو يكون جمع زبر وزبر مصدر سمى به كالكتاب» ثم جمع على زبر كما جمع كتاب على كتب» وقيل بل الزبور كل كتاب صعب الوقوف عليه من الكتب الإلهية» وقال بعضهم: الزبور اسم للكتاب المقصور على الحكم العقلية دون الأحكام الشرعية» والكتاب اسم لما يتضمن الأحكام الشرعية. وخلاصة القول أن الله تعالى يخفف عن نبيه كَل تكذيب أولئك الضالين الجاحدين فيبين أن الأنبياء قبله قد جاءوا بالمعجزات القاطعة المثبتة للرسالة» ومعهم الأوامر الإلهية المشددة الزاجرة» ومعهم الكتاب المبين التى اشتمل على ما فيه مصلحة الدنيا والآخرة» ومع ذلك كفروا بآيات ربهم» وأنكروا الرسالة مع قيام 69 وهي قراءة حمزة وخلف» وقرأ الباقون بفتح الزاي. غاية الاختصار ج17 ص8 1 . ل / تفسير سورة آل عمران الللللللل 511111010 سكم لسرب أ الآدلة التى لا مجال لإنكارهاء ومع أن ما يدعو إليه معقول فى ذاته» وفيه مصلحتهم فى الدنيا والآخرة» وإذا كانت الطاعة فى الدنيا غير ثابتة» فإن الله سبحانه وتعالى جعل الآخرة دار الطاعة والقرار» ودار الجزاء والثواب والعقاب» وما الحياة الدنيا إلا سبيل لما يكون يوم القيامة» ولذا قال سبحانه: كل نفس ذائقة الموت وإِنّما توقُون أجوركم يَوْمَ القيامة .. ذكر سبحانه وتعالى هذه الكلية الثابتة لبيان الجمع الحاشد يوم القيامة الذى يتقدم فيه كل امرئ بما قدم من عمل» إن خيرا فجزاؤه خير» وإن شرا فجزاؤه شرء وهنا إشارات بيانية رائعة ككل إشارات القرآن؛ وذلك لأنه عبر عن إقبال الموت بذوقه» للوشارة إلى أنه عند ذوق الموت سيكون المذاق إما مرا حنظلا يومئ إلى ما يتبعه من عقاب. وإما أن يكون المذاق حلوا هنيئاء فيكون إيماء إلى ما يكون يوم القيامة من نعيم مقيم» والتعبير عن حلول الأجل فى الدنيا بذوق الموت فيه استعارة بتشبيه الموت عند إقباله الرهيب أو الرغيب بالأمر الذى يذاق فيؤلمء أو يذاق وهنا إشارة بيانية أخرى رائعة هى أنه أسند ذوق الموت إلى النفس» ولم يسنده إلى الشخص؛ لأن النفس دوح؛ والشخص جزءان جسم ونفس» وإن النفس تبقى بعد مفارقة الجسم» فهى التى تذوق الموت». كما ذاقت الحياة الدنياء فإسناد الذوق إليها لأنها باقية» وقد تغيرت حياتها من حال إلى حال» فبعد أن كانت فى غلاف من جسم من الطين» قد تجردت أبدا منه حتى تلتقى به يوم البعث والنشور. وبعد أن تذوق النفس طعم تلك النقلة من متاع الدنيا الزائل إلى الآخرة» يكون الجزاء من نعيم أو جحيمء ولذا قال سبحانه: 8 وَإِنّما توقون أجوركم يوم القيامة 4 . والأجر هو العطاء خيرا أو شراء والقيامة هى قيام الساعة لرب العالمين» وتقويم أعمالهم من خير وشر بالميزان الدقيق» والحساب الذى لا يترك صغيرة ولا م تفسير سورة آل عمران « اللل لاك ااال كبيرة إلا أخصاها. فيوم القيامة هو الذى يقوم الناس فيه لرب العالمين» وتقوم الحقيقية» ويذهب الزيف ولا يكون إلا الحق الخالص» ومعنى توفية الأجور إعطاؤها كاملة لا نقص فيهاء وإذا قلنا إن الأأجر هو العطاء فإن مجازاة المسبىء والخطاب هنا للأشخاص لا للنفوس وحدهاء فذوق الموت للنفوس» ولكن الجزاء للأشخاص إذ تلتقى امسوم بالنفوس» ولذلك خاطب الأشخاص فقال سبحانه: ظ وإِنّما توقون أجوركم ) . وإن السياق الذى ذكرنا عليه أكثر المفسرين وهو أن توفية الأجر تشمل الثواب والعقاب» ولكن أرى أن روح الآية وما اقترن بها من بعد يدل على أن الجزاء هنا هو العطاء الصرف بنعيم يوم القيامة لمن يستحقونه» فالخطاب للمؤمنين تعزية للنبى يَيَِْةّ والمؤمنين عند تكذيب المكذبين» ولذا قال سبحانه إن أول عطاء هو البعد عن النار» فقال سبحانه: 9 فَُمَن رُحَزح عن الثَارٍ وأدخل الْجنَة فقَد قاز) . الزحزحة عن النار الإبعاد عنهاء والتئحية عنهاء وهو تكرار الزح بمعنى الإبعاد» والمعنى أن من أبعد عن النار بعد تكرار التنحية عنها فقّد فاز فوزا مطلقاء والنص يشير إلى أن أعمال الإنسان ترديه ولا تنجيه» وأنه لكى يبعد عن النار ويتجنبها يكون كالمحتاج لمجهود». وتكرر الزح والتنحية كشىء ثابت ملازم لهاء لا يبعد عنها إلا بمجهودء وذلك تصوير دقيق لعفو الله ورحمته وغفرانه» وأن المرء لا يبعد عن النار إلا بعد تكرار الرحمة والمغفرة» وأن البعد عن النار ثم دخول الحنة هو أكبر الفوزء وهذا كله على أساس أن الزحزحة والتنحية فى الآخرة التى هى دار الجزاء» ويصح أن يكون المعنى فى الدنياء بالأخذ فى أسباب التوقى من النارء ودخول الحنة» ويكون السياق هكذا: من غالب شهواته وجاهد أهواءه وإنها لصعبة المراس تحتاج إلى صبر وضبط» فإنما يزحزح نفسه عن النار بتوقى أسبابهاء ويدخل نفسه الحنة» واتخاذ الوسائل الموصلة إليهاء فال زحزحة هى جهاد الأهواء التى هى أسباب النار» وليس ذلك التفسير ببعيد» وإن كان الأول أوضح وأبين. ل تفسير سورة ال عمران 11أااا ااا ااا اانا التلكك نا طانلال لاا اناا ااا انلخ انان التال لالطالا طل خلال الل تاناخ خا ااا اللا ات اناطخ لاخ طاطخ ططخم ممطاالم (ظ سر ل ولقد بين سبحانه أن سبب العذاب هو الغرور فى الدنياء» ولذا قال سبحانه وتعالى : « وما الْحيَاة الانيا إلذّ ماع الغرور» . فى هذا النص الكريم قصر الحياة الدنيا على حال واحدة» وهى أنها متاع يستمتع به الإنسان ويغريه حتى ينسيه متاع الآخرة» إن استولى عليه واستغرق حسه ونفسه» والمعنى ليست هذه الحياة القريبة منا التى نشاهدها ونراهاء وهى فى ذاتها الحد الأدنى للحياة» إلا متاعا يستمتع به المغتر بها الذى يظن أنها كل شىء» وأما من يؤمن بأنها قنطرة الآخرة» فإنها تكون جهاد النفس» والسيطرة على الآهواء ولقد قال الزمخشرى فى تفسير متاع الدنيا : «شبه الدنيا بالمتاع الذى يدلس به على الْمسّتام(27» ويغره حتى يشتريه» ثم يبين له فساده ورداءته» والمدلس هو الشيطان الغرورء وعن سعيد بن جبير: إنما هذا لمن آثرها على طلب الآخرة». اللهم لا تغرنا بهذه الدنياء» ووفقنا لأن نطلب ما عندك» وامنحنا ياذا الجلال والإكرام رضوانك» فهو أعلى ما يبتغيه المؤمن؛ إذ رضوانك أكبر من كل ما فى الوجود يارب الوجود. ير 00 -_-- ود لتبلوت فق أاموالكم 06 ير م 2020010 وأنفيحكم ولتسّمعر من الزد وتواال١<‏ و وعم ل امم 0200000 - رج م درس أب - د من قبل وَمِنّالذرب أشْر و أذ يرا دس عير مه - ؤس وهو وَإِذَ أَحَذَ َه ميك َلَذنَ ونوا كتنب لبي ناس و ا ل ل ور د 02 السو «فنبيدوه وراء عمُورضوَأشأيه تا عار 000 0 0 2 لاف ف فتن مامشكرورج 0 ا 57 لاسن لذن يفون 2 2 50 0 0 رقمل وَل هس ل اي ج22 ترس سا نوا وحجمونان > معدا ليقع ذلا سدنهم عفار ةيعدا ولو كال +4 0 رمن العذاب ولهم هه ل 3 . من السوم في المبايعة» تقول منه (ساومه سواما»» و(استام) علي و(تساومنا». الصحاح‎ )١( ْ (#/ تفسيرسورة آل عمران تملك 1711 < لكيه‎ ١ يي لقد بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أن محنة أحد كانت فيها العبر» وكانت تمحيصا لقلوب المؤمنين وصقلا لنفوسهمء وبين الله سبحانه وتعالى فى تلك الآيات أيضا أنه سبحانه لا يذر المؤمنين على ماهم عليه حتى يتبين الخبيث من الطيب» وقوى الإيمان من ضعيفه» وذكر سبحانه ما كان يلقيه المشركون واليهود من أقوال جارحة؛ وبعضها يمس ذات الله تعالى» كقولهم - لعنهم الله - إن الله قير ونحن أغنياء . ولقد ذكر سبحانه من بعد ذلك أن المستقبل سيكون من جنس الماضى» وأنه سينزل بالمؤمنين ضروب من البلاء كالتى نزلت أو أقوى. وأن واجب التبليغ والإيمان يتقاضاهم أن يتحملوا ذلك بصبر وتقوى واحتياط» ولذلك قال سبحانه وتعالى: 9« لَتبلُون في أموالكم وأنفسكم ولَتَسمعْنَ من اين أُوتُوا الكتاب من قَبْلَكُم ومن الّذين أشركوا أَذَى كثيرا 4 . ففى هذا النص السامى إخبار لهم بأن البلاء الذى ذاقوا بعضه مستمرء وهو خير لهم» وذلك ليستعدوا لتلقيه من غير فزع ولا جزع» فإن الشدة المتوقعة يسهل احتمالهاء أما الشدة التى تقع من غير توقع» فإنه يصعب احتمالهاء وقد ذكر سبحانه وتعالى مواضع الابتلاء» وكلها عزيز يحرص عليهء وهذه المواضع هى المال والنفسء» والدين. والمال والنفس قال فيهما سبحانه وتعالى: « لتبلونَ في أموالكم وأنفسكم 4 وقد أكد سبحانه وقوع الابتلاء بالقسم» واللام الموطئة للقسمء ونون التوكيد الثقيلة» وقد أكد بهذه التأكيدات ليكون الوقوع مستيقناء وليستعدوا بالصبر والمجاهدة» والاعتماد على الله تعالى؛ والابتلاء فى المال بإنفاقه فى سبيل الله تعالى» وتبديده بغارات الأعداء. وبالتكليفات الكثيرة المتعلقة به» وقد ابتدأ به لأنه أدنى الدرجات,. فالترتيب فى الابتلاء متدرج يبتدئ من الأدنى» وهو المال» والاختبار فيه شديد قاس» والاحتمال يحتاج إلى صبر وعزم» وقد يكون الاختبار فى المال بالجوائح تنزل بهء فكل هذا اختبار بالمال» وإنه ليسمى نفيسا؛ لأنه قرين تفسير سورة آل عمران اال د حت أ النفس» وإن كان دونهاء وهى أغلى منه» والمعنى: ليست أحوال المؤمن رخخاء دائماء بل فيها شدة وبلاء يقتضى الصبر» وفيها نعمة وإحسان يقتضى الشكر. والابتلاء فى الأنفس يكون بالمخوف من مساور(21 الأعداء» وتربصهم دائماء» وبالجوع» وبهلاك النفوس فى الحروب» وبالشدائد فيهاء والابتلاء فى المال والأنفس قد ذكره سبحانه وتعالى بهذه الآية» وفى كثير من الآيات. والدرجة العليا من الابتلاء هى ما يخص الدين» وقد خصها سبحانه وتعالى بالذكر المؤكدء فقال: 9« ولَتَسمَعنَ من الّذينَ أُوتُوا الكتاب من قَبَلكُم ومن الدين أشْركوا أَذى كثيرا 4 والأذى الذى كانوا يسمعونه هو الافتراء على الله تعالى, والتهكم على القرآن» والسخرية من الشرع الإسلامى» من مثل قولهم: إن اللّه قير وتحن أغنياء ... +42 4 [آل عمران] ومثل قول المشركين: 9 أنطعم من لُو يَشَاءِ اللّهِ أَطعمه .. هن 4 [يس]ء وهكذا مما يمس الحقائق الدينية» وقد جعله الله سبحانه وتعالى فى المرتبة العليا من الابتلاء؛ لأن المؤمن يسهل عليه التأذى فى ماله ونفسهء ولا يسهل عليه الأذى فى دينه» وإنه يحتمل كل شىء فى سبيل الدين» فإذا اتخذت الحقائق الدينية ذاتها هزوا ولعبا فإن ذلك فوق الاحتمال» ولذلك لم يحتمل أبو بكر الصديق كلام (فنحاص) عندما تهجم على ذات الله فضربه وشح رأسه0", مع ما اشتهر به الصديق من رقة وعطف» حتى شبهه النبى ثِْدٌ باللبن السائل للينه وسهولته. وفى النص الكريم إشارات بيانية نبينهاء فإن فى بيانها ذكرا لمرامى النص الكريم: أولها: أنه عبر عن المخالفين الذين كفروا بالنبى يَلكِْةٌ بما يشير بأنهم قسمان: قسم أوتى علم الكتاب الذى نزل على بعض الأنبياء من قبل النبى كلو والقسم (1) المساورة من معانيها المواثبة والمقاتلة» وسورة الغضب: وثوبّه. الصحاح - لسان العرب (سور). فالمعنى هنا مهاجمة الأعداء . (1) سبق قريبا تخريج هذه الرواية. © تفسيرسورة آل عمران 2 الل 0100 سرب 1 الثانى المشركون الذين لا يؤمنون بكتاب» ولا يهتدون بهدى» وقد جمع القرآن القسمين فى أمر واحدء وهو معاداة النبى عَلكلِهة. وقد دفعتهم المعاداة إلى الجحود» وما كانت المعاداة لشخصه» بل كانت لا جاء به» وما يدعو إليه؛ وفى الجمع بين العالم بالكتاب والجاهل به إشارة إلى أنه عند وجود المعاندة يستوى العالم والجاهل» فإن الجاهل يَعْمهُ فى عمياء جهالته والعالم يطمس الله تعالى على قلبه» فيكون هو والجاهل سواء. والثانى: الإشارة إلى أنه إذا كان سبب معاندة المشركين جهلا فسبب معاندة الكتابيين هو الحسدء إذ يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضلهء ذلك أنهم بمقتضى كونهم أوتوا الكتاب من قبل ظنوا ذلك اختصاصا اختصوا به» وأنهم أولى أن تكون الرسالة فيهم دون غيرهمء «اللّهُ أعلم حيث يجعل رسالته ... فتك 4 [الأنعام] وبذلك سكن قلبهم الحقد والحسدء وحيث كان الحسد كانت العداوة وكان العمى عن إدراك الحقائق. الشالث : التتعبير عن نزول الأذى بسماعه؛ وقال سبحانه: ولتسمعن من الّذين أُوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أَذى كثيرا 4 والذى يسمع هو كلام» وعبر عنه بالأذى لأنه يؤدى إلى أذى» وموضوعه أذى» وهو فى ذاته أذى» فكأن الأذى فى ذات القولء ولذلك كان مفعولا للسماعء ووصفه سبحانه وتعالى بأنه أذى كثير» وذلك ليبين لهم ما يوجب استعدادهم لسماعه؛ من أذى ليس بقليل فى مقداره» ولا فى نوعه» ولا فى موضوعهء فالكثرة ليس المراد منها المقدار فقطء بل الكثرة تشمل المقدار والنوع» والطريقة والموضوع . وقد بين سبحانه وتعالى العلاج فى هذا البلاء: © وإن تصبروا وتتقُوا فَإِنَ ذلك من عزم الأمور) . الصبر ضبط النفس وحبسها عن الجزع» وحبسها على العمل واتخاذ الأهبة» وحبسها أيضا مع أهل الإيمان كما قال تعالى: ذإ واصبر نَفْسَك مع الْذينَ يَدَعونَ ها تفسير سورة آل عمران 1 ١ اك‎ 3 بّهُم بالعداة والعشي يريدون وجهه ... 2# 4 [الكهف] فالصبر يتضمن ضبط النفس عن الجزع» وقوة الاحتمال» والتضافر مع الجماعة» وقد وصف النبى كلد صبر الأنصار فيما روى عنه من أنه قال فيهم: «يقلون عند الطمع» ويكثرون عند الفزع»217. «اتنّهُوا معناها أن تتخذوا الوقاية بطلب رضا الله تعالى» ورجاء ما عنده» وأن تستعدواء وتدفعوا الاعتداء بالحق وتعملوا على الخروج من المحنة» فليس شأن المؤمن استسلاما للمصائب تنزل به» بل شأنه صبر من غير جزع» وعمل من غير طمع» وجد وجهاد ودفع للشر. وقد بين سبحانه أن التقوى والصبر هما من الأمور التى أمر الله تعالى بها لأنها تؤدى إلى النجاحء ولذلك قال سبحانه: «فَإِنَّ ذلك من عَرْم الأمُور» أى إن ذلك ما يعقد الأمور ويربطها ويوثقها ويؤكدهاء ويجعلها قوية منتجة مثمرة» فالصبر والتقوى بهما النجاح فى الأمور. وقد بين سبحانه أن أهل الكتاب فيما يصنعون قد خالفوا ما أخذ عليهم من مواثيق» فقال تعالى: ظوإِذْ أَحَدَ الله مياق الّذينَ أُوتُوا الكتاب ليه لئاس ولا الميشاق هو العهد الموثق المؤوكدء وقد أخذ الله سبحانه وتعالى على الذين أوتوا الكتاب العهد المؤكد الذى لا يقبل تأويلا ولا احتمالا أن يبثوا علم الكتاب ويعلنوه» ولا يقصروا العلم به على طائفة من الناس خاصة:» والضمير فى ِ« بيه 4 يعود إلى الميشاق» ويكون المراد من العهد الذى وثقه الله تعالى هو تعاليمه وشرعه ونوره» وعلى ذلك يكون ثمة احتمالان فى عود الضمير» أحدهما أن يعود إلى الكتابء والثانى أن يعود إلى الميثاق نفسهء والأظهر أنه يعود إلى الكتاب» والالتفات من الغائب إلى الخطاب؛ إذ إنه كان متحدثا عنهم» ثم فسر )١(‏ جزء من حديث رواه العسكري في الأمثال كما جاء في جامع الأحاديث والمراسيل؟1749 - ج19» صلا" . 4 تفسيرسورة آل عمران ١ ااا‎ ١ يو الميثاق بالخطاب» لتأكيد أخذ الميثاق بإعلان أنهم ما كانوا غائبين عند أخذه» بل كانوا حاضرين مخاطبين» فالعهد قد أخذ عليهم بألسنتهم» وقوله تعالى: «ولا تكتمونه 4 معطوف على قوله تعالى : ل لتينُه للّاس 4 وهنا يسأل سائل : لماذا أكد قوله تعالى: «الْتبيّه للنّاسِ» بعدة توكيدات, بالقسم وبلامه» وبنون التوكيد الثقيلة » ولم يؤكد (ولا تكتمونه)؟ وذلك لأن طلب البيان مشدد ومؤكدء وبذلك يتأكد عدم الكتمان بتأكد طلب البيان» ولو أن أدوات التوكيد لحقت «ولا تكتمونه) لآوهم الأسلوب أن المنفى هو الكتمان المؤكد المبالغ» أما غيره فلا ينفى» فلو قيل: «ولا تكتمنه» لآوهم الأسلوب أن المراد النهى عن المبالغة فى الكتمان» فغير المبالغة فى موضع الإباحةٍ وذلك غير معقولء ومع هذا العهد الموثق لم يبينوا؛) ولذلك قال سبحانه: ظفَبِذُوه وراء ظهورهم واث شتروا به نَمنا قليلا 4 . النبذ الطرح» والتعبير بوراء ظهورهم كناية عن أنهم لن يعودوا إلى ما نبذوه» والكلام تصوير لعملهم فى عدم الوفاء بعهد الله الذى أخذه عليهم» إذ إنهم أهملوه: ولم يفكروا فى العودة» وأهملوه إهمال استخفاف واستهانة» كما ينبذ الشىء الحقير . والضمير فى «نبذوه» على هذا يعود إلى الميثاق» باعتبار أنه هو موضع الحديث ابتداء» ويصح أن يعود إلى الكتاب؛ لأن الميئاق هو الشرائع والأحكام والكتاب وعاؤهاء فنبذ الكتاب نبذ للعهد» فهم لم يكتفوا بالامتناع عن البيان لغيرهم» بل أضافوا إليه إهمال الكتاب إهمالا مطلقا. وإن هذا النبذ للكتاب وتعاليمه» وللميثاق المؤكد وإعلانه - سببه الهوى الدنيوى» وحب السلطان والغلب» والاستطالة على الناس بما عندهمء والودلال عليهم بالعلم من غير أن يعملوا بهء ولذلك قال سبحانه: واذ شتروا به تَمنا قليلاً» أى تركوا كتاب الله تعالى والعمل به وبشرائعه» وإعلانه» فى نظير ثمن تافه قليل» وكل ثمن للإعراض عن كتاب الله تعالى والعمل به هو قليل مهما يكبر فى نظر التاركين» ولذا قال سبحانه: «إ قبس ما يَشْتَرُون 4 أى أنه مذموم قبح ما يطلبون من أعراض الدنيا فى نظير إهمال الشريعة والعهد الموثق تفسير سورة آل عمران سس سس سس اس 49 لجل بيه لي وإن هذا الكلام يدل على وجوب إعلان الحقائق الدينية والدعوة إليهاء ومجابهة مخالفيها بإثم المخالفة» ومن أحسن ما قرأت فى ذلك ما قاله الزمخشرى فى التعليق على هذا: (كفى به دليلا على أنه مأخوذ على العلماء أن يبينوا الحق لنفوسهم » واستجلاب لمسارهمء أو مر منفعة وحطام دنيا» أو لتقية» أو لبخل بالعلم وغيره من أن ينسب إلى غيرهم» وعن النبى كَلِةِ: «من كتم علما عن أهله بهم بلجام من نار)210 . إلا تحسبن الّذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا 4 هذا وصف آخر لليهود فى ماضيهم» وفى حاضرهم » فهم يحبون أن يحمدوا يما لم يفعلواء ويفر حون بما أتواء وتلك طبيعة الضال دائماء»ء فالضال يفرح بكل ما يعمله ويزين له سوء عمله فيراه حسناء ويحب أن يحمد بما لم يفسعل» فيدعى لنفسه من المحاسن ما شاء» ويتكر محاسن غيره. والنهى موجه للنبى ككل وهو نهى مؤكد عن حسبان الخير فيهم فالتأكيد فى قوله تعالى: «إلا تحسبن الّذين يفرحون» هو تأكيد للنهى» وليس بتوكيد للظن فليس النهى منصيا على الظن المؤكد» وغيره لا يكون منهيا عنه» بل التوكيد هو لأصل النهى» أى ينهى الله سبحانه وتعالى نبيه نهيا مؤكدا عن أن يظن فيهم خيراء أو يصيبهم خيرء و«تحسب» لها مفعولان أصلهما مبتدأ وخبر» والمفعول الأول هو (الذين يفرحون بما أتوا) إلى آخره» والمفعول الثانى محذوف دل عليه ما بعده» وتقدير الكلام هكذا: ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا موفقين أو مهتدين » أو صا ين » وحذف لدلالة ما بعذه به» وهو أنهم يزينون أعمالهم » ويرغبون فى المدح الكاذب» فإن ذلك هو الضلال الخير والنفع ‏ فكل ذلك وغيره يتضمنه الكلام المحذوف. )١(‏ رواه ابن ماجه: المقدمة )15١(‏ عن أبي سَعيد الْخْدرِيّ. كما رواه أحمد: مسند المكثرين )٠١١81(‏ عن أبى هريرة . تفسيرسورة آل عمران ' اللللاااالللل 01 سرب أ وقد صرح سبحانه بهلاكهم» فقال سبحانه: قلا تحسبتهم بمقازَة من العذاب 4 أى إذا كانوا بهذا الوصف الذى وصفوا به وهو الضاال المبين فلا تَحسبنّهم بمفازة أى بمنجاة من العذاب» والتعبير عن النجاة من العذاب الآليم بقوله تعالى : بمفازة 4 الإشارة إلى أن أقصى ما يكون لهم من فوز أن ينجوا من العذاب الآليم أى المؤلمء ولكنهم لن ينجوا منه أبداء ولذا أكد النهى بالخبر» فقال: © ولهم عذاب أليم4 أى عذاب مؤلم أشد الإيلام» أو بكل ما يتصور العقل من إيلام» ولذلك جاءت كلمة أليم نكرة» فذكر سبحانه عذابهم الآليم بالسلب والإيجاب» فنفى أولا أنهم بمنجاة منه وأخبر ثانيا بأنهم واقعون فنه. 5 وهنا بيان لطرق الشيطان إلى النفس . إنه يجعل الشخص يحمد كل ما يأتيه أى يصدر عنه» ويجعل نفسه هى مقياس الخير والشر» ويحبب إليه الثناء بغير الحق» وذلك هو الغرورء وهو الضلال؛ وهو الضعف النفسىء والفرح بما لم يفعل» وإن الشناء الكاذب ضار بمن يكون موضع الثناء» وضار بالمجتمع ولذ قال َلةٌ: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا فى وجوههم التراب)(2. وقال يَكِ: « تطرونى كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإئما أنا عبدء فقولوا عبد الله ورسوله»2'؟. اللهم اكفنا شر النفاق» وامنعنا من الغرور» وثبت قلوبنا وآلسنتنا وأقلامنا على قول الحق» إنك سميع الدعاء. .)9151( جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه: الزهد والرقائق - النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط‎ )١( وابن ماجه: الأدب‎ »)517١( كما رواه الترمذي: الزهد (2)7117 وأبو داود: الأدب - كراهية التمادح‎ . 710/9577 المدح‎ - (0) رواه البخاري: أحاديث الأنبياء - قول الله تعالى: #واذكر في الكتاب مريم» »)73١89(‏ وأحمد مسند العشرة المبشرين - أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه »2١59(‏ والدارمي: الرقاق - لا تطروني (55560). اها لفندئير سورة ال عمران , لك 4 7 > د ا وَلِلهِ ملك دمج يكم ل طلسم وو لله يدر 0 2 1 حطه | رد . َلْسَّموَتِ وَالْأَرضٍ الله عل كل شَىّءِ در <ْيي إنَّفَ خَلَقِاَلسَمَوَت وَالْأَرَضٍ وَخْيَكَ قٍ يوالم لآب 5 1007 جم مهم ل سل لس سرس لدو د اولي الا ابم يه ليد رونأ قيلماوقعودا 12 قير سه رص ا 2 0000 دح عر سه نَم لقت هدبك 0 سَبحَدتَكَ مبِحَمَكَ تاجنر :4 22 سس د سر رارع سمه عو 26 200 نانك من تاماعد حَسَدموَمَا ليت من 1 02121170 سا ووه أنصَارٍ 220 د 0 ْنَا سَحِعًا متاويا يسَاوِى لِلإيِمَْنٍ أَنْ ءامنا كارع ديكا حدعَنًَا هر سدس سه سس سس م ل 2 سَيعَاتَاوتوضَاما رار جيه الام وَيسَاوَءَائِمَا مَاوَحَدتَنَا سس ل قر > سس سا سا 41 عل رسك ولغوا ومْالْممَة نك لا لت أَلْيمَاد 29 0 أنذر سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة بش وأرشد وزجر» وبين غرور الذين كفروا بزخحارف الدنياء والتمكين لهم فيها نما دلاهم بغرورء وجعلوا يعتقدون أن السلطان فيها دليل السلطان فى الآخرة. وفى هذه الآية الكريمة يبين سلطانه سيحانه» وهو الذى وعد وأوعد» وهدد وحرضء ولذلك قال سبحانه وتعالى : ل ولله ملك السّمَوات والأرض واللّهُ على كل شيء قدير 4 . أى لله وحده سبحانه ملك السموات والأرض بما فيهما ومن فيهماء وتقديم لفظ الجلالة لإفادة الاختصاص والانفراد» وفى ذلك إشارة إلى أنه وحده المتصرفء وهو الذى يعطى ويمنع ويحاسب ويعاقب» وقد أعطى من أعطى فى الدنيا ليتمتعوا حتى حين» وأبقى ما أبقى فى الآخرة ليجزى الصابرين » وينال تفسيرسورة آل عمران للاللللل تالصولا رب 1 ه المتقون» وإن عطاءه لحكمة.» ومنعه لحكمة» فيه إشارة إلى كمال قدرته. عهد لك و وفيه | ا وأنه إن أوعد بالعقاب» ووعد بالثواب فهو القدير على تنفيذ ما وعد وأوعد. وبعد أن بين سبحانه ملكه للسموات والآرض أشار إلى ما فيهما من عبر» فقال تعالى: «إإنّ في حَلقٍ السّمَوات والأرض واختلاف اليل وَالنّهَارِ لآيات لأولي وقد قال فخر الدين الرازى فى علاقة هذه الآيات بما قبلها: «اعلم أن المقصود من هذا الكتاب الكريم جذب القلوب والأرواح من الاشتغال بالخلق إلى الاستغراق فى معرفة الحق» فلما أطال الكلام فى تقرير الأحكام والجواب عن شبهات المبطلين عاد إلى إنارة القلوب بذكر ما يدل على التوحيد والإلهية والكبرياء والجلال فذكر هذه الآيات». وفى الحق» إن هذه الآيات تدعو إلى التدبر والتفكر فى هذا الكون العظيم» وصانعه الحكيم» ومبدعه ومنشئه من العدم. والآيات: الأمارات الواضحة الدالة على قدرة الصانع وسلطانه وكمال حكمته. واختلاف الليل والنهار هو تعاقبهماء مع تخالف مظاهرهماء فهذا نور ساطع» وذلك ظلام حالك» وفى التنهار الشمس التى. تمد الأرض بحرارتها وأشعتهاء وبها يحيا النبات ويحيا الإنسان» وفى الليل النجوم الزاهرة» والقمر الباهرء وأولو الألباب هم أهل العقول المدركة التى تنفذ إلى لب الأشياء» ولا تكتفى بظواهرهاء وما أحسن ما قاله الزمخشرى فى وصف أولى الألباب: «الذين يفتحون بصائرهم للنظر والاستدلال والاعتبار» ولا ينظرون إليها نظر البهائم غافلين عن عجائب الفطرة» وفى النصائح الصغار: «املاً عينيك من زينة هذه الكواكب» وأجلهما فى جملة هذه العجائب» متفكرا فى قدرة مقدرها متدبراً فى حكمة مدبرهاء قبل أن يسافر بك القدرء ويحال بينك وبين النظر» وليس كل أولى الألباب يفهمون الآيات» بل لابد من قلب خاشع» وعقل متفكرء ولذلك ذكر لأولى الألباب أوصافا أخرى لهم: أولها - نوه إليه سبحانه بقوله : 8 الّذِين يذكرون الله قياما وقعودا وعلَى جنوبهم 6 . هاا تفسير سورة آل عمران الالال لاا لل 2 ١١ 0 2 ذكر الله تعالى استحضار عظمته والإحساس بجلاله» واستشعار النفس بنعمهء وقد يدخل هذا فى معنى قول النبى كَك: «اعبد الله كأنك تراهء فإن لم تكن تراه فإنه يراك2172 فذكر الله يتضمن كل معانى العبودية والإحساس بالألوهية والنعم التى أسبغها على خلقه ظاهرة وباطنة» وذكر الله لب كل عبادة» وغاية كل نسكء لذلك قال الله تعالى: <« إِنّ الصّلاة تنهئ عن الْمحشاء والْمَكَرٍ ولذكر الله أكبر واللّه يعلّم ما تصتعون 20 4 [العنكبوت] وقد وصف الله تعالى أولى الألباب الذاكرين بأنهم يذكرون الله تعالى فى كل أحوالهم» فهم يذكرونه قائمين» وقاعدين» وهم على جنوبهم» فقوله تعالى: 9 قيّاما وقُعودا وعَلَى جنوبهم 4 إشارة إلى أن الذكر يكون فى عامة أحوال الإنسان فى الحياة » وظن بعض المفسرين أن المراد بالذكر الصلاة لما روى أن النبى يَكيِْةٌ قال لعمران بن الحصين: «صل قائماء فإن لم تستطع فقاعداء فإن لم تستطع فعلى جنب( والحق أن الذكر أعم من الصلاة» وأن الصلاة الحقيقية التى تثمر ثمراتها ضرب من ضروبه»ء وكل العبادات من مسالكهء وقوله تعالى: 9 قَّامًا وقُعودا 4 مصدران وضعا موضع الوصف وموقعهما فى الإعراب أنهما حالان. وذكر الله تعالى على هذا النحو من أكمل العبادات» ولو ذكر المؤمن ربه فى عامة أحواله لساد المجتمع الإنسانى كله الوثام» وما كثر الخصام» وما امتشق الناس الحسامء بل ما تنازع اثنان»ء وفوق ذلك من يذكر الله يعلو عن آلام الحياة واضطرابها وما ينزعج له الناس ويتحيرون فيه» ولذا قال تعالى: « الّذِينَ آمنوا َم يهم بدكر اله ألا بدك له سلوب 32 4 [الرعد. وَيتفَكْرُونَ في حَلْق السّمَوات والأرْض » هذا هو الوصف الثانى بعد أوصاف أولى الألباب الذين يدركون آيات الله الدالة على جلاله وعظمته فى خلقه. والتفكر: ترداد الفكرة فى النفس لتصل إلى أقصى ما تؤدى إليهء وقد جاء فى )١(‏ سبق تخريجه. (١؟)‏ رواه البخاري: الجمعة - إذا لم يطق قاعدا »)٠١6١(‏ والترمذي: الصلاة: ما جاء في صلاة القاعد [لكرورة 5 وأبو داود: الصلاة - صلاة القاعد (81206))» وابن ماجه : إقامة الصلاة والسنة فيها (7١؟١).‏ ا تفسير سورة آل عمران . اللل ل للللللل لا لل 0011 لجح نو 2" مفردات الأصفهانى : «الفكرة قوة مطرقة للعلم» والتفكر جولان تلك القوة بحسب نظر العقل» وذلك للإنسان دون الحيوان» ولا يقال إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة قى القلب» ولهذا روى: «تفكروا فى آلاء الله» ولا تفكروا فى الله» إذ كان الله منزها عن أن يوصف بصورة ..21(02 قال بعض الأدباء: (الفكر مقلوب عن الفرك» لكن يستعمل الفكر فى المعانى» وهو فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها) . والتفكر فى السموات والأرض له ثلاث درجات بعضها أعلى من بعض» أدناها أن ننظر إلى السماء وما فيها من نجوم وكواكب وشمس وقمر وأبراج» وما فيها من نظام بديع محكم» وهذه هى النظرة العامة التى تكون لذوى الألباب وغيرهم؛ لأن هذه النظرة أساس الحس وإشراق المحسوس . والمرتبة الثانية التفكر فى خلقها وأسرار وجودها ونواميسها وقوانينهاء وهذا ما يفكر فيه علماء الكونيات الذين يعرفون ما اشتمل عليه الكون من قوى وما أودعها الخالق من أجرام وقوانين لسيرها. المرتبة الثالثشة وهى أعلاهاء وهى النظرة التى تتجه إلى الخالق من وراء المخلوق». فيتدبر الكون وما فيه ليدرك عظمة المبدع, فيتعرف من جمال الصنعة جلال الصانع». وهذا النوع هو المذكور فى هذه الآية وهو أعلى مراتب العبادة» وقد روى عن النبى كَكِْةّ أنه قال: «لا عبادة كالتفكر)(2 وقد كان بعض الصحابة يقول: (إن ضياء الإيمان التفكر) . وإن هذا النوع الأخير من التفكر يجعل القلب يخضع واللسان يخشع فينطق مستشعرا عظمة اللّه .قائلا: « ربّنا ما حَلقَت هذا باطلا سبحاتك فقنا عدَاب النّار) . () جاء في اتح الكبير :010) ج05 ص م تَمكَرُوا في كُلّ شيء ولا تَفكّرُوا في ذات الله تغالى فإن بَينَ السماء ٠‏ السابعة إلى كرسيّه سبْعَة آلاف نُورِ ومو قَوْقَ ذلك (أبو الشيخ في العظمة) عن ابن عباس. . وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله): : جاء في كتاب السنة لعبد الله بن أحمد - من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس: «تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله؛ فإن بين السموات والأرض سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك» موقوف وسنئده جيد. زهع رواه القضاعى فى مسئك الشهاب ج22 ص39 : (ملم). تفسير سورة آل عمران اي اللللا0ا0ا0ا0الللل لل سر ا تلك الضراعة التى بدت على الآلسئة هى أولى ثمرات التفكرء لقد وصلوا بتفكرهم إلى إدراك ربهم فقالوا (ربنا) ونادوه سبحانه بذلك النداء الخاضع الضارع الشاكر لنعمائه» وقد وصلوا بتفكيرهم وتدبرهم إلى أن هذا الكون لا يمكن أن يخلق باطلاء أى لا يكون لغير غاية» ولا لغير حكمة» فمعنى البطلان هنا العبث وعدم الغاية وإنهم ليعلمون أن ذلك مستحيل على الله تعالى» ولذا أردفوا هذا بقولهم: (سبحانك)» أى تنزهت ذاتك وتقدستء. وبذلك ارتفعوا إلى مقام التقديس وهو كمال العبودية والألوهية» ثم اعترتهم وقد وصلوا إلى هذا النوع من العلم خشية العلماءء مصداقا لقوله تعالى: 9 إِنّمَا يَحْشَى اللَّهَ من عباده الْعلَمَاء إن الله ععزيز فور 05226 4 [فاطر]» ولذلك غلب عليهم المخوف من عذاب الله تعالى فقالوا مرتبين على تفكرهم ما أدى إليه: ل فقنا عذاب الثّارِي فهذه ضراعة إلى الله تعالى أن يقيهم عذاب النار» والوقاية من عذاب النار تكون بأمرين: أولهما- أن يوفقهم لتجنب ما لا يرضيه» والثانى- أن يغفر لهم ما أفرطوا فى جنبه سبحانه وتعالى. وقد كان ترتيب اللخوف على التفكر له موضعه لأن نهاية التفكر هو الخنوف؛ إذ ينتهى إلى أعلى درجات الشعور بالمهابة لله تعالى» وهو يجعل المؤمن يستصغر حسناته» ويستكثر سيئاته» وإن الصوفية الحق يبالغون فى التفكرء حتى إنهم يفضلونه على صلوات النفل فهو من أفضل مقامات العبودية. رينا إِنّكَ من تداخل الثار فقد أحخزيته وما للظّالمينَ من أنصار» هذا فى مقام التعليل لضراعتهم بالوقاية من النار» وهو تعظيم لأمر العقاب يوم القيامة» وفيه فوق ذلك شعور بالعدالة إذا وقع العقاب, إذ إنه يكون من ظلم المرتكب» وفيه أيضا بيان أن العقاب إن أراده الله فلا مناص منه» ولا منجاة بنصر ناصرهء أو شفاعة شفيع» وأعظم العقاب ما فيه من الخنزى أمام الله واهب الوجودء ومولى النعم وذى الجلال والإكرام؛ والخزى فى أصل معناهه الوقوع فى بلية» وقد يطلق على الوقوع فى البلايا المعنوية بأن يكون قد ارتكب أمرا يتعير به أمام الناس 6 اللا تفسير سورة آل عمران الالال !!اااا!اااالناا ك1 الالال ااالاا لكام ااال لأ !الل امخمماالمم للخم العامة اللللا رب ا ولا مناص لرد اعتباره؛ وقوله تعالى: ققد أَحزيته © يتضمن هذه المعانى» فقد أوقعهم سبحانه فى بلية لا يستطيعون التخلص منهاء وهم فى عار معنوى لآنهم نالوا سخط الله تعالى» وذلك بظلمهم» وقد أكدوا استحقاق المجرمين» وعدم خلاصهم منه بقولهم ف وما للظّالمين من أنصار» أى أن المذنبين ظالمون فهم معاقبون بحق ولا ناصر لهم» و(من) دالة على استغراق النفى» أى لا ناصر لهم أيا كان» وفى ذلك إشارة إلى اتفراد الله تعالى بالسلطان. والتفكر يهديه» وهما معا يرفعان المؤمن إلى مرتبة الخوف من اللّه» فإن التذكر لله كان شأن أولئك المتذكرين المتفكرين فى خلقه أنهم بمجرد أن سمعوا نداء الإيمان أجابوا 0 وهنا بحوث لفظية : أولها: أن أولئكك سمعوا ثذاء المنادى » ولكن أسند السمع إلى الشخص لكمال الانتباه إليه» ولأن شخص المنادى له أثر فى حسن الاستماع لأنه رسول من عند الله فما اقتنعوا بالحق لذات الحق فقط» بل لأن الداعى صادق أمين. من إيهام بعده بيان» فيكون البيان أكثر ثباتاء ولأن الإطلاق أعطى المنادى تفخيما وتكبيراء ولأن النداء إلى الحق اعتبر كالعنوان له. وثالئها: أن الإيمان ذكر مطلقا على أنه إيمان بالرب» وذلك للدلالة على الإذعان المطلق لله وللحق والهدى . . اللهم هبنا إيمانا بالحق وإذعانا له» وقد أجابوا نداء الإيمان فقالوا (فآمنا). وسماع النداء لا يلزم أن يكون من شخص النادى» بل يعم السماع من شخصه وتتبع رسالته من بعده. ب تفسير سورة آل عمران الال لل ااال 09م لأسب 5 « ينا فاغفر لَنَا ذنوبَا وكفر عنًا سيّتَاتنا وتوقنا مَع الأبرار» كان التفكر والتذكر لله سببا فى قوة إحساسهم بهفواتهم ونسيانهم حسناتهم وتواضعهم أمام ربهم خاضعين خاشعين» ولذلك طلبوا ثلاثة أمور: أولها: الغفران إحساسا بتقصيرهم وفضل ربهم . وثانيها : تكفير السيئات» أى الأمور التى تسىء فى ذاتهاء والفرق بين الذنب والسيئة» أن السيئة عصيان فيه إساءة» والذنب فيه تقصير وتبطؤ عن الخير والغفران» والتكفير كلاهما ستر» ولكن الأول يتضمن معنى عدم العقاب» والشانى يتضمن ذهاب أثر الإساءة. والمطلب الثالث الذى طلبوه هو أن الله يتوفاهم مع الأبرار» أى يميتهم مع الأبرار بأن يسلكوا طريق الاستقامة فى الدنيا حتى يخرجوا منها مع المستقيمين الأبرار الأخيار. « ربا وآتنا ما وَعَدتََّا علَى رسلك ولا تخزنًا يوم القيَامّة 4 لقد ترقوا فى الطلب» فاتتقلوا من طلب الغفران إلى طلب الثشواب» فمعنى النص الكريم: أعطنا يوم القيامة ما وعدتنا به على ألسنة رسلك الأكرمين» وقد أخروا ذلك لشعورهم بهفواتهم أكثر من شعورهم بحسناتهم التى يستحقون عليها الثواب» وقوله: «( على رسلك 4 على حذف مضاف أى ألسنة رسلكء وقالوا على رسلك» ولم يقولوا على رسولك للإشارة إلى أن ثواب المطيع وعقوبة العاصى مما جاء به كل الرسل» ولتأكيد طلب إعطاء الثواب» ومع بلوغهم مرتبة الرجاء كان يغلب عليهم الخوف. ولذلك أردفوا الرجاء بقولهم: ولا تخزنًا يوم القيامة4 وختموا ضراعتهم بقولهم: «إِنّكَ لا تخلف الْميعَاد 4. وقد أكدوا رجاءهم فى أن يوفوا أجرهم وتغفر لهم ذنوبهم. هذا وننبه إلى أمرين: أولهما: أنهم كرروا فى ضراعتهم كلمة (ربنا) وذلك لأن تفكيرهم وذكرهم أداهم إلى الاعتراف بكمال الربوبية. ثانيهما: أن النبى مَللْةِ تلا هذه الآيات» ثم قال: «اللهم اجعل فى قلبى نورا» وفى سمعى نوراء وفى بصرى نوراء وعن يمينى نوراء وعن شمالى نوراء تفسيرسورة آل عمران 2 الات ااا ا 1 4 ومن بين يدى نوراء ومن خلفى نوراء ومن فوفقى نوراء ومن نحتى نوراء وأعظم لى نورا يوم القيامة)(21. 0 1 رع مو ودع 22001 من د يلرهم وَأ وَأَفي 500 وفلتلوا وفيّلوا لا و 2 سا ع2 100 سام مجنت تجخرى. ئها 22006 عي باح الاتهدر ويا من عن د الله وأَمُعنك م 4 حَسَن] لكّواب ب 5 0 آ ‏ آ و له و م عو م 2 أ لا يَعْرَنَكَ تَقَلْبُآأذنَ وأفى البكد كك 7 مَتَُكليلٌ -ه ع 8 م 00 8 67 يو 77 - م 8 ثم موه جهنم وَيَِسَللْهَادُ 0( لكن ْنَعَو | ل و َبَهُم مم ست جَرَى من كَحتها لكر كر فيا ووب مه سمه 5482 6م جه 2ل م - ينعن هو وَمَاد تو يكار 4 وَإِنْمِن 000 - كما روآاه أبو داود: الصلاة‎ .)1١ 5848-0 روى مسلم: صلاة المسافرين - الدعاء فى صلاة الليل وقيامه‎ ) ١0 .)775-( وأحمد: مسند بني هاشم‎ 2)١١14( صلاة الليل‎ تفسير سورة آل عمران لل الول 1ن حي | يي هذه إجابة الدعاء المتكرر الذى ابتهلوا به لربهم» وقد تكررت ضراعتهم لله تعالى بتكرار كلمة (ربنا)» إذ قد تكررت خمس مرات» وقد قال الحسن البصرى: (ما زالوا يقولون ربنا حتى استجاب لهم) وقال الإمام جعفر الصادق: (من حزبه أمرء فقال خمس مرات (ريبنا) أنجاه الله مما يخاف» وأعطاه ما أرادء قيل : وكيف كان ذلك؟ قال: اقرءوا إن شء: شتتم : ل لين يذ كرون اللّه قِيَاما وقعودا وعلى جنوبهم كرود في َي ارات والأرض رام حلفت هذ باطلاً سبحاتك فنا عَذَابِ الثار 37 ربنا نك من تدخل الثار ققد أخزيته وما للظالمين من أنصار +59 ربنا نا سمعنا ماديا نادي للمان أن آمنوا بكم فَامنا يا َع ناويا فر عن ياتا وتوقا مع الأبرار 435 ربنا وآتنا ما وعدتّنا على رسلك ولا تخزنا يوم الام إنّك لا تخلف الْميعَاد ندل 4 [آل عمران] والمراد من قول حفيد الرسول ككِهِ أن نذكر (ربنا) ضارعين خاضعين خاشعين» مدركين معنى الربوبية والآلوهية» ومذعنين لأحكامه. (لاستجاب لهم رهمأ لا أن عمل َمل مَنكُم من ذكر أ أن» الفا للترتيب» فالاستجابة معقبة لهذا الدعاء الضارع» والاستجابة معناها هنا الإجابة» وأصل معنى الاستجابة التحرى والتهيؤ للجواب» وإذا كان معناها هنا الإجابة» فالمؤدى أنها إجابة مهيأة معدة لهم قد محصوا قبلهاء وإجابة الله لهم دليل على استحقاقهم لرحمته» وقد أجابهم سبحانه إجابة تدل على كمال عدله» فقد قال سبحانه: «أَنّي لا أضيع عَمَلَ عامل صَكُم 4 فإذا كان سيجزيهم الجزاء الأوفى فلأنهم عملوا خيراء وسبحان الله الشاكر العليم» هم يطلبون الجنة منحة من الله لأنهم . لا يعتقدون أن عملهم يدخلهم الجنة استصغارا لأعمالهم بجوار نعمة رب العلمين عليهم. والله الكريم المنان يبين لهم أن ما ينالون من خير من عملهمء وأن الله إذا لم يثبهم لكان مضيعا لعمل الخير الذى قاموا به» وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاء ففى الآية الكريمة إشارة إلى عدله ورحسمته» وبيان القانون الأمثل للعدل» وهو أن يكون الجزاء من جنس العمل طقسن ْمَل قال ةير يه 60 ومن يعمل مال ذَرََ شرا ير 2 4 [ الزلزلة] . (#/ تفسيرسورة ال عمران 2 4 ااا للللك][ للك !ااا للاللك!1ا امقس ممما قامس عضخ ممع ممم خخ لك لاما خلال كلل لمكا لللللا حر > لز وبين سبحانه تعميم الجزاء لكل عامل بذكر النوعين اللذين خلقهما الله تعالى فى هذا الوجودء فقال: ومن ذكر أو أت 4 فلا فرق فى الجزاء بين الذكر والأنثى. ويروى أن السيدة ة أم سلمة رضى الله عنها قالت: يارسول الله ألا أسمع ذكر النساء فى الهجرة بشىء فأنزل الله تعالى : «فاستجاب لهم ربهم أي لا أضيع عمل عامل كم من ذكر أو أنئ 114" . وفى التعبير باللفظ السامى (ربهم) إشارة إلى أن الذى يجزيهم هو خالقهم ومربيهم والمنعم عليهم» وفيه مشاكلة بين لفظ الدعاء والإجابة» ومعنى قوله تعالى : 8 بعضكم من بض »4 أى أن الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر» فآنتم جنس واحد يتمم بعضه بعضاء فلا تُحرم الأنثى جزاء ولا يحابى الذكر دونهاء فهذا النص السامى فيه تعليل لمعنى التسوية فى الجزاء بين الذكر والأنثى. وبعض العلماء فسر قوله تعالى: « بَعضكم مَن بعض 4 أنها لعموم أجناس الناس» أى أنكم جميعا أيها الناس بعضكم من بعض لا فرق بين عربى وأعجمى., ولا أسود ولا أبيض» فالجزاء من جنس العمل أيا كان العامل «إإنّ أكْرمكم عند اللّه أتقاكم . » [الحجرات] وهذا النص الكريم يشير إلى عدة معان سامية: أولها: أن المرأة ليست شيطانة ولا نجساء بل لها كل ما للرجل وإن كان له درجة فى الدنيا لتنظيم الحياة. وثانيها: أن العمل له جزاؤه من غير نظر إلى قبيلة العامل أو لونه. ثالثها: أن استجابة الله ثابتة من وقت عمل العامل. وقد بين سبحانه الأعمال التى استحقت الإجابة من هؤلاء الأبرارء فقال: طفَالّدِينَ هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وثَائنُوا وقُنُوا لأكفردَ عنهم سيتاتهم 4 . .)55959( رواه الحاكم أبو عيد الله فى صحيحه» وأخرجه الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة النساء‎ )١( تفسير سورة آل عمران 60:9 الالالال" سب ا فى هذا النص تعداد للآعمال الصالحات التى قام بها هؤلاء المؤمنون الأولون» واستحقوا بها نعيم الجنة» وتوقوا بها عذاب النارء وهى أمور ثلاثة: آخذ بعضها بحجز بعض» ومتلاقية فى معناها ومغزاها. أول هذه الأمور أنهم هاجروا وأخرجوا من ديارهم فهم هجروا مغانيهم التى تربوا فيها غير راغبين ولا محبين للخروج» بل .ملجئين مضطرين» ولذلك روى أن النبى وله قال مخاطبا مكة عندما خرج منها: «إنك أحب أرض الله إلى» ولولا أن أهلك أخرجونى ما خرجت"١؟‏ ويروى أن ورقة بن نوفل قال للنبى ككْه: ليتنى أكون جأعا إذ يخرجك قومك. فقال له عليه الصلاة والسلام: «أو مخرجى هم» قال: ما أوتى أحد بمثل ما أوتيت إلا عودى7" والله تعالى يقول: وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليشبئوك أو يقتلُوك أو يَخَرجوك ... + 4 [الأنفال] فكان الإخراج سبب الهجرة. " ْ ولقد جاء فى التفسير الكبير للفخر الرازى أن كلمة هاجروا يراد بها الهجرة اختياراء والإخراج هو الإخراج اضطراراء وإنى أقول: إن هذه التفرقة لم تكن فى عصر النبى كَل وربما تكون من بعد ذلك» فمن الناس من يخرج من ديار الشرك أو الكفر مختارا ليكون قوة لأهل الإسلام» ومنهم من يخرج اضطهادا وإيذاءء كما فعل كفار اليوم باللاجئين المسلمين. والأمر الثانى الذى استحقوا به الجزاء الأثوفى هو أنهم تحملوا الأذى فى سبيل الله تعالى» فهم أوذوا فى مكة قبل الهجرة» واستمر الإيذاء بعدهاء وكل ذلك فى سبيل الله وفى سبيل الحق وإعلائه» وجعل كلمته هى العلياء وكلمة الباطل هى السفلى» وإن هذا يزكى الخير فيهمء فإنهم ما أخمرجوا من ديارهمء وهجروا أحباءهم وذويهم إلا فى سبيل الله تعالى. )١(‏ رواه الترمذي: المناقب- فضل مكة(7870). ورواه أحمد: أول مسند الكوفيين »)١7/837(‏ والدارمى: السير - إخراج النبي يي (1144): كما رواه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنه: المناسك - فضل مكة (7099). 000 متفق عليه» رواه في حديث طويل البخاري: بدء الوحي(27). ومسلم: الإيمان - بدء الوحي )57١(‏ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها. . ا تفسير سورة آل عمران ماميلا سب ا والأمر الثالث: أنهم قاتلوا فى سبيل الله تعالى فجاهدوا الأعداء واستشهدوا فى هذا القتال» فلهم فضلان: فضل القتال والتقدم» وفضل الاستمرار فيه والشهادة فى سبيل الحق» وقد بين سبحانه وتعالى الجزاء بقوله تعالت كلماته: اهم جنات تجري من فنها الأتا وان عد اله» . السيئات هى ما تسوء» ومعنى تكفيرها المبالغة فى سترهاء حتى تعتبر نسيا منسياء وهذا أولى الجزاء» والثانى : إدخ الهم الجنة» وقد صورها بأقرب صور نراها للنعيم فى الدنياء وهى الجنة التى تجرى الأنهار من تحتها. هذاء وإن نعيم الجنة حسى» وهو فوق مانراه فى الدنياء وإن كان تصويره لا يكون إلا بما نراهم» فإن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» وفى تقديم تكفير السيئات على إدخال الجنة ما يسميه العلماء التخلية قبل التحلية» تطهيرهم مما كان منهم من سيئات» ثم تحليتهم بأعظم نعيم يكون فى الآخرة. وقد أكد سبحانه وتعالى ذلك الجزاء ب «اللام» الدالة على القسم» و«بنون التوكيد» الثقيلة» وبتوكيد معنى الكلام كله بالمصدر 9 ثَوَابا مّنَ عند اللّه 4 إذ هو مصدر لما تضمنه معنى لإ لأَكَفَرَك عنهم سيتَاتهم 4 ومعناه : لأثيبنهم ثواباء وقد أكد ذلك الشواب بأنه من عند الله تعالى ذى الجلال والإكرام» وإذا كان من عند الله فهو يتضمن رضوانه» ورضوانه سبحانه وتعالى أكبر» كما قال تعالى : ورضوان مَن الله أكبر . ٠٠‏ 2 4 [ العوبة ]. والثواب أصله من رجوع الشىء إلى حالته» فكأن الجزاء على العمل رجوع بالعمل إلى الحال التى يكون عليها أو يستحقهاء وقد قال الراغب فى ذلك: «والثواب ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله» فيسمى الجزاء تصورا أنه هو هو (أى أن الجزاء هو ذات العمل) ألا ترى كيف جعل الله الجزاء نفس العمل: فمن يعمل منقال ذرة خَيرا ره 20 4 [الزلزلة] ولم يقل جزاه» والثواب يقال فى الخير والشرء لككن الأكثر المتعارف فى الخير» وعلى هذا قوله عز وجل: 9 ثَوَابا من عند الله واللّهِ عندة حسن القُوَاب 4 . تفسير سورة آل عمران الل لللللئك ل 0 مم هزر يي وقد خحستم سبحانه وتعالى النص الكريم بقوله تعالى : تَوابا من عند الله واللّه عنده حَسْن التّوَاب 4 لبيان اختصاصه سبحانه بالشواب الحسن كأن كل جزاء للأعمال فى الدنيا لا يعد حسنا بجوار ما أعده الله تعالى للمحسنين من عباده وما فى الدنيا من ثمرات الأعمال لا يعد شيئاء وهذا تمهيد لقوله سبحانه: لا يَغرَنّك َقَلْب الّذين كفروا في البلاد ممَاع 4 . فى الآيات السابقة إشارات إلى سطورة المشركين؛ إذ آذوا المؤمنين» وأخرجوهم من ديارهمء وقاتلوهم وقتلوا منهم» وقد بين سبحانه أنه سيجزى المؤمنين على صبرهم وهجرتهم» وجهادهم» ولكن قد يعرض للخاطر: لاذا يكون هؤلاء المشركون فى هذه القوة وتلك النعمة الدنيوية؟ فجاء النهى الكريم ليمنع من توسوس له نفسه من أن يغتر بما عليه هؤلاء المشركون من قوة وسطوة ومتاع دنيوى» والنهى موجه للنبى يله ومعناه: لا يصح أن تغر بما عليه المشركون من قوة ومال. وهو نهى لكل المؤمنين» وفيه إشارة إلى أن هذه الحال من شأنها أن تغر وتخدع من لا يؤمن بالله واليوم الآخرء فكان النهى لهذاء وليس من مقتضى النهى أن يكون قد وقع من النبى وَكْةٌ غرورء فالنهى عن أمر من شأنه أن يقع فى النفوس ليس دليلا على وقوعه. ولذلك روى أن قتادة قال: الله ما غردا نى الم د حتى قبضه الله إليه. ولقد قال الزمخشرى فى توجيه النهى للنبى كلل : « وجهان؛ أحدهما: مدرة' القوم ومتقدمهم خاطب بشىء فيقوم خطابه مقاء خطابهم جميعاء فكأنه قال لا يغرنكم. والثانى: أن رسول الله َلِِ كان غير مغرور بحالهم فأكد ما كان عليه وثبت ما كان على التزامه كقوله : «إولا تكن مع الكافرين 517 4 [هود] ٠‏ ولا تكوتن من الْمشْركينَ 22 4 [القصص] ل فَلا تطع الْمَكَذبينَ :22 4 [ القلم ]؛ ومعنى غره أصاب غرته» والغرة غفلة فى اليقظة . والتقلب التصرف» ومن ذلك قوله تعالى: وتعلبّكَ في السّاجدين +03 4 [ الشعراء ]2 ومعنى تقلب هؤلاء الأعداء فى البلاد تصرفهم فيها حاكمين . مدرة القوم (بالدال): أي المقدم فيهم‎ )١( تفسيرسورة آل عمران 79 ملل ج11 مسيطرين أقوياء ينتقلون أحرارا من بلد إلى بلدء» وجملة معنى النص لكريم ب لا يصح أن يخدع أحد بما عليه أولئك الناس من قوة وسطوة وتصريف فى شكو البلاد» فإن هذا إلى أمد قصيرء وهو متاع قليل» ولذا قال مسبحانه: 11 ماهم جهنم وبشس المهاد 4 . المناع الشىء الذى يجعل الانتفاع به ولا يبقى طويلاء من ذلك قوله. تعالى: ظ وما الْحياةُ الدنيا إل مَاعٌ لْغرور 029 4 [آل عمران]؛ وهى هنا خبر لمبتداً محذوف دل عليه الكلام الذى قبله» والمعنى أن تقلبهم وتصرفهم فى البلاد متاع قليل» فهو انتفاع عاجل ومقداره قليل» ثم تعقبه بعد ذلك حسرات» ولذلك ذكر مايعقبه فقال «ثم مأواهم جهنم 4 العطف ب «ثم» ليس للدلالة على التراخى الزمنى فقط» بل للدلالة على تفاوت ما بين حالهم فى الدنياء وما يكونون عليه فى الآخرة» والمأوى هو المكان الذى يأوى إليه الشخص ليستقر فيه ويطمئن» فكان استقرارهم هو جهنم» وهى اسم لنيران يوم القيامة» والمهاد هو المكان الممهد والفراش اللين» ويكون التعبير عن مآلهم بالمهاد من قبيل التهكم. ويصح أن يقال إنهم هم الذين مهدوه لأنفسهم» ويكون المعنى بئس الذى مهدوا به لأنفسهم» أنهم بأعمالهم فى الدنيا قد مهدوا لأنفسهم فراشا من اللظى والجحيم وبئس هذا المهاد . ْ وفى هذا تعزية للمؤمنين أبلغ تعزية» وقد روى الترمذى أن رسول الله قال: «ما الدنيا فى الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه فى اليم» فلينظر بما يرجع)(21. ( لكن الذين انوا رنّهمْ لَّهُمْ جنات تَجْرِي من تحتها الأنهار حَالدِين فيها » الاستدراك هنا ب «لكن» للمقابلة بين المتقين الأبرار والمشركين الفجار بالنسبة للماآل» فالكفار مآلهم جهنم ومتاعهم دنيوى قليل» والمتقون لربهم المدركون لمعنى الربوبية الشاكرون لنعمته مآلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار» وليست مدتها )32)غن2 الترمذي: الزهد - باب ملة 756 ورواه مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها - فتاء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة ١(‏ 0 وأحمد: مسلك الشاميين [ففضةه 6ك عن مستورد بن شداد بن عمرو. تفسير سورة آل عمران ال لال الالالال تالالا لاضن لانن انان تالالا نتلا ل نالاخطا ل ا انلا الالالال امانانا ملا اططخ ملكتت لن انط اتطخانا قلاط الالال اي حجر > اد قليلة» بل لهم فيها الخلود. فالنعيم كثير والزمن طويل» بينما الآخرون نعيمهم ضئيل قصيرء وعذابهم دائم كثير. فا نزلاً من عند الله وما عند اللّه خَيْرَ ليرا «التّله ما يعد للضيف لإكرامه والحفاوة به ونصب (نزلا) على التمييز كما تقول كان لك هذا هبة» أى من نوع الهبة» وفى هذا بيان لمقدار عناية الرحمن الرحيم بهم» وإدخالهم مدخل صدقء وإنزالهم منزلا مباركاء وقد بين العطاء الروحى بعد العطاء المادى» فقال سبحانه: «وما عند الله حير لَاأبرارٍ 4 وقد حاول بعض المفسرين أن يقول إن الأبرار مرتبة أعلى من مرتبة المتقين» سيرا على قاعدة (حسنات الأبرار سيئات المقربين)» ويكون تفسير النص السامى على نظرهمء ومعناه أن ثمة للأبرار منزلة روحية» وتكريما رضوانيا هو خير من المذكورء ومع هذا لا مانع من أن نقول إن الذين اتقوا هم الأبرار» والمعنى إن الله أعد لهم شيئا خيرا من النزل» وهو الرضوان والنعيم الروحى مع النعيم المادى . طون من أهل الكتاب لَمن يؤمن بالله وما أنزل إِلَيكُم وما أنزل لهم حَاشعينَ لله لا يشترون بآيات الله نما قليلاً4 بين سبحانه ما كان من أهل الكتاب» وما كانوا ينزلونه بالمؤمنين» وما يسمعونهم من أذى» كما قال سبحانه: 8 ولتسمعن من الْذِين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الْذين أشركوا أَذَى كثيرا ... نك © [آل عمرات ]. وفى هذا النص الكريم يبين الله سبحانه باب الرحمة المفتوح لهم» فذكر سبحانه موّكدذا القول ب (إن» وب «اللام» الدالة على القسم اهتداء فريق منهمء وذلك أن هؤلاء المهتدين قد تحلوا بخلال خمس: أولها أنهم يؤمنون أقوى الإيمان وأخلصه. والإيمان يزيل العناد والغطرسة فيطلبون الحق لذات الحق. والثانية أنهم يؤمنون بما أنزل على النبى ولد بأن يعلموا أنه آخر لبنة فى صرح النبوة» وأنه لو كان موسى حيا لآمن بمحمد. والثالثة أن يؤمنوا بحقيقة ما أنزل إليهم» ويعرفوا أن الرؤساء حرفوا الكلم عن مواضعه. وأن يعرفوا أن ما أنزل إليهم أو إلى أسلافهم م تفسير سورة آل عمران وجدمكم 11/111 1ز1ا !ااا نااك ن كانتلا ااانا انان انانااال الل الالاكاوا ناكل م ااام ططط نال ااانا الالالال لا اللا اللخ طلاخ طط اخلط ط ااا كوه :. يي" هو ما جاء به محمد مخبرا عنه. والرابعة الخشوع» وهو الخنوف من الله تعالى مع الضراعة إليه وطلب رضاه دون سواه. والخامسة ألا يؤثروا شيئا على آيات الله تعالى هى أماراته البينات» وقد ذكرت هذه فى آخر الآية بقوله سبحانه: «ولا يَشتَرُونَ بآيّات الله تَمَنَا قُليلاً4 أى لا يتركون آيات الله المبينة لشرعه ودينه فى نظير ثمن هو عرض من أعراض الدنيا فهو قليل مهما يكن كثيرا فى نظر الضالين» وهذه الأمور الخمسة يترتب بعضها على بعض» فيترتب على الإيمان الصادق بالله الإيمان بمحمد والإيمان بما نزل على النبيين الصادقين» ويترتب على هذا كله الخشوع. وأولى ثمرات الخشوع ألا يتركوا آيات الله تعالى لأى عرض من أعراض الدنياء» هؤلاء ينالون جزاءهم » ولذا قال سبحانه : «( أولتك لهم أجرهم عند ريْهم 4 أى أولعك المتصفون بهذه الصفات التى تدل على الخلوص لله لهم جزاؤهم عند ربهم » وإنه عاجل لهم فى الآخرة؛ كما أن العذاب لمن لم يؤمنوا عاجل» ولذلك قال سبحانه موّكدا: ( إن الله سَرِيع الحساب 4 . فيا أيه اْذينَ آمنُوا اصبروا وصابرُوا ورَابِطُوا ونوا الله ََلَكُم تفلحون» كانت سورة آل عمران مبينة لألوان الجهاد الذى يقوم به المؤمنون» ففيها جهاد بالحق والبرهان» وجهاد بالقتال وتحمل مرارة الهزيمة؛ ولذلك ختمها سبحانه بهذا النداء السامى الذى يجب أن يكون شعار كل مؤمنء وابتدأ النداء بيأيها الذين آمنواء لإشعارهم بأن ما يطلب منهم هو من ثمرات الإيمان ومن مقضياته» وقد أمر بأمور أربعة: الصبرء والمصابرة» وامرابطة» والتقوى. والصبر: معناه ضبط النفس عن أهوائهاء وتحمل المكاره راضيا غير ساخطء والقيام بالطاعات على وجههاء وتجنب المعاصى» وتحمل آثار الهزيمة» والعمل على النهوض بعد الكبوة» وتحمل أذى الأعداء وسخريتهم» فالصبر معنى نفسى فى الصابر يجعله يعلو على الحوادث واتوازل؛ ويستولى على نفسه» ويحملها على ما تحب وتكره» والصبر كما يكون فى الفقر يكون فى الغنى» وصبر الغنى بقمع شهواته» وعدم البطرء وعدم الفرح المسرف الفاخر المستعلى . م تفسير سورة آل عمران لان 6 بها 7 والمصابرة هى المغالبة بالصبرء وهى تكون فى الجهاد مع الأعداء فى الملحمة» أو فى المجادلة؛ أو فى أى مغالبة على أى لون كانت» والمرابطة هى القيام على الشغور الإسلامية لحمايتها من الأعداء» فهى استعداد ودفاع وحماية للديار الإسلامية» وقد قال عليه الصلاة والسلام: «رباط يوم فى سبيل الله خير عند الله من الدنيا وما عليها'2» وكان كبار الزهاد يرابطون نصف السنة» ويطلبون قوتهم بالعمل فى النصف الآخر: والتقوى هى لب كل عمل صالح» وهى النية المحتسبة للخيرء فالمرابطة والمصابرة إن لم تكن منبعئة من التقوى لإرضاء الله تعالى فإنه لا خير فيهاء وإن هذه الأمور الأربعة هى التى يرجى بها الفلاح» أى الفوز فى الدنيا والآخرة» ولذا قال سبحانه: « لَعَلَّكُم تفلحون» أى رجاء أن يكتب لكم الفوز بالنصر فى الدنيا والجزاء فى الآخرة. اللهم اكتبنا برحمتك فى عبادك الفائزين برضاك . )١(‏ جزء من حديث رواه البخاري : الجهاد والسير - فضل رباط يوم في سبيل الله (1714) عن سهل بن سعد الساعدي رضي اللَّهُ عله . كما رواه الترمذي بلفظ (وما فيها): فضائل الجهاد - ما جاء ف فى المرابط 503 وروأه أحمد: باقي مسند الأنصار - حديث أبى مالك سهل بن سعد الساعدي رضى الله عنه .)1١8-5(‏ مو قبل أن نتجه إلى التفسير التحليلى لآيات هذه السورة» لابد من تمهيد موجز يعطى القارئ صورة لما اشتملت عليه. لقد اثفق الرواة على أن هذه السورة مدنية؛ أى نزلت بعد الهجرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأد تم التسليم» وأن ما اشتملت عليه يدل على أنها نزلت بعد أن كان للإسلام دولة تنظم علاقاتها بغيرهاء وبعد أن من الله تعالى على الذين استضعفُوا فى الأرض وجعلهم أئمة يهدون بأمر الله تعالى فيها. وقد روى أن ابن عباس رضى الله عنهما - قال: «ثمانى آيات نزلت فى سورة النساء خير لهذه الأمة ما طلعت عليه الشمس وغربت. أولهن: 9 يريد الله ليبن لكم ويهديكم سن الّذِينَ من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم 420 [النساء] والثانية: ف والله يريد أن ينوب عَلِكُم ويريد اين يعون الشهوات أن تميُوا ميلا عظيما 07 »> [النساء] والثالثة: «( يريد لَه أن يحَقف عتكم وخلق الإنسان ضعيفا 2009 4 [النساء] والرابعة: ط إن الله لا يلم مثقال در وإن قلك حستة يضاعفها ويؤت من لَدنْه أجرا عظيما 2ك 4 [النساءا والخامسة : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عدكم سيعَاتكم وندخلكم مدخلا كرا +( 4 [النساء] والسادسة: ط إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالل فد ضل ضلالا بعيدا زه »4 [النساء] والسابعة: 9 وما أَرَسلْنَا من رُسُولٍ إلا لياع يإذن الله ونم إذ ظلَمُوا نهم جامُوك فَاستَْفروا اله واستَْفر هم الرُسُولٌ توجدوا الله انا رَحيما لين 4 [النساء] والثامنة: ومن يعمل سوءا أو يَظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله ُفُورا رُحيما +572 4 [النساء] . هاا تة تمسير سورة النساع سوسس ا لحرت أ وإن صحت هذه الرواية عن ابن عباس"'١'‏ فإنها تدل على أنه اتجه إلى عدل الله ورحمته بعباده» وفتحه باب التوبة والمغفرة. وإلا فإن القرآن كله بكل سورة وآياته خير لهذه الأمة ثما طلعت عليه الشمس وغربت. وسورة النساء هى سورة الإنسانية» ففيها عَيّن القرآن الكريم العلاقات الإنسانية التى تربط الناس بعضهم ببعض» وما ينبغى أن تنهجه المجتمعات الفاضلة فى جعل الم العلاقة الإنسانية الأصيلة تسير فى مجراها الطبيعى الذى رسمه رب العالمين بمقتضى الفطرة» وفيها ما حده الله تعالى - لعلاج الانحراف الذى ينحرف به ذوو الآهواء من الآحاد والجماعات . ابتدتت السورة الكريمة ببيان الارتباط الإنسانى الجامع الذى تلتقى عنده البشرية جميعهاء فقال ‏ سبحانه -: «إيا أيَْا النّاس الوا ربكم الّذي حَلقَكُم مَن نّفْسٍ واحدة وخلق منها زوجها ... 22> 4 [النساء] وإذا كان الناس جميعا ينتهون إلى أصل واحد فإنه لا بد من التساوى» ولا بد من التراحم لهذه الرحم الواصلة» ثم إن أول مظاهر التراحم هو الأخخذ بيد الضعفاء؛ وأوضح الضعفاء مظهرا أولئتك اليتامى الذين لا عائل يعولهم» وإن اليتيم المقهور هو الذى يتولد فيه الانحراف» ومن الانحراف. تكون العداوة» ويكون الشر المستطيرء ولذلك ابتدئت. السورة بعد إثبات الوحدة الجامعة بعلاج اليتم لتكون الجماعات فى طريق المودة. واليتيم لا يحتاج ف فقط ١‏ إلى الغذاء والكساء ا بل يحتاح إلى لمودة والإصلاح سام ه سمس اوور َل سديدا 0ج 4 السام وفى سبيل بيان حقوق اليتامى يبين - سبحانه ‏ نظام التوزيع المالى للأسرة عندما يموت واحد منها » فيبين الميراث وأنه حد لله تعالى للحقوق الالية لمن يخلفون المتوفى فى ماله» وأن الانحراف عنه عصيان لله تعالى . )١(‏ رواها ابن جرير الطبرى فى تفسيره» وروىقى المحاكم بإسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ عن ابن عباس أنه قال: سلونى عن سورة النساء؛ فإنى قرأت القرآن وأنا صغير. ا تفسبير سبور: ة النساع ااا لتاتاكا!]!1111ااااااااااللا الالالال اناالا اللاناااللا الا لالت لتاااا ااا اتالالااا لالط ططخ ططططططلالاااا لالط ط ل للا اللا ٠: ااا‎ يي وبعد ذلك أخذ يبين الله سبحانه وتعالى تكوين الأسرة الإسلامية» وأساس التكوين هو العلاقة بين الرجل والمرأة» أو بتعبير القرآن السامى العلاقة بين النفس وزوجهاء فنفى أن تكون العلاقة بينهما كالعلاقة بين أنثى الحيوان والذكرء بل العلاقة بينهما أسمى وأعلاء ولذلك أشار إلى عقوبة من ينزل إلى مرتبة الحيوان فقال: فإ واللأتي يأتين القاحشة من نُسائكم فاستشهدوا عليه أربعة سكم فإن شهدوا َأمْسكُوهن في البيوت حتى يتَوقَاهنَ الموت أو يَجعل الله لهنَ سبيلا 27 4 [النساء] . وبين أن باب التوبة مفتوح لمن يقع فى هذه الخطيئة الحيوانية» ثم أخذ يرسم - سبحانه وتعالى ‏ الطريق السليم للعلاقة بين الرجل والمرأة» وهو الزواج» وحرم ما كان عليه أهل الجاهلية من وراثة النساء وسمّى ذلك مقتاء ثم أخذ يبين سبحانه شرائط العقد الصحيح» والنساء اللائى يحرمن فى الزواج » ثم نفى سبحانه أن يكون اتخاذ الآخدان سبيلا من سبل تكوين الآسرة ومن اتخاذ الأحدان ما يسمى بالمتعة وهو اتخاذ المرأة لأمد محدود فى نظير أجر معلوم. وبعد أن بين سبحانه العماد الذى تقوم عليه الأسرة» وهو الزوجان» أخذ يبين علاقة الإنسان بغيره من الناحية المالية فقال سبحانه وتعالى : «إيا أَْها الْدين آمنوا لا تَأكلُوا أَمُوَالكُم بِيَكُم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكُم إِنَ الله كان بككم رحيما 137 4 [النساء] . ولقد كانت العلاقة بين الرجل والمرأة موضع نظر الماضين كما هى الآن موضع النظر والقول» فوضع الله سبحانه وتعالى الحدود التى تبين حقوق كليهماء فبين الله سبحانه وتعالى أن لكل منهما نصيبه من الكسب» 9 ... للرّجال تصيب مما اكْتَسبُوا وللنساء تصيب مما اكتَسبن واسأنُوا الله من فَضله إن الله كان بكل شيع عليمًا +5220 4 [النساء] . وبين مع ذلك أن للرجال فضل الرياسة والقوامة» وأن ذلك يظهر فيما للرجل على امرأته من ولاية التأديب» وقد ذكر سبحانه ضروب التأديب التى يملكها الرجل على زوجه؛. وكلها من غير قسوة ولا شذوذ ولا طغيان» ثم بين سبحانه العلاج إذا أصابت الأسرة آفة الشقاق» فقال سبحانه 9 تفسير سورة النساء 00 احيى جب 8 ن © م هاس إصلاما برق لَه لكان ليما حيرا 250 [الساء]. وبعد أن بين سبحانه ماهو قوام الأسرة وعمادها ‏ وقد أشار إلى العلاقات المالية بين الناس» وأن أساسها التراضى - أخذ سبحانه وتعالى يبين لنا العلاقة بين العبد وربه» والعلاقة بين العبد والناس بغير التجارة» فَأما العلاقة بين العبد وربه فهى العبادة لله وحده. لا يشرك به أحداء وأما العلاقة بينه وبين الناس فهى الإحسانء وأول من يجب له الإحسان الوالدان» ثم الإحسان إلى ذوى القربى واليتامى أيّان كانوا؛ لأنهم إن أهملوا تربت بينهم وبين المجتمع ر العداوة» ثم الإحسان إلى الجار المجاورء والجار القريب لك. ومن تصاحبه فى طريق أو عمل» والإحسان إلى ابن السبيل والضعفاء جميعاء والتتضامن والتواضع » ولذا قال تعالى: ف واعبدوا الله ولا تشركوا به شيا وبالوالدين إحسانا وبذي القريئ واليتامئ والْمساكين وَالْجَارٍ ذي القربئ وَالْجَارٍ اللجنب والصاحب بالجدب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب مَن كان مُخْتَالاً فُخورا 0ه 4 [النساء]. وبين سبحانه التلازم بين الاختيال والفخر والبخل» وبين عاقبة كليهماء وذكر أن من المختالين البخلاء من ينفقون أموالهم رثاء الناس» وأن هذه العيوب النفسية هى من وسوسة الشيطان» وبين سبحانه وتعالى عقاب هؤلاء فى الدنيا والآخرة وكيف يحضرون يوم القيامة: 9 يومئذ يود الّذين كَقَروا وعصوا الرسول لو تسر بهم الأرض ولا يكْتَمُونَ الله حَديًا 527 © [النساءآ . وقد بين سبحانه وتعالى.الأساس الذى تقوم عليه العلاقة الإنسانية» وهو الضمير» والضمير لا يتربى إلا بالصلاة» ولذلك أخذ يشير إلى أحكامها. مشيرا إلى تحريم أم الخبائث وهى الخمرء فقال تعالى: نا أنه ين وا لتقيو الصّلاة وأنتم سكارئ حتَئ تعلموا ما تقولُون ولا جنبًا إل عابي سبيل حَتَئ تَعْحَسلُوا .. 27 > [النساء]. ا تفسير سورة النساع لل أرب أ ثم بين سبحانه حال أولئك الذين ماتت ضمائرهم مع ما أُوتوه من علم الكتاب» وهم اليهودء فقد اتخذوا منه ذريعة للسلطان والسيطرة» وبذلك عملوا على إضلال غيرهم؛ وإفساد عقائد من كانوا يجاورونهم» وبين فى هذا محاولتهم إيذاء النبى والتهكم عليه فى دعوته» وفى أثناء بيان رسالته» وربط سبحانه وتعالى حاضرهم بماضيهم» وأشركهم سبحانه مع المشركين فى قرن» وقد بين سبحانه أن الباعث على هذا الضلال والتضليل هو إرادتهم الملك والحسد»ء ولذا قال سبحانه: لأم لهم نصيب من الْملّك فَإذَا لذ يؤتون النّاس تقيرا 20> أم يَحَسَدُونَ الئاس على ما آتاهم الله من فضله فَقَد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة رايهم ملكا عطيمًا 22 4 [النساء] وبين سبحانه من بعد ذلك عاقبة الذين يكفرون بآياته سواء أكانوا ممن أوتوا الكتاب من قبل أم كانوا من المشركين. وقابل هذه العاقبة بما أفاضة الله تعالى ‏ من نعيم أخروى على المؤمنين. وقد بين سبحانه وتعالى من بعد ذلك أساس الحكم الإسلامى» فذكر أنه . العدل والأمانة» وأن أمثل طريق لتحرى العدل والآمانة هو إطاعة الله ورسوله. وأن الحاكم عليه أن يرد كل تنازع إلى حكم الكتاب والسنة» وأن التحاكم إلى غير كتاب الله تعالى وسنة رسوله تحاكم إلى الطاغوت» وأن المنافق هو الذى يرتضى حكم الطاغوت بدل حكم الله تعالى : «(وإذا قيل لهم تَعَاَوا إلى ما أنزل الله ولَى الرسول رأيت المنافقين يَصدون عنك صدودا 47 [النساء] وقد بين أن أمارة الإيمان هو نحكيم الكتاب والسنة «9 فلا ورك لا يؤمنون حت يحكموك فيما شجر هُم نم لا يَجِدُوا في أَنفُسهم حَرَجَا مما فَضيت وَيُسَلَموا تَسليمًا +4227 © [النساء] . وإن الحق يجب أن ينصرء وإن الموّمن لا يصح أن يستسلم للاعتداء» وإذا كان العدل وأداء الأأمانة وإطاعة الله ورسوله أساس الحكم الإسلامى. فإن العدل مع المخالفين هو أساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم» وإن القتال إذا كان العدل يستوجبه يكون أمرا لازماء فإذا اعتدى على الإسلام وأهله وجب القتال» ووجب أخذ الأهبة» وكان الحذر من الأعداء بقتالهم: ١‏ فَلْيقَاتل في سبيل الله الْذِين يَشْرون اللو ا للك 6-7 حب أ الحياة الانيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نو تيه أجرا عظيما 0 وما لَكم لا تقاتفون في سبيل الله والمستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان اين يَقولون ينا أخرجنا من هذه القرية الظالم أَهلهَا واجعل لا من لَدناك ولا واجعل لَنا من لّدنك تصيرا 4279 4 [النساء] . وإن ا خروج للقعال هو العلاقة المميزة بين أقوياء الإيمان وضعفاء الإيمان ومنهم المنافقون» فهؤلاء وأولئك يقولون: « ... لولا أَخَرتنا إلى أجل قريب ... وشأن الضعاف أن يزيلوا عن أنفسهم مظنة التقصيرء وينسبوا مأ يصيبهم من سيئة لغيرهم» وينكروا فضل ذوى الفضل : «ل ... وإن تصبهم حسنَة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيتَة يقولوا هذه من عندك قل كَل من عند الله فَمَال هؤلاء القَوم لا يَكَادُونَ يفقهون حديئًا نه © [النساء]. وإن أولئك يخالفون الرسول» فالله سبحانه أكد لهم أن من يطع الرسول فقد أطاع الله» وأن ذلك كله من هجرهم لأوامر القرآن» وعدم تدبرهم لإعجازه ومراميه» وأن عليهم أن يردوا ما يستغلق عليهم فهمه إلى سنة الرسول وإلى العلماء منهم . وإن أولئك المنافقين معوقون» ولذا أمرالله نبيه بألا يلتفت إليهم: 9 فقاتل في سبيل الله لا كلف إلا سك وَحرَض الْمُؤْمدينَ عَسَى الله أن يكف بأس اين عفرا واللّه أَشد بأسا وَأَشَد تتكيلاً 27> 4 [النساء] . وقد بين سبحانه أن المعاملة بالمثل هى أساس الإسلام » وأن الجزاء مجانس للعمل دائماء والله سببحانه وتعالى سيجمع الناس جميعا يوم القيامة . الوبيل فى جسم الآمة» فبين الله سبحانه وتعالى أن يعاملوا باحتراس ولا يتخذوا نصراء ولا أولياء. فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يخلصوا فى دين الله تعالى» وإذا 1 للا تفسيرسورة النساعء ال 00 لب زا خرجوا من دياركم أيها المؤمنون فخذوهم واقتلوهم حيث وجدقوهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا. إلا إذا لجأوا إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق» أو قوم ليس بينكم وبينهم حرب ولا يريدون أن يحاربوكم» فإن قاعدة الإسلام احترام المواثيق» وأن من سالم أهله لا يرفع عليه سيف, ولذا قال سبحانه وتعالى: 9 .. إن فلم يكم ولو نكم الم فنا جل لا لك هم سيلا 2 4 [النساء]. وإذا كان العدل هو أساس الحكم الإسلامى» وأساس العلاقات الإسلامية» فإن من الواجب أخذ الجانى بجريمته» ولذلك اتجه إلى بيان ما ينبغى لحماية الأنفس فى الداخل بعد أن بين طريق حمايتها فى الخارج» وهذا بالقتال» وكانت الحماية فى الداخل بالعقوبات المقررة الثابتة فى الإسلام» فذكر عقوبة القتل الخطأ من المؤمنين أو من قوم بيئنا وبينهم ميثاق» ثم ذكر عقوبة القتل العمد الأخروية لأنه ذكر القصاص فى سورة البقرة» وقال سبحانه: « ولكم في القصاص حيّاة . 201/5 4 [البقرة]. وبهذا بين الله سبحانه احترام الإسلام لحق الحياة» ولذلك لا يُطل ده(21 فى الإسلام. وهو لا يحترم حق الحياة للمسلمين فقطء بل يحترمها للناس كافة إلا فى حال الاعتداءء ولذلك أمر بالاحتراس فى الحرب من أن يقتل غير مقاتل» أو يحارب غير محارب» وأمر المؤمنين عند القتال والخروج إليه ألا يقتلوا من يلقى السلام» فقال سبحانه: فيا أيها لين آمنوا ًا ضربعم في سبيل الله ينوا ولا ته تقوُوا لمن ألقَى إِلَيِكُم السّلام لست مؤمنا تَبتَغون عرض الحياة الائيًا فعند الله مغانم كثيرة 00 كلك كُسْم مَن قَبْلُ فَمَنَ الله علَيَكُمْ فَيْنُوا إن اللّهَ كان بمًا تَعملُونَ حبيراً 220 4 [النساء]. وإن العدل لا تقوم أركانه فى الأرض إلا بأمرين: أحدهما: استعداد أهل الحق لدفع شر الأعداء للحق» وإن للمجاهد فضلا على من لم يجاهد» ولذا قال اا تفسير بور ة النساع ١‏ الملل ل الل 19م لوه يي نه: دولا يستوي القاعدون من المؤمين غير أولي, الضررٍ والمجاهدون في سبيل ل ,أله راسي فس له بدي لزانم ولفسهه على قاين وي +ع © [النساء] . الأمر الثانى: ألا يرضى مؤمن بالبقاء فى ذلة تحت سلطان عدو الله وعدو الحق» بل عليه أن يهاجر من أرض الذلة» ولذا قال سبحانه: إن الْذين َوفاهم الملائكة طالمي أنفسهم قَالوا فيم كشم قَالُوا كنا مُستضعفينَ في الأرض فَالُوا ألم تكن أَرْض اللّه واسعة فتهَاجروا فيها . ٠٠‏ لق 4 [النساء] . وقد بين سبحانه وتعالى وجوب الهجرة على القادر عليهاء وفضلها. وإن الجهاد فريضة محكمة» والصلاة ذكر الله» ولذلك لا تسقط فريضة الصلاة فى الجهادء بل هى واجبة» ولها نظام خاص يلتقى فيها الجهاد مع أداء الصلاة جماعة بإمام واحدء فيبتدئ الإمام مع فريق والآخر يحرس الجماعة المجاهدة من الغارة» حتى إذا كان نصف الصلاة ذهب الذى ابتدأ معه للحراسة» وجاء الذى لم يبتدئ. وأتم الإمام صلاته معهء ثم يكمل كل ما فاته. وله فضل الجماعة . وإن الصلاة قد اتخذت منها قوة معنوية» ولذلك أمرهم بالشبات بعد الصلاة» فقال سبحانه: ولا تهنوا في ابتغاء القَرم إن تكونوا تألمون فَإنّْهم يألمون كما تَألمُوَ وَتَرجُونَ من الله ما لا يجو وكَان الله عليما حكيمًا 42 4 [النساء]. وإن النبى كَِةٌ فى جهاهه إنما يجاهد للحق» وهو الحكم العدل» ثم بين سبحانه وتعالى العدو الداخلى وهو النفاق والمنافقون» وكيف كان يَلِْةّ لا يكشنهم ولا يظهرهم » فيقول سبحانه: ط ولا تجادل عن الْذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحبا من كان حَوَانا أنِيما :420 يَستَحْفُونَ من النّاس ولا يَستَحفُونَ من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يُرْضّئ من اقول وكان الله بم يعَملُونَ محيطًا 4:22 4 [النساء] وبين سبحانه عدله الكامل» ورحمته الشاملة»أما عدله فبجعله الجزاء موافقا للعمل ذإ ومن يككسب إِنْما فَإنّمَا يكُسبه علئ نفسه .. . 4237 4 [النساء] . اا تفسير سورة النساع : اناالا اناتتا ئلا ااا للالاانانانا ااا انان اال لااللا اللا اناانة ا ان لاا نالل انا اناا انانان الالالال نالل اتلطمطخ ناطناط ططاكط طلا لالتلا ١: اا‎ 1 7 وأما الرحمة فبفتحه باب التوبة وباب المغفرة 9 ومن يعمل سوءا أو يَظَلِم نفسه ثم يستغفر الله جد الله غَفُورا رَحيمًا 200 [النساء]. وإن الفضل والرحمة والعدالة فيما أنزل سبحانه: « ... وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم كن تَعَلَم وكَانَ فل الله عليكَ عَظيمًا :02 4 [الساءة. 0 وقد بين سبحانه أن الاستخفاء بالأقوال والأفعال عن الرسول أكثره لا خير فيه : إلا خَيرَ في كنير مَن نُجواهم إلا من أَمَر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الثاس ... #قؤكه © [النساء] فالنفاق استخفاؤه ضلال» والإيمان استخفاؤه إصلاح » ونفع » ثم بين أن الموالاة بين المنافقين والمشركين مشاقة لله ورسوله» فإ ومن يشاقق لرّسُول من بعد ما تين لَه اهدئ ويتبع غير سيل الْمؤميين نوله ما تول ونصله جهكّم وساءت مصيرا دزت © [النساء]. ولقد بين الله سبحانه وتعالى دعوة الله تعالى ودعوة الشيطان. فدعوة الله تعالى إلى تحكيم العقل» ودعوة الشيطان إلى الضلال والغواية» فالشيطان يدعو إلى تقطيع آذان الأنعام» وتغيير خلق الله» ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبيناء وبين عاقبة المتبعين لله ولرسوله» وعاقبة المتبعين لأهوائهم» وكيف يرجون الخير ولا يعملون إلا الشرء وهى أمانى كاذبة فإ ومن يعْمَلّ من الصّالحَات من ذَكَر أو أنتى وهو موْمنَ ولك يَدَخْلُونَ الْجِنةَ ولا يظلمون تقيرا 3مك 4# [النساء] وقد أشار سبحانه إلى أحسن الأديان» وهو الاتجاه إلى الله وحده وإحسان العمل» واتباع النبيين. وإن الإسلام هو القسطء وقد اتجه سبحانه إلى إصلاح الأسرة بمنع الظلم عن المرأة» فإن شكت من زوجها نشوزا عالجته هى بالإصلاح» فإن لم تجد استعانت بمن يصلحه من أقارب» وإن لم يجد إصلاحا 9 ون يتفَركًا يعن الله كلا مّن سعته ... +551 4 [النساء]ء وإن تقوى الله فى كل الأعمال هى المطلوبة» وهى التي تصلج التفوس. ولذلك صرحت الآيات الكريمة بأنها أمر الله الدائم إلى يوم القيامة» أمر به من سبقوا ومن لحقوا. 9 تفسير سورة النساعء لل “لمكم حب أ وبعد هذا بين سبحانه وتعالى أمره الخالد» وهو العدالة المطلقة التى لا تعرف ولا ولا عدوا «إيا يها دين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علئ أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يَكُنَ عن أو فقيرا الله أولئ بهما . ٠٠‏ 286 4 [النساء]. وأمر بعد ذلك سبحانه بالإيمان بالله ورسوله» وبهذا يشير إلى أن العدالة قرين الإيمان. وبعد هذا البيان الرائع الذى يصور حقيقة الإيمان وعماده أخذ يصور حقيقة النفاق والمنافقين تصويرا قرآنياء وإن أدق صورة بيانية للنفاق والمنافقين قوله تعالى: مَبْدَبينَ بيْنَ فلك لا إلى هَؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يُضلل الله فلن تجد لَه سبيلا + © [النساء] . والله سبحانه برحمته التى وسعت كل شىء يفتح باب التوبة حتى للمنافقين ثم يقول: «إما يَفعَلُ الله بِعَدَابكُم إن كرتم وآمَسْمْ كان الله شاكرا علِيمَا +29 4 [النساء]. أدبنا سبحانه وتعالى أدبا عالياء وهو منع الجهر بالسوء؛ لأن الجهر به دعوة إليهء ولكن رخص للمظلوم أن يتكلم فى ظالمه بالحق «إلا يُحب الله الجهر بالسوء من الْقوْل إل من ظَلم وكا الله سميعا عليما 432 4 [النساء]ء وقد بين سبحانه بعد ذلك أحوال اليهود» فقد فرقوا بين الرسل» آمنوا ببعض وكفروا ببعض» وقد بين تعنت الماضين» مع أنهم أوتوا تسع آيات بينات» ومع ذلك طلبوا أن يرو الله جهرة» ثم اتخذوا العجل إلهًا من بعد ما جاءتهم البينات» ورفع الجبل فوقهم وأعذت عليهم العهود الموثقة» ثقةء وأمروا ألا يَعْدُوا فى السبت» ومع كل هذا خالفواء فطبعت قلوبهم على القسوة» وعقولهم على الإنكار» والبينات تجدى طالب الهداية فقط ولم يطلبوهاء وقد استمروا على افترائهم فافتروا على مريم البتول» وادعوا أنهم قتلوا المسيح 8 ...وما قَلُوهُ وما صلبوه ولكن شْبَهِ لهم ... 0207 4 [النساء]. وبهذا الظلم وتلك القسوة والجشع المادى حرم الله عليهم طيبات أحلت هاا تفسيرسورة النساء هكم للملا 000 ١ لاا‎ 2 لهم؛ ليفطم نفوسهم ‏ وليسوا جميعا سواء؛ ولذلك ذكر الله تعالى الراسخين فى العلم منهم ومقامهم من الحق والإيمان بهم. ولقد بين سبحانه وحدة الرسالة الإلهية» فما أوحى إلى النبى هو ما أوحى إلى الآنبياء قبله» وإن الله يشهد والملائكة يشهدون بصدق ما جاء به» وإن الكافرين صدوا عن سبيله وضلوا وطريقهم إلى جهنم. ثم بين سبحانه ضلال أهل الكتاب» فقد غالوا فى أنبيائهم» فقال النصارى: الله ثالث ثلاثة! وذلك ليس الحق 9 لن يستدكف الْمَسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون . . . 20© 4 [النساء] . ثم بين سبحانه وتعالى أن القرآن حجته فيه» فقال سبحانه: يا أَيهَا النّاس قد جاءكم برهان من ربكم ونلا إليَكُم نور مُبينَا 5730 4 [النساء]. وقد ختم سبحانه وتعالى السورة بما ابتدأ به؛ وهو أمر بعض أحكام الأسرة» لبيان أن الأسرة هى حمى المجتمع وموضع صيانته» فقال سبحانه: « يستفتوتك قل الله يفتيكم في الْكَلالَة إن امرؤ هلك ليس لَه ولد وله أَحْت فَلَهَا نصف ما ترك وهو ينها إن لم يكن لَّهَا ولد فإن كانتا انين فَلَهما الدلَانَ مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء [النساء]. هذه إشارة موجزة إلى ما اشتملت عليه السورة التى تعلو بالإنسانية إلى أعلى مراتبهاء قدمناها بين يدى تفسيرها ليكون التفسير تفصيلا لهذه الإشارات» والله تعالى هو الذى يمدنا بعونه وتوفيقه. إنه هو الحكيم العليم . 9ه تفسير سورة النساعء الل الل 6ااا0اللا0ااالاا60ا0اااللللااا0ا0االلللل ادي ١: ااا‎ ١ بي معانى السورة الكريمة قلنا فى الاستعراض الذى ذكرناه لسورة النساء: إنها سورة المجتمع الإنسانى» وتنظيم العلاقات بين الآحاد والجماعات والدول» فهى تنظم الأسرة» والمجتمع الصغيرء والمجتمع فى الأمة الإسلامية» وحالها فى الدفاع عن نفسهاء ودفع عناصر الفساد فيهاء وتنقيتها من كل بواعث السوءء وعلاقتها بغيرها من ألقوا السلم» وممن نابذوها العداوة. ولذلك كان ابتداؤها بهذا النص السامى الشامل فى معناهء فقال سبحانه: «إيا أيهَا الئاس اتّقوا ريكم الّذى حَلَقَكُم من نفس واحدة 4 . يذكر بعض المفسرين أن النداء ب «يا أيها الناس» يخاطب به أهل مكة. والنداء ب (يا أيها الذين آمنوا» يخاطب به المؤمئين» وأخحذوا ذلك من أن أكثر الآيات التى ابتدئت ب (يا أيها الناس» نزلت بمكةء. وأكثر الآيات التى ابتدأت ب (يا أيها الذين آمنوا» نزلت بلمدينة» ولا شك فى أن «يا أيها الذين آمنوا؛ خاصة فى ندائها بأهل الإيمان؛ لأن صلة الموصول تعين ذلك. أما «يا أيها الناس» فتخصيصها بأهل مكة تخصيص بغير مخصصء. إنما تسرى على عمومهاء وهو عموم الخطاب لمن يعقلون» وذلك اللفظ وما هو مضمون النداء عام شامل جميع هاا تفسيرسورة النساع 111خكللالللتة11 اتناك لتةةاا اللا اائاااااللاللةاااااا لاط الالال تالالا الا اناا تالالا الللات لطا الللاااالاااام للاخ خم اا اللللا حب ا الناس» فكلمة «الناس) تشمل كل بنى الإنسان» وما فى مض مون النداء من إنذار وتبشير وبيان للحقائق الوجودية والكونية» والأدلة والبراهين أمور عامة لا تختص بقبيل دون قبيل» ولا بقوم دون قوم. وفى النص الكريم الذى نتكلم فيه يتضمن النداء حقيقة عامة نفسية تجمع بنى الإنسان مهما تختلف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم» فهو يثبت أن الآأصل هو «نفس واحدة» كلهم يرجعون إليهاء ويتصلون بهاء وهذا النص يشبه قوله تعالى: «إيا أَيْهَا الئاس إِنَا حلقتاكم من ذَكْرٍ وأنتى َجَعَلناكُم شعوبا وقبَائل لتعَارَفُوا إن أَكْرَمَكُمْ عند الله أَقَاكُمْ .. . 127 4 [الحجرات] . بيد أن النص الذى نتحدث عنه يثبت أن الذكر والأنثى من طبيعة واحدة» ويثبت فى مضمونه الصلة الرحيمة التى تربط الناس جميعاء وما ينبنى عليها من تعاطف وتواد وتراحم» والنص الآخر يبين وجوب التعارف الذى هو الطريق للتراحم والتوادء فهنا بيان الغاية» وهنالك بيان طريقها. نادى الله سبحانه وتعالى الإنسانية» ذلك النداء الخالد ونبههم سبحانه وتعالى إلى الوحدة فى أمرين: أولهما: وحدة الربوبية» فإن ربكم واحدء إذ قال سبحانه وتعالى: #اتقوا ربكم # الذى هو رب الجميع» رب الأبيض والأسود والعربى والأعجمىء والعالم والجاهل» فصلة الجميع به واحدة» وهى صلة الربوبية» وإن هذه الصلة توجب أن يشعر الجميع بأنه لا فضل لجنس على جنس» ولا للون على لون إلا بمقدار الاتصال الروحى بخالق الخلق». وذلك بالتقوى» فهذه الصلة مقوية للآمر بالتقوى. وأنها مناط التفضيل» وهى سبيل قوة الصلة الرابطة. والثانى: وحدة التكوين والإنسان» فالكل ينتهى إلى نفس واحدة هى الجنس العام الجامع» مهما يَعل ابن آدم أو ينخفض فإلى هذه النفس ينتمى» وبهذه الأخوة العامة يرتبط . والأمر بالتقوى فى هذا المقام لبيان الصلة التى تربط الإنسان بالرب الذى أنعم بهذا الوجود على كل من فى هذا الوجودء وكان ذلك الأمر مهدا لأمر آخرء 9 تة تفسير سورة النساع سس ساس ل اك 1 هوه : يي وهو أن يلاحظ كل إنسان تلك الأخوة الرابطة فى كل عمل يعمله» وكل غاية يتغياها ويريدهاء وما أجود ما قاله الزمخشرى فى هذا المقام» فقد قال جار الله رضى الله عنه: (أراد بالتتقوى تقوى خاصة. وهى أن يتقوه فيما يتصل بحفظ الحقوق بينهم» فلا يقطعوا ما يجب عليهم وصلهء فقيل اتقوا ربكم الذى وصل بينكم» حيث جعلكم صنوانا مفرغة من أرومة واحدة فيما يجب على بعضكم لبعض» فحافظوا عليه ولا تغفلوا عنه» وهذا المعنى مطابق لمعانى السورة» . والنفس الواحدة هى آدم أبو الأناسى فى هذا الوجودء ولمعنى على هذا الكلام يتطابق مع قول النبى يَكٍِ (كلكم لآدم وآدم من تراب2(١2‏ وهذا نظر الأكثرين من المتقدمين» وهو الذى يتلاقى مع قوله بعد ذلك: ذإ وخَلق منها زوجها يث مهما جلا يرأ ونساء» . وقد ذكر الرازى فى مثل هذا المقام أنه قد يراد بنفس واحدة أن البشر جميعا متجانسون متحدون فى المنشأ ونفوسهم متشابهة متلاقية» فهم جميعا ينتهون إلى نوع من النفوس واحدء وقد ذكر هذا المعنى فى قوله تعالى: « هو الذي حَلَقَكُم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليَسكن إِليهَا .. . 0259 4 [الأعراف] فقد نقل عن القفال فى تأويل هذه الآية أنه تعالى ذكر هذه القصة على سبيل ضرب المثل» والمراد خلق كل واحد منكم من نفس واحدة» وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه فى الإنسانية» وارتضى أن يكون هذا أحد التأويلات. وعلى هذا الكلام يكون المعنى: إن الله تعالى خخلق نفسا واحدة تلتقى عندها كل الأنفس متشابهة متشاكلة» وإن ذلك يقتضى التشابك فى كل بنى الإنسان» ومع التساوى فى الخلق يكون التساوى فى الحقوق والواجبات. « وخلق منها زوجها وَبَثْ منهمًا رجالا كيرا ونساء 4 الزوج القرين المجانس أو المقابل غير المجانس» وقد قال فى ذلك الأصفهانى: «يقال لكل واحد من القرينين )١(‏ جزء من حديث رواه أحمد »)٠١505(‏ والترمذى )5١77(‏ وحسنهء وأبو داود بنحوه (0111) عن أبى هريرة رضى الله عنه . ا تفسير سورة النساع الملل اللو اكه : 7 زوج» ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا زوج. قال تعالى: فجعل منه الرّوجين الذكر والأنتئ 257 4 [القيامة] قال: وزوجك الجحنة(١©»‏ وزوجة لغة رديئة» وجمعها زوجات . قال الشاعر: «فشكا بناتى شجوهن وزوجتى) . وإن كثيرا من المفسرين على أن المراد من الزوج حواءء وقد خلقت من آدمء وقد أخذوا من ظواهر آثار وردت عن الصحابة» وعن تفسير بعض التابعين» ومن ظاهر قوله عله : «إن المرأة حلقت من ضلع أعوج وإ أعوج شىء فى فى الضلع أعلاه» فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج( . وإن كثيرين من المفسرين قالوا إن المراد من جنسها أى من طبيعتهاء خواصهاء وذلك مثل قوله الى 142 [الروم]. وسثل قو تعالى : ا(وال ل تم سكم 5 جع لكم م أزواجكم بنين وَحَفَدة ٠‏ 4218 [النحل]. وة تعالى : ظ فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام 32 يذرؤكم فيه ليس كمفله شيء وهو السّميع البْصيرٌ 1 4 [الشورى] . ذكر فى آيات أخرى غير الآية التى هى موضوع كلامنا. وقد كانت نتيجة ذلك الازدواج النفسى والجسدىء أن كان البشرء ولذلك قال سبحانه: فإ وبث منهما رجالا كثيرا ونساء 4. والبث معناه النشر والتفريق» ومن ذلك )١(‏ أى فى قوله تعالى فى سورة البقرة (5) : وفنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الْجِنّة4 . (؟) أصح ما ورد فى هذا المحديث ما جاء ف فى الصحيحين؛ رواه مسلم: الرضاع - الوصية بالنساء (147». ولفظه: عن أبى هريرَة قَالَ: قال رَسسُول الله يلل: إن الَّْراة لقت من صلم آن 00 00 تيمك على طريقة» إن استمتعت بها استمتّعت يها ويها عوج وإن ذَهبت تقيمها كسرتَهَا وكَسرهًا طَلافَهًا» ورواه البخاري: النكاح- المداراة مع النساء (5185). ل تفسير سورة النساع لل احم ١ لراك‎ 6 قوله تعالى: 9 وَررَابِي مبونّة 150 » [الغاشية] وإن هذا يدل على أن البشر الذين تفرقوا فى هذا الوجود رجالا وإناثاء وانشعبوا قبائل متفرقة فى أقصى الأرض وأدناهاء كلهم ينتمون إلى هذه النفس الواحدة بلا فرق بينهم فى أصل الانتماءء وفوق هذا يدل الكلام على أن طبيعة المرأة من طبيعة الرجل» وأنها ليست من جنس مرذول يجرى الشيطان فى عروقه ولا يجرى فى عروق الرجل» وأنها لعنة الله فى الآأرض كما تجرى عبارات بعض المتكلمين فى المسائل الدينية من غير المسلمين» وإن الآيات المتضافرة التى تدل على أن الزوج من نفس الزوج فيها إشارة إلى وجوب التجانس النفسى بين الزوجين» وأن الآرواح جنود مجندة ما تعارف منها اتتلف وما تناكر منها اختلف» وكل رجل يكون كنصف دائرة يسبح فى الوجود حتى يلتقى بنصف الدائرة الذى يساوى قطره فيكون الالتئام وتتكون الحياة الزوجية الهنيئة . ف وَانقوا الله اذى تَسَاءَلُونَ به والأرْحَام 4 تساءلون أصلها تتساءلون فأدغمت التاء فى السين» وقرئ تساءلون بطرح إحدى التاءين» ومعناها يوثق بعضكم مطالبه من أخيه ومسألته له بالله تعالى أى يسأل بعضكم مزكيا مسألته بذكر الله تعالى» وبذكر الأرحام الرابطة بيتكم» ووشائج القربى. والأمر بالتقوى تكرر لتربية المهابة فى النفس» ولتوكيد الطلب» ولأن مقام التقوى فى الثانى غير مقام التقوى فى الأول» فمقام التقوى فى الأول هو مقام التقوى التى تتجلى فى شكر الرب على ما أنعم» وبقيام الواجب نحو الخلق للصلة الجامعة الوثيقة» فهى تقوى الربوبية والإنعام» ومقام التقوى فى الثانى تقوى الألوهية» ولذلك ذكر لفظ الجلالة الدالة على كل معانى الألوهية» فهى تقوى العابد الخائف الراجى رحمته» والأولى تقوى الشاكر المحس بجلائل الإنعام. والأرحام قرئت بفتح الميم217, ويكون المعنى اتقوا الله واتقوا الأرحامء ومعنى اتقاء الأرحام ألا يقطعوهاء بأن يجعلوا لها وقاية من المودة الواصلة» )١(‏ قرأها بالجر حمزةء وقرأ الباقون بالنصب . [غاية الاختصارج؟» ص409]. لها تفسيرسورة النساع هش “للا لللاللن111!1 الالالال اانا الال لطالا اا لائط تال تالالا خانا ااا لالط خنالاااا ات ظ قط طخلل اناالا مامالا خااطن مناخ اخطق تالالا حر د والأرحام هنا هى كل الصلات الإنسانية التى وصل بها بين الخلق بخلقهم من نفس واحدة» وبالآولى تدخل الأرحام الخاصة» والقرابات القريبة. ويصح أن يكون المعنى اتقوا الله الذى تتساءلون به وبالأرحام» وتكون الواو واو المعية» وتتلاقى هذه مع قراءة الكسر(ا2» وقراءة الكسر قد تتعارض مع قواعد النحاة الذين قد يقولون إن العطف لا يكون على ضمير موصول مجرور» ولكن قراءات القرآن المتواترة فوق قواعد النحاة» وهى أصدق فى الفصحى. إن الله كان عليكم رقيبًا 4 هذا ختام للآية الكريمة فيه حث على المبالغة فى القوى ورعاية الرحم» والصلات الإنسانية التى تربط بين الناس بعضهم للوحدة الإنسانية الشاملة» وكان الحث على التقوى لإشعارهم جميعا بقوة رقابة الله سبحانه وتعالى. وقد ذكر العلى القدير رقابته مؤكدة بأوثق توكيدء فأكدها ب (إِنَ» وبتكرار لفظ الجلالة الذى يربى فى نفس المؤمن كل معانى العبودية» وبالتعبير ب «كان» الدالة على الدوام والاستمرار» وبذكر الفوقية فى قوله تعالى اعليكُم4 وهى دالة على معنى الاطلاع الدائم مع السيطرة والقهرء وأخيرا بصفة المبالغة إذ قال: ظرَقيًا4 وإن الله يؤكد صلة الأرحام بهذا وباقترانها به فى الذكر وباقترانها به عند السؤال باسم الله تعالى» ويقول الزمخشرى: «وقد آذن عر وجل إذ قرن الأرحام باسمه ‏ أن صلتها منه بمكان كما قال تعالى: «ل ...ألا تعبدوا إلا إِيَاهُ وبالوالدين إِحْسَانا ... #20 4 [الإسراء] وعن الحسين: إذا سألك بالله فأعطه. وإذا سآلك بالرحم فأعطه) . « وآنوا اليتامئ أموالهم ولا تتبَدنُوا الخبيث بالطّيّب 4 أوجب سبحانه وتعالى الرحمة العامة فى الآية السابقة وأخصها ما كان فى الأسرة الواحدة» وقد ابتدأ فى هذا بأحق الناس بالرحمة العاطفة» والمودة الواصلة» وهم الذين نزلوا إلى هذا الوجود من غير حام غير الله تعالى يحميهمء ولا قلب يحنو عليهم حنو الوالد الشفيق» وأولئك هم اليتامى» واليتم معناه: (الانفراد) واليتيم هو الصغير الذى مات أبوه» وقد حث الله تعالى على إكرام اليتامى فى آيات كثيرة» وأحاديث نبوية . هى قراءة حمزة كما سبق بيانه‎ )١( ها ته تمشبئير سورة ١‏ لنساع لال الملل الاك حي يب بن يي مستفيضة قد تضافرت كلها على وجوب إكرامه ومنع قهره وإذلاله» ذلك أن اليتيم يحتاج إلى إصلاح وعطف ومحبة تعوضه عما فقد من رعاية» وإن العواطف الإنسانية تنمو فى الطفل وهوصغير بالمجاوبة النفسية بينه وبين من يحيطون به. فإذا انقطعت تلك العاطفة فى الصغر نفر ونظر إلى الجماعة كلها نظرة العدو إلى عدوهء فيكون من هؤلاء الذين فقدوا عطف الأبوة ولم يكن ما يعوضها ‏ الشذاذ وقطاع الطرق» وبعبارة عامة من ليس عندهم ضمائر» ولا نفوس لوامة. وقوله تعالى: 8 وآنوا اليَتَامئ أَمَوَالْهُم 4 فيه أمر واضح بالرعاية من ناحية المالء فلا يمنعون حقهم المالى» والأمر بالإيتاء أمر لعموم الجماعة الإسلامية بأن تتضافر فى تمكين اليتيم من أن يصل إليه ماله فلا يأكله الورئة ويضيّعون حقهء وعلى ذلك يكون معنى الإيتاء تخصيص نصيب لليتامى كاملا غير منقوص»ء فتحفظ لهم حصتهم فى أبيهم أو فى مورثهمء ويحفظ لهم نصيبهم فى كل غلة لأموالهم» ويكون وصف اليتامى على حقيقته؛ لأن ذلك وهم صغارء وفسر بعض العلماء الإيتاء بالإعطاء لهم إذا بلغوا رشدهمء ويكون التعبير عنهم باليتامى باعتبار ما كان. وقوله تعالى: « ولا تَبَدلُوا الْحبِيثُ بالطَّيّب 4 معناه: لا تجعلوا لهم خبيث المال بدل الطيب» ويكون الطيب معناه الجيد» والخبيث معناه الردىء» فعلى هذا يكون المعنى الجملى: لا تجعلوا ردىء المال لهم بدل الجيدء فإذا كانت التركة شاءً فلا تجعلوا لهم الهزيلة» ولكم السمينة» وإذا كانت نقدا فلا تجعلوا لهم الزيوفء وتجعلوا لأنفسكم الجيد» ومعنى التَبّدلء جعل شىء بدل شىء أى يجعلون الردىء بدل الجيد» والباء فى مادة التبدل يجوز أن تدخل على المتروك» ويجوز أن تدخل على المأخوذء وهى هنا على المتروك» لأنه يترك عنهم الجيدء ويؤخذ لهم الردىء وفسر بعضهم الخبيث بالحرام» والطيب بالحلال» ويكون المعنى: لا تجعلوا الحرام عليكم بدلا عن الحلال» أى لا تأخذوا الحرام من مالهم وتتركوا الخلال الطيب من أموالكم» وبهذا فسر الزمخشرى . ل تفسير سورة النساء مم 111111 لاا اناا للللتاا11اا اتنا ال اللا الالالال لال تالالا اللل تالالا الال اللالاااااالت لاا لللااالااا املاط طططططاالاالاطططططنططططالا انلكا لس لإا «ولا تأكلوا أموالهم إلئ أَمُوَالكُم 4 الكلام السابق كان فى تخصيص أنصبة لهم غير منقوصة. وتخير هذه الأنصبة من الطيب دون الخبيث» وهنا الكلام فى خلط أموالهم بأموال الأوصياءء ومعنى النص الكريم: لا تضموا أموالهم إلى أموالكم آكلين لها. والآية صريحة فى النهى عن خلط مال القاصر بمال الموصى عليه قاصدا أكله؛ لأن الأكل فى ذاته حرام» وهى أيضا تتضمن النهى عن خلط مال القاصرء ولو لم يقصد أكله؛ لأنه قد يؤدى إلى ضياعه وعدم تمييزهف إذ يخشى أن يموت من غير أن يعرف مال اليتيم من ماله» فيؤدى الأمر إلى ] أكلهء وإن لم يكن مقصوداء ولذا يقول الفقهاء: إذا مات الموصى على اليتيم مجهلا مال اليتيم اعتبر مستهلكا له. «إإِنّه كان حوبا كبيرا 4 الضمير يعود إلى النهى عن أكل مال اليتيم بأى طريق كان الأكل» ومعنى «حوبا كبيرا»: إثما كبيراء فالحوب معناه الإثم» وفلان يتحوب أى يتأثم» والحوباء النفس المرتكبة للإثم» وإن الإثم فى هذا كان كبيرا؛ لأنه اعتداء على ضعيف» والاعتداء على الضعيف أكبر الإثم» ولأنه خيانة للأمانة» ولأنه تضييع لنفس بشرية وهى نفس اليتيم؛ لأنه إذا كان يؤكل ماله فمم بأكل؟ ولأ ذلك يد نشئ ليشيم على انشرة من الجتيع» وفى ذلاك شر #سسير سام اه ساس سيدا 42 [النساء].. رذحن الاق ظر ناتك لكر هه مَاَطَابَ لَكم ْنَأ مِنَا لِيْسَاءِ متّىّ 2 يدانيو فَواِدَة متكت يكت تيك نك الاتولا حي يوانو النةس كردا لص 116803 سكاس يلوو ا شه ا 7 ماري ع مارم ياوا وهم وفو لوأ ووه اا تفسشير سور ة النساعء الللن1 !اللا كطخللالاللااالللاكا] ف ا للللااالا الاك الالالال املاط ططخ الاك خخ الالالال اللااا مقط طالا للا 6 رب 2 بين الله سبحانه وتعالى فى الآية السابقة حق اليتيم من العطف والرعاية ومضار إهماله وعدم إصلاحه والعمل على إذلاله» وفى هذه الآيات يبين حق النساءء والأمر فيهن يتلاقى مع أمر اليتيم؛ لأنهن ضعاف210. فهن فى حاجة إلى رعاية وإصلا وععطفء ومعاملة عادلة لا شطط فيها ولا جور ولذا قل تمي ذإ وإن خفتم أل تقسطوا فى اليتامئ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنئ وثلاث ورباع ...4 4 [المائده]. - 1 0 معنى الإقساط العدل» ومن ذلك قوله تعالى: ١‏ ... إِنّ الله يحب الْمفسطين 227 4 [المائدة] وقوله تعالى: ١‏ وتقسطوا إِلَيهِم 4 أى تقيموا العدل بيسر ليصل إليهم من غير مجهود» فمن النقص فى العدل ألا يصل العدل إلى صاحبه إلا بمشقة وجهد. ومعنى «خحفتم) : ظننتم » ومعنى «ما طاب لكم2: ما حل . وقد تفسر بمعنى ما تستحسنونه من النساء لدين وخلق ونسب وجمال أو لواحد من هذاء و«ما» هنا فى موضع العاقل» وعبر ب ١ما»»‏ وهى فى أصل وضعها لغير العاقل» إما لأنه أريد الصفات؛ لأن طاب تدل على أن الوصف أساس الاختيار» وإما لآن جماعة الإناث تعامل فى نسق القول معاملة غير العاقلين كما قرر الزمخشرىء» وإما لآنه عند التعميم يستعمل (ما) فى موضع (مَن)» و (من) فى موضع (ما) كقوله تعالى: «... فمنهم من يُمَّشي عَلَئ بَطُنه ... 4220 4 [النور] وذلك هو الذى نختاره. والنكاح هنا معناه العقد» وكلمة النكاح فى القرآن الكريم لم تستعمل إلا فى موضع العقدء لا الوطء. ش وهنا شرط وجواب» والشرط هو ون خفتم ألا تقسطوا في الينام 4 والجواب هو فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثَئ وثلاث ورباع 4 وقد تكلم )١(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنهء عن رسول الله كَل أنه كان يقول على المبر: «أحَرّجَ مال الضعيفين : اليم والمرأة». رواه الحاكم فى المستدرك (71140): ج4ء ص 4147 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. 1# تفسيرسورة النساع الالالال ااال رب ا العلماء فى العلاقة بين الشرط وجزائهء وتساءلوا ما العلاقة بين الإقساط فى اليتامى» والزواج مثنى وثلاث ورباع إلى آخر النص الكريم؟ وقد أجيب عن ذلك بعدة إجابات : أولها : أن الرجل تكون فى ولايته يتيمة» فيخشى ألا يتزوجها خشية ظلمهاء أو يخشى أن يطلبها من وليها فيكون منه الظلم لضعفها وعدم وجود حام لهاء فقال الله تعالى ما معناه إن رغبتم فى الزواج من اليتيمات» وخشيتم من تحقيق هذه الرغبة ألا تعدلوا فى الينامى فلا تحققوا هذه الرغبة» وانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع» وتكون إباحة التعدد وتقييده قد جاءت عرضاء لا بالقصد الأصلى فى البيان» وقد روى المفسرون ذلك عن عائشةرضى الله عنها. وثانيها: أن المعنى : إن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فخافوا أيضا ألا تقسطوا فى النساء بتزوج أكثر من أربع» أو فى دائرة الأربع ولا تعدلواء أى أنه إذا كان قد تحقق منكم هذا الخوف بالنسبة لليتامى فخافوا بالنسبة للنساءء فلا تتزوجوا أكثر من أربعء وعلى هذا التخريج يكون النص قد سيق لتقدير التعدد لا لإباحته» وقد قال هذا بعض التابعين. وثالثها: وقد ذكره الزمخشرىء. وهو أن يكون المعنى: إن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فخافوا الزنا أيضاء وإذا خحفتم الزنا فاتكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع» والربط بين الزنا وظلم اليتامى أن كليهما فيه إضعاف للنسل» فالزنا إضعاف له بإخراج مولود ليس له ولى أصلاء واليتم فقد الولى» فكلاهما فاقد للنصير» ومن حماية الإنسان من الزنا أن ينكح ما طاب له مثنى وثلاث ورباع» ويكون فى هذا التخريج بيان التعدد المباح» وإشارة إلى بعض حكمته. ورابعها: وهو ما اختاره ابن جرير الطبرىء» أن المعنى إن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى» فخافوا أيضا ألا تقسطوا فى النساء إذا تخلفت العدالة عند التعدد فلا تعددواء وإذا تخلفت العدالة فى الواحدة فمما ملكت أيمانكم» فالآية سيقت للعدالة فى التعدد وعدم التعدد» وهو قريب من الثانى» فإن كليهما لمنع ظلم ل بل تفسير سورة النساء الل لل مك سرب أ الفساد» بيد أن الثانى تخريجه على أساس تقييد العدد» أما هذا فسياقه المطالبة بالعدالة» وهما متلاقيان فى الحملة. وعلى كليهما يكون التعدد والعدالة قد سيق الكلام لهماء ولم يكن عرضاء وإنا نختار ذلك» وسياق القول يدل عليهء وذلك أن الكلام فى اليتامى قد اختلط بالكلام فى النساءء وذلك لأن كليهما ضعيف», وقد كانت حقوق المرأة ضائعة مأكولة كما كانت حقوق اليتيم ضائعة مأكولة» والمرأة فى عهد نزول القرآن كانت أسيرة فى بيت أبيها وبيت زوجها فأوصى الله برعايتها كما أوصى برعاية اليتيم» ولذلك قيد التعدد بالعدل» وقيد بالقدرة على الإنفاق كما سنبين» وذلك لكيلا يقع ظلم على المرأة. ولفظ «مثنى) معلول به عن اثنين» اثنين» وثلاث معدول به عن ثلاث ثلاث» ورباع معدول به عن أربع أربع» ومعنى جاء الجند مثنى أى جاءوا اثنين اثنين» وجاءوا ثلاث أى ثلاثة ثلاثة» ورباع أى أربعة أربعة» ومعنى الآية على هذا أن لجماعة العاقلين أن يتزوجوا معددين جامعين اثئين أو جامعين ثلاثاء» أو جامعين أربعاء والخطاب فى قوله تعالى: #قانكحوا» لجماعة المسلمين» أى كونوا أيها المسلمون معددين اثنين أو ثلاثا إلى آخره. والعطف على نية تكرار العامل».أى انكحوا جامعين اثنين أو انكحوا جامعين ثلاثا أو انكحوا جامعين أربعاء وبهذا النص يستفاد أن الإباحة مقصورة على أربع. وقد ثبت فى السنة أن بعض الذين أسلّموا كان معهم فى عصمتهم أكثر من أربع فأمرهم النبى يَليِةِ أن يقتصروا على أربع» ويطلقوا الزائد عنهن7"' . وقد قيد التعدد بقيدين أحدهما القدرة على العدالة» والشانى القدرة على الإنفاق» ولذلك قال سبحانه وتعالى بعد ذلك: ل فَإِنْ خفتم ألا تعْدلُوا قواحدة أو ما ملكت أيْمَانُكُمْ ذلك أدئ ألا تعوُوا 4 . )١(‏ عن سالم» عن أبيه قال: أسلم غيلان بن سلمة الثقفى وععنده عشر نسوة فآمره النبى كك أن يأخذ منهن أربعا . رواه الحاكم فى المستدرك (5819) ج7ء ص؟ .7١‏ اا تفسير سورة النساع )ااا لاااالااللاائائ تت لكف أ ااال ااااااالااللظااا الا االاكلك !الات اناالا الالال ااا مالالا لامالا تاتالا رب ل العدالة شرط فى كل زواج ولو كان ذا زوجة واحدة» فمن كان غير قادر على العدالة أو على الإنفاق لا يحل له أن يتزوج» والزواج مطلوب من القادر على العدالة والإنفاق» ولذا قال النبى َلكِْةّ: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (أى تكاليف الزواج من نفقة وغيرها) فليتزوج» ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»17) أى إنه قاطع شهواته بالسيطرة عليهاء وإذا كانت العدالة مطلوبة فى الزواج الواحد» فهى ألزم فى تعدد الزوجات» ومعناها يتسع» فتكون العدالة مع كل واحدة بحيث لا يظلمها فى ذاتهاء ويجب عليه أن يساويها مع غيرهاء والعدل المطلوب هو العدل الظاهر بالتسوية بينهن فى المطعم والملبس والمسكن والبيت» فلا يبيت عند واحدة أكثر من غيرها إلا بإذنهاء» أما العدل الباطن بمعنى التسوية فى المحبة القلبية» فهى غير ممكنة وغير مطلوبة» وقد جاء فى أحكام القرآن للجصاص: «أمر الله تعالى بالاقتصار على واحدة إذا خاف الجور ومجانبة العدل. إنها إباحة للاثنتين إذا شاء» وللثلاث إن شاءء وللأربع إن شاءء فإن خاف ألا يعدل اقتصر من الأربع على الثلاث» فإن خاف ألا يعدل اقتصر على اثنتين» فإن خاف ألا يعدل اقتصر على واحدة.. . والعدل المطلوب هو العدل الظاهرء وهو القّسم بين الزوجين.» والمساواة فى الإنفاق» والمساواة فى المعاملة الظاهرة» وليس هو العدل فى المحبة الباطنة فإن ذلك لا يستطيعه أحد. ولا يكلف الله إلا ما يكون فى الوسعء لا يكلف الله نفسا إلا وسعهاء وكان النبى كلو لا يسوى بين أزواجه فى المحبة القلبية؛ ولذلك كان يقول عند قسمه بين أزواجه: «اللهم إن هذا قسمى فيما أملك» فلا تؤاخذنى فيما تملك ولا أملك)0'. وقد وفق العلماء بين هذه الآية التى تطالب بالعدلء» وبين الآية التى تنفى إمكانه» وهو قوله تعالى: لإ ولن تَسمَطيعُوا أن تَعْدنُوا بينَ التساء ولو حَرْصمْ فلا )١(‏ رواه البخارى: التكاح- من لم يستطع الباءة فليصم (6055). (9) روى أبو داود: التكاح- القسم بين الزوجات (5١؟)‏ عن عائشّة قَالَت: كَانَ رسول الله وكين يقسم فيعدل ويقول: «اللَّهُمَ هَدَا قَسْمِى فيمًا أَمْلك فلا تَلْمَى فيمًا تَمْلكُ ولا أمُلك» قَالَ أبو داود: يَعنى الْقَلْب. 1 - بها تفسير سورة النساء ل لشفا 44 1 تميلوا كل الْميل فتَدَروها كَالْمعلّقة ... +739 4 [النساء] فقالوا إن العدل المطلوب هو العدل الظاهر والمساواة فى المعاملة والعدل المنفى المساواة فى المحبة القلبية. وإنه واضح أنه إذا لم يستطع العدل الظاهرى وجب الاقتصار على واحدة» وإن لم يستطع العدل معها اكتفى بالدخول بملك اليمين» أى بالدخول بالجارية التى يملكهاء وقد زال الرق» فزالت معه تلك الرخصة:» فمن لم يستطع العدالة مع زوجه عليه أن يروض نفسه بالصوم. أو يروض نفسه على العدالة. وقد قيد التعدد بقيد ثان» وهو القدرة على الإنفاق على النسوة اللائى يتزوجهن» وعلى من سيرزقهم الله منهن» وقد أشار القرآن إلى وجوب مراعاة ذلك» فقد قال تعالى: «إ ذلك أَدنَئ أل تعولوا 4 أى إن هذا التقبيد بهذا العدد المحدود» مع قيد العدالة» ومنها القدرة على الإنفاق» أقرب إلى ألا تعولوا» وعال يعول معناها مال» ومنه عال الميزان أى مال» وفسرها بعض العلماء بمعنى ذلك أدنى ألا تجورواء وروى ذلك التفسير عن عائشة - رضى الله عنهاء ولكن فسرها الإمام الشافعى بألا يكثر عيالكم. وهذا التفسير يؤدى إلى معنى جديد» لم يفهم نما سبق» وقد رجح ذلك الزمخشرى بقوله: «والذى يحكى عن الشافعى أنه فسر ألا تعولوا : ألا تكثر عيالكم فوجهه أن يجعل من قولك عال الرجل عياله يعولهمء كقولهم مانهم يمونهم إذا أنفق عليهمء لأن من كثر عياله لزمه أن يعولهم» وفى ذلك ما يصعب المحافظة على حدود الورع وكسب الحلال والرزق الطيب» وكلام مثله من أعلام العلم وأئمة الشرع ورءوس المجتهدين حقيق بالحمل على الصحة والسدادء وألا يظن به تحريف تعيلوا إلى تعولواء فقد روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال: «لا تظن بكلمة خرجت من فى أخيك سوءا وأنت تجد له محملا»» وكفى بكتابنا «شافى العى» من كلام الشافعى) شاهدا بأنه أعلى كعباء وأطول باعا فى علم كلام العرب من أن يخفى عليه مثل هذاء ولكن للعلماء طرقا وأساليب» فسلك الشافعى فى هذه الكلمة طريق الكنايات» . ا تفسبير شبور: ة النساعء الإ 000 كك : -- ومع أن التعدد مقيد بالعدالة والقدرة على الإنفاق» وهى تدخل فى العدالة» لا يعتبر العقد فاسدا إذا لم يتوافر هذان الشرطان ولم يحدث أن قاضيا أو حاكما اشترط لصحة العقد أو نفاذه ذلك الشرطء والإجماع على أنه لا أثر لفقد الشرطين فى العقدء وكل كلام غير ذلك هو بدعة لم تكن عند السلف. وإنما لم يفسد العقد لأن الفساد يكون بأسباب واقعةء لا بأسباب متوقعة» والعدالة والإنفاق أمران مقدران فى المستقبل» فقد يتوب من الظلم» وربما يجعل الله من عسره يسراء ولآن الظلم أمر نفسى» والفساد والبطلان لا يكونان لأمور نفسية خحفية لا يجرى عليها الإثبات. وإذا سوغ بعض الناس للقاضى ألا يأذن إلا إذا تأكدت العدالة والقدرة على الإنفاق» فقد جعل للقاضى ما لا سبيل إلى التأكد منه» ثم إن العدالة والقدرة على الإنفاق لازمان فى الزواج(١2‏ لزومهما فى الزواج الثانى والثالث» فلماذا يسوغان ذلك للقاضى عند التعدد فقط؟! إن ذلك معاندة لشرع الله تعالى الذى أباح التعدد. والتعدد لا بد منه عند استحكام الشهوات؛ لأنه إن لم يعدد اتجه إلى الحرام» والحلال على أية صورة خير من الحرام» واتخاذ الحلائل خير من اتخاذ الخلائل» والتعدد قد يكون علاجا اجتماعياء عندما تأكل الحرب شباب أمة من الآمم ويكون عدد النساء الصالحات للزواج أكثر من الشباب بأضعاف مضاعفة» ولا سبيل لإكثار النسل إلا بالتعدد» وهو فى هذه الحال منع للمرأة من الابتذال ووقوعها فى البغاء» وإن التعدد فى هذه الحال خير للمرأة بلا ريب» فليس التعدد شرا على المرأة فى مجموع عددهاء وقد تكون الزوجة فى حال تستوجب أن يتزوج الزوج بأخرى لمرضها أو يطلقهاء والخير لها حينئذ فى بقاء الزوجية. ذلك شرع الله. وقد منع الأوربيون التعدد الشرعى» ففتح الناس باب التعدد الحرام» وفسدت الآسرة هنالك وانحلت» والأسرة الإسلامية ما زالت أقوى الأسر استمساكاء ولا تزال كذلك ما استمرت مستمسكة بدينهاء معرضة عن الدعوات التى تريد إبعادها عنه. )١(‏ أى فى الزواج الأول» وبعبارة أخرى : فى الزواج بواحدة. ا تفسير سورة النساع 0 ا 7 كه :2 - « وآتوا النسَاء صَدقَاتهِنَ نحلّة4 هذا الكلام فى بيان العدالة مع الننساء فى المعاملة» فلا يصح أن يستهان بحقوقهن التى ينشئها الزواج» وأولها المهرء فالصدقة هنا هى المهرء وسمى صدقة لأن تقديمه يدل على صدق النية» والإخلاص فى طلب الزوجة؛ فمن أخلص فى طلب يد امرأة قدم لها ما يليق بمثلها تكريما لمعنى الزوجية» وتشريفا لتلك العلاقة» وقال تعالى: 9 نحلّة 4 ومعناها عطاء بطيب نفس» وهى افعلّة» من تَحَلَّهُ ينحله بمعنى أعطاه هبة صادق النية» وفسرها بعض العلماء بمعنى فريضة واجبة» وقد فسرها بذلك أبو عبيدة» وقال الزجاج فى آتنوهن صدقاتهن نحلة (تدينا) أى أن الدين أوجب ذلك» والخطاب لجماعة المؤمنين يوجب أداء المهور صادقى النية طيبى النفوس متدينين بهذا العطاء. « إن طبن لَكُم عن شيء من نفسا فَكُلُوه هنيا ينا الحياة الزوجية لا تقوم فقط على التكليف الواجب» بل تقوم على المودة الرابطة والتسامح» وقد يجهد الرجل المهر كله» فيقتضى حسن العشرة أن تترك بعض مهرها طيبة النفس» وليست المهور كسائر الديون» إنما هو دين فيه معنى الهدية» ولذلك فتح الشارع الباب لمثل هذه المعانى . ولذلك قال تعالى: « ...ولا تدسوا الفضل بتكم إِنَ الله ما تعَمَلُونَ بصير +20 4 [البقرة] ومعنى طابت نفسها رضيت من غير تورط» ولا تغرير ولا ضغط ولا إرهاق» وطيبة النفس بالعطاء أرق من الرضا به؛ لأن الرضا قد يتصور مع التورط أما طيبة النفس فلا تتصور إلا بالسماح» بل من غير طلب بالتصريح أو بالإشارة» ومعنى هنيئاء أى لا ألم فى أخذه» ومعنى مريئا حسن العاقبة» وأكل المال أخذهء فلا يراد بالأكل هنا حقيقته» بل يراد الأخذ الذى يؤدى إليه . وقد كان يحدث أن بعض الناس يرهقون زوجاتهم ليتركوا بعض المهر أو عمر -رضى الله عنه- إلى بعض قضاته: (إن النساء يعطين رغبة ورهبة» فأيما هاا تفسيرسورة التساع ل لل بلبجلبر يي امرأة أعطت ثم أرادت أن ترجع فلها ذلك». وروى أن رجلا أبرآته امرأته من مهرهاء ثم طلقها فرجعت'' فاحتكما إلى عبد الملك بن مروان فحكم لهاء وقال شريح فى مثل هذه الحال: لو طابت نفسها ما رجعت» وكان الأوزاعى لا يجيز هبة المهر إلا بعد أن تنجب منه» أو تمضى سنة على زفافها ‏ والنص يشير إلى أنه يحسن آلا تترك له كل المهرء ولذا قال تعالى: :/ قن طبن لكم عن شيء مَنْه 4 ومن للتبتعيض أى عن بعضه. ويظهر أن هذا لتأكيد طيب نفسهاء ويجوز الإبراء منه كله. «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جَعل الله كم قيَاما 4 السفهاء جمع سفيه والسفه اضطراب فى الرأى والفكرء وأصله من اضطراب المحسوسات. ويقول الراغب الأصفهانى فى مفرداته: «السفه صفة فى البدن» ومنه قيل زمان سفيه كثير الاضطراب» وثوب سفيه ردىء النسج» واستعمل السفه فى صفة النفس لنقصان العقل فى الأمور الدنيوية» . والسفهاء هنا هم الذين لا يحسنون تدبير الأموال إما لصغر سنهمء وإما لنتقص عقولهم» وإما لسوء تدبيرهم وتبذيرهم» والقيام هنا هو الولاية المالية والسلطان. وعبر عن الولاية بالقيام» لأن القيام هو العماد والسناد فى اللغة» والولاية المالية المقصود منها أن تكون عمادا وسندا للقاصر المولى عليه» وعلى هذا التفسير يكون معنى السفهاء شاملا لكل العاجزين عن تدبير المال أيا كان سبب العجز. ويكون معنى النص الكريم: لا تعطوا المال للَّذِين لا يحسنون القيام عليه لصغر أو نقص عقل» أو فساد رأى ثابت» والمراد مال هؤلاء» ولكن أضيف المال إلى الآولياء ليحثهم على حفظه وصيانته كأنه مالهم» وقد يكون الخطاب لجميع الأمة بالدعوة إلى المحافظة على أموال العاجزين؛ لأنه من حال الأمة المتضافرة المتعاونة المتكافلة» وزجح الزنمخشرى أنه خطاب للأولياء» وقال فى ذلك: «والخطاب للأولياء وأضاف الأموال إليهم؛ لأنها من جنس ما يقيم به الناس )١(‏ أى رجعت فيما أبرأت من مهرها. تفسير سورة النساء الالالال نا 5ه كاه 2 3 معايشهم» كما قال: «١‏ ...ولا تقتلوا أنفسكم ... 279+ 4 [النساء] والدليل على أنه خطاب للأولياء فى أموال اليتامى قوله: ذإ وارزفوهم فيها واكسوهم » وإنه على أن الخطاب لمجموع الأمة المتكافلة يكون من التكافل رزق اليتامى وعدم قهرهم. « وارزفوهم فيها واكسوهم وقُولُوا لهم قَولاً مُعْروفَا4 معنى الرزق الإنفاق المستمر المنظم على الشخص فى طعامه وكسوته» فالكسوة بل المسكن داخلان فى ارزقوهم وإنما خص الكسوة بالذكر؛ لأنها كثيرا ما تهمل» وللحث على المبالغة فى تكريمهم» ومن مظاهر التكريم الكسوة الحسنة» وقال ارزقوهم فيها واكسوهمء ولم 'يقل ارزقوهم منها للإشارة إلى أن الرزق لا يقتطع منهاء بل يتجر فيها ويعمل فيها ليكون الرزق فيها من الكسب لا من أصلهاء ولهذا قال النبى ككل «انّجروا فى مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة)(١2‏ وقد قال الزمخشرى فى تفسير ارزقوهم فيها: «اجعلوها مكانا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتربحوا حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال») وقد أمر الله تعالى بألا يرهق المحجور عليهء ولا يستذلوا ولا يقهروا؛ ولذا قال: « وقُولوا لهم ولا مُعرُوقًا 4 أى قولا غير منكر وغير مسترذل» وغير قاهر وغير مضعف لنفوسهم. ولا مذل لهم» وذلك لكيلا يذهب الحجر بعزة نفوسهم» وليشعروا أنه فى مصلحتهم.؛ ولكيلا تضعف شخصيتهم» ويمردوا مع الذلة صغارا؛ فيعادوا الناس كباراء والله هو الولى وهو نعم المولى ونعم النصير. ظ 1 رق ره 0ه ابره له له مع يه ماه )١(‏ روى الترمذى: الزكاة - زكاة مال اليتيم (141) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي حتطب النأس ققال: «ألا من ول ييا له مال لتر يه ولا ركه حتَى تكله الصلقة. اا تفسمير سورة النساء الئل ل0مااااللو الل حرا ررضو سر . وابثلوا بتكي عَيمردبََو لياح إن انث جَنْهم مُسدَاكدهوا سر سم ريثت لت أمواطم وكا ملو وكوي دنأ يكيو مرك نَ تس د سس ع سرح ارجح 6م رويرو عنْيًا فلْسَبَعَفْفٌ ومن" يلوفط دَفَعَم ِب موا فشي ذو اليو وك بحيب َلرَجَالٍ نص تبث مت لوال والقوة و1 كي 9 يَمَائرَكَ الْوَلِدَ انوا لَدَوْبْور مِمَاكَلَم رسيت مغروضا عي ني وَإِدَاحَصَرَالْقَسَمَةَ اشوا وَالْمَستحكين تأززفوهم وِنْهُ وَفو لوطم مولا مَعْرُو 8 و سج ساح سا 31 2 عم ير وي وَلَسَحْشَالدٍ مت لوكين علو يضم أيهم ف لوا اسيم 2 سس ل سس صرح ع م ص لالءً ىو أذ إَّ ليسكا نابتع ظللم اه َف ور ذه 98 قلنا إن الآيات الكريمات من أول السورة فى بيان العلاقات الإنسانية» وقد اليتامى والنساءء فقد كانت المرأة فى الماضى مظنة أن تؤكل حقوقها وتهضم»ء واليتيم مقهور إلا إذا من الله تعالى بكالئ من البشر يحوطه بعنايته» وفى هذه الآيات التالية يبين سبحانه معاملة اليتيم حتى يبلغ» وحقه فى الميراث» وكيف تجب حياطته والعناية به وبمالهء ولا يدفع إليه ماله إلا إذا رشد. ل 1 تفسير سورة النساء لاا ااال 6 سسب ا « وابتلوا الْيتَامئ حتَئ إِذَا بلَهُوا التكاح فَإِنَ انسثم مَنْهُم رشّدا 4 الابتلاء معناه اختبار حال اليتيم من حيث قدرته على التصرف فى ماله ويُمَرّن على ذلك قبيل البلوغ؛ حتى لا يجىء وقت إلا وقد صار فى قدرة على إدارتهاء وقد قال القرطبى فى ببان اختباره: «لا بأس أن يدفع إليه شيئا من ماله ييح له التصرف فيهء فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار» ووجب على الوصى تسليم جميع ماله إليه (أى بعد بلوغه) وإن أساء النظر فيه وجب عليه إمساك المال عنده»). . . وقال جماعة من الفقهاء: الصغير لا يخلو أن يكون غلاما أو جارية» فإن كان غلاما رد النظر إليه فى نفقة الدار شهراء وأعطاه شيا ترا ليتصرف فيه» ليعرف كيف تدبيره وتصرفهء وهو مع ذلك يراعيه لكلا يتلفهء فإذا رآه متوخيا سلم إليه ماله عند البلوغ وأشهد عليه؛ وإن كان جارية رد عليها ما يرد إلى ربة البيت من تدبير بيتها والنظر فيه فى الاستغزال والاستقصاء على الغزالات فى دفع القطن وأجرته. واستيفاء الغزل وجودته» فإن رآها رشيدة سلم إليها مالها وأشهد عليها وإلا بقيا تحت الحجر. 0 وإن نهاية اليتيم ببلوغ النكاح» أى بوجود المظاهر التى تدل على الرجولة فى الغلام» والتى تدل على مبلغ بلوغ النساء فى الفتاة» وإن أقصى مدة البلوغ ذلك المبلغ اختلف الفقهاء فيهاء فالجمهور على أن البلوغ بالسن وهو أقصى غاية: لظهور أمارات التكاح ببلوغ خمس عشرة» وأبو حنيفة على أنه سبع عشرة بالنسبة للفتاة وثمانى عشرة سنة بالنسبة للصبى. . . وقوله تعالى: « بَلَوا التكاح 4 كناية واضحة عن ظهور أمارات الرجولة الكاملة» وأمارات الأنوثة؛ لأن الاستعداد للزواج هو كذلك» و«حتى» هنا للغاية» وهى داخلة على الحملة» فهى تبين نهاية الصغرء والجملة التى دخلت عليها ظرفية فى معنى الشرط . ولا يدفع المال بمجرد البلوغ» بل لا بد من الرشدء ولذلك قال تعالى : طإفَإن انستم منهم رشدا فَادقعوا إِليِهِم أموالهم ولا تأكنوها إسرافًا وبدارًا أن يَكْبرٌوا 4 آنس معناها أبصرء ولذلك قال تعالى: ... آنس من جانب الطُّور ثارا م تفسيرسورة التساءع 2 اللالللاوووااا0ا0اااااللوللال ل ااال لل بج بر بي ... 4318 # [القصص] وقيل آنس معناها أحس» وعندى أن معنى الإحساس ثابت فى آنس» فهو ليس رؤية فقطء بل هو رؤية» اتصل بها إحساسه ووجدانه» للإشارة إلى أنه لا يطلب من الصغير أن يؤتى الرشد الكامل بمجرد البلوغ بل إنه أعطى صغير يبلغ ماله قط؛ لآن الرشد الكامل لا يكون إلا بالممارسة المستمرة. ومعنى هذا الكلام أنه لا بد من فترة بعد البلوغ يستأنس فيها الرشد» بعد الاختبار فى الصغرء إلا إذا كان الاختبار فى الصغر أثبت رشداء وإذا بلغ غير وذلك لقوله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء نالك التي جَعَل اللّه د قيَاما 00 > 4# [النساء] وقال أبو حنيفة : لا يدفع إليه ماله حتى يبلغ الخامسة والعشرين» النخعى . وقد نهى الله الأوصياء عن أن يأكلوا مال اليتامى» فقال: 9 ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا 4 أى لا تأكلوا فى مدة وصايتكم أموال اليتامى مسرفين فى الآكل» أو مبادرين بالأخذ خشية أن يكبرواء فالإسراف والبدار مصدران وقعا فى موقع الحال» وهما فى معنى الوصف» وليس المراد أن لهم أن يأكلوا غير مسرفين و مبادرين » بل إن ذلك بيان شنم الأحوال التى يقع فيها الأوصياء؛. وهى أن الأموال وتئول إلى أصحابها. وقد بين مبيحاك جولا الكل من مل اليم عل لوو 1 الأوصياء إلى قسين: غى يقوم برعاي لهم من غير أجر حسبة لك تعالى. وقال إل تفسير سورة النساء م من العفاف؛ لأنه تحرى العفاف وبلوغ أقصى غاياته» ومعنى ذلك أنه لا يأخذ شيئا؛ لأن طلب أى شىء من غير حاجة طمع فى مال اليتيمء يتنافى مع العفاف الذى ينبغى أن يتحلى به اللأوصياء. والقسم الثانى: فقير أذنه الله تعالى بأن يأكل من مال الصغير بالمعروف أى بالقدر الذى لا يستنكرء فلا يسرف فى الأخذء وقد قال رجل للنبى كَكة: إنى فقير ليس لى شىء ولى يتيم» فقال له: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل)217 أى جامع مدخر تتجاوز الحاجة. وقد روى أن عمر بن الخطاب شبه الوالى على المسلمين بالوصى على اليتيم» قال: (ألا إنى أنزلت نفسى من مال الله منزلة الولى من مال اليتيم إن استغنيت استعففت» وإن افتقرت أكلت بالمعروف» فإذا أيسرت قضيت). ونرئ من هذا أن الآية تشير إلى أنه لا تفرض أجرة للغنى قطء أما الفقير فيأكل بالمعروف» ولا يكون ذلك أجرة لأنه ممنوع من التأثل والادخار؛ وذلك لأن اليتيم رعايته فرض كفاية على المسلمين ليخرج أليفا مألوفاء ولا يخرج منابذا الجماعة» شرا عليها. وجمهور الفقهاء قد قرروا جواز فرض أجرة حتى للغنى خشية أن يحجم الناس عن ولاية أمر اليتيم» والله سبحانه يتولاه برعايته» ويحفظه بكلاءته. ل فَإِذًا دفعتم إِلَيْهم أموالهم فََسْهدوا عَلَيْهِم وكفئ باللّه حسيب 4 هذا بيان ما يجب القيام به عند اتتهاء الوصاية عليه وهو أن يدفع إليه ماله كاملاء وللاحتياط من الخصومات والمنازعات يشهد على دفعه المال» والشهادة فى هذه الحال حجة لازمة ملزمة للمحجور عليه الذى انتهت الوصاية عليه» فهذا إرشاد )١(‏ رواه أحمد: الوصايا: مسنئد عبد الله بن عمرو بن العاص (5755) ولفظه: عن عمرو بن اشعيب عن أبيه عن جَده أن رجلا سأل الي وَل َقَال: ليس لى مال ولى يتيم. فَقَال: «كل من 2 2 ل سةم عه 2 09 ول هع 7 نز ها سه 6 اس ع صر اع اس فس سديهة اس مالك - بماله»» والنسائى: الوصايا - ما للوصى من مال اليتيم (75048©. ا تفسيرسورة النساع مم 1للنتال ااال لللاان الالالال اانا ااانا الالالال الالالااا الالالال اناالا الااا انالا اللالااااااااااااالاالا انالا ااال الا تاتالا ب )5 3 عظيم من الله سبحانه وتعالى لمنع المشاحة ولإبراء الوصى» ولكى يكون اليتيم على بينة من أمره» والكلام يتضمن تقديم حساب عن التصرفات التى تصرفها فى مال القاصرء وقد كان على بن أبى طالب - رضى الله عنه - وصيا على يتامى» فلما أعطى إليهم أموالهم حاسبهم وحاسبوه»؛ وكان فى ضمن المحساب زكوات أموالهم؛ إذ كان يدفعها من هذه الأموال. وإنه فى هذا الحساب يكتفى أبو حنيفة بيمينه إذا كان هناك خلاف فى شأنها؛ لأنه أمين لم تعرف خيانته» إذ لو عرفت لعزل» والأمين يصدق باليمين إذا خولف, والمالكية والشافعية والحنابلة لا يقَبل الحساب عندهم إلا بالإقرار من القاصرء أو البينة الكاملة»؛ وهى رجلان أو رجل وامرأتان» وإن حساب الناس قد يغادر الكثير» والأمر فى ذلك إلى الضمير الدينى» والقلب المخلصء» ولذلك كان وراء حساب الناس حساب الله الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء ولذا قال سبحانه: 9 وكفئ باللّه حسيب # والحسيب هو المحاسب المراقب المشاهد الدقيق الحساب الذى لا يترك شيئاء وكفى أن يكون هذا الحساب» وكأن المعنى: حاسبوا أنفسكم فقدموا الحساب عن مال اليتيم صادقا؛ فإنكم إن أفلتم من حساب الدنيا فلن تفلتوا أبدا من حساب الله المحيط الدقيق» وإن استطعتم الإخفاء والكتمان والتحايل على الناس» فلن تستطيعوا ذلك عند الله تعالى. «للرجال تصيب مما ترك الوالدان والأقْربونَ وللنساء نصيب مما ترك الوَالدَان والأفربون » هذه قاعدة عامة لأصل التوريث فى الإسلام» وهى قاعدة أن الرجال لا يختصون بالميراث» بل للنساء معهم حظ مقسوم» ونصيب مفروضء سواء أكان قليلا أم كان كثيراء وهذا إبطال لما كان يقع فى الجاهلية من حرمان النساء من لميراث وقصره على الرجال. وذكر فى هذا الموضع عند الكلام فى شكون اليتامى؛ لأن الظلم عليهم كما يقع فى أموالهم الثابتة» قد يقع فى أموالهم التى تثول إليهم من مورئيهم» فهذا النص أفاد دفع الظلم عن ضعيفين هما المرأة واليتيم» أفاد دفع الظلم عن المرأة بالنص» وأفاد دفع الظلم عن اليتيم بالإشارة؛ وسيصرح القرآن ا تفسير سورة النساء ك0 0م سب أ الكريم بذلك فى قوله سبحانه: لظ ولْيخْش الْذين لو تركوا من خَلفَهم ذَِيّةَ ضعافًا خَافُوا لبهم ... 437 [النساء]. ولقد روى ابن عباس أنه قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الصغار الذكور حتى يدركواء فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغيراء فجاء ابنا عمه - وهما عصبته - فأخذا ميراثه كله» فأتت امرأته رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وذكرت ذلك» فنزل قوله تعالى : ل للرجال تصيب مَمًا ترك الوالدان والأَْربون 2374 . وقد ذكر سبحانه الحق مرتين» فذكره أولا للرجال فقال: للرّجَال تصيب َمَا ترك الُوالدان والأَفربون 4 ثم ذكره ثانيا للنساء فقال: فإ وللدساء» وذلك ليؤكد حقهم» وليبين أنه حق مستقل عن حق الرجل» ثبت لها استقلالا بالقرابة» كما ثبت له استقلالا بالقرابة» حتى لا يتوهم أحد أن حقها تابع لحقه بأى نوع من أنواع التبعية» ثم أكد سبحانه الحق بقوله: مما قل منه أو كَثر نصيبًا مُفْرُوضًا » هذا تأكيد لحق النساء ذ فى التركة» وقد أكده مرتين ‏ أولاهما ‏ أنه يجب فى كل تركة قليلة أو كثيرة فليس حقها تسامحا يعطى» ولكنه حق ثابت» لا يُقَدُم حق للرجل» ويؤخر حق المرأة» بل يشبتان معا فى القليل والكثيرء ولا تسامح فى القليل - ثانيهما قوله: «تصيبًا مَفْرُوضًاي وهى منصوبة على الاختصاص» والاختصاص يفيد العناية أى قدرا عناه الله تعالى وقصده «( مُفُروضا 4 أى مقطوعا لا سبيل إلى الهوادة فيهء والاكتفاء ببعضه نزرا . يسيراء أو مقدارا كبيراء فلا بد من إعطائه كاملا غير منقوص. فإ وإذا حضر القسمة أولوا القربئ واليتامئ والْمساكين فَارزقُوهم مه وقُولُوا لهم قَوْلا معرُوقا 4 هذا النص الكريم ورد فى الأقارب الذين لا ميراث لهم كما قال أكثر المفسرين» ولكن القارئ للنص يرى أنه أوسع شمولا؛ لأنه يشمل المساكين واليتامى بإطلاق» وإن لم يكونوا أولى قربى» والمساكين هم الفقراء الذين أسكنتهم الحاجة )١(‏ أورده السيوطى فى الدر المنثور ج7. ص77 وقال: أخحرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: كان ها تفسير سورة النساع ١‏ 4م !]ااا لاا لاتللةا اتنا ان اناالا لتللاكا! ملأتا ااال ااانا تلالاااااااااناااااااااالناااااااالتاالان ا ناتللا 4 ب ا وأذلتهم» وليس المراد من حضورهم أن يكونوا مشاهدين للقسمة؛ لأن قسمة الأموال لا تكون عادة فى حضرة هؤلاء الضعفاء» وإنما المراد العلم بهم من مقَسَّمى التركة علم حضور ومعاينة» ومعنى الرزق إعطاؤهم مالا ينفقون منه» ويسدون منه حاجاتهم بحيث لا يكونون أثرياء. والأمر فى قوله تعالى: 9 فارزقوهم 4. قال بعض التابعين: إنه للندب» فعلى الورثة أن يَرْضَخُوا(١؟‏ مقدارا من المال ندباء وحجة هؤلاء فى أن الطلب للندب أنه غير مقدر. والفرض الذى يكون لازما من المال لا بد أن يكون مقدراء وقد كان الصحابة يفعلون ذلك» حتى إنه يزوى أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر قسم ميراث أبيه» وأم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- على قيد الحياة» فلم يدع فى الدار أحدا إلا أعطاه. وقال بعض التابعين: إن ذلك واجب» وهو للقرابة الفقيرة واليتامى والمساكين فى التركات» فهو ثابت كثبوت حق الورثة». لا يزيد أحدهما على الآخرء وعدم التقدير فيه ليس إجمالاء بل ترك الأمر فيه إلى الورئة» وإلى القاضى الذى يقوم على تنفيذ التركات» وقد ادعى بعض التابعين نسخ الوجوب فى الآية فرد قوله سعيد بن جبيرء فقال: (إن ناسا يقولون نسختء. والله ما نسختء ولكنها بما تهاون به الناس». ا وإن الذين قرروا أن الأمر للوجوب. قصروا العطاء على (التقوه) وما يشبهها كالقمح. ونحوه دون العقارء ؤقد روى أن الحسن والنخعى قالا: [أدركنا الئاس وهم يقسمون على القرابات واليتامى والمساكين من العين (أى الذهب والفضة) فإذا قسم الذهب والفضة وصارت القسمة إلى الأرضين والرقيق - قالوا لهم قولا معروفا]. 00 ْ | 0 ا 0 .وقد قرر من الفقهاء وجوب العطاء - الظاهرية» فقالوا يجب إعطاء هؤلاء من التركة مقدارا يتناسب مع حال الورثة وجال هؤلاء ومقدار التركة» ويقدره القضاء . 1١‏ رضخ له من ماله يَرْضَحَ رضخا : أعطاه , الرّضح : العطية القليلة. [لسانٍ العرب - رضخ]. بها تفسير سسدورة النساء سس سس سسا 09 5 ١ اا‎ يي والقول المعروف مطلوب: وهو القول الذى لا يخدش الكرامة» وليس فيه منة العطاء» وقد قال فيه الزمخشرى: (وأن يلطفوا لهم القول» ويقولوا خذوا بارك الله عليكم؛ ويعتذروا إليهم» ويستقلُوا ما أعطوهمء ولا يستكثروه ولا يمنوا عليهم). ف( وليخش الدين لو تركوا من خلفهم دري ضعافا حَافُوا عليهم فلقُوا الله ولبيقولوا ولا سديدا 4 واضح أن هذا النص وارد فى اليتامى» ويحتمل أن يكون المراد الحث على إعطاء اليتامى غير الوارثين مقدارا يعين على إصلاحهم. ويكون تخصيصهم بالذكر للحث على إكرام اليتيم» وذلك سان القرآن الكريم دائماء ويحتمل وهو الراجح أن يكون الكلام فى شأن نصيب اليتامى فى التركات»؛ ويكون المخاطبون غير المخاطبين فيما مضى أو هم ولكن لعمل آخر وهو المحافظة على حق اليتيم فى الميراث فلا يضيع» وقد حث سبحانه على المحافظة على حق اليتر بأبلغ تعبير» فقال ما معناه: على الذين يتحكمون فى مال اليتيم فَيِطْمَفُونه أو تكون عندهم هله النية أن يخافوا على أنفسهمء ويخشوا أن يكون لهم من بعدهم ذرية ضعاف أى أولاد لا حول لهم ولا طول» ويكونوا يتامى كهؤلاء الذين يتحكمون فيهم» وإذا كانوا كذلك, فليتقوا الله فى مال اليتيم ولا ينقصوه ولا يضيعوا له حقا؛ فإن القصاص سيكون فى أولادهم» وقد جعل الله تعالى من شعورهم بالحنان على ذرياتهم باعثا لهم على الحنان على أيتامهم» وخير الناس من يجعل من شعوره بالمحافظة على العزيز عنده شعورا مثله لمن يكونون فى مثل أمره . وقد فسر بعضهم القول السديد هنا بما يقارن القول المعروف» ونحن نرى أن القول السديد هو القول المسدد نحو الحق المصيب للهدف» وذلك بأن يقول القول لا تطييبا لليتامى فقط. بل يقوله للمحافظة على حقوقهم» فإن رأى من المقتسمين رغبة فى نقصهم سدد القول وقال الحق ومنع الظلم حتى لا يؤكل نصيب اليتيم فى التركة» أو يضيع حقه فى أى تصرف من التصرفات . لاا تفسبير سبور: ة النساعء الل ههه 2 إن الذين يأَكُلونَ أَمَوَال اليَامَئ ظلْمَا إِنّمَا يَأكُلُونَ فى بطونهم تارا وسيصلون سعيرا 4 إن اليتامى مظنة أن يبخسوا ذ فى الميراث» فأكل مالهم هنا ظلما هو بخسهم حظهم فى الميراث» أو أكل الأوصياء أموالهم والأخذ من مال اليتيم سماه الله تعالى أكلا لما فيه من معنى الأخذ وأن يقصد به تنمية ماله كما ينمى جسمه بالأكل» ولكنها تنمية آثمة مآلها البوار ومن نبت همه من حرام فالنار أولى به)7١)‏ وقال سبحانه 9 ظلّما 4 لكمال التشنيع على الأكل» إذ هم يظلمون ضعيفا لا يقوى علئ الانتصاف منهم » وقد ذكر سبحانه إثم ذلك الآكل بقوله: © إِنَما يأْكلُونَ فى بطونهم 4 وهذا تصوير لضرر الأكل عليهم؛ أنه يكون أكلهم كمن يأكل النار ويضعها فى بطنه أى يملا بطنه بها فهو فى ألم دائم حتى يهلك». اليتيم . . وهذا عقايهم فى حاضرهم؛ أما العقاب الذى يتنظرهم فى الآخرة فقال: ل وسيصلون سعيراً 4 أى ستوقد بهم نار شديدة الأوار» يستمرون فى بلاء شديد . منها. اللهم ارزقنا رزقا حسنئا» وجنبنا ما حرمت» وأقلعنا بالخلال الطيب » إنك 0 ل ف حت سس عو سس ا قو له آذ ته 2 هه 04 فوق اثنتين َلَهِنَّثلْمَا مَائرَكَ وَإِنْكَانتَ ت وجاك ب برع لدي م 2 م ليصف ولأ بوبه لكل واحِد مهمأ سدم س مما ركان 4 04 55 و ن ليك وادوور كَمدَأَبواه فد )١(‏ جاء فى كشف الخفا /ا91١1):‏ «كل جسد نبت من سحت فالئار أولى بها . رواه البيهقى وأبو نعيم عن أبى بكر» قال المناوى : وسنده ضعيف» والمشهور على الألسنة: «كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به» . اا تفسير سورة النساءع 4 8 7 و ا الى م 2 يو ص رحج اسم م فإن ن لهوإحوة فَلِامَهِ الْسَدس من بعد وَصِيَّةَ وص 3 لخر عر 0 21 يها أوّدين ءاباؤكم وابناق م لاتدرون أيهم أ بلك سر عاو يصَصة ير اهكان عَلِيمَاحَكيمًا 07 و نشد مار تسا ليك هرودو كاد نوأ أذ فلكم اريم ما روبك وفص يك فاو مآع ناتش إن يكن لَك ولد د كاد لحم همرحم سمس ع من بعل وَصِيَّةٍ وؤضورك بها ودين وَإنَكَارَت روث كلاه أوأمرأةولة, أنه كز واجدل وأحِر نهم شدي يد كَانواآحَررمكَلِكَ --. َهُمْ سرك نعلت مِنْبَد وَصِيَّةَ بوص يبآ يذ ل سر م يقة رز وس ألو عملي 1 و تللكت حذود الله م يطح للَموَرَسُولَه ذخا كن ير ينتحك لأ / حَتَنِي وها وَدَللَك الْمَوْرْالْمَظِيِْ 22 لس سس الفرعر لعاوم وم و ل كَارَا حَنِدَا فِيهكا َك عَدَادك تُهِيرت 22 04*9 4 هاا تفسبير سشور: ة النساء 0ل #جيىين يي قد بين الله سبحانه وتعالى الواجب بالنسبة لليتامى ورعاية حقوقهم» فى الأموال التى يرثونهاء والأموال التى تئول إليهم. كما بين سبحانه حق الفقراء والمساكين وذوى القرابة الذين لا ميراث لهم عند تقسيم التركات. وفى هذه الآية يبين حقوق أكثر الوارثين» وهى تقسيم الله سبحانه وتعالى. إن الميراث قد تولَّى القرآن بيان أكثر أحكامه» ولم يفصّل أحكاما كما فصل أحكام الميراث» وقد قال صلِلةِ: «العلم ثلاثة: آية محكمة» أو سنة قائمةء أو فريضة عادلة)20. وقد عده نصف العلم» وهذا العدد دليل على مقدار وجوب العناية به» فقد قال وَكلِةِ: «تعلموا الفرائكض وعلموها الناس فإنه نصف العلم» وهو أول شىء ينسى» وأول شىء ينتزع من أمتى170 . والميراث هو وصية الله تعالى بتوزيع التركات على مستحقيها؛ فإنه إذا كان للعبد وصايا فى أمواله من بعد وفاته» فالميراث هو وصيته سبحانه وتعالى ووصية الله تعالى أولى بالإيجاب وأحق بالتنفيذ. ولكى تكون وصية الله تعالى لها مكانتها فإنه قد جعل لها الثلثين» ولوصية صاحب الال الثلث» ولذلك قال و: «إن الله تعالى قد تصدق عليكم فى آخر أعماركم بثلث أموالكم فضعوه حيث شكتم) . وقد أراد بعض الصحابة أن يوصى بماله كله» فمنعه النبى كله ثم أراد أن يوصى بالثلث فأجازهء وقال: «والثلث كثيرء إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس»» أو كما قال النبى كَة. وفى هذه الآيات كما قلنا بيان حقوق طائفة من الوارثين» وهم الأولاد والآباء» والأزواج وأولاد الأم» وقد مزج بين الآباء والأولاد فى الحقوق؛ لآن الأولاد لا يحجبون الآباء أى لا يمنعونهم من الميراث» ولذلك يعدون طبقة واحدة» وقد قال تعالى فى ذلك: )١(‏ عَنَ عبد الله بن عمْرِو بن العاص أن رَسُولَ الله وك قالَ: «الْعلْم ثَلانَه: وما سوى ذلك فَهُوَ فضل : يد محكمة أو سنّة قَائمةٌ أو فَرِيضةٌ عَادلَة» . [رواه أبو داود: الفرائض- ما جاء فى تعليم الفرائيض (5886)» وابن ماجه: المقدمة - اجتناب الرأى والقياس (6)] وفى إسناده مقال. (؟) رواه ابن ماجه: الفرائض- الحث على تعليم الفراتيض .)519/١9(‏ اا تفمسير سورة النساع .م الل الا ل 1 2200001111111 اذا ال( يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حَظ الأنشيين إن كن نساء فوق انين فَلَهِنَ تنا ما ترك 4 هذا النص الكريم يبين ميراث الأولاد» وقد ذكر لهم ثلاث أحوال : الحال الأولى إذا كانوا ذكورا وإناثا فإن الميراث بينهم يكون للذكر مثل حظ الأنثيين» والحظ هنا النصيب» والتعبير بالحظ إشارة إلى أن عطاء الأنثى» ولو كان نصف عطاء الرجل» قدر كبير لها فيه حظء أى عطاء فيه كرم وسخاء؛ لآأن التكليفات المالية عليها دون التكليفات المالية على الرجل بقدر كبير يعد أكثر من النصف . الحال الثانية: أن الأولاد إن كن نساء فقطء يكون نصيبهن الثلثين» والنص الكريم يقول: « فَإن كن نساء قوق الي له تنا ما ترك 4 يفيد بيان نصيب الأكثر من اثنتين» ولم يبين الاثنتين» ولكن يفهم من آية أخرى أن نصيب الثنتين هو الثلثان أيضا؛ لأن الله تعالى قال فى توريث الإخوة والأخوات: (١‏ يستفتونك قل الله يكم في الْكَلالَة إن امرك هلك ليس لَه ود وله أت قله نصف ما ترك وهو ينها إن لم يكن لها ولد إن كَاننَا اين هما اللَان ما ترك . نه © [النساء] ففى الأخوات نص على أن نصيب الأخحتين الثلثان» وبالأولى يكون نصيب . البنتين الثلثين؛ لأن البنتين أقوى قرابة وأكثر اتصالاء وأجدر بالرعاية» فإذا كانت الأختان تأخحذان الثلثين فأولى أن تأخذ البتتان الثلثين» فما حذف فى آية البنات وجد ما يدل عليه فى آية الأخوات. وكذلك حذف فى آية الأخوات نصيب الأكثر من أختين» وصرح به فى آية البنات» ففهم بطريق الأولى أن الأكثر من أخستين تأخذان الثلثين؛ لأنه إذا كان الأكثر من بنتين يأخذ الثلثين فقطء فأولى أن يأخذ الأكثر من أختين الثلثشين . والمعنى أنه حذف من آية البنات ما يفهم بالأولى من آية الأخوات». وحذف من آية الأخوات ما يفهم بالأولى من آية البنات» وذلك بلاغة الإيجاز»ء وهو من سر الإعجاز. | تفسير سورة النساع ململ الحال الثالثة: أن يترك الشخص بنتا واحدة» وهى فى هذه الحال تا ستحق النصف بصريح الآية: « وإن كَانَتَْ واحدة فَلَهَا التصف 4 . هذا توريث الأولاد. ويلاحظ ما يأتى: أولا: أن نصيب الأولاد إذا كانوا ذكورا وإناثا يكون بعد أن يأخذ الأآبوان والأجداد والجدات وأحد الزوجين أنصبتهم . فإذا كان للمتوفى أب وزوجة وأبناء وبنات» فإن القسمة للذكر مثل حظ الأنشيين تكون بعد أخذ الأب والزوجة ثانيا: أن الأولاد يطلقون على كل فروع الشخص من صلله أى أبئاؤه وأبناء أبناته» وبئات أبنائه. أما بنات بناته» فإنهن لا يكن من أولاده. وقد خالف فى ذلك الشيعة فلم يفرقوا فى نسبة الأولاد بين من يكون من أولاد الظهور ومن يكون من أولاد البطون» أى لا يفرقون بين من تتوسط بينه وبين المتوفى أنثى ومن لا تتوسط . ثالثئا: أن أبناء الشخص وبناته يقدمن على أبناء أبنائه وبنات ابنه» أى أن الطبقة الأولى تمنع من يليها. رابعا: إن بنات الابن يأخذن حكم البنات تماما إذا لم يكن للشخص أولاد قطء لا ذكور ولا إناث» بل إن جمهور الفقهاء يجعل لبنات الابن السدس» وإذا كان للمتوفى بنت واحدة تأخذ النصف» وذلك لحديث ابن مسعود الذى سكل فيه عن رجل توفى عن بننه وبنت ابن ابنه وأخته. . . فأعطى البنت النصف» الابن السدس» والأخت الباقى» وقال: ذلك قضاء رسول الله 11#" . (١)روى‏ البخاري: الفرائفضش - ميراث ابنة الابن (11757) عن هريْل بن شرحبيل قال سكل أبو مُوسى عن بنت وابئة ابن وَأعْت فَقَالَ للبت النْصْفُ وللأخت التصف» وَأت ابْنَ مسعود مط لق و عه وى شيل بن سود وأخير يول إى موس طقل قد كلت إن وما نا بن الملوين لياحت كنك يا رس فأصيرنة يقل بن مود قا اث الى نا م ها الح يكب ل تفسير سورة النساء سس ساسا لك ١1 00 كي ( ولأبويه لكل واحد سَهمًا الساس مما ترك إن كان لَه ولد إن لم يكن له ولد وورته أبواه فَلأمَه الثلث فإن كان له إِخوة فَادُمَه َه السدس 4 هذا ميراث الأبوين» وقد ذكر القرآن الكريم حالا يشترك فيها الأب والأم: وهى أن يأخذ كل واحد منهما السدس إذا كان للمتوفى ولد. والمراد من الولد الفرع الذى لا يتتوسط بينه وبين المتوفى أنثى» وذلك عند الجمهورء وعند الشيعة الإمامية: كل من يتصل إلى الميت من الفروع بطريق الإناث أو الذكور فهو ولد. والأب قد يأخذ مع السدس باقى التركة إذا كان للمتوفى فروع من الإناث فقطء فإنه عند الجمهور يأخذ السدس مع الباقى» والباقى ثبت بقول النبى مَك : ١ما‏ بقى بعد أصحاب الفروض فلأقرب رجل ذكر)(' فبهذا الحديث يأخذ الباقى» وبئنص الآية يأخذ السدس. وحالا ثانية ذكرها للأم صراحة»ء وللآب ضمناء فقال سبحانه: 0 يكن لَه ولد وَورنَهُ أبواه فَلأمَه التّْثْ 4 فإن هذا النص يفيد أمرين: أحدهما - الميراث للأبوين إن لم يكن أولاد»ء وثانيهما - أنه يكون للأم الثلث؛ وما 0 الميراث منحصرا فى الأبوين؛ فإنه يكون للمم الثلث والباقى للأب. وإذا كان معهما زوج أو زوجة» فهل الآية تفيد الحكم؟ ونقول إنها لا تفيده صراحة» بل تفيده ضمناء وذلك أنها قررت أنه فى حال انحصار الإرث فى الأبوين يكون نصيب الأم الثلث» ونصيب الأب الشلثين فهذه الآية قد حدّدت النسبة» أى أن نصيب الأم يكون على النصف من نصيب الأب» وبتطبيق ذلك على حال وجود أحد الزوجين» فإن أحدهما يأخذ فرضه وتأخذ الأم ثلث الباقى» ويأخذ الأب ثلشيه» وهذا رأى ابن مسعود وزيد» وعلى» على أرجح الروايتين عنه» وعمر وعثمان. وهو الذى اختاره الأئمة الاربعة وأكثر فقهاء الأمصار. 0 )١‏ عن ابن عباس رضي الله عنْهُمَا عن الي يك قَال: «ألحقوا الْفَرافضُ يأهلها َم بقي فَهُوَ لأولى رجل ذَكرٍ) [رواه البخاري: الفرائض - ميراث الرجل من أبيه وأمه (؟7175)» ومسلم: الفرائفض - الحقوا الفرائض .])١510(‏ ١‏ ها تفسير سورة النساء اب لكان بي وهناك رأيان آخران: أحدهما ‏ أنها تأخذ ثلث التركة كلهاء وقد أخذ هذا القول من صريح الآية» وهو يؤدى إلى ألا يكون نصيب الأم على النصف من نصيب الآأب» بل يؤدى إلى أن الأب يأخذ أقل من الأم» كأن يكون زوج وأم وأبء» فإن الزوج يأخذ النصف والآم تأخذ الثلث» والآب يأخذ الباقى وهو السدس» أى أن الأب يأخذ نصف نصيب الأم, وهذا الرأى رأى الإمامية» وفيه شذوذ كما ترى» وقد نسب إلى ابن عباس» وقيل إنه روى عن على ومعاذ بن جبل. والثانى - أنها تأحذ ثلث الكل فى حال ما إذا كانت زوجة وأب وأم» وتأخذ ثلث الباقى إذا كانت المسألة فيها زوج بدل الزوجة» وذلك لكى لا يأخذ الأب أقل من الآم. وأسلم الآراء أولهاء وهو أوضحها وأعدلها. وحالا ثالئة بالنسبة للآم أنها تأخذ السدس إذا كان هناك إخحوة أو أخوات زادوا على واحدء فإنها تأخذ السدسء وهذه الحال خاصة بالأم؛ لأن الأب لا يؤثر فى نصيبه على الإخوة والأخوات» بل إنهم لا يرئون معه. هذا ميراث الأولاد والأبوين» وقد بين - سبحانه وتعالى - حكمة ذلك وأكد انكر واكم لا تون أيهم أَقْرب لَكُم نفعا فريضة من الله إن الله كان ليما حكيما 4 يبين الله أن هذه قسمتهء ولا بد يصح أن تحكّموا أهواءكم فى أموالكم بعد وفاتكم» فإنكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاء آباؤكم أو أبناؤكم ؛ ؟؛ لآنه عنك حكم الهوى يفقد العقل تقديره وميزانه فلا يدرى أين يكون النفع» وقد صدر الاية بذكر الآباء والأبناء لقوة قرابتهم واتحاد اتصالهم» ومع ذلك لا يعلمون النافم منهم . . وقد أكد الله معنى هذا التقسيم بتأكيدين: أحدهما ‏ قوله سبحانه « فُريضة َّنَ الله 4 أى فرض الله ذلك فريضة وقدره تقديرا فلا يجوز خخلافه. لأنه تقدير الله وقسمته» وليس لأحد أن يخالف قسمة الله جلت قدرته - التأكيد الثانى: قوله سبحانه: «إِنٌ الله كَانَ عَليمًا حكيما». فإن الله تعالى ذيل النص الكريم بهذه الآية تأكيدا للنفع فى هذا التقسيم؛ لآن الله هو الذى قسَّم تلك القسمة العادلة» وهو ا تفسير سورة النساء ال ل 11110000010000 112101101111111( ال ١ ١ ا‎ ريب‎ كان دائما عليما حكيماء يعلم كل شىء ولا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء ولا يعزب عنه مثقال ذرة فى السماء ولا فى الأرض» وهو يدبر الأمر على مقتضى هذا العلم؛ وبحكمته سبحانه» وهو العزيز الحكيم. لإولكم نصف ما ترك أَزوَاجكم إن لم يكن لَهنَ ولد إن كان لَه ود فلكم الع : مما تركن» هذا بيان أحوال ميراث الزوج» فإنه يكون له النصف إن لم يكن للمتوفاة ولدء والمراد من الولد أولاد الظهور أى الفروع الذين لا يتوسط بينهم وبين المتوفاة أنثى» خلافا للشيعة» وإن كان للمتوفاة ولد فإن الزوج يكون له الربع . «ولَهن الرّيع مما ركهم إن لم يكن لَكُمْ ول إن كان لَكُمْ ولد فَلهنَ لشم من تركتم م وهذا بياذ ميراث الزوجة تأخذ الربع إذا لم يكن للمتوفى ولدء وقد بِيّنا معنى الولد» وتأخحذ الثمن إن كان للمتوفى ولد. ونرى من هذا أن الزوجة على النصف فى التقدير من الزوج» وهو قاعدة عامة فى قسمة الميراث بالنسبة للرجل والمرأة» ولم يستثن إلا الإخوة لأم. « وإن كان رجل يورث كَلالة أو امرأة وله أحَ أو أخت َلك واحد مهما ادس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث 4 هذا النص فى ميراث الإخوة والأخوات لأم» وقد عبر عنهم بالكلالة» والكلالة هم القرابة من غير الأصول والفروع» وقد قيل إن الكلالة مشتقة من الإكليل» وهو الذى يحيط بالرأس من جوانبه» وقرابة الكلالة وهى غير الأصول والفروع تحيط بالشخص من جوانبه» وليست فى أصله ولا فرعه» ومعنى «١‏ يورث كَلالّة4 أى يورث من غير أصوله أو فروعه.» وعلى ذلك يكون ميراث المذكورين فى الآية شرطه ألا يكون أصول ولا فروع. والميراث بالكلالة ذكر فى موضعين: أحدهما هذا الموضع» والثانى قوله تعالى فى آخر هذه السورة: يستفتونك قل اله يفتيكُم في الْكَلالَة إن امرؤٌ هلك ليس له ولد وله أت فَلَهَا نصف ما ترك . ٠٠‏ نمه © [النساء] . © تفسيرسورة النساع ال لل ٠: اكاك‎ يي وقد أجمع الصحابة على أن المراد من الإخوة والأخوات هنا الإخوة لأم والأخوات لأم» كما أجمعوا على أن المراد بالإخوة فى آخر السورة الأشقاء ثم لأب. وقد سئل النبى بَكلِْهِ عن الكلالة فى هذه الآية فذكر أنها أولاد الأم» وبهذا يتبين أن هذا النص الكريم فيه أحوال ميراث الإخوة والأخوات لأم» وقد ذكر لهم حالين: إحداهما ‏ أن يأخذ الواحد أو الواحدة السدسء» والثانية أن يأخذ الأكثر من واحدة أو واحد الثلث يشتركون فيه بالسوية بلا فرق بين الذكر والأنثى ؛ لأن الله تعالى يقول: ظفَهُمْ شرَكَاء فى الُلْثْ » والشركة الأصل فيها التسوية حتى يذكر النص الدال على التفاوت» ولم يوجد فى النص ما يدل على التفاوت. وهناك حال فهمت من التعبير بالكلالة» وهى أن هؤلاء لا يرثون إلا إذا لم يكن فروع ولا أصول. ١‏ هذاء ومرتبة الورثة فى التقسيم بعد سداد الديون» وبعد تنفيذ الوصاياء فالتركة لا تقسم إلا بعد سداد الديون» ولا تميز أنصبة كل وارث إلا بعد تنفيذ الوصايا التى لا تتجاوز الثلث. فنصيب الورثة دائما لا يكون إلا فى الباقى بعد الوصاياء ولذا قال سبحانه فى كل قسمة إنها بعد تنفيذ الوصية والدين» فقال بعد ميراث الأبوين والأولاد: «إمن بعد وصيّة يوصى بها 4 وقال بعد ميراث الزوج: «إمن بعد وصيّة يوصين بها 4 وقال بعد ميراث الزوجة: «من بعد وصيّة توصون بها أو دين 4 . وهنا أمران تجب الإشارة إليهما: أولهما: أنه كرر فى كل حال حق الدائنين والموصى لهمء تبرئة لذمة المتوفى وتأكيدا لحقهم. وهو دليل على أن حق الدائنين والوصايا هو حق للميت نفسه. فهو أولى من غيره. وقدم الوصايا فى الذكر»ء مع أنها مؤخرة عن الدين فى السدادء وذلك للتشديد فى تنفيذها؛ لأنها مظنة الإهمال أو مظنة الإخفاءء فكان من الأسلوب الحكيم العناية بتنفيذهاء وكان من العناية تقديمها فى الذكر. هاا تفسير سورة النسام لل 2151 او لك :2 يي الأمر الثانى : أنه ذكر عند صيراث أولاد الأم التحريض على الأداء» فقال تعالى : غير مضَارٌ وصيّة من اللّه 4 فكان التحريض مرتين» مرة بمنع المضارة» ومرة أخرى بتأكيد أن هذه وصية الله فمن خالفها فقد تمرد على وصية الله العليم الحليم الذى يعلم كل شىء وإن لم ينزل العقاب فور الجريمة. وكان ذلك فى أولاد الأم؛ لأن حقوقهم مظنة الضياع والإهمالء ولا يزال الناس إلى الآن يكادون يهملون نصيب أولاد الأم» وإذا ذكروا به» كان ذلك بمنزلة التذكير بأمر غريب» فكان التأكيد لهذا. وقد كانت أحكام المواريث مظنة التلاعب فى الماضى» ولا تزال حقوق النساء فيها موضع التلاعب إلى اليوم» ولذلك أكد الله سبحانه حق الميراث بقوله: تلك حدود الله وس بطع الله ورَسولهُ يله جنات تَجْرى من تَحتها الأتهار خالدين فيها وَذّلك الفوز العظيم 4 أى أن الميراث حد رسمه الله تعالى» 'فمن أطاع الله تعالى فقد فاز فوزا عظيما. وإن ذكر الجنات فى هذا المقام له موضعه؛ لأن هذا الذى يترك التوزيع لله تعالى» ويتغلب على هوى نفسه فيمن يحب أو يكره يجزيه الله تعالى جنات تجرى من تحتها الأنهار وهذا الججزاء هو الفوز العظيم؛ لآن فيه النجاة وفيه النعيم» فمن فعله فقد نال الحسنيين» فإذا كان قد تغلب على منازع الدنياء فقد نال نعيم الآخرة» ومن ينظر إلى مآل ماله عليه أن ينظر قبل كل شىء إلى مآل شخصه. | ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ارا خَالدا فيها وَلَهُ عَدَابٌُ مهين 4 هذا جزاء من يخالف حكم الله وخصوصا فى الميراث؛ فهو عاص لله سبحاتة وقد تعدى ما رسمه الله من حدود فى ماله. وإن جزاءه أن يدخل النار ويخلد فيهاء وله عذاب مهين أبلغ إهانة فى الآخرة:» فهو قد باع آخرته بدنيا غيره» وإذا كان أراد السعادة الدنيوية لغيره بهذا امال فقد نال الشقاء الأخروى بعمله» وإذا كان قد أراد إعزاز بعض من يحب فقد أهان نفسهء والله هو الذى يبين الحق» ويهدى إلى الرشدء كما قال تعالى: يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شىء عليم 4 . .4 ب تفسيرسورة التساء ل مالفالا ولج وبززر بي 5 0 ص اه يَعمَلون السَمِّعَاتِ حوعإذا حضر الموت 5 ما 1 ص جح ل اس ري ع جر له ل 7 ل سر تر 17 و لَإِفْ بَبّتَألْحَنَ ولا لذن يمونوت 9 ر د سد اح ساح ا هه ئ 2 أُوؤلتيك عتدناهُم ابااليما لم ابتدئت سورة النساء ببيان العلاقة الإنسانية التى تريط الناس بعضهم ببعض» وتثبت أن الناس جميعا أمة واحدة بحكم الخلق والتكوين» وكان ذلك هو الذى ينبغى» ولكنهم اختلفوا من بعد. وبعد الإشارة إلى هذا المعنى الإنسانى الجامع» ين - سبحانه ‏ حق الضعفاء على المجموع» ثم أخذ يبين سبحانه حقهم فى الأسرة» ووجوب رعايتهم. وفى هذه الآيات التى نتلوهاء يتجه النص الكريم إلى إقامة دعائم الأسرة» التى هى خلية التكوين الإنسانى» وخلية البناء الاجتماعى» والمهد الذى يتربى فيه . اا ته لعددبير سورة أ لنساعء سسا سس سس سس ل ا ل 0 1 هوه < -- النوع تربية يكون بها الإلف والاتتلاف مع المجتمع الذى ينشأ فيه. وقد ابتدأ بإبعاد ما من شأنه إفساد بناء الأسرة» وهو الفاحشة» فإن مثل من يبنى الأسرة كمثل من يبنى قصرا مشيداء يئقى أولا مواد البناء من العناصر التى لا تجعله قويا متماسكاء أو تكون مواد تنقض بناءه» ولذا قال سبحانه وتعالى: معناها زاد» وأطلق على الزيادة التى لا تسرء وأطلق على القبيح من الأفعال؛ لأنه انحراف عن الفطرة. وقد جاء فى مفردات الراغب: «الفحش والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه من الآفعال والأقوال»» وقال تعالى: 9 إن الله لا يأمر بالفحشاء :300 4 [الأعراف] . «( وينهئ عن الفحشاء وَالمدكرٍ والبغي 432 [الئحل]. لمن أت منكن بفاحشة بين 29 4 [الأحزاب] مذ اين يحبُون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا 42 [النور] (١‏ إِنَمَا حرم ربْي الفواحش © 4 [الأعراف ] 1 إلا أن يأتين بقاحشة مين 1 4 [النساء] كناية عن الزناء وكذلك قوله تعالى: « واللأتي يأتين القاحشة من نسائكم 4 . فالفاحشة هنا هى الزناء والله سبحانه وتعالى يعبر عن هذه المعانى التى لا تألفها النفس الكريمة بعبارات تسترهاء فتكون الكناية بدل التصريح» وذلك من تأديب الله لنا فى التعبير. وقد ذكر سسبحانه وتعالى علاج النساء اللائى وقعن فى ذلك الأمر المنكرء وقد سماه بهذا الاسم كما سماه بأنه 221705 فكان علاجهن بأمرين أحدهما - يختص بهن., والثانى - يشتركن مع الرجال فيهء فأما الذى يختص بهن فهو إمساكهن فى البيوت» وليس الإمساك معناه الحبس والتضييق المجردء بل الإمساك )١(‏ أى سمى الله تعالى الأمر المنكر بالفاحشة» كم سمه (أى الأمر المنكر بالإد) قال الرازى فى تفسيره سورة النساء :)١6(‏ «قوله: «يأتين القاحشة» أى يفعلنها يقال: أتيت أمرا قبيحاء أى فعلته قال تعالى: «لقد جنت شيا ريك (مريم: )١17‏ وقال: «لقد جنثم شيئا إذا4 (مريم: 08 وفى لسان العرب (أدد) الإدٌ هو العجب والأمر الفظيع العظيم والداهية . 4 (## تفسيرسورة النساع الل ل ااال سر اا معناه الحفظ والصيانة والرعاية» ويتضمن ذلك معنى الإرشاد والتوجيه والوعظء ولذا قال الراغب: إمساك الشىء التعلق به وحفظه.؛ قال تعالى: فاك بمعروفٍ أو تسريح بإحسانٍ ... #ترّكة © [البقرة] وقال: ويمسسلك السماء أن تقع على الأرض .. . 227 4 [الحج] أى يحفظها. فمعنى الإمساك فى البيوت الحفظ فيها والرعاية والتهذيب بعطف؛ وذلك لأن المرأة تزل إذا فقدت التهذيب» وحرمت من الصيانة فتنطلق غير مقيدة. إذا لم يكن لها هاد مرشد وإذا كان ذلك سبب الزلل» فعلاج الانحراف بالإمساك فى البيوت مع الحفظ والرعاية. ويستمر الإمساك حتى الوفاة» أو حتى الزواج؛ كما قال: «( فَأَمسكوهن فى البيوت حت يتَوفاهنَ المت أو يُجعل الله له سبيلاً4, أى طريقا واضحا لمنع الزلل والابتعاد عنهء وذلك بتحصين نفسها بالزواج. والرمى بالزنا أفحش ما ترمى به المرأة والرجل» وكثيرات من النساء يكن فريسة لشائعات كاذبة» ولذلك شدد الله تعالى فى إثبات الزنا أبلغ ما يكون التشديد» فقرر أن يكون بشهادة أربعة من الرجال بحيث لا تقبل فى ذلك شهادة النساء» وقرر أن تكون الشهادة بالمعاينة لا بالسماع» ولذا قال: ه فَإِن شهدوا »4 أى إن ذكروا ١‏ نهم عاينوا وشهدوا « فَأْمسكوهن فى الْبيوت 4؛ ولحماية الشارع لعرض المرأة من أن يكون مضغة فى الأفواه - قرر عقوبة شديدة لمن يرمى النساء والرجال من غير أن يكون أربعة يشهدون؛ فقال تعالى : «١‏ والذين يرمون المحصتات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جِنْدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولّتك هم الفاسقون 22> 4 [النور]. هذا هو العلاج الوقائى الذى خص القرآن به المرأة» حتى لا تستمر فى غيهاء وذلك هو طريق الإثبات». أما العلاج الذى يشمل الرجل والمرأة» فهو ما جاء فى قوله تعالى: «والّلذَان يأتيانها منكم فَآذُوهمَا) . هذا حكم الذكر والأنثى إذا أتيا تلك الفاحشة» وهى الأمر الإدّء وهى المنكر الذى تنكره العقول. والعلاج فى هذه الحال ليس علاجا نفسيا لهما فقطء بل هو ا تة لقفسشبير سورة أ لنساءع الس سسا سسا لس 01009 ١ ااا‎ ١ 7 زجر اجتماعى ليرتدع غيرهماء وهذا العلاج هو العقوبة الشديدة لمؤذية فى البدن وفى النفس» وكانت هذه علاجا نفسيا؛ لأن النفس المنحرفة لا تقوم إلا بشدة كالعود المعوج لا يقوم إلا بعمل شديد ليس بسهل» ولكن يلاحظ ألا يتكسر العود» وألا تنكسر النفس وتهون» ولذا كان العلاج بالإمساك والحفظ والرعاية . ولقد ذكرت العقوبة هنا مسجملة غير واضحة المقدار » بل كانت مجرد الإيذاء وذكرت بعد ذلك مفصلة بيئة المقدار فى قوله تعالى ه الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد مهما ماقة جلدة ولا تَأحْدَكُم بهم رق في دين الله إن كم تؤمئون اله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائقة من الْمؤْمِين +611 الرّاني لا يكح إلا انيه أو مشركة والزانيَة لا يتكحها إلا زان أو مشرك وَحرَم ذلك على الْمُْمدينَ ري 4 [النور]. ففى هذا النص عقويتان مؤدبتان: إحداهما الجلد» والثانية منع الزواج من الزانى والزانية» وذلك ليحملهما على التوبة. وقد يقول قائل: إن الله تعالى ذكر .علاجا تهذيبيا للمرأة» وهو الإمساك والرعاية فى البيت» ولم يذكر علاجا تهذيبيا للرجل . نقول إنه ذكر له علاج تهذيبى» وهو منع الزواج منه كالمرأة» وذكر علاج له فى السنة وهو التغريب سنة7(١2؛‏ لأن التغريب سنة يبعده عن الو الذى عاش فيه آثما وأعلن فيه إثمهء وإنه فى ذلك سيكون تحت رقابة الحاكم ورعايته فهذا التغريب يقابل الإمساك فى البيوت. ولم يعاقب الرجل بالحبس؛ لأن الرجل مطلوب منه الكدح والعمل لنفقته ونفقة من يعوله» فكان التهذيب مدة معلومة أنسب لهء والإمساك فى البيوت أليق بالمرأة. وإذا تكررت الجريمة تكرر العقابء إلى أن تكون التوبة والإقلاع عن ذلك المتكرء ولذا قال تعالى: وتَعْرِيب ب غام. . آزواه البخاري : الشهادات - شهادة القاذف والسارق والزانى 00002 لها تفسسير سور ة النساعء 2 ااانا اللا ل لاا اناا ااا ااال اااأالاااالالااا ا ططانالالالااللةاط الل اناما الالالال طامط ططخم اططخ ناتللا لس أ «قإن نابا وأَصِلّحا فَأَعَرِضوا عنما إِنَ اللّهَ كان تَابا رحيما4 عالج الإسلام نفس المذنب ليتوب» ودعا إلى التوبة دعوة صريحة بفتح باب المغفرة. وفى هذه الجريمة التى تعد من أكبر الكبائر» كما أنه قد عالج نفس المذنب» بالإمساك فى البيوت للحفظ والرعاية والصيانة» وبالتغريب بالنسبة للرجل ليسترد كرامته التى هانت بالجريمة والعقوبة المعلنة» وبمنع الزواج من الزانى والزانية حتى تكون التوبة. فإذا تم العلاج» وشفى المذنب من الداء» وكانت التوبة الصحيحة» وكان من الواجب الإعراض عنهما وعدم تذكيرهما بالجريمة» فالإعراض هنا ليس معنا الصدوة والاستنكار بل معناه ألا يذكّرا بجريمتهماء وأن يعاملا معاملة الأطهار الأبرار» وأن يكون لهما كل تقدير واعتبار» فإن الإصرار على وصف الجريمة يجعل النفس تهرن» وإذا هانت سهل عليها الهوان» وأغراها الشيطان بالمعاودة. ويروى أن النبى يَكِهٌ عاقب شاربا للخمر بعقوبة الشربء وبعد تمامها قال له بعض الحاضرين: «أخزاك الله»ء فقال النبى كله : «لا تعينوا عليه الشيطان)210؛ لأن الخزى يشعر النفس بالصغارء ومع الصغار يسهل الإجرام. وقد ذكر سبحانه وتعالى مع التوبة الإصلاح» فقال: ظقَإِنَ تابًا وأصلّحا, والإصلاح هو إصلاح النفس» وصلاح العمل» وذلك دليل التوبة الصادقة» وقد قرن الله تعالى التوبة دائما بالعمل الصالح» مما يدل على أن العمل دليل الإقلاع؛ لأن النفس إذا انحرفت» وأحاطت بها الخطيئة» لا يكون الخروج من دائرتها بالقول فقط» بل بالقول والنية والعمل وإن الله تعالى حيتئذ يقبل التوبة» ولذا ذيل الله تعالى الآية بقوله تعالى: إن الله كان توَابًا رّحيمًا 4 أى أن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده دائما. وقد أكد ذلك ب (إذاء وب دكان» التى تدل على الدوام» وبصيغة البالغة «توابا»» وأشار سبحانه ره لس أس # )١(‏ عن أبى هرِيرَة رضي اللّهِ عله أني ] النّي ككل برَجلٍ قد شرب قال: «اضربوه» قال أبو هريرة: فمنا الضَارب بيده والضمَارب بنَعْلهِ والضّارب بوبه فَلَمَا انصرف قَالَ بعض الْقّوم: أختراك اللّهُ قَالَ عل : «لا تَقونُوا هكَذا لا ينوا عليه الشيطان». [رواه البخارى: الحدود - الضرب بالجريد والنعال (//1/1”)ء كما رواه أبو داود وأحمد]. 0 تفسير سور ة النساء الللللللل ا ل 1 لاه : يي إلى أن ذلك من رحمته التى وسعت كل شىء» ولقد سبقت رحمته عذابه» وإن الله تعالى ليفرح بتوبة العبد أكثر من فرح العبد بإقلاعه عن ذنبه . إن الب على الله لأدين ُو السو بجنهالة ثم يوون من قريبِ» التوية هى الرجوع إلى الله تعالى وإلى أوامر ديئه بعد الانحراف عنهاء ويعرف الأصفهانى التوبة فى الشرع بأنها ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منهء والعزيمة على ترك المعاودة» وتدارك ما يمكنه تداركه من الأعمال بالإعادة. والتوبة على هذا النحو أعلى درجات الاعتذار» وذلك أن الاعتذار على أنواع ثلاثة» أحدها: وهو أدناها إنكار الوقوع» وهذا لا يتأتى بالنسبة للعلام الخبير الذى لا تخفى عليه خافية فى السماء ولا فى الأرض» وثانيها: تبرير الفعل» وذلك أيضا لا يمكن أن يكون أمام الله تعالى» وثالثها: وهو أعلاها الاعتراف بالوقوع وبأنه لا مبرر له» وأنه يرجو الصفح والغفران» وأنه مقلع عما ارتكب» وذلك هو التوبة . والتوبة إذا كانت قريبة من وقوع الذنب فقد وعدنا الله تعالى» ووعده الصدق الحق» بأن الله تعالى يقبلها. وتفضل الله سبحانه وتعالى تأكيدا للوعد» وحثا على التوبة» فعبر سبحانه بآن الغفران حق عليه» ولذا عبر سبحانه بلفظ اعلى» فقال: «إإِنَمَا التُوبة عَلَى اللّه4 أى أن قبول التوبة حق على الله تعالى» وذلك أبلغ درجات الصفح والغفران» سبحانك إنك التواب الرحيم» غفار للذنوب. وعبر سبحانه وتعالى ب («إنما» الدالة على الحصرء أى لا يكون قبول التوبة حقا على الله تعالى إلا بتحقق شروط ثلاثة: أولها: أن يكون ذنبه ليس كثيرا ولم يحط بنفسه وقلبهء ولذلك قال تعالى: 9 يَعمَلُونَ السُوء4 أى يقع منهم ما يسىء من غير أن تُركّس نفسه فى السيئات وتحيط بها. وثانيها: أن يكون الفعل « بجهالة» أى أنه وقع فى حال عَمُوة الضمير والضعف النفسى » ومن غير إدراك للعواقب». ولا قصد للنتائح» وقد قال السلف: إن كل ذنب على هذا النحو يكون ها تفسسير سور: ة النساع اناا ااال انان ااال انالا الاالااااماا الاك الالالال للاالااااااااااااالاناممن ا ضلاتالالللالةااالااللااط اطنط ط طن الالالال نسشساللا ١ ا‎ يي بجهالة. وثالثها: أنهم #يتوبون من قريب»» بحيث لا يسترسل فى الشر استرسالاء ويستمرئه ويكرره ويسكتمر عليه وهؤلاء يمن قال الله تعالى فيهم: «والذين إذا فَعلُوا فاحشة أو ظَلَمُوا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولّم يصروا على ما فَعلوا وهم يعلمون +29 © [آل عمران]. الأثر «إن المذنب إذا أذنب نكبّت نكمَّة سوداء فى قلبه» ثم تتوالى النكّت السوداء حتى يرب قلبه»» ومن يعمل السوء بجهالة ثم يتوب من قريب ليس كذلك» وقد أكد الله قبول التوبة فقال: ظ فَأُوَك يتوب الله عليهم وكَان اللّهِ عليما حكيما 4 . أى هؤلاء الذين ارتكبوا عن جهالة بعض الذنوب» ولم تَربَد قلوبهم بتكرار الذنوب وتعددها واستمرائها والاستمرار عليهاء يتوب الله عليهم أى يقبل توبتهم» ويأخذ بأيديهم إلى الهداية ويطهر نفوسهم من أرجاس الذنوب» وهذا ما تضمنه والاتجاه إليه سبحانه» ١‏ وإسباغ التوبة عليهم هو إلقاء الطهر عليهم فتتطهر نفوسهم؛ وقد بين سبحانه أن ذلك مقتضى علمه وحكمته. » فقال: وكان اللّه عليما حكيما 4 أى أن الله تعالى يعلم النفوس وحركاتها وخحلجاتها وسكناتها وميولها وانحرافاتهاء» ويعلم ما يطهرهاء وما يركسهاء ومايهديها ومايغويهاء وهو . للأسقام التى تعرض للنفوس» ولم تستقر فيها استقرارا. 9 وليست التُوبَة للّذِين يعملون السيئات » بعد أن بين سبحانه الذين أخذ العهد أن يقبل توبتهم» وهم الذين قد كانت حالهم ما ذكره سبحانه؛ بين حال الذين لا تقبل توبتهمء فقال تعالت كلماته: 9 وَلَيْسّت التُوبَة4 هنا نفى لوقوع التوبة؛؟ لأن حقيقة التوبة كما بينا تقتضى أن يكون العبد فى فسحة من الوقت تمكنه من معاودة الخير» فمن يقول عند حضور الموت: «إإنَى تبت تبت الآن 4 ليس بتائب . وإذا لم تتحقق منه التوبة فإنه لا يستحق من الله تعالى القبول؛ إذ لا موضوع له. بها تفسير سور ة النتساء لل 221111111111100 كم جب -_ أ)؟ 7 ومن هم أولئك الذين لا توجد منهم التوبة» حتى لا يتصور قبولها؟ ذكر الله فريقين: فريق العصاة من المسلمين» وفريق الذين يموتون وهم كفارء أما فريق العصاة من المسلمين فقد ذكر لهم وصفين أو أمرين: أحدهما ‏ أنهم يعملون السيئات» أى تتعدد أنواع السوء» وتكثر وتشيع فى النفوس» حتى يريد القلب بها يسود وهم الذين قال الله تعالى فى أمثالهم : «بلئ من كسب سيَّة وأحاطّت به خطيئته فَأُولَك أصحاب الثَارِ هم فيها حَالدونَ 07> 4 [ البقرة] فالفرق بين هؤلاء ومن سبقوا أن الأولين ارتكبوا فى غفوة من الضميرء ولم يمت. وأما هؤلاء فقد مات وجدانهم الدينى» كأولئك الذين نراهم سادرين فى الفساد وقد استهانوا بكل المحرمات الدينية والتكليفات الربانية. والوصف الثانى أنهم لا ينطقون بالتوبة فى وقت الاختيار» بل ينطقون بها فى وقت الاضطرار؛ ؟ ولذا قال سبحانه: حتَى إِذا حضر أحدهم المت قال إِنَى تبت تبت الآن 4 . أى أنهم يستمرون فى غيهم يعمهون؛ لا يستيقظ لهم ضمير» ولا يقلعون عن معصية» حتى إذا أزفت الآزفة» وحضر الموت» ولم يكن مناص من أخذهمء قال قائلهم: إنى تبت الآنء ولم يقل سبحانه عن حالهم إنهم تابوا» بل حكى قول أحد : © إِنَى تبت تبت الآن 4 مما يدل على أنهم لم تقع منه توبة قطء وقوله لا يعد توبة فى حقيقته» وإن سماه هو توبة. وقد ذكر سبحانه من عصاة المسلمين فريقين: أحدهما : الفريق الذى يتوب من قريب وقد ارتكب السوء بجهالة, وقد فوق عباده . والفريق الثانى : أولئتك الذين استمروا فى غيهم حتى أدركهم الموت. وبقى ثالث لم يذكره سبحانهء وهو الذى لم يتب من قريب» ولكنه تاب قبل أن يحضره الموت» فما شأن هذا الفريق الثالث؟ قال مفسرو السلف إنه يعد قد تاب من قريب» وإن تأحر فى الزمان بالنسبة لآجله. ما دام قد تاب قبل أن يحضره ل( تفسير سورة النساع 01م امل جه يي الموت» وكان فى فسحة من الوقت» وقد رووا فى ذلك آثارا عن النبى كَل منها ما روى عن عبد الله بن عمرو أن النبى يَكِْةِ قال: «ما من عبد يتوب قبل الموت بشهر إلا قبل الله منه(21. فمقياس القرب هو ألا تكون التوبة وقت حضور الموت» ووقته علمه بأنها دنت» أما إذا كانت التوبة وهو صحيح يرجو الحياة» فإنها مقبولة» وأجل الإنسان كله قريب. وقد بين سبحانه بعد ذلك الذين لا تقبل توبتهم من غير المسلمين ققال: وإ ولا لين ينون وَهُمْ قار . أى أن الله تعالى لا يعتبر توبة الكفار عن ذنوبهم توبة لأنهم لم يؤمنواء فأساس الطاعات الإيمان. وإن تابوا قبل أن يموتوا وهم فى فسحة من الوقت» فإن توبتهم غير مقبولة» وإنما تكون مقبولة إذا آمنوا ولم تكن من قبيل قول فرعون عند الغرق: 8 .. . آمنت نه لا إِلَّه إلا الذي آمَمَتْ به نو إسرائيل وأنَا من الْمسلمين #ة)* # [ يونس ]. «أولتك عدا لَّهُمْ عذَابا أليمَا4 أى أولئك الذين لم يتوبواء هيآنا لهم عذابا مؤلما وجيعاء وهذا يشمل عصة المؤمنين» والذين ماتوا وهم كفارء غير أن الكفار خالدون فى النار» وأما عصاة المؤمنين فبمقدار ذنوبهم. . اللهم نجنا من عذاب النار واقبل توبتناء رينا وسعت كَ شيع رحمة وعلما فاغفر للّدين تابوا واتبعوا سبيلك ٠‏ لله 4 [غافر]. نر هاس ساس هاس رةه بتر تيب عه حّى قال: يوم حتَى قَال: سَاعَةٌ حت قال 57 قَال: كَل الجي”: ريت إن كان مُشْرِكًا آسْلَم؟ قَالَ ل: إِنَمَا أحَدة كُمْ كَمَا سَمِعْت من رَسُول الله يكل يقول. [رواه أحمد: مسند المكثرين (5841) ]2 تفسير سورة النساع الكلام فى الأسرة» وإن حماية الك 0 0 لهذ مده عي كني 2 0 َمَأَسَيَبَدَالَرَ دوج تَحكَا روج وَءَاتَكَسُمَ 2 هن مََطلامًا لاتأعدُوامتة كيم تأ حدونه, 2-2 2 000 26 م 1000 هه 8 مانا 5 ََأخ خذونه: ود أ م 1 ووه : بي سرة تكون بحماية ضعفائهاء ومن لد يستطيع الذود عن نفسه. ولذلك تكلم القرآن الكريم فى شأن اليتامى» ثم فى شأن النساء. وقد تكلم سبحانه فى الميراث وتقسيمه العادل» وفى هذه الآيات التالية يشير سبحانه إلى نوع من الميراث ظالم» كان من عادات بعض أهل الجاهلية» لم يكن موضوع لميراث فيه مالاء ولا حقا يقبل التوريث» بل كان موضوع الميراث فى زعمهم حق امرأة المتوفى فى نفسهاء فقد زعموا أن من يموت زوجهاء لا تكون مالكة لأمر نفسها بموته بل يكون أمر زواجها بيد أوليائه الذين يرثون مالف فإنهم يرثون مع ماله الولاية على زوجهء فلا تتزوج إلا بإذنهم أو تزويجهمء ولذا قال سبحانه: يا أيه اين آمنُوا لا يحل لَكُم أن تر نُوا النساء كرها 4 . لاا تفسير سورة النساع ا لم لحر ا صدر النص السامى بالنداء للذين آمنواء للإشارة إلى أن ذلك لا يتفق مع الإيمان» بل إنه من مظالم الجاهلية. وإذا كان مثله يصدر عن أهل الشرك» فإنه لا يسوغ مع الإيمان» ولا يليق أن يصدر عن المؤمنين؛ لأن حقوق الأشخاص لا تورث» وليست المرأة ولا حق زواجها متاعا يقبل التوريث. ولقد روى الزهرى أنه كان من عادات أهل الجاهلية أنه إذا مات الرجل يلقى ابنه من غيرها أو أقرب عصبته ثوبه على المرأة» فيصير أحق بها من نفسها ومن أوليائهاء فإن شاء تزوجها بغير صداق إلا الصداق الذى أصدقها الميت» وإن شاء زوجها من غيره وأخذ صداقهاء ولم يعطها شيئاء وإن شاء عضلها من الزواج » أى منعها منعا مشددا لتفتدى نفسها بما ورثته من الميت أو تموت فيرثها! ! ومغزى هذه الرواية أنهم يجدون لهم حقا فى إمساكها ومنعها من الزواج» بما كان قد دفع لها زوجها من صداق, وبما كان له عليها من حق الإمساك. ونهى القرآن الكريم عن ذلك بقوله: 8لا يَحل لَكُمْ أن ترتُوا النّسَاء كرها 4. ومعنى النص الكريم على هذا أنه لا يصح أن يرث أولياء الميت حق تزويج نساء المتوفين كرها عنهن من غير توكيل» فليس الميراث هو ميراث ذات المرأة كزوجة» بحيث يملك زواجها بغير عقدء بل المراد حق تزويجها من نفسه أو من غيره» من غير أن تكون لها إرادة حرة فى الزواج. وبعض العلماء فهم أن المراد من الميراث هو ميراث الزوجية نفسهاء بحيث تكون المرأة زوجا من غير عقدء كما فهم آخرون أن المراد لا يحل أن ترثوا أموالهن. ولكن الظاهر من مجموع الروايات» أن المراد بالميراث هو ميراث حق التزويج » وميراث ما أعطيت من صداق. وقد عبر الله سبحانه وتعالى ‏ ولكلامه المثل الأعلى - عن النهى عن هذا العمل بقوله تعالى: إلا يَحل4 بدل لا ترثوا للإشارة إلى أنه أمر غير مستحسن فى ذاته» فهو فى ذاته غير حلال وغير لائق» فلا يحتاج فى نفى الحل إلى نهى ينشئ التحريم» بل إن الفطرة السليمة تدرك عدم هاا تفسير سورة النساع سس سس حك اج !ا حله. وقد كان الجاهليون فى ضلال مبين وظلم شديدء» إذ كانوا يفعلونه» ولذلك استنكره كثيرون منهم» وكان العمل من بعضهمء لا من كلهم . بولا تَعضلوهن لَدَهبُوا ببعض ما انَيتمُوهنَ4 العضل هنا معناه التضييق والتشديد لمنع الزواج» أو الظلم الشديد من الأزواج» وقد قال الراغب فى معنى العضل: «العَضّلة كل لحم صلب فى عصب الرجل» ورجل عضل مكتنز اللحم» وعَضَلته شددته بالعضّل نحو عصبته» وتُجورَ به فى كل معنى شديد» قال تعالى : «( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن » والمراد هنا التضييق الشديد» والخطاب هنا إما أن يكون لأولياء الميت» وتكون لا تَعَضْلُوهنَ» معطوفة على 8 أن تَرِنُوا النّساء 4 وتكون (لا) لتأكيد النفى» والمعنى على هذا: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاء ولا تعضلوهن وتمنعوهن من الزواج لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن» أى لتضيقوا عليهن حتى يتركن حقهن فى المهر الذى أخذنه» أو بقى لهن» ومعنى #لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن» تضيعون حقوقهن» إذ يقال ذهب بالأمر أو بالحق: أضاعه» ومن ذلك قوله تعالى: 9 .. ذَهْب اللّهُ بنورهم وتركهم في ظلمَات لأ يرون 520 4 [ البقرة] . ْ هذا احتمال فى النص الكريم» وهناك احتمال آخر فى توجيه الخطاب» وهو أن يكون ذلك نهيا مستأنفاء محمولا فى اللسق على نفى الحل السابق» ويكون الخطاب للأزواج» فيكون المعنى على هذا: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاء فتتزوجوهن أو تزوجوهن بغير رضاهن., وكذلك لا تعضلوهن بأن تضيقوا عليهن وتظلموهن وترهقوهن وهن زوجات» لتكرهوهن على طلب التفريق فى نظير أن تأخذوا بعض ما آتيتموهن. وإذا كان التضييق لأخذ بعض المهر منهيا عنه» فأولى أن يكون فى موضع النهى التضييق عليهن لأخذ المهر كله. وإنا نختار أن يكون الخطاب موجها للأزواج» ويكون النص السامى قد اشتمل على بيان التحريم فى موضعين: أولهما ‏ إكراه المرأة على زواج لا تريده» وذلك بدعوى حقهم فى ميراث حق تزويجها. والثانى - النهى عن إكراه المرأة آ / للا تفسير سورة النساء , ااا سس لسرب ا .على طلب التفريق حتى يضيع عليها بعض حقها فى المهرء وبالأولى إكراهها حتى يضيع حقها كله والمؤدى فى الأمرين هو حماية المرأة من أن يتحكم فيها أولياء زوجها ببطشهمء أو يتحكم فيها الزوج بسلطان الغلب والزوجية. ولكن قد تكون المرأة ظالمة لزوجهاء فهل يحل أخذ شىء من مهرها لأنها أفسدت الحياة الزوجية؟ قد بين النص الكريم أنه يحل ذلك بقوله تعالى: إلا أن الاستثناء هنا منقطع. معناه لكن إن يأتين بفاحشة مبيئنة يحل أخذ المهر الذى أوتينه أو بعضهء ومؤدى هذا الكلام تحريم وتحليل» أما التحريم فهو ما بين فى الكلام السابق» وهو أنه لاا يصح أن يعضل امرأته ظالما لها كارهاء ويريد طلاقها ويفعل ذلك ليكرهها على طلب الطلاق فى نظير ما أعطى كله أو بعضه . وأما التحليل فهو إباحة أن يطلقها فى نظير بعض ما قدم لها أو كله إذا كانت ظالمة له مفسدة للحياة الزوجية. والفاحشة المبينة هى الفاحشة الواضحة المعلنة التى تعلن نفسهاء وتكشف أمرها؛ لأن الْمِيّن يكون بيّنا دائماء فعبر عن البيّن بلفظ الْبيّن مبالغة فى وضوحه وبيانه وإعلانه. وما هى الفاحشة؟ قال بعض العلماء هى الزناء والمعنى أنه يباح فى هذه الحال» استرداد المهر كلهء ولو بغير رضاهاء وقد قال الإمام مالك ذلك. والتعبير عن الزنا بلفظ الفاحشة تعبير يجرى فى القرآن كثيراء وأصل الفحش الأمر السيئ الذى يزيد عن كل معقول مقبول» فالعقول تمجه فى كل صوره ولا شىء أكثر من الزنا فى ذلك. وقال بعضهم: الفاحشة هى النشوز وإفساد الحياة الزوجية بكل طرق العناد والمشاكسة والمباغضة. وقال آخرون: البذاءة والفحش فى القول والعمل والمكارهة بالعبارات والفعل. وفى الحق إن الفاحشة البينة الواضحة تشمل كل هذاء وهى فى كل صورها إفساد المرأة للحياة الزوجية» وقد اتفق العلماء على أنه فى هذه الحال يحل للزوج أن يأخذ كل ما أعطى أو بعضه. ا تفسشير سور ة النساعء الالالال االان اتن ااالةان الت تللناالنلااانااا ناكلا 1 الاااااالالةن اناا للا اكلالاااا لاطت نطال مالالا الالال الت للخل طالخ خط ططملتطالل ا يجيب وهذا هو موضيعٍ قوله تعالى: «إولا يحل لكم أن تَأخذوا مما اتيتموهن شينا إلا أن يَحافا ألأ يقيما حدود اله إن خفتم أل يقيمًا حَدود الفلا جاح عَلَيْهِما فيما افتدت به تلك حدود الله قلا َعتَدوهَا . ٠٠‏ قله »© [البقرة]. هذاء وإن الرجل هو الراعى» وهو المسئول عن هذه الرعية» ولذلك خاطب الله تعالى الأزواج بقوله تعالى: وعاشروهن بالْمعروف 4 أمر الله سبحانه وتعالى الأزواج بالعشرة الحسنة» بالمعروف» وإن العشرة هى المخالطة والممازجة بحيث تلتقى النفسان» ومن طبيعتها أن تكون فى ألفة لا فى نفرة» وقد أطلقت العشرة على المعاملة» والمراد بالمعروف أن يعامل الرجال أزواجهم معاملة تليق بأمثالهن من غير أن يكون منهم ما يستنكر عقلا أو شرعاء أو عادة» فهو يؤنسها ولا ينفرهاء ويقربها ولا يبعدهاء وكان الآمر بالعشرة الحسنة بعد الإشارة إلى ما قد يكون منهن من نشوز وبذاءة وفحش فى القولء لبيان أنه لا يسوغ لرجل أن يفترق لمجرد ظهور النشوز منهاء بل يعالجها بالرفق» وإزالة أسباب النفرة إن أمكن. وإن الصحابة رضى الله عنهم كانوا يعاشرون أزواجهم على أكمل ما تكون العشرة» ويقربونهن بكل وسائل التقريب» حتى إن ابن عباس كان يقول: إنى أتزين لامرأتى كما تتزين لى. وقد يكون سبب النفرة من الرجل نفسه. وإنه ليروى فى ذلك أن امرأة ذهبت إلى الإمام عمر بن الخطاب رضى الله عنه تطلب الفراق من زوجهاء فرأى عمر الزوج» وإذا هو أشعث أغبر خلق الثياب مستطيل الشعرء فأدرك بشاقب نظره أن النفرة من هذه الحال» فأجلها وأرسله إلى المغتسل فاغتسل» وألبسه ثيابا حسنة» وأزال شعثه» ثم ناداهاء فسألها: أمصرة على ما تطلب؟ فلما رأت زوجها على حاله الجديدة عدلت عن طلب الطلاق. وإن معاملة المرأة بالحسنى دليل على كمال الرجولة والْخْلقَ» ولذا قال النبى يكِد: «خيركم خيركم لأهله. وأنا خيركم لأهلى)7©. . )191/8( رواه ابن ماجه: النكاح - حسن معاشرة النساء‎ )١( / تفسير سورة النساع ١‏ لل لبجم بر يي" ثم بين سبحانه وتعالى أنه لا يصح للرجل أن يسترسل فى كراهيته إن عرضت له أسباب الكراهية» بل يتعرف المحاسن» ولا يقتصر على النظرٍ إلى المساوئ» ولذا قال تعالى: «(فإن كرهتموهن فَعَسَئ أن تَكْرهُوا شيئا ويَجَعل الله فيه خَيرَا كيرا 4 . إن العشرة الحسنة مطلوبة ولو فى حال كراهية الزوج لزوجته» فإنه لو أظهر الكره لكانت المباغضة؛ ولاسترسل فى غواية تضله» فيصر على الكراهية» وقد كان فى الإمكان أن يرى فيها المسرة بدل المضرة» وأسباب المحبة بدل البغض . وإن النص الكريم يشير إلى معنى سليم» ويدعو إلى إدراك معان مختلفة كثيرة: أولها ‏ أن ينظر إلى الحياة الزوجية من جميع نواحيهاء لا من ناحية واحدة منهاء وهى البغض والحب» فينظر إلى مصلحة أولاده» وإلى نظام بيته» وإلى محاسنها بدل أن ينظر إلى مساويها. وثانيها ‏ أن يفكر فى من يعقبها: أهى خير منها أم لا؟ وثالثها ‏ أن ينظر فى شأن العلاقة بعين العقل والمصلحة المشتركة لا بعين الهوى المسيطر الجامح. ورابعها - وهو أعظمها أن ينظر إلى المسألة بالقلب الدينى» وأن يتذكر فى وقت الكراهية العشرة الحلوة السايقة» ولذا قال الله سبحانه وتعالى: فعسئ أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خَيْرَا كثيرا 4 » » والخير الكثير يتكشف للرجل فى الأمر المكروه بإحدى حالين: إما بالنظر الشاقب الذى يتغلب فيه العقل على الهوى؛ وإما بعد فوات الوقتء فيعرف الخير الذى فاته بفعله» فلا يمكن التدارك» ويكون الندم المريرء ولات حين مندم. وإن هذا النص يشير إلى معنى جليل عام لا يخص الحياة الزوجية وحدهاء وهو ألا يبت فى الأمور تحت تأثير الكراهة» فإنها عارض وجدانى قد يزول» وقد يكون فى المكروه الخير الكثير الذى غاب عنه فى وقت إدراكه» فيفوته النفع العظيم تحت تأثير الكراهية التى قد يبعث عغليها أمر حسى عارض. وفى الحديث الصحيح . «لا يَقْرّك مؤمن مؤمنة» إن سخط منها خلقا رضى منها آخر»(2 والفَرَك )١(‏ رواه مسلم: الرضاع _- الوصية بالنساء (2)159 وأحمد: باقى مسند المكثرين 21١5‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه. ا تفسير سورة النساء س0 رب 1 البغض الكلَّى الذى تنسى فيه كل المحاسن. وروى مكحول عن ابن عمر أنه كان يقول: «إن الرجل ليستخير الله تعالى فَيَخَار له فيسخط على ربه عز وجل» فلا يلبث أن ينظر فى العاقبة» فإذا هو قد خير له). «وإن أَردثُم استبدال وج مَكَانَ زوج وَآنيثم ِحَدَاَ قنطارا فلا تَأَحَذُوا منه شيئا 4 بين سبحانه فى النصوص الكريمة السابقة حال أخذ الرجل بعض ما آتاه إذا أتت المرأة بفاحشة بينة واضحة تعلن نفسهاء وذكر سبحانه علاج الرجل لنفسه إذا أحس بكراهية» لكى يتجنب الطلاق الذى قال فيه النبى يَكلِةِ: «ما آحَلّ الله شيئا أبغضه كالطلاق)20» فإذا استرسل فى الكراهية» واختار أبغض الخحلال» فإنه لا يصح أن يسترد منها أى مقدار أعطاها إياه ولو كان قنطارا من فضة أو ذهبء. فالتفريق هنا بمجرد إرادته لا بسبب من جانبهاء ولذا قال: #وإن أَردتم4 وعبر فى التعليق ب «إن» وهى لا تكون لوقوع الفعل مؤكداء لينبه إلى أن الإرادة قد تكون غير سليمة» وغير مبنية على أسباب قوية»والاستبدال طلب البدل» بأن يطلق واحدة ويتزوج أخرى. وقوله تعالى: ا وآتيئم إحداهن قنطارا 4 لبيانه أنه لا يسترد شىء مهما يكن كبيرا؛ إذ القنطار أقصى ما يتصور من مهور. والقنطار أصله من َنَطَرت الشىء إذا رفعته» ومنه القنطرة؛ لأنها بناء مرتفع مشيدء وقد قال الشاعر: كَقَنْطرَة الرومئ أفسمَ ربهَا ‏ لتكتش حَتّى شاد عمد" وخلاصة المعنى أنه لا يصح أن يأخذ شيئا مادام التفريق بإرادته وبسبب من جانبه» ولم يكن لها فيه أى عمل» وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى : . يحل لَكُمْ أن تَأَحذوا مما اتيئموهن شِيئا إلا أن يَحَاقَا أل يقيمًا حدود الله . 00 [البقرة] فإن الآية التى نتكلم فيها كان الطلاق بسبب من جانبه وهو إرادته ل 0 داود: الطلاق - كراهية الطلاق ()019). (؟) البيت قاله طرفه بن العبد البكرى فى معلقته وهو تشبيه للناقة. والقرمد والقرمدة: الآجر. ها تفسير سورة النساع م 0000 لحر ات الاستبدال» وأما الآية الأخرىء فإنها عندما تريد المرأة ذاتها التفريق غير معضولة ولا مبخوسة أى حق من حقوق الزوجيةالمفروضة على الزوج. وقد وبخ سبحانه وتعالى على الآخذ عند إرادة الاستبدال بنصين كريمين: أولهما قوله تعالى: أتأخذوته بهتانا وإِنْما مبينا 4 هذا توبيخ واستنكار للآأخذء والبهتان هو الكذب غير المعقول الذى يتحير فيه العقل» ويطلق على كل أمر يتحير العقل فى إدراك سببه» أو لا يعرف مبررا لوقوعه» كمن يعتدى على الناس من غير عداوة سابقة ولا نفع مجلوبء ولا غرض مقصوه. والإثم الذنب العظيم» والمبين الواضح الذين يعلن نفسه ووضوحهء ويكشف عن مقدار الأذى فيه. وقد قال العلماء: إن البهتان والإثم مصدران قصد بهما الوصف. أى أتأخحذونه باهتين فاعلين فعلا تتحير العقول فى سببه» آثمين بفعله إثما واضحا معلن الوضوح مستنكر الوقوع» ويصح أن يكون المصدران مفعولين لأجله» ويكون ذلك توبيخا أشدء ويكون المعنى عليه: أتأخذونه لآجل البهتان والإثم المبين؟ ويكون فى التعليل توبيخ أشدء وهذا هو الذى نراه. هذاء هو النص الأول الموبّخ» والنص الثانى هو قوله تعالى: وكيف تأخذوته وَقَدٌ أفضئ بعضكم إِلَى عض وأَحَذَنَ منكم مَيتَاقَا غَلِيظًا 4 الإفضاء معناه الخلوصء» أى يخلص كل واحد للآخرء» وفسر بأنه الخلوة بين الرجل وزوجه ليس معهما أحد؛ لأآن الفضاء هو الذى يكون بينهما. والاستنكار هنا للحال الواقعة», فالأول كان استنكارا لذات الأخذء وهنا الاستنكار لما أحاط بالأخذ من أحوال. والمؤدى أن الأخذ عند إرادة الاستبدال أمر مستئكر فى ذاته ثم هو مستتنكر لأجل الأحوال التى كانت بين الزوجين. وقد ذكرسبحانه وتعالى سببين للاستنكار: أحدهما - الإفضاء وخلوص زوج لنفس صاحبه حتى صارا كأنهما نفس واحدة. وثانيهما ‏ الميثاق الغليظ أى الشديد القوى الثابت الذى هو عهد ثقيل لا يصح منه التخلص . وذلك الميثاق» هو الارتباط بين الزوجين أمدا الل تفسير سورة النساء سس 1 ههه < > صارت فيه نفس كل واحد قطعة من الآخرء وهو أمر الله تعالى إذ يقول: 8 ... فَإِمْسَاك بمعروفٍ أو تسريح يإحسانٍ ... +479 4 [البقرة]» وليس الأخذ من التسريح بإحسان» وهو الودة ١ح‏ لل ين ل له الحياة : اندجم التى اهم عاص ص اس إليها وجعل نكم موده ورَحَمَة إن في َلك لك لات لقم يقرو 2 4 [الروم] ْ هذاء وقبل أن نختم الكلام فى هذه الآيات نقرر أمرين: أحدهما ‏ أن الرجل فى افتراقه عن زوجه لا يحل له دينا أن يأخذ منها شيئا إذا كان النشوز من جانبه» ولا يحل أن يأخذ أكثر مما أعطى إذا كان النشوز من جانبهاء وما أخذ فى غير ذلك يكون كسبا خبيثاء وقد اتفق على ذلك العلماء. ثانيهما ‏ أن قوله تعالى: 9 وإن أَردتُم استبدال روج مَكان روج وآتيتم إحداهن قنطارا # تدل على أنه ليس للمهر حد أعلى» وقد استدلت بذلك امرأة أمام أمير المؤمنين عمر عندما قال: (ألا لا تغالوا فى صَّدقات النساءء فإنها لو كانت مكرمة فى الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله يَكْ؛ِ ما أمهر قط امرأة من بناته ولا نسائه فوق اثنتى عشرة أوقية). وجعل رضى الله عنه ذلك حدا أعلى» فقالت امرأة: (يعطينا الله وتحرمنا)» وتلت الآية» فقال الإمام العادل: (أخطأ عمر وأصابت امرأة)» ولكن عمر كان ينظر بنور الله وروح الإسلام» فإن أخطأ فى الحد بمقدارء فإنه لم يخطئ فى منع المغالاة فى المهورء ولله عاقبة الأمور. ااا تفسيرسورة النساعء الل 010000 4 جل ير ني وك كا لالوفت 2 سم و جد ووم عاد م ل ل ومسَاء سا وي حَرَّمَتٌ ع1 لصتم سس فصر حو حك 220008 م 0 لَك النة : أتكفسط ال 58 6 محم يرت أليَصَعَةَوَ تثح 71 ووو 7 سم 11 ان مه د 1 أمَكَلْثُريهرح 0 7 م عو 3 14 6 012 نايس لين كم م نت و أمسركج 0000 يح سا سد سه 1 يماض كانت الآيات السابقة فى بيان تحريم ظلم المرأة فى حال الزوجية وظلمها بعد وفاة زوجهاء وظلمها عند إرادة الافتراق عنها. وفى هذه الآيات يبين الله سبحانه من يحل من النساء ء الزواج بهن ومن لا يحل» وإذا كانت الآيات السابقة بقة لدعم الأسرة بن بمنع الظلم؛ لآن العدل به قوام الأسرة وقوتهاء ومنع الظلم تقوية سلبية» فالآيات التى تبين المحرمات من النساء تبين أسباب قوة الأسرة من ناحية 'المودة التى تربط بين الزوجين برباط الرحمة والمحبة» وتجعل الزواج مثمرا ثمراته الطيبة من العلاقة الزوجية التى لا ينها علاقة أخرى. وقد ابتدأ سبحانه ببيان تحريم زوجة اا تفسير سورة النساء الل اا الملل 0100 الى لجل بروج يي الآباء إذا افترقوا عنهاء فكما أن الرجل لا يحل له أن يرث حق تزويج زوجة أصله كذلك لا يحل له أن يتزوجها. وقد ابتدأ بهذا النوع من التحريم لتناسبه مع منع ميراث حق التزويج للنساء. ولذلك قال سبحانه: ولا تكحوا ما تكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف © . كان فاشيا بين العرب فى الجاهلية أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا مات عنها أبوه» وكان ذلك يؤدى إلى منعها من حرية الاختيار فى الزواج» وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك فى الماضى من الآيات الكريمات» وهنا يمنع تزوج الولد من كانت زوجة أبيه؛ بل من كانت زوجة آبائه على وجه العموم؛ وذلك لأآن كلمة «آباؤكم» تشمل كل الأصول من الرجال أى تشمل الأجداد جميعا سواء كانوا من جهة أبيه أم كانوا من جهة أمهء وذلك من قبيل الإطلاق المجازى. والنكاح هو عقد الزواج» وهو لا يستعمل فى القرآن إلا على الزواج» وقد يطلق على المباشرة نفسهاء ولكنه لم يطلق فى القرآن إلا على العقد. ولذلك قال الشافعى وكثيرون من الفقهاء» إن النكاح حقيقة فى العقدء وإذا أريد به المباشرة كان ذلك مجازا من قبيل إطلاق السبب وإرادة المسبب» وذلك أنه لا يكون إلا فى المباشرة الحلال» والحنفية قالوا إنه حقيقة فى المباشرة مجاز فى العقد. والذى يتفق مع تعبير القرآن هو رأى الشافعى. ولا كان ذلك النوع من الزواج كشيرا فى الجاهلية» وربما وقع فيه بعض المؤمنين فى الجاهلية قبل الإسلام» أشار سبحانه إلى أن ما كان فى الجاهلية هو موضع عفو لا يعاقب الله تعالى عليه» ولذا قال سبحانه: 99 إلا ما قد سلف »* أى أنكم لا تؤاخذون على ما قد مضى منكم فى اللجاهلية» والاستثناء هنا منقطع» و«إلا» بمعنى «لكن»» والمعنى: لكن ما قد سلف لا توّاخذون عليه» والله يعفو عنكم» وهو ينتهى بهذا التحريم» فمن كان متزوجا من كانت امرأة أبيهء فإنها حرام عليه من وقت نزول ذلك النص الكريم» وعفا الله عما سلف» ومن عاد فيتتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام . ا تفسير سورة النساء ١‏ ااااناااللان اال لتات لان ااكتةةشالااااااااااااك نكا لكا ااا اتلك تلالان لاا نظا طالاااا !اا تاااااااال ااا لاا تللالاال الا ططخن طشلا لللللا 21 لبج بره بي والتحريم له حكمته. فإنه يتنافى فيما للآباء من وقار» وما يجب لهم من حسن صحبة» ولأن امرأة الأب لا تحنشم على الابن» فلو كانت تحل له بعد الفراق لتطلعت النفس إليهاء وقد ترغب فيه» فتفارق الأب أو تغاضبه طمعا فى ابنه» ولا إساءة إلى الأب أبلغ من هذاء فكان المنع لأجل الرحم والمودة فى القربى» وحسن الصحبة. والعقد ذاته سبب التحريم» فإذا عقد الأب أو الحد فإنها تكون حراما على الأبناء والأحفاد»ء ولو لم يدخل بها؛ لآن ذلك ما يقتضيه الإحسان إلى الوالدين. ش وفى النص إشارة إلى أنه لا عقوبات من غير نص محرم» وهؤلاء كانوا يرتكبون ما يرتكبون مستحلين له» فلما جاء النص القاطع المحرم كان العقاب» ولا عقاب قبل النص المحرم. وإن ذلك النوع من النكاح سيئ فى ذاته» لا يقدم عليه كريم» ولذا قال سبحانه وتعالى فيه: ل إِنَهُ كَانَ فاحشة وَمَقَا وساء سبيلاً © هذه أوصاف ثلاثة وصف الله بها ذلك النوع من العقود: أولها أنه فاحشة:, أى أمر زائد فى القبح شرعا وخلقاء والفحش هو الأمر الزائد زيادة قبيحة» فهو زيادة قبيحة على موجب الفطرة المستقيمة. والوصف الثانى أنه مقت» وهو مصدر وصف به أى أنه ممقوت من ذوى المروءات لا يقبلونه ولا يرضونه. والثالث أنه أسوأ سبيل لطلب الولد؛ إذ يكون ابنه أخخا لأخيه من أبيه وبنته أختا لأخيه أو لأخته من أبيه» وذلك نوع من المجوسية» فهو لذلك كان سبيلا سيئًا. وقد قال الزمخشرى فى هذا النص: «كانوا ينكحون روابهم (أى تنكح المرأة ربيبها)» وناس منهم كانوا يمقتونه من ذوى مروءاتهم ويسمونه نكاح المقت» وكان المولود عليه يقال له المقتى» ومن ثم قيل « ومقتا #. كأنه قيل إنه فاحشة فى دين الله بالغة فى القبح» قبيح ممقوت فى المروءة» ولا مزيد على ما يجمع القبحين». بعد ذلك بين سبحانه وتعالى المحرمات من الأقارب فقال تعالى: تفسير سورة النساع ا 0 اك 5 تي ( حرمت عليكم أمهانكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخَالاتكم وبتات الأخ وبنات الأخت 4 هذا النص الكريم لبيان تحريم أربع طوائف من القرابة» فمعنى حرمت عليكم أمهاتكم؛ أى حرم عليكم نكاح أمهاتكم. والطوائف الأربع أولاهن : اللأمهات والحدات؛ لأن الأمهاتٍ يراد بهن الأصول» إذ الأم تطلق على الأصل » كما قال تعالى : .. . وعنده أ م الكتاب ال 4 [الرعد ] ويصح أن يراد من الأمهات الصلبيات» ولكن يثبت نحريم الجحدات بطريق الأولى» آنه إذا كانت العمة والخالة حراما» فأولى أن تكون الحدة حراماء لآن الأم هى طريق الوصول فى القرابة إلى هؤلاء؛ وقد أجمع المسلمون والطائفة الثانية: الفروع من النساء» وذلك ثبت بقوله تعالى: 9 وبنائكم 4 بالعطف على 9 أمهاتكم 4. وقد ثبت تحريم البنات بالنص» وبقية الفروع من كانت بنت الأخ واللاأاخت» حراما» فأولى بالتحريم بنت البنت وبلنت الابن؛ لذن البنت أقرب من الأخت. والابن أقرب من الأخ, فأولادهما أولى بالتحريم» وقد انعقد الإجماع على تحريم الفروع من النساء مهما تكن طبقتهن. والطائفة الثالثة: فروع الأبوين» وهن الأخوات» وبنات الإخوة والأخوات» وثبت تحريمهن بقوله تعالى: وأحواتكم 4 ثم قوله تعالى: « وبئات الأخ وبتات الأخت 4 وذلك يشمل الأخوات شقيقات أو لأب أو لأم» كما يشمل فروع الإخوة والأخوات جميعا؛ لأن كلمة (بنات الإخوة والأخوات)تشمل كل الفروع على سبيل المجاز» ولأآن التحريم يثبت بالأولى» لأن عمة الجد حرام بالنص فأولى بالتحريم بنت ابن الأخ, وبنت بنت الأخ أو الآخت؛ لأآنهن أقرب» وقد انعقد الإجماع على تحريمهن . / تفسير سورة النساع 0 لحم بز يي" والطائفة الرابعة: العمات والخالات» وقد ثبت التحريم بقوله تعالى: ل وَعَمَانَكُم وَحَلانَكُمِ 4 بالعطف على الأمهات من حيث التحريم» والعمات والخالات» يشملن عمات الأب والأم وخالات الأب والأمء وعمات الحد والجدة» وخالات الجد والجدة؛ لآن هؤلاء يطلق عليهن عرفا اسم العمة والخالة» واللغة لا تمنع ذلك» وقد انعقد الإجماع على ذلك. والنص على تحريم العمة والخالة والاقتصار على ذلك يدل على أنه لا يكون تحريما لبنت العم وبنت الخال والخالة» أيا كانت طبقة العمومة والخئولة» فبنت عم الأب حلال» وبنت خال الجد حلال أيضا. وإن هؤلاء المحرمات قد ثبت تحريمهن فى الشرائع السماوية كلها؛ لأن . تحريمهن مشتق من الفطرة» وفى الزواج بهن إيجاد نسل غير قوى» لآن التجارب العلمية أثبتت أن التلاقح بين سلائل مختلفة الأرومة ينتج نسلا قوياء والتلاقح بين حيوانات متحدة الأرومة ينتج نسلا ضعيفاء وعلى ذلك يكون التزاوج بين القرابة القريبة منتجا نسلا ضعيفا. ولقد ضعف آل السائب؛ لأنهم كانوا لا يتزاوجون إلا فيما بينهم» فقال لهم الإمام عمر: (قد أضويتم يا آل السائب فانكحوا النوابغ). وإن الزواج من القرابة القريبة يفسد علاقة القرابة والعواطف الشريفة التى تربط بينهمء فعلاقة الأمومة والبنوة والأخوة والعمومة والخئولة يفسدها الزواج بما يكون بين الزوجين من مباسطات أو منافرات أحياناء والحياة الزوجية على القبض والبسط» والرضا والسخطهء والمداعبة والهجر أحياناء وكل ذلك يفسد القرابة. وأُمَهَانَكُم اللأتى أرضعتكم وأَحَواتكم من الرّضاعة 4 الأم الرضاعية هى التى أرضعته» والأخت الرضاعية هى التى أرضعتها أمه» أو رضعت من ظئر رضع هو منهاء أو بعبارة عامة التقيا على ثدى واحدة» ولا يشترط أن تكون الرضاعة من لبنه أو لبنهاء بل إن كل من ترضع ولدا تحرم عليه بناتها جميعا صغيرة أو كبيرة. وقد قرر جمهور الفقهاء أنه يستبر من الأخوات الرضاعيات كل من رضعت من امرأة أبيه إذا كان اللبن الذى رضعته كان أبوه هو السبب فيه. وهذه العلاقة تفسير سورة النساء للفلل ا0ا060ااال اولك الرضاعية نشأت من قبل أبيه لا من قبل أمه» فمن رضعت من لبن أخيه لأبيه أو أخته لأبيه تعد أختا رضاعية له. والأمهات الرضاعيات يشملن الأم التى أرضعته وجداته اللائى كانت العلاقة بينه وبينهن رضاعية» فى أى طبقة من الطبقات» سواء أكن جدات رضاعيات له من جهة أبيه أم من جهة أمه. وإنه يلاحظ أنه لا يحرم بالرضاعة الأمهات والأخوات فقطء بل البنات والعمات والخالات» وبنات الأخ والأخت» وإن نزلت درجاتهن فى القرابة. وقد فهم كثيرون من المفسرين تحريم هذا كله من الآية الكريمة؛ وذلك لأنه سبحانه وتعالى لما سمى المرضع أماء وابنة المرضع أختاء فقد نبه بذلك إلى أنه أجرى الرضاعة مجرى النسب» ففهم بفحوى الخطاب باقى المحرمات رضاعا اللائى يعتبرن نظيرا للقريبات» وإنه قد نص على تحريم الآخت رضاعاء وليست اللأخت أقرب من بنت البنت الرضاعية» فتحرم عليه بالآولى» ولقد جاءت السّة موضحة ذلك المعنى» فقد روى أنه لما طُّلبّ إليه عليه الصلاة والسلام أن يتزوج ابئة عمه حمزة قال: «لا تحل لىء إنها ابنة أخى من الرضاعة» ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)2270: وروى أن عائشة كانت قد رضعت من امرأة أبى القعيس» فجاء أخوه أفلح يستأذن عليهاء فقالت: أرضعتنى امرأة أخيه» فلا آذن له» حتى أستأذن رسول الله كله فلما ذكرت ذلك لرسول الله قال: «اتذنى له فإنه عمك تربت يداك»72؟؟2» وذلك لأنها لما رضعت من امرأة أخيه على ولد أخيه اعتبر أبا رضاعيا لهاء فيكون هو عمها. )١(‏ رواه بهذا اللفظ مسلم: الرضاع - تحريم ابنة الأخ من الرضاعة )١417/9(‏ عن سعيد بن أبى عروبة. وبنحوه رواه اليخاري: الشهادات ب الشهادة على الأنساب (57540) عن أبى هريرة هه (0) عر عائشة قالت: إِذ أفكم أخا أبى العميْسٍ اسَأدنَ علي بَعْدَ مَا َل الحجاب 3 َقْلْتَ: واللّه لا دس يه آدَنُ لَهُ حب أستأذن رسول الله تكله ؛ إن 1 عا أبى الْفَعِيس ليس هو أرضعنى ولكن أرضعتنى - ا تفسير سبور: هّ النساء لل ل ل لل ههه < يي والرضاعة المحرمة عند مالك وأبى حنيفة هى كل مقدار قل أو كثر» وعند الشافعى وأحمد لا يحرم إلا خمس رضعات مشبعات ليمكن أن يكون الولد جزءا من أرضعته؛ إذ يكون قد أخذ منها غذاء يوم كامل. ولا بد أن تكون الرضاعة فى الصغرء لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الرضاعة من المجاعة)(١2‏ وذلك يكون فى السنتين الأوليين من حياة المولود» ولذا قال سبحانه: 9 والوالدات يرضعن لاد حَولَين كاملين ... +4259 4 [البقرة]. وقال أبو حنيفة: إن الرضاعة المحرمة هى ما تكون فى الثلاثين شهرا التى أعقبت الولادة. ش والحكمة من التحريم بالرضاعة أن المولود يتكون جسمه من جسم التى أرضعته فيكون جزءا منهاء كما هو جزء من أمه» التى حملته» وإذا كانت هذه غذته بدمها فى بطنهاء فتلك غذته بلبنها فى حجرهاء وربما تكون مدة الإقامة فى حجرها أطول كثيرا من مدة الحمل» فكان لابد أن يثبت لهذه الأم الرضاعية ما يثبت للأم النسبية من حرمّة وكرامة» وإن تكريم المرضعات بذلك التحريم الذى يكون للأمهات الحقسيقيات يشجع النساء على الرضاعة» فلا يضيع الأطفال الذين فقدوا أمهاتهم» وفى هذا التحريم فوق ذلك تنبيه إلى أن يتخير الآباء من يرضعن أولادهم ؛ لأنهم إذا علموا أن أولادهم ستتكون أجزاؤهم تمن يرضعنهم تخيروهن من ذوات الأجسام القوية» والدماء النقية التى لا يدنسها مرض يتتقل بالوراثة» ولقد كان العرب والسلف الصالح يتخيرون مراضع أولادهم لهذه المعانى. «( وأمهات نسائكم وربائبكُم اللأتى فى حجوركم من نَسائكم اللأتى دحلم بهن 4 هذه النصوص تعرضت للمحرمات بسبب المصاهرة» وهى تتم ما ابتدأه سبحانه - امرآة أبى الْفُعِيسِء فَدَخَل عَلَيَ رسول الله يل فَقلت: يا رسول اللّهِ إن الرّجل ليس هو أرضعنى ولكن أَرضعَى ارات . قال يلل «انذنى لَه فَإنَّهُ عمّك تَربَت يُمينّك». [رواه البخارى واللفظ له: النسب - قول النبى كَلة: تربت بمينك 160 ومسلم مختصرا .]0١448(‏ (1) متفق عليه: رواه الببخارى (046؟) كتاب الشهادات - باب الشهادة على الإنساب والرضاع المستفيض» ومسلم: إما الرضاعة من المجاعة (67”071. من حديث عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها وأرضاها. (ا تفسير سورة النساءع ل 0 لحرو لسرب ار بقوله تعالى: «إ ولا تدكحوا ما نكح آبَاؤكُم م النّساء 4 التى تعرضنا لذكر أحكامها فى ابتداء القول فى المحرمات» وهذه النصوص شملت ثلاث طوائف. أولاها: « أُمْهَات نسائكم 4 وأمهات: من كانت زوجة للشخص يكن حراما سواء أكن أمهات صلبيات أم جدات» فيشمل النص كل الجدات» لا ذكرنا من أن كلمة اللأمهات تشمل الجدات» ولإجماع الفقهاء على ذلك» ولبيان النبى عله . وأما من عقد عليها وافترق تحرم عليه» سواء أدخل بها أم لم يدخل؛ لأن الأم توحش صدر ابنتها إذا تزوجت من مطلقهاء ولأن الأم لا يليق بها أن تتطلع إلى الزواج تمن كان زوج ابتتهاء ولو لم يدخل بهاء فإن ذلك مخل بكرامة الأمومة وشرفها وحناتهاء وهو سبيل لقطع رحمهاء وشيوع ذلك يؤدى إلى الفساد. والطائفة الشانية بينها الله تعالى بقوله: 9 وربائبكم اللأتى فى حجوركم مُن نُسَائكُم اللأتى دَحَلتم بهن فَإن لم تكُونوا دَحَلُم بهن فلا جتاح عَلَيْكُم 4 . والربيبة هى ابنة الزوجة لأن الزوج فى أكثر الأحوال 5-7 أى يربيها ويعطف عليهاء وهى فى غالب الأحوال تكون فى حجره» أى فى بيته وتحت رعايته. فقوله تعالى: «طاللأتى فى حجوركم 4 كناية عن الرعاية والحياطة والعطف» وغيرها من أنواع البر التى يحوط بها أولاد زوجته من غيره إن كان رجلا عطوفا كريماء وهذا الوصف جار مجرى العادة» والتعبير فيه مجازى لبيان قبح من يتزوج بنات امرأته» وقد اشترط للتحريم أن يكون قد دخل بزوجته التى افترق عنهاء وأراد أن يتزوج ابنتهاء ولذلك صرح سبحانه وتعالى بالحل» إن لم يكن قد دخل بالأم وافترق عنها وأراد الزواج بالبنت» إذ قال سبحانه: «قَّإن لم تكونوا دَحَلَتُم بهن قلا جتاح عليِكُم 4 أى لا إثم عليكم فى أن تعقدوا عليهن» وإن المعانى التى من أجلها حرم الزواج بالأم عند العقد على البنت ليست قوية فى حال التزوج بالبنت بعد الافتراق عن الأم» فالأم لها من الحنان والعطف والشفقة ما يجعلها تغفر لابتتها تزوجها تمن كان زوجها إذا لم يكن دخول, ولأن البنت ليس ها تفسبير سور: ة النساعء لل لبه لي التحريم الدخول بها. يطلق الأم المدخول بها ويتروج اينتهاء ويطلق البنت ويتزوجهاء لأدى ذلك إلى إلى تقطيع الأرحام بين الأم والبنت 3 ولأدى إلى التضييق فى الأسرة» فلا يباح عنده إن كن فى حاجة إلى إيواء» خحشية أن يؤدى ذلك إلى الرغبة فى الزواج بواحدة منهن . والطائفة الثالثة , بين سبحانه وتعالى تحريمها بقوله: وحلائل أبتائكم الّدين من أصلابكم 4 والحلائل جمع حليلة وهى الزوجة التى تحل .2 والأبناء يشملون (امايك». ولكنها ذكرت ليخرج الذين ميتو فقد كان العرب يعتبرون المنبئى ولدا له كل حقوق الأولاد. ويحرمون على أنفسهم الزواج من أزواج المتبنين » وقد سماهم القرآن أدعياء » ولذلك قال الله تعالى : دما جَعل الله لرجل, من قن في جوفه وما جعل واكم اللأِي اهرون منهن أَمُهَاتَكُم وما جعل أدعياءكم أبناء كم كم فولكم بأفواهكم واللّه يقول الحق وهو يهدي السّبيل كك ادعوهم لآبائهم هو أَفْسَط عند الله إن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في اللذين ومواليكم وليس عَلَيْكُمْ جنَاح فيمًا أَحْطَنُم به ولكن ما تَعَمّدت قُلُوبكُم وَكَان الله عَفُورا رُحيمًا 21> 4 [الأحزاب ] ومن أجل إباحة الزواج بمن كانت زوجة المتبنى أمر الله نبيه بآن يتزوج امرأة زيد بعد أن يطلقها لأنه كان متبنى للنبى كَلِْةّ فى الجاهلية» ولذا قال سبحانه عند الامر بزواجها: طقلم قن وَيد لاوطا ئها لكي ل يكو على لمم ل ته لمتشبير سورة ١‏ لنساع لوللا 0 احم الاك ١ ١‏ 3 حرج في أزواج أدعيائهم إذَا قَضُوا منهن وطرا وكان أَمر الله مفعولاً 006 »4 [الأحزاب ] . وأن تجمعوا بين الأَختين إِلأ ما قد سلّف » هذا نوع جديد من التحريم المؤقت» وهو ألا يجمع الرجل بين امرأة وأختها فى عصمتهء فلا يصح أن يتزوج أخت زوجته» وهى فى عصمته. أو يكون قد افترق عنها وعدتها لم تنته؛ فإن ذلك حرام؛ لأنه يؤدى إلى قطع الرحم بينهماء ومثل الجمع بين الأخمتين الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها وابنة أخيها وابنة أختهاء وقد ثبت تحريم الجمع بين هؤلاء لقول النبى كه فيما رواه أبو هريرة: «لا تنكح المرأة على عمتهاء ولا على خالتهاء ولا المرأة على ابنة أخيهاء ولا ابنة أختها»» وزاد فى بعض الروايات: (إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم0('» وقد انعقد إجماع من يعتد بإجماعهم على ذلك. وقد قال بعض المفسرين: إن تحريم الجمع بين هؤلاء يثبت من نص القرآن فى قوله تعالى: 9 وأن تجمعوا بين الْأحْتيْن 4؛ ذلك لأن التحريم لخشية إيحاش قلب الأختين بالعداوة» ويكون بينهما ما بين الضرائر من مبادلة الآذى» وإن ذلك أظهر فى الجمع بين المرأة وخالتها أو عمتهاء فأولى أن يكون التحريم فى اشع + بينهماء ٠‏ ولان العمة واخالة : يمنزلة لا وم الس لس اس فى الجاهلية ومنهم بعض الأبين آمنواء ولذلك بيد الله سبحانه ) أن ذلك مو ضع )١(‏ رواه أصحاب السنن» وما اتفق عليه البخاري: النكاح (8١١0)غ:‏ ومسلم: التكاح - تحريم الجمع بين المرأة (75048) إلى قوله: «ولا على خخالتها؛» ورواه أبو داود )5١56(‏ وأحمد (91858) وغيرهما: عن أبى هريْرة قَالَ: قَالَ رسو اللّه يكل : الا تكح الْمَرأَة على عَمنَهَا ولا الْعَمَّهُ علَّى نت أخيها ولا امرك عَلَى حَالنهًا ولا الْحَالهُ علَى بت أخنتها ولا نكم الكبْرَى على الصذْرَى ولا الصذرى عَلَى الْكبْرى». وأما هذه الزيادة وهو قوله: الَإنَكم إن فَعَلَتَمٍ ذلك قطعتم أرحامكم». فمن رواية الطبرانى عن ابن عباس رضى الله عنهماء وروى أبو داود فى مراسيله عن عيسى بن طلحة: قال: نهى رسول الله يَكِةٍ أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة. [راجع مرقاة المفاتيح-ج”"ص 5 97. نصب الراية للزيلعى: فصل فى بيان المحرمات-الحديث الرابع]. ها تفسير سورة النساعء 0م 11ل الملا اواك :2 يي عفو الله تعالى» ولذا قال سبحانه: إلا ما قد سلف 4 والاستثناء هنا منقطعء و(إلا) بمعنى (لكن) والمعنى: لكن ما قد سلف منكم فى جاهليتكم قبل ذلك التحريم موضع عفو الله تعالى؛ وذلك لأن الله تعالى غفور رحيم» فقوله تعالى :إن الله كان غَفُورا رحيما 4 فى موضع التعليل لعفو الله فى هذا الاستثناء المتقطع» والمعنى أن الله يعفوء لأنه سبحانه وتعالى كان ومازال غفارً للذنوب رحيما بعباده؛ ومن رحمته بعباده ألا يعذبهم من غير نذير» وألا يؤاخذهم على ما اكتسبوا إلا بعد بيان واضح» وإن كان العقل يدرك حسن الأشياء وقبحهاء والله سبحانه وتعالى بكل شىء عليم . © وَالْمَحصَمَت و نَآليْسَاٍ اس 1 ل رصم م > سه شاعرة كنب الله لله علِتكم وا أَحِل لَكم مَاوَرآءَ ذلكم نتبِمعوا ل 2< م مسو سا . 0 رح دح لخر ولك ويد تدتسهوم ء استمتعم بو مر 3 مد ويا 1 رم 1ل مو 0 لد 247 سم : محارتتثم يد ديؤي 5< 7 2 2-0 ,آ_-__- قوله تعالى [ والمحصنات 4 بالضم معطوف على أمهاتكم فى آية التحريم السابقة التى صدرت بقوله تعالى : «( حرمت عليكم أمهانكم 4 فهذه الآيات تتمة لبيان المحرمات. ثم بعد ذلك بيّنت المحللات من النساء بعبارة جامعة» ثم بعبارة مفصلة لحل الإماء. وأحصّن متلاقية فى المعنى مع كلمة الحصنء وهو المكان المحكم الذى يتقى به أذى العدوء فمعنى أحصّن المرأة جعلها فى حصن الفضيلة» وقد جاء فى مفردات الأصفهانى: (يقال حصان للعفيفة» ولذات حرمة» وقال بها تفسبير سورة النساع لل 000 سك اكه يي تعالى: (١‏ ومريم ابعت عمران التي أحصنت فَرَجَهَا ... 52 4 [التحريم] . وقال تعالى : وفإذا أحصن ... ع 4 [الساء] أى تزوجن» واأخصن» زوجن» والخحصان فى الجملة المحصنة إما بعفتها أو بتزوجها أو بمانع من شرفها وحريتها). وبهذا يتبين أن المرأة المحصنة هى التى صانت نفسها وتحصنت بسحصن الفضيلة والبعد عن الفحشاءء وإحصانها بزواجهاء أو بعفافها المجردء أو بحريتها وشرفهاء ولذلك تطلق كلمة المحصتاتء. ويراد بها أحيانا العفيفات» وتطلق بمعنى الجرائر»ء وفى هذه الآيات استعملت كلمة المحصنات بلمعانى الشلاثة» فقوله «( والمحصتات من التساء 4 المراد المتزوجات» وقوله تعالى «الْمُحْصنَات الْمُؤْمنّات :4222 4 [النساء] المراد المرائر» وقوله «محصتات غير مسافحات 227 »4 [النساء] المراد العفيفات» وقوله تعالى: ل فَعََيْهنَ نضف ما عَلَى الْمُحَصنَات من العذاب # المراد بهن الحرائر. «( والمحصتات من النّساء إلا ما ملَكْت أَيمَائَكُمْ 4 المحصنات هنا المتنزوجات اللائى يكن فى عصمة أزواجهن» ويدخل فى عموم المحصنات المعتدات» فزوجة الغير ومعتدته لا تجوزء وتحريمهن ثابت بمقتضى الفطرة والطبيعة الإنسانية» وسئة الله تعالى فى الخلق والتكوين» ولكن استثنى من ذلك الدخول بغير الزوجات المملوكات» فإنه يجوز الدخول بهن» والاسئئناء هنا منقطع بمعنى لكنء ؛ لآن الكلام فى العقد لا فى الدخمولء إذ إن قوله تعالى: «إ حرمت عَلَيِكُم أَمَهَانَكُم 4 إلى قوله: 8 والمحصنات 4 كل هذا فى تحريم العقدء لا فى تحريم الدخول فقطء فالاستثناء بعد ذلك فى الدخول بملك اليمين» لا يكون على منهاج الاستثناء المتصل» وقد قرر العلماء أن السبايا اللائى يدخلن فى الرق لا يلتفت إلى زواجهن السابق» بل تصير ملكا يحل للمالك أن يدخل بها بمقتضى الملك» لقوله تعالى: ولا تمَسكُوا بعصم الكوافر 4 [الممتحنة] وهذا متفق عليه وهو مما ينطبق عليه النص الكريم» فقط ينتظر حتى: تستبرئ رحمها من الحمل . م٠‏ ها تفسبير سور: ة النساع ل الملل لل اكاك : يي وهناك صورة أخرى قد اختلف فيها الفقهاءء وهى الأمة التى تكون مملوكة ثم عقد عفد زواجهاء وبعد ذلك باعها مالكها: أيلزم المشترى الجديد بهذا الزواج» قال بعض العلماء إنه يفرق بينهما بعد هذا الشراء؛ لأن الذى عقد هو وليها الأول» ولا يلزم بعقده الثانى» وقال بعض الفقهاء: يلزم الثانى؛ لأن الزواج سابق على الشراءء فيكون قد اشتراها ملتزما بما كان من قبل. ويظهر أنه من المتفق عليه أن مالكها إذا زوجها فهو ملزم بهذا الزواج لا يبطل بإبطاله» لأنه التزم به» فلا ينقض أمرا تم من جهته. ومن المقررات الفقهية أن من سعى فى نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه. ويتبين من هذا أن الاستثناء الخاص بالدخول بملك اليمين مقصور على حال السبى بالاتفاق» وقد قيل إن الآية نزلت فى ذلك» وادعى بعض الفقهاء أنها تشمل حال المشتراة التى سبق زواجها. «( كتاب الله عليكم 4 جاء هذا النص بعد بيان المحرمات من قوله تعالى: حرمت علَيكُم أُمَهَانَكُم 4 إلى قوله: «والْمُحْصتَات 4 وكان سياقه لتأكيد التحريم وتوثيقه» و«كتاب الله»» لها فى الإعراب تخريجان» كل واحد منهما يشير إلى معنى مستقيم: أولهما ‏ أن يكون (كتاب) مصدر كتبء ولمعنى: كتب الله تعالى التحريم كتابا مفروضا بأحكامه عليكم» فليس لكم أن تتخلوا عنه. وثانيهما - أن يكون المراد القرآن» والمعنى: الزموا كتاب الله الذى هو حجة عليكم إلى يوم القيامة» وهو الذى بين شريعة تحريم المحرمات فأطيعوه . فكلا التخريجين يؤدى إلى توثيق التحريم وتوكيده بنسبته إلى الله تعالى» إما باعتباره كتَبّه وفَرضه هوء وإما لأنه نص عليه فى كتابه الخالد الباقى إلى يوم القيامة» ولم يترك بيانه لرسول أو نبى. وأحل لَكم ما وراء ذَلَكُم 4 فى الآيات السابقة بيان المحرمات» وفى هذا النص الكريم يشير بلفظ عام إلى الحلال من النساء» ف (ما) هنا المراد بها النساء» وقالوا تكون لما لا يعقل و (من) تكون لمن يعقل؛ وهى هنا لمن يعقل» لأن العموم ل.ل تفسير سورة النساء ل 11110 اجر لحب 1 يعبر عنه بها. وفى الحق أن المستقرئ لاستعمال القرآن يتبين له أن (مَ) و(مَن) يتبادلان من يعقل وما لا يعقل» فمن استعمال (ما) لمن يعقل هذا النص» ومن استعمال (من) لما لا يعقل قوله تعالى : «( فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يَمُشي على رجلين ومنهم من يُمُشي على أَربَعٍ +ع # [النور]ء ولذلك أرى أنه لا ضرورة لتعيين إحداهما للعقلاء والأخرى لغير العقلاء» ثم التمحل7١؟‏ من بعد ذلك» فكتاب الله تعالى هو حجته الفصحى» وليس من حجة تقاربه. وكلمة (وراء) المراد بها غير هؤّلاء» وهى فى أصل استعمالها للخَلّف» وكأن المعنى أن المحرمات مقدمات إلى الأمام» والمحللات خلفهن» وفى ذلك إشارة إلى أن التحريم كان للتكريم والتشريف» وملاحظة المودة» فليس التحريم إيذاء» ولكنه تكريم. وقد قيل إن الآيات السابقة لم تشمل كل المحرمات» فالجمع بين المرأة وخالتها أو عمتهاء حرام» ولم ينص عليه فى المحرمات» فكأن الجمع ئز بينهن» ولقد فهم هذا بعض الذين لا يأخذون بالسنة المشهورة» وقد أجيب عن ذلك بإجابتين : الأولى: أن هذا النص جاء بصدد بيان المحللات بذواتهن» بخلاف التحريم لعارض الجمع فقد بينته السنة» فإن الخالة وحدها حلال20؛ وبنت الأخت وحدهاء وكذلك بنت الأخ والعمة, كل واحدة حلال بذاتهاء إنما التحريم هو فى الجمع» والنص بين المحللات لذواتهن» وهذه الإجابة بينها الشافعى فى الرسالة . الثانية : أن التحريم ثابت فى الجمع بالنص السابق؛ لأآن النص السابق قال الله فيه سبحانه فحرم الجمع بين الأختين بالنص» وثبت تحريم الجمع بين الخالة وبنت أختها والعمة وبنت أخيها بالأولى؛ لأن الخالة صنو الأمء وكذلك العمة» (؟) أى خحالة المرأة وحدها حلال» وهكذا عمتها. 4 تفسيرسورة التساع , , لللممباللااااال ااال ااال 1 هه : يد 7 بمنزلة أمهاء وقد انعقد الإجماع على ذلك . «إأن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين 4 هذا بيان ضرورة المهر لشرف المحل » ولإعزاز المرأة وتكريمهاء» ولتستعين به فيما تتأهل به للزواج» ومعنى النص الكريم أن الإحلال يقتضى أن تبتغواء أى أن تطلبوا الزواج أشد الطلب» وأن ترغبوا فيه أشد الرغبة» متقدمين فى ذلك بأموالكم» فإن المال يكون دليل الرغبة. ثم أشار سبحانه إلى فرق ما ب بين الزواج والفاحشة. فقال: محصنين غير مسافحين 4 أى ابتغوا الزواج واطلبوه حالة أنكم تحصئون به أنفسكمء وتُطفكمء وتحنظون به أولادكم؛ تمعنى الإخصات هنا الإعقاتن وما يتضحط» ن 0 يسافحونء والسفاح من سفح اللاء أو الدم أساله» ومئه قوله تعالى : (أزه دم مُسفوحا .. مزه 4 [الأنعام ] والزانى يسفح النطفة ويلقيها ويسيلها على تراب الرذيلة . فالفا على هذا إلقاء للنطفة الإنسانية» وهى الجوهر المادى للإنسان» والزواج تحصين لهذه النطفة» ووضع لها فى حرثها الذى أعده الله تعالى لها. (١‏ قا استمتعتم به منهن قاتوهن أجورّهن فريضة 4 الاستمتاع الاستيلاء على ما فيه متعة وخخير ومتاعء وقد كان الرجل فى الحاهلية يتزوج المرأة ويستمتع بهاء ثم يتركها خالية الوفاض(١2»:‏ فذكر الله تعالى ضرورة إعطاء المهور التى فرضت وقدرت وقت العقدء وقد سماها الله تعالى هنا أجراء والأجر هو الحزاء على ما «فلهم أجر غير ممنون +4420 [التين]؛ لأن اقتران كلمة الأجر بعدم اَن يرشح لأن يكون المراد بها العطاءء إذ هو الذى يجرى فيه الم والآذى» وعلى أى حال فإن الظاهر فى كلمة الأجر هنا هو الحزاء» وقد يقال: لماذا عبر هنا بالأجر وفى )١(‏ أصل الونّاض الجلدة التى توضع تحت الرحى [لسان العرب - وفض]. فخلوَها إذن كناية عن الفقر. ا ته تعفسشئير سورة ١‏ لنساعء لل الل للك اك لبر يي أصل فرضية المهر بما يفيد أنه عطاء» فقد قال تعالى: 9 وآنُوا النّسَاء صَدَقَاتِهِنَ نحلة > » [النساء]! والجواب عن ذلك أن الآيات التى بينت أصل الوجوب تبين القصد من الشرعية» وهو كونه هدية واجبة لبيان شرف العلاقة بين الرجل والمرأة؛ وللمعانى التى شرع من أجلها المهرء أما الآيات التى سمَّت أجرا(2 فهى لبيان الأداء بعد أن تأخر عن ميقاته» فلتأكيد الأداء سمى أجراء وأصبح الْمُؤْدى غير جدير بأن يسمى معطيا أو ناحلا أو مانحا. وهذا النص قد تعلق به بعض المفسرين الذين لم يفهموا معنى العلاقات المحرمة بين الرجل وامرأة» فادعوا أنه ييح المدعَة» وهى عقد بين الرجل والمرأة يستمتع بها مدة معلومة فى نظير مهر معلوم» أو فى نظير أجرة معلومة» ولو تخلفت المرأة فى بعض المدة ولم تسلم نفسها نقص من مهرهاء أو بالأحرى من أجرتها والنص بعيد عن هذا المعنى الفاسد بعد من قالوه عن الهداية؛ لأن الكلام كله فى عقد الزواج» فسابقه ولاحقه فى عقد الزواج» والمتعة حتى على كلامهم لا تسمى عقد نكاح أبداء وقد تعلقوا مع هذا بعبارات رواها مسلم عن النبى َل أنه أباح المتعة فى غزوات ثم نسخهاء وبآن عبد الله بن عباس كان يبيحها فى الغزوات2'7» وهذا الاستدلال باطل؛ لأن النبى كله نسخهاء فكان عليهم عند تعلقهم برواية مسلم أن يأخحذوا بها جملة أو يتركوهاء وجملتها تؤدى إلى النسخ لا إلى البقاء» وإذا قالوا: إنا نتفق معكم على الإباحة ونخالفكم فى النسخ فتأخذ المجمع عليه ونترك غيره» قلنا لهم: إن النصوص التى أثبتت الإباحة هى التى أثبتت النسخ» وما اتفقنا معكم على الإباحة» لأننا نقرر نسخ الإباحة» على أننا نقول إن ترك النبى يليه المتعة لهم قبل الأمر الجازم بالمنع ليس من قبيل الإباحة» بل هو من قبيل الترك حتى تستأنس القلوب بالإيمان» وتترك عادات الجاهلية )١(‏ أى سمت المهر أجرا. (1) عن الرَبيع بْن سَبْرةَ الجهني عن أبيه أن رَسُول الله يك نّهَى عن الْممْعة وَقَالَ: «آلا إنَّا حرام من يَومكم هذا إِلَى يوم الْقيامَة وَمَنَ كَانَ أعطى شيئًا قلا يأخذه». [رواه مسلم: التكاح - نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ .])١5١5(‏ ا تفسير سورة النساء الللللللك 101011 ل غجمل بلط| بي وقد كان شائعا بينهم اتخاذ الأخدان» وهو ما نسميه اتخاذ الخلائل» وهذه هى متعتهمء فنهى القرآن الكريم والنبى يل عنها('؟. وإن الترك مدة لا يسمى إباحة إتما يسمى عفواء حتى تخرج النفوس من جاهليتهاء والذين يستبيحونها باقون على الجاهلية الأولى. ومثل ذلك الخمرء فما أبيحتء ولكن تركت عفوا حتى جاء النص القاطع بالتحريم» وابن عباس رضى الله عنه قد رجع عن فتواه» بعد أن قال له إمام الهدى على كرم الله وجهه: (إنك امرؤ تائه» لقد نسخها النبى كله والله لا أوتى بمستمتعين إلا رجمتهما)(" . «ولا جتاح علَيِكُم فيما تراضيئم به من بعد القريضة إِن اللَهَ كَانَ عليما حكيمًا 4 الجنوح معناه الميل» والجناح الإثم» والفريضة المهر المقدر» والتراضى من بعده إما على زيادته؛ وإما على نقصه. والمعنى لا ميل إلى الإثم فى الأمر الذى تتراضون عليه من بعد المهر الذى سميتموه وفرضتموه على أنفسكم» وعليكم أن تلتزموا بما التزمتم من بعد العقد» قليلا كان أو كثيراء مع ملاحظة أن المرأة إذا تركت بعض مهرها من بعد الفريضة فيجب أن يكون ذلك بطيب نفسهاء كما قال تعالى: « فَإِن طبن لكم عن شيء منه نفسا فَكُلُوهُ هنيًا مَرِيًا ل 4 [النساء] فلابد من طيب النفس» وقد ذكرنا ذلك من قبل . )١(‏ عن علي" بن أبى طالب أن الي يل وى عن منعَة الا ون لوم الْحمرٍ الأهليّة رَمَنَ حتير. قَالَ أبو عيسى: : حَدِيث علي حَدِيثً حَسن صحيح» وَالْعَمَل على هذا عند أهل العم من أصحاب الي وَل وخيْر همه وَإنّمَا وي عن ابن عباس شيء من الرخصة فى الْمقعةء ثم رَجَعْ عن قوله حيث أخبر عن الي ولِ. [الترمذى : التكاح - ما جاء فى تحريم نكاح المنعة .]))1١ 7071(‏ بل قد روى الترمذى )١١17(‏ عن ابن عباس قَالَ: إِنَمَا كَانَت الْمَْعَةٌ فى أل الإسلا كَانَ لجل يعدم البَْدة ليس لَه بها معْرِفَه فَيتَرَوَجَ المرأة بعد مَا يرى أنه قم حفط له منَاعَه م اع سبي ام وتُصلح لَه شيقَهُ حَتَى إِذا تلت الآية: «إلا على أزواجهم أو ما مَلَكَت ليمائْهم» قَالَ ابن عباس : فَكْل فَرْجٍ سوى هذين فهو حرام . 68 روآه البيهقى فى الكبرى اله 20316-١‏ صن 41 كما رواء الطبرانى فى اللأوسط عن محمد اا تفسير سورة النساعء 0100 4م حب زا وقد ذيل الله سبحانه وتعالى آيات المحرمات بقوله: إن الله كَانَ عليما حكيما 4 لبيان أن ما شرعه هو مقتضى علمه الذى أحاط بكل شىء. ومقتضى حكمته التى تضع كل شىء فى موضعه:؛ وهى مقتضى جلاله تبارك وتعالى» ومقتضى ألوهيته» ولذا صدر الكلام بلفظ الجلالة. وقد أكد الله وصفه سبحانه بالعلم والحكمة ب «إن»» وبلفظ الجلالة» وب «كان» الدالة على الدوام والاستمرار» فعلينا أن نعلم حكمة الله تعالى فيما شرعء وفيما أمر ونهى» فهو أعلم بمصلحتنا مناء ولنخضع لما أمرء ولا نحاول أن نخلع الربقة(21. ولا حول ولا قوة إلا بالله . َصَلميَسعَطِع دعولا نحم َلْمْحصَ كت الْمُؤْمتِ مع نمَامَككتَ ْمَك ين نييكمالْمؤوكت َوَأمَهأعلَِِيميكم مَك ينا بَعَض فنك وش بدن أَمْلهن وا هر ى أَجورَشن لون ملستي وحنو ولاك ما ماع11 0 دن آلصَدَايا كن خيشى 0 >< فى ه سروغزه م بو ره وير الت ميآد تض وفوا ةا وله عمور يحي ل 0 لمعل مو عع وداه رمو اروك ومس له عه 1 8 )١(‏ الربق» بالكسر: حبل فيه عدة عرى» يشد به البهم. كل عروة: ربقة» بالكسر والفتح . القاموس المحيط - (/لنذا تفسيرسورة النساء م ا 001010 2 سه - بي إومن لم يستطع منكم طُولاً أن يكح الْمُحَصنَات الْمُؤْمَات قمن ما مَلَكَت أَيمانكم من فَتياتكم الْمؤمنات» المحصنات الحرائر» والفتيات الإماء. فإن الإسلام لا يعبر عن العبد إذا أضيف إلى مولاه بالعبد» بل يعبر عنه بالفتى» وهذا من أدب الإسلام وتكريم الإنسان» ولذا ورد فى الحديث الصحيح: «لا يقولن أحدكم عبدى وأمتى ولكن ليقل فتاى وفتاتى)(2. كما نهى النبى العبد عن أن يقول: سيدى وسيدتى» بل يقول: مولاى ومولاتى. والطول: القدرة والسعة فى المال والجمسم. ومعنى ملك اليمين» أن تكون فى ملكه»ء وعبر باليمين لإفادة السلطان» فإن يمين الرجل مظهر قوته» وبها يكون الصفق فى البياعات» فأضيف الملك إليها لآنها سببه. والآية بمضمونها أفادت أنه لا يحل الزواج من الإماء إلا إذا لم يكن فى طوله أن يتزوج حرة. وقد اختلف الفقهاء فى حدود الطول والقدرة» فقال أبو حنيفة: الطول أن يكون متزوجا حرة» فمن كان عنده حرة لا يجوز أن يتزوج أمة» وإن عقد كان عقده باطلا. وقال مالك: الطول السعة والقدرة على المهر والنفقة» فمن عجز عن مهر الحرة ونفقتها وهو قادر على الزواج من أمة فإنه يجوز له زواج الأمة» ولو كانت عنده حرة. وقال الشافعى» وهو قول عند مالك: إنه يجوز له زواج الأمة بشرطين. أحدهما: عدم القدرة على زواج الحرة» والثانى: أن يخشى العنت أى المشقة الشديدة إن لم يتزوجها. وفسر بعض العلماء عدم الطول بأن يتعلق بها وتهواها نفسه» بحيث يخشى على نفسه أن يقع معها فى زنا إن لم يتزوجها. واشترط الشافعى ومالك وأحمد لإباحة زواج الأمة أن تكون مؤمنة كنص الآية» وأبو حنيفة أباح الزواج من الأمة الكتابية إن لم يكن عنده حرة . وشدد الإسلام فى إباحة الزواج من الإماء لحمل المالكين على عتقهن» فمن رغب فى أمة فليشترهاء وليعتقها ثم يتزوجها؛ ولأن الولد يتبع أمه فى الرق» فلمنع كثرة الرقيق )١(‏ متفق عليه رواه البخارى: العتق - كسراهية التطاول على العبيد (5981)؛ ومسلم: الألفاظ من رمعو وي الأدب وغيرها (1595) عن أبى هريرة رضي ) الله عنه يحداث عن من النبي يكلو أنه قَالَ: «لا يقل أحدكم أطعم رَبك وض رَبك اسق رَبك ولْبقل سيدى مُولاي» ولا يقل أحدكم عبدى أمتى لس سه سصرصل لهس تر © سمل يي وليقل فتاي وفتاتى وغلامي». ا تفسبير سور ة النساء لل م حب ل قيد الزواج من الإماء بحيث لا يدخل بهن إلا أولياؤهن فيكون الولد حراء ويعتق أمهء كما هو مدون فى الفقه» أو تعتق ثم يكون الزواج منها «( والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بَعضٍ» هذه جملة معترضة بين إباحة نكاح الفنتيات المؤمنات» وصورة العقد عليهن. وهذه الجملة السامية فيها فاتدتان: أولاهما: التفتيش النفسى عن القلب». وما تخفيه الصدور بحيث يكون الشخص دائم التفتيش عن عيوبه؛ لأن الله تعالى أعلم بإيماننا مناء وهو سيحاسبنا على ما يعلم» وأفعل التفضيل فى قوله تعالى: «أعلم؟ على بابه» فهو أعلم منا بأنفسناء أو نقول إنه للعلم المطلق الذى لا يصل علم مهما يكن إلى مقداره» فيكون أفعل التفضيل على غير بابه. والفائدة الثانية: بيان أن الناس جميعا من دم واحد وأنه لا يصح أن يستعلى حر على عبد ولا حرة على أمة» فإن بعضنا من بعض» فقوله تعالى : ( بعضكم مَن بعْض 4 أى أنكم جسيعا تفضمكم إنسانية واحدة» وكل له حقوقها وعليه واجباتها. فالعبيد من الأحرار؛ لأنهم من أصل حرء والأحرار قد يكونون من العبيد» والله سبحانه وتعالى فوق الجميع بالعدل» فلا يظلم بعضكم ف فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجو رهن بالمعروف مُحصتات غير مسافحاتٍ ولا متَخدات أحْدَان 4 النكاح العقد ولا يستعمل فى القرآن إلا بهذا المعنى» والمعنى : فاعقدوا عليهن عقد الزواج بإذن أهلهن, وأهلهن فى هذا المقام هم المالكون لهن. وعبر عن اللمالكين بالآأهل حملا للناس على الأدب فى التعبيرء ولأنه يجب أن تكون العلاقة بين العبد ومالكه علاقة أهل لا علاقة رق» ولذا يجب عليه أن يعطيه كل حقوق قرابته من مأكل ومسكن وملبس» ولذا قال النبى يكهّ: «إخوانكم خَوَلْكُم (أى مكنكم الله من رقابهم) قد ملككم الله إياهم» ولو شاء لملكهم إياكم؛ أطعموهم مما تطعمون» واكسوهم مما تكسون27. وأمر )١(‏ رواه بلفظ مقارب البخاري : الإعمان (ه:ه؟) ومسلم (0) عن أبى ذر رضى الله عنه )2 كما رواه غيرهما من أصحاب السنن» وليس فى هذه الرواية عندهم ذكر الملك. هاا تفسيرسورة النساعء 000 كله يي سبحانه وتعالى بإعطاء المهور» وشدد فى ذلك» وقال 8 بالْمعرُوف» آى بالقدر الذى لا يستنكره العرف» فلا يتخذ من كونها أمة سبيلا لخمط حقهاء وتصغير شأنها. وبين أن إعطاء الأجر يكون للأمة نفسهاء وهذا يدل على أنها تملكه وهو حقهاء وهى تحتاج إليه فى إعداد نفسها للزواج» وبذلك يثبت أن العبيد أهل للملكية» وقد أثبتت الملكية للعبيد والإماء - الظاهرية» وذلك ظاهر القرآن الكريم» كما تدل الآية الكريمة» إذ فرقت الآية بين العقد والمهرء فالعقد يتولاه المولى» والمهر تعطاه هى . "وقوله: محصتات غير مسافحات 4 حال من قوله: قانكحوهن بإذن أهلهن 4 . وهنا وصف بالإحصانء أى العفة» الزوجات دون الأزواج» وذلك لأن الزوجات من الإماء. وهن مظنة الانزلاق؛ إذ الرق والضعف وفقدان الحرية يكون معها الهوان» وحيث كان الهوان كانت الرذيلة قريبة؛ لأنه لا شىء كالهوان يفتح السبيل للشيطان» ولذلك طالبهن الله تعالى وقد كرمهن بالزواج أن يحَصّنْ أنفسهن بهء وأن يباعدن السفاح» ولهذا المعنى كانت الجريمة من الإماء أقل شأنا من الجريمة من الحرائر» وكانت العقوبة عليهن أقل. ومعنى اتخاذ الأخدان اتخاذ الخليل الملازم من غير زواج» ولو باتفاق على مهر ونفقة» فالخدن هو الخليل» وهذه هى المتعة التى حرمها القرآن والنبى كَكة. فإذا أحصن فإن أتين بقاحشة فَعَليهِنَ نصف ما على المحصتات من الْعَدَاب 4 معنى الإحصان هنا الزواج» فمعنى قوله تعالى: «فَإِذَا أُحصن4 إذا تزوجن. وجاء الشرط ب (إذا» الدالة على تحقق الشرط» لوقوع ذلك الإحصان وللترغيب فيهء والفاحشة هنا الزناء والعذاب هو الحد» والمحصنات هنا الجخرائر» وعبر سبحانه فى جانب شرط الفاحشة ب (إن) فى قوله ظفإن أتين بفاحشة #. و«إن» تدل على الشك فى وقوع الشرط؛ لآن الفاحشة غير متوقعة وهى أمر منفور منه غير متصور أن يكون مرغوبا فيه» وخصوصا من زوجة حرة أو غير حرة. ومرمى النص الكريم أن الأمة إذا ارتكبت الفحشاء تكون عقوبتها نصف عقوبة الحرة؛ لأن الجريمة تهون بهوان مرتكبها وتعلو بعلو مرتكبها. وإذا علّت اا تفسير سسورة النساءع ااا اناا الاا ااا الا ال الال ]الالالال ناما لةالا انا لطم تالالا ققخ اللالا اطاط خخطخخالاا تططخ اططخ املاط طاطخ املاطل ططقلا تاللا 2 تلأس اا الجريمة علت معها العقوبة» وإذا نقصت نقصت معها العقوبة» وهذا دليل على عدل الشريعة» وعلو الأحكام الإسلامية عن القانون الرومانى وغيره من قوانين أهل الدنياء ففى القانون الرومانى كان العبد إذا زنا ببحرة قتل» وإذا زنا الشريف حكم عليه بغرامة» فكان هذا ظلمّاء ولكن الإسلام قال إن عقوبة العبد على النصف من عقوبة الحرء فإذا زنا الحر الشريف جلد مائة أو رجم» وإذا زنا العبد عوقب بخمسين جلدة وإن الزواج من الإماء هو عند خشية العنت والمشقة» ولذلك قال سبحانه : « ذلك لمن حشى الْعنت منكم وأن تصبروا حَيرَ لَكُم واللّه عفُور رحيم 4 العنت المشقة الشديدة التى يخشى منها التلف أو الوقوع فى الزناء والإشارة فى قوله تعالى: إ ذلك لمن حشى الْعَنتَ منكم 4 للزواج من الإماء المنوه عنه بقوله تعالى : « ومن لم يستطع منكم طَولاً أن يكح المخصنات 4 و(خشى) معناها خاف من أمر متوقع هو قريب من الواقع» فالرق بين الخوف والخشية أن الخشية تكون من أمر متوقع قريب الوقوع أو واقع بالفعلء فكان زواج الإماء لا يباح إلا للضرورة أو للحاجة الشديدة» ومع ذلك فالصبر أولى» ولذا قال: «وأن تصبروا حير لكم 4 فتحملوا مشقة الحرمان أولى من زواج الإماء؛ لأن الولد يكون رقيقاء وفى ذلك تكثير للرق» ولأنه لا يمكنه أن يقوم على تربيته وشكونه» ولأنها لا يتكون منها مع بقائها على رقها بيت زوجية صالحة؛ إذ ستكون مطالبة بخدمة وليهاء فالحياة )١(‏ قال الآلوسى: 8قَإِنَ أَبَيْنَ بفَاحشَة4 أى فإن فعلن فاحشة وهى الزنا وثبت ذلك. طقَعَلَيْهنَ» أى فثابت عليهن شرعا #نصف ما عَلَى الْمحَصنّات» أى الجرائر الأبكار #منْ الْعَذَابِ» أى الحد الذى هو جلد مائة» فنصفه خمسون ولا رجم عليهن لأنه لا يتنصف . وقال ابن كثير: وقوله: #نصف ما على الْمَحصنّات من الْعَدَاب» يدل على أن المراد من العذاب الذى يمكن تنصيفه وهو الجلد لا الرجمء والله أعلم. وقال الثعالبى: و«المحصنّات» فى هذه الآية: ا خرائر؛ إذ هى الصفَةٌ الشروطة فى الحدّ الكامل» والرَجُمْ لا يتنصف» فلم يرد فى الآية بإجماع . إلا تفسير سورة النساع 000 «لسجحمل بير يي الزوجية لا تكون كاملة» ولذا روى أبو هريرة عن النبى ككِلَ أنه قال: «الحرائر صلاح البيت» والإماء هلاك البيت270 , ومن هذا يكون السبيل للزواج بهن شراءهن وإعتاقهن» وبذلك يقل الرقيق» ويكثر الأحرار» وإذا دخل بها مولاها كان ابنه حرا وكان سبيلا لحريتها ومنع بيعهاء فيكثر الأحرار. وقد ختم الله سبحانه الآية بقوله: <( واللّه فور رُحيم 4 للوشارة إلى عظيم رحمته بعباده فيما شرع» والى عظيم غفرانه لمن يرتكب إثما ثم يتوب» وإلى أن غفرانه من رحمته إنه غفار لمن اهتدى. فاللهم اجعلنا من التوابين الذين ينالون مغفرتك» إنك أنت التوآب الرحيم. 6س سه سور سسحت عسل وُسِذأَلَهلسْبَينَ 2 م سَكَنَألرِينَ 2 ل 72 من قبل وَيََوَبٌ عل 0 َُ لله عليم كم 0 تر 0 0" وء مداو ص أله ريد 0 ُو ا 20 ريك و ا 16 5 بين سبحانه فى الآيات السابقة بقة اللحرمات» ونبه إلى ما كان يققع فيه أهل الجاهلية من استباحة بعض هذه المحرمات» كزواجهم عمن كانوا أزواجا لآبائهم » )١(‏ مسند الفردوس عن أبى هريرة مرفوعاء رواه الديلمى والشعلبى عن أبى هريرة وضعفه السخاوى [تنقتيح القول الحثيث بشرح لباب الحديث - الباب الخامس والعشرون]وجاء فى كشف الخفا (؟١١)‏ ج5ء ص - 4 . رواه التعلبى بسند فيه أحمد بن محمد اليمسانى - متروك - عن يونس بن مرداس خادم أنس - وهو مجهول - أنه قال: كنت بين أنس وأبى هريرةء فقال أنس: سمعت رسول الله يَكْهٌ يقول: «من أحب أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر»ء فقال أبو هريرة: سمعته يقول: «الحرائر صلاح البيت» والإماء فساد البيت»» أو قال: «هلاك البيت». ها تفسير سورة النساع ااا اا لحب أ وكاستباحتهم الجمع بين المرأة وأختها. وفى هذا النص الكريم يبين سبحانه أن ما 'قرره هو الهداية» وهو سنة الفطرة» وهو شريعة النبيسين أجمعين. ثم بين سبحانه بالإشارة والعبارة أن تحصين الفروج مطلب دينى سامء وأن الإحصان حماية لمعنى الأهواء والشهوات» وتسيطر وتدفع إلى العبث والحيوانية . وقد قال سبحانه : أن الله تعالى يريد بما شرع من أحكامء وما ذكر من محرمات» أن يبين ما فيه الروحى . ويريد سبحانه أن يسين سن الذين من قبلكم: أى الطريقة يقة المثلى التى كانت تسير عليها المجتمعات الفاضلة قبلكمء وما جاء به النبيون» وهدى إليه المرسلون» فيبين أن هذا هو سنن الذين من قبلكم وهو سنة الفطرة. ثم سح بأن ذلك هو ما جاء به النبيون» وإن كان ذلك مفهوماء بل صرح بأن هذا هو سنن للبين من قبلكم لاوشارة إلى أنه أمر مشتق من الفطرة الإنسانية. وأن من يخالفه إنما يشذ عن مقتضى الفطرة ة وحكم العقل» وسنة الإنسانية. فبعض الملوك أو الآمم الذين استباحوا المحرمات كانوا فى حكم الأجيال الإنسانية من الشذاذ؛ لأنهم خرجوا عن سنة الفطرة التى فطر الله الناس عليها. وفى النص القرآنى الكريم مباحث لغوية لابد من الإشارة إليها لتقريب المعنى السامى : أولها ‏ معنى اللام فى قوله تعالى: يريد اللّه ليبين 4: فإن له تخريجات ليبين لكم» فاللام على هذا تكون للتعليل» و«أن» مضمرة بعدها ‏ ومنها أن اللام هاا تفسيرسورة النساعء م 000 رب ا زائدة» وأن النصب ب «أن" المحذوفة» وزيدت اللام لبيان أحكام إرادة الله سبحانه وتعالى فى بيان ما يبين توثيق هذا البيان» وهذا ما اختاره الزمخشرى فى الكشاف - ومنها أن اللام هى الناصبة للفعل» وأنها بمعنى أن. فإن اللام قد تقوم مقام أن وذلك إذا كان الفعل قبلها يدل على الإرادة أو الأمرء ومن ذلك قوله تعالى : «(يريدون ليطفئوا نور اللَّه , بأفواههم . .. > 4 [الصف] وفى معناه فى نصف آخر: يُرِيدُونَ أن يُطَفمُوا ور الله بأفُوَاههم . .. 27 © [التوبة] وفى الأول ذكرت اللام بدل «أن». وقوله تعالى : وأمرنا لنسلم لرب الْعَالَمينَ ]7ك 4 [ الأنعام ] وفى معنى قريب منه: « وأمرت أن أسلم ... 257 4 [غافر] وقوله تعالى: 9 وأمرت لأعدل بيتكم ... مل # [الشورى]» وهذا التخريج الأخير هو عند الكوفيين» والأولان عن البصريين» ونسب ثانيهما لسيبويه. وإن مفعول «يبين؟ محذوف» وقد دل عليه السياق» والمعنى يبين لكم ما فيه مصلحتكم. وتكوين جماعتكم الفاضلة العفيفة التّرهة الطيبة . وثانيها - قوله تعالى :9 ويهديكم سئن الّذين من قَبلكُم 4 » نرى أن «هَدَى) قد تعدت بنفسها هناء ولم تعد ب «إلى» ولا باللام» وإن ذلك جائزء فالفعل «اهدى» يتعدى بنفسه كما فى هذا النص» وباللام كما فى قوله تعالى: 8 الْحَمَد لله الذي هدانا لهذا ... 222 4 [الأعراف]» وقوله تعالى : 9إإِنّ هذا القرآن يعدي للّتي هي أَقُوم 32 4 [الإسراء]ء ويتعدى ب «إلى» كما فى قوله تعالى: 9 ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم +4217 4 [آل عمران] وقوله تعالى : 1 وهديناهم إلى صراط مستقيم 42001 4 [الأنعام] وقوله تعالى: 9# أفُمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبَع ... نت 4 [يونس]. وفى الواقع أن اخمتيار القرآن الكريم للتعبيرات المختلفة من حيث إنه يعبر أحيانا بالتعدية ب (إلى»» وأخرى باللام؛ وثالثة بنفسهاء يكون معان اقتضاها المقام. ويصح أن يقال إنها تعدت هنا بنفسها لتضمنها معنى البيان وقبول الفطرة السليمة لهذا البيان» فمعنى يهديكم سنن الذين من قبلكم: بينها لكم بيانا مشفوعا بالقبول منكم لأنه الفطرة. إل تفسير سورة النساع الال للم ملم اك | .. ىئي وثالثها: معنى سنن الذين من قبلكم: السنة هى الطريقة» وفى أكثر استعمالها تكون للطريقة المثلى الهادية إلى الحق» وسنن الذين من قبلكم قيل هى شرائع النبيين» والذى نراه هو أن السنن هى طرائق الذين سبقوكم من الأمم التى سارت على الفطرة» فحرمت هذه المحرمات بوصايا الأنبياء السابقين» وأحكام العقل المستقيم والطبع السليم. «( ويتوب عَليَكُم واللّه عليم حكيم 4 قرن سبحانه وتعالى التوبة بعد هذا البيان لسببين : أحدهما ‏ أن يبين أن الله تعالى فاتح باب التوبة دائماء فمن تاب من الذنوب صغيرة أو كبيرة» فإن الله يتوب عليه» ويغفر له ما تقدم من ذنبه إذا كانت توبته نصوحا. وثانيهما ‏ أن الآيات السابقة تتضمن تحريما لأمور كان أهل الجاهلية يستبيحونهاء فقد كانوا يستبييحون نكاح زوجات الآباءء ويستبييحون الجمع بين المحارم» ويستبيحون اتخاذ الأخدان» وهو ما يسمى اتخاذ الخلائل فى عصرناء وكانوا يثبتون بذلك النسب» فبين الله حرمة هذا كلهء ولا تزال تطلع على طائفة من الناس يعيشون عيشة أهل الجاهلية فى اتخاذ الأخدان» ويستبيحونهاء وقد ذكر سبحانه وتعالى لهذا أن الله بين الحلال والحرام» وعلى المرتكب لأى محرم أن يقلع , وإن الله تعالى يتوب عليه؛ والتعبير عن قبول التوبة فى كل المواضع «يتوب عَليِكُم4 فى التعدى ب «على»؛ للإشارة إلى ما يتضمنه معنى قبول التوبة من ستر للذنوب» ومنع لكشفهاء فهى غطاء على المعاصى يمنعها من الظهورء حتى يذهب تأثيرها فى النفس» وقد حتم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالى : ا واللّه عليم حكيم 4 للإشارة إلى أن الله ذا الجلال والإكرام والإنعام المستحق وحده للعبودية مطلع على كل ما يعمل الإنسان من خير وشرء وهو يعلم الذنوب التى يقع فيها العباد» وهو الذى يغفرها عند التوبة» وإنه سبحانه وتعالى حكيم يضع الأمور فى مواضعهاء فيغفر ويقبل التوبة من عباده إذا أخلصوا النية» واعتزموا الخير وأقلعوا عن الشر. وقد بين سبحانه محبته للتوبة فقال: اا تفسيرسورة النساء ١1١ااااااااااااااااالااا‏ ااال تاكنلا للاةال! ناذا نالل اناا انط لان لان اخ اناالا لقاقةظ ال لاطط خالل طامط لاك ل انط ل طاطخ طنط ملظتلا لحر ا « والله يريد أن يتوب عَلَيَكُم 4 هذا النص يفيد إرادة الله سبحانه وتعالى قبول توبة عباده» وستر ذنوبهم وغفرانهاء وذلك إذا أقلعوا عن هذه الذنوب» وتابوا إلى الله توبة نصوحا؛ لأن الله تعالى يريد التوبة من عباده عما أسلفوا من ذنوب» وقد بين لهم طريق الحق» والوصول إليه» وأن الماضى من الذنوب لا يعوق عن الاتجاه إلى الله ولا يكون سببا للقنوط من رحمته» كما قال تعالى: «قل يا عبادي اين أسرفوا على أنفسهم لا تقََطُوا من رَحْمَة الله إن الله يعفر النُوب جميعا إِنَّهَ هو الغفور الرحيم الم 4 [الرمر] وعلى ذلك تكون إرادة الله تعالى للتوبة عليهم متضمنة بيان الهداية لهم»؛ ووجوب سلوك طريق الفطرة المستقيمة» وتسهيل الرجوع إليه سبحانه لتتطهر نفوسهم وتصغى إلى الحق أفئدتهم» وغفران الذنب إن أحسنوا التوبة وأخلصوا النية» واعتزموا السير فى طريق الحق» وإنه فى الوقت الذى يريد الله للناس الهداية والتوبة - يوجد - من إخوان إبليس من يحرضون على الغواية» ولذا قال سبحانه: « ويريد الّذينَ يتِعونَ الشّهوات أن تَمينُوا ميْلاً عظيمًا 4 هذه إشارة إلى كمال المباينة بين دعوة الحق التى يدعو إليها الله سبحانه وتعالى» ويبسين سبلهاء ودعوة أولياء الشيطان» فإن دعوة الله تعالى هى دعوة إلى الفطرة السليمة التى لم تنحرف» ولم تخرج عن النجد السوى» ليس فيها تحريم للطيبات ومتع الحياة وليس فيها انطلاق إلى الأهواء والشّهوات والخروج عن سنن الفطرة المستقيمة. وأما دعوة أولياء الشيطانء فهى دعوة إلى الانحراف» والميل إلى جانب الشهوة ميلا عظيماء ينحرف به عن سبيل الإنسانية المهذبة. وهذا الكلام يدل على أن الناس فى كل عصر يوجد فيهم داعيتان: أحدهما إلى الحق والاعتدال» وأولئك يدعون بدعاية الرحمن» وهداية الأديان لا تحرم ما أحل الله من طيبات» ولكن بقدر لا اعتداء فيبه ولا انحراف» وآخرون هم داعية الشيطان» وهؤلاء يكونون بأعمالهم وأقوالهم وأشعارهم فى الماضى وصحفهم فى الحاضر داعين إلى الانحراف» وعبر عن هؤلاء سبحانه بقوله: 8 ويريد الّذين يُِعُونَ الشّهوات 4 أى هاا تفسير سورة النساعء لس سس 2 أنهم» بسبب استغراق الشهوات لنفوسهم وصيرورتها قائدا لهم يتبعونه. قد أصبحوا يريدون أن يكون الناس على شاكلتهم من الانحراف. وقد بين سبحانه إرادتهم للمهتدين فقال: «إأن تَميلُوا ميلا عظيما 4 والميل أصله الانحراف من الوسط إلى جانب من الجوانب» ولا كان الاعتدال فيه العدل أطلق الميل على الجور والاعتداءء وهؤلاء لا يكتفون بمجرد الميل يريدون الناس عليهء بل يريدون أن يميلوا ميلا عظيماء أى يريدون أن ينحرفوا انحرافا مطلقا فيبتعدوا عن الاعتدال إلى أقصى الانحراف . سبحانك ربى» ما أصدق بيانك وأحكم قرآنك! إننا نجد الآن كما كان فى الاضى الذين يتبعون الشهوات ويريدون من أهل الحق أن يميلوا ميلا عظيماء فهؤلاء الآن يدعون إلى مجونهم» مرة باسم الوجودية» وأخرى باسم التحررء وثالثة باسم الحرية» وقد كتبوا فى ذلك كتباء ونشروا قصصا مثيرة يدعون إلى أن يميل الناس كل الميل» واسترسلوا فى ذلك استرسالا بكل وسائل الدعاية» فمن خيّالة نُرِى المناظر المثيرة» ومناظر فى الطرقات تحرض على الفسق والمجون» ومن استباحة علنية لكل ما يخالف الدين والخلق لتتحقق إرادتهم» ولكن إرادة الله تعالى غالبة بعونه سبيحانه. « يريد الله أن يحَقْف عنكم » يريد الله تعالى بهذه الأحكام التى ليست فيها شدة تنوء بها القوى الإنسانية» وليس فيها حرمان من الطبائع البشرية» كما أنها لا تفتح باب الشهوات والعبث والمجون» يريد سبحانه أن يخفف عنكمء فلا يكون فيكم المحرمان من متع الحياة» ولا يكون فيكم الانطلاق الذى يحل جماعتكم» ويسلط عليكم الأهواء والشهوات» فترديكم» وتذهب ريحكمء فشرع الله تعالى إباحة الطيبات» ومن حرمها فقد خالف أمر ربه إذ قال سبحانه: «( لا تحرموا طَيبّات ما أَحَلَ اللّهُ كم .. . +200 4 [المائدة] وقال تعالى: قل من حَرَمَ زينة الله التي أخرج لعباده والطّيبات من الرَزق ... +20 4 [الأعراف] وقال يك «كلوا للها تفسير سورة النساع الل لل 00 فى واشربوا والبسوا من غير سرف ولا مخيلة(١2؛‏ وليس فى الإسلام رهبانية» ولا ليسهل على الإنسان الاحتمال» وقد قال تعالى: 9 وخلق الإنسان ضعيفا 4 أى خلق الله تعالى الإنسان والضعف ملازم له وليس الضعف المذكور هو الضعف البدنى فقط» بل يشمل الضعف النفسى ) النفس عليهاء ولا يصعب احتمالها والمداومة عليهاء وقد حث الإسلام على السهل من الأعمال التى تمكن المداومة عليهاء ولذا قال عليه الصلاة والسلام: الأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل2300, ولضعف الإنسان أبييح له الشهوات ما لا يجعله عبدا لشهوته » بل يكون سيدا عليها ء وإن أبرز مظاهر آناهم من قبل النساعء فقد أتى على ثمانون سنة » وذهبت إحدى عينى » وأنا أعشو بالأخرى» وإن أخوف ما أخاف على فتنة النساء”"! وقانا الله تعالى شر ضعف نفوسناء» وقوى عزائمنا وهدانا إلى الحق» والله سبحانه وتعالى يتولانا بر حمته . () ذكره البخارى تعليقاء وسبق تخريجه من رواية النسائى وابن ماجه وأحمد عن عمرو بن العاص رضى الله عنهما. (1) عن عائشة أن رَسُولَ اللّه يك قَال: «سَددوا وقَاربوا واعلّموا أن لن يُدخل أحَدَكُم عَمَلَهُ الْجََدَ ون حب الأعْمّال إِلَى الله وها وَِنْ قَل). رواه البخاري: الرقاق - القصد والمداومة على 0 من التّسَاء» روا البخارى : التكاح - ما يتدقى من شوم المرأة (59 37 ؛ ومسلم : الذكر والدعاً - أكثر أهل الجنة الفقراء (1/5-0؟)]. ل بل تفسبير سورة النساع 01 أب لا ره مم أ يتايها الزيت ءَامَنوَأ َي كوا أَمَوالَكم بد مي 31 لدان ذ ره ل ل سس د م سه ع سرس 2 تكورت ب تدر عن تراضٍ فّ: ولالمتاواأنفسكم مو جو - د ا م ولك هه إنالله كتبحم رَحِيمًا 2 لل ؛ وَمنْيفْعَلوَلِكَ عدوانا اه رت ل ل الور طلا وك فضي وَككان دلت آ اه م 2 ور 0 د 0 من زياج م 247و سدس ور لد ريو حت تخمسوا مافضل الي ي2 د ١ ]| 77 بو . 3-2 1 ال م ومين 2111 قل ساإءا سا لو 22 ا ا لق لهل ين ١‏ بعالل 494- 2 0 وسعلوا الله مِن فضإ ءَإِنَ أله كات بكل ثىٌء فى الآيات السابقة بين سبحانه وتعالى الأسس التى يقوم عليها بناء الأسرة» وكيف يختار كل واحد من الزوجين صاحيه» وبين الآفات التى قد : تعترى الأسرة فى ابتداء تكونهاء وبين أن دعائم الآسرة التى يقيمها عليها هى من الفطرة» وهى سنن الذين كانوا قبل الإسلام. وبعد هذا انتقل إلى العلاقات الاجتماعية العامة) وذلك تدرج من الخاص إلى العام؛ فالعلاقات فى الأسرة خاصة والعلاقات بالمعاملات المالية علاقة عامة» ولذا قال: يا أَيها الذي آمنوا لا تأكنُوا أَمَوالَكُم بيَكُم بالباطل » أكل المال معناه أخذهء وأطلق الأكل وأريد به الأخذ للإشارة إلى الأصل فى وظيفة المال الإنسانية وهو أن يكون وسيلة لمتع الحياة التى أخصها الأكل» وإذا تحول المال من كونه وسيلة لنيل المطاعم إلى أن يقصد لذاته ليكون متعة مطلوبة كالآكل» فعندئذ يكون الشح لا تفسيرسورة النساع م 000 لأسب ا والحرص والتنازع على طلبه بحل أو بغير حل» وهذا شأن من يأخحذون الباطل يستمتعون به كما يستمتع الآكل بالطعام. وعبر بأموالكم للإشارة إلى أن مال آحاد الآأمة مال الأأمة موزعا بين آحادها بتوزيع الله تعالى الذى قسم الأرزاق» وأن المال كله فى حماية المجتمع» ولو كان مملوكا ملكا خاصا. وذكر كلمة #إبيتكم» للإشارة إلى أن التبادل بين الآحاد يكون على أساس من الحق» ولا يكون بالباطل» والباطل هو الطرق المحرمة لجمع المال كالربا والرشوة والسرقة والغصب والنصب والتزوير والغش والتدليس والاحتكار الآثم» وغير هذا من الأساليب التى لا تبيحها شريعة ولا يبيحها قانون. إلا أن تكون تجارة عن تراض سَكُمَ 4 الاستئناء هنا منقطع» والمعنى لكن يباح لكم أخذ المال بالتجارة الناشئة عن تراض» فلا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفس أخيه2, كما ورد فى بعض الآثار عن النبى َكل وقد يسآل سائل: لاذا جاء هذا بعد النهى عن أكل مال الناس بالباطل؟ والجواب عن ذلك أن بعض ما يستباح مما حرمه الله يشبه بالتجارة» فالذين يأكلون الربا يشبهون الزيادة بالكسب الذى يجىء من البيع والشراء» ولذلك حكى الله سبحانه عن المشركين أنهم قالوا: « ... إِنّمَا الببع مثل الربًا .. . +9 4 [البقرة] ورد الله قولهم: 9 ... وَأَحَل الله البيع وحرم الربا ... 45 4 [البقرة] وبهذا بِيّن الله سبحانه وتعالى حل التجارة حتى لا يتوهم أحد أن مكاسب التجارة من أكل أموال الناس بالباطل» فإنها مال حلال ما دام أساسها التراضى وطيب النفس . والتراضى أساس العقود عامة وأساس البادلات المالية خاصة» فلا بيع من غير تراض ولا شراء ولا إجارة ولا شركة ولا غيرها من عقود التجارة ما لم يتحقق الرضا. وقد وسع الفقهاء الباب للرضاء فأباحوا للعاقد أن يفسخ العقد إذا خفيت العيوب ولم تظهر؛ لأن الرضا لم يكن على أساس سليم» وأباحوا للعاقد )١(‏ (إنْه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منْه» جزء من حديث رواه أحمد :)5١177(‏ أول مسند البصريين عن عم أبى حرة الرقاشي . ْ لالاالللل لل 2 حر ا أن يشترط لنفسه حق الفسخ»ء ومن الفقهاء من أباح له الفسخ طول مدة مجلس العقد» ولو أعلن الرضاء وذلك كله للاحتياط» ولكى يكون الرضا على أساس من العلم الصحيح والجزم القاطع» والبّت القائم على بينة ومعرفة. وهل التراضى أساس حر للتعاقد من غير قيد يقيده إلا التحريم؛ بمعنى أن كل ما يشترط ويتعاقد عليه المتعاقدون يكون حلالا ملزما للعاقدين ولو لم يرد به نص خاص؟ . للفقهاء فى ذلك منهاجان مختلفان أحدهما: أن التراضى أساس للإلزام والالتزام ولو لم يرد نص لكل عقد وشرط مادام لا نص يمنع» فكل ما يشترطه العاقدان ويتراضيان عليه يكون لازما لا يصح نقضه؛ إذا لم يكن نص يحرمه» ولقد قال فى ذلك عمر ‏ رضى الله عنه -: مقاطع الحقوق عند الشروط. وأكثر الحنابلة وبعض الالكية على ذلك المنهاج. والمنهاج الثانى: أنه لا يلزم من الشروط والعقود إلا ما جاء الدليل على وجوب احترامه» وهذا منهاج الشافعية والحنفية فعندهم لا يلزم الشرط إلا إذا قام الدليل على وجوب الوفاء به. والتجارة باب من أبواب الكسب الطيب وفيها فائدة للناس» وهى تنقل ما فيه الحاجة الإنسانية من مكان إلى مكان». وبهذا النقل تتغير قيمة الأأشياءء وزيادة القيمة بهذا النقل تقارب زيادة الأشياء بالزرع» وزيادة قيم الأشياء بالتتحويل الصناعىء» فإن الحديد مثلا إذا تحول إلى آلة زادت قيمته بما زادت الصناعة فيه» فكذلك بنقل البضائع من مكان إلى مكان تزيد القيمة بهذا النقل. وإن علماء المسلمين كانوا يرحبون بالتجارة التى تنقل البضائع من بلد إلى بلد ومن إقليم إلى إقليم» ولا يرحبون بالتجارة فى البلد الواحد؛ لأن هذا ليس فيه طلب للأرزاق» ولأنه قد يؤدى إلى الاحتكار» وقد جاء فى القرطبى: «والبياعات التى تحصل بها الأغراض نوعان: تقلب فى الحضر من غير نقلة ولا سفرء وهذا تربص واحتكارء قد رغب عنه أولو الأقدار» وزهد فيه ذوو الأخطار. ااا تفسير سورة النساء م لولاا 51 114 ااا ٠‏ يي والثانى : تقلب المال بالأسفار» ونقله إلى الأمصارء وهذا أليق بأهل المروءة وأعم جدوى ومنفعة)237 , إن النبى يَلِةٍ قد حث على الاتجار بالنقل من بلد إلى بلد» ومنع الاحتكار وما يؤدى إليه» فقال النبى كَلْةّ: «المحتكر خاطئ والجالب مرزوق:2©0. ولا تقتلوا أَنفْسكُم إن الله كان بكم رَحيمًا 4 جاء هذا بعد النهى عن أكل أموال الناس بالباطل؛ لأن المال عند الناس بمنزلة النفس أو قريب منهاء» وقد اختلف العلماء فى معنى قوله تعالى: «( ولا تقتلوا أنفسكم 4 فقال بعضهم: معناه لا يقتل أحدكم نفسهء فإن ذلك إثم» ومن قتل نفسه فقد اعتدى على نفس حرم الله قتلهاء وهذا تأويل غير متفق مع السياق» وإن كان ظاهر اللفظ ربما يفيده وقال بعضهم: إن المعنى ولا يقتل بعضكم بعضا؛ فإن قتل واحد منكم للآخر قتل لأنفسكم. وتحريض على الدماء بينكم» وقتل نفس كقتل الناس جميعاء ومن ذلك قوله تعالى: ف من قل نفسا بغيرٍ نفس أو ساد في الأررض فَكَأنمَا َل اناس جَميعًا ومَن أحياها فَكأنّما أحيا الثاس جميعا 2# 4 [المائدة] وإن السياق على هذا يكون فيه ترق" فى النهى عن الاعتداء. ابتدأ بمنع الاعتداء على المال» ثم بمنع الاعتداء على النفس» فهو انتقال من الكبيرة إلى أكبر منها. وقال بعضهم إن المعنى لا تقتلوا أنفسكم بأكل بعضكم أموال بعض » وبارتكاب المعاصى» فإن ذلك مفرق لجماعتكم مفسد لأمركم مذهب لوحدتكم » وبذلك تقتل الأمم والجماعات» وقد ارتضى هذا ابن بشير فقال: « ولا تفتلوا أنفسكم 4 أى بارتكاب محارم الله تعالى ومعاصيه. وأكل أموالكم بينكم. وإن هذا هو الذى نرتضيه» وهو يتضمن فى ثناياه النهى عن القتل بكل ضروبه لأنه داخل فى محارم الله. .”١صضص راجع الجامع لأحكام القرآن: تفسير سورة النساء (79). الجزءه»‎ )١( (5) روى مسلم فى صحيحه: المساقاة - تحريم الاحستكار فى الأقوات (0 0٠‏ أنه كَانَ سعيد بن الْمسيّب يحدث أن مَعْمَرَا قَالَ: قَالَ رَسول الله يكل : لمن | احتَكر فهو ختاطى» . ومعنى الاحتكار : إمساك السلعة وعدم بيعها حتى يرتفع ثمنها. لوللا الللللالالللل الل م لح ا وقد ذيل الله سبحانه وتعالى النص بقوله تعالت كلماته: إن الله كان بكم رَحيما 4 للإشارة إلى أن الله نهى عن هذه المحرمات وأباح هذه المباحات من التجارة بكل أنواعها رحمة بكمء فكل شرع الله رحمة» وكل شرع صادر عن رحمة الله التى هى شأن من شئونه2» كما قال تعالى: 9 وما أَرَسَلَْاكَ إل رَحمَة للعالمين 0ج > [ الأنبياء ] . « ومن يَفعل ذلك عدوانا وظَلْمًا فَسَوْف نصليه ترا 4 الإشارة هنا إلى الأمرين: أكل أموال الناس بالباطل وما يتضمنه من معاص وطرق للشر مختلفة» والثانى ما يترتب عليه من قتل نخوة الأمة وتفرق أمرهاء وذهاب وحدتها وتمكن أعدائها منها. والنص تهديد شديدء والعدوان فى أصل اللغة معناه مجاوزة الحد المشروع قصداء والظلم وضع الشىء فى غير موضعهء وهما متلاقيان فى المعنى» والجمع بينهما كان ليشمل العذاب كل أحوال الارتكاب» وليخرج ما كان غير مقصودء فمن الظلم ما لا يكون مقصودا لمن يتلف مال غيره غير قاصدء فإنه ظالم ويعوض ما تلف», ولكن لا يكون له ذلك العذاب الشديد. وقوله: « فسوف نصليه تارا 4 وإن إنزال ذلك العذاب الشديد ليس أمرا على الله عسيراء ولكنه على الله تعالى يسير سهل» ولذلك قال: وكا ذَلِك عَلَى الله يُسيرا 4 فكل ما فى الكون ما غاب منه وما ظهر هو فى قبضة يده» وإن بيان يسر هذا العذاب فيه تهديد أشدء وفيه بيان لقوة الله تعالى وعظمته فى العقاب وفى الثواب معا. إن تجتبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيّتاتكم 4 بعد أن أنذر سبحانه وتعالى ذلك الإنذار الشديد فتح باب التوبة حتى لا يبئس العباد من رحمته» ولا ومن رحمته بكم كف بعضكم عن قتل بعض أيها المؤمنون» بتحريم دماء بعضكم على بعض إلا بحقهاء وحظر أكل مال بعضكم على بعض بالباطل» إلا عن تجارة يملك بها عليه برضاه وطيب نفسه» لولا ذلك هلكتم وأهلك بعضكم بعضا قتلاً وسلبا وغصبا» اه. لاا تفسيرسورة النساء يقنطوا من العودة إليه سبحانه فقال: «إإن تجتنبوا 4, والاجتناب معناه البعد» حتى تكون المعاصى فى جانب وهو فى جانب» ولا يتلاقيا قطاء ومعنى التكفير ستر السيئات أو إبعادها وإماطة أذاها عن النفس» فإن التوبة الصادقة النصوح كاماء الطهور تطهر النفس. وفى النص إشارة إلى أن المعاصى قسمان كبائر وصغائرء وسمى الصغائر هنا سيئات لأنها تسوء صاحيها وتؤلمه وتسوء فى ذاتهاء ولا تتعدى فى كثير من الأحيان» وسماها فى آية أخرى اللّمم» فقال تعالى: 8 الّذِينَ يحَتَبُونَ كبائر الإثم والفواحش إلا اللْمم ... +20 4 [النجم] أى ما يلم به الإنسان من غير إصرار عليه؛ ولا استمرار فيه» ومن هذين الوصفين نستطيع أن نعرف صغائر الذنوب بأنها ما تسوء فى ذاتها من غير تعد ويرتكبها الشخص من غير إصرار» فإن الإساءة تتعدى وتفحش» وإن كان ثمة إصرار فليست صغيرة. وبتعريف الصغائر نستهدى إلى تعرف الكبائر» وقد روى فى الصحيحين أن رسول الله يَلِْهٌ قال: «اجتنبوا السبع الموبقات»» قيل: يارسول الله وما هن؟ قال: «الشرك بالله» وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق» والسحرء وأكل الرباء وأكل مال اليتيم» والتولى يوم الزحف» وقذف المحصنات)27. ولا شك أن هذا الحديث لا يدل على الإحصاء للكبائر» فقد ذكر فى أحاديث أخرى أن منها عقوق الوالدين» وشرب النمرء. وقد جاء فى حديث آخر أن من أكبر الكبائر الزناء وأفحشه ما كان بحليلة الخار0" , وقد قيل لابن عباس: الكبائر سبع» فقال رضى )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري: الوصايا - قول الله تعالى #إن الذين يأكلون أموال » (1751؟)2 ومسلم: الإيمان - بيان الكبائر وأكبرها. عن أبى هريرةَ رضي الله عنْهُ عن الي ل قَال: «اجتبوا اسم الْمُويقات» قَالُوا: ا سول الله وما هر قَال: «الشرك بالله؛ والسحر» ٠‏ كل النَفْسِ التَى حر الله إلا بالحق» وأكل الربّاء وَأ مال اتيم وَالتُونَى يوم م الرّحف» ودف الْمُحصنّات الْمُؤمّات الّافلات» . () يؤيده ما رواه البخارى ومسلم عن عبد الله قَالَ: سألت لني يكل أي الذَنّب ؛ أعظم عند اللّ؟ قَال: : أن تمل لله نذا وو حلقك» قلت: إن ذلك لعظيم . قَلْت: ثم أي؟ قال «وآن تقتل دك نَخَاف أن يَطْعَم مَعك» قُلْت: ثم أي؟ قَال: «أن تزاني ) حليلّة جارك». رواه البخاري: تفسير القرآن. ها تفسير سورة النساع اي ااا لحر ل الله عله : أ سبعمائة أة نا آنه للا ب 5 الا ارء» ولا ميرة هى ِ قفرب صعيرةه مع ال صر مع الاستغفار. وإننا إذا تتبعنا الكبائر التى ذكرها النبى يَلكِْةٌ من غير إحصاءء نرى أنها قد اتسمت بسمتين ‏ إحداما: أنها تهدم أمرا ضروريًا من ضروريات المجتمع» فالزنا يهدم الأسرة» والقذف يهدمها ويشيع الفاحشة» وشرب الخمر يفسد العقل وهو ضرورى للمجتمع» والسحر يفسد العلاقات الإنسانية» وعقوق الوالدين ينقض بناء الأسرة من قواعدهء وهكذا ‏ والسمة الثانية: أن الاعتياد عليها يميت الضميرء ويجعل النفس تمرن على الشر. ولذلك نقول: إن الكبائر هى المفاسد التى تهدم بناء المجتمع الفاضل» والمعاصى التى يصر عليها الشخص ومن شأنها أن تفسله أو تفسد غيره» ولو كانت فى ذاتها هينة؛ لأن استمراء النفس للمعصية الصغيرة يسهل الكبيرة7 . « ونُدخلكُم مُدَخَلاً كَرِهًا 4 وعد الله الذين يباعدون الكبائر عن نفوسهم بأن يكفر عنهم سيئاتهم» وإنه ليس بعد زوال السيئات إلا الثواب» ولذلك قال تعالى: ل وندخلكم مُدخَلاً كرِيا 4. «الْدخَل) اسم مكان من «أدخل»» وعبر بالإدخال للإشارة إلى أن ذلك تفضل من الله ورحمة. إذ لم يملكوا الأسباب والمفاتيح إلا بتفضل منه ورحمة» ووصف المكان بالكرم للإشارة إلى أمرين : أحدهما: أنه مكان طيب» ينعم المقيم فيه» ويستطيب الإقامة» والثانى: أن من يحل فيه يكرمه الله تعالى» ويفيض عليه يرضوانه.» فهو مكان كريم فى ذاته» ولا يدخله إلا كريم مكرم يفيض الله تعالى عليه بكرمه ومئته. (1) عن عبد الله بن مسعود أن رَسُولَ اللّه ل قَالَ: : يكم ومُحَفَرَات الوب قن يتم على سس عا الرَجل حلَى يلكت وول الل يك ضرب له ملا َمل قوم ُو أرض قلا فَحَضرٌ صنيع صنيع الْقَوم فَجَعلَ الرجل ينطّلق فيَجيء بالعود وَالرجَل يجيء ؛ بالعود حنّى جَمَعُوا سوادا فَأَجَجوا ارا وأنضجوا ما قَذَهُوا فيه . اا تفسير سورة النساع 00100 « ولا تتَمنُوا ما فضَل الله به بعضكم على بعض 4 التمنى تصور ما لا حقيقة له وطلب ما لم تتخذ الأسباب لتحصيله؛ ويتضمن معنى الطمع فيما فى يد الغير؛ والحسد لهء وإن ذلك يؤدى إلى شقاء النفس وفساد الخلق والدين» وإن الله تعالى فضل بعض التاس بالعقل والذكاء» وبعضهم بالجاه» وبعضهم بالقدرة على إدارة شئون الدولة» وبعضهم بفضل من المال. والفضل معنهه الزيادة لا ترتيب الدرجات» فقد يكون المفضول أعلى درجة عند الله تمن زاد عليه. ومعنى النص الكريم: لا تتمنوا ولا تطمعوا وتتطلعوا إلى ما زاد الله به بعضكم على بعض فى المال أو الجاه أو العمل أو الجهادء فإن ذلك يجعلكم فى اضطراب وبلبال مستمر وقلق دائم يزعجكم ويزعج الممجتمع بكمء وما كانت الانقلابات الاجتماعية والفتن المخربة إلا بسبب تطلع كل إنسان لما أعطاه الله غيره من فضل ليس عنده» فذو المال يحسد ذا العقل والتدبير» والفقير يحسد ذا المال» وهكذا يكون كل إنسان فى انزعاج بسبب تمنيه وتطلعه لما لا يستطيع . وإن الله سبحانه وتعالى قد سهل عمل الخير لكل إنسان» وله من نتائج عمله الجزاء على قدر العمل» وإن التكليف على قدر الطاقة وعلى مقتضى التكوين الإلهى للآشخاص والأنواع» ولذلك قال سبحانه: لال صانم سوا وتاء تعيب ملسي إن لرجاى حظا م اكتسبوا من أعمال قاموا بها من جهاد فى سبيله» وإدارة لشئون المسلمين» وفصل فى الخصوماتء وقيام بالتكليفات العامة» وللرجال حظ من الأموال بمقدار ما يكلفون من أعمال اجتماعية» وللنساء نصيب وأجر مما اكتسبن» فلهن جزاء على آلام المحمل وآلام الوضع » وآلام التربية والسهر على الطفل والرعاية لشعونه؛ والصبر على هذه الرعاية» ولهن الجزاء الأوفى على القيام على مملكة البيت التى هى راعيتهاء ولهن من المال فى الميراث بمقدار ما يكلفن من تكليفات اجتماعية» فليرض كل من الرجال والنساء بحظهم الذى يتفق مع تكوينهم وكل له جزاؤه فى الواجبات العامة لكلا الصنفين» والواجبات الخاصة بأحدهماء ولا يتمن أحد ما ليس له. ها تفسير سور ة النساع ل الل ادي الج بيبز و «( واسأنُوا اللَّهَ من فَضله4 أى لا تتسمنوا ولا تتطلعوا إلى ما لم تتخذوا الأسباب لهء واتجهوا إلى الله تعالى علام الغيوب الرزاق ذى القوة المنين» واسآلوه ما يتفضل به عليكم. وما يزيدكم به من حظوظ الدنيا والآخرة» فإنكم عندئذ تطمئنون وتستقر نفوسكم» ويبعد عنكم القلق والانزعاج» والله سبحانه هو المعطى الوهاب . (١‏ إن الله كات ِكل شيء عليما 4 إن الله تعالى ذو الفضل العظيم وهو يعطى من فضله بمقدار علمه وبمقدار تكوينه للأشياء وتقديره لما يصلح» وإنه سبحانه وزع الأرزاق والمواهب بمقتضى علمه» فجعل من الناس الغنى والفقير؛ إذ لو كان الناس سواء فى الغنى والفقر ما كان من يعمل بيده ويزرع الأرض» ويقيم العمران وينمى الزرع والحرث» ولو كان الناس جميعا ذوى مواهب عالية ما وجد من ينفذ ما يفكر فيه أولئك العلماء» ولو كان الناس جميعا ساسة ما وجد من يسوسونه» ولكان الاختلاف ولا يكون الناس أمة واحدة» وإن الناس كهرم قاعدته أوسّعه ساحةء ثم يعلو حتى يضيق أعلاه» والقاعدة هى أساس البناء» وإن ذلك التنظيم هو مقتضى العلم ومقتضى النظرء اللهم إليك الأمر والنهى والتقدير» قد فوضنا كل أمورنا إليك» وإنك نعم المولى ونعم النصير. (/إهاا تفسير سورة النساء م لل 000 كاه : - وهر تَعِظُوشرى وَأَهْجَرُوهُن ف أَلْمَصَمَاجِعْ وَأَصْرِؤهُو كن لقت يعون صبيلاً لكان علا كوا 22 ّ حي وَِنْحِفْسمسْفَافَ دما فابعتوا نموأ حَكَمَا مِنَأَهْلِوء وَحَكَمَا د مَنَ أَهْلهآإن يري دَإصَلتحايوَدْق تمن اهكان عَلِيمًا با 2 © فى الآيات السابقة ذكر سبحانه وتعالى أنه جعل لكل من الذكور والإناث حظه مما اكتسب,. رجالا ونساءً» فليس لأحد أن يتمنى ما فضل به غيره عليه» وإلا عبث الشيطان بعقله وقلبه» فالأمانى الكاذبة مطايا الشيطان دائما. وفى هذا النص الكريم يبين أنه جعل كذلك حظوظ الميراث بما قدر سبحانه وتعالى» وقد جعله فى الأولياء النصراء الذين كان يستنصر بهم فى حياته» ويأمن بهم من الاعتداء والجور. ففى ظلهم وقربهم كان كسبهء فيكون لهم بعد وفاته ما قدره العليم بكل شىء. وقد قدر سبحانه الميراث بنوع القرابة وقربهاء لا بآحادها كالشأن فى كل الشرائع والقوانين» تقدر أحكامها بالأنواع لا بالآحادء ولذا قال تعالى : «ولكل جَعَلنَا موالي مما ترك الوالدان والأقربونَ والّذينَ عَقَدَت أَيْمائَكُم 4 المولى هو النصير والصديق والقريب» ويقول الأصفهانى فى مفرداته: «الولاء والتوالى أن يحصل. شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهماء ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان» ومن حيث النسبة» ومن حيث الدين» ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد»» وأقرب المعانى هنا أن يكون الموالى هم الذين يخلفون الشخص فى ماله وشخصه. فتكون حياتهم امتدادا لحياته»ء وهم الوارثون. والمعنى كما يبدو من النص الكريم: ولكل أحد ممن يتركون هذه الحياة بها ته تقفسبير سورة ١‏ لنساء الالالال م حب أ الدنيا إلى الحياة العليا جعلنا خلفاء له فى ماله من أقرب الناس له» وأكثرهم نصرة» ويكون لكل من هؤلاء الأولياء حظ من ماله يأخذى وهؤلاء هم أبناؤه وأقاربه والذين عقدت أيمانكم . وفى النص الكريم بعض مباحث لفظية ومعنوية. فالنص يشير أولا إلى أن الذين يخلفون الآباء والأقربين والذين عقدت الأيمان هم النصراء والأقارب الأدنون؛ لأنهم شاركوه فى الجهد بنصرتهم وقرابتهم» ولآن بقاء شخصه يكون ببقائهم» والنص يشير ثانيا إلى أن المال الذى يتركه موزع بين هؤلاء لايستبد به قريب دون قريبء إذا اتحدت درجة القرابة وقوتها؛ لآن الميراث يتبع الاقربية» فهو للأقرب فالأقرب. ويشير ثالثا إلى سبب الميراث» وهو القرابة ويدخل فيها الزوجية هنا؛ لأن الزواج يوجد ارتباطا نفسيا يكون كالقرابة» بل يكون أقوى من بعضهاء فتصير المرأة بضعة من الرجل. والسبب الثانى هو عقد اليمين» ويقال عقّدّت الأيمان لكل عقد قوى موثق» والآأيمان هنا هى الأيدى جمع يمين» وهى اليد اليمنى؛ لأن العقد الموثق يضع فيه يده فى يد الآخر عند عقدهء ولذلك يقال للبياعات الصفقات؛ لأن كل عاقد يصفق بيمينه على يمين الآخر. ومن هم « والّذين عقدت أَيمائكم 4 كما جاء فى النص؟ . لقد نسب إلى الأستاذ الشيخ محمد عبده أنه قال: إن المراد الأزواج؛ لأن سبب الميراث هو عقد الزواج والقرابة» والأكثرون بل الجميع من المتقدمين على أن المراد عقد الولاء. وهو أن يعقد الشخص مع رجل أقوى منه نصيرا على أن تكون له نصرته» وأن يرثه إذا لم يكن له وارث» فالاأقوى ينصر اللأضعفء ويرثه إذا ماتء وقد كان ذلك واقعا. وقال بعض الفقهاء: إنه نسخ الميراث به» كما نسخ الميراث بالإخاء» وقال الحخنفية ومعهم بعض الفقهاء: إنه ما زال باقيا لم ينسخء وهذا ما نميل إليه» ونحن بهذا نخالف ما نسب إلى الأستاذ الشيخ محمد عبدهء ونخالف من ادعوا النسخ» ووجهتنا فى الأول أن القرآن الكريم لم يعبر عن أحد الزوجين بمن عقدت أيمانكم؛ لأن الحياة الزوجية ليست العلاقة فيها مجرد تعاقد بين الرجل والمرأة» بل هى بعد استقرارها تكون ازدواجا نفسياء فتكون هى قطعة لاا تفسير سورة النساع لل ١ ااا‎ 7 7 منه ويكون هو قطعة منها. وتكون بينهما لُحمة أقوى من لحمة النسبء إذا أعقبا أولادا يتكونون من أجزائهماء فيريان فيهم شخصيهما قد اندمجاء فكانا ذلك الحى الذى هو خلّب الكبد. وأما وجهتنا فى عدم نسخ الميراث بالولاء» فهى أنه لا يوجد دليل ناسخ» وما وجد من السنة هو ظنى أولاء والظنى لا ينسخ القطعى» وقد ورد فى نسخ الإخاءء وقد حلت القرابة محل الإخاءء ولميراث بالولاء لا يتعارض مع الميراث بالقرابة؛ لأنه يكون إذا لم يكن الشخص أحد من الأقارب قطء وبذلك لا يكون للولاء قوة القرابة» ولكن تكون له قوة الوصية التى تتأ عن القرابة والزوجية» وإن أقصى ما يدل عليه عقد الولاء أن يقدم على بيت المال» وهو مؤخر عن الوصايا الصريحة إذا كانت لا تزيد على الثلث» وبذلك تكون النصرة الخاصة مقدمة على النصرة العامة؛ إذ عَقَْدُ الولاء سبب للنصرة الخاصة والأمة هى النصير العام» وإن بيت المال يأخذ المال الضائع» وما دام قد جعل المال لواحد من بعده فإنه لا يعد ضائعا. © فاتوهم نصيبهم إِنّ الله كان على كل شيء شهيدا 4 إذا كان توزيع التركات بجعل الله تعالى وتقديره؛ فيجب أن يؤتى كل واحد حظه منه؛ إذ هو نصيب لم يكن بمنحة من أحدء ولكن بعطية من الله تعالى» فليس لأحد أن يمنع ذا حق حقه.ء إذا كان ذلك الحق قد قرره مالك الملك» فلا يجوز للذكور أن يحرموا َف من نصيب الآخرين: كما أنه لا يجوز لحاكم أن أن يغير ميراث الله تعالى: ولا أن يمنعه» فكل من ملك مالا أو حمًا فلورثته» كما قال النبى يَكَِْةِد «من ترك مالا أو حقا فلورثته217. وقد أكد الله سبحانه وتعالى أمره بمنع الظلم فى الميراث بقوله: إن الله كان على كل شيء شهيدا 4 أى أن الله تعالى ذا الجلال والإكرام )١(‏ رواه البخاري: الاستقراض وأداء الديون 0 الصلاة على من ترك دينا (948؟2)7 ومسلم : ا جمعة ش ل تخفيف الصلا ودططرة (607» وخيرهما وله عن ى مرت دق" الله نع الي 15 00 ا تفسير سورة النساء اساسا 5 به 5 - يشاهد كل شىء» ويشهد عليه» فيعرف الظالم الذى يأخذه ومآله معرفة المشاهد المعاين» فمن أراد إخفاء مال» أو أكل الحق من صاحبه» فليعلم أن الله تعالى سيأخذه أخذ عزيز مقتدر. © الرّجال قوامون على النساء بما فَضّل الله بعضهم على بعض وبما أَنفقوا من أموالهم 4 يقال قام على الشىء وهو قائم عليه وقوام عليه» إذا كان يرعاه ويحفظه ويتولاه بعنايته والمحافظة عليه» وليست القوامة مطلق الرياسة» بل إن الرياسة تسمى قوامة إذا كان الرئيس يقوم على رعاية المرءوس والمحافظة على حقوقه وواجباته» ومن هذا المعنى قوله تعالى: «الرَجَال قَرَامون عَلَى النسَاء» فإن المعنى أن الرجال يقومون على شئون النساء بالحفظ والرعاية والكلاءة والحماية» فيقوم الآباء على رعاية بناتهم والمحافظة على أنفسهن وأخلاقهن ودينهن» والأزواج يقومون على شئون زوجاتهم بالحفظ والرعاية والحماية والصيانة» ومن هنا تجىء الرياسة» بل إنى أقرر أن قيام الرجل على شئون الزوجة ليس فيه رياسة» إنما فيه حماية ورعاية وهو من قبيل توزيع التكليفات» فإذا كان للرجل رياسة عامة» فللمرأة أيضا رياسة نوعية» ولذا قال النبى يَلْة: «الرجل راع فى أهله ومسئول عن رعيته» والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسكولة عن رعيتها»17". وقد ذكر سبحانه وتعالى سبب تكليف الرجل هذه الرعاية دون المرأة» فبين سببين: أولهما: قال فيه ط بما فَضَل الله بعضهم علَى بَعْض 4. والتفضيل هو الزيادة فى القوة الجسمية والمعرفة» واختصاص الرجال بالرسالة الإلهية» والولايات الكبرى» وقد تبع هذا تكليفات كثيرة على الرجلء منها الجهاد ودفع الأعداءء وما عرف التاريخ أن امرأة قادت الحروب» ومهما يكن من عمل للمرأة فى الحروب فهو من قبيل الأعمال الثانوية» لا الأعمال الأصلية» والتفضيل هو تفضيل الجنس ول امور ير رده بير في شاه )١(‏ عن عبد الله بن عمَر يقُول: سَمعت رَسُول الله كل يقُول: : كم را وكلّكُم مَسْعُول عن رعيته؛ الإمام دع ومُسئُول عن رعيتهء والرجل 1 فى أهله وهو مسئول عن رعيته» والمرآة راعية فى بيت د زَوَجِهَا وَمَسكُولة عن رعيتهاء ٠‏ وَالْخَادمٌ داع فى مال سيده ومُسئُول عن رعيته . [رواه البخارى: الجمعة - الجمعة فى القَرى والمان (855): ومسلم بنحوه: الإمارة (1879)]. اا تفسير سورة النساع ١‏ 000 رب ار على الجنسء لا تفضيل آحاد» فمن النساء من هى أقوى من الرجال عقلاء ومعرفة» بل قوة جسم فى بعض الأحيان» وقال: «بما فَضّل الله بعضهم علَى بعض #4 ولم يقل: بما فضلهم الله عليهن أولا للإشارة إلى البعضية المشتركة» وأن الرجال من النساء والنساء من الرجال» فاللحمة الواصلة واحدة» وللإشارة إلى أن ذلك التفضيل لصالح الجميع» وكل يؤدى عمله الذى خلقه الله سبحانه وتعالى له. والسبب الثانى فى القوامة والرعاية والحفظ والصيانة هو ما عبر الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: وبما أنفقوا من أَموالهم4. وذلك لأن تكليف الرجل بالإنفاق» وجعله حقا للمرأة عليهء يجعله مكلفا أيضا أن يرعاها ويصونها؛ إذ إن ذلك التكليف استوجب أن يكون عمل المرأة ذاخل المنزل» وعمل الرجل خارجه؟ فهى عاكفة على شئون الأطفال وإعداد البيت ليكون جنة الحياة» وهو مكلف رعاية الجنة وحمايتها وصيانتها . فَالصّالحات قَانتَات حافظات لُلَْيب بما حفظ اللّه4 إن رعاية الرجل للمرأة والعمل على صيانتها وحفظها تختلف باختلاف المرأة» والمرأة المنزوجة نوعان: إحداهما الصالحة» والثانية من ليست كذلكء وهنا يبين هذا النوع. ومعنى الصاحة النافعة المستقيمة فى خلقها ودينهاء فهى صالحة فى نفسها وزوجيتهاء وقد وصفها الله سبحانه وتعالى بوصفين ظاهرين يميزانهاء» ويكشفان عن صلاحهاء فى نفسها ودينها: أحدهما أنها قانتة. وقانتة معناها مطيعة عن طيب نفس» واطمئنان قلب» لا عن قسر وإكراه؛ وهى مطيعة لله تعالى فى كل مظاهرهاء ومن طاعة الله تعالى طاعة زوجها فى غير معصية. ولم يبين فى اللفظ من تطيعه للإشارة إأه أن من طبيعتها الطاعة لصاحب الطاعة. وصاحبها هو الله» وهو مصدر الطاعات كلها. والوصف الثانى أنها حافظة للرجل فى غيبه» وقد عبر الله سبحانه عن ذلك بقوله: «( حافظات لَلْغيْبٍ بمًا حفظ اللّه4 أى يحفظن الأمور المغيبة المستترة. فلا يفشين ما يكون بينهن وأزواجهن» ولا يكتمن ما خلق الله فى ل 0 تفسير سورة النساء المواي لاللالل لل ال > زا أرحامهن» ولا يعتدين عليه» ولا يضعن فى الوديعة التى أودعها الله إليهن ما لا يجوز أن يكون فيهاء وقوله تعالى: «إبمًا حفظ اللّهِ4 (ما) إما مصدرية وإما موصولة» ولمعنى على أنها مصدرية: حافظات للغيب بحفظه تعالى» أى بالصورة التى حفظ الله بها ذلك الأمر وجعله غيبا مكنونا. وعلى أنها موصولة: حافظات للأمور الغيبية المستورة بالأمر الذى حفظها الله تعالى فى تكوينه وشرعه. والخلاصة على التخريجين أن المرأة الفاضلة الصالحة مع طاعتها لزوجها تحفظ غيبه وستره وعرضه» وقد جاء الوصفان فى قول النبى يكْة: «خصير النساء من إذا نظر إليها سرته» وإذا أمرها أطاعته» وإذا غاب عنها حفظته)17؟ . هذا هو القسم الأول من النساء المنزوجات» والقسم الثانى ما بينه بقوله: « واللأتي تَحَافُون نُشُورَهن فَعظوهن والهجروهن في الْمَضَاجِع واضربوهن» ذلك القسم هو غير الطائع وغير الصالح بلا ريب» والنشوز خروج الزوجة عما توجبه الحياة الزوجية من طاعة الزوجة لزوجهاء وقيامها على شئون بيتهاء وأصل النشوز مأخحوذ من النشز بمعنى الارتفاع فى وسط الأرض السهلة المنبسطة ويكون شاذا فيهاء فيكون نشوز المرأة ترفعا أو إعراضا عن الحياة الزوجية الطيبة وشذوذا فيهاء وقال سبحانه» 9 تَحَافُونَ نُشوزهن فظو 4 ولم يقل «ينشزن» للإشارة إلى أمرين: أولهما علاج الداء قبل أن يستفحلء» وذلك بأن يكون العلاج عند وقوع بوادر النشوز وظهور أماراته» حتى لا يصل إلى أقصى درجاته» وهو أن تهجر الزوج» وتخرج من منزله؛ لأن ذلك العلاج يكون وهى فى ظل العش الزوجى لم تغادره - والأمر الثانى استكثار وقوع النشوز بالفعل» وهو أن تترك البيت على من فيه وما فيه» وكأنه لا يتصور أن تقع زوجة فى ذلك» ولو لم تسم فى لغة الشرع زوجة صالحة. وقد ذكر الله لهذا النوع من النساء ثلاثة أنواع من العلاج: )١(‏ مسند الطيالسى عن أبى هريرة رضى الله عنهماء وروى أبو داود: الزكاة - فى حقوق المال (175) عن ابن عباس مرفوعا. إلا تفسبير سور: ة النساء 1 لل 110 شى- أولها ‏ ما ذكره سبحانه بقوله تعالى : نه فُعظوهنٌ» «الفاء؛ هنا واقعة فى خبر الموصول؛ لآنه فى معنى الشرط فدخلت الفاء فى خبره الطلبى» كما تدخل فى جزاء الشرط إذا كان طلبا. والوعظ القول الذى يؤثر فى النفس ويوجهها إلى الخير»ء وقد قال الخليل بن أحمد: «الوعظ هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب» فالوعظ توجيه إلى الخير بذكر نتائج الشرء وهو مراتب أعلاها التوبيخ» وهو أيضا مراتب. ولكل امرأة من النساء ما يليق بمثلهاء فذات الإحساس الرقيق إذا كان منها ما لا يستحسنه. يقال مثلا: أفعلت هذا؟ كأنه ينكر أن يكون حدث منهاء أو يقول: ما تصورت أن يكون هذا من مثلك. ثم يذكرها بشرف أسرتهاء ثم يذكرها بحق الله تعالى» ثم يوبخهاء ومنه اللوم» وهو فى كل هذا لا يقسو ولا يعنف. والثانى - الهجر فى المضجع. والمضجع فى المجاز هو المسكن كلهء والهجر المطلوب هو الهجر الجميل» وهو الهجر من غير جفوة. والهجر مراتب: أدناها أن يكون الهجر فى موضع النوم» وهو المضجع الحقيقى» والآخر مجازى بأن يدير لها ظهره ولا ينام» فإن علا نام فى منام آخرء فإن علا ترك حجرة النوم إلى حجرة أخرى من غير مجافاة ولا مخاصمة» ولكل حال نوعها من النساء ونوع من أمارات النشوز وعلاماته التى تكشف عن توقعه إن ترك حبلها على غاربها. الثالث ‏ من دواء النشوزء الضربء وهو أقصاهاء ولا يلجأ إليه إلا عند فشل الدواءين السابقين. وقد ثبت أن الضرب الباح يكون عندما تبلغ الحياة الزوجية درجة يخشى عليها من النشوز والافتراق» وقد قيدته السنة بقيدين. أحدهما: أن يكون غير مبرحء» وأن يكون غير مشين بألا يضرب الوجه.ء فقد صرحت بذلك المسّة(1, وسئل ابن عباس عن الضرب غير المبرح» فقال: هو )١(‏ عن حكيم بن معاوية الْفَشَيرِيُ عن أببه قَال: قلت يا رَسُول الله مَا حَق رجة أحَدنًا علَيْه؟ قَال: أن تَطْعمها إذ طَعمت» وتكسوها إذا اكنَسَيْتَ - أو اكْتَسَبتَ - ولا ترب الرجه ولا تتح ولا تَهْجِر إلا فى الْبَيْت» رواه أبو داود: النكاح - حق المرأة على زوجها »)5١517(‏ وابن النكاح - حق المرأة على الزوج »)١86٠١(‏ وأحمد: أول مسند البصريين .)١96٠09(‏ ا تفسشير سور: ة النساء 010 سك لبجل به يي الضرب بالسواك أو مثله. وهذا هو الضرب المباح» فهو رمز لاستحقاق الضرب» وليس بضرب. وقد نص فى مذهب مالك على أن الزوج إذا ظلم زوجته وشكته إلى القاضى» وعظه.ء فإن تكررت الشكوى حكم لها بالنفقة ولم يحكم له بالطاعة زمناء فإن شكته بعد ذلك عزره بالغمرب ليستقيم» وهذه عقوبات ثلاث تقابل عقاب الزوج لزوجته» ولكنها أشد وأعنف. فالضرب لا يكون غير مبرح. طفن أطعتكم فلا تبْغوا علَيِهِنَ سبيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عليًا كبيرا 4 البغى الطلب الشديد» ومعنى النص الكريم: فإن أطاعت الزوجات فلا تطلبوا طريقا من طرق العقاب أيا كان باغين عليهن به ظالمين» والمغزى أن كل عقاب مع الطاعة ظلم وبغى لا يقصد ولا يطلب» بل يقصد الزوج إلى استدثاء مودتها بالرحمة والعطف والتقريب والتحبب بكل أساليبه. وقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: إن اللّه كان عليًا كبيرا . للإشارة إلى قوته القاهرة» وأنه إذا استعلى الرجل على امرأته فالله العلى الكبير فوقه» وهو مؤاخذه وآخذه بعذاب أليم. اط وإن خفتم شقَاق بَينهما فَابِعُوا كما مَن أَهله وَحَكَمَا من أهلها إن يُريدا إصلاحا يوقق الله هما إن الله كَانَ عَلِيمًا بير 4 هذه حال ثالثة للحياة الزوجية» وهى حال خوف الشقاق» وهى غير حال خوف النشوز؛ لأن خوف النشوز يكون والزوجة فى بيت زوجها له نوع سلطان عليهاء وهناك مودة بينهماء فتكون تلك المودة من سبل العلاج» ولذلك كان من العلاج الهجر الجميل» إذ لا يصلح عقايًا إلا عند قيام المحبة» أما الشقاق فإنه يكون عندما تنشعب المودة» ويكون كل واحد من الزوجين فى شقء وهذه حال لا يتولى إصلاحها الزوج؛ لأن القلوب تنافر ودهاء ولهذا كان العلاج لا بد أن يكون من طريق آخرء وقد بينه الله تعالى بقوله : 9 فَابِعنوا حَكَما من أهله وَحَكُما من أَهْلهًا 4. والبعث معناه الإثارة» وهو هنا الإثارة مع التخير؛ لأنه ليس كل إنسان يصلح طبيبًا معالجا للتفوس المتنافرة» والحكم من له حق الحكم والفصل» وعمل الحكم يتجه إلى أحد أمرين: أحدهما الإصلاح بينهما ورد النفوس الشاردة إلى مستقر الحياة الزوجية» وإن ذلك يقتضى ل / تفسير سورة النساع 4 1]]]! 111 ااال ااكخ انط اة اا اناالا الالال اط انة ااا اااالااللاااللاااااااللااا لاا لكالل اناطخ خطط خط ططخ طططط اا شاللا كك : 2 أن يكون عند الزوجين نية إزالة الخلاف أو على الأقل لا يمانعان فيه» ولذا قال تعالى : إن يريدا إصلاحا يُوقق الله بينهُمَا 4 أى إذا كان كلا الزوجين مع وجود النفرة يرغب فى إزالتها. فإن الله موفق بينهماء بأن يجعل كل قلب يلتقى مع الآخرء والتوفيق يقتضى أن يفتح كل واحد جزءا من قلبه ليدخل فيه أو يلتحم معه القلب الثانى . والآمر الثانى التفريق بينهماء وقد كان الخلاف بين الفقهاء فى جوازه» فقال أبو حنيفة والشافعى؛ لا يجوز ذلك إلا بتوكيل من الزوجء لأن النص بين أن عملهما فى الإصلاح» فإن عجزا عنه فقد انتهت مهمتهماء ولأن الطلاق حق الزوج وحده» ولا يتولاه غيره إلا بالنيابة عنه» وقال مالك وأحمد: لهما التفريق إن عجزا عن الإصلاح؛ لأن الله تعالى سماهما حَكَمَينَء والحكم هو الذى يحسم الخلاف» فإن عجزا عن الإصلاح حسما الخلاف بالتفريق» ولأن عليا - رضى الله عنه - عندما بعت حكمان لحسم الخلاف بين عقيل بن أبى طالب وامرأته قال: أتدريان ما عليكما؟ إن عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتماء وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما. وعلىً أحق من فسَّر القرآن. وبعث اللحكمين يكون بأمر القاضى» والبعث يكون عند خوف الشقاق؛ لأن الشقاق يكون بالانفصال التسام؛ والنوف قبله. وقد ذيل الله الآبة الكريمة بقوله تعالت كلماته: ظ إن اللَّهَ كَانَ عليما خبيرا 4 أى أنه متصف بصفة العلم الدقيق المحيط الذى يعلم أحوال النفوس وطرق علاجهاء ويعلم ما يقوم به الناس» ويعلم ما تخفى الصدورء وعنده الجزاء والعقاب وهو على كل شىء قدير. وأغنذوا هومرك ايده كمقاولوا إِحَسَدمًا ويذِى ]أ درق راشي السك ول رِ م ذَىالْفَرَن والمار جنب وَأَلْصَاحِي بِاَلْبكَِْي ها تفسير سورة النساء سس 0 لجل بز يي 9 هم وما 2 سه اه رعءوما كاد عدمَاك فَمُو 2 0 22 م لسَّا سَ بِالْسَخَلٍ 0 مِن فصل وَأَعَسَّدْنَا لأحكدفر ب عد ابا م يما 27 عرارلن مر وَألدبنَ يُنفِقُورت أَمَولْهَم رحا لاس وَل يُؤْمِبُونَ أله وَلَا اليو الآخر ومن يكن ألشمِطانُ مهرسا ضَمَآهٌ ريسا :يي اليارة يي وَمَاذَاعَلتِم لوا ماله وَلَْوَ يال وأَنقفُوأ آ هه كلو 1 2 ا مِتَاررَقَم افون أسَمبِهَلِيعًا :2 ١ فى الآيات السابقة من أول السورة وردت أحكام الأسرة» وواجبات الأقوياء فيها بالنسبة لضعفاتهاء والدعائم التى تقوم عليهاء والحقوق اللمتبادلة بين آحادهاء وأشير إلى الآفات التى قد تعروهاء ثم بينت عناصر تكوينها سليمة» وأشير إلى المعاملات المالية بينها من غير تفضيل» ثم بِيّن علاج ما يكون بين الزوجين من أسباب النزاع التى قد تهدد المودة الواصلة بينهما بالقطع» وفى هذه الآيات ذكر سبحانه الأسس التى تقوم عليها المعاملات العامة والخاصة» وذكر وجوب الإحسان إلى كل من يتصل بالشخص بقرابة أو جوارء ثم بين حال الذين يقطعون العلاقات بين الناس» وبين سبحانه وتعالى أن أساس التعامل الفاضل هو عبادة الله تعالى وحدهء من غير إشراك» وأن أساس التعامل الفاسد هو أن يريد الشخص بعبادته غرضا من أغراض الدنيا من غير اتجاه إليه سبحانه» ومراعاة حق الناس عليه. ولذا قال سبحانه: ل واعبدوا الله ولا تشركُوا به شيا 4 هذا أول الخط الذى يسير قيه الفاضل فى علاقته بالله وبالناس. وهو أول الخط المستقيم» والعبادة معناها خلوص النفس لله تعالى» والاتجاه إليه وحده» والإخلاص فى كل ما يعمل إلا تفسيرسورة النساع 0م 00 هه يك لله تعالى» وهى بهذا المعنى تشمل العبادات من صلاة وحج وصوم» وصدقات. والصلاة لب العبادة» وهى ذات صور مختلفة فى الديانات» ولكنها فى صميمها لا تكون صلاة إلا إذا تحققت فيها الضراعة التامة» والاتجاه إلى الله وحده» وعدم الانشغال عنه سبحانه بأى عرض من أعراض الدنيا. وهذه هى العبادات المفروضة» وبعدها يكون الاتجاه إلى الله تعالى فى كل مقصد وعملء» ولا يحس بالالتجاء إلا له فالدعاء له وحده» لا يشرك معه أحدا فى دعائه» ولذلك ورد عن النبى عله .أنه قال: «الدعاء مخ العبادة2170. ويلى هذه المرتبة فى سمو العبادة ألا يفعل الأعمال إلا لله» ولا يحب إلا فى الله ولا يبغض إلا فى الله. وهذه المرتبة يصورها قول النبى كَلِلّْ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله)0"؟ . هذه هى العبادة» أو إشارات إلى أنواعها ومراتبها. وإن الآخذ بها يجعل كل الأعمال فى دائرة الفضيلة» وينير البصيرة» وإن نقيض العبادة الخالصة لله تعالى الشرك» وهو منهى عنه. وكما أن العبادة مراتب فالشرك مراتب أيضاء أعلاها الشرك الأعظمء وهو اعتقاد شريك لله تعالى فى ألوهيته واستحقاقه للعبودية» وهو الذى ذكره الله تعالى فى قوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما ذُونَ ذلك لمن يَشَاء ... 132 4 [النساء] ويليه أن يعتقد أن أحدا ينفع ويضر من دون الله» والالتجاء إلى غير الله والخضوع لغير الله وبغير ما أمر الله تعالى. والمرتبة الثالثة الإشراك فى القربات» بأن يصلى مرائياء أو يزكى مباهياء أو يصوم متعالياء ولا يقصد وجه الله بصومه» وقد قال كَللِْهِ: «من صلى يرائى فقد أشرك» ومن صام يرائى فقد أشرك» ومن تصدق يرائى فقد أشرك)"2» ويسمى هذا النوع الشرك الخنفى. وقد روى الترمذى أن رسول الله يِه قال: «إن أخوف ما أتخوف )١(‏ رواه الترمذى: الدعوات عن أنس بن مالك رضى الله عنه. وقد سبق تخريجه. (؟) سبق تخريجه. (") سبق تخريجه من رواية أحمد عن شداد بن أوس بن ثابت. 10 ته تفسبير سورة ١‏ لنساء مك0 اقل اكه : ١ . أعمالا لغير الله وشهوة خفية»)27‎ وإن النهى, عن الشرك يشمل الإشراك بالله فى أى شىء أو أى حال» ولذا قال تعالى #إولا دّ: تشركوا به شيمًا4, أى شىء وعلى أى نحو كان» سواء أكان شركا ظاهرا أم كان شركا خفيا. وإن الإشراك فى كل صوره يضعف الضمير» والإيمان بالله يقوى الضميرء وإن أول مظاهر قوة الضمير التى توجدها عبادة الله وحدهء البر بالناس» ولذا عقب طلب البر والإحسان بالنهى عن الإشراك فقال تعالى: «( وبالوالدين إحسانا وبذي القربئ والْيَامَئ وَالْمَساكين4 وقد قرن الله سبحانه وتعالى النهى عن الإشراك بالإحسان إلى الوالدين» ومن وليهماء وقد جاء فى آيات أخرى ذكر الإحسان بالوالدين فقط بعد النهى عن الإشراك» كما قال تعالى: وقضى ربك ألا تَعبدوا إلا إِياه وبالوالدين إحسانا ‏ [الإسراء] لآن أحق من يستحق الإرضاء بعد الله الوالدان» ولا يستحق غيرهما بعد الله الشكرء ولذا قال تعالى: أن اشكر لي ولوالديك ... 57 4 [ لقمان] وقال عليه الصلاة والسلام: «رضاء الرب من رضا الوالدين» وسخطه فى سخخط الوالدين»227, والإحسان إلى الوالدين بالصحبة الكريمة» وسد حاجتهماء والقول الحسن؛ وعدم التململ من حياتهما إن بلغا الكبر» وتعبا تعب الشيخوخة» وصارت حياتهما عبئا على أولادهماء ولذا قال سبحانه وتعالى: ظإِمَا ين عندك الكبر أَحَدهمًا أو كلاهمًا فَلا تقل هما أف' ولا تنهِرهمًا وقل لَهُمَا قلا كرا 2 واخفض لَهُمَا جاح الل من الرَحمّة وَقّل رب ارحمهما كما رياني صغيرا 120 4 [ الإسراء] . والإحسان إلى ذى القربى من هذا الصنف. فعلى القريب أن يحسن بقريبه» بسد حاجته» ويكرم صحبته؛ء ويصله ولو قاطعه. ولذا قال النبى عَلِّ: «ليس 3غ( رواه بهذا اللفظ ابن ماجه: الزهد - الرياء والسمسعة ):5١6(‏ عن شناد بن أوس رضى الله عنة . (؟) رواه البزار عن عبد الله بن عمرو. الترغيب والترهيب ”7/7 .77١‏ ا تفسبير سور ة النساعءع ) لل كاك ” يي" الواصل بالمكافىء إنما الواصل من يصل رحمه عند القطيعة)(١»‏ ويكون فى عونه دائما فى دفع الملمات» والمواساة فى الشدائد. والإحسان باليتيم» يكون بإيوائه» والعطف الذى يقوم مقام عطف أبيهء وسد حاجاته» والاختلاط به بالرحمة» فيجعله مع أولاده مختلطا بهم» مؤتنسا معهم ) ويسوى بينهم وبينه» لكى ينشأ أليفا مألوفا مع المجتمع الذى يعيش فيه» وقد ورد فى الأثر: «إن خصير بيوت المسلمين بيت يكرم فيه يتيم» وشر بيت من بيوت المسلمين بيت يقهر فيه يتيم)”"2» وإن قهر اليتيم وإذلاله ينشته نافرا شاذاء فيكون عدوا للجماعة لا يألفهاء ويكون منه الإجرام» والإيذاءء وقد قال الله تعالى : ظ فَأَما اليتيم فلا تقهر 21# #4 [الضحى] . والمساكين هم الفقراء والذين لا طاقة لهم على عمل» لمرض مزمن أو شيخوخة فانية» أو آفة فى جسمهم تجعلهم غير قادرين» أو تعطُّل لا يجدون معه عملا يعملون» والإحسان بهم سد حاجاتهم» وكفالة الراحة لهم. وبعد أن بين سبحانه الإحسان اللازم المطلوب الذى لا مناص عنه» وهو دفع الآفات الاجتماعية» اتجه إلى الإحسان إلى المجتمع القريب» والإحسان فى المعاملة بشكل عام» فقال: لجار دي لقي واجار اب والصاحب بلجب وان اسيل وما ملكت أيمانكم 4 «والجار ذي القربئ 4 هو الجار الذى يتصل بالإنسان بصلة الرحم والقرابة» وهذا له مع حق الجوار حق الرحم» فقد ثبت له الإحسان من ناحيتين: )١(‏ رواه البخارى: الأدب - ليس الواصل بالمكافئَ (59491)» والترمذى: البر والصلة - ما جاء فى صلة الرحم (23504).» وأبو داود: الزكاة - فى صلة الرحم »)١591(‏ وأحمد: مسند المكثرين (548). (؟) سبق تخريجهء وقد أخرجه ابن ماجه فى الأدب - حق اليتيم (3”1/9) مرفوعا بلفظ: «خخير بيت فى المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليهء وشر بيت فى المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه» وأخرجه البخارى فى الأدب المفردء وأبو نعيم فى الحلية. عن أبى هريرة رضى الله عنه. ل ! تفسير سورة النساع 0 الى 1-7 إحداهما: من ناحية القرابة» فهو داخل فى ذى القربى» والثانية : الجوار» وقد يقول قائل: لماذا أمر بالإحسان به فى الجوار مع أنه مذكور فى القرابة؟ والجواب عن ذلك أن الجوار قد يوجد احتكاكاء تكون معه الشحناء» فللحرص على بقاء المودة الواصلة» نبه - سبحانه ‏ إلى أن الجوار يوثق الإحسان ولا يباعده» فهو يجعله أوجب وألزم. ظ وَالْجَارٍ الجنب # هو الجار الذى يكون مسكنه أو متجرهء أو مزرعته بجنيك» والإحسان إليه بالا يكون منه أذى له بأى نوع من أنواع الآأذى» فلا يزعجه فى أمنهء ولا يمنع الماء عنه» ولا يرسل إليه الماء غير الصالح» ويلقى عليه مزابل بيته. ثم من الإحسان به مواساته ففى شدائده. ومعاونته فى حاجاته. وأن يحفظ سرهء ولا يكشف عورته» ولا يعلن منه ما يخفى على الناس. ومن الإحسان إليه أن يهدى إليه ما يعجز عن شرائه لأولاده من حلوى وفاكهة ونحو ذلك. وإن الإحسان إلى الجار هو الأمر الذى يدعو إليه التآلف الإسلامى فى المجتمعات الصغيرة» وقد أكثر النبى يَكِلَهّ من الحث على الإحسان بالجار 7 . «( والصاحب بالجنب » هو الصاحب الذى يكون بجنبك فى عمل أو سفرء أو طريق» أو مركب» وقد قال جار الله الزمخشرى فى ذلك: «الصاحب بالجنب هو الذى صحبك بأن حصل بجنبك إما رفيقا فى سفرء وإما شريكا فى تعلم علم أو حرفة» وإما قاعدا إلى جنبك فى مجلس أو مسجد»ء أو غير ذلك من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه. فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه وتجعله ذريعة إلى الإحسان» وإن من الإحسان إلى الصاحب الذى يكون بجنبك» ألا تؤذيه بمنظر كريه أو ريح كريهة» وأن تحافظ على الحياء فى مجلسك» )١(‏ من ذلك ما رواه البخارى: الأدب - الوصية بالجار (51 50). ومسلم: البر والصلة - الوصية بالجار (4 577) عن عائشة رضي الله عَنْهَاء عن التي يك قَالَ: «ما رَال يوصينى جبرِيلُ بالْجَار سه ع يكم ره ل عط وو حَبّى ظبنت أنه سيورئه) . ْ لها تفسير سورة النساءع ااال االلللللل سس ات فلا تجعل نعلك يحف بثيابه أو بحيث يؤذيه» وأن تعاونه إن كان محتاجا إلى معاونتك . «وابن السبيل 4 هو المنقطع عن أهله ولا مال لهء فكأن الطريق تبناه» والإحسان إليه بإيوائه وإطعامه وتسهيل الحياة له حتى يعود إلى أهله. وقد أوجب الإسلام إعداد مأوى لهؤلاء من بيت مال الزكاة» وإمدادهم بالطعام والكساء حتى يئوبوا إلى أهلهم . :وما ملكت أَيِمَانَكُم 4 هم العبيد والإماء الذين ملكت رقابهم فى الحروب العادلة» فهم فى سيطرة المالك لهم» وكأن رقابهم فى يمينه يسيرها كما شاء. والإحسان إليهم يكون من مالكهم بالإطعام والكساء والمأوى» وعدم إيذائهم بأى نوع من أنواع الأذى» فلا يضربون» ولا يلطمون» وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل» وليلبسه مما يلبس» ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم» فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه»7". وفى سبيل الإحسان بهم نهى النبى عن أن يقول المالك عبدى وأمتى» فقال: «لا يقل أحدكم عبدى وأمتى» بل ليقل فتاى وفتاتى»”2» ونهى عن ضربهم: « لطم عبده فكفارته عتقه2"00. وقال بعض الحنابلة: إنه بمجرد اللطم يكون عتيقا. )١(‏ عن المعرور بن سويد قَالَ: لقيت أن در بالريذة وَعَلَيِه حل وعَلَى غلامه حل قسَأليَه عن فلك مر ميري قَقَالَ: إن سايَبْت" رجلا ميته به قال لى النِي يللة: هيا أبا در أعيركه م نك امرقٌ فيك جَاهليةٌ؛ واكم خولكم جمَلَهُ الله نَحت أيديكم قَمَنْ كَانَ أخموهُ تَحْتْ يده فَْيَطْعَمُهُ مما يأك وليه مما يبس ولا تَكَلْفُوهم ما يغلبهمء إن كلمتْمُوهُم فَأعِينُوهم). [رواه البخاري: الإيمان - المعاصى من أمر الجاهلية (-7)» ومسلم بنحوه: الايمان (1)1151. (1) سبق تخريجه. (8) رواه مسلم فى صحيحه: الأيمان - صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده )١1617(‏ وتمامه: عن ادا أن ابن عُسَر دعا يلام له فَرَى بظهره ه ترا فَقَالَ لَهُ: أُوْجَعْيْك؟ قَالَ: لا. قَالَ: قَأنت عتيق. ٠‏ قال: َم أذ شَينًا من الأرض فَقَال: ما لى فيه من الأجر ما يَزِنْ هَذَا إِنى سمعت رسو الكل يول : «مَن صرب غْلاما له حّدا لم يأقدء أو لَطَمَه إن كثَارتَهُ أن يصق وفى حديث وكيع : «مَنْ لَطَمْ عبده. ( ولَم يَذْكُر الْحَد. كما رواه أبو داود: الأدب (2)5154 وأحمد: مسند المكثرين (59/ا4). تفسير سورة النساء ا 1000 1 ل 22121001111111 2 1ج 2 وهنا بحث لفظى فى الكلمة السامية: #وبالوالدين إِحْسَانَا4. فقد قالوا: إن (أحسن' تتعدى بنفسها وذلك بالنسبة للأعمال» ومن ذلك قوله تعالى: « إن الذدين آمنوا وعملوا الصالحات إن لا نضيع أَجْرَ مَنْ أَحْسََ عَمَلاً 0ج 4 [الكهف] وقول النبى عَيِة: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يحسنه)1(7) وقول على رد الله عنه: (الناس أبناء ما يحسئون). ويتعدى بالباء» وبإلى وباللام» وتكون بمعنى الإنعام والإكرام. وقالوا: إنها فى تعديها بالباء تكون بمعنى الإكرام مع الاتصال والمودة والقرب ممن أحسن إليه. طن الله لا يحب من كَانَ مُخَْالاً فَحُورا 4 المختال هو ذو الخيلاء أى الكبر؛ وذلك لأن المتكبر يتسخيل لنفسه من الصفات والسجايا والأفعال ما ليس فيف فيستعلى على الناس» والفخور هو الذى يكثر من ذكر مزاياه ويبالغ فيهاء ويحب أن يحمد بما لم يفعل. ٠‏ وإن هذين الوصفين يتلازمان» فحيث كان الكبر كان الفخر الكاذب. والله تعالى لا يحب هؤلاء؛ لأنهم يسستنكفون عن الاتصال بالناس» ويغمطون حقوق الناس» ولا يقومون بحق النعمة التى أنعم الله بها عليهم. ولذا قال عليه الصلاة والسلام: «الكبر بطر النعمة وغمط الناس)0©. وكان ذكر ذلك النص الكريم بعد طلب الإحسان للإشارة إلى أن المخصف بهاتين الصفتين لا يمكن أن يكون محسنا لأحد - هو إيذاء بصفاته وبأفعاله» وهو مصدر الشر والشفرق فى الجماعات» وقد بين الله سببحانه وتعالى حقيقنتهم بأوصافهم» وذكرها سبحانه وتعالى صفة صفةء فقال: )١(‏ فى مجمع الزوائد (545): وفيه: مُصعب بن ثابت» وثقه ابن حبّان» وضعفه جماعة. والحديث رواء البيهقى وابن عساكر بافظ مقارب (1) عن عبد الله بن مَسعُود» عن الي يكل قَال: : لا يدخل الْجَنََ من كان فى قله مقا ذه من ا 2 0 م كبر» قال رجل: الرجل يحب أن كود توه حساء ونَعلّه حَسة. قَال: إن اللّهَ جميل يحب ير الْجَمَالَ الكبر بَطَر الْحَقٌ وَغَمط التّاس» . . [رواه مسلم: : الإيمان - تحريم الكبر وبيانه (91) والترمذي: البر والصلة ,)١999(‏ ورواه أحمد فى مسند المكثرين (737/41) بنحوه. للها تفسبير سبور: ة النساء : 1ا1ناالل ل كللااقللا الا مالالا ااال تالكالل تالكالا الالالال الالالال اطاط ااال 7 ههه بي ( الدين يْحلُونَ ويَأمُرُونَ النَّْس بابحل ويَكحَمُونَ ما آتاهم الله من فضله 4 وإن 0 أنهم بخلاءء سم ويكتمون م لسان الششرع والعقل. كما أن الف في سيو ار مما بكر لاع إسرافا؛ روى عن عبد الله , بن عباس: ادرهم فى في اشر إسراف وألف فى الخير ليس بإسراف» فلا غرابة إذن إذا وجدنا المختالين, ينفقون الألوف فى المظاهر والاستعلاء» الشح فى الخير. ودأب هؤلاء أن يبخلوا وأن يحرضوا على طريقهم الذى سلكوه» ويسخروا من يؤثرون على أنفسهم» ولو كان بهم خمصاصة؛ لأنهم فى طبيعتهم لا يحسون وقوله تعالى: ط وَيَكْتمُونَ ما آنَاهُمْ الله من فَضْله م, المراد بها كتمان المال فى ضع البر» فهم أشحة على الخير يحسبونه مفنيا الهم » فيكتمون ما أعطاهم الله من مال مقضله! وعلى هذا سار بعض المفسرين» وحجته أن الكلام فى المال» فالكتمان فيه. وقال آخرون: إن المراد كتمان العلم الذى أُوتُوه بفضل الله عليهم» وإرسال رسل كثيرين فيهم» ويكون النص فى اليهود لأنهم يتصفون بكل هذاء ويرشح لذلك قوله تعالى فى حتام الآية : (١‏ وأعتدنا للكافرين عذابًا مُهِينا 4 وأرى أن يفسر الكتمان تفسيرا عاماً يشمل العلم والمال. 9 تفسسير سسدورة النساء ش ال 00000 4***#*232 ك2 ىم مار 2 وقوله تعالى: «إ وأعتدنًا للكافرين عَذَابا مُهِينَا4 معناه: وهيأنا للجاحدين لرسالة محمد َِيَيِةٌ ولوحدانية الله تعالى عذابا يهينهم ويذلهم» فإذا كانوا قد استكبروا وطغوا واستعلوا واخحتالوا فى الدنياء وهى متاع قليل» فالذل الدائم والهوان المستمر لهم فى الآخرة. وتعقيب هذا النص السامى للأوصاف السابقة يشير إلى أن تلك الاأوصاف أوصاف الكافرين الجاحدين بنعيم الله لا أوصاف المؤمنين المقربين بأنعمه» وقد وصف سبحانه أمثال هؤلاء بقوله: ف( والذين ينفقون أَموالَهُم نا النَّاس ولا يُوْممُونَ باللّه ولا باْيَوْم الآخر» الرتاء مصدر راءى يرائى مراءاة» ورياء» ورئاء» وهو أن يعمل العملء أو ينفق المال يظهر للناس أنه يقصد الخيرء وهو يقصد بذلك الظهور أمام الناس والشهرة بالخير» وهو من صنف مائل للبخلاء أو هو منهم؛ لأنه ينفق لنفسه لا لغيره» فكأن أولئك المختالين الفخورين صنفان: صنف لاينفق على الناس قطاء ولا يعين بأى نوع من العون فى طريق البرء وصنف يعطى فى سبل النفع» ولكن لا يقصد وجه الله تعالى» بل يقصد ما عند الناس» من رجاء مَحمَدَة أو تفاخرء أو استعلاء» أو طلب جاه لدى ذى جاهء كأولئك الذين ينفقون النفقات العظيمة» ويتصدقون بالصدقات الكبيرة» تملّقا لذوى الجاهء أو رجاء لما عندهم» وإن هذا النوع يكون إنفاقه إلى بوار عليه» ولا ثواب عليهء ولو كان من أهل الإسلام. وقد قال عليه الصلاة والسلام فى المرائين الذين ينفقون رياء: «يقول صاحب المال يوم القيامة لربه: ما تركت من شىء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فى سبيلك» فيقول الله تعالى: كذبت إنما أردت أن يقال جوادء فقد قيل)0"!. )غ20 جزء من حديث رواه مسلم: الإمارة - من قاتل للرياء (ه.9١1)‏ والترمذدى فى الزهد - ما جاء فى الرياء والسمعة (5م2)77, والنسائى: الجهاد - من قاتل ليقال فلان جرئ (/ا11”) وأحمد: باقى مسند المكثرين (801/4). عن أبى هريرة رضى الله عنه. لإا تفسبير سور: ة النساعء للم وقد ذكر سبحانه بجوار الإنفاق رياءً عدم الإيمان» فقال فى أوصافهم: ولا يُؤّمنونَ بالله ولا باليوم الآخر» وهذا وصف يعم الذين يراءون» ويشمل الكافرين» وهو حقيقى فى الكافرين الذين لا يذعنون للحق» فيؤمنون بالله واليوم الآخرء ودائم معهم بدوام كفرهم» وبالنسبة للمرائين من أهل القبلة ثابت لهم وقت رئائهم؛ لأن من يتصدق راجيا ما عند العباد من جاه أو ملق أو استعلاء» لا يؤمن بحق الله عليه وقت تبرعه»ء ولا يؤمن بأن وجه الله هو الذى يقصدء ولا ينظر إلا إلى متاع الدنياء ولا يؤمن فى عمله هذا باليوم الآخرء ولو كان يؤمن بالله فى عمله هذا لقصد وجهه الكريم» وما يكون من ثواب مضاعف على فعله. وإن هذا كله من عمل الشيطان. طوَمَن يكن الشَيْطان لَه قينا فَساء قَرِينَا4 الشيطان هنا كل ما يحرض على الشر من وسوسة نفس» وصاحب مفسدء ومن تسلط على عباد الله تعالى لإغوائهم » وفى النص القرآنى إيجاز بالحذف معجزهء إذ المعنى: وقد دفع هؤلاء إلى الرياء فى إنفاقهم وإلى البخل والكتمان قرناء السوء من شياطين الإنس والجن» والقرين هو الصاحب الملازم الذى يخلط نفسك بنفسهء ويقرنها بها حتى تصيرا كأنهما شىء واحد» ومعنى قوله : 9 ومن يكن الشَيطَانَ لَهُ قَرِينا فساء قَرِينا 4 من يكن الشيطان صاحبا ملازما له قد اختلط به ومازج نفسه» فما أسوأه من قرين محرض على الشر يدفع إليه بصحبته» وملازمته وإغوائه» والعدوى التى تسرى إليه. وفى النص إشارة إلى أن قرناء السوء يفسدون الأخلاق؛ لأن عدوى الأخلاق تصل بالمجاورة كما تصل عدوى الأمراض . ومَاذًا عليْهم لو آمنوا بالله وَاليُومِ الآخر وَأنققوا مما ررَقهم الله 4 هذا النص توبيخ للذين يؤثرون رضا الناس على رضا اللهء فلا يبتغون ما عنده» ويبتغون ما عند الناس» فيراءون ويمنعون الخير لذات الخير. والمعنى: ماذا يكون عليهم من مغبة أو تبعة أو ضرر» لو أنهم آمنوا بالله حق الإيمان وباليوم الآخر الذى يكون فيه الجزاء الحقيقى» ولم يأخذهم زخرف الحياة الدنيا فلا يرعوا سواها؟ إنه لا ضرر ل( تفسير سورة النساعء ا ال 111-0000000 1 1 1 ذ# 1 1ذآذ1ذ225000010111111 اح جه 3 بلا شك فى الاتجاه إلى الله وإنفاق بعض رزقه الذى أعطاه إياهم؛ إذ لا يتفقون إلا بعض ما أعطى» ومع عدم الضرر هناك نفع عظيم جليل» وهو رضا الله وثواب يوم القيامة» وصلاح حالهم صلاحا حقيقيا فى الدنيا. وبمقارنة ذلك بما عليه حالهم من رياء أو بخل أو كتمان» يتبين أنهم اختاروا الصفقة الخاسرة؛ لأن فى انفاقهم لأجل الرياء أو بخلهم» إغضابا لله وتعرضا لعقابه وإفسادا لمجتمعهم» وما ينالون من نفع ضكيل بجوار ما ينالهم من ضرر خطير. ولم يذكر سبحانه وتعالى ما ينالون من نقع فى دنياهم؛ لأنه لا يعد فى حقيقة الأمر نفعاء فضررهم مؤكدء ولا نفعء وإذا اتجهوا إلى الله فالتفع ثابت ولا ضرر. « وكان اللّهِ بهم عليمًا 4 هذه إشارة إلى الضرر الذى ينالهم» وهوعقاب الله تعالى لهم» وهو عليم بأحوالهم يعلم سرهم وما يخفى من شئونهم» وإنه سيجازيهم بعملهم» فالعقاب لاحق بهم لا محالة» وقانا الله تعالى شر نفوسناء وجعلنا لله لا للأحد سواء. نأي يَظَلِم مِتْعَالَ دَروَوَِنَئّكُ حَسَنَةَ يِصَلِعِفَهَا وَمُوَمتِ مِن لَدنَهُ أَجَرَاعَظِيمَا ني فَكْنَفَإِدَاحِسَنَامِن كَل مه تنَهِيدٍ 00 2-1 هم الله هد شا 727 لله حل ينا عرياه هاا تفسير سورة النساعء لل كا :1 يي فى الآيات السابقة بِيّن سبحانه وتعالى وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة» سواء أكانت هذه العبادة فى التكليفات التى خصصت للعبادة ذاتهاء آم كانت من المعاملات بين الناس التى لابد من نية القربة فيها. فالإنفاق لابد أن يخلص لله تعالى» كالصلاة لابد أن تكون خالصة لله. فالنية فى الأقوال والأفعال أساس الجزاء من عقاب وثواب. وفى هذه الآية الكريمة بين الجزاء الأوفى من خير أو شرء وأن الشر لا يجازى إلا بمثله» وأن الحسنة تكون بأضعافهاء ولذا قال سيحانه: ط إن الله لا يَظْمَ قال ذَرّةَ) المثقال ‏ معناه المقدار الذى له ثقل يحتمل أن يوزن» والذرة الغبار الذى لا يرى فى أكثر الأحوالء» ولمعنى اللفظى أن الله لا ينقص عاملا حقا وزن ذرة» وهى لا تعلى الميزان ولا تخفضه. إلا أن يكون ميزانا دقيقا جداء وهذا النوع من الموازين لا يوجد فى الدنياء ولكن يوجد فى الآخرة» فعندئذ تكون الموازين القسط التى لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا قومتها. ومعنى النص فى مرماه أن الله سبحانه وتعالى» لا ينقص أحدا من ثواب عمله أى مقدار ولو ضوّلء فهذا الكلام فيه استعارة موداها أنه لا ينقص عمل عامل» لقوله تعالى: ظفَمَن يَعمَلْ قال َي خَيْرا يه 30 ومن يعمل مثقال ذرة شرا ره رج 4 [الزلزلة]. وإن النص عام يشمل المؤمن وغير المؤمن فى ظاهره» ولذا تكلم العلماء فى أعمال الخير التى تقع من الكافر إذا قصد بها وجه الله تعالى مع كفره وضلاله» وقال الأكثرون إن الله لا يغفر الشرك» ويعطى الكافر ثواب الخير فى الدنياء أما المسلم فيؤتيه ثواب الخير فى الدنيا والآخرة» واستندوا فى ذلك إلى ما رواه مسلم فى صحيحه عن أنس» أن رسول الله يَدكِْةٌ قال: «إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة» يعطى بها فى الدنياء ويجزى بها فى الآخرة» وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله فى الدنياء حتى إذا أفضى بها إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها( . . رواه مسلم : صفة القيامة والحنة والنار 20 عن أنس بن مالك رضى الله عله‎ )١( لل تفسير سورة النساعء وإن ذلك نظر حسن يفسره ما نراه للكافرين من نعم مادية فى الدنيا تجرى عليهم». فلعلها ثمرة لما عملوا من بعض الخيرات فى التعاون الإنسانى» وثمرة لاتخاذهم أسباب الرزق على وجه كامل. ويميل الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبذده إلى أن الكافر إن عمل خيرا يقصد به وجه الله أو سبيل الخير المجردة. لا يضيعه الله تعالى عليه يوم القيامة» ولكن نظره هذا بأن الآثار قد وردت بأنه يخفف عن أبى طالب لكفالته النبى يله وحمايته له(١2»‏ وقد كان فى ذلك حماية للدولة الإسلامية. وقد روى أيضا أنه يخفف عن أبى لهب لعتقه تُوَيِيَة حين بشرت بمولد النبى كا'"'. وأبو لهب هذا هو الذى قال الله تعالى فيه وفى امرأته: « تبت يدا أبي لهب وتب + 4 إلى قوله « وامرأته حَمَالَة الحَطّب 6 > في جيدها حبل من مسد 2# # [المسد]. فحسنات الكفار تكفر السيئات التى دون الشرك والكفرء على هذا النظر. فالكفر لا يغفرء ويذهب من السيئات الأخرى مقدار الحسنات» ونحن النصوص » وإن كنا ميل إلى الأول. )١(‏ قال البّاس بن عبّد امب ري الله نه لني ولة: ما أعْنيِتَ عن عمّك؛ فَإِنَهُ كان يَحوطُكَ وَيَخْضَب لك؟ قَال: : «هوَّ فى مسَحَضَاح من نار ولولا أنَا لَكَانَ فى الدرك الأَسْفَلٍ من الثَّارِه [رواه البخاري: المناقب - قصة أبى طالب (7887)» ومسلم: الإيمان- شفاعة النبى يك لأبى طالب :)25١9(‏ والضحضاح من الثار: موضع لا عمق له يبلغ كعبيه تغلى منه دماغه» كما فسرته الروايات الأخرى فى صحيح البخاري . () قَالَ عروة: وتُويبَةٌ مولا لأبى لهب كان أبو لهب أعتقهًا تَأرْضَعت النبِي يك قَلَمَا مات أَبْو نعالهة هب ريه بَعض أهله شر حيبة» قَال لَه: : مَاذَا لقيت؟ قَالَ أبو لهب: لم ألق بَعْدَكُم غير أنّى ته و 4107 سقيت فى هذه بعتّاقتى ثُوَيئَة . رواه البخارى: التكاح #وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم» (0161). وشر حيبة: على أسوأ حالة من الهم والحزن. للها تفسير سور: ة النساعء لالم أب 1 «وإن تك حَسنَة يضاعفها ويُوت من لَدَنْه أجْرا عظيما 4 وإن الله سبحانه وتعالى عفر غفور رحيم بعباده» لا يكتفى بمنع الظلم عمن يحسن. بل إنه يضاعف الآأجر لمن يحسن» و«تّك» أصلها «تكن») حذفت النون و«كان» هنا ناقصة» والمعنى: وإن تكن الفعلة حسنة تكون مضاعفة» ومعنى يضاعفها أى يكون بدلها أمثالا كثيرة لها. وقد قيل: إن الفرق بين المضاعفة والتضعيف أن المضاعفة تكون بأضعاف كثيرة» والتضعيف يكون بضعفين اثنين» والمؤدى أن الحسنة تكون بأمثال كثيرة لها كقوله تعالى: من ذا الذي يقرض اللّه فضا حَسنا فيضاعقه لَه أضعافا كثيرة هنك 4 [البقرة] وقوله تعالى: طمن جَاء بالْحَسَة فَلَهُ عَشْر أمئالها ومَن جَاءَ بالسية فلا يجزئ لذ مثْلها وهم لا يظلَمون +420 4 [الأنعام] فالله سبحانه وتعالى لا ينقص من عمل الخير شيئا بل يضاعفه فى الآخرة» وإن الله سبحانه وتعالى فوق هذا الجزاء المضاعف أضعافا كثيرة يزيد المحسن من عطائهء ولذا قال سبحانه: «( ويؤت من لَدنهُ أجرا عظيما » أى أن الله تعالى يعطى عطاءً كثيراء غير ملاحظ فيه المثلية والمضاعفة» بل إنه سبحانه فوق مضاعفة الحسنة بأمثالهاء يعطى عطاء سمحا غير مقيد بالمضاعفة» بل إنه يكون سماحاء وكرما من الله تعالى. وسمى ذلك العطاء 8 » وهو فى الحقيقة ليس فى مقابل عمل ؛ لأن مقابلة العمل كانت بالآمثال لسابقة ؛ لأن الأجر قد يطلق على مطلق العطاء» وإن لم يكن له مقابل» وتفضل الله تعالى فى كرمه فسماه أجراء وإن لم يكن له نظير» فهو أجر غير ممنون. وقد عظم الله سبحانه وتعالى ذلك العطاء غير الممنون بوصفين أحدهما: أنه عظيم فى ذاته ذو جلال وشأن» فهو رضوان الله تعالى» ونعيم مقيمء وجنات فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشر. والثانى : أنه عطاء من لدن الله تعالى» فهو قد نال شرفا إضافيا بأنه من الله تعالى . ( تفسير سورة النساء الل 000 اي لحو ا وقد بين الله سبحانه وتعالى أن كل ما يكون يوم القيامة من حساب» أدلته ثابتة من نطق الجوارح بما صنعت» ومن شهادة الأنبياء بالتبليغ والبيان» فالجرائم معها دليل وقوعها. والقانون الذى نظم العقاب وجرمها قائم بشهادة الذين أعلئوه وبيئوه ) ولذا قال تعالى: © فكيف إذا جئنا من كل أُمّةَ بشهيد وجئنا بك علَئ هؤلاء شهيدا 4 الاستفهام هنا للتنبيه؛ وبيان ما سيكون يوم القيامة من حساب يتبعه. عقاب عادل» أو ثواب القائمة» والرسالاات الثابتة» وتصوروا حالكم» وأعمالكم تنطق بها ألسنتكم وجوارحكمء ومعكم النبيون يشهدون عليكم بالتبليغ والبيان» وأنه لم يكن لكم حجة فى كفرء ولا معذرة فى جحود. والشهيد هو الشاهد الناطق بالحق. المتحرى :9 وجئنا بك علئ هؤلاء شهيدا 4 أنه يؤتى لكل أمة من الأمم ب؟ بشهيد منها هو نبيها الذى بعث فيها ودعاها إلى الحق» فمنهم من آمن ومنهم من كفرء فكل نبى ٍج رمم خلافها دي 22 ) افاط]» وقال تعالى: 5 .. وما كنا معذبينَ حت نبعث رسولاً +2 4 [الإسراء] . وقد اختلف فى الإشارة فى قوله تعالى: ‏ وجثنًا بك على هؤلاء شهيدا 4. فقال بعض المفسرين: إن الإشارة فى هؤلاء إلى النبيين السابقين» فالنبى كلل باعتباره خاتم النبيين » وأن رسالته خالدة إلى يوم القيامة. ولتكريم الله تعالى» يكون شاهدا على كل النبيين السابقين» والشهادة عليهم بمعنى أداء الشهادة بأنهم بلغواء وكانت التعدية بعلى للإشارة إلى معنى المحافظة على أصول الشرائع السابقة لاشتمال القرآن الكريم عليهاء ونشرها خالصة سائغة واضجة بينة للأجيال . ْ ٠‏ ا تفسشير شسور: ة النساء ل لال 7 يطل بر يي هذا هو القول الأول والقول الثانى أن المشار إليهم فى النص الكريم هم أمة محمد كللِلّه وهى أكثر الأمم عددا؛ لأن محملدا يَلِةٍ أكثر الأنبياء تابعا؛ إذ دينه لم يحرف ولم يبيدل» فقد حفظت أصوله فى القرآن الكريم» وهو نور الله تعالى الباقى إلى يوم القيامة» كما قال تعالى: إِنًا نحن نَزّلنا الذذكر وإنا له لَحَافظْونَ 20> » [الحجر] وإن الكثيرين على الأول؛ لأن النبى يك له شهادتان إحداهما شهادته للرسالات السابقة بالصدق والبيان» وقد اطلع على هذه الشهادة المسلمون ببيان القرآن» والثانية شهادته على أمته» وقد جمع الشهادتين قوله تعالى : ط وَكذَلك جَعَلَائُمْ مه َس َكُونُوا شهداء على اناس ويكُون ارول عليكم شَهِيدًا :22 4 [البقرة] وإن تلك منزلة عالية للنبى يَكِ والمؤمنين به إيمانا صادقا الذين يذعنون للحق دائماء وكان النبى كَلِْةٌ يستعظم أمر هذه الشهادة» فقد روى أحمد فى مسندهء والبخارى فى صحيحه. والترمذى والنسائى فى سننهماء عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «قال رسول الله يَلِ: اقرأ على»» قلت: يارسول الله أقرأ عليك. وعليك أنزل؟ قال: نعم أحب أن أسمع من غيرى»» فقرأت سورة النساء» حتى أتيت إلى هذه الآية: فَكَيْف إِذَا جثنا من كل أُمّهَ بشهيد وجتنا بك علَى هَؤّلاء شهيدا 4 » فقال: «أمسك»)» وفى رواية: «حسبك الآن4» فإذا عيناه تذرفان27. وكأن رسول الله ككل لفرط إيمانه بالله تعالى تخوف يوم الحساب والعقاب» واستعظم تلك الشهادة التى وضعت فى عنقه» وهى أعظم أمانة» فسالت عبرات عينيه ك1" . )١(‏ متفق عليه» وهذا الفظ فى صحيح البخارى: تفسير القرآن - طفَكَيْفإِذًا جثنا من كل أَمّهَ بشهيدٍ» (201485)» فضائل القرآن- قول المقرئْ للقارئ: حسبك (05060)» ورواه مسلم: صلاة المسافرين - فضل استماع القرآن (- .)8١‏ عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. (؟) وفى البحر المحيط ج237 ص747: وبكاؤه - والله أعلم - هو إشفاق على أمته ورحمة لهم من هول ذلك اليوم. وقال الآلوسى ج6» صرلا: «فإذا كان هذا الشاهد تفيض عيناه لهول هذه المقالة وعظم تلك الحالة» فماذا لعمرى يصنع المشهود عليه؟! وكأنه بالقيامة وقد أناخت لديه. .4). وفى الدر المنثور ج25 05٠‏ وأخرج ابن أبى حاتم والبغوى فى معجمه والطبرانى بسند حسن - ا تفسبير سورة النساع للال الل باللا كم #يبجمل زر يي يومئذٍ يود اين كقروا وعصوا الرّسول لو تسوئ بهم الأرض » يومئذ - هى ظرف مضاف إلى الظرف» ودخله التنوين على غير ما يقرره قياس النحويين» لبيان عظم ذلك الزمان الثانى وهوله» وأضيف الظرف إلى الظرف لتأكيد وجود ذلك الزمان» فهو يوم مؤكد الوقوع وهو على الكافرين عسيرء ولشدته يحب ويتمنى الذين كفروا وعصواً الرسول محمد لَه أو عصوا أى رسول بعث إليهم - وتكون اللام للاستغراق - أن يكونوا ترابا كالأرض؛ كما قال تعالى: 9 ويقول الْكافر يا ليتتي كنت ثرابا له 4 [ العبأ], وهذا معنى تسويته بالأرض. ويصح أن يكون المعنى أن يدفنوا ويعودوا إلى القبورء وتسوى بهم الأرض كما كانوا من قبل. ويصح أن يكون المراد ألا يبعثوا وأن يستمروا مقبورين» والآرض مسواة عليهم. والباء فى قوله تعالى «بهم» على التخريجات السابقة التى تنتهى إلى معنى واحدء للملاصقة؛ أى يستمرون ملاصقين للأرض على أنهم جزء منها أو فى داخلها. وإن هذا التمنى الذى تدل عليه «لو؛ سببه عصيانهم وكفرهم بالأنبياء. وشهادة النبيين عليهم بالتبليغ وشهادة جوارحهم عليهم بالارتكاب» وقد قال سبحانه من بعد ذلك : - عن محمد بن فضالة الأنصاري - وكان ممن صحب النبى يكْدِ - أن رسول الله يَكِْةٌ أتاهم فى نبى ظفر ومعه ابن مسعود»ء ومعاذ بن جبل» وناس من أصحابهء فأمر قارئا فقرأ فأتى على هذه الآية #فَكَيْف إذا جئنا من كل َم بشهيد وجتنا بك علَى هؤلاء شهيدا» فبكى حتى اضطرب لحياه وجنياه» وقال: «يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف يمن لم أره؟». فائدة: فى بكاء النبى يك من زاد المعاد ج1١‏ ص14 : وأما بكاؤه» فكان من جنس ضحكهء لم يكن بشهيق ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة» ولكن كانت تدمع عيناه حتى تَهْمُلاء ويُسمع الصدره أزيزٌ. وكان بكاؤه تارة رحمة للميت» وتارة خوفا على أمته وشفقة عليهاء وتارة من خشية الله» وتارة عند سماع القرآن» وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال» مصاحب للخوف والخخشية . ا تفسير سور - النساع ا أاا!!! انلف اال لزامط ا ل لاا الا اتا لل انض ل الاالاااالئلتكك! لاا انالك ةلالا تالالا ااال لااللاالااااممااالاللطاللط ططخل ن نطلل لتلا سب ا «ولا يكتمون اللَّهَ حَديًا4 أى لا يكتمون يوم القيامة حديشا من أحاديث أنفسهم» فكل ما يجول بخاطرهم تنطق به ألسنتهم وجوارحهم؛ وإذا كذبت الألسنة صدقت الجوارح. وقوله تعالى: ولا يكْتَمون الله حَديئا 4 عطف على 9 يود 4 فى النص السابقء والمعنى أنهم يودون لو تُسوى بهم الأرض» ولا يكتمون مع ذلك حديثاء أى حال التمنى هذه ربما كانت تسوغ لهم الكذب» ولكنهم مع ذلك لا يتمكنون منه» وإن كذبت الألسنة شهدت سائر الأعضاء. وقيل إن الواو فى قوله تعالى: «إولا يَكتمون الله حَديثًا 4 للحال» والمعنى على هذا: أنهم يودون لو تسوَى بهم الأرض» والحال أنهم مع ذلك لا يكتمون حديثا من أحوالهم فى الدنيا. والمؤدى على التخريجين واحد» فلا مناص من ثبوت جرائمهم. وشهادة الأنبياء بالتبليغ. اللهم إنا نضرع إليك أن تجنبنا الزلل» وأن تغفر لنا خطاياناء وأن تغمرنا برحمتك يوم المطلع والحساب والعقاب» كما غمرتنا بها فى الدنياء فإنك الغفور الرحيم. كايا لذن ءا مَنُوأ لا تَضَّرَيوا لكر 7 001ص وَأَسْر شَكرئ حو تعلموا مالو نَوَلَاجشباإ لاعارى جه وكير هه # ار ملحي عسوو إن م وخ أ وعسفر جاء أ ا انط 2 22 2 2 و 0 سر حدة يَنَكُم من وم 8 تجدواماء 70 يور اه هر ا بوجو تبكخو أ سيد متخو عن ىج هلم أله كانَعَهُوا حَهُورًا ري أمر الله سبحانه وتعالى فيما سبق من قول حكيم بعبادته وحذده» وألا يشرك العبد به شيئاء ثم أمر يعد ذلك بحسن المعاملة» بالأقربين» ثم بالناس أجمعين» ا . تفسير سورة النساع ال 1200د3دذ-ذ-ذ-ذ-ذخذخذدذذد-دب-ب-ب--1 1 1 1ذآ[ذ1[1ذ1ذ1[ذ211110111111111[1 ار ٠١ ااا‎ ١ 37 وبالأخذ بيد الضعيف» وبإخلاص النية له سبحانه فى القول والعمل» وأن الرياء ينافى الاتجاه إلى الله وحده. وفى هذه الآية الكريمة بين طريق المعاملة الكريمة» وتربية الإخلااص له سبحانه وتعالى» وهى الصلاة» وقد ذكرها بذكر ما يجب من مقدماتهاء وهو تطهير الجسم والقلب» فقال سبحانه وتعالى: «إيا أيها الْذين آمنُوا لا تَقربُوا الصّلاة وأنكم سكارَئ حتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُون 4 يذكر المفسرون فى معنى لا تقربوا الصلاة تأويلين: أحدهما: أن المعنى لا تقوموا بهاء أو لا تغشوها واجتنبوها وأنتم سكارى» كما قال سبحانه: ولا تقَربوا مال اتيم 27 4 [الإسراء]ء وكما قال تعالى: ولا 5 تقربوا الزنئ نه كان فاحشة وساء سبيلا 4 . والثانى: أن معنى قرب الصلاة قرب مواضعهاء أى لا تقربوا مواضع الصلاة وأنتم سكارى» وإذا كان النهى عن قرب الموضع قائماء فهو بلا ريب متضمن النهى عن الفعل نفسهء فهذا التأويل يزيد المعنى فيه عن الأول بالنهى عن دخول السكران المسجد حتى يستفيق» وفى ذلك احترام للمسجد وتكريم لبيوت أذن الله تعالى أن يرفع ذكره فيها. والنهى هنا نهى عن الصلاة فى حال السكر»؛ لآن ذلك يتنافى مع الخنشوع والقصد وإخلاص النية فى كل جزء من أجزائها لله تعالى. وقد حَد النهى بنهاية معينة» وهى الاستفاقة وفهم ما يقول» ولذا قال سبحانه: ف حتئ تَعلموا ما تقولون 4 أى حتى تقصدوا قصدا حقيقيا بنتية خالصة. عالمين موقفكم من الله تعالى» وعالمين بما يشير إليه لفظ التكبيرء ولفظ التسبيح» ومعانى الفاتحة التى هى دعاء القرآن وضراعة المؤمن لربه» ومعانى الآيات التى تتلى فى الصلاة» فهذا هو ما يقال فى الصلاة. فليس العلم الذى هو الغاية التى ينتتهى عندها هو مجرد الإدراك والفهم» وذهاب غيبوبة السكرء بل العلم هو هذا اليقين والإدراك العالى الذى به تقام الصلاة» ويكون حسن إقامتها. وقد يقال: كيف يخاطب السكران بهذا النهى؟ والجواب عن ذلك أنه خطاب له وهو فى وعيه بحيث يعمل على تجنب السكر فى وقت الصلاة» ولا ز ها تفسيرسورة النساء لل ١ | الماك‎ ١ 7 قُرْبَ وقتهاء فكان النهى يتضمن الأمر بتجنب الشرب فى أوقات الصلاة وما قبلهاء بحيث يتحرى ألا يجىء وقت الصلاة إلا وهو مدرك إدراكا تاما. وإنه يؤيد هذا قوله: « وأنتم سكارئ 4 فإن هذا التعبير يفيد النهى عن القرب من الصلاة وهم بهذه الحال» فهو يفيد النهى عن السكر قبلهاء حتى يكون صاحيا وقتها . وإنه يترتب على هذا مراعاة أن يكون السكر فى غير أوقات الصلاة» وأن يتأكد أن وقت الصلاة لا يدركه إلا وهو يعلم ما يقول» فلا يسكر الشخص قط فى أثناء النهار؛ لأنه لا يمكن أن يضمن الصحو فى وقت الصلاة» إذا شرب مسكرا فى أثناء اليوم. ولا يتمكن من السكر إلا بعد العشاء» وإنه يجب أن يعلم أن الصحابة الذين كان يقع منهم الشرب أحيانا قبل التحريم الشافى» منهم من كان يتهجد فى الليل» وإذا تردد بين الشرب والتهجد آثر صلاة الليل. وإن ذلك كله قبل التحريم القاطع المنهى لحال العفو عن الشرب» وقد قالوا: إن ذلك قبيل كان من التدرج حتى يألفوا اجتناب الخمر» ويستأنسوا راجيا إلا عابي سيل توا والجنب اهو من أتى النساء ولم يغتسل» وتكون المرأة أيضا جنباء وهو يستعمل وصفاء وأصله مصدرء ولذلك يطلق على المفرد والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحدء ولفظ جنب هنا المراد به الجمع » وهو عطف على الحال» وهو: وأنتم سكارئ 4 . والمعنى: النهى عن قرب الصلاة جنباء كالنهى عن قرب الصلاة (وهم سكارى). وإذا كان النهى فى الأول مؤداه الأمر بتجنب السكر وقت الصلاة. فكذلك الأمر هنا مؤاده تجنب ما يكون سببا للجنابة وقت الصلاة. وقوله تعالى: «إإلاً عابري سبيل 24 قال بعضهم: إنه المسافر» لأن المسافر يعبر الطريق ولا يتوقف بل يسير. وقد استبعد الأستاذ الشيخ محمد عبده أن يعبر عن المسافر ب «عابر سبيل» بل التعبير القرآنى الشائع هو كلمة «على سفر». وقالوا إل تفسير سورة النساءع سسا سا9 الج مر 7 إن تفسير عابر السبيل بالمسافر هو على منهاج من يفسر «إلا تَقَرَبُوا الصّلاة 4 بقربها هى. وأما من قال إن المراد من قرب الصلاة قرب موضعهاء المتضمن النهى عنهاء فإنه يكون معنى عابر السبيل الذى يمر من المسجد لحاجةء فإن الجنب محرم عليه دخول المسجد إلا أن يكون عابر طريق فيه لحاجة» ولا يمكنه الوصول إلى حاجته إلا إذا مر من المسسجد. وقد مر أن النهى عن قرب مكان الصلاة وهو جنب نهى ضمنى عن الصلاة ذاتهاء ولذا أشرنا باخختياره» ولقد روى أن عائشة رضى الله عنها قالت: «جاء رسول الله كَكِلْةّ ووجوه بيوت أصحابه شارعة فى المسجدء فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد)0ا؟, فقبل توجيه البيوت كان بعض الذين بيوتهم تجاور المسجد لا ينفذون إلى الطريق إلا منه» وبعض فقراء الصحابة كانوا يقيمون فى المسجدء ولهذا استثنى عابر السبيل منه لحاجتهء لكيلا يكون على المؤمن حرج . وقوله تعالى: «إحتّ تَغْتَسلُوا 4 بيان لغاية المنع بالنسبة للجنب» فكما أن المنع بالنسبة لمن هو فى حال سكر هو أن يعلم ما يقول» فكذلك النهى لمن هو فى حال جنابة نهايته هو الاغتسال. والاغتسال تعميم الجسم كله بالماء» وإن الاغتسال بعد الجنابة طهارة حسية» ونفسية» وتعويض بدنى» وإنعاش للأعصاب بعد أن أنهكت أو أجهدت . وإن الطهارة النفسية بالاغتسال لا فى الاغتسال والاستعداد به للصلاة من تذكر لله تعالى وقت أن استحكمت الشهوة وتحكمت ونفذت» فتخلص نفسه من المادية التى كانت فيها وسيطرت عليهاء وإذا تذكر الله طلب الولد والنسل والذرية الطيبية من زوجه الطاهرة. وأما الإنعاش للأعصاب» والتعويض البدنى» فإن هذين الأمرين يؤيدهما الحس والتجربة» ولا ينكرهما الطب. وإن بعض الناس يكون مريضا يشق عليه استعمال الماء» أو يكون على سفر يشق عليه الحصول على الماء» ولذلك شرع له التيمم» وهو طهارة روحية فقط» إذا عجز عن الطهارة الحسية بالماء» ولذا قال سبحانه : 2)١751/( رواه أبو داود (؟15؟5؟), والبيهقى فى السئن الكبرى ركحه )ل وفى صحيح أبن خزية‎ )١( ها تفسير سورة النساء كم الل بزل زه يي 0 وإن كم مرضي أو عَئ سقر أو جاء أحَد كم من القائط أو لامستم التساء فم تجدوا ماء فعيْسَمُوا صعيدا طَيبَا 4 هذا النص اشتمل على الأعذار التى تسوغ التيمم» وأول هذه الأعذار المرض» وهو الذى يضر معه استعمال الماء» أو يزيده الماء» أو يبطئ برءه» فإن الله يرخص لهذا المريض أن يتيمم بدل أن يتوضأء أو يغتسل إذا كان الموجب لاستعمال الماء هو الجنابة. وثانى هذه الأعذار السفرء والسفر عادة يقل فيه الماء» فإذا لم يجده أصلاء أو كان ما معه من ماء يبقيه ليتقى به العطش فى مجاهل الأرضء» فإنه يكون له أن يتيمم بدل الوضوء والاغتسال» كل فى موضعه وعند تحقق سببه. والثالث عدم وجود الماء فى الحضر من غير سفرء فإنه يسوغ التيمم. . ومثل حال المرض ما إذا كان الماء باردا بردا شديداء ولا يوجد معه ما يدفىء به الماء» ليتقى ضررهء فإنه يسوغ التيمم» وقد أقر النبى يله ذلك» فقد كان عمرو بن العاص على سفر فى غزوة» فأصابهم ما أوجب الاغتسال» وكان البرد شديداء والماء شديد البردء فتيمم خشية من استعمال الماء الشديد البرودة؛ وأبلغ ذلك للنبى فأقره(١2‏ وإنه إذا كان المرض يجيز التيمم فتوقعه المؤكد أو الذى يغلب على الظن يبيح التيمم أيضا. وبين سبحانه بالإشارة أسباب الوضوء أو التيمم فقال: أو جاء أحد مُنكم من الْقائط أَوْ لامّستم النَسّاء4» والغائط من الغيط» الأصل فى معناه ما انخفض من الآرض» والجمع غيطان وأغواط» ولما كان ما يلفظ من باطن الإنسان عن طريقه () عن صمرو بنو لامي قَال: احتَلمت فى لَيلَة بَاردة فى غَرْوَة ذَّات السّلاسل» تَأشقفت إذ إن عْتَسَلْت أن أهلك» ميسنت كم صلَيت بأضحابِى اميم كرا َلك لاي به مَقَال: ٠‏ عَمَرو! صِل بأصحَابك وأنت جِنُب؟) فأخيرثة اذى متعتى من الاغتسّال وقلْت: إنَى سمعت ل اللّه يقول: ورلا تَنيْلُوا نكم إن اله كَانَ بِكُمْ رَحِيسَاب قحك رَسُول الله يل ولم يقل شَيئًا. [رواه أبو داود: الطهارة - إذا خاف الجنب البرد أيتيمم» وأحمد: مسند الشاميين (176) وذكره البخارى تعليقا: كتاب التيمم» » فقال: باب إِذَا خَاف الْجنْبْ عَلَى نقسه الْمرضُ َه د 07 أو الْمَوْتَ أو خخاف المطش تَيْمُمَ وَيذكَرُ أن عَْرَو بْنَ لاص أجْتّب فى ليله بَارِدة تيمم ولا: «ولا تَفُْنُوا أنفسكم إِنّ الله كان ب بكر حيما4 فَذكرَ لبي يلق فلم يُعتّا. هاا تفسير سورة النساء لل ل 010100 لم لبلب يي الطبيعى يكون فى غوط الأرض عند الكثيرين من أهل البادية أطلق عليه ذلك الاسم» من قبيل إطلاق اسم المكان على ما يحل فيه» وهذا مجاز عربى اشتهر حتى صار حقيقة عرفية» والمجاز إذا اشتهر صار كالحقيقة لا يبحث له عن أصل» ولا عن علاقة» فصار يطلق ولو كان ذلك الملفوظ لا يلقى فى غوط الأرض أو وقوله تعالى: ظأَوْ لامستم 4. فى قراءة: .أو لامَسثم النَسَاء 2274 كناية عن الدخول بهن» فهو لا يعبر عن هذا المعنى إلا بهذه الكناية الظاهرة» ومثله المس يعبر به عن الدخول» فقد قال تعالى :يا يها الذي آمنوا إِذا تكحتم المؤمنات ثم طلقمو من قبل أن مَسَسُوَُ فمَا كم لين من عدة نوها 550 4 [الأحزاب ]ء وقال تعالى: «إلا جتاح عَلَيْكُم إن طلقم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لَهنّ فُريضة 208 4 [البقرة]ء ففى هذه العبارات السامية وأمثالهاء يكون المس المراد به الدخول. وقد جوز الشافعى الجمع بين الحقيقة والمجاز» فلم يمنع أن يراد باللمس معناه الحقيقى وهو مس بشرة الجسم» ومعناه المجازى أو الكنائى» وهو الدخول بالمرأة» واذا نقض الوضوء عنده بمطلق لمس امرأة ليست ذات رحم محرم ما دامت قد بلغت البلوغ الطبيعى . و (أو) فى قوله تعالى : « أو جَاء أَحد مُكُم من القائط # قال بعض العلماء إنها بمعنى الواو» والمعنى على ذلك: وإن كنتم مرضى» أو على سفرء وجاء أحد منكم من الغائط» أو جامعتم النساءء فتيمموا صعيدا طيبا. والأولى أن تكون على معناهاء ويكون الكلام على تقدير محذوف دل عليه ما بعده» وتأويل القول هكذا: وإن كنتم مرضى أو على سفرء» وأصابتكم جنابة» أو ما ينقض الوضوء. فتيمموا. أو أصابكم ما ينقض الوضوء أو ما يحدث جنابة فلم تجدوا ماء فتيمموا. ويكون فى الكلام تقسيم حسن أوله التيمم لأجل المرض أو السفر وشح الماء» )١(‏ قرأها «المستم» بغير ألف: حمزة والكسائى وخلف, والمفضل عن عاصم» وقرأ الباقون «الامستم». غاية الاختصار - ج؟. ص56 . تحقيق د. أشرف محمد فؤاد طلعت. التوعية الإسلامية . ا تفسير سورة النساء ال لسرب ل والثانى التيمم فى حال الإقامة إذا لم يوجد الماء» ويكون قوله تعالى: ل قَلْم تجدوا ماء 4 متصلا بحال السلامة والإقامة» وهو معقول؛ إذ المرض يسوغ التيمم» ولو كان ماء» والمسافر قد يجد الماء ولكن يحتاج إليه للشرب» والإقامة التى لا يكون فيها الماء» ويكون فقده هو المبرر وحله. «فَيَمّمُوا صعيدا طَيا 4 التيمم معناه فى اللغة القصدء وأطلق شرعا على القصد إلى التراب لمسح الوجه واليدين بهء ولذا قال: 9 فَنَيَمَمُوا صعيدا طَيْا 4, أى اقصدوا ترابا على ظاهر الآأرض طاهرا. فالصعيد هو سطح الأرض» والتيمم من التراب الثابت فيه» ومعنى الطيب الطاهرء فمادة التيمم تراب طاهر» والتيمم عبادة يتقدم بها إلى الصلاة» والأمر فيها تعبدى» لا يبحث عن علته» ولكن الطاعة فيه تدل على قوة الإيمان» وهو كيفما كان رمز لخلوص القلب وصفاء النفس بالاتجاه إلى الله تعالى. وينقض التيمم ما ينقض الوضوءء كما ينقضه وجود الماء والقدرة على استعماله قبل انتهاء وقت الصلاة أو قبل أدائها به؛ فإجماع العلماء أن على من وجد الماء أو قدر على استعماله قبل أداء الصلاة - نقض تيممه ووجب عليه الوضوء. وقد بين سبحانه وتعالى أركان التيمم فقال: ظفَامحوا بوجوهكم أَيْدِيكُم » أى امسحوا وجوهكم وأيديكم بالتراب. وقد اتفقوا على ضرورة مسح الوجه كله كالوضوء» والأكثرون على أن مسح اليدين إلى المرفقين» وهو المخصوص عليه فى القرآن بالنسبة للوضوءء فقد قال تعالى: 9إيا أَيْها الّذِين آمَنوا إِذَا مم إِلَى الصّلاة فَاعْسلُوا وجوهكُم وأَيْدِيكم إِلَى الْمرَافق +22 4 [المائدة] والأكثرون بالنسبة للديمم على أنه من ضربتين: إحداهما للوجه.ء والأخرى لليدين» ومسح اليدين يكون ظهرا وبطناء ليعم المسح أجزاءهما. إن الله كان عفوا عَفُورًا # ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بهذا النص الكريم لبيان أن الله تعالى متصف بالعفوء فلا يختار لعباده إلا السهل اليسير الذى يسهل عليهم أداؤه من غير مشقة مرهقة» ويعفو عن التقصير فى الواجبات الأصلية 0 تفسبير سبور: ة النساعء لل م لس ات للأعذار» ويفتح باب الرخص» ويجب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه» ويجعل :كل ما هو شاق مرهق فى مرتبة العفو دائماء وهو الغفار كثير المغفرة لمن يتوب إليه» وقد أكد سبحانه هذين الوصفين بثلاثة أمور: أولا: (إِنْ) فهى من أقوى ألفاظ التوكيد» و (كان) فهى تدل على استمرار عفوه ومغفرته سبحانه» وبالجملة الإسمية فلها فضل توكيد فى المعنى الذى اشتملت عليه. اللهم اعف عنا واغفر لنا وارحمنا وأنت أرحم الراحمين. ص 0 0 ضِعِهِ 7 َ مَِمْنَاوَعَصَيْنَا ومع عير صسمَع وَواعنَا عِنا َالْيَايا ِنَم ا دن وَلوَأَمُم هاوأ معنا وَأطعنَاوَأسهم ونا 6 ا وأو مولن لمعم يفره فلا موصو 0 فى الآيات السابقة بين سبحانه وتعالى وجوب الإخلاص لله سبحانه وتعالى فيما يؤدى العبد من فرائضء. وما يقوم به من صدقات». وأشار إلى أن الرياء يمحق فعل الخير» ويقرب العبد من الشرك» بل إن الرياء فى العبادات هو الشرك الخفى» ثم بين سبحانه وتعالى مقام أهل الإيمان تمن سبقوهم» ومقام صاحب الرسالة فى الشهادة على كل من سبقوه» فرسالته هى الحق» وأنه لاا يصح لمؤمن أن يستمع لما يكذب به الضالون من أهل الكتاب» وقال سبحانه فى ذلك: ها تفسير بوره - النساعء الل اال الالالال لحب ا « ألم تر إِلَى الّذين أوتوا تصيبا مَنَ الكتاب يشترون الضّلالة 4 «أَلم تر» هذا تعبير قرآنى قد تكرر فى كثير من آى القرآن الكريم» وأصل الصيغة للاستفهام. وهو موجه إلى عدم الرؤية» والاستفهام إنكارى لنفى وقوع ما دخل عليه» فإذا قال القائل: أفعل فلان كذا. . ؟! يستنكر نسبة الفعل إليه» فمعناه نفى الفعل مع توبيخ من نسب إليه ذلك» أو تنبيه السامع إلى النفى؛ لأن معناه حيتئذ: ما وقع من فلان هذا الفعل» وما كان يعقل أن يقع منه. والاستفهام هنا متجه إلى أمر منفى» ويقول العلماء إن نفى النفى إثبات» فيكون معنى النص: قد رأيت ونظرت ببصيرتك وبصرك إلى عمل الذين أوتوا نصيبا من الكتاب» وفى هذا التعبير تنبيه إلى تأكد العلم بحال هؤلاء الذين تراهم من أهل الكتاب» وقد وصفهم الله تعالى بأنهم أوتوا نصيبا أى مقدارا من الكتاب ولم يؤتوا الكتاب كله؛ لأنهم نسوا حظا مما ذكروا به ولأن الأحداث التى توالت عليهم من غارات التتار ومظالم الرومان» قد جعلت أجزاء من كتبهم تتقطع سلسلة سندهاء ويذهب عنهم علمهاء وهم فوق ذلك لم يعملوا بأحكام ما وصل إليهمء فهم قد وصل إل بعض الكتاب» وحرفوا ذلك الذى وصل إليهمء وأولوه على غير معناه» وأهملوا العمل بأكثرهء فهم لم يؤتوا علما وتفسيرا وعملا إلا أقله! . وموضع التنبيه والغرابة ليس هو وصفهمء وإن كان فى ذاته أمرا أعجباء إنما موضعه أنهم يبتغون الضلالة ويطلبونها ولو دفعوا فيها أغلى الأثمان» وهو الهدىء ولا يطلبونها لأنفسهمء بل يريدون أن يكون غيرهم مثلهم فى ضلالهم» ولذا قال سبحانه وتعالى : 9 يشترون الضلالة ويريدون أَنْ تضنُوا السّبيل » أى تبعدوا عن الطريق المستقيم الذى هو صراط الله تعالى الذى قال فيه تعالى: ‏ وأَنَ هذا صراطي مستقيما فَاتَبعوه ولا تبعوا السبل فتََرّق بكم عن سبيله +429 4 [ الأنعام] . وهنا يرد يحثان لغويان: أحدهما أنه ذكر هنا المطلوب وهو الضلالة. ولم يذكر المتروك كما فى بعض الآيات الكريمة: < أُولَتك الّذِين اشتروا الضلالة بالهدئ متت 4 [البقرة] والجواب عن ذلك أن ذكر المطلوب وهو الضلالة من غير ذكر ل ل تفسير سورة النساعء ا 0 ال ١: ااا‎ ١ لي يطلبون الضلالة فى ذاتهاء فالبعد عن الحق مطلب لهم وغاية: لأنهم مَرَدُوا على الباطل لا يستمرئون غيره ولا يبتغون سواه!! ويدل على هذا أن هناك قراءة بالياء(؟ فى (أن تضلوا) وتكون الآية على هذه القراءة: (ويريدون أن يضلوا) أى أنهم يبتغون الباطل ويريدونه ولا يقعون فيه عن جهل وعماية» بل عن قصد وإرادة» وذلك شر ما تبتلى به النفس . البحث اللغوى الثانى : أن «ال) ذ فى السبيا للعهد. لا للاستغراق» والسبيا الحق معروف بين لا اعوج فيه وهو اوحله الموصل إلى الحق ؟ لأنه الطريق المستقيم » ولأنه صراط العزيز الحميد. وإن هؤلاء هم أعداء أهل الإيمان حقا وصدقا؛» لأنهم يبستغون الضلالة لأنفسهم»ء ويبتغون الضلالة لغيرهم من المؤمنين» ولقد قال سبحانه مقررا عداوتهم: «إوالله أعلم بأعدائكم وكفئ باللّه وليًا وكقئ بالله تصيرا» فى هذا النص السادس تمذير للمؤمنين من هؤلاء الذين أوتوا حظا من الكتاب» وهم يطلبون الضلالة ويبتغونها لأنفسهم وللمؤمنين» لأنهم يحسدونهم» ولأنهم يريدون لهم الخذلان والضلال وأن يكونوا قوما بوراء»! وقد أشار بالنص الكريم إلى أنهم أعداء المؤمنين» وإن كانوا يخفون ما لا يبدون» ولذا قال سبحانه وتعالى : ف( واللّه أُعلّم بأعدائكم 4 أى أن ال جلت درت أعلم منكم بأعدائكم» لأنكم تعلمون ما الصدون دل سل يم أخرى : (يا أْها دين آمنُوا لا ّدو بطاة من دُونكُم لا يَُوَكُم حبالا دوا ما عَم قد بدت الْبَصاء من أفواههم وما تُحَفِي صدورَهم أكر قَد بين لكم الآيات إن كسم تعقُون 412 ها أنشم أولاء تحبوتهم ولا يحبُوتكم وتؤمنود بالكتاب كله وإذا وم قَالُوا آنا وذ حَلَوا ُو يكم الأتامل من اليظ قل . ليست فى العشر المتواترة‎ )١( ها تفسير سورة النساع الال 1 وه : 2 مُونُوا بِعيِظكُم إن الله عليم بذات الصّدور 6737 إن تمسسكم حَستة تسؤهم وإن تصيكم سيَعةٌ يفرحوا بها وإن تصبروا وتَقُوا لا يضركم كيدهم شيا إن الله بما يعَملُونَ محيط جم © [آل عمران ]. ومع أن هؤلاء أعداؤكم فلا تخافوهم ولكن احذروهم»ء ولا تتخذوا منهم أولياء توالونهم» بأن تنخذوا ولايتهم ولاية لكم بأن تنضووا تحتهاء ولا تستنصروا بهم لأنهم يريدون لكم الخذلان لا النصرء ومن اعتز بغير الله ذل» ومن استنصر بعدوه خذل» وقال سبحانه: « وكَقَئ باللّه وليا وكفئ باللّه نصيرا 4 ويكفى المؤمن فى الاعتزاز أن يكون الله وليه» لا ينضوى إلا تحت لواء أهل دينه» ولا يدخل فى ولاية غير ولايتهمء كما قال تعالى: 8إِنَّمَا وليكم الله ورسوله والّدِين آمنوا نزتم > [المائدة] . وكما أنه يكفى المؤمن أن يكون الله وليّهء فإنه يكفيه أيضا أن يكون الله تعالى ناصره: إن يَنصرَكُم اللَهُ فلا غالب لك ون يحَذْلْكُم فَمَن ذا الذي ينصركم من بعده وعلَى الله فَيَوَكُلٍ المؤمنوث +420 4 [آل عمران] . وهنا بحثان لغويان: أولهما: أن النحويين يقررون أن الباء فى قوله تعالى: #وكفئ باللّه» زائدة فى الإعراب» ولكن ليست زائدة فى المعنى؛ إذ هى تشير إلى تضمن الاكتفاء بولاية الله وعونه ونصرته» وكان المعنى: اكتفوا بولاية الله ونصرتهء وكفاكم الله الولاية والنصرة والمعونة. والبحث الثانى : تكرار كلمة 9 وكفى باللّه 4 وذلك لإلقاء الاطمتئنان فى قلوب المؤمنين» فإن التكرار فيه توكيدء وفيه الإشعار بعظمة الله جل جلاله الذى يتولى ولايتهم ونصرتهم. « من الّذين هادوا يحرفون الْكلمِ عن مُواضعه 4 هذه طائفة من أعمال اليهود فى استماعهم لدعوة النبى إلى الحق» وإلى صراط الله المستقيم» وقد ذكر سبحانه أن منهم فريقا يحرفون الكلم عن مواضعه. فقوله تعالى: طمن الّذِينَ هَادوا يحرفون 4 فيه مبتدأ محذوف يقدر بفريق» والتحريف معناه الإمالة وجعل الكلام محتملا غير معناه. . 99لا تفسبير سورة النساع 1 سس 9 0 كككااكة :2 يي جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى: تحريف الكلام أن جعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين. قال عز وجل: ١‏ يَحَرَقُون الْكلم عن مواضعه 4 ومن بعد مواضعه: « . .. وقد كان قريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرَفُوته من بعد ما عقُوه وهم يَعَلمُونَ 27 4 [البقرة] . وهذا الفريق ليس تحريفه هو التحريف العام الذى وقع من اليهود فى تأويل كتبهم وإهمال كثير منهاء وإخفائهم التبشير بالنبى وَلْوٌء إنما تحريفهم هو حمل كلام النبى كَل على غير وجهه. وجعله يحتمل ما لا يراد به كما سنبين» هذا الفريق هو الذى قال الله تعالى فيه: « وقد كان فريق منهم يسمعون كلام اللّه ثم يحرفوته من بعد ما عقَلُوه وهم يعلَمُون +720 4 [ البقرة] . فهذا الفريق لا يكتفى بما فعله أسلافه وما يتحمل وزره الذين يعلمون الكتاب المنزل من قبل ويكتمونه» بل إنه يجعل كلام النبى يَكلٍ منحرفا فى أذهانهم الملتوية عن حقيقة معناه. ويتهكمون عليه» ويحملونه بأغراضهم الفاسدة ما لا يحتمل من المعانى» ولا يكتفون بذلك التحريف» بل يجمعون مغه النطق بالعصيان عند السماع» وقد قال الله سبحانه عن تلقيهم لأحكام الشرع التى يبينها النبى عله : 1 « ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غيْر مُسْمَعٍ4 وإن حال هؤلاء الذين يحرفون الكلم عن مواضعهء كما حرف أسلافهم كتبهمء إنهم إذا سمعوا ما أنزل على الرسول لا يستمعون ليتبعوا الحق إن ظهرت بيناته» بل يستمعون على نية الرد والاستمرار فى العناد» وسد كل أبواب الهداية لكيلا تصل إلى قلوبهم» فإذا سمعوا الرسول يدعو إلى الحق» وإلى صراط مستقيم» جمجموا فى أنفسهه”'' أو غمزوا به فيما بينهم قائلين: ا سمعنا وعصينا 4 أى سمعنا قولك ووعيناه» وعصينا ما تدعونا إليه؛ وإن كان الحق الذى لا مرية فيه» ولا توجد نفس أوغلت فى علا )١(‏ والجمجمة: أن لا بين كلامه من غير عي» وفى التهذيب: ألا بين كلامك من عي. ا تفسيرسورة النساع ١ن‏ ااانا ااانا لان انك الا قانخلا اناكم اناا ااط تالكا للنا نالا تلان طنط لللاالنططخط طمن طلخل لال للاخ ال طلا املاطل طاطخلل الل مط لططط ططخم تاللا لس اق العناد بأكثر من ذلك!! وإنهم يردفون ذلك القول العاصى الذى يرددونه فيما بينهم بكلام من جنسه فيقولون:8 واسمع غير مُسمَعٍ4. وقولهم إ واسمع 4 المراد به اسمع صدى دعوتك لنا وردنا عليهاء وقد ذكر الزمخشرى أن كلمة غير ممع 4 تحتمل ثلاثة وجوه: أولها: أن يكون المعنى الدعاء على النبى الكريم بأن يصاب بالصمم فلا يسمع» أو لا يسمع خيرا قط. والوجه الثانى: أن يكون المعنى غير مسمع كلامك فلا يجاب ولا يقبل. والوجه الثالث : ما ذكره بقوله رضى الله عنه: «ويجوز أن يكون غير مسمع مفعول اسمع أى اسمع كلاما غير مسمع إياك؛ لأن أذنيك لا تعيه نبوا عنه)». وإِنّا نختار ما عليه أكثر المفسرين» وهو أن يكون مرادهم لعنهم الله الدعوة عليه» عليه الصلاة والسلام بعدم السماعء وذلك هو الذى يتفق مع ما عرف عنهم من حقد وحسد للناس على ما آتاهم الله من فضل» وما أودعت نفوسهم من بغض للناس وكره لهم» لحسبانهم أنهم المستحقون للتكريم والرفعة وحدهم بزعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه» زادهم الله خزيًا فى الدنياء وعذابا فى الآخرة» وزاد الله محمدا يِه وشريعته رفعة وتكريما وإعزازا. وإن هؤلاء لعنهم الله يلوون ألسنتهم طعنا فى الدين» ولذلك حكى الله عنهم ذلك فقال: وراعتا ليا بألسنتهم وَطَعنا في الدذين 4 بدل أن يعبروا فى خطابهم بقولهم : «انظرنا» نظرة رعاية ومحية طالبين منه الإقبال عليهم» وإن كان ذلك موجوداء يقولون ‏ وراعنا 4 يفتلون بها السنتهم ويحولونها عن المعنى الظاهر لها إلى معنى غير قويم ولا مستقيم» وهو رمى النبى يَكةٌ بالرعونة والسفه» ويطعئون بذلك فى الدين الذى يدعو إليه» والحق الذى ينفذه. وقد جاء فى مفردات الراغب فى تفسير قولهم: وراعنً»: «قال الله تعالى: 9 ... لا تقولُوا راعنا ... 23# 4 [البقرة]ء ط وراعنا ليا بألستتهم وَطَعنًا في الدّينٍ» كان ذلك قولا للنبى كَل على سبيل التهكم يقصدون رميه بالرعونة» ويوهمون أنهم يقولون: (راعنا» أى (احفظنا) فهم ينطقون بالكلمة على أن النون من بنية الكلمة؛ وليس ضمير المتكلمين» وذلك لَى اللسان وفتله» والطعن فى الدين. ل ل تفسير سورة النساع 11111 ااا ااا اااااالالااان ااال لاز اناا الخللاللن تالالض خلاتلتلنا تلاط طخ ططخم الا خا خختطخا لا املاطل لطامت الااللانططططنط ل اللالتللر ال كك يي" « ولو أَنّهِم قَالُوا سمعتا وأَطعًا واسمع وانظرنا لكان حيرا لهم وَأَقُوَمَ 4 هذا بيان لا كان ينبغى» والمعنى: لو ثبت لهم أنهم قالوا سمعنا الحق واتبعناه» وكلام الرسول وأطعناه» ولو قالوا للرسول اسمع إجابتنا دعوة الحق» وانظر إلينا نظرة إقبال وعطف ورعاية من غير أن يلووا ألسنتهم» ويحرفوا القول عن موضعه؛ وما يدل عليه بظاهره» لكان ذلك خيرا لهم؛ إذ يفتح باب الهداية فى قلوبهم ولا يطمس عليهاء ولا يكون ذلك الخزى والذل فى الدنياء» أدامه الله تعالى عليهم وبدلهم من أمنهم خوفاء إلا من تاب وآمن وعمل عملا صا حاًء ولكان ذلك خيرا لهم © وأَقُوم 4 أى كان هذا هو الأمر القويم الذى يجب أن يسلكه العقلاء طلاب الهداية. وأفعل التفضيل ليس على بابه» ومعناه أن يكونوا بلغوا من الاستقامة أقصاه» ولكنهم ضلوا ضلالا بعيداء ولذلك قال سبحانه: ( ولكن لهم الله يرهم فلا يؤمنون إلا قلا استدراك ما كان ينبغى لهم أى أنهم لم يفعلوا ما ينبغى ؛ لأن الله تعالى لعنهم بأن طردهم من رحمتهء فبعدوا عن الهداية بسبب إصرارهم على الكفرء وهم بذلك دخلوا فى الكفر بإرادتهم» وأوغلوا فيه حتى صار الكفر بالنبوات ديدنهم» فغلقت أبواب الحق عليهم وطمس الله على بصائرهم» فلم تر الحق ولم تذعن له» فلا يؤمنون» أى ليس الإيمان من شأنهم بعد أن كان منهم ما كان» ولكن الله تعالى بعدله وحكمته لا ينفى الويمان عنهم نفيا مطلقاء بل يقرر أن منهم من يؤمن» ولكنه عدد قليل» ولذا قال سبحانه وتعالى: فإ قلا يؤْمنون إلا قليلاً4 أى إلا.عددا قليلا لا يدخل فى عموم اللعنة التى كتبها الله تعالى عليهم فى جملتهم, وهذا كقوله فى آية: 9 منهم أُمَهُ مقتصدة وكثير مَنهم ساء ما يعْمَلُونَ 57 » [المائدة] ‏ هدانا الله تعالى إلى الحق . ز (ا) تفسير سورة النساع ال 00 1 كوه : في اس مم 1 02 أَىَ أن كايا لَدِنَ أونوا الكتتب عسوا مانا هه 21 0 2 7 2 3 24 28 0 مصد قا( مَعَككم من قبل أن تَطمسَ و جوها قثر ده كت 020 2 آ سر رس يه و أدبارٍ أَوَتَلْعَنبْجَ كما لعذًا أصصبّ ب لدت مَكَانَ أَمُرُ مدني مجعو هه حطور 0 124 وء هال لله الله مفعو عي إن الله 12100100 42 22 2 سر عر عو 2 صي_ه | سه رح هه ع ذلْك لِمنيْشَاء مَن دشر يألله فمَر فر ءآإِتْمَاعَظِيمًا دخو : 4 يقرن الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم طلب التوبة والإيمان بحال اللأنبين ولو كانوا قد أسرفوا على أنفسهم» كما قال تعالى: طقل يا عبادي الذين رفوا علئ أنفسهم لا تقتَطوا من رَحمَة الله إن لله فر اللذنوب جميعا + 4 [الزمر]ء فباب الإيمان والتوبة مفتوح للعصاة والكافرين» وإن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف. وإن أولئك اليهود الذين كانوا فى عصر النبى كَكلَة ولا يزالون على عهدهم.ء قد أسرفوا فى عصيانهم» ولجحوا حتى لقد كان قائلهم يقول إذا سمع دعوة الحق: 9 ... سمعنا وعصينا ... +(2) # [النساء] ويلوون السنتهم استهزاءً عند سماع الهدى النبوى!! ولا لجحاجة فى الكفر أكثر من الاستهزاء بالداعى إلى الإيمان! ومع هذه الحال فيهم وجه الله سبحانه وتعالى الدعوة إلى الإيمان منذرا من لا يجيب» ومرغبا من يجد باب الهداية مفتوحا فى قلبهء فقال: يا أَيهَا الّذينَ أوتوا الكتاب آمنوا بما نَرَلنَا مصدقًا لما معكم 4 النداء لأهل الكتاب كما ترى» والتعبير بالموصول للإشارة إلى أن إعطاء علم الكتاب لهم كان يوجب أن يؤمنواء لا أن يعرضوا ويعاندوا ويلجوا فى العناد. وفى النص الكريم تحريض على الإيمان بثلاثة أمور: تفسير سورة النساء 01[ لحب أ أولها: أنهم أوتوا علم الكتاب وعلم النبوات» وأنهم يعلمون الوحى الإلهى» والكتاب الذى نزل على نبيهمء والأنبياء قبلهء وإن ذلك كله يوجب المسارعة إلى تلبية داعى الحق إذا دعواء وألا تأخذهم العصبية الدينية» كما تأخذ أهل الشرك العصبية الجاهلية. وثانيها: أن هذا الإيمان هو التصديق بما نزل الله تعالى على نبيه» والله هو الذى أنزل على نبيكم أو أنبيائكم شرائعه» وهو الذى نزل الشريعة التى تدعوكم إلى الإيمان» ووحلدة المنزل توجب الإيمان بكل ما أنزل» وإلا كنتم تؤمنون ببعض وتكفرون ببعض . وثالثها: أن هذا الذى يدعوكم رب العالمين إلى الإيمان به» هو يصدق ما معكم من الحق؛ لآن البشارة برسوله عندكم» وقد كنتم تستفتحون به على الذين كفرواء ولآن الفضائل الدينية والاجتماعية قد اتفقت فيما يدعو إليه النبى مع ما دعا إليه أنبياؤكم من قبل» فالوحدة الدينية قائمة بوحدة المزل» وبوحدة الحق الذى يدعوكم إليه رب العالمين. وقد يقول قائل: فى الآيات السابقة» ذكر سبحانه فى غير هذا المقام أنهم أوتوا نصيبا من الكتاب» وأنهم نسوا حظا ما ذكروا بهء وفى هذه الآية يناديهم بأنهم «أوتوا الكتاب»؟ ونقول فى الإجابة عن ذلك: إن نسيانهم حظا مما ذكروا به» ٠‏ وتركهم نصيبا منه» لا يمنع الحكم بأنهم أوتوا الكتاب؛ لأنه نزل على أنبيائهم السابقين كاملا غير منقوصء» فهم أعطوه ثم نقصوهء والخطاب لهم على أساس ما أوتوه» لا ما حرفوه» ولعله كان من أحبارهم من يعلم علم الكتاب كله بل إن ذلك يشير إليه القرآن الكريم فى قوله تعالى: إن الّذين يكتمون ما أَنلنَا من اينات والهدئ من بعد ما بِينَاهُ للئّاس في الكتاب أُولتك يلعنهم الله ويلعنهم اللأعنون 23 إلا دين ُو وأصلحوا وبيُوا فك أَنُوبُ يهم وآنا لاب الرحيم 73 4 [البقرة ] . ها تفسير سورة النساع 7 00 ١ 1 يي وقد يكون معنى الكتاب هنا جنسهء وهو يشمل ما بقى عندهم معلنا معرفاء وإن كان ناقصا محرفا. «إمن قَبلٍ أن تُطْمس وجوها فَتْردُها علئ أدبارها أو تلعنهم 4 هذا إنذار بسوء العاقبة فى الدنيا والآخرة إن لم يؤمنواء وقد جاء فى مفردات الأصفهانى فى معنى الطمس ما نصه: (الطمس إزالة الأثر بالمحوء قال تعالى: ل فَإِذَا النجوم طُمِسّت >4 [المرسلات]ء «إربنا اطمس علئ أموالهم ... 4227 4 [يونس] أى أزل صورتهاء ولو نشاء لطمسنًا على أعينهم 00 7( 4 [يس] أى أزلنا ضوءها وصورتها كما يطمس الأثر. وقوله تعالى: «إمُن قَبلٍ أن نُطْمس وجوها فَنَرَدُهَا على أدبارها أو تلْعَنَهُم 4. منهم من قال عنى ذلك فى الدنياء وهو أن يصير على وجوههم الشعرء فتصير صورهم كصور القردة والكلاب» ومنهم من قال ذلك هو فى الآخرة إشارة إلى ما قال تعالى: وأمًا من أوتي كتابَه ورَاء ظهره 2ج © [[الانشقاق]ء وهو أن تصير عيونهم فى قفاهم. وقيل معناه يردهم عن الهداية إلى الضلال»ء كقوله تعالى: 8 وَضْلَهُ الله على علم وَحَتم عَلَى سمعه وقَلبه #2 »4 [اجاثية: *]. وقيل عنى بالوجوه الأعيان والرؤساءء ومعناه نجعل رؤساءهم أذنابا وذلك أعظم البوار). هذا هو التفسير اللغوى لمعنى الطمس» وقد حاول الأصفهانى تخريج الآية التى نتكلم فى معناها على ما ارتأى من وجوهء فصرنا حيارى فى أيها نختار» لو اقتصرنا على ما قال» وقبل أن نبين ما نراه معنى للنص الكريم نبين معنى الأدبار وردها: الأدبار جمع مفرده «دبر؛» هو الخلف» أو ما اشتملت عليه أجزاء الجسم الخلفية» والارتداد على الأدبار يكون فى القتال يوم الزحف يجعل الوجوه فى موضع الأدبار فرارا أو جبناء بمعنى أنه كان يجب أن يستقبل المقاتلين بوجهه فينقلب إلى جهة دبره. وقد يكون الارتداد على الأدبار معنويا كقوله تعالى: 8 إن الّذِين ارتدوا على أَدبَارهم من بعد ما تبيّن لهم الْهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم اناا تفسير سورة النساع 000 2 بلجل ب_ضا؟ - وإن الذى يبدو لنا من ظاهر النص أنه يراد به سحقهم فى القتال» وحملهم على أن يولوا الأدبار» فتكون وجوههم غير بادية بصورهاء بعد أن كانوا مقبلين بهاء فأزالها السيف والمخوف» وجعل صورتها مختفية» وأقفيتهم هى البادية الواضحة» فكأن صورة الوجوه قد زالت وحلت محلها صورة الأدبار. وعلى ذلك يكون المعنى أنكم استرساتم فى غيكم وضلالكم» ومع ذلك نطالبكم بالهداية والإيمان قبل أن ينزل الله سبحانه وتعالى غضبه عليكم فى الدنيا إذ تماديتم» وذلك بتسليط المؤمنين بالحق عليكم» فيذيقونكم بأس القتال فتفرون» وتختفى وجوهكم.ء وترد إلى مواضع الأدبار» فلا ترى إلا أدباركم. وإذا لم يكتب الله سحقكم وحملكم على تولى الأدبار» فإنكم ستلعنون كما لعن أصحاب السبت» وتطردون من رحمته» ويكتب عليكم الذل إلى يوم القيامة. « أو تلعتهم كَمَا لعا أَصحَاب الست وكَانَ أَمرَ اللّه مفعولاً» اللعن الطرد من الرحمة وإنزال العذاب» وقد كان فى شريعة بنى إسرائيل ألا يعملوا فى يوم السبت ليستريحوا وينصرفوا للعبادة» والتعاون الاجتماعى» ولكن رغبتهم فى المال وشرههم إليه كان يحمل بعضهم على العمل» فإنه كانت قرية كبيرة تطل على * البحر» قد اختبرها الله تعالى» فكانت فى يوم السبت تأتيهم الحيتان ظاهرة فى هذا اليوم الذى ينقطعون فيه عن العمل» ولا تأتيهم فى اليوم الذى يعملون فيه» ليحملهم الله تعالى على الطاعة للأوامر الإلهية» وليدركوا سر الله فى خلق الكون». وأنه فعال لما يريد» وهذا قوله تعالى: « واستلهم عن القرية التي كانت حاضرة الْبَحرِ إِذ يعْدُوَ في الست إذ تَأتيهم حيتائهم يوم سبتهم شرعا ويَوْم لا يسْبيُونَ لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يُفُسقُون +435 4 [الأعراف ] : وقال سبحانه: [ ولقد علمتم الّذينَ اعتدوا منكم في السَبّت فََلنَا لَهُمْ كونوا قرَدَة خاسئين 27 > [ البقرة] فالله سبحانه عاقب الذين اعتدوا فى السبت بأن سلط عليهم نزوات أهوائهم وشهواتهمء وبها ضربت عليهم الذلة» ولعنهم الله تعالى» فكذلك هؤلاء الذين عاندوا وكفروا. وذلك أمر قدره الله عليهم فهم ملعونون فى كل الأجيال هاا تفسير سورة النساء م 0 لجل بر يي والأزمان» ولذا قال سبحانه: ط وكات أَمْرْ الله مَفعولاً» أى قد ثبت وتقرر أن أمر الله تعالى فيما يخبر بهء مقدر واقع لا محالة» فلا مناص منهء فهؤلاء الذين عاندوا النبى يَكِةِ لهم أحد العذابين: إما سحقهم بالقتال الذى يولون فيه الأدبار » وإما ضرب الذلة عليهم ولعنهم من الناس أجمعين. وإن ذلك محقق بعون الله» وقد قال الزمخشرى فى هذا المقام: قد حصل اللعن» فهم ملعونون بكل لسان! والظاهر اللعن المتعارف دون المسخ» آلا ترى إلى قوله تعالى: 9 قل هل أَنْبئكُم بشر من ذلك مَعُوبَةَ عند الله من لَعنَه الله وَعَضب عليه وَجَعَل منهم الْقردة وَالْحَنَازِيرَ 22> 4 [المائدة ] . إن الله لا يعفر أن يشرك به ويَغفر ما دون ذلك لمن يشاء 4 اشتملت الآية السابقة على دعوة أهل الكتاب» وأنه إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف. وعلى إنذار شديد فى الدنيا بإجلائهم وقتلهمء أو لعنهم من الناس أجمعين» وفى هذا النص الكريم فتح لباب المغفرة التى كتبها الله على نفسه لعباده؛ لأنه كتب على نفسه الرحمة» ومعنى النص: إن الله تعالى ليس من شأنه أن يغفر لمن يشرك به فى العبادة أو فى الربوبية؛ لأن الشرك انحراف شديد لا يقبل الغفرانء إلا أن يعود إلى التوحيد المطلق بعد الإشراك. والإشراك نوعان: إشراك فى الإنشاء والتكوين أو العبادة؛ كأولئك الذين يعتقدون أن الكواكب لها دخل فى الإنشاءء وكأولئك الذين يعبدون غير الله» وإن كانوا يعتقدون أن الله تعالى وحده هو الذى خلق وأنشاأ وكون» ويعبدون الآوثان لأنها فى زعمهم تقربهم إلى الله زلفى. والنوع الثانى من الإشراك أن يتركوا كتب الله تعالى» ويعرضوا عنهاء ويتخذوا دينهم من الأحبار» ولو غيروا فيه وبدلواء زاعمين أنهم لا يتكلمون إلا عن الله تعالى» وإن كان الكتاب يخالف قولهم: ومن هؤلاء من أشار الله تعالى إليهم بقوله تعالى: ط انحَدَوا أحبارهم ورهباتهم أربَابا من دون الله والْمْسيح ابن مريم وما أمروا لذ ليعبدوا لها واحدا لا إِلَهِ إلا هو سبحاته عمًا يشَرِكُونَ +20 4 [التوبة] . ل ل تفسسير سورة النساع ' لل 0 ا ١ ا‎ ب فهذا نوع من الإشراك لا يقل خطرا عن الشرك فى العبادة؛ لأن الله وحده هو الذى أنشأ الكون» وهو وحده الذى يشرع لعباده» وبين لهم أوامره ونواهيه. وليس لأحد أن يتكلم عنه إلا أن يكون رسولا منه إلى العالمين» فمن اتخذ غير الرسول طريقا لمعرفة شرع الله من غير كتاب الرسول وكلامه فقد أشرك بالله. وقد ذكر سبحانه أنه لا يغفر ذلك» وأكد عدم الغفران لهذه الحال ب (إنّ) التى تفيد التوكيد» فلا يرجو مشرك غفراناء أيا كان نوع الشركء إلا أن يقلع عنهء فإن الله تعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا. وقد ذكر سبحانه أنه يغفر ما دون الشرك لمن يشاءء وما دون الشرك يكون من مرتكب الكبيرة أو الصغيرة من أمة محمد يكوه ومن آمن بالأنبياء السابقين قبل أن تنسخ شريعتهم بالشريعة المحمدية» فإن هؤلاء قد وعد سبحانه وتعالى فضلا منه ومنة على عباده أن يغفر لهم ما يشاء لمن يشاء من عباده. ذلك أن من يرتكب الكبيرة إن تاب عنها غفرها الله تعالى» وإن لم يتب ولم تحط الخطايا بنفسه. وله حسنات» فإن الحسنات يذهبن السيئات. وفى ميزان الله تعالى العادل يوم القيامة توزن الحسنات والسيكات». فمن ثقلت كفة حسناته فأولئكك هم المفلحون . ومشيئة الله تعالى هى مشيئة الحكيم الخبير» الذى يضع كل أمر فى موضعه. ولا يظلم ربك أحدا. « ومن يشرك بالل فَقَد افترئ إِنْما عظيمًا 4 الافتراء هنا معناه الكذب الشديد الذى يؤدى إلى الفساد. جاء فى مفردات الراغب: الفرى قطع الجلد للخرز والإصلاح» والإفراء للإفسادء والافتراء فيهماء وفى الإفساد أكثرء وكذلك استعمل فى القرآن فى الكذب والشرك والظلم نحو: ومن يشرك بالله فَقَد افترئ نما عظيمً 4 فمعنى 8 فَقَد افترئ إِنْما عظيما 4 فقد كذب كذبا فيه ظلم وفيه إفساد وضلال» وكان ذلك كله إثما عظيما. ها تفسيرسورة النساء 111لا اناا اناا خخ لانن اناالا مناا انا لاطا اماناا لاا اتناك طلخا الا لالخلا لخا للا نانااططططاخ لطن اانا الالالال للاالا اللا الالالال للاللا طلا طلاللاطخط ملا طساللا جب بز بي فالشرك يضمن الكذب على الله تعالى بادعاء شريك له تعالى» ويتضمن ظلما؛ لأنه اعتداء على المستحق للعبادة وحدهء وهو فساد فى النفوس . و(افترى) هنا تضمن قولا كذباء وفعلا ظالماء وتضمن أعظم ذنب فى الوجود؛ لأنه اعتداء على رب العالمين. وقد يقول قائل إن الافتراء أكثر ما يكون باللسان» فكيف يقال «فقد افترى إثما عظيما»؟ والجواب عن ذلك أن الافتراء بالنسبة للشرك لما تضمنه من أفعال» اعتبر فى ذاته ارتكابا لأعظم ذنب فى الوجود. اللهم جنبنا الشرك ما ظهر منه وما خفى» واجعلنا من عبادك المخلصين. أَلمَتر إل الَذِين ب ميلأ 6 يري من مَك 5-5 وَلَايظْلمون تيلا ري انظ ركف يقرو 20 وَكَفَ ءاسا مُبِينًا : 2 ألمْتَرَإِلَأيي وف أنصِيبًا ا و2 2 سخ اه لحمب بوونونَياْحِبت وَالظلعُوت ويمولود هه صر عن سس سس سس الور 05255 00 لذن كفروا أهتؤٌلاءٍ أهد هدك م نآ لَذِنَء|منوأسبيل عه 5 أل 0 رعة 0 ردم «#هووسد 2 دوع سه 2 أولتتِكَ اَذ لمهم أََدوَم نَيِْمَ ناه كن جد له نصِيرا ديه بر - 7 و اع ساص 2 جوم أم 1 نصِيب نصدتبٌ ينا لساك َإِذا لا يوَُونَ اناس تَقَيرَا 207 كانت الآيات السابقة تدعو أهل الكتاب إلى الإيمان» وتذكرهم بعاقبة الكفرء وهى الذل فى الدنيا والخزى فى الآخرة» واللعن من الرحمنء والهوان. وبين سبحانه وتعالى لهم ولغيرهم أن باب التوبة والمغفرة مفتوح لكل من يذعن لرسالة الله تعالى» ولا يكفر بهاء وذلك لكيلا يسرفوا على أنفسهم» ويوغلوا فى معاصيهم. وفى هذه الآيات يسين سببا من أسباب ضلال اليهود ومن على شاكلتهم» فقال تعالى: «أَلم تر إِلَى الذين يرَكُونَ أنفسهم 4 . لل ل تفسير سورة النساع 0 1 بوزلمل وبر يي «ألم تر»: هذا تعبير قرآنى فيه استفهام دخل على النفى» وهو استفهام إنكارى يتضمن معنى النفى» فهو نفى داخل نفى. ومؤدى الكلام: قد نظرت إلى الذين يزكون أنفسهم متعجبا من حالهم مستغربا أمرهم. ورأى هنا معناه نظرء ولذلك تعدت ب (إلى». وتزكية النفس تطلق بمعنى تطهيرها وإبعادها عن دنس المعصية» وقد تطلق على الفعل المحمود. والمراد هنا أنهم يصفون أنفسهم بالأفعال الحسنة» وليسوا بمستحقيهاء وقد يدعون أنهم يطهرون أنفسهم» ويبعدونها عن الدنس فى نظرهم» وليسوا كذلك. وأصل التزكية كما ترى من زكاء النفس جاء فى مفردات الراغب: (زكاء النفس طهارتهاء يصير الإنسان بحيث يستحق فى الدنيا الأوصاف المحمودة» وفى الآخرة الأجر والمثوبة» وهو بأن يتحرى الإنسان ما فيه تطهيره» وذلك ينسب تارة إلى العبد لكونه مكتسبا لذلك» نحو 98 قد أفلح من زَكَاها 57> 4 [الشمس] وتارة ينسب إليه تعالى لكونه فاعلا لذلك فى الحقيقة نحو #بل الله يركِي من يشاء» . < وتزكية اليهود والنصارى لأنفسهم تحتمل أمرين: أولهما: أنهم يصفون أنفسهم بالطهارة والتقوى» وتحرى ما يربى التقوى فى النفس» ويستطيلون على الناس بذلك . والأمر الثانى: أن يدعوا أنهم بأعمالهم واتخاذهم ما هم عليه مذهبا يطهر النفس» أى يدعون أنهم يسلكون سبيل الهداية وتطهير النفس . والأمر الأول هو الذى عليه جمهور المفسرين» وهو أوضح ويتفق مع المأثور من أسباب التزول» فقد تضافرت المرويات عن التابعين على أنهم كانوا يدعون أنهم المغفور لهم دائما. وقال الضحاك والسدى إنهم كانوا يقولون: (لا ذنوب لناء وما فعلناه نهارا غفر لنا ليلا. وما فعلناه ليلا غفر لنا نهاراء ونحن كالاطفال). وقد رد الله تعالى ذلك بقوله : 8 بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون قتيلاً» . على تفسير تزكيتهم أنفسهم بمعنى أنهم يدعون أنهم بأفعالهم يطهرونهاء يكون المعنى أن الله تعالى رد عليهم ادعاءهم أن ما هم عليه تطهير لأنفسهم. فبين أن الله تعالى هو الذى يطهر النفوس ويزكيها؛ لأنه هو الذى يبين طريق الهداية» ا تفسير سورة النساءع 00 | نااك .. يي وقد بين» فما أنتم عليه ضلال فى ضلال. وعلى الاحتمال الراجح» وهو أنهم يصفون أنفسهم بالأوصاف الحميدة» وأنهم أهل المغفرة» «إوقَالوا آن يدخل الجن إلا مَن كَانَ هودا أو تصارئ ... ليه © [البقرة]ء وقولهم: 9 ... تحن أبناء الله وأحبَاؤه ... 27 4 [المائدة] على هذا الاحتمال يكون المعنى أن الله تعالى هو وحده الذى يصف أفعال عباده بالخير أو الشر؛ لأنه وحده الذى رسم طريق الخير وطريق الشر. وإن تزكيته سبحانه تقتضى رحمته وغفرانه» وأن يجزى الجزاء الأوفى. فليصفوا أنفسهم بما شاءواء وليمنوا أنفسهم الأمانى بأنهم لا ذنوب لهمء أو أنها تمحى فور ارتكابهاء فكل ذلك من مزاعمهم» والله وحده هو الذى يصف الأفعال المحمودة والأفعال المذمومة» ويعطى عليها الثواب أو العقاب» ولذلك قال سبحانه من بعد ذلك #ولا يظَلَمُونَ قتيلاً4. أى لا ينقصون أى قدر مهما ضؤل ولو كان بقدر الفتيل» وهو الخيط الذى يكون فى شق نواة التمرء وقيل القشرة التي تكون حول النواة ويطلق على ما يفتل من خيوط دقيقة» والمعنى: لا ينقصون أى قدر من أعمالهم» ولو كان كأصغر الأشياء التى لا يلتفت إليهاء ولا يتجه النظر نحوهاء ولكن الله تعالى عليم بكل شىء وكل شىء فى كتاب فإ ... لا يغادر صغيرة ولا كبيرة لذ أحصاها . .. 4537 [الكهف] ل فمن يعمل مثقال ذرَة حيرا ره 22> ومن يعمل مثقال ذَرَةِ شرا يرّهِ << 4 [ الزلزلة ] . «إانظر كيف يفترون عَلَى الله الكذب» انظر أيها الرسول أنت ومن معك كيف تطوع لهم نفوسهم أن يدعوا أنهم بأعمالهم القببحة» وتكذيبهم للرسل» يزكون أنفسهم ويطهرونهاء وأنهم بذلك ممدوحون أمام الله تعالى» وأنهم محبوبون منه» وأنه يغفر لهم كل ما يفعلون! انظر إلى هذه الحال وتعجب! وإنهم بهذا يكذبون على الله تعالى قاطعين فى هذا الكذب فيحسبون أنهم مقبولون عند الله محبوبون» وهم يعاندون رسوله» ويبالغون ويكيدون لهء فهم يفترون الكذب على الله ورسوله والمؤمنين. ها تفسير سورة النساع ل ا 1 21111111 0 لسر نه وكفئ به إِنْما مبينا4 أى كفاهم هذا العمل أن يكون إثما بينا واضححا. والإثم والآثام الأفعال المبطئة عن الخيرات التى يثاب عليهاء وهؤلاء قد ارتكبوا بتزكيتهم أنفسهم بغير الحق الأمر البين الذى يبطئهم عن فعل الخيرات ويوقعهم فى السوء؛ ذلك أن هؤلاء ضلوا وحسبوا ضلالهم هو الخير» ومن كان شأنه كذلك فإنه لا يتجه إلى الخير؛ لآن الذين يرتكيون الشر ثلاث مراتب: أدناها أنه يقع فيه عن جهل وسفه وحمق» وهذا قريب التوبة والرجوع إلى الحق. وهو من الذين قال الله تعالى فيهم (ٍإِنَمَا التوبة على الله لين يمون السو بجهالة ثم يُوُونَ من قريب . ٠٠‏ لزن © [النساء] . والثانية : أن يرتكب السيثات ويوغل فيهاء ولكنه يعلم أنها سيئات لا يمدح فاعلهاء » بل يذمء وأنها لا د تستحق التزكية» بل تستحق اللوم وهذا ترجى توبتسه وعودته إلى الله. والثالثة: أن يزين له سوء أعماله» فيفعل الشرء ويفخر بهء وهذا يكون فى مرتبة تبطئه أو تبعده إبعادا كليا عن الاتجاه إلى الحق وطلبه. «ألم تر إِلى الّذين أوتوا نصيبًا مَنّ الكتاب يؤمنون بالْجبْت والطّغُْوت »4 قد بعض علم الرسالات الإلهية» يؤمنون بأردأ العقائد والأخلاق» وبالطغيان والظلم والاندفاع نحو الشر. فاللجبت هنا هو الردىء من الأفكارء أصله الجبس قلبت السين تا وهو الردىء من الأشياء» فهؤلاء يؤمئون بأرداً الأوهام. ويؤمئون مع ذلك بالطغيان والسيطرة الظالمة» ولذلك يخنعون لكل ذى سلطان. ويضعون أوتوا نصيبا من الكتاب» وفى مقام آخسر خاطبهم بقول : يا أيه الذين أويوا لكا نوا ما مدنا لمكم . 0 [الساء]ء وذلك لانهم أنزلت ا تفسير شبوره: - النساءع ل ال لام : .. بي ومن جهة أخرى فإن نيلهم أقل قدر من علم الكتاب يتنافى مع إيمانهم بأتفه الأوهام» وإيمانهم بالظلم والطغيان» واعتبارهما سبيلا للعيش فى الحياة» نهم ظالمون يرضون بالظلم يقع عليهم » ويتنافى علم الكتاب مع ممالاتهم لعبدة الأوثان على أهل التوحيدء فيقولون فى المشركين هؤلاء أهدى طريقا من المؤمنين» وهذا قول الله تعالى: « ويَقُونُونَ لْدينَ كَفَروا هؤلاء أهدئ من الّذين آمنوا سبيلا 4 والذين كفروا هنا الأوثان: هؤلاء فى شركهم وعبادتهم غير الله تعالى أرشد طريقاء وسبيلهم هو سبيل الهداية» أما سبيل الذين آمنوا بالله وحده» ولم يشركوا به غيره» وأذعنوا لأحكام الله تعالى فى أوامره ونواهيه؛ فليس هو سبيل الرشاد. ويروى أن اليهود عندما بلغ بهم حسدهم للنبى وَل أقصى مداه ذهب فريق منهم إلى أهل مكة يحالفونهم على النبى يلو فقال لهم المشسركون: أنتم أهل كتاب» وأنتم أقرب إلى محمد منكم إليناء فلا نأمن مكركم» فاسجدوا محمد؟أا فقال المتحدث باسم اليهود: ماذا يقول محمك؟ قالوا: يأمر بعبادة الله وحذه ويئهى عن الشرك» وقال: مادينكم؟ قالوا: نحن ولاة البيت ونسقى الحجيج : ونقرى الضيف ونفك العانى» قال: أنتم أهدى سبيلا . هذا شأن أولئك اليهود العجب» وهم قد أوتوا بعض علم الكتاب» يدفعهم الهوى والتعصب وفساد النفس إلى أن يجعلوا عبدة الأوثان أهدى من عبدة الديان! . ل أُولك الِْين لَعَهُم الله ومن يلع اللَّهُ ّن جد لَهُ تصيرا 4 أولئك الذين غلب ا تفسير سورة النساء لل 2 159 / كه :2 يي ويقولوا إن طريقهم هو طريق الهداية» وطريق أهل التوحيد لا هداية فيه! بسبب هذا لعنهم الله تعالى بأن طردهم من رحمته. فكتب عليهم بغض الناس فى الدنياء والذل والمقت فيهاء وعذاب الله تعالى فى الآخرة. والإشارة فى قوله تعالى «أولئك» إشارة إليهم موصوفين بالصفات التى وصفهم الله بها من نفاق» وخداع» وكذب» وتعصب وسيطرة الهوى على نفوسهم» وضياع الحقوق بينهم. وهذه الصفات هى سبب الطرد من رحمة الله تعالى. وإذا كانوا مطرودين من رحمة الله قد كتب الله تعالى غضبه عليهم» فلن ينصرهم أحد من أهل الأرض « كتب الله لأغلبنَ أنَا ورسلي إن الله فَوِيْ عزيز 200 4 [المجادلة] فإذا كانوا قد ذهبوا إلى أهل مكة يستنصرون بهم فلن ينصروهم ولن يثقوا بهم» ولذلك قال تعالى: فلن تجد لَه تصيرا» أى فلن تجد للملعون الذى طرده الله تعالى من رحمته نصيرا ينصره من الناس» و«لن» هنا لتأكيد النفى» ويقول الزمخشرى ( إن لن تفيد تأكيد النفى أبدا)» أى أنهم لم ينصرهم الله ولن يجدوا أبدآ نصيرا من الناس تستمر نصرته» وإذا استطاعوا أن يستنصروا بأمثالهم فى هذه الأيام» فإن الخذلان وراءهم إن شاء الله تعالى» وهم أشد مقتا عند الله وعند الناس فى هذه الأيام كما كانوا فى كل ماضيهم. والله المنتقم الجبار. وقد أخبر الله تعالى نبيه بأنهم إذا كان لهم أحيانا نصيب من الملك غير مستقر ولا دائم» فسيكون ظلما كبيرا ولا يرضى ا حالهم فى ممالاة امشركين إلى بين حال السجيب إذا أوتوا أى حظ من السلطان والحكم؛ والمعنى: أَتَبت أنهم إذا كان لهم حظ من الملك والسلطان ولو كان ضئيلا يحكمون بالعدل» ويقومون بالقسطاس المستقيم؟ والاستفهام لنفى الوقوع» وهو نفى لوقوع العدل منهم إذا أعطوا أى حظ من الحكم؛ ذلك لأن المنافق لا يمكن أن يكون عادلا؛ لآأن العدل والالتواء نقيضان لا يجتمعان. ولآنهم أهل هوى, ولا عدل مع سيطرة الهوى» ولآنهم غلبت عليهم عصبية دينية جامحة» وكل حكم 0 تفسير تشنور: ها لنساعء لاملل ليا كج1 يصدر من التعصب لا يكون عدلا بالنسبة لمن تعصب عليه. ولذا قال سبحانه فيهم إذا حكموا: ظ فَإِذَا لأ يْتُونَ الئاس تقيرا 4 النقير العلامة السوداء الصغيرة التى تكون فى ظهر النواة» وهى الشقبة التى تنبت منها النخلة» ويضرب به المثل فى الشىء الصغير البالغ أقصى حدود الصغر. ولمعنى: إذا تولى هؤلاء نصيبا من الملك والسلطان» فإنهم لا يعطون الناس أى قدر من حقوقهم عليهم» ولو كان ضكيلا بالغا أقصى حدود الضآلة؛ ذلك لأن العادل يكون حكمه لمصلحة المحكومين» لا لمصلحته. وهؤلاء لا ينظرون إلا إلى منافعهم الذاتية. ولأن العادل يحس بأنه من الناس له ما لهم وعليه ما عليهم» وهؤلاء يظنون أنهم صنف فى الخليقة ممتاز» وأنهم أبناء الله وأحباؤه» والناس جميعاً دونهم. ولأنهم يبغضون الناس جميعا؛ لأنهم يظنون أنهم سلبوهم حقوقهم» بمقتضى ما لهم من امتياز بمقتضى التكوين. فهم بهذه الأهواء الواهمة عادوا الناس وأبغضوهم» ويحسبون أنفسهم فى حرب مستمرة من البشر! أنقذ الله أهل الإسلام من شرهمء وأرداهم هم ومن يعاونونهم على الغَىّ والظلم والفسادء والله من ورائهم محيط . 2 ام ل00 هج 00 سد ونا لتَاسَعَل مَآءَ1 م سهماً لله من هم ققد َآتيْنَا َنِم الكتب وَالْكمَة وء اهم مُلْكاعَظِيمَ# حور ىام الى 0 00 0 0 مَنيدءونجم منص عنه كوم سعدا 07 1 5 ساح مه ور 214 إِنَالَذنَ َفْوَسَف نلوك اما ديت هه 2 رك اس رم روع- 2 #آ ته مر حلو ده هم بد أنلهم جِلُو دَاغَيرَهَا ليذ وقوا أألْعَذَا ركام ها تفسير سورة النسساع 5 7 ! انعبر حَكيمًا 2 0 ءام أوع لصحت 22 0 سند حِلهِ مجنت َك نت وى من كَحها ألأمكحَاار خليئن» أبدا 2 2610 02 09 نلك ظلدي ]واج هرودل ليلا <2 © الآية موصولة بما قبلهاء فالحديث فى اليهود الذين ذهب بهم حقدهم على النبى كلل والمؤمنين» أن يقولوا وهم أهل كتاب نزل عليهم من السماء وإن حرفوه؛ إن المشركين أهدى إلى الحق وإلى الصراط المستقيم من المؤمنين الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين من بعده. وفى هذه الآية يبين سبب انحرافهم. وجزاء الضالين يوم القيامة» ثم جزاء المهتدين. والسبب الباعث على ضلالهم أنهم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضلهء ولذا قال سبحانه: «(أم يحسدون الئاس علئ ما آتاهم اللَّهُ من فَضْله 4 الحسد هو الألم الشديد لم يصيب الناس من خير» وتمنى زوالهء ثم العمل على زواله» فهو يبتدئ بألم شديد يحز بالنفس الحاسدة» ثم يصحبه تمنى الزوال» ثم يكون بعد ذلك بخس المحسود حظه وحقه؛ والنيل منه! والفرق بينه وبين الغبطة أن الغبطة السرور بما ينال الغير من خيرهء وذلك وصف أهل الإيمان» ولذلك قال النبى يكل : «المؤمن يغبط والمنافق يحسد()! والحسد يذيب النفس ويذهب بفضائلهاء ولقد قال الحسن البصرى: «ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد»! وإن من يحسد إنما يعادى الله ويعادى نعمه؛ لأنه كلما آثى الله أحدا نعمة نقمها على صاحبهاء فكأنما يعادى الله الذى أعطاهاء ويعاديهاء ولقد قال عبد الله بن مسعود: (لا تعادوا نعم الله! )١(‏ المؤمن يغبط والمنافق يحسد. من كلام الفضيل بن عياض كما فى كشف الخفا للعجلونى (55948), وفى سير أعلام النبلاء (ج5ه.ص485) : 'وعن الفضيل قال: المؤمن يَعْبطٌ ولا يحسدٌ» الغبطة من الإيمان» والحسد من النفاق . ّ 11111 ااا اال 11 ةقانا لزا ئلا تاتاناا ناتلا ااال اناا تمان تاناخلا لان الم نان لطا اناطخ ةنال ن نان الللل تل الطاطلللا الملل طامط خ قالطلا بج ل يي" قيل له: ومن يعادى نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله). والناس هنا فى النص الكريم؛ قيل العرب» وعندى أنهم النبى َك وأصحابه» إن أريد التخصيص» وإن كان التعميم فهى على عمومها. وأولئك اليهود قد أسكن الله تعالى قلوبهم حسدا على الناس» فهم إذا حسدوا النبى والمؤمنين» فلأنهم ناس آتاهم الله تعالى ججزءا من فضله» فإن فضله عظيم» ف «من) هنا للبعضية» أو نقول إنها بيانية» فقد كان الإيتاء صادرا عن فضله ومجرد تكرمه. وفى هذا إشارة إلى أن الذين يحسدون من يتكرم عليه الله فإنما يعاندون الله تعالى. وسبب هذا الحسد الدائم فيهم أنهم يعتقدون ‏ أنهم أبناء الله وأحباؤه» وأنهم اختصوا بالنبوة دون غيرهم من الناس» وقد بين الله سبحانه أن ذلك وهمء فقال تعالت كلماته: « ققد آتينا آل إبرهيم الكتاب والحكمة وَآتيتاهم ملكا عظيمًا 4 أى إذا كنتم تحسدون الناس للا توهمتم أن النبوة فيكم» وأنكم أهل الوحى دون غيركمء فقد كذبتم على أنفسكم»ء فإن الله تعالى قد أعطى آل إبراهيم» أى قرابته القريبة من ذريته من إسماعيل وإسحق الكتاب» أى بعث فيهم النبيين بالكتب من غير تفرقة . والحكمة. أى العلم النافع الذى يصحبه عمل نافع وإصلاح بين الناس » وأعطاهم مع علم النبوة ومع نشر أحكامها ملكا عظيماء أى سلطانا وبسطة فى الأرض فلستم مختصين بالنبوة» ولستم مختصين بإبراهيم» فله قرابة غيركم كانوا فى العرب» ولم يكن تلقى الناس لذلك الهدى ولهذا السلطان واحدا: « فَمنهُم منْ آمَنَ به وَمنْهُم من صَد عَنْهُ وكقَئ جهنم سعيرا 4 أى فمن قرابة إبراهيم وذريته وأوليائه الذين جاءواء من آمن بما جاء به من هدى» وسار على مقتضأه » وانتفع به انتفاعا كلياء أو نهل من موارده العذبة» أو أخل بقدر ما تقوى عليه نفسهء وهو فى ضمن المهديين» ومنهم من أعرض عنه» وإن ذلك المعرض له جزاؤه» وهو جهلم التى تلتهب نارهاء وتستعرء فلم يكن من آل إبراهيم وذريته تفسير سورة النساءع ااال انان كنال ]انان ان اناك خ نان انا انالا انط نانان لاخلخ ناز قلاتلا لاخلخ الالال اططخ الالالال لالت ااانا طامط اناطخ نمام نناناااتللا 1/185 ١‏ كوه يي مقتضيا أن يصدقوا بالرسائل الإلهية التى نزلت بين ربوعهم وفى أوساطهم» فمن العرب وهم من آل إبراهيم من أشرك بالله وعبد الأوثان» مع أن النبى يلد وهو من آل إبراهيم بعث فيهم رحمة للعالمين» وأنتم معشر اليهود كفرتم وكذبتم الرسل من آل إبراهيم وقتلتم بعضهم., ولم ينفعكم أنكم من ذرية إسحق بن إبراهيم» فلا عبرة بالأنساب» إنما العبرة بالاستجابة للحق» والإيمان به والإذعان وهنا بحثان لفظيان: أحدهما ‏ أن (صَّد) تستعمل لازمة متعدية» وإذا كانت لازمة فمصدرها الصدود ومعناه الإعراض» وإن كانت متعدية فمصدرها الصدء ومن ذلك قوله تعالى: <( ... وزيّن لهم الشيطَان أعمالهم قَصدهم عن السّبيل ... 227 4 [العسكبوت] والنص هنا معناه الإعراض عن الهداية التى جاءت إليهم» فهو من اللازم. والثانى: قوله تعالى: < وكفئ بجهثم سعيرا 4 لم يذكر فيها من كانت جهنم كفاية لهمء وهو مفهوم من فحوى الكلام» والمعنى كفاهم أن تكون جهنم بسعيرها ولهيبها مصيرا لهم. وإن هذا مصير كل كافر سواء أكان من اليهود أم كان من غيرهم» ولذا قال سبحانه وتعالى: | إن اين كفَروا بآياتنا سرف نصليهم ارا 4 الصّلى معناه إيقاد النار» وصَلَىّ وقع فى النار» وأصليناهم نارا: ابتليناهم وعذبناهم بنار» فالتمييز هنا فيه تأكيد لمعنى العذاب بالنار والإيقاع فيهاء وإن هذا العذاب الشديد الذى يستقبلهم يوم القيامة يستحقه الكافرون بسبب كفرهم» من غير تفرقة بين ذرية إسحاق وإسماعيل وغيرهمء» ولذلك عبر بالموصول؛ إذ التعبير بالملوصول يشعر بأن الصلة سبب الحكمء فهؤلاء حكم عليهم بالعذاب؛ لأنهم كفرواء ومتى تحقق السبب تحقق الحكم بلا فرق بين قبيل وقبيل» وأن عذاب الكفار دائم» وآلامه مستمرة» وقد أكد وجود العذاب بقوله سيحانه: يو سوف نصليهم نارا 6 .فسوف هنا كما قال سيبويه الا تفسير سور: ة النساء امار كاككلة :1 يي للتهديد» فهى لتأكيد العذاب المقبل ولو بتراخ» وتراخى العذاب مع تأكيده يجعل النفس فى فزع حتى يقع . كُلْمَا نضجت جلودهم بدلنَاهُم جلُودًا غَيرَهَا ليَدُوقُوا الْعَدَاب 4 فعذاب هؤلاء الكفار دائم لا مناص لهم من الاستمرار فيه. فكلما أصاب العذاب موضع الإحساس من الجسم أعاد الله تعالى ذلك الإحساس إليه» وذلك أن موضع الإحساس فى الجسم هو الطبقة التى تلاصق اللحم من الجلد» فإذا فسدت هذه الطبقة ذهب الإحساس بالألم» ولقد عبر الله تعالى عن موت الإحساس ثم إعادته بقوله تعالى : « كُلّمَا تضجت جلودهم بَدلَْاهمْ جنُودا غَيرها 4 فشبه سبحانه وتعالى - حالهم فى تعذيبهم بالنار بحال قطع من اللحم تلقى فى الثارء فإذا تهدأت الجلود من شدة النار حتى صارت لا تحس بدل الله تعالى هذه الجلود بأخرى» فيكون العذاب وآلامه فى استمرار دائم! ولا موضع إذن لاعتراض الذين يقولون: كيف يعذب جلد لم يعص لجريمة جلد قد عصى؛ لأن الجسم المعذب واحد» ولكن الكلام تصويرى لبيان استمرار الإحساس بآلام العذاب» فلا ينقلبون كقطعة فحم» بل يستمر الإحساس بالألم الدائم» وهذا يتلاقى مع ما روى عن الفضيل فى تفسير هذا النص: «يجعل النضح غير نضيج) أى يجعل الجلد مع إصابة موضع الإحساس منه بما يميته لا يموت» بل يستمر! ومن العلماء من قال: إن الجلد لا يتغير ذاته بل يتغير وصفه» فيخلق فيه هذا الإحساس بعد أن يبلى موضع الإحساس بالنار. والغاية أن يذوقوا العذاب» أى أن يستمروا فى ذوقه والإاحساس به» وقد شبه الإاحساس بالذوق» للإشارة إلى عظيم الألم» لأنهم يحسون به كمن يحس بذوق المرير من الطعام أو بمن يذوق النار ليأكلهاء واللسان أشد أعضاء الجسم حساسية» فإذا كان العذاب يذاق» فهذا دليل على شدة الإحساس» وحيث اشتد الإحساس كان الآلم» وحيث مات الإحساس فلا ألم» وليس جرح بميت إيلام! وقد نحتم الله تعالى الآية بما يبين عظم سلطان الله : 9 تفسير سورة النساع مالالا االااالااا0ا060ا1االل0ا060ا لاملل 77 «يلجبليبره بي وس الس اس اس عليه» فإن منزل العذاب قوى غالب» هو المسيطر على كل شىء» ولا يسيطر سواه» وليس فوقه أحدء ولا ناصر لأحد من أمره» وهو حكيم يضع الأمور فى مواضعهاء فلا يعذب محسنا ولا يثيب كافرا وإن كان يعفو عن كثير من دون الكفر . وقد أكد سبحانه عزته وحكمته ب (إن»» وي «كان» التى تدل على الاستمرارء وإن من مقتضى حكمته أن يثيب الأبرار كما يعاقب الكفار. والّدِينَ آمنوا وَعمِلُوا الصّالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خَالدين فيها أبَداك وفى مقابل العذاب الذى نزل بالكافرين كان الثواب للمؤمنين. وإذا كان الكفر هو السبب فى العقاب» فإن الإيمان والعمل الصالح هو سبب الثواب» وقد عبر سبحانه وتعالى بالموصول للإشارة إلى أن العلة التى أثبتت الشواب الذى يتفضل الله تعالى به على عباده المؤمنين» هو الإيمان والعمل الصالحء ولا شك أن الإيمان هو الأساس فى الجزاء» والعمل الصالح ثمرته» ولا إيمان من غير عمل صالح إلا أن يكون غير مثمر لأعظم ثمراته. ولقد قرر سبحانه وتعالى فى وعده أنه سيدخل هؤلاء المؤمنين العاملين جنات تكمل فيها أسباب النعيم» فالأنهار تجرى من تحت أشجارهاء وهى ليست نعيما وقتيا» بل هى نعيم خالد» وقد أكد الخلود بالتأييد» فكأن الخلود ثابت ثبوتا مؤكدا لا شبهة فيه» وذلك فضل الله يؤتيه من يشاءء والله ذو الفضل العظيم. ويلاحظ هنا أنه فى التعبير عن المستقبل عبر بقوله (سندخلهم) أتى بالسين دون سوف, وكلاهما يفيد تأكيد القول فى المستقبل» واختيار السين هنا يؤيد سيبويه فيما قاله من أن سوف قد تكون للتهديد» ويظهر على هذا أن السين عكسها. وأن كل ما يتصور من نعيم الدنيا يوجد مثله على صورة أعظم وأكمل» ومن أكمل متع الحياة الدنيا الحياة الزوجية: لها تفسيرسورة النساع 1111111 ااا الالال اتات ااا لالخ التخ انا اناالا طتالتاا اناك خا اطخ لطن نان اخ نالخ خ لاطا تالالا لالط خن لالط الالال خ لاا سلطا تاللا ١ لاا‎ 7: 3 «لَهم فيها أزواج مَطَهّرَة4 من أعظم نعم الدنيا الزواج» فهو ظل المرأة ومأوى الرجل» ومستقر حياته» ومطمأنها ونعيمهاء فيه مكاشفة النفس» وفيه الازدواج الروحى والمادى» وفيه المعاونة الإنسانية على أعلى صورهاء وإن نعيم الجنة أكمل من نعيم الدنياء فيه ما فيها من نعيم» ولكن على صورة أعلى وأكمل» والفرق بينهما كبير شاسع» يجتمعان فى الاسم ويختلفان فى الحقيقة. ولذلك كان فى الجنة أزواج» فللنساء أزواج وللرجال أزواج مثلهم» وأزواج الجنة مطهرون من الرجس المادى والرجس المعنوى» فلا حيض» ولا نفاس» ولا أخلاق ذميمة؛ لأنه لا يدخل الجنة وفيه خلق ناقص» من أخلاق أهل الدنيا. وقد تكلم الناس فى نوع العلاقة بين الزوجين فى الجنة» ولكن القرآن لم يفصل ذلك الجزءء فنتركه على ما تركه الله تعالى: «( وندخلهم ظلاً ليلا 4 الظل هو ما يحجب الشمس وحرارتهاء ويقال ظل الليل وظل الجنة» وقد قال اللأصفهانى أنه يعبر عن الظل بالعز والمنعة» وقد قال فى ذلك: «ويعبر بالظل عن العز وا منعة وعن الرفاهة» قال تعالى: إن الْمَّقينَ في ظلال ... 207 4 [المرسلات] أى فى عزة ومتاع. قال تعالى: 9 ... أَكلهَا دائم وظَلّهَا . . . 227 > [الرعد] هم وأَزواجهم في ظلال ... 20> 4 [يس] . وعلى ذلك نقول إن هذا النص السامى: « وندخلهم ظلاً طَليلاً4. إما أن يراد به الظل الحسى» ومعنى ظليل أنه عميق ساتر لا يتخلله أى شىء مما يؤذى» ويقول الزمخشرى فى تعريف الظل الظليل: (هو ما كان فينانا لا جدب فيهء ودائما لا تنسخه شمس» وسجسجا لا حر فيه ولا برد» وليس ذلك إلا ظل الجنة) ويصح أن يراد بالظل المنعة والعزة» ويكون المعنى ندخلهم فى عنزة ومنعة ورحمة ورعاية كريمة من الله تعالى. اللهم ارزقنا نعمة رضاك ووفقنا للعمل الصالح. ل / تفسير سور ة النساع لاملل لل 07 5-1 020 لسر 2 ود ترما 0004 رع يمرا يام ينامو ليوأ هيعو الرسول اولي 1 سح عر . دوخ و دءويهب كم إن ازعم ف شق دوه «إلاللوو رسو كم 1 7 00 سحت قفر سرس وء 2 1 2 ل 2 ومسو لَه واو لحز دك حَير وَأحْسَنٌ ص تويلا 2 ضاع اليهود بأمرين : أولهما أنهم كانوا لا يؤدون الآمانات» كما قال تعالى فى أكثرهم : (رين أل لكاب من إن تأ بتار يذه ليك ومنهم م إن أنه دار ل يده إَيِك إلا ما دمت عليه قَائمًا ذلك بِأَنّهِم قَالُوا ليس علَينَا في الأَمَبِينَ سبيل .. +[ “7 40 [آل عمرات ] . الأمر الثانى الذى أضاع بنى إسرائيل فى الماضى ء أنهم 1 يقيمون العدل إذا حكموا كما قال سبحانه: «أم لَهُم تصيب من الملك فَإذا ل يؤتون الثاس تقيراً 2# # [النساء]ء فبالظلم ذهب ملكهم فى الماضى» وسيذهب فى الحاضر إن شاء الله تعالى. وإذا كانت الخيانة قد أفسدت أمرهم, والظلم قد أذهب سلطانهم» فعلى المؤمنين أن يقيموا علاقاتهم على دعائم الأمانة والعدالة؛ إن الله يأمركم أن توَدُوا الأمانات إِلَئ أَهْلهًا 4 هذا أمر عام للمؤمنين جميعاء لا يختص به راع دون الرعية» ولا قوى دون ضعيف» ولا غنى دون فقير. وقد أسند الأمر إلى الله تعالى بقوله تعالت كلماته مؤكدا أمره إن اللّه الله سبحانه مضافا إليه أمر مؤكد. كما يقال لتأكيد الآمر للعبد بالطاعة: سيدك ل( تفسير سور: ة النساء للنلتالك! ااا اللا نااانلان تاماقلا لنا انل تالالطا للا قطان للاخ طلخل قخ خالا اططخ خخخ طمخم خخ خخخ ااانا طاطخ خخطمطخط لاط سلطالا تاللا ا يأمرك بكذاء ولله المثل الأعلى فى أوامره ونواهيه» وذلك فوق التأكيد ب «إنَ» فى صدر النص الكريم . والآمانة مصدر بعنى المفعول. فالمراد بالآمانة ما يؤتمن الإنسان عليه» وقد جمعها سبحانه بقوله تعالى الأمانات 4 لتشمل كل ما يؤتمن الإنسان عليه من علمء ومالء وودائع» وأسرارء وغير ذلك مما يقع فى دائرة الائتتمان وتنبغى المحافظة عليه. ومعنى أدائها إلى أهلها توصيلها إلى ذويها كما هى» من غير بخس ولا تطفيف. فالعالم يؤدى أمانة العلم من غير تزيد عليهاء ولا تحريف لها؛ لأن التزيد طمس لمعالم العلم» والتحريف تبديل للحق. فمن أوتى علما بالقرآن لا يؤوله لهوى فى نفسههء بل يقدمه للناس من غير تحريف للكلم عن مواضعه. والحكم أمانة فى أعناق الحكام» عليهم أن يؤدوا الأمانة فيه بإقامة العدل» وتوخى المصلحة» وتجنب الفساد»ء سواء أكان فسادا معنوياء أم كان فسادا مادياء والأول أعلى أنواع الفساد» والثانى أدناها. ومن أمانة الحكم ألا يشقوا على الرعية» وألا يفسدوا ضمائرهم؛ ولا يزعجوهم بالتظنن والتتيع ما داموا مؤمنين مذعنين» كما قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اجعبوا كثيرا م من الضّ إِنّ بعض الظّن إِنْم ولا تجَسسّسوا ولا يغتب بُعضكم عضا . .. لز 4 [الحجرات]. وإذا كانت رعاية الأمانات وأداؤها واجبا مفروضا على الأمة كلها حاكمها ومحكومهاء وأنها متفاوتة المراتب» فإن الحاكم قد اختص بواجب آخر هو العدل» وهو من نوع الأمانة التى اختص بهاء ولذا قال سبحانه بعد الأمر بأداء الأمانات: « وإذًا حكمتم بين النّاس أن تَحَكُموا بِالْعَدّل 4 قال بعض العلماء: إن الخطاب فى هذا النص موجه إلى الذين يحكمون» وهم الحكام من ولاة وقضاة وغيرهم تمن يلون الحاكم» ولا مانع عندنا من أن يكون الخطاب موجها للأمة كلها؛ لأن الأمة العزيزة غير الذليلة التى تتولى أمور نفسها من غير تحكم من ملك أو طاغ قاهرء هى محكومة ومحكّمة» فهى التى تختار حاكمهاء وهى فى هذا محكّمة» ل تفسير سورة النساعء اللمللللل ااا 010 75 (زجملب_]]؟ يي مطلوب منها العدلء» فلا تختار لهوىء أو لعطاء» أو لمصلحة شخصية أيا كان نوعها. وهى محكمة فى حاكمها فلا تقول فيه إلا حقاء ولا تطالبه إلا بما هو حق لا جور فيه» ولا تشتط فى نقده» ولا تسكت عن نصيحته. فإن النبى كلد يقول: «الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»0©. والعدل معناه فى أصل اللغة المشيل» وأطلق فى مقام الحكم بمعنى أن يكون الحكم مساويا لما يستوجبهء فإذا ارتكب شخص جرما كان الحكم النازل مساويا للجرم المرتكب» وإذا كان الحكم بدين وجب أن يكون مساويا لما أخذ من غير زيادة» وهكذا. وإن العدل أنواع مختلفة» وله وسائل متباينة» وإذا كان مطلوبا فى ذاته فوسائله يجب أن تتحقق فيها العدالة أيضاء وأخص أنواع العدالة عدالة القاضى فى حكمه» وهى تتطلب أمورا أربعة: أولها: معرفة حكم الشرع والقانون فيما يقضى فيه. ثانيها: معرفة موضوع القضية معرفة متقصً لأطرافها مستوعب لكل أجزائها . وثالثها: أن يبعد الهوى من نفسه» وأن ينظر دائما نظرا غير متحيز. ورابعها: أن يسوى بين الخصمين فى كل شىء» وقد جاء فى تفسير فخر الدين الرازى عن الشافعى مايأتى: «قال الشافعى ‏ رضى الله عنه -: ينبغى للقاضى أن يسوى بين الخصمين فى خمسة أشياء: فى الدخول عليه» والجلوس بين يديه والإقبال عليهماء والاستماع منهماء والحكم عليهما. . ولا ينبغى أن يلقن واحدا منهما حجته.ء ولا شاهدا شهادته؛ لأن ذلك يضر بأحد الخصمين. ولا يلقن المدعى الدعوى والاستخلاف» ولا يلقن المدعى عليه الإنكار والإقرار» ولا يلقن الشهود أن يشهدوا أو لا يشهدوا. وعدالة الحاكم الأكبر تقتضى الرفق بالرعية» وألا يعمل إلا ما فيه مصلحة» وأن يمنع الرشوة» وألا يولى أحدا من دونه لهوى أو غرض! فلا يوسّد الحكم لمن . سبق تخريجه من رواية مسلم وغيره عن تميم الدارى» وذكره البخارى فى ترجمة الباب‎ )١( ١‏ ها تفسشير شبور: ة النساع الل بإب ]5 ١‏ دونه إلا لمن هو أهل لهء ولقد قال النبى ككِ: «إذا وسسّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة)2327 , والأمانة واجبة سواء أكان من اتتمنك عادلا أم كان جائراء فالنبى يَكِلِ يقول: «أدٌ الأمانة لمن اثتمنك ولا تخن من خانك)27. ومن المقررات فى الفقه الإسلامى أن الظالم لا يظلم. والعدل مطلوب فى ذاتتهٍ يستوى فى ذلك المسلم وغسير المسلم» فقد قال تعالى 8 .. . ولا يجرمكم شنآن قوم على ألا تَعدلوا اعدلُوا هو أَقْرب للتقوئ . > 4 [المائدة] . طن الله نعمًا يَعظّكُم به إن الله كان سميعا بصيرا 4 الوعظ معناه التذكير بالخير والتحذير من الشر» بما يرق له القلب» ويخضع له الوجدان. و(ما) هنا إما نكرة بمعنى شىء» أو موصولء ولمعنى واحدء وإن اختلف التخريج النحوى. ومؤدى النص أن الله جلت حكمته وهو العليم بكل شىء يأمركم بالأمانة والعدالة ولَنعم هما شيئا خطيرا جليلا ذا أثر عظيم» فى حياتكم العامة والخاصة. يذكركم به ويدعوكم إليهء فأداء الأمانات وإقامة العدالة» بهما تقوم الأمم» وعليهما تبنى دعائم العزة والكرامة الإنسانية» فهما ممدوحان دائماء ولا ينتج عنهما إلا خير» ولا ينتج عن تركهما إلا شر. )١(‏ عن أبى هريرة قَالَ: ينما لبي يكل فى مجلس يحت الْقَوْم جَاءه أعرابي قَقَالَ: من السّاعة؟ َممَى رول الله يك يُحَدَت َل ببعض الْقَوم: سمع ما قال فكره هما قَال» كال بُعضهم : بل لم يسمع . حنَى إِذا قَضى حَديقه قَالَ: «أين أراه السائل عَنْ السّاعَة؟» قَال: ها أنَا يا رول للها قَالَ: «َإِدَا ضيّعَت الأمَانةٌ قانتظر السّاعة» قَال: كيف إضاعَتها؟ قَال: «ِذَا وَسدّ الأمرٌ إلى غَيْرٍ أهله َاَظرْ السََعَق . رواه البخاري: العلم - من سكل علما وهو مشتغل بحديشه فأتم (69)» ورواه أحمد: باقى مسند المكثرين )80١7(‏ بلفظ : (إذا توسد) . ومعنى وسّد: أسند . (5) رواه الترمذى: البيوع - النهى للمسلم أن يدفع إلى الذمى الخمر .)١155(‏ ورواه أبو داود: البيوع - فى الرجل يأخذ حقه من تحت يده (56010). ا تفسير سورة النساع 00 077 حب وبي 2 وإن الله تعالى إذ يأمركم بذلك الخير العميم تَفعه يراقبكم فى تنفيذه» وإنه لن يترككم ولن يخليكم من العقاب إن لم تقوموا به» ولذلك ذيل الآية الكريمة بقوله تعالى: إن اللَّهَ كَانَ سميعا بصيرا 4 أى إن الله تعالى يعلم أحوالكم علم من يسمع» فهو يسمع خطرات نفوسكم وحركات قلوبكم» وعلم من يبصر» فهو يرى أعمالكم. هو إذن يسمع كلمة الحق نطق بها القاضى» وكلمة الرعية يختارون بها راعيهم» بالأمانة والصدق والإخلاص» ويرى عمل الوالى إذا عدل» فيجزيه بالحسنى» وعمله إذا ظلم أو شق على رعيته أو أرهقها من أمرها عسراء فيأخذه سبحانه بظلمه إن ظلم. ويرى سبحانه الأمة وهى تقصر فى حقوقهاء ولا ترعى واجب الأمانة فى الأمر بالمعروف والنهى عن المتكرء ومنع الظالم من ظلمهء فيفسد أمرهاء ويتحقق فيها قول النبى الأمين: الْيَاْمَرّنَ بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدى الظالم ولتأطّرنّه على الحق أطرا أو ليضربن قلوب بعضكم ببعض ثم تدعون فلا يستجاب لكو)17)!!. وإذ كان العَدل» وجبت الطاعة لولى الأمر مقرونة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله؛ لأنها مشتقة من طاعتهماء ولذا قال تعالى: «إيا أيها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الررسول وأولي الأمر منكم ). طاعة الله وطاعة رسوله متلازمتان» فمن يطع الرسول فقد أطاع الله فإطاعة الرسول إطاعة للهء وإطاعة الله إطاعة للرسول أو تقتضيهاء فقد قال الله تعالى: «... وما آتَاكم الرسول فَخْدُوهُ وما تهاكم عنه فَانتَهُوا ... 29> » [الحشر] . وأولو الأمر هم الذين بيدهم الحل والعقد وبيدهم مقاليد الأمة التى يقومون على رعاية مصالحها وشئونها وإرشادها وتوجيهها. وقد قال بعض الحكام إنهم الفقهاء والذين يستطيعون استنباط الأحكام» ولكن الأكثرين على أن ولاة الأمر هم الحكام وأهل الحل والعقد. )١(‏ سبق تخريجه من رواية أبى داود: الفتن والملاحم» عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. اا تفسير سورة النساع ال ل كه < 7 ونلاحظ هنا أمرين: أحدهما ‏ أن القرآن الكريم يصرح بأن ولاة الأمر الذين تجهب طاعتهم يجب أن يكونوا من المؤمنين» ولذلك يقول سبحانه «منكم»», فلا طاعة مطلقا لمن يغلبون على شئون المسلمين ممن ليسوا من أهل الإيمان» فأولئك المنحرفون من بعض أهل الهوى الذين يزعمون أنهم مسلمون» ويزعمون أن الإنجليز أيام حكمهم كانوا من ولاة الأمور الذين يوجب النص طاعتهم ‏ قد ضلوا ضلالا بعيداء وهم بهذا وبغيره خارجون عن حكم الإسلام . ثانيهما ‏ أن الله قرن طاعة أولى الأمر بطاعة الله ورسوله» فوجب أن تكون طاعتهما من جنس طاعة الله تعالى ورسوله» بأن تكون فى سبيل العدل» ولا تخرج عن حدوده. وإنه باقتران هذه الآية بالآية السابقة يستبين أن ولاة الأمر الذين تجب طاعتهم هم العادلون؛ لأن الآولى أوجبت العدل» والثانية أمرت بالطاعة. فلو كانوا غير عدول لكانت الطاعة مسايرة لهم على الظلم. وقد نهينا عنه. ولقد قال الزمخشرى فى هذا المقام ما نصه: «المراد بأولى الأمر منكم أمراء الحق. لأن أمراء الجور ‏ الله ورسوله بريئان منهم ‏ فلا يعطفون على الله ورسوله فى وجوب الطاعة لهمء وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما فى إيثار العدل» واختيار الحق» والأمر بهماء والنهى عن أضدادهماء كالخلفاء الراشدين. وكان الخلفاء يقولون: أطيعونى ما عدلت فيكم» فإن خالفت فلا طاعة لى عليكم. وعن أبى حازم أن سلمة بن عبد الملك قال: ألستم أمرتم بطاعتنا فى قوله تعالى: 9 وأولي الأَمْرٍ مكم4 قال: أليس قد تُزِعَتَ عنكم إذا خحالفتم الحق بقوله: فإ قَإن تارتم في شيء فَرّدُوه إِلَى الله والرسول 4. وعن النبى يك أنه قال: اا تفسير سورة النساع 00 0/1 ١ ا‎ 7 بي ١‏ امن أطاعنى فقد أطاع الله» ومن عصانى فقد عصى الله ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى » ومن عصى أميرى فقد عصانى)27 . ورسوله» وجب الرجوع عند الاختلاف إلى الكتاب والسنة» ولذا قال سبحانه: « فإ تتازعتم في شيع فردوه إِلَى الله وَالرّسول إن كنتم تَؤمنون باللّه واليوم الآخر # لقد ثبت بإجماع العلماء الذى لا مماراة فيه أن طاعة أولياء الأمر إنما تكون فيما فيه طاعة الله تعالى» وطاعة رسوله الأمين كما نوهناء وأنه ليس لولى الأمر طاعة فى معصية» لقوله يكم «لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق»('2» ولقوله يِلهِ: «إنما الطاعة فى المعروف206©» والمعصية منكر لا طاعة فيه» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «على المرء المسلم السمع والطاعة» فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة»(4؟2» ولما قررنا من أن طاعة أولى الأمر مقرونة بطاعة الله ورسوله» وأنه )١(‏ رواه البخارى: الأحكام - قول الله تعالى : #وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم» (0)». ومسلم: الإمارة - وجوب طاعة الأمراء فى المعصية وتحريمها فى المعصية )١8725(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه. (؟) رواه القضاعى فى مسئد الشهاب ج؟؛ ص50 (897) عن عمران بن حصين رضى الله عنه» والبغوى فى شرح السنة عن النواس بن سمعان» كما فى مشكة المصابيح ج5» ص7”8؟. كما رواه أحمد فى مسنئده وعن الحكم بن عمرو الغفارى وعمران بن حصين 2)5١1١0(‏ وعن على رضى الله عنه »)٠١44(‏ ولفظه عن علي عن النبِي َك قَالَ: «لا طاعة لمَخَلُوق فى معصية اللّهِ عر وَجَل». وهو عند البخارى بسنده عن على . (؟) متفق عليه. ورا جع التخريج السابق. (:) متفق عليه رواه البخاري : الأحكام - السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (07145) ومسلم: الإمارة - وجوب طاعة الأمراءفى غير معصية (1814) ولفظه عن ابن عمرٌ عن الذبي يك أنه قَالَ: «على الْمَرْء ء الْصْلِمٍ اسع والطّاعة فيما حب وكَره إلا أن يؤمرَ بسعصية» إن أمرَ سي قلا مع ولا عه ولفظ البخارى عن نَافع عن بد اله ري الله نهم (لى ابن عمر حيث الرواية عن نافع) عن اللَِي وك قَالَ: «السَمَع وَالطاعَةُ عَلَى على المرء ء الْمسْلمٍ فيمًا حب وَكَرهَ ما لم يمر بمعصية فَإِذَا أمر بمعصيّة قلا سَمَم ولا طاعَة». لأا تفسشير سور ة النساء 0 14 لج وراة بي ١‏ ليس من المعقول أن يفهم من الآية أن ولى الأمر يطاع حيث يعصى الله ورسولهء وهما مقترنتان» وولى الأمر ما حقا وصدقا لا يخالف الله ورسولهء وإلا كان متغلبا طاغيا. وإذا كانت طاعة ولى الأمر لا تكون إلا فى دائرة الكتاب والسنة» فلا بد أن يكونا هما المرجع فى الوفاق والخلاف معاء فإن اتفق أهل الحل والعقد على أمر مشتق من كتاب الله وسنة رسوله» وغير خخارج عنهما ولا عن أصولهما المقررة» فهو الحجة الواضحة؛ كما كان يفعل أبو بكر وعمر رضى الله عنهماء فقد كانا على كل أهل المدينة» فما يثبت أنه ورد فيه قرآن أو سنة ضع الجميع له وإلا فإنهم ينظرون مجتهدين فيما يكون من جنس ما يأمر به الكتاب أو السنة» فإن اتفقوا عليه نفذوه. وإذا كان اختلاف. فإنه لا حكّم فى الاختلاف إلا الكتاب والسّة أيضاء وهذا موضع قوله تعالى: «فِإن تتازعتم 4 وليس التنازع هو المحاربة» إنما التنازع هو الاختلاف فى طلب الحق فى الأمرء وقد جاء فى تفسير معنى التنازع فى مفردات الراغب: «نزع الشىء جذيه. . والتنازع والمنازعة المجاذبة» ويعبر بهما عن المخالفة والمجادلة». وكأن كل واحد من المختلفين يجذب من الآخر الحجة لدليله» ويجعل الحق فى جانبه بجذب الحجة على مخالفه. ومن هذا قول النبى كَلِّْ: «مالى أُنَارَعَ القرآن27! وذلك أن بعض المأمومين جهر )١(‏ عن أبى هريرة أ سول الله يك اصرق من صّلاة جهَرَ فها بالقراءة ققَالَ كله: «هل قرا معى اح نكم آننا؟» فَقَالَ رجل: َعَم يَأ سول اللّه. قَال: «إِنّى أقول مالى أَنَارْع الْقُوَآنَ» قَالَ: َانتهَى النّاس عن القراءة مع سول الله يل فيمَا جَهَرَ فيه رول الله َك من الصّلوَات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رَسول الله يَكلة. [رواه الترمذي: الصلاة-ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام (031» والنسائى : الافتناح - ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به (419)» وأبو داود: الصلاة - من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام (2»)875 وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها - إذا قرأ الإمام فأنصتوا (859)» وأحمد: مسند المكثرين (9/778). ل تفسبير سور”: ة النساعء ل لل نري كى-[1 خلفه» فنازعه القراءة فشغله» فنهى ‏ عليه الصلاة والسلام ‏ عن الجهر بالقراءة خلفه فى الصلاة. ' ويجب بهذا النص عند التنازع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله» وذلك بالتماس ما يكون من الأحكام متفقا مع المقاصد والغايات التى جاء بها الكتاب والسنة» وإن لعلماء الإسلام فى ذلك منهاجين: أحدهما: أن يبحث فى الآصلين عن حكم منصوص عليه يشبه فى سبب الحكم الحادثة التى لا يجدون فيها نصاء وهذا يسمى القياس الفقهى» وهو ما تسير عليه الكثرة الكبرى من الفقهاء. والمنهاج الثانى . أن ينظر إلى المقاصد العامة للشريعة» وهى مصالح الناس» الثابت الأخذ بها من مجموع النصوص لا من نص بعينه» فإذا كان فى الأمر المتنازع فيه مصلحة ملائمة لمقاصد الشارع. من غير مخالفة أى نصء أخذ بهاء وهذا المنهاج أخخذ به الإمام مالك» وأحمد» وزيد. ولكن يرد هنا سؤالان: من الذين يجرى بينهم التنازع؟ ومن الذين يتولون رد الأمر إلى الكتاب والسنة؟ . والجواب عن السؤال الأول: أن الذين يجرى بينهم الخلاف هم أهل الحل والعقدء» وذلك يقتضى أن تكون هناك جماعة مصطفاة مختارة تتولى سن النظم ووضع القوانين المشتقة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله» وهم رجال الشورى الذين ترتضيهم الأمة. والجواب عن السؤال الثانى ‏ أن الذين يردون الأمر المختلف فيهء يجب أن يكونوا على علم بالكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وغاياتهاء وهم علماء الإسلام المتفقهون فى أحكامه. ولذلك يجب أن يكون فى أهل الحل والعقد» أو بجوارهم يعملون معهم» رجال من فقهاء الإسلام المخلصين المؤمنين بحقائقه. الذين لا يغلب عليهم الهوىء. ولا يخضعون لهوى الحكام» ولا يحرفون الكلم عن فا تفسيرسورة النساع الل 0 ا :2 يي وإن الله تعالى يقرر - تعالت كلماته - أن ذلك وهو الرد إلى الكتاب شأن أهل الإيمان بالله حقا وصدقاء والذين لا تغلبهم الدنيا ومتعها العاجلة» ولذلك يقول «إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر» أى إن كنتم تذعنون للحق الذى شرعه الله تعالى لكم وتصدقون وتؤمنون بالآخرة وما فيها من حساب وعقاب» ولم تستول عليكم الدنيا بأهوائها وشهواتهاء فإنكم بلا ريب سترجعون إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله لله ذلك أن المؤمن حقا ومصدقا بالله واليوم الآخر لا تستهويه شهوات الدنياء فيظنها مصالح» بل يذعن لحكم الله دائماء ولا يكون كأولتك الذين قال الله تعالى فيهم: (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم م إذا فريق منهم معرضون 50 وإن يكن لهم الحق يوا ليه ماعبين ج(25) أفِي فُلُويهم مض أم ارتابوا أم يَحَافُونَ أن يحيف الله عليهِم ورَسولَه بل ولك هم الظَالمون لت 4 [الور]. وإن اتباع القرآن والسئة فى الحكم فيه الخسير وحسن المآب» ولذا قال سبحانه : «إذلك خَير وأَحْسَن تأويلاً» إن ذلك الرجوع إلى الكتاب والسئة» فى الفرقان والافتراق» خير لكم فى الدنيا؛ لأن فيه مصلحتكم الحقيقية» وفيه بعد عن الهوى» وفيه خضوع لله تعالى. وأحسن تأويلا أى مآلا ونهاية» وفهمًا لأمور هذه الحياة» فإن شكون الحياة معقدة» تختلط فيها الشهوات بالمصالح» فلا يمكن فهمها على حقيقتها إذا تشابكت إلا بالرجوع إلى شرع الله» ففيه الفهم الصحيحء الغاية السامية» وفيه المآل الذى لا شر فيه. فاللهم وفق أمتك للأخذ بشرعتك واجعلنا من الذين لا يحرفون الكلم عن مواضعه إنك سميع الدعاء. ا تة لتهفشبير سورة ١‏ لنساع للمللاااللللللل الل الال م 20 ص ا هر سج ررح اس 4 سم مثر إل لذي برعمون أنَهم ءا مَنُوا يمآ أَنزل إل وَمَآأ: 17 0-7 1 0 ماآذ زْله من قَبَلِك يُرِيِدُونَ أن يتَحَاكُموا إل لطْعُوتَ كذ راكفأ سرود انيلم 1 6 صللا بعِيدا ل 5-5 ا[ 0 باتأسست سرع سر سر ليه وَإدَاقِلَُم تصَالواإِكَ مَآأَنَوَلَ سد وَإِلَ سول وَأيتَ الْمْكَفِقِينَ يَصْدُونَ نك ِدُوها لي 52 فَكيف إذ1 ا ع يم تُصِيَة يما - 1 11 6 مه 2 أ لذي قم لو هر عر لسر 0 011 0 إحسدنا سلما وَتَوَفِيفًا ارلا أولِكَادٌ : يعلم الم - ا 00 وم عم 00 لويم عرض عن م وعظلهم قل لهؤت ره دعت الآيتان السابقتان المؤمنين إلى أن يؤدوا الأمانات إلى أهلهاء وأن يحكموا بالعدل. وقد ذكرت الآية الثانية أن طاعة الله ورسوله واجبة» وأن طاعة والعدل» واستقرارهما. وفى هذه الآيات يبيّن سبحانه وتعالى حال بعض أهل الكتاب الذين يتركون الأحكام المقررة فى الشرائع السماوية» ويستبدلون بها الظلم وحكم الطغيان» ولذا قال سبحانه : « ألم ت تر إِلَى الّذِين يزعمون أَنّهِم آمنوا بما أنزل إِلَيِك وما أنزل من قَبلك يريدون أن يتَحَاكَموا إِلَى الطّاغْوت » ا تفسبير سور ة النساع [1١‏ اللااةا اا اااااللض]لا ااانا التان الالال التاااالاا الاك طنط لاا لااناللن لتلا االانا!ااةةاْللتللااا انالا ناملالا ط تالالا لالطالا تاللا «لب برو يي" «ألم تر» هذا التعبير قرآنى» وهو استفهام سيق للتعجب والإنكار» فيه التعجب وتوبيخ الذين وقع منهم هذا الفعل. وأداة الاستفهام دخلت على النفى» ونفى النفى إثبات. والمعنى: قد رأيت الأمر العجب المستنكر الذى وقع من أولئك الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك. والزعم يكون فيمن يقول قولا لا يوجد مايدل على صدقهء ولمعنى: قد رأيت حال أولئك الذين يدعون كذبا أنهم يعتقدون ويدَعنونَ للذى أنزل إليك من شريعة عادلة وحاكمة بين الناس بالعدل» وأنهم يؤمنون بالكتب المنزلة وما اشتملت عليهاء ومع ذلك يتركون الحق الواضح البين الذى لا شبهة فيهء الذى اشتملت عليه شريعتك وما قبلهاء ويتحاكمون إلى الطاغوت؛. وهو الطغيان الكثير» ولعل المراد به هنا الحكم الذى لا يبنى على الحق» ولا يقوم على أساسهء وليس له نظام وقانون مقرر ثابت» يعرف فيه كل واحد من الخصمين ما له من حقوق وما عليه من التزامات . وواضح من النص الكريم أن هؤلاء متصفون بصفتين: أولاهما ‏ أنهم يدعون الإيمان وليسوا بمؤمنين» إذ قال سبحانه: #يزعمون نهم آمنوا» . وثانيتهما ‏ أنهم فى الأصل من أهل الكتاب الذين يدعون أنهم آمنوا بما أنزل على موسى والأنبياء قبله. وبهذا النص الكريم يتعين أن يكون أولئك من المنافقين من اليهود الذين كانوا يظهرون الإيمان» وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون» أو من الضعفاء الذين ليس عندهم من قوة الإيمان ما يحملهم على الخضوع لأحكام الله تعالى. ٠‏ وإن المفسرين قد تكلموا فى سبب نزول هذه الآيات» ورووا فى ذلك روايات مختلفة» وأقربها إلى معنى الآية أن منافقا اختلف مع يهودىء فأراد اليهودى أن يكون الحكم هو النبى لما يعرف عنه من عدالة وامتناع عن رشوة» ولأنه يحكم بقانون ثابت لا عوج فيه ولا انحراف» وأراد المنافق أن يتحاكما إلى غير النبى - قيل إلى كاهن» وقيل إلى أحد كبار اليهود ‏ وكلا الحكمين لا يمكن ل تفسير سورة النساء لل أ جج-1 أن يكون بالنسبة للنبى كللِلَِ إلا ظالماء حكمه فيه طغيان كثير؛ لأنه لا يعتمد على قانون منظم للحقوق والالتزامات. ط ويُرِيد الشيِطَان أن يُصْلْهُم ضلالاً بعيدًا 4 وإذا كان الله تعالى قد أمرهم أن يكفروا بحكم الهوى والغرض والظلم وبحكم الأوهام والكهنة» واختاروا هم الاحتكام إلى طاغية من طغاتهم, أو كاهن من الكهان» فقد كان ذلك بوسوسة الشيطان المضل فى نفوسهم.» وهو لا يريد لهم إلا العدول عن الخط المستقيم. فالضلال هو العدول عن الخط المستقيم» سواء أكان ذلك فى المعنويات أم كان فى السير الحسى. ومن عدل عن الطريق المستقيم واستمر فى غيره» فهو كمن بعد عن الطريق السوى» وسار فى متاهات» كلما أمعن بعد. وهؤلاء قد ابتدأوا بالنفاق» فكلما وسوس لهم شيطانهم بالباطل أبعدهم عن الحق وعن طريقه. فمعنى يضلهم ضلالا بعيدً يبعدهم عن الحق الذى ابتدأوا باجتنابه» فصاروا كمن يوغلون فى متاهات من الأرض» كلما أوغلوا زادوا بعدا عن الطريق المستقيم . وإن هذا النص يومئ إلى أنه لا يتفق مع الإيمان الصادق أن يتحاكم المؤمن إلى غير النظام الذى يقرره القرآن والسنة. ويومئ النص أيضا إلى أن كل تحاكم لغير شريعة الله تعالى وما تقرره من أحكام. هو تحاكم إلى طغيان كبير لا يقوم الحكم فيه إلا على الهوى. ألم تر كل النظم التى تحكم بغير القرآن لا تعاقب الزانى» ولا تعتبر فعله جريمة إلا إذا كان فيه اعتداء على الزوجية أو اغتصاب» أو زنى بقاصرة! وأى طغيان وهوى أعظم من ذلك جرما؟! ويومئ النص كذلك إلى أن من يرفض حكم القرآن يخضع لحكم الشيطان» ويضل به ضلالاء كلما سار فيه بعد عن الحق المبين: « وَإِذَا قيل لهم توا إل ما أنزل الله وإَِى الررسول ريت المتافقين يصدون عنلك صدُودًا 4 إذا قيل لهؤلاء الذين ضعف إيمانهم فلم يذعنوا للحق» ولم يخضعوا لحكم الله: تعالوا وأقبلوا على الخضوع لله تعالى ولحكمه - رأيت الذين اتسموا بالنفاق منهم يعرضون عنك إعراضا شديدا؛ وذلك لأنهم لمرض النفاق فى قلوبهم هاا تفسيرسورة النساعءع ل 00 جه بي ينفرون من العدل والحق نفورهم من الإيمان الصريح الذى لا دل فيه ومن الطريق المستقيم الخالى من العوج . وفى الآية الكريمة إشارتان بيانيتان: إحداهما- التعبير بقوله تعالى: 9«إإِلَئ ما أَنزل اللَّهُ وإَِى الرّسُول » فإن هذا يسين لهم أنهم يتركون الحكم المتزل من السماء من عند الله إلى حكم الأرض وأهواء أهلهاء ويبين لهم أن الرجوع فى الحكم إلى الرسول هو رجوع إلى حكم الله الذى ينطق به رسوله الأمين» وأن امتناعهم عن ذلك إنكار للرسالات الإلهية مع أنهم من أهل الكتاب, الذين يعتزون على العرب بأنهم يؤمنون بشرائع السماء وغيرهم أميون!! ثم يبين ذلك أن الخضوع لحكم الرسول خضوع لحكم الله تعالى وما أنزله الله» فالمعترض على حكم الرسول معترض على الله سبحانه وتعالى . الثانية- فى قوله تعالى: ‏ ريت المنافقين يَصدُون عنك صدودا © فإنه يشير إلى أن الذين يعرضون عن حكم الله تعالى وينفرون منه هم المنافقون الذين يسرون ما لا يظهرون ويخفون ما لا يبدونء فالإعراض عن حكم الله تعالى سمة من سمات النفاق أو بالأأحرى أوضحها وأبينها . ش والنص يشير مع هذا إلى أن الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت فريقان: فريق ضعيف الإيمان» وفريق منافق» وأن المنافقين من بينهم شديدو النفرة والإعراض . اللهم إلا أن يقال إن ذلك إظهار فى موضع الإضمارء أى أن الذين يزعمون أنهم آمنوا بالله وبالرسول» الذين يرتضون حكم الطاغوت هم منافقون» وهم بسبب نضاقهم يعرضون عن حكم الله إعراضا شديداء فهم طائفة واحدة! (1) و الدخّل: ما داغمّل الإنسانٌ من فساد فى عقل أو جسمء وقد دل دَححَلاً و دل ملو فهو مَدخول أى فى عقله دَخَل. وفى حديث قتادة بن النعمان: وكنت أرى إسلامه مَدخُولاء الدّحَلء بالتحريك: العيب والغش والفسادء يعنى أن إيمانه كان فيه نفاق. ا تفسير سورة النساء الئل حي لب اد وأظهر وصفهم ليعلم أنه علة إعراضهم» وهذا ما نرتضيه» ويتفق مع قوله تعالى جتكيم ابن أصابتهم مصيبة بما قَدْمَت أيديهم ثم جاءوك يُحَلفُونَ باللّه إن أردنا إل إحسانا وتوفيقا 4 إذا كان أولئك المنافقون يصدون ذلك الصدودء ويعرضون هذا الإعراض» فلينظروا إلى حالهم عندما تصيبهم مصيبة بسبب تركهم التحاكم إلى القانون العادل والحاكم العادل» كيف تكون حالهم عندما تنزل بهم مصيبة الظلم وعدم الخضوع لقانون عادل يرد الحق إلى نصابه! وذلك أن الذى يترك القانون الذى لا يخضع لهوى» والقاضى الذى لا يخضع لغرض» ولا ينحرف عن الحق لأى غرض من أغراض الدنيا - تنزل به مصيبته لا محالة» وهى الاضطراب» وعدم الاطمئنان إلى حكم حاكم! والمجماعة التى تترك الحكم المستقيم إلى الحكم المعوج الذى يستمد من الطغيان والظلم» لا بد أن تنزل بها مصيبة التفرق والانقسام» وعدم التواصى بالحق. فالقرآن يشير للمنافقين بهذه التتيجة» بل ينبئهم فيقول لهم: كيف تكون حالكم إذ تصيبكم مصيبة التظالم» وأكل بعضكم مال بعض» ونفرة الرسول منكم» وظهور أمركم وانكشاف حالكمء وذلك بما قدمته أيديكم من ترك للحق وعدم خضوع له! والتعبير «بما قدمت أيديكم» يبين ما سبق من أمرهم» وإن لم يكن باليد؛ لأن اليد مظهر العمل» فهى كناية عن عمل الإنسان» وإن كان باللسان أو القلب. ثم إنهم بعد أن تصيبهم مصيبة الباطل وانكشاف أمرهم» ونفرتك منهم - جاءوك يعتذرون إليك ويوثقون اعتذارهم بالحلف بالله تعالى قائلين: ما أردنا بالمخاصمة لغيرك إلا إحسان المعاملة والتوفيق بين الخصوم. والمعنى الجلى للنص السامى: كيف تكون حالهم إذا نزلت بهم النازلة التى تترتب على تركهم حكم الله إلى حكم الطغيان» ثم جاءوا إليك معتذرين عما سبق منهم» قائلين حالفين بالله أنهم ما قصدوا الإعراض» بل أرادوا التوفيق» والمعاملة الحسنة!!. ا تفسير سورة النساء للفو 2 لكك 1 .» يي والتعبير ب «ثم» فى هذا المقام» يشير إلى التباين بين حالهم فى الإعراض والصدودء وإقبالهم بالاعتذار والحلف والازدلاف . « أولّتك الذي يَعلَم الله ما في قُلُوبِهِم 4. أولئك النافرون عن حكم الله إلى حكم الطغيان والهوى والشيطان» وهم يزعمون أنهم من أهل الإيمان يعلم الله تعالى ما يستكن فى قلوبهم» وما يدفعهم إلى أعمالهم وخروجهم عن حكم الحق إلى حكم الهوى. والإبهام فى قوله تعالى ١‏ يَعلَم الله ما في قُلوبهم 4 للإشارة إلى خفائه إذ يخفونه ويبدون غيره» وإلى أنه شىء كثير من الفساد والانحراف النفسى يحكمون إخفاءه» وإلى تنوعه من رغبة فى الكيد والأذى» والتفريق بين المؤمنين» وممالأة المشركين» وغير ذلك. وإذا كان الله يعلم ما فى نفوسهم علما دقيقاء لا يغيب عنه شىء؛ لأنه وحده العليم بذات الصدور الذى لا يخفى عليه شىء فى السماء والأرض» فإنه سبحانه وتعالى مجازيهم فى الآخرة بأعمالهم ودوافعها المكنونة فى قلوبهم» إن استمروا على حالهم ولكن عليك أنت أيها الرسول أن تبلغهم الحق» وتدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. وم 6 سه #2 سس ته «فأعرض عنهم وعظهم وقُل لَهُم في أَنفسهم قَوْلاً بَليعًا4 أى : إذا كانوا كذلك من السوء فأعرض عنهم. وفى هذا النص بيان لطرق علاج المنحرفين فى نفوسهم إذا كانوا صالحين للعلاج» وهذه الطرق ثلاث مراحل متداخلة: أولاها ‏ الإعراض عنهم بألا يقبل عليهم ليشعروا باستنكاره لأعمالهم» وأنه غير راض عنهم. وذلك فى غير جفوة؛ لأنه إن كانت الجحفوة كان العنادء فلا يمكن أن يصل إلى المرحلة الثانية. وهذه المرحلة الأولى هى التى عبر عنها سبحانه بقوله تعالى : « فأعرض عنهم 4 . الثانية - الوعظء وهو الزجر مع التخويف بسوء العاقبة والمآل ونتائج أعمالهم؛ فإن ذلك قد يدفعهم إلى التفكيرء ومع التفكير فى العاقبة ينفتح باب الهداية وسلوك الطريق المستقيم . الل حت لأس اق الثالثة ‏ الاتجاه إلى جذبهم بقول بليغ يصل إلى قلوبهم» بأن يبين لهم العاقبة الحسنى فى العمل بالحق» والخضوع لحكم القرآن المشتمل على شريعة الرحمن. ومعنى قوله تعالى: قرلا ليا أنه بد يبلغ إلى كنه ما فى قلوبهم» فيصل إلى أعماقها ويوجههم توجيها حسنا إلى ما فيه صلاح فى الدنيا والآخرة» وذلك بأن يورد النبى يله القول على طريقة تجعلهم يقبلون قوله ولا ينفرون» فيقربهم ويدنيهم» ويأتيهم من قبل ما يألفون إن كان حقا. وإن القول البليغ الذى يصل إلى كنه القلوب» يجب أن تتحقق فيه ثلاثة أوصاف: أولهاء أن يكون المطلوب حقاء والثانى» أن يكون اللفظ مستقيماء والمعنى سليماء فلا يصل إلى الحق إلا بالحق» والثالث. أن يكون القول منبعثا من النفس» بحيث يؤمن القائل بصواب ما يقول» فإنه لا يؤثر إلا المتأثر. هذه طرق الدعوة إلى الحق» هدانا الله إلى الطيب من القول وهدانا إلى صراط الحميد. وَمَآأَرَسَلَسَامِن رَّسُولٍ إلا 2< ع ل ا سمه م عر 2 ليطا بإذ الله ولو همذ لامو شه بكاوك دَاسْسمْعرواً لله وأَسحَخفسرَله م سول عدوأ أله مرَابَانَّحِيما زا قل وَرَيْكَ لا توميو 7 31 تكو كك ريد كم 1ب دوا _--_-2 - ع أ همْحَرجَايِمًا و 1 ليما 2 ما قبل هذا النص الكريم كان فى وجوب إطاعة الله تعالى ورسوله» اا تفسير سورة النساء ل ما 0 1 لكا :2 يي شرعه» ويرجعون إليه فى وفاقهم وفى اختلافهم . وكان فيما سبق أيضا بيان أن من يتركون حكم الله ورسوله. إنما يتحاكمون عند تركه إلى الظلم والطغيان؛ لأن ما جاء به الشرع هو الحق الذى لا شك فيه» وماذا بعد الحق إلا الضلال» وماذا بعد ترك حكم الله إلا حكم الطغيان!! ش وفى الآيات التالية يبين سبحانه أن الالتجاء إلى حكم الله تعالى» عندما يكون الخلاف» هو من الإيمان» فمن ترك حكم الله إلى غيره عامدا مستهينا بحكم الله» أو منكرا عدالته وصلاحيته. لا يعد مؤمنا ولا يعد آخذا بحكم الرسالة» ولذا قال سبحانه وتعالى : وما أَرسلنا من رُسُول إل ليطا بإذن اللّه 4 ومعنى النص السامى: لا نرسل أى رسول فى أى أمقع إلا كان من شأنه أن يطاع. وهذه الطاعة اللازمة على من أرسل إليهم هى بإذن الله بطاعته» فالله تعالى هو الذى بأمر بطاعته. ومن عصاه فإنما يعصى الله ومن أطاعه فقد أطاع الله: 9 من يطع الرسول فَقَدُ أطاع الله ... للج 4 [النساء]. وفى الأثر الصحيح: «من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى اللهء ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى» ومن عصى أميرى فقد عصانى)17) أى أن من يعصى الأمير المعين من قبل الرسولء» أو الذى للرسول. استغراق.» إذ تأكد الاستغراق بالتدكير وبحرف (من) وبالنفى والإثبات» وإن هذا يدل على أن الطاعة هى مقتضى الرسالة» فأساس الإيمان بالرسالة الإيمان بأن ما يبلغ إنما يبلغ عن الله تعالى» ولقد أيد سبحانه وتعالى هذا المعنى وهو التبليغ عن الله تعالى بقوله: 9 بإذن اللّه»م » فكل أمر يأمر به هو من الله تعالى» وكل ما )١(‏ سبق تخريجه قريبا. ل ل تفسير سور ة النساعء لل 4 اا 7 ينهى عنه هو من الله تعالى» كما قال تعالى: «إ إن هو إلا وحي يوحئ +130 4 [النجم] . ويجرنا الكلام فى هذا إلى الكلام فى اجتهاد النبى كَكِيِ: هل طاعته واجبة فيه بإذن من الله» وبعبارة أخرى: أهو لا يخطئ فتجب الطاعة. ويكون ما ينتهى إليه فى الاجتهاد هو كالموحى به؟ والجواب عن ذلك أنه يجوز الخطأ على النبى يل فى الاجتهاد فى بيان بعض الأحكام. ويجوز الخطأ عليه فى القضاء إذا لبس الخصوم. والخطأ الأول قد وقع فقد اجتهد مع أصحابه فى معاملة الأسرى» وخطأهم الله فى اجتهادهم فى ذلك الموضع”١2.‏ وقد فرض عليه الصلاة والسلام جواز الخطأ فى القضاءء فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من البعض الآخرء فمن قضيت له بحق أخيهء فإنما أقتطع له قطعة من النار»27. ولكن الخطأ فى الأحكام لا يمكن أن يقره الله تعالى عليه» بل يبينه» لسلامة النقل عن الله تعالى» وليكون كل ما يأمر به النبى كَلةٌ حقاء وليتحقق معنى قوله عليه الصلاة والسلام: «ما أمرتكم به فخذوه» وما نهيتكم عنه فاجتنبوه270. وكذلك لا يجتهد النبى كله فى قضائه (1) أوما إمامنا إلى قوله تعالى : «ما كان لبي أن يكُون لَه أسرى حَنَى يفخن فى الأرض تُرِيدُونَ عرض الدنيا وَاللَهُ يريد الآخرة واللّهُ عير حكيم» (الأتفال: 7). قال القرطبي: هذه الآية نزلت يوم بدرء عتابا من الله عر وجل لأصحاب نببه َكَِ. والنبي كَلكِْةِ لم يآمر باستبقاء الرجال وقت الحرب» ولا أراد قط عرض الدنياء وإنما فعله جمهور مباشرى الحرب؛ فالتوبيخ والعتاب إما كان متوجها بسبب من أشار على النبي يَكِ بأخذ الفدية. (0) متفق عليه؛ رواه البخارى: الشهادات - من أقام البيئة بعد اليمين (-538)» ومسلم: الأقضية - الحكم الظاهر واللحن بالحجة (1/ا١).‏ (9) رواه ابن ماجه: المقدمة- اتباع سنة الرسول وَل (1) ولفظه : عن أبى هريرة قَال: قَالَ رسول اللّه لله : دم أمرثكم به فَخَذُوه وما تهد تهيئكم عنه فَانتَهُواه. وهو فى الصحيحين؛ (197) البخارى: لي بالكتاب ٠‏ والسنة 004 ف ف الل ولفظه عند البخاري: عن أبى هريرة لس سن ص © رص سس ص 8 م ها تفسيرسورة النساء 0 جلها بي ويكون باطلا؛ لأنه يكون ظلماء ولا يقع منه عليه الصلاة والسلامء وقوله السابق فى هذا من قبيل فرض التقصير فى نفسهء كما فرض التقصير فى كثير من أمره تنزها عن الغرورء وتوجيها لنا. ولعل قوله عليه الصلاة والسلام لتعليم الناس قول الحق فى مجلس القضاءء وليبين لهم أن إثم خطأ القاضى يقع عليهم» والقضاء لا يبرر الباطل ولا يغمط الحق» فإن أخطأ لا يحل دينا لمن كان الخطأ لمصلحته أن يأكل مال أخيه. أو يغمط حقه. ولقد ذهبت الجرأة ببعض الذين يتكلمون فى الفقه إلى أن ما يكون باجتهاد من النبى يَكلِْه لا يكون حجة. كأن النبى يمكن أن يقر على الخطأ فى اجتهاده! وذلك كلام باطل لا يكون إلا من مستهين بمقام النبوة» وتبليغ الرسالة! ولقد قال بعض المالكية وقولهم الحق: إن كل من لم يرض بحكم النبى يلكا وطمعن فيه وردهء فهى ردة يستتاب فاعلها. فأولى بهؤلاء أن يصمتوا ولا يتكلمواء فكلامهم تلبيس وأوهام لا تصدر عن عالم فى الدين يفهم حقائقهء ويدرك معانيه! . طاعة الرسول إذن واجبة فى كل ما يأمر به على أنه دين واجب الآخذ به وكل من يعاند الرسول فى حكمه يكون ظالما لنفسه؛ لأنه تمرد على أمر ربه» ولآنه اختار الباطل بدل الحق» ويجب عليه التوبة والاستغفار. ولذا قال تعالى فى أولئك الذين يتمردون على أحكام الرسول وقضائه. «ولو أَنَهِم إذ ظَلَموا أنفسهم جاءوك فَاستَغْفَروا الله واستغفر لهم الرسول وَجَدوا الله توابًا رَحِيمًا 4 أى: لو ثبت أن أولئك الذين تحاكموا إلى الطغيان والظلم» من اليهود أو المنافقين» وظلموا أنفسهم بخروجهم عن جادة الحق وردهم الحق الثابت» جاءوا إليك تائبين راجعين» فطلبوا غفران الله تعالى» وطلبت لهم ذلك». لعلموا علم اليقين أن الله كشير القبول للتوبة» رحيم بعباده» يفتح باب المغفرة ليدخلوه آمنين مطمئنين إليهء وما سلكوه من طريق الضلال يغفر لهم سلوكه؛ لأن الله تعالى يحب قبول التوبة ويحب المغفرة. وإن مثلهم كمثل الناقة ل تفسير سورة النساء 00 4 ولبجل به تىي ١‏ الشاردة التى يراها صاحبهاء يضع لها أسباب التقريب» فإذا عادت إليه فرح بعودتهاء بيد أن أحدا من عباد الله لا ينفعه! . وهنا إشارات بيانية يجب التنبيه إليها: أولاها- أن الله تعالى سمى الذين تحاكموا إلى غير الشرع ظالمين لأنفسهم» يستوى فى ذلك من حكم له ومن حكم عليه؛ لأن تحكيم الطاغى الظالم هو بث للظلم ونشر لهء وإذا شاع الظلم وكثر شاع معه الفساد والاضطراب» ومن فعل ما يؤدى إلى ذلك هو ظالم لنفسهء وظالم لجماعته التى يعيش فيها. وثانيتها- أن الله تعالى قرن الاستغفار من الرسول بالاستغفار لهء ليشير بهذا إلى أن الرسول يَْةٍ لا يقول من عند نفسهء بل يقول عن الله تعالى» ولتكريم مقام الرسالة ومقام الحاكم العادل» فإن الإعراض عنه استهانة به والاستهانة بالحاكم العادل تؤدى إلى الفوضى وعدم استقرار الأحكام. والثالثة- أن قوله تعالى: « واستغقر لهم الرّسول * فيه التفات من المخطاب إلى الغيبة» ويقول الزمخشرى فى ذلك «لم يقل: (واستغفرت لهم) وعدل عنه إلى طريقة الالتفات» تفخيما لشأن رسول الله بَللْهّهِ وتعظيما لاستغفاره. وتنبيها على أن شفاعة من اسمه رسول من الله بمكان». فالالتفات كما نرى للتنبيه إلى مكانة الرسالة» وتفخيمهاء ولبيان أن شفاعة الرسول بمقتضى كونه رسولاء لها مقامها من الله تعالى» وفوق ذلك أن الالتفات يؤدى إلى أن يكون الاستغفار للرسول بوصف أنه رسولء فالباعث على وجوب الاستغفار له هو أنه يبلغ رسالة الله فترك حكمه استهانة بحكم الله» وهو رسول الله» ورسول الله له حق الكرامة الكاملة . (فلاويك لامو سن يطول ها طي 4 «شجر بينهم» معناها تنازعوا فيما بينهم» واختلط الحق بالباطل» وتشابكت الأمور كما تتشابك غصون الأشجار» وإن التحاكم يكون فى مثل هذه الأمور التى هاا تفسير سور: هةّ النساعء لل ااال ااال لسر ا تتشابك فيها عناصر الحق والباطل» ويلتبس بعضها ببعضء ولا يعرف الحق الصريح الواضح من بينهاء ويميزه الحاكم العادل الفاحصء» الذى ينظر إلى الأمور بعمق» وتدبر» وقوة فراسة» وعزمة على الحق» وطلبه بإخلاص لا هوى. #فلا ورببك4 أيها النبى الكريم. لا يؤمنون» ولا يعدون فى عداد المؤمنين» حتى يحكموك فيما يكون بينهم من خلاف» فإن من أول مظاهر الإيمان والإذعان للحق الرضا بتحكيم الشرع فى الخلاف. وهنا ثلاثة بحوث لفظية: أولها: (الفاء) فى قوله تعالى: «إفلا وربّك »4 ونقول إنها فاء الإفصاحء لأنها تفصح عن شرط مقدرء ومعنى الكلام: إذا كانت طاعة الرسول واججبة بحكم أنه رسول من عند اللهء فإنهم لايؤمنون برسالته حتى يرتضوا التحاكم إليه. ثانيها: (لا) فى قوله تعالى: «إفلا ورك 4 قال الزمخشرى إنها زائدة لتقوية الكلام» فيكون النص كقوله تعالى: «فَورَبَكَ لنسألتهم أجمعين +4220 4 [الحجر] وقد قال الطبرى إن «لآ» ليست زائدة» وإنما هى رد على ما تقدم ذكره من تحاكمهم إلى الطاغوت وتركهم حكم الشرع» وقد قال فى ذلك: «قوله (قَلآ) رد على ما تقدم ذكره» تقديره: فليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ثم استأنف القسم بقوله ذإ ورك لا يؤمنون 4 . ظ الثها: أن الله سبحانه وتعالى أقسم بذاته العلية» ولكنه أضاف الربوبية إلى النبى يك فقال: ‏ وربّك 4 يأيها النبى» تكريما لذات النبى ككل وإعلاء لشأنه» وجواب القسم هو قوله تعالى: :9لا يؤمنون 4. ومن هذا النص السامى يتبين أن أول مظهر من مظاهر الإيمان الرضا بحكم الشرع» ولكن الرضا وحده ليس كافيا بل لا بد من أمرين آخرين» وهما أن يكون الرضا عن طيب نفس من غير حرج ولا ضيق» وثانيهما التسليم والخضوع لحكم الشرع. وقد قال سبحانه وتعالى فى ذلك: ل / تفسير سورة النساعء ال 0100 4 أ نم لا يُجدوا في أَنفسهم حرجا من فَضيْتَ) الحرج الضيق والتململ من الحكم أو الشك فى صحته؛ والمعنى: أن من مظاهر الإيمان أن يقبلوا التحاكم إلى النبى كلد ابتداء. وإذا صدر الحكم لا يشكون فى صحتهء ولا يضيقون ويتبرمون به» بل يتقبلونه بقبول حسن؛ لأن قبول الأحكام على أنها من عند الله ينهى الخصومات؛ ويلقى بالسلام بعدها؛ لأنهم تحاكمو | إلى ذى الجلال والإكرام. وقد تكلم العلماء فى العطف ب ١«تثم)‏ بدل الفاء أو الواو» فقال إن «ثم» تدل على التراختى» وكأن الله يغفر لهم الإثم الذى يصيبهم عند صدمة الحكم لهم بالنطق به» ولكن عليهم أن يروضوا أنفسهم على القبول والإذعان» من غير ضيق ولا تململ» لكى يكون الحكم حاسما للخلاف قاطعا للنزاع . © ويسلموا تَسَليمَا 4 هذا هو الوصف الثالث لأهل الإيمان بالنسبة لأحكام الشرع الشريف. والتسليم معناه الانقياد والإذعان التام فى المظهر والحس . وإذا كان الوصف الثانى لبيان النضوع النفسى» فهذا الوصف الثالث لبيان المخضوع الحسى . الظاهر. وقد أكد سبحانه وتعالى التسليم بالمصدر فقال «تسليما» للإشارة إلى وجوب الإذعان المطلق من غير أن يثيروا أى شبهة حول الحكمء ولا أن يماروا فيه مراء ظاهراء فإن المراء قد يشير نزاعا جديداء والقضاء يجب أن يكون حاسما قاطعا. وأصل التسليم هو تقديم النفس» وجعلها خالصة لمن يسلم إليه. يقال: سلم لأمر الله وأسلم له. إذا جعل نفسه خالصة لله تعالى» ثم أطلق التسليم على الانقياد الظاهرى» وعدم المماراة فيما يقرره الشرع من حقوق وواجبات. ويجب التنبيه إلى أن التحاكم إلى النبى بعد وفاته هو التحاكم إلى كتاب الله تعالى وسنة النبى يَكلهّه فيجب أن يعلم كل من يسمى نفسه مسلما أن الله تعالى يقرر أنه لا يؤمن من لا يتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله. ثم لا يجد ضيقا فى حكم الشرع» بل يرضى به» وينقاد له انقيادا ظاهرا وباطنا. وإذا كان ذلك ما يقره الشرع» فليعلم المسلمون اليوم مكانهم من الإيمان» وقد ارتضوا حكم القوانين إلا تفسير سور 1 ش النساع للللللو لل ملب يي الأوروبية بدل كتاب الله وسنة رسوله» وإذا دعوا إلى حكم الله ضاقت صدورهم حرجاء وتململوا ولم يسلمواء بل يناوئون ويعاندون؛ إذ هم يؤمئون بما عند الأوروبيين أكثر من إيمانهم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله! ولا حول ولا قوة إلا بالله. 1 مَشوأ شك أ > ما حدرووه 0 نه أو حرجومن كَل دن 2م وم دس ديرم مَافْعلُو ليم لدأ وما 1 ب # ره سح كر يه لَكَانَ حيرا ا وَإِذ د 0 رورسم ع كه 2 0100 2 4 -2 حنه لَدْنَآرَاعَظِيمً 47 ع ولهدينه را فشعَقيتا 4 5-4 ومن نمأ لوول تويك مَح لويد لَه عَليىم ع 9 يويد تدوأ الصّالحن صا 00 لصيلحين وحسن _ 0200 ورج سا و و- ته َوْلتِيكَرَفِيِنَا 2 كلك الْقَضْرُور) لَه وَكَق 1 الآيات السابقة بينت أحوال المنافقين وصفات الإيمان» وأن مظهر قوة الإيمان إطاعة الله ورسوله» والرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف» وتحكيمهما فى كل أمور الحياة التى تحتاج إلى حكم وفصل . وأقسم الله بذاته العلية التتى خلقت كل ما فى الوجودء وقامت عليه بالحفظء ألا يكون الإيمان الكامل إلا لمن يحكّم الله ورسوله فى كل الخصومات» ويذعن للحكم من غير تململ» ولا تردد. وفى هذه الآيات يبين أن الذين يذعنون لأأمر الله ونهيه ) حتى فى النفس وترك الأهل قليلون» وليسوا كثيرين» وهم الذين تقوم عليهم قوة الأمة ولذا قال سبحانه : نل تفسير سورة النساءع الللللللا0اا0ال ل اا6االللو لل ل 7 سا - « ولو أَنا كتبتا علّيهم أن افْتلُوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلُوهُ إلا فيل مهم 4 معنى قتل النفس تعريضها للتلف من غير أمل فى الننجاة» ويكون فى ذلك إعلاء للحق» ونصر للفضيلة ورفع شأنهاء كهذا الذى ينطق بكلمة الحق أمام سلطان جائر ويتأكد أنه سيقتله إن قالها! ولذلك قال النبى كَلِْهِ: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب» ورجل قال كلمة حق أمام سلطان جائر فقتله(١2!‏ ومن . هذا أيضا أن يحمل على النطق بالكفر» فيمتنع فيقتل! نعم إن الله سبحانه وتعالى قال: «إإلاً من أكره وقَلبهِ مُطْمْنَ بالإهان تي 4 [النحل]ء فرخص له بالنطق بكلمة الكفرء ولكن الأفضل ألا يقول» وهو مثوب إذا أصر ولم يقل» ففى هذه الأحوال يكون التعرض للقتل فضيلة مشكورة؛ لأنه إعلان للناس بأن للحق أنصارا يفتدونه بأنفسهم» وفى ذلك تحريض على تأييده وهو دعوة صارخة له. ومعنى الخروج من الديار: الهجرة من البلد منصرفين للجهاد فى سبيل الله تعالى» وذلك إذا لم يكونوا مستضعفين فى الأرض» محكومين بغير المسلمين. ومعنى النص الكريم: لو ثبت أننا فرضنا عليهم أن يعرضوا أنفسهم للتلف من غير أمل فى النجاة» أو يخرجوا من موضع استقرارهم وأمنهم فى ديارهم» إلى حيث المشقة الشديدة والعمل الكادح» ما استجاب لهذه الفريضة إلا عدد قليل من الناس» وهذا يشير إلى أمرين: أولهما: أن التكليفات الشرعية لا تكون إلا فيما يطاق من غير مشقة مجهدة» لأن الله - تعالى - يقول: «إلا يكلف الله نفْسا إلا وَسَعَهَا ... 25> 4 [البقرة]» والتعبير ب (لو) يدل على أن التكليف لا يقع على هذا؛ لأن (لو) كما يقول العلماء تدل على امتناع الشرط لامتناع الجواب» فالله تعالى لو يكلف ذلك التكليف لثقل التكليف إلا على عدد قليل منهم . الثانى: أن فى كل طائفة عددا يقوم بذلك الأمر الشاق» فهؤلاء المؤمنون الأولون قد صبروا على أذى المشركين فى مكة من غير وهن ولا ضعف,» ومنهم () سبق تخريجه. ل تفسير سورة النساع 17م ١١١١‏ ااا ااا ا للئتتااااللاااا ا للتللنا!! لالت ااال اا لالللتاالان! لالط تالالا نا اناالا الال اطاط كلاخ للاالالللنةلللخطططلااالل الل لل لالط طشسششللا بلجطل 1ه يي من مات تحت حر العذاب الشاق» ثم هاجروا وخرجوا من ديارهم» وهؤلاء أصحاب الأخدود الذين آذوا المؤمنين» فصبرواء وهم يلقون فى النيران وقد قال سبحانه وتعالى: 8 قُبلَ أَصْحَابُ الأَخْدُود «ج> الثَار ذات الوقُود +22 إذ هم عليها ُعُودْ :22 وَهم عَلَئ ما يَْعَلُونَ بالمؤمدين شهود +422 وما تَقَموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد 2م 4 [البروج]. « ولو أَنْهُم فعَلُوا ما يوعظون به لَكَانَ حيرا لهم وَأَسَدّ تَثْبيتا» وإذا كان الله سبحانه لا يكلف ما يشق أداؤه» ولا يمكن احتماله» إلا لعدد من الأقوياء جعلوا منار الهدى أمام الناس فى كل العصورء فإنه سبحانه يكلف الناس ما فيه خيرهم وتشبيتهم على ال حق . ومعنى النص السامى « ولو أَنّهِم فَعَلُوا مَا يوعظون به لَكَانَ حيرا لهم » : لو ثبت أنهم فعلوا ما يكلفونه من تكليفات محتملة بينت لهم فيها نتائجها وثمراتها» . لكان فيها الخير لهم فى الدنيا والآخرة» ففى الآخرة يكون الثواب العظيم والنعيم المقيم» وفى الدنيا يكون العدل والفضيلة» والمصلحة الحقيقية» وهذه الأمور هى خير الدنيا. فالشرع الإسلامى بنى على هذه الأمور الثلاثة: الأول الفضيلة المهذبة للنفس» الموجهة إلى توثيق العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان» والعبد وربه. والسعى نحو الكمال الإنسانى» والمنزلة الرفيعة. والثانى العدالة التى هى الميزان فى العلائق الإنسانية التى ينتظم بها معاشهم ومعادهم» والثالث المصلحة الحقيقية» فما من مصلحة حقيقية ليست هوى ملحا ولا شهوة جامحة - إلا دعا إليها الإسلام» وما من حكم جاء به التكليف الإلهى إلا طويت فيه المصلحة» وكانت نتيجة وثمرة للأخل به. ومعنى قوله تعالى: ‏ وأَشْدَ تَْبيتَا 4 أى يكون فى الأخذ بالتكليف الذى يطاق تشبيت على الحق» هو أشد تثبيت وأقواه. وكان فى التكليف الذى يطاق تغبيت للحق» لأنه يمكن الاستمرار عليه والاستمرار على فعل ما هو حق يثبته ويقرب الغاية منهء ولذلك كان النبى َكِْةِ يدعو إلى المداومة على الخير ولو كان ل / تفسير سور ة النساء الل ا 22560101111 حي كه :< بي قليلاء وقد قال يَلِْد: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل200. وإن الاستمرار على طاعة الله يؤدى إلى مشلهاء وإن الاستمرار على السهل يجعل المكلف قادرا على الصعب» ثم على الأصعب» وهكذا حتى يصل إلى أعلى درجات التكليف مشقة» فيكون بعد هذه الخطوات أمرا مستطاعا. وإذا وصل إلى ذلك يكون الأجر العظيم» لذا قال سبحانه: « وإذا لآتيتاهم من لَدًا أجر) عظيما 4 وإنما قام المكلفون بما كلفواء وأدوا حق الله تعالى» وقد زاد ثباتهم على الحق» ونالوا الخيرء فإن لهم مع ذلك ججزاء عظيماء لا حدود لعظمته. وقد تأكدت عظمة الجزاء بأمور ثلاثة: أولها ‏ تنكيره. فهذا التنكير يشير إلى أنه غير محدود بحدود» فهى عظمة أقصى ما يصل إليه الخيال. ثانيها ‏ أنه قال إن ذلك من لدن الله تعالى» وهذا شرف إضافى لهذا الجزاء» وهو جزاء يعلو على كل جزاء من الناس» ثم إنه جزاء يستهان فى سبيله كل أذى. وثالشها ‏ الوصف بالعظمة» والذى وصفه بذلك هو الحكيم الخبير والخلاق العظيم . « ولهديناهم صراطًا مستقيما 4 الصراط هو الطريق» والمستقيم هو الذى يوصل إلى غايته أو هدفه» ويقول علماء الهندسة: إن الخط المستقيم هو أقرب خط بين نقطتين» فالصراط المستقيم هو أقرب طريق يوصل إلى الحق» والهداية هنا هى التوفيق لأقرب طريق موصل إلى الله تعالى. ومعنى النص الكريم: من أجاب داعى الحق» وقام بالأوامر والنواهى على وجهها الأكمل» وفقه الله تعالى إلى طريقه المستقيم الذى لا اعوجاج فيه. ويصل بذلك إلى القرب من الله تعالى» فإن الذى يتقرب إلى الله تعالى بالطاعات يصل إلى إدراك نورانى لحقائق العبودية. ولقد قال البيضاوى فى تفسير هذه الآية: (يصلون بسلوكه جناب القدس» ويفتح عليهم أبواب الغيب» قال النبى صلل : «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم )١(‏ سبق تخريجه. ناا تفسير سور 0 النساء 1١١‏ ااالاناااناالانا!ا !!!للا اناالا لاا اناالا لات انا اانااالاك !ال لالناالاالاللاالااااالا اناالا ممم سس مسق شتللا 1 لجملب_رز: يي يعلم217» وإنه قد ورد أن العبد يتقرب إلى الله تعالى بنوافل الطاعات حتى يصير الله تعالى بصره الذى يبصر به وسمعه الذى يسمع به). وإن الأساس فى الارتفاع إلى هذه المقامات العليا هو طاعة الله وطاغة رسوله» ولذا قال سبحانه: ومن يطع الله والرسول فَأُولَِك مَعْ الدين أنعم الله عليهم من النبيين وَالصّدّيقين 4 ذكر الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة فضل الطاعة وجزاءهاء وهو أجر عظيم» وهداية إلى الطريق الذى يوصل إلى القدسية ومرتبة المشاهدة لله تعالى» وعظمته التى ذكرها النبى كَلكِهِ فى قوله: «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»("2 وفى هذه الآية الكريمة يذكر لهم جزاءً آخصرء وهو كرم الصحبة فى الدنيا والآخرة» فهم إذ يسيرون فى الصراط المستقيم الموصل إلى الله يكونون فى قافلة الأطهار من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين» وما أحسنها رفقة طاهرة كريمة طيبة!!. والإشارة فى قوله تعالى: طفَأُولَكَ مع الّذين أَنعُم الله عليهِم 4 إلى أولئنك السابقين الذين أعطاهم الله سبحانه الأجر العظيم» وهداهم للوصول إلى مرتبة السَّمُوء ومشاهدة المعانى القدسية» وكرر ذكر الطاعة فقال: « ومن يطع الله وَالرسُول 4 ؛ لأن هذه الطاعة هى الأساس فى هذه الأجزية المجزية» الرافعة السامية الهادية» وفى تكرارها تحريض عليهاء ودعوة إليها. ْ وقد ذكر سبحانه أن النبيسين والصديقين والشهداء والصالحين قد أنعم عليهم» وإن ذلك هو الحق الذى لا ريب فيه ففيهم جميعا نعم ثلاث قد اختصوا )١(‏ أبو نعيم فى (الحلية) من حديث أنس بهذا اللّفظ . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عبّاس مرفوعا: ١م‏ تَعلَمَ علْما فَحَمل به كَانَ حَقَآ عَلَى الله أن َعلَمَهُ ما لم يكن يعلّم). وفى كتاب (رواية الكبار عن الصغار) لأبى يعقوب البغدادى عن سفيان: «مَنْ عمل بمًا يَعْلَمْ وقّقَ لما لآ يَعلّمك. الدرر المنتثرة ج١»‏ ص57 /ا برقم (؟1؟5). (1) سبق تخريجه. ها ته تمششينير سورة ١‏ لنساءع الللللللل اال اللو ا 0 ال نجلب __ر؟ 6 بها: أولاها - نعمة الهداية والتوفيق» وتلك هى الأساس. والثانية - نعمة إدراك معانى الربوبية والعبودية؛ فهم يحسون بعظمة الخالق المنشئ» كما يحسون بعظمة المسبود» ويذوقون طعم الخضوع لله الواحد الأحد الذى ليس بوالد ولا ولد. والثالثة - نعمة العمل الصالح. وتلك النعم هى معانى الإنسانية العالية التى تسمو عن كل مظاهر الحيوانية» وما بقى منها فإنه تقوى به هذه المعانى العالية» وتلك النعم السامية . ومن هم أولئك الرفقاء الأطهار؟ إنهم مراتب ودرجات, وهم أربعة: أولهم: النبيون. وهم الذين أنبأهم الله» واختارهم ليخبروا عنه سبحانه. ويبلغوا الناس شرعه ويفسروه» وإن من يبالغ فى محبتهم وطاعتهم يكون معهم. لأن النبى وَل يقول: «المرء مع من أحب)20©. وقد روى ابن جرير الطبرى عن سعيد بن جبير أنه قال: «جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله وَل وهو محزون فقال: يا رسول الله» شىء فكرت فيه! فقال الرسول: «ما هو)؟ قال: نحن نغدو إليك ننظر إلى وجهك ونجهالسك». وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك! فنزل قوله تعالى: « ومن يطع الله والرسول فَأُولَك مع الّذين أَنْعم الله يهم . #٠.‏ الآية. وروى عن عائشة ‏ رضى الله عنها ‏ أنها قالت: جاء رجل إلى النبى وك فقال له: الإنك لأحب إلى من نفسى» وأحب إلى من أهلى» وأحب إلى من ولدىء وإنى لأكون فى البيت فأذكرك» فما أصبر حتى آتى» فأنظر إليك؛ وإذا ذكرت موتى عرفت أنك إن دخلت الجنة رفعت مع النبيين فخشيت ألا أراك. فنزلت الآية الكريمة)7© . والذى يعنينا فى هذا أن من يحب الله ورسوله يكون مع حبيب الله محمد د وغيره من الأنبياء الأطهار. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري: الأدب - علامة حب الله عز وجل (5178)؛ ومسلم: البر والصلة - المرء مع من أحب .)5151١(‏ عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه . () رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدى وهو ثقة. عن عائشة رضى الله عنها. مجمع الزوائد .)79-01١(‏ نذا تفسيرسورة النساء 0 ااام نطلطننطانا ةنا للن لاا للااط طن الخلا للا لالط خا ناا للااط انان انال ططاا انط ااخاام خلا لاناللاللاااااااناا لالط انال لالط طلا طتطلة شاللا ها < 37 والفريق الثانى من قافلة الأبرارء الصديقون» ومرتبتهم تلى مرتبة النبيين» والصديقون جمع صديق» وقد فسر العلماء الصديق بأنه الصادق الذى لا يكذب» وقد جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى: الصّديق من كثر منه الصدق» وقيل: يقال لمن لا يكذب قطء وقيل: لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق» وقيل: بل لمن صدق بقوله واعتقاده؛ وحقق صدقه بعمله. قال تعالى: <إ واذكرٌ في الكتاب إدريس إِنَهُ كان صديقا نيا 42:7 [مريم] وقال: «وأمه صديقة ... 20> 4 [المائدة] وقال: « مُن التْبَينَ وَالصديقينَ والشهداء والصّالحين 4 . وإن هذه المعانى متلازمة» فمن صدق فى قوله لا يكذب قط؛ إذ يصير الصدق عادة نفسية لهء» فلا يتأتى منه الكذب» ولقد قال النبى كَكِْةِ: «عليكم بالصدق فإنه يهدى إلى البرء والبر يهدى إلى الجنة» وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا)20" . وإن الصدق فى القول إذا صار عادة نفسية زكت النفس وطهرت» واستقام الفكر والعمل» وصار يدرك الحق لذات الحق» ويتجه إلى طلبه من غير التواءء فيدركه من غير طلب حجة ولا برهان؛ لأن أمارات الحق تلوح له» ويدركها بنور قلبه. وكذلك كان صدّيق هذه الأمة أبو بكر رضى الله عنه» وقد روى ابن مسعود عن النبى يك أنه قال: «ما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له نظرة» غير أبى بكر فإنه لم يتلعثم)7 . ا 00 001 لير إن لبر يع إِلَى الْجِنّدء وما يرل الج 2 200101 صديقاء ولياكم وَالْكَذب فَِنَ الْكَذبّ يهدى إلى الفجور 3 الفجورَ يهدى إِلَى التّار وما يرال الّجُل ) يكذب ويسحرى لذب حَتَّى يكنب عنْدَ الله كَذَاي» . [ رواه مسلم: البر والصلة والآداب - قبح الكذب وحسن الصدق وفضله (5701)» كما رواه البخارى بلفظ مقارب: الأدب - قول الله تعالى : ##يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين# .])5١95(‏ (؟) رواه الديلمى عن ابن مسعود. كما فى كنز العمال (5511؟"3) . ا تفسير سورة النساع لاا اناالا اااانا ملاتا للاان لطم مناخطلانخ ططخلا اناا انط ااا الناتاك ااال الة لانن طلاا اط انطط طلا اللا اللا لط اططخ طططططاستلالا الحلو كا يي وإن زكاء النفس بمداومة الصدق يؤدى إلى سلامة الاعتقاد» وصحة العمل» وإلى المداومة على تعرف عيوبهاء فيكون الصدوق سليم النظر فى كل شىء لم يلبس بباطل» وبذلك يكون الصديق لا يتأتى منه الكذب» ويسلم قلبه كما سلم لسانه» ويصح اعتقاده كما يصلح عمله. والفريق الشالث من قافلة البرء هم الشهداءء وهم الذين شهدوا الحق وعلموه علما كعلم المعاينة والمشاهدة» فهؤلاء يشهدون بالحق» ويعلئنونه ويدعون إليه» فهم الذين قال الله تعالى فى أمثالهم: «إ وكذلك جعَلناكم أَمّةَ وسَطا لتكونوا شهدَاء على النّاس ويكون الرّسول عَلَيكُم شهيدا 022 4 [البقرة]» فهم حضور الحق والشاهدون به والداعون إليه» وإن من أولئك بلا ريب الذين يقتلون فى الجهاد فى سبيل الله تعالى لإعلاء كلمة الحق» قاصدين وجه الله بقتالهم؛ لأنهم شهدوا الحق وأعلنوه» وضربوا الأمثال على افتدائه بأنفسهم. وشهد الله تعالى لهم بالجنة . والفريق الرابع الصالحون. وهم من صلحت نفوسهم وأعمالهمء فهم صالحون فى الباطن والظاهر. هذه القافلة المكونة من هذه الطوائف الأربع» هم أهل الإيمان حقا وصدقاء وهم رفقاء الخير » ورفقتهم أحسن النعم» ولذا قال سبحانه: وحسن أُولئك رفيقا4 الرفيق هو الصاحب الذى يلازمك فى عمل أو سفر» وسمى رفيقا لأنك ترتفق به وتستعين» ويعاون كل منكما صاحبهء ويأتدس به فى العمل والسفر والملازمة بشكل عام. والرفيق هنا ذكر مفردا واستعمل فى معنى الجمع» فا معنى: وحسن أولئك رفقاء! وإئما أفرد لأن الحسن فى ذات الرفقة» ولأن المصاحبة إفرادية» فكل واحد يصاحب الأحاد والجمسيع» فهم جميعا فى معنى رفيق واحد» لتشاكل النفوس وتوافقها. وقال الزمخشرى: إن (حَسَن) فى معنى فعل التعجب»ء فلمعنى: ما أحسن وأطيب رفقة هؤلاء! ولذلك كانت نعمة أنعم الله بها على عباده المخلصين. وهى من فضله. ا تفسير سورة النساع الللنااااا! امال لناا ااا لانالااانط نالا الالالال الال اال اااالناالا مما لالت الط طخ خخاا اللا تاطخا اناالا ااال لان كنا لان طخنط طن خط طنط طقاستل ١١ ااا‎ يي ( ذلك الْفَضل من الله وكفئ باللّه عليمًا 4 الإشارة إلى كل ما ذكر من جزاء على طاعة الله وطاعة الرسول يكلِهِ» من أجر عظيم» وهداية إلى الصراط المستقيم» ورفقته مع الأخيار الأبرار من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين» هذا كله فضل من الله تعالى العلى الكبير» وعطاء منه» ورحمة يرحم بها المتقين» وهو العليم بكل ما يعملون من خيرء لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء وهو السميع البصير. فقوله تعالى: < وكفئ باللّه عليما 4 فيه بيان أنه يعلم سبحانه من يستحق فضله وعطاءه ومن لا يستحق» وفيه إشارة إلى أن الطاعة هى طاعة العالم بكل شىء, فالطاعة فيها مصلحة للعباد؛ وكون الجزاء بفضل الله فيه إشارة إلى أن العمل وحده لا يستوجب العطاء» إنما هو من فضل الله تعالى. ولقد روى أن النبى يكدِ قال: «لن يِتَجَّىَّ أحدا منكم عمله)»» قالوا: ولا أنت يارسول الله؟! قال: «ولا أناء إلا أن يتغمدنى الله برحمته. سددوا وقاربوا واغدوا وروحواء وشىء من الدلجة (أى من قيام الليل) والقصد القصد تبلغوا»(21. اللهم اختم لنا بخير ما نعمل» ونجنا بفضل رحمتك من سوء أعمالناء إنك ذو الفضل العظيم . ش 0000 ماكلير و اج 7 أن لزن ءامنواح واج درسم تفن وَأَث بات أ وأنفروأج 7 دصل لب عل أ #|هه إن مم موب َال د نعم م010 رات 10 سح على سرع يه مسر سدس عَبِيدًا ) وك ءال لكل ا 20 0 عَم 9 )١(‏ رواه البخارى : الرقاق - القصد والمداومة على العمل فرح © 5 ومسلم بلحوه : صفغة القيامة والجنة والنار - لن يدخل أحد الجنة بعمله (7815). عن أبى هريرة رضى الله عنه . 0 ها ته تقمششبير سورة ١‏ لنساع الملل مامالل 0 احنل ليها فى الآيات السابقات بين الله سبحانه وتعالى دعائم الحكومة الإسلامية الوثيقة الأركان» فذكر لها ثلاثة أوصاف: أولها ‏ أن تسودها الأمانة فى القول والعمل والمال» فلا تقوم حكومة قويمة إلا إذا كانت الأمانة هى السائدة بين الحكام والسائدة بين الشعب» والسائدة فى العلاقات بين الشعب والحكومة. فإذا لم تكن الأمانة فسد أمر الحاكم والمحكومء وضاعت الأمة. وثانيها ‏ العدل» فهو ميزان الجماعة وميزان الحكم. ولقد كان العدل شعار الإسلام وسيماه ومعناه» فإذا كان لكل دين سمة واضحة فيه» فسمة الإسلام العدل من العدو والولى على سواء. ولا د تقوم أمة إذا لم يقم بينها العدل, واحترام الحقوق التى قررها الله تعالى» ومنحها لعباده. وثالئها ‏ الرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رس وله كَل واتخاذهما الحكم المرضى للحكومة دائماء لا يأخذ أحد منهما ما يحب ويدع ما لا وإنه يجب أن يكون للأمنة مجلس للحل والعقد يستشيره الحاكم ويشير عليه؛ فإن اخمتلف أهل الحل والعقد» احتكموا إلى كتاب الله تعالى» يشير إلى ذلك قوله تعالى: «إ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر 3ه » [النساء]. ها تفسير سورة النساع 10 ل لل «الج جر 7 وفى الآيات السابقة أكد الأمر بطاعة الله تعالى» وبين أن أعلى الدرجات أن يطيع المؤمن الله ورسوله» ولو أمره بأن يتقدم لإعلان الحق والنطق بهء وهو يعلم أنه سيقتل . وإذا تكونت الأمة ذلك التكوين العادل الأمين» تقدمت للدفاع عن نفسهاء ولذلك جاء بعده أخذ الأهبة للقتال» فقد قال سبحانه وتعالى: يا أَيها الذي آمنوا خذوا حذركم قَانفروا بات أو انفروا جَمِيعًا 4 يا أيها الذين أذعنوا للحق» واستجابوا لله ولرسوله» خخذوا الأهبة بالحذر واتقاء أذى الأعداءء وكونوا متأهبين للقاء دائماء ولا يكن أخذ الحذر والاحتراس بالقعود فى الديارء بل بالنفرة والاستعداد لمواجهة الأعداء فى الميدان. فعلى المؤمنين أن ينفروا للحرب» جماعة بعد جماعة» تمر بالشغور التى تواجه الأعداء» أو تلاقى من تستطيع لقاءه منهم. أو إذا تكائف العدو فى مكان» وأصبحت لا تكفيه جماعة الجند العامل» فلينفر الجند كله» وليتقدم للميدان يكلكله(؟» وهذا معنى النص الكريم بالإجمال ولنتجه إلى تحليل بعض العبارات من ناحية اللفظ والمعنى . وأولى هذه العبارات قوله تعالى: «خْدُوا حذركم 4. فقد قال الزمخشرى: «إن الحذرَ وَالَْدَرَ معناهما واحدء ويقال: أخذ حذره إذا تيقظ واحترس. ومعنى خذوا حذركم» أى خذوا ما فيه الاحتياط لكم» ودفع كل مخوف عنكم)ء وقد ذكر الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده: «أن منْ أخذ الحذر تعرف حال البلاد الإسلامية» وتعرف حال بلاد الأعداء» أو من يتوقع منهم الاعتداء» وتعرف بلاد المعاهدين وغيرهم» بحيث إذا اضطروا إلى الحرب كانوا عالمين بمواطن قوتها وأماكن ضعفها». وذكر رضى الله عنه «أنه يدخل فى الاستعداد وأخذ الحذرء واتقاء كل مخوف معرفة الأسلحة واستعمالها فإذا كان ذلك يتوقف على معرفة الهندسة والكيمياء والطبيعة وجر الأثقالء» فإنه يجب تحصيل ذلك». ولقد قال الإمام هذا فى أول هذا القرن الذى يعيش فيهء وهو ألزم فى هذا العصر الذى )١(‏ الكلكل : الصدر من كل شىء. لسان العرب. ل 0 تفسير سورة النساء ال 235601111111111 0 ١ كوه‎ 7 كشف ابن الأرض فيه الفضاء» وصارت الحرب لا تكون بشجاعة الشجعان» بل تكون بالأدوات وغيرها. . ولقد قال أبو بكر لخالد , بن الوليد يوم حرب اليمامة: «حاربهم بمثل ما يحاربونك به»! فعلينا أن نعد العدة بمثل ما يعدون» وقد ابتكروا ما يخرب الديار» فعلينا أن نعمل بهذا الابتكارء فإن الشر لا يدفع إلا بمثله. والله من ورائهم محيط . والثانية فى قوله تعالى: «قَانفروا ثبّات أو انفروا جَميعًا 4. فمعنى انفروا: اخرجوا إلى ميدان القتال أو الحراسة . وقالوا: إن نفر ينفر معناه انزعج وخرج إلى عمل من الأعمال» ومنه قوله تعالى : « فلولا تفر من كل فرقة منهم طائفة ليََهُوا في الدين ولينذروا قُومُهم إذا رجعوا إليهم 202 4 [التوبة ]ء ومصدره النفر أو النفار أو النفير» والأخير قد يطلق بمعنى الجماعة النافرة. وقالوا إن نَمَر يشر - معناها انزعج عن الشىء؛ ومنه النفور من الأمور ونفور الدابة. (وثُبّات) جمع ثُبَهة وهى فى الأصل س0 حذفت الياء» ووزنها فعة. ويقال: ثيبت اليش ». جعلته ثبة ثبة» أى جعلته جماعة متفرقة» كل واحدة لها مقصد خاصء وعمل تقوم به» اقتضاه توزيع القوى. ٠‏ والنفير جماعةً جماعة» هو الحال الدائمة المستمرة» فيجب أن تكون حراسة مستمرة ة للحدود والثغور, وهى المرابطة» كما قال تعالى: «يا أيها الذي آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واد َقوا الله لعلَكُمْ تفلحون ظنج) 4 [آل عمران] . وأما النفير العام فإنما يكون عند قيام الحرب التى لا تكفى فيها كتيبة» أو كتيبتان » أو كالتعبير التاريخى فى الإسلام: سرية أو سريتان أو أكثرء بل لا بد من الجيش المحارب كله والأمة من ورائه تؤيده وتؤازره. ولكن ما المراد من النفير جميعا؟ أهو الجيش المحارب كلهء أم نفير الأمة كلها؟ لا شك أنه إذا لم تخ تغن السرية وجب أن يتقدم الجيش كله وتقدم اليش كله هو فى معنى نفير الأمة كلها؛ لأن الأمة عليها أن تكوان الجيش المقاتل» تؤازره وتؤيده بالمال والقول والعمل» وتكون من وراء ظهره تدفعه إلى العمل وتحميه من ال ااا يي كل خيانة. فإن تكوين جيش مسلح كاف فرض كفاية على كل المسلمين» تأثم الآمة كلها إذا تركت تكوينه. ثم إذا دخل العدو الديار صار الواجب أن ينفر كل قادر من الأمة» وإلا كانت كلها مقصرة» ويكون الخروج فرض عين» وحين ذلك تنفر الأمة كلها حقيقة لا حكما. إن هذا واجب المخلصين فى الأمة. وفى كل أمة معوقون يقولون: هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا! ولذا قال سبحانه: ولا سكم لمن لين إن أماتكم مُصيبة َال قد أَنْعم الله علي إذ َم أكُن مَعَهُم شهيدا 4 . وإن ممن يعيشون معكم ويساكنونكم ويرتبطون معكم برحم واصلة» ويعلنون أسم الإيمان لمن يتثاقلون عند الدعوة إلى القتال» فيبطئون ولا يخرجون» يبطئون غيرهم ويثبطونهم. وهؤلاء لا ينظرون إليكم نظرة المحب الذى يودكمء بل يترقبون الأمر معكمء فإن أصابتكم هزيمة وقتية» أو استشهد عدد منكم» لا يتألمون» بل يفرحون» ويعتبرون قعودهم نعمة أنعم الله بها عليهم ؛ ويحمدون الله تعالى إذ لم يكونوا حاضرين هذه الحرب!! فمعتى ( شهيدا » حاضرا الحرب» يقاتل فَيَقثل أو يقل . ومن هم هؤلاء؟ أهم المنافقون» أم ضعاف الإيمان؟ قال أكثر مفسرى الرواية: إنهم منافقون» وذلك شأنهم. . والتعبير ب «منكم) يحتاج إلى توفيق بين هذا وقوله تعالى فى شأن المنافقين: ما هم سكم ولا منهم 127 4 [امجادلة ] والتوفيق أن يقال هنا إن المراد بقوله منكم» أى من أهلكم وعشيرتكم وتربطكم بهم رحم؛ فكل منافق كان فى قرابته من هو صادق الإيمان» مجاهد فى الله حق جهاده. ويزكى هذا قوله تعالى فى الآية الآنية: «( كأن لم تكن بيك وبينه مُودّة 4 . وبعض المفسرين رأى أن المراد ضعاف الإيمان» ومن ليست عندهم عزيمة الجهاد» وذلك موجود فى كل جماعة» ففى كل جماعة المؤمن القوى فى نفسه ودينه» ومنهم الضعيف فى نفسه وهمته ودينه. اا تفسير سورة النساعم ال 1500000000آ#1 1 13# 5300 تت مايا :” يي والحق أنه يصح أن يشمل التعبير الطائفتين : المنافقين وضعاف الأنفس والإيمان» فكلا الفريقين لا يهمه إلا نفسه. ولا بندمج إحساسه فى إحساس أهل الإيمان» فهو متربص منتظرء فإن وجد هزيمة لا يألم» بل يسر لأنها لم تصبه؛ إذ لا يعتبر الام جماعته إيلاما لنفسه. وإن وجد نصرا تألم؛ لأنه لم يكن من الغانمين الذين اشتركوا فى المعركة. ونالوا الفوز فيها؛ ولذا قال سبحانه وتعالى فى شأن هؤلاء فى حال النصر: «( ولئن أصابكم فَضل من الله ليََولَن كأن لم تكن بكم ونه مود يا لي كنت معهم فَأَفُورَ فَوزَا عظيما 4 ولئن نلتم نصرا وغنما بفضل الله تعالى». لا يفكرون فى سروركم ولا يحمدون الله على نصركمء ولكن يفكرون فى أمانيهم. ويتمنون أن لو كانوا معكم ليفوزوا الفوز العظيم الذى نلتموهء وهو فوز النصر وفوز الغنيمة» فوز الاطمكنان وأداء الواجب». يفكرون فيما ينالهم من خير يرجونهف أو الام يتجنبونهاء ولا ينظرون إلى آلامكم وسروركمء كأن لم يكن بينكم وبينهم أية مودة» ولو كانت ضئيلة!! فتنكير المودة لبيان تصغيرهاء وهذا شأن الأثر الذى يحب نفسه فقطء ولا يفكر فى الجماعة التى يعيش فيها. / وهنا ثلاثة بحوث لفظية ومعنوية: أولها: التعبير عن هذه الجماعة, المنافقة أو ضعيفة الإيمانء» بالمفرد اتباعا للفظ (مَن) الذى يجوز عود الضمير عليه مفردا. وفى هذا التعبير إشارة إلى معنى الانفراد فى الإحساس الذى اختصوا بهء ولم يشاركوا أحدا فى إحساسهم بالآلم أو السرور. وثانيها: التعبير بقوله: ظأَصابَكُم فَضْلٌ» فإن التعبير بإصابة الخير مع أنهم نالوه. للإشارة إلى أن ذلك إرادة الله تعالى». فإن أصابكم ما يؤللكم فبإرادته» وإن نلتم من خير فبإرادته وبتفضله. بين القول ومقوله. للإشارة إلى فقدهم الإحساس الاجتماعى فقدا تاماء الذى ا تفسبير سوره: ة النساع 1ا!ز !انالا انان ن اننا زااكا !اناالا لالط ك اانا لااناتاطم انا لنانا نانم املاط لالط زخ الالال انطن لخم طل الالال ط انط خط اطاط ططخل ططخمل اخطم لط لططخ فطللا سسب اد يجعل مودة أيا كان مقدارها بين المتعاشرين أو المتجاورين أو المتجانسين! لقد فقدوا هذا فقدا تاماءوهذا شأن كل من ينفصل عن جماعته بالإحساس والأنانية الخسيسة!! ١‏ وفى قوله تعالى: ظقَوَرًا عَظيمًا 4 إشارة إلى استعظام الخير الذى ينال المؤمنين» شأن الحسود غير المحب. ٠‏ وإن هؤلاء الذين يعيشون مع جماعة المؤمنين» ولا يحسون بإحساسهمء لا يخرجون إلى قتال» وإنما يخرج للقتال أولئك الذين يؤثرون على أنفسهم» ويقدمونها لله تعالى رجاء ما عنده» فهؤلاء هم القوة» وهم العماد فى الحروب والشدائد» ولذا قال سبحانه: « فليقاتل في سبيل الله الْذين يَشْرُونَ الْحيَّاة الدنيا بالآخرة 4 إذا كان الخلالوث يتربصون بالمجاهدين» فإنه يجب أن يكون الجهاد للمخلصين» وأن يبعدوا عنهم المعوقين» فإنهم لا يزيدونهم إلا خبالاواضطرابا! فليتقدم للقتال الذين لا ينظرون إلى مغنم يبتغونه. ولا مال يريدونه» إنما يبيعون الحياة الدنيا ومتعها وشهواتهاء ويطلبون ثمنا هو الآخرة وما فيها من جنات وعيون» ونعيمها ثابت دائم» ومعها رضوان الله تعالى. وسبيل الله التى يجب القتال فيها هى سبيل الحق» وإعلاء دينه» وجعل كلمة الله هى العليا. و ١يَشْرُون»‏ هنا معناها يبيعون أنفسهم» وذلك مثل قوله تعالى: ف وليئس ما شَروَا به أنفسهم 47# 4 [ البقرة] وقوله تعالى : :اوسن الدَاس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله 27 4 [البقرة] وقوله تعالى: « وشروه دمن بَخْس دراهم معدودة # [يوسف] أى باعوه. وإن الذى يبيع نفسه لله ليفتدى الحق وأهله» له جزاؤه وأجره العظيم» ولذا قال سبحانه: ( وَمَن يقال في سبيل الله فيقتل أو يغلب فَسَوف نؤتيه أجرا عَظيما 4 . هاا تفسير سورة النساع ل 1 1 1 ذ ذ 2250121011111 0 تأ 1 ومن يتقدم للقتال فى سبيل الحق. طالبا رضاه سبحانه» فإن قتل واستشهد فى سبسيله سبحانه؛ أو غلب وانتصر بتأييد الله تعالى» ونال السلطان من الله بالغلب؛ فهو فى كلتا حاليه سينال جزاء عظيما. و«سوف» هنا لتأكيد نيل الجزاء فى المستقبل» وأكثر استعمالاتها فى القرآن هى لتأكيد الوقوع فى القابل» ولذا لا تدخل على النفى. وقد وصف الجزاء بالعظم للدلالة على مقداره» ونكّر للدلالة على أنه لا يحده تعيين» ولا يبينه تعريف» مهما يكن دقيقا. وإنما ينال ذلك الجزاء من خرج مجاهدا فى سبيل الحق» لا يبتغى غير رضاء الله ولا يبسغى علوا فى الأرض ولا تفاخرا. ولقد قال يك «تَضمَمّن الله لمن خرج فى سبيله لا يخرج إلا جهادا فى سبيلى» وإيمانا بى» وتصديقا برسلى» فهو على ضامن أن أدخله الجنة» أو أرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة»7©. اللهم هب أمتك روح الجهاد فى سبيل الحق» وهبنا رحمة من عندك» إنك أنت الوهاب. وَمَا لكلا تْعَئُِونَ فى سبيل لله لَهوالْمِستَضْعَفِين مرت رَجَالٍ وَليْسَك َالو 0 الْعَريٍَ لا هلوجه لاون نك وَِي َمل لنَامن نك تصِرًا رن لامي وسيل الوه لذ كَفَرُوأ وف سيلوب موا اولي ليطن كد 0م الصّيَطن كان صَعِيمًا )200 رواه مسلم : الإمارة - فضل الجهاد والخروج فى سبيل الله مم1 )2 والبخارى بلفظ : «تكفل الله؛: فرض الخمس - أحلت لى الغنائم (177١5؟)‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه. الا تفسير سورة النساعء الاللللل لل هذه الآيات» وما يليها من آيات كريمات» للحض على الجهاد فى سبيل الله وقد ابتدأ بدعوة المؤمنين لأخذ الأهبة» والتَفْرَة للجهاد فى سبيل الله وإعلاء الحق» والحفاظ على جماعتهم» وحماية أنفسهم. وأخذ الحذر لكيلا ينقض عليهم أعداؤهم . وإنه فى سبيل الاستعداد أن يبعدوا عن حسابهم أولئك الذين يثبطون عن القتال ولا يحتسبوا فى عدادهم إلا أولئك الذين باعوا أنفسهم لله. وباعوا متع الحياة الدنياء لينالوا نعيم الآخرة. وفى هذه الآيات يحض على القتال بتذكيرهم بشرف ما يجاهدون من أجلهء وهو رضا الله؛ وإعلاء كلمة الحق» ويذكرهم بإخوانهم الذين يرهقون بالظلمء ويعيشون مستضعفين أذلاء» لا يجدون وليا يلى أمرهم. ولا نصيرا ينصرهم ويستنقذهم مما هم فيه من بلاء» ولذلك قال تعالى: « وما لَكُم لا تَقَاتلون في سبيل الله والمستضعفين م من الرجال والنّساء والْولدان 4 أى شىء ثبت لكمء حتى صرتم فى حال لا تقاتلون فيها فى طريق الله طريق الحق الصحيح.ء والدين الذى لا شك فيه» والهداية التى فيها خير الإنسانية فى الدنياء وحسن المآل فى الآخرة» ولا تقاتلون فى سبيل أولئك الذين استضعفوا لعدم وجود من ينصرهم» فضعفواء وهانوا على أولئك الظالمين» وإن لم يهونوا عند الله سبحانه وتعالى» وعندكم أنتم أهل الحق والإيمان. وأولئك المستضعفون الذين أراد المشركون إضعافهم وإذلالهم» منهم الرجال الذين سلبوا كل حول وقوة» وصاروا أذلاء» ومنهم النساء اللائى لا قدرة لهن بحكم الأنوثة ومنهم الذرية الضعاف. وهنا بحوث نحوية وبلاغية» لا بد من الإشارة إليها . أولها: موضع «إوما لَكُم لا تقاتلون في سبيل الله من الإعراب» وقد قيل: إن (ما) دخلت على فعل محذوف يتضمن الكلام معناه ويقتضى تقديره » ويكون / تفسبير سورة النساع الملل ل احور ههه < يي المؤدى ما يثبت لكم حال كونكم لا تقاتلون فى سبيل اللهء فقوله سبحانه: إلا تاتون في سَبيل الله استفهام إنكارى» وموضع الاستنكار أنهم لا يقاتلون فى سبيل الله مع توافر دواعى القتال من الإيمان وحماية من تجب حمايتهم بحكم الشرف» والكرامة الإنسانية. ثانيها: قوله تعالى: « والمستضعفين من الرّجال والتساء والْولْدَان» فإنهم قالوا إن القتال لاستنقاذهم قتال فى سبيل الله» فلماذا ذكر بعد القتال فى سبيل الله وهو يشمله؟ وقد أجابوا عن ذلك بأن هذا من قبيل عطف الخاص على العام؛ لأآن للخاص مزيد عناية بيانية. ومنهم من قال إن قوله تعالى: « والمستضعفِينَ» منصوب على الاختصاصء والمعنى: لا تقاتلون فى سبيل الله وخصوصا المستضعفين إلخ. ومهما يكن من التخريج النحوىء فإن المؤدى أن النص على هؤلاء للتحريض على القتال» بحكم الشرف والمروءة» بعد التحريض عليه بحكم الدين والقربى إلى الله سبحانه وتعالى» ذلك أن العربى الكريم المعدن. وإن لم يكن مؤمناء يرى من المروءة والشرف والنجدة ألا يعتدى على ضعيف» لا قوة له» وأن من الواجب عليه أن ينصره» وأن يغيثه . الثها: أن النص على النساء والولدان الصغار فيه تحريض أقوى تحريض؛ لأن هؤلاء يعيرون إذا تركوهم فى أيدى الأعداء. وذكر الأولاد بالذات» وهم لم يجنوا أى جناية» فيه حث بذاته على القتال» فإذا كان المشركون قد أفحشوا فى الاعتداء» فليس للمسلمين أن يخذلوا هؤلاء الضعفاء. وإن هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والذرية ليسوا مستسلمين للظلمء ولكنهم يريدون دفعه» ويتسجهون إلى الله تعالى أن يخرجهم منه» إذ يقولون كما حكى الله سبحانه وتعالى عنهم : ٠‏ « ربنا أخرجنا من هذه القرية الظّالم أهلها وَاجعل لَنَا من لّدنك ولا واجعل لَنَا من لْدنك نصيرا 4 لا يجدون لهم قوة إلا الدعاء والضراعة إلى الله سبحانه وتعالى يطلبون معونته وإمدادهم» فيقولون مقرين بأن لله وحذده حقى الربوبية» وبأنه هو اا تفسير سورة النساعء ١1م‏ ااالللل الل ل | ااال 1 يي الذى يحوطهم ويكلؤهمء وأنه وحده الذى يملك أمرهم: أخخرجنا من هذه المدينة الكبيرة» وهى مكة» التى يظلمنا أهلهاء والظلم شأن من شئونهم» ويضرعون إليه سبحانه أن يجعل لهم وليا ينتمون إليه» وولاية قوية يشعرون تحت سلطانها بالعزة والكرامة» ويبتعدون عن ولاية الكافرين الظالمة العاتية الباغية» وأن يجعل لهم من ينصرهم» ويخرجهم من نير أهل الكفرء فهاهنا ثلاثة مطالب متلاحقة لهم توجهوا بها إلى ربهم : أولها: الإخراج من نير الظلم» وحكم الظالمين. وثانيها: أن يكونوا تابعين لولاية دولة الله» وهى الدولة الإسلامية» فلا يخرجون مشردين لا دولة تحميهم» ولا ديار تؤويهم. وثالشها: أن يكون لهم من الله نصير دائم ينصرهمء فلا يتمكن الأعداء منهم . وهنا بحوث بلاغية : أولها ‏ أن المراد من القرية مكةء وقد وصف أهلها بأنهم ظالمون» ولم توصف هى بأنها ظالمة» كما وصف غيرها من القرى مثل قوله تعالى: «وكم أهلَكنا من قرية بطرت معيشتها 4227 [القصص] وذلك تكريم لمكة» إذ هى حرم الله الآمن» ولم يمكن أن يوصف حرم الله الآمن بالظلم» ولو على سبيل المجاز والتقدير. وقد قال ناصر الدين السكندرى فى كتابه «الاتتصاف» فى هذه الآية ما نصه: (ووقفت على نكتة فى هذه الآية حسنة» وهى أن كل قرية ذكرت فى الكتاب العزيز» فالظلم إليها ينسب بطريق المجازء كقوله تعالى: وضرب الله مَل قَرْيَةَ كَانَت آمنةَ مُطْصئةَ 73© 4 [النحل] إلى قوله تعالى: « فكفرت بأنعم الله 4» وقوله تعالى: فإ وكم أَهلكنا من قرية بطرت معيشتها 28ج 4 [القصص]ء وأما هذه القرية فى سورة النساء» فينسب الظلم إلى أهلها على الحقيقة» لأن المراد بها مكة» فوقّرت عن نسبة الظلم إليهاء تشريفا لهاء شرفها الله تعالى). إل تفسير سورة النساعءع 1 الما 0 7 زا ثانيها ‏ أن النص يفيد أنهم يحسون بأن النصرة لا تكون إلا من اللهء وأن الولاية لا تكون إلا منه فهم بذلك معتزون مطمئنون» ولو كانوا مستضعفين لا حول لهم ولا طول؛ لأن من التجأ إلى الله تعالى عمزيزء ولو كان فى أرض الذل. الثها ‏ فى التعبير ا لُدنك 4 وهى بمعنى (عند)» ولا تكاد تستعمل فى القرآن إلا مضافة إلى لفظ الجلالة» وعلى أى حال هى تفترق عن عند بأن (عند) تستعمل للعلوء والانخفاض فى العندية» كما تستعمل فى التساوى» فيقال فلان عند فلان إذا كانا متساويين فى الرتبة أو أحدهما دون الآخرء أما (لدنك) فإنها لا تستعمل إلا إذا كان المضاف إليه عالياء والمضاف دونه» فهذا التعبير يشير إلى أن أولئك الضعفاء قد لجأوا إلى الجانب الأعلى الذى لا يدانيه علو فى الأرض ولا فى السماءء وإذا كانوا قد لجأوا إلى اللّه» فإن الله ناصرهم . (١‏ لذبن آنا قود في مل الله واي كرا اود في مل اوت سبيل الله تعالى هى سبيل الحق الثابت الذى لا يكون فيه العدل» ولا يكون بغى ولا فحشاء ولا أذى» وفيه قيام المصالح ودفع المفاسد. والطاغوت هو فَعَنُوت من طغى» وهو مجاوزة الحدء والبغى الشديدء وترك الخيرء وفعل الشر» والسعى فى الأرض بالفساد. وهنا مقابلة بين قتال أهل الإيمان» وقتال أهل الكفر ‏ بالغاية منهما ‏ فغاية المؤمنين نصرة الحق ودفع الفساد» وغاية الكافرين نشر الظلم والفساد فى الأرض» ولو ترك الظالمون من غير أن يقاومهم أهل الحق» » لعم الفنسادء وذهب الخير» وهدم الحق» كما قال سبحانه: (١‏ ولولا دع الله لئاس بعضهم يعض لفسدات الأرض ولكن اللّه ذو فَضل على الْعالمِنَ <2 4 [البقرة] ٠‏ « ولولا دقع الله ؛ الناس بعضهم ببعض لْهدْمَتَ صوا مع بيع وصلوات وَسَاجد يدر فيها اسم الله كثيرا ينص الله من يَنصرَه إن الله َي عَزِيزٌ ج220 4 [ الحج] . ظ (/#ذا تفددسير سور: ة النساء !اك فلاتلا للاناللاتا اط ناانلاتااتتللا اا لاللااالانال ااا نط خط طاطخ الال للالنالطنطمخمخمخس عطقن ةاللالنالاااالتاانااطملمطلططمطسطسمملا تاللا أب 1 وإن السبب فى أن يجاهد المؤمنون فى سبيل الله؛ء وهى سبيل الحق ورفع الإنسانية» والمحافظة على كرامة الإنسان., هو إيمانهم» فالإيمان يدفع إلى أسمى الغايات والدفاع عنهاء وذلك السمو هو سبيل الله تعالى»؛ والكافرون لعدم إيمانهم بالمثل العليا الإنسانية يقاتلون فى سبيل الطغيان والسيطرة الظالمة على الأرض . وإن هذه ظاهرة ثابتة» فالقتال فى ظل الدين» والتمسك بمثله العلياء رفعة للإنسانية؛ ومنع الفساد. ومنع لتحكم الرذيلة فى الفضيلة. والماضى ينبئْ عن ذلك» فقتال النبى والصحابة من بعده كان فيه حد من طغيان الملوك» وظلم الظالمين» ونشر للواء العدل. ومنع للفتنة فى الدين» وتحكم الإنسان فى أخيه الإنسان. وقد وصف الله المؤمنين إذا انتتصرواء فقال سبحانه وتعالى فى أحوالهم: « الّذين إن مُكْناهُم في الأرض أُقَاموا الصّلاة وآتوا الزكاة وأَمَروا بالمعروف وتهوا عن السكر 412 4 [الحج]ء أى أنهم إذا انتتصروا رفعوا لواء العدل» وأقاموا مجتمعا فاضلا على أساس من الفضيلة ودفع الرذيلة. وأما الذين لا يذعنون للحق» ولا يؤمنون به» ولا يقيمون للفضيلة وزناء فإن قتالهم فى سبيل الغلب» والسلطان الغاشم» والتحكم والسيطرة» وإن الماضى والحاضر يشهدان بصدق ذلكء. وإن العيان ليؤيد هذه الشهادة الصادقة. ألم تر إلى أولئنك الذين يتحكمون الآن فى مصاير العالم» لا يفكرون إلا فى الغلب على قطعة من الأرض يستولون عليهاء أو يبسطون نفوذهم فيهاء وما ذلك إلا طغيان المتحكمين المسيطرين فى بلادهم! وانظر نظرة عميقة إلى أولئك الذين وضعوا أيديهم على أدوات الحرب المخربة» التى إن ألقيت لا تبقى ولا تذر» وتأكل الأخضر واليابس» فإنهم يتغالبون على النفوذء ولو استشيرت أُمَّمُهِم فردا فرداء لاستنكروا ما هم مقدمون عليه أو يكادون! فالحروب التى يثيرها الكافرون فى هذا الزمان لا يدفعها إلا طغيان أفراد معدودين» يتحكمون فى الشعوب ومصايرهاء يقة أقسى مما كان يتحكم الملوك من قبل! . ال تفسير سورة التساء ااال ادل ٠: كاك‎ 5 طفَعَائئُوا أُوليَاء الشَيْطان إِنّ كيد الشَيْطَان كَانَ ضَعيفًا 4 إذا كان الكافرون يقاتلون فى سبيل الطغيان» والظلم والسيطرة والفعنة فى الدين» وإكراه الناس» حتى لا يستمروا على إيمانهم» فإن على المؤمنين أن يقاتلوهم؛ لأنهم نصراء الشيطان» أو الذين دخلوا فى ولايته. ومعنى النص السامى: قاتلوا أيها المؤمنون الذين ارتضيتم سبيل الله طريقاء ونصرة الحق منهاجاء الكافرين الذين اتخذوا الشيطان لهم وليا يوالونه» ونصيرا لهم ينصرهم فى زعمهم؛ وذلك لأنكم تُعلون الحقء وتدفعون الأذى» وتمنعون الشر والفتنة فى الدين» وتحاربون المساد. ولا تخافوا من هؤلاء الذين يوالون الشيطان» ويزعمون أنه ينصرهم» فإنهم يتبعون تدبير الشيطان لهم» أى يتبعون وساوس أنفسهمء وأهواءها التى يتحكم فيها الشيطان ويسيرها. وتدبير الشيطان مهما يكن» لا يكون قويا ينتتصر به أهل الكفر والفساد على أهل الحق. وضعف ذلك الكيد والتدبير الذى يدبره الكافرون وإبليس معهم» سببه أنهم تسيطر عليهم الأهواء» والأهواء تفسد الفكر وتفسد الأعمال» وتوجد الشحناء. وأهل الحق لو اتخذوا كل أسباب القوة» واعتزموا أمورهم ودبروا تدبيرهم» وقد جانبوا الهوى والشهوات» هم غالبون لا محالة» وما يغلب أهل الباطل إلا لعدم اتخاذ أهل الإيمان الأسباب. وسمى الله سبحانه تدبير الكافرين مع شيطانهم #كيدي. لأنهم لا يقصدون بالتدبير رفع حق أو خفض باطل» بل الكيد والأذى لأهل الحق. اللهم اهد المؤمنين إلى أسباب القوةء وأخذ الأهبة» وإعداد العدة للجهاد فى سبيلك» سبيل الحق والكرامة والسمو والعلو. زا تفسير سسورة النساع 1١‏ الل اللا 0 لها ل 00 فلكم ا مرإ قله كدو يريك يوأ ألصَكوة وما يلار منهم خشون الناس هخشية الله لئتف كان 7 كنت عَلينالفَِال ولا حر 52 لَك أجل قرب علْمكٌأ 2 عل ساوي ل ب دوو قليلوا لاجر 0 007 أَيْتَمَا نونو ركم أَمَوَ 32 ةوزع ليد وَوَإِن تَصبهُمَ -. 00 52 ن تصبه سيّكة نفولوا 2 رع و ا لون سس اووس سم ص < ساو هذهو منْعِند اما 1" نوما لهو 0 لمآ <- دون ا ا 0 32 يفمهون حد الآيات السابقة فى الحض على القتال» وبيان أن القتال دفاع عن العجزة» والنساءء والأطفالء الذين لا يجدون حيلة للخروج من الهوان والاستكانة للظالمين» ولا يجدون سبيلا لأن يخرجوا من ديار الذل أو يدفعوا عن أنفسهم أوضاره وآلامهء ففى القتال دفاع عن هؤلاء» وإخراج لهم. ولكن المسلمين لم يكونوا سواء فى تلقى شدائد القتال: فمنهم من يتقدم للميدان لا يهمه أن يقع على الموت أو يقع عليه؛ كعلى بن أبى طالب» وغيره من صناديد المؤمنين» ومنهم من يخشاه ويخافه» وهذا الصنف فى كل جماعة» ولقد قال الله تعالى فيه: ألم تر إِلَى الّذين قيل لهم كفوا أيديكُم وأقيموا الصّلاة وآثوا الزّكاة 4 تكاثر جمع المؤمنين نسبيا فى مكة» وخرجوا مهاجرين» ليقيموا دولة الفضيلة فى المدينة» وسكنها النبى مَلَِْةٌ واستقر بهاء وأخصذ يعقد العقود» وينسق العلاقات بين المقيمين بها وحولهاء حتى يكون الاطمئان. ولقد أراد المؤمنون أن يتقدموا لقتال ا تفسير سورة النساء لاا 00 تت ٠: ااا‎ يي" المشركين» حتى إن النسائى يروى أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبى كلد فقالوا: يانبى اللهء كنا فى عز ونحن مشركون» فلما آمنا صرنا فى ذل!! يريدون أن يأمرهم بقتال المشركين. وسواء أكان الطلب وهم بمكة» أم كان وهم بالمدينة» قبل أن يتقدم النبى كَلْةٌ لدفع أذى المشركين بالسيف بعد أن استمادوا وطغوا فى الاأرض» وأكثروا فيها الفساد. فإن النبى بحكم الله أمرهم بأن يكفوا عن القتال وقتا ينظم فيه الأمر بتقوية أرواحهمء وتوجيهها إلى الله تعالى لتخلص لله وحدهء وذلك بإقامة الصلاة» فإن الصلاة فيها تخليص النفس من أدران المأثم » والاتجاه بها إلى الله وحدهء وهى إذا أديت على وجهها تنهى عن الفحشاء والمنكرء كما أمرهم أن يتجهوا فى هذه الفترة أيضا إلى تقوية أنفسهم. والربط بين آحادهم بصلات المودة والتعاون» وإزالة ضعف الضعفاءء وذلك بإعطاء الفقراء الزكوات التى كانت مفروضة فى أول الإسلام. وإن تقوية الضعفاء سبيل قوة الدولة» كما قال وَكٌُِ: «ابغونى فى ضعفائكمء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفاتكم2170. . . حتى إذا استقام أمر الجماعة الإسلامية كتب الله تعالى القتال الذى طلبه من قبل أقوياء الإيمان» ولم يعارضه غيرهم» فكان الطلب من الجميع» كتبه الله تعالى دفاعا عن أهل الإيمان الذين يستذلهم المشركون» ومنعا للفتنة فى الدين» وإعلاء لكلمة الحق» ولكى يتقدم للإيمان كل مريد للحق طالب لهء غير خائف من صولة الشرك. ولما كتب القتال كان الصادقون الأقوياء آخذين الأهبة» ومستعدين للإقدام» وكان الضعفاء فى وجل» ولذا قال سبحانه: فَلَمًا كتب عليِهم القتال إذا فريق مُنهم يَحْشَوْنَ الئاس كَحَشْيّة الله أو أَشَدٌ خشية # الخشية الخوف الشديد مع مهابة الضعيف لمن يخافه» وهذا الفريق الذى خاف القتال مع الهيبة من الأعداء هو من الضعفاء الذين لا يعلون بإيمانهم. والتعبير بقوله تعالى فى أوصاف هذه الخشية: ‏ يخشون الئاس كخشية اللّه أو شد حَشسيّة 4» فيه بعض إشارات بيانية . 2000 سبق تخريجه من رواية الترمذدى وأبى داود والنسائى . // (/ل#ا تفسير سنبور: 6 النساع الل 1 يي أولاها ‏ أنه عبر عن الأعداء بقوله 9الناس 24. وهو توبيخ أبلغ توبيخ» ذلك لأنهم أناس مثلهم» وليسوا فى الفضل مثلهم» وفوق ذلك مع أنهم أناس مثلهم» يجعلون خشيتهم فى مقابل خشية الله تعالى ذى الجلال والإكرام القاهر فوق عباده. الثانية ‏ التعبير بلفظ الجلالة فيه إشارة إلى بيان خورهم وفساد تفكيرهم؛ إذ يجعلون خشية الله جل جلاله » فى مقابل الخشية من الناس» والله تعالى إذا كان معهم وقاموا بحق الجهاد, فلن يخذلوا أيدا. الثالثة ‏ فى الترديد بين أن تكون خحشيتهم من الله بمقدار خشيتهم من الناس» أو أكثرء فيه بيان لحال ضعفهمء واستمكان الضعف» وهو ترق فى التوضيح» إذ إنه من المقرر أن المؤمن لا يليق به أن يخاف الناس» كما يخاف الله فكيف إذا كان يخاف الناس أكثر من الله؟! ولا شك أن فريقا من أولئك الضعفاء أو المنافقين كان على هذه الحال. وأولئك الجحبناء لا يكتفون بالخوف والفزع» بل يصل بهم الأمر إلى درجة أن يعترضوا على فرضية القتال. «وَقَالُوا ربا لم كتبت علينا القتال ولا أَخَرتنا إآى أجل قَرِيب» قد قالوا لفزعهم: ربنا الذى خلقنا وتمانا ورباناء لأى شىء كتبت علينا القتال وفرضته وألزمتنا به» وهو أمر مخوف مرهوب؟! فمن فرط ذهولهم وجبنهم ينسون العزة والكرامة» وأنهما مطلبان لا ينالان إلا بالحرب والجهاد؛ وينسون إذلال الكافرين للمؤمنين» والفتنة فى الدين» ويسألون عن أسباب القتال!. نعم إن القتال أمر تكرهه النفوس» ولكن إن كان دفعا للذل يصير واجباء كما قال تعالى: ( كتب علْكُم لقتال وهر عه لَكُم وصَسَئ أن كْرهُوا سين وخر لَكُمْ :2130© © [البقرة]. فيصير القتال أمرا مستمرا لشرف الغاية التى تدعو إليه. وإذا ذكر أولئك الضعفاء بالباعث على شرعية القتال لا يذهب فزعهم» بل يقولون وجلين هلعين: 9 لولا أَخَرتنا إأئ أجل قريب 24 أى: هلا أخرتنا فى إجابة ا تفسير سورة النساع لملا الل 00 0 ١ ااا‎ يي" داعى القتال إلى زمن مؤجل قريب؟ فهم بعد أن يعود إليهم رشدهم يطلبون أن يؤخروا هم. لا أن تؤخر الفرضية!. لقد كان كلامهم الأول فى شأن الفرضية» ولا أدركوا سوء قولهم» كان كلامهم عن مطالبتهم بتآخير ذهابهم إلى القتال؛ وذلك ما يدل عليه تعبير الله عنهم بقوله: 8« لولا أَخَرتَنَا4» فهذا الفريق الضعيف الويمان يريد أن يذهب المجاهدون الأبرار» ويقعدوا هم مع القاعدين!! وقد قال فى ذلك القرطبى: (معاذ الله أن يصدر هذا القول من صحابى كريم» يعلم أن الآجال محدودة» والأرزاق مقسومة» بل كانوا لأوامر الله ممتثلين» سامعين طائعين» يريدون الوصول إلى الدار الآجلة خيرا من المقام فى الدار العاجلة» على ما هو معروف من سيرتهم. اللهم إلا أن يكون قائله يمن لم يرسخ فى الإيمان قدمهء ولا انشرح بالإسلام جنانه» فإن أهل الإيمان متفاضلون؛ فمنهم الكامل» ومنهم الناقص» وهو الذى تنفر :نفسه عما يؤمر به» فيما تلحقه فيه المشقة» وتدركه الشدة) . «قل متاع الدنيا قليل والآخرة حَيرٌ لمن اتَقَى 4 إن الحرص على الدنيا والتعلق بهاء يدفع إلى الرغبة فى البقاء على أية صورة كان البقاء» سواء أكان البقاء فى عزة أم كان فى ذلة. فمطامع المال ومتاع الدنيا تجعل النفس ترضى بالحياة بكل صورهاء وقديما قال العرب: (أذلً الحرص أعناق الرجال). فكان لابد لتربية روح الجهاد من تعريف المسلم بقيمة هذه الحياة» ووزنها بالنسبة لما بعدهاء ولذلك أمر الله نبيه أن يقول لهؤلاء الذين كانت خشيتهم للناس كخشية الله أو أشدء واضطربوا عندما أمروا بالقتال: إن كل منافع الدنيا ولذاتها قليلة» مهما كبرت فى نظركم» فكثيرها قليل إذا كانت فى ذلة» ولا ييقى الانتفاع إذا تحكم فيكم الأعداءء وهى فانية لا تبقى» وكل ما يكون مآله الزوال ضئيل مهما تكاثر فى العددء وإذا وزن متاع الدنيا بمتاع الآخرة الباقى الخالد الدائم» فإنه لا يكون شيئا مذكورا!! ولذا جاء قول النبى بأمر الله تعالى: 8 ماع الانيا قليل والآخرة حير لَمَن الى والآخرة بما فيها من متاع دائم خير من الدنيا بكل حذافيرها؛ لأنه لا نزاع ها تفسيرسورة النساع “الم :ااا اننا اننا اناالا ن اتات نا لالط تالاخلا مانام __نسخاا الالالال تالالطا ل اناقل لالط تلاط كالمالا طالااالا اكوك < يي فيهاء ولا شر يتحكم ولا مغالبة» بل اطمئنان وهدوء» وسرور مستمرهء لمن ينالون جنتها ويبعدهم الله تعالى عن جحيمهاء وهى مع ذلك أكلها دائم» ونعيم مقيم» ورضوان من الله أكبرء وإن أعمال الخير فى الدنياء والجهاد فى سبيل الحق» هى السبيل لنيل ما فى الآخرة من خير وجنات تجرى من تحتها الأنهارء» ومن عمل عملا صالحا نال جزاءه موفوراء ولذا قال سبحانه وتعالى: ولا تظلمون فتيلاً 4 الفقيل: هو الخيط الدقيق الذى يكون فى شق نواة التمر» وهو يضرب مثلا للقلة والتفاهة. والمعنى: إنه إذا كانت الآخرة خيرا من الدنيا وأبقى من متاعهاء فإن طريق الآخرة هو الجهاد فى سبيل الله؛ والقيام بطاعته» وإنكم ستنالون الجزاء الأوفى» ولا ينقص من أحد منكم أى قدر من جزائه» ولو كان قدرا ضئيلا لا تأبهون له فى دنياكم» فإذا كان حرصكم هو الذى تخشون القتال» وترجئونه» فإنه يجب أن يكون حرصكم كبيرا على ما هو أغلى وأعظم» وما هو مؤكد لا احتمال فيه» ولقد كان حرصهم وخوفهم من القتال؛ لأنهم يريدون الحياة ويخافون الموت» فبين لهم سبحانه أن الموت آت لامحالة» وأنه لاحق بهم أينما يكونوا: ( يما تَكُونُوا يدرككُم الموت ولو كم في بروج مُشيّدة4 البروج جمع برج» وهو يطلق على الحصن المنيع» ويطلق على القصر العالى الذى لا يصل إليه أحدء ويبنى للملوك والكبراء لكيلا تصل إليهم الرعايا. مشيدلة: أحكم بناؤهاء وارتفعت» أو بنيت بالشيدء وهو الملاط القوى الذى تربط به اللبنات بعضها ببعض . ولقد قال طرفة بن العبد: كأنها برج رومى تكثفها بان بشيد وآجر وأحجار ومعنى النص: إن كنتم تريدون بقعودكم عن الجهاد وطلب إرجائه أن ترجئوا الموت أو تطيلوا الحياة» فقد أخطأتم» فإنه حيئما كنتم يدرككم الموت ولو كنتم فى أقوى الحصونء وأمنعهاء وأحكمها بناء. ا تفسير سورة النساء م دول ج11 وفى التعبير بكلمة «يدرككم» إشارة إلى أن الموت كأنه يطلب الإنسان ويتبعه حيثما كان» وفى أى وقت كانء فهو طالب لا بد أن يدرك ولا بد أن يصل؛ لأنه حقيقة محتومة فإن فررتم منه فإنه ملاقيكم» فلا تفروا منه واطلبوا الحق ولو أدى إليه» وما أحسن ما قاله زهير بن أبى سلمى : ومن هاب أسباب المنايا ينلنه وإن يرق أسباب السماء بسلم وإن هؤلاء الذين ضعفت نفوسهم قد يدفعهم اضطرابهم إلى أن تسيطر عليهم الأوهام» فمنهم من يقول كلاما يثير الظنون ويسكت عنه الباقون منهم فكأنهم قالوه» ولذا حكى ‏ سبحانه ‏ القول عن هذا الفريق فقال: ننس قو ل ( وإن نصبهم حَسة يفولُوا هذه من عند الله وإن نصيهم سينة يقولوا هذه من عندك # أى إن تصبهم حال حسنة تحسن عندهم» من رخاء أو خصب أو ظفر أو غنيمة أو سعة فى الرزق» يقولوا: هذه الحال من عند الله تعالى» فإن كان النصر قالوا: من عند الله. وإن يصبهم أمر يسيئهم» كالهزيمة» قالوا: ذلك من محمد كأنهم ينسبونه إلى سوء تدبيره - عليه الصلاة والسلام -» أو يتشاءمون به. ويهبطون بذلك هبوطا شديدا! فال حسنة ما يحسن عندهم. والسيئة ما يسوؤهم. وذلك التفكير الذين يفكرونه ناشئ من ضعفهم النفسى» وضعفهم الإيمانى» وسوء ظنهم بالنبى يكل وذلك شأن أهل النفاق ومن يستمعون إليهم من ضعفاء أهل الإسلام : طقل كُل من عند الله فَمَال هَؤلاء الْقَوم لا يَكَادُونَ يَفَقَهُونَ حَدِيثا 4 أى إذا كنتم تنظرون إلى ما قدره الله تعالى فى علمه المكنون» وما يوفق إليه عباده» وما يمدهم به من عونء فإن كل شىء من عند الله» فالشدة والرخاء من عند الله والغنيمة والهزيمة بتقدير الله عند اتخاذ الأسباب» فلا ينصر الله متخاذلاء ولا يخذل من يريد ما عند الله» ويتجه إلى الجهاد مستعدا بقلبه وعدته وتنظيمه» وبهذا يرد عليهم ما توهموه» أو قالوه. 4 ١ اكاك‎ ١ ىر‎ هاا تفسير سورة النساع يدرك معانى الأقوال والأفعال. ولذا قال سبحانه: ذ قال هؤلاء الملا يكاذون يفقهون حَدِينًا 4 والمعنى: أن الأمر ثبت لهؤلاء الذين لم يدركوا الأمور حتى كادوا لا يدركون إدراكا حقيقيا أى حديث يتحدثون به» أو أى حديث يلقى إليهم» فلا يعلمون أن الله هو القابض الباسط القادر على كل شىء!. وإنهم لو فهموا ما يتلى عليهم من كتاب الله والحكمة لاهتدواء وهذا اللاستفهام توبيخ لهم وبيان لوصفهم الحقيقى» وهو أنهم لا يكادون يفهمون معنى ما يسمعون وما يقولون! اللهم اهدنا إلى الطيب من القول. واهدنا إلى الصراط الحميد. فبك رالود سا ا لحتس سه سه 7 رخ سس +27 7 ى هر سيفن نَضيبك وأرَسَلَئك ناس رسولا وكق بالل صهيدا جيه _ | مح هه د ل سا 0 سس 2 عر عر سير من يطِع الرسول فَمَّدْ أطاء الله ومن توك فما أَرَسَلْتَكَ 2-7 ا ا ع سم عر قير رع 000 5 مث * بم رادا خا ا سا رار عر اس ار هر عندك د بيت طايفة مهم غيرالزى تقول وَأَللَم يكس ميو يمن عنم ول لعل الله وَكَفَ الله هذه الآيات تتميم للمعانى التى اشتملت عليها الآيات السابقة» فإن هؤلاء نافقين وضعاف الإيمان» كانوا يحمُّلون النى و تع تبعة الهزيمة إن كانت!. وإن سبحانه وتعالى وتوفيقه» فقد قدر النصر والفوزء كما قدر الضرر والأذى» وكل ل تفسير سورة النساع لل الل للوئ ال الام اال ملالا للك حي حب أ القتال ينجيهم من الموت» فبين الله سبحانه أنه لا نجاة من الموت» وأنه حيثما كان الشخص فالموت مدركه ولاحقه. وفى هذه الآيات يبين سبحانه أن ما يصيبك من أمر يحسن عندك» فإنه بفضل الله تعالى؛ إذ وفقك إلى سببه» وجعل السبب منتهيا بالنتيجة وما أصابك من أمر يسوؤك فبسببك وعمل منكء» وأن الرسول لا يحمل أوزاركم» وأن طاعته واجبة فى المنشط والمكر» وأن الذين يظهرون الطاعة بألسنتهم أمامهء ويبيتون العصيان من ورائه» الله بهم عليم» ولذا قال سبحانه: (ن أسئك من َس قن الوا مأل من سيقن فل فى هن النص الكريم تخريجان: أحدهما ‏ أن هذا من كلام الله تعالى» والخطاب للنبى كدُ وهو من بعد ذلك خطاب لكل مكلف مطالب بالعمل بالشرع الشريف. والمراد بالحسنة ما يكون فيه ما يسر وما يحسن فى نظر الإنسان» والسيكة ما يسوء فى نظر الإنسان. والمعنى على هذا التخريج: ما أصابكم من أمور حسنة فبتوفيق الله تعالى لكم. وجعل النتائج مترتبة على أعمالكم التى اتخذتم فيها الأسباب» ولم تتقاصروا عن الاتجاه فيها إلى أسباب الظفر. وما يصيبكم مما يسوؤكم وينزل بكم من غمء فلتجنبكم الأسباب الموصلة إلى الغاية» ومخالفتكم أوامر الله ورؤسائكم. كما كان الشأن فى أحدء فما كان الأمر الذى ساء إلا من المحاربين الذين أمروا فخالفواء وما كان النصر فى بدر إلا من الله» وإطاعتهم الأوامر. والتوفيق بين النص الكريم» وقوله من قبل: قل كل مَن عند اللّه 27> 4 [النساء]» هو أن النص الأول كان موضوعه الكلام فى تقدير الله» فهم إن انتصر المؤمنون لا ينسبون للنبى يكل أى فضلء» بل يجردونه من الفضل» ويقولون هو من عند الله!! وما قصدوا التفويض والإيمان بالقدرء بل قصدوا الغض من مقام النبوة!! وإن كان ما يسوء نسبوه إلى النبى إيذاء وتمرداء فالله قال لهم: كل ذلك بتقدير الله وإرادته. أما هذا النص: 8إما أصابك 4 فموضوعه اتخاذ الأسباب» ومعناه أن من أخذ الأسباب وتوكل على الله» فالله تعالى يعطيه النتائج» ومن لا ا تفسير سورة النساع ١ك‏ ااال اننا لالخالا لالاناا ااا لالط طانان خلا طخطااااان اطخلا ططخل لان خخخل اال ااال الاخل طاطخ طاطا ططخل لالتخا خخ خخخ طاطنطم نط اطاط ططخ ط لان شتالا لبجل ؤيزر 7 يتخذ الأسباب أو يخالف المنهاج السليم الموصل إلى الثمرة» أو لا يتوكل على الله تعالى ولا يفوض إليهء فإنه سيناله ما يسوؤه» وبسبب منه؛ فالأول لبيان القدرء والثانى لبيان العمل . وهذا هو التخريج الأول والتخريج الثانى أن يكون: فإما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن تَفسك 4. من حكاية قول المنافقين والضعفاء فى إيمانهم؛ لأن آخر الآية السابقة : لفَمال هؤلاء القرم لا يَكَادُونَ يفقهون حديثا لت 4 [النساء]ء ثم ذكر سبحانه حديثشهم الذى لم يفقهوه» وهو قولهم: «ما َصَابْك من حَسَنة فَمنَ اله إلخ» ويكون الخطاب للنبى يك فهم يقولون له: ليس لك من فضل فى النصر الذى تناله» فإن ما أصابك من ظفر فمن الله» وما أصابك من هزيمة فمن نفسك! وقد ذكر هذا التخريج القرطبى» وقال: «والمعنى: فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاء حتى يقولوا: ما أصابك الله من حسنة فمن الله!). ٠‏ ويكون ذلك الكلام على هذا التخريج ترديدا لقولهم: «إما أصابك من حسنة. فمن الله #» ويكون فى الأول الحديث عن أنفسهم. وفى الثانى الحديث عن النبى عل ففى الأول معنى التطير والتشاؤم» وفى الشانى تجريد النبى كَلِِْ من كل فضل!. وهم فى الأمرين خارجون عن الطاعة متمردون» وقد رد الله تعالى كلامهم ط وَأَرَسلَْاكَ لئاس رسولاً وكفئ باللّه شهيدا 4 وإنا أيها النبى قد شرفناك برسالتنا» فأرسلناك رسولا فقطط لا تتكفل بالأرزاق» ولا تهب النصر» ولا تمسك مقاليد الكون» ولست تملك من أمر نفسك شيئاء إنما أنت مكلف بالتبليغ فقط. على الله» فإن الله مانحك النصرء ومعطيك الغلب» وإن خالف من معك ما سننت لهم من منهاج للظفر» فإن الهزيمة واقعة بهم. ولست مسئولا عما يصيبهم ل / تفسير سورة النساع ا 0000 1 1 1 1 1 1 5351 51 2232#3#5#677 ١‏ ١ اا‎ يي القدر به من أمر يسرهمء ولا أمر يسوؤهم . وفى قوله تعالى: «إ وأرسلناك لئاس رسولاً» يذكر سبحانه كلمة «رسولاً4 تأكيدا لوصف النبى كله بالرسالة» ولبيان أن عمل الرسول ليس هو التحكم فى القدرء إنما عمله التبليغ فقطء فإذا بلغ فما عليه من شىء. وإذا كانوا قد اتهموك وقالوا ما قالواء فكفاك شهادة الله لك بأنك بلغت وجاهدت, وأن ما يرمونك به باطل» فلا تذهب نفسك عليهم حسرات. وإن تصرف أولئك المنافقين والضعفاء فيه إخلال بواجب الطاعة» وإن الرسالة التى حمل عبئها محمد وَكْةٌ توجب عليهم طاعته من غير تمرد» بل مع الإذعان والخضوع لما يطلبه باسم اللهء وأن يعلموا أن طاعته فيها طاعة الله فإن تمردوا عليه أو تشاءموا به» فليعلموا أن ذلك تمرد على الله» ولذا قال سبحانه: «إ من يطع الرّسُول فَقَد أطَاعَ اللّه4 إن هؤلاء كانوا يتتقصون فضل النبى بنسبة الظفر إلى الله والهزيمة إلى النبى» وقد بين الله تعالى أنه رسولهء إن تنقصتموه فإنما تتنقصون من أرسله» وإن تمردتم عليه فإنما تتمردون على من أرسله: من يطع الرّسول 4 . فيما يأمر بهء وينهى عنهء وفى دعوته إليْ الجهادء فإنما يطبع الله تعالى ؛ ؛ لأنه إنما يتكلم عن الله تعالى: إن هو إلا وحي يوحئ +20 عَلَمَهُ شديد القرَئ 422 4 [النجم ] ولقد روى أن رسول الله وكةٌ قال: «من أحبنى فقد أحب الله» ومن أطاعنى فقد أطاع الله»» فقال الذين يشككون فى الإسلام من المنافقين: ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل. لقد قارف الشركء وهو ينهى أن يعبد غير الله! ما يريد هذا الرجل إلا أن نتخذه ربًا كما اتخذت النصارى» فنزلت هذه الآية: طمن يطع الرّسول 274 وعندى أن الآية لا تحتاج إلى سبب نزول فى بيانها لأنها واضحة بينة» يشهد لعناها سابقها ولاحقهاء وإن الحديث فى ذاته صحيح المعنىء وروى مسلم مثله عن أبى هريرة» وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ١‏ )١(‏ ذكره جماعة من مفسرى السلف منهم القرطبى والرازى وأبو السعود والآلوسى والبيضاوى والسمرقندى عن قتادة (من التابعين) . ل مايا 0 يي أطاعنى فقد أطاع الله» ومن يعصنى فقد عصى الله» ومن يطع أميرى فقد أطاعنى» ومن يعص أميرى فقد عصانى272» ومن نال فضل طاعة الله ورسوله» فقد نال حظ الدنيا والآخرة» ومن أعرض عن ذلك فعليه تبعة عمله. والرسول يك قد أدى واجبه فى التبليغ» ولذا قال سبحانه وتعالى: ومن تولئ ما أَرسَلَاكَ عليْهم حفيظا 4 ومن عصى أمرك ولم يطعك» وأعرض عن الحق الذى أمرك الله تعالى بتبليغه؛ فإنه وحده الذى يتحمل تبعة إعراضه عن دين الله» ولا تبعة عليكء إنما عليك التبليغ فقطء وعلى الله تعالى حسابهم يوم الحساب» فلا تكلف نفسك ما لست مكلفه» فما أرسلك الله تعالى إلا مبشرا ونذيراء وليس عليك أن تحمل الناس على الإيمان» ثم ما أنت مكلف بالمحافظة عليهم ومراقبتهم وتتبعهم حتى يكونوا مهتدين: ظإِنَّكَ لا تهدي من حيبت ولكن الله يمدي من يشاء ... (5ع> 4 [القصص]. وما أنت بمهيمن عليهم حتى تحاسبهم على الإيمان» إنما الحساب عند الله. . . وإن هؤلاء المنافقين يظهرون الطاعة» ويبطنون المخالفة» ولذا قال سبحانه: « ويَقُونُونَ طاعَدٌ ذا بَررُوا من عندله بَيّتَ طَائفَة منْهمْ غيْرَ الذي تقول 4 إنما يقول المسلمون جميعا: أمرئا معك طاعة وخضوع لما تطلب» فليس لنا إلا أن نطيعكء» ولا يجوز أن نخالفك؛ لأن طاعتك هى طاعة اللهء فأنت فينا المطاع دائماء وقد قصرنا أحوالنا على طاعتك . هذا قول المسلمين عامة» ولكن المؤمنين يقولون ويذعنون ظاهرا وباطناء وسرا وإعلاناء والمنافقون يقولون ذلك بظاهر من القول» وهم ينوون المخالفة ويصرون عليها ولا يتركونهاء وهم الذين يقول الله تعالى فيهم : ط فإذا برزوا من عندك بَيّتَ طَائقَة مهم عير الذي تَقُول 4. أى فإذا خرجوا من عندك بارزين ظاهرين غير مستخفين» أخذوا يتدبرون فيما بينهم الأمر الذى يكون مخالفا للطاعة! ها تفسير سورة النساء 11لااااا ااا انلل لانن ل انا االاللمخمل الك لاا اناك الالالال نا تالا اننال طلتلا اللا ات ت الال النا لاا اناالا ق اللا ةلاض خط خخخ ض سطس انلخ ااال أ لج رار 7 والتعبير عن الخروج بالبروز للإشارة إلى تفاوت ما بين أحوالهم! وتضارب مظهرهم مع خبيئتهم. ويقول الزمخشرى فى المعنى اللغوى للتبييت: (والتبييت إما من البيتوتة؛ لآنه قضاء الأمر وتدبيره بالليل» ويقال: «هذا أمر بيت بليل»؟. وإما من أبيات الشعر؛ لأن الشاعر يدبرهاء ويسويها)» وعندى أن هذا المعنى غريب» ولكن الأولى هو الأول مضافا إليه معنى التزوير والتحسين» لأن (بيت) تتضمن معنى التزوير والتمويه. والمعنى على أى حال أن هذه الطائفة» بعد خروجها من عندك» تدبر أمر مخالفتك» وتحسن هذه المخالفة وتزينها لنفسها فى خفاءء والله يعلم ما يسرون وما يعلنون. ولذا قال: « واللّه يكب ما يسيتون فأعرض عنهم وتوكّل عَلَى الله 4 والله سبحانه وتعالى يعلم ما يبيتون» فلم يكن خافيا قبل أن يقعء ولم يزدد به علما بعد الوقوع» فهو يعلم ما كان وما يكون إلى يوم الدين. وفى هذه الجملة تهديد لهم وتطمين للنبى كدٌه فإن الله تعالى يبين أن تبييتهم وإخفاء نياتهم لا يخفى على اللهء بل إن علمه به علم ما يكتب وما يسجل عليهم» ليكون مرثيا لهم فى صحائف أعمالهم يوم القيامة» وليعلم نبيه بتدبيرهم السيئ ونيتهم» ليتقى شرهمء ويحفظه من أذاهم» فإنه هو ناصره وكافله. وإذا كان الله تعالى يكتب عليهم ما يخفونه: فليس للنبى أن يأبه لهم والله حافظه وكالئه» ولذلك أمره بألا يلتفت إليهم. ولا يأخذه هم فى شأنهم؛ وليعتمد على الله وليكل إليه أموره» ولا يكل أموره إلى غيره» وإنه إن توكل على الله حق التوكل» حفظه. وكفاه شرهم. ولذا قال سبحانه وتعالى : «ا وكقى بالله وكيلا» . والمعنى : يكفيك أن الله تعالى هو الموكل بأمرك» وهو حافظك وكالئك وحاميك» ومن كان الله تعالى وكيله والموكل بأموره. فلن يضيع أبدا. اللهم هيئ للمسلمين أسباب العزة» ووفقهم للعمل الصالح» واجعلهم يكلون مآل أمورهم إليك» إنك نعم المولى ونعم النصير. ل | تفسير سورة النساعءع ل لل أفلا يسَدتَرون الف نوكن مرحي اه دوأ ف هِأخْيِكت احيرا © وَإِدَاجَاءَ هم أَمَرْمّنَلأمن مج سم 0 اد | وألْحَوف أذاعو أي ولول َلك أل 1 حت اريت ةا لوت 0 يلف سَبيلا 9 كك اسه مالي عَم امن كن بأ لذن موأ و ليما سَدّ ينا وَأَسَد شسكيل" 9 يق ك2 كد لد يربق كييك كن ينها - 4 26 ودر ل 10110 م 500 مَشنا ع 7 ٠.‏ 1 وَكَانَ لله هل شق 0 مَقينًا و0 وإذاحييم شحية فحيوا 020 1 9 م وردو ها إِنَّ الله كَانَعَلْن6 شَىّءٍ حسيبًا 0 0-2 وو 2 د ساح سل سل سرس و مس مجلس ره لله اكالم ِلَاهْلِجْمَعَدَك إل يو الْقيمَةَلَارَيبفيدٌ م فى الآيات السابقة بِيّن الله تعالى لنبيه يَكةِ أحوال المنافقين» وما هم عليه من لوم الطبع والمكر والخدا 4 ثم أمره ككْهٌ بالإعراض عنهمء فهم لن يضروه شيئا مهما كان لؤمهم وخداعهمء وما عليه إلا أن يتوكل على الله فهو حسيه» وسيكفيه شرهمء ولن يبلغوا منه شيئا. 0 تفسير سورة النساء لل ل 0 8 ب اماك ٠١‏ يي وفى هذه الآيات لا يزال الكلام عن المنافقين متصلاء فالله سبحانه وتعالى يعيب عليهم حالهم فى عدم تدبر القرآن الكريم والتفكر فى معانيه؛ لأن التدبر فى القرآن يجعلهم يفكرون فى عاقبة أمرهم. ويستيقظون من سباتهم الذى يملك عليهم نفوسهم» ويتجسد أمام بصائرهم ما سوف ينالهم من جزاء يوم القيامة. وهم لو تدبروا القرآن لرأوا فيه العجب العجاب» ولتبين لهم أن هذا الكتاب منزل من الله رب العالمين» وأن محمدا عبد الله ورسوله. فالقرآن الكريم يحمل بين جنباته دلائل صدقه. وبراهين أنه من لدن حكيم حميد»ء إذ لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه تناقضا فى القضاياء واختلافا فى الألفاظء وتضاربا فى المعانى» ولضربت الآيات بعضها بعضا؛ لأن الإنسان من البشر إذا تكلم بكلام كثير» لابد أن يوجد فى كلامه اختلاف». لاختلاف مزاجه بين الحين والحين» ولما يعتوره من الصحة والمرض» ولاختلاف مواقفه فى الزمان والمكان» فيظهر ذلك كله فى صورة تناقض فى اللفظ أو الوصف. أو فى المعانى» أو الصدق والكذب إلى غير ذلك من صور الاختلاف. ولكن القرآن الكريم بين أيديهم» فليتدبروه حق التدبر» فلن يجدوا فيه اختلافا فى وصف. ولا ردا فى معنى» ولا تناقضا فى قضاياه. ولا كذبا فيما يخبر به من أمور الغيب» ولكنهم بإعراضهم عن التدبرء يظلون كالأنعام بل هم أضل» قد أغلقوا قلوبهم عن الهدى» وأصموا آذانهم عن صوت البشير النذير» فما لهم لا يعقلونء لأفلا يتَدبُرونَ القرآن أم على قلوب أَقْقَائها 2 4 [محمد] فهم لا يفقهون. لوا جاءهم أمر من الأمن أو اْخوف أَذاعوا به ولو روه إِلَى الرُسُول وإلى أوبي لمر منهم لَعلمَه الْذين يسسَبِطُونَه منهم ولولا فضل الله عَليكُم ورَحَممهُ لاتبَعتم اليطان لذ فيلا عجبا لأمر هؤلاء المنافقين» إنهم يسارعون فى الفتنة» ويتحيئون الفرص ليزرعوا الشكوك والظنون فى صدور المؤمنين» ويشيعون الأخبار على غير حقيقتهاء» فإذا سمعوا خبرا عن أمن المسلمين أو انتصارهم» أو عن الخوف عليهم ا تفسيرسورة النساء الل والإشفاق من تحركاتهم» أسرع هؤلاء المنافقون لإذاعة الشائعات» وأظهروها وتحدثوا بها قبل أن يقفوا على حقيقتهاء وقد يكون فى ذلك ضرر بالإسلام والمسلمين» ولكنهم لا يبالون» بل ربما كان ذلك هو ما يبتغون. وقال بعض المفسرين إن ضعاف المسلمين كانوا يفعلون ذلك أيضاء فقد كان بعضهم يفشى أمر النبى يَلِْةّ» دون إذن فى ذلك». ويحسبون أنهم لا يخطتون فيما يفعلون» ويسيئون ويحسبون أنهم يحسئون. وسواء أكان ذلك من المنافقين أم من ضعاف المسلمين فهو خط لا يجوز أن يحدث؛ لذلك يجىء الأمر من الله تعالى بألا يسرع المسلم فى الحديث بأخبار لم يتحقق منهاء ولم يتبين له صدقها من كذبهاء ولم يميز من أمرها بين النفع والضررء بل يجب على هؤلاء وأولئك أن يردوا الأمر إلى النبى يِه وينتظروا حتى يكون عليه الصلاة والسلام» هو الذى يتحدث به ويكشف عن صدقه» ويبين نفعه للمسلمين أو ضرره» وهذا الحكم ماض فى كل زمان ومكان» فإذا كان النبى كله قد انتتقل إلى الرفيق الأعلى» فإنه قد ورّث العلم لطائفة من أمته هم أولو العلم وأولو الأمرء وأهل الفقه فى الدين» فيجب على المسلمين أن يردوا مثل هذه الأمور إليهم؛ لأنهم إذا ردوا الأمر إليهم طلْعَلمهُ الَذِين يُسسبطوته منهم» أى يستخرجون معناه» ويبينون فحواه» فإذا الأمر معلوم» والحق واضح لا شبهة فيه ولا غموض. والاستنباط هو استخراج الماء من البسئر» فشبهت الأفكار التى تدور فى خلّد الإنسان بالماء الذى فى البعر» والعلماء يستخرجون هذه الأفكار ويكشفون عن معناهاء فيعلمون ما ينبغى أن يقال وما يجب أن يستر ويكتم فلا يشيع بين الناس . وفى تلك الجملة دليل على جواز اجتهاد العلماء فى الأمور الفقهية عن طريق القياس» والحكم بما يبينه ذلك القياس» ما لم يكن هناك نص من القرآن أو السنة» وما لم يكن هناك إجماع. ل | تفسير سورة النساء ل 00 0 ١ ا‎ ى ١‏ «رلولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبْعم الشَيْطَانَ إلا قَليلاً لقد أنزل الله . الكتب» وأرسل الرسل» وبين طريق الحق من الباطل» والهدى من الضلالة» والرشاد من الغواية» وهذا فضل من الله ورحمة» ولولا هدايتكم للعمل بما جاءت به الرسل» وأنزلت به الكتب» لاتبعتم الشيطان» ولبقيتم على الكفر سائرين فى طريق الضلال؛ إلا قليلا منكم كانوا هم المهتدين» أو لاتبعتم الشيطان فى غالب أعمالكم» وكان اتباعكم للرسول وللكتاب اتباعا قليلاء ولغلبت سيئاتكم حسناتكم» وفى ذلك ما فيه من الخسرانء والعياذ بالله تعالى. «فقاتل في سبيل الله حتى ولو تركوك وحدك منفردا لا أحد معكء فإن معية الله خير وأبقى» فهو الذى أمرك بالقتال» وهو الذى تكفل بنصرك 8 إنَا لتنصر رسلا والّذين آمنوا في الحيَاة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ]2 4 [غافر] . فى الآية أمر من الله تعالى لرسوله محمد يله بألا يترك جهاد العدو حتى ولو كان وحدهء لأن الله ضمن له النصرء وهناك من يقولون أن الخطاب للأمة كلهاء إذ قال ابن عطية فى تفسيره: «هذا ظاهر اللفظ» إلا أنه لم يجئ فى خبر قط أن القتال قد فرض عليه وحده دون الأمة مدة ماء فالمعنى» والله أعلمء أنه خطاب له فى اللفظ. وهو مثال ما يقال لكل واحد فى خاصة نفسه» أى أنت يا محمد وكل واحد من أمتك». هذا الخطاب موجه إليه» وكل إنسان ليس مكلفا إلا عن نفسه» فإن تقدم نفسك للجهاد فإن الله هو ناصرك» وليس الجنودء فإن شاء نصرك وحدك كما ينصرك وحولك الألوف من الجند» فالنصر أولا وأخيرا من عند الله. وقيل إن النبى َيه دعا الناس إلى الخروج للقاء المشركين فى معركة بدر الصغرىء» وكان أبو سفيان قد واعد الرسول على أن يتلاقوا فيهاء فكره بعض الناس أن يخرجواء فنزلت الآية» وخرج النبى كَلْةِ وليس معه إلا سبعون» ولو لم يخرج معه أحد لخرج وحدهء فكأن الله سبحانه وتعالى يقول له: يا محمدء إنك لا تكلف إلا نفسك وحدهاء فاخرج لوَحَرّض الْمُؤْمدِين» إذ ليس عليك بالنسبة لهم إلا التحريض» وأمرهم دون تعنيف #عسى الله أن يكف بأس اين كفروا» #4 تفسيرسورة النساء ل لاا :2 23 وقد كان» فكف الله بأس الذين كفرواء وهم قريشء» الذين تواعدوا مع النبى على اللقاءء فقد غير أبو سفيان رأيه» وخشى عاقبة المعركة» فقال لقومه: إن هذا عام مجدبء لن تقدروا فيه على لقاء محمد وأصحابه» فانتظروا عاما مخصباء كما تعودتم» لتلاقوا فيه محمدا ومن معهء ووقتها سيكون بأسكم شديداء وتنكيلكم بمحمد وأصحابه شديداء ألم يعلموا أن العزة لله جميعا «والله أشد ل من قريش #وأَشد تتكيلاً» من كل أعدائكم . وإ بطش ربك ُشديد 120 4 [البروج] فهو أعظم سلطاناء وأقدر على ما يريد. من يشقَع شفاعة حَسنة كن لَهُ تصيب مَنْهَا ومن شفع شفاعة سيم يكن له كفل مَنهَا وكَانَ اللَّهُ علّى كل شيء مُقِيتَا4 أصل الشفاعة والشفعة ونحوهاء من الشفع» وهو الزوج فى العدد» ومنه الشفيع لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعاء فالشفاعة إذن هى ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك» للوصول إلى مصلحة ترغبانهاء فهى على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفّع» وإيصال المنفعة إلى المشفوع له والشفاعة الحسنة هى ما تكون في البر والطاعة»ء والشفاعة السيئة هى ما تكون فى المعاصى» فمن شفع شفاعة حسنة ليصلح بين اثنين استوجب الأجرء ومن سعى فى غير طاعة» فقد أثم واستوجب العقاب. يقول الزمخشرى فى «حقائق التنزيل»: الشفاعة الحسنة هى التى روعى بها حق مسلمء ودفع بها عنه شر وابتغى بها وجه الله» ولم تؤخذ عليها رشوة» وكانت فى أمر جائزء وليست فى حد من حدود الله ولا فى حق من الحقوق» ولكل منها نصيب من الأجره بقدر ما فيه من طاعة أو معصية. وقد حث النبى يَلِْةٌ على الشفاعة لقضاء الحوائج» والتعاون على البر والتقوى» إذ يقول عليه الصلاة والسلام: «اشفعوا فلتؤجرواء وليقض الله على لسان نبيه ما أحب20)6؟ . )١(‏ متفق عليه؛ رواه مسلم: البر والصلة والآداب - استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام (5151)؛ والبخارى بلفظ مقارب: الزكاة - التحريض على الصدقة والشفاعة فيها )١575(‏ عن أبى موسى الأشعرى عن أبيه» وأبوه هو عبد الله بن قيس بن سلا بن حضار. رضى الله عنهما. ها تفسير سورة النساع 10000000 1 1 1 1 1 2225625211 1 ١ اه‎ يي #وكان الله علّى كل شيء مُقينا4 المقيت هو الحافظ المقتدرء الذى يعطى كل إنسان قُونَه وقوه فهو يجازى كل إنسان بقدر ما حفظ له من عمل وهو يُقيت الجائع » ويعين من استعان به» فالرزق الذى هو القوت من عنده» والعافية التى هى القوة بسلطانه وبأمره» وكل شىء عنده بمقدار. «وإذا حييتم بتحية فَحَيُوا بأحسن منها أو ردوها إن اللّه كان على كِ شيع حسيبًا» التحية هى السلام» وأصل التحية الدعاء بالحياة» والتحيات لله هى السلام من الآفات» وإنما يقال «التحيات لله» بصيغة الجمع. ولم يقل «التحية») بصيغة الإفراد» لأنه كان فى الأأرض ملوك تؤدى لهم تحيات مختلفات» فيقال لبعضهم: «أبيت اللعن»» ويقال لبعضهم: «اسلم وانعم» فقيل لنا نحن المسلمين» قولوا: «التحيات لله» أى كل الألفاظ التى تدل على تحيات الملوك وتؤدى معانيهاء هى الله . والعلاقة بين هذه الآية وما قبلها أن الله تعالى يقول» إذا خرجتم للجهاد. كما سبق الأمرء فحياكم إنسان بتحية الإسلام» فلا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناء بل ردوا جواب السلام» فإن الأحكام تجرى عليهمء أجمع الفقهاء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغّب فيهاء ورده فريضة» لقوله تعالى «فحيرا بأحسن منها أو رذوها» أو قوله تعالى: «إِن الله كان على كل شيم حسييًا»» فقد قال المفسرون عن ذلكء إن هذه الصفة «الحسيب» حسنت هناء لأن معنى الآية فى أن يزيد الإنسان أو ينقصء» أو يوقّى قدر مايجىء به والله سبحانه وتعالى يجازى الإنسان بقدر ما فعله.» حتى فى لفظ التحية والسلام . روى النسائى عن عمران بن حصين قال: كنا عند النبى يَككِلةّ فجاء رجل فسلم فقال: السلام عليكم» فرد عليه رسول الله يَلِْوٌ» وقال: «عشر» ثم جلس» ثم جاء آخر فسلمء فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه رسول الله َكل ا تفسير سورة النساع 1 مالل ىت ل وقال «عشرون». ثم جلس. وجاء آخر فقال: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) فرد عليه رسول الله كَل وقال: "ثلاثون»""". وهذا الخبر يعطى تفسيرا بأن من قال لأخيه المسلم «السلام عليكم» كتب له عشر حسنات» فإن قال: «السلام عليكم ورحمة الله) كتبت له عشرون حسنة» فإن قال: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» كتبت له ثلاثون حسنة» وكذلك من رد التحية له مثل ذلك الأجر. وللتحية وردها آداب يجب أن يتعلمها المسلم» ويتخذها منهجا وسلوكاء فمنها أن يسلم الراكب على الماشى» والقائم على القاعد. والقليل على الكثير» والصغير على الكبير» وفى المسألة مسائل فقهية متشعبة» على المسلم أن يتعرف عليها من مظانهاء ولا يغفل عنها؛ لأن التحية وإفشاء السلام من الأسباب التى تصل القلوب بعضها ببعض» فتأتلف الأرواح» وتتحاب النفوس» تصديقا لقوله عليه الصلاة والسلام «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنواء ولا تؤمنوا حتى تحابوا» أو لا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم» أفشوا السلام بينكم»”"" . ثم عليكم أن تتذكروا فى كل شئونكم أنه جل ذكره: «اللّهُ لا إِلَّهَ إلا هو لَيَحِمِعتَكُم إلَئ يم القيامّة لا ريْب فيه ومن أصدق من الله حديئًا» وقد نزلت هذه الآية فى شأن هؤلاء المكذبين الذين يشكون فى السبعث والحساب» فأقسم الله تعالى لهم بنفسهء والدليل على ذلك القسم هو وجود اللام المتصلة بكلمة ليجمعنكم» ثم نون التوكيد المشددة بعدهاء» يقول النحاة أن اللام - رواه الترمذى: الاستئذان والآداب - ما ذكر فى فضل السلام (2»)5749 وأبو داود: الأدب‎ )١( والدارمى: السلام - فضل‎ »)١55557( كيف رد السلام (0145)»: وأحمد: أول مسند البصريين‎ التسليم ورده (511-0). عن عمران بن حصين رضى الله عنه.‎ (؟) رواه مسلم: الإيمان - بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون (014)» والترمذي: الاستئذان والآداب - ما جاء فى إفشاء السلام (5786)» وأبو داود: الأدب - فى إفشاء السلام 200195 وابن ماجه: المقدمة - فى الإيمان (58). عن أبى هريرة رضى الله عنه. ل تفسير سورة النساء الال تلكا انلكا تت للا اناا اناا اننال نخالان طاطخ الك لاخلخ ااا ااانا تاكن طقنطاتطخ نان لخلل ططخ انامض طاخم خخخ ناخخل للخ لطن لماخ لطاا ا للكةْللاللة ١‏ ٠ 9011 يي وافعة فى جواب قسم ) والتقديرء» والله أعلم » أن الله يقسم ليجمعنكم» فهو قسم » يلقيه إلينا رب العزة» بأنه سيجمع الناس وهم أموات تحت الأرض » فكل من يموت سيجمع إلى من سبقوه نحت التراب» وسيظل جمعهم هذا إلى يوم القيامة ثم يبعثون. وفى رأى آخر أن حرف الجر «إلى» صلة فى الكلام؛ معناه: ليجمعنكم يوم قال جل شأنه: «ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون +4 ليوم عظيم :+ يوم يقوم الناس لرب العالمين 7# 4 [المطففين] . لإومن أصدق من اللّه حديثا». استفهام تقريرى» هل هناك من هو أصدق من الله؟ فيكون الجواب تقريرا للحقيقة التى لا يشك فيها مؤمن: لاء لا أحد أصدق من الله» فهو سبحانه. يخاطينا بما كان» وما سيكون» وكل ما جاء من عنده صدق لا ريب فيه» فهو جل شأنه لا يجوز عليه الكذب» أن الكذب إخبار عن الشىء بغير ماهو عليه والكاذب لا يكذب إلا أنه فى حاجة للكذب». لكى يستفيد منفعة» أو يدفع مضرة» والله سبحانه وتعالى حكيم غنى لا يجوز عليه الاحتياج» فهو عالم بكل معلوم, منزه عن الكذب» كما هو منزه عن سائر ا تفسير سورة النساع 0 اللو لا ااا ١:‏ ى ١‏ َمَا كلقن ع َ ا 2 ومع فْبَتَين وأللَه بم كسَبوا أنرِيد ونأ نتَهِدوامنٌ 20111 ع أضل اهومن يطلل فلن تمك له سبلا 22 دوأو 2 وو 011 ووم رررعة 40 كو وس تكفرون كما كفروا فَتَكْونُونَ سوا 5لا تدوأ وليه م26 لسك و سير ب رمج برع روم حَقَ مهارو في سي لاله 2 يي تود تومو تشَخِدْ َتَحِذُ متم وَليكَاءَ لاصيا 79 إلا 000 بيهم نوكم ل لاج 1 ا عل ع و سر 0 سوم يملئلوك أَوَيَمَلِيْلوا فو مَهُم ولوَْسَاءَ ملاب عَيَي تلمكا" و43 ميو 78 ١ للسهم و 7 00 آ ‏ آ ره مصلا 0 سر 1 جم ا - و 00 8 سَتَحِدُونَ ءار ريك ددذود نَأن يأمنو ميو فوَمَهُم هل 1111111111111 م رصج ررير وس سام حت سكم ويَكمُوأيد ا 0 وق عر هموك 2 دجَدَلْنا لمعبو سلْطلنا ميا مين كان المنافقون فى الحروب عنصر فتنة مستمرة» وكانوا فى السلم مثيرى النزاع والخصامء فهم فى الحرب إن رأوا ضعفا استغلوهء وإن لم يجدوا ضعفا ظاهرا أثاروه» ولم يكن النفاق فى داخل المدينة فقطء بل كان يمتد كلما قوى المؤمنون فى البلاد. ففى أول إقامة الدولة الإسلامية بالمدينة» وانتصار المؤمنين فى بدرء ل ل تفسير سورة النساء الالال لخنلا لن اننا لاخلخلا ال انالا الالالال طلخا الا انق لنالا اناطخ مالالا طلاخ م لاا لاا لالط ط مقط ط مخ ماشلل 05 ا 1 7 ظهر النفاق فيها خوفا من قوة المؤمنين» وأخذ ينفث سمومه فى قوتهم! وكلما عم سلطان الدولة الإسلامية واتسع » ظهر منافقونء فظهر فى الأعراب نفاق كما قال تعالى : ( الأعراب أَسَد كفا ونقاًا وأَجدر ألا يعَلمُوا حَدُود ما أنزل اللَّهُ على رَسُوله واللّه عليم حكيم 4707 4 [التوبة] وظهر نفاق بين مشركى مكةء فكان ناس إذا أرادوا تجارة» وأرادوا أن يأمنوا غارات المؤمنين فى الطريق عليهم. أعلنوا أنهم يصدقون بما جاء به محمدء وناقلوه بين الركب وبين الناس» فكان المؤمنون يختلفون فى شأنهم» فمنهم من يراهم مؤمنين لا يقاتلون ولا يغار عليهم» ومنهم من يراهم كفارا منافقين يريدون أن ينجوا بأموالهم» فنزل قوله تعالى: « فما لككم في الْمتافقين فتتيْن واللّه أَرْكْسَهُم بما كُسبُوا 4 إذا كان المنافقون على ما ترون» من أنهم ينطقون باللسان خشية القوة» وابتغاء الفتنة» ولا يريدون إلا دفع الأذى عن أنفسهم» وإنزاله بكم» فما الذى يسوغ لكم أن تختلفوا فى شأنهم فتسين أى طائفتين» إحداهما ترجو الخير فسيهم» والثانية ترى الشر يستحكم فى قلوبهم. ويبدو فى لحن أقوالهم؟ وأنتم ترون أيها المختلفون ضلالهم» ووقوعهم فى الفسادء وأنهم لا يبدو من أعمالهم ما يدل على إيمانهم» بل هم يعملون بالكفرء وينطقون بالإسلام. والإركاس معناه قلب الشىء على رأسه؛ ورد مقدمه إلى مؤخره. جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى: «الركس قلب الشىء على رأسهء ورد أوله إلى آخره» يقال أركسته فركس وارتكس فى أمره). والمعنى على هذا أن الله سبحانه وتعالى أوقعهم فى الضلال فقلب مداركهم» ورد الأول على الآخر فى تفكيرهم. بحيث صاروا لا يستطيعون ترتيب المقدمات الفكرية ونتائجهاء وذلك بما كسبوا من الإيغال فى الشر بعد ابتغاته وطلبه» فلما ساروا فيه خطوة امتد بهم السير خطوات حتى أوغلوا فيه» وأصبحوا لا يستطيعون الحكم فى قول. لها تفسيرسورة النساع ا ال لجس 5 2 ومن هم أولئك المنافقون الذين أركسهم الله تعالى ذلك الإركاس؟ قيل: هم منافقو المدينة» أتباع عبد الله بن أبى» ومن معه. وقيل: قوم أقاموا بالمدينة مؤمنين» ثم خرجوا منها منحرفين فى اعتقادهمء وأظهروا أن جوها لم يطب لهم! وقيل» كما روى عن ابن عباس: إنهم قوم آمنوا بمكة» وقالوا.إن ظهر محمد كك فقد عرفناء وإن ظهر قومناء فهو أحب إلينا. وعندى أن المنافقين هنا تشمل من اتصفوا بذلك» وتخص الأعراب ومن على شاكلتهم من الذين كانوا يسلمون فى قبائلهم» ويعلنون ذلك من غير أن يهاجروا إلى المدينة مناصرين للمؤمنين» ولم يكن من أعمالهم ما يدل على انتمائهم للدولة الإسلامية» وإعلان ولايتها عليهم. والحقيقة أن هؤلاء كانوا يتذرعون بكلمة الإسلام» لكيلا يحكم السيف الإسلامى فيهم. ولذلك ذكرت الآية أن الأمارة القاطعة الدالة على إيمانهم هى أن يهاجروا. م هام م مي « أتريدون أن َهْدُوا من أَضل الله ومن يُضلل الله فلن تجد لَه سبيلاً4 أيها المؤمنون المختلفون أتريدون أن تتحملوا على الإيمان من أضله الله» أى من كتب عليه الضلالة» بسبب أنه سار فى طريقهاء وانحرف عن جادة الحق وسبيل المؤمنين» فإن من يسير فى طريق لا بد أن ينتهى إلى نهايته» ما دام لم يرجع ولم يعد. ومن يضلل اللهء أى من يكتب عليه فى لوحه المحفوظ». وقدره المحتوم» أن يكون ضالاء فلن يجد أحد سبيلا إلى هدايته؛ لأن قدر الله تعالى لا يتغير» وقضاءه لا يتبدل» وحكمه لا يتخلف. فمن حاول هداية المنافقين الذين حكم عليهم بالضلال» فكأنما يحارب قدر الله سبحانه وتعالى. وإن المؤمنين يحاولون هداية المنافقين, أو الحكم لهم بالإيمان» بينما المنافقون يودون للمؤمنين عكس ذلك . «ودُوا لو تكفرون كما كفروا فنَكُونُونَ سواء» وإن هؤلاء الذين تتمنون هدايتهم أو تحكمون بها عليهم» أو ترجونها لهم يتمنون أن تكفروا كما كفرواء بحيث تكونون أنتم وهم على سواء؛ ومن تكون هذه حاله لا يعد مسلماء ولا ل 0 تفسير سورة النساع لل 11 1+ 1 1[ !1 1[ 1[ 1 11 220010011111111 ,0 اح اه يحكم عليه بأن نور الإسلام دخل قلبه» فهو لا يريد أن تجتمعوا معه على هدى. بل يريد أن تكونوا معه على ضلالة! فإذا كانوا يريدون الاتصال بكم اتصال مودة. فعلى أساس الكفر لا على أساس الإيمان» وإذا كانوا كذلك» فلا يصح أن تتخذوا منهم أنصاراء أو ترتبطوا معهم بمودة أو صلة» ولذا قال سبحانه وتعالى بعد ذلك: «(فلا توا منهم أَولياء حت يُهَاجروا في سيل الله4 الولى يطلق بمعنى المناصرء ويطلق بمعنى المحب الودود. والنهى منصب على الاثنين» فإنه لا يصح للمؤّمنين أن يتخذوا أولياء من هؤلاء المنافقين» الذين يظهرون الإسلام وهم مقيمون فى دياز الأعداء يناصرونهم» وقوتهم لهم على المسلمين» فكيف يكونون مع هذه الحال نصراء أهل الريمان!! وإذا كان لا يصح أن يتخذوا منهم نصراءء فإنه لا يصح أن يقال إنهم منتمون للدولة الإسلامية» لهم ما للمسلمين» وعليهم ما على المسلمين» ولا يجوز لهذا أن يضموا إليها. وإنه لا يصح أن يربط بعض المؤمنين معهم مودة؛ لأنهم ببقائهم فى ظل الكفرء ٠‏ وقوتهم ل يكونون فى ضمن من يحادون الله ورسوله» والله تعالى يقول :إلا تجد قَوما يؤمنون باللهواليَوم الآخرٍ يوادُون من حَاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أ وإخواتهم أو عشيرة تهم , 57> > [المجادلة]. وإن أمر القلوب بيد الله سبحانه وتعالى» فلا يصح أن تحكموا عليهم بالإيمان حتى, تظهر أماراته» وتبدو معالمه. وإن مظهره الحقيقى فى هذا النوع من الناس هو أن ينضموا إلى جماعة المؤمنين بالهجرة إليهم. ؛ لتكون قوتهم للمؤمنين لا عليهم, ولذا قيد سبحانه وتعالى ترك ولايتهم بغاية» وهى الهجرة» فقال: #حتول يهاجروا في سبيل اللّد4 بأن يخرجوا فى سبيل الله تعالى مجاهدين مع المؤمنين ومناصرين ومؤيدين لهم. تيم ابدام فإن تولُوا فُخذوهم واقتلوهم < حيث ' وجدتموهم ولا تتَخذوا منهم 3 ولا تصيرا 4 أى فإن أعرضوا عن الهجرة» وهى واجبة. فلا تعتبروا إسلامهم؛ لأنهم لايزالون قوة عليكم» وخذوهم من نواصيهم بالأسر» والترصد لتاجرهم ا تفسير سورة النساء الل جل بز يي وأموالهم. حتى لا يتخذوا من ذلك ذريعة لتقوية أقوامهم. واقتلوهم حيث وجدتموهم ؛ لآنهم أعداء بمعاونتهم أعداء المؤمئنين. وإذا كانوا يستطيعون الخروج بمتاجرتهم وغيرهاء فإنهم يستطيعون الهجرة إليكم ليكونوا قوة لكم» والهجرة واجبة» وإذا كانوا معكم فى حال قستال كمن ينتمون إليهم» فلا تقبلوهم فى ولايتكمء ولا توادوهمء ولا تتخذوا منهم نصراء؛ لأن النصير هو الذى يعاونك ويكون معك على أعدائك» وليس هؤلاء منهم» فقوله تعالى: (ولا تتُخدُوا منهم 3 ولا تصيرا 4» يدل على النهى عن أمور ثلاثة: أولها ‏ ألا يعتبروهم منهم بالولاية والانتماع» لأنهم لم يعملوا على الانضمام لجماعة المؤمنين. . وثانيها ‏ ألا يوادوهم» لآنهم يحادونهم إذ يحادون الله ورسوله» وهم بهذا من حزب الشيطان» لا من حزب الله تعالى وثالفها ألا يتخذوا منهم نصراءء لأنهم سيخادعون» ومن كانت هذه حالهم لا يؤتمنون» فنصرهم خذلان» والاستعانة بهم استعانة بغير أهل الإيمان. وإن السياق يدل على أن المنافقين الذين تتحدث عنهم الآية ‏ وإن كان اللفظ عاما هم من الذين يظهرون الإسلام فى قبائلهم» ولا يخرجون إلى المسلمين ليكونوا معهم» فإن زمان إنشاء الدولة الإسلامية يحتاج إلى التجمع» » ليكون المؤمنون قوةٌ واحدة» كما قال تعالى: ل إن الله يُحبُ الدين يُقَاتُونَ في سبيله صَفًا كََنّهُم نيان مُرْصوص 20> 4 [الصف] . والخلاصة أن أولئك المنافقين يعاملون معاملة الذين ينتمون إلى دولة أخرى» فإذا كانت دولتهم تقاتل المؤمنين قوتلوا وقتلواء وإن كانت دولتهم تسالم المؤمنين بميثاق» فلا يقاتلون احتراما للعهد والميئاق» ولذا قال تعالى : ( إلا الّذين يَصلُونَ إلى قوم بيَكُم وبيتهم مياق الاستثناء هنا منفصل بمعنى «لكن»» وهو من الأمر بالأخذ بالنواصى» والقتل حيثما وجدوا. والمعنى: لكن لا تأخذوا ولا تقتلوا أحدا من هؤلاء الذين يصلون بالانتماء أو الرعوية إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد موثق» لا يصح النكث فيهء ولا الخروج على أحكامه. أو تفسير سورة النساع الللللللالكككا لل 0 ههه يي التمرد على مقتضاهء فهؤلاء يعاملون كالدولة التى يتتمون إليهاء والأقوام الذين يصلون أمورهم بهمء ولا يصح أن يقتلوا أو يؤسروا؛ لأن قتلهم أو أسرهم نقض للعهد الذى وثق وأكدء والله تعالى يقول: 9 وأوَفُوا العهد إن العهد كان مسولا 27 # [الإسراء]ء ويقول: «وَأَوقُوا بعهد اللّه إذا عاهدثم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وَقَد جَعَلكُم الله عليكُمْ كفيلاً إن الله َعم ما تَعُونَ 02:02 © [ النحل ] . وإن قوله تعالى: «يصلون إلى قوم بتكم بهم مَيَاقَ4. يدخل فى مضمونه طائفتان: أولاهما . طائفة ئفة تكون رعية لدولة بينكم وبينهم عهد وميثاق. فإنه لا يشترط لنجاتهم أن يخرجوا إليكم مهاجرين» فإنهم آمنون بمقتضى العهد والميئاق» فإن أعلنوا الإسلام» لا يستراب فى أمرهم. والثانية - من يتصلون بعهد أو ميثاق أو ولاء تمن كان بينكم وبينهم عهدء فإن لهم حكم من يكونون رعية لمعاهديكم. وإن هذا الصنف يصح أن ينطبق على من لا يظهرون الإسلام ولكن يعلنون السلام. وهناك صنف لا ينتمى لقوم ذوى عهدء ولكنه لا يقاتل قومه لعذر عنده. ويخرج إلى المؤمنين مخلصا لله الدين أو ملقيا بالسلام» وهم الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم 9 أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أَو يُقَاتُوا قَوْمهُمْ 4 هذا فريق آخر من يعلنون الإسلام فى وسط أقوامهم أو لايعلنونه ولا يقاتلون مع المؤمنين» وهؤلاء ينتمون إلى قوم يقاتلون المؤمنين» وهم فى حال حربء. فهؤلاء يعلنون إسلامهم ويجيئون إلى المسلمين معلنين الإسلام» ولكنهم يكونون فى ضيق وحرجء فلا يستطيعون قتال أقوامهم. خشية على ذرياتهم أو ذوى أرحامهم أو أموالهم. ويريدون أن يتذرعوا بالامبتناع عن قتال قومهمء فإنه يقبل منهم الاعتزال. ومعنى «إحصرت صدورهم #4 ضاقت. وقد قال الراغب: (الحصر التضييق . قال الله عز وجل: #فخذوهم واحصروهم» أى ضيقوا عليهم» وقال ل تفسير سور 6 النساء الل الملل 2/0 /لجمل مزه بي تعالى : « وَجَعَلنَا جهنم للكافرين حصيرا +422 [الإسراء]» وقوله تعالى: أو جَاءوكُمْ حصرت صَدورَهُم 4 أى ضاقت) . ويظهر أن مادة (حصر) تكون من باب نصر ومن باب فرح» وإذا كانت من باب نصر تكون دالة على التضييق على الغير تضييقا حسياء وإن كانت من باب فرح تكون لازمة ودالة على ضيق النفس. والمعنى على هذا أن هؤلاء ضاقت نفوسهم» وصاروا فى حرج لا يستطيعون قتال المسلمين» ولا يستطيعون قتال أقوامهم» فهؤلاء مسالمون» لأن الله كفى المؤمنين أمرهم» ولأنهم لا يعدون منافقين» ولقد حرض الله سبحانه المؤمنين على مسالمتهم رغبة فى السلام» فقال سبحانه : < ولو شَاء الله لَسلَطَهم عَليَكُم فلَقَاتلُوكُم 4 أى أنه من رحمة الله بكم أن قلل أعداءكم» وأضعف شأن الذين يقاتلونكم» بأن يخرج من بين صفوفهم من يسالمونكم» وإن الله ناصركم فى هذا بأمرين: بتقوية جمعكم» وإضعاف شأن عدوكم» ولو شاء سبحانه أن يكونوا جميعا عليكم ولا يخرج منهم من يسالمكم. وجعل أولئك الذين يمدون يد السلام مسلطين عليكم بالقتل والقتال» لكان ذلك» وليس فى مصلحتكمء فاختاروا ما أمركم الله بهء وهو مسالمة أولئك الذين يسالمونكم» وقد خرجوا من بين أقوامهم. ولقد أكد سبحانه هذا المعنى بقوله تعالى: 'ْ طفن اعترَُوكُمْ فلم يقاتلُوكُم وَالقَرا نكم السلّم فَمَا جَعل الله لكم عليهم سبيلا © أى فاقبلوا من هؤلاء المسالمة» إن اعتزلوا قتالكم» ولم يكونوا مع أعدائكم عليكم» ولم يريدوا أيضا أن يكونوا معكم على أقوامهم., وألقوا إليكم السلام غير معاندين» ولا مخالفينء فاقبلوا ذلك منهم» ولا تحاربوهم؛ لأنهم لا يقاتلوتكم ولا يؤلبون عليكم» ولا يعتدون» والله تعالى يقول: ط وَقَاتُوا في سبيل الله الذي يقَاتلونكُم ولا تَعمَدُوا إِنَ الله لا يحب الْمعتدين 508 4 [البقرة]» وما داموا لا يقائلون لا يحل قتالهم؛ وإلا كنا معتدين. والقتمال فى الإسلام شرع ل تفسير سور ة النساع لا 110111111110000( 19 حرج ا لدفع الاعتداءء فإذا كانوا كذلك فما جعل الله لكم فى شرعه وأحكامه سبيلا وفى النص الكريم إشارتان لفظيتان: أولاهما - قوله سبحانه :ل فما جعل الله َكُمْ عليُهم سَبيلاً4, إذ التعبير ب «عليهم» يومئ إلى أن قتالهم اعتداء عليهم وما جعل الله لكم حق الاعتداء» فالمعنى: ما جعل الله سبحانه 0 للاعتداء ب «عليهم». الثانية - التعبير بلفظ السلم بدل السلام للوشارة إلى معنى التسليم» لا مجرد الأمن والسلام؛ لأن السلم يفيد معنى التسليم» فهم ألقوا إليكم الأمن وتسليم القيادة لكم. وهناك صنف آخر غير هؤلاء المسالمين» وهم قوم يخادعونء لا يكفون عن القتال» وقد قال سبحانه فيهم: « ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردُوا إلى الفتنة ركسوا فيها » هذا صنف أخير يتجه إلى أن يأمن قرمه» فلا يقاتلهمء ويأمن المؤمنين حتى لا يقتلوه. ولكنه لا يمد يد الأمان» ولا يسلم القيادء وهؤلاء إذا دعوا إلى القتال» ولم يعترضوا منفردين لأذى المؤمنين» استجابوا للقتال فى صفوف المشركين» فهم يظهرون الأمان» أو يظهرون الإسلام» ليأمنوا جانب المؤمنين» فإن لاحت لهم فرصة الانضمام لأعداء الله قاتلوا معهمء وهذا مرمى قوله تعالى: « كل ما ردُوا إلى الفتنة : أركسوا فيها ». ؛ أى كلما ردوا إلى قومهم مفتونين بعصبيتهم وكفرهمء قلبت نفوسهم أقبح قلب» فأركسوا فى فتنة الكفر والعصبية» وهؤلاء أوجب الإسلام قتالهم إذا لم يعتزلوا أقوامهم ويكفوا أيديهم عن قتال المسلمين» ولذا قال سبحانه : لفان لم يعتزلوكم ويلقوا إِليكُم السلم ويا يديهم فَحُدُوهُم وَافُْوهمْ حَيْت تقفتموهم وأولائكم جعلنا لكم عليهم سلْطانا مبينا 6 . أى إن لم يعتزلوا قتالكم ويمتنعوا عن حربكمء ويلقوا إليكم بالأمان مع تسليم أنفسهم منقادين» ويكفوا أيديهم عن القتال» فقد حل دمهمء وزالت عصمتهم» فخذوهم بالنواصى أسرى». ل م تفسيرسورة النساء 1 ملل تح أ واقتلوهم حيث وجدتموهم؛ فمعنى « لقفتموهم 4 وجدتموهم. وعبر عن الامتناع عن القتال بقوله ويكفوا أيديهم 4 ؛ لأن اليد هى الأداة الأولى للقتال؛ وإن الله بهذا قد جعل للمسلمين سلطانا أى سيطرة تمكنهم من قتالهم» وهذا معنى قوله: ( وأولائكم جَعَلنَا لَكُم عَلَيهِم سلْطَانا مبينا 4 أى أولتك بأوصافهم من الغدرء وقتالهم للمؤمنين» وفتنتهم» جعل الله لكم عليهم سلطانا مسوغا لقتالهم» واضحا بينا لاشك فيهء فقاتلوهم من غير استرابة ولا شك ولا تلكؤ. اللهم أعز الإسلام وانصرنا على القوم الكافرين. 4 20 ًّ - 3 سج و م 22 020 هه وَمَاكَا َك لِمُؤّمِنٍ أن يفثل مو ِنَالاحَطتَاوَمنَهئلَ ل ا ا ا ا دوق مُوَمتَاحَطَكَامَصَرِرُوَكَة مُوَمِكَة وَدِيَة مُسَلْمَة مَسَلْمَةَإَِ هيإ لحن يَصَصدَّ أ 6 كنك رك من مَوَوِعَدُوْلُك ل عرس رج ع + ول سا قح سر م 3 وَهوَمُؤّمِرك فَسَحررَعَةمَؤْمكَةٍ ون كات نقَوم كحك وَيَتَكُم و5 سكم 1 7 2 0 يد ره ٍِ ا كان الكلام فى الآيات السابقة فى المنافقين الذين يعملون على نقض بناء الدولة الإسلامية» ويعملون على إلقاء الريب فى قلوب أهل الايمان» وفى وجوب قتل الكافرين الذين ينقضون العهد والميثاق» والذين يظهرون الإيمان بين قباتلهم» ولا يعملون عملا للإسلام» فإنهم منافقون يريدون أن يتخذوا من مظهر الإيمان تفسير سورة النساع لولاا ان 1,07 ١ الاك‎ 7 ١ ىر‎ وقاية لهم» إن اشتدت الشديدة على أقوامهم! وإنه لا يحمى دم هؤلاء فى القتال إلا إذا كانوا قد ألقوا السلام» واعتزلوا القتال مع أقوامهم» أو كانوا يصلون إلى قوم قد ارتبط المسلمون معهم بميئاق عدم اعتداء. وإن التفرقة بين هذه العناصر قد يقع معها الخطأء ولذا ذكر القرآن الكريم الخطأ فى هذه الأحوال الثلاث: وهى قتل المؤمن الخطأ لمؤمن قائم مع المؤمنين» وقتل الخطأ لمؤمن من قوم أعداءء وقتل الخطأ من قوم لهم ميثاق» حتى إذا وقع الخطأ كان الحكم بيناء ولذا قال تعالى: «وما كان لمؤمن أن يقل مُؤْمنا إلا حَطنًا4 «ما كان» النفى هنا ليس لنفى الوقوع» أى نفى أن يقع قتل خطاء وإلا ما وقع ذلك أبداء لكنه يقع» بل النفى بمعنى عدم الجواز والنهى عنه» مثل قوله تعالى: «( وما كَانَ لَكم أن تَوذوا رسول الله ولا أن تكحوا أزواجه من بعده أبدا 2 4 [الأحزاب ]. ومثل قوله تعالى: 9 وما كَانَ لمؤمن ولا مؤمنة إذا قَضى الله ورسوله أمرا ١‏ أن يكون لهم الخيرة من أَمْرهم ومَن يعص اللّه ورسوله فَقَد صل ضلالاً مبينا 250 4 [الأحزاب ]» والمعنى على ذلك ما ساغ ولا جاز ولا أبيح أن يقتل مؤمن مؤمنا قطء فإن ذلك أمر محرم تحريما قاطعاء لكن إن كان خطأء فإن ذلك قد يكون معذرة يعتذر بها؛ لأن الله تعالى رفع عن أمة محمد إثم الخطأء إذ قال عليه الصلاة والسلام: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)7١2»‏ وليس على المؤمن إثم القتل إن قتل خطأآء وإن كان يجب الاحتراز من الخطأً. وإن التقصير لا يخلو من موّاخحذة» ولذلك قال الزيلعى من فقهاء الحنفية: «وبهذا النوع من القتل (أى الخطا) لا يأثم إثم القتل» وإنما يأثم إثم ترك التحرزهء والمبالغة فى التشبت؛ لأن الآفعال المباحة لا تجوز مباشرتها إلا بشرط ألا تؤذى أحداء فإذا آذى أحدا فقد تحقق ترك التحرز». والقتل الخطأ ينصور فى ثلاث صور: أولاها ‏ أن يرمى هدفاء فيصيب إنسانا معصوم الدم». بأن تنحرف الرمية. ش )١(‏ رواه بهذا اللفظط الطبرانى عن ثوبان رضى الله عنهةء كما فى الفتح الكبير ج7» ص١١١21‏ برقم (25119».» والجامع للسيوطى ج14» ص١ 5١‏ يرقم .)١595(‏ نذا تفسير سورة النساع 2 الل الالالال للم الج من 7 والثانية - أن يقصد هدفا معيناء على أنه حيوان مفترس مثلا» فيتبين أنه إنسان معصوم الدم. والثالئة ‏ أن يقتل إنسانا على أنه من الأعداء» فيتبين أنه معصوم الدم. تحت هذه الصور صور كثيرة: منها أن يقتل من قال: لا إله إلا الله» زاعما أنه قالها تحت حد السيف» وغير ذلك من أخطاء القتال. وقد ذكر الزمخشرى فى سبب نزول هذه الآية أنه «روى أن عياش بن أبى ربيعة» وكان أخا أبى جهل لأمه, أسلم وهاجر خوفا من قومه إلى المدينة» وذلك قبل هجرة الرسول يكِلْهٌ فأقسمت أمه ألا تأكل ولا تشرب» ولا يؤويها سقف حتى يرجع» فخرج أبو جهل ومعه الحارث بن زيد» فقال أبو جهل: أليس محمد يحثئك على صلة الرحم؛ انصرف وبر أمك وأنت على دينك! حتى نزل وذهب معهماء وقدما به على أمهء فلما أبعدا عن المدينة كتفاهء وجلده كل واحد مائة جلدة. فقال عياش للحارث: هذا أخى. فمن أنت يا حارثء, لله على إن وجدتك خماليا أن أقتلك. وقدما به على أمه» فحلفت لا يحل كتافه أو يرتد» ففعل» ثم هاجر بعد ذلك وأسلم الحارث» وهاجرء فلقيه عياش بظهر قباء ولم يشعر بإسلامه» وأنحى عليه وقتله» ثم أخبر بإسلامه فاتى رسول الله يكل فقال: قتلته» ولم أشعر بإسلامه» فنزلت الآية). وسواء أصح هذا سببا للنزول أم لم يصحء فإن الآية عامة تعم كل قتل خطأ. والقتل الخطأ يوجب كفارة» ويوجب دية تسلم إلى أهله؛ أى أنه يجب تعويض أهل الإيمان» إن أمكن» ويجب تعويض أسرة القتيل. وتعويض أهل الإيمان يكون بإعتاق رقبة مؤمنة» وتعويض أسرة القتيل. إن كانت غير منتمية لقوم عدو للمؤمنين يكون بالدية. وقد ذكرت أحوال ثلاثة للدية» تجب فى حالين» ولا تجب فى حال أخرى: أما الحالان اللتان تجب فيهماء فهما إذا كان القتل حدث على رجل مؤمن يعيش بين المؤمنين» والثانية إذا كان المقتول من قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق عدم اعتداء» وقد ذكر سبحانه الحال الأولى فى قوله تعالت كلماته: ا تفسير سورة النساءع ل ل 0 سرب ا « ومن قعل مُؤْمنا حَطَنًا قتحرير رقبة مُؤمنة ودية مسلَمَةٌ إلى أهله إل أن يصّدقُوا » التحرير جعله حرا طليقا لوجه الله تعالى» بعد أن كان عبدا رقيقاء والتعبير عن العتق بالتحرير» للإشارة إلى أن الحرية مقصد من مقاصد الشارع الإسلامى» وأن العقوبة ليس المقصود بها إيذاء القاتل» إنما المقصود بها نفع العبدء وكذلك كل عقوبة تكون بعتق رقبة لا يقصد بها الإيلام؛ إنما يقصد بها تحرير الرقاب» وقد أخطأ بعض الفقهاء فأشار على ملك من ملوك المسلمين قد جامع فى رمضان بأن يصوم شهرين متتابعين» مع أن النص يقرر أن الصيام إنما هو بالنسبة لمن لاا يملك رقاباء وكان خطؤه من ناحيتين: إحداهما ‏ أنه أعمل الرأى فى موضع النص» وذلك لا يجوزرء والثانية أنه لم يفهم مقصود الشارع ابتداءء وهو نفع العبيد بالإعتاق . وعبر عن نفس الحر بكلمة الرقبة» للإشارة إلى أن الرق غل معنوى فى الرقاب» وأن المؤمن الصادق لا يجوز له أن يَغْلّ رقاب العبادء إلا لضرورة» والضرورة تقدر بقدرهاء ولذلك عبر سبحانه وتعالى عن العتق بفك الرقبة فى آية أخرىء فقال سبحانه وجلت كلماته: فلا اقْمَحَم الْعقبة 2:78 وما أدراك ما العقبة 02> فك رقبّد 22 4 [البلد] . والدية التى قدرها النبى يَكلِيهَ هى مائة من الإبل لمن يملك إبلاء وألف دينار من الذهب لمن لا يملك إبلاء وعشرة آلاف درهم لمن يملك فضة»ء وقيل اثنا عشر ألف درهم: وقال الشافعى: إن الدية فى الأصل مائة من الإبل» ومن لا يجد مائة من الإبل تكون عليه قيمتها من الذهب أو الفضة» بالغة ما بلغت» قليلة كانت أو كبيرة . وإن الدية تسلم إلى ورثئة المقتول» وقد كان رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: لا تسلم الدية إلا إلى عصبته» فلا يسلم جزء منها لزوجته مع أنها وارثة» فيروى أنه قضى بدية المقتول» فجاءت امرأته تطلب ميراثهاء فقال: لا أعلم لك شيا إنما الدية للعصبة» فقام الضحاك بن سفيان الكلابى وقال: «كتب ها تفسير سورة النساء ال لككاكاااة :ل 3 إلى رسول الله يل يأمرنى أن أورث امرأة أشيم الضبابى من عقل (أى دية) زوجها أشيم» فورّتُها عمر بعد أن علم بقضاء النبي كَِ فى هذاء وما كان له أن يخالفه17" . والدية عند الأكثرين تجب على عصبة القاتل» ليكون ذلك دليلا على تضافر الأسرة كلهاء وإذا كان فقيرا وأسرته فقيرة» فإن دية المقتول تكون على بيت مال المسلمين؛ لأنه وارث من لا وارث له» فيجب عليه ما كان يجب على الوارث؛ ولأنه لا يطل دم فى الإسلام» ولأنه إذا كانت الأسرة الصغرى قد عجزت عن دفع الدية» فإنها تجب على أسرته الكبرى» وهى الأمة. وهنا بحثان لفظيان: أولهما: التعبير عن أداء الدية بقوله: طمِسَلّمة إلَى أَهْله». فإن هذا التعبير يومئ إلى وجوب حسن الأداءء بألا يكلفوا أسرة المقتول شطط التقاضى والمطالبة» فيجمعوا عليها ألم الفقد» ومضاضة الشكوى والتظلم» وهذا مثل قوله تعالى: « فمن عفي لَه من أخيه شيء فَاتبَاعَ بالمعرُوف وأداء َيه يإحسان +72 4 [ البقرة] . والبحث الثانى: قوله تعالى إلا أن يَصّدقُوا». أى إلا أن يتبرع أهل القتيل» وفى التعبير بكلمة «يصدقوا» إشارة إلى أن ذلك أمر مرغوب فيه محبب» وأنه صدقة لها ثوابهاء إذا كان أولياء القاتل وعصبته يرهقون بأدائهاء أو كان العظاء من بيت المال فيتركونها صدقة لجماعة المسلمين» وإن ذلك يكون إذا كانوا . هم فى ثروة لا يحتاجون معها إلى هذه الدية» وفى الجملة يكون لها كل أحكام الصدقة. ولا صدقة إلا عن ظهر غنى. 0 بقى أن نبين الحكمة فى هذه العقوية: لاذا كانت العقوبة أولا؟ ولماذا كانت بهذا الشكل؟! أما عن شرعنية العقوبة» فحكمتها واضحة وهىئ تربية الناس على )١(‏ رواه الترمذى وصححه: الديات - فى المراة هل ترث من دية زوجها .)١16(‏ وأبو داود: الفرائض (591717؟)». وابن ماجه: الديات (5547)» وأحمد: مسند المكيين - مسند الضحاك بن عنهما. تفسير سورة النساء ال اللو اي ههه : 0 الاحتراز وصيانة الأنفس» وحسبك مثلا فى عصرنا أننا نرى استهانة سائقى السيارات بالأنفس لنقص العقوبة على جريمة القتل الخطأء فكان التقصير فى تحرزهم واضحاء ولأن من المقررات الشرعية ألا يذهب دم فى الأرض الإسلامية هدراء وقد قال فى ذلك الزيلعى من فقهاء الحنفية: الضمان فى الخطأ بضرورة صون الدم من الإهدار» ولولا ذلك لتخاطاً كثير من الناس» وأدى إلى التفانى» ولأن النفس محترمة» فلا تسقط بعذر التخاطؤء» فيجب المال صيانة لها من الإهدار. وأما السبب فى كون العقوبة على هذا النحوء فقد أشرنا من قبل إلى أنه قد اعتدى على الجماعة بتقصيره فى التحرزء فوجب عليه أن يعوض الجماعة الإسلامية عما فقدت» واعتدى على الأسرة فثكلت عائلها أو وليهاء فكان لا بد من تعويضهماء فأما تعويض الجماعة فبإعتاق رقبة مؤمئة؛ لأن تحرير العبد كأنه إحياء له» إذ الحرية هى الحياة» ولأنه أفقد الجماعة عنصرا عاملا فيهاء فكان لابد من تعويضها بعنصر عامل لهاء والعبد عمله لسيده» أما الحر فعمله لجماعته؛ واعتداؤه على الأسرة كان تعويضها عنه ذلك المال المدفوع . هذه حال الاعتداء بالخطأ على المؤمن فى دولة الإيمان. أما إذا كان المؤمن ينتمى إلى الأعداء فإن الدية لا تدفع. قال تعالى: ( و كام سكم وهم قا قدا قم ة إلى أله حير وق كن أى أنه إذا كان ينتمى إلى الأعداءء فإن الدية لا تدفع. لأن أموال الأعداء وأرواحهم غير مصونة» ولآن إرسال الدية إلى قومه تقوية لهم على المؤمنين» فلا تعوض أسرة القتيل» ولكن تعوض الجماعة الإسلامية بالحرية التى تمنح لواحد منها تعويضا عما فقدت. والحال الثالثة: إذا كان المقتتول من قوم بينهم وبين المؤمنين عهد وميثاق» وفى هذا تدفع الدية إلى أهله» ولذا قال سبحانه: « وإن كان من قوم بينكم وبيتهم مياق فدية مسلَّمَة إلى أهله وتحرير رقب مُؤمنة 24 والذين لهم ميثاق فريقان: فريق (إلإنا تفسيرسورة النساءم مم لو 00 1 جه يي يعيش بين المؤمنين» وفريق يعيش فى دولة أخرى بينها وبين المسلمين عهدء فأما الفريق الأول فهم الذين لهم ذمة رسول الله يلك وعهده. وهذا أقوى عهد موثق ومؤكدء وبمقتضى حكم الإسلام لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين» ويسمون ذميبن. ولقد قال النبى كيه «من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة» ومن خاصمته خصمته<١!‏ ولقد كان الراشدون رضى الله عنهم يعون بأمرهمء ويقيمون العدالة فيهم. وأما الفريق النانى فإنهم أقوام لهم دولة قائمة. وبينهم وبين المسلمين عهد موثق بعدم الاعتداء وإقامة السلم فيما بينهم وبين المسلمين» وقد يكون بينهم وبين المسلمين حلف على التناصر إذا حصل اعتداء. وهنا إشارة بيانية تؤكد حرص الشرع على دفع الدية لأهل المقتول ولو كانوا غير مسلمين» وهى تقديم الدية على الكفارة؛ لأنها نفيت فى حال القاتل الذى ينتمى إلى الأعداء» فكان لابد من توكيدها حتى لا يتردد القاتل فى دفعها إلى غير المسلمين» إن كان بينهم وبين المسلمين ميثاق بمنع الاعتداء. وقد قال بعض العلماء. إن الدية ذُكرت منكّرة ولم تذكر معرّفة» فلم يقل تعالت كلماته: الدية تسلم لأهله؛ وهى قد ذكرت منكرة فى الحالين اللتين وجبت فيهماء واستنبط من هذا أنها لو ذكرت معرفة لكان تقدير النبى يِه بيانا لمعناها فى القرآن» وما جاز تقديرها بغير تقديره» ولا الاتفاق على غيرها. ونحن نؤيد هذا الاستنباط بشرط ألا يكون تفاوت فى تقدير الدية من حيث الجنس أو اللون» أو القوة والضعف» أو العلم والجهل» أو التحضر والتبّدى» فإن هذا شأن الجاهلية» ولا يقره الإسلام» ولا يصح أن يترك الأمر ليستغل القوى ضعف الضعيف. وهنا يجب أن نذكر فرعين: أحدهما ‏ إذا قتل المؤمن ذميا أو معاهدا غير مسلم. فهل تجب الدية والكفارة؟ والجواب عن ذلك أن الدية واجبة الأداء باتفاق )١(‏ رواه الخطيب عن ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعا كما فى الفتح الكبير: ج”» ص 18١‏ برقم .)5١0"(‏ ل 0 تفسير سورة النساع الل 0 6 ١١ لكا‎ بي العلماء» أما الكفارة فهى موضع نظرء وأميل إلى وجوبها؛ لأن التحرز عن دم وموجبات الأمن لأهل الدولة الواحدة ثابتة » ولأن الكفارة عبادة» وعتق أهل الإيمان أمر مرغوب فيه. الفرع الثانى: إذا قتل الذمى ذمياء فإن الدية بلا ريب واجبة؛ لأنها تعويض لأسرة القتيل» ولأنها فى معنى القصاص من القاتل قتلا خطأء وأما الكفارة فإنها عبادة» فلا تجب على غير المسلم»ء وخصوصا أن فيها صوم شهرين متتابعين» والصوم عبادة إسلامية» والأمر فيه بين العبد وربه» والصوم يكون حيث لا توجد الرقبة . ام 6م فس لم جد قصيام هري تابن ةن الله وكا الحلا كيد > لى فمن لم يجد رقبة مؤمنة يعتقهاء فالواجب فى الكفارة» حيث تجب» صيام شهرين متصلين فى أيامهماء لا يفرق بينها فطر» بحيث لو أفطر يوما فيها استأنف من جديد ابتداء الشهرين» إلا أن يكون إفطار اليوم لعذر كمرض أو سفر مضطر إليه وخالف فى ذلك أبو حنيفة والشافعى» وقررا وجوب الاستئناف من جديد» ولو كان الإفطار لعذر قاهر. والآية تصرح بأن سبب الكفارة هو التوبة والرجوع إلى الله تعالى من تقصير فى التقدير. وقد يقال: إذا لم يكن إثم فمن أى شىءتكون التوبة» مع أنه باتفاق العلماء لا إثم فى الخطأ؟ ونقول: إن إثم القتل لا يتحقق عند الخطأ كما نقلنا من قبل» ولكن التقصير قد يكون ثابتاء والتوبة إنما هى من هذا التقصير» والحمل على الاحتياط والتحرز فى المستقبل» والكفارة مذكر مستمر بالتقصير حتى لا يتكرر من بعد. وقد ذيل الله تعالى النص الكريم بذكر اتصافه بأنه عليم بكل شىء» عليم بالنفوس وحركاتها ومداهاء وعليم بما يقع من الأعمال» ويجول فى النفوس والخواطر» وهو المدبر لكل شىء بحكمته. والذى يشرع الأحكام على مقتضى المصلحة الإنسانية العالية. هم تفسيرسورة النساء 9مك لل بت في 2ه تَ وَمَن 0« مَؤّمِنَا ا سد بن مُتَعَهِدَا ده ره ١‏ ل فَجَرَاوْه جهنم كد ايوب مدَعَكَهِ وَلَحََدوَأَضَدَ معد باعَظيكَا # فى الآية السابقة بين - سبحانه وتعالى ‏ حكم القتل الخطأء وفصل القول فيه تفصيلا؛ فذكر الحكم إذا كان المقتول من قوم أعداء للمؤمنين» والحكم إذا كان من قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق» والحكم إذا كان المقتول من المؤمنين الذين ينتمون إلى الدولة الإسلامية. وفى هاتين الآيتين يبين سبحانه أمرين: أولهما - حكم قتل المؤمن متعمداء وثانيهما - وجوب تنب الخطأ عند الجهاد» فإن الجهاد والضرب فى الأرض مظنة قتل غير المقاتل» أو غير المعتدى» وفى حال قتل غير المعتدى يكون القتل عمداء ولكن على أساس وصف من الأوصاف المسوغة للقتال» فوجب الاحتراز منه. ولأن فيه نوعا من القصد والتعمد»ء جاء بعد حكم القتل المتعمد» الذى بينه سبحانه وتعالى بقوله: ظ ومن يَقعُلٌ مُؤمنا مُعَمَدَا فَجَرَاوه جهنم خَالدا فيها © تبين تلك الجملة السامية عظم الجرم فى القتل المتعمد المقصودء سواء أكان بآلة من شأنها أن تقتل كالرصاصة أو السيف أو السكين» أم كان بآلة ليس من شأنها أن تقتل» ولكن قصد بها القتل» وكان الضرب فى مقتل» فإن القتل فى كلتا الحالين مقصود متعمدء يعلم الله تعمده وقصده. والتفرقة بين ما يكون بآلة تقتل» وأخرى لا تقتل» هى تفرقة فى الأحكام الدنيوية. والآية هنا تبين الحكم الأخروى» وهو الدخول فى جهنم. أما الحكم الدنيوى» وهو القصاص الذى ثبت بآية القتصاص» وقال فيه سبحانه: ظ وَلَكُمَ في القصاص حياة 4773 4 [البقرة]ء فهو الذى فرق فيه بعض الفقهاء بين القتل الذى يكون بآلة من شأنها أن تقتل» والقتل بآلة لا 0 تفسير سورة النساع ل ١‏ كج تقتل» ومع ذلك لم يفرق فى الحكم مالك إمام دار الهجرة بين الأمرين» مادام قد ثبت العدوان والقصد إلى القتل . وإن الجزاء الأخروى صارم قاطعء فهو جهنم والمكث فيها على الدوام» إن كان قد استباح ذلك» ولم يؤمن بحرمته» ولم يتب عن جريمته؛ ولا نجد قاتلا يقتل غيره إلا وهو مستحل لدمه مستبيح له! أفلا يستحق بهذا أن يخلد فى النار ما لم يتب ويقدم رقبته» أو يعفو عنه أولياء المقتول؟ والمعتزلة الذين يقولون: إن مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ويخلد فى النار» يستدلون بهذه الآية. ونحن نقول: إن خلوده فى النار ليس لمجرد الفعل» بل لاستباحة القتل» وإنكاره التحريم. ولا يوجد قاتل عند ارتكابه تلك الجريمة التى تعد أكبر جريمة فى الوجوده لا يستبيح فعله: فكانت العقوبة على الاستباحة» والنبى يَكلِلْةٌ يقول فيما يروى عنه: «لزوال السموات والأرض أهون عند الله من قتل امرئ مسلم بغير حق272. ط وَعَضب الله عليه ولَعَهُ وعد لَّهُ عذابًا عحَظيما 4 هاتان عقوبتان معنويتان» وثالثة مادية» أما المعنويتان فهما الطرد من رحمته الذى عبر عنه سبحانه وتعالى بقوله «ولعنه)» وأى عقوية أعظم من الطرد من رحمة الله تعالىء ونفحاته القدسية» ووادى رحمته المشرق المسير؟والعقوبة المعنوية الثانية هى غضب الله تعالى» وغضب الله من أشد عقابه» كما أن رضوانه أعظم ثوابه» وكيف لا يغضب رب العالمين من يهدم ما بناه سبحانه فى خلق الإنسان الذى سواه وعدله فى أحسن تقويم؟!. وأما العقوبة المادية» فقد أشار إليها سبحانه وتعالى بقوله: وعد له عذابا عظيما 4» وهذه إشارة إلى عظم الجريمة ؛ لآن العقوية العظيمة لا تكون إلا لجرم عظيم» وأى جرم أعظم من هدم بناء الإنسان الذى سجد له الملائكة» ولعن من )١(‏ رواه بهذا اللفظ الترمذى: الديات - ما جاء فى تشديد قتل. المؤمن (1796) عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه مرفوعا وموقوفا وقال: والموقوف أصح من المرفوع» كما رواه النسائى: تحريم الدم - تعظيم الدم (/74481) مرفوعا. ا تفسير سورة النساعء م لل 000 ١. لاك‎ يي أجله إبليس وطرد من رحمة الله؟ حتى لقد قال بعض العلماء: إن من قتل قتلا عمدا لا تقبل له توبة» ونحن نخالف فى ذلك ونقول: تقبل التوبة بحقهاء وهى أن يقدم رقبته جزاء جريمته» أو يعفو ولى الدم. وأما العذاب العظيم» فهو ما قرره سبحانه وتعالى فى الدنيا من قصاص» وفى الآخرة من نيران شديدة» وقد يقال: أليس هذا تكرارا لقوله تعالى: «فَجِرَاوَه جهئم خَالدا فيها 4؟ ونقول» لا تكرار؛ لأن هذا الجزاء فى مقابل جزاء من قتل خطأ وفى هذا الجزء الأخير بين سبجانه أن هذا الجزاء معد بالفعل يوم القيامة» فبين سبحانه وتعالى العقوبة وتنفيذهاء وأنها لا هوادة فيهاء ولا تسامح بالنسبة لمرتكبها. وإن القتل الخطأ الذى بين القرآن الكريم أحكامه فى الآيات السابقة» قد يكون سببه أن يقتل محرم الدم؛ على أساس أنه مباح الدم» كمن يلقى طائفة من الناس فى بادية يحسبهم من الأعداء الذين يباح دمهم. لاعتدائهم على المسلمين» فيقتل منهم أحداء فيكون الخطأ: ولذا نبّه سبحانه إلى توقّى المجارفة فى القتل» فلا يسارع المؤمن إليه؛ لأن الأصل فى الدماء أنها محرمةءولا تباح إلا عند الاعتداء؛ ولذا قال سبحانه بعد الآية السابقة: اج عست هه 4 5 ا ما ج س مر يرح 2002040 36 م 1ك بري-عامنواإِذَاضَر سم ميل اللو يوأ الس | م ووم هر له هه ماك 70 لِمَنَأ تيع الكلرئنت نز هتعور عَرَضَح الحيووأ لدي محمد 1 لَه مكانم كير 4 مهد سه ل قر ى نه فتيينواإرء :أللّمكا يما بِمَاتكَمَلو رت جيرا الك ل 0 تفسير سورة النساع ل مامالل 0 لح اا بعد أن بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أحكام القتل الخطأء نبه سبحانه الى توق المجازفة فى القتل» فلا يسارع المؤمن إليهء لأن الأصل فى الدماء أنها محرمة» ولا تباح إلا عند الاعتداء. ولذا قال جل جلاله: «(يا أَيها الّذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فَيَنوا 4 الضرب فى الأرض معناه السير فيهاء والضرب فى سبيل الله معناه السير مجاهدا فى سبيله تعالى» وكل جهاد فى الإسلام لا يعتبر جهادا إلا إذا كان فى سبيل الله تعالى» أى لإعلاء كلمة الحق والدين» ورد المعتدين. فسبيل الله هى سبيل الحق» وكل دعوة إلى الخير هى سبيل الله تعالى ومعنى «تبيّنوا»: تشبتواء وهناك قراءة نصها: و00 , ومعنى النص الكريم: يا أيها الذين أذعنوا للحق وصدقوا به» وخرجوا مجاهدين فى سبيل الله» إذا سرتم فى جهادكم» فتعرفوا من يحاربكم ومن يعاديكم» ولا تضعوا السيف فى موضع البرء والسقم» فى المقاتل وغير المقاتل» فى المحارب وغير المحارب» ولا تتعجلوا بالقتل عند الشك فى أن من تقتلونه عدو أو ولى» أو عند احتمال ألا يكون عدوا؛ فإن الأصل فى الدماء التحريم» وكل شك يمنع القتل؛ إذ القتل إنما هو لدفع الاعتداءء فلا يقتل إنسان إلا عند تأكد الاعتداء منه» أو نيته عنده» ومن لم يتثبت» فقد خالف أمر الله واعتدى. وروى فى سبب نزول هذه الآية روايات مختلفة» كلها يتلاقى عند معنى واحدء وهو أن المجاهدين الأطهار قتلوا رجلا نطق بالشهادتين: «لا إله إلا الله محمد رسول الله»» بعد أن استمكن المسلمون من رقبته» أو قال للمجاهدين: السلام عليكم» فقتلوه» وقد جاء فى (أحكام القرآن) للقرطبى: فى سنن ابن ماجة عن عمران بن حصين» قال: بعث رسول الله وَكْةِ من المسلمين إلى المشركين بعثاء فقاتلوهم قتالا شديداء فمنحوهم أكتافهم» فحمل رجل على رجل من المشركين» فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله؛ إنى مسلم. فطعنه فقتله» )١(‏ وبها قرأ حمزة والكسائىء وخلفء وقرأ الباقون #فتبينوا». غاية الاختصارء ج7'» ص116. ذا تفسير سورة النساعء لالطالا ااا اللا فأتى رسول الله لله فقال: يارسول اللهء» هلكت! قال: «وما الذى صنعت» مرة أو مرتين»؟ فأخخبره بالذى صنع» فقال رسول الله فَلَةُ: «فهلا شققت عن بطنهء فعلمت ما فى قلبه. . . فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما فى قلبه)7!؟! . ويروى مثل ذلك بالنسبة أسامة بن زيده اند كل رجلا نلق بعاتم فلامه النبى كَللِْهّه فقال أسامة: لقد قالها تحت حر السيف! فقال النبى كَكللَهِ: « شققت عن قلبه)("؟!. ولعل وقائع قد وقضعت من هذا الصنتف» والقتال شديد» وقد حمى الوطيس» فجاء الأمر الكريم بالتثبت . وليس النطق بالشهادتين فقط هو الذى يحقن الدم» بل إعلان السّلام وحده كاف نع القتل» ولذا قال سبحانه: «ولا تَقولُوا ل لمن أَلقى إِلَيكُم السّلام لست مؤمنا 4 السلام معناه الأأمن» وقد أطلق على اللفظ الذى يدل عليه» وهو تحية الإسلام: «السلام عليكم). وأطلق على استسلام العبد لربه. و(ألقى السلام»)» معناه: قاله» أو قذمه. والنص الكريم )١(‏ سنن ابن ماجه: الفتن - الكف عمن قال لا إله إلا الله (7970) عن عمرا بن حصين رضى الله عله . (1) عن أسامة بن زد قَال: بَعَكَنَا سول الله كٌ فى سرية» قَصبّحنًا الحرقَات من جهِيئَة فَأدركت سر هلس لله 8 0 3 0 جلا اللا إل إلا لطعت وهم فى تفسى من ذللك: فذكرته للنبي كك فال : رسول اللّه يله : «أثَالَ لا إِلَهَ إلا الله وَقَتَلْنَهُ؟!». قَالَ قُلت: يا رسول اللّه إِنَمَا قَالَهَا ختؤقا من السّلاح قَال: مه مه أكلا شتفت عن قله حل تلم الها م 10" قمًا رآل يكرا علي" حّى متا اتى أسلنت يُومََذ. قَال: قَقَال سعد: ونا واللّه لا أفثل مسَلمًا حنَّى يَقتله ذو البطين - يعنى أسّامة - قَالَ: قال جل لم يل ال «وكاتوهُم حََى لا تكونا فته وَكود لدي له لل قال سَدْد سَعل: قد قَاَنَا حَتَى لا تخون فته وأنت وأصحَابك ترِيدون أن ثقَاتلوا حتَى تكون فثتة. [رواه مسلم: الإيمان - تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله (95)؛ وبنحوه البخاري: الديات (581/5)ء كما رواه أبو داود: الجهاد - على ما يقاتل المشركون (2)5517 وأحمد: مسئد الأنصار - حديث أسامة بن زيد .)75١796(‏ تفسير سورة النساع مالالا 2 14 د مؤمن» وسواء أنطق بالشهادتين مع ذلك» أم لم ينطق. والنهى عن القتل بالنهى عن رد الكلام الذى قاله معلنا السلام» ورد الفعل الا الذى يدل على الاستسلام؛ فمعنى النص الكريم لا تردوا إلقاء السلام وفعله الذى يدل عليه» قائلين: لست مؤمناء أى لست مصدقا للشهادتين إن نطقت بهاء أو لست من صفوف المؤمنين حتى يحرم على أنفسنا قتلك. فسمعى «الَمْتَ مؤمنا 4 على هذا يُشمل أمرين: أحدهما إنكار الإيمان إذا ادعاه» والثانى أن يقال له مع استسلامه» وإن لم يعلن اسلامه: نقتلك لآنك لست من قومناء أو من صفوفنا!. وبذلك ينهى الإسلام عن القتل ما دام قد منع الاعتداء. ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ينهى عن قتل من أعلن الاستسلام ولو بالإشارة» فقد أرسل إلى قائد جيشه» الذى كان يقاتل فى فارس» ينهى عن أن يقتل أحد أشار بالااستسلام) ويحذر من يقتله بأنه سيقت له به؛ لأنه اعتدى» والإسلام ينهى عن الاعتداء» ولو فى القتال» ولذا قال سبحانه: 9 وقَاتلُوا في سبيل الله الذي يقاتلوتكُم ولا تَعتَدُوا إن الله لا يحب الْمعتَدِين 578 4 [البقرة ]. وإن الذين يقتلون من يطلب الأمان مستسلماء أو من يعلن الإسلام مسلما يخرج قتالهم عن معنى الجهاد فى سبيل الله تعالى إلى معنى آخر يجافيه» وهو أن يبتغوا عرض الدنيا بالمال يطلبونه» أو بإعلان قوتهم» وليس ذلك مقصد الإسلام من القغالء إنما مقصده إعلاء كلمة الله تعالى» وبيان كلمة الحق» ولذلك قال سبحانه ' : تبتغون عرض الْحيّاة الدانيًا فعند اللّه مانم كثيرة 4 الابتغاء الطلب الشديدء والرغبة الملحة. وعرض الدنياء جميع متاعهاء وسمى متاع الدنيا عرضا؛ لأنه مهما يكن زائل خ غير ثابت» فهو عارض لا يدوم؛ ومنه قول على - رضى الله عنه: «الدنيا عرض حاضرء يأكل. منها لبر والفاجر»27©! ومنه ما روى فى صحيح )١(‏ عن شداد بن أوس قال: سمعت رسول الله يك يقول: أيْهَا الناس إنّما الانيا عرص حاضير» يأل منها البر والَاجن والآخرة وعد صادق يحكم فيها مَك عادل» يحق ف فيهًا الحق ويبطل الباطل» ٠‏ روأه البيهقى ج؟؛: ص560: (58110), كما رواه الطبرانى فى الكبير: لإا تفسيرسورة النساع 1م ااانا لالت اكات اننا اانا ااا الناا ااا اطاط انط لخا اانا نطط اانا لالتخالا لالم ناخضسخططططخطسسطخخططط لاط خط خخخ خخطن اخلط اططططططط و لط طلا التلللا ليها لب 2 مسلم عن النبى يك أنه قال: «ليس الغنى عن كثرة العرضء ولكن الغنى غنى النفس)(2 وقد أخذ بعض العلماء الشعراء هذا المعنى» وضمنه بيتين من الشعر فقال: 9 ٠ : - و ا م فليس الغنى عن كثرة المال إنما 2 يكون الغنى والفقر من قبل النفس والأمن على من يلقيه إليكمء مبتغين متاع الدنيا؛ لأنكم خرجتم بذلك عن الجهاد فى سبيل الله تعالى إلى طلب الال والدنياء وما لأجل ذلك كان القتالء بل قاتلوا فى سبيل الله بالحق. واطليوا الله بفعالكم» واطلبوا ما عنده سبحانه » فإنه إذا كان ذلك كانت المغانم الحلال» وإنها لكثيرة» ولذا قال سبحانه بعد ذلك النهى: #فعند الله مانم كثيرة» والمغائم جمع مغنم» وهو ما يصل إلى الإنسان من طريق حلال» ويطلق فى القتال على ما يأخذه المحاربون من أعدائهم. غالبين لهم بهذا الأخحذ. فهو يطلق على ما يؤخذ فى أثناء القتال» أو فى أعقابه» قبل أن تنتهى الحرب» ويتم الصلح أو الغلب النهائى . وهذا وعد من الله تعالى بكثرة المغانم» ولكن وعد الله مشروط بالصدق فى القتال» وطلب ما عنده سبحانه . بقوله سبحانه : ش كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا 4 بهذه الحال التى ترونها فى المشركين الآن» من جحود بالحق وكفر به» كنتم من قَبْل» حتى هداكم الله تعالى » وإذا كنتم كذلك» فتبينوا حال الذين تقاتلونهم . عسى أن يكونوا قد هدى الله بعضهم كما هداكم» وأن يكون قد من عليهم كما من عليكم» فلا تستكثروا على مشرك أن يؤمن» ولو كان ذلك فى حومة الوغى» فنور الهداية مفتوح فى كل )١(‏ متفق عليه؛ رواه مسلم: الزكاة - ليس الغنى عن كثرة العرض »23١801(‏ والبخاري: الغنى غنى النفس (1557) عن أبى هريرة رضى الله عنه . إل تفسير سورة النساءع ل الل الل االلللللل الئل 61 > ا مكان لا يغلق باب دونه» والله يهدى من يشاء بإذنه. وفوق ذلك» فإنه كان يتصور منكم من قبل فى الوقت الذى كنتم فيه كافرين أن تعتدوا على المؤمنين» وتضطركم حال القتال» إلى أن تستسلموا طالبين الرحمة» فارحموا من وقع فى مثل هذه الحال. وقد كرر الأمر بالتبين؛ لأنه فى الأول كان عاما يستدعى التثبت قبل القتال» وفى أثنائه وبعده»ء فلا يهاجمون إلا من يتأكدون منه الاعتداء» والأمر هنا يتضمن تبيين حالهم فى الماضى» وحال الكافرين فى الحاضرء كما يتضمن التثبت عند الاستسلام» وعند إعلان الإسلام. فالتبين لمعرفة الحال قبل القتال وبعده وفى أثنائه يتضمن الموازنة» ويتضمن التسبين عند القتال وبعده فقط فبينهما أمر مشترك» وكلاهما ينفرد بتبين خاص. وفوق ذلك. فإن التبين هنا اقترن بتذكير وإنذار إذا لم يكن» ولذا قال تعالى: إن الله كان بما تَعَملُونَ حَبيرا 4 أى أن الله تعالى متصف بالعلم الدقيق» الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة» فالخبرة هى العلم الدقيق بالأشياء. وقد اقترن ذلك الوصف بأعمال المؤمنين المخاطبين بذلك الخطاب لبيان مراقبة الله تعالى الدائمة لأعمالهم» دقيقها وجليلهاء ولأحوال نفوسهم ما ظهر منها وما بطن» وأنه لا تخفى عليه خحافية فى السماء ولا فى الأرض. وقدم سبحانه وتعالى لفظ «بما تعملون» على الوصف العامء ليراقبوا أنفسهم» فقد علموا أن الله تعالى يراقبهم. وأنهم إذا لم يراقبوه فى تصرفاتهم مع خلقه فهو تعالى يراقبهم. اللهم إنا نضرع إليك ألا تمكننا من ظلم أحد من عبادك» إنك على كل شىء قدير. ها تفسيرسورة النساع اللا لوائئئلل لل ال :د تاعمد موي وام برصجوء ع يحوت , مي لا مسموىا لَفاعِد ون مِنَالْمَوْمِنينَ عير َل لحرو َالْجْهِدُونَ فسويل هومس لاهن يمول آل ل عسل ا و رم 200011 تسم علا لمتعد محِرِنَ درجَةَ و عد الله الحسي وفصر الله 0 داعيم 2 م درج حَضِنْه ومَعْفْرَة ا ده ل ع 2007011 وَيَنَدَّ وكَانَ لله عَغورا رَحيمَا عزو 3 فى الآيات السابقة كانت الدعوة إلى الجحهاد» وتخللت هذه الدعوة آيات فى وجوب الحذر من المنافقين» وفى بعض العلاقات الدولية» وأحكام الخطأ إذا كان المقتول معصوم الدم. ثم جاء فى السياق قتل المؤمن عمداء وعظم الجرم فيهء وإنزال العقاب الشديد بمن يرتكب ذلك الجرم. وكان هذا بمثابة التمهيد لوجوب الاحتراس من قتل المؤمن إذا استعرت الحرب واشتد أوارهاء فكان على المؤمنين إذا ضربوا فى الأرض ألا يضعوا السيف فى موضع البرء والسقم. وفى هذه الآيات الكريمات يبين سبحانه وجوب الخروج للجهاد إن وجدت دواعيه» وأن الأجر العظيم للذين يخرجون مجاهدين» وأنه لا يصح أن يقعد مؤمن عن الجهاد» وهو قادر عليه» فقال تعالى: لا يستوي القاعدوت من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سَبيل الله بأموالهم وأنفسهم 4 الجهاد مصدر جاهد مجاهدة وجهاداء وهو بذل أقصى الجهد فى مقابلة من يبذلون أقصى الجهد للاعتداء» فهو مبادلة لارتكاب المشاق» وهو فى سبيل الله لا يكون إلا لنصرة الحق وتأييده والدفاع عنهء وأكثر ما يطلق فى لغة القرآن والحديث وعرف أهل الإسلام» يكون على القتال فى سبيل الدين. والجهاد أعم من القتال» وأخص منه» فبينهما عموم وخصوص من وجه كما يقول المناطقق ذ أ يج ان فى القتال للدفاع عن الحق. والقتال قد يكون فى البغى هاا تفسير سورة النساع آث 111ئاا! ااال !]تالالا لطامت الال انل ةله امنا للطا كاتا انا الات ال طخل اللا ل اكلا ن اناا ل تال تل ةلل اللخ اتاالاا لمانا لل لطن تاللا 0 يآ على الحق» ولا يكون الجهاد بمقتضى العرف الإسلامى إلا ردا للاعتداء. والجهاد لا يكون بالقتال وحده» بل يكون ببذل المال فى تأييد الحق» وبالبيان فى الدعوة إليهء ولذلك يقول النبى يكي: «جاهدوا المسركين بأنفسكم.ء وأموالكمء وألسنتكم)(21. ومعنى النص الكريم: لا يستوى الذين قعدوا عن الجهاد لإعلاء كلمة الحق» ولم يخرجوا مناصرين له بأنفسهم وأموالهم» مع الذين قعدوا عن ذلك؛ من غير ضرر ملازم لهم» كمرض مزمن أو عمى أو شلل أو عرج؛ أو الذين لا يجدون ما ينفقون منه فى إعداد العدة» ولا يوجد من يقدم لهم السيف والزاد والراحلة. وقد بين الله سبحانه وتعالى أولى الضرر فى آية أخرى» فقال: ليس على الضعقاء ولا على المرضئ ولا على الذين لا يدو ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما عَلَى المُحسدنَ من سبيل واللّه غفور رُحيم 4572 ولا على الذي إذَاما توك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولُوا وأعينهم تفيض من الددمع مع حزنا ألا يُجدوا ما ينفقون +220 4 [ التوبة] . ونجد فى هذا النص الكريم أن الإخلاص مع الاستعداد وعدم القدرة على التنفيذء قد يغنى عن الجهاد. أو على الأقل يسقط المؤاخذة» ولذا قال تعالى: «إذا نصحوا لله ورَسوله» أى أخلصواء وبذلوا فى سبيل الله أقصى ما يستطيعون بذله. ونجد فى النص الكريم إشارة إلى أن الجهاد بالمال جهادء وإلى أن القعود نوعان: أولهما. قعود مادى حسىء» بمعنى ألا يخرج من الدار والعدو متأهب منازلة أهل الإسلام» أو غزوهم فى عقر دارهم: وما غزى قوم فى عقر دارهم. إلا ذلواء كما قال فارس الإسلام على رضى الله عنه -» والثانى. قعود عن »)١18819/( وأحمد: باقى مسند المكثرين‎ 2)7506٠54( رواه أبو داود: الجهاد - كراهية ترك الغزو‎ )١( والدارمى: الجهاد - جهاد المشركين باللسان واليد» كما رواه النسائى : الجهاد - وجوب المتهاد‎ ولفظه عند النسائي : اجاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وَالْستتكُم؛ كلهم عن أنس‎ )7١947( ل تفسير سورة النساء 00 لحر لاز البذل والإنفاق فى سبيل الحرب» وهذا قعود عن الجهاد بالمال» وهو لا يقل خطرا عن القعود والعدو قد أخذ الأهبة» ولذلك عَدَّ القرآن الكريم البخل فى هذه الحال مؤديا إلى التهلكة» ولذلك قال تعالى: «إ وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إِلَى التهلكَة وأحسنوا إن الله يحب الْمحَسدين +453 © [ البقرة] . ولا شك أن أكمل الجهاد ما كان بالمال والنفسء» كما هو الشأن فى جهاد كثير من الصحابة» كأبى بكر وعمرء وعثمان» وعبد الرحمن بن عوف» وغيرهم من كبار الصحابة الذين كان لهم مال بذلوه» وكان لهم بلاء فى ميدان القتال» فقاتلوا فى سبيل الله بأنفسهم . ٠‏ والآية تشير إلى وجوب إعداد الشباب فى الأمة للجهاد» بأن يتربوا منذ طفولتهم على أساليب الحرب والنزال» فإنه لا يسوغ استنفار طائفة إن حملت السلاح لا تستطيع الضرب» ولذلك وردت الآثار بتعليم الشباب الرماية» والدربة على القتال» ويعد ذلك ضروريا من ضروريات التعليم الدينى. وإذا كان الإسلام قل منع العكوف فى الصوامع للعبادة وحدهاء فقد أمر الاآمة كلها بالجهاد فى سبيله» أو الاستعداد له» وقد قال النبى يككِلِ: «رهبانية أمّتى الجهاد فى سبيل الله)(23 , وإذا كانت المساواة بين القاعد والمجاهد غير سائغة فى حكم العقل والشرع» فالفضل فى الدرجة للمجاهدين؟ ولذا قال سبحانه: فَضّل الله المجاهدين بأمُوالهم وأنفسهم عَلَى القاعدين دَرَجَةَ وكلاً وعد الله الحستئ » وإذا كان التساوى بين المجاهدين والقاعدين من غير ضرر يمنعهم غير مستساغ» فإن الله تعالى فضّل المجاهدين با مال والنفس على القاعدين ذوى الضررء وجعلهم فى درجة أعلى من القاعدين لعذرء والمراد بالدرجة أن يكون لهم فضل أعظمء ومكانتهم عند الله أكرم من ذوى الأعذار؛ وذلك لأن جهاد )١(‏ سبق تخريجه. ا تفسير سورة النساع ل 00 0 لاك يي هؤلاء عملى إيجابى» وموقف ذوى الأضرار سلبى» وهم يعرضون أنفسهم للتلف. وأولئك لم يتعرضوا له» ويقدمون النفيس من المال» وأواف لم شمر ومع ذلك فإن الله تعالى وعد كلا من الفريقين الحسنى» أى العاقبة الحسنة» لا يكون ثمة عقاب يوم القيامة» بل يكون النعيم المقيم لهما معا. والله تعالى يثيب المرء بمقدار نيته»ء وقد قال النبى ‏ عليه الصلاة والسلام -: «إن بالمدينة رجالا ما قطعتم واديا ولا سرتم مسيرا إلا كانوا معكم» أولئنك قوم حبسهم العذر)(21, وقد كان النبى يقيم عبدالله ابن أم مكتوم على المدينة؛ وهو أعمىء لكى ينتفع بكل القوى» وليكون لذوى الأعذار فضل العمل . وإن تفضيل الدرجة على القاعدين ذوى الضرر لكى يسير القادر ولو نسبياء فلا يقعد لضرر وهمىء أو عذر غير قهرىء فكثير من الناس يتوهمون أعذاراء حيث لا عذر. هذا فضل المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين ذوى الضررء وقد رحم الله الضعفاءء فجعل لهم الحسنى كالمجاهدين» وإن كانوا دونهم فضلاء أما الذين قعدوا من غير عذرء فقد بين سبحانه فضل المجاهدين عليهم بأنه درجات» فقال سبحانه : وَفضَل اللّهُ المجاهدين عَلَى القاعدين أجرا عظيما 4 . كان التفضيل الأول بالدرجة الواحدة» وذلك النص فى تفضيل الذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من غير ضرر. فالمجاهدون بأموالهم وأنفسهم مفضّلون عليهم بأجر عظيم» وأنَّى يكون من قعد بين أهله آمنا فى سربه» كمن ارتكب المشقة وترك الأهل والولد!. )١(‏ رواه البخارى : المغازى - نزول النبى كَكِلٌْ الجر 9؟2)5 وعن أنس بن مالك رضى الله عنه) كما رواه مسلم وغيره عن جابر رضى الله عنه بلفظ مقارب» ولفظ مسلم : الإمارة - ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر (1911) عَن جَابرٍ قَالَ: كن مم المي وك فى عر قَقَال: 4 إن بالمدِيَة لجالا ما ميرئم مسرا ولا فَطعثم وآديًا إلا كَانُوا معكم حر 9 حَبَسَهُم الْمَرَغر) وفى رواية: «إلا ش كوكم فى الأجر؟. ها تفسسير سورة النساع 1 43 3 )ريبز اناا تراز الخال تالكالل لالطالا لارطالااللطااطالتالاالاطاتا تاللا الالالال تالالا اللا الا تاتالا ااال ونجد النص الكريم لم يذكر الذين قعدوا بمذمة صريحة» وفى هذا إشارة إلى أن الغزو والخروج للجهاد فرض كفاية» وليس فرض عين» وذلك إذا لم يكن المسلمون فى حاجة إلى كل القادرين. ومهما يكن» فالخارجون للجهاد لهم الفضل فقال سبعحانه مبيئنا ذلك: درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رَحيما 4 هذا بيان للأجر العظيم الذى يعلو به المجاهد بنفسه وماله عن القاعد كسلا أو تراخياء أو لأنه سبقه غيره إلى المهاد. وهذا الأجر مكون من عناصر ثلاثة: فيكون فى مرتبة الصديقين والأنبياء والصالحين؛ إذ إن الشهداء الذين أخلصوا النية فى جهادهم» والمجاهدين الذين تعرضوا لشرف الاستشهاد لهم المنازل العلياء والمقامات الكبرى. ونكرت الدرجات لبيان أنها لا يحدها الحصر» ولا يعينها ثانيها: أن الله تعالى يغفر له ما تقدم من ذنبهء فإن الحسنات يذهبن الدنيا والآخرة: ففى الدنيا براحة الضمير وأداء الواجب» والإحساس بأنه كان سبيا للرحمة بالمؤمنين ؛ إذ وقاهم شر العدو. ومئعه من أن يتحكم فيهمء ودفع عنهم الفتنة فى دينهم» وجعل الدين خالصا لوجهه الكريمء ومنع الفساد فى اللأرض. وفى الآخرة بالثواب العظيم . وقد خحتم الله تعالى النص بأن الغفران والرحمة وصفان دائمان لذاته العلية» لا ينفصلان عنهاء وفى ذلك دعوة لكل. من يكسل عن الجهاد لأن يعمل» وللعاصى ليتوب» فإن باب المغفرة مفتوح قد فتحه الغفور. وباب الرحمة متسع قد وسّعه الرحيم. اللهم اكتبنا فى عبادك التائبين» واغفر لناء إنك أنت الغفور الرحيم . 9 تفسير سورة النساعم 00 2 لجا ل 32 01 مص م ووم انا َب توَضَهمالْمليَكه 2 0 م جره و وهر ع و رع - 2 يي 2 لمى أنفسمم قا لوافيم كدث قالوأ كنا مسَتَصعفين ف الأرْضٍ 0-8 -- 2 َه رغ 2 رانك أن توويك ينابمو 1 1 ار ره فى الآيات السابقة ذكر سبحانه خروج المؤمنين مجاهدين؛ وما يجب أن يكون عليه المجاهد من حذرء فلا يثق بخائن أو منافق» ولا يضع سيفه على من يلقى إليه السلام» وذكر أن الخروج للجهاد واجب» وأن القعود لا يجوز إلا عند عدم الحاجة أو المعذرة. والقعود قسمان: قعود عن الجهاد»ء وقعود عن الهجرة. وإذا كان القعود الأول فيه ملامة إن لم يكن لمعذرة» فالقعود الثانى فيه ذلة» وفيه إثم الرضا بالذلة» ولذا قال تعالى: (إِذ لذن تاه الملائكةُ المي أَشهم فوا فيم حُمْ فوا نا مُسمَصعَفِنَ في الأرض قَالُوا ألم تكن أرض اللّه واسعة فُتهاجروا فيها 4”معنى توفّاهم لملائكة: تتوفاهم فهو فعل ماض أريد به المستقبل لتأكد وقوعهء كقوله تعالى: «أتى أَمْرٌ اللّه فلا تستعجلوه سبحانه وتعاَى عم يشركود +410 4 [الفحل] والمعنى : اذ الذين #توقادم الملائكة الذين نيط بهم قبض الأرواح» قد توفوا فى 'خال ظلمهم لأنفسهمء بسبب رضاهم بالذل والهوان» باستمرار إقامتهم فى أرض لم يستطيعوا إقامة دينهم فيهاء أو لم ينضموا إلى أهل الإسلام ليكثر بهم المسلمون» ويعظم جهادهم . وقد روى البخارى أنها نزلت فى ناس من المسلمين لم يهاجرواء فكانوا مع المشركين يكثر ش تفسيرسورة النساء 1 الللللللل يلللا لس 1 بهم سوادهم» وكانوا يخرجونهم معهم فى القتال» فيصيبهم المسلمون بسهامهم أو سيوفهم . ومهما يكن سبب النزول» فالعبرة بعموم اللفظ» لاا بخصوص السبب» فإن كل مؤمن يعيش فى أرض يستذل فيهاء أو لا يستطيع إقامة حق دينه فيهاء أو يعامل بغير الأحكام الإسلامية يكون من الواجب عليه أن يهاجر إلى الأرض التى يكثر فيها سواد المسلمين. وقد فهم هذا المعنى العام «الزمخشرى»» فقد قال فى ذلك: (وهذا دليل على أن الرجل إذا كان فى بلد لا يتمكن فيه من إقامة أمر دينه كما يجب» لبعض الأسباب» والعوائق عن إقامة الدين لا تنحصرء أو علم أنه فى غير بلده أقوم بحق الله تعالى» وأدوم على العبادة» حقت عليه المهاجرة. وعن النبى كَك: «من فر بدينه من أرض إلى أرض» وإن كان شبرا من الأرض» استوجب الجنة» وكان رفيق أبيه إبراهيم» ونبيه محمد»20)0» وقد ذكر الزمخشرى أنه فعل ذلك كَكِلْهَ إذ جاور بيت الله الحرام» وقال جار الله الزمخشرى داعيا ربه: (اللهم إن كنت تعلم أن هجرتى إليك لم تكن إلا للفرار بدينى» فاجعلها سببا فى خاتمة الخير ودرك المرجو من فضلكء, والمبتغى من رحمتك» وصل جوارى لك بعكوفى عند بيتك بجوارك فى دار كرامتك يا واسع المغفرة)7" . هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بالإقامة فى دار لا تحكم بالإسلام» ولا يكون فيها قوة لأهل الحق - تسألهم الملائكة يوم القيامة» فيقولون لهم: «(فيم كنتم 4 ويقول الزمخشرى إن المعنى: فى أى شىء كنتم من أمر دينكم؟ والسؤال للتوبيخ» ومؤداء إنكم لم تكونوا مستطيعين إقامة شئون دينكمء» فكيف ترضون بذلك؟ وعندى أن معنى النص: «إفيم كنتم 4؟ فى أى حال كنتم؟ أكنتم فى عزة أم فى ذلة؟ وكيف ترضون لأنفسكم الهوان» ولدينكم الدنية؟. والاستفهام للتوبيخ أيضا كما قرر الزمخشرى . .١550ص أخرجه الثعلبى من طريق الحسن مرسلاء وقد ذكر ذلك الآلوسى ج5»‎ )١( (؟) ذكره الزمخشرى ج١ ص55 من الكشاف.‎ 0 تفسير سورة النساء 0ل 615 أب ل وقد أجابوا عن ذلك بما حكاه الله سبحانه وتعالى عنهم بقوله: 8قَانُوا كنا مستضعفين في الأرض »2 ومعنى مستضعفين أنهم أريد ضعفهم وإذلالهم وعدم تمكينهم من إقامة الحق؛ لأن السين والتاء تدلان على طلب الضعف لهم من غيرهمء فهم يعتذرون بأن أعداء الدين أو المسيطرين عليهم أرادوا بهم هذا الضعف » وألزموهم إياه» فلم يستطيعوا عنه حولا!. وهذا اعتذار غير سليم» لأنهم كانوا فى ذات أنفسهم ضعفاء إذْ رضوا بالذل والهوان» ولذلك قالت لهم الملائكة: « ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها # والاستفهام هنا إنكارى أيضاء ومعناه: لقد كانت أرض الله تعالى واسعة. فلماذا لم تهاجروا إلى تلك الأأرض الواسعة» حيث العزة» وحيث الجهاد» وحيث يكثر سواد المسلمين» ويعتز أهل الإيمان» ويكون المؤمنون بعضهم لبعض» ويكونون فى الجهاد كالبنيان المرصوص اللتماسكء كما قال النبى يَكِِ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا300 , والعيش الناعم فى غير أرض الإسلام» وأنه خير له أن يعيش فى ظل الإسلام وفى خشن العيش مع العزة» من أن يعيش فى نعيم مع.الذلة» ولذا قال تعالى فى عقاب هؤلاء المنقطعين عن الإسلام: « فأولتك مأواهم جهنم وساءت مصيرا» أى إن هؤلاء الذين رضوا بالذل وظلموا أنفسهم,» أو رضوا بأن يكونوا فى قوة أعداء الإسلام» ولم يكونوا مع المسلمين» مدعين أن الضعف هو الذى أقعدهم ‏ إذا كانوا قد ارتضوا الإقامة فى مكان الهوان فى الدنياء فإن مأواهم الذى يأوون إليه فى الآخرة هو جهنم» وهى مصيرهم الذى يصيرون إليه» ونهايتهم التى ينتهون إليها» وما أسوأ جهنم مآلا وعذاب الآخرة!. - ومسلم: البر والصلة والآداب‎ »)54١( متفق عليه؛ رواه البخارى : الصلاة - تشبيك الأصابع‎ )١( 3 ب ع2‎ تراحم المؤمنين وتعاطفهم (0مه؟). عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه . ا تفسير سورة النساع 000 اج وإن هذا النص يوجب على المؤمن أن يعيش عزيزا كريماء تكون قوته للمؤمنين» وعليه أن يجاهد فى ذلك» وإن لم يفعل فقد جنى على نفسه مرتين: إحداهما بهوان الدنياء والثانية بعذاب الآخرة. إلا المستضعفينَ من الرجال والنساء وَالْولّدَان لا يَستَطيعون حيلة ولا عدون سبيلاً 4 هذا استئناء من المصير الذى سيئول إليه هؤلاء الذين ظلموا أنفسهمء وهؤلاء هم ضعفاء حقاء فقد استضعفهم الأعداء وأرهقوهم» ولم تكن عندهم قوة تمكنهم من الإفلات من بقائهم فى أرضهم وخروجهم إلى أرض الإسلام. وهؤلاء ثلاثة أصناف : أولهم : ضعفاء الرجال من الشيوخ الفانين» والمرضى وذوى العاهات» ونحوهم.» ومن هؤلاء من كان لا يرضى بالذلة ولو فنى بالطريق! ويروى أنه لما نزلت هذه الآية بعث بها رسول الله يله إلى مسلمى مكة. فقال ضمرة بن جندب لبنيه: احملونى» فإنى لست من المستضعفين» وإنى لأهتدى إلى الطريق» والله لا أبيت ليلة بمكة!. فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة» وكان شيخا كبيراء فمات فى الطريق!. والصنف الثانى : النساء اللائى لا يستطعن الخروج» إما لثقلهن بالأولاد. وإما لفشية أمن الطريق» وإما لعدم وجود زوج يصحبهاء ولا ذى رحم محرم يكون معها فى الطريق. والصنف الأخير: الولدان» وقد قال بعض المفسرين: إنهم العبيد ونحوهمء وذلك القول ليس بشىء, والأصح أنهم الصبيان» ويقول الزمخشرى: إنهم الذين تجاوزوا الحلم قريبا. ويصح أن يكون المراد هؤلاء والأولاد الذين يتبعون آباءهم» أو الذين ليس لهم آباء يتبعونهم» وهم بهذا الضعف غير مسئولين» واستثناؤهم لعدم تكليفهم أو لأنهم لا قوة لهم على تفسير الزمخشرى؛ إذ إن ضعف الصبا لا يزال بهم» إذا كانوا قد بلغوا الحلم» ولم يدخلوا فى دور الرجولة. هاا تفسمير سورة النساع لاملا ١ه‏ ب ا وقد ذكر سبحانه الوصف الذى استوجب استثناءهم» فقال سبحانه: لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا4, والحيلة المراد بها التحول من حالهم التى هم كالصبيان القريبى العهد بالبلوغ؛ بحيث لو خرجوا هلكوا. © تأوكتك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفورا 4 إن هؤلاء الذين استضعفوا حقا وصدقا سبب ضعفهم » عسى أن يعفو الله عنهم » أى يرجى أن هنا هى فاء السببية». أى أن السبب فى أنهم محل عفو اللهء ورجاء العفو لهمء هو ضعفهم. وهنا بحثان تشير إليهما الآية الكريمة: أولهما ‏ أن الهجرة هى الأمر المفروض الذى لا مناص منه إلا عند العذر ويرجونه؛ ويقول الزمخشرى: إن هذا يدل على أن ترك الهجرة أمر مضيق لا توسعة فيه» حتى إن المضطر البين الاضطرار من حقه أن يقول: عسى الله أن يعفو عنى . وهذا كله معناه أن الأصل هو الهجرة. ثانيهما ‏ أن الأمور التى يرخص . بها فى مقابل واجب مفروضء لا تكون مباحة فى ذاتهاء بل تكون فى مرتبة العفو؛ لأن المباح يكون مطلوبا على وجه التتخييرء وهذه لا طلب فيهاء بل رخص بها فى الترك» والأصل وجوب الهجرة . وقد ختم سبحانه وتعالى الآية بأنه كثير العفو عن عباده فى الرخص التى يرخص لهم بهاء كثير المغفرة لمن تاب وأناب» والله سبحسانه وتعالى رحيم بعبأده . ها تفسيرسورة النساع اس ح لل وس س2 سر و سس .مج كنم وس سمس جل سك وَمَن اجرف سبيل الله يجد ا لأرض مراع كديرا وسَعَةٌ سه ست و 0 92 06 آ ته عي وم ومن برح عن يمارا إل لله ورسو ثم يألو و ل اج شاي لم و فر سس كه ففدوقع أ- متعلى | دون َاللّه عَهُورا نََحِيمَا نيل وَإدَا صر مج ع فال رض هَلَسَعَليك جاح + أن فصوا ما لصََلوةَ دحم أدينيت م أل نكت أنالكمري6 ث1 ينا 0 هط فى الآيات السابقة ة كان بيان حال الذين رضوا بالذل والهوان والضيق » وأنهم مؤاخذون لذلكف» إلا إذا كانوا عاجزين عن الانتقال. وفى هذه الآيات يرغب سبحانه فى الهجرة ة عند الضيق كما ألزم بها عند الذل» فقال تعالى: لوس يُهَاجر في سبيل الله يجلا في رض مُراعَمَا كيرا وَسعة» يقال : أرغمه) إذا أوقعه فى الرغام» وهو تراب الأرض» ورغم أنفه إذا نزل إلى التراب» وذلك كناية عن الذل بعد الكبرياء. وأرغم أنفه». إذا أنزل به. وراغمه؛ إذا حاول كل واحد منهما أن يرغم الآخر. والْرَاعَم مكان المراغمة» وقد أطلق على مواضع طلب المعيشة» والطريق فى الأرضء وذلك إذا كان يصل إليه بعد مشقة» أو جهد غير معتادء وهذا هو الذى يقال فى معنى النص الكريم . فالمعنى على هذا: ومن يهاجر ويترك دار إقامته فى سبيل الله تعالى طالبا ما عنده يجد طرائق كثيرة فى الحياة» وإن كان لا ينالها إلا ببعض المشقة» فإنها قنطرة للراحة» وكذلك ينال سعة فى رزقه وحياته ودينه» فلا يُضيّق فى دينه عليهء ولا يعيش فى ذلة وهوان» أو مقترا عليه فى الرزق. والآية تحث على الهجرة إذا توافرت أسبابهاء وتشير إلى أن المهاجرء. إن ترك محل العيش الرتيب» فإنه سيجد فى النهاية مذاهب مختلفة للرزق» وسعة فى الحياة» وعدم ضيق» فهو معوض بلا ريب. 0 تفسير سورة النساء لاا انان ن ااال ا انالا ان قاط قطنا تلطا لان انا لا اللا تلان انالا انام لالخ الاة نا لمخ انان لخ قطنلا لاوط خط لاط لط ام طاطخ لتاقل 0 بسي كل جب 1 وتكون الهجرة فى سبيل الله تعالى: إذا كانت للفرار من الفتنة فى الدين» أو لدفع الذل وطلب العزة. أو للخروج من أرض ليست تحت ولاية الإسلام إلى أرض فيها ولاية الإسلام » أو من أرض فيها ظلم سائد واقع على الأبدان أو المال ولو كانت من ولاية الإسلام» أو كانت الهجرة لتكثير سواد المسلمين فى إقليم قل فيه عددهم» وهى الانتقال من أرض إسلامية مزدحمة بالسكان قد اكتظت بأهلها إلى أرض إسلامية خالية من السكان» فإنها تكون مظنة أن يأخذها أعداء المسلمين» فتكون قوة لهم على المسلمين. ففى كل هذه الأحوال تكون الهجرة فى «إومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إِلَى اللّه ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على اللّه وكان اللّه غفورا وعشيرته» وجيرانه الذين عاش بينهم وعاشرهم» فهو يتركهم إلى جانب أعظمء ورحاب أوسع » وهو جانب الله تسعالى ورسوله ورحابهما. وإن المهاجر إلى الله تعالى فى سبيل تحقيق مقصد من مقاصد دينه التى نوهنا عنها سابقا ينال إحدى الحسنيين: إما الظفر بالسعة والعزة» والمال» وإما الظفر بالأجر العظيم» وذلك إذا أدركه الموت» وهو فى الطريق الى الله . وهذا قد قال فيه سبحانه : ط فَقَد وَقَعْ أجره عَلَى الله 4: أى فقد حق له الأجر العظيم عند الله تعالى. وقد تفضل سبحانه» فاعتبر ذلك الأجر حقا عليه - سبحانه » ولذا عبر ب «على» فى قوله: «على اللَّه4ه ووقع هنا معناه ثبت وتقرر» وكأنه صار وثيقة على الله تعالى وذلك كله تأكيد لتحقق الأجر بهذه الهجرة. وإن ذلك الأجر غفران لما مضى من ذنبه» ورحمة به بالنعيم المقيم فى الآخرة» ولذلك قال تعالى: وكان اللّه غَفورا رَحيمًا » أى أن الوصف الدائم الثابت لله تعالى فى الآزل أنه كثير المغفرة» ومن شأنه الرحمة بعباده» فبمقتضى ها تفسير سورة النساع م لأ !!!ناخلا للااك111ا ال اااااااااللانالنااااانانا ناا الالالانطل ةلل طة انالا لالتلا تلط ططخل الالاانظالة 1لا الات اللااللاالاتللا سر ا رحمته فتح باب الهجرة وحثً عليه وبمقتضى رحمته مكّن للمهاجر من السعة والعمل فى الأرض» وبمقتضى رحمته اعتبر نية الهجرة إذا صاحبها العمل كافية للثواب والأجر العظيم . اللهم أعر الإسلام والمسلمين» وبدلهم من بعد حَوفهم أمنا» ومن بعد ضعفهم قوة» واهدهم للعمل بكتابك وسنة نبيك» إنك سميع الدعاء. وبعد أن ذكر أن الهجرة فيها عزة» وأن المهاجر يجد سعة من الرزق» يذكر سبحانه ما سهله تعالى للمهاجر أو المسافر من عبادة تيسيرا له» وتشجيعا على السفرء فقال سبحانه: 9 وإِذًا ضربتم في الأرض فليس عليكم جتاح أن تقصروا من الصّلاة 4 الضرب فى الأرض هنا هو السفرء وأطلق الضرب فى الأرض على السفر؛ لأن المسافر يضرب برجله وبراحلته وبمتوكئه على الأرض فى حركة مستمرة جزءا من النهارء فكان التعبير عن الضرب فى الأرض بالسفر فى موضعهء وهو مجاز واضح فى. علاقته . ونجد التعبير فى هذا النص الكريم يختلف عن قوله تعالى: فإ ومن يهاجر في سبيل الله فى الآية السابقة فى أمرين: أحدهما: أنه فى الآية السابقة عبر عن السفر بالهجرة: والهجرة تقتضى الانتقال على غير عودة» وعلى نية الإقامة فى ش مكان آخر يتخذه موطنا ومستقرا ومقاما دائما له» وفى هذا النص عبر عن السفر بالضرب فى الأرض» أى أنه سفر على نية العودة غالباء ولا يريد به اتخاذ مكان آخر موطنا له. والثانى: أن الآية الأولى تنص على الهجرة فى سبيل الله تعالى» والخروج من أرض الذل إلى أرض العزة» حيث يمكن أن تكون بالهجرة نصرة للمسلمين» يعد فى سبيل الله؛ أما فى هذه الآية» فإن السفر عام يشمل ما يكون فى سبيل إقامة الدين» وما يكون فى طلب الرزق» وزيارة ذوى الأرحام» وغير ذلك ما يعد قربة أو أمرا مباحا. ل ( تفسير سورة النساع للا الالالال امالك ادر لحب ار والنص الكريم يبيح قصر الصلاة» ووردت السنة بأن الصلوات التى عدد ركعاتها أربع ركعات يقصر إلى اثنين» وهى صلاة الظهر والعصر والعشاءء والنص الكريم قد اقترن القصر فيه بشرط مخافة العدو أن يفتن المؤمنين فى سفرهمء بأن يكون المؤمنون غير آمنين من أن يدهمهم عدو فى سفرهم» فهم يقصرون الصلاة» حتى يكونوا فى حال استعداد مستمر» ولا تشغلهم الصلاة عن الحذر منه. وقد قوى هذا بأن الآية الكريمة التى أعقبت هذه الآية كانت خاصة بصلاة الخوف التى تكون فى الميدان» فبمقتضى ظاهر النص يكون القصر عند النوف من العدوء وأن القصر مع صلاة الخوف يكون عند لقاء العدو. ومعنى الفتنة هنا هو إنزال الأذى بالمؤمنين» بأن يجعلهم فى حال شدة» وينزل بهم كارثة بمداهمتهم وقتلهم أو الانقضاض عليهم. وهم ليسوا فى حال استعداد للقتال. وبهذا يكون قد ثبت بالنص القرآنى قصر الصلاة» فى حال خوف الفتنة من الذين كفرواء وصاروا فى عداوة مستمرة للمؤمنين بسبب كفرهم. ولكن ثبت بالسنة القصر فى الصلوات التى عدد ركعاتها أربع فى حال سفرء ولو لم يكن السفر فى موضع مخوفء وقد ثبت هذا بالسنة المدواترة عن النبى كله والتى أجمع الصحابة عليهاا2. ويصح أن نقول أن قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم لين كَفَرُوا 4 لم يكن إلا فى بيان القصر فى حال خوف الفتنة من الذين كفروا؛ لأن السياق كله كان فى الجهاد. ولكن يمنع ذلك الفرض أن النص جاء فى مطلق سفرء لا لأجل الجهاد. )١(‏ من ذلك ما رواه مسلم فى صحيحه: صلاة المسافرين وقصرها (185): عن يَعلَى بن مية قَال: قُلْت لعْمَرَ بْنِ الْخَطَّاب : « ليس عَلَيكُم ناح أن تَفْصروا من الصّلاة إن - م روا فق أن اناس فَقَالَ: عت ممًا عَجبْت من تسآلتا رَسُول الله وك عن اصدقة تَصَدَقّ ال بها عَلَيِكُم َاقبَلُوا صدقته) . ها تفسير سورة النساع 0 0100 1 يلبل وبر بي ومهما يكن فقد ثبت النص القرآنى فى القصر فى حال خوف الانقضاض من العدوء وبالسنة القصر فى عموم أحوال السفر. ولما كان ذلك هو موضع النصء ذَيْل النص الكريم بما يدل على وجوب الحذر دائما من الأعداء الكافرين» فقال: إن خفتم أن يفتنكم الّذين كَفروا 4 هذا النص لتأكيد الحذر من الكفار دائما؛ لأن عداوتهم مستمكنة فى قلوبهم» وقد أكد سبحانه وتعالى هذه العداوة بمؤكدات أربعة: أولها ‏ «إن» الدالة على التوكيد» مع وصف الذين كفروا بالكفرء وجعله شأنا لهم» ومن كان جمود الحقائق شأنه لا يؤمن على شىء. وثانيها - التسعبير ب «كان» الدالة على الدوام والاستمرار. وثالثها ‏ وصف الكافرين بالعداوة؛ .لأن العدو يطلب لعدوه دائما الشر» ويترقب مواضع غفلته لينقض عليه» فلا تنتظر منه رحمة أو حلم» أو نسيان للحقد. ورابعها - وصف العداوة بأنها ظاهرة بينة لا خفاء فيهاء فالمغرور من يأمن عواقبه. وقد تكلم العلماء فى السفر المسوغ لقصر الصلاة: ما مقداره؟ وما حكم القصر؟ أهو واجب أم سنة؟ ونوع السفر الذى يجوز فيه القصر؟ . أما بالنسبة لمسافة السفر التى يجوز فيها القصرء فالفقهاء اختلفوا فيها على أقوال ثلاثة : أولها ‏ قول أهل الظاهر أن القصر يكون فى كل ما يسمى سفراء سواء أكان قصيرا أم كان طويلا؛ لأنه لم يثبت عن النبى كَكِلَةٌ مقدار محدود يمنع القصر فيما عداهء فبقيت كلمة السفر على إطلاقهاء من غير تقييد بمدة معلومة ولا مسافة محدودة . وثانيها ‏ قول الحنفية» أن السفر الذى يسوغ القصر مسيرة ثلاثة أيام بلياليهاء بالسير المعتاد» وهو سير الإبل» مع أخذ الراحة الواجبة فى السفرء فلا يسير المدة كلهاء بل يسير فى الزمن الذى يعتاد فيه السفر؛ وذلك لأن عرف العرب أن الرجل كان لا يعتبر مسافرا إلا إذا تجاوز موطنه بسير نحو ثلاثة أيام. ل ل تفسير سورة النساع لال 00 > 1 وثالئها ‏ قول أكثر الأئمة أنه يوم وليلة» وقيل يوم فقط؛ وذلك لأن النبى هُ قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذى رحم محرم منها)(١2»‏ وروى الحديث مرة يوما وليلة!"2» وروى ثلاثة أياه2"0, ففيه الأوجه الثلاثة. والتوفيق أن كل رواية كانت إجابة لحال خاص» فسئل عليه الصلاة والسلام عن يوم» وعن يوم ليلة» وعن ثلاثة. وبالنسبة لكون القصر واجبا أو مخيرا فيه» فالمذهب الشافعى أنه مخير فيه وروى أنه سنة» ومن اختار القصر صلى قصرا بالنية» ومن اختار التمام صلى تماما بالنية» ويكون الفرض فى حقه بعد أن ينوى التمام أربعا. وبقية الأئمة تقريبا على أن القصر واجب» وما يصلى فوق القصر يكون نافلة» وحجتهم ما تواتر عن الصحابة من أنهم يقصرون كلما كان سفرء وقدره يوم للإمام عثمان إذ لم يقصر عندما حج؛ وقال أصحاب هذا الرأى أن الفرض شرع اثنين» ثم بقى فى السفر كذلك ثم زيد فى الحضر. وحجة الرأى الأول قوله تعالى: «فليس عليكم جناح أن تَقصروا من الصسّلاة4, ونفى الإثم يقتضى التخيير. وقد أجاب عن ذلك الزمخشرى بأن ذلك للتيسير والتسهيل. وفى الحق أن كلمة «لا جناح» استعملت فى السعى بين الصفا والمروة» ومع ذلك كان السعى بينهما واجباء فالله تعالى يقول: إن الصا وامروة من شعائ لسع ليت أو حمرلا جاح َيه أن طوف هما ومن تَطَوّع حَيْرا ف الله شاكر عَليم عليم 229 4 [ البقرة ] . وبالنسبة لنوع السفر الذى تقصر فيه الصلاة» فقد أجمع الفقهاء على أن السفر للجهاد أو الحج أو العمرة أو صلة الرحم أو القيام بواجب» يجيز القصر أو يوجبه. والأكثرون على أن السفر للتجارة والأعمال المباحة يكون فيه القصر. () رواه مسلم: الحج- سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (1774) عن أبى هريرة رضى الله عنه. (؟) من ذلك ما رواه البخارى: الجمعة - فى كم يقصر الصلاة .)٠١88(‏ (*) من ذلك ما رواه البخارى: الجمعة - فى كم يقصر الصلاة 4819 :)١١‏ ومسلم: الحج - سفر المرأة (17578). 1 ا تفسير سورة النساعء 0 00000 1 1 1 2356575751 أ نا وروى عن مالك أنه قال: إن خرج للصيدء لا لمعاشه. أو لمشاهدة بلد متنزها ومتلذذاء لم يقصر. وجمهور العلماء على أنه لا يقصر للصلاة من سافر فى معصية» وروى عن أبى حنيفة والأوزاعى» أنه يقصر؛ لأنه يتحقق فيها معنى السفرء وقد كان القصر فى مطلق سفرء وروى مثل ذلك عن مالك رضى الله عله . وفقنا الله تعالى لإقامة الصلاة عمود الدين» وفيها برد المتقين . _- أ- َه م هرح رو نم عر وَإِدَاكُتَفِمْكأَقَمَتَ لهم الصكلزة ملقم طايكة مَْومْمَحَكَ وَلأْحْدواأسْلِحَتو وداج دوأ يكوأ ع ع سم - 2 0000 1 هه له 6 من وْرَآيحكْ وَلَنَاتِ طايِمَهُ أخرن لريصلوا جو د و ساس حر 2ارير م + سكعي سس َ 000 بسك درش واتِصكز ودين ل 0 سح غم و م 0 كفروأ لؤتغفلورت عن أسلح وك وَأْمَتَعنَشَمِيلُونَ له ب ل ل 000" عم , سام سل 6 مله واجده ولاجناح عَليَحكم إن كان بك 9-( سه يس كيس 2 هر > م2 اميس 0 سار سو أذى ين مَطرٍأوْ 9 مَرَصخ أن تصَعوأ أْسْلِحَكَك سف 264 1ك وس .ل ده كفي جم وَحَذوا أَحِد رَكمَإنَأللّهَ أعدٌ إِلْكْفْرِنَعدَابامَهِينًا لكل سر ١ 0 سح 0 د 1 2172 رط ل 41 تراس سر حرس سم فإذافضيتمالصّلرة وأذحكروا اللقينماوفعوداوعل وّ ع هر < م م وم 3 ل فر 5-2 جَنْوبِحكُم وَإِذا أطمأ نتم فَِِْمُوا َلصَلوة إنَالصَلوة >< 20 ممه ذل رس حم كانت عَلَ الْمَؤْمِنِيست كتنبا مَوَقَومَا 72 فى الآيات السابقة بين الله سبحانه وتعالى وجوب الهجرة على المؤمن للجهاد فى سبيل الله تعالى» ولطلب الرزق» إن ضاقت أرضه التى نشأ فيهاء ثم ل ل تفسير سورة النساء الل ا ال ل ل *آ*آ #1 1#[ [1آ1آةآ1آ2121011111111 65 ١ 1 7 بي ذكر سبحانه وتعالى ما سهل به على المسافر من قصر الصلاة. وفى هذا النص الكريم بين سبحانه حال الصلاة إذا كان المسافر فى حال جهاد وهو ما يسمى فى عرف الفقهاء بصلاة الخوف. أى الصلاة التى تكون فى حال الخوف من العدوء بأن يكونوا فى حال حرب معه. فالمراد بالخوف هو الحذر من مباغتة العدو. ولذا قال سيحانه : ( وإذا كنت فيهم فَأقَت لهم الصلاة لهم طائقةً مَهُم مَك ولأخْدُوا أسلحتَهم فإذا سجدوا فَليَكُونُوا من وَرَائَكُم 4 هذا النص الكريم فيه بيان الصلاة حال القتال» بأن يجمع المؤمنون بين الصلاة التى بها تطهير القلوب من كل الأدناس والأرجاس وبين الاستعداد للقاء العدو. والحذر مله . ومعنى النص السامى: إذا كنت أيها الرسول فى المؤمنين» فأردت إقامة الصلاة على وجهها فى هذا المقام» فلتقم طائفة منهم معك, بأن تبتدئ بالصلاة معهاء على أن يكون معها السلاح» وهى فى حال الصلاة» حتى يكونوا على أهبة القتال دائما. وحمل السلاح فى الصلاة لا يبطلهاء ولا يؤثر فى حال الخشوعء وخصوصا إذا كان حمل السلاح لإعلاء كلمة الله تعالى وخفض الباطل» فهو عبادة من أعظم العبادات» فكان النبى يله يقسم المؤمنين المجاهدين صفين» صفا يبتدئ بالصلاة معه؛ فإذا سجدوا للصلاة وقد ألقوا وجوههم على الأرضء» لا يرون شيئا ولا يستحضرون إلا عظمة الله تعالى» فإن الصف الثانى يكون من وراء هؤلاء. يدفع عنهم أذى الكفارء والاعتداء على أهل الحق والايمان» وهذا معنى قوله تعالى: «إإِذَا سجدوا فَليَكُونُوا من ورائكم 4, أى فليكن الصف الآخرء أو الطائفة الأخرى من ورائكم» حامية لظهوركم, مانعة نزول الأذى بكم» ومن بعد ذلك تجىء الطائفة الحارسة» وتكون من بعد ذلك فى محل المصلية» وتذهب الأخرى حارسة؛ وهذا قوله تعالى: 9 ولتَأت طائقة أخرئ لم يصلُوا فَيْصنُوا مَمَكَ وَلَيَأخذُوا حذرهم وأسلحتهم 4 . ا تفسسير سدور: ة النساء ل اللا له كي أى إذا صلت الطائفة الأولىء والنبى يككِلِ لم ينه صلاته» جاءت الأخرى فصلى بها النبى يَكِْهّه وقد أمر الله بأن تكون معها أسلحتهاء وشدد فى الأمر بأن خشية أن يباغتهم العدوء وهم يغيرون صفوفهم؛ لأن هذا يشبه التغيبر فى الخطط وقت القعال» وهو لا يخلو من خطورة يجب معها الحذرء ولأن الطائفة الأولى تتغير» وتتحرك فى داخل الحيش نفسه. اتفق الفقهاء على أن صلاة الخوف تقتضى أن يصلى النبى مَلكِةٌ بطائفة» ثم يصلى بالأخرى التى تكون أمام العدو ابتداء» وتحل الأولى محلهاء ولكن اختلفوا بعد ذلك فى كيفية صلاة الخوف تبعا لما فهموا من اختلاف الروايات فى صلاة النبى يَكلِيْهِ. وها هى ذى الروايات ومن اختاروها: الرواية الأولى ‏ رواية عبد الله بن مسعود التى أخرجها أبو داود والدارقطنى 2 وخلاصتها أن الصلاة فى هذه الحال ركعتان إن كانت رباعية » ويقسم النبى المجاهدين إلى صفين: أحدهما يصلى به ركعة» ثم يقوم» حتى تجىء الطائفة الأخرى فيصلى بها الركعة الثانية» حيث تكون الأولى فى مواجهة العدوء ثم يسلمء وتأتى الآولى فتتم صلاتها بغير قراءة» لأنها كما يعبر الحنفية لاحقة» أى كأنها وراء الإمام حكما طول الصلاة» ولا قراءة وراء الإمام فإذا أتمت جاءت الثانية فصلت بقراءة» لأنها تكون مسبوقة ) إذ تكون كمن أدرك آخر صلاة الإمام وفاتته ركعة» فتكون القراءة واجبة . وبهذه الرواية أخل أبو حنيفة وأصحابه . الرواية الثانية ‏ هى ما رواه الإمام مالك فى موطّه أن صلاة الخوف أن يصلى الإمام بالطائفة الأولى ركعة ولا يسلمء وتتم هى الصلاة وحدهاء فإذا أغتها جاءت الأخرى» فصلى الإمام معها الركعة الأخرى وسلمء وهم يتمون الركعة. وبذلك تقل الحركات عن الرواية الأولى . ويهبذه الرواية أحذ الإمام مالك؛ وروى ل تفسير سورة النساء اناالا لا ةقانالا نان ممالل خ انلا لاانا ططق الللانانان لال انانال ناكا لط انان اخخ تلطا انا نان كتلط انان لال قاط خ انال ااال طاطخ خل اطنط نان الال 0 5 7 أن الإمام لا يسلم إلا بعد أن تنه تنتهى الثانية من صلاتهاء وبهذا أخذ الشافعى رضى الله عنه» واختاره أحمد» وإن كان يجوز غيره» كما سنبين موقفه من هذه الروايات. الرواية الثالثة - أن الرسول صلى بالطائفة ركعة؛ وبها تتم صلاتهاء ثم قا حتى تجىء الثانية» فصلى بها الركعة الثانية» وسلم» وبها تتم صلاتها فتكون صلاة الخوف على هذه الرواية ركعة واحدة بالنسبة للمأموم, وركعتين للإمام» وبهذا أخذ بعض الفقهاء . الرواية الرابعة ‏ أن النبى يكلو صلى ركعتين بالأولى ولم يسلم» وذهبت» وجاءت الثانية فصلى بها اثنتسين أخريين» ثم سلم معها. وفى رواية أنه سلم بينهماء ؛ فسلم مع الأولى» وسلم مع الثانية . وقد انختار , بعض الفقهاء هذه الرواية الأخيرة . ولقد قال الإمام أحمد بن حنبل» وهو عالم السئة الأول فى عصره: (لا أعلم أنه روى فى صلاة الخنوف إلا حديث ثابت» وهى كلها صحاح ثابتة» فعلى أى حديث صلى منها المصلى صلاة الخوف أجزأه» إن شاء الله» . وإن كل هذه الروايات تتفق مع النص الكريم» واختلاف الرواية الصحيحة يدل على أن النبى يكل صلاها بكل هذه الوجوه المختلفة» لبيان أنها جائزة بكل وجه من هذه الوجوه. وبعض العلماء قالوا: إن صلاة الخوف خخاصة بما إذا كان النبى كَكلَدِ مع المجاهدين» أى أنها خاصة بعصر النبى يَلِِ» وبشرط أن يكون هو قائد الجند» وحجتهم فى ذلك أن الخطاب خاص بالنبى يك إذ يقول: «وإذا كنت فيهم فَأقَمت لهم الصّلاة 4 فالكيفية مقيدة بشرط» وهو إقامته فيهم» وليست كل التكليفات التى يوجه فيها الخطاب للنبى كَكِيْةِه على أن يكون موجها لكل الأمة مشروطا فيها هذا الشرط» فالتكليف مقيد بالشرط» وليس بمطلق» وليس أحد بعده يقوم فى الفضل مقامه عليه الصلاة والسلام. وقال الجمهور: أمرنا باتباعه» #4 تفسبير شبور: ة النساء الل والتأسى به فى كشير من الأحاديث وآيات القرآن الكريم. وقال يَكِيْهّ: «صلوا كما رأيتمونى أصلى"21» وإن كثيرا من المطالب التكليفية يكون الخطاب فيها للنبى كك ثم لأمته» وإن الصحابة جميعا فهموا عموم الرخصة فى صلاة الخوف» فَعَدوْها إلى كل إمام فى الجيش» وهو أعلم بمقاصد الإسلام؛ لأنهم تلقوا علمهم عن النبى يك وأن الإمام القائم بالجهاد هو خليفة النبى كَكِيْةْ على أمتهء ولأن المعنى فى صلاة الخوف لا يتحقق فقط مع النبى يله بل يتحقق مع كل أمير جهادء ولأن صلاة الخوف هى من نوع الحذرء والجمع بين اْضىّ فى القتال» والمُضىً فى الصلاة التى هى عماد الدين» والحذر مطلوب دائماء وقد بين الله سببها فقال: لود الذين كَفَرُوا لَوَ تَعْفلُونَ عن أسلحتكم وأمتعتكم» . هذاء ولا بد من التنبيه لأمرين: أحدهما ‏ صلاة المغرب» فقد كانت الصلاة التى تكلم فيها الفقهاء هى الصلاة الثنائية بالأصالة.» وهى الفجرء أو الثنائية بالقصرء وهى صلاة الظهر والعصرهء والعشاء. وأما المغرب فقد روى عن النبى فيها روايتان: إحداهما أنه صلى بالطائفة الأولى ثلاثاء وبالثانية مثلهاء وبهذه الرواية أخذ الحسن البصرى. والرواية الثانية أنه صلى بالطائفة الأولى ركعتين» وبالثانية واحدة» وهذا قول أبى حنيفة ومالك. وروى أن الشافعى قال: يصلى بالأولى واحدةء وبالثانية اثنتين. الأمر الثانى ‏ أنه لا يلزم الاتجاه إلى القبلة إذا خيف أن يأخذ العدو المؤمنين على غرة» وذلك فى حال الالتحام الشديدء وإذا خيف فوات الوقت يصلى متى أمكن له أن يصلى» وبذلك قال مالك» والثورى» والأوزاعى» والشافعىء» وقال غيرهم: يصلون بالإيماء» ولا يتركون الوقت. والسبب فى شرعية صلاة الخوف هو الحذرء والخوف من المباغتة» ولذا كرر الله الأمر بأخذ الأسلحة والحذرء وبين ما يوده الكفار فقال: 9 ود الّذين كَفَروا لو َعْفلُونَ عن أسلحتكم وأمتعتكم فيَميلُونَ عليِكُم مَيْلَة واحدة 4 . )١(‏ جزء من حديث سيق تخريجه من رواية البخارى وغيره عن مالك بن الحويرث. ل / تفسير سورة النساعء للبباااالاللاالللللل لاا الل للك اجر جلك بي فى هذا النص الكريم إشارة إلى السبب فى صلاة المخوف» وهو ترقب العدو لجال المسلمين» عساهم يجدون منفذا ينفذون مله إلى صفوفهم» أو ثغرة يدخلون منهاء أو غفلة ينتهزونهاء فكان الحذر أن تسد عليهم كل المنافذ التى ينفذون منها لتحقيق مآربهم . فلا يصح للمسلمين أن يغفلوا بالعبادة عن الجهاد» ولا يتركوا العبادة . ومعنى: فإ ود الّذين كفروا» تمنى الذين كفرواء وهم أعداؤكم الذين نصبوا راية العداوة لكم» أن تأخذكم الغفلة عن أسلحتكم التى بها شوكتكم وقوتكم» وعن أمتعتكم التى فيها زادكم وبها تستمرون على القتال من غير أن يصيبكم جوع أو عرى. وأنهم يريدون هذه الغفلة ليميلوا بقوتهم وكلكلهم عليكم» فيكونوا وهذا معنى قوله سبحانه: فَيَمِيلُونَ عليكم ميْلَة واحدة». أى يثقلون الوطأة عليكم وفى هذه النصوص كلها غغخد الأمر المتكرر بوجوب أخحذ الأهبة دائماء وحمل السلاح باستمرار. ولكن قد يتعسر حمل السلاح» وهنا يرخص فى عدم حمله. مع أخذ الحذر. بحيث يكون فى مكان قريب» كى يعمل عند أول صيحة ) ولذا قال سبحانه : «( ولا جتاح عليكم إن كَانَ بكم أذى من مَطْرٍ أو كنتم مَرْضَئْ أن تضعوا أ ١‏ سلحتكم وَخذوا حذركم 4 لا إثم عليكم فى أن تضِعُوا أسلحتكم فى أغمدتهاء إذا كان فى الميدان مطر شديد يعوق استعمالها ولقاء الأعداء» فإنها إن لم توضع تعرضت للصدأء ووراء ذلك تلفهاء والاحتياط لسلامتها فى الميدان واجب» وكذلك من يكون به مرض يغمد سلاحه حتى يستطيع استعماله» فإن تركه من غير استعمال يفسدهء فلا يصلح عند وجوبه» وقوله تعالى: أو كنم مُرْضى» الخطاب فالله تعالى يرخص للمريض فى أن يدع القتال حتى يشفى» فليس على المريض ها تفسسمير سورة النساء ١‏ !!!ا ااان الالال لان لاا !ااال ااانا ااال الالالال ةكلممل ممم ممم سنن )تاللا 0ج بير يي حرج؛ وهو خطاب للجميع من جهة أخرى؛ إذ على الجماعة أن توفر للمريض راحته» فتغنيه عن حمل السلاح وهو مريض» وتحمل هى عنه العبء. ومع أنه لا إثم فى وضع السلاح عند المطر المعوق الذى يعد أذى» ولا يعد غيثاء والترخيص للمريض فى غمد سلاحهء فلابد من الحذرء فيترقبون من العدو دائما انتهازه للفرصة» ومن ذلك أن يتقلدوا السيوف7١2.‏ ولو أنها فى أغمدتهاء ووضع الرقباء» وبث العيون على العدو ليعرفوا حاله» فعسى أنه يحاول الهجوم من ثغرة أو طريق سهلة عليه» وإن ذلك لأن الله تعالى يريد أن تعلو كلمة الإيمان فى الدنياء وتنخفض كلمة الكفر» ولذا قال سبحانه: إن الله أعدٌ للكافرين عذابا مهيا 4 أى إن الله أعد للجاحدين به وبالحق عذابا مذلا لهم فى الدنيا والآخرة» ففى الآخرة بالعذاب الشديد الذى لا نجاة منه» وفى الدنيا بالغلب عليهم» وإذهاب صولتهمء ودولتهم» وذلك يكون بأخذ الأهبة والحذرء والاعتماد على الله تعالى» وقد أكد سبحانه العذاب المهين الذى ينزل بهم فى الآخرة بثلاثة مؤكدات: بحرف (إن)» وبأن الله تعالى هو الذى ينزله» وما أراده الله تعالى لابد واقع» وبالتعبير بكلمة (أعلَ)» فإنها تفيد أنه هيئ لهم فعلاء وهو يستقبلهم» وهم صائرون إليه لا محالة. فَإِذًا قَضيتم الصّلاة فاذكروا الله قَامًا وقعودا وعلئ جنوبكم » أى إذا أديتم الصلاة على حال الخوف. فإن العبادة لم تنته» بل إن معناها قائم مطلوب منكم» وهو أن تذكروا الله تعالى فى كل أحوالكم؛ قائمين فى الميدان؛ أو غادين ورائحين يَللِلَةّ أو قاعدين مستريحين» أو نائمين على جنوبكم» فإن ذكر الله تعالى هو العبادة المستمرة التى بها تطمئن القلوب. كما قال تعالى: 9 الّذين آمنوا وتطمكن يهم بدخر اله أل بدكر الله لوب 7207© ) 1 الرعد ]. )١(‏ أو ما فى معتاها من عدة الحرب. بها تفسير سور 0 النساع اللا 0 اله 3 وإن التعبير عن صلاة الخوف بقوله: 8فَإذًا قَضيتم 4 فى مقابل قوله تعالى عند الاطمئنان: طفَأَقِيمُوا الصّلاة» فيه إشارة إلى أنها بدل عن الصلاة الكاملة تؤدى معناهاء وإن لم تكن مثلها فى الصورة الظاهرة. ل فَإذَا اطمأتتم فَأقِيمُوا الصّلاة إِنّ الصّلاة كانت عَلَى المؤمدين كتابًا مَوَقُونَا 4 أى إذا ذهب المخوف» وعادت القضب إلى أجفانها(2, ورجعتم إلى ساكتكم. فأقيموا الصلاة أى أدوها كاملة» مستقبلين القبلة» موصولة من غير فاصل بين أجزائها. والكمال هنا كمال الصورة» وإلا فالمعنى يتحقق فى صلاة الخوف بمقدار لا يقل عن كماله فى الإقامة» إذ إنها عبادة فى عبادة» هى عبادة الصلاة فى عبادة الجهاد» وهو أشق عبادة» ولا شاغل قد يشغل المصِلّى عن صلاته إلا هذه العبادة العالية» وفى الإقامة قد تشغله بعض أعراض الدنيا. وقد بين سيحانه مكان الصلاة فى الإسلام» فقال سبحانه: ظإِنّ الصّلاةً كانت على الْمؤمدينَ كتابا قتا », أى الصلاة مكتوبة على المؤمنين مؤقتة بأوقاتهاء وهذا تأكيد لفرضيتهاء وقد أكدت الفرضية بأربعة مؤكدات: أولها «إن» التى للتوكيد. وثانيها «كانت» التى تدل على الدوام والاستمرار فى الماضى والمستقبل» وثالثها. التعبير عن فرضية الصلاة بأنها (كتاب) فهو تعبير عن الوصف بالمصدر وفيه فضل توكيد» ورابعها. التعبير بقوله تعالى : على المؤمنين 4 فإن ذلك يفيد الإلزام والحتمية. اللهم وفقناه لإقامة الصلاة» وإقامة الحق. والعمل على إعلاء شأن الإسلام» إنك سميع الدعاء. )١(‏ أى السيوف إلى أغمادها. وسيف قاضب وقضيب: قطاع (مقاييس اللغة)» وأجفان السيوف وجفونها أغمادهاء واحدها جَفْن. (لسان العرب). / تفسير سورة النساع الح الل ب برا 9 لدي م خرام ولاتهنوا ةلودك الوه صر يألو كما مرو حذ را ررد و ل 0 - تألمورس وتريجون ِنَأ نما لاجو رك وَكانَالَعلِيمًا كيجا 0 ريك الكتبياذ 1 ا 2 3 000 سيور رومع م . ا رهس 2ت رةه م ل مار واس أن +« أللَهإركَ ص" > 16خ 20" فى الآيات السابقة كان بيان ما يتبعه المؤمنون من الصلاة عند الخوف» ولقاء العدو» ومن قبل ذلك ذكر الله سبحانه وتعالى ما ينبغى أن يتبعه المؤمنون المغلوبون على أمرهم فى دولة غير إسلامية من الهجرة. فالآيات كلها فى وجوب الجهاد وما حول الجهادء وذلك أكد سبحانه طلبه بقوله تعالى: ولا تهئوا في ابتغاء القَوْمِ» قال بعض العلماء: إن ذلك الأمر المرشد بعد غزوة أحد» ورويت فى ذلك روايات إن صحت لم تعين أن يكون هذا النص فى موضعهاء ولكن الذى يتفق مع السياق» إن هذا النص بعد صلاة الخوف يدل على وجوب الاستمرار فى القستال من غير وهن ولا ضعف,» وجوب الاستمرار فى طلب مواطن الضعف فى الأعداء» ليكون الغلب لكلمة الحق وكلمة الله سبحانه وتعالى» فالسياق على هذا يكون: إنكم إذا أديتم الصلاة» فاتجهوا من بعدهاء وقد تسلحتم بذكر الله» إلى القتال. ومعنى النص الكريم: لا يصيبكم وهن». أى ضعف فى همتكم وعزيمتكم» فى ابتغاء العدو وطلبه» وتحرى موضع ضعفه والنيل منه» ولا تقعد بكم آلام الحرب عن متابعته» واللحاق بهء فإن تكونوا قد أصابتكم جراح فقد أصابته» ولذا قال سبحانه : ل تفسير سورة النساء ل 000 سب 5 ساي مل ه سوس الله ليما ١‏ كين » مرمى النص الكريم أنه لاايصح أن تكون الجراح» وويللات الحرب وآلامها مثبطة لكم عن الاستمرار فى طلب المعتدين وملاقاتهم؛ لأنه إن أصابكم من الجراح والآلام ما أصابهم» فهم يجرحون ويألمون من غير رجاء فى الآخرة» ولم يوعدوا بالنصر المؤزر الباقى فى الدنياء ولا بالنعيم فى الآخرة» فهم يلون فى غير أمل مرجوء وأنتم إن المتم» فلرجاء النصر ولرجاء النعيم» فأنتم أحق بالصبرء وأولى بأن تطلبوهم» ولا تهنوا وتضعفوا فى طلبهم. ويسوق الزمخشرى النص الكريم مساقا فيه شبه لوم للمؤمنين» فيقول فى تفسير قوله تعالى: «إإن تكونوا تألَمُون4: (أى ليس ما تكابدون من الألم بالجرح والقتل مختصا بكم, إنما هو أمر مشترك بينكم وبينهم» يصيبهم كما يصيبكم» ثم إنهم يصبرون عليه» ويتشجعون, فمالكم لا تصبرون مثل صبرهم؛ لأنكم ترجون من الله ما لا يرجون من إظهار دينكم على سائر الأديان» ومن الثواب العظيم فى الآخرة). ونحن نرى أن النص فيه تحريض على الصبرء ولا لوم فيه ولا شبه لوم؛ فما كان عند المشركين صبر كصبر المؤمنين» حتى يوازنوا بهم ويحرضوا على مثل ما هم عليه. وفى جعل رجاء المؤمنين من الله» فى قوله تعالى: ا وتَرْجَون من الله إشعار للمؤمنين بأنهم فى جانب الله تعالى» وأن رجاءهم عنده»: وهو يجيب رجاء المؤمن ودعاءه» ويؤيده بنصره: 9 وما النْصْرٌ إل من عند الله الْعَِيز الحكيم نرت 4 [آل عمران]» وليس للمشركين من يرجون إلا أن يكون أصناما لا تضر ولا تنفع!. وإذا كان الرجاء من الله» فهو رجاء من العليم بكل شىء؛ الحكيم الذى يضع الأمور فى مواضعهاء وينصر من ينصره بحكمته» ولذا قال سبحانه: #وكان الله عليمًا حكيمًا» أى ثبت وتقرر أن العلم والحكمة من أسماء الله تعالى الحسنى» لها تفسير سورة النساء ايل 114 7 جلت قدرته» وإذا كان الله سبحانه وتعالى عليما حكيماء فإنه يعلم جهاد المؤمنين للحق»: واعتداد المشركين بالباطل» وبمقتضى حكمته» لا يستوى الصالح والمفسدء والمحق والمبطل» ولا يستوى عنده الذين يعلمون والذين لا يعلمون» فالمؤمنون إذ يرجون ما عنده» ويطلبون رضاهء يجدون العليم الحكيم :« والله يويد بنصره من يشَاءِ 0 2 4 [آل عمرات ]2 ف( كتب اللّه لأغلبن أنا ورسلي . 4 [اجادلة ]| . وإن العليم الحكيم هو الذى أنزل القرآن مشتملا على شريعته؛ ليكون القسطاس المستقيم» والحكم العدل» ولذا قال سبحانه: ظ إن أنلنا إِلَيِكَ الكتاب باحق لتَحَكم بِيّْنَ النّاس بما أَرَاك الله 4 يذكر العلماء فى سبب نزول هذه الآية ما رواه الترمذى والحاكم وغيرهما عن قتادة بن النعمان» قال: كان أهل بيت مناء يقال لهم بنو أبيرق» ثلاثة: بشر وبشير ومبشرء وكان بشير منافقاء وقد كان طعام وسلاح لعمى رفاعة» كان قد ابتاعه فسرق منهء فقال: يابن أخى» قد عدى علينا فى ليلتنا هذه» فنقبت مشربتنا (أى غرفتنا) وذهب بطعامنا وسلاحناء فتحسسنا وسألناء فقيل لنا: إن بنى أبيرق استوقدوا فى هذه الليلة» ولا نراهم إلا على بعض طعامكم. . ويسترسل قتادة فى القصة»ء فيذكر أن بنى أبيرق اتهموا رجلا له صلاح وإسلام» وهو لبيد بن سهل» فغضب وهدد بالسيف. . . فذهب قتادة إلى النبى يليه فقال: «سأنظر فى ذلك»» فلما سمع بنو أبيرق» أتوا رجلا يقال له أسيد بن عروة» فكلموه فى ذلك» فاجتمع بأناس» فقالوا: يارسول الله» إن قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت مناء أهل إسلام وصلاح» يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت» ويقول قتادة: فأتيت رسول الله كله فقال: «عمدت إلى أهل بيت إسلام وصلاح» ترميهم بالسرقة على غير ثبت وبينلة»! . فرجعت فأخبرت عمى» فلم يلبث أن نزل القرآن : .+ إنا أنزلنا إليك الكتاب باحق لتحكم بين النّاس بما أراك الله ولا نكن لَلْحَائِينَ خصيما 4. وقد كشف أمر بشير فلحق بالمشركين مرتدا!217. )١(‏ رواه الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة النساء (75١؟)‏ عن قتادة بن النعمان. هاا تفسير سورة النتساع 00 أ لس زا وسواء أصح ذلك الخبر سببا للنزول أم لم يصح.ء فإن الآية لها صفة العموم» وتفسر بعمومهاء لا بخصوص سببهاء ومعنى النص الكريم على ذلك: إن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن الكريم المكتوب المسجل ليحكم النبى كله بما توجبه نصوصه. وبما يريه الله تعالى وينير قلبه لإدراك الحق. وهنا ثلاث إشارات بيانية : الأولى - أن الله تعالى عبر عن القرآن ب «الكتاب» للإشارة إلى أنه مكتوب الثانية ‏ كلمة «بالحق»» والباء تدل على الملابسة والاتصال ولمعية» فهو مع الحق. وبالحقء وناطق بالحق» ومشتمل عليه» ولا شىء فى هذا الكتاب إلا ما هو حق» ولا يخالفه إلا ما هو باطل. الثالئة ‏ قوله تعالى «بما أَرَاكَ الل فإنها مقابلة لقوله تعالى : «إإنًا أنزلنا إليك الكتاب», وهذه المقابلة تقنضى أن تكون كلمة «#بما أراك اللّدك لها معنى خاص» وهو النظر بنور الله تعالى فى الأقضية التى يقضى فيهاء فالقاضى لكى يكون قضاؤه عدلا لابد من أمرين: أحدهما ‏ قانون عادل هو الحق من كل نواحيه؛ وهو هنا الكتاب الكريم» الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - والثانى ‏ أن يكون فحصه للقضية ببصيرة نيرة نافذة» وقلب مشرق مدرك» وهذا يكون بنور الله» وهو للنبى ما عبر عنه بقوله تعالى: «إبما أراك اللّه) . ولكن نور الحق لا يكون إلا إذا نظر القاضى فيما يعرض عليه نظرة غير متحيزة» ولا منحرفة ) وهذا هو ما نهى الله عنه نبيه» والنهى لعموم أمته» ولذا قال تعالى: «ولا تكن لَلْحَائئينَ خَصيما» تبادر إلى النبى يَكةِ فى القصة السابقة أن من فيه صلاح وإسلام يكون على الحق» فانئحاز فكره ككل البشر» فالله سبحانه وتعالى نبهه. تعليما لأمته» ولكل قاض من بعده» إلى أنه لا يجوز أن ينحاز فكره إلى أحد الخصمين» فعسى أن يكون هو الخائن» وغيره هو البرىء» ولابد أن /إإذا تفسير سورة النساء م يك را المجالس» والمعنى على هذا: ولا تكن أيها الرسول الأمين مخاصما لأجل الخائنين» بأن تجعل فكرك ينحاز إليهم قبل سماع البينات الهادية المرشدة إلى الحق . وسّمى هؤلاء خائنون؛ لأنهم فى علم الله كانوا كذلك. وهو يخبر النبى يكل وهذا إرشاد لكل قاض أن ينظر إلى المتخاصمين نظرا غير متحيز» لكى وإن على كل قاض أن يستغفر الله دائما فى أقضيته؛ لأنه لا يدرى: لعله أصاب الباطل! والعصمة لله تعالى وحده» ولأنبيائه» ولذا قال سبحانه : «واستغفر الله إن اللّه كان غفورا رُحيما» الأمر فى ظاهره للنبى كَل وهو فى عمومه لكل أمته» ولكل قاض يفصل بين الناس. وطلب الاستغفار دائم يوجهه الله تعالى إلى النبى» وإلى كل مؤمن تقى» لأن الاستغفار إنابة» وعبادة» وهى مطلوبة. وإذا كانت القصة قد ذكرت أن النبى كَلِلهِ تبادر إلى ذهنه براءة خائن» فإن هذا ليس بذنب» ولكنه يوجب الاستغفار من الرسول» فإن علو مقامه يجعل مثل هذه التى لا تعتبر ذنبا من الناس» موجبة للاستغفار» على حد قول العلماء : (حسنات الأبرار سيئات المقربين) . وفوق ذلك فإن طلب الاستغفار» مع ما فيه من القنوت والطاعة» حث لكل قاض يفصل بين الناس على الاستغفار فى كل قضية» وقد بين سبحانه أن هذا الاستغفار الضارع يقبله الله تعالى؛ لأنه سبحانه قد ثيت واستقر له أن المغفرة بأقصى درجاتهاء والرحمة بأوسع معانيها» صفتان له سبحانه» وهذا معنى قوله تعالى: ظإِنَ الله كَانَ غَفُورا رحيما» . وقد أكد سبحانه اتّصافه تعالى بهاتين الصفتين بأربعة مؤكدات: أولها _(إن) التى تفيد التوكيدء وثانيها ‏ (كان) التى تفيد الاستمرار» وثالئها - صيغة المبالغة فى غفور ورحيم» ورابعها ‏ الجملة الإسمية. اللهم لا تجعلنا فى جانب الخائنين والعصاة» واجعلنا مع الأبرار الأتقياء . ل ./ الئل 72 و سح سر له عو 3 تم مر ته أذ بست حاون نفسَهَم إن الله لاحت من كان م ا و 2 ور شعو« حت أ ره عَنْهم في فالْحَيَزو ااا مَمنَ يد لله عنبم دوم لْمبَمَةٍ آم مَنِيَكوْنُعَكيمع وَحكيلا 7 هه ١ وا‎ 7: بي الكلام مستمر فى نهى المؤمنين عن أن يدافعوا عن رجل يظهر غير ما يبطن» أو يرتكب أمراء ويحمل غيره وزره»ء فهو يرتكب الشر مرتين» ويتحمل إثمين إثم الارتكاب وإثم رمى الأبرياء» والتدليس ولبس الحق بالباطل» وكان النهى موجها إلى النبى كلل ليبين وجوب الاحتراس على كل مؤمن» حتى لا يقع فى الدفاع عن الآثمين الخاطئين؛ لأنه إذا كان النبى كَلْدٌ وهو الذى ينزل عليه الوحى» إن اعتمد على نظره» قد يلبس الأمر عليه» فالاحتراس عن هذا أولى بكل مؤمن وأجدرء وقد قال سبحانه: ولا تُجادل عن الّذِينَ يَحْتَانُونَ أَنفْسَهُم 4 الجدال هنا الدفاع وإقامة الدليل لمصلحة الخائنين» وذلك للاسترسال فى حسن الظن بالمظهرء وترك ما يختفى ولا يستبين» فإن ذلك إن جاز فى السياسة لا يجوز فى القضاءء وإن جاز فى حقوق الله تعالى لا يجوز فى حقوق العباد» ليعطى كل ذى حق حقه.ء ولكيلا تذهب الأموال والأنفس والدماء هدراء فلا بد لإظهارها من تكشف المستور» وإظهار المخبوء . ل تفسيرسورة النساع مم ل 00 كاك :< -23 والجدال فى أصل معناه اللغوى مشتق من الجدل بمعنى الفتل» أى تقوية الحجة» ويكون المجادل كمن يفتل الحبل ويقويه. وقيل إنه مأخوذ من الجحدالة» والجدالة هى الأرض» فكل واحد من المخصمين يكون كالمصارع يريد أن يلقى صاحبه على الأرض. وإطلاق الجدالة على الأرض منه قولهم: تركته مُجَدَلاء أى مطروحا على الآأرض والاختيان» الذى هو مصدر #يختانون أنفسهم». يُعَرقه الأصفهانى فى مفرداته بأنه: «تحرك شهوة الإنسان لتحرى الخفيانة»؛ وتحرك الشهوة لتحرى الخيانة قصل إليها وَتَعَمَد لهاء وعمل على إحكامها. والخيانة والنفاق باب واحدء موضعهما من النفس واحد. ومعنى قوله تعالى: «الّذين يَحتَانُونَ أنفسهم4: الذين يقصدون خيانة أنفسهم» ويتحرونهاء ويحكمون إخفاء المستور من جرائمهم. وأضيفت الخيانة للنفس؛ لآن الذين يصنعون ذلك إنما يحدثون فى الآمة ذعرا عاماء» يعود ضرره على الحماعة» ويعود عليهم أنفسهم» إذ يعيشون فى جماعة قد فسد أمرهاء وارتابت فى شتئونهاء وضَل عن الناس معرفة الحق» وغاب عنهم لّه!! وكذلك لأن تلك الخيانة مغبتها على أنفسهم شديدة أمام الله تعالى»؛ وسيحاسبهم عليها من لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء» ولأن هؤلاء الخائنين الذين يتحرون الخيانة» إنما يحلون فطرهم السليمة عن الفطرة التى فطرهم الله عليهاء فيصيب الفساد نفوسهمء وتنحل كل العرا فيهاء وبذلك تضطرب» وتكون فى بلبال مستمر: «إ إن الله لا يحب مَن كَانَ حَوَانا يما 4 إذا كان الخائنون الذين تحروا الخيانة وقصدوهاء وانحرفوا بفطرهم عن أصلهاء ينالون العذاب فى الدنيا بالحكم عليهم» وإعراض أهل الفضل عن معاونتهمء فإنهم لا ينالون حب الله تعالىء والمعنى الظاهر للنص: «#َإإِن الله لا يحب مَن كان حَوَانا أثيما» هو أن الله تعالى العلى الحكيم» الذى لا ترجى محبة سواه لا يحب من كانت الخيانة وصفا ا تفسشير سشبور: ة النساء ل ملل اي ١ لاه‎ 2 من أوصافه» وشأنا من شئونهء وخلقا من أخلاقه.» ومن صار الوثم عادة له» حتى صار يوصف بأنه خوآن» وأثيم. فكلمة خوان صيغة مبالغة معناها أن الخيانة صارت وصفا ملازما له» وكلمة أثيم صيغة مبالغة من إثم» تفيد أن الإثم صار وصفا ملازما!. وأن محبة الله تعالى شأن من شتونه سبحانه تليق بذاته الكريمة» وهى تتضمن معنى الرضوان» وتستلزم فيض رحمته ومنح غفرانه» فمن فقد محبة الله تعالى» فقد حرم من الرضوان» وحرم من رحمة الله تعالى التى تكون للتوابين» وحرم غفرانه؛ لأنه لا يكون إلا لمن أحاطت به خطيئته» حتى لا ينتقل إلا من إثم إلى إثم!!. وقد أكد سبحانه نفى محبته لهؤلاء الذين أركسّت نفوسهم فى الخفيانة» ودنّس الإثم نفوسهمء حتى أصبحوا لا يعيشون إلا فى آثام» بالجملة الاسمية المصدرة بحرف (إن» الدال على التوكيد. وهنا إشارة معنوية: وهى أنه تعالى وصف الذين حرموا محبته بأنهم خوانون أثيمون؛ وذلك له معناه لأن اختيان النفس» وتعودها الخيانة يجرها إلى آثام كثيرة» فمن خان يسرق ويكذب» ويأكل أموال الناس بالباطل» ولا يحرج عن إثم» فكأن الخيانة جاذبة معها كل الآثام! . يَستخفون من النّاس ولا يسَتَحَفُونَ من الله 4 إن أولئك الخوانين الأثيمين لا تنالهم محبة الله تعالى» ولا رحمته ولا مغفرته» ومن شأنهم أن يكونوا بعداء عن الناس غير ملتقين بهم» فهم دائما يستخفون من الناس ليدبروا ما يدبرون» ولآنهم فى جفوة مستمرة» ولا يحبون الناس ولا يألفونهم» ولا يحبون لقاءهمء وإذا لقوهم أظهروا غير ما يكتمون» وأبدوا غير ما يخفون!. فالخائن لمجتمعه وأمته يتسم بسمة تجمع عيوبا ثلاثة: هذه السمة هى الاستخفاء» وهذه العيوب هى الجفوة التى تحمله على آلا يظهرء وكتمانه أمره حتى لا يكشف» وتدبيره السوء فى استخفائه! والباعث على ذلك كله الأنانية الظالمة» والأثّرة القاطعة! . اا تفسير سورة النساء م 0101 ١ هه‎ 2 وإنهم إذ يستخفون من الناس لا يشعرون برقابة الله على أعمالهم؛ لأن ذلك الشعور ينبعث من ضمير حى قوى موجه للنفس» والوجدان الدينى القوى لا يكون فى قلب جاف قاسء قد ترك الناس ولم يألفهمء وهذا معنى قوله تعالى: ولا يستخفون من الله 4 » فهو مطلع عليهم. وإن كانوا لا يشعرونء وعليم بأمرهمء وإن كانوا يستخفون من الناس» ويبتعدون عنهم. والاستخفاء المبالغة فى طلب الخفاءء والابتعاد» وذلك ليتسنى لهم تدبير ما يريدون» والله سبحانه معهم إذ يدبرون السوءء لذا قال سبحانه تعالت كلماته وجلت قدرته: هوهو معهم إِذ يبيتون ما لا يرضئ من القول وكَان الله بما يَعملُونَ مُحيطًا» هؤلاء الذين يستخفون من الناس مجافين لهمء ولا يشعرون برقابة الله تعالى عليهمء. والله مطلع على أقوالهم وأعمالهم» اطلاع من يصاحبهم فى غدوهم ورواحهمء وهو معهم عندما يدبرون الأعمال فى خفية من الناس والأقوال التى لا يرضى الله عنها. فالتبييت تدبير الأمر فى البيات» أى الليل» وأطلق على كل ما يدبر بعيدا عن الناس» ويقول الزمخشرى فى معنى النص الكريم: «يدبرون ويزورون - وأصله أن يكون بالليل - مالا يرضى من القول. . . فإن قلت: كيف سمى التدبير قولا» وإنما هو معنى فى النفس؟ قلت: لما حدّث بذلك نفسه سمى قولا على المجاز)». فالتبيبت معناه التدبير فى الخفاء مطلقاء سواء أكان تدبير قول يسترون به عملهم» ويزينون به مظهرهم» أم ترتيب عمل يخفونه» ويقومون بهء فإن أعمال المنافقين جميعها تدبّر بليل» وتنفذ بليل» حتى تظهر آثارها فى الجماعة» ولكن الله سبحانه وتعالى ذكر القول فقطء فقال: «مالا يرضى من القول»ء فلماذا ذكر القول وحده؟ لقد وجه الزمخشرى سؤالا قريبا من هذاء وأجاب عنهء ونحن نقول: إِنَّهِ ذكر القول وحده مقترنا بعدم رضا الله تعالى؛ لأن أقصى ما يتستر به المنافق قول مزخرف يضلء ولذلك بَيّن النبى كك أن عليم اللسان منافق القلب هو اا تفسير سورة النساع 0 64 > ا أخوف من يخافه على أمته(١2»,‏ فعناية المنافق بالقول الذى يستر به عمله هى الجزء الأكبر من تدبيره» وإن عمل الليل سهلء ولكن إخفاءه بزخرف القول صعب عند ظهور آثاره. وفوق ذلك فإن القول إذا كان لا رضىء» فالعمل أبعد عن الرضا. وقد عبر سبحانه عن فعلهم وقولهم بأنه لا يرضاهء للإشارة إلى مقته لهم» وحسابهم عليه. وإذا كان الله تعالى عليما بما لا يرضى من القول علم من يصاحبهم عند التدبير والتبييت» فهو بعملهم عليم أيضاء وهو أيضا لا يرضى عنه» ولذا قال سبحانه: «( وكان الله بما يَعْمَلُونَ مُحيطًا 4 فإذا كان الله تعالى مصاحبهم فى قولهم الذى لا يرضيه» فهو محيط دائم بكل عملهم إحاطة الدائرة بقطرهاء لا يغيب عنه شىء» ولا يعزب عنه مثقال ذرة منه. والتعبير عن علم الله تعالى لأعمالهم بالإحاطة., فيه إشارة إلى أمور ثلاثة: أولها- أن علمه كامل لا ينقصه شىء» فهو علم إحاطة واستغراق. وثانيها- أن الله معاقب بقدر ما ارتكبوا. وثالثها- أن الله واضع أعمالهم فى دائرة» فلا يمكن أن يصل إلى أهل الحق أذاهم؛ لآن الله محيط بهم وبما يعملون: ما شم موا مهم ني الحمة ادن َم مُجَادل الل نهم ْم ليام » يستطيع أهل النفاق بحلو قولهم» وقدرتهم على تزوير الكلام وتحسينه» أن يجدوا لهم أنصارا من أهل الحق. يخدعون بمظهرهمء ولطف مداخلهم. فيظنون بهم الخير» ويندفعون للدفاع عنهم» والله سبحانه وتعالى يبين أن هذا الدفاع إن أجدى فى الدنيا لهم» فهو جداء يؤدى إلى إيغالهم فى الشر والفجورء وإذا كان ينجيهم من عذاب الدنياء فلن ينجيهم من عذاب الآخرة» إذ لا يكون العقاب إلا من علام الغيوب الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماءً» والجدال عنهم فى الدنيا أمام البشرء أما الجدال عنهم فى الآخرة» فهو أمام الله تعالى العليم )١‏ عر مر بن الطاب حي اللَّه نه أن سول الله ل َال: (إن أخنوف ما أخاف عَلَى أمتى كل منّافق عَلِيمٍ اللّمّان». رواه أحمد: مسئد العشرة - أول مسند عمر بن الخطاب رض الله عنه شاش اس رك ). هاا تفسيرسورة النساعء لاا ااالاااااا! ااال الالالال لل لاا للللااللالال !كن الل الللنات أ ااانطا ااانا لاخلا لالطالا ااالانط نط لالط لنططل الل الاط لط مالالا لاط طللل للا بطل بسر ١ بي‎ الحكيم» والشهود فى يوم القيامة عليهم كثيرة متعددة ) فإنه تشهد عليهم أيديهم وأرجلهم وألسنتهم بما كانوا يفعلون. وهنا أربع إشارات بيانية : أولها ‏ التنبيه إلى مجادلة المؤمنين عن المنافقين» ووقوعها فى الماضى» وتوقعها فى القابل» وذلك للإشارة إلى حسن ظن المؤمنين بالناس. وقد قسرر سبحانه التنبيه إلى ذلك فى قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء #» فتكررت هاء التنبيه؛ وذكر اسم الإشارة الذى هو تنبيه ثالث. وذلك التنبيه إلى الواقع والمتوقع للتنبيه إلى الاحتراس» ومراقبة أنفسهم عندما يفرطون فى الثقة بمن ليس بها جديرا. ثانيها ‏ التعبير بالماضى فى قوله تعالى « جَادلمم4 مع أن النهى منصب على المستقبل» لبيان تحقق وقوع المجادلة عن المنافقين مع توقع وقوعهاء إذ النهى لا يكون إلا عن أمر محتمل الوقوع فى المستقبل» والصيغة تتضمن اللوم على الواقع» والنهى عما يمكن أن يقع. الثها ‏ الإشارة إلى أن المجادلة فى الحياة الدنياء إنما سببها الجهل بالقلوب» وعدم تحرى ما تنطوى عليه؛ وأن حالهم ستنجلى يوم القيامة» فإذا كانوا يخدعون أهل الدنياء فالله سبحانه كاشفهم وخادعهم يوم القيامة. رابعها ‏ أن الله سبحانه وتعالى نبّه إلى أن المجادلة عنهم نوع من المحاماة عن الرذيلة» والدفاع عنهاء ولذا قال سبحانه : «إأم من يكون عَلَيهمِ وكيلاً4 ومعنى النص الكريم: إذا كانوا يحامون عنهم» ويجادلون عنهم فى الدنياء فسيلقون ربهم يوم القيامة غير راض عنهم ولا محب لهم؛ فلا يرحمون فى ذلك اليوم» ولا يغفر لهم؛ لأنهم لم يتوبواء واستغرقت نفوسهم الخطيئة» ولا منجاة لهم من العذاب» ولا مخاصم عنهم أمام الله!! اللهم ارحم أمتك من نفاق المنافقين واجعلنا من عبادك المخلصين . ااا تفسير سورة النساع لل ك2 سي بس 5 ١ يي‎ ا ومنيعمل ا ل ا ب ل ال سَُوءًا أَوْيظ لم نفْسَه,تمَ يِسْتَعْف أله يجِر الله غفورا 7 ع جه ا ا ع م ل 2 زر مايه ع تَحيما عه وَمَن يكس بإِنَّما نما يكسبه :عل نفسو 1 ى حضم جح > اله كي > وَكَانَأَلَهُ عليمًا حَكيما يه وَمَنِيَكسِبَ حَطِيحَه أَوَإما د م هه 7 هس رد هس سي سر 000 ترم به يريا ققد أَحَسَمَلَ مكنا وَإِنْمَامْبِيما © ولدلا ع ل مي لل اس لل سرع ري اج ره لح عر ح 2 #7 أ و 2 مدير ه 200 يِضِلوك وَمَايَضِلُو إلا أنفسهم وَمَايضْرون كين 500 21 0200 عَيْءٍ وَأَنْرَّلَ أَسَدْعَيلكَالْكدْب وَلِدْكُمَةَ وَعَلْمَلكَ 2 لح ع سر 2ح اماي سد 2 مَالْمَ تكن تَحَلَمُ وكارك لله عَليَكَ عَظِيما 079 فى الآيات السابقة ذكر سبحانه أحوال المنافقين والذين يختانون أنفسهم. وأشار إلى الذين يرتكبون الشرء ويرمون به غيرهم» وما يجب أن يكون عليه القاضى المنصف الذى يرد الحقوق إلى أصحابهاء وتكون عنده المقاسم الحقيقية للحق والباطل» وكل ذلك فى الأحكام الدنيوية. وفى هذا النص يبين الله سبحانه مراتب العصاة أمام الله تعالى فذكر ثلاث مراتب: المرتبة الآولى مرتبة التوابين» والثانية مرتبة الذين لا تتعدى آثامهم أنفسهم أو لا يرمون بها غيرهم» والثالثة. وهى التى تنال أشد الجزاء الأخروى بعد الخزى الدنيوى» هى التى ترتكب الشر وترمى به غيرها. وقد بين الله سبحانه المرتبة الأولى بقوله تعالى: « ومن يَعْمَلَ سُوءا أو يَظْلمْ نَْسَه ثم يستغفر الله يجد الله عفُورا ريما 4 السوء هو الأمر الذى يحدث غما وألماء سواء أكان لفاعله» أم كان لغير فاعله؛. ولكن بمقابلته بقوله تعالى : إلا تفسير سورة النساءع 7 الل ل 011100 ١ اكاك‎ يي أو يظلم نفسه 4 لا بد من أن تفسر الكلمتان بمعنيين متغايرين» وقد تكلم فى ذلك المفسرونء. وأحسن ما رأينا هو ما قاله الزمخشرى من أن السوء هو ما يكون فيه أذى للغير» كالقذف والشتم والسب» ونحو ذلكء, وأما ما يكون فيه ظلم للنفس» فهو مالا يكون فيه أذى مباشر للغير ابتداء» كالفاحشة» وشرب الخمرء وترك الصلاة والصوم والحج» وغير ذلك من المعاصى التى لا تتجاوز غير صاحبها مباشرة وابتداء» وإن كانت فى مآلها تتعدى إذا تفشت الأمة وكثرت فيها. ولا بد أن نذكر بإجمال عبارات فى بعض الإشارات البيانية القرآنية : الأولى - عن التعبير بقوله تعالى: إ ومن يعمل سوءا 4 فإن هذا التعبير يشير إلى أن نفسه لم تركس فى الشرء ولم يستغرقهاء بل إنه عمل عارضء» ولذا كان التعبير # يعمل 4». وهذا فى مقابل قوله فى الطبقة الثانية : 9و يكسب #. فإن الكسب كما تبين يشير إلى تدنس النفسء. وارتكاسها فى الشرء أما العمل ففى ظاهر الأمر إنه لا يتجاوز الجوارح؛ ولذا كانت التوبة قريبة» وكان الاستغفار غير تعيك . الثانية - أن التعبير عن المعاصى الشخصية التى لا تتعدى صاحبها ابتداء بظلم النفس» فيه معان واض حة.ء فهى تفيد أن كل ما نهى الله عنه فلمصلحة العبدء فإن تجاوز حدود ما نهى الله عنه فقد وقع فى ضرر مؤكد. وفيه تنبيه إلى أن المعاصى» سواء أكانت إيجابية كشرب الخفمرء أم سلبية كترك الصلاة والصومء مغبة وقوعها تكون على العبد ابتداء» ثم تكون على غيره من بعد. وفى الحق أن كل ما نهى الله عنهء وما أمر به فهو لمصلحة الجماعة» ومخالفة أمر الله فيه ظلم للنفس وإساءة للمجتمع» بيد أن بعضه يكون أثره مباشراء إما على الغير كالقتل والاعتداء بكل أنواعهء أو يكون أثره المباشر على شخص المرتكب» ثم يتعدى إلى المجتمع من وراء ذلك» حتى أن من ظلَم النفس عده الله تعالى اعتداء على حقه تعالىء» كالزنا وشرب الخمر» وكونه ظلما للنفس لا يمنع أنه اعتداء على حق الله تعالى وذلك للمآل والآثار» لا بالمباشرة. هاا تفسير سورة النساع 00 تي رب 1 الثالثة - أن التعبير ب «ثم» فى قوله تعالى: 88 ثم يستغفر الله © للإشارة إلى تفاوت ما بين المعصية والاستغفار» فالتراخى الذى دلت عليه كلمة «ثم» تفاوت معنوى» وليس بتراخ زمنى لأن من يعمل السوء أو يظلم نفسه من غير أن يحيط بالنفس» توبته قريبة» كما قال تعالى: 8«إإِنَمَا التُوَة على الله للّذِين يعملون السوء حهلة وود من يب فك موب ل هم وك للا حي سكين »4 [ النساء ] . والاستغفار هو طلب المغفرة» وذلك يقتضى الإقلاع عن الذنب» والندم على ما كان منه» والالتجاء إلى الله تعالى فالاستغفار هو التوبة النصوح» ومن مقنضيات هذه التوبة أن يرد الحقوق إلى أصحابهاء ويطلب العفو ممن أساء إليه؛ لأن حقوق العباد لا تتحقق فيها التوبة إلا إذا ردت إلى أصحابهاء أو كان العفو منهم . وقوله تعالى: 9 يُجد الله غَفُورا رَحيما 4» يفيد استجابة طلب الغفران إن تحققت شرائطه. ولم يصب النفس بدنس» فالمعنى إن استغفر وتاب وأناب استحق المغفرة» لأنه يعلم وصف الله تعالى لذاته العليّة بأنه القصف بصفة الغفران والرحمة» وكان من رحمته أن يقبل توبة التائب» ويعاقب العاصى المصر. ثم ذكر سبحانه المرتبة الثانية فى المعاصى بقوله: « ومن يكسب إِنْمَا فَإنّمَا يكْسبه على نفسه وكان الله عَلِيمًا حكيمًا © الكسب معناه طلب ما يرغبه الإنسان» ويطلق الكسب على ما يثاله الإنسان من أمور الدنياء وما تناله النفس من حظوظها أو ما تراه حظا لهاء وقد ورد الكسب فى القرآن بمعنى طلب الرزق» وورد بمعنى فعل الخيرء وورد بمعنى فعل الإثم. ولاحظنا فى تعبيرات القرآن عن كسب الآثام أنها تقرن بما تدل على استمراء النفس للشرء وتأثرها به» فقد قال تعالى: « ... أن تبْسل نفس بما كُسَبّت ٠‏ 4 [الأنعام] أى تمنع من الخير بسبب ما كسبته من ذنوب» وقال تعالى: 9 ... أُولك الّذِينَ أبسلوا بما كُسبوا ... 472 [الأنعام]ء وقال تعالى: « ... إن الْذين هاا تفسبير سور: ة النساءع الل بيبل زر يي يَكْسبونَ الإنْم سيْجِرَوَنَ بما كانوا يععَرِفُودَ +4420 [الأنعام]» وغير ذلك. ولذلك يصح أن نفسر كسب الإثم بأن يتحراه وتَتَدِرَنِ به نفسه. حتى يصير كسبا رديئا لها؛ وذلك أن الشر إذا ارتكبه الإنسان خط فى النفس خطاء فإذا تكرر ذلك كثرت الخطوط السوداء» حتى يَرَبدَ القلب» وبذلك يكون قد كسب الإثم» وهو الذنب المبطئء عن الله تعالى. ومن وصل الشر فى نفسه إلى هذا الحدء فإن ذلك الذى اكتسبه لا يعود بالشر ابتداء إلا على نفسهء لأنه أفسد فطرتهاء وحولها عن طريق الانتفاع بها إلى أركاسها فى الشر. وخسارة الشرير فى نفسه أكثر من خسارة الناس فيه» ولأنه يصير من الشّدَآب الذين تلفظهم الجماعات الإنسانية» ولأن عذاب الله يستقبله» ولذا قال سبحانه مهددا بأنه عالم بما يرتكب» ولو أخفاهء حكيمء يضع لكل امرئ مايستحق. فلا يتساوى عنده المسىء مع المحسن وهو وحده المنصف بأعلى درجات العلم والحكمة. ويلاحظ فى الفرق بين التعبير فى الآية السابقة وهذه الآية أمران: أولهما ‏ أنه عبر فى الأولى. عن مرتكب الشر ب «يعمل» وقد بينا ما فهمناه من ذلك» وفى هذه الآية عبر ب «يكسب»» للإشارة التى تدنس النفس بالشرء واسوداد القلب به» حتى اربد» وأصبح لا نور فيه. ثانيهما ‏ أنه لم يعبر عن الشر الذى وقع فى الأولى بالاثم» بل عبر بالسوء أو الظلم للنفسء» وهنا عبر بالإثم المبطئ اعد عن الله تعالى؛ لأن الشخص فى الحال السابقة قريب من الخير بالتوبة القريبة» أما هنا فحاله حال من تبطؤ توبته. وقد قال سبحانه فى المرتبة الكبرى من الشر: ومن يككْسب خَطيئَة أو ِنْما م الخطأ هو العدول عن الجهة» وقد قال فى تفسيره الأصفهانى فى مفرداته : (الخطأ العدول عن الجهة» وذلك أضرب: أحدها - أن يريد غير ما تَحَسّن إرادته» وهو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان» يقال خطئ اا تفسير سورة النساعء !ااا الالالال للللكا ااام لتللةال اللا انان اناالا تظللطاا الال للاللاالالالالللا لل اللتخمالا انالا الالالال الالال طاقن )تاللا هم حب زا يخطأ خطئاء وخطأة, قال تعالى: «... إن قَتلَهِمِ كان خطًا كبيرا 218 »4 [الإسراء ] وقال تعالى: «« ... وإن كنا لَحَاطِين 427 4 [يوسف]. والثانى - يريد ما يحسن فعلهء ولكن يقع منه خلاف ما يريد: فيقال: أخطأء إخطاءًء فهو مخطئ.» وهذا قد أصاب فى الإرادة» وأخطأ فى الفعل» وهذا هو المعنى بقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان72١"2.‏ وبقوله عليه الصلاة والسلام : «من اجتهد فأخطأ فله أجره»'"/, وقوله تعالى: © ... ومن قَعَل مؤمنا خطنا فتحرير رقب مؤمئة ... +30 # [النساء] والثالث- أن يريد ما لا يحسن فعله» فيقع خلافه» فهذا يخطئ فى الإرادة ومصيب فى الفعل). ومنها يتبين أن الخطأ الكامل ما يكون انحرافا فى الإرادة» بأن يريد ما لا تصح إرادته» ويأثم بهذه الإرادة» ومن ذلك كلمة «خطيئة» فإنها تستعمل فى كثير من آى القرآن فيمن يرتكب الشرء» منحرف النفس» »2 حتى أنه يصدر عنه من غير تكلف» ولا معاناة» ومن ذلك قوله تعالى: 9 بلى من كسب سيئة وأحاطّت به خطيئته ... #لنة 4 [البقرة]»ء وقوله تعالى أيضا: 8 ... ولا ترد الظَالمين إلا ضّلالاً :4722 مما خَطيئاتهم أَغْرقُوا . . . 222 4 [نوح]ء وكانت المخاطئة هى الذنب العظيم» ومن ذلك قوله تعالى : ... والمؤتفكات بالخاطة 31> 4 [الحاقة ]. وعلى ضوء هذه المعانى نقول: إن الخطيئة هنا فى قوله تعالى: #ومن يَكُسب خَطيئة4 هى الذنب العظيم» الذى تمرست به النفس» حتى صار وصفا من أوصافهاء يصدر عنها من غير قصدء بل هو انحراف النفس التى أحاطت بها ظلمات الشر» والإثم هو الذنب المبطئ عن الاتجاه إلى الله بالاستغفار. )١(‏ سبق تخريجه. (1) عن عمرو بن الْعاص أنه مع سول اللّه وك يول : (إذَا حكم اللحاكم َاجَبَهَدَ ثم أصاب فَلَهُ أجرآن » وَإِذَا ذا حكم فَاجِيْهَدَ ثم أعنطَا قله أجره . [البخارى: الاعتصام بالكتاب والسنة - أجر الحاكم إذا اجتهد (079765), ومسلم: الأقضية - أجر الحاكم. ])١917(‏ لإا تفسيرسورة النساء 07م ميل سج ار ى ١‏ وإن جريمة هؤلاء جريمتان: إحداهما ارتكاب الشر والإيغال فيهء والثانية أنهم يرمون البرآء بهء ولذا قال تعالى: ثم يرم به بَرِيًا فَقَد احجَمَل بِهنَانا وإِنّما تت وإن هذه الجريمة تتضمن هى الأخرى فى ثناياها جريمتين: إحداهما ‏ البهتان» وهو الكذب الذى لا يتصور عند أهل الخير وقوعه» والثانية ‏ إثم واضح» وهو إلقاء التبعة على الغير» إذ إنه كذب حير البرىء وأذهله. وإن هؤلاء» مع هذه الذنوب التى يرتكبونهاء منافقون يظهرون غير ما يبطنون» وهم شر الجماعة الذين يسعون بالفساد فى الأرض» وأن السعاية التى وإن هؤلاء يفسدون الحكام على شعوبيهم» ويسعو فى الأرض فسادا بجر مهم » وإن الله يحذر نبيه من أمثالهم» وهو قدوة حسنة لكل الحكام . «ولولا فضل اللّه ليك ورحمته لَهُمّت طَائفَة مَنهم أن يضلُوك وما يضلون إل أنفسهم وما يضرونك من شيء» اله لضمير فى قوله تعالى : طٍِ لهمت طائفة منهم © يعود على ما يفهم ضمنا من حال هؤلاء الذين أركست نفوسهم فى الخطاياء حتى أصبحوا يقدمون عليها من غير قصد خاص إليهاء كأن ذلك حال من أحوالهم» فهم منافقون يبتغون الفتنة فى الذين آمنواء وأول فتنة وأقوى فتنة هى التى تجىء فى الحكام» فتبعد ما بينهم وبين الأخيار من الأمة» ويتقرب بها الأشرار الذين يرتكبون الشر» ويرمون به الأبرياء. ومعنى النص الكريم: إن أولئك المنافقين العصاة جريئون على رمى الأبرياء وتضليل الحكام. ولولا أن الله تعالى من عليك بفضله العميم» ورحمته الواسعة» لهمت طائفة منهم أن يجعلوك فى ضلال تعالى عليه بالوحى الذى يبين له الحق» ورحمته الواسعة التى يمن بها عليه وعلى فوسها فلا يكن نهم ما »كمال الى فى وف في عليه الل والسلام: « ... عزيز عليه ما عبتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم 9( 4 تفسير سورة النساء الالال 0 ادرو لسر ا [التوبة]. وإن هؤلاء إذا حاولوا هذه المحاولة أو لم يحاولوهاء واستمروا فى غيهم يعمهون» فإنهم باستمرارهم فى هذه الغواية يسيرون إلى أقصى المدى فى الشرء فيبعدون عن الهداية» ولذلك لا يضلون إلا أنفسهمء فإن النبى يَكِ لن يضل أبداء وإنهم لا يضرونه بأى قدر من الضررء ولا بأى نوع منه؛ لأن الله حافظه, وحافظ من اتبعوه إلى يوم القيامة. وقد بين الله حصانه نبيهء إذ قال: « وأنرل الله عليك الكتاب والحكمة وَعلّمكَ ما لم تكن تَعلم وكان فضل الله عَلَيِكَ عظيما 4 هداية كاملة بالرسالة» بينها الله سبحانه وتعالى بأن الكتاب أنزل عليه مبينا به الشريعة الحق التى لا يأتيها الباطل من بين يديه ولا من خلفهء فهو يحكم بقانون القرآن» وعلّمه الرسالة» وأنزل عليه الحكمة» وهى الفهم الصحيح. وفقه الوقائع» والمسائل: فلا يقضى إلا بالحق. وقد فسر الإمام الشافعى الحكمة بالسنةء» وإن هذا التفسير له موضعه من الحق» فالله تعالى أنزل عليه الوحى بالسنة» فما كان ينطق عن الهوىء. إن هو إلا وحى يوحى. وإنه يعلم القرآنء وبالحكمة التى أنزلها على قلبهء قد أنار الله بصيرته» فعلمه علما كثيرا لم يكن يعلمهء وكان فضله بهذه الرسالة» وبهذا القرآن» وبهذه الحكمة» وبهذا العلم النورانى الذى علمه إياه. عظيما لا حدود لعظمته. وإن هؤلاء الذين يسعون فى الأرض فساداء كانوا يحاولون أن يضلوا النبى» لولا كتاب الله الذى أنزل عليهء وحكمته التى أوحى بها إليه» وما علمه من علمء وأن أمثالهم فى كل زمان» وهم أجرأ على الحكام؛ إذ لا هداية من السماء تنزل على الحاكمين»: فلا حواجز تحجزهم عن السعاية بالشرء فعلى الحكام أن يأخذوا حذرهم منهمء ولا يجعلوا منهم ألسنة تحكى حال غيرهمء بل عليهم أن يقطعوهاء والله من ورائهم محيط. اا تفسير سورة النساع خااااااااااا!ااااااااااااااالاااااااال مامالل لالخ مالملا للا لم ممم غ نامل ل لاوطو طوطخ اماما امال تاللا 5 تي سوم . يدح ص الاح تي سح كام ال س8 لاخير فيحككير من نجودلهم ! لا من أمريصدقةٌ 00 - 02 007 23 لست سر ص سا ليله ٠. -‏ 5 - سج امسر ب 3-1 . 5 . وَمَعْرَوفٍ أَوَإِصَلدِج بَيَألناس وَمَن يَمَعَل ذلك ا سم آل 91 7- مه 2 هه ع » 0 0 جم ا أَبِتَعْاءَ ميضات الله فسوف نوْشِهِ أحُراعظيما حْلِه ومن م 0 سرح لسرا سس يي سر ص عو مه لس ةر سه سَاققٍ الرسول من بعد ماثبين له الهدى ويتيع عير مجيىام 0000 سس أنه سر ارس رار 1 سَيِ( لْمَؤّمِيِينَ وله ماتوك ونص لو جَهثم وساءت ورا حوره فى آخر الآيات السابقة» أشار سبحانه إلى أن هناك طائفة تدبر التدابير للإخلال والإضرار» وأن الله تعالى مبطل مكرهم وتدبيرهم الشرء وفى هذا النص الكريم يشير إلى أن الشر لا يدبر إلا فى خفاءء ولا يكون فى إعلان» وأن الناس يعلنون خيرهم ويخفون شرهم. والإسرار بمقتضى الطبيعة البشرية لا يكون إلا فيما يُخشى إعلانه» ويتقى اطلاع الناس عليه» ولكن مع ذلك قد يكون من الخير الإسرار فى بعض الأمورء ولذا قال تعالى: «إلا خَيْرَ في كنير مَن نجَواهم إلا من أَمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس 4 يقول الأصفهانى فى مفرداته فى بيان النجوى: إن أصل هذه المادة الانفصال عن الشىء» والنجوة والنجة المكان المرتفع» والنجوى عنده اسم مصدر للمناجاة» وهى السَارَة» وهى عنده أن تخلو بإنسان وتخاطبه كأنك تسر إليه شيئاء ولا خير فى كثير من هذه المناجاة» إلا أن تكون أمرا بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس. فالأمر الأول من التناجى المحمود هو الأمر بالصدقة» والصدقة هى التبرع والتطوع بفعل الخير» من إنفاق مال» أو مساعدة ضعيف» أو إنظار مدين معسرء أو ترك الدين والعفو عنهء يقول تعالى: ون كان ذو عسرة فنظرة إلى ميْسرة وأن تصدقُوا حير كم . . +20 4 [ البقرة] . ها تفسير سيور ة النساء الملل ل مم ب 2 - وقال عليه الصلاة والسلام: ١ما‏ تأكله العافية فهو صدقة(2)21 أى ما يقدمه الإنسان من قوة بدنية فهو صدقة» فمعونة الضعيف على حمل ما يحمل صدقة. وبهذا التفسير العام لكلمة الصدقة نقول: كل ما يقدم من معونة إنسانية بالبدن أو المال» عطاء أو تركاء وكل ما يتسامح فيه الإنسان: تأليفا لقلب محبء يكون صدقة؛ بل إن بعض العلماء جعلها تعم كل أبواب الخير» ومن ذلك قوله النبى يكِة: «١كل‏ معروف صدقة)2)20. والأمر الثشانى من التناجى المحمود: الأمر بالمعروف فى لغة القرآن الكريم معناها ما يقره العقل ولا يستنكرهء ويقوى الروابط الاجتماعية» ويقيمها على دعائم من الفضيلة ورعاية الحقوق والواجبات» فالمعروف لفظ يعم كل أعمال البرء وخصوصا الاجتماعية منها: وإن المعروف مقابل المنكر. من حيث معناه» ومن حيث حكمه. فالمنكر هو كل ما يضر الإنسان والمجتمع» وهو منهى عنه» والمعروف كل ما يصلح الإنسان والمجتمع» وهو مأمور به مطلوب. فالتناجى لتدبير خطة إصلاحية» ومبادئ اجتماعية» وقيام بحق الله تعالى فى إقامة مجتمع فاضل» هو من أفضل الفضائل. وإن المعروف يجب القيام به حيثما لاحت فرصته» وقد قال فى ذلك الماوردى فى كتابه القيم «أدب الدنيا والدين»: «ينبغى لمن يقدر على إسداء المعروف )١(‏ هذا الحديث رواه أحمد: باقى مسند المكثرين - مسند جابر بن عبد الله »)١5777(‏ والدارمى: البيوع - من أحيا أرضا ميتة فهى له (/55-01). عن جابر رضى الله عنه. وتأتى رواية مسلم: المساقاة (1901) عن جابر بن عبد الله - أيضا لتزيد الأمر قَالَ رَسول اللّه َك : اما من ملم يرس غَرْسًا إلا كانم أكل منه لَه صَدقةء وما سرِق منه لَه منَدقَة: وم أكل السيع مله هو له صدقة» ومَا أكلّت الطَيْرٌ فهو لَهُ صَدقف ولا يرزقه أحَد إلا كَانَ لَه صَدئَه. قلت: فليس المقصود هنا بالعافية القوة البدنية» كما سيأتى بعد. ولا عطر بعد عروس . () رواه البخارى: الأدب - كل معروف صدقة )6١51(‏ عن جابر رضى الله عنه» ومسلم: الزكاة - بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف )٠١٠١6(‏ عن حذيفة رضى الله عنه. 4 تفسيرسورة النساء الل سسب أ أن يجعله حذار فواته» ويبادر خفية عجزه.» وليعلم أنه من فرص زمانه» وغنائم إمكانه» . والأمر الثالث الذى يصح التناجى فيه: : أمر الإصلاح ب بين الناس» سواء كانوا جماعات وأمماء أم كانوا آحادا وأفرادا. والإصلاح ب بين الناس فريضة اجتماعية تجب على أولى العزم من الرجال» وهى ضريبة ذى الحاه والمنزلة» فإذا كان بين اثنين خصام وأزاله» فقد قرب الله بين قلبين» وإن القضاء والفصل فى المخصومات يورث فى القلوب إحناء بينما الصلح بينهم يبقى المودة. ولقد قال فى ذلك الإمام عمر ‏ رضى الله عنه ‏ فى كتابه إلى أبى موسى الأشعرى «رد الخصوم حتى يصطلحواء فإن القضاء يورث بينهم الضغائن»» ولقد قال النبى كَللِلْهِ: « أصلح بين اثنين أعطاه الله تعالى بكل كلمة عتق رقبة21(2» وقال عليه الصلاة والسلام لأبى أيوب الأنصارى: «ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله؟ تصلح . أناس إذا تفاسدواء وتقرب بينهم إذا تباعدوا)7"‎ ٠ بين اناس ا عرب بينهم إذا بباعدو | والإصلاح بين الجماعات المتناحرة أوفر خيرا من إصلاح الآحاد» والله تعالى يقول : ( وإن طَئفان من الْموْمِينَ فوا فأصلحوا بهم إن بغت إحداهما على الأخرئ ََالُوا التي تبغي حتئ تفيء إلى أمر الله فإن قاءت َصلحوا بينهما بالعدل أقْسطُوا إن الله يحب الْمُفُسطين 23 إِنما المؤْمُونَ إخوة فأصلحوا ؛ بين أخويكم وَانّقُوا الله َعلّكُم ترحمون غج) » [الحجرات] . فكرر سبحانه الأمر بالإصلاح قبل القتال وبعذه» وفى أثنائه . وإن الذى أذهب النخوة من المسلمين قتال كبرائهم» وعدم وجود من يصلح على من لم يسع بالصلح. ورأب الكلم . )١(‏ ذكره مع ما يليه القرطبى فى التفسير ج65 ص؟785. عن أنس بن مالك. وذكر القرطبى أخبارا أخرى ثم قال: ذكر هذه الأخبار أبو مطيع مكحول بن المفضل النسفي فى كتاب اللولئيّات له وجدته بخط المصنف فى وريقة ولم ينبه على موضعها رضى الله عنه. (1) المرجع السابق. اا تفسير سورة النساع للك احير ١ لساك‎ ١: لي‎ ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات اللّه فسوف نؤتيه أجرا عظيما 4 العبادات فى الإسلام ليست مقصورة على الصلاة والصوم والحج. بل إن كل عمل فيه خير إذا قصد به إرضاء الله سبحانه وتعالى يكون عبادة» ولذلك يقول النبى علد : «إغما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )١(0‏ وإن محبة أى شىء لله تعالى عبادة» ولذلك يقول النبى يَكلِ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله)7". بإفشاء البر والإصلاح بين الناس » وإقامة المعروف» وإبعاد المتكر - من يفعل ذلك طالبا مرضاة الله تعالى ولا يبغى سواه» فإن الله تعالى سيؤتيه جزاء عظيما بالغا أقصى درجات العظمة. وسوف هنا لتأكيد الوقوع فى المستقبل . وعلى الناس من بعد أن يطلبوا مرضة الله بقوة إيمان فى كل ما يتجهون إليه من إصلاح شئون الجماعة. فلا بركة فى عمل» مهما يكن صالحا فى ذاته» إلا إذا طلب به إرضاء الله» فالقوانين والنظم التعاونية والاشتراكية إذا لم يقصد بها وجه الله لا بركة فيها. فعلينا أن نتجه إلى الله فى كل ما نعمل: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدئ ويتبع غير سبيل المؤمدين نوله ما تولئ » إن الكثير الذى يتناجى به الآثمون هو فى أكثر أحواله يكون منشؤه أنهم لا والرسول والمؤمئنون فى جانب آخر» وهم فى الجانب الذى اختاروه يجعلون السلطان عليهم لجماعة أخرى» كأولئك المنافقين الذين كانوا يجعلون نصرهم فى أمرهم لليهود أو للمشركين» وهذا معنى قوله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن لَه الهدئ 4. والشقاق أو المشاقة» وهو أن يكون فى شق» والآخرون فى للها تفسبير سور ة النساع ل 0010 كه بي ومن يفعل ذلك فإنه يكون قد خرج من ولاية المؤمنين ونصرتهم إلى ولاية من يتولونه ونصرته» أى أنهم يكونون قد انضموا إلى أعداء الله تعالى! . ما تبين له أنه رسول الله» وأن ما جاء به من عند الله يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم» ويتبع طريقا غير طريق أهل التصديق» ويسلك منهاجا غير منهاجهم» وذلك هو الكفر بالله؛ لآن الكفر بالله ورسوله غير سبيل المؤمنين وغير منهاجه. نوله ما تولئ 4 : يجعل ناصره ما استنصره » واستعان بدا وترى من هذا أنه يجعل الشاقين كافرين» وذلك حق» ولكننا نخصهم بالمنافقين من الكفار؛ لأنهم الذين كانوا مع إظهارهم الإسلام يكونون فى شق» والمؤمئنون والرسول معهم فى جانب الحق» وقد ذكر سبحانه العقوبة المترتبة على ذلك فقال: ونصله جهنم وَسَاءت مصيرا 4 أصل الصلى إيقاد النار» وصلى بالنار بلى بهاء وصلى النار دخل فيهاء وأصلاه فيها أدخله فيهاء فمعنى قوله تعالى : فإ ونصله جهنم © أدخلناه جهنم يشوى فيها كما تشوى الشاة» وأنها باقية» وهو يخلد فيها لا يخرج منها يوم القيامة أبدا. كذا قال تعالى: 8[ وساءت مصيرا © أى أنها مصيره الدائم الباقى ولا مصير له سواه؛ لأنه كافر معاند للحق بعد أن تبينت له كل الآدلة المثبتة» وما أشد ذلك المصير سوءعا وقبحاء وهو جزاء لما كانوا يعملون. وقبل أن نختم الكلام فى ذلك النص نقول: إن بعض علماء أصول الفقه قالوا إن هذه الآية دليل على أن الإجماع حجة ويسبون ذلك الاستدلال إلى الشافعى » ولم نجد فيما كتبه الإمام الجليل ما يدل على أنه استشهد بها فى بيان حجية الإجماع» ولا نجد روح الآية ومعناها يدل على ذلك لأنها كانت فى قوم منافقين كافرين» شاقوا الرسول والمؤمنين. وقد رد الغزالى فى كتاب (المستصفى) أعلم. اللهم لا تجعل ولايتنا لغيرك واجعل ولايتنا لك ولرسولك وللمؤمنين. ل تفسير سورة النساع "ساس ل س9 ك0 الج وززر يي 09 سر سر ا 0 هه سد إِذَاللهَ لَه لَايعَفرأن شرك يوِءوَيَغْهْرَمَادوت سر سس لع وح 2< هل ل للك من يشا وَمَن شرك ب أله فَفَد صَلَّ صَلَادُ بَحِيدًَا لس سه ا هه 272 إنيدعورت من دُونوع| تا وَإن َدْعوت غير -- إِلَاسَيْطمَاءَ مَرِيدًا 27 لَحََدُ أَمَدُوَكَالك_لَأَعْدنَّ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفرُوضَا 2 كانت الآية السابقة على هذه النصوص مبينة مصير أولئك الذين يكونون فى شق» والنبى وأصحابه فى شق آخرهء يوالون أعداء المسلمين» ويناصرونهم» ويتخذون النصرة منهمء لا يرجون خيرا إلا منهم ‏ ولا يقدمون الولاء لغيرهم» وفى هذا النص الكريم يفتح الله تعالى باب التوبة والغفران لهم» حتى لا يسرفوا على أنفسهم» ويقنطوا من رحمة الله تعالى» وقد نهى سبحانه وتعالى عن ذلك فقال: طقل يَا عبّادي الذي أَسرُوا على أنفسهم لا تَقنَطُوا من رَحْمة اللّه إن الله يغفر الذنوب جميعا إِنّهُ هو الَْفُور الرحيم ج20 4 [الزمر] . وفى نص الآية التى نتصدى للكلام فى معناهاء يبين سبحانه أن كل ذنب قابل للغفران عند التوبة إلا أن يكون مشركا مصرا على الشرك : ط إن الله لا يعفر أن يشرك به ويَغْفرَ ما دون ذلك لمن يشَاء 4 أى أن الله سبحانه وتعالى لا يغفر الشرك بهء والمراد بالشرك أن يعبد مع الله تعالى غيره» فالشرك فى ذاته غير قابل للغفران؛ لأنه إلغاء لمعنى الوحدانية التى هى سمة الإسلام» وروح العبادة ومعناها. وإنه يدخل فى الإشراك بالله إنكار رسالة الرسل» بعد قيام الأدلة القطعية» لأن ذلك تحكيم للهوىء وإبطال للغاية من الوحدانية؛ إذ هى طريق العبادة الصحيحة» كما قال تعالى: 9 وما حَلقَت الْجنَ والإنس إلا ليعبدون 20 4 [الذاريات ] . لإا تفسير سورر: ة النساع لللللل الل ١1 الا‎ ١ 7 فإذا كانت العيادة الصحيحة هى ثمرة الخلق والتكوين والخضوع المطلق لسلطان الله تعالى» فإن العبادة فى القول والعمل ومعرفة الكون لا تكون إلا برسالة الله تعالى وحده إلى الإنسان» فمن كفر بهذه الرسالة فقد ألغى معنى الوحدانية . والله تعالى لا يغفر الشرك» وكان تعبيره سبحانه بقوله :إن اللّهُ لا يعفر للإشارة إلى أنه لا يغفر ذات الشركء ولكن يغفر للمشرك إذا خلعه وتاب عنه» ودخل فيما يدعو إليه الرسل» كما قال تعالى: لإ قل للّذِين كَقَروا إن ينتهوا يعفر لهم ما قد سلف +220 4 [الأنفال] . ولذلك أضيف نفى الغفران إلى الشرك لا إلى من تلبس بهء فإن الغفران يلحقه إذا خلعه. وما دون الشرك وإنكار الرسالة من العاصى». يكون تحت غفران الله سبحانه وتعالى» ويتعلق بمشيئته» ومشيئته سبحانه قد أشار إلى بعض ما تتعلق به من أعمال العباد» ومنها التوبة» فإن التوبة النصوح تخلع المؤمن من ذل المعصية إلى عزة القبول» ومنها كثرة الحسسنات وقلة السيئات» فإن الله تعالى يقول: 9 ... إن الحسنات يذهيّن السيّقات ... 43# 4 [هود]. فمن رجحت كفة الحسنات فى ميزانه يوم القيامة» قد وعدنا رب العالمين بأنه يغفر له» ومشيئة الله تعالى لا حدود لهاء ولكن منها ما بينه. وقد قالوا فى سبب نزول هذه الآية: إنه جاء شيخ من العرب إلى النبى كك فقال: إنى شيخ منهمك فى الذنوبء إلا أنى لم أشرك بالله منذ عرفته وآمنت بهء ولم أتخذ من دونه ولياء ولم أوقع المعاصى جرأة على الله تعالى ولا مكابرة له» وما توهمت طرفة عين أنى أعجز الله هرباء وإنى لنادم مستغفرء فما ترى حالى عند الله؟ فنزلت هذه الآية20 , )١(‏ أخرجه الثعلبى عن ابن عباس رضى الله عنهماء كما فى تفسير الآلوسى» وذكره القرطبى فى تفسير سورة النساءع لال الالالال الل ال لحب ناا وفيها ما يدل على أن الله يغفر للتائبين المستغفرين الخارجين من نطاق المعصية إلى سعة الفضيلة» وإن ذلك لا يمنع غفران الله تعالى لمن كانت له معاصى وطاعات» والمعاصى لم تغلب عليه ولم تفسد نفسهء بل استمر قلبه مضيئا بنور الإيمان والحق. « ومن يشرك باللّه فَقَدُ ضَلَ ضلالاً بعيدا 4 قد يسأل سائل: إذا كانت التوبة تجب ما قبلهاء والإيمان يجب ما قبله» فإذا انخلع الشرك» وحلت محله عقيدة الوحدانية» وغفر الله ما تقدم من الشركء كما ورد النص الذى تلوناه» فلماذا يفرق بين الشرك وغيره من المعاصى؟ والجواب عن ذلك أن الشرك إذا سكن النفس واستقر فيهاء كان الخروج منه صعبا وعسيراء ولذا قال سبحانه :ف ومن يشرك باللّه قد ضّلّ ضَلالاً بعيدا 4 . والضلال هو السير فى غير الطريق الموصل» فالضال فى بادية يسير فى غير طريق النجاة» وكلما بعد عن الطريق المستقيم أوَغَل فى الضلال» والمشرك الذى تدرنت نفسه بالشرك قد ضل عن طريق النجاة» وكلما استمر فى سيره كان مستمرا فى الضلال»ء فمن يشرك بالله غيره» فَيدَعى أن له شريكا فى الخلق والتكوين» أو فى الوجود مما يماثله ذاتا أو صفات» أو يدعى أنه يستحق العبادة معه» فقد سار فى طريق الشر سيرا بعيداء ومن ضل سيجد كلما سار أبوابا من الشرء فمن كان فى بحبوحة الإيمان قريب الرجوع» وتكون له حسنات بجوار السيئات» فيكون باب الغفران مفتوحاء أما من أشرك بالله» فقد كان فى معاص مستمرة» وليس له من الحسنات ما يرجح كفة الميزان؛ لأن الشرك يقتل الحسنات قتلاء فلا تقبل فيه طاعة. والشرك هنا هو نقيض الوحدانية» وهناك شرك خفى» وهو أنه يرائى فى عبادته» كما قال النبى يكلم «من صلى يرائى فقد أشرك» ومن صام يرائى فقد أشرك» ومن تصدق يرائى فقد أشرك1(22"!. )١(‏ رواه أحمد عن شداد بن أوس» وقد سبق تخريجه. لاا تفسير سورة النساع 000 الج مه يي" ولا نرى أن هذا النوع من الشرك داخل فى موضوع الشرك الذى ينفى عنه الغفران؛ لأن هذا النوع يقتل ما فى العبادة من خيرء وقد يكون للمرائى خير آخرء كالبر بأسرته. والعطف على الحيران. والتعاون الاجتماعى الخالص. وقد بين سبحانه صورا من ضلال المشركين» وهى : )١(‏ عبادة من لا يتصور عبادته عاقل مدرك. إدراكا اليا من التآثر بالباطل . () ومنها خضوعهم المطلق للشيطان. (©) ومنها توهم التقرب بما لا يتصور عقلا أنه مقربء. كتقطيع آذان الإبل والبقر والغنم وتغيير خلق الله تعالى فيهاء ولذلك قال تعالى: إن يدعون من دونه إلا إِنَانَا وإن يدعون إل شيْطَاًا مّريدا 4 «إن» هنا هى النافية» والدعاء هنا العبادة» والالتجاء لإنقاذه من الهلاك أو المرض أو الكوارث بشكل عام. والمعنى : لا يتجهون فى عبادتهم وضراعتهم بعد الله سبحانه ذى الجلال والإكرام إلا إلى إناث قد استبدلوهن بعبادة الله. فهم قد تركوا عبادة القوى القادر القاهر الذى هو فوق كل شىء», إلى عبادة العاجز الذى لا يستطيع حماية نفسه ورفع الضر عنه! فالعبارة تفيد بمرماها أنهم تركوا عبادة من يحميهم ويكلؤهم إلى من لا يستطيع حماية نفسه. ولكن لاذا عبر عن الأوثان التى كانوا يعبدونها بالإناث؟ قد ذكر العلماء لذلك ثلاثة تعليلات مختلفة: أولها ‏ أن العرب كانت عندهم أوثان تتسمى بأسماء إناث» كاللات والعرَّى ومناة؛ وعن الحسن البصرى» أنه لم يكن حى من أحياء العرب إلا ولهم صنم يسمونه: أنثى بنى فلان» وثانيها - آأنهم كانوا يقولون عن أصنانهم: بنات الله» تعالى الله عما يقولون. وثالثها - ما قرره الأصفهانى من أن المراد جماداتهم التى كانوا يعبدونهاء فقال: «لما كانت معبوداتهم من جملة الجمادات التى هى منفعلة» لا فاعلة» سماها الله تعالى 6 ل تفسير سورة النساءع لاا الل ادر أرب اه أنثى » وبكتهم بهاء ونبههم على جهلهم واعتقاداتهم فيهاء مع أنها آلهة لا تعقل ولا تسمع ولا تبصرء بل لا تفعل فعلا بوجه من الوجوه». وخلاصة هذه التعليلات أن الله تعالى يبين ضلال الشرك بأن العابد فيه لا يعبد إلا ما هو كالإناث» يحتاج إلى من يحميه ولا يحمى أحداء ويترك عبادة الله تعالى القهار القادر على كل شىء. الذى لا يوجد ذو قوة فى هذا الوجود إلا كان يستمد قوته منه سبحانه . وإن الذى يدفعهم إلى ذلك هو وسوسة الشيطان الذى كان سلطانه عليهم كسلطان المعبود الذى يعبد! ولذلك يقول تعالى: « ون يدون إلا شيْطَانا مّرِيدا 4 «المريد» على وزن فعيل من الفعل (مرد), وهذا الفعل يطلق بعدة إطلاقات» منها أن (مرد)» معناها مرن على الشر» ومن ذلك قوله تعالى «! ومن أَهْل الْمّديئة مَرّدوا على التاق +« 4 [التوبة]ء ومنها أنه من يخرج على الطاعة. ومن ذلك (مارد» ومتمرد)» ويطلق على من ظهر شره. وتجرد من الخير» ومن هذا (شجرة مرداء) إذا تساقط ورقها وظهرت عيدانها. وإن الشيطان الذى يوسوس فى صدور الناس ويدفعها إلى الشرء فيه كل هذه الأوصاف» فهو قد تعوّد الشرء وهو قد عتاء وهو قد خرج على الطاعة لله تعالى» وهو قد تجرد من كل خيرهء فيكون المعنى على هذا: إنهم يدعونء أى يعبدون» فى الواقع شيطانا قد عتاء وتجرد من الخير» وتعود الشرء فلا يكون منه إلا شرء وإذا كان هؤلاء يلجأون إليه فى دعائهم» وكأنهم يعبدونه» إذ يعبدون الأوثان التى زينها لهم» فهم فى أبعد الضلال» ويسلكون طرقا من الشر متعددة! وقد ذكر سبحانه ما يفعله الشيطان بعقول هؤلاءء فقال تعالى: ل لَعَهُ الله وقَالَ لأَتَحْدَنُ من عبّادك تصيبًا مَفْرُوضًا 4 أى إن الله سبحانه وتعالى طرده من رحمته» وأخرجه من جنته» كما عتا وتمرد وخرج عن طاعته» فلم يسجد لآدم» وقد أمره الله تعالى بالسجود لهء فلما طرهده الله من ظلال جناته بسبب عصيانه بالنسبة لآدم» وجعل عمله فى هذا الوجود مصادمة الخيرء وجذب هاا تفسير سورة النساعء الللللللل الا 0ط ور 7 ذرية آدم إلى الشر قال مؤكدا بلسان المقال والفعال: لأتخذن من عبادك الذين خلقتهم من ذرية آدم نصيبا مفروضاء أى مقدارا معينا قليلا كان أو كثيرا. أى أنه سيستهوى طائفة من عباد الله» و يسيطر على نفوسهم» ويجعلهم فى طاعته» بدل أن يكونوا فى طاعة الله سبحانه وتعالى. ويقول الأستاذ الإمام محمد عبده: إن النصيب المفروض هو ما للشيطان فى نفس كل واحد من الاستعداد للشر» الذى هو أحد النجدين فى قوله تعالى: 8 وهديتاه النُجَدين 2ج 4 [البلد]» وفى الحق أن هذا ليس من اتخاذ الشيطانء إنما هو خلق الشخصء والشيطان يأحذ من يأخذه من العباد من طريق السيطرة على جانب الشر. اللهم جنبنا وسوسة الشيطان وتزيينه» واجعلنا معك؛ ومع القرآن» ومع الرسول» ومع المؤمنين. 3 ضِآ وو 7 سه و - د م3 ا م 34 عو اح هاه - ولا تيرك حَلْقَ الله وَمَن يَسَضِ ل ليطن 7 و ريه دس س 40 آ 0 __-_- 2 9 من دور : أله فقد خسصمرخسرا نام ل - عله 6 02 يعدهم ويمنيهيم و بَعِدٌ - 000001010110 م موده ره ججم لمعيس قد ا لور ألصّدا 26 ء ٠.‏ أو تِ مَسَنْدٌ مسَنْدٌ لهم وَاَلَسحَءَ منواو. عله وروي عه اونا ا يدق مَنَّأَصَدَقٌ مِنَأتوقيلا 2ه 7 ذه 2 2 34 ااا ا * الى 5 3 _ ل ا 5 _ بها تفسير سورة النساء 00 5م ىب 1 ذكر الله سبحانه فى الآيات السابقة ما عاهد الشيطان عليه نفسه الشريرة» من أنه سيتخذ نصيبا مفروضاً مقدرا من بنى آدم عباد الله سبحانه» بِيّن الله سبحانه إضلاله لهم» وطريق هذا الإضلال» وهو أن يميهم بالأمانى الكاذبة» فيهيموا فى أحلام لا أصل لهاء ويجعلهم بها فى أوهام» فيقطعون آذان الأنعام من غير مبرر معقولء ويغيّرون خلق الله من غير مبرر» ويحسبون ذلك عبادة يتقرب بهاء ولكنهم بها يتخذون الشيطان وليا فيغرهم ويخدعهم. ويكونون فى ضلال» ولذلك قال سبحانه وتعالى: ولأَضلتَهم ولِأمننَهمِ 4 يؤكد الشيطان كما ذكر الله أنه سيضل عباده» ويبعدهم عن الحق» ليسيروا فى الباطل إلى أقصى مداه؛ ويتجنبوا الحق فى كل مسالكه. وإنه قد بين سبحانه طريق الشيطان فى الإضلال» كما ذكرها على لسانه فقال: ظولْأُمْيْهِم 4؛ أى لأجعلنهم يتمنون الأمانى. والمعنى أن الشيطان فى إضلاله للعباد يخلق فى صدورهم أمانى يتمنونها ويطمعون فى تحقيقهاء فتستولى على نفوسهم.ء وينفذ إليهم من طريق المطامع» بأن يودع قى أنفسهم أوهاما يظنونها تحققهاء فكلما تمنوا ألقى الشيطان فى أمنيتهم أوهاما معهاء فيصيرون خاضعين له على الدوام» والمؤمن يصون نفسه من الأمانى» فلا يخضع للشيطان ابتداء. وقد قال تعالى فى صور الأوهام التى يضعها الشيطان فى نفوسهم» فيكون كالآمر لهم: « ولآمرتهم بتكن آذَانَ الأنعام 4 والبتك معناه القطع» وقد اختص بقطع أعضاء الجسم أو الشعرء والمراد بالقطع هنا ما كانوا يفعلونه؛ إذ كانوا يقطعون آذان الأنعام» أو يشقونها شقا واسعاء ويتركون الحمل عليهاء ويفعلون ذلك كأنه أمرٌ تكليفى مطلوب منهم تقربا للأوئان» وما كان ذلك الأمر إلا من الشيطان الذى زين لهم ذلك فاتبعوه» فهو كالآمر لهم الذى يجعل ما ليس بعبادة أصلا عبادة» وإن ذلك تشويه لما خلق الله سبحانه وتعالى. يروى فى ذلك أن أبا الأحوص من الصحابة أتى النبى يللي وكان رث الهيئة فقال له النبى كَللِيِةِ: «هل لك من مال» اا تفسير سورة النساع مم 111111 ااا االااا!1 ااا انان ااا لل ل اللا تالالا لللة ال ناملالا الال لانن ل اللالاائططسخسطط لمم ااانا لالطالا ااا االاااللتالاااالا تاللا كاك : 237 قال: نعم؟ فقال النبى يَكِِّ: «فإذا آناك الله مالاء فليِرَ عليك أثره2170. ثم قال عليه الصلاة والسلام: هل تنتج إبل قومك صحاحا آذانهاء فتعمد إلى موسى فتشق آذانهاء وتقول: هذه بحر (أى جمع بحيرة) وتشق جلودهاء وتقول: هذه صرم (جمع صريمة)؟ قال: أجل. قال: «كل ما آناك الله حل» وموسى الله أحد من موساك» وساعد الله أشد من ساعدك)9©. ١‏ « ولآمرئهم فَليعيْرنَ حَلْقَ الله4 أى أنه يزين لهم الشرء فيغيرون خلق الله تعالى بتشويه الأجسام بالخصاءء وفقء الأعين» والوشم» وتغيير الفطرة بتحويلها إلى أوهام . ولقد قال النبى كك عن ربه: «إنى خلقت عبادى حنفاء كلهم وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم» فحرمت عليهم ما أحللت» وأمرتهم أن يشركوا بى ما لم أنزل به سلطاناء وأمرتهم أن يغيروا خلقى)7"©. فتغيير الخلق يشمل التغيير الملدى والمعنوى» وكان كل ذلك خضوعا لأوامر الشيطان. فكانوا بهذا أولياءه. «ومن يتّخد الشَيْطَان ولي مّن دون الله ققد خسر خحسرانا مبينا 4 ومن يوالى الشيطان فيطيعه مع أنه متمرد عن الحق» داع إلى الشرء ويرك الحق وأمر الله فإنه بهذا يخسر خسرانا واضحا يخسر الحق فلا يتبعه» ويرتكب الشرء ويترك المعقول إلى المرذول» ويمسخ فطرة الله تعالى» وتنحرف نفسهء ويلتوى تفكيره؛ وتشوه إنسانيته» وذلك خزى فى الدنيا ووراءه عذاب فى الآخرة. وأى خسارة أعظم من هذه الخسارة وأوضح منها. )١(‏ رواه: النسائى: الزينة (7؟07) وأحمد: مسند الشاميين - حديث أبى الأحوص عن أبيه (15108). ْ (0) تتمة الرواية السابقة كما فى مسند أحمد: مسند المكيين - حديث مالك بن نضلة عن أبيه ١ .)16 090‏ (*) جزء من حديث طويل رواه مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها - الصفات التى يعرف بها فى الدنيا (5856). هاا تفسير سورة النساع ل 01000 ادي حر ا « يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشَيطَان إلا عُرُورا 4 صور الله سبحانه وتعالى حال إغراء الشيطان بأنه عمل عملين» لا يكون فيهما أى نفع عاجل أو آجل» فهو أولا يسرف فى وعدهم بمتع لا حد لهاء بأن يصور لهم أن فيما يفعلون من شر متعا كثيرة» ونفعا كبيراء وليس لذلك أى أثر. وثانيهما - أنه يجعل النفس تتمنى ما لا يعقل ويكون بعيد الوقوع. ومن وراء تلك الأمانى تنفذ إلى النفس الأوهام فتسيطر عليها. وما كان ذلك الوعد» وإثارة الأمنيات إلا الغرور والخيبة فى ذاتها. «أولتك مأوَاهم جهنم ولا يجدون عنْهًا مُحيصا »4 أولئك الذين يعطون ولايتهم للشيطان» ويخسرون فطرتهم السليمة» ونفوسهم المستقيمة» وعقولهم المدركة» تحت سلطان الأمانى الكاذبة والأوهام الخادعة» لا يكون لهم مأوى يوم القيامة غير جهنم. ولا يجدون ملجأ دونها يلجأون إليه» فلا مفر منها ولا مهربء وذلك جزاء إضرارهم لفطرتهم وانحرافهم عن الجادة» ويرميهم بغرور الشيطان» وإن ذلك يتبعه الأذى لبنى الإنسان» وتركهم عبادة الديان» والإعراض عن الحق» إذا جاءهم به رسل الله تعالى» وأنهم لا معدل لهم عنها ولا مهرب» وهذا معنى: بولا يجدون عنَها مُحيصا 4 أى معدلا ومهرباء من حاص يحيص عدل وهرب. ولقد بين الله تعالى فى مقابل ذلك جزاء المتقين. فإنه لا يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون» ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: 2 ' « والذين آمنوا وَعَمِلُوا الصّالحات مندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خَالدين فيها أبَدا وعد الله حً ومن أَصدقّ من الله قبلاً 739 4 إذا كان الشيطان يعد أولياءه بالأمانى الكاذبة» ويدفعهم إلى أوهام لا أصل لهاء فالله تعالى قد وعد المؤمنين وعدا حقاء وإذا كان المشركون قد رأوا مآلهم جهنم لا يجدون عنها معدلاء فالذين آمنوا وعملوا الصالحات جزاؤهم جنات تجرى من تحتها الأنهار وأولئك يستحقون هذاء أولا - بإيمانهم الصادق» وانفكاكهم عن حبائل الشيطان» وبعدهم عن غروره وخديعته» وثانيا - بأعمالهم الطيبة الصاحة المبنية على أسباب / تفسيرسورة النساء ١7م‏ 0 ا بي معقولة لا على أهواء مرذولة» فهى تفيد أنفسهم ومجتمعهم» ويؤدون بها حق ربهم ٠.‏ وإن ذلك الجزاء اتصف بأمور ثلاثة: أولها ‏ أنه نعيم مادى فهو جنات وحدائق فيها كل ما تشتهيه الأنفس . وثانيها - أن فيها نعيما معنويا تلذ به الأعين» وتنشرح له الصدورء وهو أن وثالثها ‏ أنها خالدة لا تنقطع ولا تزول» ولا يعرض لها تغيير ولا تبديل. وإذا كان الشيطان قد غر أولياءه فقد صدق الله تعالى أولياءه» فقال: « وعد الله حَقَا وَمَن أصدق من الله قيلاً4 وعد الله تعالى وعداء وحقه حقاء فهو وعيد ثابت لا يقبل تغييرا ولا تبديلا» إذ هو وعد ثابت صادق لأنه وعد الله تعالى: ولا يوجد أصدق قولا من الله تعالى» فالاستفهام فى قوله تعالى: 9 ومن أصدق من الله قيلا4 للنفى» والمعنى لا يوجد فى هذا من أصدق من الله قولاء فقيل معناها قول مؤكد لا ريب» وصدق وعد الله تعالى» لآنه من ذى الجلال والصدق» وفوق ذلك هو وحده القادر على تنفيذ ما وعد به. مطلقاء والله تعالى هو القادر قدرة مطلقة.» اللهم اجعلنا تمن يصدق فيهم وعدك ولا يصدق فيهم وعيدك» وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم . ل 0 تفسير سيور ة النساعء لل 0 05 أي_-_ا 01 ا َي يَِمَانِيَكُمَ ولا أمان هَل الصكتني من يِعْمَلٌ شو وعجر به لمم 0 . ساح ساح سا2 ل 4 رس لا تعمل من الصَلِحَنت م رامو د ع ل 6 سس يي سوس خم فَأَوْلِكَ حَلُونَا لجَنّة لْجَنَّهَ ولا يظ امون ند قرا 2 خسن د سا مين أسْلم وج لآ ل سر وو ار أسلم وجهة! 20 ملدارهي حَنِيما وَأ كد أسَوارهِي ويلا © ووم 2 م موب وَمَان لضن وكات أن َم ل شَىٌ 1ط فى الآيات السابقة بين الله سبحانه وتعالى أن الشيطان يلقى بالأمانى الباطلة فى نفوس الذين يوسوس لهم بالشرء فيجعلهم يتمنون الخير فى غير موضعه. ويقومون بأعمال يرجون بها نفعا ولا نفع فيهاء فليس الخير عندهم بعمل صالح يقومون به» ولكنهم يتمنون المثوبة فيما لا مثوبة فيه» ويرجون الخير من غير أن يتخذوا أسيابه» وفى هذه الآيات يبين سبحانه وتعالى أن الأمور ليست بالتمنى» ولكن بالعمل» ومن يعمل سوءا يجز به» ومن يعمل صاحا ينل جزاءى» فقال سبححانه : «( ليس بِْمَانيكُمَ ولا أماني أَهلٍ الْكتاب من يَعْمَل سُوءًا يُجَزَ به 4 إن الله أوعد المفسدين بالشرء ووعد الصالحين بالثواب العظيم والنعيم المقيم». ولكن الأمانى يريطوا , بين العمل والجزاء» والسيب والمسبب» فنبه سبحانه إلى ذلك. اا تفسبير سور ة النساء مر ١ ١ الاك‎ ١ 3 الأمانى جمع أمنية؛ وهى ما يتمناه الإنسان» ويرغب فيهء ويحبه» ولو لم يتخل له أسبابه» والضمير(2 فى قوله تعالى: 8 ليس بِأَمَانِيكُم # يعود على ما وعد به من عذاب وثواب» والمعنى ليس ما ينزل بكم جزاء لما تعسملون بالأمانى تتمنونهاء ولكن لمن الخطاب فى قوله: « ليس بِأمَانيكم 4 ؟ أهو للمشركين أم لعامة المسلمين؟ فى ذلك توجيهان: أحدهما ‏ أن الخطاب للمسلمين» والمعنى على هذا: ليس الأمر بما تتمنون أنتم معشر المسلمين وأهل الكتاب» إنما بما تعملون. فمن يعمل عملا لسوء نفسه أو غيره يجز به فى الدنيا والآخرة» ولا يجد له غير الله نصيرا ينصرهء أو وليا يعاضده أو يواليه فى شره بل الجميع يبرأ منه» ويزكى ذلك الوجه ما يروى عن قتادة» لقد قال: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخرواء فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم» وكتابنا قبل كتابكم» ونحن أولى بالله منكم» وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم» نبينا خاتم النبيين» وكتابنا يقضى على الكتب التى كانت قبله» فنزلت الآية 9 ليس بأمانيكم © . وقد يكون فى هذا الوجه نظر؛ لأنه يضع أهل الكتاب فى موضع المؤمنين فى الاحتجاج» مع أن كلام أهل الإيمان هو الحق الذى لا شك فيه» وفيه الإيمان بالكتب السابقة» مع الكتاب الكريم . والوجه الثانى أن يكون الخطاب لمشركى العرب. ويكون فى الكلام التفات فبعد أنه كان يتكلم عنهم بضمير الغائب2©7» التفت وخاطبهم بضمير الخطاب تنبيها لهم وبيانا للحق» وبيان أن العمل هو الذى يقدم صاحبه ويؤخره» ويزكى هذا الوجه ما روى عن مجاهد شيخ مفسرى التابعين فقد قال:«قالت العرب: لن نبعث» ولن نعذب» وقال اليهود والنصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى» تلك أمانيهم». فكانت هذه الآية ليس بأمانيكم 4 ردا على هذه الأوهام . . أى فيما سبق من الآيات البينات قبل هذه الآية الكرية‎ )١( ل تفسير سورة النساء سس ال لس ا وقد رجح ذلك الوجه ابن جرير الطبرى» وقال فى ترجيحه: «وأولى التأويلين بالصواب ما قاله مجاهد؛ لأن المسلمين لم يجر لأمانيهم ذكر فيما مضى من الآى قبل قوله تعالى: إ ليس بأمانيكم # وإنما جرى ذكر أمانى نصيب الشيطان المفروض» وذلك فى قوله تعالى: #ولأمنيهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام. أوقوله تعالى: لايس بِأْمَانيكُم4 فالحاق معنى قوله تعالى: ليس بأمانيكم 4 بما جرى ذكره قبل» أحق وأولى من ادعاء تأويل لا دلالة عليه من التنزيل ولا أثر عن الرسول يَللله. ولا إجماع من أهل التأويل. وإنما نختار ما اختاره ابن جرير» لما ساقه من دليل . وقوله تعالى: من يعمل سوءا يجز به » . ما هو الحزاء؟ أهو الدنيوى أم الأخروى؟. قال بعض العلماء إنه الجزاء الدنيوى» ويستدل على ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام - فيما رواه عطاء - لأبى بكر: يا أبا بكرء إنك تمرض» وإنك تحزن» وإنك يصيبك أذى» فذاك بذاك2(7» وكان هذا تفسيرا للنص. وقال آخرون: إن المراد الجزاء الأخروى» وهو المناسب للنص» وللآيات السابقة» والحزاء القرآنى دائما ججزاء أخروى» والحق هو القول الأخير» أن الجزاء هو الأخروى. والدنيوى إن كانت حكمة الله تعالى فى جزاء دنيوى كالتشريد والذلة» والهزيمة فى الخروب. وقوله تعالى: #إولا يجد لَهُ من دون اللّهِ ولا ولا تصيرا 4 أى أن الشيطان الذى كان يوسوس لهم يختفى سلطانه ولا يكون له ولاء لهم لا يوادهم ولا يحبّهم» ولا يناصرهم» كما قال تعالى عنه وعنهم يوم القيامة: طقال الشيطّان لما فضي الأمر إِنّ الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فَأَخَلفَكُم وما كان لي عليكم مَن )١(‏ عن أبى بكر بن أبى زَهَيْرِء قَال ' أبو بكر: يا رَسُولَ الله كَيْفَ الصّلاح بَعْدَ هذه الآية؟ قَال: 08 راس و يبي ايرْحَمُك اله يا با بكر الت ترص الست تَحْرَُ لنت مُصيبُك الالأواء؟» كال: بك قال: «فَإِنَ مَك بذاك . [رواه أحمد فى مسند العشرة : مسند أبى بكر ( 07 ]. وروى مسلم فى صحيحه : البر والصلة والآداب - ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرضص أو حزن (5/ا590؟). لإا تفسير سورة النساعء “مم الل ههه ” 8 سلْطَان إلا أن دعَوتُكُم فَاسمحبُم لي قلا تلوموني ولُوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنكم بمصرخي إِنّي كَفَرت بما أش رككُمُوني من قَبْلُ إن الظَالمين لهم عَذَابَ أليم 2:7 4 [ إبراهيم ]. هذا جزاء أهل الشر» أما جزاء أهل الخير فقد ذكره سبحانه وتعالى بقوله: ومن يَعَمَلَ من الصّالحات من ذكر أو أنى وهو مؤمن فَأُولَك يدلو الجئة» وهنا يذكر سبحانه وتعالى جزاء الذين يعملون عملا صالحاء فيعينه» ولا يتركه مجملاء فقد ذكر فى الآية السابقة» جزاء الشر به ولم يبينه» ولكنه ذكر أنه على قدر العمل من غير أن يبين صنف الجزاء. والعبرة فى ذلك هو المساواة بين الجزاء والعملء وأنه بهذا لا يظلم لأن الجزاء على قدر العمل» فالجريمة والعقاب متساويان. وهنا ملاحظتان» إحداهما أن الله تعالى يقول: ومن يعمل من الصّالحات » أى أنه يعمل بعض الصا حمات؛ وذلك لأن الإنسان لا يستطيع أن يعمل كل الصالحات» بل يستطيع أن يعمل بعضها؛ لأن طاقته النفسية والبدنية لا تمَكّنهِ من عمل كل الخيرء وكل يعمل على قدر طاقته من غير تقصير» والله تعالى يغفر القصورء وفى ذلك إشارة إلى أن الإنسان يطلب من العبادة ما يطيق من غير شفَة ولذلك لم يطالب النبى له بأقصى الغاية من العبادة» بل قال: «سددوا وقاربوا»(©. ْ والملاحظة الثانية: أنه ذكر الأنثى فى قوله تعالى: «من ذَكْ رأ أنتى 4 و(من) هنا بيانية»؛ فهى بيان لمن فى قوله تعالى: ‏ ومن َعَمَلَ 4 والأحكام الشرعية كلها تشمل النساء والرجالء إلا ما يقوم الدليل فيه على أن أحد الصنفين مختص بحكم؛ لأنه يكون ملائما لطبيعته» وإن ذكر الإناث )١(‏ جزء من حديث متفق عليه» وقد سبق تخريجه من رواية البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه . ل ل تفسير سورة النساع 00 مك ١ ا‎ 7 فى الأحكام العامة فيه إشعار بكمال الإنسانية فى المرأة» وأن لها حقوقاء وعليها واجبات اقتضاها التكليف فما من عبادة إلا طولبت بها المرأة كما طولب بها الرجل» وإن كان للرجل اختصاص فى بعض العبادات كالجهادء وسبب ذلك الرجولة ذاتها. والإعفاء من واجب شاق لا يعد حرماناء» وفى الحق إن المرأة تقوم بواجبات شاقة تنفرد بها أيضاء كالحمل والولادة» والقيام على شئون الأولاد فى المهد. وقد اشترط لاستحقاق الأعمال الصالحة أن يكون من يعملها متصفا بالإيمان» فإن الجزاء من الله تعالى ويجب أن يكون العمل قد قصد به وجهه وحده. فالثواب ليس على مجرد العمل» بل على النية فيه» وقصد الخير» وذلك لا يكون إلا إذا قصد به وجه الله تعالى. وقد أكد سبحانه وتعالى الحزاء بقوله: «ولا يظلّمون تقيرا» أى لا ينقصون من عملهم الصالح شيئاء ولو كان شيئا صغيرا بقدر النقير»ء وهو العلامة التى تكون فى ظهر النواة» فتظهر كثقب صغير» وتسمى ثقرة كأنها حصلت بمنقار طائرصغير» ويضرب العرب بها المثل فى القلَّة . وإن مثل هذا الجزاء لا يستحقه العبد إلا بفضل من الله تعالى بدليل أنه يقبل بعض الصالحات ويدخل الجنة عليهاء ولا ينقص شيئا فهو يفيض بالثواب» ولا ينقص من عمل الخير. وقد تساءل الزمخشرى لاذا ذكر عدم الظلم ولم يذكره فى عمل السوء؟ وأجاب عن ذلك بأن عدم الظلم ملاحظ هناك بذكره هنا. وفى الحق إن عدم الظلم ملاحظ هناك من النص ذاته» فقد ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى قال: «من يعمل سوءا جز به4 وهذا فيه النص على أن الجزاء بقدر العمل ومؤدى هذا ألا يظلم» وكان الجزاء عمل الغير أكثر منه من أن ينقصواء أما فى ها تفسيرسورة النساعء 000 1 لجل بك تي عمل الشرء فالحزاء لا زيادة فيه» والإيمان الصادق الذى لا تسيطر عليه الأمانى والأحلام هو الاتجاه إلى الله تعالى» ولذا قال سبحانه: مس هاي هاس ومن أحسن دينا مَمَنْ أَسلّم وَجهه لله وهو محسن »4 والاستفهام هنا بمعنى النفى» فالمعنى لا أحد أحسن دينا تمن أسلم وجهه لله وهو محسن. والنفى هنا هو نفى الحسنء ولكن المراد هو الحق» ولمعنى لا أحد يؤمن بحق إلا من أسلم وجهه لله. ولكن التعبير بأحسن يفيد بأن هذا هو الحق وهو الأمر الحسن فى ذاته» الذى لا تستحسن العقول السليمة سواه وتستقبح غيره. ومعنى ل أَسَلَّمْ وجهه لله 4 أخلص نفسهء وجعلها كلها لله تعالى» لا يحب إلا لهء ولا يبغض إلا له. ولا يطلب جاه غيره. والتعبير ظ أَسَلّمِ وجهه # معناه أسلم ذاته» فالوجه يعبر عنه بالذات؛ لأن به المواجهة. ولأنه أوضح أجزاء الجسم. وإن هذا الدين الخالص لوجهه تعالى لا يستقيم بمجرد النية» بل لا بد أن يقترن مع ذلك بإحسان العمل وإتقانه» ولذلك قال تعالى: «! وهو محسن» فالدين الحق الخالص يقتضى أمرين لا محالة: أحدهما إخلاص القلب والنية لله تعالى» بحيث لا يكون عامرا إلا بذكر الله تعالى» والثانى: إتقان العمل الصالح وإجادته»؛ فلا عمل يكون صالحا من غير إيمان» ولا إخلاص يكون من غير إحسان العبادة والعمل الصالح . وقد ذكر سبحانه أن الإخلاص والعمل هو دين النبيين أجمعين» ولذلك قال: ط وَاتَبَع ملّةَ إبراهيم حنيفًا 4 أى أن هذه الملة هى الدين والمنهج» أى كان فى إخلاصه وإتقانه للعمل متبعا منهاج إبراهيم» وإبراهيم أبو الآنبياءء فمنهاجه هو منهاج كل الرسل» واتباع ملته اتباع لكل الرسل. وكان حنيفا أى مائلا إلى الحق متجها إليه دائماء منذ كان غلاما إلى أن بعثه الله تعالى نبيا مرسلاء وقد قال لأبيه وقومه كما حكى القرآن الكريم : كٍ .. إنِي براء مما تعبدون +50 إلا الذي فطرني فَإِنَّه سيهدين 07> وجعلها كلمة باقية في عقبه َعلّهم يرجعون علي 4 [الزخرف ]. إإ#هاا تفسير سورة النساع 00 ١ك‏ هسه 2 وفى الجملة من أخلص لله وعمل وأحسن.ء فهو متبع دين النبيين جميعاء وإن اتباع دين محمد هو اتباع الأديان السماوية كلها لأنه إيمان بكل الرسل . وقد كرم الله سبحانه وتعالى إبراهيم لإخلاصه وتوجهه إلى الله تعالى بقلب سليم» وإحسانه فى العمل» بأن جعله خليله» فقال تعالى : ظ وانَحَدَ الله إبراهيم خَليلاً4 أى اصطفاه من بين خلقه» فأعطاه ذلك الاسم الجليل» وذلك الوصف الكريم. ومعنى الخليل الحبيب الذى يلجأ إلى حبيبه» فهو من الخلة وهى المحبة» أو من الخلة بمعنى الحاجة7(١2.‏ والحقيقة أن إبراهيم عليه السلام كان فيه الأمران معا فهو من جانبه كان يحب لله» ويبغض لله ولا يطلب شيئا إلا لله. وكان مع ذلك لا يعتمد فى حاجة إلا على الله سبحانه وتعالى وهو يقول فى بيان حاجته إلى ربه: ا الذي حَلقني فهر يهدين (© والّذي هو يطعمني ويسقين 50 وإذا مَرِضت فَهَو يُشفين +421 الذي يميتي نَم بحين 107 والذي أطمعْ أن يَف بي حَطيتتي يم الذي <627 رب هب لي حَكُمَا وألحقني بالّالحينَ 27> واجعل لي لسان صدق في الآخرين 257 4 [الشعراء ] . هذا ما كان من جانب إبراهيم. أما ما كان من جانب اللهء فإنه قد أفاض عليه بنعمه ظاهرها وباطنها» وجعل من ذريته النبيين» وحماه من أعدائه» وقربه إليه» وصار من عباده المخلصين» ثم منحه وضعا لم يمنحه غيره» وهو أنه خليله. «إولله ما في السّموات وما في الأرض وكان الله بل شيء محيطا » وبعد أن أشار سبحانه إلى أن الله تعالى منفذ عقابه وثوابه» وإلى أن الدين الحق هو إخلاص الذات. والقلب والنفس لله تعالى» بين سبحانه وتعالى أن ما فى السموات والأرض كله له. فمن أخلص لله تعالى» فقد أخلص للقوى القادر القاهر الذى لا يخرج عن سلطانه شىء فى الملكوت. وإن هذا لدليل على أنه وحده المستحق للعبادة» وإسلام الوجه والطاعة له سبحانه وتعالى. )١(‏ الأولى خلّة (بالضم)» والثانية وهى الحاجة والفقر - بالفتح. ا تفسيرسورة النساع ااا انالك ااانا انان نل نكن طمل اانا نا انالا انرا نان اناااالاان لا تنخ طلل ااانا انا نطلل نمطا م مانلا ن امنا ناانالنا خط لخ اقطان اللا طلاللطاانطططططةاطلللا ااا 7 وإنه سبحانه يحيط بكل شىء فى هذا الوجود إحاطة قدرة وتصرفء» فهو وحده المتصرف فى السموات والأرض وما بينهماء وإحاطة علم فهو يعلم كل ما فى الكون وما فى النفوس» فلا يخفى عليه شىء فى السموات ولا فى الأرض إنه وحده الخالق والمكون والمصرف والسميع البصير. اللهم املأ قلوبنا بذكرك» فبذكرك تطمئن القلوب. فين وَمَابتَقََلِنَحكمْ ف الكتب ف يسدى الِيْسَآءٍ لق اوهس مكيب لَهنَّ ورَحبونَ أن تَكحُوهن وَالْمُسَتَضْعَفِينَ م الو دان وأ تقوم وأ ليت الِْسْوَمَاتقْعأن ديد ليها 0 تعرضت سورة النساء لأحكام الأسرة فى أولهاء وبينت أحكام المواريث» والعلاقات المحرمة للزواج» ثم أشار سبحانه إلى حق الرجل وحق المرأة فى الأسرة» وتعرضت من بعد ذلك للعلاقات الاجتماعية بين الناس» وبينت أن أساسها إقامة العدالة» وتنفيذ أحكام الله تعالى ثم ذكرت أدواء الجماعات» وأساسها الاعتداء من الخارج بالحروب ومن الداخل بالنفاق» وما يتبعه من فساد خلقى» وانحلال نفسى» وتعرضت من بعد ذلك لسيب الاعتداء والشرك والتفاق وهو تحكم الشيطان فى النفوس. ومن بعد ذلك عاد إلى بيان العلاقة بين الزوجين وفقه علاجهاء وعلاقة آحاد الأسرة» والطب لأدواء الضعف بينهم. وفى خلط أحكام الأسرة والعلاقات فيهاء والعلاقات الاجتماعية والإنسانية العامة إشارة إلى قيام المجتمع على الأسرة وأن صلاحها صلاح لهء وأنه من الأخلاق الاجتماعية الفاسدة تجىء آفات الأسرة» /إ9لاا تفسير سورة النساع 00 0 لبلب بم ١ بي‎ ومن قوة العلاقات الأسرية تجىء قوة المجتمع المتماسكةء فرعاية ضعفاء الأسرة توجد قوة للأمة تشترك فى حماية زمارهاء ومن إهمالهاء » تكون عناصر مقوضة لبنائهاء والآياتث التى نتكلم فى معانيها مبيئة علاج الضعفاء والعناية بهم فقد قال تعالى : يوك في النساء فل اله يكم ضهن وما ين َم في الكتاب في يتامى النساء 4 الاستفتاء معناه طلب الفتيا أو الفتوى» ومعنى الفتوى حل ما يشكل من الأمورء وإن العرب قد وقعوا فى إشكال بالنسبة للمرأة» فقد كانوا فى الجاهلية لا يفرضون لها حقوقاء لا تأخذ من ميراث» ولا يكون لها أى حق قبل زوجهاء بل كان عليها تبعات» من غير أن تلاحظ من جانبها واجبات» فجاء الإسلام وأعطاها فى مقابل واجباتها حقوقاء فقال تعالى: 9 ... ولَهِنَّ مثل الذي عَلَيِهِنَ درك 4 [البقرة] . فكانوا فى كل تصرفهم بالنسبة للمرأة تعتريهم حيرة» أينفذون دينهم وحكمهم الجاهلى أم أن للإسلام فى كل أمر من هذه الأمور حكما تجب رعايته ويجب اتباعه فكثرت الأسئلة» وتعددت موضوعاتهاء فمنهم من يسأل عن الميراث» وملهم من يسأل عن الصداق. ومنهم من يسأل عن المعاملةء» وجاءت الروايات فرادى ببعض الأسئلة» وكلها ينتهى إلى مجموعهاء وهو حيرتهم فى أمر المرأة وقد أجاب سبحانه هذا الاستفتاء بقوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن وما يتَئ عليْكُم في الْكتّاب في يِنَامَى النساء اللأتي لا تؤتونهن ما كتب لَهِنَ وتَرعبُونَ أن حون 4 أى يفتيكم الله تعالى مبينا أمرهن وما يجب لهن» وقوله تعالى: :وما يتلى عليكم 4 قال كثير من المفسرين إن ما» هنا فى موضع الرفع بالعطف على لفظ الجلالة» والمعنى يفتيكم الله ويعلمكم أحكام النساء وحقوقهن» كما يعلمكم ما يتلى عليكم فى كتاب الله من أحكام اليتامى من النساء اللاتى كتب لهن فى كتاب الله من ميراث وحقت رعايتهن والقسط معهن عند الزواج» وإلا فليتزوج من غيرهن. ا تفسير لدنور: - النساع لل اال ااال لاا ل 4 جلي يي وقد قرر سبحانه وتعالى هنا وجوب العدل مع اليتيمة عند الرغبة فى الزواج» وصرح بما أشار إليه قوله: ف وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى #4 على ما فهمه بعض الممسرين من أن المراد إن خفتم ألا تقسطوا فى النساء اليتامى فتزوجوهن من غير أن تعطوهن حقهن من ميراث أو صداق» وقد قال سبحانه فى ذلك : ف وترعْبونَ أن تكحوهن4 والمعنى لا تؤتونهن ما كتب الله لهن من حقوق» وترغبون أن تنكحوهن. وهناك نجد قوله تعالى: أن تتكحوهن 4 مصدر('2 قد دخل عليه حرف جر محذوفء. وهو إما (فى)» و(إما) عن وعلى أن المحذوف: لا تعطونهن ما كتب الله لهن من حقوق وترغبون فى نكاحهن لأنفسكم» فلا تعطوهن ميراثا ولا صداقاء وعلى أن المحذوف «عن» يكون المعنى لا تعطونهن ميرائهم» وتمنعونهن من التكاح» وترغبون عنه لكى يبقى المال تحت أيديكم . ويظهر أن الذين كانوا يقدمون على شأن يتامى النساء فريقان» فريق يأكل مالها ولا يعطيها صداقهاء ويرغب فى نكاحها لجمالهاء وفريق يستبد بمالهاء ويرغب عن زواجها من نفسه أو من غيره حرصا على مالهاء والآية تشمل الفريقين وتندد بالطائفتين» ولقد روى أن عمر بن المخطاب كان إذا جاءه ولى اليتيمة» فإن كانت حسنة غنية قال عمر: زوجها غيرك والتمس لها من هو خير منك» وإذا كانت بها دمامة» ولا مال لهاء قال له: تزوجهاء فأنت أحق بهاء وقد قال على بن أبى طالب لولى يتيمة: تزوجها إن كنت خيرا لهاء فإن كان غيرك خيرا لها فألحقها بالخير. ولم تكن رعاية الله تعالى فى أحكامه خاصة بيتامى النساءء بل إنها تعم المستضعفين وسائر اليتامى» ولذا قال سبحانه: © والمستضعفينَ من الْولْدان وأن تقوموا لليتامئ بالقسط *» وصيتان بنوع واحد من الضعفاء فى الأسر وهم اليتامى» بيد أن إحداهما مؤداها إعطاؤهم حقهم من المال. والثانية القيام على رعايتهم» وحفظهم من الضياع» وواضح أن الثانية عامة تشمل اليتيم الذى ترك له أبوه مالاء أو نال مالا من أية ناحية من النواحى» والأولى تكون لذوى المال. . أى مصدرا مؤولاء وهو المنسيك من (أن) و ( الفعل المضارع)‎ )١( 0 تفسير سورة النساع 00 مك : ههه‎ ١ 3 وبالنسبة لهذه الوصية القرآنية الإلهية نقول: إن العرب كان من عاداتهم ألا يرث إلا من يستطيع حمل السلاح ويغزو ويغنم ويستنصر به» ولذلك ما كانوا يورئون النساء» ولا الصغار الضعاف؛ لأنهم لا يقومون بذلك: والله سبحانه وتعالى وزع الميراث توزيعا عادلا لم يفرق بين قوى وضعيف بل كانت رعايته للضعيف أشدء ولذلك أعطى الذرية أكثر ما أعطى الأبوين؛ لأن الذرية الضعاف أحوج إلى المال» وهو لهم ألزم» ولذلك قال تعالى فى وصيته: 9 والمستضعفين من الْولّدان © أى الذيهن هم فى حال يستضعفهم غيرهم ولا يعطيهم حقوقهمء وهم ضعفاء فى ذات أنفسهمء أى أنه لا بد أن يعطوا ميرائهم كاملا غير منقوص» وعبر عن هؤلاء بقوله سبحانه: إمن الولدان4 ولم يعبر عنهم بيتامى» مع أنهم يتامى» للإشارة إلى ما يربطهم بالمتوفى» وهو كونهم أولاده» وهذا قدر يشتركون فيه مع الكبارء فالسبب فى الميراث هو الولاء» وهم جميعا يشتركون فيهء وإذا اشتركوا فى السبب وجب أن يشتركوا فى المسبب وهو الميراث» ولا فرق فى ذلك بين كبير وصغير. والوصية الأخرى» وهى القيام على شئون اليتيم برعايته وكفالته» وإصلاح حاله» وتعهده بالعطف ولمحبة والإكرام» وقد تكرر فى القرآن الكريم الأمر برعاية اليتيم» وتكرر فى قول النبى يَلِْةٌ الأمر برعايته والتوصية بهء ففى القرآن الكريم نجد كثيرا من ذلك مثل قوله تعالى: «فََمًا اليتيم فلا تقهر 31 4 [الضحى] . وفى السنة مثل قوله يَلِْةِ «أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا...» وضم أصبعيه”!' الكريمتين - عليه الصلاة والسلام ‏ وقوله ‏ عليه الصلاة والسلام -: اخير بيت من بيوت المسلمين بيت يكرم فيه يتيم» وشر بيت من بيوت المسلمين بيت يقهر فيه يتيه21. )١(‏ رواه البخارى : الأدب - فضل من يعول يتيما (6. م والترمذدى كتاب البر والصلة- ماجاء فى رحمة اليتيم وكفالته 2)١91١8(‏ وأبو داود: الأدب - فيمن ضم اليتيم (6) وأحمد: باقى مسند الأنصار (92) عن سهل بن سعد رضى الله عنه . (؟) سبق تخريجه. نا تمسسبير سبوره: ة النساء 11للالاا انالا االلنل الا تلت انل اا اللااللاتا لاا ا للا ططاطلاالا الل لان تالالا ااانا لالط لاا الالال مالالا الالال ل الالالال لاط طاوللا ١: ههه‎ يي ونجد النص الكريم يقول: فإ ون تقوموا للْيَامَئ بالقسط 4 . وهذا التعبير فيه ثلاث إشارات بيانية : أولاها ‏ التعبير بالقيام» فإن مؤداه أن ينهض الولى على القاصر بعناية واهتمام لرعاية حاله» وكون الخطاب للجميع لا لخصوص الأوصياء يدل على الوجوب على الأمة بشأن يتاماهاء أو رعايتهم فرض كفاية فهو على الأمة 3 معجتمعة . ثانيها ‏ التعبير باللام فى قوله تعالى «لليتامى» أى أن يكون القيام والنهوض للصلحة اليتامى ا حقيقية» من حيث التربية والتهذيب» والمحية من غير تدليل مضعف لقوة النفس والعزيمة والإرادة القوية. ثالشها ‏ أن يكون ملاحظا فى ذلك القسط والعدل» بألا ينقص من ماله ينقص من ماله فالعدالة الاجتماعية توجب أن تسد خلته وضعفه. وكاتت عناية الإسلام باليتامى؛ لأنهم قوة للأمة إن صلحواء وقوة مدمرة فى الأمة إن لم يصلحواء إذ إنهم لو قُهروا ينشأون وبينهم وبين الناس عداوات مستمرة » ونفور يدفعهم إلى أن يكونوا مدمرين فى الجماعة وعنصر تخريب» فإن أكثر التارجين على الجماع تبتدئ ل لنقسية فى طفواتهم بالجفوة ة معهم. أى خخير تفعلونه»ء ويكون نافعا متكي مصلحا يكن فإن الله سبحانه وتعالى يكون عليما به علما دقيقاء لا تخفى عنه فيه خافية» وفى ذكر هذا النص الكريم بعد الوصايا السابقة ة إشارة إلى أن هذه الوصايا تنفيذها خير محض » ونفعها لا شك فيه ولا ريب» نفعه لمن يفعله لأن عاقبته حسنى له وخير للجماعة لأنه يقدم للمجتمع عناصر قوية بانية» وخير للضعفاء فى أنفسهم» وهو خير عند الله يحتسب به الجزاء الأوفى عنده . ل تفسسير سورة النساعءع 0 مم كاه < لي به حير الجزاء» وقد أكد سبحانه علمه الذى يرتب عليه خير الحزاء بشلاثة مؤكدات: أولها- التعبير بإنء وثانيها- نسبة العلم إلى الله جل جلاله» فهو علم يليق بذاته» وبقدرته وإرادته. وثالثها- صيغة البالغة بوصفه ب «عليم» ثم بلفظ الكينونة وهو كان» فإنه يقتضى استمرار العلم ودوامه» فعلى الذين يقومون على ويعلمون أنه مجاز على مقدار ما يعلم. محا وَإِنِا ابه نونأإغراسَا لكا ع مَآأن ال-2 , حَاشسَمَاص / وال أ ع 2 تِِ مد ع .عع 0 م لس يه شر واس ند شاوه التق ارك اكه نِمَاته بِمَاهَمَلور جيرا 12 ده وَآن متَطِيعوا أن مَل بن الِنَسَ]ِ ولو حرم بش كلامم او سكلل ّ_ 226 0 7 َس 6ه حا موود بحاو تتقوافاركتك ب الله أ[ سه خا سس 210000100 ا ع بر كن عقورا رَحِيما 2 يد وإنيسفرقا يعن من مَعَيِهءوَكَانَأ للم و لَه اسع حكيما 272 وبعد هذه الوصايا فى إعطاء الضعفاء من اليتامى حقوقهم والإنصاف لهم ذكر سبحانه وصاياه فى علاج ما يكون بين الزوجين» فقال: وإن امرأَة حَاقَت من بعلها نشوزًا أو إعراضا فلا جتاح عَلَيْهِمًا أن يصلحا بيهم صلْحا» المنوف توقع الإنسان مكروها يقع به» وقد فسر الطبرى النشوز بقوله: «يعنى استعلاء بنفسه عنها إلى غيرها أثرة عليها وارتفاعا بها عنهاء وإما لكراهة 4 تفسيرسورة التساءع لللللوو اللا االلللولللالا0ا0االلاااالااا0الللل لكا يي منه بعض أشياء بها أو لدمامتها وإما سنها وكبرهاء أو غير ذلك من أمورهاء والإعراض ألا يؤنسهاء وأن يصرف عنها وجهه. وقد قال بعض العلماء: إن الفرق بين النشوز والإعراض أن النشوز تباعد» والإعراض انصراف الوجه وعدم الأنس بها مع القرب منها». وإن المرأة إذا لا حظت ذلك من زوجها لا تقابل النشوز بمثله ولا الإعراض بالصد. فإن ذلك يوسع الهوة بينهما ويفك الأسرة» وينتهى الآمر إلى شقاق لا لقاء بعدهء وإن العلاج فى هذه الحالة نفسى يختلف باختلاف قوة النفرة» فإذا كانت لم تستحكم ويمكن أن يتوليا علاجها كان عليهما دينا أن يوليا العلاج» وإذا كان مع النفور خصام كان لا بد من تدخل الغيرء لإصلاح ذات البين» وإذا استحكمت النفرة» ولا سبيل للإصلاح فالافتراق» فهذه ثلاثة أنواع. وقد ذكر سبحانه وتعالى علاج المرتبة الأولى» فقال: تإقلا جتاح عَلَيْهِمَا أن يصلحا بِينْهُمَا صلْحَا والصلح حير وأحضرت الأنفس الشّحَّ 4 ففى هذه المرتبة يكون الواجب الدينى على المرأة والرجل أن يعملا بأنفسهما على إصلاح ما بينهماء فتتطامن المرأة للعاصفة ويقرب الرجل امرأته إليه» ويترك شماسّه"١'‏ وإعراضه؛ ويتطامن لأهلهء ويعلم قول النبى كَككوِ: اخيركم خيركم لأهله: وأنا خيركم لأهلى)7'؟, وإن التطامن من الرجل لزوجه لتكون العشرة على مودة ورحمة هو عين العزة» فالكريم لا يذل أهله والذليل هو الذى يهين أهلهء وقد لوحظ فى التعبير أمور ثلاثة. أولها- أنه عبر عن طلب الصلح بقوله تعالى: لقلا جتاح عَلَيْهمًا أن يصلحًا ينهم 4 وذلك ترفق فى الإيجابء فعبر عنه بنفى الإثم لكيلا يتوهم أحدهما أن فى التساهل عن بعض حقه إثما. والصلح يقتضى أن يتسامح أحد الفريقين فى )١(‏ الشّماس : العداوة الظاهرة والعناد. [لسان العرب - شمس]. (0') سبق تخريجه. ا تفسير سورة النساء 0 ممم : اده‎ ١ يي جزء من حقه؛ لينال خيرا أكثر مما تسامح فيه» فإذا تركت المرأة بعض حقها لتدوم العشرة بالمعروف فذلك لا إثم فيه. بل فيه الخير. انيها- أنه أكد الصلح بقوله «صلحا» للإشارة إلى أن الصلح فى هذا المقام لا يكون صلحا ظاهراء بل يكون نفسياء بحيث تتلاقى القلوب وتصفو التفوس» ويحل الوئام محل الخصام» فليس الصلح فى هذه الحال إنهاء لمشكلة فقط» بل هو تلاقى القلوب على المودة والرحمة. الثها- أن الله تعالى أكد الصلح بقوله تعالى أولا «والصلح خير» أى أنه فى ذاته خير يعم الطرفين؛ من تسامح يناله من الخير بمقدار ما تسامح أو بأضعاف ما تسامح» فهو قد أعطى ليأخذ وتساهل لتلزم ولتدوم نعمة الزوجية. وأكد سبحانه الصلح بدعوة الزوجين ألا يشح أحدهما بالعطاء لرفيقه» ولذا قال تعالى: 9 وأحضرت الأنفس الشّح» والشح هو البخلء وهو هنا التشاح النفسى بأن يلتزم كل واحد من الزوجين موقفه متمسكا بحقوقه الشكلية» ومعنى قوله تعالى #وأحضرت الأنفس الشّح» أن الشح جعل حاضرا لا يغيب عنها ولا تنفك عنه كأنها مطبوعة عليه» وعلى المتصالحين اللذين يريدان التصافى أن يلاحظا هذا ويعالجاه» فهو الداء» وإذا عرف سهل الدواء»؛ وما دام الصلح كاملا يجب اجتئاث الشح الحاضر» ليكون الصفاء الدائم. وأكد سبحانه وتعالى طلب الصلح ثالثا بقوله تعالى: «(وإن تحسنوا وتَتقوا إن الله كان بما تعملون خبيرا 4 فى هذا النص الكريم علاج لشح النفس إذا حضرء ولوقوف كل فى الجانب الذى يحفظ به حقوقه. ولا يتحركء فإن العلاج لهذه الحال هو الإحسان» فليكن محسنا بدل أن يكون ملحفاء فإذا كان الإحسان ذهب التشاح» والعلاقات فى الأسرة لا تبنى على الظاهر» بل تبنى على القلوب» والقلوب لا يطهرها إلا تقوى الله فى المعاملة؛ إذ إن المعاملة الطيبة» والإحسان وزيادة العطف وتقوى الله هى البلسم الشافى من الشح النفسى الذى يعترى ما يكون بين الزوجين . ل ) تفسيرسورة النساء ممم ااانا اناا لمانالا للاتاننن لان للنانانالاانانانانا نالا لمانالا تلان لكالا اخا نالا خخخ انل اننال انالا نط نامالا لل نان خ لطا طلخل للةالتاال ا -- وإن الله تعالى قد وعد بالثواب العظيم لمن يحسن ويلاحظ تقوى الله تعالى فى المعاملة من الزوجين؛ لأن الله تعالى يعلم علما دقيقا لا يغادر شيئاء وهو علم مستمر دائم يليق بجلاله سبحانه؛ وهذا معنى قوله تعالى: «فَإِنَ الله كان بما تعملون بير 4 وإذا كان عليما علما دقيقا بما يعملون» فإنه هو الذى يجازى بمقتضى علمه. فإذا تسامح أحد الزوجينء فإنه مثاب فى الآخرة» فإذا كان قد تسامح فى بعض حقه الدنيوى» فإنه سيضاعف له الجزاء فى الآخرة. وإنه فى الحياة الزوجية تحقيق العدالة الكاملة غير ممكن» ولذا وجب التسامح فقال تعالى : «( ون تستطيعوا أن تَعدلُوا بين النساء ولو حرصتم 4 إن الله سبحانه وتعالى نفى استطاعة العدالة بين النساء نفيا مؤكداء لأن حرف (لن) لتأكيد النفى» فالعدالة بمعنى تنفيذ كل الحقوق المقررة والواجبات النفسية أمر غير ممكن مهما يكن حرص الإنسان على العدالة. وقد فرض العلماء أن هذه العدالة غير الممكنة لا تكون إلا إذا كان الرجل ذا زوجين فأكثرء وذلك ظاهر؛ لآن العدالة النفسية بالمساواة فى الإقبال القلبى والمحبة. أمر غير ممكن؛ لأن الناس بحكم الخلقة لا يملكون نزعات نفوسهم وميول قلوبهم» ولقد كان النبى كَلكيْةِ يقسم بين زوجاته فى كل ما هو ظاهر كالمبيت والكسوة والنفقة» وكل ما يتعلق بصورة الحياة الزوجية» ولكنه وهو أكمل البشر لم يستطع العدالة النفسية» ولذلك كان يقول كَلكِْةِ: «اللهم إن هذا قسمى فيما أملك» فلا تؤاخذنى فيما تملك ولا أملك)20 . وقد ادعى بعض الكتاب فى أول هذا القرن العشرين الميلادى وتبعه غيره» أنه بضم آية «( ... فَإِنْ خفتم ألا تعدلُوا فرَاحدة ... 22# 4 [النساء] إلى هذه الآية التى نتكلم فى معناها يكون منع تعدد الزوجات» وما هكذا تفهم النصوص فى . رواه أبو داود: التكاح - فى القسم بين النساء (114؟) عن عائشة رضى الله عنها وأرضاها‎ )١( إ#اا تفسير سورة النساء 00 احير حر ا القوانين فضلا عن نصوص القرآن فإن البداهة تتجه إلى التوفيق» والتوفيق يبدو بادئ النظرء وهو أن هذه الآية موضوعها نفسىء. والآية التى فى صدر السورة موضوعها العدالة الظاهرة» وقد وضّح هذا المعنى النبى كل فى الحديث الذى رويناه» وهو عجزه عليه الصلاة والسلام عن العدالة النفسية» وعلى فرض أن التوفيق غير تمكن إن سايرنا تلك المدارك المحدودة» فإن المتآخر ينسخ المتقدم. والمتأخر هو هذه الآية التى نتكلم فى معناهاء وهى تطالب بالعدالة المطلقة» ٠‏ بل طالبت بالممكن فقال تعالى: قلا تميلوا كل كل الْميْلٍ فَدَروها كَالْمعلّقَة وإن تصلحوا وتتّقوا 4 . المعلقة هى التى تهمل نفسيا ومعنويا وحبا ومودة» فلا هى ذات زوج تنال الحقوق الزوجية أو بعضهاء ولا هى خالية الأزواج» ترجو أن يوفقها الله تعالى وهذا تشبيه بالشىء المعلق بشىء من الأشياء؛ لأنه لا يكون قد استقر على الأرض» ولا ما علق عليه تحمله» أو يستطيع تحمله. وإنه لأجل الوصول إلى هذا الحل الذى لا يكون فيه شطط يجب التدخل لإصلاح ذات البين» ولذا قال الله تعالى: 9 وإن تصلحوا وتنّقوا4 وهذه هى المرتبة الثانية من الشقاق التى يتعذر فيها على الزوجين أن يقوما بعلاجهاء ولذا يستمد العلاج من المتصلين بهما وهو المنصوص عليه فى قوله تعالى: (إوإن خفتم شقاق بينهما فَابِعنُوا حَكَمَا من أَهله وحكُما مَن أَهلهًا إن يرِيدًا إصلاحا يوقق الله بينهمًا .. +227 © [النساء] وعند التدخل للإصلاح يجب أن تكون تقوى الله هى الى تحكم الحكمين ولذا قرن الإصلاح بالتقوىء» فإن كان إصلاح القلوب مع تقواهاء فإن الله سبحانه وتعالى يغفر ما عساه يكون من تجاوز للحد قبل ذلك» ولذا ختم سبحانه وتعالى هذا الجزء من العلاج بقوله: طفَإِنَ اللَّهَ كان عَفُورًا رَحيما 4 أى أن غفرانه البالغ ورحمته الواسعة المستمرة المؤكدة يفيضان على المصلحين المتقين؛ فإن لم يجد هذا كانت المرتبة الأخيرة» وهى الفراق» ولذا قال سبحانه: إلا تفسير سورة النساءع ل 00 لح ا «وإن يَمَرَقَا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما »4 أى إنه إذ لم يتفرقا» وهذا ما تفتضيه الفطرة» ولذلك أسند التفرق إليهما معا لا إلى أحدهما ؛ لأن التفرق بالطلاق نتيجة تفرق القلوب» وإنه إذا كانت هذه الحال أغنى الله كل واحد عن الآخر من سعة الرحمة التى يرحم بها عباده» « وَكَانَ الله واسعا حكيما 4 وكان الله تعالى ولا يزال واسع الرحمة فكلمة «واسعا» على تقدير مضاف» وهو الرحمة» وكان ولا يزال حكيماء» يشرع بعباده بمقتضى حكمته ما هو أصلح لهم ولو كانت النفوس تنزعج له أو تبغضه» وإن المرأة الفاضلة الكريمة إذا أعرض زوجها أو استعلى عليها ولم يمكن إصلاح ستجد من المجتمع من يقدر فضلهاء ويبدلها من الناشز عدلا من الرجل » اللهم أصلح أمورنا» وابسط المودة بينناء إنك سميع الدعاء. السَموت وما الْأرَضِوَلَقَدوَصَيَألنَوو لكك نيكم وَإِيَاحْ افوا َه وَإن مَكمُروأَدَ َه مَل اموت وَمَانالْأرْضٍْوك هيدا 12 ماف لسوت وما لْرضِ وك بأ كيلا :2 هنا تفسشير سور ة النساعء 00 مك لجل به يي فى الآيات السابقة ذكر سبحانه وتعالى ما ينبغى أن تكون عليه العلاقة بين الزوجين» وما يجب من علاج لأدواء النفوس فيهاء ووجوب العدالة الممكنة بها وما يجب عند تعذر العدالة الحقيقية» وأنه إذا تعصى الداءء وتعذر العلاج كان الفراق آخر الدواء» وفى هذه الحال يكون كلاهما فى سعة من رحمة الله الواسعة» وفى هذه الآبات يشير سبحانه إلى سعة ملكهء وأن كل شىء فى ملكه وتحت سلطانه؛ فهو الذى يغنى كلا. وهو القادر على كل شىء» وأنه بعد بيان عظم قدرته وسلطانه يبين وجوب العدالة بين الناس فى علاقاتهم بعضهم يبعض» كما يقول سبحانه: يا أيها الْذدين آمنوا كونوا قَوَامِينَ بالقسط شهداء لله له ... +2 4 [الدساء] وقد توسطت هذه الآيات الدالة على عظم سلطان الله تعالى بين الأمر بالعدل فى داخل الأسرة» وهى اللبئة الأولى فى بناء المجتمع» وبين الأمر بالعدالة فى المجتمع الأكبرء وكان ذلك التوسط لتربية المهابة من الله فى قلب المؤمن» فيتجه إلى العدل الذى هو ميزان العلاقات الإنسانية كلها. وقد جاء فى تفسير الطبرى وجه آخر للمناسبة قال فيه ما نصه: «وإنما ذكر جل ثناؤه ذلك بعقب قوله: #وإن يِتَقَرَقَا يعْن الله كلا من سعته» تنبيها منه لخلقه على موضع الرهبة عند فراق أحدهم زوجهء ليفزعوا إليِه عند الجزع من الحاجة والفاقة والوحشة بفراق سكنه وزوجهء وتذكيرا منه أنه هو الذى له الأشياء كلهاء وأن من كان له ملك جميع الأشياء فغير متعذر عليه أن يغنيه وكل ذى فاقة وحاجة ويؤنس كل ذى وحشة). «ولله ما في السّموات وما في الأرض » أى لله وحده ما فى السموات والأرض من مطر ينزل» وأرض تنتج » وشمس تمد الكون بالدفء والحرارة والضوءء وقمر منير» ونجوم تزين السماء الدنياء وهو سبحانه وتعالى يملك ذلك كله ملك اختصاص وسلطان وقدرة وإنشاء» فهو الذى أبدعه على غير مثال سبق» وهو رب الدين فى السماء والأرض» وهو الذى يوزع الأرزاق بمقتضى حكمته. وهو القاهر فوق عباده» يقيم العدل ويغنى كلا من سعته بما يشاءء وأنه لم يترك ها تفسير سورة النساع ال ١ ا‎ ١ يي‎ الناس هملا» بل أنزل عليهم الكتب السماوية تدعو إلى التفكير فى ملكه»‎ وخلقه» وتتجه إلى عبادته سبحانه وتعالى وحده وتقواه وحذده» ولذا قال:‎ ولقد وَصِينا الّدين أوتوا الكتاب من قَبَلكُم وإِيّاكم أن انوا الله الخطاب فى هذا النص لأمة محمد ويِْةّ والكتاب المراد به جنس الكتاب» لا واحده» أى الذين أوتوا علم النبوة من قبلكم برسل أرسلوا إليهم» وكتب سجلت أوامر الله تعالى ونواهيه» وخطاب من الوحى الإلهى نزل إليهم ‏ وقد دعاهم سبحانه وتعالى كما دعاكم إلى أن تتقوا الله تعالى فى كل أعمالكم» بحيث تتربى مهابته فى قلوبكم» فتذكرونه فى كل تصرفاتكم» فإن وسوست نفوسكم بظلم ذكرمّوه فامتنعتم» وإن همت بفساد ذكرتّوه فاعتصمتم,» وإن أصابكم جزع ذكرمّوه فاط ماننتم» وإن أصابكم فاقة ذكرتموه فصبرتم» وإن أصابتكم بأساء ذكرتّوه فارتضيتم » وإن أصابتكم تعماء ذكرتّوه فشكرتم» فالأمر بالتتقوى أمر جامع لكل معانى الإيمان والتوحيد. ولذا أكد سبحانه الأمر بالتقوى بأربعة مؤكدات. أولها ‏ التأكيد باللام وقدء ف (قد) وحدها مؤكدة», واللام تتضمن معنى القسم فهى مؤكد آخزء وهذا ما تضمنه قوله تعالى «ولقد») فى صدر الكلام. ثانيها ‏ التعبير بقوله ‏ جل جلاله - «وَصِيْنَاة. فإن التوصية تكون طلبا مشددا لا يقتتصر على زمان الأمر» بل يتعاقب الطلب بتعاقب الأزمان والدهور. ولا يقتصر على زمان دون زمان» وهذا يفيد أن الأمر بالتقوى قانون محكم., لا يعتريه فسخ ولا تغيير مهما تختلف العصور؛ لأنه لب الأديان. الثها ‏ ذكر كتب النبيين السابقين مع خطاب أمة خاتم النبيين محمد كَكِْةٍ فإن ذلك الذكر يفيد أن التقوى شريعة السماء. رابعها ‏ التعبير ب «أن» فى قوله تعالى جلت قدرته أن اتّقُوا الله فإنها هى «أن) المفسرة» أى أنه سبحانه وتعالى يفسر وصيته الخالدة الباقية بأنها شىء واحد. وهو الأمر بالتقوى» ومن المقرر فى علم البيان العربى أن الإبهام ثم البيان لل تفسير سورة النساء مالل مك اا .2 7 يؤكد المعنى فى النفس أفضل تأكيدء وقد قال الزمخشرى إن لفظ «أن» يحتمل أن تكون أن فيه مصدرية» والمعنى: وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم بتقوى الله سبحانه وتعالى. والتعبير بالمصدر المؤول المنسبك من «أن2 وما يليها فيه تؤكيد لمعنى المصدرية؛ إذ فيه تصوير واضح للفعل والقيام به» وإن قوله تعالى و لإيَاكُم4 هو من قبيل عطف الضمير على الاسم الظاهر» فيكون فى موضع النصبء» ولذلك انفصل الضمير. وقد أكد سبحانه وتعالى وصيته الخالدة ببيان نتيجة مخالفتهاء وأنها لمنفعة العبادة» فقال سبحانه: «( ون تَكْفْرُوا فَِنَ لله ما في السّمَوَات وما في الأرض » وإن الأمر بالتقوى فيه خيركم» إذ فيه سلامة اعتقادكم» واطمئنان قلوبكم؛ وصلاح جموعكم.» ومنع الفساد فى الأرض» وإن جحدتم أوامر الله تعالى» ولم تعبدوه وحده» وتخشوه حق الخشية» فستفسد أموركم أنتم» ولن يضر الله منكم شىء؛ لآنه مالككم» ومالك كل ما فى السموات والأرض» وهو بهذا الملك الظاهر والسلطان القاهرء يستغنى عن تقواكم» وهو المستحق للحمد الدائم» والمحمود فى ذاته وشرائعه وأوامره ونواهيه وفى إنشائه وإبداعه» فلا يضيره كفر الكافرء ولا ينقص من سلطانه فجور الفاجر؛ لأن الجميع فى قبضة يده وتحت سلطانه . :ولقد قال ابن جرير الطبرى فى معنى هذه الآية الكريمة: «وإن تجحدوا وصيته إياكم فتخالفوها فإن لله ما فى السموات وما فى الأرض. يقول فإنكم لا تضرون بخلافكم وصيته غير أنفسكمءولا تعدون فى كفركم هذا أن تكونوا أمثال اليهود والنصارى فى نزول عقوبته بكم» وحلول غضبه عليكم» كما حل بهم» إذ بدلوا عهده؛ ونقضوا ميثاقه» فغير بهم ما كانوا فيه من خحفض العيش» وأمن السسرب» وجعل منهم القردة والخنازير» وذلك أن له ملك جميع ما حوته السموات والأرضء لا يمتنع عليه شىء أراد تجميعه. . من إعزاز من أراد إعزازه؛ وإذلال من أراد إذلاله» . (/نناا تفسيرسورة النساعء 6م ال 0 1-0 ويرى من هذا التخريج أنه يرى أن المخطاب باحتمال الكفر موجه إلى الأمة المحمدية» ويكون قوله تعالى : ا وإن تكفروا فَإِن للّه ما في السّمَوات 4 كلام مستائف يبين نتائج مخالفة الآمر بالتقوى المؤكدء والذى جاءت به شرائع السماء كلهاء وهذا هو الظاهر. وقد قرر بعض العلماء أنه يجوز أن يكون فى ضمن الوصية المؤكدة» ويكون المعنى : ووصينا أولى الكتاب وإياكم بالتقوى» وقلنا لهم ولكم: إن تكفروا فإن لله ما فى السموات وما فى الآأرض. وإننا نرى أن الأول أظهرء وقد سار عليه ابن جرير» ووضح المعنى على أساسه. . . وقد أكد سبحانه عظيم سلطانه» وحاجتهم إليه وغناه ‏ جل ثناؤه ‏ عنهمء فقال تعالت كلماته: «( وللّه ما في السّموات وما في الأرض وكَفَئ باللّه وكيلاً4 الوكيل هو من يتولى الأمر ويحفظه ويرعاه» والمعنى: كفى أن يكون الله تعالى حافظا للإنسان يتولاه» ويكلؤه ويق يهء فإذا كان الله تعالى غنيا عن عباده فعباده فقراء إليه» كما قال سبحانه: « ... واللّه الغني وأنثم الْفقراء .... 20 4 1 محمد] فعلى المؤمن أن يتقى الله تعالى» وأن يعلم أنه مالك أمرهء وهو الذى يتوكل عليه»ء وأن الله سبحانه يحب المتوكلين لآنهم يحسون بقدرته» وعظم سلطانه» فكل متوكل عليه سبحانه يحس بعظم سلطان ربه» وضآلة سلطانه وقدره وذلك إيمان صادقء» إذا قام بما يستطيع» وما تمكنه قدرته المحدودة. ويترك بعد ذلك الأمر لربه» وهنا أمر يجب أن نشير إليه» وهو تكرار قوله تعالى: «( ولله ما في السّموات وما في الأَرْض 4 فقد ذكر ذلك القول السامى ثلاث مرات» فلماذا كان ذلك التكرار؟ إنه بلا شك بهذا التكرار يتأكد المعنى الذى يشتمل عليه القول» ولكن هذا التوكيد للمعنى جاء فى كل مرة مبينا معنى خاصاء فالذكر الأول كان لتربية الإحساس بعدله» وعظم سلطانه وسعة رحمته. وأنه تسع رحمته كل الناس» فينصف المظلوم». ويبسط الرزق لذى الفاقة» فلا يضيق أحد الزوجين بالفراق» بل الله سبحانه يكلؤه» ويسعه برحمته» وذكر ذلك القول فى ها تفسير سورة النساع لي 2 8 ههه + يي المرة الثانية لبيان استغنائه عن خلقه» وأن تقواهم لمصلحة أنفسهم ولخيرهم» وليس له بها حاجة بل هو الغنى المحمود دائما. وذكر هذا الكلام فى المرة الثالثة لبيان حاجة الناس إليه» وأنهم فقراء إليه فى مقابل غناه عنهم» تعالى الله علوا كبيرا. وبعد هذا بين سبحانه قدرته القاهرة» وأنه هو الذى أنشاً الناس» وطالبهم بالعبادة» وأن من أنشأ يستطيع الإفناء» ويستطيع التبديل والتغيير فى خلقه» فيستبدل بالناس ناساء وبالأقوام أقواماء ولذلك قال سبحانه: «(إن يمأ يُدَِبْكُم أيْها لنّاسْ ويّأت بِآخَرِينَ وَكَانَ الله على ذلك قديرا 4 والمعنى الجملى للنص السامى : إن يشأ الله تعالى أيها الناس إفناءكم ويأت بآخرين» فإنه سبحانه وتعالى يفعل؛ لأنه على ذلك قادر قدرة مطلقة لا يحدها حد. وهى العامة الشاملة لكل شىء» وهنا نجد جواب الشرط قد حذف ودل عليه قوله تعالى: ظوَكَانَ اللَّهُ ل ذَلكَ ديرا 4 وحذفه مع ما يدل عليه يجعل الذهن يتجه إلى تعرف مدى عظمته وقدرته» وحذف مفعول المشيئة فى قولهظ إن يشأ» قد دل عليه جواب الشرط فى قوله: ف يُدَهبَكم أَيْهَا الئاس وَيأت بآخرين 4 . ومن هم الناس الذين خوطبوا بذلك الخطاب؟. يحتمل هذا وجهين: أحدهماء أن يكون الخطاب للناس فى أمة محمدء ومن كانوا قبلهم» ويكون الكلام تابعا لمقول القول المقدر عند من قدره فى قوله تعالى: ون تَكفروا فَإِنَ لله ما في السّمُوات 4 ويكون أيضا قوله تعالى: ولله ما في السّمَوات وما في الأرضٍ وكقئ باللّه وكيلاً» له هذه التبعية. ويكون الكلام كله فى خطاب السابقين واللاحقين. وقد قلنا إن ذلك غير الظاهر. والوجه الثانى أن يكون الخطاب فى أمة محمد وي وهو بهذا يشمل المؤمنين والمشركين. ويكون للمشركين بشكل خاص. وإن اختلاف التوجيه على هذا النحو يترتب عليه الاختلاف فى جواب الشرطء وهو من الذين يذهبهم الله تعالى» ويأتى بآخرين» وله القدرة التامة على تنفيذ ما يقول تعالى؟ فعلى الوجه الأول يكون المعنى: إن يشأ سبحانه أن يذهب بهذا العالم الإنسانى» ويأتى بعالم ا تفسيرسورة النساء كم 101000000000 1 51 1 1#13131#1371#17171ذ1#1أذ1#1#1#أ1 22251 لبلب يي آخر يعبده ويؤمن به فإنه الفاعل المختار المريد» ويكون القصد بيان قدرة الله تعالى الشاملة» وإثبات أن كفر الكافر ليس بعيدا عن تقديرهء وإيمان المؤمن كذلك» فهو الذى خلق الإنسان صالحا لأن يسلك طريق الشر وطريق الخير» وأن ذلك بإرادته» ولو أراد غيره لكان ما أراد لأنه هو الذى يقول للشىءكن فيكونء. وهو الذى خلق الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم. ويفعلون ما يؤمرون». ويكون ذلك كقوله تعالى: «إن يأ يذهيكم ويأت بخَلق جَديدٍ 452 4 [فاطر] . وعلى التوجيه الثانى ‏ وهو أن يكون الخطاب للمشركين الكافرين بالرسالة المحمدية والمسلمين الذين يكونون على طرف الإسلام ‏ يكون المعنى إن استمررتم على الشرك أو كان منكم الكفر بعد الإيمان» فإن الله تعالى بمقتتضى سننه فى الفطرة الإنسانية يفنيكم بإذهاب قوتكم وسيطرة الفساد عليكمء ويجىء من بعدكم من ينصر الحقء ويكون النص كقوله تعالى : « وإن تتولُوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمالَكُم :(452 4 [ محمد ] وكقوله : يا يها الذين آمنوا من يرد منككم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبهم ويحبونه 47> 4 [المائدة : 54 ] وقد ذيل الله سبحانه النص الكريم ببيان قدرته الكاملة على ذلك التغيير» فقال تعالى: « ركان الله على ذلك قديرا 4 أى أن الله سبحانه وتعالى قدير على ذلك التغيير والتبديل الذى تستغربونه وتستبعدونه» وقد قدم الجار والمججرور وهو قوله على ذلك 4 لموضع الاهتمام وهو التغيير والتبديل» الذى يستبعدونه لفرط إحساس المشركين بقوتهم» وغرورهم بدولتهم»؛ واستضعافهم لشأن المؤمنين الصادقين . «من كَانَ يريد ثَوَاب الدنيًا فعند اللّه تَوَابُ الدنيًا والآخرة» الثواب ما يعود على الإنسان من أى عمل يعمله؛ إن خيرا فخير وإن شرا فشرء ثم أطلق الثواب فى القرآن على الجزاء» وذلك فى مقابل العقاب الذى هو جزاء الشرء والمراد هنا على هذا الأساس نعيم الدنياء والتتائج الطيبة لأعمال الدنيا. ومعنى النص السامى من يكون من شأنه وطوية نفسه أن يطلب نعيم الدنيا وما فيها من خيرء فإن الله ناا تفسير سورة النساء يال الل الحو «لج يرز 2 تعالى يعطيه ما يطلب إن اتجه إلى طلبها عن طريق الحق والدين» فإن الله تعالى ذا السلطان الكامل فى الدنيا والآخرة هو وحله عنده نعيمهما معاء فمن أراد الدنيا عن طريق الخير والحق» فإنه سينال ذلك بتوفيق الله تعالى وتمكينه . وهذا الكلام يطوى فى ثناياه معانى ثلاثة أولها ‏ أن الاستجابة لما يطلبه الله سبحانه وتعالى تؤدى إلى خير الدنيا من عزة ورفعة وقوة وسلطان فى الأرض» وتعاون على إصلاحها ومنع فسادهاء وتواصل وتراحم» من غير تقاطع ولا تدابر. ثانيها ‏ أن من يطلب الدنيا من غير طلب الآخرة ولا يستجيب لداعى الله يكون قد طلب الأخس وترك الأخطر منهماء ولا يكون طالبا لها على وجه الحق» ويكون محاسبا على كل ما نال من مغانم فى هذه» ولذا قال تعالى: «إ ومن يرد تواب الدنيا نؤته منها ... 49# 4 [آل عمران: 145] ثالثها ‏ أن النص الكريم يفيد قدرة الله» وكمال سلطانه» وعدله فى الثواب والعقاب) وأنه يعلم اير ويجزى عليه والثرٍ ويعاقب صاحبه «(فَمن يعمل مثقال َرَة خَيْرا يرَهُ +42 ومن يَعْمَلَ مثقَال ذَرّةَ شرا يرّه 4# [الزلزلة] ولذا ختم سبحانه الآية بقوله: وكا الله سَميعَا بصيرا 4 أى أن الله سبحانه وتعالى عالم علما دائما أزليا علم من يسمع ما يجهر به ويسرء ومن يطلع على حركات النفوس» وخلجات القلوب» وما يجيش فى الصدورء وعالم علم من يبصر أدق الأعمال وأخفاها من خير أو شر» وإنه مجازى كل إنسان على مقتضى هذا العلم الذى لا تخفى عليه خحافية . ربا آتنا في الدّنيًا حَسمَةَ وفي الآخرة حَسنة وقنًا عذَاب الثَارٍ 5:0 4 [ البقرة] |9 تفسيرسورة النساع 649 لم00 ل5*#*###1# 1121211 كس 7 ا شاك عاقيا ةيل وَعَكَ نفيك الود لدو يِنْعَي 2 لدم مأو هِسَاءكا تي 2 وموك توأ 00 أ 2 ود أوتعَرصواوَنَألَهكنَبِمَاتحَمَلُونَ حيرا 22 | فى الآيات السابقة أمر الله بالعدل» ولو كان فى مصلحة الكافرين» وأمر بالعدل بين الأزواج» وإنه أساس قيام الأسرة» وإن كان العدل فى الأسرة أمرا شاقا؛ لأنه يتصل بالنفوسء لا بالآمور المادية. إذ العدل فى الحقوق الظاهرة يكون سهلا ليس صعباء أما المساواة فى الأمور النفسية فمن الأمور التى تشق على النفوس. ثم بين سبحانه وتعالى سلطانه الكامل» ورقابته على الأعمال ما ظهر منها وما بطن» وتستوى فى ذلك أعمال الجوارح» وأعمال القلوب وخلجات النفوسء وفى هذه الآية يبين أن العدل خاصة أهل الإيمان» وقد أمر الله به المؤمنين» لآنه مقتضى الإيمان» وهذا العدل يعم العدو والولى على السواء. ولذلك قال سبحانه: يا أَيْهَا الّذِين آمنوا كُونوا قَوَامين بالقسط شهداء لله النداء «يأيها» للتنبيف وقد اختير اللفظ الدال على النداء للبعيد لتعظيم التنبيه إلى الأمر الخطير الذى يدعوهم إليه» وهو العدالة التى بها ميزان السماء والأأرض» والتى هى دعامة الإسلام الأولى»؛ وسمته ومظهره» ومعنى «قوامين» أن تقوموا على القسط وهو العدل وترعوه حق رعايته» فقَوَام صيغة مبالغة من قام بالأمر» وقام عليه وتعهده. وهو أبلغ من كونوا عدولا؛ لأن القوآم بالعدل تكون فيه خصال ثلاث: أولاها: أن يعدل فى ذات نفسهء فلا يظلم أحدا. والثانية : أن تكون العدالة شأنا ملازما له لا يفترق عنه» لتكون كالسجية من سجاياه» والملكة من الملكات. اا تفسير سورة النساعءع ملل الل احير ١ اكاك‎ يي وثالثها: أن يرعى العدل فى غيره» فلا يعدل فقط فى القضية التى تعرض عليه ليقضى فيهاء بل يعمل على منع الظلم حيث كانء وأيا كان» فليس قوآما بالقسط من يرى مظلوما يظلم» أو ضعيفا يهضمء ولا يمنع الاستمرار فى ظلمه؛ ولو لم يكن قاضيا يحكم بين الناس» وهذا تطبيق لقول الننبى كل: «لتأمرن بالمعروف وَلتَنْهَون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراء أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض» ثم تدعون فلا يستجاب لم200" . وقد أمر الله تعالى بالعدل بهذه الصيغة فقال: ا كونوا قَوَامِينَ بالقسط 4 فلم يقل تعالت كلماته «اعدلوا»» أو «قوموا بالقسط». . بل قال سبحانه: فإ كونوا » وهذا التعبير يقتضى أمرين: أحدهما ‏ أن يروضوا أنفسهم على العدالة» ويربوها ويعلموها لشباب هذه الأمة» ويفُظموا النفوس عن شهواتهاء فإنه لا يذهب بالعدل إلا الشهوة» فليريوا أنفسهم على السيطرة عليهاء وجعلها أمة ذلولاء لتكون النفس عادلة دائما. وثانيهما ‏ أن ينصبوا أنفسهم لنشر لواء العدل» فلا يتركوا ظالما يرتع» ولا مظلوما يخضعء سواء أكان الظالم فردا أو جماعة» أم كان أمة» فأمة العدل يجب أن تكون قوامة بالعدل . وإن القوامة على العدل توجب عدالة الإنسان فى نفسهء وأهلهء وولدهء وصحبهء وكل من يتصل بهء وتوجب منع الظلم أنّى يكون» وتوجب العدل فى الولاية والقضاء» والصلح بين الناس. وهناك أمر هو سبيل الحق» وطريق معرفته» وهو الشهادة» إذ هى السبيل للعدل فى القضاء والولاية والصلح» وهى سبيل إحقاق الحق» ولذلك قال الله سبحانه وتعالى : 9 شهداء للّه4 . )١(‏ سبق تخريجه. ا تفسبير سبور: ة النساء 0 | [|#[«#[#[#[#[#[ [ [ [ [ [ [ [ [ 1 11 ١ اه‎ 7 ومعنى الشهادة لله تعالى» أن يقول الحق طلبا لرضا الحق جل جلاله. لايلتفت إلى رضا المخلوقء أي كان ذلك المخلوق» فإن تحرى رضا المخلوق قد يذهب بالحق» ويضعف سلطانه» وإن الشاهد إذا للاحظ جائب الله فى شهادته قال الحق من غير تلعثم ولا اضطراب» وأفاض الله تعالى عليه نوراء فلا يضل فى شهادته. ولا يخطئ ناحية من نواحى الحق. وقد فهم بعض المفسرين أن قوله تعالى: شهداء لله 4 حال من الذين آمنواء والمعنى على هذا كونوا قائمين بالحق حال كونكم شهداء به لله تعالى» وعلى هذا التفسير تكون القوامة على الحق مقصورة عل الشهادة غير عامة. وقد ضعفه أكثر المفسرين. وجمهورهم على أن قوله تعالى «شهداء لله) خبر بعد خبرء أى أن هناك أمرين طلبهما المولى جل شأنه : أولهما: القوامة بالقسطء. وهذا عام للشهادة وغيره. وثانيهما: أنه خصّ الشهادة بالذكرء لأنها السبيل للحقء والشهادة لأجل رضا الله تعالى هى السبيل لكل عدل وكل حق. والشهادة لله تعالى توجب ألا يحابى قريب لقرابته » ولا يحابى غنى لغناى ولذا قال تعالى: ف ولو علئ أنفسكم أو الوالدين والأقربين» والمعنى اجعلوا الشهادة لله تعالى فلا تنطقوا إلا بالحق» ولو أدى ذلك إلى أن تكون العاقبة ألما ينزل بالوالدين والأقربين» فالمحاياة على حساب الغير ظلمء وصلة الرحم لا تبرر الظلمء وليس من الإحسان إلى الوالدين أن تقرهما على الظلم» وترضى لهما أن يأكلا الحقوق» كما أنه لا يصح أن تكون الرحمة بالأقارب الأقربين طريقا للظلم» فإن هذه لا تكون رحمة حقيقية» ولكنها شفقة جنونية» فالأولى حملهم على الحق» وذلك بأداء الشهادة لله» وبالحق. وقد يسأل سائل: ما معن الشهادة على النفس.». وقد أجاب عن ذلك الممسرون بأن الشهادة على النفس هى الإقرار عليها بما ارتكبت» وقد قال ل / تفسير سورة النساع الل ار أ 1 الزمخشرى أن يشهد بما يؤدى إلى وبالهاء بأن يشهد على سلطان ظالم فيؤذيه» وقد قال فى ذلك رضى الله عنه -: «ويجوز أن يكون المعنى وإن كانت الشهادة وبالا على أنفسكم أو على آبائكم وأقاربكم». وذلك أن يشهد على من يتوقع ضرره من سلطان ظالم أو غيره». وإنه بهذا الذى قرره جار الله الزنمخشرى ننتهى إلى أن الشهادة على الوالدين والأقربين تكون بإلزامهم بحقوق عليهم مباشرة» وتكون بالنسبة للأنفس بالإقرار بإلزامهاء وتكون بالشهادة فى الأمور التى ربما تؤدى إلى الإضرار بهم كشهادتهم فى أمر عام قد يؤدى إلى حرمانهم من 'المزايا التى يطلبونهاء كمن يشهد بمجرى ماء لشخص تؤدى إلى حرمانهم من بعض ما يبغون» وقد تكون بالشهادة على أصحاب السطوة الذين يؤذون من يشهد عليهم ... وهكذا. وإنه قد قال قتادة فى معنى هذه الآية: «أقم الشهادة يا بن آدم» ولو على نفسك أو الوالدين» أو الأقربين» أو على ذى قرابتك» وأشراف قومكء وإبما الشهادة لله» وليست للناس» وإن الله تعالى رضى بالعدل لنفسه»ء والإقساط والعدل ميزان الله فى الأرض» به يرد الله من الشديد على الضعيفء» ومن الكاذب على الصادق» ومن المبطل على المحق. . . وبالعدل يصلح الناس». وقد يكون سبب الانحراف فى العدل أو الشهادة أن تكون الخصومة بين غنى وفقيرء فقال سبحانه: «إن يكن غَا أو فقيرا فَاللّهُ ول بهما» أى لا يصح أن يكون اخمتلاف المتخاصمين أو المتعاملين» أو المشتركين غنى وفقرا سببا فى اجتناب العدالة» فلا يمنع الغنى حقا لغناف ولا يعطى أحد غير حقه لفقره» كما لا يصح أن يحابى الغنى أو يعفى من العقاب لحاه ماله» ويعاقب الفقير بعقوبة أشد لفقره» فالفقر والغنى بأمر الله تعالى» ولذا قال: (١‏ قَاللّه أولَئ بهما4 أى فالله سبحانه وتعالى هو الأولى والأجدر بحساب الغنى والفقير» وهو الذى رتب الحقوق والواجبات» وقسم الأموال بحكمته» ونظمها بإرادته» وهو الأعلم بمصالح العباد» وهو الذى هاا تفسيرسورة النساع 05 1االلللللتلك!]الاناال ل ئاااااا !لان لامالا لالط خلتاط اناالا لالظ طللتاالل اام انال خلمخمخططنطنالمطسخسطسطططتاملالط !الل لالتلا ١ اكاك‎ | 37 يتولى النظر لكليهما بعين رحمته» ويفيض هدايته؛ روى ابن جرير عن السدى أنه قال: نزلت فى النبى كَل إذ اختصم إليه رجلان» غنى وفقيرء وكان ضلعه مع الفقيرء يرى أن الفقير لا يظلم الغنى» فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط فى الغنى والفقير: إن يكن غَنا أو ققيرا فَاللَهُ أولّئ بهمًا 4 . وإن الذى يستفاد من هذه الرواية مع أصل النص الكريم أن الغنى أو الفقر لا يصح أن يكونا سببا فى التفاوت فى الحكم؛ لأن الله هو الذى نظم الكون بما فيه ومن فيهء فهو الذى أراد للفقير الفقر مع الأسبابء وأراد للغنى الغنى مع الأسباب الظاهرة لديناء والمصلحة الإنسانية هو سبحانه وحده قدرهاء فهو أولى بأن يكون الغنى له لأنه هو الذى منحهء وأن يكون الفقير له لأنه هو الذى منعه» فابتلى الأول بالمال» وابتلى الثانى بالحرمان. هذا حكم الله» وقد رأينا ناسا يحاربون الغنى» ورأينا مع الأسف قضاة يمنعون بعض الحقوقء» ويمنحون باسم الغنى والفقر. فهذا «محمد» خير البشر عندما علم الله الذى يعلم السر وأخفى - أنه يضلع مع الفقير بقلبه» ذكره بأن الله أولى بالغنى والفقيرء وأنه مقسم الأرزاق» فكيف يسوغ لأحد من البشر أن يظلم غنيا لماله؟!! أو يحابيه لذلك. وقال الزمخشرى: «‏ فإن قلت لم ثنى الضمير فى 9 أُولَئ بهما 4 وكان حقه أن يوحدء لأن قوله: إن يكن غنيا أو فقيرا فى معنى إن يكن أحد هذين - قلت: قد رجع الضمير إلى ما دل عليه قوله: إن يكن غنيا أو فقيرا إلى المذكورء فلذلك ثنى ولم يفردء وهو جنس الغنى وجنس الفقيرء كأنه قيل: فالله أولى بجنسى الغنى والفقير» أى بالأغنياء والفقراء». . وفى هذا التخريج الذى ذكره الزمخشرى إشارة إلى أن الغتى والفقر أمران ثابتان فى هذا الوجوبء, لا يمكن أن تخلو منهما الجماعة الإنسانية» لآن ذلك تنظيم الله تعالى» وإرادته الخالدة» وهو الذى يتفق مع الطبيعة الإنسانية؛ لأن القدر متفاوتة والأعمال مختلفة» ونتائج الأعمال كثمرات الزرع والشجرء تختلف باختلاف ما يزرع وما يغرس» وإن 0 تفمسبير سشور: ة النساء 1 لل اي تحب أ اتحدت الأعمال فقّدرٌ الله تعالى يسيّر الوجودء هذان زارعان يزرعان فى قطع من الأرض متجاورات يبذران بذرا واحدا» وتسقى أراضيهما من ماء واحد» ومع هذا فذلك يأتى بزرع طيب» والآخر يأتى بردىء» أو هذا يبيع بسعر جيد» وذاك يتأخر شهرا أو يتقدم شهرا فيبيع بسعر دون الأول» فمن ظن أنه يستطيع إزالة ما بين الغنى والفقر» فإنه يظن أنه يستطيع مغالبة القدر. وإن الميل فى الشهادة أو فى الحكم عن الحق سببه هو اتباع للهوى» ولذا نهى الله تعالى عن اتباع الهوى فقال: فلا تشبعوا الهوئ أن تعْدلُوا 4 «الفاء» هنا هى التى تسمى فاء الوفصاح؛ لآنها تفصح عن شرط مقدرء كأنه يقول إن اتجهتم إلى الحق تطلبونه «فلا تتِعوا الهوى4» بل اتبعوا داعى العقّل وحكم الشرع» والهوى هو الخضوع للشهوات» وعدم الخضوع لحكم العقل» وما يوجبه الشرعء ومن اتباع الهوى الخضوع للنزعات الوقتية» والظاهرء وعدم البحث عن ذات الحقائق» فمن الخضوع للهوى أن تمنع الغنى حقا لمجرد أنه غنى» وتحابى الفقير لمجرد أنه فقيرء فهذا من قبيل الخضوع لمجرد الإحساس من غير تفكير وبحث عن الحقائق» فإن الغنى لا يحل ظلمهء والفقير لا يقر على ظلم. ش ومعنى النص الكريم: «إفَلا تتبعوا الْهوئ4 وتجنبوه لكى تعدلواء وتتجهوا إلى الحق من غير تعويق من العواطف أو الأحاسيس التى تلقى وهما لا حقيقة» فقوله تعالى : أن تَعْدِلُوا4 فى مقام بيان الغاية لعدم اتباع الهوى» فهو تعليل للنهى» ولا حاجة فيه إلى تقديرء ومؤدى الكلام على ذلك نهيتم عن اتباع الهوى لتعدلوا. والكثيرون من المخررجين على تقدير محذوف» ولمعنى على ذلك لا تتبعوا الهوى مخافة أن تعدلوا عن الحق إن اتبعتم الهوى» فإن الهوى من القاضى أو الشاهد يذهب بالحق ويضيعه» وإن هذا التخريج فيه تقديران: ##/ تفسيرسورة النساع جع ل 0 جه _ بي أولهما: كلمة مخافة. وثانيهما: تقدير أن تعدلوا عن الحق. والأظهرء والأكثر اتفاقا مع السياق والنسق البيانى هو التخريج الأول» وما «( وإن تلووا أو تعرضوا فَإِنَ اللّهِ ان ما تعملُونَ حيرا 4 قراءة الجمهور فى هذا النص الكريم بواوين «وإن تلووا» وقرأ حمزة وبعض الكوفيين بواو واحدةء «وإن لوا أو 7 تعرضوا)(2 , ومعنى النص على لثراءة الأولى وإن تلووا فى الحكم أو فى الشهادة بأن تحكموا بخ بغير الحق» أو تشهدوا بغير الحق» أو تحرفوه» أو توجهوا الكلام إلى غير وجهته فى الشهادة بأن تظهروا فى الكلام معنى ) وتعرضوا بغيره قاصدين له لكيلا تكون الشهادة على وجههاء فإن كل هذا لَىّ للكلام» إذ لَىّ الكلام تحريفه وتوجيهه إلى غير وجهته السليمة» وذلك يشمل قول الباطل والحكم به. وتلوية مقاصد القول وإبهامهء والإعراض معناه الامتناع المطلق عن الشهادة أو الحكمء وجواب الشرط هو التهديد الشديد بالعذاب الأليم» تضمنه قوله سبحانه: فَإِنُ الله كان بما تَعمَلُونَ خَبيرا 4 . على أعمالكم وقلوبكم» وظواهركم وبواطنكم فاحذروه. اللهم اجعلنا من القوامين بالقسطء. الشهذداء بالحق, الذين لا يتبعون الهوى» ولكن يعدلون فى أنفسهم وذويهم وأهليهم » وما ولّوا. 0 قرأها بواو واحدة حمزة وابن عامرء وقرأ الباقون بواوين. [غاية الاختصار 2/840 جزء‎ )١( ص/ة].‎ ل تفسير سورة النساع ١‏ 00 60 1ه 0 7ه لذن ءَامَثهَا امن لكك الى تر عل رسو لوءو الحكتّب الْذِ ىألم قل وميك الهو مك4 كيه و مم1 صلا بَعِيدَ دَا 2 إنَالَذنَءَا موا تْمَكَتَروأكُمَ َ!مَنُو ا 01 لَوََح اه ميخو مولا ليد 221 ره مه فى الآيات السابقة كان الأمر بالعدالة فى خاصة الأسرة» وانتهى الكلام إلى الأمر العام بالعدالة مع العدو ومع الولى» ومع الغنى ومع الفقير. ومع الأقربين من ذوى القرابة» ومع الغرباء» وبذلك أشبت الكتاب الكريم أن العدالة خاصة الإسلام» ولازمة من لوازمه» ولا تتحقق معانى الإسلام إلا مع العدالة. وإنها قرينة الإيمان» لا تفترق عنهء ولا تنفصلء. ولذلك قرن الأمر بالعدالة بالأمر بأركان الإيمان كلهاء فقال سبحانه: يا ها الذين آمنُوا آموا بالل ورَسُوله والكتاب الذي نَل علَى وول والكتاب الذي أَنزّل من قَبْل4 هذه الآية تدل على وحدة الرسالة النبوية إلى الخليقة» إذ إن لبها هو الإيمان بالله ورسله وملائكته والكتب التى أنزلت على رسله» وأن المتأخرين يجب عليهم أن يؤمنوا بما جاء به السابقون لهم؛ لأآن الرسالة الإلهية سلسلة متصلة الحلقات» كل حلقة منها تالية لسابقتهاء وكما قال النبى كَلِْةّ: «إن لها تفسير سيور 3 النساء الال 1 لجليبار بي صرح النبوة واحد)”ا؟, الرسالة المحمدية آخر جزء لذلك الصرح الشامخ» وبها ومعنى النس السامى : يا أيها الذين أذعنوا للحق وطلبسوه, وصدكو به وبالكتاب الذى ركه سنا مقسطاء وهو القرآنه وبالكتاب الذى أنزل من قبل . والمراد جنس الكتب السابقة» لا واحد منها. . 5 . 8 5 5 ع معناه إلا باتصاله بعضه ببعض . وأول عناصر الإيمان هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى. وذلك باعتقاد أنه واحد أجل فرد صمد» فوق كل شىء وليبس فوقه شىء » ليس كمثله شىء» منفرد وحده بالألوهية» فهو الواحد فى ذاته وصفاته» وهو الواحد فى تخلقه وتدبيره فهو بالق كل شىء؛ وهو القادر على كل شىء» وهو القاهر فوق عباده» وهو الواحد فى استحقاقه للعبادة» فلا يعبد بحق سواه. هذه إشارات إلى معنى الإيمان بالله الرحمن ن الرحيم ذى الخلال والإكرام. وإن الإيمان بالله تعالى على ذلك النحو يقتضى الإيمان بأن رحمته توجب ألا بشير ونذير» ومن يكون رحمة للعالمين» فلا بد من الرسل يرسلهم» وكان حما )١(‏ فى معناه ما رواه البخارى: المناقب - خاتم النبيين (2)70676 ومسلم: الفضائل - ذكر كونه كلد خاتم النبيين (187؟) وغيرهما عن أَبى هِريرَة رضي اللَّهُ عنْهُ أن رَسُولَ اللّه يك قَالَ: (إن متلى كَل الآنياء من قَبْلى كَمكلٍ وجل بَنَى كا آنه وأَجِمَلَهُ إلا مضع ل من زآوية تَجَعل لاس يَطُوفُونَ به ويَعْجَبُونَ لَه ويَقُولُونَ هلا وُضعّت هذه لَك قَال: : فنا لَه ونا خاتم 5 00 النبيين» . ل 0 تفسشير سور ة النساء 7 لل اي لب يرز يي" يؤمنوا به» ويكون المراد من رسوله هنا محمدا يلك وذلك واضح من الإفراد ومن تكرار كلمة الرسول مقترنة بالكتاب الذى يتَرّل تنزيلا. والكتاب الذى نُزْل على رسوله هو القرآن الكريم» وقد ذكر التسعبير عن نزوله ب 9 نزل » للإشارة إلى نزوله منجماء وأنه لم ينزل جملة واحدة» وأنه كان لا يزال ينزل وقت هذا الخطاب القدسىء ومعنى الإيمان بالكتاب الإيمان بأنه حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهء وأنه من عند الله العلى الحكيم» وأنه كلامه سبحانه وتعالى. وأن كل ما فيه من أخبار صادق» وما فيه من أحكام واجبة الطاعة. وأنه حجة الله الخالدة» وأنه حبل الله تعالى ‏ الممدود إلى يوم القيامة. وأنه محفوظ بحفظهء لا يعتريه تغيير ولا تبديل؛ لأن الله تعالى قد وعد بحفظه» وهو صادق. وأنه ما حاربه جبار إلا قصم الله تعالى ظهره. والكتاب الذى أنزل من قبل هو كتب النبيين السابقين التى أنزلها الله - تعالى عليهم» ومعنى الإيمان بها التصديق برسالات الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى» وذكر فيها كتبهم» وذكر بجوارها أنها أنزلت» لأنها قد مضت وانقطع نزولها. وعبر عنها بالفرد دون الجمع» للإشارة إلى تصديق معناها الجامع لهاء وهو أنها رسالات الله تعالى إلى أهل الأرض» وهو معنى لا يتغير» بل يشير إلى الوحدة. وقد يقول قائل ما معنى أمر أهل الإيمان بالإيمان؛ ألا يَكون فى هذا تحصيل حاصل » وأمر بما هو كائن؟ لقد أجاب المفسرون عن ذلك بأن المراد بالآأمر فى قوله «آمنوا» اثبتوا على إيمانكم واستمروا عليه» ولا تتحولوا عنه» فالأمر أمر بالثبات والدوام. ويصح أن نقول مع ما قاله المفسرون إن ا حال التى عليها المؤمنون حال إذعان . وتسليم وتصديق » والأمر بالإيمان مع هذه الحال التى هم عليها واستنارت قلوبهم ا تفسبير سور: ة النساع 00 لسرب ا أجزائه» ولا يفرقون بين أحد من رسله سبحانه» وفى هذا الأمر بيان اتصال المسلمين بالديانات السابقة» وبيان أن الإسلام لا يهدم الأديان قبله. ولكنه يتممها. وأنه الخطوة الأخيرة فى الوحى الإلهى» وأن من يكفر به وقد أدركه يكفر بغيره» وإن ادعى اعتناقه» ومن يصدقه من غير إيمان بالكتب السابقة لا يكون صادقا. وننبه هنا إلى أمر لفظى» قد أشرنا إليه» وهو أن الله تعالى عبر عن القرآن بقوله «نرّل) وعن غيره ب «أنزل»» لأن القرآن قد نزّل منجم(؟. وكان لا يزال ينزل وغيره قد تم نزوله» وفى ذلك إشارة إلى طريقة نزول القرآن وأنه أمر أراده الله تعالى لمصلحة العباد» وتسهيل هدايتهم به» وتسهيل حفظ النبى مَك ومن معه له. ولأنس النبى وكَهْ باستمرار الوحى ينزل عليه. وبعد أن بين سبحانه حقيقة الإيمان» ذكر ما يؤدى إليه الكفر فقال سبحانه وتعالى: ومن يكفر بالله ومَلائكته وكتبه ورسله ايوم الآخر فَقَدْ ضَلّ ضلالاً بَعيدا» أى 'من يجحد بالله» فلا يؤمن بوحدانيته ولا بقدرته المبدعة الخالقة ولا بحق الإذعان له والعبودية له سبحانه وحدهء ومن ينكر الملائكة؛ والكتب المنزلة» والرسل المرسلة واليوم الآخرء الذى ينتهى إليه أمر العباد» من يجحد ذلك الجحودء فقد حاد عن السبيل» وانحرف عن الجادة» وبعد فى التيه بعدا كبيرا» لا يمكن معه أن يعود إلى الطريق المستقيم؛ لأنه أوغل فى الشر إيغالا شديداء وهنا نجد عناصر خمسة يجب الإيمان بهاء وهى الإيمان بالله جل جلاله» والإيمان بالملائكة وهم عباده المطهرون الغائبون عنا حسناء القريبون منا ومنهم من ينزل بوحى الله تعالى على رسلهء ومن ينزل بالكتب؛ ولذلك قرن بالكفر بهم الفكر بالكتب التى ينزلها تعالى على خلقه مسجلة أحكامه وشرائعه وأوامره ونواهيه» واقترن الكفر بالرسل بالكفر بالكتب؛ لأن الرسل هم الذين يبلغونهاء ويبينونهاء ويدعون إليهاء ل ل تفسير سورة النساء ملل .6ك لس ا فالكتاب» ينطق بالحق ببيان الرسول يل ثم إنه يتبع الكفر بكل ما سبق الكفر باليوم الآخرء والكفر باليوم الآخر هو طريق الضلال البعيدء الذى لا يستطيع التائه الضال إذا سار فيه أن يعود إلى الحق» إذ كلما أصر على الكفر باليوم الآخر ضل فى فهم معنى الحياة» وبذلك ينزل إلى مرتبة الحيوان الذى لا يعرف أنه موجود لغاية» وأن له نهاية هى ابتداء لحياة أفضل وأبقى» ومن ظن ألا حياة إلا هذه الحياة الفانية» فهو يلهو ويلعب» ويعيث ويفسدء ولا ينتقل من ضلال إلا إلى ضلالء لايهتدى بهدى» ولايسترشد بإرشاد. وإن قوة الإيمان وعظمة الإذعان تكون فى الإيمان بالغيب؛ لأن المؤمن يخرج من أسر الحس إلى انطلاق الروحانية» فيعلو فيها مدارج» ويسلك سبلا فجاجا. وإن قوة الإيمان يقين ثابت مستمرء فلا هداية لمن يكون مزعزع العقيدة» مضطرب النفس يعرض له عارض فيرى نور الإيمان» ثم تعرض ظلمة فينطمس» ويستمر حائراً بائرا» ولذا قال سبحانه فى أصحاب هذه الحال: 3 3 «إِنَ الّذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا» قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبرى: إن هذه الآية واردة فى أهل الكتاب» فقال فى ذلك: «عنى بذلك أهل الكتاب الذين أقروا بحكم التوراة» ثم أقر من أقر منهم بعيسى والإنجيل» ثم كذب به بخلافه إياه» ثم كذب بمحمد وَل فازداد بتكذيبه كفرا على كفره. . ومؤدى هذا الكلام أن هؤلاء هم أهل الكتاب الذين آمنوا بالتوراة» ثم عبدوا العجل وحرفوا التوراة» ثم آمنوا بالإنجيل ثم حرفوه وكفروا بعيسى وبالله» إذ جعلوا المسيح ابن اللهء تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا». ونرى أن نص القرآن يفيد أن الذين يخبر عنهم ‏ سبحانه طائفة واحدة آمنت ثم كفرت» ثم آمنت ثم كفرت» ثم ازدادت كفرا.. وما قاله ابن جرير يؤدى إلى ا تفسير سورة النساع , الال 210 لبجسهماأا > ا ترجيح قول الذين قالوا إن هذا النص فى مرضى القلوب والمنافقين الذين اضطربت عقائدهم» فهم يؤمئون أول النهار, ويكفرون آخخره» فيعتريهم قبس الإيمان» فيهتدون حينا فيؤمنون» ثم تعتريهم ظلمة نفوسهم فيكفرونء ثم لا يزالون يترددون حتى تنطفىء قبسات النور من قلوبهم» وبذلك يزدادون كفراء» وذلك وصف دقيق للمترددين الجائرين » يبتدئون بحيرة مضطرية بين النور والظلمة» ثم يوغلون فى الظلام إيغالا. وإن أولعك الذين يترددون ذلك التردد» ثم ينتهون إلى تلك النهاية الموغلة فى الكفر لا تنالهم المغفرة» ولذا قال سبحانه : لم يكن الله لير لهم ولا يديهم سيلا هذا نفى مؤكد للغفران والهداية معا فالله لا يغفر لهمء ولا يهديهم سبيلا مستقيماء بل هم فى حيرة مستمرة» واللام فى قوله: * ليغفر, و 8 ليهديهم» هى اللام التى يسميها النحويون لام ويكون» ولتقريب معناها نضرب مثلا من عبارات الناس» فيقول بعض الناس: لم أكن لأكرمك أى لم أوجد لأكرمك. أى ليس من شأنى وحالى المستمرة استمرار وجودى أن أكرمك», ويكون معنى النص السامى على هذا ذكر ما يؤدى إليه الكفر. وبعد أن بين سبحانه حقيقة الإيمان لم يكن من حكمته وعلمه وكمال تدبيره أن يغفر لهؤّلاء, ولا أن يهديهم السبيل» والسبب فى ذلك أنه لا تتصور منهم التوبة والرجوع إلى الحق» والإنابة إلى اللهء حستى تكون منهم التوبة النصوح التى تجب ما قبلها من الذنوب» إذ أن التوبة تكون لمن يقع فى الذنب عن جهالة» ثم لآن الهداية 3 ن لمن لم يظلم قلبه» ولمن أراد الهداية» وهؤلاء لايريدونها. فنغفى الغفران» ونفى الهداية. بسبب أنهم أركسوا فى الشرء» وأحاطت بهم خطيئاتهم» ولقد قال فى ذلك الزمخشرى - رضى الله عنه -: «والمعنى أن الذين اا تة لمشسسنئير سورة أ لنساع ل .6 سب زا تكرر منهم الارتداد» وعهد منهم ازدياد الكفر» والإصرار عليه يستبعد منهم أن يحدثوا ما يستحقون به المغفرة ويستوجبون اللطف» من إيمان صحيح ثابت» يرضاه الله؛ لآن قلوب أولئك الذين هذا ديدنهم قلوب ضربت بالكفرء ومرنت على الردّة. حيث كان الإيمان أهون شىء عندهم» وأدونه حيث يبدو لهم فيه كرة بعد أخرى). اللهم هبنا إيمانا ثابتا وقلوبا مخلصة نقية من أخلاط الريب» إنك سميع الدعاء . ليه ابوس رح سس رع عر ل يحون الْكَفروَ 0 عندَهم الْعِرَّه اننيعا 2 وَكَدَئرَ كمف الْكِن ب ندا عن يت ربكتي وتاي دا 2 سس عر سه ا فْحَدِيث يرود ده جاع الْمكقِينَ يري َف جَهَتمَججِيعًا 22 لصو كال اكز تكن عونك نَل ل 0 رس سسا بح سج 2 ير 2 0 0 سرح عر مو مَنَأْلْمجَّ من سا َلْعمَرَ وَأ نححَلَأَللَهُ لك 5-8 س0 ومين ديلا 7 مه ي>* ها تفسيرسورة النساء |اللللللنااا!ا لان ل للل لل ل الن اللا أللتك الل لللل طغللا اللللللااا اماملا لالط لاللالالالمخم نانع مغ خخ خط الالال اطاط ط اط مخ سعط سسظطلططة الال 14 يصب سن يي كانت الآيات السابقة. فى بيان الإيمان الحق الصادق» وأنه يشمل الإيمان بالرسل وكتبهمء» والإيمان برسالة محمد يَكِِةّ وكتبهء وكل ذلك فى ظل الإيمان بالله تعالى باعث الرسل ومنزل الكتب من عنده. وخالق كل شىء» ومبدع الكون. ثم كانت الآية استى وليت ذلك فى ذكر حال هؤلاء المنرددين الحائرين الذين لا يستقرون على حال» وهم قسمان: قسم ضعيف الإيمان مضطرب الاعتقادء وهؤلاء قد يؤمنون ثم يرتدون لغير غاية. والقسم الثانى يعلن الإيمان ويبطن الكفرء ويتردد مظهره بين الإيمان والكفر؛ إذ إنه مهما يطو اعتقاده فى ٍ. نفسه لا بد أن يظهر على لسانه» كما قال تعالى لنبيه مَكِهِ : ( ولَعَرفتّهُمٌ في لَحن القول )> 4 [ محمد ] . وهذه الآيات فى شأن المنافقين: « بر المنافقين بن لهم عَذابًا أَيمًا 4 . المنافقون هم الذين خلصوا للنفاق» وأصبح الإيمان لا موضع له فى قلوبهمء وهم المنافقون فى الاعتقاد بالرسالة المحمدية؛ وذلك لآن النفاق قسمان: نفاق خالصء وهؤلاء كفار فى ذات الرسالة المحمدية» وهؤلاء كفار كما قال تعالى فى الآيات اللاحقة. والقسم الشانى نفاق ليس خالصاء وهو لا يتصل بالعقيدة» بل يتصل بالأخلاق» وهو الذى جاء ذكره فى الحديث «آية المنافق أربع : إذا خدث كذب, وإذا وعد أخلف. وإذا أؤتمن خان, وإذا خاصم فجر)(", وبعض الروايات ليس فيها الخصلة الرابعة”'2. وهذا النوع هو الكثير الشائع فى عصرنا. والتعبير بقوله: « بر المنافقين» فيه نوع مجاز؛ لأن البشارة لا تكون غالبا إلا فى الخبر السارء ويقول فى ذلك الأصفهانى فى مفرداته: «وبشرته أخبرته بسار () روى البخارى : الإيمان - علامة النفاق إجفروةة ومسلم: الإيمان - بيان خصال النفاق (58) عن 2000 هريرة أن رسُولَ الله يلك قَالَ: ١آي‏ الْمنَافقٍ كلاف : ذا حَدثَ كَذَب وإِذَا وَعَدَ أخحلتف وإِذا اؤثّمنَ حان» لأرواه البخارى : الأدب]. تفسسبير سورة النساء اللللالااللوووا الل للا .6 1 يي بسط بشرة وجههء وذلك أن النفس إذا سرت انتشر الدم فيها انتشار الماء فى الشجر. . ويقال للخبر السار البشارة والبشرى» قال تعالى: 8إلَهُم البُشْرئ في الحياة الانيًا وفي الآخرة +672 © [ يونس ]» . وقالوا إن التعبير بالبشرى فى هذا المقام» وهو إنذار المنافقين بالعذاب الأليم فيه نوع تهكم بهم؛ لأن المنافق فيه طمع وهو يريد النفع الدنيوىء أو المادى فيقال لهم ما تنتظرونه من أمر مبشركم ويرضى مطامعكم هو عذاب شديد. مؤلم أشد الإيلام» فهو ثمرة نفاقكم» فما غرستم من غرس هو شر محضء فلا ينتج إلا شرا. الّذِين يتَحْذُونَ الْكَافرين أَوليَاءَ من دون الْمَؤمنينَ»4 هذه بعض أحوال المنافقين: وموقع #الّذينَ يتَخذُونَ4 إما أنها بدل أو عطف بيان من المنافقين المذكورين فى الأولى» وإما أنها فى موضع النصب على الاختصاصء ويكون المعنى على هذا: أخخص الذين يتخذون. . . وعندى أن البدل أولى؛ لأن تلك الأحوال تعمهم» ولا تخص فريقا منهم دون فريق. وما معنى اتخاذهم الكافرين أولياء من دون المؤمئين ‏ نقول إن الذى يقرب معنى الآية الكريمة أن نقول إنهم يلتمسون النصرة والعزة والكرامة من الكافرين» ويجعلون انتماءهم إليهم لا إلى الدولة الإسلامية» ويتخذون هذا الولاء ضد المؤمنين» أى أنهم يجعلون الولاء فى الأمر الذى يكون فيه حلاف بينهم وبين المؤمنين» وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: <إ من دون الْمَؤمِينَ . أى مخالفين ومعاندين ومباعدين ولاء المسلمين» ومتجهين إلى ولاء الكافرين» ومؤدى هذا أنهم يتركون ولاء المؤمنين» للسوصف اللازم لهم وهو الإيمان» ويتخذون ولاء الكافرين للوصف المميز لهم وهو الكفر» وهم بهذا يحاربون الله ورسوله» والله تعالى يقول: «إلا تجد قَوما يؤمئون باللّه واليّوْم الآخر يوادُون مَن حَادَ الله ورَسوله 0ج > [المجادلة ] . ل تفسبير سور: ة النساء 0 كوه : يي وإن الذين تكون أوصافهم هكذا هم كافرون. والولاء قسمان: ولاء نصرة وانتتماء» وهذا منهى عنه من المؤمنين إلا بالضرورة» وولاء مودة ومحبة» وهذا غير منهى عنه بالنسبة لغير المسلمين إلا إذا كانوا قد حاربوا الله ورسوله وخرجوا محاربين له منابذين. وقد استنكر سبحانه وتعالى أن يكون لهؤلاء المنافقين ما يبرر هذا الولاء» ولذا قال سبحانه وتعالى: « أيبتغون عندهم العزة فإِنَ اْعرَه لل جميعا 4 إن هؤلاء المنافقين تضل أفهامهم, ويطمس على مداركهم» ويفسد تفكيرهم؛ لأنهم مردوا على الابتعاد عن الحقائق والحكم على الزمان بحالهم الوقتية» ولا تنفذ عقولهم إلى ما وراء ظاهر الأمورء فهم يطلبون العزة من غيره. والاستفهام هنا لإنكار الواقع» أى للتوبيخ على أمر وقع منهم» وهو أنهم يطلبون العزة ويريدونها إرادة شديدة راغبين فيها من الكافرين الذين لا يملكون أن يعزوا غيرهم لأنهم يعاندون الله تعالى» ولاعزة لمن يجحد ويعاند الله العزيز الحكيم. وقد أكد الله تعالى ذلك المعنى بقوله تعالت كلماته: طفن الْعرةَ لله جميعا » أى أنه لا عزة إلا ما يكون من عند الله تعالى» ولمن يطيع أوامره» وينتهى عن نواهيه» وقد أكد الله تعالى أن العزة له وحده بعدة مؤكدات منها التوكيد ب (إن»؛ ومنها ذكر لفظ الجلالة» ومنها ذكر عمومها بكلمة #جميعا» . إن العزة لله وحده.؛ فليس بعزيز من يعانله؛ إذ ليست العزة غطرسة وكبرياء» ولكنها معنى نفسى يسكن فى القلب فيحس باستعلاء على مظاهر الحياة» واستجابة لمعانيها وأولئك الذين يريدون العزة من غيرهم يبنونها على أوهام» وعلى مطامع مادية» وليست هذه العزة» إن كل استعلاء يبنى على أمر مادى» أو جاه خارجى» أو مطمع دنيوى» إما هو وهم سرعان ما يزول» وتذل النفوس التى لا ها تفسير سورة النساع 0 41 لح اا تتمسك بالحق». فالحق فيه العزة» وهو الذى يكون من عند الله» فلا عزة إلا من الله» والذل حيث لا يريد وجه الله. وإن أولئك المنافقين لفرط كفرهم وإيغالهم فى البعد عن الله يشاركون الذين يثيرون السخرية عند تلاوة القرآن» ولذا قال سبحانه: ( وقد نَل عَليكُم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكقر بها ويستهزا بها فلا تقعدوا معهم حت يُخوضوا» إن المنافقين يوالون الكفار ويجعلون الولاية لهم ويجلسون معهم مستهزئين ساخرين معاندين الله تعالى مع أنه سبحانه وتعالى نزل فى كتابه المحكم أنكم إذا سمعتم أيها المخاطبون بالحقائق الإسلامية الذين يتحدثون ساخرين بالقرآن» فلا تقعدوا بل اتركوا مجلسهم وأعرضوا عنهم حتى يخوضوا أى يتكلموا فى حديث غيره» والذى نزل فى القرآن ونهى عن الجلوس مع الذين يستهزئون بما جاء به هو فى سورة الأنعام المكية التى نزلت قبل سورة النساء المدنية» وهو قوله تعالى: «وإذا رأيت الْذِينَ يخوضون في آياتنا عرض عنهم حنّى يُخوضوا في حَديث غير 220 4 [ الأنعام] . والخطاب فى قوله تعالى: «عليكم» لعامة الذين يتلون القرآن الكريم من مؤمنين صادقين» ومنافقين» ومؤدى الكلام أنه من المنهى عنه أن يب يجلس المسلم مع مثير السخرية على آى القرآن» والمشركون يفعلون ذلك» ومع ذلك لا يكتفى المنافقون بهذاء بل إنهم يولونهم أمورهمء ويجعلون عزتهم منهم» ويكون ضمير الغيبة عائدا على الكافرين. وبعض العلماء قال إن الخطاب للمنافقين وهو لا يخرج عن المعنى السابق . وأرى أن الخطاب كله للمؤمنين» وفيه تحذير للمؤمنين من أن يجالسوا المنافقين إذا استهزءوا بآيات الله تعالى» وسخروا من الأحكام الإسلامية؛ لأن سماع الشر شر؛ ولأن سماع الاستهانة بالقرآن قد تؤدى إلى الاستهانة من السامع» فأول الشر سماع الشرء وإن أولئك المنافقين يبدو فى مجالسهم كلمات الكفر وكلمات الاستهزاء. 9 هاا تفسير سدور: ه النساءع لل 3114 رب ا وعلى ذلك يكون ضمير الخطاب للمؤمنين وضمير الغيبة للمنافقين والكافرين. وقد بين سبحانه أن القعود مع الأشرار» وسماع كلمات الكفر والاستهزاء» © إنكم إذا مثلهم 4 أى إنكم أيها المؤمنون إن استمعتم إلى الكفار والمنافقين وهم يعلنون الكفر بآيات الله تعالى وجحودها تكونون مثلهم فى الاستهانة بكتاب يتسمى باسم إسلامى» وهو من أسرة إسلامية» يتهكم على قوله تعالى: 9 للذَكر مثل حظ الأنئيين .. .44112 [النساء] فلعنه الله تعالى» ولعنة الله على كل من لا يؤمن بسلامة هذه القضية» ولعنة الله على كل من ينكر ميراث القرآن أو يهون من شأنه . وإن الآية يستفاد منها فوائد: أولها أن الاستهزاء بالحقائق القرآنية لا يقدم كالمتكلم؛ لأن السكوت لا يخلو من رضا ولو كان جزئياء ثالثها أن الشر يسرى من القائل إلى السامع كما يسرى السم فى الجسدء وكما يجرى الشيطان فى النفس . وقد أكد سبحانه النهى عن مجالسة المنافقين بقوله تعالت كلماته: ط إن الله جامع المتافقين والكافرين في جَهنّم جميعا 4 أى أنه إذا كان المنافقون يطلبون العزة من الكافرين» ويطلبون الولاء والنصرة منهم ويحاولون بذلك أن فى العز والاستمكان» إنه جامعهم فى جهنم جميعا بلا استثناء قط؛ لأنهم تحدوا الله ورسوله؛ ولأنهم جح دوا بآيات الله تعالى وسخروا منهاء ولأن كلمة الكفر تجمعهم وتفرقهم فى النوع لا فى الأصل. فإن الكفار قسمان: قسم أعلن الكفر إل تفسير سورة النساع موبلالل مم ااا :2 2 والمناوأة وأولئك أقوياء الكفارء وقسم كفر وغش وخخدعء فادّعى الإسلام وكلاهما فى جهنم وان كان المنافق فى الدرك الأسفل منها. «ل الّذين يتريصون بكم فَإن كان لَكُم فََحَ مَن الله قَالُوا ألم نكن معَكم» التربص الانتظار» فيقال تربص بمعنى انتظرء ويقال تربص به إذا انتظره مراقبا له ففى قوله: « والْمطلّقات يتَربْصن بِأَنفْسهن نَلانَة فُرُوءِ +4522 [البقرة] يراد التربص مع مراقبة النفس» وملاحظة حال الحيض وغيرها. وهؤلاء المنافقون عند اشتداد الشديدة» وقيام الحرب ينتظرون مراقبين المؤمنين وغيرهم» فإن كان النصر الفاتح الفاصل بين قوة الشرك وقوة أهل الإيمان بنصر الله تعالى وتأييده قالوا: نحن معكم لنا حظ فى الغنيمة ولابد أن يسهم لنا سهم فيهاء وإن كان للكافرين نصيب من النصر قالوا: ألم نحطكم بحمايتنا ورعايتنا وتمنع المؤمنين من أن ينتتصروا عليكم» أى أن اتتصاركم كان بفضل حياطتنا ورعايتناء فهم لطمعهم مترددون بين الفريقين كالشاة العاثرة بين غنمين» يذهبون إلى حيث المطمع العاجل» إذا احتدم القتال بين الفريقين» أما إذا كان السلم فقلوبهم وولاؤهم للكافرين دائما لأنهم منهم . وفى النص القرآنى بعض بحوث لفظية تقرب معنى النص الكريم: أولها - أنه سبحانه وتعالى عبر عن النصر فى جانب المؤمنين بأنه فتح؛ لأن الفتح فصل بين الحق والباطل» ولأنه من وراء نصر المؤمنين فتح الطريق لكى يدرك الناس الإسلام» ويدخل فيه من أراد» ولآن النصر للمؤمنين دائم» وقد عبر سبحانه عن الفتح أنه يجىء من الله وفى ذلك معنى الدوام؛ لأآن الذى يجىء به هو الله القائم على كل شىء فهو باق ما بقيت الأسباب التى تتخذ للنصر. ثانيها ‏ أن الاستفهام فى قوله تعالى: « ألم نكن مَعَكُم » معناه أننا كنا معكم مؤكدين ذلك بالاستفهامء وهو الذى يسمى الاستفهام التقريرى وهو فى أصله للنفى» وهو داخل على النفى» وهو: لم نكن معكمء فهو نفى لهذه القضية ونفى النفى إثبات» ومثل ذلك قوله تعالى : «9 ألم نستحوذ عليكم 4 . (إ#هاا تقتسير سورة النساء الل الل الل لج يبز يي الثها ‏ أنه عبر عن انتصار الكافرين فى الموقعة بقوله: ‏ وإن كان للكافرين تصيب 4 فلم يقل أن انتصارهم فتح. ولكنه قدر من النصر قل أو كثرء ولا يمكن أن يكون فتحا؛ لأنه لا ينصر الباطل نصرا دائتماء ولا يكون للكافرين نصيب من النصر إلا فى غفلة من المسلمين كما فى أحدء ويدوم بمقدار الغفلة» فإن كانت اليقظة كان فتح الله للمؤمنين. رابعها ‏ أن كلمة استحوذ معناها أحطنا بحاذيكم أى جانبيكم وهذا كناية عن الإحاطة بهم للحماية والمنع. وإذا كانت تلك حال المنافقين» فى الدنيا وحال الكافرين فيهاء فإن مآلهم إلى الله تعالى يوم القيامة» وهو الذى سيحكم بالحق وحدهء ولا يستوى الذين يؤمنون والذين يكفرون» ومهما يكن من استنصار المنافقين بالكافرين» وتمالؤ الفريقين على المؤمنين» فالله سبحانه ولى المؤمنين سيقطع ما بين الفريقين» وسيكون المؤمنون فى النعيم» وأولياء الشيطان فى اللجحيم . وإنه فى الدنيا والآخرة لن يجعل الله تعالى للكافرين بوصف أنهم كافرون سبيسلا أى سبيل للسيطرة على المؤمنين بوصف أنهم مؤمنون» وإذا كنا نرى غلبة من أهل الكفر على الذين يتسمُون باسم الإسلام الآن؛ فلأنهم تخلوا عن أوامر الله تعالى للمؤمنين» وخذلوا الحق» فما كانت الغلية من كافر على مؤمن بل كانت من كافر على مسلم تخلى عن واجب الإيمانء اللهم ارفع كلمة الحق والإيمان» ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمناء إنك سميع الدعاء. تفسير سورة النساعءع لوض الل 66 لاه لس م لومم ِنَالْمْسَفِقِيَ يحرِعون له وَهَوَحَددِعَهم وَإِدَافَامو 7 اس رح سك 7 َلصَلْةَ قَاموا حُسَاكَ رَءُونَ الئاس 1 ججور دددم هد آذ ته ساديم للا 5 نري مذ بذ يبن بين ذلك لا إل ولا و سآ خُ 0 وم 1114 2404 00 وَمَنْيُصَل لاه من يله 0 هه ار 011 0 الكينرى أذلية من دوف الكلام فى المنافقين» وقد ذكر سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة علاقتهم با مؤمنين» فذكر أنهم يتربصون بهم الدوائر» ويريدون أن ينالوا من الغنائم من غير أن يعملواء وقلوبهم مع الكافرين. وقد ذكر سبحانه وتعالى وصفا لأهل النفاق» وهو أنهم يظنون أن أعمالهم مستورة؛ وأن الناس عنهم غافلون بل إنه ليصل بهم فرط غرورهم إلى. أن يظنوا أن الله تعالى لا يعلم ما يسرون وما يعلنون» ويعاملوا الناس على أساس هذه الخديعة» ولذا قال سبحانه فيهم: إن الْمنافقينَ يحَادعون الله وهو حَادعهم» الخدع أو الخداع أن يحاول المخادع حمل الغير على تغيير اعتقاده فيه» بحيث يعتقد فيه الخيرء وليس أهلا لهذا الاعتقادء فيوهمه أن أمره على ما يحب» وهو على ما يكره» أو أن يظهر من الأفعال ما يخفى أمرهء ويستر حقيقته» بغية تضليل من يعامله» وقوله تعالى: يَحَادِعونَ الله صيغة تدل على مفاعلة من الجانبين» والخداع دائما فى ذاته مفاعلة من الجانبين: خادع ومخدوع» فهو معاملة آثمة إذا لم يكن فيه خيرء وخداع أهل الخير شر دائما. للها تفسير سور: ة النساعء ل 00 4 سيمل بور؟ تي وهنا نجد النص فيه عمل أهل النفاق» وهو أنهم يخادعون الله» وعمل الله تعالت قدرته عليهم. وهو أنه خادعهم. وقد تكلم العلماء فى معنى مسخادعتهم أحدهما - أن معنى مخادعتهم لله تعالى أنهم يعاملون الله تعالى كأنهم يخادعونه؛ إذ يظنون أنه يخفى عليه أمرهم فيعلنون غير ما يبطنون». ويظنون أن الله تعالى لا يعلم ما فى قلوبهم» وخحفمايا نفوسهم ؟ وذلك لأن المخادع يتوهم أن من يخادعه لا يعلم أمرهء فهؤلاء لفرط جحودهم» وكفرهم بالله وجهلهم لذاته يخفون ما لا يبدون. والثانى - أن معنى مخادعتهم لله أنهم يخادعون النبى والمؤمنين؛ إذ هم أولياء الله تعالى» ومن يخادعهم كأنما يخادع الله سبحانه وتعالى» وقد وضح هذا التخريج الراغب الأصفهانى» فقال: «الخداع إنزال الغير عما هو بصلده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه. قال تعالى: «إيحَادعون اللَّه4 أى يخادعون رسوله وأولياءه. ونسب ذلك إلى الله تعالى من حيث إن معاملة الرسول كمعاملته. ولذلك قال الله تعالى : إن الّذِين يبايعوتك إِنّمَا ينايعون الله 4 4 [ الفتح ]» . وجعل ذلك خداعا له تفظيعا لفعلهم وتنبيها على عظم الرسول وعظم أوليائه» وقول أهل اللغة إن هذا على حذف مضاف» وإقامة المضاف إليه مقامه. فيجب أن يعلم أن المقصود بمثله فى الحذف لا يحصل لو أتى بالمضاف المحذوف لا ذكرنا من التنبيه على أمرين: أحدهما فظاعة فعلهم فيما تحروه من الخديعة» وأنهم بمخادعتهم إياه يخادعون الله. والثانى التنبيه على عظم المقصود بالخداع ‏ وأن معاملته كمعاملة الله تعالى . والمؤمنون» وكأن نسق الكلام: يخادعون رسول الله» فحذفت كلمة الرسول» اا تفسير سورة النساء 0 617 )ل _ب_ رم يب وأقيم المغضاف إليه وهو الله تعالى مقام المضاف تفظيعا لعملهم» وإعلاء لقدر الرسول والمؤمنين. وفى الحق إن التخريجين يمكن الجمع بينهماء فهم يعاملون الله تعالى معاملة من يظنون أنهم يخادعون لعدم إيمانهم بالله» وهم يخادعون أولياءه ومن هذا الطريق أيضا يخادعون الله تعالى. ومعنى خدع الله تعالى لهم أنهم مقابل ذلك الخداع الذى يصنعونه يجزون بجزائه» وهو ثمرة له فمعنى خدع الله تعالى مجازاتهم على نفاقهم» ومحاولتهم خداع الرسول ومن معه. ويصح أن يقال إن معنى خدع الله تعالى أن يرد عليهم كيدهم فى الدنياء فيأتيهم سوء العاقبة فى الدنيا من حيث كانوا يظنون أنهم واصلون إلى مقاصدهم؛ إذ يحسبون بنفاقهم أنهم واصلون إلى غاياتهم» فيأتيهم الله تعالى من حيث لم يحتسبواء ويظنون أنهم مجهولون.ء والله تعالى كاشفهم. وهنا إشارة بيانية دقيقة» وهى أنه سبحانه وتعالى عبر عن خداعهم بصيغة تدل على المشاركة والمغالبة» وأنهم قد ينجحون وربما لا ينتجحونء أما خداع الله تعالى لهمء فلم يعبر عنه بصيغة المشاركة بل عبر سبحانه بقوله: #وهوَ حَادعهم» للدلالة على الغلب» وأن الله تعالى لا محالة كاشف أمرهم ومزيل مغبة خداعهم» ومحاسبهم لا محالة على ما يرتكدون. وإذًا قَامُوا إِلَى الصّلاة قَاموا كُسالَئ يراءون النّاس» هذه حال من أحوال المنافقين تدل على مقدار نفاقهم وتظهره» وهى أيضا من قبيل الخداع لله ولرسوله وللمؤمنين وذلك فى الصلاة» ففى المظهر الحسى لها يقومون كسالى متثاقلين؛ لا نشاط يحركهم ولا إيمان يبعثشهم» وهذا مظهر يريدون به إظهار الإيمان» وهو يكشف عن خبيئة أنفسهم» ولذلك جعل النبى هذا النوع من الصلاة شيمة النفاق» فقد قال يَكَيِْةِ ذاما الذى صلى على هذا النحو: «نلك صلاة المنافقين» تلك صلاة لال ‏ بلوللا جبل ب بي" المنافقين» تلك صلاة المنافقين» يجلس أحدهم يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى شيطان» قام (فنقر أربعا) لا يذكر الله فيها إلا قليلا»27. والحقيقة النفسية فى هذه الصلاة أنهم يتوهمون بها أنهم يخدعون غيرهم» إذ إنهم يصلون هذه الصلاة ليراءوا بهاء والرياء أن يقوم الشخص بالعمل الجميل فى مظهره لا لاتباع أمر الله والقيام بحق الغير عليه ونفع الناس بهء بل ليخدع به الناس ويظهر بالخير ابتغاء رضاء الناس. والرياء نوع من الشركء فقد قال كَكوٌ: «من صلى يرائى فقد أشرك ومن تصدق يرائى فقد أشرك)7©. وإن هذا النوع من الخداع مكشوف كما رأيت» فهم لا يقصدون وجه الله بصلاتهم» ولكن يقصدون ستر نفاقهم وتغطية أمرهم» ولذلك قال الله تعالى فيهم : «ولا يَذَكْرُونَ الله إلا قليلاً» أى أنهم لا يجرى ذكر الله تعالى فى قلوبهم إلا ذكرا قليلاء أو إلا وقتا قليلا لا يبلبث أن يطفئه النفاق وإذا قامت فى قلوبهم شعلة من الإيمان بالله لا تلبث أن تخبو لغلبة أهوائهم؛ وذلك لآن هؤلاء المنافقين يعرفون الله تعالى» ويدركون معانى الإيمان» ولكن غلبت عليهم شقوتهم) فكفروا به إذ عرفوه» ومن كانت هذه حاله يعتريه أحيانا تذكر لله تعالى وعظمته» )١(‏ رواه مسلم بلفظ مقارب بلفظ المفرد (تلك صلاة المنافق) بغير تكرارء كما رواه الترمذى» والنسائي» ورواه أبو داودء وأحمدء ومالك بنحر من الرواية المذكورة فى التفسير. أما ما رواه مسلم: المساجد ومواضع الصلاة - استحباب التبكير للعصر (311) عن الْعَلاءِ بن عبد الرحمَنٍ نَّهُ دَخَلَ على أَنّس بن مالك فى داره بالبتصرة حين سرف من الظهرٍ ودَاره جنب الْمَْجِدء َم محلا عليه قَالَ: : صلم التمثر؟ قَقلنا له: نما انْصرَكنا الساعَة من الظلّمرٍء ٠‏ قَالَ: فَصِلُّوا الْعصر مَقُّمنَا مَصِلَينَاء فَلمَّ انْصرَقْنًا قَالَ: سمحت رَسُولَ الله َل يَقُول: «تلك صلاة الْمّافق عمدمور يج يرقب الس حَتَى إه كنت ين قري" المتيطان قام ففرا ريما لا يدك اللّهَ فيه إلا 2 (؟) سبق تخريجه من رواية أحمد عن شداد بن أوس. ا تفسير سورة النساع اف رب د ولكنه تذكر لا يكون معه إيمان مثمرء ولا تصديق مذعن» فلا خير فيه ولا ثواب عليهء ولا يمدحون بذلك القدر من الذكرء الذى لا يجدى. وقوله تعالى : «ولا يُذكروت الله إل قليلاً4 هو حال لهم ذكرها يفيد أنهم قد طمس على قلوبهم حتى إذا جاءهم بريق من النور أطفأوه» ولا يبقونه. وهؤلاء المنافقون أمرهم عجب هم أحيانا يدعون أنهم من دولة أهل الإيمان وفى ولايتهم إن وجدوا للمؤمنين غلباء وينتمون إلى دولة الكفر إن كان للكفر نصيب من نصر أو عَلَّبُْ أهل الحقد على أهل الإيمان» ولذا قال سبحانه: « مدَبدبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء 4 الذبذبة الاضطراب» ومن ذلك قول النابغة فى مدح النعمان: - ألم ثَرَأنَ اللَّهَ أعطاك سور ترى كل ملك دونها يتذبذب أى يضطرب ولا يصل إليهاء كذلك هؤلاء المنافقون فى اضطراب دائم مستمر» ويترددون: أيخرجون من الكفر إلى الإيمان» أم يبقون على ما هم عليه من كفران» ثم أهم يجعلون أنفسهم مع محمد وأوليائه» أم مع الذين يحاربونه من أعدائه» وقد أشرنا من قبل إلى ما رواه مسلم من قول النبى كَلكة: «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة» وإلى هذه أخرى)27 . وهنا أمر لفظى» وهو قوله تعالى: 9 بين ذلك » الإشارة فى الظاهر إلى المذكور آنفاء فى طى الكلام» وهو الكفر والإيمان» أو الاستنصار بأهل الإيمان والاستنصار بأعدائهم» فهم مترددون بين هذين الأمرين وهما المذكوران فى مضمون الكلام» فالإشارة إلى المذكور» وهو يتضمن أمرين متعارضين هما الالتجاء لأهل الإيمان أو البقاء مع أهل الشيطان. والتعبير بكلمة (بين) الدال على المكان الذى يكون بين أمرين مؤداه أنهم يكونون فى مكان متوسط بين الأمرين» )١(‏ سبق تخريجه. (/لننا تفسير سورة التساءع م الا !]اتا اناالا الاتالالا ل ل الل ااا لنااان الل لالنااللانالللانا اللا الالال مالالا للتاسكضسضطخاقخمةخلنالاطمة طالخلا ناالط مط لال لالط طلال شتالا 5 يي وهذا التوسط معنوى» من حيث إنهم يدركون الحق ويعرفونه» ولكن لا يدخلون فى وسط أهلهء ولا يعرفون الله تعالى حق معرفته . ويصح أن تكون الإشارة إلى الولاء» فهم مترددون فيهء فإما أن يستنصروا بالمؤمنين ويوالوهمء وإما أن يستنصروا بالمشركين» فهم فى هذا الاستنصار مترددون حائرونء لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وإنه لا سبيل إلى هداية هؤلاء الحائرين» ولذا قال سبحانه : ومن يضلل الله فلن تَجد لَه سبيلاً4 لقد كان النبى يَكِ يتمنى الهداية لكل الذين يدعوهم» حتى الذين ينافقون منهم» فبين الله تعالى أن ذلك غير ممكن إلا أن يريد الله» لقد كان النبى عَلكلِيهَ يستغفر للمنافقين» فبين الله تعالى أن الله لا يغفر لهم» فقال تعالى: « استغفر لَهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم رج 4 [ العوبة] وبهذا الحكم الثابت لن تكون لهم هداية لم يردها الله تعالى. ومعنى النص: ومن يكتب الله تعالى عليه الضلال فى سجله المحفوظ يتردى فى مهاوى الرذيلة» حتى يركس فيهاء ويتكائف الشر فى قلبهء ويزيد بالخطايا فلن ينفتح باب الهداية له» ولن يشرق عليه نور الإيمان» وبذلك لن تجد سبيلا لهدايته. وإن ما يكتبه الله تعالى إنما هو علمه المكنون الذى لا يتخلف أبداء وهو لا يمنع إرادة الشر من مرتكبه» وإرادة الخير من فاعله» ونسبة الإضلال إلى الله تعالى هسى من قبيل المجاز من حيث إنه تركه فى غيه ولم يسد عليه طريق الشر؛ لأنه استمرأ الرذيلة» وسار فى طريق الضلال إلى النهاية» فكان ضلاله بعيداء والله تعالى يهدى من أراد لنفسه الخيرء وسلك سبيل الرشادء فإن الله تعالى يوصله الى طريق النجاة. 9 تفسير سورة النساع ال 00 م ١ ١ الااااكاكك‎ | يي وان السبب فى ضلال المنافقين الذى لا هداية معه هو اتخاذهم الكافرين أولياء» ولذا قال سبحانه: «يا يها لين آمنوا لا تَتَخَذوا الكافري ين أَوليَاء من دون الْمؤْصينَ 4 . النداء للمؤمنين بالبعيد ليكون التنبيه قوياء ونادى بالموصول للإشارة إلى أن الإيمان يقتضى ألا يكون ولاء المؤمن لغير المؤمنين» ومعنى النص: يأيها الذين آمنوا وحسن إيمانهم بالله» لا تتخذوا الكافرين بالله الذين لم يخلصوا له نصراء لكم تدخلون فى ولايتهم وتكونون تابعين لهم وتتركون المؤمنين» فإن ذلك لا يتفق مع الايمانء فالمراد بالولاية هنا النصرة والانتتماء إلى جماعة الكافرين» وإن الولاء يطلق بمعنى المحبة» وبهذا المعنى جاء النهى عنهء وهو التبعية والنصرة» وإن هذا الأخير منهى عنه بالاتفاق» ولا يجوز من المؤمن إلا اتقاء الأذى إن تيقن الإيذاء» أما المحبة فغير منهى عنها إلا أن يكون الكافر قد انتقل إلى المحادة والعداوة» ولا يقتصر على مجرد الكفرء ولذلك قال تعالى: «لا تجد قُوما يؤمنون باللّه واليوم ,الآخر يوادون من حَادَ اللَّهِ ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخواتهم أو عشيرتهم +520 4 [ الجادلة] . وقوله تعالى: « دون الْمؤْمنِينَ4 يشير إلى أنهم يتركون المؤمنين لينضموا إلى ولاية الكافرين» وذلك لا يسوغ من مسلمء ولذلك قال تعالى: © أتريدون أن الاستفهام للإنكار والتوبيخ إن وقع هذا منهم» وهو يتضمن التهديد لهم بتسليط مقت الله عليهم إن فعلوا فهو استفهام يتضمن إنكارا للوقوع؛ أى لا يقع منهمء ولا د يصح أن يقعء ويتضمن التحذير والإنذار» والمعنى: إنكم إن فعلتم ذلك فقد جعلتم لله حجة فى عقابكم» وتسليط ذنويكم عليكم وتخليه عن نصركم فإن نصر الله لا يكون إلا لمن يطلب النصرة من الله وحدهء» ولن ينصر الله من يستنصر بغير الله كما قال تعالى: إن تتصروا الله ينصركم ويعَبَت ينبت أقدامكم 258 [محمد]. ها تفسبير سور: ة النساع |1111اااالااللككخنن لانن !أ اناتلالالااا اا لا اللا الالالال ممم الالالالاللطط نطلل مالالا لبلب بي وإذا كان الاستنصار بغير المؤمنين يترتب عليه هذا فهل تريدون أيها المؤمنون أن تجعلوا لله تعالى سبيلا بينا واضحا يخذلكم بسببه بعد النصرة» ويعاقبكم عليه بعد الإيمان» ويذهب شوكتكم؟ لا يسوغ ذلك منكمء فاحذروه» اللهم اجعل ولاءنا لك» ولا تجعل نصرتنا من غيرك. 2 سكم م آ ‏ ص > هه سه يعرم ب 2 دهم فالدرك الا م مِنالثار أن يحد لهم نصيرا ننا 0200-2 ير و سككس شير وص وس م مي رع < دمو م إِلَّا أَلَذِت تابوا وأصلحوا واعتص موا لله وأخلصواً د الك حزمي وسزك ازت ل" لْمْوّمِنِنَ جا 2 مَايَفَعلُ أسَمبعَدَ دايص إن 1 و سر 1 وَكَانَ أله سَاحكرًا عليه م 2 أذ لخر ديهم لِلَه 1 وذ الحديث فى آقوال المنافقين» وشئونهم وعاقبة أمرهم لا يزال مستمراء وهذا النص القرآنى يبين مآل المنافقين يوم القيامة» فهم فى خزى دائم فى الدنياء وعذاب شديد مقيم فى الآخرة» وجزاؤهم هو أشد جزاء؛ لأن كفرهم أشد كفرء لأنه كفر بالله» وكذب على رسول اللهء وافتراء على المؤمنين» واستغلال لإخلاص المخلصين» و المشركين من يصدق فى القول كما رأينا من أبى سفيان عندما سأله هرقل عن النبى كَل وأحواله. وليس من المنافقين من يصدق فى قولء أو يخلص فى عمل أيا كانء ولذا قال تعالى: إن المنافقين في الدّرك الْأَسَفَلٍ من التّار4 جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى ما نصه: الدرك كالدرجء لكن الدرج يقال اعتبارا للصعود والدرك اعتبارا بالحدورء ولهذا قيل درجات الجنة» ودركات النارء ولتصور الحدور فى النار سميت هاوية وقال ها تفسير سسورة النساء ل 0100 م ١: ااا‎ بي تعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من الثَار» والدرك أقصى بر البحرء وسميت وإن جهنم طبقات بعضها أسفل من بعض» وإن أسفلها أقساها عذايا؛ لأنها تتكائف عليها ما فوقها من طبقات؛ ولأن أعمق النيران أشدها توهجاء وأكثرها لهيبا. والمعنى : إن المنافقين الذين مردوا على النفاق واستمرءوه» صار وصفا لهم يمالئون الكافرين» ويخذلون المؤمنين» ينالهم عذاب يوم القيامة على أشده» وأشده هو أعماق جهنم» وهى الهاوية التى تهوى بهم أعمالهم فيهاء وإن هذا النص الكريم يفيد أن جهنم طبقات ومئازل» وأن العقاب فيها مرتب على طبقاتهم » وهى كلها عذاب أليم» وقد وصفها القرآن الكريم بأوصاف كلها تنبئ عن الشدة فى العذاب» فذكرت باسم «جهنم)»» وهو ينبئ عن التردى فى النار» ووصفت بأنها «لظى»» وبأنها «الحطمة4ا. ثم (السعيرا» ثم ااسقركء ثم «الجحيم؟؛ ثم «الهاوية»» وقال بعض العلماء ولماذا كان المنافقون فى الدرك الأسفل فى الهاوية من العذاب؟ قد أجاب عن ذلك العلماء بأن المنافق أوغل فى فساد النفس من أى مشرك كافرء وقد جعل الله تعالى لآل فرعون الذين مالئوه وعاوثوه فى طغيانه أشل العذاب» فقال سبحانه : أدخلوا آل فرعون أَشْد العذاب 20> 4 [غافر ] . وأولئك فى كفرهم ونفاقهم أكثر إيذاء من أى كافر سواهم» ذلك أنهم جمعوا بين الكفرء والفسق والتضليل والتغرير والكذب» وتعرف أسرار المؤمنين وكشفهاء وإظهار عورات المسلمين ف فى المحروب» وإفساد لجماعة المؤمنين بإشاعة قول السوء بين المؤمنين» واستغلال ضعف الضعفاء منهمء وتوهين أمر المؤمنين بسبب ذلك الاستقلال» كل هذه جرائم متتابعة تدل على أن نفوسهم قد فسدت» وقلوبهم قد شغرت'١؟‏ من كل خيرء والكافر الجاحد أقرب إلى الهداية من هؤلاء» فكان عقابهم أشد؛ لأن جرائمهم أشد . )١(‏ أى خلت. ا تفسير سورة التساع جي لل لل كا : 7 ولكن من هو المنافق الذى يستحق أشد العقاب؛. ويكون فى أعمق النيران يوم القيامة؟ نقول فى الجواب عن ذلك إنه المنافق الخالص الذى لم يكن فيه خصلة أو أكثر من خصلة فقطء ولكن هو الذى كفر بالله وبالرسالة المحمدية» وأغلق باب الإيمان فى قلبه» ولم يكتف بذلك بل أظهر الإسلام ليفسد بين المسلمين ويتعرف أسرارهم. ذلك أن النفاق درجات هذا أعلاهاء وهو أشد الكفرء ودونه بعد ذلك مراتب تكون بين المسلمين» ولا تخرج المسلم عن إسلامهء وإن كانت تجعل إيمانه ضعيفاء ومن ذلك ممالأة الحكام» والسكوت عن كلمة الحق مع النطق بالباطل ملقاء وخداعا. وقيل لابن عمر ‏ رضى الله عنهما -: «ندخل على السلطانء» ونتكلم بكلام فإذا خرجنا تكلمنا بخلافه» فقال ‏ رضى الله عنه _: (كنا نعده من النفاق) . ولقد جاء فى الحديث النبوى الشريف ما يفيد أن المنافقين فريقان» فريق خلص للنفاقء. وهذا منكوس القلب والنفس والفكر؛ وقسم فيه خصلة من النفاقء وهذا يتنازعه الخير والشرء ولنضىء القرطاس بنور الرسالة» فقد قال عليه الصلاة والشلام - فيما رواه الإمام أحمد: «القلوب أربعة قلب أجرد فيه مثل السراج يزهرء وقلب أغلف مربوط على غلافه» وقلب منكوسء. وقلب مصفح. فأما القلب الأجرد» فقلب المؤمن سراجه فيه نوره» وأما القلب الأغلف فقلب الكافر»ء وأما القلبٍ المنكوس فقلب المنافق الخالص »عرف ثم أنكرء وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق» ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب. ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم» فأى المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه)17. وإننا لهذا نقول إن النفاق فى داخل الإسلام مراتب» وأعلاها أولئك الذين يتملقون الحكام» وينحدرون إلى درجة وضعهم فى مقام النبيين ومنهم من يذهب به فرط نفاقه» فيفضل بعض عملهم على عمل النبيين» وهؤلاء نتردد فى الحكم بأنهم )١(‏ أجرد: ليس فيه غش ولا خخداع. أغلف: عليه غشاء من سماع الحق وقبوله. مصمّح: ذو وجهين اجتمع فيه نفاق وإعان. والحديث روآاه أحمد: باقى مسند المكثرين- مسند أبى سعيك ها تفسير سورة النسساع االلللوللل ل 10ا1االااااااااا0ا0ا0ا0اا0االا0ا0ا0االلللل م > 1 مسلمون» وقريب منهم الذين يتأولون النصوص من غير حجة فى التأويل ويعبثون بظواهرها القاطعة لهوى الحكام. هذا عقاب المنافقين فى إيمانهم فى الآخرة» ولهم عقاب فى الدنيا والآخرة» ذكره سبحانه بقوله تعالى: 9 ولن تجد لَهِم تصيرا 4 نفى الله تعالى عنهم نفيا مؤكداء أن يكون لهم نصراءء وجعل الخطاب موجها للنبى َل وهو الذى ذاق آثار نفاقهم» وذاق المؤمنون معه مرارة ذلك النفاق؛ لأن فى ذلك تثبيتا للمؤمنين» حتى لا يتزلزل أحد منهم بعمل المنافقين الذى مردوا عليه» ولم يتراجعوا عنهء ولأنهم أرادوا بالنفاق الاستنصار بغير دولة الحق» لتفوز دولة الباطل على النبى يَلْةٌ» فذكر الله تعالى لنبيه أنه لن يجدهم منصورين عليه أبدا لآنهم لا ناصر لهم . وإن هؤلاء لن يكون لهم نصير يوم القيامة؛ لأنه لله وحده» ولن يجدوا نصيرا يخلص فى النصرة لهم فى الدنيا؛ لأن النفاق يسلب الثقة عنهم» فلا ينصرهم أحد من يستنصرون بهم» بل إنهم يستخدمون شرهم» ولا يعطونهم خيراء وما وجدنا منافقا فى الماضى أو الحاضر يخون قومه»ء وينال نصرة صحيحة ممن ينافق لأجلهمء فتلك سنة الله تعالى فى المنافقين: فل ولن تجد لهم تصيرا 4 . إن الله سبحانه وتعالى ذكر المنافقين بما يدل على أنهم أركسوا فى الشرء وطغى على قلوبهم» وأغلق باب الهداية عليهم» حتى أن رجوع المشرك عن شركه أقرب من رجوع المنافق عن نفاقه» فغلاف القلوب قد يتكشف ولكنه سبحانه مقلب القلوب» فقد تكون من المنافق توبة» ولذلك فتح الله سبحانه وتعالى بابها بقوله سبحانه فى هذا الاستثناء : «إلاً الّذينَ تابوا وأصلّحوا واعتصموا باللّه وأَخْلَصوا ديتهم لله الاستئناء هنا منقطع؛ لأن الذى يتوب التوبة النصوح لا يمكن أن يعد فى صفوف المنافقين الذين يستحقون الدرك الأسفل من النار؛ ولذا نقول إن المعنى هو: لكن الذين تابوا من النفاق وخرجوا من صفوفه يكونون مع المؤمنين» وإن أولئك الذين يخرجون من أوكار ا تفسير سورة النساء م لل لل لل با و > النفاق» قد ذكر الله تعالى. لهم أوصافا أربعة هى التى تخرجهم من زمرة المنافقين إلى جماعة المؤمنين. أول هذه الأوصاف: التوبة» وهى التوبة النصوحء وأركانها ثلاثة- أولها إدراك لقبح العمل ثم الندم على ما كان منه ثم الإقلاع وأن يعزم على آلا يعود إليه من بعد أبداء فإذا تحققت هذه الأركان فإن الله يفتح قلب العبد لنور الهدىء ويأخذ بيده إلى سلوك طريق الحق المستقيم . والوصف الثانى: أن يكون التطهير القلبى له مظهر عملى ليقوىء. وذلك بالإصلاح» بأن يتجهوا فى ذات أنفسهم إلى الأعمال الصالحة التى هى مظهر الإذعان والتوبة»ء فكل ما يكون فى النفس من درن النفاق يطهرها منها بالاستمرار على العمل الصالح ويدوم عليهء فليست التوبة» كلاما باللسانَء ولكنها طهارة للوجدان» ومع إصلاح النفس وتقوية عزيمتها يتجه إلى الإصلاح فى الأرض وعدم الإفساد فيهاء فلا يفسد بين الناس» ولا يغرى بالعداوة بينهمء ولا يخذل أهل الحق» وينصر أهل الباطل» فالإصلاح المطلوب يتضمن عناصر ثلاثة» تطهير النفس من أدناس النفاق كلهاء فيخرجها منها كما يخرج الذهب الخالص مما اختلط بهء والعنصر الثانى العمل الصالح يقوم به لذات نفسه وللناس» والثالث أن يكون بين الناس عنصر إصلاح وتوفيق» لا عنصر إغراء وتوهين للجماعة. والوصف الثالث: الذى يلتحق به بأهل الإيمان الاعتصام بالله» والاعتصام به سبحانه هو التمسك بأوامره ونواهيه والالتجاء إلى كتابه وسنة رسولهء وهذا هو المذكور فى قوله تعالى: فإ واعتصموا بحب الله جميعا ولا تَعَرَقُوا 2# 4 [آل عمران] والاعتصام بالله يقتضى ألا يجد المؤمن ملجأ إلا فى جماعة المؤمنينء فلا يستنصر بغيرهمء ولا يجعل ولاءه لمن دونهمء فذلك شر بلايا النفاق. الوصف الرابع: الإخلاص فى دين اللهء بأن يجعل كل قلبه لله تعالى» ولا يجعل فى قلبه مكانا لغير الله تعالى» وأن يجعلوا طلبهم الدين لأجل الله تعالى لا لدنيا يصيبونهاء ولا لهدف غير الإيمان يستهدفونه» فيطلبون الحق لوجههء وينفذون كل ل تفسبير سورر: ة النساء 00 ل اكه < يي أوامر الدين لله» ويتحقق قول النبى يَلْهِ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا للهع200. إذا تحققت هذه الأحوال دخلوا فى الجماعة المؤمنة» ولذا قال سبحانه: فَأُولّك مع المؤمنين وسوف يوت الله الْمؤْمدينَ أجرا عظيما 6 أى فأولتك الذين اتصفوا بهذه الأوصاف بسببها يخرجون من صفوف النافقين إلى صفوف المؤمنين» فالإشارة فى قوله تعالى 9 فَأُولَتك 4 للسابقين» وهم قد عرفوا بأوصافهم» فكانت الإشارة إليهم موصوفين بها» وكانت هذه الأوصاف هى السبب فى ارتفاعهم من دركة النفاق السفلى إلى درجة أهل الإيمان العلياء وذكر الله سبحانه وتعالى هذه المعية للمؤمنين لشرف الصحبة مع الأخيار الأبرار» بعد طلبهم النصرة من الأشرار الكفارء فهذا دليل على الرفعة فى الصحبة بعد الانخفاض فيهاء كما ارتفعوا عند الله» والإشارة بالبعيد للدلالة على رفعة منزلتهم بالتوبة» وفى كل ذلك تحريض عليها وترغيب فيها فإن الله تعالى يحب توبة عبده» وهو الغفور الرحيمء العزيز الكريم. ‏ وإنهم إذا كانوا مع المؤمنين» فإن لهم جزاءهم وقد وعد الله المؤمنين جزاء عظيماء ولذا قال سبحانه : «#وسوف يوأت اللّه المؤمبين أجرا عَظيما » والأجر هو الجزاء» وهنا إشارتان بيانيتان : إحداهما ‏ أن التعبير ب «سوف» لم يكن استعماله فى القرآن» وهو أحكم الكلام للدلالة على مجرد التسويف الزمانى» بل هى لتأكيد الوقوع فى الأمر المستقبل» وكأن المعنى أنه من المؤكد أنه سينزل المؤمنون بمقام الرضا والجنات فى قابل أمرهم كما ظفروا بالرضا والنصرء والتأييد فى عاجلهم . ثانيهما ‏ تنكير الأجر إذ قال «أجرا عظيما»» فنكر الأجر ووصفه بالعظمء والتدكير هنا للتعظيم» فكأنه قد أكد عظم هذا الأجر مرتين مرة بما تضمنه معنى التدكير» ومرة أخرى بالتصريح بوصف العظم» وإن جزاء الله لعظيم أى عظم . )١(‏ سبق تخريج ما فى معناه من حديث. ا تفسير سور: 0 النساع لاللللل لل الل 1 ا ولقد ذكر الله تعالى» أنه سبحانه يحب توبة عبذه وجزاءهة» ولا ير ضى لعباده الكفر وعقابه» ولذا قال سبحانه: ما يفعل اللّهِ بعذابكم إن شكرثم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما 4 الاستفهام هنا للنفى» والمعنى ما الذى يفعله الله تعالى راضيا به محبا له بعذابكم وآلامكم إن شكرتم نعمته» وأديتم حقها حق الأداء فآمنتم به» ومن الإيمان به تصديق رسله وإجابتهم وإطاعتهم؟! أى أنه سبحانه لا يفعل بكم شيئا من العذاب ولا الإيلام فى الآخرة إن الكفر» وطاعتكم بعد العصيان» ولذا قال سبحانه : وكان اللّهُ شاكرا عليما 4 أى أنه من صفات الله تعالى» وشأنه الدائم أنه مثيب الطائع » عليم بموضع طاعتخه. وما تخفى الصدورء فالآية ذيلت بما يدل على الثواب والنعيم لأهل الإيمان» ومن ينضم إليهم من التائبين» وفى الآية الكريمة ثلاث إشارات بيانية : الأولى - التعبير بالاستفهام للإشارة إلى أن الله تعالى رتب الجزاء على العمل» وأنه يجب على عباده أن يعرفوا ذلك ويدركوه» وأنه ليس من المعقول مع حكمته تعالى » وكريم وعده ألا يعطى عاملا عملا طيبا جزاء عمله. الثانية ‏ تقديم الشكر على الإيمان» فى قوله تعالى: «(إن شكرتم وآمنتم . ذلك أن الرجل الذى يتجه إلى الخير تكون نفسه مدركة للنعم التى أنعم الله بها على عباده» ثباكرا لأنعمه. قادرا.لها حق قدرهاء فيكون ذلك سبيلا لطلب الحقيقة فيكون الإيمان» فالشكر يؤّدى إلى الإيمان» والإيمان يؤدى إلى أعظم الشكر. الثالئة ‏ أن الله تعالت عظمته سمى ثواب الطائعين شكرا منه» وذلك إجلال للطاعة » وتشريف للمطيع ومنة وفضل منه سبحانه فوق منته وفضله» وأن هذا تعليم لنا لنشكر للمحسن فضل الله» اللهم اهدنا إلى أن نشكر لك فى ضرائنا وسرائناء إنك نعم المولى ونعم النصير. الللللللللا00اااللمل وواللا كم ب 1 فى الآيات السابقة بقة كشف الله سبحانه وتعالى عن أوصاف المنافقين» وبين ظواهر أحوالهم» ومجموع أمورهم؛ وما يرتكبون من سيئات واضحة معلمة» وما يخفون فى صدورهم من أحقاد مكنونة» وبين مآل أمرهم إن استمروا فى غيهم يعمهون» وبين سبحانه وتعالى أن باب التوبة مفتوح, وأن الله تعالى لا يغلق باب الرحمة بالتوبة على أحد من عباده» ولو كانوا منافقين» فإن الله تعالى يحب التوابين» والتوبة عنده سبحانه تب ما قبلها من سيئات مهما تكن. وفى هذا النص الكريم بين أن الجهر بالسوء من القول لا يكون إلا فى أحوال تقتضى ذلك» وقد وجد مقتضاه فى أهل النفاق» فليحترز المؤمن من الاسترسال فى الجهر بالسوء إلا عند أشد الحاجة إليه» ولذا قال سبحانه: بلا يحب الله الجهر بالسّوء من الْقول ِل مَن ظَلم 4 السوء هو ما يسوء الناس من أقوال وأفعال» سواء كانت الإساءة عامة أو خاصة» وسواء أكانت الإساءة إلى الإنسان أم إلى الفضيلة» فكل ما يمس المجتمع» ويترتب عليه شر وأذى» فهو من السوءء والمحبة شأن من شئون الله تعالى» لا تتشابه مع محبتناء ولا مع ما يجرى بيئنا من حب وبغض؛ لأن ذات الله تعالى منفردة بصفاته»؛ لا تشابه ذات المخلوقين فى شه إلى تعد شي هاسع ابعر 402 [الشووى]. والمحبة أكثر من الرضاء والرضا أكثر من الإرادة؛ فهذه كلها صفات للذات العلية مرتبة فى القوة» فالإرادة تتعلق بالخلق والتكوين» فما أراده الله تعالى يقع» وما لا يريده لا يمكن أن يقع؛ فلا يمكن أن يقع من أفعال الإنسان ما لا يريده رب العالمين» ولا يمكن أن يفعل الإنسان شي لا يريده العليم اخبيير الذى لا تخفى عليه الأنفس؛ وما تكن الصدور. لها تفسير سورة التنساع 1ااااناائ اناالا اللاا!!1ااا انالا لنااااالااااالا1االم طامنالا الال ا لللتاااالالالاال ااانا ناكما انلام خامممطسطخسطططططلط ةط ططللللةا لللللا الج وه 7 أما الرضا فمعناه بالنسبة للذات العلية أن يكون العمل أو القول محل قبوله سبحانه وتعالى والمجازاة عليه» ولذلك يتصور أن يفعل العباد ما يغضبون الله به سبحانه وتعالى» وقد جاء فى القرآن الكريم عبارات سامية صريحة بأن الله تعالى يغضب على عباده لأفعال فعلوهاء وأن الله تعالى لا يرضى عن بعض أفعال عباده» فلا يرضى من عباده الكفر» والرضا لا يكون إلا لأعمال المتقين وهو أعلى أنواع الشواب الذى يثيب الله تعالى به عباده» ولذلك قال سبحانه بعد ذكر نعيم الجنة: <[ ... وَرضوان مَن الله أكبر . ٠.‏ 206 © [التوبة]. والمحبة مرتبة فوق الرضاء أو هى أبلغ الرضاء وقد وعد الله تعالى أهل الإيمان الحق الصادق بأنهم ينالون محبتهء وهى أقصى درجات الرضا. ومع أن المحصبة من الناحية الإيجابية أقصى درجات الرضاء هى من الناحية السلبية؛ تكون فى مرتبة الغضبء فمعنى 9لا يحب الله الجهر بالسّوء من القول إلا مّن ظلم 4 . أن الله تعالى يبغض الجهر بالكلام الذى هو سوء فى ذاته» ويسىء الناس» ويؤذى الفضيلة» فإن ذلك إعلان سييئ الأعمال» وقبيح الأقوال. والجهر معناه النطق به فى إعلان لا خفاء فيه؛ ونشر هذا الكلام بين الناس» وإذاعته بين ربوعهم. والمعنى الإجمالى للنص السامى أن الله تعالى يبغض الجهر بالأمر السَّيئْ أو الأفعال السيئة. وكل إعلان للمنافق والفاجر من الجهر بالأمر المسىء هو من قبيل الجهر بالسوء من القول» ف «من» هنا بيانية وهى بيان لنوع السوء بأنه من القول» وذلك يشمل كل إعلان للأعمال القبيحة» والترامى بهاء فيشمل القذف والسباب وإعلان المعاصى والجرائم» وتفصيل القول فيها من غير حاجة إلى بيانهاء ولا إقامة حق فى إعلانهاء فإن ذلك كله من سوء القول وفاحشه. وإن الإسلام فى سبيل تكوين رأى عام مهذب نهى عن إعلان الآثام والمفاسد الشخصية» ولقد قال النبى يَليلْه: «أيها الناس من ارتكب شيئا من هذه القاذورات» ا تفسير سورة النساع ل 00 6 سه : بي فاستتر فهو فى ستر اللهء ومن أبدى صفحته أقمنا عليه الحد0(١2‏ ويقول كَكِِ: «إن من أبعد الناس عن الله منازل يوم القيامة المجاهرين» قيل: ومن هم يارسول الله؟ قال: ذلك الذى يعمل عملا بالليل قد ستره الله عليه فيصبح يقول: فعلت كذا وكذا يكشف ستر الله200؟ . وإن الجهر بالسوء يسهله. فتزداد الجرائم ويسهل ارتكابها لمن هو على استعداد لهاء وكثيرا ما نرى الشبان يرتكبون جريمة معينة قد أخذوها من قصة أذيعت» أو نشرت» أو تردد ذكرهاء فإن ذكر الشر يستهوى الشباب» خصوصا إذا قدم ففى عرض منسق يحبب الاستماع إليه» فإنه يسرى فى النفوس سريان الطعام المسموم فى الأجسام. وفوق ذلك فإن كثرة ذكر السوء والفجور يزيل استنكاره فى النفس» ويذهب بروعة الحق» وإن ذكر السوء لأهل السوء يثير عدوانهم ويجعلهم يتبجحون فى ارتكابه» ويباعد بينهم وبين الاستجابة لداعى الهدى ذلك أن الناس إذا استتروا فى شرهمء وظنوا أن الناس لا يعلمونه كان كتمانه مسهلا لقتله فى نفوسهمء فإن أعلن وفقدوا حياءهم استمرءوا الشر وأعلنوه» وكل إعلان منهم تغليق لباب الهداية فى قلوبهم بيد أن الشر أحيانا يجب إعلانه لدفعهء إذا كان ثمة فريسة لهذا الشرء وتعدّ بالظلم» فإنه يجب دفعه» ولذلك ذكر سبحانه بعد أن قرر القاعدة العامة» وهى أنه لا يحب الجهر بالسوء استثناء حال الظلم فقال: إلا من ظلم وكَانَ الله سميعا عليمًا 4 الاستثناء هنا عند بعض العلماء استثنا منقطع ع ف (إلا» هنا معناها لكن, والمعنى: لكن من ظلم له أن يجهر بالسوء لدفع (1) موطأ مالك - الحدود فيمن اعترف على نفسه بالزنا (1917) عن زَيْد بن أَسَلَم أن رجلا اعتّرّقَ عَلَى نَفْسه بالزنًا عَلَى عَهْد رَسُول الله يله هَدَعَا َه سول الله َك سوط فَأنّي بسوط مَكْسُور فَقَالَ: «قَوقَ هذا» فَأني بسوط جديد لم تقطع تَمرنه فَققَال: الدون هل]» فَأنيَ بسوط قد كب به ولان» أرب رَسُول الله يل َجلد كم قال: يها اناس قد آنا لكُم أنا تَنهُوا عن حُدُود اله مَنَ أصاب من هذه الْقَاذُورَات شيا سر بسقر الله نه من يبّدى لَنَا صَفْحَيه قم عَلَيْه كناب اللّمه. (؟) سبق تخريجه. ها تفسير سورة النساءع م لل الول لللللللا السب أ ظلمهء وحدود الجهر هو مقدار دفع الظلمء فإن أمكن دفعه بغير الجهر لا يجهرء وإن لم يمكن دفعه إلا بالجهر - جهر حتى يصل إلى حقه. وقال بعض العلماء إن الاستثناء متصلء» وتأويل الكلام أن الله تعالى لا يحب الجهر بالسوء إلا جهر من ظلم فإنه ليس بخارج عن محبة الله تعالى لأن دفع الظلم واجب ولازمء ولقد قال رسول الله يَلكْهّ: «لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم» ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن بقلوب بعضكم بعضأء ثم تدعون فلا يستجاب لكم». فدفع الظلم واجب؛. وإذا كان الجهر سبيله فهو واجب؛ لأن ما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجبء ولكن ما مدى الاستثناء الذى يسوغ الله سبحانه وتعالى به للمظلوم أن يجهر بالسوءء وأن يعلنه؟. نقول بالإجمال إن مداه هو منع الظالم من الاستمرار فى ظلمه وحمله على الانتهاء عن غيّه» وإن ذلك يشمل الأحوال الآتية: الأولى - أن يجهر الخصم بما ارتكب خصمه من مآثم فى حقه أمام القاضى» فإن الجهر فى هذه الحال لا يسغضه الله تعالى؛ لآنه إقامة حق» ودفع باطل» ولقد قال ولقد قال رسول الله يل «لى الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته)17' والمراد أن يغلظ له فى القول» ولا يقول القاضى قولا لين! إذا ثبت مطله فى أداء الدين». الثانية ‏ إذا كان الحاكم ظالماء فإنه يجب توجيه اللوم الشديد إليه بالنقد من غير إسفاف» ولكن لا يقول الناقد إلا حقاء ويستر نقده» حتى يرعوى هذا من غيه وذلك إذا لم تُجد فيه الموعظة الحسنة» فإن كانت مجدية لا يصح الاتجاه إلى الجهر بمظالمه. ولقد قال النبى يك : «أفضل المجاهدين رجل قال كلمة حق أمام سلطان جائر )١(‏ ذكره البخارى تعليقا: الاستقراض وأداء الديون - لصاحب الحق مقال» ورواه الترمذى: البيوع - مطل الغنى ظلم (2)57894» وأبو داود: القضية - فى الحبس فى الدين وغيره (053574)» وابن ماجه: الأحكام - الحبس فى الديّن والملازمة (571؟)» وأحمد: مسند الشاميين (17445) عن السويد ابن الشريد الثقفي . ل | تفسير سورة النساءع 00 و حب زات فقتله20» وإن ذلك من قبيل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء وإن نقد الفساد هو من قبيل الإنكار بالقول» وهو المرتبة الثانية من الإنكارء فقد قال يله «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده» فإن لم يستطع فبلسانه» فإن لم يستطع فبقلبه» وذلك أضعف الإيمان»20©. الثالثة ‏ الدعوة على الظالم» فإن هذه الدعوة يصح أن تكون جهرا. ومن ذلك دعوة النبى يَلِْدٌ على العرب الذين ناوءوهء فقد قال عليه الصلاة والسلام ‏ فى دعائه: «اللهم اشدد وطأتك على مضرء واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف)7©. وخص - عليه الصلاة والسلام ‏ أسماء بالدعاء عليهم» وقد أثر عن السلف الصالح الدعاء على من ظلمهمء وكان يوصى الحسن البصرى لمظلوم بأن يقول فى ظالمه: «اللهم أعنى عليه اللهم استخرج حقى منهء اللهم حل بينه وبين ما يريد من ظلمى». الرابعة ‏ أن يذكر المظلوم الظالم الذى ظلمه بالسوء فى مجالسه من غير كذب ولا بهتان» وقد روى عن بعض السلف أنهم ترخصوا فى ذلك» وأجازوا لمن شتم أن يرد الشدتم بمئله» ولكن إن افترى عليه لا يفترى لأن الكذب حرام لا يسوغه شىء» فلا تجوز المعاملة بالمثل فيهء وقد روى عن ابن عباس أنه قال: لا بأس لمن ظلم أن يتتصر من ظلمه بمثل ظلمهء ويجهر له بالسوء من القول. ولقد روى أن على بن أبى طالب قال: (ادفعوا الحجر من حيث جاءء فإنه لا يدفع الشر إلا شر مثله) . )١(‏ سيق تخريجه. )١(‏ رواه مسلم: الإيمان - بيان كون الأمر بالمعروف والنهى عن النكر من الإيمان (49)» وابن ماجه: الفتن - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر »)5-3١(‏ وأحمد: باقى مسند المكثرين- مسنئد أبى سعيد الخدري »)١١١58(‏ والنسائى: الإيمان وشرائعه ».)60١8(‏ والترمذى: الفتن 2)7١1/5(‏ وأبو داود: الصلاة .)١١5-0(‏ ْ (*) متفق عليه؛ رواه البخارى: الأذان - يهوى بالتكبير (5 »)4١‏ ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة - استحباب القنوت فى جميع الصلاة إذا نزلت نازلة (775). عن أبى هريرة رضى الله عنه. والحديث أطرافه فى البخارى تسعة وفى بعضها زيادة على بعض . فراجعه هنالك إن شئت. ها تفسير سورة التساع م 11أالالا اللا امغخخانططةا انان اااااااااااااألالنااااال الاك فط لاطا خخخ مامضنا الالكوخخطخخططططل اللا ط طم ااال لمالا التلللا > اق هذه أحوال تُسوغ النطق بالسوء دفعا لظلم أهل السوء» وكذلك الجدل فى الحق» لا مانع من ذكر ما انغمس فيه أهل الباطل ولا يعد هذا جهرا بالسوءء بل هو كشف للسوءء وإن الأحوال التى يكون فيها دفع الظلم لا تعد على التحقيق جهرا بالسوء لمجرد الجهرء بل هى كشف للظالم» وإنهاء للظلم» ولذلك رجح بعض العلماء أن يكون الاستثناء منقطع|. ومهما يكن من أمر الجهر بالسوءء فإن الله تعالى عليم بالبواعث. سميع لا يجهر به الجاهرء وما يحدث به نفسهء ولذلك ذيل سبحانه وتعالى النص بقوله تعالت كلماته: « وَكَانَ الله سميعًا عليمًا» أى أنه تعالى منصف بوصف السمع الكامل» والعلم المحيط الشامل» فهو سميع لما يجهر به الإنسانء وما تحدثه به نفسهء وماهو مطوى من خلجات وجدانه؛ وعليم بالبواعث التى تبعثه على المنطق» ومجازيه بقوله وعمله إن خيرا فخيرء وإن شرا فشرء وهو عليم بكل أعمال الجوارح» وما يرتكبه العباد من خير وشر علما محيطا يليق بذاته العلية. إن يوا ماعن مو © بعد أن ذكر سبحانهوتعالى ما ل يحبه من الجهر بالسوء وأشار إلى الترخيص بالنطق به لدفع الظلم أو للقضاء على منكر من الأفعال أو زور من الأقوال» بين سبحانه وتعالى ما يحبه من الخير الإيجابى والخير السلبى ويكون بالعفوء فمعنى قوله تعالى #إن تَبْدوا خيرا» أن الله سبحانه وتعالى يحب الخير فى كل صوره. والخير هو عمل البرء والنفع الإنسانى العام فإن عملتوه فإنكم تعملون ما يحبه الله» فإن تبدوه وتظهروه وتعلنوه» أو تخفوه وتكتموه» فهو مقبول مجزى عليه فى كلتا حاليه. فإن أظهرتموه للدعوة إليه» فإلى الخير تدعون» وأن أخفيتموه اتقاءً لله ومنعا للرياء. سترا على ما تعطون فنعمًا تفعلون. هذا فعل الخير الإيجابى» وفعل الخير السلبى هو العفو عن الإساءة» والصفح الجميل عن الناس» فإن ذلك ما يحبه تعالى. ولقد روى أحمد عن النبى كله أنه قال: «ما نقص مال من صدقة» وما زاد عبد بعفو إلا عزاء ومن تواضع لله رفعه ل / تفسير سورة النساع الملل ااال االو الل لل الله(" وقال تعالى: 8 خذ الْعَفُو وأمر بالْعرف وأعرض عن الْجَاهلِينَ +483 4 [الأعراف ]. وم لس اس املظ م اس وقوله تعالى: فَِنَ الله كان عفوا قديرا 4 موقعها من المعنى أنها تعليل لكلام مطوى تدل عليه إذ المؤدى: وما تفعلوا من خير وتبدوه أو تخفوه أو تعفوا عمن يسىء ٠‏ فإنكم تقربون إلى الله تعالى» ويحبكم الله لأنه سبحانه عفوّ دائما وقديرٌ على أخل المسىء بإساءته فتخلقوا بصفات الله تعالى» وله سبحانه المثل الأعلى . وهنا ملاحظات ثلاث: الأولى: أن الآية الكريمة تفيد أن إبداء الخير محبوب» فهل يدخل فى هذا الرياء؟ ونقول فى ذلك إن الفعل النافع إذا قصد به الرياء لا يكون خيراء بل يكون شركاء فلا يدخل تحت عنوان إبداء الخير؛ لأن النبى مله يقول: «من صلى يرائى فقد أشركء ومن صام يرائى فقد أشرك» ومن تصدق يرائى فقد أشرك)227 فهذا فعل خارج عن نطاق الخير» فلا يلتفت إليه» إذ لا يدخل فى عمومه. الثانية: أن العفو عن الأمر السيّئَ إنما يكون فى حال ما إذا كانت الإساءة تمس شخص من يعفوء وهو بهذا بذل حق! خالص! له؛ أما إذا كان الأمر السيّىء يتعلق بنظام فى الإسلامء فلا يصح أن يترك» بل لا بد أن يقاوم» ولا يقال لتاركه إنه عفالء بل يقال عنه إنه قصّر وترك الواجب. الثالثة: أن الإسلام دعا إلى الصفح الجميل» فقال الله لنبيه: 9 ... فَاصفح الصفح الجميل +(22) 4 [الحجر] وهو الصفح من غير من. ولله تعالى ولرسوله المن والفضل . )١(‏ عن أبى هريرة عن رسُول اللّه يك قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدقَةٌ من مالء وَمَا رَادَ اللَّهُ عبْدا عقو إلا عزاء وم تواضم أحد للّه إلا رقعه الله رواه مسلم: البر والصلة - استحباب العفو والتواضع ممه 27 والترمذدى: البر والصلة (199. )2 وأحمد: باقى مسئد المكثرين 50525 ومالك : الجامع ) همم ١‏ ( 3 والدارمى : الزكاة ( 1١9/5‏ ( عن أبى هريرة رضى الله عنه . () سبق تخريجه . ها تفسبير سيور ة النساء 111الااااللااااااااك !ااا اااااااأتالةةالالااااا] تالالا ماللا نلا امممممخطا ااا ااااااااالاالااللاااااااااااامااااالامططسطططططططلللل! اللا ب(لسجسسس ها حر ا والآية جمعت مكارم الأخلاق» وقد قال فى معناها فخر الدين الرازى: «اعلم أن معاقد الخير على كثرتها محصورة فى أمرين: صدق مع الحق» وخخلق مع الخلق» والذى إن يذو خا أو و4 اعد إلى ايساد لم بيهم وقوله تعالى : أو تَعفوا عن سوء» إشارة إلى دفع الضرر عنهم» فدخل فى هاتين الكلمتين جميع أنواع الخير» وأعمال البر). اه. وارحمنا إنك غمور رحيم . عرو م ِنَأ 2 ود آ#ره لس ع ع دى اخلد م سرع سه د برت سر و أله وَرَسَرووَبرِيدوت أن يعرفوا بَيْنَ أله ورسيوء و 2 عو تقو لور دو رسع وَتَصكَف دعن ودود هه يه رع مه اه 1 بيك سلا 2 2 أوْلتيِكَ هَ هما لفون 06 حَتَوَأعَتَدْنلَكنَ دمي 2 لش 1 وَالنَءَامَنُوا . 1 يي ميرو لم ا 2 و سرح ب أله ورس دو لميَعرفوا وموك موت 70 و و 2 ُوتِيهِم أحو : جورهم و وكا الله عَفورَانَحِيما نيه 5 ذكر الله سبحانه وتعالى أحوال المنافقين» وما كانوا يصنعون مع المؤمنين» وذكر سبحانه وتعالى ما تكنه نفوسهم وما هم عليه من تردد وتذبذب» ومع ذلك فتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة لهم إن أرادوا أن يسلكوا المنهاج القويم المستقيم. ثم ذكر سبحانه وتعالى أن الجهر بالسوء إلا تمن ظلم لا يجوزء وأن إبداء الخير خير»ء وإخفاءه خير وأن الله تعالى مجاز به. وجاءت هاتان الآيتان بين ذكر المنافقين» ثم ذكر الكافرين ل تفسير سورة النساءع سلب4 > ا من أهل الكتاب» وكثيرين من المنافقين منهم لبيان أن الجهر بالسوء لغير مصلحة لا يجوزء فإعلان سوء المنافقين كان من يظلمون ويتعدى إليهم شرهم» وفى هذه الآيات يبين الله تعالى حال بعض الكافرين وأسباب كفرهمء ومآلهم» وأحوال أهل الإيمان ونتائح إيمانهم فيقول سبحانه : ط إن اين يَكفُرُونَ بالله ورسله ويريدون أن يعَرقُوا بين الله ورسله ويقولون » الكفر هو الجمحود بالحق» والإيمان هو الإذعان له» والسير على مقتضاهء ومن يؤمن بحقيقتين متلازمتين لا تنفصل إحداهما عن الأخرى لابد أن يكون إيمانه بالحقيقتين معاء فمن كفر بإحداهماء لا يعد مؤمنا بهما لأنه لا يمكن فصل الواحدة عن الثانية» إذ اللازم يقتضى أن يوجدا معاء أو ينتفيا معا. ومن المقررات أن الإيمان بالرسالة الإلهية والإيمان بالله حقيقتان متلازمتان» فلا يمكن أن يتحقق الإيمان بالله من غير الإيمان برسله» ولا يمكن أن يتحقق الإيمان بالرسالة الإلهية إلا على وجه الكمال بآن يذعن لكل رسالة تجىء من الله تعالى. فمن آمن ببعض النبيين وكفر ببعض آخر قامت الأدلة على نبوته لا يعد مؤمنا برسالة الله تعالى ولا يعد مؤمنا بالله تعالى؛ إذ إنه فصل الجزء الذى لا يتحقق إلا فى كل» وفصل الإيمان برسالة الله عن الله تعالى. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية صفتين لهم» ونتيجتين باطلتين: أما . الوصفان فهما الكفر بالله ورسلهء ومحاولتهم أن يفرقوا بين الله ورسله. والكفر بالله تعالى هو هنا جحود رسالته الإلهية التى يبعث بها إلى خلقه؛ لأن جحود رسالة الرسل أو بعضهم مع قيام الدليل عليها جحود بالله الذى بعث بهذه الرسالة؛ لأن إنكار الرسالة الإلهية لنبى من الأنبياء عصيان لله وجحود به» وكفر بأصل الرسالات ومرسلهاء إذ إن الإيمان بالله تعالى يستلزم الإيمان بأنه لم يخلق الناس سدىء والإيمان بعقابه وثوابه وحسابه والإيمان بأنه يرسل الرسل مبشرين ومنذرين» فمن أنكر رسالة رسول من الرسل فقد كفر بالله وكفر برسله؛ لآن الكفر برسول ينسحب عليه بقية الرسل» إذ إن ما ثبت من تكذيب لرسولء» فقد كذب الباقين» فمن كفر بموسى فقد كفر بمحمد وإبراهيم وعيسى» وغيرهم من الرسل . |(9اا تفسيرسورة النساء م لشي ا ل 1 7ظظ*2322 ليها كلب ا والوصف الثانى إرادتهم أن يفرقوا بين الله والرسل» بآن يعلنوا إيمانهم بالله خالق السموات والأرض» والإنكار لبعض الرسلء» فإن ذلك تفريق بين الله ورسلهء إذ إن علاقة الرسل بخالق السموات والأرض واحدة؛ ومن كفر ببعض الرسلء فإنه يفرق بين الله وأولئك الرسل الذين كفر بهمء فاليهود يفرقون بين الله ورسله؛ لأنهم لا يؤمنون بعيسى ابن مريم» ومحمد بن عبد الله. وهم بذلك يفرقون» وقد فسر بعضهم إرادتهم التفرقة بين الله ورسله أنهم يؤمنون بالله تعالى» وينكرون الرسالة الإلهية» وهو تفسير يحتمله النص» ولكنه بعيد لأن السياق يأباه. وأما النتيجتان الباطلتان فهما قولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض» واتخاذهم بذلك سبيلا بين الإنكار المطلق» والإيمان الكامل» وإن ذلك القول متلازم مع الكفر بالله وبرسله إذ إن الإيمان بالله تعالى حق الإيمان» والتصديق بالرسالة الإلهية حق التصديق يستلزم» كما نوهنا الإيمان بكل الرسل؛ لأنهم جميع| أتوا بغاية واحدةء وهى إصلاح الخليقة فى ناحية رسالة كل رسول. وحثها على الجادة المستقيمة والإنذار والتبشيرء ولا يصح لهذا أن يقال نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض لأن الكفر بالبعض كفر بالكل» إذ هو جحود للغاية من الرسالة» وجحود بذات الرسالة . وأما إرادتهم اتخاذ سبيل أى طريق وسط بين الإيمان الكامل بكل الرسلء والكفر الكامل بكل الرسل» فمؤداه أن يكونوا فى حال بين الإيمان والكفر. ولا شك أن هذه الحال ليست إيمان! بالله ورسله وليس بعد الإيمان إلا الكفرء فهم داخلون فى سلك الكافرينء سواء أكانوا مؤمنين بالبعض أم كافرين بالكل» ولذلك حكم الله تعالى بهذا الحكم الحاسم الفاصل ما بين الكفر والإيمان بقوله تعالى: « أولتك هم الكافروت حَقًا 4 التعبير بالإشارة للإفادة إلى أن هؤلاء الذين قالوا ذلك القول. وجحدوا ذلك الجحود بسبب هذه الأقوال وتلك الأحوال كافرون كفرا لا مجال للشك فيه وقد أكد ‏ سبحانه وتعالى الحكم عليهم بالكفر بثلاثة مؤثرات: أولها ‏ الإتيان بكلمة «هم» الدالة على تأكيد الحكمء وقصرهم على الكفر وإثبات أنهم لا يخرجون عن دائرة الكفار يسارعون فيها ولا ينتقلون منها. ل ل تفسبير سور: ة النساعء مانا ااا ن اللا ا لال انال طن اللااتتلتاااااااا ان تالالا لالط تلاقام ةطناا الالالال قطضط اناالا لل التلاناللل تلاك خ نط ططخ لمن ططخمل تاتالا 2 1 لح ا ثانيها ‏ تعريف الطرفين وهم أولئك الجاحدون بالإشارة» والحكم بأنهم الكافرون أكد القول» وأفاد من قبيل المبالغة فى تأكيد الوصف بالكفرء كأن الكفر مقصور عليهم لا يخرج عنهم» وهم بذلك أوغل فى الكفر من الذين لا يؤمنون بكتاب ولا رسول ولا رسالة؛ إذ هم يسلّمون بالأصل ويعرفونه» ويكفرون مع ذلك بهء ولا يطبقونه. ثالثها ‏ التعبير بكلمة «حَقًا4. أى أن كفرهم ثابت قد ثبت وحق حقاء وقد قال الزمخشرى فى تخريج هذه الكلمة «أى هم الكاملون فى الكفرء وحقا تأكيد لمضمون الجملة كقولك هو عبد الله حقا أى حق ذلك حقا وهو كونهم كافرين» أو صفة لمصدر الكافرين» أى هم الذين كفروا كفرا حقا ثابتا يقينا لاا شك فيه». ولماذا كان ذلك التوكيد؟ والجحواب عن ذلك أن التوكيد يكون حيث مظنة التردد فى عقول الذين قالوا ذلك القول» فقد حسبوا بقولهم وإرادتهم أنهم يرضونه بذلك فبين الله سبحانه أنه لا وسط بين الإيمان الكامل والكفر فى شىءء وخصوصا أن جحود هؤلاء ببعض الرسل انبعث من حقد دفين» وتفريقهم بين الأجناس» حتى فى مقام الرسالة» وقد قال تعالى: « ... الله أعلم حيث يَجِعَل رسالته 23 4 [الأنعام] . وإنهم بهذا الكفر يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله؛ إذ إنها كانت فى اليهود وأشباههم الذين رفضوا محمداء لأنه عربى» وليس بعبرى» وحيث كان التردد فى عقل وجب تأكيد الحق. ليزول الترددء ويتبع التابع عن بيئة ويقين؛ وقد ذكر الله تعالى عقاب هؤلاء. وأمثالهم فقال: <إ وأعتدنا للكَافرِينَ عَذَابا مهينا 4 . والمعنى هيأنا للكافرين الذين يندرجون فى جمعهم عذابا مهينا يذيقهم الهوان والذل» كفاء استكبارهم فى الدنياء واعتزازهم بالباطل فيهاء ويصح أن يقال إن كلمة (الكافرين) لا تعم كل الكفارء ولكنها تخص الذين ذكروا فى الآية السابقة؛ لأن اللفظ إذا أعيد معرفا كان المراد به المذكور أولاء ويكون تخصيصهم بالذكر» لبيان نتيجة ما ارتكبوا وما فرقوا به بين رسله سبحانه . وهنا بحث لفظى فى لفظ «أعتدنا»» وهو تعبير قرآنى اختص القرآن به؛ لأن اعتد من العتادء والتخريج اللفظى هيأنا لهم عتادا هو عذاب جهنم. وقد قال فى ذلك ا تفسيرسورة النساع م ال 1111لا الناناالااالالللا اكنال للاااالاا ااا اناالا ناتللا اناالا لالط ناطتاطاا الالالال ا لاما اطخ ممما ااانا لالتلا تاللا 41 1 الأصفهانى فى مفرداته: «العتاد ادخار الشىء قبل الحاجة إليه كالإعدادء. وقوله تعالى: « وأعتدنا للْكافرِين عَدَابًا مهيا 4 قيل هو أفعلنا. وقيل أصله من أعددنا فأبدل من إحدى الدالين تان 0 1 وخلاصة المعنى أن هؤلاء الكافرين ادخر لهم عذابا مذلا جزاء استكبارهم . هذا شأن الذين كفروا بالله ورسله» وفرقوا بينهم » وما يدخر لهم يليم المؤمنون حق| وصدقاء وقال فيهم سبحانه: « وَالّين آمنوا بالل ورسله ول يفرقوا بين أحد منهم 4 . وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين حقا وصدقا بوصفين: الوصف الأول الويمان بالله تعالى ورسله أجمعين, لا فرق بين رسول ورسول؛ إذ الجصميع يؤدود رسالات ربهم ويبلغونهاء والثانى أنهم لم يفرقوا فى الإيمان بين رسول ورسول». بل إن الجميع فى موضع من نفوسهمء والإيمان من قلوبهم . ذلك أنه حق على المؤمن أن يؤمن بكل رسول أرسله الله تعالى» كما قال تعالىى: ( فووا آمنا باه وما أنل إلينا وما أل إإئ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسئ وعيسئ وما أوتي النيونَ من ربهم لا نفرق بين أحد مَنهم ونَحن لَه مُسلمُون 4239 4 [ البقرة] فإذا كان محمد خاتم النبيين فرسالته متممة للرسالات» وهو آخر لبنة فى صرح النبوة الإلهية . وإذا كان المؤمنون حقا وصدقاهم الذين يذعئون لما أمر الله» ويصدقون برسالاته» ويستجيبون لدعوة رسول الله وهم يناقضون الذين فرقوا بين رسله. فجزاؤهم لذلك مختلف» ولذا قال سبحانه فى هذا الجزاء: « أولتك سوف يؤتيهم أجورهم وكا اللّهُ عَفُورًا رُحيما 4 الإشارة هنا إلى الذين آمنوا الموصوفين بالصفات السابقة وتكرار ذكرهم بالإشارة للتوكيد بأن الإذعان الكامل من غير استعلاء» وجحودء وحقدء وعدم التفرقة بين الأنبياء وهو وحده الذى جعل لهم ذلك الجزاء» والأجر هنا هو الجزاء»ء وهى رحمة الله تعالى عليهم إذ جعل ذلك ل( تفسير سورة النساء ان 04م 1 > الثواب المقيم» والنعيم الدائم» جزاء العمل» وهو أكبر من العمل» بل إن الأعمال ذاتها قد يكون فيها هفوات تستوجب الحساب ويتيعه العقاب» ولكن الله تعالى قرر فى كتابه الكريم : «( ... إن الحَستات يذهين السَيكات 13# 4 [هود : ] ولذلك ديلت بقوله الآية تعالى :9 وَكَانَ الله غَقُورا رحيمًا 4 للدلالة على أن ذلك الثواب هو من فضل الله وسعة رحمته» وإن ذلك لأنه متصف بالغفران الدائم والرحمة الدائمة .. وقد أكد الله سبحانه وتعالى الجزاء والثواب بالتعبير بسوف الدالة على تأكيد الفعل فى الزمن المستقبل. اللهم اغفر لنا وارحمنا فأنت خير الراحمين. للكت أدتؤل عوك 20111 9 ءِ فقدسا ا ومو أ كبن ذلك قاور ان 2 َلصَّنْعِفَة بأ روا لعجل م ربد ما 0 ين سس لا 00 00 آلْدَسنَتُ 11 9 من لماي جيه انتلك فورب متهم رفغا دنه كناك دون الكبت كمد قينا :5 0 بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أحوال بعض أهل الكتاب الذين آمنوا ببعض النبيين وكفروا ببعض» واعتبروا بهذا كافرين بالله تعالى؛ لأن من كفر برسولء فقد كفر بالرسالة الإلهية» ومن كفر برسالة الله تعالى؛ فقد كفر به» ثم بين سبحانه وتعالى حقيقة الإيمان واصفا الذين آمنوا بالله ورسولهء ولم يفرقوا بين أحد من رسله موازنا بذلك بين الإيمان والكفر فى الحقيقة وفى النتيجة» وأن الكافرين أعد الله لهم إلا تفسيرسورة النساع م اللو 0000 وسح يإ يي" أكبرء وفى الآيات التالية يبين الله تعالى لجاجة اليهود فى كفرهم وإعنات الرسول المبعوث لهم» ولغيرهم». وهو خاتم النبيين محمد يِه ومن هذه اللجاجة ما قاله الله سبحانه وتعالى عنهم بقوله: يسئلك أهل الكتاب أن تترّل عَلَيْهم كتابًا من السّمَاء 4 أهل الكتاب هنا هم اليهودء بدليل ما جاء فى السياق بعد ذلك من آيات» وكقوله تعالى: ذإ وقولهم إِنَا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم 20# 4 [النساء] وإن هؤلاء اليهود متعنتون» لا يسألون النبى دليلا لكون الدليل الذى قدمهء وهو القرآن الكريم غير ملزمء ولكن يتعنتون» فيطلبون إعناتاء ولجحاجة فى العناد والكفر.. وقد طلبوا دليلا قريباء وهو أن ينزل عليهم كتابا من السماء . وقد اختلف أهل التأويل من السلف الصالح. فقال بعضهم إنهم سألوا أن ينزل على النبى كتاب شامل مكتوب كما نزلت التوراة مكتوبة جملة واحدة» وقال آخرون إنهم طلبوا أن ينزل كتاب خالص فى قرطاس يدعوهم إلى الإيمان بمحمد ليكون حجة الله تعالى عليهم» وقال آخرون من السلف إنهم طلبوا أن ينزل ذلك الكتاب الداعى إلى الاستجابة الى النبى يَكَةُ إلى بعض كبرائهم . والحق كما قال ابن جرير الطبرى إنهم طلبوا كل هذاء فقد طلبوا أن ينزل القرآن مكتوبا جملة واحدة كالتوراة وذلك ليشككوا فى حقيقته؛ وفريق آآخر منهم طلب أن ينزل من السماء كتاب خاص يقرءونه داعيا لهم بالإذعان. وفريق ثالث طلب كتابا ينزل على بعضهم. فالمطالب الثلاثة وجدت» ولو أجيبوا إلى ما طلبوا ما ضمنا إيمانهم؛ ولأن التعنت لا يقلعه شىء» وقد قام الدليل القاطع المشبت» وهو القرآن المعجزء ولقد قال تعالى فى سورة الأنعام: « ولو تلا عليك كتابًا في قرطاس فلْمَسُوه يديهم لقال دين كفروا إن هذا إلا سحر مين 22> وقَانُوا ولا أنزل عليه ملك ولو أَنرلَا ملَكَا فضي لأمرَ ثم لا يُنظرون +22 ولو جَعَلَاهُ ملكا لُجعَلَاهُ رجلا ولبَسمًا علَيْهم ما يَلبِسُونَ > 4 [الأنعام ] اا تفسير سورة النساعءع ْ الالالال تالالا انا ن لخن اناا ناللان انا ااانا ااااة تاناخلا نناتللا الالالال طن الال اناا نالخلا لخالالا اللا لخنلا اناطخ للاالاططط لل تاللا م 2 فالمتعنت لا يقنعه دليل مطلقاء وإن ماضى هؤلاء الكافرين ينبىء عن حاضرهم» ولذا قال تعالى: 9١‏ فَقَد سألوا موسئ أكبر من ذلك فَقالوا أَرنَا اللّه جهرة 4 إن الذين سألوا موسى من بنى إسرائيل هم الذين التقى بهم وأخرجهم من استعباد فرعون إلى حيث الحرية والعزة. وسياق النص القرآنى يفيد أنه منسوب إلى اليهود والذين عاصروا النبى وَل إلى جنسهم, لا إلى آحادهم» ولا إلى طوائف منهم؛ وإذا نسب القول إلى الجنس جاز والخلف. فهم يحملون مثل ما وقع من أسلافهم» وإن كان الأول أشد إعناتا؛ لأنه أكبر» ولما أفاض الله به عليهم من نعم على يد موسى عليه السلام ‏ ولكن دأبهم الحمود. فحاضرهم كماضى أسلافهم» لا يهمهم قوة الدليل» إنما يهمهم إعنات الرسول» واتخاذ فعلات للإنكار بعد أن ثبتت على يد موسى ‏ عليه السلام - البينات الحسية وتكائثرت» حتى وصلت إلى تسع آيات بينات» ومع ذلك طلبوا طلبا غريباء فلم يطلبوا أن يجيئهم كتاب كما طلبوا منك» بل طلبوا أن يروا الله سبحانه وتعالى جهرة» أى بالعين» وأن يكون أمامهم معايناء ويطلب إليهم أن يصدقوا موسى» وهو سؤال لا تتصور إجابته فى الدنيا» فالله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يرى فى الدنياء وقد روى فى ذلك أن النبى يله سئل هل رأى ربه؟ فقال (إنه نور فأنى أراه)7١؟‏ وقد عاقبهم الله سبحانه وتعالى على ذلك عقابا شديداء ذكره بقوله سبحانه: ل فَأَحَذَتْهُم الصاعقة بظلمهم 4 الصاعقة ‏ فسرها بعض العلماء بأنها النار التى تنزل» وهى التى يقرر علماء الكون أنها تنشأ من احتكاك سحابة موجبة بأخرى سالبة» فيتكون من احتكاكهما ذلك اللهب» وأنها أصابت هؤلاء فَبَهنُوا لهاء فغشيهم من )١(‏ عن أبى در قَالَ مَألْتْ رسول اللّهِ يكلهِ: «هل ريت رَبّك)»؟ قَالَ: «ثور أَنَى أرَاه» [رواه مسلم: الإيمان - نور أنى أراه (17)» والترمذى: تفسير القرآن - ومن سورة النجم (2)5545 لا تفسيرسورة النساء 0000 2 الذهول ما غشيهم حتى صاروا كالموتى من عظم الإغماء الذى أصابهم» وذلك لا يعارض قوله تعالى فى أول سورة البقرة: « وإذ فلم يا موسئ لن تُؤمن لَك حت نَرَى الله جهرة فَأَحَذَتَكُم الصاعقَةٌ وأنتم تَظْرُودَ (22) 4 [ البقرة] وقال بعضهم: الصاعقة ما يصيب الإنسان من حال يترتب عليها موته أو إغماؤه إلى درجة الموت؛ ومن ذلك قوله تعالى: 8( ... قصعق من في السّموات ومن في الأرض +227 4 [ الزمر ] وقد قال الراغب الأصفهانى فى مفرداته. (إن الصاعقة على ثلاثة أوجه: أولها الموت كقوله تعالى: ف فصعق من في السّموات ومن في الأرض +432 4 [الزمر] وقوله تعالى: ف فَأَحَذْنَكُم الصّاعقة» . والثانى: العذاب»: كقوله تعالى: « أنذرتكم صاعقة مل صاعقة عاد وتمود 278 4 [فصلت ]. والثالث: أن الصاعقة هى الصوت الشديد من الجو ثم يكون منه نار» وينتهى بأن الصاعقة هى فى الأصل بهذا المعنى» ثم تكون منه الآثار فهو سبب الموت» أو يكون إنذارا» . ولذلك نرجح التوجيه الأول الذى ذكرناه وهو تفسيرها بالنار التى تجلجل بصوت رهيب مفزع» قد يترتب عليه الموت» وهو فى ذاته عذاب شديدء وقد يسأل سائل: إن الصاعقة لها سبب طبيعى» وهو احتكاك سالب بموجب» فكيف يكون عقابا أو إنذاراء أو معجزة؟ ونقول إن الأسباب الطبيعية لا تمنع الإرادة الإلهية» فالله سبحانه وتعالى سير الأكوان» وهى تحت قدرته وإرادته» فهو الذى يسيّر السحاب» والرياح» فإذا أراد جلت قدرته إنزال عذاب أو إنذار قوم أرسل الرياح المسخرات بأمره» فكانت منها الصاعقة أو الرعد» أو المطر الغزير الذى يكون غيثا ولا يكون غيئاء وقد صرح الله سبحانه وتعالى بأنه ينزل بالأقوام من الآفات بمقدار جرمهم وذلك لإ يمنع تحقق الأسباب الطبيعية فمسير الكون هو خالقهء ومسبب الأسباب» وكل شىء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال» وقد قال تعالى فى أهل مصر عندما أيدوا فرعون فى طغيانه: ا تفسبير سور ة النساعء !ااانا للالاا!11ااااااااا اخ خنطا للا للللانلالتلااا أ لاط خملا طخل !لا لاتالللللالا اط خخ خخططط تل ال اللا لالط لط ط اط كلل طلخ لالططالكط لالطظللا 4م جب بم يي ( واوا مهما تنا به من آيْة لعَسحَرنَا بها فم نحن لَك بمؤمبين 620 فَأرسلنا عليهِم اطُوفَانَ والجراد وَالقمّل والضفادع والدم آياتٍ مقصّلاتٍ فاستكيروا وكانوا قوما مُجرمين ل وَلَما وفع عليه الج قَنُوايامُوسى اع نا وك بم عهد عندك أبن كَشَفت عا الرجز لمَؤْمن لك وَرسن مع بي إسرائيل 183 فَلَما كشفنا عنهم الرجز إَى أجل هم بالغوه إذا هم يدكثون +29 4 [ الأعراف ] ومع هذه البينات اتخذ السابقون من بنى إسرائيل العجل معبوداء ولذا قال تعالى : ظِثُمّ انَحَدُوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فَعَفَونَا عن ذلك 4 هذا النص الكريم فيه بيان إمعانهم فى الكفر والجحودء فهم بعد ما جاءتهم البينات أى الحجج المبينة للحق» المثبتة له الدامغة» وبعد أن أنقذهم الله سبحانه وتعالى من جبروت فرعون وطغيانه» واستعباده لهمء وبعد أن رأوا من الآيات ما رأواء اتخذوا شكل العجل الذى صور من ذهب معبودا لهمء وإطلاق العجل على هذا التمثال الجامد لهم» من قبيل إطلاق اسم الشىء على شبهه فى الصورة والهيكل» فهو ليس عجل! حقيقة؛ ولكنه صورة» وإن اتخاذ العجل بقية من بقايا الوثنية التى كانت تستولى على قلوبهم» ففى مصر كانت عبادة البقر» وفى مصر كانت عبادة نوع من الأوئان فاستمكنت الوثنية من قلوبهم حتى نسوا عقولهم وتفكيرهم» وما آناهم الله تعالى من عزة» وما قام عليهم من برهان. ولذلك ذكر الله تعالى عنهم أنهم قالوا اجعل لنا إلها كما لهم آلهة» فقد قال تعالى : ف وَجَاوزْنَا بيني إسرائيل البحر فوا علئ قوم يعَكْفُونَ على أصنام لهم فَاُوا يا مومى اجعل لا إََِا كما لهم آلهة قال إِنَكُم قوم نَجَهلُونَ ج422 4 [الأعراف ] . ولقد نبهوا إلى ضلالهم فى عبادة هيكل العجل» فتنبهواء وتابواء وأقلعوا عن عبادته» فعفا الله تعالى عنهم؛ لأن التوبة تجب ما قبلهاء والإيمان بعد الكفر يذهب بآثار الكفر. 9 قل لَلّذِينَ كفروا إن ينتهوا يقر لّهم ما قد سلف +(22 4 [الأنفال] ولقد كان ذلك التمرد المتوالى مع ما آتى الله نبيه موسى من حجج باهرة قاهرة. ولذا قال سبحانه : هاا تفسيرسورة النساعء 4م اللو 0010 لسرب اا «وآتَينا موسئ سلْطانا مبينا 4 السلطان هو القدرة وهو السلطة وقد أعطى الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام القوة التى تدفع الباطل» وتزيل رواءه المضلل فأعطاه المعجزات الباهرات البينة الواضحة؛» التى تبين الحق» وأعطاه القوة التى غلب بها فرعون طاغية الدنيا ففى عصره. ولهذا ألقاه فى اليم وخرج ببنى إسرائيل» وأعطاه القوة التى بها أخضع أولئك المتمردين من بنى إسرائيل على الحق» الذين تعودوا العصيان» وأعطاه القوة فأنزل عليه التوراة» وهى وحدها سلطان مبين؛ لأنها بيان الحق» والحق فى ذاته قوة» والتوراة هى ميثاق الله تعالى» وفوق ذلك أخحذ الله تعالى ميثاقا بمقتضى الفطرة» وميثاقا على الطاعة» كما فى التوراة وقد قال تعالى: وع ع بي 5 «( ورقعنا فَوقَهم الطُور بميفاقهم 4 هؤلاء اليهود فى ماضيهمء لا يتجهون إلى الحق اتجاه المؤمن المذعن» ولكن يحملون عليه حمل الملجاء فلا تنتظروا أيها المؤمنون بمحمد وَلكِةٌ ورسالته أنهم يستجيبون له؛ لأن ذلك لم يكن من طبعهم فهم فى ماضيهم لم ينفذوا التوراة ولم يذعنوا ويأخذوا على أنفسهم ميثاقا بتنفيذ أحكامها إلا بعد أن هددوا تهديدا حسيا بأن العذاب واقع بهم لا محالة حسا ونظراء فقد رفع الله تعالى فوقهم الطورء ليقدموا عهدا بالطاعة. فمعنى قوله تعالى: ورقعنا فوقهم الطُور) أى بسبب الميشاق الذى يحملون عليه حملاء وهو ميثاقهم الذى كان يجب تقعديمه طوعا واختياراء فالميئاق أخذ بعد الرفع» وإلى هذا يومىء قوله تعالى فى آية أخرى: 9 وإِذَ نتقنا الجبل فَوقهم كأنّه ظَلَةَ وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكُروا ما فيه لَعَلَكُم تَفُونَ +207 4 [الأعراف] . فالميثاق هو أحكام التوراة» وحملهم على الخضوع المطلق لله تعالى» وطاعته فيما يأمرهم به من غير تمرد ولا عصيان» وقد صرح سبحانه بآنه أمرهم بما فيه خضوع تعبدى» لكن يتعودوا الطاعة. فذكر سبحانه وتعالى أمرين هما: « ولا لهم ادَخَنُوا البَاب سَّجَدا وقُلنا لهم لا تعدوا في السّبت » ادخلوا باب المدينة مطأطئى رءوسكم بهيئة الساجدين أمارة الخضوع حساء وهو دليل على الخضوع معنّى بالإذعان لأوامر الله تعالى» وفى الآية تصريح بالطاعة المطلقة الذى يتضمنه الأمر اا تفسير سورة النساع 1ل1اااااكة ااا اتا تالالا تلازال ال اناا للاانال اننا ااال الاك ناا لامالا لل اتالطن الالال اطاط خططط اط طلاا الخ ظ اططخ للك للتلتللا 07 ٠: ااا‎ يي بالدخول سجدا مطاطتى الرءوس فقد قال تعالى فى سورة البقرة: 9 وإذ قُلْنَا ادخلُوا هذه الَْريّة فَلُوا منها حَيث شتثم رَعَدَا وادخْلُوا البَاب سَجدا وقُولوا حطّة .... 20 4 [[البقرة]. ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداء وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة أى خاضعين قد ذهب عنا الكبرياء. والمدينة أو القرية قيل هى بيت المقدس» وقيل غيرهاء وقد أبهمها الله. ولم يوجد من السنة الصحيحة ما يبينهاء فلنترك أمرهاء ولا ينقص ذلك الهدف القرآنى من سياق هذه القصةء وهى أنهم أمروا بالطاعة المطلقة. والأمر الثانى الذى أمروا ‏ ذكره الله تعالى بقوله « وَقْْنا لهم لا تعدوا في السبت 4 أى لا تتجاوزوا الحدود التى أمركم بالتزامها يوم السبت» وهى ألا تصطادوا الحيتان فى ذلك اليوم» وتكرر قوله تعالى #وَقلنَا4 لبيان تأكيد الأمر ونسبته اليه سبحانه وتعالى: وقد اختبرهم سبحانه وتعالى اختباراء فقد كانت الحيتان تأتيهم يوم السبت واضحاء وتختفى فى غيره» كما قال تعالى: «١‏ واستلهم عن القرية التي كانت حاضرة لحر إِذ يعدُونَ في الست إذ تأنيهم حيتائهم يوم سبتهم شرعا ووم لا يسبتون لا تأنيهم كَذَلك تبلوهم بمًا كانوا يُفُسقون +29 4 [الأعراف] . وَأَحَذَنَا منهم مَيتاقَا غَلِيظًا 4 أخذ الله سبحانه وتعالى عهدا موثقا كامل التوثيق شديدا فى قوته وفى موضوعه وأضاف سبحانه وتعالى الأخذ إلى ذاته العلية. تقوية له وتأكيداء فإن ذا الجلال والإكرام العليم الخبير هو الذى أخذهء وهو الذى يتولى أمر إن نكثوا فى أيمانهم» وأنه سيأخذهم أخذ عزيز مقتدر. وغلظ الميثئاق كما أشرنا فى قوة توثيقهء فقد أخذه بعد أن رفع الجبل عليهم كأنه ظلة» وأمرهم بالطاعة المطلقة» وشدته فى موضوعهء فقد كلفهم تكليفات شديدة؛ لإفراطهم فى الفسادء فكان السبيل لفطم نفوسهم عن الشهوات» وتربيتها على الضبط والعمل الصالح أن ينص على تحريم أمور كثيرة»؛ ذلك أن النفس التقية تمتنع من ذاتها كثيرا من غير أوامر أو تكليف تكليف . أما النفوس المنحرفة» فتحتاج إلى النص على تحريم 9 #4 تفسشير سور ة النساعء ااال الل لباه ى ١‏ الكثير ما يفعلون من غير أن ينالهم تهذيب شخصى من الضمير والوجدان وقد أشار سبحانه إلى ذلك بقوله تعالى : وعلى الذين هادوا حرمتا كََ ذي ظفر ومن لبق الم حَرَمنا عليهم شحومهما إلذَّ ما حَمَلَت ظَهُورُهُما أو الْحوايا أَوْ ما اخلط بِعَظم ذلك جزيتاهم ببغيهم ونا لَصادقُونَ 4123 » [الأنعام ] . اللهم ارحمناء وقنا 5 شر الشهرات وطفائها» إنك بكل شىء عليم . 00 وي ماع”) ووه ها سم لضم فهرو غرهم يك وتوم الاي سرح جد سن سه اه ع الل مه يض . ع وزو ل نا بل طبع أله 0 يج عر | .2 20 عل مَرَيمٌ فلابَوّمِنُونَ إلا انل يد وَيَكْفْرهِمَ وفولهمٌ علل 0 20 070 تنا عه 0 اه كانت الآيات السابقة فى بيان غلظ قلوب اليهود» وعنادهم وامتناعهم عن قبول الحق» وأن حاضر اليهود فى عصر النبى كاد كماضيهم مع موسى ‏ عليه السلام - يتعتتون فى طلب الدليل» ولا يهتدون إلى الحق إذا قامت عليهم البينات» حتى إنهم ليطلبون من موسى ‏ عليه السلام ‏ أن يريهم الله جهرة عيانا» وقد أنزل بهم من الشدائد ما يدفعهم إلى الخضوعء فنزلت بهم الصاعقة وارتفع الجبل عليهم» خضعوا ولا يكادون» وأخذ عليهم الميثاق» ولكنهم لم يلبثوا أن نقضوه» وفى هذا النص الكريم يبين سبحانه وتعالى ما ارتكبوا من مظالم» وعواقب ذلك عليهم» ولذا قال تعالى: ما نقضهم متهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغيرٍ حقو» ذكر اله تعالى فى هذه الآيات الظلم الذى وقع منهم» فذكر مظالم كثيرة لهم» فهم نقضوا المبثاق» وكفروا بالحجج والبينات وقتلوا الأنبياء» ونسبوا سبب الكفر إلى غيرهم» وكذبوا على مريم البتول» وادعوا أنهم قتلوا المسيح» وصدوا عن سبيل الله» وأكلوا الربا وقد نهوا عنه. . . إلى آخر ما كفروا:به. ل تفسير سورة النساع لل الل اللو ااال اا1ا0اااااا00االااللااا للك 4م سر ا هؤلاء هم بنو إسرائيل» دائما ينقضون المواثيق والعهود» ولا يراعون إلا ولا ذمة» ويكفرون بآيات اللهء ويقتلون الأنبياء» ويظلمون أنفسهم» فيشدد الله عليهم الأحكامء فيحرم عليهم الطيبات التى كانت مباحة لهمء وقد حقت عليهم اللعنة بخطيئاتهم التى اكتسبوهاء وقولهم طقُلُوبَا عُلف» أى هى أوعية للعلوم مملوءة مغلفة» فلسنا فى حاجة إلى علم غير الذى عندناء ولن نقبل شيئا مما تدعونا إليه يا محمدء ورغم العلم الذى وعيناه واستوعبناه فإن قلوبنا غلف» عليها أغطية تجعلنا لا نفقه ما تقولء فأرح نفسكء, وأرحنا معك» فلن نستمع إليك ولن يصل إلى قلوبنا شىء ما تدعو إليه. بل طبع اللّه عليها بكفرهم فلا ينون إلا َليلاً» والحق» أن الله سبحانه وتعالى» لما رأى أنهم لا يهتدونء ولا يعطون التفاتا للدعوةء ويدرءون حجة الرسل» ويدفعون براهينهم بباطل من عندهم جزاهم على كفرهم هذا بأن طبع على قلوبهم» وتم عليهاء فهم لذلك لا يهتدون سبيلاء ولا يؤمنون إلا قليلا. «وبكفرهم وقولهم على مريم انا عظيما» لقد كفروا بالمسيح من قبل» وأتوا ببهتان عظيم» فاتهموا مريم العذراء البتول» بأن لها علاقة بيوسف النجارء ويوسف هذا كان أحد الصا حين من بنى إسرائيل» وقد خطب مريم» ورغب فى أن يتزوجهاء وعندما ولدت المسيح عليه السلام» صدقهاء ووثق ببراءتها وطهرهاء وبقى معها يرعاها هى وابنهاء ولكن اليهود كفروا ورموا مريم ويوسف ببهتان عظيم» ونحن المسلمين نؤمن بطهارة مريم» ونؤمن بعيسى نبيا ورسولاء فويل بعد ذلك للمكذبين. ها تفسير لدنوره: - النساع , لل ااال لان رون و 5 0 02 : مل فد 000 عِلرِ إلا َع لطن وَمَاقكُوه قينا ج27 بل رطع عليه وان مير حكيها 7 أ ذ# رءة مل 104 :2 ومن أه ل الك إِلَا ليَؤْمبو قل مويو ووم الْمِبمَةِ يون عل شَهِيدًا :2 50 #وقولهم إِنَا فنا المسيح عيسى ابن مريم» هذه إحدى جرائمهم الكبرى» ولكن هل قولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم يعد جريمة؛ والجواب عن ذلك أن ما يدل عليه بطريق التضمن هو جريمة» والقول ذاته جريمة؛ وذلك لأن القول يدل على أنهم أرادوا قتله»ء واتخذوا كل السبل لذلك» فدسوا عليه عند الرومان» وكذبوا عليه وافترواء وحاولوا أن يسلموه ليصلب» وسلموه فى زعمهم.» ولكن الله سبحانه وتعالى أنقذه بإلقاء الشبه على أحد الذين دبروا القتلء وكل هذه جرائم» ومن المقرر فقها وقانونا أن من شرع فى ارتكاب جريمة واتخذ كل الأسسباب وفعل فعلهاء ولكن لم تتم بأمر ليس فى إرادته يعد مجرماء وظالما يستحق العقاب فكان القول مبنيا على إجرام» ثم القول ذاته إجرام؛ لأنه تهجم بالكذب على مقام الرسول المبعوث لهم ثم هم قالوا هذا القول» وقد قامت البينات على صدق رسالته وعلى أنه لم يمت»ء وقوله لإرسول اللّه» أهى من مقول اليهود أم هى من وصف الله تعالى لمن قالوا فيه؟ يجوز الأمران» وعلى الأول يكون كلامهم فيه نوع من السخرية بالرسالة والرسول كأنهم يقولون إن الله تعالى لم يحمه منهم» وعلى الثانى يكون المعنى أنهم قالوا فيه ما قالواء وأرادوا به ما أرادواء وقد قامت الأدلة على أنه رسول الله» وسينزل بهم العقاب على ما فعلوا وأرادوا وقالوا: ا تفسير سورة النساعء 1 ااال اللو لاملل هوكم أ ل ( وما فَلُوهُ وما صبُوهُ ولكن شه لهم ج49 »4 وما قتَلُوه» فما ذهبت روحه ‏ عليه السلام ‏ بقتل أنزلوه #ومًا صلبوه». وما كان صلب لأنه لم يكن قتل» ولكن شبه الأمر عليهم» فظنوا المقتول المصلوب هو المسبيح» وما كان هوء بل كان المصلوب المقتول غيرهء فخيل إليهم أنه قتل وصلب» وما كان كذلك. وقد يسأل سائل: لاذا ذكر نفى الصلب بعد نفى القتل مع أن نفى القتل يقستضى ألا يكون صلب؛ لأن الصلب لا يكون إلا لمقتول؟ والجواب عن ذلك أن هذا تأكيد فى النفى» ولآن النصارى واليهود يدعون أنه صلب» فلابد من النص على نفى الصلب» ليكون ردا على هذه الدعوى؛ ولو اقتصر على نفى القتل ما كان التصريح برد الدعوى» ورد الدعاوى لا يكتفى فيه ما تضمن عن التصريح» ولو نفى الصلب فقط ما اقتضى نفى القتل» فكان النسق البليغ مقتضيا نفيهما معا. وقد نسب القتل المنفى إليهم مع أن التاريخ والأناجيل تثبت أن القتل المنفى والصلب كان من حاكم الرومان» ولكن بتحريض اليهود؛ وذلك لآنهم هم الذين ألحوا فى طلب القتل حتى إن الرومانى يلقى عليهم تبعة قتله» والمحرض قاتل» والشاهد الكاذب قاتل» وكل متسبب يعد قاتلاء وهؤلاء قاموا بكل ذلك» فقد دبروا شهادات الزور» وحرضوا وتسببوا فكانوا بهذا قاتلين كفعل الجبناء» ولكن الله تعالى أنقذه منهم ومن الرومان معا. والتشبيه لهم بأن خلق الله تعالى شبهه على أحد الذين خانوه» ودبروا القتل» وقد جاء ذلك فى إنجيل برنابا الذى عثر عليه فى خخحزانة أحد البابوات فى آخر القرن الخامس عشرء فقد جاء فى هذا الإنجيل الذى لا يوجد ما يدل على أنه ليس فى قوة أناجيلهم : (إن يهوذا الأسخريوطى الذى كان عينا على السيد المسيح عليه السلام قد ألقى الله تعالى عليه»؛ شكل السيد المسيح فقبض عليه على أنه هوء فقد قال برنابا فى هذا: (الحق أقول: إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة أنه يسوعء كذلك خرج بعضهم من تعاليم يسوع معتقدين أن يسوع كان نبيا كاذباء وإنما الآيات التى فعلها هاا تفسيرسورة النساع 00 لسرب ا بصناعة السحر؛ لأن يسوع قال إنه لا يموت إلى وشك انقضاء العالمء لأنه سيؤخذ فى ذلك الوقت من العالم) ثم يبين أن يسوع رفع إلى السماءء ولما علم أن بعض المتبعين ضلوا طلب إلى الله تعالى أن ينزله إلى الأرض فنزل بعد ثلاثة أيام ؛ ويقول برنابا: (ووبخ كثيرين ممن اعتقدوا أنه مات وقام قائلا: أتحسبوننى أنا؟! والله كافر بالله؛ لأن الله وهبنى أن أعيش حتى قبيل انقضاء العالم» كما قد قلت لكم. الحق أقول لكم أنى لم أمتء» بل يهوذا الخائن؛ احذروا لأن الشيطان سيحاول جهده أن يخدعكم ولكن كونوا شهودى فى كل إسرائيل وفى العالم كلهء لكل الأشياء التى رأيتموها وسمعتموها( 2 . ومن هذا يتبين معنى أنه خَيّلَ لهم أنهم قتلوه وما قتلوه» وأنهم قد اعتراهم الشك من بعد ذلك فى أمرهء ولذا قال تعالى: وإ لين الوا فيه في سل مهما هم به من علم إلا ابح الع ولقد اختلف اليهود والمسيحيون فى شأن السيد المسيح» فمنهم من أنكر أنه نبى» ومنهم من زعم أن فيه عنصرا إلهيا مع العنصر الإنسانى» ومنهم من زعم أنه ابن الله تعالى وأن النبوة ليست نبوة ألوهية» إنما هى نبوة ثقة ومحبة ورحمة» ومنهم من قال إن الذى ولدته مريم هو العنصر الإنسانى» وفاض عليه من بعد العنصر الإلهى» ومنهم من قال إن مريم ولدت العنصرين» ومنهم من قال إن كلام عيسى وإرادته هى من العنصر الإنسانى» ومنهم من قال إن الإرادة وليدة العنصرين. وهكذا كان الاختلاف». وكل كون طائفة وحزباء كما قال تعالى: ذلك عيسى ابن مريم قَولَ الحق الذي فيه يَمتَرونَ» إلى أن قال تعالى: فَاخْتلَف الأحزاب من بينهم فَوَيْل للّذِين كَقَروا من مهد يوم عظيم 200 4 [مرم] . ولا يزالون يختلفون حول حقيقة المسبيح وصلبه؛ ومع أن اليهود هم الذين سعوا بلا ريب لقتله» ولكن ردهم الله تعالى على أعقابهم خاسرين» وأبطل الله مكرهم وكيدهم» مع هذا تجد الآن المجمع المسكونى المسيحى قام باقتراح قسيس )١(‏ كتاب محاضرات فى النصرانية للإمام أبو زهرة. ل تفسير سورة النساء لل للفلل ولوللا ملا 0م أس > اة لمانى يدرس تبرئة اليهود من دم المسيح» وأيد ذلك الزعم كبير أساقفة إنجلترا وهم بذلك يضربون بنصوص أناجيلهم عرض الحائط» وإن هذا مصداق لقوله تعالى: ظ ون الّذينَ اختلفوا فيه لفي شك مُنْه4 فهم فى ريب دائم» ولا يؤمنون بشىء ما يقولون ويزعمون» وما هم يتبعون الا الظن» فيظنون ويتوهمونء ثم يحكمون بالظن والوهم . «وما قتَلُوه يقينا +20 بل رَفَعَهُ الله إَيْه وكات اللّه عزيزا حكيما 4 أكد الله سبحانه وتعالى نفى قتل السيد المسيح الذى حاوله اليهودء فقال تعالت كلماته: « وما قَُوه يقينا » . وهنا تأويلان لكلمة #يقينًا 4‏ التأويل الأول“ أنها وصف لمحذوفء والمعنى وما قتلوه قتلا قد استيقنوا به وتأكدوه» وهذا فيه ترشيح للاختلاف والشك الذى اعتراهم . التأويل الثانى: أنها تأكيد للنفى» والمعنى وما قتلوه حقا وصدقاء فاليقين منصب على النفىء أى أن نفى كونه قتل أمر مستيقن مؤكد» وليس ظنا كظنكم» ولا وهما كوهمكم. وقوله تعالى 9 بل رُفعَه الله ليه إضراب بيانى فيه رد لزعمهم القتل» والمعنى بل إنه لم يقتل» وأن الله رفعه إليه؛ وظاهر القول أن الرفع كان بجسده وروحهء لا بروحه فقطء وبهذا جاء التفسير المأثورء وعليه أكثر المفسرين» وأيدته السنة» وإن كانت أخبار أحاد. وقد فسر بعض العلماء الرفع بأنه رفع الروح» وأخذوا ذلك من قوله تعالى: إِنّي متوفيك ورافعك إِلَي 222 4 [آل عمران]. فبمقتضى النسق الظاهر يكون الرفع عقب الوفاة. وقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: ‏ وَكَانَ اللّهُ عزيً حكيما 4 . وفيه وصف الله تعالى الدائم بأنه العزيز الرفيع الجناب الذى لا يلجا إليه أحد إلا أعزه» وأعلى قدره. وحماه؛ كما فعل مع ابن مريم وغيره من أنبيائه عليهم السلام» وهو الحكيم الذى يضع الأمور فى مواضعها. إلا تفسير سورة النسباع 0000 لبر بي إن سن أل الكتاب إلا ليس به قل مت ووم القامة كود لهم شهدا (إن» هنا النافية» والمعنق ما من أحد من أهل الكتاب اليهود أو النصارى » أو بعبارة أدق الذين يسمون أنفسهم نصارى أو مسيحيين إلا ليؤمنن به حق الإيمان» ويخضعون حق الخضوع قبل موته ‏ عليه السلام -» فالضمير فى موته يعود إلى المسبيح ‏ عليه السلام -» وهذا يسير على أن عيسى سيعود» ويحكم بشريعة النبى د ويؤمن به أهل الكتاب من اليهود والنصارى» وهناك تخريج آخرء وهو أن الضمير فى (موته) يعود إلى أحد المطوية فى الكلام ومقدرة.والمعنى ما من أحد يتنبه الشخص لا أنكر وجحدء فيؤمن » كما كانت حال فرعون إذ قال عندما أدركه الغرق: آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل. وإن عيسى - عليه السلام - سيكون شهيدا بالحق يوم الحق يشهد على اليهود بما كفروا به» ويشهد على الذين يقولون إنهم نصارى» وأنهم كفروا به فادعوا أنه إله أو ابن الله» وأن كلامهم فى هذا باطل» وأنه عبد الله ورسوله. وهنا نريد أن نشير الى موقف الإسلام» ومن يقولون أنهم نصارى - من المسيح عليه السلام: هم يقولون أنه قتل وصلب ليطهر الخليقة من ذنب أبيهم آدم» وأن الله اختار ابنه ليكون فداءء وأما الإسلام فإنه يقول أن الله نجاهء ورفعه إلى المنازل العليا. 1 حتى بدا له أن يجعل ابنه فداء» ولا نريد أن نقول إن العنصر الإلهى كيف حل فى مريم البتول» ولا نريد أن نقول إن الله عفا عن آدم» وإن لم يعف فإن العقاب يكون عليه ولا يكون على غيره؛ لا نريد أن تقول إن.هذا كله مخالف لكل معقول» ولكن نقول كيف يتصور أن يكون الفداء للخليقة بإنزال ابنه إلى الأأرض ليقتله بعض ذرية آدم الذى عصى؟!! إن المعقول أن يكونوا قد أضافوا إلى قولهم 9 تفسير سورة النساء 00 م القول قالوا إن الدين له منطق غير منطق العقل. ولكن عيسى ابن مريم» الحق فيه ما قاله القرآن ولكنهم يمترون. قل هو الله أَحَد > الله الصّمد 22> لم يلد ولّم يُولّد > ولم يكن لَه كفوا أحد <> 4 [ الإخلاص ] ل + الى سا ص سر سيير م ولو السب هادوا 006 000 م نص 20 مي ابت أت موص هِمعَدْسَي لَه 2 - و كبا ريه وأَحَذهم ليطا وقد م عوك ولاك بالطل سد لْكفرين مت عَدَابَا أ يع 22 ل جل ل أ 7 وله 0 سسحت سس سر ل حوتف لومم وَامْؤمنُونَ بِؤَمِسونَ ما أنزِلإِليكومأ 3 22276 أ ا 2 نَل من تبك وَالقِيِمِ نَأ لصَله وَالْموّنَوَرَ ا وََلومِيُو باه وَاليو لز يكم سَمُوتو راعلا 077 ككل فى قلوبهم قسوة. وفى تنفوسهم جفوة» وعقولهم غُلْف لا تتفتح للبحق؛ وطلبوا غيرماء وقالوا أرنا الله جهرة» ورأوا الجبل يعلو عليهم» فقبلوا ميثاق الويمان» ثم نة نقضوه» وقتلوا بعض الأنبياء لغلظ قلوبهم» وانطماسهاء وغفلتها عن الحق» ورموا مريم البتول ببهتان وكذب» ومحاولتهم قتل عيسى ابن مريم رسول اللهء وافتخارهم لقتله وما قتلوه» فهذه مظالم تتلوها مظالم» ولا بد من تربية الحرمان أبداء عسى أن تنقشع عنها غياهب المادة فترى» ولذا قال سبحانه: « فَبِظلم من اين هادوا حزما عليهم طَيبَات أُحلت لهم 4 الظلم هنا خاص بالكفر الذى ذكرته الآيات سابقاء كفروا بمواثيق الله» ولم يذعنوا للحق» إذعانا ا تفسير سورة النساءع م اللل ا ال ا اال ااا ١ ال‎ يي ظاهرا إلا بعد تهديد غليظ». ثم نقضوا ما عاهدوا الله تعالى عليه وقتلوا الأنبياء وكذبوا على الأبرياء. فالظلم إذن هو هذا الكفر الذى أوغلوا فيه إيغالا. ولا شك أن ما جاء بعد ذلك ظلم بين» فالصد عن سبيل الله ظلمء وأخذهم الربا ظلم» وأكلهم أموال الناس بالباطل ظلم» وكل واحدة من هذه الجرائم التى أركسوا فيها ظلم وذنب» ولذلك صح أن تذكر كل واحدة منها منفردة» وإن كانت تدخل فى عموم كلمة ظلم. ولكن عند اجتماعها مع هذه الجرائم تخصص كل كلمة بما ذكر أولا أنهم ارتكبوه» ودل على غلظ أكبادهم وقسوة قلوبهم» وكفرهم الصريح وهو أشد أنواع الظلم» وإن الشرك لظلم عظيم. وقد ذكر سبحانه وتعالى العقوبة بقوله تعالى : نا عه يات أحا هموعن ميل اله ره هذا هو حكم الله تعالى الذى قرره تهذيبا وتأديبا لهم» وفطما لنفوسهم عن الشهوات» ولقلوبهم التى استغرقتها المادة» والنفوس إذا فطمت تتهذب» وقد تذهب قسوتها. حرم الله سبحانه وتعالى أمورا كانت حلالا لهم» وهى بتكوينها من الطيبات التى أحلها الله تعالى» وليست من الخبائث التى يحرمها الله تعالى» فهى فى أصل تكوينها طيبات من شأنها الحل» ولكن حرم بعضها عليهم تهذيبا وتربية لكى تذهب عن قلوبهم بعض القسوة» وبعض الأنانية التى استولت عليهاء والتنكير فى قوله تعالى: «طيبات» فيه إشارة إلى أنه لم تحرم كل الطيبات» بل بعض منهاء وقد بينه سبحانه وتعالى بقوله تعالى: « وعلى اين هادوا حَرَمنًا كل ذي ظفر ومن الْبْقر العم حرمنا علَيهم شحومهما إِلأَمَا حملت ظَهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بِعْظم ذلك جزيناهم ببَغيهم وإنًا لَصادفون +23 4 [ الأنعام ] . وإنه يلاحظ أن هذه المحرمات من الطيبات من شأن الإكثار منها أن يوجد شحما فى الجسم واسترخاء» وحيث كان الجسم كذلك تضعف الهمة» وحيث ضعفت الهمة» كانت محبة المادة» والكسب الرخيص» وطلب من غير الله» وقد تفسير سورة النساءع اللمللللللو ااال الل لل 0م ٠: ااا‎ 3 كانوا كذلك؛. وقد كانوا لا همة لهم إلا فى الكسب الرخيص ولا همة لهم فى دفع اعتداء» فقد كانوا يقولون لموسى: «9 فَاذْهَبٍ أنت وربك فقَاتلا إَِا هاهنا قَاعدونَ 28> 4 [امائدة]ء وهمتهم الكبرى فى الإيذاء امول قلوبهم بقدر خمول أجسامهم . وكان فى فطمهم عن الشحومء وما يزيد البدن ترهلاء تهذيبا لنفوسهمء وتقوية لأبدانهم» وفتح باب الهمة العليا لهم. ومن المظالم التى ارتكبوها صدهم أنفسهم عن طريق الحق» وصدهم غيرهم ومنع غير اليهود من أن يدخلوا فى ديانة موسى» ولذا قال سسبحانه: وبصدهم عن سبيل الله كثيرا 4 أى صدا كثيرا فى ذاته أو صذا لناس كثيرين. وقد ذكر سبحانه وتعالى بقية الأسباب التى أوجبت ذلك التحريم فقال: وأخذهم الرَبا وقد نهوا عنه وأكلهم أمُوال الناس بالباطل 4 كان الظلم الأول موضعه القلب والاعتقاد» وما ينبعث من أفعال شاذة فيها اعتداء على رسل الله تعالى وأنبيائه» فالاعتداء فيها كان على جنب الله تعالى والفساد كان فى القلوب» وفى الأعمال التى تتعلق بها. أما الظلم هنا فهو واقع على العباد. ذلك أن ضعف همتهم فى الكسب» وعدم الاتجاه إلى العمل المشمر المنتج جعلهم يتجهون إلى الكسب الفاسد غير المنتج وذلك بالرباء وأكل مال الناس بالباطل» فأما الرباء وهو الزيادة فى نظير الزيادة فى الأجل فهو كسب الخبيث» وغير منطقى» لأنه كسب بالنقد» والتقد لا يلد النقد كما قال أرسطوء وهو كسب بالانتظار فالزمن هو العامل فيه» والكسب بالانتظار عمل الكسالى الحبناء؛ لآنه يجيئهم من غير عمل» ومن غير تعرض للخسارة وهو فى الغالب نوع من البطالة» ويؤدى إلى القمار والمراهنات» ولذلك تقترن هذه الآفات الاجتماعية بالتعامل بالرباء وتكون فى أكثر أحوالها بمن يتعاملون به حيث لا مسخاطرة كالتى تكون فى التجارة أو الزراعة. ويندر أن تجد يهوديا فى أى بلد من البلاد يشتغل 2 1 نا تفسير سيور 6 النساع لو لفطلل ١ اك‎ تي بالزراعة» ولكنهم يتخذون لأنفسهم صفة الوسطاء التتى لا نتحتاج إلى همةء ولا تحتاج إلى شجاعة. وحيث كانت المعامللات اليهودية كان معها أكل أموال الناس بغير الحق الذى فيه أخذ وعطاءع» ونفع وانتفاع. بل تكون معاملاتهم قائمة على الاحتكار» والرشوة كيفما كانت تسميتهاء وكيفما كانت صفتهاء والمخادعات والاحتيال» والنصب اللماهر المستور» وغير ذلك من التعامل الذى لا شرف فيه. وقد بين سبحانه وتعالى عقابهم بقوله: « وأَعتَدنا للكافرين منهم عَدَابَا أليما» أى بسبب هذه المظالم فى الدنيا لا يكتفى بحرمانهم الجزئى فيهاء بل لابد للكافرين من عقاب شديد مؤلم فى الآخرة» وقد ذكر وصف الإيلام فى العذاب» للإشارة إلى أنهم إن كانوا يتمتعون إن أولغك الماديين الذين فسدت ضمائرهم وضعفت عقائدهم » وأصبحوا له يؤمنون إلا بالدنياء ويقولون إن هى إلا حياتنا الدنيا نلهو ونلعب وما نحن والمجون» وتكون الدنيا متعتهم وتكون هذه المتعة غايتهم » ومطلبهم» فلا يذكرون أن وراء هذه المنعة آلاماء ووراءها عذاب أليمء فليذكروا ذلك» وإن ريك لبالمرصاد. 00 وليسوا جميعا على هذا النحو» ولذلك قال فى العقاب للكافرين منهم » فكل طائفة فيهم الخير والشرء واليهود مع ما كانوا عليه فى الماضى كان منهم «إلكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك4. الراسخون فى العلم هم الذين أدركوا حقائقه وصدقوهاء وأذعنوا لهاء وثبتت فى قلوبهم ثباتا لا يكون معه ريب يزعزعه أو شبهة تفسله. أو هوى يعبث به» وقد # تفسير سورة النساع 00 م 2 قال الراغب فى مفرداته فى معنى الرسوخ: «رسوخ الشىء ثباته ثباتا متمكناء ورسخ الغدير نضب ماؤه» ورسخ تحت الأرض» والراسخ فى العلم المتحقق فيه الذى لا يعرضه شبهة» فالراسخون فى العلم هم الموصوفون بقوله تعالى: 9 إِنَّما المؤمنون الّدين آمنوا باللّه ورسوله ثُمْ لم يرتابوا (412 4 [الحجرات]» وكذلك قوله تعالى :‏ لكن الراسخون في الْعلّم منهم 4 . وإن الله سبحانه وتعالى الحكم العدل تكون أحكامه على مقتضى عدله؛ فهؤلاء اليهود» وإن كثر جحودهم فيهم العلماء المحققون الراسخون» وإن كانوا مختفين فى لجحة من جحود اليهود» هؤلاء الراسخون فى العلم الدينى» والعلم برسالته» وسائر رسائل النبيين هم والمؤمنون سواءء فهم يعتقدون كل ما يعتقده المؤمنون من صدق رسالة النبى محمد يَكلِلَةِ وصدق سائر الرسالات الإلهية. وهؤلاء قد ضموا إلى صفوف المؤمنين» بل إنهم صاروا منهم. وإنما ذكروا كأنهم صنف قائمء باعتبار أنهم من اليهودء ولم يكونوا كالمنحرفين البارزين» وهؤلاء اليهود لم يكفروا بموسى كما لم يكفر سائر المؤمنين بموسى» ولذلك قال سبحانه وتعالى: 9 يمون بما أنزل إلَيِكَ وما أنزل من قبلك 4 أى أنهم يؤمنون بالرسالة المحمدية وكتابها ورسالات الرسل السابقة وكتبهاء فأولئك الراسخون فى العلم من بنى إسرائيل هم والمؤمنون لم يخرجوا على موسىء بل آمنوا به أوثق إيمان؟؛ لأنهم آمنوا بالرسالات كلها. وقد يقول قائل: إن الله تعالى ذم اليهود عمومّاء ثم خص الراسخين بالثناء» فلم كان التعميم ثم التخصيص؟ والجواب عن ذلك أن أولئك الراسخين لم يكونوا هم الظاهرين منهم» بل كان الشر هو الطافح على سطحهمء فكان من أجل وصفهم عموما بالشر؛ لأن الجماعة توصف بالشر إذا اختفى الخير فيهاء ثم كان الظاهر هو الشر» وكان من إنصاف الله تعالى أن ذكر أولئك العلماء المغمورين فى وسط جماعة الأشرار» وبين حقيقتهم» وانضمامهم إلى جماعة المؤمنين. :4 | تفسير تشيوره 3 النساع ل الل اللو سرب اا هذه حقيقة المؤمنين ومن معهم من الراسخين فى العلم من أهل الكتاب» ثم بين من بعد أعمالهم» وإيمانهم بالغيب» فقال: « والمقيمين الصلاة والْمؤتون الزّكاة4 ذكر فى هذا النص الكريم أعظم أعمال الخير التى يقوم بها المؤمن الصادق فى إيمانه» وهى قسمان: عبادة هى تطهير النفس وتهذيبهاء وهى الصلاةء فإن إقامة الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكرء وتهذب الضمير. والصلاة عمود الدين» ولب اليقين» وتهذيب الوجدان» وتجعل المؤمن يألف ويؤلف. وتصرفه إلى الخيرء ولذلك ذكرت على سبيل التخصيص ونصبت حيث الظاهر» لتقدير فعل يدل على الاختصاصء والمعنى أخص الصلاة بالذكر؛ لأنها ذكر الله تعالى الأكبرء وبذكر الله تطمئن القلوب» وتصفو النفوس وتهذب الضمائر. والقسم الثانى: عبادة هى معونة اجتماعية للمؤمنين» فهى عطاء بنية العبادة» وهى تومئ إلى التعاون بين المؤمنين» بحيث يعين القوى الضعيف» والغنى الفقير» وكل امرئ فى حاجة أخيه وعونه كما قال عليه الصلاة والسلام: «الله فى عون العبد» مادام العبد فى عونه أخيه217» وكل امرئ مهما يكن يحتاج إلى غيره فى ناحية» ويمد الغير بالحاجة من ناحية أخرى. وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك لب اليقين» ونور الايمان وما يكون: الرسوخ فى العلم والعقيدة؛ فقال سبحانه: #والمؤمنون باللّه وَاليَوْم الآخر» فالايمان بالله جل جلاله» وإدراك معنى صفاته, والإذعان له واعتقاد أنه فوق كل الوجود وما فيه وأنه القاهر فوق عباده. انق جزء من حديث رواه مسلم: الذكر والدعاء - فضل الاجتماع على تلاوة القرآن 60 ) عن أبى هريرة رضى الله عنه» والترمذى: الحدود - ما جاء فى الستر على المسلم (1556) وأبو داود: الأدب - فى المعونة للمسلم (0 »© وابن ماجه: المقدمة - فضل العلم (6؟75)». وأحمد: باقى مسند المكثرين (لا”ا/ا): واين ماجه: القراءات - ما جاء فى نزول القرآن على سبعة أحرف (5946). 0 تفسير سورة النساعء سس حر ا ذلك الإيمان بضعف كل شىء»ء وأنه لا قادر حق القدرة سواه - هو الذى يتربى به القلب فيؤمن» والجوارح فتذعن» والنفوس فتصفو. والإيمان باليوم الآخر هو إيمان بالغيب» وهو أخص عناصر الإيمان» وهو الذى يجعل المؤمن يعرف حقيقة الدنياء ويصبر على سرائها وضرائهاء ولا تذهب نفسه حسرات عند الحرمان» ولا يطغى ويغتر عندما يعطيه » ويعلم أنه مسجزى بالصبر» محاسب على ما أنعم الله تعالى به عليه. وقد بين سبحانه من بعد ذلك جزاء هؤلاء المؤمنين» فقال تعالت كلماته: «( أولتك سنؤتيهم أجر عظيما 4 أى أولتك الذين نالوا هذه الخصال كلهاء فآمنوا بكل الأنبياء وتهذبت ضمائرهم بالصلاة» وتعاونوا فيما بينهم بالزكاة» وآمنوا بالله تعالى حق الإيمان» وصدقوا البعث والنشورء وصبروا فى السراء والضراءء هؤلاء المتصفون بتلك الصفات يستحقون بسببها جزاء عظيما. وقدأكد ذلك الجزاء بثلائة مؤكدات: أولها ‏ «السين» فى قوله #سنؤتيهم»؛ لأنها لتأكيد الوقوع فى المستقبل . وثانيها - إسناد العطاء إلى الله تعالى القادر على كل شىء » وهو لا يخلف الميعاد. الثها ‏ تنكير الأجرء ووصفه بالعظمة» فهو أجر عظيم لا يجرى فى خيال البشرء ويعلمه نخالق البشر. اللهم اجعلنا من تغفر لهم» فينالون رضاك يا رب العالمين. ها تفسيرسورة النساعء 11١ااااااااانال‏ اا الللالاا! تالالا الالال ناالاان نالا أ تتلا ااا اللالط 1 الالال لاا تالالا م نتلناا انام طخطسخ لمم امالك 1تتتلللا جَ روج عم سر 24 سه فس سس ع بس ومرسء وا ستيار ط وعسى 0 وَأْبوَبَ ودوذس وهدرون وسلممان ا سه ع سد رع له مه وَءَاتَيْسَا داو د رَحورا :22 2 َيه وَرَسلاقد فَصَصَتَهُم عَليِكَ جع عرو د2 عام أت ك2 م وو مس َمِيلْوَوْسْلالنفصْصَهْ عَليلك وكمَ أو ١‏ - اه > سير.. 20 8 0# تحكايمًا 2 طبه رُسَلا مَُشَرِنَ وَمَنَذِ رن[ > نَ ه- سس صا وخ معدم جوع سس 42 0 للشاس ا حَجَة بعد ألر نألله عبرا جر طم وسو رو سمه م رط كو 2 أذ عي اص ألله د دشهديما أنزل ]يلك أنزله ديعلمه- ا َوَكَق باه بيدا 0 والملتيحة دشبدون وتفئ االو شريدا نزي الآيات السابقات بينت أحوال القلوب إذا أظلمت» والنفوس إذا انحرفت وعصت أمر ربهاء وجعل حال بنى إسرائيل فى ماضيهم وحاضرهم مثلا واضحا بيناء فقد مالت قلوبهم عن الحق بعد أن جاءتهم البينات»وما من آية أتتهم لتزيدهم إيمانا إلا ازدادوا بها كفراناء وما تركوا جريمة إلا ارتكبوها باسم أنهم أبناء الله تعالى وأحباؤهء ومع ذلك الزعم يقتلون أنبياء الله ويعصون الآخرين من رسله؛ وهم يعاملون محمدا يد بما عاملوا به من سبقه من الأنبياء. غدروا بعد أن عاهدهم ووفى لهمء وحاولوا قتله غدراء واشتركوا مع أعدائه لقهره.» ولكن الله تعالى منعه منهم» ومكنه من رقابهم . وبعد أن ذكر سبحانه ما يدل على شدة جحودهم.؛ أشار سبحانه إلى أنه لا يلتفت إليهمء وأنه ليس بدعا من الرسل» بل هو كمال السلسلة من النبوة التى 0 تفسير سيور ة النساء مال م ولج بز 7" اختارها الله تعالى من البشرء ؛ لتكون حجة الله تعالى إلى يوم القيامة: فقال عز من قائل: 9 إِنًا أَوحينا إِلَيك كما أوحينا إلئ نوح والتبيَين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط 4 . هذا النص مربوط فى المعنى بقوله تعالى: 9 يَستلّك أَهْل الْكتّاب أن تتزل عليهم كتابا مّن السماء فقد سألوا موسئ أكبر من ذلك . . . +22 4 [ النساء ] . وقد قالوا غير ذلك فى آية أخرى فأنكروا الرسالة الإلهية جملة من بعد موسى» وقالوا: «9 ... ما أنزل اللّهِ على بشر من شيء ... 42# 4 [الأنعام] مبالغة فى إنكار رسالة النبى كَللِِ فى هذه الآيات وما إليها بيان بوحى الله تعالى إلى النبى كَل وأنه مثل بقية الرسل» فما كان بدعا من الرسل» بل هو فى تلقى رسالة الله كسائر الرسل. ولذا قال تعالى: ف إِنَا أُوحينا ليك كما أوحينا إلى نوح والتبينَ من بعده 4 والوحى فى الأصل الإعلام الخفى» والإشارة والإيماء» والإلهام» وغير ذلك من المعانى التى تدل على أنه إعلدمٍ خاص» لا يكون بطريق الإعلام الظاهر. وقد قال تعالى: وما كان بشر أن يكلم الله إل إلا وحيا أو من وراء حجابٍ أو ترسل رسولا :30> » [الشورى] حجاب » وإرسال ملك من الملافكة بالخطاب. والوحى هنا يعم الأنواع الثلاثة من كلام الله تعالى لرسله» كما يدل السياق على ذلك. هو آخر لبنة فى صرح النبوة والرسائل الإلهية» وبين الوحى للرسل السابقين» وقد وب «إِن المؤكدةء فقال: 8 إنَا أُوَحينا لَك 4 . وقد ابتدأ سبحانه وتعالى بذكر نوح - عليه السلام » لأنه الآب الثانى للخليقة» ولآنه أول نبى معروف فى القرآن بعد أبى البشرء ولأآن فى ذكره معنى ا تفسيرسورة التسباع 00 14 لج حي له التهديد للذين يجحدون ويحاربون الرسالة الإلهية: © وقال نوح رب لا تذر على الأرضٍ من الكافرين ديّارا 57> إِنّكَ إن تذرهم يَضِنُوا عبَادك ولا يَلدُوا إلا قاجرا كقارا 207 4 انح ] فذكره تذكير بتهديده» واستجابة الله تعالى لدعائه. وقد ذكر سبحانه وتعالى نبيين من بعده فى الزمان الطويل الذى كان بينه وبين إبراهيم أبى الأنبياء من بعده» ثم قال سبحانه وتعالى من بعد: وأوحينا إِلَىْ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسئ وأيوب ويونس وهاروت وَسَلَيْمَانَ» وقد ذكر سبحانه وتعالى كلمة «وأوحينا» لتأكيد الإيحاء» وللإشارة إلى وجود فترة زمنية طويلة بين نوح عليه السلام وإبراهيم » فإن التكرار فى الذكر إيحاء الى التباعد فى الزمن؛ ولأن هنا مفارقة بين الأنبياء الذين جاءوا بعد نوح». والمذكورين» لأن أولئك جميعا من ذرية إبراهيم وإن تفاوتت مراتبهم» واختلفت أماكنهم. وإن القارىء يلاحظ أمرين: أولهما ‏ أن كل نبى من هؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى فى هذا النص الكريم يختص بصفة؛ فإبراهيم أبو الأنبياء» وإسماعيل أبو العرب» وإسحق أبو أنبياء بنى إسرائيل ومثله يعقوب» وقد اختص بالصبر على فراق ولدهء وحبييف والأسباط؛ وهم أولاد يعقوب ‏ عليه السلام - جمع سبط» وهو ولد الولد ‏ مثل للغيرة البشرية تعترى الشباب فى فورته وحدتهء ثم يثوب إلى رشده بعد أن يكتمل عقلهء وتكتمل نفسه. وقد أوحى الله تعالى إليهم» وبلغوا مرتبة الأصضياء المهديين» ولعل الوحى إليهم كان من قبيل الإلهام» لآنه لم يكن لهم رساللات بشرائع خاصة» وعيسى عليه السلام كان روحانيا فى حياته كلهاء ولد من غير أب» وعاش طول حياته يدعو إلى الروح» والخروج من سلطان المادة» فله بين الأنبياء خواصهء وهو من البشر الذين خلقهم الله تعالى آية للعالمين» وأيوب عليه السلام له صفة الصبر على المرض الأليم» وقد قال تعالى فيه: 9 وأيوب إِذْ نادئ 40 تفسير سورة النساع الل 6م ١ - َه أي م مَسِي الضر وأنت أَرْحَم َم الرأحمين (22) فَاستَجبنا لَه فَكَشْفنَا ما به من ضر واتيتاه هله ومثلهم مَعَهُمْ رَحْمَة مَنْ عندنا وذكرئ للعابدين 252 4 [الأنبياء] . ويونس عليه السلام إذ تخلى عنه الصبر فهذبه ربه فى الدنياء ثم صار من المخلصين وقد قال سبحانه : طون يونس لَمن المرسلين 1209> 4 إذ أبق إلى الفلك المشحون +( قساهم كان من امدحضين 2 فا اموت وو ميم 6 فلل أنه اذ من المسحي ممم وم [الصافاتع. © وقد ختم سبحانه ذلك الفريق من النبيين بذكر داود فقال تعالى: ١‏ وآتينا داوود زبورا # أى كما أعطينا داود كتابا خاصا هو الزبورء والقراءة المشهورة بفتح الزاى» وقراءة حمزة بضمها أى «زبورا)(١2»‏ وعلى الأول يكون معنى زبورا بمعنى الزبور أى المكتوب» وعلى الضم يكون جمعا لزبر بكسر الزاى» والزبر هو الشىء المكتوب» وعلى أى القراءتين فالمعنى أعطيناه كتابا مكتوبا يقرأ ويرتل . ويظهر أن كتاب الزبور لم يكن فيه بيان للأحكام؛ لآن التوراة كانت شرائعها هى النظام المتبع» بل هو حكم ومّواعظ» وقد قال فيه القرطبى: «الزبور كتاب داود» وكان ماثة وخمسين سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام» وإنما هى حكم ومواعظ). ولقد أعطى الله سبحانه وتعالى داود صفتين تبدوان بين الناس متعارضتين» إحداهما ‏ أنه كان رجل حرب وجلاد» ورجل حكم وفصل بين الناس. والثانية - أنه كان طيب النفس متواضعا متطامناء فكان لا يأكل إلا من عمل يده» ولذلك كان مثلا للنبوة التى تحكم وترشد وتتواضع وتقود الجيوش» وهو الذى كان نحت يده كل خزائن ملكه. ويعف عن أن يمد يده إليه» ويآكل من عمل يدهء كما قال النبى يَككِلةِ فى بيان حاله: (إن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده)20 فهو .0790( قرأها بالضم حمزة وخلف وقرأ الباقون بالفتح. غاية الاختصار يرقم‎ )١( رواه البخارى: البيوع - كسب الرجل وعمله بيده ف 562 وأحمد: باقى مسئدك المكثرين‎ 2١ (771؟) عن أبى هريرة رضى الله عنه.‎ لا تفسير سورة النساء وم لل الل 00 14 الااا0 ١‏ لي النبى الملك القائد الذى أدخل نفسه فى زمرة العمال؛ إذ كان لا يأكل إلا من عمل يذه . «ورسلا قد قصصاهم علَيِك من قَبل ورسلاً لم تقصصهم عَلَيِك 4 هذا بيان إجمالى يقرر أن الله تعالى أرسل رسلا كثيرة» قد قص بعضهم على النبى كَكْلَةِ: والآخر لم يقصهء والقص تتبع الأثر يقال قتصصت أثرهء ثم أطلق على الأخبار المتتابعة» ونرى هنا أن (قص) متعدية» مفعولها المذكور من أخبارهم» والمعنى على هذا فى النص تتبعنا آثارهم وأخبارهم التى يكون فى ذكرها عبرة لأولى الألباب» وليكون ضرب الأمثال للنبى يلاد فى صبرهم» وإيذاء أقوامهم لهم» وإن الرسل الذين قصهم الله تعالى على نبيه من قبل كان فى السور المكية» فإنها مملوءة بأخبارهم وفيه ذكرى النبوات الأولى السابقة على نبوة النبى يَللِيِ. وإن أكثر هؤلاء الذين قص الله تعالى أخبارهم ثمن كانوا فى البلاد العربية أو يجاورونهاء أو كانت له صلة بالنبى كَلكِ فى نسبء أو كان الذين يدعون اتباعهم يجادلون النبى كَل ويمارون فى دعوته . وليست النبوة مقصورة فى هؤلاء» إنما هناك نبوات ورسالات أخرى كانت فى الأمم البعيدة مثل الصين والهندء وغيرها من الأراضى التى سكنها أقوام كثيرون» وليس لنا إلا أن نفرض أن رسلا بعثوا إلى هؤلاء الأقوام؛ لأن الله تعالى يقول: 9 أَيَحْسَب الإنسان أن يترّك سدى «ي) 4 [القيامة] ولا شك أن تركهم من غير نبى مبعوث ترك لهم سدىء, وذلك ما نفى الله تعالى فى استنكار أن يقعء وقد قال تعالى: ط وإن مَن َم لذ حلا فيها نذير 127 4 [فاطر] . ولذلك قال تعالى فى هذا النص الكريم الذى نتكلم فى معناه 8 وَرَسّلاً قَد قصصتاهم عليك 4 ونصبت «رسلا» على الاشتغال أى نصبت بفعل قد تضمن معناه الفعل الذى ولى المنصوب, والمعنى قصصنا رسلا من قبل : © ورسلا قد قصصتاهم عليك 4 ويكون الابتداء بذكر الرسل والاهتمام بهم لأنهم المقصودون» وأخبارهم وقصصهم جاء تبعا لهم وختم الله النص بقوله تعالى : ا تفسير سورة النساعء 0 م لحب أ « وكلّم الله موس تكْلِيمًا 4 هذا تخصيص لموسى عليههالسلام بالذكرء ولم يذكر فى ضمن من ذكروا من السابقين؛ وذلك لأنه هو الذى نزلت عليه التوراة التى كانت شريعة لمن جاء بعده» ولأن اليهود الذين جحدوا بآيات الله كانوا يدّعون الأخذ بشريعته» ولأنه نزل به اختبار شديد بسبب بنى إسرائيل الذين كانوا محل رسالته» وأخيرا لأنه اختص من بين المأكورين بأن الله تعالى كلمهء وقد جاء الصريح بأنه كلمه فى هذا النص» وفى غيره ومن ذلك قوله تعالى فى أول سورة طه: 9فَلَمًا أَنَاها ُودي يا موسئ 00 إِنَي أنا ربك فَاخْلع تعليك إِنَّكْ بالواد المقدّس طوى +4120 وأَنا اخترتك فاستمع لما يوحئ 27 »4 [طه] . وإن هذا يدل على أن الله تعالى متصف بصفة الكلام» والمعتزلة من الفرق الإسلامية ينكرون نسبة صفة الكلام لله تعالى» ويذهب فرط غلو بعضهم إلى أن يفسروا قوله تعالى 9 وكلّم الله موسئ تَكُلِيمَا 4 بأنه كَلّم من الكلّم لا من الكلام» أى أن الله تعالى اختبر موسى - عليه السلام ‏ اختبارات شديدة كانت كالكلام والجروح وتلك مغالاة فى تفسير القرآن الكريم بالمأهبية» وقد أنكره الزمخشرى - وهو منهم - وسماه من بدع التفاسير. والحق أن كَلَّم من الكلام» وقد أكد تكليم الله تعالى لموسى بالمصدرء والظاهر من الكلام إذا أكدء كان غير قابل للمجاز ولا للتأويل» وأنه يجب تفسير القرآن بظواهره. وخصوصا الظواهر المؤكدة ولا تطغى الآراء المذهبية على المعانى القرآنية» فالقرآن منبع الحق» ونور المتقين. ( رسلا مَشرِينَ وَصذرِين لملا َكُونَ لاس على الله حَجَة بعد الرسل وكان الله عزيًا حكيما 4 فى هذا النص الكريم بيان لعمل الرسل» والحكمة من بعثهم» وقد أرسل هؤلاء مبينين الحق داعين إليه؛ يبشرون الطائعين بحسن العاقبة فى الدنيا والآخرة» وينذرون العاصين بسوء العقبى» وإن واتاهم نفع فى الدنياء فالعذاب الأليم يستقبلهم فى الآخرة. وكان بعث الرسل لكى يكون الذين يعصون على علم بما يستقبلهم والذين يطيعون على بينة بأوامر ربهم ويكون الذين يعذبون ليس لهم عذر من جهل» ا تفسيرسورة النساء حي 111١١‏ اتللة1 ااانا اانال اا لاا اااناا ان انالا الانا اال لالط ااال نانم مالالا الطكا لكالل لتنا طاطخ خ اللا م طخلا ااانا التا لالتلا 5] > وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: 9 للا يكُون لئاس على اللّه حجة بعد الرّسّل 4. أى لكى يسقط كل اعتذار للعصاة فى عصيانهم بعد البيان الحكيم والإرشاد المبين فمن ضل فعن بينة» والله سبحانه برحمته وفضله ومنه يسمى ذلك حجة عليه. ذإ لا يسأل عمًا يفعل وهم يُسأَلُونَ 27 4 [ الأنبياء] . وقد قال المعتزلة: إن لله دائما الحجة على خلقه بالعقل الذى أودعه خالقهم» وهو هاد مرشدء ولكن إرسال الرسل رحمة من الله تعالى» ولذا قال الزمخشرى فى تفسير النص: الرسل منسهون من الغفلة وباعثون على النظر كما يرى علماء أهل العدل والتوحيد (أى المعتزلة) مع تبليغ ما حملوه من تفصيل أمور الدين» وبيان أحوال التكليف» وتعليم الشرائع فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميما لإلزام الحجة لثلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لل وجب الانتباه له. والحق أن الناس لا يهتدون فى جملتهم إلى الشرائع الصحيحة:» بل هم بعدها مراتب منهم من يهتدون بمجرد بيان الحق» ومنهم من لا يقنعون إلا بالبرهان الملزم» ومنهم من لا يطيعون الا بالتهديد ومنهم عصاة جائرون بائرون. وقد خحتم سبحانه الآية بقوله 9 وكان الله عزيرا حكيما» أى أنه القادر الغالب على كل شىء وهو الحكيم» الذى يدبر الأمر بحكمته وعزته. «لكن الله يُشَهد بمَا أنرل إِلَيِك أنه بعلمه والْمَلائكَة يَسْهَدُونَ وَكَفَئ بالله شهيدا 4 جحد أهل الكتاب وكفروا برسالة النبى يكل وطلبوا اليه أن يأتى بشهادة من عند الله» وعينوا الشهادة بأن تكون كتابا كما قال تعالى فإ يَسَلكَ أَهْل الكتّاب أن تنزّل عَلَيهِم كتابا مَنَ السسّماء ... +029 4 [النساء] فرد سبحانه وتعالى عليهم بقوله تعالى #لكن الله يَشْهَد بما أنزل إِلَيِكَ4 فالاستدراك هنا عن مستدرك من كلامهم وجحودهم, فلمعنى إذا كانوا لا يقرون بالحق» ويذعنون له» فالله تعالى شاهد بالحق وأى بينة أجل من بيان الله تعالى تلزم المنكرين أنى يكونون» والشهادة هى قول الحق المبنى على اليقين القاطع» وشهادة الله أقوى وثيقة فى هذا الوجودء اا تفسير سورة النساع 00 م جب جب ]7 يي وكانت شهادته بالإعجاز فى القرآن المحكم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد أنزله الله تعالى بعلمه» وإرادته وحكمته» فهو حجة النبى عله وشهادة الله تعالى بالصدق. وشهادة الملائكة تبع لشهادة الله تعالى . وشهادتهم تكون يوم القيامة» يوم الحساب والعقابء. فشهادة الله تعالى للنبى وعليهم» وشهادة الملاتكة عليهم يوم الحساب والعقاب. وقد ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله «وكفئ باللّه شهيدا» أى أنه لا عبرة بإنكار المنكرين بعد شهادة الله تعالى» ففيها عزة الحق وخفض الباطل» ولم تذكر هنا شهادة الملائكة لأنها تبع لشهادة الله تعالى» وفى ذكر المتبوع غناء عن التابع» والله سبحانه وتعالى على كل شىء شهيد. يمه سا إنالزي: ل ل وَصَذَوأْعَن سي لألَه د تَدَصَلُوأْضَكَلْ بَعِيدًا ناد تالكأ ليحر هموك م عع 2 7 له حدال 04 2016 تس طَرِيقًا اليفك 72 إِلاطرِقَ جَهَئَمَ خدررينفبها أبدا ال ريم وَكَآنَّ ذَالِكَ عل لذ 5 سيا 2 5 فى الآيات السابقة كان الكلام فى أحوال إليهود. وسائر الكافرين» وبين سبحانه كيف كانت تأتيهم المعجزات القاهرة» والبينات الباهرة» ومع ذلك يستمرون فى إنكارهم» ويلجون فى عنادهمء ويطلبون آيات أخرىء والمآل الكفران» حتى إن بعضهم فى الماضى ليسآلون موسى أن يريهم الله جهرة» وبعضهم فى عصر نزول آية يطلب آية أخرىء» والنبى يتحداهم بالقرآن أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله ولو مفتراة» وهو يجادلهم بالتى هى أحسن. وقد بين سبحانه أنه تعالى أرسل الرسل ليقيم الحسجة» ويختار من عباده للرسالة من يشاءء لا تفسيرسورة النساء : 00 ا بي وإنكارهم لا يجديهم ولا يهديهمء ولا ينجيهمء بل إن العقاب يوم الهقيامة يترقبهم» وإنهم بقدر لحاجتهم فى الإنكار يبتعدون عن طريق الهداية» وأوغلوا فى طريق الغواية» حتى يصلوا فى طريق جهنم إلى نهايته» وأنهم لخالدون فيهاء وقد « إن الّذينَ كَقَرُوا وَصدُوا عن سبيل الله فَد ضَلُوا ضلالاً بعيدا 4 «صدً» يستعما متعدياء ومصدره «الصد». وقد تستعمل كلمة «صد لازماء» ويكون مصدرها الصدود. وقد جاء فى مفردات الأصفهانى معنى الصد : «الصد والصدود قد يكوئنان انصرافا عن الشىء» وامتناعاء نحو 9 يَصدُونَ عنك صدودا 4539 [النساء]» وقد يكون صدا ومنعا نحو: 8 وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السَبيل 27 4 [الدمل] ونحو: © الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله 17 4# [محمد] وكما قال تعالى : ف ولا يدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إِلَيِكَ +07 4 1 القصص ]» . والصد هنا فى هذا النص الكريم بمعنى التعدى.» فمعنى النص السامى» إن الذين جحدوا بالحق إذ جاءهم ولا يكتفون بانصرافهم عن الإذعان والإيمان» بل يصدون غيرهم » ويمنعونهم من الحق بإثارة الشبهات» وإيقاد الفتن بين المؤمنين» يوغلون فى الضلال» ويسيرون فى طريقه سيرا يعيدا. . ويتضم: ذلك ال معنق أمورا: أولها ‏ أن الكفر بطبيعته انصراف عن الحق وصدود عن طريقه» ولذلك فسرنا كلمة 9 وصدوا عن سبيل الله بمعنى منع غيرهم من سلوك الأقوم والهادى إلى الحق الذى لا ريب فيهء وإن الذى يصد غيره قد ابتدأ بصد نفسه. فالمضل لغيره هو فى ذات نفسه ضالء» فإن الإضلال من ثمرات الضلال» ولا يضل الناس إلا ضال» وقد ضل مرتين إحداهما بإنكاره للحق» والثانية بمحاولته إضلال غيره. وثانيها - أن الضلال البعد عن الطريق المستقيم فمن ضل فقد بعد عن الحق. ومن أضل غيره فقد بعد عن الحق بمقدار أوسعء وهكذا كلما سار فى التضليل» اا تفسبير سورة النساع ا ل 2 أت أ وفتنة المهمتدين» وإيذائهم وإثارة الشبهات بينهم فهو يسير موغلا فى البعد عن الطريق المستقيم» وهذا معنى قوله قد ضلوا ضلالا بعيدا. الثها ‏ أن قوله تعالى «قَدْ ضَلُوا ضلالاً بعيدا 4 فيه استعارة تمثيلية؛ لأن فيه تشبيه حال الذين يمعنون فى الغى والفساد وإنكار الحقائق عندما يلحفون فى الإنكار» وإثارة الشبه بحال الذين يسيرون فى بيداء» وقد ضلوا الطريق» وساروا على غير هدىء, فكلما ساروا بعدوا عن الحادة» وكان سسيرهم ضلالا بعيدا لا يهتدون من بعدء إذ لا يجدون من يهديهم إلى سواء الصراط . الأمر الرابع - أن النفس البشرية قد هداها الله تعالى النجدين طريق الحق» وطريق الباطل» وألهمها فجورها وتقواهاء فإذا اتجهت إلى الخير سارت فيهء وكلما كثرت خيراتها زاد فضلهاء وإذا انحرفت عن الطريق السوىء أو سارت فيه» فإذا نبهت من قريب عادت إلى الفطرة والحق» وأمامها الأمارات والعلامات المبينة المرشدة» وإذا لم تنتبه من قريب» سارت فى الشرء وبمقدار سيرها تأخذ أمارات الحق تختفى أمامهاء حتى تنطمس فلا ترى. ولذلك لا يكون ثمة أمل فى العودة إلى الجادة» لأنه قد احتفت فى النفس أمارات الحق» وانطفاً نوره ولذا قال سبحانه: إن الّذين كفروا وَظَلَمُوا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طَرِيقَا 4 الظلم هنا ظلم النفس وظلم الغيرء وأولئك الذين كفروا ولجوا فى كفرهمء واسترسلوا فى جحودهم قد ظلموا أنفسهم بأن أبعدوها عن طريق الهداية وطمسوا نور الحق فيها وارتكبوا من المآثم ما تردوا به فى مهاوى الرذيلة. وظلموا غيرهم بأن أثاروا الشبهات ليضلوهمء وأوقعوا بهم الأذى ليفتنوهم» والوصفان لطائفة واحدة من الناس» فهم اتصفوا بالجحود المطلق» والظلم» وهى الطائفة الموصوفة بالأوصاف السابقة» فالأوصاف الأولى كانت الكفرء والصد عن طريق الحق» والأأوصاف الثانية هى الكفر والظلم» فالكفر مشتركء والاختلاف فى الصدء والظلم» وهما متلاقيان» لأن الإعراض عن الحق ظلم للنفس ومنع الغير من الحق ظلم لهء كما م اللا 610ا0ااالالاااالاا0الللا0ااالل لول حت أن الأذى والفتنة فى الدين ظلم لا ريب فيه؛ لأنه تضييق على حرية الاعتقاد وإكراه فى الدين ولا ظلم أبلغ من سلب الحرية الدينية» وإرهاق المؤمن فى إيمانه. وإن الذين يوغلون فى الجحود والظلم لا ترجى لهم توبة» وإذا كانت توبتهم لا ترتجى» فالغفران لهم لا يرجى؛ لأآن الغفران نتيجة التوبة من الجاحدين الظالمين» وما كانت التوبة للذين يعملون السيئات» وتستغرق نفوسهمء ولا يتجهون إلى الله قطء ولذلك قال تعالى: « لم يكن الله ليغفر لهم 4 اللام فى قوله تعالى: « ليغفر لهم 4 هى التى تسمى فى اصطلاح النحويين لام الجحودء أى لام النفى المطلق» أى النفى الذى يكون ناشئا عن طبيعة موضوعة» وعلى ذلك يكون العنى لم يكن من حكمة الله تعالى؛ وتدبيره الحكيم أن يغفر لهم؛ لأن حالهم تنفى الغفران إذ تنفى سببه» وهو الإقلاع عن الكفر والظلم» والندم على ما وقع منهم» وإذا كان ذلك لا يتحقق. فالنفى المؤكدء والجحود المطلق لاستحقاق المغفرة مؤكدء إذ لا يقابل جحودهم بالله إلا جحود الغفران لهم» وإن الهداية إلى الحق تبتدئ بالاتجاه السليم إلى طلبه» والسير فى طريقه المستقيم» وأولئك الذين أوغلوا فى الشر وساروا فى طريقه» أو غابوا فى صحرائه وبعدوا عن الحادة لا يمكن أن يهديهم الله تعالى إلى الطريق المستقيم» لأنهم بعدوا عنه بعدا شديداء ولا يمكن أن يسمعوا نداء الحق؛ لأنه لا يصل إليهم صوتهء وقد اختفت من قلوبهم أماراته» فهداية الله تعالى إنما تكون لمن لم يسعد عن طريق الخير» ولا تكون إلا إذا اتجهت النفوس إلى طلبه.ء ولم تحط بها الخطايا فإإِنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا راد الله بقوم سوءا قلا مَرَدُ لَه وما لهم من دونه من وال 4 [الرعد]. والآية الكريمة تتضمن بيان حقائق : الأولى ‏ أن الظلم وإرهاق النفس بالإكراه أشد الموبقات التى توبق أعمال العبيد» وترهقهمء وإن ظلم العباد لا يغفره الله تعالى إلا إذا عفا الذين وقع الظلم عليهم» ولذلك ذكر امتناع الغفران مقرونا بالظلم» ومسببا له» وثمرة مترتبة عليه. ناا تفسير سبور: ة النساعءع ١‏ ااانا ااانا لا طالخ للاكةاااناللتانن ل ال اللا نانالاا ناكام مممخلاالالا اططخ ناكا لامالا الالالال للللاللالااللالطللا الا )سنالا ب _س؟ تي والثانية - أن هداية الله تعالى تكون للنفس الصالحة لقبولهاء فهى استجابة من الله تعالى لمن يطلبهاء ولا يطلبها من أركس فى الشر إركاساء» فمن طلب الثالثة ‏ أن التوبة أساس الغفران» والتوبة ندم على الذنب» وإقلاع عله واعتزام على عدم العودة . « إلا طريق جهنم حَالدين فيها أبدا 4 الاستثناء هنا من خختام الآية السابقة» أى أن الله تعالى لا يوصلهم إلى طريق إلا طريق جهنمء ويكون معنى الهداية التوصيل» وليس التوصيل إلى جهنم فيه نوع من الهداية» بل هو التردى فى الهاوية» وكان التعبير عن الهداية من قبيل المشاكلة اللفظية» وفيه نوع من من التهكم فى مثل قوله تعالى: « فبشرهم بعَدَاب أليم 2:8 4 [الانشقاق ] علا الشديده» فإذا ذا كائر من يظنون أنفسهم فى سعادة فى الدنيا؛ ٠‏ فسيجدون [الحجر]. وقد ذكر سبحانه أنهم خالدون فى جهنم أبداء فأكد سبحانه العذاب بأنه عذاب خخالد داك » فوصفهم بأنهم خالدون على وجه التأبيد» وقد وصمهم بالخلود الدائم فى العذاب ولم يصف العذاب» للإشارة إلى أنهم متلبسون به ولتصوير الآلام التى تنزل بهم » وأنهم لإخلاص لهم منهاء بل هى ملازمة لهم ملازمة وقد قال الآصفهانى فى معنى الخلود: الخلود هو تبرى الشىء من اعتراض الفسادء وبقاؤه على الحالة التى هو عليهاء وكل ما يتباطاً التغيير والفساد فيه تصفه العرب بالخلود. . ويقال خلد يخلد خلودا قال تعالى: « لَعلّكم تخلدون +29 4 [ الشعراء ]. 1 اها تفسيرسورة النساع لل 00100 لس ات والخلد اسم للجزء الذى يتبقى من الإنسان على حالته. . وأصل المخلد الذى يبقى مدة طويلة. . والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التى عليها من غير اعتراض الفساد عليها. قال تعالى: 9 وكان ذلك على الله يسيرا 4 . والأبد قال فيه الراغب: «ملة الزمان الممتد الذى لا يتجزأء وأبد يأبد بقى أبداء ويعبر به عما يسقى مدة طويلة»؛ وإن تفسير الخلود على ما ذكره الراغب يقتضى بقاء الناس يوم القيامة بأبدانهم من غير أن يعتريها فساد ولا فناء ولا تحلل أجزاءء فأهل الجنة يبقون بقاء تمتع ونعيم وأهل النار تبقى أجسامهم فى شقاء وعذاب أآليم» لا تبليها النار ولا يفنيها العذاب» ولا يذهب بالحساسية فيها توالى الاكتواء» « كلما نضجت جلودهُم بِدلْناهم جنُودا يرا ليَدُوقُوا الْعَدَابِ إِنّ الله كَانَ عزيزا حكيما 42:9 4 [النساء ]. والأبدية معناها الدوام؛ كما دل على ذلك مجموع النصوص القرآنية» وإن تأكيد الخلود بالأبدية يدل على بقاء العذاب والنعيم . ذيل الله سبحانه وتعالى الآيات بهذا ليبين لهم أن الله تعالى غالب على كل شىء؛ وأن عذابهم أمر يسير عليهء لإبطال زعمهم فى أنهم لا يقدر عليهم أحدء ذلك أن كل طاغية من طغاة الدنيا سبب طغيانه واسترساله فى شره ظنه أن لن يقدر عليه أحدء مع أن الله تعالى هو القاهر فوق عباده» اللهم أبعد عن خلقك طغيان الطاغين» وغرور المغترين» وأرزق المؤمنين الأمن والاطمئنان. 22 مج عرس مسر م قي وأ 0 آ# ره ير لت سل فس سس عر 7101 فإِنْيلدما أل لوت وأ لا رض و 2 يه < سا ص ساس كرام رس سر لخر م يتأهل الحكتي لا سَْلوأف دييكثت ولاتقولوا ا ته تفقشبير سورة ١‏ لنساعءع سسا سس )01 ال لجرب 0 3 201111 مر سا حر ساح سس سحو حور أله إلا الحى! لْمسِيح عسى أبن مص 7 سول يه سا سور 0606 آذآ ور وه 2 مم | ووَحكلِمنة, «القنها إل مم روح يِه فا ايالله 3 و بره سر حر شرح ست مره ْو تواتك أنتفراحة' مرا أ 5 له اق اي 2 كان كل الكلام السابق فى شأن الذين لجوا فى الإنكار من إليهود حتى لقد سألوا أن يأتى لهم النبى يَلِْةٌ بكتاب من السماء يقرءونه» وكان حاضرهم فى عصر النبى يك كماضيهم» وفى هذه الآيات بيان منزلة الرسول محمد يِه وأنه يخاطب الناس جميعا برسالته» ويدعوهم إلى شريعته» وإشارة إلى طائفة أخرى من أهل الكتاب غالوا فى تقدير رسولهم»ء وهم النصارى» فإذا كان إليهود قد لحوا فى الإنكار والجحود بالنسبة لرسولهم الذى أنقذهم من فرعون وطغيانه» الذى كان يذبح أبناءعهم ويستحيى نساءهم. فالنصارى قد غالوا فى تقدير رسولهم حتى جعلوه إلهاء وجعلوا الآلهة ثلاثة استرسالا فى المغالاة فى تقدير المسيح عيسى - عليه السلام -» وهو برىء ما يقولون. «إيا أيها الئاس قد جاءكم الرسول بالْحقَ من رُبَكُمِ 4 الخطاب للناس أجمعين: أهل الشرك وأهل الكتاب» والعرب والعجم.ء والأبيض والأسودء والقريب الدانى» والبعيد القاصى» فهى رسالة عامة» لا تختص بجنسء» ولا لون» ولا إقليم» فإذا كان موسى يخاطب بنى إسرائيل» فمحمد يله يخاطب الناس ع أجمعين . بالكمال المطلق. أى أنه رسول الأجيال اللاحقة. ولا رسالة من بعذه» فالتعريف ااا تفسيرسورة النساع ال 00100 الككككاة 2 3 . هنا للكمال المطلق فى الرسالة» وكان كمالها فى عمومهاء وفى كمال الشريعة التى جاءت بهاء وصلاحيتها لكل الآزمان والأقطار واللأمصارء ورسالتها فوق ذلك فيها الأحكام الخالدة من كل الرسالات السابقة» فمن آمن به فقد آمن بالرسالات كلهاء ومن كفر برسول من السابقين» فقد كفر برسالته» فرسالته هى جماع الرسائل» وهى أوسطها وأشملها وأمثلها. وقد أكد الله سبحانه وتعالى فضل رسالته وكمالها وعمومها بثلاثة أمور: أولها - فى قوله تعالى 9 قد جاءكم 4 أى بعث هذا الرسول الأمين الكامل فى معنى الرسالة وأدائها. قد جاءكم أيها الناس جميعاء فهى رسالة جاءت لصالحكم جميعاء أى لصالح البشرية كلهاء لا لجزء من أجزائها . ثانيها ‏ التعبير بقوله تعالى ‏ بالحق 4 أى مقرونة بالحق مصاحبة له» متلبسة به فهى حق ثابت مستقر موافق لفطرة البشر أجمعين» لا يأتيه باطل قطء وما كان حقا ملائما لفطرة البشر لا بد أن يكون عاماء شاملا لا يختص بمكان» ولا بزمان» ولا بعصر من العصور. ثالئها - قوله تعالى : © من رَبَكُم » أى أن رسالة محمد يَكهِ جاءت من ربكم الذى خلقكم» وقام على أموركم الذى يعلم ما فيه نفعكم. وما فيه خيركم» ولا يرضى لعباده إلا النفع لعمومهم. ولذلك كان الإيمان بهذه الرسالة والإذعان لها أمرا واجبا لمصلحة الناس أجمعين » فقال سبحانه : « فآمنوا خيرا لَكُم وإن تَكْفْرُوا فَِنَ للّه ما في السّموات والأرْض » الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدرء وتقدير الكلام: إذا كان ذلك الرسول هو الكامل فى رسالته التى جاءت بالحق تلازمه ويلازمهاء وفيها مصلحة لكم لأنها من عند ربكم» فآمنوا خيرا لكم» أى فأذعنوا للحق وصدقوهء واعملوا به خيرا لكم. وهنا أمران لفظيان فيهما توضيح المعنى وكشف لبعض أسرار البلاغة القرآنية. اا تفسير سورة النساع 0 م | كاه يي أولهما ‏ فى قوله «فآمنوا» فلم يقل آمنوا به» بل أطلق الإيمان للإشارة إلى أن الإخلاص وحدهء وهو الإذعان للحق» وعدم التمرد عليه لسبق الإلحاد والإنكار- هو الذى يفتح القلوب للحق» وتصديق ما أنزله الله تعالى على رسوله الأمين َل . انيهما ‏ قوله تعالى: حيرا لكم »4 ونصبت كلمة «خيرا» وصفا لمحذوف تقديره آمنوا إيمانا هو خير لكم» أو مفعولا لمحذوف وتقديره آمنوا قاصدين خيرا لكمء ويصح أن تكون خخبرا لكان المحذوفة فى فعل شرط وجوابه» والمعنى إن تؤمنوا يكن خيرا لكم» وذلك مثل (كل امرئ مجزى بعمله إن خيرا فخير» وإن شرا فشر) . ومهما يكن فإن النص الكريم يبين أن الإيمان فيه الخير المطلق؛ لأنه الحق» ولأنه من عند رب العالمين. هذا فضل الايمان وما فيه من خيرء وأما الكفرء فإنه الضرر كله للعباد» ولا يرضى سبحانه وتعالى الكفر لأنه لا يرضى ما يضرهمء وأما هو سبحانه فإنه لا يضره شىء من كفرهم لأنه المالك لكل شىء» مالك لكل السموات من أفلاك ونجوم ومدارات» وما تحوى من كائنات» وما فى الأرض مما هو على ظاهرها وما فى باطنهاء فهو المالك والسلطان القاهرء فلا يضيره كفر العيادء وإن كان لا يرضاهء ويرضى إيمانهم» وإن كان لا ينفعه» وهذا تقريب لمعنى قوله تعالى: « وإن تَكَفْرُوا فَِنَ للّه ما في السّموَات والأَرْضٍ وَكَانَ اللَهُ عَليمًا حكيما 4 هذا ختام النص الكريم فيه وصف الله الدائم بالعلم المحيط الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء وبالحكمة وحسن التدبير والإبداع فى ملكوت السموات والأرضء» إذ يسير الكون بنظام محكم التقدير والتدبير» وبنواميس وأسرار كونية لا يعلمها إلا العليم الخبير الذى خلق كل شىء فقدره وأحسن تقديره» وأنه كان من مقتضى علمه ألا يخفى ضلال الضالين» ولا هداية المهتدين» وكان من مقتضى حكمتهء أن يجزى بالكفر عذاباء وبالإيمان نعيماء وأن يجعل من عباده الشكور المهتدى» ومنهم من ضل وغوى. اا تفسبير سبور: ة النساعء ل 00 5 يي فيا أهل الكتاب لا تغلوا في ديدكم ولا تقُولُوا على اللّه إلا الْحَقّ» نهى فى هذا النص الكريم عن الغلو فى الدين» والغلو هو تجاوز الحد سلبا أو إيجاباء وقد تجاوز إليهود الحسد فى شأن عيسى ‏ عليه السلام -» فأنكروا رسالته لعنة الله عليهم. واتهموا أمه البتول» وغالى فيه النصارى» حتى أخرجوه من مرتبة البشرية مع أن البشرية واضحة فيه» وفى ولادته» وفى حياته» وفى كونه لحما ودما يحيا ويموت» ويأكل ويشرب» كما يأكل سائر البشرء وإذا كان الغلو فى شأن عيسى وقع من إليهودء ومن النصارى» فإنه يصح أن يكون الخطاب موجها إلى الفريقين» باعتبار أن الغلو وقع مستمراء فيكون النهى عن الاستمرار» ولكن سياق القول يدل على أن أهل الكتاب المخاطبين فى هذه الآية هم النصارى لأنه سبحانه وتعالى يقول: 9إإِنَّما الْمَسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته لْقاها إآى مريم وروح مه فآمنوا باللّه ورسله ولا تقُولُوا فَلانهَ انتهوا4 إلى آخرهء فالسياق فى خطاب النصارى ومغالاة إليهود بشأن عيسى قد سيق بيانها آنفا. ولقد أردف الله سبحانه النهى عن المغالاة بتجاوز الحق» وبالأمر بالحق» فقال تعالى : 9 ولا تَقَولُوا على الله إل الحق » . ْ أى لا تقولوا يا معشر النصارى على الله إلا الحق الثابت القائم على الدليل المقنع» لا على الوهم البعيدء وفى هذا النص السامى إشارات إلى معانء» فإن أقوالهم التى قالوها غير الحق هى افتراء وكذب على الله تعالى» وكذلك عدى القول فقال على الله؛ لأن القول يتضمن معنى الافتراء» وفوق ذلك إنها لا تعتمد على الحق الثابت» وتناقض الدليل الواضحء والبرهان القاطع قائم فى أن عيسى ولدء والإله لا يولد» وعيسى كان يأكل ويشرب» والإله ليس كذلكء» .وقد زعموا أنهم قتلوه» والإله لا يقتل» وزعموا أنه قتل افتداء للخليقة عن عصيان آدم لله تعالى» وليس من المعقول فى أى منطق أن يفتدى الله الخليقة عن عصيان أبيها بتمكينهم من قتل ابنه فى زعمهم» فإن ذلك القتل جريمة أشد وأشنع» وإذا كانت الأولى تحتاج إلى فداءء فالثانية لا يغنى عنها فداء. ولكن هكذا سوغ الوهم لهم. ل 0 تفسير سرلور: ة النساعء لل لل كم للب ا وإذا كان ما قالوا باطلاء لا يمت إلى الحق بسبب» فالحق هو ما قرره الله تعالى فى قوله تعالت كلماته. ل إِنمَا المسيح عيسى ابن مريم رسول اللّه وكلمته ألْقَاها إلى مريم وروح مَنه 4 صدر الكلام بأداة القصرء وهى (إنما» ومعنى القول ليس المسيح عيسى ابن مريم إلا رسول الله أرسله لهداية الحق» وهو قد نشأ بكلمتهء ونفخ بروح منه فى مريم» فكان من بعد بشرا سوياء وهو فى إيجاده آية قدرة الله تعالى على الخلق من غير تقيد بالأسباب التى تجرى بين الناس» فهو سبحانه خالق الأسباب والمسببات بديع السموات والأرض وليس له ؤلد: «لم يلد ولم يود > ولم يكن لَه كفوا أَحَد 4# 4 [الإخلاص] . ولا بد أن نتعرض بقليل من البيان لثلاث عبارات: الأولى ‏ التعبير ب «المسيح عيسى ابن مَرِيم» والثانية #وكلمته َلقَاها إلى ميم والفالئة #وروح نه فقد تعلقت الأوهام بالعبارتين الأخريين» فوجب بيانهماء مع أن فى الأولى إزالة لأوهامهم . أما العبارة الأولى» وهى الْمَسيح عيسى ابن مريم» فإن الله تعالى قد ذكر أنه المسيح» وأنه عيسى» وأنه ابن مريمء فأما الأول فهو الاسم الذى يذكر به فى القرآن» وذكر بجواره عيسى للإشارة إلى أنه شخص ككل الشخوص فيه إشارة إلى بشريته» والتصريح بالبشرية فى قوله تعالى «ابن مريم» فهو مولود خرج من رحم أنثى» كما يخرج الأولاد من أمهاتهم» وإذا كان لم يخرج من صلب أب» فإنه قد خرج من رحم أم» وحسبنا ذلك دليلا على البشرية المطلقة» وفى ذكر الأم من غير ذكر أب دليل على أنه لا ينتسب إلى أب قطء فليس ابن يوسف النجارء وليس ابن اللهء تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. والعبارة الثشانية» وهى #أكلمته أَلْقَاهَا إلى مَرِيم» فإن الكلمة هنا قد تكون مجملة» ولكنها ذكرت فى آيات مبينة» ذكرت فى مواضع مختلفة من القرآن الكريم» فقد قال تعالى فى شأن خلق عيسى عليه السلام: « واذكر في الْكتّاب ها تفسير سورة التساع 2 ل 000 كاه : يي مريم إذ انتبات من أهلها مَكَانا شرقيا 3 َانْحَدت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها وحَنا حل لها را سويًا 10 قات إنَي أو بلحس ملك إن كت تفي 02 قال نما أنا رسول رَبك لهب لك غلاما ركيًا :(55 قَالْت أنّى يكون لي غلام وم يمسي بشر ولّم أك بغيًا 52> قَالَ كذلك قَال ربك هو علي هين ولتجعله آي لئاس وَرَحَمَة من وكا أمرا مُقَضيًا 217 4 [ مريم] . هذا ما جاء فى سورة مريم» وقد جاء فى سورة آل عمران: لإقالت رب أنى يكون لي ولد ولّم يَمسَسبِي بَشر قال كذالك اله يَحْلق ما يشَاء ذا قضئ مرا فَإنّمَا يقول له كن فَيَكُونَ +(7) 4 [آل عمران ] وقال فى شأن خلق عيسى من غير أب: إن مثل عيسئ عند الله كمثلٍ آدم وبهذا يتبين أن الله سبحانه وتعالى خلقه بكلمة منه» وهو «كن»» كما خلق آدمء وكان عيسى بهذا كلمة الله لأنه خلقه بهاء فقد خلق من غير بذر يبذر فى رحم أمه. فما كان تكوينه نماء لبذر وجدء وللأسباب التى تجرى بين الناس» بل كان السبب هو إرادة الله وحده» وكلمته «كن» وبذلك سَمّى كلمة الله. وتعلق النصارى بأن كون عيسى كلمة الله دليل على ألوهيته» وما كانت الكلمة من الله إلها يعبدء فضلا عن أنه سمى بذلك؛ لأنه فعلا نشأ بكلمة» لا بمنى من الرجل يمنى» بل كلمته التكوين ألقاها (أى أوصلها) إلى مريم فكان التكوين لعيسى. والعبارة الشالشة #وروح» وهذه أيضا من العبارات التى تعلقت بها أوهامهم. إذ قد فتحوا باب الوهم فيها حتى غشى عقولهم» فحجبهاء فظنوا أن هذه الكلمة تدل على معنى الألوهية فى عيسى . وإن تتبع هذا اللفظ فى القرآن يدل على أنه يراد به أحيانا الروح التى ينشئها الله تعالى فى الأبدان» وينفخ بها فيهاء وتكون بمعنى الملك جبريل عليه السلام» وتكون بمعنى رحمة» وليس فى ذلك ما يدل على الربوبية أو الألوهية فيمن تقال فيه أو يسمى باسمهء وقد قيل المعنيان الأولان فى شأن عيسى وشأن أمه. فقد قال تفسير سورة النساء اللاللإلااااللووو لاملل ولوللا م رب 1 فى شأن أمه مريم البتول: ط فََفَحمَا فيها من روحنا +20 4 [الأنبياء] وهو جبريل - عليه السلام ؛ وقد ذكرنا من قبل قوله تعالى: « ... فَأَرْسلْا ليها روحت فتَمَكلَ لها بَشرًا سَويًا 50 4 [مريم] . وعلى ذلك يكون معنى قوله تعالى: #وروح مُنه» أى أنه سبحانه أنشأه بروح مرسل منهء وهو «جبريل الأمين»» وقد يقال أنه نش بروح منه سبحانه» أى أنه أفاض بروحه فى جسمه كما أفاض بها على كل إنسان» ولقد قال تعالى: ( الذي أحسن كل شيء حَلَقه بدا خلق الإنسان من طين +20 ثُمْ جل نَسلَهُ من سّلاقة من مَاءِ مهن + ثم سواه وَتفْحْ فيه من روحه وجعل لَكم السّمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تَشْكْرُونَ 52 4 [السجدة] والأول أولى . وعلى ذلك يكون معنى قوله #وروح مَنْه أى أنه نشأ بتفخ الله تعالى الروح فيه من غير توسيط سلالة بشرية» ونطفة تتشكل إنساناء وذلك بالملك الذى أرسله وهو جبريل وقد تمثل لها بشرا سويا. ولكن قد يسأل سائل لاذا سماه الله تعالى روحاء ونقول فى الإجابة عن ذلك أن عيسى سمى روحا باعتباره نشأ من الروح مباشرة» ولأنه غلبت عليه الروحانية؛ وإن كان بشرا كسائر البشرء يأكل ويشرب» ويمشى فى الأسواق» ولهذا المعنى سمى روحاء (ومن) هنا للابتداء أى أن الروح مرسل من عند الله تعالى» ونافخ بإذنه. وبهذا الكلام يزول الوهم الذى سلطه الله على عقول الذين غالوا فى المسيح - عليه السلام ‏ غلوا بعيداء فنحلوه ما ليس له. وما ليس من شأنه» وجعلوه إلهاء وابن إله» ومنهم من جعل أمه مريم إلهاء إلى آخر ما توهموا. ولقد لج الوهم ببعضهم فظن أن فى القرآن الكريم ما يدل على ما توهمواء نقد قالوا إن فى القرآن م يدل على أن عدي . ا 0 مي هم [البقرة ]. ٠‏ للها تفسير سورة النساعء م ١اااناااا‏ الئل لكا الالالال الالالال الالالال طاطخ لطن نكما ناخ لطا خط طالنا انام ام لاا ااالااااا اططخ ططخل ططخلا اللللللا 2 : ونقول فى إزالة هذا الوهم إن روح القدس الذى ذكر فى القرآن عدة مرات فى مقام التأييد لعيسى هو جبريل - عليه السلام -» وقد ذكر بالنسبة لمحمد َل فقد قال تعالى: «إقُل نَرَلَهُ روح الْقْدس من ربك باحق ليعبْت الْذِين آمنوا وهدى وبشرئ للمسلمين 39> 4 [النحل] . وإذن لا لبس ولا التباس» ويجب أن تفسر بذلك روح القدس التى جاءت فى الأناجيل بالنسبة لعيسى» فقد جاء فى إنجيل متى: «ولما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعاء وجدت حبلى من الروح القدس» وبالتفسير المعقول المتفق مع نص القرآن يكون الحبل بنفخ من روح القدس جبريل» وقد جاء فى الإنجيل ما يدل على أن روح القدس هو جبريل - عليه السلام -: «وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر نفسه إسرائيل والروح القدس»» وجاء فى الإصحاح الثانى من إنجيل متى آية 77 (وكان قد أوحى إليه بالروح القدس). وإذا كان الحق فى عيسى - عليه السلام ‏ أنه رسول الله» وأنه تعالى خلقه من غير طريق الأسباب المعتادة» إذ خلقه بكلمة» وأنه روح جاءت من قبل الله إذ نفخ جبريل الروح فى مريم فكان منها الحبل» وأنه غلبته روحانية» إذا كان ٠‏ كذلك» فيجب الإيمان بالحق» وإزالة الأوهام» وكذا قال سبحانه: « قَآمنوا باللّه ورسله ولا تقولوا ثَلانهَ انتهوا خيرا لَكُم4 أى إذا كانت تلك حقيقة المسيح» وليس بابن إله» فآمنوا بالله وحده لا شريك له فى العبادة» ولا فى السلطان» وليس معه ثان ولا ثالثء وليس بوالد ولا ولدء وآمنوا بالرسالة الإلهية» وآمنوا بالرسل الذين سبقوا عيسى والرسول الذى جاء من بعده» ولا تكفروا بأحد منهم ولا تغالوا فتقولوا ثلاثة» ولذا قال سبحانه: ل ولا تقولوا ثَلانَة 4 . وعبر سبحانه وتعالى بقوله : « ولا تَقُولُوا نَلانّة4 بدل قوله «ولا تؤمئن بثلاثة أو لا تصدقوا بثلاثة» أو لا تزع موا ثلاثة»؛ لأن أمر الشلاثة قول يقولونه» فإن سألتهم عن معناه قالوا مرة الأب والابن وروح القدس أى أنهم ثلاثة متفرقون» تفسير سورة التساع الالال الل م «لحج بره تي ومرة يقولون ثلاثة أقانيم» والذات واحدة» فإن أردت تفسيرا لمعنى الثالث» قالوا كلاما لا يمكن أن تقبله العقول المستقيمة . وإن الدارس لتاريخ النصرانية من غير تحيز لهذه الأوهام أو متحيز عليها يرى ولا يعتنقها الأكثرونء» بل كان الأكثرون على أن الله إله واحد ليس له ولد ولا ميلادية» وقد ادعى أن انعقاده للرد على أريوس الذى أنكر ألوهية المسيح . فكان المجتمعون أكثر من تسعمائة» وقد كانت الكثرة منكرة ألوهية المسيح». والذين قالوا الإسكندرية» ودخل قسطنطين فى المسيحية من بعد قرارهم» وقد استذكر أكثر المسبيحيين ما قرره مجمع نيقية» ولذلك انعقد فوره مجمع (صور) ورفض دعوى ألوهية المسيح بالإجماعء ولكن استتخدمت القوة والإرهاب لتشتيت المجتمعين» وأخذت القوة تعلن الألوهية» وتخفى الوحدانية. ولم يكن إلى ذلك الوقت أحد يقول إن روح القدس إله. حتى دعا أسقف القدس . وبذلك قالوا ثلاثة» وبتوالى العصورء وإخفات صوت المخالفين» وتقرير النهى بقوله: 9( انتهوا خيرا لكم » وفى التعبير ب «انتهوا» دليل على أنهم لم يعتنقوا ما يدعون اعتقادا جازماء بل إنهم إن فكروا غيرواء فكان الآمر بالانتهاءء وقال انتهوا خيرا لكم» أى انتهوا يكن الانتهاء خيرا لكم؛ لأنكم تخرجون من حيرة الأوهام إلى تفكير العقولء. وتدركون الحق. وتذعنون له» وتكونون مؤمنين ها تفسير سورر: ة النساء الللللللالل الل ٠: اه‎ 1 يي بالمسبيح حقا وصدقاء والاطمئنان إلى حكم العقل خير من حيرة الوهم والشك». وفى انتهائهم رضا الله والجزاء فى الآخرة. طلهُ ما في السّمّوات وما في الأَرْضٍ وَحَفَئ باللّه وكيلاً4 أى أن المعبود بحق ليس إلاواحداء وهو الله تعالى ذو الجلال والإكرام» ووحدانيته تكون فى الذات والصفات والعبودية» فليست ذاته الكريمة كذات المخلوقات» وهو وحده سبحانه الحدير بالعبودية والألوهية فلا معبود سواه» وهو وحده الخالق للكون» وقد تنزه سبحانه عن أن يكون له ولد؛ لأن هذه صفات المخلوقين» وذاته تعالى واحدة ليبس كمثله شىء وهو السميع البصيرء لأن كون أحد ولده يقضى الاتصال بالمخلوقين ويكون مثلهم» وهو الخالق لهم ولكل شىء»ء فكيف يكون المخلوق ولدا. وكيف يكون البشر متولدا من الله تعالى الخالق له المنشئ المكون المربى» ولذا قال سبحانه وتعالى: ط لَه ما في السّمَوَات وما في الأَرضٍ وكَفَئ باللّه وكيلاً» كل ما فى السموات من بروج ونجوم وكواكب. وما فى الأرض من أحياء على ظهرهاء ومعادن وفلزات وكنوز فى باطنهاء وما فى البحار من أحياء» ومن جواهر ولآلئ» هو ملك لله تعالى» فعيسى ابن مريم وأمه وغيرهما مملوكان لله تعالى : إن كُل من في السّموات والأرض إلا آتي الرَحْمَن عبْدا 42# 4 [مريم]. والله سبحانه هو المدبر للكون الذى وكل إليه أمره» ولذا قال مسبحانه وتعالى: 9 وكقئ باللّه وكيلاً4 أى أن الله تعالى هو الذى قد وكل إليه أمر الكون» وتدبيره ظاهره وباطنه» وما ظهر منه للناس» وما خفى عليهم» وكفى بالله وكيلا ليستقيم الأمر فيه وليسير على سان مستقيم لا اضطراب فيه ولا اختلاف. اللهم أنت بديع السموات والأرض لا نؤمن إلا بك ولا نعبد إلا إياك» ولا نرجو الخير إلا منك» اللهم إنك أنت مانح النعم ومجريهاء ولا يرجى سواك. اا تفسير سور: ة النساء لاملل ان بسي ب از لي ب 34 ليخأ يكور عَبْدَالة وَل الْملهَكه لفون وَمَن يَسَسَسْكفعَنٌ عِبَادَيْهِءوَ يهو مستحكبر سي ميحس جور 2ه م م ل سر واس بر 20 إِلَيَه جنيع 7 مَأمَا لد سح ءامَنُوَأ ولوأ ألصَدِلِحَاتِ 3538 2 ووايى سح عه 051 س1 ل فوفيهم أجورهم ويزيد هم من فَضْلِهوَاْسَا لذت 23 ا و 2ول: رام - جا سمل أواستكيروا فيعَن بهم عَداسا أليما ولا سيره سس بع سه لجر اس عدوت لهم مَندون َه وَلِكَاوَلاصيرا 22 ذكر الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة مغالاة النصارى فى تقدير السيد المسيح ‏ عليه السلام » وأنهم رفعوه إلى مرتبة الألوهية» وقالوا بألسنتهم إن الله ثالث ثلاثة من غير أن يحددوا معنى الألوهية فى الاثنين اللذين زادوهما فى أقوالهم , ومن غير أن يميزوا علاقة الثلائة بعضهم ببعضء إلا أن يقولوا المسيح ابن الله» تعالى الله عما يقولون علوا كبيراء ودفعهم إلى ما يقولون أن عيسى ولد من غير أب» وأنه كان إنسانا روحانياء فزعموا أنه ليس كغيره من رسل الله تعالى» واستنكفوا أن تكون علاقته بالله تعالى (الخالق لكل شىء) كعلاقة سائر العباد من حيث إنه مخلوق لرب العلمين» وفى هذه الآية يبين سبحانه أن علاقة المسيح ‏ عليه السلام ‏ بربه علاقة عبد بخالقه) وأنه لن يترفع عن هذه العلاقة ولذا قال سبحانه. أن يُستتكف الْمَسِيحٌ أن يكُونَ عبّدا له ولا الْمَلائكةَ المقربون 4 ومعنى النص الكريم: لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولن ينزل من مرتبته أن يكون من عبيد الله تعالى» فإن ذلك وضع للأمور فى مواضعهاء إذ هو مخلوق لله تعالى. روى أن وفد نجران قالوا لرسول الله يله لم تعيب صاحبنا؟ فقال عليه السلام: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى (عليه السلام) فقال النبى ككْةِ: وأى شىء أقول؟ اا تفسير سورة النساع ”م الل بلكلل 211111111111 1 لج ورا ني قالوا: تقول إنه عبد الله ورسوله. فقال لأمير القوم: (إنه ليس بعار أن يكون عبدا لله. قالوا: بلى)7' . وهنا بحثان لفظيان نريد أن نلم بهما بعض الإلمام . أولهما ‏ التعبير ب «لن» فإن هذا التعبير النافى فيه تأكيد للنفى» وفيه بيان استمراره وفيه فوق ذلك إشارة إلى أن المنفى هو الأمر الذى لا يتصور العقل غيره» فلا يتصور العقل أن يترفع المسيح عن أن يكون عبدا لله لآنه هو الذى خلقه» وهو الذى سواه.» وهو الذى جعل له كل الصفات التى امتاز بها على غيره من الناس فى عهده» إن الكمال للإنسان فى أن يحس بعبوديته لله تعالى وحدف فذلك ليس عارا كما ذكر الرسول يِه لأن شكر المنعم هو كمال الإنسان» والمنعم بنعمة الوجودء ومجرى النعم هو الله سبحانه وتعالى» فالعبودية له سبحانه شكر وهى كمال الصلة بين الله تعالى وخلقه. وثانيهما - أصل معنى يستنكف» أنها فى مغزاها لن يأنف أويترفع» ولكن فى أصل اللغة لها أصول ثلاثة. أولها - أنها مشتقة من التنزيه» فالفعل الثلائى لها (نكف).؛ دخله السين والتاء فيقال نكفت من الشىء واستنكفت منه» وأنكفته أى نزهته عما يستدنكف منه» وروى فى الحديث أن النبى مَل سئل عن معنى سبحان الله فقال ‏ عليه السلام - «إنكاف الله عن كل سوء»'' بمعنى تنزيهه عن كل سوءء ويكون معنى الن يستنكف»: لن يتنزه عن أن يكون عبدا لله» فالعبودية ليس للبشر أن يتنزهوا عنهاء بل عليهم أن يخضعوا لها. ثانيها ‏ أنها مأخوذة من نكفت الدمع إذا نحيته بأصبعك عن خدك سترا )١(‏ ذكره هكذا بلفظ «روى): الزمخشرى» والنسفى» والرازى» والآلوسىء. والبيضاوى. سيبا لنزول الآية الكرية . 0 النهاية فى غريب الحديث (نكف). اا تفسبير سيور ة النساع سس سس 9 ىج ل لمظهر البكاءء ومنه الحديث: «ما ينكف العرق عن جبينه21(0 أى ما ينقطع» ومنه الحديث: «جاء بجيش لا يتكف آخره)27. ومعنى (لن يستنكف) أى لن ينقطع أن يكون المسيح عبدا لله. وقد اختار ذلك الزجاج» وارتضاه الزمخشرى فى الكشاف . الشها ‏ أنها مأخوذة من التكف وهو العيب» ويكون المعنى «لن يعاب المسيح أن يكون عبدا لله) وكلها معان متلاقية. وعطف سبحانه على المسيح - عليه السلام ‏ الملائكة فقال: 9 ولا الْملائكة الْمَقَرَبُونَ» أى لا يستنكف المسيح عن أن يكون عبدا لله» ولا يستنكف أيضا الملائكة المقربون إليه سبحانه كجبريل وإسرافيل وميكائيل» وحملة العرش فإن هؤلاء على روحانياتهم الكاملة» ومع أن الله تعالى خلقهم من غير أب ولا أم لا يترفعون» أن يكونوا عبيدا لله تعالى؛ لأن الله تعالى خلقهم وهم المدركون لجخلاله وكماله : ف لأ يعْصون الله ما أمَرهم ويَفعلُونَ ما يمون <20) 4 [التحريم] . ولقد أخذ الزمخشرى من هذا النص أن الملائكة المقربين أعلى درجة من الأنبياء وقال فى ذلك: ولا من هو أعلى قدرا وأعظم خطرا وهم الكروبيون الذين حول العرش كجبريل وميكائيل وإسرافيل ومن فى طبقتهم» فإن قلت من أين دل قوله تعالى .9 ولا الْمَلائكَةُالْمََربُونَ 4 على أن المعنى ولا من فوقه» قلت من حيث إن علم المعانى لا يقتضى غير ذلك» وذلك أن الكلام سيق لرد مذهب النصارى وغلوهم فى رفع المسيح عن منزلة العبودية» فوجب أن يقال لهم لن يترفع المسيح عن العبودية» ولا من هو أرفع منه درجة» كأنه قيل لن يستنكف الملائكة المقربون من العبودية فكيف بالمسيح! ويدل عليه دلالة ظاهرة بينة تخصيص المقربين لكونهم أرفع الملائكة درجة وأعلاهم منزلة» ومثاله قول القائل : وما مثله من يجاود حاتم ولا البحر ذو الأمواج يلتج ذاخره (751) السابق. 1 اا تفسير سورة النساع لل 0 1 1 1[ 1[ 1 1 1 12121111 لج ها ال-1 ولا شبهة فى أن مقصله بالبحر ذى الأمواج ما هو فوق حاتم فى الجود. ومن كان له ذوق فليذق مع هذه الآية قوله تعالى : 8 ولن ترضئ عنك اليَهُودُ ولا النصارئ 42012 4 [ البقرة ] حتى يعترف بالفرق المبين. وينتهى من هذا إلى أن الملائكة المقربين أفضل من عيسى ‏ عليه السلام » وعيسى من أولى العزم من الرسل» فالملائكة أفضل من النبيين. وقد خالفه فى ذلك كثير من العلماء» وردوا عليه بردود لا تسقط مقدمة الدليل وهو كون النص يفيد الترقى من المفضول إلى الأفضل» فالمسيح مفضول» والملائكة المقربون أفضل» ولكنها تبطل النتيجة فى ذاتهاء وهى كون الملائكة أفضل ؛ ذلك لأن اللمحديث فى الملائكة المقربين» فكيف تكون النتيجة أوسع وتعم الملائكة أجمعين, المقربين ومن دونهم؟ . وعندى أن الترقى قائم» ولكن فى المعنى الذى سيق له الكلام» ذلك أن النصارى غلوا غلوا كبيرا فى المسيح؛ لأنه ولد من غير أب» ولأنه جرت على يديه معجزات كثيرة» ولأنه روحانى المعانى» فبين الله سبحانه وتعالى أنه مع كل هذا لن يستنكف أن يكون عبدا لله» ولا يستنكف من هو أعلى منه فى هذه المعانق وهم الملائكة الذين خلقوا من غير أب ولا أم» وأجرى على أيديهم ما هو أشد وأعظم من معجزات» ومنهم من كان الروح الذى نفخ فى مريم» وهم أرواح طاهرة مطهرة» فكان الترقى فى هذه المعانى» وهم فيها يفضلون عيسى وغيره» وبذلك تكون الآيات بعيدة عن الأفضلية المطلقة» فلا تدل على أفضلية الملائكة على الرسل فى المنزلة عند الله تعالى ورضوانه» وتكون الآية بعيدة عن موطن الخلاف» والترقى دائما يكون فى المعانى التى سيق لها الكلام دون غيرهاء وليس المتأخر أعلى فى ذاته من المتقدم وأفضلء. ولكنه أعلى فى الفعل الذى كان فيه كقول القائل لا تضرب حرا ولا عبداء فالتدرج هنا فى النهى عن الضرب» لأنه إذا كان ضرب العبد غير جائز فإن ضرب الحر من باب أولى غير جائز. إن تفسير سورة النساء اللا م ليطبل]إ] بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة جحود المشركين وأهل الكتاب للرسالة المحمدية» وبين بطلان قولهم» والإفك فيما يزعمون من تدين» وأن المسيح ‏ عليه السلام - كان موضع المغالاة» فاليهود غالوا فى إنكار رسالته. وزعموا أنهم قتلوه وما قتلوه وما صلبوه» وما مكنهم الله تعالى من أن يقتلوه» كما قتلوا نبيين من قبله». وغالى فيه النصارى فادعوا له الألوهية» بعد أن بين سبحانه وتعالى ذلك أخذ يبين المنهاج المستقيم» والدين الحق الذى لا يأتيه الباطل» وليس فيه غلو فى أمر من الأمورء بل فيه النور والحجة والبرهانء ولذا قال تعالى: | «(يا أَيهَا الئاس قد جاءكم برهان من رَبَكم وأَنلنا إِلِيَكُم نورا مبينا 4 المخطاب عام لأهل العقول من الناس أجمعين كافرهم وملحدهمء ومشركهم ويهودهم ونصاراهم والمؤمنين بالله ورسله» وما أنزل على رسوله الأمين محمد لكاو والبرهان الذى جاء رب العالمين الناس به هو النبى كَلِْة وقيل إنه القرآن» وقيل إنه القرآن والنبى يَكلْةِه وقد ذكر الزمخشرى الأقوال الثلاثة على أنها محتملة» ويصح أن يكون آخرها أجمعها وهو أولى بالاعتبار لهذاء وتوجيه القول على أن النبى كَكِلْةِ هو البرهان» أن شخصه الكريم من يوم مولده إلى أن قبضه الله تعالى إليه برهان صدق الرسالة التى كان يدعو إليهاء ويهدى الناس بهاء ذلك أنه نشأ يتيما من أبيه وأمه ومع ذلك لم يدل إلى ما يتدلى إليه إليتامى» فلم يقع منه . ها تفسيرسورة النساء م الل ل 0 و(يسم هس يي ما يتهافت فيه الذين حرموا عطف الأب وحنان الأم» ولم يتجه إلى ما يتجه إليه الغلمان فى حياته الأولى» بل كان الجد يغلبه» حتى لقد قال فيه جده وهو لم يبلغ الثامنة من عمره: (إن ولدى هذا سيكون له شأن)»؛ لما رآه من مخايل الذكاء والجدء والعزوف صغيرا عن المعابث» ولما بلغ سن الشباب بدا فيه الكمال وظهر واضحا فى كل حياتهء فلم يكذب قطء ولم يخن قطء ولم يقع منه ما يقع من الشباب من مجونء, ولم يشرب خمرا أبدا مع شيوعها فى الجاهلية» والتفاخر بهاء ولم يلعب الميسر مع الانغمار فيه» ولم يرتكب ما يخل بالمروءة» ولم يسجد لصنم» بل تاجرء ولم يكن إلا أمينا فى تجارته كما كان أمينا فى عامة شكونه» حتى لقد لقب فى العرب بلقب الأمينء» فكان إذا ذكر هذا اللفظ لا يطلق إلا إليه؛ كما يحمل الكل ويحمى الضعيف» ويعين على نوائب الدهر» كما وصفته زوجه أم المؤمنين خحديجة» ولما بعثه الله تعالى رحمة للعالمين» كان أوضح ما يوصف به الخلق العظيم» والعطف الكريم» والجزم فى الدعوة إلى الحق من غير وناء» ولا كسلء إذا سالم كان الوفى فى عهده. وإذا حارب كان العدل فى حربه» وإذا خاصم كان الشريف فى خصومته» وإذا تكلم كان العف فى قولهء وإذا عامل كان السمح فى معاملته» وإذا خطب كان كلامه فصل الخطاب» أوتى جوامع الكلمء كلامه حكمء وععمله سلمء وشرعه صلاح للناس فى الدنيا والآخرة. وإذا كان الرسول كلد له ذلك السموء فش خصه برهان الصدقء» ودليل الحق» وكثيرا ما كان يراه الرائى» فيسمع قوله» فيحكم بصدقه من غير أن يطلب دليلا من غير شخصه الكريم. رآه أعرابى فاسترعاه منظره الكريمء فقال: من أنت؟. قال الرسول الكريم : آنا محمد. فقال الأعرابى الذى يتكلم بما يسمع: «(أنت الذى تقول فيك قريش أنك كذابء لاء ليس هذا الوجه وجه كذاب)2©0. ثم آمن به بعد أن علم ما يدعو إليه. )١(‏ نقل الآلوسى هذه الرواية عن الفتوحات المكية باب (7/ا1». /77). روى نحو هذا عن عبد الله بن سلام فى مصنف ابن أبى شيبة» ومسند الشهاب للقضاعي . هاا تفسشير سور: النساءع ل لل تك > اد هذا تخريج قول الذين قالوا إن«البرهان هو النبى كَلِْةّ» وهم كثيرون من التابعين . وأما قول الذين قالوا إن البرهان هو القرآن الكريم» فهو واضح لأن القرآن هو معجزة النبى كَل الدالة على صدق رسالته» ولكن الذى يقتضى توضيحه هو قوله تعالى بعد ذلك: ٠‏ | وأنزلنا إِليِكُم نورا مُبينا 4 فإنه واضح أن المراد منها القرآن؛ لأنه المنزل من رب العالمين» وهو النور الواضح الهادى إلى الرشاد» ويجاب عن ذلك بأن القرآن الكريم فيه المزايا الثلاث» فهو الحجة القائمة» والمعجزة الدائمة» وهو تنزيل من رب العالمين» وهو نور يهدى للتى هى أقوم» وإن النور المبين فى القرآن» ما اشتمل عليه من أحكام شرعية خالدة تنير السبيل وتوضحه لمن يسلك سبيل المؤمنين» فهى نافعة فى الدين مصبينة الحق» ومن اتبع أحكام القرآن هدى» ومن خالفها هوى . وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى : .« انلا يكم ثورا مبينا 4. أنزلنا إليكم مواعظ وقصصا وأحكاما شرعية هى كالنور فى هدايته وإرشاده وبيانه للأشياء فهى مبينة للطريق المستقيمء والنهج القويم» والحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولا يتغير المعنى اذا قلنا إن البرهان هو النبى كلل فإنه حينئذ يفسر قوله تعالى : ل وَأَنْلنَا إِليكُمْ ثورًا مبيئا 4 . بأنه القرآن» والمعنى والمؤدى فيهماء لا وهنا مباحث لفظية لا بد من الإشارة إليها بعبارات موجزة موضحة . أولها ‏ التعبير بقوله تعالى: #من ربكم#. فى قوله تعالى: « قد جاءكم برهان 4 فيه تقوية لمعنى البرهان؛ لأن ذلك الدليل إذا كان قد جاء من عند علام الغيوب الذى خلق السموات والأرض وما فيهماء لابد أن يكون برهانا صادقا مقنعا لطالب الحق» مفحما لأهل الباطل الجاحدين» وقد زكى معنى التأكيد التعبير لا تفسيرسورة النساع م 1111 1 1 1 1 1 11010001101000001[1#1#1#1#1 حب ا : بقد وبالمجىء فى قوله تعالى: قد جاءكم 4 أى أنه أتاكم كالأمر المحسوس المؤكد الذى يرى ويحسء فهو قائم بين أيديكم وحجة عليكم . ثانيها - إسناد الإنزال إلى الذات العلية ذات الجلال والإكرام فى قوله تعالى: « وأَنرلنا إليكم 4 فأسند إليه تعالى للإشارة إلى أنه تعالى المرجع وكما أن المآب ليه . ام الشها ‏ وصف الشرائع والقصص والمواعظ التى نزل بها القرآن بأنها نور مبين واضح » أى أنه لا يخفى إلا على من أنفت حواسه»؛ وفسدت مشاعره» وأصيب بعمى البصيرة» وكان عليه غشاوة» لا يرى معها النور الواضح المبين . وإن الناس الذين خوطبوا بذلك الخطاب الإلهى قسمانء. فريق آمن واهتدى. وانتفع بالنور الذى جاء الرسول به» وفريق ضل وغوىء» ولم ينتفع بالنور الذى حمل مصباحه المزهر محمد لله وقل بين سبحانه وتعالى الفريق الذى اهتدى فقال تعالت كلماته: فَأما اين آمنوا باللّه واعتصموا به فَسيدخَلَهُم في رَحْمَة مَنْهُ 4 ذكر الله سبحانه تعالى» وثانى هذين الوصفين أنهم اعتصموا به. فلا يلجأون إلا إليهى» ولنتكلم فى أما الإيمان بالله فمعناه الإيمان بعظمته وجلاله. والإحساس بأنه فوق كل شىء »2 وهو القاهر فوق عباده والإذعان له والمحبة لذاته الكريمة واجبة على الإنسان» وأن يذكره دائما كأنه يراه» كما فى الحديث. «اعبد الله كأنك تراه» فإن لم تكن تراه» فإنه يراك»7١2»‏ والإيمان بالله تعالى يقتضى اعتقاد الوحدانية» وأنه للا منشئ للكون سواه» ولا يعبد بحق غيره» ويقنضى أن .يحب الوجود؛ آن الله تعالى خالق الوجودء ويقتضى ألا يحب شيئا إلا ابتغاء مرضاة الله» كما قال النبى )١(‏ سبق تخريجه. اا تفسير سورة النساع اناك ةلكا تالخ ل اانا طاا كان نالناالانا ان تلتلتلا لكان انلالخ طامنا نا الا اااالانالم تلطا مل لالط طخ لاطا مانا مالل طالخ ططخ ططخ لالخلا تاللا م اك :2 يي يكلِ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا الله)(١2‏ فالإيمان بالله تعالى يقتضى الإخلاص المطلق لذاته العلية» وإذا وجد ذلك الإخلاص اتجه اتجاها مستقيماء وإذا اتجه ذلك الاتجاه أشرق عليه بنور الحكمة» وطلب الحق لذات الحق» وتجرد من تدرن النفس بالهوى» والشهوة» وبذلك يكون للحق» ولا يكون منه إلا الحق» لأنه أخلص للحق جل جلاله. وأما الاعتصام بالله تعالى» فإن معناه ألا يجد لنفسه عاصما من الناس إلا هوء ولا ملجأ يلجأ إليه الا هوء ولا معاذ له إلا رب العالمين» وبهذا يعلو عن طاعة المستكبرين» ويتجافى عن النضوع لذوى السلطان إلا بالحق» فلا يذل ولا يخضع» ولا يجبن» ولا ينافق» ولا يكذب» ولا يكون فيه إلا السلوك الفاضل» ولا يكون إلا المجتمع الفاضل المؤمن بالله» وبالحق لا يخشى فى الله لومة لائم» ولا يدهن فى كلامهء ولا أفعاله» ولا يخاف إلا الله تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد» الذى يخضع لكل شىء» تبارك وتعالى بيده الملك وهو على كل شىء قدير. ولقد ذكر سبحانه وتعالى جزاء هؤلاءء فقال تعالت كلماته: نسيدْحلُهُم في رَحْمة مه وفَضل ويهديهم إِليه صراطً مُستّقيما4 هذا جزاء الذين آمنوا بالله واعتصموا بف وهو جزاء مكون من ثلاثة أجزاء: رحمة وفضل» وهداية إلى الطريق المستقيم الذى لا عوج فيه ولا أمت. ولكن ما هى الرحمة» وما هو الفضل» وما هى الهداية» ثم أهذا الجزاء فى الدنيا أم هو فى الآخرة؟ أم هو فيهما معا؟ لم يبين النص الكريم مكان ذلك الجزاء المؤكدء وعندى أن هذا الجزاء فى الدنيا والآخرة. وعلى هذا يكون معنى الرحمة فى الدنيا أن يكونوا فى سعادة واطمئنان وهدوء بال؛ لأنهم فوضوا أمورهم للعلى الأعلى الذى ليس كمثله شىء؛ وهو العلى الحكيم» وركنوا أنفسهم إلى الملجاً الأعصمء والركن الأمكن» فاطمأنوا )١(‏ سبق تخريج ما فى معناه. 6 (#/ تفسيرسورة النساءع للا 1ل 1 20111111 47 جه بي بالله تعالى» وبذكره» وبامتلاء قلوبهمٍ به» كما قال تعالى: الّذِين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكْرٍ الله ألا بذكر الله تَطْمَنْ الْقلُوب 2222 © [الرعد], ولا شك أن شقاء الناس فى الدنيا سببه انحرافهم عن الجادة وانشغالهم بأمور توجد بلبالا مستمراء واضطرابا دائماء من خصومات» وأحقاد» وحسدء ولجاجات» ومن شأن المؤمن أن يعلو عن سفساف هذه الأمور, فيكون فى راحة واطمئنان بال» وكل آفة بالجسم تهون بجوار الاطمئنان بالله» وكل نعيم مادى دنيوى يذهب به القلق وعدم الاطمئنان. هذه رحمة الدنياء أما رحمة الآخرة, فهى النعيم المقيم» وجنات عدن خالدين فيها أبدا. هذه الرحمة بنوعيهاء ومعانيهاء أما الفضل». فأصل معناه الزيادة» وهو يطلق على الزيادة فى الإحسانء والزيادة فى العطاء» والزيادة فى المنزلة . والفضل فى الدنيا هو علو المنزلة والسلطان العادل والتمكين لهم إذا كانوا على جادة الايمان لم يجانبوهاء كما قال تعالت كلماته: « ونريد أن تمن على الّْذِينَ استضعفوا في الأرض وتَجعلهُم أَموتَحَعَلَهُم الوارنين + 4 [ القصص] يؤمنون بالله تعالى ويعتصمون به» وينصرونه وينصرهم» ويمكن لهم فى الأرض» ويمن عليهم بالعزة» وإذا وجدت الذين يحملون شعار أهل الايمان فى ذلة ومغلوبين على أمرهم بعد أن قامت دولة الحق» ٠‏ فاعلم أن ذلك لأنهم جانبوا طريق الإيمان» وضعف إيمانهم بالله» والأخذ بأوامره. « الذين آمنوا وتطمئن شْ قلُوبهُم بذكر الله ألا بذكر الله تَطْمَن القلُوب 22> 4 1 الرعد ] . هذا هو الفضل فى الدنياء وأما الفضل فى الآخرة. فهو رضوان الله تعالى» والرفعة فى الدرجات» والقرب منه سبحانه» وذلك هو الفضل العظيم . والجزء الثالث هو الهداية إلى الصراط المستقيم» وهو فى الدنيا السبيل إلى الآخرة؛ وذلك لأن الإيمان بالله تعالى حق الإيمان يضىء فى القلب» فيعرفه السبيل القويم » الذى يوصل إليه تعالى» فمن آمن بالله فقد اهتدى إليه» ومن ل تفسير سورة النساع لل م > ا اعتصم به وبأوامره واجتنب تواهيه » فقد سلك طريقه» ومن سلك طريق الحق فى الدنياء كان فى الآخرة أهدى» ومن ضل طريق الحق فى الدنيا وغوى» فهو فى الآخرة فى الهاوية. وفى الآية بعض مباحث لفظية تؤدى إلى توضيح معانى النص الكريم . أولها ‏ أن السين فى قوله تعالى: 8 فَسيْدَخَلَهم في رحمة مُنه 4 للتأكيد, والسين وسوف فى القرآن يدلان على توكيد الوقوع فى المستقبل . ثانيها ‏ الضمير فى قوله تعالى: ا ويهديهم إِلْيهِ 24 يعود على لفظ الجلالة» ذلك أن الهداية إلى الله تعالى هى ثمرة الإيمان به» وطريق النجاة» وبها يهتدى المؤمنون إلى أقوم سبيل» وصراط الله تعالى طريقه الذى يوصل إلى الغاية . ثالثها ‏ إعراب «صراطا مستقيما» لقد قال بعض العلماء إنها مفعول ثان ويهديهم إليه 4 ويعرفهم طريقا يوصل إلى أعلى الغايات» وكان قوله تعالى: ويهديهم إليه صراطا مستقيما 4 اشتمل على جزءين ساميين - أولهما ‏ الهداية دس لوس لعو د لو جح خر سس م مس سر سه عه 0090 لس و9 ( له,أخت يصع ماترك وهويرتها ل 000 ا ل مس م إن لم يكن لما ولد فإ نكانسا أثنتينٍ فلهما الثلثان ماترك وسرت حت سا ل 2000 سم سس ل سل اس صرحت جرس ساح قد آ# و ا 0 ٠. 2 ٠.‏ إن كانو أ إخوه ر- لاوشساء فللد متلّحظا ال لها تفسيرسورة النساع 4م 330710 لج ها > از ابتدأت سورة النساء ببيان أحكام للأسرة» وحتمت كما بدأت ببيان أحكام للأسرة» بدتت ببيان أحكام الزواج» وإباحة تعدد الزوجات فى الحدود التى رسمها الله تعالى لعباده ثم فصل القول فى المواريث ثم فصل القول فيمن يصح الزواج منهن» ثم كان من بعد ذلك الكلام فى علاقات آحاد الأمة» ثم فى علاقات الناس بعضهم على بعض » وكأعا كان الانتقال من الأسرة التى هى النواة الأولى للبناء الاجتماعى إلى المجتمع الصغير فى حقوق الجوار وما يتصل به» ثم إلى المجتمع الكبير فى الأمة وعلاج الآفات الاجتماعية فيه» وعلى رأسها النفاق والمنافقون. ثم انتقلت إلى علاج العللاقات الإنسانية العامة وضرورة الحرب إن أاعتدت الرذيلة على الفضيلة ؛ لأن فضيلة الإسلام إيجابية عاملة لا سلبية خاملة» وتكلمت عن فساد الأمم وامجحماعات» وسببة التعصب للباطل» وسيطرة الأوهام والغلو فى دينهم » ورفعوا المسيح إلى مرتبة الألوهية» وزعمهم أنه ابن الله . و يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة 4. وكان ختام السورة ببعض أحكام الميراث تذكيرا بأمرين : أولهما ‏ أن الأسرة هى الخلية الأولى التى يتربى فيها النزع الاجتماعى بكل ضروبه» وكل شعبه وأنه لا يوجد مجتمع صالح إلا بأسر صالحة وفساد الأسرة انيهما ‏ أن أحكام الأسرة مستمدة من الله تعالى من غير توسط أحد كبيرا كان أو صغيراء» وأن مخالفة أحكام الله تعالى ضلال ليبس بعذه ضلال» ولذا بختمت السورة بأن بيان الله تعالى لمنع الضلال» كما ستتلو من الآية الكريمة إن شاء الله تعالى. يستفتونك قل اللّهِ يفتيكم في الْكَلالّة 4 رويت روايات كثيرة فى الاستفتاء الذى وقع من الصحابة» رضى الله عنهم » ويظهر أن السوّال فى ميراث الإخوة لكالل ااال 000 لبه 7 والإخوات قد كثرء ولذلك تعددت الروايات» وتعدد أشخاص المستفتين. وأوضح الروايات ما رواه البخارى ومسلم وأصحاب السنن الأربعة وأحمد عن جابر بن عبد الله قال: «دخل على رسول الله يِه وأنا مريض لا أعقل» فتوضاً ثم صب على فقلت: إنه لا يرثنى إلا كلالة فنزلت آية الفرائض»27 وقد فصل القول النسائى والبيهقى فى سئنهما فقد ذكرا عن جابر قال اشتكيت فدخل النبى كَل على فقلت: يا رسول الله أوصى لأخواتى بالثلث؟ قال: «أحسن». قلت: بالشطر؟ قال: «أحسن». ثم خرج ودخل على فقال: «لا أراك تموت فى مرضك هذاء إن الله أنزل وبين ما لأخواتك» وهو الثلثان»2'7. فكان جابر يقول: «نزلت هذه الآية: #يُستَفتوتَك قل الله يفتيكم في الكلالّة4 فى». وتسمى هذه الآية آية الصف ؛ لأنها نزلت فى الصيف» وسماها النبى يك آية الصيف» ولقد قال عمر رضى الله عنه: «إنى والله لا أدع شيئا أهم إلى من أمر الكلالة» وقد سألت رسول الله وَكْوٌ فما أغلظ لى فى شىء ما أغلظ لى فيهاء حتى طعن بأصبعه فى جنبى أو فى صدرى» ثم قال: «يا عمرء ألا تكفيك آية الصيف التى أنزلت فى آخر سورة النساء)9” . والاستفتاء طلب الفتياء أو الإفتاء» والإفتاء الإجابة السريعة التى تكون جديدة بالنسبة للسائل الطالب لهاء وأصل الفتيا من الفتاء والفتى والفتاة الطرى الشباب المقبل على الجديد فيهاء وأطلق على العبد فتى» وعلى الأمة فتاة لسرعة استجابتها لحاجة مولاها. والكلالة كما جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى وغيره من المعاجم وكتب التفسير والفقه اسم لما عدا الولد والوالد من الورثة. . وروى أن النبى يَللِيْةّ سئل )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: المرضى وضوء العائد للمريض (57775) وأطرافه سبعة كلها بلفظ مقارب» ومسلم: الفرائض )١5١7(‏ عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه. (؟) رواه أبو داود: الفرائض - من كان له ولد وليس له أخوات (7841)» وأحمد: باقى مسند المكثرين (178450). زفق جزء من حديث رواه مسلم: المساجد ومواضع الصلاة. جب ور يي عنها فقال: «من مات وليس له ولد ولا والد)١»‏ فجعلها عليه الصلاة والسلام اسما للمتوفى الذى يرثه غير ولده ووالده» وهى تطلق بهذا المعنى» وتطلق على الوارث غير الوالد والولد» وقد ورد اسم الكلالة فى الميراث مرتين فى سورة النساء» أولاهما ‏ فى آيات المواريث؛ وهى قوله تعالى: فإ وإن كَانَ رجل يورث كَلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فَلكُل واحد مُنْهمًا السدس إن كانوا أَكْترَ من ذلك فهم شركَاء في الثُلْثْ 4 [ النساء] لها تفسير سبورة النساع اللو لل وقد فسر النبى كَكِلٌِ الكلالة هنالك بأولاد الأم» وانعقد الإجماع على ذلك» وأما الكلالة هنا ففسرت بأولاد الآب الأشقاء أو لآب أى العصبات وانعقد الإجماع على أن الميراث يكون للأشقاء» فإن لم يكن أشقاء فإنه يكون للإخوة لأب» على ذلك انعقد إجماع المسلمين ترجيحا لقوة قرابة الأبوين على الأب الواحد. وقد بين الله ميراث الكلالة من العصبة بقوله تعالى: «( إن امرؤٌ هلك لَيْس لَه ولد وله أَحْت فَلَهًا نصف ما ترك وهو ينها إن لم يكن لها ولد الأخت هنا هى الأخت الشقيقة أو الأخت لآب» فإنها ترث النصف إذا لم يكن للمتوفى ولدء والولد يشمل الذكر والأنثى» فالأخت الشقيقة أو لآب لا تأخذ النصف إذا كان ثمة ولد ذكر أو أنثى» وكذلك الأخخت لآأب» وإن كانوا عند عدم وجود الولد الذكر أو الأنثى إخوة ذكورا وإناثاء فإن الميراث يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كانت عدة من الأخوات الشقيقات أو لآب إذا لم يكن أشقاء فإنهن يأخذن الثلثين» لقوله تعالى: )١(‏ عن أبى بكْرٍ رضي الله علْهُ قَال: «مَنْ مات ويس لَه ولد ولا وآلد ركه كلا قَضَح منه علي لَه عنه تم رج إلى قوله . ( عبد بن حميد ). جامع الأحاديث (ج؟1١»‏ ص95١).‏ وفى رضى الله عنه فورثته كلاله . ا تفسبير سيورء ة النساء لل 2 5 لا 07 0 فَإن كاتا لين فََهُما لان مما تَرّكَ وإإن كَانُوا إِخْوة رَجَالاً ونساء فَللدَكرٍ مثل حَظ الأَنيين » قد أشرنا إلى تقسيم الميراث اذا كان مع الأخوات الشقيقات أو لأب إذا لم يكن أشقاء أخ شقيق أو لآب» وأما اذا تعددت الآخوات من غير أخ يكن عصبة ويقاسمهن للذكر مثل حظ الأنثيين» فإنهن يأخذن الثلثين» لا يزدن عليه مهما يكن عددهن . وقد يقال إن النص الكريم جاء فى حال ما إذا كانتا اثنتين» ولم يبين حال الأكثر من ثنتين» ونقول أن ذلك فهم من دلالة النص أو قياس الآولى فى ميراث البنشين» فإنه جاء النص فى ميراث البنتين فى قوله تعالى: « يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثْلّ حَظ الأنتيين فإن كن نساء قوق لين فَلهن ثُلنَا ما ترك وإن كانت واحدة فَلَهَا التصف 4 [النساء] فذكر فى هذا النص السامى أنهن إن كن فوق اثنتين يأخحذن الثلثين» وهن أقرب إلى المتوفى من الأخوات فبالأولى الأخوات إذا كن أكثر من اثنتين لا يأخذن أكثر من الثلشين؛ لأنهن لسن أقوى قرابة من البنات» فحذف من هنا ما بان بالمفهوم من الآيات الأولى» وكذلك حذف من الآية الأولى ما يفهم بدلالة النص من هذه الآية» فإن آية البنات قد نص فيها على ميراث الأكثر من ثلثين ولم ينص فيها على ميراث الثنين؛ وذلك لأنه إذا كان الاخوات اثنتين أخذن الثلثين» فبالأولى البنات لأنهن أقرب من الأخوات نزلت فى آية الآخوات ما يفهم من آية البنات» وترك من آية البنات ما يفهم من آية الأخوات وذلك من الإعجاز. وقد بين النص القرآنى حال ميراث الإخوة والأخوات الشقيقات أو لأب إذا لم يكن لهن ولد ذكرا كان أو أنثى» ولم يبين حال ما إذا كان ثمة ولدء فبقى على الأصل وهو لا يستحق شيئا فى حال ما إذا كان الولد ذكرا؛ لأنه لم يرد أثر عن النبى تَلِْهّ يورث الإخوة أو الأخوات عند وجود الولد الذكرء وفوق ذلك فإن ا تفسيرسورة النساعء نالل 1لةانا الما انماما لااالنا انان الااألااالااااا ل للل الات لان اخ لللطاالاااممما ملام خاتالنطخخمطططا اناا تاطلخ خ لمق لتتلطللا سس لت الولد الذكر يكون عصبة بنفسه. وهو أقرب رجل ذكرء فيكون مقدما على غيره بمقتضى النص النبوى» أما إذا كان الولد أنثى» فقد ورد الآثر عن النبى كلل بأنه ورّث البنتين الثلثين وأعطى الأخ الباقى(2؛ وروى ابن مسعود أنه أفتى فى مسألة كان فيها بنت وبنت ابن» وأخمت فأعطى البنت النصف وبنت الابن السدس تكملة للثلثين» وأعطى الآأخت الباقى تعصيباء وذكر أن ذلك قضاء رسول الله عله وكان أبو موسى الأشعرى قد رد على البنت وبنت الابن» فلما ذكر ابن مسعود له عدل عن رأيه» وقال: لا تسألونى وهذا الحبر بينكه70) وروى أن ابن عباس - رضى الله عنهما ‏ يرى أن تعطى البنت وبنت الابن نصيبهماء ثم يرد الباقى والشيعة لا يورثون الإخوة والأخوات مطلقا عند وجود الأولاد ذكورا كانوا أو إنائا» لعموم النص القرآنى الذى يثبت أن ميراث الإخوة والأخوات هو بمقتضى الكلالة» والكلالة تقضى ألا يكون هناك والد ولا ولدء» فإذا كان هناك ولد كانت الحال كما لو كان هناك والد. والإخوة والآخوات لا يرثون عند وجود الوالد» فكذلك لا يرئثون مطلقا عند وجود الولد. ولم يصح عندهم حديث أبن مسعود» وإذا فرض وكان رواته ثقات فإنهم لا يعارضون النص القرآنى الذى اشترط ألا يكون ولد. واشترط ثانيا أن يكون ميراث الإخوة والأخوات ميراث كلالة» ولا يرثون إذا كان ثمة ولد. )١(‏ روى الترمذي: الفرائض »)5١947(‏ وأبو داود: (5891): وابن ماجه: (1750؟) والدارقطني عن جابر بن عبد الله أن امرأة سعد بن الربيع قالت: يا رسول الله» إن سعدا هلك وترك بنتين وأخاه.» فعمد أخوه فقبض ما ترك سعده وإنما تنكح النساء على أموالهن؛ فلم يجبها فى مجلسها ذلك. ثم جاءته فقالت: يا رسول الله» ابنتا سعد ؟ فقال رسول الله كُْ: «ادع لى أخحاه) فجاء فقال (له): «ادفع إلى ابنتيه الثلثين وإلى امرأته النمن ولك ما بقي». وفى رواية الترمذي وغيره: فنزلت آية المواريث . قال: هذا حديث صحيح. (0) سبق تخريجه . ا تفسشبير سبور: ة النساعء مايال 2 اك 1 7 ويفترق الشيعة الاثنى عشرية عن جمهور الفقهاء بالنسبة لليراث الإخوة والأخوات فى أصلين يتفرع عنهما الكثير من المسائل» الأصل الأول أن البنت حيث وجدت ولو منفردة عن الابن استحقت لميراث كله إن لم يكن زوج ولا أم ولا أب كما ينفرد الابن بذلك» ولا تستحق الإخوات والأخحوة شيئاء وكذلك لاستحق بنات الابن شيئا» سيرا على قاعدتهم من أن البنت كالابن تستحق الميراث كله إذا انفردت» تأخذ النصف فرضاء والباقى رداء وتحجب أولاد الآب فروض» فإنها تأخذ الباقى ردا. الأصل الثانى - أن الأخت الشقيقة إذا استحقت النصف» فإن الأخت لآب» والأخ لآب لا يستحقان معا شيئا. بل تأخذ النصف فرضاء والباقى رداء ونحجب أولاد الأب والجمهور على أن الآخت الشقيقة تأخذ النصف فرضاء والأخت لأب تأخذ السدس تكملة للثلشين إذا لم يكن أخ شقيق أو لآب وإذا كانت أخت شقيقة أو أخوات» وليس معهن أخ شقيق» وكان هناك أخ لاب» فإن الباقى يكون للأخ لأب هو وأخته التى لاب للذكر مثل حظ الأنثيين وإذا كان أخ شقيق يحجب الأخحوة والأخوات لآب. هذا ما اقتضى التفسير أن نذكره» وهناك فروع كثيرة تركناها لكتب الفقه فى السئة والشيعة. «إ بين الله لَكُم أن تَضلُوا واللّه بكُل شيء عليم 4 هذا النص الكريم يبين أن الله سبحانه وتعالى هو الذى تولى شرح بيان أحكام الميراث» وحسب الميراث فضلا أن يكون تأكيده وتوثيقه ببيان الله تعالى. وقد ذكر النص الكريم لماذا تولى القرآن الكريم بيانه فقال سبحانه «أن تضلوا» أى خشية أن تذهبوا إلى طرق ضالة بأمور ثلاثة - إما بإهمال الميراث جملة بألا تعطوا أحدا من الورثة شيئاء كما حاول أن يفعل الشيوعيون فأضعفوا الأسرة» .وأضعفوا النشاط الإنسانى» والإقبال الاختيارى على العمل» وتركوا ذرية ضعافا لا يجدون ما يقيم أودهم, وإذا كانت الدولة ترعاهم فى بعض الأحيان» فعلى نقص بين واضح. وإما يجعل الحرية للمورث يوصى بماله لمن يشاء من غير قيد» وفى ذلك ضلال أى ضلال» إذ يترك ورثته ضياعاء ويعطى المال غيرهم. هاا تفسبير سبور: ة النساء !!!1ن لللث لل الاالااا اانا تللة ةلالا لللاااللاالاككانا لان الاك اللنااااااااااااك اططخ ططخل لان الاكخخخطا خخ لت تا ااا اللا لالتلا 1 ليزه بي وإما بحرمان من يشاء وإعطاء من يشاءء وفى ذلك إثارة للبغضاء. والعداوة وقد قرر العلماء فى كل بقاع العالم أن أعدل نظام للميراث هو نظام القرآن الكريم؛ ولكن وجد من بيننا من يحاربه» بل وجد من يزعمون أنهم مفسرون للقرآن من يدعى نسخه. وصدق رسول الله تعالى إذ يقول: (إن الفرائض أول علم ينسى)'1 وقد ذيل الله تعالى الآية بقوله «واللَه بكل شيء عليم 4 وفى هذا إشارة إلى أن شرعه أحكم شرعء لأنه شرع من يعلم كل شىء» من يعلم الماضى والقابل» والعدل على أتم وجوهه. والمصلحة المستقرة الثابتة التى لا تعبث بها الآهواء ثم هو عليم بمن يخالفه ويعصيه. ومن يطيعه ويرضى حكمه. وتجب الإشارة هنا إلى أمر بيانى يقتضى تمام التفسير ذكره هو أن الله تعالى يقول « يستفتونك قل الله يفتيكم في الْكَلالَة 4 وهنا لم يبين فى السؤال موضع الاستفتاء» ولكن الإجابة بينته فاستبان» ويلاحظ أنهم سألوا النبى ولكن الله تولى الإجابة هوء. فقال طقل الله يفتيكم 4 ونجد فى مثل هذا المقام يقول الله تعالى: ويسألونك عن الْيتَامى قل إصلاح لهم حير 77 0[ 4 [البقرة]. ولم يسند الآمر إلى ذاته العلية كما أسنده هنا فما السر؟ السر فى ذلك هو تأكيد أن شرع الميراث منسوب للذات العلية» وهو الذى يتولى الشرحء» وإذا كان النبى ولد يتولى الشرح عنه فى كثير» فهنا قد تولى هو توثيقا للحكم وتأكيدا له وتربية للمهابة. ويلاحظ أن أحكام الميراث كلها أسندها العلى الحكيمء العليم الخبير لنفسهء فابتداً آياتها فى أول السورة بقوله تعالى « يوصيكم اللّهُ في أولاد كم للذكر مثل حَظ الأنشيين 60 4 [النساء] وختمها بأن الميراث كله وصية الله تعالىء فقال تعالت كلماته: 8 .. وصيّة من اللّه واه عليم حليم (12 تلك حدود الل ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تَجري من تحتها الأنهار رخَالدين فيها وذلك القوز العظيم +120 ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ارا خالدا فيها وله عَذَاب مهين 22(9) 4 [ النساء] . )١(‏ سبق تخريجه. هذه سورة المائدة جاءت بعد سورة النساء» وسميت سورة المائدة لأنها اشتملت فى آخرها على طلب الحواريين من عيسى ابن مريم - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم - أن ينزل عليهم ربهم مائدة من السماء» واستجاب عيسى عليه السلام لما طلبوا فطلب من الله تعالى قائلا كما أخبر القرآن الكريم عنه : ... اللْهم ونا أنزل علا مائدة مَنَ السَمَاء تكو لَنَا عيدا لأَوَلنَا وآخرنا وآية مَك وَارزقنا وآنت َي الرازقين 9 4 وقد نزلت بعد فتح مكة» وهى سورة مدنية» وإن قال الأكثرون: إن آية: ...الوم أخطلت لكم ديك وسنت كم نشتى وّضيت لم الام دي ... 42 4 إنها نزلت والنبى يك واقف بعرفات» فى حجة الوداع ؛ لأنها نزلت على أى حال بعد الهجرة. وهى من آخخر القرآن نزولاء وقد اشتملت على أحكام شرعية كثيرة» وابتداؤها يدل على ما فيهاء فقد ابتدأت بوجوب الالتزام بالتكليفات التى كلف الله عبيده إياهاء وما يعقده العبد مع الناس» ثم أردفت ذلك ببيان الحلال من الذبائح» والحرام منهاء مع الإشارة إلى تحريم الصنيد فى الحرم من المحرمين » واحترام الشعائر فى الحج . ثم أشارت من بعد ذلك إلى تمام الشرع الإسلامى» وكماله» وتكلمت ألسورة الكريمة من بعد ذلك فى العلاقات بين المسلمين وأهل الكتاب من الناحية الشخصية» وإباحة ذبائحهم» وحل نسائهم . ا تفسير سورة المائدة .1 000 ههه < يي وبعد أن بينت هذه المباحات من الطيبات» أخحذت تتجه إلى غذاء الروح بعد غذاء الجسمء وهو الصلاة» وما يجب أن يتقدمهاء وأن العبادات لا يريد الله تعالى منها بعباده الضيق والحرج. ولكن الطهارة النفسية. ...ميا لل يحل عتكم ا حرج ول تر كم وعم ل عَليِكُم ... 20> 4 وإن الطهارة فى الصلاة لها غاية اجتماعية عالية» وهى حسن التعامل» وإقامة العدالة؛ ولذلك أمر من بعد هذا بإقامة العدالة مع العدو» ومع الولى على سواء» ثم ذَكّر المؤمنين بأن العدالة هى التى تحمى المجتمعات» وأن الله تعالى حماهم عندما هم قوم أن يبسطوا أيديهم بإيذائهم» ثم ذكّرهم ببنى إسرائيل أنهم عندما نقضوا الميسثاق الذى أخذه الله تعالى عليهم بإقامة العدل لعنهم الله تعالى» وجعل قلوبهم قاسية قد غلقت عن الحق» وأغلفت على تحكم الهوى» فأخذوا يحرفون الكتب ويحذفون منها ما لا تهوى الأنفس» وكذلك فعل النصارى حتى ادعوا الألوهية للمسيح عيسى ابن مريم» فكفرواء واسترسلوا حتى ادعى اليهود والنصارى أنهم أبناء الله تعالى وأحباؤه؛ ثم وجه الله تعالى الخطاب من بعد للذين عاصروا النبى يَلكِيْةٌ يدعوهم إلى الحق» ويقيم الحجة عليهم بهذه الدعوة القائمة . وإن الذل يفسد القلوب, ويذهب النخوة» وكذلك كان الأمر بالنسبة لليهود» فقد ذكرت السورة الكريمة أنهم بعد أن ضربت عليهم الذلة فى مصر أراد موسى -عليه السلام- بأمر ربه أن يجعل منهم قوما ذوى بأس» فأراد أن يقودهم ليدخلوا الأرض المقدسة» ولكنهم آثروا الاستنامة» فأخذوا يتيهون فى الأرض أربعين سنة . وإن النفس البشرية إذا دخلها الحسد فسدت» وصارت العذاوة بدل المودة فى موضع كان يجب أن تسوده المحبة» وقد ذكر الله تعالى فى هذه السورة خبر ابنى آدم إذ قتل أحدهما الآخر؛ لأنه قبل قرباه» ولما أخذه الندم بعد فوات وقت العمل ل ,إل تفسبير سبور: ة المائدة 1111 !ااا ااا ناتللا لتنا تان ااام الخ لاض ا اانا ااال الام اللا الااااااك اططخ امطشاططاا اغا لطاااا لطا خال لاا لالط لطم ططل الالال اي ٠: ااا‎ بي حار فى مواراة جثة أخيهء حتى تعلّمها من غراب أخذ يبحث فى الأرض ليوارى جثة غراب مثله. وإذا كان الحسد حتى فى العبادات يؤدى إلى القتل؛ فلذلك شرعت عقوبة القصاص» كما ذكر النص القرآنى فى هذه السورة الجامعة . وإذا كان الحقد البشرى فى الجماعات هو الذى يؤدى إلى أشد الجرائم فتكا بهاء فقد ذكر سب حانه عقوبات شديدة تناسب الجرائم العنيفة الشديدة» فذكر سبحانه عقوبة الذين يحاربون النظام» وينقضون على الشرع ويزعجون الآمنين» ويقطعون الطريق على السابلة/')» وقد ذكر سبحانه وتعالى - بعد ذكر عقوبة قطع الطريق المغلظة بطبيعتها - ذكر سبحانه أن طلب ال حق والجهاد فى سبيله» النظام الإسلامى ووضعه فى نصابه» هو الوسيلة الكبرى للتقرب إلى الله تعالى . وذكر من بعد عقوبة الذين يهددون الأمن بقوة قاهرة ظاهرة» وحكم الذين يهددون الآمن فى خفية» ويزعجون الناس فى مآمنهم» فذكر عقوبة السرقة» وهى قطع اليد. وبعد بيان هذه العقوبات الزاجرة للجرائم المنبعثة» والتى يسوق إليها الحقد والحسد أخذ يبين سبحانه حال أهل الكتاب من اليهود» وما فسدت به قلوبهم من حقد أثر فى قولهم واعتقادهم» وأوجد النفاق فى قلوبهم» وجعل أعمالهم إثما مستمراء وأنهم لم ينفذوا أحكام التوراة فى جرائمهم» وأرادوا أن يفروا منها إلى أحكام الإسلام زاعمين أنها تخفف عنهم» وقد بين سبحانه أحكام التوراة. التى نزلت على موسى» ووجوب أن يخضعوا لهاء كما يجب أن يخضع أهل الإنجيل لما جاء فى الإنجيل» ومنها التبشير بمحمد يليد وأشار سبحانه وتعالى إلى أن لكل أمة جعل -سبحانه- شرعة ومنهاجا مؤقتاء حتى جاءت شريعة محمد عَلة. وإنه بعد نزول القرآن لا حكم إلا له ولذا قال سبحانه : « وأن احكم بينهم بمَا أنزل اللّهُ ولا تع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعغض ما أنزل الله لِك فَإِن تَولُوا . السابلة: أبناء الطريق المختلفة في الطرقات. الصحاح. سبل‎ )١( ها تفسيرسورة المائدة ل 00 اكه - فاعلم أَنّمَا يريد اللّه أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإِن كثيرا مَن النّاس لفاسقون 20> كم اجاهلية يون ومن أحْسن من لله كما لقوم فون :27 4 وإن الحقد الذى سكن قلوب الذين يخالفونكم من أهل الكتاب لا يسوغ لكم أن تتخذوا منهم نصراءء فإن بعضهم نصراء لبعضهمء وإن الذى يرضى أن يكونوا أولياء عليه يكون منهم. وإن من يفعل ذلك يكون مرتدا عن دينه خاذلا له ومن يرتد عن دينه لا يخسر الله تعالى به شيئاء بل سيخلفه فى الإسلام قوم وبين سبحانه وتعالى أن الولاية للّه وحده وأن اليهود يتخذون الإسلام هزوا ولعباء وأنهم يسارعون فى الإثم والعدوان متنقلين فى دركاتهماء وأن الذى أفسدهم أنهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر» وأنهم لم يقيموا التوراة والإنخجيل» وقد أمر الله نبيه ففى وسط ذلك الغبار الذى يثيرونه أن يبلغ ما أنزل سيدرك ما جاء به محمد ويؤمن به» ولقد بين سبحانه كفر الذين ألّهوا المسيح» وقالوا: إن الله -تعالى- ثالث ثلاثة» وبَيّنَ أنه يجب أن يرجعوا إلى الله تعالى» ولكنهم غلوا فى دينهم. فغلا النصارى فى شأن المسيح فقدسوه وألهوهء وغلا اليهود فى الطعن فيهء وهموا بقتله» وادّعوا أنهم قتلوه. وقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك مراتب أعداء المؤمنين» فذكر أنه فى المرتبة الآأولى فى العداوة اليهود والمشركون» والنصارى أقرب مودة من غيرهمء وذكر سبحانه حال النصارى فى عهد النبى لَه وقد كانوا يسارعون إلى الإيمان إذا فإ وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترئ أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنًا فاكتبنا مع الشاهدين <رج) 4 بعد هذا البيان المعجز»ء الذى ابتدأ بذكر آثار الحسد والحقد فى ابنى آدم إذ قربا قريانا» ثم ما أدى إليه الحقد من كفر وطغيان» وطمس للحقائق» ومعاندة ل ل تفسير سورة المائدة ميل 2 الب وز تي وليِكَمْرء وتكفير اليمين عتق رقبه أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم» فمن لم يجد شيئا من هذا فليصم ثلاثة أيام. وإذا كان الله تعالى أباح الطيبات» فقد حرم الخبائث » وأول الخبائث الخمر والميسرء وإن الخمر أم الخبائث» وأم الجنرائم» وإنه ليس على المؤمنين إثم فيما يتناولون من طيبات إنما الإثم فيما يتناولون من خبائث . للمكان الذى يكون فيه» والحال التى يكون فيهاء فحرم الصيد فى البيت ال حرام وأن الخبيث من الأشياء ومن الأشخاص لا يستوى مع الطيب» وندد سبحانه بالذين يحرمون بعض الطيبات على أنفسهم لآوهام توهموهاء وأفكار جاهلية اعتنقوها. وأن الذى يقوم بالواجب ويبين الخير ويدعو إليه لا يكون مستولا عمن يضل من بعد . وفى وسط أحكام الحلال والحرام أحذت السورة تبين سببا من أسباب الملكية» وهو الوصية فى السفرء وطريق إثباتها . بعد ذلك أنخذ يبين الضلال الذى وقع فيه الذين ادّعوا المسيحية وهو ألوهية فيتفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله» وأنه أخرج الموتى بإذن الله تعالى» وأنه نزلت عليه المائدة من السماء. ومع هذه المعجزات الباهرة كفر به من كفرء وشهد الحواريون بأنه رسول من عند الله» وغالى غيرهم فزعموا أنه وأمه إلهان» ومنهم من زاد غيرهما. ها تفسير سور ة المائدة لكام 5 لج-تها > ا وقد ذكر سبحانه وتعالى أنه سيخاطب عيسى يوم القيامة عن هذا الذى افتروه على المسيح» ونذكر هذه المجاوبة بالنص. ف( وإذ قال الله يا عيسى ابن ميم أأنت قلْت للئّاس اُخذدوني وأمّي هين من دون اله َال سبحانك ما يكُون لي أن أَُول ما ليس لي بحق إن كدت قله فد علمه عم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إِنلكَ أنت عَلام ايوب +19© ما قُلْت لهم إلأما متي به أن اعبدوا الله بي وربكم وكنت عليِهِم شهيدا ما دمت فيهم فََم يي كنت أنت لرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد 20١‏ إن تعَذيهم نهم عبادك وإن تقفر لهم فَإنّك أنت ايز الحكيم مه قال اللّه هذا يوم ينفع الصّادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى اله عنهم وَرَضوا عنْهُ ذلك الْورٌ العظيم :3( لله ملك السّمَوات والأرض وما فيه وهو على كل شىء قَدِير +23 4 هذه نظرات كليلة فى سورة المائدة» ولننظر فى ذكر معانيها. امو عه مجو ينها الدج قود أجلت لكريم سِيمَة لكك مقاط عبرل ألصَّيْدٍ 0 هذه أول آية من السورة» وهى تأمر المؤمنين بأن يوفوا بالعهود التى أخذت عليهم بمقتضى الإيمان»؛ وهى الطاعة لله تعالى ولرسولهء والقيام بالتكليفات الشرعية» فالعقد هو كل ما يلتزمه المؤمنون» سواء أكان فى الأحكام التكليفية أم من العهود التى يلتزم بها العباد» وبذلك تشمل ما يعقده الإنسان مع غيره من عقود واجبة الوفاء» وما يتبادلان فيه الالتزام» كالبيع والإجارة» وغيرهماء وتشمل ما يلتزمه المؤمن من صدقات» وما يلزمه الوفاء به بحكم الإيمان» فإن الإيمان ميثاق يلتزم فيه العبد بالطاعة» فإذا عصى فقد نقض ذلك اليثاق» وذلك كما كان اا تفسير سورة المائدة ململ 2 ب أ يفعل اليهود من نقض للموائيق المؤكدة» وإن الأصل اللغوى لمعنى كلمة عقد أنه ربط لطرفى شىء» ومنه العقدة» وقد أطلق على الربط بين كلامين كالعقود القاكمة» وأطلقه القرآن كما فى هذا النص على كل الأحكام الواجبة الطاعة لها؛ لأنها تشمل معنى الربط؛ لأن المؤمن بمقتضى إيمانه قد عاهد الله تعالى على طاعته؛ والآخذ بكل ما يأمر به» وبكل ما ينهى عنه» وقد جمع الراغب الأصفهانى معنى كلمة عقد فقال: «العقد: الجمع بين أطراف الشىء» ويستعمل ذلك فى الأجسام الصلبة كعقد الحبل» وعقد البناء» ثم يستعار للمعانى فيقال نحو عقد البيع والعهد وغيرهماء يقال: عاقدته» وعقدته» وتعاقدناء» وعقدتث تميلة . .0 ). والعقد على هذا: كل ارتباط يرتبط به المؤمن بموجب النقل أو بموجب العقل. وهو ما يدركه بالبديهة وأدنى نظرء سواء أكان بينه وبين نفسه بمقتضى إيمانه وخخلقه وإنسانيته» أم كان بينه وبين غيره» وكل هذا واجب الوفاء بحكم الله تعالى» فأوامر الله تعالى ونواهيه واجبة الوفاء» وعقود الإنسان مع غيره واجبة الوفاء إلا أن يكون فيها مخالفة لأمر الله تعالى ونهيه» فكل اتفاق على خلاف ذلك رد على صاحبه.ء ولا وفاء فيه» لقول النبى يَكلْهِ: «المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا)(21 ولقوله ولو «كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل» ولوكان مائة شرط2 ولآن تنفيذ العقود التى تتضمن خلاف ما جاء عليه الشرع يكون تنفيذها نقضا لعهد المؤمن الذى يجب تنفيذه» وهو طاعة )١(‏ ذكره البخاري تعليقا: الإجارة - أجر السمسرة بلفظ : ' المسلمون عند شروطهم' وأخرجه الترمذي: الأحكام - فى الصلح (101) عن عَسْرِو بن عراف الْمرني ) أن رَسُولَ اللّه يك قَال: الصُلحْ جَائر َيْنَ اْصُسْلمِينَ إلا صلْسًا حَرّمٌ حَلالا أو آحل حراماء وَالْمسلمون عَلَى شروطهم إلا شرطا حم حَلالا نأل حرام قال أبُو عيسى : هذا حَدِيت حَسَنُ صحح. (؟) ذكره البخاري تعليقا: باب الْمُكَانَب وَمَا لا يحل من الشروط اَي تُخَالفْ كتاب الله ورواه ابن ماجه: الأحكام - باب المكاتب (011؟) عن عَائشَة رَوْج الي يل: كما رواه أحمد بلفظ مقارب: مسند الأنصار - باقي المسند السابق (55754؟) عن عائشة رضي الله عنها . لها تفسير سورة المائدة ىم لل ذ ذل 2”2” لح زا الله تعالى ورسولهء وعهد الله تعالى أولى بالوفاء؛ ولأن عقود الناس تستمد قوة الوفاء من أمر الله» فلا يصح أن تكون على خلافه. فالعقد: معناه فى اللغة العربية ضم طرف إلى طرف,. وربطهما ربطا محكما. يقال: عقد الرجل طرفى الحبل أو الحبلين إذا ربط أحدهما بالآخرء وضده الحل أى فك هذا الربط» وسمى الإيجاب والقبول عقدا لأنهما يضمان إرادتى المتعاقدين» ويربطان أحدهما بالآخر. والعقد معناه فى استعمال القرآن الارتباط» والعقود والعهود والموائيق والمعاهدات والمحالفات والتعهدات والاتفاقات والالتزامات كلها فى استعمال القرآن والاصطلاح الشرعى ألفاظ متقاربة المعنى المراد بها الارتباطات» سواء أكانت ارتباطات بين أفراد أو حكومات أو جماعات» وسواء أكانت ارتباطات على عمل أو على كف عن عمل. والفروق التى يقررها علماء القانون الدولى لهذه الألفاظ لا تعرف فى الاصطلاح الشرعى . والويفاء بالعقد معناه تنفيذ ما يقتضيه والقيام بما يوجبه وافيا تاما غير منقوص » والإيفاء بالعقد والوفاء به والتوفية به ألفاظ مترادفة معناها واحد. والمعنى بالإجمال: يا أيها المؤمنون نفذوا ارتباطاتكم» وقوموا بما تعاقدتم على القيام به وافيا تاما. وقد ذكر سبحانه العقود التى أمر بالإيفاء بها بصيغة العموم ولم يخصصها بنوع لتشمل كل ارتباط يرتبط به المؤمن» سواء أكان ارتباطه مع ربه أم ارتباطه مع نفسه أم ارتباطه مع فرد آخرء وسواء أكان ارتباط جماعتهم أو حكومتهم على عملء أو كف عن عمل؛ ولهذا قال المحققون من المفسرين: العقود التى أمر الله المؤمنين أن يوفوا بها تشمل أربعة أنواع : الأول: العقود التى عقدها المؤمن مع ربه بسبب إيمانه. فكل من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد التزم لله بأن يطيعه بامتفال أوامره واجتئاب نواهيه» وإحلال ما أحله وتحريم ما حرمه. فهذا عقد بين المؤمن وربه. وسبب الالتزام فيه إيمانه. وإلى هذا أشار الله سبحانه بقوله: « وَاذكُروا نعمّة الله 9 تفسير سورة المائدة اللا ا 0 رب أ عَلَيكُم وَميَاقَهُ الذي وَالَقَكُم به إذ فلم سمعنا وأطّعنا ... > 24 وبقوله: ا الّذدين فون بهد اله ولا يفصو التَاقَ ججج)> 4 [ الرعد ] الثانى: العقود التى عقدها المؤمن مع نفسه بسبب حلفه على أن يفعل فعلا أو يكف عن فعل» أو نذره أن يفعل فعلا أو يكف عن فعل؛ فكل من حلف على فعل أو كف عن فعل أو نذر فعلا أو كفا عن فعل فقد التزم أن يبر بيمينه» وأن يوفى بلذره. وسبب الالتزام يمينه أو نذره. وإلى هذا أشار الله سبحانه بقوله: ... ولِيوفوا ندورهم ... +30 4 [الحج] . الثالث : العقود التى يعقدها الأفراد بعضهم مع بعض من بيع وإجارة ورهن وشركة ومضاربة وزواج ونحوها؛ فكل من ارتبط مع غيره بعقد فعليه أن ينفذ موجب هذا العقد ولا يخل بشىء مما يقتتضيه» وسبب الالتزام عقله بإرادته واختياره . الرابع : العقود التى تعقدها الحكومة الإسلامية مع غيرها من الحكومات فى السلم والحرب» فإذا تعاقدت دولة إسلامية مع أية دولة على أحكام عسكرية أو مدنية» دفاعية أو هجومية» إيجابية أو سلبية» فعلى الحكومة أن توفى بعقودهاء وتنفذ التزاماتها. فالله سبحانه أمر المؤمنين بأن يوفوا بكل الارتباطات التى يرتبطون بها أفرادا أو جماعات أو حكومات» مع ربهم» أو مع أنفسهم» أو مع أبناء نوعهم. قال الإمام أبو بكر الرازى المعروف بالجصاص المتوفى سنة (1300ه) فى كتابه فى تفسير آيات الأحكام: العقد ما يعقده العاقد مع نفسه على أمر يفعله هوء أو ما يعقله مع غيره» ويسمى اليمين على المستقبل عقدا؛ لأآن الحالف قد ألزم نفسه الوفاء بما حلف عليه من فعل أو ترك. وكذلك العهد والأمان» لأن معطيه قد ألزم نفسه الوفاء به. وكذلك كل شرط شرطه الإنسان على نفسه فى شىء يفعله فى المستقبل فهو عقد. وكذلك النذر وإيجاب القرب وما جرى مجرى ا تفسير سورة المائدة 0 اللللللكك لل 2 ا ذلك . وقد اشتمل قوله تعالى: فإيا أيها اين آمنُوا أَوَقُوا بالْعقُود 4 على كل ذلك» وعلى إلزام الوفاء بالعهود والذمم التى نعقدها لأهل الحرب وأهل الذمة والخوارج وغيرهم من سائر الناس؟ وعلى إلزام الوفاء بالنذور والأيمان. ثم قال: ومتى اخحتلفنا فى جواز عقد من العقود أو فساده أو فى صحة نذر ولزومه صح الاحتجاج على جوازه ولزومه بعموم قوله سبحانه: «إيا أيْهَا الّذين آمُوا أَوقُوا بالعقود 4 . وإذا تعارض الإيفاء بعقد من هذه الأنواع الأربعة مع الإيفاء بعقد آخر منهاء وجب على المؤمن أن يوفى بعقده مع ربه» ولا يجب عليه أن يوفى بعقده مع نفسه أو مع غيره إذا كان إيفاؤه بعقد منهما يخل بإيفائه بعقد ربه. فإذا حلف على ما فيه مخالفة أمر ربه فليحنث فى يمينه وليوف عقده مع ربه ولا يوف بما حلف عليه؛ ولهذا ورد فى الحديث «من حلف على شىء ورأى غيره خيرا منه فليأت الذى هو خير منه ولْسِكَفر عن يمينه2170. وإذا عقد عقدا أو شرط شرطا يقضى بتحليل محرم أو تحريم حلال أو التزام بباطل شرعا فعليه أن يوفى بعقده مع ربه ولا يوفى بما يخالفه من عقود وشروط؛ ولهذا ورد فى الحديث : «المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا)29. وقد خاطب الله المخاطبين فى أمرهم بالإيفاء بالعقود بوصف الإيمان ليشير إلى أن الإيفاء بالعقود مما يقتضيه الإيمان» وفى هذا حث على امتثال الأمر والإيفاء بالعقد. وهذا الذى أشار إليه القرآن صرح به رسول الله َلك فى سنته إذ عد الوفاء بالعهود من شعائر الإيمان وآيات المؤمن» ففى الحديث: «آية المؤمن ثلاث: إذا حدث صدقء وإذا اؤتمن أدّىء وإذا وعد وفّى)7؟ وكما ذكرهم بإيمانهم فى بدء هذه السورة إذ أمرهم بالإيفاء بالعقود جملة» ذكرهم بإيمانهم فى )١(‏ سبق تخريجه. (؟) سبق تخريجه. (7”') سبق تخريجه . 9ه تفسير سورة المائدة الل كه + ١ يي‎ أمرهم بكل عقد فصله فيها. فى تفصيل ما ويه فل يا أَيهَا الذي آمنوا لا تحنُوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد .... 7 4 . وفى تفصيل التطهر لأداء الصلاة وهى عماد الدين قا ل: هويا ا أَيَْا الّذِين آمنوا ذا قُمتم إِلَى الصّلاة فَاعْسلُوا وجوهكم .. 453. وفئ تفصيل عماد الدنيا وهو الشهادة بالقسط فى إقامة حقوق الله قال: يا أَيهَا انين آمنوا كُونُوا قَوَامينَ لله شهداء بالقسط . لقه4. فالمقتصود بهذا إشعار المؤمنين بأن إيفاعدم , بالعقود جملة وتفصيلا هو من مقتضى الإيمان» وأن نكث العهود والإخلال بما تقتضيه تقتضيه العقود لا ب يتفق والإيمان. فالمؤمن حقا يوفى بالتزاماته لربه ولنفسه ولغيره . ومن هنا نفهم معنى الحديث: دلا يزنى الزانى حسين يزنى وهو مؤمنء ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن2170. وإن من أوائل الأحكام الشرعية ما أحله الله تعالى » وما أحله سبحانه قيده بقيود » ولذا قال تعالى : .5 وامفيه م .. أحلّت لَكُم بَهِيمَةُ العام إلا ما يتلَى عَلَيْكُمَ غير مُحلي الصيد وأنتم حرم ... 82 # ابتدأ الحكم ببيان الحلال من الأطعمةء لسببين: أولهما- أن العرب كانوا يحرمون فى الجاهلية على أنفسهم بعض الحيوان لأوهام ورثوهاء لم يأت بها دين» ولم يتصورها عقل» وليس للتحريم سبب يدركه أهل العقول. ثانيهما- أن النص جاء للإباحة مع القيد» فهى حلال بشرط ألا تكون مما يتلى تحريمه» وسيبينه الله تعالى من بعدء والتحريم سببه أحد أمرين : أولهما- ذاتى فى ذات الحيوان كالخنزير والميقتةء وما يشبه الميتة من التى تردت فى منخفض من الأرض فنفقت» أو نطحت فهلكتء والثانى- عرضى بحال معينة كتحريم الصيدء فالنص لإباحة مقيدة مع ذكر القيد بالإشارة إليه ثم بيانه . )١(‏ متفق عليه» وقد سبق تخريجه. ها تفسير سورة المائدة ةا هه الففييرشورة اليا لسرب أ والبهيمة: اسم لكل حيوان أعجم ) لإبهامه من جهة نقص النطق. وعدم من النعمة؛ لأنها من نعمه سبحانه وتعالى التى أنعم الله بهاء كما قال تعالى : ل وَالأنعام لقا لَكُم فيها دفء ومَنَافعْ وَمنْهاتَأكلُونَ يج 4 [ النحل] . ويصح أن يكون مثل الإبل والبقر والغنم كل حيوان أو طير يتغذى من النبات» ولم يرد نص بتحريمه فيدخل الظبى وحمار الوحش وغيرهما من آكلات الأعشاب» كما يدخل الطير غير سباعه» وغيرها. « أحلّت لَكُم بهِيمَة الأنعام 4 البهيمة فى اللغة العربية: هى كل ذات أربع من فى سورة الأنعام بأنها ثمانية أزواج: من الضأن اثنين (الكبش والنعجة) ومن المعز اثنين (الجدى والعنز) ومن الإبل اثنين (الجمل والناقة) ومن البقر اثنين (الثور أو الفحل والبقرة أو الجاموسة). فهذه هى الأنعام فى لسان القرآن. ولما أمر الله المؤمنين بأن يوفوا بالعقود أخذ يفصل لهم العقود التى أمرهم أن يوفوا بهاء وبدأ بأولها وأحقها بالإيفاء وهى عقودهم مع ربهم بمقتضى إيمانهم» وبدأ من هذه العقود ببيان ما أباح لهم أكله والانتفاع به من الحيوان» وما حرمه؛ حكمه: ولأن أهل الجاهلية كانوا قد جاروا وظلموا فى حكمهم فى الأنعام» وبنوا تحريمهم لا حرموه متها وتحليلهم ما أحلوه منها على نزعات وثنية» وأوهام لا نصيبا» فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائناء فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم. وقالوا هذه أنعام وحرث حي لا يطعمها إلا من نشاء» بزعمهم » وأنعام حرمت ظهورهاء وأنعام لا يذكرون أسم الله عليها افتراء عليه» وقالوا ما فى بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم #0 تفسبير سبور: ة المائدة ملل 4 6 ل على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء. وجعلوا من الأنعام بحيرة وسائية ووصيلة وحاميا. . وهكذا ساروا فى تحريم الأنعام وإحلالها على ما تقتضيه وثنيتهم» لا على ما تقتضيه مصلحتهم. فالله سبحانه بدأ عقوده مع المؤمنين ببيان أنه أباح لهم الأنعام كلها إلا ما يتلو عليهم تحريمه منها. فهو سبحانه بدأ ببيان ما فيه قضاء على وثنيات الجاهلية» وبما فيه إشعار المؤمنين بكمال النعمة عليهم» إذ أباح لهم الأنعام كلها والانتفاع بها بكل وجوه الانتفاع» ولم يقيد هذه الإباحة بما كانت تقيده به أهل الجاهلية من قيود وشروط لا تقوم على أساس من المصلحةء وإنما تقوم على أوهام وأباطيل لا يصح أن يبنى عليها تحريم ما رزق الله به عباده من الطيبات» بل قيدها باستثناء ما فيه ضرر بصحة الإنسان أو دينه. وعلى النفع والإضرار ير يبنى التحليل والتحريم . ومن هذا نفهم الحكمة فى أن الله سبحانه قال: «(أحلّت لكم بهيمة الأنعام 4 ولم يقل أحلت لكم الأنعام؛ لأنه أراد سبحانه التنبيه إلى أن الأنعام أحلت بوصف أنها بهيمة؛ وكل الأنعام ذكورها وإنائها متحقق فيها هذا الوصف» فكل الأنعام حلال لكم. وإضافة لفظ بهيمة للأنعام لتأكيد عموم الأنعام التى أحلت» وللإشارة إلى أن التفريق بين بعض الأنعام وبعضها - مع أنها كلها بهيمة - ظلم وحظر لما لا مبرر تظره. وفى سورة الحج: 8 . .. وأَحلّت لكم الأنعام إِلذّ ما يتلى عليكم . .. 27 # [الحج ] « إلا ما يتل عليِكُم غير مُحلَي الصيّد 4 هذان استثناءان من العموم الذى دلت عليه «أحلّت لَكُم بَهِيمَةَ الأنْمَام4 لأن معناها أحلت الأنعام كلها لكم جميعا. ستثنى سبحانه من الأنعام التى أحلت الآنعام التى يتلو على المؤمنين آيات تحريمها فى قوله سيحانه: يا أيه اين آمُوا ل مُحنُوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ... +422 4 [المائدة] وفى قوله: حرمت عليكم الميتة واللام ولحم الختزير وما أهلَ لغير الله به ... 2# # [المائدة] وفى قوله: «ولا تأكلوا مما لَم يُذَكرٍ اسم الله عليه وإِنّه لفسق . . . +200 4 [ الأنعام | . نذا تفسير سورة المائدة .1 للا 22122172 14 2-7 ٠‏ واستثنى اماد ستثنى سبحانه من أحلت لهم بهيمة الأنعام المحرمين بالحج أو العمرة أو بالحج والعمرة» والموجودين بأرض الحرم سواء أكانوا محرمين أم غير محرمين هر تراه بقوله تعالى : لإغير محلي الصيد وأنكم حرم . والإحرام بأحد النسكين أو بهما معا معناه فى الشرع نية النسكين أو أحدهما نية مقرونة بشعار من شعائر الحج كالتلبية أو سوق الهدى. فمن أحرم أى نوى أحد النسكين واتخذ شعاره لا يحل له ما دام محرما أن يصطاد الأنعام ولا غيرها الأكل والانتفاع بما اصطاده وهو مجر م . . وأما صيد البحر والأكل منه فهو حلال للمحرم ؛ قال تعالى : : إأحل لَكُم صيَد البحرٍ وطَعَامهُ مَاعا لَك وللسيارَة حرم ليم صيد الْبَر ما دمكم حرم . ٠‏ لنت 4 . فالحرم لا يحل له صيد البر؛ سواء أكان فى أرض الحل أم فى أرض الحرم . وأرض الحرم لا يحل الصيد فيها للمحرم وغير المحرم. 6 اتير قرس فمعنى 8 وأنتم حرم» أى محرمونء أو فى أرض الحرم» أى وأنتم فى حرمة الإحرام أو حرمة الأرض ارا 0 ولله الحكمة البالغة فى هذين الاستتتاعين؛ فإنه أذى دينى أو بدنى . واستثنى ممن أحل لهم فريقين: المحرمين بأحد النسكين ؛ لأنه أراد أن يكون إحرام المحرم شعار السلام والاأمان» و تجنب العدوان حتى على عن التفكير فى إزعاج آمن أو مطاردة ضعيف » والموجود بأرض الحرم مطلقا؛ آنه أراد أن تكون أرض الحرم أمنا حتى للصيد أو لم يروا أَنَا جعلنًا حرما آمنا . 727 > [العسكبوت] . وقد ا ستئن سبحانه وتعالى من ال لتحليا ما يتلى من بعد ذلك» وهو ما اشتمل عليه قوله تعالى من بعد: ف حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما ل ل تفسير سورة المائدة لل 9 له - أهل غير اللّه به والمنخقة والْمَوقُودةٌ وَالْمتَرَديةُ والنُطيحةٌ وما أكل السبع إل مَا ذَكيتم وَمَا ذبح على النُصب وأن تستَقْسمُوا بالأزلام كم فسق .. . +21 4 . ظإِنَ الله يحكُم ما يريد» المعنى: إن الله يحكم الحكم الذى يريد لا الحكم الذى تهواه النفوسء أو الحكم الذى توارثه الخلف عن السلف. فهو سبحانه إذا حكم بإيجاب الإيفاء بالعقودء وحكم بإحلال بهيمة الأنعام؛ وحكم باستثناء بعض الأنعام مما أحلهء وحكم باستثناء الفريقين تمن أحل لهمء إنما يصدر فى حكمه عن إرادته. وسنته فى إرادته بها سبحانه بقوله: 8 ... يرِيد الله بكم لسر ولا يريد بكم العسر .. . +429 4 [البقرة] وبقوله: « ... ما يريد اللّهِ ليجعل علَيكم من حرج ... +20 4 فأحكامه التى ذكرها مصدرها إرادته. وهو ما يريد العسر ولا الحرج بحكمهء لا فى تحريمه المحرمات» ولا إحلاله المباحات» وإيجابه الواجبات» وكل ما أمر به أو نهى عنه أو شرعه. ونرى أن «يحكم» تعصدت من غير الباء فلم يقل تعالت كلماته: (إن الله يحكم بما يريده» بل قال: لإِنَ الله يَحَكُم ما يريد» وذلك لتضمن الحكم معنى حد الحدود. والمنع عن الموبقات» فكان التعدى بغير الباء. وقد جاء فى تفسير القرطبى: أن «هذه الآية تما تلوح فصاحتها وكثرة معانيها على قلة ألفاظها لكل ذى بصيرة بالكلام» فإنها تضمنت خمسة أحكام: الأول: الأمر بالوفاء بالعقود» والثانى: تحليل بهيمة الأنعامء الثالث: استثناء ما يتلى بعد ذلك» الرابع : استثناء حال الإحرام فيما يصادء الخامس: ما تقتضيه الآية من إباحة الصيد لمن ليس بمحرم. وحكى النقاش: أن أصحاب الكندى قالوا له: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن» فقال: أعمل مثل بعضهء فاحتجب أياما كثيرة؛ ثم خرج فقال: والله ما أقدرء ولا يطيق هذا أحد» إنى فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة» فنظرت». فإؤذا هو قد كلف بالوفاء ونهى عن النكث» وحلل تحليلا عاماء ثم استثنى استثناء بعد استثناء ثم أخبر عن قدرته وحكمته ‏ فى سطرين» لها تفسير سورة المائدة امام االااا!!االانا لكالل ممما ااالااللااالااالالمالللا كط اللاااالالاالاااااامممممممممممخسمط اما المسضسضخض خضلا لطن لتلا - م5 يك ولا يقدر أحد أن يأتى بهذا إلا فى أجلاد)(21 اللهم انفعنا بكتابك» واهدنا بهديه» واملا قلبنا بنوره وعلمه إنك أنت العليم الحكيم . ومن قرأ سورة الأنعام المكية ووقف على ما كان عليه أهل الجاهلية من تحريم وتحليل بناء على الأهواء والشهوات والتقاليد الوثنية» يفهم الحكمة البالغة فيما ختمت به هذه الآية من قوله سبحانه: إن الله يحكم ما يريد» أى لا يحكم الحكم الذى تقتضيه الأهواء؛ وإنما يحكم الحكم الذى تقتضيه الحكمة والعدالة والمصلحة فى الدين والدنيا؛ وهذا يوجب على المؤمن أن يتقبل أحكام الله بالإذعان والتسليم؛ لأن مصدرها إرادة الحَكَم العدل اللّطيف الخبير . وه يك لذن امَيوأ الوا سَعدِير عع وَلَاأَلشَّمرلظَاءوْ 22000007 1 ارس ع معي د 72 26 كن سن 2 الخرام يعون فضلاون رهم وَرصَونا وذ الل كاصطادواً عع م سر ب يروس ما ساي ولا جرم عار مر أَدَصدَُوكمْعَنِالْمَسْجِدٍ 0020 0 00 أ د له كرام أ قمعل راقو وَكَاهمَوأ 2 رس قرح ج ررضت وح سج رصي عر هم 7 على ا لإ توا لعدو نوأَنَقَوأ الله إن الله ب سَدِيدَألْعِكَابٍ > فى الآية السابقة أشار سبحانه وتعالى إلى ما أحل من طيبات» وأشار إلى مكان البيت الحرام وحرمته. وأنه لا يحل صيده والإحرام قائم» وأن الله تعالى يحكم بما يريد» وهذا حكمه وأمرهء وما على المؤمن إلا الطاعة فيما أمر به» وفى هذه الآية يبين سبحانه وتعالى ما يجب» وقد د بين الحرمات التى تجب صيانتها ومن تتعلق بهم» وقد ذكر أمورا لا يصح إحلالهاء وهى شعائر الله تعالى» والشهر )١(‏ أجلاد أي مجلدات. 9 تفسير سورة المائدة 1 ىب أ الحرام والهدى والقلائد» والذين يقصدون البيت. وقد ابتدأ بأولهاء فقال تعالى: ( يا أَيّها الذي آمنُوا لا نُحنُوا شعائر الله ولا الشهر الحرام .. 4 النداء لآهل الإيمان الصادقين فى إيمانهم الذين يعملون بما يأمرء وينتهون عما ينهى» وتصدير الكلام بهذا النداء لبيان ما كان محرما فى الحج وما يدعو الإسلام إلى الاستجابة إليه من مقتضيات» والإحلال معناه أن يخالف أمر الله تعالى فما يكون حراما منهيا عنه فى الحج يفعله ويستحله» وما يكون مأمورا به لا يستجيب له» وشعائر الله تعالى فى هذا المقام المراد بها مناسسك الحج» وما حرمه فيه من ثياب فى أثناء الإحرام» وما أمر به من أمور فيه من السعى بين الصفا والمروة والطواف بالبيت الحرام» والوقوف بعرفة» ورمى الجمار وسائر الآفعال» فإن هذه كلها شعائر لله تعالى» كما قال تعالى: ظ ذلك ومن يَعَظّم شعائر الله فَإنّهَا من تقوى القلوب 20> 4 [الحج]. وكما قال تعالى فى بعيض هذه المناسك : إن الصا والمروة من شعائر الله .... 28# 4 [ البقرة ] . وسميت أعمال الحج شعائر» وهى جمع شعيرة» كما سميت مشاعر جمع مشعر» وهى أمور معلمة محسوسة مرئية» تدل على اتجاه القلوب إليه سبحانه وتعالى» فكان الإحرام مقترنا بمظهر حسى وهو ألا يلبس مخيطاء وأن يجهر بالتلبية» وكان الطواف وهو عمل حسى يدل على الاتهاه إلى ضيافة الرحمن» والإقامة بجوار بيته العتيق - أول بيت وضع - وفى ذلك اتصال دائم بين الرسالة الإلهية؛ إذ إن الذى بناه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام» فكان الطواف به رمز الوحدة فى الرسالة الإلهية» وأن آخرها متصل بأولهاء وأنها سلسلة متصلة الحلقات تم كل واحدة جزءا حتى أوفت على الغاية برسالة نبينا محمد كه وكذلك السعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة فى المشهد الإسلامى الأكبر» ورمى الجمار» كما فعل إبراهيم عليه السلام من قبل» وذلك مظهر للتطهر التام» والخروج من وسوسة الشيطان» ورميه والإعراض عنه. 0 ا تفسير سور: ة المائدة 2 | للللأال اللا لئاط الا لازام غخمنغ ا !الكل لاط عماللا ل لل امامل الال لط لالط خممممممممالمالااممم عمطت طخ نا نالوخ خط ط الالال ١1 0 ١ 37 والأمر الثانى الذى لا يحل» ونْهى المسلمون عن إحلالهء هو الشهر الحرام» والمراد النهى عن القتال فيهء والشهر مفرد أريد به الجمعء وذلك أنه أشهر أربعة كما قال تعالى فى سورة براءة: إن عدة الشهور عند الله اننا عشَر شهرا في كتّاب الله يوم خلق السّموات والأرض منها ةحرم ذلك الدين اليم ذلا َطلمُوا فين أَنَكُمْ وقَادُا لمكي كاف كما يقاتلوتكم كاف واعلَمُوا أن اللَّه مع الْمِّينَ لتم 4 [ التوبة] . وهذه الأشهر لا يحل القتال فيهاء فلا يبدأ المسلمون القتال فيهاء ولكن يدافعون إن اعتدى عليهم فيهاء ولهم أن يطلبوا الهدنة إن جاءت فى أثناء القتال فيهاء فإن كان الذين يقاتلونهم لا يؤمئون بها استمر القتال» إذ لا مناص منه. وقد ادذعى كثيرون أن منع القتال فى هذه الأشهر نسخ» ولا نجد دليلا يدل على النسخ» بل الأدلة تدل على دوام التحريم بل الأدلة متضافرة غغلى استمرار تحريمها؛ لأن ذلك جاء فى سورة المائدة» وهى من أواخخر القرآن نزولاء ولأن النبى َلِلْهِ ذكر التحريم فى خطبة الوداع ولعل الذين ادّعوا النسخ أخذوه من الحروب الإسلامية» والواقع أن المسلمين كانوا مضطرين للاستمرار. والأشهر الحرم هى: ذو القعدة وذو الحجة؛ والمَحَرَمء ورجب - الذى بين جمادى وشعبان - والأشهر الثلاثة الأولى فيها الحج والذهاب إليه والعودة منهء ورجب فيه العمرة» والتحريم ليكون الطريق آمنا فى مدة الحج. ولا الهدى ولا القلائد» الهدى جمع هدية» وهو ما يهدى» ويراد به هنا ما يهدى إلى البيت الحرام ليذبح فى الحج» وإحلاله المنهى عنه ذبحه فى غير موضع الحج. كما قال تعالى: « ... ولا تحلقوا رووسكم حنَّى يبل الهَدي مَحلَّهُ ... +43 [البقرة] كما أن من إحلاله اغتصابه أو منعه من أن يصل إلى البيت الحرام» والقلائد جمع قلادة» وهى ما ثَمَلّد به الهدى» ومن الفقهاء من خصها بالبدن (الإبل والبقر) فلا يقلد سواهاء والنهى عن إحلال القلائد قد اختلف المفسرون فى معناه» وأحسن ما ا تفسير سورة المائدة ْ ل 2 1 كوه < يي قيل هو ما قرره الزمخشرى وهو: أن النهى عن إحلال القلائد هو النهى عن إحلال الهدى الذى حمل القلادة» وكان ذكرها بعد ذكر الهدى عامة من قبيل ذكر الخاص بعد العام» وكان المعنى لا تحلوا الهدى» ولا تحلوا القلائد بشكل خاص» وذلك لأن إحلال الهدى الذى أشعر وأعلم بالقلادة يكون أشد نهياء إذ إنه اعتداء على ما أعلن بالحس أنه خصص للبيت الحرام» ولم يكتف بالنية وحدهاء فما خصص بالنية قد يخفى» وما خصص بالحس لا يخفى» وذكر الزمخشرى وجها آخرء وهو أن النهى عن إحلال ذات القلائد» وإذا كانت القلائد لا يحل الاعتداء عليها فأولى بذلك الحيوان الذى يحمل شعارهاء ومهما يكن من التخريجين فالنهى ثابت عن إحلال الهدى وشعاره. وإن سوق الهدى وذبحه من مناسك الحج وفيه توسعة على سكان البيت الحرام؛ وإجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام : «ا ينا إنى أسكنت من ذَرِيْتى بواد غير ذى ذنم عند بيتك حرم ربنا ليقيموا الصّلاة فاجعل أقدة من الثاس تهرى إليهم وارزقهم من الغُمرات لَعلّهم يشكرون 208 4 [إبراهيم ] . ولاس ولكن هل يغنى عن الهدى وذبحه فى منى ما يقوم به من نقود؟ لقد أجمع الله تعالى الصيام بدل الهدى من لا يجدء فقال تعالى : 8 .. ذا أمنتم فَمَن تممّع بالعمرة إلى احج قَمَا استيسر م من الهدى فمن لّم يجد قصيام ثَلانّة يام ف فى الْحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة . . . تنك © [البقرة ] . يأكلون كل ما يذبح فية فيتلف» ووراء ذلك فشو الأوبئة ونحوهاء وهذا فوق ما تنشر الدماء من أدواء . ونقول فى الجواب عن ذلك: إن هذا من ضيق عقل الإنسان» لا من شريعة قيمة الهدى تغنى عنه» وكان يجب أن يفكر المفكرون فى الانتفاع باللحم والدم من 3 5 50 لها تقندبير سنبورهة المائدة 2 ااا الاااااااا ااااااللااااااللللملطغممماللممامااملمامللممملمامممملغمممماسكك1 1ل خخمماممممامممممممس للا ططخ م خخخ )لتلا بمب بره يي غير أن يتعرضا للفساد والإفساد» وذلك بادخار اللحم.ء بالتثليج أو نحوه ليمد سكان الحرم الشريف باللحم أكثر العام. لا فى موسم الحج وحدهء وأن تقام المدابغ لدبغ الجلود» فتكون مصدر ثروة» والدم يصنع منه أحسن الأوانى» والنار تطهره» ولكن العقول تتسع فى كل شئون الحياة» فإذا جاءت إلى أوامر الإسلام ضاقت» وذلك من ضعف الإيمان. ولا آمَين البيت الحرام يستَغون فضلاً مَن بهم ورضوانا» المراد الذين يقصدون البيت الحرام لآداء الحج. وقد قال بعض العلماء: إن هؤلاء الذين ينهى عن إحلالهم (بمعنى منعهم) هم من كانوا من المشركين يقصدون البيت الحرام يبتغون التجارة ورضا الله تعالى بزعمهم» وقد نسخ هذا بقوله تعالى بعد ذلك: ... إِنْمَا المشركون نجس قلا يقربوا الْمَسجد الحرام بعد عامهم هَذَا ... 2007 4 [ العوبة ]. ولكن سورة المائدة من آخر القرآن نزولاء وقد قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: «المائدة من آخر القرآن نزولاء فأحلوا حلالها وحرموا حرامها» وقال الحسن البصرى: ليس فيها منسوخ. وعلى ذلك نقول: إن آمَيْن البيت (أى القاصدين له حجا) هم من المؤمنين» ومعنى إحلال هؤلاء منعهم من الحج رب أو نزاع أو بغى» بل يجب أن يكون مفتوحا للجميع» وإذا كان الله تعالى قد جعله آمنا فقد فتحه لكل المؤمنين يقصدونه. وليس لأحد أن يمنعهم» فلا يحل لآحد أن يمنع أو يصعّب على الناس دخول البيت الحرام. وقد بين سبحانه مقصد هؤلاء الذين يؤمولن البيت ٠»‏ وهو أنهم يبتغولن فضلا 5 من ربهم ورضواناء وفسر بعض العلماء الفضل بأنه التجارة»؛ أى أنهم يبتغون من رضوان الله تعالى غرضا من أغراض الدنياء وهو التجارة» وقد يكون فى التجارة جلب أرزاق لسكان الحرم» فالتجارة غير ممنوعة» ولكن القصد الأسمى هو رضوان الله تبارك وتعالى» فهو العبادة التى يكون لها القصد الأول فى البيت. تفسير سورة المائدة ال ااا 0م20 لاحىرب أ وفسر آخرون الفضل بالثواب» فالذين يقصدون البيت حاجين أو معتمرين يطلبون الثواب من الله تعالى» وهو النعيم المقيم» ويطلبون ما هو أكبر منه وهو رضوان الله تعالى» كما قال تعالى: ييشرهم ربُهُم برحمة مُنْهُ وَرِضوآن وجنات لهم فيها نعيم مقيم +(10) 4 [ التوبة] . وهذا هو الذى نختاره فإن المقام مقام طلب الثواب» لا مقام طلب المال» ولكل مقام ما يناسبه. وإن الآية تومئ إلى مناسك الحج والقيام بهاء وقد ذكرت الآية السابقة أنه لا يحل الصيد مع الإحرام» وهذه الآية بينت ما يجب على المؤمن من القيام بشعائر الحج» وفتح أبواب مكة لمن يريدها من المؤمنين» وذكرت الآية الكريمة متى يباح الصيد» فقال سبحانه : «وإذا حللتم فاصطادوا» . معنى الإحلال الخروج من الإحرام بالحج أو العمرة أو هما معا بأن يلبس الملابس كاملة» ويقص شعره وأظافره وغير ذلك مما كان يحرمه عليه الذى هو فيه من الحج مع لبس لباسه» والقيام بمظاهر النسكء والاتجاه إلى الله تعالى» والشعور بأنه فى ضيافته عند بيته الحرام . وإذا تحلل ذلك التحلل أبيح له ما حرمه الإحرام عليهء ومن ذلك الصيدء والآمر بالإحلال هنا ليس للطلب» فليس الصيد بمطلوبء, ولكنه مباح» وقد جاءت صيغة الأمر بعد النهى». فكانت للإياحة» وهى كذلك فى كل صيغة «افعل» بعد النهى غالباء مثل قوله تعالى: ل فَإذًا قُضيْت الصّلاة فانتشرًوا في الأرض وَاببَغوا من فضل الله ... + 4 [اجمعة] . وذلك بعد أن نهى عن البيع عند النداء للصلاة من يوم الجمعة فى قوله | تعالت كلماته: يا أيه دين آمُوا إذا ُودئ للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ودَروا ايع ذلكُم خير لَكُم إن كنثم تَعلّمون +20 4 [الجمعة] . م تفسير سورة المائدة ١للااااااائلتاةاااالاالااااااللالاا‏ الالالال ااااالالاأ ل للاااناااااا الا للاالا ااا اا لاط لطلنا ااال الالالال ططلا اا الالامخاللان طلا تللق تاللا 114 يمار لي وقد روى فى ذلك قول النبى عله ١اكنت‏ نهيتكم عن زيارة القبورء ألا فزوروها)(21. والخلاصة أن هذا النص الكريم فيه إباحة الصيد بعد الخفروج من الإحرام بعد أن كان محرما فى أثناء الإحرام. ولقد ساد الإسلام أرض العرب بعد أن كانت حجة الوداع» ولكن قد بقيت بعض الإحن فى النفوسء ونفس المؤمن يجب أن تكون طهورا لا يعيش فيها الحقدء ولا حب الانتقام؛ ولذا نهى الله تعالى عباهه المؤمنين عن أن يدفعهم البغض السابق لقوم لأنهم صدوهم عن المسجد الحرام» أن يمنعوهم كما منعوهم» فإن ذلك يكون اعتداء من أهل الإيمان؛ ولذا قال سبحانه: «ولا يجَرِمكُم شتآن قَوْم أن صدوكم عن الْمَسّجد الْحَرام أن تَعتَدُوا 4 يجرمنكم معناها يحملنكم؛ لأن «جرم) فى هذا المقام وما يشبهه معناها حمل حملا قاطعاء يقال جرمنى كذا على بغضه؛ أى حملنى عليه حملا قاطعاء ومن ذلك قول الشاعر: ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ‏ جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا أى حملت فزارة على أن تغضب . والشنآن: البغض الشديد. يقال شّئئت الرجل أشنا شنآنا وشْئاً منعوكم من دخول المسبجد الحرام أن تعتدوا عليهم بأن تصدوهم » فالجاهلية والشرك يبرران ذلك الصد» والإسلام لا يبرره» لآنه اعتداء على البيت الحرام» واعتداء على شعائر الله سبحانه وتعالى . )00 جزء من حديث رواء ملم لجنائر. استكذان اد البي كل رب (40)ء ولفظه عن ن ابن بريد عن لز عر عر سن صل الكحرة. ها تفسير سورة المائدة لل حي كك * يي وقد يقال: إن الاعتداء كان وهم فى الجاهلية» وقد أسلمواء» فكيف يتصور أن يعاملهم المؤمنون بما كان منهم فى الجاهلية مع أن الإسلام يَجُبّ ما قبله؟ والجواب عن ذلك أن جرح النفس قد يستمر أثره فنهى الله تعالى المؤمنين عن أن يكون منهم ما يكون مجاوبة لما كان من آلام نالتهم بسبب صد المشركين لهم فى الجاهلية» وخصوصا أن فى بيان ذلك بيانا لآن كل صد عن المسجد الحرام اعتداء على شعائر الله سواء كان ذلك قبل الإسلام أم كان سببه هوى النفس والشيطان» ومشاحة بين المسلمين أنفسهم كما حدث فى عصور سابقة» وكما يحدث الآن مهما تكن الأسباب . وهنا قراءتان لابد من ذكرهماء - أولهماء قراءة #أن صدوكم عن المسجد الحرام» بفتح الهمزة» وهذه تشير إلى أن الصد كان فى الماضى» والاعتداء مجارمة لما كان فى الماضى» والقراءة الثانية (إن صدوكٌم) بكسر الهمزة230, ومؤداها أنه إذا كان فى المستقبل من يصدكم عن المسجد الحرام» فلا تعاملوه بالمثل وتصدوه؛ لأن ذلك اعتداء. والنص الكريم يدل على أن كل اعتداء حرام سواء أكان بالصد عن المسجدء أو كان بغيره فما حرم الصد إلا لأنه شعبة من الاعتداء. « وتعَاونوا عَلَى الْبرَ والتَّقَوَ ولا تَعَاونُوا علَى الإنّم والْعدوان4 إن الاعتداء والتعاون على البر والتقوى ضدان,ء وعندما يذكّر أمر يرد على الخاطر ضده؛ ولذا أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى بعد النهى عن الاعتداء. والبر: التوسع فى فعل الخير للناس والطاعة لله تعالى وتطهير النفس من أدرانهاء وهذا إذا لم تذكر التقوى؛ فإذا ذكرت التقوى معهء كما فى هذا النص الكريم» كان البر هو الطاعة الظاهرة ونفع الناس» وإسدء المعروف لهمء وكانت التقوى تصفية النفس وتطهيرها وإخلاصها لله تعالى» وقد قال فى ذلك أبو الحسن الماوردى: «ندب الله )١(‏ (إن صدوكم) بكسر الهمزة» بها قرأ ابن كثير وأبو عمروء وقرأ الباقون بفتح الهمزة. [غاية الاختصار- سورة المائدة (/9/98) . جَ ,2 ص9١‏ ]. | تفسبير سيور ة المائدة الل 0001 لحر ات تعالى إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له؛ لآن فى التقوى رضا الله تعالى» وفى البر رضا الناس» ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته. وعمت نعمته) والإثم: أصله اللغوى الأفعال المبطئة عن الخير المانعة له» ثم أطلق على كل ما يفسد النفس ويفسد العمل» ويكون فيه العصيان» ومجافاة الخيرء وقرب الشرء وإن الاثم إذا لم يتعد إلى غيره كان على نفسهٍ وإن تعدى على غيره كان عدواناء وقد قال تعالى: ومن يككسب إنما فَإِنْمَا يكسبه على نفسه وكان لله عليما حكيما 107 ومن يككسب خطيتة أو إِنما نَم يرم به برِيا فقد احتمل بان وَإِنّمَا مبينا 423 4 [ العساء] . وقد نهى سبحانه عن التعاون على الإثم والعدوان» فنهى عن الإثم الذى تكون مغبته على صاحبه أو تفسد قلبه» وعن العدوان على غيره. والتعاون: معناه تبادل المعونة» ويكون فى الخير بمد يد المعونة فى الشدائد» وكل يجود بما عنده لاأخيه» فالعالم بعلمه» والشجاع القوى بدفاعه عن الضعيف» وأن يكون المؤمنون يدا على من سواهم» ومنع الظالم من ظلمه» وإرشاد الضال» ومنع الآثام . وهذا تعاون أفرادى عام» وله أشكال كثيرة» والتعاون الجماعى بتعاون الأسرة» وتعاون الحى» وتعاون الأمة» وتعاون الجماعة الإنسانية» وكل ذلك حثً عليه الإسلام» ومن التعاون تأليف جماعات له. والنبى يَكِِ أوجد أعظم تعاون جماعى وذلك بالإخاء فى الإسلام. وقد ذيل الله سبحانه النص الكريم بقوله: إن اللَّهَ شديد العقاب»*. وهذا إنذار لمن يتعاونون على الوثم والعدوان وترهيب لغيرهم (وقد أكد الله -تعالى- هذا المعنى بشلاث مؤكدات (إن) الدالة على التوكيد)ء وبذكر لفظ الجلالة» والوصف بالشدة. . اللهم قنا غضبكء» وامنحنا رضاك» إنك أنت الغفور الرحيم . ا تفسير سورة المائدة !ااا اا انالا اناا لتانالةان تل تالالا اتانة اانا الالالال لالنط نالل لالزلا انان االلاا ان انالا ال انالا للانالاتشال 2 > د 20 01-1 اميه وال مدع سدور 021 0 سخ و سر سر الخو ساح رح مر وه ل ل سمج و 10 و ل له سس ري سر تقلط ةنع َلسَّمم لام ناديح علب وا أن كَستفسموأ ضح كوس لاس 00 م أذ و ا ره 0 من دِييكم 00100 ى فاح أ مح مه 2 سات كك َوَأَمَسَثُ و د 4 هرود 7 2 سح سل 7 ل ل 00000 و عو و حر مخيصة تاف لاف لطبي 4# اه الساظة ين ماه قوب الصيد ف رقت ميا وسكاة مي وحال معينة» وهذا فى البيت الحرام وفى الأشهر الحرم المخصصة للحج» كما قال تعالى : «( احج أشهر مَعلُومَات فَمَن فُرَض فين الْحَجّ فلا رفت ولا فسوق ولا جدال في الحج . .. 039 4 [البقرة] . 0 وفى هذه الآية بَيّن سبحانه وتعالى المحرمات من الحيوان الذى كان فى أصله حلالاء ولكن كان التحريم فيه سببه مقترنا بهلاكه» مما يهلك بموت من غير ذبح» وكذلك بعض أجزائه» وبين تحريم حيوانات أخرى وبعض الأفعال التى تقترن بالذبح عند الذين أباحوا الميسر لأنفسهم» ولذلك قال تعالى : «حرمت عليكم الْمَْتَةَ والدّم ولّحم الختزير4 هذه الآية تبين تحريم أربعة أنواع » هى الميتة وماهو فى حكمها ما يقتل ودمه لا يخرج منه» والثانى الدم. والثالث لحم الختزير» والرابع ما أهل لغير الله به وما ذبح على النصب» وحرم مع هذا فعلا يقترن بالذبح» وهو الاستقسام بالأزلام» أى قسم اللحم بطريق الآزلام» وهى الأقداح التى تستعمل فى الميسر» أو كانت تستعمل عند العرب. هاا تفسير سورة المائدة 000 أب أ والميتة: الحيوان الذى يموتء» وكلمة «لميتة4؛ وصف والموصوف هو الحئة» فإن كل جثة لا تجرى فيها الحياة تكون ميتة» والمراد من الميتة هنا ما يموت من غير فعل فاعل» والميتة غالبا تكون مستقذرة فى ذاتها تعافها النفس وينفر منها الطبع» وهى رجس قذرء يكون فيه تعفن» أو على الآقل يسارع إليه التعفن» وهى فوق أنها خبث يكون فى الغالب سببه مرضًا قد اعترى جسمهء وقد يكون بجرثومة تبقى بعد الموت أمدا غير قصيرء ولأن الميتة يكون دمها فيها وقد فسد؛ ولذلك كله حرمت» فهى قذارة وفيها ضرر كبير. والدم الذى جاء النص الكريم بتتحريمه هو الدم المسفوحء الذى نص عليه فى قوله تعالى فى سورة الأنعام : «قل لأ أجد في ما أوحي ي َي محرا على طَاعم يَطْعَمَه إلا أن يكُون َيه ْم مسَُوحا أَوْ لحم خنزير فَإنّهُ رحس أو فسقًا أل لعي الل به . ... كك © [الأنعام] والمراد بالمسفوح: الذى يسفح ويراق من الحيوان» وإن غلظ وتماسك من بعد ذلك,. فالدم الذى يكون جامدا بأصل خلقته وتكوينه كالكبد والطحال يكون حلالاء كما ورد عن النبى كل أنه قال: «أحلت لنا ميتتان حلالان: ودمان حلالان الكبد والطحال» والسمك والجراد)0© . وكان تحريم الدم لأنه ضارهء إذ إنه يعسر هضمه» وسريع التعفن» ويحمل كثيرا من جراثيم الأمراض» ولا يمكن تنقيته من هذه الجراثيم كاللبن إذ يغلى. وإن دم الحيوان السليم قد ينقل إلى الإنسان محفوظا مصونا من غير أن يتعرض للهواء فيزيده قوة أو يعوضه عما فقدهء ولكنه لا يمكن أن يكون غذاء يتناول بالفم» ويمر على الجهاز الهضمىء» إذ إنه لا يكون قابلا للتمثيل فى الجسم فوق ما يسرى إليه من جراثيم تفسده وأن النفس الفطرية تعافه. زنك رواه ايبن ماجه: الأطعمة 5 الكبد والطحالٍ كك وأحمد: م مسئدك الكثرين 3 الصحابة ل لس ل سل ١‏ لع سر صل فالحوت اجات وم الدمّان َالْكَبد ولا هاا تفسير سورة المائدة ْ الل ا 01000 7 اا :2 يي" ولحم الخنزير: حرام لأنه مستقذرء تعافه الفطرة كالميتة والدم» إذ إنه يلازم القاذورات ويتغذى منهاء ولهذا المعنى حرمت البهائم الجلالة التى تأكل الجلة وتتغذى بهاء فقد روى عن ابن عمر أنه قال: «نهى رسول الله كَلِْةٌ عن أكل اللجلالة وألبانها)() وهذا النهى للكراهة عند بعض الأئمة» وللتحريم عند الآخرين» وقالوا: لا تؤكل حتى تحبس» وكان ابن عمر يحبس الدجاجة ثلاثاء ولا يرى بأكلها بعد ذلك بأسا. وإن المقصد من ذلك ألا يأكل المؤمن إلا طيبا لا خبث فيه. وإن كون لحم الخنزير ضارا فهو أمر قد قرره الطب» فلحمه يولد كثيرا من الديدان» كالدودة الوحيدة والشعرة الحلزونية التى تجىء إليه من أكل الجرذان الميتة» وإنه عسر الهضم لا تكاد النفس تستسيغه» والجهاز الهضمى لا يهضمهء وإن الذين يستطيبونه قد فسدت أذواقهم» والعادة هى التى سهلت استساغته» وكثير من المستقذرات تسهل العادة تناولهاء وقد وصفه القرآن الكريم بأنه رجس» وقد صدق فيه الوصف. فهو ضار ضررا بليغا» ومستقذر استقذارا شديدا مهما يقل فيه الذين وما أهل لعي الله به © الإهلال: هو رفع الصوت» وأصله رفع الصوت عند رؤية الهلال» ثم أطلق على رفع الصوت لأمر يدعو إلى رفعهء ومنه أهل فلان بالحج إذا رفع صوته بالتلبية والدعاء فى كل مكان يناسب ذلك» وعند البيت الحرامء والإهلال لغير الله عند الذبح أن يذبحوا باسم صنم من الأصنام» وإن ذلك فيه عبادة لغير الله تعالى» فنهى عن أكل ما يذبح لذلك منعا لهذا العمل الذى هو شرك بالله تعالى» وكان النهى عن الأكل لأنه ذريعة إلى المنع المطلق. والتحريم فى هذا ليس لذات الحيوان» بل لما صحبه من عمل فيه شرك بالله تعالى» وفسوق عن أمره سبحانه وتعالى. )١(‏ رواه الترمذي:الأطعمة- في أكل لحوم الجلالة وألبانها (5 2)١185‏ وأبو داود: الأطعمة (71/80), وابن ماجه: الذبائح - النهي عن لحوم الجلالة (7149)» عن ابن عمر رضي الله عنهما. اا تفسير سورة المائدة م ١ ال‎ ١ _-- ولذلك كان تحريم المينة والدم والخنزير؛ لأنها رجسء وهذا حرم لأنه فسق وإشراك» وهذا مؤدى قوله تعالى: طقل لا أجد في ما أوحي إلى مُحرَما على طاعم يطْعَمهُ إلا أن يكون ميَْة أو دما مُسَفُوحا أَوْ لحم خنزير فَإِنَهُ رجس أو فسقا أهل لعي الله به ... مومه # [الأنعام ] . وإن الذبيحة إنما تحرم إذا كان قد ذكر غير اسم الله تعالى عليهاء وإنها حلال إذا ذكر اسم الله تعالى عليهاء ولكن إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليهاء ولم يذكر غيره» وكان الذابح مسلماء وكان الذبح فى مكان لا يبدو أن فيه تقريا لغير الله تعالى أتكون الذبيحة حراما أم لا تكون؟. قال بعض الفقهاء: لا تحل لقوله تعالى: 9 ولا تأكلُوا مما لم يُذكَرٍ اسم الله عليه . .. 6207 © [الأنعام ] فإذا لم يذكر اسم اللهء فذلك من مواضع النهى. وقال آخرون: إن موضع التحريم هو فيما أهل لغير الله به» والآخر على أصل الحل» ويدل على ذلك القصر فى التحريم فى قوله تعالى: «قل لأ أجد في ًا أوحي إل مُحَرَمًا ... +53 4 [الأنعام] . وبقصر النهى فى قوله تعالى: لإ ولا تأَكلُوا مما لم يذكر اسم الله عليه .. . 217 4 [الأنعام] على حال ما إذا ذكر غيره وما كان قبل النهى وبعده يزكى تفسيره بذلك» وسنبين ذلك عند الكلام فى هذه 52 الآية إن شاء الله تعالى. وال لمنخنقة والموقو ذة والمتردية والْطب لتطيحة وما أكل السبع 4 . المنخنقة: هى التى تموت بخنق إما باختناقها من وثاقهاء أو يخنقها غيرها ويتركها حتى تموت. والموقوذة: هى التى وقذت بحجرء أو تضرب بعصا حتى تموت من غير تذكية شرعية» فالوقذ الرمى ( والضرب الشديد. . وما يرمى بالسهم » فيموت أيعد موقوذا أم لا يعد؟ روى أن النبى مله قال: «إذا رميت بالمعراض (السهم الذى قد يصيب بعرضه لا بحده) فخزق فكلَهُ وإن أصابه بعرضه فلا تأكلهء فإنه لل تفسير سسورة المائدة 0 كم 1 هوه 7 وقيذ)(1) ومؤدى الحديث أن السهم إن اخترق الجسم وأسال الدم يؤكل المضروب وإلا فإنه لا يؤكل» فالعبرة إذن بإسالة الدم فإن أساله أكله» وإلا فلا يؤكل. والمتردية: هى التى تموت بسبب سقوطها من مكان مرتفع فى مكان منخفض » كالتى تسقط من جبل فى هاوية» أو تسقط فى بئر فتموت. مفعولة» كذبيحة بمعنى مذبوحة» وقد كان العرب يأكلون كل هذه الأصناف الأربعة» فجاء الإسلام وحرمهاء والحقيقة أنها من نوع الميتة؛ لأنها تموت ودمها محبوس فيها لم يخرج منهاء» ويصح أن تدخل فى عموم الميتة؛ ولذلك جاء الاقتصار على ذكر الميتة فى قوله تعالى: إل لا أجد في ما أوجي إي محرما عل طاعم يطفمة . ٠٠‏ دوك 4 [ الأنعام ] وما أكل السبع: المراد به ما افترسه ذو ناب وأظفار من سباع الحيوان كالأسد السبب وأريد المسبب » ولإطلاق السبب هنا معلى » ذلك أنه افترسه ليأكله» فيخرج بذلك الكلب المعلّم الذى أطلق ليصطاد لصاحبه وسمى عند إطلاقه» فهو يفترس لا ليأكل» بل لمن أطلقه» وقالوا: إنه إذا افترسه ليأكله هو بأن أكل أكثره فإنه لا يحل الباقى لمن أطلقه. يشبهه ما يريق العم ويصفيه؛ ولذا قال تعالى: ا أ ان أن المدخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما افترسه السبع إذا أدرك وهو حىء وذكى التذكية )١(‏ رواه البخاري: الذبائح والصيد - صيد المعراض (0577). والوقيذ والموقوذ: ما يقتل بغير أداة حادة . راح جع أطرافه في البخاري ومسلم» من رواية عدى بن حاتم رضى الله عنه. ها تفسير سورة المائدة 2 0100 ١: ااا‎ يي الشرعية وأريق دمه» فإنه يكون حلالا .. بسبب هذه التذكية» فهو وما ذكى ابتداء وهو قوى قادر - على سواء(؛ لأن التذكية الشرعية وهو حى هى سبب الحل» وقد تحقق فى الحالين. وما ذبح على النصب » النصب: اسم مفرد لحجر كان ينصب فيعبدء وتصب عليه دماء الذبائح» ويشرح اللحم ويوضع عليه» وكانوا يفعلون ذلك تقربا إليهاء أو ليتقربوا عن طريقهاء فنهى الله تعالى عن أكل ما يذبح على هذه الحجارة قطعا لدابر الوثنية والآفعال التى تؤدى إليهاء وتحريم هذا هو من قبيل تحريم ما أهل لغير الله تعالى» فالمعنى فيهما واحدء والتحريم ليس لذات الشىء المذبوح» ولكن لا اقترن بالذبح من آثام وفسوق عن أمر الله تعالى. والفعل الذى حرمه الإسلام من غير أن يتعرض لتحريم اللحم هو ما جاء فى قوله تعالى : ون تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق 4 فقد وصفه سبحانه وتعالى بأنه فسق» والأزلام جمع زلم» وهو القدح من أقداح الميسرء وهى عشرة أقداح» منها ثلاثة غفل ليس فيها ما يدل على مقدار يؤخذ. وسبعة فيها مقادير تبين مقاديرهاء فإذا عقر الجزور2"7»: قسم على مقدار ما يشتمل عليه من أجزاء ثم ضربت الأقداح» فمن يخرج له منها قدح يأخذ بمقدار ما يشتمل عليه» وبذلك يطلب كل واحد نصيبه من الجزور بهذا القمار» وقد وصف الله تعالى ذلك الفعل بأنه فسق» أى خروج على المبادئ الإسلامية» والتحريم منصب على الفعل» وليس منصبا على اللحم» وعلى ذلك إذا كانت الذبيحة قد ذكيت بالطريقة الإسلامية» وذكر اسم الله تعالى عليهاء فإنها تكون حلالاء والتقسيم بهذه الطريقة يكون حراما. )١(‏ وهو قري قادر: أي الحيوان قبل أن ب يصيبه ما أصابه » ما دام ذكى التذكية الشرعية قبل موته. ل ل تفسير سورة المائدة الللللللال الل الك 8 - « اليو يكس الّدين كفروا من دينكم فلا تَخشوهم وَاخحْشون 4 اليوم الملحرف بأل التى هى للحضورهء هو يوم عرفة؛ ذلك أن الآية كلها نزلت فى يوم عرفة» وفيها بيان المحرمات» وقد ذكر سبحانه وتعالى عقب بيان هذه المحرمات بيانا قاطعا بين حياة جاهلية فيها أخباث» وحياة إسلامية نظيفة نزيهة ببيان قوة الإسلام» وعلوه فى الأرضء وإذلال الشرك؛ وذهاب سطوته فى أرض العرب» ومعنى قوله تعالى: إيئس الّذين كفروا من ديكم» أنهم يئسوا من القضاء عليه وتغيير حقائقه» وسيطرة الشرك على المؤمنين»: وقد قال النبى يكل فى حجة الوداع يوم عرفة؛ وهو يعرض الحقائق الإسلامية» ويشهد الله تعالى على تبليغها: «إن الشيطان قد يئس أن يعبد فى أرضكم هذه21(2 ويأس الشيطان هو يأس أوليائه من المشركين من أن يتغلبوا على ذلك الدين المكين الثابت» وإذا كان المشركون قد يئسوا من السيطرة» ووهنت قواهم.ء فإنه لا تجوز مسايرتهم فى أى أمر من الأمور؛ ولذا قال سبحانه «فَلا تخشوهم واخشون» والخشية: خوف يشوبه تعظيم للا يخشى منهء ولمعنى لا تجعلوا للكافرين مكانا للهيبة أو الخوف أو التعظيم» فقد ضعفوا واستكانواء وإنما الخشية كلها لله الذى نصركم وآنتم أذلة» وأعزكم وقد كنتم مستضعفين فى الأرض» وخشية الله توجب طاعته» والأحذ بكتابه وسنة نبيه» وأن تباعدوا بينكم وبين ما كان فى الجاهلية» وما عليه عادات الجاهليين» وأن تأخذوا بمبادئ الإسلام وحده» وأنه قد كمل الدين بيانا وعزة وسلطانا؛ ولذا قال تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لَكُم الإسلام دينا 6 هذه الآية آخر آيات القرآن الكريم نزولاء وقد نزلت فى عرفة فى حجة )١(‏ روى الترمذي: الفتن - دماؤكم وأموالكم (195؟) عن عمرو بن الأحوص قَال: ستمعت رسُول اله يك يقُول في حَجَة الماع لاس : ألا إن الشبطان قد أي من أن يعْبّدَ في بلادكم هده لسر بر عر ظعي ع صل ندا ولكن ستكون لَه طاعة فيمًا تَحَتقَرودَ من أعمَالكم فَسِيَرْضَى به) قال بو عيسى : : وفي كع الس لباب عن أبي بكرة وين عباس وَجَابرٍ وَحذيّم بْنِ حمر السَحْدي وَهذا حَديث حَسَنْ صحيح. ورواه ابن ماجه : : المناسك - الخطبة يوم النحر (600 )٠‏ عن عمرو بن الأحوص بنحوه. لل ااا0ا0ا0اااللا ل للب ا الوداع» وقد مكث رسول الله يَلَيٌِ بعد هذه الآية واحدا وثمانين يوما ثم قبضة الله تعالى إليه» وفى هذا النص الكريم ذكر حقائق ثلاثا وهى: إكمال الدين» وإتمام النعمة» والرضا بالإسلام دينا. ومعنى أكملت دينكم: أكملت بيان ما آمركم به وما أنهاكم عنه. وبينت ما يحل لكم وما يحرم عليكم» وأكملت الكتاب الذى تضمن شرعى» والذى هو حجتى عليكم» والحجة لكم فى أمر دينكم» وأوضحت فيه الآدلة التى ترشدكم إلى تعرف ما تكون فيه حاجتكم» وما تعرفون منه بالاستنباط والتفكير مما تحتاجون إلى معرفته من أمر ديتكمء وخلاصة القول: إن إكمال الدين هو إكمال بيانه. ومعنى إتمام النعمة: هو إتمام النصر» وإتمام السلطان. وذلك بفتح مكة» التوحيد. ومعنى ورضيت لكم الإسلام دينا : رضيت الاستسلام لأوامرى والانقياد لما #دينا» : أى أمرا تدينون به وتطيعونه ولا تخرجون عنه» وهذا ما قرره ابن جرير» دعا إليه النبى كَلِلَهّ دينا تطيعوننى بمقتضاه.» والمعنيان متقاربان» وان اختلف التعبير» وعبر هنا بكلمة (رضيت) مع أن الأمر هنا أمر إيجاب وتكليف» وذلك للوشارة إلى أن المؤمن الذى يبلغ درجة المحبة لله تعالى يطيعه؛ لأن فيه مرضاته من غير نظر إلى التكليف الذى يتضمن الثواب والعقاب. راضيا الإسلام لعباده إلا يوم أنزل هذه الآية؟ قيل لم يزل الله راضيا لخلقه الإسلام ديناء ولكنه جل شأنه لم يزل يصرف نبيه محمدا وليه وأصحابه فى درجات الإسلام ومراتبه» درجة بعد درجة» ومرتبة بعد مرتبة» وحالا بعد حال» حتى أكمل لهم شرائعه ومعالمه, وبلغ بهم أقصى درجات مراتبه» ثم قال حين أنزل هذه ل ل تفسير سورة المائدة ١لاااتلناا‏ تالالا للللاالال الكل الات لناا تلان ااانا اككة ااانا اااااا الا تلت الالال ااال لانمل لاا لاا الال ا للللا تع كك بي الآية: #ورضيت لكم الإسلام دينا» بالصفة التى بها اليوم» والحال التى أنتم عليها منه اليوم دينا» فالزموه ولا تفارقوه. أى هذا الرضا كان ذكره أنسب عند الكمال. وإن كان مصاحبا للشرع فى مواضع نزوله. وقد يسأل سائل لاذا ذكر الله سبحانه وتعالى قوله تعالت كلماته: #اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم 4# فى يوم نزول هذه الآيات» باعتبارها آخر القرآن نزولاء فكان التنبيه إلى اليوم وهو يوم عرفات؛ لآنه ذكرى الكمال» وذكره فى جملة معترضة أدعى إلى التنبيه والتذكير. #فمن اضطر فى مخمصة غير متجائف لإثْم فَإِنَ الله غفور رُحيم 4 التحريمات السابقة كلها فى حال الاختيار» أما فى حال الاضطرار» بأن يكون الشخص مضطرا للأكل ليدفع عن نفسه الموت جوعاء فإنه فى هذه الحال يجوز الأكل . والمخمصة: المجاعة التى تورث ضمور البطن» وقد فسر النبى يله حال الضرورة التى تبيح بعض هذه المحرمات بأن يجىء الصبوح والغبوق» ولا يجد ما يأكله. أى يجىء اليوم كله. ولا يجد طعاما يأكله30" وشرط رفع الوثم عن تناول المحرم للضرورة ألا يتجاوز حد الضرورة؛ لذلك قال تعالى #غير متجانف لإنم4 أى مائل إليه راغب فيه يتجاوز حد الضرورة» وهذا يتلاقى مع قوله تعالى فى سورة البقرة: 9 ... فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إِنْم عليه . . . 872 4 [ البقرة ] . شديد وهوغير طالب لهذا المحرم » ولا يتجاوز حد الضرورة» فإن الله تعالى يرفع عنه الإثم؛ أن الله تعالى غفور رحيم » فهو رحيم بعياده ؛ ولذا جعل الضرورة مسوغه للمحذورء وهو غفور يغفر الذنوب ويفتح باب التوبة لعباده. قلوبنا غلا للذين آمنوا. . سبق تخريج ما في معناه من حديث‎ )١( ا تفسير سورة المائدة احي اناا لالت ن مالالا االاانةما ااال تاللا ااال اةةاملاات تاللا لامكل خخخ ناطاالطالططط اطخلا طلاخ اطاط طاااال انالا تاللا اا ١‏ بي ١‏ 2 هه 0 4 يوك ما أل هلل لك يبت ومَاعَ لك 2007 أذ اه سر لك يه 0-1 خو ررع عه ور م من أجْوَارِح مطبين تلوح نَبماعا مَك الله فوا أمسكن 70 ا 000 رس مهرم هاه وم م 200100000 11 واذ وأ أسمالله يدوالقو للهإن الله سرع ساب حم ل 70001101 سل عي وم 0200 عير ميد الوم اجل م طعاما لزه أونوأ أ كتبحل 1ك 5 الخص كار 0100001006 ل انيل هه نت ناموت وَامْحَصَكَتٌ مِنَالَدِنَ أوفا لكك ب من 5 ف أ أُجورَهن 0 0 00 حصنن غير مُسلفْحِين وَلَامُتََحِذِىٌ َحْدَانوَمَنْيَكَفرٌ 5 لا ل يي 0ت 392 + جه اَلْإِيِمنِ فَفَدَ حَبِطعَمَلَهوَهوَ في ا لجرو من الخسرن ريه كانت الآية السابقة فى بيان المحرمات» وبعضها كانت العرب تستبيحه» فالخنزير كان مستباحا عند العرب» وكذلك أنواع الحيوان الذى لا يذكى تذكية تهرق دمهء وتنقى اللحم والعظم من أوضارهء فكان ذلك التحريم دافعا لأن يتأثم سألوا عن ذلك» كما يدل النص الكريم 9 يسألونك ماذا أحل لهم 4 . ماذا أحل لنا؟ وكان التفاتا من الحاضر إلى الغائب للتنبيه ولتوجيه الذهن؛ ولآن فى السياق حكاية عنهم » كما يقال: أقسم فلان ليفعلن كذاء فتضمن الحكاية جعل أيضاء ولكن نسق القرآن أبلغ وأقوم وأدعى للتنبيه والالتفات» وقوله تعالى: مَاذًا أحلّ لَهُم4 يصح أن نعتبر ماذا كلها اسم استفهام مبتدأ خبره جملة أحل لهمء وقد اختار ذلك الزمخشرى فى الكشاف» فقال: «و(ماذا» مبتدأء» و«أحل لهم» خبره» كقولك أى شىء أحل لهم» وموضوع السؤال هو ما أحل لهم من ا تفسير سورة المائدة 0 ني لسرب د مطاعم؛ لأن الآية السابقة كانت فى محرمات المطاعم» فكان السؤال عما أحل منها بعد أن بين ما حرم منها من خبائث» وقد أشار سبحانه وتعالى إلى أن طريق التحليل هو التذكية الشرعية؛ ولذا كان الجواب فى المطاعم الحلال» وبعض طرق التذكية» فقال تعالى: «قل أحل لكم الطَّيّبات وما عَلّمتم من الجوارح مكلبين» أمر الله تعالى نبيه أن يتولى الجواب؛ لأن النبى يٌََ هو المبلغ للرسالة» وهو المبين لهم والمرشدء وهو المرجع» ومما يتفق مع مقام الرسالة أن يكون هو المجيب» ولكن إذا كان اتجاه الناس إلى ربهم والضراعة تكون الإجابة منه سبحانه من غير توسط أحد؛ ولذا قال تعالى: « وإِذًا سأك عبادى عتى فَإِنَى قَرِيب أجيب دغْوة الداع إِذَا دعان ... +023 4 [البقرة] أمر الله تعالى أن يجيب هو سؤالهم الخاص بالحلال والحرام؛ لأنه يتعلق ببيان رسالته التى بعث بهاء وعمله الذى يتولاه» وهو بيان الشرع للناس» والطيبات التى أحلت ‏ هى غير المحرمات التى حرمت»ء» وما تستطيبه النفوس» ولا تستقذره وتعافه» وبعض الفقهاء ومنهم المالكية فسروا الطيبات بالحلال الذى لم يحرم فى نص من كتاب أو سنة» من غير نظر إلى أن الناس يستطيبونه أو لا يستطيبونه» وبعض آخر من الفقهاء ومنهم الإمام الشافعى قالوا: إن الطيب هو الذى تستطيبه النفوس ولا تستقذره» ولم يثبت تحريمه بنص»ء وعلى ذلك لا يحل ما نص على تحريمه؛ لأنه خبيث قذر جاء النص بتحريمه؛ ولا يحل أيضا المستقذر الذى تعافه النفوس» كالخنافس وشبهها من هوام الأرض» ومثلها كل حيوان أو طعام يشبت ضرره بالإذسان طبيا أو يستقذره طبعيا؛ لآن هذا الدين دين الفطرة» فما تعافه النفوس المستقيمة لا يكون حلالا» وعندى أن هذا هو المعنى المستة وقد بين سبحانه فيما أحل صيد الكلب ونحوه من الفهود والطيور» أن ذلك كان من مواضع سؤالهم» فقال: 2 لكلل للفلل الالالال لبلب لي «إوما علّمتم مَن الجوارح مكلبين تعلموتهن مما عَلّمَكم اللّه فكلوا مما أأمسكن عَلَيِكُم »4 وبعض المفسرين قال: إن فى الكلام محذوفا دل عليه السياق» وهو كلمة «صيداء والمعنى أحل لكم الطيبات» وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح . وبعض العلماء لا يقدر محذوفاء بل يجعل الخبر هو الجملة الطلبية: طفَكْلُوا مما أمسكن عَليكم واذكروا اسم الله عليه ويكون قوله تعالى: #مكلبين تعلَموتهنَ مما عَلّمَكُم اللّه» حالا بعد حال؛» وصاحب الحال» ضمير الخطاب فى قوله: #وما عَلّمت4 حال كونكم #مكلبين» معلمين» وتقدير الكلام يكون هكذا. . وأحل لكم ما أمسكن لكم من صيد الجوارح؛ وذلك لأن الخبر محل الفائدة» ودخلت الفاء الخبر؛ لأن الجملة طلبية» ولآن ما موصولة» والفاء تدخل فى خبر الموصول» مثل قوله تعالى: فإ مَن جاءَ بالْحَستة فَلَهُ عشر أَمثَالهَا ومن جاء بالسيئة قلا يجرئ إلا مثلها ... ركه 4 [الأنعام ] لتضمن الموصول أحيانا معنى الشرط . والتكليب تعليم الكلاب ‏ ومما يشبهها ‏ الصيد» فهو اسم فاعل اشتق من الكلب» أو أخذ من الكلب باعتبار أن الكلب طيع ألوف أقرب الحيوان إلى تعلم الصيدء وقد قال تعالى ما يفيد تعليم كل حيوان له مثل خواص الكلب فى الطاعة والمهارة» والاستعداد للتعلم» فقال تعالى: #من الجوارح» وهذا يعم كل حيوان يمكن أن يعلم الصيدء والجارح معناه الكاسب» أى الحيوانات التى من شأنها أن تكسب صيدا كما يكسب الإنسان» أو معناه: الذى يخدش الجسم بالجروح. فإن ذلك لا يستغنى عنه الصيدء إذ إنه لا يمكنه أن يسيطر على الحيوان غالبا إلا إذا جرحه بآنيابه» وهذا هو الذى نختاره ٠‏ وقوله تعالى: #تَعلَمُوتَهنَ مما عَلَمَكُم4 حال على اعتبار أن من مبتدأء خبره «فكلوا مما أمسكن عليكم»: وهى حال بعد حال كما أشرناء وذلك الذى اخترناه» وعلى تقدير محذوف, ولمعنى: صيد ما علمتم من الجوارح» تكون ل تفسير سورة المائدة ومعنى هذه الجملة السامية: طتُعَلَمونَهنَ مما عَلَمَكُم الله أى أنكم تعلمونهن ما علمكم الله تعالى بإلهامكم تعليمهن والانتفاع بهن فى الصيد» ومن للتبعيض» أى تعلمونهن جزءا ما أودعه الله عقولكم»ء أى تعلمونهن وسائل التحايل» والسبل المختلفة للاصطياد» وقد أودع الله غرائزهم القابلية للتعلم» وما أودعها إلا لتتتفعوا بها فى التعليم. وقد اتفق العلماء على أن الصيد بالكلاب يجوز»ء ويحل ما تمسكهء وقال الجمهور: إن مثل الكلاب كل حيوان يصنع صنيع الكلب. وكل طير كذلك؛ لأن قوله تعالى من الجوارح» يعم كل حيوان يصنع صنيع الكلب». وكان التعبير بمكلبين؛ لأن الكلاب أكثر الحيوانات استعمالا لذلك» كما أشرنا من قبل» وقال بعض الفقهاء: إنه لا يحل إلا صيد الكلاب» والأول أظهر وأوضح. وقد استنبط الإمام مالك من هذا النص أن الكلاب طاهرة» وليست نجسة» وقال: كيف يحل صيدها وينجس لحمها؟ ورد بهذه الآية الخبر الوارد عن النبى كَلئِْةِ الذى جاء فيه (إذا ولغ الكلب فى إناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهن بالتراب الطاهر)”١2‏ والجمهور على أن حل صيده لا يستوجب طهارته. والأمر فى قوله تعالى ظفَكُنُوا مما أَمْسكْن علَيكُم» للإباحة» ومعنى قوله تعالى : #أمسكن عليكم4. أى أمسكنه محبوسا عليكم» ولآأجلكم» وقد روى عن النبى كَلّْ: «إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله» وإن أمسك عليك وأدركته حيا فاذبحه» وإن أدركته قد قتل» ولم يأكل منه» فكله)27. فإن أخذ الكلب ذكاة. )١51( رواه النسائى: المياه - تعفير الإناء بالتراب (/739”) وبنحوه رواه البخارى: الوضوء‎ )١( ومسلم: الطهارة (514) كما رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه وأحمد بألفاظ مقاربة.‎ (؟) عن عدي بن حاتم حاتم قَالَ قَالَ لي رول الله يِه: «إذَا أَرْسَلْت كَلْبَكَ فَاذْكُرْ اسم اللّء َِنْ آمك عَلَِك فأدركته حيًا فَاذْبْحَه وإ أذقة قد كل وكم َكل من كلة. يِذ مَجَدتَ مع كليك كلا له له سما غيره وقد قَتَلَ فلا تَأكلء ٠‏ فَإِنّكَ لا تَدري أَيْهُمَا تله إن رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللّه إن غاب عل ْنَا لم تج فبه إلا ْمك فك إذ شفت» وإ ينا في المَاءِ قلا تأكل) . رواه مسلم : الصيد والذبائح - الصيد بالكلاب المعلمة .)١1979(‏ نا تفسبير سور ة المائدة الإ 010 1ح ا وعلى هذا قال الشافعى وأحمد: إذا أكل منه الكلب لا يحل؛ لأنه لم يمسك على من أرسله» إنما أمسكه على نفسهء وقال الإمام مالك: ما دام قد عاد به ولو مأكولا منه» فقد أمسكه على صاحبه» وقد روى ذلك عن بعض الصحابة» كعبد الله بن عمرء وسعد بن أبى وقاص0ء وأبى هريرة» وسلمان الفارسى» وقد وردت أحاديث تفيد أنه يأكل منه صاحبه» وإن أكل الكلب منه. 57 مه مر هاس والحنفية فصلوا تفصيلا حسنا فى تفسير قوله تعالى: 9فكَلوا مما أَمسكن عَلَيْكُم4 فقالوا: إن عاد بأكثره فقد أمسك على صاحبه؛ وإن عاد بأقله» فقد أمسك على نفسهء وبذلك يقع النهى عن الأكل الذى ورد عن النبى كَلِةٌ فكان تفصيلهم تفسيرا لقوله تعالى: «أمسكن عليكم» . والأحاديث الواردة فى الباب تشترط كلها أن يذكر اسم الله تعالى عند الإرسال ليقوم الصيد مقام الذبح» وهذا هو قوله تعالى: #واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إِنَ الله سَرِيعْ الحسّاب» . ثبت من الأحاديث - وقد روينا بعضها - أن ذكر اسم الله تعالى يكون عند الإرسال» لا عند الأكل» وإن التسمية عند الإرسال تقوم مقام التسمية عند الذبح» وإن الإرسال مع التسمية على من أرسله يكون كالتذكية الشرعية إلا إذا أدرك حياء فإنه لا بد من التذكية؛ لأن قيام التسمية والإرسال مقام التذكية لتعذرهاء . إذا جىء به حيا فإن التذكية ممكنة فلا يغنى عنها ما يقوم مقامهاء عند عدم إمكانهاء والواو فى العطف لا تقتضى ترتيبا ولا تعقيبا» وذكرت آخرا لأنها من تقوى الله تعالى» فكان اقترانها بالأمر العام بالتقوى من التنسيق البيانى الحكيم» وهو الذى يتناسب مع الذكر الحكيم. واختلف العلماء فى التسمية عند الإرسال كاختلافهم فى وجوب التسمية عند الذبح» فقال الظاهرية: إنها واجبة حملا للأمر هنا على الوجوبء ولقوله تعالى فى مقام آخر: 98 ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليّه . . . 27 4 [ الأنعام ] وقال الشافعى : إنها مستحبة هناء وقريب من ذلك قال الحنفية: إلا أن يكون الترك ها تفسير سورة المائدة الل 2 حب ا عمداء وقال المالكية: إنها إن تركت عمدا لا تؤكل؛ لأنه لا يبين أن الصيد للمرسل إلا إذا قصد ذلك» وتركها عمداء ينافى القصدء وإن تركت سهوا فإنها تؤكل» لأن الحيوان المخخصص للصيد يكون إرساله المقصود منه الأكل ولا يقصد سواه» إلا أن يقصد اللعب أو اللهوء وعندئذ يكون الترك عمدا لا نسيانا. وقد ذيّل الله سبحانه وتعالى الآية بالأمر بالتقوى والتذكير بالحساب» وذلك لتذكير الناس عند الطعام بأن يكونوا فى ظل تقوى الله تعالى بألا يسرفوا فى الطعام فيفسدوا أجسامهم » وألا يتعدوا القدر المطلوب» أو لا يأكلوا حق الغير» وما يكون محرماء لتعلق حق الناس؛ ولذلك يقول الله تعالى بعد الأمر بالأكل: « ... وكلُوا واشربوا ولا تُسرقُوا إِنَهُ لا يحب المسرفين +207 4 [الأعراف] . ويقول تعالى: «إيا يها لين آمنُوا لا تُحرَمُوا طَيبَات ما أَحَلَ الله كم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين 21> 4 . « اليوم أحل لكم الطَيّبات وَطَعَام الْذِين أوتوا الكتاب حل لكُمْ وطماحم حل هم 4 الظاهر أن هذه الآية وما قبلها من آيات» من قوله تعالى «حرمت يكم المت والدّم» نزلت فى يوم واحد؛ ولذلك كان قوله «اليُوْم أحل» إلى آخره. . هو ذات اليوم فى قوله تعالى: اليم يكس الّذِينَ كفروا من دينكم». وقوله: #اليوم أَكملت لكم دينكم َأَنْمَمْت عَلَيْكُم نعمَى ...»© فهو يوم واحد؛ لأن المعرفة إذا أعيدت معرفة كان المقصود واحداء وهذا الكلام السامى كله نزل يوم عرفة» وهو تسجيل لأحكام باقية إلى يوم القيامة» والطيبات هى ما ذكر فى الآية السابقة» وهى الحلال غير المستقذر طبعا وفطرة» وطعام الذين أوتوا الكتاب حل أيضاء والجمهور قد اتفقوا على أن الطعام هو الحيوان الحلال لقوله تعالى: «أحل لكم صَيْد البَحرِ وطعامه منَاعا لَكُم وللسيارة ... 2# 4. ولقوله تعالى: كل الطَّعَام كان حلاً لببى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه 4 [آل عمران]» ولقوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إِلَيَ مُحرَمَا على طاعم يَطْعَمه إلا أن يكُون مي أو دما مُسَفُوحا ... #وزمه 4 [الأنعام ] ا تفسير سورة المائدة 0 !ااال ااانا لان االتططنا ل االالللةا نالا للالا اانا الانةلااا ا تالاخلا ة ااا لاا الالالال خالطلة الالالال للا قلاط ططخلا ممالا مخمالللتطل )؟ | الااا0 ٠‏ .» يي وقد قال بعض الشيعة: إن المراد من الطعام هنا هو البَر»ء وغيره من الحبوب» والأطعمة غير الذبائح» أما الذبائح فلا تحل خشية ألا يذكروا اسم الله تعالى عليهاء. وفى الغالب يذكرون غيره. والجمهور على حل ذبائح أهل الكتاب إذا أهريق الدم» وقد اتفق الجمهور على حل هذه الذبائح , والخلااف عندهم فيما عدا الذبائح التى ثبت حلها بالنص » وأما غير الذبائح فهو قسمان: القسم الأول: مالا عمل لهم فيه كالفاكهة والبرء وهو حلال بالاتفاق» والقسم الثانى : مالهم فيه عمل وهو قسمان أيضا: أحدهما : ما يحتمل دخول النجاسات فيه كاستخراج الزيوت من التباتات أو الحيوانات» وهذا قد اختلف فيه الفقهاءء فمنهم من منعه لاحتمال النجاسة ومن هؤلاء ابن عباس؛ لأن احتمال النجاسة ثابت» وهو يمنع الحل» وقد تبع هذا الرأى بعض المالكية. ومن هؤلاء الطرطوشى » وقد صنف فى تحريم جبن النتصارى» ويجرى مجرى الحبن الزيت» وعلى هذا الرأى يجرى مجراها السمن الهولاندى وما شابهه. ولكن الجمهور على جواز ذلك ما دام لم يثبت أنه اختلط بهذا النوع من الطعام نجاسة . الخنزير» أو غير ذلك من المحرمات. « والمحصتات من الْمؤْمنات والْمَحصتَات من الّذينَ أُوثوا الكتاب من قَبَلَكُم 4 غير المسلمات»: والثانى» التروجء ولا موضع له هنا أيضاء لذن المتزوجة لا تحل مسلمة أو كتابية» والثالث» العفة, والرابع» الحرية» وهذان المعنيان لهما موضع القول» فبعض الفقهاء قرر أن المراد بالمحصنات من أهل الكتاب العفيفات» ويكون الوصف للترغيب فى طلب العفة» والعمل على الانتقاء والاخثيار» وعلى هذا اا تفسير سورة المائدة ]ااا نتاالانخخةخ اا نن اا ااا ااا اااالاااا ناملالا ال اتا طالاااللاط خالل لاا اللالاالة انتخا الالال اللخ طاطخ ططنا طالخلا خ لما تالالا كم ١ ااا‎ - الرأى يصح الزواج من الكتابيات» سواء أكن حرائر أم كن إماء» ويروى فى ذلك أن النبى يَكَِهِ تزوج مارية القبطية» وهى أمة!'2. وبعض الفقهاء ومنهم الشافعية قالوا: إن المراد بالمحصنات من أهل الكتاب الجرائرء فلا يحل من نساء أهل الكتاب إلا الحرائر» وقد ذكر هذا بقوله تعالى: ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصتات المؤمنات فمن ما ملكت فقيد زواج الإماء هنا بأن يكن من المؤمنات» كذلك قيد زواج الكتابيات هنا بأن يكن من الحرائر . والشيعسة يمنعون زواج الكتابيات» على اعتبار أنهن يشركن فى عبادتهن؛ والله تعالى يقول: 9« ولا تتكحوا المشركات حتَى يؤمن ولآمة مؤمنة حير مَن مُشركة ولو أعجبتكم ... +5230 4 [البقرة] ولكن إجماع غير الشيعة قد انعقد على إباحة الزواج من الكتابيات . وقد ذكر سبحانه وتعالى وجوب المهور لهن؛ فقال تعالى: 8 ... إذا اراي وى برا عي دبي ع" اتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متُخذى أخدان ... 21 4 أى إذا آتيتموهن مهورهن» وسمى المهر هنا أجراء لتأكيد وجوبه» وقد قال تعالى من قبل: «واتوا النساء صَدقَاتهنَ نحلة . .. *ل> » (النساء] أى عطاءء فذكر الأجر فى هذا المقام لكيلا يكون ثمة استهانة بأى حق من حقوقهن» كما أكد العمل على عفتهن بقوله تعالى : #محصنين غَيْرَ مسافحين» أى طالبين بهذا الزواج الإعفاف؛ والصون لأنفسكم وأنفسهن» وحماية عرضكم وعرضهن» فمعنى الإحصان هنا العفة» بأن يجعل نفسه فى حصن من الزنى» ويجعلها فى حصن )١(‏ عن ابن عباس قال: لما ولدت مارية القبطية إبراهيم يم ابن النبي لاو قال رسول الله َكل : «أعتقها ولدّها». رواه الدارقطني )4١58(‏ ج4» ص؟١١.‏ قال ابن هشام: وأما إبراهيم فمن مارية القبطية التى أهداها له المقوقس صاحب إسكندرية من كورة أنصنا. ا تفسير سورة المائدة 02 للك ل الال رب ا مثله» والسفاح الزنى» والمسافح كالمسافحة الذى يرتكب الفحشاء مع أى امرأة يلقاهاء فيقضى معها الفحشاء. واتخاذ الخدن. أى اتخاذ الخليلة» وأن يختص بامرأة وتختص به من غير عقد نكاح مدة أو من غير مدة» وهذه هى المتعة بعينها التى تبيحها بعض الطوائف» وهى بقية من بقايا الجاهلية» والمعنى طالبين حصن الزواج غير طالبين الزنى العلنى أو السرى والله محيط بكل شىء. وزواج الكتابيات قد يغرى بالانحراف عن الدين كما نرى فى عصرنا؛ ولذا كان عمر ينهى عنه كبار الصحابه كطلحة بن عبيد الله؛ ولذا حذر سيحانه من الكفر بعد هذه الإباحة فقد قال تعالى : #ومن يكفر بالإيمان فَقَد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين» . 1 أصل الحبط: هو تلف الدابة من كثرة ما تتناول من طعام لا يناسبهاء والإيمان هنا الشرائع والأحكام. والكفر بها الاستهانة بها وعدم الأخذ بما تدعو إليه» والمعنى: ومن ينحرف عن دينهء ولا يؤمن ويذعن لأحكام الإسلام فقد تلف ما كان يعمله من خير؛ وذهبء» وهو فى الآخخرة من الخاسرين» ولم يقل سبحانه فى هذا المقام - ومن يكفر بالله - بل قال: ومن يكْفْرَ بالإيمَان» للإشارة إلى أن الإغراء بإفساد الدين من جهة النساء يبتدئ بالأعمال» ثم ينتهى إلى العقيدة» وهو سبحانه الذى يقى النفوس من الزلل» ويحفظها من الشرء اللهم احفظ قلوبنا فلا تزيغ» ونفوسنا فلا تنحرف» وعقولنا فلا تضل» إنك سميع الدعاء. م لسر ساس سف ل لح لح ل م سر ر صمح جرهم يما لي موادا فُمسّمْإِلَألصَلؤةِ مَأَعْسِنُوأ مَجُوهَكْ وَأيدِيَكْمِلَ الْمرَافِقِ وأمسحو وميك ع6 وَأَرَمْلَحكُعَإِلَ الْكهَبَانِ وَإِن كحم جَنْبَا قا طهروأ لمر سس رع ريسم 02 رماي 2 و ساد م سم سد وَإِن كنتم مرَضو أوعل سف رأوْجاء أحديٌ: مُنالغايط ل تفقسشير سبور: ة المائدة 0 2 :ىت ]1 5-1 0 أوَلمَسَم سآ قم يدوأ م شيم أصعِيدٌ صَعِيِداطِيّيا كامسحو أ بوجو حك وأَيدِ, يناعت ل ع آ ره ا 77 مر لم 0201 يحم يِنْحَرَج ولك بريد لم هه .> مقر لس سسا ساس لوه مج و وَل نِعَمَتَهعكَ لعلكم نوس 4 كانت الآيات السابقات؛ فى بيان ما يحل وما يحرم من الأطعمةء يحل من النساء» وذلك يتعلق بغذاء الأجسام وتبعتهاء وإن هذه الآية الكريمة لبيان غذاء الروح» وهو الصلاة» ففى الأوليات غذاء الأبدان» وفى هذه غذاء التفوس»ء وفوق ذلك إن هذه الآبة بيان للوضوء والاغتسال» وما يقوم مقامهماء وهذان يكونان من نتائج الغذاء والزواج» فكان التلازم بينهما ثابتا؛ لأن نواقض الوضوء والجنابة إنما تكون من نتائج الطعام فى هذه الدنياء ومن نتائج متعة الزواج بما يكون بين الزوجين. يا أيهَا لين آمنوا إِذَا 3 قُمنْمْ إلَى الصّلاة» النداء للمؤمنين» والمنادى به الاستعداد للصلاة» بأخذ وسيلتهاء وهو الوضوء والاغتسال إن كان ما يوجبها. وكان النداء بوصف الإيمان للإشارة إلى أن الصلاة ركن الإسلام الركين» حتى إن بعض الحنابلة قرر أن من تركها عامداء وداوم على تركها لا يكون مسلماء وأجمع المسلمون على أن من أتكر فرضية الصلوات الخمس بركعاتها يكون كافراء ولا يدخل فى زمرة المسلمين. كشأن من ينكر أمرا من الدين بالضرورة. وقوله: #إذَا قُمم إَِى الصّلاة فَاعْسلُوا4 فى ظاهرة أن القيام إلى الصلاة سابق على الوضوء على أن الوضوء سابق على الصلاة» وقد أجاب عن ذلك الزمخشرى فى الكشاف بجوابين: و لها تفسير سور: ة المائدة 1ألل أل النااا! !ااا لل لت الللللااالالا!الللككة1لللاالللااالااا مالالا مالم خممممممخلالااااللااط لالظ تالت ظطااممخخممناااااماالللتالل 14 رب اا أولهما ‏ أن المراد من القيام إرادة القيام» وعلل التعبير عن إرادة الفعل» بكلمة تدل على الفعل بأن ذلك من قبيل المجاز؛ لأن إرادة الفعل سبب الفعل» وقد يطلق المسبب ويراد السبب» كمن يقول إن فلان أسكرنى أى سقانى السكرء وفوق ذلك إن الفعل يوجد بالقدرة عليه» وإرادته له. وقصده إليه وميله له وخلوص دواعيه» وإن هذا كله يسوغ أنه يعبر عن الإرادة مع القدرة والقصد بذات الفعل. كقوله تعالى: 99 ... كما دنا وَل حَلق ُيده وعدا عَلَينَا نا كنا فَاعلين قر 4 [الأنبياء ] . والجواب الثانى ‏ أن قوله تعالى: #قمتم إِلَى الصّلاة4 معناه: تهياتم لها واستعددتم» يقال: قام للأمر إذا تهيأ له وأخذ الأهبة للاستعداد له» والدخول فيهء ويرشح لهذا المعنى فى نظرنا التعدية ب (إلى»؛ إذ مؤاده استعددتم وتهيأتم متجهين للصلاة» وذلك لا يكون بأدائهاء إنما يكون بأخذ الأهبة لهاء والسير إليها. وإن هذا النص الكريم: #قمتم إِلَى الصّلاة4» وما اشتمل عليه من عبارات يفيد أمرين بظاهره: أولهما: أن الوضوءء وهو يشتمل على الأركان الأربعة وغسل الوجه واليدين ومسح الرأس» وغسل الرجلين لا بد فيه من القصد إليه وإرادته» وعلى ذلك تكون نية الوضوء بالقصد إليه لأجل الصلاة» باعتبار أن قصده لأجل الصلاة» لا للنظافة ونحوها - لا بد منها لتحقق الوضوء لأنه للتهيئة لأجل الصلاة . وقد قال مالك والشافعى؛ وأحمد والليث بن سعد؛ وإسحق بن راهويه. وأئمة آل البيت: إن النية ركن من أركان الوضوء ومعناها القصد إلى الصلاة بالوضوء طالبا رضا الله تعالى» وقد فسرها البيضاوى بقوله: «النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالا أو مآلاء والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله تعالى» وامتثال حكمه). ل | تفسير سورة المائدة ل 22 سرب أ وعلى ذلك تكون النية المطلوبة فى الوضوء عند الذين قرروها - القصد إلى الوضوء مبتغين رضا الله تعالى» ويستدلون على فرضيتها فى الوضوء بأن الوضوء عمل من أعمال القربات» والنبى تَلْةّ يقول: (إنما الأعمال بالنيات» وإنما لكل امرئ ما نوى» فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)210. وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن النية فى الوضوء ليست بفرض» لأن الوضوء ليس عبادة مقصودة.» ولكنه وسيلة للعبادة» والنية شرط فى العبادة نفسها باعتبارها المقصدء وليست فرضا فى الوسيلة» بل الوسيلة تتحقق بمجرد تحقق الغسل للأعضاء المذكورة والمسح للرأس» فمن حصل منه هذاء ولو لم يقصد العمل لأجل الصلاة يتحقق الوضوءء ويستدلون على أن الوضوء وسيلة للعبادة بظاهر الآية» إذا كان الننص الكريم: 8#إِذًا قمتم إِلَى الصّلاة4 فهو شرع سبيلا لعبادة ووسيلة» وليس غاية. والأمر الثانى الذى يفيده ظاهر النص «إِذَا قُمتم إِلَى الصّلاة»: وهو أن الوضوء واجب عند التهيؤ والقيام لكل صلاة» فالوضوء واجب لكل صلاةء وبذلك قال الظاهرية» فقالوا: إن الصلاة واجبة لكل مفروضة» وأخذوا فى ذلك بظاهر النص الكريم» ولكن الثابت فى السنة غير ذلك» فقد روى عن النبى ككل أنه كان يتوضاً لكل صلاة» فلما كان يوم الفتح مسح على خفيه فصلى الصلوات الخمس بوضوء واحد» فقال له عمر رضى الله تعالى عنه: «صنعت شيئا لم تكن تصنعه» فقال يَكلِلْةِ: عمدا فعلته0(). ومعنى ذلك أنه كد فعهله عمدا فى هذه الجموع الحاشدة لييين أنه ليس بفرض أن يتوضاً لكل صلاة. فدل هذا على أن (0) رواه الترمذي: الطهارة - يصلى الصلوات كلها بوضوء واحد »)5١(‏ والنسائى: الطهارة- الوضوء لكل صلاة :»)١0(‏ عن بريدة بن الحصيب» كما رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه بلفظ : «عمدا صنعته) . ل تفسبير سور.: ة المائدة 001 ١ الاك‎ يي الوضوء لكل صلاة ليس بمطلوب على جهة الفرضية» وقد ادعى بعض الناس أن الوضوء لكل صلاة كان فرضا ثم نسخ وإن هذا الكلام منقوض؛ لأن سورة المائدة من آخر القرآن نزولاء ولآن أحاديث الآحاد لا تنسخ القرآن» ولأن الآية ليست قاطعة فى وجوب الوضوء لأجل كل صلاة. والذى نراه أن الآية فى الذين قام بهم موجب الوضوء من إحداث ما ينقض الوضوء السابق» والدليل على ذلك قوله تعالى: فإ وإن كنم مُرضئ أو على سقر أو جاء أحَد كم من القائط أو لامْسكم التساء لم تجدوا مَاء كَيَمُموا 4 فدل هذا بصريح اللفظ على أن موجب التيمم هو إحداث الحدث الموجب للوضوءء إذا لم يكن الماء» فيقوم التراب مقام الماء» وهذا يدل على أنه لا يكون الوضوء واجبا للصلاة إلا إذا حدث نقض للوضوء السابق» والآية بيان واحد يتمم بعضه بعضا. طفَاعْسلوا وجوهكم وأَيديكُم إِلَى المرافق وامسحوا برءُوسكم وَأَرْجِلكُم إلى الكعبين 4 ولنذكر هذه الأركان ركنا ركنا وقبل ذلك نذكر أمرين: أولهما: أنه فى قوله #وأرجلكم» فيها قراءتان إحداهما بفتح اللام على حذف فعل» ولمعنى: امسحوا برءوسكم واغسلوا أرجلكم.ء والثانية ‏ قراءتها بكسر اللام عطفا على قوله تعالى: #برءوسكم276 والمعنى: هو الغسل لا المسح» بحمل القراءة الثانية على القراءة الأولى» ويكون السبب فى عطفها على الرءوس» للإشارة إلى وجوب عدم الإسراف؛ لأن الرجلين مظنة الإسراف فى الماء» فعطف وجوب الغسل فيها على وجوب المسح لمنع الإسراف» بحيث يكون الغسل ليس بعيدا بعدا تاما عن المسح. )١(‏ #وأرجلكم» قرأها بالمتح : ابن عامرء ونافع والكسائيء ويعقوب وحفص» وأبو زيد عن المفضل عن عاصم. والأعشى إلا النقارء وقرأ الباقون بالجر. غاية الاختصار -سورة المائدة- (49). اا تفسشير سيور ة المائدة الئل لكلل لللللت 2 والغسل إسالة الماء على العضوء وإمراره عليه» والمسح إمرار اليد المبللة بالماء عليه. والأمر الثانى: الترتيب بين هذه الأركان بحيث يغسل الوجه أولا ثم اليدان ثانياء ثم من بعدها مسسح الرأس» ثم غسل الرجلين» وقد قال الجمهور بوجوب ذلك؛ لأنها ذكرت مرتبة فى القرآن» وعمل النبى يَللِْةِ كان على ذلك الترتيب دائما» والنبى هو مفسر القرآن» ولو كان الترتيب غير لازم لخالفه النبى كَلكة ولو مرة واحدة. وقال أبو حنيفة وأصحابه: الترتيب ليس بفرض؛ لأن الآية كان العطف فيها بالواوء والواو لا تقتضى ترتيبا ولا تعقيبا. وما يتصل بهذه أيبتدأ فى غسل الأيدى والرجلين باليمين وجوباء أم أن ذلك سنة؟ الجمهور الأعظم على أن التيامن سنة وليس بفرض» ومذهب الشيعة وجوب التيامن فى الطهارة. والموالاة فى الوضوءء قد ذهب الأوزاععى ومالك وأحمد إلى وجويه. وذهب الشافعى وأبو حنيفة إلى سنيته» وعندى أن الموالاة هى الأمر المعقول» وأنه إذا قطع المتوضئ وضوءه بعمل أجنبى» وجب استئنافه مبتدئا بأوله . ولنذكر كل ركنء ونبدأ بالأآول وهو غسل الوجه» وهو معروفء ولكن الفقهاء يذكرون له تعريفاء وحداء فحده من أعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل اللحيين طولا» ومن شحمة الأذن إلى شحمة الآذن عرضا. وموضع النظر عند الفقهاء هو فى وجوب غسل الوجه أيجب غسل الظاهر والباطن فيه» وبعبارة أوضح أيدخل فى الغسل المضمضة والاستنشاق» أم أنهما سنتان زائدتان؟ قال أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وأبو ثور وابن المنذر» وبعض فقهاء الشيعة إن المضمضة والاستنشاق من غسل الوجهء والجمهور على أنه لا يدخل فى غسل الوجه إلا ظاهره» وقول أحمد ومن معه. 2 1] 9 لها تفسسير سورة المائدة الللللال ااا ااالالللول الل 1 اا : يي واليدان ينتهيان إلى المرفقين» والمرفقان: ملتقى عظم العضد بعظم الذراع» وهل يدخل المرفقان فى الوضوء فيجب غسلهما. قال ابن جرير الطبرى وبعض الفقهاء: إن غسل المرفقين ليس بفرض ولكنه سنة؛ لأن الغاية فى قوله تعالى: «إِلّى المرافق» تحتمل أن يدخل المرفقان فى الوجوب. وتحتمل ألا يدخلاء ولا وجوب مع الاحتمال» ولكن الاحتياط فى الغسل؛ ولذا كان سنة. وقال بعض الفقهاء: إنهما داخلان فى وجوب الغسل» وبنى ذلك على أن «#إِلَى» بمعنى مع وعلى ما قرره سيبويه مع بعض علماء اللغة من أن ما بعد «إلى» إذا كان من نوع ما قبلها دخل فى الحدء وإلا لا يدخل». وعلى ذلك يكون المرفقان داخلين؛ ولآن النبى يَلةْ لازم فى وضوئه غسل المرفقين» ولم يعرف أنه غسل اليدين من غير المرفقين؛ ولأن جعل ما قبل المرفقين حداء لا يكون أمارة واضحة» والأمارات يجب أن تكون معلمة مادية واضحة. والكعبان هما الجزءان البارزان فى أعلى القدم؛ والخلاف فى دخولهما هو كالخلاف فى دخول المرفقين» والحجة واحدة. والمسح يكون فى الرأس ٠»‏ لقوله تعالى : «وامسحوا برءوسكم» وقد اتفقوا على أن مسح الرأس كله مطلوب» ولكن على أنه سنة عند الجمهورء وعند مالك مطلوب على وجه الفرضية. والشافعى قال: إن المطلوب مسح بعض الرأس؛ لأن الباء للبعضية» وقال الثورى والأوزاعى والليث: يجزئ بعض الرأس ويمسح المقدم» وعلى هذا أحمد والناصر والباقر والصادق من أئمة آل البيت» وقال أبو حنيفة: يمسح ربع الرأس مستدلا بما روى من أن النبى كَل أتى كناسة قوم فبال وتوضا ومسح فى وضوئه على ناصيته210, والناصية تساوى ربع الرأس )١(‏ عن حَدَيفَة قَال: كنت مَمْ الي َل َانتَّى إِلَى سسبَاطة قوم قبَالَ قائما فَتَحِّت قَقَالَ: «ادلّه دوت حنَّى شت عند عقييه فتَوضا فَمَسَمَ على يه رواه مسلم : الطهارة - الرخصة في ذلك »)١8(‏ كما رواه البخاري : الوضوء-البول قائما وقاعدا (5514؟) بغير زيادة «(فمسح على خفيه». والسباطة: موضع رمي التراب والأوساخ. وقد رواه أصحاب السنن بمثل رواية مسلم. ا تفسير سورة المائدة 11ئاااااااا ااا اااتااااا الئاااااااااااااااللاك؟!1اااللناناللة اال الالالال الال لامالا ممالاااالا للاخ ناا لاا الالالال لا! لتتللا 0م سب أ وبعد بيان الوضوء بِيّن سبحانه الاغتسال وموجبة فقال تعالى: 9 وإن كنم جنا فَاطْهَروا 4. كلمة جنب: وصف للرجل والمرأة» والجمع والمفردء فيقال: رجل جنب وامرأة جنب ونساء جنب» وهو لفظ مشتق من الجنابة وهى ما يكون بسبب الاتصال بين الرجل والمرأة» وسمى ذلك جنابة لأنه يجنبهما الصلاة» ولما يكون من معنى التقارب بينهما بحيث يكون أحدهما بجنب الآخرء وفى حكم الجنابة بهذا المعنى الحيض والنفاس» ومعنى النص الكريم: أنه لا بد من التطهر من الجحنابة عند القيام للصلاة والاستعداد لهاء والتطهر: هو الاغتسال وهو العناية بصب الماء على كل جزء يمكن أن يصل إليه» فالمفضمضة والاستنشاق لا بد منهما فى الوضوءء وتوصيل المياه إلى منابت الشعر بالنسبة للرجال لازم باتفاق الفقهاء» أما بالنسبة للنساء فقد قال بعضهم ومنهم الحنفية قالوا: إنه إذا كان للمرأة ضفائر لا تحل عند النساء دفعا للحرج» ولكن تحل عند الرجال(١2»‏ وعلى أى حال لا بد من صب الماء صباء ولا يكتفى بالمسح . والتعبير بكلمة «فاطهروا» فيها إشارة إلى وجوب العناية فى تعميم الماء وإشارة إلى أن النجاسة المعنوية عمت كل أجزاء الجسم » فوجب أن تكون الطهارة عامة لكل أجزاء الجسم . وإن غسل الجسم عند توافر سببه» وهو التماس أو الحيض أو النفاس - فيه إنعاش للجسم وتعويض بعد الإنهاك الشديد» فوق ما فيه من نظافة» واستمرار لها باستمرار موجبها. وبعد أن بِيّن سبحانه وجوب الوضوء والتطهر بالماء ذكر ما يحل محل الماء إن لم يوجد أو تعذر استعماله» فقال تعالت كلماته: )١(‏ روى مسلم: الحيض - حكم ضفائر المغتسلة ( عن أمٌ سمه قالَتا: تاي َو الله ني امرأة أشئد ضفر رأسي تأنه شل الجتابة؟ َالَ: «لا. إِنّمَا كفيك أن تَحَئِي على رأسك ثلاث سه 8سا ص سس ه حَنيّات ثم ُفيضين عَليْك الْمَاء تَطْهِرِين» . ا تفسير سورة المائدة 000 لح زا 9 وإن كنتم مرضئ أو على سفر أو جاء أَحَد منكم من القائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء 4 ذكر فى هذا النص أمورا أربعة اثنان من الرخص المسقطة لاستعمال الماء» واثنان من الأسباب الموجبة لاستعمال الماء مع عدم وجوده من غير مرض أو سفرء أما الأمران المرخصان لعدم استعمال الماء» فهما المرض الذى يضره الماء كالأمراض الجلدية» أو يمنع من الوصول إليه أو استعمالهء كبعض الأمراض التى توجب عدم الحركة أو تمنعهاء فهاتان رخصتان تسوغان استعمال التراب بدل الماء والسفر رخصة لذلكء. لأنه مظنة عدم وجود الماء» أو لأنه إذا وجد فلحاجة بدنية أخرى غير الوضوءء وهى تقدم عليه لأنها تدفع الموت عطشا أو احتماله» والله غفور رحيم. ثم ذكر الله سبحانه وتعالى قاعدة لتسويغ التيمم» وهى ما إذا حدث المسبب الموجب ولم يوجد الماء» فقال: مه ساس شا سمس الكريمان كنايتان عن أمور يستهجن ذكرها فى بليغ الكلام» فمعنى جاء أحد منكم من الغائط كناية عن كل نواقض الوضوء التى تخرج من السبيلين» والغائط: هو الأرض التى يذهب إليها الرجل ليقضى حاجته. ومعنى لامستم النساء: كناية عما يكون بين المرء وزوجته مما يوجب الاغتسالء» وهى كناية قرآنية علّم الله سبحانه وتعالى الناس منها حسن التعبير وعدم الرفث فى القول. وهنا إشارتان بيانيتان: إحداهما: فى التعبير ب «أو» فى قوله: #أو جاء أحد مم4 بدل الواوء إذ إن «أو» فيها معنى الإضراب والانتقال من الخاص إلى العام وكأنه قيل إذا كنتم فى مرض أو سفر لا يمكن معهما استعمال الماء بيسر وسهولة أو بشكل عام حدث ما يوجب الوضوء أو الاغتسال» فلم تجدوا ماء فتيمموا إلى آخره ‏ الثشانية: أن قوله تعالى: ضشهااس سا م سم الحاجة فرادى» والعودة فرادى للاستتار. ا تفسير سسورة المائدة 2000 لحي رب 1 ل فَيِمَمُوا صعيدا طَيبًا فَامْسَحوا بوجوهكم وأيْديكُم مَنْهُ)4 التيمم: القصدء والصعيد: التراب الذى يكون على ظاهر الأرض أو نحوهاء والطيب: الذى لا نجاسة فيه» والتيمم لا بد فيه من النية باتفاق الفقهاءء وله ركنان: أحدهما: مسح الوجه. والثانى: مسح اليدين إلى الرسغين أو إلى المرفقين على الخلاف فى ذلك» ويكون التيمم بضربة واحدة» وقيل بضربتين» وقد ذكرنا ذلك فى مثل هذه الآية فى سورة النساءء وبينا ما يتعلق بمعانى التيمم فى هذه الآية. إن يلا حل كم ما زع ولك ترم يح ول مشت كم لعلّكُم تَشْكْرونَ 4 هذا الكلام يفيد النفى المؤكد بأنه ليس فى الدين حرج» أى ضيق ومشقة» وقد تأكد النفى بنفى الإرادة» وهى نقيض نفى الوقوع» وبحذف موضوع الإرادة» وهذا يقتضى عمومه ولمعنى لا يريد الله سبحانه أى أمر فيه مشقة أو ضيق لكيلا يترتب عليه أن يكون عليكم حرج وضيق فى الدين» وتأكد النفى باللام فى قوله: «ليجعل عليكم» فهى التى تسمى لام الجمحود أى النفى المؤكد» والمعنى: ما كان من أمر الله تعالى فى عباده أن يجعل الدين عليهم فيه مشقة مجهدة أو ضيق وحرج؛ ولذا شرع التيمم بدل الوضوءء وغير ذلك مما ييسسر العبادات ويسهلهاء كما قال تعالى: ط ... يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم الْعسر ... تلك © [البقرة] ولكن يريد الله لكم طهارة الجسم من الأرجاس» وليرحض عنه الأوساخ» وطهارة النفس وتزكيتها بالإخلاص لله تعالى» وليتم نعمته عليكم بالتيسير والتسهيل والمداومة على الطاعات» والتأليف بالعبادات بين جماعتكم #لعلّكم تشكرون» أى يعدكم ذلك الإعداد الطاهر النزه فى الجسم والروح لتكون حالكم حال من يرجى منه شكر النعمة» والاستمرار على طاعة الله وتنفيذ أوامره. . اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين. ل ااا60ا0ا0ا0ا0ا10اااللللللللللن سرض ع م ع سه يم 2 لس سس سا 000 سس سر سس وَأَدْكروانْممَة أللوعكم وميثدقه الذى وائه 7 سم عن 0 24 2 سر مولس جه را م 2 0-2 وي لمهي 1“ شَدآء با لْفَسَ ولا بجر متحكم شان فقوو ع مح ال ومع 34 ملاع عمس و 0 س<س عار مه 2 وم م6 ألا دلوا اعد لواهو اقرب للتفوئ وَأتَّقَوا ألسْمَإِركَ 2م 22 سار حم لله حِيريِمَانَعمَلُوت عق ذكر الله سبحانه وتعالى ما به غذاء الأبدان» وهو كل طيب لا خبث فيه» ثم أشار إلى ما فيه غذاء الأرواح وطهارة الأبدان» وهو الصلاة والوضوء لهاء والاغتسال عند الإقدام عليهاء فذكر الأطعمة الحلال» وذكر ما به بقاء الجنس البشرىء وهو الزواج» ثم الوضوء وأركانه» والاغتسال والتيمم» وبعد أن ذكر ذلك الغذاء الفردى من جسم وروح ذكر الثمرة الطيبة لذلك» وهى بناء مجتمع إنسانى سليم» أساسه الثقة والعدالة» وابتدأ سبحانه وتعالى بذكر نعم الله» ثم بذكر العدالة التى هى قوام هذا الوجود الإنسانى» فقال تعالى: ( وروا نضة ال نكم وماق الدى واكم به إذ فم سما وأطت الخطاب فى هذه الآية للذين آمنواء فهو امتداد للسياق الذى كان يتعلق بالصلاة» وما قبله من بيان الحلال والحرام كان يتعلق بالذين آمنواء فالآية الكريمة سائرة على هذا النسق البيانى الرائع» والأمر فى الآية لطلب تذكر أمرين جليلين» وهما نعمة الله تعالى التى أنعمها على المؤمنين» وهى آلاء جليلة عظيمة» وتشمل نوعين من النعم» عامة وخاصة. فالعامة تعم الناس جميعا مشركهم ومؤمنهم». وهى نعمة الوجود» وتسخير الكون بكل ما فيه لبنى الإنسان» والخاصة ما أسداه الله تعالى إلى المؤمنين» إذ هداهم وإذ كانوا قليلا فكثَّرهم. وكانوا متفرقين الالالال ااا0ا10اا ااال ماللا 2 كه < يي فجمعهم» وكانوا أذلاء فأعزهم ء وكانوا فقراء فأغناهم » وكانوا مستضعفين فى الأرض» فمكّن لهم فيها بمنه سبحانه وفضلهء كما قال تعالى: « ... فَألْف بين فلوبكم فأصبحتم بتعمته إخوانا وكشم علئ شفًا حفرة مَن الثَارٍ ... 22 4 [آل عمرادت]. والأمر الشانى الذى ذكرهم الله تعالى به هو الميثاق الذى عقدوه مع الله تعالى» والميثاق فى اللغة: هو العقد الموثق المؤكد بيمين الله تعالى» وقد كان العهد من جانبهم يوجب عليهم السمع والطاعة فيما يأمرهم به الله تعالى» وفيما ينهاهم عنه» فالعهد فيه التزام من جانبهم. وهو السمع والطاعة؛ ووعد من جانب الله تعالى بأن يوليهم نعمهء ويهبهم النصر من لدنه» وهو العزيز الحكيم؛ وقد أكد سبحانه وتعالى ذلك العهدء بقوله: «الّذى وَانَقَكُم به» أى الذى عقده سبحانه وتعالى معكمء وتبادل معكم توثيقه وتأكيده ؛ إذ إن واثق تقتضى المبادلةء فالله تعالى ذو الجلال والإكرام هو الذى تولى ذلك الميثئاق. والمفسرون يتكلمون فى الميثاق ما هو؟ قيل: هو الميشاق الذى أخذ بمقتضى الفطرة» ولكن ذلك الميشاق لا يخص المؤمنين» بل يعم البشرء وقيل: إنه الميثاق الذى كان بين النبى يَلكِلَةِ وأهل يثرب فى العقبة(2» ولكن هذا يخص الأنصارء لا يعم المؤمنين» والحق أنه الميثاق الذى كان التواثق فيه على أساس التزام المؤمنين بالسمع والطاعة» كما عين النص الكريم موضوعه إذ قال سبحانه: #إذ قلَتم سمعنًا وأطعنا» أى فى الوقت الذى التزمتم فيه بالسمع والطاعة» وقد اخمتار ذلك ابن جرير (وهو قول ابن عباس) وقال فى اختياره: «وأولى الأقوال بالصواب فى تأويل )١(‏ عن عبّادةَ بن الصّامت رضي ) الله عنْهُ وَكَانَ شهد بَدرا وهو و أحَد التقبّاء ليْلَهَ العقبَة أن رسُولَ الله يِه قال وحوله عصابةٌ من أصحَابه : «بايعوني عَلَى أن لا د تُشركُوا بالل سينا ولا تَسْرِقُوا ولا ترنُوا ولا تَعتلُوا أولادكُم ولا قور يبهتَان فونه يبن يديك وأرجلكم ولا تعصوا في مروف قم وَقَى منكم فَآجرَه على اللّه ومن أصاب من ذلك شيا مَحُوقب في الدنيا فهو كَدَارةٌ له وم آصاب من ذلك شَيْنًا م ستَرَه اله َهَْ إلى الله إِنْ شَاء عفًا عنه وإِنْ شاء عاقبه» فَبَابعنَاهُ على ذلك . رواه البخاري: الإيمان - علامة الإيمان ,)١8(‏ ومسلم: الحدود (9٠./ا١).‏ للللإإتاائ الال االلا0ا0ااالل الل رب أ ذلك قول ابن عباس وهو أن معناه: واذكروا أيها المؤمنون نعمة الله تعالى عليكم التى أنعمها بهدايته للإسلام» وميثاقه الذى واثقكم به» يعنى وعهده الذى عاهدكم به» حين بايعتم رسوله محمدا يله على السمع والطاعة له فى المنشط والمكره» والعسر واليسر إذ قلتم: سمعنا ما قلت لناء وأخذت علينا من المواثيق» وأطعناك فيما أمرتنا به» ونهيتنا عنه» . . .إلخ. وكان التذكير بهذين الأمرين ليقوم المؤمنون بحقهماء فيما يتعلق بمعاملة الغير» وفى علاقتهم بالناس من حيث إقامة العدالة لذات الله تعالى لا يريدون إلا وجهه الكريم» وليكون القسط والميزان أساس أعمالهم . وانّقوا الله إن الله عليم بات الصّدور» بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بنعمه عليهم وميثاقه الذى وائقهم عليه على أساس السمع والطاعة» طلب إليهم أمرا آخر هو أساس الاستجابة للميشاق» وهو تقوى الله تعالى بأن يستشعروا دائما عظمتهء ويتخذوا وقاية لأنفسهم من معصية الله تعالى» فإن التقوى هى أساس الطاعة» وهى لب الاستجابة لما جاء فى ميثاق الله تعالى» وهو أعلى ميثاق فى الوجودء لا ميثاق يدانيه إلا إذا كان مشتقا منه» بأن يكون أساسه السمع والطاعة لله فى المنشط والمكره» وفى العسر واليسرء وإن التقوى لله موضعها القلوب». وهى التى تحرك الجوارح» فلا طاعة إلا إذا انبعثت من القلب عن طواعية ورضا واطمئنان؛ ولذا قال سبحانه: «إنّ اللّهَ عليم بذات الصدور» وتكرار ذكر الله تعالى لإشعار المؤمنين برقابته» وإلى أنه فوقهم ومطلع عليهم؛ ومراقبتهم بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى» والله تعالى عليم علما لا يدرك كنهه بكل شىء بما تخفيه وما تكنه الأفئدة. وذات الصدور هى: الأمور الملازمة للصدور التى تخفيها ولا تظهرهاء فهى بالنسبة للصدور كالصاحب بالنسبة لصاحبه يلازمه ولا يبعد عنه» ولا يتكشف. فهى من ناحية أنها لا تخرج من الصدر تعد مصاحبته» ويعبر عنها بذات الصدرء كما يقال: فلان ذو مال. أى ملازم له. هاا تفسير سورة المائدة ]ةلات ااذا لاا ااا اللا ااانا الل ااال الن قاض تالالطا طخخت اناالا ةطنل ااا نالخ طلتطسططل اا لالامخطمخخخخطمخط خخخ خخخ ططخ لاعس ططنط م ط الال هكم هيه : 23 وذكر إحاطة علم الله تعالى فى هذا فيه إشارة إلى وجوب تطهير القلوب من الدنس» وتنظيفها من الشرء حتى لا تربد به وتطمس» وفيه تنبيه إلى أنه من يريد السمع والطاعة عليه أن يتجه إلى قلبه» ويشعر بأن الله عليم به» مطلع عليه؛ لا تخفى عليه نخافية. يا أَيها الّذين آمنوا كونوا قَرَامين لله شَهَدَاء بالقسط 4 معنى النص الكريم: يأيها الذين اتصفوا بالإيمان بالله والخمضوع.ء وكان ذلك الإيمان عنوانهم الذى يعرفون به»ء وشرفهم الذين يتشرفون به» كونوا قوامين لله أى اجعلوا أنفسكم إحساسكم ومشاعركم مطبوعة على أن تقوم لله ولأجل محبته سبحانه وطلب رضاه؛ لا لهوى النفس ومنازع الشهوات» وكونوا شاهدين بالحق» لا تطلبون سواه» وهذا هو المعنى الجلى المقرب لا اشتمل عليه النص الكريم» وهو أعلى من أن تتسع عبارتنا لعناه . وهنا ملاحظات بيانية يجب اعتبارها والإشارة إلى كمال الحكمة فى عمومها: الأولى: «كونوا4 فهو أمر بالكينونة بأن يجعلوا القيام لله تعالى» والاعتبار به» والأخذ بهديه جزءا من كيانهم» وذلك بأن يستمروا على الطاعة ويديموا عليهاء فإن الدوام على الفعل والاستمرار عليه يجعل النفس تنطبع به» ويكون جزءا منهاء فالأمر ب «كونوا) يتضمن الاستمرار والدوام» وأحب الأعمال إلى الله تعالى ما أمكن الاستمرار عليه» ليكون عادة للنفس بمنزلة الطبيعة» فالعادة طبع ثان» ولقد قال النبى يَلَذِْة: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)(2. انيهما: قوله تعالى: #قَرامين للَّه4 فإن قوام معناها: من يبالغ بالقيام بالشىء وإتقانه والإتيان به على الوجه الأكمل» وكونه لله تعالى معناه أن تكون تلك اللمبالغة فى الفعل لأجل الله تعالى» لا شىء سواه» وهذا يتضمن «أمرين» () سبق تخريجه. هاا تفسبير سور ة المائدة يلل أحدهما: أن يعمل الشخص على إتقان ما يعمل والبالغة» فإن كان عبادة أتى بها على أكمل وجوههاء فالصلاة تكون كاملة» وكذلك الصوم .. إلخ. وهذا يشمل ما يعمله الإنسان فى الحياة» سواء أكان عبادة أم كان أمرا من أمور الدنيا» وقد ورد أن النبى يَلِةِ قال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه210. وثانيهما: أن يكون ذلك للهء بأن يكون أصل العمل للهء وأن يكون إتقانه لله تعالى» فيتجه فى كل الأعمال إلى الله تعالى» فالعامل فى المصنع يعمل لله إن قصد بذلك نفع عباده» والتاجر كذلك» وإذا قصد بأعماله وجه الله» وما فيها من خير للعموم كان فى عبادة مسستمرة» وليست العبادة مقصورة على الصلاة والصوم والحج» بل كل عبادة إذا قصد بها وجه الله تعالى» ولقد قال النبى عله : الا يؤمن أحدكم» حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله)0©. الثالثة: فى قوله تعالى #شهداء بالقسط» فإن شهداء تدل على الحضورء وعلى الإثبات وأداء الشهادة» وعلى الحكم وهى فى النص الكريم تشمل كل هذاء فالمعنى: لا يحكمون إلا بالقسط أى العدل». ولا يشهدون إلا بالعدل ولا يشهدون الزور» ولا يحضرون. إلا مايكون قسطا وعدلاء وما يكون قسطاسا مستقيما لاتحيّف فيه ولا انحراف» والمؤدى أن يكون حضورهم فى القسطء ونطقهم بالقسطء وحكمهم بالقسطء وعملهم بالقسط. فلا يكون إلا للخير» وفى سبيل الخير دائما . وعبر بالقسطء لأنه شامل للخير كله ولآن العدل ميزان الخير»ء ولذا قال من بعد: الل ولا يَجَرِمنُكُمْ شن قوم علَئ ألا َعْدنُوا 4 . ظ الجرم فى أصل معناه اللغوى: القطع. فيقال جرم الثمار أى قطعهاء ثم أطلق على الكسب» وغلبٍ على الكسب الآثم» ومنه أجرم بمعنى ارتكب إثماء لأنه كسبه» وقد يتضمن معنى الحمل مع اشتماله على معنى الكسب الآثم» وهذا هو القريب من المعنى هناء فمعنى #ولا يجرمئكم شنآن» لا يحملتكم حملا آثما ل ف تفسبير سور: ة المائدة النذا اللا ااانا ااال انالا أاتالط اللا اااالانالللللا ااانا لال الالالال لكالا لاتطخاالاا لالط لط طخ خللاكطخخخ ناملالا طاطخ ضط شتالا 09 سيك : 7 شنآن قوم ألا تعدلواء والشنآن: البغض الشديد مصدر شنأه بمعنى أبغضه.ء والمعنى لا يحملنكم البغض الشديد لقوم على ألا تعدلوا معهم. بل أعطوهم حقوقهم». ومكنوهم ما يستحقونء وفى صدر هذه السورة يقول سبحانه: ...ولا يَحَرِمنَكُم شَآنُ قَومِ أن صَدوكُم عن الْمَسْجد الحرام أن تَعَتّدُوا .... > 4 [المائدة] والمعنى هناك: أنه لا يصح أن يحمل البغض بسبب الصد عن المسجد الحرام على الاعتداءء ففيها أمر بعدم الاعتداء ‏ أما هناء فإن فيها أمرا بالعدالة حتى مع الأعداء» فالعدالة نظام هذا الوجود الإنسانى» وبجمع الآيتين» يكون المعنى المقرب لمراد الله سبحانه أنه لا يصح أن يكون البغض الشديد حاملا على الاعتداء» ولا أن يكون البغض الشديد حاملا على منع الحقوق» بل يعطى كل ذى حق حقهء ولو كان عدوا مبيناء فالحق ليس منحة من شخص لشخص يسابه إن أبغض» ويعطيه إن أحبء بل إن التكمين منه واجب مقدس أمر الله سبحانه وتعالى به وحث عليه» وقد روى فى الحديث القدسى: (يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى» وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا"١؟.‏ ولا ينتظم الوجود الإنسانى بغير العدل» وقد روى الطبرانى عن جابر بن عبدالله أن النبى كَكِهِ قال: «إذا ظُلم أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو)'؟ ومعنى هذا الحديث: أنه لا يصح أن يظلم غير المسلم الذى يعيش مع المسلمين» والدولة إذا ظلمت رعاياها من غير المسلمين لا تكون دولة الإسلام بل تكون دولة الأعداء. وازنوا بين حكم الإسلام وحكم الأقوياء فى هذا الزمان الذين يستبيحون كل شىء من غير حريجة من أخلاق أو دين. اعدلوا ه هو أقْرب لتقو 4 الضمير فى قوله «هو؛ يعود إلى العدل الذى تضمنه قوله تعالى: «اعدلُوا» وقوله تعالى من قبل: «ولا يجرمتكم شتآن قوم على )١(‏ جزء من حديث قدسى طويل سبق تخريجه من رواية مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه. (5) عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله عله : «إذا ظلم أهل ادم كانت الدولة دول اعدو وإذَا كثْرَ الزنًا كثْرَ السبّاء إن كف الأو رقع اله - عر وجل - يده عن الخَلق قَلا يلي في أي وآد هَلَكُوا» . رواه الطبراني ها تفسير سورة المائدة ١١١‏ اا لناااللااااااااااامملالاا! الل ااااااالالاط ةط ططلا الا زلااااالااااااالالامططمخمخماك الملل اتلتتللا لور 3-7 أل تعدلوا4 والمعنى: اعدلواء فالعدل أقرب للتقوىء وفى النص انتقال من النهى إلى الأمرء ففى النص الأول نهى عن أن يحملهم البغض على عدم العدل» وفى هذا النص أمر بالعدل». ولا شك أن النص الأول يتضمن الأآمر بالعدل؛ لأن النهى عن الشىء أمر بنقيضهء فالنهى عن الظلم أمر بالعدل» فكان ثمة تكرار مؤكدء وكان مع التكرار فاكئدة وهى طلب معالحة النفس» ومحاولة ترويضها على العدل» فإن قوله تعالى: «إ ولا يجرمكم شتآن قوم علَئ ألا تَعدلُوا 4 فيه أمر بعلاج النفس» وحملها على البقاء فى دائرة الاعتدال» وتقوية للإرادة» حتى لا يستولى عليها الغضبء. فتجمح وفى الجموح سير وراء شيطان الغضبء. ووراء ذلك منع الحقوق» والظلم. وقوله تعالى: هو أَفْربِ للتّقوئ4 فيه بيان قرب العدالة من التقوى» مع أن العدل مسن صميم التقوى» فلماذا عبر بالقرب من العدالة مع أن العدالة فى ذاتها تقوى مؤكدة» وخصوصا فى حال المغالبة النفسية والبغعض الشديد؟ والجواب عن ذلك أن قلب المؤمن فى معاملته مع غير المؤمن قد تعتريه حال يرى فيه أن من التقوى ألا يعطيه حقه؛ لأنه فى ميدان القتال يستبيح ماله ويستبيح دمهء فيظن حال السلم كحال الحرب» ويظن ذلك قريبا من التقوى» فبين له القرآن الكريم أن القرب من التقوى أن يحسن معاملته» وأن يعطى كل ذى حق حقهء فذلك دفعا للخاطر بمثله» أو بما يقرب إليه المعنى فى التعبيرء ولأن كمال التقوى بعيد المنال» وأنها إذا كانت مطلوبة» فإن الله يعفو عن كمالهاء ويكتفى منا بقربها؛ ولذلك قال يِه «لن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه.» ولكن سددوا وقاربوا('؟ فالله جل جلاله غفور رحيم يطلب منا المقاربة بعد أن نسدد ونقارب ولقد طلب سبحانه منا أن نسدد» فقال تعالى: « وائّقوا اللَّهَ إن الله خبير بما تَعمَلُونَ 4 أمرنا الله تعالى بالتقوى فى كل الأمور فى ذات أنفسنا بأن نراقب الله فى كل عمل نعملهء فلا نعمل إلا طيباء ولا نقول إلا طيباء ولا نأكل إلا طيباء ونخشى الله حق خشيته» ونقوم بعبادته )١(‏ سبق تخريجه» وهو صحيح رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه. هاا تفسير سورة المائدة للننزا نا اتلك الال ك تالا للاأناتطلكن ا للاانالاا1 الالالال للللةا لاا اكت تلاةة نالل اللا ل كاططا الا لالل اناالا اناما ااا لاخلخ طططخ ان انخمطططططسطلاقلة 2 طبرا 3 مسددين مقاربين» ونتقى الله فيما بينناء ونكون عباد الله إخوانا» ويكون التعاون الحكم بينناء ونتقى الله تعالى فى مخالفيناء فلا يكون منا عليهم اعتداء ولا ظلمء بل تقريب وائتلاف» وإن كان منهم اعتداء دفعناه من غير أن نتجاوز حد الدفع. وقد ذيل الله سبحانه وتعالى الأمر بالتقوىء بما يدل على علم الله تعالى بكل أعمالناء حتى خلجات صدورناء وما يحوك فى قلوبناء فقال سبحانه: «إِنّ الله خبير بما تَعمَلُونَ4. أى أن الله جل جلاله عليم علما دقيقاء فالخبرة: هى العلم الدقيق الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماءء عليم» هذا النوع من العلم بكل ما نعمل» وما ظهر منه وما بطن» وهو يجازينا بما نعمل» إن خيرا فخير وإن شرا فشرء ومن ينوى الخير» فهو محتسب له» ومن ينوى الشرء ويعدل عنه اختيارا لا يحتسب عليه إثم. . اللهم وفقنا لتقواك» واهدنا لما يرضيك» وقربنا ولا تباعدنا إنك عليم حكيم. وَحَدَأَهََالَدَنَءَامَُوأ وَكِلُ لصحت طم مَغْفْرَوابمرعَظيء وَلِ سَ كفروا وَكَدَيو ايآ كيلك أصحدث أْلَحِيِم ري يتأبا أل ءَامَوااذ موأَنِصَمَتَ لم عَليِصكْع هقر أ ينظو لتك ديق ذلك ١‏ بين الله سبحانه وتعالى غذاء الأبدان بطيب الأآأطعمة» وغذاء الأرواح بالصلاة» فذكر مقوماتهاء ثم ذكر سبحانه وتعالى» التكليفات الشرعية التى هى لاا تفسير سورة المائدة : الئل يج بي بناء الجماعات الإنسانية» وأنها ميثاق الله تعالى واثق به عباده» فوعدهم بالثواب عليه» وتعهدوا موثقين العهد بالسمع والطاعة» والاستجابة لما كلفوا القيام به» ثم بين سبحانه وتعالى أن أساس العلاقات الإنسانية العامة العدالة» وليس الحب والبغض : فإنهما يسيران أحيانا وراء الهوى» والهوى فسادء والعدالة صلاح» وهى التقفوى» وما يقرب إليها ويدنى منهاء وفى الآية الآتية وما يليها بين سبحانه جزاء المهتدين» وعقاب الكافرين» وهو الوعد الذى وعد به عباده» ويبين سبحانه أنه لا يصح أن تؤدى قوة أهل الإيمان إلى ترك العدل» وذكرهم سبحانه بحالهم أيام كانوا مستضعفين فى الأرض» وهم المشركون أن يبسطوا أيديهم بالأذى فكفها سبحانه وتعالى عنهم ) فقال: وعد اللُّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِنُوا الصّالحات لهم مَغْفرَةٌ وأجر عظيم» هذا هو الوعد الذى وعد الله تعالى به عباده المؤمنين» وهو الذى واثقكم به من جانبه» جل جلاله» فى نظير السمع والطاعة والاستجابة لما أمر الله تعالى به ونهى عنه. وإن ذلك الوعد إنما يستحقه الذين قاموا بما ألزمهم به الميثاق» وهو الإيمان والطاعة» إذ قالوا سمعنا وأطعناء وقد عبر الله تغالى عن السمع والاستجابة للسماع والإنصات للأدلة والإذعان لها بالإيمان» فالإيمان: هو العماد الذى يقوم عليه الميئاق الذى التزمه المؤمنون» والطاعة لأوامر الله تعالى ونواهيه هى التى عبر الله تعالى عنها بقوله تعالى: لوَعَمِلُوا الصالحات» وما من مقام ذكر فيه المؤمنون بالمدح إلا اقترن به قيامهم بالعمل الصالح؛ لأن العمل الصالح ثمرته» ومثل الإيمان من غير عمل صالح يقدمه المؤمن كمثل شجرة جرداء لا تثمر ثمرا ولا تظل مستظلاء والآكثرون من العلماء على أن الإيمان ناقص إذا لم يصحبه عمل؛ لأن الإيمان يزيد وينتقص عند كثيرين ويزيد ولا ينقص عند آخرين» وعند هؤلاء يكون الإيمان من غير عمل إيمانا غير كامل . ا تفسير سورة المائدة 1779[ 1“ك!ظ![|[!1[1! ]1 ] 1[ 1 1 1 1 1 1[ 11010101001011 02 ... الا‎ ١ يي والعمل الصالح الذى هو الطاعة» والذى هو استجابة لأوامر الله تعالى ونواهيه هو العمل الذى يكون فيه نفع للناس» ودفع للفساد فى الأرض» وليس فيه ما يسوء أهل الخير» وقد جاء فى كتاب غريب القرآن للأصفهانى : «الصلاح ضد الفساد» وهما مختصان فى أكثر الاستعمال بالأفعال» وقوبل فى القرآن تارة بالفساد» وتارة بالسيئة قال تعالى: 8 .. ٠‏ خلَطُوا عَمّلاً صالحا وآخر سينا : #درك © [التوبة]ء وقال تعالى: 8 ... ولا تفْسدوا في الأرض بَعْدَ إصلاحها . للدم #4 [الأعراف] . وقال تعالى: #االّذين آمَنوا وعملُوا الصّالحَات» فى مواضع كثيرة. وإصلاح الله تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحاء وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد إصلاحه؛ وتارة بالحكم له بالصلاح. . وإذا كان عمل الصالحات هو استجابة المؤمن لأمر الله ونهيه» أو تنفيذ لقول المؤمنين: «سمعنا وأطعنا» فمؤدى ذلك أن الله تعالى لا يكلف عباده إلا ما فيه صلاح أمورهم ورفع الفساد عنهم» فما من أمر كلف الله تعالى عباده أن يقوموا به إلا كان فيه صلاح لهم ومنفعة» وما من أمر نهاهم عنه إلا كان فيه مفسدة» وعلى مقدار مسا فى الشىء من نفع تكون قوة المطالبة به وعلى مقدار ما فيه من شر يكون مقدار النهى عنه؛ وبذلك يتبين أن الشرع الإسلامى كله جاء لخير العباد وصلاحهمء والرحمة بهمء كما قال تعالى: وما أَرسَلَاكَ إلا رَحْمَ للْعالَميَ 2 4 [الأنبياء] وعلى ذلك لا يصح لمؤمن بالله واليوم الآخرء أن يقول: إن نصوص القرآن أو السنة جاءت بأحكام فيها مضرة؛ فإن ذلك أقصى العناد» وغاية ما يريده أهل الفسادء وما يبتغيه الذين يريدون أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم . وقد ذكر سبحانه وتعالى ما وعد به الذين آمنوا وعملوا الصالحات» فقال: «لهم مغفرة وأَجِرٌ عظيم. فهذا النص الكريم هو بيان للوعد الذى وعد الله تعالى به عباده المؤمنين» فذكر الوعد بهما فى قوله تعالى: #وعد الله الّذِينَ آمنوا وعملوا الصالحات» . ٠‏ ثم ذكر البيان» وفى ذكر البيان بعد الإبهام فضل تمكين للإعلام» ها تفسبير سور: ة المائدة لل اا < يي وتثبيت للمعرفة» والوعد الذى وعد الله تعالى به يتكون من أمرين عظيمين: أحدهما مغفرة عظيمة» والثانى أجر عظيم» أما المغفرة فمعناها: ستر الذنوب وإخفاءهاء وإنخفاء الذنوب من الله تعالى معناه ألا يقيم لها وزنا ويعفو عنها ويكفر السيئات ولا يجازى عليهاء وأما إخفاؤها فى الدنياء فذلك لأن العمل الصالح يلقى فى النفس نورا فيذهب أعتامها؛ إذ إن المرء إذا ارتكب سيئة نكتت فى قلبه نكتة سوداءء فإذا استمرت السيئات ولم يكن ثمة عمل صالحء تكاثرت التكت السوداء حتى يربد القلب ويسودء وإن كان العمل الصالح أشرق النور فاختفت السيكات» وهذا معنى قوله تعالى: 8 ... إن الحسنات يذهين السّيقات ... قز # [هود ]. ونكرت كلمة «مغفرة» للدلالة على عظمتهاء وأنها مغفرة عظيمة لا تحيط بها المدارك البشرية . هذا هو الأمر الأول. أما الأمر الثانى: فهو الأجر العظيم» وهو الثواب» وسماه الله تعالى أجراء أى أنه استحقاق على عمل صالح» وذلك كان من الله تكرما وفضلاء فكل شىء بفضل الله تعالى» وهو ذو الفضل العظيم . «والّذين كفروا وكَدَبُوا بآياتنَا أُولّك أصحاب الجحيم» بعد أن ذكر سبحانه جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ذكر سبحانه الذين كفروا وكذبوا بآيات الله تعالى» وهذا النص الكريم يشتمل على وصف الذين لم يؤمنواء وجزائهم. وبن أولئك الذين لم يؤمنوا يتصفون بوصفين: أولهما: الكفرء وثانيهما: تكذيب آيات الله تعالى القائمة حجة على رسالة الرسول الذى أرسل إليهم» وقد ذكر الكفر سابقا على تكذيب الآيات مع أن الظاهر أن الكفر نتيجة لهذا التكذيب؛ وذلك لأن الكفر هنا معناه: جحود القلب» وطمس معالم الإدراك فقلوبهم غلف» قد غطيت عنها الحقائق» وغاب عنها الفهم الصحيح.» والإنكار يكون مرتكزا فى النفس» فلا تذعن ولا تصدق». وإذا كانت النتفوس على هذا النحو؛ فإنه يكون التكذيب لكل ما تدل عليه الآيات الحسية» والمعجزات القطعية؛ لآن ل تفسير سيور ة المائدة ١١‏ ااخاااااااا!!الا!! لاا لئااااالااااااتالللك! ل لللللكك ال ل انط لتاللن!االلططالاااااللاا ا لاطخانااااااللا لل ططخ الاطط ككل للخلا لط طخل طخلا ططملممم ممالا اللا 2 سر اا القلب قد شاه وفسدء فلا يرى الحقائق ويكذب بهاء كما أن العين إذا شاهت وعشيت أصبحت لا ترى النور المبصرء وإن عم صاحبّهاء وإن التكذيب بالمعجزات أكبر ما يكون عن فساد فى الإدراك» إذ يكون لهم قلوب لا يفقهون بهاء ولهم أعين لا يبصرون بهاء ولهم آذان لا يسمعون بهاء وكان التكذيب جرما عظيما؛ لأنه تكذيب بآيات الله تعالى التى كانت للدلالة على الرسالة» والإذعان للحق» فلم يفعلواء وكان الجزاء ما عبر عنه سبحانه بقوله تعالى: لأُولَك أَصحاب الجحيم» . أى أولئك الذين كان منهم الكفر والجحود ثم التكذيب للآيات» وقد جاءت معلمة واضحة بسبب ذلك كانوا الملازمين للجحيم؛ أى النار المتأججة الشديدة اللهب التى تشوى الأجسام والوجوه شياء فمعنى أصحاب الجحيم: الملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه الذى لا يفترق عنه» وكلاهما جدير بصاحبه. يا أيها الّذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكُم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم نكف أيديهم عنكم ونوا الله وعلَى الله فليتوكَلٍ المؤمنون +2 »4 هذا متصل بالأمر بالعدالة مع الأعداء كالعدل مع الأولياء»؛ ففى هذا النص أمر بالتذكير بحال ضعفهم عندما كانوا يلتمسون العدالة» ليعتبروا بماضيهم » ويتخذوا منه عبرة لحاضرهم؛ فيتذكروا حال الضعف فى حال القوة» ليعلموا نعمة الله تعالى عليهم» ولكى يعدلوا مع غيرهم كما كانوا يلتمسون العدل إذ كانوا مظلومين يتخطفهم الناس» وينزل بهم البأس . فالآية تدعو إلى التذكير بنعمة الله ليشكروهاء ولكيلا يشتطوا مع غيرهمء وبسط اليد معناه بالقوة والأخذ والسيطرة والصولة» وقد قال تعالى: ... ويبسطوا إليكم أيديهم والسنتهم بالسوء ... 28 4# [الممتحنة] فالبسط هنا بسط للصولة والقوة» والسيطرة» ومعنى النص الكريم: يأيها الذين أذعنوا للحق واستمسكوا به» واستجابوا لأمر ربهم تذكروا نعمة الله التى أنعمها عليكم إذ هم قوم أن يمتدوا بيد الأذى ويبسطوهاء فكفها عنكم وبدلكم من بعد الضعف قوة» ها تفسير سورة المائدة 00 ١ ا‎ ي- ومن بعد الذلة عزة» ومن بعد أن كنتم تظلّمون» وترامون بالسوء. صرتم يطلب الإنصاف منكم . مكررا كلمة الأيدى #فكف أيديهم عدكم» وفى ذلك إشارة إلى أنه سبحانه هو الذى قضى على موضع قوة أعدائهم» ومناط شدتهم» وهى الأيدى التى يكون بها البطش والصولة . ولقد تكلم مفسرو الأثر وغيرهم فى سبب نزول هذه الآية» وخصصواء شخص النبى يَلِْةّه والاعتداء عليه اعتداء على المسلمين» وكف الاعتداء عنه نعمة على كل المسلمين» وقالوا فى ذلك روايات مختلفة تنتهى إلى خبرين : أولهما: أنه روى من حديث جابر وغيره أن رجلا من بنى محارب قام على رأس رسول الله لله ففى وقت الراحة ومعه السيف» وقال للرسول من يمنعك؟ قال الرسول يَلية: «الله؛ فوقع السيف من يدهء فأخذه النبى يَكلةٌ وقال: «من يمنعك منى»» فقال الرجل: كن خير آخذ. قال الرسول يلكي : «تشهد أن لا إله اللا الله وأنى رسول الله» قال: (أعاهدك ألا أقاتلك» ولا أكون مع من يقاتلونك. فخلى سبيله» فجاء إلى قومه» وقال: جتئتكم من عند خير الناس)2©27. وعلى وطلحة والزبير» يطلبون منهم الإعانة على دية رجلين قتلاء وكان للنبى عَبِيِدّ عقد مع بنى النضير عهدا على ألا يحاربوه» وأن يعينوه على الديات» فلما طالبهم بحكم هذا العهد أظهروا القبول» وأخفوا الغدرء فقالوا: نعم يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة اجلس حتى نطعمك» ونعطيك الذى سألتناء )١(‏ رواه بهذا اللفظ أحمد باقى مسند المكثرين - باق المسند السابق (مكلاة )ل ورواه البخاري: الجهاد والسير - من علق سيفه 2)591١١(‏ ومسلم: الفضائل - توكله على الله تعالى وعصمة الله تعالى له (857) عن جابر رضى الله عنه بنحوه. لل االلللول ااال ا0االلل الل 2 1 هيه < يي فجلس بجانب جدار لهمء وقال لهم حيى بن أخطب: لا ترونه أقرب منه الآن؛ اطرحوا عليه حجارة فاقتلوه» فهموا أن يطرحوا عليه صخرة» وقد أعلم النبى علد بنية الغدرء إذ أعلمه جبريل» فانصرف قبل أن ينفذوا ما ديرو(" . هاتان روايتان فى أسباب النزول» ويكون القوم هم الذين دبروا قتل النبى يي فرادى وجماعات» ويكون كف أيديهم نعمة عظيمة على أهل الإيمان. والذى نراه هو تذكير المؤمنين بما هم به الأقوام من الاعتداء على النبى كَل فى هاتين الواقعتين» ومن قبلهما بتدبير قتله يوم الهجرة النبوية» ومن الاعتداء على المؤمنين فى غزوة أحدء ومن تضافر العرب فى الجزيرة العربية على الذهاب إلى المدينة قصبة الإسلام, واقتلاعها فى غزوة الأحزاب» وقد كف الله سبحانه وتعالى فى كل هذا تلك الأيدى المبسوطة بالشرء فلا تخصيص فى النص» بل يترك على عمومه. «إوائقوا الله وعلَى الله فَليتَوَكلِ المؤمنون» بعد التذكير بهذه النعمة التى جعلت للمؤمنين كيانا مستقلا عزيزا كريما يتتصف من الظالمين» ولا يظلم أحدا أمر الله سبحانه وتعالى بالتقوى» وتقوى الله تعالى هى: الشعور بعظمته» والإحساس بجلاله» وامتلاء القلب به» واطمئنانه إليه» ورجاء ثوابه» وخحشية عذابه» وعبادته كأنه يراه كما ورد فى الآثر: «اعبد الله كآنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)29 , هذه كلمات تقرب معنى تقوى الله تعالى» وهى تتضمن ذكر النعمة» وتتضمن شكرهاء وهى فى الشكر نص» ولا يكون الشكر من غير تذكر. وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالت كلماته: #وعلى اللّه فليتوَكَلٍ المؤمنون» وفى هذا طلب الله تعالى من عباده المؤمنين أن يتوكلوا عليه» . سبق تخريجه بهذا اللفظ‎ )١( (؟) سبق تخريجه. إلا تفسير سورة المائدة ١ت‏ 00 7 ولا يتوكلوا على سواه» وقد صيغ الطلب فى صيغة الخبرء للإشارة إلى أنه حال ملازمة للمؤمنين لا ينفصلون عنها؛ لآن من تقوى القلوب ألا يعتمدوا إلا على علام الغيوبء فالتوكل على الله وحده فى السراء والضراء» فى الشدة وفى الضعف من لب عبادته سبحانه وتعالى. والتوكل على الله ليس هو التواكل وترك العمل» بل هو الأخذ فى الأسباب» ثم الاعتماد فى الوصول إلى النتائج على الله تعالى وحدهء فإن الأسباب لا تنتج وحدهاء ولكن لا بد من فضل الله تعالى بالتوفيق» ولطف التقدير. وفى الجملة الكريمة: «وعلى الله فليتوكّل الْمَؤّسنون» إشارات بيانية واضحة منها ذكر لفظ الجلالة» فإنه يشير إلى عظمة من يعتمد عليه إذ يعتمد على منشىء الوجود ومسيره ومبدعهء وفيها لفظ «على» فإنه يشير إلى علو من يعتمد على الله وسموهء وعدم ذلته لمخلوق» ومنها تقديم الجار وما بعده» فإنه يشير إلى الاقتصار فى التوكل على الله» فلا يشوكل على غيره؛ لأن ذلك لا يخلو من شرك؟ ولأن التوكل من العبادة» والعبادة لله وحده» ومنها لفظ الفاء التى ربطت الكلام» ولا تخلو من معنى السببية» فإنها تدل على أن من ثمرات التقوى التوكل على الله تعالى. هذا ونكرر أن التوكل على الله تعالى حق التوكل يوجب العمل 98 ... رَبّنا عليك توكلنا وإِليك أَنبنا وليك المصيرٌ 22 4 [ الممتحنة ] . يس 2 هر سه سل سسر عوت ١‏ سل 0 رصط وى 2-4 َو د سرع يلَ وَبَعنَنَامِنْهمَ وك ةوك لأ و صَلوْه وَءَاتَيَش وا رتك -3 إِفْ 1 الصَلؤة وَءَاتَيِسُم لكر اا تفسير فور ة المائدة الللللللائ 0 7 يج بي ١‏ ل رق ا فور ره يه # و 0007 سل بس ع ساب على ساسك ارس حَسَنَا لأكيْرنَعدكج سياد ولادضلنكم لسعم - 3 سا و ساسا ا اال ا 00 00 0 34 ل 22 ل هد مسارم حنم ذلك منحكم فَمَد صَلْ سواء الْسَيِيلٍ 0 فى الآيات السابقة بَيْنَ سبحانه طيبات ما أحل الله تعالى» وهى تصور متعة الجسد التى تكون حلالاء سواء أكانت طعاما يؤكل أم كانت تتعلق بما يكون بين الرجل والمرأة» ثم بين طهارة الأجساد والقلوب» بالصلاة وما يتقدمها من وضوء وتيمم» وذلك لتكون متعة الجسد فى دائرة الطهارة والسموء فيتهذب الفرد وينموء ويقوى» وبذلك يكون قوة فى بناء المجتمع الإنسانى الذى يبتدئ بمجتمع الأمة أو القوم من غير تعصب ظالم» ولا انحراف لغير غاية فاضلة» وبين سبحانه وتعالى أن العدالة هى نظام العلاقات الإنسانية» وهى التى تسقهاء وكل تنسيق لا يبنى عليها هو معول هدام» ينقض القائم» ويفسد الصالح» والعدالة الحقيقية لا تفرق بين عدو ممسشنوء مبغضء» وولى محبوب مقربء. وذكر المؤمنين من بعد ذلك بأوقات ضعفهمء حتى لا يشتطوا فى أوقات قوتهم» ومن بعد ذلك وثق الله سبحانه وتعالى هذه المبادئْ الإنسانية العالية التى هى شريعة النبيين أجمعين» وإن يخالفوها ينقض بنيانهم» وتذهب وحدتهم أوزاعا؛ ولهذا ذكر أخذ الميثاق بها على بنى إسرئيل وكيف نقضوهء فقال تعالى: «ولقد أَحَدَ اللّه مياق بنى إسرائيل وبعثنا منهم انْتى عشر تقيبًا» الميئاق: أصله من وثق». وهى تدل على معان فيها الاطمئنان» فيقال: وثقت بهء أى اطمأننت إليه» ومنها الشد» وربط شيئين» ومنه قوله تعالى: 8 ... فَشْدُوا الْونَاقَ . :> » [محمد] ومنها ربط الكلامين ربطا موثقاء ومنه هذه الكلمة السامية ميثاق هاا تفسير سورة المائدة 0 سرب أ الله تعالى» وهى تتضمن معنى التشديد فى العهد؛ لأنه مأخحوذ مع الله سبحانه وتعالى» وأى عهد أقوى وأوثق من عهد يكون بين العبد والرب؟ ويتضمن ميثاق الله تعالى معنى الاطمئنان» والثقة؛ لأن الاعتماد فيه على الله سبحانه وتعالى» وهو المعاذ الذى يعاذ به» ويلجأ إليه سبحانه وتعالى . وميثاق الله تعالى الذى أخذه على بنى إسرائيل هو التكليفات التى كلفهم إياهاء من صلاة وزكاة» وطاعة للرسل فى المنشط والمكره» والسلم والمحرب» يروى فى ذلك عن ابن إسحاق قال: «أمر موسى أن يسير ببنى إسرائيل إلى الأرض المقدسة وقال: إنى كتبتها لكم دارا وقرارا ومنزلاء فاخرج إليها وجاهد مَن فيها من العذو. فإنى ناص ركم عليهم» وخذ من قومك اثنى عشر ثقيبا» من كل يقول: إنى معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلى. ..». فالميثاق كما تدل الروايات يتضمن التكليفات كلهاء وأخصها الجهاد» وموضوعه يبينه الله تعالى بالنص فى قوله تعالى: #لثن أَقَمتم الصّلاة» . اختار منهم اثنى عشر رئيسا على حسب بطونهم» ليوقعوا الميثاق » أو ليتلقوا العهد» فالبعث أصل معناه : الإثارة ثم أطلق على الإثارة التى يتبعها فحص» ثم اختيار» والنقباء جمع نقيب » وأصل النقب: الخرق فى الجدار ونحوه» ويقال: نقب عليهم صار نقيبا لهم» أى رئيسا مختارا بما يشبه الانتخاب الطبعى» أى أن رياسته بمقتضى التكوين الفطرى فهو رئيس» وإن لم يعين بسلطان» ويقول ابن جرير فى تفسير معنى النقيب: «النقيب فى كلام العرب كالعريف على القوم غير أنه فوق العريف» يقال منه نقب على بنى فلان فهو ينقب نقباء فإذا أريد أنه لم . يكن نقيبا فصار نقيباء قيل قد نقب نقابة؟. وفسر بعض العلماء النقيب بمعنى الأمين» وإن هذا التزامى لتفسير النقيب على النحو السابق؛ لأنه لا يكون له المنزلة السابقة إلا إذا كان أمينا له سابقات فى ل ل تفسير سورة المائدة لكلا 00 7م كا : يي المكارم والمعارف والصدق والأمانة؛ إذ إن هذه الصفات هى أسس السيادة على الناس» والسيادة بغير ذلك تكون نوعا من العلو والجحبروت» ولا تكون نقابة سامية . ومؤدى القول أن الله تعالى أخذ عليهم الميثاق بالطاعة» والإذعان بما أمرهم به» وبأنه كان فى سبط من أسباطهم الاثنى عشر نقيب له عليهم فضل التقابة والشرف يدعوهم إلى تنفيذ ميشاق الله تعالى» والقيام على عهده. وكان ذلك لأن بنى إسرائيل توالت عليهم القرون» وهم فى حكم فرعون وقهرهء وقد استمر العذاب والهوان» وانحلت إرادتهم وعزائمهم»؛ وأصبحوا لا يؤمنون بفضيلة ولا عقيدة» فكان لا بد من مذكّر مستمر من بينهم؛ ومحرض دائم منهم» ومثل من بينهم تكون عيانا مستمسكة بالخلق والدين» حتى تتربى إرادتهم» وتقوى عزائمهم. ألم تر أنهم مع إنقاذ الله تعالى لهم على يد موسى عليه السلام» وفلق البحر لهم حتى صار كل فرق كالطود العظيم» ومع توالى البينات الشاهدة المثبتة للرسالة والوحدانية قالوا لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة» فالحس قد استولى عليهم» والمادية قد استغرقتهم؛» لذلك كان مع ميثاق الله تعالى الذى واثقهم به النقباء الذين كانوا فيهم مع الرسول موسى عليه السلام» وأخيه هارون الذى شد أزره فى رسالته. وفى النص الكريم إشارتان بيانيتان: إحداهما: أن الله تعالى نسب الميثاق إليه جل جلاله بلفظ الحلالة لزيادة توثيقه» ولعظيم توكيده. ثم التفت بنسبته بعث النقباء إليه من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم العظيم؛ لبيان عظم مقام النقباء» فإسناد بعثهم إليه سبحانه هو الذى بينهم وهو الذى كونهم. والإشارة الثانية يتضمنها قوله تعالى: #وقَال الله إِنَى معكم» وهنا كان الالتفات إلى لفظ الحاضر مرة ثانية» وذكر معية الله تعالى تفيد أمرين» أولهما: أن الله تعالى يعلم حالهم من طاعة أو عصيان علّم المصاحب لهمء فإنه لا يخفى عليه أمرهم» وإنه محاسبهم على تنفيذ العهد والميثاق» وإنه سبحانه وتعالى يجزى اللللللللتاالاللاااالللاالاااا0االلا0ا0ااالللا سب ا بالحسنة الحسنى وبالسيئة السوءى. والآمر الثانى: أنه إذا كان جهادء فالله تعالى معهم مؤيدهم بنصره؛» إن اعتزموا ونصروه. وقوله تعالى: #وقَال الله إنَى معكم» ذكر القول ونسبته إلى الله سبحانه وتعالى» وذلك فضل تأكيد بالمعية والمصاحبة» والمراقبة والمناصرة؛ لأن الله تعالى هو الذى أخير با بذلك عن نفس د هذا بيان الميثاق الذى واثقهم الله تعالى بهء وقد ذكره سبحانه وتعالى مؤكدا بالقسم فضل تأكيد؛ إذ إن التأكيد بالقسم تبعه لغة التأكيد باللام؛ والتأكيد بالنون التى تدخل هى واللام فى الجواب» وهو هنا قوله تعالى: الأكفرن عنكم وقد فهم بعض بعض المفسرين أن قوله تعالى : لين أَقَمتَم الصّلاةه داخل فى مقول القول فى قول الله تعالى: #وقال الله إنى معكم» فيكون ذلك خير تأكيد للعهد بالنسبة لله تعالى» وهو جواب القسمء وعندى أن هذا النص استعناف بيانى فيه بيان موضوع الميثاق» فهو عهد بين العبد وربه» كان الالتزام على بنى إسرائيل» هو ما اشتمل عليه النص الكريمء وما وعد الله تعالى هو ما جاء فى قوله والالتزام الذى أوجبه ميثاق الله تعالى عليه يتصل بتهذيب النفوس» والتعاون الاجتماعى» والجهاد والإيمان» وقد ذكره سبحانه وتعالى فى خمسة أركان : أولها: ما قاله سبحانه فى صدر العهد: إلئن أقمتم شم الصّلاة» فالصلاة هى الركن الأول من الميثاق الربانى الإلهى» وابتدئ بذكرها؛ لأنها طهارة النفوس» وتزكية القلوب» وبها تربية الضمير الذى يكون جماعة مؤتلفة» وإقامتها تنهى عن الفحشاء والمنكر وتربى فى النفس روح الخير» والإحساس بعظمة الله تعالى» ولا يمكن أن يكون الوفاء بالميثاق الإلهى من غير إقامة الصلاة؛ فإنها ركن كل دين 9ه تفسير سورة المائدة ل ىم وروح التدين الصحيح وقوامه» وعبر بإقامتها دون أدائهاء فقد قال: #لئن أقمتم الصّلاة» ؛ لأن الصلاة التى تأتى بشمراتها هى الصلاة الكاملة» التى يأتى بها صاحبها مقومة غير ملتوية يتجه فيها بالنية إلى الله تعالى» ويخلص فيهاء لا التى تكون رئاء الناس» أو توؤدى على وجه العادة» لا على وجه العيادة. الركن الثانى: من أركان ميثاق الله تعالى على بنى إسرائيل» وهو ميثاقه على خلقه عامة لا على بنى إسرائيل» هو إيتاء الزكاة» وإذا كانت الصلاة تربية القلوب وتهذيب الوجدان ليندمج المؤمن فى جماعته» فالزكاة فريضة تعاونية لسد خلة الضعفاءء ولإيجاد تعاون بين الغنى والفقير»ء فلا يكون الغنى مملوء الجيب» والبطن» والفقير فارغ الجيب» أخمص البطن» فهى التعاون الكامل» وهذا يدل على أن الزكاة ليست فى الإسلام فقط. بل هى فى كل الأديان السماوية»؛ وهى جزء من الميثشاق الدينى فى كل الرسالات السماوية» فليس لأهل دين سماوى أن يفر منها باسم أنها ليست فى دينه» وإذا كانت النظم تختلف أحيانا فى بعض الشرائع عنها فى الآخرء فالأصل ثابت وهو مشترك فى الجميع؛ ولعل الصلاة أيضا قد تختلف أشكالهاء ولكن لبها ثابت فى الجميع» وليس لأهل دين أن يغير فى أمر الله تعالى. الركن الثالث: ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله: #وآمشم برسلى» والإيمان بالرسل معناه: الإذعان والتصديق» فمن ميثاق الله تعالى على بنى إسرائيل وغيرهم الإيمان برسل الله تعالى بتصديقهم» والإذعان لا يدعون إليه فلا يقبلون لبعضهم البعض» ويرفضون الآخرين» فيؤمنون ببعض الكتاب» ويكفرون ببعض؛ لآن رسالة الله واحدة» ورسل الله تعالى جاءوا جميعا بشرع واحد فى أصلهء وإن اختلف فى بعض فروعه؛ وقد أضاف سبحانه وتعالى الرسل إليه» فقال: #وآمنتم برسلى» لتأكيد معنى رسالة هؤلاء الرسل» وللإشارة إلى أن عدم الإذعان لهم» والتصديق بهم تمرد على الله تعالى» وتكذيب» فمن يطعهم فقد أطاع الله تعالى؛ ومن يعصهم فقد عصاه سبحانه» فإضافة الرسل إليه سبحانه وتعالى لتعظيم شأن رسالاتهم» وبيان آثار طاعتهم ومغبة عصيانهم . (#ا) تفسير سورة المائدة .م الملل 101121000 1 ةي 1 1 آ[آ[+آ[ +1 1[ [ [ [! ! ! ! >[ 1 1 1 1 1 001111ةذ”2 ىج وقد يقال: إن الإيمان بالرسل مقدم على طلب إقامة الصلاة» وطلب إيتاء الزكاة» فلماذا أخر فى الذكر عنه؟ وإن الجواب عن ذلك: أن الميشاق مفروض أنه بعد الإذعان لرسالة موسى عليه السلام؛ فكان أخذه ثمرة من ثمرات تلك الرسالة» فهناك إيمان ضمنى مقدر فى ثنايا القول» وإن لم يكن مذكوراء وإن الإيمان بالرسل المذكور من بعد هو الإيمان بالرسل الذين يجيئون من بعد موسى» كعيسى ومحمد صلى الله تعالى عليهما وسلمء حتى لا يحسبوا أن الرسالة مقصورة على موسىء وأنهم لا يؤمنون إلا بهاء وأن يقولوا: أن غيرهم ليسوا على شىء فإن فعلوا يكونوا بذلك قد نقضوا الميئاق الذى واثقهم الله تعالى. والركن الرابع من أركان ذلك الميثاق القدسى: عبر الله تعالى عنه بقوله تعالى : #وعزرتموهم4 أى قويتموهم ونصرتموهمء فذلك فتح باب الجهاد الواجب لنصرة الرسل» ونصرة الحق دائماء فالتعزير هو النصرء ويطلق على العقاب المانع من الضررء ويقول صاحب المفردات: إنها من باب واحدء فيقول فى ذلك: التعزير النصرة مع التعظيم قال تعالى: 8 ... وتَعزّروة ... 437 4 [الفتح ] # وعزرتموهم», والتعزير ضرب دون الحدء وذلك يرجع للأول» فإن ذلك تأديب » والتأديب نصرة» لكن الأول نصرة بيقمع ما يضره بالدفاع عنه» والثانى نصرة بقمعه عما يضرهء فمن قمعتهء تقد تصرته؛ وعلى هذا الوجه قال كله : «انصر أخاك ظالما أو مظلوماء قال قائل: أنصره مظلوماء فكيف أنصره ظالما؟ فقال يَكة: «كفه عن الظلم)7©. والخلاصة. أن التعزير فى الآية النصرة مع التوقير والتعظيم» وعدم التهجم عليهم أو الاستهزاء بهم أو السخرية منهم )01 عَن أنّس رضي الله عله قال ال رول الله كل: «انصر أخَالة ظالما أو مَظلُوما" فال جل يَ سول( لل أنصره إِذَا كان مَظْلُومَاء َفْرَأيتَ إِذَا كان ظَالمًا كيف أنصره؟ قَالَ: اتحجزة أو تمبعه من ال إن ذلك تصره) رواه اليخار ي: الإكراه - يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا و (؟56465). وأحمد : مسئدلد نس )١١654(‏ كما رواه بلفظط بلفظ : «تكفه عن الظلم» الترمذي: ا تفسير سلوره: ة المائدة ك4 سرب أ والركن الخامس: هو ما عبر عنه الله بقوله: #واَفْرَضكم اللَّهَ فَرْضًا حَسنا والمراد من إقراض الله تعالى فى هذا المقام هو الإنفاق فى سبيل الله تعالى عندما تحتاج نصرة الحق إلى جهاد فى سبيله» وإعطاء الضعفاء الذين هم عيال الله تعالى فى هذه الأرض» فمن أعطاهم ابتغاء مرضاة الله تعالى فقد أعطى الله سبحانه وتعالى» ومن إقراض الله تعالى قرضا حسنا القيام بما طالب به من طاعاتء بأداء ما عليه من واجب؛ لأن من يفعل ذلك ابتغاء مرضاته سبحانه فكأنما أقرض الله قرضا حسناء والله سبحانه سيضاعفه فى الأداء له أضعافا كثيرة. وهنا نجد إشارات بيانية تستوجب ذكرها إجمالا من غير تعرض لتفصيل : الأولى: أن الله سبحانه وتعالى سمى القيام بالواجبات» والإنفاق فى سبيله» وإعطاء المحتاجين - إقراضا له تعالى» وهو الغني» والناس هم الفقراءء وكانت تلك التسمية تحريضا على هذه الخيرات» وتشريفا لمقام القائم؛ وإعزازا لعمله» وكانت التسمية فوق ذلك تأكيدا للجزاء؛ لأن المقترض لا غنى فى الوجود سواهء فهو وحدله القادر على الجزاء» وأتى تأكيدا للجزاء على الحسنة بأقوى من هذاء وقد صرح سبحانه وتعالى بمضاعفة الآداء فى آية أخرى» فقال سبحانه: طمن ذا الذي يُقَرض الله فَرضًا حَسنا فيَضاعِفه لَه أَضِعافًا كثيرة واللّهِ يقبض ويبصط وإِلَيه ترجعون +29 4 [ البقرة ] . الثانية : أن «قرضا» فى قوله تعالى: #وأَفْرضتم اللّهَ فَرْضًا حَسنا» المراد بها العطاء؛ أى الشىء الذى قدمه العبد» وإن كان فى إعرابه يصح أن يكون مفعولا مطلقاء ونرى أنه مفعول به(" . الشالثة: أن الله تعالى وصف القرض بأنه حسن» والحسن فى كل شىء يناسبه» ففى الوجوه تَنَاسَبْهَاء وإشراقهاء وفى الأشياء تناسقها وتآلفهاء وفى الأعمال خلاصها من شوائب الرياء والنقاق» وهو فى القرض الاتجاه به إلى الله )١(‏ ويكون مفعولا به على معنى (عطاء ) كما بين الإمام رحمه الله تعالى. 9 تفسيرسورة المائدة اول ١: كا‎ يي تعالى وطلب مرضاته» والشعور بالشكر له سبحانه» فهو المنعم وهو المعطى» وهو 00 0 وقد بَيْنَ سبحانه بعد ذلك ما وعد به فقال تعالت كلماته: «الأكفرن عنكم سيتَاتكُم ولأَدَحَلتَكُم جات تجَرى من تحتها الأنهار» هذا جواب القسم الذى أقسم به رب العالمين» منشىء هذا الوجودء وهو يتضمن ما وعد الله به بنى إسرائيل إذا قاموا بما يوجبه الميثاق عليهم. وهو يتضمن أمرين أحدهما: غفران ما ارتكبوا من سيئات» وثانيهما: جزاء ما فعلوا من خيرات» وقد عبر سبحانه وتعالى عن الغفران بقوله: طلأُكَفرنَ عنكم سيّنَاتكُم» أى لأسترن ما قدموه من أعمال هى سيئة فى ذاتهاء وهى سيئة لهم» ولمجتمعهمء ومعنى تكفيرها سترهاء فلا تفضح بالعذاب؛ إذ العذاب كشف لهاء وإعلام بهاء والغفران ستر وعطاء» وقد أكد سبحانه الغفران بلام القسم والنون المؤكدة توكيدا شديدا. وعبر سبحانه وتعالى عن الجزاء بقوله: «ولأدخلكُم جنات تجرى من تحتها الأنْهَارك وأكد العطاء بمثل ما أكد الغفران» وقد قدم سبحانه الغفران على الثواب؛ لآن الغفران تطهيرهء والتطهير مقدم على غيره» أو كما يقول العلماء: «التخلية مقدمة على التحلية) . لقَمَن كَفْرَ بَعْدَ ذَلكَ منكم فَقَدْ صَلّ سَوَاءَ السَيل» أى أنه من يجحد بآياته ونعمه وآلائه وبيناته بعد ذلك الميثاق الغليظ الذى أخيل عليهم» والوعد الأكيد الذى وعدهم الله به فقد بَعَدَ عن السبيل المستوية البّدََ المسلوكة» وسار فى متاهات الضلال التى لا هداية بعدهاء فمعنى سواء السبيل الطريق المستوية التى توصل» ومعنى ضلالها البعد.» وهذا إنذار لله تعالى بعد الميشاق بأنه هو الطريق السوى. فمن حاد عنه» فقد ضل وغوىء وقد كانوا كذلك. اللهم اهدناك ووفقنا لاتباع سبيلك السوى. إنك الهادى والنصير . انا تفسير سورة المائدة 00 0 كاك :* لي ا 8 | 3 9980 لس يلع مظع سمخل 52 ميرح يي اع 9 لَنَادًا 7 1 لفصبم مينبعهم 9- بماسسسحم ل ار مع 00 ا يد سس سس لخر ص م رفوت الكايرعن مُواضِعِهِء وسو أ حظامَمًا 1 سه هل مله صذ و واه ع ساسا ل و ساد 7077 حر 00 جو ذ كرو أبِه-وَلَا نال تطلع عَل ايدو مَمَمإِلَا ليلا مهم مطاء ف سجترس رضاحم رعٍّ رار دعر سس نه فاعف عنهم وأصفح إن ا حب المحسنيت الف ١# 7‏ جك سه مر 7111 ٍَّ فَسَوأْحَظاة م دحكروا به تأغرينا يدهم الْعَدَ وه أخذ الله سبحانه وتعالى على بنى إسرائيل الميثاق أن يقوموا بالتكليفات التى كلفهم إياهاء وألزمهم بمقتضى هذا الميشاق أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» وأن يقوموا بالخير الذى رغبهم فيه سبحانه بآن سماه إقراضا له» وهو المنعم بكل شىء الغنى الحميدء ووعدهم سبحانه بأن من يقوم بحق الميئاق يستر سبحانه وتعالى سيئاته» ويدخله جنات النعيم الدائم الذى لا يحول ولا يزول» وأوعدهم بآن من يكفر بالميثاق ينال جزاء الضالين» وأشار لهم بأن الميثاق هو الطريق المستقيم» وأن الخروج عن منهاجه هو الضلال المبين» ولكن ذكر بعد ذلك أنهم اختاروا الضلالة على الهدى ونقضوا الميثاق» وضلوا وبعدوا عن طريق الحق» فطردوا من نعمة الإيمان» واستولى الشيطان على قلوبهم؛ ولذا قال سبحانه: «قبمَا تقضهم ماهم لَعنَاهم وجلا فُلوبهم قَاسيّة4 أى بسبب نقضهم الميثاق الذنى أخذ عليهم» والتزاموا بأحكامه طردهم الله تعالى من رحمتهء وذلك ها تفسبير سبورة المائدة : الل 000 1 لج بر بي لضلالهم عن طريق الهداية؛ لأن من ترك طريق الله الذى سنهء فقد ضل» وبهذا الضلال المبين طردوا من طريق الرحمة» وهو الطريق المستقيم الذى يوصل إلى جنات النعيم» فمعنى لعناهم: طردناهم» والطرد هنا هو السير فى متاهات الضلال» وفى ذلك تشبيه لحال من يسلك سبيل الضلال بعد أن فتح له باب الهداية» وأرشد إلى الطريق المستقيم بحال من يكون فى مكان آمن مستقر فيه قد مكن له فى الإقامة ومهد لهء ثم طُرد منه مذءوما مدحورا مبغوضا مكروها. وإنهم إذا ساروا فى طريق الغواية» وتركوا منهاج الهداية تفسد مداركهمء فيطمس على عقولهم» وتجمد قلوبهم فلا تلين لحق» ولا يدخل إليها نور؛ ولذلك قال تعالى: #وجعلنا قلوبهم قاسيّة» أى جعلنا قلوبهم غليظة صلبة كالحجارة» منزوعة منها الرأفة والرحمة؛ وذلك لآنهم لما مردوا على العصيان والمخالفة صلبت قلوبهم. فأصبحت لا تنفتح لإدراك حق» كما قال فى شأن هؤلاء اليهود عندما أخذوا فى طريق العصيان: «نْم قست فلوبكم من بعد ذلك فى كالحجارة أو أشّد فسوة وإ من الحجارة َم بجر منه الأنهار ون منها لما شق فيَخرج منه الماء وإِن منها لما يهبط من حَشية الله وما الله بغافل عمًا تعملُونَ 50 4 [ البقرة] . والقراءة المشهورة عند البصريين هى: #وجعلَنا قُلُوبَهُم قَاسيّة4 وهناك قراءة أخرى وهى مشهورة عند الكوفيين» وهى: (وجعلنا قلوبهم قسيّه)2'0 وقد خرجها بعض المفسرين على معنى القراءة السابقة» بيد أن فيها مبالغة؛ لآنها على وزن فعيلة فهى تدل على تمكن صفة القسوة فيهم» وذكر ابن جرير الطبرى لهذه القراءة وجها آخرء وقال: (إنما القسية فى هذا الموضع القلوب التى لم يخلص إيمانهاء ولكن يخالط إيمانها كفرء كالدراهم القسية» وهى التى يخالط فضتها غش من نحاس أو رصاص» ثم قال رضى الله عنه: «وأولى التأويلين فى ذلك بالصواب» 20 قرأها بغير ألف: حمزة والكسائى » وجيلة عن المفضل عن عاصم . وقرأ الباقون بالآألف. غاية الاختصار .)8١0-0(‏ 9ه تفسير سورة المائدة ل 1 لل أ تأويل من تأول فعيلة من القسوة» كما قيل نفس زكية وزاكية» وامرأة شاهدة وشهيدة؛ لأن الله تعالى جل شأنه وصف القوم بنقضهم ميثاقهم وكفرهم به ولم يصفهم بأى شىء من الإيمان» حتى تكون قلوبهم موصوفة بإيمان يخالطه كفرء كالدراهم القسية التى يخالط فضتها غش» والحق عندى أن كلتا القراءتين قرآن» وما دامت متواترة فالجمع بينهما ضرورى» والجمع بجعل إحداهما تأتى بمعنى ليس فى الأولى يكون أولى وتكون كلتاهما متممة للأخرى» وبالجمع يكون المعنى: وجعلنا قلوبهم قاسية؛ لأنه اختلط فيها الزيف بأصل الإيمان» فعندهم إيمان بالله من غير إذعان لأحكامه» ولا تصديق لرسله» ولا قيام بالتكليفات» والزيف أكثر من الأصل» والنحاس أكثر من الفضة» فصلبت. وإن قسوة القلب وفساده يترتبان على الانحراف عن الطريق السوى الذى عبر عنه بالطرد؛ لأن من ضل الطريق كلما سار فى الضلال تاه عن الحق وغاب عنه؛ ولآن القلب كلما أركس فى الشر أربد وأظلمء وصارت غشاوة من الباطل تغطيه فلا يدرك» وتحجره فلا يلين. وهنا بحث لفظى» وهو فى قوله تعالى: «قبِمًا تقضهم مَعاقهِم4 فإن الفاء هنا تسمى بفاء الإفصاح» وهى تفصح عن شرط مقدر تقديره: فإذا ضلوا ونقضوا الميثاق» فبسبب ذلك يطردون من طريق الرحمة ومنهاج الاستقامة» و «ما» زيدت فى الإعراب لتأكيد معنى السببية بين نقض الميثاق والضلال. «يحَرَفُونَ الْكَلم عن مُوَاضعه» أى يحيلون بالكلام عن الموضع الذى نزل فيه ولأجلهء والمعنى المقصود منه إلى طرف بعيد عن لبه» وعن معناه» فالحرف للشىء طرفه الذى يبعد عن قلبه وعن قطبه الذى يدور حوله» والتحريف كما جاء فى عبارات المفسرين قسمان» قسم يغيرون به معانى الكتاب» فيتجهون بها إلى أمور ربما يحتملها الكلام» ولكن لا يحتملها إلا على بعد من موضوعهاء كبعد طرف الشىء عن قطبه» وقسم آخر يغير ذات الكلام بزيادة ألفاظ فيه تذهب بأصل المعنى» أو بحذف ألفاظ يذهب بالمقصد من القول» وقد كان من اليهود القسمان» لاا حب ا فهم غيروا معانى الكتاب الذى أنزل وأبعدوه عن معانيه التى قصدت من سوقهء وأريدت من شرعه.» وهم غيروا وبدلوا فى عباراته حتى تذهب تكاليف الكتاب وتطمس معالم أحكامه. ومن ذلك مثلا أنه جاء فى كتبهم تحريم الريا بمثل هذا الكلام (أخاك لا تقرض بالربا) فزادوا كلمة الإسرائيلى: (أخاك الإسرائيلى لا تقرض بالربا) وبذلك تغير المعنى تغيرا جوهرياء والكلم: المراد بها الكلام» فهو اسم جمع يدل على الجمع بحذف التاء» كشجر وشجرة» وثمر وثمرة. وجاء قوله تعالى: #يحرقُون الْكَلمِ عن مُوَاضعه) ثمرة لقسوة القلوب والطرد بالضلال؛ وذلك لأنهم لما ضلوا وفسدت قلوبهم واختلط فيها الزيف بالجوهر حتى غلب الزيف» ماتت ضمائرهم» وصاروا كذابين يكذبون على الله تعالى» وعلى الناس» فيغيرون معانى التنزيل» ويزيدون فيه وينقصون على حسب هواهم وشهواتهم» وارتكبوا بهتانا عظيما. ومع التحريف الذى قصدوه» وشوهوا به التوراة التى نزلت على رسولهم قال الله تعالى عنهم: #ونّسوا حَظَا مما ذكْرُوا به والنسيان معناه الترك» أو الغفلة عنه. وقد جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى ما نصه: «النسيان ترك الإنسان ما استودع إما لضعف قلبه؛ وإما عن غفلة» وإما عن قصد»ء حتى ينحذف عن القلب ذكره» وهذا يستفاد منه أن النسيان ترك عن غفلة أو ترك عن قصدء وقد يكون النسيان سببه أمر خارج عن إرادة الناس» كأن يخفى عدو قاهر ما عند الشخص فيتركه مكرها. وقد كان عند اليهود - قبحهم الله - الأنواع الثلاثة» فهم قد أصابتهم الغفلة عن كتابهم بسبب فساد قلوبهم» وهم قد تركوا بعضهء وجعلوه مهجورا؛ لأنه لا يتفق مع أهوائهم. وقد نزل بهم من الشدائد ما ضيع كتبهم» ولم يبق منها إلا القليل» كما فعل ذلك بختنصر معهم. حتى إذا عاد جمعهم لم يبق من كتبهم إلا متناثراء لا يكون مجموعا متناسقا. ل تفسير سورة المائدة 00 0 كاوه < يي وهنا لفظان نقف عند المعانى التى يشيران إليها: أولهما: معنى «حظ) فنقول: الحظ هو النصيب الكبير الذى يعد محظوظا من يأخذه. وهذا يدل على أن الجزء الذى نسى هو جوهر الدين ولبه» وحسبك أن تعلم أن التوراة التى بأيدينا ليس فيها ذكر لليوم الآخرء وما يكون فيه من نعيم مقيم وعذاب أليم » وثانى اللفظين: هو «نما ذكروا به» فإن ذلك يشمل تعاليم موسى وتعاليم الآنبياء من قبله» وكل هذا نسوا الحظ الأكبر منه. ولا ترال تَطّلع عَلَى حائنة منهِم إلا ليلا منهم» الجماعات الإنسانية تتوارث عادات وأخلاقاء حتى تصير كأنها طبائع وجبلة) فالكلام فى بنى إسرائيل الذين سبقوا عصر النبوة» ولكن الذين عاصروا النبى كَكِلْةٌ يحملون الصفات التى كان الصلاة والسلام بأنه يَككِْةٌ يرى فى الحاضرين صورة السابقين» ويرى فيهم طائفة منهم »2 وإن تباعدت الأزمان» وإذا تخالفت الشخوص لا تتخالف الصفات؟؛ ولذلك قال تعالى: «إولا تزال تطّلع على خائئة مبهم» أى أن صفاتهم مستمرة وهم قسوتهم» وفيهم ضلالهم» وفيهم انحرافهم. و#وخائنة» : وصف لمحذوف تقديره بمعنى خخيانة» والمعنى على ذلك لا تزال تطلع على خيانة» والمؤدى واحد؛ لآن الاطلاع على فرقة أو بقية خائنة اطلاع على الخيانة» والاطلاع على الخيانة اطلاع على قوم متصفين بهاء وفى الكلام إشارة إلى أن هؤلاء اليهود فى ماضيهم قد خانوا الله تعالى» وخانوا أنفسهم بنقضهم الميثاق الذى أخذ موثقا مؤكدا عليهم. فلا تعجب إذا كانوا قد خانوا العهد معك. ونقضوا الحلف الذى حالفوك عليه» الجوارء والمودة الحسنة. لها تفسير سورة المائدة , الل 0 لسرب ور وما كان اليهود منهم أمة مقتصدة» وأن كثيرا منهم ساء ما يعملون» استثنى أهن الخير من أن يكونوا خائنين» كسائرهم» فقال: «إلا قليلا منهم» ولقد أجمع المفسرون على أن هذا القليل منهم: اليهود الذين دخلوا فى الإسلام» وآمنوا بمحمد يلد وما جاء به» ويصح أن نعد منهم عددا قليلا محدودا من اليهود قد خالفوا سائرهم عندما كانوا يهمون بنكث العهد مع النبى كله فهؤلاء» وإن لم يسلموا يصح أن يستثنوا من الذين يخونون وينكثون العهدء ولقد أمر الله تعالى نبيه بأن يأخذ الناس بالعفو والصفح الجميل» ولذا قال تعالى: #فاعف عنهم واصفح إِنَ الله يحب المحسنين» العفو معناه فى مثل هذه: عدم مقابلة الإساءة بمثلهاء والتجافى عنهاء وترك المؤاخذة عليهاء والصفح معناه: ترك المؤاخذة» وترك اللوم والتثريب» بل ترك العتاب عليها؛ ولذلك قالوا: إن الصفح أعلى رتبة من العفوء وقال فى ذلك الراغب الأصفهانى فى مفرداته: وهو - أى الصفح - أبلغ من العفو؛ ولذلك قال تعالى: 8 ... فَاعفوا وَاصفحوا . شيعه © [البقرة] وقد يعفو الإنسان ولا يصفح ولكن لا يمكن أن يتحقق صفح من غير عفوء إذ العفو ترك المقابلة بالمثل ظاهراء وقد يكون فى النفس شىء» أما الصفح فإنه يتناول السماحة النفسية» واعتبار الإيذاء كأن لم يكن» فى المظهر والقلب. والإحسان يطلق على الإتقان» ومن ذلك قوله تعالى: 8 ... إِنَا لا نضيع أَجِر من أَحْسن عملا :2:1 4 [الكهف] ويطلق على الإنعام على الغير» ومن ذلك قول القائل: «أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم» والإحسان فى هذه الآية يشمل المعنيين» والإحسان فوق العدل؛ لأن العدل مع غيرك إعطاؤه الحق الذى له والإحسان إعطاؤه الحق وزيادة» ومعنى النص الكريم: إذا كانوا على هذه الصفة التى ذكرناها فلا تعاملهم بمثل أخلاقهم» بل عاملهم بأخلاق النبوة التى تدعو إلى الحق» وإلى صراط مستقيمء فاعف عنهم ولا تؤاخذهم بذنوبهم» فلا تعاملهم بالمثل إلا دفاعا عن الجوزة واصفح الصفح الجميل» ولا تجعل فى قلبك غلا ولا 9 تقفسشير سبور: ة المائدة الل كم 7 الا | .. يي ضغناء حتى يخلص قلبك من كل ما يعكره» لتصفو الدعوة» وإن الله تعالى يحب الذين يتقنون أعمالهم بسلوك سبيل الدعوة الصحيحة» وأخذ الناس بالرفق» ومعاملتهم بالتى هى أحسن» والإنعام عليهم بالعفوء وخلوص النفس من كل الشوائب بالصفح الجميل . ولكن من هم الذين يستحقون ذلك العفو والصفح». أو بعبارة أخرى من الذين أمر النبى كَكِيْهْ بالعفو عنهم والصفح الجميل لهم. قال بعض المفسرين: هم العدد القليل الذين استثناهم الله تعالى بقوله تعالت كلماته: «إلذً قليلا منهم» . سياق المعانى؛ لأن هؤلاء لم يسيئوا ولم يكونوا خائنين» حتى يكون للعفو والصفح موضع. وقال بعض المفسرين: إن الذين أمر النبى كَل بالعفو عنهم هم اليهود جميعاء ولكن نُسخ هذا بقوله تعالى: 8 قَاتلُوا الّذِين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ... 5308 4 [التوبة] وهؤلاء منهم» ولكن يرد عليه بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا لم يمكن الجمع . وقال آخرون: إن المراد اليهود ولا نسخ؛ نسخ؛ لآن العفو والصفح كان بمساكنتهم ويقبول الجزية متهم مع معاشرتهم للمسلمين على أن يكون لهم مالهم وعليهم ما عليهم . وفى ذلك النظر وجاهة. والذى ثرأه أن الأمر بالعفو والصفح عام لليهود. لكى يؤدى النبى علد واجب الدعوة» وكذلك الشأن فى كل داع إلى دعوة؛ لأنه إذا كانت النفس يشوبها الغضب والألم والإحن ويبدو ذلك فى اللسان» فإنه لا تستقيم الدعوة» ولا تقوم الحجة على من يدعوهم؛ لآن الله تعالى يقول: ادع إلَى سبيل ريك بالحكمة والموعظة الحسنة . ٠.‏ ره 4 [الفحل] ويقول سبحانه : ولا مادو أل الكاب إلا الى هى أحسن إلا دين ظلموا منهم وثُولوا آمنا بالذى أنزل ! ينا وأنزل إليكم وإلّهنا وإلْهكم واحد ونحن له مسلمون 2:72 4 [العدكبوت] ولا يمكن أن يكون ذلك قد ها تفسيرسورة المائدة كم 0 سس اق 0 . نسخ؛ لأآن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا؛ ولأن التوفيق غير متعذرء ولأن الأمر بالعفو والصفح لا ينافى القتال» لأنه إذا اعتدت طائفة وجب فل شوكتهاء وقد اعتدت قينقاع وخانت الحلف. ولا يمكن اثتمانها فى وقت قتال» فوجب إجلاؤهاء وكذلك بنو النضيرء واستحقت قريظة ما نزل بهاء وما كان ذلك إلا دفاعا عن النفس» وتأمينا لما وراء الظهر. وفى غير هذه الأحوال الاستثنائية يكون العفو والصفح واجبا ليؤدى النبى يله واجب التبليغ» ولا يعمل الأمر بالعفو عند موجب القتال للدفاع؛ إذ إن ذلك يكون إلقاء بالنفس إلى التهلكة» ويطبق الأمر بهذا الشكل فى عصرناء فاليهود الذين يخربون فى ديارنا تُكَفْ أيديهم ويخرجون منهاء وغيرهم نعاملهم بالخلق الحسن إلا أن يظاهروا الأشرار فيهم» وقليل من لم يظاهروهم . «ومن الّذين قَالُوا إِنَا تصارئ أَحَذنَا ميثاقهم فنَسُوا حَظًَا مما ذُكَرُوا به» فى الآيات السابقة يم الله الميئاق الذى أخذ على بنى إسرائيل» ونقضوه» ونسوا حظا ما ذكروا به» وفى هذا النص الكريم يذكر سبحانه وتعالى الميثاق الذى أخخذ على قوم عيسى عليه السلام» وهو يشمل ما جاء به ذلك النبى الكريم» والرسول الأمين َل من بيان وحدانية الله تعالى. وأنه ليس بوالد ولا ولد» وأنه ليس له صاحبة؛ ومن إحياء للتوراة الحقيقية ووصاياها وتكليفاتهاء وقد صدّق الصادق منها . ولكن النصارى نسوا حظا ما ذكرواء أى نسوا قدرا كبيرا هو لب الديانة المسيحية» وهو التوحيد» وكثير من وصايا عيسى عليه السلام» وما دعاهم إليه من تسامح وحب للسلام. ٠‏ وسبب نسيان حظ أى نصيب كبير مما ذكروا به هو اضطهاد النصارى اضطهادا شديدا فى عهد الرومان» حتى ضاعت كتبهم» ولم يعرف شىء منها إلا قليل غير سليم بعد مائتى سنة من ترك المسيح هذه الدنياء ثم ظهرت هذه الآناجيل التى يتدارسونهاء ولا يزالون يغيرون ويبدلون فيها على حسب الطبعات ها تفسير سورة المائدة الالالال االاااالاااللااا تالالا تان املاط تاللا لالط خطلطخنانااللاااا لاا خخخ ن سمط ةط تلاتلا كم ١| اكاك‎ يي المختلفة» بعد أن دخل قسطنطين إمبراطور الرومان فيهاء وغير وبدل فى مجمع نيقية الذى انعقد فى سنة 70" ميلادية» وقد ذهب لب الديانة وهو التوحيد. وهنا نكتة بيانية أساسها بيان السبب فى أن الله تعالى عبر عنهم بقوله تعالت كلماته : #الّذين قَالُوا إن تصارى4 ولم يقل النصارى للإشارة إلى أن ادعاءهم النصرانية التى هى الدين الذى دعا إليه المسيح عليه السلام قول يقولونه بأفواههم ولا يتبعونه بقلوبهم ؛ إذ هجروا لب تعاليم المسيح ) وهو الوحدانية . (١‏ فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة # «الفاء» هنا للسببية أى أنهم بسبب نسيان كتبهم» وذهاب مصدر دينهم اختلط الباطل بالحق فيما يعتقدون فتفرقوا شيعاء وكانت بينهم العداوة» فمن قائل إن المسيح إله وهو ابن الله ومنهم من قال إنها بنوة نعمة» ومنهم القاتلون بالحق وهم الذين أنكروا ألوهيته كأريوس وأتباعهء ثم الذين قالوا بالألوهية اخخمتلفوا أولدّت مريم اللاهوت من الناسوت» أم ولدت الإنسان فقطء ثم اختلفوا فى الإرادة التى تكون من المسيح أتكون منهما أو من أحدهماء وكل فرقة تكفر الأخرى وتعاديها وتضطهدها وترميها بالكفرء حتى إن الملكانيين كانوا يذيقون اليعقوبيين سوء العذاب» ولم ينقذهم من أيديهم إلا الحكم الإسلامى العادل الرشيد» وكانت العداوة فى العصور الأخيرة بين الكائثوليك والإنجيليين» وأريقت فيها الدماء» وإن تلك العداوة ستستمر إلى يوم القيامة. وهنا بحث بيانى وهو التعبير بأغريناء فإن الإغراء من الغراء وهوما يلصق به» والمعنى كان الالتصاق والارتباط الذى يربطهم عداوة ظاهرة بالجدل أو المحاربة» وبالكراهية المستكنة بالنفس وهى البغضاء» أى البغض الشديد الذى يسكن القلب» ولا علاج لهء وقد بِيّنَ الله سبحانه وتعالى عاقبتهم 3 بقوله : وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون# أى أنهم يستمرون فى ريبهم يترددون» وفى عداواتهم يلجون. حتى يوم القيامة» وفى هذا يخبرهم الله تعالى هاا تفسبير سيور ة المائدة ل 000 ١ ههه‎ ى - هنا لتأكيد الخبر» وبيان أنه وإن تأخر آت لا محالة. . اللهم ألهمنا قول الحق والنطق به وقنا 5 شر أهل العداوة والبغضاء من عبيدك » إنك سميع الدعاء. ١١ ها‎ كك سر عه ع" آذه قَدْ جا تم رسواماء سكي عو عم حو ل سا عرو 6 سام د 0 صم ابر عو سا كير هَدَ جا “كم ير اله نور وَكِنبُ مُبِيتٌ : تفدعي د أنةس أل رضوكه 21 000 09 الت ياوه تتفيية لق صِراِطلٍ مسقيو 1-5 ١0-2‏ بين الله سبحانه وتعالى الميثاق الذى أخحذه على بنى إسرائيل» وقد وثقه بشهادته سبحانه وتعالى» وبعث اثنى عشر نقيبا عليهم يمثلون أسباطهم» ومع ذلك نقضوه. فطردهم الله من رحمته» فقست قلوبهم إذ مردت على العصيان» وأطفآت النور الذى جاء إليهم من الله تعالى» فحرفوا الكلم عن مواضعهء وأهملوا العمل بالباقى وجعلوا شرع الله تعالى نسيا منسياء وامتلات نفوسهم بالخيانة» وابتلى الله تعالى محمدلا يَلِْةٌ بذريتهم التى ورثت عنهم أخلاقهم ومروقهم عن الحق» مروق السهم من الرمية» ثم كان من الذين نسبوا أنفسهم للنصرانية بعض ما كان من اليهودء فنسوا حظا من الكتاب الذى جاء به عيسى عليه السلام إليهم» وأطفأوا نور الحق الذى جاء به فى قلوبهم» وتفرقوا فيما ها تفسير سورة المائدة 010 كم لجل-هاأ] فى بينهم» وأغريت بسبب هذا التفريق العداوة والبغضاء بينهم» بعد هذا بين لهذين الفريقين وغيرهما الطريقة المثلى» والصراط المستقيم فقال سبحانه: فيا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا بين لَكُم كثيرا مَمَا كنم تُخفون من الكتّاب 4 الخطاب لليهود والنصارى الذين نسوا فى الماضى حظا ما ذكروا به وحرفوا فى الماضى الكلم عن مواضعه. والذين طردوا أسلافهم من طريق الحق لنقضهم الميشاق» وقست قلوب الماضين منهم. . وقد انتقل البيان القرآنى من الكلام عن ماضيهم إلى مخاءطبة الحاضرين الذين يجرى فى أوساطهم ما كان يجرى فى أوساط الذين تقدموهم. فالالتفات من الكلام عن الغائب إلى مخاطبة الحاضر؛ لأن البيان للحاضرين والتكليف القائم للقائمين» وإن كان يجرى فى أوساطهم ما كان يجرى فى أوساط ماضيهم» ولكن لا بد من أنه يجهر بالحق فى أوساطهمء فهم مخاطبون بما جاء به محمد كَكِلة. وقد أفرد الكتاب» والنصارى واليهود لهم كتب وأسفار لا كتاب واحدء وكان الإفراد لآأحد أمرين أو لهما معا ‏ أول الأأمرين ‏ أن الكتاب يطلق ويراد به الجمعء لأن (أل) هنا للجنسء كما يقال: السوق» أو: أهل العلمء ويراد العلوم. وثانى الأمرين: أن العرب كانوا قسمين: أميين لا يقرءون» أو ليست الكتابه رائجة عندهمء وأهل كتابة وعلم بالكتاب» ومن ذلك قوله تعالى : ف ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقسطار وده لَك ومنهم من إن تَأسنه بدينار لأ يده ليك إلا ما دمت عليه قائمَا ذلك نهم الوا ليس علَينَا في الأَمََينَ سبيل ويَقُولُونَ على الله الكذب وهم مون 72 4 [آل عمرا] فالأميون هنا العرب الذين لم تكن الكتابة والقراءة كثير شيرة وعلى ذلك تكون كلمة «أهل الكتاب» ليست مقابلة فقط للمشركين وعبدة الأوثان» بل هى مقابلة للأميين . وأهل الكتاب الذين صاحبهم الكتاب وكانوا له كالأهل الذين يرتبطون فيه. وفى نداء اليهود والنصارى فائدتان: ها تفسير سورة المائدة ١‏ ل 00 لبجل زر بي إحداهما: ما يمتازون به عن المشركين بالعلم» وأنهم ليسوا أميين» بل هم مدركون عمن دونهم. والفائدة الثانية: تقريعهم ولومهم بأنهم مع أنهم معروفون بعلمهم بالكتابة ومصاحبتهم لهم قد أخفوا كثيرا. مع أن النبى كد بعث للناس أجمعين عربهم وعجمهم» وأسودهم وأبيضهمء كما قال تعالى : ظ وما أَرسلناك إلا كافة للئاس بشيرا وتذيرا ... 4227 4 [ سبأ] ولكن كان الإيماء بالاختصاص لا يتضمنه البيان الذى من بعد ذلك» من أنه يبين كثيرا مما كانوا يخفونء فكان هذا نوع اختصاص لهمء وإن كان القرآن قد جاء لعامة له بلاغ من قبل وكان التعبير بقوله تعالت كلماته ب #جاءكم» بدل ابعث لكما للؤشارة إلى أنه يحاضرهم ويخاطبهم ومعهم جاء إليهم يرونه ويراهمم» وإضافة رسول إلى الله تعالى فى قوله سبحانه ##رَسُولنَاك فيه إشارة واضحة إلى أن البيان من الله سبحانه وتعالى» وكأن المعنى. ولكلام الله تعالى المثل الأعلى: قد جاءكم يحاض ركم ويخاطبكم رسولنا الذى ينطق باسمناء ويتحدث عنا يبين لكم كثيرا مما يي َم حيرا نا حم ُو من الكتاب ويعُْو عن كت ر» هذا النص موسى» وما جاء به عيسى عليهما السلام» وقد قال تعالى فى شأنهم: إن الْذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثُمنا قليلا أولئنك ما يأكلون فى بطونهم إلا الَار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولَهم عذاب أليم +48 4 [ البقرة] . وهنا نتساءل ما الذى أخفوه وبيله القرآن. والجواب عن ذلك: هو كل ما جاء فى القرآن من تكليفات دينية تتصل بالفطرة الإنسانية» ولا تختص بقوم دون قوم مثل الصدق» وحسن المعاملة للناس» وإعطاء الناس حقوقهم لا فرق بين ل تفسشير سبور: ة المائدة مالل اكاك لي جاهل وعالم» وأمى وغير أمى» وقوم وقوم وجنس وجنسء وتحريم الربا وأكله من القريب واليعيد» والقصاص العادل والعقوبات الزاجرة» وقد قال بعض العلماء : إن الذى أخفوه هو عقوبة الرجمء ويروى ذلك أبن جرير الطبرى فيقول بسئلده : إن نبى الله تعالى أتاه اليهود يسألونه عن الرجم» واجتمعوا فى بيت قال: شئكت» قال: أنت أعلمهم قال: إنهم يزعمون ذلك: فناشده بالذى أنزل التوراة على موسى» والذى رفع الطورء وناشده بالمواثيق التى أخذت عليهم حتى أخذه فك 270» فقال: إن نساءنا نساء حسانء» فكثر فينا القتل فاختصرنا فجلدنا مائة. وقد يكون هذا مما أخفوه» ولكن لا يمكن أن يكون كل الذى أخفوهء فإن الله تعالى يقول: #يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون» ولا يمكن أن يكون الشىء الواحد كثيراء» بل إن الكثرة تقتضى تقتضى التعدد» وأنهم أخفوا كثيراء فقد أخفوا البشرى بالنبى كله وحرفوا القول لكيلا تُعلم للناس» وأخفوا العلم بما يكون بعد الموت من بعث ونشور» والحساب والثواب والعقاب والحنة» والنار وما فيها من عذاب أليم ؛ » حتى إنك تقرأ التوراة التى بأيديناء فلا تجد ذكرا للحياة الآخرة» وما يكون من جزاء على ما عمل المرء» إن خيرا فخير» وإن شرا فشر» وأخفوا تحريم أكل الربا من كل إنسان» وحرفوه وقصروا المنع على أكل الربا من الإسرائيلى» وأحفوا محاولتهم عبادة الأوثان عقب إخراجهم مستنقذين من فرعون» وهكذا فقد أخفوا كثيراء وبين الله تعالى فى القرآن الكريم كثيرا مما يتصل بلب الرسالة الإلهية. هذا بعض مما أخفواء وهذا بعض مما بين الرسول الكريم كلل وأنه سبحانه بِينَ الجوهر الذى أخفوه وهو كثير؛ لأنه لب الرسالة الإلهية. ولقد قال تعالى: #ويعفو عن كنير» أى يترك كثيرا ما كنتم تخفون من غير بيان إذا لم يكن فى تركه إهمال لحقيقة دينية» ويكون فيه افستضاح للأمركم كادعائكم أن لوطا عليه السلام زنى بابنتيه » وكادعائكم أن داود أحب امرأة قائد )١(‏ الأفكل: بوزن الأرنب: الرعدة. ها تفسبير سور ة المائدة ١1االلاالتاللكاااااااا‏ ةا لال الال لللللااا الالالال الالالال ططخم لاوخ خخخ خخ طخ ممالا ممما اططخ خط خسن لتلالا لحر ا فأرسله إلى الميدان ليخلو له وجه زوجته. وغيره تما اشتملت عليه توراتكم التى ألفتموهاء وفيها الحق والباطل» وفى التعبير بكلمة «العفو» إشارة إلى أن هذا الترك يتضمن معنى الصفح والغفران إن أحسنتم فى حاضركم؛ لأنه ترك لأمر فى ذكره مضرة وتحقير لكم. وقال الحسن البصرى: إن معنى #ويعفو عن كثير» أى لا يؤاخذكم عليه ولا يعاقبكم لأجله إن أحسنتم فى حاضركم, وإن النسق البيانى يقتضى أن يكون موضع الترك مقابلا لموضع البيان» والمقابلة تقتضى أن يكون الترك الكثير كالبيان الكثيرء وكل ذلك داخل فى عموم ما كانوا يخفونه ولا يبينونه» وذلك هو الظاهر لمتفق مع السياق» وغيره ليس متفقا مع السياق. قد جاءكم من اللّه نور وكتاب مبين» هذه الجملة بيان للجملة السابقة؛ ولذلك كان الفصل بينهما لكمال الاتحادء إذ الثانية فى معنى الأولى مع وصف جديد فيه بيان الحقيقة؛ لأنه إذا كان مجىء الرسول فيه بيان المختفى» وكشف المستورء فهو نورء وبعثه نور وقد سجل ذلك النور فى كتاب مبين» أى واضح فى ذاته مبين للشرع الشريف, ولا أخفاه أهل الكتاب وطمسوه من معانى الوحدانية الخالصة» ومن الشرائع المحكمة» وفى هذا النص تأكيد لمعنى الرسالة عن الله تعالى التى ثبتت بقوله تعالى #رسولتَاك وفى هذا الننص تصريح بأن ما يجىء به الرسول من نور كاشف هادء وكتاب مسجل للشريعة هو من الله تعالى» وقد صرح بذلك فى قوله تعالى: قد جاءكم مَن الله نور وكتاب مبين 4 . وللمفسرين فى بيان معنى #انور)» ولإكتاب» كلام أساسه أن النور يجب أن يكون غير الكتاب؛ لأن العطف بينهما يقتضى التغاير بين حقيقتهماء إما من حيث الذات» أو من حيث الوصفء. أو النتيجة» فإن الشىء الواحد قد يكون له وصفان متغايران» وبمقتضى هذا التغاير يكون العطف . با تفسير سورة المائدة ا اللي »كم بل ب_م]5 بي 5 وقد رج بعض المفسرين العطف على أساس التغاير فى الذات» ففسروا النور بالرسول الكريم كَكهِ فهو نور الأنوار» كما عبر الآلوسى7١2».‏ والكتاب بأنه القرآن الكريم» فهو سجل الإسلام لا يغادر شيئا منه إلا بيه إما بالتفصيل » أو بالإجمال الذى بينته السنة. وفسر آخرون النور بأنه القرآن الكريم» كما فسر الكتاب المبين به على أساس المغايرة من حيث الأثر والبيان» فالقرآن نور؛ لأن فيه بيان الحق الذى لا تذكره العقول» والشرع الجامع الذى أتت به كل الرسائل» وهو من ناحية أخرى الشىء المكتوب المسجل الباقى إلى يوم القيامة لا يعتريه تغيير ولا تبديل » فالمغايرة فى العطف مغايرة وصف وأثر لا مغايرة ذات» إذ القرآن المبين نورء وكتاب غيره. والذى نراه فى تفسير النص السامى» هو أن هذا فيه بيان لعمل الرسول يه وهو أنه أتى بعلم كاشف هو نورء فرسالة محمد يلد نور فى ذاتهاء وأتى بكتاب معجز دال على رسالته» ومشتمل على شريعته.» وهو حجته إلى يوم القيامة . وقد بين سبحانه وتعالى الغاية الكبرى من رسالته إلى أهل اللأرض» ومن النور الذى جاء به الرسول والكتاب الذى أنزلهء فقال: يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام # هذه هى الثمرات التى ترجى من الرسالة الإلهية إلى أهل الأرض» وكونها نورا يهتدى به السارى» وفيه شريعة قائمة فى كتاب محفوظ إلى يوم القيامة» وهذه الثمرات ثلاث أولها: هداية إلى الحق» وإخراج من الظلمات إلى النورء ويهدى به الله سبحانه إلى صراط مستقيم لا عوج ولا أمت. )١(‏ قال الألوسي في تفسيره ( ج5» ص5؟) «قد جَاءَكُم من الله نُور» عظيم وهو نور الأنوار والنبى المختار كَكِة. اا تفسسبير سيور ة المائدة اناالا انال خا اط اناا كالخ خخخ خطم خملا لل لاااااااانااالا ممما الالالال كط طالخ لمخملا ااااالطخط ططخ طسول ط للا تاس لها 17 97 أما الأولى- فقد عبر الله سبحانه وتعالى عنها بقوله تعالت كلماته: © يهدي به الله من اتبع رضوائه سبل السَلام4 والضمير فى قوله تعالى: إبه» يعود إلى مجموع ما ذكرء أو يعود إلى القرآن وحده. والظاهر ذلك؛ لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكورء وفى عود الضمير إلى القرآن تضمين لكل ما ذكر؛ لأن القرآن هو وعاء الشريعة» وحجة النبى وَل القائمة إلى يوم القيامة؛» وهو مصباح النور الحمدى الذى لا ظلام فيهء وقد ذكر سبحانه من يهتدى بالقرآن» وموضع الهداية» فليس كل إنسان أهلا لهداية القرآن والانتفاع به» فإن من يهتدى لا بد أن يكون فيه عقل يدرك لم تظله غشاوة رانت عليهء وبصيرة نافذة» وقلب قد استقام لطلب الحكمة» وقد ذكر سبحانه أن الذى يهتدى بالحق والنور الكاشف من اتبع رضوانه» واتباع رضوان الله تعالى: طلبه ذلك الرضوان؛ ومعنى طلب ذلك الرضوان: أن يكون قلبه مخلصا لطلب الحق» لم يرنق قلبه بغرض باطل أو أهواء مردية» أو انحراف فى طلب عن الغاية» بل يتجه اتجاها مستقيما إلى الحق لا يبغى سواه» ولا يطلب إلا رضوان الله تبارك وتعالى» فإن الإخلاص يجعل العقل يشرق» والقلب يمتلئ بالحكمة. وأما ما يهتدى إليه فهو سبل السلامة» والصفاء وعدم وجود البغضاءء فالسلام هو: السلامة من كل أدران الحقد والحسدء والسلامة من كل ما يؤدى إلى البغضاء والعداوة» وسبلها هو: الأعمال الصالحة» فيعمل للدنيا بأخلاق مستقيمة» ونفس لا يخالطها فساد» ولا تستولى عليه الشهوات» فيكون مع الناس فى أمن وسلام» وفى الآخرة يكون فى دار السلام» كما قال تعالى فى شأن المتقين المهتدين: لهم دار السّلام عند ربّهم ... +4429 [الأنعام] وكما قال تعالى : « تحيتهم يوم يلقونه سلام وأَعد لهم أجرا كرهًا 527 4 [الأحزاب] . وأما الثانية- فقد عبر عنها تعالى بقوله: « ويخرجهم مَّنَ الظُلمَات إِلَى الثور بإذنه 4 ومرجع الضمير هنا هو مرجع الضمير فى الجملة السامية السابقة» فالقرآن والنور والهداية المحمدية كل هذا يخرج الناس من ظلمات الباطل إلى النور ها تفسير سورة المائدة ل م الل 1-0 | ههه : بيه الواضح بإذن الله تعالى وبعلمه وتقديرهء فالإذن هنا معناه العلم والإرادة» أى أن ذلك الإخراج من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى بعلمه تعالى وإرادته» وإرادته لا تكون إلا على مقتضى حكمته فى خلقه» وهو العزيز الحكيم» اللطيف الخبير» السميع البصير» تعالت أسماؤه الحسنى . وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الضلال بالجمع والنور بالإفراد؛ وذلك لأن طرق الشيطان مختلفة» وكل طريق منها ظلمة فى ذاته» فالشرك ظلمة» والبغضاء ظلمة» والمعصية ظلمة» وأكل مال الناس بالباطل ظلمة» ووأد البنات ظلمة» واسوداد الوجه بالكابة عند ولادة المرأة ظلمة» والظلم ظلمات قد تعددت فنونه» وتباينت أقسامه والنور والقرآن والهدى المحمدى هو الذى يكشف هذه الظلمات» وينير الطريق للخروج» بإذن الله تعالى وعلمه وإرادته يخرجهم النور من هذه الظلمات المتكائفة. وأما الثالث- فقد قال تعالى: #ويهديهم إلى صراط مُستقيم» والمعنى أن الله تعالى يهدى طالب إلى طريق مستقيم لا التواء فيه» والهداية فى الحقيقة من الله تعالى» فهو الذى يهدى ويرشدء والمهتدى هو من يطلب الحق إرضاء لله تعالى» ونسبت الهداية إلى القرآن؛ لأنه الذى اشتمل على ما فيه الهداية من أحكام. وفضائل» وبيان لمعنى الرسالة الإلهية؛ ولأنه هو المعجزة الكبرى للنبى كك والطريق المستقيم هو دين الله تعالى القيم » دين التوحيدء دين الإسلام والتسليم والتفويض لله تعالى بعد القيام بالعمل» وهو دين الخير فى الدنيا والآخرة» فمن اتبعه فقد رشدء ومن تركه فقد ضل )2 وهو وإن تعددت أنواع العمل طريق واحد موصل للغاية من أقرب اجام وهو طريق الله تعالى » وقد قال تعالى : طون هذا صراطي مُستقِيما َوه ولا عُوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله فلكم وصّاكم , به لعلّكُم تتّقَونَ +022 4 [الأنعام]217. . اللهم اهدنا صراطك المستقيم . )١‏ عَنْ جابر بن عبد الله قال كنا عند الي َلَخَد خنطا وختط تين عن يمينه وختط خطينٍ عن يساره» لَْموْصَمَ يَدَهُ في الْخَط الأوسط ققَال: «هَدَا سبيل اللّها ثم ثلا هذه الآية: ون هذا صراطي مسكقيما فَاتبعوه ولا نعو السبل ترق بكم عن سّييله» . رواه ابن ماجه: المقدمة - اتباع سنة رسول الله يكل .01١(‏ ا تفسبير سور ة المائدة ١‏ لكلل 2 لج مار ىر وَمَابَتَهُمَايكَلُقٌ مَاَمَآهوَا 1 ار 22 قات الهو رحن أبكؤ 6 كو كل ميعز بك ديأ ل أَسْ تمن حَقَ يفلم ربمن يَمََدُوَبِدَهِ مك السَمنوات وا لاض مَاييتهم َإِلِنَهِالْمَصِير 2 ال ذكر الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة بقة أن اليهود حرفوا الكلم بتبديل عبارات التوراة» وتحريف معانيها وتفسيرها بغير ما يراد منهاء ثم بإخفائهم كثيرا مما اشتملت عليه من أحكام تكليفية» ثم تحللهم من أحكام الباقى» وأن النصارى مثلهم نسوا حظا ما ذكروا به» بل أهملوا لب الدين» وحقيقة التوحيد فيهء وتفرقوا فرقا مختلفة وأغريت بينهم العداوة والبغضاءء فكان فى الماضى التذبيح بين الملكانية واليعقوبية» وكان من بعد ذلك ما كان بين غيرهم» حتى تركوا الدين من حياتهم» ولم يبق منه عندهم إلا ما يعاند الوحدانية» ويضطهدون به أولياءها وأنصارهاء وقد جاء الإسلام منذ تبليغ النبى يَلِْةِ به» يبين كثيرا مما أخفواء وحقيقة الرسالة التى تنزل من الله تعالى لخلقهء والتى هى لب اليهودية الأولى» ونصرانية المسيح عليه السلام» وفى هذه الآيات المتلوة يبين سبحانه لب ما غيروا فقال تعالى: بها تفسير سورة المائدة ل 1 للب أ طإلَقَدَ كف الّذين قَانُوا إن الله هو الْمَسيح ابن مَريم 4 لقد اتفق النصارى على أن يسوع عندهم فيه عنصر إلهى» وفى عصور الإسلام الأولى كان النسطوريون منهم يقولون: إن المسيح ليس ابن الله تعالى فى الألوهية» ولكنها بئوة النعمة. وقد ذهبت هذه الفرقة فى عبر التاريخ» أو تكاد» فلا تكاد تسمع ذلك الصوت الآن إلا عند بعض الموحدين الذين ظهروا فى طائفة البروتستانت» ولكنهم عدد نادر» لا يعترف بهم على أنهم نصارى. وإذا كان الأمر المعروف عندهم أن يسوع ابن الله» وفيه عنصر آلهى» فقد قالوا: إن الألوهية قد حلت فيهء ولازم ذلك القول أن يكون هو الله أو هو إله يعبدء ومهما يكن فقد قالوا باتحاد عنصر الألوهية فيه» وقد قال فى ذلك البيضاوى : ١هم‏ الذين قالوا بالا تمحاد منهم» وقيل لم يصرح به أحد منهم» ولكنهم لما زعموا أن فيه لاهوتاء وقالوا لا إله إلا واحدء لزمهم أن يكون هو المسيح فنسب إليهم لازم قولهم» وذلك بلا ريب ينتهى إلى القول بأنهم يعتقدون أن المسيح هو الله» وإن لم يصرحوا بذلك» فهو لازم قولهم باتحاد عنصر الألوهية فيه مع الله . وإن ذلك الكلام تخريج على أن النصارى مذهب واحد فى اعتقاد الألوهية» وأنه ابن الله» وبذلك يكون قوله تعالى فى هذه السورة سورة المائدة: « لَقَد كفر الّذين فَانُوا إنَ الله الث ثلائّة ... 27 »4 متلاقيا مع هذا النص الكريم» فهنا صرح بلازم قولهم؛ وهنالك صريح بذات قولهم. والحقيقة أن النصارى اليوم - وهم لا يزالون يغيرون ويبدلون - يصرحون بأن الأقانيم ثلاثة» وأنها شىء واحدء وينتهون إلى أن المسيح هو الله. والله هو المسيحء والله هو روح القدس». فقد قال الدكتور «بوست» فى تاريخ الكتاب المقدس: «طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر : الله الآب» والله الابن» والله الروح القدسء فإلى الآب ينتمى الخلق بواسطة الابن» وإلى الابن الفداء» وإلى الروح القدس التطهيرء غير أن الثلاثة أقانيم تتقاسم جميع الأعمال ا تفسير سورة المائدة 5 010100 لأس ا السواء» أما مسألة التثليث فغير واضحة فى العهد القديمء كما هى فى ا يت فعير فى م هى فى الحديد). ومن هذا الكلام يتبين أن النصارى يصرحون بأن الابن هو الله» ولا يكون الكلام بطريق اللازم لقولهم» بل بطريق الصريح منهء فهم يصرحون بأن الله هو الابن» كما أن الله هو الأب كما أن الله هو روح القدس. وذكر الله سبحانه وتعالى الإخبار عن المسيح بأنه الله؛ لأن فيه إشارة واضحة إلى بطلان العقيدة» لأن المسيح ولد ورئى يتحدث مع الناس» وأكل وشرب» وقتل وصلب فى زعمهم! فكيف يكون هو الله تعالى؟! . والحقيقة أن فكرة ألوهية المسيح عليه السلام ما سادت الفكر النصرانى إلا فى عهد قسطنطين» وقبل ذلك كان الأكثرون موحدين» ولكن وجد بجوارهم من بقايا الفلسفة الأفلاطونية الحديثئة من زعم أن القوى المسيطرة على الوجود ثلاثة» ولننقل لك ما قاله ابن البطريق المسبيحى فى كتابه «تاريخ البطارقة» قال فى مجمع نيقية الذى أعلن ألوهية المسبيح ما نصه : «كتب الملك قسطنطين إلى جميع البلدان» فجمع البطارقة والأساقفةء فاجتمع فى مديئة نيقية ثمانية وأربعون وألفان من الأساقفة» وكانوا مختلفين فى الآراء والأديان. . فمنهم من كان يقول: إن المسيح وأمه إلهان من دون الله» وهم البربرانية» ويسمون «المريميين». . ومنهم من كان يقول: إن المسيح من الآب بمنزلة شعلة نار انفصلت من شعلة نار» فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية. . ومنهم من كان يقول لم تحبل به مريم تسعة أشهر وإنما مر فى بطنها كما يمر الماء فى الميزاب؛ لآن الكلمة دخلت فى أذنها» وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتهاء وهى مقالة إليان وأشياعه. . ومنهم من كان يقول: إن المسيح إنسان خلق من اللاهوت» كواحد منا فى جوهره., وان ابتداء الابن من مريم» وأنه مصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسى صحبته النعمة الإلهية» وحلت فيه بالمحبة والمشيئة؟. ولذلك سمى ابن الله ويقولون: إن الله جوهر قديم واحدء وأقنوم واحدء ويسمونه بثلاثة ل ل تفسير سورة المائدة ممم اللا 07 لسرب إز وأشياعهء ومنهم من كان يقول: إنهم ثلاثة آلهة لم تزل صالح وطالح وعدل - بينهماء وهى مقالة مرقيون اللعين وأصحابه» وزعموا أن مرقيون رئيس الحواريين» وأنكروا بطرس» ومنهم من كان يقول بألوهية المسيح» وهى مقالة بولس الرسول ومقالة الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا» . وذكر فكرة أرتوس .2 وكانت شائعة. وهى إنكار ألوهية المسيح» والإيمان (01) الذين قالوا بألوهية المسيح» وبذلك ساد هذا القول بسلطان قسطنطين. ش وإن ذلك القول بلا ريب باطل» فالله سبحانه وتعالى هو الخالق» وهو الذى يحيى ويميت »2 وقد أمر الله نبيه بالرد عليهم بأمر محسوس. قل فمن يم يَملك من الله شيمًا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمّه ومن في الأَرْض جميعا 4 أمر الله تعالى رسوله محمدا يَككِِ أن يرد عليهم ادعاءهمء بإثبات القدرة لله تعالى» فإن صفة الله الذى يعبد لأجلها أساسها القدرة على الإنشاء أمرا يستطيع أن يمنعه سبحانه بأى قدر من قدرته تعالى إن اتجهت إرادته العالية إلى إهلاك المسيح وأمه» وفى الجملة السامية إشارات بيانية : منها- فى قوله: طقَمَن يملك من الله شيئا» لأن (يملك) معناه يتضمن معنى يملع » أى من يمنع من قدرة الله وأمره شيكاء وتنكير كلمة («شيئا) للتصغير» أى قدرا ولو كان ضثيلا . ومنها ‏ أن التعبير ب «يملك» يستفاد منها أن قدرة الله تعالى قدرة من يملك» وليست قدرة مستعارة أو مأخوذة من غيره. ها تفسير سورة المائدة لللللل الا 7 ليهأ حت 1 ومنها - أن ذكر الإهلاك فى هذا المقام فيه دلالة مادية فى زعمهم على بطلان ما يدعون؛ لآنهم زعموا أن عيسى أهلكه الرومان بتحريض وشهادة الزور من اليهود لعنهم الله فكيف يكون إلهاء وهو لا يملك حماية نفسهء مع أن وصف الإله يوجب أن تكون قدرته على الإهلاك والإبقاء ثابتة. ومنها - أنه ذكر المسيح مضافا إلى أمه. على أنه متولد منهاء فكيف يكون من الفانى الإله الباقى» وهو ابن الله فى زعمهم» تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وإن الذى يستمسكون به بالباطل فى هذا الزعم الباطل أنه خلق من غير أب» وقد رد سبحانه وتعالى زعمهم فى قضية عامة بقوله تعالى: 9 وللّه ملك السّموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء 4 . هذه الجملة السامية مع إبطالها لزعمهم فى مقام الحال من الجملة السابقة» فهى مؤيدة لمعنى القدرة على الإبقاء والإهلاك والإحياء» ورادة على زعمهم أن عيسى خلق من غير أبء فيكون ابنا لله تعالى الله عند ذلك. والمعنى أن لله سبحانه وتعالى الملكية التامة للتصرف فى السموات بطبقاتها المختلفة» والنجوم ومداراتها وما بين السماء والأرض من فضاء تجرى فيه السحب بأمره» ويطير فيه الطير» ويسبح فيه» ثم ما يصنعه الإنسان من طائرات تقطع أجواء الفضاء؛ء كل ذلك مملوك ملكية تامة لله تعالى» ولا توجد ملكية تامة فى شىء من الأشياء إلا لله سبحانه وتعالى» فكل مالك من الناس ملكيته نسبية» وليست تامة أو مطلقة بل هى مقيدة. وإرادته سبحانه وتعالى مطلقة فى خلق الأشياء؛ ولذلك قال تعالى : «يَخلق ما يشاء». وهذه الجملة فى مقام الشمرة والنتيجة لما قبلها من قدرة مطلقة لا حد لهاء ومن ملكية مطلقة لا قيد يقيدهاء فهو يخلق ما يشاء ويريد» فيخلق ذكرا أو أنثى فهو يجعل لهذا ذكراناء ولهذا إناثاء ويجعل من يشاء عقيماء ولا قيد يقيد إرادته» فى طريقة الخلق والتكوين» فيخلق الناس من أب وأم» ويخلق آدم من غير أب ولا أم» ويخلق عيسى من أم» ومن غير أب. . وهكذا. ل ل تفسشبير سيور: ة المائدة ل لل 49 لسرب أ #والله علئ كل شيء قدير» هو قادر على كل شىء فى هذا الوجودء يفعل به ما شاع يفنيه ويبقيه على ما يشاء» وقد وجد كل شىء بالقدرة والإرادة» لا بالعلية والسببية» فلا يقال: إن الأب سبب للابن» فإن وجد له من غير أب فالله سبحانه أبوه» لا يقال ذلك؛ لأن الله تعالى لا يتقيد بالأسباب» فهو خالق الأسباب وخالق المسيبات وخالق نواميس الكون» وكل ما فيه» وهو القاهر فوق عباده» فهو خالق عيسى وليس أباه» وإن النصارى واليهود مع أنهم يخطئون فى وأحباؤه؛ ولذا قال سبحانه: 9 وقَالَت الْيهُودُ والنُصارئ تحن أَبناء الله وأحبّاؤه © . اليهود يعلنون للناس أنهم شعب الله المختار» والنصارى يعلنون أنهم هداة هذا الوجود. وأنه لا سلامة إلا فى دينهم على الوضع الذى وضعوه» وعلى الزعم الذى زعموه» وبذلك يعتبروكث أنفسهم أبناء الله وأحباءة» وعلى هذا يكون المراد بالبنوة بنوة مزية الاتصال بالله أكثر من اتصال غيرهم به» وأن الاتصال اتصال إيمان به وإدراك لىع وأنهم اختصوا بنعمة المحبة » فالبنوة بنوة الاتصال والمحبة» ويكون عطف أحباء من قبيل عطف التفسير المشير إلى معنى البنوة . وهناك احتمال آخر» وهو أن تكون البنوة هى البنوة التى زعمها اليهود لعزير وهم أتباعه. فهم أبناء الله بهذا الاتباعء وقد قال الزمخشرى فى توضيح هذا خبيب )» وهو عبدالله بن الزبير» وكما يقول رهط مسيلمة : نحن أنبياء الله ويقول أقرباء الملك وذوو حشمه نحن الملوك؛ ولذلك قال مؤمن آل فرعون: 9 ... لكم الملك الوم ... 5512 4 [غافر] . وأنهم دعاة الحق. وأنهم وحدهم أحباب الله وأهل الاتصال به؟ ولهذا رجح الأول. ها تفسير سور ة المائدة الللللللللإللل 7 > أ «قل فلم يعليكم بذنوبكم بل أنتم بش مَمْنَ لو الفاء هنا فاء الإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء والمعنى إذا كنتم كما زعمتم أحباء الله تعالى وأبناءه فلم يعذبكم إن ارتكبتم ذنوبا تؤثمكم؟ فأنتم كسائر الناس تذنيون» ولو كنتم متصلين بالله أكثر من غيركم ما أذنبتم» ولو أذنبتم ما علّبتم» وفى كتبكم التى بأيديكم أنكم تعذبون على ما تقترفون من آثام. وقد أقر اليهود بأن العذاب سيقع [البقرة] وإن النصارى يقرون بأنه سيدين الناس يوم القيامة» ويجازى المحسن على ما أحسن» والمسىء على ما أساء. وقد رد الله سبحانه أصل الادعاء بقوله تعالى: 8 بل أنكم بَشْرَ مَمنَ حَلَق يغْفرُ لمن يشاء ويعذّب من يشاء 44 أى أن صلة الله تعالى بكم هى صلته بخلقه» وأنتم بعض منهم» فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى» فهو يغفر لمن يشاء» واقتضت حكمته الغفران له لتوبته ولصغر ما ارتكب» ووازن حسناته بسيئاته» وأن الحسنات يذهبن السيئات» ويعذب من يشاء بمقتضى حكمته؛ لأن الخطيئة أحاطت به» ولم يقلع عما ارتكب وأساءء والله عليم حكيم» وغفور رحيم. «ولله ملك السّموات والأرض وما نهم وَإلَْهِ الْمَصيرٌ 4 هذه الحملة من تتمه الرد عليهم» ويحتمل أن تكون من كلام النبى كَكلَةٍ الذى أمر أن يقولهء ويحتمل أنها من كلام الله تعالى تأكيدا لحكمته تعالى وكمال سلطانه» وقد تأكد الرد بقوله تعالى : #وإليه الْمُصير» أى أنه سبحانه وحده هو الذى تصير إليه أمورهم يوم القيامة» وهو الذى يعلن حينئذ محبته لمن استحق محبته بالطاعة والتقوى. ويكون مآله إلى الجنة والنعيم المقيم. ولن تكون للذين غيروا وبدلوا فى دينه وأشركوا به - تلك المحبة التى ادعوهاء ولا ذلك النعيم الذى وعد بهء وسيكون العذاب لمن عصى أمر ربه» وغالى فى تقديس عباد الله تعالى وأشرك به والله هو الذى يتولى الفريقين بعدله وحكمته. . 49 تفسير سورة المائدة ل الل 0 سرب أ غفرانك . يه ]لي مجك 2 ابن رج مر 0-07 راغي 2-0 ل رصم سا رَسُولَا بين لم عَلَكرينَ سل فلأ641 قد 590 ل 2001107 5 - 7 وو دم يده ور من دشيرولا ندر فقد جاء هشير ونذِب واللهع ل مل ً 2 غير سىء ددر حا بينت الآيات السابقات حال أهل الديانتين السابقتين على الإسلام» والذين يذكرون أنهم يتبعون رسولين من أولى العزم من الرسل» وهما عيسى وموسى عليهما السلام» وكيف نسوا حظا مما ذكروا به» وكيف أخفوا كثيرا ما ذكروا به وكيف انحرفوا عن أصل التوحيد الذى هو لب الدين ودعوة كل النبيين الذين بعثوا من رب العالمين» ثم ادعوا مع ذلك التغيير والتبديل والانحراف أنهم الأقربون إلى الله تعالى» وقد رد الله تعالى عليهم قولهم» فبين سبحانه أنهم بشر ممن خلق» وأنه لا فضل لهم على أحد إلا بالاستجابة لأمر الله تعالى» وفى هذه الآية التالية يبين سبحانه مقام الرسالة المحمدية وأنها جاءت فى إبانهاء وفى وقت الحاجة إليهاء فقال عز من قائل : يا أَهْل الكتاب قد جاءكُم رسولنا ين لَكُمَ علَى فر مَنَ الرّسل »© الفترة هى الزمن بين زمنين متغايرين فى الحوادث» ويكون فيها سكون عما يكون فى هذين الزمنين» وقد قال الراغب الأصفهانى فى معنى الفترة: «الفتور سكون بعد حدة» ولين بعد شدة» وضعف بعد قوة قال تعالى: فيا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على قترة م مَنَ الرّسل »4 أى سكون خال عن مجىء رسول الله عَكَلِلهٌ وقوله تعالى 9 ... لا يفْرُونَ لج 4 [ الأنبياء]» هاا تفسير سورة المائدة 2 ا 000 لبجويتر 2 أى لا يسكنون عن نشاطهم فى العبادة» وروى عن النبى وك أنه قال: «لكل عمل شرة» ولكل شرة فترة» فمن فتر إلى سنتى فقد نجاء وإلا فقد هلك)27 فقوله عليه الصلاة والسلام: «ولكل شرة فترة» إشارة إلى ما قيل: للباطل جولة ثم يضمحل» وللحق دولة لا تذل ولا تقل» وقوله: من فتر إلى سنتى أى سكن إليهاء» والطرف الفاتر فيه ضعف مستحسن». ويستفاد من ذلك الكلام القيم أن الفترة سكون بين عملين بارزين» فهى سكون بين زمنى عمل» ولا شك أن عدم وجود رسالة فى زمن بين رسالة مضت» ورسالة آتية» وهو سكون نسبى فى الزمن بينهماء وإن كان العمل واجبا بالشريعة السابقة» حتى تنسخها الشريعة اللاحقة» ويكون التكليف منها. وهنا مباحث لفظية تشير إلى نواحى البيان العالى فى النص الكريم : المبحث الأول- فى التعبير بقوله تعالى : #قَدْ جاءكم» بدل أن يقال ١جاء‏ إليكم» لأن التعدية بغير «إلى» فيها معنى الملاحقة والملازمة» وأنه لا مناص من اتباعه» ففرق بين أن يقال جاء إليه» وأن يقال جاءه» لأن الثانية تضمن الملازمة» وأنهم لا يستطيعون الخروج عما جاء به إلا إذا أذنبوا. الثانى- وإضافة كلمة الرسول إلى الذات العلية فى قوله تعالت كلماته: #رسولتا4 إشارة إلى معنى قدسية هذه الرسالة ومكاتتتهاء وأنها ممن لا تسوغ مخالفته» ولا الخروج عن طاعته . الثالث- ابتداء الخطاب بقوله: يا أهل الكتاب» تنبيه لهم بأن مصاحبتهم للكتاب» وكونهم أهل معرفة يوجبان عليهم الطاعة» والاستجابة» لآنهم عرفوا رسالة الله تعالى إلى خلقه. وأنه ما خلقهم عبثاء ولا يتركهم هملاء وأنهم إن )١(‏ عَن عبد الله بْنِ عَمَرِو قال التي ككلقة: (إذ لكل عَمَلٍ شرة ولكل شرة فَثْرَه فَمَنْ كانت شرت إِلَى سني فَمَدْ أفلم, وَمَن كَانَت قَنْرئه إلى غَيرٍ ذلك فَقَدَ هَلّك» رواه أحمد: مسند المكثرين (60؟/510). ها تفسير سسورة المائدة افك لحرت ات خالفوا ما جاءهم به الرسول يكون اللوم لهم أشدء إذ يكون عصيانهم عن بينة ومعرفة. الرابع- فى قوله: لإيبيّن لكم على قترة من الرُسل» فالفعل «يبين» قدر له بعض العلماء مفعولا وتقديره: يبين لكم الأحكام» والتكليفات» والأوامر الخالدة» وبعض العلماء لا يقدر له مفعولاء على أساس أنه منزل منزلة اللازم» وعلى هذا يكون المعنى : جاء رسولنا بالبيان الكافى المشرق الكاشف للظلمة التى وقعتم فيهاء وبذلك يشمل كل التكليفات» وكل ما تشتمل عليه رسالة محمد كَل وذلك البيان كان بالقرآن الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه» ولا من خلفهء وقد روى عن قتادة أنه قال فى هذا المعنى: ««قد جاء كم رسولنا بين لَكُم على قترة من الرسل» وهو محمد يله جاء بالفرقان الذى فرق الله به بين الحق والباطل» فيه بيان الله تعالى» ونوره وهداه» وعصمة لمن أخذ به». الخامس - فى قوله تعالى: #علَئ قتْرَة مَنَ الرّسّلِ» يقول الزمخشرى: إن الجار والمجرور متعلق بقوله تعالى: #جاءَكُو» أى جاءكم على فترة من الرسل» وعندى أن المتعلق يكون بأقرب فعل» وهو «يبين»» والمعنى يبين لكم على فترة من الرسل» أى بعد فترة لم يكن فيها بيان» وقد جاء الرسول الكريم بهذا البيان» ويزكى هذا قوله تعالى : «إ أن تقولا ما جاءنا من بشير ولا تذير 4 ويفسر كثيرون من المفسرين أن قوله تعالى: «#علئ فترة» معناه حين فترة» وعندى أن تفسيرها بظرف آخرء وهو «عند»» يكون أدق؛ لآن الرسالة كانت نهاية الفترة» فهى كانت عندهم فى نهايتهاء ولم تكن فى حينها ووقتهاء والتعبير بقوله تعالى : #علئ فترة» فيه معنى فوقية الرسالة على الفترة» وعلوها عليها كعلو البيان على الجهل» والنور على الظلمة» وفيه لوم؛ لأنه يشير إلى أنه لا يسوغ لهم أن يجحدوا رسالة محمد يَللِْةُّ لآنهم ينزلون من الأعلى إلى الأدنى . «أن تَقُولُوا ما جاءَنَا من بُشير ولا نذير» المقصود الواضح من هذا النص هو بيان أن حكمة مجىء الرسول هو قطع العذر على من يحتج بالجهل» وعدم معرفة 1 تفسير سورة المائدة 0 اللناخخ اما 1اااالاناالن11الاتاالك!] الا لااانااالاا لا مطل ناتلا زا ناامااطمطالااااالتاخاااال الل اااااللالاا ططخم خ لاا لالالالتللن ل لتالططا اللا ١1 لاا‎ 7 7 أامر الله تصالى ونواهيه. 0 رسوانا م يمن لكم عند الطاعة. وينذرنا بالعتاب عند لمق بل إن الله ؛ تعالى قطم العذر عليه وهذا التعبير: أن تقولوا ما جاءنا من بشير ... مثله قوله تعالى: 98 . ين الله لَكُم أن تضنُوا واللّهُ بكل شيء عليم 23> 4 [النساء] كثير فى القرآن الكريم» وفيه يكون التعليل مقتضيا تقدير محذوفء فإن قولهم بنفى البشير لا يمكن أن يكون علة لإرسال الرسول إلا بتقدير محذوف ويقدره الكوفيون بتقدير لا النافية محذوفة» فيكون المعنى جاءكم رسولنا يبين لكم لثئلا تقولوا: ما جاءنا من بشيرء أو كيلا تقولوا: ما جاءنا من بشيرء وقد اختار الطبرى ذلك التقدير» ويقدره البصريون بمصدر محذوف مناسب» ككراهة أن تقولوا أو اتقاء أن تقولواء والمعنى على ذلك» جاءكم رسولنا يبين لكم كراهة أن : تقولواء أو اتقاء أن تقولواء وقد اختار هذا التقدير الزمخشرى . والحق عندى: أن الآية الكريمة واضحة. ومدلولها بين؛ لا إبهام فيهء والمراد منها جلى» وهو قطع العذر عليهم وإنما هذه التقديرات تخريجات نحوية لتستقيم قواعد النحوء لا ليستبين معنى الآية» فهى بينة واضحة. والبشير: المبشر الذى يدعو إلى الحق» ويبين الثمرات المسنة لمن تبعه فى الدنيا والآخرة؛ ففى الدنيا يبين أن المصالح تتحقق فيما يدعو إليهء وأن العزة الحقيقية تكون لمن اتبعهء والحياة الكريمة الفاضلة تكون لمن أخخذ بهء ٠‏ دفى الآخرة يبين جزاء الإحسان من جنات تجرى من تحتها الأنهارء ونعيم مقيم لا يبلى» والنذير هو الذى يبين العواقب السيئة لمن يخالف الحق» إذ إذ يكون فى اضطراب لا اطمئئان معهء. وانزعاج لا أمن معهء ويعيش فى آنام م مبطئة» وأوزار مثقلة» وفى الآخرة يكون العذاب الأليم» والمقت والسخط من الله تعالى . ل | تفسير سورة المائدة الل 0 .. ١ ا‎ يي و«من2 فى قوله تعالى: من بشير» لتأكيد النفى» والتنكير فى بشير ونذير للتصغير لا للتكبير» وإنما كان للتصغير لآن النفى بعمومه شامل» والمعنى: ما جاءنا أى بشير ولو صغيراء ولا نذير ولو كان ضئيلاء فقد حرمنا من الهداية وما حرموا منها. 9قَقَد جاءكُم بشير وتذير» الفاء هنا تفصح عن كلام مقدر قبلهاء قد يكون شرطاء وقد يكون غير شرط» والمعنى لا عذر لكمء وقد قطع السبيل عليكم» فقد جاءكم الرسول الذى أرسلناه مبشرا باحق وغايته وثمرته فى الدنيا والآخرة» ومنذرا من يرتكبون المعاصى بالهوان وسوء العقبى» والاضطراب فى الدنياء والعذاب الأليم» فعليكم أن تطيعواء ولا تحسبوا أن الخير أمانى تتمنى» من غير عمل يعمل . لقد روى فى السنة عن ابن عباس أنه قال: «دعا رسول الله كَكْهّ يهود. فرغبهم وحذرهم فأبوا عليه» فقال لهم معاذ بن جبل» وسعد بن عبادة» وعقبة بن وهب: «يا معشر يهود اتقوا اللهء فوالله لتعلمن ‏ أنه رسول الله كَلٌِ لقد كنتم تذكرونه قبل بعثه» وتصفونه لنا بصفته» فقال وهب بن يهوذا: إنا ما قلنا لكم هذا وما أنزل الله من كتاب من بعد موسى» ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده. فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية». وسواء أصح هذا سببا للنزول أم لم يصحء فإن الآية قد سيقت لقيام الحجة عليهم فيما ينكرون» وأنهم مأخوذون بما يدعون إليه.ء فإن قاموا بحق الإسلام» واستجابوا للرسول يوَكَِةّ فقد نجواء وإلا فقد هلكواء والتنكير هنا للتعظيم فى شأن الرسول كله ولتعظيم بشارته وإنذاره» والمعنى قد جاءكم بشير ونذير هو أعلى المبشرين المنذرين» لأنه خاتم النبيين؛ ولأنه آخر لبنة فى صرح النبوة» ولأن تبشيره وإنذاره قائمان إلى يوم القيامة» فلا نبوة بعده» ولا وحى ينزل على أحد من بعده فرسالته خحالدة باقية» وبشير ونذير وصفانء» وقد عطف ثانيهما على الآخر لتغايرهما فى المعنى والمؤدى وإن كانا وصفين لشخص واحدء كما قال تعالى: ا تفسير سورة المائدة ١‏ ك7 7ااالللل 0000 4 2 لمن .ا ظإِنَا أَرسلَاك بالحق بشيرا ونذيرا .. . +3 4 [البقرة] وكان التعدد لمعنى آخر؛ لأن التبشير عمل غير الإنذار» وكلاهما وظيفة النبوة» فكان العطف بالواو لهذا المعنى» فليسا وصفين ذاتيين ولكنهما وظيفتان متغايرتان للرسالة. وإن هذا الخطاب لأهل الكتاب وبخاصة اليهود مع ما فيه من بيان الحقائق» وضع الاعتذار فيه تهديدء وفيه إشارة لسلطان الله تعالى؛ ولهذا خحتم الآية الكريمة بهذا النص الكريم: #واللَهُ علّى كل شيء قَدير» . كان هذا ختام الآية الكريمة» وفيه إشارة إلى أمور ثلاثة : أولها ‏ أن الله سبحانه وتعالى هو الذى يختار الرسل» ويختار معجزاتهمء وعلى ذلك لا يصح لآحد أن يدعى أنه رسولء ولا يأتى أحد من بعده إلا إذا أخبر هو عن إرادته العالية»ء كما هو الشأن باللنسبة لمحمد ككل أما موسى عليه السلام» فلم تكن رسالته خاتمة الرسائل» ولو كان حيا ما وسعه إلا اتباع محمد . ثانيها ‏ أن تغير المعجزات فى دائرة قدرة الله تعالى» فهو خالقهاء وهو الذى يختارها بحكمته بما يناسب كل رسول» وليس لمن كانت الرسالة موجهة إليهم أن يختاروا على الله تعالى» فهو المريد المختارء الذى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. الثها ‏ أن الله تعالى هو وحده القادر على تنفيذ ما أمر به رسوله من تبشير وإنذار» فهو المعطىء. وهو المعاقب» وهو المانح وهو المانع» وسيكون العقاب الشديد نازلا بهم إن عصواء وليس بأمانيهم ولا أمانى أهل الكتاب . اللهم اغفر لنا ونجنا من عقابك». ولا تحرمنا من رحمتك وعفوك إنك أنت العفو الغفور. هاا تفسير سورة المائدة الل 0 «لحم بي بي وَإِذقَالَ مو من لِمَوَمِهِ-يلقَوَم أذ روأ ا يْعَمَةَ أله 12- 0 يآ وجَصَلك موك واكم مالم يو 0 ني ينقَواد حلأ الْدر ص الْمَقَدَ سه ألَّىَ كنب أله 11100 فَتَنقيوأحَسرِينَ ع 0 يْمُومَوإنَنِيبَا قوَمَاجبارينَ 1 ملاح حرجو أو الإ دوواد فى الآيات السابقة بين الله تعالى لحاجة أهل الكتاب فى عنادهم وطغيانهم» ونقضهم العهود التى وثقت عليهمء ولَعنَ الله تعالى لهم وطردهم من رحمتهء ومكان العز لهم» وأشار إلى أن محمدا يَلِةٌ لا يزال يرى طائفة من أخلاف الحاضرين تسير على خطة السابقين من خيانة» وتظهر بما اتسموا به من قسوة جعلت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة» وذكر سبحانه للنبى يَلِْةّ ما كان منهم لنبى الله موسى عليه السلام الذى أجرى الله تعالى على يده إنقاذهم من فرعون الذى كان يذبّح أبناءهم ويستحيى نساءهم» ويسومهم سوء العذاب» ولقد قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبرى فى معنى هذا: «وهذا من تعريف الله لنبيه محمد يَلَلِِهّ بتمادى هؤلاء اليهود فى الغى» وبعدهم عن الحق» وسوء اختيارهم لأآنفسهم» وشدة خلافهم لأنبيائهم» وبطء إنابتهم إلى الرشاد مع كثرة نعم الله عندهمء وتتابع أياديه وآلائه عليهم» مسليا بذلك نبيه محمدا يَلِِّ عما يحل به من علاجهم» وينزل به من مقاساتهم فى ذات الله تعالى» يقول الله تعالى له يَللِْهِ: لا تأس على ما أصابك منهمء» فإن الذهاب عن الله تعالى والبعد عن الحق من عاداتهم وعادات أسلافهم. هاا تفسيرسورة المائدة 2 ا 00 حب ا وَإِذ قال موسئ لقومه يا قوم اذكرًوا نعمة الله عليَكُم 4 هذا النص وما يليه فيه عزاء للنبى يَلِةٌ ليصبر على ما يصيبه من المشركين وأهل الكتاب عامة» ومن اليهود خاصة. ففيها بيان لما أصاب موسى عليه السلام» وهو من أولى العزم من الرسل» فى سبيل الدعوة» مع ما أجراه الله تعالى على يديه من نعم وآلاىء ومع ذلك جبنوا عندما دعاهم إلى الحق» وكان منهم أعداء له فمهما ينزل بالنبى من الكفار عامة واليهود خاصة يجب أن يصبر عليه» صبر المتوقع له» الذى ينتظره» كما قال تعالى: فَاصبرَ كما صبر أُولُوا العم من الرُسْل ... +22 4 [الأحقاف ] . 1 0 1 ومعنى النص الكريم: اذكر يا محمد حال موسى مع قومه, بعد أن رأوا الآيات المحسوسة» وبعد أن نزل عليهم من النعم والآلاء.» وحال قومه معه. لقد دعاهم إلى الجهاد بقوله: ايا قوم اذكروا نعمة الله عليكم4 ابتدا بالنداء بقوله: يا قوم» تذكيرا لهم بما يربطهم من رابطة الدم والقرابة التى تجعله منهم» يهمه ما يهمهم»؛ ويسعده ما يسعدهم ويعزه ما يعزهم» فوق أنه رسول الله تعالى إليهم» وهو بهذا يقربهم إليه» ليقرب إلى نفوسهمء والتذكير كان بنعمة الله تعالى عليهم التى توجب عليهم الطاعة» وقد ذكر سبحانه وتعالى نعما ثلاثا بقوله تعالى: #إذ جعل فيكم أَنْبَاء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يوت أحَدا من الْعَالَمِينَ» نعم ثلاث بينات واضحات. فالنعمة الآولى أنه سبحانه جعل فيهم أنبياء» أى أنه سبحانه بعث فيهم أنبياء منهم يهدونهم ويرشدونء وكانوا كمصابيح فى ديجور الظلام» ونورا فى عمياء الضلالة» ولا منة أجل من الهداية والسير فى طريق الحق» ولا نقمة أشد من نقمة الضلالة والسير فى طريق الفساد. والتدكير فى قوله تعالى: #أَنْبياء» للكثرة» اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء كثيرين» ويكون ما اخشصوا به هو كثرة الأنبياء قبل موسى وبعده» ولا يقال: إن الأنبياء كانت فيهم وحدهم؛ لآن الله تعالى يقول: 98 . .. وإن من أمَة ةإلاً خلا فيها تذير 257 4 [فاطر] ويقول سبحانه: م .. وَمَا كنا َي حت بعت ا تفسير سورة المائدة ل 000 م سوسس هق و رسولاً 2 4 [الإسراء] والنعمة الثانية عبر سبحانه عنها بقوله تعالت كلماته: «إوجعلكم ملوكا» . ويلاحظ أنه فى النعمة الأولى قرر سيحانه وتعالى أنه جعل فيهم أنبياء» أى جعل بعضا منهم أنبياء» أما النعمة الثانية» فقد قال سبحانه: #وجعلكم ملوكا» أى لم يجعل الملك فى بعضهم» بل جعلهم جميعا ملوكاء ولقد أول ذلك بعض العلماء بأن المراد جعل فيهم زعماء منهم مسيطرين على أمورهمء موجهين لشتونهم» كما طلبوا ذلك من بعد فقد قال الل تعالى عنم ثم أحياهم إِنْ اللّه لذو فض على انأ ولكن كر اس ل يك 62 وفوا في سيل لله راذا نال سمي علي 6 من ذا الذي فرص اله سن اع َه أَصْعَافًا كثيرة واللّه يقبض ويبصط و! َيه ترجعون +459 ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بد مُوسئ إذ قا لب لهم اعت لنامَلكا قات في سبيل الله . .. نيك 4 [البقرة ]. والمراد أن يبعث عليهم كبيرا يتبعونه فى القتال» ويظهر أن ذلك كان منهم من بعد موسى ومن قبلهء والقائد إذا كان من الشعب أو من اللجماعة كانوا جميعا ملوكا ومسيطرين على أمورهم؛ لآنه ينفذ إرادتهم؛ ويسير مع إحساسهمء ويعمل لمصلحتهم ما ظهر منها وما بطن. وقد يفسر الملك بأنه خروجهم فى عهد موسى من ربقة العبودية التى فرضها عليهم فرعون. فقد صارت لهم إرادة حرة» وتوجيه لعامة أمورهم» واختيارهم لحكامهم. وبذلك صاروا ملوكاء وفوق ذلك قد أوتوا رغد العيش وصاروا أحرارا فى بيوتهم» بعد أن كان فرعون ينبح أبناءهم» ويستحيى نساءهم» وفى الآثار أن الرجل إذا كان له مايكفيه وأهله بالمعروف كان ملكا. سأل رجل عبد الله بن عمرو بن العاص» فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال عبدالله: ألك امرأة تأوى إليها؟ قال: نعمء قال ألك مسكن تسكنه؟ قال : نعم» قال : فأنت من الأغنياءء لإا تفسبير سبوره: ة المائدة , ١١اااااانالااااااااااااااااااااالم‏ لالخ اناالا الالالال طنننناااااالكا] لاط لانن اتطلاالالااالا الالال الالالال لالط خطسطمطسط ططق لالتلا بلجل به يي فقال إن لى خادماء قال: فأنت من الملوك» وقد روى أن النبى يِل قال: «من كان له بيت وخادم فهو ملك)217 قد آنى الله سبحانه وتعالى بنى إسرائيل الحرية» ومنع ذلهم» ومنحهم رغد العيش. وبذلك جعلهم ملوكا بموسى عليه السلام. النعمة الشالثة هى النعم التى أفاضها الله تعالى عليهم وقد عبر سبحانه وتعالى عنها بقوله تعالى حاكيا #وآتاكم ما لم يوت أحَدا من الْعَالَمِينَ». والعالمون: جمع أريد به العقلاء من أهل هذه الأرض» ويفترق عن مفرده بأن المفرد يطلق على كل من هو على ظهر الأرض أو فى باطنها من جماد ونبات» وحيوان وإنسان» بل إنه يشمل الأرض» والسموات قاصيها ودانيها؛ ولذلك يقول العلماء: إن المفرد هنا أعم من الجمع؛ لأن الجمع لا يشمل إلا العقلاء» بينما المفرد يشمل كل شىء» والمفرد هو العالم. وقد قال العلماء: إن المراد هو العالمون فى زمانهم» أما من جاء بعدهم» فقد أعطاهم الله تعالى ما هو أكثر وأبعد أثراء وذكر الزمخشرى هذه النعم» فقال: ما لم يوت أحدا مَن الْعَالَمِينَ» من فلق البحرء وإغراق العدوء وتظليل الغمامء وإنزال المن والسلوى» ويصح أن يضاف إلى ذلك إنقادهم من أذى فرعون. وهذه نعم منها ما أخذها غيرهم ومنها ما اختصوا بها كفلق البحر اثنى فرقا كالطود العظيم» وإنزال المن والسلوى» فهذه قد اختصوا بها دون العالمين» وإن لم يكن أكبر مما أعطاه غيرهم من نصر مؤزر. يا قوم ادَخُْوا الأرض الْمقدّسة التى كتب الله لكم4 كان تكرار النداء من موسى عليه السلام لعظّم التنبيه» وخطر ما يدعوهم إليه» وعظم شأنه؛ وكان تكرار كلمة «يا قوم» للإشارة إلى أن فيما يطلبه منهم عزهم جميعا ورفعة أقدارهم» وقد قيلت أقوال كثيرة فى الأرض المقدسة» وقد اتفقوا على أن معنى . عن زيد بن أسلم‎ )٠١١ رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (ج5» ص8‎ )١( ا تفسير سورة المائدة ١١١1‏ اااااااااااال للك ااانا لللك !ااا اللا الا الاااا انالا لاالااالااتتان اناالا ااال ل ططخ الالالال ااالاط لالط طن نخخالططااةانالاالناااااةلتتللا 1ك ههه 2 يي التقديس البركة والنماء» فهى مباركة» ولكن ما هى هذه الأرض التى عناها موسى عليه السلام بطلبه» وأصح الأقوال وأولاها هو ما قاله ابن جرير الطبرى إذ قال: «وأولى الأقوال عندى بالصواب أن يقال هى الأرض المقدسة» كما قال نبى الله تعالى موسى صلى الله تعالى عليه وسلم؛ لأن القول فى ذلك بآنها أرض دون أرض لا تدرك حقيقته إلا بالخبرء ولا حبر بذلك يجوز قطع الشهادة به» غير أنها لن تخرج من أن تكون الأرض التى ما بين الفرات وعريش مصرء أى أنها تشمل سيناء والشامات كلها بما فيها فلسطين والأردن ولبنان». ولا شك أن هذا الكلام جدير بالأخذ؛ لأن هذه الأرض المقدسة طُّلب منهم أن يدخلوها بعد أن اجتازوا البحر الأحمر»ء وعبروه إلى سيناء» وسمى بعضها الوادى المقدسء» كما قال تعالى مخاطبا موسى: 8 ... إِنْكَ بالواد المقدس طُوَّى 010 # [طه] وقد خصصها الأكثرون بأرض إيلياء بيت المقدس وما حوله. وقد قرر الله سبحانه أنه كتب لهم أن يدخلوا بقوله تعالى: كَتب الله لكم# وهنا نجد المفعول غير مذكورء إلا أن المحذوف قد وجد ما يدل عليه» والمعنى كتب لكم أن تدخلوهاء أى قدر لكم أن تدخلوهاء وفرض عليكم دخولها لإنقاذكم من الأهوال التى نزلت بكم فى أرض مصر من فرعون وأعوانه» وقد تعدى فعل كتب باللام» ولم يتعد بعلى للإشارة إلى أن ما فرضه عليهم إنما هو لأجلهم؛ ولحفظهمء وللإشارة إلى أنه واقع لمنع ضياعهم. ولا يصح أن يقدر المفعول ضميراء كما نهج بعض المفسرين» فيكون تقدير القول «كتبها لكم). لآن مؤدى ذلك أن تكون لهم دائماء مع أن النص الكريم لا يقتضيه ولا يصرح به إذ الذى يصرح به أنه سبحانه قدر لهم أن يدخلوهاء لا أن يكون قد كتبها وسجلها لهم. وقد تمسك شَكَآاب اليهود بأن الله تعالى قد كتب لهم أرض الميعادء وأن ذلك مذكور فى الكتب المقدسة عندهم» والحقيقة أن الله تعالى كتب عليهم أن يدخلوا بعد أن خرجوا مصر ليجدوا فيها مأوى لهمء وإنما الأرض لله يرثها عباده الصالحون» وليسوا منهم. ها تفسبير سبور: ة المائدة 0000 ههه < يي #ولا ترتدوا عَلَى أَدباركُم فسَقَلبوا خاسرين» توقع موسى عليه السلام أن يتخاذلوا إذ يدعوهم إلى العزة والنصرء فنبههم إلى ما يؤدى إليه التتخاذل عن الدخول» وهذا التعبير «ارتد على ديره»» كتعبير «نكص على عقسبيه)» وكتعبير «ولوا الأدبار») استعارة تمثيلية فيها تشبيه حال من يرجع عن الجهاد بعد أن توافرت أسبابه بحال من يتراجع سائرا بظهره إلى الوراء بدل أن يسير بمقدمه إلى الأمامء وهذا التعبير يصور قبح التخاذل حسا ومعنى . ولقد كان رجوع بنى إسرائيل - إذا لم يعملوا على دخول الأرض المقدسة - أن يعودوا إلى حكم فرعون» ويخسروا ما كسبوا من ععزة وكرامة وحرية ويذهب عنهم» فإن البقاء على العزة يحتاج إلى مشقة الحصول عليهاء ولئن ارتدوا عن العزة بعد نيلهاء فإنهم الخاسرونء إذ لا يرضى بالعذاب الهون إلا الأخسرون. وإن بنى إسرائيل كانوا قد ضعفت همتهم» وماتت عزائمهم؛ ولذلك أجابوا دعوة العزة بقولهم: لقَاُوا يا موسئ إن فيها قَوما ارين ونا آن َدخْلَهَا حت يَخْرَجوا منْها» صح ما توقعه موسى عليه السلام منهم» وما نهاهم عنه؛ إذ إن روح التردد والهزيمة قد ملك قلوبهم» واستولى على نفوسهم» فقرروا له أنهم لن يدخلوا؛ لأن فيها قوما جبارين» والجبار فى اللغة يطلق على الطويل القوى» والمتكبرء والعاتى» وهو مأخوذ من نخلة جبارة إذا كانت طويلة لا ينال تمرهاء وقد جاء فى لسان العرب (الجبار من النخيل» وهو الطويل الذى فات يد اللمتناول» ويقال جبار إذا كان طويلا عظيما قويا تشبيها بالجبار من النخل) وجاء فى مفردات الراغب أن الجبار من جبرء وهو الإصلاح بقهر وقوة. ويكون على هذا معنى جبارين أنهم قوم غلاظ شداد عندهم قدرة على القهرء وقد قيل فى الأخبار أنهم بنو عنق الذين يسكنون أمامهم فى أدنى الأرض المقدسة إليهم» وهم أولو قوة» وأولو بأس شديد ولعلهم الذين قال تعالى فيهم : ب تفسير سورة المائدة ل الل مامالل للك 1 لجبمل بر يي طفَإِذَا جاء وعد أولاهما بَعننَا علَيْكُمْ بادا لا أولي بأس شديد فَجَاسوا خلال لديا وَكَان وعدا مُفْعولاً جج> ثُمَ ردنا كم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبين َجَعَلنَاكُم أَكْثرَ تفيرا 32> 4 [الإسراء] . امتنع بنو إسرائيل عن القتال وأكدوا المنع بثلاثة تأكيدات: أولها ‏ فى ندائهم بقولهم يا موسى فإن ذلك النداء فيه نوع من التذليل والاستغاثة» ليسكت عنهم. ا انيها ‏ وصفهم لخصومهم بأنهم جبارون أى أقوياء قاهرون» وأول الوهن الذى يعترى النفوس أن يشعر المجاهد بضعفه أمام خصمه. ثالثها ‏ أنهم أكدوا النفى بقولهم «لن ندخلها» فهذا التعبير ب «لن» فيه تأكيد للنفى» وجعل غاية النفى أن يخرج هؤلاء منهاء وهم أقوياء فمن يخرجهم. فكأن هذا نفى مؤبد. وهم لا يريدون قتالاء ؛ولذلك قالوا من بعد ذلك النفى 8« فإن يَخرجوا منها فَإِنَا داخلُون» . وهذا يدل على أنهم لا يريدون قتالاء بل لا يريدون دخولا؛ لأن احتمال خروجهم بعيد؛ ولذلك كان التعبير بإن الشرطية التى تفيد الشك فى الخروج» والتعبير بالوصف فى قولهم: 8فَإنَا داخلون» يدل على إرادة الدخول من غير عمل يعملونه» ومن غير معاناة ومجاهدة. . اللهم هب المسلمين العزة والقوة وأبعد عنهم الوهن الذى هو داء الضعفاءء ولا حول ولا قوة إلا بالله. (/#هنا تفسبير سور ة المائدة ل 01010100 ..١ الاك‎ 7 في السلام- أن يدخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله عليهم أن يدخلوهاء فقد أجابوا وهم يتكلون على الله تعالى فى إخراجهمء كآن الله تعالى يخرجهم من غير عمل والمغالبة» ولأنهم أحر ص الناس على الحياة» أى حياة كانت» كما قال تعالى: « ولتَجدنّهم أحرص الثاس على حياة ... 42509 [البقرة] ومع هذا التخاذل فى جماعتهم كان فيهم من يريد أن يتقدم, ولكنهم نادرون» وليسوا كثيرين ؛ ولذلك قال الله فيهم: طقال رجلان من الّذين يَحَافُونَ أَنْعم الله عليْهمَا ادْخْلُوا 4 هذان رجلان من بنى إسرائيل أعطيا نعمة الصبر وقوة الإيمان» قد حالما الذين قالوا: لن ندحلها حتى يخرجواء وقد ذكر المفسرون اسم الرجلين» كما جاء فى التوراة» والآية لا تحتاج فى فهمها إلى اسميهما» ولكن تحتاج إلى معرفة أوصافهماء ومؤدى قولهماء وقد ذكر الله سبحانه وتعالى لهما وصفين: أحدهما - أنهم من الذين يخافون» وثانيهما ‏ أن الله أنعم عليهما. فلملل لحر أ أما الأول - فقد قال تعالى فيه أنهم «يخافون» ولم يذكر الأمر المخوف» ولذلك كان للعلماء فى تقدير المفعول تخريجان: أحدهما ‏ أن يقدر المحذوف فى الذكر هو الله سنبحانه وتعالى» والمعنى يخافون الله ويتقونه» ويرجحون تقواه. والخوف من عصيانه على المخوف من أعدائه» ولو كان ذوى بطش شديدء أو جبارين فى الأرض» فكل قوة مهما عظمت تصغر بجوار قوة الله تعالى. والتخريج الشانى ‏ أن يكون المعنى يخافون الأعداء ويقدّرون قوتهم» ولكن أنعم الله تعالى عليهم بطاعة الله تعالى. وذكر الزمخشرى وجها آخرء وقد تبعه فيه الكثشيرون» وهو أن المراد من الذين يخافون هم بعض الجبارين» والاسم الموصول موضوعه الجبابرة» والضمير محذوف يعود إلى بنى إسرائيل» ويكون المعنى على ذلك أن رجلين من الجبارين الذين يخافهم بنو إسرائيل ويرهبونهم. قالوا ادخلوا عليهم» ويكون على هذا التفسير معنى أنعم الله عليهما أنه أنعم عليهما بنعمة الإيمان. وقد رجح ذلك الزمخشرى بأمرين: أولهما ‏ أن هناك قراءة بضم الياء «يخافون»7' وهذا يتعين أن يكون المراد اثنين من الجبارين» وإحدى القراءتين تكون مفسرة للأخرى» والثانى - (أنعم الله عليهما) فإن الظاهر منها فى هذا المقام هو نعمة الإيمان» وذلك لمن يكونون غير مؤمنين وقد صاروا مؤمنين» ولكن ذلك الأمر غير مؤكد؛ لأنها ليست مقحمة على التفسير الأول» بل لها معناهاء وهو أن الله أنعم على الرجلين اللذين قالا الحق من بنى إسرائيل بنعمة الصبرء وقوة العزيمة والهمة»فوق نعمة الطاعة وتجنب المعصية. «ادَخْلُوا عَلَيْهم البَاب فَإِذَا دَحَلْتَمُوه فَإِنَكُم غَالبِونَ4. هذه مقالة الرجلين اللذين أنعم الله تعالى عليهما فيما حكى الله تعالى عنهماء أراد ذانكم الرجلان أن يزيلا خوف بنى إسرائيل من أهل هذه الأرض إذ إنهم أجسام ليس فيها قلوب قوية» . ليست في العشر المتواترة‎ )١( 0 م تفسيرسورة المائدة الال لحب د وقد ذكر ابن جرير الطبرى ما يصور أنه مقالتهمء فقال: «قالوا لجماعة بنى إسرائيل: إن الأرض مررنا بها وجسسناها صالحة رضيها ربنا فوهبها لناء ا وانها لم تكن تفيض لبنا وعسلاء ولكن افعلوا واحدة» ولا تعصوا الله ولا تخشوا الشعب الذين بهاء فإنهم جبناء مدفوعون فى أيديناء إن حاربناهم ذهبت منهم» وإن الله معنا فلا تخشوهم). ويظهر أن هذه العبارات مصدرها إسرائيلى؛ لأنها تتقارب مع نصوص التوراة التى بأيديهم» ومهما تكن صحة النسبة فى هذه الأقوال» فإن الآية الكريمة لها مدلولها بعباراتها التى حكاها سبحانه وتعالى عنهم» فإن معنى قوله تعالى: «ادخلوا عليّْهم البّاب» أى فإذا دخلتموه فإنكم غالبون» ادخلوا مفاجئين لهم فاتحين عليهم الباب» فإنهم عندئذ يصيبهم الذعرء وتأخذهم الفجاءة» ويتحيرون» فتأخذهم السيوف» وتكونون أنتم الغالبين» وفى العبارة ما يفيد تأكيد الغلب؛ لأنه عبر عن الغلب بالجملة الاسمية» وإن التى تؤكد القول. ولا شك أن غزو قوم فى دارهم فجاءة يؤدى إلى هزيمتهم» ولقد قال فى ذلك بطل الحروب على بن أبى طالب: «ما غزى قوم فى عقر دارهم إلا ذلوا». #وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين» قوة النصر تعتمد على أمرين: أولهما - عمل حاسم وعزم أكيدء وثانيهما ‏ تأييد من عند الله» وتوكل عليه وتفويض إليه؛ وقد بين الرجلان كما حكى سبحانه عنهما العمل الحاسم» وهو الدخول المفاجئ» والثانى هو التوكل على الله تعالى وحده حق التوكل» وألا يعتمد على أحد سواهء وألا يرجى النصر إلا منه» ولذلك قدم الجار والمجرور فى قوله 3 #وعلى الله تتوكلوا» أى على الله وحدة توكلوا أى هو وحده النضير: 9 .. التَصر إل من عند الله العزيز الحكيم #دزكه 4 [آل عمران]. وإن التوكل ل لا يكون إلا من قلب مذعن مؤمن بالله مخلص له» مجيب لا يأمر وينهى؛ ولذلك قرن التوكل بقوله: إإن كنثم مؤمنين» . ل 1 تفسير سورة المائدة ل 117١‏ لحب د وفى ذلك إشارة إلى أن مقتضى الإيمان أن يعملوا ويجيبواء وأن يدعوا وساوس المفوف» وأن يشعروا بأن الله معهم» وهو فوق كل جبارء وفى ذلك حث على العمل الحاسم» والعزيمة الثابتة . طقَانُوا يا موس إِنَا آن نَدَخْلَها أبدا ما داموا فيها 4 بعد تلك العبارات القوية المثيرة للهمم والعزائم التى نادى بها من الصفوف رجال منهم أو من أعدائهم » أنعم الله عليهم أجابوا بإجابتهم الأولى» وهى أنهم لن يدخلوا فيهاء حتى يخرجوا منهاء ولكنهم زادوا على الإجابة الأولى تأكيداء وتهجما على مقام الله سبحانه وتعالى. أما التأكيد فهو إضافة كلمة «أبدا». وإذا كانت كلمة «لن» فيها معنى تأكيد النفى فكلمة «أبدا» فيها معنى تأبيد النفى ما داموا على قيد الحياة . ... فَاذْهب أنت وريّك فقَاتلا إن هاهنًا قاعدون 2:9 4 وهذه الكلمة فيها استهانه بأمر الطاعة» واستخفاف بمقام الألوهية والرسالة» وخروج عن معانى الإيمان السليم؛ لأن الله تعالى لا يعمل أعمال البشر ويقاتل» ولكن ينصر ويخلق والقتال من أعمال العباد» كما يقول رجل لآخر: يأمرك الأمير بالذهاب بالجند والقتال» فيجيبه: قاتل أنت والأمير» ففى ذلك استهزاء بالأميرء وخروج عليه وفى كل ذلك استخذاء من قوم جبناء؛ ولذلك ختموا كلامهم بالقعود عن القتال والثبات فى أماكنهم: «إِنًا هاهنا قاعدون4. وإن هذا الوصف الذى وصفوا به أنفسهم يدل على الخسة؛ لأن القعود غير البروز» والقاعد مخذل» والمجاهد عامل والقعود فى وقت وجوب النشاط هذا للعمل الصالح هو وصف ذمء كما قال وصفا لأمثالهم: ا .. وقيل افعدوا مع القاعدين (3 4 [التوبة] . وقال تعالى: إلا يَستَوي القاعدون من المؤمين غير أولي الرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فْضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ... +ع # [ النساء ] لاا تفسير سورة المائدة 1 ااا ا لااممخ لخ خلال الالالال ل ل لة الل ل اةااالاللللااا! ا لالط طش اللا للاخ قلط اناالا للاتلال لاا الالالال ااال اخطسطسططخس خط خطخسططططلطاتللا لج بز - ويقول الخطيئة : دع المكارم لا ترحسل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى7) فهم قد وصفوا أنفسهم بأقبح ما توصف الجماعات الطامحة: ولقد أحس موسى القوى الأمين بالعبء الذى ألقى على هذه الجماعة وتخاذلها عن حمله» فتقدم إلى ربه بالمعذرة يرجو بها المغفرة» فقال ما حكاه الله تعالى عنه : لقال رب إِنَى لا أملك إلا تفسبى وأخى» ابتدأ موسى عليه السلام قوله بالاتجاه إلى ربه الذى خلقه ورباه وكون جسمه ونفسه وذلك بالضراعة إليهء وبيان أنه أعلم بحاله, وأنه فى طاعته لا يخرج عنهاء ثم قرر المعذرة» وهو أنه لا يملك من أمرهم شيئاء وإنما الأمر كله إلى الله تعالى» وأنه لا يستطيع أن يجعل من ضعف نفوسهم قوة» ولا من استخذائهم عزة» ولا من تقاعدهم همةء ولا يملك إلا نفسه وأخاهء فهو لا يضمن إلا إياهماء وهما وحدهما لا يملكان الدخول إلى هذه الأرض0» والمراد بأخيه سيدنا هارون عليه السلام» وقد أكدت المعذرة ب (إنَّ) وبالقصرء وعبر عن هارون بأخيه للإشارة إلى قوة إحساسه بأنه معه فى طاعة ربه وعدم عصيانه فيما أمر”") وإذا كانت تلك حاله» فهى مفترقة عن حال الذين معه؛ ولذلك الافتراق عنهم ما حكاه الله تعالى: #قَافْرق بيننا وبين الْقَوم القاسقين». )١(‏ في البيت أمران يراد منهما التوبيخ» أو التحضيض . ومعنى الطاعم الكاسي: من كفي طعامه وكساءهء فاكتفى ولم يسع للمكارم . (؟) عن طرق بن شهاب قَال: سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بْنِ الأسود مَتْهَدا لذن هُون صاحبه أحَب إِلَي مما عدلَ به؛ أتى الي يل وهر يدعو علَى الْمَشرِكين ققَالَ: «لا تقول كَمَا فَال قوم موسى : «اذْحب نت وربْك ققاتلا4 ولكنً نئل" عن ينك وَعَنْ ضعالك وين ل ساس وبري ل مور س0 و يديك وخَلْفَك» فرأيت" لبي يك أشرق وجهه وسره» يعني قوله. رواه البخاري: المغازي (5955). ا تفسير سورة المائدة ملل 01 7 > الفرق معناه الفصل بين شيئين أو شخصين فصلا حسيا أو معنوياء كما قال تعالى : 9 ...لا تفرّق بَيْنَ أحَد مّن رُسّله ... +29 4 [ البقرة] . والمراد هنا والله أعلم؛ اجعل بيننا وبينهم فارقا فى الحكم وهو العدل بيئنا وبين هؤلاء الفاسقين؛ لأننا لا نرضى بما يفعلون» ولسنا معهم فى الإحساس وهذا التتخاذلء فلسنا منهم فى هذاء وليسوا منا فى شىء وافصل بيننا وبينهم فى الآخرة» كما فصلت فى الحكم بيئنا وبينهم فى الدنياء والمؤدى من قول سيدنا موسى هذا هو أنه يبرئ نفسه منهمء ومن عملهم وخذلانهمء والفاسق هو الخارج المنفصل بالحس أو المعنى» والمعنى: افرق بيننا وبين هؤلاء الذين خرجوا عن الطاعة» وعن مناط العزة» ورضوا بالذلة والهوان. ولا شك أن هذه الجملة تدل على ألم موسىء» واستنكاره لما هم عليهء فقال تعالى : لقال فَإِنْهَا محرَمةٌ عليهم أربعين سنَة يتيهون فى الأرض» . القول هنا هو قول الله تعالى» كما يدل على ذلك الحكم الذى حكم بهء فإنه لله تعالى وحدهء وكما يدل عليه من بعد ذلك قوله: فلا تأس على القوم اْقاسقين» . 1 والفاء فى قوله تعالى: ظفَإنّهَا مُحَرَمَة» هى فاء الإفصاحء أى التى تفصح عن شرط مقدرهء ولمعنى: أنهم إذا كانت حالهم كذلك من الخور»ء وضعف العزيمة» والخوف من أعدائهم فإنهم لا يدخلون الآن لضعف بأسهم وشكيمتهم» فإنها محرمة عليهم تحريما واقعياء لا تحريما حكميا تكليفيا يتيهون فى الأرض» أى يكونون فى الأرض تائهين متحيرين يضطرب عيشهم وحياتهم» ولا يستقر مقامهمء بل يعيشون فرادى هائمين على وجوههمء حتى يتربى البأس فى قلوبهم. هذا خلاصة معنى النص الكريم» وهو يدل على أن الله تعالى بسنته التى سنها سبحانه وتعالى فى الكون لا يمكنهم من أن يدخلوها إلا إذا غيرواء وبدلوا حالهم من بعد الضعف قوة» ومن بعد الخور عزيمة: 9 ... إن الله لا يغيْر ما بقوم اللا ااال 0 لحر ار تَى يعيرُوا م بأنفسهم وذ راد لَه قوم سوءًا قلا مر له وما َهُم من ونه من وال, لزت 4 [الرعد ] عليه السلام كانت كل انتصاراتهم على فرعون بأمور خارقة للعادة) وحياتهم كلها لا تخلو من خارق» فقد أنقذوا بالبحر ينفلق اثنى عشر فرقاء» وشربوا الماء بالعصا يضرب بها الحجر فينبئق منه اثنتا عشرة عينا لكل إنسان مشربهم» ويشكون الجوع. يجعل - فيما سنه فى الكون - الأمم تعيش من غير كفاح» وطلب للعزة بجهاد وعمل. فكلفهم سبحانه أن يدخلوا الآرض المقدسة» وهو يعلم حالهم» وبماذا يجيبون» وكان لا بد أن يربيهم على الكفاح بعد الاسترخاءء وعلى طلب العزة بأنفسهم بعد الاستخذاءء فكان لا بد من البلاء بتركهم أربعين سنة يتيهون فى الأرض» ويعيشون فى الأخبية وينتقلون طلبا للماء والكلأء ويحيون حياة خشنة. العزائم حتى يغزوها من يعيشون فى شظف العيش ويسيطرون عليهم. حتى يصيبهم الرفه» ويفكهوا فى نعيمه» فيصيبهم ما أصاب من سبقوهم. كان التيه الذى عاش فيه بنو إسرائيل أربعين سنة لتربى فيهم قوة البأس والعزيمة» ويستهينوا بالصعابء فيذللوها ويتغلبوا عليها: «فلا تأس على القوم الفاسقين» هذا تطمين لموسى عليه السلام» وبيان استجابة معذرته» وإزالة لما علق عميقا» يحدث هما وغماء ومن ذلك قول امرئ القيس: وقوفا بها صحبى على مطيهم 20 يقولون لا تهلك أسى وتجمل اللهم هب لأمة الإسلام القوة والعزة والمنعة» وطلب إعزاز الإسلام بالجهاد بالنفس والمال» وألا يرهبوا عدو الإسلام» ويطيعوا قول الله تعالى ويستمعوا إليه: « ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمدين 429 4 [آل عمران] . هاا تفسير سورة المائدة ملل ال سر زا رصع كا آله 0 صرح سا سا تللم َب اهما لحق إد صر هَرَيا قري 3 جح‎ 35 ١ ل 2 مه ال رصحي سد هه رع 01 سه ب ها ل م مو مره - حجهثهم - 207 0 إِنَمايتقب ل أللهمنالمنق» عي لين بسط تإلىَّ يداه سح عر 0# جه ء ور رط - نعي ور نَقئلنى مآ أن ببَاسِطيَدِى إِ ليك لا قنك إن أخا ف الله حإن عه ار 2 22ج سا خلس 5-14 0 5-3 منْأاصحد الناروذ: 3 جروا الظدامين لهل هذا النص القرآئى فيه تعايل لا كان من السهود من تيل من بسط أيديهم بالآذى للنبى كَكِْةِ ونقضهم المواثيق» وقتلهم للنسيين» وادعائهم الكاذب الفضل على الناس» فإن علة ذلك هو الحسد الكمين فى نفوسهم والحسد قديم فى الخليقة قدم الإنسان فيهاء فهذا أحد ولدى آدم يحسد أنخخاهء حتى فى العيادة التى تقتضى تنقية النفوس وتقوى القلوب؛ وذلك دليل على كمون الحسد فى بعض النفوس مما لا علاج له إلا الصبر على الذين تصيبهم هذه الآفة» كما صبر الأخ الذى قتله أخوهء فإذا كان فى النصوص بيان لآفة الحسدء ففيها أيضا بيان لحلية الصبر والصفح والرضا بما يقدره رب العالمين من أذى المؤذين» والإخلاص لله تعالى. وكل هذا فيه عزاء للنبى يك يدعوه إلى الصبرء كما قال تعالى: « واصبر وما صبْركَ إل باللّه ولا تَحرَن عليه ولا تك في ضيّق مما يمكرون 79 4 [ الفحل] . وكما أن فى النص تعليلا لما سبقه ففيه تمهيد لما يلحقه» فإنه سيجىء بعد ذلك عقوبات رادعة للذين يعيثون فى الأرض فساداء ويخرجون, ويقتلون الأنفس البريئة» ويزعجون الآمنين بالسرقات والاختطاف» ففى هذا النص يبين قسوة المعتدى ليتبين استحقاقه هو وأمثاله من عقاب ردعا وزجراء ونكالا يمنع غيرهم من العبث؛ ولذلك كانت الآية التى أعقبت هذا النص فيها بيان لسببيته فى شرعية لها تفسير سورة المائدة 00 الل 700010000 11**ظ5ظ5ظ0 4 لجملبم]ا بي العقاب الرادع ؛ فقّال تعالى : لإ من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قعَلَ فسا بغيرٍ نفس أو فساد فى الأرضٍ فكأنْمَا قََلَ النّاس جميعا ومن أحياها فَكَأَنْمَا أحيا الئاس جميعا 227 4 [ المائدة ] . «وائل عليهم نبأ ابنى آدم باحق إذ قرا قربا فيل من أحَدهمَا ولم تيل من الآخَر قَالَ لأَفتلئّك قَالَ نما تقب الله من الْمتّقِين 20 4 ابنا آدم» يقول المؤرخون وبعض المفسرين فيهماء كما جاء فى التوراة: هما هابيل التقى» وقابيل الباغى» ويقول أكثر المفسرين: إنهما ولدا آدم من صلبه؛ ولكن الحسن من التابعين قال: إنهما من بنى إسرائيل» ولعل ما يشير إلى ذلك قوله تعالى من بعد: #من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أَنّه من قَقَلَ فسا غير نفس» . ٠‏ إلخ. ولا يهمنا أن نعرف من هماء ولكن الذى يهمنا أن نعرف أن ما يومئ إليه النص من حقائق» والقصص صادق وواقع» ولكن نترك ما تركه القرآن ولا نهيم فى إسرائيليات صادقة أو كاذبة» والنص القرآنى واضح فى مقصده من غير حاجة إلى ما يوضحه من نخارجه؛ ويقول مسبحانه: #وائل علَيهم نبا ابى آدم بالْحق» . ومعناه اذكر خبر ابنى آدم ذكرا متتابعا منسقا يشبه الكلام العظيم المتلو» وأصل التلاوة القراءة المتتابعة الواضحة فى مخارج حروفهاء والمصورة للمعانى فى وقوفهاء والمؤدى: أخبرهم بخبر الابنين بعناية» وأخبرهم بهذا الخبر الصادق خبرا قد لبسه الحق» وصار حليته؛ ومظهره وحقيقته» والنبأ هو الخبر العظيم ذو الشأن الذى يستدعى دراسة وعناية» ولا شك أن خبر ابنى آدم (خبر له شأنه) بما فيه من قتل الأخ لأخيه من غير جريمة ارتكبت» ولا شر وقع» ولا اعتداء» بل بسبب العبادة الخالصة لوجه الله تعالى» فما كان سبب الاعتداء إلا ذلك؛ ولذا ذكر سبحانه وقت الجريمة» وهو سببهاء وباعثهاء مما يدل على أن القلب الخبيث لا يدفعه فعل الخير المقبول إلا إلى الأذى الممقوت» فقال: «إذ قَربًا قربانا فتقبّل من أحَدهما ول يتل من الآخَرِ) أى اذكرهما ذكرا حقا صادقا فى الوقت الذى قربا فيه قسرباناء وكانت نتيجة القربان تقبلا حسنا من ها تفسير سورة المائدة ممم ل لسرب أ أحدهما وعدم تقبل من الآخرء فكان من وراء ذلك الاعتداء الشنيع من الذى لم يقبل قربانه» والقربان العبادة التى يتقرب بها إلى الله تعالى» وهى تطلق فى أكثر أحوال العبادة على الذبائح التى يتقرب إلى الله تعالى بذبحهاء كذبح الهدى فى مكة. والتقبل معناه القبول بقوة من القابل سبحانه» فهو قبول ورضا وترحيب» وقد ذكر اللفظ فى الإثبات لمعنى القصد الطيب والنية الحسنة من الابن الصالحء وذكر اللفظ فى النفى بقوله سبحانه: #ولم يتقبّلَ من الآخخر». للمقابلة بين النفى والإثبات؛ لأآن قربان ذلك الآثم لم يقبل أصلاء فنفيه منصب على أصل القبول» لا على وصفه. وكان عام قبوله لسوء نيته» ولنقص تقواه؛ ولأنه قصد الخبيث من ماله وأراد به التقرب؛ ولأنه قصد الباهاة والفخرء ولم يقصد وجه اللهء ولآن قلبه متأشب بالأثام كما تبين من سوء فعله وخبثه» وعدم رحمته من بعد ذلك» وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن أحدهما لم يتقبل قربانه» ولم يبين سبحانه كيف عرف أنه لم يقبل» ولقد ذكر العلماء كلاما فى هذاء فقيل إن القربان تنزل عليه نار فتأكلهء والآخر لا تنزل عليه نارء وقد علم القبول بهذه الأمارة» وقال آخرون: إن ذلك كان بوحى أوحى إلى نبى هذا الزمان» وعندى أن ذلك كان برؤيا صادقة أو بحال المتصدق فى نفسهء وقد علم من حاله أن تصدقه غير مقبول» وقد يكون بإخبار نبى الزمان إن كانا غير ولدى آدم الصلبيين7©. وكانت نتيجة ذلك أن كان بين الأخوين تلك المجاوبات الكلامية ثم الجريمة الكبرى التى هى أعظم ما ظهر من جرائم فى الوجود الإنسانى» ولنذكر المجاوبة بين التقى المؤمن العادل السمح» والفاجر الباغى الظالم الحاسدء قال: « لأَقلنّك4. تلك كلمة الظالم الآثم الذى خلا قلبه من كل شعور بالحق» فلم قل تر لي م بيو )١(‏ روى البخاري ومسلم عن عبد الله رَضى اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رسول اللّه يكه: «لا تقل تمس ظلْمًا إلا كان على ابن دم الأول كفل من دمها نه أول من سن الْقثل)» . اا تفسبير سشور: ة المائدة امممم مخ للللالااالا خخخ اماملا أ ل لات ااالللااااااااض اط للا تالاخ ططل مالالا ااا اااامسطسطططاطط لاا للتتتتطتتللا ١١ لاا‎ ١ .- يشعر بالعدالة فى ذاتهاء ولم يشعر بالرحم الواصلة بينهما ولم يشعر بحق الحياة التى خخلقها الله تعالى وأودعها كل نفس ولم يشعر بحرمة الدم»ء وبأن القتل أعظم جريمة فى هذا الوجود الإنسانى» وقد أكد عزمته الآثمة» وإصراره عليها من غير خور ولا ضعف؛ ولذلك أكدهما أولا بالقسم المطوى فى القول» والذى تدل عليه اللام»ء وهى مؤكدة أيضا بنون التوكيد الثقيلة» وكانت المجابهة الآثمة لأخيه بذلك الخطاب المواجه» ولم يستر نيته» فكان التسبجح السافر الذى أدى إليه الفجر فى القول» والإجرام فى العمل» والكسب الآثم. وإن هذا يدل على تصميمه على القتل» وهذا النص الموجز يبين روح الإجرام فى المجرمين الذين يريدون السوء بالأخيار فى المجتمع» وكلما زاد خير الأخيار» أوغل المجرمون فى الشر والإيذاء» حتى أنهم ليستمرئون الشرء كما يستطيب الأخيار حب الخير» وإن هؤلاء آفة الجماعة الإنسانية» ومن تظهر ماثمه منهم تحق عليه كلمة العقاب زجرا وردعاء وتهذيبا للمجتمع وتطهيرا له؛ فالذين يذهب بهم فرط رأفتهم إلى الاعتذار لهم آثمون فى حق جماعتهم. راضون بأن يعيش الشر فى قلوب الآثمين. «قال إِنَمَا قبل الله من الْمتّقينَ» تلك أول كلمة نطق بها التقى البر فى مجاوبة اعتداء أخيه.ء أو الجهر بنية الاعتداء» وهى فى ذاتها اعتداء» فقد قال كلمات أربعة» كل واحدة منها تنبئ عن إيمان مكين عميق» وتلك هى الأولى» وهذه الكلمة تفيد السبب فى القبول» وترشد أخاه إلى تطهير قلبه» وإلى الاتجاه إلى ربه» وإلى الاستشعار بخشيته» وفى تلك الكلمات الطيبة معان كريمة . فهى أولا تفيد قصر القبول بلفظ 98 إِنَّمَاك على المنقين» والقصر نفى وإثبات» أى أن التقوى هى سبب القبولء فإن وجدت كان القبول» وإن لم توجد انتفى القبول» وتفيد ثانيا أن عدم القبول إنما يكون من نفس المتصدق» لا من أمر خارجى فالجزاء على قدر النية» فالتقوى دائما من القلوب. ا ا 4 لسرب ار وتفيد ثالثا توجيه أخيه الفاسد إلى الإقلاع عن ذنبه بموضع الداء فى قلبه» وأن عليه أن يطب له» والتقوى التى اعتبرت سببا للجزاء الطيب» تتضمن خشية الله تعالى» وامتلاء القلب بطلب رضاهء وتتضمن اتقاء الذنوب والآثام» وتتضمن احترام حق الإنسان على أخيه الإنسان» فهى كلمة جامعة لكل معانى الفضيلة الدينية والخلقية والاجتماعية. لين بَسطت إِلَىَ يدك فى ما أنَا باسط يُدى ليك لأقعلكَ» تلك هى الكلمة الثانية» وبسط اليد مدّها بالاعتداء» ونرى فى هذا النص قسما ينبئ عن الطيبة والخلق السمح فى مقابل قسم ينبئ عن الشر ونية الأذى والتصميم عليه» وهذا يصور ما بين الأخيار والأشرار من تضادء فهو يؤكد هنا سلامة القلب وسلامة العمل» أقسم الأول على القتل» وأقسم الثانى على عدم الرد(!)» وقد أكد نفيه بهذا القسمء وبالتعبير بالجملة الاسمية فى جوابى القسم؛ لآن جواب القسم: ما أَنا بباسط يُدى إِلَيِكَ لأَفلّك» وقد أكد النفى بأمور ثلاثة: أولها - التعبير بالورصف» فهو ينفى عن نفسه وصف بسط اليد لأجل الاعتداء؛ لأن ذلك ليس من شأنه ولا من رغباته» والثانى ‏ التعبير (باليد) للإشارة إلى أن ما بينهما من رابطة الرحم الموصولة عنده تمنعه من أن يمد إليه يده بالأذى» والمؤكد الثالث - التعبير لالأَفْلّكَ4 فيه أن هذه الجريمة تنفر منها الطبائع السليمة» ولا ترضى بها العقول المستقيمة» وخصوصا إذا كان يريد قتله. وقد أقسم الأول على الفعل فقال #الأْقْتلنّكَ» وردد كلامه فى نية الاعتداء بالفعل أيضا؛ لأن موضوع القول هو ذلك الفعل الذى كان ثمرة للنية الخبيثة من فاعله؛ أما النفى الذى كان من الشاب الطيب» فقد كان عن نفى الوصف» أى أنه لا يقع منه ذلك الفعل» ولا يمكن أن يقع. . وهو القسم المفهوم من اللام الموطثة له في #لأقتلنك» و#لئن بسطت4 أي: أقسم لأقتلنك‎ )١( . أقسم لعن‎ للا تفسير سورة المائدة 1 ال 1111000000[ [1 1[ 1 1 1[ 1[ 111 5#62ظ5ظ تسرب رز ويثير الفقهاء بحثا فى هذا الموضوعء. وهو حول ما قرروه من أن الدفاع عن النفس عند محاولة الجانى للقتل أمر مشروع لا يتجافى مع التقوى» ويقرر الحنفية أن الشخص إذا تأكد أنه مقتول إذا لم يدفع عن نفسه ولو بالقتل» يكون الدفاع واجبا حفظا لنفسه. ويكتفى الأكثرون من الفقهاء بالقول بأن الدفاع يكون مشروعاء ولا يكون لازماء وسواء أكان هذا أم ذاك» فإنه ليس من التقوى أن يقف المجنى عليه مكتوف اليد لا يدافع . وقد أجاب جمهور الفقهاء بأن التقوى فى هذا المقام اختيارية» أى أنه يختار أى الطريقين. فإما أن يدفع الشر وإما أن يكون عبدالله المظلوم» ولا يكون عبد الله الظالم» وليس فى كليهما ما ينافى التقوى» أما الحنفية الذين قالوا: إن الدفاع عن النفس واجب» فقد قالوا: إن السكوت واعتباره من التقوى كان شرع من قبلناء أما شرعنا فهو واضح فى قوله تعالى: 9 . .. فم اعتدئ عليكم فَاعمَدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم . .. 23386 © [البقرة ] ونقول: : إن موقف ولدى آدم خارج عن موضوع الخلاف؛ لأن موضوع الخلاف هو فى دفع الصائل الذى يجىء ليقتل» فإنه يجب دفعه» حتى لا يستشرى شره.ء أما هنا فأخ يهدد أخاه بالقتل» ولو أنه هدده بمثل ما هدده به لدخلا فى ملحمة» ولا يدرى أيهما الغالب» ويكون هذا داخلا فى معنى قوله يَلكّ: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار'» قالوا: هذا القاتل يا رسول اللهء فما بال المقتول» فقال يكِدِ: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه7١)‏ على أن فى الصبر أجرا وقد قال تعالى: ( وإ عاتم فَعَاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولين صبرئم لَهَوَ حَيرٌ للصّابرين +4629 [التحل] فهذه القضية خارجة خروجا تاما عن موضع الخلاف» وخصوصا أن الأمر بين أخوين» لا بين صائل يضرب بالسيف ابتداء من غير فرصة للموازنة والتفكير. لإنَى أَخَاف الله رب الْعَالَمِينَ4 هذه هى الكلمة الثالثة» وهى تنبئ عن الباعث الذى جعله يقف ذلك الموقف السلبى ويتخلى حتى عن الدفاع عن نفسه» والباعث 000( متفق عليه ؟؛ رواه البخاري: الإيمان. ال لمر 2 سب ا عليه هو خوف الله تعالى» وفى ذلك إشعار لآخيه الذى يهم بقتله بأن يقف موقفه الصدور» وهو شهيد على حركات الجوارح والأعضاء والقلوب» لا يخفى عليه شىء فى الأرض» وفى النص الكريم إشارات بيانية» يحسن التنبيه إليها : الأولى ‏ تأكيد خوف الله بذكر (إنَ) المؤكدة للقول. الثانية - ذكر الله تعالى جل جلاله بلفظ الحلالة» للوشعار بأنه هو وحذده» صاحب السلطان على نفسه» ولا سلطان سواه فلا يدفعه غضب أو حب انتقام إلى مخالفة أمره. الثالثة - وصف الله جل جلاله بأنه رب العالمين» أى منشئ الكون ومن قتلها هدم لما بناه الله تعالى» وتخريب فى الأرض» ونشر للفساد. «إنى أريد أن تبوء بإنُمى وَنْمك فَتَكُونَ من أَصْحَاب الثَار وَذَلكَ جَزَاء الظّالمين 3# # تبوء هنا معناها: ترجع ويلازمك الإثم ملازمة من يقيم فى مكان ويبوء إليه » وهنا نتكلم عن معنى (إثمى وإثمك) روى عن ابن عباس أن المعنى إثمى أى إثم قتلى» فهى تشبه إضافة الفعل إلى المفعولء أى الإثم الذى ترتكبه فى شأنى بقتلك إياى» وإثمك الأصلى الذى عوق صدقتك عن أن تقبل » فترتكب إثمين » وتضيف إلى ذنبك الأصلى ذنبا آخر» فلا تكون قد خلعت نفسك من المعاصى» بل أركست نفسك فيهاء وزدتها. وهذا الذى نختاره وهو معنى مستقيم» وروى عن الحسن أن المعنى أن يحمل يوم القيامة ما عسى أن يكون التقى قد ارتكبه من إثمء فوق آثامه الأصلية . 53 7 والزمخشرى يقول فى تفسير هذه الآية: لإنَى أريد أن تبوء يإنُمى وإنّمك» . لإا تفسير سورة المائدة 1 ااا 22521211 اللدل ها 1 97د أن تحتمل إثم قتلى لك لو قتلتك وإثم قتلك لى ثم يقول (المراد بمثل إثمى) وروى ذلك عن مجاهد» وإنى أرى فى هذا تكلفاء والواضح هو ما روى عن ابن عباس رضى الله عنه. وهنا قد يسأل سائل أكان من التقوى أن يريد أن يتحمل غيره الأوزار» ونقول: إن ذلك بيان للنتيجة لامتناعه عن مقاومة أخيهء فهو إذ أراد بإثم نفسه وإثمه. فإن إرادة السبب كأنها إرادة للمسبب. وقد ختم كلامه السمح بتبصير أخيه بالنتيجة النهائية» وهى أن يكون من أصصمحاب النار الملازمين لها الذين لا يخرجون منها يوم القيامة» ثم يبصره بأن ذلك جزاء الظالمين» وأنه فى فعلته التى يهم بفعلهاء يكون ظالما داخلا فى زمرة َفْسَهرقَئْلَ أخيه ما صبح ون أل سس ري رم 0 2 00 سح سس ور ته بحت الله حبأيبَحَتُ ف لض لهْرِيَة يدك يرف رح ل سس سرح ار جح سس سا لس سَوَءَةَ أَحِيد قَالَِموَيْلَيَ أَعَبَرَثُ نون مِمْلَ هد لس وو 0 000 0 احفر ل له .2 هه لعب فَأوارى سَوءَةَ أنى فَأْصبَحَ من اتلد مِينَ خيه 2 الآيات المتلوة استمرار فى بيان قصة ابنى آدم التى ضربها الله تعالى مثلا للشر كيف يستحكم فى النفس وينتصر على نوازع الخير والمحبة فيهاء وإن فيها مغالبة بين الخير والشر بين أخوين» وكان الشر معتدياء والخير مسالما وكان الخير فى قلب الشرير ينازع الشرء حتى انتصر الشر فى قلبه» وقد كان أخوه الخير يرجو هاا تفسبير سيور ة المائدة لش الل 0 1 أن تثور فى قلب أنخيه الشرير نوازع الرحمة والمودة والأخوة الواصلة» ولا تقطعها جفوة الحسد العارضة» وقد قال يلد «إن الله ضرب لكم ابنى آدم مثلاء فخذوا من خيرهما ودعوا الشر)"١‏ . ولقد تمت جريمة الأخ الآثم» ولكن بعد مجاوبات نفسية انتهست بانتصار الشر» ولذلك قال تعالى: «فطَرَعت له نفسه قَثْلَ أخيه فَقَلَه 4 هذا النص الكريم يدل على أمرين أحدهما ‏ أن قابيل الذى قتل أخاه» ولو أنه أكد عَرَمَتَه على الاعتداء بقوله: «لأقتلنك» كانت نفسه يتردد فيها عاملان: الأول عامل الود والرحم الواصلة» والثانى عامل الحسد والضغن» وثانيهما ‏ أن أخاه فيما ساقه من قول كان يريد أن ينمى فى نفسه روح المودة والأخوة لتنتتصر على الأخرى؛ ولذلك ما تحرك لمقاومته» بل تحرك لمراجعته ليثوب إلى نفسه. ومعنى كلمة «طوّعت» قال فيها مفسرو السلف معانى تدل على أن هناك مقاومة فى داخل شعوره قبل أن يقع ذ فى الجريمة » وقد فسر مجاهد «طوعت» شجعت » وفسرها بعض التابعين بسهلت ووسعت» وبعضهم بزينت وحسنت؛ وكلها يشير إلى أنه كانت هناك معركة فى داختل نفسه بين اتير والشرء بين الإقدام على الجريمة» والإحجام عنهاء حتى انتصرت» وقرأ الحسن بدل «طوعت» «طاوعت» وهذه الصيغة تدل على المشاركة» وهو يدل على معنى المقاومة؛ وقد صور السيد رشيد رضا فى تفسير المنار معنى المغالبة فى النفس تصويرا حسنا فقال: «إن هذه الكلمة (طوعت) تدل على تكرار فى حمل الفطرة على طاعة الحسدء الداعى إلى القتل» كتذليل الفرس والبعير الصعب» فهى تمثل لمن يفهمها )١(‏ روى ابن جرير عن الحسن مرْسَّلاًء وعن بكر بن عبد اللَّه مسلا قال الي يكل: دإ الله لس ص مره 8ه هسل مل سس سس عا بي الس هر ار 2 كه هه م ضرب لكم ابي آدَمْ مَثَلاَّء فَحَدوا خيرهمَا ودعوا شَرَهُما» أورده السيوطي في الجامع ج7» صلم ه ١‏ ١و‏ لالاهة). أ لحب" 2 مالل لاا لللاا0ا0ا0ا0اللللل رااان اا ١‏ بي ولد آدم الذى زين له حسده لأخيه قتله» وهو بين إقدام وإحجام يفكر فى كل كلمة من أخيه الحكيم» فيجد فى كل منها صارفا له عن الجريمة» ويدعم ما فى الفطرة من صوارف العقل والقراية» فيكر الحسد من نفسه الأمارة بالسوء على كل الحسد ويجذيه إلى طاعته) . وإن فى النص الكريم إشارة إلى هذه المعانى من حيث الترددء فقد عبر عن المقتول بقوله: #فطوَعت له نفسه قَثْلَ أخيه*. والمعنى: أن الأخوة» والاطمئنان إلى القرابة كانا يعارضان دواعى القتل» وعبر عن الجريمة بقوله فقتله» مما يدل على أن النفس التى حرم الله قتلها من غير جريمة إلا أن يكون قبول الله لقربانه جريمة عند الحاسدين. والنص القرانى مع كل ما سبق فيه إشارة إلى شناعة الجرم فى ذاته من حيث الباعث عليه ومن حيث الصلة بين القاتل والمقتول» ومن حيث ذات الفعل » فإنه أكبر جريمة إنسانية فى هذا الوجودء ولكل هذه المعانى أشار القرآن الكريم بأوجه تعبير » وأدق الألفاظ». وهو سر الإعجازهء وفيه بلاغة الإيجاز مع الوضوح» وإشعاع المعانى بالنور من ثنايا الألفاظ . #فأصبح من الخاسرين4 أى فصار من الخاسرين بعد تلك الجريمة الكبيرة التى تحيط بها الشناعة من كل أطرافهاء والتعبير بأصبح هيأ لها المقام فى الكلام؛ لأن «أصبح» تدل على أنه كان مدركا لما ارتكب عندما أشرق نور الصبحء كأنه وقت الحيرة أو إرادة الارتكاب فى ظلمة من عقله وقلبه» وفى ديجور من الظلام يسبه ظلام الليل» حتى كان الصبح ا منير الذى أراه الأمور على وجههاء وأدرك فى عليه الشرء حتى غلبه» وأركس فى مهاوى الشر سبب ضغن نفسه» وامتلاء قلبه 9 تفسير دنسور: ة المائدة مالل اي لهب يي" بالحسدء وأحس بأنه سر أخخاه الطيب الطاهر العفيف» وأحس بغضب الله تعالى» وذلك هو الخسران المبين» وهكذا صار تمن غلبت عليه شقوته» وامتللآت نفسه بالحسرة على سوء ما فعل . وهنا إشارة بيانية» وهى فى التعبير بقوله تعالى: طفَأصبح من الخاسرين». فإن مؤداه أنه صار فى زمرة الخاسرين الذين كسبوا السيئات وأركست نفوسهم فى مهاوى الخسران» وأصبحواء ولا منجاة لهم» ولا بقاء؛ لأنهم نزلوا إلى قاع الهاوية» بارتكاب أعظم الجرائم بإصرار وتصميم . «فبَعث الله غرابًا يبحت فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه» هذا الكلام يتضمن معانى سبقته» ولم يذكرها القرآن الكريم» لأنها تفهم من المعنى والسياق من غير حاجة إلى الذكرء ولا يدرك المعنى ولا يستقيم إلا بتقديرهاء وذلك أن القاتل بعد أن ارتكب الجريمة» وأحس بالخسارة الشديدة التى نالته» لم يرد أن يترك أخاه تنهشه السباع» أو تنقره جوارح الطيورء ولا أن يترك جسمه ملقى» وألهم بالفطرة أنه لا بد من مداراة جسمه» وسترهء وإبعاده عن الأنظار» لأنه بعد موته صار جسمه كله سوءة يسوء النظر إليهاء ولا تألف الطباع السليمة رؤيته» فالمراد بالسوءة الجسم كله بعد موته؛ لأنه يسوء النظرء وخصوصا بعد أن تتحول حاله ويتعفن» وقد استيقظت الأخوة فى نفسهء بعد أن خبت أمدا ارتكب فيه جريمته . اتجه الأخ القاتل لمواراة جثة أخيه أى سترهاء وقد أراد الله تعالى أن يعلمه ذلك» فبعث غراباء ومعنى بعثه أنه أفهمه أن يفعل ذلك». وقد رأى ذلك الغراب الملهم غرابا آخر ميتاء وأراد أن يستره عن الأنظار» فأخحذ يبحث فى أرض أى يثيرها ويحفرها برجليه» حتى أوجد حفرة تسع الغراب الميت» فوضعه فيهاء فكان هذا إعلاما للقاتل بالطريق التى يوارى بها جثة أخيه. وقد فهم بعض المفسرين من الآية أنه لم يكن ثمة غراب قد مات» أو قتله صاحبه» ولكنه رأى الغراب يبسحث فى الأرض عن شىء من الأشياء ليدفنه؛ لأن هاا تفسير سبور: ة المائدة لل 1 وير 7 من عادة الغربان حفر الأرض لدفن الأشياء» فلما رأى قاتل أخيه الغراب يحفر الأرض اهتدى إلى حفر الحفرة التى ألقى فيها جثة أخيه القتيل. والكثيرون من المفسرين على أن غرابين تناقرا فمات أحدهماء فدفنه الآخر بحفر حفرة فى الأرض. والحق أن الآية الكريمة نصت على أن الغراب قد أخذ يبحث فى الأرض» حتى حفر حفرة» دفن فيها شيئا أو طيرا ميتاء ولم تتعرض لكون المدفون طيرا أو غير طيرء ولا لكون الطير مات بقتل الدافن» أو مات بسبب آخرء والآية الكريمة بينة واضحة المقصد من غير فرض واحد من هذه الفروض بعينه» وما دامت الأخبار التى لا مناص من قبولها لصدقها غير موجودة فليس لنا أن نفرض واحدا من هذه الفروض بعينه» والفرض الواحد الذى يقتضيه بيان الغرض والمغزى هو أن نفرض أن الغراب أخذ يحفر فى الأرض» حتى أتم حفرة وضع فيها شيئاء فعلم القاتل الجهول أن ذلك هو الطريق لدفن أخيه. وأصل كلمة «يبحث) معناها كشف أو دق الأرض أو حفرهاء وقد جاء فى مفردات الراغب اللأصفهانى : «البحث)» الكشف والطلب فيقال بحثت عن الأمرء وبحثت كذاء قال تعالى: طفبَعثْ الله غرابًا يبحت فى الأرض ليرِيَهُ كيف يوارى 4 . وقيل بحثّت الناقة الأرض بأرجلها فى السير إذا شددت الوطء تشبيها بذلك. والمعنى: أن الغراب أخذ يدق بمنقاره مثيرا للأرض» حتى حفر حفرة فيهاء ثم دفن ما شاء أن يدفنه» وأنه دأب فى ذلك وقتا طويلا بدليل التعبير بقوله #يبحث4 بالمضارع بدل الماضى» لأن فى التعبير بالمضارع إشارة إلى حال استمرت لا إلى واقعة وقعت فقطء فالتعبير بالمضارع عن أمر مضى لبيان أن الفعل مكث وقتا وكان مجال استمرار. مامالل 0 فىج-1 وفى كل هذه الأمور التى كانت بعد قتل أخيه ما يثير العبرة» وإذا كان الغراب قد أراه كيف يوارى سوءة أخيهء فإن ضميره قد استيقظ» وأصبح لا يستطيع كيف يوارى سوءة فعله التى فتحت باب القتل والقتال إلى يوم القيامة؛ ولذلك صرح القرآن بأنه اعتراه الندم» ولكن فى غير مندم؛ لأن الجريمة قد وقعتء ولا منجاة منها؛ ولذلك قال سبحانه: قال يا ويلتئ أعجرت أن أكوث مثل هذا الغراب فأُوارى سوءة أخى» . أخذ القاتل تعتريه الحسرة بعد الفعلة التى فعلهاء واكتسب بها ذلك الجرم الشديد البليغ الأثر فى هذا الوجودء وقد كانت حسرته للفعل الذى ارتكبهء للعجز الذى لحقهء ولصغر نفسه أمام الطائرء وهو الذى أبى واستكبر؛ لأآن الله قبل قربان أخيه» ولم يقبل قربانه» وطغى على أخيه وتجبر. مقلوب ياء المتكلم مثل الألف فى قوله تعالى : ١‏ و 0 + # [يوسف ]. والمعنى يا «يا وليتى» أى يا فضيحتى وبليتى أقبلى فهذا وقتك» لآنى قد نزلت بى أسبيابك» وهذا النداء يستعمل للتحسر وإظهار الآلم النفسى » وإن هذه البلية والفضيحة اللتين نزلتا به» ويتحسر منهماء ويناديهماء وهما بين جنبيه انبعثا من قلبه» ومن فعلته التى فعلهاء ومن جهله وغبائه» وعدم التفاته إلى ما يجب عليه بالنسبة لحثمان أخيه الذى كان سببا فى جعله جثة هامدة» بعد أن كان لسانا نقيا وقلبا تقياء وأخا مباركا. وقد صوّر جهله بهذا الاستفهام التقريرى الذى يصور جهله» وغفلته وحسرته» وقد حكاه الله تعالى عنه بقوله: #أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فَأُوَارى سوءة أخى» . والمعنى : أنه يقرر عجزه عن أن يكون مثل هذا الغراب» ولكنه قال ذلك بصيغة الاستفهام للتقرير والتثبيت وللحسرة على ما وقع منهء وللأسى والألم» ولذلك عبر باللفظ «أخى » الذى كان يوجب المودة والمحبة بدل الحسدء وما أدى إليه من قتله.» وشطر لحمهء وهو جزء أبيه» فقال سوءة أخى» وحسرته ليست هاا تفسبير سيور ة المائدة لل 00 ١ الاك‎ 7 يي للعجزء. عن مواراتها التراب وغفلته» ولكن لذلك ولأصل الحريمة بالذات» ولذلك كان التعبير بأخى» وإن هذه أولى درجات الندم» إذ إن أولى الدرجات فيه أن يحس بعظم الجريمة التى ارتكبهاء وأثر الإثم الذى فعلهء فقد فعل ما فعل بعد ترديد الفكرة مرتين» ولكنه ما إن فعل حتى رأى أثر الجريمة ميجسماء وبذلك كانت الحسرة» ثم كان الندم؛ ولذلك قال سبحانه بعد ذلك: #فأصبح من الثادمين» بعد أن رأى جثة أخيه بين يديه وغفل عن أن يواريهاء وأحس البلية التى وقع فيها من رؤية جثمان أخيه الطيب ملقى» وهو عرضة لسباع البهائم وسباع الطير تنهشه ‏ أدرك مقدار الشر الذى ارتكبه» ومن المقررات العلمية أن أول إحساس بهول الجريمة أن يرى المجرم الفريسة التى افترسهاء سواء أكان ذا قربى أم لم يكن ذا قربى» فما بالك إذا كان المقتول لم يرتكب إثماء بل فعل براء ولم يكن منه شر وأذىء بل كان منه عظة وإرشاد. وإن ذوى الخبرة من رجال التحقيق يستخدمون رؤية المقتول سبيلا لاعتراف القاتل» فإنه بممجرد رؤيته تضطرب أعصابه» ويتخلى عنه ثباته وإصراره على الإنكار» وإن لم يصرح بالاعتراف» فإن قرائن الارتكاب تتكون من اضطراب ظاهرء ومن سرعة نبض» ومن اصفرار وجهء وذلك سبيل لأخذ الاعتراقف الصريح» لأن صوت الفطرة المستنكر يستيقظ ويتحرك» ويظهر فى حركات الجوارح» وخلجات اللسان» واضطراب الأعصاب» وسرعة النبض» ولذلك كانت الندامة التى اعترت أول حاسد وأول قاتل» وقد صار من النادمين» أى أنه دخل فى زمرة النادمين» بعد أن كان فى زمرة المترددين الحاقدين الحاسدين الباغين . وإن هذا الندم لا يعد غافرا للذنب» وإن كان أول طريق للتوبة هو الندم على الفعل الذى وقع» كما قال النبى يََيِْة: «التوبة ندم)(21 كما روى الإمام أحمد والإمام البخارى رضى الله عنهماء وإنما كان ذلك الندم ليس من التوبة لأنه 2)708/( «الندم تويةة» رواه أحمد: مسند المكثرين - مسند عبد الله بن مسعود رضى الله عنه‎ )١( وابن ماجه: الزهد- ذكر التوبة (؟5765).‎ الللولللل الل 1ااالللاا0ا0ا040الللللل حو بج سو ]5 يي استجابة لصوت الفطرة» والتوبة المقبولة تكون ابتغاء مرضاة الله تعالى» وتكون فى غير الاعتداء على العباد. وبعدء فإن سبب هذه الجريمة الكبرى التى فتحت باب القتل والقتال هو الحمسدء والحقدء وهما يأكلان القلوب. ويشعلانها بالشرء كما تشبعل النار الحطب» وإن ذلك الحسد كان فى العبادة وقبولهاء وذكر الله تعالى هذا النوع من الحسد ليبين أن الحسد كيفما كان الباعث عليه شر يؤدى إلى أقبح الشرور والآثام» وإذا كانت أول جرية فى البشرية سببها الحسدء فإن ذلك تنبيه إلى أن الباعث على أكثر جرائم هذا الوجود الإنسانى هو الحسد المقيت» فالكفر بالتبيين» وخصوصا نبينا محمدا َه كان سببه الحسد» وأكثر الجرائم بين الآحاد سببها الحسدء والحسد دائما يكون على فضل فى المحسودء وعجز فى الحاسد» وقى الله العاملين شر الحاسدين . 5-4 ذه آم لأصَجمو مز أيه سكا ا النَاسَ جميعًا وَلَقَّرَ 2 ج كرام نهم رَسَلَابا لَك ا درك عه < قر 6 0 جمد يلك لض لتترؤس 2 امه 4 مها جيه وتقراها ج40 [الشمس] . وقال تعالى: وهديتاه التُجدين )4 4 [ البلد ] أى : أودع الله تعالى نفسه العلم بالخير والاتهاه إليه» وأودعها الشر والاتجاه إليه» فمن غلبت عليه نزعة الشر كان من الأشرار» اا تفسبير سور: ة المائدة الالالال نل مطاف االلللاااللاالاللال اا اا اانالاالا لامالا خاااااااااامططخنطل الخال ططاط لالط ط الال ناسللا كاك يي يتجه إليه» وقد أودعه الله سبحانه وتعالى مع ذلك عقلا به يميز الخير من الشرء والطيب من الخبيث» ويعتبر بماضيه وحاضرهء وحاضر غيره وقابله. ولا بد من زواجر اجتماعية تنبه الضال» حتى لا يستمر فى ضلاله» وتوضح له بالعيان عقبى الشرء وثمرة الخير. وهذان أخوان أحدهما غلب عليه الخير» حتى أنه لم يبسط يده ليقتل أخاه. مع أنه رأى بوادر الشرء والثانى غلبه الشر» حتى أنه ليستعديه الحسد على أخيه» فيقتله» ولقد ذكر الله تعالى فى سابق الآيات ما كان من ابنى آدم» ويذكر هنا ما سنه من نظم ليرى فيها النازعون إلى الشر ما يردعهم» فقال تعالى: . «إمن أجل ذلك كَتبنا على ببى إسرائيل أَنَّهُ من قعَلَ نفسا بغيرٍ تتفس» أى من جراء هذه الجناية التى ارتكبها أحد ابنى آدمء ودلالتها على تغلغل الشر فى نفوس بعض الناس» واستعدادهم لأن تكون منهم الجريمة فى كل وقت وحينء كان لابد من رادع زاجر مانع» وهو الععّاب ‏ ف «أجل» هنا معناها جناية» وقد فسرها كذلك اللغويون فى معاجمهمء فذكر ذلك ابن منظور فى لسان العرب» وذكره الأصفهانى فى مفرداته» فقال: والأجل الجناية التى يخاف منها آجلاء فكل أجل جناية» وليس كل جناية أجلاء يقال فعلت كذا من أجله»ء قال تعالى: #من أجل المفسرين» وقد حقق الطبرى الأصل اللغوى واستشهد بقول الشاعر: وأهل ضباء صالح بينهم قد احتربوا فى عاجل أنا آجله7) يعنى بقوله: أنا آجله أى أنا الجا عليهم ذلك والجانى . وقد أشار الأصفهانى إلى معنى جدير بالنظر وترديده» وهو أن الأجل هو الجناية التى يخاف منها آأجلاء أى تكون لها عواقب وخيمة على الأشخاص» أو على الجماعات» أى الجناية التى لا تنتهى مغبتها بوقت وقوعهاء بل يكون لها آثار )١(‏ قد استعمل الشاعر التورية فعبر ب (آجله) في مقابل (عاجل)»: وأراد المعنى البعيد. ا تفسير سورة المائدة 0 2 لآ | ا 2 مؤجلة بعدهاء إن لم تعالج تلك الآثار. وكذلك كانت جريمة أحد ابنى آدم» فإنها جناية قد فتحت باب القتل والقتال إلى يوم القيامة» وهى جناية دلت على مكنون النفس البشرية الذى استتر فيها من غلبة الحق والحسد على بعض النفوس» حتى طغت على كل عناصر الخير فيهاء فهى جناية آجلها وخيم كحاضرهاء ولذلك قال النبى يَكِهِ: «لا تقتل نفس ظلماء إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمهاء لأنه كان أول من سن القتل)20 . و(من) هنا للسببية» أى سبب هذه المناية كان ما شرعه الله تعالى من شريعة القصاص الخالدة الباقية لدفع الشر إلى يوم القيامة» وعبر عن السببية ب المن»)» لبيان الابتداء فى الحكم» فمع كون من أجل ذلك دالة على السببية وتشير إلى ابتداء الحكم» وأنه مقترن بما وقع من جريمة كان لها آجل هو شر إن لم تقمع النفوس وتردع الأهواء المتغلبة الطاغية. وهنا معان بيانية تجب الإشارة إليها: أولها ‏ فى الكلمة السامية «كتبنا»» فانها تدل على تقرير العقاب» وتسجيله حتى لا يقبل المحوء فإن الواجب الذى يكتب يكون مسجلا على القراطيس» ويبقى أثر الكتابة باقيا غير قابل للنسيان: وفيها إضافة الفرضية والكتابة إلى الله تعالت قدرته» وجل جلاله» وتقدست ذاتهء وفى ذلك إشارة إلى عظمة المكتوب المفروض» وهو شريعة القصاص فهى شريعة عظيمة تمد المجتمع بحياة هادئة مطمئنة» إذ تحميه من أوضاره أن تتغلغل فى كيانه ومن شراره من أن يتحكموا فى خخياره . ره عي فس )١(‏ عن عبد الله (أي ابن مسعود) ري اللَّهُ عله قَالَ: َال رسو الله وك: «لا قل نفس" ظْلْمًا إلا كَانَ على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنّه أو مَنْ سن الْقَدْلَ». متفق عليه؛ رواه البخاري: أحاديث الأنبياء - خلق آدم صلوات الله عليه وذريته (5””*)» ومسلم: القسامة والمحاربين والديات والقتل- بيان إثم من سن القتل (//151). إلا تفسبير سور ة المائدة ١١‏ ااااااااااااااًاااا ااا اااااااااااالااانا لط اناا للاااالل اللا انان خط الاالنااالاللااااانا ااا ااال ااا االلللاللااااطططلططططط ةفللا ١ اك‎ > يي انيها ‏ أن الله تعالى خص بنى إسرائيل بالذكر مع أن القصاص شريعة عامة لم يخل منها دين من الأديان السماوية بل لم تخل منه شريعة وضعية على انحراف فى تطبيقه. أو إهمال فى العدالة فيه» والنفوس التى انحرفت عنه فى الأيام الأخيرة قد غلب عليها هواهاء فغلبت عليها شقوتهاء وعرّضت الجماعات فيها لأعظم المخاطر من عدوان الأشرار. فلماذا خص الله تعالى بنى إسرائيل بالذكر مع أنه مفروض قبلهم» ومفروض بعدهمء والجواب عن ذلك نتلمسه» ولا نجد نصا يدل عليهء ونقول فى ذلك والله أعلم بمراده: إن التوراة فيما بقى منها هى الكتاب الذى اقترن هو والإنجيل بالقرآن زمنياء فالقرآن جاء مهيمنا عليهاء ومصدقا للصادق منهماء فذكر بنى إسرائيل دليل على أنه مفروض علينا بحكم الاقتران الزمنى» وبحكم أن هذا المبدأ الخالد قرره القرآن» وجدده فى مثل قوله تعالى: ظ وَكتبنا عَليهِم فيها أن التنفس بالئفس والْعين بالْعين والأنف بالأنف والأَذْنَ بالأذن والسن بالسن والْجروح قصاص ٠.٠.‏ م 4 [المائدة ] وفوق ذلك ما يزال هذا المبدأ باقيا فى التوراة ولم يندثر فيهاء مع أنهم حرفوا ما حرفواء والأنبياء الذين سبقوا يعقوب» وليست كتبهم قائمة فى أيدى الناس فى عصر التنزيل» كما بقيت التوراة مع تحريفهم فيها الكلم عن مواضعه ‏ وكانت شريعة القصاص باقية بعد هذا التحريف. ثم إن بنى إسرائيل قد كتبت عليهم شريعة القصاص كما كتبت على غيرهم من قبلهم ومن بعدهمء ومع ذلك هم أشد الناس إسرافا فى قتل الأبرياء والأطهارء وما أشبههم فى قتلهم أنبياءهم ودعاة الحق بقابيل الذى قتل أخاه هابيل» فهو قتله لما ظهر فيه من خير» وهم قد قتلوا أنبياءهم» لأنهم دعوهم إلى الخير . ثالثا ‏ أن الله تعالى عندما بين شريعة القصاص» قد ذكر الباعث عليهاء وحكمتهاء وما يؤدى إليه تنفيذهاء واكتفى ببيان ذلك مكتفيا بما فصلته شرائع النبيين فيهاء وما أتت به من بينات؛ ولذلك قال تعالى: ها تفسير سور ة المائدة اللا ل ات ههه < 7 أنه من قعَلَ نفسا بغيْرٍ نفس أَو فساد فى الأرضٍ َكَأنَمَا قعل النّاس جميعا ومن أَحَاهَا فَكَأنَمَا أَحًْا الّاس جميعا 4 هذا هو ما كتبه الله تعالى» وهو أن من قل نفسا بغير حق شرعى مبيح لهاء فكأنما قتل الناس جميعاء ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاء وقد بين القرآن الكريم متى يكون القتل بغير حق مشيرا بإيجازه المعجز إلى القتل بحق» فبين أن القتل بغير حق» هو ألا يكون فى نظير نفس» فالقنل قصاصا لا يكون إلا بالحق ولكن بعد أن يقرر القضاء أنه يجب القصاص» أو يمكدّن ولى الدم من القصاصء وكذلك القتل لمنع الفساد فى الأرض» كقتل الذين يعتدون على الجماعات المؤمنة» ويرهقونهم فى تدينهم» أو من يرتدون ليفسدوا عقائد المؤمنين» أو الزنادقة الذين يفسدون العقائد» أو أهل الدعارة والفساد من أهل الحرابة الذين يخرجون على الجماعات ويحاربون النظم التى قررها الشرع الشريف. وهكذاء فإذا كان القتل لغير هذين الأمرين» فهو قتل بغير حق» ومن فعل ذلك فكأنما قتل الناس جميعا. ولقد تكلم العلماء فى معنى هذا التشبيه» وكيف يكون قتل الواحد بغير حق مشابها لقتل الناس أجمعين» قال بعض العلماء: إن المراد نفس الإمام العادل؛ وذلك لأن قتل الإمام العادل الاعتداء فيه ليس على شخصه وحدهء ولكن على كل من يسعدون بحكمه ويظلهم عدله» فمن قتله فكأنه قتلهم» إذ يصير أمرهم بورا من بعده» وتضطرب أحوالهم» وذلك قتل للجماعة؛ لأن تفريق الجماعة وحل رباطها هو موت لهاء. ومع سلامة ذلك التفكيرء فإن قصر القتل المفسد على قتل الإمام لا دليل عليه؛ ولذلك كان الأولى التعميم بدل التخصيص والإطلاق بدل التقييد» إذ لا دليل من مخصص أو مقيدء فالأولى هو تفسيرها بالعموم» ويبقى مع ذلك التشبيه سليماء لا شبهة فيه» ووجه الشبه الذى جعل قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعا يكون من نواح: الأولى - أن من قتل نفسا فقد استباح حق الحياة المصون المحترم الذى حماه الإسلام» ومن استباحه فى نفس واحدة فقد استباحه فى نفوس الناس جميعاء ٠.‏ دم ها تفسير سورة المائدة [الالاتااا لكلل انللكاا] ا للل الل لالااااااا كال كط امللاالناااااااااااالطا ةنال تاماخلا للات خط طقال اناالا لكالا التلللا ١ ااا‎ 7 وقد أشار إلى هذا المعنى ابن كثير» فقال فى تفسيره للقرآن العظيم: من قتل نفسا واحدة بغير سبب من قصاص أو فساد فى اللأرض واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية» فكأنما قتل الناس جميعا... وعن أبى هريرة قال: (دخلت على عثمان يوم الدارء» فقلت: جئت لأنصرك» وقد طاب الضرب يا أمير المؤمنين» فقال: يا أبا هريرة» أيسرك أن تقتل الناس جميعاء وإياى معهم؟ قلت: لاءقال: فإنك إن قتلت رجلا واحدا فكأنما قتلت الناس جميعاء فانصرف مأذونا لك مأجوراء غير مأزور»ء قال فانصرفت ولم أقاتل). وروى عن سعيد بن جبير أنه قال: من استحل دم امرئ فكأنما استحل دم الناس جميعاء ومن حرم دم امرئ» فكأنما حرم دماء الناس جميعا. الثانية ‏ أن وزر من قتل نفسا واحدة» كوزر من قتل ألفا. الثالثة - أن عقاب قتل نفس كعقاب قتل الأنفس» وهو فى الدنيا بالقصاص العادل» وفى الآخرة بعذاب جهنم» كما قال تعالى: ومن يقل مؤمنًا متعمّدا فجزاؤه جهنم خَالدا فيها وعضب الله عليه ولعته وعد لَه عذابا عظيما 27+ 4 [النساء] وإذ ١‏ كان قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعاء فإحياؤها كإحياء الناس جميعا؛ ولذا قال سبحانه: #ومن أحياها فَكَأَنَما أحيا الناس جميعًا4 . فى هذا النص السامى نتكلم عن أمرين: أولهما ‏ معنى إحياء النفس» وثانيهما - معنى تشبيه من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا. أما الجزء الأول وهو معنى الإحياءء فقد ذكر العلماء له معانى كثيرة» منها أن إحياءها بمعنى تحريم قتلها على نفسهء والامتناع عن انتهاك حرماتهاء ولكن ذلك أقرب إلى المعنى السلبى» اللهم إلا أنه يقال: إنه كب نفسه عن ذلك الفعل الأثيم عندما تساوره قوة الشر دافعة خاملة له فإن الكف حيئئذ ليس عملا سلبياء بل هو عمل إيجابى» ومنها أن معناها: من أنقذ إنسانا كان مشرفا على الهلاك فى حرق أو غرق» أو مصاولة إنسان أو حيوان» فإن ذلك إحياء له» ولكن مع سلامة هذين المعنيين لا يمكن أن يكون تشبيه من يفعل ذلك سلبا أو إيجابا بإحياء الناس جميعا واضحاء بها تفسير سورة المائدة ااا ااا ااالالل 111 الئل اناالا الالالال اللنااالالا الل ااال تالللااااا الل لالط لالططكال ااال ل كاملل اللخ نمالل مساو 4ك لكك لي لأنه إحياء لفرد» اللهم إلا أن يقال إن مجرد حماية حق: الحياة أو احترامه فى فرد ومعاونته على دفع شرور البغاة» والخارجين عليه وإن ذلك سير على أن قتل والحق الذى نراه أن المراد بإحياء النفس » هو بالتمكين من القصاص؛ لأآن الله تعالى قال: ‏ ولكم في القصاص حياة . . . +4529 4 [ البقرة ] . ذكر ذلك الرأى فقال: (وقيل المراد» ومن أعان على استيفاء القصاص فكأنما ... إلخ30 . وبهذا يتبين بوضوح الآمر الثانى» وهو أن من أحيا نفسا قد قتلت بالتمكين من القصاص لها فقد أحيا نفوس الناس جميعاء بأن يوجد الردع العام عن القتل تعالى: <إ ولكم في القصاص حياة يا أولى الأَلبَاب ... 29 4 [ البقرة] . «ولقد جاءتهم رسلا بالْبيتّات» يخبر الله سبحانه وتعالى أن الله تعالى أرسل الرسل لبنى إسرائيل يبينون لهم الحقائق التى يقوم عليها بناء المجتمع السليم الذى تحمى فيه الدماء والأعراض» والفضيلة الإنسانية» والتى تشتمل على ما كتبه الله تعالى من أجل اعتداء أحد ابنى آدم على أخصيه من غير ظلم وقع منه ولا باعث )١(‏ قال الآلوسي (ج7: ص7١١):‏ «#ومن أحيّاها» أي تسبب لبقاء نفس واحدة موصوقة بعدم ما ذكر من القتل والفساد إما بنهى قاتلها عن قتلها. أو استنقاذها من سائر أسباب الهلكة بوجه من الوجوه #فَكَانّمَا أحيًا النّاسَ جميعًا#» وقيل: المراد ومن أعان على استيفاء القصاص فكأئا ل تفسير سورة المائدة 14 اننا 1111111 اناا ااا ااا ا للاتااخمانمملااالاااا نطلل اللااااللطلامخم خملل الططنانالم طخل لل ل لط لاال ااا الاخطسطسطسطسطسط شاللا لبجل بط يي" وقد ذكر سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات» وهى الشرائع البينة الواضحة التى تحمل فى نفسها دليل صلاحهاء وتوضح غاياتها ومراميهاء ومعها الدليل القاطع المثبت لصحة الرسالة من معجزات باهرة» وخوارق صارخة» وقد أكد سبحانه بعث هؤلاء الرسل وسلامة ما يدعون إليه بمؤكدات ثلاثة: أولها ‏ باللام وقدء إذ قال: #ولقد جاءتهم رسلتا4. وقد مؤكدة للخبرء واللام مؤكدة لما بعدها. ثانيها ‏ بالتعبير بأن الرسل جاءتهم » أى لاصقوهم وصاروا قريبين منهم يخاطبونهم ويحاجونهم ويبينون لهم» ولا يدعون أمرا فيه التباس إلا أزالوا لبسه» ومنعوا الاشتباه عليهم . وثالثها ‏ أنه سبحانه أضاف الإرسال إلى ذاته العلياء وفى ذلك بيان قدسية الرسالة» وفوق ذلك هى فى ذاتها فيها حقائق واضحات منيرة للحق فى ذاتهاء فلها بذلك شرفان: شرف ذاتى من حقائقهاء وشرف إضافى من متزلها. ولكن الآيات والنذر إنما تغنى من يذعنون للحق ويؤمنون» والبينات مهما تكن نيّرة لا يدرك نورها إلا ذو البصيرة المستنيرة» وليس بنو إسرائيل من هذا الصنف ؛ ولذا قال سبحانه : «ثم إن كيرا منهم بعد ذلك فى الأرض لَمِسْرِفُونَ» كان العطف ب (ثم» للإشارة إلى بعد ما بين السينات الواضحات التى جاءت بها الرسل» ونتيجتها فى قلوبهم» فهى فى ذاتها أمر بين ولكن نتيجتها لم تكن كحقيقتها طيبة مثمرة فى قلوبهمء بل كانت كالبذر الطيب يلقى فى أرض سبخة لينبت قليلاء ويخرج حبطا(١2‏ فى أكثرهاء ولم يحكم سبحانه على اليهود جميعهم جميعهم بأنهم كانوا جميعا مفسدين» بل حكم على كثير منهم ذلك الحكمء » كما قال تعالى: # . .. منهم مُقعَصِدةٌ وكثير مَنْهِم ساء ما يعْملُونَ +27 4 [المائدة] . 4 لمم لق )١(‏ الأرض السّبخة: أي ذات ملح ونزٌ (البور). والخحبّط : أن تأكل الماشية فتكثر حتى تنتفخ بطونها ولا يخرج عنها ما فيها. الصحاح. تفسير سورة المائدة سس 49 0 لبور 7 وقد وصف سبحانه وتعالى كثيرا منهم بأنهم مسرفون» أى مفسدون, لأنهم قتلوا المخلصين» وعصوا أوامر الله» وعاثوا فى الأأرض فساداء ونشروا الشر فى العالم. حتى إنك لا تجد فسادا إلا إذا كانوا مصدرهء فهم الذين نشروا الربا والمجون والعبث والخمورء وكل ما هو شر فى الأرض» والإسراف: هو الفساد مأخوذ من السرفة» وهى: الدودة التى تأكل الشجرء والإسراف حتى فيما أصله خير يقلبه إلى شر وفسادء وقد أكد الله تعالى إسراف اليهود فى الشر ب (إن) وباللام فى قوله: ١لمسرفون»»‏ وبالجملة الاسمية.. وقى الله المسلمين شرهم» وألبسهم لباس الذل والخوف إلى يوم القيامة» وهدانا جميعا للخير» إنه الهادى إلى قصد السبيل . كه 2 آل 00 بع ب جرازو د عل عو سه صم يهب دسا »2 هر يو كع سا ساح سا 2 ا لذبن يحا ريون الله ورسوله,وسعون ١‏ لارضٍ خا سج 001 2 ده ع ري رك سه فسادا أن يمتَلوأ أويصكايوَا أوَتفْطء أَيَدِ يهم 5665 وتعالى بسبب ما استكن فى النفوس من نوازع الشر والخير» وأن بعض النفوس يغلب الشر عليهاء فتضلب عليها الشقوة وأنها لا بد لها من زاجر يزجرهاء ورادع يردعهاء فتقرر القصاص الذى تكون فيه حياة الجحماعة» والأأمن من شرور أهل ىآ 0 كذدم ها تفسير سورة المائدة 0 ١1 ااا‎ ١: ى-_ الفساد الذين غلب عليهم الشرء وبين سبحانه أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأأرض فكاأنما قتل الناس جميعاء وأن من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاء وأن صور الفساد الذى يبيح الدم صونا للجماعة». وحفظا للحياة الهادئة المطمئنة - كثيرة» ولكن أبلغها فى الفسادء وأبعدها فى الشر مدى هو الانتقاض على الجماعة بارتكاب جرائم القتل والعدوان» من غير تأويل» والسرقة» والاتفاق الجنائى على ذلك؛ ولذلك ابتدأ بهذا سبحانه فقال تعالى: طإِنّمَا جزاء الْذِين يحاربون الله ورسوله 4 هذا النص الكريم يبين جريمة كبيرة هى جماع لعدة جرائم» وهى جريمة الذين يحاربون النظام القائم ويخرجون جماعات ذات قوة وشكيمة ويرتكبون جرائم القتل والنهب والسرقة» لا فى خفية بل فى إعلان» معتصمين بقوة مانعة لهم» وقد اتفقوا جميعا على ارتكاب القتل والسرقة وتهديد الآمنين. وجريمة هؤلاء أقوى من جريمة القتل المجرد؛ لأن جريمة القتل المجردء ليست فى ذاتها تهديدا للأمن» وإن كان إهمال عقوبتها يؤدى إلى تهديد الأمن. أما هذه فإنها تهديد مباشر للأمن» فالأولى اعتداء ابتداء على الأفرادء أما هذه فهى اعتداء ابتداء على الجماعة» لأنها تترصد السابلة فى الطريق» فتقطع عليهم السبيل . وقبل أن نخوض فى بيان هذه الجرائم» وكلام الفقهاءء وأهل الخبرة فى معناهاء ونذكر عقوبتها فى ظل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ) نتكلم فى معانى الألفاظء ونتكلم على ثلاث عبارات. . أولها ‏ فى قوله تعالى: #إِنّمَا جزاء الّذين4 فقد كان التعبير ب «إنماك» وهى من أوائل أدوات القصر والتخصيصء وذكر هذه الكلمات فى مقام بيان العقاب الذى سارع ببيانه سبحانه هو لتأكيد العقاب» ولبيان أنه عقاب لا هوادة فيه» وأنه لا يحل محل ذلك العقاب غيره من دية أو مال» ولا يدخله عفوء لآنه حد من حدود الله تعالى» بل هو أعظم الحدودء لأن جريمته أشد الجرائم خطراء إذ هى ها تفسير سورة المائدة 0 14م حر اا مقوضة لبئيان الجماعة» وهادمة للأمن» وكان معنى التخصيص واضحاء إذ هى عقوبة ليس لها بديل من سواهاء أى لا جزاء للجريمة ولا كفاء لها إلا ذلك العقاب. العبارة الثانية ‏ هى قوله تعالى: إيحاربون الله ورسَولّه4. ومعناها: يحاربون شرع الله ورسوله بالانتقاض على أحكامهء ومقاومة الحكام الذين يقومون على حفظ الأمن» ويقاومون الجرائم» ويكون المؤدى أن الله سبحانه وتعالى ليعتبر كل من يهدد أمن الجماعة» ويعتدى عليها بالقتل والسرقة والنهب» ويمنع السابلة محاربا لله تعالى ولرسوله. لأنه يشيع الجرائم» ويناصب أحكام الشرع ومن يقومون على تنفيذه وأنهم يقومون بكل الجرائم مجتمعين متفقين» فيكون لهم صولة تعطيهم وصف المحاربين» وكان التعبير بمحاربة الله ورسوله من نوع المجاز؛ لأن الذى يقوم بالسلب والنهب وقتل السابلة يؤدى عمله إلى نقض النظام والاطمئنان» فهو إن لم يقصد بفعله المحاربة هو يؤدى إليهاء أو يقال إن ذات الفعل محاربة» فلا يكون مجازاء لقول النبى كَكلْة: «من حارب مسلما على ماله فهو معاد لأولياء الله تعالى محارب لله». والعبارة الثالثة- #ويسعون فى الأرض فَسادا4. السعى: هو الحركة السريعة المستمرة» وقوله تعالى: لفسادا». هو من قبيل التمييزء أى أن سعيهم لأجل الفساد لا لأجل الخير» وفى ذلك الكلام إبهام بعده بيان» فيكون فيه تأكيد فى البيان» فذكر السعى مبهما ثم بين بأنه من نوع الفساد لا من نوع الخير. وإن أولئنك الذين يحاربون النظام» وعقوبتهم التى ذكرها الله سبحانه وتعالى بقوله تعالت كلماته: أن يقلو أو يصلْبُوا4. إلى آخر الآية الكريمة ‏ هم الذين يعبر عنهم فى الفقه بقطّاع الطريق» ويسمى فعلهم قطع الطريق» ويسمى الحرابة» وَيعَنوَنَ له بذلك فى الفقة الإسلامى» والعقوبة المذكورة فى النص الكريم خاصة بهم. 1 ها تفسير سورة المائدة لل 000 كج وقد التبس - على بعض من لا دراية له بأحكام العقوبات فى الفقة الإسلامى - هؤلاء بالبغاة» والتبس على بعض آخر أمر هؤلاء بأمر الخوارج , والواقع أن الذين ينقفضون النظام أقسام ثلاثة متمايزة متغايرة» فالبغاة: هم الخارجون ذوو القوة والمنعة الذين يخرجون على الإمام العادل بتأويل» أى بوجه مسوغ لهم الخروج»ء كأولئك البغاة الذين خرجوا على الإمام على كرم الله وجهه» والذين وصفهم النبى يليد بقوله لعمار بن ياسر رضى الله عنه: «تقتلك الفئة الباغية»(١2‏ وهذه ه تقاتل حتى تسلم» كما قال تعالى: ف[ . . فََاُوا الى تبغى حت تفىء إلى مر الله فإن فاءت فأصلحوا بِينَهمًا بالْعَدّل وأفْسطوا إن اللّهَ يحب المقسطين 42 4 [الحجرات] . وهؤّلاء البغاة للا يستبيحون من اللأموال والدماء إلا معسكر السلطان» إِذ هم لا يحاربون غيره» ويحسبون أنهم يحسنون صنعا. يعتبرونهم مش ركين » وهؤلاء يعاملون معاملة البغاة) يقاتلون حتى يفيئوا فإذا كانت الفيئة فاللإصلاح والقسطء ورد القضب إلى أجفانها . 8 وقطاع الطريق» أو أهل الحرابة: وهؤلاء مجرمون يخرجون لارتكاب جرائم السلب والنهب والقتل» وسائر الموبقات» بلا تأويل يتأولونه» ولا تفسير يفسرون» بل يرتكيون ما يرتكيون إثما وعدوانا مقصوداء ولا يقصدون إلا العدوان» كالعصابات الإجرامية التى نراها معتصمة فى بعض الجبال أو الكهوف» وكالعصابات التى تزعج الآمنين بقوة إرهابية. فهى إذن أقسام متمايزة متغايرة» وما لأحد من بعد أن يخلطء. فيجعل حكم واحدة لأأخرى» ولا وصف واحدة لأخرى. (1) رواه مسلم: الفتن 0 0 الساعة حتى يمر الرجل بقير الرجل )59١5(‏ عن أم 9ه تفسير سورة المائدة الل 05 حب أ إن النص الكريم ينطبق كل الانطباق على الذين يخرجون بقوة» ويقطعون على السابلة الطريق وتكون لديهم القدرة على المنع» ولا يكون للمعتدى عليه من يحميه من خطرهم ما داموا قد تعرضوا فى طريقه» فهم حينئذ يعدون قطاع طريق» ويعد عملهم حرابة» ولكن اختلف الفقهاء من بعد ذلك فى أمور أربعة من حيث انطباق النص القرآنى. . . هذه الأمور الأربعة» هى: الأول- المكان الذين يعدون باتخاذه مقاما لهم قطاع طريق» والثانى ‏ فى طريقة إجرامهم» والثالث ‏ فى عددهم وقوتهم. والرابع ‏ فى الجرائم التى اتفقوا على ارتكابهاء أو اعتزموا ارتكابهاء أهى القتل والسلب فقط أم تشمل كل المعاصى كالزنى» وشرب الخمر» وتناول ما يشبهها وغير ذلك. أولا- المكان الذى يتخذه قطاع الطريق. فإنه يجب أن يكون فى داخل الدولة الإسلامية لأنهم من رعاياهاء ولأن قطع الطريق على جماعة المسلمين من غير المسلمين هو الحرب الحقيقية» وليس هو الحرابة التى تتلاقى معها فى الاشتقاق؛ وتختلف عنها فى حقيقتهاء فإن الحرب قد اختصت بمدافعة الأعداء من خارجهاء أما هذه فقد اختصت بمحاربة الفساد فى داخلهاء والحرابة بهذا المعنى: الخروج على المارة لأخذ المال على سبيل المغالبة» ولو بالقتل على وجه يمئع المرور» ويقطع الطريق سواء أكان القطع بسلاح أم بغيره مثل العصا والحجر والنشب ونحوهاء لأن قطع الطريق يكون بكل ذلك. واختلف الفقهاء فى المكان الذى يتحقق به هذا أيمكن أن يكون فى داخل المدينة أو القرية أم لا يتصور إلا فى خارج الأمصار كالصحارى والجحبال» والبرارى من المزارع الشاسعة», لقد قال أبو حنيفة: إن قطع الطريق لا يتصور فى داخل المصرء إذ يمكن الإغاثة عند الاستغاثة» ويد السلطان مبسوطة فى داخل الآمصار والقرى. ومالك والظاهرية لا يشترطون لقطع الطريق مكانا معيناء فحيث تتحقق إخافة المارة فهى حرابة لا فرق بين أن يكون ذلك فى الفيافى والقفارء أو فى ا تفسير سيور ة المائدة 2123*021 1 يجبي تي القرى والأمصارء فحيث لا يأمن السابلة الطريق» ولا يجدون من يسعفهم بدفع الشر عنهم فإن الحرابة تتحقق . وهناك رأى ثالث» وهو أن الأمصار والقرى تصلح مكانا لقطاع الطريق ليلاء ولا يصلح نهارا إلا الصحارى والحق الذى نراه متفقا مع مرمى النص الكريم وغايته أنه حيث تحقق الوصف» وهو محاربة الله ورسوله بمحاربة الآمنين وحيث كانت القوة» وحيث كان سلطان الشرء فإن الحرابة تتحقق» وأننا نراها عيانا بيانا فى مدن أمريكا وأوربا فالعصابات المخربة التى تحارب الأمن هنالك» وتغير على الآمنين تتخذ أوكارها فى وسط الأمصارء وإن خفيت عن الأنظار. وننتقل بعد ذلك إلى الأمر الثانى: وهو عددهم ونوعهمء وإنا نقول: إن الذى عليه كثرة الفمقهاء أن العبرة فى الأمر هو فى قوة الإخافة لا فى مقدار عدد المنفذين» ولا فى نوعهم أهم ذكور أم إناث» فلو أن واحدا استقر فى كهفء ومعه سلاح مدمرء وكل من يمر من الضعفاء» أو من لا حول لهم ولا سلاح استلب ماله أو نفسه فإنه يعد قاطع طريق» ولو أن جمعا فيهم ذكور وإناث تعاونوا على الإثم والعدوان وقطعوا الطريق على الآمنين وقاموا بالاستلاب غير مراعين حرمة مال» ولا عصمة دم» فإنهم قطاع طريق محاربون. ثالثا- طريقة الإجرام أتكون بالمجاهرة والعصيان أم تكون ولو بالاختفاء قال جمهور الفقهاء: إنه لا بد من المجاهرة بالعصيان» والظهور علناء حتى يتحقق معنى الحرابة» وحتى يتحقق معنى التسليم» وقال مالك: إنه تصح المحاربة بالاختفاءء كالاتفاق على القتل غيلة» والاستيلاء على الأموال بالهجوم على مكامنها خفية كالعصابات التى نسمع عنهاء ويراها شبابنا على شاشة الخيالة (السينما)» والإذاعة المرئية (التليفزيون)» وقد حرر القرطبى فى تفسيره رأى الإمام مالك» فقال: «والذى نختاره أن الحرابة عامة فى المصر والقفر» وإن كان بعضها أفحش من بعض» ولكن اسم الحرابة يتناولهاء ومعناها موجود فيهاء ولو خرج بعصا فى المصر يقتل بالسيف» ويؤخذ فيه بأشد ذلك» لا بأيسره؛ فإنه سلب ل تفسير سورة المائدة . ل 14 لحب اد غيلة» وقتل الغيلة أقبح من قتل المجاهرة» ولذلك دخل العفو فى فعل المجاهرة» ولم يدخل فى قتل الغيلة» . وإن الذى نميل إليه هو مذهب مالك بلا ريب» لأن معنى المحاربة» وهو إزعاج الآمنين ثابت فى الاختفاءء بل هو أمكن» كما هو ثابت فى المجاهرة» بل أشد وأحكم. رابعا- بالنسبة لجرائم المحاربة أهى مقصورة على الاعتداء على الأموال والأنفس؟ قال جمهور الفقهاء ذلك» وقال مالك رضى الله عنه» كل اتفاق على ارتكاب المعاصى يعد من قبيل الحرابة» فالاتفاق على الزنى أو فتح بيوت له يعد من الحرابة» ويستحق عقابهاء والله سبحانه وتعالى أعلم. وقبل أن نترك الكلام فى الجريمة لا بد من الإشارة إلى أمرين: أولهما - أنه لا بد فى اعتبار هذا الفعل جريمة أن يكون القاكئمون به مكلفين تكليفا شرعيا بآن يكونوا بالغين عقلاء» لآن الفعل لا يوصف بأنه جريمة أو معصية إلا إذا كان الفاعل مكلفا تكليفا شرعياء فإذا قام بالعمل صغار لا يعدون قطاع طريق» وإذا كانوا مميزين» فإنهم يؤدبون» أو يعزرون على أن يكون تعزيرهم تأديباء ولا يكون عقابا على ما هو مقرر فى باب التعزير» وإذا كانوا مجانين» فإنهم يحجزون فى المصاح أو نحوهاء ولا يعزرون» لأن عقابهم يكون تعذيباء إذ لا تبعة يتحملونهاء ولا يصلحون للتأديب لفقد عقولهم. انيهما - أيعدون محاربين» ولو لم يرتكبوا جريمة من جرائم قطع الطريق» فلم يسرقواء ولم يقتلواء ولكن اتخذوا مكانا قصيا لكى يرتكبوا الجرائم متفقين على الفعل» وقصدوا الفعل» ولم يفعلواء إما لأنهم لا يبدأواء وإما لأن الآحوال لم تواتهم. وبذلك يكون مجرد الاتفاق والأهبة للتنفيذ يعد جريمة فى ذاته؟ الظاهر من أقوال الفقهاء ذلك» وسيتبين» وبذلك يكون الاتفاق الجنائى فى الشريعة له مكانه من العقاب. ا تفسير سورة المائدة 0 لل 000 > ا والآن تتصدى لبيان العقاب الذى ذكره الله سبحانه وتعالى» فقد قال سبحانه : «أن يقتَلُوا أو يصلَبوا أو تقطّع أيديهم وأَرجلهم من خلاف أو ينقوا من الأرْض» هذه عقوبات أربع قد ذكرت كلها معطوفة بأو التى تفيد التخيير فى الحملة» ولتتكلم فى كل واحد منها بتفسير معناه اللغوى: التقتيل هو القتل» ولكنه ذكر بصيغة التضعيف», وهى تدل على الشدة فى القتل» وذلك بعدم التجاوز عن الذين ارتكبوا ما يوجبه» وتفيد التكرار» أى أنه يقتل من يرتكبونها مهما يكن عددهمء فمن استحق القتل قتل ولو كانوا مائة قد قتلوا واحداء ولأن التضعيف يفيد الاستمرار فى التقتيل ما داموا قد استمروا فى الجريمة» فكلما كان منهم قتل قتلواء ولإثبات أنه لا يقتل المقتول فقطء بل يقتل هو ومن يعاونه» ومن اتفق معه على جريمة من غير تفرقة بين مباشر» ومحرض وراض قد اتفق معهم على جريمة الخنروج» و«التصليب» الصلب على مكان مرتفع يرى بعد القتل» وصيغة التضعيف تفيد التشديد فى العقوبة» وإثبات أنه لا هوادة فيهاء ولا مناص منهاء وتكرارهاء واستمرارهاء ويصلب الشخص ثلاثة أيام عبرة وردعاء وتقطيع الأيدى والأرجل من خلاف معناه أن لا تكون اليد والرجل المقطوعتان من جانب واحدء بل تكونان من جانبين مختلفين» فإذا قطعت اليد اليمنى تقطع الرجل اليسرى» فمعنى من خلاف» أى من جانب خلاف الجانب الآخرء ومعنى قوله تعالى: #أو ينفوا من الأرض4. قال بعض الفقهاء: المراد نفيهم من الأرض التى اتفقوا فيها على الإجرام إلى أرض أخرىء ليتفرقواء ولا يجتمعوا على ذلك الشر الذى ارتكبوه أو هموا بارتكابه» وفسر الإمام أبو حنيفة النفى بالحبس؛ لأن فيه إبعادا وتفريقاء وهو أمنع لتجمعهم» وأوغل فى تفرقهم. ذلك هو عقاب الدنياء أما عقاب الآخرة» فهو العذاب العظيم؛ ولذلك قال تعالى : طذَلِك لهم خرى فى الدنيًا ولهم فى الآخرة عذَّاب عظيم4 . الل 2 تحب ل أى أن ذلك العقاب الرادع الزاجر فيه كسر شوكتهمء وإذلالهم وقهرهمء وهو بذلك خزى لهمء إذ إنه كشف جريمتهم» وأذلهم وأخزاهم» وجعلهم عبرة لغيرهم» وأى خزى أشد من أن يرو مقطوعين من خلاف» أو يراهم الناس مصلوبين» أو يحبسواء أو يبعدوا فى أقاصى الأرض فهو خزى نالهم» وفيه عبرة هذا هو عقاب الدنياء أما عقاب الآخرة» فهو عذاب عظيم» شديد» عظيم فى شدته جزاء ما اقترفوا وإن ذلك العقاب ثابت لهم ما استمروا على غيهم» فإن تابوا فهى تب ما قبلها؛ ولذا قال سبحانه: «إلاّ اين تابوا من قَبَلٍ أن تَقدروا عَلَيْهِم فَاعلَموا أَنَ الله عَفُور رُحيم4 أى أن العقاب لمن استمروا فى جريمتهم» حتى غلبواء واستمكن الحاكم من جمعهمء وصاروا فى قبضة يده ولكن من تاب قبل ذلك فإن العفو يشملهم والرحمة تعمهم من الله الغفور الرحيم. انتهينا من الكلام فى عقوبات الذين نصبوا أنفسهم لمحاربة الأمن فى الدولة والخروج على النظام من غير تأويل يتأولونه» ولا غاية دينية يحققونهاء بل خرجوا قاصدين الإجرام لأجل الإجرام» ومحاربة الآمنين وإزعاجهم.» وبينا من الذين ينطبق عليهم وصف الحرابة» واختلاف الفقهاء فى ظل معانى الآية الكريمة» وفسرنا الآيتين تفسيرا لفظياء ولكن لم نتكلم فى معنى التخيير فى قوله تعالى: «أن يلوا أو يُصلبُوا أو نمطم أيديهم وأرجلهم من خلاف». ولم نتكلم فى حقيقة التوبة ومعناها فى هذه الآية الكريمة» كما لم نتكلم عن آثارهاء وعن نوع العقوبة أهى حد من حدودء أم هى قصاص» وما أثر ذلك بالنسبة للتوبة وفى الحكم. ولا يتم جلاء ما اشتملت عليه الآيتان الكريمتان من أحكام إلا بالتعرض لهذه الأمور فى إيجاز من غير إطناب . ونبتدئ بالتخيير الذى دلت عليه «أو» فى النص الكريم» أيقصد به التنويع بتنويع العقوبة على حسب الجحرائم » فإذا قتلوا قتلواء وإذا سرقوا قطعت أيديهم ا تفسير سورة المائدة ١اااااااااااااالاالاااا‏ مامالا للالااا الل لامالا طلللاللاتالااملمم1 اط الاتلاناناللاااااااا ااا للتللا اللا لالطططلنللشطط ا للا هه : يو وأرجلهم من خلافء. وإذا سرقوا وقتلوا قتلوا وصلبواء وإذا تجمعوا واتفقوا على ارتكاب الجرائم من غير أن يرتكبوا بالفعل كان النفى من الأرض» أم تقصد حقيقة التخيير بآن يكون الإمام مخيرا غير مقيد بنوع فى حال» وبنوع آآخر فى حال أخرى يرتكبون فيها جريمة معينة» بل ترك الأمر لتقديره»ء وهو ينظر إلى مقدار الترويع ما يتناسب مع قوة الجناة من غير نظر إلى نوع ما ارتكبوا من جرائم» ولا إلى مقداره إنما ينظر إلى مقدار الزجر والردع. ولقد قال بالقول الأول وهو أن «أو» لتنويع العقوبات بتنوع الجرائم بعض الصحابة والتابعين وجمهور الفقهاء» وقال بالقول الثشانى بعض التابعين» ومالك والظاهرية . لقد روى عن ابن عباس أنه قال: (إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبواء وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا نفوا من الأرض» وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف» وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا نفوا من الأأرض) وبهذا القول أخذ الشافعى وأحمد وأبو حنيفة» وبذلك تكون العقوبات أربعة أقسامء» مقسمة على أقسام الارتكاب» والحجة لهذا الرأى الآثار المروية عن الصحابة» والفقه فى الموضوع أن هذه العقوبات لجرائم مختلفة المراتب» فيجب أن تكون تابعة لقوة الجريمة» وليس من المعقول أن جريمة الاتفاق والإرهاب تتساوى مع الإرهاب والقتل بالفعل» أو الإرهاب والقتل والسلب» أو الإرهاب والسلب بالفعل» فالعدالة توجب ذلك التنويع وعلى ذلك يكون التخيير المأخوذ من كلمة (أو' هو لتنويع العقاب وليس اطلق التخيير» وإلا كان مؤدى التخيير أنه يجوز للومام أن يكتفى بنفى الجناة إذا قتلوا أو سرقواء وأن ذلك باطل بالإجماع؛ لأن السرقة توجب القطعء فكيف بالسرقة الكبرى التى يكون فيها ذلك التجمع الآثم وإذا كان التخيير لا يمكن أن يفسر بالتخيير المطلق لهذا المعنى» فإنه يجب أن يفسر بالتنويع» لآن تفسيره بغيره يؤدى إلى ذلك الوجه الباطل» وما يؤدى إلى الباطل باطل» وإن التخيير المطلق فى العقوبات إذا كان السبب الموجب للعقاب واحداء ل تفسير سورة المائدة اللو مالكلل الل 10م لح اق ككفارة اليمين» فإن السبب هو الحنث وهو واحدء وكان التخيير فى الكفارة بين العتق» وإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم» أما إذا اختلف السببء فإنه لا بد أن يكون التخيير للتنويع» والعقوبات هنا قد اختلفت أسبابهاء فإن منها القتل» ومنها السرقة» ومنها الجمع بينهاء ومنها مجرد الإرهاب والإزعاج» ولا يمكن أن تكون العقوبة واحدة لكل من هذه الجرائم» فلا بد من أن تختلف باختلاف أسبابهاء وتكون لذلك «أو» لترتيب العقوبات تبعا للجرائم» ويذكر الكاسانى أنه روى خبر عن النبى يَدثِْةِ فى هذاء فقد قالوا: أنه لما قطع أبو بريدة الأسلمى بأصحابه الطريق على أناس جاءوا يريدون الإسلام» فقد قال يككِ: «إن من قتل قتل» ومن أخخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف» ومن قتل وأخذ المال صلب» ومن جاء مسلما هدم الإسلام ما كان قبله من الشرك2172. ويكون هذا النص النبوى معينا أن «أو» ليست لمجرد التخيير ولكن للتنويع» وقد وردت الصيغة التى تدل بظاهرها على التخييرء فقد قال تعالى: 9 ... قُلْنايَا ذا الْقرنين إِما أن تعذّب وما أن ولا شك أن اللفظء وإن كان ظاهره تخيير ذى القرنين بين أى اللأمرين يختار» ولكن لا يمكن أن يكون له الحق فى أى الأمرين من غير مرجح لآحدهما فى الاعتبار» ومنطق العدل الذى أوجبه الله على ذى القرنين والحكام العادلين أن يعذب من أبى وفسق عن أمر ربه ليرتدع غيره وينزجرء وأن يتخذ الأمر الحسن والرفق مع من استقام أو ترجى استقامته. وعلى ذلك لا تكون «أو» ممحضة للتخيير» ولكنها تحتمل التخيير والتنويع» وقد ورد النص النبوى والآثار الصحاح عن الصحابة الذين تلقوا علم النبوة عن )١(‏ روى ابن ججرير الطبري (ج7»)ص177) عن ابن عباسء قوله تعالى: #إنما جَرَاءُ الّذِينَ يُحاربُون الله وَرَسُوله. . . » إلى قوله: أو ينْقَوَا من الأرض» قال: إذا حارب فَقَمَل» فعليه القتل إذا ظُّهر عليه قبل توبته. وإذا حارب وأنمذ المال وقتّلء فعليه الصلب إن ظُهر عليه قبل توبقه. وإذا حارب وأخذ ولم يقيُّله فعليه قطع اليد والرجل من خلاف إن ظُّهر عليه قبل توبته. وإذا حارب وأخاف السبيل» فإنما عليه النفي. هاا تمفمسير سورة المائدة 0 ااا 01000 ههه بي" الرسول يك بما يفيد أنها للتنويع فى العقوبات تبعا لقوة ما ارتكبواء لا لمجرد التخيير للإماء90" . وهذا هو الرأى الأول الذى يقوم على أن التخيير هنا ليس مطلقاء ولكنه منوع تبعا لقوة الجريمة» أما الرأى الثانى فهو يقرر أن «أو» للتخيير المطلق» وأن الإمام له الحق فى اختيار أى عقوبة من هذه العقوبات» فإما أن يقتلهم لمجرد إزعاجهم للآمنين» ليجتث من أول الأمر شأفتهم» كما أن له أن يقتل السارقين» وأن يصلبهم ولو لم يقتلواء والتخبير هنا فيه إجازة مطلقة لولى الأمر ليعالج الجريمة» بما يراه أقرب إلى المصلحة وإقامة الأمن على أسس سليمة . ووجهة ذلك الرأى أن «أو» الأصل فيها أنها للتخيير»ء ولا يعدل عن الآأصل إلا لما يوجب العدول» ولم يوجد ما يوجب العدول» وما ورد منسوبا للنبى عل ومن أقوال الصحابة فهو علاج لأحوال وقعتء والتخيير لا يمنع ولى الأمر من أن يختار التنويع» فإن اختاره فهو من حقهء ويدخل فى باب الإذن المطلق بالتخيير» فإذا اخقار أن يقتل من قتل ويصلب من قتل وصلب» ويقطع فقط من سرق فهو من حقهء وليس عمل النبى كَلكِْةِ إلا من هذا القبيل إن صح ما نسب إليه("2» وهذا التنويع ليس ملزما بأصل النص» ولكن قد تلزم به المصلحة» إن رأى أن ذلك هو طريق الردع. 1) انظر السابقر ل عه له س لإوسل ا بار وأن شريو اي انها َنطلتراء صا كر راعي 2 يك واستاقوا النعمء ٠‏ فَجاء الْحَبرُ في أوّل هار قبَمَثَ في آثَارهم» لما ارتم التَهَارُ جيء بهم َأ َعَم أيديهم الهم وسشمرت أعيئهم الوذ في الحرة يُستَسقون قلا يسقون. قال أبو قلابة (الراوي عن أنس): تهؤلاء سرقوا وَقَمَلُوا وروا بَعدَ إِعَانهم وَحَاربوا الله ورسوله. [رواه البخاري في ثلاثة عشر موضعا أولها: الوضوء - أبوال الإبل (7177): ومسلم: القسامة والمحاريين والقصاص ])١57١(‏ كما رواه أصحاب السنن وغيرهم وله طرق. ل تفسير سورة المائدة . !!!ااا زلااالار اانا اللاااااااااللتااازاانانا اللا ناملالا لالطالا االاتلتاللل لاا لالط ااانا لالط خخطخ ططخم خخخ خط ططخطخط ططخ طاسقالا 0 تسرب ل وإنه على هذا الرأى جمع من التابعين منهم عطاء وسعيد بن المسيب ومجاهد» واللحسن البصرى والنخعى» وأبو الزناد» وهوا مذهب الإمام مالك والظاهرية كما قلنا. وإن الفقه فى التفرقة بين الرأيين أن الرأى الأول يحد جرائم معينة ويعتبرها موضوع قطع بفعلها أو بالشروع فيهاء وهى القتل والسرقة» وأن الجرائم لا تخلو عن ذلك؛ ولذلك كانت العقوبات مترددة بين القطع والقتل» وأنه قد يكون ثمة تغليظ إذا ارتكبت الجريمتان معاء وإن كان الشروع بالتجمع واتخاذ الأسباب» فإن العقوبة تكون بمنع الجريمة من الوقوع باتخاذ أسباب الوقاية بالنفى من الأرض بالتغريب أو زجه فى غيابات السجون؛ ولذلك كان التنويع» وكان تخريج «أو' على ذلك الأساس, ليكون التكافؤ بين الجريمة والعقوبة» وإن لم تكن جريمة كانت الوقاية. أما الرأى الثانى - فهو يتجه إلى أن عقوبة الحرابة لذات الحرابة والسعى فى الأرض بالفساد. ومنع الناس من السير والاستمتاع بأموالهم» وحرياتهم الشخصية» وظاهر هذا الرأى أنه لا ينظر إلا إلى ذات الحرابة التى هى التخويف والإرهاب». ولا ينظر إلى الجرائم التى ارتكبوها فعلا؛ ولذلك يعمم الجرائم ولا يقصرها على القتل والسرقة كالرأى الأول» ويرى أن العقوبات فى جملتها هى لعلاج ذلك الشرء وحسم مادته» والقضاء على التفكير لمن يهم بمحاكاة من وقعوا فيه؛ ولذلك يجب إطلاق يد ولى الأمرء واعتبار تلك العقوبات فى يده كالدواء بين يدى الطبيب يختار من أصنافه ما يراه أنجع فى علاج الآفة التى أصابت الجسم الاجتماعى . وإنا نرى الرأى الأول بالنسبة لتنويع العقاب» ونرى الرأى الشانى بالنسبة لتعميم الجرائم التى تفسد المجتمع الإسلامى» فإذا كانت عصابة تعمل لجمع الرجال على النساءء وتخطف النساء لذلك الغرض» أو كانت عصابة لتجميع المواد المخدرة المحرم دينا وقانونا تناولها فإنهم يكونون كقطاع الطريق» ويدخلون فى باب الحرابة . هنا تفسير سورة المائدة 0 اللأتااااااانااالاممامالاااااااااالااللااا] ا ل التا لط ااااااالالالل اللخ ااانا الاالان ااال ناكا قططان الالالال لللااااللانالااااااااااتاللااانالنالتتتتاللا لح ا ونتكلم من بعد ذلك عن عقوبة الحرابة» أهى من قبيل الحدود أم من قبيل القتصاص؟ لقد نص الفقهاء بالإجماع على أنها من قبيل الحدودء فهى حد من حدود الله تعالى» وليست قصاصاء؛ ولذلك لا يصح العفو عنهم ء وأنهم لا بد مأخوذون من تلك العقوبات التى قررها القرآن الكريم» فإن إقامة الحدود من العبادات بالنسبة لولى الأمرء ولا يصح أن يتخلى عن العبادة بأى صورة من الصور. ولأنهم قد وصفهم الله تعالى بأنهم يحاربون الله ورسولهء ووصفهم سبحانه بأنهم يسعون فى الأرض فساداء وهم بذلك يعتدون أبلغ اعتداء على الجماعة المؤمنة» وكل ما يكون اعتداء على الجماعة يكون اعتداء على حق الله تعالى» واللحدود عقوبات لأجل حق الله تعالى؛ ولآن هذه العقوبات حد تجب إقامته على ولى الأمر كان قابلا للتوبة؛ ولذلك قرر الله تعالى فيه قبول التوبة» فقال تعالت كلماته: #إلاً الّذين تابوا من قَبَلٍ أن تقدروا عليُّهم فَاعلَمُوا أن الله عَفُورٌ زحيم». وقد تكلمنا فى معنى هذه الآية الكريمة» وبقى أن نتكلم فى أمرين: أحدهما ‏ كيف تكون التوبة قبل القدرة عليهم» وثانيهما - عن آثار هذه التوبة. أما عن الأمر الأول. وهو حقيقة التوبة فى هذا المقام. . فنقول إن التوبة العامة تقتضى ثلاثة أمور: اثنان منها نفسيان» والآخر مادى» والنفسيان أن يعترف بالذنب ويندم عليه» وأن يعتزم ألا يعود إليه من بعد توبته. وأما الأمر المادى» فهو الإقلاع عنه بالفعل . وبتطبيق هذا على توبة قطاع الطريق لا يتعرض الفقهاء للناحية النفسية بل إن ذلك أمره إلى الله تعالى» ولكن يتجهون إلى الأمر المادى الذى يدل ظاهره على المعنى الباطنى» وإن هذا الأمر المادى يتحقق بأمرين» أو بأحدهما أولهما - بأن يوْمن الناس قطاع الطريق» ويتركوا المكان الذى يباشرون فيه جريمتهم» وثانيهما - أن يقدموا الطاعة لولى الأمرء وهنا يجىء نظر الفقهاء أيكتفون بالأمر ..الثانى وهو تقديم الطاعة أم لا بد من الأمرين معا؟ اختلف الفقهاء فى ذلك ففريق نا تفسير سورة المائدة ل 2 حب ل قال: تحقق أحد الأمرين كاف» وهو تقديم الطاعة» أو ترك السلاح ومغادرة المكان إنما لا بد من إفادة دالة على إنهاء قطع الطريق . وفريق قال: لا بد من إلقاء السلاح وتأمين الناس وتقديم الطاعة. ومهما يكن من أمر الاختلاف» فقد كان الاتفاق على أنه لا بد من إنهاء قطع الطريق بالفعل» وتأمين الناس» وإلقاء السلاح. وأما الأمر الثانى المتضمن لآثار التوبة فقد قد فرض الفقهاء حالين للتوبة قبل القدرة عليهم: إحداهما ‏ أن تكون التوبة قبل أن يرتكبوا أى جريمة غير مجرد الحرابة» فلم يقتلواء ولم يسرقواء ولم يزنواء بل أنابوا إلى الحق قبل أن تسلط عليهم سيوفه. وهؤلاء لا عقوبة عليهم, لأن الحرابة قد عدلوا عنهاء وهم فى فسحة غير مضطرين إذا كانت قبل القدرة عليهم» ولم يتعلق بهم حق لآدمى» وحق الله تعالى موضع عفوه ورحمته؛ ولذلك قال: فَاعلَمُوا أن الله عُفُورٌ رُحيم*. فهذا النص الكريم يقرر أن الله تعالى قد عفا عنهم» ولأن الحرابة من غير تنفيذ الجرائم أو واحدة منها يعد شروعاء أو نية للسيئة قد هموا بهاء وقد عدلوا مختارين عنها والحال الثانية - أن يكونوا قد ارتكبوا جرائم لها حدودء ولها قصاص كأن يكونوا قد قتلواء أو سرقواء أو زنوا على مقتضى مذهب مالك الذى أدخل فى الحرابة الاتفاق على ارتكاب أى معصية من غير قصر على القتل والسرقة» فإذا كان شىء من هذه المآثم ثم تابوا قبل القدرة عليهم» فهل يسقط حق القصاصء وهل تسقط الحدود؟ قال جمهور الفقهاء: إن ما ارتكبوه من الجرائم التى تثبت حق القصاص لا يسقط؛ لأن القصاص من الحقوق التى يغلب فيها حق العبد.» وحقوق العباد لا تسقط إلا أن يعفو صاحبها. وفى هذه الحال تنتقل العقوبة من حد إلى قصاص» ولا بد من أن تستوفى شروط القصاص؛ بأن يطالب ولى الدم» وله أن يعفوء وله لإا تفسير سورة المائدة 0١‏ ال 000 ا 1 يي أن يقتص» وفى حال العفو تجب الدية أو ما يتفقان عليه من المال عملا بقوله تعالى: ‏ ... فَمن عفي لَه من أخيه شيء فَاتبَاعَ بالمعروف وآداء إِلَيْه يإحسان . ديزت # [البقرة] وأثر التوبة قبل القدرة فى هذه الجريمة أنها كانت قبلها حدا لا يقبل السقوطه. وبعدها صارت قصاصا يقبل العفو من صاحبههء وإذا ارتكبوا ما يكون فى أصله جريمة حدء كالسرقة, والزنى عند مالك» وتناول المخدرات والمسكرات واتخاذ أوكار فى الكهوف والصحارى لنشرها وسلب أموال الناس فى سبيلهاء فإنه لاحد عند من يدخلها فى الحرابة . وإن ذلك يحتاج إلى بعض البيان. فنقول: إن الفقهاء اتفقوا على أن السرقة تدخل فى الحرابة فإذا سرقوا ثم تابواء فإن الحد يسقطء. ولكن يجب رد المال إلى صاحبه؛ لآن الحد يقبل السقوط بالتوبة» ولآن الله تعالى قد وعد بغفران ما ارتكبوا إذا تابوا فحق وعد الله وأما حق العبد فإنه لم يدخل فى الوعد ابتداء» ولأن الحرابة وهى الجريمة الكبرى قد غفرت» فيغفر ما فى أطوائها من حدود هى فى ذاتها دونها. وأما الحدود الأخرى من حدود المسكرات والمخدرات والقذف والزنى إذا ارتكبوها فى أثناء حرابتهم» فهل تسقط؟ لقد قال الإمام مالك: الذى جعلها تدخل فى ضمن أعمال المحاربين» ويعاقبون من أجلهاء ويعدون محاربين» ولو قصروا عملهم على ارتكابهاء كالعصابات التى تتجر فى أعراض النساء» وتسمى فى لغة العصر. (الاتجار فى الرقيق الأبيض)» قال مالك فيها: إن التوبة تجبهاء لأنها داخلة فى الحرابة وهى حقوق الله تعالى» وقد وعد سبحانه بغفرانها إذا ارتكبوها وتابوا قبل القدرة عليهم» وهى حقهء وهو سبحانه غفور رحيم. وقال الشافعية: لا تسقط؛ لأنها غير داخلة فى الحرابة» والتوبة هنا تكون توبة خاصة بهاء ولا تكون توبة الحرابة شاملة لهاء فإن تابوا عنها توبة خاصة - والأصغر يدخل فى الأكبر - بها قبلت ما عدا القذف» وقال أبو حنيفة: لا تقبل عنها توبة ولو خاصةء وقال الحنابلة: تدخل التوبة عنها فى ضمن التوبة عن الحرابة» لأنها أصغر منها. لإا تفسير سورة المائدة اااالالا11 الالالال ااانا مالالا اناالا م انل نا لان انان اانا لاا نا نان اناالا لاانا لاا نلاناناك للخ اناالا تاكن الالال خاللا الالال خطنل طنط طاطخ ططخشلقل 0 ب 2 هذه أحكام قطاع الطريق الذين سماهم القرآن الكريم محاربين لله ولرسوله؛ وسمى الفقهاء عملهم حرابة» وقد تكون العقوبة شديدة فى مظهرهاء ولكن لو وزنت بالجرائم» ونظر فيها إلى الأثر لكانت منطقية وضرورية» وسل الذين تنفطر قلوبهم شفقة على المجرمين» كم ترتكب العصابات فى أمريكا من جرائم قتل» وجرائم سرقات» وإفساد للضمائر» وإشاعة للرشوة وتهديد للأمن حتى تقف الحكومات مكتوفة أمامهم» سلهم ليوازنوا بين العقوبة العادلة» والجريمة الظالمة» سلهم إن كانوا يدركون وينطقون والله هو العزيز الحكيم» وشرعه هو العدل الرحيم. معي 7 سرصم 20-4 آ ‏ آ ا سه اتقواا وات |إِلَيّهِ الوسمالة جنهدوانفى سبياه. سح شاعو اه مما لاض جسسَاء هممص 0 9 17# وت أت اناف ريت بن ولهرعذات مق 9 ل مه فى الآيات السابقات بين سبحانه ما أوغر به الحسد أحد ابنى آدم» حتى قتل أخاه» إذ قربا قرباناء فقبل من أحدهما فحسده أخوهء فقتله بعد أن كانت منازعة نفسية انتهت بأن طوعت نفسه له قتل أخيه فقتله» وبهذا صور القرآن أصل الحرائم البشرية والبواعث عليهاء وهو الحسد الذى يربى الضغن فى النفوس وحب الاستعلاء بأى طريق الذى يسهل الظلم للقريب والبعيد من غير أى حريجة مانعة» ومن غير نفس لوامة وازعة» ولقد أشار من بعد ذلك إلى جرائم الآحادء وجرائم هاا تفسير سورة المائدة ت ١١111‏ الااازان ااانا لل انلا الالال انان انالا التنخانا نالل لاقتنالا تلان الا ااانا مالالا ما اا نانا ااانا لن انال اق ةمالا لنالل انا للالن طالخ اخلط خط لااللتالل كاه :< يي الجحماعات» وبين أنه إذا لم يكن وازع النفوس كافياء فلا بد من ردع بعقوبات زاجرة فيها إيلام للآثمين» ونكال يجعل غيرهم يفكر فيما يترقبه من عقاب إن حدثته نفسه بالآثام» فإنه لم يكن له من نفسه واعظء كان له من العقاب أعظم رادع. ثم بين سبحانه الطريق لمحاربة الآثام فى النفس قبل أن يظهر الشر ويطفح على الألسنة والجوارح» فقال سبحانه: «يا أَيْهَا الّذِينَ آضوا انوا الله وابتَعُوا إَِيْه الْوَسيلَة4 النداء موجه للمؤمنين بوصف أنهم مؤمئون؛ لأن مقتضى الإيمان أن يربوا أنفسهم على الخير» وينزعوا منها نوازع الشرء وقد ذكر سبحانه وتعالى الطريق لتربية النفس وتغليب جانب الخير فيها على جانب الشرء وجانب الصلاح على جانب الفساد» وتلك الطريق المثلى مكونة من نقط ثلاث يتكون منها الخط المستقيم الموصل للغاية الفضلى» وهذه النقط الثلاث هى التقوىء وابتغاء الوسيلة» والجهاد فى سبيله» والغاية الحسنى هى الفلاح فى الدنيا والآخرة» ولنشر بكلمة موجزة إلى معانى التربية فى كل نقطة من هذه النقط. «اتّقوا اللّه» أى: اجعلوا بينكم وبين غضب الله تعالى وقاية» بحيث تكون نفوسكم فى حصن لا يدخل إليها الشر وهى فيه وهذا الحصن هو التقوى التى تملاً القلب بذكر الله تعالى» فلا تحس النفس إلا به سبحانه مسيطرا على كل ما فى هذا الوجودء وتحمس به رقيبا لا تخفى عليه خافية من خلجاتهاء يعلم ما يخفى كل إنسان وما يعلن» وما يسر به وما يجهرء فيتجه إليه سبحانه وتعالى كأنه يرى ربه فى كل عمل يعمله؛ فإن لم يكن يراه سبحانه فإنه يراه كما قال النبى يكِ: «اعبد الله كأنك تراه» فإن لم تكن تراه فإنه يراك»0©. )١(‏ سبق تخريجه. ها تفسير سورة المائدة لو 000 رب اا ولا شك أن النفس إذا امتلأت بالتقوى ذلك الامتلاء» جانبها الهوى والحقد والحسدء وحب الاستعلاء الباطل» وصار صاحبها ممن ينطبق عليهم قول الله تعالى فى أوصاف أهل الإيمان: 8« ... لا يريدون علو في الأَرض ولا فسادا ... 02> 4 [القصص] . ش 1 #وابتغوا إِليّه الْوَسيلّة4 هذه هى النقطة الثانية من الخط المستقيم الذى لا عوج فيهء فالنقطة الآولى ملء القلب بذكر الله تعالى وخشيته؛ وجعلها دائما فى إحساس برقابته» وإنه يترتب على إدراك هذا الجزء من الخط المستقيم الوصول إلى النقطة النانية» وهى طلب ما يتوسل به إليه لنيل رضاه وإدراك حق طاعته. فالوسيلة: هى ما يتوسل بها إلى رضا الله تعالى: وهى طاعته راغبا فيها محبا لها قاصدا إليهاء وزكى لذلك طلبها بقوله تعالى: #وابتغوا» أى اطلبوا رضاه وطاعته سبحانه طلب من يحبه ويبغيه لثواب» وتلك أعلى الدرجات» ومن دون ذلك له فضل كبير ما دام قد طلب رضا الله تعالى . فالوسيلة على هذا هى الطاعة برغبة» ولقد قال فى ذلك الأصفهانى: «الوسيلة التوصل إلى الشئ برغبة لتضمنها لمعنى الرغبة قال تعالى: #وابتغوا إِلَيه الوسيلة4. وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم والعبادة» وتحرى مكارم الشريعة» وهى كالقربة» والواسل: الراغب إلى الله وعلى هذا التفسير اللغوى القرآنى يكون معنى الوسيلة: الطاعة والتقرب إلى الله تعالى وطلب مرضاته. وقد جاءت بهذا المعنى فى آية أخرى هى قوله تعالى: «أوتك دين ود يود إل وهم الوسيقة ... 4697 [الإسراء ]. وعلى ذلك تكون النقطة الثانية من صراط الحق وخط الإيمان المستقيم هى الطاعة وطلب رضا الله تعالى وحده. جلاله: #وابتغوا إِليه الوسيلة» . ها تفسير سورة المائدة م الول اللملل لجرب د وإن التقديم هنا للقصرء والتتخصيصء والمعنى اطلبوا برغبة وشدة إلى الله وحده الوسيلة إليه والتقرب» فلا تطيعوا سواه إلا فى ظل طاعتهء ولا تتقربوا إلى غيره إلا فى ظل طلب رضاه.ء فإنه لا تقرب لسواهء ولا محبة إلا لأجله» كما قال النبى يهم «حتى يحب الشىء لا يحبه إلا الله2100 فالحب لله والبغض لله هما أقوى دعائم الإيمان» وأن المؤمن يتوسل إلى الله تعالى بالقربات التى شرعهاء حتى يكون سمعه الذى يسمع به» وبصره الذى يبصر به» ويمتلئ قلبه ونفسه بنوره» فيكون ربانيا. وإنه قد جاء فى العبارات الإسلامية معنى للوسيلة على أنها درجة من أعلى الدرجات فى الجنة» بل أعلاهاء وهذا المعنى متلاق مع أصل المعنى» وهو التقرب إلى الله والتوسل إليه وحده بالطاعات؛ ولقد كان من الدعاء الذى يردد فى الآذان ما رواه البخارى: فقد روى عن جابر بن عبدالله أنه قال: قال رسول الله كله : «من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته حلت شفاعتى له يوم القيامة200) , وروى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله يلدِ يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول» ثم صلوا على» فإنه من صلى على صلاة صلى الله تعالى عليه عشراء ثم سلوا الله لى الوسيلة» فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هوء فمن سأل الوسيلة حلت له الشفاعة)9 . )١(‏ سبق تخريج ما في معناه من حديث. (؟) رواه البخاري: الأذان - الدعاء عند النداء (5154)» وبلفظ: «إلا حلّت»: الآذان - الدعاء عند الأذان (5480) عن جابر رضى الله عنه. - رواه مسلم: الصلاة - استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه (854)» والترمذي: المناقب‎ )١( والنسائي : الأذان - الصلاة على النبي كَللِْةٌ (7174): وأبو داود:‎ 203771١ 5( في فضل النبي كَككةٍ‎ الصلاة - إذا سمع ما يقول المؤذن (070)ء وأحمد: مسد المكثرين - مسند عبد الله بن عمرو‎ ,)5675( هاا تفسير سور ة المائدة ا اا ااا فته لس اه إوجاهدوا في سبيله4 هذه هى النقطة الثالثة من الخط المستقيم» وهو الصراط القويم » وهو الجهاد فى سبيل الله تعالى» وسبيل الله هو الطريق المستقيم الذى ينتهى إلى الغاية العليا من شرائع النبوة» وهو السبيل الذى يكون فيه صلاح الإنسان» ودفع الفساد فى هذه الأرض» وإقامة مجتمع فاضل بين العالمين» يسعى فى ظله التقى البر» ويستمتع فيه الفاجر من غير عدوان ولا فسادء والجهاد: معناه بذل أقصى الجهد فى تحقيق تلك الغاية الإنسانية العلياء وهى الإصلاح فى الأرض» ودفع الفساد عنهاء وإقامة الحق. وخفض الباطل» وسيادة الفضيلة ودفع الرذيلة . والجهاد ذو شعب» الأولى جهاد النفس» ومغالبة الأهواء والشهوات» ومقاومة نزعات الشيطان» ومراقبة النفس» وسمه النبى ِل الجهاد الأكبرء الخير» ويقاوم الشرء ويمنع الظلم» ويقيم العدل ويحمل الظالمين على اللجادة المستقيمة» ويصح أن يسمى ذلك جهادا داخليا؛ لأنه حماية للأمة من الآفات الاجتماعية» ووقاية لها من الشر الذى يقع فيهاء فهو جهاد لحماية المجتمع من أحاده كما أن الشعبة الأولى حماية للفرد من آفات نفسه. والشعبة الثالشة من شعب الجهاد العمل على حماية المجتمع من الظلم الخارجى » ونشر لواء المحبة والمودة بين الشعوب» وجعل العدل يسود العلاقات الدولية» ومدافعة الظالمين» وذلك النوع من الجهاد ذو ثلاث شعب» أولاها - نصر الحق بين العالم بالدعوة إليه باللسان والقلم» ومقاومة الشر من أن يستشرى بالدعاية للحق والعدل ودفع الظلمء والثانية مد الضعضاء بأسباب الحياة ومعاونتهم » والثالثة ‏ مقاومة الظلم بالحرب العادلة دفعا للظالمين» كما قال تعالى : ... ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض أفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين 27 4 [ البقرة ] . ولقد قال النبى عَلِك: «جاهدوا المشركين بأنفسكم والسنتكم وأموالكم:(1؟2. () سبق تخريجه. إلا تفسير سورة المائدة 0 > أ وإن نقطة الجهاد هى آخر الخط المستقيم» وهى نهايته» وفيها غايته» وهى تحقيق مجتمع فاضلء والثمرة المرجوة من هذا هو الفوز والفلاح؛ ولذا قال سبحانه : للَعلّكُم تفلحون» . إن تلك هى الثمرة المرجوة لهذه النقط الثلاث التى تكون ذلك الخط المستقيم المنير» وهو سبيل الله تعالى سبيل الفوز والنجاح» وأطلق» فلم يقيد بفلاح الدنياء ولا بفلاح الآخرة؛ ولذلك كان شاملاء» فإن الإنسانية إذا تهذبت نفوس الآحاد فيهاء فاتخذت وقاية تمنعها من سخط الله تعالى» وإذا اتجهت إلى طلب رضاه والعمل فى طاعته سبحانه» وصارت لا تعمل إلا لله تعالى وابتغاء مرضاته» وجاهدت لإعلاء كلمة الحق فى شتى نواحيه» وترابطت برباط المودة والمحبسة والعدل والفضيلة ‏ إذا كانت الإنسانية كذلك علا ابن اللأرض فى هذه الأرض» وعم الصلاح واندفع الفساد» وتحققت خلافة الإنسان فيها. والرجاء فى قوله تعالى: #لَعلّكُمِ تفلحون4 من الناس لا من الله أى أن المؤمنين إذا اتقوا الله وطلبوا مرضاته وجاهدوا فى سبيله» كانت حالهم حال من يرجو الفوزء بل إن عليهم أن يرجوهء لأآنهم ساروا فى طريقه» وأنه يتميز رجاء المؤمنين حيتئذ عن خميبة الكافرين الذين لم يسيروا فى ذلك الخط المستقيم؛ ولذا ذكر سبحانه حالهم فى مقابل حال المؤمنين» فقال سبحانه : إن دين كوا ل أن َهُم م في الأْض جميعًا4 فى هذا النص الكريم يبين سبحانه المقابلة بين جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين» فالمؤمنون يفوزون فى الدنيا بنعيم الاطمئنان» والإحساس بالرضوان من الله تعالى» ونصره سبحانه» وتأييده» وفوز الآخرة بالنعيم المقيم» أما الكافرون فإنهم إن نالوا ظاهرا من الحياة الدنياء يستقبلهم فى الآخرة عذاب مقيم دائم مستمر وإنه لو وزنت الدنيا بحذافيرهاء وكل ما فيها بعذاب يوم القيامة» ما ساوت شيئا فى جانبه وإنهم لو ملكوا الدنيا بما فيهاء وأرادوا أن يقدموه فداء لأنفسهم من عذاب القيامة» ما قبل منهم ذلك» بل اا تفسير سورة المائدة لس سس سسا 0 لسر اا وإن الله سبحانه وتعالى قد ذكر كفر الكافرين مؤكدا ب (إن)» وذكر الموصول للإشارة إلى أن الكفر الثابت المؤكد الذى لم يقترن بالتوبة والانخلاع منه بإيمان يجب الكفر هو سبب لعذاب وهول يوم القيامة صوره الله سبحانه وتعالى بقوله: طلَو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معَه لِيفعَدُوا به من عَدَاب يَوْم الْقَامّة ما قب منهُم 4 والافتداء تخليص النفس» والعمل على الحفاظ عليها بمال أو أى نفيس يبذل فى سبيل ذلك الخلاصء ولمعنى الجملى: لو ثبت أن الذين كفروا يقدمون كل ما فى الأرض تخليصا لأنفسهم ومثله معه فى قيمته وكمه ما قبله الله تعالى منهم؛ لأن الجزاء الذى ادخره الله تعالى لهم من عذاب أليم يتكافاً مع ما فى الدنيا مضافا إليه مثله» وهم لو ملكوا كل ذلك لقبلوا أن يقدموه. فكيف وهم لا يملكون إلا قدرا ضئيلا لا يساوى ذرة صغيرة فى هذه الدنياء» والله لا يتقبل ذلك الفداء مهما يكن قدره؛ لأنه قرر العذاب المؤلم المؤكدء وقد أكد نفى القبول بقوله تعالى: «إما تقبّل منهم» أى ما قبل منهم بأى قدر ولو كان ضئيلا» وكان من تأكيد النفى بصيغة التقبل» والمراد هنا من التقبل تكلف القبول» أى أنه لا يمكن القبول» ولو بطريق المحاولة والمعاناة. وقد أكد سبحانه وتعالى العذاب بقوله تعالى: #ولهم عذاب أليم4 أى أن الذين يملكونه فى الآحرة بدلا فى مقابل ما كانوا يملكون فى الدنيا عذاب مؤلم مستمر لا يزول ولا يفارقهم» وهم يريدون أن يخرجوا منه» وهو انهم لا يفارقهم؛ ولذا قال سبحانه: #يريدون أن يخرجوا من الثَارِ وما هم بخارجين منها» . صور الله سبحانه وتعالى حالهم بهذا النص الكريم» وهو أنهم اجتمع لهم العذاب الشديد المؤلم» والرغبة فى الخروج منه» ولكنه أمر لازم غير قابل للانفصال عنهم. فهم يريدون راغبسين ملحفين أن يخرجوا من النار وعذابها الشديد» وكلما نضجت جلودهم بدلهم الله تعالى جلودا غيرهاء وهم يريدون (إلنزا تفسبير سبور: ة المائدة ط: 0 1 اسااة :2 لي الخروج منها ولو بالموت والفناء» ولكنهم ليسوا بخارجين منهاء وقد عبر سبحانه وتعالى عن رغبتهم بالفعل» فقال سبحانه: #يريدون أن يخرجوا من الثار» . أى أنهم يريدون أن يقع الخروج على أى صورة كان» فهم يطلبون الخروج من العذاب» ولو كان بعذه الموت» وقد نفى الله تعالى الخروج بنفى الوصف» لا بنفى الفعل فقال: وما هم بخارجين» أى أنه ليس من شأنهم أن يخرجواء ولا عذَاب مقيم» . هذا النص الكريم يفيد دوام ذلك العقاب من غير زمن محدود» بل هو دائم ملازم ثابت» وهنا نصان كريمان متقابلان: أولهما ‏ قوله تعالى: #ولهم عذاب أليم4 قد وصف فيه العذاب صراحة بأنه مؤلم» وجاء الشبات من صيغة اللفظ يوزن فعيل » ثانيهما ‏ هذا النص وقد وصف بالإقامة والاستمرار والدوام صراحة» وفهم الإيلام من التعبير بكلمة «عذاب). ولا شك أن العذاب المؤلم الداكم هو الجزاء لمن فرط فى أمر دنياه» وجعلها رجسا وفسوقاء فقد اشترى هذه الحياة الفانية» بالحياة الباقية» فكان حما أن يجعل الله تعالى جزاءه أن يحرمه من كل ما فى الحياة الآخرة من الخير» ويذيقه وبال . أمره جزاء وفاقا لا قدمت يداه» واجترح من سيكئات . . اللهم اكتب التوبة لناء» ولا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء مناء واغفر لنا وارحمنا» إنك أنت الغفور الرحيم. ل 000 وَالسَارق والسَّارقة فأقطعوأ له قم مع سس هه 00 0 3 عر ل ره هه 0 ماص يي عاض ريو د خا عو يد يهماجزاءد أمسبًا تكدلا من الله والله عبر جح حسم 4 2ه ل ل ل 204 مور سر ل ل تفسبير سيور ة المائدة 00 ىم 1 هده : يي مساك همهر بعري ور 2 لين الله غفوررجيم 4 7 دحلم ننه اشُملكف لكت يعن توك 00 بين الله سبحانه وتعالى مقدار الإثم فى الاعتداء على أنفس الآحاد» وذكر سبحانه وتعالى أن من قتل نفساء فقد اعتدى على حق الحياة عند كل الناس» لفَكَأُنَمَا قَتلَ الئّاس جميعا». ومن أحياها بالقصاص لهاء فكأنما أحيا الناس جميعا؛ لأنه يمكن للناس من حياة رافهة هادثئة» فيها أمن وفيها استقرار واطمئنان» كما قال سبحانه فى آية أخرىء «( ولكم في القصاص حيَاة .. . +73 4 [ البقرة] ثم ذكر سبحانه وتعالى» الجريمة الكبرى فى الاعتداء على الجماعة وخرق حرمات النظام» والاتتقاض على الحكام الذين يقيمون الحق والعدل والشرع. وارتكاب القتل والسرقة والاعتداء على الأموال والأنفس والأعراض» وانتهاك الحرمات من غير أى حريجة دينية» وبين أنهم ينالون أقسى العقاب, لأنهم يرتكبون أفحش الحرائم وأفجرها. وقد ذكر سبحانه وتعالى أن العقوبات لا تكفى وحدها لإيجاد مجتمع فاضل» بل لا بد من تهذيب الأرواح بالتقوى وطلب الوسائل الفاضلة» والغايات العالية» وأن يعرفوا أن عقاب الدنيا يهون بجوار عقاب الآخرة» وقد بين بعد ذلك العقوبة المقررة للاعتداء على اللأموال» بعد أن ذكر عقوبة الاعتداء على الأنفس منفردة» ثم اجتماع الجرائم بالاعتداء على الأنفس والمال» والخروج على النظام . وقد توسطت بين هذين النوعين من العقوبة آية الأمر بالتقوى وتذكر الآخرة وما فيهاء لأن فى ذلك بيانا بأن الصلاح الأول للمجتمع هو اجتثاث الجريمة من اا تفسير سورة المائدة ل 00 رب أ النفس بزرع التقوى» ولآن القرآن ليس كتاب قانون تسرد فيه العقوبات سرداء بل هو كتاب هداية وتهذيب وإرشاد وتوجيه إلى الطريق المستقيم» تذكر فيه العقوبة على أنها علاج للجريمة فى المجتمع» ثم يذكر مع العقوبة المادية العلاج النفسى والروحى» وهو أجدى وأقوى وأبعد أثراء وقد ذكر سبحانه وتعالى عقوبة المال فى أغلظ جرائمه وهو السرقة» فقال تعالى: © والسارق والسَارقَة4 الواو هنا فى معنى الواو العاطفة» إذ هى عطفت حكما مقررا لازماء وهو قطع أيدى السارقين» على جزاء المحاربين» وكان ما بينهما من طلب المؤمنين بالتقوى وطلب القربى إلى الله تعالى فى معنى الجملة المعترضة بين معطوف ومعطوف عليه»؛ ولها معناها السامى» وهو بيان العلاج النفسى التهذيبى بجوار العلاج المادى الجزائى . والمعنى فرض عليكم» فيما فرض» حكم السارق والسارقة» كما فرض عليكم من قبل حكم الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداء وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك الحكم بقوله تعالت كلماته: طفَاقْطعوا أَيْديْهمَا4. والفاء هنا للربط بين الكلام» وهى فى معنى بيان السببية الرابطة بين الجريمة والعقوبة فهى تبين أن سبب قطع الأيدى هو السرقة وكونهم قد اتصفوا بهاء وكان ثمة تجانس بين الحريمة والعقوية فاليد التى امتدت بالأخذ سرقة هى التى تصير موضعا للعقاب» وهو القطع . وقد بين سبحانه وتعالى الباعسث على ذلك العقاب» كما ذكر السبب» فالسبب المباشر هو السرقة» والحكمة أو الوصف المناسب هو ما اشتمل عليه قوله تعالى: #جزاء بما كُسبًا تكالاً مَنَ اللّه» أى أن ذلك العقاب هو كفاء لما كسبا من فعل شىء له آثار سيئة» وإن ذلك العقاب نكال أى زجر من الله تعالى لمنع هذه الجريمة وتقييد الأيدى» حتى لا ترتكبها. وظاهر الأمر أن قطع اليد لا يمكن أن يكون كفاء لليد المقطوعة» ولكن عند النظر الدقسيق يتبين أن المقابلة ليست بين ذات المقدار المسروق» وبين اليد /(9ها تفسير سورة المائدة اا ل 0 ٠: كا‎ 3 المقطوعة. إنما المقابلة بين الأثر الذى يكون للفعل الذى يفعله السارق وبين العقاب, فإن السرقة فى حى أو قرية تفزع أهل القرية أجمعين» فيندفعون إلى جلب الحراس ووضع المغالق وإحكام الآبواب» فوق ما يكون بين الناس من اضطراب؛ إذ يفقدون الأمن والاطمئنان» وتستيقظ أعين الحكام» ويزداد عدد القائمين على الآمن» فالمقابلة ليست بين ذات الفعل والعقاب» بل اللمقابلة بين أثر الفعل» وما يعقبه من انزعاج» وليست العقوبة مقصودة فقط لذلك الجزاءء بل هى مقصودة لما يعقبها من خوف الفاسدين» وفزع المجرمين» فيقل الإقدام عليهاء بل لا يكون» وهو ما يشير إليه قوله تعالى: لنَكَالاً من اللّه. فالعقاب عادل فى ذاته؛ لأنه مناسب لآثر الجريمة» وإصلاح لأنه يؤدى إلى ذهاب الجريمة أو ونريد أن نقف للكلام فى أمرين فى معنى نكال» وفى السرقة التى تعد جريمة توجب قطع اليد. ونقول: إن معنى كلمة نكال الزجر والمنع» فهو منع للغير من الارتكاب» وقد جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى فى أصل معنى كلمة نكال واشتقاقها: يقال نكل عن الشىء ضعف عنه وعجزء ونكلته قيدته» والتكل قيد الدابة. وحديدة اللجام لكونهما مانعين» والجمع الأتكال» قال تعالى: «إِن لديا أنكالاً وجحيما +20 4 [المزمل]. وكات به ا تمت ل كل ب خرجرة ا يج غمدن من أن يفعل فعله) قال تعالى: «فَحِعلنَاها تكلا لما بين يَديهَا وما خَلْفَها . رت » [البقرة]. وقال: إجزاء بما كسبًا َكالاً مّنَ اللّدك . وقال كللِْةِ: «إن الله يحب التكل على النكل أى الرجل القوى على الرجل القوى)20©. )١(‏ جاء ذ في النهاية في غريب الحديث جزءةء ص7١‏ (نكل) «إن الله يُحب الدَكَل على التكل»» قيل: وما ذاك؟ قال: «الرجل ١‏ القوي الْجَرب ابدىه ا ميد » على الفرس القوي الممجرب» التَكل لللإلل ا اا0ا0ال اللا ١ 59 وإن هذا التحليل اللغوى يفيد أن معنى قوله تعالى: #جزاء بما كسبًا تكالاً من اللّه#. أن هذا العقاب فيه جزاء للجريمة وكفاء لهاء وقد أشرنا إلى معنى ذلك ويفيد أن هذا العقاب منع من الارتكاب» فإنه ينكل بالجانى» لكيلا يقع فى الفعل غيره» أى لكى يكون ذلك التنكيل سببا فى أن ينكل الغير عن الفعل. والآن نتكلم عن معنى السرقة التى توجب قطع اليد» وهنا ننتقل من المعنى اللغوى للكلمة؛ إلى المعنى الشرعى المستمد من أقوال النبى يَلَْةٌ ومن المأثور عن صحابته» ومما فهمه السلف من فقهائنا الأمجاد» رضى الله تبارك وتعالى عنهم . لقد اتفق علماء الشريعة على أن السرقة أخذ المال على سبيل الاستخفاء وهذا معنى فقهى يلتقى مع المعنى اللغوىء ولكن الفقهاء زادوا قيدا فى هذا المعنى» وهو أن يكون الأخذ من حرز مثله» أى يكون المال محرزا مصونا محفوظا معنيا بحفظه العناية التى تليق» وقد قال الفقهاء رضى الله عنهم: إن الأخذ على سبيل الاستخفاء هو ركن السرقة» وكون الأخذ لمال محزر محفوظ حفظا يليق بمثله شرط لاستحقاق العقوبة المحدودة التى ذكرها الشارع الحكيم . وإذا كانت السرقة لا يتحقق ذكرها إلا إذا كان الأخذ على سبيل الاستخفاء. فإنه لا يكون المغتصب سارقاء ولا يكون المختلس سارقاء وقد فرقوا بين المختلس والسارق فقالوا: إن السارق يكون مختفيا غير معلوم للمسروق منه؛ أما المختلس فإنه لا يكون مختفياء بل يكون ظاهرا ولكن يأخذ فى غفلة من صاحب المال» والجمهور على أن الاختلاس لا يعد من السرقة فلا تقطع فيه اليدء ولقد خالف الجمهور إياس بن معاوية القاضى» وأوجب القطع على اعتبار أن فيه نوع استخفاءء وإن كان فى العمل» ولم يكن فى الشخصء وأن لذلك الرأى وجاهته من ناحية العمل» ومن ناحية المعنى. ها تفسير سورة المائدة ولقد روى عن الإمام أحمد بن حتنبل: أنه عد من السرقات جحود العوارى(١2‏ والودائع؛ لأنه ثبت أن المخزومية التى قطع النبى يَلِْةٌ يدهاء كانت تجحد ما تستعيره من الناسر 57) وإن ذلك غير الرواية الراجحة عن الإمام» بل إن الرواية الراجحة مع الجمهورء والحق هو أنها لا تعتبر سرقة وإلا اعتبر جحود الحقوق سرقة موجبة للقطع ؛ لأنه لا فرق بين جحود العوارى والودائع»ء وجحود الديون وسائر الحقوق المالية. وإن الفارق بين السرقة وجحود العوارى كبير» فإن السرقة أخذء وهذه منع للحقوقء والفرق بين المنع والأخذ كبيرء وهذه أخذت بتمكين من المالك» والسرقة أخذ بغير تمكين من المالك . هذا هو أصل معنى السرقة فى ذاته. وهذا القدر قد اتفق عليه العلماء فى الجملة» وقد اختلف العلماء من بعد فى الشروط الواجية للحدء ولنذكر بعض هذا الاختلاف: # فقد اشترط أكثر أهل العلم لتحقق السرقة الموجبة للقطع أن يأخذ المسروق ويخرج به من مكان حرزهء ومقتضى تحقق السرقة مع هذا الشرطء أن يدخل ويأخذ مستخفياء ويخرج من المكان الذى فيه المال إلى خارجه فإن ضبط قبل أن يخرج به لا يقام عليه الحد. وقد خالف فى اشتراط الخروج بالشىء من حرز - إبراهيم النخعى التابعى» وفقهاء أهل الظاهر. *# وقد اشترط الحنفية وبعض الفقهاء أن يكون الدخول إلى مكان الحرز بغير إذن صاحبهء فلو كان بإذنه وسرق لا تقطع يدهء فالضيف إذا سرق من مضيفه لا تقطع يده؛ لأنه دخل بإذنه» فلم يحدث هتك حمى الحرز وكأن هؤلاء يشترطون )١(‏ العواري: جمع عارية» وفي القاموس الحيط (عور) : والعارية مَسَْددة وقد تُحَنّفَ والعارَةٌ: ما دونو يهم . الجمع : عوآري”» مُشدكة ومُخَلََة 0 عن سيد بن الْصسيْب أذ ار ما بي سروم امار ليا على لان أاني مده قا بها البّي كل فَقُطعَت. رواه النسائي : قطع السارق - ما يكون حرزا وما لا يكون (54945). لاا تفسبيرسورة المائدة 1 ال 00 لحب ار مع الشرطين السابقين أن يتحقق معنى هتك حمى الحرز» وهو موضع الأمانة التى تنتهك حرماتها . #* ويظهر أن الكثيرين من الفقهاء يشترطون مع ذلك أن يكون المكان المسروق منه فى وسط الأحياء العامرة فى المدائن أو القرى» ليتحقق معنى الحرز والمحافظة, وكذلك قرروا أن البيوت التى تكون فى البساتين أو الطرق أو الصحراء وليست فى العمران إذا لم يكن بها أحد وسرقت مع اتخاذ المغاليق» وضبط الأبواب» لا يكون ثمة قطع يد؛ لآن من ترك متاعه فى مكان خال من الناس والعمران لا يعد حافظا له» وإن أغلق بابه وأحكم الإغلاق. بينا فى هذا معنى السرقة الموجبة للقطع من حيث ذات الفعل» وبقى أن نتكلم فى محل السرقة؛» وهو المال المسروق» فليس كل مال يؤخذ ولو كان محرزا ومحفوظاء وبين الناس» يعد أحذه موجبا للقطع» وقد قالوا: إن المسروق يجب أن يكون مالا متقوماء لا شبهة فيهء ولا قصور فى ماليته بأن يكون ما يتموله الناس» ويعدونه لأغراضهم المختلفة» ويتنافسون فى طلبهء وعلى ذلك لا يصح أن يكون المال من توافه الأموال كالتراب والطين وما يشبههما مهما تبلغ 3-3 قشمثه. ولا بد أن يكون المال المسروق مملوكا لمن سرق منه ملكية قطعية لا شبهة بالإحراز كالماء والصيد7؟؟ . حرز مثلهما: )١(‏ روى الترمذي: الحدود - ما جاء فى درء الحدود (5 )١77‏ عن عائشة قَالَتَ: قال رسول اللّه مه : «ادرءوا الحدود عن الْمُسَلمِينَ م استطعتم إن كَان لَه م تَحَلُوا سَبِيله إن ' الإمام 8 وه سرس صر سرع يُعْطىَ في الْمَغْوٍ حي من أن يَخْطىَ في الْشُوية». وقي الْبَاب عن أبِي هريْرة وعد اللّه بْن عمرو. 5-2 ل ا0االلل لل كم لأس ا أولهما ‏ أموال بيت المال» فقد قرر الأكثرون أنه لو أخذ مسلم من بيت المال لا يقطع. ولنترك الكلمة لابن جرير فى هذا الموضوع فهو يقول: ١لا‏ قطع على من سرق من بيت الال إذا كان مسلماء ويروى ذلك عن عمر وعلى رضى الله عنهماء وبه قال الشعبى والنخعى وأصحاب الرأى» وقال مالك وحماد يقطع بظاهر الكتاب (أى النص وهو #والسارق وَالسَارقَة4) ولنا ما روى ابن ماجه بإسناده أن عبدا من رقيق النمس (أى الخمس المخصص لبيت المال من الغنائم) سرق من الخمسء» فدفع إلى النبى كَلَِةٌ فلم يقطعهء وقال: مال الله سرق بعضه بعضا(2. ولأن له فى المال حقاء فيكون شبهة تمنم وجوب القطع» كما لو سرق من مال له فيه شركة. ونرى أن الذين أقاموا الحد طبقوا النص باعتبار أن السرقة قد تحققتء فوجب تحقيق العقاب» وأن هذا المال مال الله ومال الله تعالى أوجب أن تراعى حرمته» ولأن إهمال الحد فيه معنى إباحته» وذلك لا يجوز. والذين لم يقيموا الحدء وهم الأكثر عددا بنوه على أساس أن لكل مسلم حقا فيهء فهو مال الجماعة كلهاء وإذا كان كذلك فللآخذ حق أو شبهة حق» والحدود تسقط بالشبهات . وإن الرأى الذى يوجب الحد أحرى بالقبول» حتى لا تكون أموال الأمة نهبا للناس ينالونها من غير أى حريجة دينية» ويحسبون أنهم يأخذون حقا لهم» وإن لم يكن مقسوماء فالأولى بالحماية مال الله حتى لا تمتد إليه الأيدى الآثمة» ولعل النبى يَلِْهِ لم يقم الحد على الرقيق الذى كان غنيمة إذ أخذ منها؛ لآن الحرز لم يكن ثابتا بالنسبة لهء وللرفق بالرقيق الذى لم يكن على علم بالشرع وما يجب عليه» ولأن حماية مال الدولة أوجب رعايته» لآن ما سرقه من حيث القيمة دون ما ينقص من قيمته بقطع يدهء وفوق ذلك نتلف جزءا من بيت المال بإتلاف جزء عَنْ بن عباس أذ عدا من رقيق امس سرك من الْخُسسِ؛ قرفم ذلك إلى الي يكل ملم ام عا مور لس ل صر ها برو ٠‏ وقَال: «مَالَ الله عْرَ وجل سرق بعضه بَعضا». رواه ابن ماجه: الحدود - العبد يسرق (25040). والخمس أي خمس الغنائم المفروض لله ورسوله. هاا تفسير سور ة المائدة ١‏ خالا ااااالاال الالال لان اانا للا للا الالالال لاط قط الالالال خ لط ممالا اللل اخلط اناا ممما اخاخخخططتلخ ةل ططق ططططْشاطللا أرب" لز آخر» فيكون الإتلاف مضاعفاء وليس هذا متفقا مع ما عرف عن النبى يَكِلةِ من حكمة. ولعل قوله يَلِة: «مال الله سرق بعضه بعضا(؟ يشير إلى هذا المعنى إشارة واضحة. ويجب التنبيه هنا إلى أنه إذا لم يقم الحد عند من لا يقيمونه تجب عقوبة شديدة» وإن لم تكن قطع اليد ولتكن الجلد أو ا حبس » أو النفى من الأرض» أو ما يراه ولى الأمر عقابا رادعاء ونكالا مائعا. ثانى الفرعين من امال الذى لا يكون فيه قطع ‏ كل مال يكون للسارق نوع شركة فيه أو يكون بين السارق والمسروق منه صلة تجعل لكل واحد منهما حقا فى مال الآخرء وذلك يشمل ما يأتى: (أ) سرقة أحد الأصول من الفروع. فإنه لاا قطع فيهاء لآن للآأب أو للآم أو الأصول نوع شركة فى مال الفرع» كما قال يَلكِيَهِ: «أنت ومالك لأبيك)9؟ وكما ورد عنه: «الولد كسب أبيه»7) وكل أصل أب أو أم. (ب) إذا سرق أحد الزوجين من الآخر لا قطع؛ لأن ثمة شركة أدبية بين الزوجين توجد ما يشبه الشركة المالية؛ ولآن مال أحد الزوجين غير محرز بالنسبة للآخرء وفى هذا الموضع خلاف كثيرء ذلك القول فى عمومه أرجحها وأقواها. (ج) لا يقطع الفروع إذا سرقوا من مال أصولهم لمعنى الشركة الذى بيناه فهو من الجانبين» وقانون التساوى فى المعاملة يوجب ألا يقطع الفرع إن سرق من الأصل» كما لا يقطع الأصل إن سرق من الفرع. . السابق‎ )١( (0) عَنْ جابر بْن عَبْد اللّهِ أن رجلا قَالَ: يا رَسُول اللّهِ إنّ لي مالا ووكدا وَأ أبي يُرِيدُ أن يَجْنَاحَ مَالى ٠‏ قَقَالَ: «أنت وَمَائْكَ لأبيك» رواه ابن ماجه: التجارات - ما للرجل من مال ولده 6949 1 (5) عن عَائشة قَالَت: قال سول الله كي : «إناّ آطيّب ما كَل الرَجُل من كسبه وَإِن وَلَدَ الرجل من - كسبه). رواه الترمذي: البيوع - الحث على الكسب (5559). ها تفسير سورة المائدة ع ا ايك سر ات (د) سرقة الأرحام المحارم بعضهم من بعض فإنها عند الأكثرين من الفقهاء فيها شركة أوجبتها القرابة» وجعلت المحرمية مقياسا بهذه القرابة التى توجد الشركة المالية من بعض نواحيها. وهكذا نجد الحد يضيق تطبيقه إذا كان للسارق نوع حق فى المال المسروق» ولو كان ضعيفاء وأنه كلما اتسع نطاق الموانع لإقامة الحد ضاق تطبيقه» وإننا لو أردنا أن نقيم حد السرقة فى حال أجمع الفقهاء على وجوب إقامته فيها لوجدنا العدد يضؤل ويضيق النطاق» حتى إننا نجد أنه فى كل عشرة آلاف حالة سرقة لا تقطع يد واحدة» وإنها كافية للردع والزجر فى ألوف الألوف» وقد ثبت أن ما دونها لا يزجر مثلهاء ولو فى هذا النطاق الضيق» والله عزيز حكيم يضع العقاب فى موضع الداءء فيحسمه القليل» ولا يحتاج فيه إلى الكثيرء إنه خبير بما يعملون. وإن الفقهاء الذين قرروا أن السرقة لا بد أن تكون من حرزء وأن يخرج بها السارق من الحرزء وألا يكون قد دخل ذلك بإذن أهله بأن يكون منتهكا للحرمات» قد قرروا كما رأيت إعفاء السارقين من العقاب إذا كانت الأموال لهم شبه حق فيهاء وذلك كأموال بيت المال عند الأكثرين وأموال الآباء والأبناء» وأموال الأقارب بعضهم مع بعض والزوجة مع زوجها. كذلك قرروا أن بعض الأموال لا يجرى فيها قطع اليدء» كالأموال التى تكون مباحة» ونالها بالاستيلاء مالكهاء فقد قال الأكثرون: إنه لا قطع فيهاء وأجمعوا على أن مال المحوز إذا سرق لا قطع فيه وذلك لأن الشركة الطبيعية لا تزال قائمة ولو بطريق الشبهة ما دام المالك هو المستولى. ولقد قال بعض الفقهاء: إنه لا قطع فى الأموال غير القابلة للادخار أى التى يتسارع إليها الفساد» كاللحم والفاكهة الرطبة واللبن والخضر غير القابلة للادخار؛ وهكذاء فقد قال أبو حنيفة ومالك والثورى: لا قطع فى هذه الآموال» والشافعى وأحمد ومن تبعهم أجازوا القطع فى هذه الأمور. ا تفسير سورة المائدة االلا 1 جرب > أ وهكذا يجرى الخلاف فى بعض الشروط وفى بعض أنواع الأموال» وقد اتفقوا على أن سرقة ما يحرم تناوله أو استعماله لا توجب قطع اليد» فسرقة الخمر أو الخنزيز» ولو كان يملكها غير مسلم لا توجب القطع باتفاق علماء المسلمين» وسرقة أدوات اللهو والمجون وما لا يتخذ فى حلال خالص لا توجب القطع. وإنك إذا تلمست الصور التى اتفق الفقهاء على وجوب القطع فيها بالنسبة للشروط الواجبة للاستيفاء فى الفعل» وفى الأموال تجد تلك الصور نادرة» لا تقع فى كل خمسمائة سرقة واحدة متفق على وجوب القطع فيهاء ويزيد ندرة الصورة المنفق عليها اختلاف الفقهاء فى نصاب السرقة . وقد اتفق الفقهاء فى الجملة على أن اليد لا تقطع إلا إذا بلغ المسروق قدرا من المال» فقد اتفق الرواة على أن النبى يلد قطع يد السارق فيما قيمته مجن» (وهو ما يتقى به المقاتل ضربات العدو) فقد روت السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قطع فى ثمن مجن وقد قدرته رضى الله عنها )00 5 عو بربع دينار واختلف العلماء من بعدها فى قيمته» والأكثرون على أن قيمته ربع دينار» فأقل مقدار تقطع فيه يد السارق ما قيمته ربع ديئار» ولكن ال حنفية قدروا النصاب بعشرة دراهم» كما روى عن ابن مسعود: أنه لا قطع فى أقل من دينار أو عشرة دراهم» ولأنه قد اختلف فى تقدير المجن» فقيل قيمته أربعة دراهم» وقيل قيمته ربع دينار» وقيل قيمته دينار» والاحتياط يوجب الأخل بالأكثر وتعدير أم المؤّمنين عائشة اجتهاد منها يعارضه اجتهاد عبدالله بن مسعود» فِيوٌ خذ به؟؛ لآنه أكثر احتياطا . )١(‏ عن عائة أا يد لسار لم تقلع على هد الي يك إلا في كم مجن حَفَة أذ رس . [متفق عليه؛ رواه البخاري: الحدود - والسارق والسارقة (؟5145): ومسلم: الحدود - حد السرقة ونصابها (1384). وعن عائشة قال لني لل : القع اليد في ريع ديار قصاعد». [متفق عليه؛ رواه البخاري: الحدود - السابق (1985): ومسلم: السابق (1584). 9ه تفسير سورة المائدة للك هذا وهناك ملاحظة لفظية يجب اعتبارهاء والوقوف عندها وقد وقف بعض الباحثين عندهاء» وهو أنٍ الله سبحانه وتعالى عبر عن الذى يستحق القطع بقوله تعالى : #والسارق والسّارقة َه فَافطعوا أيديهمًا) . فقد قرر بعض الباحثين أن كلمة «السارق»» و«السارقة» وصفان وليسا فعلين» والوصف لا يتحقق فى الشخص إلا بالتكرار» فلا يقال لمن ظهر منه الجود مرة أنه جواد» ولا لمن وقع منه الكذب مرة ولم يتكرر كذاب» ولا للفاسق الذى لا يقول الحق» والمنافق الذى يخفى ما لا يبريه إذا صدق مرة أنه صادق أو صدوقء إنما تقال هذه الأوصاف لمن يتكرر منه فعلهاء حتى تكون اسما له وعنوانا يعرف به. وبتطبيق هذا القول على من تقع منه السرقة لا يكون مستحقا للقطع إلا من تكررت منه السرقة» وعلى حد تعبير القانونيين يكون ذلك العقاب للسارق العائد. ويزكى هؤلاء الباحثون نظرهم - أولا ‏ بأنه ثبت فى أخبار المخزومية التى سرقت وأمر النبى ككل بقطع يدها(١؟‏ أنها كانت معتادة السرقة» لأنها كانت معروفة بأنها لا ترد الودائع التى تودعهاء ولا العوارى التى تستعيرهاء فكان الآمر بالقطع من النبى يكل واقعا على امرأة قد اعتادت الاعتداء على الأموال بجحود الودائع والعوارى والسرقات. وثانيا ‏ أنه روى عن عمر بن الخطاب ‏ رضى الله عله .. ا أراد قطع يد شاب سرق قالت له أمه: اعف عنه يا أمير المؤمنين» فإن هذه أول مرة» فقال عمر (1) عَنْ عَائشَة رَحِي اللَّهُ َنْهَا أن ريا أهَمَنْهُم الْمَرة اْمَحْرُومية الي سرقت فَغَالُوا: : من يكلم رسُول الله َك ومن يَستَرىُ ليه إلا أسامَةٌ بن وَيّد حب سول الله يكو ٠‏ فَكَلّم سول الله يكل فَقَال: تق في حَدٌ من دود الّه كُمقَمَ قحب قال: يا يها النَاس إِنّمَا ضل من قَبلَكُمْ نه نوا ذا سق الشتريف تَرُوه وإذا سر الضسعيفا فيهم أنَاسُوا عليه اله ويم الله لو أن قَاطمّة بنت محمد يَكَِةِ سركت لَقَطَمْ مُحَمَدٌ يّدَهَاه. [متفق عليه؛ رواه البخاري: الحدود - كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان (2517/88)» ومسلم: الجدود. 0 هاا تفسير سورة المائدة 1 لكالل 02 لها: (إن الله أرحم من أن يكشف ستر عبده لأول مرة) ويظهر أن الإمام عمر رضى الله عنه يرى أن القبض على السارق متلبسا ووجود شهود يشهدون يدل على التكرار. وثالثا - بأن كثيرين من الفقهاء اعتبر توبة السارق قبل إقامة الحد عليه تسقط الحد. فلا يقام عليه. ولا تكون التوبة عند التكرارءبل يكون موضعها عند الارتكاب الأول» ولنتكلم فى موضوع التوبة فقد قال تعالى: #فمن تاب من بعد ظلمه وَأصلّح فَإِنَ اله يتوب عليه إن الله عفُور رُحيم» الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر والمعنى إذا كان قطع اليد هو العقوبة الرادعة» فإن التوبة تجبها وتقطعها فى الدنيا والآخرة» أو فى الآخرة فقطء فمن أقلع عن الذنب وأحس بالندم على ما ارتكبهء واعتزم على ألا يعود إليه» فإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبتهء وعبر سبحانه وتعالى عن قبوله توبته بقوله: 9فَإِنَ الله يتوب عليه 4 . أى أنه جلت قدرته. وتعالت عظمته يقابل عمله القلبى فى التوبة» والعمل الخارجى بالإصلاح ومنع الإفسادء بعمل من جانبه سبحانه وهو أنه يتوب عليه. أى يعينه على التوبة ويقبلهاء فقوله تعالى: طفن الله يوب علَيّه» يتضمن ثلاثة معان أولها - المعاونة على التوبة إذا أخلص العبد» وخلص العمل له سبحانف. وأصلح فى الأرض بعد الإفساد فيها. وثانيهما ‏ قبول التوبة» وثالشها ‏ تطمين التائب بتأكيد القبول. وذكر سبحانه أن التوبة الخالصة لا بد أن تقترن بالإصلاح؛ لأن الإذعان القلبى لا يكون كاملا وناميا إلا إذا اقترن به العمل الصالح؛ لأنه يزكيه ويسقيه. والتعبير بقوله تعالى: #من بعد ظَلْمِهِ) إشارة إلى أن السرقة خاصة وارتكاب الذنوب عامة ظلم كبير» وقوله تعالى : «وأصلح» . فيه إشارة إلى أن السرقة إفساد فى الأرض والأمانة إصلاح أى إصلاح . وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية بإثبات رحمته» وأنه سبحانه من صفاته الثابتة الغفران فقال: «إِنَ الله عمُور رُحيم*. أى أن الله يتوب على عبده إذا أذنب؛ بل تفسير سورة المائدة 11111111 قطنا تاقا قن ااانا ناتللا تاللا تلان الالال تالالطا تاناخ نطلل لنان تالالا ن انان مالسلا 2 لآن من صفاته أنه غفور كثير الغفران يتجاوز عن السيئات» ويكافئ على الحسنات؛ لآن ذلك مقتضى رحمته» وهو الرحيم الدائم الرحمة» وقد أكد سبحانه ذلك فضل تأكيد ب (إن»» وبإعادة لفظ الجلالة. وقد أشرنا من قبل إلى أن كثيرين من الفقهاء يقولون: إن التوبة تسقط الحدء وكانت هذه الآية الكريمة: طفَمَن تَابْ من بعد ظلمه وأصلّح فَإِنَّ اللّه يتوب عليه من شواهد ذلك. اا والقول الجلى فى هذا أن التوبة قبل الترافع إلى السلطان إذا صحبها رد المسروق إلى مالكه تمنع إقامة الحد بالاتفاق» ولكن الخلاف القائم ب بين الفقهاء فى التوبة إذا كانت بعد الترافع وإثبات السرقة» فقد قال أبو حنيفة ومالك: إن التوبة لا تسقط الحد؛ لأن الأمر بالقطع عام يشمل التائب وغير التائب» والتوبة المنصوص عليها فى هذه الآية هى ما يكون بعد إقامة الحد وقطع اليدء فقد قال النبى كَكه: «إذا قطعت يد السارق فتاب سبقته يده إلى الجنة» وإن لم يتب سبقته يده إلى النار؛ وفوق ذلك فإن التوبة فى السرقة كالتوبة فى الزنى لا تسقط (الحد)(2» ولقد أقام النبى كَلْهِ حد الزنى» وقال فى امرأة أقام عليها الحد: 4 . وفوق هذا «لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وذاك الحد كفارة للذنوب فى الدنيا والكفارات تجب مع التوبة . 1) عن مُحَمّد بن ادر رضي اله عنه: دأ الي يك َم سَاراء ؛ َم مر به فَحسم» ٠‏ ثم قَال: نْب إلى الله قَالَ: أُوب إلى اللَّهء قَالَ: للم با عليه ثم قال الي كلل : 3 السّارق إِذَا 8 عو> 2 ١‏ لع سر ص عمل قطعت يده وَقََتْ في الثّارء فإِن عاد تبعها» وإِن تاب اشتَلاها - يعني ي : استرْجَمهَا 2( . [الجامع للسيوطي ج١21‏ ص١‏ ”7 (1ث1١ ١‏ 5))]. 0) عن عا ب حمسي الأ رم مهي احا "لله ف وي حبلى من الى قتا : يَا نبي اللّه أصبت حدا فأقمه مه علي ؛ ا َي الله ل وليه قال : «أحرين إلهار فَإِذَا وضعت ؛ تأتِي َال له 0 0 عليه ب َي" الل كد رنّت؟ د كَقَالَ: 0 سين 2 الع لل 52 من أهل الْمَديئة أوسعتهم» ٠‏ وَهَل جات تَوْبَة أفضَلَ من أن جَادَت بتَفْسها | 7 تَعالَى» آزواة - لاا تفسير سورة المائدة ٠ 7‏ لل 1ل اللا ااانا اناالا رااان لكالا للا اكاكلا ال اناك الالال ات الخال ماللا مانن انلالخ اماما انان انالا لالاتلا الا نالط لا اللتتظلل لسرب ا وقال أكث الشافسة والحنائلة: التوبة قنم إقامة الحد وأقا | ذلك الآدلة 2 ٍ ٍ ملع مو - قوله تعالى: لأفمن تاب من بعد ظلمه وأصلح» . وهذا النص مقترن بقوله تعالى : لسار والسسَارقة فَاقْطعوا أيديهما» . فكان ممعخصصا للعموم فى الآمر بالقطع وإلا ما اقترن به. - أن الله تعالى اعتبر التوبة مانعة من إقامة حد الحراية210» والحرابة فيها جرائم سرقة وقتل وسرقاتها كبيرة» فكيف تقبل التوبة فى السرقات الكبرى» ولا تقبل فى الصغرى . جح - ما ورد فى الآثار الصحاح مما يث يثبت أن التوبة تجب ما قبلهاء وقد قال لَب : «التائب من الذنب كمن لا ذنب له). - أن التوبة السريعة تدل على أن النفس لم تدنس بالرجس» وقد قال تعالى فى تمحقيق هذا المعنى : ط إِنَمَا التوبة على الله للّذين يعمَلُونَ السو بجهالة كم يتوبون من قَرِيب . ٠‏ 0ل © [النساء] . والذى نراه فى هذا الموضوع أننا نتأحذ برأى الإمامين أبى حنيفة ومالك فى أما الذين لم يكونوا عائدين» فإن التوبة تعفيهم من العقاب إقالة لعثرتهم. ونتأخل بإقامة حد السرقة نطالب به فى الحدود الآتية: - مسلم: الحدود - من اعترف على نفسه بالزنا 2)١595(‏ كما رواه الترمذي: الحدود ,)1١56(‏ والنسائي: الجنائز .)١451/(‏ وأبو دود: الحدود (4)5550 واين ماجه: الحدود (5606), وأحمد: أول مسند البصريين 2)١9975-0(‏ والدارمي: الحدود (55؟5)]. )١(‏ إشارة إلى قوله تعالى في سورة المائدة (38) : : #إلاً الدين تابوا من قبل أن تقدروا عَلَيْهم فَاعْلمُوا أن الل فور رحيم»» وقد سبقت . ا تفسير سورة المائدة 1 سب ا أولها ‏ أن يقام الحد على السراق العائدين ليكونوا عبرة المعتبرين. الثانى - ألا يقام الحد إلا فى الحال التى اتفق الأئمة على إقامتها فيه» فلا يقام الحد» وبعض الأئمة لا يرى إقامته. الثالث ‏ ألا توجد أى شبهة فى الإثبات أو فى غيره» والله سبحانه بكل شىء عليم» ولقد قال سبحانه : «ألم تَعلَم أن الله له ملك السَّمُوات والأرض» بعد أن بين سبحانه وتعالى العقاب الذى ينزل بالمفسدين فى الأرض محاربين أحكام الله تعالى والنظام الذى يقرره الإسلام» وبين أن باب التوبة مفتوح.ء لمن يريد الإصلاح» ويقلع عن الإفساد ‏ ذكر سبحانه وتعالى أن تلك هى أحكام العليم الحكيم» صاحب السلطان القاهر الذى هو فوق كل سلطان» وأن كل ذى سلطان مهما يكن اتساعه وسطوتهء فهو فى ملك الله تعالى» وأن ما يكون من عقاب أو غفران فهو من واسع حكمته» ومن شمول رحمته؛ ولذلك قال سبحانه مبينا سلطانه مخاطبا كل أهل للخطاب» أو مخاطبا النبى يِه ابتداء» ومخاطبا غيره اتباعاء وهذا ما نرجحه؛ ولذلك أردف هذا النص الكريم بقوله تعالى: 8 ... لا يُحَزَنك الّذين ... +0 4 [المائدة] كما سنتكلم فى الآيات الآتية بمعونته تعالى ومشيئته. وقوله تعالى: #أَلم تَعلم#. هذا التعبير السامى من قبيل الاستفهام الإنكارى الذى يؤكد ما فى مضمونه ويبعده عن كل احتمال» ويقال إنه للنفى» فهو نفى للجهل» ونفى الجهل تأكيد للعلم» والمعنى أبحثت الأدلة» ودرست الكون وما فيه» والخلائق ومبدعها فعلمت أن أحدا له ملك السموات والأرض غير اللهء وإذا كان بحثك وتنقيبك واستدلالك قد أدى بك إلى نفى العلم بأحد له ملك فى السموات والأرض غيره فالدليل نفسه هو الذى يؤكد علمك بأنه وحده صاحب السلطان المطلق فى السموات والأرض. وإذا كان سبحانه وتعالى هو صاحب الملك المطلق» والحكم الذى لا معقب له فى السموات والأرض» وهو العزيز الحكيم» فهو وحده المنفرد ببيان العقاب الرادع» والتجاوز السمح حسب ما يرى بحكمته؛ ولذلك قال سبحانه: ا تفسبير سبور, ة المائدة ل 0 ال 1 يي «يعذاب من يشاء ويَغَفرٌ لمن يشَاء» وإذا كان سبحانه وتعالى هو صاحب السلطان المطلق» فإنه لا يسأل عما يفعل وليس وراء ما يأمر به معقب من أحدء فهو يعذب من يشاء عقابا رادعا فى الدنياء ليمنع غيره من أن يقع فى الشرء كما وقع هوء ويغفر لمن يسلك طريق التوبة» والأمر فى كل ذلك إلى مشيئته هو وحدهء وهو العليم الخبير اللطيف بعباده؛ الذى لا يكون معه إلا ما فيه خيرهمء وإن علا على إدراكهم» وعسر على فهمهم» فمشيئته مطلقة تعلو حكمة ما يفعل - على عقولنا ومداركنا. ولقد كانت مشيئة الله تعالى مقترنة بقدرته» ولذلك قال سبحانه: #والله علّى كل شيء قَدِيرٌ» فهو سبحانه قادر على كل شىء» فكل ما فى هذا الوجود خاضع لإرادته وقدرته وسلطانه» لا يخرج عنه شىء» ولا يعجز عن شىء؟؛ اللهم أظلنا برحمتك وعفوك وغفرانك» إنك على كل شىء قدير. كيد نامسد مَوَاضِية. ار ته ا 00 يَعُولُونَِنَ تتم هَدَاَخُدُوهُ وإن و فاحذروا 9 تفسير سورة المائدة 7ل ان مم > ا بعد بين الله سبحانه وتعالى حسد أحد ابنى آدم لأخيه وكيف أدى الحسد والحقد إلى أن يقتل الأخ أخاهء بين سبحانه وتعالى ما هو نتيجة للحقد» من قتل النفوس» وقيام المجرمين بالشر فرادى وجماعات» وآثار هذه الجرائم فى المجتمع» وبين أشد أنواع جرائم الفتك والاعتداء فى الجماعة وهى الحرابة» ثم ذكر السرقة. وهى فى معنى الحرابة؛ لأنها سطو على الأمن» وإزعاج للناس» وجعلهم فى اضطراب مستمر وبلبال دائم» وهم مقيم» وذكر عقوبتها الزاجرة» وآثارها الملقية بالأمن والاستقرار فى النفوس . وبعد هذا البيان من آثار الحقد» والحسد فى الجرائم الحسية ونشرهاء ذكر سبحانه أثر الحقد والحسد فى الجرائم المعنوية والاعتقادية» وهى التى يجمعها جحود الحق حسذا وحقدا واستكباراء كحسد أحد ابنى آدم على أخيه إذ حقد واستكبر» وذكر حقد اليهود والمنافقين على النبى يَكِيْةٌ وحسدهم له ولقومه على ما آتاهم الله من فضلهء فأرسل فى العرب رسولا يدعو إلى الحق وإلى صراط مستقيم» وقد كان سياق قصة ابنى آدم مبينا استمكان الحقد والحسد فى نفوس الأشرار» وإذا علم ذلك النبى يَككهِ فلا ينبغى له أن يحزن على ما يصيبه نتيجة للحقد والحسد؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى: يا أَيْهَا الرسُول لا يحَرَنك الْذِين يُسارعون في الكفر من اين قَالُوا آمنًا بأفواههم» النداء إلى النبى ككةِ والنداء له عليه السلام ب يا أيه - التى تدل على نداء البعيد مع أنه من الله قريب وهو له مجيب؛ لبيان الشأن العظيم لا يدعوه إليه ويناديه لآجلهء» وللموضوع الذى ينبهه إليه» وهو حال الذين يخاطبهم وتدبير الدعوة على مقتضى حالهم» وتوقع ما يقع منهم. وقد قال فخر الدين الرازى: إن نداء الله تعالى له عليه السلام يكون ب «يأ أيها النبى») ما عدا موضعين: أحدهما ‏ هذا الموضع » والشانى فى قوله تعالى: #يأيها الرسول بلغ ما أنزل اليك#© . وقال إن النداء: #يا يها الرسُول» فيه زيادة تشريف للنبى يَكلِةِ؛ِ لأن الرسالة أخص من النبوة» والحق أن النداء بالنبوة 5 00م (#ا تفسير سورة المائدة اللا تاتالا تالالا ال لان اللل ااا انالك الال الالل انالا للا اللخ ناملالا طال اتات لمالا ملالا مالالا الاك انط خخخ خطط نكن انلالخ خانالط ملظلل 4 كك > بي وبالرسالة كلاهما فيه تشريف للنبى يَككِْةِ بدرجة واحدة» لأن فى كليهما بيان صلته بالله تعالى بهاء ولكنا نرى أن النداء ب يا أيها الرسول» ونهيه» ويبلغ رسالته التى شرفه الله تعالى بها ولكنا نرى أن النداء «يا أيها الرسول» يناسب ما يطلبه الله تعالى منه» وهو تبليغ الرسالة؛ إذ يقتضى أن يلاقى الأخيار والأشرار» وأن يتوقع من الأشرار ما قد يثير النفس فإن لج به الألم ذهبت نفسه حسرات» ولا يتفق ذلك مع العزمة الواجبة لأداء الرسالة. وقد كان النهى منصبا لا على ذات الحزن » بل قال سبحانه: إلا يَحَرّنك»4 أى لا تجعلهم يدخلون الحزن على نفسك باستعظام ما يفعلونء» وبذلك يندفع الاعتراض القائل أن الحزن ألم نفسى يدخل على النفس إججبارا من غير استعذان» والنهى عنه ليس نهيا عن أمر للنفس فيه اختيار» بل هو نهى عن أمر للإرادة فيه سلطان بالصبر وضبط النفس» وتوقع الأمور قبل وقوعها فمن توقع النائبات قبل وقوعها يخف وقعهاء ويسهل احتمالهاء وأولئك الذين يسارعون فى الكفر يتوقع منهم الشر فلا يحزن الرسول عند وقوعهء فمعنى النهى فى قوله تعالى: «إلا يحزنك» يتضمن أمرين : أولهما - قبل وقوع شر أولئك المنافقين يتوقعه» فلا يحزن إذا وقع» وثانيهما - ألا يبقى أى أثر من ألم لوقوع الشرء والمعنى الضمنى لهذا النص: لا تعبا بما يصنع هؤلاء ما من شأنه أن يحزنء فلا ينبغى أن تحزن. ظ وقوله: #الذين يسارعون في الْكُفْر» معناه: الذين يتنقلون بحركات سريعة فى دركات الكفر فينحدرون من دركة إلى دركة ويوغلون فيه إيغالا من غير مواناة ولا تدبر ولا تفكرء وهذا سر التعدية ب «فى» دون «إلى»؛ لأن التعدية ب (إلى» تفيد الدخول فيه بعد أن لم يكن» أما التعدية ب «فى» فإنها لا تفيد الدخول بعد أن لم يكن» بل تفيد الانتقال فى مداخخله من حال إلى أسوأ منها فى سرعة من غير تفكير . لها تفسير سورة المائدة ااانا اناالا ااال ااانا الالال نالاا قطان الاك الال ااانا الللل اط طخل اللا اطاط املاطل الالال ااال اطخلا لط طخل لالطالا 1م لحر > ات وهذا يزكى معنى النهى عن أن يكون منهم ما يحزن النبى كَةِ؛ لأنه لا يتوقع من الكفار الذين مردوا على النفاق إلا الإيغال فيه» والازدياد فى الشر. وقد بين سبحانه نوع هؤلاء الناس» فقال تعالت كلماته: #من الّذين قَالُوا آمنًا بأفواههم ولَمِ تَؤْمن قُلُوبهُم4. #«من» هنا بيانية» فهى تدل على أن ما بعدها بيان للذين يسارعون فى الكفر متنقلين فى دركاته موغلين فى الجحودء وقد كان أول وصف يدل على جحودهم الشديد» وإمعانهم فى الضلال والتضليل هو أنهم يقولون: «آمنا» بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم. وقوله تعالى بأفواههم متعلق بقوله تعالى : #قَالوا» . وقدم قوله تعالى #آمنَّاِ على قوله تعالى ا بأفواههم» للإشارة إلى مسارعتهم بقول الإيمان وإعلانه وذكره» إمعانا فى التضليل والنفاق» ولآن قول الله تعالى لا بأفُواههم». ولو أنه متعلق بكلمة قَالُوا4 فيه حكم على ادعائهم الإيمان والحكم يتأخر دائما عن واقعة الحكم» فالواقعة قولهم #آمنا4. والحكم من الله تعالى بأنه إيمان بالأفواه» لا بالقلوب فهو إعلان عن الإذعان» ولقد أكد سبحانه وتعالى ذلك الحكم بقوله تعالى: #ولم تومن قُلوبهم» أى لم تذعن للحق وتسلم به وتخضع له قلوبهم» وليس المعنى لم تصدق قلوبهم؛ لأن الإيمان ليس هو المعرفة المجردة» بل إنه إذعان وخضوع لما تقتضيه المعرفة ويقينهاء فإن من أولتك يهودا كانوا يعرفون محمدا كما يعرفون أبناءهم» ولكن معرفتهم هذه صحبها ترد على الحقائق» وعبث» وسير فى الجحود فلا يمكن أن يتحقق الإيمان منهم: وإن كانت لديهم المعرفة بالحقائق» إذ لم يذعنوا لهاء والتعبير بالآفواه بدل الألسنة - إشارة إلى تزيين كلامهم فقط حتى صار الفم كله يشترك فى ادعاء الإيمان لا طرف اللسان فقط. #ومن الذينَ هَادُوا سَمَاعُونَ لذب سماعُونَ لقو آخَرِين لم يَأنوك» هى داخلة فى البيان الذى دلت عليه «من) الأولى» وعلى ذلك يكون هؤلاء داخلين فى الذين يسارعون فى الكفرء فإنهم فريقان» فريق المنافقين» وفريق اليهود الذين ا تفسير سورة المائدة 2 م لل 7 للها 211 تميزوا بهذا الاسمء وإن اشتركوا معهم فى معنى النفاق» ويكون قوله تعالى لمن بعد #سمَاعون للكذب سماعون لقَوْم آخْرِين» وصفا للفريقين معاء لأنه يجمعهم المسارعة فى الكفر» هذا أحد مخرجين للآية الكريمة» وهو يتفق مع إحدى القراءتين'!)» وهى التى لا يكون فيها الوقف عند قوله تعالى: #ولّم تؤمن فُلُوبهُم» بل تكون القراءة متصلة متسصلة . والقراءة الثانية أن يكون الوقف عند قوله تعالى : «ولم تؤمن فلوبهم» ويكون قوله تعالى: #ومن اين هادوا4. استئنافا لفريق آخرء ويكون قوله تعالى #سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين*: وصفا لليهودء ويكون المعنى أن الذين يعاندون النبى له فريقان: أحدهما - منافق يعلن الإيمان» ويبطن الكفر وسبب جحودهم أنهم مردوا على النفاق» وضعفت نفوسهمء وانحل موضع اليقين فى قلوبهم لسماع الباطل من القول» والزور من الدعاوى» حتى اختلط عندهم الحق بالباطل» وفقدوا التمييز بينهما بسوء ما يصنعون, وكلا الفريقين يلتقى عند مصب الجحود والنكران» والمسارعة فى الكفرء وإن كان قوله تعالى: إيسارعون في الْكُفْرِ4. غير متجه إلى اليهود من حيث النسق البيانى على القراءة الشانية فإنه من حيث الضمن والواقع ينطبق عليهم وصف المسارعة على الكفرء والتنقل فى دركاته. وفى الحق» إن القراءتين'» مقصودتان من حيث المعنى» والقراءة الأولى معناها مقصود بالنص» والقراءة الثانية (كذلك) وكلتاهما قرآن يتلى ويفهم. ويراد معنى» كلا ومتفردا. وقوله تعالى: #سمَاعونَ للكذب4. هو وصف للفريقين على إحدى القراءتين» أو على مجموع القراءتين» وسمّاع صيغة مبالغة من سامع» أى من صفاتهم التى صارت فيهم < خحصلة من خصالهم أنهم كبثيرو سماع الكذب» قد استمرأته قلوبهم وأسماعهم» يجدون لذاذة فى الاستماع. ويصل إلى قلوبهم . عبر بالقراءة» وأراد الوقتف (فى أثناء القراءة)‎ )١( . أي الوقفين. والقراءات المتواترة توقيفية مر: عند الله تعال‎ )( برة توفيمية من‎ ٍِ با تفقسشبير سيور ة المائدة الملل 1م > 7 فيفسد موضع التفكير والتدبرء كأولتك الذين يلقون بأسماعهم فى الخرافات» فيتقبلونها كأنها حقائق ثابتة لا مجال للريب فيها عندهم» فهم بهذا ضالون» وتكون اللام فى قوله تعالى: «للكذب»», للتعدية» أو لتقوية التعدية» وأن السماع منصب على الكذبء» وقال بعض اللغويين: إن اللام للتعليل أى سماعون لأجل أن يكذبواء وأحسب أن التخريج الأول أقرب إلى القبول؛ لأن ذلك وصف لهم» فهو غير معلل» وهو يدل على فساد قلوبهم من داخلهاء لا من أمر خارج فقطء وقد بين سبحانه الذين يستمعون إليهمء والذين يغذون قلوبهم المملوءة بالصديد والدم» فقال سبحانه وتعالى: #سماعون لقوم آخرين لم يأتوك» أى أنهم يكثرون سماع الباطل ويكثرون من سماع قوم آخخرين لم يأتوك لهم تأثير فيهم» فاجتمع فيهم فساد الباطن الذى جعلهم لا يستمرئون إلا سماع الشرء ووجود من يستغلون فيهم ذلك الضعف القلبى» فيعملون على استهوائهم إلى الباطل» والتعبير ب ”قوم آخرين2» فيه إشارة إلى أن أولئتك الذين يستمعون إليهم بعيدون عن سلطان الدعوة الإسلامية» إذا كان البعد حسياء أو بعيدون عن قبول قوله إذا كان البعد معنوياء وكلاهما يشمله القول. وفى الجملة: إن فى هذا تسلية للنبى يَكٌ من حيث إن الذين يسارعون الكفر من المنافقين واليهود إذا كانوا يتنقلون فى دركات الجحود» ولا يستمعون إليك» فلآنهم يجيئون إليك وقلوبهم مملوءة بالباطل» والإيمان الصافى يحتاج إلى آنية صافية من كدرة الهوى». وأخباث الشرء وإذا كان فيها شىء من ذلك فإشراق الإيمان قد يذهب به إذا لم يكن ثمة تغذية له من كلام الآخرين» واستمراء الباطل. وقد وصف الله الذين يمرقون عن الحق مروق السهم من الرمية ويدعون إليه بقوله تعالت كلماته: 9 يَحَرَفُونَ الْكَلمِ من بعد مواضعه يَقُولُون إن أوتيتم هذا فَحْدُوهُ 4 الكلم اسم جنسى جمعى لكلمة» فهو معناه كلام» والتحريف أصله من اا تفسير سورة المائدة . لكالل 71 1 > اق الحرف» وهو طرف الشىء» ومعناه إمالة الكلام عن معناه» وإخراجه عن أطرافه وحدوده؛ والتحريف يكون على ضروب شتى فيكون بتغيير الألفاظ والزيادة فيها والنقص منهاء وذلك تحريف فى اللفظ والمعنى» وإما أن يكون التحريف بتفسير الكلام بغير ما تدل عليه الآلفاظ» وتوجيه المعانى إلى غير مقاصدهاء ويكون التحريف بإدخ ال احتمالات فى الألفاظهء وهى غير قابلة لهاء وقد قال الأصفهانى فى هذا المعنى: «وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن على الوجهين» وقد خرج على هذا المعنى النص الكريم الذى نتكلم فى معناه . واليهود حرفوا التوراة بكل أنواع التحريفات» فزادوا فيها كلمات ليغيروا المراد فيهاء ففى تحريم الربا زادوا كلمة «أخماك الإسرائيلى» ليجعلوه محرما بين الإسرائيليين فقط. وحذفوا منها عبارات» وأتوا بقصص مكذوبة كقصص ابنتى لوط» وحملوا ما بقى من عبارات من غير زيادة فيها أو نقص على غير معانيهاء أو جعلوها محتملة لغيرهاء ورجحوا غير الظاهر على الظاهر» وحذفوا منها ما كان فيه التبشير بمحمد وَل وقوله تعالى: #من بعد مواضعه4. أى من بعد استقرار مواضعه؛ وبيان حلالها وحرامهاء وفى آيات كثيرة كان التعبير القرآنى» يحرفون الكلم عن مواضعه؛ أى يصرفونه عن مواضعه بزيادة أو نقصء والتعبير هنا هو قوله تعالت كلماته : من بعد مواضعه» . أى من بعد استقرار أحكامه وهو مناسب للمقام هنا؛ لأن الموضوع», كما تدل الآيات التالية مسوقة لتغييرهم فى الأحكام» ومحاولتهم العبث بها. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ما كان يقوله القوم الآخرون الذين يسمعون لهم؛ فهم يعطونهم معلومات محرفة باطلة عن التوراة وما فيهاء ويقولون للسامعين لهم: إن أوتيتم هذا فخذوه. أى إن آتاكم النبى كَلِلَةٍ مثل هذا الذى هم عليهم فإن لهم أن يقبلوه. وأن هذا كقول الله تعالى فيهم حاكيا عنهم قوله: ا تفسير سورة المائدة ااال 01ص سب د «( وَقَالَت طَائفَةَ من أَهْل اكاب آمنوا الذي أنزل على الّذينَ آمنوا وجه النّهَارٍ واكفروا آخره لَعلَّهُمِ يرجعون +720 ولا تؤمنوا إل لمن تبع دينكم قل إِنّ الهدئ هدى الله ... 208 » [آل عمران] وإن هذه الحال هى أبلغ الضلال الذى ينال العقول. وهو الفتئة التى تعتريها؛ ولذلك قال سبحانه: ومن يرد اللّهُ فته فلن تملك لَه من الله شيئا4. الفتنه هنا هى: الضلال واستهواء النفوس إليه» وذلك أن الفتنه تطلق بمعنى الاختبار الشديد» والوقوع فى البلايا والشدائد والنوازل» وأن هؤلاء قد اخحتبرت نفوسهم بما سلط عليهم من باطل ودعوات إليه؛ وسقطوا فى الاستجابة لهذا الشر» فكانت هذه هى الفتئة التى وقعوا فيها باختيارهم» واستهوتهم الأهواء المردية» ووقعت بهم البلايا الشديدة» وقد أراد الله تعالى أن يقعوا فيها باختيارهم» فالضلال باختيارهم وسلوكهم سبيله» وتجانفهم عن طريق الحق» والله تعالى أراد لهم ما اختاروا. وقد بين الله تعالى أن النبى كَلِْةٌ لا يملك أن يزيل عنهم ذلك الضلال لأن من يرد الله فتنته وضلاله بكتابة ذلك عليه» وتسجيله فى لوحه المحفوظ» فلن يملك أحد دون الله شيئا فى ذلك» فلا يستطيع تغييره» وأنت يا نبى الله لا تستطيع التغيير فلا تحزن لضلالهم» ولا تهتم لما يقعون فيه: 8 إِنّك لا تهدي من أَحببْتَ ولكن الله يدي مَن يَشَاءْ ... 27 4 [القصص]. «أولعك الْدين لم يرد الله إن هؤلاء الذين أركست نفوسهم فى الشر والضلال» حتى صار النفاق دأبهم» وتحريف القول بعد استقرار مواضعه طريقهم» واستمراؤهم للكذب يستمعون إليه وصفهم - أولءك المتصفون بهذه الصفات لم يرد الله تعالى أن يطهر قلوبهم». ذلك أن قلوبهم اكتسبت سيئات تراكمت وتكاثئفت» حتى أربدت» وخالطها الشر وأصبح ملاصقا لها كأنه جزء من كيانهاء والله سبحانه يأخذ بيد من يرتكب الشر عن جهالة» أما من اكتسبت نفسه الخطايا وأحاطت به فإنه سبحانه وتعالى يتركه» لينال جزاء ما كسبت يداه؛ ولذا قال سبحانه: ا تفسبير سور ة المائدة 1 أناناة !!!انل لالت لاللط تخا ل ل أ للاناااااالالا ألما لالط ال لال الاناماااااممممخمماماااامنا ممالل طخطخخخخممم خط تالالا الج مو يي «لّهم في الانيًا خزي وله في الآخرة عَذَابَ عظيم» هؤلاء هم الذين فتنوا فى دنياهم بوقوعهم مختارين فى بلائهم» فأولئك المنافقون والذين هادوا لهم - بسبب ماوصفوا - خزى فى الدنيا وعذاب عظيم فى الآخرة» يبلغ من الإيلام والأذى ما لا يدرك كنهه ولا يعرف حقيقته إلا رب العالمين» وما أعطانا من علم فى كتابه الحكيم». وعلى لسان رسوله الأمين. وأما الخزى فى الدنياء فهو الذل الدائم المقيم مهما يكن من مظاهر القوة» ذلك أن النفاق وحده ضعف فى النفس واضطراب فى العقل» وكشف لاله مهما يكن عنده من قدرة على الإخفاء والتسترء فإن ثوب النفاق شفاف دائماء وذلك فوق ما يتسم به من جبن وخور إن لم يكن معلوما لكل الناس فإنه يكون معلوما بينه وبين نفسهء وهم يحسبون أنهم يستهزئون بالناس» والناس يعلمونهم» والله يستهزئ بهم ويمدهم فى طغيانهم يعمهون. واليهود لا يعيشون إلا فى كنف غيرهم من الناس أو على خداع الناس» وحسبهم ذلك خزيا وعارا. وقانا الله تعالى شر هذا الخزى» ووقى المسلمين من شر النفاق والمنافقين» . وحمى الأمة الإسلامية منه» وهو العليم بذات الصدور. 00 5 لكك نمع حم 0 صدذه 2 مج عي م 50 1 2 ا ل 0 ل حَكْم بِيمم أو عنهم و إل لعرصض عنه م | عر + رعط 5 مح سا يل لم محميع ىس 3 يضروك سيا وَإِنَحَكمَتَ قحك بيهم بالْقِسَط مر عر 2 جم داعي اله ل سر ِنَأللّه يجب الممسِطين َي وصف مكبوتك وعدل / ذه - هه ع ل سه اي سرس كي سلا مسح | جا ا رنة ف الله ثم تولوّرت من بعد ذالاكت 1 ا تفسبير سبوره 6 المائدة ل لل م لسرب از الكلام مستمر فى بيان أوصاف الذين يسارعون فى الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم» ولم تؤمن قلوبهم» والذين غلبت عليهم الشقوة والضلالة» حتى صاروا لا يخضعون إلا لأهواء قوم لم يشرق فى قلوبهم نور الإيمان» ولم تطمئن قلوبهم ببرد اليقين للإذعان للحقيقة بعد أن يعرفوها. وقد انتقلت الآيات من التعميم إلى التخصيص» فخصت اليهود بوصف آخر غير أنهم سماعون للكذب بأنهم أكالون للسحت. ظسمَاعُونَ للكذب أَكَانُونَ للسّحْت 4 هذا وصف للذين يسارعون فى الكفر عامة وفى اليهود خاصة» وهم مرنوا على سماع الباطل واستمرءوه وأضافوا إلى ذلك وصفا من بابه» وهو أنهم يستمرئون المال الخبيث الذى ينبت من باطل» وإذا كانت آذانهم تستمرئ باطل القول وزوره» فأفواههم وذتمهم تستمرئ أكل أموال الناس بالباطل» والسحت كما يفهم من مصادر اللغة وآثار التابعين والصحابة» كل كسب يكون بطريق آثمء ومن ذلك الرشوة والرباء وأخذ الأجور فى الشفاعات» وقد سئل عبدالله بن مسعود عن السحت» فقال: الرجل يطلب الحاجة للرجل فيقضيها فيهدى إليه هدية فيقبلها(١2»‏ وإذا كانت الهدية فى مقابل قضاء الحاجات سحتاء فماذا يكون كسب الجاه والمال والمناصب» وما تدر عليه من مال يطريق النفاق والفتاوى الباطلة فى الدين» ولقد قال النبى يَلكِيِْ: «كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به00 , وذكر الطبرى الأصل اللغوى لكلمة سحتء فقال: «وأصل السحت”ا كَلَبْ الجوع» يقال: فلان مسحوت المعدةء إذا كان أكولاء لا يلفى أبدا إلا جائعاء أتَى بَابَا عظيمًا من أبوآب الربَا» [رواه أبو داود: البيوع - الهدية لقضاء الحاجة (5041)) وأحمد: باقي مسند الأنصار (/5/١1؟)].‏ أوردته لغلية الغفلة عنه. (؟) سبق تخريجه. (*) كما في جامع البيان ج5؛ ص .١5١‏ هاا تفسيرسورة المائدة الل لكلل اذ ذذذذذتا 211112 4 أ وإنما قيل للرشوة السحت تشبيها بذلك؛ كأن بالمسترشى من الشره إلى أخخذ ما يعطاه من ذلك - مثل الذى بالمسحوت - المعدة من الشره إلى الطعامء يقال منه: سحته» وأسحته لغتان محكيتان عن العرب... ومنه قوله تعالى: #8 ... فيسحتَكم بعذاب ... 42:7 4 [طه]. وتقول العرب للحالق: «اسحت الشعره أى استأصله» . ْ ونرى أن ابن جرير ذكر الرشوة فقط هناء وإن كان السحت يشمل أكل مال الناس بالباطل» ولو كان هدية فى نظير مسعى حميد كما ذكرنا عن ابن مسعودء وقد روى عن مسروق التابعى أنه شفع لرجل فى حاجة» فأهدى إليه جارية فغضب غضبا شديداء وقال: لو علمت أنك تفعل هذا ما كلمت فى حاجتك» ولا أكلم فيما بقى من حاجتك» سمعت ابن مسعود يقول: «من شفع شفاعة ليرد بها حقاء ويرفع بها ظلما فأهدى له فقبل فهو سحت»). وإن هذا الكلام المروى يبدو منه أمران: أحدهما أن كل أكل لمال الغير بالباطل يعد سحتا سواء أكان برضاه أم كان بغير رضاه. وثانيهما ‏ أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان كانوا لفرط إيمانهم بالحق ووجوب نصرته يرون أن نصرة الحق ودفع الباطل يجب أن تكون للهء وأنه لا يصح أخذ أجر فى نظيرهاء ولو كان هدية تعطى فى مسمحة ومحبة» حتى لا يرنق قول الحق بغرض من أغراض الدنياء وحتى لا يستغل الجاه. ولكى تعلو معنويات الأمورء ولا تسيطر مادياتها. ' وإن اليهود قد اشتهروا بالسحت» وخصوصا فى الحكم. وقد أرادوا من النبى يْةٌ أن يحكم بينهم بشرعته رجاء أن يكون فى حكمه ما هو أخف من حكم ما عندهم» لا طاعة لحكمه. وخصوصا للحق عنده؛ ولذا قال سبحانه: «( ... فإن جاءوك فَاحكُم بينهم أو أعرض عَنْهِم 4 يومئ هذا النص الكريم إلى أنهم سيتحاكمون إليه؛ وقد تحاكموا إليه بالفعل لا طلبا للحق والعدل» ولكن رجاء التخفيف عمن أرادوا التخفيف عنه» وروى فى موضوع التحاكم الذى ذهبوا إلى النبى كَل ليحكم فيه عدة روايات تنتهى إلى خبرين : ل تفسبير سبور: ة المائدة لل 2 هه * 7 أولهما ‏ أنهم كانوا يقيمون حد الزنى» إلى أن زنى منهم شاب ذو شرف» فقال بعضهم لبعض؛ لا يدعكم قومه ترجمونه» ولكن اجلدوه» فجلدوه؛ وحملوه على إكاف حمار؛ (برذعة) وجعلوا وجهه قبل ذنب الحمار» ثم زنى بعد ذلك وضيع ليس له شرف وليس له من يحامى عليه؛ فقالوا: ارجموه؛ ثم وجد من بينهم من استنكر تلاك التفرقة» فقالوا: كيف لم ترجموا الذى قبله» ولكن اصنعوا بهذا مثل ما صنعتم بسابقه» ثم قالوا: سلوه لعلكم تجدون عنده رخصة. وكأنهم استثقلوا إقامة الحدء وأرادوا أن يترخصواء ويقبلوا حكم النبى كَكِلةٍ فبين لهم النبى كه أنه حكم توراتهم يجب أن ينفذء وأنه لا يصح الفرار من هذا الحكمء وإن ذل الأمم يكون إذا غيرت الأحكام فيها لأجل الأقوياء» وبدلت على حسب الأهواء. ثانيها ‏ أن اليهود ما كانوا يعدلون فيما بينهم» ولا تتكافاً دماؤهم فى نظرهم» فكانت قريظة إذا قتلت قتيلا من بنى النضير كانت تجب الدية كاملة فى حال وجوب الدية» وإذا قتلت النضير من قريظة كانت نصف الدية لشرف فى الأولى ونقص فى الثانية» ويروى أنهم كانوا إذا قتل رجل من بنى النضير قرظيا لا يقتل به ووجبت الدية» وإذا كان المقتول نضيريا قتل به فكانت فى عصر النبى يه وهو بينهم دماءء فتحاكمواء فحكم بالتسوية» لأن ذلك هو العدل» وهو حكم التوراة. وقد خخير الله تعالى نبيه فى أن يحكم بينهم أو يعرض عنهمء ولاذا كان ذلك التخيير» وإقامة العدل واجبة» وقد مكن من إقامته بتحكيمهم؟ والحقيقة أن النبى َِْةِ كان مخيرا ذلك التخيير» ليتعرف أمرهم» فإن كانوا يريدون الحق ويطلبونه ويذعنون له استجاب للأمر وحكمء وإن كان يعلم أنهم جاءوا مغرضين فى قلوبهم مرضء لا ينفذون إلا ما يتفق مع أهوائهم وليسوا خاضعين لسلطانه - ينفذ فيهم الحق الذى يراه أما الذين يكونون تحت سلطانه وينفذ الحق فيهم» فإنه لا تخيير بل يقضى بينهم» وكذلك الأمر من بعده وَل ولذلك قرر الفقهاء أن 2 ##/ تفسيرسورة المائدة ل 01 حر أ الذميين فى المعاملات المالية والزواجر الاجتماعية خاضعون للأحكام الشرعية» ولا يجيز الحاكم فى الحكم بينهم بشرع الله تعالى؛ لأن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين» أما رعايا الدول الأخرى الذين يقيمون فى ديارهم ويربطهم بالمسلمين الجوار وميثاق عدم الاعتداءء كما كان الشأن فى يهود المدينة فى أول أمرهمء قبل أن تظهر خيانتهم» ويضطر النبى كلد إلى إجلائهم . وهنا ملاحظة لفظية» وهى فى قوله تعالى: فَإن جاءوك فاحكم بينهم». لماذا كان التعبير ب (إن») الدالة على الشك ولم يكن التعبير ب (إذا» الدالة على التحقيق» مع أنهم جاءوا إليه فعلا؟ والجواب عن ذلك أن الشك كان بالنسبة لحالهمء فهم كانوا مترددين فى التحاكم إلى النبى يله وهم بعد الحكم لم ينفذواء فحالهم حال شك ابتداء وحال شك انتهاء» وعدم إذعان فى الحالين؛ لآن فى قلوبهمء, كما قال تعالى فى أشباههم: 9 أفي قُلُوبهم مَرَض أَم ارَابُوا أَمْ يَحَافُونَ بير بيهر أن يحيف الله عليه ورسوله . ٠٠‏ ريم # [النور]. ولقد زعم بعض العلماء أن الحكم الشرعى كان هو التخيير عند تحاكم غير المسلمين ثم نسخ» وصرر الحكم لازماء والحق أن التخيير لا يزال قائما بالنسبة لغير المسلمين الذين يطلبون حكم الإسلام من الحاكم المسلم لينفذوه فى ديارهم. والتخيير ليتعرف الحاكم حالهم» فيحكم حتما إن كانوا طلاب حق» وله أن يرفض إن كان فى قلويهمٍ مرضء ولا ضرر من الإعراض؛؟ ولذلك قال سبحانه: #وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئًا» . وإنه فى حال الإعراض يصاب أولئك الذين يريدون الحكم لهواهم لا للحق فى ذاته ‏ بخيبة أمل قد تحرك فيهم عناصر الضغينة والمقاومة» وإشاعة قالة السوء عن النبى ف فيين الله سبحانه وتعالى فى ذكره الحكيم أنه لا تضره هذه الأفعال؛ وقد نفى سبحانه وتعالى الضرر زة نفيا مؤكدا ب ١لن»؟‏ لبيان أنهم لا طاقة عندهم فى أن يضروهء وكان نفى الضرر فى هذا المقام له مغزاه؛ لأن احتكامهم إليه يلد فيه نوع من المسالمة والإذعان فى الظاهر لما جاء به النبى يِه وهو إعلان للتصديق» ا تفسير سورة المائدة ا لم 2 حب اا فإذا أعرض» فقد يكون ثمة احتمال الضرر الذى ينال الدعوة الإسلامية» وشدة لجاجتهم فى الباطل» فنفى الله سبحانه وتعالى ذلك الضرر؛ لأن الإعراض يكون حيث يدرك النبى عليه الصلاة والسلام أنه لا مجال لأن ينفذوا ما يحكم بهء وأنهم يريدون أن يطوعوا أحكامه لأهوائهم, أو يتأولوها بغير المقصود منهاء فيكون أكرم للدعوة» وأكرم لمقامه عليه الصلاة والسلام أن يذرهم فى غيهم يعمهون» والله سبحانه وتعالى غالب على أمرهم. «وإن حَكَمْت فَاحَكُم ببْنَهُم بالقسط إِنّ الله يحب المقسطين» القسط هو: النصيب بالعدل الذى لا وكس فيه ولا شططء وتوصف به الأعمال الطببةء فقد قال تعالى: 8 ... ليجزي الّدِينَ آمنُوا وَعَمِلُوا الصّالحات بالقسط ... 32> »4 [ يونس ]. وقال تعالى: ا وأقيموا الْوْنَ بالقسط ... 32> 4 [الرحمن] . والقَمْطٌ أخذ نصيب غيره» والإقساط إعطاء غيره نصيبه غير منقوص؛ ولذلك قال العلماء: إن القاسط هو الظالمء ولذا قال تعالى: 9 وَأَما الْقَاسطُونَ فَكَانوا لجَهئم حطبا 27 4 [الجن] . والمقسط هو العادل» ومنه قوله تعالى: #إِن الله يُحبُ الْمُفسطينَ». والمعنى الجملى للنص الكريم: إن اخمترت أن تحكم بينهم لرجاء أن ينفذوا الحكم ويذعنوا لهء فلا تتبع أهواءهم واحكم بالعدل والقسطاس المستقيم» وذلك العدل بين الله تعالى حكمه» وشرع لزومه فى كتبه المقدسة فإذا كان هناك زنى فالقسط أن يحكم بالحدء لا فرق بين شريف وضعيف» وقادر وغير قادر» بل الجميع أمام الحق على سواءء فالقسط هو إعطاء كل ذى حق حقه وتنفيذ حدود الله تعالى بالمساواة» فلا يعفى منها شريف دون ضعيف» فإن فى هذا هلاك الأمم» وذل الشعوب. وقد ذيل النص الكريم بقضية عامة شاملة» وهى قوله تعالى: إن الله يحب المقسطين* . وفى ذلك تزكية للعدل وتأكيد لطلبه» فقد أكد الكلام باللجملة الاسمية» وب (إن) المؤكّدة» وبتصدير الكلام بلفظ الجلالة» وببيان أن محبة الله تعالى لا تكون إلا للعادلين المقسطين الذين لا يجورونء وكان التعبير ب «إن» فى |إإناا تفسير سورة المائدة لاا ل ايا سس أ قوله تعالى: #وإن حكمت فاحكم بينهم4. وهى تفيد الشك فى امتياره عليه الصلاة والسلام الحكم بينهم لأنهم ليسوا طلاب حق وإنصاف بل يريدون الحكم كما يهورون, والدليل على أن اليهود ليسوا طلاب حق أن التوراة التى بأيديهم فيها الحكم صريح فى الموضوع الذى تحاكموا فيه. «( ركتفا تكنوك وعدم نوفيا حم الهم يول م ند فلل الاستفهام هنا للتعيجب واستنكار حالهم؛ أى أن حالهم حال مستنكرة. عندهم النص الصريح فى القضية التى يتحاكمون فيهاء ومع ذلك يلتمسون الحكم فى غير ما عندهم رجاء أن يكون على ما يهوون ويبتغون» وإن كان غير ما يؤمنون فهم عمن اتخذ إلهه هوأه؛ ومن يريدون أن يتبع الحق أهواءهم. لا أن تكون أهواؤهم تابعة للحق تسير فى مداره» ولا تخرج عن إطاره» والتعجب والاستنكار يتجهان إلى أمرين : أولهما- أنهم يتحاكمون إلى النبى يله مع أن الحكم عندهم فى التوراة صريح لا مجال للريب» فلماذا يعدلون عن تنفيذ ما عندهم إلى طلب شىء عند النبى عليه الصلاة والسلام» إلا أن يكونوا مؤمنين بصدق ما جاء به» وذلك لم والأمر التالى- الذى هو موضوع الاستنكار والعجب أنهم يطلبون من النبى عليه الصلاة والسلام» ثم يعرضون من بعد بيانه لهم . فهم متناقضون فى جملة أحوالهم يطلبون الحكم ممن لا يؤمنون بدعوته» مع أن الحكم صريح فيما يؤمنون ثم يعرضون عن الحكم الذى يتلاءم مع ما عندهم . ويلاحظ أن القرآن الكريم يقرر أن التوراة فيها حكم الله فى المسألة التى يختصمون إلى النبى عليه الصلاة والسلام فى أمرهاء فهى تصديق للتوراة فى تلك الجزتية» وهى إقامة حد الزنى دون غيرهاء فليس لأحد أن يحتج بأن القرآن يقر أحكام التوراة التى كانت بأيدى اليهود فى عصر النبى عليه الصلاة والسلام والتى بأيديهم فى هذه الأيام. فإن تصديق ما بأيديهم فى جزئية من الجزئيات لا يقتضى ماللا 4 1 تصديقها فى كل ما جاء بها مما فى أيديهم» فقد نسوا حظا مما ذكروا به» وحرفوا الكلم عن مواضعه ولا شك أن التحريف لم يتناول الجميع» بل لا تزال فيها أثارة ما نزل على موسى . ومن المباحث اللفظية فى النص الكريم التعبير ب «ثم»» وبقوله تعالى (من بعد ذلك»» فى قوله سبحانه: ثم يتولُون من بعد ذلك . فإن التعبير ب «ثم)ء والبّعدية والإشارة للبعيد للتفاوت النفسى المنطقى الكبير والتراخى المعنوى بعد الاحتكام إلى النبى عليه الصلاة والسلام والإعراض عن قوله بعد أن بين حكم التوراة فيما يحتكمون» ولكن المنافق المبطل فى مفارقات مستمرة بينه وبين الحق» والمنطق السليم» والعقل المستقيم. «إوما أُولّتك بالْمؤْمِينَ» فى هذا النص الكريم نفى لصفة الإيمان المطلق عن اليهود وأشباههم تمن يجعلون الحق تبعا لأهوائهم» والله سبحانه وتعالى ينفى صفة الإيمان بأى عقيدة أو مذهب؛ لأن الإيمان يقتضى طلب الحق وإدراكه والإذعان له وهذه ليست صفات هؤلاء» فهم لا يطلبون حكم الحق بل يطلبون حكم الهوى» وأركسوا فى الأهواء فلا يدركون» وبعدوا عن المنهاج المستقيم فلا يذعنون» فهم لا يؤمنون بالتوراة وإلا أذعنوا لحكمهاء ولا يؤمنون بما جاء به النبى عليه الصلاة والسلام لآنهم جحدوا قوله وناوءوه» وناصبوه العداء فهم لا يؤمنون بشىء. والإشارة فى قوله تعالى: #وما أُولّتك بِالْمؤْمنين4 إليهم بأوصافهم كلها من أنهم لا تستمرئ أسماعهم إلا الكذب» ويأكلون أموال الناس بالباطل» ويتميلون بالحق. ويفرقون فى الحكم بين القوى والضعيف ومن كان هذا شأنهم لا يمكن أن يدخل شيء من الإيمان قلوبهم. . اللهم احفظ الناس من شرهمء وهبنا الإيمان الصادق والإذعان للحق. ها تفسيرسورة المائدة 1 الالو للإلال ل ننه إِنَآ ألما الور في" هدى ونور محَكُريها ليروك الَدبنَ أَسْلَمُوا دن هاوأ 0 َونَوَا لايم مخفو أو كت 200 حب ا ميس 0 آآ م 0 ره واخشو اناا او يكم بم لَه َو تيك همالك ًَ رون ذكر سبحانه فى الآيات السابقة ما عليه اليهود من أنهم كانوا سماعين للكذب» وأنهم يأكلون السحت. وأنهم لا يتبعون الحق فى أحكامهم. بل يجعلون الحكم تبعا لأهوائهم يفرقون فى الأحكام بين الشريف والضعيف», والغنى والفقير» والقوى المستعلى» والضعيف المستخذى. وأنهم جاءوا إلى النبى ككل فى بعض قضاياهم راجين أن يكون عنده ما يرضى أهواءهم» فكشف الله سبحانه وتعالى خبيئة نفوسهم. وبين أن الحكم عندهم ثابت فيهاء وأن الإسلام لم ينسخه»ء وقضى عليه الصلاة والسلام به أو أشار عليهم باتباع ما عندهم فى هذه المسألة إن كانوا طللاب حق» ثم بين سبحانه أن التوراه التى بأيديهم لا يزال بها ذلك لم يغيروه. وقد بين سبحانه وتعالى من بعد ذلك مقام التوراة فى الأحكام التى قررتها لليهودء وتململوا بهاء وخحرجوا عليهاء وكان ذلك من أسباب ضياعهم» وقساوة قلوبهم. فقال سبحانه: #إإنًا أَنزلنا التَوراةَ فيها هدى ونور . فى هذا النص الكريم بيان لشرف التوراة قبل أن يحرفوها ومكانها من الحق. فبين سبحانه شرفها الذاتى» وشرفها الإضافى» بين أنها منزلة من عند الله ها تفسير سورة المائدة لال ال تعالى» فقال تعالت كلماته: #إِنَا أنزلنا التوراة» هو سبحانه وتعالى المنزل لهاء وأكد ذلك الشرف ب #إنا4» وبإضافة ذلك التنزيل إليه تعالت كلماته» وتقدست كتبه . وبين سبحانه وتعالى شرفها الذاتى بما اشتملت عليه من هداية ونورء والهداية أو الهدى ما اشتملت عليه من بيان الأحكام فى المعاملات والزواجر الاجتماعية وما يرشد إلى التطبيقات العملية» وأما النور فهو ما تشتمل عليه من مواعظ مبصرة» وأخلاق منيرة للحق» مقومة للسلوك مكونة للرأى العام الفاضل» وعبادات مطهرة للنفوس منيرة للقلوب» وبذلك تكون الهداية ما يتعلق بمعاملات الناس وتنظيم الجماعة والنور ما يتعلق بالعقيدة والعبادة والمواعظ» وسائر ما يتصل بالتوجيه النفسى وتطهير القلوب. وقد فسرت الكلمتان بغير ذلك» فقد فسر الزمخشرى كلمة «الهدى» بأنه: يهدى إلى الحق والعدل» و«النور» بما فيه بيان ما استَبهمّ من الأحكام» والمؤدى على التفسيرين هو الرد على اليهودء وبيان وجه العجب فى قوله تعالى: #وكيّف يُحَكَمُونَك4 بأنهم لو كانوا طلاب حق فالتوراة عندهم فيها الهداية إلى العدل وهى كاملة فى بيانه وتوضيحهء لا تحتاج إلى مبين» ولا إلى موضح. ويعجب أن ننبه هنا إلى أن التوراة التى فيها هذه الأوصاف من أنها منزلة من عند اللهء وأنها هدى ونور إنما هى التوراة التى لم يحرفوهاء ولم يزيدوا عليها أو ينقصوا منهاء فإنها دخلت فيها الزيادة والنقص عندما ضربت أورشليه'21 بأيدى التتار والرومان» وحرقوهاء فلا يحتج بهذا الكلام للتوراة التى بأيدى اليهود وغيرهم فى هذه الأيام» فقد نسوا حظا مما ذكروا به وزادوا ما لم ينزل من عند الله . #يحكم بها النَيُونَ الّدِينَ أَسلَمُوا للّينَ هَادُوا والرَبّانِيُونَ4 التوراة الصادقة التى أنزلت من الله تعالى لم تكن شرائعها معطلة بل كانت ثابتة معمولا بهاء والذين )١(‏ أورشليم: بيت المقدس بالعبرانية. 9 لهذا تفسير سورة المائدة الئل الل ل ١ الا‎ |) 7 كانوا يعملون هم النبيون الذين جاءوا من بعد موسى» فقد كانت التوراة الشريعة التى ينفذون أحكامهاء ولم يكن عندهم ما ينسخ شريعة التوراة أو يبدل أحكامها أو بعض هذه الأحكام؛ ولقد وصفهم الله تعالى بأنهم: #الّذين أَسلّموا» أى أخلصوا لله ولتنفيذ أحكامه؛ وأذعنوا للحق» ولا يحاولون أن يجدوا منه مناصا بتأويل» أو بإرادة تخفيف لشريف» وتشديد على ضعيف» وفى ذلك تعريض با كان من اليهود من جعلهم للضعيف حكما صارماء وللشريف تهاونا ظللماء فإن خلق النبيين الإخلاص وهو الإسلام والانقياد وتنفيذ حكم الله تعالى بقلب سليم» فذكر وصف الإسلام للنبيين» لبيان ما أوتوا من شرف الإذعان» وللإشارة إلى أن تنفيذ الأحكام من غير عوج ولا التواء هو خلق كل النبيين» ويقول بعض العلماء: إن ذلك تشريف لمعنى الإسلام إذ هو خلق الفضلاء» وخلق النبيين الصديقين» ويقول الإمام ناصر الدين بن المنير الإسكندرى فى ذلك: «إن الصفة قد تذكر للعظم فى نفسهاء ولينوه بها إذا وصف بها عظيم القدر» كما يكون تنويها بقدر موصوفهاء فالحاصل أنه كما يراد إعظام الموصوف بالصفة العظيمة قد يراد إعظام الصفة بعظم موصوفها... فكذلك والله أعلم جرى وصف الأنبياء فى هذه الآية بالإسلام تنويها به» ولقد أحسن الناظم فى مدحه عليه الصلاة والسلام» إذ قال: فلئن مدحت محمدا بقصيدتى فلقد مدرحت قصيدتى بمحمد فيقرر ذلك العالم الجليل أن وصف النبيين بالإسلام تنويه بشأنه» وإعلاء لقدره؛ إذ إن النبيين هم المصطفون الأخيار» فالصفات تعلو بهم» وهم قد علوا باختيار الله تعالى لهم . وحكم هؤلاء الأنبياء الذين جاءوا من بعد موسى بالتوراة التى نزلت عليهم كان لليهودء فكانت فاصلا بينهم مقيمة الحق فيهم» فما بال اليهود يتململون من حكمهاء ويخرجون عن سمتهاء ويطبقونها على الضعفاء» ويعفون من أحكامها الزاجرة الأقوياء» إنما أهلكهم ذلك الجورء وهم لا يعيشون إلا فى أزمان الجورء وحيث كان العدل أذلتهم أخلاقهم» وأركستهم أهواؤهم. ها تفسير سورة المائدة لال اج لأس ا #وَالربانيُونَ وَالأَحَبَارُ ما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء» وهذا النص يبين أن التوراة ما كان يطبق أحكامها النبيون فقطء حتى لا يقال لسنا كالنبيين» وإن تطبيقها مقصور عليهم» ولكن الذين يطبقونها من غير النبيين يتصفون بصفتين: الإخلاصء والاتصال الروحى بالله» حتى يكون سمعهم الذى يسمعون به» وبصرهم الذى يبصرون به» والصفة الثانية: العلم الدقيق العميق» والإحاطة الكاملة بعلم الكتابء بحيث لا يكونون ممن يؤمئون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض وهؤلاء هم الربانيون والأحبار. والربانيون هم المنسوبون إلى الرب» وقد قال فى تفسير هذا اللفظ الأصفهانى فى مفرداته: «والربانى قيل منسوب إلى الربان» لفظ فعلان من فعل يبنى ١‏ نحو عطشان» وسكرانء قلما يبنى من فعل» وقد جاء نعسانء» وقيل هو منسوب إلى الرب الذى هو المصدر وهو الذى يرب العلم كالحكيم» وقيل منسوب إليه» ومعناه رب نفسه بالعلم» وهما متلازمان؛ لأن من رب نفسه بالعلم فقد رب العلم» ومن رب العلم فقد رب نفسهء وقيل هو منسوب إلى الرب أى الله تعالى» فالربانى كقولهم إلهى» وزيادة النون كزيادته فى قولهم لحيانى وجسمانى» قال على رضى الله عنه -: «أنا ربانى هذه الأمة». وخلاصة ذلك الكلام: أن كلمة ربانى إما منسويبة إلى الرب بمعنى تربية النفس وتهذيبهاء وجعلها خاضعة لله تعالى ولمقتضى العلم والتهذيب» فهو قد صفى نفسه من أدران الهوى» وإما منسوبة إلى الرب الخالق الدع المتصرف» أى أن الشخص قد جعل نفسه خالصا لله تعالى كإلهى» أى أنه عابد عبادة جعلت لكل شىء فى نفسه لله تعالى» والمعنيان وإن افترقا فى التصريف والاشتقاق متلاقيان فى المؤدى؛ إذ المؤدى أن الربانيين هم الذين صفوا نفوسهم. حتى كانت لله تعالى خالصة لا تزيفها الأهواء ولا الشهوات» فالحق ملء قلوبهم» ولا يشغلها 0غ( 0 غير » والأحبار هم العلماء جمع حَبْرء أو حبرء وهما لغتان» وهو مأخوذ من )١(‏ أي لا يشغل قلوبهم غير الحق. ا تفسير سسورة المائدة 0 ملل حب أ معنى التزيين والتحسين؛ لأن الحبر هو الأثر اللحسن ذو الرونق» ويكون المعنى: الذين يجمعون العلم ويدرسونه ويزينونه بالقول الحسن والتطبيق الجيدء أو هو مأخوذ من الحبر مادة الكتابة لعنايتهم بتدوين علمهم وعرضه للناس» وإبقائه أثرا خالدا من بعدهمء والمفسرون على أن الربانيين والأحبار نوعان قد طبقوا حكم التوراة فالآولون صفت نفوسهم وربوها بالعلم والعبادة» والآخرون جمعوا العلم ورتبوه وعرضوه» وعلى هذا التفسير الذى يجعلهم نوعين متغايرين» نوجه القول فيه بأن الذين قاموا على التوراة صنفان: أحدهما - جمع علمها واستخرج ينابيعها. وأحاط بهاء وآخرون طبقوها فى الأقضية» أى أن الفقهاء وهم الأحبار قدموا خلاصة ما علموا نقيا محبرا تحبيرا جيداء والآخرون وهم الربانيون طبقوه مجردين أنفسهم من كل شهوة وهوى» فالضعيف عندهم قوى». حتى يأخذوا الحق له والقوى منهم ضعيف حتى يأخذوا الحق منهء كما يفعل الربانيون من أمة محمد أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم رضى الله عنهم» وقدم الربانيون على الأحبار؛ لأنهم الذين يطبقون العلم على العملء» والمقام فى الآية هو مقام التطبيق» فالعمل الواضح هو عمل الربانيين؛ لأنهم الذين يحكمون بحكم التوراة» وقد حص الله تعالى الفريقين بقوله تعالت كلماته: #بمًا استحفظُوا من كتّاب اللّه وكَانُوا عَلَيْه شهداء» . ا «الباء؟ هنا متعلقة ب «يحكم». أى أن النبيين والربانيين والأحبار يحكمون بما فى التوراة لأنهم حمّلوا أمانة حفظ كتاب الله» بحيث لا يضيعوئف ولا يهملون أحكامه. وقد يقال إنها متعلقة بالربانيين والأحبار» على معنى أنهم أوتوا هاتين المنزلتين منزلة الربانية والعلم بسبب أنهم حملوا أمانة الكتابة وقامواء و«استحفظوا» بالبناء للمجهول فيه بيان أنهم بمقتضى ما منحوا من صفات عهد إليهم أمر المحافظة على كتاب الله المنزل على نبيه» والمراد بكتاب الله هنا التوراة» وعبر عنها بكتاب الله تعالى للإشارة إلى منزلتها إبان نزولها قبل تحريفهاء وإلى شرف من يقومون بحفظهاء وإلى مكان التكليفات والأحكام التى اشتملت عليهاء والاستحفاظ هو الحفظ المطلوب؛ إذ إن السين والتاء للطلب» والمعنى: أن الربانيين ا تفسير سورة المائدة لمم .0 لح ا والأحبار حفظوا كتاب الله تعالى بإلهامهم طلب الحق والعلم وتوجيههم نحو الخيرء وكان حفظهم مؤكدا؛ لأنه استجابة لطلب الله تعالى الخبير» وحفظ الكتاب بعلم ما اشتمل عليه ومنعه من الضياع والتحريف» وتنفيذ الأحكام التى يأمر بهاء وطاعته فيما ينهى . وكان أولئك الربانيون والأحبار شهداء» أى رقباء يحافظون على نصوصه كاملة» ويشهدون بصدق ما نزل من عند الله» ويردون المحرف» وكانوا أيضا رقباء على تنفيذه. بحيث ينف من غير عوج : فلا تَحْشََا النّاس واخشون ولا تشتروا بآياتي نما ليلا الخشية هى الخنوف مع تعظيم المخشى ومحبته. فليست مرادفة لمعنى المخوف؛ لآن النوف أعم من أن يكون .من مرهوب معظم محبوب» أو مرهوب مبغض ذميمء أو فيه مهانة لا عظمة فيه؛ ولذلك عبر عن الأخيار بالنسبة لله تعالى بالنشية دون الخوف» ومن ذلك قوله تعالى: ‏ ... إِنّما يَحْشَى الله من عباده الْعلَمَاء ... 27 4 [فاطر] . وقوله تعالى: 9 . .. وحَشي الرحمن بالغيب ... 8 4 [يس]. وقال سبحانه: ١‏ .. تون رهم يفون سوء العاب (5© 7# 4 [الرعد ] . و«الفاء» فى قوله تعالى: #فَلا تَحْشُوًا الثّاس واخشون» هى للإفصاحء والمعنى: إذا كان الكتاب قائما وثابتاء ونفذه السلف والخلف إلى ما بعد عصر النبيين» فلا تخشوا الناس» والتعبير عن خوف الناس وملامتهم بالحشية من قبيل المشاكله اللفظية» فى مقابل قوله تعالى: إواخشون» . أى أن الله تعالى هو وحده الجدير بأن يخشىء كما قال تعالى: 8 الّذين يبُغون رسالات اللّه ويخشوته ولا يَحْشَوْنَ أحدا إلا الله ... . 4257 4 [الأحزاب ] . والخطاب موجه إلى اليهود المعاصرين للنبى كَكْةٍ وعلمائهم» وفى الكلام يكون التفات إذ انتقل الكلام من أخبار الأخيار منهم إلى خطابهم» والمعنى: لا تخافوا ملامة الناس ولكن اخشوا الله تعالى وحده»ء فلا تمالئوا الأآقوياء وتركنوا » بل اجعلوهم جميعا سواء مع غيرهم من الضعفاء كما كان يفعل النبيون لها تفسير سبور: ة المائدة 0 الللتلتتكفا!!اااالاائااالللالاااااللاالا لكا ئطلكةااااااالااااا لاط لطااااااللتائك ال لاا ائلتن انلالخ للخ اللتا11[لللاك ات لتانممملنا!اْتشتتشطتتلللا ١١ ااا اك‎ ١ يي 00 والربانيون» الذين اقتفوا أثر النبيين ويكون معنى #ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا#. لا تستبدلوا بأحكام آياتى» فتتركوها هاجرين لها معرضين عنهاء فى نظير رشوة أو ممالأة» فإن ما يكون ثمنا لترك الآيات قليل مهما يكن مقداره. ومهما يكن اعتباره» فآيات الله تعالى أغلى ما فى الوجود؛ لأنها هدايته. ولكن الخطاب «لا تخشوا». و«انخشوا» ربما يكون أعلى من أن يكون لليهود الذين عاصروا النبى عليه الصلاة والسلام فقد وصفهم الله تعالى بأنهم سماعون للكذب أكالون للسحت؛ ولذلك أحيل إلى ما روى عن الحسن البصرى من أن الأسلمء وهو ما تدل عبارة صاحب الكشاف . «ومن لم يحكم بما أنزل الله ولك هم الْكَافرُونَ4 الإشارة فى قوله تعالى: «فأُولك4 للذين لا يحكمون بما أنزل الل فهى إشارة تفيد أن النتيجة سببها الفعل» وهو تجنب حكم الله تعالى» وقد أكد سبحانه الحكم بالكفر عليهم بهذه الإشارة وبالجملة الاسمية» وبالفاصل (هم)؛ وبالقصر إِذ هم مقصورون على الكفرء والكفر مقصور عليهم قصرا إضافياء بمعنى أنهم بلغوا ذ فى الكفر أقصاهء» حتى لا يعد كفر غيرهم بجوار كفرهم شيئا مذكورا. وهل يعد كل من يحكم بغير حكم الله تعالى الذى أنزله على رسله كافرا؟ الاستنكار درجة التهكم عليه يعد كافرا؛ لآن ذلك جحود وإنكار أو استهزاء بايات القرآن فقد كفرء وقد قال فى ذلك عبدالله بن عباس: ١من‏ جحد حكم الله كفرء ومن لم يحكم به وهو مقر فهو ظالم فاسق» وبذلك يكون هذا النص واردا فيمن حكم بغير حكم الله تعالى منكرا. . اللهم املا قلوب قومنا بالإيمان حتى يألفوا حكم الله ويرتضوا كتابه حكما بينهم» ولا يجدوا حرجا فى حكمهء إنك خير الحاكمين . هاا تفسير سورة المائدة يل 0 7 ااا ١‏ .» مه 3-71 : 06 42 4 تت آل 000 ب .. فآ أَنَالنَفْسَبِالتَّفْس وَأَلْمَيَ بِآلْمَين وَالْأنَتَ 2 م لمع سر م سل 2 مر سمه بالآنف والآاذتك,يالاذي وَألسَنَيالسَنَوا روح ا وبح سل سس سر 20 در ل سر 5 ص هفمن نصد به.فهوكمارة وؤومن كش 67> ري م دوماع بحم لم بمححكم يما أنزل الله فاؤا ل ليك هم الغا للمون عه هذا وصل لا ابتدأه الله سبحانه وتعالى من بيان مكانة التوراة التى أنزلت على موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم» إذ قد بين سبحانه وتعالى أن التوراة فيها هدى ونور» وأنها قد طبقت أزماناء وأن الذين طبقوها أنبياء موحى إليهم. وفقهاء استخلصوا أحكامهاء وأرشدوا الناس إلى معانيها مؤمنين بهاء ونفذها ربانيون يحكمون بالحق مبتغين مرضاةة الله تعالى» ولا يبغون عن الحق حولا. وفى هذه الآيات يبين الله تعالى من شريعة القصاصء فقد قال تعالت فى أى عصر من العصور أن النفئس مقابلة بالنفئس نوخد بها» وتكون بدلا» النفئس مأخحوذة بالنفس »2 أو أن النفئس عنهاء فالباء هنا للمقابلة, كمقابلة بين الثمن والبيع» فكما أن المقابلة تكون فى البيوع تكون فى النفوس إذا اعتدت» وتصير وقوله تعالى: #النفس بالنفس* يبين أن النفس بعمومها من غير تخصيص مقابلة بالنفس بعمومها من غير تخصيص» فالعبرة بالتساوى فى الإنسانية» وفى النفس الآدمية» فلا تفاضل بين نفس غنى وفقيره ولا نفس أمير وخفيرء فالتفس بالنفس إن كان اعتداء» ونفس المرأة كنفس الرجل على سواء» ولا التفات لقول زا تفسير سورة المائدة 1111 أ ات الشذاذ الذين قالوا: إن نفس المرأة دون نفس الرجل» وبمثل قول هؤلاء الشذاذ كان يقول بعض الطوائف من اليهودء كما أخبر ابن عباس رضى الله عنه» وكان ذلك النص الكريم للرد عليهم» وبيان الحق الذى جاءت به التوراة التى أنزلت على موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. وإن نفس الحر كنفس العبد بمقتضى ظاهر هذا النص الكريم» لأن كليهما يشترك فى وصف الآدمية» وبذلك جاء الحديث النبوى الكريم: «من جوع عبده جوعناه؛ ومن قتله قتلناه»217 فإن هذا الحديث صريح فى المساواة بين نفس ال حر ونفس العبدء ولو كان القاتل له مالكه الذى يملكه. وإن هذا غير رأى جمهور الفقهاء إذ إنهم ينظرون إلى مالية العبد»ء ولا ينظرون إلى آدميته» وأما الذين قرروا أن السيد يقتل فى نظير العبد» وأن العبيد يقتص لهم من الأحرار بمقدار ما أجرمواء فإنهم نظروا إلى آدميته والمساواة فى النفس الإنسانية من غير نظر إلى كونه مملوكا أو مالكاء ومن غير نظر إلى كونه رقيقا أو حرا. ولنا أن نقرر أن المساواة فى الدماء بين الأحرار والعبيد هى الآأمر الذى يتناسب مع مقاصد الإسلام إذ إن مصادر الإسلام وموارده تقرر منع ظلم العباد الذين كتب عليهم الرق» ولا شك أن أبلغ الظلم أن يقتلواء والنبى عليه الصلاة والسلام فى أحاديث كثيرة أوصى بالرحمة بهم» ولا شك أنه من الرحمة بهم احترام نفوسهم» وصيانة دمائهم. وأن الرق أمر عارض بالنسبة للعبيد» ولا يصح أن يكون الأمر العارض مزيلا للمعنى الإنسانى الأصيل» بل هو ثابت فيهم لا يزول. والنصوص العامة المتضافرة مثبتة وجوب القصاص فى الأنفس من غير تفرقة بين نفس حر ونفس عبدء فالله تعالى يقول: ط ولَكُم في القصاص حياة يا أولي )١(‏ سبق تخريجه. لإا تفسبير سورة المائدة ملل 1-١‏ سب ا الألبّاب :13 4 [البقرة]. ويقول تعالى: «يَا يها اين آمنوا كتب عليكم اتقصاص ف في القتلى . .. لز > [ البقرة ] . 1 1 والمقابلات التى جاءت فى الآية من بعد إنما هى لبيان اتحاد الأنفس ولنفى ما كان عليه أهل الجاهلية من تفرقة بين النفوس . بدليل تضافر الفقهاء على قتل الأنثى بالرجل» والرجل بالأنثى خلافا لبعض الشذاذ. وقد قال عليه الصلاة والسلام: «المسلمون تتكأفا دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم21(0. ومن التكافؤ فى الدماء أن يقتل الحر بالعبد المسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: «دماؤكم وأموالكم حرام عليكم)(7©. ولم يفرق بين عبد وحرء ولو كان الحر لا يقتل بالعبد» يكون ذلك فى معنى إباحة دماء بعض المسلمين» وفوق ذلك ما ورد بالنص على أن المالك يقتل إذا قتل مملوكه الذى رويناه من قبل» والذى قرر أن العبد إذا قتله مولاه قتل به. وقد استدل جمهور الفقهاء بما روى من أن على بن أبى طالب قال: (إن رجلا قتل عبده عمدا متعمدا فجلده النبى يلد مائة ونفاه عاما ومحا سهمه من المسلمين)0©, وما روى من أن عمر ‏ رضى الله عنه ‏ قال: لو لم أسمع رسول الله كك يقول: "لا يقاد المملوك من مولاه» ولا الوالد من ولده»!؟2: لأقدته منك يخاطب من قتل عبده. )١(‏ سبق تخريجه. (؟) جزء من حديث رواه البخاري: العلم - رب مبلغ (517)» ومسلم: القسامة والمحاربين - تغليظ تحريم الدماء والأموال والأعراض .)١119(‏ () عن علي و عن عَمَرو بن عيب عن أبيه عن جَدَه قَال: : قل وجل عَبْدَهُ عَمْدا متَعَمّدا فَجَلَدهُ رول الله ول ماقة وتََاُ سن وَمّحَا سَهمهُ من الْلمين. رواه ابن ماجه: الديات - هل يقتل الحر بالعبد (7775). والسهم النصيب من الغنيمة. (5) روى أحمد: مسند العشرة (49) عن مجَاهد قَالَ: : حَدَف رَجِل ْنَا لَهُ بسَيْف فَقَتلَه رقع ! مَمَرَ قَقَالَ: لولا أنّي سَمعْت رَسُول الله َك يقُول: : «لا ياد لالد من وكده لفَمَلئَكَ قبل أن رهس م 0 ١‏ لها تفسير سورة المائدة 2 الل 2272111 1 الاك ١‏ كي وما روى من أن أبا بكر وعمر قالا: من قتل عبده جلد مائة» وحرم من سهم المسلمين. هذا ما استدل به جمهور الفقهاء. ونرى أنه لا يقف أمام عموم النصء» وأمام النص الخاص الذى رويناه » وفوق ذلك هو وارد فى قتل المالك المملوك» وقد عارضه النص الصريح . ولهذا نرى الأخحذ بالميدأ الإسلامى العام الذى يقرر حقوق العبيد على مواليهم ويحدد حقوق الموالى» وليس منها إباحة دمائهم . #والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسَن بالسن» هذا النص فيه القصاص بين الأطراف» فالعين تفقاً بالعين» أى أنها فى مقابل العين أيضاء ف «الباء» هنا باء المقابلة التى تدل على أن شيئا فى مقابل شىء» وهى تدخل على المتروك» فالنفس المجنى عليها تؤخذ بها النفس الحانية» والعين المجنى عليها تؤخذ بها عين الجانى » وكذلك أنف المانى تؤخذ بالجدع فى نظير أنف المجنى عليه وكذلك أذن الجانى تصلهم7١'‏ فى نظير أذن المجنى عليه» وكذلك سنه بسنه» ومثل هذه فى الحكم اليد باليد والرجل بالرجلء والإصبع بالإصبع» وهكذا كل طرف من الآطراف يمكن أن يجرى فيه القصاصء فالقتصاص ليس مقصورا على ما اشتمل عليه النص من العين والأنف والأذن والسن» بل يشمل هذا وغيره مما يمكن أن يتحقق فيه معنى القصاصء. وقد أيدت ذلك النصوص القرآنية» فالله تعالى يقول: 9 ... فَمَن اعتدئ عَليِكُم فَاعتَدُوا عليْه بمثل ما اعتدى عَلَيْكُم . #قذل 4 [البقرة] . ويقول سبحانه: ا وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبكم به ولتن صبركم لَهوَ خَيرٌ للصسابرين 137 4 [النحل ] . وهنا يجرى القول فى تساوى الأعضاء بالنسبة للأشخاص» فأشخاص النساء كال جال» والأحرار كالعبيد على النحو الذى بينا من حيث قاعدة المساواة المطلقة . أي تقطع أذنهء والصلّم الاستتصالء والأصلم: مقطوع الأذنء وهي صلماءء والجمع: صلم‎ )١( [الوسيط - صلم].‎ هاا تفسير سورة المائدة سس و كك حب > ل فى الإنسانية المعتدى عليهاء وقد خالفنا بذلك النظر جمهور الفقهاء بالنسبة للمساواة بين الأحرار والعبيد» ووافقنا جمهورهم فى المساواة بين الذكر والأنثى» وقررنا أن الذين خالفوا فى ذلك من الشذاذء كالطائفة التى قالت ذلك من بنى إسرائيل» بل جاء النص الكريم الذى نتصدى الآن للكلام فى معناه يرد الحق إلى نصابه» ويبين أصل الحكم فى التوراة التى نزلت على موسى . وجمهور الفقهاء على أن من يجرى القصاص فيه فى النفس يجرى القصاص فى الأطراف بالنسبة له» فأطراف المرأة كأطرف الرجل على سواء بينهما فإذا فقا عين امرأة تفقاً عينه» وإذا كسر ثنية امرأة تكسر ثنيته . وقد خالف فقهاء الحنفية جمهور الفقهاء» فلم يقرروا المساواة بين أطراف الرجل وأطراف المرأة» وبنوا ذلك على قياس عندهم قرروا فيه؛ أنه يلاحظ فى الأطراف المنافع» ولا شك عندهم فى منافع الأطراف عند النساء دون مناقع الأطراف عند الرجال. وفى الحق أن رأى الحنفية بنوه على قياس فى معان ارتأوهاء فقالوا: إن العبرة فى الأطراف بمنافعهاء ومنافع أطراف المرأة دون منافع أطراف الرجل» وإن الرأى لا يقف أمام عموم النصوص والنصوص العامة لا تخصص بالقياس» على أن القياس فى ذاته غير سليم؛ لآن من المنافع المؤكدة ألا يكون الجسم شائهاء والتشويه أضر بالمرأة من الرجل . وقبل أن نترك الكلام فى القصاص فى النفس والأطراف لا بد أن نشير إلى أمور ثلاثة : أولها ‏ أن جمهور الفقهاء قرروا أن الجماعة تقتل بالواحد» وقد يقول قائل: إن ذلك لا يتفق مع معنى القصاص الذى أساسه التساوى» فلا تساوى بين الواحد والجماعة» وبذلك قال بعض الفقهاء»ء والحق ما عليه الجمهور؛ لأن كل واحد من الجماعة قد اشترك فى القتل» فيسمى قاتلاء وقد أزهق نفسا فتؤخذ بها نفسه. ها تفسير سورة اللائدة 2101110 لس ا ولأنه اعتدى على حق الحياة» فكان الجزاء أن تؤخذ حياته» ولأن من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعاء وقد قال سبحانه: لأَنَهِ من قل نفسا بغير نفس أَوْ فساد في الأرض فَكَأنمَا قل الئاس جميعا ومن أحياها فَكأنمَا أحيًا النّاس جَميعا . ٠.‏ ل 4 [المائدة ] . وإن القتصاص شرع للزجر العام» ولحفظ الدماء» ولو أعفى الشركاء فى القتل من القصاص لكان من السهل على من يريد قتل إنسان أن يشرك معه غيره» فلا يكون قصاص من أحدهما؛ ولذلك شدد عمر وغيره من الصحابه ففى ضرورة قتل الجماعة بالواحد» وقد روى أن رجلا قتله جماعة بصنعاء» فاقتص عمر - رضى الله عنه ‏ منهمء وقال ‏ رضى الله عنه ‏ «لو تمالاً أهل صنعاء عليه لقتلتهم بها . ثانيها ‏ أن المساواة فى الأطراف من حسيث السلامة لازمة للقصاص» فلا تقطع السليمة فى مقابل المعيبة» ولكن لا يشترط التساوى من حيث القصر والطول» ولا من حيث الضعف والقوة» ما دام كلتا الجارحتين سليمة. وحيث يتعذر التساوى لا يكون القصاص بل تكون الدية» ويجب مع ذلك التعزير شفاء لغيظ المجنى عليه. الشها أن بعض الذين لا يدركون الأمور على وجهها يقولون: إن القصاص فى الأطراف يكثر المشوهين.» ويقلل المنافع»ء ويضعف إنتاج الأمة» والجواب عن ذلك أن القصاص فى الأطراف من شأنه أن يقلل التشويه ويكثر النفع ؛ لأنه إذا علم المعتدى أنه سيقطع طرفه إن قطع طرف غيرهء وأنه ستفقأ عينه إذا فقأ عين غيره» فإنه سيكف عن الاعتداء» وبذلك تصان الجوارح جميعاء فلا . يكون إيذاء» وبذلك يقلل عدد المشوهين ولا يكثرء ويكثر النفع ولا يقل . «والجروح قصاص» والجروح غير قطع الأطراف المتميزة التى يجرى فيها التمائل» مثل الشجاج بكل مراتبهاء ومثل الجسروح فى أجزاء الجسمء بعضها عن بعض» والقصاص المقاصة» أى العقوبة بما يساوى الجريمة وما أنزلت ل تفسير سورة المائدة من أذى» والمعنى هنا أن الجروح ذات قصاص أى يجرى فيها القصاص بالمساواة بين الجريمة وعقوبتها على أن تكون من جنسها وفى الموضع الذى كان فيه الجرح» بالثارات» وتبادل الأذى . والقصاص يجرى فى الجروح إذا أمكنت المساواة على ما أسلفناء ومهما يكن فالقصاص م2 متى أمكن» ولو بالتقارب أولى» فإن المساواة من كل الوجوه غير ممكنة» فإن الأجسام متفاوتة» وآثار الجروح فيها متفاوتة» والأذى فيها غير ثابت ولا شك أن القصاص الممكن» والتعزير مع الأرش(١'‏ إن لم يكن هو أقرب إلى العدالة» وإلى حقن الدماء» واحترام الأنفس والمحافظة على الكرامة الإنسانية والمساواة هو الأردع للجناة» فإن من يعرف أنه ستشّْج رأسه إذا شج رأس غيره لا يقدم على الأذى» بل يتردد»ء وأنه كلما كانت العقوبة من جنس الحريمة كان ذلك مع عدالته أشد زجرا وتأثيراء وإنه من يوم أن تغيرت العقوبة عن الجريمة استهين بالأنفس والأطراف» وأهدرت الدماء. وهناك أمر اختلف فيه الفقهاء: أيجرى القصاص فى الضرب» كما يجرى فى الجروح؟ الظاهر ذلك من روح الشريعة وما تومئ إليه نصوصها وهو ما كان يسير عليه السلف الصالح رضى الله عنهم» وقد قاله بعض الحنابلة والظاهرية» )١(‏ الأرش: ما يؤخذ عوضا عن كسر أو جرح. ٠‏ روى البخاري: الصلح - الصلح في الدية (١17؟)‏ عن أنس أن اريم وهي ابن لمر سرت ثيه جاريّة وَطَلَبُوا العفو فَأَبَوا فَأنُوا لبي يك فَأمَرَهُمْ بالقصاص فَقَال أن : بن التضر : تكس تنه الربيّع َا رسُولَ الله لا والّذِي بعك بِالْحَقَّ لا تكسر تيتا قَقَالَ: ايا نس كتَاب الله القصاص» رضي الْقَوم وَعقّواء َقَالَ ابي له «إنَّ من عاد الله مَنْ لَوْ أقْسَمّ عَلَى الله لبر راد الْمرَارِي عن حُمَيْد عن أنّس : فَرْضي الْقَوم وَقبلُوا الأرش. اا تفسير سورة المائدة ١‏ الالتاازائائلا!االللا ا ااا اللا اللااالاا تالت نان تالالا الانائن اماما اناطخ ةخ ةط طلطالا ااا اللاماما اللا نطق لالط خخطلقط مناخ خ لماخ اللا ١ ١ 5 ولكن الكثيرين من الفقهاء لا يلزمون بالقتصاص فى الضرب واللطم» بل يجرون فيه التعزيرء وقد يكون بالتوبيخ. أو بالحبس أو بالضرب» وحجتهم أن الضرب واللطم لا يمكن أن يجرى فيه القصاصء بل الممائلة متعذرة» وحيث تعذرت قام التعزير مقامه فى العقاب» والتعزير يكون على حسب تقدير القاضى المفوض إليه أمره. وإننا نختار القصاص؛ لأنه الأقرب إلى العدالة» ولآنه يشفى غيظ المجنى عليه» ولأنه هو الذى دعا إليه السلف الصالح وكانوا يسيرون على أساسه؛» وقد أيد ذلك النظر ابن القيم فقال رضى الله عنه: الإن ضمان النفوس والأموال مبناه على العدل» كما قال تعالى: 8 وَجَزاء سيئة سيئة متها . ٠‏ الك 4 [الشورى]؛ وقال سبحانه 8 ... فَمَن اعتدئ عليكم قاعتدوا عليه بمثل ما اعتدئ عليْكُم . ٠‏ 2ن 4 [البقرة]ء وقال عز من قائل: «وإن عاقيتم فاقوا بمثل ما عوقبكم به ولين صبَركم لَهْوَ خَيْر للصابرين +23 4 [النحل]» فأمر بالممائلة فى العقوبة والقصاصء» فيجب اعتبارها بحسب الإمكان» والأمثل هو المأمور به فهذا الملطوم المضروب قد اعتدى عليه» فالواجب أن يفعل بالمعتدى كما فعل به» فإن لم يمكن كل الواجب كان ما هو الأقرب والأمثل» وسقط ما عجز عنه العبد من المساواة من كل وجهء ولا ريب بأن لطمة بلطمة وضربة بضربة فى محلها بالآلة التى لطمه بهاء أو بمثلهاء أقرب إلى الممائلة المأمور بها حسا وشرعا من تعزيره بغير جنس اعتدائه وقدره وصفته» وهذا هَدَىْ رسول الله كَِيْكٌ وحلفائه الراشدين ومحض القياس» ثم يقول: «فهذه سنة رسول الله يَكيْةٌ وهذا إجماع الصحابة» وهذا ظاهر القرآن» وهذا محض القياس فعارض المانعون هذا كله بشىء واحدء وقالوا: اللطمة والضربة لا يمكن فيها المماثلة» والقصاص لا يكون إلا مع المماثلة» ونظر الصحابة أكمل وأصح. وآتبع للقياس» كما هو أتبع للكتاب والسنة» فإن الممائلة من كل الوجوه متعذرة» فلم يبق إلا أحد أمرين: قصاص قريب إلى المماثلة» أو | تفسبير سيور ة المائدة الملل مل 1 لسرت د تعزير بعيد عنهاء والأول أولى؛ لأآن التعزير لا يعتبر فيه جنس الحناية ولا قدرهاء بل يعزر بالسوط أو العصاء وقد يكون من لطمة أو ضربة بيده» فأين حرارة السوط ويبسه إلى لين اليد وقد يزيد وينقص» وفى العقوبة بجنس ما فعله تحر للممائلة بحسب الإمكان» وهذا أقرب إلى العدل الذى أمر الله تعالى به وأنزل به الكتاب والميزان» فإنه قصاص بمثل ما نزل بذلك العضو فى مثل المحل الذى ضرب به بقدره» أو يزيد قليلا أو ينقص قليلاء وذلك عفو لا يدخل تحت التكليف». سقنا هذا الكلام مع طوله لأن فيه توضيحا للنظرة الإسلامية السليمة فى المساواة والتمائثل بين الجريمة والعقوبة» وإن ترك تلك السنة إلى التعزير أدى إلى التفاوت بين الناس فى العقاب» وذلك مالا يقره الكتاب ولا السنة ولا يؤيده قياس» بل يؤيده أعراف فاسدةء وأخذ ظالم بنظام الطبقات المفرق. «إفمن تَصدّق به فَهِوَ كَمَارَةَ 4 الكفارة ستر الذنوب» بألا يحاسب عليها بين يدى الله تعالى» بل يغفرها الله تعالى له ويسترها فلا يظهرهاء بل تكون عند الله تعالى من التائبين المنيبين إليه سبحانه» تقدست ذاته» وتعالت صفاته. وهذا النص يفتح باب التسامح من المجنى عليه» وهذا يدل على أن العقوبة لم يقصد بها الانتقام المجرد» بل قصد الزجرء وإشعار الجانى بآن سوط العقاب مسلط عليه؛ ولذلك دعا القرآن الكريمٍ إلى العفو إن كان له موضعهء فقال تعالى: 8١‏ .. فَمن عفي له من أخيه شيء فَاتبَاعَ بالمعروف وأداء إِلَيْهِ يإحسان ... +12 4 [البقرة] . فكان فى هذا النص تحريض على العفو بذكر الأخوة الرابطة» وكان النبى كد كلما حكم بالقصاص دعا إلى العفوء ولكن بعد أن يعطى لولى الدم أو المجنى عليه زمام اللأمر وتمكينه من القصاص ليشفى غيظه؛ ويردع الجانى بجعل حياته أو جسمه رهن إشارته. وفى قوله تعالى: #فمن تصلق به» الضمير يعود إلى القصاصء والمعنى من تصدق بهذا القصاص على الجانى» فإنه صدقة كسائر الصدقات» والصدقة كما 2 لل اللا رب ا قال عليه الصلاة والسلام «تطفئ الخطيئة» كما يطفئ الماء النار(21 وإذا كان العفو صدقة فهو كفارة ساترة للذنب مذهبة للعقاب» ويرجى معها الثواب» وقد قال تعالى: 9 ... إن الْحَسنات يذهين السيقات .. . 139 4 [هود] . ومذهب الإسلام فى إلزامه القضاء الحكم بالقصاص وفتح باب العفو - توسط بين ما جاء فى التوراة من القصاصء» وما جاء فى المسيحية من عفوء فكان المسلمون أمة وسطا. ويلاحظ أن العفو أو التصدق بالقصاص يسقط حق المجنى عليه» ولكن لا يسقط حق المجتمع من ضرورة العمل على منع ارتكاب الجرائم» فلولى الأمر أن يحكم بتعزيره إذا عفا ولى الدم» والتعزير عقوبة غير مقدرة يراها ولى الآمر رادعة . #ومن لم يَحَكُم بما أنزل الله اولك هم الظّالمون4 ختم سبحانه وتعالى الآية الكريمة بهذه العبارة» وفيها إشارة إلى أن هذا القصاص حكم الله تعالى الذى لا يتغير ولا يتبدل؛ ولذلك كان فى شريعة موسى عليه السلام» وفى شريعة النبيين من بعده» وجعلها القرآن الكريم شريعته» وفيه إشارة إلى أن العدالة التى أوجبتها المساواة بين الجريمة وعقوبتها من غير هوادة من أنخذ المجرم بجريمته إذا أصر عليها ولى الدم أو المجنى عليه هى حكم الله تعالى الخالد الباقى المنزل على رسله. ونجد النص هنا يحكم بأن من لم يحكم بما أنزل الله تعالى يكون ظاماء وفى الآية السابقة نص على أنه كافر» والسبب الذى يظهر لنا فى ذلك أن الآية الأولى كانت تذكر ما اشتملت عليه التوراة من هداية ونور» فكان الذين لا ينفذون أحكامها مع ما هى عليه منكرين لتلك الأوصاف العالية التى اشتملت عليها من غير تبديل» فكانوا بذلك كافرين» أما هذه الآية فإنها تشتمل على أحكام عملية» فعدم الأخذ بها يتضمن ظلما؛ لأنها عدل فى ذاتهاء ومشتقة من قانون الفطرة )١(‏ سبق تخريجه. اا تفسير سورة المائدة ل 0 ١‏ كي رسوله فبهما عزواء وبهما يعتزون إن شاء الله تعالى. آله اك د هر لع لاس ست ا سس سس وه 20 وقفينا علج ءاترهم بعيسى أبن م مصد قا لمابين يديه من لحل 2 ل سر سسحت سس ور رع ل عو سس بعر سه ل كك سح به تور ءايه الْإِجحل فيه هدى ودورومص رقا[ يديه من قا ريط اين 42114 ساح لخر صر ا 0 ل 0 بعلتو لمكم يمآأنزل 002ل 70 ومد م له لَه َأوْلتيِكَ هم الْفسِفُوتَ 2 ذكر الله سبحانه وتعالى ما يتعلق بالتوراة من وجوب التزام أحكامهاء وتنفيذهاء وأنه قد نفذت تلك الأحكام على يد النبيين» وطبقوها على أكمل وجوه التطبيق» وجاء من بعدهم العلماء الذين فقهوا معانيها ودونوا فقههاء والقضاة الذين خلصوا أنفسهم من أدران الهوى» وسلطان الشهوات» حتى صاروا ربانيين يقومون على الحق والقسطء ويشهدون الله على ما يفعلون» فهم شهداء الله تعالى» لا يخضعون لغيره» ولا يريدون إلا رضاه» ولا يبتغون غير سبيله سبيلا . مه بعدهم يصدق ما بين يديه من التوراة» وأتى معه بالإنجيل وفيه أحكام مقررة للتوراة» أو ناسخة أو مبينة» وأن على أهل الإجيل الذين نزل عليهم وخوطبوا به أن يطبقوهء» حتى تأتى الأحكام الخالدة المقررة الثابتة إلى يوم القيامة التى نزلت بها شريعة القرآن كما ستدل على ذلك النصوص القرآنية التالية . من بعد الذين حكموا بالتوراة من النبيين كداود وسليمان ومن قبلهما ومن بعدهما 1 هاا تفسير سورة المائدة م 11111110000 1 2122222111111 1 حر د - بعيسى ابن مريم - عليه الصلاة والسلام - مقتفيا آثارهم مصدقا لما بين يديه من التوراة. . . وهنا بحوث لفظية تتبين من ذكرها معانى النص الكريم: أولها - فى معنى قفينا»» فقد قال علماء اللغة ومفسرو البيان: إن «قفّى) معناه عيَّب» ويقال قفيته بكذا أى أتبعته به وهنا نجد المفعول محذوفاء فلم يكن النص قفيناهم بعيسى بعيسى ابن مريم» وحذف لأن كلمة #علئ آثارهم» تدل على المحذوف, إذ إن المحذوف هو النبيون السابقون الذى يحكمون بالتوراة» وكلمة «على آثارهم» تدل على أنهم هم الذين اقتفيت آثارهم. وذكر كلمة على آثارهم» تدل على أن عيسى - عليه السلام - لم يكن بدعا من الرسل» بل سبقه آخرون سلك مسلكهم فى إقامة التوراة وما بقى منها غير منسوخ بحكم ما جاء فى الإنجيل» وآثار أولئك النبيين هى الحكم الخالص لله الذى اتبعوه فى تنفيذ أحكام التوراة» فآثارهم معنوية وليست مادية. وقال علماء الاشتقاق فى اللغة: إن كلمة قفى مأخوذة من القفاء وهو مؤخر الرقبة» يقال: قفا أثره إذا جاء من ورائه واتبعه فى سيره حساء ثم صار يطلق على السير وراءه معنى» كالشأن فى كثير من الألفاظ التى تدل على معان حسية» فإنها تنتقل من بعد إلى مدلولات معنوية. ثانى الأمور البيانية - هو فى ذكر عيسى فى القرآن مقرونا بكلمة «ابن مريم»؛ لآن ذلك يتضمن ولادته الحسية منهاء وأنه قد تكون جسمه من جسمها كسائر كل المولودين من أمهاتهمء وفى ذلك إشارة إلى أنه محدث ككل المحدثات» وأنه كان من بعد أن لم يكن» وأنه لا نسب له إلا من جهة أمه البتول عليها وعليه السلام» فليس له أب» وليس ابن الله تعالى» بل هو ابنها وحدهاء ولا نسب له إلا إليها. ثالثها - قوله تعالى: #مصدقا لما بين يَدَيْهِ من التُورَاة©. وتصديق سيدنا عيسى للتوراة» لأنها ككتاب فى أصلها منزل من عند الله تعالى» فعيسى عليه /إ9ها تفسير سورة المائدة لناالنااتلاة! الل للااتا لكك لالت انا نةتلانل اناا اتا ةطخ اناالا لانن اننا انا انلاا كط طاخان انالا لللال لكلا خلال الاال اللا تاللا 1 كا :1 يي" السلام يصدق أصل نزولهاء وينفذ أحكامها إلا ما جاء نسخه فى الإنجيل منهاء ولو سايرنا الواقع عند النصارى فى هذه الأيام لكان لذكر كلمة التتصديق فى هذا المقام معنى أعمق من مجرد التصديق بأصل النزول» بل بالتنفيذء لأن الإنجيل ليس فيه أحكام عملية كثيرة» فأحكام الأسرة كلها مأخوذة عند النصارى من التوراة» وليس ثمة نص قاطع فى الأناجيل التى بين أيدينا يغاير ما جاء فى التوراة من أحكام تتعلق بالأسرة» ولا بأحكام العقوبات من حدود وقصاصء» ولقد رويت عبارات عندهم منسوبة للمسيح - عليه السلام ‏ تدل على العمل بأحكام التوراة» مثل قوله عليه السلام: «ما جئت لآنقض الناموس» وهو التوراة» ولعل التعبير بآثارهم يدل من بعد أو قرب على معنى هذا التصديق العملى.» فضلا عن التصديق الاعتقادى والقولى. وكلمة «بين يديه» تعبير قرآنى» للدلالة» على أن التوراة كانت حاضرة قائمة وقت مجىء عيسى - عليه السلام - وعلمها عنده» وهو علم خال من التحريف والتبديل» أوحى الله تعالى به إليهء ولفظ بين يديه فى دلالته على الأمر المهياً القائم من الاستعارات الرائعة» ومضمونها أن الأمر معلوم علما يقينا لعيسى ابن مريم عليه السلام كعلم المحسوس يكون موضوعا بين يديه. ومن الفروق الدقيقة أن الله تعالى عبر عن مجىء عيسى بالإنجيل بقوله تعالت كلماته: #وقفينا على آثارهم» . وعندما أخبر عن مجىء محمد يليه بالقرآن قال تعالت كلماته: انلا إِلِيِكَ الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ... #خك 4 [المائدة]. فهو ليس منفذاء ولكن هو مسيطر وحاكم على ما سبق من كتب. #وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التّوراة4 عقب السيد المسيح ‏ عليه السلام - الأنسياء الذين نفذوا أحكام التو راق وطبقو ها تطبيقا دقيقا من غير هوادة» ولا ظلم» ولا شطط مع الضعفاءء ومحاباة للأقوياء» وقد أعطاه الله تعالى قوة فى رسالتهء فأعطاه كتابا هو الإنجيل» وهو البشارة برحمة الله ها تفسير سورة المائدة ا سي ةا لحب أ تعالى» والبشارة بمجىء نبى الرحمة محمد كَلِةٌ والتعبير ب «آتيناه الإنجيل» فيه إشارة إلى تقوية ما جاء به» وإشارة إلى أنه ليس كل ما فى التوراة نافذا وإن كان جله نافذاء وخحصوصا ما يتعلق منه بتنظيم المجتمع فى كل درجاته من الأسرة الصغرى إلى الآسرة الكبرى» وهى الإنسانية فى أقاليم الأرض» فالإنجيل قد جاء بشريعة متممة لما جاء فى التوراة من غير نقض لها. وقد وصف الله سبحانه الإنجيل بأوصاف ثلاثة» وبين أنه مشتمل على أمرين» وجملة ما ذكر القرآن الكريم - تعالت كلمات الله - أن فيه خواص خمسا؛ وهى أن فيه هدى» وأن فيه نوراء وأنه مصدق للتوراة» وأنه هو ذاته هدى» وأنه موعظة للمتقين. ولنتكلم بكلمات موجزات فى معانى كل خاصة من هذه الخواص» لتتبين المغايرة بينهاء ولتتميز كل خاصة عن أخواتها وإن كانت متقاربة فى معانيهاء ومتلاقية فى غايتها: والخاصة الأولى ‏ أن فيه هدى؛ أى أنه اشتمل على الهدى» وهو الدلالة الحق على تنزيه الله تعالى ووحدانيته» وأنه المستحق للعيادة وحده» وأنه ليس بوالد ولا ولدء وأن عيسى هو ابن مريم وحدهاء ونسبه إليهاء وليس له لله تعالى نسبة إلا أنه خلقه بكلمة كن فيكون» فهو بهذا المعنى كلمة الله تعالى» وقد ألقاها إلى مريم» وروح القدس وهو جبريل الذى بلغهاء وفيه بيان أن عيسى - عليه السلام - رسول الله تعالى وقد خلت من قبله الرسل . وهذه الهداية تقرير للحقيقة الثابتة من مبدأ الوجود؛ لأنها تدل على صفات نشئع هذا الوجود. أما الخاصة الثانية ‏ فهئ أنه مشتمل على نور مرشد موجه هادء فإذا كانت الخاصة الأولى مقررة لأمر ثابت قد وقع» فالخاصة الثانية مثبتة للأمر آخر يتعلق بالمستقبل» وهو أنه يضىء وينير لتمييز الحق من الباطل» وبين ما جاءت به رسالة تفسير سورة المائدة ا 0 .. ١ الاك‎ يي المسبيح من دعوة البشر إلى الخير وإلى صراط مستقيم فالإنجيل بإضافة هذه الخاصة إلى سابقتها يكون مشتملا على أمرين: أولهما - تقرير للحقيقة الثابتة الخالدة» وهى وحدانية الله تعالى فى الإنشاء والتكوين» والذات والعبادة. وثانيهما ‏ أنه مرشد إلى مكارم الأخلاق ومئير العقول لإدراك المستقبل» ويدخل فى ذلك بشارته بالنبى يَلفِْةِ وهو «البارقليط» كما جاء فى نسخة متى» وكما قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام: « ... ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أَحمّد ... 20> 4 [الصف]. والخاصة الثالثة - وهى وصف لذات الإنجيل» وقد ذكرها سبحانه بقوله تعالى: #مصدقًا لَمَا بين يديه من التّوراة4. أى أن الإنجيل قد كان بذاته مصدقا للتوراة من حيث صدق نسبتها إلى الله تعالى قبل تحريفهاء وقبل أن ينسوا حظا منها. ولا تكرار فى وصف التصديق؛ لأن ما ذكر أولا كان وصفا لعيسى - عليه السلام ‏ إذ قال سبحانه: لوقَفيمَا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا4. وأما ما ذكر هنا فهو وصف للإنجيل نفسه. وكأن التصديق من جانب عيسى - عليه السلام - للتوراة جاء من ناحيتين» من عيسى» ومن الإنجيل ذاته» وتلاقى التصديقين يفيد إقرار أكثر أحكام التوراة الاجتماعية والقانونية» ويفيد أن رسالة الرسل متصلة موصولة» حتى يختمها محمد رسول الله كَكْدٌه فهو خاتم النبيين» وآخر لبنة فى صرح الرسالات الإلهية . والخاصة الرابعة ‏ وهى من صفاته الذاتية أنه هو ذاته هدى)» وسبب وصفه بهذا الوصف بعد ذكر أنه قد اشتمل على هدى ونور هو استمرار الهدى لهء وللإشارة إلى أنه منزل من عند الله تعالى» وهو بهذا الوصف يكون فيه دلالة ذاتية على الحق. ولأنه بشارة بنبى يرسل من بعد عيسى اسمه أحمد» وكان الهدى فى هذا المقام وصفا ذاتيا؛ لأنه مأخوذ من اسمه؛ إذ إن الإنجيل معناه البشارة» ولعله سمى إنجيلا؛ لأنه الكتاب المنزل الذى كان فيه البشارة المباشرة بمحمد وَلكِْدّ بعبارات إن لم تكن صريحة فهى واضحة كالصريحة. اا تفسبيرسورة المائدة ١‏ لم0 لحب ا والخاصة الخامسة ‏ أنه «موعظة للمتقين» والموعظة هى التذكير بما يرق له القلب» وتصفو به النفس ويستقيم به العمل. فقد قال الخليل بن أحمد فى تفسير الوعظ: (هو التذكير بما يرق له القلب) والإنجيل كان كذلك؛ لأنه توجيه بنى إسرائيل ومن كان على شاكلتهم من الماديين الذين أركستهم المادة واستولت على قلوبهم ‏ إلى الحياة الروحية» والتهذيب النفسى» وجعل الروح هى المسيطرة من غير ترك لحظوظ الدنيا المباحة التى لا تستغرق النفس . ومن أجل ذلك وصف بأنه موعظة» ولكن لا يستفيد منه إلا الذين امتلاآت نفوسهم بالخوف ورجاء ما عند الله.» وهم طالبو الحق المهتدون» لأنهم هم الذين يستفيدون من العلم الذى يلقى» فالنفوس أقسام ثلاثة: قسم يطلب الحق» ويثمر فيه بيانه» وقسم يجمد على ما عنده» ويكون صلدا لا ينفذ العلم إلى قلبه» إذ تحول بينه وبينه غشاوة من الباطل فهو أغلف. وقسم متردد حائر» تسيره الأجواء التى تحكمه وتسيطر عليه» ولا شك أن الذى يستفيد من المواعظ هو طالبها المتقبل لهاء الذى تتشبع نفسه منهاء وأولئك هم المتقون» وأما القسم الثالث» فإنه ترجى له الهداية رجاء غير محقق» وإن مثل العلم النافع لثل الغيث لا ينتفع منه إلا الأرض الطيبة التى تخرج نباتها بإذن ربهاء والعلم لا ينتفع به إلا القلوب الطاهرة التى لم ترنقها أغراض الدنيا وأهواؤها. #وليحكم أهل الإبجيل بما أنزل اللّهُ فيو ». فى هذا النص الكريم قراءات نذكر منها قراءتين فى قوله: «وليحكم): أولاهما ‏ قراءة حمزة بكسر اللام وفتح الميم2» وتكون اللام للتعليل» ويكون فى مقام العطف على ما سبق» لأنه فى معنى التعليل» ويكون المعنى على هذه القراءة: (وآتينا عيسى ابن مريم الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين. وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل فيه)» وأهل الإنجيل هم من عاصروا المسيح عليه السلام» ومن - قرأها بكسر اللام وفتح الميم حمزة» وقرأ الباقون بإسكان اللام والميم. غاية الاختصار‎ )١( . أبوالعلاء الهمذاني العطار ج؟‎ ل ل تفسير سسورة المائدة لاا االاالاا لاا اااااالل لاا ,نال اناالا للانااالالااكا ااال التاك ااال لااتالطططااتالاالاااالللا الا ااام مالالا الال 1 لسرب ا جاءوا بعدهم حتى بعث محمد يلو إذ يجب العمل بشاريعته حتى يجىء ما ينسخهاء فالعمل واجب بشريعة الإنجيل من أهل الإنجيل» فلما جاءت شريعة محمد عليه الصلاة والسلام صاروا أهل شريعة محمد كَلكلةٌ. والقراءة الثانية بسكون اللام» وسكون الميم على أن اللام للأمر"»» وسياق الكلام على هذا يوجب تقدير محذوف, وهو (قلنا) مثلا لبكون متقابلا مع أهل التوراة الذين قال تعالى فيهم: (١‏ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالتفس ... +(2) 4 [المائدة]. فالمعنى: وقلنا ليحكم أهل الإنجيل. وعلى هذا التقدير يكون العمل بالإنجيل سابقا على نزول القرآن. وإذا لم تقدر كلمة قلناء فإن الكلام لا يدل على بقاء شريعة الإنجيل للنصارى؛ وذلك لآنه بعد بعث محمد يله صاروا هم أهل القرآن؛ لأنهم هم الذين يخاطبون برسالته» ومعهم غيرهم من الخليقة» فكل الذين يدركون نبيا هم أهل رسالته التى يخاطبون بهاء لا فرق بين قريب دان» وبعيد قاص» وأيضا فإن شريعة محمد يللد قد نسخت ما يخالفها مما سبقهاء إذ شربعة القرآن هى المهيمنة على ما عداهاء كما قال تعالى: #وأَنرلنا يك الكتاب باحق مصدقًا لما بين يَديْه من لكاب وَمُهيْما عليْه4. وهذه الهيمنة توجب العمل بما أقره من الكتب السابقة وبطلان العمل بما نسخه منها. الإنجيل الذى له تلك الأوصاف السابقة هو الذى لم يجر فيه التحريف» وهو خاص بالحكم فيما قبل البعث المحمدى. #ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولك هم الْقَاسقون» فى هذا النص الكريم الحكم على من لم يحكم بما أنزل الله تعالى بالفسق» أى الاروج عن جادة الحق» والسنن المستقيم والخلق الكريم» وكان الحكم بالفسق هنا مناسبا لمواعظ الإنجيل الذى نزل على عيسى وهدايته؛ لأن تعريف القرآن الكريم له فيه إشارة إلى ما اشتمل من أخلاق روحانية قويمة» وهداية سليمة:» والمناسب لمن لم يحكم به أن )١(‏ السابق. ها تفسير سورة المائدة ١‏ اااااااااالناالناااااااااالاا ااا أالاااااا مالالا ات االالاااااااامماالكاططلللانالاتللااااالا ممم لمخم طمططلالاااططط لال الالال اللا .١ ١ الاك‎ ١ يي يتكون من عناصر ثلاثة . أولها ‏ أن التعبير ب امَّنَ) يدل على الجمع هنا بدليل قوله تعالى: طفَأولك هم الْفاسقون»؛ لأن أؤلتك إشارة إلى الجمع» وهم ضمير الجمع» وكأن التعبير بالموصول للدلالة على أن الحكم الفردى كالحكم الجماعى» فكل من تتحقق فيه الصلة» وهو ألا يحكم بما أنزل الله تعالى - يكون فاسقا آحادا أو جماعات. ثانيها ‏ أن المراد بالحكم يشمل حكم القضاء وحكم العمل» فمن لم يعمل أنزل الله تعالى. والحكم بالفسق شرطه ألا يكون ثمة جحود لما أمر الله وإلا كان كفرا.. 00 وَأَنزلناإ ليك الكتنب اس به | هه ع ده سس ع 39 ته 2 يالحق مصدقا لمابييت يديه من الحكتاب ومهيينا صد مذ - سس لم ىج عي مومور مه نهم 6+ سس جرم عَلَيَهِ َأ ححكم يدنه م يما أنزل الله ولا تَدَبِعٌ أهواء هم راصم سا م اال كه إلى 1 3 آله آ هل آذ ذه 93 د سه لع سه سيو د و ا لي ولوساء ألله لجعلحكم أَمهَ ونجده ولك لِمبَلوَح فيا سرح سا عا سل صي ‏ ساعم رام 20 عورم 3 7 سر ءات' فاسترفوا الْحَيات إل الله مرجع حكم جمِيعًا عل يست رسع ارح 2220 بر سر نهم ل 90 تفلف م 0ه ليفك بِمَا فية - ل حي ا تفسير سسورة المائدة سس سسا 0 للحرب أ هذا تتميم لما ذكره سبحانه وتعالى من كتب» وبيان تعاقب الرسل المعروفين ذوى الشرائع التى سنت الأحكام وعبدت المناهج» فقد ذكر سبحانه وتعالى أنه أنزل التوراة وشرع ما فيها من أحكام» وأن على أهل التوراة أن يحكموا بهاء ثم أعقب الإنجيل التوراة» وأتى بأحكام يجب تنفيذهاء» وأكد ما اشتملت عليه التوراة مما لم يجئ نسخ بهاء وأتم الله سبحانه وتعالى البيان بذكر رسالة محمد كَكِْةِ» وبه تمت الرسالة الإلهية» وكملت شرائع الله تعالى» وقد قال تعالت كلماته: «رأنزا نيك الكتاب بالحق مُصدها لما يديه من الكتاب ومهيَْ علي فى هذا النص السامى» نجد بعض إشارات بيانية تشير إلى مكانة القرآن بين الكتب السماوية» وتبدو هذه الإشارات فى ثلاث نواح: الناحية الأولى ‏ أنه سبحانه لم يقل وقفينا على آثارهم بمحمد أو نحو ذلك» بل بين سبحانه أنه أنزل الكتاب» وفى ذلك إشارة إلى معنى استقلاله» وأنه لم يكن فيه تبعية لغيره من الكتب» بل هو مستقل بالمكانة منفرد بها من غير تبعية أيا كان نوعهاء وأيا كان مقدارهاء وذكر الكتاب دون ذكر النبى َيِه صراحة للإشارة إلى مكانة الشريعة الإسلامية وكتابها الكريم الباقى والخالد إلى يوم القيامة» وهو معجزة النبى يلو وإذا ذكرها سبحانه فى مقام الإكبار والتفخيم يكون بيانا لمكانة الرسالة المحمدية» وبيان أن حجتها أقوى الحجج» وأشدها تثبيتاء وأبقاها فى هذا الوجودء وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الكتاب من غير تعريف سوى ذلك» و(أل) كما قال علماء اللغة للعهد» وفى ذلك إشارة إلى كماله» أى أنه «الكتاب» الذى هو جدير باسم الكتاب» بحيث إذا أطلق اسم الكتاب لا ينصرف إلا إليه؛ لأنه الفرد الكامل من بين الكتب فى هذا الوجود. وقد زاده الله تعالى شرفا فنسب الإنزال إليه سبحانه» وفى ذلك تأكيد لمنزلته العالية السامية . الناحية الثانية - من الإشارات البيانية المبينة لمكان القرآن ‏ هو بيان أنه سجل الرسالات السابقة» والشاهد بصدقها فهو مصدق لكل الكتب السابقة» الها تفسير سورة المائدة 2 الل ااال للا الا0ا0ا0االللاا0ا0ا0ااالللللل لسرب أ المنزلة قبل تحريفهاء وفيه دلائل نبوة الأنبياء السابقين» ومعجزاتهم» والكتاب الآخر فى قوله تعالى: #مصدا لَمَا بين يَديْه من الكتاب4. هو جنس الكتب السماوية السابقة» ف (أل) فيه للجنس» أى أنه فى القرآن الكريم الدلائل المثبتة, لصدق ما يصح أن يسمى كتابا سماويا من الكتب السابقة بما فيها الإنجيل والتوراة والزبور» ويصح أن يكون (أل) للعهد أيضاء وهو العهد الذكرى» إذ ذكر من قبل كتابان من الكتب السماوية وهما التوراة والإنجيل» وععبر عنهما بالكتاب باعتبار الجنس» ولأن كليهما متمم للآخر» فهما فى معنى كتاب واحد. | والناحية الثالثة مما يدل على مكانة القرآن ‏ هو أنه يهيمن على الكتب السابقة» فقد قال تعالى فى مقامه بالنسبة لغيره من كتب السماء: # ومهيمنا عليه» . والمعنى أنه حاكم بصحة ما فيه» وشاهد بصدقه» ومقرر لمعانيه الباقية التى لم يعترها نسخ» وفوق ذلك يتبين الصحيح الذى نزل» ويشير إلى المحذوف الذدى حذفه الأخلافء إذ نسوا حظا مما ذكروا به» وهناك قراءة بفتح الميم» ذكرها الزمخشرى فى الكشاف(2». ويكون المعنى أنه (مهيمّن) عليه أى مراقّب محفوظء كما قال تعالى: 9إإِنًا تحن نرَلنا الذكر ونا لهُ لحَافظونَ 32> 4 [الحجر]. وقد وضح الزمخشرى المعنى على هذه القراءة بقوله رضى الله تعالى عنه: «أى هومن عليه بأن حفظ من التغيير والتبديل» كما قال تعالى: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خَلفه ... 527) 4 [فصلت]. والذى هيمن عليه الله عز وجل أو الحفاظ فى كل بلد» لو حرف حرف منه أو حركة أو سكون لتنبه له كل أحدء ولاشمازوا رادين ومنكرين». أى أن الله تعالى هيمن عليه وحفظه إلى يوم الدينء والحفّاظ للقرآن جيلا بعد جيل هم بتوفيق الله تعالى شاهدون مانعون لكل تغيير وتبديل؛ لأنهم يحفظونه فى صدورهم» ولا يتركونه للقرطاس الذى قد يرد عليه المحو والاثبات والتغيير والتبديل» وبذلك اختص القرآن بالصيانة من بين الكتب السماوية» وهو () وهذه القراءة ليست فى العشر المتواترة. ا تفسير سورة المائدة ١ 0100‏ #يحجل ونور 3 قد حفظه بنصه وقراءاته» وطريق تلاوته» فالله سبحانه وتعالى هو الذى رتله ترتيلاء بتعليم النبى كك ذلك كما قال تعالى: 9 وقَال الّذين كفروا ولا نزْل عليه القرآن جملَة واحدة كذلك لنعبَت به فُوَادَكَ ورثَلَاهُ ترتيلاً 227 4 [ الفرقان] . #فاحكم بيتهم بما أنزل الله الفاء هنا للإفصاح؛ لأنها تومئ إلى شرط مقدرء والمعنى على هذا: إذا كان الكتاب قد أنزل إليك من لدن الله العلى القدير عالم غيب السموات والأرضء وأنه يهيمن على الكتب السابقة ومحفوظ بحفظ الله تعالى إلى يوم الدين؛ فاحكم بين اليهود والنصارى ومن يعاصرونك من الناس بهذا الذى جاء به لأنه نزل لتحكم به أنت ومن يتولى الحكم من بعدك» ولم يقل سبحانه وتعالى لتحكم به بل ترك الضميرء وعبر بالموصول للإشارة إلى أن السبب الموجب للحكم أنه منزل من عند الله» إذ إن الموصول إذا كان فى ضمن حكم تكون الصلة هى علة الحكم» والسبب فيه» وعلى ذلك يكون حكم القرآن وهو حكم الله تعالى الذى لا يختلف باختلاف العصورء ولا يتغير بتغير الأوقات؛ لأنه شريعة الله الذى هو بكل شىء عليم» يعلم الناس وما يصلح لهم فى ماضيهم وقابلهم» وهذا يفيد أن اليهود الذين عاصروا النبى مَددِْدّ ومن جاءوا بعدهم مخاطبون بشريعة القرآن» وأنه نسخ ما قبله من الشرائع» إلا ما جاء النص بوجوب العمل به كالقصاصء أو ما لم يثبت أنه نسخ» والمعول فى الحالين هو القرآن وما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام» ولقد روى أنه عليه السلام ذكر أن موسى لو كان حيا ما وسعه إلا الإيمان به عليه الصلاة والسلام. #ولا تتبع أهواءهم عَم جَاءكَ من الْحَقَ» الضمير فى قوله تعالى: #أَهواءَهم» يعود إلى اليهود الذين تحاكموا إلى النبى كَل وأرادوا أن يحكموا بما لم ينزل من عند اللهء مع أن الحكم عندهم فى التوراة التى بأيديهم منصوص عليه ولم ينسخه القرآن الكريم» وكان ما بقى وهو القصاص العادل. وقوله تعالى: #ولا تتبِعْ أهواءهم» فيه إشارات بيانية نتكلم فيهاء وذكرها فيه بيان معنى النص الكريم . هاا تفسبير سبور: ة المائدة : الل الل 111 رت نا أولاها ‏ قوله تعالى: ولا تع أهواءهم4. أكثر العلماء قالوا:إن قوله تعالى: #ولا تتبع أهواءهم» . متضمن معنى لا تنحرف» بدليل أنه تعدى بعن فى قوله تعالى: #عما جاءك من الْحَقَ». والمعنى فى الجملة لا تتبع أهواءهم منحرفا عما جاءك من الحق» وهو ما نزل به القرآن الكريم؛ ولذلك نرى أن قوله تعالى: #ولا تشبع أهواءهم» . لا تضمين فيهاء بل قوله تعالى: عم جاءك من الْحق» . يتعلق بحال محذوفة. والمرمى من هذه الجملة السامية أن الخروج عما أنزل الله تعالى باتباع أهوائهم الفاسلة المردية فيه انحراف عن الحق» وخخحروج عن الجحادة المستقيمة» وبعد عن الإنصاف فى ذاته» وكذلك الشأن فيمن يعدل عن حكم الله تعالى اتباعا لأهواء الناس» وإرضاء للشهوات والرغبات المنحرفة . الإشارة البيانية الثانية- فى قوله تعالى: #عمًا جاءك من الْحق4. فيه إشارة إلى أن الذى يبتلى بأمثال هؤلاء اليهود ومن سار على طريقهم فى هذه الأرض يكون بين أمرين؛ إما أن يطيع الهوى والشهوة وفيهما الفساد. وإما أن يطيع ما جاء من عند اللهء وفيه العدل والهدى والرشاد» وأى الطريقين أهدى للوصول إلى الصلاح الذى لا فساد يعكره. الإشارة الشالثة ‏ فيها بيان أن ما يحكم به النبى كَلكِةِ هو الحق والعدل فى ذاته وبذلك يكون حكم النبى ‏ عليه الصلاة والسلام - قد تأيد بأمرين: أحدهما - أنه الحق فى ذاته الذى لا مرية فى أنه العدل والأمر الثابت الذى لا تجوز مخالفته فى ذاته» ثانيهما ‏ أنه جاء من عند الله الذى لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماءء وهو بكل شىء عليم. الكل جَعلْنا مدكم شرعة ومنهاجا» الخطاب لليهود والنصارى والمسلمين وغيرهم من الذين أوتوا كتابا نزل بشريعة من عند الله تعالى» ويكون فى الكلام التفات» فقد كان الخطاب للنبى يلد والمتحدث عنهم أولئك الذين اتبعوا وحرفوا الكلم عن مواضعه. ولمعنى على هذا لكل نبى من الأنبياء السابقين شرعة يسير نحوهاء ويتجه إليهاء ومنهاج واضح بين يسير فى طريقه» ولا يلتوى عنهء ولا #9 تفسير سورة المائدة ااا اااتا نالا تالكالل ناتك الخخللملن ان اننا طخ الل ناتل لامش طاطخ ةلالا لالخ لط طخط ات الالالال لطناا طخل لالط خخالطاااللللا ال لالا ا لاتاتلة 0 سرب أ يخرج منهء فإن ما عداه متاهات لا يلتفت إليهاء والذين يعاصرونه هم الذين يخاطبون بشرعته» ويسيرون فى منهاجه» فالذين نزل فيهم القرآن مخاطبون بما جاء فى القرآن» وشرعته ومنهاجه لهم؛ لأن شرعة الأنبياء السابقين ومنهاجهم قد انتهيا بمبعث محمد يَكِلَهٌ وبقى من شرائعهم ما يقره القرآن» وما جاء النص بإقراره . وتفسير الشرعة قد اتفق الفقهاء على أن المراد بها الشريعة» وهى ما جاء من أحكام تكليفية يجب العمل بها أمرا ونهيا وندبا وإباحة» والمنهاج على هذا هو الطريق الواضح لتنفيذهاء وبيان مجملهاء وتفصيل أحكامها الجزئية؛ ولذلك روى عن ابن عباس - رضى الله عنهما ‏ أن الشرعة هى النصوص التى تجىء فى أصل الكتاب المنزل» والمنهاج هو ما يبينه النبى الذى أنزل عليه الكتاب» وفصل به الأحكام الجزئية17؟ . هذا كله على أساس أن ضمير الخطاب قد وجه إلى اليهود والتنصارى ممن كان لهم كتاب منزل» وقد يرد على هذا أن الرسالة الإلهية واحدة» فكيف يجىء فيها الاختلاف» وقد قال تعالى: شرع لَكُم مَنْ الدآين ما وصّئ به نوحا والّذي أُوحينا إِلَيك وما وصينَا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أقيموا الدآين ولا تفقوا فيه كبر عَلَى المشركين ما تدعوهم إِلَيْه ... 27 4 [الشورى] . ونقول فى الإجابة عن ذلك: إن الوحدة الجامعة بين الرسالات الإلهية هو ما يتعلق بالعقيدة من إيمان بالوحدانية ونفى للوثنية» وإيمان باليوم الآخرء وما يجرى فيه من حساب وعقاب» ونعيم وجنات تجرى من تحتها الآنهارء وجحيم وسعير إلى آخر ما ورد فى الغيبيات. أما الشرعة التى يجىء فيها الاختلاف فهو الأوامر والنواهى» وبعبارة عامة فهى التكليفات من حلال وحرام» فقد يشدد الله تعالى على بعض الأقوام لغلظ قلوبهم» ويخفف على آخرين» كما قال تعالى: : ذكر البخاري تعليقا: الإيمان (باب قَول النِي طَلل بي الإسلام عَلَى ختَمْس). وكَال ابن عباس‎ )١( #إشرعة ومنهاجًا» سبيلا وسنّة. (/#ا تفسبير سبور, ة المائدة 11111 لماه يي" « وعلى لين هادوا حرَمنا كل ذي ظَفرٍ ومن الْبَقَرِ وَالْعنَم حرمنا عليهِم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيتاهم ببغيهم ونا لصادقُون دز # [ الأنعام ] . والمنهاج يختلف» فمن الأنبياء من دعا دعوته» وكان فريسة لاعتداء أعدائه من غير أن يقاوم بالسيف. ومنهم من شرع له أن يدفع الاعتداء بالسيف» وهكذا. هذا الكلام كله على أساس أن الخطاب موجه إلى أهل الكتاب الذين سبقوا بكتاب أنزل عليهم» ونسخته شريعة القرآن» وقد جاء بعض المفسرين فقرر أن الخطاب لأمة محمد ولد أى للمسلمين فى حاضر أمرهم وقابله» وقد ذكر هذا الرأى ابن كثير فى تفسيره» فقد قال: «وقيل المخاطب بهذه الآية هذه الأمة ومعناه لكل - جعلنا القرآن - منكم أيتها الأمة شرعة ومنهاجاء أى هو لكم كلكم تقتدون به») ومؤدى هذا الكلام جعلنا القرآن شرعة ومنهاجا لكل منكم» أى واحد منكم» فليس المضاف إليه المحذوف من بعد كل الأمم بل الآحاد» أى أن كل واحد من أمة محمد عليه الصلاة والسلام - مخاطب بتكليفات الشريعة» وتنفيذ منهاجها المستقيم» الذى لا عوج فيه ولا أمت. والعلماء على التخريج الأول وهو ظاهر اللفظ ولا يخرج المعنى عن ظاهر اللفظ الذى يتبادر ويتجه إلى غيره إلا لعيب بيانى فى الظاهرء ومعاذ الله تعالى أن يكون ذلك فى كلام الله جل وعز. ولو شاء الله لجعلكم أُمّهَ واحدة ولكن لَيبلُوَكُمَ في ما آتاكم4 فعل المشيئة محذوف دل عليه ما بعده. وهو جواب لو والمعنى لو شاء سبحانه أن يجعلكم أمة واحدة لجعلكم كذلك» ولمعنى على هذا لو شاء تعالى أن يجعل الإنسانية كلها أمة واحدة» يصلحها شرع واحدء وتتفق بالتكليفات الموجهة» لاتفاق الإنسانية الموحدة. لفعل سبحانه وتعالى» ولكنه سبحانه وتعالى عاملكم معاملة المختبر لكم بما آتاكم من مواهب مختلفة؛ وفيما ينزل عليكم من خيرات السماءء وفيما تجود 9 تفسير سورة المائدة 1الاتاأااا ا اللنئنةاان اللا الل نالاا1 الا اللتالا لالط للةا ااال ااالااالا ااا اتن ااا للللااللااان لل ط تاناخ مالالا للاخ ططل لال خط ط قلاتلا 1 0 الآرض من زروع وثمرات» وفى اختلاف الآأجواء» والإرادات الإنسانية ليتم التكليف. ويكون الاختبار. وبيان ذلك أن الناس يختلفون أمما وعناصرء وقد توزعتهم أقاليم الأرض» فقوم تعالج قلوبهم الغليظة بما يفطمها عن شهواتهاء ويجعلها فى جادة الاعتدال» وأخرى تعالج بالتخفيف ليحيى موات النفوس فيهاء وثالثة تعالج ببعض الحرمان» ورابعة بالاعتدال» وهكذا كانت الشرائع السابقة علاجا لأهواء النفوس التى تعامل معاملة المختبرة بتنازع الإرادات ومسيطرة الأجواء» ومنازع الأهواء» ومضطرب الأحوال» فمن سلك الجادة وصل إلى الحق» ومن خالف كان له جزاء مخالفته» ولما جاءت رسالة محمد يَكلْهٌ ومعها القرآن كان العقل البشرى فى طريق الكمال» وكانت بكلياتها صالحة لكل زمان» وكان الابتلاء قائما فى منازعة الهوى» ومغالبة النفس الأمارة بالسوء» والتى ألهمت فجورها وتقواها. وإن الابتلاء فى الماضى والحاضر بالتخالف فى الطبائع» وتخالف جزئيات الشرائع» وبعد رسالة محمد يَكِيٌْ كالتخالف فى الإرادات والمنازع» وفى كل هذا الابتلاء» والنجاح فى هذا الامتحان الفطرى هو بطلب الخيرات؛ ولذا قال سبحانه: #فَاستَبقوا الْخَيْرات» . إذا كان الله سبحانه وتعالى يعامل الناس فى الماضى والحاضر معاملة الذين يختبرهم وهو العليم بحالهم» ومآل أمورهم» وهم يشعرون بكمال اختيارهمء وأنهم يختارون» ويتخيرون؛ فإن عليهم أن يحسنوا الاختيار ويسرعوا إلى الخير. واستبقوا فى أصل معناها: التسابق» ولكن لتضمنه السبق والابتدار تعدى من غير إلى» كما فى قوله تعالى: 8 واستبقا الباب ... 2 4 [يوسف]. أى حاول كل واحد منهما الابتدار والوصول إلى الباب قبل الآخر» ومرمى النص أنه ليس لليهود أن يقولوا: نتبع شرعناء بل عليهم أن يبتغوا الخير» ويسرعوا إليه» وهو فى ذاته معلوم ببدائة العقول تدركه من غير عوج» وفوق ذلك فإن الدليل قد . قام بما لا يقبل الشك على رسالة محمد عليه الصلاة والسلام - وهى الخير كله اا تفسير سور: ة المائدة 000 7 الاك .» - ش فليتركوا اللجاجة فى هذا الأمرء وقد كانوا يتطاولون على المشركين بمبعثه» فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به. لإِلَى الله مرجعكم جميعا فيتئْكُم بمَا كشم فيه تَحَطَلفُون» أى إليه وحده جل جلالة» وعظم ملكه مرجع الناس أجمعين من أهل الملل والنحل قبل القرآن والذين استمروا بعده فهم جميعا سيلقون الله تعالى يوم لا ملك إلا ملكه؛ ولا سلطان إلا سلطانه ويخبرهم بالخبر العظيم الشأنء والنبأ الخطير الذى كانوا يتساءلون عنه فى الدنياء فيعلمهم بالصدق». وفى ضمن هذا الصدق جزاء ما عملوا إن خيرا فخيرء وإن شرا فشرء فهو إنباء القول والعمل» حيث تجزى كل نفس ما كسبت» ففى هذا النص إنذار لمن بغى وعصى» وتبشير لمن أطاع وعدل واتقى» اللهم أحسن إلينا ووفقنا فى أعمالناء واغفر لنا ذنوبنا» واجعل نتيجة الابتلاء خيرا لنا برحمتك وعفوك إنك أنت الغفور الرحيم العفو الكريم. وَأنَأ ع يا نَل لَه ولا مَتَعَ هو وَءهُمْ حدر هم أن يَفْقِيُولك عن بعض مآ دل لايك إن تو وه نو ضيه طهر ل 2 بوه - ير 4 عض ذنووم وز 0 اننأ فود 3 أَفَحَكم سه عر تاسملو 1ح سار 76 0 تير د حم لَلهَلِة بَعْونَ ومن أحس نم ن الله ما لْمَوَور «وينون حيه فى الآيات السابقة بقة ذكر سبيحانه الأحكام فى الكتب السماوية وأن اتباعها واجب من أرسلت إليهم . وقد أشار إلى أحكام حالدة» ومنها شريعة ة القصاص؛ لآنها شريعة العدل والمساواة» إذ فيها أن العقوبة كفاء الجحريمة وأن العقوبة من جنس الحريمة» فمن أجرم فإن فعله يطوى فى ثناياه استحقاقه للعقوبة على ما ارتكب» وله المثلاث فيما ارتكب . ته ل ل تقسيبير سوره ة المائدة ١1اااالاااالاااااااااالاللةا!11‏ اا ااالالاااااللانااال اللا ل الاةاا الالالال اطط لالت تالالا الالال لالتالل الالال ااال االااانالتاناالطمطسطسطسطططخشطاو 0 2 ثم ذكر سبحانه أن التوراة لأهل التوراة» وأن الإنجيل لأهل الإنجيل» ولكل شرعة ومنهاج» أما القرآن فهو المهيمن على الجميع» ويجب أن يسود حكمه الجميع بلا استثناء ولو كان لكل شريعة ومنهاج» وقد أمر بالحكم به بين اليهود. وبين جميع الناس» لا فرق بين يهود وغيره» ولا بين أبيض وأسودء ولقد كرر سبحانه وتعالى الأمر بالحكم بالكتاب» فقال تعالت كلماته: #وآن احكم بينهم بما أنزّل الله ولا تت أهواءهم». وكان تكرار الأمر بالحكم لتأكيده فى مقام يستدعى التأكيدء لأنه جاء فى الكلام ما ربما يوهم أن لكل قوم شريعة خاصة بهم». وأن حكم القرآن وما نزل على النبى كَكيْةٌ ليس له صفة العموم فكان ذكر الآمر بالحكم مرة أخرى نفيا لهذا الوهم» وتأكيدا لمعنى عموم شريعة القرآن» وأن منهاج القرآن الكريم هو منهاجهم وأنهم قوم محمد عليه الصلاة والسلام - وأن شريعة موسى وعيسى قد انتهت بنزول القرآنء يبقى منها ما يبقى ويشتمل عليه؛ ويبين ما انتتهى حكمه بنزول القرآن الحكيم» وأنه لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبع النبى 2116 . وهنا بحث لفظى فيه تقريب لمعنى النص الكريمء ذلك هو بيان المعطوف عليه فى قوله تعالى: #وأن احكم» فلذلك عدة تخريجات كلها تتلاقى فى تأكيد الأمر بالحكم بما أنزل الله تعالى . أول هذه التخريجات أن تكون «وأن احكم» معطوفة على الكتاب» وتفسير الكلام على هذا التخريج أن يكون المعنى فيه وأنزلنا إليك الكتاب» وقولنا أن احكم ‏ أى أنزلنا الكتاب. وقد اقترن به الأمر بأن تحكم بين الناس بهء وبما أنزلناء عليك من وحى أوحى به إليك . ثانى هذه التخريجات أن تكون «أن» مصدرية» وقد جوز الزمخشرى دخول «أن» على أى فعلء» ويكون المعنى: وأنزلنا إليك مع الكتاب والحكم بما أنزل الله تعالى» فما كان كتابا معطلا لمجرد التلاوة» بل كان شرعا معلوما متبعا مأمورا () سبق تخريجه. بها تفسير سورة المائدة 1 ملاتا ةلالا املاس قل انا اناا انان تالت االااااناننانالاتطانانا ااا انالا اط تلطا االللااااااااالاللااللااالا للا طلطط لط ن طن الالال لوه : 7 باتباعه» وكان دخول «أن» المصدرية على الفعل الأمرء للدلالة مع المصدرية على الطلب وتأكيد معناه»ء وهى معطوفة على : «بالحق»). ثالث هذه التخريجات هو أن تكون «أن» هى المخففة من الثقيلة وضمير الشأن اسمها محذوفء أى الحال والشأن أن تحكم به بينهم. وتكون معطوفة على الكتاب» و«أنزلناه» بمعنى أعلمناك» لأن العلم هو الغاية. وقد كان النهى عن اتباع أهوائهم فيه إشارة إلى أن الحكم إما أن يكون بما أنزل الله تعالى وأعلمه بحكمته وهدايته» وإما أن يكون اتباعا لأهواء الناس ورغباتهمء وذلك لآن القوانين البشرية تتبع الأعراف الاجتماعية للناس» وما تواطئوا عليه وما ارتضوه لذات أنفسهم» وقد يكون ظلما طبقياء وقد يكون هضما لحقوق ذوى الحقوق التى اكتسبوها بما ينمى ثروة الجماعة ويزيد خيراتهاء وشرع الله تعالى مخالف لحكم الهوى والشهوة وهو الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال. #واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله ك4 هذا أمر موجه للنبى كلل وهو موجه إلى الأمة الإسلامية: ولعل توجيه الخطاب للنبى كي وهو المعصوم الذى يوحى إليه»ء ليكون تحذيرا لغيره؛ إذ غيره أولى أن يَغْره الغرور» وتفتنه الفتن» من شهوات مسيطرة» وأهواء متحكمة» وبذلك يكون الخطاب لجميع المخاطبين بالقرآن الكريم فى كل العصورء ومختلف الدهور؛ لأنه إذا كان النبى عليه السلام يجب أن يحذر من أن يفتن فلا ينفذ أحكام الإسلام فى الحكم بين الناس» فغيره الحذر عليه أوجب» وأشد إلزاما. والفتنة هنا معناها وقوع البلاء والشدة بعدم الحكم بما أنزل الله» ولقد قال فى معنى هذا النص وما يشبهه الأصفهانى فى مفرداته: «وقال تعالى: #واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إَِيِكَ فَإِن4 أى يوقعونك فى بلية وشدة فى صرفهم إياك عما أوحى إليك». فالفتنة المراد بها هنا التتيجة المترتبة عن ترك الحكم بما أنزل الله تعالى» وأنه ليسبق تلك النتيجة إغراء من جانب الذين يتبعون أهواءهم» ويحاولون أن يكون / تفسير سورة المائدة الل 1-0000 1[ 1 1[ 1[ 1 2323# لحل ههه < 7 الحق تبعا لما يهوون» لا أن يكون هواهم تبعا للحق» وكان إغراؤهم من الفتنة لأنه يؤدى إلى وقوع الشدائد» ولأن الإغراءء كيفما كانت صورته فيه اختبار للنفوس» فالهداية البالغة أقصى الحكمة ترد الإغراء كيفما كانت صورته» وضعفاء النفوس أو العقول يفترون.ء فيقعون فى البلية والشدة» وفى التفسير المأثورء أن بعض أحبار اليهود» قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه» فأتوه» فقالوا: يامحمد. إنك عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وسادتهم وإنا إن اتبعناك اتبعنا يهودء ولم يخالفوناء وإن بيننا وبين قومنا خصومة, فنحاكمهم إليك. فتقضى لنا عليهم» ونؤمن ونصدقك. فأبى ذلك رسول الله يِه فأنزل «إوآن احكم بيتهم بما أنزل الله . وإننا نرى فى عصرنا بعضا من هذا الصنف, فلا تزال تطلع على طائفة منهم يقولون: إن التشدد فى الأخذ بأحكام القرآن وما جاء به محمد عليه السلام - ينفر الناس من الإسلام» ويبعدهم منهء وإنا لنسمع كلام هؤلاء وليسوا من غير المسلمين بل المسلمون تتلوى بذلك السنتهم. فمنهم من ينفر من تحريم الإسلام للرباء لأنه ضد الاقتصادء ومنهم من يمنع إقامة حدود الله» ويقولون: إن ذلك يتنافى مع الحضارة» وينفر الناس من الإسلام ... يرددون ذلك فى مجالسهمء ويقولونه وهم على الأرائك متكئون. ويغمزون فى القول لمن يتشددء وجاراهم مع الأسى بعض من يتكلمون باسم العلم الإسلامى» ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد حذر الله تعالى النبى يَلكلْدٌه وبالأولى المؤمنين من أن يفتنوا عن بعض ما أنزل الله تعالى» وتشديد التحذير من الفتنة فى البعض» يتضمن التحذير من الفتنة فى كل ما أنزل الله تعالى» إذ الفتشة فى الكل أشد إيجابا للتحذير من الفتنة فى البعض » هذا وإن الفتنة فى بعض ما أنزل الله تعالى تؤدى إلى الفتنة فى كل ما أنزل الله سبحانه؛ لأن ما أنزل الله سبحانه وتعالى وأوجب الأخذ به مرتبط الأجزاء متماسك. فإذا حلت عروة منه انحل سائره» كالبنيان المرصوص» وإذا تهدم جزء منه تداعت لبناته وانهار البنيان» وصار أجزاء منثورة لا تربطها رابطة . وإن الوقائع بين أيدينا معلمة شاهدة» فمن يوم أن ترك المسلمون أمورهم لحكام يعصون؛ ولم يلتفتوا إلى ما يدعوهم إليه ما أنزل الله تعالى على نبيهم كلل ذهب حكم الإسلام» وتداعت أركانه» وصار المسلمون مستضعفين فى الأأرض» ودينهم يدعوهم إلى أن يكونوا ذوى بأس شديدء أشداء على غيرهم رحماء ومن أجل ذلك جاء التحذير من الفتنة فى البعض لكيلا يستسهل ' ويستصغرهء فيجىء الأكبرهء وهو حل عرا الإسلام عروة» عروة» وقد حذر الله سبحانه من عاقبة الذين يعرضون عن أن يحكموا بما أنزل على نبيه» فقال تعالت كلماته : «فإن تولّوا فاعلم نما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم» ظاهر السياق أن الضمير فى قوله تعالى: قن تَولّوا4 إلى آخره يعود على اليهودء ومن لف لَمّهم ثمن يسيرون فى الحكم على هواهم» وعاصروا النبى يكو وعندى أن الضمير يعم كل من يخاطبهم القرآن» وهم أمة محمد يِه فى كل الأجيال» وفى كل الأزمان» وإن كان اليهود وغيرهم ممن عاصروا النبى يَكيْهٌ داخلين فى حكم عموم الآمة ابتداء» والمعنى فإن أعرضوا عن تنفيذ حكم الله تعالى» فإنه سينزل بهم من الشدائد ما يتناسب مع جعل شرائع الله تعالى معطلة لا يقام العدل الذى تتضمنه. بل يكون حكم الهوى» وحسب ذلك فسادا2©"7. (1) عن عبد الله بن عْمَرَ قَال: بل علا سول الله يك فَقَال: ايا مشر الْمَهَاجِرِينَ حمس إِذَا اليم بن وأعوة بالل أن دوهن : َم تر الاح في قَوْمٍ قط حت يُعلُوا بها إلا قشنا فيهم الطّاعون والأمجاع التي َم تكن مستا في أسلانهم الّذِينَ مضواء 2 ينقصوا المكيّال والْميرَآن إلا أخذوا بالسَِينَ وشدة المُونّة وجور السَلْطّان ١‏ عليهم» وَلّم يَمْتَعُوا رَكَاةَ أموالهم ! إلا منعوا الْقَطرَ من السّمَاِ ولولا العام َم يمطرواء وَل يتَتُّوا عد الله وَعَهِدَ رسوله إلا سلّط اللَّهُ علَيْهمْ عَدُوًا من غَيِرهم فَأَحَدُوا بعض ما في أيديهم» وَمَا لم تَحَكُم أتمهُم بكتاب الله ويتَحَيّرُوا مما أنَْلَ اله إلا جَمَل الله بأسهم بيهم . رواه ابن ماجه: الفتن - العقوبات .)4١019( للا تفسير سورة المائدة للم 1100000000 2200011111 ات 2 وهنا يتكلم العلماء فى بعض الذنوب التى سببت ما أصابهم الله تعالى» وما هى هذه الإصابة التى يصيبهم الله تعالى» وقد ذكروا وجهين» وأرى وجها ثالثا . الوجه الأول - ما ذكره النمخشرى: أن هذه الذنوب التى هى بعض ذنويهم» إهمالهم لحكم الله تعالى» واختيارهم حكما جاهليا يخضع للهوى. لا للعدل؛ والإصابة التى يصيبهم بها هى هذا الذنب الذى ارتكبوه» وما يترتب عليه من ظلم يقع» وشر لا يدفع» لتنفيذ حكم الله مع أنه طاعة وهو العدل» والعدل إذا ساد عاشت الجماعة كلها فى أمن وسلام» ورحمة واطمئنان» وعدم تنفيذ حكم الله هو الظلم والاضطراب والفساد. الوجه الثانى ‏ هو ما ردده أكثر المفسرين من أن الذنوب التى ارتكبوا بعضها يعاقبهم الله تعالى عليها بالشدائد تنزل بهم. ومن أعظم هذه البلايا أن يعم الفساد. وتصير أمورهم فوضى, لا ميزان يضبطها ولا قسط يقيمهاء وتكون الجماعة متدابرة متنازعة . الوجه الثالث الذى اختاره» أن عدم تنفيذ العدل أو عدم الخضوع لأحكام الشرع هو فى الواقع ثمرة لمفاسق تسبقه» فالنفس تتردى فى مهاوى الرذائل» وتحيط بها الخطاياء ويتحكم فيها الهوى» وتصير أمة للذات والشهوات فتتمرد عن حكم الله تعالى» ويكون ذلك نتيجة لإصابتهم بذلك الذنب الكبير الخطير» وهو الإعراض عن حكم الله» وهو ذاته إصابة وكارثة» لأنه العدل والقسطاس» وأى جماعة تعرض عن العدل والقسطاس مآلها الخراب والدمار» وذهاب القوةء وإصابتها بالذلة» فلا عزة إلا عزة الحق. ولا ذلة إلا فى الظلم. وإننا رأينا هذه الحقيقة ثابتة» فأولئك الذين يتمردون على حكم القرآن والسنة قد مست نفوسهم معاص جعلتهم يستبيحون المحرمات من زنى وشرب للخمرء وإدمان فى الرباء أو بناء الاقتصاد عليه» وهذه الذنوب هى التى منعتهم من إطاعة حكم الله» وإن الله يصيبهم بنتائج ذلك وهو الخراب الناشئّ من ا تفسير سورة المائدة ام ملل حب اه النّاس لفاسقون» . هذا النص فيه عزاء للنبى كَللِيِهِ من تمرد الناس على حكم العدل وحكم الحق. وعزاء لكل داع للخير من بعده. لكيلا ييئس داع؛ لأنه يحسب أن الخير يسير بمنطق مستقيم فى النفوس» كما هو فى ذات نفسه» فالله سبحانه وتعالى ينبه دعاة الخير إلى أنهم لا يتوقعون الاستجابة من الأكثرين» كما قال تعالى لنبيه : وما كر الئاس ولو حرصت بمؤميين 43 4 [يوسف]. . وقال سبحانه : 9 وإن تطع أَكثرَ من في الْأَرْض يضْلُوك عن سَبيل الله . ٠.‏ تج 4 [ الأنعام ] 3 تجد الاستجابة بيسرء وكانت جهاداء وكانت تعباء» وعلى الداعى آلا تذهب نفسه حسرات إذا لم يجد الأكثرين يجيبونه, وليعلم أن دعوة الحق لها صدى يسمع فى الأجيال وإن كانت لا تسمع فى زمان صاحبها. والفسق معناه فى الأصل خروج اللب عن قشرته التى تحميه من الفسادء وأطلق على الخروج عن الحق والتمرد عليه؛ لأن الحق هو الذى يحمى النفوس» ويكلوها من عفن الرذيلة وفسادهاء ومؤدى الكلام أن الذين ينغضون رءوسهم عن سماع الحق ودعوتهء وعن الخضوع لحكمه ليسوا علدا قليلا ولكنهم كثيرء أكد سبحانه وتعالى كثرتهم ب «إن»» وب «اللام» فى خبرهاء والله سبحانه هو الهادى إلى سواء السبيل» وقد استنكر سبحانه فعل الفاسقين» ولو كانوا كثرة كاثرة» فقال تعالت كلماته: لأَفَحكْم الجاهليّة يبغون» . هذا استفهام إنكارى توبيخى» أى أنه إنكار للواقع الذى يقع من الفاسقين عن أمر ربهم» وعن الحكم الذى يحكم به الله تعالى» والفاء هنا هى التى تفصح عن شرط مقدرء أى إذا كانوا يخرجون فهم يبغون حكم الجاهلية» وقدمت الهمزة على الفاء؛ لأن الاستفهام له الصدارة فى الذكر دائماء» ولو كان استفهاما إنكاريا لاستنكار الواقع» وسوق الكلام بشكل الاستفهام الإنكارى فيه تأكيد لمعنى ابتغائهم حكم الجاهلية» ثمة تأكيدان آخران» لارتضائهم الحكم الجاهلى: أولهما ‏ تقديم 9 تفسير سورة المائدة 1111لاااااالالللالللاللااللللللالالللاللاللللالالتلن اللا لالطالا الالالال الاااااللاا لالطالا الالال الالال الل تحت 1 الممعول على الفعل» وفى ذلك إشارة إلى أنهم بإعراضهم عن حكم القرآن لا ييبتغون ولا يريدون إلا الحكم الجاهلى» أى أنه لا يخضع الشخص إلا لأحد نوعين من الحكم حكم القرآن» والثانى حكم الجاهلية ‏ وقد يقال: بينهما ثالث وهو حكم العقل والقسطاسء» ونقول: إن من يبنى حكم العقل والقسطاس لا يمكن أن يتولى عن حكم القرآن» إنما يتولى عن حكم القرآن من يريد حكم الهوى والشهوة. وحكم العقل وحكم الشهوة نقيضان لا يجتمعان. والتأكيد الثانى لارتضائهم حكم الجاهلية ‏ هو التعبير عن رضاهم عنه بقوله تعالى : #يبغون» ؛ لأن البغى هو الطلب بشدة تؤدى إلى الظلم . وإنه لا وسط بين حكم الجاهلية وحكم القرآن؛ لأن حكم القرآن هو العدل وهو النظام» وهو المساواة فى الحقوق والواجبات» لا يعفى من حكمه شريف» ولا حاكم وليس فيه من ذاته مصونة لا تُمسء بل الجميع أمام الله تعالى على سواءء وأما حكم غير القرآن ففيه التفاوت بالطبقات» وفيه السيطرة التى لا يسوغها منطق ولا عدل؛ ولا نظام» وفيه أكل أموال الناس بالباطل» كالرباء وسائر أنواع السحت» وقد قال بعض التابعين: من حكم بغير الله فهو حكم الجاهلية . وقد جاء فى التفسير الأثرى لابن كثير المحدّث والمؤرخ ما نصه: ايدكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى المشتمل على كل خير الناههى عن كل شرء وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء. والاصطلاحات التى وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم. كما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخحوذة عن ملكهم جنكيزخان الذى وضع لهم «الياسق»» وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى من اليهودية والنصرانية» والملة الإسلامية وغيرهاء وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه» فصارت فى بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله. . ا تفسير سورة المائدة ١‏ ا ا هه . يي وما أشبه «الياسق» الذى وضعه جنكيزخان ب «قانون نابليون» وما جاء بعده من قوانيئنا» ولا 18 ولا 0 إلا بالله له العلى القدير. سم هاص هاس لوق انديس الى الوك كه اسه عن أن بكو لمة من و سن حكما من الله فأجيب بالنفى المؤكد الذى لا يتصور فيه أن يكون من هو أحسن حكماء والمعنى لا أحد أحسن حكما من الله لقوم يوقنود. وهنا يرد سؤال هو لقد ذكر أنه لا أحد أحسن حكما من الله لقوم يوقنون. مع أنه سبحانه أحسن حكما لمن يوقنون ومن لا يوقنون» إذ هو العدل والمصلحة. وبها يتشفع البر والفاجرء والسليم والسقيم» فهو الخير الوارف الظلال» فلماذا القيد بقوله تعالت كلماته : «لقوم يُوقنون#؟. والجواب عن ذلك يتكون من جزءين ين: أولهما - أولئنك هم الذين ينتفعون به» فكان الأحسن لهم والأقومء أما غيرهم فهم قوم بورء وهم فى غيهم يعمهون. له آذ لوه سم عر عم يناما لذ ءامنْوأ ادها الوه تسرك أولي بنضهم بوكو 1 متيإنَأَهلايَهَرى الْقَوم جم 2 مه - سخ رس الظلمين 20 ني فرك الي لوبهم مَرَض يسَكرِعُوست فوم ل 0 000 سدس سس دم صضهوهة وح د« 2 يفُولُون ححْسَوح أن نَصِيسَمًا د 0 أل كنا أوأمرٍ ير 200 ما مايه سرح سا ا ل ل تفسير سسدورة المائدة ل 000 لحن حب ا فى الآيات السابقات ذكر سبحانه وتعالى كتب اليهود الأولى؛ وكتب النصارى الأولى التى لم يعرها تغيير وتبديل» وبين أن القرآن هو الحاكم المهيمن على ما جاء قبله من الكتب» وأنه الحاكم عليهاء وأنه المتبع ولا شريعة من الله سواهء بعد أن نزل على محمد عَكِلْة وأن الذين يتبعون غيره خارجون عن مبدئه» ويبغون حكم الجاهلية» إذ فارق ما بين حكم الجاهلية وخكم العدل هو الحكم بالهوى» وإذا كان ما مضى من آى كريمة قد تعرض لعلاقات الكتب فكان من المناسب أن يبين القرآن الكريم علاقة الجماعة الإسلامية بغيرها من الجماعات اليهودية والنصرانية» فجاء قوله تعالى ناهيا: يا أيّهَا دين آمنُوا لا دوا الود والتصارئ ويا الأولياء جمع ولى» والولى يطلق بمعنى الودود المحب» أو الصديق» ومن ذلك قوله تعالى: 8 . ادقع بالّتي هي أَحَسَن فَإذَا الذي بينك وبينه عداوة كأنهِ ولي حَمِيم +( 4 [[فصلت] . ويطلق بمعنى النصير الحافظء ومن ذلك قوله تعالى: اللّه ولي الْذين آمنوا يخرجهم مَن الظَُّمَات إِلَى الثور . .. 20076 © [ البقرة] . وهو فى هذا النص الكريم يجمع بين النصرة والمحبة» والتوفيق والهداية» ويطلق الولى بمعنى من يتولى الأمرء ومن يكون صاحب الولاية» كما قال تعالى: «إِنّمَا وليكم الله ورَسولَهُ والّذين آمنُوا ... 22 4 [المائدة]. وما المراد من اتخاذ الأولياء المنهى عنه فى هذه الآبية؛ يفسره الزمخشرى بأنه الاستنصار والمودة والممحبة» ونفسره بأن يجعلوا ولايتهم لغيرهم فى الانتماءء والنصرة» ويقبلوا أن يكونوا م أمل دهم الى يتنمون إليهاء وينضوون تحت الوائهاء م مثل قوله ال في شي إلا أن و وا مه َه درجم الله نف إلى الله المصير 4027 لال عمرات ] وهذا الرأى يؤيده ما جاء فى سبب النزول» وتذكره كتب التفسير وهو أن بعض الأنصار كان يتولى , بعض اليهود لما كان يرى فيهم من عدد كثيرء وما عندهم ا تفسير سورة المائدة ال حب أ من سلاح. فتبرأ منهم لما نهى عن أن يكون عليه أو له أولياء غير غير المؤمنين. واستمر على ولايتهم بعض المنافقين» فدل هذا على أن المراد بالولاية هنا الاستنصار بهم » والاندماج فى ولايتهم» ولو سرا. وهنا يرد سؤال أيجوز لنا أن نتخذ منهم بطانة ومعاونين؟ ؟ والجواب عن ذلك أنه لا يجوز , اوقد ورد بذلك النص القراني, فقد قال تعالى : يا أيها ادن اشوا ياه د ه ممه ني سو ا يلك نت إن نون »4 ال سراد كاتنتب نصرائى » فأرسل إليه أمير المؤمنين عمر ينهاه عن ذلك» وجاء فى آخر كتابه: (لا تقربوهم إذ أقصاهم الله) فرد عليه أبو موسى يقول له: (لا قوام للبصرة إلا به). فكتب إليه عمر مرة ة أخرى كلمة موجزة : (مات النصرانى والسلام) وقد فسر الزمخشرى تلك الكلمة الموجرة بقوله: (يعنى أنه قد مات» فمأ كنت تكون صانعا حينتذ فاصنعه الساعة» واستغن عنه بغيره) . والسؤال الثانى الذى يرد؛ أيجوز للمسلم أن تكون بينه وبين غير المسلم مودة؟ أم يجب التباعد عنه ما أمكن؟ ونقول فى الجواب عن ذلك : إنه قد ورد فى هذا نصان يبدو أنهما بادى الرأى متعارضان» أولهما ‏ قوله عليه الصلاة وأتم التسليم : «لا تراءى ناراهما)(21 أى لا تجمعهما نار يستدفئان بها أو يستضيئان بضوئهاء أى لا يجتمعان على مودة واصلة. والشانى - قوله تعالى : إلا ينهاكم الله عن اين َم يكم في الدين وم يخِجْوكُم من دياركم أن تبروهم ونفسطوا إليهم إن اللّه يحب ؛ المقسطين لله 4 [ الممتحنة ]| (1) عن قبس أا رول الله يه يَعَت سر إلى قوم من حم فَاسشَعْصَمُوا سينود د مَقتلُواء فَقَضى رَسُول الله يكل بنصنف الْحَقَلٍ وكَال: ني بَرِيءٌ من كل مُسْلم مَمّ مُشرِك» ثم قال رَسُول الله َيِه : رألا لا تراعى ثَاراهما) . أرواه النسائى : القسامة - القود بغير حديدة 56523 وأبو داود: الجهاد - النهي عن قتل من اعتصم بالسجود (6ه554؟)]. ا تفسير سورة المائدة 0 4 ههه < 0 والتوفيق بين النصين أن الأول جاء فى الذين يشاقون الإسلام» ويتآمرون عليه والثانى بصريحه جاء فى الذين لم يأتمروا بالإسلام وأهله. ونقول فى ذلك: إن غير المسلمين أقسام ثلاثة القسم الأول - يعيشون مع المسلمين ويسالمونهم» ولا يعملون لحساب غيرهمء وهؤلاء لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم» وتصح مواداتهم» كنص الآية الكريمة : طلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين» والقسم الثانى ‏ الذين يقاتلون المسلمين» ويدبرون لهم المكايدء وهؤلاء لا تجوز مواداتهم» وقد قال سبحانه فى ذلك : طلا تجد قوما يؤْمنون بالله اليم الآخر يواذون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبتاءهم أو إخواتهم أو عشيرتهم أوليك كتب في قُلُوبهم الإيمان وأَيْدهمٍ بروح منه ويدخلهم جنات تجر ِي من تحتها الأنهار خَالدين فيها رضي اللّهِ عنهم ورضوا عنه أُولنك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون 4 [امجادلة]. وقال 'تعالى: لِإِنْما نْهَاكُم الله عن اين قَاتلُوكُم في الددين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولّهم فأولتك هم الظّالمون 431 4 [ الممتحنة ]. القسم الشالث ‏ طائفة لم تعلن المجاهرة بالعداوة» ولكنهم فى قلوبهم يتمنون فى ذات أنفسهم خذلان المسلمين» ونصرة غيرهم» فظاهرهم مع المسلمين» وقلوبهم مع أعدائهم وهؤلاء نعاملهم بما عامل به النبى يله المنافقين» نسالمهمء ولا نكشف خبيئة نفوسهم» ولكن نأخذ حذرنا منهم . ومهما تكن أحوال المخالفين فإنه لا تجوز الاستعانة بهم فى خاصة شئون الدولة الإسلامية حتى لا يكون منهم بطانة لا تألوننا خبالاء وقد علل سبحانه النهى عن توليهم بقوله تعالت كلماته: «بعضهم أَوليَاء بعض» . أى أن السبب فى منع المؤمنين من أن يستنصروا بهم أو يجعلوا منهم أولياء عليهم أو لهمء أنهم لا يوالون المسلمين فى ذات أنفسهم بل تكون نصرتهم فيما الالال إاتللللال لوال ١ وا‎ 2 بينهم» فالنصارى أولياء ونصراء لإخوانهم النصارى» واليهود أولياء ونصراء لليهود» فكل طائفة تنحاز ولايتها إلى أهل دينهاء فالنصارى منحازون فى الولاية إلى النصارى واليهود منحازون إلى اليهود. ويصح أن نفسر النص بأنهم يوالى بعضهم بعضا أى اليهود يوالون النصارى ضد المسلمين» فكلتا الطائفتين تتولى الأخرى. ويظهر لى أن الآية تدل على المعنيين» فالنصارى يوالى بعضهم بعضا واليهود كذلك» وهما دائما إلبْ على المسلمين كما نرى فى عصرنا الحاضرء فالعالم المسبيحى كله يؤيد اليهود فى اغتصابهم أرض الإسلام ووضعها تحت أيدى اليهود ومع أنهم يدعون عدم التعصب» يتعصبون ضد المسلمين ويؤيدون قيام دولة على أساس الدين. «ومن يتولهم سَكُم فَإنّه منهم إِنّ الله لا يهدي الْقَوم الظَالمِينَ» إن من يجعل نصرته منهم ويخضع بالولاية لهم فهو منهم. روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه أن النص يفيد التشبيه أى أنه مثيلهم فى معاداة الإسلام وأهله . ولكن كثيرين من المفسرين يعتبرونهم منهم حقيقة» ولا تشبيه فى القول ولا تمثيل» فيقولون: إن من اتخذ منهم نصراء وحلفاء وأولياء دون أهل الإسلام» فإنه منهم فى التحزب على الله تعالى؛ وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله تعالى ورسوله منهم بريئان» ويقول فى تقرير هذا المعنى ابن جرير: «ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم» فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين» فهو من أهل دينهم وملتهمء فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه» وما هو عليه راض» وإذا رضيه ورضى دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه؛ وصار حكمه حكمه). ش وإن ذلك التولى بلا ريب ظلم للنفس. وظلم للمسلمين» ومن أركست نفسه فى هذه الضلالة حتى صار لا يطيق تركهاء فقد استضعف نفسهء وظلمهاء ثم ظلم المؤمنين»وبعد عن هداية أهل الإيمان »وارتضى حكم الطاغوت ولذلك /إ9ها تفسير سورة المائدة اللمللللاالاااا04000ااا الول 60اااللوو الل 4 02 ذيّل الله سبحانه وتعالى النص بقوله تعالت كلماته : ظإِنَ اللّهَ لا يهدي الْقَرم الظالمين» . 1 وهذا النص بعمومه يشير إلى أن أعداء الإسلام ظالمون مهما يكن تعدادهم. وأن من يواليهم هو من القوم الظالمين» ولا تدخل الهداية قلبه؛ لأنه مرد على النفاقء ولأنه استضعفت نفسه والمسلمين». ولآنه لم يعمر الإيمان قلبه فكان قلبه ظلمات متكائفة لا يدخل من خلالها نور »ولا حق مبين »وقد صور سبحانه من يوالونهم» فقال: «قترى الّذين في فلوبهم مض يسارعون فيهم يقولون تخشئ أن تصيبنا دائرة» بعد أن أشار سبحانه إلى أن الذين يجعلون نصرتهم من قبل المخالفين» وولايتهم لهمء ويقبلون أن يكونوا لهم تبعا - أخذ يبين أنه من بين الصفوف الإسلامية من ينتمون إليهم بقلوبهم؛ وهم بين المسلمين بمظاهرهم سواء أكانت هذه الظاهرة لها صلة بالخضوع الظاهرى والحقيقى كضعاف المسلمين» أم كانوا لايخضعون لبادئ الإسلام بأى نوع من الفضوع كالمنافقين الذين لا يذعنون إذعانا ضعيفا أو غير ضعيف بل يقولون بأفواهم ما ليس فى قلوبهم . وهنا نقف أمام العبارات السامية ونحاول أن نذكر بعض ما تشير إليه من بيان» ونتعرض فى ذلك لأمور بيانية : أولها - قوله تعالى : فى لذن في قُوبهم» . الفاء تفصح عن شرط مقدرء مؤداه أنه إذا كان الذين يتولونهم منهم» فإنك واجد من بين صفوف المسلمين من فى قلوبهم مرض يسارعون فيهم ... إلى آخره. والتعبير بقوله تعالى: #فترى»*. تصوير للحال الواقعة من أولئك الضعفاء فى إيمانهم» والمنافقين فى قلوبهم ‏ بأنها كالمرتية الظاهرة التى لا تخفى على ذى البصيرة المدركة» وفى هذا تسلية للنبى يله وتنبيه للحال الواقعة ليعالجحها بهداية الله تعالى» وما آتى به الرسول كله من حكمة. وليحتاط عليه الصلاة والسلام منهم» وليهيمن على توجيه قلوب الضعفاء» وتربية من يصلح منهم للتربية على اا تفسير سورة اللمائدة 4 0 عرب أ الإيمان» من لم يرشدوا ولم تمس بشاشة الإسلام نفوسهم.ء ولم تشرب قلوبهم حبه . ايها - التمير بقوله سبحاه: لذن في وهم مض يسارو فه». وف التعبير السامى» إشارة إلى أن الذين يعطون لهم حق الولاية والنصرة دون المؤمنين» سبب هذا الآمر منهم هو أن فى قلوبهم مرضاء ومرض القلوب يكون إما من خور العزيمة» وعدم الإحساس بالقوة الدافعة لأن ينتصروا مما يقع عليهم من أذى» وإما من النفاق. والمسارعة. المبادرة» وتعدى الفعل هنا ب «فى) مع أن المبادرة تتعدى ب «إلى»» والحكمة فى ذلك الإشارة إلى أنهم لا يدخلون ابتداء فيهم» بل إنهم فيهم بقلوبهم من قبلء فالمسارعة انتقال من حال إلى حال فى صفوفهم أى أنهم منغمرون فيهم دائماء ولا يخرجون عن دائرتهم. ثالثها - أنهم فى مسارعتهم وبقائهم على الولاء لهم والانتصار بهم يقولون بأفواههم: #نخشى أن تصيبنا دائرة». الدائرة ما يصيب الجماعات من شدائد ونوازل بسبب أعدائهم»ء ويقول الواحدى فى أصل معناها: الدائرة من دوائر الدهر كالدولة» وهى التى تدور من قوم إلى قوم» والدائرة هى التى تخشى كالهزيمة والحوادث» ومقتضى كلام الواحدى أن الدائرة كالدولة» إذ تتداول بين الناس» كما قال تعالى: « ... وتلّك الأَيّامِ نداولها بِيْنَ الئاس ... +20 4 [آل عمران]. والدائرة تدور بين الناس والجماعات» بيد أن الدولة تتداول بالقوة والسلطان والعزة» والدائرة تدور بالهزيمة والجائحات» فهى تدور بين الناس من جماعة إلى جماعة» ومن يخشى الدائرة من الجزع والهلع دوقع الأذى والشرء ولقد قال الشاعر فى معنى الدائرة: ترد علك القرر المقدورا ودائرات الدهر أن تدورا وإن أولئك المتصفين بهذه الصفات من مرضى القلوب لا يئقون بنصر الله أو على الأقل حالهم ليست حال المطمئن إلى نصر الله لخور نفوسهم » وضعف هاا تفسشير سشبور: ة المائدة لل 4 ليده يي إيمانهم» أو امتلاء قلوبهم بالنفاق» وإن إنهاء هذه الحال يكون بالنصر المؤزرء ولذا يقول سبحانه فى توقع النصر المؤزرء والفتح المبين: طفَعَسَى الله أن يأتي بالفتح أو أَمْر مّن عنده» . الفتح يطلق بمعنى التوسعة» كما قال تعالى: « ولو أَنَ أهل القرئ آمنوا وَاتَقَوًا لَفَحنا عليه بركات من السّماء والأرض ... +(:2 4 [الأعراف]. ويطلق بمعنى الفصل بين الحق والباطل» ومن ذلك قوله تعالى: 9 ... ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ... رةه # [الأعراف]. ويطلق بمعنى الظفر والنصرء ومن ذلك قوله تعالى : إن فنَحنا لَك فَنْحا ميا 10> 4 [ الفتح ] . والفتح هنا يراد به المعانى الثلاثة» فهو السعة بعد 'الضيق» والفصل بين حق صادق» وباطل طاغء والنصر والظفر. ومعنى الرجاء من الله تعالى الوعد القاطع؛ لأنه من القادر على كل شىء الذى لا يصعب عليه شىء» والتعبير بالرجاء لتعليم المؤمنين ألا ييئسوا من رحمة الله ونصر المؤمنين؛ لأنه وليهم وناصرهم. فالله تعالى يعد المؤمنين» وهو الذى لا يعجزه شىء فى السماء ولا فى الأأرضء» فالله سبحانه وتعالى ينبه المؤمنين إلى رجاء النصر والسعة والفصل بينهم وبين أعدائهم وذلك كله من الله تعالى. #أو أمر من عنده» والأمر الذى يجىء من عند الله هو خضد شوكة غير المؤمنين» حتى يرجى نصرهء ولا يخشى من الدوائر أو تزول دولتهم. ومعنى النص الكريم أن الله سبحانه وتعالى قد وعد المؤمنين بالفتح القريب الذى يرجوه المؤمنون» وأنه سبحانه وتعالى سينجز وعله الذى وعد به عياده الصالحين» وعندتذ تكون العزة لله ولرسوله والمؤمنين». ويكون الندم والحسرة على ضعفاء الإيمان» ولذا قال سبحانه: «فيصبحوا علَئ ما أَسروا في أنفسهم تادمين» وعند الفتح» أو الأمر الذى يزيل سلطان من يستنصز بهم مرضى القلوب يفرح المؤمنون بنصر الله» ويصبح الذين أسروا فى أنفسهم خذلان المؤمنين» ورجاء ما عند غيرهم نادمين على ما ا تفسير سورة المائدة 04 77700ب 1 1 1 1 222*367 تأ زر أسروهء وخخيب الله ظنهم فيهم» إذ رجوا ما عند الناس» ولم يرجوا ما عند الله ورضوا بنصرة الطاغوت» وتركوا نصرة الله تعالى» وهنا نتكلم فى أمرين: أولهما ‏ معنى الندم على ما أسروه. أن الندم فى هذه هو الظن الفاسد الذى وقعوا فيه» وخيبة الأمل فيما يرجونه» فليس ندمهم كندم التائب الذى يرجع إلى الله» وإنما ندمهم كندم المغيظ المحنق الذى كان يتوقع ‏ أمرا فتبين له غيره. الأمر الشانى - أن الله عبر عن ندمهم بالوصف لا بالفشعل للإشارة إلى أن هذا 0 حال دائمة مستمرة 3 تتضمن الحسرة والغيظ» ام السشمرٍ ما حكاه الله عن المنافقين وضعفاء الإيمان» و وفى مقابلة قول الأولين مرضى القلوب الذين استولى عليهم اليأس من رحمة الله تعالى» كان ما قاله أهل الإيمان قبل النصر وبعده. فقبله كان الرجاء يغمرهم» وبعده كان الفرح يملؤهمء وينددون بحال مرضى القلوب» ويستنكرون فعلهم فقد حكى سبحانه استتكار 00 الذين أقسموا بالله بأقصى طاقة اقة ما عنده من إيمان أنهم لمعكمء أى أن هؤلاء مرضى القلوب أعلنوا مقسمين بأقصى الأيمان» بأن يكونوا مع المؤمنين والرسول فى ولايتهم ونصرتهم» ومعاونتهم» وقد أكدوا ذلك بعدة تأكيدات بأقصى الطاقة فى القسم وتوثيق الكلام» وأكدوه ب (إن» وب «اللام» المؤكدة. ومع هذه التوكيدات ما كانوا صادقين؛ بل كانوا خصادعين؛ 0 وللمؤمنين» كم كما قال قامس سماه [البقرة]. ا ولايمكن أن يجح من يكون هذا شآنه؛ ولذا قال سبحانه : «حبطت أعمالهم فَأَصبَّحوا خَاسرين» تحمل أن تكون هذه مما حكاه الله عليهم بشمرة ما كان من فساد قلوبهم» وهو إن ما يتوهمونه وما يعملون على ا تفسير سورة المائدة 01000 1147 وج أ أساسه» ومن امتناعهم عن أن يكون ولاؤهم للمؤمنين وموالاة غيرهم دونهم - مآله الفشل والحبوطء وأن الله هو العزيز الذى ينصر من ينصره» ويعز من يعتز به» ومن يعتز بغيره يذل ويهونء, وبذلك أصبحوا خاسرين» ولقد قال الزمخشرى: إن الجملة فى معنى التعجب» أى ما أعجب حبوط أعمالهم وما أعجب أن أصبحوا خاسرين» وهذا الكلام على أساس أن الجملة محكية عن المؤمنين» وثميل أنها حكم الله تعالى وهو العلى الحكيم. اللهم أعزنا بعزة الإسلام» وامنع.عن قلوبنا الولاء لأهل الكفر والطغيان. 5-2 اسم يتامها سر يي لش ل مس سآ 26و 2< رخو الذينءامنوامنيرتد عند ينه فسو فياف الله يقوور بهم لع رسيي 2 مه مجو ىم 120 سر سا عه . ومحموته اد أَوَعَلَ الْمُؤّمِنينَ ن أعزةَ على ا لكلم جهدوتفى أ ارده و لضاف 1 م سس اننا سا سر سح ار عر سيل أله ولايخنا فون لَوْمَةَ يم ذلك فضل الْهِيِوَنِيهِ من مشاء لَه واس سِععَلِيم 2 فى الآيات السابقة نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين عن أن يتخذوا من اليهود والنصارى نصراء يستنصرون بهم» ويعطونهم حق الولاية عليهم» فيجعلون الولاء لهم. وهم أعداء الإيمان وأعداء المؤمنين» وإن أظهروا الولاء لدولة الإيمان فهم فى قلوبهم لا يألونهم خبالاء وإن ذلك موضوعه علاقة دولة الإسلام بغيرها من الدول التى تعاديهاء ولا يدخل فى هذا الذميون الذين يعيشون فى ظل الإسلام والمسلمين إلا إذا مالئوا الأعداءء فإنهم يكونون قد نقضوا العهد الذى عاهدوا المسلمين عليه . وفى هذه الآيات» يومئ سبحانه وتعالت كلماته. إلى أن الذين يوالون دولة معادية للإسلام وأهله يسيرون فى طريق الردة؛ لأنهم تركوا ولاية الله لإا تفسير سورة المائدة 4 000 جهن يي والرسول والمؤمنين» وولايتهم هى الحق» وهم حزب الله» وحزب الله تعالى هم الغالبون. ليا أيها الّذِينَ آمنوا من يرتَدٌ منكم عن دينه فُسَوف يأتي الله الارتداد معناه الرجوع من غير هداية وإرشادء ومن ذلك قوله تعالى: إن الّذين ارتّدوا على أدبارهم من بعد ما تبِيّنَ لهم الهدى ... +227 4 [محمد]. ومن ذلك قوله تعالى: ... ومن يرتدد منكم عن ديئه فَيَمتَ وهو كافرٌ .. . 452 4 [البقرة] . فالارتداد فى الآية الكريمة التى نتكلم فى معانيها السامية معناه الخروج عن الدين» ويسمى ذلك ردة؛ لأنه انصراف عن الحق بعد أن اهتدى» ورجوع إلى الظلام بعد أن خرج إلى النورء وهو كمن يرتد على أدباره غير مبصر الطريق الضال الذى يسلكه لأنه لا يواجهه. وفى النص إشارة إلى أمرين ‏ أولهما ‏ أن فيه إيماء إلى أن العرب فيهم من سيرتد بعد إيمان» وذلك قد كانء فإنه بعد أن انتقل النبى يَدَئِةٌ إلى الرفيق الأعلى ارتدت قبائل عربية ولم تبق مساجد تقام فيها الصلوات إلا مسجد المدينة ومكة وعبدالقيس» وقد تصدى لهم الصديق» وأصحاب رسول الله كَكِّ حتى أزالوا شوكة الردة» وخيّرهم الصديق بين سلم مُخزية أو حرب مُجلية» فاختاروا السلم لتوالى هزائمهم الأولى» وكان منهم من اشترك فى الفتوح الإسلامية التى كانت من بعدها كلمة الله هى العليا فى المشرق والمغرب» وفتح الله معها قلوب الناس» فدخلوا فى الإسلام أفواجاء أفواجا. وإن الآية الكريمة تومئ ثانيا إلى أن تولى الكفار أعداء الإسلام واتخاذ النصرة منهم على المؤمنين» وجعل الولاية لهم دون المؤمنين طريق إلى الارتداد؛ لأن من يعتز بغير عزة الله تعالى ينقص من إيمانه بمقدار موالاته لأعداء الله تعالى» واستمراره فى الموالاة وإعطاء الولاية» ولقد قال سبحانه: إلا تجد قَوما يوون باللّه والْيَوْم الآخر يوادون من حَادُ الله ورسوله ... 2888 # [الجادلة] . مالم 14 لحب يي وهنا يسأل سائل عن أمرين: أولهما ‏ ما الموالاة التى تر إلى الارتداد؟ وثانيهما ‏ ما حقيقة الردة؟ ونقول فى الإجابة عن السؤال الأول إن الموالاة التى تفضى إلى الارتداد مراتب أعلاها أن يستنصر بهم على أهل الإيمان» كما كان يفعل بعض الملوك فى الماضى» وكما فعل بعض الوزراء الذين مالئوا التتار على المؤمنين» حتى تمكنوا من أهل بغداد وغيرها من المدائن الإسلامية تقتيلا وتذبيحاء وهذه المرتبة أحسب أنها فى ذاتها ردة» وليست ذريعة إليها فقط. المرتبة المتوسطة - أن يواليهم فى أوطانهم» ويستنصر بهم ويجعل ولايته لهم من غير معاونة لهم على أهل الإيمان» ولا تمكين لهم من رقاب المؤمنين» وتكون هذه للمستضعفين فى أرضهم»ء وهؤلاء قد يفيض بهم الاستضعاف إلى أن يكونوا منهمء وبذلك يسيرون فى طريق الخروج عن الدين. المرتبة الأخيرة ‏ أن نقدس تعاليمهم» ونحول مجتمعنا الإسلامى بما يشبه مجتمعهم» حتى يكون ما عندهم أمرا غير قابل للمناقشة» وما عندنا ولو كان من هدى الإسلام يكون قابلا للنقض» بل للاستهانة ووضعه دبر الآذان مما نراه من بعض الملقفين الآن فى الديار الإسلامية» الذين لا يتبعون أعداء المسلمين ويقلدونهم فى الصناعات والعلوم الكونية» بل يقلدونهم فى أهوائهم وشهواتهم ومجونهم» ومعابثهم» ويحسبون ذلك تقدماء وما هو إلا ارتداد إلى الحيوانية البهيمية» والأدهى من ذلك أن يعتبروا قوانينهم محكمة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفهاء ويجعلوا شرع الله هملا مطويا فى زوايا النسيان. والجواب عن السؤال الثانى وهو تعرف حقيقة الردة» أن الردة مراتب أيضا . أعلاها ‏ إنكار ما جاء فى كتاب الله تعالى» وإنكار الوحدانية والرسالة» وإنكار كل أمر علم من الدين بالضرورة ككون الصلوات خمساء وكفرضية الزكاة والحج إلى آخر ما يُعَدّ إطار الإسلام؛ من يخرج عنه قد خرج عن الإسلام» ومن ذلك أحكام الزواج والطلاق. ها تفسير سورة المائدة لاا ا بي ووسطها ‏ إهمال الأحكام القرآنية» واستبدال غيرها بهاء وزعم صلاحية غيرهاء وعدم صلاحية الأحكام القرآنية» ومن ذلك قول الذين يقولون: إن أحكام القرآن خاصة بزمان نزوله دون غيره. وإن للناس أن يبدلوا فيها ما شاء لهم التبديل. وأدناها - تقليد غير غير المسلمين فيما عندهم من شر» وجعل القرآن وآدابه» والسنة وما اشتملت عليه أمرا مهجورا. وإن المرتبة الاولى تبيح قتل معتنقيهاء والأخريان يحبس أصحابهماء ويمنعوا من الجهر بنحلهمء وذلك لولى الأمرء وإن ذا النورين الإمام عثمان - رضى الله عنه ‏ قال: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)7١2‏ وإن الله وعد. وإن وعده لصدق أنه إذا ارتد عن الإسلام من يرتد» فيكون من بعدهم من يعتز الإسلام بهم» ويرفعون شأنه. ولذا قال تعالت كلماته: «فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبوته أذلة على المؤمنين أعزة عَلَى الْكَافرِين» . هؤلاء هم الذين وعد الله بأنهم سيزيدون عدد المؤمنين» إذا خرج من فى المستقبل» والتعبير - ب لإيأتي الله بقوم» فيه إشارة إلى أمرين: أحدهما - الله سبحانه الذى خلقكم» وهو ولى المؤمنين هو الذى يأتى بهؤلاء الأقوام الذين يحبهم ويحبوتنه. . . » وثانيهما - أنهم يكونون قوما متحدة مشاعرهم وأحاسيسهم». قد كانت قوميتهم نصرة الله ورسوله بنصرة الدين الحكمء ولذا عبر عن هؤلاء بأنهم قوم» أى عنصر قوى متآزر وحدته مكونة من الإيمان» ولا يكونون تابعين لغير دين الله تعالى. وقد وصف الله تعالى أولئك الذين يأتى بهم فى المكان الذى أخلاه المرتدون بأربع صفات هى من نعم الله تعالى عليهم» أولها ‏ أن الله تعالى يحبهم وهم . ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية : ج 7 ص5‎ )١( لل اال الل كم «لجحمبب_-؟ يي يحبونه» وإن محبة الله تعالى للمؤمنين أعلى ما يصل إليه أهل الإيمان من نعمه» ومحبة المؤمنين لله أعلى درجات الطاعة والإيمان. ومحبة الله تعالى لعباده التى تليق بذاته الكريمة المنزهة عن مشابهة الحوادث» هى أعلى درجات الرضاء فهى ليست الجزاء على النعيم وحدهء ولا الغفران وحدهء ولكنها مع الرضوان أكبر من ذلك» وقد قال تعالى فى جزاء المؤمنين الخالصين لله تعالى: « وعد الله المؤمدين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأَنْهَارٌ خَالدين فيهًا ومَساكن طَيبَةَ في جات عدن ورضوان مَن الله كبر ذلك هو الفوز العظيم 57202 4 [ التوبة ] . وعندى أن مكافأة الله تعالى لعباده بفضل منه ثلاث مراتب: المرتبة الأولى - الغفران والنعيم المقيم» والمرتبة الثانية ى رضاه سبحانه وتعالى» والمرتبة الثالثة - وهى أعلى درجات المحبة» وهى الرضوان الكامل» ومحبة الله حال تليق بذاته العلية. هذه محبة الله تعالى» ومحبة العباد له سبحانه - الإحساس بتجاه النفس إلى الله تعالى» والشعور بأنه ملء نفسه وقلبه» وأنه لا يدخل فى قلبه شىء غير عظمة الله تعالى وجلاله» فلا يحس بأن فى الوجود غيره» وأن تلك المحبة ثمرتها القريبة الدانية الطاعة المطلقة لله ولرسولهء فلا يكون محبا من يعصى حبيبه» ولذا قال الله تعالى: طقل إن كُسْم تحبُون الله قاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم َاللهُغُر يم :41 آل عمرات]. فالمحبة لله وطاعته» والقيام بالتكليفات الشرعية أمران متلازمان» فالطاعة لازمة للمحبة» وليس بصحيح ما يجرى على ألسنة بعض مدعى التصوف» من أن المحبة لله إذا وصلت إلى أعلى درجاتهاء سقط التكليف بالأعمال الظاهرة» بل إن المحبة البالغة تزيد الطاعة تثبيتاء وأحب خلق الله تعالى لله» وأكثرهم محبة له سبحانه هو محمد رسول الله يَكِْهّ وما قصر فى تكليفه قطء. ولا يتصور منه ذلك» وقد طالبه الله تعالى بأكثر تما طالب به غيره» فقد قال تعالى: 9إيا أَيهَا اللتاتا م الأ للتكك!! ةا لاخ !!!]أ للك 1 اا الا للك لتك ااا!اااا للا 1خ مسمس عع ممععع خ ململ كغ1مة تنلل لالتلا نجي قم لب قذ جيه تسق رمش م قي جه أ رذ عله و القرآن ترتيلاً > إِنَا سنلقي علَيِك قَوْلاتّقيلاً + 4 إن ناشئة اللّيلِ هي أَشَد وطنا وأُوم قيلا غج > 4 [المزمل]. الصفتان الثانية والثالئثة ‏ هما اللتان ذكرهما سبحانه وتعالى بقوله تعالت كلماته: أل على المؤمنين أعزة على الْكافرين» والمعنى السامى لهذين الوصفين الكريمين أنهم أرقاء على المؤمنين فى معاملتهم يخفضون جناحهم., كما قال تعالى فى رفق الولد للأبوين: 8 واخفض لهمًا جتاح الال من الرحمة ... 227 4 [الإسراء ]. فهى ذلة حانية لأن خفض جناح الأخ لأخيه غير المتحكم فيه هى من قبيل التآلف العاطفى» لا من قبيل الخنوع الذميم. ومعنى قوله السامى: #أعزة على الكافرين*. أنهم ينظرون إليهم نظرة العزيز الغالب لا نظرة الذليل الخانع» فهم لا يتملقونهم» ولا يترضونهم فى غير مرضاة الله و (عز) فى أصل معناها غلب» كما قال تعالى: ا ... وعزني في الْخطّاب 20> # [ص]. أى غلبنى فى الخطاب» وسيطر على الخصومة. وهنا يرد سؤال لاذا تعدت كلمة أذلة على المؤمنين ب «على» دون اللام» وقد أجاب الزمخشرى فى الكشاف عن ذلك بقوله: «فيه وجهان: أحدهما - يضمن الذل معنى الحنو والعطف» كأنه قيل عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع - والثانى - أنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين العاردة ونحوه قوله عز وجل: « ... أَشداء على الْكَفَارٍ رحماء ... رق © [الفتح ] . وخلاصة القولء أن هؤلاء الؤمنين يعاملون إخوانهم برفق ومحبة وبشاشة وعطف» ويعاملون أعداء الإسلام بخ بغلظة وخصوصا فى الميدان» كما قال سبحانه : ... جاهد الْكَفَارَ والمنافقين وَاغلظ عليهم ... 20 4 [التوبة]. وقد جاء فى ل تفسير سورة المائدة سس سس 6 لأسب زات الآثار فى صفة الرسول كلِةٍ إنه «الضحوك القتال»7١2‏ فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعداته . الصفة الرابعة بينها سبحانه وتعالى بقوله: #يجاهدون في سبيل اللّه ولا يَحَافُونَ لّومَة لائم» . المجاهدة المغالبة وبذل الجهدء وهو أقصى الطاقة» فى سبيل الله أى: فى سبيل رفعة كلمة الحق ونصر دينه وإعلاء شأنه» وكل مجاهدة فى إعلاء حق وخفض باطل هى فى سبيل الله؛ لأن طريق الله تعالى هى طريق الحق إيا كان موضعههء وأيا كان باعثه؛ لأن شرع الله تعالى يدعو إلى الحق» وإلى صراط وإن الجهاد تتنوع ضروبه» وتختلف أساليبه» فقد يكون بالسيف لإعلاء كلمة الله ورد الأعداء عن أهل الإيمان» وقد يكون ببذل المال لنصر الدين والحق» وإعلاء كلمة أهل الإيمان» وقد يكون باللسان ببيان الحقائق الإسلامية» وتأليب الناس على المشركين» ولقد قال عليه السلام - «جاهدوا المشركين بأنفسكم وألسنتكم وأموالكم)2"7. وإن الجهاد فى الحق يوجب على المجاهد ألا يخشى غير الله» ولذلك وصف الله سبحانه أولئك المجاهدين بأنهم: #ولا يُحَافُونَ لَومَةَ لائم». أى لا يخافون لوما قط من أى لائم كائنا من كان» واللومة هى المرة من اللوم» وكان التعبير باللومة دون اللوم للمبالغة فى نفى الخوف لأنها منكّرة» ومن تصدر عنه منكرء أى لا يخافون أى لومة سواء أكانت شديدة أو كانت رقيقة» ومن أى لائم سواء أكان كبيرا أم كان صغيراء وسواء أكان ينفع ويضر أم كان لا خير فيه هذا ما ذكره المفسرون» ونلتمس وجها آخر للتعبير» باللومة» وهو أن التعبير بفعل المرة يفيد وقوع اللوم» لا مجرد توقعه» أى أن هؤلاء لا يخافون اللوم الواقع» بل .35 ١ وقال فى ج؟ » ص81‎ 21١7 ذكره ابن كثير فى التفسير: اج ص‎ )١( سبق تخريجه.‎ )6( ل تفسير بور ة المائدة الل 100000000000 41 1 1 1 [1[1 1[ 1 1[ 1 1 1[ 1 1[ ذ[ [ آذ 1 6021ظ2**#*2*2 4 لجل-ماه تي يتحملونه مع ما فيه من ابتلاء واختبار قد يكون شديداء وقد حبب الله تعالى لعباده الجهاد فى سبيل رفع الحق. فقد جاء على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام: (أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر»(1) وقال عليه السلام: «ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهد فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق)2 . وقال عليه السلام: ١لا‏ يحقرن أحدكم نفسهء بآن يرى أمرا لله فيه مقال فلا يقول فيه)0 . إذلك فضل الله يؤتيه من يَشَاءِ واللّهُ واسع عَليمٌ4 الإشارة فى هذا النص السامى» إما أن تكون لكل ما سبق من إيمان صادق» ومحبة من الله ورضوان منهء ومحبة من العبد ومعها الطاعة المطلقة لله ولرسوله» وتعاطف وتراحم بينهم» وشدة على أعدائهم وجهاد فى سبيله؛ وإما أن تكون لأقرب مذكورء وهو الجهاد فى سبيل اللهء واطراح لوم اللائمين وعدم الالتفات إليهم» وإنه على الاحتمالين ذلك من فضل الله تعالى» الذى يصطفى من عباده من يكون أهلا لذلك» ويعمل بإرادته ليصل إلى هذهء وكانت هذه الصفات من فضل الله تعالى؛ لأن الإخللاص لله تعالى» والفناء فى محبته نعمة لا يدركها إلا من يذوق حلاوتهاء والتآلف بين المؤمنين والتعاطف والبر فضل كبير تعتز به الأمم» والوقوف أمام الأعداء» والجهاد فى سبيله» والرضا به والعمل فيه فوز عظيم لأنه حماية للحوزة» ومنع للذلة. وقد ذيل سبحانه وتعالى النص بقوله تعالت كلماته: طواللهُ واسع عَليم». )١(‏ رواه النسائى : السيعة هه نضل من تكلك بالحق عند إمام جائر (9١؟5),‏ وأحمد: أول مسئد عر ع ١‏ سر اس سل 0 بحقا إن را أ سيد ونه لا يقرا الول ةروق ا 0 عزيم. رواه أحمد: باقي مسند المكثرين , - مسند وأبي سعيد الخدري ١8‏ 0 0 0 52 34 و ع2 ف مكلا لا يكُولة. يقل اللّه: نا مَك أن شُول فيه فَُول: ب تيت الس درل ونا م أن يخشى؟ . رواه أحمد : باقي مسند المكثرين - مسئد أبى سعيد الخدري :٠8557(‏ 6 تفسير سورة المائدة ل مل ات حر ا أى والله سبحانه وتعالى جل جلاله واسع الفضل والجود والرحمة» يجود بفضله على من يشاء مبن عباده» وهو عليم بمواضع الفضل ومن يستحقه ومن لا يستحقه» وأطلق الوصف لله تعالت ذاته المقدسة للإشارة إلى السعة فى كل شىء» فهو يوسع فى الرزق لمن يشاءء وييسر من يشاء للجهاد بنفسه أو بلسانه أو بماله؛ وهو يسع الناس جميعا برحمته» اللهم اجعلنا فى سعة رحمتك. نوكه أله ورسولة موا لدنَء ا منوا لزي ىل و لم 000-02 سرح خا سام ع رو و من سَوَلَأللَهَ دقيمونا لصَلَؤة ويؤْنونَا ركو وهم ركعون اقل ول ومم لات ور ساس 0 اريم ايا ورسولهوالذينءامنوافَإِنّحر بَأسَههمَالَْيِبونَ له لدي سر جو سه ص بر دوي باضه دير م و د تر هل دهم مثو مدأ نايك در 1 اتلد 0 ونوا لمي 1 2 واعرء حم الْكنب من قب قاروا وتو لمان 7 مؤمنين عي وَإِدَانَاديَيَُإِلَالصَّكوْوَ 3 حقو لوك لياهلا لكتب هِلتَِقِمُونَ ءام و1725 01 لي ا ل 0 رس سه سر سر حل م0 عليه وجعل علي نوراتخت ليد الكلام السامى موصول فى بيان نهى المؤمنين عن أن يتخدوا تنصراء من اليهود والنصارى وسائر الكفار» وفى هذا النص الكريم يبين سبححانه أن هؤلاء هاا تفسير سورة المائدة تي اللخخخالااا اال لاا ل ااالااا الالال كط أ لللللااالالالاللللااطا كلامملا ال للا ل انامض ططممممممممسمممممااااخمممللللاللاكططسضط خط طططط مانا لتتللا اا ١‏ ث7 موالاتهم تؤدى إلى استحسان ما عندهم ) وإن ذلك يؤدى إلى الارتداد» ولا من أن موالاتهم مناقضة لولاية الله ورسوله والمؤمنين» وهم الأولياء حقًا وصدقاء لا تصح موالاتهم لهذه الأسباب فقطى بل لها ولأمر واقع منهم ) مستمر فيهم » وهو الاستهزاء بدينكم» واللعب به والعبث المستمر» ومن يواليهم وهم على هذه الحال» فقد تخلى عن دينه وإيمانه» ولقد قال تعالى: «إِنّما وليكم الله ورسوله والّذين آمنوا4 الولى هنا النصير الموالى» وولى الأمر والملجأ والمعاذ. وقد قصرت الولاية على هؤلاء بأداة القصر «إنما»» والمعنى أن الله تعالى استخذاء واستكانة للذل» واستسلام للأعداء)» ولا ولى للمؤمن غير هؤلاء. فل" يصح للمؤمن أن يطلب بأى صورة النصرة من غيرهم؛ لأن قلوبهم مهما يكونوا مطوية على ضغن شديد» وحقد مستمكن» وهم لا يريدون بالإسلام وأهله إلا الهوان» بل الفناء . وفى هذا النص عبرة للمعتبرين الذين يرتمون فى أحضان أعداء الإسلام» ويوالونهم» وهم الذين يؤذون المسلمين» ويخرجونهم من ديارهم» ويظاهرون على إخراجهم» والنبى عليه السلام يقول: «المسلم أخو المسلم لا يحقره» ولا يظلمه. ولا يسلمه» ولا يخذله)(0) ., «الّذِين يقيمون الصلاة ويوْتُونَ الزّكاة وهم راكعون» هذه أوصاف المؤمنين الجديرين بأن يكونوا مع الله ورسوله فى ولاية المؤمنين» وقد ذكرت لهم أوصافا ا تفسير سورة المائدة ال مايل 2 حر از ثلاثة: كل واحد منها يومىء إلى معنى اجتماعى يدخل فى تكوين الجماعة الربانية التى لا تعمل إلا للهء ولا تقوم إلا له» الوصف الأول إقامة الصلاة» أى أداؤها مقومة كاملة لا اعوجاج فيهاء لتؤدى غايتها وهى تربية الوجدان الاجتماعى الذى يكون معه الإيثار» والسيطرة على الأهواء المردية المخزية» وهى الصلاة التى قال الله تبارك وتعالى فيها: « ... إِنّ الصّلاة تَنهَئ عن الْفَحشَاء والمبكر ... 27> 4 [ العسكبوت]. والوصف الثانى أنهم يؤتون الزكاة» أى يعطونها سمحة بها نفوسهم» راضية بعطائها قلوبهم يحسبون أن عطاءها مغنم لا مغرمء وذلك هو التعاون المادى النبعث من القلب. وإذا كانت الصلاة مبعث التآلف الروحى» فالزكاة مظهر التعاون المادى الخالص . والوصف الثالث ذكره سبحانه وتعالى بقوله: #وهم راكعون». لقد قال كثير من المفسرين: إن هذه الجملة حالية من قوله تعالى: #ويؤتون الزّكاة». أى أن إعطاء الزكاة يكون فى حال الركوع» ويقولون: إن سبب ذكر ذلك أن إمام الهدى عليا أعطى صدقة وهو راكع» ولا نرى ذلك؛ لأن ذلك قطع للصلاة وانصراف عنهاء ولا يكون ذلك من على كرم الله وجهه. وثانيا ‏ أن اللفظء ومؤدى ذلك أنه يكون محمودا من المؤمنين أن يؤدوا زكواتهم وهم يركعون ركوع الصلاة. والذى نراه أن الركوع هنا ليس هو ركوع الصلاة المفروضة» إنما هو الخضوع المطلق لله تعالى فى كل أعمالهم» فى مصانعهم» ومتاجرهم ومزارعهم» وسياستهمء بحيث يكون كل شىء لله تعالى؛ ويتحقق فيهم قول النبى عليه السلام: ١لا‏ يؤمن أحدكمء حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله)١2.‏ سبحانه فى الغدوات والروحات. . سبق تخريج ما في معئناه من حديث صحيح‎ )١( هاا تفسبير سبورر ة المائدة , ل 0 ١‏ كك ١‏ ا تي جاء فى مفردات الأصفهانى ما نصه: والركوع يطلق بمعنى الخضوع لله. «الركوع: الانحناء» فتارة فى الهيئة المخصوصة فى الصلاة» كما هى» وتارة فى التواضع والتذلل» وإما فى غيرها». والله أعلم . #ومن يتول الله ورَسولَهُ والّذين آمنوا فَإِنَ حزب اللّه هم الْعَالبُونَ» الحزب معناه: الجمع المتضافر المتآزر القوى الذى يمانع ويقاوم. سواء أكان فى الخير أم كان فى الشر» وحزب الله تعالى حزب الخير» ولا خير أعلى ما يجتمع عليه. ومعنى النص الكريم: من يجعل نصرته من الله ورسوله وولاءه لهماء وأمره إليهماء فإنه سيكون حزب الله المتضافر على الخير» وسيكون هو الغالب إن شاء الله وهنا إشارتان بيانيتان ننوه عنهما: إحداهما ‏ أن قوله تعالى: 9قَإِنَ حزب اللَّه هم الْعَالبُون#. يومئ إلى مقدر 00 000 ا 0 1 محذوف من القول بين فى المعنى» وهو أن الذى يتولى الله ورسوله يكون من حزب الله القوى المتضافر على الخير» وإن حزب الله وجماعته هم الغالبون. الثانية - أنه فى قوله: لفن حزب اللّه4. لم يذكر اسم الرسول يلل وفى ذلك إشارة إلى أن الرسول لا يعمل إلا بأمر من الله فيكتفى هنا بذكر الله؟ لأنه المسيطر الغالب القاهر فوق عياده» اللهم اجصسعل ولايتنا لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين» اللهم اجعلنا من حزب الله دون غيره. ايا يها الّذين آمنوا لا تتَخذوا الّدِين انَحَذُوا ديتكم هرو ولعبًا4 النداء للمؤمنين بالوصف الذى ميزوابه» واختصوا به دون الناس » وهو مناط رفعتهم وجامع وحدتهم» وإذا كان الدين هو التامع لهم فالذين يسخرون منه ) ويستهزئون به أولئك الذين يسخرون من دينكم بجعله لعبة يلعبون بها» ومسلاة يتسلون فى عبثهم بها ويستهزئون به مستلخفين» فهذا النص تحريض على عدم الانتماء إليهم ا تفسبير سور ة المائدة الل 2 سرب أ بذكر ما هو سر اجتماعهمء وفيه إشارة جلية إلى أنهم لا يمكن أن يكونوا نصراء يريدون العزة لهم؛ لأن ما به عزتكم واجتماعكم يتخذونه سخرية يلهون به ُ ويعبئون. وهنا مباحث لفظية فى بيانها تقريب لمعنى النص السامى . أول هذه المباحث - التفرقة بين الهزء واللعب؛ فهما فى النص الكريم معطوف أحدهما على الآخرء وبمقتضى هذا العطف هما متغايران» وإن كانا ينتهيان إلى معنى واحد» وهو السخرية بالاستهزاء.ء والعبث» فهم يسخرون من الدين» ويسخرون من أهله» ويستهزئون بأهله» ويتعابثون به ويلعبون بحقائقه . والهزء معناه المزح فى خفة» أو المزح فى مقام الجد للسخرية بموضوعه. والعبث بهء وقد يكون بالقيام بظاهر بعض الأعمال» وهو يخفى نقيضهاء كما قال سبحانه وتعالى عن المنافقين 9 وَإذَا لَقُوا الّذين آمنوا قَالُوا آمًا وإِذَا حَلُوا إلى شياطينهم قَانُوا إِنَا معكم إِنّما نحن مستهزئون +220 4 [ البقرة] . وعلى هذا يكون معنى الاستهزاء أو الهزء مشتملا على معانى الاستخفاف والتهكم» والمزح العائب. واللعب أصل معناه من لعاب الطفل» ويقال عن الطفل لعب بفتح العين إذا سال لعابه» ومعناه - على العموم - العمل الذى لا يقصد به نفع» ولا طلب ثمرة» بل يقصد به مجرد إزجاء الفراغ» والتسلية. والمعنى الجملى للفظين: أنهم يسخرون من الدين باتخاذه موضع استهزاء ومزح» وموضع لعب وعبث لا يقصدون نحوه بشىء إلا بما يقصد به اللاعب للعبته وهذا أبعد ما تكون عليه الاستهانة» فهل يجوز لمؤمن أن يقبل موالاة هؤلاء» وهو لايزال على صفة الإيمان. وقد وصف عملهم بأنهم اتخذوا الدين هزواء أى جعلوه هزوا ولعباء أى جعلوه مستهزئا يمزحون به ولعبة يلعبون بها» وقد قدر بعض العلماء محذوفاء وهو أن يكون موضع استهزاء ولعب . اا تفسير سورة المائدة 1 لل ذخام 2 2222*671 14ىح: المبحث الثانى من المباحث اللفظية - قوله تعالى: لسن الّذين أونوا الكتّاب من قَبْلكُم والْكُمَارَ أَوليَاء4 و طمّن» هنا بيانية فسيها بيان لآولئك الذين يستهزئون ويلعبون بدين الله دين الحق». وهم اليهود والنصارى» وعبر عنهم ب «أوتوا الكتاب»؛ لأن أصل شرعهم ينتمى إلى كتاب منزل» وإن حرفوا فيه الكلم عن مواضعه وغيروا وبدلوا ونسوا حظا ما ذكروا بهء وهم كفارء وليس كفر أعظم من كفرء إلا أن تكون بقية علم عندهمء وهى لا تجعل لهم مقاما أدنى فى الكفرء ولو كانت تجعل فى الإمكان التلاقى فى بعض المعلومات الدينية التى لم يعبثوا بها. وقد تكلم العلماء فقال الأكثرون:إن الكفار هم المشركونء وأطلق عليهم الكفار دون إطلاقه على أهل الكتاب». وقد علله بعضهم بأن كفرهم أشد. وعندى أنهم جميعا كفارء لقوله تعالى: «إلَم يكن الّذين كَفرُوا من أَهْل الكتَاب والْمُشركين سفكين حتَى تأتيهم اليد 11 4 [ البيئة]. وليس كفرهم أعظم من كفر أهل الكتاب؛ لأن كفرهم عن جهل» وكفر المشركين عن علمء ولا يمكن أن يكون الجهل عنصرا مشدداء والعلم عنصرا مخففاء ولكن ذكروا بوصف الكفار؛ لأنه لا وصف لهم غيره» إذ لم يؤتوا بكتاب. على أننا نرى أن عطف الكفار على أهل الكتاب من باب عطف العام على الخاص» فكلمة كفار تشمل كل كافر بمحمد يوَلِْةِ على أنه خص أهل الكتاب بالذكرء لأنه الموضوع من الأصل فى عدم موالاة المؤمنين لليهود والنصارى». ثم عمم الحكم على الجميع تمن كفروا بمحمد كَكة. البحث الثالث - فى قوله تعالى : ونوا الله إن كسم مُؤمنين» . وكان الأمر بالتقوى فى هذا المقام؛ للإشارة إلى أن ذلك هو الحصن الحصين الذى يغنى عن طلب الأولياء؛ لأن معنى التقوى اتخاذ الله سبحانه وتعالى وقاية دون شر الأشرار إذ إن النصرة لا تكون إلا منه» وهو المعاذء والملجأً والناصر والولى» ولأن اجتلاء النفس بتقوى الله تعالى وخشيته تجعل كل قوى مهما تكن ل ل تفسير شيوره: ة المائدة 1 م ل 0 سطوته لا يصل إلى إضعاف قلب المؤمن» ولأن اتخاذ غير الله تعالى وليا ينافى تقوى الله» واستشعار عظمته وجبروته سبحانه. وقد بين سبحانه أن ذلك وصف أهمل الإيمان» ولذلك قال سبحانه: #إن كُسْم مُوْمدينَ4. وقد أخذ سبحانه يبين بعض أوقات استهزائهم» قال سبحانه : «وإِذًا نَاديْثمْ إِنَى الصّلاة اتُحَدُوهَا هرو ولعبا4 هذا تصوير لبعض مواضع استهزائهم» ولعبهم بالدين» وقد صور الله حالهم فى أمر واقع» وهو عند النداء للصلاة» أى نداء المسلمين بالصلاة» وهو الآذان» وليس مجرد النداء» وكان موضع استهزائهم الصلاة» والدعوة إليها بالأذان» فالضمير فى قوله تعالى: لتّحَذْوهَا هزوا» يعود إلى الصلاة ومقدمة الصلاة وهو الدعوة إليهاء وقد روى أنهم اتخذوها هزوا ولعباء فمنهم من كان يتخذ النداء أداة استخفاف بمحاكاة صوت الموّذن» واللعب بتقليده تهكما وتعابثشاء ومنهم من اتخذ شكل الصلاة الإسلامية موضع تعابث وسخرية واستهزاء. فقد روى الإمام أحمد ‏ رضى الله تعالى عنه ‏ فى مسنئده أن عبدالله بن محيريز وكان يتيما فى حجر أبى محذورة» وقد كان أبو محذورة من مؤذنى رسول الله بَكِنَةِ وقد سأله ابن محيريز عن تأذينه لرسول الله كله فقال: سمعنا صوت المؤذن» ونحن متنكبون» فصرخنا نحكية» ونستهزئ به فسمع رسول الله 38 فقال: «أيكم الذى سمعت صوته قد ارتفع» فأشار القوم كلهم إلى» وصدقواء فأرسلهمء وحبسنى إليه» وقال: «قم فأذن» ثم علمه الرسول عليه السلام الآذان وقال له:«بارك الله فيك» ويارك عليه» فهداه الله تعالى» وصار موّذن رسول الله يله بمكة» وهكذا ابتدأ كافرا مستهزنا بالأذان ساخرا منه» وانتهى مؤمنا صادقا مؤذنا لرسول الله يَللِيه1١)‏ . )١(‏ رواه النسائى : الأذان - كيف الأذان (577)» وابن ماجه: الأذان والسنة فيه - الترجيع فى الأذان »)7١(‏ وأحمد: مسئد المكيين - أحاديث أبى محذورة المؤذن رضى الله عنه (هه59١).‏ م تفسسميرسورة المائدة لل 2 ”53# لسر > ا وروى أن اليهود كانوا إذا قامت الصلاة صلوا مع المسلمين استهزاء ونفاقاء ومنهم من كان يقول للرسول عندما يرى الركوع والسجود: يا محمد لقد ابتدعت شيئا لم يسمع فيما مضىء» فإن كنت نبيا فلم خالفت فيما أحدثت جميع الأنبياءء وكانوا مع ذلك يتضاحكون ويتخذون من شكل الصلاة الإسلامية موضوعا لسخرياتهم وعبثهم» ولقد علل الله تعالى ذلك بقوله سبحانه: «ذلك بِأنْهمِ قَومِ لا يَعقلُون» الإشارة هنا إلى ما كان منهم من استهزاء وسخرية واتخاذ الأعمال الإسلامية لعبة يتلاعبون بهاء والمعنى: أن هذا الذى كان منهم سببه أن أحلامهم قد سفهت» وصاروا لا يدركون الأمور على وجهها فلا يفكرون فى الأمور تفكير العقلاء الذين يتدبرون بعقولهم. وقد قام لديهم البرهان العقلى القاطع» والدليل الساطع على أن ما جاء به محمد لا يقبل الإنكار لمن يفكر بعقله» ويتدبر فى مبادئ الأمور وعواقبها. ولماذا كان اليهود وبعض النصارى على هذه الشاكلة يتصرفون تصرف من لا عقل عنده. إذ يطمسون الحقائق» ويسخرون مما لا سخرية فيه؟ الجواب عن ذلك أنه قد طمس على قلوبهم» والحقد قد ران على مداركهم» فأصبحوا لا يدركون ما يوجبه العقل السليم» والفكر المستقيم» ولا شىء يذهب بلب اللبيب وإدراك العقل السليم أكثر من الحقدء ذلك بأن تمنى الشرء وحسد غيره على ما فى يده من نعمة» وما آتاه الله تعالى من خير يلقى حجابا على عقله فلا يدرك» وعلى قلبه فلا يؤمن ولذا قال سيحانه.من بعده: #قل يا أَهْلَ الكتاب هل تنقَمُون منًا إلا أن آمنًا باللّه4 نقم منه معناه عاب عليه أمراء وأنكره.» ومنه الانتقام بمعنى العقاب» وذلك لأن العقاب لا يقع إلا من أمر ينكره المعاقب ويعيبه» فيتبعه العقاب». فهو نتيجة الاستنكار لمن يقدر على العقاب» ويرى فيه حكمة توجبه. والمعنى أن الله تعالى يأمر نبيه الأمين أن يسألهم مويخا منكرا عليهم أنهم لا اا تفسشير سيور ة المائدة الل ىم سب ا يعيبون عليه إلا أنه والمؤمنين معه آمنوا بالله ورسوله حق الإيمان» وأن أكثرهم فاسقون» وهنا بعض مباحث لفظية نذكرها لتقريب معنى النص:السامى الكريم . المبحث الأول - كيف يعيبون الإيمان مع أنهم كافرون» وإنما يحسد على الإيمان من يدركه» ويعرف مزاياه ويحقد على المؤمن؛ لأنه حرم منه» والجواب عن ذلك أن أهل الكتاب يعرفون الرسالة والرسل» ومنهم موحدون يدركون معانى التوحيد» وهم يحسدون المؤمنين على ذلك وخصوصا اليهود والمنافقين؛ وقد قال تعالى فيهم: «وَدُوا لو تََفُرُونَ كما كقروا فَكُونُون سواء فلا توا منهم أولياء . لننة 4 [النساء] . وقال تعالى: «وَدٌ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد انهم كارا حَسدا من عند أنفّسهم من بعد ما تين لهم الحق فاعفُوا واصفحوا حنئ حتئ يأتي اللّه بأمره إن ١‏ الله على كل شيء قَدير 3ن 4 [ البقرة ] . فهؤلاء الكافرون من أهل الكتاب يستنكرون على المؤمنين إيمانهم» والباعث على ذلك أمران: أحدهما ‏ حسد مستكن فى قلوبهم» وهم يرون أن النبوة نعمة كانوا يرجونها فيهم» فكانت فى غيرهم» وأن الإيمان نعمة وخيرء» وهم يحسدود الناس دائما على ما آتاهم من فضلهء وقد قتلهم الحسدء وأفسد مداركهم. الأمر الثانى الذى بعثهم على النقمة على أهل الإيمان أنهم يرونهم فى قوة نامية» وهم فى خسة هاوية» وهم كفار منزعجون» وأولئك مؤمنون مطمئنون. المبحث الثانى ‏ إن فى النص الكريم حصرا لسبب النقمة على المسلمين» ولذلك كان الاستنثاء فى قوله تعالت كلماته: #هل تنقمون منًا إلا أن آمنًا بالله وما أنزل إِلَينا وما أنزل من قَبل» . البحث الثالث ‏ أن إيمان المؤمنين شامل للرسالات الإلهية كلهاء فهم يؤمنون بما أنزل على محمد كَلِْةٌ وما أنزل من قبلهء زليه ره كارا يلون عل المؤمنين أنهم يؤمنون بكل الأنبياء» ومنهم من قتلوهم» ومنهم من حاولوا قتله) ولم يستطيعوا أن ينالوا منه» وقد روى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - ها تفسشير سور ة المائدة لل اللللللااالاللل 51211( ١‏ لاا يي بعض زعماء اليهود ذهبوا إلى النبى وليه يسألونه عما يؤمن به فقال ‏ عليه الصلاة والسلام - أومن بالله وما أنزل إليناء وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط» وما أوتى موسى وعيسى» وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون» فلما ذكر عيسى - عليه السلام - جحدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بمن آمن به». البحث الرابع ‏ أن الله تعالى قال: #وأَنَ أكثركم فاسقون» . لم يقل سبحانه وأنتم فاسقونٍ إنصافا للذين يقتصدون منهم» وقد قال تعالى: 4.. منهم أَمَة مقتصدة وكثير مهم ماء ما يعملُون 2# » [المائدة]. وقال تعالى: ٍاليسُوا سواء من هل الكتاب آَم َائمَة ُو آيات الله آناء اليل وَهُمْ يسْجدونَ 29 يؤسون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المدكر ويسارعون في الخيرات ٠‏ وأولتك من الصالحين 39> وما يفعلوا من خير فلن يكفروه واللّهُ عليم بالْمتّقِين 325 ممه 4 [آل عمران] وإن الأكثرين منهم فاسقون. بل إنه يكون منهم ما هو شر من الفسق فى ذاته» فيقعون مع الفسق فى أشد مظاهر الخسة» ولذا قال سبحانه فيهم: قل هل أَنبََكُم بر مَن ذلك مَتُوبَةَ عند الله مَن عه الله 4 أمر الله تعالى نبيه أن ينبههم إلى عظيم شرهم.» والاستفهام هنا للتنبيه الخطير فى ذاته» والتنبىء به ذكره موّكذا. والإشارة عند الأكثرين إلى ما نقمه اليهود على النبى كَلَِْةٌ والمؤمنين معه من أنهم يؤمنون بالرسالات الإلهية كلها لا فرق بين رسول ورسولء ولو كانوا هم قد قتلوه أو حاولوا قتله» والمثوبة فى أصل معناها الجزاء الثابت على العمل» سواء أكان شرا أم كان خيراء ولكن شاع استعمالها فى الخفيرء وهى فى لغة القرآن لا تكون إلا فى الخير كالثواب فإنه مقابل العقاب. وهنا يرد سؤالان: أولهما ‏ كيف يكون الإيمان شراء ويوجد ما هو أعظم شرا منه؟. وكيف يعبر عن جزاء الشر بالمثوبة؟. والجواب عن السؤالين: إن فى التعبير عن ثمرات شرهم با مثوبة من التهكم بهمء والازدراء بتفكيرهم » وإن التعبير 9 تفسير سورة المائدة الل 1١‏ حب ا عن الإيمان» وهو خيرء بالشر من قبيل المشاكلة لتفكيرهم» كأنه قيل إذا كنتم تنقمون على رسول الله يكةِ إيمانه وتحسبونه شرا لا خخير فيه فشر منه عاقبة ومآلا ما أنتم عليه من لعن وطرد من رحمة الله» ومن وقوع فى غضبه ومن مسخكم قردة وخنازير. وقيل: إن الإشارة إلى فسقهم» ومؤدى الكلام على هذا أن هناك ما هو شر من فسقهم وجحودهمء وهو ثمرة فعلهم» وتلك الثمرة هى اللعن والطرد من رحمتهء ومسخهم قردة وخنازير» وكأن قوله: #أكثر كم فاسقون» فيها حكم بالفسق الدائم المستمر فى اليهود الذى يتوارثونه جيلا بعد جيل» حتى صار ذلك كالجبلة فيهم والغرائز الموروثة» وقوله تعالى: «أُولتك شر مَكَانَا4 بيان لثمرة فسقهم. ولكن الظاهر هو الأول؛ لأن المقابلة واضحة فى هذا النص الأخير» إذ فيه مقابلة ما عليه أهل الإيمان بما آل إليه وقد ذكر الله سبحانه وتعالى حالهم فى الدنيا والآخرة» فقال تعالت كلماته : 9م لُعَنَهُ اللهُ وَعَضب علَيْهِ وَجَعَلَ منهم القردة والْحنازِيرَ وَعَبدَ الطّاغوت» المقابلة هنا بين من آمنوا بالله ورسله» وبين من أنزل بهم سبحانه ما أنزل» وقد ذكرهم مقرونين بما أنزله سبحانه» ومعنى من لعنه الله» أنه طردهم من رحمته. رحمة الإيمان وإدراك الحق والقرار والاطمتئنان فى الدنياء وضرب الذلة عليهم إلا بحبل من الناس» وإن استقروا زمانا فإلى طرد مستمرء هكذا كان ماضيهم» وهكذا يكون حاضرهم إن شاء الله تعالى» وإنهم فى الآخرة فى السعير يدوم عليهم عذابها. والأمر الشانى - الذى ينزله تعالى بهم هو غضبه عليهم» وسيعاملون فى الدنيا والآخرة على مقتضى حكمته فى غضبه وعدم رضاه. والأمر الثالث ‏ أن الله سبحانه وتعالى جعل منهم القردة والخنازير» وقد سار المفسرون على الأخذ بظاهر اللفظء وقالوا: إن الله تعالى مسخهم قردة ها تفسير سورة المائدة :)اا ا لفششهر شوية للا اح وخنازير حقيقة» بل أقفرط بعضهم فزعم أن القردة والخنازير خلفوا نسلا لهم» ولكن الحقيقة أن القردة والخنازير كانت قبلهم» وقوله تعالى: #وجعل منهم القردة والخنازير4 مبالغة فى المشابهة بينهم. حتى كأنهم الأصل فى هذين النوعين من الأحياء . ومع أن الممسرين قد أخذوا بظاهر الألفاظ من غير تأويل» قد روى عن مجاهد الذى تلقى التفسير عن ترجمان القرآن ابن عباس أن المراد بمسخهم قردة ونخنازير مسخ قلوبهم» فصاروا فى نزواتهم» واستيلاء الشهوات على نفوسهم وعبشهم بكل مقدرات القيم الخلقية كالقردة» كما صاروا فى قذارات نفوسهمء وتطلبهم للقذر من المكاسب كالخنازير إذا يطلبون القذارات يأكلونهاء وتنمو أجسامهم عليها. وقد قال ابن كثير فى تفسيره ما نصه عن مجاهد: «فقلنا لهم كونوا قردة خاسئينء فقال: مسخت قلوبهم». ولم يمسخوا قردة» وإنما هم مثل ضربه الله تعالى : «( ... كمثل الْحمارٍ يَحمل أَسقارا ... رض © [الجمعة]. وهذا سند جيد عن مجاهد وهو قول غريب (الجزء الأول من تفسير ابن كثير ص ٠١9‏ طبع التجارية) . وعندى أنه لا غرابة» وإن كان الأكثرون يستغربونه» وإنه قد وردت أحاديث قد تفيد هذاء فقد روى عن ابن مسعود أنه قال: «سألنا رسول الله كَلكِةَ عن القردة والخنازير أهى من نسل اليهود؟ فقال يكِْةٌ: «إن الله لم يلعن قوما قط فمسخهم فكان لهم نسل» ولكن هذا خلق كان فلما غضب الله تعالى على اليهود فمسخهم جعلهم مثلهم)''. )١(‏ رواه أسحمد : مسئد المكثرين - مسئد عبد الله بن مسعود يف41 اا تفسير سورة المائدة ان 1 1 كسا : 3 وإنه قد يستفاد من الحديث أن المثلية فى النفوس لا فى الأجسادء وهذا هو الذى نميل إليه» واللفظ يحتمله ولذا نختاره. والآأمر الشالث الذى منى الله تعالى به اليهود أنهم عبدوا الطاغفوت» والطاغوت فعلوت من الطغيان وهم يعبدون الطغيان دائماء فهم يعبدون الحاكم الطاغى» ويكونون أدواته» وهم يعبدون المال الطاغى المأخوذ من غير حله؛ وهم يعبدون الهوى ويتخذون هواهم إلها يعبدونه. وقد سجل الله سبحانه وتعالى الحكم مؤكدا فقال سبحانه: «أولتك شر مَكَانا وأضَلٌ عن سواء السَّيل4 أى أولئك المتصفون بالفسق الذى أنزل الله تعالى عليهم سخطه؛ وقرر طردهم من رحمته» ومسخ قلوبهم حتى صارت قلوبهم كقلوب القردة والخنازير»ء وعبدوا الطغيان» ولم يؤمنوا باحق هؤلاء شر مكاناء أى مكانهم فى الدنيا شر مكان إذ يأكلون من المحرمات» كما تأكل الخنازير من القاذورات» وهم فى ذلة» ولو أوتوا قوة وسلطانا بسبب اتصالهم بأشرار الأرض» فهم فى ذلك بالتبعية» وهم أبعد عن الطريق السوى المستقيم؛ فهم فى ضلال مستمرء وإن سكنوا واطمآنوا أيامآ فسيذيقهم الله تعالى وبال أمرهم» وبحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون. دجاو اومن ود دلوا لكف وهم قد حرجو أيو- وه أعلرمَ انوأ كمون نه نكن افير دوو أيهم سحت لِبِشسَماكنوأيحَمَُونَ يم بهم مكنيو الكمارس ود واج لشم يكل 106 سح شاعر 2ه يعون 0 ا تفسير سورة المائدة ١‏ لل 57 يبي ىب ذكر سبحانه وتعالى فى الآية السابقة بعض صفات اليهودء وضعف من يواليهم» ويركن إليهم» إذ يركن إلى الذين ظلموا فتمسهم النار» وذكر طبائعهم الحيوانية التى تشبه الخنازير فى: شراهتهاء والقرود فى نزواتهاء بين بعض ما يترتب على هذه الدحيلة من مظاهر فى أعمالهم» وأولها النفاق فى أقوالهمء وأكلهم سحت المال فى معاملاتهم» ومسارعتهم إلى كل معصية وعدوان» ولذا قال #وإذا جاءوكم قَالُوا آمنًا وقد دَحَلُوا بالكفر وهم قَدْ خَرَجوا به» الخطاب للنبى يه والمؤمنين» وقد كان ذلك يتكرر منهم استهزاء وسخرية أو نفاقاء ومخادعة أو الأمران معاء كان ذلك يتكرر منهم» ولم يكن مرة أو اثنتتين» بل كان يتكرر من غير عددء ولذلك قال سبحانه فى أحوالهم : ف وإذا لقوا الدين آمنوا قَانُوا آمنا وإذا خلا بعضهم إل بعض قَلُواأَْحَدَُوتَهُم بما فح الله عيكُم ليُحَاجُوكم به عند ريكُم أ تعقلون ج057 أولا يعلَمون أن اله عَم ما يسرونَ وما يُعلُونَ 700 4 [ البقرة ] . وقال سبحانه وتعالى فيهم: :. «وإِذًا لقوا لين آمنوا قَانُوا آمنا وإذا حَلَوَا إِلَى شيّاطينهم قَالُوا نا معكم إِنَمَا نحن مُستَهِزِئُونَ +52 اله يَستَهَرَئُ بهم وَيَمُدُهُمْ في طَعيانهِم يعمَهُونَ 02# > [ البقرة ] . وكان الخطاب للنبى والمؤمنين ليذكرهم بصفات المنافقين واليهودء وليؤكد لهم أنهم لا يصلحون أن يكونوا أولياء لكم؛ لأآن الولى النصير أو المحب يجب أن يفتح قلبه لك» ويخلص لك الود»ء ويمحض لك المجبة» واليهودى ومحبته للناس نقيضان لا يجتمعان» فلا تتخذوا منهم معشر المؤمنين أولياء؛ لاأنه لا ولاء لمنافق» ولا محبة من حقود حاسد. وقد كان ذلك تصويرا لحالهم» فى نفاقهم يقولون بأقواههم ما ليس فى قلوبهم» وقد صور ذلك سبحانه بقوله تعالت كلماته: #وقّد دخلوا بالكفر وهم قَد خرجوا به4. أى أنهم كانوا على ما هم عليه عندما دخلوا وعندما خرجوا دخلوا كافرين» وقد قال النحويون: تكون للتكثير أو للتقليل عندما تدخل على المضارع» وتكون للتقريب أو التحقيق عندما تدخل على الماضى» هاا تفسير سبور: ة المائدة سس سج اا ورأى أن أكثر استعمال القرآن الكريم لها للتتحقيقء ال ولذلك يقول سبحانه: ل قَد يعم لله المعوقينَ منكم والْقَائلينَ لإخوانهم هلم ينا ينون لأس إلا قليلا :4120 4 [الأحزاب] . ويقول تعالت كلماته: م ليَحِرَنك الذي يقولون ... 2208 4 [الأنعام]. وواضح أن # قَد» فى الماضى للتحقيق فى قوله تعالى حكاية عن قول سيدنا المسبح يوم القيامة: « ... قال سبْحَانَكَ ما يَكُونْ لي أن أَقُولَ ما لَيْسَ لي بحق إن كنت قله فقد علمته . .. #نزه 4 [المائدة ] . ألا ترى أن قد دخلت على علم الله تعالى وهو مؤكدا إذا حصل موضوعه. و #قَد» هنا قال المفسرون للتقريب» أى أنها قربت الماضى من الحال القائمة»والجملة الماضوية لا تكون حالا إلا إذا جاء معها قد. ليكون معنى التقريب قائماء وهو تقريب الحال القائمة من الماضى المستقر» والمعنى أنهم دخلوا كافرين» وخرجوا كافرين وأرى أن #قد» هنا للتحقيق» وتأكيد المعنى» والباء للمصاحبة» والمعنى دخلوا مصاحبين لكفرهم المؤكد وخرجوا مصاحبين للكفر المؤكدء وقد تأكدت حالهم الأولى بالتعبير بقد» وتأكدت حالهم وهى الخروج بالكفر بقد وبهم» فكان تأكيد مصاحبتهم للكفر وهم خارجون أقوى من تأكيدها وهم داخلون» وهذا للإشارة إلى أنهم ما دخلوا بقلب سليم» بل دخلوا مخادعين منافقين» ودخولهم على هذه النية المحتسبة عليهم تزيدهم كفرا ونفاقاء لأنهم كلما لاح دليل زادهم عنتاء وزادهم كفرا على كفرهم» والتعبير ب (هم) الدالة على القصر فيه إشارة إلى أنهم مقصورون فى خروجهم على الكفر ليس لهم حال سواه وذلك فضل تأكيد . #والله أَعلّم بما كانُوا يكْتَمُونَ» صدر الله سبحانه وتعالى النص الكريم بلفظ الجلالة لتربية المهابة» ولبيان أنه الناصر والولى الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض» ولا فى السماءء وأن تدبيره فوق كل تدبير»ء وعلمه فوق كل علم» ا تفسشير سبور ة المائدة مايا2 212111112 4 لجحطمل بس بي وأفعل التفضيل ليس على بابه» لأنه لا يوجد من يكون علمه من جنس علمه. حتى يكون علم أكبر وأعظمء بل المراد - والله سبحانه وتعالى العليم ‏ أن الله تعالى يعلم ما يخفون علما لا يدانيه علم» وليس فوقه علمء وهو أعلى ما يتصور من علم»؛ فعبر بأفعل التفضيل تقربيا لا تحقيقا. والتعبير بقوله تعالت كلماته: ابما كَانُوا يكتْمُونَ4. بالجمع بين الماضى والمستقبل يفيد أنه يعلم بما كتموه فى الماضى» وما يكتمونه فى الحاضر والقابل» فهو سبحانه يعلم ماضى أمرهم. وحاضره. ومغيبه» ولفظة كانوا على هذا المعنى تفيد العلم المستمر. بعد ذلك بين الله سبحانه أخلاقهم بعد أن بين معاملتهم لأهل الإيمان فقال تعالت كلماته: «وترئ كثيرا منهم يسارعون في الإنم والعدوان». فى هذا النص توجيه النبى مَكْْةٌ إلى ما عليه كثير من اليهود من مفاسق ومفاجر وعدوان» وقد كانت عبارات التنبيه موجهة واضحة وموضوعها بين يرى بالعين أو بما يشبه العين لوضوحه, فأنت ترى الكثيرين منهم يخوضون فى الشر خوضاء لا يرعوون» ولا يجتنبون سوءا بل يقدمون على كل حرب وشر. وحكم الله تعالى عدل دائم؛ وينبه سبحانه إلى العدل فى الأحكامء فهو سبحانه لم ينبه النبى - عليه السلام - إلى أنهم جسيعا فيهم الشر مستحكمء بل فى الكثيرء لا فى الكل ولا فى القليل» ومعنى المسارعة فى الإثم والعدوان المعاجلة وعدم الترددء فهم لا يترددون فى ارتكاب الإثم والعدوان» ورب يترددون كل التردد فى الخير ونفع الناس لذات النفع» والتعدية بفى تشير إلى أنهم مغمورون فى الآثام يتتقلون فيها مسارعين من حال إلى شر منه» فهم يرتعون فيها دائما. وقد تكلم العلماء فى معنى الإثم والعدوان؛ فقال بعضهم: الإثم هو الكذب» والعدوان هو تعدى حدود الله تعالى» والاعتداء على محارمه. ل تفسير سورة المائدة الل م 4ج ل ولكن ابن جرير الطبرى فسر الإثم بالمعاصى» والعدوان بالتعدى, أو ما يتجه نحو ذلك . والذى نراه أن الإثم كما هو الأصل اللغوى له فى الجملة هو ما يبطئ عن الخير» والكذب إثم لأنه يبطئ عن فعل الخيرء فالإثم هو ما عند اليهود من تباطق عن الخيرء وعصيان للأوامر التى يكون فى أدائها نفع الناس» والنص يبين أن هؤلاء يعملون أعمالا من شأنها أن تبطئ عن فعل الخير» ويعوقونه» وهم مع ذلك يعتدون على غيرهم» فهم محرومون من الخير سلبا وإيجابا لا يفعلونه ويفعلون نقيضه» والله تعالى من ورائهم محيط . وإنهم لفساد نفوسهمء واستيلاء الشر على قلوبهم فسدت مداركهم» حتى أنهم يحسبون أن ما يفعلونه من آثام وعدوان هو خيراء وهو فساد فى الأرض عظيم» ولذلك عبر سبحانه عن عملهم السوء فى عجلة وتسرع من غير مواناة بالمسارعة مع أن أكثر استعمال المسارعة فى الخير» كما قال تعالى: ‏ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وَجِنّة عَرَضْها السّموَات والأرض أعدت للْميّقين 29> 4 [آل عمران] . وكما قال تعالى: « ... ويسارعون في الخيرات ... 37[ 4 [آل عمران] . وقوله: 9 نسارع لهم في الخيرات ... +220 4 [المؤمنون]. وذلك لأنهم يحسبونه خيرا فعبر عنه باللفظ الذى يدل على الخير» إذ إنهم لفساد قلوبهم يأثمون ويؤذون ويحسبون أنهم يحسئون صنعاء وأوضح اعتداءاتهم على الناس أكلهم أموالهم بالباطل» ولذلك قال سبحانه عاطفا على سوء عملهم: #وأكلهم السحت *. السحت: ما يستأصل من قشور الأشياء» وسحته معناه استأصله» والسحت والإسحات الاستئصال» كما قال تعالى: 8 ... فيسحتكم بعدَاب ... 7 »4 [طه]. وقد أطلق السحت على كل محظور؛ لأنه يستأصل أخخذه كل علاقة اجتماعية تربط الناس بعضهم ببعض وتفسد أمورهم» كالرباء والرشوة» وأخذ الأموال بالغش والتزوير والنصب» والاحتكار الآثم الذى قال فيه النبى عَلِ: «المحتكر خاطئ) أى آثم . / تفسيرسورة المائدة م لل ل ل 1 1 1 2222*521 14 لبمبيره يي وإن اليهود لانقطاعهم عن الاتصال الأدبى بالناس» والتألم لآلامهم. كانوا يعتبرون الناس وأموالهم نهبا مقسوما لهم دون غيرهم» فكانوا يأكلون أموال الناس؟ لأن من عداهم أميون, وهم المختارون» فكانوا يقولون: ما علينا فى الأميين . وإن اليهود بسبب بغضهم الشديد الذى توارثوه جيلا بعد جيل» قد انفصلوا عن الناس بقلوبهم؛ وقد عاشوا مضطهدين فى وسط النصارى أذاقوهم الويل والذل أكؤساء فكونوا الجماعات السرية ليفتكوا بالوحدات الاجتماعية» وليفسدوا العلائق بينهاء وما من دعوة مخربة إلا كان اليهود دعامتهاء وأخذوا يكتنزون الأموال بالطرق المحرمة» فهم الذين نشروا الربا فى الأرض» وهو من أخبث أنواع السحت واتخذوا الرشوة سبيلا لبسط سلطانهم فى الأرض» واتخذوا الاحتكار ذريعة لتجويع الناس» والناس جميعا فى نظرهم أعداؤهم» واتخذوا النصب والاحتيال والغش والخديعة ذريعة لأكل أموال الناس بالباطل» وإن تظاهروا بفضيلة مالية» لكى يكتسبوا من هذا المظهرء وبذلك أفسدوا الضمائر وهتكوا حمى الفضائل» وأزالوا أو حاولوا أن يزيلوا كل المقومات الخلقية» ليفسدوا المجتمعات» ويزيلوا كل القيم» وإن الذلة تلاحقهم إن شاء الله تعالى» وقد حكم سبحانه على أعمالهم بقوله تعالت كلماته: #الَبئّس ما كَانوا يَعْمَلُون» . ذلك حكم صارم قاطع يذم أعمالهم؛ والله سبحانه وتعالى حكم ذلك الحكم القاطع على أعمالهم باستحقاقها للمذمة؛ لآنها مخالفة لأوامر الله تعالى ونواهيهء وهى شر فى ذاتهاء وهى مقوضة لكل مقوم للأخلاق والفضائل والعلاقات الإنسانية. والحكم على ما كان منهم وما هم مستمرون فيه من عمل» ولذلك عبر بالماضى والحاضرء فذكر كان بلفظ الماضىء و (يعلمون) بلفظ المضارع الدال على ال حال والمستقبل» ومؤدى ذلك الجمع» أى أن ذلك كان منهم فى الماضى وهو مأمومء واستمروا عليه فى الحاضر والمستقبل» وذلك أشد شراء وأوغل فسادا. ل( تفسير سورة المائدة لل ني لبج ها ب ات وقد أكد سبحانه ذلك الحكم بالقسمء وباللام الموطئة للقسمء وبكلمة بئس الدالة على شدة الذم. والله سبحانه وتعالى يتولى الناس» ويدفع عنهم شرهمء ويرد عنهم كيدهم» وإنهم منذ أخرجوا من مصر مستنقذين على يد كليم الله تعالى موسى - عليه السلام - ونفوسهم فى الشرء يبدو منهم وتتوالى مقاومة الناس لهمء ولذلك قد تولد معه إحساس بالكمال دون الناس» حتى توهموا أنهم الشعب المختار فى هذه الأرض» ولكى يفرضوا سلطانهم لم يجدوا سبيلا إلا الملل» فأكلوه سحتاء وأنفقوه سحتا وتوارثوا ذلك خلفا عن سلف» حتى إن المستقرئ لتاريخ الأمم لا يجد جماعة من الناس تشابه حاضرها بماضيهاء تشابه حاضر اليهود بماضيهم» حتى إن القرآن الكريم كان يخاطب الحاضرين منهم بأعمال الماضين؛ لأنهم مثلهم تماما وعلى شاكلتهم»ء وهم غير قابلين للتغير. وما عندهم من بقية من التوراة كتابهم» لا يغير طباعهم» فلا يتكون عندهم رأى عام إلا من تعاليم السابقين» وعلماؤهم يجارونهم» ولا يبينون لهمء فكان رأيهم العام فاسدا لشيوع الفساد فيه» وعدم وجود من يرشدهم إلى الصواب» ولذا قال تعالى: «لولا ينَهَاهم الربّانيُون والأَحبَارٌ عن قَولهِم الإنْم» الربانيون هنا هم العلماء الذين يحاولون أن يكون علمهم لله» ويتصلون بربهم حتى ينسبوا إليه ولا يكون لهم وصف إلا نسبتهم إليه سبحانه» يزعمون ذلك فى أقوالهم ويظهرونه فى أعمالهم ء والأحبار هم الفقهاء أو العلماء الذين يفسرون أحكام الكتاب». ويعرفون الناس بشئون دينهم» وقد يكون من يجمع بين الوصفين» ولكن لكل وصف جانب من العمل . و #لولا4 هنا للحض على الفعل فى المستقبل» والتوبيخ فى الماضى على عدم فعله» وهو هنا للتوبيخ على تقصيرهم فى الماضى وتخاذلهم عن آدائه» وإلا ما كان ذم حالهمء واستنكار أمرهمء والمعنى: هلا كان من هؤلاء الذين كان الللللللل لل لج- ا ري > ات يتبعهم اليهود ويستمعون إليهم» ويستجيبون لهم من يرشدهم إلى الحق ليتبعوه وينهاهم عن الظلم ليجتنبوه. وقد اتخذوا أولئك الأحبار والربانيين وسطاء بينهم وبين الله ليتعرفوا حكمه عن طريقهم» ولكنهم لم يفعلوا. ولقد كان الموضع الذى كان ينبغى أن ينهوا عنه هو قولهم الإثم وأكلهم السحت» فالنهى الواجب منصب على أمرين: أحدهما ‏ قول الإثم» أى القول المبطئ المانع من الخير» والثانى - أكل السحتء والأآمران جماع الرذائل - فإن الذى يدفع إلى الشر قول ذميم يحرض على الفساد ويدفع إليه»ء ويجرئ الناس عليه ويتضمن ذلك ارتكاب الشهوات» بكل أجزائهاء لأن أول الشر استحسانه. واستحسانه يكون غالبا بالقول المشجع عليه والدافع له» ثم استمرءوا من بعد ذلك بقوله يزينه ويزكيه» ويكون من بعد ذلك ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا والآأمر الثانى - طمع لما فى أيدى الناس وحسد على ما آتاهم الله من فضلهء ووراء ذلك أكل لال الناس بالباطل» وشره لا فى أيديهم» واتخاذ المال ذريعة لإفساد ذات البين بينهم» والتحريض على الشرء والتحكم المرذول. ولعل ذكر نهى اللأحبار للعامة عن السحت تعريض بهم؛ لأنهم كانوا لا يتعففون عن الرشا بكل أنواعهاء كما أن ذكر النهى عن قول الإثم تعريض آخر بأحوالهم» فإن من قول الزور تحريف الكلم عن مواضعه.» والنطق انود فى الشرعء وكان يقع منهم» ولذلك ذم سبحانه صنيعهم» وهو لا يخلو من حكمهم وتغيير حكم الشرع لهوى الأقوياء منهم» فقال تعالت كلماته: د كائر يصنعون» . . ذم الله تعالى صنيعهم؛ وهو عملهم الشر بدقة وإحكام, لا بمقتضى الغرائز الحيوانية من غير تفكير» وفى الماضى» وما هم عليه فى الحاضرء وما يكون منهم فى المستقبل . وهنا يتكلم اللفسرون فى التفرقة بين ذم أعمال اليهود عامة من دهماء وغيرهم بقوله تعالى: لبس ما كانوا يَعمَلُون©. وذم أعمال الربانييين والأحبار بقوله تعالى: #لَبئّس ما كانوا يصتعون». بها تفسبير سيور: ة المائدة 1١اانالانكالان‏ نال ااا لانالك الك انالا نالنا ل اتللنةالتاتلااااالاااللاللال لالخ انلالخ نط للتااالالاالل طنط طلالان لان ط اططخ طخلل للتتتللا 0 لسرب أ وخلاصة هذه التفرقة: أن العمل يكون عادة بانبعاث شهوة من طمع فى مال» أو لذة جسدء أما الصنيع » فإنه يكون بمهارة وتدبير وتعرف للغايات والنتائج ولو كانت آثمة» وأن الصنيع يكون بالعمل وغيره» ومن أحسن من قال فى التفرقة فخر الدين الرازى فى تفسيره الكبير» فقد قال موضحا ما ذكره الزمخشرى وغيره» والمعنى أن الله تعالى استبعد من علماء أهل الكتاب أنهم ما نهوا سفلتهم وعامتهم عن المعاصى» وذلك يدل أن تارك النهى عن النكر بمنزلة مرتكبه؛ لأنه تعالى ذم الفريقين فى هذه الآية على لفظ واحدء بل نقول: إن ذم تارك النهى عن المنكر أقوى؛ لأنه تعالى قال فى المقدمين على الإثم والعدوان وأكل السحت: لبئس ما كانوا يعملونء وقال فى العلماء التاركين للنهى عن المتكر: لبئس ما كانوا يصنعون» والصنع أقوى من العمل؛ لأن العمل إنما يسمى صناعة إذا صار مستقرا راسخا متمكنا فجعل جرم العاملين ذنبا غير راسخ» وذنب التاركين للنهى ذنبا راسخاء والأمر فى الحقيقة كذلك» لأن المعصية مرض الروح» وعلاجه العلم بالله وبصفاته» وبأحكامه» فإذا حصل هذا العلم وما زالت المعصية كان مثل المرض الذى شرب صاحبه الدواء فما زال». وإن هؤلاء الربانيين والأحبار لم يكن ما أخذ عليهم هو السكوت عن النهى فقطء بل إنهم رتعوا فيما رتع فيه غيرهم» وبذلك ضلواء وكانوا سببا فى فساد الجمع كلهء ولعنهم وطردهم كما قال تعالى: (لعن الذين كقروا من بني بني إسرائيل على لسان داووة وعيسى ابن مريم ذلك بما عَصوا وكانوا يعتدون 1 كانوا لا يتَاهَونَ عن سُْكَر فعُوهُلبمْس ما كَانُوا يَفَعلُونَ 250 > [ المائدة] . ولقد قال ابن عباس فى هذه الآية: #لولا ينهاهم الربانيُونَ والأحبار» إنها أصعب آية فى كتاب؛ لأنها تبين إثم الذين يقصرون فى الأمر بالمعروف والنهى عن المتكرء وهما عصام الأمرء ومانعا الإثم» وبهما صلاح الجماعة الإنسانية» روى الإمام أحمد أن رسول الله يَلَِّ قال: «ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصى وهم أعز منه وأمنع» ولم يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من عنده». ا تفسير سورة المائدة 7 1111111 اللا لتكا خا االااكااخ طمنل تنللااتالاتائ!الااخ ةا كن الأ امم اماما ااال لل تططخ طالخ اططخ خطططش قن الششتاتلليا كلحرب> أ ثم قال: «أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصى ولم ينههم انهوا عن المتكر قبل أن ينزل بكم مثل الذى نزل بهم واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يقطع رزقا ولا يقرب أجلا». الإثم» بل منهم من أيد المنكرء بعد أن ارتضاه ومنهم من مالا فى دينه» يحسب استتكار» وترك الواجب فى استهتار» ولا منادى بالحق» اللهم وفقّنا لقول الحق واعف عنا واغفر لنا وارحمناء وأنت خير الراحمين . 0م 0 04 ده 20 عه هو علي 0006 011 | الوا بل يلاه ميسو يتك بول دك 7 7 حو يََ حت هه 7 0226 فحنا دسا 2 ذه هس عر ف« سرع 0 ار 5 0 بعري ب أَطفَاهاالية يعون ف لض 5 اما واه لاحت الْمُفْسد 4 0 ا 35 14 لف 3 144 لان أهلالسكتب ءا اموأ وَل حكفرنا عم سنا - سََكَاحم وَلَدَدحَادَهَ 0 0 حدم عزن لمهم اموأ امل لفت كلاد م جره - د وو ع وقِهِروَمِن حت أرما مه مقسد ه وكير من سَء مَايحَمَلُونَ 22 022 ل ل تفسشير سور ة المائدة ملل 00 1 بين الله سبحانه وتعالى أحوال اليهود ومعاملتهم للمؤمنين» وهى تدل على مقدار حقدهم على أهل الإيمان وتعصبهم ضلهمء ونفاقهم فى ذات أنفسهم ومعاملتهم للمؤمنين بالخداع» واستهزائهم بالحقائق الإسلامية» واتخاذهم الدين هزوا ولعبا. وفى هذه الآية يبين سبحانه حالهم فى جنب الله تعالى» وأنهم إن أعطوا أشروا وبطروا النعمة» وإن منعوا كفرواء وقالوا قالة لا تليق بذات الله تعالى» وإن هذا ليس هو الطريق الأمثل لمن أوتوا الكتاب وبلغوا رسالات النبيين» ولذا قال سيحانه : «وقالت الْيهُود يد الله مغلولَة» أصل الغل: توسط الشىء وتدرعه» والغل ما يفيد به الشخص ويجعل الأطراف وسطهء وقيل للبخيل هو مغلول اليدين» ومن ذلك ما حكاه الله سبحانه وتعالى عن اليهود أنهم قالوا يد الله مغلولة» وهى تحتمل عدة معان متلاقية فى مؤادهاء وإن اختلفت فيما يقرر سبب قولهم لعنهم الله» فقد قيل : إنهم لما علموا أن كل شىء مقدر بقدرء وأنه سبحانه وتعالى قضى كل شىء فقدره تقديرا تهجموا بهذا القول غير الكريمء فقالوا: إن يد الله مغلولة» أى فى حكم المقيدة» وقيل: إنهم كانوا يرون المؤمنين الصادق إيمانهم فى غير ثروة» وهم يعتمدون على اللهء فقالوا مقالتهم » وقيل: إنهم بسبب كفرهم وإيذائهم للمؤمنين وتغير الأحوال قتر عليهم فى الرزق» فلم ينسبوا ذلك إلى أسباب واقعة» بل قالوا مقالتهم فى شأن ربهم. والذى نراه أن اليهود فى هلع دائم وطمع» وحسبوا أن الفقر لا ينالهم أبداء فإن أعطوا خيرا نسبوه لأنفسهم وحيلتهم وعلمهمء وإن لم يعطوا اتهموا ربهم» وذلك غير شأن المذعنين لله المؤمنين به الذين يعلمون أنه يعطى ويمنع» ويعز ويذل بحكمة وتقدير. ْ ولفظ : ليد الله معنُولة4 مجاز عن البخل» وهو من قبيل الاستعارة التمثيلية إذ شبهت حال من قبضت يده عن العطاء» فلا يعطى بحال من غلت يده #ا تفسير سورة المائدة ا 111110101000 1+1 1[ 1[ 1 1[ [ [ [ [ [ 1 1 1 1 2”2*605712111 فحىج-1 وربطت على وسطه؛ فلا يستطيع تحريكهاء وعبر باليد؛ لأنها هى التى يكون بها العطاء» ولقد قال تعالى: «ولا تجعل يدك مغلولة إآى عنقك ولا تَبْسطَها كل البسط تتقعد ملوما مَحسُورًا +5 4 [ الإسراء] . وليس المراد باليد الجارحة» بل الكناية عن المنع والإعطاء» وقد قال فى ذلك الزمخشرى : ا(غل اليد وبسطها مجاز عن البخل والجمود) ومنه قوله تعالى: ولا تجعل يدك مغلولّة إلى عنقك ولا تبْسْطْهَا كل ابسْط» . ولا يقصد من يتكلم به إثبات يد ولا غل ولا بسط حتى يستعمله فى قليل لا يعطى بيده عطاء قطء ولا يمنعه إلا بإشارته من غير استعمال يده وبسطها وقبضهاء ولو أعطى الأقطع إلى المنتكب عطاء جزيلا لقالوا: ما أبسط يده بالنوال؛ لأن بسط اليد وقبضها عبارتان وقعتا متعاقبتين» وقد استعملوه حيث لا تصح اليد كقوله: جاد الحمى بسط اليدين بوابل ‏ شكرت نداه تلاعه ووهاده وقد فُسرت اليد المنسوبة لله تعالى بالمعنى المجازى المناسب فى كل آية فى القرآن الكريم على ما اختاره الغزالى وغيره» حتى أنه قال فى قوله تعالى : .. يد الله فوَقَ يديهم . ٠.‏ للك 4 [الفتح ]. بالسلطان والقوة» كما يقال وضع الأمير يده على المدينة» ولو كان مقطوع اليدين» والكلام فى هذه المسألة مشهور فى كتب علم الكلام. «غْلت أيديهم ولُعنُوا بمًا قَالُوا4 هذه الجملة معناها الدعاء عليهمء وهذا تعليم من الله لنا بأن ندعو على من فسدت قلويهم» وذهب بهم الطمع والجشع إلى نسيان ما يجب لذات الله العلية» وما ينبغى» فقالوا كلمتهم التى قالوهاء وهى تدل على استهانة بالحقائق وذات الله سبحانه» تعالى الله عما يقولون علوا كبيراء فعلمنا الله أن ندعو عليهم بغل اليد» وبالطرد وهو دعاء مستجاب ما داموا على هذا الحال من الأثرة المردية التى تنسيهم حقائق التدين والإيمان. والدعاء عليهم بغل الأيدى معناه الدعاء عليهم بالشح المرير الذى يجعلهم مبغضين للناس» منحرفين عن طريقهم مطرودين من المجتمع» ويصح أن يفسر 9ه تفسير سورة المائدة ا لل م أ ا قوله تعالى : عْلْتَ أيديهم4. بالدعاء عليهم بالغل الفعلى بأيديهم بآن يمنعوا عن العمل الحرء ويعيشوا أسارى أو كالأسارى فى ذل» ويكون التعبير من قبيل الجناس بالمشاكلة اللفظية» وإنا نميل إلى هذاء ويرشح له التعبير بأيديهم؛ لأن العرف اللغوى جرى على أن التعبير بالأيدى يفيد البطش» والتعبير بالأيادى يفيد النعمة» فيقال لفلان الأيادى على فلان» ولا يقال له الأيدى عليهء والمعنى على هذا الدعاء عليهم أن تغل أيديهم الباطشة فلا يقووا على غيرهم بل يكونون أسارى أو كالأسارى» وما ينالون من قوة ظاهرة أحياناء فليست منهم» وهى إلى حين» وما كان ذلك إلا من فساد غيرهم. #بل يدَاهُ مبِسوطَان ينفق كيف يَشَاء4 هذا رد عليهم» وبسط اليد هنا مجاز عن الجود والفيض والإنعام من الله تعالى على خلقه» وعبر هنا بالمثنى» فقال سبحانه #يداه»» للإشارة إلى كثرة الفيض والإنعام» والعطاء العميم كأنه يعطى بيدين لا بيد واحدة» ولكن إذا كانوا لم يدركوا فيض نعمته» فإنهم لم يدركوا معنى حكمته فإن الله تعالى يبسط يديه بالعطاء على الطريقة التى يراهاء وبالحكمة التى يريدهاء ولذا قال تعالى : لإينفق كيف يشاء» . وهذه الجملة السامية تدل على أمرين: أحدهما ‏ عموم عطائه. وثانيهما - أن شكل العطاء يختلف» فأحيانا يكون لبعض الناس عميما ليختبرهم بكثرة العطاء» وليحاسبوا عليه وتكون النعمة الكثيرة ابتلاء» وأحيانا يعطى حينا ويمنع حينا ليذوقوا النعمة بعد فقدهاء ويختبر صبرهم وإيمانهم» كما قال تعالى: «و . وتبلُوكم بالشَر وَالْحَيْر فتنة . . . +220 4 [الأفبياء] . والمؤمن الصادق الإيمان يصبر فى الإعطاء والحرمان» والكافر يطغى بالعطاء بالعطاء ويكفر فى الحرمان» ولقد قال تعالى فى وصف النفس البشرية: 9 ولئن قا الإنسنان من حمة ثم تناه منه إِنّهُ ُو كفور +4 ول أَذفَْه تعماء بعد ضراء مسته ليقن ذهب السيات عني إِنّهِ فرح فخور 28 00 إل الذين صبروا وَعَملوا الصّالحات أُولتك لهم مَغْفرة وأجر كبير 12) 4 [هود ] . #ا تفسير سور ة المائدة 11ال!ااااااناااللااااااالل! الالال للةاانللاااالااا اانا لتلا لالط طلتلاااا ااا انط ممما للاخ ةلالا نال ططخخطنط تاناخ شلك اْْتتظلللا #جل_ب_رإر يي" ولقد بين سبحانه وتعالى بعد أخلاق اليهود» ومن يشاكلهم من أهل الكتاب» فقال: «ولَيزِيدنَ كيرا منْهُم ما أنزل إِلَيْكَ من رَبك طَفيان وَكُفرَا» فى هذا النص الكريم يبين سبحانه وتعالى عدم رجاء الإيمان من أكثر اليهودء ذلك أن اليهود ليسوا طلاب حق» فيهتدوا إن بدت معالمه» وظهر نوره» بل هم قوم أكل الحقد قلوبهم؛ واستولى الحسد على نفوسهم» فهم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضلهء فإذا جاءهم النور عمن يحسدونهم لا يزيدهم ذلك إلا بغيا وظلما وكفرا. وقد أكد سبحانه وتعالى فساد قلوبهم بالقسم المطوى باللام الموطتة له وبنون التوكيد الثقيلة لكى ينتفى الرجاء فى إيمانهم» وليعاملهم النبى يَللْةِ ومن بعده من المؤمنين على أساس مكنون نفوسهم» وخبايا أحاسيسهم» والطغيان: الظلم الذى يتجاوز كل حد معقول؛ والذى يبعث عليه الشره وفساد النفس» وزيادة الطغيان» وسببه أن ما أنزل إلى النبى جاء على غير ما يريدون» وأنهم حاسدونء وزيادة بالكفر بالإصرار عليه» وبزيادة مقدار ما يكفرون به من آيات» وبالعناد واللجاجة التى استولت عليهم . «وألقينا بينهم العداوة والبَعْضاء إلى ظُ القيامة4. « بيتهم» يعنى فى جمعهم؛ لأن البين هو الفاصل الذى يكون بين شيئين» ويطلق البين ويراد به ما يلقى أمام الشخصء ومن ذلك قوله تعالى: 98 . .. من بين أيديهم ومن حَلْفهم . . 42 [الأعراف]. وقوله تعالى: (يا أنه الذين آمُا لا قدو بن يدي اله ورسوله . .. ل 4 [الحجرات]. وقوله تعالى: « ... فقدموا بين يدي تجواكم صدقّة ... 18> 4 [امجادلة] . والعداوة هى البغضاء المعلنة التى يناوئ فيها المبغض من يبغضه جهاراء والبغضاء هى الكراهية المستكنة والمعلنة» وعندى أنهما معنيان مختلفان» فالعداوة المناوأة الظاهرة» والمقاومة المعلنة» والبغضاء هى الكراهية التى تكون فى القلب» 4 تفسبير سسلوره: ة المائدة الل 2 سرب أ فهما معنيان متغايران» وإن كانا متلازمين أحياناء فلا عداوة من غير بغضاءء ولكن قد يفترقان فتوجد البغضاء من غير إعلانهاء أى من المناوأة والمقاومة. والضمير فى قوله تعالى: #بيتهم» يعود على اليهود؛ لأن الحديث عنهم» ولا يدخل فيه النصارى» وقد فهم بعض المفسرين أنه يعود على اليهود والنصارى» والعداوة بين الفريقين مستحكمة إلا عند الذين تحللوا من نصرانيتهم وكادوا يكونون يهودا فى أعمالهم . والواضح أن الضمير يعود على اليهود وحدهم, وقد ألقى الله تعالى بينهم العداوة والبغضاء فقد افترقوا على أكثر من سبعين فرقة» كما ورد بذلك الحديث الصحيح.ء فمنهم الجبرية والقدرية» والمشبهة ومنهم من ينكر البعث» ومنهم الربانيون والقراءون» وبينهم العداوة مستحكمة» وهم ينكرون أن يكون اليهود من غير بنى إسرائيل» حتى إنهم لا يعترفون بيهودية من يدخل فى دين موسى من غيرهم» فيعادون السامرة الذين لم يكونوا من أصل إسرائيلى . ويصح أن نفسر قوله تعالى: طوَالقَينَا بينهم العداوة والبغضاء إِلَى يوم القيّامة#. بأن تستقبلهم بين أيديهم العداوة والبغضاء كالبين فى قوله: 8 ... من ين أَيْديهِم ... 32 4 [يس]. وفى قوله تعالى: طل ... لا تَقَدموا بين يدي الله ورسُوله ... 22 4 [الحجرات] . والمعنى على هذا ألقينا بين أيديهم عداوة وبغضاء تكون منهم للناس» ومن الناس لهم ذلك بأن ما فى نفوسهم من حسد لحوج» ومادية شرسة» وأثره حاقدة. جعلتهم فى عداوة مستمرة مع الناس» وجعلتهم مبغضين إليهم دائماء فهم مكروهون من الناس كارهون لهم يعادونهم ويبغضونهم ولا تجد فى قلب أحد محبة لهم» ولو كانوا يناصرونهم أحيانا؛ لأن نصرنتهم لأنفسهم ليكونوا آلة ينفذون بها مآربهم» والله سبحانه وتعالى من ورائهم محيط. ظ ©كُلّمَا أُوْقَدُوا ناا لَلْحَرب أَطَْأمَا اللّه» إن هؤلاء اليهود لحسدهم المستمر للناس» ولكراهيتهم لهم يثيرون الحروب بين الناس» فهم يثيرونها على غيرهم إذا لها تفسير سورة المائدة 0 اللا ا 557[ظ”5 الكو < بي كانت فيهم قوة» أو أحسوا أن فيهم قوة» أو اتخذوا ذريعة للإيذاء» وإذا لم يكن فيهم قوة ولم يحسوهاء كان عملهم إيقاظ الأحقاد بين الشعوب» وإثارة العداوات التى تعقبها الحروب» هذا شأنهم الدائم المستمر يدفعهم إلى إثارة أسباب الحروب. والتعبير بقوله تعالى: كلما أَوَقَدوا ارا للحرب أَطَفأها اللّه 4 . يجرى على ما كان عليه العرب من أنهم كانوا إذا أرادوا حربا بالإغارة على غيرهم إما انتقاما أو اعتداء أوقدوا نارا يسمونها نار الحرب» ومهما يكن ما عند العرب من عبارات فى هذاء فإن التعبير مجازء إذ عبر عن إثارة الحروب بإيقاد نارهاء باعتبار أن الحروب فى ذاتها وبما تشتمل عليه من مذابح بشرية تشبه النار المستعرة. وإن اليهود يوقظون الأحقاد ويثيرون الفتن» ويوقدون نيران الحروب» ,لك من درام سيط ونا يط ما قدو وحط ما ميرو م اس تم اس اي ويشعلون امروب لا ينون إلا السعر فى الارض فسا كلما سكي لهو الأرض أفسدوا ولم يصلحواء وإذا علوا أفسدوا ولم يصلحواء حتى إذا طغوا وبغوا أرسل الله عليهم شدائد جزاء لفسادهم» ولقد قال تعالى فى بيان ما قرره كتابهم وهو التوراة والقرآن بشأنهم : : « وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسداً في الأرض مرتين ولتعلن علو كبيرا 22> فَإذا جاء وعد أولاهما عن عليكُم عبادا نا أولي بأ شديد فَجَاسوا خلال الديار وكان وعدا مُنعولاً :4 ثم رددنا كم الكرة لهم ودنام بأموال وب واكم تنقيا 72 إلا عستم سكم لأنشكم وإن أسأتم فَلها فا جاء وعد الآخرة ليَسُووُوا وجُوهكُم ولِيَدخْنُوا المَسْجدَ كَما دلُو ول مرة وليتيروا ما علوا تبيرا 020 عَسئ رَبُكمْ أن يَرْحَمَكُم وإنا عدم عن وجَعَنَ جَهِنّم لْكافرين حصيرا 226 4 [الإسراء] . وهذا النص الكريم يفيد أولا ‏ أنهم دأبوا على الفساد من بعد موسى ومن جاء من النبين كداود وسليمان» وأن نتيجة هذا الفساد كانت وبالا عليهم» فجاء ا تفسير سورة المائدة ل م سب ا بختنصرهء وأزال سلطانهم ثم جاء من بعده الرومان فأزالوا سلطانهم» وجعلوهم أذلاء فى الأأرض وتدل ثانيا - على أن الرسول يك اجتثهم من بلاد العرب(21» وتدل ثالثا - على أنهم سيدخلون المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة» وتدل رابعا - على أنهم سيفسدون فيه كشأنهم» إذ يتبرون ما علوا تتبيراء وتدل خامسا ‏ على رجاء رحمة الله تعالى بعباده المسلمين إذا عادوا إلى التقوى فيعود سبحانه وتعالى عليهم بالنصرء لأن اليهود دائما مفسدون. وقد ختم الله سبحانه وتعالى النص الكريم بقوله تعالت كلماته: #واللّهُ لا يحب المفسدين»*. فالله تعالى لا يحبهم كما يزعمون ويتوهمون إذ يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه؛ لأنه سبحانه وتعالى يحب من يعمر الأرض» ولا يفسدهاء وأولئك تجار الحروب يفسدون ولا يصلحونء ألم تر أنهم يمنعون كل صلح بين الناس ليتمكنوا من الكسب فى صناعة أدوات الحرب» وليستعيدوا مهمتهم فى إفساد ما بين الناس . «ولو أن أهل الكتاب آمنوا واد َو لكَمَرنَا عنهم سيئاتهم4 كان الحديث من قوله تعالى: (يا أيه دين موا ل دوا ليَُود والتصارئ أولياء بْضهُم أولياء بعض ومن يتَولَهُم مدكم فَإنَّهُ منهم إِنَ الله لا يهدي القوم الظالمين 22 4 [ المائدة] . ففى شأن أهل الكتاب ومن يتخذهم أولياء دون اليهود» ثم ذكر سبحانه وتعالى أحوال اليهود الذين كان بعض أهل الكتاب والمسلمين يواليهم فعلا ويستنصر بهم» وبينت أحوالهم لكى يبتعد المؤمنون عنهم» وفى هذا النص الكريم يبين سبحانه أن باب الإيمان مفتوح غير مغلق» فمن دخله كفر عن نفسه سيئاتهء فكفرها الله عنه» ومعناه: لو أن أهل الكتاب آمنوا بالله وحده» وصدقوا رسوله الذى بعث رحمة (1) قال عْمَر بن الْحَطَّاب لسع رَسُول الله يك يقول: «لأخ رجن اليهود وَالَصَارَى من جزيرة الْعَربِ حَنَّى لا أدَمَ ! إلا مسلمًا رواه مسلم: الجهاد والسير - إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب .)١9/519/(‏ 0 ااال 00000 ١ 3 يي للعالمين» وجعلوا بينهم وبين الباطل وقاية وخحافوا عقاب الله تعالى ورجوا ثوابه) وتوقعوا حسابه» وامتلآت قلوبهم بخشية الله تعالى» لو فعلوا ذلك لكفر تعالى عنهم سيئاتهم أى لسترهاء ولرفعها عنهم؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات» ولأن الله غفور رحيم يقبل التوبة من عباده. وأنه لا تذهب السيئات عنهم فقطى بل إنه سبحانه يثيبهم فى الآخرة» فيدخلهم جنات النعيم» فيدخلهم يوم القيامة الجنات التى تكون محل النعيم» وهذا جزاؤهم فى الآخرة. أما الدنيا فقد قال فيه سبحانه : #ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربْهم لأكلوا من فوقهم» الضمير يعود إلى أهل الكتاب» وهم اليهود والنصارى» وقد عبر عنهم فى الاسم الظاهر بأهل الكتاب للوشارة إلى أن لهم فضل علم يهديهم إلى الحق إن أخلصواء وطلبوه صفوا غير مكدر بشىء من الأهواء والأحقاد وحسد الناس على ما آتاهم الله تعالى من فضله لو أنهم أقاموا التوراة والإجيل بإدراك ما فيهما من غير عوج فى التفكير وتنفيذ ما اشتملا عليه من أوامر ونواه» ولم يحرفوا فيهما الكلم عن الأرض» وقيل المراد برزق السماء ما يفيض من غيث وما فى الأرض هو الزروع والثمار تما تخرجه الأرض» وما يستنبط من معادن وفلزات. وإن نخير الأقوال أن يقال: إن المراد أن بسطه بالرزق يأتيهم من كل ما بهم ) دهم اخيره كما بعر عن شدة العذاب بك يهم من فوكهم يمن أسفل منهم » كما قال تعالى : طقل هو القادر علَئ أن يبِعث عليكُم عذابا من فوقكم أو من نحت أرجلكم أو بسكم شيعا ويذيق بعكم أن بعض . ٠٠‏ رمت 4 [ الأنعام ] أولها - التعبير عن القرآن ب ما أنزل إليكم من ربكم» ففيه إشارة إلى أنهم مخاطبون بهء وأنه منزل إليهم مع غيرهم» وليسوا خارجين عن التكليف الذى دعا إليه . الإشارة الثانية أن ما جاء ذ فى أ توراة والإخح حقا عند الله تعال » 0 ٍ هو من 0 تفسير سو رة المائدة الل 2 لسر از الإشارة الشالثة ‏ أن إقامة الشرع تأتى بالرزق الرغيد لمن أخذ بالأسباب واعتمد على الله تعالى حق الاعتماد» ويجب أن يعلم أن الرزق الحسن لا يتنافى مع مجهود الابتلاء. «مَنْهم أَمةٌ مقتصدة وكثير مَنْهُم ساء ما يعملُونَ» وإن هذا النص الكريم يشير إلى أنه لا يخلو جنس من خير فهؤلاء الكتابيون الذى كان فيهم اليهود لا يخلون من خير قد يدفعهم إلى الهداية وسلوك الحق المستقيم» فهؤلاء الكتابيون منهم أمة مقتصدة» والأمة: الجماعة من الناس الذين يجمعهم دين أو فكر أو مكان أو جنس أو نحو ذلك» ويقول الخليل بن أحمد: وكل شىء ضم إليه سائر ما يليه يسمى أمة» والاقتصاد من القصدء وهو استقامة الطريق» فالاقتصاد طلب الطريق المستقيم الذى يوصل إلى الهداية والحق» والمعنى على هذا: منهم جماعة مستقيمة الودراك تدرك الحق وتذعن إليهء وهى قليلة فيهم» وليست كثيرة» وإن هؤلاء لاستقامة طريقهم وحسن إدراكهم يصلون إلى الحق» ويؤمنون ويتقون» وبجوار هؤلاء كثير منهم تسوء أعمالهمء ويكون من حالهم ما يثير العجب من عظم ما فيها من سوءء فإن كلمة ساء تدل على التعجب من كثرة سوئهم» اللهم اهدنا إلى الحق واجعلنا من أهل القصد والإيمان. 20 ص ص» 8 مِن ريك وإ دقل فَبلقتَ رسَالدْوَامةيتو غلك 0 عن عي د يهل 0 هو 2ع يدم 91 ل 00 7 سل سار ةر لم 2 00 مآ نَل لتم مَنْل 0 22 2 5 بَكَمِنَرَيَكَ مهناو ناتاس عأ موا كفن حم 420 ضري لل 1100000 1 1 1 ذ 1 1 1 1 212011111 لسرب ا فى الآيات السابقة ذكر سبحانه تعالى مواقف اليهود من رسالة محمد يل وامتناع أهل الكتاب عن الإيمان بما جاء به تعصب من عندهمء وإن اختلفوا فى معاملتهم؛ فمنهم من نافق وكذب وغدرء وألب عليه الجموع» وحرض المشركين وحالفهمء ومنهم من اقتصد فى المخالفة» وبعض هؤلاء أحسن المعاملة مع الاختلاف ولم يمالئ عليه الأعداء والمشركون من وراء هؤلاء وأولئك يحاربون» ويحاولون أن ينتهزوا الفرص للانقتضاض على المسلمين» فكان البلاء شديداء حروب وفآن يريدون إثارتهاء وخحبال يقصدون إليه» ولذلك أمر الله نبيه بأن يمسضى فى تبليغ الرسالة غيير ملتفت ل يدبرون إلا بمقدار إحباطه» مطرحا عداوتهم وبغضاءهم, فالله تعالى عاصمه منهم» ولذا قال تعالت كلماته: «يا أيه الرّسُول بلغ ما أنزل ليك من رَبك ون لم تفعَل فم بَلَفْتَ رمالَتهُ وال يَعصمَك من التّاس» . النداء للنبى كيةٌ بوصف الرسالة لتدشريفه بهذا الوصف الكريم؛ ولأنه مصطفى لها: ١‏ ... الله أعلم حيث يَجعَل رسالته ... قز 4 [الأنعام ] . وللتمهيد لما يأمره به من التبليغ» وأن يصدع بأمر الله لا يراقب أحداء ولا يخاف من عدو؛ لأنه يبلغ ما أنزل الله تعالى إليه» وقد زكى سبحانه وتعالى الاأمر بالتبليغ ووثقه بقوله: ما أنزل إِلَيِكَ من رَبّك» . بما أنه منزل إليك من الله تعالى» فأنت الأولى بالتبليغ دون غيركء والمسئول عن إعلام الناس بما أنزل الله تعالى» وإنك إذ تبلغ الرسالة فى حماية الله تعالى وكلاءته» ولذلك قال تعالت كلماته: #إمن ربك . أى الذى خلقك وناك وقام على رعايتك وهو الذى يحميك. ويدفع عنك السوء والشرء ويبلغك مبلغ الحق من نثسر الرسالة ليؤمن من يؤمن عن بينة» ويكفر من يكفر عن بينة: فل ... وما كنا معذبين حت تبعت رَسُولاً لعن 4 [الإسراء] . ل( تفسبير سور ة المائدة الل 2 لسرب أ وقوله: «إما أنزل إِليِكَ من رَبك . (ما) فيه دالة على العموم» وهى بهذا العموم تدل على معنى (جميع)؛ أى بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك» أى لا تخف شيئا ولا تكتم شيئا . ولقد روى أن النبى تَلِيهِ قال: «إن الله تعالى بعثنى برسالته فضقت يها ذرعاء وعرفت أن الناس يكذبوننى» واليهود والنصارى وقريش يخوفوننى» فلما أنزل الله هذه الآية: ليا أَيّهَا الرسول بلغ ما أنزل إِلَيك من رَبك . زال الخوف:20 . فالرسول يل بلغ الشريعة كلها غير منقوصة» وما كتم شيئاء ولقد قالت أم المؤمنين عائشة - رضى الله تعالى عنها - وعن أبيها: من قال: إن محمدا كتم شيئا من رسالة الله تعالى فقد أعظم الفرية'"2» ولقد قال عليه السلام: «تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله تعالى» وسنتى»7" . ولو كان قد ترك شيئا لمن بعده» لكان قد ترك تبليغ الرسالة» ولكن ذلك محال لقوله تعالى : #وإن لَم تفْعَل ما بلَت رسالتد) . أى إن لم تبلغ كل ما أنزل عليك فما بلغت الرسالة؛ ذلك لأن ترك بعض الرسالة ترك لهاء فمن كلف تبليغ كتاب لواحد» فأسقط منه أسطرا لا يعد قد بلغ الكتاب» ومن يؤمر بتبليغ كلام فيحذف بعضه لا يعد قد بلغ الرسالة؛ لآن الرسالة فيما هو عند الناس كل لا يقبل التجزئة» فكيف تقبل رسالة الله تعالى إلى خلقه؛ تجزتة فينقل بعضهاء ويكتم بعضهاء وقد عبر عن هذا المعنى الزمخشرى فى )١(‏ روى الحميدي (888) ج7ءص 740 عن عمه أبي الأحوص عوف ابن مالك الجشمي عن أبيه. وفي مسند اسحاق بن راهوية (49) عن رسول الله يِه قال: «إن الله أرسلني برسالة فضقت بها ذرعاء وعلمت أن الناس مكذبي فأوعدني أن أبلغها أو يعذبني». (1) متفق عليه؛ رواه مسلم: الإيمان - معنى قول الله عز وجل: #ولقد رآه. . * »)١79/(‏ والبخاري بنحوه: تفسير القرآن - ياأيها الرسول. . # .)55١7(‏ () رواه المحاكم في المستدرك (715) والبيهقي (500780)»؛ والدارقطني )401١(‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه . (إهاا تفسير سنور: ة المائدة لذ 12211121 ج-1 الكشافء فقال: «ذلك أن بعضها ليس بأولى بالآداء من بعض» وإذا لم تؤد بعضها فكأنك أغفلت أداءها جميعاء كما أن من لم يؤمن ببعضها كان كأن لم يؤمن بكلها؛ لإدلاء كل منها بما يدليه غيرهاء وكونها كذلك فى حكم شىء واحدء والشىء الواحد لا يكون مبلغاء وغير مبلغ» مؤمنا به» وغير مؤمن به» أى أن تبليغ بعض الرسالة وترك بعضها معناه ترك وجوب الإيمان به فترة بعد وفاة الرسول. وذلك غير معقول فى ذاته» وغير مقبول فى هذا الشرع الشريف؛ لأن الله تعالى عندما تأذن بموت رسوله قال تعالت كلماته: «« ... ايوم أكْملْت لَكُم دينكم وَأَنمَمت عَلَيكُم نعمتي وَرضيت لَكُمْ الإسلام دينًا . .. 222 # [المائدة ] . وإنه يجب التنبية إلى أمور ثلاثة: أولها - أن النبى وَل ما انتقل إلى الرفيق الأعلى حتى أتم الرسالة بياناء وقد يقول قائل إن الشريعة منها ما هو ثابت بالنص» وهذا بلا ريب قد تم بيانه قبل وفاة النبى يَكوٌ وقسم قد ثبت بغير النصوصء فكيف يكون قد تم بيانى؟! والجواب عن ذلك أن تبليغ الشريعة كان ببيانهاء وليس معنى البيان أن يبين حكم كل جزئى من الجمزئيات» بل معنى البيان أن تبين الأحكام الكلية والجزئية التى يحتاج بيانها إلى نصء والجزئيات التى لا تبين يكون من الكليات ما يدل عليها بوجود العلة أو الغاية التى يثبت أن الشارع الحكيم أرادهاء ولذلك يقول الإمام الشافعى فى الرسالة الأصولية: البيان إما نص قائم» وإما حمل على نص قائمء ولا شك أن كل حكم لا نص عليه يثبت الحكم فيه بالحمل على نص قائمء سواء أكان الحمل بطريق القياس» أى بإثبات الحكم غير المنصوص عليه فى موضعه بالقياس على الحكم المنصوص عليه؛ فى موضع يشبههء ووجه الشبه العلة المؤثرة فى الحكم. أم كان الحمل بطريق وجود المصالح ودفع المضار المتفق مع مقاصد الشرع ء وغايات أحكامه.ء وذلك موضع اجتهاد الفقهاء. الأمر الثانى ‏ أنه يجب التنبيه إلى أن الذين يأخذون ببعض أحكام الشريعة مؤمنين بهاء ويطرحون الآخر وراءهم ظهريا يحسبون أن ما اطرحوه ليس من ا تفسير سورة المائدة ل لل 2 ١ الا‎ 7: ْ 7 الشرع ينكرون تبليغ النبى - عليه الصلاة والسلام ‏ للرسالة كاملة» وذلك انحراف يؤدى إلى الكفر والعياذ بالله. الأمر الثالث - فى قوله تعالى: #وإن لم تفعل فَمَا لت رسالتَه» فكيف يكون الشرط والجزاء فى معنى واحد؛ لأن الشرط ظاهر معناه أنك إن لم تقم بالتبليغ كاملا صادعا بالحق» فما بلغت الرسالة أى أنك إن لم تبلغ فما بلغت» وجزاء الشرط يجب أن يكون معنى مترتبا.على الشرط» وذلك يقتضى المغايرة بينهماء فلا يمكن أن يكونا شيئاء وظاهر النص أنهما شىء واحد. وقد أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول - أن المعنى أنك إن لم تقم بأداء الرسالة كلها بأن تركت بعضهاء فإنك تكون كمن ترك الرسالة كلهاء وقد اعترض على ذلك الفخر الرازى بأن ترك بعض الرسالة لا يمكن أن يكون كترك كلهاء والجرم فى ترك بعضها ليس كالجرم فى تركها كلهاء وإنى أرى أن اعتراض الإمام فخر الدين الرازى غير وارد لأن ترك جزء من الرسالة من غير تبليغ يكون تركا للرسالة ذاتهاء ولذا عبر فى الجزاء بقوله تعالت كلماته: #قما بلّغت رسالته» أى إن لم تفعل بتبليغها كاملة فما أديت واجب التبليغ» وجرم الجزء كجرم الكل إذا كان يتعلق بالاعتقاد فمن أنكر بعض ما يجب الإيمان به يكون كمن ينكر كله إذ يكون ممن يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض . الجواب الثانى ‏ أن يكون الكلام من قبيل بيان أن الشرط ذاته يكفى أن يكون فيه كمال التخلى عن التبليغ» والمعنى على هذا أنك لم تقم بالتبليغ فحسبك أنك تخليت عما يجب عليك أن تفعله» وهو عملك كرسول - وإن التبليغ يقتضى جهودا وبلاء» وتعرضا للأذى» وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك» وبين أنه فى حماية الله تعالى» وكفالته» ولذا قال سبحانه: «والله يعصمك من النّاس إِنَ الله لا يهدي القوم الكافرين» العصم: الإمساكء ويتضمن الإمساك الحماية» ومنع الأذى» وجاء فى مفردات الأصفهانى: عصمة ا تفسيرسورة المائدة 2 الل 211 <١ ههه‎ 5 الأنبياء حفظه إياهم أولا بما خصهم به من صفاء الجوهرء ثم بما أولاهم من الفضائل الجسمية والنفسية ثم بالنصرة» وبتثبيت أقدامهمء ثم بإنزال السكيئة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق قال تعالى: #والله يعصمك من النّاس». ومعنى العصمة من الناس على هذا ألا يمَكَّنوا منه - عليه السلام - ومن دعوته» ومن نفسهء فأوهامهم لا تعلق بنفسه ونفاقهم لا يؤثر فى دعوتهء وخلافهم وعنادهم لا يمنعان الحق من أن يصل إلى قلوب أهل الهداية والإيمان» ولجاجتهم فى الكفر لا تثنيه عما يدعو إليه؛ ويستمسك بهء وما يثار عليه من حروب لا تهزمه ما دام هو ومن معه آخذين فى الأسباب ناصرين لله وللحق. وليس معنى عصمة الله تعالى أن يكون الوصول إلى الحق هينا لينا سهلاء بل إنه لا بد من الجهادء ولا بد من نزول البلاء بل بتوالى الابتلاء» كما قال تعالى : (أم حسبتم أن تدخلوا الجنَة وما يكم مل الدين لوا من فيكم مَسنَهم البأساء والضراء وزلزلوا حت يقول الرأسول والّذين آمنوا مَعَه مَئ نَصر الله ألا إن نصر الله قريب 4513# 4 [ البقرة] . فالعصمة هى عصمة النفس والجسم من القتل» والدعوة من أن يعوق طريقها ويقضى عليهاء وإن كان الأذى البدنى يقع كشج رأسه وكسر ثنياته» وغير ذلك ما كان يفعله المشركون واليهود معه عليه السلام. والناس لا يختصون بالمشركين واليهود» بل المراد السلامة مع الجهاد» من كل ما يكون من الناس عامة إذ لا دليل على التخصيص» وكان ممن آذوا النبى عليه السلام كسرى فارسء. وما كان من هؤلاء ولا هؤلاء وقد عصمه تعالى منه. وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت كلماته: 9إنّ الله لا يهدي القوم الكافرين4 والهداية التى ينفيها هذا النص الكريم هى الوصول إلى الحق» لأن الجحود قد ران على قلوبهم بما كسبوا من شرء وما اجترحوا من سيئات» وما لحت به نفوسهم من عناد» وهم لا يصلون إلى النيل من الحق وتعويق الدعوة» ا تفسير سورة المائدة ملم 2 للب أ وعبر عن الكافرين بالقوم للإشارة إلى أنهم مهما تعددت أجناسهم وتباينت عناصرهم يلتقون عند غاية واحدة» وهى معاندتك والكفر بما جئت به» فهم بذلك التآلف فى الإنكار صاروا كأنهم قوم متحدون. وإذا كان الكفر قد جمعهم فإنه لا يفرق بينهم كون بعضهم كتابياء وبعضهم أميين» فلا فضل للكتابيين على الوثنيين فى الكفر» ولا شرف بكونهم أهل كتاب ما داموا لم يؤمنوا به ولم يقيموه. ولذا قال تعالى: كل يا أهْلَ الكتّاب لَسَكُمْ على شيء حت تقيموا التَوراةَ والإنجيل وما أنزل إلَيكُم مَن رَبَكُمْ4 كان أهل الكتاب فى البلاد العربية يستعلون على من فيها من أهل الوثنية» لآن عندهم علما من السماءء بأنه سيكون منهم نبى ينصرهم ويؤيدهم» ولآنهم يتبعون نبيا من الأنبياء» وأنه كما حكى الله سبحانه وتعالى عنهم» إذ قال تعالت كلماته: « ... وَكَانُوا من قَبلُ يَسمَْعحُون عَلَى الّذِينَ كفَرَوا فَلَمَا جَاءهم ما عرقُوا كَقَرُوا به فََحَهُ الله علَى الكَافرينَ 4257 [البقرة]. - وكانوا يسمون العرب أميين توهينا لشأنهم» ولبيان شرفهم بالعلم عليهمء فأمر الله تعالى نبيه أن يبين لهم أنهم لا يمكن أن يكونوا أعلى شأنا من الوثنيين إلا إذا اتبعوا الكتب التى جاءت لأنبيائهم» والكتاب الذى يخاطبون به وهو القرآن؛ لأن شرفهم وفخارهم بهذا العلمء فلا بد أن يقيموه» ويعطوه حقهء وإلا فهو حجة عليهم» وليس حجة لهم» وهو موضع مؤاخذة» وليس سببا للمفاخرة. وأمر الله تعالى نبيه بأن يتولى هو خطابهم؛ لآن الجدل والمعاندة كانت منهم له» ومعنى قوله تعالى: لَستْم على شيء حت تقيموا4 إنكم معشر أهل الكتاب لستم على شىء مما يعلو به الإنسان من علم أو دين أو خلق أو فضل» حتى تقيموا التوراة والإنجيل» وما أنزل عليكم من ربكم» وهو القرآن؛ لأنكم تعتزون بعلم الكتاب فلا شىء لكم من الاعتزاز والفضل إلا إذا أقمتم ما تعتزون به فلتنفذوا ما جاء فى التوراة والإنجيل والقرآن» وبذلك تحققون السبب» فيتحقق المسبب» وهنا إشارتان بيانيتان. . #ا تفسير سورة المائدة ١‏ ااالاااالانالكز ااال لمانالا اااالناال اتات ممما لاتل تالا ممأ لالت ظلاخمطسسطسطططممممم لاا ااا االا ااا اللا ١١ لاا‎ 3 إحداهما ‏ التعبير بقوله تعالى: «الستم على شيء» بالتعبير ب «على» بدل «الباء»» وذلك أن حالتهم كانت حال استعلاء على غيرهم فكان المناسب أن يعبر بحرف الاستعلاء وهو «على»؛ لنفى ذلك الاستعلاء» والتعدية بالباء تفيد أن النفى منصب على ذواتهم» وإنما النفى منصب على استعلائهم . الثانية - التعبير عن القرآن بما أنزل إليكم من ربكم» فلم يقل حتى تقيموا التوراة والإنجيل والقرآن ‏ كان فيه تصريح بأآنهم مخاطبون بهء وأنهم من أنزل لأجلهم. وإلى ذلك يشير قوله ‏ عليه الصلاة والسلام ‏ «لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يؤمن بما جئت به)(21. «وليزِيدنَ كثيرا منهم ما أنزل ليك من رَبك طَفيَانا وكفر)» قد تكلمنا فى معنى هذا النص الكريم» وما فيه من توكيد» وذكرنا أن القرآن المنصف لا يحكم على الجميع بالشرء وفيهم أخيارء ولذلك كان حكمه على الكثرة لا على القلة» وإن طغيانهم هو ظلمهم للحقائق» وإفراطهم فيما يطغون به على أهل الإيمان» وأشرنا إلى علة ذلك وهى حقدهمء وحسدهم, وأن النعمة تجىء إلى المحسودء فتزيد الحاسد حقدا وضغنا. ولكن لم كرر القول هنا وقد ذكر آنفا؟ والجواب عن ذلك أن كلام اليهود الذى حكاه الله تعالى عنهم كان فى جنب الله مما يدل على إيغالهم فى الكفر والإنكار» وأنهم حاقدون على النبى يلد فلا يزيدهم ما أنزل عليه إلا طغيانا وكفراء أما هنا فقد جاءت عقب الأمر الجازم بوجوب التبليغ وتعميمه - بالنسبة للموضوع؛ وبالنسبة للأشخاص فيبين سبحانه لنبيه - عليه السلام ‏ أنه مع التبليغ لا يرجو الإيمان: © ... إن عليك إلا ابلاغ ... 27> 4 [الشورى]. ولذلك قال سبحانه بعد ذلك: #فلا تأس على القوم الكافرين» الأسى: الحزن» وحقيقته اتباع الفائت بالغم والآلم» والمعنق لا تأس على إصرار الكافرين على كفرهم». ونزول اللعنة والعذاب )١(‏ سبق تخريجه. 0 تفسير سورة المائدة لل 2 ولب بره تي بهمء لا تتأسف لذلكء» لأنك قد بلغت» ولأنه يجب أن تتوقع منهم الكفر والجحود؛ لأن كثيرا منهم لا يزيدهم ما أنزل إليك إلا طغيانا وكفراء ولأن تبعة الخطيئة عليهم دون غيرهم» ولأن الإيمان والهداية كما يريد الله» لا كما تريد انت «إنلك لا نهدي من ايت ولكن اله هدي من برأم دين 50 [ القصص] . اللهم اهدنا للإيمان» واهد المسلمين للإيمان» فلا عزة لهم إلا به» وإنك أنت العزيز الحكيم. إِنَظل رين ءَامَنوأ وا أزير> هاد و أواَلصَعُونَ ولص مَنْءَامَرِ بألل بيو اولوف ا وه ---_ء عَلبهِمْوَلَاهْمْ يرون 2 لقَدْ أَحَدْمَامكق بن إسَرْةِ يل وَأَرْسَلْئَ1إلَهم وُسْلدحكُمَاجَاء هم رَسُو ليما فر اس د لجخ عر ل لاهو ايت جه 5 حال فته مم آذآ دم _ سر 0 2 أ 16 0 شوأ فر يها فى الآيات السابقة أشار سبحانه إلى استعلاء اليهود والنصارى لآنهم أهل كتاب جاءت إليهم الرسل بالتعليم والتوجيه فبين سبحانه وتعالى أن الاستعلاء بالإذعان» واتباع ما جاء إليهم والإيمان بهء وفى هذه الآية يبين سبحانه وتعالى أن الناس جميعا فى النجاة سواء» لا فرق بين يهودى ونصرانى» وعبدة للكواكب» فالإيمان يجب ما قبلهء ويسوى بين المؤمنين: 9 تفسيرسورة المائدة اللللاللللائت اللا لحب أ إن الْذين آمنوا والّدين هادوا والصابئون وَالنْصارَى فى هذا يبين سبحانه أن أساس النجاة وذريعة الثواب» ومنع العقاب الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح واستشعار خشية الله واتقاء عذابه» وإطاعة ما أمرء والانتهاء عما نهى عنه وزجر. ولا ينظر فى ذلك إلى سابق ما كانوا يتديئون» ولا إلى ما كانوا يتتحلون من نحل ؛ فكما أنه لا تفرقة أمام الله تعالى بالجنسية لا تفرقة أيضا بالنحلة والملة إذا كانوا ينتهون إلى الإيمان بالله واليوم الآخرء ولذلك أكد سبحانه وتعالى أن الذين آمنوا بما جاء به محمد» والذين هادوا أى اليهود. والصابئين والنصارى » من كان منهم يمن بالله واليوم الآخر ويعملون صالحاء لا خوف عليهم من عقاب ولا مؤاخذة عليهم فيما فرط من ذنوب إذ الإيمان يجب ما قبله» ويمحو ما سبقه مما ارتكبواء فهذا النص الكريم كما يفيد التسوية بين النحل السابقة إن استقاموا على الحادة» والتقوا عند منجاة الإيمان يفتح أيضا باب الرجاءء ويقرب التوبة. وهنا أصناف أربعة هم الذين آمنواء واليهود. والصابئون» والنصارى. وصدقوه» وأطاعوه. واليهود هم بنو إسرائيل الذين هم شر البرية بأعمالهم إن والصابئون أو الصابئة طائفة ظهرت فى بلاد المشرق» وقد قيل فيها: إنهم يعبدون الكواكب» وبعضهم قال: إنهم يقدسونها من غير عبادة» ولا يخرجهم ذلك عن الشرك؛ لأن تقديس ما لا سبب لتقديسه نوع من العباده وإن لم تكن بالصلاة . وقد حدث أن ادعوا الدخول فى النصرانية فى عهد المأمون» فإنه التقى بهم فى إحدى الغزوات» فسألهم من أى أهل الذمة أنتم؟ فقالوا: صابيتة» فقال: لا بد الأكثرون منهم أن ينتحلوا اسم النصرانية» ومنهم من بقى على عبادة الكواكب» ل ل تفسير سورة المائدة كك رب ا وإن أظهروا غير ما يعتقدونء ومنهم من خلط بين النصرانية» وما بقى لهم من بقايا تقديس الكواكب» وهم أكتم الناس لعقائدهم» ولا تزال بقية باقية منهم فى تخوم العراق» ولا يستطيع أحد أن يجزم بحقيقة اعتقادهم . والنصارى» وهم طوائف مختلفة» تجمعهم ألوهية المسيح» والتثليث» ومتفرقون فيما وراء ذلك ما بين كاثوليك أو ملكانية» وأرثوذكس أقباط» وطوائف غربية» ونساطرة ومارون» وغيرهم. والنص الكريم كما تلونا هو هكذا: إن الّذين آمنوا والّذينَ هادوا والصّابئون وَالنْصارَى 4 ونرى أن «الصابئون» مرفوعة» وظاهر السياق أن تكون بالنصب» فتكون والصابئين وهذه قراءة ابن كثير» وقراءة الآخرين بالرفع» ولذلك تكلم المفسرون فى هله القراءة التى يقرأ بها الأكثرون. وقد خاضوا فى ذلك لأجل التخريج النحوى» وليس لأحد أن يخطيئ القراءة من الناحية اللغوية» إلا أن يكون كجهلة بعض المستشرقين الذين يحسبون أن قواعد النحو حاكمة على القرآن» وذلك من فساد النظر؛ لأن القرآن فوق النحوء إذ النحو يستقى منه» وهو لا يخضع لا يقرره النحويون» بل هم الذين يخضعون له» وأن القرآن قد ورد بذلك فهو قد دل على أن العطف على اسم إن بالرفع جائزء ولو كان الخبر متأخراء ولا يحتاج إلى شاهد سواهء وأنه هو الشاهد الأول على سلامة التعبير من الوجهة العربية» ومع ذلك قد جاءت شواهد من كلام العرب بوجوب رفع المعطوف على اسم (إن) قبل وجود الخبر» فقد قال ضابئْ بن الحارث : فمن يك أمسى بالمدينة رحله 0 فإنى وقيار بها لغريب وترى أن العطف بالرفع على اسم إن جاء قبل الخبرء وهو مذهب بعض النحويين» ويرجحه القرآن الكريم إذ جاء فيه ذلك» وهو خير شاهد. وقد أخذ النحويون يخرجونه على مقتضى قواعدهم, المانعة عند الذين يمنعون» فقال بعض المخرجين: إن الخبر ليس هو خبر الصابئين» إنما الصابئون مبتدأ خبره محذوف تقديره كذلك» وقال غيرهم: إن أسم (إن) أصلها مبتداً إلا تفسبير سور ة المائدة الللتتلك الاك انالالتاا!اللاان ان االااللالكك ظلللااا لمكن نااك املاظ لللطططططط قلخام اشاتلللا رب ا دخلت عليه إنء فروعى معنى الابتداء فيه فرفع على هذا المعنى» وكل هذه تخريجات» النص فوقهاء ولا عبرة بها لأنها لا تحكم على القرآن» بل إن العطف بالرفع جائزء وقوله تعالى: #من آمن» بعد ذلك خبر للجميع. ومهما يكن من تخريجات أكثر النحويين وتجويز غيرها فإن القرآن أبلغ كلام فى الوجود لا بد أن يكون فى عدوله عن النصب الذى هو ظاهر السياق إلى الرفع معنى قائم بذاته. فما هو ذلك المعنى؟ قالوا: إن الصابئين أشد إيغالا فى الكفر من البهود والنصارى» فكان لا بد من تنبيه خاص بهم؛ ليكون ذلك تأكيدا لمعنى قبول التوبة والغفران؛ لأنهم إذا كانوا يغفر لهم وهم على هذه الحال من عبادة الكواكب» وعدم وجود كتاب» وكتمانهم اعتقاداتهم» فأولى ثم أولى أن يغفر لمن دونهم من ذلك الجحودء وهم اليهود والنصارى» ولأن الصابئين يشير بيان الغفران لهم إلى قبول تو بة ا مشركين إذا آمنوا بعد شرك» كما قال تعالى: «قل للّذين كَفَرُوا إن هوا يعفر لهم ما فد سلف وإن يعودوا فَقَد مضت سنت الأولين 220 4 [الأنفال ]. وقد بين سبحانه خبر إن وهو جزاء الإيمان بعد كفرء فقال سبحانه: #من آم بالله ويم الآخر وَعَملَ صَالحًا فلا حَوف عليهِم ولا هم يَحرَنُونَ» . هذا هو الخبرء وفيه جزاء الإيمان وما تطلبه حقيقته» فذكر سبحانه أمورا ثلاثة هى الإيمان بالله تعالى وذلك يتضمن الإيمان بوحدانيته» وأسمائه الحسنى» وأنه الخالق وحدهء والمهيمن على الوجود وحده» وأنه الأزلى الذى ليس له ابتداءء والباقى الذى لا يعروه الفناءء وأنه لا يشبه أحدا من خلقهء وليس كالأشياء؛ لا يحس» ولا يحتويه مكان» وهو منزه ما تتصف به الحوادث إلى آخر كل ما يقتضيه التنزيه» وليس بوالد ولا ولد» وليس له كفوا أحدء والإيمان باليوم الآخر هو الإيمان بالبعث والنشور» والحساب والعقاب والثواب» وإنها جنة أبداء أو نار أبداء وأن الإنسان مجزى بعمله. وإن خيرا فخير أو شرا فشر: « فمن يعمل مثقال َرَةِ خيرا يرّه +20 ومن يعْمَل مثقال ذَرَةِ شر ره 22م 4 [ الزلزلة ] . ل تفسير سورة المائدة سس س9 سر اا وذكر النص القرآنى» أمرا ثالقاء وهو العمل الصالح الذى يلقى الله تعالى وهو قائم به مستمرا عليه» وهذا وإن لم يكن ركنا من أركان الإيمان» ولكنه شرط لما جاء بعد ذلك من عدم الخوف والحزنء فإن المرتكب لا يمكن أن يكون فى أمن من غضب اللهء بل يكون حزينا على ما ارتكب» وإن قوى الإيمان إن عمل يكون عنده برد اليقين» والمؤمن الصادق يغلب الخوف على الرجاءء ولو كان طاهرا مطهراء فكيف لو كان مرتكبا. وقد يقول قائل: لاذا لم يذكر الإيمان برسالة النبى كيد مع أنه ركن من أركان الإيمان» فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله تعالى هى لب الإيمان! . | والجواب عن ذلك: أن الإيمان بالرسالة المحمدية التى قامت عليها الأدلة من المعجزات الباهرة ثمرة الإيمان بالله ولازمة لهء فلا يمكن أن يكون مؤمنا بالله من يكذب رسوله الذى قامت الشواهد والأمارات على صدق رسالتهء والإيمان بالله يقتضى الإيمان بصدق كل ما جاء فى كتابه المنزل الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه» وهكذا فإن الإيمان بالله تعالى يقتضى الإيمان بالرسالة والرسل والإيمان بما جاءت به الكتب المنزلة . وجزاء هذا الإيمان الصادق والعمل الصالح ألا يكون المؤمن فى خوف من قابل حياته فى الآخرة» فلا يخاف عذاب يوم القيامة؛ لأن الإيمان هو الحصن الذى يلوذ به الخاكفون» ولا يحزن على ما كان منه فى كفرهء وإنه فى الجنة لا هم ولا حزن ولا عذاب. وقد تكلم العلماء فى أمرين لا بد أن نتكلم فيهما: أولهما ‏ أن الله تعالى ابتدأ طواتف الذين يغفر لهم أن آمنوا بالمؤمنين فقال سبحانه: 9إإِنّ الّذِينَ آمنوا#. وجاء الخبر من بعد: من آمَن باللّه واليُوم الآخر». فكيف ينطبق هذا الخبر على الذين آمنواء وهم قد سبق إيمانهم» فلا يحتاج إلى (إإهاا تفسير سورة المائدة : اللا مالالا النا لل ملكتن ااا لالط ظظتلاالنالااااااالا لاك طناانالاااااالااااالااممممخخ ممم ممما ملاللذط خخخ ناطل للا اللا ا 1 يي تجديدء ولو كان الخبر مقصورا على الذين هادوا والصابئين والنصارى لكان له موضعه ظاهراء» لأنهم غير مؤمنين. وقد أجاب العلماء عن ذلك بجوابين: أحدهما ‏ أن الذين آمنوا قد يراد بهم الذين أعلنوا الدخول فى الإسلام وإن لم تذعن قلوبهم. ولكن هذا الجواب لا نرتضيه لأن المنافقين ومن لم يذعنوا للحقائق الإسلامية لا يسمون مؤمنين» اقرأ قوله تعالى: «قَالَت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قُولُوا أَسلَمَا ولمَا يَدْخْل الإمَان في فلوبكم ... +(12 4 [الحجرات] . الجواب الثانى - أن معنى آمن بالنسبة لهم استمرار الإيمان» وبالنسبة لغيرهم إنشاؤه» ونرى فى هذا الجواب نوعا من دلالة اللفظ على معنيين متقاربين فى موضع واحدء إذ يراد الإذعان» والاستمرار عليه؛ وإنى أرى أن الخبر ليس للحكم بقبول الإيمان فقط. بل إنه خبر فى معنى الشرط والجزاء فيه إثبات أن الإيمان مناط النجاة والثواب» وذلك ينطبق على المؤمنين ومن يدخلون فى الإيمان. الأمر الشانى ‏ هو دخول الفاء فى قوله تعالى: قلا خوف عَلَيهِم ولا هم يَحرَنون*. وقد قيل فى ذلك: إن الموصول فى (من آمن) فى معنى الشرط»ء والفاء تدخل فى خبر الموصول كما تدخل فى جواب الشرط. #لقد أَحَذنا مياق بني إسرائيل وأَرسلنا لبهم رسلاً» فتح الله تعالى باب القبول على اليهود والنصارى والصابئين» وقد أخذ سبحانه يبين كيف فتح الباب لهم من قبل ولكن غلقوه على أنفسهم» وقد ذكر سبحانه فى هذا النص أمرين: أولهما - أنه تعالى أخذ عليهم الميئاق» والثانى ‏ أنه أرسل رسلا ليسهل تنفيذ هذا الميثاق. والميشاق عقد موثق مشدد فيهء كما يشد الوثاق» وهو مؤكد بيمين الله تعالى» والله تعالى قد أخذ هذا الميئاق على بنى إسرائيل بأن يقوموا بالتكليفات التى يكلفهم إياهاء ولم يذكر هنا موضوع لميثاق» وقد ذكره فى مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى» فترك هنا بيانه حملا عليهاء ومن نصوص ميثاق الله تعالى على بنى إسرائيل قوله تعالى : اا تفسشير سور ة المائدة الل 2 لأس ا لقد أَحَذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوئ أنفسهم فريقا كَذْبُوا وقريقا يَقَلُونَ4 وقد أكد الله سبحانه فى الآية الكريمة التى نتكلم فى معانيها (أخذ) » باللام وب «قد»» وبإضافة الأخذ إليه فقال سبحاته : #لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل» . ومع أخذ الميثاق المؤكدء لم يتركهم هملاء بل أرسل إليهم الرسل من عنذه ليؤكدوا الميثاق» وسيئوه ويعاونوهم على تنفيذه. وقد جاءت كلمة رسل"» بالتذكير» وهو هنا للتكثير» أى أرسلنا إليهم رسلا كثيرة» ولم تكن نتيجة الميثشاق وإرسال الرسل محمودة لهم» بل كانت منهم نكراء ولذا قال سبحانه : #كلّما جاءهم رسول بما لا تهوئ أنفسهم قريقا كَذَبوا وفريقا يَقَتلُون» لقد كان الحكم الذى ارتضوا حكومته هواهم وشهواتهم» فما يوافق هواهم اتبعوه. وما لا يوافق هواهم ردوه» فاتخذوا بذلك إلههم هواهم وضلوا عن علم» ووقعوافى الشرء فلم يجعلوا العقل والميزان هو الحكم الذى يقبلون ما يقيلهء ويردون ما يبرده» وإنه ترتب على تحكيم الهوى وسيطرته عليهم أن كذبوا فريقا واكتفوا بالتكذيب» وأن قتلوا فريا. أولها - عدم وجود جواب الشرط» وهو «كلما»» فقال الزمخشرى: قام كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوا فريقا وفريقا قتلوه. وبعضهم قال: إن الجواب محذوف تقديرهء, و#أستكبرتم؟» وأخذه من قوله تعالى فى آية أخرى : « ... أَفكَلُما جاء كم رسول بمًا لا تَهوئ أنفسكم استكبرتم قفريقا كذ بم وَقَرِيقا تقتلون 42072 4 [البقرة ] . وإن الأوضح هو ما قرره الزمخشرى؛ لأن قوله #فريقا كذبوا وفريقا يقتلون» تصلح جواباء فلا حاجة إلى تقدير» وأما الآية الأخرى فقد جاءت الفاء فى قوله: كت اللللللط الالال لل اللا > اق #قفريقا كَدَبشم وقَريقا تقتلُونَ4 فكانت الجملة غير صالحة لأن تكون جواب شرطء فكان لا بد من التصريح بجواب الشرط. المبحث الثانى ‏ أن الله سبحانه وتعالى قسمهم فريقين فريقا كذبوهء وفريقا قتلوهء ولا شك أنه مع القتل التكذيب»: ويكون المعنى على هذا أن هناك فريقا اكتفوا بتكذيب الرسول» وفريقا آخر ذهبت بهم اللجاجة فى العناد وعداوة الهادين إلى أن يقتلوه . والمبحث الثالث ‏ التعبير عن التكذيب بالفعل الماضى فقال: 8 قَريقا كذَبوا» . وعن القتل بالمضارع : «وقريقا يَقتلُون». وقد علل ذلك الزمخشرى بأن المضارع يدل على استخضار الجريمة البشعة التى ارتكبوهاء وهى أن يقتلوا هاديهم ومرشدهمء وهناك تعليل آخرء وهو أنهم على استعداد لأن يقتلوا خحاتم الهداة محمدا يَلِيْةٌ» وقد هموا ولم ينالوا. #وحسبوا ألا تكون فشَة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير مهم واللّه بصير بما يَعملُون» الفتنة أصل معناها إدخال الذهب النار لتظهر جودته وأطلقت الفئن فى لغة القرآن على الشدائتد التى تنزل ليختبر قلب المؤمن» فإن صبر ظهر إيمانه قويا شديداء وإن خار ووهن كان من ضعفاء الإيمان ولقد قال تعالى: أحسب الئاس أن يتركوا أن يقولوا آمنًا وهم لا يتوت 22> 4 [العنكبوت] . واليهود للا أنعم الله تعالى به عليهم إذ أخرجهم من قسوة فرعون» ونجاهم بفلق البحر» حتى مرواء وغلقه على فرعون وقومهء حتى غرقواء وهم ينظرون وأعطاهم من بعد ذلك المن والسلوى وغير ذلك ما أجزله تعالى عليهم من خيرء حسبوا أن الإيمان جلب لا سلب فيهء وهناءة لا يرنقها تعب» ولذلك حسبوا ألا تكون فتنة تنزل بهم» ولكن الله أنزل عليهم هزائم تتلوها هزائم واختبرهم بقحط ينزل بهم» حتى يصقل إيمانهم» وكان ذلك الحسبان منهم لانغمار تفوسهم بالشهوات» لأنها تعمى وتصم» وترين على البصر بغشاوة فلا يرى» وتضع على الآذان وقرا فلا تسمع. تفسير سورة المائدة اللملللا040ا0ااالاالالللللاا0االلل ل ا0ا0ا610الا0ا00ا0اللمللل0ا0االللللللن م ايج به يي ولذلك رتب الله تعالى على حسبانهم ألا فتنة تنزل أن عموا عن إدراك الحق» فلم يصلوا إليه» وأن صموا عن سماع الهادى فلم ينصتوا إليه» وبذلك سدت عليهم منافذ الإدراك» فلا عقل يدركون به إذ غشيته الشهوات حتى أعمته وجعلت عليه غشاوة ولا وعى يستمعون به إلى صوت الهداية. وقد نزلت بهم شدائد صقلت نفوسهم كالشدائد التى أنزلها التتار بهم» فاستيقظت مداركهم وسمعت الحق آذانهم» وجاء الأنبياء أمثال داود وسليمان فأنقذوهم» ولكن ما إن أحسوا ببحبوحة النعمة حتى استولت عليهم الشهوات فعموا وصموا ولكن كانت بقية صالحة» وهنا مباحث لفظية نذكرها؛ لآنها تقرب إلينا معنى النص الكريم . الأول - أن قوله تعالى: #ألاّ تكون فتنة» بنصب النون فى تكون» وقرئ بضمها('؟. والقراءة الأولى على أساس أن الحسب) بمعنى الظن الغالب» والثانية على أساس أن «حسب» بمعنى علم» والقراءتان متواترتان» وهما تنتهيان إلى أنهم ظنواء ثم لغلبة الشهوات وسيطرتها تحول الظن إلى يقين أو كاليقين. الثانى - أن معنى: #عموا وَصَمُوا» فيه تشبيه حالهم فى غلف قلوبهم واستيلاء الشهوات عليهم وعدم إدراكهم الحق بأنفسهم وعدم استماعهم للداعية بحال الأعمى الذى لا يبصرء ولا يستمع إلى من يدعوه ليسير فى الطريق القويم . الثالث ‏ أن المفسرين أرادوا أن يفسروا متى كانت التوبة التى يسترشدون فيها ثم الصمم الذى يلى الرشاد وقالوا فى ذلك أقوالا كثيرة» وعندى أن توبتهم بشديدة تنزل بهم» يخرجهم الله منهاء ثم عودتهم إلى ما كانوا عليه متكررا. ١ #ألا تكون» (بالرفع) . قراءة أبو عمرو»» وحمزة» والكسائي» ويعقوب. وخلف, والمفضل‎ )١( .)8١1؟( ولكن قرأ عاصم والباقون بالنصب . غاية الاختصار - برقم‎ هاا تفسبير سورة المائدة .مم 00 4 لجل به 7 الرابع - أن قوله تعالى: ثم عموا وصموا كثير مُنهم» فيه معنى التراخى المعنوى لبعد ما بين التوبة والعمى والصمم. وكثير منهم بدل من الضمير؛ وفى هذا إشارة إلى تأصل الصمم والعمى حتى صاروا أهلا لأن يحكم على الجميع سم ا عدل الله أخرج المهديين منهم . بهذا ختمت الآية» وهى تدل على أن الله جل جلاله عليم بما كان منهم علم من يبصرء وهو مجازيهم بأعمالهم» وهو فوقهم». وهو بكل شىء محيط . 00001 سرد نس سمه مر خلس لقَدَكم را وات الله هو و مح ولع لذ ل و سدم الميسيخ أبن ميم ودَالَالْمَسِيح ييوةإِسْرَ ل عدوأ 00 وه يعو سا ترم 00010 لَه رق وَرَبَحَكُمْ هميش رِكاه فد حَرَمللهُ للهعليه رح أ هه له 4 2 حمر لجنَةممأمأك ا ١‏ َال أا 7 1 2 24 201 6000000 آ له لعإل إِلده له واجحل يلون لَدَيَه 1 + أز رس كفروأ مِتَهْمَعَدَا أيه عي 0 كه يَتووتَ سس يسع ع مم ب عور هه 1 وو _ 1 لله ومستعفرو نه :وله عور رجي م و َاألْسِيحُ انث مَرْيَمْإِلَاَسُولَ قَدَحَتَمِن قن م عير 4 0 هس م 2 د | سْذْءَأئة م زِيك سكسكلا نالصا لا لل سكم البج ير - بين سبحانه ضلال اليهود وما كان ضلال فكرء بل ضلال قلب» ذلك لأنهم عرفوا الحق» ولكن حقد قلوبهم وحسد نفوسهم منعهم من الإذعان للحق الذى تبين لهم» وأدركوهء وطمس الله عليهم فجعل قلوبهم غلفا لا ينفذ الحق إليهاء وبعد ذلك ذكر ضلال النصارىء وكان ضلالهم ضلال العقل الذى انحرفوا به تحت تأثير وثنية قديمة» أو فلسفة واهمة سيطرت فى زمانهم. فكان الضلال ضلال فكر انحرف فاعتئقوا غير المعقول» وآمنوا بما هو مستحيل» ولا عجب فى ذلك إذ استهوت العقول أفكار منحرفة شردتهم عن الجحادة المستقيمة. وقد أخذ سبحانه يصور كفرهم فقال تعالت كلماته: لق كفرَ الّدين قَانُوا إِنَ الله هوَ الْمَسيح ابن مرِيّم» أكد الله سبحانه وتعالى كفر الذين قالوا إن الله - تعالى الله عما يقولون - هو المسيح ابن مريم» ويظهر أنه كان من هؤلاء الذين انحرفت عقولهم من زعم أن الله تعالى حل فى جسم فكان هو المسيحء مع أنهم يقرون أن مريم ولدته» وأن منهم وهم الأكثرون من يقولون: إنه ابن الله قد حلت فيه الألوهية» وهم بهذا الاعتبار قد قالوا: إن الله هو المسيح باعتبار أن الألوهية حلت فيهء وأنه الإله أو ابن الإله. وحقيقة - هذه النصرانية التى انحرفت عن أصل الديانة ‏ المسيحية التى جاء بها المسيحء أنه بعد أن ترك المسيح هذه الدنيا تعرض المسيحيون لاضطهادات شديدة استمرت نحو ثلاثة قرون كانوا فيها يفرون بدينهم ويختفون وتحرق كتبهم» حتى صار أصل العقيدة معرضا لمنازع مختلفة» ولكن التوحيد هو السائد الغالب» وما أن رفع الاضطهاد عنهم» حتى تعرضوا لفتنة أشد من الأذى البدنى» فتعرضوا لأذى فى العقيدة ذاتهاء وهو أشد وأنكى» إذ أدخلت الوثنية فى النصرانية بتأثير قسطنطين ملك الرومان» ولنترك الكلمة لابن البطريق النصرانى يتكلم عن الأهواء التى دخلت فى عقول المسيحية» فقد قال عن «مجمع نيقية» الذى أعلن آلوهية المسيح» والذى انعقد لمنع دعاية الوحدانية التى حملها أسقف اسمه أريوس» ويتبعه فى فكرته أكثر المسيحيين قال ذلك النصرانى : ((##اا تفسيرسورة المائدة 0000 6ج از 2 (بعث الملك قسطنطين إلى جميع البلدان فجمع البطارقة والأساقفة» فاجتمع فى مدينة نيقية ثمانية وأربعون وألفان من الأساقفة مختلفين فى الآراء والآديان» فمنهم من كان يقول إن المسيح وأمه إلهان من دون الله وهم البربرانية» ومنهم من كان يقول إن المسيح من الآب بمنزلة شعلة نار انفصلت من شعلة نار» فلم تنقص الآولى بانفصال الثانية عنهاء وهى مقالة سابليوس وشيعته» ومنهم من كان يقول لم تحمل به مريم تسعة أشهر وإنما مر فى بطنهاء كما يمر الماء فى الميزاب؛ لأن الكلمة دخلت فى أذنهاء وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتهاء وهى مقالة إليان وأشياعه. ومنهم من كان يقول: إن المسيح إنسان خلق من اللاهوت كواحد منا فى جوهرهء وإن ابتداء الابن من مريم» وإنه اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسى صحبته النعمة الإلهية» وحلت فيه بالمجد والمشيئة» ولذلك سمى ابن الله ويقولون إن الله جوهر قديم وأقنوم واحد. ويسمونه بثلاثة أسماءء ولا يؤمنون بالكلمة ولا بروح القدسء وهى مقالة بولس الشمشاءطى بطريرك أنطاكية وأشياعه.ء ومنهم من كان يقول إنهم ثلاثة آلهة لم تزل صالح وطالح وعدل بينهماء وهى مقالة مرقيون اللعين وأصحابهء وقد زعموا أن مرقيون هو رئيس الحواريين» وأنكروا بطرس. ومنهم من كان يقول بألوهية المسيح» وهى مقالة بولس الرسول» ومقالة الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا). هذه هى الأهواء والآراء التى كانت تذكر فى الجماعات المسيحية وظهرت عندما زال الاضطهادء وحل محله الأمن» ولم يذكر ما كان يقرره أريوس الذى انعقّد الملجمع لإنهاء دعوته. والحق أن دعوة أريوس كانت هى البقاء على الوحدانية» فقد قرر كتاب تاريخ الأمة القبطية أن دعوة أريوس كانت منتشرة وكانت عامة وكان السائد عند الكثيرين إنكار ألوهية المسيح» فقد كانت كنيسة أسيوط على هذا الرأى» وكان للرأى الأصيل رأى أريوس مشايعون فى فلسطين ومقدونية والقسطنطينية. ولكن أُريد تحويل المسيحية من التوحيد إلى الوثنية قبل أن يدخل فيها قسطنطين فانتقل للرأى الذى يتفق معها وهو ألوهية المسيح» فأعلن موافقته على اا تفسير سورة المائدة لل ادي ههه + لي رأى 58 (ثمانية عشر وثلاثمائة) من جمع عددهم ثمانية وأريعون وألفان» واضطهد من عداهم » وقامت منازعات بين الوحلانية والوثنية» حتى اختفت ٠2‏ أصوات الوحدانية فى الأوساط النصرانية . #وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم» فى هذا النص الكريم بيان لحقيقة الدعوة التى دعا إليها عيسى - عليه السلام - ونفى نفيا مطلقا ادعاءاتهم الألوهية له فقّد كانت دعوته التى كان موطنها بنى إسرائيل» وانبثق نورهاء من أوساطهم إلى غيرهم من الناس» هى إلى التوحيد فى العبادة إذ لا ألوهية سواه» وزكى التوحيد بقوله: #ربي وربكم*. فإن هذا النص يمنع الألوهية من نواح ثلاث: الناحية اللأولى ‏ إثبات أن الله هو ربه الذى خلقه ونماهء» وأنشأه كما أنشأ غيره» والناحية الشانية - التسوية بينه وبين غيره من الخلق فى التكوين والإنشاء والتربية» فهو فى هذا لا يفترق عن أحد من البشرء والناحية الثالثة أنه لا يمكن أن يكون فيه عنصر الألوهية؛ أن الله تعالى ربياه ونماه» كما كان بالنسبة لغيره» وليس مما يسوغ للإله أن يأكل ويشرب وينمو كسائر البشر. فذاته العلية منزهة عن الأحداث» ولا يليق بها الاحتياج . وفى النص الكريم إشارة إلى جريمة من جرائم بنى إسرائيل» وهى أنهم كذبوا المسيح عليه السلام ‏ وناوءوه كما ناوءوا محمذداء إذ كفروا بالمسيح مع أنه رسول إليهم» وهموا بقتله»؛ وادعى النصارى أنهم قتلوهء وإن هذه الدعوه التى نادى بها المسيح بين ظهرانيهم وفى قوم لم تجد أرضا خصبه فى أوساطهمء وحرضوا على المسيح عليه السلام واستمر الاضطهاد للنصارى» حتى غيرت 9إِنهُ من يُشرِك بالله فد حرم اللَّهُ َيِه انه موه الَارُ وما للظالمين من أنصار» ظاهر السياق أنه من كلام السيد المسيح ‏ عليه السلام - لبنى إسرائيل الذين كانوا أول من وجه إليهم دعوته. ويصح أن يكون ذلك الكلام مستقلا عن كلام السيد ها تفسير سورة المائدة الل ل 1110 هه + يي المسيح» وأنه تقرير لمقام الوحدانية فى العبادة» وأنه لا عبادة من غير وحدانية» وأن الشرك ينفى العبادة» بل تكون ضلالا والإشراك بالله يتناول ثلاث شعب. إشراك فى الذات» فيجعل ذات الله تعالى كذات الحوادث» وإشراك فى الخلق» فيحسب المشرك أن لغير الله تعالى أثرا فى الخلق والتكوين» وإشراك فى العبادة. والنصارى قد أشركوا فى هذه النواحى كلها فحسبوا أن الله تعالى ليس منزها حتى يتصف بصفات الحوادث» زعموا أن الله تعالى يكون له ولدء كما يكون لغيره ولدء وأن هذا الولد شاركه فى الخلق والتكوين وأنه يعبد معه. بل لا تكاد تجد ذكرا لعبادة الله تعالى من غير إشراك غيره .. « ... إن الشرك لظلم عظيم 127 4 [ لقمان] . وجزاء ذلك الشرك أن الله تعالى يحرم به الجنة» بمنعه منها فلا يدخلهاء وهذه عقوبة سلبية» فالحرمان عقاب ومنع النعيم عقاب. وهناك عقوبة إيجابية» وهى دخول النار» وإذا كانت الجنة محرمة فمكان إيوائه النار يدخلها ويخلد فيها أبداء» وإنها للجنة أبداء وللنار أبدا. ولا يمكن أن ينجيهم من العذاب أحدء ولذلك قال تعالى: #وما للظّالمين من أنصار». أى أنه ليس لظالم من الظالمين نصير قط فالتعبير بقوله:#8 من أنصار». أى أنه لا نصير قط لا من كبير يخاف» ولا من صغير يرجى. ' «إلقد كفر الّذين قَالُوا إِنَ الله َال ثَلانّة4 فى الآية السابقة ذكر الله كفر من قالوا إن الله هو المسيح أو ما يؤدى إليه من القول بأن المسيح ابن الله» وفى هذه الآية يذكر كلاما آخر للمسيحيين» وهو قولهم إن الله ثالث ثلاثة» ويبدو من ظاهر الكلام أن عند النصارى طائفتين إحداهما تقول إن المسيح هو اللهء أو ابن الله» فيكون إلها بهذا الاعتبارء والواقع أن النصارى تقرر عندهم التثليث من قبل نزول القرآن» وبعث النبى لله ومن ذلك التاريخ تتميز به عقيدة النصارى» وشعارهم الصليب رمزا إلى صلب المسيح فى زعمهم الذى فنده القرآن الكريم على أن التثليث عندهم لم يجئ دفعة واحدة» فقد تقررت ألوهية المسيح على أنه ا تفسير سورة المائدة ااانا اناا اناا نالل الالالال انلخ الالالال رااان اناا لاطا طتلنا اتام ططخ ملاتا مالالا اناطخ الالال لالخلا مانلا تاتالا يو هوه يي ابن الله فى زعمهم فى مؤتمر نيقية الذى ذكرناه والذى انعقد فى سنة 27705 وبعد ذلك بنحو ست ونحمسين فى مجمع القسطنطينية تقررت ألوهية روح القدس» وفرض ذلك الرأى بقوة السلطان كما فرض الرأى الأول الخاص بألوهية المسيح بقوة السلطان» وكان المسيحيون يجتمعون لرده. ويلاحظ فى مجمع القسطنطينية أمران أحدهما ‏ أن الذين حضروا ذلك المجمع ١٠6١‏ من رجال دينهمء وما كان هذا ليمثل النصارى أجمعين» ولكن فرض رأى أولئك الذين سموهم أساقفة على النصارى جميعاء وأسكت كل صوت يخالفه. ولقد كان ذلك المجمع كسابقه مفاجاة لعامة النصارى؛ لأنه ليس بإله عندهم وقد أعلن ذلك مقدونيوس وكانت مقالته ليست هى الشائعة بين النصارى. حتى جاء ذلك المجمع القسطنطينى فأتم التثليث . ثانيهما ‏ أن الذى دعا إلى عقده بطريق الإسكندرية» كما أنه هو الذى كان رئيس مجمع نيقية وإن لم تكن له الرياسة فى المجمع الأخيرء وأن الذى دعا إلى تقرير ألوهية روح القدس هو هذا البطريق» وقال كما نقل كتاب تاريخ البطارقة لابن البطريق: (ليس روح القدس عندنا بمعنى غير روح الله» وليس روح الله شيئا غير حياته» فإذا قلنا إن روح الله مخلوق» فقد قلنا إن حياته مخلوقة» وإذا قلنا إن حياته مخلوقة» فقد زعمنا أنه غير حىء» وإذا زعمنا أنه غير حى فقد كفرنا به). وأن هذه السلسلة التى ساقها تنقض لبناتها إذا قلنا روح القدس ليست روح الله» ولكنها جبريل الأمين الذى خلقه» وبذلك تنقطع حلقات السلسلةء حلقة وروح القدس فى زعمهم هى الروح العامة التى تنشر الحياة بين الأحياءء وتما يسترعى النظرء أن الذى قاد فكرة ألوهية المسيح وروح القدس هو بطريق الإسكندرية التى كانت تسودها فى ذلك الإبان الآفلاطونية الحديثة التى كانت خلاصتهاء أن الإله الأكبر هو العقل الأول. وقد نشاً عنه العقل الشانى» نشوء اا تفسير سورة المائدة 0 مالكلل 5711 لبمار 3 المعلول عن علته؛ أى أن وجودها متصل» وعرفوا روح القدس بالتعريف النصرانى الذى ذكرناه» وبذلك تلتقى نصرانية النصارى مع فلسفة الإسكندرانية الواهمة وقائد الدعوة لألوهية المسيح وألوهية روح القدس هو هو بطريق الإسكندرية» فليعرف النصارى زمان ابتعادهم عن اتباع المسبيح ‏ عليه السلام - وسببه والمصدر الذى انحرفوا إليه ومن أوردهم مورده غير العذب. , هناك إذن عند النصارى تثليث» وأن الله تعالى ثالث ثلاثة» وأن الله تعالى قد حكم بأنهم كاضرون» فقد قال سبحانه مؤكدذا القول: «لقد كف الّذين قَالُوا إن الله ثالث ثَلاثّة4 . فمن الخطأ الفاحش ما يقال إن الله تعالى عبر عن النصارى واليهود بأنهم أهل كتاب» فليسوا كفارا.. فقد أكد سبحانه وتعالى كفرهم أولا بتكفيرهم لأنهم زعموا أن المسيح هو اللهء ويقررون أن الله ثالث ثلاثة» وأكد كفرهم فى الحالتين باللام وبقدء فكيف يسوغ المؤمن أن يقول إنهم غير كافرين. والنصان الكريمان واردان على موضوع واحدء وهو التصارى» فالنص الأول وهو: «إلقد كفر الّذين قَالُوا إن الله هوَ الْمَسيح© موضوعه هو ذات موضوع النص الآخر: للق كفر الَدين قَلُوا إن الله لت ثَلانَةك وكل آية من الآيتين تبين ناحية من نواحى اعتقادهم, واكتفى فى الآية الأولى بزعمهم فى المسيح عليه السلام» لبيان مقدار افترائهم عليه ومناقضهم لمن ينتسبون إليه» وأنهم لا يصح أن يسموا مسيحيين» لأنه برىء منهم» وذكرت الثانية لبيان حقيقة اعتقادهم . «إوما من إِلَهِ إلا لَه واحد» . بعد أن بين سبحانه وتعالى كفر من يقول بالتثليث بيّن سبحانه وتعالى العقيدة الصحيحة» فقال سبحانه ذلك النص الحكيم»؛ ومؤاده نفى الألوهية نفيا مطلقا عن غير إله واحد» والصيغة تفيد استحالة أن يكون الإله» غير واحد» لأنه لا ينتتظم الكون والسماء والأرض» ومن فيهما كما جاء فى قوله تعالى: 9 لو كَانَ فيهما آلهة إلا الله لََسَدنا فَسبْحَانَ الله رب العرش عم يَصفُونَ +22 4 [الأنبياء] اا تفسير سورة المائدة اناا ااا تلان ااانا لاا تالكا اناالا تلاط اطناخلا انال ناتللا انالا طامط خانالالاللاا الال اطنط ططخل مط ططخ خلالللا 2ه لسرب أ وكما أن فى النص تقريرا لعقيدة التوحيد المستقيمة» فيه أيضا توبيخ موجه ِل على مخالفتهم المعقول. ومجانبتهم ما يقره أهل العقول. ولذلك حذرهم « وإن لم يتهوا عمًا يقولون ليم يمسن الّذين كقروا منهم عَذَابَ أليم» هذا تحذير وعلى رسوله المسبيح - عليه الصلاة والسلام - ومعنى الانتهاء يتضمن أمرين: أن يعدلوا عن ذلك القول وألا يعتقلوه ولا يؤمنوا به ولم يكتف بالانتهاء عن العقيدة» ولكن الله سبحانه ذكر انتهاء عن القول للإشارة إلى أن هذا كلام يقولونه» ولا يمكن أن يكون عقيدة يعتلقونهاء لآنه كلام لا يتفق مع العقل» وقد كذبهم عيسى - عليه السلام ‏ بما قرره فى دعوته» وبين أن الشرك ظلم عظيم» وأن من يشرك بالله مأواه جهلم »2 وحرم الله تعالى عليه الجنة . والخللاصة: أن هذا الادعاء قول يرددونه معا فيلحدون به وهو باطل» إِذ كيف يولد ويكون إلهاء وقد هددهم بالعذاب الشديد يمسهم» وهنا إشارات بيانية : الآولى - التعبير «يمسهم) إذ المراد أنه يصيب جلدهم» وهو موضع الإحساس فيهم» أى أن العذاب المؤلم مستمر؛ إذ يمس جلدهم» ويصيب موضع الإحساس فيهم. الثانية ‏ أن من هنا بيانية أى يمسهم ذلك العذاب ما داموا مصرين على قولهم وكذبهمء وقال: #الّذين». وعبر بالظاهر دون الضمير للإشارة إلى سبب العذاب وهو كفرهم؛ لأن التعبير بالموصول يشير إلى أن الصلة هى سبب الحكم. الثالثة - أن الله سبحانه وتعالى أكد العذاب الشديد ينزل بهم بالقسم المطوى الذى دلت عليه اللام» والنون المؤكدة» وتنكير عذاب» ووصفه بالآلم الشديد؛ لأن التدكير هنا للتعظيم والتكثير. لا تفسشبير سيور ة المائدة ١١ااالللائة111االااااااااالااالاا‏ زات للتلالااامامخممم ااال لات الالالال ل اللا تظتلا ممما تاللا اللا تتاُطظطْللططفظلل اشتظتل لج مه 37 «أفلا يتوبون إِلَى الله ويسسَغفرونَه واللّه عمُور رُحيم» بعد أن حذرهم سبحانه من الاستمرار على قولهم الإفك» وإدعائهم على المسيح ‏ عليه السلام - رغبهم فى الإيمان بعد الترهيب من العذاب الأليم.. وأن كتاب الله سبحانه وتعالى يجمع بين الترغيب والترهيب» ليؤمنوا خوفا من عذاب الله تعالى أو طمعا فى ثوابه» أو لهما معاء سيق الكلام لهذاء وليبين أن باب المغفرة مفتوح لمن استغفرء وطلب الغفران. وقوله تعالى: #أفَلا يتوبون» الاستفهام للدلالة على أمور ثلاثة: أولها - توبيخهم على ما كان منهم وأنه يستحق التوبة والاستغفار. وثانيها ‏ فيه تعجب من بقائهم على حالهم من الإفك والإصرار عليه من أنه لا يقبله عقل» ولا يذعن له مصدقء بل لا يتصوره متصور. ويدل ثالشا على تحريضهم على التوبة» أى الرجوع إلى الله تعالى» وما تقره العقولء. ولا تنبو عنه الأفهام. وعلى طلب الغفران عما سلف منهم من قول» وإن باب الغفران مفتوحء ولذلك ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت كلماته: #واللّه غَفُور رَحيم4. والله جل جلاله المعبودء ولا معبود بحق سواه يغفر الذنوب لمن تاب ورجع إليه وهو رحيم بعباده لا يرضيه أن يشقواء وأن رحمته سبقت عذابه وأنه سبحانه ليفرح بتوبة عبده أكثر من فرح العبد بقبولها؛ لأن الله تعالى يريد بعبده الصلاح والإصلاح» ولا يريد له الفساد والإفساد» وإذا تاب العبد انقلب من الفساد إلى الصلاح . ما المسيح ابن مريم إلا رَسُولَ قد حَلْت من قبل ارْسل وََمهُ صليقة» فى هذا النص الكريم (تسجيل) لحقيقة عيسى ابن مريم وأمه. وأن ما اختصا به لا يمكن أن يجعلهما إلهين من دون الله كما قالت البربرانية وغيرها من فرق التصارى» وكما حكى الله تعالى عنهم وعن عيسى عليه السلام فى قوله تعالى له: 9 .. أأنت فلت للنّاس انُخدُوني وأمَي إِلَهينٍ من دون اللّه . ٠.٠‏ نزت © [المائدة ] . وأن النص الكريم الذى نحن بصدد ذكر معانيه» فيه بيان أن عيسى وأمه ليس فيهما ما يجعلهما مختصين بصفات ليست فى غيرهما فعيسى عليه السلام تفسير سورة المائدة ااال للك سم سر ا ليس إلا رسولا وقد خلت أى مضت من قبله الرسل فإبراهيم كان رسولاء ومن قبله كان نوح رسولاء وهؤلاء مضواء ولم يدع الألوهية لهم أحد كما نحلتموها يا معشر النصارى للمسيح - عليه السلام ‏ وإذا كان له معجزة خارقة للعادة بإحياء الموتى » فأولئك كانت لهم معجزات لا تقل عنها تأثيراء ولا تقل عنها فى ذاتها. وقد قال الزمخشرى فى ذلك وتبعه من بعده: (ما هو إلا رسول من جنس الرسل الذين خلوا من قبله جاء بآيات من الله تعالى كما جاءوا بأمثالها أن أبرأ الله الأكمه والأبرص» وإحياء الموتى على يده» فقد أحيا سبحانه وتعالى العصا وجعلها حية تسعى وفلق بها البحر وشق على يد موسى» وإن خلقه من غير ذكر فقد خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى). ونزيد على ما قاله الزمخشرى أن معجزة كل نبى بما يناسب عصره» فعصر سيدنا عيسى كان عصرا يؤمن بالأسباب المادية» وكان فى عهده الفلاسفة الطبيعيونء الذين لا يؤمنون بغير الآسباب التى يرونهاء فكانت معجزات عيسى عليه السلام خرقا حسيا صارخا لهذه الأسباب» فولادته كانت بغير السبب المعروف» إذ كان من غير أب» وما كانوا يحسبون أن الأكمه الذى ولد أعمى يبصرء وما كانوا يعلمون أن البرص يشفى منهء فشفاه الله تعالى على يديه» وما كانوا يرون الحياة ترد بعد الوفاة» فأحياها الله تعالى على يديه؛ كما أجاب لإبراهيم عندما دعا ربه قائلا: ظ وذ قَال إبراهيم رب أرني كيف تحبي الموتئ قال وم ؤم قَال بلَى ولكن ليَطْمكسَ قَلِي قال فَحْذ أربعة من الطَيرٍ فَصرهن إليك ثم اجعل على كُل جيل مَنْهنَ جزءا ثم ادعهن يأتيلك سعيًا واعلم أن الله عير حكيم +420 4 . جاء عيسى - عليه السلام ‏ فكانت حياته وآياته كلها داعية لبطلان ذلك الاعتقاد بأنه لا شىء إلا الأسباب والمسببات. ولكنهم تمكنوا من اتباعه من بعده بشلاثة قرون» فأخرجوهم من اتباعه» وأعادوهم إلى الأسباب والمسببات» وأخرجوه من البشرء وزعموا أنه إله. #ا تفسير سورة المائدة مم ل 000 04 لجمبو]إن لي وأمه لا تخرج عن أنها مخلصة صادقة تابعة للنبيين من قبله وله عليه السلام» والصديق هو الذى لا يقول إلا صدقاء ولا يكذب» ويصدق الحق ويدعو إليه»ء ويستمر عليه» فالصديق هو الصادق فى قوله وعمله والمصدق للحق المذعن له إذا جاءه» وقال الأصفهانى فى مفرداته: (الصديقون هم قوم دون الأنبياء فى الفضيلة) فهم المرتبة الأولى بعد الأنبياء. ويلاحظ أنه عند ذكر عيسى فى القرآن يذكر أنه «المسيح ابن مريم» تأكيدا لبشريته» لأنه يرى بالحس مولودا بعد أن لم يكن» وأن ولادته من مريم البتول فكيف يتركون المحسوس إلى أوهام» وحياتهما تدل على البشرية» ولذا قال سبحانه : كان يأكلان الطَّعَام انظر كيف تبي لَهُم الآيّات ثم انظر أَنّى يَوَفَكُونَ4 ذكر الله تعالى هنا بيان خواصهما الآدمية الحيوانية بعد بيان منزلتهما عند الله تعالى» إذ إن الأول رسولء والثانية صديقة» ولا تتجاوز منزلتهما عند الله تعالى ذلك. وهما فى الحياة المادية كسائر الأحياء من الأناسى يأكلان الطعام ويعملان على ذلك» وهما لهذا محتاجان إلى غيرهماء والإله لا يحتاج لغيره» ويقول الزمخشرى فى ذلك: (إن من احتاج إلى الاغتذاء بالطعام» وما يتبعه من الهضمء والنقض - لم يكن إلا جسما مركبا من عظم ولحم وعروق وأعصاب وأخلاط وأمزجة مع شهوة وقرم وغير ذلك مما يدل على أنه مصنوع مؤلف مدبر كغيره من البشر!!) ولكنهم مع كل هذا تركوا الأعراض التى تدل على الآدمية وأماراتهاء ولذلك قال تعالى: إنظر كيف نين لهم الآيّات4. أى انظر يا محمد إلى الأدلة على آدميته التى هى قائمة» وكيف بيناهاء وصرفنا لهم القول الذى يدل على الحقيقة» ولكنهم ماديون يؤمنون بالمادة وأسبابهاء ولذلك انصرفوا عن الحق وعن الإيمان» وخضعوا لأوهامء ولذا قال تعالى: لاثم انظر أَنّئ يوَفَكُونَ». وقد عبر ب «ثم»» للدلالة على بعد بين ما تدل عليه الآيات وحالهم» ثم على بعد ما يقولون عن الحق» إذ يرون بالحس إنسانا يولد» ثم يفرضونه إلها بزعمهم؛ والإفك الصرف عن الحق» يقال: الل 2 حب ا أفكه يأفكه إذا صرفه عن الأمر أو الحق» ولذلك يقال للكذب إفك؛ لأنه صرف عن الحقيقة» والمعنى الجملى انظر كيف ينصرفون عن الحق لأوهام لا يعقلونها مع قيام الأدلة الحسية على بعضهاء ولكن ذرهم فى غيهم يعمهون. اللهم لا تصرفنا عن الحق بأوهامناء إنك سميع الدعاء. أ 200 جهم مم أ سككرا وَصسلوأحن سَوَاٍ ألْسببيلٍ نا لع لذن حت بعو 5م ل 0 سم و سس 2 حكهفرو امنب إِسْرهِيلَ عل لان دَاوودَ وَعِيسَىى أبن مَرْيَمَ َك يِمَاعَصَو اوكا يتمدو (07 كا وا لايَسسَاهَوعِن تُنحك رف فلَنَت 29ج ساك حرس حرام ماك أينَمَلُو ( كرّئ كدْراَئهَمَ 1 أ 0 دم سم 0 سوكء - 2# يتَوََو ىََأأذبنَ كهفروا لبنس مَاقَدَّمَتَ رأَنفسمم أن سَضْط أَسَهْعَلئَهمْ وف الْعَدَابٍ هم حَلِدُونَ نيه ع معروء و م رصم 20 14 رومت ير وَأَلنََ وَمَآأَنزِك إِلهِ 0 2 11 #خر ع اه ا مَاَعَخَدُوَهُمْ أَوَلِيَةَ وَل كيرا مهم فتيفوت كم :1 اا تفسشير سور ة المائدة اللا 211111121111100 ١١ الا‎ ١: - الكلام موصول بما قبلهع لآن أولئك النصارى يعبدون عيسى ‏ عليه السلام - ومنهم من يعبد معه أمه» ويقولون هما إلهان من دون الله» ومنهم من يعبد ثلاثة ويجعل الله تبارك وتعالى ثالثهم: تعالى الله سبحانه وتعالى عن ذلك الوهم الباطل» والكذب الفاحش» وقد بين سبحانه وتعالى أن عيسى ‏ عليه السلام - وأمه الصديقة بشر كسائر البشرء يحتاجون إلى غيرهم» وهما آدميان يأكلان» ويفعلان كل ما هو من مقتضيات الإنسانية ومظاهرها. اوقد بين مع ذلك كيف يعبدون مع هذه الحال» فقال لنبيه» قل لهم: 9أتَعبدونَ من دون الله ما لا َمل لَكُمْ ضرا ولا تفع . الاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع» والتعجب مما وقع منهم» وإنكار الواقع» توبيخ على سوء الفعل» وسوء التقدير» فهم يعبدون بشرا أو حجرا ويتركون عبادة الله تعالى» كما فى قوله تعالى : لإما لا يملك لَكُم ضرا ولا تَفْعا4 للعموم» وهى بهذا العموم تشتمل على ما يعبد من حجر وغيره» ولعدم اقتصاره على عيسئ وأمه ذكر بلفظ (ما) الدال على العموم» لا بلفظ (من) الدال على العقلاء. ومعنى لا يملك ضرا ولا نفعا: أنه لا يملك المرض والسقمء ولا البلاء ولا الشدائد» كما لا يملك النفع بدفع الضرء ولا جلب الخيرء ولا إنزال الغيث» ولا إرسال الرياح مبشرات بين يدى رحمته» ولا غير ذلك مما ينفع الوجود كله. وهنا لا بد أن نتعرض لأمرين: أولهما - كيف يقال إنهم يعبدون من دون الله مع أن المشركين يقولون: فإ ... ما تعبدهم إلا ليقربونا إِلَى الله زلفئ .. . 22> 4 [الزمر] . والنصارى يعبدون ثلاثة أو اثنين على اختلاف طوائفهم ولم يتركوا عبادة الله ونقول: أن من يشرك العبادة مع الله تعالى لا يقال إنه عبدالله؛ لأن عبادة الله تعالى تقتضى أن تخلص العبادة له سبحانه؛ وألا يعبد سواه بأن يفرده بالعبادة وحده إذ لا يستحق العبادة معه أحدء. ويقال حينئذ إنه عبد ما دون الله تعالى» إذ كانت عبادته ضد عبادة الله تعالى . مالل 1 لسرب أ ثانيهما - أنه قد يقول بعض الجاهلين إن من الناس من يضر ومن ينفع» ونقول: إنه نفع جزئى » وضرر جزئى » ولا يكون إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى» ولو اجتمع أهل الأرض على أن يضروك بشىء لم يكتبه الله تعالى عليك» لم يضروك» ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشىء لم يكتبه الله تعالى لك لم ينفعوكٍ وقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت كلماته: #واللّه هو السميع العليم» . أى أنهم يتركون عبادة الله تعالى وحده وهو العالم بكل شىء الذى لا يغيب عن علمه شىء فى الأرض ولا فى السماءء وهو العالم علم من يسمع ويرى»* وهو بهذا العلم المحيط الدقيق الذى أحاط بكل الوجود يكون هو وحده الذى يضرهم وينفعهم» يتركونه ليعبدوا ما لا ينفع ولا يضرء ولكنه ضلال العقول. #قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق4 الغلو: تجاوز الحدء وهو فى الدين التعصب لهء والتشدد فيه» وتجاوز الحد فى أداء ما يطلب كالانهماك فى العبادة كما كان يفعل بعض المتشددين فى دينهم الذين نهاهم النبى كلد وقد ورد فى الأثر: «لن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه» ولكن سددوا وقاربوا(١2‏ وكما نهى النبى - عليه الصلاة والسلام ‏ قوما عكفوا على العبادة» وتركوا نساءهم» فقال عليه الصلاة والسلام : اما بال أقوام تركوا النساء وقاموا الليل وصاموا النهار وإنى أقوم وأنام وأصوم وأفطر ولم أنقطع عن النساء»("©. وإن هذا النوع من الغلوء وإن كان غير محمود ولا مستحسن فى الإسلام» لا يمكننا أن نعده غير حق فى أصله» لآن أساسه حق. وإن غالوا فيه وربما يقول كثيرون إنه غير الحق . )١(‏ سبق تخريجه. زهة6 رواه أحمد: باقى مسند المكثرين باقي المستد السابق ١177١‏ . ورواه البخاري بلحوه : التكاحم- .)١8-5( هاا تفسير سورة المائدة مم الل 111 بطر 7 ونعود إلى النص الكريم . أمر الله تعالى نبيه أن ينادى أهل الكتاب» ويخاطبهم بقوله :إلا تَغلوا في ديكم ء غير الْحق». والمعنى لا تتجاوزوا الحد» وتشددوا فى دينكم غلوا غير الحق» فكلمة غير الحق وصف لمحذوف» والوصف كاشف لأن الغلو دائما غير الحق عندهم» لأنه مجاوزة للحدء وكل مجاوزة للحد لا يمكن أن تكون حقاء وقد قال الزمخشرى أن من الغلو ما هو حق, كالغلو فى التنزيه» ومنها ما هو غير حق كالغلو الذى وقع فيه النصارى من الإفراط فى تقديس عيسى وأمه» يصح أن يكون (غير الحق) منصوبا على أنه حال من الدين نفسه أى لا تغلوا وتشددوا فى التمسك بدينكم» وتمنعوا أنفسكم عن أن يدخلها النور حال أن دينكم هو غير الحق. وفى الجملة النص لمنع تشدد النصارى واليهود فى التمسك بدينهم غير الحق» والامتناع عن قبول الهداية التى جاءت إليهم» وهم فى هذا التشدد يتبعون الآهواء» ولا يتبعون الحق» وهم مقلدون لمن ضلوا وأضلوا. لإولا تتبعوا أهواء قَومِ قد ضلُوا من قبل وَأَضْلُوا كثيرا وضَلُوا عن سواء السَيل» الهوى معناه الميل إلى ما فيه شهوة ولذة» وخير الناس من كان هواه ولذته فى طاعة الله تعالى» ولقد قال النبى يلد فيما روى فى الصحاح: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لا جئت به2100 ولكن كلمة الهوى لا تكاد تستعمل فى القرآن إلا فى مقام الذم فى الاتباع» جاء فى تفسير فخر الدين الرازى ما نصه: قال الشعبى: ما ذكر الله تعالى لفظ الهوى فى القرآن إلا ذه قال تعالى : 8 تع الهوى فيضك عن سبيل الله . ٠‏ لخ 4 [ص] 8 .. واتبع هوآه فتردئ اك . وما ينطق عن الهوئ 21 4 [النجم] . «أفرأيت من انّحَد إلهَه ... 228 4 [الجائية ]. وقال أبو عبيدة: لم نجد الهوى إلا فى موضع الشرء ان فلان يهوى الخيرهء إنما يقال يريد الخير ويحبه.. وقيل سمى الهوى هوى؛ لأنه يهوى بصاحبه فى النار» وأنشد فى ذم الهوى : )١(‏ سبق تخريجه. ل تفسير سورة المائدة اللو ماللا 17س رب ل إن الهوى لهو الهوان بعيته ‏ فإذا هويت فقد لقيت هوانا جملة القول فى ذلك أن الهوى يطلق ويراد به تجدب حكم العقل» والاتجاه إلى حكم الشهوة والإحساس من غير نظر إلى منطق العقل وما يدعو إليه الدليل» وسواء السبيل: وسط الطريق» والمراد أنهم ضلوا عن الحق» وهو دائما بين الإفراط والتفريط» فهم ضلوا عن القصد والحق والاعتدال. ولتتكلم فى معنى النص الكريم» أن الله تعالى فى علمه وحكمته ينهى أهل الكتاب عن الاستمرار فى الاتباع لقوم قد ثبت ضلالهم قديماء وكانوا من قبل فى ضلال بعيد» وهم عبدة الأوثان» ومن كان على شاكلتهم ممن امترعوا آلهة على هواهم لا على منطق استقاموا عليه» ولا على نور من السماء اهتدوا بهديه» وقد سلكوا مسلكهم» فأدخلوا الوثنية فى دينهم واتبعوا فلسفة ضالة مضلة. وهؤلاء الذين اتبعوا أهواءهم. وضلوا بسبب ذلك أضلوا خلقا كثيراء حتى شاع بينهم الانحراف عن الطريق» فكانت وثنية اليونان والرومان والفلاسفة هى التى أضلت خلقا كثيراء فالضلال الأول هو ضلال الوثنية من قبل وهى التى أضلت النصارى» والإضلال هو سيطرة ذلك على من سيطروا عليهم؛ والضلال الأخير هو عدم خمضوعهم لحكم النبى كَْةٌ وتركهم سبيل المؤمنين الذى كان فيه القصد والاعتدال فتأثرهم بأهواء من ضلوا من قبل وأضلوا جعلهم يأخذون طريق الضلال الأخير» وهو عدم الأخذ بهداية الرسول يك لعن الّذِين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم» أى لعن الله تعالى الذين كفروا من بنى إسرائيل بأن طردهم من رحمته» وجعلهم مظهرا للحسد والبغض فى هذه الأرض» وكأن الحق على غيرهم من الناس فى جبلتهم الأولين» وقد مسخوا أنفسهم» وشوهوا أخلاقهم فلعنهم الله تعالى» وهنا مسائل لا بد من الإشارة إليها : الأولى ‏ لماذا بنى (لْعنَ) الفعل للمجهول ولم يذكر الفاعل؟ والجواب عن ذلك أن الفاعل معلوم» وهو الله تعالى؛ لأن داود وعيسى نبيان يتكلمان عن الله ها تفسبير سور: ة المائدة ه 1لألاكلاا ااال ااانا !)مامالا ماللا اططخ ممممنململلللالاانطم ناكمل للالالاطططال لللللا ب بز يي تعالى» فما ينطقان عن الهوى» وهما لا يملكان الطرد من رحمة الله تعالى» وأن فى البناء للمجهول فوق ذلك إشعارا بأن اللعن يستحقونه من سوء أعمالهم» ثم إن البناء للمجهول فيه إشارة إلى عموم اللاعنين مع الله سبحانه وتعالى؛ إذ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا. الثانية - أن اللعنة منصبة على الذين كفرواء وليست على عمومهم. وذلك من إنصاف الله فى أحكامه. وإن كان الذين آمنوا بنسبتهم للذين كفروا عددا قليلاء كما قال تعالى: 8 ... منهم أَمَة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعمَلُونَ +420 4 [المائدة ]. وأنه واضح أن من أسباب لعنتهم كفرهم مع عصيانهم؛ لأن التعبير بالموصول يفيد أن الصلة من أسباب الحكم. والثائئة ‏ أن الله تعالى ذكر أن اللعن جاءهم على لسان داود وعيسى ابن مريم» وهما نبيان جاءا بعد موسى - عليه السلام ‏ وأحدهما كان نبيا مجاهدا محارباء قادهم إلى مواطن الظفرء ومع ذلك لعنهم الله على لسانه» والثانى كان رسولا مسالا ومع ذلك لعنهم بأمر الله تعالى» فهم ملعونون فى الحرب والسلم على سواء. ولقد جاء فى بعض كتب التفسير عن ابن عباس رضى الله عنهما ‏ أن أهل إيليا عندما كان اليهود بها ودنسوهاء لا اعتدوا يوم السبت» قال داود عليه السلام: اللهم ألبسهم اللعن مثل الرداء» ومثل المنطقة على الحقوينء ولما طلبوا المائدة» وقال الله تعالى: 8 ... إِنَي منَزلَها عليكم ... 3ك 4 [المائدة]. قال عيسى عليه السلام: اللهم عذب من كذب بعد ما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين . وإن الذى يبدو لنا أن هذا بيان لما نزل بهم من لعن مستمر جاء هذا اللعن على لسان داود ومن جاء بعد حتى كان عيسى» فكان لعن الكافرين عاما» يستوى فى ذلك من كان يجاهد بالسيف» والحرب» ومن كان يجاهد بالسلم» فلعنهم الله ها تفسير سورة المائدة الل 1س اك 1 بي #ذلك بما عصِوا وَكانوا يَعْتَدُونَ» هذا بيان لسبب اللعن والطرد من رحمة أعمال أولئك الذين كفروا من أهل الكتاب عصيان الله سبحانه وتعالى» أمرهم بعبادة الله وحدهء فكان منهم إشراك» وأمرهم بالإيمان باليوم الآخر فكان منهم من أنكرهء وأمرهم بإطاعة النبيين ففريقا كذبواء وفريقا يقتلون» وأمرهم بألا يعتدوا يوم السبت فاعتدواء» وأمرهم بألا يأكلوا الريا فأكلوه» وهكذا كانت بمعونة غيرهم 2 وبالغوا فى الإفساد وإيقاد الفتن إن ضعفوا عن المقاومة الظاهرة. والعصيان لله وأخصه الاعتداء هو سبب الطرد من رحمة الله» وعموم وقد عبر عن العصيان بالماضى للإشارة إلى قرار العصيان فى طبائعهم ونفوسهم » وثباته فيهاء وعبر عن الاعتداء بالمضارع؛ لآنه مستمر قائم» ويذلك العصيان إليهم جميعا» والاعتداء إليهم جميعاء لأنه كان من بعضهم» وأقره سائرهم أو سكت عنه باقيهم» فكان منهم وقوعا ورضاء ولذا قال سبحانه : كانُوا لا يتَاهَونَ عن منكر فَعلُوه بس ما كَانوا يفعلُون» هذا النص فيه معنى التفسير للآية السابقة» لأنه يبين عموم العصيان والاعتداء فيهم» لأن الاعتداء فى الكثير يقع من بعضهم» فكيف ينسب إلى كلهم» وفى هذا النص إشارة إلى أن سبب فساد الأمم فى عمومها هو السكوت على المنكر فيهاء والمتكر هو الأمر الفعل الآثمء ومعنى النص على هذا: أنهم يعصون الله تعالى ما أمرهم ويصرون عليه » ويستمرون على فعلهم» فلا يتوبون ولا يرجعون» ولكن ليس هذا هو 9 (##/ تفسيرسورة المائدة ١‏ الول ااال رب اا والإطلاق الثانى لمعنى التناهى أن ينهى بعضهم بعضا إذا وقع المنكر فيهم وهو الظاهرء والتناهى عن المنكر يشتمل على ثلاثة معان كلها داخل فيه: أولها - أن يوجد فيهم ناه عن الشر يأمرهم بالملعروف وينهاهم عن المنكرء سواء أكان الناهى عددا كبيراء أم كان عددا قليلا» فليست الكثرة مطلوبة» إنا المراد الوقوع منه. ثالشها ‏ أن يستنكره؛ لآن السكوت عنه رضاء وبذلك يدفع الاعتراض الذى أورده بنعض الممسرين وهو كيف يتصور النهى عن الفعل بعدهء فنقول: إن النهى عن المذكر بعد وقوعه إنما هو استنكاره» لآأنه يمنع الفعل فى المستقبل . وقد نسب الفعل إليهم أجمعين إذ وقع من بعضهمء وسكت عنه سائرهم ولذا قال سبحانه: «لبئس ما كانوا يفعلون» . وقد أكد سبحانه وتعالى نسبة الفعل إليهم باللام والقسم المطوى» وذمهم ذما مؤكداء فالفعل بكس يدل على الذمء والذم كان منصبا على الفعل رجاء إيمانهم» وقد ردى ابن مسعود أن النبى يكةٌ قال:«من رضى عمل قوم فهو منهمء ومن كثَّر سواد قوم فهو منهم)(21. والآبة تدل على أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قوام الآممء ولا صلاح لهم إلا إذا قاموا بحقهد, فالأمم تصلح بالأمر بالمعروف» وتفسد بتركه» ولذلك اعتبره القرآن خاصة الأمة الإسلامية» وبه خيرهاء قال تعالى: 8 كنم خَير مه أْخْرجَت للئاس تأمرون بالمعروف وتَنْهُون عن المدكر وتؤمنون بالله ... 11[ 4 2000 رواه الديلمي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. جامع الأحاديث (151959) جلاء ص4 "7. ب تفسير سورة المائدة الل م سوه - يي وقد قال عليه الصلاة والسلام: «والذى نفسى بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المتكرء أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عندهء ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم217(0. ويقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المتكر بين ظهرانيهم» وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه»(21. ولقد تنبأ رسول الله يَكِْةِ أن ضياع المسلمين عندما يختفى فيهم الآمر بالمعروف والنهى عن المتكرء فقد روى أنس بن مالكء أن بعض صحابة رسول الله كله سألوه قائلين يارسول الله: متى يترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ قال َلِهِ: «إذا ظهر فيكم ما ظهر فى الأمم قبلكم». قالوا: يارسول اللهء وما ظهر فى الأمم قبلنا؟ قال ذَللِةِ: «إذا كان الملك فى صغاركم.ء والفاحشة فى كباركمء والعلم فى رذالكم)9” . فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو عصام الأمة وهو مكون الرأى العام الفاضل» ويقال: إن الأمة كلها تعصى إذا ظهر العصيان» ولم تستنكره. #ترئ كثيرا مهم يعولّوْنَ الّذينَ كَفَرُوا4 هذا عمل من أعمال اليهود تذهب بهم بغضاؤهم» وحقدهم على المؤمنين إلى أن ينضم كثيرون منهم للمشركين» فالمراد بالذين كفروا أولتك الذين كفروا بالوحدانية» وبلغوا غاية الكفر وأقصاهء وذلك يدل عليه التاريخ» فقد ذهب قوم من اليهود»ء وألبوا على النبى كلل المشركين» ووالوهم.» والتولى الموادة والمناصرة والانضمام إليهم» وفى كل حرب دخلها النبى يَكْةٌ كان اليهود مع عهودهم الموثقة مع المؤمنين يوالون المشركين زاعمين أنهم فاتحو المدينة» فبنو النضير خانوا العهد وبنو قريظة وبنو قينقاع كذلك . )١(‏ زواه أحمد: باقي مسند الأنصار- حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه (-5715). (؟) رواه أحمد : مسند الشاميين - حديث عدي بن عميرة الكندي (/179751). والحديث رواه ابن ماجه: الفتن - قوله تعالى: #عليكم أنفسكو» »)401١5(‏ وينحوه رواه أحمد: باقى مسند المكثرين )١1971(‏ عن أنس بن مالك رضي الله عنه. 9 لإا تفسبير سور ة المائدة ممالل 7 ليها > ا وفسر بعض العلماء الذين كفروا بالجبابرة من الملوك الكافرين» فهم يتولون كل ذى قوة» ولو كان جبارا عاتياء وينسب ذلك الرأى إلى محمد الباقر بن على زين العابدين» وفيه غرابة» وإن كان معناه سليما: لالبئس ما قَدَمَت لهم أَنفْسَهُم أن سخط الله علَْهم وفي الْعَذَاب هم حَالدون» (بئس) كما ذكرنا تدل على الذم» و(ما قدمت) أيديهم هو ما قدموه من عصيان وعدم التناهى عن المنكرء والاعتداء وتولى المشركين والحبابرة» وقد أكد سبحانه وتعالى الذم بالقسم واللام» والتعبير بما قدمت أنفسهم يشمل الفعل والقول» والحقد والمسد والمظهر فى هذا الذم ينالهم أمران خطيران» أحدهما ‏ سخط الله تعالى وحسب ذلك شرا فى مآلهم» وأنهم مخلدون فى العذاب» وقد أكد سبحانه عذابهم بكلمة ‏ هم وتقديم (فى العذاب)» وتخليده» وقد بين سبحانه أن ولاية المشركين والجبابرة أمر مذموم لأنه ضد الخير»ء فقال: «ولو كانوا يؤمنون باللّه والتبي وما أنزل إِلَيْه ما انَحَذُوهم أُوليَاء» إن أولئك اليهسود يحسبون أنهم يؤمنون باللهء وأن لهم أنبياء جاءوا إليهمء وكتبا خوطبوا بهاء فيبين الله سيحانه وتعالى أنهم لو كانوا يؤمنون بالله حق الإيمان وأنه واحد أحد فرد صمدء وأن له رسالة يعثهاء وأن لهم نبيا خاطبهم عن الله تعالى ما تركوا ولاية الموحدين» واختاروا ولاية المشركين الذين لا يوحدون الله ولا يؤمنون بنبوة نبى مرسل » ولا بكتاب منزل ولكنهم حاقدون حاسدون متمردون على الحق " إشباعا لأهوائهم» ولذلك ختم الآية بقوله: #ولكن كثيرا مَنْهُم فَاسقون» استدراك فيه بيان لحالهم» وسبب تركهم موالاة المؤمنين» فذكر أن كثيرا منهم خارجون متمردون على الحق بسبب ما فى قلوبهم من حقد وحسدء ونرى إنصاف القرآن بينا واضحا إذ لم يرمهم جميعا بالفسوق عن أمره» وقد أكد فسوق الأكثرين بوصفهم بالفسق» وكأنه وصف مستمر لهمء وليس حالا عارضاء اللهم اهدنا فيمن هديت» واشف قلوينا من الغل والحسد. اا تفسير سورة المائدة ل ملل م ليها ط تت ٠. ًّ 7‏ َّ تت عن يي سس سل سر لور وص <ت لتجد ناشدالناس علاوة لازم ونءامنوا الْيَهودٌ 0 د 1 7 عور د ل هه لذي أشركوا ولتجد م أفربهم مودة للزين . 7 س7 ل 6س م رح قَالوأإِنَاصدرَئ دَالِلك بان مِنْهُمٌ مه بن و ار 2201 ووس سد سام 2 مر جطم قسّسيرج ورهباناوأن هد لاستكرون نا 72 090000 سول ركه عستْه م تفِيض مرت 3 ط. عا ١‏ بحسم 5 ْو 1 55 اس لدع عار ا ونَرَينَآءامنَاكا كبْنسَامَمَ لشَهِدِينَ 2ه وَمَالمَالَامْوْين بأّوَماججآه6 يبال ماقا لوجتت صحرى من حتهَا اله حَارن فيه كان ما تقدم من آيات من قوله تعالى: 576 الّذين آمنوا لا تتَخذوا اليهود والتُصارئ أولياء بعضهم أولياء بعض ... 2202 4 [امائدة]. فى شأن المؤمنين فى معاملتهم لأهل الكتاب» وقد ذكر أحوالهم مع المؤمنين» وخص اليهود بالذكر؛ لأن عداوتهم لأهل الإيمان كانت مستحكمة» وإيذاءهم للمؤمنين كان مستمراء ولقد كان القرآن الكريم منصفا للحقيقة كشأنه دائما ‏ عندما فرق بين النصارى من جانب واليهود والمشركين من جانب» ولذلك قال سبحانه: #التجدن أَشدّ الثاس عداوة لَلّدِينَ آمنوا اليهود والّذين أشركوا ولتجدن أفربهم مودة» . (/إ#ا تفسير سورة المائدة 2 اللي 00 ىب اه فى هذا النص الكريم يؤكد سبحانه وتعالى بالقسم وبنون التوكيد - أن أشد الناس عداوة للمؤمئين اليهود والذين أشركواء والخطاب للنبى كَكلْةِ وإذا كان الخطاب له - عليه الصلاة والسلام: فإن كلمة: # لتجدن». فيها معنى توكيد العداوة, لأن النبى - عليه السلام - يجدها محسوسة واضح فى المعاملات التى تقع بينه وبين اليهودء وبينه وبين المشركين» وما كان من النصارى معهء ويكون من شدة العداوة» وقرب المودة هو ما كان من معاصرى النبى مَلٌِِ من اليهود والذين أشركواء والذين قالوا إنا نصارى. ويصح أن يكون الخطاب لكل أهل القرآن الذين يقرءونه ويخاطبون بأحكامه وآياته» من الذين آمنواء ويلاحظ هنا عدة أمور: أولها ‏ أنه سبحانه ذكر اليهود قبل الذين أشركوا؛ لآن عداوة اليهود منشوها الحقد والحسد اللذان قد يرسخان فى النفس اليهودية» وهما دائما فيها ما دام اليهود على هذه الحال التى أركسوا أنفسهم فيهاء وقد عبر عنهم بالوصف» ولم يقل الذين هادوا للإشارة إلى أن العداوة حال دائمة مستمرة مستحكمة» حتى أن النبى وَل يقول:«ما خلا يهودى بمسلم إلا هم بقتله21(0 ومع أن اليهود أقرب فى الاعتقاد من النصارى؛ تجد النصارى فى الماضى كانوا أقرب» والقرب فى الاعتقاد سببه الشائع بينهم هو الوحدانية» أما النصارى فإن الشائع بينهم هو التثليث ولكن العداوة لا تتبع القرب أو البعد فى الاعتقاد» بل تتبع مقدار الحسد والبغض» وفوق ذلك» فإنه من المقرارت فى علم الآراء والمعتقدات أنه كلما تقاربت العقيدتان تنازعتاء وكان التناحر أشد. لطمع كل طائفة فى أن تأخحذ الأخرى إليهاء وقد عبر ١‏ رواه ابن النجار عن أبي هريرة رضي الله عنه. جامع الأحاديث )١9175(‏ ج275 ص777. وفي كنز العمال - متفرقات الأحاديث (69؟1١١)‏ ج١ء‏ ص١15:‏ ما خلا يهودي بمسلم قط إلا حدث نفسه بقتله. وفي كشف اللخفا :)751١(‏ - ما خلا يهوديان بمسلم إلا هما بقتله. رواه التعلبي وابن مردويه وابن حبان في الضعفاء عن أبي هريرة مرفوعا. وفي رواية ابن حبان: اليهودي) و لهمّاء بالإفراد. ها تفسير سورة المائدة الل 1 ١1 الاك‎ | يي" سبحانه عن المشسركين ب «الذين أشركوا»؛ للإشارة إلى أن الشرك قريب الزوال منهم» وهو السبب» أما اليهود فالسبب هو الحقد وليس قريب الزوال» إذ استكن فى قلوبهم أن كل مخالف لهم فى دينهم عدو لهم يحقدون عليه؛ ولأنهم كانوا يريدون أن تكون النبوة دائما فيهم لا تخرج عنهم. الأمر الثانى ‏ أن العداوة مقابلة بالمودة» فالأمر ليس خلافا فى الاعتقادء بل هو المودة أو العداوة فليس لقرب الاعتقاد أو بعده أثر فى العداوة» وعلى هذا كان اليهود أشد عذاوة من النصارى» والنص يومئ إلى أنهم أكثر عداوة من الذين أشركوا بتقديم اليهود» لأن المودة لم تقطع من كل الوجوه بين النبى عليه السلام والمشركين من قريش» بل إن ما كان يفرقه الاعتقاد يقابله مودة الرحم» وإن كانت حروب . الأمر الثالث - لماذا عبر عن النصارى بقوله تعالى : لالّذين فَالوا إن تصارى». وقد أجاب عن ذلك بعض المفسرين بأنه تشريف للنصارى» لأن عيسى - عليه السلام - عندما قال: ظ ... مَن أَنصّاري إِلَى الله قَالَ الْحوَاريُونَ تحن أنصار الله . 27> 4 [الصف]. فقوله تعالى: ظالّذِينَ فَالُوا إن نصارى». تذكير بهذا الموقف الكريم فى مقابل قول اليهود عندما دعاهم موسىٍ إلبى دخول الآرض المقدسة فقد قالوا: # . ... فَاذْهَبْ أنت وَربّكَ فقَاتلا إِنَا هاهنًا قاعدون +20 4 [المائدة] . هذا كلام بعض المفسرين ولكن يلاحظ أن الذين قالوا نحن أنصار الله هم الحواريون» والذين كانت بينهم مودة المسلمين ليسوا هم أن أولئك هم الحواريون الذين سلمت عقيدتهمء أما الذين يتحدث عنهم فهم كانوا من أهل التثليث ثم تاب الله تعالى عليهم» ولقد ذكرهم بهذا العنوان : «الّذين قَالُوا ِنَا نصارى» . ٠‏ فى مقام الذمء فقد قال تعالى: «إ ومن الّين قَالُوا إن تصارى أَحَذنا ميعَاقَهم فَنَسوا حَظًَا مما ذكْرُوا به : +ري © [المائدة ] . ولأجل هذا لا نقول إن التعبير بقالوا إنا النصارى فيه تشريف» إنما هو بيان أن هؤلاء يقولون أنهم نصارى» ولكنهم ليسوا نصارى عيسى - عليه السلام - وإن كانوا من بعد ذلك قد اهتدوا. (إناا تفسير سورة المائدة م الالالال لحر ا الأمر الرابع - من هم اليهود الذين هم أشد عداوة» ومن هم النصارى الذين كانوا أقرب مودة؟ قال بعض المفسرين: إن المراد منهم الذين عاصروا النبى عَكِل وقد كانوا كذلك حقاء ولكن قال ابن جرير: إن الوصف عامء فاختار أن هذا الكلام ينطبق على كل أقوام كانوا بهذه المثابة. وعندى أن النصارى ليسوا النصارى فى عهد النبى تلد فقطء بل كل من ينطبق عليهم وصف المودة فى كل عصرء ومن لا ينطبق عليهم» فهم إلى اليهودية أقرب» وإليها أدنى» وقد قال سبحانه: لإذلك بأَنَّ منهم قسيسين ورهبانا وأنّهُم لا يَستَكْبرُونَ4. فى هذا الكلام بيان السبب» فى قرب المودة الذى كان بين المؤمنين والنصارى فى عهد النبى يل أن توافرت الأسباب» ولم يكن القسس والرهبان دعاة عداء وبغضاء؛ والقسيس هو عالم النصارى بأحكام دينهم» والمتفحص أحوالهم؛ والمرشد لهم وأصله من «قّس» بمعنى تتبع» فالقسيس لا يشرك الإرشاد» والرهبان جمع راهب كركبان جمع راكب» وتطلق كلمة رهبان على المفردء كما تطلق على الجمع» وهو الرجل الزاهد المتبتل المنصرف للعبادة فى زعمهم»ء وهو يقوم بعمل القسيس فى العبادة» بيد أنه ينفرد عنه بالانصراف الكلى عن الدنيا ويتخصص للعبادة والإرشاد والتوجيه. ولا شك أن حال القسيسين والرهبان فى عصر النبى كَكلِةِ كانوا كذلك» وكانوا القائدين للاهتداء بهدى الإسلام» فقد أخذوا بالكثيرين من نصارى الجزيرة العربية» واتبعوا الإسلام» واستمعوا إلى دعوة النبى عليه السلام» وأن هذا النص ينطبق على كل قسيس يدعو بدعاية الحق» ويكون ممن يستمعون القول فيتبعون ع8 احسئه . وفى ذلك الكلام تعريض باليهود الذين تركهم أحبارهم وعلماؤهم فى غيهم يعمهون» فكانوا لا ينتاهون عن منكر فعلوه» ولم ينههم الربانيون والأحبار عما 0 تفسير سورة المائدة الل 1 سس اا وهناك مع ما كان القسيسون والرهبان عليه وصف آخر هو السبب فى إيمان الكثيرين منهم فى الجزيرة العربية» ثم الشام ومصر من بعد ذلك» وهو أنهم: #لا يَستَكْبرُون4. وقد جعل ذلك سببا قائما بذاته» وأكد سبحانه وتعالى سببيته ب «أن» وبالجملة الإسمية» وعبر سبحانه فى خبر الجملة الإسمية بالفعل المضارع لتصوير حالهم فى عدم الاستكبار» وأن الاستكبار هو داء اليهود الدوى» وهو داء المشركين فاليهود يحسبون أنهم أبناء الله وأحباؤهء وأنهم من صنف فوق الناس» وأن الجميع دونهم» فذهب بهم غلواؤهم إلى الكفر والضلال» وقتل الأنبياء وتكذيبهم» والمشركون ما كفروا بما جاء به النبى كله إلا أنهم رأوا العبيد والفقراء والضعفاء هم الذين يتبعونه» فذهب بهم اعتزازهم بالباطل ألا يتبعوهء وقالوا مقالة قوم نوح له: 9 ... وَمَا راك اتبَعَك إلا الّذين هم أَراذلنَا بادي الرّأي ... +200 4 [هود]. ونصارى الجزيرة العربية ومن شاكلهم جانبوا الكبر» فقربوا من الحقء وقد بين سبحانه حالهم فى اتباع الحق. لوَإدًا سَمعُوا ما أنزل إِلَى الرّسول ترئ أَعينَهمْ تفيض من الدَمْع مما عَرفُوا من الْحَقَ» الرسول هو محمد كله ما أنزل إليه هو القرآن» وأنهم لإيمانهم بالحق» إخلاص قلوبهم» واطمئنان نفوسهم إلى الحق وقد طلبوه بمجرد أن سمعوا القرآن فتحت نفوسهم له وكأنهم كانوا يطلبونه» وأولئك طائفة من نصارى الشرق منهم من كان يؤمن بأن عيسى رسول الله وأن الإنجيل بَشرّ محمد ذَككلهِ فلما سمعوا القرآن وسمعوا محمداء وعندهم صفاته فاضت الدموع من عيونهم فرحا به» إذ قد استشرفوا له فوجدوه فكان بردا وسلاماء وقد يكون مع المشارقة من النصارى طائفة من اللمثلثين وهو الظاهرء كانوا يحسون أنهم فى ضلال» وظلام متكائف من الأوهام» فلما رأوا النور تمشوا إليه. ومعنى قوله: «ترئ أَعينهُم تفيض من الدَمْع مما عَرفُوا من الحق» أن الدمع ينزل من عيونهم فائضا عما تمتلئ به بسبب الحق الذى عرفوه» ومقتضى الكلام أنهم كانوا فى حيرة حتى وجدوهء وأثلجت نفوسهم به» وقد قال الزمخشرى فى لها تفسيرسورة المائدة 1 الل لكلل 22122350211 2 جيمب_]]: يي توجيه الكلام من الناحية البلاغية: «معناه تمتلىّ عيونهم من الدمع حتى تفيض؛ لآن الفيض أن يمتلئ الإناء أو غيره حتى يطلع ما فيه من جوانبه فوضع الفيض الذى هو من الامتلاء موضع الامتلاء» وهو من إقامة المسبب مقام السبب» أو قصدت البالغة فى وصفهم بالبكاء. فجعلت أعينهم كأنها تفيض بأنفسها أى تسيل من الدمع من أجل البكاء». هذا كلام الزمخشرى فى التحرير البلاغى لمعنى تفيض أعينهم » وعندى أن الكلام مبالغة فى تأثرهم بدعوة النبى كله واستقامة قلوبهم وعقولهم نحو الحق» وسرورهم به» ومن السرور ما يكون مظهره انبثاق الدموع من العين . وقد أكد الكلام بأنه لم يعبر عنه بالإخبار» بل عبر عنه بالرؤية المبصرة التى هى أقوى أسباب العلم الحسى» وصور حالهم فى التعبير بالمضارع» وقوله تعالى: #إممًا عرفُوا من الْحي» . معناه أن سبب البكاء هو ما عرفوه من الحق» وهذا يدل على أمرين: أولهما: أنه تحقق لديهم ما وجدوه من أوصاف النبى يَكلة. ثانيهما: أنهم كانوا لنفاذ بصائرهم» وعظم مداركهم يحسون بأنهم كانوا فى ضلال» فعرفوا الطريق» وكانوا فى ظلام فاستناروا وكانوا فى حيرة فاطمأنوا. وإن هذا ينطبق على كل نصرانى طالب للحقء لم يطمس الله على بصيرته . ' وبعد أن بين سبحانه حالهم المرئية ذكر قولهم بعد اهتدائهم فقال تعالت كلماته: «إيقولون ربا آمنا انا مع الشاهدين» حكى الله سبحانه وتعالى قولهم وقد اتجهوا فيه إلى الله تعالى معترفين بربوبيته وحدهء وأنه على كل شىء قديرء ومقرين بالإيمان الصادق المنبعث من قلوبهم» وطلبوا من الله تعالى أن يكتبهم من الذين شهدوا بالحق» وشهدوا برسالة النبى يكوه كما قال تعالى: إ وكذلك اا تفسشير سور ة المائدة ملل م ١ ا‎ > يي جَعلَاكُمْ أمَّهَ وَسَطَا لتَكُونُوا شَهدَاءَ عَلَى النّاس وَيَكُونَ الرّسول علَيكُم شهيدا ... 22> » [البقرة]. . ْ 1 وكما قال تعالى: وَجَاهدُوا في الله حقّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج مَلة كم إنراهيم هو سمَاكُم المُسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكُمْ وَكُوُوا شْهَداء على لاس فَقِيمُوا الصلاة وأنُوا الرّكاة واعتصموا بالله هو مؤلاكم فَنعُم الْمولَى ونعم التتصير 227 4 [الحج] وهؤلاء الذين آمنوا لا يجدون غرابة فى أن يؤمنوا إنما الغرابة فى ألا يؤمنواء ولذلك حكى الله عنهم قولهم: 9 وما لَنا لا تومن باللّه وما جَاءنَا من الح وتطمع أن يُدَخلنا بن مع القوم الصّالحين :#2 [المائدة ] . الاستفهام هنا إنكارى فيه معنى التعجب,» وهو إنكار للوقوع» فهو بمعنى نفى أن يحدث منهم عدم الإيمان لأن موجب الإيمان قد وجدء وهو الإيمان لله تعالى جل جلاله» والحق الذى جاء إليهم وخوطبوا به ولا يوجد أى مانع يمنعهم من الإيمان» فالسبب قد تحقق ولا مانع» والاستفهام بمعنى النفى» وهو داخل على نفى» ونفى النفى إثبات» فمعناه إصرار على الإيمان» وقوله تعالى: لا نؤمن بالله» حال ما دخل عليه النفى» وصاحب الحال هو: «نا). والكلام يومئ إلى أنه كان هناك اعتراض» وكان كلامهم للرد على هذا الاعتراض» والتاريخ يثبت أنه كان اعتراض على من آمنوا من هؤلاء النصارى» والمنطق النفسى للجماعات فى قديمها وحديثها أن تستنكر من يغير دينه إلى دين الحق الذى ارتآه» وهؤلاء من الذى قال تعالى فيهم: ون من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إِليكم وما أنزل إِلَهم خاشعين . ٠.‏ نوكه # [آل عمران] . وقال فيهم سبحانه : ( اين اهم الكتاب من قبله هم به ينون +50 وإذا يتل عليهم َاُوا آمنا بهإِنّهُ الح من رَبَنا نا كنا من قبله مسلمين ج(2) 4 [ القصص ] ؛ ؛ طإوإذًا سمعوا اللّغْرَ أعرضوا عنه وَقَالُوا لَنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين #عم * [القصص]. نا تفسير سورة المائدة م 0000 333#6#5161017171115100000000 يجي 2 وإن إيمانهم هذا وإذعانهم للحق فى وسط إنكارهم لم يجعلهم يجزمون بالجزاء فى الآخرة» بل كانوا حقا كصادقى الإيمان يطمعون لا فى الجزاء وحده بل يطمعون فى أن يكونوا مع أهل الويمان الذين يجمعهم الصلاح فى الأعمال» ولذا قال سبحانه عنهم: #ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين*#. فهم لقوة إيمانهم يستصغرون ما عملواء ويطمعون فى أن يدخلهم ربهم الذى خلقهم . وأنماهم. وكفلهم برحمته وعنايته أن يدخلوا فى ضمن الذين اخمتارهم الله تعالى واصطفاهم» وهم قوم الله وحزبهء وهم الصالحون المصلحونء والمؤمن المخلص يستقل عمله بجوار أنعم الله تعالى عليه» فهو لا يستكثر بتقواه» ولا يمن بعبادته وليس حالهم كحال الذين يمنون على الله تعالى إذ قال تعالى: 9 يَمَنُونَ عَلَيِكَ أن أسلموا قل لأ تمنوا علَي إِسَلامَكُم بل الله يمن عليْكُم أن هَداكُمْ للإيمان إن كُسْمْ صادقين 08 4 [الحجرات] ْ ولقد كان ما أعده الله تعالى أكثر ما طمعواء وإذ أعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهارء ولذا قال تعالى: ظقَنَابَهُم الله بما قَالوا جنات تَجري من تحتها الأَنْهَارٌ خَالدين فيها ولك جزاء الْمحَسِينَ) . فى هذا النص الكريم إجابتهم إلى ما طلبواء وهو إجابة الله العزيز الكريم» وهو أكبر ما طلبواء لقد كانوا يطمعون أن يكونوا من القوم الصا حين وأن يكتبوا مع الشاهدين» فأجابهم بالجزاء الأوفى وهو ما أعد الله تعالى لعباده المتقين» كانوا يطمعون ويرجون» فسمى سبحانه ما أعطاهم جزاء وفاقاء» وكانوا يطلبون أن يكونوا مع الصا حين» فسماهم الله تعالى محسنين» أى مجيدين متقين فكان الجواب هو جواب الحكيم الكريم الذى يقول تعالت كلماته: هل جَزاء الإحْسان إلا الإحَسَان ج422 4 [الرحمن]. والثواب الرجوع بالشئ إلى حالته الأولى» وكان ثواب العمل من قبيل الرجوع إلى أصل العمل» أى أن ما ينالهم من جنات النعيمء أى من المقام الذى ينعمونء وإنما عاد إليهم من أعمالهمء ها تفسير سورة المائدة ل لحي لحب أ وذلك كرم من الله تعالى إذ جعل جزاءهم من العمل ذاته» وهو ذو الفضل العظيم» وذلك هو الجزاء لمن يحسن . وجعل سبحانه وتعالى الثواب على القول؛ لأنه يدل على الإخلاص؛ وعلى الإيمان الصادق» والعمل الطيب» فالجزاء على هذا كله الذى دل عليه القول الطيب . هذا جزاء أولئك الذين آمنوا وصدقوا الله تعالى» أما جزاء الذين كفروا وجحدوا فهو ما ذكر سبحانه وتعالى بقوله: #والّذين كَفروا وكَذَبوا بآياتنا أولتك أصْحَابُ الْجَحيم» . ش ا ذكر سبحانه وتعالى جزاء الذين استمروا على كفرهم فى مقابل جزاء الذين آمنوا وطمعوا فى رحمة الله تعالى» وأدركوا الحق فأذعنوا له» وكان جزاء الكافرين أنهم صاروا أصحاب الجحيم» أى الملازمين لها الذين لا يفارقونهاء والجحيم هى النار المتأججة التى لا تنطفئ» وقد استحق ذلك العقاب بسببين: أولهما - كفرهم وجحوددهم بالحقائق الثابتة التى جاءتهم والتى تدركها العقول السليمة» فهم قد استحقوه بكفرهم بها مع أن النفس السليمة تذعن لها من غير تردد» لأنها هى التى تتفق مع العقل والفطرة المستقيمة . الثانى - أنهم كذبوا بآيات الله تعالى أى الأدلة والمعجزات التى ساقها رب العالمين لتأييد النبى المرسل الذى أرسل إليهم» فهم لم يؤمنوا بهذه المعجزات» ولم يصدقوها. فكانوا حائرين بائرين» إذ لم يدركوا الحق فى ذاته وهو متفق مع العقل المستقيم» ولم يتقبلوا الأدلة القاطعة التى سيقت إليهم للدلالة على الحق الذى لم يدركوه. وهذان السببان هما اللذان من أجلهما كان العقاب» ولذلك عبر بالموصول الذى يدل على أن الصلة هى سبب الحكم» وعبر بالإشارة» وهى تدل على أن المشار إليه هو سبب الحكم. 3 - 505 ((لإنا تعفسلير سورة المائدة للم لل ل ١ الاك‎ ١ بي‎ وكلمة الذين كفروا تشمل من كانوا من أهل الكتاب ومن كانوا من غيرهم‎ جاءة)» وكلاهما كذب آيات الله تعالى التى ساقها للدلالة على رسالة الرسول»‎ . وحيث تحقق السبب تحقق المسبب لا محالة. وهو العذاب الأليم الدائم‎ هدانا الله إلى الحق. وإلى صراط الله العزيز الحميد.‎ م رس و2‎ يتانها الذينءامنوا‎ ل لو أطت 7100016 ل سس سحت سس لصم‎ 20 21 0 خحرّمواطيبتِ ماآحل‎ 3 له لات ادر د 54 عل أمما ب عي و ١‏ أت 7 عر عكر سويلوي 0 2 َو كريرْركََة قمََلدجَد و فَصِيَام 0 دَلِكَ لمر ينيك دشم وحمو لك سين لد ء ر ٍ - ىو 4 30 ء يلت للك ون 2 اعتبر القرآن الذين قالوا إنا نصارى أقرب مودة للذين آمنواء وزاد أن السبب فى ذلك أن فيهم قسيسين ورهباناء وذكر فى نص آخر أن فيهم رأفة ورهبانية ابتدعوهاء والرهبانية تقتضى التقشف والحرمان من أكثر طيبات الحياة» والإسلام لم يأت بهذاء بل جاء شريعة وسطا بين المادية الشرسة العنيفة» والروحانية ناا تفسير سورة المائدة ملل ىم لس لان المتخلصة من حاجات الجسم تخلصاء بل الإسلام أباح الطيبات وحرم الخبائث» ولم يقرر أن تعذيب الجسم من القربات» وقرر أن المشقات تحتمل إذا كان من الممكن الاستمرار عليهاء ولذلك جاء النص الكريم بإباحة الطيبات بعد الإشارة إلى الرهبانية فقال: ليا يها دين آمنُوا لا ُحرَمُوا طَيبَّات ما أحَلَ الله لَكُمْ ولا تععَدُوا إن الله لا يحب الْمْحّدِينَ4 النداء موجه للذين آمنوا بوصف أنهم مؤمنون» أى أنه ليس من الإيمان أن تحرموا الطيبات التى أحلها الله تعالى من لحم طرى» وسمك شهى» وشراب سائغ ) وزوجات هن زهرات هذا الوجودء فالطيبات هى المشتهيات الحلال» التى تستطيبها النفس ولا تمجهاء فإنها بناء الجسم ومصدر قوته على الجهادء وتطلق الطيبات على ما كان طريق كسبها حلالا لا خبث فيه» وكلمة (ما أحل الله لكم) إشارة إلى أن الله تعالى أحلهاء فتحريمها معاندة لله» ويدخل فاعل ذلك ضمن من يشملهم قوله تعالى: ولا تَقُوُوا لما تصف أَلْسَتْكُم الْكَذب هذا حلال وهذا حرام لَمرُوا علَى الله الدب . . 623 4 [ النحل ]. ْ ومعنى تحريمها أن يأخذوا على أنفسهم ميثاقا بألا يتناولوهاء فليس التحريم فى معنى الترك المجردء فقد يتركها؛ لأنه لا يستسيغهاء أو يتركها لمرضء أو يتركها عفوا من غير سبب» أما تركها بعهد يعهده وميثاق يأخذ نفسه به فهذا هو التحريم . وروى فى سبب نزول هذه الآية حديث نبوى شريف نذكره مع طوله نسبيا لأنه يبين معنى هذه الشريعة السمحة. روى أن رسول الله يلد جلس يوما فذكر الناس ووصف القيامة» فرق الناس» وبكوا واجتمع عشرة من الصحابة - رضى الله تعالى عنهم أجمعين - فى بيت عثمان بن مظعون الجمحى» وهم على - أكرم الله وجهه -» وأبو بكر - رضى الله عنه ‏ وعبد الله بن مسعودء وأبو ذر الغفارى وسالم مولى أبى حذيفة وعبدالله بن عمر والمقداد بن الأسودء» وسلمان الفارسى» ومعقل بن مقرد» لاا تفسبير سور: ة المائدة اناا ااالاللالاللتللل لكالل الا اااالالالكل]اة ا لطئ اللا للن الال مالالا لانالااانال الل لالط امال ناتالت اللا لالط ططط تسن سسططتتاللا ١ الا‎ 7 يي وصاحب البيت واتفقوا على أن يصوموا النهار»ء ويقوموا الليل» ولا يناموا على الفرش» ولا يأكلوا اللحم ولا الودك» ولا يقربوا النساء والطيب ويلبسوا المسوح» ويرفضوا الدنياء ويسيحوا فى الأرض» وهم بعضهم أن يجب مذاكيره. فبلغ رسول الله كَْكِ فأتى دار عثمان بن مظعون فلم يصادفه» فقال لامرأته أم حكيم: أحق ما بلغنى عن زوجك وأصحابه» فكرهت أن تنكرء إذ سألهاء وكرهت أن تبدى على زوجهاء فقالت: يارسول الله إن كان قد بلغعك عثمان فقد صدقك» وانصرف رسول الله كله فلما دخل عثمان أخبرته بذلك» فأتى رسول الله يَكلِدِ هو وأصحابه فقال عليه الصلاة والسلام أنبئت أنكم اتفقتم على كذا وكذا!!! قال: نعم يارسول اللهء وما أردنا إلا الخيرء فقال رسول الله كَلّْ: «إن لأنفسكم عليكم حقاء فصوموا وأفطرواء وقوموا ونامواء فإنى أقوم وأنام وأصوم وأفطرء وآكل اللحم والدسمء وآتى النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى» ثم جمع الناس وخطبهم فقال:١ما‏ بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنياء أما إنى لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهباناء فإنه ليس فى دينى ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع» وأن سياحة أمتى الصوم» ورهبانيتهم الجهاد. اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاء وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاةء وآتوا الزكاة» وصوموا رمضان. واستقيمواء فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد» شددوا على أنفسهمء فشدد الله عليهم» فأولئك بقاياهم فى الديار والصوامع)”'2 وإن هذا الحديث يدل على أمرين: أحدهما ‏ أن التشدد فى الدين يعجز صاحبه عن الاستمرار عليه» .ولو كان الناس جميعا رهباناء يزهدون فماذا يكون المآل أتبقى الدنيا أم تنتهى إلى الانقراض . الثانى - أن هذا الدين هو دين الحياة لا يقطع العابد عن الحياة» ولكن يجعله يعيش عاملا فيها غير منقطع عنهاء وأن التفاضل بين المؤمنين باستقامة النفس» . رواه أبو داود: الحسد () عن أنس بن مالك رضى الله عله‎ )١( ا تفسير سيور ة المائدة اليل سي أ ا وسلامة العبادة» وكثرة النفع للناس» كما قال عليه السلام: «خير الناس أنفعهم للناس21(22 ولقد قال فى هذا المعنى الحسن البصرى واعظ العراق: إن الله تعالى أدب عباده فأحسن أدبهم قال الله تعالى: ف لينفق ذُو سعة من سعته ومن قُدرَ عليه زقهُ فلفق مما آناه الله ... . 22 4 [ الطلاق] . ما عاب الله قوما وسع عليهم الدنياء فتنعموا وأطاعواء ولا عذر قوما زواها عنهم فعصوهء وإن شرط إباحة الحلال» ومنع تحريمه ألا يكون ثمة اعتداء. ولذا قال تعالى: #ولا تعتدوا إن الله لا يحب ؛ المعتدين» والاعتداء له شعيتان إحداهما ‏ تكون بالإسراف فى البذخ» والتعالى والتفاخر فإن ذلك يؤدى إلى استيلاء الشهوات على نفسهء وذلك يؤدى إلى الضلال إذ يكون عبد شهوته» وتنماع إرداته» ولذلك قال تعالى فى آية أخصرى: « ... وَكُلُوا وَاشْرِبُوا ولا تُسْرقُوا إِنّهُ لا يحب المسرفين 207 4 [الأعراف] وقد قال يليد «كلوا واشربوا والبسوا فى غير سرف ومخيلة)20. والشعبة الثانية ‏ أن ينحرف فيعتدى على حقوق الناس ويتناول المحرم» ويتجاوز ما شرعه الله تعالى إلى ما لم يشرعه. وإن هذا النص كان سلبيا بمنع أن يحرموا على أنفسهم, والنص الثانى إيجابى . «وكلوا مما رَرَقَكُم الله حلالاً طيّنّا وَانَُّوا الله الذي أَنثم به مؤمنون» الأمر هنا للإباحة» وقال بعضهم: إنه للتدب» وبعض يرى أنه واجب على المؤمن ألا يترك أمرا أباحه الله تعالى تركا مطلقاء ولا يكن قد حرم ذلك على نفسه. والتحريم )١(‏ عن جابر قال: قال رسول الله يَكلِ: «المؤمن إلف مألوف» ولا خير في من لا يألف» وخير الناس أنفعهم للناس» أرواه القضاعى فى مسند الشهاب (9؟6١)‏ جاء صم ١٠١‏ ]. (؟) سبق تخريجه. لها تفسير سورة المائدة اسيم لذ 1 22011111 14 لج ب_رر تس منهى عنه بقوله تعالى: «لا تحرموا طيّبّات ما أَحَلَ الله لكم 4 . والرأى عندى أن يكون الأمر للإباحة المستحسنة؛ لأن النبى - عليه الصلاة والسلام ‏ يقول: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)(١2‏ وقد زكى سبحانه وتعالى الطلب الإباحى أو النديى بأمور أربعة: أولها ‏ أنه جعله مما رزقه الله سبحانه وتعالى؛ وأن الله لا يرزق إلا ما يكون فى تناوله خيرء ولقد كان بعض التابعين يحرم على نفسه الفالوذج» فرد الحسن ذلك بأن الله تعالى رزقه إذ قال رضى الله تبارك وتعالى عنه: «لعاب النحل بلباب البر مع سمن البقر هل يعيبه مسلم». الأمر الثانى ‏ أن الله وصفه بأن يكون حلالا قد أحله الله تعالى ولم يحرمه؛ فإن إحلال الله تعالى نوع من ضيافته سبحانه وتعالى على رزقه» وأنى يسوغ لمؤمن أن يرفض ضيافة الله سبحانه وتعالى » فإذا رزقك الله ثوبا حسنا وأباحه لك؛ لأنه كسب طيب لا خبث فيه فاعلم أنه هدية الله تعالى أهداها إليك فإن اخترت خشن الثياب بدلا منه فقد رفضت هدية الله تعالى» وقد روى أن النبى يلد نهى عن الكبرء وذكر أنه لا يدخل الجنة متكبرء فقال بعض الصحابة: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناء ونعله حسناء فهل هذا من التكبرء فقال وَل (إن الله جميل يحب الجمالء الكبر بطر الحق وغمط الناس)20 , الأمر الثالث ‏ أن الله تعالى وصف الرزق بأن يكون طيباء والطيب يشمل وصفين أحدهما ‏ أن يكون طريق كسبه طيباء لا خبث فيه. فقد يكون الشىء فى () رواه أحمد: باقي مسند المكثرين- مسند أبي هريرة ( ما كما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص : الأدب - ما جاء إن الله تعالى يحب أن يرى نعمته على عبده (5819). هع رواه مسلم: تحريم الكبر وبيانه )4١(‏ عن ابن مسعود رضى الله عنه , وبطر الحق : دفعه وإنكاره . والغمط: الاحتقار والتعالى. ا تفسير سورة المائدة لل م سرب ا ذاته لم يحرمه الله تعالى» ولم يمنع استعماله» ولكن طريق الحصول عليه كان خبيثاء فالمال الذى اشتراه به كان كسبه خبيثاء» كأن يكون من ريا أو سحت أو نحو ذلك من أسباب الكسب الخبيثء» والوصف الثانى ‏ الذى تشمله كلمة الطيب أن يكون مرغوبا فيه» فإن كان طعاما يكون بحيث لا تعافه نفس المتناول» فإن كان كذلك لا يطلب منه أكله؛ لأن ما تأكله وأنت تشتهيه فقد أكلته» وماتأكله وأنت لا الأمر الرابع - هو أمره سبحانه وتعالى بتقوى الله تعالى» وقد زكى طلب التقوى بارتباطه بالإيمان بالله تعالى إذ قال تعالت كلماته: #وانَّقَوا الله الّذي أنتم به مؤمنون» . وجه التزكية ذكر لفظ الجلالة الذى يربى المهابة بالقلوب» وبيان أن الإيمان يقتضى التقوى», وأكد الإيمان بالله بالجملة الإسمية. والتقوى أن يلاحظ الشخص حبق الله تعالى وحق الناس فيما يتناوله من طيبات» وألا يدفعه ذلك إلى الغرور والتعالى» والتفاخر والاستطالة على الناس» وألا يدفعه طلب الحلال إلى نسيان الحمد والشكرء فى كل ما يتناوله» ويناله» وأن يقوم بحق الله تعالى» وحق الناس» وأن ينعم بالنعمة» ويصبر إذا أزالها» ويكون من المتقين الصابرين المذكورين فى قوله تعالى: « ولك أَدَقنَا الإنسان منّا رَحَمة ثم تَرَعتَاهًا منه إِنّه لبئوس كُفور 37> ولئن أَذَقَاهُ تعماء بعد ضراء مَسَتْه ليقوآنَ ذَهَب لسيّقات عي إِنّهُ فرح فخُور ج6102 4 [ هود ] . فالنعم تحتاج إلى صبرء وإعطائها حقها من الشكرهء والنقم تحمتاج إلى إلا يؤاخذكم الله باللَغو في أيمانكم ولكن يَوَاخذَكُم بما عَقَّدتُم الأيمَان4 كان الذين يحرمون على أنفسهم ما أحله الله تعالى يتخذون الأيمان ذريعة لذلك» فيحلفون ألا يآكلوا أو ألا يأتوا النساء» أو أن يقوموا الليل ويحرموا أنفسهم من متعة النوم وهكذاء فبين الله تعالى فى هذه الآية تحلة هذه الأيمان» وأنه يجب هاا تفسير شسور: ة المائدة اللللممالللل لول الل اكه 12 عليهم؛ أو يسوغ لهم الحنث فى هذه الآيمان» لقول النبى عليه الصلاة والسلام : امن حلف على شئ فرأى خيرا منه فليحنث وليكفر»(27. اللغو هو من لغا العصفور وهو صوته؛ أطلق على كلام من لا يعتد به ولا يلتفت إليه» كما قال تعالى فى أوصاف المؤمنين: <( ... وإِذَا مروا بِاللَّغْو روا كراما :50 4 1 الفرقان] ظ .. . وإِذَا حَاطَبَهم الْجَاهلُونَ قَانُوا سَلاما 227١‏ 4 [الفرقان] . ولغو اليمين الذى لا مؤاخذة عليه بنص القرآن قال بعض الفقهاء ومنهم الشافعى: أنه ما لا يقصد به الحلف» بل يجىء فى مجرى الكلام» مثل لا والله بلى والله»ء وروى ذلك عن عائشة رضى الله عنهاء ويزكى ذلك التفسير قوله تعالى فى آية أخرى: «إلا يؤاخذكم الله الَو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت فلوبكم .. . +23 4 [ البقرة] . والذى يقابل ما كسبت القلوب هو ما لا تكسبه القلوب» وقال الحنفية: هو أن يحلف على شىء مضى على أنه كما قال ثم يتبين أنه غيره» فعلى حسب اعتقاده لا يكون عليه شئ» وهذا التفسير مأثور عن مجاهد رضى الله عنه» وعلى ذلك تكون المعقدة مقابلة للغو. وظاهر الآية الكريمة أن معقدة الإيمان هى الحلف على الامتناع عن فعل فى المستقبل أو الإصرار على فعل؛ لأن ذلك هو الذى يسير مع السياق من التحريم على النفس» وأصلها من العقد. وهو فى الحسيات جمع أطراف الشىء» وفى المعنويات جمع أطراف الكلام» وصيغة التفعيل تدل على توثيق الكلام وتأكيده وقرئ بالتخفيف”' 2 وهى فى معنى التضعيف . والذى يظهر لنا وسط اختلاف الفقهاء فى التفسير أن اللغو ما لا يقصد به اليمين؛ وما لا تكسبه القلوبء ولا يونّق به الكلام بالامتناع» عن الفعل» أو )١(‏ سبق تخريجه. (؟) #عقدتم» بالتخفيف», قرأ بها عاصم (غير حفص والمفضل)؛ وحمزة» والكسائي» وخلف. وقرأ ابن ذكوان بالألف #عاقدتم#. وقرأ الباقون بالتشديد. غاية الاختصار - برقم (8171). ل( تفسير سورة المائدة الل و > اا توكيد إيقاع الفعل فى المستقبل» لا مؤاخمذة عليه إنما المؤاخذة على ما تكسبه القلوب إذا حنث فى يمينه فعدل عما اعتزم» كمن يعدل عن تحريم ما أحل الله ولذا قال سبحانه: #فَكفَارته إطْعَامِ عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رَقبّةِ4 الكفارة من الكفر وهو السترء فالكفارة ستر الخطيئة وستر الخطيئة عند الله تعالى إزالة أثر الاعتداء» والضمير يعود على الحنث المقدر فى القول» فكفارته أى كفارة خبئه» ولا مانع من أن يعود على الحالف إذا حنث» ويظهر لنا ذلك؛ لأن التكفير يكون عن الشخصء ولا يكون على اليمين» ولا على الحنث فيه إلا على اعتبار أنه محو لسيئة الحالف فى الحنث» وعدم البر بيمينه . وقد خير الحالف إذا حنث بين أمور ثلاثة يختار إحداهاء وهو سيختار الأيسر عليه اقتداء بالنبى يَكللدِ إذ قالت عائشة فى أخلاق النبى عَلكِْة: «ما خير بين أمرين إلا اخحتار أيسرهما ما لم يكن إثما)(21 فالواجب هو واجب مميز بين ثلاثة وليس واحدا منهم بأولى من الباقين إلا أن يكون أيسرهما عليه» فإن كان من تجار الأقمشة كانت الثياب أيسر عليه. والأمر الأول المميز فيه الطعام» وقد عبر سبحانه بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم» فما المراد بالأوسط. وما نوع الواجب أهو الإطعام بالفعل؟ أم يشمل التمليك الذى يكون به الإطعام» وهل العدد مقصود لذاته؛ أى لا بد أن يكون المطعومون عشرة لا ينقصون؟ . أما كلمة أوسطء ففيها رأيان: أحدهما ‏ رأى كثيرين من المتقدمين . أن المراد أمثل ما يطعمون به أهليهمء ؛ لأن الأوسط فى كثير من الاستعمالات هو الأمثل» قال تعالى: «قَال أوسطهم سَطْهم ألم أل لَكُم ولا تُسبّحون 0# 4 [القلم ] . )١(‏ متفق عليه؛ روآه مسلم : الفضائل - مباعدته يَدَِقّ للآثام واخختياره فففضةة والبخاري بنحوه وفيه زيادة: الحدود - إقامة الحدود (59/85). 1 503 ا تفسير سورة المائدة الا 11100000000000 +11[ [ # #1 #1 1# [#1[#[1[#[ 1[ 13[ 1[ 1[ 1[ 1 ذ ذآذآ5آ1آآ1 223500321221212 سس اا أى قال أمثلهم فكرا ونظراء ويزكى هذا أن إطعام عشرة مساكين يقابل بالكسوة وعتق الرقبة» ولا يتصور المقاربة إلا إذا كان أمثل الطعام لديهم» ومؤدى ذلك التصوير أن يكون أولئك الفقراء فى ضيافة من حنث فى يمينه» يستضيفهم ؛ لآن رب البيت يقدم لضيفة أمثل ما يستطيعه من طعام. وقال آخرون: إن الأوسط هو المتوسط الذى يعد المتوسط فى طعامه» فليس هو أقل ما يأكله أهله ولا أكثر بل يكون بين ذلك قواماء وقد اختار هذا الرأى ابن جريرء والأكثرون من الفقهاء. وإن الإطعام يكون بالتمكين من ذلك», وهو الأصل» وخصوصا عند من يفسر الأمثل بالأوسط» وفى هذه الحال يقدم لهم وجبتين من الطعام ليستطيعوا الاعتماد عليها طول اليوم» وإذا لم يكن الإطعام متيسراء ملكهم من أنواع القوت ما يقابل ذلك؛ والأكثرون على أنه يقدم نصف صاع من برء واختلافهم فى مقدار الصاع. لا فى أصل التقدير. والأكثرون من الفقهاء على أنه لا بد من إطعام عشرة» وقال الحنفية: إذا أطعم واحدا عشر مرات يغنى عن إطعام العشر؛ لأن القصد إمداد الفقراء بحاجات تغنيهم» وليست العبرة بمغايرة الأشخاص ولا بالعدد فى ذاته» والكسوة يلاحظ فيها أن تكون سابغة فى الحمملة» ولقد قال مالك وأحمد: لا بد أن يدفع إلى كل واحد منهم من الكسوة ما يصح أن يصلى فيه رجلا كان أو امرأة كل بحسبه. وعندى أنه يرك تقدير الكسوة إلى ما يليق بالمعطى مع ملاحظة أن يكون سابغا . والرقبة أيشترط فيها أن تكون مؤمنة؟ لقد ورد عتق الرقبة موصوفا بأن تكون مؤمنة فى كفارة القتل خطأء فالأكثرون من الفقهاء جعلوه وصفا فى كل تكليف بعتق الرقبة؛ لأنه قد اتحد الموضوع» واتحاد الموضوع يكفى فى حمل المطلق على المقيدء ولأن المعنى فيه تحرير رقاب المؤمنين» ولآن الصدقات تكون للمؤمنين» وقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد إلا إذا اتحد الموضوع والسبب» وعتق تفسير سورة المائدة للام للا االلللول ل االللللللاللللللل 0 حمل بط تي الرقاب فى ذاته قربة إلى الله تعالى» والرأى عندى أنه لا يعتق غير مؤمنة إذا كان يملك مؤمنة. من لم يَجد فَصيام ثَلانّه و4 الفاء هنا تفصح عن شرط مقدرء والمعنى إذا لم يكن عنده ويريد أن يحنث ولم يجد فصيامه ثلاثة أيام» وثلاثة الآيام يصومها تطهيرا لنفسه» ولتقوى إرادته» وتشتد عزيمته» فالصوم طهرة للنفس» ويزكى العزيمة الصادقة والتجرد الروحى» ولكن أيشترط أن تكون الأيام الثلاثة متتابعة» قال كثيرون: لا يشترط أن تكون متتابعة؛ لأن النص لم يشترط ذلك» ولآن التيسير يتحقق بعدم شرط التتابع. والنبى عليه السلام» يقول «يسروا ولا تعسروا(27» وقال أبو حنيفة رضى الله عنه: إن التتابع شرط؛ وذلك لأنه لا يمكن تحقق أنها ثلاثة أيام إلا متتابعة» ولا يتصور أن يكون قد كفر عن يمينه إذا كان يصوم فى كل عام يوماء ولأن ذلك رأى كثير من الصحابة منهم عبدالله بن مسعود. ونحن نختار ذلك الرأى» وقبل أن ننتهى من الكفارة لا بد من أن نتعرض لأمرين : أولهما ‏ أيسبق الحنث الكفارة ولا كفارة إلا بعد الحنث أم تجوز الكفارة قبل الحنث؟ قال الأكثرون بالأول لأن السبب هو الحنث؛. وما دام لم يتحقق فإنه لا كفارة» وقال آخرون: يجوز أن تتقدم الكفارة عند نية الحنث» وتقوم النية مقام الحنث بالفعل. ثانيهما ‏ إذا حلف على شىء فرأى خيرا منها يجب عليه أن يحنث قال الظاهرية ذلك لقول النبى كل (من حلف على يمين فرأى خيرا منه فليحنث وليكف 700) وقال غيرهم: لا يجب؛. ونحن نرى أن يوازن بين مقدار الضرر الذى سيترتب على الاستمرار» والخير الذى يجلبه الحنثء فإن رجح الثانى وجب الحنث. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري: العلم - ما كان النبى كله يتخولهم (2)59 ومسلم بلفظ : ااوسكنوا ولا تنفروا»: الجهاد والسير - الأمر بالتيسير وترك التنفير (5/ا١).‏ (؟) سبق تخريجه. الل الل حر اه «ذلك كقارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أَيمائكم كذلك بين الله لكم آياته َعلَكُم تَشْكْرُونَ» ذلك الذى تقدم هو سائر أيمانكم أى ماحى إثمها شرعه الله تعالى لكم رجاء أن تشكروه إذ خفف عليكم وسهل لكم فعل الخير إذا امتنعتم عنه ووثقتموه بيمين» فسهل لكم سبيل الخروج بكفارة سهلة ميسرة» فقوله تعالى: للَعلَكُمْ تشْكْرُونَ» متصل بقوله: «ذلك كَقَارٌَ أَيْمَنكُمْ إذا حَلفتمِ. فسهل لكم الحنث بذلك التفكير السهل. وحفظ الأيمان يتحقق بألا يكثر منهاء ولا يكون مهينا ينطبق عليه قول الله تعالى : ولا تطع كل حلاف مَهين 12 4 1[ القلم ] وألا يمتنع عن الخير بالخلف» فلا يجعل الله تعالى عرضة ليمينه» وأن يصون بينه فلا يحلف إلا لإرادة الخير» لديأ ل 1 010 كمه ادس متم يوارج ن « مام صما واج 2 َع لما د لخر و مَنْصَم لِالشَمِطنٍ يوه َلك تفْلْحُونَ نري إِتَمَايريِةٌ ليطن نوق 2 كم ألعداوة وَالْبعْصَاءق كلمي وَيصدَمء ا هَل َنم مندهوت جره وأطيعوا ا رَسَولِنا بلع المبين 22 لعل لذبت ءامنوأ وح ملوأ اليب بن ارماك وَءَاممُووحبِلُوأ ع لمَلِحَتٍ ‏ تو اموأ تكسو جلي 5 دهم 6 يي 9ه تفسير سورة المائدة الل 2 جم تي بين سبحانه أنه لا يصح تحريم الحلال» وطالب بتناوله» وأنه ليس من الإسلام تعذيب الجسم فى سبيل تطهير الروح» بل إن الروح القوى لا يكون إلا فى الجسم السليم الذى يستوفى حاجة الحياة الطيبة التى لا إثم فيهاء وإن المحللاات لا تخصى عدداء والمحرمات من الأطعمة تحصى » وهى محصورة. والمحرمات تكون لأحد أمرين إما لخبث فى ذاتهاء كالخمر والخنزير والميتة» وإما لاقترانها بما يمس العقيدة» ما يدعو إلى الإشراك» ومن الأشياء ما تكون «إيا أيها اين آمنُوا إِنَمَا الْحَمرُ اليس والأنصاب والأَزْلام رجس من عمل الشيطان» الخمر بمعنى المصدر هو السترء ولذلك يقال لما يستر به الرأس عند النساء هم ' ناما تق فيه قرها المع اللخوى الأصيل» فهى تكرن لكل مسكر يخمر العقل ويستره» وبعص الفقهاء قال: إنها اسم المسكر المتخذ من ماء العنب والتمر لما روى عن النبى يَكِْةِ «الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة»217 وقال بعض الفقهاء إنها لا تكون للمطبوخ» بل تكون للنىء. وقال الحنفية: إن الخمر المذكور تحريمها بالنص فى القرآن الكريم هى النيء من ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزيد» فهذه هى الخمر الذى جاء بتحريمها النص القرآنى . وما جاء من الأشربة المحرمة» فقد ثبت تحريمها بالقياس ؛ لأنها تشترك مع الخمر المحرمة بالنص فى علة التحريم» وهى الإسكار فيحرمت لإسكارها لا لورود النص بها. () رواه مسلم: الأشرية» والترمذي: الأشربة - ما جاء ف في الحبوب التي يتخذ منها الخمر (14174). كما رواه النسائى» وأبو داود» وابن ماجه وأحمد. لاا تفسير سورة المائدة م لل لللللل 353 لطل يآ > از هذه هى الخمر الواردة فى القرآن وكلام الناس فيهاء والميسر هو القمارء وهو يشمل كل كسب بطريق الحظ المبنى على المصادفة من كل الوجوهء وهو يكون للعب على المال: فالترد على مال للكسب قمارء والشطرنج على المال قمارء وهكذاء وتحريم الميسر لذات الفعل» فالفعل فى ذاته حرام» والكسب عن طريقه والأنصاب تطلق عند عرب الجاهلية بإطلاقين: أحدهما ‏ نصب من الحجارة كانت تعبد» أو تقدس . والإطلاق الثانى: حجارة مقدسة كانت تخصص للذبح تقربا للأصنام . والأزلام جمع زلمء وهصى السهام التى كانوا يتقاسمون بها الحزور أو البقرة إذا ذبحت» فسهم عليه واحد» وسهم اثنان وهكذا إلى عشرة» وقد حرم القرآن القسمة بذلك لأنها من الميسر. وقد جمعت هذه الأمور كلها مع تحريم الخمر؛ لأنها متجهة جميعها إلى الخبائث» فالخمر ومعها الميسر كانا مقترنين فى التحريم؛ لأنهما عادة كانا مقترنين فى الواقع. فيندر أن يلعب الميسر من لا يشرب الخمر» وشارب الخمر المدمن عليها ويكون له من اللحم بمقدار ما يعلمه السهمء فإن كان واحذا أخذهء وإن أكثر أله والنصب جمعت مع هذه ؟ لأنها أصنام وهى الأصل فساد فى العقيدة» أو لأنها مقدسة لا تؤكل الذبيحة إلا إذا ذبحت عليهاء فكان جمعها مع الخمر والميسر الشرع ولا من العقل» فهى ذات صلة وثيقة بالآية التى قبلها. وكان جمع هذه الأشياء مع ما سبق لأن لها مصدرا من الطبع واحداء وحكما من الشرع واحدا» وهو أنها رجس » ومن عمل الشيطان» والرجس كل ما استقذر» سس سس سس رب ل وهو يطلق أولا على الأشياء القذرة التى تعافها ولا تستطيبها النفس أو أن عواقبها وبيئة» وتطلق بالإطلاق الثانى على الأعمال السيئة التى لا يقبلها العقلاء» ولا مبرر لها عند أهل البصر والإدراك» والخمر مستقذرة فى ذاتها لآن النفس لا تستطيبها شراباء» ولولا العادة ما تعودها الناس لعدم مساغهاء ونتيجتها مستقذرة لأنها تفقد الشخص الإدراك» يكون قذر العمل» يأتى بما لا يستحسنه العقلاء» وهى مستقذرة؛ لآنها ضارة بالجسم أبلغ الضرر وأشده» فهى تفسد الكبد» وتضل العقل» ولقد حرمها بعض الجاهلين على نفسه» ولما قدمت له قال: (لا أتناول ضلالى بنفسى) وهى تثير النزوات والشهوات» ويروى أن أعرابية جاءت إلى مكة» فأسقيت الخمرء فلما ثملت قالت: أنساؤكم يشرين الخمرء فلما قيل لها: نعم. قالت: إن نساءكم لزوان. والخمر أم الخبائث؛ لأنها تسهل كل الخبائث» فما من شر يريد أن يقدم عليه الشخصء» ويتردد فى ارتكابه إلا سهلته الخمر» فهى تميت النفس اللوامة» أو على الأقل تضعف صوتهاء وتخدر الوجدان» وهو الإحساس بما فى العمل الذى يعمله من خطر» ومن أجل ذلك كله حرمت. ولا يقال إنها حرمت للإسكار فقط» حتى لا يزعم ناس أنها حلال له؛ لأنه لم يسكرء فذلك قول باطل أولا ‏ لأن النص قاطع فى التحريم» وكل اجتهاد مع النص اجتهاد فاسد» وثانيا ‏ لآن كون الشىء مسكرا لا ينظر فيه إلى الحزئيات بل النظر فيه إلى شأنه» ولا تخرم القاعدة الكلية بشذوذ جزئى . وثالئا - لأنها تميت الضمير والوجدان أو تخفت الصوت اللاتكم» وتذهب بالحياء وهو عصام الأخلاق والمجتمع السليم . والميسر مستقذر؛ لأنه يؤدى إلى الشحناء وأكل أموال الناس بالباطل» واتخاذ الأنصاب مستقذر لأنه لا يتفق مع العقل ولا يدعو إليه الفكر المستقيم» وهو من ضلال العقول وفساد النفوسء, والأزلام لون من ألوان الميسرء وشكل من أشكاله» وهو قذر بكل صوره» وبكل أشكاله. لكلل الل ١: كاك‎ 1 يي وإذا كان ذلك كله رجساء فلماذا يتناوله العقلاء؟ فأجيب بأنه من عمل الشيطان الذى يحسن القبيح» ويقبح الحسن. «فَاجتبوه لَعَلَكُمْ تفلحون» الضمير فى: 8 فَاجْسَبُوه4 يعود على كلمة رجسء والفاء للإفصاح عن شرط مقدرء وتقدير الكلام هكذا: إذا كان تناول هذه الأشياء» رجسا ومن عمل الشيطان» فاجتنبوه لتنالوا الفوز والفلاح أو لترجوا الفوز والفلاح» فمعنى قوله تعالى: طلْعلّكُمِ تفلحود» أى لترجو الفوز والفلاح» فلا فوز لقوم يضلون عقولهم بأنفسهم» ويفرون من واجباتهم بالخمر يشربونهاء وبالموبقات يتسلون بها وبإضلال عقولهم وضياع تفكيرهم. و«اجتنبوه» معناها اجعلوه فى جانب وأنتم فى جانب» وهو أقوى من «لا تشربوها» فى الدلالة على التحريم؛ لأن «اجتنبوها» لا تدل فقط على تحريم الشرب بل تدل على تحريم الشرب مع جعلها فى جانب» وابتعاد» وهى تتضمن النهى عن الشرب» ومجالسة الشاربين» لأن مجالسة الشاربين لا يتحقق فيها الأمر بالاجتناب» بل إن الاجتناب يتضمن النهى من المرور على الحانات أو غشيانها . وقد زكى التحريم للخمر ولميسر بأمرين باقترانهما باتخاذ الأنصاب والأزلام» ووصف الجميع بالقذارة الحسية المعنوية» وثانى الأمرين ببيان بعض الآثار من إلقاء العداوة والبغضاءء والصد عن ذكر الله فقال: 9إإنمَا يرِيدُ الشَيطان أن رقع كم الاو والبغاء في الخثر والمسر يدم عن ذكر الله وعن الصّلاة» . البغضاء: البغض الشديد» وهو يقطع الصلاتء ويثير الأحقادء ويجعل الناس قلوبهم شتىء وإذا أعلنت البغضاء كانت العداوة المستحكمة» والمنابذة والشحناء» فالعداوة أخص من البغضاءء لأنها بغضاء معلنة'متنايذة» أما البغضاء المجردة فتكون مستكنة لا تظهر وإن كانت آثارها عنيفة مثيرة للنفور مربية للأحقاد والأضغان. ل( تفسير سورة المائدة لاااتالزااالاااالاااز اللا ااا انالا االلاالالاالااااا ل الاااارالاللا لل ن لالتلا تلان للطط خالا املاط اتات لالط ططخل طاطخلل خللا طلا خسطسط ططخل طة ا للالكا 00 لسرب أ وقوله تعالى: 9إإِنمَا يريد الشَيطان4 فيه قصرء أى قصر إرادة الشيطان فى الخمر والميسر على إثارة العداوة والبغضاء وإلقائهما فى الأنفسء والعلاقات الاجتماعية بين الناس بعضهم مع بعض» وهذا يفيد أمرين: أولهما ‏ أن الخمر والميسر لا يدفع إليهما عقل مدرك مدبر» ولكن يدفع إليهما شهوة نفسية جامحة هى من تحريكات النفس ”"الأمارة بالسوء . وثانيهما - أنه يترتب عليهما الفرقة المادية بين الناس بالعداوة التى تقام بينهم» وبالبغضاء التى تولد فيهم الإحن المستمرة. وليست العداوة والبغضاء هما فقط عمل الشيطان» بل له عمل آخر أشد وهو أنه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة» وفى الواقع أن كلا الأمرين متلازمان» فحيث كان الصد أى الإبعاد عن ذكر الله وعن الصلاة» كان إلقاء العداوة والبغضاء فى القلوب؛ لأنه إذا وجد الإعراض عن ذكر الله وعن الصلاة كانت الأنانية» ولا شئ يقطع ما بين الناس» ويثير العداوة والبغضاء أكثر من الأثرة ومجانبة الإيثار. فا خمر والميسر تناولهما يؤدى إلى أمرين أولهما ‏ العداوة والبغضاءء وثانيهما ‏ الصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة» أما أداؤها إلى العداوة؛ فلأن الخمر إذا شربت غاب العقل الظاهرء وظهر العقل الباطن» وكشف السكران كل مستورء وبين كل ما فى الأنفسء وانطلقت الألسنة» بما لا يصح الكشف عنهء وقد يبادله الآخر مثل قوله فتكون الشحناءء وتكشف الأستار» وينبش المقبور من الأمورء ووراءه تولد الإحن ونزول المحن» وإن الرجل ليكون كاتا لنفسه لا يتكلم» فإذا سكر انطلق لسانه بكل شىء؛ وقد يفترى على الحرائر» ويكشف ما فى السرائر» وتنزل بالجماعة المحن. وأما الميسر فإنه يولد حقد القلوب» وإحساس كل بأن الآخر له متربص ومتحفز» ولأمواله طالب متوثب» وهذه الأمور بارزة للعيان غير محتاجة إلى بيان . ((لإنا تفسير سورة المائدة ل 0 ١” اكااكة‎ بي وأما صدهما عن ذكر الله تعالى فلأن الخمر تميت النفس اللوامة» وتتخدر الوجدان» وتربط الإنسان بأعلاق اللآأرض وتكون النفس الأمارة بالسوءء وتوجد فى النفس انشراحا وهمياء وسرورا كاذيا» تجعله فى لهوء واللهو وذكر الله ونهيه؛ وما يصد عن ذكر الله تعالى يصد عن الصلاة؛ لأنها ذكر لله تعالى» واستحضار لعظمته تعالت قدرته. والميسر لا يشغل عن الله وعن الصلاة فقطء بل يشغله عن أهله وعن أولاده» وعن عمله الذى يكتسب منه» بل عن ثيابه التى يكسو نفسه بها فهو غمرة طاغية لا ينقذه منها إلا إطاعته أمر الله تعالى ونهيه. #فهل أنتم منسَهُون4 الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدرء مؤاده إذا كنتم قد فالاستفهام هنا للإنكار» ومؤاده: انتهوا عما أنتم فيه » ولقد أجاب الكثيرون من أصحاب رسول الله: انتهيئا . وفى التعبير بالانتهاء والأمر به إشارة إلى تمهيدات سابقة للتحريم» فقد استنكرها القرآن الكريم من أول نزوله» فلم يعتبرها رزقا حسناء كما قال تعالى : 9 ومن ثَمرات التُخيل والأعتاب تَتَحذُونَ منه سكرا ورزقا حَسَنا ... 22 4 [النحل]. فجعل السكر وهو الخمر مقابلا للرزق الحسن» ثم جاء التحريم غير الحاسم فى قوله تعالى: « يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع لئاس .. . 45137 4 [ البقرة ] . والنتيجة تنتهى إلى التحريم لأآن ما كثر ضرره وقل نفعه يكون حراما »ثم حرمت فى أثناء النهار وطرفا من الليل» وذلك فى قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارئ حت تَعلّموا مَا تَقولُون ... 520 4 [النساء] . 0 تفسير سيور ة المائدة الل لل 4 ١ الاك‎ يك وهكذا كان الإشعار بالتحريم» ولكن لم يكن انتهاء حتى جاء التسحريم الحاسم الخالى من كل ظنء» فكان لابد من الانتهاء. وجاء فى الصحيحين عن رسول الله َل أنه قال: «إنه نزل تحريم الخمرء وهى من خمسة: العنب والتمر والعسل الحنطة والشعيرء والخمر ما خامر العقل)20 وترى الرسول عدّد خمسة ثم عمم: وهى ما خامر العقل. هكذا أمر الله وهكذا أمر رسوله» قد قال تعالى: يعوا الله واوا الول وَاحْدرُوا4 الولو هنا قال بعض المفسرين: إنها عاطفة على قوله تعالى: #فَاجتبوه لَعلّكُم تقلحون4. ويكون قوله: 9إنمَا يريد فى مقام التعليل للنهى» وقوله (فهل أنتم منتهون) فى مقام تأكيد النهى أو تأكيد معناه» ويكون الكلام كله فى مساق واحدء ويكون قوله تعالى: «وأطيعوا الله فى مقام تأكيد المنهيات السابقة وغيرهاء وكان ذلك كله للمقام تأثر العرب بالخمرء وتعلقهم السابق بهاء فاقترن بها الأمر بالإطاعة» وتحميلهم التبعة» والأكثرون لم يذكروا أن الواو عاطفة» ومفهوم كلامهم أنها استئنافية» والمؤدى واحد؛ لأن فى ذكرها عقب تحريم الخمر بالأمر العام بالطاعة تأكيدا للنهى وتوثيقا له وأمر سبحانه بإطاعة الله» ثم أمر بإطاعة الرسول مع أن إطاعتهما واحدة. لقوله تعالى: من يطع الرُسول فَقَد أَطَاعَ الله . ٠‏ :2 4 [النساء] . ولأن النبى يتكلم عن الله سبحانه وتعالى» فقد قال تعالى : «وما ينطق عن الْهُوئ + (2> إن هو إلا وحي يوحئ ل 4 [ النجم ] . وكرر سبحانه الأمر بالطاعة لتأكيد الدعوة إلى الطاعة» وتشريف الرسول» وتأكيد رسالته بذكر طاعته بجوار طاعة الله تعالى: )١(‏ رواه البخاري: تفسير القرآن - قوله تعالى: #إنما الخمر»» ومسلم: التفسير - في نزول تحريم الخمر (7075). لها تفسسمير سورة المائدة 0000 1ج را 2 «فَإن توليتم فَاعلّموا أَنمَا على رَسَولنا البَلاغ المبين» نبههم الله سبحانه وتعالى إلى وجوب طاعة الله وطاعة رسوله؛ وأن يحذروا غضب الله تعالى وعذابه» واقتران الحذر بوجوب الطاعة فيه تنبيه إلى ضرورة اجتناب الخمر التى تصد عن ذكر الله تعالى» وتميت الضميرء وتخفت صوت الوجدان» وتسهل الاندفاع وتمنع الحذر. وفى هذا النص الكريم تأكيد لمعنى التحذير السابق» وتنبيه إلى سوء العاقبة» والمعنى: إن أعرضتم عن الطاعة» وتجنبتم الحذرء ووقعتم فى المحظور»ء وغفلهم عن المأمور به فقد وقعتم فى الخطيئة» وستحاسبون عليها حسابا عسيراء واعلموا أنه على رسولنا ابلاغ الواضح المبين للحقائق والواجبات» فقوله تعالى: #فَاعَلَمُوا نما على رسولتا ابلاغ المبين» مبنى عن جواب شرط مقدر ينبئ عن تحملهم وحدهم لتبعة إجرامهم ومعاندتهم لربهم مثل قوله تعالى : قل مَن كَانَ عدو لجبرِيل فَإنّهِ َل علَئ قَلبك بإِذن الله ... 8ق #4 [البقرة]. أى فإنه عدو لله؛ لآنه نزله على قلبك بإذن الله» فالرسول مبين للحق» وليس مسئولا عن إيمان من يبين لهم» كقوله تعالى: 8« ... إِنَمَا أنت منذر ولكل قَوْم هادٍ 20 4 [الرعد] . وكقوله: 9«إإِنَّما أنت مَذَكْرٌ +27 لست علَيْهم بمسيطر +20 4 [الغاشية]. وفى إضافة الرسول إليه فى قوله: #علَئ رَسُولتَا4. تشريف للرسول وتوكيد لإقراره سبحانه» وبيان أن الرسول ما ينطق إلا عنه» وأن عصيانه عصيان لله تعالى» وفى التعبير بقوله تعالى : لفَاعْلَمُوا4. تنبيه بصيغة الأمرء ليتعظوا ويتحملوا تبعة أعمالهم» ويكونوا فى حذر مستمرء والله الهادى. #ليس على الْذِين آمنُوا وعمنُوا الصالحات جتاح فيمًا طَعموا إذَا ما انَقَوا وآمنوا» كا يعض الزنين يرصن على النسهم عقي الباحات» سيوف أن ذلك من الورع والتقوىء وقد بين النبى يَلكةٌ خطأهم. ونزل القرآن الكويم بتحريم ذلك عليهم» وجاء فى مطوى الكلام تحريم الخبائث لا تحريم الطيباي 'وفى هذا النص الكريم بيان أنه لا إثم فى تناول المباحات؛ لأن العبرة بالإيمان وتقوى القلوب» ل 0 تفسير سورة المائدة الل سم ٠ ا‎ 32 فالخبر فى الإيمان وفى القلب لا فى ترك المباحات» وهذا يشير إلى أن الآيات حكمها عام» وهو كذلكء وإن كان لها سبب فالعبرة بعموم اللفظ . والأكثرون من المفسرين على أن سبب نزولها أنه لما نزل تحريم الخمر المشدد فيهء والتحذير منهاء وقد كانت من قبل فى مرتبة العفوء وقد كان هناك من المؤمنين من يشربهاء حتى كان منهم من استشهد فى الجهادء وفى بطنه خمر فتساءل بعض المؤمنين عمن شربها ومات» وعمن كان يشربها من الأحياء» كما تساءل بعض الذين كانوا يصلون إلى بيت المقدس عن صلاتهم قبل تغيير القبلة إلى الكعبة» فنزلت هذه الآية: ليس عَلَى الّذِينَ آمنُوا وَعَملُوا الصّالحات»*. كما نزل هنالك قوله تعالى: ... وَمَا كان الله ليضيع إِمَانَكُم إِنّ الله بالئّاس لرءوف رَحيم 2 4 [البقرة]. وقد وصف الله سبحانه وتعالى الذين لا جناح عليهم فى شربهم فى الماضى بأنهم الذين آمنوا وعملوا الصامحات» وكلمة: «طعموا» معناها ذاقواء وهى تطلق على المشروبء والمأكول؛ كما قال تعالى فى شأن النهر الذى حرم القائد شربه: 9 ... ومن لم يَطْعَمَه فَإِنَّهِ مني ... +4773 4 [البقرة] وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد نفى الإثم قوله تعالى: إذَا ما اتَقََا وآمنُوا وعملوا الصالحات 4. ففهم بعض الناس أن ذلك شرط لنفى الإثم» أى لا إثم بالشرب مع التقوى وعمل الصا حات» ونقول فى الجواب عن ذلك: أولا ‏ إن المراد بتقوى الله تعالى امتلاء القلب بخشيته» وقد ذكر سبحانه وتعالى فى أوصاف الخمر والميسر أنهما يلقيان بالعداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله تعالى فإذا كان الإثم قد رفع عن التناول لأنه كان قبل التحريم» فهل يرفع الإثئم عن العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة؟ إنه لا تقوى مع التناول. وثانيا ‏ إن فى هذا الشرط تحريضا على الإيمان وتقوى الله تعالى» والامتلاء 9 لها تفسيرسورة المائدة اللا ااالللللل 0 0 لجبي را 3 وكرر الله تعالى التقوى» فقال تعالت كلماته: ثم انوا وآمنوا». لبيان أنه يجب استمرارهم على التقوى. وحث غيرهم عليهاء وكان التعبير ب (ثم) لتأكيد معنى الاستمرار على التراخى» وهناك معنى يفيده التكرار» وهو تأكيد أن الماضى مهما يكن لا يؤثر فى الحاضرء إذا كان الحاضر نقياء وقد تأكد هذا بقوله سبحانه: «نْم انَقَوا وأَحْسنوا والله يحب الْمُحَسنِينَ» العطف ب «ثم» هنا هو أيضا لتأكيد معنى الاستمرار مع الزمن» والتقوى كما قلنا هى امتلاء القلب بالخشية» وهذا للحث عليهاء ولتشريف الذين يستمرون عليهاء والإحسان إن اعتبرناه متعديا يكون مؤاده الإحسان إلى غيرهم بالمعاونة» وفعل الخير وإسدائه. والجحود بالمال وغيره» ويصح أن يكون لازما والمراد الإحسان فى ذات أنفسهم. كما قال النبى عليه السلام: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه» فإن لم تكن تراه فإنه يراك)17) وهذا أعلى مراتب التقوى وهو ما نراه» والله جل جلاله يحب المحسنين لأنهم فريبون منه. حلم ساص هج ينامث اتلك تبتك بصي كاله 0 0 2 مك مهو سه ل و صرح سي لش سس يرحت سد سه ل سر ره يديك ورم لعأ من يخافه.يا لغيب فمن اعتدى بعد م > رخ مص ساعد سا َلِكَمَلعَدَابُ أ 252 ينأ لذن امنوأ لاتقدلوالصَيدَ 1 ودر كر | 201 مه هر وأسم حرم ومن موتكم معد ا و 7 هه عو ديبم 1 كج 22 200 يحَكم بو دَوَاعَد لمتكم هديا 7 - 1 سس سه ل قد هو و 0 و 07 نا اللهعما لدت 0 22006 007 ار ار مل ا جطو سلف ومرّعاد ف 2 عَم أله مِنْهَ أللّهُ عرز ذو انْتِقَامٍ الك )١(‏ سبق تخريجه من رواية البخاري ومسلمء وهو المعروف باسم حديث جبريل الشهير. ا تفسير سورة المائدة لالم سم حب ل 1 1 ص ساح عرس رس 7 2 ره . أل لَصمْدُ صَيدُالبحروطعامة ملعا لم لِلِسَيارَوحَرِم سرح لخر فم عع م 2 200 14 كتمصب داوم دمت رماوا لهرت إِلِنه ل لسر شروت 4 ع 46 ذكر سبحانه وتعالى أشياء محرمة لذاتها لأنها مستقذرة» خبيثة فى ذاتهاء وفى نتائجهاء وهناك محرمات لكانها وحال التناول لهاء وليست فى ذاتها حراماء ومن ذلك المحرمات فى الحج أو فى الإحرام بشكل عام» سواء أكان للحج أم كان للعمرة أم كان لهما ‏ وبعد أن أشار إلى بعض المحرمات لخبثهاء ولذاتها وهى الخمر» ذكر سبحانه وتعالى المحرمات لمكانها وحال التناول لهاء فقال سبحانه وتعلى ‏ الي ساس سه السلام - فيما حكاه الله تعالى عنه إذ قال: 9 ربا ني سكنت من ذَرَيّتي بواد غيرٍ ذي رَرْع عند بيك الْمُحرّم ربا ليُِيمُوا الصّلاة فَاجْعلَ أفهدة مَنَ النّاس تهوي إلنْهم وارزفهم من القّمَرات لَعلّهم يشكرون +20 4 [إبراهيم ] وكان على المسلمين أن يعملوا على توفير الطعام لهم.» حتى تتحقق إجابة ذلك الدعاى إذ فرض الله سبحانه وتعالى الحج إلى ذلك البيت المطهسرء ففرض الحج إليه كما قال تعالى: 8 . .. وللّه على الثاس حج الْبِيت من استطاع إَِيَه سبيلا . . ؤت > [آل عمران ] . فكان الناس يذهبون إليه من كل فج عميق» وإذا كان من مقاصد الحج التوسعة على المقيمين فى هذا البيت» لا يصح أن يكون وجودهم سببا للتضييق عليهم ولو كان الصيد مباحاء وهم يسكنون البادية» ومن موردهم الصيدء ولو فتح باب الإباحة للمحرمين لكان من المتصور أن يستنفذوا كل عام أكثر الصيد ها تفسير سورة المائدة 0 !ااانا نالل انال اانا لالخالا نا انا للانا طلاخ اننا انا اانا لاانا نل لمانالا لالط للخل طناك ططخ ماخ مخمخا لاما اماملا للاتطمطططخططا خط مخط خا تاللا لجبرز يي الذى يكون حول مكة. فيجيئوا بالحرمان بدل التوسعة.ء وبالضيق عليهم بدل الترفيه» فكان لا بد من منع المحرمين من قتل الصيدء حتى لا يكون أهل مكة فى ضيق» فوق ضيق المكان» وبعده عن الزرع والثمار. النداء فى النص القرآنى الكريم للذين آمنوا؛ لأنه من مقتضيات الإيمان ذلك الخطاب. ولم يكن تحريم الصيد للمحرمين لهذا فقط. بل لاختبار النفس المؤمنة» ولتعويدها الصبرء ولتربية العزيمة؛ إن العزيمة تتربى فى صغار الأمور» كما تتربى فى كبارهاء وإن كبارها تحتاج إلى قوة جسمية» وإرادة نفسية» أما الأمور الهينة اللينةء فإنها تحتاج إلى عزيمة روحية» ولذا قال تعالى: ا واستعينوا بالصَبر والصلاة وها لَكَبيرة إلا على الْحَاشْعينَ +(2) 4 [ البقرة]. وإنه يكفى المنع من شىء ليطلبه الممنوع منه» وفى الأمثال: كل ممنوع متبوع» وجاء فى ذريعة الأصفهانى أنه ورد فى بعض الآثار أن الناس لو منعوا من البعر لفتوه»ء وقالوا ما حرم علينا إلا والكلام فى قوله تعالى: 8 لَيبلونَكُم». اللام هى التى تدل على القسمء والنون هى المؤكدة» والمعنى لنعاملتكم معاملة المختبر» الكاشف لحقيقة نفوسكمء وعزائمهاء وإراداتكم وتصميمكم» وصبركم النفسى» وكان ذلك الاختبار النفسى الكاشف لعزائمكم فى أمر صغير فى واقعه. كبير فى معناه» فموضوع الاختبار عبر عنه سبحانه وتعالى بقوله تعالت كلماته: «بشيءٍمَْ اليد تله يكم وَرِماحْكُْ» وهذا الموضوع للاختبار يتسم بأمور ثلاثة: أولها ‏ أنه شىء قليل لأن التنكير هنا للتقليل» كما يدل عليه ما بعده. والثانى - أنه بعض الصيدء والثالث ‏ أنه قريب منكم يغرى النفس». ويحرضها. على فعل المنهى عنه؛ إذ إن أيديكم تستطيع تناوله إذ كان قريبا صغيراء وتستطيع رماحكم أن تناله إذا كان كبيرا أو بعيدا بعدا نسبيا. وإن الاختبار الذى يجعل النفس فى مشقة هو فى هذا القرب» فالاختبار ليس فى أمر يشق على الأجسام كالجهاد إذ يحتاج إلى قوة جسم»ء ومهارة» وفن عقلى» ولكن الاختبار فى أمر ل ل تفسير سورة المائدة ١111‏ اللانا تال اانا الاكا انلالخ الالال لاا لطن لالطالا انانف الل لةتلااااا اللا ااانا ل للللط الل مالل ططخ خخسخسطسخطططسططل شلال تل رب أ هين لين» ولكن فيه مشقة على النفس» وجهاد النفس عن شوقها وعن شهوتها لا يقل عن جهاد الجسم المرن» والعقل المدرب الماهرء ولعل ذلك جهاد أكبر. وإن الذى ينجح فى ذلك البلاء يكون ممن يخاف الله تعالى فى غيبه عنه» وفى مشهده لهء بل إنه يحس دائما بمقام المشاهدة2» فلا يحس بأنه غيب عن الله تعالى قطء ولذلك قال تعالت كلماته: #ليعلّم اللّه من يخافه بالغيب*. أى ليظهر الله تعالى فيمن يخافه بالغيب» ولكن ما الغيب وما حال من يخافه» قال بعض المفسرين: إن المراد غيب يوم القيامة» أى أن من يحرم الصيد وأشباهه على نفسهء ويعقد عزيمته على ذلك يظهر إيمانه بالآاخرة وهى مغيبة عنهء ويخافها لأن نفسه تكون من النفوس الصابرة المبتعدة عن أهواء الدنياء فلا تغمرها شهواتهاء فتنفذ طيبة إلى الآخرة» وقال بعض المفسرين: إن المراد غيب الله تعالى أى أن من تكون له تلك العزيمة القوية فيكون ممن يراقب الله تعالى دائماء فيعبد الله كأنه يراه» فالله فى قلبه دائما يخافه ويتقيهء ولا مانع من الجمع بين المعنيين . إفمن اعتدئ بَعْد ذلك فَلَهُ عذَاب أليم4 الاعتداء تجاوز الحد ومخالفة أوامر الله 0 تعالى: # . .. وتلك حدود الله ومن تعد حدوة الله فَقَد ظَلَم ٠‏ + 4 [الطلاق]. ومعنى النص الكريم: ومن تجاوز ما أمر الله تعالى بعد إعلامه بأنه اختبار من الله لتربية نفسه وتهذيبها وإشعار بمخافة الله تعالى» وهو غائب بأن يمتلئ قلبه بالإيمان به» ويطيع الله كأنه يراه» من اعتدى بعد هذا فهو يعاند الله تعالى ويكابره» ومن يكون قلبه ممتلئا بالمكابرة والمعاندة» فإن الإيمان لا يسكن قلبه» ويكون له عذاب أليم . )١(‏ مقام المشاهدة: (أن تعبد الله كأنك تراه»» ومقام المراقبة: «فإن لم تكن تراه فإنه يراك». وكلاهما إحسان كما فى حديث جبريل الشهير. والمداومة على الثانى توصل إلى المقام الأول لمن وفقه الله تعالى . إ#ا تفسيرسورة المائدة سم ااانا ااااللاااااا ل لللتاك اططخ خخخخخ خخ مممخممخممممنمللالااالالان ا ضخ خط خط لكا ملمااااانانامط لاا ْللاالطط مالالا لتلللا را - وقد يقول قائل: إن الله تعالى ذكر جزاء من قتل الصيد متعمدا فقال تعالى على ما سنتلو إن شاء الله تعالى : #ومن قَتَلّهِ منكم متَعمّدا فجزاء مَثْلَ ما قَعَلَ م من النعم يحكم به ذَوا عدل سَكُم» وذلك ليس عذابا أليماء ويجاب عن ذلك: بأن ذلك ليس مجرد جزاء للذنب الذى ارتكبه كلهء ولكنه جزاء دنيوى يعود به على الذين فى بيت الله أما الجزاء الأخروىء فإن الله مستقبله به يوم القيامةء وفوق ذلك أن ما ذكره تعالى فى جزاء القتل للصيدء إنما هو جزاء الفعل والعذاب الأليم جزاء المكابرة والمعاندة التى تدل على نقص الإيمانء بل تدل على عدم الاستسلام لله تعالى. ليا أَيها الّذين آمنوا لا تَقتلُوا الصيد وأنتم حرم» الخطاب للمؤمنين بوصف الإيمان» فالإيمان يقتضى ألا يقتلوا الصيد وهم محرمون» وقوله: #وأنتم حرم» معناه وأنتم محرمون» فكلمة حرم جمع لخرام» وحرام قد تكون وصفا للمحرم» فيقال: رجل حرام» وامرأة حرام إذا نوت الحج واتخذت شعاره. وجمع حرام حرم» والمحرم أو الحرام هو الذى يؤدى الحج أو العمرة»؛ واتخذ شعارهماء إذ يصبح ما كان حلالا له بإطلاق» مقيدا فى إحلاله» ويكون عليه مشاعر يجب أداؤها . والنهى منصب على قتل الصيد» فما هو الصيد المحرم» وهو بلا ريب صيد البرء كما خصصت ذلك الآية من بعد. فقد قال تعالى من بعد ذلك: «أحل لَكُم صيد البْحرٍ وطعامه منَاعا لَكُمْ وللسيارة وَحرَم عَليْكُمِ صَيد الْرَ ما دمثم حرما» فمن هذا النص يتبين أن التحريم مخصوص بصيد البر» ويخرج منه صيد البحرء وذلك لأن البحر بعيد عن الحرم» والمحرم قد يحرم فى منطقة قد تكون فيها بحار» فتحريم صيد البحر يكون إجهادا وحرجا وضيقا من غير فائدة تعود على المقيمين حول البيت الحرام. والنهى منصب على الصيد نفسه لا على قتله؛ لأن التحريم يتجه إلى محاولة صيد الحيوان» لا إلى قتله فقط. وقد دل على ذلك قوله تعالى من قبله . .. غير محلّي الصيد وأنهم حرم .. . 42 4 [ المائدة] . لال تفسير سورة المائدة لم مم ب ا بي وقوله تعالى : #وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما» . ولكن ما هو الصيد المحرم أيقع على كل حيوان برى» فيحرم صيده من غير قيد يقيده؟ لقد ورد عن النبى يله أنه استثنى من تحريم الصيد الفواسق ٠‏ فقال - عليه السلام ‏ فيما رواه الصحيحان «خمس من الدواب ليس على المحرم فى قتلهن جناح » الغراب والحداة والعقربء والفأرة» والكلب العقور)(١2‏ وهذه رواية مالك عن نافع عن ابن عمر» ورواية عائشة أم المؤمنين أن رسول الله يلد قال: اخمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم: الغراب والحدأة» والعقرب والفأرة والكلب العقور. .2200. وقد اتفق الفقهاء على أن قتل هذه غير ممنوع . وقد جرى الخلاف فيما وراء ذلك» وكان أساس الخلاف هو أن النص معلل واختلفوا فى تعليله» ففريق قال: ليست ثمة علة إلا الأذى» وعلى ذلك يكون محرما صيد ما عدا هؤلاء. إلا إذ كان مؤذيا بالفعل فيحرم الوحش إلا إذا كان قد ساور المحرم» وقال بعض الفقهاء: إن كل حيوان لا يؤكل ومن شأنه مساورة الإنسان لإيذاته كالنمر والآسد وغيرهما يباح صيده» واختلفت الروايات والأقوال فى المذاهب فقيل: لا يباح صيد أى حيوان إلا ما جاء النص بإباحته» وما يساور الإنسان فعلا ليؤذيه» وقيل: يباح ما من شأنه المساورة» وقيل: إنه يباح صيد كل ما لا يؤكل» وهو قول الشافعى. وإنا نميل إلى هذا القول؛ لأن التحريم معلل» وليس تعبديا خالصاء والحكمة واضحة» وهى منع التضييق على أهل الحرمين الشريفين؛ ولأن الصيد فى غالب أحواله لا يتجه إلا إلى ما يؤكل فيندر من )١(‏ سبق تخريجه. (؟) رواه مالك: المناسك - ما يقتل المحرم في إحرامه (/794) عن ابن عمّرَء ويروي عن عائشة كما صرحت بذلك رواية البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها. ها تفسير سورة المائدة 0 !!!انا لخن ااام طاخاا الا اا لتلا االلااااللاااا اللا ل لل لاط كالاااالالااااانا لل لل لانملا ااال انالا ااال لل الالالال تالسعم سلطالا ا 3 > 7 يصطاد ثعلبا أو ضبعاء ولأن القياس يثبت على الغراب والحدأة فهى حيوان لا يؤكل» وهذا هو الذى نراه معقولاء وهل يباح لحم ما يصطاد للمحرم إذا اصطاده غير محرم؟ لقد اختلف الفقهاء فى ذلك. وأساس الاختلاف» الاختلاف فى ذات الممنوع, أهو الأكل أم الصيد؟ . قال كثيرون من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس: إنه يحرم على كل حال؛ لأن الصيد ذريعة إلى الآكل» وليس تحريم الصيد لذاته» ولكن لكيلا يكون أهل مكة فى ضيق. | وقال آخرون: يحل ما دام لم يتول الاصطيادء وقد قال ذلك على بن أبى طالب» وعثمان بن عفان» وجمع من الفقهاء. القول الثالث: أنه إذا صيد لأجل المحرم كضيافته ونحوه فإنه يحرم» لا يكون كاصطياده . والقول الرابع: أنه إذا لم يعاون المحرم فى الصييدء ولو بالإشارة فهو حلال . وهذا الذى نميل إليه؛ لأنه إذا كان قد عاون فى الاصطيادء ولو بالرأى فقد اصطاد» وإذا لم يكن شىء من ذلك» فهو حلال» وإلا امتنعت الضيافات» وكان الناس فى حرج وضيق السبيل إلى تبادل المودة» وهى مطلوبة فى الإسلام. «ومن قله مدكم مَعمّدا فَجزاء مَقْلَ ما قتَلَ من النَعم» المتعمد أن يكون عالما بالتحريم أو أن يكون من شأنه العلم بالتحريم؛ إذ يكون مقيما فى دار الإسلام» وأن يكون قد قصد القتل ولم يقصد سوه وإلا فلاء كأن يساوره سبع يريد قتله» فيضربه» فيصيد صيداء أو يرى عن بعد سبعا مفترسا ثم يرى شبحا يظنه هو فيتبين أنه غيره» فلا يعد فى هذه الحال متعمذا الصيد ويكون فعله خطأ. وعلى ذلك يكون ما عدا من اشتملت عليه هذه القيود خطأء ويكون الخطأ قسمين: خطأ فى الفعل بألا يريد الصيد فيقع الصيد كالصورة السابقة» أو خطأ ل تمسبير سيور ة المائدة ململ 0 تحب د فى القصد بأن يكون القصد ذاته غير سليم إذ يصوب سهمه على شبح فتبين أنه صبدك . وعلى ذلك يكون الجزاء لأجل التعمدء ولا جزاء فى الخطأ. ولكن الفقهاء اتفقوا على أن محظورات الصوم خطوها كعمدها يوجب الفداء فكيف يعتبر الخطأ؟ ولقد أجاب عن ذلك ابن جرير» بأن جزاء الصيد ثبت بالكتاب» وجزاء الخطأ ثبت بالسنة» وقد أخرج الشافعى وغيره عن عمرو بن دينار أنه قال: رأيت الناس جميعا يغرمون فى الخطأء وبعض الفقهاء قال: إن جزاء العمد ثبت بالنص وجزاء الخطأ ثبت بالقياس أى أنه ثبت قياس الخطأ على العمد. وعندى أن النص الظاهر فى أن الجزاء مقيد بأن يكون القتل عمداء وكل جزاء فى حال الخطأ البحث فيه يكون إهمالا لقيد العمدية» ولذلك تقيد العمدية» بما يشمل الخطأ فى القصد وغيره» فالعمدية القصد إلى الصيد ولو كان ناسيا لآنه محرمء أو جاهلا أنه محرم» وبذلك يكون سريان النص مع ما ورد من آثار فإن الأثر الوارد عن النبى كَلكِةّ كان فيه الصائد ناسيا إحرامه» فقد روى أنهم وهم فى الحج عن عير (حمار وحشى) فحمل عليه أبو اليسرء فطعنه برمحه فقتله. فقيل له قتلته وأنت محرم» فأتى الرسول وكلِةِ فسأله عن ذلك فنزلت الآية217. وعلى ذلك اعتبر أبو اليسر قاتلا عمداء وقد كان ناسيا أنه محرم» وذلك لمجرد أنه قصد القتل من غير نظر إلى أى ناحية نفسية أخرى» وبذلك يكون التوفيق بين الكتاب والسنة» وإنهما لمتوافقان» فالناسى يعد عامداء وقاصد غير الصيد يكون مخطنا. وقد ذكر سبحانه وتعالى أن الجزاء يكون بالممائلة بين الصيد» وحيوان يقاربه فى الحجم من النعم» وهى الإبل والبقر والغنم» وهكذا فسر بعض الفقهاء الممائلة» وقصرها على ذلك أكثر الفقهاءء وهو ظاهر النصوص؛ لأن الله تعالى . ذكره الآلوسي في التفسير: جلاء ص"73‎ )١( (/إ9اا تفسير سورة المائدة سيم 1خخلانانلن!11!اااااا الل للللئالللنال للاخ خط ال للا لللللنااا ألااااااااااطل للك للاخ خ مل للااااخطخط لخت الالال اططخ لالطالا لتتللا 2 جل بي يي قرر أنه يحكم بالممائلة ذوا عدل من المؤمنين» ولأنه قرر احتمال العجز عن المثلء فجعل بدله كفارة إطعام مساكين» فإن لم يجد يكون عدل ذلك صياماء ولأنه قرر أنه إذا وجده يرسله هديا إلى الكعبة. وقال أبو حنيفة : إن المثل يكون بالقيمة» ولا شك أن ذلك القول قد يشكل ظاهرا مع ما ورد من نصوص إلا أن يقوم الصيدء ويشترى بالقيمة هدياء فقد جزى بمثل ما قتل من النعم» والخلاصة أن القيمة تكون تعويضا يخير فيه بين أن يشترى هديا أو طعاماء فإن لم يستطع فالصوم. وقد بين سبحانه طريق معرفة الجزاء ومآله وأنواعه فقال سبحانه: #يحكم به ذا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كَقَارَةَ طَعَام مساكين أو عدل ذلك صياما4 الهدى اسم لما يذبح فى الحج مهدى إلى فقراء مكة» والنص صريح فى أن الهدى يبلغ إلى الكعبة» وكونه يكون هديا يصل إلى الكعبة يشير إلى حكمة منع الصيد فى البيت الحرام» وهو أن الحجيج الكثيرين إذا أبيح لهم الصيد قطعوه عن أهل مكة» وجعلوهم فى ضيق وحرج . وذوو العدل من المسلمين هم أهل الشهادة ذوو الخبرة الدقيقة فى تقدير الحيوان» بحيث يكونون تمن يصفقون فى أسواق النعم» أو من أهل المعرفة بها الذين يعلمون الأسعار بملاحظة مكانها وزمانها. وهذان الحكمان يعينان المماثلة» سواء أكانت الممائلة بتوسط القيمة» أو كانت بالمماثلة فى الهيئة والحجم ونحو ذلك» وذلك لأن الحنفية يقررون أنه فى القيميات» أى التى لا تتعلق وحداتها - تكون الممائلة بتعرف القيمة» ولا سبيل غير ذلك» فلا يمكن أن يكون الحيوان مماثلا للحيوان إلا بتعرف قيمتهما. وإذا قدرت القيمة اشترى بها هدياء وبلغ الكعبة»ء وذبح هنالك تعويضاء وإذا تعذر شراء الهدى» أو تعذر الوصول إلى الكعبة تصدق به على المساكين» بحيث يكون لكل مسكين نصف صاع من برء أو صاع من الذرة أو الشعير أو ناا تفسير سورة المائدة للل ا للر ا ا ا االل ا ا اال ا اللل 0 اااللللا1االللااا ا ال ١ كاك‎ يي قيمة ذلك» فإن تعذر على المعتدى شىء من هذا لفقره كان عليه أن يصوم يوما لكل إطعام المساكين» ولا شك أن التخيير هنا ليس على حقيقته» إنما هو ترتيب مراتب على حسب القدرة على كل رتبة» فالأصل بلا ريب شراء هدى» وذبحه عند الكعبةء فإن تعذر ذلك كان الطعام» فإن تعذر كان الصيامء وقوله تعالى: أو عَدْل ذلك» أى ما يساويه من الصيام على أساس أن يكون لطعام المساكين وجبتين - صوم يوم» وقدرت الوجبتان بنصف صاع من بر أو قيمته» أو صاع من غيره أو قيمته. هذا هو الظاهر عند الحنفية» وروى عنهم أنهم قالوا بالتخيير إذا عرفت القيمة بين الذبح عند الكعبة» وبين إطعام المساكين» وبين الصوم» وعندى أن الترتيب حسب القدرة أوضح.» وذلك هو رأى أحمد وزفر. والمذاهب الأخرى تتلاقى فى الجملة مع المذهب الحنفى بيد أنها تعتبر الممائلة فى الأوصاف» وعندى أن المذهب الحنفى أوضح وأسهل تطبيقاء وأدق فى تعرف المثلء وقد اضطروا إليه عند استبدال الطعام بالذبح» إذ لا يعرف مقدار الطعام إلا بمعرفة القيمة. لليدوق وبال أَمْرِه عا الله عم سلف ومن عاد فينتّقم الله منه* الوبال: العاقبة السيئة» ومسعنى ليذوق أى ليدرك عاقبة الأمر الذى وقع فيه إدراك من يحسه ويذوقه؛ وذلك لأنه عمل على حرمان ناس من أن يذوقوا طعاما شهياء كانوا ينالونه» فعليه أن يغرم نفسه مثله من طعام يذوقه فى نظير ما حرمهم منه» فالعقاب من جنس الاعتداء: #8 ... فمن اعتدئ عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدئ عليكم ... +38 4 [البقرة: 54] . وأن ما كان منهم من قبل» فإنه موضع عفوء لا يحاسب الله تعالى عليه فى الدنيا ولا فى الآخرة» فمعنى قوله تعالى: #عفا الله عمّا سلّف» أى أنه سبحانه لا يطالب بتعويضه منهم؛ لآنه سلف ومضى منهم قبل التحريم» ولا يطبق القانون إلا على ما يجىء بعده» ولذلك قرر مؤكداء أن العقاب يكون لا يقع بعده وللعائدين» وقال سبحانه: ومن عاد فَينتقم الله منه». ا تفسير سورة المائدة الل 000 1 أج بير بي أى من عاد بعد تحريم الله للصيد فإن الله تعالى ينتقمء ونرى أن «الفاء» وقعت فى جواب الشرط فى غير ما سوغ فيه دخول الفاء» وأولوا لذلك وقدروا محذوفا بجعل الجملة اسمية» وبعضهم جعل «من» اسما موصولا» والفاء تدخل فى خبر الموصول؛ والحق أن القرآن فوق قواعد النحويين» وقد ورد دخول الفاء فى شرط من؟ فقد قال تعالى: ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمن فلا يَحَافَ ظَلْمَا ولا هضما 13 4 [طه] . وقواعد النحويين غالبة تلزم الناس» ولا تلزم القرآن. والعود هو تكرار قتل الصيد. وذلك يدل على الاستهانة بأمر الله ونهيه» فيستحق صاحبه النقمة» ونقمة الله تعالى أشد النقم» ولذا قال تعالى: #واللّه عزيز ذُو انتقام4 أى والله تعالى غالب فوق العباد» لا يترك الأشرار يرتعون» فهو ذو انتقام كما أنه الرحيم» بل إن انتقامه من رحمته؛ لأن الرأفة بالأشرار ليست من الرحمة» ولذلك قال بعض العلماء: إن القاصد إلى الصيد معاندا لا تقبل منه الكفارة» ويكون عذابه يوم القيامة لاستهانته بأمر الله ونهيه . «أحل لكم صيد البْحر وطَعَامهُ منَاعَا لَكُم وللسيّارَة وَحرَم عَليِكُم صيّد الِْرَ ما دمثم حرماه فى هذا النص الكريم نجد الله تعالى بين فيه ما حرم وما حلل للمحرم. فأحل صيد البحر وطعام صيد البحر الذى يجوز أكلهء وحرم عليهم صيد البر ما داموا محرمين مستمرين على الإحرام» فالحلال فى كل الأوقات والأماكن» والحرام فى حال معينة محدودة فهو ذكر لنعمة الله تعالى وفيه إشارة إلى حكمته فيما حرمء وأباح سبحانه أن يصطاد الصائد من البحرء وأن يطعم منهء فأبيح الفجل والأكل لكمء والمتاع الانتفاع» ومعنى السيارة: المسافرون السائرون الذين لا . يستقرون فى مكان معلومء فلكم أن تأكلوا لحما طريا من البحار لأنكم عابرو السبيل» وال حرام فيما يتعلق بالبر حال الإحرام لكيلا تضيقوا على سكان من حول البيت الحرام. . وختم الله تعالى الآية بالأمر بالتقوى والتذكير بالاجتماع أمام الله تعالى : تدر | الله الذي ليه تحشرون». . وفى هذا تذكير بتقوى الله» حتى يعلموا أن الدنيا مهما يكن متاعها لها نهاية» وأن الإنسان محاسب على ما يتناول يوم ل( تفسير سسورة المائدة 0ه ١١ اك‎ ني الحشرء أى يوم الجمع من غير تفرقة» والله وحدهء هو العالم القادر المنتقم الجبار الرءوف الرحيم . سر سس سس فدح ولاح 27 20001 جع ل الله الكغبسة البيت الحسرام اوم ل ا 00 سرع ص لسو قبلما لاس والشهرا لحراء والهدى والْقكِيدَ دَلِكَلِتَعَلمواأ أَنَّأمَهَيَمَلُ مَاف اَلسَمواتٍ وَمَافْ ا لأرض وَأ أله يكل يله 31 م م« 0 ا سه سج رق م سد سي عر ا مع وَأَعَسَبَكَ كه الْحَرِيث فَأتَهُوا الله يكأ لي الا لبي و 2 6 و مم عي آم ججمه كانت الآيات السابقة تقرر منع الصيدء وتؤكد المنع» وذكرنا أن ذلك ليس تعبديا فقطء بل فيه حكمة ومعنى ذلك أن الذين حول الكعبة يسكنون واديا غير ذى زرع عند بيت الله المحرم» وكانت دعوة إبراهيم ‏ عليه السلام ‏ أن يجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم» وقد استجاب الله تعالى دعاءه» ولكى يتحقق لهم الرحاء منع الصيد عن أولئك الذين جاءوا إليهم حاجين أو معتمرين» حتى لا تستنفذ كثرتهم ما حول مكة من صيد يمدهم باللحم طول العام» وفى هذا النص الكريم الذى نتكلم الآن فى معناه إشارة بينة إلى هذا المعنى» فقد قال تعالت كلماته : «جعل الله الكَعبَة ايت الحرام قياما للئّاس والشّهر الحرام والهدي والقلائد 4 نتقدم قبل الكلام فى معنى النص إلى بعض نواح لفظية تمهد للكلام فى المعنى: أولها - أن # جعل4 إما أن نفسرها بمعنى خلق أو شرع الأحكام أو بمعنى صيّرء وعلى الأولين تكون متعدية إلى مفعول واحدء ويكون المعنى على هذا خلق ا تفسير سورة المائدة 161 للك لل ل ااال الك 1 .» يي الله تعالى الكعبة» وهى البيت الحرام وشرع لها تلك الأحكام التى تصونها وتصون شجرها وحيوانها لتكون قواما للناس فى معاشهم ومعادهم» ويكون فيها نهوض لمقاصدهم وغاياتهم» وتروية لمتاجرهم» وليرزقوا بين الناس. وعلى أن #جعل» بمعنى صير يكون قوله تعالى: «البَيت الحرام» مفعولا ثانياء ويكون المعنى صير الله تعالى الكعبة بييتا محرماء لتكون قياما للناس. الثانى - من النواحى اللفظية هو فى كلمة «الناس» أيراد بهم العرب الذين يعيشون حول الكعبة» ويتحقق بذلك الاستجابة لدعوة إبراهيم» أم يراد بهم الناس عامة الذين من شأنهم أن يحجوا إلى ذلك البيت؟ ويكون المعنى على الثانى» جعل الله الكعبة لها تلك المكانة لتكون قياما لكل الناس الذين يفدون إليها وهم المسلمون عامة؛ إذ يتعارفون فيهاء ويتبادلون المودة الإسلامية الرابطة» ويوثقون الصلات الإنسانية والدينية والخلقية» يتراحمون فيما بينهم» ويحسون بالتجرد الروحى» والضيافة الربانية» وفى ذلك كله قيام لهم» وليس القيام هو القوام المادى فقطء بل المادى والروحى والخلقى. الثالث - فى قوله تعالى: «والشهر الحرام والهدي والقلائد». الشهر الحرام قيل ذو الحجة؛ ونرجح أن المراد أربعة الأشهر الحرمء والهدى ما يساق» وأخصها ذات القلائد. وهو ما يوضع عليها من شعارات من قلادة من بعض الأشجار تدل على أنها للبيت الحرام كما قال تعالى: 9 وَالْبدن جَعَلْاها لكم من شعائر الله ... لج 4 [الحج ] . ويكون معنى القلائد على هذا ذوات القلاتد ويذكر بعض العلماء أن معنى القلائد هى ذات القلائد التى قرر الشارع أن توضع إشعارا لها بأنها للحجء وفى ذلك تكريم للبيت» وإعلاء» وإشعار لمكانته القدسية وذلك عائد على الناس عامة وعلى أهل مكة خاصة» وسيقت هذه الكلمات: #والشهر الحرام والهدي والقلائد» لبيان أنها قيام للناس . ها تفسير سورة المائدة لل سم رب 1 أولها - البيت | ذاته» وما سض من قدسية» وكان الناس يسول بالأمنء ضف ان من حرلهم فاط شه الله يكو 4497 [التكيوت) وفى ذلك الوقت الذى لم يكن بالبلاد العربية حكومة تفرض سلطانها فى | مكان» قد ألقى الله تعالى فى قلوب العرب بمهابة البيبت حتى كان الرجل يلقى قاتل أخيه أو قاتل أبيه فلا يمسه بسوءء وحرم على المحرم الصيد»ء حتى يتوافر الخير طول العام لأهلها. الثانية ‏ الشهر الحرام» والمعنى فيه هو الجنس على رأى كثيرين» وهو ما نختاره إذ كان الناس يتقاتلون فإذا جاء ذلك الشهر امتنعوا عن القتال» فتعود القضب إلى أجفانها وتهدأ النفوس بعد ثورتهاء وتقر بعد اضطرابهاء والأشهر الحرم هى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم» ورجب الذى بين جمادى وشعبان» فيتمكن الناس من زيارة البيت الحرام آمنين مطمئنين حتى يتحللوا. الثائئة ‏ نعمة الهدى يساق إلى الكعبة من حيث الحجيج يحرمون؛ وقد يكون ذلك من أماكن بعيدة» فخير الأرض يصل إليهم موفوراء وخيرهم لا تمتد إليه يد مجرم . الرابعة - نعمة القلائد. وقد جاء فى تفسير فخر الدين الرازى فى بيان وجه النعمة فيها: (والوجه فى كونها نعمة أن من قصد البيت فى الشهر الحرام لم يتعرض له أحدء ومن قصله فى غير الشهر الحرام» ومعه هدى وقد قلده. وقلد نفسه من لحاء شجرة الحرم لم يتعرض له أحدء حتى أن الواحد من العرب يلقى الهدى مقلداء أو يموت جوعا فلا يتعرض له البتة) . #ذَلك لتعلَموا أن الله يعلَمِ ما في السّموَات وما في الْأَرْض وَأَنَ الله بكل شيء عَليم» الإشارة للقيام» جعل الله تعالى ما شرعه للكعبة والحج من محرمات وشعائر» ومن تحريم الصيدء ومن الهدى جعل كل هذا لتعلموا أن الله تعالى يعلم ما فى السموات وما فى اللأرض. . . . وهنا توجد عدة أمور تثير النظر. ا تفسير سورة المائدة سيم ل 00 لجلا) 4ت أولها - لماذا كانت تلك الشرائع المتعلقة سبيلا لمعرفة علم الله لما فى السموات وما فى الأرض؟ . وثانيها ‏ عند عطف الأرض على السموات كرر ما فى المعطوف والمعطوف عليه . وثالثها لاذا قرن علم الله تعالى بما فى السموات والأرض بعلمه تعالى بكل شىء» ولاذا تكون أحكام الحج والكعبة سبيلا لمعرفة علم الله تعالى العام المحيط بكل شىء. والجواب عن هذه الاأمور هو أن ما شرعه الله تعالى لمكة وما حولها وما فيها دليل على أن الله تعالى يُعلم ما فى السموات وما فى الأرض؛ لأن مكة فى أرض جدبة لا ماء فيها ولا شجرهء وأنها جبال لا ثمرة فيهاء وأنه لا خير يرجى من طبعهاء كما قال إبراهيم - عليه السلام -: 8 ربّنا ني أسكنت من ذَريّتي بواد غير ذي زَرع عند بيتك الْمحرّم". . . 20 4 [إبراهيم]. فالسماء لا تجود عليها بغيثها منتظما والأرض لا تجود عليها بإخراج إنزالها من معادن وفلزات سائلة وغير سائلة» فجعل الله سبحانه وتعالى الحج إليها. وحرم على المحرمين ما حرم من صيد ليبقى لهم ما عندهم من وفر فى الحيوان المتأبد» ولتحمل من الأراضى الخصبة والغنية والتى فيها الثروات إلى تلك الأرض الجدبة؛ فينتقل سبحانه من الفيض إلى الغيض ليعم الخير»ء وكانت بمكة كعبة للمسلمين» لأنها أرض لا ترام من غاصب» ولا تراد من ظالم» ثم هى فى وسط الأرض حتى قال علماء الأرضين: إن بيت الله تعالى الحرام فى وسط أرض الله الواسعة» فهى نقطة الارتكاز فى قطرها. وقد يقال إن أرض العرب فيها البترول وفيها الزرع» ونقول إن ذلك بعيد عنها بمئات الأميال» بل ربما تجاوزت الحسبة الألف» فبينها وبين البترول البيداء الجرداء» فكان المتفهم لذلك التشريع لا بد أن يؤمن بعلم الله بما فى الأرض والسماء. ( تفسير سورة المائدة ال سم لساك 7 والجواب عن السؤال الثانى» هو أن تكرار (ما فى) فى قوله تعالى: ما في السّموات وما في الأرض»4 فيه إشارة إلى دقة العلم» وأنه لا يغادر صغير ولا كبيرة إلا أحصاهاء وتقديم السموات على اللأرض؛ لأن السموات فيها مصدر الرزق» كما قال تعالى: فإ وفي السماء ركم وما توعدون 220 4 [الذاريات ] . والجواب عن السؤال الشالث» فى كل جزء من شرع الله تعالى فيما شرعه يدل على أنه صادر عن العليم الخبير» فشريعة الله تعالى فى الميراث تدل على أنه من عند الله تعالى العليم» وشريعته فى تكريم البيت الحرام وما حرم فيه من صيد البر» وما أبيح من صيد البحر وطعامه وتحريمه القتال فى الشهر الحرام» وإيجابه سوق الهدى وغير ذلك من شعائر الحج. ومباحاته ومحظوراته دليل على علم الله تعالى العزيز الحكيم الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء. #اعلَمُوا أن اللّهَ ديد الْعقَاب وأَنَ الله عَمُور رَحيم» كان النهى عن قتل الصيد وهم حرم سهلا على نفوس الأتقياء شديدا على نفوس الأشقياء الذين يسيرون وراء أهوائهم» وكل أمر تمنوع متبوع» وقد ابتلاهم الله تعالى بالصيد تناله أيديهم ورماحهمء وهم قريبون منه وهو قريب منهم فكان لا بد من شكائم قوية تحكم النفس وتمنعها من الانطلاق وراء إشباع الرغبات» وهى على مقربة منهاء والإرادة الحازمة المسيطرة على هوى النفس صبر قوى وضبط للنفس» وقد نبه سبحانه إلى العقاب الشديد للمخالف» كما نبه إلى رجاء الرحمة والغفران لكى يكون الصبر على رجاء الله سبحانه وتعالى وخوفه» فيخشى عقابه» ويرجو رحمته وثوابه. فالمؤمن فى خوفء وقد روى أن رسول الله يَيكِْةٌ قال:١لو‏ وزن خوف المؤمن ورجاؤه لتعادلا»2'7. فهذا النص لتقوية إرادة المؤمن» والآية فيها عبارات تنبئ عن التشديد» فيما اشتملت» فابتدأت بالأمر الحازم «اعلموا» وفى ذلك تنبيه شديد وإيقاظ للضمير» ليكون ما ينبه إليه من بعد» أوثق فى القلب وأشد تثبيتاء ثم أكد الخبر ب «أن» فى بيان فى ذكر الله تعالى وصفه بشدة العقاب» وصفه بالغفران (١).جاء‏ في الدرر المنتثرة (71/5) ج١ء‏ ص 3580. اا تفسير سورة المائدة 16 لل #جج-1 والرحمة» ثم تكرر ذكر لفظ الجلالة لتربية المهابة فى النفس» وتوكيد شدة عقابه سبحانه» وتوكيد غفرانه ورحمته . والغفران ستر الذنوب» والرحمة الثواب» وأن ذلك عدل الله تعالى فلا يستوى من يحسن ومن يسىء» وبعد أن نبه الناس إلى الخير والسداد على ألسنة الرسل » قال سبحانه: لما علَى الرّسول إلا ابلاغ والله َعَم ما تبدُونَ وما تَكُْمُون4 فى هذا النص السامى ترشيح وتقوية لمعنى الإنذار والتبشير فى النص السابق» وفى هذا النص ما يفيد بالمعنى الضمنى أن الرسول عليه التبليغ» وأنه لا تبعة عليه بعد التبليغ» وأن المكلفين بعد تبليغه تسكون تبعة الشر على الذين بلغواء وجزاء الخير لهم» وأن الحساب بعد ذلك لله تعالى» وإنه لمحاسبهم على الشر إن فعلوه» ومجازيهم على الخير إن أدوه» ويقبل توبة العصاة إن تابوا وذلك بغفرانه ورحمته» وأن ذلك الجزاء على الخير خيرا وعلى الشر شرا يكون من عليم خبير» لا تخفى عليه خافية: فهو يعلم ما تخفيه السرائر وتكتمهء ويعلم ما يظهر على الجوارح وتعلنه» فهو يعلم السر وأخفى» يعلم ما يبدونه وما يكتمونه» والخير له جزاؤه والشر له عقابه . (قل لأ يستوي الخبيث والطَيّب ولو أعْجَبّك كَثْرةٌالحبيث4 أمر الله تعالى نبيه أن يذكر لهم أن الخير والشر لا يستويان» وأن الخبيث والطيب لا يتساويان» فلا يمكن أن يكون معاملة أهل الخبيث كمعاملة أهل الطيب» وأمر الله تعالى نبيه أن يقول ذلك» ويبينه للناس على أنه جزء من رسالته يبينه للناس ويعرفهم به أو يذكرهم إياه وهو ما ترتضيه الفطر السليمة وتدركه العقول المستقيمة» وهو بيان لطبائع هذا الوجود. والخبيث هو الآمر المستقذرء إما لأنه فى ذاته قذر تعافه النموس والطبائع السليمة» وإما لأن سبب الحصول عليه خبيثء» فجاءه المخبث من سببهء إذ انسحب السبب على المسبب فلوثه» وإما لأنه مخل بالمروءة» فالمستقذر هو إإإهاا تفسير سورة المائدة 1111ااا!ا ناا اكةةا الات للةا1 لط لالااا ا نلئ ااا لللتااااا لانن تالالا زااتااا ااا اناا اللا الالتااط نلك ضخ لل ااانا اللا م ». ١ لكك‎ 7 7 الخبيث» وهو حسى »© وأدبى» والطيب ما يكون حسنا فى ذاته وفى طريق كسيه » وترضاه النفوس المستقيمة والعقول المدركة» وتأتى الشرائع بإباحته. وإذا كانت تلك هى القاعدة الإنسانية العالية» والعادلة» فإنه لا بد من عقاب المسىء » وثواب المحسن » ولكن الباطل له الحاجة وفيه كثرة؛ لآنه مجاوبة وضبط نفس يقل» وإن كان طيباء ومهما يكثر الشر لن يتساوى مع الخيرء ولذا قال سبحانه: #ولو أعجبك كثرة الخبيث» . أى ولو أثار نفسك وعجبك واسترعى نظرك كون الخخنبيث كثيراء إن الشر مهما يكثر لا يمكن أن يستحسن شرعا أو ترضى به الأخلاق» ولا يمكن أن ينقلب بالكثرة مساويا للخير بل إنه كلما كثر» وجبت مقاومته» بشدة وبمقدار كثرتهء تكون شلة المقاومة» وذلك فرق ما بين شريعة الله تعالى وقوانين العباد» فإن قوانين العباد» تستمد قوتها من الكثرة» وعرف الناس» ولو كان فاسداء أما شريعة الله فهى للخير المحضص» وإذا كثر الشر لا تتبعه» بل تقاومه. ولا ترضى به» لأنها جاءت لنشر الخير» ولا يمكن أن ترضى. وإلا ما كانت رسالات الرسل» ولا جهاد الآنبياء والصديقين والشهداء الصالحين » ولذلك أمر سبحانه مقاومة الشر مهما كثرء فقال تعالت كلماته: لفَاتَهُوا الله يا أولى الألباب لَعلّكُم تفلحون» قال الله تعالى فى الآية السابقة : «لأّ يستوي الْحَبيث والطَيّب4. وأن هذه الجملة السامية تصلح الكبرى لقسياس طويت صغراه» وهى مفهومة من قوله تعالى : #اعلموا أَن الله شديد العقاب وأَنْ اللّه غفور رحيم». إذ الكلام يكون هكذا ولكلام الله تعالى المشل الأعلى الذى لا يصل إلى مثله البشر. . لا مساواة بين الخير والشر» والله يعاقب على الشرء ويثيت على الخيره والنتيجة لهاتين المقدمتين» أن الأشرار سيعاقبون» والأخبار سيثابون لا محالة» ولازم هذه النتيجة أن يحذر الناس فيرجوا ثواب الله ويخافوا عقابه» وذلك الحذر يكون بتقوى الله تعالى بامتلاء القلب بخشيته» والعمل على اتقاء عذابه ؛ ولذا قال: اا تفسير سورة المائدة اي 00 لاسب ا لفَائَقُوا الله يا أولي الألبَاب لَعَلْكُم تفلحون» أى إذا كان كل امرئ مجزيا بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشرء فاملأوا قلوبكم بتقوى الله وخشيته وملاحظة أنه يعلم ما تبدون وما تكتمون. فاعبدوه كأنكم ترونه» فإن لم تكونوا ترونه. فاعلموا أنه يراكم وهو يعلم سركم وجهركمء فإن خشية الله تعالى فى أعمالكم على هذا النحو يُرجى منها الفلاح والفوز؛ لأنها سبب لذلكء» فالرجاء فى للَعلَكُم4 من العبيدء لا من الله؛ لأنه سبحانه يرجى ولا يرجو إنه بكل شىء عليم. 00000 2 6 برب سس سير و يكأماا أذ« بن ءامنوأ لا تسحلوأ رو 0 02 ن سحلو 6 هش آ كر عن أَشَيَاء | إن مد سوم و[ عنهاجين ينزل عنها جه -. عو روم رسطارع 16 و سح سم تور ع عر 0 باك فكت َقَد لهاقوم م 2 ع سابر وس لهاَوْميّن محم ثم أَصبحوا يب 6 غريبدست 2 فى الآيات السابقة بين الله تبارك وتعالى أنه لا يصح أن نحرم ما أحل» وإذا حرمناه بأيمان أقسمنا بها - بين سبحانه وتعالى تحلة أيماننا. ثم أشار من بعد إلى ما حرمه» وهو ما يكون مستقذرا فى ذاته» أو يكون تحريمه مؤقتا بزمان ومكان» وليس تحريمه على التأبيد» ولكن العرب كانوا يحرمون على أنفسهم حلالا من الطيبات بأوهام يتوهمونها من غير تنزيل جاء بتحريمهاء وليس فى ذاتها ما يستقذر» وجنسها يحللونه ولا يحرمونه» ثم كان من المؤمنين من يسأل عن هذه الآمور فبين سبحانه أنه لا أمر ولا نهى إلا ما جاء به القرآن» وأنه لا يجوز أن يتقدموا بأسئلتهم حتى يبينه القرآن فكل حكم يكون فى وقته المعلوم لتستأنس فيه القلوب بأحكام الشرع جزءا جزءا حتى يتمة الله تعالى قبل أن يقبض رسوله إليه ولذلك قال سبحانه : ل تفسير سورة المائدة للم سي لحر ا الأولون > كثيرى ى السوال للبى كل عن الحكاء يسالوته عن أمور يشددون بها على أنفسهم» ويسألونه عن أمور تتجافى عن مبادئ الإسلام» ولكن لم يئن وقت تحريمها ‏ لأن الإسلام شريعة عامة خالدة» وقد ابتدأ ممخاطبا العرب بهذه يشربوا روح الإسلام» فينزل عليهم التحريم» وقد استأنست قلوبهم ببعض معالى الإسلام» ولقد كان منهم مخلصون يطلبون الحق فى الأمورء ولا يلتفتون إلى مبادئ التدرج فى الشرع» ومنهم غير مخلصين يريدون الإعنات» ومنهم بين انبى كله ليطلب الناس ما يتيسر لهم وس بدك أن بكو راضم شا عل أشده» ويروى أنه عندما فرض الحج فى القرآن الكريم إذ قال تعالى : .. عَلَى النّاس حج الْبَيت من استطاع ليه سبيلا . .. إن 4 [آل عمرات ]. وقال 5 الصلاة والسلام: «إن الله كتب الحج فحجوا)») فسأله عندئذ أعرابى قائلا «أكل عام يارسول الله» فقال عليه السلام: «ويحك» ماذا يؤمنك أن أقول نعم» ولو قلت نعم لوجبت» ولو وجبت لكفرتم » ألا إغا أهلك الذين من قبلكم أئمة الحرجء والله لوقعتم)217. كانت هذه الأسئلة تقع من المسلمين الأولين» والذى ثرآه خاصا بالآية التى تكلم فى معناها الأسمى ما كان بيجرى على الألسنة من أسثلة خاصة بأمر الشرع الذى لم ينزل فيه إباحة ولا تحريم كالخمر التى حرمت تحريما قاطعا بعد أن أشرب المؤمنون حب الإسلام» ونبذوا عادات الحاهلية التى لا تتفق 2 تتعمق مع ميادئه» ونحسب أن هذه هى موضوع الآية الكريمة. )١(‏ مسند الشاميين (955) ج25 ص١8‏ عن أبى أمامة الباهلى رضي الله عنه. ورواه الطبراني في الكبير وإسئاده حسن جيد. لاا تفسير سورة المائدة سم اللي 1 ذ[ذ[ذ[ذ ذ[ [ذ [ ذ[ 1 1 1 1 11111111 جلما 15 2-2 يا يها اين آمنوا لا تَسألُوا عن أَشيَاء إن ثُبْد لَك تَسؤْكُم» والمعنى على هذا السياق لا تسألوا عن أحكام أمور لم يجئ حكمها المبتوت فى الإسلام» وشرع الله تعالى فيما كتب فى علم الله العلى الحكيم أنها محرمة» ولو أبدى سبحانه هذا التحريم لهم لساءهم ذلك البيان لعدم الفهمء ولأآنهم لا يزالون متأثرين ببعض أحكام الجاهلية» كالخمرء فإن الشرع الإسلامى كرههاء ولو سثئل عنهاء فإنه لا يمكن أن يصرح بإباحتهاء ولا يمكن إلا أن يكون بتحريمهاء والتحريم القاطع قبل خلع الربقة الجاهلية تماما يسوء بعض النفوس» وهذا معنى قوله تعالى: إن تبد لَكُمْ تَسؤّكم» ولو أنهم تركوا السؤال ححتى نزل القرآن بالحكم فى ميقاته الذى وقته الله تعالى ما كان فى الحكم مفاجأة تسوء؛ لأنه يكون بعد إشراب القلوب بأخلاق الإسلام» ولذا قال سبحانه: #وإن تسألوا عنها حين ينرّل القرآن ثبْدَ لَكُمْ عا الله عنْها4 والمعنى الظاهر من هذا أن القرآن عندما ينزل بها تحريما ومنعا أو إجازة وإباحة تكون النفس المؤمئة قد استعدت لتلقيها كما تهيأ الأرض الخصبة للزراعة فيجىء البذر والماء فى إبانهما فتنبت نباتا حسنا بإذن ربهاء وإن نزلت فى القرآن كان السؤال فى وقته وفى موضعها استفساراتهاء ويكون بيان النبى يلد تفسيراء وعبر فى حرف الشرط ب (إن» للوشارة بقلة السؤال؛ لأن البيان يكون كاملا من كلامه تعالى ومن سنة النبى وقوله تعالى: لعفا الله عنها4 الضمير فى عنها قال أكثر المفسرين: إنه عائد على الأسئلة التى تضمنها قوله تعالى: الا تسألوا4. ولكن ذلك التضمين ليس بواضح»ء والأولى عندى أن نقول: إن الضمير يعود على الأشياء نفسها؛ لأن الضمير فى (عنها» يعود إلى الأشياء» وبمقتضى النسق البيانى لن يعود الضمير إلى شىءء ولذلك العفو عن الأشياء مغزاه الشرعى؛ لأن الناس قد يتساءلون عن هذه المحرمات قبل تحريمهاء فيتساءلون عن الخمر قبل تحريمهاء ويتساءلون عن تحريم زواج المؤمنة بالكافر قبل التحريم» وعن التبنى قبل التحريم» وعن زواج امرأة لل و لأسب أت الأب قبل التحريم» وقد أجيب عن كل هذاء عفا الله عما سلفء فالمعنى عفا الله عن هذه الأشياء قبل التحريم» وبهذا يتحقق معنى العفوء وهو رتبة بين المباح والمطلوب» وأن الأشياء اللتى كان مسكوتا عنها أمدا طال أو قصر فى الإسلام ثم حرمت بعد ذلك لا يمكن أن تكون مباحة؛ لأنه لا تنطبق عليها حقيقة المباح؛ إذ إن حقيقة المباح أنه يكون متساوى الضرر والنفع بالنسبة للمتناول؛ ويرجح أحدهما التناول؛ أو الحاجات الشخصية؛ ولا يقال عن شى حرمه الشارع تحريما قاطعا لا شبهة فيه إنه متساوى النفع والضرر؛ وما دام لم يوجد ما يثبت طلب الكف عنه» فإنه يكون فى فترة السكوت مع كونه ضارا قد عفا الله تعالى عنه. #واللهُ عَفُورٌ حَليم4 هذا ختام ذلك النص» ختم بهذين الوصفين للذات الكريمة للإشارة إلى أن جعل هذه الأشياء القبيحة فى ذاتها كالخمر والتبنى وزواج امرأة الأب فى موضع العفوء ما دام لم ينزل شرع بتحريمها لا يكون إلا من غفور يغفر الذنوب» ولا يحاسب إلا أن يكون نذير يمنع وينذر بالعقاب» كما قال سبحانه: ل ... وَمَا كنا معَذَبِينَ حت تبعت رسولاً (12) 4 [الإسراء] . وكان وصفه سبحانه وتعالى بالحلم» وهو فيما يتعلق بالعباد التأنى وأخذ الأمور بالتؤدة والروية» وبالنسبة لله تعالى علم الحكيم الذى يقدر لكل وقت ما يقتضيه» وللناس ما يصلحهم فى معاشهم ومعادهم» فهو يؤخر التحريم» حتى تستأنس القلوب ويستمكن الإيمان» وهو لا يأخذ بالهوادة ما يتعلق بأصل الإيمان كالتوحيد وترك الشركء بل يبتدى به من غير مواناة» ويقول لنبيه: «[ فاصدع بما وَمَرُ وأعرض عن الْمشركين 2206 » [الحجر]؛ لأنه لب الدين» ليس فيه هوادة» ولا لأحد فيه إرادة . 0 «قد سألها قوم من قَبْلكُم ثم أصبحوا بها كافرين»* هذا قصص للعبرة ساقه لأولئك الذين كانوا يتعرفون أحكام الأشياء قبل ميقاتها ويتلهفون على معرفة حكم الله فى أمور كانوا يريدون بيان الحكم فيهاء وكان موجب ذلك السؤال والتلهف على معرفة الحكم أن يستجيبوا لداعى الله تعالى بالأمر والنهى» ولكنهم بعد أن ا تفسير سورة المائدة ١س‏ الللللللل اللا 0211 رب ا جاء الحكم المقرر الثابت تركوه هاجرين له؛ بل منكرين وجاحدين» فليست العبرة بتعجل المعرفة إنما الاعتبار للإيمان به» وأخذ الأنفس بتنفيذه؛ والمبادرة بالاستجابة . والضمير فى قوله تعالى #سألها» يعود إلى الأشياء على تقدير السؤال عن حكمهاء وسأل تتعدى بنفسهاء كما تتعدى ب «عن»» وقد كان سوؤالهم قبل الميقات الذى عينه الله تعالى» ثم لما حان الميعاد جاء التحريم» مع أنهم كانوا يسألون قبل الميقات جحدوه وكفروا به» وفى الكلام مقدر محذوف دل عليه السياق. وهو أنهم سألوا فى غير الموعدء ثم نزل الحكم فى الموعدء فأصبحوا كافرين» وفى الكلام بعض إشارات بيانية» يتقاضانا البحث ذكرها. الأولى - حذف إنزال التحريم» وحذفه لأنه ليس العبرة فيه إما العبرة فى أنهم سألوا ولجوا فى السؤال ثم لما جاء التحريم كفروا. الثانية - التعبير ب «ثم» الدالة على التراخى؛ لأنه يدل على التباعد المعنوى بين اللجاجة فى السؤال ثم الجحود والكفر بعد ذلك كأنهم كانوا يريدون حكما على هواهمء فلما جاء بما لا يهوون كفروا. الثالثة ‏ التعبير بقوله تعالى: ثم أصبحوا بها كافرين*. فكلمة أصبحوا تدل على أنهم كانوا مؤمنين» والتحريم حولهم من الإيمان إلى أشد الجحودء إذ صاروا كافرين؛ أى أن الكفر صار وصفا لهم ولم يكن حالا عارضة لهم والله الهادى إلى سواء السبيل . / تفسير سورة المائدة ململ 2 و7 فيد ملكا كدوم لايَعلمُونَ ايرث مَِصَنَهتَديشملَ َمْسا كان العرب يحرمون على أنفسهم أنواعا من النعم» ويحسبون ذلك دينا يتبع» ويتقرب به إلى منشىء الخلق من غير دليل» ولكنه وهم سيطر عليهم» واستمكن فى قبائل مختلفة منهم» فبين الله تعالت كلماته أن هذا ليس من شرع الله فى شىء ولا سبب له إلا وهم مسيطر» ونسبوه إلى الله تعالى افتراء عليه) ولأنهم لا يعقلون ما ينبغى فى التحريم والتحليل لأن التحليل لذات الشىء» وقد خلقها الله تعالى طيبة ) وكان كسبها طيبا» والتحريم» إما لأذى فى ذات الشىء» أو أن فيه أذى لغيره كتحريم الصيد فى ميقات الحج. وقوله تعالى: ما جَعَلَ الله من بحيرة» معنى «جعل» هنا أنشأ وشرع» والمعنى ما أنشأ الله تعالى شرعا فى التحريم فى شىء من البحيرة والوصيلة والسائية والحام؛ أى هذه الأشياء ما شرع الله تعالى أحكاما خاصة بنعم متصفة بهذه الأوصاف» بل هى وسائر النعم سواءء والتفرقة بينها وبين غيرها من وهم كان عندهم » لا من حقيقة ثابتة تدركها العقول» ويظهر أن العرب كانوا متفقين فى الجملة على تحريم هذه الأنواع فلا يأكلونها أو لا يأكلها العامة منهم؛ إذ تنذر أصل التحريم بالنسبة لهذه الأشياء» قد اختلفت الروايات فى حقيقتهاء» واختلف اللغويون باختلاف الروايات فى حقيقة معناها. ويظهر أنه ليس اختلاف رواية أو اختلاف روايات متعارضة» إنما هو اختلاف قبائل العرب» وليس لنا أن نتحصى لا تفسير سنور: ة المائدة الل 1 1 *ش*ظ2ظ2”2 كلحى" نا الروايات عدا ونراجح بينهاء فنحن نميل إلى تصديقها جميعاء على أنها اختلاف بين القبائل» والمهم فى القضية أنهم يحرمون بأوهامهم. ويفرقون بين النعم بأخيلة وأوهام من غير أى أصل دينى ثابت . ولنكتف فى تقريب هذه الأصناف برواية واحدة» وبلغوى واحدء وهو الراغب الأصفهانى» فالبحيرة عنده هى الناقة الى تلد عشرة أبطن فتبحر أذنها أى تشق» وتترك ويسيبونها فلا تركب ولا يحمل عليهاء وقد قال تعالى فى ذلك: «إما جعل الله من بحيرة4 وذلك ما كانوا يجعلونه بالناقة إذا ولدت عشرة أبطن شقوا أذنهاء فيسيبونهاء فلا تركب ولا يحمل عليهاء والسائبة عندهم هى التى تسيب فى الرعى فلا ترد عن حوض» ولا علف. وذلك إذا ولدت خمسة أبطن » وواضح أن الفرق بينها وبين البحيرة فى المزايا أن ركوبها والحمل عليها لايمنع » بينما يمنع فى البحيرة. والوصيلة هى: الشاة التى تلد توءمين ذكرا أو أنثى» قالوا وصلت أخاهاء فلا يذبحونه من أجلها كما لا يذبحونه. والحام هو كما قيل الفحل إذا ضرب عشرة أبطن يقال حمى ظهره» فلا يركب. هذه تعريفات موجزة من بين الروايات المختلفة ذكرنا هذه الرواية لنقرب معناهاء وكان تقديسها أو تكريمها لمعنى الولاد فيهاء وأن بعضهم كان ينذرها نذرا لآلهتهم. وبعضهم كان يبيحها للكبراء دون الضعفاء ويحسبون ذلك ديناء وما هو إلا افتراء على الدين» ولذا قال سبحانه: #ولكن الذين كفروا يفترون عَلَى الله الكذب وأكثرهم لا يعَقلُوَ» أصل الفرى معناه: القطع» والافتراء فى القرآن الكذب القاطع»؛ فمعنى افتروا على الله الكذب» قالوا كذبا مقطوعا بأنه كذبء. وما ذكر الافتراء إلا مقترنا بالكذب للوشارة إلى أنه كذب مقطوع بأنه كذب» ومعنى النص الكريم: أن الله تعالى لم ينشىء فى شرعه شيئا من البحيرة والوصيلة» ولكن الذين كفروا بسبب كفرهم وضلالهم قد قالوا بهتانا فحرموا على أنفسهم ما أحل الله ونسبوا التحريم بهتانا إلا - تفسير سورة المائدة الل و لسرب أ إلى الله تعالى» وما دفعهم إلى ذلك إلا أوهام مسيطرة على أكثرهم فلا يعملون عقولهم» ولا يفكرون فى أمورهم تفكير العقلاء» بل أوهامهم هى المتحكمة فيهم» ولذا ختم سبحانه وتعالى النص بقوله تعالت كلماته «وأكترهُم لا يعقلون» . ومع هذا الضلال المبين لايستجيبون لداعى المرشد الهادى الذى يدعوهم إلى ما أنزل الله» ولذا قال سبحانه: لوإذًا قيل لَهُم الا إلى ما أَنرَلَ الله وإَى الرّسول قَالُوا حَسبنَا ما وجدنا عليه آباءنا» ما كان بالنسبة للحلال والأطعمة صورة ما هم عليه من الأوهام» وهى وإن لم تكن فى ذاتها أمورا كبيرة تدل على عقل جامد لا ينفذ إليه الحق السائغ الذى تستقيم عنده العقول. وترتاح إليه» فإن صغائر الأمور تدل على النفوس التى تتردى فى كبارهاء وأولئك لجمود تفكيرهم وطمس بصائرهم إذا قيل لهم تعالواء أى تساموا واعلوا بتفكيرهم لتدركوا ما أنزل الله تعالى من قرآن يتلى» وما بين به النبى كَِِهِ من نيرات واضحات» إذا قيل لهم أعرضوا بجانبهم» تولوا وقالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءناء وتلك حجة كل ضال مقلد لمن سبقوه وترك كل هداية مرشدة » باتع عن الصف ا إلى ا وتكرار الدعوة» فالله يدعوهم إلى الحق» م والمؤمنون بأقوالب ولسان حالهم يدعونهم» والدعوة لهم مكررة ليست واحدة حتى يذكر قائلهاء ويندد الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: «أوَ لو كَانَ آباؤهم لا يَعلمُونَ شيمًا ولا يهتدون4 والمعنى أيقولون حسبنا ما وجدنا عليه آباءناء ويقلدونهم» ويتبعونهم» ويغلقون باب الهداية عليهم ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا من الدين» ولا من الحلال والحرام» ولا يهتدون إذا بين لهم الطريق» أى ولو كانوا حائرين بائرين لا يدركون الحق فى ذاته ولا يهتدون إليه إذا أرشدوا وبين لهم. ا تفسير سور ة المائدة لكالل 71 ىب نا ولقد كان النبى وله شديد الرغبة فى هدايتهم.ء حتى خاطبه ربه بقوله: لا لَعلّك باخع نَفْسَك ألا يكونوا مُؤْصينَ ) 4 [الشعراء] . وكان كذلك المؤمنون. فبين الله أنهم غير مسئولين عن إيمانهم بعد أن يرشدوهم» فقال تعالت كلماته: «يا أيها اين آمنوا عليكم أَنفسكم لا يضركم مّن ضل إذا اهتديتم إلى اللّه مرجعكُم جميعًا» . كان المؤمنون يعجبون من حال الكفار كيف يتبعون آباءهم على غير بينة وكيف يستمرون فى غيهمء ومنهم ذوو قربى» فكانوا يرشدونهم» ويجزعون لإصرارهم» فبين الله تعالى فى هذا النص الكريم أنهم بعد البيان ليس عليهم إثمهم» بل عليهم أن يلزموا بعد التوجيه أنفسهم. ومعنى قوله تعالى: #عَليكم أنفسكم لا يضركم من ضَل إِذَا اهتَديئُم4. احفظوا أنفسكم وصونوها عن الاتباع من غير تفكيرء فلا تقلدوا أباءكم من غير بيئة» واهتدوا بهدى اللهء ولا يضركم ضلال من ضل واستمر على غيه بعد أن أرشد إلى وجه الحق» كن م يشل قلبه بل استمر على ضلاله القديم؛ فهذا النص الكريم يفيد أمرين: أولهما - يحفظوا أنفسهم» ويقوها شر التقليد المردى» ويعملوا على أن تبقى الهداية منيرة سبيلهم عامرة قلوبهم بها. وثانيهما ‏ أنه لا يضرهم ضلال الضالين» ما داموا قد تجنبوا طريق الغواية هم» وأرشدوهم إلى الحق . ولعل ظاهر الآية يوهم أنه لا يضر ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المتنكر» مادام لا يضر المؤمن ضلال من ضل» وقد ظهر ذلك الفهم الخطأ فى عهد صديق هذه الآمة أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنهء فقال: إنكم تقرءون هذه الآية: «إيا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركُم مّن صل إذا اهعديشم» وتضعونها فى غير موضعهاء وإنى سمعت رسول الله يَلْةٌ يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله تعالى بعقاب2(2 والآية ليس فيها دليل ناه عن الأمر )١(‏ رواه بنحوه أحمد: مسند العشرة - مسنئد أبى بكر رضى الله عنه .)١(‏ ورواه بلفظ مقارب جدا: ابن ماجه : الفتن الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر (0 ٠‏ 08 ا تفسير سبور: ة المائدة ل ملل مم ٠: ههه‎ يي بالمعروف والنهى عن المنكرء والآيات الآمرة بهماء والأحاديث الواردة فيهما لا تزال قائمة ولا ينسخها وهم يسبق إلى ذوى الأوهام من غير نص يدل عليه» ولقد سكل النبى يِه عن مقام هذه الآية بالنسبة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقال عليه الصلاة والسلام: «بل اتتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر» حتى إذا رأيت شرا مطاعاء وهوى متبعاء ودنيا مؤثرة» وإعجاب كل ذى رأى برأيه» فعليك بخاصة نفسك ودع العوام» فإن من وراتكم أياما الصابر فيهن مثل القابض على الجمرء للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم) ١7‏ وروى عن بعض التابعين أنه قال: كنت فى حلقة فيها أصحاب رسول الله يلد فتذاكروا الأمر بالمعروف والنهى عن المتكرء فقلت أنا: أليس الله تعالى قال فى كتابه: يا أيها لين آمُوا عَلَيَكُم أَنفْسَكُم لا يضركُم من ضْلّ إذا اهتديتم». فأقبلوا على بلسان واحدء. وإنى لأصغرهم سناء وقالوا: أتنزع آية من القرآن لا تعرفهاء ولا تدرى ما تأوليها؟! فتمنيت أنى لم أكن تكلمت» وأقبلوا يتحدثون» فلما حضر قيامهم؛ قالوا: إنك غلام حديث السن» وإنك نزعت آية ولا تدرى ما هى» وعسى أن تدرك ذلك الزمانء إذا رأيت شرا مطاعا وهوى متبعاء وإعجاب كل ذى رأى برأيه» فعليك بنفسك لا يضركم من ضل إذا اهتديت . وخلاصة المروى عن آثار رسول الله يَكَِةٌ والذين اتبعوهم بإحسان أن الآية لا قنع القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» بل القيام به واجب محكم وإنه لا يتم الاهتداء المنصوص عليه فى الآية إلا بالقيام بهذا الواجب الخطير» وإنه ٠‏ لا يرك إلا بحقهء وذلك إذا كان النداء بالحق يورث الفتن عندما يكون الهوى مطاعا والشر متبعا ولا يستطيع منادى الحقء أن يجد مصيخا”' وقوله يزيد حدة الخلاف» ولا يكون سماع لذوى الكيس والرشدء ولقد قال عبدالله بن المبارك: إن هذه الآبة أوكد فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؛ لأن الخطاب لجماعة ل اس و )١(‏ رواه الترمذى: تفسير القرآن - ومن سورة المائدة (7040) وقَالَ أبُو عيسى: هَذَا حَديث حسن غريب. كما رواه أبو دود: الملاحم - الأمر والنهى (5*0ة)ء» واين ماجه: الفتن .)5٠01:(‏ وفيه زيادة: «ورأيت أمرا لا يدان لك به) أي لا قدرة لك به. الل لسر زا المؤمنين» ومؤداها احفظوا أنفسكم معشر جماعة المؤمنين» ولا يهمكم ضلال غيركم من الأمم» ولا يجعلكم تغيرون أموركم إلى فسادء ولا شك أن من حفظ جماعة المؤمنين القيام بذلك الواجب العظيم . وفى ا حق إن القيام بهذا الواجب هو خاصة الأمة الإسلامية كما قال تعالى : 9 كم خير َم أَخْرِجَت للّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن السسكر وتؤمنون باللّه ولو آمن أهل الكتاب لكان حيرا لهم نهم المؤمنون وأكترهم القاسقون 4 [آل عمران] ولا يصح أن يتخلى عنهء وليس فى مصادر الشريعة ولا فى مواردها ما يسوغ التخلىء وأن ترك القول فى أيام الفتن الطحياء؟2 التى يكون القول مؤديا إلى زيادة فى الفتن والاتهامء فلا يجدى قولء ولا يهدى فكر إلى الرشادء فيكون السكوت أولى من الكلام» حتى تهدأ عجاجة الفتنة» وتعود القلوب إلى جنوبهاء ويوجد السميع» ولكن فى هذه الحال يكون الإنكار القلبى» وإرشاد القابلين للإرشاد» فى غير ضجيج ولا عجيج والله سبحانه وتعالى راد الحق إلى نصابه» والقضب إلى أجفانهاء وهو بكل شىء عليم . ل آ تر لس زر الور يتامها الذينء امنوا شهلدة ل ارم لا ل جسم يي حر حت سر 2 2 00 هه 7 00 14 ماوصطء < عا زم رعو 0 عدلٍ م أو أخرآن ون عير إن انتمضري فيا لارضٍ 011 2 _ ُّ 1200 2 َُ - فاصببتكم مُصِيبَة | وت كح تحِيسَوتَهمَا من بعَدٍ َأصَلوة عع 2 هه ا لو ا ل 7 11100111 04 رع 00 9 دَمَدْرَى دشنا لوْكانَ داوق لَه ندا لَمنَالَنوِينَ 2 دمع 2000 | وهو الهلاك كما «العين»): و بحت به: : حَمَلْتَ ر ب مقازة ياف هلاكه من هو في فيها. قال أبو التّجم : يطوح الهادي به تطويحًا . ضل تفسير سورة المائدة اال م0 لجس هيا له ١‏ م ته أذ ير سر 0 وس سا نهما أَسَتَّحَفًا إِنْمَافتَاحَرَانِ يَقَومَانِ مَقَامَهَمَا م تَألْدِين دأ 00 هنا كوا دمل بعد مب وتوأ ألَهوَأسْمَعْوأوأَمَدلايبَدى الْمَوْمالْسِيِينَ 2 فى الآيات السابقة ذكر سبحانه وتعالى أحكام الطيبات وأنه لا يجوز تحريمهاء وأن المشركين يحرمون على أنفسهم ما أحل الله تعالى» ويدعون أن تحريم ذلك دين متبع» وقد بين سبحانه وتعالى بطلان ذلك» وبين سبحانه وتعالى أن على المؤمنين أن يحفظوا أنفسهمء ويلتزموا الهدىء وألا ينحرفوا عن الحق» وفى هذه الآيات المقبلة بيان طريق من طرق الإثبات وهو الإثبات بالشهادة. والجملة السابقة كانت لبيان الحق فى عامة صوره وأحواله» وهذه الآيات فى صورة منه وهى أدق الصورء وهى التى تكون بعد الوفاة» لقد قال تعالى: يا أيها الّذدين آمنوا شهادة بيدكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصيّة انان ذا عدل منكم» قال فخر الدين الرازى فى الربط بين هذه الآية وما قبلها: «اعلم أنه تعالى لما أمر بحفظ النفس فى قوله تعالى: #علَيكم أنفسكم» أمر بحفظ المال فى قوله تعالى: ليا أَيْهَا الّذينَ آمنوا شَهادة بينكم»*»: وموضوع هذه الآية أدق الملوضوعات فى باب الإثبات» وقد قرر علماء القانون الوضعى دقة الإثبات فى موضوعهاء وهو الوصية التى تكون فى سفرء ويموت صاحبها فى هذا السفرء وإنهم قد تساهلوا فى طرق الإثبات فيها تحققا من صحة الوصية والأموال ومالهاء حتى لقد قال بعض القانونيين: إنه تثبت الوصية بالكتابة على الرمل لمن حضرته الوفاة» وهو نائم على ذلك الرمل؛ وذلك لأن الإثبات فى هذه الال التى مات فيها صاحب الوصية من غير أن يتمكن من أن يكتب وصيته صعب . |/إ9اا تفسبير سبور: ة المائدة الااناا11ةةلكك ل لللتلك1111 اال الن الالال لكظةظالاخ اط الالال للاللااالاخاامااممامااللاالان طخس طططلللللالل لام خخخ لاط تتلا تاللا 1 كا : 2 ولهذا شدد الإسلام فى ضرورة كتابة الوصية» والشخص قوى معافى» حتى لا يدركه الموت قبل أن يتمكن» حتى أن عبدالله بن عمر ليقول: (لا يحل لمؤمن إلا أن يبيت ووصيته مكتوبة قد وضعها تحت وسادته). الخطاب فى قوله تعالى للمؤمنين بقوله تعالت كلماته: يا يها الذِين آمنوا شهادة بيدكم4 للإشارة إلى أنه من مقتضيات الإيمان العناية بالوصية» ونقلها وتنفيذها بالعدل» كما قال تعالى: «فَمَن خَافْ من مُوص حتفا أو إِنْما فَأَصلح بينهم فلا إنم عليه .. . 2 4 [ البقرة] . والشهادة على الوصية نصابها اثنان ذوا عدل منكم والعدالة هى الصدق فى القول والأمانة على المال والقيام بأوامر الدين» والانتهاء عن منهياته» بحيث لا يجاهر بمعصية» ولا يرتكب منكرا إلا اللمم كما قال تعالى: « الذي يَحَتَبُونَ كبائر الإنْم والفواحش إلا اللّمم ... 4222 4 [ النجم] والقيام على الوصية يكون بتنفيذها كاملة موفورة» والمحافظة على الأموال» ونقل إرادة صاحب تلك الأموال. وإنه لا يتوافر العدل فى كل الأحوال فى الوصية» فإنه قد يكون الموت فى سفرء ولا يتوافر العدل من المؤمنتين» فقد يكون المصاحب للمتوفى من غير المؤمنين» أو من غير العدول» ففى هذه الحال يتساهل وتقبل شهادة غير المسلمين» ولذا قال سبحانه : «أو آخران من غيركم إن أنكم ضربتم في الأرض فَأَصابتَكُم مُصِيبَةٌ الموات» . قوله تعالى: #أَو آخَران من غَيركُم4 ما المراد بهذا المغاير؟ وذلك يستدعى بلا ريب تفسير (منكم) فقد قال بعض العلماء: إن منكم معناها من قبيلتكم» أو من أقاربكم» ويكون من غيركم معناه من غير قبيلكم أو من غير ذوى قرابتكم. والجميع فى دائرة أهل الإيمان» ويتمسك هذا الفريق بأنه لا تقبل شهادة غير المؤمن» فلا يمكن أن يكون المراد من غيركم الكافرين؛ لآن الكافر لا تقبل شهادته على المؤمن عندهم. ل( تفسير سورة المائدة 1/11 ناتلا لازنالا تاللا الالالال تلقال ناتللا تالالا تالالا لالط اللا م 1-6 وقد قال آخرون: إن المراد بقوله تعالى #صَكم» هو أن يكون الخطاب للمؤمنين؛ لأن النداء فى الذين آمنوا لا فى قبسيل منهمء إذ النداء لهم قاطبة لا لفريق منهم» ولذلك يكون الاثنان اللذان من غيرهم من غير المؤمنين» ومقتضى هذا التخريج أن تقبل شهادة غير المسلمين فى هذه الحال» وقد أجازها جمع من التابعين منهم سعيد بن المسيب وابن سيرين» ويحيى بن يعمر» وعكرمةء ومجاهد» وسعيد بن جبيرء والشعبى» وإبراهيم النخعى» وقتادة» وشريح القاضى» وهذا رواية عن أحمد بن حنبل» وقد قرروا أن شهادة غير المسلم على المسلم تقبل فى حال السفرء وعلى أن تكون الشهادة فى وصية كما نص القرآن الكريم » وذلك لمقام الضرورة» ولمنع ضياع الحقوق ما أمكن ولآن ذلك يشبه التحرى» ويكون المراد من العدالة الاشتهار بالصدق والأمانة» ومنهم من يكون كذلك» وإن أصاب الضلال اعتقاده» وثانيا لأن قبول شهادتهم استئناء فيقتصر على موضع الوصية» فيقتصر على مورد النص» وهى تقييد الحال بحال السفرء وتقييد الموضوع بأن يكون فى الوصية. وهنا إشارات غير لفظية: الأولى - قوله تعالى: #إإن أَنثم ضربتم في الأرض». المراد به إذا سافرتم؛ لأن المسافر يضرب فى الأرض» وقد أشرنا إلى ذلك من قبل . الثانية - قوله تعالى: لفَأَصابيَكُم مصيبة الْموت». أى نزل بكم» وسماه سبحانه وتعالى مصيبة؛ لأنه بطبيعته يؤلم أو يصحبه أو يقارنه أو يسبقه آلام نفسية» ولأنه حق ليس بمحبوب وخصوصالن يموتون حتف أنفسهمء ولا يموتون استشهادا فى سبيل الله تعالى» ورجاء لقائه» ولأنهم يفدون بموتهم جماعة المؤمنين؛ فالثمن الذى أخذوه أغلى من الموت الذى قدموه. الثالشة أنه عندما ذكر سبحانه الاثنين من غير المؤمنين لم يذكر العدالة ولكن المفروض أن يكونا صادقين اشتهرا بالأمانة» ولكن لم تذكر العدالة؛ لأنه لا يمكن أن يكون غير المؤمن عدلا عدالة مطلقة» بل تكون مقيدة. هاا تفسير سورة المائدة و للم 11100000000 1 1 1 1 [ 1 1 1 5*5111*ظ*ظظ”2 لحب ا هذاء ويلاحظ أن الأئمة الثلاثة مالكا والشافعى وأبا حنيفة وأصحابه لا يقبلون شهادة غير المسلم على المسلم مطلقا فى سفر أو حضرء فى وصية أو غير وصية»؛ ويظهر أنهم يسيرون على التخريج الأول. وقد بين سبحانه طريق أداء الشهادةء فقال: «#تحيسوتهمًا من بعد الصّلاة فَيقَسمان باللّه إن ارتبشم» الضمير فى قوله تعالى : تَحَبِسوتَهمَا من بعد الصّلاة» يعود على الشاهدين ذوى العدل من المسلمين أو من غيرهماء والحبس الإمساك لأداء الشهادة اللازمة حتى تؤدىء» والصلاة كما يفسر التابعون الذين تلقوا تفسير أصحاب رسول الله يَِْكٌ يراد بها صلاة العصر؛ إذ يكون وقت استجمام النفس» واستحضار عظمة الله تعالى» وطيب الجوء والفقهاء يعتبرون من السنة سماع الشهادة بعد صلاة العصرء حيث تكون النفوس قارة مطمتنة» وإذا كانا غير مسلمين» فإنهما يسمعان بعد صلاتهم . وهذا حكم عامء ويلاحظ أن شهود الوصية لهم صفتان: إحذاهما ‏ صفة الشاهد العدل المخبر عن الواقع الناطق بالصدق فيه الذى يشهد على مثل الشمس عياناء الصفة الثانية - أنهما وصيان للميت أمينان على ماله. يحافظان عليه» حتى يصل إلى أهله؛ ويسلم إليهم موفورا غير منقوص» ولذلك كان حقا عليهما أمانة الله تعالى» ولذلك كان أى ريب فيهما يؤدى إلى ضياع المال وحق المتوفى» وحق ذويه» ولذلك شرع القسم إن كانت ريبة أى ريبة كانت» ولو كانت نفسية ليس لها مظاهر مادية» ولذا قال: لفيقْسمَان باللّه إن ارتبتم» وهذا النص الكريم يفيد أن الحبس بعد الصلاة والقسم على صدق القول لا يكون إلا حال الارتياب» وبهذا يرد قول الذين يقولون: إن الشهود لا يستقسمون. أولا ‏ لأن هؤلاء ليسوا شهودا من كل الوجوهء لأن لهم صفة أنهم أوصياءء والأأوصياء يحلفون إن كان ثمة ريبة فى تصرفهمء وثانيا ‏ لآن الحال حال استثنائية فيجب ما أمكن الاحتياط» والخلف عند الارتياب» فلا بد من توثيق القول بالوثائق» لكى يكون الاطمكئنان بدل الشك والارتياب» وبين سبحانه تتميما للاستيئاق صيغة اليمين» فقال: اا تفسير سورة المائدة ل 2 حب نا «لا تَشمرِي به تَما ولو كان ذا قرب ولا نَكْهمْ شَهادة الله إن ذا لمن الآثمين» الشراء يطلق بمعنى البيع» والمعنى لا نيع يسين اله تعالى الذى أقسمنا بهء ولا عهدنا الذى عاهدناه بهذه اليمين بأى ثمن كائنا ما كان وبأى قدر كان» فالضمير يعود على القسم بالله المفهوم من قوله تعالى: لفَيقَسمّان باللّه إن ارتبتم» . وقال تعالى : #ولَو كان ذَا قَرَبَى» أى ولو كان الذى يستفيد من شهادتنا ذا قرابة قريبة» فكلمة قربى لا تطلق إلا على القرابة القريبة التى تحمل غير الأتقياء على الكذب فى الشهادة» ومن موضوع القسمء والتغليظ فيه عدم كتمان الشهادة» وكتمانها هنا يشمل ثلاث صور من الكتمان: أولاها- أن يخفى بعض الحق» وثانيها - أن يخفى بعض الموصى به فلا يذكره كله»ء والصورة الثالثة ‏ لمن لا ينقل كلاما للموصى يحرر إرادته. ومن مؤكدات القسم أن يقولوا مع قولهم فى القسم ١لا‏ نكتم»: «إِنَا ذا لَمنَ الآثمين» . وذلك بأن يقروا على أنفسهم بالإثم إن حادوا أو كذيوا فى يمين الله» أو قالوا غير الحق الذى كانوا أوصياء عليه» وقد أكدوا الإثم على أنفسهم فى ! يمانهم بمؤكدات أربعة: أولها ‏ التعبير بالجملة الاسمية» ثانيها ‏ التوكيد ب (إنا» ‏ ثالئها ‏ اعتبار الحكم على أنفسهم بالإثم نتيجة منطقية لأعمالهم» ولإخفائهم الحقء ورابعها ‏ أن يخرجوا من زمرة الأبرار الأطهار ويدخلوا فى زمرة الآثمين الأشرار» وأ الأمر بالنسبة للذى غيب فى التراب» وهو لا ينطق بما يريد» ويبين ما عليه حاله وماله يوجب الاحتياط فيهما قبل الشهادة» والتحرى على أمره بعد وفاته» فعسى أن يكون حق قد ضاع شىء» وقد تبين سبحانه حال العثور عليه» فقال: لفَإِنَ عثر على أَنَّهُمَا استحقًا نما فآخران يقومان مَقَامَهمَا من الّذين استحق َقّ عليهم الأوليان4 عثر الرجل يعثر عثرا إذا وقع على أمر لم يكن معلوما من قبله» ولم يقع عليه غيره تمن يهمهمء ويقال: أعثرت فلانا على أمر أطلعته عليه» وكل من اطلع على أمر كان خفيا يقال: قد عشر عليه» والعثور على الشىء يكون فى الغالب العلم الذى لم يكن له مقدمات عنده» بل ربما يكون الإطلاع عليه بالمصادفة . ا تفسير سورر: ة المائدة الالالال 5 لسرب أ والأمر فى هذه الحال الذى يموت فيها المورث يكون محل جهل إذ يموت فى سفرء ولا طريق للعلم إلا عن طريق هذين الشاهدين اللذين لهما مع الشهادة صفة الوصية» والعثور يكون بمثل الاطلاع على شىء من ماله عندهما لم يكن قد جرى ذكره على لسانهماء ومعروف عند ورثته أنه كان يملكه» أو يظهر عليهما يسار مفاجئ ويتبين من قرائن الأحوال أنه كان من ماله» أو يظهر من كتب أرسلها المتوفى قبيل وفاته تدل على ما كان يملكه عند الوفاة» ولم يذكرا فى شهادتهما وهكذا يكون العثور على شىء لم يكونوا يعلمونه. ومعنى قوله تعالى استحقا إثما - أى أنهما خانا فى الأمانة» فلم يقوما بحق الوصاية» وكذبا فى الشهادة فلم يصدقاء وحلفا يمينا غموسا تغمس صاحبها فى النار» فاستحقاقهما للإثم بسبب ذلك الكذب وتلك الخيانة» والحلف الكذب» وقوله تعالى: #استحهًا إِنْمَا4 تتضمن كل هذه المعانى وغيرهاء والإثم هو هذه المعانى كلهاء والعثور على ما يتضمن ضياع حقوق الورثة» وذهاب أموالهم» وما قالوه فيه بخس لما يستحقون» وضياع لما يملكون, إذ قوله تعالى حين الوصية أى حين إخبار المتوفى بأمواله وإيصائهم بالمحافظة عليهاء وتوزيعها بين مستحقيها وإذا كانت جناية هؤلاء على المستحقين للتركة» فالقول قول المستحقين يدلون بهء ولذا قال سبحانه: قآخران يقومان مَقَامَهُمَا4. أى فشاهدان آخران يقومان فى إحقاق الحق» وإظهار الحقيقة: وبيان ما خخفى من إرادة المتوفى وأمواله وما له من حقوق وعليه من واجبات مقام الأولين» وهذا التعبير من ألطف التعابير بعد ظهور الإثم» إذ إنه ينبئ عن التعاون بين هؤلاء الآثمين» والأبرياء فى إظهار الحق» إذ إن المجنى عليهم يقومان مقام من جنوا. وقد بين سبحانه من الذين يختار منهم الآخران اللذان يقومان» فقال سبحانه: #من الّذين استحق عَليهم الأَوليَان4 فى هذا النص السامى بيان من يختار منهم» وكيف يختاران» والضمير فى قوله تعالى #استحق عَلَيْهِم4 يعود على الإثم المذكور فى من استحقا إثماء وهو الفاعل؟ والمعنى أن الذى يكون منهم الآخران / تفسير سورة المائدة لل يم ١ اك‎ - الذين استحق الإثم عليهم أى حقت آثاره ومغبته عليهم وهم الورثة» وهذا على قراءة الفعل بالبناء للمعلوم؛ ومعناها - كما رأيت - الذين حقت عليهم مغبة الإثم ونتائجه» وهم المستحقون للمال بعد وفاة المتوفى بوصية المورث أو بوصية الله تعالى باليراث؛ وهناك قراءة بالبناء للمجهول7١؟»‏ ومعناها الذى استحق عليهم أى أخذ منهم بمقتضى بمقتضى الشهادة الباطلة» والمؤدى فى القراءتين واحد. ذكر النص أنهما الأوليان بالنطق بالحق لأجل الورثة» إما لأنهم أقرب الورثة أو لأنهما أرشدهم.» أو ألحق بمحبتهم. ومعنى النص الكريم على هذا أن اللذين شهدا المتوفى عند وفاته هما أولى الناس بذكر الحقيقة» وإن كان ارتياب يحبسان بعد الصلاة ويستقسمان قسما موثقاء فإن ظهر ما يدعو إلى تكذيب شهادتهما فى كلها أو فى بعضهاء كان للمستحقين للتركة حق الشهادة ويختار أولاهما بالتحدث عن المتوفى» وهذا معنى (أوليان)» وهى خبر لمبتدأ محذوف, وتدل على طريقة الاختيار» وإن هؤلاء لأن المال يثول إليهم لا يقبل قولهم إلا بيمين لأنهم بمنزلة المدعى عليه بكلام الأوصياء الذين يكذبونهم» ولذا قال سبحانه : لفَيَْسمان بالله لَسَهادتنا أَحَقَ من شهادتهما وما اععَدينا إِنَا إذا لمن الظالمين» الفاء هنا للافصاح عن شرط مقدر وتقديره إذا كانا يتقدمان لإحقاق الحق فلايد أن يقسما باللهء وهنا إيجاز معجزهء إذ يقسمان بالله تعالى على على اختل 7 فى ذ الأمانة وعلى ما يريان أنه الحق» ثم يقسمان مع ذلك على أمرين أولهما شهادتهما أحق بالقبول من شهادة الآخرين لصدقهاء ولظهور الخيانة فى ل ولأنه فقدت قوتها لعدم الأمانة» وثانيهما ‏ أن يقسما على أنهما ما اعتدياء بأخذ )١(‏ قرأها بالفتح #استّحق» حفصء والأعشى عن أبي بكر عن عاصم (غير النقارء وجبلة)» وقرأ الباقون بالضمء أي: : #استّحق». أفدته من غاية الاختصار - برقم (817). سساص مر هه (؟) فيقسمان على (عدم) احختل' والختل : الخديعة. ٠.‏ من: : ختله يَحْتله ويَخثله حلا وحتّلانا: جلعه. اا تفسير سورة المائدة لذ 2121111111 حر ا ما ليس بحقهماء وكان التعبير بنفى الاعتداء؛ لأنهما مطالبان». والمطالب يخشى اعتداؤه؛ لآن كذبه يتضمن اليمين الغموسء ويتضمن الأخذ بغير حق» فيكون اعتداء» ولقد أكد الله سبحانه وتعالى عليهم عدم الاعتداء بأن يقولوا: #إنَا إذَا من الظالمين» وذلك فيه تأكيد لعدم الاعتداء» وبيان أن شهادتهما أحق من شهادة الأولين» إذ لو لم يكونوا صادقين لكانوا ظالمين» وقد أكدوا ظلمهم بأربعة مؤكدات: أولها ‏ الجملة الإسمية» وثانيها ‏ بأن المؤكدة» وثالئها ‏ بإثبات أن الحكم بالظلم له مقدماته فيكون منطقياء ورابعها ‏ دخحولهم فى زمرة الظالمين» وخروجهم من طائفة الأبرار الأخيار. وإن ذلك كله تقريب للحقء وبعد عن الباطل» ولا يمكن أن يكون الحق مؤكدا من كل الوجوه» بل لا بد من التقريب دون التحديدء ولذلك قال سبحانه : «ذلك أدئ أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يَحَافُوا أن ترد يمان بعد أَيْمَانهِم» الإشارة فى ذلك إلى النظام كله الذى نظمه القرآن الكريم» والنسق الحكيم من الشهادة التى يقوم بها الوصيان تكون ابتداء من أهل التقوى» ويعتمد على تقواهم وعدالتهم. فإن أمسكا بعد الصلاة» وأخذت عليهما الأيمان المغلظة ويتعرف الأمر من ورائهماء ولا يترك من غير تحريات كاشفة» فإن عثر على أن الشهادة فيها إثم أو غير حق استشهد غيرهما من الذين ينقص حقهم بشهادتهماء واخختير أولى الناس من المستحقين بالقول» ذلك النظام كله أقرب إلى أن يؤدى الشاهد الشهادة على وجههاء إما لأنه يريد الحق لذات الحق» أو لأنه يخاف أن الأيمان الشاهدة الجارية على لسان غيره بعد يمينه تعلن كذبه على الأشهاد» وخيانته بين الجموع والآحاد» فمعتى ترد أى تترك أيمانهم» وتطرح ويعاد القول إلى غيرهم بعد والنص يومئ إلى أنه إذا عثر على كذب بعد شهادة الأقربين ترد الشهادة على من يليهم حتى لا يضيع حق قط . اها تفسير سورة المائدة ل 0 4و ا 1 -- ولقد يروى الرواة قصة فى هذا الموضوع ويذكرونها على أنها سبب النزول» وإنا نذكرها؛ لأنها موضحة للوقائع» جاء فى تفسير ابن كثير «عن ابن عباس عن ميم الدارى فى هذه الآية: يا أَيْهَا اين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم لْمَوْت». قال: برئ الناس منها غيرى وغير عدى بن بدار» وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام (أى إسلامهما) فأتيا الشام لتجارتهماء وقدم عليهما مولى لبنى سهم يقال له بديل بن مريم بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك؛ وهو أعظم تجارته فمرض فأوصى إليهماء وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله. قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم واقتسمناه أنا وعدى» فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إلى أهله ما كان معناء وفقدوا الجام فسألونا عنهء فقلنا ما ترك غير هذاء وما دفع إلينا غيره قال تميم: فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله كد المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر» ودفعت إليهم خمسمائة درهم» وأخبرتهم أن عند صاحبى مثلهاء فوثبوا عليهء فأمرهم النبى كه أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل المدينة فتزلت: يا أيه الّذِين آمنوا شهادة بينكم» . إلى قوله: فيقسمان باللّه لَشَهادتنا أحق من شهادتهما4 فقام عمرو بن العاص» ورجل آخر منهم فحلفاء نزعت الخمسمائة من عدى بن بداء)7١2‏ وهكذا. . . وقد ختم الله تعالى بيان ذلك الحكم الشرعى بقوله تعالت كلماته: «وائّقوا الله واسمعوا واللّه لا هدي الْقَوْم القاسقين» تم الله تعالى بيان ذلك الحكم الشرعى الدقيق بأمرين» وذكر أمر كلى» أما الأمر الأول فهو الأمر بالتقوى بأن يملآوا قلوبهم بخشية الله تعالى ومهابته» واتقاء عصيانه» وجعل وقاية بينهم وبين عذابه» وذلك أمر لازم لكل مؤمن» وخصوصالمن يودعون أسرار الناس» الذين لا يستطيعون دفع الكذب والباطل عنهم . )١(‏ رواه البخاري: الوصايا - بياب: #يا أيها الذين آمنوا شهادة» ر59/480)» ورواه مطولاء الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة المائدة )7١64(‏ عن ابن عباس عن تميم الداري . لاا تفسير سبور: ة المائدة للا أ انائا!! الالال ل ل ل لت لل اااااا اا الل الا مالكلا لل للالانانااااا مائللا اناطخ خسن انا اططخ ط خط لط انال خط ممم ااا امنا تلاتلا لس اة والأمر الثانى ‏ هو ما قرره بقوله سبحانه: # واسمعوا» أى اسمعوا قول الحق وعوه. واعملوا به ولا تيئسواء ولا يأخذكم السأم عن أن تسمعوا كل قول حتى تصلوا إلى الحق الذى تبتغونه. وأما الأمر الكلى فهو أن الله سبحانه وتعالى لا يهدى القوم الفاسقين» ومعنى عدم هدايتهم أنهم بسبب ما اكتسبوا من سيئات الفسق» وما أحاطت به خطيئاتهم أصبح الحق لا يدخل إلى قلوبهم» فلا يهتدون لأن الفسق صار شأنا من شئونهم؛ ولا يمكن أن تلتقى الهداية مع الفسق فى قلب من فسق عن أمر ربه. للهم جنبنا الباطل وأهله؛ إنك سميع ميجيب. و سم كعم ع1 بي 1 مسد - غ2 يلاي + يوم بجمعأ له الرسل فيقول ما 5] أجبتم قا لوأ لاعَامٌ سس يك سج سه سر اجرح خر لخر حم 0 لناإنك أنت علْدمالغيوب لزي الْقَدُ سكلا لاس فل روح لاود عَلَمكَ عَلمسل الحكتّب وَلْفْكمَدَوَالتررسة وَالا ييل ود كَرْيُ سر ص اب هآ امع 004 م سالط نِكَمَيئةَآطير ذف متَنفُح فهَا حون طارا لمسالتبت 14 ساس ع مج عي _ بِإِذْقَ وَمُرْ ْالْكَكْمَهَ خم وَالَْرص دق وإ رع م ء عدر | 2 -ه 8 الْمُوْقَبإِذْق وَإِدْ كَفَفْت بوسر يِلَعَنكَ إذ الكلام من قوله تعالى: «إيَا أَيهَا الّذِينَ آمَنوا لا تَتَحْدُوا الْيَهُودَ وَالتٌصارَى ا أولياء .. لز # [المائدة]. كان فى أهل الكتاب» ومعاندة اليهود؛ وتحريف ا تفسير سورة المائدة الالالال لتاا اناالا !ااا تلتلةا ل الللط لطا ل لالت طاك طنط طلاة خط للاانط اتلك خخ خالل الالال لالاتنطااا نطلا ات ١ ١ الا‎ 7 يب النصارى عقيدة المسيح عليه السلام» ثم بين سبحانه علاقة المسلمين بالمشركين مودة » وذكر الرهيان عندهم )2 وبين بهذه المناسبة إباحة القرآن للطيبات» وأشار إلى ووقت معلوم ثم ذكر مكانة الكعبة» وما حرمه المشركون على أنفسهم من غير حجة ولا سلطان مبين» ثم تكلم عن شهادة أوصياء الميت إذا مات غريبا وكان المناسب بعد ذلك أن يتكلم عن حال الناس بعد أن يجمعوا يوم القيامة» ومقالة الرسل لمن بعثوا إليهم» وأخصهم عيسى - عليه السلام ‏ الذى ادعيت أولوهيته؛ فقال تعالت كلماته: هيوم يَجْمَعْ الله الرّْسل فَيَقَولَ مَاذَا أجبثم قَانُوا لا علم لنَا إنْك أنت علام الغيوب » قال كثيرون من المفسرين» وعلى رأسهم إمام البلاغة الزمخشرى: إن هذه الآية غير مقطوعة عن سابقتها من ناحية السياق اللغوى؛ لأن «إيوم» متعلق بقوله سبحانه: #وَانّقوا اللّه واسمعوا»: أى اتقوا الله تعالى واسمعوا الحق وأنصتوا إليه يوم القيامة يوم يجمع الله الرسل» ويسألهم عن إجابة أقوامهم لدعواتهم الحق» ويصح أن تكون متعلقة بقوله تعالى: #واللّه لا يهدي القوم الفاسقين». القيامة» يوم يجمع الله الرسل ويسألهم؛ أن اليوم ليس بيوم تكليف ولكنه يوم جزاء» ويكون الفسق شاملا للكفر؛ لأن الكافر فاسق عن أمر ربه. وبعض المفسرينء» قطع الآية عما قبلها واعتبرها إنذارا مبتدءاء وقالوا إن قوله سبحانه:«إ يوم يجمع الله الرسل 4. متعلق بمحذوف مقدر هو اذكر ‏ لأهل رسله الآكرمين بالتجلى عليهم: ظإماذًا أجبتم 4. والمعنى أى إجابة أجبتموها؟ وذكر بالبناء للمفعول» ولم يذكر أقوامهم» فلم يقل ولله المثل الأعلى أى إجابة أجاب أقوامكم . تحقيرا للا تفسير سورة المائدة لل 0100 الاك 1 .. يي لأولئك الأقوام. إذ جهلوا مع أسباب العلم» وكفروا مع قيام ذرائع الإيمان» ولأن الصلة بينهم وبين رسلهم قد قطعت يوم القيامة» فلا ينالون شرف الاتصال بهمء إذ الاتصال كان للهداية وقد حرموها. وكانت إجابة الرسل: إلا علّم نا إِنْكَ أنت عَلأم الغيوب » أى إنك أنت وحدك العالم علما ليس فوقه علم؛ لأن التعبير بصيغة المبالغة : عَلأَمَ الغيوب 4 أى لكل ما يغيب عن الناس أجمعين» وما يغيب عنهم. ولكن لاذا نفوا عن أنفسهم العلم. مع أن عندهم بعض العلم؟ وقد أجيب عن ذلك بأنهم علموا أن المقصود استنكار حال من بعثوا إليهم وتوبيخهم. فساروا على مقتضى السياق» وقالوا: لا علم لنا فى هذا بل أنت الأعلم» وقيل فى الجواب عن هذا: إنهم كانوا فى حال ذهول» فنفوا عن أنفسهم العلم فى حال ذهولهم» وقيل فى الجواب أيضا: إنهم استحقروا علمهم بجوار علم الله تعالى» وقيل : إن علمهم كان بمن عاصروهم لا بمن جاء بعدهم» وقد جاء فى الكشاف فى توضيح الجواب الأول ما لا يغنى عنه التلخيص» فقال ‏ أى الزمخشرى - رضى الله عنه: (فإن قلت: كيف يقولون لا علم لناء وقد علموا بما أجيبوا؟ قلت: يعلمون أن الغرض من السؤال توبيخ أعدائهم» فيكلون الأمر إلى علمه وإحاطته بما منوا به منهم وكابدوا من سوء إجابتهم إظهارا للتشكى. واللجاً إلى ربهم فى الانتقام منهم وذلك أعظم على الكفرة» وأفت فى أعضادهم». وأجلب لحسرتهم وسقوطهم فى أيديهم» إذا اجتمع توبيخ الله تعالى وتشكى أنبيائه عليهم» ومثاله أن يتكب بعض الخوارج على السلطان وخاصة من خواصه نكبة قد عرفها السلطان» واطلع على كنههاء وعزم على الانتصار له منهء فيجمع بينهاء ويقول: ما فعل بك هذا الخارجى» وهو عالم بما فعل به يريد توبيخه وتبكيته» فيقول له: أنت أعلم بما فعل بى» تفويضا للأمر إلى علم سلطانه» واتكالا عليه» وإظهارا للشكاية» وتعظيما لما حل منه» وقيل: من هول ذلك اليوم يفزعون ويذهلون عن الجواب» 9 تفسير سورة المائدة الل سي > ا ثم يجيبون بعد ما تثوب إليهم عقولهم بالشهادة على أنفسهم» وقيل معناه: ساقط مع علمك ومغمور؛ لأنك علام الغيوب» ومن علم الخفيات لم تخف عليه الظواهر التى فيها إجابة الأمم لرسلهم. وقيل: لا علم لنا ما كان منهم بعدناء وإنما الحكم للخاتمة» وكيف يخفى عليهم أمرهم. وقد رأوهم سود الوجوه موبخين) . ولقد كان الذين أرسل إليهم منهم من حرق الدعوة» وجحد بعضهاء ومنهم من آمن» ولكن الذين حرفوا من المسيحيين لم يحرفوا الدعوة فقطء بل تكلموا فى شخص المسيح عليه السلام» وأخرجوه من البشرية فى زعمهم وافتروا له الألوهية» ولذلك خصه الله تعالى بذكر ما يكون له يوم القيامة» وما أجرى من معجزات على يديه: «إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إِذ يدنك بروح ادس نَكَلَمْ النّاس في الْمَهُد)4 إذ؛ هنا بدل من يوم يجمع الله الرسل» أى اتقوا الله واسمعوا يوم الجمع» ووقت أن يخاطب عيسى - عليه السلام - بهذا الخطاب» وعيسى ‏ عليه السلام - بعث فى قوم لا يؤمنون إلا بالمادة» وبالأسباب الظاهرة» ويسندون كل أمر فى هذا الوجود إلى سبب يعلمونه» لا يؤمنون بالروحانيات» ويكفرون بما لا يعلمون بالأسباب». فجاء عيسى - عليه السلام - روحانيا ظاهر الروحانية» وجاء من غير أب ليكون شخصه خرقا للأسباب» ولتكون مظاهر حياته دافعة للمادة» يخاطب الله عيسى - عليه السلام ‏ بقوله تعالى: يا عيسى ابن مريم 4. وفى هذا النداء إشارة إلى أنه ابن مريم لا ابن أحد سواها فقد ولد من غير أبء والإله أو ابن الإله لا يمكن أن يكون متولذداء ولا يمكن أن يكون محدثا ومخلوقاء فهذا النداء فى ذاته مع بيان حقيقة سيدنا المسيح عليه السلام رد عليهم وعلى افترائهم فى وقت لا يستطيعون فيه تمويه الباطل وتزيينه بقول الزور والبهتان الآثم . اا تفسير سورة المائدة 04 لاا 5 تاج وقد ذكر سبحانه وتعالى عيسى - عليه السلام ‏ فى ذلك اليوم المحشودء وما كان التذكير إلا للمبطلين الذين افتروا عليه» وهو سرد لنعم الله تعالى على عيسى وأمهء وأنه مخلوق من فضل الله وما أعطى من خواص فبفضل من الله تعالى» وهو مانحها ومعطيهاء وما دام هو المانح» وهو المعطى» فلا فضل لعيسى على أحد إلا بفضل من أعطى» ولا يمكن أن يكون له ولدا أو قرينا. وابتدأ سبحانه بتذكير نعمته عليه وعلى أمه» ونعمته على والدته مشهورة فى القرآن قد ذكرها سبحانه وتعالى فى سورة آل عمران فقال: « إن الله اصطفئ آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على الْمَلمينَ 622 ذَريْة عضا من بْض واللهُ سميع ليم 2 4 إذ قلت امرأت عمرات رب ني نَدَرتَ لَك ما في بَطبي مُحَرْرَا فقي مني ِلك أنت السّميع العليم 2 فَلمَا وضعنها قات رب ني وضعنها أى والل ألم ما ضعت ويس الذكر كالأنتئ وني سميها ريم وني أعيذها بك وَدزيَهَا من ليطا الرجيم > فتقبلها بها بقبولٍ حسنٍ بها انا حَسنا وكمُلها زكريًا كلما دَخَل علَيها زكريًا المحراب وجد عندها ا فاليا ريم ىك هذا فلت هو من عد الله إن لَه يرق من يَشَاء غير حساب 4200 [آل عمران: ” - /0] إلى أن قال سبحانه: «وإذ قات الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء الْعَالمِينَ 02> 50> يا مريم النتي لربك واسجدي واركعي مع الرأكعين 1 3 [ آل عمرات ]. كانت السيدة مريم - على هذا النسق المتلو - مصطفاة من قوم مصطفين أخيار أطهار وكفلها نبى» وخاطبتها الملائكة حتى قال الأكثرون إن فيها نبوة ولا يعلم أن أنثى كانت من الأنبياء غيرها. ونعمة الله تعالى على سيدنا عيسى ذكرها الله تعالى بقوله تعالى: <إذ أيَدنكَ بروح القدس تكلم النّاس في الْمَهْد وكهلاً4 نعمتان ذاتيتآن كانتا مع شخص المسيح ‏ عليه السلام - وليس فيهما أمر كسبى» بل فيهما ملق روحانى» أما الأولى» وهى التأييد بروح القدس فلها تخريجان أو هما معاء أولهما ‏ أن الله تعالى أيده بطبيعة روحانية مطهرة فى وقت سادت فيه المادية لل | تفسير سورة المائدة وسيطرت» فخلق الله تعالى فيه تلك الطبيعة الروحانية» فمعنى قوله روح القدس روح الطهارة والنزاهة والكمال الذى اتسم به» وأى نعمة أجل من هذه النعمة, والتخريج الثانى أن معنى أيدناه بروح القدس أيدناه بجبريل عليه السلام» فقد عبر فى القرآن بروح القدس وأريد به جبريل» كما قال تعالى: «إقل تله روح القدس ٠‏ نيت © [ النحل ] . وعندى أن الأمرين يجوز جمعهماء وكلاهما صادق فعيسى عليه السلام كان روحانيا مطهراء وكان مملوءا بالروح المطهرة» وأيده جبريل هو وأمه. كما قال تعالى» فى تبشيرها بالمسيح عليه السلام وولادته: « واذكر في الكتَاب مريم إذ انتبذذت من أهلها مَكَانا شَرقيًا 757 فَانْحَدَتَ من دونهم حجَابا فَأرسلنا إليها رُوحَنا فََملَ لها بشرا سو 6257 قَالْت إنَي عُود بارحم منلك إن كت تنقيا 620 قَال إن أنا سول ربك لهب لك عْلامًا ركبا 120 قَالْت أنّئ يَكُونْ لي عَلامُ ول يمُسَسني بَشر ولّم أك بَغيَا :2ج> قال كَذلك قَالَ ربك هو علي هين ولَجِعله آيةَ داس وَرَحَمَةَ ما وكان أمرا مُقضيًا +457 فحملته فَانبَدَتَ به مَكَانَا قَصيًّا 720 فَأجَاءَهَا الْمَحَاض إلى جذع النَخلَة قَالْتْ يا لبتي مت قبل هذا وَكُتْ تسيا سيا :20> فنَادَاهًا من تَحْتها ألا تحني قد جعَلَ وبّك تَحْنَك ريا +(55) وهزي َك بجذع الَخْلة ُساقط عليك رطا جا (12 فكلي واشربي قري عينا فإ رين من البشر حَدا فَقُولي إِنّي َدَرت للرَحَمَن صوما فلن أكلم اليم إنسيًا 2:7 فأنت تا به قَوْمَها تحمله قَالُوا يا ميم قد جنت شيا ريا 4277 يا أخْت هَارْونَ ما كان بوك امراً سوم وما كانت أمك بغيا <> فَأمَارَت إِليه فوا كيف كلم من كان في الْمهْد صبًا :(13> قَال ني عبد الله آثاني الكتَاب وَجَعلِي نيا 62:2 وجَعلي ماركا أن ما كت وأوصاني بالصّلاة والرّكاة ما دست حا > وبر بوالدتي ولم يعني جبارا شقيًا 42:2 والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أَبِعَثْ حا 22> 4 [مري ]. أ هذه نعمة التأييدء وهناك نعمة أخرى هى فى ذاتها نعمة» ولذا ذكرت منفصلة مقرونة بكلمة (إذا أى اذكر ‏ وهى أنه تكلم فى المهدء أى تكلم وهو مولود» فالمهد مكان تربية الطفل عقب ولادتهء وذلك تأييد لبراءة مريم البتول لاا ااال ا ٠ ااا‎ 2 وذكر كلامه وهو كهل» عندما استوى رجلا مكتملا» للإشارة إلى أن كلامه وهو فى المهد يشبه كلامه وهو رجل مكتمل» وتلك حكمة الله تعالى» وبيان أن الأسباب لا تتقيد بها إرادة الله تعالى . «وإِذ عَلّمْتَكَ الكتاب والحكمة والتَوْرَاةَ والإنجيل» كان ما سبق هداية ربانية صرفة. وتأييدا لصدق أمه وبراءتهاء وإرهاصا بنبوته» وهو مئحة ليس لكسب العبد فيه إرادة» وهذه النعمة الأخيرة التى جاء بها ذلك النص الحكيم هى نعمة للعبد فيها كسب» وللإرادة البشرية فيها مكان فوق أنها جميعا لله تعالى» ولذلك أضاف سبحانه التعليم إليه» فالتعليم منه سبحانه» والتعلم من عيسى عليه السلام» والكتاب» يفسره بعض العلماء بالكتابة» فلم يكن عيسى عليه السلام أميا». بل كان قارئا لأن معجزاته الكبرى لم يكن كتابا منزلا من عند الله يتحدى به البشر أن يأتوا بمثله» ولأنه لم يكن فى قوم أميين» بل كان فى قوم فيهم علم الكتابة وفيهم الدراسة والبحث ولهم فلسفة. وفسر الكتاب بعض العلماء بما سبقه من كتب النبيين كزبور داود وما جاء عن أخبار سليمان وإبراهيم عليه السلام وإسحاق ويعقوب والأسباط. ويصح أن يراد الأمران» وهو ما نختاره» فالله سبحانه وتعالى قد ألهمه تعلم الكتابة وقرأ بها كتب النبيين وأخبار من سبقوه. والحكمة هى فى العرف الأدبى العام العلوم النافعة» والكلام المحكم الدقيق العميق الذى يكشف للناس عن أسرار هذا الوجودء ونفوس الناس» ويوجهها إلى الخير» ويدخل فى الحكمة على هذا كل التعليمات المرشدة الهادية إلى مكارم الأخلاق» وقد كان سيدنا عيسى ‏ عليه السلام ‏ نبيا حكيما مرشدا أمينا. وعلم الله تعالى رسوله الأمين التوراة التى نزلت على موسى والإنجيل الذى نزل عليه صلوات الله تعالى وسلامه عليه» ولماذا ذكر سبحانه وتعالى التوراة مع أنها قد تكون داخلة فى ضمن الكتاب الذى علمه أولاء ونقول فى الجواب عن ذلك» بأن التوراة تحتمل الدخول فى الكتب المذكورة أولاء وتحتمل أن يقصد #١‏ تفسير سورة المائدة الال الكل لكالل الئل 7 لأسب نا بالكتاب الثقافة العامة الدينية وما كان شائعا من أفكار مدونة فى عصرهء وبذلك لا تشتمل التوراة» وتحتمل اشتمال كلمة الكتاب الذى يراد به الجنس على التوراة» ويكون تخصيصها بالذكر مقترنة بالإنجيل» للإشارة إلى أنهما متلازمان وأن الإنجيل الذى جاء به عيسى - عليه السلام ‏ متمم للتوراة التى جاء بها موسى عليه السلام» وأنه منفذ لأحكامها إلا ما جاء به الإنجيل ناسخا لها. بعد هذا التعليم الذى علمه لعيسى - عليه السلام ‏ أخذ سبحانه وتعالى يذكر بعض معجزاته» وهى كبراهاء فقال: (وإذ تخلق من الكين كهيئة الطير يإذني فََفْحْ فيها فََكُون طيرا يإذني4 كل معجزاته ‏ عليه السلام - كانت من جنس طبيعته التى فطره الله تعالى عليهاء لقد كانت ولادته خارقة للعادة؛ إذ خلقه الله سبحانه وتعالى من غير أب يلقى النطفة فى رحمء بل ولد من أم من غير أب» لبيان أن الله تعالى لا تحكمه الأسباب التى تجرى فى مجرى العادات» إنما هو سبحانه خالق الأسباب والمسبيات فعال للا يريد» لا تخضع إرادته لسلطان سبيحانه وتعالى» فمعجزات عيسى كلها بيان لآن الله تعالى فوق قاعدة السببية التى كانت مسيطرة فى ذلك العصر المادى الذى كان لا يذعن إلا للأسباب والمسببات المادية . وهذه المعجزة باهرة قاطعة فى أن الخالق لهذا الكون لا تحكمه الأسباب» إذ إن الناس يجدون أسباب الخلق هو التوالد بأن تحمل الأنثى من ذكر» وتلد» ثم يكون الحى من بعد ذلك؛ فيكون من خرق الأسباب أن يكون الحى بإجراء الحياة على يد مخلوق لله تعالى» فقد أذن لعيسى ‏ عليه السلام ‏ أن يصور من الطين كهيئة الطير» فمعنى «خلق» هنا هو تصويره جسدا من الطين» وجعله على شكل طائر» ثم نفخ فيه بإذنه سبحانه» فيكون طيرا بإذن الله تعالى. وذكرت كلمة (بإذنى) عند تصوير شكل الطيرء وعندما صار طيرا؛ للإشارة إلى أن كل ذلك من عند الله» وأنه الخالق وليس عيسى هو الخالق» ولكنه سبحانه وتعالى أجرى الخلق على يديه. 9 م تفسيرسورة المائدة 4 اللللللول لل لبي يي" وتبرِى الأكمه وَالأبرص بإذني وذ نُخْرجَ الْمَتَئ بإذني 4 الأكمه هو المولود أعمى» ويقال لمن طمست عينه بفقء أو نحوه: كمهت عيناه» والبرص داء إلى الآن لم يوجد له دواء بشفيه وقد يوجد دواء يجعله أسهل احتمالا مع بقائه. وقد كان سيدنا عيسى يبرئ الأكمه بإذن الله تعالى فيجعله مبصراء وذلك يشبه إيجاد الحياة فى غير الحى؛ لأن إيجاد البصر فى غير المبصرء والمولود غير مبصرء وغير قابل للوبصار بحكم الأسباب الطبيعية يعد إنشاء وإيجاداء ويقاربه علاج البرصء لأنه بدوامه يشبه الذى يكون جبلة. وإذا كانوا لا يعرفون سببا للشفاء فالله تعالى خالق الأسباب أجرى الشفاء على يدى عيسى عليه السلام» لأنه سبحانه فعال لما يريد» وكان معجزة لعيسى عليه السلام. وهناك معجزة رابعة» وهى إحياء الموتى» وقد ذكرت هذه المعجزة فى سورة آل عمران على لسان عيسى - عليه السلام ‏ بما حكاه الله تعالى عنه بقوله: « وأحبي الْمَوتئ يإذن اللّه ... 227 4 [آل عمران]. والمذكور هنا هو قوله تعالى : وذ تخرج الموتئ بإذني 4 والنصان يشلاقيان فى المؤدى» وإن اخمتلفا فى اللفظ. فالآأول يفيد أن سيدنا عيسى عليه السلام قد أجرى الله تعالى على يديه إحياء الموتى إذا لم يكن قد دفن» وذلك ما يدل عليه النص الأول» والثانى يدل على أنه قد أجرى الله تعالى على يديه إحياء الموتى بعد دفنها ووضعها فى قبورهاء فقد كان عليه السلام يجرى الله تعالى على يديه إخراجها من القبور أى أنها تحيا فى قبرهاء وتخرج إلى الوجود فى حياة. وإحياء الموتى بعد الدفن أو قبل الدفن غير تصوير الطين طيرا ثم النفخ؛» لآن هذا إيجاد للحياة فى جمادء والثانى إعادة للحياة وقد ذكرت كلمة (بإذنى) فى كل هذاء لبيان أن العمل ليس لعيسىء, وإن جرى على يديه» إنما هو لله سبحانه وتعالى خالق كل شىء. وقد كان موجب هذه البينات الباهرة القاهرة أن يؤمنواء ولكن بنى إسرائيل فيهم عناد وطغيان فكفر كثيرون» وهموا بأذى عيسى - عليه السلام - فكانت نعمة ل( تفسير سورة المائدة ال 2 1 ب ا الله تعالى عليه أن يكفهم عنه» فقال تعالى: ( وإذ كقفت ببي إسرائيل عدك إذ نهم بالْينَات فَقَالَ الذي كفروا م منهم إن هذا إلا سحر مبين 4 . لا تزيد الحجة المتعنت إلا طغيانا وكفراء وكلما قويت الحجة نتحركت فى نفسه عوامل الحسد والحقد» فأوجدت ضغنا فيطمس الله تعالى على بصيرته» فلا يدرك . ألقى السمع وهو شهيدك» فناوءوه العداوة؛ لآنه كانت لهم الرياسة الدينية » وهذه الحجج إن اتبعوا ما توجبه حسبوا أن الرياسة تذهب منهم » فقاوموهاء ولا يمكن أ ن يقاوم صاحب الحق إلا بالباطل» ولا يمكن أن يقاوم صاحب الحجة والبرهان الساطع إلا بالباطل» لذلك قاوموا بطرق ثلاثة كلها شرء حاربوه بتأليب الناس ودعوة أتباعهم إلى الإعراض عله )2 وحاربوه كانيا بالأذى ينزلونه به والتحريض عليه » والائثتمار به» ولكن دعوته كانت تنفذ إلى القلوب من غير حجاب» وذلك لأن الله كف عنه أذاهم» ولما ينسوا منه خلصوا إلى الطريق القاتل» وهو الدس عند ذوى السلطان» وكانت نعمة من الله تعالى عليه أعظم وأوضح» فقد نجاه الله تعالى من أيديهمء كما قال تعالى: «رما قتلوه وم صلبوه ولكن شبَه شبّه لهم... ات 4 [النساء]. وقوله تعالى: وما قَنُوهُ يقينا 20> بل رفَعه الله إليه . نمك © [النساء ] . كف الله تعالى الأذى عن سيدنا عيسى - عليه الصلاة والسلام - وقد كفروا مع ظهور هذه الآيات الباهرة التى فيها البرهان القاطع الذى للا يقبل جدلاء أشار الله تعالى إلى ما اتخذوه من تعلات بقوله تعالت كلماته: فقال الْذِين كَفَروا أى إذا كانت هذه البينات ظاهرة» فهى لا ترفع اللجاجة من الذين كفروا وجحدوا؛ لأن الذين يكفرون بالحق عندما يجيئهم يسارعون بالكفرء ثم يحاولون أن يوجدوا ما يبرر كفرهم» كشأن كل من يحكم بالباطل يسارع إليه؛ لأنه غاية | تفسير سورة المائدة ة1[1!4[#41[1[1[1#[1414[ذ1ذ1ذ#1#1[1آ#أ#آ#آذ#1#1#1#1#ذ221111111# مراده له. ثم يتلمس التعلات لكفره. أو بعبارة أخرى يحكمون بالباطل» ثم يحاولون سماع الشهادات الباطلة التى تؤيد ذلك الباطلء» لقد قالوا إن كل ما فعله عيسى - عليه السلام ‏ من تصوير الطير والنفخ فيه بالحياة» وإبراء الآكمة والأبرص وإحياء الموتى - ما هو إلا سحر مبين» أى بين واضح مع أنه أمور واقعة محسوسة. وليست تمويها باطلا خادعاء ولا تخييلا غير واقع» مما يدل على أن المبطل اللجوج لا يقنعه دليل مهما يكن. اللهم اجعلنا مع الحق» وللحق. ا و 2 50 ْحوَاِب تيعس إنَمَرَصَمَهَلَيَسْتَِيعٌ 9 َلك أن وسح ل لس سه 2200 قر يرل علئنا مَآيدَمعوَالصَمَاء لقي حك م مين 51 2 وريد أَن نكل ِنْبا وَتَطْمَينَ و وَنَعَلَمَ أن قَدَ صَدَ ساود 550 دين َالْعِس أبن مرج الهم ريسا أ لْعَلَا ماده يس - يد ل 0 كَكْونُ لَمَاعِيدًا دالواو َاخر: َاوَءَايَة ينك وذقنا وأَتَ له م للك ساح ره د ور ص ود ره 0200 0 م ل حير لرَرْقِينَ نويه َالَأ دن ماهم موه هر 24م 260 16 مس ع عرو 0011 -ه ل فا عذبهعدَابا لا أعزّيهأحدَاء يَوَالككَيِيَ 39 -1 لل تفسبير سور ة المائدة مامالل 4 لس أ قوله تعالى: ظ وذ أُوْحَيت إِلَى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي 4 والوحى معناه الإلهام ويكون على أقسام: وحى بمعنى إرسال جبريل إلى الرسل عليهم السلام. ووحى بمعنى الإلهام .كما فى هذه الآية؛ أى ألهمتهم وقذفت فى قلوبهم؛ ومنه قوله تعالى: «وأوحينا نا إلى َم موسئ ... (7)* [القصص ]ء ووحى بمعنى الإعلام فى اليقظة والمنام. قال أبوعبيدة: أوحيت بمعنى أمرت» وإلى 4 صلة؛ يقال: وحى وأوحى بمعنى؛ قال الله تعالى : بأَنَّ ربك أوحئ لها 429 [الزلزلة] . قوله تعالى: إِذْ قَالَ الْحوارِيون يا عيسى ابن مريم 4 ما تقدم من الأعراب طهَل يُستَطيع ربك 4 أن ينل يستطيع بمعنى يطيع؛ كما قالوا: استجاب بمعنى أجابء وكذلك استطاع بمعنى أطاع. وقيل المعنى: هل يقدر ربك» وكان هذا السؤال فى ابتداء أمرهم قبل استحكام معرفتهم بالله عز وجل ؛ ولهذا قال عيسى فى الجواب عن غلطهم وتجويزهم على الله ما لا يجوز: (١‏ انّقَوا اللّه إن كنتم مؤمنين 4 أى لا تشكو فى قدرة الله تعالى . وهذا فيه نظر؛ لأآن الحواريين خلصان الأنبياء ودخلاؤهم وأنصارهم كما قال: «من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله4. ومعلوم أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جاءوا بمعرفة الله تعالى وما يجب له وم يجوز ما يستحيل عليه وأن يبلغوا ذلك أتمهم؛ فكيف يخفى ذلك على فن باطَنّهم واختص بهم حتى يجهلوا قدرة الله تعالى؟ إلا أنه يجوز أنه يقال: إن ذلك صدر ممن كان معهمء كما قال بعض جهال الأعراب للنبى وَل : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط27, وقيل: إن القوم لم يشكوا فى استطاعة البارى سبحانه لأنهم كانوا مؤمنين عارفين عالمين» وإنما هو كقولك للرجل: هل يستطيع فلان أن يأتى وقد علمت أنه يستطيع؛ فالمعنى: هل يفعل ذلك؟ وهل ييجيبنى إلى ذلك أم لا؟ وقد (1) عَنْ أبي واقد اللي أن سول الله َك لما ترج إلى حتين مر يشَجَرة ة للْمُشْرِكين يقال لها ذّات أنواط يعَلفُونَ يا أسلحهُم قَانُا: يَأ رسُولَ الله لعل لَنَا ذَاتَ أنواط كَمَا لهم ذات أنواط» َعَالَ التي ل : «سسُبْحَانَ اللّها هذا كَمَا قَالَ قوم مُوسَى اجعَل لا إِلَيَا كَمَا لَهُم ليك وانّذي ونام سا ه تنسي بيده لكين سه مَْ كان بكم رواه الترمذي : الفتن - ما جاء: لتركين سان .)5١180(‏ إلا تفسير سورة المائدة ١‏ اللتات تلان للا تلخ مزاللا ئلتلنللاالا لللالكة الل للتاخ خخخ ممما الالال لااخانالل اخ خخمخامممالمامامممخمممماممممما طالخ اقااالاتالاث ل ل تلن لطا مالالا يجي ب م يي كانوا عالمين باستطاعة الله تعالى لذلك ولغيره علم دلالة وخبر ونظر فأرادوا علم معاينة كذلك؛ كما قال إبراهيم كَل : #... رب أرني كيف تحبي الْموتئ ... 40-29 [البقرة] على ما تقدمء وقد كان إبراهيم عَلم لذلك علّْم خبر ونظرء ولكن أراد المعاينة التى لا يدخلها ريب ولا شبهة؛ لأن علم النظر والخنبر قد تدخله الشبهة والاعتراضات»؛ وعلم المعايئة لا يدخله شىء من ذلك؛ ولذلك قال الحواريون: #وتطمكئن قلوبنا» كما قال إبراهيم: 8... ولكن لَيَطْصَنَ قَلِي ... 4650 [البقرة] . «قَال اتّقوا الله 4 أى اتقوا مغاضبه وكثرة السؤال؛ فإنكم لا تدرون ما يحل بكم عند اقتراح الآيات؛ إذ كان الله عز وجل إنما يفعل الأصلح لعباده. إن كنتم ومين أى إن كنتم مؤمنين به وبما جئت بهء فقد جاءكم من الآيات ما فيه غنى . قوله تعالى: طقَالُوا نريد أن تأكل منهًا 4 تُصب ب «أن». وقوله: 9 وتطمئن ًا نَم أن فد صدقمًا وتكُون عَلَيهَا من الشاهدين4 عطف كله: بينوا به سبب سؤالهم حين نهوا عنه. وفى قولهم: « تأكل منها 4 وجهان: أحدهما - أنهم أرادوا الأكل منها للحاجة الداعية إليها؛ وذلك أن عيسى عليه السلام كان إذا خرج اتبعه خمسة آلاف أو أكثر» بعضهم كانوا أصحابه» وبعضهم كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم لمرض كان بهم أو علّة. إذ كانوا رَمنّى أو علمياناء وبعضهم كانوا ينظرون ويستهزئون. فخرج يوما إلى موضع فوقعوا فى مفازة» ولم يكن معهم نفقة فجاعوا وقالوا للحواريين: قولوا لعيسى حتى يدعو بأن تنزل عليهم مائدة من السماءء فقال عيسى لشمعون: َال انّقُوا الله إن كسم مُؤْمنِينَ 4 فأخبر بذلك شمعون القوم فقالوا له: قل له: ل نُرِيدُ أن َكل منها 4 الآية . الثانى - 9 تأكل منها 4 لننال بركتها لا لحاجة دعتهم إليهاء وقولهم: ط وَتَطْمن قُلوبا 4 يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها ‏ تطمئن إلى أن الله تعالى بعثك إلينا نبيا. الثانى - تطمئن إلى أن الله تعالى قد اختارنا لدعوتنا. الشالث ‏ تطمئن إلى أن الله تعالى قد أجابنا إلى ما سألناء وقيل: أى تطمئن بأن الله قد قبل صومنا وعملنا. «( ونعلم أن قد صدقتنا4 بأنك رسول الله. 8 وتكون عَلَيهَا من الشاهدين 4 لله بالوحدانية» ولك ل تفسشبير شثيور ة المائدة ل مالل حل سرب ا بالرسالة والنبوة. وقيل: ١‏ ونَكون عَلَيها من الشاهدين 4 لك عند من لم يرها إذا رجعنا إليهم . قوله تعالى: طقال عيسى ابن مريم اللّهِمْ ريام اللهم أصلها يا الله والميمان فى «اللهم؛ بدل من (ياك «ربا4 نداء ثان» « أنزل علينا مائدة من السّماء ‏ المائدة الخوآن الذى عليه الطعام؛ لا تكون المائدة حتى يكون عليها طعام؛ فإن لم يكن قيل: خوان» وهى فاعلة من ماد عبده إذا أطعمه وأعطاه؛ فالمائدة تمد ما عليها أى تعطى» وقوله تعالى: فا تَكُون لَنا عيدا 4 » :9 تكون © نعت لمائدة وليس بجواب. «( عيدا لأُوَلنَا وآخرِنًا 4 أى لأول أمتنا وآأخرها؛ فقيل: إن المائدة نزلت عليهم يوم الأحد غدوة وعشية؛ فلذلك جعلوا الأحد عيدا. والعيد واحد الأعياد؛ وإنما جمع بالياء وأصله الواو للزومها فى الواحدء ويقال: للفرق بينه وبين أعواد الخحشب» وقد عدوا أى شهدوا العيد؛ وقيل: أصله من عاد يعود أى رجع فهو عود بالواو» فقلبت ياء لإنكسار ما قبلهاء مثل الميزان والميقات والميعاد؛ فقيل ليوم الفطر والأضحى : عيدا لأنهما يعودان كل سنة. وقيل: سمى عيدا للعود فى المرح والفَرّحء فهو يوم سرور الخلق كلهم؛ وقيل: سمى عيدا لأن كل إنسان يعود إلى قدر منزلته؛ آلا ترى إلى اخستلاف ملابسهم وهيئاتهم ومآكلهم فمنهم من يضيف ومنهم من يضاف» ومنهم من يَرِحَم ومنهم من يرحَم . . وقيل: سمى بذلك لأنه يوم شريف تشبيها بالعيد: وهو فحل كريم مشهور عند العرب وينسبون إليه» فيقال: إبل عيدية؛ قال: عيديةٌ أرهدّت فيها الدنانيرة وقرأ زيد بن ثابت 9 لأولنا وآخرنا 4 على الجمع. قال ابن عباس: يأكل منها آخر الناس كما يأكل (منها) أولهم. قوله تعالى: ا قَال الله َي منرَلهَا عليكم 4 هذا وعد من الله تعالى أجاب به سؤال عيسى كما كان سؤال عيسى إجابة للحواريين» وهذا يوجب أنه قد أنزلها ووعده الحق» فجحد القوم وكفروا بعد نزولها مسخوا قردة وخنازير. قال ابن هاا تفسبير سور ة المائدة م ١‏ االالانات خخ لاا للاللااللال خأ للللالاالاانالااكخ ططخم امملماااانالمااالل اناطخ ط اماما لاالااااللامخ ااام اسش لت اكخ لالط ااا لتلللا هزه فى عمر: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون؛ قال الله تعالى: « فمن يكفر بعد مكم فَإِني أعذبه عذابًا لا أعذبْهُ أحدا مَنَ العالمين # . واختلف العلماء فى المائدة هل نزلت أم لا؟ فالذى عليه الجمهور ‏ وهو الحق - نزولها؛ لقوله تعالى: © إني منزلها عليكم #. وقال مجاهد: ما نزلت وإما هو ضرب مَتَلِ ضَربه الله تعالى لخلقه فنهاهم من مسئلة الآيات لأنبيائه. وقيل: وعدهم بالإجابة فلما قال لهم: «إ من يكفر بعد منكم 4 - الآية. واستخفروا الله ابن عباس: إن عيسى بن مريم قال لبنى إسرائيل: «صوموا ثلاثين يوما ثم سلوا الله ما شئتم يعطيكم» فصاموا ثلاثين يوما وقالوا: يا عيسى لو عملنا لأحد فقضينا عملنا لأطعَمتاء وإنا صمنا وجعنا فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماءء فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونهاء عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات» فوضعوها بين أيديهم فاكل منها آخر الناس كما أكل أولهم . وعن ابن عباس وأبى عبد الرحمن السلسمئ كان طعام 0 وسمكا. «أزرلت المائدة من السماء خيزا ولحها وأمروا ألا يخونوا ولا روا لغد شانوا وادخروا ورفعوا لغد فَمَسخوا قردة وخنازير»290. مه هر تر دح لا ًٍ ير لأسأ نت قلت للنّاس ايخدوفي وَأ هين مِنَحُو نكال 10 سمَحَدنَك مَايَكُو ل أن ول مالس بقث ةقد َمَدعَلِمْنَه كمسا سس سس تك جد سه ل يلق مه رص قر مح ارو تفسى وا "أَعَكمْمَاقٍ تَتْسِكَ نكا لسعلل :4 2 م .)30551( سنن الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة المائدة‎ )١( لل تفسير سورة المائدة مم 4ك لس اد َلْتُ لإ لامآ مرت يون ارو كت هيد اهَادْمَتف فلمَاوَتَ كدت أت ألرَّقِيب لس ره سل عسات سس الكلام إلى الآن فى محاسبة الناس يوم القيامة ومجاوبتهم بشأن عيسى ابن مريم من حيث إنهم نحلوه ما ليس فيه» وادعوا ما لم يقله» فادعوا عليه الألوهية هو وأمه فكانت المجاوبة حول هذه الفرية التى افتروهاء وذلك الوهم الذى توهموه وادعوه على المسيح عليه السلام. ل وذ قَالَ اللهُ يا عيسى ابْنَ مَرْيمَ أآنت قُنْتَ للدّاس انّخدُوني وأَمي إِلَهِينٍ من دون اللّه 4 العطف هنا على قوله تعالى: ليم يجَمَع الله الرْسُل ... 2 »4 [المائدة] . فإن هذا كله صورة للمجاوبة التى تكون يوم القيامة بين الرسل» وأقوامهم» ومن بعثوا بشكل عام» وخص عيسى - عليه السلام ‏ فى هذا المقام بالمجاوبة؛ لأنه كان أكثر الرسل افتراء على شخصه النبوى الكريم» إذ ادعوا عليه الألوهية؛ وكان نداؤه بذكر: ليا عيسى ابن مريم 4 للإشارة إلى الولادة الطبيعية التى تنفى أن يكون إلها أو ابن إله» أو فيه عنصر الألوهية بأى وضع من الأوضاع؛ لآن الألوهية والبشرية نقيضان لا يجتمعان» فلا يمكن أن يكون البشر فيه ألوهية» ولا الإله فيه بشرية» ومعنى (اتخذونى)» اجعلونى» والتعبير باتخذونى أو اجعلونى يدل على أنه ليس له حقيقة» بل هو فى ذاته اتخاذ بما لا أصل له. والاستفهام للتقرير» أى ليقر عيسى - عليه السلام ‏ بخلافه» ذكر الحقيقة فى ذلك اليوم الذى لا تجزى نفس عن نفس شيئاء والذى يتقرر الجزاء وليمس وقت العمل» فيه توبيخ لهم» وتكبير لذنوبهم» وبيان لافترائهم» وعظمه وهو من قبيل إحضار أعمالهم وأقوالهم» وبذلك يرد الاعتراض الذى يورده العلماء إذ يقال كيف يسأل الله تعالى عيسى وهو سبحانه وتعالى يعلم أنه لم يقل شيئا من هذاء ولا 9 إلا تفسير سورة المائدة اللللل الل 000 0 يمكن أن يدعى لنفسه ما ادعوه له؟ فالسؤال ليقر فى المشهد العظيم بكذبهم وافترائهم على الله سبحانه وتعالى» وفى ذلك أبلغ توبيخ» وتجسيم لذنبهم وأوهامهم» وافترائهم على الله سبحانه وتعالى. والذين قالوا: إن عيسى وأمه إلاهان هم البربرانية من طوائف النصارى» ولم يستنكره غيرهمء فكأنهم أقروه. والذين لم يقروه. قالوا: إن الله ثالث ثلاثة الآب والابن وروح القدس. والذين قالوا: إن عيسى وأمه آلهان من دون الله لم ينفوا ألوهية الله إذ لم يعرف عنهم أنهم نفوهاء حتى يقال عنهم: إنهم قالوا: إن عيسى ابن مريم وأمه إلهان من دون الله أى غيره. والجواب عن ذلك أن من لم يؤمن بوحدانية الله تعالى بل أشرك غيره معه لا يقال: إنه آمن بالله» واعترف بألوهية الله سبحانه وتعالى» لأنه لا يعبد إلا الله وحده) أو نفسر 8 من دون الله 4 أى خلاف الله فكأنهم قالوا: إن هناك اثنين مع الله تعالى. . تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وقد بين الله تعالى إجابة عيسى ‏ عليه السلام - بقوله: ا «إقَال سبحاتك ما يكُونَ لي أن أَقُول ما ليس لي بحق4 سبحانك معناها تنزيها لك عن هذا القول وتقديساء وهى منصوبة على أنها مصدر لفعل محذوف» وتصدير سيدنا عيسى فى ذلك اليوم المشهود - كلامه بذلك للدلالة على أنه أمر لا يليق فى ذاته» فلا يمكن أن يصدر عن عاقل يعى ما يقول ويدركه. ففيه نفى مطلق للشرك وبيان للنزاهة والتقديسء, وأنه هو الذى يسبح له وحده ثم بعد هذا التنزيه المطلق الذى كان نفيا مطلقاء أخذ ينفى عن نفسه هذا الكلام المحال» فنفى عنه بأنه ليس من شأنه أن يقول مثل هذا القول» بل ذكر استحالة أن يصدر عنه.» وقال: «إما يكون لي أن أَقُول ما ليس لي بحق» . وفى هذا تأكيد للنفى من وجوه ثلاثة : أولها ‏ أنه نفى أن يكون شأنه ذلك القول» فلا يمكن أن يصدر عنهء فهو لم ينف القول فقطء بل نفى احتمال أن يقول» ونفى احتمال القول أقوى فى الدلالة من نفى المقولة. ا تفسبير سورة المائدة اك > لز ثانيها ‏ أن كلامه يدل على أن ذلك غير معقول فى ذاته» فكيف يقول. ثالثها - أنه أثبت أنه مستحيل قوله لأنه ليس بحق . إن كنت فُلتهُ ققد علمته تَعلم ما في نَفْسي ولا أَعلَم ما في نفسك إِنكَ أنت عَلامَ الغيوب 6 . هذه الجملة تأكيد لتفى ما سئل عنهء وهو أنه قال: 8 اتُخذوني وأَمَّي إلهين رن لد . 000 إذ إنه لو كان قد حصل لعلمه الله تعالى» وما دام لم يعلمه» فهو لم يقع ولا يمكن أن يقع؛ لأن الله لا يغيب عن علمه شىء فى الأرض ولا فى السماءء وفى هذا النص فوق دلالته على عدم الوقوع بأبلغ تعبير إثبات شمول علم الله تعالى» وإنه بكل شىء محيطء وقد زكى هذا المعنى الجليل بقوله: #8 تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك © . ففى هذا النص إثبات قصور علم الإنسان بجوار علم الله تعالى» وإثبات أن علم الله تعالى شامل لمطويات القلوب» وعلم الإنسان مقصور على ما يظهر من الجوارح فالله يعلم ما يخفى فى الصدورء والإنسان لا يعلم إلا ما هو ظاهر محسوسء أو ما يكشف عنه الظاهر اللمحسوس» فلا يعلم ما الخفى إلا ما يظهره الجلى» والنص يدل على نفى الألوهية من جهة ثالثة؛ لآن علم الله شامل لكل شىء لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء» وعلم عيسى من النوع القاصر الذى لا يحيط إلا بالمحسوس أو ما ينبئ عنه المحسوس» فهو نفى للألوهية من طريق العلم» ثم هو موازنة من جهة ثانية بين نفس الإنسان المكشوفة لخالقه» وذات الله تعالى التى لا يعلم البشر عنها إلا وحدانيتهاء وما يعلمه للإنسان منها. وقد أكد عيسى علم الله تعالى المحيط الذى يعلو عن الصفات البشر بقوله: إِنكَ أنت عَلاُم الغيوب 4 أى إنك يا صاحب الجلالة تقدست أسماؤك تعلم الأمور المشيبة عن حسناء والمكنونة فى المستقبل علما دقيقا لا يخفى منه شىء عليك» ولذلك عبر بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة» وعلى الدقة وعلى الإحاطة ها تفسير سيور - المائدة 2 للا اا1060االللل لل )+ _ رو يي التامة الكاملة وأنه سبحانه وتعالى يعلم ما بطن كعلمه بما ظهرء فإن ما ظهر وما بطن هو بالنسبة لنا نحن بنى الإنسان» وأما بالنسبة لله تعالى فإن الجميع مكشوف غير مستور. وقد أكد علم الله تعالى للغيب بأربعة مؤكدات: أولها ‏ ب (إنْ) المؤكدة. ثانيها ‏ بالضمير المؤكد فى قوله تعالى: «( نت 4 . وثالثها - بصيعة المبالغة التى تعد مبالغة بالنسبة للعبيد» ولكنها حقيقة فوق ما نتصور بالنسبة لله تعالى العليم الحكيم» وإن هذا أقصى ما تتسع له لغتنا القاصرة عن التعبير عن الحقائق الإلهية. رابعها - جمع اليوب» فلم يفرد الغيب» بل قال الغيوب بكل أنواعها ما وقع فى الماضى» وما يقع فى المستقبل وما يتعلق بالكائنات كلها الروحانى منها والمادى» والكل خلقه سبحانه» من طيور فى الهواءء وأسماك فى الماء» وملائكة» وجن» وإنس» وهكذا كل ما هو غيب فى ذاته» أو بالنسبة للبشرء أو لطوائف منهم . «إما قلت لهم إلا ما أَمَرتي به أن اعبدوا الله بي وربكم وكنت عَليْهِم شهيدا ما دمت فيهم 4 . هذا الكلام السامى فى تأكيد القول الأآأول» وهو إثبات تنزيه الله تعالى» وأنه ما دعا إلا إلى الوحدانية» ولقد كان كل هذا فى مقام التوبيخ وإثبات الحجة عليهم» وعقابهم على كفرهم.ء وافترائهم على الله تعالى ربهم» وعلى عيسى ابن مريم رسوله سبحانه إليهم. والحملة السامية السابقة فيها إثبات استحالة أن يكون قد قال «اتخذونى وأمى آلهين»»: فهى تفى بالدليل» وهى هذه الجملة السامية فيها نفى» وإثبات. فيها نفى القول الذى نسبوه بهتانا إليه» وفيه إثبات ما قاله» ولم يقل سواهء ولذلك كان فيه قصر بالنفى والإثبات» فهو يذكر أنه دعا إلى التوحيد المطلق» وفيه إثبات أنه لا يمكن أن يدعو إلا إلى التوحيد المطلق» وذلك لثلاثة أمور: ل ل تفسسير سو رة المائدة مالل نل هاا :2 يي أولها ‏ أنه هو الذى أمر ربه» ولم يؤمر بغيرهء وهو رسول من عند الله» ولا يمكن أن يكون الرسول قد أدى الرسالة على وجهها إلا إذا بلغ ما أمر به دون سواهء ولذا قال عليه السلام: «إما قُلْت لهم إِلأَّ ما أَمَرتِي به » . ما أمرتنى أن أقوله وأبلغه» وإلا أكن غير مؤد للرسالة. ثانيها - أنه لم يكتف ببيان أنه أدى ما أمر به إجمالاء بل ذكر حقيقة ما دعا مفسرا غير مجملاء إذ قال: أن اعبدوا اللّهِ4. فإن هى المفسرة» فهو يفسر ما أمر به وهو بين لا إبهام فيه. وثالثها ‏ أنه أقام الدليل على استحقاقه وحده للعباده سبحانه : © ربي ربكم 4 . أى أنه هو المستحق للعبادة لأنه هو وحده الذى خلقنى» فأنا مخلوق» فكيف أكون إلهاء وهو الذى خلقكم وحده فكيف تعبدون غيره؟!» وفى هذا التعبير أثبت وحدانية الخلق والتكوين ووحدانية الذات» كما أثبت تصريح اللفظ وحدانية العبادة . وقد أكد عليه السلام أنه بلغهم تلك الحقائق» فقال كما حكى عنه ربه: « وكنت عَلَيِهِمْ شهيدا ما دمت فيهم 4. أى كنت مشاهدا لهم رقيبا عليهم تعلم ما محاولوه من الزيغ والتحريف مدة بقائى فيهم» فما تركت تنبيههم إلى التوحيد فى العيادة والذات والصفات والتكوين مدة إقامتى بينهم» ولما تركت الدنيا كنت أنت الرقيب. طفَمًا يي كنت أنت الزقيب لهم وأنت على كُلّ شيء شهيد 4 فى النص الكريم السابق ذكر ‏ عليه السلام - شهادته عليهم وهو حىء قائم برسالته مؤد لها على وجههاء وفى هذا النص يذكر انتهاء مهمته بوفاته» ويفوض أمرهم إلى ربهم فى ألطف تعبير وأدق إشارة. والفاء للتفصيل كما تدل على الحالية والبعد به» والمعنى عند حد وفاتى ومن قبلهاء ومن بعد كنت أنت وحدك الرقيب عليهم العالم بحالهم وأنت على كل شىء عالم بحالهم تعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور. وفقنا الله لما يحب ويرضى. الل 1010100000 22*66 4 يل ه س7 ىس 00 م ناميه وَإِنتَحْفرَلهُم إن : َأنتَالمرير لكيه 00 سيم ا 01 آ# هه عو مم ور م_- 0001065 نفع لصاون دهم مب جَتتجَرى ون كه الانهثر 5-4 هه سمج 0 0 26 ىَ امورل حَلينمأبداريىأنعنْم عه دكأ ذالم ره 1 ع م لآ[ هه ره 0 7 سول 0 ََمَكََلسَمو تِوَالْارَضٍ وَمَافِينَوشوَعَل 0070011 الكلام العظيم موصول فى حديث السيد المسبح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام يوم يجمع الله تعالى الرسل يوم القيامة. ولقد كان من المجاوبة بين الله تعالى» وبين السيد المسيح ‏ عليه السلام - فى شأن الأوهام التى توهمها من يدعون النسبة إليهء وذكرت هذه الأوهام كأنها واقعة فى زمن المسيح - عليه السلام - وهى قد وقعت من بعده ولم يحضرهاء ثم المجاوبة تكون من بعد ذلك؛ إذ إنها تكون يوم القيامة يوم يجمع الله تعالى الرسل» ويسألهم عما كان من شأن إجابات أقوامهمء واختص سبحانه وتعالى بالذكر عيسى لما ذكرنا من أنه أشد الأنبياء افتراء عليه إذ ادعوا أنه ابن الله وأن الله ثالث ثلاثة» وذكرت أخبار يوم القيامة - كأنها حاضرة لتحضر بين يدى النصارى الذين ادعوا ما ادعوا بالصيغة الإنكارية التى تكون من المسيح عليه السلام - يوم» ليتبينوا أن المسيح ‏ عليه السلام - برىء منهم» ومما يتكلمون به حول ذاته النبوية البشرية . وخلاصة تلك المجاوبة: أن العلى القدير سأله سؤال العالم بالجواب #أأنت قلت للّاس انُخْذُوني وأمي إِلهينٍ من دون اللّد, وكان الجواب بالنفى؛ لأن الله تعالى يعلم أنه لم يقع وما لل تفسبير سورة المائدة ملل كك كت-1 كان لهم أن يعتقدوا فى السيد المسيح ‏ عليه السلام - أو أمه ألوهية؛ لأنهما كانا يأكلان الطعامء ويمشيان فى الأسواق» وذلك شأن البشرية» لا شأن من يكون إلها. وقد تضمن الحواب تأكيد النفى بأنه ليس من شأنه» ولا يحق له؛ لأنه بشر مخلوق لله سبحانه وتعالى» فالبشرية لا تتخلى عنه.؛ وأنه لا يمكن أن يكون إلهاء يشارك الله تعالى فى خلقه. فالله خالقه» ولا يمكن أن يكون المخلوق كالخالق» ولأن الله تعالى هو الذى يربه بعد خلقه. وهو الذى علمه الحكمة. وهو الذى جعله يتكلم كما يتكلم الراشدون فى المهدء فكان كلامه فى المهد ككلامه وهو كهل» أى رشيد قد اكتملت رجولته» واستوى خلقه؛ وهذا يدل على أن السيد المسيح ‏ عليه السلام ‏ عاش إلى أن بلغ سن الكهولة» فقد بلغ أشدهء وبلغ أربعين» وإن كانت كتب النصارى الحاضرين تومئ إلى أنه لم يصل إلى الأربعين . وقد ذكر سيدنا عيسى - عليه السلام ‏ أنهم فى رقابة الله تعالى من بعده يعلم حالهم» ومآل أمرهم وانحرافهم عن الجحادة التى أرشدهم -إليها الله تعالى على لسان نبيه الأمين عيسى ‏ عليه السلام. وأنه هو تعالى الذى شاهد أعمالهم» وأنه محاسبهم بها مجازيهم عليهاء والأمر فى شأنهم إليه» وأمورهم مفوضة إليه» وهو العزيز الحكيم» والغفور الرحيم؛ فإن شاء أخذهم بذنوبهم كاملة» وإن شاء عفا عن بعضهاء وإن شاء تغمدهم برحمته وغفرانه إن تابوا» وآمنوا بالله وحده وآمنوا بمحمد كَلِْة» ولذلك قال تعالى حكاية عن بقية كلام عيسى فى ذلك المشهد العظيم. #إن تعذبهم فَإنَّهُم عبَادك وإن تغفر لَهم فنك أنت الْعَِير الحكيم» . وإنا نجد فى هذا النص الذى يذكر الحال يوم القيامة ينبئ عن رأفة المسيح عليه السلام» ورفقهء ورغبته فى ألا يكون الناس فى عذاب إلا أن تكون تلك إرادة الله تعالى» فالنص تفويض لله تعالى» وهو يشبه فى هذا طلب إبراهيم أبى (إلنذا تفسبير سور: ه المائدة الإ 1 حبر يي الأنبياء عليهم السلام الغفران لأبيه كما حكى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله تعالى : ذإ واغفر لأبي إِنَّه كان من الضالينَ (ج) 4 [ الشعراء] . فالمسيح ‏ عليه السلام ‏ يحكى الله تعالى عنه فى ذلك اليوم المشهود قوله: (إن تُعَدَبهُم فَإنّهُمْ باذك أى إن تعاقبهم العقاب الشديد فهم عبادك تملكهم. ولا حق لهم عندك» وهم قد أذنبواء فبحكمتك وعزتك كان عقابهم» وإن تغفر لهم وتستر سيئاتهم وتصفح عنهم فإن ذلك جائز منك». وهو صفح الغالب القاهرء الذى يضع الأمور فى مواضعها وأفعاله فى دائرة الحكمة والتدبير المصون عن العبث. وهنا قال العلماء: كيف يسوغ أن يطلب عيسى - عليه السلام ‏ فى المشهد العظيم الغفران للكفار الذين أشركوا بالله تعالى» فجعلوا عيسى وأمه إلهين وقالوا إن الله ثالث ثلاثة» وقالوا إن المسيح ابن الله؟ وقد أجابوا عن ذلك بإجابات مختلفة أدقها ما قيل من أن الغفران للكفار جائز عقلاء وليس مستحيلاء ولقد كان طلب عيسى عليه السلام؛ الغفران لهم من قبيل طلب إبراهيم ‏ عليه السلام - الغفران لأبيه» فهو ناتج من فرط الشفقة» والرأفة» على أن عيسى - عليه السلام ‏ ما طلب الغفران» بل فوض الأمر لرب العالمين تعالت حكمته» وإذا كان ما يناقش فى هذا المقام فهو أنه فرض جواز الغفران» ونحن نرى أن ذلك الفرض يتفق مع النسق التاريخى الذى وقعء وذلك بأن نفرض أن المسيحيين الذين أشركوا منهم من كان على ضلاله القديم بعد أن بلغته الدعوة المحمدية» ومنهم من استمر على غيه بعد أن تبلغه الدعوة المحمدية إلى التوحيد» وتبين حقيقة الدعوة المسيحية كما جاء بها الإسلام» وهؤلاء الأخيرون لا مساغ لفرض الغفران لهم شرعا؛ لأنهم أشركوا الأولون فقد كانوا على فترة من الرسل وكانوا على جهالة عمياء لا تسمح لهم أن يعرفوا حقيقة دعوة المسيح عليه الصلاة والسلام» وذلك أنه قد نزل بهم بعد المسيسح ‏ عليه السلام ‏ من الاضطهادات والشدائد والكوارث ما جعلهم يستخفون بدينهم» ويفرون بهاء ولا شوكة لهم» وقد قارنت هذه الشدائد المسيحية 4 تفسير سيور ة المائدة لل 42 اح ناا فى نشأتها من بعده وفى تكونها وليدا وفى تدرجهاء واستمرت هذه الشدائد نحوا من ثلاثة قرون» نزل فيها أشد ما ينزله الإنسان بأخيه الإنسان حتى أنه كان يتخذ منهم مشاعل تسير فى موكب الإمبراطور الرومانى نيرون» إذ تطلى أجسامهم بالقار» وتشعل فيها النيران» ويسار بهم فى موكبه. ولم يكشف عنهم البلاء إلا بعد أن اختفت المصادر الحقيقية لدينهم» وادعى التثليث تدريجياء وما كان عندهم من علم يعلمونه ويحاسبون به» وهؤلاء أحسب أن فرض عيسى غفران الله تعالى كان فرضا سليما يتفق مع عزة الله تعالى وحكمته» وشمول علمه. قال الله هذا يوم ينع الصّادقين صدقهم لهم جنات تَجْري من تحتها الأنْهَار خالدين فيها أبدا رضي الله عنْهُمْ ورَضُوا عَنْه» بعد أن ذكر سبحانه من مغيبات الأمور اليوم الذى يجمع الله الرسل وأقوامهم» وتكون المجاوبة بين عيسى وربه؛ وهو الحق الذى بعث بهء وفيها بيان مقامه ممن افتروا عليه الكذب» وضلوا فى افترائهم وإذا كان ذلك فيه إشارة إلى العذاب الذى يستقبل أولتك المفترين على الرسول والذين جاءتهم المعجزة الباهرة التى لايمارى فيها إلا من ران على قلبه. بين سبحانه جزاء الذين يذعنون للحق» وسماهم سبحانه الصادقين وأن الذى ينفعهم هو صدقهم» والصدق شعبة ما طلبه الحق» ولكنه سبحانه جعله شعار المؤمنين» وذلك لأن الصدق هو وصفه الإيمان الذى يلازمهء ويروى فى ذلك أن النبى كَلكِلْةّ سئل: «أيكون المؤمن جبانا؟ فأجاب عليه السلام: يكون المؤمن جبانا. وسئل أيكون بخيلا؟ فأجاب عليه السلام: يكون بخيلاء وسئل أيكون كذابا؟ فقال: لا يكون المؤمن كذابا»270. فالكذب والإيمان نقيضان لا يجتمعانء والإيمان يلازمه الصدق» وقد قال تعالى: يا يا اين آمُوا انُّوا الله وكونوا مع الصّادقين 37[ 4 [التوبة]. والصدق يلازمه الإخلاص» ويكون معه القرب من الله تعالى» ولقد .2١855( رواه مالك: الموطا - وحدثنى مالك أنه بلغه أن عبد الله‎ )١( ' لإا تفسير سورة المائدة 1 الملل 2 لسرب زا قال عليه الصلاة والسلام : «إن الصدق يهدى إلى البرء والبر يهدى إلى الحنة ولايزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا»(١).‏ وإن الصدق ذو شعب ثلاث» أقربها الصدق فى القول» فلا ينطق إلا بالحق» ولاينطق إلا بما يجول بصدره. ولايمارى ولايداهن» ولا يرفث فى قول» والثانية صدق النفس فلا يغش نفسه.ء ولايخدعهاء بل يحاول أن يطلع على عيوبها ويعالج هذه العيوب» ولا يخدع نفسه ليكذب عليهاء والثالشة.» صدق الإنصاف» فلا يغمط غيره» ولا يحقد ولا يحسدء ولا يضغن » وينصف أعذاءه ومن كانت هذه حاله ينشفعه صدقه؛ لآنه صدق القول والنفس والعمل» له جزاؤه فى الجنة جنات تجرى من تحتها الأنهار. وفى ذلك النعيم خالد خلودا أبديا لانهاية له وفوق هذا الحزاء المادى الحسى » هناك جزاء معنوى وهو رضوان من زلفى» وهم لايرضون بربهم بديلا ولا شريكا فى عبادة أو قربىء أو استعانة أو استجابة». فالله ملء قلوبهم يعبدونه كأنهم يرونه. وإن ذلك هو الفوز العظيم الذى لافوز يماثله أو يقاربه. #للّه ملك السّموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قَدِير» فى هذا النص الكريم بيان للحق الذى لا مجال للريب فيهء وبيان لسلطان الله تعالى على كل ما فى السموات وما فى الأرض» وأنه ذو سلطان فى الحياة الدنيا وفى الآخرة» وهو القادر على كل شىء يريده» لا يعجزه شىء فى السماء ولا فى الأرض» وفى الأولى - إثبات أن الله وحده هو الجدير بالألوهية» والمستحق للعبادة» لآنه ذو السلطان الكامل امالك لكل شىء. )١(‏ رواه مسلم: البر والصلة - قبح الكذب وحسن الصدق (25107)»: والبخاري: الأدب - فيا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين» (1095). ل تفسير سورة المائدة الل م سرب نا الثانية ‏ أن تقديم لفظ الجلالة يفيد وحدة سلطانه وملكه وقدرته أى أنه وحده المالك لكل شىء. الثائشة ‏ ذكر السموات والأرض» والتصريح بما فيهن للإشارة إلى أن كل شىء فيهن مخلوق له سبحانه» وليس فوقه أحد فلا يقال: إن أحدا له سلطان بجوار سلطانه وإن المعجزات التى تجرى على أيدى بعض النبيين من خلقه هو الذى خلقه على يديه وليس النبى خالقها. الرابعة ‏ إثبات أنه قادر على كل شىء لا يتقيد بالأسباب والمسببات» لأنه على كل شىء قديرء وهو خالق الأسباب. الخامسة ‏ تقديم الجار والمجرور يفيد كمال قدرة الله تعالى على الأشياء إنه حميد مجيد» سميع بصير عزيز حكيم. سورة الآنعام قالوا إنها نزلت بعد سورة الحجرء وإن عدد آياتها خمس وستون ومائة آية كلها نزل بمكة ما عدا عدة آيات قالوا: إنها نزلت بالمدينة هى الآيات 9595١9559‏ و5١١1‏ و51١1‏ و١60١‏ و607١‏ و"05١-‏ وهى آيات نزلت فى بيان أحكام تتعلق بالحلال والسرام من التكليفات العملية» وهى لهذا كانت أنسب بالمدينة؛ ذلك لأن ما يتعلق بالعقيدة قد اختص بمكة؛ إذ كان فيه بيان الوحدانية فى الذات وفى الصفات والخلق والإنشاء والعبادة والألوهية» وأنه لا إله إلا هوء وبيان رسالة الله وأخبار الرسل السابقين» وما جاءوا به» وما نزل بأممهم. وما جاء من أحكام بمكة كان أكثره على ألسنة الأنبياء السابقين وما كانوا يدعون إليه أقوامهم, فدعوة شعيب -عليه السلام- إلى الإيفاء بالكيل والميزان» ونهيهم عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن» وغير ذلك. أما القرآن المدنى» فقد نزلت به الأحكام التكليفية العملية؛ لأنه قد كونت دولة للإسلام» فكان لا بد من نظم تقيمهاء وأحكام تنظم علاقات آحادهاء وقد ابتدأت العبادات بالصلاة المفروضة فى مكة لمناسبتها للألوهية» ومعانى العبودية» ثم أكملت فى المدينة ليتكون رأى عام فاضل » ومجتمع متضافر متعاون. ابتدأت السورة ببيان استحقاق الله تعالى وحده للحمد؛ لأنه حالق السموات والأرض وحده» وجاعل الظلمات والنور» وبيان أن أصل خلق الإنسان من طين» وبيان كمال سلطان الله تعالى فى خلقه» وعلمه بالسر وما يخفى» وبيان آيات الله تعالى فى كونه» وتلقى الجاحدين» وما كانوا يكذبون به الحق» إذ يجيئهم ويستهزئون به لإعراضهم عن الآيات البينات المثبتة الموضحة الكاشفة. > تفسير سورة الأنعام الل 2 > اا وإن كان المشركون لم يؤمنوا لإعراضهم عن البينات» فقد أنذرهم سبحانه بعاقبة أمرهم» ببيان عاقبة من سبقوهم بعد جحودهم» وأشار سبحانه وتعالى إلى طموس مداركهم» وجحود نفوسهم» وعدم تلقيهم للنور والهداية» وأنه لاا يجدى معهم توجيه» ولا دليل حتى أنهم. لو نزل إليهم من السماء كتاب فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الجحاحدون: إن هذا إلا سحر مبين» كما قال الجاحدون برسالة عيسى- عليه السلام- عند إحياته الموتى» وإبرائه الأكمه والأبرص» ونزول المائدة) قالوا: إن هذا إلا سححر مبين ٠‏ وأن الجاحدين شأنهم الاستهزاء بالحق إذ جاءهم» وأن على النبى أن يتأسى فى استهزائهم به بما كانوا يفعلون مع الأنبياء السابقين» وبين سبحانه وتعالى سوء عاقبتهم . ولقد بين سبحانه من بعد ذلك طائفة من ضلال تفكيرهم باستهزائهم عند ذكر خالق السموات والأرض» ويتولى- عليه الصلاة والسلام- الإجابة مبينا أن الله كتب على نفسه الرحمة» وأن من رحمته أن يجمع الناس يوم القيامة» بين ثواب المحسن وعقاب المسىء ثم بين سبحانه وتعالى ملكه لكل شىء وسلطانه الذى فوق كل شىء» وإذا كان الله مالك كل شىء وفاطر السموات والأرض - لا يمكن أن يتخذ الرسول وليا نصيرا غيره سبحانه» وأن يكون أول من يسلم وألا يكون من المشركين» وأن يخاف عذابه إن عصىء ولا فوز إلا لمن يصرف عنه عذاب يوم القيامة. وإذا كان سبحانه يملك كل شىء» فهو كاشف الضر إن مس الإنسان» وهو القادر على النفع» وهو القاهر فوق عباده» وهو الحكيم الخبير» وإذا كان المشركون يستمرون على عنادهم فالله هو الشاهد الحكيم بين الرسول وبينهم» وشهادته أكبر شهادة» وأن هذا القرآن أوحى به إلى الرسول لينذر به المشركين ومن يبلغه دعوة النبىكِللِة» وإن كنتم أيها المشركون تشهدون أن مع الله آلهة أخرى فالنبى كَل لا يمكن أن يوافق على هذه الشهادة» بل لا بد أن يكذبها. إلا تفسير سورة الانعام : لل 05115212 لحر > لأا وأن أهل الكتاب الذين أوتوا علما بالرسالات يعرفون الرسول كما يعرفون أبناءهم » ومع ذلك لا يؤمنون لأنهم غيروا دينهم أو كتموهء ولا أحد فى هذا الوجود أكثر ظلما تمن افترى على الله الكذب» أو كذب بالدلائل القائمة الثابتة الدالة على الحق» ولا يمكن أن يفلح ظالم بكتمان الحق أو إظهار الشرك . وقد بين سبحانه حال المشركين يوم القيامة» وأنهم لهول يوم القيامة ينكرون أنهم كانوا مشركين . ومن هؤلاء المشركين من يكون على قلوبهم مثل الأكنة عند الآيات البينات» ولا يؤمنون بأى آية» وإذا جاءوا يجادلون قالوا عن الآيات: إن هى إلا أساطير الأولين» وهم يبتعدون عن الحق. وينهون غيرهم عن اتباعه» وهم فى الحالين هالكون بما يفعلون. ثم يصور سبحانه حالهم فى الآخرة فيقرر أنها مفارقة لحالهم فى الدنيا؛ إذ يبدو لهم ما كانوا يخفونء» وهم بذلك قد خسروا خسرانا مبينا وجاءتهم الساعة بغتة من حيث لا يحتسبونء وأن الدار الآخرة هى دار البقاء» والحياة» وكانوا يتوهمون أنه لا حياة بعد الدنياء والدنيا بجوارها لهو ولعب» وذكر سبحانه عزاء النبى وَكةِ بالرسل قبله إذ جحدواء ثم لا مناص من أن يبلغ النبى يك وألا يكبر عليه إعراضهم مهما تكن حالهم. وليعلم أن الذين يستجيبون لدعوته الذين يسمعون ويتعظون هم الأحياء حقاء والآخرون موتى وسيبعثهم اللهء ويعاقبهم» وهم الذين لا يسمعونء ويطلبون آيات أخرى غير التى أعرضوا عنهاء وقد ذكرهم سبحانه بأن الأحياء جميعا من الحيوان والطيور أمم» والكتاب المحفوظ يحوى كل شىء. وبين سبحانه أن الذين يعرضون عن الآيات صم لا يستمعون إليهاء وبكم لا ينطقون بالحق» ويعيشون فى ظلمات لا يبصرون» ولقد ذكرهم سبحانه بندائهم لله تعالى فى حال شدتهم أو موتهم أو قيامهم أيدعون غير الله» وبين سبحانه أنه إإإناا تفسير سورة الأنعام الال 41 > ا: يختبر الأمم بالضر يصيب أجسامهمء وبالبؤس يصيب نفوسهم» ولقد زين لهم الشيطان سوء أعمالهم فظنوه حسناء وأنهم كما نسوا ما ذكُروا به اختبروا بالنعمة» ثم أخذوا بغتة» وهم لا يشعرون» وقطع دابرهم بسبب ظلمهم» وذكرهم سبحانه بأنه إذا أخذ سمعهم وبصرهم لا يدركون؛ وذكر أنه يصرف لهم الآيات» ويوجههم إلى الحقائق الثابتة عساهم يفقهون الأمور على وجهها. وقد بين سبحانه عمل الرسل وهو التبشير للمتقين والإنذار للمكذبين» وأن محمدا يلد لا يقول لهم: عندى خزائن الله أصرفها كما أشاءء ولا يقول لهم: إنه يعلم الغيب» ولا يقول لهم: إنه ملك» بل إنه يتبع ما يوحى إليه» والناس مختلفون بعد ذلك فى تلقى نور الوحى» وجزاؤهم على حسب حالهم فلا يستوى المحسن والمسىء كما لا يستوى الأعمى والبصير. وإن الإنذار يكون أثره فى قلوب الذين يخافون يوم القيامة وما يكون فيه من هول. وإنه يجب أن يكرم أهل الإيمان» ولا يطردوا لفقرهم أو ضعفهمء فإنه من فتنة الناس بعضهم ببعض أن يوفق للحق الضعفاءء ويكذبه الأقوياء ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بينناء ويجب على النبى يَلكِةِ أن يرحب بالمؤمنين ويبسين الحق لهمء وأن الله تعالى كتب على نفسه الرحمة:» وهى العدالة وجزاء الحسن بالحسن ) والعفو عن السيئع الذى ارتكب يجهالة» وأمر الله نبيه أن يتخذ من نفسه قدوة حسنة» فيقول: إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دونه وآلا أتبع أهواءكم» وأنه على بينة من ربه» وأنه ليس بيده العذاب الذى يستعجلونه» ولو كان عندى لقضى الأمر الذى بينى وبينكم والله أعلم بالظالمين. وإن الغيب كله عند الله تعالى» فعنده سبحانه مفاتحه لا يعلمها إلا هوء ويعلم ما فى البر والبحر» » ويعلم ما نكسب بالتهار ويتوفانا بالليل» ويستمر الإنسان بين الليل والنهار» حتى يُقضى أجل مسمى» ثم يكون المرجع إلى الله الله تعالى. وأنه سبحانه فوق هذا العلم المحيط» له القوة الكاملة» فهو القاهر فوق 9 | تفسيرسورة الأنعام لأاناألئل11 11 1ا ألا لانت اللا لل للتللتااا للا لناالللا اناك اال ةلطامملا ك1 خا مخغممخمخممماخمممام امم مممما لاا لاا الاك خط طططخخط طاوللا هه : 7 عباده» وهو الذى يحفظ عباده» والمرجع إليه سبحانه» وهو المنجى من كل سوءء وهو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو ينزل بكم ما هو أشدء فيجعلكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض» وأن قومك قد كذبوك وما تدعو إليه وهو الحق» ولكل خبر عظيم مستقر يستقر عنده» ولست” عليهم بوكيل مسئول عما يسيئون به. وإنك واجد منهم لجاجة فى الإنكار» فذْكّرء ولا تقعد معهم إذ يخوضون فى آياتناء وما عليك ولا على من معك من المتقين من حسابهم من شىء» فذرهم؛ لأنهم اتخذوا دينهم هزوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنياء ولكن ذكّرهم فقط حتى لا يسقطوا فى الشر إلى أقصى درجاته» وينالوا من بعد ذلك عذاب الجحيم» وقل لهم: أندعوا من دون الله ما لا يضرنا ولا ينفعناء ونرد على أعقابنا بعد ذلك إذ هدانا الله كالذى أصابته حيرة باستهواء الشياطين له فى الأرض» فيدفعه الشيطان إلى التردى» ويدعوه أصحابه إلى الهدى» وهو حائرء وأن الهدى هدى الله وأمرنا أن نسلم لرب العالمين وأن نقيم الصلاة» وأن نؤمن بالله وهو الذى خلق السموات والأرض ويوم يقول: كن»؛ فيكونء وقوله الحق» وله الملك يوم القيامة» وهو الحكيم الخبير» عالم الغيب والشهادة. ولقد بين سبحانه وتعالى قصة الخليل إبراهيم أبى الأنبياء وأخخبار ذريته» وفى هذه القصة بين سبحانه كيف يكون إدراك العقل لله سبحانه ووحدانيته» مستمدا ذلك من الفطرة السليمة- رأى الخليل بفطرته أن الأصنام لا يمكن أن تكون آلهة»؛ وخاطب أباه بذلك» واعتبره ضلالاء ثم اتهه إلى تعرف الإله الأوحدء ظنه فى كوكب» ولكنه أفل فزال» والإله لا يزول» ثم ظنه القمر إذ رآه بازغاء ولكنه أفل أيضاء واعتبر نفسه تسير فى ضلالة» وأنه إن لم يهده ربه الذى يؤمن بوجوده ليكونن من الضالين» فلما رأى الشمس بازغة قال: هذا ربى؛ لآنها أكبرء فلما أفلت أدرك أن الله تعالى لا يكون أمرا محسوساء فقرر البراءة من الشرك واتجه إلى الخالق الذى تدل آثاره على وجوده. ومخالفته لمخلوقاته؛ فقال: «إنّي وجهت وجهي للّذي قطر السّمَوات والأرض حنيفًا وما أَنَا من الْمُشْرِكينَ 9© 4 ل تفسير سورة الأنعام مل كم حب ل [الأنعام] وأخذ بعد هذه الهداية يحاج قومه ويحاجّونه ويذكر لهم أن أوثانهم لا تضر ولا تنفع. فليسوا موضع خوف منهء وهم الجديرون بأن يخافوا؛ لأنهم يشركون بالله ما لم ينزل به حجة تدل على صحة الإيمان بهم» ثم قال: ظ . أي الْعَرِيقَين أَحَق بالأمن إن كنم تعلمون 69 4 [الأنعام ] . لا شك أن أحق الفريقين بالأمن الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك» وتلك حجة الله تعالى الذى أجراها على لسان إبراهيم- عليه السلام- وأجراها من بعده على ألسنة الأنبياء من بعده؛ وعلى نوح من قبله. وقد ذكر سبحانه وتعالى الأنبياء من ذريته» وقد آتاهم الله الكتاب والحكم والنبوة» وكان من أقوامهم من آمن» ومنهم من كفرء فإن يكفر المشركون من العرب الذين بعث إليهم محمد يكل فغيرهم مؤمن؛ وهم يقاومون الشرك, وقد بين سبحانه وتعالى العبرة فى قصصهم . فقال أولتك الّذينَ هَدَى الله بهداهم اده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرئ للْعالمين 6 4 [ الأنعام ] . وقد بين سبحانه وتعالى بعد قصة إبراهيم أن الذين يشركون ما قدروا الله حقى قدره» وقد نفوا رسالة الله تعالى» فسأل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى» وقد كان يعرف أن لليهود كتاباء وقد بين أن اليهود يخفون بعضه وهو كثير ويظهرون بعضهء ولا يصح أن يقتدوا بآبائهم؛ لأنهم علموا ما لم يعلموا من قبل» ولم يعلمه آباؤهم. وذكر سبحانه بعد ذلك منزلة القرآن» وهو أنه كتاب مستمر بهدايته واتباعه. وأنه نزل على محمد الذى علمتموه أمينا عدلا لا يكذبء ولا أحد أظلم ولا أكذب ممن يدعى أنه أوحى إليه» ولم يوح إليه بشىء. .. ومن قال: سأنزل مثل ما أنزل الله من المشركين وأشباههم» وصور سبحانه وتعالى حال الظالمين» وهم فى غمرات الموت باسطى أيديهم بالمنجاة» ويقال لهم: اليوم أخرجوا أنفسكم بما كنتم تقولون على الله غير الحق» وكتتم عن آياته تستكبرون» وأنهم سيذهبون إلى الله مجردين عن الأتباع والتصراء» وتركوا ما مكنوا فيه من أموال وبئين وأولياء وراء ظهورهم. وكانوا كما خلقهم أول مرة» وليس معهم الشركاء الذين هنا تفسبير سورة الأنعام 5 للا 0 الج مار 7 زعموا أنهم يشفعون لهم: ا ... لقد تَمَطّعْ بيدكم وضل عدكم ما كنثم تَرَعمُونَ 69 © [الأنعام ] . بعد هذه الأدلة الساطعة» والقصص المذكرء والتوجيه المنبه» بين سبحانه أنه وحده المنشئ على غير مثال سبق» فهو الذى يفلق الحب فيكون منه النبات» ويفلق النوى فيكون منه الشجرء وهو يبدع الحياة فى هذا النبت الجامد» ويخرج ذلك البذر الجامد من الاأغصان الرطيبة» وهو الذى يخرج الإصباح من الظلام» ويجعل الليل سكنا واطمتنانا بعد كدح النهارء وهو الذى يجعل الشمس والقمر بحسبان. وكل ذلك بتقديره» وهو العزيز العليم» وهو الذى زين السماء بالنجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البحرء وذلك ليكون أمارة وجوده ووحدانيته لقوم يعملون عقولهم» ولا تتسلط عليهم أوهامهم. وبعد أن بين ذلك التوجيه العام فى خلقه؛ نجه إلى بيان خلق الإنسان فأنشأ بنى الإنسان من نفس واحدة» واستقر فى هذا الوجود. وأودع الأرحام ودائعهاء وتلك آيات لمن يؤمن» وينفذ ببصيرته إلى حقائق الأمسورء وبين من بعد ذلك» الثمرات التى تكون من التقاء السماء بمائها بالأآرض فيكون أطيب الثمارء وأطيب الزرع» وما فيه من عجائب.» وبين تنوع الخلق» فأشار سبحانه إلى النخيل والأعناب والزيتون والرمان» والمتشابه» وغير المتشابهء وما يكون من ثمرات» وفى كل ذلك لمن يؤمن بالحق ويذعن للحقائق . ومع كل هذه الآيات البينات التى يدركها من يعقل» ويصل إلى الحقائق فيها من يفقهء ويذعن لها من يؤمن بالحق ولا يمارى فيه- مع كل هذه الآيات وجد من جعلوا له شركاء من الجن وهو الذى خلقهم» ومن يحمقونء فيدعون أن لله بنات وبنين سبحانه وتعالى عما يصفون. إنه سبحانه خلق السموات والأرض كيف يكون له ولد ذكر أو أنثى وليست له صاحبة» وإذا كان الله تعالى خالق كل شىء فهو وحله المستحق للعبادة وحده» وهو سبحانه المدمّى لكل شىء بعد ا تفسير سورة الأنعام لل 4 سرب أ وقد بين بعد ذلك بعض صفاته» فهو لا تدركه الأبصار؛ لآنه غير محسوسء وهو يدرك الأبصار» وهو العالم علما دقيقا لكل شىء» وأن كل ما سبق؛ فيه ما يبصركم بالحق. والتبعة عليكم بعده» فمن أبصر فلنفسه» ومن عمى فعليهاء وما أنا عليكم بحفيظ» وإن هذا كله تصريف فى القول المعجزء ليؤمنوا وليقولوا: درست على ربك. ومن بعد ذلك أمر الله تعالى نبيه الكريم بأن يتبع ما يوحى إليهء وأن يعرض عن المشركين» والله تعالى هو الذى كتب عليهم الكفرء وما كان النبى يلد حافظا يمنع عنهم الكفرء ولا حاميا يدافع عنهم. ولقد علم الله المؤمنين الحكمة بأن ينظروا إلى مآلات أقوالهم ولو كانت حقاء فلا يسبوا ألهة المشركين حتى يندفعوا فيسبوا الله تعالى ظالمين جاهلين» ثم هم معاندون» يقسمون أنهم إن جاءتهم معجزة غير القرآن يؤمنواء فردهم سبحانه بأنه يختار من الآيات ما يكون مناسبا وله الحكمة» والله سبحانه هو مقلب القلوب» فليتركوا فى ضلالهم وعمايتهم بعد البيان المرشد الحكيم . وأن هؤلاء كتب الله تعالى عليهم الشقوة إلا أن يرحمهم فيتركوا ما هم فيه من ضلالة» فلا تجدى فيهم الآيات إلا أن يشاء الله تعالى» فلو أنزل الله تعالى عليهم الملائكة» وكلمهم الموتى معلنين بعثهم» وجمع عليهم كل شىء يكون فى المستقبل ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله» والله سبحانه وتعالى قد احتبر الأنبياء فجعل لهم من شياطين الإنس والجن أعداء يزخرف بعضهم لبعض القول ويغرونهم» ولو شاء الله تعالى ما فعلوه. فذرهم وما يفترون» وأنه لتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالغيب والآخرة» بل لا يفهمون إلا ما بين أيديهم» وبذلك يقترفون الآثام التى يقترفونها لأنهم يقولون إن هذه الحياة الدنيا هى وحدها الحياة. وأنه لا يمكن أن يكون للمؤمن حكم غير الله؛ لأنه هو الذى أنزل الكتاب مبينا فيه كل شىء وأهل الكتاب يعرفون ذلك» ولا يصح أن يكون ذلك موضع شك» وأنه ببيان القرآن تمت كلمة ربك صدقا وعدلاء وهو السميع العليم» ولا يجوز التقليد للآباء والبيئات» فإنه إن يطع النبى من فى مكة أو بلاد العرب يضل عن لاا تفسير سورة الأنعام الل 2 ١1 لاا‎ | 2 سبيل الله؛ لأن سبيل الله تعالى هى الحق والعقل» وهم يتبعون الظن ويخرصونء وربك أعلم بمن يضل عن سبيلهء وهو أعلم بالمهتدين. وإن من شركهم أن يذبحوا الذبائح باسم الأصنام فنهى الله تعالى المؤمنين عن أن يأكلوا ما لم يذكر اسم الله تعالى عليهء بل إنهم يأكلون ما ذكر اسم الله تعالى عليه» ولا يصح أن يوجد ما يمنعهم إلا من يكون فى حال اضطرار»ء والله أعلم بالمعتدين» وعلى المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنهء وألا يأكلوا مما لم يذكر عليه اسم الله تعالى» ولا شك أن المشركين سيجادلون فى تحريم هذا وإحلال غيره» وعلى المؤمنين آلا يطيعوهمء وإلا كانوا مشركين مثلهم. وإنه لا يتساوى الميت مع الحى. وكذلك لا يتساوى الضال الذى هو كالميت مع المؤمن الذى يحيا حياة طيبة وله نور يمشى به فى الظلمات» ولكن زين لهم سوء أعمالهم. وإنه ليس بغريب أن يناوئ محمدا وَلْهٌ أكابر من قريشء فإن كل قرية يكون فيها أكابر مجرميهاء يمكرون فيها ويسيطرون عليهاء والعاقبة عليهم وما يشعرون. وهم يحسدون رسل الله تعالى فيطلبون أن يؤتوا مثل ما أوتى رسل اللهء وذلك شرط لإيمانهم» والله أعلم حيث يجعل رسالته» وسيصيبهم صغار بسبب إجرامهم وعذاب شديد بسبب كفرهم ومكرهم السيىء لخنفض كلمة الله تعالى. ومن يرد الله تعالى الخير له يشرح صدره للإيمان» ومن يرد غير ذلك منه يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء من شدة ضيق صدره وتوالى أنفاسه. وبذلك يكون عليه الرجس وعلى الذين لا يؤمنون» وهذا صراط الله تعالى مستقيما قد فصلنا الآيات وبيناها لقوم يذكرون. ولقد بين سبحانه وتعالى اختصاص المؤمنين» فذكر أن لهم دار الأمن والاطمئنان والسلام عند ربهم الذى خلقهم وهو وليهم» وذلك جزاء عملهم». وإن الله تعالى يوم يجمعهم جميعا يناديهم يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس» وأولياؤهم من الإنس يقولون قد استمتع بعضنا ببعضء وبلغنا أجلنا الذى أجلت لناء فذكر سبحانه أن النار هى المثوى الذى ينتهون إليه»ء وكذلك يمكن بعض 9لا تفسير سورة الأنعام مل اي فح الظالمين من بعض بسبب ما كانوا يكسبونه» ثم فى هذا الجمع الجامع ينادى رب البرية فيا معشر الجن والإنس ... 67 4 [الأنعام] ويذكرهم بمن بعث إليهم من رسل يذكرون لهم آياته سبحانه» وينذرونهم لقاء يومهم هذاء فيشهدون على أنفسهم» ولكن غرتهم الدنيا وزخرفهاء وأطغاهم أن الله تعالى لا يهلك القرى بسبب ظلمهاء وأهلها غافلون. ولكل درجات بسبب أعمالهم, والله لا يترك عمل عامل» وهو الغنى ذو الرحمة إن شاء يذهبهم» ويستخلف من بعدهم قوما غيرهم» وما وعد به سبحانه آت لا محالة لأنه لا يعجزه أحدء وأمر الله نبيه أن يدعو قومه إلى أن يعملوا ما فيه رفعة مكانتهم واجعل نفسك قدوة لهم فى العمل» وستعلمون من تكون له عاقبة الدار. وذكر سبحانه وهما من أوهامهم إذ جعلوا لله تعالى ما خلق من الوبل والبقر والغنم نصيبا وجزءا لما يزعمون آلهة» فما يجعلونه للشركاء يكون لهم» وما يكون لله لا يصل إليه»ء ويصل إلى شركائهم» وساء ما يحكمون به فى هذه القضية وغيرها. ومنهم من كان قد زين لهم الشيطان قتل أولادهم بوهم للآلهة التى يزعمون» فأردوهم» ولبسوا عليهم دينهم ولو شاء ربك ما فعلوه وهو افتراء فذرهم أيها الرسول بعد أن بينت» وحرموا على أنفسهم بأوهامهم» فجعلوا بعض الأنعام للأكل والحرث وأنعام لا يطعمها كل الناس» وأنعام ممنوعة» وأنعام حرم ركوبهاء وأنعام يأكلونها من غير ذكر اسم الله» وكل ذلك افتراء سيجزيهم الله تعالى عليه» وقالوا: ما فى بطون هذه الأنعام للذكور مناء ويحرم على أزواجناء وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء وسيجزيهم الله تعالى على ذلك» إنه حكيم عليم. وكانوا يقتلون أولادهم سفها بغير علم» ويحرمون ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين. 1 الملل 2222224-9-700 لبجم هيا ب ا ولقد بين سبحانه أنه أباح الطيبات وهو الذى خلقها وأنشأها للناس» فذكر أنه أنشأ جنات معروشات كالأعناب وغير معروشات كالبرتقال وغيره» والنخل والزرع مختلفا أكله من قمح وشعير وفول وبقول والزيتون والرمان متشابها آحاده وأنواعه وغير متشابه» وخلق ليؤكل» كلوا من ثمره» وآنوا ما عليه من زكوات يوم حصاده ولا تسرفوا فى الأخذ حتى لا تطغوا إن الله لا يحب المسرفين» وبعد أن بين النعم فيما تخرجه الأرض بين نعمه» فمن الأنعام حمولة تحملكم من أرض إلى أرض أنتم وأمتعتكم وتتخذون من جلودها وأشعارها وأوبارها فرشاء ولا تتبعوا خطوات الشيطان فى طعامها وتحريم بعضهاء وتحليل بعضهاء فسبب التحريم ليس متحققا فيهاء فهى ثمانية أزواج؛ من الضأن اثنين» ومن المعز اثنين» ومن الإبل اثنين» ومن البقر اثنين» فما سبب التحريم الذى تبتدعونه فى بعضها فهل فى الذكورة» فتحرموا كل الذكور؟ أم فى الأنوثة فتحرموا كل الإناث؟ أم فيهما فتحرم كلها؟ وأنتم تحرمون بعض الذكور دون بعض »2 فلا مبرر للتحريم» والتحريم ظلم وافتراء؛ ومن أظلم ممن افترى على الله ليضل الناس بغير علم» إن الله لا يهدى القوم الظالمين» ثم أمر رسوله بأن يبين المحرمات من الأنعام وهى : الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير وكل هذا رجس قذرء وما أهل لغير الله وهو فسق» وذلك كله حرام على المختار فمن اضطر غير متعدًء ولا متجاوز حد الضرورة فإن الله غفور رحيم» ثم بين سبحانه ما حرمه على اليهود لغلظ قلوبهم» فذكر أنه حرم عليهم كل ذى ظفر من البهائم» وحرم من البهائم شحومها إلا ما حملت ظهورها أو الحوايا أو ما اختلط من الشحوم بالعظمء وكان تهذيبا لنفوسهم الشرهة» وجزاء لبغيهم . وذكر سبحانه أن المشركين يكلون شركهم إلى تقدير ربهم» أى يأثمون» ولا يحملون أنفسهم إثمهمء وكذلك كل الفاسقين حتى يروا بأس الله تعالى يوم القيامة- وهل عندهم علم سوغ أن يحملوا غيرهم إثم فعلهم» فيحرمواما حرموا؛ إن يتبعون إلا الظن الكاذب والوهم» والله عنده الحجة البالغة» وهاتوا تفسير سورة الأنعام ممالل 2 سرب أ شهداء يشهدون أنه حرم ما حرموه على أنفسهم» فإن شهدوا فلا تشهد معهم» ولا تتبع أهواء الذين كانوا بأدلة الله يكذبون» ولا يؤمنون بالآخرة» وهم بربهم يعدلون» ويجعلون معه شركاء. وبعد أن ذكر سبحانه ما حرموه على أنفسهم» 00 يد أمر رسوله أن يبين لهم ما حرم عليهم وهم فيه واقعون وهو «.. ُشركوا به شيا جر سنن لان كم فى اش ل م لا فر لاحش ما ظَهَرَ مها وما طن ولا فوا الس الي حرم الإ باحق فلكم وضّاكم به عَلَكُم عقو 20 ولا ربوا مَل اليعيم إلا بابي ي أحسن حت يلع أده وأوفوا الكل وَالْمِيَان باتقمنط لا كلف نفس إلا وَسَعَها وذ كم فَاعدُوا ولو كان ذا قريئ وبعهد الله أوفُوا ذَلكُم وصاكم به لَعلَكم تَذَكْرونَ 029 4 [الأنعام ] . وقد بين سبحانه بعد ذلك أن هذا هو صراطه المستقيم» عليهم أن يتبعوه. ولا يتبعوا السبل» فتفرق بهم عن سبيله» فغيرها مثارات الشيطان» وطرائقه وتلك وصيته رجاء أن تتقوه فاتبعوها؛ ويبين سبحانه أن هذه المحرمات جاءت فى شريعته يله وى كتابه» وقد سجلت فى القرآن» فكانت شرعا لله» فاتبعوها واتقوا الله لعلكم ترحمون» ولا تعرضوا عنها بأن تقو تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين هم اليهود والنصارى من قبلنا ونحن غافلون عن دراستهمء أو تعرضوا قائلين لو أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فها هو ذا أنزل عليكم من ربكم فيه بينة وهدى ورحمة» وإنكم من بعد تظلمون بتكذيبكم بايات الإعجاز فيهء وتصدفون عنهاء وجزاؤكم على ذلك الظلم سوء العذاب. هذه حجج قاطعة فإذا كنتم تعرضون عنهاء ٠‏ فهل تنتظرون أن تأتيكم الملائكة أو يأتى ربك» أو يأتى بعض آيات ربك القاصمة لظهوركم» ٠‏ لإ يوم يآتي بعض آيات 4 وهو يوم القيامة ف . .. لا ينمَعْ نفس إِعَانهَا لم تكن آمنت من قبل أو كَسَبت في انها حبرا قل انتظروا نا ممتظرون 622 [ الأنعام] . هاا تفسير سورة الانعام الل 51 لسر از وإن الذين فرقوا دينهم من اليهود والنصارى وكانوا شيعا لست منهم فى شىءء إنما أمرهم إلى ثم أتبئهمء بما كانوا يفعلون» ثم بين سبحانه الجزاء فجزاء الحسنة عشرة أمثالهاء وجزاء السيئة مثلهاء وطالبه كَْةِ أن يكون قدوة فأمره أن يقول : لفل إنِي هدداني ري إلى صراط مُستَقيم دين قِيمَا َه إبراهيم حَنيقَا وما كان من المشركين 050 قل إن صّلاتي ونسكي ومَحياي ومَمَاتي لله وب العالمين 059 لا شريك 4 ولك أمرت وأنا زاملي 90 فق 09 فل أَغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء . 639 4 [الأنعام ] . وبين أن كل نفس وما تفعل» فلا تزر وازرة وز أخرى» ولا تكسب كل نفس إلا عليهاء وإلى الله مرجع الجميع» فينبتهم بما كانوا فيه يختلفون . وبين سبحانه منزلة الإنسان فى هذا الوجودء فقال تعالت كلماته: « وهو الذي جَعلَكُم خلائف الأرض ورقع بَعْضَكُمْ فوق بَعْض درَجَات لْيبوَكُمْ في ما آتاكم إن بك سريع العقاب وإنّه لَعْفُور رُحيم 52 4 [ الأنعام] . ل تفسير سورة الأنعام 1 لجي هيلإ 1 2 م انالوم مو سام 0 م روح عم سا سس اسع ل ترس ألْحَمَدإِئَهألَذِى حَلَقَاَلسَموَات وَالأرّض وَجَعَرَالظاممْتِ 002 تي مم 2 اا اك والنورثما مرو ابرَيهمَ يَعَدِنُورَت ل 2 وم 2 هْوَأَلدى وطق ملأب سق د24 َأ تَمرُوتَ نيا وهف موتو فلار ضيعم ركم وَجَهُرَكُه ويَعَلم مَانكفُسِبُونَ : يا نامي يَمَرِمْنْ بيت ماعنا مضي 2 فَفَدَكَدَبوأبالْحَق وتوا ا و11 روأ كم أهلكنامن له ممن قَرنٍ كت ايض مال سس 31 201 رم | ل ساس عم وح نمكن لك وأر لسَمَعَْموَدَرَا نهر َرَى ين ملكتم يدفم وفنا منْبَدَدِجِمْ رن سلس حم ء أخريين لوي كان ختام السورة السابقة إثبات سلطان الله تعالى الكامل» وقدرته الشاملة؛ وأنه لا يعجزه شىء فى السماء ولا فى الأرض» إذ قال سبحانه: ذا لله ملك السّمُوَات وَالأَرْضٍ وما فيهن وهو علئ كُلَ شيء قَدِير 699 4 [المائدة] . وفى هذه الآية يبين سبحانه السبب فى كمال سلطانه» والمظهر الأعظم لكمال قدرته» وهو خلق هاا تفسير سورة الانعام احنو الل 51 «1يحطل وب 37 السموات والأرض وخلق الإنسان» فإن هذا من أسباب السلطان الكامل على السموات والأرض ومن فيهن» وهو مظهر كامل لكمال قدرته سبحانه وتعالى» وهذا قوله تعالى: الْحمد لله الذي خلّق السمُوَات والأرض وَجَعل الظُلمات والنُور م دين كفَرُوا بربهم يعدلون 4 الحمد معناه اللغوى: الثناء على المحمود بالفعل الاختيارى الذى يقوم به فلا يحمد على فعل كان بالجبلة والتسخيرء إنما الحمد يكون ثناء على فعل اخستيارى؛ المحمد بمعنى الثناء مراتب» أدناه الثناء على العباد فى أعمالهم الاختيارية. واستعماله فى القرآن فى الثناء على العباد قليل إلا إذا كان فى التنديد بطلبهم للحمد مثل قوله تعالى: 8 ... ويحبون أن يحمّدوا بما لم يَفَعلُوا ... 402 [آل عمران]. وأعلى من هذا مرتبة الثناء على الله تعالى بما هو أهله. وذكر صفاته؛ والإحساس بجلائل نعمهء ولهج لسان العبد بهذه النعم. والمرتبة العليا شكر هذه النعم والخضوع المطلق له سبحانه» والقيام بحق عبادته» وإفراده بالعبودية» وإن ذلك هو المطلوب من العبادء وهو أعلى الشكرء وقد قال سبحانه: « ... لكن شكرتم لأَزِيدتَكم ولعن كَفرتُم إن عذابي لَشديد . (0) 4 [إبراهيم ] والشكر امتلاء القلب بذكر الله تعالى وذكر نعمهء وشكرهاء وهو الذى طالب به القرآن الكريم كما قال تعالى : 4 .. اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم . .. #69 [البقرة] و«أل» هنا للاستغراقء» ولمعنى أن المستحق لكل أنواع الحمد ومراتبها هو الله تعالى» فهو المستحق للعبادة» وهى أعلى درجات الحمدء وهو الجدير بكل حمد» دون غيره» وإذا كان ثمة حمد للعباد فهو إن كان على خير أسدوه كان حمد الله تعالى لتوفيقهم وعونهم» وإن كان الدافع على الثناء غير الخير» فهو ليس بحمدء وإنما هو كذب وافتراء على الحق وتعاون على الشر. وفد ذكر سبحانه أسباب ذلك الحمد الذى بلغ أعلى درجاته» فقال تعالت كلماته: ل تفسير سورة الأنعام االالاا! اناا اناالا ااا اناا ااال تلالا ل لالانك لانن الالط تططخ نمالل تت اط خلااللااالانظ لاك ااا ال اللا تاطالخ خوط ططخملا ططخ ناتلا 0 سرب ا «الّذي حَلَقَ السّمَوَات والأرْض وَجَعل الظُلْمَات والثور» هذا وصف لله سبحانه وتعالى يثبت كمال حق العبودية له وحده» وأنه لا يستحق الحمد الكامل سواه» ولقد يقول الصوفية: إن العبودية لله تعالى ثلاث مراتب: أولاها- أن يعبدوه لذاته» والثانية- أن يعبدوه لصفة من صفاته كصفة الخلق والتكوين» والثالثة- أن يعبدوه لتكمل نفوسهم. ويحسوا بفضل الطاعة» وهذا النص يفيد أن حمد الله تعالى؛ لأنه خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور» والحق أن المراتب الثلاث لا تباعد بينهاء فمن يعبد الله لذاته» فإن ذاته تعرف بصفاته» ومن يرى شرفه فى عبادة الله وحدهء فهو يتسامى. والقول الحملى- أن الذكر لخلق السموات والأرض لبيان سلطان الله تعالى وقدرته واستحقاقه وحده الألوهية؛ بدليل قوله سبحانه بعد ذلك: 9ثُم الْذين كفروا برهم يعدلون » . وهنا بعض المباحث اللفظية التى نتعرض لها؛ لأنه يكون تقريبا لمعانى الإعجاز فى النص: البحث الأول- التعبير فى خلق السموات والأرض ب «خلّق)» وفى الظلمات والنور ب «جعل»». فنقول: الخلق معناه الإنشاء الابتدائى هناء والجعل يتضمن معنى تكوين شىء من شىء أو شيئين» وقد يتضمن الخلق ذلك المعنى بقرينة؛ وهنا المتبادر من المعنى أن الله تعالى أنشأ السموات والأرض إنشاء» وجعل منها الظلمات والنور» فمن اختفاء الشمس عن الأرض يكون ظلام الليل» ومن بزوغ الشمس على الأرض يكون النور» وذلك كله بجعل الله تعالى» وبأصل التكوين والتقدير من العزيز العليم. المبحث الثانى- اذا جمع «الظلمات» وأفرد «النور»؟ والجواب عن ذلك: أن النور واحد. من نتائجه الكشف والظهور» وتعدد أسبابه لا يغير حقيقتهء أما الظلمة فإنها متنوعة بتنوع أسبابها. . فهناك ظلمة الليل» وهناك ظلمة المحابس» ا تفسيرسورة الأنعام ااانا ااانا الالا1األاالاااللالاالالنةظلل اذ الالاااااللاا !اط طاللااللاللااا ااال مالالا للللان خط الالالال اناالا ملالا 1 وهناك ظلمة القبورء وهناك ظلمة الغمام»ء وهى تتغير حقائقها بتغير أسبابهاء ثم ثمة إشارة إلى أمر معنوى» وهى أن ظلمة الإدراك تتعدد حقائقهاء فهناك ظلمة الانحراف» وظلمة الأهواء والشهوات وطمس القلوب» والنور واحدء ‏ وأَنَ هذا صراطي مستقيما فَاتسِعوه ولا تتِعُوا السبل قتفرق بكم عن سبيله . . . 29 4 [ الأنعام ] فالنور فى هذا واحد. الملبحث الثالث- لاذا أفردت الأرض وجمعت السموات مع أنه قد وردت نصوص تعتبر الأرض سيعا كالسموات؟ والجواب عن ذلك: أنه فى كثير من المواضع تفرد وتجمع السماء فى مثل قوله تعالى :أو لم ير الدين كقروا أن السّموات والأرض كانتا رتقا فَفتقناهما وجَعلنا من الْماء كل شيء حي أَقلا يؤَمنُونَ (6 4 [الأنبياء ] وإئما تعدد السموات لعظمهاء ولإحاطتها بالأرضء ولا فيها من الآيات البارزة» ولتزيبنها بالنجومء ولأنه لم يعلم أن الله تعالى قد عصى فيهاء ولآن طبقاتها متمايزة ينفصل بعضها عن بعض» والأرض طبقاتها متصلة. المببحث الرابع- ما الذى كان العطف عليه فى قوله تعالى : طثُمٌ الدين كفروا برهم يعدلون »> ولاذا عطف ب «ثم»؟ أما الجواب عن الجزء الأول فهو أن الله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور» وهو وحده يستحق الحمدء ثم مع ذلك يجعل الذين كفروا بسبب ضلالهم مثلا يعدلونه بى وهو أصنامهم» أو ما يزعمون من آلهة» والتعبير ب «ثم» للبعد بين الحقيقتين» فالحقيقة الأولى التى توجب توحيد الله تعالى وحدهء والثانية- ما يقع من هؤلاء الكافرين على غير بينة ولا إدراك» ولقد قرر الله تعالى الحقيقة الشابتة» فقال عز من تقل بعد أنه ذكر جلت : قدرته خلقه لهذا الكون وما فيه» وسلطانه على السموات والأرض ومن فيهن» بين سبحانه خلق الإنسان الذى يؤمن ويكفرء ويأثم ويفسق» ويهتدى لآمر ربه» »والذى حارت البرية فيه» كما قال أبو العلاء المعرى: ل ل تفسير سورة الأنعام ملل حلي سرب ار والذى حارت البرية فيه حيوان مستحدث من جماد ذكر أن الله تعالى خلقهء أى أنشأه من طين فلا يصح أن يستكبر» ويستغلظ على الهداية» وليذكر أصله» فأصله من طين» ولا يزال رب البرية يربه وينميه من الطين» فغذاؤه نبات أو حيوان يرجع إلى الطين» وفى ذكر هذا الأصل إشارة إلى أمرين جليلين: أولهما- عظمة الخالق وإبداعه الذى يجعل من صلصال من حمأ مسنون ذلك الإنسان الحى المتفكر المتدبر الذى يختار الشر فيغوى» ويختار الخير فيهتدىء والإشارة إلى تذكير الإنسان إلى أصل خلقه» لكيلا يستكبر ولا يغتر ولا يستعلى» وإذا كان أصله من الطين» » فليس عجبا أن يعود كما بدأ: «قل أمْر َي بافقطط وهو وجوكُم عد كل مسد وااطوة مين له الزين كما دام تعُودُونَ 63 4 [الأعراف] « منها حَلَقنَاكُم وفيها نعيدكم .. 62 # [طه] . وإن الله سبحانه وتعالى» قد خلق الإنسان من الطين» أى خلق أصله من طين» ثم توالد وتناسل من بعد ذلك» وعمر الأرض ما شاء أن يعمرها حتى كان منهم من نسى أصله الطينى» وقد قدر سبحانه لكل إنسان أجلاء ولبنى الإنسان جميعا- أجلا- أما الأول- فقد أشار إليه سبحانه وتعالى: انم قَضَئ أَجَلا)4 أى عمرا تكون له نهاية فى هذه الدنياء وعقبى هنالك فى الآخرة:» وكان العطلف ب «ثم) للإشارة إلى الأطوار التى يمر فيها الإنسان» والأطوار التى يمر بها الجنين» وللتفاوت بين الحقيقة التى نراها ونحسها والغيب الذى لا نعرفه» بما قدره الله تعالى إذ يقول سبحانه: ف إن الل عحدة لم السّاعة ويل ايت ويعلّم ما في لأَرْحَام وما تَدْرِي نفس مادا كسب غَدا وما تَدرِي نفس بأ أَرضٍ تموت ... 9© 4 [ لقمات ]. هذا هو أجل العمرء وقال سبحانه بعد ذلك: طوَأَجَلَ مُسمى عندة» وما هذا الأجل المسمى عنده» ولا يعلم به أحد الآن يصح أن يكون الأمد الذى يكون بين الوفاة» وبعث من فى القبور» ويصح أن يكون ما قدر للإنسان فى هذه الأآرض من وجود» والأمران متلاقيان» فالزمن الذى يكون بين وفاة كل واحد». والبعث ##ا تفسير سورة الأنعام م للك ااال 011 لحر أ من القبور» والحساب والثواب أو العقاب» ثم الذى تنتهى به الدنياء وهو مغيب؛ لأن الساعة علمها عند الله قال تعالى: 8 يسألونك عن الساعة أَيّانَ مُرساها قل نما علَمَهَا عدد ربّي لا جلها لوقتا إلا هو تَُلَتْ في السّمّوَات والأَرْض لا تأتيكم إلا بَعْمَه يُسألونك كنك حفي عَنها قل إِنَما علَمهَا عند اللّه ولكنأكْفَرَ الئاس لا يعلَمُونَ 9 » [الأعراف ] . ووصف هذا الأجل الثانى بأنه مسمى عنده يفيد اخستصاص علمه سبحانه وتعالى بذلك» كما أشارت الآيات التى تلوناهاء وقدم أجل مُسَمّى» على قوله تعالى : «إعندة» ؛ لأن الأجل المسمى هو المبتدأء وما بعده خحبرء والمبتدأ مقدم حقيقة» ولأن الأجل هو المتحدث عنه باعتبار أن موضعه لا يعلمه إلا الله تعالى» وسوغ الابتداء بالنكرة؛ لأنها موصوفة؛ والموصوف المنكر يصح أن يكون مبتدأ لأنه معرف بنوع من التعريف» وتأخير «عنده» ليس فقط؛ لأن الأجل هو المبتدا- بل لكن «إعندة» متعلقة بكون التسمية عنده فالعندية ليست لذات الخبر» إنما هى للوقت المسمى الذى اختص الله تعالى به» فكان الأنسب أن يكون المسمى مقترنا بالعندية التى هى متعلقه . وإذا كانت الآجال ترى مقدرة» فكل حى يتتهى بالموت لا محالة» فكان الأجل الذى لا يعلمه إلا الله تعالى لا ريب فيه أيضاء ولكن بعض الناس فى ريب وشك؛ لأنهم مربوطون بالمحسوس؛ ولذا قال سبحانه: ثم أنتم تَمرون» أى أنه مع ما ترون» وتعلمون من أن الإنسان يموت كما ترون» وأنه من طين» مع ذلك تمترون» أى تشكون وتجادلون فى شككمء والآدلة قائمة» وكان العطف ب «ثم» لتباعد ما بين الحقائق الثابتة وأسبابهاء والامتراء هو التردد الذى ينتهى إلى محاجة ومجادلة» وقد ينتهى إلى شكء ثم إلى إنكار» وكان الخطاب لكل المخاطبين بالقرآن مؤكدا ب «أنتم»» للإشارة إلى أن النفس البشرية حسية» وهى تأخذ أحكامها على الغائب الخفى من المحسوس الجلى. فكان الخطاب للجميع ها تفسير سورة الأنعام لال 1 لج مر 23 ليخلعوا من نفوسهم عوامل التردد» ويتجهوا إلى تصديق العليم الحكيم القادر على كل شىء. وغ لني شتات وفي الأ سمو وطن ود بعد أن أشار سبحانه وتعالى أنه الخالق لكل شىء أشار سبحانه إلى البعث وذكر من قبل ذلك أنه الخالق ذو السلطان المطلق فى هذا الوجود يسيطر عليه بجلاله» وألوهيته» واستحقاقه للألوهية وحده» وهو العالم فيه بكل شىء» فلفظ الجلالة يتضمن معنى الألوهية الحق» ومعنى الوحدانية والعلم والقدرة والإرادة؛ والسلطان الكامل الذى لا يدانيه سلطان» فمعنى قوله: وهو الله في السّموات وفي الأرض» يتضمن خضوع كل من فيهن له سبحانه» وسيطرته الكاملة وقدرته وعلمه» واستحقاقه للعبودية؛ والألوهية وحده. والضمير فى قوله: #وَهوَ» يعود على المستحق للحمد الذى خخلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور» والذى خلق الإنسان من طين» وإنه بذلك يكون مستحقا للحمد» ويكون هو المسيطر فى الكون الذى أنشأه وفى الإنسان الذى صوره من طين» وسخر له ما فى السماء والأرض. وقد ذكر وصفان جليلان فيهما تذكير وتبشير وإنذار. أولهما- أنه يعلم #سركم وجهركم» فإنه يعلم ما تظهره الجوارح وما تخفيه السرائر» يعلم ما يجرى على الإنسان وما تخفى الصدورء فإن حاسب على ما يفعلون» فحسابه حساب اللطيف الخبير الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء أنى يكون» وهو مجاز على ذلك إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء وهو من بعد الغفور الرحيم. الوصف الثانى- أنه يعلم ما يكسبون من خير أو شرء ولكل ذلك حسابه من هنا إلى يوم القيامة . 2 هاا تفسير سورة الانعام , |التلتاة ا أل اللا اللا الل أ ات ل الات لل أالاااااالالك ال لطع ممممململململالاك )خخخ الالالال خض خضلا ممامممممممخمممامامممامامامممامااللزا ول طضواملانلللا كا < - «إوما تأتيهم من آية من آيات ربّهم لأ كانوا عنها معرضين» قد وصف الله الذين كفروا بأنهم بعد قيام الدلائل التى تدركها الفطرة السليمة على وحدانية الله تعالى يجعلون عديلا لله فى وحدانيته» ويشركون فيه ومع أن الآيات الفطرية تدل أن خلق الإنسان إلى فناء فى الدنيا ثم إلى بقاءء وإنها للجنة أبداء أو للنار أبدا وقد بين من بعد أن الذين طمست فطرتهم فلم تدرك الحق لذات الحق لا تجدى معهم البراهين مهما قويت» ولا الآيات مهما بينت» فبين أنهم معرضون كمن يرى ضوء الشمس فيضع غشاوة لكيلا يراهاء ومن يسمع الحق فيضع أكنة على أذنه» وما تأتيهم أية حجة إلا أعرضوا عنهاء وهنا بعض المباحث اللفظية التى تقرب معنى الآية الكريمة: الأول- أن (ما) فى قوله تعالى: #وما تأتيهم من آية» لعموم النفى «إلاً كَانوا عنها معْرضينَ» . واستغراقه» أى لا توجد أى آية. الثانى- التعبير بقوله تعالى: من آيات ربهم» فيه (من) تبعيضية» والمعنى فيه ما يأتيه آية (من) بعض آيات ربهم الذى خلقهم وذرأهم من العدم بعد أن لم يكونوا شيئا مذكوراء وهو الذى يكلؤهم ويرعاهم - إلا كانوا عنها معرضين. المبحث الثالث- أن قوله تعالى: إل كانوا عنها معرضينَ» فيه إثبات أن الإعراض عن الحق دأبهم وصفة ثابتة فيهم لا يتتخلون عنهاء ودل على ذلك النفى والإثبات» ثم التعبير ب «كانوا» الدالة على الدوام والاستمرار» ثم التعبير بالوصف والمعنى الجملى: لا تأتيهم معجزة قاطعة فى الإثبات من عند خالقهم إلا تلقوها معرضين عن مغزاهاء تاركين مؤداها. «فقد كبوا باحق لما جاءهم فَسوف يأتيهم أَنْبَاء مَا كَانُوا به يَسمَهْزِءُونَ»4 إذا كانوا لا تأتيهم آية بينة مثبتة الرسالة إلا استقبلوها بإعراض كأنه عادة لهم» وشأن من شتئونهم» فلا بد أن يكذبوا بالحق الذى جاء به النبى يَكَلِْهّ وهو ما اشتملت عليه الرسالة المحمدية» فهم قوم بور؛ لأن الناس أقسام ثلاثة: قسم يهتدى إلى الحق ها تفسير سورة الأنعام ١‏ لل و جل بور يي عندما يدعى إليه؛ لأنه يدرك ببصيرته» إذ هى مشرقة مخلصة تستجيب للفطرة؛ لأن الحق فى فطرتهاء وفى ثناياها. وقسم يقبل الحق. ويستمع إلى آياته ودلائله ويهتدى به. وقسم على قلبه غشاوة يعرض عن الحق» وعن أدلتهء وهؤلاء لا علاج لهم إلا بالسيف يقاتلون به أو بالعذاب الشديد ينزل بهم فى الآخرة. وأنهم لم يكتفوا بتكذيب الحق إذ جاءهم على لسان الرسول ذل وبما اشتمل عليه القرآن الكريم من حقائق ثابتة بل تجاوزوا إنكار الحسق إلى الاستهزاء بأهله» والسخرية بمعتنقيه؛ ولذلك قال سبحانه: «فسوف يأتيهم أَنْبَاء ما كانوا به يستهزءون4 فإن هذا النص الكريم يشير إلى إخبار بالاستهزاء مطوى قد أغنى عن ذكره ما بعده فى ثنايا القول الحكيم» وإن هذا تهديد بأنه سينزل بهم عذاب شديد هو نتيجة وثمرة لاستهزائهم» وكأنه لحتميته نبأ عن القرآن الذى كان به هذا الاستهزاء» وفى الكلام إشارات بيانية تؤكد أنهم مخاطبون بالرسالة ومعاقبون على الإعراض . الأولى- فى قوله تعالى: طلَمّا جاءهم» وأنه نزل بساحتهم وصار قريبا منهم ففى هذا تنبيه على أنهم المخاطبون بحجيته» وأنه بينهم مستمر دائم لا يتوانى عن تذكيرهم مهما فرواء حتى يكون ضلالهم عن بينة» ومن بعد فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها. الثانية- تأكيد ما ينزل بهم نتيجة لسخريتهم ب «اللام» وب «سوف»» وبأنه يأتيهم فينزل بساحتهم» وذلك تأكيد لوقوعه. الثالثة- التعبير عن العذاب بأنه أنباء ما كانوا به يستهزئونء» والتنبأ هو الخبر العظيم» وقد وضح ذلك الزمخشرى فى الكشاف فقال: فسوف تأتيهم أنباء الشىء الذى كانوا به يستهزئونء» وهو القرآن» أى أخباره وأحواله» بمعنى سيعلمون بأى شىء استهزءواء وسيظهر لهم أنه لم يكن بموضع استهزاءء وذلك عند إرسال العذاب عليهم فى الدنيا أو يوم القيامة أو عند ظهور الإسلام وعلو كلمته. (/لنذا تفسير سورة الأنعام ني 00 حب أ وقد بين سبحانه لهم العبرة بما نزل بمن سبقواء ومن مجاورتهم ديارهم» فقال: يكنا من لهم تن شرن ماح في الأزضي سا قم سكن لحم وَأَرسلْنا السمَاء عليهم مدرارا» . القرن: الجماعة المقترنة التى تعيش فى زمن واحدء والاستفهام داخل على فعل محذوف دل عليه سابق الكلام ولاحقه» والمعنى المقرب: أيعرضون ذلك الإعراض عن المعجزات التى تبين لهم الحق» ويستهزئون ذلك الاستهزاء لأهل الحق» ولم يروا بأن ينظروا نظرة تدبر وتفكر العدد الكثير من القرون الذين أهلكناهم من قبل» وكانوا أشد قوة» وآكد منهم» والاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع فهو للتوبيخ؛ لأنهم فعلا أعرضوا واستهزأوا ولم يتدبروا ويتبصرواء والآية الكريمة تنبههم إلى وجوب التبصر والتدبرء وتذكرهم بما يستقبلهم إن استمروا على غيهم» وهى فوق ذلك دليل على كمال قدرته على تنفيذ إنذاره» وقد ذكر الله تعالى لآولئك الأقوام الذين أهلكهم الله تعالى فى سبيل بيان العبرة: أولا- بأنهم مكنوا فى الأرض بما لم يمكن للمشركين الذين عاصروا محمدا يك قال تعالى: طمَكْنَاهُم في الأرضٍ ما لم نمَككن لَكُم4 أى جعلنا لهم مكانا فى الأرض لم نمكن لكم مثلهء أى لم نمكنه لكم» وذلك كناية عن سعة السلطان» وقيام الصنائع» وكثرة العمران» وثبات حكمهم. واستقرار أمرهم» فأنتم معشر المشركين لم يكن لكم شىء من ذلك» وأنى يكون مكانكم بجوار مكان فرعون» وأنى يكون سعة عمرانكم بجوار سبأ فى مسكنهم الذى كان فيه جنات عن يمين وشمال. وثانيا- أن الله جعل لهم العيش رغداء ورغد العيش كان غيثا من السماء فأرسل عليم السماء مدرارا» والمراد من السماء هنا جهة العلو؛ ولذا أفردت فقال تعالت كلماته: #وَأَرسلْنا السماء عليهم مُدرارا4 أى أرسلنا عليهم السحب تنزل دارَة الماء»ء ويصح أن نقول: إنه أرسل ما فى السماء من السحبء أو اعتبرت السحب اا تفسير سورة الأنعام الملل لم حي سر ا الماطرة فإنها سماء باعتبارها فى وجهة العلو» وفى التعبير ب «أرسل» بدل «أنزل» إشارة إلى معنى الغوث والإمداد المستمر الدائم» والعرب لم يكن مطرهم كثيراء بل كان غيثاء يجىء الفينة بعد الفينة. وثالشها- بالأنهار تجرى من تحتهم؛ ولذلك قال تعالى: #وجِعلَنَا الأنهار تجري من تحتهم» فى التعبير ب (جعل) معنى التحويل» أى حولنا أمطار السماء إلى أنهار تجرى من تحتهم أى تحت سلطانهم يسيرون مجاريها كما يريدون» فكان الماء عندهم غدقا ولم يكن ذلك عند العرب» فبأى شىء يفترون ويستعلونء» وماذا صنع سبحانه بهؤلاء؟ قال: لفَأَملَكتاهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخَرِ ين» . الفاء هنا للتفصيل» والبيان بعد الإجمال» لقد أشار سبحانه إلى ما نزل بهم وهنا يبين سبحانه أنه أهلكهم بسبب ذنوبهم» والإهلاك بسبب الذنوب له مظهران : أحدهما- أن الذنوب ذاتها تهلك أمماء إذ تشيع فيهم الترف والغرور والفساد فى الأرض» وبذلك تنحل وتضمحل» وتذهب قوتها. المظهر الثانى- إهلاك الله تعالى الأمم عقابا على أوزارهاء وإن الآمم إذا هلكت بسبب فسادهاء جاء جيل يصلح أمرهاء ويزيل أسباب الفسادء ويجدد المتخرب» وهو الجيل الذى ينشته الله على آثار المفسدين» وهو غير الجيل السابق؟ ولذلك كان التنكير وكان الوصف ب (آخرين). 07 آه يه حت سل مَك َّ وَلَوَنرَاناعليّك ككبَاف رطا سفلمسوه بأيد 4 عَالَا كفنا أن هذا اسح مين ني ود اي عَلَيّهِ مَك ولو حم 0" ها تفسير سورة الأنعام : 1 1 + + < < 3 2 2 2 1212 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 011131111 0ة*#3#**ظ2#ظ22 «لطمل بر ىب 2 ا جعلئئه رجلا الي أ جَعَلئَاهُ ملكا لجعلنه نك َاعليه مما لج بر حم ع دده 2م رو رو 5 ل م م لوت ولق امبر شين يكَ مكاد م آذ م .واه و ه- ارام ع ا + هم ا ديرت سخروامنه مما حكانوايه- ستهرء ون علد و عا مم م مير وام ار كام قل سيروافى الأرض ثم أنظ روا كيان عَلقَبَة وس لج حر 4 د 22 مر لمج جم عير رع 20 أذبين َل قل لمن ماف السَمنوتٍ والار: ض فل لله 0 ١ 4 تَفْسِه ات 2 ص م بَعَل هج - احية ا 21 ل لِك 2 دعيبة ل و م ح "2 ه- سم ا عر مل د ررح قر 0 لذت حسم عراشب فه ملا يؤمنوت نل كانت الآيات السابقة تبين إعراض الذين كفروا عن آيات الله تعالى» وهى المعجزات التى يأتى بها الأنبياء لإثبات أن رسالاتهم من عند الله سبحانه وتعالى» وأن المشركين يعرضون عن القرآن الكريم» ويطالبون بآيات أخرى ويحسبون أن المسوغ لكفرهم نقص فيهاء لا نقص فيهم بعدم الاذعان للحق» وأن الناس قسمان: قسم يذعن للحق إذا قامت بيناته» وهذا يكفيه ما اختاره الله سبحانه وتعالى دليلا على رسالة من بعثه الله تعالى؛ لأنهم طلاب حق يتعرفون دليلهء ويذعنون إليه . والقسم الثانى- استولت عليهم أهواؤهم وشهواتهم» وسدت مسالك النور فى قلوبهم» فهم فى لهو وإعراضء وهؤلاء لا تزيدهم قوة الدليل إلا إصراراء وهؤلاء لا يذعنون للحق مهما تكن قوة الدليل» وهم الذين قال الله تعالى فيهم ولو نزَلنا ليك كتابا في قرطاس فَلْمَسُوه بأيديهم لَقَالَ الّذين كَمَرُوا إن هَدَا إلا معد تي ل سحر مبين 4 . ١ه‏ تفسير سورة الأتعام 0م ملل 44 لحب اا أى إن هؤلاء لا ينتقصهم الدليل» ولكن ينقصهم التوجه؛» وأنخذ أمر الدين بعناية وتفكير واتجاه سليم لطلبه» فإن الاتجاه المخلص يجعل النفس تشرق» وتمتلئ بالحكمة» فيقنعها الدليل» وهؤلاء المغرضون ينقصهم ذلك الاتجاه المستقيم » الذى يملؤهم بالنور» ويشرق فى قلوبهم طلب الحكمة والنزوع إليهاء وعلى ذلك لا تجدى فيهم الآيات مهما تكن قوة الدليل وحسيته. وفى النص القرآنى مقامات بيانية تقرب معناها السامى» وإن كان بينا فى الأول- لو زَلَنا علَيك كتابا في قرطاس» (لو) هنا حرف امتناع لامتناع » أى أن الله سبحانه يمتنع عن أن يفعل ذلك؛ لآأنه عبث لا يليق أن يصدر عن ذاته العلية؛ إذ لا ثمرة له» فلن يؤمنوا مهما تكن قوة الدليل» وذلك مثل قوله تعالى: ٍ ولو قحا عليْهم ابا من السّماء فَظلوا فيه رجو 69 لَقَاُوا نما ككرت أَنْصاوا بل نحن قوم مُسحورون 402 [الحجر] . فالكلام القرآنى فى مضمونه هنا يحكم بأن الهداية السامية لا تفتح لها قلوبهم المعرضة المتحيرة المركسة فى الضلالة. وقوى سبحانه وتعالى امتناع هدايتهم» إذا جاءتهم آية بأن لو نزل عليهم مكتوب من السماء محفوظ فى قرطاس متضمن معنى رسالة الله تعالى» ولمسوه بأيديهم للدلالة على العلم الحسى الذى لا ريب فيه ولا شك - لا يؤمنون» فتأكدت لديهم رسالة الله تعالى بأمور ثلاثة بهذا المكتوب الذى وضع فى غلافه» المقام النانى- أنهم لا يقابلون ذلك بالتصديق والإقبال والإذعان» بل أن السيحر تخييل وتسكير للإبصار» وهذا فيه لمس بالأيدى» فلم يقتصروا على الرؤية حتى يقولوا: إما سكرت أبصارنا» بل نحن قوم مسحورونء ومع ذلك يبهتون الحق » ويجابهون الواقع ويقولون مؤكدين: ٠‏ إن هذا إِلذّ سحر مبين» . 4 تفسيرسورة الأنعام اللملللا مل 01 جر 2و الثالث- أن الله تعالى حكم سبحانه بعدله وإنصافه بأن ذلك قول الذين كفروا منهم. فففى ذلك إشارة إلى أمرين: الأول- الإشارة إلى أن الذين يقولون هم الذين كفرواء وأن هناك فى مقابلهم مؤمنين يذعنون للحق» ويصدقون الآيات. الثانى- أن السبب هو الكفر والجحود والإعراض» فلا يؤمنون بآية مهما تكن قوتها فى الدلالة» لإعراض القلوب وعدم اتجاهها إلى الحقء بل إنها مظلمة معتمة لا يدخل إليها النور مهما يكن وضاء. الرابع- أنهم لفرط جحودهم وإغلاق قلوبهم يؤكدون أنه سحر مع اللمس بالأيدى» وقد أكدوا حكمهم الباطل أولا- بالنفى والإثبات» أى أنه مقصور على أنه سحر» ثانيا- بالإشارة إليه» وذكروا أنه بين واضح. الثا- والمعنى الجملى أنه لا تجدى فيهم معجزة ولا دليل» ويؤكد هذا قوله تعالى: «( ولو أَننا نا يهم الملائكة وكلمهم الموتى وَحَشَرنا عَليْهِم كل شيء قبلا م كَانوا ليؤمنوا إل أن يَشَاء الله ولكن أَككْرَهم يَجهلُونَ 29 4 [ الأنعام ] . « وقَالُوا لولا أنزل عليه ملك ولو أَنلنا ملكا لَقُضي الْأَمر ثم لا ينظروت 4 . «لولا» هنا للتتخصيصء أى أنها فى ظاهرها لحضهم الننبى كك على طلب الملّك , وجاء بالبناء للمجهول؛ ليكون الطلب لمن أرسل الرسول» وأنهم يعلقون الإجابة على إنزال الملك. والحقيقة أنهم يتعنتون. والنص القرآنى يفيد أنه وجد منهم من طلب ذلك فعلاء وأسند القول إلى المشركين؛ لأن التعنت فى الصورة الشاملة لهم فما يصدر عن بعضهم تعنتاء إنما يصدر فى المعنى عن جمعهم؛ لأن الباعث واحد. ويروى محمد بن إسحاق فيقول: (دعا رسول الله يَلكِةّ قومه إلى الإسلام وكلمهم فأبلغ إليهم فقال زمعة بن الأسود بن المطلب» والنضر بن الحارث بن كلدة» وعبد بن عبد يغوثء وأبى بن خلف بن وهبء» والعاص بن وائل بن هشام: لو جعل معك يا محمد مَلَّك يحدث عنك الناس؛ ويرى معك). ها تفسير سورة الأنعام مامالل 0 ألا 2 > فما طلبوا أن ينزل عليه ملك لا يرونه» لأنه كان ينزل عليه جبريل الأمين على قلبه ليكون من المنذرين؛ إنما كان مطلبهم أن يكون مع النبى يلك ويخاطبهم بالشهادة له بالتأييد والنصرة فيما يدعو إليه. وقد رد عليهم خالق الكون بردين يبيناد سذاجة تفكيرهم -أولا- وعلتهم الأول- يقول الله تعالى: ظ ولو أنلنا ملكا ُقضي الأمر ثم لا ينظرون 4 والمعنى القريب إليناء أننا نحن الله العلى القدير القاهر فوق عباده لو أنزلنا ملكا لقضى الأمر أى لانتهى أمر الدعوة» وألزمتهم نتيجتها فى الدنياء» ولعوقبوا على تكذيبهم عاجلاء ولا يكون العقاب آجلا فى الآخرة» بل يكون فى هذه الحياة وتروث أثر تكذييهمء ولا (تنظرون) أى لا تمهلون إلى اليوم الآخرء ولا ينطبق عليكم قول الله تعالى : لإ قَالَ أنظرني إِلَى يوم يبعنُونَ 69 4 [ الأعراف] فقضاء الأمر إنهاء أمر الدعوة بالهلاك» ولكن دعوة محمد جهاد مستمر» لا ينتهى أمرها بإهلاك المعاندين» كما تحققت دعوة نوح فى قومه: وقَالَ نوح رب لا تدر على الأَرْضٍ من الْكَافْرِين ديّارا 45 [نوح] إنما دعوة محمد يك جهاد بالحق» ومغالبة للباطل» حتى يدفع الباطل بالحق فيدمغه فإذا هو زاهق» وهى صورة باقية واضحة فى الجهاد إلى يوم القيامة؛ لأنها شريعةدائمة لدفع الناس بعضهم لبعض»ء ولولا ذلك لفسدت الأرض» وإذا كانت شريعته هى خاتمة الشرائع تكون للبقاء» فإنها لا وإن الله سبحانه وتعالى قد أهلك ولم ينظر كما فعل مع قوم عاد وقوم لوط» وقوم شعيب؛ لأن الله تعالى لم يقدر أن يكون منهم مجاهدون مغالبون للباطل إلى يوم القيامة» فجعلهم عبرة المعتبرين. الأمر الثانى- الذى رد به طلبهم ا لمتعنت كان بقوله: لَه ملكا عا رلا اهم م يلسُود) . الل لح از إذا كان الرسول يكون معه ملك. فإن المغزى أنهم يريدون أن يكون الرسول - ولو جعل الله بدل الرسول البشرى رسولا من الملائكة» لكان الأمر الطبيعى لكى يختلط بهم» ويخاطبهم» ويوجههم أن يجعله سبحانه وتعالى رجلا يكون له مظاهر البشر. ويندمج فيهم ويدعوهم. وحيتئذ لا تكون جدوى فى اختياره ملكا بدل أن يكون رجلا؛ لأنه سيختلط عليهم» ويقولون كيف يكون رجل هو الذى يدعو ما يسترضوة به على النى ممه يل هو عين ما يسترضون على ذلك هم و4 خلا عليه ما يحاطرن حلر افسهن؛ إذ يلون رار للد فى صورة رجل هذا رجل» وليس بملك ونحن نطلب ملكاء وعلى ذلك يكون الدليل على أنه ملك هو القرآن المعجز الذى يتحدى به كما يتحدى به النبى كَل فلا جدوى. ولقد قال تعالى : « قل لو كان في الأرض مَلائكةٌ يَمْشُونَ مَطْمَعنينَ لترَا عليهم مَن السماء ملَكَا رُسُولاً 9© © [الإسراء] . ونرى أن الرد الأول فيه بيان سنة الله تعالى فى هداية خلقه» وأن الشريعة لتى يريد الله تعالى لها البقاء لا تتقضى بالإفناء لمن تلقوها وينقضى الأمرء والرد الثانى يثبت أن طلبهم لا نتيجة له وأنهم ليسوا طلاب حق» بل متعنتون مستهزتون» لا يريدون الحق أو الدليل عليه؛ ولذا قال سبحانه: «ولقّد اسعهرئ بِرْسَل من قَبَلكَ فحَاقّبالّذِينَ محرو منْهم ما كَانُوا به يستهزءون» . فى هذا النص الكريم تسلية للنبى يَلِْةٌه فيما كان فيه من بلاء وابتلاء» لقد ابتلى من المشركين بالإنكار والمعاندة» وطلب آيات» ولا يقصدون إلا المهاترة» وقد سبق إنكارهم كل دليل يساق إليهم» ساق لهم القرآن دليلاء وتحداهم أن يأتوا بسورة منهء فطلبوا آيات أخرى» وجاءهم بدليل حسى يدل على أنه مبعوث من رب العالمين» وهو الإسراء والمعراج فاتخذوه سبيلا للإنكار» ولم يتخذوا منه حجة للإثبات» وابتلاه كلل باستهزائهم والسخرية منه» واتخاذهم القرآن مهجورا. فبين 1 تفسير سورة الأنعام سس سس سس ك9 أ سبحانه أن ذلك شأن الدعاة إلى الحق المجاهدين فى سبيله فهم ينالهم الاستهزاء وتواليهم أسباب الإيذاء» فلا ينتظر أن يجيب الأقوام بمجرد دعوتهم» بل ينالهم والمؤمنين أسباب الإيذاء المتوالى» والاستهزاء المستمرء وكذلك الشأن فى كل دعوة جديدة )» فليس محمد رسول الله يَككِةٌ بدعا من الرسل فيما يلقاه) فكلهم استهزئ بدعوته . وقد أكد سبحانه الاستهزاء بهم فى قوله: « ولَقد استهرئ برسل من قبلك 4 أكده سبحانه ب «قد) وب (اللام؟. وإن الله لا يترك الظالمين يعيشون فى الأرض فسادًا ويؤذون أهل الإيمان؛ ولذلك لا بد أن ينزل بهم عقاب هذه السخرية فى الدنيا والآخرة؛ ولذلك قال سبحانه : «ل فَحاق بالّذِينَ سَخروا منهم ما كانوا به يستهزءون 4 . (الفاء) هنا فاء السسبية » أى بسبب هذا الاستهزاء نزل ما نزل من عذاب بأمر الله وبأيدى المؤمنين» وقال الراغب الأصفهائى: إن (حاق) مأخوذة من (حَق) (التظنى) وهذا المعنى يشير إلى أن ما يحيق بهم من نتائج السخرية هو حق عليهم يؤخذون به. الشرء والمعنى أحاط بهم الأثر المؤلم لهم لسخريتهم. وهنا إشارتان بيانيتان: أولاهما- أن الله ذكر أنه يحيق بالذين سخروا ولم يقل بالساخرين للوشارة إلى أن ما يصابون به من العذاب إنما هو بسبب سخريتهم؛ لأن التعبير بالموصول يفيد أن الصلة هى علة الحكم» وللإشارة إلى أن العذاب نتيجة السخرية . ثانيتهما- أنه تعالى قال: #فَحَاق بِالّذِين سّخْرًوا منهم ما كانوا به يستهزءون4 . وإنما الى حاق هو العذاب لا ذات السخرية» ويقول العلماء: إن ذلك مجاز ها تفسير سورة الانعام 51441 لكالا تالكا لنللال ااانا تاناخ انلالخ الاتا طلا ل نااك خط طنط خا خ نالا طلخل طخالخانطط طالخلا لاط لاخلخ خخخ طخل اللخ خاخخطخطط ططخل ططخ التلتلل ١ علاقته السببية» فهو عبر بالسبب وأراد المسبب» وإن ذلك يفيد أن العذاب ملازم لهذه السخرية لا ينفصل عنهاء فحيث كانت كان عذابها لا محالة. والعذاب الذى ينزله الله تعالى بالساخرين قسمان: عذاب بهلاك أو بآفات سماوية» كما أرسل على فرعون وقومه المراد والقّمّل والضفادع والدم آيات مفصللات» والآخر بأن يمن على أولئك الذين يسخر منهم بالقوة والنصر والتأييد» على كل من المستهزئين الساخرين» كما كان الأمر بالنسبة للمشركين الذين كفروا «إقل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عَاقبَةٌ المكذبين» . أمر الله تعالى نبيه بأن يذكرهم بحال من سبقوهمء وأن يروا آثارهم حساء» ثم يتدبروا فيها فكراء ليعرفوا أين ذهب هؤلاء» فيستفيدوا من ذلك ثلاث فوائد: الفائدة الآأولى- أن يعرفوا أن هذه الحياة التى يعيشون فيها ليس لها دوامء بل إن لها انتهاءء وأنها لا تبقى فيها باقية. والفائدة الثانية- أن أولئك الأقوام قد مكن لهم فى الأرض بما لم يمكّن لهم وما منعهم ملكهم الواسع» وقوتهم الظاهرة من أن يؤخذوا كما يؤخذ أضعف الضعفاء» وأن النهاية واحدة لا فرق فيها. فالدنيا عرض زائل . الفائدة الثالثة- أن الله عذبهم بالإهلاك فى الدنيا بسبب طغيانهم ؛ لأن الله تعالى لم يرد أن يجعل منهم حماة لشريعة خالدة» فسيجدون فى سيرهم أرض ثمود» وأرض عاد وما فيهما من بنيان قوض عليهم؛ وأرض قوم لوط» وقد جعل الله تعالى عاليها سافلهاء فإذا كانوا يطلبون من النبى كَِْةٌ أن يستعجل لهم العذاب مستهزئين » فها هى ذى المثلات» والعبر» فليعتبرواء» وإلا فهم قوم بور لا يتعظون ولا يعتبرون. / تفسير سورة الأنعام الل 47 لب 7 وفى النص بحوث لفظية : أولها- أن الله أمر نبيه أن يخاطبهم هو؛ لأنهم يستهزئون به َل فكانت المجاوبة منه لهم؛ وطلب السير» من قبيل الطلب المندوب» أو اللازم» والنظر كذلك من قبيل الطلب» وامراد النظر بالرؤية والإبصار ثم بالتدبر والتفكير» فليس إيصارا مجردا» ولكنه إبصار وتفكير» ولو كان إبصارا مجردا لكان مقيدا بالغاية منه وهو التفكير والتدبر. ثانيها- الحكمة فى العطف ب «ثم» بدل (الفاء)» والمقام مقام (الفاء) كما فى قوله تعالى: «قُلْ سيروا في الأرض فَانظروا كيف كان عَاقِبَةٌ المجرمينَ 59) 4 [ العمل ] فإن السياق هنالك يجعل النظر مسببا عن السير» ومترتبا عليه» أما هنا فالسير مطلوب فى ذاتهء ويجىء النظر المطلوب أيضا كأنه غير مقصود من السير» وكأنه أمر بدهى هو نتيجة للسير» ولم يربط بالسببية بينهما فكان التعبير ب ”ثم' المفيدة للتراخى» وهذا تصريف الله تعالى فى آياته: 8 . .. كَذَلِكَ نصَرّف الآيات لقوم يشكرون 52 4 [الأعراف ] . الثها- معنى «كيف» هنا «حال»» أى انظر حال عاقبة المكذبين بعد موتهم أين البطش الذى كانوا يبطشونه والجبروت الذى كانوا يطغون بهء وأين المال والبنون وما كانوا يغترون به؟ وذكر الله تعالى عَاقِبَّةٌ الْمَكَذَبِينَ4 ولم يقل تعالت كلماته عاقبة المستهزئين؟ لأن التكذيب هو الأصل الذى ترتب عليه الاستهزاء وذكر السبب يتضمن ذكر المسبب. قل لَمَن ما في السَّمُوَات والأرضٍ قل للّهِ 4 أمر الله تعالى نبيه أن ينبههم إلى خلق السموات والأرض ومن فيهنء والمجاوبة بينهم وبين النبى كَكة فيمن خلقهمء ومن يملك من فيهن ومن له السلطان» وقد نقلهم من أمر حسى يستطيعون أن يروه» ويعتبروا به إلى أمر فكرى هو ثمرة للتفكير فى الإنسانية تفسيرسورة الأنعام أل الالالال ااال ال تان ا لالتلا الالالال ل خخ الالالال النخممممممممااا اللا اللاتان لل لالط طاطم ااا للاخ خخلنال لاسن للا 4 /لجمبززه؟ بي السموات والاأرض ومن فيهن من أقوياء وضعفاء» ومن إنس وجن »2 ومن ملائكة أطهار لا يعصون الله تعالى ويفعلون ما يؤمرون» ومن أخيار فى الأرض وأشرارء فالجميع فى قبضة يده سبحانه وتعالى» ولا أحل فوق سلطانهء والمعنى الثانى- تبكيتهم » وبيان أنهم ومن هم أقوى منهم فى قبضة يده سبحانه. السؤال ثم الإجابة؛ ولذلك كانت الإجابة بأمر الله تعالى نبيه أن يقول: #قل للدي فكانت هذه الإجابة تقريرا للحقيقة الثابتة التى يدركها العقل السليم» وهى مما يوجبه الإيمان» وتقرره الفطرة وبداهة العقول. ( كبا عقن تنه الرخمة ليَْتكم إل يم اقامة لا رنب فيد من أحد ألزمه الرحمة بعياده.» فهو الذى يمدهم بنعمه محسنهم ومسيئهمء وخيرهم وشريرهم» وهو الذى يكلؤهم بالليل والنهار» ولقد روى الشيخان عن أبى هريرة أن النبى كلد قال: «لما قضى الله تعالى الخلق كتب كتابا فوضعه عنده فوق العرش إن رحمتى سبقت غضبى21(2 ولهذه الرحمة لم يسارع بإنزال الهلاك على العصاة من بعث إليهم محمد وله عسى أن يخرج من ذرية المشركين من ومن مظاهر رحمته أن يعاقب المسىء» ويثيب المحسن» فإن ذلك هو العدل - رواه بهذا اللفظ أحمد: مسند المكثرين - مسند أبى هريرة (1/51/5)» ورواه البخارى: التوحيد‎ )١( وكان عرشه على الماء (؟57١) بلفظ مقارب من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.‎ لل تفسير سورة الأنعام ملل 44 لحرت ل لا يعملون» وهل تستوى الظلمات والنور» وهل يستوى الأخيار والأشرار. إن عقاب العاصى رحمة بالعموم» وإن لم يكن رحمة بذات العاصى فهو لا يستحق الرحمة؛ ولذا قال النبى يكِ: «من لا يَرحَمِ لا يرْحم)(1) ولقد ذكر سبحانه أن من مقتضى رحمته أن يجمع الناس يوم القيامة ليوم لا ريب فيهءٍ يجازى فيه المحسن بإحسان» ويعاقب فيه المسىء؛ فقال تعالت كلماته: «ليجمعئكم إِلَىْ يوم القيامة لا ريب فيه # فهذه الجملة استكثنافية لبيان نوع من العدل» وهو أن يثاب المحسن» ويعاقب المسىء» ويحاسب كل على ما قدم من عمل فى هذه الدنياء إذ هو رحمة بالخلق» وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن القصاص فيه رحمة كبيرة» فقال تعالت كلماته: ظوَلَكُمْ في القصّاص حَياةَ ... 4099 [البقرة] والقصاص بكل ضروبه فيه حياة ورحمة. وهنا بعض إشارات بيانية: الأولى- أن الله أكد جمع الناس يوم القيامة» وذلك ب «اللام» الدالة على قسم مطوى فى القول» وبئون التوكيد الثقيلة . والثانية- تعدية الجمع ب «إلى» دون «فى»؛ للإشارة إلى أن الجمع نهايته تكون يوم القيامة» فهم يحشرون فى القبور»ء والجمع مستمر فى ذلك. الثالثة- إثبات أن ذلك اليوم لا شك فيه عند أهل الدراية والمعرفة ومن يشك فيه فهو ليس ذا إدراك سليم» وإذا كان بعض الناس يشك فيه فليس ذلك إلا من سقم الإدراك» وفساد الفطرة» وينبغى ألا يشك فيه مدرك» فالبديهة تقول إن الله تعالى لم يخلق الكون عبثاء ولم يخلق الإنسان عبثاء بل خلقه ليفنى ثم ليبقى من بعد ذلك» ومن خلق فى الابتداء قادر على الإعادة فى الانتهاء» وبين سبحانه بعد ذلك الحال الواقعة للذين يكفرون بالله وبالرسالة وباليوم الآخرءوأن شرهم متكائف يردف بعضه بعضا. 200 متفق عليه رواه البخارى فى كتاب: «الآدب»: رحمة الولد وتقبيله (م*#همه). ومسلم فى كتاب «الفضائل» رحمته يَكلةِ بالصبيان والعيال (57585). ا تفسير سورة الأنعام 0 ل 30700000000 1 1 13ذ312 121212131 1 1 1 1 1 1 1 1 آ 1[ 1 60010121111ة5ؤ*222 سر از «الّذين خسروا أنفسهم فَهُم لا يؤمنون» . عبر عن الكفار بالرسالة المحمدية» والوحدانية واليوم الآخر بالذين خسروا أنفسهم ‏ وجعل الكفر نتيجة للخسران» فالخسران يبتدئ» والكفر نهايته» أو هما متلازمان» فالخسران سابق ولاحق لأنه يترتب على الكفر حسران متضافر . والخسران الذى يسبق الكفرء وهو خسران الفطرة» فلا يكفر بالدليل القاطع إلا من يخسر فطرته وخسران الإدراك السليم؛ لأنه لا يكفر بوجود الله إلا من ينسى أن كل أثر له مؤثر» وكل موجود له موجد» وخسروا عقولهم إذ سيطرت الأوهام عليهم؛ فأشركوا مع الله أحجارا تحطم. وأوثانا تصنع» ونهوما تأفل» وخسروا نفوسهم فصارت معوجة. وخسروا قلوبهم فصارت مظلمة» وإذا كانت كل مداركهم قد سدت فهم لا يؤمنون؛ لأن الإيمان يحتاج إلى قلب مخلص» وعقل مدركء. وإذعان للحق إذا بدت معالمه» وظهرت أماراته, وإنهم بعد الكفر يزيدون خسراناء إذ كل إنكار للحق حسران فى ذاته؛ لأنه نزول عن مرتبة الإنسانية السامية. وقد قال تعالى: «قَهم لا يؤمنون» وعبر بالمضارع للإشارة إلى أنهم لا يكون الإيمان شأنا من شئونهم» ذلك لأن من امتلاأآت نفسه بالأوهام وصارت عشا لهاء وضلت عقولهم لا يمكن أن تذعن لشىء. بل هى دائما مضطربة حائرة تنتقل من خلال إلى ضلال؛ اومن متاهة إلى مثلهاء امن يشل ف يداء كلما أل ساس واس 2 [آل عمران ]. امال 0 للهلا 5 2 1 ره مَأ . َّ آذه 1 لهم مَاسَكنَف لسع اليم 1 لز أثر أَبّدْر و لناقاط العم وهو 7 قل عر 7 عد اط لسوت وَالْارَضِ وهو يوم _- عراظة و عاءةه أ 57 و لاط 7 قلإِدٍ مامت أن أكون أوَّل من أسام أ اه سر بر ته 4 3 ِ نك السشروى يله 5 ليما 4 ره يس ساسء ايرس سا + سرح هر سح م 0 رق عذَاب يَوْوعَظِيم 000 عرزي من يصرف فعنه يومي هقد ادنلا سعد وَيكالترزالية لوو إنَيمَسَسَك لله يضر ره سم 21 0 كاف لَمَلَاهْو نينسل ك1 ور جم - خ )2 و + ل سمس ِبر : رق ناي وهوالقاهرفوةعبادِه وهوا لك 4 أله بض وم بين سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة سلطانه فى خلق السموات والأرض» وجعل الظلمات والنور» وإحاطة علمه سبحانه ومعرفته للسر والجهر» وتلقى المشركين لبيان تلك الحقائق مع الإعجاز الدال على صدق الأخبار النبوية بالتكذيب والاستهزاءء والإعراض عن البينات من الآيات» وطلبهم آيات أخرى» وبين سبحانه أنه ما دام الإعراض» وما دام الجحود مستوليا على نفوسهم» فلن تجدى معهم آية؛ لأن ما سيق إليهم كاف» ولآنهم يكذبون حسهم ما دام إنكارهم سابقا لتلقيهم؛ وقد ضرب لهم سبحانه الأمثال بما وقع للسابقين» ونبههم سبحانه إلى ملكيته لكل ما فى السموات والأرضء وفى الآيات التى نتكلم فى معناها بيان لسلطانه وعلمه الكامل بكل ما فيهاء وما ينبغى أن يكون أثرا لعلمه سبحانه وتعالى بذلك» فقال تعالى: وله ما سكن في اليل والتهارٍ وهو السّميع العليم» . تفسيرسورة الأنعام 4 !!!لاا اللا لالظ ال لاا للالاالنااك اتلك خخ خلال اللا تل لاطا نممممممممخمخمملمااط ال ضط خخ خسولا ممم امام ممم مم1 خاللاة ْااتتظللا لسر أ وجماد وبحار وجبال ووهاد ومعادن ولآلئ» والتعبير ب «ما» فى قوله: #وله ما سكن 4 للدلالة على العموم. وقد يراد السكون الذى هو ضد الحركة» لأنه لا سكون إلا معه حركة» إذ إن السكون معنى تسبى لا ب: يتحقق إلا إذا كان معه حركة» وإذا كان الله تعالى» يعلم السكون لكل ما فى السموات والأرض فهو سبحانه يعلم الحركة والسكون» وأنه لا مانع من أن يراد المعنيان معاء إذ يعلم سبحانه كل ما استقر فى السموات والأرض» ويعلم حركاتهما وسكناتهما. ويعلم ذلك فى الليل والنهارء ويلك كل ذلك» فالنص الكريم يدل على ملكية الله تعالى لكل ما فى السموات والأرض عامة» بلا استثناء ويعلم ما فى كل الأماكن. وفى عموم الأزمان» بلا استثناء ليل ولا نهار. وهو مع هله الملكية الكاملة يديرها بعلم كامل» ويهيمسن عليها بقدرة قاهرة» وإرادة مسيطرة» وعلم دقيق لذلك قال سبحانه: لوَهُوَ السّميع العليم» أى أنه سبحانه وتعالى يسمع دبيب النمل من غير أذن؛ ويعلم كل ما كان أو سيكون من غير مشابهة فى سمعه وعلمه للمخلوقات « . .. ليس كمثله شيء وهو السّميع الببصير 02 [الشورى]ء لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء. وفى هذا النص الكريم إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى يملك الناس وما حولهم لا يخرجون عن قدرته» وهو المهيمن عليهم» إن شاء خسف بمن يخالفه وأهلكهم. ولم يجعل من الكافرين ديارا» وأنه عليم بما يكون من الطائعين» فيجزيهم ويهديهم» وما يكون من العصاة» فيعاقبهم ويرديهم» وفيه إنذار للمشركين . قل أَغير الله نخد ولا قاطر السّموَات والأرض وهو يُطْعم ولا يطعم . > تفسير سورة الأنعام الل 2 > اا إذا كان الله سبحانه وتعالى وهو الذى يملك كل من فى السموات والأرض من إنس وجن وملائكة وغير ذلك» وهو المسيطر عليها ليلا ونهاراء وهو الذى فطر السموات والأرض» وأنشأهما على غير مثالء فإن الله سبحانه هو الحق والنصيرء وهو المعبودء وإن أولئك المشركين يريدونك أن تعدل عن اتخاذ الله تعالى وليا ونصيراء ومعاضداء ومؤيداء وأن تتخذ أحجارا لا تسمع ولا تبصر» ولا تضر ولا تنفع» ولذلك أمر الله تعالى نبيه أن يخاطبهم مستنكرا ما هم فيه من اتخاذهم غير الله أولياء» وجاعلا الاستنكار منه يَدَيِْةّه والاستنكار بالنسبة لرسول الله َك استنكارً للوقوع فهو بعنى النفى عنه كلاق أى لا يمكن أن يقع منه يده وبالنسبة لهم استتككار لما يقع منهم فهو توبيخ» والاستتكار لأعمالهم واقع ضمناء فى استككار النبى كَكِْةٌ على نفسه أن يقع منه ذلك» والنبى كلد ينفى وقوعه منه» ويوبخ من عملوا ذلك . والمعنى قل يا محمد لهؤلاء الذين أشركوا بالله غيره فى العبادة وادعوا أن الأوثان تقربهم إلى الله تعالى زلفى - أنا لا أتخذ غير الله ولياء وقدم فى الاستفهام كلمة لأَغْيْرَ الله لأن ذلك موضع الشناعة عليهم فى الاستنكار؛ إذ إنه موضع الغرابة أن يكون غير الله متخذا ولياء فكان ذات الاتخاذ غريبا فى ذاته» والإشراك فى ذاته ترك لعبادة الله وعدم اتخاذه وحله وليا ونصيرا؛ لأن الولاية الحق هى لله وحدهء فاتخاذ أى ولى معه ترك لولاية الله تعالى» والولى يطلق بمعنى النصيرء وبمعنى المعبودهء وبمعنى الصديق الحميم» وهو هنا بمعنى النصير المعبود» فلا يستنصر إلا الله» ولا يُعبد سواه» وقد ذكر سبحانه على لسان نبيه الكريم عملين له سبحانه يوجبان أن ينفرد وحلده بالعبادة: أحدهما- ما ذكر سبحانه وتعالى: #فاطر السّموات والأرض 4 أى منشئهما على غير مثال سبق» ابتداء حيث لم تكونا من قبل» وقد قال مجاهد التابعى تلميذ ابن عباس: (سمعت ابن عباس رضى الله عنهما يقول: كنت لا أدرى ما 9 تفسيرسورة الأنعام للك الالالال لحر اا فاطر السموات والأرض» حتى أتانى أعرابيان يختصمان إلى فى بئرء فقال أحدهما لصاحبه: أنا فطرتهاء يقول: أنا ابتدأتها -أى ابتداً- بشقها) . ونقول: إنه ليس بمعقول أن يكون ابن عباس جاهلا بالمعنى المفهوم من السياق» ولكن لعله كان لا يعلم أصلها فى اللغة» وكيف كانوا يستعملونها؛ حتى التقى بالأعرابيين» فوضح لديه أصل الاستعمال. وفطر السموات والأرض يوجب أن تكون الولاية لله وحده؛ لأنه الخالق لهذا الوجود والذين يشركونهن معه. لا يملكن لأنفسهن ضرا ولا نفعاء فكيف نتصور ولاية لهن بجوار ولاية الله الخالق المنشىء. الأمر الثانى- أن الله لا يحتاج» وغيره يحتاج» فهو يُطْعم كل من فى هذا الوجودء ويمده بأسباب الحياة والنماء ولا يطعمه أحدء وهذا على قراءة ولا يطعم» بالبناء للمجهول» وهناك قراءة بالبناء للمعلوم» والمعنى فيها أنه يطعم من يشاء بالرزق الموفورء ولا يطعم من يشاء بالتقتير عليه فى الرزق . قل إِنّي أمرت أن أكون أول من أَسلّم ولا تَكُوننَ من الْمُشْرِكين 4 . كما أمر الله تعالى نبيه بأن يستنكر أن يتخذ غير الله ولياء وهو الذى أبدع ذلك الوجودء وكل ما فيه يحتاج إليه؛ وهو لا يحتاج إلى أحدء وكنى عن هذا الاحتياج بإطعام لغيه إذ أشد الحاجة تكون إلى الطعام» بعد هذا أمر الله تعالى نبيه بأن يقول إنه أمر أن يكون أول من أسلم» وفى ذلك بيان أن الإسلام مطلوب من الجميع وأن النبى يك أول من يؤمر بالإذعان لله تعالى والمخضوع لهء وفى بيان أمر النبى كَل بذلك مع أنه بالبداهة أول من خوطب بالإسلام» وأمر بما اشتمل عليه كان أمر النبى كيه بذلك؛ ؛ ليكون أسوة حسنة لهم » كما قال سبحانه: «إ لد كان لَكم في رَسُول الله أموة حَسنَةٌ . .. #69 [الأحزاب]. ولأن الاقتداء دعوة حسية» ولأن فى الإنسان نزوعا إلى التقليدء واتباع المهتدين» والتعبير بقوله تعالى : «أن أكون أول من أسلم» تعبير بالحال الواقعة من النبى كَكِْةٌه بأن يكون فى اا تفسير سورة الأنعام لل هم . > زا حال أول من ينشئ الإسلام ويذعن لله سبحانه وتعالى» وكأنه يقول لهم: أنا منكم» وأمرت أن أكون أول من يخترق الحجزات لأذعن لله الواحد الأحد الفرد الصمدء ثم قال تعالى : #ولا تَكُوننَ من الْمشركين» أى أنه كما أمر أن يكون أول المذعنين لأوامر الله تعالى المخلصين له» نهى أن يكون من المشركين» بأن يكون فى صفوف المشركين الذين يجعلون مع الله تعالى غيره معبوداء وأن أخرج من صفوف المشركين وإن كانوا قومى وعشيرتى» وفيهم الأقربون» وهنا نشير ثلاثة أمور نقرب بها معنى النص الكريم : أولها- كيف تعطف الجملة الإنشائية على الجملة الخبرية» إذ إن الأولى أمرت» والثانية- ولا تكونن من المشركين؟ وقد أجاب عن ذلك العلماء بإجابات مختلفة» والذى نراه أن الجملة الأولى ظاهرها إخبارية» ولكن لتضمنها معنى الأمر كانت فى معنى الجملة الطلبية الإنشائية» فإن نسق الكلام هكذا (كن أول من أسلم ولا تكونن من المشركين) . الثانى- لماذا كان النهى عن الشرك بعد الأمر بأن يكون أول مذعن لمطالب الإيمان بالواحدانية» والجواب عن ذلك أن النهى هو عن أن يكون من المشركين بأن يتبرأ منهم» ومن إشراكهم» ويخرج من صفوفهم» ولو كانوا قومه وعشيرته القربى» وإذا خرج من صفوف أهل الكفر كان فى حزب الله» وحزب الله تعالى هم المفلحون. الثالث- اذا كان الالتفات من الإخخبار الظاهر فى قوله تعالى: «أمرت أن أكون أل من أَسلم» إلى الخطاب فى قوله تعالى: «إولا تَكُوننَ من المشركين»؟ والجواب عن ذلك أن الخطاب فيه توكيد معنى النهى عن الشرك» وكلتا الجملتين للخطاب كما خرجنا فى اللأأمر الأول» والله تعالى هو وحده الذى يملك الأمر والنهى . 6 #/ تفسيرسورة الأنعام لللااالالا نع مممللك11ممخخ الالال للللللللللاالاالال ااام امام ططخ طلخ خخ ممما لمخم ممم لالظ ططخ ططخ طو ممم اكا! للْططلل لسرب نر مل إني أحاف إن عصيْت وبي عاب يوم عطيو) . هذا أمر ثالث من الله سبحانه وتعالى لنبيه الآمين يَلكِِْ أن يبين حالا من أحواله وَكوّء يكون فيها تنبيه لهم. وتمذير من أن يبقوا على الشرك؛ ويستمروا على عصيان الله تعالى» فيأمره تعالى بأن يقول لهم: «إنّي أَخَاف إن عَصيّت» فذكر هذه الحال من النبى وَل تنبيه لهم إلى أنهم فى مقام من يخاف عذاب يوم ففى هذا النص إنذار لهم بأن عذاب يوم عظيم ينتظرهم» وأنه يجب أن يخافوه» ويتقوه. بأن يقلعوا عما هم فيه من الوقوع فى أسبابيه» وهو العصيان» وأكبر العصيان الشرك» وأنذروا بأدق تعبير ) وأنصف تصوير » وأبلغ بيان إذ جعلت حال النبى يلد من الخوف من عذاب الله إن عصى منبهة إلى الاقتداء» والتفتيش وفى الموضع كلام فى عصيان الأنبياء أيتصور وقوعه؟ ونقول إن الأنبياء معصومون عن العصيان» ولكن النوف من العصيان يعتريهم؛ لأنهم لفرط إحساسهم بعظمة الله وإيمانهم بحسابه وعقابه وثوابه» ورقابتهم النفسية لله يكونون دائما فى خحوف ووجلء لا لتوقع العصيان» ولكن رهبة من الديان. ولأن العصيان الجلى غير متوقع عبر ب (إن) التى لا تدل على الوقوع. فقال «إإن عصيت ربي» وهنا فوق التعبير ب (إن) التعبير ب (ربى) فإنه يستبعد عصيان الرب الخالق المنمى الكالىّ» الذى هو فوق كل شىء. سب حانه وتعالى» وحسابه وعقابه» والتذكير للتعظيم » فهو ذو عظمة متكررة » ولعظمة ذلك اليوم وعذابه قال تعالى: 9ه تفسير سورة الأنعام ل 2 وح أ ومن يُضرّف عله يومد ققد حم ولك الفوز المين4 . الضمير الذى يعتبر نائب فاعل يعود على عذاب يوم القيامة العظيم؛ وهناك قراءة بالبناء للفاعل20» ويكون المفعول محذوفاء والضمير يعود إلى ربى أو إلى الله المذكور تعالى فى قوله: ظأَغيْرَ الله نح وَليَا4. إلى آخره» ويكون المعنى على هذه القراءة من يصرف الله تعالى عنه هذا العذاب الغظيم فى ذلك اليوم فقد رحمهء وعلى أى حال فالغضمير فى قوله تعالى: ظفَقَدْ رَحمّه» يعود على الله ولهذا اختار ابن جرير الطبرى قراءة البناء للفاعل» إذ يكون الصارف الدافع للعذاب هو الرحيم» فالنسق يكون واضحا. وهيَوْمَئذِ» من إضّافة الوقت إلى الوقت أى ذلك فى يوم ذلك الوقت وهو يوم القيامة» وكان ذلك رحمة من الله لأن العذاب يكون عظيماء وذهاب العذاب ودفعه رحمة» ومع ذلك فهناك الجنات التى تجرى من تحتها الأنهار» والنعيم لمقيم» فالرحمة إيجابية وسلبية» فالسلبية دفع العذاب» والإيجابية الهداية؛ فإنها فى ذاتها رحمة؛ ثم ما يعقبها من جزاء. ثم ما هو فوق ذلك وهو رضوان الله تعالى . وذلك كله من الرحمة المتنوعة ا متعددة وهو الفوز المبين الواضح الذى لا يمارى فيه إلا جهول. «وإن يَسْسَسْك الله ضر قلا كاشف لَه إلا هو) . المس يطلق على ما ينزل بالإنسان من ضرء مثل قوله تعالى: 9 ... قَالُوا أن َمَسنا النَارْإلاً اما معْدُودَات ... 42 [آل عمران]. وقوله تعالى: « ... مُستهم البَأَمَاءِ والضّراء ... 459 [البقرة] ومثل قوله تعالى: وَإِذًا مْسّ الإنسان )١(‏ #من يصرف »* بفتح الياء» وكسر الراء: قراءة عاصم - غير حفص- وحمزة» والكسائى» وخلف» ويعقوب . [غاية الاختصار ج25 برقم 87 . 6 ا تفسيرسورة الأنعام ل ل 7#“717100*#*# 22011111 4 )جيه يي الضر ... 469 [يونس] والضر هو الأمر المؤلم الذى ينزل بالمرء من ضيق فى الرزق» أو مرض فى الجسمء أو هزيمة فى حرب أو نحو ذلك» فإذا مسّك أيها النبى كله ضر من هذا النوع الذى تتأثر به فى دعوتك» فلا يكشف عنك هذا الضر -لتستسمر فى تبليغ رسالته- إلا الله تعالى» بعد أن تتخذ الأسباب» وظاهر هذا الكلام أن الخطاب يكون للنبى كَلكِدٌ ويكون لتقويته فى تبليغ دعوته» وتأكيد ولايته» واستعانته به سبحانه وتعالى وحده. ويصح أن يكون الخطاب لكل مؤمن قارئ للقرآن» أو لكل من هو أهل للخطاب» وفيه ببان أن الناس جميعا فى سلطان الله» فما يصيبهم من نفع فبتقديره» وما يصيبهم من ضر فبتقديره وإرادته» وهو الكاشف لهذا الضر إن أراد ذلك كله مع الأخذ بالأسباب؛ لأن الأسباب لا تعمل وحدهاء إنما لا بد معها من إرادة الله تعالى والتوكل عليه؛ ولذلك كان الله تعالى يأمر بالتوكل عليه بعد الأخذ بالأأسباب؛ لأنها وحدها لا تعمل إلا مع التفويض» كما أن النوم والتواكل لا يجديان» والتوكل فى هذه الحال تواكل وليس اعتمادا على الله سبحائه وتعالى» وقوله تعالى: إوإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير» فيه المقابلة بين الخير والضرء وأن الأول يكشفه الله والثانى بقدرة الله تعالى» والتعبير بالمس فى الأمرين من قبيل التشاكل اللفظى» والكل تحت سلطان الله تعالى وقدرته. والخطاب للنبى يليه أو لكل من هو أهل للخطاب الذى يتلو القرآن الكريم» أو يستطيع تلاوته؛ وكشف الضر: إزالته» ومس الخير: نفعه» ولماذا عبر عن الضر بأن الله كاشفهء وعن مس النفع بقدرة الله تعالى؟ ونقول فى الإجابة:إن من نزل به ضر يكون إحساسه بزواله, فعبر عن زواله بكشف الله تعالى» وأما النفع فإنه يكون صاحبه فى حال تستوجب الحمد والثناء وطلب البقاء فيناسبه إثبات قدرة الله تعالى. 1 تفسير سورة الأنعام الل 2 > ا وإن كشف الضر والنفع كله بقدرة الله تعالى» ولقد قال البى ككاو: « مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت)(1) وقال الله تعالى: وا يتش ل لاس من رَحمَة فلا مُمْسك لها وم يمْسك فلا مرسل لَه من بعدده ... (5) # [فاطر]. َم القاهر وق عياده وَهْوَالحكيم اير . معانى هذه الآية الكريمة جامعة لكل سلطان الله على عباده فى السماء واللأرض» فهو الغالب على كل شىء لا إرادة لآحد مع إرادته» وإرادته» فوق كل إرادة» فهو المسينطر سيطرة كاملة على عباده» والفوقية المذكورة فى النص الكريم هى فوقية سلطان لا فوقية مكان» تعالى الله عن ذلك علوا كبيراء فلا جبار له إرادة عند سلطانه سبحانه» ولقد قال ابن كثير فى معنى النص جملة رائعة» فقد قال: (يقول تعالى: إنه مالك الضر والنفع» وإنه المتصرف فى خلقه بما يشاء لا معقب لحكمههء ولا راد لقضائه وهو القاهر فوق عباده» أى هو الذى خضعت له الرقاب» وذلت له الجبابرة» وعنت له الوجوهء وقهر كل شىء ودانت له الخلائق) . وإنه بهذا السلطان القاهر يدبر كل شىء بحكمته» وعلمه الدقيق المحيط» الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماءء فبحكمته الظاهرة وبعلمه المحيط وقدرته القاهرة يسير الكون وما فيه ومن فيه إنه على ما يشاء قدير. جد سد و ل ةفل عو« وله دده ص 5 7 00 هلأ سَيَءٍ أ كبرس هلد قل أله هيد بيني ويد 1 ىهنا مر 2 -١‏ سل كه رع اح ره 1 - 000 لف داكيو مَْبلهَ أَبِكَّكُم لَتَشَجَدُونَ أت مَعَألَّه ع ل دوع عبرم ور اسه س0 وورسم هركا فلل آَسْبَدُ َلَإِنَّماهوإِله واحد و إن بَرِىءُعَا ١ )١(‏ جزء من حديث متفق عليه؛ رواه البخارى: القدر - لا مائع لما أعطى الله (57516)» ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (0917) . 2 , بها تفسير سورة الانعام ا #7#”#1000*#### ا #د21201101#1# ١10‏ لي ل لا جطرو سس سوسا ود 0ت لع سه سه سر جه ع تشركون ؤي أ لذينء أت 2 يُدنهما لكتب د ميرو سم 007 أ -ه وله 7 14 2 أبناء هم لذبن حَيِرْوَأ أفسي 2 ايوم و ومن أظله ده ص«دد اح لدم همه هدس 2 2 32206 21 مِمَنِأفترَى عل أَطهِكَذبًا أوَكد ب ياتنه لاي 2 حم بر ره دعو 2س 4دمه 11 علا ولوم نمحشرهم 2س ثم نقول للذِين | شردوا ابن شك لذن مون ل 50 ؟ تمَلرَكك لان وله | له عمل دلرو م 02 - رَيَامَاها مش رِكينَ يا رك فَكدَبأعلَأَنشسيء وَضَلَّ ا عَنْهممَاكا و أيفيرونَ (9 فى الآيات السابقة بين الله تعالى أنه خالق السموات والأرض» وفاطرها على غير مثال سابق» وكيف خالف المشركون الفطرة الإنسانية» والعقل المستقيم » وأشركوا بأحجار فى عبادة الله لا تنفع ولا تضرء وبين سلطانه تعالى» ثم ذكرهم سبحانه بنوازل تنزل بهم» فهو الذى يكشف الضر إن نزل» وهو الذى يسوق الخير بفضل قدرته ومنته. وفى هذه الآيات يذكرهم سبحانه بإشراكهم مع قيام المعجزة القاطعة بأنه سبحانه وتعالى هو الله وحده. فالآيات السابقة كانت فى الآيات الكونية المثبتة للوحدانية» والآيات اللاحقة تشبت الوحدانية بالدلائل السمعية اللمثبتة للوحدانية والتى ثبت صدقها بالمعجزة القاطعة» وهى القرآن الكريم؛ ولذا قال تعالى : طقل أي شيء أَكبَر َهَادة قل اللَّهُ شهيد ب بيني وبينكم 4 . فرض النص الكريم أن خصومة بين محمد يِه وهو الداعى إلى الوحدانية» والمشركين الذين يرتعون فى الوثنية» وأن هذه الخصومة تحتاج إلى شاهد يشهدء وأنه لابد من شاهد يفصل» وحاكم يحكم ويقضىء فأمر الله تعالى - تفسير سورة الأنعام اال ا 0 لأسب ا نبيه فى بيان رائع حكيم» أن يسأل المشركين عن أى شىء فى هذا الوجود أكبر وأعظم وأقوى وأزكى شهادة بحيث تقبل شهادته ولا ترد» وكان الكلام فى صيغة الاستفهام تنبيها إلى جلال الشاهد» وتنبيها إلى سلامة دعوى محمد يلي ليدركوا حقه وضلالهم» ثم نبههم إلى الإجابة السليمة للسؤال التنبيهى التى لا تقبل مراء ولا جدلاء وهو أن أكبر شهادة هى شهادة الله سبحانه وتعالى» الذى خلق الكون وهو الذى يحوط كل ما فيه بالحياطة الكاملة» والتهذيب والتربية» فقال تعالت كلماته: «إكُل اللّهُ شهيد 4 فى هذه الخصومة التى فرضتموهاء هى خصومة الباطل اللجلج مع الحق الأبلج» وقد تكلم المخشرى فى بيان لفظى بلاغى» فذكر أن فى النص الكريم توجيهين: أحدهما- أن الإجابة تتشهى عند قوله: #االلّه» وأن ما بعد ذلك تقرير للشهادة» ف «شهيد» يكون جملة جديدة؛ لأنه خبر لمبتدأ محذوف» ويكون المعنى على هذا التخريج قل الله ذو الجلال والإكرام» والعزة وصاحب الإنعام فى هذا الوجودء وهو كاف» وهو أكبر شهادة» ولا شهادة بعد شهادته» وهو يشهد بالحق وبالوحدانية» يشهد بما جاء فى القرآن بعد أن شهد بما خلق وأنشأء ثم بين أنه هو شهيد فى هذه الخصومة. والتخريج الثانى- أن الإجابة تكون فى نهايتها عند «#شهيد». فالمعنى قل إن الله تعالى شهيدء ف #شهيد» تكون خبرا للفظ الجلالة ابتداء» وكلاهما توجيه ليوّكد معنى الشهادة فى النص القرانى . ولماذا كانت شهادة الله تعالى أكبر شهادة؟ لأنها التى تتفق مع العقل» ولأنه المنشئ» ولأنه الباقى وكل شىء هالك إلا وجهه. وما الدليل على شهادة الله تعالى؟ نقول: هى بيناته» وهى التى ينطق به بها القرآن الذى قام الدليل على أنه من عند الله تعالى العزيز الحكيم؛ ولذلك جاء ذكر القرآن الناطق بالحق» فقال تعالى: ا تفسير سورة الأنعام 4 الل #1#10100 1# #[# # # [ !1 1 1[ 51( 0 1 في وأوحي مي إِلِي هذا القرآن لأنذركم به ومن بَلََ 4 . هذا النص فيه المعجزة التى تدل على صدق الرسول يله وهو يشتمل على شهادة الله القولية بأنه واحد أحد ليبس بوالد ولا ولد وأنه القادر على كل شىء وأنه القاهمر فوق عباده» وهو أمر حسى يتلى عليهم ليلا نهاراء ويقرأ عليهم جهاراء وكان معجزا ببلاغته» وما فيه من علمء وما فيه من قصص صادق.» وما وعلاقات الإنسانية بعضها ببعضء ولقد قال لِك فى إثبات أنه المعجزة التى تحدى بها الناس أن يأتوا بمثلها فعجزوا عجزا مبينا: «ما من نبى إلا أوتى ما مثله آمن عليه البشر» وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحى به إلى» وإنى لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة»(©2. ولماذا كانت معجزة ة النبى يليه قرآنا يتلى » وتولى سبحانه حفظه من التحريف والتبديل إلى يوم القيامة كما قال تعالى: ف إِنًا نحن نَرَلَْا الذكر ونا له لَحَافْظون (4)5 [الحجر]. والجواب عن ذلك أن معجزات الأنبياء السابقين كانت تقع ولا يعلم بها على اليقين إلا الذين عاينوها وشاهدوهاء والذين من بعدهم لا يعلمونها إلا بالخبر الذى لا شك فيه. أما شريعة محمد يَليُةٌ فإنها باقية خالدة إلى يوم الدين فلا بد أن تكون معجزاتها قائمة حاملة معنى الإعجاز والتحدى ما دامت الشريعة قائمة خالدة» فلا بد أن يكون القرآن الكريم حجتها خالدا بخلودها. والنص القرآنى الذى نتكلم فيه اشتمل على أمور ثلاثة أولها- بيان أنه المعجزة المثبتة لصدق النبى كَلككلْةّ وقد ذكر ذلك بالإشارة» إذ قال: #وأوحى حي إِلَي هذا القرآن4 وقد ثبت بالتحدى عجزهم عن أن يأتوا بمثله. )١(‏ متفق عليهء وقد سبق تخريجه من رواية البخارى ومسلم» عن أبى هريرة رضى الله عنه. - تفسير سورة الأنعام 1 سب ا ثانيها- أنه مشتمل على الإنذار للمشركين والمخالفين والعصاة إن استمروا على غيهم» ولم يستجيبوا لنداء ربهم» ودعوة : بيهم نبيهم إلى الوحدانية والفضيلة» كوه سم ل ل بلغ القرآن فهو مخاطب به» سواء أكان من العرب أم كان من العجمء وكأنه خاطبه النبى يله ولقد روى أنه كَكِْدٌ قال: «بلغوا عن الله تعالى» فمن بلغته آية من كتاب الله تعالى فقد بلغه أمر الله)(ى وروى عن جمع من التابعين أنهم كانوا يقولون: (من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد كَكلةِ) . وإن هذا النص يستفاد منه أمران: أولهما- أن من لم يبلغه القرآن ولا يعلم عنه شيئاء فإنه لا يعتبر قد بلغته الدعوة الإسلامية» وإثمه على الذين تقاصروا عن تبليغها وبيانها . ثانيهما- أنه لا معذرة لمن يعرف القرآن» فى الكفر بالحقائق الإسلامية. ولكن كيف التبليغ بالقرآن» والعجمة سائدة فى هذا الوجود سواء أكانت إنجليزية أو فرنسية أو غيرهما؟ والجواب عن ذلك أنه يجب فى سبيل الدعوة إلى الإسلام؛ التى هى فرض كفاية على المسلمين؛ يأثم المسلمون جميعا إن لم يكن دعاة إلى الإسلام- عليهم أن تفسر طائفة مخلصة مؤمنة فاهمة القرآن تفسيرا موجزا تبين معانيه» نكر شود لذن للارهة أخرى قل لذ أشهد» . )١(‏ رواه ابن جرير عن قتادة مرفوعا . وهو مرسل . [جامع ليان ج/اء ص" ٠‏ ٠]ء‏ وأخرج البخارى (787) عن عبد الله بن عمروٍ أن ١‏ ابي وك قال: بلغا عنى ولو آي وحلنُوا عن بنى ا ا ين إسرائيل ولا حرج» ومن كذب على متَعَمداً فليتبواً مقعده من النار» . , لال 213313375750000 لح لا شهادة الله التى فصل بها فى القضية؛» ونطق بها القرآن الكريم؛ ولذا أحيل بيانها إلى القرآن فى قوله تعالى: #وأوحي إِلَيَ هذا الْقرآن» وفى هذا النص السامى يقابل بينها وبين شهادتهم وما يتبعه النبى- عليه الصلاة والسلام- أيتبع الله تعالى العلى الحكيم أم يتبع أهواءهم؟ ! معاذ الله أن يتبع الهوى بل إنه يتبع الهدى. والاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع» فهم وقع منهم ذلك وتأكد وقوعه ولم ينكروه؛ ولذلك كان تأكيد وقوعهم بأن قال تعالت كلماته: «أتنكم» فهو إنكار لهذا الأمر الواقع منهم وقوعا مؤكداء وإنكار الواقع توبيخ» فالاستفهام هنا يتضمن معنى تقرير ما وقع منهم وتوبيخهم عليه» وعبر بتشهدون للإشارة إلى قوة الضلال فى نفوسهم إذ إنهم مع ضلال الفكرة الوثنية يعتقدونها أشد الاعتقاد؛ لأن الشهادة لا تكون إلا بالعلم اليقينى» فهم يؤمنون ب (تشهدون) بالشرك أى بأن مع الله آلهة أخرى» وتسمية الآوثان التى يشركون بها مع الله تعالى آلهة؛ لأن ذلك فى زعمهم» فليست آلهة ولا يمكن أن تكون آلهة» إذ هى أوثان أو أشياء أو أشخاص لا يكون منها نفع ولا ضررء وليست مفيدة فى ذاتهاء وهم يعبدونهاء فهى بزعمهم آلهة . ْ ووصفت ب #أخرى» مع أنها جمع»؛ وكان الظاهر أن توصف (بأخَر) ليوصف الجمع بالجمع» ولكن لأنها مشتركة فى وصف جامع وهو أنها أحجار فهى فى المعنى شىء واحد؛ لذا وصفت» فهى فى المعنى واحد . وكذا وصفت بما يوصف به الواحد لا بما يوصف به العددء والوصف ب (أخحرى) فيه إشارة إلى بطلان عبادتها. وإنه من المبالغة فى التوبيخ والتنديد أن يأمر الله تعالى نبيه بألا يشهد بما يشهدونء بل يشهد بشهادة الحق» فيقول تعالى: «قل لا أشهد» . وفى أمر الله تعالى له بالقول مع التنديد لهم والتوبيخ لهم ما يدعو إلى الاقتداء والتأسى به كَكِْكٌ وهو العاقل الصادق الأمين المعروف بذلك بينهم جاهلية وإسلاماء وإن ذهبت اللجاجة ببعضهم إلى إنكار المعروف بلسانه لا بقلبه. - تفسير سورة الأنعام مالل 2 سب اا طقل إِنما هو إِلّهِ واحد وإنِّي برِيء مَمَا تش ركون 4 . فى مقول القول» ويكون مقول القول لا أشهد وإنما هو إله واحد» ويحتمل أن تكون جملة مبتدأق) والفصل فى الأول يكون لأنها بيان لما قبلهاء وفى الثانية يكون لابتداء الكلام» وإن كان فى المعنى فيه تقرير لما سبقه. ش والضمير (هو) يعود على الله تعالى» وهذا النص السامى تضمن أمرين: أولهما- وحدة الله تعالى» وقد نص عليه بقوله تعالى: #9إِنّمَا هو إِلَّهِ واحد» وهذا يفيد قصر الألوهية على الله تعالى فلا يعبد سواه سبحانه» ويفيد مع ذلك ولا يتصور بمقتضى النظر إلا أن يكون المعبود واحدا. الأمر الثانى- التصريح ببراءة النبى وَل ما يعبدون من أوثان يشركون بها مع الله تعالى: «وَإنّي بَرِيء مما تشركون». فى هذا النص تنديد شديد يعبادة الأوثان؛ لأن الرجل العاقل يتبرأ منهاء ولا يليق أن يعبدهاء وقد أكد براءته ب(إن). وبالوصف (برىء) وبأن ذلك انتحال منهم» وليس ألوهية فى شىء. الّذين آتيتاهم الكتاب يَعَرِفُونَه كما يعْرِفُونَ أبناءهم 4 . الذين آتاهم الله سيحانه وتعالى الكتاب هم اليهود والنصارى أوتوا التوراة والإنجيل» وهم بما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين يعرفون محملدا عله ورسالته» وبعثه وصفته ومهجرهء ويؤمنون بالله تعالى ويوحدونه» ولا يشركون» يعرفون هذه الحقائق كما يعرفون أبناءهم الذين هم من أصلابهم فهو عندهم بمرتبة اليقين» وقد وردت الآثار بذلك. ويروى فى ذلك أن كفار مكة قالوا للنبى يكَللِْةّ: ما نرى أحدا يصدقك فيما تقول» ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر فأرنا من يشهد أنك رسول الله» وروى ابن جرير بسنده عن ابن عباس رضى الله عنهما ا تفسير سورة الأنعام تن ليلل 2 2 هه ١‏ يي أنه قال: جاء النحال بن زيد وقردم بن كعب فقالوا: يا محمد! ما نعلم مع الله إلها غيره» فقال رسول الله كَلْة: «لا إله إلا الله تعالى» بهذا بعثت وإلى ذلك أدعو»(2 , فهذا النص الكريم طاْذين آتيناهم الكتاب يعُرقُوته4 شهادة ثابتة بعد شهادة الله تعالى التى حكاها النبى كَكِلْ عنه جل جلاله» وبعد شهادته كله وهى شهادة النبيين السالفين أجمعين. والضمير فى #يعرِفُوتَه» على من يعود؟ قال الأكثرون من المفسرين: إنه يعود إلى النبى كك ويؤيد ذلك سبب النزول المذكور أولاء وهو المروى عن النبى له عن طريق الكلبى» وهو يؤيد الوحدانية ويؤكد الشهادة بها من قبل تأييد النبى كله فى صدق رسالته. ٠‏ وجوز ابن جرير الطبرى عودة الفضمير على الله تعالى» ويؤيده أنه أقرب ظاهر مذكور فى الآية» كما يؤيده رواية ابن عباس فى شهادة أهل الكتاب الذين شهدوا بالتوحيدء وهو ظاهرء وإن كان لا يظفر بالكثرة التى يظفر بها الرأى الأول. ف( الذين خسروا أنفسهم فهم لا يمون 4 . ختم الله تعالى النص ببيان خسارتهم لأنفسهمء» وإركاسهم أنفسهم فى الفساد» ويترتب فقد الإيمان» وعلى هذه الخسارة الفادحة التى فقدوا بها أنفسهم كأناس لهم إدراك وفهم فى ربط للمسببات المنطقية باسمهاء وإن المشركين كانوا يؤيدون نحلتهم بتكاثر معتنقيهاء فذكر لهم القرآن الكريم أن الله تعالى يشهد ببطلان كلامهم وقام الدليل على صدق شهادة الله -تعالى- بالكتاب الموحى به والذى قام الدليل على صدقه بالتحدى به» وعجزهم عن أن يأتوا بمثله» وشهادة النبى يَكْةٌ وقد علموا أنه الصادق الأمين وإن لج قادتهم فى الخصومة حتى فجروا .٠١ رواه اين جرير الطبرى» فى جامع البيان : جلاء ص4‎ )١( 9 تفسير سورة الأنعام للك ل 1 اه يي فيهاء وشهدت الكتب السابقة والذين يعتنقون ما فيهاء فلماذا يكذبون ويشركون فماذا بعد الحق إلا الضلال» وأى خسارة نفسية أكثر من الفجر فى الخصومة» واللجاجة فى البهتان حتى أصبحوا لا يتصور الإيمان منهم. « ومن أَظْلَم ممّن افعرئ على اللّه كبا أو كدب بآياته ته نه لا يقلح الظّالمون 4 . الاستفهام هنا إنكارى للنفى وفيه توبيخ للمشركين» هو حكم على أمر واقعء ومعنى القول: لا أحد أظلم من الذى قصد إلى الفرية على الله تعالى» أو كذب الحجج القائمة» أو كذب ما جاء فى القرآن الكريم من آيات بينات» ومعنى النص أن المشركين كذبوا على الله تعالى بكل عقائدهم» وبذلك بلغوا أقصى درجات الظلم الذى لا يوجد أعلى منه» إذ بلغوا أقصى غايات الكذب الذى يبهت العقلاء والأمناء الصادقين» وقد قال الزمخشرى فى بيان كذبهم على الله تعالى : (جمعوا بين أمرين متناقضين» فكذبوا على الله تعالى بما لا حجة عليه» وكذبوا بما ثبت بالحجة البينة والبرهان الصحيح» حيث قالوا: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا» والله أمرنا بهاء وقالوا: الملاتكة بنات اللهء وهؤلاء شفعاؤنا عند الله ونسبوا إليه تحريم البحائر والسوائب» وذهبوا فكذبوا القرآن والمعجزات وسموها سحرا ولم يؤمنوا بالرسول كَل) . هذه بعض أكاذيبهم على الله تعالى التى بلغوا بها أقصى درجات الكذب». وبها استحقوا أن يكونوا هم. ومن يشابهونهم أكثر الناس افتراء» وأظلم الناس فى هذا الافتراءء» وخلاصتها أنهم كذبوا على الله تعالى بأن ادعوا عليه سبحانه ما لم يكن» وكانوا فى ذلك مرتكبين لأعظم بهتان» وكذبوا بآياته» والآيات قسمان: آيات هى المعجزات» ومنها التى تحدى بها الأنبياء» والآيات الكونية» وقد كذبوا الاثنين» وكفروا بآيات الله تعالى فى آيات الكون الدالة على إبداع خلقه؛ وأنه سبحانه هو الخالق وحده. وهناك الآيات القراآنية قد كذبوا بها [/. تفسير سورة الانعام م اللو 2121111 بر يي ولا يمكن أن يفوزوا وهم على هذا الظلم؛ ولذلك ختم الله تعالى الآية بقوله تعالت كلماته: : ا«إنّه لا يفلح الظَالمُود4 فالظلم وخصوصا ظلم الكذب يفسد النفس » ويفسد العقل ويفسد العمل . «ويوم نحشرهم جميعا تم تقول للّذينَ أشركُوا أيْنَ شركَاوكُم الْذينَ كُسْمْ تزعمون 4 الكلام هنا متصل بما قبله, ذلك أن ختام الآية السابقة هو قوله تعالى: لِإِنه لا يقلح الظّالمون» وذلك يوم : إلى أن الله لا يوفقهم للخير فى الدين؛ لأنهم خسروا أنفسهم ولم يؤمنواء ولأنهم أظلم الناس بافترائهم على الله وتكذيبهم لآيات الله ويوم يحشرهم أى يجمع الناس جميعا لا يستثنى منهم أحدء يكون الخسران المبين » والعذاب الأليم» والحرمان من النعيم . وفى الآية الكريمة قراءتان ذكرهما الزمخشرىء أولاهما- قراءة حفص بالنون فى (نحشر) و(نقول)(1), ومعناها ظاهر بين لا يحتاج إلى تخريج أو تأويل» وثانيهما- بالياء فى (يحشرهم) وفى (يقول)» ويكون الضمير فى الأمرين يعود إلى الله تعالى» وهو مذكور عن قرب فى الآية السابقة والحشر مؤكد بكلمة «إجميعا»4: وهذا التأكيد يمنع احتمال التشخصيص» ديكون الضمير يعود على انان أجمعين ؛ أن لين يعافبون ويحاسبوث هم الدين الوقائع قبل هذا الخطاب الموجه للمشركين خاصة. والذين اختصوا بالمنطاب فيه ؛ لأنه لا شركاء يزعمونهم آلهة مع الله إلا عند الذين أشركواء فهناك أمور تقع يوم القيامة قبل هذا الخطاب وكان تقدير القول هكذا: يوم نحشر يكون الحساب» وتحضر كل نفس ما كسبت» ويكون لكل امرئ كتابه. ويحصى عمله من خير وشرء ثم نقول للذين أشركوا: #أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون» الشركاء هم 2000 #ويوم يحشرهم. .ثم يقول» بالياء فيهما [الأنعام (؟2)] وهى قراءة يعقوب» وقرأ بها عنه روح ورويس غاية الاختصار. ناا تفسير سورة الأنعام م الل 2 لحب زا الآلهة التى زعموها آلهة مع الله تعالى» فإضافة الشركاء إليهم لأدنى ملابسة» أى لمجرد العلاقة النفسية والفكرية التى نحلتها عقولهم السقيمة فى إدراكها لهم وهل كانوا غائبين عنهم» حتى يبحث عن مكانهم» لعل ذلك يكون» ولعل حالهم من أنهم لا قوة لهم وليس لهم الشفاعة المقربة» ولا النصرة القادرة» يعتبرون كأنهم رأوا الحقائق عياناء وكشفت الأمور لهم» فغاب عنهم سلطان تلك الآلهة المزعومة. ملم تكن فمهُم إل أن فاو والل يناما كن مش كين » . أصل معنى الفتنة» إدخال المعدن النار ليزول عنه الخبث الذى يعلق به» وأخص المحادن الذهب» ففتنته إدخاله فى النار لتعلم جودته. ثم أطلقت على الاختبار والعذاب والبلاء» والمصيبة والكفر والإثم والألم والضلال. وفى النص الكريم قراءتان: إحداهما- ضم تاء (فتتتهم(27» والمراد من الفتنة الاختبار الشديد بهول ما رأواء والمعنى على هذه القراءة وهى قراءة حفص: وكان من أثر الاختبار والهول الشديد الذى رأوه يوم الحشر والحساب» أن نسوا ما كانوا عليه من شرك» وقالوا مقسمين: «والله ربَنا ما كنا مشركين» أى أنهم أقسموا بالله غير صادقين فى الحقيقة. ونادوا الله ب (ربنا) معترفين بربوبيته وحدهء ويكون ذلك من فرط الهول والشدة وعظمة ما رأوا من صدق الحقائق» حتى كذبوا أنفسهم. والقراءة الشانية بفتح الناء وبالياء فى يكن2©"7. ويعتبر اسم (يكن) هو (أن قالوا)» وقد رجح هذه القراءة ابن جرير الطبرى» وقال فى معناها: (ثم لم يكن )١(‏ قرأ #إفتنتهم»# بالرفع - ابن كثير وابن عامرء وحفص والمفضل كلاهما عن عاصم» وقرأ الباقون زفق «ثم لم يكن» بالياء - قراءة حمهزة والكسائى» ويعقوب» وخلف» والمفضل عن عاصم» وقرأ الباقون بالتاء . (/#ا) تفسير سيور 6 الأنعام لل 2121*770 لحر اق قيلهم عند فتنتنا إياهم اعتذارا ما سلف منهم من الشرك بالله إلا أن قالوا: والله ربنا ما كنا مشركين» فوضعت الفتنة موضع القول لمعرفة السامعين معنى الكلام. وإنما الفتنة الاختبار والابتلاء» ولكن لما كان الجواب من القوم غير واقع هنالك إلا عند الاخمتبار وضعت الفتنة التى هى الاختبار موضع الخبر عن جوابهم واعتذارهم). وخلاصة المعنى الذى يقرره ابن جرير أن الفتئة الاختبارء وأنها بهذا المعنى هى السبب للقول» والقول هو المسبب ويكون التخريج هكذا لم يكن القول المتسبب عن الفتنة إلا أن قالوا إنا كنا مشركين» فعبر عن المسبب بالسبب لبيان شدة الهول وما يترتب عليه. ل( انظر كيف كذبوا علَئ أنفسهم وضل عَنْهُم ما كَانُوا يفترّون 4 . النظر هنا ليس هو نظر البصرء ولكنه نظر القلب والتأمل والتفكير والاعتبار» والنظر القلبى إنما هو إلى حالهم وما كانوا عليه من فزع واضطراب بسبب يوم القيامة الذى تزلزل فيه: 8 ... وترى الئاس سكارَئ وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد 0 4 [الحج ] فهذا التصوير لحالهم بعد رؤيتهم هول يوم القيامة» إذ قالوا غير ما كان منهم كاذبين اعتذارا عما كان أو إنكاراء أو نسيانا للهول الذى هم فيه إذ ساروا سكارى لا يعون» وهذا هو الذى نختاره فكذبهم بإخبارهم غير الواقع كان غفلة وذهولا؛ ولذا قال: «وضل عنهم ما كانوا يفترون»» أى غاب عن ذاكرتهم فنسبوا ما كانوا يفترونه من قول فيشركون مع الله غيره فى العبادة» ف (ما) اسم موصول بمعنى (الذى)» وما أنساهم إلا الهول حتى أخبروا بغير ما وقع منهم» اللهم نجنا من كرب يوم القيامة وما فيه. حو 7 جل عو مر 1 لَك مَعَعَلَاء ومنجم من يستوع ليك جعلناعل 0 وار مس8 م لوي كنَه أن يشقَهوه و يوقا ديرأ صخلي بل تفسير سورة الأنعام لظ لا الل 4 2 0 و هامح 000 كلخ له ع سس عر عر وه 0 اج سا مرسم لا دؤمنوايها ةدا موك يجارلونك يقول لذن كمرواً إن هذا 1 000 1 ا 0 ع 02 ل ا هر وه سه ا أ م لا أنفس هوه وَمَايتْعونَ لزيا ولوكركة ذو وقموأ آلثار آذآ ور 20 ذه ههه . 2 5 14 و« اس ا كزْبَيكَايتِ وده الْؤْمنِينَ 9 0 ١ فسخ ل كالاب تأ لمعنه وس م لكدوت غ 4ن 0 و2 لس ع بمبعوثين 1 ّ يي ولوتركإِد وفع وأ عل زر يهَمْقَالَ لس هد مر كاي1 يكل موش دابيا كرون ري الكلام موصول فى المشركين الذين تقوم لديهم الدلائل القاطعة على وحدانية الله تعالى» وسلطانه تعالى عليهم فى الدنياء وإثبات رسالة النبى كلو ' بالمعجزة التى تحدى العرب فيها أن يآتوا بمثلهاء وبيان ظلمهم» ثم بين سبحانه بعض حالهم يوم القيامة» وكيف يغيب عنهم ما كانوا يفترونه» وفى هذه الآيات يبين حالهم عند تلقى الدعوة المحمدية. «( ومنهم من يستمع إِلَيْكَ وجلا على فُلُوبهم أكثة أن يفقَهوه وفى آذانهم وقرا 4 . الأكنّة جمع كنان» وهو الغطاء» والمعنى أنه لا يصل الحق إلى قلوبهم لوجود ذلك الغطاء الحاجز المانع من أن يصل نوره إلى قلوبهم» بل إنه لا يصل إلى مسمعهمء فقد جعل الله تعالى فى آذانهم وقراء والوقر» بفتح الواو ثقل السمع» وهذا النص كناية عن كمال الإعراضء» فهم لا يصل إليهم القرآنء (/لناا تفسير سورة الانعام 47 الملل ىب ل وقد تفاهموا فيما بينهم على الإعراض 9 وقال الْذين كَقروا لا تَسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لَعلّكم تَْلبونَ 9 #59 [فصلت]. . وإذا وصل إلى سمعهم فهنالك غشاوة على قلوبهم تمنعهم من أن يشرق فيها نورهء وعلى ذلك لا يكون لاستماعهم جدوى وفائدة. وهنا يسأل سائل» إذا كان منع الهداية من الله تعالى بالغشاوة على قلوبهم والختم عليهاء وبالوقر فى آذانهم فلا يسمعون سماع تبصرء وطلب للهداية فماذا يكون عليهم من تبعة يحاسبون عليها حسابا عسيرا بالعذاب الأليم» والجواب عن ذلك أن الله سبحانه وتعالى يسير الأمور وفق حكمته العلياء فمن يسلك سبيل الهداية يرشده»ء وينير طريقه» ويشيبه» ومن يقصد إلى الغواية» ويسير فى طريقه تجيئه النذر تباعا إنذارا بعد إنذارء فإن أيقظت النذر ضميره وتكشفت العماية عن قلبه فقد اهتدى وآمن بعد كفرء ومن لم تجد فيه النذر المنتابعة ولم توقظ له ضميراء ولم تبصره من عمى» فقد وضع الله تعالى على قلبه غشاوة» وفى آذانه وقرا. . وقوله: «إأن يفقهوه4 المصدر المكون من (أن) وما بعدها مضاف إلى مصدر محذوف يقدر على ما يناسب المقام من وضع غلاف يمنع النورء ووقر يمنع السمع» فيكون التقدير كراهة أن يفقهوه أو لمباعدة أن يفقهوه. ومعنى يفقهونه أن يدركوه إدراكا عميقاء ينفذون فيه إلى لبابه» وغاياته» فليس المراد مجرد الفهم والمعرفة» بل المعرفة النافذة التى تصل إلى اللب وتستولى على القلب . وإن سبب ذلك كله هو الإعراض المطلق الذى سيطر على كبرائهم» وسبق الكفر إلى قلوبهم ومعارفهم» ومع هذا الإعراض» وبسببه يحكمون من غير أن يمقهوا فيقول ما حكاه الله عنهم . وإن يروا كل آية لأ يووا بهَاحّ حَمَّئ إذَا جاءوك يُجَادنُونَكَ يقُول الذين كفروا 4 . والكافر بالحق المعرض عن الأدلة يسبق كفره إيمانه» فالكفر سابق على التثبت والاستدلال» فهو متجه إلى الإنكار ابتداء؛ ولذلك وصف الله تعالى الذين 5-1 تفسير سورة الأنعام ل ململ 0 فى مردوا على اللجحود والإنكارء وقال فيهم: «وإن يروا كل آي لأ يؤمنوا بها والآية الذليل المعجز على رسالة الرسول» فالآية كما يقول العلماء لعموم النفى» أى أنهم لا يؤمنون بأى رسالة يرونها مهما تكن قوتها ظاهرة» ومهما تكن دلالتها قاهرة؛ لأن العناد والجحود يقهر كل حجة ويمنع سلطانها على القلب؛ إذا متم عليه» حتى لا ينفذ النور إليهء فإذا كفروا بالقرآن فذلك شأن الذين طبع الله على قلوبهم؛ وجعل فى آذانهم وقراء وعلى قلوبهم أكنة.» وعلى أبصارهم غشاوة؛ ولذلك قالوا فى معجزة النبى وَل إذا جادلوا كما حكى الله تعالى عنهم : لحت إذَا جَاءوك يجَادلُونك يقول لين كَفَرُوا إِنْ هذا إل أسَاطير الأولين», ويلاحظ هنا أن الله تعالى يقول: «إذَا جاءوك يجَادلُوتك4 فيه إشارة إلى أنهم كانوا بعداء عن النبى مَلِْةِ من قبل ثم جاءوه؛» ولم يكن مجيئهم إذعانا لحق» ولا طلبا لحقيقة. ولكن كان تحديا للرسول ومبالغة فى الإنكارء واستهانة بالقرآن الحكيم وهو الاية الكبرى؛ ولذا قال الذين كفروا: إن هذا إلا أساطير» والأساطير جمع أسطارة أ أسطورة» والمعنى ما هذا إلا أخبار الأقدمين. وهنا إشارتان: أولاهما- أنهم ما جاءوا يطلبون الحق» ولكن جاءوا يجادلون» تقال للتسلية. ومنها ما يكون غير صادق» والجدل فى أكثر أحواله تمويه» وليس طلب 5 ٠. حون,‎ والثانية- أن الذين كفروا يقولون ما هى إلا أساطير الأولين بسبب كفرهم فكفرهم سابق م لعج مسمس شاه إن المشركين لا يكتفون بالإعراض عن الج الثايتة والبينات القاطعة» ولا يكتفون بالافتراء على الآيات تتلى عليهم» والاستهانة وقولهم إن هى إلا أساطير الأولين» لا يكتفون بذلك» بل يتعدى شرهم إلى غيرهم فهم ينهون الناس عن اتباع محمد وَلِلَةِ والقرآن الكريم هو آيات بينات» فهم لا يهتدون» ويمنعون الهداية عن غيرهم ينهونهم» ويثيرون السخرية عليهم إن اتبعوا الهدى واستقاموا على 2 4 تفسيرسورة الأنعام 2 الكل لسرب د الطريقة المثلى» وينأون عن النبى » أى يبتعدون عن النبى لد ويتجافون مميجلسه » فهم يقومون بأعمال ثلاثة كلها انحراف عن الصراط المستقيم واتباع للغواية: أولها- الإعراض عن آيات الله تعالى وتكذيب النبى لَه وثانيها- أنهم ينهون وبين الحق. ولا يجعلون سبيلا لقلوبهم يجتهدون فى ألا يلتقوا بالنبى كله فيتجافوا عن مجالسه لكيلا يكون منه منفذ للحق إلى قلوبهم» ففيهم غواية ولحاجة . وفى هذا التفسير يكون الضمير فى (عنه) فى الحالين يرجع إلى النبى كَل وما جاء بة. وبعض المفسرين التابعين لبعض التابعين جعل الضمير فى ينهون فى الحالين يعود إلى عشيرة النبى كلد وأعمامه وكانوا عشرة» فهم للعصبية التى كانت قائمة يذبون عن النبى يَلْةٌ وينهون المشركين عن أن ينالوه» وفى الوقت ينأون عن إجابته» ولعل أوضح مثل لذلك أبو طالب» فقد كان يمنع النبى يَلكهٌ من أذاهم ويمتنع عن اتباعه مع أنه فى قرارة نفسه كان يظنه على حق» ولقد روى عنه شعر فى ذلك» فقد روى أنه قال: والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسّد فى التراب دفينا . فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وابشر بذاك وقرمنهعيونا ودعوتنى وزعمت أنك ناصح20 ولقد صدقت وكنت نّم أمينا وعرضت دينا لا محالة إنه2 من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذارى سبسة20 لوجدتنى سمحا بذاك مبينا وإن الأول هو المقبول المعقول؛ لأن القرآن لا يتزل فى حكم الآحاد إلا إذا كان يؤدى إلى عموم» والآول أظهر وهو عام فيؤخد به. وإنهم فى إصرارهم وعنادهم ولحاجتهم فى كفرهم ونهى الناس عن الاتباع» بل فتنتهم - يسيرون فى طريق الفساد والضلال ولا يهلكون أحدا إلا أنفسهم؛ لأن 9 تفسير سورة الأنعام الل م > ا الدعوة إلى الحق ماضية» فإن عوقها معوق فإلى حين؛ إذ الضالون لا يشعرون أنهم يسيرون فى طريق الهاوية» ولو شعروا بها لتجنبواء وكذلك أهل الضلال دائما. ولو ترَئ إِذ وقهُوا علَى الَارِفَعَالُوا يا ليا رد ولا كدب بآيات ربَنَا وتكون من ذكر الله تعالى حال المشركين فى الدنيا فى لجاجتهم فى الكفرء بإعراضهم عن الآيات البينات» وجحودهم للنبوة» ونهيهم غيرهم عن اتباعه ومجافاتهم له وكان لابد من المقابلة بين هذه الحالة المنحرفة المتجافية عن الهداية» وحالهم يوم القيامة إذ يعرضون على النار» ويقفون عليهاء فذكر سبحانه مخاطبا النبى: إنك أيها النبى لو اطلعت عليهم ورأيت حالهم إذ وقفوا على النار واطلعوا عليها ورأوها تستقبلهم بلهيبها وسعيرها - لرأيت هولا عظيما يدفعهم لأن يتمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ولا يكذبوا بآيات خالقهم ومنشئهم وكالئهم وحاميهم ويكونوا من المؤمنين» وفى الآية الكريمة إشارات بيانية» بذكرها نقرب ما فى الآية من بلاغة رائعة: الأولى- التعبير ب (إذ) التى تدل على الماضى بدل (إذا) التى تدل على المستقبل» وذلك لتأكيد الوقوع» وليستبين المستقبل حاضرا قائماء ويتصور على أساس أنه موجود لا على أنه سيوجد. الثانية- أنه عبر ب (على) بدل (فى) للإشارة إلى أن مجرد الاطلاع عليهاء والعلم بها بالعيان يلقى فى النفس بهولها وشدتهاء فما بالك بالوقوع فيها. الثالثة- أن (لو) شرطية والجواب محذوف وتقديره- لو رأيتهم فى هول وفزع وشدة فتمنوا أن يعودوا ويصلحوا. الرابعة- أن التمنى كان بالنداء لصيغته وهى (ليت) كأنه يقول: (يا ليت) أقبلى فهذا وقتك الذى نستغيث بك فيه؛ إذ لا نملك إلا التمنى فهو أداتنا الوحيدة» وإن كانت أداة العاجزين. ل تفسير سورة الأنعام الل 1 1 221211111111 لحر اا الخامسة- أن قوله تعالى: #إولا نَكَدبِ بآيات رَينَا وتكُون من الْمُؤْمدينَ» فيه قراءتان- إحداهما- بنصب الباء والنون على أنها جواب التمنى بإضمار محذوفه. والثانية- بضمها على تقدير محذوف(22. وتقدير الكلام هكذا: ليتنا نرد ونحن لا تكذب» ونكون أول المؤمنين» ويكون فيها فضل توكيد بذكر وعدهم بعدم التكذيب» وبأن يكونوا من المؤمنين. السادسة- توكيد إيمانهم بأنهم يخرجون من صف أهل الشرك والكفر إلى صف المؤمنين الصادقين. «بل بدا لهم ما كَانوا يخفون من قبل ولو ردُوا لعادوا لما نهوا عنه وإِنّهُم لَكاذبوت» . (بل) هنا للإضراب, والرد على ما يتمنونه» والغاية التى يريدونهاء والمعنى أن أولئك لا يتمنون الذى يتمنونه لأجل الهداية» بل ذلك لهول ما يرون والفزع لما يستقبلهم» ولأنه بدا لهم الأمر الذى كانوا يخفونه» ويصح أن يكون الإضراب هنا للانتقال من مقام تمنيهم إلى مقام آخرء وهو بيان أنهم لو عادوا فى الدنيا وخلقت فيهم الشهوات والآهواء وعبثت بهم واستولت عليهم لعادوا لما نهوا عنة . وما الذى بدا لهم وكانوا يخفونه من قبل؟ اختلف المفسرون على آراء كلها محتملة» وهى تنتهى إلى رأيين: أولهما- ما كانوا يخفونه فى طوايا نفوسهم وأعمالهم فى الدنيا قد بدا عيانا لهم؛ وأحسوا فيه بقبح ما فعلواء فبدا لهم ما كانوا يخفون من مفاسدء ويبدا أن كفرهم ليس لنقص فى الاستدلال» ولكن لعناد. ولإعراض بدا لهم ما كانوا عليه من عنجهية جاهلية» وأنها جوفاء فى الآخرة» وأنها التى دفعتهم إلى الكفرء وليس نقص الدليل» وبدا لهم أن إعراضهم عن الآيات لم يكن لنقصهاء ولكن لنقص فى نفوسهم وإذعانهم . )١(‏ ##ولا تكذب. . ونكون» بالنصب فيهما - قراءة حمزة ويعقوب وحفص. ا ميال 1ك ليجب يي التأويل الثانى- أن الذى بدا لهم هو عذاب الآخرة» وهولهاء وشدائدهاء وقد كانوا ينكرونهاء فظهر ما كانوا يجحدون» ولكن كيف يكون ذلك قد أخفوه. وهل الإنكار المعلن إخفاء؟ والجواب عن ذلك أن الفطرة الإنسانية توجب التصديق إذا قام الدليل» وأن المعاندة حيث قام الدليل إخفاء لما يقتضيه. وقد قال تعالى : ط وَجَحَدُوا بها وَاسحَيقَنتْهَا أَنفْسّهم ... 469 [النمل]. فجحودهم كان إخفاء لموجبات الإيمان» وأن شهوة السلطان والعصبية» وغلبة الدنيا والفساد عليهم جعل الحق يختفى عليهم» ويخفونه هم بال معاندة والمكابرة» والمماراة» فلما كانت الآخرة» وكانت القيامة بأهوالها بدا ما كان مختفياء وأخفت الأهواء والمعابث» وظهرت الحقائق وأحسب أن المعنيين مستقيمان» ولا مانع من جمعهماء فالنص يعمهما. ولقد ادعوا فى تمنياتهم أنهم يعودون ليكونوا فى ضمن المؤمنين» ولا يكذبوا بآيات ربهم الذى خلقهم وكونهم وحماهم» فبين سبحانه أنهم لو ردوا إلى الدنيا بزخارفها وعصبياتهاء وأهوائهم وشهواتهم» وحب الغلب لعادوا لما نهوا عنه من الإعراض عن الآيات» والمكابرات فى المعجزات» والاستهانة بالإيمان والمؤمنين» ووقعوا فى كل المخابث التى كانت منهم» وذلك لأن السبب فى الجحود هو سيطرة الهوى والشهوة والعصبية الجاهلية» فإن عادوا إلى الدنيا بمتعها البراقة فسيستولى عليهم بريقها. ويكون منهم ما كان أولا. ولقد أكد الله سبحانه كذبهم فى أمنياتهم ونتائج منياتهم فقال: 9وَإِنّهم لكاذبون» والكذب هنا خاص بما يمكن أن يقع منهم» وما أرادوا فى تمنيهم الأمانى» فتمنياتهم كاذبة لا يمكن أن تحقق» ولو عادوا لكان منهم ما وقع أولا؛ إذ إنهم يعودون بما كانوا يحملون من ركائز فى نفوسهم» فالتكذيب لما يكون منهم فى المستقبل» وقد أكد سبحانه تكذيبهم ب «أن» وبالجملة الإسمية» وباللام المؤكدة . (إإناا تفسير شور - الأنعام 0000000 1 ذ[ذ1ذ1ذ[ذ1ذ [ ذ[ذ ذ[ذ[ [ ذ ذ ‏ ا #ذآ#ذآ21010101# 7 الا 1 يي وقَاُوا إن هى إل حيائنا الدنيَا وما تحن بمبعونين 4 . الحياة التى تسمى حياة فى نظرهم ولا شىء سواها حياة الدنياء هذه الجملة تفيد ثلاث فوائد: أولها- نفى وجود أى حياة غير الحياة التى يعيشونهاء ولو كانت هذه الحياة هى الدنيا وليست العالية القويمة. الثانية- أنهم ينسبون ال حياة إليهم لاستمتاعهم فيها وما فيها من لهو ينغمسون فيه » وعبث يعبئونه. لقد قالوا ذلك القول فى الدنيا بلا ريب» ولكن كلمة (قالوا) فى هذا النص؛ أهى معطوفة على كلمة (لعادوا). وقولهم هذا يكون على فرض عودتهم» وهذا هو الظاهرء ويكون قوله تعالى: «وإنهم لكاذبون» جملة اعتراضية مؤكدة لمعنى عودتهم إلى ما كانوا عليه إن عادوا إلى الدنيا؛ إذ هى تكذيب أدعاء أنهم لا يكذبون بآيات ربناء ويكونون من المؤمنين. ويصح أن تكون (وقالوا) كلام سيق مستأنفا للمقابلة بين حالهم التى يرونها فى الآخرة؛ إذ يرون الهول عياناء وقد ينكرون البعثء» ويؤكدون الإتكار لف وها هم أولاء يرونه» ويتمنون ما يتمنون. « ولو ترئ إذ وقفوا عل بهم فال أليِس هذا باحق قَالُوا بلى ربا قال دوقو » . رهيب يقرع إحساسهم قرعا شديدا مزعجاء وفى هذا لموضع: لول ترَئ إذ وفوا على ربّهم»* هى بيان عقاب معنوى توبيخى» وبيان كذبهم فى الدنيا وكفرهم بآيات ربهم» ولو ترى يا محمد أو لو ترى يا قارئ القرآن إذ وقفوا أى حبسوا مطلعين على تجلى ربهم. وسلطانه وكمال عزته البارزة لهم التى حاولوا إخفاءها فى 1-1 تفسير سورة الأنعام 1 اب أ أنفسهم فى الدنياء وإن لم تكن خفية فى ذاتهاء لقد تجلى عليهم ربهم بسؤال المستنكر لحالهم فى الدنياء وبحجتهم فى قولهم: «إوما نحن بمبعوثين» «أليس هذا بالحق» أى هذا البعث الذى تعاينونه وتشهدون أهواله ثابتا بالحق» فقوله (بالحق) متعلق بمحذوف» وأو نقول إن (الباء» زائدة» ويكون المعنى أليس هذا البعث هو الحق الذى لا ريب فيه» وتكون (الباء) لتأكيد معنى الإنكار الذى هو بمعنى النفى» وقد دخل على نفىء ونفى النفى إثبات» ولقد كانت إجابتهم مصدقين؛ لأآن الواقع يحملهم على التصديق والإذعان لا يدعو إليه رب العالمين بقولهم كما حكى ربهم؛ (بلى) وبلى لنفى ما يكون بعد الاستفهامء أئ لنفى (ليس هذا بالحق)» نفى ما تضمنته ليس النافية هو تصديق أنه الحق» وإذا كان ذلك ثابتا بحكم قولهم وعيانهم» فلا بد أن يتجلى الله تعالى عليه بذكر ما يستحقونء فقال تعالت كلماته: #فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون» أى فانغمسوا فى العذاب ذائقين لآلامه محسين بهاء فالذوق هنا كناية عن الإحساس الشديد بعد الانغماس فيه» والأمر هنا أمر تكوينى يحكى الواقع الحق» وقد يكون مع ذلك أمر قولى لا اخحتيار لهم فيه» بل إنه مجاب بالاضطرار» و(الباء) هنا للسببية أى بسبب كفرهم بالبعث» وإنكارهم له» و(الفاء» فى قوله: (فذوقوا) فاء الإفصاحء أى إذا كنتم تفترون أنه الحق فذوقوا عذابه بما أنكرتم. اللهم هبنا الإيمان بالغيب وامنحنا اليقين. دع اس م سس يي و اسم معط ووم سل لاخر قدخسرا لَذِينَ كَرَيوأ بلقا لله يإ ِإذَاجَاءَ هم السّاعة 2 م سح سمه ذه ماو . ل ا 1 000 َعَنََّقَا لوَأْسَحَسَرَينَاعَلن ما فرَطْنافييا وهم حِلُونَ أو وزارهم ولاس مَابرْرَون | الى رَماانْسَي هنآل ص 0 و م 2 ل اخ سرح قت ب الي 0 27 »و -_ وَلَلدَاراً لآخرة و3 002 ا د يي قد نعلم إِنْهليحزنك عون لَانك ديو نكت تفسيرسورة الأنعام كط تِأجْحَدُودَ © وَلَقَدكُرت كدق تاق كبو 0 6 ا امد مبَوِلَ كم تنه وَلتَدَجَآةك ينبا 4 َالْمَرَسَلِيَ _- و وي وإن كان كبرَعليكَ عليك إعراضهم صم فنأ أَسَتَطْعَتَ تسق 1 0 0 نال رم سلما ناكسا أي ويلك لَه لَجَمَعَهَحَ عل الْهُدَئ فَلاكَعونَمنَلْجَهِاِنَ 22 الكلام موصول فى الكفر باليوم الآخر وآأثره النفسى والاعتقادى» وما يترتب على الكفر باليوم الآخر جحود النبوات» ولقد ابتدأ سبحانه بما يتصل بما قبله» فقال تعالى : قد خسر الّذين كذبوا بلقاء اللّه حتّئ إذَا جاءتهم السّاعة بغمة َالو يا حسرتنا عل ما فرَطْنَا فيه » . بين الله سبحانه وتعالى فى هذا النص أن الذين يكذبون باليوم الآخر تصيبهم خسارة» وخسرانهم أولا لأنهم يفقدون العزاء الروحى الذى يصيب كل إنسان مما يعانى فى الحياة»فلو كانت الحياة الدنيا لا حياة بعدها يكون الشقاء النفسى المقيم لكل من يصيبه ألم فيهاء أو يقع فى نفسه أنه فى شقاء لأنها فيها السعادة فى زعمهء ولأنه بفقد معانى الإنسانية؛ إذ يكون كالحيوان الذى يأكل ليعيش» ويعيش ليأكل فيفقد كل المعنويات العالية» ولأنه ثالثاء يرتع فى الشهوات الموبقة» ولأنه رابعا يكون فى تناحر مستمرء إذ لا يخشى الله ولا يرهب عقابه» وأخيرا يخسر بتلقى العذاب الذى يقع عليه يوم تقوم القيامة» وعبر عن قيام القيامة واليوم الآخر بلقاء الله تعالى تشريفا لذلك اليوم» ولأنه له الولاية الحق فى ذلك» فلا ولاية ولو ظاهرية لغيره ولا ملك لغيره ولو كان ظاهرياء وفيه ترغيب فى الإيمان باللقاء» وترهيب من تكذيبه» وإنهم إذ يكذبون يستمرون فى ضلالهم حتى تجيئهم الساعة بغتة أو فجأة من غير أن يكونوا على أهبة لهاء وهنا يرد للنظر أمور. ل ال تفسير سورة الأنعام ايل 0 حب ا أولها- ما معنى (حتى تأتيهم الساعة)» أى ما مقام (حتى) أهى للغاية أم للتفريع؟ وإذا كان للغاية فمن أين الابتداء؟ يقول الزمخشرى: إنها متعلقة ب(يكذبون) أى أنهم يستمرون فى تكذيبهم وغلوائهم حتى تجىء إليهم الساعة وهم ثانيها- ما المراد بالساعة؟ واضح أنها القيامة فذلك تعبير قرآنى عنهاء ومن ذلك قوله تعالى: ظ إن اللَّهَ عنده علّم السّاعة ويَزْل الْيث ويعلّم مَا في الأرحام وما تَدري نَفْس مادا تسب غدا وما دري نفس بأي أَرْضٍ تموت .. . 69 4 [ لقمان] . وسميت القيامة ساعة؛ لأنها تحمل أشد الأهوال» ولأنها فاصلة بين نوعين من الحياة» حياة فانية وأخرى باقية» حياة عمل» وحياة جزاء. الثالثة- الساعة تجىء من غير علم بوقتها للجميع فكيف تكون بغتة للذين كذبوا بلقاء الله دون غيرهم» والجواب عن ذلك أن الذين آمنوا بلقاء الله تعالى يتوقعونهاء وإن لم يعلموا وقتهاء أما الذين كذبوا فهم يكفرون بها فيفاجأون بهاء وإن الذين آمنوا يرجون لقاء ربهم» ويرجون رحمتهء وأما الذين كفروا بلقاء الله تعالى فلا رجاء عندهم . أولئك الذين تجيئهم القيامة ولقاء ربهم بغتة ويرون العذاب» تصيبهم حسرة» أى غم شديد» وقد قال الأصفهانى فى تفسير الحسرة ما نصه: (الحسرة الغم على ما قاله والندم عليه كآنه انحسر عنه الجهل الذى حمله على ما ارتكبه. وانحسرت قواه إذا انحسرت قواه من فرط غم أو أدركه إعياء عن تدارك ما فرط منه) . والتفريط هو الإهمال وعدم العناية والغفلة عما يجب للأمر. والضمير فى قوله تعالى#فيها» يعود إلى الحياة عند بعض العلماء ولكن ليس لها مذكور سابق إلا أن يكون ما ذكروه من قبل» وقولهم: لإ ... إن هي إلا حياتنا الدنيًا وما نحن بمبعوثين 9 4 [الأنعام]» والحق فى نظرى أنه يعود إلى ها تفسير سورة الأنعام 4 10000000000000 + 1 !1 1[1[1[1[1[1 1 1 1 [ 1[ 1 1[ 1[ 1 11 #010011*ظ#*ظظ2غ2 1ب يي" الساعة وتفريطهم فيها هو عدم التفاتهم لهاء وغفلتهم عن ذكرهاء فكانوا يعملون غير مرتقبين لهاء بل غافلين عنها. ونادوا الحسرة مضافة إليهم قائلين «إيا حسرتنا علّئ ما فَرَطْنا فيها4؛ لبيان أنهم فى حال غم وحزن» وينادون حسرتهم التى تلازمهم كأن هذا وقتها ولا وقت ألزم وأنسب لها من هذا الوقت. ل وهم يحملون أَوزارَهم علَى ظَهُورهم آلا ساء ما يَرُونَ 4 . الوزر الحمل الثقيل» وسمى به الإثم والذنب؛ لأنه أثقل الأحمال النفسية التى تنوء به القوة» والجملة استعارة تمثيلية لما يثقلون به يوم القيامة من أثقال الآثامء فقد شبهت حال من يحمل الآثام الثقال الكثيرة بحال من يحمل الأحمال الثقال على ظهره وينوء بها؛ لأن كليهما ثقيل» الآثام لوباءتها وعذابهاء وقد رشح سبحانه للمشبه به فى قوله تعالى: «ألا سَاء ما يزِرون» فإن هذا بيان لسوء ما يحملون» وقد ابتدأً ب #ألا» الدالة على التنبيه؛ ثم التعجب من شدة ما يحملون» وساء وأساء: تستعمل للتعجبء فمعنى إساء ما يَزِرُونَ» ما أسوأ ما يزرون وما يحملون لسوء عاقبته» وما وراءه من عذاب. «وما الحياة الدنيا إلا تعب ولَهِوٌ وللدار الآخرة حير لين يتقُونَ أفَلا تعقلون» . فى هذا النص تكون المقابلة بين الحياة الدنيا والآخرة» أو الحياة العاجلة والحياة الآجلة» أو بالأحرى بين من يطلب الحياة الدنيا من غير نظر إلى ما وراءها من حياة أخرى» ومن يطلب الحياة الآخرة» وأيهما أمثل؛ ولذلك كان حصر الحياة الدنيا فى أنها لهو ولعب» فإن هناك حصرا بالنفى والإثبات» فهى مقصورة على اللهو واللعب» وذلك لمن يطلبها من غير نظر إلى ما وراءها من حياة أخرى» فإنه حيئئذ لا ينظر إلا إلى لذائذها وشهواتهاء ولا تكون حيتئذ إلا لهوا ولعباء واللهو واللعب هما الاشتغال بما لا يجدى فى ذاته» ولكن قد يختلفون فى حقيقتهما مع قربهما فى المعنى» فاللعب العمل الذى لا مقصد منه إلا تزجية الفراغ وقضاء الوقت» وقد يكون عبثاء واللهو طلب ما يلهى عن الجد من الأمور من ملاذ تفسير سورة الأنعام لس ا ايك لب أ وأهواء وشهوات» والفرق بينهما غير محدود» بل هما متقاربان يستعمل أحدهما فى موضع الآخرء ومهما يكن فإن الاشتغال بكل واحد منهما لغير غاية مجدية مذمة لا تجوز من عاقل» وإذا قصد بأحدها الاسترواح حتى يقوى على الجد من غير سأم ولا إملال فربما لا يكون قبيحا. وإن قصر الحياة على اللهو واللعب إنما هو لمن أهمل ما وراءهاء أما من عنى بما وراءها وقام بالجد من الأمورء فإنها الطريق إلى الآخرة» وهى طريق الذين يتقون. وكانت المقابلة للدلالة على موضوع القصر؛ فإن الذين يتقون هم من الذين يعيشون فى الدنياء ولكن لم تكن لهم كل شىء» بل ما نظروا إليها إلا ليطلبوا الآخرة بها والله على كل شىء قدير. وقوله: لولَلدار الآخرة خير لين يتَقُون» . فى هذه مقابلة بين الذين يطلبون الدنيا لذاتهاء والذين يطلبون بها الآخرة؛ إذ الأولون تكون عندهم لعبا ولهواء والآخرون تكون عندهم جداء يطلبون ما فى الدنيا لغاية وراءهاء ولا يطلبونها لذاتهاء وهذه المقابلة فهمت بالصراحة فى الكلام بشأن الأولى» وهو الخسران» وفهمت بذات المقابلة فى الثانية» وهناك مقابلة أخرى» وهو أن عاقبة الآخرين خيرء وهذه فهمت بصراحة فى الثانية» وبالمقابلة ذاتها فى الأولى وهو الخسران أيضاء وقد أكد الله تعالى الخيرية لأهل التقوى فأكد باللام المؤكدة» ثم خاطب الله تعالى الناس فقال تعالت كلماته: #أفلا تعقلون» الاستفهام هنا للحث على التفكر والتدبرء والمقابلة بين اللذات العاجلة السريعة الفانية» واللذات الآجلة الدائمة الباقية. «قد تعلم إِنهُ ليَحَرُك الدى يَقُولُون فَإِنَهُمِ لا يكذبونك ولكن الظّالمين بآيات الله يَحَحَدونَ» . (/هاا تفسير سورة الانعام )شا لقيديل سول لشم كك ١١‏ يي #قد» هنا للتحقيق وتأكيد العلمء وقد حاول بعض العلماء أن يجعلها للتكثير» ولكن التحقيق جاء من موضوعها لا من ذاتهاء وإنى أقول إنى لا أعلم أنها جاءت فى القرآن داخلة على المضارع إلا بمعنى التأكيد» وكتاب الله تعالى فوق ما يقرره علماء النحو واللغة. وإن النبى يله كان يحزنه أن القوم لا يؤمنون» ويفترون الكذب عليه» ولقد نهاه الله تعالى عن أن يلج الحزن فى نفسه لعدم إيمانهم فقال تعالى: «[ .. . فلا تذهب نفسك عليه حَسرات . . )4 [إفاطر] وقال تعالى: ل لَعلَّك باخع نَفْسَك ألا يكونوا مؤمنينَ 2 4 [ الشعراء] . ولقد كان يحزن الدبى يليه كفرهم.؛ وما يقولون فى هذا الكفر من رميهم له بالكذب والافتراء» وأنه ساحرء وأنه مجنون» وأن كتاب الله تعالى أساطير الآولين» ولقد ذكر الله تعالى أنهم لا يكذبون النبى علد و(الفاء) هنا تكشف عن محذوف يفيد السسبية» تقديره مثلا فلا تحزن لأنهم لا يكذبونك» «ولكن الظّالمين بآيات الله يجحدون4, والجحود نفى ما فى القلب ثبوته» وإثبات ما فى القلب نفيه أى عدم الإذعان للحق» وقد قامت أدلته.» وكثير من العرب كانوا يعتقدون صدق محمد وليه ولكنهم يمارون فى الحق» ولا يذعنون» ويجادلون فى أياته» وقد روى أن طاغوت الشرك أبا جهل عوتب فى أنه صافح النبى كَلِْةٌ مرة فقيل له فى ذلك فقال: إنى لأعلم أنه النبى» ولكن متى كنا لبتى مناف تبعا؟ ! وهذا على أساس أن الجحود فى الآية منصب على نبوة النبى كَلةِ إذ يعرفون صدقهء ولكن لا يذعنون له فيكونون جاحدين» وهناك تخريج بيانى آخرء وهو أن الجحود منصب على آيات الله تعالى وليس تكذيباء فهو تعزية للنبى يَكلَهِ من جهة أنهم لا يكذبون. ولكن يقرون فى ذات أنفسهمء ولكن يجحدون بشهادة ربهم على صدقه. فهم أشد وبالا. وهنا إظهار فى مقام إضمار إذ إنه سبحانه وتعالى قال: #ولكن الظّالمين بآيات الله يجحدون» ولم يقل (ولكنهم) وذلك لبيان سبب الجحود وهو الظلم 5 1 ف تفسبير سسورة الانعام الملل ااالاا0ا040ا1االللللللك لحر أ المستقر فى نفوسهم» وفيه فوق ذلك تسجيل الظلم عليهم» وهم بذلك مستحقون للعقاب . «ولقد كُذبت رسل من قبلك فصبروا علئ ما كُذَبوا وأُوذوا حتَى أنَاهم نصرنا» . هذا تنبيه للنبى كَِلِلْةّ وحث على الصبر» والانتظار لما وعد من النصر المؤزر» فالله سبحانه وتعالى يبين أنه ليس أول المكذبين» بل سبق إلى ذلك الرسل الصادقون الداعون» ولقد أكد الله سبحانه وتعالى الخبر ب (اللام) وب (قد) لتأكيد التسلية» ولتأكيد طلب الصبر» وتأكيد الوعد بالنصرء ولم يكن التكذيب للرسل سببا للحزن» بل كان طريقه شحذ العزيمة بالصبر» وبتحمل الأذى» وبترقب النصر» والعمل عليه» فمع العزيمة المعززة بالصبر النصرء وليس مع اليأس قوة» فالصبر كان نتيجة التكذيب؛ ولذا كان العطف بالفاء التى تفيد الترتيب والتعقيب» وقوله إكذبوا وأوذوا4 للبناء للمجهول وهو مع (ما) يكون المصدر المؤول منهما- فما للموصول الحرفى أى المصدرية» والمراد الصبر على تكذيبهم وإيذائهم؛ ودل على أن موضع الصبر هو تكذيبهم وإيذاؤهم» وكانوا صابرين حتى أتاهم نصر الله تعالى وأنه مع الصبر الأجرء ولقد قال تعالى : «إأم حسبتم أن تدخلوا الجن وما يكم مُكل الذين خَلوا من قبلكم م متهم الِأْسَاء والضراء ورْلُْوا حَتَىْ يقول الرّسول وَالّذين آمنوا مَعَه مَتَىْ نَصْر الله ألا إن نَصر اللّهِ قريب 49 [البقرة]. فالنصر إن شاء الله آت لا محالة» وهوالعزيز الحكيم القادر العليم . (ولا مدل كلمت الله وقد جك من مس4 . كلمات الله تعالى هى كلمات النصر الذى وعد الله تعالى به نبيه يدٌ ووعد به المرسلين» من قبله» مثل قوله تعالى: ف« وقد سَبقت كَلمتنا لعبادنا المرسلين 9 إِنهُم لهم المنصورون 0 وإ جندنا هم الَْالبِونَ 059 4 [ الصافات ]. وقوله تعالى : كتب الله لأَغلبْنَ أنا وَرسلي إِنَ الله فَوِي عَزِيرٌ 69 4 [اجادلة] . ومعنى تبديل كلمات الله تعالى أن يتخلف وعد اللهء فلا يكون النصر المبين ما دامت الأسباب بأمر الله وتوفيقه مهيأة» وإنه وعد الله تعالى من كلمات الله لا ا تفسير سورة الأنعام 4 الل للفلل 00 حب أ تبديل فيها ولا تغيير ما دام الإيمان يملأ القلوب» والصبر يؤيد النفوس ويأخذون بالأسباب» فإن تغيرت النفوس فليس ثمة موضوع لوعد الله تعالى: 9 . .إن الله لا يغيْر ما بوم حتّئ يعيّرُوا ما بأنفُسهم وَإِذَ راد الله َم سُوءًا قلا مره له وما لهم من دونه من وال 69 4 [ الرعد] . وفسر بعض العلماء كلمات الله تعالى بما هو أعم من النصرء وهو شرائعه. وآياته وتوحدهء وصفاتهء ونصره أى أنه إذا كان النبى يَكِلهِ يشفق على رسالته أن يعروها تغيبر بسبب تكذيبهم وإيذائهم فلا مبدل لكلمات الله تعالى» ونحن لهذا ميل . ولقد أكد سبحانه العظة والتسلية فى أنباء المرسلين» فقال تعالت كلماته: «ولقد جاءك من ثُبَأ المرسلين» ولقد جاءك فيما قص عليك من قصص النبيين وأخبارهم وأنبائهم ما فيه العظة الكاملة» وفيه الشلات لأقوامهم والنصر لهم؛ وكما قال سبحانه: للق كَانَ في قَصصهم عبرة لأولي الأَلْبَاب ... 4179 [ يوسف ]. «وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغى تَقَقَا فى الأرض أَوْ سلما فى السّماء قتَأتيهم بآية» . بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة من أول السورة أنهم متعنتون طلبوا أن يكون مع الرسول ملك» وبين الله سبحانه فى ذلك أنهم معرضون عن الآيات. وأن الكفر قد سبق إلى قلوبهم» فانسدت عليهم كل مسالك الإيمان» فلا يشرق فيهم نور اليقين» ولو نزل عليهم قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين» وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بهاء وأنهم معرضون عن الحق» وإن الآية التى نزلت عليك كافية لإيمانهم إن أرادوا إرشاداء وابتغوه» ولم يبتغوا غيره. وإن النبى يليد كان حريصا على إيمانهم» وكان يكبر عليه إعسراضهم عن الدعوة الحق التى يدعو إليهاء والحجة الدامغة التى يثبت بها صحة دعوته» وكأنه هاا تفسير سورة الأنعام لل 2 هه < يي" يود إيمانهم حتى ولو كان يتحقق بآيات أخرى» فالله سبحانه وتعالى يبين له أنه لا جدوى فى آية جديدة؛ لأآنهم سيعرضون عنها لا محالة» ويكون المعنى: إن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أى مسلكا عميقا فى جوفهاء أو سلما أى مرقاة ترتقى بها إلى السماء لتأتيهم بآية فلن يجدى ذلك؛؟ لأنهم لا يريدون حجة لنقص الحجة التى بين أيديهم» ولكن يريدون العنت ولو جاءتهم آية ما آمنواء فالنص الكريم لبيان أنه لا سبيل لإيمانهم إلا أن يجمعهم الله على الإيمان» ويقذف بالحكمة فى قلوبهم» والله تعالى لم يكتب ذلك» إنك لا تهدى من أحببت» ولكن الله يهدى من يشاء. ولو شاء الله لمعم عَلَى الْهدئ فَلا تَكُونَنَ من الجاهلين» . إن النبى يَكْةِ كان حريصا على أن يؤمن كل الذين يدعوهم إلى دعوته؛ ويظن أن الحجة وحدها كافية لاستجابتهم» فبين سبحانه وتعالى أن حكمته اقتضت أن يكون فى الوجود أشرار وأخيار من الناس» حتى يبتلى الأخيار بالأشرار» وأن سنته فى خلقه اقتضت أن يكون فى الخلق إبليس يوسوس فى صدور الناس ويكون الكفاح بينهم» وأن يبلوهم بالشر والخير فتنة. ولو شاء سبحانه أن يكونوا جميعا مهديين لجمعهم على الهدى والتقوى,ٍ ولكنه لم يشأء كما قال تعالى فى آية أخرى: « ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره النّاس حتئ يكونوا مؤمنين 059 4 [ يونس] . ومادامت إرادة الله تعالى لا بد أن يكون فى عباده أخيار يصدقون ويؤمنون» ومعرضون جاحدون. فادع إلى سبيل الله وانتظر أن يكون المناوئ والمجيب» ولا تكونن من الجاهلين بحكمة الله تعالى» وليس الجهل بأمر شرعى حتى لا يكون محلا للنهى» إنما هو تنبيه إلى أمر تكوينى» كان التنبيه للنبى كَل مؤكداء وهو تنبيه لغيره بالأولى. الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله. إلا تفسيرسورة الأنعام اللتلثائثتئلة لل أ لات اناكم الخلا ااا الالال !تالأ تلان ااا مالالا اللانازااا ممم اناا اللا اللا لل ظظططخخ ماللا لسر ا م سه سرحت ره 2 له <> شاع سس مراضح سم سس خط وم و د م © إِنَمإسححِي بمسجيب الزين سمعون واالموف يبعتهم لم ليه بجغوة نه وكا لوأ 11 عه ءايه مَنْرَيه قلت أله 0 121 لح بس سا سو لا ق درعادأ أنيتزل ءا يَهَ ولكنَ أك رهم لايعلمون 0 29 وما 7 5 عر َ من دَآبوفالْارَضٍ وَلَاطي ريَطِار بساحي إلا ام مالم ل هخ ماس سي رج سم جك مطاف الكت من سَى وشم ِل روم شروت لزي وَأَلّذِم د اتنا صعُوَبَكمف لظلُمت من مياه و_و_- 00000 ل يصَلِه وَمَن معأ عله عل صرَاطٍ مُسَيّقيم 0 تكن اذكه أوَأَسَنّكْألسًا عَدُأَغَْرَ ل هه ّم و سه لس ست 0 ار َدَعُودَيان نشو صر قَينَ 2 وي بلي 000 سس صر وليه م 3 0 سرحو 2 ل مره َدَعونليه إن سَاء وَتَنْسَوْنَ مَاحْتْرِوونَ 0 الكلام فى شأن المشركين وعرض الآيات عليهم» وطلبهم آيات أخرى» وهم معرضون عن كل الآيات بقلوبهم لأنها فى أكنة» ولا يسمعون الحق لأن آذانهم فيها وقر لانصرافهاء وقد أكد سبحانه وتعالى ذلك وذكر وجوب اليأس من المشركين الذين يعرضون عن آيات الله مدعين أن ما سيق لهم لا يكفى لإقناعهمء فقال على وام وس الاستجابة ٠‏ هنا هى الإجاية بعد التفكر والإمعان وتقدير الأمرء فهى إجابة ا تفسير سورة الأنعام مالل م 1 سه : ىج وجوبهاء وقد حصر سبحانه وتعالى الاستجابة بأنها لا تكون إلا للذين يسمعون ولا يعرضون» وينفذون إلى لباب ما يستمعون إليه» ولا ينأون عنه» وفى الكلام تشبيه الذين يعرضون عن الدين ولا يستمعون سماع وعى وإدراك وتفهم بحال الصم الذين لا يسمعون؛ لأن السمع لا قيمة له إذا لم يصل بصاحبه إلى التفهم والهداية . وقد قال تعالى من بعد «وَالموتئ يبعنهم الله وقيل: إن الموتى هم موتى الأحياء الذين لا يدركون الحق» ومعنى بعثهم إيمانهم وهدايتهم» أى أن الله تعالى قادر على هذاية موتى التفكير الذين لا يستجيبونء وقيل المراد بالموتى الكفرة الأموات» ومعنى البعث ليس الإيمان» إنما المراد أنه سبحانه وتعالى سيبعئهم ثم يحاسبهم على كفرهم» والرأى عندى أن تكون كلمة الموتى على حقيقتها والبعث على حقيقته» ويكون نسق النص الكريم هكذا: إنما يستجيب للحق ويذعن له الذين لا يعرضون عن الآيات» ثم بين بعد ذلك حال الذين لا يجيبون بإثبات قدرة الله بأن الله تعالى سيبعثهم مع الموتى» ثم يكون الحساب والعقاب ويرون ما لم يؤمنوا به ويستمعون إلى ما أعرضوا عنه وكفرواء ولذا قال سبحانه من بعد ذلك: طثُمَ َيه يُرْجَعُونَ» أى ثم إليه وحده يعودون راجعين ليجازيهم المحسن بإحسانه» والمسىء بإساءته» ولا يستوى المحسن والمسىء. « وقَانُوا للا نر عليه آي من رَبَّه قل إن الله قاد علئ أن ينل آية ولكن أكفرهم لا يعلمون 4 . فقد دأبوا على الإنكار» لأنهم دأبوا على الإعراض فإ وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إل كانوا عنها معرضين (2) 4 [الأنعام] 8 . .. وإن يرا كل آية لا يُؤمنوا بها ... 69 # [الأنعام]. ولكنهم مع ذلك الإعراض يدعون أن إنكارهم لنقص الدليل» وليس للعنت ومجرهد الجحود. ولقد كرروا القول فى ذلك» وما أرادوا معجزة مطلقة بل معجزة حسية تلفت أنظارهم وقد ذكر القرآن الكريم بعض ما طلبواء فقال تعالى: « وَقَانُوا آن تُوْم لك حب تفجر لَنَا من الأرض ينبوعا 0 أو ها تفسير سورة الانعام للللل 117 1 00 ١ 7 تكون لك جه من نُخيل وعتب فتفَجْرَالأنهَار خلالها تَفَجيرا 69 أَوْ تُسّقط السّمَاء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالل والملائكة قبيلاً 59 أو يكود لك بت من وُخْر ف أو ترقى في السّمَاء وأن ومن لرقيّك حتّئ 5 نز علينا كتابا ره قل سَبْحَان ربِي هل كنت إل بشرا رَسُولاً © 4 [الإسراء ] . قالوا بصيغة الطلب الذى يشبه التمنى والتحريض فعبر ب (لولا) الدالة على التحريض والتمنى» وكأنهم يتمئنون الإيمان بتمنى الآية وهم فى ذلك منحرفون عن الغاية» وقالوا لولا أنزل عليه» أى على النبى كَكِيْةّ وذلك التنزيل آت من قبل ربه وعبروا بالمجهول وبربه وهما يفيدان أن الطلب ليس منه» ولكنه من ربهء فإذا كان رسولا من عنده» فليجب ذلك الطلب الذى نتمناه» ونكون من بعده مؤمنين. وقد رد الله سبحانه وتعالى بأمرين أولهما- أنه سبحانه قادر عليه فهو المالك للسموات والأرض ومن فيهاء وهو القادر على أن ينزل عليهم تلك الآية» فلن يعجزه شىء فى الأرض» ولكن الآيات التى تكون مع النبيين لإثبات رسالتهم تكون على مقتضى حكمته؛ وتكون مناسبة لشريعتهم فتكون خالدة بخلودها. الأمر الثانى- الذى أجابهم سبحانه وتعالى هو أن أكثرهم لا يعلمون» وهذا يفيد أنه سبحانه وتعالى مع قدرته على ما يطلبون لن يجيبهم. لأنهم لا يعلمون أنهم لا يؤمنون» ولو جاءهم بالآيات؛ لأنهم سبقوا إلى الإنكار والجحود. فيكفرون بهذه الآية كما كفروا بالقرآن» ولأن القرآن حجة فى ذاته وهو أقوى حجة تناسب شريعة محمد َلَِةِ؛ لأن الآيات المادية وقائع حسية تنتهى بانتهاء زمنهاء ولا يعرفها إلا الذين يرونهاء أما القرآن فهو باق خالد معجز فى كل الأعصار والدهور فناسب شريعة خالدة باقية إلى يوم القيامة. «إ وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجتاحيه إلا أمم أمتالكُم 4 . ذكر فى الآية السابقة بيان قدرة الله تعالى على أن ينزل أى آية يريدونهاء ولكنه لا ينزلها؛ لأنهم لا يعلمون ولا يفهمون ما يناسبهم» والله تعالى لا يسير | تفسير سورة الأنعام امل 2 لح ا وراء أهوائتهم» وفى هذه يؤكد قدرته وعلمه» وسعة إحاطته بالأحياء جميعًاء وقد قال الزمخشرى فى ذلك: (الغرض من ذكر ذلك سعة الدلالة على عظم قدرته ولطف علمه» وسعة سلطانه وتدبيره تلك الخلاتق المتفاوتة الأجناس المتكائرة الأصناف» وهو حافظ لما لها وما عليها مهيمن على أحوالها لا يشغله شأن عن شأن» وأن المكلفين ليسوا بمخصوصين بذلك دون من عداهم من سائر الحيوان) . ومؤدى هذا الكلام إثبات أن علم الله تعالى الواسع كان من مقتضاه ألا يجيب ما طلبوا؛ لأنهم لا يعلمون المال» وهو يعلمهء كما يعلم كل حيوان من دابة تدب» وطائر يطير»ء ويعرف ما يحتاج إليه وما لا يحتاجه» لقد بين الله سبحانه وتعالى عظم خلق الحيوان» وأنها جماعات وطوائف مخصوصة؛ كل طائفة تكون جنسا قائماء وقد فسرها الأصفهانى بقوله: (قوله تعالى: #وما من داب فى الأَرْضٍ ولا طَائريَطيرٌ بِجنَاحبَه إلا مم أمالَكُم4 أى كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع» فهى من ناسجة كالعنكبوت» وبانية كالشرنقة ومدخرة كالنمل » ومعتمد على قوت وقته كالعصفور والحمام» إلى غير ذلك من الطبائع التى يخصص بها كل نوع. والنص فيه 3 تعميم للأنواع كلها لأن اجتماع (ما)» و(من) يدل على الاستغراق للجماعات والآحاد معّاء فهى فى علم الله تعالى جماعات وأجناس وطبائع مختلفة مثلكم- وقوله تعالى : «إولا طائر يطير بجناحيه» لإفادة التعميم فى أن علمه تعالى يشمل الطائر فى الجوء كما يشمل الدابة التى تدب فى الأرض» والطائر الذى يطيرء فذكر الذى يطير بجناحيه يدل على علم الله تعالى على ما فى الأرض من دواب تدب» وأسماك ولآلئْ تسبح وما فى الجو من طيور تطير»ء وكل هذه أجناس ذات طبائع مختلفة» وذكر الجناحين فى الطير لتوجيه الأنظار إلى الإبداع فى الصنع مع جمال التكوين والقدرة. وفى ذلك بيان لقدرة الله تعالى» وبيان لأن الإنسان لا يصح أن يعلو ويستكبر فأمثاله من الأحياء عدد كثير» وليس عددا قليلا. ها تفسير سورة الأنعام 2 جا 211111 1 )ليم ينهو بي ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى رهم يُحشرون 4 . ما تركنا شيئًا لم يحص فى الكتاب أى فى المكتوب المسجل بعلم الله وهو اللو الحصفوظ. فالكتاب :اهو اللو الصفوظ. وقد ار ذلك اصراعة فى آية كتاب مين هوه ]. . أق منقصح ذاكار لأسمائها وأعدادها وأنواعها. وهذا أوضح تفسير لمعنى لما فرَطنا فى الكتاب من شىو» وقال بعض المفسرين: الكتاب هو القرآن ومعنى التفريط أنه لم يغادر شيئا من الأحكام إلا بينه. وأسرف آخرون فقالوا: إن القرآن ما ترك علم شىء قط من الشرائع أو غيرها من الأشياء والأحياء . والابين هو ما ذكرناه أولا- لأنه المتفق مع النصوص الأخرىء وثانيًا لأنه المناسب لذكر الأحياء. ولقد ذكر الله تعالى من بعد ذلك أن كل الأحياء يحشرون إلى ربهمء فقال تعالت كلماته: « ثم إلى بهم يحشرون 4 أى يجمعون إلى ربهم الذى خلقهم من عدمء والتعبير ب «ثم» للؤشارة إلى أنهم أعداد لا تحصى فى علمناء وجمعهم ليس يسيراً فى ذاته» وإن كان بالنسبة لله تعالى أمرا ميسراء وفيه أيضًا بيان لبعد الموت عن البعث والقيامة» وإشارة لاستغراقهم جميعا. «( والذين دوا بآياتنا بكم فى الات من ين همضل ون يشا يجعله على صراط مستقيم © . هذا النص السامى يبين أن الذين لم يسارعوا إلى الحق استجابة لعناصر الانحراف والجحود فى نفوسهم.ء واتباعًا للهوى لا يهتدون؛ لأنهم سدوا على أنفسهم مسارب النور إلى الحق» وقد شبه سبحانه وتعالى حالهم بحال الصم والبكم الذين يسيرون فى الظلمات. فإنهم لا يبصرون طريقًا للهداية يسيرون فيه؛ إذ إنهم فى ظلمات حالكة متكائفة فلا ييصرونء ولو كان بصرهم سليماء فهؤلاء لا يجذبهم دليل ولا يهديهم برهان» ولا يمكن أن يستجيبوا لمن يهديهم. لأنهم بكم لا ينطقون. ولايمكنهم أن يستجيبوا لداعى الهداية» لأنهم لا يسمعون إذ هم ا تفسير سورة الأنعام لمي 0 حر ل صم وبكمء فالكلام فيه استعارة تمثيلية إذ شبهت حال الجاحدين الذين يعرضون عن كل آية بحال الصم البكم الذين يعيشون فى الظلام من حيث لا نور يهديهم» ولا سبيل لأن يهتدوا. وقد بين سبحانه وتعالى أن ذلك بعلم الله تعالى وإرادته» وأنه لا تخرج حركة عن حركة إلا بإذنه فهدايته المهتدين بمشيئته» وضلال الضالين بمشيكته» فلا يخرج شىء فى الوجود من غير مشيئنتهء ومعنى من يشا الله يضلله» أى من يشأ الله تعالى له أن يكون فى ضلال يضلله بأن يجعله يسير فى طريق غوايته؛ فيعرض عن الآبات ويصاب بستار يحول بينه وبين الحق من ذات نفسه لا من أمر خارج عنه» بل باختياره الغواية فيتركه الله يسير فى طريقه الذى رسمه لنفسهء ومن يشأ الله تعالى له الهداية يسير فى طريق مستقيم يوصله إلى الحق والهداية . وهنا أمر نشير إليهء هو أن الهداية والضلال ليسا إجباريين لا اختيار للعبد فيهماء كما يقول الجهمية ومن يسيرون فى طريقهم» وليسا للعبد من كل الوجوه. كما يقول المعتزلة» ومن يسيرون فى فجهمء وإنما الأمر أن للعبد اختيارا فى الطريق الذى يسيره» والله تعالى يوفقه فيهء فإن كان خير)ً خطا فيه إلى الغاية؛ وإن كان شر سار حتى الهاوية . قل أرأتكم إن أتاكم عَدَابْ الله أَوَأَنََكُمُ السّاعَةٌ أَغْيْرَ الله تدعون إن كنتم صادقين». ٠ ٠‏ ِأَرأَينَكُمْ4 استعمال قرآنى أراد العلماء أن يخرجوه على مقتضى قواعدهم النحوية» من حيث الإعراب» وكيف يكون وضع الحروف» وكلمة أرأيت فى القرآن والاستعمال العربى تستعمل للتنبيه والتحريض على الرؤية والنظرء فهو استفهام للتنبيه مؤداه أرأيت كذا فإن لم تكن رأيته فانظره» فهو تنبيه» وحث على الإمعان فيه والتأملء وقوله تعالى: ظأَرأيتَكُم4 فيه جمع بين خطابين أحدهما مفردء وظاهره أنه خطاب للنبى كله وهو التاء»ء وهو فاعل الرؤية أو على حد قول النحويين التاء فاعل» والثانى - خطابهم بالكاف» والظاهر الذى يبدو بادى لها تفسير سورة الانعام مم ل 1 آ1ذآ2232011 حر اق الرأى أن الخطاب لهم بالقصد؛ ولذلك جاء بعده إن أتاكم عذَاب». وكان خطاب النى وه لتنبيهه وَكِهُ إلى خطابهم وإجابتهم» ويكون المؤدى بيان ضعفهم أمام الحوادث» والمسلمات وصغارهم واستغاثتهم بالله وحده. وأنهم لا يدعون سواهء وتنبيه النبى وه إلى ذلك . هذا ما يبدو لنا من معنى هذا الاستفهام البليغ الذى هو من آيات الإعجازء ولا حاجة فيه إلى أن نقول: إن الكاف حرف أو اسم. ولا أن نقول الخطاب بأيهما أبالتاء وحدها أم بالكاف وحدها. والحق أنه بهما معًا فالتاء للنبى كلل والكاف للمشركين» وفى التاء تنبيه إلى ما يكون منهم من إجابة. والحنطاب موجه إليهم للوجابة عن سؤال معين إن أتاكم عذاب الله الدنيوى من زلزال مدمر أو خسف يجعل عالى الأرض سافلهاء أو عاصف شديد» أو فاجأتكم الساعة أى القيامة طأَغْيرَ اللّه تدعون» أى أتدعون غير الله من أحجار تجتلبونها أو نار توقدونها وتعبدونهاء أو شمس تقدسونها؟ لا أحد غير الله سبحانه» إذن فلم تعبدون غير الله؟! وهم لا يملكون ضرا ولا نفعّاء وعلق سبحانه وتعالى الإجابة على الصدق لكى يكون الجواب لا تمويه فيه بل يكون صادرا عن حقيقة واقعة لا عن أوهام يتوهمونهاء ويحسبونهاء بل عن عقل مدرك صادق خالص من الأوهام والأهواء والأخيلة الفاسدة. ولقد أكد سب حانه الإجابة السليمة بقوله تعالى: بل إِيّاهُ تدعون فيكُشف ما تَدعون إليْ إن شَاء وَتَسَوَ ما تُشْركُونَ 4 . انتهى الكلام السامى بقوله تعالى: ظأَغْيرَ الله تدعون إن كسم صادقين» أى تتحرون الحق وتدركونه. وقد أجاب سبحانه وتعالى عنهم بالإضراب عن تفكير أوهامهم وهو أنهم لا يدعون سواى؛ ولذا قال سبحانه: «بل إيَاه تدعون» قيل للإضراب الانتقالى عن تفكيرهم وأوهامهم» وتقديم المفعول على الفعل والفصل بقوله: لإِيّاه تدعون» للقصرء أى لا تدعون إلا إياه» إِذا لا تفكرون فى غيره» - تفسير سورة الأنعام لل 4 لوز يي وذلك دليل على أن المشركين مهما يضلوا يتجه تفكيرهم فى الشدائد إلى القوة الخفية الخالقة فى هذا الوجود» وهو الله سبحانه وتعالى خالق الكون ومسيره» فهو مجيب المضطر إذا دعاه» وأن الله يكشف أى يزيل الضرء وكأن الشدة غطاء غامر محيط» وإزالته كشفه» ففى هذا التعبير استعارة فيها تشبيه حال إزالة الشرء بحال كشف غطاء غامر مؤلم؛ بجامع إزالة الضر فى كل» وإظهار السلامة» والفاء هنا لترتيب الفعل على الدعاء وسرعة الإجابة. وإن الله تعالى يكشف الضر إذا لم يكن فى ذلك مفسدة وكان فيه خيرء وكانت الرحمة تفرضه» كما قال تعالى: #... كتب ربكم علئ نفسه الرحمة ... 49 [الأنعام]؛ ولذا قال سبحانه: «إن شاء» أن يتفضل عليكم بهذا الكشف» ويرحمكم ولم يكن فى هذا مضرة» ولا إغراء بالفسادء ولا إيذاء لغيره» فعمله تعالى فى دائرة الحكمة والنفع» وإن لم يكن فى ذلك إلزام» فإنه سبحانه وتعالى إلا يسأل عمًا يَفعلٌ وهم يسألون © 4 [الأنبياء] . وظاهر أن كشف الشدة إنما يكون فى شدائد الدنياء وهى التى تتعلق بها المشيئة إن شاء أنزلها وأبقاها لحكمة» وإن شاء أزالها وأنظرهم؛ كما كان يفعل مع قريش» أما ما يجىء بعد الساعة من حساب وعقاب المشركين فإن الله لا يكشفه عن المشركين» إذ يقول سبحانه: ظ إن الله لا يغفر أن يشْرك به ويَغفر مّا دون ذلك لمن يَشَاء ... 59) 4 [النساء]. فلا يمكن بمقتضى وعيده سبحانه أن تكون عقوبة الشرك يوم القيامة موضع كشف أو إزالة. وقوله تعالى: طفيكُشف ما تدعون إلَيه إن شاء» الكلام متعلق فيه بالمشيئة» وأريد به السبب» ذلك أن السياق يستفاد منه أن الكشف عن الدعاءء والحقيقة أن الكشف عن الفر الذى سبب الدعاء والله سبحانه وتعالى كاشفهء ومزيل ضرهم. وإنهم فى هذا الحال يتركون أحجارهم؛ لأنهم فى هذه الحال تستيقظ مداركهمء» فلا يلتفتون إلى أوثانهم إذ يرونها لا تنفع ولا تضرهء بل ربما يكون 2 لإا تفسير سورة الأنعام ااال 7 2 اليلاء حاطمًا لهاء ومنكساء فيتركونها أو أن شدة الهول تجعلهم ينسون ما علق بأوهامهم عنها ولا يكون أمامهم إلا الحقائق الثابتة. ويكون هذا النسيان سيبا للترك وعدم الالتفات؟ ولذا قال سبحانه وتعالى : مم اص هام اس «وتتسون ما تشركُون» أى تغيب عن ذاكرتكم فتتركونها لأنها لا حول لها ولا قوة» ولا يذكرون إلا خالق الكون؛ ورب الوجود كلهء وهو الحى القيوم» ولكن نسيانهم قد يستمرء وقد يذكرونها بعد الشدة. ويجب أن نذكر هنا أن المشركين من قريش لم تكن قد ذهبت بهم اللجاجة فى اماد إلى ألا يؤمنوا بالروح» فهم مع إشراكهم بالله تعالى كانوا يحسون بمقتضى الفطرة أن هناك قوة روحية تسير الأمور الكونية؛ قال تعالى: إولئن اهم م تل من السماء ما فيا به اأوض من بعد متها ون الله الحم لله بل أكترهم لا يَعقلُون 42 [ العسكبوت ], اللهم ألهمنا شكرك ولا تنسنا ذكرك. سر لسر جو 1 ب سرحت سرهم وَلكَدََرسِلنَا َ- 2 اس عر سكس 7 مل أ م يه ب هر !1 مين فبك لهذ نهميا لبأساء والصراء لعل بضمَعون 0 سم فى يأ و ير سام ل وو م مَلوكك و 76 جاءهم باسنا نا تضرعو أ ولب ست بس وَرَيِّنَ لَه مالم طن ماكو بَكَمَلُوْرَتَ 1 يَ سوير اطخ :وت طقن . 20 م | و ير هذ فرحوابما أونوا دهم بغتة فإذ ذأهم مر سون و يدالو اَن رفير نلعي 2 ا تفسير سورة الأنعام الال ا يل ل حب لا الكلام فى أحوال المشركين مع النبى كلفد ومجابهتهم له وسوق العبر لهم وفى هذا النص الكريم بيان أحوال النبيين مع أقوامهم. وأحوال الأمم فى الضراء والبأساء» ومقدار انتفاعهم بها والعبرة فى ذلك؛ ولذلك قال تعالى: وقد أَرْسلَنَا إلى أَمَم من قبل فَأَحَذنَاهم بالبأساء والضراء لعلَّهُم يتضرعون» فى هذا النص بيان لعلاج الله تعالى للأسقام النفسية للأمم التى تتعصى على الهداية» وعلى الاستقامة على الحق إذا دعوا إليه» فليس الناس جميعًا طلاب حق يتبعونه إذا هدوا إليه» ولا يستمعون إلى الحجة إذا سيقت إليهم» بل يعاندون ويكابرون» فهؤلاء يحتاجون إلى علاج دنيوى» وذلك بالشدائد تنزل بهم؛ لآن الجحود والبالغة فى الإنكار سببهما الاغترار بالدنيا وما فيها من متع» ولا علاج لغرور الجدة إلا بالحرمان منها ليذوقوا طعم المر بعد أن ذاقوا رطب العيش» علاج لغرور الصحة إلا بالمرض حيناء ولا لعلاج للقوة إلا بالضعف. وعسى أن يكون هذا بصوره المختلفة باختلاف الداء مؤديا إلى شفاء النفس» والاتجاه بها إلى الهداية» وقد عالج الله تعالى حالهم بأمرين: أخذهم بالبأساءء وهى البؤس الشديد» والبؤس هو الفقر وضيق العيش حتى يكون ضتكاء وذلك يكون للأمم بالأزمات تجتاحهاء وبجفاف النبات» وبالجوائح المبيدة وغيرها مما يصاب به اقتصاد الأممء والثانى الضراء بالمرض تصاب به الأجسام وبالأوباء المرضية تتفشى بين الجماعات . ولقد فعل الله تعالى ذلك بفرعون وقومه عندما أصابه هو وهم الغرور وطغوا فى البلاد. وقد قال تعالى فى ذلك بعد أن سخروا بكل آية: «فآرسأنا عليهم الُفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقَمّر(1) اماع والدّمآيات مُقَصّلات فَامكْبرُوا وكَانُوا قَوما مُجرمين 6590© لم وقح عليهم الجر فَاُوايّا مُوسى اع نا وك بما هد عددلك لين كفت عناالرجز لنؤنن لك رسن معك بي إسرائيل 655 فلم كَشَفَنا عنهم الرجز رَإَى أجل هم بالغره إذَا هم يتكفون 29 انتما منهم فَأعْرقنَاهم ف في اليم نهم كَذبُوا بآياننا وكَانُوا عنها غافلين 4025 [الأعراف] . )١(‏ قال المؤلف - رحمه الله -: القمل: حشرة تأكل الزرع تشبه دودة القطن» ولعلها هى. اا تفسير سورة الانعام 459 ل 1000000000 [ أ ذ[ذ[ذ1ذآ21010101#1#1#1 لجلا 6 وإن الآلام علاج النفوس المغرورة بزخارف الدنياء ومتاعها إن كانت صالحة . للعلاج» وقد يستعصى الداء ويصعب العلاج» وإن الله تعالى عالج الآم م بالآلام عساهم يخضعون» ويبتعد الغرور عن نفوسهم؛ ولذا قال سيحانه: «لعلهم يتضرعون» أى لعلهم يخضعون ويتطامنون وتذهب كبرياؤهم إذ يحسون بضعفهم وإنه حيث كان الإحساس بالضعف قربت النفس من الإيمان فالإيمان إذعان وخضوع» ومن جنسهما التضرع والتطامن والبعد عن الغرور» وعن الاستكبار على الحق» والرجاء هنا يفيد المقاربة بين إصابة الكاذبين بالبأساء والضراء. والخضوع للحق. فالمراد من الرجاء لازمه» وهو القرب من الحق» والإذعان له. «( فلولا إِذ جاءهم بأسنا مضرَعوا ولكن قسست قُلُوبهم ورين لهم الشْطَان مَا كَانُوا يعملون» . البأس هنا الشدة . وهى أكثر ما تكون فى شدة الحرب. ولأواء القتال» ويطلق على شدة الفقر والبؤس فى العيش» و(لولا) هنا للنفى مع تمنى الوجود فهى لنفى تضرعهم مع تمنى أن يكونوا قد تضرعواء والتمنى هنا معناه ينبغىء كأن المعنى هكذا لم يتضرعوا وكان ينبغى أن يكون البأس الشديد مؤديا إلى ضراعتهم؛ لأنه يشعرهم بضعفهم أمام قدرة الله تعالى الغالب القاهر فوق كل شىء. لكن الإحساس بالضعف الذى دل عليه نزول البأس عليهم - ولا قبل لهم - وجد مانعان يمنعان أثره. فإذا كان قد وجد سبب الضراعة فقد وجد المانع منها. والمانع منها أمران: أحدهما- قسوة القلوب. وقد عبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله تعالى: «ولكن فست قلوبهم * وكان ذلك الاستدراك للإشارة إلى أن الضراعة وقسوة القلوب لا يجتمعان ولو نزلت الشدائدء» وإن ضرعوا فإلى أمد محدود. ثم تعود إليهم أحوالهم . والسبب فى أن القسوة والضراعة نقيضان لا يجتمعان أن القسوة غلظ فى النفوس والطباع وإن بعض النفوس لتقسو حتى تكون كالحجارة أو أشد قسوة» وإن > تفسير سورة الأنعام لل 2 سس ا من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار» وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها للا يهبط من خشية الله. والضراعة رقة فى القلب ورأفة فى النفس» وإحساس بآلام الغير وآلام النفس فلا يكون القاسى ضارعا ولو كان جباناء إذ الضراعة علو مع رأفة ورحمة وطمأنينة والقسوة غلظة» وقد يكون الجبان غليظاء بل فى أكثر الأحوال هو كذلك . الأمر الثانى الذى بمنع الضراعة- تزيين الشيطان العمل للنفس. وقد عبر سبحانه عنه بقوله تعالى: #وزين لَّهِم الشيطان ما كانوا يعملون» إن الشيطان قد يراد به هنا النفس الأمارة بالسوء التى تزين السوء فتجعله كالحسن وما هو بحسن» وإِن هذا التزيين النفسى لعمل السوء للنفس لا يجعل الآثم يحس بإثم ما ارتكب . والضراعة توجب الإحساس بذلك الإثمء حتى يتجه إلى ربه تائبًا توبة نصوحاء ومن أول درجات هذه التوبة أن يحس بإثم ما فعل. ثم يندم عليه. ثم يعتزم ألا يفعل» ولا يمكنه أن يكون ذلك ممن زين له سوء عمله فيراه حسنا وما هو بحسن. وفى التعبير بقوله تعالى: طوَزَيَ لَّهُمْ ليطا مَا كَاوا يَعملُونَ» ناحية بيانية رائعة ذلك أن عبر بزين لهم الشيطان سوء ما يعملون.. ولم يقل حسن لهم الشيطان. كما يجرى على الألسنة فلان يحسن القبيح؛ لأن القبيح لا ينقلب حسئاء والسيئء لا ينقلب» ولكن السيئ أو القبيح بتمويهات وتزيبنات يظن معها أنه حسن. وما هو إلا تمويه باطل» وإنهم إن لم يهذبوا بالشدائد اختبروا بالنعم» فقال تعالى: 7 لما نَسُوا مَا كوا به فنَحنَا عليه أْوَاب كل شَيْء حَمَّئ ذا فَرحوا بما أُوتوا أحَدَنَاهُم بفَدَهَذا هُم مُلسُوه». 00 | الا ا الفاء لتفصيل ما كان منهم وبيان ما ترتب من عواقب قريبة وأخرى بعيدة» فإنهم إذا لم يتضرعوا بسبب قسوة قلوبهم وأنهم زينت لهم أعمالهم - كان لذلك 9 لها تفسير سورة الأنعام ١ 2‏ ل 000 1 55 آ#آ2212000211# > د عواقب. وكانوا بتلك القسوة وتزيين السوء ناسين لما ذكروا به. فقد ذكروا بالبأساء والضراء وبسبب قسوة قلوبهم تركوا ما ذكروا به والنسيان هنا ليس هو مجرد الترك» إنما هو نسيان آثار الضراء والبأساء. فإن الضراء والبأساء لكى تنتجا آثارهما المتقيقية من الضراعة يجب أن تتركا آشارا فى القلوب تكون مذكرة بانتظام دائم لهما ولكن القسوة والغرورء والعجب والاستكبار محت تلك الآثار المذكرة فكان النسيان» وعاد الاغترار والاستكبار. اوالله تعالى فى هذه ال حال التى أصابهم فيها النسيان يقول: «فتحنا عليهم أبواب كل شيء» أى أن الرزق وأسباب القوة والاغترار والاستكبار تأتيهم وتسهل لهم فكانوا فى سعة فى كل شىءء؛ وقوله هذا: ا فتحنا عليهم أبواب كل شيء» فيه استعارة تمثيلية لمعنى تسهيل كل شىء حتى يكونوا فى بحبوحة وسعادة مادية وعدم خوف. واطمكئان إلى المستقبل» أو نقول إن النص القرآنى كناية عن هذا المعنى ؛ لآن من يفتح له باب كل شىء» يكون لا محالة فى سعة مادية واطمئنان مادى . وهذا العنى فيه اختبار للنفس غير المؤمنة بالنعمة بعد أن اختبرها بالنقمة. كقوله تعالى : وما أرسلنا في قرية من نبي بي إلا أخذنا أهلها بالبَأساء والضراء لعلهم يضَرعون (0© ثم دنا مكان اليه الحسنة حت فوا وَكالُوا قد مس آبَاءنا الضسراء والسراء فأخذتاهم بغْعَة وهم لا يشعْرُونَ ©©»4 [الأعراف]» وإن هذا الذى ذكره النص القرانى بالنعمة بعد النقمة هو اختبار شديد؛ ولذا روى عقبة بن عامر أن النبى كيد قال: ١‏ إذا رأيت الله يعطى العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج. ٠‏ ثم تلا قوله تعالى : «( هلما نسوا ما ذكَروا به فحنا لهم واب كل شيء حتئ إذا فرحوا بما أوثوا أَحَذنَاهم بَعَْة اذا هم مبلسُون»» . وروى عبادة بن الصامت أن رسول الله يَكِهِ قال: : "إذا أراد الله تعالى بقوم بقاء أو نماء رزقهم فتح باب القصد والعفاف, وإذا أراد بقوم اقتطاعا فتح باب الخيانة) . ع ها لمسشسبير شسنوره الانعام مل ' حب 1 وإن هذا الفتح والرزق الواسع إلى حين ليذوقوا النعمة ثم الحرمان منها فجأة؛ ولذا قال سبحانه: طحت إِذا فرحوا بماأُونُوا أَحَذنَاهم بَغْنَة فإذَا هم مبلسون» . إنهم إذ يكونون فى فرح مما أعطاهم الله تعالى أخذهم الله تعالى بالحرمان أو أصابهم بالموت المفاجئ أو الخراب الجائح فى وقت لم يتوقعوهء بل كانوا يتوقعون المزيد من النعم ويحسبون أنها حق مكتسب لا يمحى فَإِذا هم مبلسون», أى فى غم وكمد وحزن ويأس وحيرة بعد الفرحة. وهنا تعبيران جليلان جديران بالالتفاف. أولهما - أنه عبر عن إعطاء الله النعمة بما أوتوا - أى بالبناء للمجهول؛ لأنهم يحسبون أن ذلك بعلمهم وقدرتهم وحدهم. . كما جاء على لسان واحد من أمثالهم وهو قارون # . .. إِذْقَال لَه فومَهُ لا تفرح إن الله لا يحب الفُرحين 570 وابتغ فيما آَاكَ الل ادر الآخرة ولا تدس تصيبك من اللنيا وأحْسن كما أَحْسَن الله ليك ولا بغ ساد في الأرض إن الله لا يحب المفْسدين 699 قَال إِنّمَا أوتيته علئ عم عندي أو م يعم أن الله قد هلك من قبله م لون من هو سد منه و وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنُوبهم المجرموت 40 [القصص]. الثانى- أن الله أضاف الأخذ إلى ذاته العلية إذ قال: «أَحَذنَاهم4 لأنهم لا يتكرون ذلك وينسبونه إلى ربهم. «ققطع دابر القوم الّذين ظَلَموا وَالْحَمَد لله رب العالمين» الفاء هنا للتفريع على ما قبلهاء و#دابر القوم» أى آخرء . والدابر هو الآخر وإذا قطع الدابرء فإن معنى ذلك أن القطع سرى من الأول حتتى وصل إلى الدابرء وإطلاق الدابر بمعنى الآخر جاء فى كلام العرب» ومن ذلك قول بعضهم: إن من الناس من لا يأتى الصلاة إلا دابرا» أى آخر الوقت والدابر تجىء بمعنى الآأصل . والمؤدى واحد فى النص الكريم» أى قطع الذين ظلموا عن آخرهم» وذلك بسبب هاا تفسير سورة الأنعام )م ل 111100000 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 02325611111 1 ١1 00 لي‎ ظلمهمء وظلمهم كان لأنهم أشركوا بالله تعالى: «... إن الشرك لَظلم عظيم ٠‏ [القمان]ء ومن كان يشرك برب العباد لابد أن يظلم العبادء فمن الذى يتقوه من بعده. وظلموا أنفسهم؛ لأنه سبقت العظات والمعاملات ولم يعتبروا فاستحقوا ما نزل بهم. وقد ختم الله تعالى النص بقوله: وَالْحَمَد لله رب الْعَالمينَ4 يعلمنا الحمد لله عند زوال الظالمين» ؛ فهلاك الظلمة والطغاة نعمة تستوجب الحمد والثناء ويقول فى ذلك الرمخشرى: ««والحمد لا لله رب الْعالّمين» إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة. وأنه من أجل النعم وأجزل القيم» . ونظير هذا النص الكريم قوله تعالى: # وأمطرنا عليهم مُطرا فْسَاء مَطَرَ المندرين © قل الْحَمّد لله وَسَلامٌ على عباده الَذِينَ اصطفى . .. 429 [النمل]» ووصفه سبحانه ب #رب العالمين إيذان بأن القضاء على الذين ظلموا بعد أن اختبروا بالبأساء والضراء»ء ثم بالسراء والنعماء هو من تقدير الربوبية» وتدبيره سبحانه رب العالمين. جم مرء لس 010 يض عَلَ ولو ب قل أَرء يسم إن أَحَذَ ألم ممع وأِصدرَ وك د ا ال ايخ سحت ترك 0 عه 1 رم 5201 عر 56 نهم يَصَدفونَ ل قل أَرَيتكم ِنَأ عدَابت1 َْهأوجهَرَهحلْيهك لاقو موت > ارا لامر ل ميحر . رس َسِل مسن َل لا مبدشرين وَمَنِذِرِسنَ فَمَنْءَامَنَوَأْصَلمَ جح سم َك سل ل سا جوتقهي مم -ه ص م 0 فلاخو علو اهم 2 هٍَ ذا والذين باينا اليد مجو ار لس حجن يمسهما لعذاب ب يما كانوأ يفسفون ليا ل ل تفسير سورة الأنعام اال 4 > لا فى الآيات السابقة بين الله تعالى ما عامل به الأمم السابقة بعد أن جاءتهم رسلهم بالبينات» فاختبرهم سبحانه وتعالى بالبأساء تنزل بهم» والضراء تمس أحياءهم ؛ رجاء أن يعرفوا ضعفهم بجوار قدرة ربهم» وأن تربى الشدائد نفوسهم» فمن لم يتجه إلى الله ويكفر بعد كشف الضراء عنهم» ويقسو قلبه وينسى ما ذكر به من شدائد» يختبره بالنعمة» يفرحون بهاء ويذوقون حلاوتهاء ثم ينزل بهم الحرمان ويأخحذهم بغتة بالشدائد ويكون ذلك أقسى من الأول إذ يتحيرون ويقطع دابرهم» وفى هذه يبين لهم سبحانه نعمة الله عليهم فى الخلق والتكوين» ويذكرهم باتجاههم إليه إن أخذ سمعهم وأبصارهم وختم على قلوبهم أفلا يدركون» فقال تعالى: 'ْ طقل ركم إن أَحَدَ الله سَمْعَكُم وأبصاركُمَ وَحَمَمَ على قُُوبكُم من إِهُ عير الله يأتيكم به» . فى الآيات السابقة - كما قلنا - كان ذكر ما ينزل حولهم ثم يصيبهم»ء فالدمار ينزل حولهم ثم يصيبهم» وهنا ذكر ما ينزل بحواسهم وكيانهم قائم لم ينقص» ففى هذا النص بيان قدرة الله تعالى فى أنفسهم وفى أجزائهم وحواسهم» وامتلاكه لهذه المداخل التى تكون إدراكهم وهى السمع والبصر والفؤاد؛ كما قال تعالى في آية أخرى قل من يرزقكم من المسّماء والأرض من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الح من المَيّت ويخرج المت من الحى ومن يدبر لمر فَسيقولُونَ الله فقل أفلا كَقُونَ 60 > [يونس] ومعنى أخذ الله سمعهم وأبصارهم والخنتم على أفئدتهم » أن يصبحوا لا يسمعون حقيقة ولا ييصرون حقيقة» ولا يفقهون فيسلبهم سبحانه الفهم والإدراك» وواضح أن أخذ السمع والبصر يكون بعدم السماع والإيصار؛ لأآن هاتين الحاستين تسمعان وتريان» وأخذهما قَقَدٌ عملهما- ولكن الأفئدة شىء يخفى لا يؤخذ بل هو باق» ولكن يغشى عليه» فليس الجنون ذهاب العقل» وإنما الجنون ستر العقل فلا يدرك الأمور على وجههاء ولذلك عبر عن فقد الإدراك بالجنة؛ لأن العقل يُستر ولا يذهب كما يذهب السمع والبصر؛ اها تفسير سورة الانعام لا 11000 1 1 1 ذ 1 1 1 1[ 1 آذآ #1آ#آ1#آ1 2222010111111 لسرب ولذلك قال سبحانه: «إوختم على قلوبكم» أى وضع غشاوة على قلوبهم؛ فتصبح كالشىء المختوم لا ينفذ إليه شىء من الإدراك» وذلك بلا ريب هو أعلى دقة فى التعبير تليق بمقام القرآن الكريم فى البيان الذى لا يصل إليه أحد من البشرء والتعبير بقوله تعالى: «أرأيتم» الاستفهام فيه للتنبيه» كأنه سبحانه وتعالت كلماته يقول أرأيتم . أى إن لم تكونوا قد رأيتم ذلك فروه وعوه) وأدركوا ما وراء ما يدل عليه . وقوله تعالى: من إِلَّه غير الله يَأَِيكُم به الاستفهام فيه لإنكار الوقوع الثابت بالدليل الذى لا مجال لإنكاره» والضمير فى (به) يعود إلى المأخوذء وهو السمع والبصر والفؤاد» وقام الأخذ والختم مقامه من قبيل قيام السبب مقام المسبب» و(يأتيكم) معناه برده عليكم» وعبر سبحانه ب (يأتى) للإشارة إلى أنه يكون كالجديد» والنص يشير إلى أنهم وحواسهم فى يد الله سبحانه وتعالى» ويشير إلى أمر آخرء وهو أنه تعالى قادر على إعادة السمع والبصر والإدراك» وهى أجزاء ججسمكم المدركة المصرفة؛ أفلا يكون قادرا على إعادتكم فى البعث كما بدأكم أول مرةء إنكم ترون من يذهب سمعه كأن فى أذنيه وقرا ثم يسمع» ومن يذهب بصره ثم يبصر بعمل الله» ومن يصاب بجنة ثم يفيق» وكل ذلك من الله تعالى» إن ذلك محسوسء فلماذا لا يقيسون عليها عودة الأجسام بعد بلاها كما بدأكم تعودون. «إانظر كيف صرف الآيات ثَمَ هم يَصدفُونَ 4 المخطاب للنبى ككل لبيان حال المشركين» وأنهم لا تؤثر الحجة فيهم مهما تكن واضحة نيرة ملزمة» والتصريف: التغيير» وهو يكون فى ذات الآيات يتعددها من آية كونية إلى آية قرآنية» فالتعدد صورهاء فتعدد فى صور الآيات الكونيية من عواصف عاتية إلى مطر صاخب إلى خسف للديار» ومن آيات قرآنية زاجرة ضاربة للأمثال مبينة للمثلات» إلى تذكير بقدرة الله تعالى فيما تحيط بهمء وتذكير بأنفسهم » ومع هذا التصريف المتتابع » والآيات الواضحة المنوعة تجدهم صادفين؛ ولذا قال تعالى: 9نم هم يُصدفُوت» أى نا تفسير سورة الانعام الل اا 2 ب اه يعرضون:» ولا يجيبون من الصدوف بمعنى الإعراض» وأصل الصدوف الميل عن الجانب؛ لأن أصله الصّدّف بمعنى الجانب» فمن يصدف يميل عن هذا الجانب أو يجعله حاجرً دون الإيمان» وقد عبر فى العطف ب «ثم» للدلالة على التراخى المعنوى بين الآيات وتتابعها والإعراض» وقد أكد سبحانه وتعالى اللإعراض منهم بضمير الفصل ؛ لأن وقوعه غريب فى ذاته بعد تلك الآيات البينات . طقل أرَيَكُمْ إن أنَاكُم عَدَابُ الله بَْةَ أو جهرة هل هلك إلا القوم الظالمون 4 . الخطاب للنبى يَكلِ فى قوله تعالى : «قل4» وللنبى كك وللمشركين فى قوله: «أرأيتكم» وقد ذكرنا تخريج هذا اللفظ على ما يقوله النحويون واللغويون فى البحث السابق» فارجع إليه» «بغتة4 أى مفاجأة» و#جهرة» أى جهاراء وقد ذكرت الجهرة فى مقابل البغتة؛ لأن البغتة بمقتضى المعتادة تكون فى خفية ولا إعلان فيها من قبل» أو على الأقل تجىء من غير ترقب ولا انتظار» فهى خخافية على من نزلت عليهم؛ ولذلك قابلتها جهرة» ولقد فسر الزمخشرى احتمال بغتة أن تكون بمعنى ليلاء وجهرة بمعنى نهاراء» وهو معنى مقارب؛ لأن المفاجأة تكون بالليل» والعلنية تكون بالنهار عادة. وعذاب الله تعالى يجىء من غير ترقب. كحال الذين قالوا #إعارض مُمطرنًا» فقال سبحانه: # . .. بل هُوَمًا اسَتَعْجلكُم به ريح فيها عَدَابُ أليم 69 »© [الأحقاف]. وقوله تعالى : هَل يُهِلَكَ إلا الَْوْمُ الظّالمون4 الاستفهام هنا إنكارى لإنكار الوقوع» أى لا يهلك إلا القوم الذين تجمعوا على الظلم» وتحزبوا وتضافروا عليه؛ وتعاونوا على إثمه. وهنا مباحث لفظية موضحة: أولها- لماذا كان النفى بالاستفهام؟ الجواب عن ذلك للتنبيه» كأنه كان سؤال وكانت إجابة» وذلك تأكيد للنفى فضل تأكيد. انيها- أن سبب الهلاك هو الظلمء فقد ظلموا بسبب الشرك» وظلموا بعدم الطاعة» وظلموا أنفسهم بضلالهاء والظلم وخيم العاقبة. لاا تفسير سورة الانعام و ال 10000 1[ 1[ آذ آذ آذآ 212211 إليطلهاأا > ناد الشها- أن الكلام فيه حصر الهلاك فى الظالمين مع أن الفتنة تعم ولا تخص. كما قال تعالى: «١‏ ُو فئة لأ تُصمين لذن ظَلنوا مكم . .. 60 »# [الأنفال]. ونقول فى الجواب عن ذلك: إن الله لا يهلك الظالمين إلا إذا ساد الظلم»ء فبعضهم وقع منهم الظلم فعلاء والآخرون سكتوا عنه فكانوا ظالمين بسكوتهمء وقد قال تعالى فى شأن بنى إسرائيل : « لعن الّذِين كَفَروا من بني امرائيل على لسان داووة وعيسى ان عريم ذلك بها عصوا انوا يعو 68 كانا ل يتشاهون عن منكر فَعَلُوه لبشّس ما كَانُوا يَفعلُونَ 5 9 © [المائدة] ولقد ورد فى الأثر: إن الله لا يعذب العامة بظلم الخاصة.ء إلا إذا رأوا المتكر وسكتوا عنه. أو كما قال رسول الله عَنَفهاا). « وما فرسل الْمرسلين لأ مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عَلَيْهِم ولا هم يَحرَنُون) . التبشير هو الإخبار بالبشرى. وهى الخبر السارء والإنذار هو الإخبار بالسوء فى المستقبل تحذيرا وإعذاراء فالتبشير وعد بما يلقى فى النفس السرور والاطمئنان» والإنذار وعيد بالعذاب» والجزاء المماثل للإثم» وقصر الله تعالى المرسلين على الإنذار والتبشير» لآنه ليس عليهم أن يحملوا الناس على الهداية إن لم يهتدواء ولا يتحملوا وزر العصاة إن عصوا أمر ربهمء إنما الثواب لمن أطاعء والعذاب لمن عصاهء وذكر سبحانه وتعالى ذلك بالنص؛ لأن النبى يك كادت نفسه تذهب عليهم حسرات حتى يؤمنواء وقال تعالى له: « لط باخع نفلك أأ يكوا ملؤم اش [الشعراء] فالله سبحانه بين له أنه لا يهدى من أحبء وأنه ليس عليه هدايتهم وأن رسالته غايتها الإنذار والتبشير كسائر المرسلين2 وأنه بعد تبليغ الرسالة يكون الخير لهم» والتبعة عليهم. )١(‏ عن عديء. قال رسول الله وكك: ل لله عر وجل لا يعدب ِلْعَامَة سمل الْخّاصَّة حتَى يرا المنكر بين طهرائيهم وهم قَادِرونَ عَلَى أن ينكروه قلا ينكروة ِإِذا فَعلُوا ذلك عَذْب الل الخاصة والعامة؛ . رواه أحمد : مسند الشاميين - حديث عدى بن عميرة ة الكندى رضى الله عنه 1١ /2559/(‏ ). هاا تفسير سورة الأنعام ا أ حب أ «فَمَنْآمَ وَأصلّحَ فلا خورف عَلَيهمِ ولا هم يَحزَنُون» أى فمن أذعن للحق» وآمن بما جئت بهء وجعل هواه تبعا لما تدعو إليه فله الجزاء الأوفى» ودعم الإذعان الحى بالعمل الصالح» فالإيمان من غير عمل أجوف أجرد لا ينتج بذاته» ومن آمن وعمل صالحا فإنه لا يحزن على ما فاته فى الماضى» بل يطمئن بذكر الله؛ ولا يخاف من المستقبل لأنه يرجو ما عند الله تعالى. «والْينَ عَدبُوا بآيتنا َسَسُهمْ الْعذَاب بما كانوا يَفَسقوب» أولنك هم المقابلون للذين أذعنوا للحق وعملوا عملا صالحاء وهؤلاء كذبوا بآيات الله» ويراد بالتكذيب للآيات الإعراض عن الأدلة القاطعة المثبتة لوحدانية الله تعالى من كونيات ظاهرة» ومعجزات قاهرة» وآيات قرآنية بينة واضحة باهرة» فلم يكن تكذيبهم للنبى يل فقط» بل كان تكذيبهم للأدلة الواضحة التى تشبه الحس المرئى والبارز المحسوس» وهذه الآيات هى التى ساقها الله لهمء وهو خخالق الكون ومدبره» وقال فى عقوبتهم: : لِيَمَسُهُم الْعَدَابُ بِمَا كَانُوا يَفَسقون» أى يصيبهم العذاب بسبب فسقهمء أى خروجهم عن الحق» وإنكارهم لما يوجب العقل الإيمان به» وأردفوا كذلك بفعل الموبقات» فإذا كان المؤمنون قد أذعنوا للحق» وزكوه بالعمل الصالح» فأولئك أنكروا الحق» ودعموا الإنكار بارتكاب. الموبقات والزور من الأعمال» وعبر سبحانه عن إصابة العذاب وإدخالهم جهنم ب «يمسهم»؛ لأن موضع الإحساس بالألم هو الجلدء فمسه بالعذاب هو الإيلام الشديد» اللهم قنا عذاب النار. . 3 ا لمسبير سبورة الانعام 2 الك 1000 1 1 1 111 232252227 ووه يي 0 : د ذا 20 وأنذ ربد ريه الذي يحخافون ان م نوأ يه ملس لين وو وَل ولاس | لمم ينون 2-5 يدعون ريه بٍالْعَدَ لعَدَوْوَوا لعشي يُرِيدُونَ وج فق كا ون رحسل عليه مم سَىْء سسَطرد هج تون من ألطَ ديت رس ل سح سس كر 11 ذه ا الاك ته يتين ولع بن فى الآيات السابقة كان بيان الله سبحانه وتعالى للآيات الكبرى تتابع عليهم آية بعد آية» وهم معرضون» والله تعالى يذكرهم بسلطانه فى الأرض وفى السماء وفى أنفسهمء وبين أن من يشركونهم مع الله لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراء ولا يدفعون عنهم شينًا لو أخذ الله تعالى سمعهم وأبصارهم وختم على قلوبهم: ولا يملكون أن يدفعوا العذاب إذا أتاهم بغتة أو جهرة» ولم يبين علاقتهم بالمؤمنين وكلامهم فى النبى يك وحوارييه. وفى هذه الآيات يتكلم فى ذلك» فيقول الله تعالى: ا« قل لأ أقول لَكُمْ عندى حَرَائن الله ولا عَم ايب ولا أَقُولَ لَكُمْ! إِنَى ملك إن أَتِع إل ما يوحى إِلَىّ 4 . كان المشركون يستكثرون أن يكون محمدا نيا مرسلاء ولم يكن من الأغنياء العظماء ء فى أموالهم. بل كان يتيما فقيرًء فقد قالوا: 8 . .. لولا نزّلَ هذا القرآن علئ رجل مَن القريعين عظيم 4059 [الزخرف] وحسبوا أن النبى يجب أن يكون ءِ 9 تمسبير سلورهة الانعام ا ململ 4 محدنا عن الغيب» وقد ذكر النبى يكو أنه لا يعلم الغيب» وأمره الله تعالى أن يقول: لقل لا أملك لنشسي تَفْا اضر إلأما شاء الله ولو كنت أعسام اليب لاْتَكْفَرْت من الْخَيْرِ وما مَسِّي السُوء إن أن إلا نذير وبشير لَقَوم يؤمنون 629 4 [الأعراف]. وقد كانوا يقولون إنهم يريدون ملكا رسولا. وقد أخبر تعالى عنهم: ل ... ما لهذا الرسول يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق ... 9 4 [الفرقان] . وقد تولى الله سبحانه وتعالى ردهم فى هذه الآيات» وأمره بأن يقول لهم: قل لأ أقول لَكُم عندى خَزائن اللّه4 أمره الله تعالى بأن يحدد مضمون الرسالة» ولا يتوهموا أن الرسالة تقتتضى أن يكون الرسول مالكمًا للأموال والخزائن» ولا أن يكون عليما بالغيب» وأن الرسول لم يدع شيئًا من ذلك» وإن الرسول ليست له خاصة إلا أنه يبشر وينذرء وأنه يوحى إليه من رب العالمين » وأنه مع من يدعوهم يتبع ما يوحى إليه من ربه. إن الرسالة الإلهية يضعها الله تعالى فى عباده المصطفين الأخيار من البشرء ... الله أعلم حيث يَجِعل رسالته ... 4079 [الأنعام] وإن محمد يكٍِ ما تطاول بفضل مال ولا ثروة» ولا غنى» ولكنه كان فقيراً بين الفقراء قريبا منهم متدانيا إليهم يخفق قلبه معهمء ويحس بالامهمء وكان من البشرء » ليخاطب البشر» « ولو جَعلَْاه ملكا لَجَعَلَمَاهُ رجلا ولَلْسَا عليْهم ما يَلْبِسُونَ (©4 [الأنعام]. وإن التفرقة ليست بالغنى والفقر»ء وإما التفرقة بالهداية والضلال» والعلم والجهل؛ ولذا قال سبحانه فى التفرقة بين من استبصر وأدرك ولو فقيراً» وبين من ضل وغوى» ولو كان غنيا. «قُل هَل يَُستَوى الأعمئ والبْصير أقَلا تَتَفَكرونَ 4 . أمر الله تعالى نبيه بأن ينبههم إلى أنه لا يستوى العالم والجاهل والمهدى والضال» والرشيد والسفيه» وكان أمر الله تعالى بذلك لنبيه» وتكرار الأمر بأن يقول لهم ما يقول؛ لفضل التنبيه» ولتقوية الإيمان بأنه يتكلم عن ربه» ولآنه الذى يتولى محاجاتهم» والاستفهام هنا لنفى الوقوع مع التنبيه إلى هذاء والمراد من 0 هاا تفسير سبور 6 الانعام فلا25 :حم _ أ بي الأعمى غير المدرك للحقيقة وغير المهتدى» ومن طمس الله تعالى على بصيرته فأصبح الحق لا يصل إليه. والمبصر من أدرك كل هذاء ففى الكلام تشبيه الضلال بالعمى ) وإدراك الحق والإذعان له والاهتداء بالبصر»؛ لأنه يعيش فى نور البصيرة » والأول يعيش فى ظلام الجهل والضلال. وقدم العمى فى الذكر على البصر» لآن المشركين يدعون أنهم مع ضلالهم وجهلهم. وبعدهم أعلى من أتباع النبى َلك من المؤمنين» وذلك لكثرة أموالهم. وقلة أموال المؤمنين» فبين سبحانه أنهم لا يمكن أن يساووهم فضلا أن يعلوا عليهم ؛ لأن الأعمى ولو غنياء لا يساوى المبصر ولو فقيراء وكان عليهم بدل أن يفضلوا أنفسهم على المؤمنين لفقرهم أن يتفكروا ويتدبروا فى أسباب الفقر والغنى» وأسباب الفضل وأسباب العلوى وأن يتعرفوا الهدى والضلال» وأن يتديروا فى حاضر أمرهم وقابله. وأن يعتبروا بالعظات والأمثال التى تساق إليهم. وأن يكشفوا عن أنفسهم غمة الاغترار والإعراض عن الحق» وألا يكونوا فى غيهم يعمهون؛ ولذا قال تعالى: «أفْلا تَتَفَكَرونَ» الفاء هنا هنا موضعها قبل الاستفهامء ولكن الاستفهام له الصدارة فقدم عليها عن تأخير فى نسق الكلام» والمعنى أنه كان يترتب على عدم المساواة بين اللأعمى البصير أن يتدبروا ويتفكرواء والاستفهام ١‏ وأنشزبه دين ياود أن روا إل وهم يس هم من ذوته ونلا هيه لَعلّهم يَقُونَ 4 . الكلام السابق فى المشركين» وإعراضهم عن الآيات وختم الله تعالى على قلوبهم مع توالى الآيات والنذر عليهم وإعراضهم» وقد يتوهم متوهم أن الإنذار لا جدوى منه. ولكن ليس الناس جميعا كذلك» بل فيهم من تؤثر فيه الموعظة ويجدى فيه الإنذار» والحق أن الناس قسمان: قسم تعتريه الرهبة من الغيب» والاستماع إلى داعي الحقء وصنف غلبت عله : شقوته لا تجدى فيه موعظة؛ ولا لها تفسير سورة الأنعام ا حب ل يرهب الغيب وما فيه؛ لأنه يَعمّه فى غيه» وهم فى غفلتهم ساهونء وهؤلاء لا يجدى فيهم النذير» وهم الذين ختم الله على قلوبهم» وعلى سمعهم وأبيصارهم غشاوة» وقد ذكر الزمخشرى أن الذين يخافون أن يحشروا منهم المسلمون الذين يؤمنون بالبعث والنشورء ولكن تتقاصر أعمالهم» فيجديهم النذير» ومنهم أهل الكتاب الذين لم يفسدهم الغرور» ومنهم بعض المشركين الذين لم يطمس على قلوبهم. بل لا يزال فى قلوبهم نافذة ينفذ منها الندم» فإن علموا بالحشر خافوه فآمنواء ومن المشركين من يؤمنون بالحشرء ولكن يظنون أن الشركاء الذين يبتدعونهم يشفعون لهم» فإذا أعلموا الحق فيه اتبعوه» وما ذكرناه فى تقسيمنا يعم هذه الأنواع وغيرها. والضمير فى به يعود إلى ما أوحى إلى النبى كَلكدٌ وهو القرآن الكريم» وقد ذكرنا ضروب الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم» ويلاحظ بعض أمور: أولها- أن الإنذار للجميع فلا يختص الذين يخافون دون غيرهم» ولكن الذين ينتفعون به هم الذين يخافون الحشر» وما وراءه من حساب وعقاب. ثانيها- أن العنصر المميز بين أهل الخير وغيرهم هو اللخنوف والخشية من الله فأولئك يكون فيهم رأفة» ومع الرأفة يتفتح القلب للهداية» ويدخله النور» ومع الغلظة يكون الظلام» وكأن الغلظة حجارة قوية تجعل ما وراءها فى ظلام دامس . الثها- أن الغرور باعتقاد شفيع يشفع أو ولى يناصر من دون الله تعالى يسد مسالك النور والهداية» فلا بد أن يكون كل الإحساس لله سبحانه وتعالى . رابعها- أن الإنذار فى هذه الحال يجعل للتقوى مكاناء فيكون الرجاء فيهاء وهو من العبد لا من الرب» ولذا قال: ظلْعَلّهم يتّقَون» . ولا تَطرد الذين يدعون ربّهم بالعَداة والعشى يريدون وجهه» . جاء النهى من الله تعالى بألا يطرد أهل التقى ولو كانوا عبيدًا أو فقراء» فإن هؤلاء يقوم بهم عمود الدين» وإذا كانت الضلالة لا تساوى الهداية» والعمى لا ها تفسير سورة الانعام 2 ا ا 1110100000 1 1 2ظ2ظشظ””2 1 حر يستوى مع البصرء فإنه لا يصح أنه يطرد الفقراء لرجاء إجابة الأغنياء» ولا يطرد الضعفاء لرجاء إجابة الأقوياء» يروى عن ابن مسعود أنه مر الملا من قريش بالنبى يد وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين» فقالوا: يا محمد رضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء الذين من الله عليهم من بيننا؟ أنحن نكون تبعا لهؤلاء؟ فلعلك إن طردتهم أن نتبعك. وروى عن خباب بن الآرت فى قوله تعالى : «إولا تطرد الّذين يدعون ربّهُم بالغداة والعشى» إلى قوله: «فتكون من الظّالمين» قال: جاء الأقرع بن حابس التميمى» وعيينة بن حصن الفزارى فوجدوا النبى وَكِةْ قاعد مع بلال وصهيب وعمار وحباب فى أناس من الضعفاء من المؤمنين؛ فلما رأوهم حوله أتوه» فقالوا: إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا العرب به فضلناء فإن وفود العرب تأتيك» فنستحى أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبدء فإذا نحن جتناك فأقمهم عناء فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت» فنزل قوله تعالى: #ولا تطرد الْذين يدعون ربهم» . هذا ما قيل فى سبب نزول هذه الآية والنص يومىء إلى هذا المعنى» فقد قال تعالى» كما سنتلوا: «وكذلك فنا بعضهم ببَعض ليقَولُوا أهؤلاء من اللَهُ عليهم من بيننا» , نهى الله النبى عن أن يطرد هؤلاء الضعفاء» وإن كان النبى يَلكهٌ يميل إلى تأليف قلوب الأقوياء للدخول فى الإسلام لينال بقوتهم قوة» ولكن الله تعالى بين أن القوة فى الإيمان» لا فى غطرسة المتغطرسين وإن أولئتك وإن كانوا ضعفاء فقراء فإنهم أقوياء بعزة الإيمان وبعزة الحق ولا تفرقة بين أتباع الأنبياء بالطبقية» إنما التفرقة بقوة الإيمان والتقوى كما قال تعالى: :ل ... إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم . 405 [الحجرات]. وإن الرفعة بين أتباع الأنبياء بالإيمان والعبادة. وقد ذكر الذين نهى النبى يَلَيةٌ عن طردهم بأنهم يدعون ربهم بالغداة والعشى» ومعنى يدعون يعبدون مخلصين؛ لأن العبادة دعاءء والدعاء: التضرع الخالص» وهو مخ العبادة» وهو لبهاء ولذلك عبر عن العبادة بالدعاء- وبالغداة |1١اناا!!ازاا‏ ان ااال ا الااة لئاز اااالااااا لاا الالالال !للااللااا اللا الللكك انالا اناا لللتاانكخ قلط الانالالاااالاا اللا ططق مخطممسطسخششططقا هكم اكاك : . 2 والعشى: المراد فى الصباح والمساء» أى أنهم فى عامة أوقاتهم ذكروا الله تعالى ربهم الذى خلقهم وكلأهم وحماهم؛ يريدون وجه اللهء لا يقصدون عرضا من أعراض الدنياء وينصرفون إليه تعالى لا يريدون إلا ذاته الكريمة ولا يقصدون سواهء فكيف يطرد هؤلاء لأجل ناس لا يعرفون إلا عرض الدنيا وإن الله تعالى 0 النبى مَلَيِْدٌ بأن يكون مع هؤلاء. فإنهم قوق والإيمان يملا النفس قوة؛ قوة الصبر؛ ولذلك قال تعالى واصبر نفْسَك مع اين يدعون بهم بالقداة وأ ويدوة جه ولا عند هم ريز ةلذ ولع م طن ف عن ذكْرنا واتبَع هواه وكات أمره رطا 62 4 [الكهف] . مام جسنايهم تن ونان ساب هم تشم طم فتَكُونَ من الظّالمين 4 . جاء هذا النص الكريم بعد قوله تعالت كلماته: طيُرِيدُون وجهّه» أى يقصدون بعبادتهم ذاته العلية ولا يقصدون شيئًا سواهاء مهما يكن» وإن الله تعالى يتولى حسابهم بالجزاء» وما يعود عليك من حسابهم شىء ولا يعود عليهم من حسابك شىء فهم عباد مجزيون بأعمالهم» » كما أنك يا محمد مجزى بعملك» فليس لك أن تطردهم» وهذا التعبير لما ليك من حسابهم من شىء» يشبه ما نقل عن نوح -عليه السلام- فى قول الله تعالى : لقَالوا أنؤمن لك واتبعك الأَردلُونَ 079 قَالَ وما علمي بما كَانُوا يعملُونَ 09 إن حسابهم إلا على ربِي لو تشعرون 092 # [الشعراء]. ويؤدى التعبير على هذا أن هؤلاء آمنوا بربهم وحسابهم عند ربهم؛ وما على من حسابهم من شىء؛ كما لا يحاسبون على عملى» فكل له عمله؛ فكيف أطردهم ؛ ولذلك قال تعالى: #فَعَطْرَدَهُمَ فَمَكُونَ من الظّالمين» أى فإن طردتهم استجابة لغيرهم وأنت لا تتحمل مغبة أعمالهم» ولا ما هم فيه كنت من الظالمين؛ إذ لا وزر كان منهم يستوجب الطرد إلا مسارعتهم للإيمان بما جئت وتلكؤ غيرهم» إن ذلك لظلم عظيم إن كان» ولا يمكن أن يكون من محمد يَلكَِة. 0 لها تفدسير سورة الأنعام ليلل 1 1 71 12132#3#3غ ال-1 وهناك تخريج آخرء لقوله: ما عليك من حسابهم من شىء وما من حسابك عليهم من شىء» بأن المعنى ما عليك شىء من حساب رزقهم إن كانوا فقراء وما من حسابك فى الفقر والغنى عليهم من شىء؛ أى إنك أنت هاد ومرشد» داع إلى من يقرب منك ومن يجيب» وسواء أكان فقيرً أم كان غنياء فكيف ترد فقيراً مهديا لفقره وتقرب غنيا غير مهدى لغناه فإن تطردهم من بعد فإنك تكون من الظالمين» ومعاذ الله أن يكون ذلك منك. إن الضعفاء أول من يتبع الأنبياء؛ لآنهم غير مشغولين بالمال والبنين وزخارف الحياة» وضجاتهاء ولجاجة القوة وخخصوصا ما يكون منها على غير أساس من الأخلاق» فنفوسهم تكون أقرب إلى الفطرة والاستقامة؛ ولذلك كان غالب الذين اتبعوا النبى كه من الضعفاء والعبيد» وكل الذين يحسون بآلام الحياة الدنياء ورجاء حياة أخرى» ولقد سأل هرقل ملك الرومان أبا سفيان ابن حرب الذى كان قائد الشرك إبان ذاك عمن يتبع النبى يك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقال: بل ضعفاؤهم. فقال هرقل: فكذلك أتسباع الرسل237. وإن هذا بلا ريب اختبار لنفوس الأقوياء فقوله : (فتنا) معناها اختبرناء وكان فتنة لهم من ناحيتين: الناحية الأولى أن جاههم مع كبريائهم سيكون حاجز) لا يسهل دخول الإيمان فى قلويهم. الثانية سيجدون أن الذين يسبقونهم إلى الإسلام هم الضعفاءء فيكون ذلك صعوبة نفسية أخرى لا تسهل دخول الحق إلى قلوبهمء ويقول قائلهم الضال: 9. .. لو كان خَيرا ما سبقُونا َيه ... 469 [الأحقاف] ومن يجتاز هاتين الصعوبتين من الأقوياء يكون إيمانه أرسخ من الجبال كأبى بكر الصديق» وعثشمان بن عفان» وحمزة بن عبد المطلب» وعمر بن الخطاب» )١(‏ راجع هذأا الحديث» فى صحيح البخارى: بلذء الوحى - باب بلء الوحى 2070 ومسلم: الجهاد والسير - كتاب النبى يَلِْةِ إلى هرقل ملك الروم )١775(‏ فيما رواه عبد الله بن عباس رضى الله عنهما عن أبى سفيان رضى الله عنه . وهو حديث طويل. إإإنا تفسير سورة الأنعام ال الئل 61م حب اا وعبدالرحمن بن عوفء» وغيرهم من الأقوياء ذوى الوجاهة فى الجاهلية والوجهاء عند الله والناس فى الإسلام. والكاف فى قوله تعالى: «وكذلك فتناك للتشبيهء» وقد شبهت الصورة الكلية لاختبار الله تعالى لخلقه» أو على الحقيقة معاملته معاملة المختبر لهم شبهت تلك الصورة بهذه الحالة القائمة» التى آمن فيها الضعفاء وسبقوا بها الأقوياء» وصار لهم فضل السبق» والتشبيه للتقريب والتوضيح» واللام فى قوله تعالى : للْيَقَولوا أهؤُلاء مَنَ الله عليهم من بيننا4 للعاقبة أى: وما كانت هى الباعث على الاخستبارء ولكن كانت عاقبة ونتيجة الاختبار. ليس الله بعلم بالشتاكرين». يئبت الله سبحانه وتعالى هذا النص بثلاثة أمور: أولها- أن الفضل ليس بالغنى » ولا بالجاه ول بالقوة فى الدنياء ولكن تعالى تحوط به من يوم خروجه إلى الحياة إلى وقت مفارقتهاء وواجب عليه الشكر لها فشكر النعم واجب بمقتضى العقل والنقل» وعمقدار شكر النعمة يكون الفضل . ثانيها- أن أولئك الذين يسارعون إلى الإيماك بوحدانية الديان» هم أصحاب الفضل؟؛ لآنهم هم الذين يسارعون إلى الشكر» ودعوة الله وعيادته» والإذعان له. الشها- أن الله هو وحده العالم بمن يستحق الفضل وبمن يشكره وهو الشاكرين علماً ليس فوقه علمء فهو وحده العليم» السميع البصير. ها تفسير سورة الانعام الاك الئل 771 حر > زا وإِذًا ع1 ال ماهد سكعي كنب تمع تنس و تعمد مويل مسي لوا ةنم 0 أنه حَعُورصحيم 00 َك صلب نَمِل الْمجرِمين 187 4 يوه قلاف م ينديرت دب تعن من ذو ن1 ا 5 ٠ . 00‏ 70 رح سر فر ل سه له نوه حم هد سكلاو ]تامرح الْمَهَيّرنَ 2 قوله تعالى: #وإذا جاءك الّذِين يؤمنون بآياتنا قل سلام عليكم) . السلام والسلامة بمعنى واحد. ومعنى «سلام عليكم» سلمكم الله فى دينكم وأنفسكم؛ نزلت فى الذين نهى الله نبيه يَلةٌ عن طردهم؛ فكان إذا رآهم بدأهم بالسلام وقال: «الحمد لله الذى جعل فى أمتى من أمرتى أن أبدأهم بالسلام» فعلى هذا كان السلام من جهة النبى يَلِْةِ. وقيل: إنه كان من جهة الله تعالى»ء أى أبلغهم منا السلام؛ وعلى الوجهين ففيه دليل على فضلهم ومكانتهم عند الله تعالى . . وفى صحيح مسلم عن عائذ بن عمرو أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال ونفر فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها؛ قال: فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟! فأتى النبى هااا تفسير سورة الانعام سا7 يي سيب ا ككِدٌ فأخبره فقال: «يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك» فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا؛ يغفر الله لك يا أخى(21؛ فهذا دليل على رفعة منازلهم وحرمتهم كما بيناه فى معنى الآية. ويستفاد من هذا احترام الصالحين واجتناب ما يغضبهم أو يؤذيهم؛ فإن فى ذلك غضب اللهء أى حللو عقابه يمن آذى أحدا من أوليائه. وقال ابن عباس: نزلت الآية فى أبى بكر وعمر وعثمان وعلى - رضى الله عنهم - وقال الفُضّيل بن عيّاض: جاء قوم من المسلمين إلى النبى كَلِْةِ فقالوا: إنا قد أصبنا من الذنوب فاستغفر لنا فأعرض عنهم؛ فنزلت الآية. وروى عن أنس بن مالك مثله سواء. قوله تعالى: #كتب ربكم علَئ نفسه الرَحَمَّة) أى أوجب ذلك بخبره الصدق» ووعله الحق» فخوطب العباد على ما يعرفونه من أنه من كتب شيئا فقد أوجبه على نفسه. وقيل: كتب ذلك فى اللوح المحفوظ «أنَّه مَن عمل منكم سوءا بجهالة» أى خطيئة من غير قصد. قال مجاهد: لا يعلم حلالا من حرام ومن جهالته ركب الأمرء فكل من عمل خطيئة فهو بها جاهل. وقيل: من آثر العاجل على الآخرة فهو الجاهل. «قَأنّه غفور رُحيم» قرأ بفتح دمأ من «فألّه) ابن عامر وعاصمء وكذلك #أنَّهُ مَنَ عَمل». وقرأ الباقون بالكسر فيهما)؛ فمن كسر فعلى الاستئناف» والجملة مفسرة للترجمة؛ و(إن» إذا دخلت على الجمل كُسرت وحكم ما بعد الفا الابتداء والاستئناف فكسرت لذلك. ومن فتحهما فالأولى فى موضع نصب على البدل من الرحمة» بدل الشىء من الشىء وهو هو فأعمل فيها «كتب؛ كأنه قال: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل؛ وأما «فأنه غفور» بالفتح ففيه وجهان؛ أحدهما- أن يكون فى موضع رفع بالابتداء والخبر مضمرهء كأنه قال: فله أنه غفور رحيم؛ لأن ما بعد الفاء مبتدأء أى فله غفران الله. الوجه الثانى - ))56١ 5( رواه مسلم: فضائل الصحابة - من فضائل سلمان وصهيب ونلال رضى الله عنهم‎ )١( .)5١011١1/( وأحمد: أول مسند البصريين - حديث عائذ بن عمرو رضى الله عنه‎ )١(‏ #أنه. . فآنه» بفتحهما (أى بفتح الهمزة فى الموضعين): ابن عامرء وعامر ويعقوب. ووافقهم نافع وأبو جعفر فى الأول» وقرأ الباقون بالكسر فيهما. ذا تفسير سورة الأنعام 0 الل جرب أ أن يضمر مبتدأ تكون «أن» وما عملت فيه خبره؛ تقديره: فأمره غفران الله له وهذا اختيار سيبويه» ولم يجز الأول» وأجازه أبو حاتم. وقيل: إن ١كتب»‏ عمل فيها؛ أى كتب ربكم أنه غفور رحيم. وروى عن على بن صالح وابن هرمز كسر الأولى على الاستكناف» وفتح الثانية على أن تكون مبتدأة أو خبر مبتدأ أو معمولة ل «كتب» على ما تقدم. ومن فتح الأولى - وهو نافع - جعلها بدلا من الرحمة» واستأنف الثانية لأنها بعد الفاء» وهى قراءة بيئة. رك تعالى: كلك قلقت ولي سي المي » قوله تعالى: «وكَذَلك نفَصّل الآيات4 التفصيل التبيين الذى تظهر به المعانى؛ والمعنى: وكما فصلنا لك فى هذه السورة دلائلنا ومحاجتنا مع المشركين كذلك فصل لكم الآيات فى كل ما تحتاجون إليه من أمر الدين» ونبين لكم أدلتنا وحججنا فى كل حق ينكره أهل الباطل . وقال القْتَى: «نفصّل الآيات4 نأتى بها شيئا بعد شىء» ولا ننزلها جملة متصلة» إولتستبين سبيل الْمجرمين» يقال: هذه اللام تتعلق بالفعل؛ فأين_الفعل الذى تتعلق به؟ فقال الكوفيون: هو مقدر؛ أى وكذلك نفصل الآيات لنبين لكم ولتستبين؛ قال النحاس: وهذا الحذف كله لا يحتاج إليه» والتقدير: وكذلك نفصل الآيات فصلناها. وقيل: إن دخول الواو للعطف على المعنى؛ أى ليظهر الحق وليستبين» قرئ بالياء والتاء37), «سبيل» برفع اللام ونصبهاء وقراءة التاء خطاب للنبى َيِه أى ولتستبين يا محمد سبيل المجرمين. فإن قيل: فقد كان النبى يَلفَِةٌ يستبينها؟ فالجواب عند الزجاج - أن الخطاب للنبى يَكدِ خطاب لأمته؛ فالمعنى: ولتستبينوا سبيل المجرمين. فإن قيل: فلم لم يذكر سبيل المؤمنين؟ ففى هذا جوابان؛ أحدهما - أن يكون مثل قوله: «... سرابيل تقيكم الْحَرَ ... 4069 [النحل] المعنى ؛ وتقيكم البرد ثم حذف؛ وكذلك يكون هذا المعنى ولتستيين سبيل المؤمنين ثم حذف. والجواب الآخر- أن يقال: استبان الشىء واستبنته؛ وإذا بان . (وليستبين) بالياء : عاصم (غير حفص)» وحمزة والكسائى وخلف» وقرأ الباقون بالتاء‎ )١( ل ل تفسير سورة الأنعام ال 0 2 لووك .. 22 سبيل المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين. والسبيل يذكر ويؤنث؛ فتميم تذكره» وأهل الحجار تؤنشه؛ وفى التنزيل #... وإن يرا سَبيل الرشد ... 4053 [الأعراف] مذكر ط... لم تَصدُونَ عن سبيل اللّه ... 469 [آل عمران] مؤنث؛ وكذلك قرئ لوَلتَستبِينَ» بالياء والتاء؛ فالتاء خطاب للنبى يَلِ والمراد أمته. قوله تعالى: طقل إني نُهيت أن أَعْبدَ الّدينَ تَدعْونَ من دون الله قُل لا أتبِع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين4» . قيل: «تدعون» بمعنى تعبدون. وقيل: تاعونهم فى مهمات أموركم على جهة العبادة؛ أراد بذلك الأصنام . جل لا أتبع أهراءكم». فيما طلبتموه من عبادة هذه الأشياءء ومن طرد من أردتم طرده . «قد ضللت إذا»4 أى قد ضللت إن اتبعت أهواءهم «إوما أَنَا من المهتدين» أى على طريق رشد وهدى. وقرئ «ضَلَلْتَ» بفتح اللام وكسرها وهما لغتان. قال أبو عمر بن العلاء: ضَللتُ بكسر اللام لغة تميم» وهى قراءة يحبى بن وثاب وطلحة بن مصرف» والأولى هى الأصح والأفصح؛ لأنها لغة أهل الحجازء وهى قراءة الجمهور. وقال الجوهرى : والضلال والضلالة ضد الرشاد» وقد ضلَلت أضل» قال الله تعالى: طقل إن ضَلَلْت فَإِنّمَا أضل على نفسي ... 423 [سبا] فهذه لغة نجدء وهى الفصيحة» وأهل العالية يقولون: ضَللت بالكسر أضل . قوله تعالى: طقل ني عَلَى بِينَة من ربِي وَكَدبثُم به مَا عندي ما تَستَعُجِلُونَ به إن الحم إل لله يفص الْحق وَهُوَ حَيْرُ الفاصلين» قوله تعالى: طقل إِنّي علَ بهم ربِي4 أى دلالة ويقين وحجة وبرهان» لا على هوى؛ ومنه البيئة لأنها تبين الحق وتظهره. «وكَدَبتم به» أى بالبينة لأنها فى معنى البيان؛ كما قال : :ا 9وإذًا حَصْرَ القسمة أُولُواالقرئ واليتامئ وَالْمَساكين فَارُْوهُم منه ... (4)2 [النساء]. وقيل يعود على الرب» أى كذبتم بربى لأنه جرى ذكره. وقيل: بالعذاب. وقيل: بالقرآن. وفى معنى هذه الآية والتى قبلها ما أنشده مصعب بن عبد الله بن الزبير لنفسه» وكان شاعرا محسنا رضى الله عنه : اك ١ اك‎ ١ ني لاا تفسير سورة الأنعام الملل 0 وكان الموت أقرب ما يَلينى أجال كل مرضي لخصيم ‏ واجمسل ديه رضنا لدينى فأترك ما علمست لرأى غيرى وليس الرأى كالعام اليقين وما أنا والخصومة وهى شىء يصرف فى الشسمال وفى اليمِين وقد تست لفسا سكن قسوام يَنْحْنَ بكل فج أو وّجين7) وكان الحق ليس به خفا أَغْرَ كفرة اقلق المبين وماعوضلنا منهاج جَهْمٍ منهاج ابن آمنة الأمين فأمَاماعلمت فقد كمَانِى 2 وأماماجهات فجيونى قوله تعالى: لاما عندي ما تَسَتَعَجِلُونَ به» أى العذاب؛ فإنهم كانوا لفرط 1 «أو تسقط السّماء كما رَعَمت عَلينا كسفا . .. #69 [الإسراء]ء # .. اللّهم إن كان هذا هو الْحقَ من عددك فَأَمُطر عَليّنا حجارة من السَّمَاء 2 [الأتفال]» وقيل: ما عندى من الآيات التى تقترحونها. «إن الحكُم إلا لله أى ما الحكم إلا لله فى تأخير العذاب وتعجيله. وقيل: الحكم الفاصل بين الحق والباطل لله. «يقصّ الْحق» أى يقص القصص الحق؛ وبه استدل من منع المجاز فى القرآن» وهى قراءة نافع وابن كشير وعاصم ومسجاهد والأعسرج وابن ن عباس؛ قال ابن عباس: قال الله عز وجل: نحن نقص عليك أحسن القصص . إايوسف]. والباقون لإيقضى الحق» بالفضاد المعجمة» وكذلك قرأ على - وأبو عسبد الرحمن السَلّمى وسعيد بن المسيب» وهو مكتوب فى المصحف بغير ياء("2» ولا يتبغى الوقف عليه» وهو من القضاء؛ ودل على ذلك أن بعده وهو خَيْرٌ الْقَاصلِينَ» والفصل لا يكون إلا - رضى الله عنه )١(‏ الوجين: شط الوادى. () قال الفخر الرازى «يقض» بغير ياء لأنها سقطت لالتقاء الساكنين» كما كتيوا #سندع الزبانية # #إفما تغن النذر» . بل تفسير سورة الأنعام ااال 0 تسرب اد قضاء دون قصّصء ويُقرى ذلك قوله قبله: «إن الْحكْم إلا لله ويقوى ذلك أيضا قراءة ابن مسعود (إن الحكم إلا لله يقضى الحق) فدخول الباء يؤكد معنى القضاء . قال النحاس: هذا لا يلزم؛ لأن معنى «يقضى» يأتى ويصنع فال معنى: يأتى الحق» ويجوز أن يكون المعنى: يقضى القضاء الحق. قال مكى: وقراءة الصاد أحب إلى؛ لاتفاق الحرميين وعاصم على ذلك». ولأنه لو كان من القضاء للزمت الباء فيه كما أتت فى قراءة ابن مسعود» قال النحاس: وهذا الاحتجاج لا يلزم؛ لأن مثل هذه الباء تحذف كثيرا . قوله تعالى: جقُل لَوْأَنَ عندي ما تَسْتَعْجِلُونَ به لضي الأمر بيني وبينكم واللّه أَعلّم بالظّالمين» . 0 ا 1 قوله تعالى: قل لَوْ أن عددي ما تستعجلون به» أى من العذاب لأنزلته بكم حتى ينقضى الأمر إلى آخره . والاستعجال: تعجيل طلب الشىء قبل وقته «إوالله أعلم بالظّالمين» أى بالمشركين وبوقت عقوبتهم. ## وعِندمَمَفَاتَح الْعيبٍ حي لَايَعْلْمه] إل لامر ويم يَعَلدْمَاقف ته رح سا سح سر حا سا سر ا 0 6 سرح و هل سي 14 كوت 22 01 تح 2 2 ظَلَمتا رض كرتل ولايا سإ إلافي م مبيي 9 آذه هه آذ ل و سل سس حت الل نميل لحارم اح سس لقره فيه ل نو أجل مسي ليو مج 8 0 2 هر تَعَمَلُونَ جم ل 1م و سد ل غُ يماد تَعَملون لي وَهوالْفَاهِرفوَقَعِبَادٌ عر غم 21 سس سه اس أ 207 أ آله كو 2 حمل حَوَهدَ ا حدم الْمَوت توس ٠ )‏ اخلاااا11 الل انال ل لكالا تالالا نللن11ن11ا ا للنالاا!خلل اللا !لالط خمعممممممماانانا كتلالطا خخخ لالت خطخطط لوط خخخ ط خط ةشطل هو < لي ور سيرم وشمه ا م 5 رسلتاوهم لاير م م ردول لله موللهم لحي ألا له لك وَهْوَأسَ سَرَع لين 07 فى الآيات السابقة ذكر الله تعالى آمرا نبيه أن الله على بينة ويقين من أمر ربه» وذكر أن المشركين يستعجلون ما ينذرهم الله تعالى » ويذكر الله تعالى ما نزل بغيرهم » والنبى يترك الأمر لحكم الله يفصل بينه وبينهم» والفصل الحق يقتضى علما واسعا» وتنفيذه يقتضى قهرا غالباء وسيطرة كاملة. فذكر سببحانه اختصاصه بالعلم الكامل» والقدرة القاهرة. والسيطرة الكاملة ؛ ولذا قال سبحانته : وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إل هو ويعلم ما فى الْبر والبحر» . بعض النحويين: إن مفاتح جمع مفتاح» إذ يجوز نحويا حذف الياء» كما يقال فى محاريب جمع محراب» محارب ببحذف الياء» وهناك قراءة» (وعئده مفاتيح أى الأسرار المكنونة فى علم الله تعالى. والأكثرون على المفاتح هى جمع مفتاح» وهو ما يتوصل به إلى ما يكون بداخل الشىء» فمعنى قوله تعالى: #وعنده مفاتح الغيب» لا يتوصل إلى غيبه وبمقدار يقدر حسب المصلحة والمحكمة كما أعطى عيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهما. والغيب ما غيب واستترء والكلام فيه استعارة تمثيلية تشبه بحال علم الله بالغيب واستتاره عن الناس -إلا من أراده- بحال من يكون معه مفاتيح خزانة لا يصل إلى ما فيها سوا وقد تأكد علم الله تعالى بالغيب وحدهء وأنه لا يعلم أحد إلا من جانيه» بأمرين : أولهما- التقديمء فقال سبححانه : «إوعندة» بتقديم ل تفسير سورة الأنعام ميل لحي 2-6 الظرف للقصرء الأمر الثانى- بالقصر الصريحء بنفى العلم عن غيره وإثباته له وحده إذ قال سبحانه: طلا يَعلَمها إلا هر ثم بين دقة علمه بالمغيب وعمومه. فقال تعالت كلماته: ظويَعلَم ما فى الْبْر وَالْبْحرِ» أى أنه سبحانه يعلم ما فى البر من حيوان يدب» وطائر يطير» وكهرباء» وفضاءء وحرارة ونظم كونية رتبها سبحانه وسخرها لابن الأرض» حتى وصل إلى جوف الفضاء وارتقى إلى الكواكب والنجوم» كما علمهن على ظهر الأرض؛ ولذلك عبر سبحانه وتعالى بالبر» ولم يعبر بالأرض» ليشمل التعبير الأرض» وما فوقهاء وما بينها وبين السماء من فروج» ويعلم سبحانه أحياء البرء وكيف يكونون» لأنه خالقهم. وذلك تقدير العزيز العليم . ويعلم ما فى البحار من أسماك وجواهر ولآلىء» والجاريات المنشآت فى البحرء وفى البحر عالمء ولسير البحار نظم» ولاستعمالها قوانين نظمها بإرادته الحكيمة رب العالمين» وخالق السماء والماء» وكلها مسخر للإنسان» يستعملها فى العمارة والبناء» وفى التخريب والفسادء وكل ذلك بتمكين الله تعالى: # .. ليبلوكم أَيكُم أَحْسن عملا . .2 الملك]. وما تَسْقَط من ورقة إلا يَعْلَمُهَا ولا حبّة فى ظلمّات الأرضٍ ولا رَطْبٍ ولا يابس,ٍ إلأ فى كتَاب مين . ا 0 هذا نوع تفصيل بعد إجمال» وقد اختير ما يكون ظاهره تحت أنظار الناس» وأسراره فى علم الله تعالى العليم الخبيير اللطيف البصير» وقد ابتدأ بالأوراق التى تسقطء فقال سبحانه: «وما تَسْقط من ورقة إلا يَعلّمهَا» و(من) هنا الدالة على عموم العلم» وعلم الله ليس كعلمنا الظاهر المبنى على البصرء إما علمه هو العلم بأصل تكوينهاء وسير نموهاء فهو يعلم الأشجار التى علقت بها كيف غرست» وكيف كونت» وكيف نمت جذورها وتفرعت فروعها وتهدلت أغصانهاء وكيف تكونت أوراقهاء وأندت بالحياة حتى اخضرت وازدهرت» ثم كيف جفت وسقطت فذلك بعض علم الله تعالى» وهو علم بغيبهاء ولا يعلم ذلك العلم سواه؛ لأنه 007 لاا تفسير سورة الانعام 0 ل 500000000000000 13171#1#3#7#7#7#71أ113#1آ11أأ1 22*20 حت ل هو الذى برأهاء ونماها وريهاء وفى الجملة هو الكامل العلم بالغروس والأشجار» ثم ذكر من بعد ذلك علمه الكامل بالزروع» فقال: لإولا حبّة فى ظلمّات الأرض» أى يعلم حال الحبة التى تلقى فى جوف الأرضء وهو ظلماتهاء وعبر عن داخل الأرض بظلمات وهو ظلمة واحدة؛ لأنه ظلمة متكائفة متكائرة بسبب جهل الإنسان ما يجرى فى باطنها من أسباب لا يدركها الإنسان إلا بعد أن تظهرء فهو لا يعرف كيف ينتفع من الماء. وكيف تمد بالغذاء من أرض صالحة؛ وسماد مخصب, وكيف تتنوع فى تموهاء وهى تسير السير الفطرى الذى سنه الله سبحانه وتعالى» أى أكد أن الله وحده هو الذى يعرف كيف يتكون من الحبة نبات يستوى على سوقه وكيف يشتد ويغلظ سوقه ليعجب الزراع . فالنص الكريم جمع فيه تكوين الأشجار والغروس» وتكوين الزروع والحب. كما قال تعالى: ل إن الله قائق الْحب والتوئ يُخْرج الْحي من الْمَيّت ومُخَرج اميت من ) الحي . .. #62 [الأنعام] وبعد أن بين سبحانه علمه بإنشاء الغروس والزرع بين سبحانه وتعالى علمه الكامل بثمرات الغروس والنباتات فى ضمن علمه الكامل بالرطب واليابس» فقال تعالى: زلا طب ولا يايس إلأ في كناب مبين» وتفسير العلماء ء للرطب يتجه إلى اتجاهين: أولهما- تفسير الرطب واليابس بما يناسب الورق والحبة» وهو ما يكون ثمرً. للآشجار رطبا أو جافا من عموم الثمار كالموز والتفاح» والقصب. وغير ذلك» وفيه توجيه للنعمة التى أنعم الله بها على عباده فوق إحاطة علمه. وقدرته فى التكوين والإبداع. وبعض المفسرين يرى أن الرطب واليابس فى كل الوجودء فهو يعلم اللين والجامد فى كل شىءء فهو يعلم ما فى باطن الآرض من فلزات ومعادن كريمة» ومعادن سائلة؛ وما يكون فى باطن الأرض من أحجار نباتية وغير نباتية وسائلة وجامدة. وإنى أرى ذلك الرأى وأختاره ليكون ذلك تقريبا لأكبر قدر من النعم التى أنعم الله تعالى بها على عباده. ىل تفسبير سورة الأنعام لل هكم 1-4 ويقول سبحانه مؤكدا تمام العلم الذى لا يغيب عنه شىء: «إلاً فى كتابٍ مُبين» أى أنه ثابت لا تغيبر فيه ولا تبديل فهو عالم بكل شىء علما ثابتا كالمكتوب البين المسجل فى كتاب واضح. لا يخفى منه خافية» وعلى ذلك فكونه فى كتابه مبين موضح. وواضح هو فى ذاته كناية عن الشبات والاستقرار لمعنى المعلم المؤكد» وقال بعض المفسرين: إن ذلك الكتاب هو اللوح المحفوظ المشتمل على علم الله تعالى المكنون فى الغيب. وبعد أن أشار سبحانه وتعالى إلى تمام علمه بالأشياء أشار إلى قدرته سبحانه وتعالى» وعلمه بالإنسان» وما يكون منه» فالله يعلم بما يسرء وما يظهرء فهو سبحانه يعلم ما ظهر وما بطن» ويعلم السر وأخفى ؛ ولذا قال تعالى من بعد: ظوَهْرَ الّدى يعَوَفَاكم بالل ويعلّم ما جرحتم م بالنّهَارِ م يبعتُكُمْ فيه ليُقَضئ أجل مسمى 4 . الضمير يعود على الله تعالى ذى الجلال» وهو سبحانه الذى يتوفاكم بالليل» والمراد إنامتكم» ولم يعبر بتسكنوا فى الليل وهو يتضمن معنى النوم؛ لآن السياق لبيان قدرة الله تعالى» وسلطانه عليهم» وكونهم فى قبضة يدهء وأنه يحصى عليهم أعمالهم» » فكان التعبير بالوفاة عنه أنسب» والنوم يعتبر من قبيل الوفاة »كما قال تعالى :ل الل وى الأنفس حين متها والّحي َم مت في منامها فَيمْسك التي قضئ عليها الْمَوت ويرسل الأخرئ إل أَجَل مُسْمَى ... (62 4 [الزمر]. فالموت الأكبر هو قضاء النحب» والموت الأصغر هو النوم» ولقد شبه النبى ولد عند إنذار عشيرته بأمر ربه: «والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون وإنها لحنة أبداء أو لنار أبدا220. ٠‏ وقوله: «ويعلم ما جرحتم تم بالنَهَارِ» اجرح هو إصابة الأعضاء والأجسام بما يدميهاء ويطلق على الكسبء والمراد هنا الكسب خبيثا أو طيبا»ء وسميت سباع )١(‏ رواه ابن عساكر ج5» وذكره القرطبى بلفظ «كما تنامون فكذلك تموتون وكما توقظون فكذلك تبعثون» ج86 ص8 .6٠١١‏ اللا تفسير سورة الانعام الل ليل ل ل يآ[ + !1 [ذ[ 1[ 1 1 1 1 1 1 1 1211111111111 11 لجل يبز بي البهائم جوارح؛ لأنها تجرح» وتكسب قوتها بجراحتهاء وسميت الأعضاء العاملة فى جسم الإنسان جوارح؛ لأنها هى التى تكسبء وهى التى تجرح, والمراد - والله تعالى أعلم- أن الله تعالى يعلم ما جرح الناس بالنهارء فيعلم خفايا نياتهم فى أعمالهم؛ ويعلم ما يكسبون من خير وشرء ويعلم ما يخفون وما يبدون» وفى ذلك إنذار وتبشير فهو إنذار لمن يكتسبون الشرء وتبشير لمن يكسبون الختيرء وأحسب أن استعمال #جرحتم4 الذوق البيانى يجعلها أقرب إلى استعمال الشرء ولكن الأولى هو التعميم» والله سبحانه وتعالى أعلم بالمراد. وقوله تعالى: ثم يعَفكُمْ فيه4 الضمير يعود إلى النهار» ويكون الكلام متصلا بالتوفى بالليل» فالسياق يتوفاكم بالليل» ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فى النهار بعد الليل؛ ولذلك قال الشوكانى فى تفسيره: إن الضمير يعود إلى الليل» لابتداء النهار والمؤدى واحدء وإن كان ثمة اختلاف فى توجيه السياق والإعراب» وكان التعبير ب «ثم» لتفاوت ما بين مظهر الليل ومظهر النهارء والتفاوت ما بين أعمال النهار وأعمال الليل. إن تداول الليل والنهار مستمرء فليل يعقبه نهارء ونهار يعقبه ليل لنهاية واحدة» وهو قضاء أجل مسمى عند الله تعالى» وإن كان لا يعلمه إلا الله تعالى لأنه سبحانه وتعالى يقول: ف إن الله عدده عم السّاعة ويل الْعَيث ويعلَم ما فى الأرحام وما تدرى نفس مادا كسب غَدا وما تَدرِى نفس بأ رض تَمُوت إن الله عَليم خبير 69 4 [لقمان]. «ليقضئ أَجَلٌ مُسَمَى ثم َي مُرجعَكُم4. إنه بعد أن يقضى الأجل المسمى» يكون المرجع إلى الله وحدهء فلا سلطان لغيره» ولا يرجع إلى أحد سواهء ودل على هذا القصر تقديم الجار والمجرورء فإنه دل على القصرء والتعبير ب (ثم)؛ لأن هناك تفاوتا زمنياء بمقتضى الأجل المسمى الذى يطول ويقصرء ولتفاوت ما بين ما يكون فى الحياة الدنيا من لهو وعبث وتفاخرء وتقوى أحياناء ثم قال هاا تفسير سورة الأنعام لس ا ا ابه > اا سبحانه : نَم يبتكم ما كنثم تَعَملُون» والتعبير ب «ثم» أيضا لتفاوت ما بين الحياتين» وليتبين الإخبار بالعمل العظيم» وإخبار الله تعالى بما كانوا يعملون يتضمن أمرين: أولهما- أن العمل يكون مبينا لهم كأنه حاضر أمامهم يشاهد ويبصرء لا يخفى منه شىء صغيرا أو كبيرا. وثانيهما- الجزاء عليه وسمى جزاء عمل العامل عملا له؛ لآن الجزاء عادل مساو لاستحقاقه كأنه هوء فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره» ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وبعد أن بين سبحانه بكل شىء» وبكل إنسان» وأن لكل جزاءه على قدر عمله. بين قدرته القاهرة» فقال تعالى: وهو القاهر فَوق عباده ويرْسل عليِكُم حَفَظة حت إذا جَاء أَحَدَكُم الموت توقته سنا وهم ل طون . هذه تبين قدرة الله تعالى» وكمال سلطانه على كل شىء» فهو سبحانه وتعالى قد قهر له كل شىء وذل» ولا يخرج عن سلطانه أحد؛ وكل شىء فى سلطانه وفى إرادته لا يقع شىء فى الكونء ولا يخرج دون أمرهء وقوله تعالى: قوق عباده» كناية عن علو إرادته ولا إرادة لمخلوق فوق إرادته» أو يقال إنها استعارة تمثيلية فيها تصوير علو الله تعالى على كل شىء فى الوجود سلطانا وتذليلا من يكون فوق كل شىء حساء وفى الحقيقة ذلك مجاز مشهور لا يحتاج إلى تقدير تشبيه أو نحوهء كقولنا: الأمير فوق رؤسائه» أو فوق رعيتهء وقد انحرف انحرافا كبيرا الذين قالوا: إن ثمة فوقية حسية» تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وإنه من قهره وسلطانه» وكونه فوق الكل أرسل على الناس حفظة» والتعبير ب (أرسل) لتناسق الكلام إذ إن الذى يسيطر على كل شىء وفوق كل شىء يناسبه فيمن يسخره من خلقه على خلقه أن يكون ب (أرسل)» و(حفظة) جمع حافظ . مثل كتبة جمع كاتب» وسفرة جمع سافرء وهؤلاء الحفظة يحفظون العبادء ويحوطونهم» ويكتبون ما يكون منهم» إن خيرا فخير» وإن شرا فشر. هاا تفسير سورة الانعام ٠‏ اللي 11001000000000 252111111ظ2ض 1 > ولقد ذكر سبحانه هذا المعنى فى عدة آيات: من كتابه» فقد قال تعالى: «( وإ عليكُم تحافظين 9 كرامًا كتين 9 49 [الانفطار] وقال تعالى: « له معقَبَات من بين يديه ومن خَلْفه . 200٠‏ لالرعد]. وقال تعالى: « إذ يتلقّى الْمتَلَقَيان عن اليمين وعن الشّمال قَعيد 0 ما يَفظ من قل إلا لدي رقب عتيد 6 4 1ق] . وإن هذه الرقابة والمحافظة لأولئك تستمرء حتى الوفاة؛ ولذا قال تعالى: لحت إذا جاء أحدكم الموت توقّته رسلتا» احتى» هنا للغاية» والمعنى تستمر هذه الحال حتى يعجىء أحدمٍ الموت» وعبر بالماضى لتحقق المجىء مثل قوله تعالى: 8 أَمر الله فلا تستعجلوه االنحل] أو تكون حتى تفريعية أى إن تلك الرقابة لأجل الحساب كما يدل الكلام؛ وقوله: تعالى: #توقتّه رسَلنَا» أى ملك الموت ومن معه»ء وهنا يلاحظ أن ذكر مجىء الموت قدم على ذكر الوفاة» والمراد من مجىء الموت تقدير نهاية الأجل؛ ولذلك عبر ب «أَحَدكم» ولم يقل» حتى إذا ماتوا؛ والوفاة قد جاءت بعد الإحصاء ء الدقيق من الحفظة؛ ولذلك قال من بعد ذلك: «وهم لا يُفَرَطُونَ» أى لا يهملون. ولا يتركون شيئًا نما فعل» بل كل ما عمل مهيأ له يجده حاضرا بعد وفاته. «ثم رذر | إلى الله مولاهم الْحق ألا لَه الحكم وهو أُسرَعٌ الحاسبين» . وإنه بعد أن يموتوا يردون إلى الله تعالى معروضة أعمالهم محصاة إحصاء دقيقا يردون إلى الله تعالى مولاهم الحق» وفى هذا النص بضعة مباحث نشير إليها ففيها تقريب لمعنى النص الكريم . أولها- التعبير ب (ثم», والتراختى هنا لبيان مكانة الحساب والرد على الله تعالى ؛ لآن الالتقاء بحساب الله أمر ذو خطر عظيم لما كانوا يفعلون غير متوقعين بعد ذلك من وقائع تزلزل قلوب الفاسقين» وتطمئن لها قلوب المؤمنين. وثانيها- أنه عبر عن الرد للحساب بالرد لله تعالى ذى الجلال» وذلك يشير إلى خطورة الأمرء ودقة الموقف» وجلال الحساب. > تفسير سورة الأنعام الل اا حب لاا وثالشها- أن الله تعالى عبَّر عن ذاته الكريمة؛ أنه مولاهم الحق» أى ذو الولاية الحق» فلا ولاية لمن اتخذوهم أولياء» بل إنهم ينسونهم» وينكرونهم» كما قال تعالى : «هتالك الولاية للّه الحق ... 69 » [الكهف] و(الحق) يصح أن نقول إنها وصف لمولاهم» أى هو الولى الحق الذى لا يصدق على غيره أنه ولى قطء أو نقول إنها بالحق الثابت وبالعدل الذى لا يظلم ربك فيه أحدا. وقوله تعالى: ظأَلالَهُ الحَكْم». «ألا» فيه للتنبيه وتقديمه له على الحكم للإشارة إلى أنه وجد له الحكم» ولا حكم لأحد سواه فليترقبوا جزاء ما عملواء والحساب قائم ومؤكد؛ ولذا قال من بعد: #وهو أسرع الحاسبين» أى أنه لا يوجد حاسب فى سرعة حسابه وهذا يؤكد الحساب وما يترتب عليه من ثواب وعقاب» وإنها لحنة أبدا أو لنار أبدا طن الله لا يعفر أن شرك به يعفر ما دُونَ ذلك لمن يشاء ... 462 [النساء]. ويثبت أن حساب الله سريع؛ لأن الله يعلم كل شىء قبل أن يقدموا عليه إن الله بكل شىء عليم. ورج رم 0 قل من يتحيكرمّن ير رجام لبح لاع سح ع رع ل ده وح د 061 2 ظامنت لبود | سح بدعورَه ضرعا وخفية لينانجنا امن هازِوء ع 4 مصووؤولم - ع من سكين 2 لديم : وَمِنْعلُ كرب 37 2-1 لمح كل ع هم م 21 0 22 1 كه قل هو قاور أده نسبعث 22 يه 2 2 سي 00 لسك َم بحم اخ ل ريت روم ل 5 لها تفسير سورة الأنعام لذ *2””ذ2 1 لسج بور 7 فى الآيات السابقة بين الله سبحانه وتعالى عموم علمه. ما خفى منه وما ظهرء وما جد وما يجدء حتى إن الورقة تسقط يعلمهاء والحبة تنبت فتكون فى علمه بكونها وحالهاء يعلم الرطب واليابس من الثمرات» وهو الذى نظم الوجود بمقتضى هذا العلم المحيط» هو الذى يعلم الوفاة بالليل» والصحو بعدء وما يكسب بالنهار من خير نافع» وشر ضارء وأنه المسيطر على كل شىء» وأن المرجع والمآب إليه؛ وعنده الحساب السريع» والحكم العادل. وفى هذه الآيات» يبين نعم الله تعالى عليهم, إن ادلهمت بهم كارثة يضرع ون إليه» وبين أنه إذ كان هو وحده الملجأ عند الكارثة تكرثهم فهو القادر على أن ينزل بهم البأساء والضراءء ومع هذه النعم السالفة» ومظاهر القدرة الباهرة يكذبون بالحق إذ جاءهم» وأنباء الرسالة ثابتة مستقرة لا تتخلف» وأنه إذا كان الناس فيهم أطهار وأشرارء فعلى الأطهار ألا يخوضوا فى فتن الأشرار» وقد ابتداً سبحانه بقوله: لاقل من يتَجَيككُم من ظُلَمَات الرِولبَْرٍمَاعُوتَهُ ضرعا وَخفيّة» . كان المشركون يعرفون الله سبحانه وتعالى» ولكن لا يؤمنون بهء ولا يخصونه بالعبادة بل يشركون معه الأوثان» ويقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى»ء وكذلك أكثر الوثنيين» يعرفون أن قوة خفية تسير الوجودء ولكنهم يعبدون أشياء حسية يحسبون أن روح الألوهية تحل فيهاء وهم فى غيهم يعمهون. قلا عجب» إذا كان المشركون عندما تشتد بهم الشديدة لا يتجهون إلا إلى خالق الكون ومنشئه ومسيره والقيوم عليه سبحانه وتعالى» ولقد أمر الله تعالى الرسول الكريم أن يوجه أنظارهم إلى أنه لا يذكر فى الشديدة إلا الله سبحانه وتعالى» وأنهم يذكرونه حيث تكون الكريهة» وحيث يكون الخطرء فأمره بأن يوجه إليهم الاستفهام ليقروا بهذه الحقيقة: قل من ينجيكم من ظَلْمَات لبر والبحر» والاستفهام إنكارى تقريرى بمعنى لا أحد ينجيكم من ظلمات البر والبحرء وأنتم اا تفسير سورة الأنعام ملل 2 لح ا تقرون بذلك إذ تدعونه تضرعا وخفية» فلا تلجأون لغيره ولا تجدون منجاة إلا من عنده» والظلمة هنا الشدة» فهى مجازء شبهت فيه الشدة والكرب بالظلمة؛ لأن النفس فيها تتحيرء وتشده فتبلس» فتكون كأنها لا ترى ولا تعرف وجه الخروج؛ ولذلك يقال لليوم الشديد الذى يملؤه الكرب: يوم مظلم» ويقولون: نهار ذو كواكب» أى أنه لشدته يكون كأنه ليل ترى فيه الكواكب» وفى شدائد البر والبحر تكون غمة حقيقية» فقد يكون غيم شديد» لا رؤية فيه» أو ريح عاصف وإعصارء وقد يكون الخسف الذى يلقى فى ظلمات الأرض» وقد يكون اصطخاب الأمواج بالأذى» وهكذا فتجتمع ظلمة الشدة» والظلمة الحقيقية وقد تكون الشدة حيرة» يضلون فيها الطريق فتبتلعهم الصحراءء أو تكون إذا ركبوا البحرء فضلت فيه المحجة(21. أو ألقتهم الريح لا يهتدون ولا يجدون المنجاة» فكل هذه ظلمات متكائفة. وإن حالهم أنهم لا يلجأون إلا إليه ولذا قال سبحانه عنهم: #تدعوته تضرعا وخفية» أى أنكم فى حال الشدة» تتجهون إليه سبحانه وتعالى بقلويكم ونفوسكمء ولا تجدون ملجأ منه إلا إليهء ويظهر ذلك الالتجاء القلبى ضراعة وتذللا يجرى على ألستتكم ولا تجدون سبيلا للامتناع عن الجهر بالضراعة والتذلل لله تعالى» وتسليم الوجه له» فالتضرع دعاء الله تعالى مستسلمين له جهراء والخفية خنوع النفس» واتجاهها قلبيا إليه سبحانه» وقد صور الله تعالى ضراعتهم» هذا قسم يقسمونه. ويؤكدون به ما هم عليه من الالتجاء إلى الله؛ ولذلك كان التوكيد بالنون الثقيلة وباللام» وموقع هذه الجملة مما قبلها أنها تفسير للضراعة التى جهروا بها أو هى تفسير بمعنى (تدعون) فهم يدعون الله تعالى» بمعنى أنهم فى سريرة أنفسهم وضراعة قولهم» يقسمون بأن الله تعالى إن أنجاهم من هذه الكروب الكاربة» والشدائد الشديدة» ليشكرونه حق شكره» وشكر الله تعالى )١(‏ المّحَجَةُ: الطريق. 0 الها تفسيرسورة الانعام 2 ل 0 5ة#7#3#1 ل 21 حس > اق بالعبادة.» وتخصيصه بها؛ لأنهم إن أشركوا معه غيره فى العبادة لا يعدون بالعبادة . 68 مقولا لقول محلوف تقديره قلي لدي مين 0 مذ ومع أنهم وعدوا بالشكر أى إخللاص العبادة لله تعالىء فهل وفوا بذلك؟ إنهم لم يفوا؛ إذ إنها حال إذعان فى الشدة» فإذا نجوا عاد إليهم جحودهم» وغرتهم أنفسهم وأمانيهم . وثل اله جيك مها ومن كل كاب هأ نتم تش ركون» . عند تضرعهم » والتجائهم إليه خفية» ووعدهم بأن يخلصوا عبادتهم لله ويشكروه على نعمائه المتضافرة المتكاثرة التى نعيش فى ظلها دائماء وإن كان تعالت حكمته يعلم أنهم غير موفين لعهدهم وأنهم ناكثون فى أيمانهم» كما حكى سبحانه وتعالى عن طبيعة الإنسانية المنحرفة» إذ قال تعالت كلماته: ف وإذا مس الإنسان 22 اضر دعانا لحب أر قاعدا أو قائما فلم شا عه صر مر كأ ميعن ل صر شه 409 [يونس]. وإن الله تعالى بين أنه لا ينجيهم مما يعرض لهم من شدائد من خارجهمء وما لا قبل لهم به وحسبء بل ينجيهم من ذلك. وينجيهم من الكروب التى تعترى نفوسهم من ضراء تنزل بهم »أو مرض يحل بأجسامهم» ومن كل شىء يكربهم ويلقى غمة النفس عليهم؛ ولذلك قال سبحانه: لإومن كل كرب 4 . ولقد فسر الأصفهانى فى مفرداته الكرب فقال: الكرب الغم الشديد #. .. فُنجِيناه وأهلّه من الكرب العظيم 05 »4 [الأنبياء] والكربة كالغمة. وأصل ذلك من كرب الأرض وهو قلبها بالحفرء فالغم يثير النفس إثارة» ويصح أن يكون ذلك من كربت #١‏ تفسير سورة الأنعام الل ص2 2-2 الشمس» أى دنت للمغيب» ويستفاد من هذا أن الكرب غمة شديدة تصيب الإنسان من أمر نفسى يثير النفس» ويجعلها فى قلق وحيرة واضطراب نفسى» ويقيم عليهاء كمرض عزيز أو موته» أو ضرر أو فقد مال أو خسارة فى تجارة؛ فالله تعالى هو المنجى منهء وبهذا تبين أن الله تعالى هو الذى ينجى خلقه من كل شىء) نهو القائم على كل شىء» و ومع هذا الخير العميم» ومع استجابة الله تعالى لضراعتهم» والتجائهم إليه وإنجائه لهم بالفعل بعد أقسموا إن نجاهم يشكرونه أى يعبدونه وحده؛ لأآنه الذى أنجاهم , وخلصهم مما هم فيه مع هذا بمجرد أن يعودوا إلى الاطمئنان والاستقرار يشركونء ويحنثون فى أيمانهم» ويعودون إلى ما كانوا عليه بل إنهم يستمرون فى غيهم يعمهون» وإنه كما قال بعض المفسرين: الأصل فى السياق أن تكون حالهم حال من لا يشركء فكان مقتضى الضراعة أن ينفى الله شركهم بعد قسمهم على الشكر والعبادة؛ ولكن عاد إليهم جحودهم؛ ولذا قال سيحانه: لثم أنتم تشركون4 ى أن إذعانهم العارض لم يكن ساكنا فى نفوسهم» بل هو أمر عارض» بسبب يزول بزواله» ولم يكن إذعان الذين خلصوا بنفوسهم. ويلاحظ بعد إشارات بيانية : أولها- التعبير ب «ثم» ففيه إشارة إلى التفاوت الكبير بين حال ضراعتهم» وحال كفرهمء أو بعبارة أدق استمرار حالهم. الثانية- أنه سبحانه عبر بالجملة الاسمية» وذلك تأكيد لشركهم الذى كان نقيض شكرهم الذى وعدوا به ونكثوا فى وعدهم. الثالثة- أنه عبر بالفعل المضارع الذى يصور حالهم ويدل على استمرارهم . وبعد أن بين سبحانه وتعالى كمال سلطانه فى النعم يمنحها ليرغبوا فى الإيمان والإذعان» ذكر سبحانه قوته فى القهر والعذاب. م 1# تفسيرسورة الأنعام مالل ااا 1 14 يليميماإء يي طقل هو القادر على أن يبعت عَلَيكُمَ عذابًا من فَوَقكم» . بعد بيان قدرته على كشف الكروب بين سبحانه وتعالى قدرته على إنزال الشدائد؛ جزاء لهم بما كسبت أيديهم» فهو كاشف الضرء وهو منزل العذاب» كل يسير على مقتضى حكمته. وعلى ما يصلح به الإنسان» ويستقيم عليه أمر العالم كما قدر رب العالمين:<آ ... وكل شيء عندة بمقدار 20) عالم اليب والشهادة بير الممَعَال 450 [الرعد] . وقبل أن نتكلم فى معنى القدرة القاهرة» نذكر كلمة فى ناحية بيانية» وهو لماذا أمر الله تعالى نبيه فى التنبيه إلى ضعفهم». وقدرته سبحانه وتعالى» وصدر الكلام بكلمة «قل» فى بيان ضعفهم., واستجابته لضراعتهم. واستعلائه بقدرته عليهم؟ ونقول فى الإجابة عن ذلك فيما يبدو: إن تصدير الكلام ب «قل» فيه تنبيه ؛ فضل تنبيه» وفيه بيان مقام النبى كَل أنه هو الصلة بينهم وبين ربهمء وأنه المبعوث إليهم من قيله. وأنه هو الذى يخاطبهم عنه سبحانه فى كشف الضر عنهم» ورفع الغمة إن نزلت بهم» وهو منذرهم بالعذاب الشديد. والخطاب هنا لمن؟ أهو للمشركين فقط الذين وعدوا بالشكر ثم أشركوا؟ أم هو خطاب للناس أجمعين؟ ظاهر السياق هو الأول لأنه الخطاب». ولكن موضوع الخطاب يعمء ولا يخص المشركين» ولأن مفسرى السلف والآثار الواردة عن الرسول يله تومىء إلى أن المؤمنين يدخلون فى عموم الخطاب» وإنا ثميل إلى هذا العموم . والنص الكريم يفيد عموم العقاب؛ لأن العذاب الذى ينزل من فوق يعم الجميع» كذلك العذاب الذى يجىء من تحت الأرجل يجيئ عاما لا خاصاء فإذا كانت صواعقء. أو إعصار شديد وصواعق» أو سيل عارم كل هذا يعم ولا يخص» وكذلك الخسف الذى تمور به الأرض موراء والزلازل المدمرة» والبراكين الحارقة كل هذا يعم ولا يخص ينزل بالمؤمنين مع الكافرين» وقد عبر الله سبحانه وتعالى عن هذه الأمور بعبارتين جديرتين بالنظر فيهما: لل انل ىج 1 أولاهما- التعبير ب ظيبْعَت عَلَيكُم». فإن البعث معناه الإثارة» وعبر بيبعث للإشارة إلى أن الله تعالى هو الذى يثير عليهم ذلك العذاب وعبر ب (يبعث) بدل ينزل عليهم» لأن البعث والإثارة تعنى أن النزول يكون من عل» ولأن البعث والإثارة فيهما معنى الإيجاد لما ليس بموجود. ْ ثانيتهما- التعبير عن ذلك بكلمة عدبا 4 ففيها الإشارة إلى أنه فى معنى الجزاء على بنيان واقعء أو أن الذين نزل بهم أكثرهم يستحقونء وهو على أية حال أمر مقصود» وقد أشار الله تعالى فى آيات أخرى إلى أن الكوارث قد تكون عقابا على ذنوب سلفت» أو طغيان استحكم كقوله تعالى فيمن ينفقون من غير إيمان: مَل ما يُغْقُونَ في هده الْحَيّاة اليا حمل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظَلَمُوا نهم كته وَمَا لمهم لله ولكن أَنفْسهم يظلمون 659 © آل عمران]. ومثل قوله فيما نزل بقارون وداره فى حال طغيانه : «إِن ارون كَانَ من قَومٍ موسئ فى عَم وني من الكُُوِما ماح لوم بالُصبَة أي ال قال له قومه لا تقرح إن الله لا يحب الْفرحين 9)» [القصص]. إلى أن قال سبحانه عنه: #فخرج 3 ريه لمم على مه في زينته قال اين يدون الْحيَاَ اناي ليت لنا مغل ما أوتي تي قارون إِنّه لدو خط عظيم 9 وقال ادن أُونُوا العم ويَكُم واب الله خَيْر لمن آم وَحَمِلَ صالحا ولا يلاها إِلذّالصَابِرُونَ (©) فَحَسَقنا به وبداره الأَرض فَمَا كان لَه من فة ينصرونه من دون الله وما كان من الْمسسَصرِين 4069 [القصص] . فدلت هذه النصوص على أن الله تعالى ينزل عذابا كونياء لغرور أو طغيان أو فسق عن أمر ربهم. وقد ذكر سبحانه وتعالى أنواعًا ثلاثة من العذاب الذى يبعثه : الأول والثانى أن يبعث عذابا من فوق أو من تحت» «أن يبْعَثْ عَلَيَكُم عدَابا فقكم اس نت ازعلكي». هاا تفسير سورة الانعام لل 170000 1 55*52 ىج ل ومعنى العذاب الذى ينزل من فوق» أطلقه الكثيرون من العلماء على ما ينزل من السسماء؛ بيسعث وإثارة من الله من صواعق وإعصار وريح فيها صر وحاصب من السماء» وحجارة من سجيّل تجعلهم كعصف مأكول» وغير ذلك مما ينزل الله من عل» والعذاب الذى يكون من تحت الأرجل مما يكون من الأأرض التى يفترشونها من خسف فى الأرض وميد فيهاء وبراكين وزلازل» وغير ذلك من آفات الأرض التى تقرض الزرع. وعبر عما يجىء من الأرض بقوله تعالى: #من تحت أَرجَلكُم» وذلك للإشارة إلى قربه الشديد منهمء وإلى أنه يكون فى مقام استقرارهمء فيكون ميد الأرض من تحت أقدامهم حيث هم مستقرون فيهاء وللإشارة إلى أنهم أول من يصابون بهذا العذاب» ولا منجاة منهى إلا أن يكون لله تعالى فى منجاتهم ٠. إرادة‎ وروى عن ابن عباس أنه فسر العذاب من فوقهم بفوقية معنوية» وهم الأئمة المفسدون» والحاكمون العابثون» ومن هم تحت أرجلهم بالرعاع الأقربين يهرفون بما لا يعرفون ويتبعون كل ناعق يدعو إلى هواه ويقفون على ما يريد20» فعلى هذا النظر تكون الفوقية والتحتية ليست حسية» وإن لذلك الكلام وجها من الحقيقة» فإن أشد ما تصاب به الأمم أن تتحكم فيهم أئمة الفسادع وأن يجدوا تابعا من الذين لا يعرفون كيف يرادون» أعلى الخير أم على الشر» وعلى ورد الماء العذب الذى ب يسقى النفوس » أم على مناقع الأوباء الخلقية ية والااجتماعية» فإن ذلك يفنى الآمم فى وحدتها واجتماعهاء وإن تحريب السماء وتخريب الأرض يسرع )١(‏ روى ابن اجرير الطبرى فى جامع البيان ح ج"اء ص١5١2‏ أن ابن عباس كان يقول فى هذه: قل هر القَادرُ على أن يَبْعَث عَليكُم عذابا من فَوقَكُمْ أو من تحت أَرَجُلكُم فأما العذاب من فوقكم: فأئمة السوء . وأما العذاب من تحت أرجلكم: فخدم السوء. ل تفسير سورة الأنعام بالل 2 لسر ا منه لا بد من تبديل الآقوام وتغيير واستبدال نفوس بنفوس» وذلك يحتاج إلى زمن طويل: :ا إن الهلا يرما بقوم حت يُعيرُوا ما بأنفسهم وَإِذَا راد الله قوم سوءا فلا مَرَد لَه وما لَهُم مّن دونه من وال 69 »4 [الرعد] . وإنى أرى أن العذاب الذى ينزل من فوق» والذى يجىء من تحت الأرجل» كلا الأمرين يشمل الحسى» ويشمل المعنوى بولاة السوءء وتحكم السفلة ومن لا يفقهون» ويتبعون كل ناعق» ولا يميزون بين الخبيث وغيره» لا على أن ذلك من الجمع بين الحسقيقة والمجازء بل على أن ذلك تفسير لكلمة العذاب» بما يعم ولا يخص حسيا أو معنويا. والنوع الثالث من العذاب الذى تصاب به الأممء وهو الداء العضال الذى أصاب أهل الإسلام» هو التفرق والتباين أو يلْبِسَكُم شيعا ود يذيق بعضكم بأس نض». هذا عذاب للأمم» يحل وحدتهاء وينشر جمعهاء وهو أشد أنواع العذاب» عندما يتفاقم » ويكون الهوى المتبع» والشح المطاع وإعجاب كل امرئ وكل جماعة بنفسها وطريقتها «... كل حرّب بما لديم فَرِحون 469 [المؤمنون] فعندئذ تنفك العراء وتنحل الأواصرء ويقوم المنكرء ويذهب المعروف» ولا سماع لصوت الحق. و(يلبسكم) الذكورة فى الآية من لبس بفتح الباء يلس وهى تتضمن معانى ثلاثة: أولها- الستر» فالحقائق تستر عمن يِلَبّس عليه» فلا يراهاء وثانيها- الخلط.ء فيختلط الحق بالباطل» والذين يقعون فى هذا اللبس (يلبسون الحق بالباطل) فلا يكون وضصوح يفرق بين الحق والباطل» وثالثها- وجود غشاوة على القلوب تحجب عنها بسبب التعصب لا يعتقده» فيزين له سوء عمله» فيراه حسناء ويرين على قلبه فلا يدرك . لها تفسير شبور هّ الانعام ىم للا 0 + 1[ 1[ 1[ [ 1 خآ 2212111 2 وقوله تعالى: «يلبسكم شيعا شيّع هنا حال» أى يخلطكم حال تشيع جماعتكم» فتكون كل جماعة شيعة قائمة بذاتها منفصلة عن سواها- وأصل كلمة شيعة من شيعت النار بالحطب: قويتهاء فالشيعة من يتقوى بها فى حدة وحرارة» وينتشرون عنها منادين بهاء وقد تستعمل فى معنى التجمع للخير» كما فى قوله تعالى : «إوإن من شيعته لإبراهيم 49 [الصافات] وقوله إ... هذا من شيعته وهذا من عَدوَه ... 462 [القصص] ولكن كثيرًا ما تكون فى التشيع لغير الحق» وما يكون فيه تعصب شديد فتكون كأنها وقود يقوى النيران؛ نيران الحقد والحسد والبغضاء . ومعنى الجسملة السامية بسكم شيعا أنه سبحانه يخلطكم» وتلتبس الأمورء ولا تميزون بين الخسبيث والطيب» وتكونون قوما بوراء وذلك الضلال يصحبه انقسامكم شيعا متفرقين توقد بينكم نيران البغضاء والعداوة» وتفترقون فيما بينكم » فلا تكونون أمة واحدة تجمعها وحدة جامعة» ولكن تكون طرائق متفرقة» وأخلاطا غير متجانسة ولا متمازجة. ولا تكون العلاقة فيها مودة واصلة ورحمة عاطفة» بل تكون العداوة الممتحكمة» كل شيعة تتربص بالأخرى الدوائر فى غير هوادة» ولا نفوس قارة» بل فى نفوس فاترة» وهذا مؤدى قوله تعالى: إويذيق بَعضكُم بأس بَعْض» أى تكون العلاقة أن يذوق كل جماعة شلة الجماعة الأخرى» أى يكون بأسهم بينهم شديداء فقوتهم تكون على أنفسهم. ولا تكون على غيرهم»: وعبر سبحانه عن البغضاء والعداوة بأن يذيق بعضهم بأس بعض» وذلك تصوير بيانى يشبه الإصابة بالبأس بذوقه واستطعامه للإشارة إلى أنهم يستطعمون العداوة بينهمء ويستطيبون البأس الشديد الذى يحكمهم كمن يستطيب طعاما شهياء وذلك ينيئ' عن فساد أمرهم» واضطراب حالهم؛ وقلب طباعهم؛ حتى إنهم يستمرئون العداوة كأنها طعام مرىء. اا تفسير سورة الأنعام لل 6 ل ار إن كل بلاء يهون إلا بلاء التشيع» وقد ابتلى الله تعالى به أهل الإيمان» روت الصحاح بآثار متضافرة أن أمة محمد يَكِلَهِ ستبتلى بهذا البلاء(1». روى ابن جرير أن النبى يك قال: «إن الله زوى لى الأرض» حتى رأيت مشارقها ومغاربهاء وإن ملك أمتى سيبلغ ما زوى لى منهاء وإنى أعطيت الكنزين الأحمر والأبييض» وإنى سألت ربى آلا يهلك قومى بسنة عامة (أى بأزمة وجوع) وألا يلبسهم شيعاء ولا يذيق بعضهم بأس بعضء» فقال: يا محمد: إنى إذا قضيت قضاء فإنه لا يردء وإنى أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة» ولا أسلط عليهم عدوا ممن سواهم فيهلكوهم بعامة» حتى يكون بعضهم يهلك بعضاء وبعضهم يقتل بعضا وبعضهم يسبى بعضا» فقال النبى كَلْهّ: «إنى أخاف على أمتى الآئمة الضالين» فإذا وضع السيف فى أمتى لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة»”27. اللهم إن هذه دلائل» قد رأيناهاء وأضلنا الضالون من الأئمة» حتى صار بعضنا يأكل بعضاء اللهم ارفع مقتك وغضبك عناء وأجرنا من شر ذنوبناء وعواقب أعمالناء وتب عليناء إنك أنت التواب الرحيم «انظر كيف نُصرّف الآيات لَعَلَّهم يَفقَهون» . يأمر الله تعالى نبيه بأن ينظر فى تصريف الله تعالى آياته البينات» وهو توجيه لما فى القرآن الكريم من توجيه حكيم» وإعجاز يتحدى به الإنسانية كلهاء فالسورة كلها تصريف فى التوجيهء وفى كل بيان جدهء ألم تره نبه إلى علمه المحيط الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة فهو يعلم ما فى البر والبحر» وما تسقط من ورقة إلا يعلمهاء ولا حبة فى ظلمات الأرض» ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين» وهو الذى يتوفى الأنفس حين موتهاء والتى لم تمت فى منامهاء وهو )١(‏ من ذلك ما روى الترمذى: تفسير القرآن - ومن سورة الأنعام (55 )٠‏ عن سعد بن أبى وقاصٍ اسه عن النِي ككل فى هدم الآية: مل مر قاد على أنا يلِمَتْ عَليكُمْ حَذاًا من فَوقكُم أو بن تحت ٠‏ أرجلكم4 َقَال الي ) كله : «أما إنَهَا كان وَلم يَأأت أوينُهَا بَعد) قال أبو عيسى: هذ حَديت حَسَن غَرِيب. . كما رواه أحمد فى مسئد العشرة 454 1). زهعة ورواه مسلم: الفتن وأشراط الساعة - هلاك هذه الآأمة بعضهم يبعض 886 بلفظ مقارب. ع ها لفسبير سنورة الانعام لوو 251 كريب نات الذى يرد إليه الأمر كله ثم بين أنه وحده الذى يلجأ إليه المشركونء إذا اشتدت الشديدة» وحلت الكريهة. وهو القادر على أن ينزل إليهم البلاع, ويذيقهم كئو س الاختبار. هذا تصريف فى القول المحكم الصادق ليدركوا الأمور على وجوهها بعد أن يوجهوا إليهاء رجاء أن يفقهوا ويدركواء فالرجاء هنا فى قوله تعالى: «لعلّهم يفَقَهود» هو فى حالهم إذا كانوا يعتبرون» وفيما هو من شأن ذلك التصريف فى القول الحكيم» ويفقهون معناها يدركون لب الحقائق . وتنفل بصائرهم إليهاء والله سبحانه هو الحكيم الخبير العليم. ودبي مُكَوَهوَألْحُ ل لَمَثْعَليموكيل لَص لس عر 01 000 0 سير عو له نبإ مُستفروسوف تعلمون ريك فَإِذَارَايتَ الزين خوضون فى" 5 سيفرس الا خا يرو ٠‏ ار سام قوط ف حَدِيت عير وَإمَآينِينكَ 1 لْصَجط ول معد بح دَأليصكرَئ مََالْمَو فين (02 001 54 آله 5 سلا .ته 2 ”امد ٠.‏ وماعل ازيرت ينقون من جسابه م مُنْثَىَ وو كن 1 020 ع سول زحكرئ ى لعلهم يقوس" يه بين الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة أنه سبحانه وتعالى هو الذى يلجا إليه عند الشدة» وآنهم يلجتون إليه ويدعونه تضرعا وخفية فى ظلمات البر والبحره» وأنه هو وحده المنجى . ولا منجى سواه وأنه سبيحانه منزل الشدائد» بالعبادة» كما اختص بالإنجاء والابتلاء 3 يشركون غيره ثمن له يضر ولا يلمع ) وفى هذه يقرر موقفهم من الحق» وخوضهم فى أمره بالباطل مما يدل على أن ءِِ ا تفسبير سبورة الانعام لل ؛ حر اد سببا ضلالهم أنهم لا ينظرون فى قضية العبادة نظرة جادة تتكافاً مع مقدار الجلال فى الحقائق الدينية والمعانى الإلهية؛ ولذلك لا تنفذ بصائرهم» ولا تهتدى قلوبهم» لام هام هاس مع هذا التصريف فى بيان الآيات» بذكر النعمة الى يلجأون إلى طلبها دون سواأه» وبيان القدرة الكاملة الشاملة» وبيان أنه الذى ينزل الايتلاء» والعذاب الدنيوى ليقيسوا عليه من بعد العذاب الأخروى» كذبت قريش قوم النبى 3 وتكذيبها مع قيام البينات الصادقةء» ومع حالهم من الاستسلام» وطلب النجاة مئنه عند الشدة» يدل على إدراك ناقفص أولا- أن مناقضة الشخص لحاله أو لبعضص أحواله دليل على غفلته عن إدراك الحقائق كاملة» وعن نسيان الوقائع » ويدل أيضا على جحود مستحكم ومقاومة للحق مع قيام الآدلة» وشهادة الآيات» ويدل على تغلغل التقليد فى نفوسهم» حتى إنه يضع على أعينهم غشاوة» وإن كان البصر قائما» فلهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها. وقال بعض المفسرين: إن قوم النبى يليه هم أمته الذين بعث فيهم لا فرق بين عربى وأعجمى » ولا أبيض وأسود َ ولا شرفى ولا غربى» فأولعك قومه ونحن غيل إلى ما عليه الجمهور من المفسرين؛ لآن الأمة أعم من القوم » فى أصل الدلالة اللغوية» وإنما ذكر الله تعالى قوم النبى يَلِْةٌ من قريش؛ لأن النبى يه كان حفيا بأن يؤمنوا حريصا على إيمانهم» حتى إنه عندما كان الأذى بشتى ضروبه؛ قال: اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون» وقال: «وإنى لأرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله)10كى, وللإشارة إلى عموم الدعوة إلى هذه الدعوة» وإنه قَال عبد الله بن مسعوه كَأنَى أن إلى اللي ل يَحكى نيا من الأنياء ضربة قومه فَأدموه وهو يَمْسَّحْ الدّم عن وجهه ويقول: «اللّهُم اغفر لقَومى فَإنَّهُمْ لا يَعلَمُونَظ. . متفق عليه؛ البخارى: أحاديث الأنبياء - حديث الغار 5066 ومسلم: الجهاد والسير - غزوة أحد (؟9/9١).‏ > ا تفسير سيور هّ الانعام للا 10 ١‏ ال ١1‏ يي إن وجد من يرد دعوته من قومه. ويشددون فى بلائه» فسيجد المستجيب من غيرهمء وإن الهداية قد تكون من خارج قومه 9إِنْك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يَشَاء ... 459 [القصص] . قوله تعالى: #وهو الْحق» فيه إشارة إلى أنهم لا دليل عندهم ولا موجب»ء لأنه الحق الثابت الذى قام الدليل عليه» وشهدت له البينات» وقام من أنفسهم دليل صدقهء فالواو ما يسمى فى عرف النحويين واو الحال» أى أنى يكذبون ذلك التكذيب», والحال أنه حق ثابت» وذلك لشدة العناد؛ إذ إن الدليل قائم» والقربى بينك وبينهم ثابتة ومع ذلك جحدوا بهاء وإن استيقنتها أنفسهم» ولست مسئولا عن كفرهم» وقد بينت وبلغت» وما عليك إلا البلاغ. وإذا كان قومك يكذبون بالحق» وقد ظهرت دلائله» ويرقت بوارقه» فقل لهم إنك إذ بلغت وبينت» لست مسئولا عنهم» وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «قل ست عليكم بوكيل» وأمره يك من قبل الله تعالى لتأكيد أن عليهم وحدهم تبعة تكذيبهم» وأن النبى يد مهما تكن صلته بهم من قرابة ورحم موصولة من جانبه» لا يتحمل تبعة ما يفعلون؛ بل كل امرئ بما كسب رهين» ولا تزر وازرة وزر ادد أخرىة وما على الرسول إلا البلاغ» والوكيل هنا المتكفل بأمورهم» الموكول شئونهم الذى شملت كفالته عليكم» فليس بذى رقابة ومسئولية عنهم» وقد ال ارئب فى معن كيل وكيل فعيل بمعنى مفعول قال تعالى: #... وكفئ باللّه وكيلاً © [النساء] أى اكتف به أن يتولى أمرك» ويتوكل لك. وعلى هذا: 0 .. حسينا اللّهِ ونه نعم الوكيل 4099 [آل عمران]. 2 .. وما أنت عليهم بوكيلٍ نه [الأنعام] أى بموكل عليهم» وحافظ لهمء كقوله تعالى: لست عليهم بمسيطر 69 إلا من تولّئ وكفرَ 49 [الغاشية شية] وعلى هذا قوله تعالى: #قل لست - وأما قوله ككلَهٍ «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم. . .» فهو فى حديث الأخشبين» وهو متفق عليه رواه البخارى: بدء الخلق - ذكر الملائكة (7711)» ومسلم: الجهاد والسير - ما لقى النبى كله (1794). 1-1 تفسير سورة الأنعام الك 02 لحب أ عَلَيَكُم بوكيل» أى لست بموكل بكم حافظ عليكم لأحملكم على الجادة» بل على التبليغ فقطء وأنتم مسئولون عما تكذبون وتقترفون؛ ولذا حملهم سبحانه التبعة» وأنه واقع بهم ما أنذرهم» وأن إخخحبارهم بما يكون فى اليوم الآخر واقع لا محالة: «لكل نبا مستقر وسوف تعلمون» . النبأ هو الخبر العظيم الذى يكون ذا فائدة» وله واقع مصدق يفيد علما يقينيا» أو علما ظنياء ولذلك يقال عن الأخبار المتواترة أنها أنباء» ومن ذلك قوله تعالى : تلك من أَنبَاء العَيْب نوحيها ليك ... 469 [هود] ومستقر هى مصدر مسمى بمعنى استقر» أو اسم زمان كعنى زماة يستخر. ومعنى الاستقرار مأخوذ من القرار بمعنى الثبوت والتحقق والوجود, فالمؤدى اللفظى للنص الكريم لكل خخبر عظيم» بالإنذار أو التبشير؛ زمان يكون فيهء ويتحقق مضمونه. والمؤدى العام؟ أن أولئتك الذين كذبوا بالحق لما جاءهم» قد جاءتهم الأنباء بالنذر» وجاءت المؤمنين الأنباء بما سيجدون من نعيم مقيم» وجنات عدن خالدين فيهاء وإنه نبأ فى الدنياء أو فى الحاضرء وتحققه ومستقره فى القابل» وستجدون حقيقته ثابتة معلومة علم اليقين بالمشاهدة المحسوسة» وكذلك قال تعالى: «وسوف تعلمون» أى من المؤكدء أنكم ستعلمونه علم اليقين والاستقرار والوجود. وقد يرد سؤال؛ أليس فى ذكر القرآن الكريم وإنذار النبى كَكِةٌ ما فيه العلم اليقينى أو ما من شأنه تكوين العلم اليقينى؛ فلا علم أعلى منهء كما قال تعالى بعد هذه البينات : «وَجَحدوا بها واستيقنتها أنفسهم . .. 069* [النمل]؟ والجواب عن ذلك أن العلم الذى قامت أسبابه بإنذار الله تعالى الصادق صدقا لا يرتاب فيه عاقل هو علم الإخبار» أما العلم الذى يكون عند نزول العذاب» فهو علم المعاينة والمشاهدة» والنزول بهم»ء حيث لا مجال للمراء» ولا للمباهتة والتكذيب. وقوله تعالى : «لكل نبا مُستقر» أهى من قول النبى- عليه الصلاة والسلام- المأمور به فى قوله تعالى: #قل لست عَلَيَكُم بوكيل» ظاهر السياق أنها من مقول ها تفسيرسورة الانعام 0 10010100000 1 21225012111111 لأسب ا النبى -عليه الصلاة والسلام- الذى أمر بهء ويكون إجراء الإنذار على لسان النبى ظيِدٌ فيه فضل من التشديد بسبب المواجهة والمخاطبة» وفوق ذلك له صلة بنفى أنه ليس وكيلا عليهم» فوضت أمورهم إليه» إنما التبعة عليهم وحدهم» ويصح أن يكون قوله تعالى : «لكل بأ)4. كلام من الله تعالى» ويكون حكما منه تعالى بما سيجرى عليهم وكله من الله وإليه يعود. (وإذا ريت الذين يَحُوضُود فى آناتن عرض عَلْهُم حت يَحُوضُوا فى حَدِيثٍ غيره 4 . كان المشركون الذين خاطبهم النبى كد بالدعوة إلى الوحدانية. بعد أن أنذر وبشر» وصدع بأمر ربه؛ يتخاطبون فيما بينهم, لا يظلهم طلب الحق. ولا تدفعهم إرادة الحقيقة» وإنما يسود حديثهم اللجاجة فى الجحود» ومعاندتهم للنبى لد واستهزائهم بضعاف المؤمنين» وتدبيرهم أساليب تعذيبهم» فحالهم ليست حال من يستمعون إلى الحق؛ إذ دعوة الذين يلجون فى الخصومة والمعاندة تزيدهم تشديدا فى موقفهمء وصم أآذانهم؛ ولذلك لا يكون من الخير تذكيرهم فى هذه الحال الجاحدة لأنها تزيدهم إصرارا وجفاء وبعدا وعنادا. والخنوض أصل معناه فى اللغة المرور فى الماء» والشروعء» والانغمار فى موجاته» ثم استعمل فى الانغمار فى الأحاديث والأقوال باعتبارها تغطى الفكرء وتسيطر عليه كما يغطى الماء الخائض فيه. جاء فى تفسير الشوكانى ما نصه: (الخطاب للنبى ولي أو لكل من يصلح للخطابء. والخوض أصله فى الماء ثم استعمل فى غمرات الأشياء التى هى مجاهل تشبيها لغمرات الماء» فاستعير من المحسوس إلى المعقول» وقيل هو مأخوذ من الخلط وكل شى خضته فقد خلطته؛ ومنه خاض الماء بالعسل وخلطهء والمعنى إذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا بالتكذيب والرد» والاستهزاء فدعهمء ولا تقعد معهم لسماع هذا المنكر العظيم» حتى يخوضوا فى حديث مغاير). وإن جلوس النبى كلد مع هؤلاء لا يتصور أن يكون لمجرد المسامرة» ولكن لأجل رسالته. والدعوة فى هذا الخوض المعاند» لا تجدى كما ذكرناء وإن الأمر تفسير سورة الأنعام اال ا 0 يج زر 7 بالأعراض عنهم فى حال العناد أمر للنبى يلد ولخاصته المؤمنين» وعامتهم» فعلى المؤمنين ألا يغشوا مجالس البتدعة فى أثناء تقرير ابتداعهم» وإعلان انحرافهم» فإنه لا جدوى فى إرشادهم وهم فى هذه الحال» وأن المؤمنين معرضون بكثرة الجدل معهم لأن تسرى إليهم عدوى تفكيرهم) فإن الأفكار الفاسدة تعدى كما تعدى الأجسام المريضة الفاسدة» وقد شكا بعض الحنابلة أنهم لكثرة مجادلتهم مع الزنادقة سرت إليهم بعض طرق تفكيرهم. «إوإمًا يدسيئك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرئ مع القَوم الظّالمين». إن النبى كَل كان حريصا على دعوة المشركين» فبين الله تعالى كما ذكر آنفا أنهم إذا خاضوا فى الآيات التى هى دلائل الرسالة» واستهزءوا بها وألحوا فى جحودهاء ولجوا فى استمساكهم بما هم عليه لا يزيدهم ذكر الحسّ إلا لجاجة وعنادا وطغيانا إذ كلما جاءتهم آية ودلائل أخرى زادتهم كفراء كما قال تعالى : إوذاما نولت سور هه م فول كم ردق ذه يسان أن اين آمو فزادم؟ يمانا وهم يُستبشروت 059 وَأَما الّذِينَ فى لوبهم مُرض فَزَادتهم رجسا إلى رجسهم َمَانُو وهم كافرون 452 [التوبة] . فنكران الحق لا يزيد الظالمين إلا خساراء ويدفعهم إلى اللجاجة. ولذلك كان النهى فى الآية السابقة» ولكن دعاة الحق فى قلوبهم ميل إلى ذكرهء وهداية الناس إليه» فقد يدفعهم ذلك إلى أن يعاودوا الدعوة إليه وذكره عند الخائكضين منكرين مسنتهزئين؛ ولذلك كان النص الكريم مكررا النهى فى حال النسيان بسبب الرغبة فى الدعوة إلى الهداية وقوله: #وإمًا ينسيئّك الشَيطان» هى (إن» الشرطية مؤكدة ب (ما» ويصحب التأكيد بما التأكيد بالنون الثقيلة لغة وبيانا فى (ينسينك)؛ وهذا من مواضع وجوب التأكيد» والمعنى إن أنساك الشيطان» نسيانا مؤكدا فقعدت معهمءفلا تقعد بعد التذكر معهم؛ لأنهم ظالمون» ولأجل بيان بعض مرامى النص نتكلم فى النواحى الآتية : لها تفسير سورة الانعام 1 الللمو اال 111 #«ل ور 7 الأولى - أن التأكيد إنما هو فى النسيان» وأن السبب هو الشيطان» وإذا كان الشيطان هو السبب فى الوسوسة التى أدت إلى ذلك النسيان فإنه يجب التوقى منه وممحاريته. وعدم الأهذ بما يدعو إليه» والتوبة والإقلاع عما دعاء ولكن هل الشيطان بمعنى إبليس يسيطر على نفس النبى يَلَيْةٌ فينسيه ما يجب عليه» وإن الذى نعلمه» وهو مقرر أن إبليس نزعت من قلبه علقته» فهو لا يؤثر فى نفس النبى كد ولكن الطبيعة الإنسانية هى التى تعترى الإنسان فينسى» فكيف ينسب نسيان النبى إلى الشيطان؟ وقد أجيب عن ذلك بأن المراد بالخطاب فى هذا المقام من يخاطب من الأمة» فليس للنبى كَقيْةٌّ ولكن اللفظ للنبى ككِلْدِ فلا بد أن يدخل فيه الشيطان ليس هو إبليس هناء إنما هو ما يعترى النفس الإنسانية» من غفوات» أو سهو وهو جائز على النبى يَلِةٌ فى غير بيان الأحكام» والتبليغ عن الله تعالى» حكمته. وعبر عن النسيان بنسبته إلى الشيطان للإشارة إلى وجوب توقيه. الثانية- أن النهى جاء بعد التذكر. فلا نهى فى حال النسيان لأنه رفع عن الآأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وقال سبحانه: لافلا تقعد بعد الذكرئ مع القوم الظّالمين4 عبر سبحانه وتعالى عن الذكر بالذكرى» ومعنى الذكرى كثرة النسيان ما أمكن» حتى لا يزداد الداعى تعباء ويزداد المدعو لحاجة» فلا دعوة إلى الحق مع الإعراض عنه واللجاجة فى الإعراض وتحزبواء وهم مستمرون فى ظلمهم بكفرهم» وإصرارهم عليهء ولجاجتهم. واستهزائهم. ففى النص وصف لهم بالظلم» وأنه السبب فى عدم القعود ا تفسير سورة الأنعام اا ص2 حرس اا وإن دعاة الباطل يتخذون لهم أوكاراء لا يجالسهم فيها إلا من هم على شاكلتهم» فيجب الابتعاد عنهم . «إومًا على اين يتَقَونَ من حسابهم مَن شىء» الباعث لأهل التقوى على الجلوس والاستماع إلى الظالمين» وهم يخوضون فى الآيات البينات الثابتة الدالة على صدق محمد يَكَةِ منكرين» جاحدين مستهزئين» لاجين فى عنادهم هو رغبتهم الملحفة فى الهداية فأشارت الآية الكريمة أنه لا رجاء فيهم» ولا غضاضة على أهل التقوى فى ذلك؛ لأنهم ما عليهم إلا التذكيرء وما عليهم من تبعات أعمالهم شىء إثما تبعات أعمالهم عليهم. وهذا النص الكريم الذى نتكلم فى معناه يبين أن الذين يتقون الله تعالى حق تقاته» ويجعلون بينهم وبين غضبه سبحانه وتعالى وقاية ليس عليهم تبعة عن أعمال الذين يخوضون فى آيات الله تعالى» فالمراد من حسابهم أى أعمالهم المحسوبة عليهم.» فهو من إطلاق المصدر على اسم المفعول باعتبار أن العمل هو السبب فى الحساب» وهو من إطلاق اسم المسبب» وإرادة السبب» والمعنى ما دمتم قد أديتم واجب الإرشاد والتذكير» فما عليكم من تبعة أعمالهم من شىء. ولقد قال فى معنى اما عَلَيِكَ من حسابهم مّن شيء» الأصفهانى ما نصه: وقوله تعالى: (... ما عليكَ من حسَابهم من شيءِوَمَا من حساباكعَليْهِم من شي ... 40 [الأنعام] فنجد قوله تعالى: « ... عَلَيِكُم أنفسكم لا يضركم من ضل إِذا اهتديتم .. . 02 * [المائدة] أى أن المعنى ما دام أهل التقوى قد أدواء فلا حساب عليهم» ولا ينالهم أذى من حسابهم» وقوله: من شىء» «من» هنا للدلالة على عموم النفى واستغراقه» أو تأكيد استغراقه» أى ما عليكم أى قدر -ولو ضؤل- من تبعات أعمالهم ما دمتم قد ذكرتموهم العاقبة لما هم عليه» فالواجب عليكم التذكير» ولذا قال سبحانه : تفسيرسورة الأنعام لم1 لبه أ > ات «إولكن ذكرئ لَعلْهم يتقو ن» هذا النص الكريم يبين ما على النبى والمنقين من بعد إلا التذكير الثابت الدائم المستمرء وفى أوقات يرجى فيها الإنصات والالتفات» والعناية بما يلقى عليهم» وذلك التذكير لرجاء أن يكونوا فى حال من يتوقع إيمانهم» والتذكير بذاته موجب للؤيمان إذا زالت الموانع» وأشد الموانع أن يسبق الجحودء وأن تغلف القلوب» فالرجاء فى قوله تعالى: ملَعلهُم ينوع ليس من الله تعالى: ولكن لتصوير حالهم إذا استقامت قلوبهم» وخلصت من الشر والجحود نفوسهمء وهو أنه يرجى إيمانهم» ولكنهم أحلوا محل الرجاء الجحودء والإصرار على الكفرء والعناد. . وقانا الله شر ذلك» وجعلنا من يستمعون القول فيتبعون حر له حت لور و ب رم ا 2 00 0 تر 2 0 0 1 0 لمر كرا شَرَابُ مِنْحِيمِوَعَذَابٌ 5 جهو رح دده وه أليميماكا وأ كروت ني قل دوأ من شوك ب ألله ذ هس له رح سر عو سس مل ما لا ينفعناو لا يضرا ودر مع َبتك هَد ضاف الام ا له أْصحَبٌ -- ..»1 ١ ا -092 قر م م رظ ورد مد وام مل ألْهُدَى أَمْيَنَاكلُإرك هدى أله هو الْهُرَىُ 85 ل.ل تفسير سورة الأنعام الئل 2 ليا 4 3 2 د 7 2 2ل 2 0 الناويت لي دأد: مم | 000 بوه «صسسب. طاو حجنت رفوه ك2 20 سح سد قر رسع م و 57 قال اليس مه م ورا صم ع جم لَحَيِ وَالشهتدوَ و هوك كيم الجير عي رِ عكلم الع بين الله سبحانه وتعالى قدرته القاهرة» وأنه الملجأ فى الكرب» ومع ذلك كانوا يخوضون.» ويعبثون» والله يأمر نبيه بأن يعرض عنهم ولكنهم يستمرون فى استهزائهم بالمتقين إذ كانوا ضعماء ء فيسخروك منهم »2 وبذلك اتخذوا دينهم الذى كان يجب عليهم أن يعتنقوه لعباء وذلك من غرورهم با حياة» وظنهم أن الحياة الدنيا هى الباقية» أو لا حياة بعدها؛ ولذا قال تعالى بعد أن أمر نبيه بالإعراض (وقر ادن اشوا ديهم عا ورا وهم ايا لْحيَاة الدنيا» . «ذَر» بمعنى اترك» وقال علماء النحو: إن «ذر» و«دع» لا ماضى لهماء حى يستعمل » فقد جاء فيه إذا قيل للقوم: ذروا هذاء قالوا: وذرناه. والمعنى أعرض عن الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهواء والدين المضاف إليهم هو عبادة الأوثان التى عبدوها كأنهم اتخذوها لعبا ولهواء واللعب هو الفعل الذى ليس مقصد يقره أهل العقل : واللهو ما يتلهى به ويشغل به عن الأمر الحاد المنتج المثمر» الذى يكون له غرض مقصود مطلوب» فهؤلاء فى اتخاذهم الأوثان التى يصنعونها ولا تنفع ولا تضر آلهة تعبد كأنهم يلعبون إذ يعملون عملا لا يقره أهل هاا تفسير سسورة الانعام ا ذختا 2222 لحب أ العقل والإدراك» ويلهون لأنه عيث يعبثون به ولا غاية له عند أهل الفكر والمنطق؛ ولا على أن يفسر الدين بما هم عليه من عبادة الأوثان. ويرد على ذلك التفسير أن هذا ليس جديرا بأن يسمى ديناء ولو كان مضافا إليهم . ورأى بعض الممسرين أن المراد من دينهم الإسلام؛ لأنه الدين الذى جاء ؛ وهم مخاطبون بهء ومكلفون أن يتبعوه» فهو دينهم الذى جاء به رسول منهمء وهو الذى ارتضاه لهم أن يكون ديناء وقد اتخذوا ذلك الدين لعبا ولهواء إذ لم يفهموا ما هم عليهء ومعنى اتخاذه لعبا ولهوا أنهم سخروا بمن اتبعهء وتهكموا على أهلهء وأخذوا يخوضون فيه لعبا فى مجالسهم: ولهوا عن الحق. يزكى ذلك قوله تعالى : وإذا رأيت الّذين يخوضون فى آياتنا َأَعْرِض عَنْهُمْ حَنَى يَخْوضُوا فى حَديث غَيّْرِه ... (62 4 [الأنعام] . وقال تعالى: «( وقد ترل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكتقر بها ويُستهزا به فلا عدوا مهم حنى يَحُوضُوا فى حديث غيره إِنَكم ذا ملهُم إن الله جامع الْمَافقين وَالْكَافرِينَ فى جهنم جَميعًا 09 »4 [النساء] . وإن هذا اللعب وذلك اللهو وتعابثهم بالمؤمنين سببه هو غرورهم بالحياة الدنياء وفهمهم لها أنها غاية الوجود ونهايته؛ ولذلك قال تعالى عاطفا على قوله تعالى : 9ِتَحَدوا دينهم لعب ولهُوا وعرَتْهُم الْحََاةٌ الدًا» . . أى خدعتهم هذه الحياة» وما اتخذوه فيها من مساهج غير ملتفتين للحياة الآخرة» ولا مسؤمنين بهاء ولا بالبعث والنشورء «(وما الحياة الدائيا إلا له لعب وَلَهو ولَلدَارُ الآخرةٌ حَيْر للّدِينَ يتَقُونَ 69 © [الأنعام]. خدعوا بالحياة الدنياء فكان منهم ما كان من العبث بالحقائق الدينية والسخرية بأهلها؛ ولذا أمر الله تعالى ننه - وإن ذلك فيه معنى التهديد لهم - بأن يتركهم فى غيهم حتى يفاجئوا بمآلهم. ولكن مع ذلك أمر الله تعالى نبيه اا تفسير سورة الانعام ل ال هدك لسرب د رحمة بهم» أن يذكرهم دائما رحمة أن يهتدى؛ ويطلب الحق» ويشغل به نفسه» فقال تعالى: وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت» . الضمير فى «به» قال أكثر المفسرين: أنه يعود على القرآن» والقرآن فى يعود إلى الدين الذى هم مكلفون أن يأخذوا به» ويتبعوا هديه» وإن الله تعالى مع أمره نبيه أن يتركهم فلا يلتفت إلى هزلهم وعبثهم واستهزائهم لومت أمره بأن الذى ينزلونه به ويمن معهء. فذلك هو مايصيب دعة الحق» ولكن يجب مع الإعراض عن لعبهم ولهوهم أن يستمر فى دعوته ومثله معهم كمثل المربى الكامل الذى لا يهمه عبث تلاميذه» يعرض عنه » ولكن يستمر فى هدايته لهم. وذكر بالدّين كراهة أن تبسل نفس بما كسبتء والابتسال: معناه فى اللغة والمعنى الجلى لا تشغل نفسك بلهوهم وعبثهم» ولا يمنعنك ذلك من أن تستمر فى تذكيرهم» حتى لا يسلموا إلى الهلاك ويمنعوا من الخسير» ويكون نصيبهم جهنم وبئس المصير» وإنك منذرء ولكل قوم هاد. وإنه فى هذه الحال لا منجاة لهم منهاء فلا ينقذهم منها ولى يناصرهمء ولا شفيع يشفع لهمء إذ هى الهلاك الدائم والعذاب المستمر؛ ولذا قال تعالى: «ليس لَهَا من دون الله ولىَ ولا شفيع وإن تعدل كُلَّ عَدل لأ يؤْحَد منها» وإذا أسلموا إلى الهلاك فى جهنم لا يكون لهم من غير الله ولى يناصرهم أو يواليهم بمقتضى القرابة أو العصبة التى كانوا يتنادون بهاء أو شفيع يشفعء ويترضى عنهم» وإن يقدموا ما يستطيعون من فداء لا يقبل منهم فلا ولاية ولا شفاعة ولا فدية من عذاب أليم» فالعدل: هو الفذاء الذى يعادل ما ارتكبواء ويخرجون به من النار والعذاب» ومعنى #وإن تعدل#, وإن تقدم فداء؛ يكون عدلاء لا يؤخذ منهم . ها تفسير سورة الانعام لل ل [ 1 1 1 1 1 1 1 2522*011 لأسر> | وقوله تعالى: #من دون اللّهك أى من غيره» والتعبير بقوله «من دون» إشارة إلى أنه مهما يكن فى نظرهم فهو دون الله والله هو العلى المسيطر على كل شىء . ش وقد بين بعد ذلك هذا العقاب الذى لا مناص منه» ولا منجاة ولا خلاص» فقال تعالت قدرته: «أولتك اين أَبْسلُوا بما كسبوا لهم شراب مَنْ حميم وَعَذَابْ ألم بما كانوا يكفرون» . والإشارة إلى الذين يخوضون فى آيات الله تعالى» الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهواء وكانوا يسخرون من الذين آمنوا وهم يذكرون بالدين الذى بعث به رسوله إليهم» وقد كانوا بفعلهم هذا #أبسلُوا4 أى أسلموا أنفسهم للهلاك والبوار» وأتوا إلى النارء ذلك بما كسبوا من عبث وكفرء وعتوء واستهانة» وعبر سبحانه بقوله: «بمَا كَسَبوا) للإشارة إلى أنهم قد فعلوا ذلك يريدون الكسب» فكان ذلك العذاب» فهم اشتروا العذاب والضلالة بالهدى. وهذا العذاب شديد يحيط بكل أجسامهمء النار فى بطونهم وفى جلودهم» لهم شراب من حميم أى ماء يغلى يدخل بطونهم» فيمزق أمعاءهم» وهو نار فى جوفهمء ونار تكوى جلودهم 0 .. كُلّمَا نضجت جَلُودهُم بَدلَاهُمْ جنُودًا غَيْرَهَا ليَدُوقُوا الْعَدَآاب ... © 4 [النساءع]. ولهم بذلك عذاب أليم وذلك العذاب بما كانوا يكفرون أى يسبب كفرهم المستمر الذى كان يتجددء فكانوا يحدثون كل وقت من مظاهر ما أوجب استحقاقهم لهذا الألم؛ فمرة يسخرون من النبى وَكِلْهّ ومن معهء ومرة يؤذون المستضعفين من المؤمنين» ومرة يقطعون عنهم الميرة7١2»‏ ويقاطعونهم وأهلهمء ومرة يؤذون النبى علو وأخرى يخوضون فى آيات الله تعالى» ويتتخذون الدين الذى بعث به رسول منهم لعبا ولهواء فهو كفر مستمر متعدد الوجوه أساسه الجحودء والآيات قائمة. . امير بالكسر: جَلَبْ الطَّعامٍ. القاموس المحيط (مير)‎ )١( - تفسير سورة الأنعام م لال مهم > اك 1 تي وإن ذلك كله الأصل فيه ضلال استهواهم» وهو عبادة أحجار لا تضر ولا تنفع ' قل صنعوها بأيديهم ثم عبدوها بقلوبهم ؛ ولذا قال الله تعالى : شقُل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا» . الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه بأن يقول مصورا ضلالهم؛ وفساد تفكيرهم فى أن يعود محمد وأصحابه إلى عقيدتهم؛ فيقول: دقل أنَدعر من دون الله ما لا ينفَعنا ولا يضرنا» . ذلك أن قريشا بذلوا ما بذلوا فى سبيل حمل محمد كل على أن يرجع عن دعوته» عرضوا عليه المال» وعرضوا عليه الإمرة عليهمء وعرضوا عليه كل ما يظنون أنه يرغبه فى العود إليهم» كما يتصورون» ليرتاحوا فى ذات أنفسهم حاسبين أن ما يدعوهم إليه يضرهم فى عصبيتهم وجاهليتهم؛ وأنه يمنعهم ما كان عليه آباؤهم . فالله أمر نبيه أن يستنكر ما يدعونه إليه» ويبين فى استنكاره بطلان ما يعتقدونء وأنه انحدار فى الإنسانية» وذلك من الجدل الحكيم» والدعوة إلى الإسلام فى رفق وتواضع» فيقول: «أندعو من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يَضْرنا» أى لا يملك نفعا ولا ضراء ولا يملك من أمره شيئاء ولا يملك موتا ولا حياة» وإن هذا إهمال لحكم العقل» نترك عبادة ما يضر وينفع» وهو مالك كل شىء وهو القاهر فوق عباده» وهو الذى نلجاأ إليه فى شدائد البحر والبر» كيف نترك عبادته إلى ما تدعونا إليه من أوثان لا تنفع ولا تضرء وإن الله تعالى قد هدانا إليه سبحانه» وإن ما تدعوننا إليه نكسة بعد تقدم» ورجعة بعد الهداية؛ ولذلك قال تعالى فيما أمر به نبيه: #ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه»ك أى أنرد إلى الضلال بعد الهدىء وإلى الباطل بعد الحق» وإلى الظلمات بعد النور؛ وعبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله وأن نرد على أعقابنا. العقب ما وراء القدم» أى أنرجع مدبرين على أعقابناء منكسين بعد أن أبان الله الحق واهتدينا بهديه» وامتلاات قلوبنا بوحدانيته فى العبادة» فلا نعبد سواه. / تفسيرسورة الأنعام لوو 7 14 2-76 وقوله تعالى: «أندعو من ذون الله ما لا يتَفَعْنًا ولا يَضرُنَا» وقد فسر الزمخشرى (ندعو) بتعبد» وهو حسن» ويصح أن نفسر (ندعو) بكل دعاء بالعبادة وبالاستغاثة» وبالاستعانة فى النصرء وغير ذلك مما يدعون به أصنامهم. وقدم نفى النفع على نفى الضرر؛ لأن نفى النفع أجلب للتركء إذ إن من يدعو إنما يدعو لنفعه لا للضرر ولذا قدم عليه. والاستفهام هذا إتكارى بمعنى النفى» أى لا ندعو ما لا ينفعنا ولا يضرناء وهو نفى فيه معنى التوبيخ لمن يدعو ما لا ينفعه ولا يضره. وقد صور الله تعالى حالهم فى دعوتهم إلى الباطل من اهتدى» ومن تنزل عليه أسباب الهداية كحال الشياطين التى تستهوى الضال بدعوتهم إلى ما لا هداية فيه؛ بجوار أن له أصحابا يدعونه إلى الطريق اللاحب(2»: والسير فيما فيه النجاة فقال تعالى: «إ كَالّذى استهوته الشساطين فى الأرض حيرا لَهُ أصحَاب يُدَعُوتَه إلى الهدى انتنا » . ا 0 استهواه أى طلب هواه واستولى عليه يوجهه كيف شاءء كالذين يصنعون ذلك بالنوم» والاستيلاء على الحس» والشياطين هم الذين يضلون» ومن ذلك الأوهام التى تعترى من يسير فى صحراء قفراء يتلمس المرشد فى مهامه ' الأرض29, فيسمعه الوهم نداء يسير به فى طريق الضلال» وسماهم الله تعالى شياطين تستهوى الأنفس » فيسيرون وراء هذه الأوهام والضلال كما قال المفسرون» وفى الوقت نفسه له أصحاب يدعونه إلى الطريق المستقيم» وهو حيران متردد بين دعوة الأوهام والدعوة الحق» فهو تشبيه حال المؤمن الذى يرى الأوهام ويرى الهادى . )١(‏ لحب: اللَّحْب: الطريق الواضحء واللاحب مثله. ويقال أيضًا: لَحَبْ» إذا مر مرا مستقيمًا. الصحاح للجوهري (لحب). (9) المهمه: المفازة البعيدة الأطراف» والجمع المهامه. الصحاح للجوهري. /إ9ناا تفسير سورة الأنعام 0ك ١ ااا‎ 32 وهذا تصوير من الله تعالى لحال من يترك الحق إلى أوهام» ويكون حيران أى مترددا بين الضلال والهدى» وبين النور والظلمة. وقد أمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم بعد هذا التشبيه البين المبين: #قل إن هدى الله هو الهدئ وأمرنا لنسلم لرب الْعَالَمينَ» أى إن هدى الله تعالى هو وحده الهدى أى لا هدى غيره» وقد بين سبحانه أن الهدى هو حق الله وحدهء بالعبارة الدالة على القصرء وهى تعريف الطرفين» وضمير الفصل» الذى يدل على أنه لا هداية غير هداية الله» ومن عدم هذه الهداية فهو فى ضلال مبين. ولقد قال تعالى فيما ترتب على أن الهداية من الله وحده: #وأمرنا لنسلم لرب العالمين» أى أمرنا من الله تعالى الهادى إلى سواء السبيل بألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاء وأن نكفر بالجبت والطاغوت» وأن نطيع الله تعالى الذى أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث» وأن نكون ربانيين وذلك لنسلمء اللام لام العاقبة أو لام كى للتعليل» ونسلم أى نخلصء» ونكون لله تعالى حده» وقد أسلمنا وجهنا لله مخلصين له سبحانه. وهنا كان البناء للمجهول لآن الآمر معلوم» وهو فى صدورنا وأطواء نفوسناء ولم تذكر المأمورات» ولكن ذكرت نهايتها وغايتهاء وهو أن نسلم لرب العالمين الذى خلقنا ورباناء ويقوم على عامة أمورنا وخاصتهاء وهو الحى القيوم. ويلاحظ أن الله تعالى أمر نبيه أن يقول أندعو ما لا ينفعنا ولا يضرناء وكل ما كان من بعده بصيغة المتكلم ومعه غيرهء وذلك لأن النبى كلد كما أمره ربهء كان يتكلم ومعه المؤمنون المخلصون الذين لاقوا الشدائد فى مكة حتى هاجر منهم إلى الحبشة من هاجرء وقد آذاهم المشركون يريدون ردهم على أعقابهم بعد إذ هداهم الله . فالله تعالى أمر نبيه بأن يقول هذا القول عنه وعنهم» ليلقى اليأس فى قلوب المشركين من أن يعود أحد إلى الشرك بعد الوحدانية» وإلى الكفر بعد أن ذاقوا حلاوة الإيمان. / 4# تفسيرسورة الأنعام لاا 21 حب از وقد قال من بعد أن ذكرنا ما قرره النبى يلد ومن معه من المؤمنين: #وأن أقيموا الصلاة وَاتَّقُوه وهو الدى إلَيه : تحشرون» . حكى النبى كَكِلَهٌ أمر الله تعالى بالصيغة التى أمره الله تعالى بهاء فقال: ون أقيموا الصسّلاة» وهذا عطف على معنى (لنسلم)؛ أى أمرنا سبحانه بأن نسلم لله رب العالمين» وأمرنا أن نقيم الصلاة »وكان الأمر بإقامة الصلاة بصيغة قول الله تعالى» لا قول النبى كَلَِْةِ لمكانة الصلاة فى الدين» فإنه لا دين من غير صلاة» فهى عموده» وهى لبه وهى مظهره ودلالته» والوحدانية أظهر ما تكون فى الصلاة فهى عبادة الله وحده لا يشرك به شيئا فيهاء إلا أن يرائى» فهذه ليست صلاة . وطلب الله تعالى من المؤمن إقامة الصلاة بأن يأتى بها مقومة كاملة فى أركانها الظاهرة؛ ومعانيها من خشوع وخضوع ؛ يتحقق فيها قوله تعالى: # .. إن الصّلاة تنهئ عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله كبر . .. 469 [العنكبوت]. وأورد سبحانه وتعالى إقامة الصلاة بالأمر بالتقوى فقال تعالى: ظوَاتّقُوه» أى اجعلوا بينكم وبين الله تعالى وقاية بينكم وبين غضبه بإطاعته حق الطاعة فيما يأمر وينهى» وأن يملأ نفسه بتقواه دائماء فيذكره فى سره وعلانيته» ويملاً قلبه بخشيتهء ويحس بأنه يراه دائماء ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدورء يحس بأنه مع الله دائماء وبذلك يتربى فيه معنى الربوبية. وذكر تعالى ما يربى التقوى فى النفس» فقال: «وهو الذى إَِيّه تحشرون» أى وآمنوا بأنكم إليه تحشرون وهذا التعبير السامى يتضمن ثلاث حقائق الإيمان بها: الحقيقة اللأولى- البعث وأن الناس يجتمعون بين يديه سبحانه وتعالى» وأن الويمان بالبعث هو سر الإيمان وهو علو بالنفس الإنسانية إلى المرتبة السامية فلا يكون آكلا شاربا فقط يقول: إن هى إلا حيَاتنا الدنيًا نموت وتحيا وما تحن بمبعوثين 60 © [المؤمنون] بل يعلو بإنسانيته يفعل الخيرء ويرجو الجزاء . ا تفسير سورة الأنعام ش ممم 2 1-4 الحقيقة الثانية- أن الملك لله وحدهء وأنه فى هذا اليوم هو الحكم وحدهء فهو مالك يوم الدين» وقد دل النص السامى على ذلك بقوله : #إليه ه تحشرون» بتقديم «إليه» على الفعل أى إليه وحده تحشرون» فالمصير إليه سبحانه . الحقيقة الثالثة- الحساب والعقاب والثواب فهو نهاية الحشر فتجزى كل نفس ما كسبت. وقد ذكر سبحانه ما يدل على البعث والنشور بكمال قدرته فقال تعالت جكمته: لوَهُرَ اذى خَلَقَ السّمّوات والأرض بِالْحَق» أى خلق سبحانه وتتعالى السموات واللأرض وما فيهماء بالأمر الثابت وهو الحق» أى خلقه قائما على الحق والحكمة» وأنه قدر وجود هذا الكون بحكمته» وما خلقه ليفنى وينتهى»؛ بل خلقه ليبقى» ويستمرء وهذا كقوله تعالى: (أفحسيل أن تائم عن واكم ترجعون 02 > [المؤمنون]. بل إنكم راجعون وستبقون إما فى نعيم مقيم وإما فى عذاب خالد وقال القرطبى: معنى بالحق» أى بكلمة الحق» وهى كن» وما ذكرناه أوضح . ثم بين سبحانه وتعالى أن بعثهم ليس شيئا عسيرا ولا بعيدا ولا غريباء بل إن البعث يكون بكلمة هى الحق فقال تعالى: ويم يفول كن فيُكون». أى هذا القول الشابت الذى هو حق فى ذاته» وهو كن فيكون أى أنه بقوله تعالى: كن» فإنه يكون كل شىء قد حضر فيجمع ما بعث من القبور» ويخرج الناس أشتاتاءٍ مهما يكونوا وأينما يكونواء كما قال تعالى : طقل كونوا حجارة أو حديدا (© أو لقا مما يبر فى صدُورِكم فَسيُونُونَ من يُعيدن قل اذى فطركم ول مر فسينفضون َك رُوسهم ويَُونُونَ متئ هر قل عسئ أن يحون قرِيا 69 يوم يدعوكم فُتَسْتَجِيبون بحمده وتظُونَ إن لشم إلا قليلاً 29 4 [الإسراء] فيوم يقول كن فيكون يكون البعث الكامل . وقد قال سبحانه وتعالى إن قوله هذا هو الحق الذى لا ريب فيهء وإنه ات لا محالة؛ ولذا قال: «قوله الحق» وهو مبتدأً خبره «يوم ينفح فى الصّورٍ» أى للها تفدسير سورة الأنعام الل 0 0 2020*#*****2”2 اا يي وجحود واستغراب وعسجب؛ كما قال تعالى : (رإد تحب فعجب فول أذا ع تراب أن في لق ديد . 400 [الرعداء ٠‏ وأن الله اتعالى يذكر حال ذلك البوم الذى لا يشاركه فيه أحد؛ ولذا قال تعالى: له املك يم يشم فى الصُور» والصور كما يقول القرطبى - قرن من نور ينفخ فيه بقدرة الله تعالى فيكون الجمع ما بعث فى القبور من بعده الحساب والعقاب أو الثواب كما قال تعالى : «فَإِذا نف في الصور فلا أنساب بينهم يوم ولا يَعَساءلُونَ 409 [المؤمنون] . ا ركد دصت نل لماي دانه الكريمة ما يدل على أنه يعلم كل ما يقعله الذين ويحضر» أى يعلم ما تسرون وما تعلتون: ويكافىء الناس على ما عملوا إن خيرا فخير » وإن شرا فشر وكل امرىء بما كسب رهين. وإن ذلك كله على مقتضى حكمته وعلمه الذى لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السماء ولا فى الأرض؛ ؛ ولذا ختم سبحائه وتعالى النص الكريم يقنوله تعالي” وهو الحكيم الْحَبير) . 1-1 تفسير سورة الأنعام كي لجسا 1 - 5 إيمان إبراهيم بعد تضكير وتأملاته فى الكون لال عل م صل الي 0 و _- 3 ا ا 4 2 “ ف وإذ قال إتراهيم لأبيه ءَارْرَأَتَتَِذ أُصَِناماءالهة إ في 02 م 1 و 4 آ 7 و 2 َك وَعَْمَلَكف صَائْلٍِ مُِينِ لوا وَكَدِكَ رَعإبْرهِيمٌ م عو ساص ص< هم أ عرسا ماص 5 ملكو تَ لسوت وَالْرَضِ وَلِيكوَِنَالْمووِيينَ 07 د يس بس باه ةلي يس ل َلَمَاجَنَعَلِيَهِ أَلْيَل رءا كوبا قال هاذارق فلم أفل قال 2210000 022207772222722 ل أَحِتُالفليرت نو قلَمَارءَاالْصَمَرَيَاِضَافَالَ هذا ريع عرس روبس سدم سه 201510 . اس 7 ا 5 رف فلما أفل قال لين لم دفي رفى لأاكونزت من القور سه ب جف 1 سس 6 ع ألصَالَينَ 0 فلمَارء! الشَّمَْسَبَازْعَةَ قال هندَارق هلذا 01 0-2 0# خآ#ته سس كت سل ويد آ هه ل ا ل 0 كني 0 1 0" ف > رخسي م 2 كبر فلما أفلت قال يلقو م إني ١‏ ىء مما تسردون يد م ٠.‏ ١ 1١ م 12 عر 2004 إفي وجهت جهى لأذى فطرأ : نوآتِ والارض 1 : 9 1 كان الكلام فى الآيات السابقات فى الأصنام» وأنها لا تنفع ولا تضرء وأنها لا تملك من أمر نفسها شيئاء حتى تملك من أمر غيرهاء ممن يدعونها واقعين نحت أوهام تضافرت وتكاثرت عليها السنون حتى صارت كأنها حقائق فى زعمهم» وقد ذكر الله سبحانه وتعالى كيف أنكرها أبو العرب الذى يعتزون بنسبهم إليه» وأنه عدها ضلالا مبيناء وخاطب بذلك أباه مستنكراء ورؤية الحقائق بارزة من لسان شخص يكون أشد أثراء وأنقى فكرا وأبعث على الاعتبار. . ا تفسير سورة الأنعام حي ل 0000 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 2*10111ص ىج وذ قَالَ إبراهيم لآبيه آرَرََفُخْدَ أَصنَامًا آلهَة» . «إذ) ظرف للزمان» ولمعنى اذكر لهم ماكان فى الماضى من موقف أبيهم إبراهيم -عليه السلام- من الأصنام» إذ قال لأبيه الذى كان يحبه. ويؤثرف مستنكرا ما كان منه من عبادة: أتتخذ أصناما آلهة؟» وهو استفهام إنكارى للتوبيخ» ولم يمنعه مقام الأب من أن يوبخه على عظيم ما يرتكب مستئكرا فعله: أتتخذ أصناما مصنوعة صنعتها أنت وأمثالك أتتخذها آلهة تعبدء أى أتتخذ من. صناعتك آلهة معبودة» إن ذلك ضلالا مبينا تصنعه الأوهام فى العقول حتى تجعل غير المعقول اعتقاداء ولذا قال لأبيه الذى كان يحبه: «إِنَى أراك وقومك» إنى أراك مع قومك فى ضلال مُبين», أى بين واضحء والتعبير باسم الفاعل (مبين) للمبالغة فى وضوح الضلال أى الضلال مبين لنفسه موضح لهاء إذ كيف تصنع بيديك حجراء ثم تعبده» هذا إجمال كلامه لأبيه» ولقد فصل الله سبحانه وتعالى مقالته لأبيه؛ فى آية أخرى» فقال تعالى حكاية للمجاوبة التى كانت ينهما: «. .. إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يمع ولا ينْصر ولا يغنى عَنك شَيْنا 69 يا أبت إنَى قد جاءنى من العلم مالم يأك فَاعى هدك صراطًا ويا 69 با أَبَت لا تعبد ليطن إن الشيطان كان للحم عَصيًا 69 يا بت إَِى أحَاف أن يسنك داب من الرحمن فتكون للتشبطان ولا 62 قال أراغب أنت عن المتى يا إبراهيم أن لم ته لأرجمنك واهجرنى ملي 69 قال سلام عليِك تعفر لك ربَى نه كان بى فيا 9 وأعمزلكم وما تدعون من دون الله وأدعُو رَبَى عَسَئ ألا أَكُو بدعاء ربَى شَقِيا © 4 [مريم]. اعتزل قومه وأباه» وكان فى بلد يعبد أهله النجوم» ولهم علم بها فانصرف إلى تعرف حال النجوم التى يقدسونهاء ويجاريهم فى تقديسهاء حتى تبين له ولهم أنها غير جديرة بالتقديس والربوبية؛ لأنها متغيرة وتأفل وتختفى ثم تظهرء وذلك ليس شأن الإله الخالق المنشئ المبدع . تفسير سورة الأنعام ش للفلل حل أ ناة قال تعالى: #وكذلك نرى إبراهيم ملَكُوت السّمّوات والأرض » كهذا الإلهام الذى ألهمه إبراهيم صغيرا من إنكاره الأصنام» نرى إبراهيم سر الوجود نريه (ملكوت): أى ملك» وزيدت الواو والتاء للمبالغة فى ملك الله تعالى» وأنسب أنها للمبالغة فى سر الملك . وهو دلالته على الخالق المنشىء ليعلم ويعرف» ويحكم بالحق. وقال تعالى: #وليكُون من الموقنين4» الواو للعطف على فعل مفهوم من مضمون الكلام السابق» إذ تقدير القول نرى إبراهيم سر الملك فى السموات والأرض» وما يدل عليه ليعرف الله تعالى» وليكون من الموقنين الذين يعرفون الحق» ويجزمون به من دليله» ومن المعاينة التى تكشف عما غيب» لتعرف الغيب من مظاهر الحس. قد أخذ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وهو بعد لم يبلغ أشده كما تدل على ذلك الأخبار الصحاح يتعرف الإله على ما يجرى عليه علمهم. يقدسون» لقد كانوا يقدسون الكواكب أو يعبدونها ويسمون أصنامهم بأسمائهاء أخذ يتتبع النجوم والكواكب» يتعرف خواصها فى ظهورهاء وخفائهاء وذلك فى الليل» لأنه وقت ظهورهاء إذ ضوء الشمس يخفيهاء ٠‏ لقَلمًا جن عَلَيِه اليل رَأى كوكبًا قَالَ هَذَا رَبَّي4 مسايرة لهم فى تفكيرهم واعتقادهم» أى على حسب ما تدعوت وما تعبدون» #فْلَمَا أقل» واختفى» وجده قد تغير من حال ظهور إلى حال اختفاء» وليس ذلك شأن الرب القائم على كل شىء؛ ولذا أثبت لهم لأول وهلة أن هذا لا يمكن أن يكون ربا وقال مبينا بغض هذه الحال» وأنه لا يعبد ما يكون على هذه الشاكلة» ظقَالَ لا أحب الآفلين»: وإذا كنت لا أحبها فإنى لا أعبدها؛ لآن العبادة محبة» وإذا فقدت المحبة فلا عبادة. واتجه إلى كوكب آخخر وهو القمرء فقال الله تعالى عنه: ظقَلَمًا رأَى القمر. َازِغًا4 أى باديا فى أوله- #قَال» مسايرا لهم ومتجها فى الظاهر اتجاههم أو ظانا: «هذا ربى فلمًا أفل» تبين أنه لا يصلح إلهاء وأراهم رأى العين أنه لا يصلح إلها لقال لتن لم يهدنى ربى لأكوتن من القوم الضالّين» . :0 إلا تفسير سورة الأنعام 0 4ج ولقد قال المفسرون أو الكثير منهم: إنه ما قال فى واحدة هذا ربى مؤمنا بذلك أو ظنا لهء وإنما قاله مسايرة لهم فى اتجاههم ليبين من وراء ذلك بطلان ما يعتقدون على أساس أن تساير مجادلك فيما يعتقد» ثم تبين نتيجة قولهء وأنه ينتهى إلى غير الحق فتأخذه معك إلى الحق برضا واختيار» أو بقطع وإفحام. وقال بعض آخر من اللمفسرين: إنه يتلمس الإله الذى يعبد بحق» بفطرته المستقيمة المدركة التى أدرك بها أنه لا يمكن أن يكون ما يجرى عليه الأفول إلهاء فهو عندما قال: هذا ربى على النجم وقد كان يظنه رباء فلما أفل عدل عن وصفه بالربوبية . وهذا ما نراه؛ لأنه يتفق بعد ذلك مع قوله عندما رأى بزوغ القمر وأفوله إنه علم أنه ضال إن اعتمد على تفكيره من غير أن تلمسه نعمة الهداية من الله الذى علم مظاهر ألوهيته» وتلمسها فيما يعتقد قوم أبيه فى الكواكب والنجوم»ء والشمس والقمرء وقال: #لئن لم يهدنى ربَى لأكونن من الْقَوم الضَالِين» أقسم أنه أصبح فى حاجة إلى هداية من ربه يهتدى بها فى هذا الديجور». فاللام لام القسمء واللام الأخيرة فى جوابهء وأكد أنه يكون من الضالين الذين لا سبيل عندهم إلى الهداية إلى الحق فى الألوهية» إن لم يهده ربه الذى لا يعرفه» ويريد أن يعرفه. وإن هذا الكلام يدل على أنه يعلم أن له ربا هو الذى أنشأه ورباهء ويقوم على حفظه وصيانته» ولكن ما هو؟ لقد تلمسه فى كوكب ساطع من الكواكب فى دجنة الليل البهيم كأهل بلده. فلم يجده؛ وتلمسه فى القمر فلم يجدهء فاتجه طالبا الهداية إليه» وإن كان لم يعرفه فى النجوم. ثم عاوده طلب المعرفة فى الشمس الساطعة التى هى ضياء الوجودء وتمده بالدفء والحرارة تلم رأى الشّمس بَازْعَة قَالَ هذَا ربَى هذا أكْبَر قلَما قلت قَال يا قوم إنَى بَرىء مما تُشرٍكون» تتبع الكواكب متدرجا إلى القمرء ثم تدرج إلى الشمس التى تمد الوجود كله بالنور فى النهارء والدفء فى الليل والنهار» وتمد الأحياء من 0 تفسير سورة الأنعام كن الحا حيوان ونبات» وأشجار بعناصر الحياة» اتجه إليهاء فلم يجد فيها معنى الإله الذى لا يتغير ولا يتبذل؛ ولذا رفض شرك أولتك الذين يعبدون الكواكب» ويظنونها قادرة على كل شىء, وابتدأ من أصغرها إلى أكبرهاء وقال عليه السلام: «إنى بَرىء مما تشركون» لا أعبده» ولا أشركه مع القادر سبحانه. انتتهت نظرات إبراهيم الناشىء. وسياق المؤرخين يدل على أنه فى ذلك الإيان كان ناشئا» ولم يكن قد بلغ أشده - اتجه إلى رفض عبادة النجوم» والأصنام التى تسمّت بأسمائهاء واتجه إلى خالق الكون وما فيهء ومن فيه وإنه قد آمن بأن له موجدا لا محالة» وبطل أن يكون كوكبا أو نجماء أو قمرا أو شمساء فلم يبق إلا أن يكون موجودا واجب الوجودء وليس واحدا ما رأى. ولذا انجه إليه وحدهء لا على أنه قد عرف ذاته» ولكن عرف وجوده وكفاه ذلك معرفة؛ ولذا قال الله تعالى عنه: «إني وَجّهْت وَجهِي للّذي فَطَر السموات وَالأَرْض حَنيفًا وما أنا من المشركين» إنى وجهت نفسى» وعبر عن ذلك بوجهه؛ لأن الوجه هو الذى يواجه به» ويتجه به إلى ما يتجهء ولأنه مظهر الحضوع والطاعة ويه يكون السجود» فكان الوجه له مظهر يجعله صاللما لأن يعبر به عن الجسم كله. ا اتجه إلى الخالق لأنه عرفه ثما خلق» والأثر يدل على المؤثرء و(فطر) معناها أنشأه وأوجده على غير مثال سبق» وهذا يدل على أن الفطرة السليمة تدرك بذاتها من فطرها؛ ولذا قال تعالى فى دين الحق: «و. .. فطرت الله التي قَطر الئاس عليها لا ديل لخلق الله ذلك الدّين الْقَيَم ولَكن كر الئاس لا يَعلّمون #9 [الروم]. وإن بعض العلماء كالظاهرية يرون أن إدراك الله تعالى بدهى يدرك بالبداهة» لا بالبرهان ذلك أن إبراهيم- عليه السلام- أدرك الله تعالى بفطرته بعد أن أبعد عنها ضلال الوثنية» ولأن أوهام الوثنية غشاء صفيق يحول بين الفطرة وإدراكها السليم . . ا تفسيرسورة الأنعام لل 1 2 6701ظ5ؤظظ2”2 لب ا وقد صنع الشاب إبراهيم- عليه السلام- صنيع المدرك الفاهم» فأخذ يزيل هذه الأوهام بعقله الصافى النافذ إلى الحقائق؛ أزالها عن نفسهء وأزالها عن غيره. ولكن آمن» وغيره لم يزلها من عقله الذى لصقت به» فلما زالت الأوهام اتجه فورها إلى ربه الذى أنشأ هذا الوجودء واستدل من هذا الوجود الممكن إلى وجود الله تعالى الكامل الموجود الأول والآخر والظاهر والباطن» والقادر على كل شىء سبحانه . وقد وصف نبى الله إبرهيم بقوله: «حنيفا» أى متجها ناحية الحق وحده دون غيره» فهو الحق وإن لم أره وهو الكمال وإن لم أحسه بالجارحة فقد أدركته بعقلى وقلبى» وهو ملء نفسى . وقد حتم بقوله: «إوما أنا من المشركين» نفى أن يكون من المشركين» فذكر ضمير المتكلم فى موضع النفى» وقد نفى أن يكون فى عداد المشركين الذين أشركوا النجوم مع الله أو الأصنام التى تسمت بأسمائهاء وبذلك انخلع من الشرك وأهله؛ وصار حجة للمؤمنين على الكافرين . ا تفسبير سورة الأنعام ليل ان حب لاا بين العقّل والأوهام يع دموع 2 وَحَآبَدرهو مهد قال مس ا ٠‏ معد ماماء سر سر سم هه ير أنمحتجوق قْف لَه وَكَدٌ هدس ولد حاف ما شركو ريده قد 0 شر كسرباً 2 25 أَلّذنَ 1 و 1 ا ا متهم بِظلَ َوْلَِكَ لمن رى ترس د ٍ 1 وهم مَهسَدونَ ني وَتَلْكَ حَجسنا ءَاتينها إن أهيمعل لح | اج سح سا و سا و و قومه- ترفع درجت من نْشاء] رَبك حكيمعليم ع انتهى إبراهيم بعد أن تعرف الكواكب وأحوالهاء وأن واحدا منها لا يمكن أن يكون الذى يعبدء وأن الأصنام لا تنفع ولا تضر اتجه إلى خالق الكونء واعتزل الشركء وقال: «( وأَعَزِلكُم وما تَدعون من دون اللّه ... 6 4 [مريم] . وبعد هذا أخذوا يحاجونه فى أمر أصنامهم وقوتها وهددوه بأنه سيصيبه منها ضررء وهو يقول لهم: إن كانت تكيد وتضرء فكيدونى ولا تنظرونى. والمحاجة التى أقاموها بينهم وبينه كانت محاجة بين اثنتين أحدهما اعتمد على الهداية والعقل» والثانى اعتمد على الخرافة والوهم» ولقد قال تعالى: ا تفسير سورة الأنعام هيم 111100000000000 4 1# 1 1[ ز[ [ 1[ [ 1 1[ [ز[ذ[ 1[ 1 ز[ #1[ 1[#[#[1[1[ 1[ 1 1[ 1 1 1 1 013*ةظ*ظ2ض2 لسرب رد «وحاجه قومه قال أتحاجوتى فى اللّه وقد هَدان» والمحاجة أن تكون مناظرة» ويقدم كل واحد من المتناظرين حجته ويدلى ببرهانه, وقد عجب إبراهيم -عليه الصلاة السلام- أن يحاجوه فى الله تعالى منكرين له وقال: لأَتَحَاجِوتَى فى اللّه وقد هدان» . والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع » وإنكار الواقع توبيخ» فهو يوبخهم ويؤيسهم من نتيجة المحاجة فيقول #وقد هدان» أى أنه لا مطمع لكم فى أن أعود إلى عبادة الأصنام وقد هدانى الله تعالى ووفقنى أن أدرك أنه وحده المعبود بحق )2 ولا معيود سواه. وتدل الآية الكريمة على أن أوهامهم زينت لهم أن أصنامهم قادرة على إنزال الأذى فخوفوه من الأذى» وقد ذكر سبحانه وتعالى محاجتهم لوبراهيم -عليه السلام- فى مواضع من كتابه العزيز» فقد قال تعالى : ظ قَالُوا أَجِنَنَا بالحق أم أنت من اللأعبين (2) قال بل رَبْكُم رب السّمَوات والأرض الذي فَطَرَهنَ وأنا على كم الاين 29 6 © 4 لاني م و برع م حو سّمق تعبدون © فوا متا فا عاكفين 9ج وي را 0 مير سر هر واي واس أو يتفعونكم أو يضرود 60 فَالُوا بل وجدنا آبَاءنَا َلك يَفعُودَ 60 قال أفْرأيُم ما قم م لمي وى كنتم تعبدون 278 9© أنتم وآباؤكم الأقدمُونَ 27 © فَإنْهمِ عدو لي إلا رب العالمين 222 © الذي 5 فير سا سصساه 3 7 مده * حَلقي فَهِو يَهَدينٍ 69 والّذي هو يُطْعمني وَيَسْقين 69 وإذا مَرضْت فَهُوَِيَشْفِين 9© الذي يُمِيمْبِي ثم يُحْبينِ 69 الذي أَطْمعُ أن يعفر لي خَطيمتي يم الذين 69 »4 [الشعراء] . هذه عبارات من المحاجة التى أثبت بها أنه سبحانه وتعالى هداه» ولا يصح أن يتوهموا أنه يعود إليهم بعد أن هذاه الله وقد هلدوه بأن تصيبه آلهحتهم بأذى رجاء أن يخاف ويسكت عن أصنامهم وفحطمهاء وجعلها جذاذا إلا كبيرها. ولكنه قد اعتصم بالله تعالى» وهو يرى أنها لا تضر ولا تنفع» وهكذا نجد العقل والهدى فى صدام مع الوهم والضلال؛ ولذا قال لهم فى إدراك عقلى مستقيم تفسير سورة الأنعام مل 6 جت-1 إولا أَخَاف ما تشركون به أى إننى لم يستول على الوهم كاستيلائه عليكم» فأخاف مما تشركون عبادته مع الله تعالى» فأنا أعلم أنها لا تضر ولا تنفع» وهى أحجار صماءء تنقل من مكان إلى مكان فكيف أخاف منهاء كيف أخاف من حجر لا يسمع ولا يبصر» تصنعونها بأيديكم وتعبدونها بأوهامكم . وقد كان إبراهيم حريصا فى إجابته؛ ويخشى أن يصيبه قدرء فيتوهمون أن ذلك من سر آلهتهمء فقطع عليهم- عليه السلام- أسباب ذلك» وقال مطمئنا إلى قضاء الله تعالى: «إلا أن يشاء ربَى شيئا» هذا استثناء يدل على أمرين: أولهما- تفويضه لله تعالى فى كل أموره» وأنه راض بما يقدره الله تعالى لهء يتقبل ما يأتى به وأنه وحده الذى يفعل ما يشاء. لله وحده» هو الذى يصيب بالضرر إن شاء وهو الذى ينزل الخير من سحائب رضوانه إن شاء. وأنه قادر على ذلك » وهو القادر وحده» وهو العليم بكل شىء يضع الأمور فى مواضعهاء» » لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء؛ وكل شىء على مقتضى علمه بما كان وما سيكون؛ ولذا قال تعالى: «وسع ربى كل شىء علْمًا» وهو تمييز محول» ومعناه: وسع علم ربى كل شىء» وفى تأخير التمييز إيهام مؤقت للتشويق» وبذلك يثبت فى النفوس علم الله تعالى فضل ثبوت. وذكره لله تعالى بوصف «ريى) للدلالة على أنه يستشعر معنى الربوبية دائما» فهو الذى رباه» وهو الذى يحميه ويحفظه من كل ضر وسوء» إلا أن يكون ذلك من حكمة أرادهاء وهو العليم الخبير. لم قال تعالى: #أَفَلا تتذَكّرون» الهمزة للاستفهام» والفاء للإفصاحء والمعنى إذا كان الأمر كله بيد الله تعالى وأن أحجاركم لا تنفع ولا تضرء أفلا ْ ا تفسيرسورة الأنعام 6-١‏ الل 110010100000 1 !+ +1[ [ 1[ [ [ 1[ 1 1 1 01ظ5ظ**ظ2”ص2 لحب ا تتذكرون الأمورء وتعرفونها على وجههاء والاستفهام هنا للتحريض على التذكرء ولقد كان حالهم مع إبراهيم» كحال قوم هود مع نبيهم فقالوا له: قَالوا يا هود ما جنتنا بينة وما نحن بتارٍكي آلهمتنا عن قولك وما نحن لَك بمُؤْسِينَ 09© إن قو إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قَال إني أشهد لله واشهدوا أَنِي برِيء مما تُشركون 69 من “ون فكيدوني ماللا رو دج 2© إِنّي تَوكَلْت علَى الله ربي ورَبككُم ما من دَابّة إل هو آخد بناصيتها .. 463 [هود]. إن حال هؤلاء الذين ساروا وراء الأوهام عجب» يخوفون نبى الله تعالى من أن يصيبه سوء من أحجارهم التى لا تضر ولا تنفع كما هو مشاهد بالحس ومدرك بالعقل» ومع ذلك لا يخافون أن ينزل بهم مقت من الله تعالى الذى يساك الوجود كلد الهتهمء وغيرها. شرك ولا تفرد الك ركم بالها ل يرل بد كم مقلم الاستفهام هنا للتعجب من المفارقة التى كانت منهمء وهى مفارقة عجيبة ' يخوفون إبراهيم من أن تصيبه آلهتهم بسوء» ومع ذلك لا يخافون هم من إشراكهم بالله ما لم ينزل به سلطاناء والعجب من ناحيتين: أولاهما- أن أصنامهم لا تملك نفعا ولا ضراء والله تعالى يملك كل شىء يملك النفع والضرء والإتقاذ من أسباب الضرر. وثانيتهما- أنهم يخوفون إبراهيم - عليه السلام - ولا سبب للتخويف ولا يخافون» وقد توافر سبب الخوف» وقوله تعالى: «ما لم ينل به عليكم سَلْطَانا4 قالوا: السلطان هو الحجة:» وقد ورد السلطان بمعنى الحجة فى آيات من القرآن الكريم» قال تعالى: إن هي إِلأً أسماء سميتموها أنتم وآبَاوَكُم ما أَنزل الله بها من سَلْطَان ... 69 4 [النجم]. ا تفسير سورة الأنعام لمن 2ل تح نا وطمًاك دالة على الأصنام التى صنعوهاء و امن سلْطَان» لاستغراق النفى» أى ما لم ينزل به سلطانا أى سلطان كان» والتعبير عن الحجة هنا بالسلطان» إشارة أولا إلى أنه لا دليل يسوغ عبادتهاء وثانيا أنها: لا قوة لهاء ولا سلطان لهاء حتى تصيب بسوء أو بنعمة» إنما هى أوهامكم التى جعلت لها تلك الصفة. وقد رتب الله تعالى على هذه الحال أن قال تعالى: طفَأَى الْفَرِيقَينٍ أحق لآم إن كنتم تَعْلَمُونَ»4. الفاء هنا فاء الإفصاح الذى يفصح عن هذا الشرط المقدرء أى إذا كنتم تلجأون إلى من لا يضر ولا ينفع» وتحسبون أنه يمس من لا يعتقد به وإبراهيم يلجأ إلى الله تعالى الذى يملك كل شىء» فأى الفريقين أحق بأن يكون فى أمن لا خوف أهو الذى يلجأ إلى الله القادر على كل شىء أم الذى يلجأ فى عبادته إلى أصنام لا تضر ولا تنفع؟ وعلق سبحانه وتعالى الحكم على العلم؛ لأنه لا حكم من غير علم؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: إإن كنتم تعلمون» أى إن كتتم تدركون الأمور على وجههاء ولا تسيطر عليكم الأوهام التى تضل ولا تهدى» وقال فى أداة التعليق التى تفيد الشك فى العلم» لا اليقين فيهء وإنه لا ريب الحكم واضح بين» وهم الذين يعبدون الله وحده» ولا يلجأون إلا إليه فى خوفهم. ولذا قال تعالى فى بيان الفريق الآمن: ١‏ الّذين آمنُوا وم يَلِْسُوا إيمائهم بظلّم أولتك لهم الأمن وهم مهتدون» . إذ الأمن من الخزى فى الدنياء ومن عذاب الله تعالى فى الآخرة» يكون لفريق الإيمان» وهم الذين يؤمنون بالله تعالى ولا يخلطون إيمانهم بأى ظلمء ولا يعبدون مع الله غيره» ولا يقدمون أى شىء إلا بأمره» و «لبس» هنا معناها خلط . وقوله: «ولَم يَلْبِسُوا إِيمَائهم بظلّم» هنا فسره النبى كلِ بالشرك» روى أنه ا نزلت هذه الآية «الّذين آسُوا ولَم يسو إِيمَائهم بظلم» شق ذلك على أصحاب رسول الله كله وقالوا: أينا لم يظلم نفسهء فقال كلد ليس الذى ها تفسير سورة الأنعام م لل الملل 251 ١1 0 | ١ يي تعنون» ألم تسمععوا ما قال العبد الصالح لابنه: ليا بي لا 5 تشرك باللّه إن الشرك ظلّم عظيم 2049 . وكان الشرك ظلماء لأنه تجاوز الحد المعقولء إذا كان الظلم تجاوز الحدء فالشرك أشد الأمور تجاوزا للحدء وقد فسر الزمخشرى الظلم بالمعصية سيرا على مذهب من أن مرتكب الكبيرة غير مؤمن» وقد نرى تفسيره من غير أن ننتهى إلى نهايته؛ لأن العصاة وإن كانوا يدخلون فى أهل القبلة ليسوا فى أمن من العذاب إنما يعذبون بمقدار ذنوبهم إلا أن يتغمدهم الله تعالى برحمته. وقال بعض المفسرين: إن الظلم الذى يعد شركا ما يلبسون به إيمانهم وهو الذى يقرره عباد الأوثان من أنهم يؤمنون بأن الله خالق السموات والأرض ولكنهم ‏ يجعلون الأو وثان مع الله لأنهم يقربونهم إلى الله زلفى» كما جاء فى قوله تعالى : أل لله الدذين الخالص والدين انُحَدُوا من دونه أَولَاء م تدهم إلا لَِقربُونَا إلى الله زلفئ إن الله يحَكم بينَهمْ في مَاهُمْ فيه يَخَْلفُونَ إن الله لا يَهُدي مَنْ هرَ كاذب كَقَارٌ (5)* [الزمر] وإن هذا التفسير ين ينتهى إلى أن الشرك هو الظلمء ولكنه يبين لنا لماذا عبر الله تعالى بقوله: «ولم يلبسوا إيماتهم بظلم» أى بشركء» فإنه يكون هذا التعببر ردا على المشركين الذين يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» فإنهم يكونون مشركين فى عبادتهم» ولو كانوا معتقدين أن الله وحده هو الذى خلق السموات واللأرضء» وأنه وحده الذى ينجى من ظلمات البر والبحرء وأنه وحده الذى يكشف الضرء وأنه وحده الذى يلجا إليه. وإنهم مع هذا الاعتقاد مشركون أوثانهم مع الله تعالى فى العبادة» ومناط الشرك هو الإشراك فى العبادة» وخلوص النفس فى العبادة لله وحده هو الوحدانية الحق» وقد قرر الله تعالى أن الأمن لهؤلاء الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك؛ ولذا قال تعالى : «أولتك لهم الأمن وهم مهتدون» الإشارة إلى الموصوفين بالإيمان الذى لم يخالطه ظلم أو شرك» - متفق عليه رواه البخارى. ورواه أحمد . وفى آخره زيادة : «إغا هو الشرك). مسند المكثرين‎ )١( . )761/8( مسند عبد الله بن مسعود رضى الله عنه‎ ا تفسير سورة الأنعام 11 ا ل هم لأس > لاا بسبب هذين الوصفين كان لهم الأمن من أن يصيبهم فى الدنيا سوءء وإن كان يصيبهم نصب وتعب فى الحياة الدنياء وينالون الأمن المطلق فى الحياة الآخرة والنعيم المقيم فيهاء ورضوان الله تعالى» وأى أمن أعلى من هذا؟ ووصفهم الله تعالى بوصف فيه راحة النفس واطمئنان البال وهو نعمة الهداية فإنها وحدها نعمة لا يحس بها إلا المهتدون. انتتهت محاجة إبراهيم لقومه الذين كانوا يعبدون الأوثان والكواكب والنجوم» وقد كانت محاجة بين حكم العقل» وحكم الأصنام» وانتهت المحاجة ببيان أن الأمن والهداية فى جانب الحق» ولقد قال سبحانه وتعالى إن حجة إبراهيم هى حجة العقل» وهى الجديرة بأن تنسب إلى الله ونسبها الله سبحانه وتعالى إليه . فقال تعالى : «وتلك حجنا آتَْنَاهَا إبرَاهيم على قومه تَرقَع درَجَات من َشَاءِ إن بك حكيم عليم» . الإشارة فى قوله: «وتلك حجتنا» هى الإشارة للبعيد» وهى تبتدئ من وقت أن جر الليل فرأى كوكبا فظنه ربهء ثم لما أفل نفر منهء وأنكر أن يكون رباء ولا رأى القمر بازغا ظن هذا ربه» فلما أفل أحس أنه ضال إذ يتبع النجوم والكواكب فى أفلاكها ثم رأى الشمس» فبهره ضياؤها وحجمهاء فظنها ربه فلما أفلت علم أن ربه ليس كوكباء ولا نجما مهما يعظم حجمه.ء وأن ربه هو خالق الشمس والنجومء والوجود كله؛ ثم من بعد ذلك حاجه قومه فأفلج عليهم» الإشارة إلى كل هذا فكانت للبعيد» ولعظم الفكر وقوة الاستدلال مع البعد كانت الإشارة للبعيد» وأضاف الله سبحانه وتعالى الحجة إلى ذاته العلية إعلاء لمكانتهاء ولصدقهاء وتشريفا لمن أجراها على لسانه وقلبه» وقوله تعالى: #اتيناها» أى أعطيناها له بإلهام الفطرة السليمة» والعقل الحنيف الذى لا يميل إلا للحق» يتجه إلا إليه» وكانت هذه حجة قوية» أفلج(١2‏ بها على قومهء وقامت حسجة )١(‏ من المَلْجَ: الظّمَرَء والفوز. كما فى القاموس هاا تفسير سورة الأنعام هكم لل 110 1[ 1 232*601 2 لحج)ه اه ني عليهم فيما يفعلون ويتوهمون» ويزعمون ثم يعتقدون الباطل الذى ليس فيه حق» ولا شبهة حقء إما البهتان العظيم» والظلم العظيم للحقائق وإن الله تعالى اختار إبراهيم أبا الأنبياء لتقوم به الحجة؛ لأنه لم يخلق الناس فى الفكر والعلم على سواء فمنهم الهادى المرشدء الذى اختاره الله تعالى ليكون رسول الحق إلى الناس» ورسوله إليهم» ومنهم الضال الذى يطلب الهداية ومنهم من أركس فى الشرء وخحتم الله على بصيرته وسمعه وبصره» فلا يدرك حقاء ولا يستمع لداعى الحق؛ ولذا قال تعالى: رقع دَرَجَات من نْشَاء» الدرجات المراتب العالية فى الهداية والتوفيق» وعبر سبحانه وتعالى بالمضارع انرفع») لتجدد الرفعة المستمرة» فالوجود الإنسانى يستمر الخير فيه بوجود الهداة ا مرشدين » والمستمعين الأخيار الذين يستمعون فيقولون سمعنا وأطعناء ويجوار هؤلاء أولئك الذين يستمعون طيب القول» فيقولون سمعنا وعصيناء وبذلك يتفاعل الخبر والشر فى هذه الحياة» وسيق لبيان العاقبة للمتقين» قال تعالى: « يؤتي الحكمَة من يَشَاء ومن يات الْحكمَة فََد أوتي خَيْر) كيرا وما يدَكر إل ونوا الألباب 659 4 [البقرة] . وقد خحتم الله تعالى الآية بقوله تعالى: «إِن ربّك حكيم عليم4. إن الله الذى رباك وقام على نفسك وعلى عقلك» وهدى الأنفس فجورها وتقواهاء وعلمك ما لم تكن تعلم» عليم بكل شىء» حكيم يضع كل شىء بميزان» وله فيما يشاء ويختار الحكم والعبر البالغات» تبارك الله رب العالمين. ل 1 تفسير سورة الأنعام ملل 02 أبوالأنبياء ذه هت سس ار سح ع ل د ته لتحي ينوب مكلا اس 0 تر ته هَدَيسَامِنقَبَلوَمِن دوسيو داودد وسليملن وأنو رو ود 0ت وَيوسْفَ وموس وَهَدرُونوكا مزه لني 2 2 ينا 2 وعيسُول إلا علقي لصّداحيت نه 7 00000 ودس لامر ود يه حاسم تعي وود اوَكُل فَضَنْنَاعَلَ 00 2 ذا له ص 10000 001 - 7 2 ا 7 وه 0 1 هديك إصاط مُسَتَقِيو 9 7 كرد مُتَعأمييى مه ار - يه من يشاء 200 شر كوأ لَحبِط عَنَهُ 0 ص 2-8 ع 5 د 0 ير . بعد أن بين الله تعالى هداية إبراهيم -عليه السلام- والتفكير المستقيم الذى هداه إلى ربهء وأن الله رفعه بذلك الإدراك المستقيم» ليكون هاديا مرشداء ذكر الله سبحانه وتعالى ذريته من النبيين الهداة المهديين من بنى إسرائيل » ومن العرب» وأشار سبحانه إلى من سبقه من النبيين» فلكر نوحاء وهو من قبله. اتسعت الهوة بين وبينهم عندما جعل أصنامهم جذاذا وألقوه ه فى الثار كما قال تعالى: «( ولقد آنينا إبراهيم رشده من قَبل وكنًا به عالمين 29) 9©) إذ قَال لأبيه وقومه ما هذه ” ا تفسير سورة الأنعام 5 /ضه ” ليلل لم1 ل 1 1 21212231111111 الُمائيل ابي أنمم لها عَاكفُودَ 00 فَالُوا وجَدنا آنا لها عَابدِينَ 9© قَال لق كحم م وآباؤكم في ضلال مين 0© فَانُوا جنا بالْحق م أنت من اللأعبين 69 قَال بل ونم رب السّمَوات والأرض الذي فَطَرهن ونا على ذَلكُم من الشاهدين 69 الله لأكيدنٌ أصنامكم بعد أن تُولُوا مديرين 60 فََعلهُمْ ذا إل كير لهم للم يهيجوت 2 الوا من فعَل هذا الها إِّهُ من الطالمين 20 فَئُوا سمعنا فى يذكرهم يقال لَه إنراهيم 2 قَالوا قأتوا به عََئ ين اناس لمهم يَشْهَدُودَ 9 قَالوا أأنت فَعَلْتَ هذا بآلهسا يا إنراهيم 69 قال بل فَعله برهم هذا فَاسأنُوهم إن انوا يَطودَ هك فَرَجَعُوا إلى أنفسهم فَقَانُوا نكمُم الظَالمُود 9 59 ثم نكسوا على رءوسهم لَقَدْ عَلمْت ما مولا يتطقون © 62 قال أفعبدون من دون الله ما لا يكم شيا وايضرَكمْ 03 أف كم وما تعدو من دون الل ألا ُو 90> ُو ُو وانصروا آلهكُم إن كسم فاعلين > فنا يا تار كوني بدا وَسّلامًا عَلَى إبراهيم 59 وأَرَادوا به كيدا فَجَعَلْنَاهُم الأَخْسَرِينَ © 4 [الأنبياء] . رأى إبراهيم ذلك. وأنه لا مقام له بينهم» ولا قبل له بتحويلهم» فهاجر واعتزلهم» وأخذ يطوف فى الآفاق فذهب إلى بلاد الشام» وإلى مصرء وأخذ رسول التوحيد يبث التوحيد فى كل ركن» ولا يصاحبه إلا امرأته ومعه ابن أخيه لوط عليهما السلام. عوضه الله تعالى عن هذا الانفراد فى هذا التطواف أن وهب له إسحاق. ويعقوب» ومن جاء من ذريتهماء وأن جعل من ذريته إسماعيل ويونس ولوطا. وإذا كان قد عاش مفردا داعيا إلى الله تعالى بين الوثنيين فى الأرض فقد عوضه عن هذا الانفراد بأن جعل فى ذريته النبوة والحكمة» وقد قال تعالى فور اعتزاله لقومه» وهسجرته عنهم : : اطقَلَمًا اعتزلهم وما يبدو من ذون الله وَهَبنًا له إسحاق ويعقوب وكُلاً جَعلنَا نيا 69 4 [مريم]. وإن هذه المهمة لم تكن فور اعتزالهم» بل بعد أن جاهد داعيا إلى الوحدانية فى وسط المدينة حينما كان فى 1-7 تفسير سورة الأنعام اميل هم ٠ ااا‎ 7 يي بلاد المشرق وبعد أن بلغ الكبر»ء فقد قال تعالى حكاية عنه: ( الْحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ؛ وبي لسميع الدعاء 69 4 [إبراهيم]. ولقد ذكر سبحانه وتعالى فيمن وهبهم له من الأنبياء خمسة عشر نبياء وذكر نوحا من قبله؛ لأنه أبو الخليقة بعد آدم -عليه السلام- فهو الآب الثانى. ولقد ذكر الله تعالى طائفة من أنبياء الله تعالى من ذرية إبراهيم بلغ عددها كما ذكرنا خمسة عشر نبياء كان لكل منهم مزية خصه الله تعالى بهاء وذكر رسالة نوح من قبل. وإن الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكزيم فى هذه الآيات من ذرية إبراهيم أولا: إسحاق ويعقوب» لأن إسحاق أول أنبياء بنى إسرائيل» وهو الأب الأول لهمء ويعقوب الذى يسمى إسرائيل» وينسبون إليه» وجاء الرسل والأنبياء من بعده» وقال تعالى عنهما #كلاً هدينا4 أى أعطى الله تعالى كل واحد منهما هداية قائمة بذاتها؛ لأن كل واحد كان نبيا مبعوثاء وتلك مكرمة لإبراهيم أن جعل ابنه حفيده نبيين كل له هداية وبعثة. بعد ذلك ذكر الله تعالى ذريته من غير ترتيب زمنى» ولا ترتيب فى المكانة» وتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعضء» ومن غير تفرقة بين أولى العزم من الرسل» وغيرهمء بل ذكرهم القرآن فيما يبدو مجموعات ظاهرة تجمع كل مجموعة منها صفة بارزة فيها. المجموعة الأولى- بعد ذكر نوح وإسحاق ويعقوب الذين كان لكل واحد منهم هداية بعفه الله تعالى بهاء وإن تلاقت الهدايات كلها؛ لأنها من الله تعالى موحد الشرائع» وهم: داود وسليمان» وأيوب ويوسف» وموسى وهارون وهذه المجموعة تمتاز بالصبر»ء وهو واضح فى حياة كل نبى منهم» فداود وسليمان كانا خليفتين فى الأرض» ولهما ملك شرقى وغربى» والملك العادل يحتاج إلى صبر حكيم بالامتناع عن الظلم» وهو شهوة الملوك وداؤهم» وإن الصبر على نعمة 9 تفسيرسورة الأنعام ل 00000000 ل 1 1 60ة#5**ظظ2”2ص حب نا يحتاج إلى أفق أوسع من الصبر فى الشديدة» فتحرى الأحكام. وتعرف أسبابها وغاياتها يحتاج إلى عقل أريب(١2‏ مدرك ونفس هادية مؤمنة. وكان داود وسليمان» من رجال الحرب الذين لقوا بأسها وشدتهاء والصبر فى البأس أمر واضح بين» وأيوب -عليه السلام- صبر على الضراء إذ نادى ربه رب إنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين» وقد ضرب به المثل فى الصبر على الضراء لكل من يصيبه ضرء حتى لقد قالوا فى أعلى درجات الصبرهء إنه صبر أيوب» فقد صبر من غير أنين ولا شكوىء مع الرحمة والمحبة لمن عاشره فى ضرائه . ويوسف -عليه السلام- كان عبدا صابراء صبر على كيد إخوتهء وإظهارهم البغض والعداوة» ثم صبر على نعمة السلطان بعد ذلك» فاجتمع له نوعان من الصبرء صبر على البأساء والشديدة حتى إنه ليسترق» وصبر عن هوى الشيطان وكف لشهوة النفس» وإنه رأى برهان ربه فى أدق المواقف انفعالا نفسياء وتعرض لمهاوى الشهوات» «( ولقد همت به وهم بها ولا أن رأئ برهان رب كَذَلك لَصرف عه السوء والفحشاء .. ٠‏ 469 [يوسف]. وصبر على السجن مع الإحساس بالبراءة» وصبر على كيد النساء مع الكتمان من غير إفحاش» ولا تفحشء ابتلاه الله بترغيب النساء» فتقبل السجن عن أن يكون تحت إغرائهن: «قال رب السجن أحب إلي مما يدعوتني ني إليه وإلأأ تصرف عني كَيْدَهُنَ أب إلَيهِنّ وأكن م الْجَاهلِينَ 69 4 [يوسف]. وهكذا نجد المغالبة بين الإغراء الجارف» والصبر والعزيمة» وضبط النفس من الشاب القوى الجميل» ولقد هيأ الله تعالى من بعد ذلك لهذا الشاب القوى أن يجلس على عرش مصرء فيكون الصبر على العدل؛ وتنظيم سياسة الاقتصاد ومدافعة أهواء الناس» مع الصبر على البعد عن الأقارب» وعن أبيه الصابر الشفيق م موادي )١(‏ الأريب: العاقل. 715 ريب من قوم أرباء. لسان العرب. ها تفسير سورة الأنعام الل 0 > اا الرفيق» ثم يكون بعد ذلك الصبر الكريم عن حب الانتقام؛ والعفو الذى تطيب به النفوس »2 فيقول لإخوته : َال لا تريب عَليْكُمْ الوم يغْفر اله كم وهو أرحم الرأحمين 69 » [يوسف]. وموسى وهاروث» وكانا من عباد الله الصابرين» صبرا على أذى فرعون لقومهماء كان يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم » وصبر موسى كليم الله الذى عاش فى بيت فرعون عدو قومه» فصبر على مجابهة أهله. حتى اجتذب بصبره وتحمله من آمن من آل فرعون» وكان على رأسهم امرأته الطيبة الطاهرة. صبر على فساد قلوبهم» فكان يعالجه بصبر المؤمن التقى الهادئ» وصبر على كفرهم» وعاود دعوتهم إلى الإيمان» وصبر عندما اتخذوا العجل إلهاء وصبر عليهم وهم يقولون اجعل لنا إلهاء كما لهم آلهة. دعاهم إلى العقتال ليدخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله تعالى أن يدخلوهاء فقالوا له: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون. ثم كان القتال بهؤلاء المستخذين الضعفاء فى أنفسهم» الأقوياء فى أبدانهم تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى» وإنى أحسب أن صبره عليهم» كان كصبر أيوب» وإن اختلف الشكلان» والنوعان» ولكن كليهما صبر. وختم سبحانه الآية بقوله: «وكدلك نتجزى المحسنين» أى كهذا الجزاء من الهدى نجزى المحسنين » وحيث كان الإتقان والإحسان كان الصبر. والمحموعة الثانية- تمتاز بالروحانية والزهادة فى الدنيا إلا ما يكون للحلال الصرف دهم زكري ويحبى وعيسى ؛ وإلياس» فزكريا مو الى 0 قائما على 49 (آل عمران]. للها تفدسير سورة الأنعام اللي لل ذ1ذ2111”ذ2 4ج 1 ويحيى ابنه الذى كان إجابة دعوة أبيه زكريا إذ نادى ربه نداء خفياء فأجاب الله نداءه «إقنادته الملائكة وهو قائم يصلَي في المحراب أن الله شرك بيَحَئ مُصَدق بكلمة من الله وسيّدا وحصورا وبا مّنَ الصالحينَ 49 [آل عمران]. وعيسى كانت ولادته معجزة» وكانت حياته كلها معجزة» وقد أتى بالببنات» كان ينفخ فى الطين كهيئة الطير فيكون طيرا بإذن الله» وينادى الموتى فيخرجون من قبورهم بإذن الله. ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن اللهء ويتبتهم بما يأكلون ويدخرون فى بيوتهمء وإلياس كان قليل الطلب للحياة وملاذها كإخوانه من أولتك ذوى الأرواح الطاهرة» وإنه حيث كانت الادة كان النزاع فى الأرض» وحيث غلبت الروحية كان الصلاح فى الأرض» وكان منع الفساد؛ ولذلك قال تعالى عقب ذكر هذه المجموعة الطاهرة التى امتلاً قلبها بنور الله والروح الزاهدة. وقد وصفهم الله تعالى بوصف الصلاج الكامل. لأنه ذهبت عنهم كل أدران المادية الداعية إلى التزاع فى الأرض كل من الصّالحين»4, أى كل واحد من هؤلاء من الصالحين الداخلين فى جماعتهم وهم وجهاء فى الدنيا والآخرة. المجموعة الثالثة- هى ذرية إبراهيم من العرب» وهم إسماعيل بانى الكعبة مع أبيه» وابنه البكرء والذبيح الذى فداه الله تعالى بذبح عظيم» وقد قال: يا أبت افعل ما تؤمرء ستجدنى إن شاء الله من الصابرين» واليسع ويونس» ولوط وكان ابن أخيه» فكان من ذريته بهذا الاعتبار. وكان من صلب إسماعيل محمد كَل وبهذا كان لهم فضل فوق كل فضل سبقه؛ لآنه اجتمع فى محمد يَلََِةِ الصبر والإقدام فى موطن الإقدام» والروحانية بما لا يقل عن روحانية عيسى؛ ولذلك قال تعالى: «ركلاً فَضلَْا على الْعَالَمِينَ» أى أن كل واحد من هؤلاء كان له فضل على العالمين بفضل الله تعالىء والله ذو فضل عظيم . - تفسير سورة الأنعام م الل هم 4 ل وهناك مجموعة رابعة من الأنبياء لم يذكرهم الله تعالى من ذرية إبراهيم» ولكنهم من ذوى قرابتهمء أو من جنس الأنبياء» وإن لم يكن لهم من قرابة إلا أخوة الأنبياء» فقد قال تعالى فيهم: «إومن آبائهم وَذْرِيّاتهم وإخوانهم». أى جعلنا أنبياء أخلصوا وجوههم لله من آبائهم وذرياتهم وإخوانهم كإدريس -عليه السلام- وشعيب وهودء وصالح. وغيرهم» وقد اجتبيناهم أى اصطفيناهمم» واخترناهم للرسالة الإلهية» وهديناهم إلى صراط مستقيم من الحق لا اعوجاج فيه ؤلا التواء» والصراط الطريق كما ذكرنا من قبل» ولقد قال تعالى: وأنَ هذا صراطي مستقيما َاتَبعُوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله . .. 029 4 [الأنعام] والصراط المستقيم هو صراط الحق جل جلاله» ومن سار فيه لا يضل ولا يغوى. وإن ما عليه أولئك النبيون من صبر فى النعماء والضراء» والقوة والضعف» والشدة والرخاء» ومن سيطرة للروح على الجسد. وجعله خادما لمطالب الحياة» والعزة التى لا ذلة فيهاء والتواضع الذى لا ضعة فيه» هذه هى الهداية تؤخذ من أخلاق النبوة» هذا هدى الله تعالى؛ ولذا قال تعالى بعد قصص الأنبياء السابقين: ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عبادو» . الإشارة هنا للتقييد» وهو ما ذكر من إحسان الأنبياء وروحانيتهم» وما فعلوا من خير هو هدى الله تعالى المنسوب إليه؛ المطلوب من العباد من اتباع النبيين » يختار الله من عباده من يهديه» إذا سار فى طريق الخير» واتبع سواء السبيل فإنه إن اتجه إلى الله هداه اللهء وإن اتجه إلى الشيطان» أكسبه الله تعالى فضلاء وفى نفسه أسباب الهداية» ولكنه طمسها بإغواء الشيطان. وقد قال تعالى: #من عباده» فالجميع عبيد لله تعالى يهدى إلى الحق من كتب الله له الهداية على النحو الذى بيناه وإن هؤلاء» وصلوا إلى ما وصلوا بالوحدانية #ولوْ أشركُوا لُحَبط عَنْهُم ما كانوا يَعَمَلُونَ4. «لو» كما يقول النحويون: حرف امتناع لامتناع» أى امتناع الجواب لامتناع الشرط» أى لو أشركواء وهو ممتنع عليهم لاختيار الله» لحبطت أعمالهم وهو أيضا ممتنع لامتناع الشرط» / تفسير سورة الأنعام و الل 1000000000 1 1 +1 1[ 1 [ 1[ 1 1 25251301 لحب أ وحبوط الأعمال بطلانها حتى كأنها لم تكن أى يذهب ما فى الأعمال من الخير ولسلبت منهم الهداية» فالشرك يمحو كل خيرء ويذهب بكل عمل نافع» وما يفعله المشركون من خير يكفرونه. والشرط هنا مع امتناعه وامتناع الجواب للتحريض على الوحدانية» وترك الشرك تركا تاماء وبيان أنه يحبط كل عمل يظن فيه الخيرء ألا ترى أنه يحبط عمل الأنبيباء» وهداهم» فكيف لا يحبط عمل من دونهم» فالنص تقبيح للشرك يا كانت صورته. وحث لهم على فعل الخير» وحمايته بالوحدانية . ولقد بين الله سبحانه وتعالى ما آتى به النبيبين من فضل» فقال تعالى: «أولتك اين آتيناهم الكتاب والْحكْم والبوة. الإشارة إلى الأنيياء الذين ذكر الله تعالى بعضهم بأسمائهمء ورتب جموعهم من حيث الغالب على أوصافهمء و(آتاهم) معناها أعطاهم . والكتاب هو الكتاب المنزل» والمراد جنس الكتاب» وليس كتابا معينا كالقرآن أو التوراة» ومعنى أوتوه أنهم أوتوا علمه. وعلموه» ونشروه وتوارثوا ما اشتمل عليه فيشمل الذين أوتوه من - نزل عليهم» ومن جاءوا داعين إلى ما فيه والتكليفات التى اشتمل عليهاء كبعض الأنبياء الذين لم ينزل عليهم كتاب» ولكن بينوا الكتاب الذى جاءوا لبيانه» كأيوب ويوسفء. وسليمان» ويشمل الذين أوتوا - من عملوا به وأقاموا دعائمه من أتباع النبيين المخلصين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا ولم يحرفواء ولم يبدوا قراطيس يبدونهاء ويخفون كثيرا منها والحكمء وهو الفصل بين الحق والباطل والظلم والعدل» والصالح والفاسد. ويدبرون الأمور على الهدى» والشرع. والنبوة» وهى الإنباء عن الله بخطاب منه سبحانه» وما كان خطابه سبحانه إلا أن يكلم من وراء حجاب. أو يوحى إليه أو يرسل رسولا. وقد أفرد الله سبحانه وتعالى النبوة بالذكر مع أن ما مضى يتضمنهاء وذلك لشرفها باتصالها ا تفسير سورة الأنعام الل 0 لسر زا بالله تعالى وللتصريح بالأنبياء الذين لم ينزل عليهم كتاب» ولبيان مكان العلم الذى أوتوه واتبعوه» وأنه عن الله العلى الحكيم» وليرتب الحكم على الكفر بها إذ كان من العرب من كفر بالنبوة» وقال: ما أنزل الله على بشر من شىء. ولذلك قال تعالى: طفن يَكْفْرْ بها هَولاء فَقَدْ وَكَلنا بهًا قَوَمَا لسو بها بكافرين» . الإشارة إلى هؤلاء الذين أنكروا النبوة» وكان من المشركين من قريش وغيرهم من كانوا يجابهون النبى يَِةٌ بإنكار أصل النبوات» وأن تكون مع النبى رسالة فى قرطاس من الله سبحانه وتعالى أو يكون معه ملك» كما سيذكر الله ووم اساي ساه ... (ة)4 [الأنعام]ء وسيجىء الكلام فى هذه الآية قريبا إن شاء الله تعالى. كان المشركون يتكرون أصل النبوة» فالإشارة فى قوله تعالى: قن يكفر بها هَؤلاء4 هو الإشارة إلى قوم النبى يَكِِ الذين أنكروا نبوته» وحاربوا رسالته» وآذوه هو والمستضعفين من المؤمنين» وصابرهم حتى كانت الهجرة وهذه السورة مكية» فتعينت الإشارة إلى من ناوءوا الرسول علو . وقوله تعالى: طفَإن يكفر بها هؤلاء*» شرط جوابه: «فقد وكلنا بها قوما ليسوا ويصونونهاء وينقلونها للأخلاف من بعدهم جيلا بعد جيل» فيقال: وكلت فلانا بهذا الأمر أى عهدت به إليه يقوم عليه» ويحافظ . وهؤلاء الأقوام الذين وكل الله بهم أمر النبوة المحمدية» ليسوا كافرين بها بل يؤمنون ويصدقون, وقدم الجار والمجرور وهو (بها) على (كافرين)» للاهتمام» والتنبيه . وإن هذا النص» فيه تبشير للنبى كَلكلْةٌ ومن معه من المؤمنين بأن عهد الظلم والإيذاء سيأتى بعده عهد النصرة والقوة» وفيه تبشير للنبى كَكْدٌ بأن هذا سينتشر لاا تفسير سورة الأنعام اللا 3213113113111 لسر اق بين الناس» وستخالف فيه الأقوام» ولن يكون مقصورا على العرب» بل يتجاوزهم إلى الفرس والرومان والشام ومسصرء وسيعتنقه الأبييض والأسود» وكل من له فى الدعوة إليه فضل عظيم . وأكد الله سبحانه وتعالى ذلك ب (قد)ء وأكد إيمان أولئك الذين سينصرونها بأنهم ليسوا بها بكافرين فنفى عنهم الكفر نفيا مؤكدا مستغرقا شاملا. كادي ا ُلك ا ودَعَلكَه لْعءاا مو وَكرَ للم ل رج ل وذ قا لوأ مالعل نوو ةدوس روه اين و يم ٍِ 090 مه هت لخر ري ا بوتا فنعاللا يت 09 عع عع ل 07م لم كوي كداكت رين م وك رك مُصَرّقٌ الذي ينيد زر دغرح و سمس صيحن لس ومن 1 202 - م صد مرك وَمَنْحَوطَوَالَدن يوون اليد يومبوم ب 90 هم فظوت 70 بعد أن ذكر سبحانه وتعالى الأنبياء من ذرية إبراهيم ومن قبله» وما اختص به بتعضهم من الصبر وشكر النعمة. والعدالة فى القوة» وبعضهم من الزهد. والروحانية» وبعضهم من الصدق فى القول والوعد» بين الله تعالى أن أولتك الأنبياء نالوا هدى الله وصبروا على أقوامهم». وأنه حق على محمد خاتم النبيين أن يقتدى بهم فقال تعالى : «أولتك الّذِين هدى اللّه» . 1-1 تفسير سورة الأنعام الالالال لل م > اا الإشارة إلى ما كانوا عليه من صفات الصبر والشكر والزهد والصدق والتوحيد» ومجالدة المنكرء والصبر على أذى المعاندين» فالإشارة إلى أشخاصهم المنصفين بهذه الصفات العلياء وهى أساس هداية الله» وأسند سبحانه وتعالى الهدى إليه تشريفا لمعناهاء وبيان أنه اختارهاء واختيار الله تعالى يوجب اتباعهاء والسير فى طريقها؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: «قبهدَاهم اقَْدة4 الهاء هى هاء السكت تكون عند الوقف على المحذوف حرف العلة منه بالجزم تعويضا لذلك المحذوف» وينطق عند الوقف», وقال بعضهم لا ينطق بها إذا لم يقف. ولكن الحق أنه ينطق بها فى الأحوال كلها؛ لأنها مكتوبة فى المصحف الإمام» ولا يوجد فى هذا المصحف ما لا ينطق به. والاقتداء الموافقة فى سلوك الطريق الذى سلكوه» والهدى الذى اتبعوه» والمنهج الذى نهجوهء و(الفاء) هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ لأنه إذا كان ذلك الهدى من الله فإنه يجب اتباعهء والاقتداء بهم فيه وتقديم (بهداهم) على (اقتده) للاختصاصء ومؤداه الاقتداء بهذا الهدى دون غيره» إذ إن الهدى هدى الله فلا هداية إلا هدى الله. (هُداهم) كما أشرنا التوحيدء وألا تشركوا بالله شياء وما جاءوا به من شرائع أبدية لا تتغير بتغير الأزمان» وبما اتصفوا به من صفات الصبرء والشكر والروحانية» والزهد» والصدق والأخلاق الكريمة» وإن الاقتداء يوجب الدعوة إلى هذا الهدى. وإن هذا الكلام السامى يفيد أن الأنبياء الذين تختلف مراتبهمء وخواصهم» وصفاتهم كما قال تعالى : ظ تلك الرّسل فَصَلَْا بعضهم على بعض ... 620 4 [البقرة]. قد أمر النبى يَلِْةٌ بالاقتداء بهم جميعا فى صفاتهم كلها مجتمعة. فهر يكون بهذا الاقتداء جامعا لكل ما عندهم منهم؛ لأنه خاتم الأنبياء» ولأنه مخاطب للأجيال كلهاء وأرسل للناس كافة بشيرا ونذيراء فكان هو وشريعته صالحين لكل ذا تفسير شبور: - الانعام اللا ةذذذ1ذ1ذذذذذ ”22 شجج- الأجيال؛ لآنه وشرعه جمعا كل ما عند الأنبياء السابقين من صفات فاضلة ومراتب من التكليفات عالية. وإذا كان ذلك مقام رسالتهء فقد أوجب الله سبحانه وتعالى الدعوة إليها: لأنها الكمال البشرى» وأنه لا يريد منهم جزاء ولا شكورا؛ ولذا قال تعالى مخاطبا نبيه : «قل لأ أسألكم عَلَيْه أجرا» لا أريد منتكم أى أجر من مال أو جاه أو سلطان لقد ظنوا بادئ رأيهم أنه يريد مالا فعرضوا عليه مالهمء أو يريد السلطان فيسودوه عليهم» فبين الله لنبيه أن يقول لهم إن شيئا من أعراض الدنيا لا يريدهاء ولكن يريد الإصلاح والتذكير بالله واليوم الآخر «إن هو إلا ذكرئ للعالمين». إن المقصود من إنزال الله تعالى القرآن على نبيه الكريم ليس مالا يأخذء ولا سلطانا يفرضه» ولا سيادة يطلبها وإنما جاء للذكرى والموعظة والهداية للعالمين أى للعقلاء أجمعينء فهو ذكرى لهم بما فيه صلاحهمء وقيام أمرهم» ونشر العدالة» وذكرى لهم باليوم الآخرء وما فيه من حساب وعقاب» وذكرى ربهم بأن يكونوا دائما ذاكرين» أى تذكر دائم لله تعالى» وفى ذكر الله طب للقلوب من أدوائها . وإن ذكر هؤلاء الآنبياء ونسبتهم إلى إبراهيم- عليه السلام- تذكير لعرب مكة ومن حولها بالنبوة الأولى نبوة نوح أولاء ونبوة إبراهيم أبيهم الذى ينتسبون إليه ثانياء وتعليمهم أن الله يرسل أنبياء ورسلاء ولا د يصح أن يكفروا بإرسال الله تعالى» والعرب وقت بعث البى يلل كان كلامهم يتين عن أنهم لا يؤمتون برسالة ولا رسولء وجابهوا النبى كَكِلٌْ منكرين أصل الرسالة مستغربين لهاء قال تعالى: أكات للئاس عجبا أن أَوحينا إلى َل مهم أن أن لاس . 42 [(يونس]» وقال تعالى : ( وما مع النّاس أن يعوا داحم لد إلا أن قَانُوا أبعت اللَهبَشر) ولك 63 4 [الإسراء]. ل تفسير سورة الأنعام الال 2 سب ا وأنكر اليهود أن يكون محمد رسولا زاعمين أن الرسالة فيهم. ولذلك نزل قوله تعالى ردا على كل من أنكر أن يرسل الله بشرا رسولاء وعلى من أنكر أن تكون اررسالة فى غير بنى إسرائيل؛ ولذا قال تعالى: #وما قَدرَه أن تبك مقدار بكيل أو وزن أو قياسء ولما صارت تطلق على العقلاء كانت بمعنى تقدير المعانى» والمعنى هنا «إومًا قَدَروا اللّه» ما علموه حق العلم» وما عظموه حق التعظيم» إذا اعتقدوا أن الله لا يبعث بشرا رسولا؛ لأن ما خلق هذا الوجود الإنسانى عبثاء بل بعثه ليتحمل الأمانة التى حملها بمقتضى فطرته» وليكون خليفة فى الأرض وما كان ليبعثه» ويتركها من غير بشير ونذير» يرشده إلى الحق» وينذره لكيلا يقع فى الآثام» فكان من مقتضى الحكمة الألهية أن تكون الرسالة الإلهية ليهدى الرسول ويرشد» وينذر» ويجنب الإثم والشر 99 ... وَإن من أَمّة إلا حلا فيها نذير 09 4 [فاطر] وقال تعالى : (رناكا معن حَن يمت رَسُولاً 69 »4 [الإسراء] . أنكر المشركون الرسالة الإلهية» وأنكر اليهود أن تكون فى العرب» فرد الله تعالى كلامهم بالمجة الباهرة وأمر النبى يكو بأن يورد الحجة على لسان رسولهيَكلة. وكذلك كل أمر يرد الله به على باطل المعاندين يأمر رسوله أن يتولى هو الرد عليهم» بما أوحى الله تعالى به» وهذا ما يلاحظه المتتبع لكتاب الله تعالى بترك الرد على باطلهم للنبى كك بأمره وبيانه . قال الله تعالى آمرا نبيه: طقل مَن أَنرلَ الكتاب الّذى جَاء به موسى». أى بينا واضحا كالنور فى تكليفاته ومعانيه» ليكون مصدر الهدى للناس» يعلمون التكليفات والعقائد السليمة منه» ويرشدهم إلى ما ينفعهم فى الدنيا والآخرة»؛ إن أطاعوه» وأحذوا يما فيه » واهتدوا بهديه. / تفسير سورة الأنعام هيم الل 111110100 1 0 #5#02**ظ2#ظ2”2 حب أ ولقد قال سبحانه بعد ذلك: «تجعلوته قراطيس تبدونها وتَحَفون كثيرا وعلمتم مالم تعلموا أنثم ولا آباؤكم» . والقراءة الملشهورة بالتاء فى (تجعلونه)» و(تخفون)(21» وهناك قراءة صحيحة متواترة» بالياء فى الاثنتين وقد اخحتلف فى هذه الآية أنزلت بمكة» وهو الأصح. أو نزلت بالمدينة» والخطاب فيها ابتداء لليهود الذين غيروا وبدلوا ونسوا حظا مما ذكروا به والقراطيس هى الصحائف من التوراة المكتوبة أبدوا بعضهاء وأخفوا أخرى» وعلى ب «من» أن الآية مكية» تكون قراءة الآية سائرة على مقتضاه. فيكون الاحتجاج بنزول الآية نقضا لعموم نفيهم إذ قالوا: ما أنزل الله على بشر من شىء فقد نفوا مؤكدين بمن أى بأى شىء» والنفى العام ينقض بإثبات أى جزء من المنفى» والجزء الذى ذكره القرآن هو نزول التوراة» وقد كانوا يعرفونهاء وإن لم يقرأوهاء ويتسامعون بينهم بهاء وإن لم يتداولوها؛ لآنهم قوم أميون.ء وكانوا يلتقون باليهود. ويعرفون أنهم أهل كتاب دونهم؛ وذلك لأن أهل مكة كانوا تجارا يذهبون إلى اليمن وإلى الشام فى متاجرهم فيمكن الاحتجاج عليهم بما عند اليهود إذ يعلمونهم» ولمعنى أنه ثبت أن اليهود نزل عليهم كتاب هو فى أصله نور وهدى» وذلك ينقض قولكم ما أنزل الله على بشر من شىى وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى التوراة بالإكبار؛ لأنه كتاب من عند الله تعالى» ذكر سبحانه وتعالى ما فعله اليهود فيها مزقوهاء وجعلوها قراطيس ابدوا بعضهاء وأخفوا كثيراء وليست الكثرة بمقدار ما أخفواء ولكن بقيمتهء وكان فيما أخفوا البشرى بمحمد يَكلِِةِ الذى ينكرون؛ وإن الرسالة التى أنكرتم أصلهاء وألزمتم بها - فيها خيركم» وفيها رفعكم من مرتبة الأمية إلى العلم» وفهم الحسقائق الدينية؛ ولذا قال تعالى: «وعلمتم ما لم تَعلّموا َنم ولا آبَاؤكم» 4 وعلى أن الآية مكية مع قراءة التاىء يكون على أنه بعد إثبات نزول التوراة الذى ينقض نفيهم يكون هناك التفات من الحديث عن الغائب إلى الحضور لتوبيخ اليهود على صنيعهمء فكان ثمة احتجاجان فى اا تفسير سورة الأنعام ا من 6 | حب د النص القرآنى احتجاجا على المشركين من أهل مكة بنقض النفى العام عندهم بنزول التوراة التى تفيد أنه كان من البشر رسول من أولى العزم من الرسل» واحتجاج على اليهود الذين غيروا وبدلوا أو احتجاج على العرب» وتوبيخ وتنديد بعمل اليهود . هذا كله على أن الآية نزلت بمكة» أما على أنها مدنية فيكون الخطاب ابتداء لليهود الذين كانوا يجادلون النبى يِه فقد روى عن ابن عباس أن اليهود قالوا فى القرآن : ما أنزل الله كتاباء ويكون قوله تعالى: ١‏ نجاو فراطيس تاوقو كثيرا 4 توبيخًا شديدا لهم» ولوما عنيفا على تغسيير فى كتابهم وإنكار الحقائق الاعتقادية التى اشتمل عليهاء وعلمتم بهذا الكتاب ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم» وافتريتم بأنكم أهل علم بكتاب» وجحدتم حقوق غيركم بانتمائكم إلى هذا الكتاب» وقلتم ما علينا فى الأميين من سبيل» وإن كنتم بذلك ظامين. وتفسيرها على هذا واضح بين» وكونها آية مدنية فى سورة مكية لا يمنع» فإن العبرة بكون السورة مكية بالأغلب الكثير» لا بالنادر القليل» وقد قال بعض الناس: إنها نزلت مرتين مرة فى مكة وأخحرى فى المدينة» وأودعت فى سورة مكية؛ لأنها نزلت فيها أول مرة» وعلى قراءة (يخفون) و(يجعلون)؛ يكون التفات . عن اليهود تحقيرا لأمرهم» ومبالغة فى توبيخهم على ما حرفوا وبدلوا. سألهم الله تعالى على لسان رسوله الأمين طمن أَنَلَ الكتاب الّذى جاء به موسّى» ولكن الجواب لم يجئ إلا فى آخر الآية الكريمة» وكان الجواب الكريم الذى أمر الله نبيه أن يقوله: طقل اللّه» أى الذى أنزله الله تعالى القادر على كل شىء الذى لا يبعد عن سلطانه شىء فى هذا الوجودء وإذا كان قد أنزل التوراة فهو منزلٍ القرآن» قال الله تعالى لنبيه : طقل الله ثم ذرهُم فى خوضهم يلعبون4. قل لهم «اللّه» بإيجازء ولا اتزدهمء ليتفكروا أو يتديروا بما فيه أمرهم إن كان فيهم عقل غير عابثء 8تُمٌ ذرهم» أى اتركهم «فى خوضهم» فى القول الذى لا 0 | تفسيرسورة الأنعام الل ل ل [ 1 1 1 1 210ص رب زا يعرفون مرماه؛ ولا يدركون نهايته» ولا يصلون إلى مؤداه لاعبين» فقوله تعالى: «يلعبون» حال من ضمير ذرهم. وقد ذكر الله تعالى ذلك الكتاب الذى أنكروه» فقال تعالت كلماته: #وهذا كتاب أَنرلناه مارك مُصق اذى بين يديه . «إوهذا كتاب أَنزلناه مبارك4 الإشارة إلى الكتاب وهو القرآن ذكر الله تعالى أمورا ثلاثة بعضها فيه معنى التعليل» وبعضها فيه تعليل بالغاية» وأولها أنه #مبارك4 ومعنى البركة النماء والزيادة» وإن القرآن مبارك فى معانيه فهو يشمل كل علوم الدين والأخلاق» وفيه ذكر للكونء وفيه بيان العقيدة الإسلامية» وفيه أسماء الله الحسنى» وفيه أوصاف الله الذاتية» وثبوت الكمال المطلق لله تعالى» ونفى كل ما لا يليق بالله» ليس كمثله شىء وهو السميع البصيرء وفيه كل أصول التكليفات الدينية» وفيه القصص الحق عن النبيين» وعن الأمم التى خمالفت أنبياءها وكيف كان مصيرهاء وإن معانيه وما كشفه ألفاظه تذهب فى العقول إلى مذاهب من الإدراك لا نهاية لهاء وكلما أمعن القارئ فى ألفاظه وعباراته أشعت منها نورا مبيناء وذكرا حكيماء حتى قال بعض الناس إن للقرآن ظاهرا وياطناء إذ كلما أمعن فيه بالنظر» أدرك ما لم يكن من قبل» وهو يوجه الأنظار إلى علم الأكوان بإشارات لامحة» وعبارات واضحة. ومهما نتكلم فى معانى القرآن» فلن ندرك الغاية» ولا نقاربهاء وهذا يصور معنى أنه مبارك الأمر الذى فى القرآن أنه مصدق الذى بين يديهء ونجد اللفظ عاما لكل ما بين يديه من أخبار الأنبياء السابقين وأخبار أقرامهم , والعبرء والثللات فيهم» فهو سجل النبوات» ومعجزات الرسلء» وكان كذلك ليعلم بها من يعلم» ومن عنده العظة والاعتبار» كما قال تعالى: 8... إن في ذلك لَعبْرة لأولي الأبصارٍ 405 [آل عمران] ومصدقا للكتب السابقة من التوراة والإنجيل والزبور. ا تفسير سورة الأنعام اللو لال 6 ١ ١ الاك‎ ىج كان القرآن لذلك كله لوَلشدرَأُمٌ اشر وَمَنَ حَوْلَهَاك والخطاب للنبى يَكلِ: وأم القرى هى مكة؛ لأنها فى البلاد العربية فإنها الأصل لهاء وذلك لأن بها البيت الحرام التى يتخطفف الناس من حولهم وإذا جاءوا إليها كانوا آمنين» فهى الملجأ من كل مخوف, ولأن الناس يحجون إليهاء ولآنها كانت وسط التجارة فى البلاد العربية» ولآن بها قريشا ذرية إبراهيم -عليه السلام- وقد قال بعض العلماء: إنها جغرافيا تعد فى وسط العالم» لذلك سميت بأم القرى. وإنذار أم القرى هو إنذار أهلهاء وإطلاق المكان وإرادة أهله هذا كثير فى القرآن» ومن ذلك قوله تعالى: «فليِدع اديه 59 02* [العلق] وما كانت البقع والمبانى لتنذر إنما ينذر أهلها. #ومن حولها4 من مساكن سواء أكانت لأهل المدر أم كانت لأهل الوبر» بل يمتد ما حولها إلى الفرس والشام وما وراءه والرومان وغير ذلك, للدلالة على عموم الرسالة المحمدية» ولقد قال النبى مَِْهُ: «كان كل نبى يبعث لقومه» وبعثت للأحمر والأسودا”'. ولقد قال تعالى فى عموم رسالة النبى وك بالقرآن: ١0‏ وأوحي إِلَيّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بل أندَكم لََشهَدون أنامّع الله آلهة أخرئ قل لأ أشَهد قل إِنّمَا هو إِلَّه واحد وإنّنِي بَرِيء مَمَا 3 . تش ركونَ 09 4 [الأنعام] وقال تعالى: ل تبارك الذي نَل ارقا عَئ عبده ليكون للْعَالّمينَ نذيرا 9ه 0 الذي لَه ملك السّموات والأرضٍ ولم يَعَحد ولَدا ولّم يَكُن له شريك في الملك وحلق كل شيء فَقَدَره تقديرا #40 [الفرقان]. وهكذا نجد الآيات الكثيرة الدالة على عموم الرسالة المحمدية» وهو خاتم النبيين» فلا نبى بعده» وما كان الله تعالى ليترك عباده سدى من غير نذير يرهب بسوء عاقبة الشرء وبشير يبشر بحسن العاقبة لأهل الخير. (1) عن جابر بن عبد الله قال: : قال رسول الله يك: «أعطيت حمسا لم يُعطهن أحَد قبلى: + بيت ِلَى الأحمر والأسود» وكَانَ الى نما ب يبعث ؛ إلى قَومِهِ خاصة وبعثت إِلَى الناس عامةً» وأحلّت لى العام ولّم تُحل لأحَد قَبْلى» وُصرت ؛ بالرعب من مُسيرة شهرء وجعلَت لى الأرض طهر ومُسجدا َأَيّمَا رجلٍ أدر كيه “ الْصلامٌ فَلْيصل حيث أدركته) . رواه أحمد: باقى مسند المكثرين - مسند جابر رضى الله عنه (1"467). وأصله عند البخارى ومسلم بنحوه. 1 تفسيرسورة الانعام اللللللوا الل ااا لللللا هوه * يي وإن القرآن يؤمن به من يدرك حقيقة الدين» وحقيقة الدين أن يعلم الإنسان أنه لم يخلق عبثاء وأن الحياة الآخرة هى الحياة الباقية» وأن الدنيا سبيل لهاء وأن نعيمها هو الباقى. ولذا أخبر تعالى أن الذين يؤمنون بالآخرة هم الذين يؤمنون بالقرآن فقال تعالى: والّذِين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به4 ذلك أن الذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون بالحق والخير؛ لأنهم يرون أن الحياة الدنيا فيها التنازع بين الخير والشرء بين النفس اللوامة» والنفس الأمارة» ولا بد أن ينتصر الخير» لآنه الفطرة» ولا يكون ذلك إلا بحياة أخرى» ولأن الذين يؤمنون بالآخحرة يؤمنون بحكمة الإيجاد والتكوين» ولا يمكن أن تكون نتيجة الحياة النهائية هى تلك المغالبة وذلك التناحر» وفوق ذلك أن الإيمان بالغيب يجعل النفس مستسلمة لله تعالى راضية بما عنده» وما أعده لها من نعيم» فلهذا كان الإيمان بالآخرة والإيمان بالقرآن العظيم متلازمين لا ينفصلان» فمن آمن بالآخحرة آمن بالقرآن» ومن آمن بالقرآن آمن بالبعث والنشور والقيامة واليوم الآخر. وإن كمال وصف المؤمئين بالقرآن أن يكونوا صالحين غير مفسدين. وألا يعملوا إلا معروفاء ولا يقع منهم منكرء وذلك بالصلاة التى هى عمود الدين لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر» وتملا النفس بذكر الله» وبذكر الله تطمئن القلوب» ولذا قال تعالى: «وهم على صلاتهم يحافظون» وتقديم الجار والمجرور لبيان أن اختصاص الصلاة بالمحافظة يؤدى إلى كل الخير»ء والمحافظة عليها بإقامتها مستوفية الأركان حسا ومعنى» وامتلاء النفس بخشية الله تعالى» وأدائها فى أوقاتها فإنه بهذا يكمل الدين» ويتم الإيمان. تفسير سورة الأنعام ْ الال للك مم وَمَنْأظام مم انرعاعك 0 ج. > هه 4 ا سس عر م70 ع سك كر كذ أوقَالَ أوسى إل ول بو | ِليَوسَىْء ومن قال سَأَلُ 0 مليوس ف عَم تاوت لعا ل وَالْملسَكة ا باسطوا يديهم أخرجا حك الوم ل سرس ير يت سحت سد © سس ينه قت علش اك ولحي وَكتسوعَنَ مَايَكيَه 0 كمون ارد امول موك حي ور ورت 0 27 ل 0 2 بين الله تعالى منزلة كتابه الكريم وذكر أنه الحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه»ء وقد بدأ سبحانه وتعالى بذكر ظلم من يفترى عليه سبحانه» ويدعى أنه أوحى الله تعالى إليه» ولم يوح إليه بشىء» فقال تعالى : لوم أَظْلَمْ مم افْتَرَى عَلَى الله كذبًا أو قال أوحى إلى ولّم يوح إِلَيه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه» . الاستفهام فى قوله تعالى «ومن أَظلم» هو للإنكار بمعنى النفى» وفيه من التنديد بالذين يفعلون ذلك أشد التنديد» وقد ذكر سبحانه افتراءهم على الله بنفيهم إنزال الرسل» وقولهم: ... ما أَنزل الله على بشر من شيء ... 469 [الأنعام] والآن يبين أنهم لا يقفون موقف الإنكار» بل يبهتون ويكذبون ويفترون» وذكر سبحانه طوائف ثلاثة ترتكب فى حق الله تعالى أشد الظلم لآنفسهم 3 جا ها تفسير سورة الانعام الل لل ل 1 1 2561111”ظ أب ا: بتضليلها وإيغالها فى الشر وظلم الناس بنشر الباطل بينهم وتضليلهم» وظلمهم للحقائق الدينية . أولى هذه الطوائف التى افترت على الله تعالى كذباء أى اختلقت على الله بالكذب» لبيان شدة افتراتهم ‏ واختلاقهم. وكلامهم الباطل الذى ليس له أصل من الحق أو الحقيقة كعبادتهم الأوثان» وادعاء أنهم يقربونهم إليه زلفى» وكادعاء النصارى أن لله ولداء وأنه إله وكتحريم المشركين بعض النعم على أنفسهمء وتحريم البحيرة وا ملوصولة» وغير ذلك وكافترائهم على الله بأنهم أولياؤه وأحباؤه» فهؤلاء فى أشد أحوال الظلمة. المقريين من النصارى مثل بولس الذى كان وثنياء وادعى بعد ذلك دخوله فى دين المسيح وحوله من وحدانية» إلى وثنية» وادعوا أن من سموهم رسلا أوحى إل وتجلى لهم روح القدس. وغير ذلك من الأوهام الباطلة» والأكاذيب التى ما أنزل الله بها من سلطان» وكبعض الأعراب الذين كانت منهم نواة الردة الذين ادعوا أنه يوحى إليهم كما يوحى إلى محمد وَلةٍ. الطائفة الشالثة- التى ادّعت أن القرآن لا يعجزء وأنها ستنزل مثل ما أنزل الله تعالى من قرآن؛ وقد أخبر تعالى عنهم ) فقال: © وإذا تتلئ عَلَيهِم آيَاتنا الوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين © 4 [الأنفال]. هؤلاء الطوائف الشلاث هم أظلم الناس؛ لأنهم كذبوا على الله تعالى» وأضلوا أنفسهم وأضلوا الناس وكان كلامهم افتراء» وإن هذا النوع الذى يبهت الناس بالباطل هو الذى نشر الأديان الباطلة والأوهام الكاذبة» وما من عقيدة باطلة تنتشر إلا بظلم هؤلاء» ومن تبعهم. وإن هؤلاء مآلهم جهنم وبئس المصيرء وقد صور الله تعالى حالهم, وأرواحهم تنتزع من أجسامهم» والأيدى تبسط إليهم بالعذاب الشديد العتيد المهياً ها تفسير سورة الأنعام : لل 0 أ ا لهمء فقال تعالت كلماته: ©وَلَوْ تَرَئ إذ الظّالمون فى غَمَرَات الموت4 والغمرات الشدائد» جمع غمرة أى شدةء وأصلها الشىء الذى يغمر الأشياء فيغطيهاء وإطلاقها على الشدائد من قبيل أنها مغمورة فيها لا تكاد تخرج منها؛ ولهذا قد أحاطت بهاء كما يغمر الماء الغريق» فيحيط به من كل جوانبه» وغمرات الموت شدائده التى تكون عند الاحتضار أو عقبهء يحس فيها بغمرة شديدة عند الموت» وإذ يقبر» والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار("»» وإنهم فى هذه الحال التى يحتضرون» وبعد موتهم؛ الملائكة تبسط أيديهم بالشدة والعذاب المهيأ لهمء ولذا قال تعالى : «والملائكة باسطوا أيديهم» : تقول لهم بلسان الحال «أخرجوا أنفسكم» يقال بسط يده بالعطاء وبسط يده بالحرب» والبلاء والشدة» وذكرت فى القرآن كثيرا بمعنى الشدة» ولذا قال تعالى: (إي يها الدين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكُمْإِذْ هم قوم أن ينِسَطُوا إِليكُم أيديهم فَكَف أيديهم عنكم . 00 [المائدة]. وقول المعتدى عليه من ولدى آدم : ( أن بسطت إِلَيَ يدك لتقتلمي ما أَنا بباسط يدي إليك لدَفْتلّك إني أخَاف الله رب العالمين 52) 4 [المائدة] فمعنى قوله تعالى: طوَالَْلائَكَةُ بَاسطُوا أَيْدِيهم4 أى بالضرب والعذاب الذى لا مناص منه» ولا يمكنهم التخلص منه ولا الخروجء والملائكة يقولون لهم بالقول أو بلسان الحال: «أخْرجوا أَنفسكم» أى أنه قد أحيط بهم فلا خلاص لهم ويقال أخرجوا أنفسكم إن استطعتم إلى الخروج سبيلاء فهو مصيركم ونهايتكم» وما صرتم إليه؛ بأعمالكم المتكافئة بالشر التى حبط فيها كل خيرء لأنه قد طمس على بصائركم . وقال بعض المفسرين: إن قوله تعالى ظأخْرجوا أَنفسَكُم» خطاب لهم حال الاحتضار كأنه يقال لهم سلموا أنفسكم لنا وقد علمتم أن هذا اليوم هو ساعة الأداء لما كسبتم وما قدمتم فتأخذوا جزاءه» وقالوا: إن هذا تشبيه لحالهم بحال المدين الذى يلازمه غريمه» فلا يستطيع الهرب منه حتى يؤدى الدين الذى عليه» ونرى أن الأول أوضحء» وأبين» والنتيجة واحدة. . رواه الترمذى: صفة القيامة والرقائق والورع - باب منه (5550) من حديث أبى سعيد الخندرى رضى الله عنه‎ )١( ا تفسيرسورة الأنعام مك00 لسرب زا وقوله تعالى: #ولو ترئ إذ الظّالمون فى غَمَرَات الموت» فيه أداة شرط وهى (لو)» وفعل شرطء والجواب غير مذكور يدل عليه التعبير بغمرات الموت» وبسط الملائككة» وحالهم من أنهم لا يستطيعون حولا ولا طولاء ويكون الجواب: لرأيت ثم رأيت هولا شديدا هو جزاء وفاقا لما قدموا من سوء» وفعلوا من شر. وقد ذكر الله الجزاء فقال: «اليوم تجزوت عَذَاب الهون» اليوم فيما يظهر هو ما بعد القيامة من عقاب». وعذاب الهون هو العذاب الذى يكون هواناء» وذلاء واستحقار لأمرهم. وإضافة العذاب إلى الهوان إضافة تدل على أن الهوان ملازم للعذاب» فقد استكبروا على الحق» وقالوا غير الحق» فكانت العقوبة من جنس الجريمة ) ولقد قال سبحانه فى سبب ذلك: «بمَا كسمب تقولون عَلَى الله عير الْحق وكنتم عن آياته تستكبرون» . . أى السبب فى العقاب أمران جمع الله فيهما الظلم كله : أولهما- أنهم كانوا يقولون على الله غير الحق» فيشركون به ويقولون إنه ثالث ثلاثة» ويقولون: المسيح إله» ويحلون ويحرمون بغير ما أنزل الله تعالى» وقوله تعالى: #ككتم تقولُون» تدل على استمرار قولهم» وعدم انقطاعه عنهم» وإصرار عليه؛ لأن (كنتم) تدل على الاستمرار» والمضارع يدل على تجدد القول آنا بعد آن. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. ثانيهما- أن الآيات البينات الهادية من معجزات دالة» ومن دلائل أخرى فكانوا يعرضون عنهاء ويستكبرون» ويظنون أن الالتفات إليها فيه هوان عليهم؛ وكبرياؤهم منعهم عن الالتفات إلى الحق» فاستكبروا وتجبرواء وخاب كل جبار عنيد وكان الاستكبار متضمنا الإعراض عن الآيات؛ ولذا عدى ب «عن» التى تدل على التجاوز والإعراض إذ قال تعالى: #وككهم عن آياته يَسَتَكْبِرون» أى كنتم تستكبرون معرضين عن آياتنا الدالة؛ ولأنها قاطعة على الحق وفيها الهداية» ولكن لا تهتدون استكبارا وإعراضاء فنالوا جزاءهم ا تفسير سورة الأنعام اميل ك2 > اا ولقد بين الله تعالى ججزاءهم الذى أشار إليه فى الآية السابقة» بيئة وقد رالت عنهم أسباب الطغيان والكبرياء . . وقال تعالى: «ولقد جنتمونا فرادئ كما حَلقناكم أَوَلَ مرة4 فرادى جمع فريد كأسارى جمع أسيرء أى جئتم منفردين عن النصراء الذين كنتم تعتزون بهمء فما لكم من نصراء» وذهب عنكم افتراؤكم وما كنتم تقولون نحن أعز نفراء وذهبت عتكم أموالكم التى كانت تعزكم» وتدفعكم إلى الاستكبار والتطاول بهاء وتقولون معتزين نحن أكثر مالاء ذهب عنكم كل هذا وجئتم إلى الله بأنفسكم منفردين» وقد روى ابن عباس عن النبى وَل فى موعظة له: «أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة عُرلة0) (أى غير مختونين). قال تعالى: #. .. كما بَدأنا أل َل تمده وَعْدَ نكا فاعلينَ 4*9 [الأنبياء] . وإنكم تكونون فى هذه الحال» كالحال التى بدأ خلقكم بها ولذا قال تعالت كلماته: كما حَلقناكم أَوَلَ مرّة4 أى تعودون ضعفاء كما خلقكم من ضعف أول أمركم؛ إذ خلقكم ضعفاء لا تقدرون على شىء ولا تملكون شيئاء وفى النص إشارة إلى حجة البعث على الذين ينكرونه» ويستغربونه» إذ مؤداها أنه خلقكم ابتداء بقدرته» ويعيدكم بقدرته» ومن كان قادرا على الإنشاءء هو على الإعادة أقدرء وهو العزيز الحكيم. وإن كل ما كانوا يملكونه من مال ونسب» وعبيد» وصولة؛ وسلطان يكون وراء ظهورهم وقال تعالى فى ذلك : «وتركتم ما حولناكم وراء ظهوركم» خولناكم أى مكناكم من أموال وأنعام» وسلطانء» وراء ظهوركم» أى جثتم إليناء وقد خلفتموه وراء ظهوركم فلا يمكن حيتذ أن تعتزوا بشىء منهء وقوله تعالى: «وراء ظهوركم» تشبيه لحالهم فى أنهم لا يأخذون شيئا معهم كمن ترك ما يملك وراء ظهره» وذهب تاركا له» أو من ولى الأدبار من اللقاء فقد كانوا يغترون )١(‏ جزء من حديث متفق عليه رواه بهذا اللفظ مسلم: الجنة ونعيمها وأهلها - فناء الدنيا وبيان الحشر ( كم والبخارى بلحوه : أحاديث الأنبياء - (-9غ8") عن ابن عباس رضى الله عنهما. ا تفسير سورة الأنعام هم ال 1100000000000 1 1[ 1[ 1[1[ 1 1[ 1 آذآ 00ة2*5ظ2”2 بأموالهمء وأصبح لا يعرف ماله» فضلا عن أن يغتر به كما كان فى الدنياء ولم يعد المال إلا لحفظ الحياة بالقوت والكساء والصدقة. كما قال النبى يَكلهِ فيما رواه مسلم أنه قال: «يقول ابن آدم: مالى مالى». وهل لك من مالك إلا ما أكلت فآفنيت» أو لبست فأبليت» أو تصدقت فأمضيت» وما سوى ذلك فهو ذاهب». وتاركه للناس)(2, تذهب عنهم كل قواتهم الذاتية التى غرتهم واستكبروا بها عن آيات الله تعالى» وغرتهم فى الحياة الدنياء فاغتروا بهاء وغرهم بالله الغرور. ولقد ذكر سبحانه بعد ذلك حالهم مع ما كانوا يعبدون من دون الله تعالى بغير الحق» فقال تعالى: «وما ترئ معكم شفعاء كم الْذين زعمتم أَنهُم فيكم شركاء» . أى أنهم فى اليوم الآخر حيث الحساب» ثم العقاب لايرى معهم شفعاؤهم. أى الأصنام التى زعموهاء تقربهم إلى الله زلفى إذ كانوا يقولون 3 .. ما تعبدهم إلا ليمَرِبُونا إِلَى اللّه زلقى . 460.٠‏ [الزمر] أى ليكونوا شفعاء لنا يقربوننا إلى الله تعالى» ولقد قال تعالى: «ومًا تَرَئ مَعَكُم شُفَعَاءَكُمُ». ولم يقل تركتموهم وراءكم ظهريا؛ لأن المال والأنصار والعصبيات كان لها وجودء أما هذه الأحجار فلا وجود لهاء وليس لها لسان تنطق» فقال سبحانه وما نرى هؤلاء الشفعاء؛ لأنهم لم يكن لهم وجود فى الدنيا إلا بزعمهم. فهم موجودون فى أوهامهم» ولا وجود لهم فى ذاتهم إلا أنهم حجارة» ولقد قال تعالى فى أوصاف هؤلاء الشفعاء فى زعمهم: لالذين زعمتم أَنّهُم فيكم شركاء» «الذين» وصف للشفعاء وهم حجارة؛ وكان الموصول بعبارة «الذين» التى تكون للعقلاء إجراء على لفظ الشفعاء لا على حقيقتهمء والزعم هو الاعتقاد الباطل الذى ليس له أساس من العقل أو النقل» والزعم هو أنهم شركاء الله تعالى فيكم بالنسبة للتفع والضررء والجزاء عقابا أو ثواباء وقدم قوله تعالى : «فيكم» إشارة إلى أن الزعم )١(‏ سبق تخريجه. ها تفسير سورة الأنعام ش 4 حب ا الذى زعمتموه فيكم أنتم» وفى أوهامكم» ولا يتجاوزكم إلى غيركم تمن لم يسقط فى مزاعمه مثلكم . وإن السبب فى أنه تعالى لا يراهم (معهم) أنه لا وجود لهم وأن الشيطان الذى سول لهم عبادتهم يتبرأ منهم كما يتبرأ المتبوعون عن التابعين فى قوله تعالى :لذ بر دين اْبعوا من اين ابعُوا وروا اْعَذَابِ وتَقطعت بهم الأسباب 63 وقال اين امعو لو أن لنَا كر برا منهم كَما تبروا م ذلك يريهم الله أعمَالهم حَسرات عَليهم وما هم بخَارجين من الَارٍ 659 4 [البقرة] . كذلك هنا كان الشفعاء الذين غابواء ولم يروا قد انقطع ما بين هؤلاء ' وأولئك» لأنه كان وهما ولم يكن هناك سبب يربط بينهم» فلما انكشف الأمر ايوم القيامة تقطعت الحبال الواهية التى كانت تربطهم» فقال تعالى: «لقد تَقَطّع بينكم» أى تقطعت الصلة التى كانت بينكم التى خلقها وهمكم» والآن قد تكشف لكم الحق البين» وهم أنهم لا وجود لهم إلا ما كان من أوهامكمء ٠‏ فإذا زالت ققد الذى بينكم» ثم أكد الله تعالى هذا المعنى» فقال تعالت كلماته: «وضل عدكم ما كنم ترعمون» أى غاب عنكم الزعم الذى كنتم مستمرين عليه مجددين له آنا بعد آن. آيات الله فى الكون وتوليد الأشياء من الأشياء بقدرته © إن مه فاق ل 0 رح عا بن ر رح سم و و 7 حر 9 5 لْمَيَتِ مِنَالْسَ وا 2 وه 57 يك سكا والقمس والقت 2 0 ألْعيزِ زليو © هأ جل دجُو رصح ري نه سرحت سر لسر حت سل ل يفطت صلب يِفَو رِيكَلمُوسَ 0 إإلإاا تفسير سورة الأنعام 2 00 ١ 1 اا‎ ١ ي- ذكر الله سبحانه وتعالى كيف اهتدى إبراهيم - عليه السلام- إلى ربه مما خلق فى الكون» وكيف استدل بالوجود على من أنشأ الوجود كله» وهو رب العالمين ثم ذكر سبحانه السموات» ورد على من أنكر أن يبعث الله بشرا رسولاء 000 الكرن. ' وما ما فيه من تراه الأشياء بعضها من بعض بقارت ؛ وبعلمه © ماس ماس م 8 م اسن ماس ”م ويروى عن ابن عباس وبعض التابعين أن قوله تعالى : اق لحب والترى» أن معناها خالق الحب والنوى» وفالق فى أصل معنه بمعنى فاطر أو يلتقيان فى معنى واحد» وهو الشق» فمعنى فلق أى شق» ثم كان من الشق الإيجاد» وفاطر تطلق بمعنى خالقء كقوله تعالى فاطر السموات والآأرض أى خالقهماء و«الحب» هو ما ينتجه الزرع كالقمح والشعير والذرة» و«النوى» هو ما يكون فى الثمارء كالتمر» والمشمش» والخوخ» وغير ذلك من الثمرات. ووجه الإعجاب فى خلق الحب والنوى هو التوجيه إلى أن هذا الحب يكون منه ذلك الزرع الأخضرء الذى تغلظ سوقه ويقوىء وإن هذا النوى يكون منه النخيل الباسق والدوحات العظام» ويكون منه ذلك الشجر المثمر المعروف» كما قال تعالى: ( وآية لهم الأرض الْميعَة أَحمَيَاها أَخْرجنا منها حب فَمنه أكون 0 >6 وجعلنا فيها جنات من نُخيل وأعناب وَفَجرنا فيها من العيون 0 69 ليأكلُوا من تَمَرِهِ وما عملته أيديهم ألا يشكرون 469 [يس]. وقد ضعف ابن جرير» تفسير «فالق» بمعنى خحألق؛ لأنه لا يوجد (فلق) بمعنى (خلق)؛ ولكن الزجاج جور ذلك» وأكثر المفسرين على أن القَلّْق ليس معناه ٠‏ الخلق أنما معناه الشسّىء وإن الله تعالى يشق الحب ليخرج منه نبات أخضر فذلك إشارة إلى التوالد الذى يتولاه الله تعالى» فيشق الحب فيكون منه الزرع الذى يكون منه حب. . » متراكب كثير» ويخرج من الحبة الواحدة» زرع فيه حب كثير» والنوى يشق فيكون أشجار باسقة» وثمرات طيبة» ويكون من النواة» ثمر فيه نوى كثير» وثمرات ناضجة كثيرة . ا تفسير سسورة الأنعام لل 2 كك 2 يي وقد ذكرنا أن هذا رأى الأكثرين» وهو ينتهى إلى معنى الخلق» ولكنه خلق عن طريق التوالد الذى يتولاه الله سبحانه وتعالى فيتولد بخلق الله وتكوينه من الحب الذى يبدو جامدا - زرع أخضرء وحب متراكب» ويتولد من النواة التى تبدو كأنها جماد لا حياة فيها - شجر عليه ثمر» وفى الثمر نوى» فهو توجيه من الله تعالى إلى خلق خاص» لا مجرد خلق النواة والحبة» ولكن ما يتولد عن النواة والحبة من نوى وحبوب. وإذا كانت الحياة تخرج من هذا الحامد الذى يبدو بادى الأمر أنه لا حياة فيهء فيخرج منه؛ ولذا قال تعالى: «ِيُخْرِج الْحَىّ من الْمَيّت وَمُخْرِجٍ الْمَيّت من الحي» . هذه الجملة السامية الأكثرون على أنها فى معنى التفسير لفالق الحب والنوى» ويكون قوله تعالى: «يُخْرج الْحىّ من الْمَيّت» أى يخرج من ذلك الزرع» وذلك الشجرء وهما من الأحياء من الحب والنوى اللذين هما كالجماد الذى لا حياة فيهما فى مظهرهماء وبذلك لا يقال كيف تعد الحبة ميتة» أو النواة كذلك» وهما يطويان فى أنفسهما بذرة الحياة» ولا يعدهما علماء النبات من الأموات. وقوله تعالى: طوَمخْرج الْمَيّت من الْحَى» أى أن هذا الحى» وهو الزرع والشجرء يخرج منه الذى يشبه الجماد» وإن كان فيه أصل عنصر الحياة» فقوله تعالى: طومَخْرِجٍ الْمَيّت من الْحَى», معطوف فى الظاهر المنبادر على (يخرج)» وقالوا إنه يجوز عطف اسم الفاعل» على الجملة المصدرة بفعل مضارع؛ لآن اسم الفاعل فى معناه. وقد يسأل سائل لاذا عبر بالمضارع» ثم عبر باسم الفاعل؟ ونقول فى ذلك: أن التعبير باسم الفاعل يدل على تصوير الفعل» وهو الحياة» وتجددها آنا بعد آن» فيبتدئ بنبت» ثم يخضر ثم يكون له سوق» فهو يصور تدرج الحياة فيه بحكمة الله تعالى» وكذلك فى النواة فالحياة فيها تبتدىء مما يشبه النبت» ثم تكون عودا فشجرة» أما الحبة أو النواة التى نجىء من الزرع أو الشجرة» فإنها تكون نهاية التجديد» وتظهر دفعة واحدة؛ ولذا كان التعبير باسم الفاعل . ((إاا تفسير سورة الأنعام .1 مالل 1 212*077 2-0 وختم الله تعالى الآية التى موضوعها فى التكوين بالتوليد» بقوله تعالى «إذلكم الله فأن تُوقَكُونَ» الإشارة إلى ما ذكره سبحانه من فلق الحب والنوى» وتوليد الحياة منهماء وإن كانت مطوية فيهماء وكانت الإشارة للبعيد لعلو المنزلة السامية لذات الله ذى الجلال والإكرام. وكانت الإشارة بخطاب الجمع إذ قال: #ذلكم» وذلك لأن ثمة خطابا للناس الذين أشركوا بالله تعالى» والفاء فى قوله تعالى: «ذلكم» لترتيب ما قبلها على ما بعدهاء فهى لتعريف الذات العلية بأنها التى فلقت الحب والنوى» وأنها تحبى الموتى» فترتب على ذلك استنكار موقف المشركين» وتعريف الذات العلية» وقال تعالى : ظفَأَنّي تَؤَفَكُون» فالفاء للإفصاح عن شرط مقدر مطوى فى إذا كانت الذات العلية هى التى خلقت» وتحيى وتميت» فكيف تؤفكون» أى تصرفون عن عبادته وحده سبحانه وتعالى إلى الشرك: وتؤفك» وتأفك وأفك بمعنى صرف» وأحسب إنها صرف فيه إفك وكذب على الله» فالمعنى كيف تصرفون كاذبين على الله تعالى» مفترين عليه بعبادة غيره» سبحانه وتعالى عما تشركون. وإن الله تعالى خلق الأرض وأحياها بالنبات والشجر وغذاها بلماء» وقد أظلها بالسماءء وإذا كان قد فلق الحب» فأخرج منه النباتء» والتوى فأخرج منه الثمرء فقد فلق السحابء فانشق؛ ولذا قال تعالى: طقَالقَ الإصبّاح» الإصباح هو شروق الفجرء وذلك بأن يشق الخط الأبيض ظلام الليل . والذين قالوا: إن معنى «قَالق الْحَبْ والتُوى» خالقهماء قالوا هنا أيضا إن معنى إقَالق الإصباح» أى خالق الإصباح بعد إظلام الليل» والذين قالواء وهم الأكثرون: إن معنى فلق شقء وإن معنى «قالق الإصبّاح» شق الظلمة» بخيط الفجر الأبيض الذى يتسع شيئا فشيئا حتى يعم النور الوجود» فكان النهار المضىء الذى يكون فيه العمل والسعى فى الحياة» وطلب الرزق» ولذلك قال تعالى: وجعلنا الثهار مَعَاشًا 69 4 [النبا] . هاا تفسير سورة الانعام ال ملل م ظ كج-1 وإن الإصباح كما ترى هو دخول النهار» أو إيذان بدخوله؛ ولذا عطّف عليه الليل» فقال تعالى: لوَجَعَلَ اللّيل سكنا» أى تسكن فيه النفوسٍ والأجسام بعل طول النصب واللغوب؛ ولذلك قال تعالى : ومن رَحْمَته جَعل كم اليل والتهار لتَسَكُنُوا فيه وتوا من فضله ولَعلّكُم تشكرون 4 [القصص]. فالليل تسكن فيه النفوس وتقرء ويرجع المرء إلى أهله وولده. وهى مسكنه؛ ومطمأنه» وفى النهار يبتغى الرزق فى الأرضء وإن الليل فى أحواله طولا وقصراء والنهار كذلك طولا وقصرا يتبعان الشمس والقمرء كما يتبعان فى أصل وجودهما الشمس؛ ولذلك قال تعالى بعد الليل والنهار «والشمس والقمر حسبانا» وقوله تعالى: #والشمس وَالْقَمَر4 عطف على «جعل اللَّيلَ سَكنَا4 ولإحسبانا4, لحساب الأيام والسنين والأشهر» فبالشمس تعرف الأيام» ونعرف ساعاتهاء فإن شروقها وغروبها يحدد عدد ساعات الليل والنهار ودرجاتهماء واختلاف أقاليم الأرض فيها طولا وقصرا حتى يقل النهار فى بعض الأرض ويكون الأكثر ليلاء ويتناسب الليل والنهار فى بعض الأرض» وبالشمس تعرف مناطق الأرض على حسب تسلط نورها وآشعتها على الأرض» وتكون الفصول الأربعة من صيف وخريف وشتاء وربيع. والقمر تقدر به الأشهر القمرية بالأهلة» وتعرف أيامها بحال الهلال؛ ولذا قال تعالى فيما تلونا من قبل: اهو . الذي جعل الشّمس ضيّاء وَالْقَمر نورا وقدره منازل لتعلّموا عَدد السَِّينَ والحساب .. .. 2)*» [يونس]. وقوله تعالى: #.. . بحسبان © [الرحمن] أى بحساب دقيق لا يتخلف عن مواقيته فى كل بقعة فى الأرض على حالهاء لا يتقدم ميقاتها ولا تتأخر حتى ينفخ فى الصورء» فيصعق من فى السموات. والفرق بين الحساب والحسبان» أن الحساب مقدر بعد وقوع ما يحسب وما يعدء أما الحسبان فإنه يحسب ويقدر قبل الوقوع . ويلاحظ أنه إن ذكر التوالد فى النبات والإحياء والإماتة ذكر الشمس والقمرء لأثرهما فى إنبات النبات ووجود الأشجارء وحياة الأحياء» فالشمس اا تفسير سورة الانعام يم ال 000000000000 1 1<[#[3 1 1 1 1 1[ 00011ظ**ظ2ظ2”ض 2-26 توجد الحرارة التى تمد الأحياء بالنماء والدفء؛ ومن الحرارة إيجابا وسلبا يكون المطر» ولقد خستم الله تعالى الآية بقوله تعالى: «ذلك تَقَدِيرٌ العَزِيزِ الْعليم». أى وهو القادر الخغالب صاحبٌ السلطان المطلق والملك التام فى هذا الكون» وهو العليم بما يكون فيه» وما يجرى وما يدبر. وقد ابتدأ سبحانه ببيان سلطانه سبحانه فى الأرض. وما يتوالد فيها من أحياء» ثم ذكر ما يؤثر فيها وفى أهلها فى الليل والنهار وما جعل من الشمس والقمر بحسبان» بعد ذلك ذكر السماءء وما يكون فيهاء فقال تعالى: «(وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظُلُمَات لبر والبحر» . خلق الله تعالى النجوم فى السماء؛ وهى ذات أبراج كمطالع الشمس والنجوم» ولكل نهم مدار خاص بهء يظهر فى إبانه» واتجاهه يهدى السائرين فى البر» فيهتدون به؛ ويعرفون به أهم متجهون إلى الشرق أم إلى الغرب وهل هم متجهون إلى الشمال أم إلى الجنوب» فيهتدون فى الحيرة» ويصح أن يراد بها فى ظلمات البر بالاهتداء بها فى حيرة البر» وظلمات البحر بالاهتداء بها فى ظلمات البحر. ويصح أن يراد بذلك ظلمات الليل فى البر والبحرء فإن الناس فى نهارهم يهتدون بالشمس فى شروقها وغروبها ومن ذلك يعرفون الاتجاه إلى الجنوب أو الشمال؛ أما فى ظلمات الليل فالنجوم ليس بكونها منيرة؛ إنما بمسارها فى 3-3 اتجاهها . هذه إحدى فوائد النجومء أما المزايا الأخرى فأهمها أنها والأرض دلالة على منظم حكيمٍ مبدع فقد قال تعالى : ألم ينظروا إَِى السمَاء فُوقَهُم كيف بنَيناها يناما وما 4 من روج م والأرض ما مددتاها أ فيها إرواسي وأنبعا فيها من 9 م نم جنات حا ايد وال بسقات له طلا لصية وي وذة لاه وجيب بل ميتا كذلك الخروج © 4 لق]. ل ل تفسير سور: 6 الأنعام لل لحي تحب أ قوله تعالى: قد فَصَلَا الآيات لقوم يعلمون4 أى بينا الآيات مفصلة واضحة لقوم يعلمون ويعرفون حقائق هذا الوجود ويعلمون مصال حهم. د ره ةفزو ح سرس ل ومستودع حى وَهوَالّذِىَأَنرُل مم 01000 ا ع سح ل ير -السمء ماء خرجنابه-نبات أ شَىٌءفَأَحَْجسَامنْه 2 ع ل حر عر سر ل جر سه ساس خضرا فرج ونه حبا متراحكبا ومن سا قل سس دس سه 6ل ل ست 2 ل وح 2 وا قِنوَانَ دانية وجنت م نْأعناب والزسون والرمّان مشتيها ل سبي ل بس سل لظ صر بر و سس ست سس لسر اج ا ست وعيرمتسْليهِ أنظروا إل ثمروءإذا أثمروْعهءإنفي ل ص - 9 يكت 9 ٠ ل من طلعها‎ ٠. 560 ل م 5 ليت لقو يؤمنون لا بعد أن أشار سبحانه وتعالى إلى خلق النبات من الحبّات» والشجر من النواة - بين تلق الإنسان فى الأرحام فقال تعالى: ظوَهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع» . ظ نجه المفسرون إلى اتجاهات فى تفسير قوله تعالى: فَمُسعَقَرٌ ومستودع» فمنهم من نظر إلى أن قوله تعالى: 9فَمْستَفَرٌ ومستودع» تتجه إلى أصل التكوين الإنسانى فى أصلاب الآباء» وأرحام الأمهات» فقال: معنى مستقر أى مكان استقرار وهو رحم الأم» ومستودع» أى مكان الوديعة الإلهية فى أصلاب الآباء» فهو بيان لأدوار النطفة حتى تخرج من المستودع الذى أودعه الله تعالى فيهاء وهو الأصلاب إلى المقر الذى أقرها الله فيها لتدمو فتكون نطفة فى قرار مكين» ثم تكون النطفة علقة» ثم تكون مضغة» ثم تكون عظاماء فيكسو العظام لحماء ثم 9 تفسيرسورة الأنعام لل 1 1 0 22322500 أ رز يصير بشرا سوياء فتبارك الله أحسن الخالقين» والنفس الواحدة هى نفس آدم أبى البشر. وكما أشار سبحانه إلى فلق الحبة فتكون خضرة» وفلق فلق النواة فتكون نخلا باسقاء وأشار هنا إلى خلق الإنسان حتى يصير إنسانا مكتملا. واتجه آخرون إلى الاستقرار فى الحياة» والاستيداع فى النهاية إلى باطن الأرض» فالمستقر هو الدنيا والوجود فى هذه الأرضء والمستودع القبرء الذى يودع فيه حتى يكون البعث والنشورء وذلك كقوله: «... ولكم في الأرض مُسعَقرٌ . 465 [البقرة] والأكثرون من الصحابة والتابعين على الاتجاه الأول» وهو أوضحء وأقرب تبادرا للذهن» وإنى أرى أنه لا مانع من أن تكون فى الاثنين» واللفظ يحتملهماء ويكون فى الأول بما يشبه العبارة وفى الثانى بما يشبه الإشارة» فالعبارة سيقت لأصل التكوين» كما سيق أمر الحبة والنواة» وما جاء بعدها لذلك» ودلت بالإشارة على أنه استقرار إلى أمد. وبعده اللاستيداع فى القبر» حتى يوم البعث» فتأتى كل نفس بما كسبت» وخحتم الله تعالى الآية بقوله تعالى: قد فصلا الآيات لقوم يَفقهون» أى ينفذون إلى أسرار الوجود من وراء مظاهره؛ ؛ لأن ققه ليس المراد بها مجرد العلم» إنما المراد بها العلم الذى يشق المظهر ليصل إلى سر ما وراءهء وقد علل الزمخشرى أنه ختم الآية التى تدل على الاهتداء بالنجوم بقوله تعالى: 8 .. قد فصلنا الآات لقوم يعلمَودَ 469 [الأنعام]» وهنا ختم بقوله: #قَد فَصَلنا الآيات لقوم يفقهون» بأن الاهتداء حسى يرى فهو آية بينة محسوسة لا تحتاج إلى النظر» والانتفاع والاهتداء» وأما الثانية» فإن الآيات فيها سر الوجود الإنسانى الذى يتدرج فيه الحى من نطفة تجىء من الأصلاب» وتودع فى الأرحام حتى تكون بشرا سويا. ويس الفقه حو الهم الجرد» إن الفقه هر شق الح 0 ساي > سمسماهة - تفسير سورة الأنعام الل ني ولس اا طَائََةٌ ليَتَفَقَّهِوا في الدذين ولينذروا قَوْمَهُم إِذَا رَجعوا لهم لَعلّهم يحذرون 4 [التوبة] . وبعض الكتاب قال: إن العلم أعلى درجة من الفقه؛ لأن الفقه مطلق الفهم» والعلم هو المعرفة عن دليل قاطع يؤدى إلى اليقين» ونحن إلى قول الزمخشرى غميل» ونرى أنه هو الذى يتفق مع (فقه)؛ ومن غير الزمخشرى أكثر إدراكا منه . بعد أن بين الله تعالى كون الإنسان» وتدرجه فى الخلق من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات وتدرجه فيها إلى أن صار إنسانا فى أحسن تقويمء ذكر سبحانه وتعالى نعمة الماء فى هذا الوجود»ء وما يخرج به فى الأرض من حبوب وثمار تتشابه فى شكلهاء ولا تتشابه فى طعمهاء فهى متشابهة وغير متشابهة» فقال تعالى كلامه: وهو الْذى أنزل من السّماء مَاء فأَخْرَجَنا به تبات كل شىء» . أخبر الله عن ذاته العلية أنه هو الذى أنزل من السماء ماء» فهو وحده الذى أنزل من السماء الماء فلم ينزل إلا بقدرته؛ وهو وحده الذى يثير السحاب حاملة المطر الذى ينزل ماء على الأرض» فنزوله من السماءء هو نزوله من السحاب؛ لأن السماء ما تعلو فوق الأرض» وسماها الله تعالى سماء؛ لأنها تغطى الناس بالغمام الذى يتكائف فيصير ماء يهطل على الأرض مطراء ولقد التفت البيان القرآنى السامى من الغيبة إلى التكلم» فقال تعالى : فَأَخْرَجنا به نبات كل شىء» أضاف الإخخراج إلى ذاته العلية بصيغة المتكلم لبيان عظيم فضله؛» وأن إخراج النبات والنخيل والأعناب» والزيتون والرمان» وغيرها من أنواع الثمر والمطعومات بإرادته» وتخيره وتشكيله لها سبحانه وتعالى» وقوله تعالى: «به» أى منه» وبه وعن طريقه ولقد قال تعالى: «... وَجَعَلْنَا من الْمَاء كل شىء حى ... 69 4 [الأنبياء ] . وإن النص الكريم يفيد أن الله تعالى أنزل الماء وهو فى ذاته نعمة) لآن منه حياة الأحياء من نبات وحيوان وإنسان كما قال تعالى: « أكْرآيعم الْمَاء الذي تشربون 1 9 تفسير سورة الانعام 1 الل 220111111770000 لأس از 9 أأنتم رموه من الْمَرْن َم نَم تحن الْمنزِلُون 9 © [الواقعة] والنعمة الثانية أنه أخرج الله تعالى به نبات كل شىء أى كل صنف من أصناف النبات من قمحء وشعير» وذرة» وأرزء وسمسمء وغير ذلك من أنواع الحبوب والبقول» وغيرها وهو منوع مختلف وإن اتحدت الأرض واتحد السقى؛ ولذا قال تعالى فى آية أخرى : «( رفي الأرض قطع متجَاورات وجنات مَن أَعنَاب ودع وتخيل صنوان وغيْرٌ صنوان يسقئ بماء واحد وتُفَضّل بَعْضها علَى بَعْض في الأكل . . (4)2 [الرعد]. ولقد فصل الله تعالى أدوار الإنبات فقال: جارج مل عراف عن متراكبًا4, أى يخرج الله تعالى خضراء أى أخضرء غضا طريا ذا شعب» ومن هذا الأخضر الغض يخرج بعظيم قدرته حبا جامدا متراكبا أى يركب بعضه بعضا فى نظام رتيب متسق بقدرته تعالى كالسنبلة فى القمح والأرز» والكوز فى الذرة» وغيرها من الأنواع المختلفة؛ كيف تبدأ خضرا مزهرة فإذا نضجت وصارت حطاما أو قريبا من ذلك أتت بنبات نافع يكون مطعوما يغذى الأبدان» وهنا نجد عجيب قدرة الله تعالى فلقت الحبة الصلبة» وجعلت منها عودا أخضر غضاء ثم جعلت من هذا العود الأخضر وقد صار ثمارا حوى حبا متراكبا صلبا. وقد ابتدأ سبحانه وتعالى بذكر النبات؛ لأنه يكون منه الغذاء والكساء العرى» كالقطن» والكتان» والتيل» وغيرها مما يكون اللباس والكساء للناس. وبعد ذلك بين سبحانه الثمرات التى تكون من النوى» وابتدأ منها بالنخيل؛ لأنه يجىء منه التمرء وهو إن كان فاكهة هو أيضا غذاءء وقد كان غذاء عند العرب يشبه أن يكون رئيسيا. فقال تعالى: «إومن المْخل من طَلْعها قنوان دانية» طلع النخل هو أول ما يبدو من ثمر النخل فيبدو فيه شق» فإذا شق كان العزق» وهذا العزق هو القنوان» وهو الذى بعد التمر يكون عرجوناء وتكون الشماريخ. وفى هذا بان نعم الله تعالى فى التمرء وهو عطف على الكلام السابق عطف جملة على جملة؛ ولم يقل سبحانه وتعالى: وأخرجنا الدخل» وإن كان قد م تفسير سورة الأنعام ملل .6 تس ا أخرجه فعلا من النوى» ولكنه صار كالأرض يخرج منه مثل ما تخرج الأرض من نبات» وقد قدر إخراج الله لهذا القنو من الطلع» كإخراج النبات من الآرض» فإخراج القنو كإخراج النبات من الأرض بقدرة الله تعالى» و«قنوان») جمع قنوء وادانية») أى قريبة تتناولها الأيدى» وقد ذكر الدانية لأن نعمتها أقرب» ولأنه يظهر أن النخل القصير يكون طيب الجنى» ويظهر أن هذا النوع هو النخل الذى أكرم الله به السيدة ة البتول مريم عندما ولدت المسيح قال تعالى: «وهزي إِلَيك بجذع النَخْلَة سقط علي رطَبًا جبيًا 02 [مريم]. وقد ذكر الله تعالى النخل والتمر عقب الحب؛ لأن التمْر كما ذكرنا يكون غذاء» وكما يقول علماء النبات إنه غذاء كامل . وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك الأعناب» والزيتون والرمان فقال تعالى: وجنات من أعتاب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشّابه» . وقوله «(جنات») معطوفة على «نيات كل شىء) أى أخرجنا جنات من أعناب» وأعناب جمع عنب» والحنات جمع جنة» وهى الأرض ذات الأشجار الملتفة المتكائفة التى تن الأرض وتظلهاء وعبر عن الأعناب بالجنات؛ لآنه إذا نما وترعرع» وأقيمت له العرائش كان جنة ساترة للأرض وحديقة غناءء» تظهر خضراؤهاء وتَجَنْ أرضهاء وذكرت الأعناب بعد النخيل؛ لأنه كان كثيرا فى أرض العرب» ولأنه فاكهة كانت أطيب الفواكه عندهم» ولأنه غذاء ودواء من عجمة وهو نوأه. ثم ذكر سبحانه وتعالى الزيتون والرمان» معطوفين على (نبات كل شىء) والتقدير فى كل هذا أخحرجنا بالإسناد إلى الذات العلية» لبيان قدرته العظيمة وإرادته الحكيمة» وآلائه على العرب وغيرهم. وكان النخيل وطلعه بمقتضى السياق يكون معطوفا على (أخرجنا»)ء ولكن الاختصاص عنداهم بالأهمية» ولأنه أكبر الأشجار المثمرة وأعلاهاء فكان موجب الاختصاص أن يتغير الإعراب. (/#ا تفسير سورة الانعام 1011111#1#1#1#1 | الها + 7 وقال تعالى: «مشتبها وغير مَشَابد» . المشتبه والمتشابه بمعنى متقارب كمستو ومتساوء وهنا فى تفسير مشتبه وغير متشابه اتجاهان فى الفهم : 1 1 أحدهما- أن ثمار الزيتون قد يكون متشابها فى الحجم والطعم. وقد يكون غير متشابه» وذلك دليل على أن الأمر باختيار الله تعالى جعل هذا متغيرا فقد يخلق التمر متشابها فى حجمه وطعمه؛ء وقد يخرج غير متشابه فى ذلك؛ وكل بإرادة الله تعالى . واتجاه آخر- وهو أن تتشابه الثمرتان فى أنهما من شجرة واحدة؛ ولكن لا 'تتشابهان فى الطعم أو اللون والرائحة كما ترى فى ثمر الرمان» فقد تكون رمانتان من شجرة واحدة.» ولكنهما مختلفتان فى الحجم»ء وطعم الثمر ولونه» ويقول بعض العلماء: إن شجر الزيتون والرمان تتشابه فيهما الأوراق» ويختلف ما ينتجانه والحق أن الوجهين الأولين يمكن الجمع بينهما بأن يكون التشابه فى العدد والحجمء وألا يكون تشابه قطء وقد قال تعالى: إنظروا إِلَى ثَمَرِه إذا أَثْمر ويئعد» . «الينع» النضج» والمعنى انظروا نظرة اعتبار واستبصار إذا أثمر كيف يبتدئ الثمر خيوطا رفيعة» ثم تغلظ شيئا فشيئا نامية متدرجة فى نموه» حتى تصل إلى حال النضج» فإنه يكون متغير الأحوال كما يبتدئ الجنين نطفة. ثم علقة ثم مضغة حتى يصير خلقا سوياء كذلك انظر إلى الثمر» كيف يسير فى نموه حتى يصير ناضجا طيبا. ثم قال تعالى: 8 إن فى ذَلكُم لآيات لَقَوم يؤمنون» . الإشارة إلى ما تقدم من إنزال الماء من السماءء وإخراج نبات كل شىء منهء والنخيل وطلعه من قنوانه» وتدرجه من حال إلى حالء والأعناب والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه» الإشارة إلى هذا كله وما فيه من عجائب أن فيه آيات بينات على قدرة الله تعالى فى تكوين الأثمار وتوالدهاء وإذا كان الله تعالى 0 تفسير سورة الأنعام لل 2 ١ الاك‎ ١ بي‎ متصرفا فى الوجود ذلك التصرف فهو الذى خلقكم» وهو قادر على إعادتكم كما بدأكم أول مرة» وقال تعالى: طلْقَومِ يَؤْصونَ4؛ لأن أهل الإيمان هم الذين يدركون حكمة الله تعالى فيما خلق. وهم الذين يذعنون للحقائق إذا بدت آياتها . وخاطب بالإشارة بالجمع بقوله تعالى: إن فى ذَلكم4 للتنبيه وتوجيه أنظار الجمع إلى ما فى هذا الخلق أو التكوين من عبّرء تعالى الله العلى القدير. الوثنية وادعاء البنوة لله م رو 2 يا اا لل وحركوأ لمربنينَ وَبتلتٍ ت بعَبرعِ سُبَحَننهوَيها دعمًا 2 20 رصح وى عومد توت 02 بيع اموت وَالارض أنيكونكة ُُ م لمث 000 0 حر ور لفرت 3 كته لبه وخلق ثى ووهويكل تو علم | هزه ار 37 00 1 لم 2 كرو و وًّ ل 2 1 90 > ثور فاعبد علؤه و: هوعان ئس و تسيل افيد د ركه 2 ل رس ارت َم و بذ ذه 2 بعد أن بين سبحانه وتعالى آياته فى حلق الأشياء اوتوالده وإثيات قدرته القاهرة» وإرادته العلية» وأنها ث5 تقتضى الإيمان بالله تعالى منشىئّ هذا الكون وما فيه ومن فيه» وأنه الحى القيوم القائم عليه يمسكه» ويمسك السموات والأرض أن تزولا. ولكن زالتا لا يمسكهما أحد من بعذه. 0 تفسيرسورة الأنعام ال 1-0000 1 1 1[ 1 5000111*ظ2ظظ لس ناز مع هذه البينات ظهر أولتك الذين يشركون بالله تعالى وذكر سبحانه وتعالى أنهم يشركون الجن» فقال تعالى : «وجعلوا لله شركاء الجن وَحَلَقَهم وَخَرقُوا لَه بين وبنات بغيرٍ علم» . ومعنى قوله تعالى: «وجعلوا لله شركاء الجن» أى أن الشركاء هم الجن» أى أنهم عبدوا الجن بجوار عبادة الله تعالى» وقد يسأل سائل إن المشركين قد عبدوا الأصنامء ولم يعبدوا الجن» فكيف يقال إن الشركاء لله الجن» وقد قال فى محكم آياته أنهم اتخذوا الأندادء والأنداد التى حسبوها أندادا لله هى الأصنام . وقد اتجه المفسرون فى إجابة هذا السؤال اتجاهين: أولهما- أن الشياطين» وهم من أتباع إبليس وهو رأس الجن هم الذين سولوا لهم عبادة الأوثان» وزينوها لهمء وقد جاءت بذلك النصوص القرآنية الكثيرة» من ذلك قوله تعالى: ألم أعهد نيكم يا بني آدمَ أن لا تَعْبُدوا الشيْطَانإِنّهَُكُم عدو مين 60 وأن اعبدوني هذا صراط مُسَعَقيمٍ 469 [يس]. ويقول الله تعالى على لسان اللملائكة: #.. سبْحَاَك أنت ويا من ذوتهم بل كَانُوا يدود الجن أكْترهُم بهم مُؤْمموةَ »> [سباً]. اويقول تعالى : « إن يدعون من دونه إلا إِنانَا ون يَدعُوَ إلا َيَطَانًا مُريدا 09 لعنه الله وقال لأنُدَْ من عبادك نصيبا مُفْرُوضًا 059 وَلأَضلئهُم ولأمَنّهُم نهم فتك آذاد العام ولآمرئَهم عير َو لله ومن يتخ ليطن ولا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا 659 4 [النساء] . وإنه ما من شرك إلا والشيطان وراءى والشيطان من الجن؛ إذ هو تابع لإبليس» وهو من الجن» كما قال تعالى: 3 . .. إلا إبليس كان من الجن مسق عن أمر ربّه ... 422 [الكهف]. هذا هو قول الأكثرين الاتجاه الثانى- روى عن ابن عباس والكلبى أنهما قالا: إن الذين كانوا يعبدون الجن هم الثنوية من المجوس الذين كانوا يقولون إن الوجود يحكمه إلاهان إله الخير» واسمه يزدان وإله الشر واسمه أهرمن ا تفسير سورة الانعام ملل نل هه لي ولقد قال ابن عباس: إن موضوع الآية الزنادقة» وقد رجح فخر الدين الرازى ذلك الرأى» ولنترك الكلمة له» فقد قال: (هذا مذهب المجوسء» وإما قال ابن عباس هذا قول الزنادقة لأن المجوس يلقبون بالزنادقة؛ لآن الكتاب الذى زعم زرادشت أنه نزل عليه من عند الله سمى بالزند والمنسوب إليه يسمى زندى» ثم عرب فقيل زنديق» ثم جمع فقيل زنادقة» واعلم أن المجوس قالوا: كل ما فى هذا العالم من الخيرات» فهو من يزدان» وكل ما فيه من الشرور فهو من أهرمن؛ وأهرمن» هو إبليس بلغة القرآن» والقرآن قال إنه من الجن» فمن قال بهذا المذهب» فهو يعتبر إبليس وذريته من الجن شركاء لله تعالى فى معنى الألوهية؛ وبذلك تتحقق شركة الجن). وفى الحق: إن الآية تشمل بعمومها عباد الأوثان والزنادقة؛ لأن كليهما عبدا الشيطان» وإبراهيم- عليه السلام- عندما نهى أباه عن عبادة الأوثان قال له: ليا أبَت لا تَعبد الشيْطَان إن الشيْطَانَ كان للرحمن عصيا 4069 [مريم] . وعلى ذلك يكون المشركون والمجوس قد أشركوا الجن فى عبادة الله تعالى» سواء أكان ذلك بأن سولوا لهم عبادة الأحجار» فتكون عبادة اللأحجار عبادة للجن» أم عبدوا الجن مباشرة كالثنوية . ولقد قال تعالى بعد أن ذكر هذه الشركة الوثنية قال تعالى: طوَحَلقَهم» أى أن الله تعالى خلقهم» فهم مخلوقون. حادثون ولا يصلحون أن يكونوا معبودين؛ لأن المعبود بحق هو القديم الذى لا أول لهء والباقى الذى لا آخر لهء ولآنه ليس من العقل فى شىء أن يشترك الخالق مع المخلوق. ثم ذكر سبحانه وتعالى افتراءات المشركين ومن لف لفهم» فقال تعالى: «وَحَرقُوا لَه بين وبنات بِغَير علّم4 وخرقوا معناها اختلقوا القول» وافتعلواء كان الرجل إذا كذب فى النادى» قالوا خرق ورب الكعبة أى اختلق» فالمعنى: اختلقوا أن يكون لله بنون أو بنات» ومن الناس من قال الملائكة بنات الله» وقد تردد ذلك على ألسنة المشركين وعلى ألسنة اليهود. 9 | تفسيرسورة الأنعام لم ل لل ل ذ 1[ آذ 1 222*011 حب اا ومن الذين خرقوا القول بأن لله تعالى بنين - الهنود والبوذيون» وأخحذ عنهم النصارى بنوة عيسىء» واليهود قالوا عزير ابن الله» فادعاء البنوة لله تعالى قد أخحذ به اليهود. ثم سار وراءهم اليهود والنصارى» وكل من افترى على الله تعالى ذلك الافتراء . ولقد قال تعالى إن ذلك قول ليس له أصل قام عليه ولكنه جهالة» فقال تعالت كلماته: «بغير علّم» أى أنه ادعاء ليس له أساس» من أين أوتوه. بل عن أوهام توهموهاء وجهل مبين بمعانى الألوهية» ويدل على فساد فكر وضلال فهم» واستهواء نفس تمن سيطر على نفوسهم. والله تعالى منزه عن ذلك . وخستم الله تعالى الآية بما يدل على التنزيه» وعلو المقام الإلهى عن ذلك فقال تعالى: «سبحاته» وهى مصدر يدل على التسبيح وتنزيه الله العلى الكريم عن ذلك «وتعالى» أى تسامى سبحانه وتعالى عما يشركون. ولقد بين سبحانه وتعالى استحالة أن يكون له ولدء فقال تباركت «بديع السموات والأرض أَنئ يكون له ولد ولَم تكن لَهُ صاحبَة» . وكلمة (بديع) فعيل بمعنى اسم الفاعل» أى مبدع السموات واللأرض» وهى تقتضى معنيين: أحدهما- أنه أنشأها على غير مثشال سبق» والثانى- أنه لم يكن قبلها شىء يحتذىء فقد أنشأها من العدم إنشاءء فهو خالقهاء قبل أن لم تكن ومن كان منشئا لهذا الوجود بإرادة مطلقة لا يمكن أن يكون وجود الأشياء لديه بنظام الأسباب والمسببات» فلم تكن الأشياء كإيجاد العلة للمعلول» بل هو إنشاء الموجد للموجود. وإن من كانت هذه الحال حاله لا يمكن أن يكون له ولد. 6 - وقد بين الله سبحانه وتعالى استحالة ذلك من وجهة الأسباب العادية التى تقتضى أن يكون الوالد له امرأة تلد منه؛ ولذا قال تعالى: #أَنَئ يكون له ولد ولم تكن لَه صاحبة» . ل تفسير سورة الأنعام الل 1م حب 5 «أنى» من أين يكون له ولدء أو كيف يكون له ولدء ولم تكن له صاحبة»؛ أى امرأة يعقب منها الولدء كما تزين ذلك عقولكم الواهمة» ونفوسكم المطوقة بآفة الوهم والضلال» إنه ثبت أن الله واحد أحد لا شريك له» فى السموات والأض» فكيف يقولون ذلك الوهم» لقد ضل الذين قالوه أولا كالبراهمة» وضل الذين قالوه من بعدهم متبعين لهم» وضل الذين يتبعونهم اليوم. لقد قال النصارى الذين أخذوا من البراهمة والبوذية: إن مريم البتول ولدت عيسى» وأقروا بأنها ولدته بعد أن حملت به تسعة أشهرء وجاءها المخاض» كما يجىء كل امرأة تلدء والجأها إلى جذع النخلة» وولدته ووضعته فى مزود» ثم عاش كما يعيش الناس» ثم ادعوا له بنوة لله تعالى ثم ألوهية زعموها فمن أين أتت إليه الألوهية وقد عاش بشرا سوياء يأكل كما يأكل الناس؟ . لقد زعموا لفرط وهمهم أن مريم البتول- عليها السلام- ولدت الإنسان والإله»ء وزعم بعضهم مخفقًا فساد القول الأول أنه ولد إنساناء ثم فاضت عليه الألوهية والبنوة معاء» #. .. كبرت كَلمَة تَخرَج من أفُواههم إن يَقَولُونَ إلا كذبا (2)» [الكهف] . ولقد قال الله تعالى مؤكدا نفى البئوة عن ذاته العلية : «وخلق كل شىء» أى أنه سبحانه وتعالى خالق كل شىء فهو غير محتاج لأحد؛ لأنه خالق الوجود كله» والبنوة ثمرة الاحتياج لتكون امتدادا للوالد» والله تعالى الخالق للوجود كله فكيف يحتاج لولده» ولكنها الأوهام المسيطرة» وكل عقيدة تشتمل على أن شخصا له بنوة أو ألوهية عقيدة أساسها الوهم الباطل» وأصحابها يعيشون فى أوهام» وشيوعها دليل على فسادهم وفساد من يتبعونهم . وقد قال تعالى مؤكدا معنى خلقه وقدرته بسعة علمه وإحاطته بكل شىء علماء فقال تعالى: #وهو بكُل شىء عليم» فالخلق والتكوين هو بمقتضى العلم والحكمة والإرادة. 9 تفسيرسورة الأنعام الملل 000 ١١ الماك‎ يي ولقد أكد سبحانه وتعالى حقيقة ربوبيته» وألوهيته بقوله تعالى: «ذلكم الله ربكم لا إِلَه إل هو خالق كل شىء فَاعبدوه» الإشارة فى «ذلكم»» إلى ما ذكر من فلق الحب والنوى وإنشاء النبات والأشجار والأنفس» والتوالد» والنزاهة المطلقة عن الشريك والولد» وانفراده سبحانه وتعالى بالخلق والتكوين والقيام لكل شىء والعلم بكل شىء وهذه أوصاف الوحدانية» وإذا كان واحدا فى ذاته العلية» وواحدا فى إنشائه للكون» فهو الجدير بالعبادة وحده وكل عبادة لغيره تكون باطلة بطلانا مطلقا؛ ولذا قال سبحانه: ذَلكُم الله أى ذلك المعبود بحق وحذه» وهو ذو الجلال والإكرام» والإشارة بالخطاب للجميع (ذلكم) للإشارة إلى التكليف العام بعبادة الله تعالى وحدهء وقد ذكر سبب الألوهية الكاملة» فقرنها بوصفين يزكيان معنى الألوهية: أولهما- الربوبية الكاملة؛ الذى يربى الناس والأشياى يربها ويرعاها ويحفظهاء الوصف الثانى- أنه خالق كل شىء» ولا شىء فى الوجود إلا وهو الخالق له والقائم عليه؛ والمدبر لأمره» والكالئ له» وهو على كل شىء وكيل . وقد قال تعالى: ظفَاعِبدوه4 أى أنه إذا كان هو وحلده الخالق» وهو وحده المدبر فاعبدوه وحدهء لا شريك لهء فهذه نتيجة للمقدمات الواقعة السابقة» ومن عبد غيره» فإنه قد سبق إليه وهم» وهو عبد للأوهام وليس مؤمنا بالله. وبعد أن بين الله سبحانه وتعالى أنه خالق كل شىء بين أنه خلقه» وهو يحافظ عليه؛ ولذا قال جلت قدرته» وعظمت حكمته: «وهو على كل شىء وكيل» «وكيل» هنا من وكل إليه الأمر ليحفظه ويصونه فمعنى وكيل هنا قائم على الأشياء كلها ليحفظها ويصونهاء ويدبر أمرها إلى أن يقضى فيها قضاءه وكان أمرا مفعولاء فهو إلإله القائم على كل شىء سبحانه. وإن الله سبحانه وتعالى منشىء الوجود نحس بآثار وننعم بنعمه ولا نرام» فهو خفى الألطاف ظاهر بنعمه وآثاره؛ ولذا قال تعالى: «لا تدركه الأيصار» . ل تفسير سورة الأنعام ممالل 1 واكاك .. : > «الأبصار) جمع بصرء والبصائر جمع بصيرة» والبصر يعلم بالرؤية البصرية. والبصيرة تعلم بالرؤية القلبية» والإدراك العقلى؛ والخنشوعء والاتجاء الروحى» والتعلق بالذات العلية؛ ولذا قال تعالى: # . .. فَإِنّهَا لا تعمى الأبصار ولكن تَعْمى الْقنُوب التي في الصّدورٍ 9 4 [الحج]. والإدراك هو: الرؤية المحيطة بالشىء من كل جوانيه» فالرؤية البصرية لا ترى إلا الجانب الذى يكون مقابل العيونء أما الإدراك فهو الإحاطة بكل الجوانب» من كل ناحية» ومعنى قوله تعالى: إلا تدركه الأبصار» لا تحيط الأبصار بكل جوانب عظمته وجلاله» وعندئذ نتتقل من الرؤية البصرية إلى ما تتتجه الرؤية من تأمل وتفكير؛ ذلك أن الرؤية البصرية رؤية للمحسوسء ثم بعد رؤية المحسوس يكون التفكير فيما توجهه هذه الرؤية» فاذا رأيت منظرا جميلاء فالرؤية تريك هذا المنظرء فتستريح نفسكء وتستروح معانى من الإحساس بالجمال» فإذا علا إدراكك. فإنك تفكر فى بديع الصنع» وحسن هندسة التناسق» ثم أطياف الألوان» ثم مهارة الصانع» فهذ! هو الإدراك بالإيصارء فالإدراك بالإيصار هو المعانى التى تومىء بها الرؤية» ويوجه إليها النظر المستقيم . وقوله تعالى: «لا تدركه الأبصار)» هو كناية عن التفكير والعلم الذى ينتج عن البصرء وقد نفى الله تعالى الإدراك» وهو يتضمن نفى الرؤية البصرية ابتداء؛ لآن الرؤية البصرية فى الدنيا إنما تكون فى مكان متميز متحيزء» والله سبحانه وتعالى ليس له مكان» ولا يحده شىء فى الوجودء وسع كرسيه السموات والأرض وهو السميع العليم . وفوق ذلك لا يمكن للعقل البشرى أن يدرك الحقيقة الإلهية؛ لأنه أعلى وأجل وأعظم من أن تصل إليه المدارك» ونحن ندرك آياته» ولا نعرف كنه ذاته» تبارك الله العلى الحكيم» هذ معنى نفى إدراك الأبصارء وما تؤدى إليه» وما يمكن أن يؤدى إليه مضمون هذا النفى» ثم قال تعالى: وهو يدرك الأبصار» أى يعلمها علما محيطاء وسع علمه كل شىء لا تخفى عليه خافية» ولا يعزب عنه ناا تفسير سورة الانعام يم الل 1100000000 [ [ [ 1[ 1 1 1 11 آ22**20101111 لحر ا مثقال ذرة فى السماء والأرض» يعرف ما تراه الأعين» وما تدركهء وما تؤدى النظرة من تأملاات نفسية» فهو العليم بخواطر النفوس وخلجات الأفئدة» وهو اللطيف الذى يعلم أدق علمء الخبير الذى يعلم دقائق كل شىء. وقد تكلم العلماء فى هذا المقام فى رؤية الله فى الآخرة وفى الدنياء فقال الأكثرون: إن الله تعالى يرى يوم القيامة بكيفية لا نعرفهاء يراه الأبرار وقد أخذوا ذلك من ظاهر قوله تعالى: وجوه يَوْمَعِذٍ نَاضِرَةٌ © إِلَى بها ناظرة 9 »4 [القيامة] وإن ذلك من جزاء المتقين» ولا يراه المججرمون أخذا من ظاهر قوله تعالى : « كلا نهم عن رهم يوذ لمَحْجْوبُودَ © 4093 [المطففين]. ومن ظاهر قوله تعالى : « ... ولا ينظر إلَيهم يوم القيامّة ولا يرَكيهمْ ... 9 #6 [آآل عمران]. وأما فى الدنياء فإن الله لا يرى فيها؛ لأن الرؤية تقتضى التحيز فى مكان» والله تعالى منزه عن ذلك» وقد طلب موسى- عليه السلام- رؤية ربه فقال: ١‏ .. قال رب أرني أنظ ليك قال أن قراني ولكن انر إلى الْجَبلٍ فَإن استَقَرَ مكَانَهُ ١‏ نوف تراني فلك تلن و لجل جع د وخر موسئ متعق فم فاق قال سبحا تبت إليك . 40552 [الأعراف]. فدلت هذه الآية على أن الرؤية فى الدنيا غير وهنا يثار سؤال هل رأى النبى كَل ربه فى المعراج؟ بعض العلماء زعم أنه رآى ولا يوجد نص قاطع يدل على ذلك» ولكن وردت آثار كثيرة» تدل على نفيه » فقد سثئل النبى عَكَيِه : أرأيت ربك؟ قال: (إنه نور فانّى أراه)237 , وروى مسلم فى صحيحه بسنده إلى مسروق عن عائشة رضى الله تعالى عنها قال: كنت متكئا عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة (كنية مسروق) ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية» قلت: ما هن؟ قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية - وكنت متكثاء فجلست - فقلت: يا )١(‏ رواه مسلم فى كتاب الإيمان» والترمذى فى تفسير سورة 0 (النجم) وأحمد بن حنبل » اج ص/!6١.‏ ص ال ١/6 .١‏ بل تفسير سورة الأنعام ال ليلل 1 لب ة أم المؤمنين أنظرينى» ولا تعجلينى ألم يقل الله تعالى: «ولقد رآه بالأفي المبين 49 [التكوير] #ولقد رآه نزلّة أخرئ 4625 [النجم] فقالت: أنا أول هذه الآمة سأل عن ذلك رسول الله كك إنما هو جبريل لم يره على صورته التى تخلق الله عليها غير هاتين المرتين. . فقالت: أو لم تسمع أن الله عز وجل يقول: جلا ركه الأبصار وهو يدرك الأْصارَ وهر الأطيف الْخبير» أو لم تسمع أن الله عز وجل يقول: ظوَمًا كان لبنشر أن يُكَلَمهُ اللَهُ إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يُرسل رسُولاً .. 420 [الشورى] قالت: ومن زعم أذ رسول الله ل قد كلتم شيئا من كناب الل فقد أعظم الفرية» والله تعالى يقول: فيا أَيهَا الرّسول بِلَغ ما أنزل إِلَيك من رَبك وإن ْم تفعل فَما بلَعْتَ رسالته . .. 69 #4 [المائدة] . قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون فى غد فقد أعظم الفرية» والله تعالى يقول: طقل لا يعلَمِ من في السّموات والأرضٍ الْعيْب إلا اللّه ... 69 # [النمل] . هذا بالنسبة لرؤية الله تعالى فى الدنياء وأما فى الآخرة فالأمر فيها إلى الله تعالى» وهو على كل شىء قدير. 1 لا تفسير سورة الأنعام ني 10100101100 122111111111111( بل البينات لا يدركها الجاحدون به رس سس سس 7 بور كم ص فلئفسه ل صرحت ره قد جاء ثم بصاير رمن رد وكَمن تبر نفس وَمَنْعىَ سس خأسر سكاس َ ل هه ف َعليهَاومأتا يحفيظ 19 تلك هر لذبت وليفولواد رست ولنيكئه. يمور 2 آَم ييا السك ايلم 1 عل ل رم 2 مَاجَعَْتَكَ عَلَيهمَ بعد أن ذكر الله تعالى أنه خالق كل شىء ووجه الأنظار إلى تصريف الله تعالى فى الكون مما ذكر الله تعالى فى الآيات السابقة بقة»ء ووجه الأنظار إلى ما فيها من دلائل على أنه وحده هو الخالق» وأنه ليس كمثله شىء وأنه وحده المستحق للعبادة - قرر أن هذه آيات تبصر ذوى العقول الواعية» والقلوب الخاشعة المبصرة فقال تعالى: «قّد جاءكم بصائر» والبصائر جمع بصيرة» والبصائر هنا هى الآيات التى ساقها الله تعالى مبصرة للمدارك هادية للقلوب» وهى التى بسببها يدرك أهل البصر النفسى الذى لا غشاوة عليه» وعلى ذلك يكون فى الكلام مجازء إما أن نقول فيه: إنه شبه سبحانه وتعالى الآيات التى تبين الحق بالبصائر التتى تدركه وتعرفه» وتستبينه» وجامع التشبيه أنها تبين بنفسهاء كما تدرك البصيرة الحق بفطرتهاء أو نقول: إن الآيات سبب لنور البصائر» فأطلق المسبب وأريد السبب» وهو آيات الله تعالى فى الكون وفى أنفسنا وفيما يحيط بناء وما نراه من توالد الأحياء بعضها من بعض بقدرته تعالى . وإن هذه الآيات علامات الحق ودلالاته» فمن أدركها فقد نجاء ومن لم يدركها فقد بغى على نفسه وأضلها؛ ولذا قال تعالى: «فمن أبصر فلنفسه ومن عمى ناا تفسير سورة الانعام : لل 2 لأس زا فعَليَْا وما أنا يكم بحفيظ» الإبصار هنا ليس هو النظر الحسى» إنما هو الإدراك الحقيقى» الذى يدرك معنى الآيات وما تدل عليه» فهو المجاز الذى يشبه فيه الإدراك والخضوع للحق البين بإبصار الأمور الحسية التى ترى بالأعين من حيث وضوح الدلالات فى كل» بل إن دلالات الآيات على ما تدل عليه أقوى وكذلك قوله تعالى: #ومن عمى فَعليها4 فشبه سبحانه الإعراض عن آيات الله تعالى» يمن عمى فلا يبصر: وأضاف الله سبحانه البصائر إلى الذات العلية بلفظ (ربكم) للإشارة إلى أنه صاحب النعم المتوالية عليهم التى توجب شكرهاء والإيمان بهاء وتبصر ما تدعو إليه الآيات. وقوله تعالى: «ومًا أنا عليكم بحفيظ» ظاهر ذلك أنه من النبى كيد ولم يكن ثمة حاجة إلى أن يقول الله تعالى لنبيه: قل: «وما أنا عليكم بحفيظ»؛ ؟؛ لآن الكلام منزل من عند الله تعالى» والنبى يَكِّ يخاطب به العرب» والقرينة دالة على أن ذلك من النبى يكو لقومه الذى هو رعوف بهم ولكنه ليس بحفيظ عليهم» ثم إن هذا النص السامى» وهو «ومًا أنا عليكم بحفيظ» هو كالنتيجة النطقية لقو تعالى : فسن أبصر فنفسه رمن عبى فطليها» أى فالتيعة عليكم : كما شاى اس سوس بوكيل, 2 ايونس . يقول تعالى حكاية عن قول النبى كل كما أمره ربه: وما أنا علَيكُم بحفيظ» قدم الجار والمجرور؛ لأن نفوسهم ستهمهم؛ ولذلك قدم خطابهم على الوصف» وقد أكد سبحانه التفى بالباء» وأكده بالجملة الاسمية» والمعنى وما أنا بحفيظ عليكم من أن تتدلوا فى العذاب بإنكاركم بآيات ربكم» وكفركم بالله بعد أن بدت الدلائل القاطعة» والأدلة البينة» الواضحة» كما قال تعالى: «ويقول الذي كفو ول أنزل عليه ةين وه ما أنت منذر ولك قو عاد 0 6 [الرعد] ولقوله تعالى: 9 وما أنت بهادى العمى عن ضّلالّتهم .. 69+ [النمل] فلا مسكولية على الرسول فى ضلالهم . 1 لا تفسسير سورة الأنعام م الل 1 1 1 1 1 1 1 222101101111ض لحر د صرف سبحانه وتعالى الآيات الكونية» وصرف سبحانه وتعالى الآيات فى كتابه تعالى فى معانيها وفى مبانيها فمرة يكون بالأمر أو النهى أو الاستفهام» والبيان أحيانا بالإيجاز الممجزء وأحيانا بالإطناب المفصل» فى نسق يعلو عن البشرء وذلك ليعلموا مقدار الإعجازء وليستبينوا الحق من عباراته الساميةء وتوجيهاته الهادية؛ ولكن كذبوا عليه وافترواء وقالوا علَّمه إنسان؛ ولذا قال تعالى: «وكذلك نصرّف الآيات4 (الآيات) هنا فيما يظهر لنا؛ الآيات القرآنية: والتشبيه فى قوله تعالى: إوكذلك نصرّف» أى مثل هذا التصريف فى ذكر الآيات فى الخلق والتكوين وتوليد الأحياء» وبيان الوحدانية بأدلتها من خلق الله تعالى» كذلك التصريف فى الآيات الدالة على التوحيد - نصرف فى الآيات القرآنية» من إيجاز وإطناب» واستفهام وإنكار» وتوكيد للقول» وإرسال فى البيان وغير ذلك» ليدركوا مقام القرآن» وقال تعالى: #وليقولوا درسّت4 وفى قراءة (دارست)» الواو فى قوله تعالى: #وليقولُوا درست4 معطوفة على فعل محذوف يؤخذ من سياق القول» كأن يكون التقدير أو كذلك نصرف الآيات لتصلوا إلى ما فيها من إعنجاز إن كنتم تعقلون. وليقولوا دارست غيرك أو درست ذلك على غيرك» فقد كان الكافرون يدعون ذلك» واللام هنا ليست للتعليل» ولكنها لام يسمونها لام العاقبة» أى لتكون العاقبة عند الكافرين أن يقولوا دارستها مع أهل الكتاب أو درست عليهم وأعانوك؛ وهذا كما جاء فى آيات كثيرة عن افترائهم »كقوله تعالى عنهم : ( قال لذبن كقروا إذ هذا إا فك قرا وال عليه ماخرو ققد جا ظَلما وزورا 0 4 [الفرقان]» وقوله: «وقَالوا أساطير الأولين اكْسبها فهِى تملئ عليه بكْرة وأصيلاً (2) 4 [الفرقان] وقال الله تعالى : : « ولقد تعلم أَنْهم يقولون إِنّمَا يعلَمَه بشر سان اأذى يدود ليه أعْجمِى وهذا سان عربئ مين 0 4 [النحل] . . وقرئ 000 (درسّت) بفتحتين .2 ومعناها مضت وتكررت» كقولهم: سمعنا هذا من قبل . وإن الله تعالى أمر نبيه أن يعرض عن المشركين» وإنه يعتبر بحقا حقائو ثق القرآن المؤمنون؛ ولذا قال تعالى: «ولنبيته لقوم يعلمون» . واللام هنا للتعليل أى نبين لمن ها تفسير سورة الأنعام لال 0 الاك ر» يي ينتفعون بعلمه وعظاته وبيناته» وإن نفع هؤلاء لمؤكد به يوجب بيانه» فمهما يضل الضالون الجاحدونء» فإن القرآنٍ لا يزيدهم إلا خساراء أما المؤمنون فهو شفاء وهداية» كما قال تعالى: ( ونتَزّل من الْقَرآن ما هو شقاء ورحمة لَلمؤمنين ولا يزيد الظّالمين ! إِلذّ خسار 692 4 [الإسراء]. ش وقوله «لقوم يَعلَمون» أى لقوم يعلمون علما متجددا بنزول القرآن فهو يزيدهم علما كما يزيد غيرهم خسارا. إن الأدلة على صدق دعوة النبى كي قائمة لا يمارى فيها إلا جحودء وآيات الله تعالى هى البصائر لمن عنده قلب يذعن للحق إذا تبين» وقد قامت دالة على وحدانيته» وإذا كان الجاحدون ينكرون دلالات الوحدانية فى العبادة» فلا تلتفت إليهم» وامض لا أمرك الله تعالى؛ ولذا قال تعالى: انع ما أوحى إلَيِك من رَبك4 الأمر للنبى يل ابتداء» ولمن اتبعه فى الغاية والمآل» اتبع أيها النبى ما أوحى إليك» وهو القرآن؛ لأنه رأس ما أوحى الله به إلى نبيه الأمين» وعبر بالموصول «ما» دون ذكر الاسم الشريف» لبيان سبب الاتباع» وحقيقة القرآن» وهو أنه وحى من الله تعالى» فاتباعه هو اتباع الله تعالى» وشرف القرآن بشرف من أنزله» فقد التقى فيه شرفان جليلان: أولهما- شرف ذاتى وهو أنه الكتاب الكامل الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهء وأنه المعجز الذى لا يستطيع أحد أن يأتى بمثله» وأنه النبوة فمن حفظه فقد حفظ النبوة بين جنبيه . انيهما- شرف إضافى» وهو أنه الكتاب الوحيد الذى ينسب إليه» وإذا كانت سبقته كتب أخرى فهو جامعهاء وهو سجل النبوات قبله» فيه الشرائع السماوية كلها من غير تفريط فى واحدة منها. وقوله تعالى: #من ربْك» تقوية للاتباع بأنه من الله ذى الجلال والإكرام الذى رب هذا الوجود ونماه وعلمه وكونه» فهو أوحى إليك من ربك الذى يعرف ما يشتمل على مصالح العباد فى معاشهم ومعادهم» فى حياتهم الدنياء وفيما يوصل إلى الآخرة. إل( تفسيرسورة الأنعام م ل 000 لسرب راد واتباع ما أوحى إلى النبى كله يكون باتباع ما يدعو إليه من وحدانية الله تعالى التى هى ملاك الأمر كله واتباع أوامره ونواهيهء والإيمان بأنه يحل الطيبات» ويحرم الخبائث» وأن ما أحله تعالى فيه الخير والنفع العام والمصلحة فى الدنيا والآخرة» وما يحرمه هو الفساد» ويؤدى إلى الهوان فى الدنيا والآخرة. وقرن الله تعالى الأمر باتباع ما أوحى إلى النبى يَكهُ بقوله: «وأعرض عن المشركين» ومعنى الإعراض عنهم ليس هو السكوت عن دعوة الحق بينهم والإصرار عليهاء فإن قوله تعالى: ف( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن الْمُشْرِكين 69 4 [الحجر] وإنما معنى الإعراض أن يعرض عن سخريتهم بالضعفاء من المؤمنين» والجحود الذى يدأبون عليه وادعاء الأباطيل عليه من أنه علمه بشرهء أو أنه دارسه مع أحدء ويعرض عن إلحاحهم فى النكران» يعرض عن كل هذا ويمضى فى دعوته» ولا يهمه لغو اللاغين وعبث العابثين وخوض الخائفضين الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهواء يعرض عن هؤلاء المشركين الذين اندفعوا فى ذلك بسبب شركهم. ظ وإن ذلك الإعراض عنهم؛ لأنك دعوتهم وتدعوهم» ولست مسئولا عن إيمانهم» ولا معاقبا على كفرهم ظإِنمَا أنت منذر وَلكُلَ قَوْم هَاد 90 4 [الرعد] وإن إشراكهم بتقدير الله تعالى وبعلمه» وإنهم ساروا فى طريقهم إلى الشرك» وسهلوا سبيلهم إليه؛ ولو شاء سبحانه ما مكنهم من الشرك» ولكن لأن الله تعالى خلق الإنسان» وأعطاه قدرة يرى بها الخير والشر كما قال تعالى: ل وتبلوكم بالشّر وَالْخَير فش © »4 [الأنبياء] لهذا الاختيار الذى ركبه الله تعالى فى نفوسهم من خروج على سلطانه تركهم فى غيهم يعمهون؛ لأنهم سلكوا طريقا واختاروه. «إولو شاء الله ما أشركُوا» أى لو كانت مشيئة الله تعالى تعلقت بعدم شركهم ما أشركوا وما كانوا مشركين» وإذا كان ذلك قدر الله تعالى الذى قدرهء وتدبيره الذى دبره» ودخلوا الشرك باختيارهم فأعرض عن أذاهم وسخريتهم» واتجه إلى الدعوة» واستمر فيها مع ملاحظة أنك لست كفيلا بإيمانهم» إنما أنت منذر. لل للك يي سرب أ وقد أكد الله سبحانه وتعالى أن لنبى ليس مسثولا عن كفرهم؛ ولا مطالبا بإيمانهم» إنما هو منذر ومبشرء فقال تعالى : وما جعَاك يهم حفط وما أنت عله بوكيل» . وما جعلناك حفيظا عليهم بمنعهم من الشرك ودفعهم إلى الإيمان» و(حفيظ) صيغة مبالغة من حفظ» أى ما جعلناك (حارسا) على إيمانهم تمنعهم من الخروج منهء وتحملهم على الدخول فيه» وقدم (عليهم) بيانا لاهتمامه بشأنهم بمقتضى الحراسة الحافظة» التى نفاها الله تعالى عنهء فالله تعالى لم يجعله كذلك» ولكن جعله فقط مبشرا ونذيراء وهاديا بإذنه وسراجا منيراء وقد أكد سبحانه وتعالى عدم مسئولية النبى و بقوله : وما أنت عليهم بوكيل» أى ما أنت قد فوض أمرمم اه إليك بتوكيل , وكلته دير أمرهم , يتجهم لى حيث تريد | إنما أنت منذر» [القصص]. والله تعالى هو الذى ينظم علاقة الرسول بمن بعث إليهم وهى الدعوة» فمن أجاب فقد أحسن» ومن أعرض عن ذكر الله تعالى فقد طغى وكفر»ء وليس على الرسول تبعة كفرهم» والله تعالى هو المجازى. النهى عن سب الآلهة: وقاعدة سد الذرائع لح لير سس و مي مسور بر ووس سح سأ يل نمن دون الله فيسموا الله عد يوك ريت اا تفسير سورة الأنعام 0 مالكلا اال 0 ١١ لكا‎ يي إولا تسبوا الَذِينَ يدعون من دون للد . نهى الله تعالى عن سب الأوثان والأصنام» وكل ما كانوا يعبدون من دون الله تعالى» حتى لا يسبوا الله تعالى عدوانا وظلما واعتداء على الحق بجهل وبغير علم وإدراك سليم؛ إذ سووا بين الله تعالى وآلهتهم » فالفاء فاء السيبية أى بسبب سب المؤمنين الحق لأصنامهم» يسبون الله تعالى ظلما وجهل بغير الحق» وعبر عن أصنامهم بالموصول الذى يكون للعاقلين بقوله: «الّذينَ يدعون» جريا على زعمهم من أن لهم فكرا وعقلا وإن كانوا لا يعقلون. وهنا نسأل عن معنى السب أهو الشة أم مجرد ذكرهم بأنهم لا يضرون ولا ينفعون» وأنها أحجار لا تضر ولا تنفع» لا يمكن أن تكون من السب أن يقال إنهم لا يضرون ولا ينفعون. فقد ذكر فى القرآن كثيرا أنهم لا يضرون ولا ينفعون» فقد قال تعالى: «قل أندعو من دون اللَهمَا لا يعن ولا يَضرنًا 9 » [الأنعام] وحكى الله تعالى عن خليله إبراهيم أنه قال لأبيه : يا أبت لم تعبد ما لا يُسمَع ولا ينصر ولا يغنى عنك شَيْمًا 69 © [مريم]. والقرآن الكريم المنزل من رب العالمين لا يكون فيه سب ولا شتمء وإنما يكون فيه ذكر الحقائق الثابتة التى لا مجال للريب فيها وعلى ذلك لا يمكن أن يكون وصف الأوثان بأنها لا تضر ولا تنفع سيا؛ لكنه لكى يمنع العرب من عبادتهاء لا بد من وصفها بحقيقتها ومآلهاء ولقد قال تعالى : 8 إِنَّكُم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم 62 4 [الأنبياء] . إنما السب هو شتم الأوثان مثل: «لعنها الله واقبّحت ] تكم» من غير ذكر أوصافها. ولكن قد يقال: إن المشركين عدوا ذلك سباء فقد قالوا أو قال وفدهم عن النبى يَِْةٌ لأبى طالب» لقد سفه أحلامناء وسب آلهتناء ونقول: إننا نفسر كلام الله تعالى» وما علينا أن نفسر كلامهمء فليسموا ذكر الحقيقة سبا كما يشاءون» ولكن السب ليس كما يقولون. ل للم ١‏ > ا «إفيسبوا اللّه عدوا بغير علم» أى يترتب على سب ما يدعونه من دون الله من الشتم وصف الأوثان بأنها لا تنفع ولا تضر؛ لأن القرآن الكريم وصفها بذلك الوصف والقرآن ليس فيه شتم ولا سب» وما كان النبى كَل فحاشا ولا سبابا؛ ولذلك يجب أن يفسر السب بغير ذلك» ولقد استنبط العلماء من الآية أنه يجوز ترك الحسن إذا أدى إلى معصية» وهو ما يسمى فى الفقه (اسد الذرائع» أى منع ما يؤدى إلى الفساد اتقاء إليه» ولو كان فى ذاته حسناء وإنه يوازن بين الفعل وما يؤدى إليه» فإن كان الضرر الذى يؤدى أكثر من النفع الذى يكون من الأمرء قدم على جلب المنفعة). وإن ذلك أصل ثابت قد قررته هذه الآية الكريمة» وقد قال الإمسام الزمخشرى فى ذلك: (فإن قلت: سب الآلهة حق وطاعة فكيف صح النهى عنه؛ إنما يصح النهى عن المعاصى» قلت: رب طاعة علم' أنها تكون مفسدة» فتخرج عن أن تكون طاعة فيجب النهى عنها؛ لأنها معصية» لا لأنها طاعة» كالنهى عن المنكرء وهو من أجل الطاعات» فإذا علم أنه يؤدى إلى زيادة الشرء انقلب إلى معصية ) ووجب النهى عن ذلك» كما يجب النهى عن المتكر» فإن قلت:فقد قال الحسن: لو تركنا الطاعة لأجل المعصية لأسرع ذلك فى دينناء» قلت: ليس هذا مما نحن بصلده أن حضور الحنازة طاعة وليس سبب لحضور النساء » فإنهن وقد كان كلام الحسن ردا على ابن سيرين إذ امتنع عن السير فى الجحنازة؛ لآن فيها النساء. ويلاحظ على كلام الزمخشرى أنه عد سب الآلهة طاعة» كأن الدين أمرنا بسب الآلهة!! إن القرآن ومحمدا يَكَِةِ لم يأمرانا بسب قطء وقد قلنا إن وصف تفسيرسورة الأنعام ان لكالل ااا 1 14 لحمل بمو لي الآلهة بأنها لا تنفع ولا تضر ليس سباء ولا يمنع أن يقال بيانا للحقائق» وإبعادا لهم عن عبادتهاء وليس سبا منهيا عنه» ولو أدى إلى قول القبيح» إنما النهى عن سب الأوثان؟ لأنها ليست هى العاصية» ولا يؤدى إليه السب . ومهما يكن تعليقنا على قول الإمام الزمخشرى فإن مسألة سد الذرائع ثابتة» والآية الكريمة توحى إليها وتحث عليهاء وإنه من المقررات ما يفضى إلى المعصية يعد معصية» ولو كان أصلها مباحا. أى كذلك الذى نراه من اندفاع المشركين إلى سب الله تعالى» وهو العلى الحكيم؛ إذا كان السب لآلهتهم كذلك الأمر زيّن الله تعالى بمقتضى سنته فى الأحياء أن فى كل أمة أى طائفة من يَحَسّن لها عملهاء حتى تظنه الحق وما هو إلا الباطل الصراح» ومن زين له سوء عمله فظنه حسناء فإن عليه مغبته؛ وعليه تبعة ذلك الظن الفاسد وذلك العمل الظالم» وتزيين الله تعالى لكم ذلك سنة الله تعالى فى خلقه. ليس مؤداه أنه يبرره» ويرضى عنه» فإن بيان الله تعالى هنا هو بيان لسنة الوجودء وليس ذكر للعقاب والثواب» والتكليف» وإنه مختار فيما يفعل ومرده إلى الله تعالى فى العقاب والثواب؛ ولذا قال تعالى: لثم إلى بهم مُرجعهم فَينُهُم بما كانوا يَعملُونَ» . أى أنه إذا كان قد زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا فى الدنياء فإنهم راجعون إلى ربهم يوم القيامة» والتعبير ب «ثم» للدلالة على البعد الزمانى فى نظرهم» والبعد بين ما زين لهم من الشرء وما يستقبلهم من جزاء؛ وفاقا لما عملوا من شرء وقوله تعالى: إلى ربُهم مُرجعهم» فيه تقديم الجار والمجرور على ربهم» للدلالة على الاختصاصء أى المرجع إلى الله وحده. وهو الذى يتولى جزاءهم على ما قدموا من شرء والتعبير ب (ربهم) إشارة إلى كفرهم بالنعم التى أؤلاهم؛ 5-7 تفسير سورة الأنعام اللا ا سب د إذ إنه هو الذى خلقهم ورباهم ونماهم وأمدهم بآلائه من وقت أن كانوا أجنّة فى بطون أمهاتهم إلى أن رمسوا('» فى قبورهم. النبا: الخبر الخطيرء ينبئهم أى يخبرهم بما كانوا يعملون» وهو إنباء مقترت بالجزاء» فهو إنباء بأعمالهم وجزائهاء فيجرون ما كانوا يعملون» أى أن الجزاء موافق للعمل» وأعدل العدل أن يكون العقاب مأخوذا من الجريمة نفسهاء والله يتولى المحسنين . الكافرالجاحد لا يؤمن بمعجزة 2 مي ساس م 2 ا لمم وأصَسم وأ جَهد أتملدوم لين جاء هم ماية 2 رهن رتاه 001 را سه َم 1100 2 ومن م ا كلما ليت ت عنل ألله و مَاإِمعككُح نهدا رج اح إبييرء أ عو 34 7 أ حَأءَت لا دو مسو و علب فد 1 م أ َصَنرهدَكمَالد وء عو -- وف 0 سح سا ور 0 3 َومِنوأ به أول مو ككف وملقكييز يتتؤر لق إن النبى كك قد جاءهم بالمعجزة الكبرى» وهى القرآن» وتحداهم أن يأتوا بسورة من مثله»ء وعجزوا عن أن يأتوا بسورة من مثله ولو مفتراه» وكان يكفى ذلك برهانًا على رسالة النبى يَكِهِ ولكنهم لم يؤمنواء وأعنتوا فى الطلب» وأرادوا آيات أخرى» فطلبوا أن ينزل عليه كتاب فى قرطاس من عند الله» ولن يؤمنوا حتى يروه» وطلبوا أن ينزل ملك من السماء مع هذا القرطاس» وهكذا من طرق الإعنات المختلفة» ولم يقدروا القرآن -المعجزة الكبرى- حق قدرهء ولم يعدوه آية كافية» وهو أقوى الآبات» وهو المناسب لشريعة حاتم النبيين ومخاطبة الأجيال إلى )١(‏ رمسوا : دفنواء ورمس الميت دفنه» والرمّس: تراب القبر. الصحاح. إإهاا تفسير سورة الأنعام تن الل 131100000000 0101# لسرب أ يوم القيامة» ووعدوا قاسمين بأشد الأيمان وأغلظها أنه لو جاءتهم آية ليؤمنن بها. م هاس يوس « وَأقْسموا باللّه جهد أَيماِهِم لتن جَاءته نهم آية لَيؤْمنن بها 4 . جهد الأيمان» روى أنه الحلف. ذلك أن العرب كانوا يعرفون الله تعالى» ويعلمون أنه الخالق» وأنه ليس كمثله شىء» ولكن يعيدون معه غيره» فإذا حلف بغير الله لم يكن هذا الحلف أشد الأيمانء فإذا حلفوا بالله كان ذلك أشد الأيمان» وهذا روى فى التفسير المأثور. وإننا نرى أن القَسم الذى يعد جهد أيمانهم هو أغلظها وأشدها أيا كانت صيغته وأيا كان المحلوف به» وإن كان القسم بالله فى ذاته هو أغلظ الأقسام وأشدهاء ولا اي سنع ف يكون خيره شليظا شديدا فى رعمهم الوثى ؛ وجهد: بمعنى الشاق وهو نائب عن مفعول مطلق محذوف(0), أو هو مصدر بمعنى اسم الفاعل» ومعناه جاهدين» وهو حال من أقسمواء واللام فى (ليؤمنن) لام جواب القسمء ونرى من هذا أنهم يؤكدوا أيمانهم إذا جاءتهم آية أى معجزة. وكأنهم لا يعتبرون ما جاءهم من معجزة قاهرة لا يعدونها أية؛ لأنهم قوم ماديون. ويريدون آية مادية كما طلبوا أن | ينزل عليهم كسفا من السماءء أو تفجر الأنهار تفجيراء ولقد قال الله لنبيه: (قل إِنّمَا الآيات عند اللّد ينزلها بحكمته وإرادته» وهو الذى يقدر مناسبتها ويقدر الهداية بهاء وهو منزلهاء فالأمر إليهء وفى ذلك إقناع وإنذار. ولكن أهم صادقون فى أيمانهم أنهم إذا جاءت الآية التى تكون على الوصف الذى طلبوه؟ إنه لا دليل من ماضيهم المتعنت أنهم يؤمنون إن جاءت؛ لآن كفرهم ليس فى نقص الدليل» ولكنه جحود ولا يزيدهم الدليل إلا شدة فى الجحودء وعتوا واستكبارا؛ ولذا قال تعالى: 0 تفسير سورة الأنعام ااال ل ه20 لحب لأ #وما يشعركم أنّهَا إذا جاءت لا يؤمنون». «يشعركم» أى يدريكم ويعلمكم علما يكون كالشعور الحسى #أنها إذا جاءت لا يؤمنون», وقرئت بفتح همزة ة (أن)» ويكون المعنى ما يدريكم أنها إذا جاءت الآية كما يطلبون لا يؤمنون» ويكون هذا إيذانا بأنهم لا يؤمنون» ولو جاءتهم هذه الآيات النى يطلبونهاء لآنهم جاحدون ابتدءوه وهم يصرون عليه فهم لا يؤمنون؛ لأن الجحود غلب عليهم فغلبت عليهم شقوتهيٍٍ وكما قال تعالى: َتنا لِك كمايا فى قرطاس فلْمَسُوه يديهم لقال اذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين 7 4 [الأنعام] . لقد سبق إليهم الجحود فاستقر فى قلوبهم» فلا يرجى إيمانهم » وهم فوق ذلك بسبب جحودهم» ومسارعتهم إليه فى قلق فكرى ونفسى دائم» يغيروت تفكيرهم حيثما كان موجب له ولكنه تغيير فى دائرة الجحود. وقرىء يكسر (إن)170) ويكون المعنى : وما يشعركم» أى وما يدريكم» ويكون على معنى الاستفهام» وما يدريكم أنهم صادقون فى عزمهمء وأنهم مريدون تحقيق أيمانهم الذين جهدوا فيهاء ثم قرر سبحانه أنهم لا يؤمنون فقال تعالت كلماته: (إنها إذا جاءت لا يؤمنون) إنهم ليس لهم عزم صادق؛ ولذا قال تعالى : «إونقلب أهدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة» . وإن الجاحد لا يكون مستقرا على قرار» ولا على نظرء بل هو مضطرب النفئس والفؤاد والنظر فهو ينظر إلى التى تلوح أماراته» فتبهره بيناته» وهو لجوج فى جحوده» فيكون متحيرا بين جحود مستكن قار ونور تبدو آياته» وهذا قريب من معنى «ونقلب أفئدتهم وأبصارهم » أى أن قلوبهم غير مستقرة وأبصارهم أى )١(‏ #إنها إذا جاءت* بكسر الهمزة» قراءة ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وخلف» وأبو بكر غير يحيى » وأبو زيد غير المفضل » والسراج عن حماد» ونصير وقتيية غير النهاوندي. غاية الاختصار. ار | تفسير سورة الانعام اح ل 257 ل جحه- ]؟ يي" مداركهم. وقد شبهت المدارك بالأبصار اللصرة» فهم متقلبون فى تفكيرهم ولا إيمان عندهم تستقر عنله القلوب» لا يفكرون ولا يتدبرون» ويستمرون على جحودهم كحالهم عندما لم يؤمنوا بالقرآن أول مرة» إذ جاءهم» أو كما كانت حالهم قبل أن يقسمواء وهذا تأكيد لآنهم لا يؤمنون بعد القسم الذى أقسموه جهد أيمانهم . وقوله تعالى: «ونقلب أفتدتهم» معطوف على (يؤمنون) كما عطف عليه (ونذرهم فى طغيانهم يعمهون». إوتذرهم فى طفيّانهم يعمهون» . أى نتركهم فى طغيانهم الظالم» وهو تمردهم على آيات الله تعالى» واقتراحهم على الله أن يأتى بآية أخرى. مما يدل على أنهم لا يريدون إيماناء إنما يريدون أن يظهروا أنهم على استعداد لقبول ما يجىء من آيات يقترحونهاء وما كانوا يريدون بذلك إلا تعلة لكفرهمء بأنهم لم يقتنعوا بالقرآن دليلاء ومهما يؤت لهم من آية لا يؤمنون بهاء إنه قد سبق جحود نظرهم وفى الأدلة المقدمة لهمء فهم قضوا بكفرء وأدلة الأيمان تقرع حسهم قرعا. «يعمهورن» معناها يترددون فى باطلهم والبينات القائمة على بطلانه» فهم يترددون متحيرين» ولا منجاة لهم إلا بإيمان صادق مذعن» وأنى يكون لهمء وقد غلب عليهم طغيانهم الظالم الأثيم» فلا سبيل لأن يصل الحق إلى نفوسهم إذ قد غلفها الجحود» فكان على قلوبهم غشاوة فلا يهتدون. # لأسا لَْالْمَكِكةَ و عَهْنوْقَ حير سيره ل 2 سه وح وله 014 وم - علوم كلق وبلا ا قبلا مَكَانوا | ردم منوا ]لا أن د أء الله ولب 0 حيرض هون جه 7 مَكَدِكَ جَعَلَمَا لل بَيَ 7 70 هاا تفسير سورة الأنعام 4 ههه : 7 1 دوع ىن .6 سلج اس لح كر عراس وو حو به نينا لاض ان نوي بعصو إل بض يحرف هه ور لقو عورا َأَوَلَوَسََ ريك ماقعلو جعفض را سام و و اذل وج ولاه ع مح ليه أَفْكِدَة أ 0-14 وود مهم مفو مار 2 هو هه 0 1000 فذرهم ومايفترورت. اموت و ارق تحت 0 أَفعَيرَانشه بعك وَهْوَالد ىرد 2 عو ا رخ 1 5 0 ا مالكب يلو ل" 211 3 008 1 17 م09 جيه 2 2د < سر 2 ختر ده + من 2 ' 5 ذكر الله سبحانه وتعالى أنهم لا يؤمنون بالآيات» ولو أقسموا جهد أيمانهم بأنهم يؤمنون إذا جاءهم ما يطلبون من آيات؛ لأنهم قد سبق جحودهم تفكيرهم» وأن أفئدتهم ومداركهم متقلبة وأنهم مترددون بسبب طغيانهم » وفى هذه الآيات يسين سبحانه أنهم لا يؤمنون إلا أن يشاء الله تعالى ولو تَرَّل إليهم الملائكة وكلمهم الموتى» وحشر عليهم كل شىء. «ولر آنا تنا ْم المَلائكة وكلَمهُم الموتئ وَحَشرنا عليه كل شىء قبلا» . إن هؤلاء لا يؤمنون» ولو جاءتهم كل آية. فليس هناك حاجة إلى دليل فوق ما تقدم من أدلة» فإنه لا ينقصهم الدليل» ولكن ينقصهم القلب المؤمن الذى يذعن» وقد كتب الله تعالى عليهم الجحود؛ لأآنهم لا يؤمنون» ولو أننا أجبناهم إلى كل ما طلبوا على أقصى مده - ما أجابوا إلى الإيمان إلا أن يشاء اللهء فيقول الله تعالى العليم بالنفوس ظولَوَ أَنَنَا نَزْلنَا يهم الملائكة4 وقد طلبوا أن لها تفسير سورة الأنعام ضنض اللا ل 1 1 1 #00525211*#*ظ2#ظ2”2 يكون من يبلغهم ملك من الملائكة ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة- والتعبير ب اتَرْلَنا يشير يشير إلى أنه لو نزل إليهم الملائكة ملكا بعد ملك؛ لكى يؤمنواء وقد طلبوا ذلك. وكلمهم الموتى من قبورهم أو خرجوا من القبور ليِدلُوا بالفعل على البعث الذى أنكروه: ولو حشر عليهم كل شىء قبلا أى قبيل بعد قبيل» كما فسر مجاهد عن ابن عياس » لأن قبلاً جمع قبيل. وقرئ قبلا بكسر القاف(2 بمعنى مقابلة» أى عاينوهم معاينة وقابلوهم مقابلة» ويصح الجمع بين القراءتين بأن يكون المعنى » وجمعنا كل شىء من المعجزات والناس المبعوثين وعاينوهم جماعة بعد جماعة ورأوهم بالعيان والمقابلة - لو كان ذلك ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله» وقوله تعالى: «إمًا كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء اللّه4 معناها ما كان من شأنهم أن يؤمنوا إلا أن يكون تعالى شاء ذلك» فكل شىء بعمشيئته سبحانه وتعالى. وإن هذا النص السامى يفيد أنهم بجحودهم وإصرارهم عليه» وإنكارهم للمعجزات لو سيقت لهم لن يؤمنوا؛ لأن الله تعالى لم يشأ لهم الإيمانء فكتب عليهم الضلال لسوء ما يفعلون. ويجحدون» وتدل فى سياقها على أنه لا جدوى عندهم فى تكاثر الآدلة وما عندهم يكفى لقوم يؤمنون. وقال تعالى: #ولكن أكثرهم يُجهلون» (لكن) للاستدراك عما يقتضيه السياق من أنهم يطلبون ويؤكدون أنه إذا جاءتهم آية يؤمنون» فيبين أنهم بجحودهم لم يشا لهم الإيمان فلا يجدى دليل» فهو استدراك على ما زعموا من أن كفرهم لنقص الآيات» وينسون مشيئة الله تعالى التى كانت الجحودهم وهى أنهم لا يؤمنونء وإن ذلك بجهلهم أن الله قد كتب عليهم الكفر بسبب جحودهم» ويجهلون أن ما عندهم من دليل وبينات فيها ما يوجب الإيمان» وهذا معلى )2 إولكن أكثرهم يجهلون» الحقء ولا يذعنون له ولا يرضون به وأن الله )١(‏ #إقبلا» بكسر القاف وفتح الباءء قراءة نافع وأبو جعفر يزيد بن القعقاع وابن ن عامرء »2 وقرأ حمز والكسائى وخلف بالضم فيهما #قبلا. غاية الاختصار (85-0). 1 نا تفسير سورة الأنعام لل يو لس أ تعالى قد كتب على أكثرهم الكفرء وأنهم لا يؤمنون» والتعبير بالمضارع يفيد استمرار جهلهم» وتجدده آنا بعد آن. وإن هؤلاء المعاندين قد نصبوا أنفسهم لعداوة النبى يلكو ومقاومة دعوته. وهم وأشباههم من أعداء النبيين الذين قاوموا الدعوة؛ ولذا قال تعالى: #وكذلك ذا لك عا اطي الإ واجر». إن النبى يلك كان يصابر المشركين ويتحمل أذاهم هو وأصحابه» ويتحمل معاندتهم لهء لا يرضون القرآن دليلا على نبوته» وقد عجزوا عن أن يأتوا بمثله أو بعضههء وأقروا صاغرين بعجزهم. ولكن لم يمتنعوا هم عن معاداته بالباطل متخذين كل ذريعة سبيلا لباطلهم . والله تعالى يقبت فؤاد النبى كَلكِْةِ بأن ذلك كان للنبيين من قبله» وكان مألوفاء وهو سنة الله تعالى فى رسالاته فقال تعالى: ©كَذَلِك جَعْلنا لكل نبىٍ عَدوَا» أى كذلك الذى تراه من عداوة نفر من المشركين ولجاجتهم فى العداوة» حتى لا يتركوا بابا من أبواب الكيد إلا سلكوه» ولا مسلكا من مسالك الإعنات إلا اتخذوهء كذلك جعلنا لكل نبى عدوا من شياطين الإنسان والجن» وشياطين الإنس هم أولئك الذين ناصبوك العداوة» وشياطين الجن هم أعوان إبليس الذين يوسوسون» ويأمرون بالسوء والفحشاء ويسولون كل قبيح» ويزينونه. ويسمونه بغير اسمه» فهؤلاء يدفعون النفس الأمارة بالسوء» وأولئك يستجيبون لهمء ويفترون بوسوستهم» ولذلك قال تعالى: إيوحي» الوحى: الخطاب المخفى أو لتوجه الحفى» كما قال الله تعالى: وأو رك إلى الل أن اخدى من اجبال يونا ومن الشّجر ومما يعرشون 42 [النحل]. فالوحى هنا هو التوجيه الخفى الذى يوسوس فى الناس فيلقى فى نفوسهم بتغريرهم» بزخرف القولء فيوهم بأن الكفر إكرام للآباء» وأن تقليدهم تعصب لهمء وأن الانطلاق من كل القيود الخلقية مروءة» وأن المعاندة هداية» وأن إهمال حكم العقل هو الاتباعء وهذا معنى قوله: يوحي بعضهم إِلَى بعض زخرف القول ا تفسير سورة الانعام ااال نا تالالا ضا اتات لاكاالااااللللناا[ اناك االلاااااللاللاللاااالالااماملماممممممالالااااا الل الااللالاااا لالخ ط لالط للا لالط سسا تاللا لسر از غرورا4» أى يلقى فى نفوسهم تحسين الباطل بأقوال باطلة» ولكنها مزخرفة بزخرف يكون غرورا للنفس الضالة» فتتدلى به. وهكذا يجىء تضليل النفوس فى الآحاد والجماعات بزخرف القول» فتسمى الحقائق بغير أسمائها فيسمى الجحود طلبا للدليل» ويسمى الشجاعة فى الحق تهوراء ويسمى الإفساد حرية» ويسمى الاستبداد شورىء والشورى طغياناء ولذلك كان بعض الحكماء يرى أن إصلاح الأخلاق يكون أولا بتصحيح الألفاظع وإن هذه العداوة للأنبياء من شياطين الإنس والجن بإرادة الله تعالى» ولذا قال: «ولو شاء ربك ما فَعلُوه» . أى إن هذه إرادة الله تعالى اختياراء وليبلغ النبيون أعلى مراتب الإنسانية بجهادهم فى الدعوة إلى الله وقوله تعالى: #ولو شاء ربك ما فُعلوه©. معناه لو أراد الله تعالى ما فعلوه؛ أى شياطين الإنس والجن» ولكنهم فعلوه ه ليكون التنازع بين الخير والشرء اولأن الله تعالى مكن لإبليس الذى قال: « لأغريتهم أجمعين © إلا عبادك مهم المُخْلَصِينَ © »4 [ص] ولو أراد الله ما تمكن» ولو شاء الله تعالى ما خخلقه. وإذا كان ذلك أمرا ثابتا بالنسبة للنبيين أجمعين 2 فتقبله وأعرض علهم 34 ولا تأس على القوم الفاسقين؛ ولذلك قال تعالى: #فذرهم وما يفترون» أى فاتركهم وأكاذيبهم من إنكارهم حجية القرآن» ودلالته على النبوة» وافتراءهم على أنفسهم بحلفهم أنهم يؤمنون لو جاءتهم» وافتراءهم عليك من أنك تعيب أحلامهم»؛ وتسفه آباءهم , وأنت تنطق بالحق وترشدهم وتهديهم سواء السبيل . وقوله تعالى: #فذرهم ومايفترون», (الواو) واو المعية» و(ما) اسم موصول» أى أعرض عنهم واتركهم هم وما يفترونه, هذه هى النتيجة بالنسبة للنبى عله وهى أن يتركهم فى غيهم يتحيرون؛» أما النتيجة بالنسبة لهم ولأمثالهم فقد ذكرها الله تعالى بقوله تعالى: 1-1 تفسير سورة الأنعام ا 1 لسرب ا «(ولتصغئ إليْه أفندة دين لا يؤنون بالآخرة» . (الواو) هنا عاطفة على نتيجة الجملة السابقة؛ لأن نتيجة يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا أن يفتروا» فكان العطف عليه «ولتصغى ليه أقدة الْذين لا يمون بالآخرة4 فالإغواء بز خرف القول غرهم فأفسدهم وأفسد من هم على شاكلتهم» وهم الذين لا يؤمنون بالآخرة» وتصغى معناها تميل» أى تميل قلوب أولتك الذين لا يؤمنون بالآخرة» ولم يقل الجاحدون بالآيات» بل ذكر الذين لا يؤمنون بالآخرة؛ ليشير إلى سبب الكفر وهو عدم الإيمان بالآحرة» ذلك أن الإيمان بالآخرة مقياس الإيمان» وهو ما يفصل قلب المؤمن عن قلب الكافر» فقلب الكافر لا يتسع إلا لما هو مادى محسوسء ولا ينظر إلى ما هو مغيب مستورء فهو لا يؤمن بأن وراء الحياة التى يعيشها حياة أخرى فيها جزاء ما يكون فى هذه الحياة؛ ولذلك كان من أوصاف المنقين كما قال تعالى: ظالّذِينَ يؤنون بالغيب ... 4020 [البقرة] فالإيمان بالغيب إيمان بسر الوجود وغايته ونهايته» وإنه لا نهاية لها بالقبور» أما الكافرون الجاحدون فيقولون كما حكى القرآن إن هى إل حيَائَا الديًا نموت ونحيًا وما تحن بمبعوثين 4059 [المؤمنون] . ف( وليرضوة ويروا ما هم مقترفون 4 . ليميل أولئك الذين لا يؤمنون بالآخرة إلى زخرف الشيطان» وتغرير بالغرور» يحسبون أنه الغاية فهو سبيلهم وإذا رضوه عملوا بمقتضاه» وارتكبوا من الآثام ما هو غايته ونهايتهمء وهذا معنى قوله: لوَليَقَعَرقُوا ماهم مُقَعَرفُون»4 والاقتراف معناه الاكتساب» وهو أكشر ما يكون فى اكتساب ما لا يحس وما ليس بخير» وأصل مادة «قرف» أن يقول ما ليس بحق يقال قرفتين إذا رميتنى ما ليس فِى» فهو فى القول الرمى بالباطل» وفى الأفعال اكتساب ما فيه إثم أو ما تكون عاقبته إثم . إلا تفسبير سورة الأنعام لحي 111111101010000 1[ 1 1 1 1 1 1 *#ظ2ظ*ظ2”/ سس ا وإن هذا النص الكريم يبين كيف يبتدئ الشر فى النفس: فهو يبتدئ أولا: بالميل إليه واستحسانه» وكما يقول الدارسون للنفس الإنسانية: أول الشر استحسانه. وثانيا: بالرضا به خلقا وقولاء فالرضا أغلى من الميل المجرد فى مراتب الإدراك النفسى» والقلبى. وثالثا: بالعمل على مقتضى ما مال إليه وارتضاه؛ ولذا خستم الآية بقوله جل كلامه عن الشبيه والمسائل؛ «وليقترفوا ما هم مَُتَرِقُونَ)4 أى ليرتكبوا من المعاصى ما شاءوا أن يرتكبوا حتى يكون اقتراف المساصى وصفا ملازما لهم لا يفترقون وهناك بقراءة اللام بالسكون فى قوله تعالى «وليقترفُوا» ويكون الأمر للتهديد» والإشارة إلى فساد طواياتهم» كأنه وراء الرضا الارتكاب» فليرتكبواء كقوله عله : «إذا لم تستح فاصنع ما شئت)21(0 كأنه لا حاجز بين الإنسان والشر إلا الرضا به» فإذا رضى فقد زال وفتح باب الشر فليلج فيه. وهذا يدل على التهديد والإنذار ببلوغ نهاية الشرء والوصول إلى غايته» فليفعل ما يشاء والعاقبة والمآل إلى الله» وهو يستقبلهم بعذاب جهنم وبئس المصير. إن الكافرين يريدون آية غير القرآن» والله تعالى هو الذى اختار القرآن آيته الكبرى ومعجزته الخالدة الباقية فإذا كان يستمع إليهم» فقد اختارهم حكاما على آية الله تعالى التى اختارء وذلك أمر منكر لا يرضاه مؤمن» ولا يرضاه محمد ككِ؛ ولذا قال الله تعالى على لسان نبيه الأمين: «( أفغير الل أبتَى حكما وهو الدى أنزل إِيكُم الكتاب مُقصّلا» (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وقد كان ما قبلها طلب آيات» وقسم منهم بأنها إذا جاءت ليؤمنن بهاء وكأنهم بذلك يريدون أن يجعلوا من أنفسهم حكاما على آيات الله تعالى على الآية الكبرى وهى القرآن فينكر النبى ككدٌ بأمر ربه أن يكونوا حكاما على آيات الله غير الله. )١(‏ رواه البخاري : أحاديث الأنبياء -_- حديث الغار75/8570). كما روآأه أبو داود وابن ماجه وأحمد ومالك . أما أبو داود فقد رواه بلفظ : "إذا لم تستح' . ل ل تفسير سورة الأنعام 1111لنا للا ااا !]اا الااالااناااااا ااا لاااالااااا نالل تالالا الا نالك لط الانازالتاططلنالخملط اناالا تلان الالال ااال تاللا احم تاجج-1 وقدمت همزة الاستفهام على الفاء؛ لأن الاستفهام دائما له الصدارة» و(حكما) معناها حاكم» بيد أن حكمه دائما حقا صواباء والحاكم قد يكون صوابا وربما يكون غيره» وقد يكون حقا وربما يكون غيره» والمعنق الجملى : أتقولون فى القرآن ما تقولون» وتطلبون آيات أخرى غير القرآن» وتريدون أن يكون غير الله تعالى حكماء وإنها فى هذا المقام أهواؤكم. وهنا إشارات بيانية: أولاها: أن الاستفهام إنكارى بمعنى النفى» أى لا أبتغى غير الله تعالى حكماء وقد قدم غير الله حكماء لزيد استنكار ذلك» وإنه غير معقول وغير جائز» وغير مقبول فى ذاته. الثانية: أن الابتغاء من (بغى) بمعنى طلبء. ومن موضع الاستنكار أن يرضى بغير الله حكماء» فضلا عن أن يبتغيه» ويطلبه طلبا مشددا فيه» كما يريدون أن يطلب النبى كَلئْلةّء والله تعالى هو الذى ارتضى له هذه الآية» وهى القرآن الكريم . ولذا قال تعالى على لسان النبى: وهو الّذى أنزل إليكم الكتاب مفصّلا» وهذه الجملة حالية» أى كيف أبتغى غير الله تعالى حكما فى آياته وقد أصدر حكمه» وأنزل إليكم الكتاب مفصلا مبينا معرفا بالأحكام المطلوية» والأحكام المنهية فى بلاغة» تحداكم أن تأتوا بمثلها فعجزتم عجزا مبينا. وقوله تعالى: «أنزل إِلَيكم الكتاب» أى آناكم آيته؛ الكتاب الكريم مفصلا ميينا حجة باهرة» وقد شهدت له الكتب السابقة والأنبياء السابقون؛ ولذا قال تعالى : «إوالّذين آتيناهم الكتاب يعلمون أَنّهِ متزّل مَن رَبك بالْحق» فالله سبحانه وتعالى يبين أنه كتاب مجيد يعلمه السابقون من الأنبياء» وهو كتاب أزلى أبدى.» علم أمره السابقون وسيبقى فى الخلود إلى يوم الدين» وقد إإلإذا تفسير سورة الأنعام لل 01 اا يي جاءت كتب أهل الكتاب بالشهادة له فهو معجزة أزلية ثابتة» وقد قال تعالى فى بيان ذكره فى الكتب السابقة هو ورسوله الآمين: الدين يعون الرّسول الى الأمى اذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التُوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر يحل لهم الات ويَحرم علْهِمْ اْخبائث وَيْضع عَنْهُم إِصرَهُمْ والأغْلال التى كانت عليهم 659 4 [الأعراف] فهو كتاب الخليقة الذى يشتمل على كل الحقائق الشرعية . ولقد قال تعالى رادا على أى شكوك وارتياب: فقن كست فى شلك مما زلا لِك فاسئل الْذين يقرءون الكتاب من قَبلك لَقَد جاءكَ الْحق من رَبك قلا نكو من الممترين 59 © [يونس]. وإن الشك ليس من النبى كَلِْةٌ» ولكنه شك من المشركين أداهم إليه جحود الحق وقد عرفوه ولقد قال بعد ذلك فى هذه الآية. « قلا تكونن من الممترين الامتراء: الشك» والنهى مؤكد بنون التوكيد الئقيلة» والفاء للوفصاح عن شرط مقدر فإن تقدير القول إذا علمت أنه حكم الله تعالى» وأن الكتب السابقة شاهدة على الصدقء فلا تكونن من الممترين والنهى للنبى يَكْدٌ بظاهر القول» وهو لآمته التى يدعوها إلى الإسلام» وإلى أولئك الذين تهجموا بطلب آيات أخرى» وليس النهى للنبى يلي فى الحقيقة؛ لأن النهى عن فعل يكون حيث يتوقع وقوعهء ولا يمكن أن يكون ذلك من النبى يليه لأنه الذى نزل عليه القرآن» فلا يمكن أن يكون منه امتراء إنما يكون من غيره» وإنما ذكر موجها إليه يكو لإعلاء شأن القرآن» ولبيان مكانته» وأنه فوق ارتياب المرتابين» ولأنه إذا كان النبى عَللِهِ منهيا عن الامتراء» وهو من نزل عليه القرآن فغيره أولى بالنهى. وإن نزول القرآن والتحدى به» وعجزهم عن أن يأتوا بمثله» وتقدير الله تعالى بأنه لا يؤتى بمثله قط إذ قال تعالت كلماته: قل لُئن اجتَمعْت الإنس والْجن ا تفسير سورة الأنعام ا ا الل لحي لح ا عَلَى أن يَأنُوا بمذل هذا القُرآن لا يَأنُوَ بمثله ولو كَانَ بَعْضّْهُم لبعض ظَهيرا 60 4 [الإسراء] وإذا قد نزل القرآن الآية الكبرى» فقد تمت كلمة الله فى ذلك؛ ولذا قال سبحانه : (وقئتا كلس ربك دوعا مل لكلنات» كلمة الله تعالى حكمه وتدبيره» وما قرره» كما نقول فى الكلام الجارى: قال فلان كلمته أى ما قرره وانتهى إليه فمعنى «وَتَمتَ كلمت ربك» بعد أن ذكر شأن الكتاب مقترفا بما يقترحون من آيات يسترون بها جحودهم وكفرهم فقررت وسجلتء فالقرآن هو المعجزة التى اختارها حجة للنبى يك على المشركين» ومن يجىء بعدهم من أجيال يخاطبهم القرآن الكريم إلى يوم الدين» وكما تحدى العرب يتحداهم أن يأتوا بمثله . وقوله تعالى: #وتمّت كلمت 4 قرئت بقراءة أخحرى بالجمع لا بالمفرد ب (كلمات ربك)7 وإسنادها إلى الرب فى القراءتين للدلالة على أنه سبحانه وتعالى هو الذى يعلم ما يناسب الأقوام والشرائع من معجزات النبوات» فهو يختار لكل نبى وشريعته» ما يناسبهما. وقوله تعالى: #صدقًا وعدلاً4 أى قررت كلمة الله تعالى فى القرآن حال كونه صدقا وعدلا أن كل ما فيه عن الله تعالى صدق لا ريب فيه» وما فيه من أحكام هى العدل والقسطاس المستقيم» ثم أكد الله تعالى تمام كلماته» فقال تعالت حكمته : ل مبَدَّلَ لكلماته» أى تمت وتقررت كلمة الله الصادقة فى القرآن» وأنه العدل والقسطاس ولا مبدل لكلماته» أى فإن الله تعالى لا يبدل كلماته لأنها الصدق والعدل المستقيم» ولا يمكن أن يكون هناك مبدل لكلمات الله تعالى )١(‏ #كلمت4 على الإفراد» قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف» ويعقوبء وقرأ الباقون لاا تفسير سورة الانعام ا الال 1 غيره؛ لأنه القادر على كل شىء؛ وليس فى الوجود أحد له إرادة بجوار إرادة الله سبحانه وتعالى» وليس فى قدرة مخلوق أن يغير على الله تعالى. وهو السّميع الْعليم4 وقد خشمت الآيات الكريمة بذكر الله تعالى بهذين الاسمين من أسماء الله الحسسنى وهو أنه السميع العليم بكل شىء علم من يسيع ويرى بغير كيف ولا ممائلة لعلمنا وأنه عليم علما مطلقا ختمت الآيات الخاصة بالمعجزات لتأكيد أن الله تعالى هو الذى يختار بعلمه المحيط بكل شىء ما مثله يؤمن عليه البشر لكل نبى» وهو الحكيم الخبير فيما يختارء فليس لأحد أن يختار عليه» وهو الذى يقدر كل شىءء «... وكل شيء عند بمقدار 2) عالم الْعَيْب والشهادة الكبير المتعال 00 [الرعد]. الاتباع يكون عن بينة وإن يي مياه 7 د عر 020 هت تلع أحكارمن ف الارضٍ يض أولدمَن مسي لون تونلا لظن نهم بوصو 72 إِنَّرَيّكَ هو ميض لعن سيات وَهوَاَعَلم مهكرت 09 1 إن قوة الحق ليست بكشرة من يقولونء وإنما قوته بقوة دليله» فلا تطع الآكثرين لأنهم الكثرة» بل أطعهم لقوة ما عندهم من دليل» فالآية تدعو إلى اتباع العقل والمنطق واليقين» وليس اتباع الكثرة لأنها كثرة» وقد ذكر الله تعالى عن كثرة ضلت. وقلة اهتدت» فقال تعالى مثلا لذلك: (١‏ ولد ضل قَبلَهِم أكثر الأولين 90 + ل[الصافات] وقال تعالى: 9 وما أَكْثْر الئاس ولو حرصت بِمَؤْمبينَ 69 4 [يوسف]. ل ل تفسير سورة الأنعام ل ل الل م أرب ا ولقد قال تعالى فى الآية التى نتكلم فى معناها: «إوإن طع أَكْثْرَ من فى الْأَرض يضْلُوك عن سبل اللّه» . هذه الآية تدل بجملتها وظاهر ألفاظها أن الله تعالى يقول لنبيه الأمين: إنك تضل لو أطعت من فى الأرض واتبعت كثرتهم» وإذا أريد بالآرض أرض المشركين من بلاد العرب» فالمعنى يكون محدودًا بحدود الكثرة العربية الذين كانوا فى ذلك الوقت مشركين» فإن تطع أكثرهم يضلوك عن سبيل الله تعالى؛ لأنهم مشركون والشرك ضلال» فإن أطعتهم دخلت فى ضلالهم» ويكون معنى القول نهى لمن مع النبى كله من أن يتبعوا المشركين فى ضلالهم لأنهم الأكثرون,ء فالكثرة لا تعطى الدليل قوة» ولا تتبع اليقين دائماء بل إن أقوالهم تعتمد على الظن؛ وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا؛ ولذا قال تعالى: «إإن يتبعون إلا الظّن 49 [النجم] و(إن) هنا نافية بمعنى (ما)» أى إنهم لا يتبعون إلا الظن فيظنون الأمر ظناء ثم يعتقدونه اعتقاداء كما قال تعالى عن أمثالهم: إن نظ إلا م نا وما َحن بمستَيقنين 79 » [الجائثية] وأكد هذا ببيان طريق ظنهم فقال تعالى: «وإن هم إلا يَخْرْصُونَ» والخرص مأخوذ من خرص النخل؛ ليعرف ما تحمل من بلح» فيقال: خرص النخل يخرصه إذا حزرهء ولا يمكن أن تكون نتيجة الخرص علما قطعيا تبنى عليه عقيدة» أو يؤخذ به رأى سليم فى أى أمر من الأمورء وأقصى ما ينتهى إليه ظن لا قطع فيه. فالمعنى: إن هم إلا يظنون» وإن هم فى سبيل ذلك لا يتبعون إلا الخرص الذى لا ينتهى إلى يقين قط . هذا الكلام خرجناه على أن الأرض المراد بها أرض الشرك» ويكون المقصود طاعة المشركين» ولكن الأرض لو يراد منها الأرض الواسعة أرض الله تعالى» ويكون المراد إن تطع الناس فيما يرون ويبتغون يضلوك عن سبيل الله تعالى؛ وليس الحق دائما مع الكثرة» بل قد تكون الكثرة على غير الحق» بل إنه ثبت من التحليل للعقلية الجماعية أنها لا تدرك ما يدركه المتفكر فى خاصة نفسه. وذلك هاا تفسير سورة الانعام 0 لا 121( 2 خبطل بزو بي أن الجماعات تغلب عليها العاطفة الجماهيرية» ولا يكون مجال لتمحيصهاء ولعل هذا هو ما يرمى إليه النص القرآنى فى وصف تفكير أكثر من فى الاأرض» إذ يقول سبحانه: إإن يتبعون إلا الظَن وإن هم إلا يخرصون». ومهما يكن فإن الآية الكريمة تدل على أمرين: أولهما- أن الاتباع عن غير بينة لا يجوز» بل إنه يجب النظر والبحث» ثانيهما- أن قوة الآراء ليست بكثرة معتنقيهاء وإنما بقوة ما فيها من دليل» وإنه يترتب على ذلك أن التقليد لا يجوز. وقد يقول قائل إن الكثرة تغلب فى الآراء عند الشورى» فلا يغلب رأى القلة» وإن كان معقولاء فكيف رأى الكثرة غير صحيح . الكثرة اتباعه هو الدليل على النزول على رضا الجماعة» والنبى يِه نزل على رأى الكثرة عند الشورى فى حرب أحد» ولو كان رأيه غير ذلك . إذا كان الناس يضلون فى تفكيرهم الجماعى» فلا تطعهم لأنهم يظنون ظناء والظن لا يغنى من الحق. فإن الله هو الذى يعلم من يضل» ومن يهديهء» ولذلك قال: #إإنَ ربك هو أعلم من يضل عن سبيله4. أكد الله سبحانه وتعالى أنه هو وحده الذى يعلم علما لا يدانيه علم بمن يضل عن سبيله» وهنا أمور بيانية نشير إليها: أولها- أن الله سبحانه وتعالى عبر ب #ربّك» وهو إشارة إلى كمال علمه الخاص بالأنفس؛ لأنه ربها الذى كونهاء وربها وقام عليهاء ووجهها إلى النجدين» نجد الخير ونجد الشر. - تفسير سورة الأنعام ممالل لي > ل ثانيها- أن لأَعْلّم بصيغة أفعل التفضيل» وليست على بابه؛ لأنها إذا كانت على بابه تكون موازنة بين علمه تعالى وعلم غيره: وعلم غيره لا يوزن به علم الله تعالى» إذ هو علم نسبى» وعلم الله تعالى علم إحاطة شاملة» ومعنى «ربك أعلم»» أنه سبحانه وتعالى يعلم من يضل» ومن يهتدى علما ليس فوقه علم ولا يصل إليه علم كائنا لمن كان. ثالثها- أن قوله: امن يَضْلٌ عن سَبيله4 فيه حرف جر حذف دل عليه قوله تعالى بعد ذلك «وهو أَعلّم بِالْمُهْنَدِينَ4, ف «من»: على حد تعبير النحويين منصوب بنزع الخافض . رابعا- أن قوله تعالى: «يَضْل عن سَبيله4 عبر بالمضارع للدلالة على بقائه فى الضلال مع تجددهء كلما جاء تارة يضل عنهء ويزداد إيغالا فى الضلال» ومعنى "عن سبيله»؛ أى عن طريق الهداية» والوصول إلى الحق المبين. خامسا- أن الله سبحانه وتعالى أكد علمه الذى لا يصل إليه علم؛ ب (إنَ) الدالة على التوكيد» وبالجملة الاسمية» وبضمير الفصل» الذى يدل على تأكيد الخبر. «وهو أعلم بالمهتدين» العطف على «هو) فى الجملة السابقة» وتكرر ضمير الفصل تأكيدا للإسناد» وعبر بالصفة بالنسبة لمن لم يضلواء تأكيد لهدايتهم» وأنهم بسلوكهم طريق الحق» قد أنار الله تعالى قلوبهم» فكانوا مهتدين بهدايته . الله أحل الطيبات روه م .رس عل د ع ور د سر و ابرع سء لاما كر أَسَم لَه علي نكم بَايلَومؤْينَ اس مسد 22 ل ع ع م سم ب مهد سر ع م ومالك اناصح و ًا د كرس ماله عليه وفَدٌ فصل اه 7 ر ل ال 5 ى سو قد جد سح و 4 مَاحرَمْ َلك لاما آضْطرركم إليَهِوَِنَّ كا ليضِلونَ 2 أ << سر ها تفسير سورة الانعام 6 1التلتنلنا اللا ك ااال الانالا لل الللالت لل تالالا لنام ناتللا اناالا ا تنلل تلات طاطخلل للللةانلتل لل تلط اننال لالخ نالل ناتك للتخ لالت ان ااال لما 2 7 ا 2ت سرصم مادم »ظ هدي له 1ير مج وى علس حور بأهوايهم بعَيرِعلو ريك هْوَأعَلمْ بالْمعَئَدِنَ 07 لك الث ايا وَدرأظدهرَ لإثْو وَبَاطنَهوإنَألييت يبون لام دج ره ا وه ل ب سن وروم س4 وجسر سَمِجَرُونَ يما كانوأ يفَترفُونَ 9 وَلاتأك لومم ريدق ع باغ سا م أَسْ َه َه وَإِتَهْلْفِسَقٌ وَإنَالتطيرت لون إل سا و سا هم كوبسج اس يوسم بي 0ه « 2-1و ره بيسلل يغ جم ليابوم لجند لوخم وَِنْ أطَمسموهم إن سرون 077 نهى الله تعالى عن اتباع المشركين خاصة» والجماعات من غير نظر عامة» وقد أشار سبحانه وتعالى إلى الضلال الذى كانوا يتبعونه فكانوا يأكلون ما ذبح باسم أصنامهم» وما ذيح على نصيهاء وكانوا يحرمون على أنفسهم بعض الأنعامء ويزعمون أن تحريم ذلك من الله؛ لذلك أباح الله تعالى للمؤمنين أن يأكلوا ما ذكر عليه اسم الله» وألا يأكلوا مما لم يذكر عليه اسم الله» وألا يحرموا على أنفسهم إلا ما حرم الله» فقال تعالى: لفَكلُوا مما ذكر اسم الله عه إن كسم بآياته مُؤْمنِين4. (الفاء) هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء إن كنتم قد نهيتم عن اتباع المشركين فى تحريمهم وتحليلهم» وتحريمهم بعض ما أحل الله - فكلوا ما ذكر اسم الله تعالى عليه. وقد دلت هذه الجملة السامية على أمرين: أولهما- إباحة ما ذكر اسم الله عليه تعالى عند ذبحهء فإن الذبح بإنهار الدم يكون تطهيرا له من الخبث الحسى» وذكر الله تعالى يكون تطهيرا معنويا من خبث الوثنية . ثانيهما- أن كل الأنعام مباح أكله بعد تذكيته مع ذكر اسم الله تعالى عليه فلا يحرم المؤمن شيئا مما حرمه المشركون» وإنه رد على بعض المشركين الذين ل 0 تفسير سورة الأنعام ا الل م لسر ا استباحوا الميتة» فقد روى النسائى فى سننه أن بعض المشركين قالوا: كيف نحل ذبيحة الإنسان» ولا نحل ذبيحة الله؟210 يقصدون أن الميت ذبيحة الله تعالى» وذلك غلط فاحشء» وكذب على الله» فالذبح إنهار الدم وإزالة ما يكون فيها من خبائث تضر الجسم» والميتة ليس ذبحاء وفيها بقاء الدم بخبائئه فى لخم وقال تعالى: 8 إن كنتم بآيّاته مؤمنين» أى إن المؤمن لا يتبع المشركين» ولا يحرم إلا ما حرم الله تعالى» ولا يحل إلا ما أحل الله وقول تعالى : «إن كنم بآياته مؤمنين» فيه توكيد وصفهم بالإيمان بقوله: «#كنتم4 الدالة على البقاء والاستمرار على وصف الإيمان» وأكد سبحانه وتعالى الإيمان بوصفهم به. وهنا يثار ببحث: هل تناول المباح يعد من الإيمان؟ ونقول فى الجواب عن ذلك: إن تناول المباح له جانبان» جانب التناول» وهو مباح بالجزء»؛ فيجوز للإنسان أن يأكل نوعاء وألا يأكل آخرء فيجوز أن يأكل اللحم» وأن يأكل الطير» أو يأكل السمكء» فكلها حلال طيب» ولكن لا يجوز أن يمتنع عنها جملة» فهى مباح بالجزء مطلوبة بالكل» فلا يجوز أن يمتنع عن كل المباحات» والجانب الثانى أن يحسب أن الامتناع عن بعض المباحات تعبد» كأن يمتنع عن اللحم من غير ضرورة جسمية كبعض الذين يسمون أنفسهم نباتيين» فإن هذا يكون منوعا لغير ضرورة أو حاجة؛ فإنه يدخل فى النهى فى قوله تعالى : ليا أَيُهَا الّذِين آمَنوا لا تحرموا طَيّات ما أَحَل الله لكم . .. 429 [المائدة]ء وقال تعالى مستنكرا من حرم بعض اللباس من غير نص والطيبات من الرزق» فقال تعالى: قل من حرم زينة الله الي أخرج لعباده والطَيّبات من الرزق ... © 4# [الأعراف]. ولذا قال تعالى : وما لَكُم ألا تَأكلُوا مما ذكر اسم الله عليه» . (ما) هنا للاستفهام الإنكارى» وهو بمعنى التوبيخ للمشركين إذ حرموا على آنفسهم ما لم يحرم الله من بعض الأنعام كالسائبة والبحيرة والحام؛ وذلك لأنه )١(‏ رواه النسائى : الفضسحايا - تأويل قول الله عز وجل : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه» 40 )عن أبن عباس في قوله عر وجل : ؤولا تَأَكلُوا مما لم يذكرٍ اسم اللّه عَلَيِه4 قَال: قر 6 ع نر قير وي خخاصمهم المشركون َقَالُوا : ما ديح م الله فَلا تأكلوهء وما َبَحتُم أنكم أكلتموه؟ ! #4 تفسير سورة الانعام يم ل ل 211111111111110 ١ هه‎ في إنكار للواقع» وإنكار الواقع توبيخ» والمعنى أى حجة لكم فى ألا تأكلوا ما ذكر اسم الله تعالى عليه» لا دليل» فأنتم تحرمون على أنفسكم ما أحل الله لكم» وتنسبون التحريم لله سبحانه وتعالى وذلك افتراء على الله تعالى»؛ وككذب عليه» كما قال تعالى فى هذا الشأن إذ حرموا ما حرموا مدعين أنه من عند الله: «... قل هل عددكم من علْم فَتْخْرِجُوةُ لَنَا إن تكَبعُونَ إلا ال ون أَسْمْ إلا تَخْرْصُونَ 4065 [الأنعام] . وقد فصل لَكم ما حرم عليِكم إل ما اضطررتم إِلَيْه4 أى تحرمون على أنفسكم ما أباحه الله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم. أى بينه» فإنه حرام؛ وقد ذكر تفصيل ما حرم الله تعالى؛ فيما يأتى من سورة الأنعام فقال تعالى : طقل لا أجد فى ما أوجى إلى حرم على طاعم يَطْعمَه إل أن يكُون ميم وما مُسَفوحا لحم خنزير فَِنّ رجّس أَوْ فسا أهل لعي اله به فم اصْطْر غيْر باغ ولا عاد فَإنَ ربك غَفُور رُحيم (052 4 [الأنعام] . وقوله تعالى: «وقد فصل لكم مَا حرم عليكم» فيه قراءتان متواترتان» قراءة بالبناء للفاعل بفتح الفاء والحاء('2» ويكون المعنى تحرمون عليكم بعض الأنعام التى ذكر عليها اسم الله عند ذبحهاء وأنتم تعلمون ما بينه الله من محرمات أباحها للضرورة؛ ولم يكن المنع فيها إلا فى حال الاختيار» ولا منع فيها فى حال الاضطرار. ويكون التوبيخ على أنهم علموا تحريم الله وأن ما عداه حلال» ومع ذلك حرموا ما حرموا من تلقاء أنفسهم. والمعنى على قراءة البناء للمجهول بضم الفاء والحاء2"9 يكون المعنى تحرمون ما تحرمون بغياء وقد علم بالتفصيل ما حرم عليكم» 2000 #فصل » بالفتح. ما حرم 4 بالضمء قراءة عاصم وحمزة والكسائى» غير حفص والمفضل كلاهما عن عاصم. غاية الاختصار (8557). زفق #فصّل ..حرم4 بضم الفاء والحاءء قراءة ابن عامرء وابن كثيرء وأبو عمر والمفضل. وقرأ الباقون» وهم نافع وأبو جعفر وحفص ويعقوب: «فصل . .ما حرم . المرجع السابق . و تفسير سورة الأنعام الل 2 ١ 1 الا‎ 7 أى إن المحرم كان معلوما من الله وهو تحريم أيضا بمقتضى الفطرة السليمة؛ لأنه وإ كثيرا لَِصَلُونَ بأهرائهم بغر علّم4 المعنى: إن كثيرا من الناس تسيطر عليهم الأوهام» حتى تزين لهم الضلال» فيتوهمون أنه حق» وما هو إلا الباطل والهوى هو الذى يخرج الوهم, ويحكمون من غير علم. 5 0 2 وقوله #لَيضلُون4 فيها قراءتان إحداهما- بفتح الياء(2 والمعنى أن كثيرا من توهموه) وحكموا على مقتضاه من غير علم أوتوه» وينسبون ذلك إلى الله والله تعالى برىء منه؛ لأنه مفترى عليه . وهناك قراة أخرى بضم الياء ويكون المعنى: إن كثيرا من الناس يضلون غيرهم تبعا لأهوائهم التى تجعلهم يتوهمون تحريما فى أشياء بغير ما حرم الله تعالى » وينسبون ذلك لله تعالت قدرته بغير علم علموه من قبل الله سبحانه وتعالى. وإن القراءتين متواترتان كل منهما قرآن كريم» فكل واحدة قرآن» ويكون بين القراءتين أنهم يضلون بأهوائهم فى ذات أنفسهم» حتى استمكن الضلال منهم فأضلوا غيرهم» فهم يضلون ويضلون بغير علم. وهذا فيه تنبيه للمؤمنين» بأن يجتهدوا فى عدم اتباع المشركين الذين ضلوا وأضلوا: إن ربك هو أعلم بالمعتدين» . وإن هؤلاء اعتدوا على الله فكذبوا عليه» واعتدوا على الناس فأضلوهم ‏ واعتدوا بتحريم ما لم يحرم عليهم؛ فكما أن الاعتداء يكون بتحليل ما حرم الله )١(‏ # يضلون» بضم الياءء قراءة عاصم وحمزة والكسائى وخلف غير المفضلء و #يضلون» بفتحها ابن كثير وأبو عمرو. وقرأ الباقون وهم نافع وأبو جعفر وروح - بفتح الياء. غاية الاختصار (855). اا تفسير سورة الأنعام م ااانا 1ناتلاالل أ لاا للاللكك! لل اللك1ا لا لظ لل انط لأت لتلا اللل1مللاالاللا املاط للال الل ل خخ امم ملاالطط الم ط ناض لزان طللةلاللتللا ىج 1 وأفعل اتتفضيل على غير بابهء والمراد أن الله تعالى يعلم علماء ليس فوقه علم بمن يعتدون» وعبر سبحانه وتعالى بالوصف «بالمعتدين» على أن الاعتداء صار وصفا لهم» إذ اعتدوا فأشركواء واعتدوا فحرموا على أنفسهم ما لم يحرم الله تعالى من الطيبات. وقد أكد سبحانه علمه باعتدائهم بذكر أنه رب كل شىءء والرب يعلم بمن خلق وربى» وأكده ه بضمير الفصل: «هو) وهو يدل على أنه وحده العليم بالمعتدين» وأكده ب إن وهذا فيه إنذار شديد للمعتدين. وروا ظاهر الإنْم وَبَاطتَه» الإثم هو ما يبطّئ عن الخيرء وأطلق على كل شر إثم» وعلى كل مخالفة لأمر الله تعالى إثم» وقد عد النبى كله أن الإثم يبتدئ من القلب؛ ولذا قال فيما رواه مسلم: البر حسن الخلق» والإثم ما حاك فى نفسك. وكرهت أن يطلع عليه الناس)20©. وقد جاء ذلك النص السامى فى هذا الموضع الذى يذكر فيه إباحة الذبائح التى ذكر فيها اسم الله للإشارة إلى أن الأساس فى الذبائح وغيرهاء هو ترك الآثام» فذكر اسم غير الله إثم ظاهر وهو شرك واجب تركه» وإن بجوار ترك الوثم الظاهر إثم باطن» وهو ما يتعلق بالنفس من حقد وحسدء ورغبة فى الشرء والدس» والنميمة» والغيبة» والهم بالشرء بحيث لا يكون التخلف عنه بقدرته. بل يكون بأمر خارج عن إرادته» والشرور قسمان: شرور ظاهرة كالقتل والزنى والقذف وشرب الخنمر والسرقة» وقطع الطريق» والمجاهرة بالمعاصى» وشر خفى وهو أن تركس النفس فى الآثام» فلا يكون فى النفسء إلا عزم على الشرء أو إخفاء الضغن على الناس, وألا ينوى الخير» وأن يفعل الأمر الحسن مرائياء وأن يزكى ويصلى مرائياء وذلك هو الشرك الخفى» كما قال كَهِ : «من تصدق يرائى فقد أشرك)9). )١(‏ سبق تخريجه. )١(‏ سبق تخريجه. ل ل تفسير سورة الأنعام ال 0 سر لاا وقد حرم الله الوثم الظاهر والخفى» فى هذه الآية» فقال تعالى: #وذروا ظاهر الإنْم وبَاطنَه . .. 4059 أى اتركوا الإثم فى ظاهره وباطنه» وعبر عن الإثم الخفى بباطته؛ لأنه مستور فى باطن النفس غير معلوم, والإئم واحد فى ال حالين» ظهر أو بطن» ولقد قال تعالى: قل إِنّمَا حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن الم وَالبَعىَ بير الْحَقَ ون تُشركوا بالله ما لم يرل به سلْطانَا 69 4 [الأعراف] . وفى هذه الآية سمى الإثم فواحش؛ لأنه زيادة عن الفطرة زيادة فاحشة» فعا من مس 0 كتبه الله تعالى. ريك الآثام ما ظهر متها وما 8 والذين يكسبون الإثمء سواء أكانوا يكسبونه بجوارحهم الظاهرة» أم يكنونه فى نفوسهم مع اعتزاله» والحرص عليه ظسَيْجِرِوَنَ بما كانوا يُقَحَرِفُون» و(السين) هنا لتأكيد الوقوع فى المستقبل» وعبر سبحانه وتعالى بال موصول للإشارة إلى أن الصلة سبب الجزاء» وأن الجزاء يعم كل من يفعل» وكسب الإثم ارتكابه بقصد وإصرار عليه» وإغلاق باب التوبة» والكسب يجعله يسكن فى النفس حتى يصير لونا من ألوانهاء أو تعزيزه والملكة فيهاء فلا يقال إنه كسب السوءء من يفعله مرة أو مرتين عن جهالة ثم يتوب من قريب . وقال تعالى فى الجزاء: لسَيْجِرَوَنَ بم كَانوا يَقتَرِفُونَ» والاقتراف الكسب» ويطلق كثيرا على الكسب الآثم» وقد يطلق فى قلة على كسب الخير» كما فى قوله تعالى: « وَمَن يَقَمَرفْ حَسنَة نَردلهُ فيهًا حَسنا إن الله عَمُور شكور © 4 [الشورى]. «إولا تأكُنُوا مما لم يُذَكَرٍ اسم الله عليّه وإِنَّهُ تفسق4 أباح الله أن نأكل مما ذكر اسم الله عليه» فقال تعالى: ظفَكُنُوا مما ذكر اسم الله علَيه4 وندد بالذين لا يأكلون مما ذكر اسم الله تمن يحرمون بعض الأنعام؛ لأنهم حرموا ما أحل الله تعالى لهم. ((#م/ تفسيرسورة الانعام 0 التال اناالا تالكا اتن لط مانلا للا اننال كلل الا اللا قلخ ناملالا ملالا انلق اناا ناملا خ اننال نامسا قا لاا تالكالا م طخلل اناا الالال 1 يبر يي وفى هذه يبين تحريم ما ذكر عليه غير اسم الله» كأن يذبح على النصب» ويذبح باسم صنم من الأصنام أو شخص من الأشخاص تقديسا له 0 طريقه) فإنه لا يحلء ؛ كما قال فى آية أخرى فى المحرمات من الذبائح #... فسقا أهل لعيْرٍ الله به . .. 4652 [الأنعام]. وفى هذه الآية الكريمة أكد سبحانه أن الإهلال عند الذبح لغير الله تعالى فسق» فقال تعالى: «وإنّه تفسق» وقد أكد سبحانه وتعالى أنه فسق ب (إن) المؤكدة» و(اللام) المؤكدة» والحملة الإسمية . وقد تكلم الفقهاء فى هذا الموضوع موضحين موجهين الآيات الكريمة غير مخالفين لها. ذلك أن أمرين نص عليهما: أولهما- إباحة ما ذكر عليه اسم الله تعالى» وإن ذلك مباح بالاتفاق لأنه منصوص عليه»؛ ولأن الله وبخ الذين لا يأكلون ما ذكر عليه اسم الله» ولأنه يكون قد حرم ما أحل الله تعالى. انيهما- أن الله تعالى نص على النهى عن أكل ما أهل به لغير الله» وأكد النهى ب (إن) ذلك فسق أى خروج على الدين» ولكن بقيت حال لم ينص عليها نصا صريحاً» وهى الحال التى يترك فيها اسم الله تعالى سهوا أو عمدا. كان سهواء وحجتهم فى ذلك؛ أن الله تعالى أباح ما ذكر عليه اسم الله تعالى» فكان بمفهوم المخالفة لا يباح ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه» ولأنه نص على تحريم ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه» وإن النبى كَلدذكر أن المباح هو ما أنهر دمه وذكر عليه اسم الله تعالى عند ذبحهء ولأن النبى يكل ذكر أن الصيد لا يحل الصحيحين «إذا أرسلت كلبك المعلّم» وذُكر اسم الله عليه فكلوه»27»: هذا نظر )١(‏ سبق تخريجه. لها تفسير سورة الأنعام يال تم ل ل متفق مع النصوص المذكورة فى هذه الآية» ويتفق مع الأحاديث الواردة فى هذا الباب . وقال آخرون من الفقهاء: إن المحرم هو ما ذبح بأنه لغير الله تعالى ويباح غيره لتلاقى الآيتين فى المعنى» إذ إنه ذكر فى تحريم المطعومات أن ما أهل لغير الله هو المحرمءٍ فقد قال تعالى : ول ل جد في ما أرسي لي محا علي ماع ماضن ل أن يَكُون ممَ وما مسقُوحًا لحم خنزير فَإِنّهُ رجّس أو فسقا أهل لعيْرٍ الله به ٠‏ . 4012 [الأنعام]» فمعنى «ممًا لم يذَكَرٍ اسم الله علي أى ذكر غيره» والدليل على ذلك الآية الأخرى» وقوله تعالى: ونه نفسق», والضمير يعود إلى الأكل مما لم يذكر عليه اسم اللهء أى الذبيحة» ولا يمكن أن يكون فسقا إلا إذا كان ثمة ذكر لغير الله تعالى. وفوق ذلك فإنه من المقررات الشرعية أن ذبائح أهل الكتابٍ حلال أكلهاء فقد قال تعالى :ايوم أحل لَكُم يات وَطَعَام الذين أُونُوا الكتاب حل لَكُم وطَامكم حل لهم وَاْمُحْصنَات من امات والْمْحْصنَات من اين أُونوا لتاب من فلكم ذا وبر بر امي * دل آتيتموهن أجورهن مخصنين غير مسّافحين ولا متخذى أَخْدَان 42 ل [المائدة]. سهواء وآخرون قالوا: يحل » سواء أتركه عمدا أو سههواء وهناك قول وسط بين القولين المحل والمحرم» فقال: إن لم يذكر اسم الله سهواء فإنها تحل» وإن تركه عمدا لا تحل الذبيحة» وهذا الرأى أقرب إلى روح الإسلام؛ لأن من لم يذكر اسم الله سهواء فإنه قد رفع الخطأً والنسيان» وما كان بإكراه» وأما من تركه عمدا فقد أعرض عن ذكر الله وذلك إثم لا يبرره شىء. ونحن نميل إلى هذا الرأى . طون الشياطين يو حون إِلَئ أوليائهم ليجادلوكم» الظاهر أن الشياطين هنا هم شياطين الإنس يوسوسون إلى أصدقائهم ليجادلوا المؤمنين فى أمر ما أبيح من 60 تفسيرسورة الأنعام الال 1 1 32121257 14 لجماه ص الآطعمة وما لم يبحء فقد روى أن بعض المشركين كما روينا من قبل كان يقول للمؤمنين: ما ذبحه الله لا تأكلونه» وما ذبحتموه تأكلونه» وإنهم يفعلون ذلك ليشيروا جدلا بين المؤمنين؛ ليشككوهم فى أمر دينهم» والجدل فى غير موضع الجدل إثارة للريب والشكوك وإثارة الريب تضعف الإيمان بالحق» وتفتح الأبواب للباطل» وإذا فتحت الأبواب للباطل فى القلوب ضلت الأفهام وارتابت العقول والنفوس؛ ولذا قال تعالى: ْ «وإن أطعتموهم إِنَكُمْلَمُشْرِكُودَ) أى إن سايرتموهم فى جدلهم» وفتحتم لهم صدوركم» فإنهم يجرونكم إلى طاعتهم» وإن أطعتموهم إنكم لمشركون مثلهم». وهنا قسم مقدر فى القول» وقوله تعالى: «إنكم لمش رٍكون» هو جواب القسم بدليل وجود (اللام)» وبدليل أنه لم توجد (الفاء) إذ لو كانت جوابا للشرط لحاء بالفاء. وهذا :تأكيد لإشراك المؤمنين إن سايروهم فى المبدل فى أمور ليست موضع جدل» فالجدل -كما قلت- يولد الريب. اللهم اكف أمة محمد شر جدل أهلهاء وامنحها الإيمان بما تقول» وما تدعو إليه. الايمان حياة والشرك ظلمات عر سا سل 20 سر نر سد بح ل بكر سه سر مسر سس جو 2 00008 ومن كان : ممتافا حجينله وجعلنا لهرنوراد 7 بوءف ع وا ه-ه كم ساعن ل ص ا ور سل 0 سر اعم ناس كمن مَثلْهف الظلمات ليس حارج ينها كد لَك 1 ا 20000 رين إلكتفرين ما كانوا يع ملو 7) وَكَدَِكَ جَعَلنَا بلس سرمي ا لاا . اه و ع سه يعم حت له مه في كربو اأكثر مجر ميها ليمحكروافيهاوما تفسير سورة الأنعام 7 ال 20010000 الحرب لا كانت الآيات السابقات فى أحوال المشركين من إشراك بالله إلى سيطرة الأوهام عليهم, حتى حرموا على أنفسهم ما أحل الله تعالى» وفى هذه الآيات يبين سبحانه وتعالى أن الشرك موت نفسى كمن يموت موتا حسياء وأن الهداية حياة بعد الموت» وأنها نور» وأن الشرك ظلمات متكائفة بعضها فوق بعض تبتدئ بالأهواء» وهى ظلمة» ثم بالأوهام» وهى ظلمة» ثم تنتهى بالشرك وهو ظلمات. شبه الله تعالى حال من يكون فى جهل ثم يتجه إلى الهداية كحال من يكون ميتا فيحييه الله ويجعل له نورا يمشى به فى الناس» ليهتدى به» ثم نفى أن يكون ذلك الحى المهدى بعد الجهل الذى هو الموت نفى أن يكون مثله كمثل من يعيش فى ظلمات من الجهالة والضلالة لا يمكن أن يخرج منهاء وهذا معنى قوله تعالى : أو من كان مينَا فَحْيَاهُ وجَعَلَا لَه ُورا يَمُشى به فى النّاس كَمِن مَقلّهُ فى الظَلّمَات ليس بخارج منها». (الواو) عاطفة» هذه الجملة عطفت على ما قبلها من ذكر أوهام المشركين» وطلبهم آيات وتحريمهم ما أحل اللهء وإحالة الإثم منهم ظاهرا وباطناء وهذه الآية هى بيان للفرق بين المؤمن والمشرك» والاستفهام إتكارى لإنكار الواقع» فهو نفى للمشابهة» والمعنى لا يستوى من يكون ميتا بالجهالة فأحييناه بالإسلام والهداية ل تفسير سورة الانعام 0 الل لل ل ل 1 1[ 1 آذ 1 2*25111ظ2”ض2 جب 1 والمعرفة وجعلنا له إدراكا ومعرفة يمشى بها فى الناس هاديا لهم يرشدهم ويسترشد بهم؛ كمن مثله من نشا فى الظلمات لا يخرج منهاء بل يتردى فيها يتحرك فى جنباتهاء ولا يخرج» وعبر سبحانه عن عدم خروجه من الظلمات بقوله #ليس بخارج منها», أى أنه ألف الظلمات»؛ وصار لا يمكن أن يخرج منهاء فعبر باسم الفاعل أى صار مثل مثل المقيم فى الظلمات» وأكد سبحانه وتعالى نفى الخروج بالباء وبالوصف» فهو مرتكس فى الظلمات ليس بخارج منها . فلا يستوى -بمقتضى هذا النفى- المؤمن والمشرك؛ كما لا يستوى النور والظلمة» كما لا يستوى المبصر والأعمى ؛ وهذا كقوله تعالى فى آية أخرى : لإ وما يستوى الأعمئ والبصير 69 9 ولا امات ولا الثور 69 ولا الظل ولا احور 9 وما يستوى الأحبّاء ولا الأموات إن الله يمع من يَشَاء وما نت بمُسْمِع من فى القبور 69 إن أنت إلا دير 69 4 [فاطر) . «كذلك ين للكَافرين مَا كَانُوا يَعْمَلُودَ4 كهذه الحال النتى صاروا بها فى ظلمات ليسوا بخارجين منهاء لأنهم استمرأوا الظلام وألفوه» واستطابوا الإقامة فيه لاا يخرجون - مثل هذه الحال زين للكافرين ما كانوا يعملونه من إنكار» وبقاء فى الباطل» حتى حسبوا أن ما هم عليه؛ هو الحق الذى لا يأتيه الباطل . وقوله تعالى: «زين» بالبناء للمجهول للإشارة إلى أنه لم يكن لهم من عقل أو فكر أو هداية» إنما زين لهم بأهوائهم وأوهامهم. فضلوا ضلالا بعيداء واما» هنا موصول بمعنى الذى» و١كانوا»‏ دالة على استمرار عملهم» وسيكون ما زينته لهم أوهامهم وبالا عليهم يوم القيامة . كلك َع فى حل ركاب مها كوا فيه . كان النبى كَكْلْدّ يعارض. ويمكر به ويدبر له وللمؤمنين زعماء مكة وكبراؤهاء وذوو البيوتات الكبيرة فيهاء يؤذون النبى يكل وضعفاء المؤمنين» وكانوا هم الذين يدبرون ما يقال توهينا لأمر الدعوة» وإدحاضا لقول الحق» - تفسير سورة الأنعام الل م لب اا ينسون ما كان عليه النبى يَكِهِ من أمانة قربته منهم: وجعلته الثقة فيهم» ويقولون مرة كذاب» ويقولون أملاه عليه قوم آخرون» ويقولون ثالثة: إنه مسحورء وما كان يدير ذلك القول إلا إذا كانوا بحكم وصفهم الجاهلى أشرافا وأكابر» فبين تعالى أن ذلك شأن أعداء النبوات» ويكون أكابرهم مجرميهم ويمكرون بالنبى ومن معه؛ ولذا قال تعالى: ذلك عقاف يي ريه لكو 4 الأكابر جمع أكبر» وهو الذى بلغ أعلى العلو فى قومه على حسب مقياس العلو عندهم» وكذلك» أى كالحال التى ترى من ذوى البيوتات فى قومك جعلنا فى كل قرية ‏ أى مديئة عظيمة» أكابر مجرميها يمكرون ويدبرون وقوله تعالى: «أكابر مجرميها» الظاهر منها أن «أكابر» مضافة إلى «مجرميها»» أى صيرنا فى كل قرية مجرميهاء «ليمْكروا فيها» أى يدبرون ما يقاومون به الأنبياء» ويعارضون» ويكون المؤدى الذين يعارضون الأنبياء فى القرى أى المدن هم الذين يمكرونٍ المكر السيىء فيهاء وهذا كقول الله تعالى : لإ وما أَرسلنا فى قرية من تير لا قال معْرَقُوها إِنَا بمَا أرسلتم به كافرون 9 69 وقَالوا : تحن أَكْثْرُ أموالاً وأولادا وما نحن بمعذبين 62 4 [سبا] . وإن مقياس الكبر عندهم هو النسب وكثرة المال والقوة الظاهرة» وليست الأخلاق الفاضلة والعقيدة السليمة والشرف الذاتى الذى لا يكتسب بالنسب» ولكن يكتسب بالخلال الكريمة الفاضلة. ومعنى «ليمكروا فيها», أى ليدبروا الأمور العامة كما يحبون» أى يسيطرون على الفكر العام فلا يكون الرأى العام عندهم فاضلاء وإما يكون فاسدا أثيما. «إومًا يَمَكْرُونَ إلا بأنفسهم وَمَا يشعرُونَ» أى إن عاقبة التدبير الفاسد الأثيم يعود عليهم بالوبال؛ لأنهم يريدون إعلاء الرذيلة بتدبيرهم وإنكار الحق بتفكيرهم» ناا تفسير سورة الانعام و الل 1 1 1 1 1 1 1 0*00ظظ*ظ2322غ له + 7 وشيوع الشرك بتقليدهم لأبائهم». وإن ذلك يؤدى -لا محالة- إلى الهلاك. ومصداق قوله تعالى: 8 وإذا أردنا أن نهلك قَرية مرا مشرفيها فَمَسَقُوا فيها فَحَقَّ عليه القول فَدمَرنَاهًا تدميرا © 59 لالإسراء]. وهكذا لا يحيق المكر السيىء إلا بأهله وقد قال تعالى أيضا : فإ ما أرسلنا من قبلك فى قَرية من دير إل قال مْرفُوهًا نا وجَدنا آباءنا على َم ونا على آثارهم مُقَْدونَ 9 #5 [الزخرف]. مكر هؤلاء أن يحرضوا على معارضة الرسول» وأن يلقئوا الناس ما يردون به على دعوة الحق التى جاء بها النذير من قبل الله تعالى» وأن يزيدوا معارضة الحق وأن يثبتوهم على الشرك . «وما يمكرون إلا بأنفُسهم وما يشعرون4 لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله كما يكون؛ ولذا قال سبحانه: «ومًا يمَكْرونَ إلا بأنفسهم4. أى أن مآل مكرهم عائد بالوبال عليهم» وقد أكد سبحانه أن مآل الوبال على أنفسهم» لا على النذير الذى أنذرهم ‏ أكد ذلك بالنفى ثم الإثبات وذلك فيه معنى القصرء أى أن المكر فى عاقبته لا يكون إلا عليهم؛ فهم فى حقيقة الأمر يمكرون بأنفسهم؛ لا بغيرهم. وما يشعرون بتلك العاقبة؛ لأنهم سادرون فى غيهم» لايرشدون ولا يفكرون» عميت عليهم أمورهم» فلا يشعرون بمغبة ما يفعلون» ولا بنتيجته. وإنهم إذ يقاومون أمر الله ونهيه اللذين حملهما نبيه المرسل - يقاومون مالك كل شىء والعليم بعواقب الأمور. وكان مكرهم بأنفسهم؛ لأنهم يضللونهاء ويزيدونها ضلالاء إذ إن كثرة التدبير للدفاع عن الضلال يزيد الضال ضلالاء والخاسر خسراناء وإن عاقبة كل ذلك عليهم. إذ سينالون جزاء ذلك.» وسيحملون أوزارهم» وأوزار الذين يضلونهم بمكرهمء وسوء تدبيرهم. «وإذا جاءتهم آية قَالُوا آن ومن حتَى نؤتئ مل ما أوتى رَسْل الل سمعوا القرآن الكريم» وهو يتلو عليهم قصص النبيين وآياتهم التى أجراها الله تعالى على اا تفسشير سبور: 0 الأنعام ل لل م لأس زا أيديهم من أخبار كسفينة نوح وإغراق قومه» وأخبار موسى» وتسع آيات بينات جاءت على يده» وأخبار شعيب وصالح ولوط وهود» وما جرت من آيات حسية نزلت لهم ليؤمنواء ونزلت بهم إذ كفرواء والمشركون متعنتون دائما ليسوا طللاب هداية» ولكنهم طلاب إعنات» وإرهاق ليبرروا جحودهم» ومظهر إعناتهم أن يطلبوا آيات وحسبوا أو أظهروا أن آية القرآن- وهو المعجزة الكبرى- لا تكفيهه(١»»‏ وقد طلب منهم أن يأتوا بمثله فعجزوا وبدا عجزهم عياناء ومع ذلك أخذوا يمارون» ويطلبون آيات» أو تأتيهم آية مثل ما أوتى الرسل أنفسهم. ومع أنهم لم يؤمنوا بالقرآن» ولم يعرفوا الرسل إلا عن طريقه؛ طلبور آيات كاآيات الرسل الذين لم يؤمنوا بهم وقالوا «لن د نؤمن حتى نؤتئ تئ مثل ما أوتى رسل الله . تر براي قالوا مؤكدين النفى ب (لن) بأنهم لا يؤمنون» «حتئ نؤتئ مثل ما أوتى رسل الله4. أى حتى نؤتى من المعجزات مثل ما أوتى رسل الله. أى أنهم إذا جاءتهم آية بينة تدل على رسالة النبى يَكَلقالوا مؤكدين النفى» لن نؤمن حتى نؤتى الآيات التى أوتيها رسل الله تعالى» أى حتى ينزل علينا كما نزل عليهمء أو تكلمنا الملاككة كما كلموهم» وجاء ذلك على لسان بعض المشركين الذين يمكرون فى أم القرى» وقد قال تعالى عنهيٍ إنهم يريدون أن يكونوا كالرسل لهم صحف منشرة ابل يريد كُلُ امُرئ مهم أن يؤتَى صحفا منشّرة #62 االمدثر] وروى أنه عندما دعا النبى يكل قومه فى مكة» وأبلغهم أنه رسول من رب العالمين» قال الوليد بن المغيرة: لوكانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك» لأنى أكبر منك سنا وأكثر منك مالاء وقال أبو جهل : والله لا نرضى ولا نتبعه حتى يأتينا وحى كما يأتيه. () راجع كتاب (المعجرة الكبرى) للمؤلف -_ طبعة دار الفكر العربى . وقد نصح الإمام رحمه الله تعالى فى المقدمة بقراءته كتقدمة لهذا التفسير. ل تفسير سورة الأنعام ني لل ل ل[ ل[ !1 ! 1 1 1 1 1 1 1 515 5*50**ظظ2”ص حب زا وهذا يدل على أنهم طلبوا أن يكونوا أنبياء مثل الأنبياء» ورسلا مثل الرسل قال هؤلاء المشركون إنهم لا يؤمنون إلا إذ أنزل عليهم الذى ينزل على الرسل» فبين الله تعالى أن هذه رسالة يختار الله تعالى لها من يشاء بحكمته وعلمه الذى أحاط بكل شىء» فقال تعالت كلماته: «الله أعلم حيث يَجَعل رسالتَه» الله ذو الجلال والإكرام» والعلم والقدرة على كل شىء أعلم حيث يجعل رسالته» وأفعل التفضيل ليس على بابه» وكذلك كل أفعل تفضيل يوصف به الله تعالى ؛ لأنه لا توجد مفاضلة بينه وبين أحد من خلقه فى أى وصف من الأوصاف. ومعنى أفعل التفضيل فى العلم بالنسبة لله تعالى على هذا أن الله تعالى يعلم مواضع الرسالة علما ليس فوقه علم قط؛ لأنه علم الله العليم بما كان وما سيكون. وما هو كائن إلى يوم الدين. وقوله تعالى «إحيث يَجَعَل رسال (حيث) ظرف مكانء أى الموضع من خلقه الذى يرتضيه ويصطفيه رسولا فهو الذى يربيه على عينه» ويشب على التقوى والعفة والأمانة» والخلق الكريم» حتى صح له أن يقول: «أدبنى ربى فأحسن تأديبى)002 . وإن ذلك لبين لهم لو كانوا لا يجحدون بالحق إذا بدت لهم بيناته» وظهرت آياته»ء ولقد كان من أوسطهم نسباء فكان فى الذؤابة من قريش7©. وكان أكرمهم خلقا وأطيبهم نفساء وأعفهم وأشدهم أمانة» حتى كان يقال: الأمين» وسموه بهذا الاسمء فكانوا إذا أطلقوا كلمة (الأمين) لا تنصرف إلا إليه عليه الصلاة والسلام» وكانوا يرضون حكمه. إذا جاء الأمر بالاحتكام فعندما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود بعد أن بنوا الكعسبة ارتضوا أن يكون الحكم أول من يدخل .؟3١ص ذكره السيوطى فى الجامع الصغير: جك‎ )١( الذؤابة: الشعر المضفورء واستعير هنا للدلالة على الصدارة» وأنه كان موضع الشرف والتباهى‎ ( . فيهم . صلى الله عليه وسلم‎ 0 تفسير سورة الأنعام م ااا 0 لشضافة ك1 البيت» فكان اللأمين أول من دخل البيت» فقالوا مطمئئين راضين هذا الأمين» وطابت نفوسهم بحكمه. فالله تعالى العليم الحكيم» قد وضع رسالته فى خيرهم بإقرارهم فكيف يمارون من بعد ذلك» ويقول قائلهم كبرا وعلوا فى الأرض: أنا أولى» ويقول آخر: نريد أن نؤتى مشل ما أوتى الرسل» قالوا ذلك استكبارا فكان عقابهم صغاراء وعذابا أليماء ولذا قال تعالى: سيُصيب الْذينَأجْرَمُوا صعَارٌ عدد الله وَعَذَابُ شَديد بما كَانُوا يمكرون 4 . الصّغار: هو الضيم والذل والهوان» فقد كانوا الأكابر الذين أجرمواء فكان العقاب الهوان» وكان عقاب الإجرام الذى ارتكبوه واستمرءوه وداوموا عليه العذاب الشديد. وقوله تعالى: طسَيُصيب الّذين أَجرموا4 فيه (السين) لتأكييد الوقوع فى المستقبل القريب» والتعبير بال موصول فيه فائدتان بيانيتان» أولاهما- أنها تفيد أن الصلة هى سبب هذا العذاب الشديد» والثانية- تسجيل الإجرام عليه» وأنهم كانوا فيما يمكرون مجرمين» ولم يكونوا أشرافا كراماء كما هو شأن الأكابر الذين يستعلون بأنسابهم . وقوله تعالى: «بما كانوا يمكرون» أى بسبب مكرهم السىء» وهذا يفيد أن الكلام فى موضوع الأكابر المجرمين الذين ذكروا فى الآية السابقة؛ ولذا قالوا إن (الواو) في قوله تعالى : «وإذًا جاءتهم آي واو عاطفة على قوله تعالى: «وكذلك جعلنا فى كل قرية كابر مجرميها» . اللهم أبعدنا عن الإجرام وأسبابه» وعن الطغيان وبواعثه. لا تفسسير سورة الانعام يم اللا 0000ل 1 1 1 1 1 1 222*012 لسرب لز فمنترداً بهد يمن صَدَرَلَِسْلو وَمَنْيُرة نيصل صن صَدرَْضيَئَاحَجَا ايكذ فل عد كنك صخ اناي للبت ع 0 57 :راص" يلك 222 ذاه اق منت نزي يي وهلذاصرّط ريك م فيمافد فصّلنا 2 0 ليت لِمَو ويد كرون © بين الله تعالى فى هذه الآية أن الناس صنفان صنف سلك طريق الهداية فهداه الله تعالى وشرح صدره للإسلام» فدخله مطمئنا نير القلب» وقسم قد كتب الله تعالى عليه الشقوة» فضاق صدره ولم يدخل النور قلبه» وهذا بعض ما يشير إليه النص السامى . ظ قن يرد الله أن يديه يشرح صَدرَةُ للإسلام». هذا قسم المهديين الذين كتبهم فى عباده المؤمنين» وإنه قد فهم القسمان فهمًا إجماليا من حال الجحود عند الوثنيين وتدبيرهم الأذى للمؤمنين» ففهم أن هناك فريقين فريق اهتدى وآمن» وفريق كفر وجحد وأنزل الأذى». وفى هذا يبين الله كيف يدخل الإيمان القلوب» وكيف يكون الصد عن سبيل الله. والفاء مترتبة على ما فهم من أن الناس فريقان فهى لبيان الحال النفسية ولتفصيلها فمن يرد الله أن يهديه فالأمر أولا لهداية الله تعالى وإرادته» وإنه لا بد أن يكون من حال النفس ما يجعلها تتجه إلى الهداية» فلا تكون معوجة بل تكون إرادة العبد مستقيمة خالصة نقية من الشوائب» ويكون الاتجاه مستقيماء فتكون إرادة للهداية» ويريد سبحانه أن يهديه مع اختباره من غير إجباره. و#يشرح» معناها يوسّع ؛ لأن معنى (شرح) فى اللغة: التوسعة؛ والصدر القلب» وفى ل تفسير سورة الأنعام ااال 0م20 "اك 7 العبارة مجازء شبه اتساع القلب للحقائق بالشرع الحسى» وكل تعبيرات القرآن عن المعانى النفسية بالألف الدالة على المحسوسات» من قبيل المجاز» يستعان به على بيان الأمور المعنوية» وقد سكل النبى مَكِيِ من عبد الله بن مسعود قال: هل ينشرح الصدر؟ فقال النبى يَكِْةِ: «نعم يدخل القلب نور»» فقال ابن مسعود: فهل لذلك من علامة؟ فقال يللد «التجافى عن دار الغرورء والإنابة إلى دار الخلود. والاستعداد للموت قبل نزول الموت)20. وإن هذا يدل على أن شرح القلب» يكون بتوسعة المدارك وفهم قيمة هذه الحياة الفانية وإدراك أنها قنطرة للحياة الباقية» ومن غم عليه ذلك فهو من الفريق الثانى الذى قال الله تعالى فيه: ومن يرد أن يضلَه يَجعَل صدرَه ضبيًّا حرجا كما يصَعّد فى السّمَاء» . ليس الإضلال من غير عمل من جانب من أراد الله تعالى إضلاله؛ إنما يكون بعمل من جانبه قد كتبه الله تعالى عليه» بأن تهوى نفسه فى طريق الضلالة بالميل إليهاء والرغبة فيهاء والحرص على طريق يدفعه إليه الغرور ونسيان الآخرة» وأن يعتقد أنه لا حياة إلا الدنيا وما فيها. وإنه إذا سار على هذا النحو أراد الله تعالى له الضلال» والكل بما كتبه الله تعالى عليه» وإنه إذا أراد الله ضلاله على هذا النحو الذى بيئاه» جعل صدره ضيقاً حرجاء أى أن قلبه لا يتسع لغير ما خختم عليه» كما قال تعالى: :احم ال عَلَئ قُلُوبهم وعلّى سمعهم وعلَى أبصارهم غشاوة (5)* [البقرة]. فالله تعالى يضيق صدره»؛ وفى هذا أيضا مجازء لأنه تشبيه للأمر المعنوى» وهو الإعراض عن الحق» وابتعاده عنه بالضيق الحسى» وإسناد الضيق إلى الصدر من ترشيح الاستعارة وتقويتها. .745 والحاكم في المستدرك (9/93*0): ج24‎ :)70٠١ 5( مصنف ابن أبي شيبة‎ )١( ها تفسير سورة الأتعام 0 للملا ما 2 وقوله تعالى: «حرجا» قرئ بالفتح0©» على أنه اسم جنس جمعى لحرجة» وهى الأشجار الملتفة التى لا تسمح أن ترعى فيها راعية؛ والحرجة هى الشجرة التى تكون مختفية بين الأشجار لا يصل إليها. وقرئ (حرجا) بكسر الراء( ؛ بمعنى الضيقء وهى تأكيد للضيق أى ضيقا شديدا لا يمكن أن تدخله الهداية» وعلى تفسير الحرج بالفتح على اسم جنس جمعى للحرجة قيل إن الإمام عمر رضى الله عنه هو صاحب هذا التفسير. فقد روى أنه سأل رجلا من الأعراب من أهل البادية عن الحرجة. فقال هى الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها راعية» ولا وحشية ولا شىء» فقال عمر رضى الله عنهء وكذلك قلب النافق لا يصل إليه وعلى هذا التفسيرء يكون فى الكلام تشبيه» أو استعارة» وهو تشبيه قلب الكافر فى أنه لا ينتفع به» ولا يصل إليه بالحرج. وهو الشجر الملتف الذى لا ترى الأرض من تحته ولا تصل إليه راعية ولا وحشية ولا شىء» لأنه لا ينتفع به فى شىء. (كأنّمَا يصع فى السّماء» . هذا تشبيه آخر للكافر» (يصّعد) أصلها يتصعدء وقلب التاء صاداء وأدغمت الصاد فى الصاد» وقرىء يَصاعد(”© وأصله تصاعد» وكان التصريف ما ذكرنا فى يصعدء وهما بمعنى واحد» وتزيد تصاعد على تصعد؛ فى أنها تدل على محاولة الصعود بعد الصعودء وذلك أثقل. .)83157( #حرجا» بالفمتح» كلهم إلا نافع وأبو جعفر وأبو بكر. غاية الاختصار‎ )١( . زفق حرجا بكسر الراء» نافع وأبو جعفر وأبو بكر. السابق‎ زفرف (يصاصد» بتشديد الصاد وبالائف, قراءة أبو بكر والمفضل عن 0 وقرأها #يصعد»‎ اا تفسير سورة الأنعام الل ىم لج راز يي والمعنى أنه شبهت حال الكافر فى جهده» وثقل الإيمان عليه » يمخالفته الفطرة بذلك - بحال من يحمل عبئا ثقيلاء ويريد أن يصاعد إلى السماء فينوء به حمله ولا يصل. وإن ذلك يدل على أمرين: أولهما- أنه مهما يكن الجحود فإن الفطرة تقاومه» وتجعله عبئا ثقيلاء ومن يحارب الفطرة» فإنه يبوء بخسران مبين. انيهما- أنها تشير إلى أن الضيق الشديد الذى جعله الله تعالى فى قلب الكافر يجعله غير قادر على الرقى إلى الحقائق السماوية التى جاء بها الإسلام. «كذلك يَجَعَل اللّهُ الرجس عَلَى الّذين لا يؤمنون» . «كذلك4 الإشارة إلى حال المشركين التى أركسواء والتشبيه هو تشبيه الرجس الذى ينزل بهمء و«الرّجس» أصل معناه الفتن أى الأمر القذرء الذى تستقذره النفوس وتعافه» وفيه بيان أن الكفر أمر قبيح تعافه العقول المستقيمةء وكيف تدرك العقول أن حجرا يصنع بأيديهم وهو لا يضر ولا ينفع يعبدونه . والمعنى لهذه الحال التى رأيناها فى الكافرين» ووصف الله تعالى الكافرين بقوله: #الّذين لا يؤمنون» وذلك وصف لهم بأقل أوصافهم. وهو أنهم لا يؤمنون» النفى نفى للمضارع» وهو أنه يدل على الدوام المتجدد آنا بعد آن» أى يتكرر» بتكرار الآيات التى لا تزيدهم إلا كفرا. #وهذا صراط رَبَكَ مستّقيما قَد فَصَلنَا الآيات لقوم يذَكّرون» . بعد أن بين الله تعالى شرح صدر المؤمن لنور الحق» وضيق صدر الكافر» حتى لا يدخل النور قلبه» بعد ذلك بين الصراط المستقيم» والصراط هو الطريق والإشارة فى قوله تعالى: «وهذا صراط ربك4 إشارة إلى ما أوحى للنبى ل مما نزل عليه من الدين والقرآن» وقال سبحانه وتعالى: #مستقيما» وهى حال من أسم الإشارة» وهو حكم من الله تعالى بأنه مستقيم» لا عوج فيه» ولا إلا تفسير سورة الأنعام ل ل سس ااا لحب أ التواء» والخط المستقيم يصل إلى الحق بأقل طريق» وقال تعالى إن ذلك الحق واضح نير مسلوك» ولذا قال تعالت كلماته: إقد فَصلنا الآيات» أى بينا الأدلة القائمة على صدقه. أو يراد من الآيات القرآنية أى بيناها ووض حناها لقوم يذكرونء. من شأنهم التذكر والإدراك السليم» فلم يطمس على قلوبهم. ولم تضيق عن الحق صدورهم, والله تعالى يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم . الجزاء 11 لد ارالسَلوِعِندَ حت 2 0 هه جك وهو وَلِيهَميمَكانأَيَعَمَلُونَ يا ويوم يحسرهم 0 2 مل لاني وكال ري سوه ا 2414 56 م , 11 جح سر ساس 1 حَيدرَ لماه أله ريك حكيبه علي (22 :2 يدك مل بمْسالشنبننا بعكو يكين 25 بعد أن ذكر الله سبحانه حال الناس فى الدنيا بين مهدى كتبت له الهداية وبين شفى كتبت له الغواية» وبين من هداه الله إلى الصراط المستقيم صراط الله أخذ يبين سبحانه جزاء كل من الفريقين» وابتدأ سبحانه بمن هذاه الله تعالى إلى صراط العزيز الحميد. فقال تعالى: 8 ناا تفسير سورة الأنعام ل م لب أ «إلهم دار السنّلام عند ربّهم». 0 يعود على من فصل لهم الآيات؛ فتذكرهاء إذ يقول «قد فصّلنا الآيات لقوم يَذَكّرونَ» فقال سبحانه وتعالى :لهم دار السّلام 0 والسلام معناه الأمن» ودار السلام هى الجنة» وسميت دار السلام لأنها دار الأمن من الخنوف» فلا يخافون أحداء ولا يحزنون على شىء فاتهم فيهاء وهى دار إقامة وفيها النعيم المقيم» وغيرهم فى العذاب» وهم فيها يتمتعون بأمرين أولهما النعيم الدائم الذى لا يخافون فيه انقطاعا. ثانى الأمرين أنهم يكونون عند ربهم» فهم يلقون الله تعالى» وهو وحده نعيم نفسى لا يعدله نعيم» وهو الذى ربّهم فى الدنياء ويربهم فى الآخرة» فهم فى رحمته فى الدنياء وقد قاموا بالشكر.ء وفى رحمته فى الآخرة لاستحقاقهم الأجرء فالشكر منهم. والأجر من الله تعالى متقابلان» وهما البيع الرابح وأكد الله تعالى الأمر الثانى وهو قربهم من الله تعالى فقال تعالى: وهو وليهم بما كانوا يعملُون» . (الولى) الموالى والنصيرهء والحبيب» والله سبحانه وتعالى هو ذلك كله بالنسبة للمؤمن الطائع الذى سلك طريق الله تعالى المستقيم» وتذكر الله تعالى فى الدنياء فى سره وجهره» فى ظاهره وباطنه» فهو وليه إذ أخرجه من الظلمات إلى النور وهو وليه إذ شرح قلبه للإسلام وهو وليه إذ وقاه الله تعالى ضر النفس بالانحراف والظلمء ثم هو وليه إذ لقيه فى الآخرة ووقاه عذاب الجحيم . وقد تكرم الله سبحانه وتعالى- وهو مجرى النعم- بأن جعل نعيم الجنة جزاءء وهو المتفضلء وله المن والفضل». فقال تعالى: «بما كانوا يَعملُون» أى أنهم استحقوا دار السلام عند ربهم وولايته بالذى عملوا فى الدنيا وداوموا عليه وكان يتجدد عملهم بتجدد شعورهم بنعمة الله تعالى عليهمء ذلك الفضل من الله والله يختص برحمته من يشاء» وهو ذو الفضل العظيم. 4# تفسيرسورة الأنعام الل 0 ب 5 1 إويوم يحشرهم جميعا يا معْشَرَ الجن قد اَكتَركم مَنَ الإنس» . بين الله الجزاء الخاص بالمؤمنين أولا؛ لآن بيان جزاء الطاعة أعظم أهمية من جزاء العذاب؛ ولذا بينه سبحانه وتعالى أولاء لمكان التبشيرء والله تعالى قدم التبشير على الإنذار رجاء الطاعة . وقال تعالى: #ويوم يحشرهم» (الواو) تصل الكلام السابق بالكلام اللاحق» وإن (الواو) قد تكون عاطفة على ما فُهِم من الكلام السابق. (ويوم) مفعول متعلق بفعل معناه اذكر لهم يوم يحشرهم الله جميعاء ويخاطبهم سبحانه بهذا الخطاب «يا معشر الجن قد استكثرتم», والمراد - والله أعلم- قد شددتم فى طلب الكثرة من الإنس لتضلواء فالسين والتاء للطلب» وخبر الله تعلى بعالب استكارمم يال على أنهم نالوا م هذه الكثرة. 0 كما وأغي أعين 9 الأعادة مهم المُخلصين 9 » [الحي ]7 وقال تعالى :ل( ألم أعهد إليكم يا ببى آدم أن لا تعبدوا الشيطَان نه كم عدو بين 62 وأن اعبدونى هذا صراط مُسْتَقيم 0 ولد نمكم جب كخير أل كوا تعقلون 46 [يس]. والجن هنا هم إبليس وجنده من الشياطين كما تدل على ذلك الآيات الكريمة» وكما يدل على قسمه بأن يغويهم أجمعين إلا عباده منهم المخلصين» ولم يرد الجن» أو لم يذكر الله تعالى جوابا لهم؛ لأن ماضى قولهم يدل على فعلهم» فلم يكن سبيل لآن يردواء وقد توعدوا المؤمنين وجاهروا بعصيان ربهم» فلم يبق إلا أن ينالوا الجزاء راضين أو ساخطين «وقَال أُوليَاوْهم من الإنس» المغرورين» الأنهم لم يكونوا قد رأوا العذاب بما ذكر سبحانه وتعالى بقوله: #ربنا استمتع بعضنا ببعض وَبلَْنا أجلَنا اذى أجلت لَنَا4 . 2 ملل 1 جب -_ نز يي قالوا غير مدركين عاقبة أقوالهم ظانين أنهم فى لهو كلهو الدنياء أو لعب كلعبهاء أو قائلين بلسان الواقع الذى هم فيه» فهم قالوا بلسان الحال» لا بلسان المقال» وقد نطقت أيديهم وجوارحهم بما كانوا يفعلون» #ربّنا» شاعرين بمعانى الربوبية الكاملة التى لم يشعروا بها فى الدنياء «استمتع بعضنا يبعض». أى انتفع بعضنا ببعض انتفاع متعة وبهجة؛ استمتعنا بإغرائهم» فاجترفنا من اللذات والشهوات» والأحقاد» والعداوات» ووجدوا هم متعة فى إغرائناء وإغوائناء وتلهيناء وتعابثناء وكأنهم يجدون متعة فى متعتناء ولذة فى لذاتناء كانت هذه حالهم» ونريد أن نذكر إشارة بيانية فى التعبير بقوله: ويم يَحْشْرَهمٍ جميعا» فإن التعبير بالحشرء يشير إلى أمرين أولهما- أنه يجمعهم غير مختارين ولا مريدين» وثانيهما - أنه يشير إلى كثرتهم» وأن الكثرة الكاثرة لم تمنعه تعالى من جمعهم وحسابهم» ومؤاخذتهم على ما فعلواء ولقد قال تعالى فى جزائهم: طقال التَار مَعْوَاكُمْ خَالدِين فيها ِل ما شَاء الله . قال جل جلاله بلسان الفعل والمقال: «الَار مُعْوَاكم4 أى محل إقامتكم الدائم الخالد الذى لا ينتهى» فله ابتداء وليس له انتهاء» و(المثوى) اسم مكان من ثوى يثوى بمعنى أقام إقامة دائمة لا يخرج منها مختاراء فالغالب فيها الإقامة الاختيارية» وقد عبر بها هنا تهكما عليهم» كأنهم اختاروا بأفعالهم؛ إذ قد اختاروا أسبابهاء ومن اختار بابا فقد اختار الدخول فيه» وإن التعبير ب (خالدين) يدل على البقاء الدائم بمشيئة الله تعالى الخفالدة» وبإنذاره بذلك فى عدة من آياته . ولكنه قال سبحانه وتعالى مستثنيا: «إلأَ مَا شاءَ الله فهل هذا الاستثناء يدل على أن النار لها نهاية» تنتهى بمشيئة الله تعالى وأنه لا خلود فيها؟ وكذا قال بعض العلماء ونسب هذا القول إلى ابن تيمية» وقرره ابن القيم فى كتابه حادى الأرواح . ها تفسير سورة الأنعام ا ال 7 22400 32*26 حب أ ونحن نرى أنه قول يناقض الآيات الكثيرة الواردة فى خلود الجنة وخلود النارء وأن الحياة الآخرة ليست إلى فناءء وإنما هى دار البقاء» ولا دار بعدها ينتقل إليها الناس» والنبى كَل فى خطبته التى أنذر فيها عشيرته الأقربين» وصادع فيها بأمر ربه»ء قال: (إنها للجنة أبداء أو النار أبداء وإنى لنذير لكم بين يدى عذاب شديد)277» وإن الله تعالى يقرر الخلود ولا يترك أجسامهمٍ تبلى من العذاب إذ يقول تعالت كلماته: #. .. كُلّمَا تضجت جلُودهم بَدلَْاهُمٍ جلُودا غَيِرَهَا ليَدُوقُوا العذاب (63)» [النساء] . وقوله تعالى: #إلاً ما شاء الله لا يدل على أنه عذاب غير أبدى؛ لأنه صرح فى النص بأنهم خالدون فيهاء ولأنه صرح سبحانه وتعالى بكلمة أبدا فى كثير من آياته» فيقول سبحانه: #حَالدين فيها أَبدا ... 469 [التوبة]» ولأن كلمة «إلاً ما شاء» تدل أن الأمر إلى مشيكته عذابا وغفراناء وأنه شاء العذاب» وأنه: توعد بالتأبيد» وهو لا يخلف الميعاد» وذكر المشيئة هنا للدلالة على أنه شاء ذلك» وأنه يمكن أن يشاء غير ذلك» ولقد قال الزمخشرى إمام البيان فى ذلك: اايخلدون فيها فى عذاب النار الأبد كله إلا الأوقات التى ينقلون فيها من عذاب النار إلى عذاب الزمهريرء فقد روى أنهم يدخلون واديا فيه من الزمهرير ما يميز بعض أوصالهم من بعض» فيتعاوون ويطلبون الرد إلى الجحيم. أو يكون من قول الموتور الذى ظفر بوتره» ولم يزل يحرق عليه أنيابه» وقد طلب أن ينفس من خناقه ؟ أهلكنى الله إن نفست عنك إلا إذا شئت» وقد علم الله أنه لا يريد إلا التشفى منه بأقصى ما يقدر عليه من التعنيف. والتشديد فيكون قوله: إلا إذا شئت من أشد الوعيدء مع تهكمه بالموعد لخروجه فى صورة الاستثناء الذى فيه إطماع» . هذا تخريج حسن فى الثانى لا فى الأول؛ لأن الأول يفيد أن ثمة عقابا بالبرد الشديد. . سبق تخريجه‎ )١( 4 لل دمر سفورة الانعام 1 ل لااا0ا0ا0ا0اااالللللل الل 5 كا والذى نرأه ما قلناه من قبل» وهو بيان أن العذاب بمشيتته سبحانه» وإنه إن شاء رفعه» ولكن لم يش فبقى الخلود على مدلوله. ولا يقال إن مشيئة الله تعالى فى عدم التخليد تتحقق فى عصة المسلمين» إذ عقابهم على سيئاتهم وما يفعلوا من خير فلن يكفروه» ويرد هذا أن الكلام فى الكافرين بدليل وصف الخلود» إذ يقول سبحانه خالدين فيها. ومن الغريب أن ابن القيم الذى ساق الآدلة غير الصحيحة فى أن العذاب غير دائم» قال إن نعيم الجنة دائم» وأنه لا مرية فيه» مع أنه جاء فى سورة «هودا الآية الخاصة بنعيم الحنة والاستثناء بالمشيئة أيضاء فقد قال تعالى: ل وأما الّذدين سُعدُوا فَفى الْجِنّة خالدين فيها ما دَامَت السّمَوات والأرْض إلا مَا شاء ربك عطَاء غَيْرَ مُجَذُوذْ 029 4 [هود] . وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: إن بك حكيم عليم» . ختم هذه الآية الكريمة بذلك الكلام» وهو يؤيد مشيئة الله المطلقة التى دل عليها الاستثناء «إلاً ما شاء4 فإن مشيئة الله تعالى تسير على مقتضى ربوبيته التى ربت الإنسان وأتمت عليه بالنعمة» وحكمته التى تقدر الأمور والأشياء والأشخاص» وأنه ما خلق هذا الوجود عبثاء كما قال تعالى: 9 أَفَحَسبتم أَنَمَا خلقناكم عبَا وأَنَكم إِلَينَا لا ترجعون 4052 [المؤمنون] وأن تدبيره للوجود بمقتضى علمه الذى أحاط بكل شىء» تعالى الله علوا كبيرا وتنزهت ذاته وعلت حكمته. وسع كل شىء علما. «وكذلك نولى بعض الظالمِين بعضا بما كَانُوا يكُسبون» . إن الولاء يصلح» ويفسدء فإذا كان الولى صالحا صلح به من والاه» وإذا كان فاسدا أفسد من والاه؛ وقوله تعالى: «وكذلك نُولى بعض الظّالمين بعضا» التشبيه فيه هو تشبيه حال الناس فى تأثير بعضهم فى بعض بالفساد» بحال تولى # تفسير سورة الأنعام ني 00 ٠ ااا‎ ني شياطين الجن أو شياطين الإنس يغرونهم بالفساد. ويحسب أولئك أنهم يستمتعون. أو يستمتع بعضهم ببعض» وكلمة (نولى) ما المراد منها أهى الولاية بمعنى السلطانء ويكون المعنى» وكذلك نجعل بعض الظالمين ولاة على ظالمين مثلهم؛ فيفسد الأمر ويضطرب الحال». ويكون الفساد فى الأرض» بدل الصلاح فيهاء وهذا يفيد أن ظلم الولاة يكون بسبب ظلم الرعية فيما بينهاء كما روى «كيفما تكونوا يولى عليكم7١2‏ وأن فساد الرعية يؤدى إلى ألا يحكمها إلا راع ظالم» فإنهم يتعاونون على الظلم والعدوان» ولا يتعاونون على البر والتقوى» وإن الوالى الظالم يجد العون على ظلمه من الرعية نفسهاء وهذا منهى عنه بقوله كككة: «من أعان ظلما سلط الله تعالى عليه ظالما»("2 وقد رأينا ذلك» وإنه إذا كان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء منع ظلم الرعية» ولقد قال النبى ككلِ: ١لتأمرن‏ بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدى الظالم» ولتأطْرنّه على الحق أطْراء أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعضء ثم تدعون فلا يستجاب لكم»(©. ووجه الشبه فى الظلم بين الراعى والرعية بالتولى بين الجن والإنس» بإغراء الأولين وتلقى الآخرين وأن كليهما ظالم. هذا إذا فسرنا التولية بمعنى السلطان» سلطان الظالم من الحكام على الرعية الظالمة الفاسدة؛ ويرشح لهذا المعنى قوله تعالى: «بما كانوا يكسبون» أى بما كانت الرعية تكسب من ظلم فى نفسهاء وظلم فى معاملاتها وفساد فيما بينهم يفسدون ولا يصلحون» فيجىء حكام على شاكلتهم فيتشاكلون فيما بينهم. يحكمون بمثل أخلاقهم . )١(‏ جاء في كشف الخفا:ج”ء ص184 بلفظ: «كما تكونوا يولى عليكم» وقال في الأصل رواه الحاكم» ومن طريق الديلمي عن أبي بكرة مرفوعاء وأخرجه البيهقي بلفظ: «يؤمر عليكم»» وذكر أيضا أنه رواه الطبرانى. () رواه ابن عساكر في تاريخه عن ابن مسعود رضي الله عنه» رفعهء وقيه ابن زكريا العدوي. متهم بالوضع. كما في المقاصد . وراجع أيضا: كشف الخفا ج21 ص6١7.‏ زفرف رواه أبو داود : الملاحم - الأمر والنهى(57757 ), كما رواه الترمذي أحمد وابن ماجه بنحوه . 1-1 تفسير سورة الأنعام الم 2 حب ا وقد يكون معنى تولية الظالمين بعضهم بعضاء بمعنى الولاء النفسىء والتشاكل الخلقى» فكما أن الإغراء يكون من الجن للإنسان» فكذلك يكون الإغراء بالشر بوسوسة الولى لوليه» كالصديق للصديق» وإن الأولياء الظالمين يسرى بينهم الظلم سريان المرض بين المرضى» فإن السلامة لا تنتقل بالعدوى» ولكن العدوى تتتقل من المرضىء وسثل الظالين كمثل المرضى يسسرى الظلم فيهمء فيتظامون. ويتبادلون الظلم» ويسرى من بعضهم إلى بعض . وعندى أن الآية الكريمة تحتمل التخريجين» ولا مانع من الجمع بينهماء والتشابه قائم فى الخحالين. عي - يمحس ران وا أ 8 جسن و فسأ ياد 1 2 كنك ءيق ينف رُودك رآ َو اهالوأ صيك تع أنطيعوعء ته يلدي تدواع أنشيي أ مركا وأ كافرت 2 22 ذلك أَنلّهَ يكن ريك 000 ميك الْفرك بطل هلعفو 00 4 واس ساس سلا افر و ملوأ وَمَارَيُلَكَ ُلكيِعَتفْلِعمً بعد أن بين الله تعالى أنه سبحانه وتعالى يكشف يوم الحشر استغواء الجن لأوليائهم من الإنس» واستكثارهم من ذلك» وشعور الإنس بأنهم انتفعوا انتفاع متعة لا انتفاع مصلحة» بعد ذلك بين تقصيرهم جميعاء وأنهم مخاطبون جميعا بهذا التقصير» وأنهم خوطبوا جميعا بالرسل» فما استجابوا للحق فقال تعالى : 9 تفسيرسورة الأنعام الل ا كوه :2 ني ليا مُعْشَرَ اجن والإنس ألم يأنَكُم سل مََكُم يصون عَليِكُم آياتى ويُندرُوتَكُم لقاء يومكم هذا». (المعشر) الجماعة العامة» يا جماعة الجن والإنس ألم يآأتكم رسل منكم. . والخطاب للجن والإنس معاء وقدم الجن: لأنهم الذين كان منهم الاستغواءء والإنس استجابوا لاستغوائهم» فهم أساس الشرء إذ هم الذين وسوسوا بالشرء وهم الذين دعوا إليه وأغووا به؛ ولذا قدموا عند اللوم على إهمال دعوة الرسل؛ أولا. والإنس كان لومهم؛ لأنهم أطاعوهم» فالضل منزلته فى الضلال أقوى من منزلة من استجاب للتضليل اختياراء وقوله تعالى: «ألم يأتكم رسل منكم» فيه استفهام إنكارى لإنكار الوقوع» وفيه معنى التوبيخ والتأكيدء والمعنى قد أتتكم رسل منكم. والرسل» أهم من الإنس واللجن» أم من الإنس فقط؟ والأكثرون على أنهم من الإنس فقطء أولا- لآن الله تعالى لم يذكر رسلا من الجن قطء ولو كان منهم رسل لذكرهم؛ وثانيا- لأن إرسال الرسل كان لما صنعه إبليس مع آدم إذ وسوس له أن يأكل من الشجرة» فكان الهبوط». وكانت الهداية بالرسل لقوله تعالى: «فَإِما يأتِيتَكم مَنَى هدى فَمَن تَبِعَ هداى قلا وف عَلَيْهِم ولاهم يَحْرِنُودَ 0 4 [البقرة]. وثالثا- أنه جاء النص بأن الرسل ذوو الكتب المنزلة» وجاء على لسان الجن ؛ أنهم خوطبوا بما جاءوا بدء فقد قال تعالى عنهم: «إِنّا سمعتا كتابا أنزل من بعد موسئ مصدًا لما بين يديه يهدى إِلَى الْحق وإلّى طرِيق مسقي © يا فنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يعفر لَكُم مَن ذنُوبكُم ويج ركم من عدا ب أَلِيم 9© ومن لأ يجب داعى الله ليس بمعجز فى الأرض وليس لَه من دونه أَولَاء أولك فى ضلال بين 69 4 [الأحقاف]. ورابعا- أن الله تعالى ذكر الأنبياء وكلهم من الونسء فذكر أعدادا كبيسرة» ثم قال تعالى: « منهم مّن قَصصنا عليِك ومنهم من لَمْ تقصص عَلَيِكَ 69 4 [غافر]. ولم يذكر ولا بالإشارة أن فى الجن رسلا أرسلهم . لهذا رجح الأكثرون أو اختاروا أن الرسل ليسوا من الجن» ولكن قال بعض العلماء إنه كان من الجن رسل» أخحذها من هذه الآية» وهى قوله تعالى: #ألم ها تفسير سورة الأنعام ملل حي لحب اد يأتكم رسل سكم فالتعبير يشير إلى أن من الجن رسلا؛ لأن الرسل من الفريقين» ولأن قوله تعالى(منكم) قريب من قوله تعالى : : للَقَدْجَاءكُم سول مَن أنفسكم عَزِير عليه ما عشم خريص عَليكُم بالْمؤمبين رءوف رُحيم 058 © [التوبة]. وقد أجيب عن ذلك بأن هذا لا يقتتضى أن يكون من كل فريق رسول» بل إن الظاهر أن يكون الرسول من جماعة الجن والإنس معاء وبذلك يسوغ أن يكون من أحدهما دون الآخرين ما دام ينطبق عليه أنه من جماعة الإنس والجن فهما جماعة المكلفين» وضربوا لذلك مثلا قوله تعالى: «( مرج البحرين يلتقيان 09 بينهما بررَخ لأ ييغيان 62 © فَبأَىآلاء ربَكما تُكَدَبَان 09 يحرج مهما اللولو والْمرجَان 469 [الرحمن]. فذكر سبحانه أنه يخرج من البحرين اللؤلؤ والمرجان مع أنه لا يخرج من الماء العذب اللؤلؤ والمرجان بل يخرجان فقط من الماء الملح» ولكن عبر عنهما بقوله تعالى (منهما)- لأنه ذكر البحرين» وهو يخرج منهماء وإن كان لا يخرج إلا من أحدهما. وإن أولئك الرسل» يقصون آيات الله تعالى الدالة على الوحدانية» وأنه قادر على كل شىء؛ ولذا قال تعالى: «يقصون عليكم آياتى وررونكم | لقاء يومكم هذا». (يقصون) من القصص» أو قص الأثرء والآية الكريمة تحتملهماء والمعنى على الأول» يذكرون لكم آياتى التى جاءت على أيدى الأنبياء السابقين» فكل رسول يتقدم بالآيات التى أجراها الله تعالى على يديه» ويذكر آيات من سبقوه من الرسل السابقين له فمحمد 5 تقدم بالملعجزة الكبرى وهى القرآن» وكان معه آيات أخرى من خوارق العادات» وإن لم يُتحدَ بهاء وذكر الآيات التى جرت على يد عيسى -عليه السلام- من إحياء الموتى» وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى إلى آخر ما جاء فى القرآن الكريم من آياته» وذكر فى القرآن معجزات موسى -عليه السلام- من العصاء وفلق البحر» وانفجار الماء من الأحجار» وغير ذلك من المعجزات الباهرات الدالة على رسالة الله تعالى» وعلى قدرته القاهرة» وآياته الباهرة. ها تفسير سورة الانعام ١‏ الل ذخ 01 لحب ا: فالأنبياء قصوا آيات الأنبياء قصوها فى مجموعهم. لا فى آحادهم, وبذلك كانت الآيات بين يدى الجن والإنس معلومة ظاهرة بينة تدعوهم إلى الإيمان بالله واليوم الآخرء وتنذرهم بلقاء ربهم فى ذلك اليوم فلم يتعظواء ولم يعتبرواء وكان ذلك اللقاء الذى وراءه الحساب والعقاب. هذا إذا خرجنا كلمة «يقصون عَليْكُم آياتى4 على معنى القصصء وإذا خرجناها على معنى قَص الأثرء أى تتبع الأثر واستدل» يكون المعنى فى نظرنا أن الرسل عليهم السلام يتتبعون آيات الله فى الكون» من سماء ذات أبراج» وأرض ذات جبالء وماء ينزل من السماء إلى الأرض فينبت كل شىء» ويكون منه كل شىء حى» ورياح تجرى بإذن الله وسحاب مسخر بين السماء والأرض» وغير ذلك من آيات الله» قَصّ رسل الله تلك الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى أولاء وعلى قدرته القاهرة التى تقدر على الإعادة كما قدرت على الإنشاء» وكما قال تعالى: 9 كما بدأكم تعودون 69 4 [الأعراف]. وإنه من بعد ذلك كان الإنذار باللقاء» والإنذار باللقاء ليس بذات اللقاء» ولكن بما وراءه من حساب وعقاب» ودخول جهنم والعياذ بالله من نارها وشرها. هذا ما نراه فى معنى القص» ونرى أن الآية تحتمل المعنيين» ولا مانع من الجمع بينهما بأن يكون المعنى ذكر قصص آيات النبيين التى جرت على أيديهم» وتتبع الأنبياء لآيات الله فى الكون الدالة على وحدانيته وكمال قدرتهء هذا ما يقوله الله تعالى للجن والإنس فى ذلك المشهد الرهيب» فبماذا يجيبون؟ َالو | شهدنا على أنفسنا وعَرَتُهم الْحياةٌ الدنيا» . ومعنى (شهدنا) أقررناء فإن الشهادة تكون بمعنى الإقرار» وبمعنى الإثبات» وبمعنى الحكم» وهى هنا بمعنى الإقرار المبنى على المعاينة والرؤية» فهو إقرار مؤكد بالمعاينة والمشاهدة لا بمجرد الإخبار عن أمر مغيب» وأكدوا الإقرار بأنه على أنفسهم» وهذا الإقرار موضوعه أن الرسل قد أتوا إليهم» وأشارت الآية إلى أنهم شهدوا على أنفسهم بمجىء الأآنبياء ولم يؤمنوا بهم» ولم يصدقرهمء وأشار ل.ل تفسير سورة الأنعام ال ١م‏ سب أ سبحانه إلى السبب فى عدم صدقهمء فقال تعالت كلماته: ظوَعْرْهمْ الحياة ادناه أى غرهم ما فيها من متع» تسلط بها الجن على الإنس فضلوا وأضلواء ولذا قال سبحانه بعد ذلك عنهم: «وشهدوا عَلَْ أنفسهم نهم كانوا كافرين4. كانت الشهادة الأولى على أنفسهم بأنهم جاءتهم الرسل» ثم ذكر ما يشير بأنهم لم يؤمنوا بالرسل» إذ غرتهم الحياة الدنياء فدلاهم بغرورهاء (واستجابوا لغواية الأبالسة)؛ ولذا كان تكرار الشهادة والإقرار» وإذا كانت الشهادة الأولى إقرار بأن الرسل دعتهم إلى الحق» فالشهادة الثانية إقرار بأنهم دعوا إلى الحق وكفروا به؛ ولذلك قال تعالى: :الِوَشَهدوا على أنفسهم َنِم كانوا كافرين» وهى إقرار على أنفسهم بالكفرء وهى شهادة تنطق بها ألسنتهم وجوارحهم وقلوبهم» ش وماس وس كما قال تعالى فى آية أ أخرى: يوم تشهد عليهم السنتهم 69 4 [النور]. ولقد اعترض بأنه ذكر أنهم يكونون فى حال فتنة» ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا: والله ربنا ما كنا مشركين» وقد أجيب عن ذلك بجوابين: أولهما- أنهم كانوا ذ فى اضطراب من هول الموقف» فمرة ينكرون» وذلك بسبب ما فتنوا به» وما أخذت به نفوسهم المضطربة الحائرة. وثانيهما- أنهم فى حال الإنكار كانوا فى اضطراب» ولم يكن كشف لهم المكتوب عليهم, والمسجل عليهم فى كتابهم فقد كتب عملهم فى سجل» كمن يكون فى حساب وتحقيق فى القضاء فينكر ابتداء» فإذا عرض عليه فعله المسجل اضطر إلى الإقرار؛ لأنه يحس بأنه لا مناص من أن يقر»ء والله أعلم بما يكون فى ال ساص أي 86> (ذلك)» الإشارة إلى إرسال ل الرسلء وقصهه للبينات» وآيات الله وذكر بوم القيامة» كل هذا ليكون نذيرا لأهل القرى حتى يهلكهم الله تعالى بظلمهم» وهم 9 |/##ا تفسير سورة الانعام ل ل ذ[ [ [ 1 1 1 2*2#*#5 حمل ب_رمزر بي غافلون والقرى المدائن الكبيرة» وقيل: إن الإشارة إلى شهادتهم على أنفسهم بمج ى ء الرسل » وشهادتهم على أنفسهم بأنهم كفروا بهم » فإذا كان قد ثبت ما ارتكبوا من جرائم وذنوب» ثبت بإقرارهم» فالحجة قد قامت عليهم» فلا ظلم ولا وهنا إشارتان بيانيتان إحداهما- أن الله تعالى ذكر هلاك القرى» والهلاك نازل على أهلهاء ولكنه ذكر القرى» وحذف الأهل للإشارة إلى عمومه وشدته وأنه لا قبل لهم به . الثانية- أنه نص على المحذوف فى قولهء (وأهلها غافلون)» فكان المحذوف هنالك مذكوراً هناء ونفى الله تعالى الغفلة عنهم عند نزول الهلاك بهم إذ أنذروا بالرسل والآيات» كما قال تعالى :وما كنا معدابين حَنَي نَبِعَثْ رَسُولاً 6 4 [الإسراء] وكما قال تعالى: لا ون من َمِل خَلا فيها تير 69 » [فاطر] وقال تعالى عن أخبار جهنم (١:‏ كلما ألقى فيها فوج سألهم حَرنُها ألم يكم تير دك فَانُوا بلئ قد جاءنا نذير فَكَذبمَا وقُلنَا ما نل اللَّهُ من شَىء إن نكم إلا فى ضّلال كير 9 »4 [الملك]. اوقد نفى الله تعالى أن يهلك القرى قبل الإنذار؛ بقوله تعالى: إذلك أن لم يكن ربك مهلك الْقَرى» نفى -سبحانه وتعالى- عنه وصف الإهلاك باسم الفاعل/ من غير إنذار تأكيدا للنفى» ومنعا للظلم. وقوله تعالى ذلك أن لم يكن» (أن) مخففة من الثقيلة» وهنا ضمير محذوف هو ضمير الشأن» والمعنى أنه ليس من شأن ربك أن يكون مهلكا للقرى. والظلم المنفى» أهو نفى الظلم عن الله أى أن الله تعالى لا يهلك القرى وأهلها غافلون ظاما لهم بعدم الإنذار» كقوله تعالى: 9 وما أنا بِظَلاُم للعبيد 69 4 [ق] وكقوله تعالى :إن الله لا يظلم الّاس شيْمًا 0 4 [يونس] أى أن الله سبحانه وتعالى مهلك قرى المشركين» ولكى يكون الهلاك عدلا لا ظلما كان الإنذار. # تفسير سورة الأنعام الال م وهناك تخريج آخر ذكره ابن جريرء وهو الظلم منهم» والمعنى أنه ما كان ربك مهلك القرى بظلمهم وإشراكهم» وهم لم ينبهوا بمنع ذلك الظلم . وقوله لوَاَهلُها عَافلُون4 حال من القرى» والمعنى ما كان الله ليهلكهم حتى ينذرواء ويبين لهم الحق.ء حتى يهتدوا عن بينة أو يضلوا عن بينة» والله الهادى إلى سواء السبيل. «ولكل درَجَات مما عملوا». ولكل من المكلفين درجات فى القيام بما كلفوه من أعمال» فمنهم من يحسن » ويبلغ أقصى درجات التقوى فيكون له فى الجنة على مقدار ما فعل» ومنهم من يفعل دون ذلك فيغفر الله تعالى ما شاء أن يغفرء ورحمته سبحانه وتعالى قد سبقت غضبه وعذابه» فيعطى بمقدار ما عملء. وكذلك العصاة درجات» فمن أطاع الكبراء له عذاب يناسب طاعتهم» أى أن الطاعة لها مراتب» والعصيان له دركات» والمنافقون فى الدرك الأسفل من النارء كما قال تعالى ولك الدين حق عم الول فى مد َس من قبلهم من الجن والإنس إنهم كَانُوا خَاسرِينَ 62 وَلَكُلَ درَجَات مَمّا عملوا وليوقيهم أَعمالّهم وهم لا يظَلَمون اق [الأحقاف]. ويكون المعنى على الدرجات فى الخير والشرء وأهل الخير درجات» وأهل الشر دركات متفاوتة» على مقدار شرهم وإن كانوا جميعا منغمرين فيه كما قال تعالى : « الّذينَ كَمَرُوا وَصّدُوا عن سَبيل الله زدنَاهُم عَذَابا فَوْق الْعَدَابِ ما كانوا يفسدون 69 4 [النحل] . وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الدرجات فى العذاب فقط؛ لأن الآيات فى تهديد الكافرين وإنذارهم لا فى جزاء المؤمنين ودرجاتهم . وعندى أن الآية فيها تبشير للمؤمنين» وأنهم درجات» وإنذار للكافرين وإنهم فى دركات جهنم طبقات» والآية الكريمة تفيد أن الدرجات ما عملوا أى #/( تفسيرسورة الأنعام تم لل 0000 0 0 1 23571 أب ا مأخوذة من أعمالهم» فإن كانت خيرا فخيرء وإن كانت شرا فشرء فهى مشتقة منهاء ومن جنسها. وما ربك بغافل عما يعَملُون». إن هذه الأعمال يعلمها الله تعالى لا يخفى عليه شىء فى الأرض» ولا فى السماء» فهو جزاء لما يعملون» جزاء من يعلم كل شىء» ولا يخفى عليه شىى. ولذا قال تعالت كلماته: «ومًا ربك بغافل عمًا يعمَلُونَ4 عبر سبحانه وتعالى بنفى الغفلة عنه -سبحانه وتعالى- نفيا مؤكداء بمؤكدات ثلاثة أولها -التعبير بالجملة الاسمية» وثانيها- دخول «الباء) .التى تدل على استغراق النفى . ثالثها- التعبير ب (ربك)؛ لأن الرب هو الذى رب النفوس والأخلاق فهو أعلم الوجود بهاء وأخبرهم بأحوالهاء فجزاوه جزاء من يضع العقاب فى موضعهء والثواب فى مكانه . ظ دبك الم العم ديكا نحم ين من دركَةٍ سي 4 ذ 2 توعدو لت ومنت يمُعْجت 06 عمَواعَ مكَتِيحك إن كاي ل سَسَوْق يَدكثو سس كر ث لَمعبة تاناطرس « إن الله سبحانه وتعالى أشار إلى أن الكافرين يجحدونء» وقد قامت الآيات ويردود الآيات» ويكذبون رسل الله سبحانه وتعالى» وقد أوتوا بالبينات من - تفسير سورة الأنعام م لال ىم 1-7 ربهم» وما من نبى إلا أوتى ما مثله آمن عليه البشر. وفى هذه الآية الكريمة يبين سبحانه وتعالى أن الله غنى عن العباد» فلا يستفيد من عبادتهم إن عبدوه مخلصين» ولا ضير عليه من كفرهمء إن كفرواء ولكن الله تعالى برحمته بهم يريد لهم الحق» ولا يرضى لعباده الكفر» ولذا قال تعالى : «وربك الى ذو الرّحمة» . (الواو) عاطفة عطفت هذه الجملة على ما قبلهاء وصدرها بقوله تعالت كلماته : «وربك» أى خالقك» ومربيك وقد تولاك بربوبيته كما تولى الوجود كله بربوبيتهء وهذا ترشيح لمعنى أن الغنى من لا يحتاج فيكون فى غناء عن غيرهء ومن هو قائم على الوجود لا يحتاج لأحد فى الوجودء وقد ذكر سبحانه أنه الغنى وحدهء فكل من فى الوجود يحتاج لغيره والله تعالى لا يحتاج إلى أحد» تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا»ء وقد عرف الله سبحانه وتعالى الطرفين فى قوله تعالى: «وربك الْغنى» وتعريف الطرفين يدل على القصر أى لا غنى فى الوجود سواهء كما قال تعالى: ( يا أَيُهَا الئاس أَهمالْمقَراء إِنَى الله واللَه هو الْعَىْ الْحَمِيد 69 4 [فاطر] . ووصف الله سبحانه وتعالى بعد تأكيد أنه الغنى وحدهء وأن كل من فى الوجود فقراء إليه - بأنه ذو الرحمة أى أنه صاحب الرحمة وحده» و(ذو) بمعنى صاحب» فهو الرحيم رحمة مطلقة بعباده» ورحمة غيره رحمة نسبية» تليق بالمخلوقاتء» أما الله تعالى فرحمته واسعة» وسعت كل شىء» خلق الكون والناس برحمتهء وخلق العقلاء وكفلهم برحمته» وأنزل من السحاب ماء مدرارا برحمته؛ وخلق من الماء كل شىء حى برحمتهء وجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا برحمته» وخلق الموت والحياة برحمته» وخلق البعث والنشور برحمته» وأنشأ السمع والأبصار والأفئدة برحمته. فإذا كان هو الغنى وحده؛ فهو الرحمن الرحيمء والقادر على كل شىء؛ ولذا قال تأكيدا لقدرته وفقر العباد إليه. / تفسير سورة الأنعام 2 لمعل ل أ 1 1 222*001 لسرب رز «إن يش يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشَاء . إن الذين يعاندون الله تعالى» ويحادون رسوله ومن اتبعه من المؤمنين» ويحادون الله بمحادة عباده المؤمنين. الله لا يحاده شىء فى الوجودء فإنه «إن يشأ يذهبكم» لا تكونون فى الوجودء وذلك بإماتتكم أو إفنائكم «ويستخلف من بعدكم ما يُشَّاء4 من الخلق» ومعنى (يستخلف) يكون خلفا لكم فى الأرض ما يشاء من عباده» وجاء الكلام للدلالة على العموم» والمعنى أنكم وجدتم بمشيئة الله؛ ويذهبكم بمشيئتهء ويجعل خلفا لكم من يشاء فأنتم فى حياتكم ومماتكمء وحياة من بعدكم وماته بمشيئته سبحانه» وهذا كما قال تعالى: © وإن تتَولُوا دل قوم ركم 6 يووا اقم و [محمد]. وكما قال تعالى: #إن يَأ يذهبكم يها النّاس ويّأت بآحَرِين 050 # [النساء] وقد أقام سبحانه الدليل على الإذهاب والاستخلاف بحالهم هم فقال تعالى: «إكما أنشأكم من ذَرية فَوْمآحرِين» . أى أنتم لستم أول المخلوقين ولا آخرهمء فقد كنتم ذرية لمن سبقوكم» وهم قوم آخرون» وستكون من بعدكم ذرية» وقوله تعالى: «كما أنشأكم من ذَرِيّة قوم آخرين» :+ تشبيه لخحال الذين يخلفونهم بحالهم» فهو قياس حالهم على حال من يجيئون بعدهمء فإذا كنتم قد نشآتم من ذرية من سبقوكم» فمن يخلفونكم ينشئون من ذريتكم. والخلاصة: الله غنى عنكم» وهو يرحمكمء والوجود يتوالد بعضه من بعض بقدرة الله تعالى والأجيال متعاقبة فإن كنتم جيلا كافراء سيجىء من بعدكم جيل مؤمنء والله على كل شىء قدير. «إِنّ ما توعدو لآت وما نشم بمغجزين». إن أشد إنكارهم كان فى البعث». وكان هو العجب الغريب عليهم؛ فقد كانوا يعتقدون أن الله خالق كل شىء» وأنه ليس كمثله شىء» ولكن يعبدون ما يعبدون من الآوثان ليقربوهم إلى الله زلفى فى زعمهم وما كانوا يؤمنون ا تفسير سورة الأنعام الئل م 289 بالبعث» ولا فى الجزاء بعده» «إوإن تَعْجَب فَمَحَب قَولهم أئذا كنا قراب نا فى خلق جديد 2 4 [الرعد] . وإن البعث يكون بعده الحشر والحساب» ثم العقاب أو الثواب» وقد ذكرهم الله تعالى بالبعث» بذكر ما يكون فيه بما وعد الله تعالى به» وأوعدء وقد ذكر آخر ما يكون فيه وهو العقاب على كفرهمء والثواب لغيرهم» فقال تعالى: «إِن مَا تُوعَدُونَ لآت4 (ما) هنا اسم موصول بمعنى الذى» وقد حذف الضمير من الصلة» والمعنى إن الذى توعدونه لآت» فأكد سبحانه وتعالى إثبات ذلك الذى أوعدوا به ب (إن)» وبالجملة الإسمية» وباللام» فى قوله تعالت كلماته «لآت» وكان الكلام بالبناء للمجهول» لزيد التهديد بإبهام الوعيدء وعدم ذكرهء ليذهب فيه العقل كل مذهبء وبعدم ذكر من أوعد وهو معلومء ليزدادوا خوفاء فيضعفوا عن المقاومة» ويؤمن من كتب الله تعالى الإيمان له» ويستمر فى غيه من كتب الله العقاب له. وإن الله تعالى قادر على كل شىء فهو قادر على إعادتهم؛ كما هو قادر على إنزال العقاب بهم؛ ؛ ولذا قال تعالى: وما أنتم بمعجزين» نفى الله تعالى قدرتهم على إعجاز الله تعالى عن الإعادة» فإنه قادر عليها كما قال تعالى: إ كما بَدَكُم تعودُونَ 9 قَرِيقًا هَدَئ وَقَرِيقَا حَقَ عليّهِم الصّلالة 9© 4 [الأعراف] وكما قال تعالى : : الثُل كُونُوا حجارة أَوْحَدِيدا 9 أو حلا َم يبر فى صدو ركم فسيقولون من يعيدنا 3 الْذى فطركم أَوّل مرة فسينغضون ! لَك رءوسهم , ويقولُون متئ هو قل عسئ أن يَكُونَ قَرِيًا 29 4 [الإسراء] . ونفى سبحانه وتعالى قدرتهم على الامتناع عن عقابه» فهو مالك يوم الدين» وهو المسيطر وحده 8. .. لَمَن الْملّك ايوم لله الواحد الْقَهَارٍ 403 [غافر] . وهنا فى قوله تعالى: «إوما أَنشُم بمعجزين» إشارات بيانية : لأا تفسير سورة الأنعام 0 70000 19+29191919191919191911++31+©1!'!ك“«ظكظ1[1!1[1|1[ 1[ 1[ 1 232*2005111 2/5 ااا ١‏ بي أولاها- ذ فى النفى المؤكدء فقد أكده بذكرهم وخطابهم» وبذكر الضمير (أنتم)» وباستغراق النفى بذكر (الباء)» وبأن النفى منصب عليهم» أى ليس من شأنهم أن يعجزوا لأنهم ضعفاء» والضعيف لا يعجز أحداء كما قال تعالى: «... وخلق الإنسان ضَعيفًا 462 [النساء] . الإشارة الثانية- أنه لم يذكر فى النفى من يعجزونه. فلم يذكر الله تعالى إعلاء لاسمه الكريم عن أن يكون مظنة عجز أو أن يعجزه أحد» إذ إعجازه مستحيل » ونفى أمر هو مستحيل فى ذاته غير سائغ » فى سنة البيان. الثالثة- نفى عموم الإعجاز من أى نوع هوء ولقد قال يَككِهِ: «يا بنى آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى» وما أنتم بمعجزين»0©. وإنهم يستمرون فى طريقتهم من معاندة محمد يكل وجحودهم وإيذائهم له عليه الصلاة والسلام ولأصحابه الذين اتبعوه مخلصين مسلمين وجوههم لله تعالى » وقد هددهم سبحانه وتعالى بأمر النبى كك لهم أمر تهديد لقوله: هفل يا قوم اعملوا على مَكَانَكُمْ إِنَى عامل» . وقد أمر الله تعالى نبيه الأمين أن يتولى هو القول التهديدى» وهو اعملوا على مكانتكم»؛ والمكانة: الطريقة» أو الأمر الذى مكنوا منه» والأمر هنا للتهديد بالإشارة إلى عاقبة ما يفعلون, كقول النبى كَلِْهٌ: «إذا لم تستح فاصنع ما شعت200, فالأمر (اصنع) للتهديد بأن يفعل متحملا تبعة ما يفعل ونتيجته» فإن كتتم تزعمون أنكم على حق فاعملوا وسترون العاقبة» وإنى عامل على ما أدعو إليه؛ وهو الحق الذى لا ريب فيه» ولكل وجهة هو موليهاء فكونوا كما تريدون لأنفسكم . . رواه ابن أبى حاتم» وخرجه الحافظط العراقى : الإحياء: ج؟ » ص277‎ )١( (؟) سبق تخريجه.‎ ا تفسير سورة الأنعام لما 0-2 أجل وإنه فى هذا المقام المهدد المنذر الذى يحملهم الله سوء ما يعملون - يأمر نبيه بأن يناديهم نداء يقربهم ولا يبعدهم ود يدنيهم ولا يجافيهم» فقال تعالى: #قل يا قوم» فأمره تعالى بأن يناديهم بما يربطه بهم وهو أنهم قومه الذين تربطهم رابطة النسب» فيحب خيرهمء وإنهم إن كذب الناس جميعا لا يكذبهم» فهو يناديهم بنداء المحب الذى لا يعادى ولكن يذكرهم بالحقائق التى لا تقبل مداجاة(2. ولا مواربة» وكأنه إذ يحملهم تبعة ما يعملون لا يبعد عنهم بل يدنيهم» ليهديهم» فالهادى لا بد أن يكون قريبا من أنفس من يتصدى لهدايتهمء ولقد ذكر من بعد ما يشير إلى العاقبة» وأنهم سيعلمونها علم البيان» فقال: «فُسَْف تَعلَمُونَ من تَكُون لَه عاقبَةَ الذار» . (الفاء) هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء و(سوف) هنا لتأكيد الوقوع فى المستقبل؛ أى سوف يعلمون بالعيان لا بالخبر من له عاقبة الدار» و(العاقبة) النهاية التى تعقب ما يسبقها من أسباب تؤدى إليهاء و(عاقبة الدار) المراد بها نهاية هذه الدار» وعاقبتها تكون لمن» والدار هنا قد تراد بها مكة وما حولها مما يسيطرون عليه» أو البلاد العربية» أو الدار الدنيوية على العموم. أى سوف تعلمون من تكون له فى النهاية» وفى عاقبة الأعمال الدار والسلطان» فالمراد من تكون له العاقبة فى الدار والسلطانء وينصره الله تعالى حيث يكون لأهل الحق السلطان. ويصح أن يراد الآخرة» وعندى أنه يراد الداران» أما الدار الآخرة» فأمرها إلى الله تعالى» وقد أشار سبحانه وتعالى أن النعيم المقيم يكون للمؤمنين» والجحيم يكون للكافرين. وأما فى الدنيا - وهذه الآيات قد نزلت بمكة - فإنه قد آل أمر البلاد العربية من اليمن إلى حدود الشام إلى المؤمنين فى عصر النبى يل وصارت الكلمة للمؤمنين» وحقت كلمة الله تعالى: ل نا صر رَسُلَنا وَالْذينَ آمَُوا فى الْحَيّاة الانيا )١(‏ المداجاة: المداراة. الصحاح (دجى). ((98اا تفسير سورة الأنعام 02 الل 1 1 1 0 *ة2”2**5 لح زاة ريوم يقوم الأضهاد 9© يوم لا ينف الالمين مَعدرتهُم لهم ال ولهمْ سوم الذأر 29 [غافر] وقال تعالى: «( كتب الله لأَغلبن أنا ورسَلى إن الله فَوِىُ عَزِيرٌ © 4 [المجادلة] . هذه عاقبة الدار فى الدنيا والآخرة» ولقد ختم الله تعالى الآيات بقوله: لإنه لا يفلح الظَالمُون4. الضمير ضمير الشأن» أى إن الله والشأن وسنة الله تعالى فى خلقه لا يفلح الظالمون» أى لا يفوز الظالمون؛ والتعبير بالوصف يشير إلى أن الظلم هو سبب الخسران» وإنه وإن بدا الظلم قويًا غالبا فائزً فإلى حينء والعاقبة للعادلين المنصفين المقيمين للحق» وللظلم صور شتى: ظلم فى العقيدة» وظلم فى العمل» وظلم فى الحكم وظلم فى المعاملة بين الناس» فإن الظالم لا يفوز فى نهايته» وإن فاز فى بعض الأمور العرضية» والله هو الحكم العدل. تمريم ما أحل الله لدم َجَعَلوأِم مداص الْحَصَرْثِ ث وا لاتير فَمَاكَاَ كشرع 1 ل واكاك ]نمويه لإ شر كاي :* كرايخ حكتوت ته وكَديلك رَنت لكيْيرةت الُْنْريِت قََلَأوْكددِجِمْ ا لِبَرَدُوهُمٌ وَلِسَلْسْوْعَليهمَ ديهم س1 أيه 0 ع سر ف سر جد 1 جر وَلَوَضََا لله مافعلوه فذرهم وما يموت 73 با تفسير سورة الأنعام ا 0 يم جا اي وَقَالُوامزِ.داً َمدْوََرَتُ حِجْرٌلَيِطعَمهَآإِلَامن َه كام رعيهم وأعلحرمت” ظَهُورَهَا ارو سَمَاَلَه عَلِيَهَا فآ عليه مسي مسيجَزِيهم يِمَاكَانوأ 7 52 كائو ماف بو كن الك خَ الم إُرُحكورًا 2-0 ع زوجتا وإِن يكن د ٠.‏ ل ا ماه م ينه فَهَمْفِيهِ شر ع سيجريهم وصفهم وله آ#ه ا ا كيم علي 4 علق :09 قل حيرا لذن فََلوأ وَلددَ 2 0 010010 سه رم ا سَفَهَناِفَرِعِرٍ وَكَرَموأمَاررْفَه ماله أ فراع لاله َدَحمَنُوَأْوَمَاكانوامُهَتَربت 9 وف إن فساد الاعتقاد يؤدى إلى فساد الأعمال» فحيث فسدت العقيدة» اتجهت النفس تحت تأثير الأوهام إلى مفاسد كثيرة» فالأوهام التى تفسد الاعتقاد تفسد أيضا الحياة» فتحت تأثير أوهام الوثنية أفسدوا حياتهم» فحرموا على أنفسهم بعض ما أحل اللهء وقتلوا أولادهم حاسبين أن ذلك يرضى أوثانهم» ونذروا للأوثان بعض الزرع والنعم ولله نصيب» فكما سووا بينها وبين الله فى العبادة؛ أو زادوهم» فكذلك سووا بينه وبينها فى النذر وتحيفوا فى تنفيذها لله ولم يتحيفوا على الأوثان» ولذا قال تعالى: «وَجَعَلُوا لله مما ذراً م من اْحَرْث والأنْعَامِ تصيبًا فَقَانُوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا» . 9 ل تفضسير سور هّ الانعام للم ا ا 111111 لب-ها] رب > 1 (الواو) تصل هذا الكلام بما سبقه من جحودهم وكفرهم وعنادهم يباب آخر من مفاسدهم مترتب على فساد عقيدتهم» وخضوعهم لحكم الأوهام فخضعوا بحكم الأوهام فى الأصنام أيضاء أن جعلوا بهواهم ومن غير دليل من الشرع أو النقل عندهم - جعلوا من الحرث والأنعام وهى الإبل والبقر والغنم» جعلوا نصيبا لله ينفقونها فى الضيافات» وإعانة الفقراء» وجعلوا شيئا آخر أو نصيبا آخر لآلهتهم ينفق لسدنتها وخدمتهاء مع أن الجميع ملك لله تعالى» فقالوا: هذا لله وهذا لشركاتثناء أى لآلهتهم . وعبر تعالى عنهم ب (شركائنا)» أى من جعلناهم شركاء لله تعالى باعتقادنا أو ظننا أو نسبناهم شركاء لله تعالى. وهنا إشارات بيانية ننبه إليها: أولاها- أن التعبير ب(ذرأ) أى خلق متولدا من الحب, وانفلاق النوى» فالله سبحانه وتعالى هو الذى ذرأ النبات. وذرأ الثمارء وعبر عنه تعالى بالحرث» وهو نبت الأرض لإنتاج الزرع وهو سبب عادى لإخراج الزرع من الأرضء فأطلق السبب وأريد المسبب» فأطلق الحرث على كل ما أخرجت الأرض من زروع وثمار. الثانية- التعبير بقولهم (نصيبا) وهو قدر ذكروه مسجهولاء ولم يعرفره ليتصرفوا فيه بما يشاءون. وهو المالك لكل شىء» فالأصل أن يكون كله لله تعالى» ويعطى بحكم الله لا بحكم الهوى كل ذى حق حقهء فهو مقسم الأرزاق وهو الخالق لكل شىء» ولكنهم يذكرون نصيباء ويعينونه بأنفسهم» وعلى حسب ما تهوى. ْ الثالثة- قولهم (هذا لله بزعمهم) التعبير (بزعمهم) فى هذاء والزعم معناء الكذب. أو الظن الذى لا دليل عليه يفيد أمرين: أولهما- أن ذلك التقسيم فاسد فى ذاته لأنهم لا يملكون تقسيم الأرزاق» بل الذى يملكها؛ لأنه هو بارئهاء وهو الله تعالى» ولكنهم يتهجمون على الله فيقسمون بأهوائهم وأوهامهم. ومع ذلك يغيرون ولا ينفقون بأمر الله فى أوجه البر فيعتدون. ل ل تفسير سورة الأنعام اا ان ىم أت ل ثانيهما- أن الله تعالى عبر عن أصنامهم ب (شركائنا) لأنهم لا يقبلون أن يقولوا لأوثاننا أو أصنامناء والله تعالى والحق لا يقبل أن يقال عنهم آلهة» فعبر الله تعالى عنهم بقوله: «وهذا لشركائنا» أى للشركاء الذين قلنا إنهم شركاء لله تعالى» وإضافة الشركاء إليهم» » لأدنى ملابسة» ولأنهم ابتدعوهاء وما أنزل الله بها من سلطان ولكنهم لا ينفذون ما قرروا فلا يعطون لله ما قرروه. . بل يطففون؛ٍ ولكنهم كما قال الله تعالى: وِقَمَا كَانَ لشركَائهم فَلا صل إِلَى الله وما كان لله فهو يُصل إِلَئْ شركائهم» . إنها قسمة ضيزى» فينقصون مما هو لله فى زعمهمء ويزيدون ماهو لشركائهم » فما يكون لشركائهم يخصصون لها شينًا غير منقوص» وما يكون لله لا يخصصونه له كاملاً» ويقولون الله غنى» وهؤلاء فقراء محتاجونء والله لا يحتاج لشىء» فإذا كان ما خصص للأوثان لا يكفى سدنتها وخدمتهاء وما ينفق حولها لا يكفيها أخذوا من نصيب الله ليسدوا كل حاجاتها فى نظرهمء وكله إنفاق فى باطل» لا خير فيه. وقد روى أنهم كانوا فى فى الحرثء عندما يخرصون ما ينتج» كل زيادة عما خحرصوه يكون للأوثان» ولا يكون لله وإذا كان الماء الذى يسقى به نصيب أوثانهم قد ذهب إلى حرث الله عدوه حرثا للأوثان» وإذا كان الماء الملخصّص لحرث الله ذهب إلى حرث أوثانهم جعلوا الخارج لأوثانهم» ولوكان قد سقى بماء الله تعالى» وهذا قد روى عن ابن عباس فقد روى عنه رضى الله عنه أنه قال فى تفسير هذه الآبة: إن أعداء الله تعالى كانوا إذا حرثوا حرثا أو كانت لهم ثمرة جعلوا لله منها جزءاء وللوثن جزءاء فما كان من حرث أو ثمرة أو شىء من نصيب الأوئان حفظوه» وأحصوه وإن سقط شىء ما سمى للصمد ردوه إلى ما جعلوه للوثن» وإن سبقهم الماء الذى جعلوه للوثن» فسقى شيئا ما جعلوه لله جعلوا ذلك للوثن وإن سقط شىء من الحرث والشمرة التى جعلوها لله فاختلط 2 0 |إلنذا تفسير سورة الانعام 0 2111 ' لحر > ا بالذى جعلوه للوثن - قالوا هذا فقيرء ولم يردوه إلى ما جعلوه لله وإن سبقهم الماء الذى جعلوه لله فسقى ما سمى للوثن - تركوه للوثن. تلك إذن قسمة باطلة فى مآلهاء وفى أصلهاء ولعل الذى جعلهم يفرطون فى حق الله تعالى. أنهم ماديون» يؤمنون بالمادة وحدهاء فظنهم فى الوثن ما ظنواء وهم يرونه ويلمسونه أنساهم الله تعالى فنسوا أنفسهم » فكل شىء يذهب صنمهم من نصيب الله يحسبون أن الوثن أرادم» فيسقطونه. فضلوا بذلك ضلالا بعيدا . وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: «ساء ما يحكمون» . (ساء) فى معئى التعجب» أى ما أسوأ ما يحكمون به أى أنه أبلغ الأحكام إساءة.» فهو حكم سيى ء فى ذاتهى وعندى أن الحكم السيىء أشد من الحكم الظالم؛ لأن الحكم الظالم قد يكون فى تطبيقه ظالم» أما الحكم السيىء فإنه فى م مه دياه إن الوثنيين تحكمهم أوهام باطلة يتوهمونهاء وتسيطر عليهم أهواء ينسبونها إلى أوثانهم الذى سماهم الله شركاءهم» أى الشركاء التى زعموها شريكة لله تعالى فى عبادته سبحانه . وكما موهوا عليهم فأرادوا تحت سلطان الوهم أن يجعلوا من الحرث والنسل نصيبا لله؛ ونصيبا لشركائهم كذلك زين لهم شركاؤهم أى أوثانهم فى أوهامهم قتل أولادهم . «(زينوا) أى حسنوا وجعلوه كأنهم زينة لهم» يتباهون بهاء «شركاؤهم», ونقول فى معنى الشركاء: أهم الأوثان أم شياطين الجن الذين تغلغلوا فى ا تفسير سورة الأنعام الملل 2 يحبر 3 نفوسهمء وشاركوهم فى إرادتهم؟ إن قلنا إنهم شياطن الجن الذين وسوسوا لهم. وزينوا لهم قتل أولادهم . كما زينوا لهم أن يجعلوا لله نصيبا مما ذرأ من الحرث والأنعام» فالآيات تسير من غير تأويل لظاهرها. وإن قلنا: إن الشركاء هى الأوثان التى جعلوها شركاء لله تعالى فى عبادته فإنها أحجار فكيف تحسن أو تزين» وهى لا تعقل» ولا تتكلم» ولا تضر ولا تنفع ) ونقول إن أوهامهم نحوها من أنها تضر وتنفع وأنهم يريدون إرضاءهاء وقد توهموا أنها تطالبهم بذلك» فإن هذا يكون هو التزيين» فوهمهم نحوها هو الذى زين لهم قتل أولادهم» وقدم (قتل) وهو المفعول على الفاعل وهم (شركاؤهم) لأنه أبلغ فى التشنيع» والقتل هو الأمر الذى لا يبرر. وقال تعالى : «لكثير من المشركين قل أولادهم» فعبر سبحانه بقوله: «لكثير من المش ركين» فلم ينسب إلى كلهم» بل نسب سبحانه إلى كثير منهم» وذلك إنصاف القرآن الكريم فى حكاية أفعال العباد» وقتل الأولاد كان عند كثيرين منهم» وقد نص القرآن الكريم من شناعتهم فى ذلك فى الكثيير من آياتهء ومنها قوله تعالى: ل« وإذا ب بشر أحدهم بالأنتى ظَلَ وجهه مسُوذًا وَهْوَ كظيم 62 يتوارئ من الْقَوْم من مُوء ما بُشرَ به أبُمْسكهُ على هُون أمْيَدسّهُ فى الشُرَاب ألا سَاء ما يَحْكُمُونَ 465 [النحل]. وقال تعالى : 9 وَإذَا الْمَوَءُودةٌ كلت (2) بأى ذَنْب قُعَلت 450 [التكوير] . وكان بعضهم إذا وصل أبناؤه عددا من الأبناء نذر قتل أحدهمء كما يروى عن عبد المطلب أنه نذر إذا وصل عدد أبنائه إلى عشرة قتل واحدا منهم»: فكانت القرعة على عبد الله أبى النبى محمد وَلة. وكان منهم من يقتل أولاده من إملاق أو خشيتهء كما قال تعالى: ولا تَقتلُوا أولادكم من إملاق نحن نرزفُكُم وإيّاهم 4029 [الأنعام] وقال تعالى: 9 ولا تقتلُوا أولادكم خشية إملاق تحن ترزفهم وإياكم 9 4 [الإسراء] . ها تفدسير سورة الأنعام م للا ا فالذين يدعون إلى منع النسل الآن خشية الإنفاق أو للإملاق يدعون بدعوة الجاهلية لعنهم الله وأخزاهم . وقد ذكر الله تعالى ما توسوس به الأنفس.. والأوهام المسيطرة» ونهاية ما تؤدى إليه فقال سبحانه: «ليردوهم وَليلسُوا عليهم ديتهم». (اللام) للتعليل أو ما يسمونها لام كى» وهى مع كونها تعليلا هى بيان نتيجة قتل أولادهم» ذلك أن النتيجة أن يوقعوهم فى الردى هو الهلاك» فمآل قتل الأولاد سواء أكان بالوأد» أم كان بالقتل خشية الفقرء أو للفقرء وقد يكون ذلك بالعمل على منع النسل» بالعزل أو نحوه. مما سماه النبى وك «الوأد الخفى)7) فإن ذلك يؤدى إلى منع نسل الأمة» ومنع نسل الأمة هلاك لهاء وفناء تدريجى لقوتهاء فالولد قوة» والعرب يعتزون بكثرة النفر. وقال تعالى: ولسوا عَلَيْهِمِ دينهم» أى ليخلطوا دين إسماعيل الذى كان الحنفية كدين أبيه إبراهيم» بأوهام كاذبة» وبذلك يفسدونه. وقد أفسدوه بالشرك» وأفسدوه أيضا أن أدخلوا فيه ما ليس من الدين ولا بأمر من الله ونهيه» كما فعلوا فى جعل نصيب الله تعالى ما ذرأ من الحرث والأنعام» ومن قتل الأولاد» فإن هذا خلط ما ليس بالأصل الدينى» وبذلك ضلوا سواء السبيل. «( ولو شاء ربك ما قعلوه فذدرهم وما يقرو 4 إن الله سبحانه وتعالى قدر لهم الضلالة» إذا ستروهاء وتركوا الهداية» وسلكوا سبيلها فاختارها الله تعالى لهم» بعد أن اختاروها لأنفسهم» وإن الله لا يظلم الناس شيئاء ولكن الناس أنفسهم يظلمون» وإذا كان الله تعالى قد كتب عليهم ذلك» فعن مشيئته صدر فعلهمء ولو شاء ألا يفعلوه ما فعلوه» ولكنه شاء )١(‏ رواه مسلم: التكاح- جواز الغشيلة» وكراهة العزل (؟45١).‏ عن عائشة رضي الله عنها. كما رواه الترمذي وأبو داود وأحمد ومالك وابن ماجه. ل تفسير سورة الأنعام الل 0 لبجم بر بي عليك جناح إذا استمروا على غيهم فذرهم أى فاتركهم مع ما يفترونه» يرتعون فى غيه » وما أنت إلا نذير. #وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطء يطعمها إلا من نْشَاء بزعمهم» . هذا كلام موصول بما قبله ما ترتب على العقيدة الفاسدة؛ إذ إنه متى فسدت العقيدة فسد الفكر وضلت الأفهام» فلا يصد عن القلب الذى امتلاً بالعقيدة إلا باطل» وكان أظهر مظاهر بطلان العقيدة الفاسدة ما يتعلق بالحرث والأنعام» فإن فرط أوهامهم فى الأوثان أثر فى حرثهم وأنعامهم» يعطون لها الأكثر وييقون الأقل. وقالوا بأفواههم جازمين فى قولهم مشيرين: هذه أنعام وحرث حجر». أى محجورة وممنوعة ليس لأحد أن يأكل منهاء فمعنى حجر محجورة ممنوعة.ء فهى حجر معنى محجور كذبح بمعنى مذبوح ونقض بعنى منقوض» أى أنهم يشيرون إلى ناحية من الزرع والثمار فيمنعونه» وإلى قدر من الأنعام فيمنعونه» وقرروا أن . الأصل فيه المنع» حتى يكون منهم الإذن بأخذه لمن شاءواء ولكن المنع يكون لمن» ولأجل من؟ قالوا: إنه يمنع لأجل الأوثان تكون لخدمتهم وسدانتهم ومن يكون حولهم» ومن بقى ينفق منهم على من نريد» ويرون أنه ينتفع منه رجالهم دون ومهما يكن فإنهم يقررون أنه ممنوع لا يقربه أحد إلا من يشاءون» وهذا مؤدى ما قال الله عنهم: الا يطْعَمها إلا من نُشَاء بزعمهم». أولاهما- لا يطعمها» أى لا ينال منه أى قدر»ء ولو بالذوق» إلا من نشاء. الثانية- #بزعمهم*» فإنه بزعمهم أى بافترائهم وظنهمء وهى تدل على أن المنع كان على زعم فاسل منهم» لا على حق اعتمدوا عليه» ويدل أيضا على أن ها تفسير سورة الأنعام ١‏ [لالتاتلئ!!ناللل!! لاا لللالااالللاللاةًاأ ناا الاتاال ااا تالالا لالط ااانا خط لاا تالالا لااخخظ ااام خسخسططالاة تتلالا هه : و إطعامهم من يشاءون مبنى على زعم باطل كاختيار الرجال على النساء» وكاختيار خدام الآوثان على غيرهم . وقد ند الله تعالى بهذا العمل فى قوله تعالى : طقل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رق فجعلهم مَنْه حَرَامًا وَحَلالاً قلَآللهُ أذن لَكُم َم عَلَى الله تَفَسَرُونَ 69 4 [يونس]. وإنهم لضلالهم مع علمهم بأن الله تعالى خالق كل شىء وأنه ليس كمثله شىء ما يتخذونه حلالا من طعامهم لا يذكرون اسم الله تعالى» فهم آثمون فيما يحرمون» وآثمون فى تناول ما أحل الله تعالى» ولذا قال تعالى: «وَاَنْعَامُ حُرّْمَتَ 3 ها وأنعَامَ لا يذَكُرُونَ اسم اللّه عليه افعراء عليه 4 كما حرموا على أنفسهم بعض الحرث والنسل؛ حرموا ركوب بعض الحيوان» ولا يذكرون اسم الله تعالى فى الأنعام التى يأكلونهاء فمن الأنعام التتى حرموا ظهورهاء أى لا تركب مهما كانت الحاجة إلى ركوبها ولو كان هناك من يريد ركويها يعنى قد انقطع. ولا يستطيع : البحيرة والحام» فالبحيرة هى التى نتجت منها خمسة أبطن» وكان آخرها ذكراء فإنها تبحر أى تشق أذنهاء وأعفوا ظهرها من الركوب والحمل» وذاتها من الذبح» ولا ترد عن ماء» ولا تمنع من مرعى . والحام هو الفحل من الإبل يضرب عشرا ونتج» فإذا بلغ ذلك قالوا هذا حام» أى حمى ظهره من الركوب» وقد بينا هذه فى سورة المائدة فى ربع (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما). عند تفسير قوله تعالى: فإ ما جعل اللّه من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام 69 > [المائدة] . يحرمون هذا بأوهام سيطرت على أفهامهم» ويقولون هذا من عند الله» وما هو من عند الله أن هذا افتراء افتروه فارتكبوا إثمين؛ إثم تحريم ما أحل الله من الأنعام أكلا وحملاء وإثم افترائهم على الله تعالى بإسناد التحريم إليهء فضلوا ضلالا بعيدا. / تفسبير سورة الأنعام افك رب ا وإذا تناولوا ما أحل الله تعالى ارتكبوا إثما من نوع آخرء وهو ألا يذكروا اسم الله تعالى عليهاء وهو الذى خلقها وأحلهاء وأنعم بها؛ وإنهم إذ لا يذكرون اسم الله تعالى يذكرون أسماء الأوثان» وكان كل ذلك افتراء على الله تعالى» ولذا خحتم الله تعالى الآية بقوله تعالى فى كلامه العظيم: «سَيجزيهم بما كانوا يفترون». أى أن الله تعالى سيجزيهم أشد الجزاء» و(السين) لتأكيد الوقوع فى المستقبل» وسيكون جزاء وفاقا بسبب ما كانوا يفترونه» أى يقصدون الكذب فيه» فقد افتروا على الله وأشركواء وافتروا على الله تعالى وأحلوا ما حرم الله تعالى ونسبوا التحريم إليه» فكان ذلك بهتانا وإئما مبينا. 9 وَقَانُوا مَا فى بطُون هذه الأَنعَام حَالصة لَدَكُورِنا ومَحَرَمِ على أَرْوَاجِنا وإن يكن الكلام موصول فى بيان ما حرموه على أنفسهم أو بعضهم من الأنعام» وما فى بطون هذه الأنعام هى من الإناث؛ لأن الذكور لا يكون فى بطونها شىء يناله الرجال دون النساء» وما فى بطونها الذى يحرم على النساء ويباح للرجال خالصة قيل هو اللبن» وقيل هو الحمل» وأرى أنه يشمل الأمرين» وإن كان قوله تعالى: #وإن يكن مَيتة4 أى إن تبىء به فهم فيه شركاء أى يشترك الذكر والأنثى» يرجح أو يقرب أن المراد الأجنة فى الظاهرء ولكنه لا يمنع أن يكون ما فى البطون يشمل الألبان والأجنة معاء وخصت الآجنة بأنها إن نزلت ميتة اشتركوا فيها جميعا. والإشارة فى قوله تعالى: لوَقَانُوا مَا فى بطُون هذه الأَنْعَام خَالصة لذكورتا» إشارة إلى نوع معين من إناث الأنعام» وقد قال مفسرو السلف إنها البحيرة والسائبة التى لا ترد عن حوض ماء ولا مرعى» إذا ولدت خمسة أبطن» فإن هذه يكون لبنهاء وما فى بطنها من حمل للذكور دون الإناث إن نزل حيا وإن نزل ميتا فهم فيه شركاء بمعنى اشترك فيه الذكور والإناث. اا تفسير سورة الأنعام لل 0100 ا وروى أن لبن الوصيلة والسائبة كان الرجال يشربونه والنساء لا يأخذن منه شيئاء والوصيلة والسائبة لا يذبحان بل تتركان حتى تموتاء فإذا ماتت إحداهما أكل منه الرجال والنساء . وإنه يجب إن ننبه هنا إلى أنهم فى هذا الإفك الذى يأفكونه يجعلون للمرأة من الطعام الشىء الذى يعاف» ويجعلون للرجل الطيب من الطعام» ولا يحرمونه تما يخص النساء. وقوله تعالى: #وَقَالوا مَا فى بطُون هذه الأَنعَامِ حَالصة» «التاء) لتأكيد الوصف بالخلوص» فهى تاء للمبالغة» كالتاء فى علامة ونسّابة» وليست تاء التأنيث؛ لأنها خبر لما فى البطون» وبدليل ما بعدهاء وهو محرم على أزواجناء وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء. هذا ضلال جاءهم من أوهامهم فى أوثانهم وفساد اعتقادهم؛ فإن فساد الاعتقاد يجعل العقل عشا للأوهام وتضل به الأفهام» وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت حكمته: سَيَجَزِيهِم وصفهم إِنَّه حكيم عليٍ4 الوصف الذى جعل سببا للجزاء؛ هو الظلم الذى افتروه فى جعل بعض الحرث والنعم لله» والطغيان فى نصيب الله تعالى وقتل الأولاد من كثير منهم» وتحريمهم بعض الحرث والنسل إلا من يريدون أن يطعموه» وفى الغالب يحيبسونه لآوثانهم إلا من يكون فيما حولهم» هذا هو الوصف» وطغوا فى الظلم فى ذاته» وشرك فى الباعث عليه» وظلم لأنفسهم» وإن قوله تعالى: سَيجزيهم وَصفهم» قالوا: إن معناه سيجزيهم بوصفهم.ء فوصفهم منصوب على نزع الخافض وكان حذف (الباء) فيه بيان أن الجزاء»ء هو على قدر هذا الوصف,. وهو الظلم المبين الذى لا يمكن إلا أن يكون من الشرك وما حوله. وختم الله تعالى الآية بقوله تعالت حكمته: «إِنّه حكيم عليم4 أى أن ذلك الجزاء الحكيم هو من وصفين لله تعالى وهو أنه (حكيم عليم) يضع الأمور ملم ال > اا بمقتتضى حكمته وإرادته» وبمقتضى علمه الذى أحاط بكل شىء» وأنه يعلم ما يخرصون,» وما تجيش به نفوسهمء وما تنبعث منه أفعالهم» وهو السميع العليم. هقد حَسر الذي قَلُوا أولادهم سقها بغيرٍ علّم» . هذا حكم الله تعالى فيهم فى الدنيا والآخرة» فقد خسروا أنفسهم وأولادهم وأموالهم فى الدنياء ونالوا العذاب الدائم فى الآخرة بافترائهم على الله بزعمهم أن ذلك بأمر من الله» أو رضا منهء والافتراء على الله تعالى عاقبته عذاب أليم» وقوله تعالى: #سفها» أى بخفة عقول وجهل» ولا علم ولا سبب للعلم . وأى سفه وخفة عقل وعدم تفكير أقبح من أن يقتلوا أولادهم من إملاق أو خشية إملاق» وفى الوقت نفسه يحرمون بعض أموالهم على أنفسهم» كتحريمهم البحيرة والسائبة والحام والوصيلة» إنه جهل مبين» وعقل سفيهء لا إدراك فيه وينسبون ذلك إلى الله من غير علم. إن الخسارة فى الدنيا واضحة» خسروا أولادهم الذزين هم فلذات أكبادهم بوأدهم أو قتلهم من إملاق أو خشية إملاق» وخسروا أموالهم التى حرموها على أنفسهم بأوهامهم. وأنفقوها إسرافا وبدارا على خدمة أوثانهمء وخسروا إيمانهم» إذ أشركوا بالله وافترواء وأنهم حرموا بالوهم الفاسد» وزعموا أن ذلك تحريم من الله تعالى» وخسروا الحق فى ذاته» وأثموا إثما عظيماء مع قتل الأولاد. «وحرموا ما ررَقَهِم اللّه افتراء عَلَى اللّه» هذا هو الأمر الثانى الذى خسروه» أو كان فيه خسرانهم» بأن رزقهم رزقاء فجعلوا منه حراماء فخسروا ولم ينتفعوا بنعمة الله التى أنعمهاء وافتروا على الله فقالوا بزعمهم الكاذب: إن الله تعالى هو الذى حرمهاء وبذلك حكموا أوهامهم فخسروا عقولهم» وسيطرت عليهم أوهام بثها فيهم الشياطين فهم فى تحريم ما رزقهم ارتكبوا إثمين: إثم التحريم» وإثم نسبته إلى الله تعالى افتراء عليه» ولذلك كان الخسران فى الدنياء والعقاب فى الآخرة» والضلال المبين» ولذا قال تعالى: لحر ناز «إقد ضَلُوا وما كَانُوا مهتّدين». حكم الله تعالى عليهم حكمين وأكدهما: أولهما- الحكم عليهم بأنهم وقعوا فى الضلال والبعد عن الحقيقة» وقد أكد الضلال بقدء لأن قد تكون فى القرآن للتحقيق» سواء أدخلت على الماضى أم على المضارع فلا يكاد فى القرآن استعمالها إلا للتحقيق» فلا تكون للتقريب» ولا تكون للتكثير أو التقليل. فالله قد أكد ضلالهم» وأى ضلال أشد من أن يقتلوا أولادهم للإملاق» وفى الوقت نفسه يمنعون ما رزقهم فيقعون فى الإملاق. الحكم الغانى أنه سبحانه حكم بأنهم ما كانوا مهتدين» فبين فى الحكم ضلالهم وبين فى الحكم أنه ليس من شأنهم أن يهتدواء ولذلك نفى وصف الاعتداء» وأكد ذلك النفى بالجملة الإسمية» وبنفى الوصف عنهم . ونقول هنا إننا بينا أن الخسران فى الدنيا والآخرة» وهو فى الدنيا واضح بين» وفى الآخرة مؤكد. وقد رأينا بعض المفسرين يقولون إن النسارة هى فى الآخرة لا فى الدنياء واستدل بقوله تعالى فى سورة يونس: طقل إِنَ الذين يفترون على الله الكذب لا يقلحون 69 مَمَاعَ فى الدنياثم ْنَا مَرْجِعهم ثم ذِيقُهُمالْعَدَاب الشّديد بما كانوا يكُفرون 69 2 [(يونس]. ولكنا لا نراها تدل على أن الخسارة فى الآخرة فقط»ء وفوق ذلك إن الآية السامية التى نتكلم فى معناها السامى» قد شملت قتل الأولاد وتحريم ما رزق الله تعالى افتراء» أما هذه الآية التى ساقها المفسر الفاضل فإنها فى اتخاذ الولد ونسبته إلى الله بدليل الآية التى قبلهاء إذ يقول الله تعالى: ط انوا انَحَدَ الله ولّدا سبْحَائه هو الى لَه ما فى السّموات وما فى الأرْض إن عندتكم من سلْطَان بهذ َه تقولون عَلَى اللّه ما لا تعلمون 6 ل إن الذن يقرو على لله كدب 4069 ليونس]. إلى آخر الآية الكريمة. . فكان > بمقتضى النسق البيانى للقرآن أن يكون العقاب اللأخروى. أما فى الآية التى نتكلم فى معناها فواضح أنهم خسروا فى الدنيا بقتل أولادهم سفها بغير علم» وتحريم ما أحل الله تعالى وافتراءً على الله تعالى. هاا تفسير سيور - الانعام الل الل ل ل 1[ 1[ 1 1 22320111 م تفسير سورة الأنعام لاملا 0 ٠: الاك‎ 5 وإنه من أقبح ما يتصور الإنسان من سفه الأحلام قتل أولادهمء» وخصوصا وأد البنات» إنهم خسروا بذلك خسرانا مبينا. وقد جاء فى تفسير القرطبى: روى أن رجلا من أصحاب رسول الله يلل كان لا يزال مغتما بين يدى رسول للهء فقال له رسول الله يَكِيِْ: ما لك تكون محزوناء فقال يا رسول الله: إنى أذنبت ذنبا فى الجاهليةء فأخاف ألا يغفره الله وإن أسلمت» فقال يهم أخبرنى عن ذنبك» قال: يا رسول الله إنى كنت من: الذين يقتلون بناتهم» فولدت لى بنت فتشفعت إلى امرأتى أن أتركهاء فتركتهاء حتى كبرت وأدركت» 'وصارت من أجمل النساءء فخطبوهاء فدخلتنى الحمية» ولم يحتمل قلبى أن أزوجها أو أتركها فى البيت بغير زوج» فقلت للمرأة: إنى أريد أن أذهب إلى قبيلة كذا فى زيارة أقربائى» فابعئيها معى» فسرت بذلك» وزيتتها بالثياب والحلى» وأخذت على المواثيق بألا أخونهاء فذهبت إلى رأس بثرء فنظرت فى البئر ففطنت الجارية أنى أريد أن ألقيها فى البئر» فالتزمتنى» وجعلت تبكى وتقول: يا أبت أيش تريد أن تفعل بى» فرحمتهاء ثم نظرت فى البثر فدخلت على الحمية» ثم التزمتنى وجعلت تقول: يا أبت لا تضيع أمانة أمى فجعلت مرة أنظر فى البئرء ومرة أنظر إليها أرحمهاء حتى غلينى الشيطان» فأخحذتها وألقيتها فى البئر معكوسة» وهى تنادى فى البئر: يا أبت قتلتنى» فكنت هناك حتى انقطع صوتهاء فرجعت»ء فبكى رسول الله يلد وأصحابه وقال: «إن الله لرءوف» لو أمرت أن أعاقب أحدا بما كان فى الجاهلية لعاقبتك)217. هذه قصة مثيرة» ولا بد أنها كانت تقع من الجاهليين» سواء أصحت هذه الرواية بالذات أم لم تصحء فكيف لا تكون الفسارة فى الذنيا بهذا الطيش الجاهل» رحم الله أمثال هذه الفتيات. - ذكره القرطبي في التفسير: ج54» ص7077 - طبعة الشعب. ورواه الدارمي في سننه: المقدمة‎ )١( . ما كان عليه الناس قبل مبعث النبى كله (؟)‎ ا تفدسسير سورة الأنعام ١‏ 0 0 تجملبطاز ١‏ ذه سر د وهوالزى ان 1 هه نمست مَعْروسَتٍ وَعَيرمَعْرْوسَدتٍ وَأَلنَّحْلَ والررع ميوت ولي مارح مُتَكسبَارئةَ مسَمَلِيءٌ كوم كَمَرِودادأَْمَرَوَءَاثوأحََهيوَمَ 2 كَدَلا يحب الْمَسَرفيت لا 99 وص الأتعكو َه 2 0 دول 4 تَتَِعوأْخْطو تلم طن 00 2 ذكر الله تعالى أحوال أولتكك الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علمء وحرموا على أنفسهم ما رزقهم الله من بهيمة الأنعام ونسبوا التحريم إلى الله تعالى افتراء » وحده بدل أن يشركوا به» ويفتروا على الله بأوهامهم» فقال تعالى: وهو الدى أنشاً جنات معروشات وغير معروشات». الضمير يعود على الذاث العلية» و(أنشأ) معناها خلق» وعبر هنا سبحانه وتعالى بكلمة (أنشا) لبيان أنهم لم ينشئوها؛ فإن إشراف أصحابها عليها يجعلهم يتوهمون أنها نشأت بفعلهم» وإشرافهم فهم الذين غرسوا غرسهاء وهم الذين يذروا حبهاء وهم الذين حرثوا أرضهاء وهم الذين رعوها وسقوها وأبرأوهاء» وسمدوها إلى غير ذلك. فنبههم الله سبحائه وتعالى أنه الذى أنشأهاء وغاهاء وأنزل لها الماء الذى يحييهاء فإن الماء يسير من جذورهاء ويعلو بقدرة الله» ثم ا تفسير سورة الأنعام ل 0 ب بور ١ بي‎ ينحدر وينزل» حتى يصل إلى أعلاهاء فتكون غصون الأشجارء وأوراق الزروع والثمار» وترى فيها ريق الماء» إذا سقيت» وما ذلك إلا بتصريف الحكيم. إن الذى أنشأ الأشجارء وأنشأ الزروع والثمار هو الله تعالى» فما كانت الأآرض لتخرج الغرس وحدهاء ولتخرج الزروع والثمار وحدهاء وإنما يخرجها الله تعالى فهو الله تعالى الذى ينشئها. وقوله تعالى: مُعْرُوشَات». أى لها ما يشبه العرش يقام على سيقان؛ كما فى الكروم التى تقام على سيقان من الخشب» وأحيانا شبه العروش من غير مأ يقام عليه إلا جذور الأشجارء كأشجار البرتقال وغيره ما يشبههء فإنك إذ تراها متلاحمة تكون كالمعروشات القائمة على العروش» وغير المعرشات» كالأشجار التى تعلو وحدها. 1 جراشطل وزع مح أ يرئاد مايه ور ماه خص هذه بالذكره لما لها من أهمية فى حاجة الناس» فالنخل قوت وفاكهة» والزرع فيه غذاء الإنسان والحيوان» والحيوان فيه غذاء الإنسان» وكل هذه من نعم الله تعالى ما أنشأناهاء ولكن أنشأها خالق هذا الوجود فهو الذى يتولاها فى نموها من حبة فلقهاء أو نواة شقهاء إلى أن تصير نباتا غلظ سوقهء أو نخلة عالية» والزيتون والرمان متشابها فى ورقهء فورق الرمان كورق الزيتون يتشابهان» ولكن ثمرتهما مع التشابه فى الورق والأغصان لا تتشابهان. وقوله تعالى ظمُخْتَلفًا أكله4. الأكل الطَعْمء وتناوله» فهو مختلف فى ذوقه وإن تشابه نموه» وعناصر الأرض التى يتغذى منهاء والأسملدة التى تنميه واحدة. وإن هذا التنويع فى التكوين وإشباع الحاجات الإنسانية يدل على فاعل مختار فعال لما يريد» ولنستعرض فى هذا المقام كلمات كتبها القرطبى فى تفسيره» ناا تفسيرسورة الأنعام لا000 71 ١١ ااا‎ ١ - وفى هذه الآية أدلة ثلاثة أحدها- أن التغيرات لا بد لها من مغير. الثانى- على المنة سبحانه وتعالى عليناء فلو شاء إذ خلقنا ألا يخلق لنا غذاءء وإذا خلقه ألا يكون جميل المنظر طيب الطعم» وإذا خلقه كذلك آلا يكون سهل الجنى» فلم يكن أن يفعل ذلك ابتداء؛ لأنه لا يجب عليه شىء. الثالث- على القدرة فى أن يكون الماء الذى من شأنه الرسوب يصعد بقدرة الواحد علام الغيوب من أسافل الشجرة إلى أعاليهاء حتى إذا انتهى إلى آخرها أنشأ فيها أوراقا ليست من جنسهاء وثم خارج» من صفته الجرم الوافر» واللون الزاهرء والجنى الجديد» والطعم اللذيذ» فأين الطبائع وأجناسهاء وأين الفلاسفة وأناسهاء هل فى قدرة الطبيعة أن تتقن هذا الإتقان» أو ترتب هذا الترتيب العجيب» فلا يتم ذلك فى العقول إلا لحى عالم قدير مريدء فسبحان من له فى كل شىء آية» ونهاية. وإن هذا الكلام كما ترى يتجه إلى أمرين هما أساس التوحيد: أولهما- أن الله تعالى خلق كل شىء بإرادته المختارة» وثانيهما- أنه قائم على هذا الوجودء وأنه وحده الذى يربْه» ويدبر أمرهء وهو الحى القيوم الذى لا يماثله أحد فيه» ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتاء فسبحان الله رب العرش عما يصفون. «إكلوا من ثَمرِه ذا أَثْمَر وآثوا حَقَه يوم حَصّاده». قوله تعالى: #كلُوا من نَمَّرِه ذا أَْمَرَ الأمر فيه للإباحة؛ لأن الأكل من جنس الثمر ليس بواجبء ولكنه مباح» وقوله تعالى: «إذَا أَْمَر4. إشارة إلى وقت الإباحة» فهو إباحة وإرشاد بألا يأكل قبل أوان الإثمار فإن ذلك قد يضر ولا ينفع ؛ لأن الفج من الثمار يضر الأجسام ولا يفيدهاء فوق ذلك أنه إتلاف لا فائدة «إوآنوا حقَه يوم حصاده» أهو الأمر فيه للندب أم للوجوبء ومن المؤكد أنه ليس للوباحة؛ لأن التعبير بحقه.ء يفيد أن الإيتاء لصاحب الحق» والإيتاء لصاحب الحق فى المال لا يمكن أن يكون مخيرا فيه بين الإعطاء والمنع»ء وقد اخحتلف الفقهاء؛ أهو واجب فتكون زكة المال قد ثبتت قبل الهجرة؛ مع أن الثابت أن ا تفسير سورة الأنعام لال 0110 .0 الزكاة فرضت بعد الهجرة فى السنة الثانية» كذلك قال , بعض الفقهاء, أو زعموا أن الآية مدنية. والحق أن هذا الحق فى المال ثبت فى مكة» ولكن لم تشرع الزكاة التى تعد فريضة» ومصارفها التى جمعها ولى الآمر إلا فى المدينة» حيث قامت الدولة الإسلامية التى تجمعهاء أما فى مكة حيث ثبت الإسلام ثبتت الصدقات حقا للفقراء والمساكين والسائل والمحروم, فلقد قال تعالى فى سورة المعارج وهى مكية وصفا للمؤمنين « وإذا مه اير ممُوعًا 9 إلا الْمُصلينَ 69 الذين هم على صلاتهم دائمون 5 09 والّذين فى أموالهم حق معلوم 69 للسائل والمحروم (2 62 والذين يصَدَقُونَ بوم الدين 465 [المعارج]. فالصدقات كانت مفروضة فى الأموال» وخصوصا فى الزروع والثمارء وإن كان ولى الأمر لا يجمعهاء لأنه لم يكن للمؤمنين دولة تجمعهاء إذ كانوا مستضعفين فى الأرض» فلما كانت السنة الثانية بعد الهجرة نظمت وعمت الأموال التى يكون لها نماء بالفعل أو القوة» وإن حق الفقراء ذ فى الزروع والثمار كان معروفا قبل الهجرة» ونظم الجمع؛ وعمم بعدها. واقرأ ما جاء فى قول الله تبارك وتعالى فى ابتلاء أهل حديقة: «إإِنَ بَوَاهم كما بلونا أصحاب الجن إِذ أَفْسَموا لَيَصرِسنهَا مُصْبِحينَ 09 ولا يَسعَُونَ 0 قَطَاف ليها طائف من رَبك وهم نائمُون 09 فَأَصبْحَت كَالصرِيم 2 فَسَادوا مصبحين 69 أن شو ع سان وس 9 اما و« ا ل نحن مووود و قل طهر ل قل لك ا سخ جع قو بحاي نا كنا طالمين 69 فَفْبْل بعْضْهم على بعْضٍيَعَلاَمُودَ و 60 قَالوا يا ويلا إن كنا طَاغينَ (2) عسئ ربنا أن يَدلنا حيرا سنا إن إلى با راغُون 9 > [القلم] . إن هذه الآيات الكريمة تدل على أنه قبل الهجرة كان المؤمنون يشعرون بأن فى الزرع والثمار حقا للسائل والمحروم كانوا يشعرون بذلك مؤمنين بهذا الحق. ارد كشئج_ ها تفسير سورة الانعام مل اكاك .. يي وإن الآية الكريمة تدل على هذا وتدعو إليهء وتحث عليه؛ وهذا الحق كان المؤمنون يقومون به ويؤدونه من غير أن يجمعه حاكم» ولا يتولاه ولى للصدقات؛ لأنه لم تكن الدولة الإسلامية هى المهيمنة فى مكة» فلما كانت الهجرة فى السنة الثانية وجد نظام جمع الزكاة» ونظام صرفهاء وتولت الدولة جمعها وصرفها. ولذا نقول ,إن الآية مكية» ولا نسخ فيها بعموم ولا خصوص» وحكمها داخل فى فرضية الزكاة الذى ثبت فى المدينة تنظيمه» ولذا نرجح أن الأمر هنا للوجوب . وقوله تعالى: #وآتوا حَقَه يوْمَ حصاده» أى يوم صرمه وقطعهء وسماه الله تعالى حق الزرع فقال (حقه) أى الحق الواجب فيهء فالصدقة حق المال» وواجب فيه أى أن المال ينتفع منهاء فهى تزكيه وتنميه وتطهره» وهى أيضا حق السائل والمحروم» فهى حق الفقير لتسد حاجتهء وحتق المال لتطهره وتنميه» ويكون طيبا . ولا تسرقُوا إِنه لا يحب المسرفين». هذا عطف على قوله تعالى: #كلوا من ثَمَرِهإِذا أَنْمَرِ4 فالعطف على إباحة أكل الثمارء فهو إذ أباح أكل الثمار وأمر بإعطاء حق امال يوم قطعهء لقد نهى عن الإسراف» والإسراف معناه الإنفاق فى غير موضعه أو الأكل من غير حاجة» كقوله تعالى: ‏ وكلُوا واشربوا ولا تُسَرقُوا إِنّهُ لا يحب الْمسرفينَ 69 4 [الأعراف] وإن النهى عن الإسراف ظاهر فى أنه منع من الإسراف فى الأكل فى الشمرء إذا أثمرء بأن يأكلوا فوق طاقتهم» أو أن يبيعوه وينفقوا ثمنه إسرافا وبداراء أو أن يوزعوه على من يستحق ومن لا يستحق» أو إعطاء الكثير لمن يستحق القليل» وبعض المفسرين يعمم النهى عن الإسراف» فيمنعه على من يأكل الثمسار إذا أثمرت» وعلى إيتاته حقه يوم حصاده» ومن الإسراف فى ذلك أن يدع قرابته فقراء ويعطى غيرهم» فابدأ بنفسك ثم بمن تعول» وقالوا: إن النهى عن الإسراف تفسير سورة الأنعام 01 رب نا يشمل الولاة الذين يجمعون الصدقات» ويأخذون أكثر من حق الله فيه» ولقد روى أن النبى يَلَبِيهّ قال: «المعتدى فى الصدقة كمانعها)(2. وقد ختم الله النهى عن الإسراف ببيان سببه» فقال تعالى: وإنّه لا يحب الْمُسَرِفِين» أى النهى سببه أن الله جل جلاله لا يحبه» فيغضب الله تعالى من يسرف بمجاوزة حق الإنفاق» وبوضع المال فى غير موضعه» وبأخذ الصدقات مسرفا فى الأخذ؛ لأآنها إذا أخذ منها أكثر من حقهاء فهو كمانعهاء والله رءوف رحيم . ومن الأنعام حمُولَة وفرشا كلوا مما ركم اللّه» . (الواو) عاطفة على قوله تعالى: ظوَهُوَ الْذى أنشاً جنات مُعْروشَات وغَيِر معْرُوشّات» أى: وأنشأ لكم من الأنعام حمولة وفرشا وطعاما ولحما طرياء فهى ذكر لآلاء الله تعالى ونعمه فى خلقه إذ هيأ لهم أسباب الهناء التى أحل فيها طيباته ومكنكم منها . ْ و (الأنعام) جمع نعم» وهى الإبل والبقر والغنم» وما شاكلها مما يؤكل» ويتتفع به الإنسان» وجعل الله تعالى منه (حمولة)» وهى ما يحمل عليهاء و(فرشا) وهى ما يذبح بأن يفرش ويذبح» وما يتخذ من أصوافها وأوبارها وأشعارها فرشاء وهذه تشمل النعم التى تذبح» والغنم والعجول التى لا تبلغ القدرة على حمل الأشياءء بل تذبح ويؤكل لحمهاء وتسمى العجولء والغنم فَرشا؛ لأنه يفرش ويذبح كما ذكرء ولأنها قريبة من الأرض» وقد جعلها الله فراشاء وقد قال تعالى فى ذلك: لوم روا أن حلفا لهم سما عملت أيدينا أنعاما فَهُم لها مَالَكُودَ 9© وَدَللاهَا لهم فمنهَا ركوبهم ومنها يأكلون 40 [يس]. «وإن َكُمْ فى الأَنْعَامِ لَعبْرةَ نُسْقيكُم مَمّا فى بُطُونه من بين فَرَتْ وَدَمِلبنَا خَالصًا سائغًا )١(‏ رواه الترمذي: الزكاة - ما جاء في المعتدي في الصدقة (157)» وابن ماجه: الزكاة - ماجاء في عمال الصدقة »)١18١48(‏ ورواه أبو داود: الزكاة )١586(‏ بلفظ: «المعشدي المتعدي فى الزكاة. . .». عن أنس بن مالك . اا تفسير سورة الأنعام ١‏ لل 01000 حب ا للشاربين 5 4 [النحل]. وهكذا كانت آيات الله تعالى تتلى» مبينة نعمة الله فى الأنعام يتخذ منها حمولة» ومنها فرش يذبح» ومنها فرش يفرش من أصوافها وأوبارها وأشعارها متاعا إلى حين انتهاء الدنيا. ولآن الفرش منها الغنم» ونسل الأنعام الذى يذبح» قال تعالى بعد ذلك : «كنُوا مما رَقَكُم الله» . والمعنى إذا كان الله تعالى قد خلقها فرشا يذبح» فكلوا منه» لأنه رزق الله» ورزق الله تعالى يقبل لأنه عطية الله» ويشكر عليه» فلا تجعلوا تما رزقكم الله حلالا وحراما كما يفعل الذين يتبعون خطوات الشيطان» والأمر هنا للإباحة» والترغيب فى تناول الحلال» وقد قلنا إن أوامر الإباحة تكون فيها الإباحة بالجزء وهى مطلوبة بالكل». فليس للإنسان أن يمتنع عن المباحات» ويترك تناولهاء ولا يتركها كلها. وقد كان بعض العرب يتصدقون بأكثر ما ينتج غرسهء فنهى الله تعالى عن الإسراف وقال: #كلوا مما رركم الله . «إولا تشعو خطوات الشيطان إِنَه كم عدو مبين». الخطوات ما بين الأقدام» والمراد النهى عما يوسوس به الشيطان» وتجنبه بألا يسير سيره الذى يزين به الشرء وفى الكلام مجاز مشهورء والمجاز المشهور تنسى فيه العلاقة والقرائن» وكأنه حقيقة» ومؤدى المجاز تشبيه من يطيع الشيطان فيما يوسوس بالسائر وراء إنسان يتبيعه خطوة خطوة» لا يحيد عن طريقه» ولا يترك طريق الشر الذى يسير فيه. وقد علل سبحانه وتعالى النهى بأنه عدو بين العداوة وبيانها ببيان آثارها ونتاتجهاء وليس معنى (مبين) أنه بين واضح عند السير وراءف إنما هو بين فى نتائجه وغوايته. واتباع خطواته هو ما كان عليه الجاهليون فيما رزقهم الله تعالى فحرموا بعضههء بغير ما حرم الله»ء حرموا السائبة والوصيلة والحام بغير ما أنزل الله 1 هاا تفسير سورة الأنعام لاا ااانا لالنا لاا اللااا ااا اا مما تمن نااك نل لاا لتلا نالل الالالال لاا انال نالل لالض طخا لاط ناا مطامط كخا اخ قط انلالخ خلال لاقلا 2 بجحجج تأس > رار وجعلوا لله نصيبا مما خلق» وللشيطان نصيبا فى الآوثان التى زينها لهم» وزين لهم قتل أولادهم» وزين لهم أكل الميتة» وما ذبح على النصبء» وما أهل لغير الله تعالى به» وهو فسق. وخروج عن طاعة الله الذى يلجأون إليه فى الشدة» والبأساء والضراء. ولقد أخذ سبحانه وتعالى يبين ضلالهم فيما يحرمون على أنفسهم بوسوسة الشيطان» وينقض زعمهم فقال: سه بيس متطانل م 5 مول» أ موريس وورة ا تَمَينِيَة أزواج قرس الصَأنِ نين وو المع رْ مين ره 002 آ آ 0 مه م 4 سه يي م >< 6 0 قلءا لرْحكرين حرم أ الانثيين أما اشتملت عليه 5 ه عه ٠.‏ 9 و م دمع موعء ل 6ه معد له سن جد اداه وَمِن الابل اثنين ومِت البف را شين كل «الزحكريُنٍ آذآ 00101 6ح سا صصح سي لتم سل ومء 4 ساسم 3 3 م حكُنئر شد إذ وَصَنكمْ أَهَهبِهِددَافَمَنْ آل كر هم تل ممه اكير 02 مس سه قد 2 و م 2 2-6 عِلمِإِنَ الله لا بدى القوم الظ.لميت فيد نهى الله تعالى بالسبه لا رزق الله تعالى - المكلفين أن يتبعوا خطوات الشيطانء وما يزينه للذين يفتحون قلوبهم لوسوسته» وآذانهم لسماع دعاته وأتباعه. وقد زين لهم أن يحرموا بعض الثمرات والزروع ويجعلوا جزءا لله وجزعا لآوثانهم» وتطيش فيعتدون على ما جعلوه لله ويحمون ما جعلوه لأوثانهم وحرموا بعض الأنعام» حرموا الوصيلة والسائبة والحام والبحيرة» وقد بينا ما يريدون من هذه الألفاظ من مسميات فى موضعها فى سورة المائدة فى ربع هنا تفسير سورة الأنعام ا بلكل لل 0111 ١١ الا‎ ١ لي (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) عند الكلام فى معنى قوله تعالى: «إمًا جعل اللّهُ من بُحيرة ولا سَائبّة ولا وصيلّة ولا حَامٍ . .. 4009 [المائدة] وفى هذه الآية وما بعدها يبين الله تعالى أنه لا سند من عقل ولا نقل جعل بعض هذه انام محرماء فقال تعالى : ساس اشاس مهاس اشتملت عل حم اليم" لإثمائية أزواج» عطف على #أنشاً4, أو مفعول لفعل محذوفء وإذا كان التأويل فهى منصوبة» والأزواج جمع زوج» والزوج يطلق على كل فرد يقابله فرد آخرء ويقال لكل واحد منهما زوج» ويقال لمجموعهما زوج» وعد الله تعالت كلماته» ثمانية: اثنان من الضأن ذكر وأنثى» واثنان من الماعز ذكر وأنثى» واثنان من الإبل» فحل» وناقة» واثنان من البقر ثور وبقرة» والضأن ذكره كبش» وأنثاه نعجة» والماعز ذكره تيس أو جدى, وأنثاه معزة. فهذه هى ثمانية أزواج عداء وقد سلك القرآن فى احتجاجه عليهم مسلك الجمع والإفراد» فبين أن التحريم فى الرزق يكون لخبث فى ذاته اقتضى تحريمه» وأن التحريم يكون من الله تعالى مانح الأرزاق والوجودء وقد ادعوا تحريمهم لا حرموا بوسوسة الشيطان أنه من الله تعالى» متتبعا تحريمهمء فقال تعالى: #الذكرين حرم أم الأنتَيين» أى كل زوج من المحرمات حرم الذكرين منها كالكبش والجدى فتحرم الذكور كلهاء ولكنكم لم تحرموها كلهاء بل خصصتم بعضها «أم الأَشَيينِ4 منها فحرم النعجة والمعزة» وكان يجب أن تحرم كل الإناث» ولكنكم حرمتم بعضهاء وتركتم الآخرء وعلى ذلك لا يكون التحريم بسبب فى ذاتها أو ما اشتملت أرحام الأنثيين أى المواليد ذكورا وإناثا فيحرم الجميع» ولكن خصصتم فلا يكون سببه التحريم لذاتهاء ولا بسبب من النقل» فبينوا ما اعتمدتم عليه من العلم إن كنتم صادقين؛ ولذا قال تعالى: ش ها تمسير سورة الأنعام لل 2 أب أ لإنبئونى بعلم إن كنتم صادقين» . وإنه بعد البيان الصادق الذى ذكر أولاء يكون قوله تعالى: «نبئونى بعلم» من قبيل التهكم بهم؛ إذ لا دليل عندهم» وطلبه بعد بطلان وجوده تهكم به أو تعجيز لهمء والعجز عن إقامة الدليل فى وقت الاحتجاج تسليم بالمدعى بحكم المنطق المستقيم والتفكير القويم. ٠‏ وقوله تعالى: إإن كنتم صادقين4 التعليق ب (إنْ) فيه إشارة إلى أنهم لا صدق عندهم وأنهم يفترون على الله تعالى فيما يدعون» وقوله تعالى: #انبئونى» النبأ الخبر العظيم» وهذا عظيم فى زعمهم. هذه هى أربعة الآزواج بعل الأربعة الأولى فتكون عدتها ثمانية » قال تعالى: «إقل الذكرين حرم أم الأنشيين4 أحرم الفحل من الإبل والثور من البقرء أم حرم الأنثيين من الأربعة» فحرم الناقة من الإبل» والبقرة من البقر» فإن كان التحريم للذكرين يشمل الذكور كلهاء فإن التحريم على الإناث شمل الإناث كلها. أما وقد حرمتم بعضها دون بعضهاء فإنه لا يمكن التحريم لأمر ذاتى فيهاء ولا لأمر نقلى» فلا دليل من عقل ولا نقل. وإذا كان التحريم للمواليد كلها ذكورا وإناثاء وهى ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين» فإنه بمقتضى عموم القول. يكون التحريم لجميع المواليد من البقر والإبل» ولكنكم تحرمون بعضها دون بعضء فلا يمكن أن يكون التحريم لخبث فيها؛ لآن الخبث إن كان سبب التحريم» فهو يعم ولا يخص» فلا يمكن أن يكون التحريم بسبب فى ذاتهاء ولا لنقل نقلتموه» وإن ادعيتم ذلك فأنتم تكذبون على الشيطان» وتزيينه لكم حتى صار ذلك هواكم» وغلبتكم الأوهام؛ ولذا قال تعالى : 9 ها تفسير سورة الأنعام الالالال 0 لح رز «أم كنتم شهداء إذ وصاكم اللّه بهذا4 طالبهم الله تعالى أن يأتوا بعلم يقينى جازم من النقل يدل على تحريم ماحرموه» وقد جاءت النصوص بإباحة الجميع؛ ثم عدل متهكما عليهم بأن ذكرهم بأنهم قد يدعون أنهم شاهدوا وعاينواء ولذلك قال تعالى: آم كنتم شهداء4 و(أم) فيها معنى الإضراب عما طلب أولاء ثم ذكر أنهم قد يدعون أنهم كانوا حاضرين إذ وصاهم الله تعالى» والله علم من وصى بهذاء وهذا تهكم عليهم» فإنهم يتكرون الوحى» ولا يدعونه لأنفسهم أنهم أوحى إليهم؛ ولكنها وسوسة الذى أوجد فيهم أوهاما زينت لهم ما فعلوا. وهكذا نجد النص القرآنى سلك سبيل الاستقراء والسير والتقسيم فاستقرأ معهم سبب التحريم وإن كان الذكورة فهى تعم الذكورء وإن كان الأنوثئة فهى تعم الإناث» وإن كانت الولادة فهى تعم المواليد» ولكنهم يخصون,» فطالبهم بدليل من علم» فما عندهم» فسألهم أهم عاينوا ووصاهم الله فهم بلا ريب كاذبون» وهذه هى نتيجة الاستدلال» فهم كاذبون على الله تعالى» ولذا قال سبحانه بعد ذلك: #فمن أظلم الك على الله كا يلالا يقير ع4 . الفاء لترتيب ما بعدها على معنى ما قبلهاء والمعنى إذا كانوا قد كذبوا على الله تعالى» وادعوا أن الله حرمهاء فهم ظالمون مفترون ومن أشد ظلما ممن يفترى على الله كذبا ليضل الناس» ومن استفهامية» وهى للإنكار» لإنكار الوقوع» إذ معناه» لا أحد أظلم من افترى على الله كذباء أى قصد الكذب على الله تعالى بادعاء أن الله تعالى حرم بعض ما رزقهم الله» وهو لم يحرمء وفى ذلك مع النفى توبيخ لهم» لأنهم فعلوا ما استنكر أشد الاستنكار. وإن ظلمهم مركب من أمرين» أولا لأنهم كذبوا على الله وقصدوا الكذبء والثانى أنه أضل الناس بهذا الكذب على الله» فقال إنه تحريم من الله» وليس من الله فى شىء إلا أوهامهم الضالة . وذلك الظلم والإضلال أوضح ما يكون فى كبرائهم الذين أضلوا ضعفاءهم» وقد ختم الله سبحانه الآية بقوله تعالى: (إ#ا تفسير سورة الأنعام 00 .0 أب رز إن الله لا يهدى الْقَوم الظّالمين4 إنه سبحانه وتعالى بعد أن بين ظلمهم فى تحريم ما أحل الله تعالى لهمء وجعلوا ما رزقهم سبحانه منه حلالا ومنه حراما وظلمهم فى الكذب على الله تعالى بادعاء أن التحريم كان بأمره» وظلمهم للناس بإضلالهم بغير علم» ذكر سبحانه قضية عامة وهى أن الله لا يهدى الظالمين؛ لأن الظالم إذا سلك سبيل الظلم والتضليل استمرأه واستطال على الناس» وركبه الطاغوتء وأظلمت نفسه. وأصاب قلبه ظلام لا نور فيه» فلا يهتدى ولا يَرعُوى» وقد بين الله تعالى» وأكد أن الظالمين لا يهتدون فقال «إنّ الله لا يهدى القَومَ الظّالمِين» وقد أكد ذلك بالجملة الإسمية» و(إِنَ)» وبنفى الهداية عن القوم الظالمين» وكان نفى الهداية من الله تعالى عن القوم الظالمين لأنهم بسيرهم فى طريق الظلم قد سدوا باب الهداية عن أنفسهم» وذكر سبحانه نفى الهداية عن القوم الظالمين دون أن ينفيه هنا عن الواحد للظالمين؛ لأن الظالمين يعاون بعضهم على الظلم» فيتكون منهم رأى عام ظالم يبرر الظلم ويرتضيه» ويشجع عليه» ويتعاونون فيه على الإثم والعدوان بدل البر والتقوى, والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم . . 2 22 2001 0 ليت 520 م لم2 في مآ أو ىإ رماع طاعييظعمههإ له أن يكو دء م5 كج دكاي< + حر كيى ]‏ ب .ل يودي نر كس ميمه أَوْدَمَا مَسفُوحًا أوْلْحَمَ زر فَإِنّهْرجس أو 2 7 0 << 7 7 - 1 4 240 فسَهًا أَِلَ لِعي رٍأَلَهِيه- هَمِ نِأضطرَعَيربَانْ وَلَاعَا رون . آل وم ٠.‏ عو فداه ّ 020 001 ذو كل زى ظفر وت البقروا لَعَنَحَرَمَنَاعَليّهمْ ا 00 مج صمح سُحومهَمإ لا مَاحَمَات ظهورَهُمَا أو الْحَوَاسَآأُوَمَا ل سه سد سرع عيذ سر له أخَتَلَط عط لِك ربعيو وَإكَالصيفودٌ 07 ها تفسير سورة الأنعام 1111 انااااكتا تالا الائن الا الاتلا ا نالااا نلا الالااااااا تالالا لاااالاماااالااامماااااا لاملا ل لالط لامالا الاطسنا اقللا ل خل ططخ شاللا ١١ لاا‎ يي فى هذه الآية حصر لما حرمه الله تعالى من الأنعام» وبيان أن الله تعالى لم يحرم ما حرموه على أنفسهم من الأنعام» وقد أمر النبى يََِْةِ أن يتولى هو البيان فيما أوحى إليه به؛ لأنهم كانوا يجابهون النبى كَل بتحريم ما يحرمون غير متحرجين فى ادعاء التحريم على الله تعالى» ويفترون على الله الكذب وكانوا ظالمين» ولا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا. وإن المتتبع لآى الله تعالى يجد أن كل أمر يجرى فيه الجدل. أو يثيرون هم فيه الجدل يأمر الله تعالىئ نبيه بأن يتولى البيان بلسانه مع بيان الله تعالى. لأ أجد فى ما أوحى إِلَىَ» أى فيما أوحاه الله تعالى» وإنما بنى للمفعول» لبيان نفى وجود الوحى نفيا مطلقا بغير ما هو مذكورهء فالبناء للمفعول هنا. لعموم نفى عدم الوجود» وفيه إشارة إلى أن ما حرموه غير معقول إن سمى به وحى مطلقا. وقال «على طاعم يطعمه», أى على آكل يأكله» وعبر سبحانه بقوله تعالى «على طَاعم يطعمه» بدل (آكل يأكله)؛ لأن الطعم تذوق واستطابة» والأكل قد يكون أكل غير مرغوب فيه؛ أو ما ليس له ذوق يستطاب» ففى هذا إشارة إلى أنهم يحرمون طيب اللحوم والمطعومات. (إ9 أن يكرد مدنا فوس ْم زيرف ر». الميتة الحيوان الذى يموت» وينحبس دمه فيه» ويدخل فى معناه المنخنقة» والموقوذة التى وقذت بالحجارة حتى ماتت» والمتردية التى تردت فى حفرة أو بئرء والنطيحة التى نطحت من أخرى حتى ماتت» فإن هذه تدخل فى عموم كلمة ميتة إن توسعنا فى معناهاء بأن قلنا: إن الميتة ما لم تذك بالذبح» وإنهار الدم» ومهما يكن فإنها فى المعنى قريبة من الميتة . والدم المسفوح هو الدم السائل» وقد تبين أنه سريع الفسادء وتسارع الميكروبات إليهء والدم المسفوح خرج به الدم الذى يكون بعد الذبح فى جوار ل تفسير سورة الأنعام اللللللاالل لاملل 1 ١ اك‎ 7 اللحمء أو مخالطا له» والكبد والطحالء» فإن النبى ككل فيما روى عنه سماهما دماء كما روى أنه قال: «أحلت لنا ميتتان ودمان: الكبد والطحال؛» والسمك والجراد217» والخنزير هو الدابة المعروفة» وهو محرم فى الديانات الثلاث: اليهودية والنصرانية والإسلام» واستباحها اليهود والنصارى بعد تحريف دينهم عن موضعهء وبعد أن نسوا حظا ما ذكروا به. وقد ذكر سبحانه وتعالى سبب التحريم فقال: نه رجس» أى قذرء فهو قذر فى ذاته» وهو قذر فى غذائه فهو يتغذى من الأقذار» فيتغذى من العذرة» ولحمه رجس إذ إنه مقشش( فيه ميكروبات. أخصها الدودة» ولاحظ كثيرون أنه حيث يكثر آكلوه يكثر مرض السرطان» ولو تنبه العلماء إليه وبحثوا لحمه لوجدوا بعد الخيرة الطويلة أن هذا الداء العضال تكمن جرثومته فيه؛ لأن الله تعالى قال: لفَإنه رجس» وهو أصدق القائلين وإذا كان الخنزير فيه رجس حسى» ومن أجله حرم أكله» فإن الله تعالى قد حرم ما فيه رجس معنوى» وقرنه به» وهو ما أهل لغير الله به» ولذا قدم كلمه (فسقا) مقارنة لكلمة (رجس) لأنهما يلتقيان فى المعنى؛ لأن هذا الخنزير رجس حسىء : وهذا الفسق رجس معنوىء فهما من باب واحد. ٠‏ وقوله تعالى: #أهل لغَيِر الله به أى أنهم ذبحوه لا باسم الله» بل باسم أوثانهم» وكانوا حريصين على ذلك كل الحرص؛ لأنهم قدموا غير الله فى ذبحهم» فقصدهم التقرب لآلهتهم فيه. وهنا يشار بحثء» فإن الآية تدل على أن ما أهل لغير الله يكون حراماء وبمفهوم المخالفة ما لم يهل لغير الله به يكون حلالاء وعلى ذلك يكون ما لم يذكر عليه اسم الله تعالى» ولم يهل به لغير الله يكون حلالا؛ وقد قررنا أنه إن )١(‏ رواه أحمد: مسند المكثرين (6579-0)» وابن ماجه: الأطعمة - الكبد والطحال .)77١85(‏ عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما. (؟) قشش: أكل ما فى المزابل. القاموس المحيط . إلا تفسير سور - الانعام اللا الل 01 ١١ الا‎ ١ ني لم يذكر اسم الله تعالى» نسيانا فإنه يؤكل المذبوح» وإن ترك عمداء ففيه نظرء ما دام لم يذكر غير الله تعالى. وهناك بحث آخرء وهو أن ثمة محرمات قد وردت بها آثار كسباع البهائم فإنها وردت الآثار بتحريمها وسباع الطيور» وبعض خشاش الأرضء» كالحية والعقرب» وغيرهاء وكالحمر الأهلية التى حرمت فى غزوة خيبر والآية تفيد القصرء أى قصر المحرمات على المذكور» كما تفيد إباحة غيره؛ لأن القصر كما هو مقرر فى علم البيان نفى وإثبات» فقد أثبت التحريم فى هذه الأشياء الميتة والدم المسفوح. ولحم الخنزير» وما أهل لغير الله به» وثبتت الإباحة بالنص الذى أفاد القصر فيما عداهاء وقد ثبت أن بعض ما عداها كان حراما. وهذا يتناقض مع القصر. وقد أجيب عن ذلك بعدة إجابات: أولها- أن هذا القصر خاص بالأنعام» وما كان يشبهها من البهائم كالخنزير» فإن النص سيق للرد على المشركين الذين حرموا بعض الأنعام وافتروا على الله تعالى بالكذب» فكان الرد بهذا القصر الذى يفيد تحريم ما نص عليه» وأن غيره مباح» وغيره هو ما يتعلق بالآنعام, وقد يرد على هذا أن التحريم كان فيه فيح رمه » وإلا فهو فى مرتبة تبة العفو أو الإباحة, هذا تخريج للقصر: وتعتقد أنه لا يمنع تحريم سباع البهائم وسباع الطيره» وخشاش الأرض وهذا عندى أوضح التخريجات وأقربها. تفسير سورة الأنعام لاز تلان اا1 تلا ااال تا تالالا انان اناالا ن اننال اللن انان الالال الالالال الان ناتلا لانن خلال ةلالا طقن ان اناا لطن ن ططخلا نطضطالا 1ك لجل _ب_ل؟ بي الإباحة» إغما هناك نفى لتحريم ما حرمواء ويكون مؤدى التخريج هكذا: قل لا يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير أو أهل لغير الله فهو حرام» وعلى ذلك وتحريم بالاستدراك. هذا كلام قاله الزمخشرى. بكتاب الله العظيم . والتخريج الثالث- أن الآية لم تدل على الإباحة المطلقة» إنما أخحذت الإباحة «إفمن اضطر غير باغ ولا عاد فإِنَ ربك غفور رحيم» . هذا التحريم مؤكد فى حال الاختيار» لا فى حال الاضطرار» فمن كان فى حال ضرورة لا يجد ما يطعمه» وقد تعرض للهلاك جوعا وهو غير باغ ولا معتد» فإن الله تعالى يغفر له أكله» وقد قلنا إن حد الضرورة قد بينه النبى كلاو أولهما- أن الباغى» هو من خرج باغيا على الحاكم العادل ظالما له» أو من خرج لمعصية» فإنه لا ينتفع بهذه الرخصة » وذلك يكون سيرأ على قاعدة : إن من ارتكب معصية لا تكون المعصية سببا لنعمة الرخصة» كمن يرتكب جريمة وهو والثانى- أن الباغى الطالب لهذا المحرم المشتهى لهء كأن يكون مضطرا فلا يجد إلا خنزيراء يشتهيه ويأكله باغيا له طالبا. )١(‏ سبق تخريجه. لها تفسير سورة الأنعام ل 0 لسر ا و (العادى) هو له هذان التفسيران أيضاء فخرجه بعض الناس على أنه الظالم بمعصية أوقعته فى هذه الضرورة فإنه عاص لا يستمتع بنعمة الرخصة. والثانى- أن العادى أى المتجاوز لحد الضرورة. وأميل إلى أن الباغى المشتهى الطالب للميتة أو الخنزير» وأن العادى هو المتجاوز لحد الفضرورة» فإن رحمة الله تعالى فى الدنياء تتسع للأشرار كما تتسع للأخيار والحساب عند الله؛ وعسى أن يغفر الله لهم» وننبه هنا إلى أمرين أحدهما- معنوى» وهو أن هذه المحرمات ما حرمت إلا لأنها خبائث» والله حرم الخبائث» وإن فيها إفسادا للجسم الإنسانى وإضرارا به» وإن الضرورة وشدة الجوع قد تذهب بأوضار الأخباث التى فى هذه المحرمات» وإن ضررها يقل بالنسبة للجائع جوعا شديدا يؤدى إلى الهلاك» وإن كان ثمة ضرر من بعدء فإنه أخف مما يترتب على الامتناع» ولذلك كانت الرخصة مقيلة بألا يتجاوز حد الضرورة؛ لأنه إن تجاوزه غلب الضررء واشتد أثر الجرائيم المفسدة للجسم التى تحتوى عليها هذه المحرمات. وثانيهما- وهو بيانى ومعنوى أيضاء وهو قوله تعالى: 9فَإِنُ رَبك غَفور رُحيم» أثر لجواب الشرط المحذوف أو سبب لهء فإن المقدر هكذاء فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه» كما ذكر فى آيات أخرء أما هنا فلم يذكرء ولكن ذكر سببهء وهو فإن ريك غفور رحيم فالسبب أن الشارع الحكيم هو ربكم الذى خلقكم وربكمء وقام على أمر حياتكم. وأنه غفور يغفر الإئم ويستره» وأنه رحيم لا يرهقكم وإن هذا يدل على رفع الإثم سببا بسببه. «وعلَى الّذينَ هادوا حَرَمنا كُلّ ذى ظَفْرِ) بعد أن بين الله ما أحل للمسلمين وما حرمء وأنه فتح باب إباحة الطيبات بإطلاق فكل طيب حلال؛ وقد استنكر فى عدة آيات كريمات على من جرم الطيسبات التى أحلها الله ونهى عن تحريم الطيبات» وقال تعالت كلماته: يا أيها الّذين آمنوا لا تحرموا طَيبَات ما أَحل الله لكم ولا تعتدوا 4 29 © [المائدة] . ناا تفسير سورة الأنعام ملل كم ب ب 2 بعد هذا بين سبحانه وتعالى أنه قد يحرم طيبات هى فى ذاتها طيبات» ولكنها تزيد أدواء بعض النفوسء فيكون التحريم خاصا بمن حرم عليهم: ولا يكون عاما لكل الناس» كالدواء يكون غير جائز للأصحاءء ولكنه لازم للمرضى . واليهود أصيبوا بالتخمة والترهل» وأدى ذلك إلى خمول وكسل» ومع الخمول والكسل» يكون القعودء» ودعاهم سيدنا موسى إلى أن يدخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لهم أن يدخلوهاء لا أن يملكوها لهم دون سائرٍ الناس » قالوا له متخاذلين بسبب ترهل أجسامهم : إن فيها قَومًا جبَارِينَ وإنا أن نُدخْلَهَا حتّى يَخْرَجوا منها ون يَخْرجوا منها إن داخلون 9 »4 [المائدة] . ويقولون أيضا: ا قَانُوا يَا موسئ إن أن نَدخَلَها أبدا مّا داموا فيها فَاذْهَب أنت وَرَيّكَ قاتلا إِنّا هاه فَاعدُوَ 69 4 [المائدة] . كان لا بد من علاج لترهل أجسامهم وذهاب النخوة من نفوسهم. أما الثانى فرباهم على اليأس بآن يعيشوا فى الأرض تائهين فى صحرائهاء فقال تعالى: #. .. فإنهَا محرمة علَيهم أربعين سنة يتيهون في الأرض . .. 465 [المائدة] وأما الأول وهو ترهل الأجسام وكسلهم» فقد عالجه سبحانه بأن حرم عليهم ما يؤدى إلى ترهل الأجسام من شحوم. ولحوم تربى الدهن فى الأجسامء وتثقل عليهم حركاتهم. ولذا قال سبحانه. «وعَلَى الذي هادوا حرمنا كل ذى ظفْرٍ» حرم الله تعالى على اليهود كل ذى ظفر من الأنعام. وذو الظفر - كما قال ابن جرير رضى الله تعالى عنه - كالبهائم التى لم تكن مشقوقة الأصابع كالإبل» والطير والأنعام والأوز والبطء والحيتان. ويلاحظ أن هذه المحرمات تمتاز بكثرة الشحمء فالإبل لها سنام كله شحمء والأوز والبط هى شحوم قليل لحمهاء وذو الظفر كما ترى قد فسرت به» وكل حيوان لم تنفرج أطراف أرجلهاء وكان التحريم لهذا المعنى الذى ذكرناه» وفطما لنفوسهم» وفطم النفوس يعطيها قوة إرادة» ويجعل للعقل سيطرة على أفعالهم . / ا تفسير سورة الانعام لولاا جيبو 2 « ومن الْبََر والغَم حرمنا عليهم شحومهما لما حملت ظهورهما 4 . .هذا هو القسم الثانى مما حرمه الله تعالى» وقد نص على الشحوم مما يدل على سبب التحريم فى الماضى فوق أنه يقال إن أكل لحوم الإبل يقس القلب» وقلوبهم قاسية. وهنا نرى علاج الله تعالى لأجسامهم مع ملاحظة الرحمة بنفوسهمء فقد حرم سبحانه وتعالى الشحوم لا تؤدى إليه من ترهل» وضخامةء مع ضعف قوته وعزيمته» ومع قسوة النفس» وضعف الإحساسء ولكنه استثنى ما لا يستطيعون عليه صبرا؛ استثنى أولا ما حملت ظهور البقر والغنم لطيب طعامهاء ولأنها ليست شحوما كثيرة» ولا تؤدى إلى الترهل الكثيرء واستثنى أيضا سبحانه: «أو الحوايا أو ما اختلط بعظم» . (الحَوَيَا) جمع مفرده حاوية أو حَوى» وهو ما تحوى واجتمع فى البطن» وتشمل المعدة والأمعاءء ومواضع اللبن وأبيح ما حملت من شحم» كما أبيحت هى» وذلك لصعوبة فصله وإحراجهء. وكان ذلك تيسيرا وتخفيفا فى موضع التحريم» وتسهيلا للاستجابة إن كانوا طائعين. وأن ذلك التحريم كان علاجا لأجسامهم» ولكسلهم» وفطما لنفوسهم»ء وتزكية لأرواحهم» وإرهافا لمداركهم وأجسامهمء ولذا قال تعالى: إذلك جزيئاهم بَغيهِم4 البغى هو الظلمء والظلم يشمل ظلمهم لأنفسهم بانطلاقهم فى أكل ما يشتهون» وتسمن به أجسامهم» ويشمل بغيهم على غيرهم بالاعتداء والفحشاءء ويشمل ارتكابهم المعاصى ما ظهر منها وما بطن» ودلت الإشارة فيه إلى ما حرمه تعالى عليهم وفطم به نفوسهم الشرهة. وهذا كقوله تعالى : طفبِظلْم من الذين هادوا حرا لهم طَيّبات أُحلْت لهم وَبصدَهم عَن سسبيل الله كثيرا 059 وأخْذهم الربا وقد نهُوا عنه 659 4 [النساء] . وإن هذا التحريم كان تطهيرا لنفوسهم وتقوية لأجسامهمء وجزاء دنيويا على ما اقترفوا من طغيان. ا تفسير سورة الأنعام الل االللللليلا 1 ألجلياإ] 05 يي ا وإن الإسلام أحل لهم الطيبات كلهاء وقد قال الله تعالى ذلك عند بشارته بالنبى الأمى» فقال تعالى: ل اين يعون الرّسُول الى الأمَىّ اذى يجدوته مكتوبا عندهم فى التوراة والإبجيل ب يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن الْسَكَرِ ويحل لهم الطَيَبّات ويُحَرِم عليهمْ الْحَبَائتْ ويَضَعُ عَنْهُم إصْرَهم ... 659 4 [الأعراف]. والله تعالى ولى النعم . وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى : ونا لَصَادقُونَ4 الصدق معنى جامع لكل المعانى العالية» والصدق هنا هو الإخبار بالحق الذى لا مرية فيه» وكيف نشك فى خبر حكاه الله رب العالمين» ويشمل العدل فى الجزاء الذى جازى به بنى إسرائيل على طغيانهم» وعتوهم ويشمل صدق الدواء الذى عالج ترهلهم» وإفسادهم لأجسامهم بشهواتهم» وإفراطهم إلى غير حد محدودء وقد أكد الله سبحانه وتعالى صدقه فى خبره وعدالته وعلاجه لأدواء جسمهم ونفوسهم بمؤكدات ثلاثة» أولها- الجملة الاسمية» وثانيها- (إن) المؤكدة» وثالثها- اللام» والله تعالى هو العلى الكبير. مغ 7 ب يي د سح م 1 : دك و ف 4 عر سيم أ ل 2 حا عير دير هه 224 م خح ه اس 8 .هم ءَ الله ما أ تخ لتم كاد كر عاص سىعٍ 200 -ه >2 3 ل ات هر سه م دع ىس ساي سر قر م 0 حكن ى كذَّسَأ ذزرت من قبله م حو ذافوا بأسكنا م جد 22 سء يي اس ةس 2 عمسم هو 2 علو فَسَحرجِوه لدان تَتِعْو إلا > عل ؛ ل سحل عي م2 م 0 0 نَأشْدٌ ب ا 190 قل ده لَه الببلعة تت أ ل :70 9 0# تفسيرسورة الأنعام نالخلا اا لأ الال كا »اا لل لاا نالا للا لا اللا الاك ل لل تللم لط لما لطع لخ لاا كخم املاط لالط ساسع طخسو لتلا : إن الله سبحانه وتعسالى فى حكمته البالغة لا يجعل الكافر فى يأس من مغفرته» ولا يطمع فى أن ينجو من عقابه إن أصر على معصيته» ولم يتب وهو فى عافية وقوة» ولذا قال تعالى: لفن كذبوك ققل ربكم ذو رحمة واسعة» . يخاطب الله نبيه الكريم بقوله: ظفَإِن كَذَبُوك4 كافرين برسالتكء فلا تجعلهم فى يأس من أن يتوبواء وينتهوا من كفرهم إلى إيمان بربهم» وقل لهم عن ربك فاتحا باب التوبة والإيمان من غير أن تؤيسهم #ربكم ذو رَحمَّة واسعة» أى صاحب رحمة وسعت كل الوجود أنعم على الناس بالوجودء والنعم المترادفة لعصاتهم والطائعين فيهم» وقد فتح باب التوبة للعصاة» والثواب ثابت للطائعين. وإنه مع هذه الرحمة الواسعة التى وسعت كل عاص يفتح باب التوبة لهء والطائع بالثواب والنعيم المقيم. إنه سبحانه مع ذلك لا يترك العصاة المصرين من غير عقاب إذا استمروا على غيهم؛ ولذا قال تعالى: «إولا يرد بأسه عن القَوم الْمُجَرِمِينَ». البأس الشدة» والظاهر أن المراد هنا العذاب الأليم يوم القيامة» وعبر سبحانه بقوله : «القوم المجرمين», بلفظ القوم؛ لأن الإجرام يكون فى جماعة تتضافر على الشر ويتعاونون على الإثم والعدوان» ونادر أن يكون من واحد بمفرده» أو عدد متنافر غير متجمع متعاون على الشر. هذا وإن سنة الله تعالى فى كتابه الحكيم أن فتح التوبة مرغبا فيهاء وأن يذكر بجوارها العقاب. كما قال تعالى: «... وإِن ربك لدو مغفرة لَلنّاسِ على ظُلْمهم وإِن ربك لَشَدِيد الْعقاب ك4 [الرعد] . وكما قال عز من قائل : ٍنئْ عبَادى أنَى أن الور الرّحيم 9 ون عَذَابى هو الاب الأليم © 4 [الحجر]. وكقوله تعالت كلماته : « إن بطش ربك لُشديد 09 إِنّه هو يبد ويعيد 09 وهو الْعَمُور الْودُود 0 469 [البروج]. وكقوله سبحانه: إغافرٍ لنب وقبل لاب شديد لقاب 49 لغافر]. ل 0 تفسير سورة الأنعام الال م سرب د «سيقول الّدين أشركوا لَو شاء الله ما أشركتا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء». يبين الله سبحانه وتعالى ما يجول فى قلوب الذين أشركوا وما أبدوه وهو قول الذين يعتذرون عن كفرهم بإلقاء التبعة عنهم» وقولهم هذا لا يؤمنون به ولا يخضعون له» ولكنهم قوم خصمونء والمجادل المموه يحتج بالحجة الباطلة وغير الباطلة . إنه لو شاء الله ما أشركوا ولا آباؤهم. ولا حرموا من شىء؛ ولكنهم فى وسط هذا القول الظاهر ينسون حقيقتين: الأولى- أنهم عصوا الله» وأشركوا به.» وحرموا ما حرموا مختارين وغير مجبرين» وأنه على ذلك يكون حسابهم وعقابهم فى الآخرة ومؤاخذتهم فى الدنيا ببيان أنهم خارجون عن الحق ينحرفون عنهء وفوق ذلك حرموا ما حرمواء وادعوا من غير أى برهان أو حجة بأن التحريم من الله افتراء عليه. الثانية- أنه ما كان الله تعالى ليتركهم فى غيهم إلا لأنهم اختاروا السير فى طريق الضلالة» فتركهم الله يسيرون فيه حتى بعدوا عن الحق بالضلال البعيد. وإن ذلك دأب الخارجين» فخرج الذين من قبلهم بذلك القول الذين يلقون به الإثم عن أنفسهم وهو محيط بهم لا يخرجون من دائرته» ولذلك قال تعالى: «كذلك كدب الْذين من قبلهم حتئ ذاقوا بأسنا» . كهذا القول الذى سيقوله الذين أشركوا ما أشركنا نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء قال الذين سبقوهم بالشرك من قبلهم» فالشر مسلسل فيهم ما داموا قد غوواء والكفر كله ملة واحدة فى التفكير واستيلاء الهوى» وعدم تحملهم مسئولية فعلهم بإلقاء التبعة على غيرهم» ونفيها عنهم» واعتذارهم بأنهم لا يؤاخذون على ما يرتكبون من آثام» وذلك الشأن فى العصاة» يروى أنه حدث أن مرتكبا لا يوجب حدا سيق إلى عمرء فسأله لم ارتكبت هذا؟ قال: قضاء الله» فأقام عمر عليه الحد» وزاده أسواطا لأنه يحمل قضاء الله تعالى مسئولية عمله» ولقد قال #4 تفسير سورة الأنعام اجن ]ااانا للاتا مانالا ااانا ااال لنلااا اقطان اناا ا االة مالالا اناالا طاااا لمانالا انا قلاط الالالال ل لططاخخخطخسطططخططملالا ططخم لطشطللا ١‏ اا 7 الإمام أبو جعفر الصادق بن محمد رضى الله عنه : أمرنا الله أمرا وقضى لنا أمراء فلماذا نترك ما أمرنا» ونحمله على ما قضى لنا. ذلك شأن الذين يفسقون عن أمر ربهم يلقون عن أنفسهم أوزارهم كاذبين بمثل هذه الاعتذارات وهم لا يؤمنون بها. قال الله تعالت كلمته #حتئ ذاقوا بأسنا» . وهذا يحتمل أن يكون بأس الله بقوة المؤمنين فى الدنياء ويحتمل أن بأسه بعذابه الأليم فى الآخرة» وكيفما يكون العذاب فإن الله تعالى عبر بالماضى» وهو واقع فى المستقبل للدلالة على تأكد وقوعهء كما فى قوله تعالى : 8 أَتئ أمر اللّه فلا تستعجلوه 90 4 [النحل]. وإن هذه الاعتذارات التى يسوقونها بأنه لو شاء ما أشركوا ولا حرموا بعض الأنعام افتراء على الله فهل عندهم حجة على أن شركهم برضا الله» وأن تحريمهم ما حرموا بأمره أو رضاه لا حجة عندهم» ولذا قال تعالى مفحما لهم رادا على افترائهم : قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا». ظنكمء» ولكن يكون بعلم جاء إليكم من الله فتحتجون بهذا العلم» لا بمجرد الظن والتخمين» وكثرة الكلام» والتهافت فيه» فهل عندكم من علم فتخرجوه لنا تحتجون به وتسوغون كلامكم إن كان فيه ما يسوغ ما تزعمون. يفيد الاستغراق» أى هل عندكم من علم أى علم تزعمونه فتخرجوره لنا ليكون دليلا لكم؟. تفسير سورة الأنعام للفلل تالالا اا0ا040ا1الللك 0 وهذه الجملة السامية فيها إفحام» واستنكار» وتهديد وتوبيخ» وقد أكد الله تعالى أنه لا علم عندهم فقال: إإن تتبعون إلا ال وإ أنتم إلا تخرصون» . إنهم لا حجة لهم من علم أوتوه» ولا من دليل اعتنقوه» ولكن الظن الذى سبق إليهم» وتوهموه حقا لا شك فيه هو دفعهم, وإن الظن لا يغنى من الحق شيئاء فهو رجحان أمر فى نفوسهم جعلوه حراماء وذلك الظن لم يبنوه ولو على دليل ظنى مرجح., ولكن على خرص وتخمين سيط رت عليه أوهامهم ووجهتهم إليه» وهذا معنى أو قريب من معنى قوله تعالى: «إن تتَبعون إلا الظَّنَ» و(إن) للنفى» و(إلا) للاستئناء» أى ما يتبعون إلا الظن» فهذه الكلمة السامية نافية أن يكون دليلا مقنعا أو ملزما باليقين» ولكنهم يتبعون ظنا ترجحه أوهامهم» وأكد أن الظن مبنى على أوهام بقوله تعالى: #وإن أنتم إِلأّ تَخْرَصونَ» أى ما هم إلا يخمنون تخمينا قائما على الأوهام المضللة» وقد ضلوا بذلك ضلالا بعيدا . وقد التفت الله سبحانه فى خطابه الكريم من الغيبة إلى الخطاب لتكون المواجهة أرهب فى نفوسهم» وليفزعوا إلى الحق وليلتزموا قول الحق- ولكنهم لا يعلمون. «قل قَللّه الحجة الْبالعة فلو شَاء لهداكم أجمعين». ساقوا كلاما كثيرا فى تبرئة أنفسهم من ذنب شركهم» وتحريمهم بعض ما أحل الله؛ وطولبوا بالحجة» فلم يجدوا عندهم ما يستدلون بهء وتحداهم رب البرية أن يأتوا بعلم أى علم» وقد بهت أولئك الكفار» بما طلب إليهم أن يأتوا به وفى هذه الآية الكريمة يبين الله أن عنده الحجة البالغة أى التى تبلغ بصاحبها أقصى الحق والاستدلال» ف (بالغة)» معناها مبلغة صاحبها أقوى الأدلة» كقول الله تعالى: #... عيشة راضيَة 4 [القارعة] أى مرضى بهاء أو مرضية» وإن استعمال المشتقات بعضها مكان بعض هو من أبلغ البيان العربى . كجج-_ د ١‏ ها تفسير سورة الأنعام 1 0001 لب ا قوله تعالى: طقل فَللّه الحجَة الْبَالعَةُ4 الخطاب للنبى كَل والفاء للإفصاح عن شرط مقدرهء المعنى إذا لم يكن عندكم من علم أى علم بما تدعون» فالله تعالى عنده الحجة البالغة الموصلة للحق الهادية إليه. وتلك الحجة البالغة هى هذا الخلق والتكوين والإنشاء وتوليد الأحياء بعضها من بعض» فكل هذا يدل على الخالق الواحد الأحد الفرد الصمد الذى لم يلد ولم يولد» وليس كمثله شىء وهو السميع العليم» ولوكان معه آلهة كما يقولون لفسدت السموات والأرض» وهكذا كل ما فى الوجود يدل على أنه واحد سبحانه وتعالى» وأنتم معشر العرب تقرون أنه الخالق وحده ليس كمثله شىء» ولكن مع هذه الحجة التى لا يمترى فيها عاقل» وتقرون بها تشركون معه غيره فى العبادة» والألوهية» فضلت عقولكم» ولم ترتبوا على المعلوم نتيجته» بل حكمتكم من بعد ذلك الأوهام» وسيطرت. وتلك مشيئة الله تعالى #فلو شاء لهداكم أجمعين » أى أن الله تعالى شاء لكم الضلالة لأنكم اخترتموها وسرتم فى طريقها بإرادتكم المختارة» فوصلتم إلى الضلال. وهم فى قولهم معستذرين مبطلين: 3 .. لو شاء اللّهِ ما أشركنًا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء» قد حسبوا أن مشيئة الله تستلزم رضاهء كما فهم بعض الفرق الإسلامية من بعد؛ ولذا قالوا ما قالواء والحق أن المشيئة لا تستلزم الرضاء إنما الأمر هو الذى يستلزم الرضا والنهى يستلزم الغضب. فالهداية هى التى تستلزم الرضاء ولذا قال تعالى: «قلو شاء لهداكم أجمعين». أى أن كل شىء فى الوجود تحت سلطانه وإرادته» وهو لو أراد أن تكونوا جميعا على هدى لكان ذلك» ولكنتم جميعا فى أعمالكم فى رضوان الله تعالى . وإنما أراد أن يكون منكم المهديون الدعاة إلى الحق» المؤمنون به وأراد منكم من يكون على غير ذلك ليتم الابتلاء والاختبار» وهذا قوله تعالى : ف ولو شاء الله َجعلكم أَمّةَ واحدة 52) © [المائدة]. مهتدين كما قال تعالى: « ولو شاء ربك لجعل ا تفسير سورة الأنعام 0 0 ب أ النّاس أُمّهَ واحدة ولا يَالُون مخَتَلفين 059 إِلأّ من حم ربك ولذلك حَلَقَهُم ونمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والنّاس أجمعين 059 4 [هود] وكما قال لو شاء ا جمعهم على الهدى وكما قال تعالى: ف ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا 69 4 [يونس]. وإننا نؤكد هنا أن الإرادة والمشيئة» لا يستلزمان رضاه سبحانه» فإذا كان قد شاء ضلالة بعض عباد» فإنه لا يرضى من عباده الكفر. ولذا لا يصح للمشركين» ولا لمن تكلموا فى فلسفة أن يربطوا بين المشيئة والرضاء فقد نفى الله تعالى ذلك نفيا مؤكدا فى الكثير من الآيات».. وما ربك بظلام للعبيد لا يَؤْمِسُونَ يأ لأحْرووهم د هيتوس لا 2 الكلام الكريم لا يزال فيما حرموه على أنفسهم مما أحله لهم وآتاهم من هذاء فلم يكن علم أوتوه. ولكن أوهام سيطرت عليهم. والآن يطالبهم ليشهدوا «قل هلم شهداءكم الّذين يشهدون أَنّ الله حرم هذا . قدوتكم» والفضلاء فيكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا. (/#ذا تفسير سورة الأنعام 000 جرب نز وإن هذا الكلام سائر مع سياق القول فى تحريم ما أحل الله من رزق فجعلوا منه حراما وحلالاء فقد بين الله سبحانه وتعالى فى الآية السابقة أنهم لا يستيقنون بشىء إن يظنون إلا ظناء وأنهم يخرصون أو يكذبون» ولذلك دعاهم إلى أن يحضروا أمائلهم ليشهدوا أن الله تعالى حرم هذاء وإنهم حينئذ يرفضون» وذلك لأن أمائل العرب لا يشهدون كاذيبين» وإن كانوا كافرين» وإنا لنذكر أن أبا سفيان- زعيم الشرك قبل الفتح المبارك لمكة - عندما سأله هرقل أجاب إجابة صريحة صادقة وهو متململ» وقال: لولا أنى أخشى أن تحفظ عنى كذبة فى العرب لكذبت. فما كان الأمائل منهم يسارعون إلى الكذب أو يرضونه. طلب الله أن يحضروا شهداء ليشهدوا أن الله حرم هذاء وإنهم لا يشهدون. ولكن حال تكذيبهم للنبى عل واتباعهم أهواءهم» وسيطرة الأوهام عليهم قد تغلب عليهم نزعة الصدق. ولذا كان أمر الله تعالى الذى أمره بدعوتهم بأنهم إن شهدوا بالباطل» وليس بمستحيل على من أشرك فقد تدفعه لحاجة الكفر إلى أن يطمس معالم الحق فيكذب» إن شهدوا بغير الحقء #فَلا تَشْهَد مَعَهم» أى فلا تصدقهم؛ لأن الهوى قد يغلبهم على سجيتهم». ومن يشرك لا يؤمن كذبه» ولو كان من أهل الصدقء ولذا قال تعالى: طقَإن شهدوا فلا تشهد معهم» أى فإن غلب عليهم فشهدوا بالباطل كما ذكرء فأنكر عليهم شهادتهم» ولا تشهد معهم, ولا تسايرهم» وهذا معنى قوله تعالى: فلا تشهد معهم» أى فلا تسايرهم فى كذبهم الذى ينبعث من الهوىء, ولذا قال تعالى من بعد. «ولا تشَبع أهواء اين ككذبوا بآياتنا وَالّذينَ لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعْدلُون 4 . 1 نهى الله تعالى نبيه الكريم» ونهيه نهى لكل الذين اتبعوه» ويتبعونه إلى يوم الدين» نهاه عن أن يتبع أهواءهم؛ لآن الهوى ذاته يضل» ولا يهدى. ومن جعل إلهه هواهء فقد ضل سواء السبيل . تفسير سورة الأنعام ل اللا 1 ب#تجملب_ر؟ يي ونص القرآن: #ولا تتبع أهواء لين كبوا بآياتت/» والمعنى الذى هو المقصود لا تتبع المشركين المفترين على الله تعالى الذين يحرمون ما يحرمون» ويفترون على الله الكذب. فيزعمون أنه الذى حرمء وعبر عن المشركين بقوله تعالى: ولا تتبع أهواء الْذين4 لأنه لازم لاتباعهم؛ لأن من اتبعهم» فإنما يتبع أهواءهم المنحرفة» وكيف يتردى مؤمن فى اتباع الهوىء» والهوى مضل » ومردء وأنى يكون ذلك من نبى كريم» ومن أتباعه الكرام . ولذلك كان النهى عن اتباع هواهمء وقد ذكر لهم أوصافا ثلاثة مع أنهم أصحاب هوى وليسوا أصحاب عقل : الوصف الأول أو الحال الأولى من أحوالهم- أنهم كذبوا بآياتنا آى بآيات الله تعالى فى الكون الدالة على وحدانيته سبحانه وتعالى» فكذبوا الآيات الدالة على وحدانيته» ومعنى تكذيبهم هذه الآيات أنهم لم يعملوا بمقتضى ما تدل عليه من القدرة القاهرة» والإرادة المختارة» وكذبوا بالآيات الدالة على نبوة محمد كلل وكذبوا بالآيات القرآنية» والأحكام التى نزل بها وحى الله تعالى على نبيه الأمين الكريم كَكة. والمكذب بالحق المعلوم الذى تبهر آياته البينات» لا يصح أن يتبع لأنه ضال مضل . الوصف الثانى أو الحال الثانية- أنهم لا يؤمنون بالآخرة» ومن ينكر الآخرة ينكر حقيقتين لا ينكرهما مؤمن» ولا يقع فى هذا الإنكار إلا مادى لا يؤمن بالغيب» وهو لب الإيمان. أولى هاتين الحقيقتين- إنكار البعث» ويقولون: إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحياء وما نحن بمبعوثين» وهم بذلك يحسبون أن الله سبحانه وتعالى خلقهم عبثاء وأنه تركهم سدىء « أفُحسبتم أَنَمَا خلقناكُم عبثا وأنَكم إِلينا لا ترجعون 009 © [المؤمنون]. ها تفسير سورة الأنعام 0 ناا انان اا تاتالا اناالا نالأ للا اناا ن لان نلااا ااال انلالخ للاخ ناتلا اناا ةلاخن للال اللا تالالطا نت انط خخا لل ااانا خا طاطخ الاتاااالا > ا الثانية- أنهم ينكرون الحياة الروحية» ولا يؤمنون إلا بالحياة المادية» ومن كان كذلك لا يتبع . الوصف الثالث- وهو الحال الثالثة» وهى نتيجة للأمرين» وهى أنهم بربهم يعدلونء أى يجعلون الأوثان. -وهى حجارة- معادلة للعبادة مع ربهم الذى خلقهمء وكوتهم» وربّهم بربوبيته» أى أنه خلقهم ولم يتركهم. بل قام على تطويرهم من حياة إلى حياة» فهو الحى القيوم القائم على كل شىء الذى يكلؤهم بالليل والنهار سبحانه الواحد القهار. وتقديم «بربهم» على «يعدلوت», لبيان ضلالهم فى مساواتهم الله ربهم بالأوثان» وهو تأنيب لهمء وبيان لضلال عقولهم. وصايبا الله ار #قل 0 0 # م ره وم سد ,و تا دأ تَلمَاحَدَم ربصت لمكم لاخر ابو سك مره سه 0000 ل 7# >5 شيعا وبالوال بن إخسسدنا ولانماوا أؤللد كم ين عط 2 وسح م لخر ءوس )2 010 إِمْلقٍ نحن نرزفحكم وَإِيَاهِم ولا تفريوا ا لفواحسٌ مَاعلْهَرَمِتَهحَاوَ ابطر وَلَابَة قاقد َه حي أن لحك صخ يلك 2 ما آل ير اسه 2ت آم 2000 ريط وَلَانْمَرَبوأمَالَا اليتي إلايالتيهى أحسن ملحو يبل سدم 007 00 00 لمكت تَدْمَالَّ لل تفسير سورة الأنعام 111 ااا انان ااال الااالاتاا انال االااا لانن الالال اناالا اللا ملطاانط تاللا االانااطك للق لط الما لمممطخخطط ناتللا 0 «لجمل به تي < وُسْعَهََإافلد لحان افق د أ لِك وَصَكْ بوه َل دَكرُوت 9 أ اد . اه أ هذا صرطِى مَسَقِيما فأَتَبِعوَه وَل انيعو لسَبَلَ 00 آكتآذتذ > 2 3 0 0 50 أذ و مه - جه >« تنج هذه وصايا عشر هى وصايا الله تعالى لبناء مجتمع إنسانى كامل» يقوم على أساس التعاون الإنسانى والمودة ودفع الأذى ووقاية المجتمع من الآفات» ورعاية الضعفاء . ولقد قال ابن مسعود رضى الله تعالى عنه: من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله كك التى عليها خاتمه فليقرأ هذه الآيات قل تعالوا أذل ما حرم ربكم ليكُم ألا مُضْرٍكُوا به سينا 4 إلى قوله تعالى : «لَعَلَكُمْ ُو 4 . هذا ما قاله ابن مسعود الصحابى الفقيه النافذ ببصيرته فى معانى القرآن الكريم» ومستخرج الأحكام من بين ما نص عليه وما ظهر» وما استكن من معان العالية . وفى الحق إن هذه الوصايا الإلهية التى هى وصايا النبى كلدك يقوم عليها بناء المجتمع الإنسانى السليم» وبها تحارب الآفات الاجتماعية التى تتردى بها الجماعات فى مهاوى التفرق والانحلال. فيها تطهر النفس والعقول من آفات الفكرء وتطهير المجتمع من التقاطع والتنابذ ومنع الاعتداء بأى نوع من أنواعه. وفيهاء التعاون على حماية الضعفاء» وفيها إعطاء كل ذى حق حقه» وفيه إقامة العدل فى كل ضروبه الذى هو ميزان الحقوق والواجباتء وفيها الوفاء بالعهود الذى هو رباط الجماعات الإنسانية مهما تختلف أجناسها وشعوبها وقبائلها. / ها تفسيرسورة الأنعام اللل وواللا 1 لجه نه تى ‏ وإن شئت أن تقول إن فيها أكثر التكليفات الاجتماعية البانية والواقية» وهى متفق عليها فى كل الديانات السماوية» ومقررة فى كل الشرائع العادلة» وإن لم تكن فيها على هذا السمو الرفيع كما جاء فى القرآن. وف اما ممم رواب نا واي إبضاذ». خاطب الله نبيه يَكِ ليبلغ جوهر رسالة ربه بأن يقول لهم: تَعَالوا ألما حرم ربكم عليكم» أى أقبلوا أيها الناس أجمعين فى شتى الأرض أجناسا وشعوبا وقبائل» وأقبلوا بعقولكم وأنفسكم أبين لكم ما حرم عليكم؛ فالنداء ب طاتعالوا» دعوة لإقبالهم له بكل مداركهم وتفكير وتنبيه لعظم ما سيبينه لهم من وصايا وتكليفات» والتلاوة هى قراءة القرآن الكريم مرتلا متتابعا فى كلماته وأساليبه والمراد هنا البيان لأن البيان؛ ثمرة تلك التلاوة المنتابعة الموضحة». فهذا تعبير بالمسبب عن السبب. وقوله تعالى: «إما حرم ربكم عليكم». (ما) اسم موصول بمعنى الذى. أى أبين لكم الذى حرمه الله تعالى عليكم» ويصح أن تكون ما موصولا حرفياء ويكون المؤدى تعالوا أتل تحريم ربكم تعالى عليكم . وفى التعبير بقوله تعالى: لاما حرم ربكم عليكم» إشارة إلى أن ذلك من ربكم الذى خلقكم وربكم وهذبكمء. وهو العالم بالأمور كلهاء وهو المحيط بما فيه خيركم» وحرم4. إنما هو فى الأمور الخمسة الأولى التى آخرهاء #ولا تقتلوا النّفس الّتى حَرَم الله إلا بالْحَقَ». فإن هذه الخمسة محرمات ننتهى عنها وإذا شئنا الإحسان إلى الوالدين» أما الباقى فأكثره مأمورات من الوفاء بالكيل والميزان» وألا يقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن؛ فهو فى معنى الأمر فى معاملة اليتيم بالتى هى أحسن فى ماله» ثم إقامة العدل والوفاء بالعهد فهذه أوامر لا محرمات. هذه الأوامر المذكورة فى الآيات نهيا أو طلبا هى تسعة إن جعلنا الوفاء بالكيل والميزان أمرا واحداء وإن جعلناها أمرين تكون عشرة كاملة. ل تفسير سورة الأنعام ل حل ا يي «ألاً : 2 تشركوا به شَيئًا» هذا هو الأمر الأول الذى حرمه الله تعالى» وهو أعظم الأمورء وأقواها أثرا لأنه يتعلق بخالق الكون ومنشىء الوجود» وأصل الاعتقاد الدينى» وهو أول الشريعة» وعليه اجتمعت كل الرساللات» كما قال تعالى : الإ شرع لَكُم من اين مَا وَصئ به نوحا واأذى أَوحَينا يك وما وصّينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أقيموا الدين ولا تتَعَرقُوا فيه كبر على المشرٍكين مَا تدعوهم لَه 9 4 [الشورى]. فالواحدانية لب الإيمان» والله تعالى يجعل كل السيئات قابلة للغفران إلا الشرك» ولذا يقول تعالى: ١‏ إن الهلا يعفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (52) 4 [النساء]. 0 1 وإن الوحدانية فيها تطهير للعقول من رجس الأوثان» والإذعان للإنسان والأوثان» وهى تربى العزة فى المرء» فلا يخضع إلا للواحد الأحدء الفرد الصمدء وذلك من يعبد غير الله» ومن يخضع لغيره» وأنه إذا كانت الوحدانية برا بالخالق» فإن الإحسان إلى الوالدين بر بمن جعلهم الله سببا ماديا فى وجود الولد ولذا قال تعالى: #وبالوالدين إحسانا» . هذا هو الأمر الشانى وهوالوصية بالوالدين» والوصية بهما هى الإحسان إليهماء والإحسان مرتبة أعلى من العدل» إذ هو فوق العدل فى الرحمة والرأفة. فهو عدل ورأفة ووفاء وبر»ء ولذلك كان الأمر بالإحسان بجوار الأمر بالعدل» كما قال تعالى: إن الله مر بالْعدل والإحسّان وإينَاء ذى القربئ ويتهئ عن الفحشاء والْسْكرٍ ولخي يَعطكُم لمكم مكرود 9ه ©4 [النحل]. وقال تعالى: « وقَضئ ربك لذ تعبدوا إل ياه وبالوالدين ! إِحسانا © 4*9 [الإسراء]. وإن الأمر بالإحسان يتضمن النهى عن الإساءة؛ إذ هو نهى عن الإساءة» وأمر بفضل العاطفة والمواساة والقرب» وإحسان الصحبة. وإن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين مقترنا بالنهى عن الشرك فى كثير من الآيات الكريمة» فقال تعالى: « واعبدوا اللّهِ ولا تشركوا به شيمًا وبالوالدين " ش تفسيرسورة الأنعام للماللو لل 011 أ ا إِحْسَانَا 69 4 [النساء] . وقرن الله تعالى شكر الوالدين بشكر الله وجمعهما معاء فقال تعالى : «أن اشكر لى لى ولوالديك إلى المصير 9 وإن جَاهَداك عل أن شرك بى ما يس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهمًا فى اللانيا موا واتبع ميل من أنَاب إلى ثم إلى مرجعكم فَأنْبَنْكُمٍ ما كم تَعَمِلُونَ 69 4 [لقمان]. والإحسان إلى الوالدين شريعة النبيين أجمعين قد كلفها بنى إسرائيل» قال تعالى: ف وإذ أَحَدْنَا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلذّ اللّه وبالوالدين إِحسانًا © 5 »© [البقرة]. فمن يعق الوالدين فهو فاسق عن أمر الله ونهيه. «ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن تَرزْقُكم وَإِيّاهُم4 هذه هى الوصية الثالثة» وقد نزل سبحانه من إكرام الأصول والإحسان إليهم إلى الإحسان إلى الأولاد ولم يذكر سبحانه الإحسان إلى الأولاد لأنه أمر فطرى تتقاضاه المحافظة على النفس» فالولد امتداد أبيه وما جاء القرآن بالآمر بالإحسان إلى الأولاد» ولكن أمر الإسلام بالقيام على تربيتهم ورعاية شئونهم ورزق أمهاتهم» كما قال تعالى: «وعلى المولود له رزفهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلّف نفس إلا وَسعها لا نضَارٌ والدة بولّدها ولا مولود لَه بولّده وعلى الْوَارث مل ذلك 65 4# [البقرة]. ولكن كان فى وحشية الجاهلية من يئد بناته بغيا بغير علم» وكان من يفعل ذلك وغيره لإملاقهم؛ والإملاق الفقر من كثرة الإنفاق» وقد نهى سبحانه وتعالى عنهء فقال: لإولا تفتلوا أولادكم من إمُلاق» أى من فقر بسبب الإنشاق وهو متلاق فى المعلى مع قوله تعالى: ورلا ُو أرلاد حي إنلاق نحن يقل وإياكم ... 469 [الإسراء] فكأنه كان فى الجاهلية من يقتل أولاده لإملاق واقع بسبب الإنفاق» ومن يقتل ولده لأنه يتوقع الإملاق إن لم يقتله . وقد نهى الله تعالى عن ذلك الإثم الجاهلى» وهو من إغواء الشياطين» ولعله كان يسهل على الذين يفعلونه معهم. أنهم يفعلون ذلك» وهم بعد فى المهدء أو عقب ولادتهمء فلم يكونوا تعلقوا بهم تعلق الآباء بالأولاد» وكانوا يفعلون ذلك سفها بغير علم» ولم يكونوا قد ذاقوا محبتهم؛ بالإلف» والتودد» م تفسير سورة الأنعام الم و بج ا يي وقد قال تعالى فى بيان أن الفقر أو الإملاق لا يبرر؛ لأنهم لا يرزقونهم» ولكن يرزقهم اللهء ولذلك قال تعالى: نحن نرزْفُكُم وإيّاهم» أى نحن نرزقكم معهم» كما رزقناكم وحدكم: وما من دَبّة في الأَرْضٍ إلا عَلَى اللّه ِرْقُهَا . .400 زهود]. وقد فهم بعض العلماء من هذه الآية أن منع النسل لا يجوز بعزل أو نحوهء والعزل أن يلقى النطفة خارج الرحمء ولكن رويت آثار عن النبى كَل أنه رأى العزل» ولم يأمر به ولم ينه عنه(21» ولكن جاء آخر الحديث فى هذا الباب» أن النبى كلد قال: «العزل هو الوأد الخفى)20' . وروى عن الصحابة أنه رأى أن العزل ليس به من بأسء ولكنه خلاف الأولى» ورأى آخر منعهء والفقهاء بعد ذلك اختلفوا فيه» فمنهم من قال إنه مكروه» ومنهم من قال إنه حرام كالحنابلة وأهل الظاهرء والغزالى قال إنه لا يجوز إلا إذا كان ثمة عذر إليه» وفتح باب الأعذار على مصراعيه حتى لخشيت المرأة على جمالهاء فإن زوجها يعزل عنهاء ولكنه منع منعا مطلقا العزل أو حد النسل خوف الإملاق أو للإملاق» فإن ذلك يكون مصادمة للنصء ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق» والقول الفصل فى الحد من النسل المترتب على العزل 0 أن جمهور الفقهاء لم يرضه» حتى إن الغزالى الذى فتح باب إل المبررات لهء قال: لا ينبغى . ومهما يكن فإنه من المؤكد أن الذين قالوا ليس به من بأس قرروا أن ذلك بالجزء لا بالكل» أى أنه يكون لمن يريد ذلك أن يفعل» إذا كان له مبررء على التوسعة فى المبرر عند الغزالى. ولكنه حرام بالكل» أى حرام أن يدعو أحد إليه؛ (1) من ذلك ما جاء في باب العزل من صحيح البخاري ومسلمء ٠‏ ففي صحيح مسلم: النكاح- حكم العزل (14174) عن أبي سعيد الخدري قَال: كر اَل عند رَسُول الله وك فَقَال: اولم يفعل ذلك أحدكه؟» لم يقَل: ا ْمَل ذلك أحَدكُم ١ه‏ يست نَفْس مُحَلُوقَةٌ إلا الله ختالقها» . (1) سبق تخريجه . 7 تفسيرسورة الأتعام للللللل الل إلا 112 لس ات أو تدعو الدولة إليه؛ لأن ذلك مناهضة للنص الكريم فى القرآن» وقوله: «تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»(2©. وقد قرر مجمع البحوث الإسلامية المنعقد فى الأزهر سنة ١950‏ أن الإسلام يرع فى النسل» ؛ لآنه يقوى الأمة اجتماعياء واقتصادياء وحربياء ويربى فى الأمة روح العزة والمنعة» وقرر أن تنظيم النسل حق للزوجين دون غيرهماء يستعملانه للضرورة. ومسئوليتهما عن الضرورة أمام الله وحده. «إولا تقربوا الفواحش ما ظَهرَ منْها وما بَطَن» هى الوصية الرابعة» وهى تتصل بالأولاه عن قرب أو عن بعد؛ لأن أخص الفواحش هو الزنى وقد قال تعالى: «ولا ة تقربوا الزْنّى إن كان فاحشة وَسّاء سبيلا 4069 [الإسراء] . والفواحش: جمع فاحشة:. والأصل فى الفحش الزيادة عن الأمر المعتدل» والفاحش هو الزائد عن المعقول» ولذا يقال غبن فاحش أى زائتد عن الحد المعقول فى الصفقة؛ إذ لا يدخل فى تقويم المقومين» والفواحش هى المعاصى لأنها انحراف» وزيادة عن الفطرة وخروج عن منهاجهاء وعن الطريق المستقيم » والظاهر ما يعلن» ويجهر به»ء والجهر بالمعصية فى ذاته حرام» وما بطن أى وما استتر ولم يجهر به» وهو إثم» ولكنه دون إثم المجاهرة» ومن يجهر بالمعاصى» فإن ما يفعله إثمان إثم الفعل وإثم المجاهرة» ولقد قال النبى كَكلْدِ: «إن من أشد الناس بعدا عن الله المجاهرين) قيل: ومن همء قال: «ذلك الذى يعمل عملا بالليل قد ستره الله فيصبح يقول فعلت كذا وكذا يكشف ستر الله)(©2. ولقد قال يَكلْةٌ فيما رواه 17) ددا أبو داود: : التكاح - النهي عن تزويج من لم يلد من النساء < ) وأحمد: باقى مسند 0 عن بي هريرة رضي الل عنه) سمغ رول لل كه يشُول: كل أمّمي مُعَافى إلا مه المجاهرين» وإ من الْمجَاهرة نا َمل لجل بالذيل عملا م يُصيح وقد سر الله ليه يول َأ لان عملت الْبارحة كذ وكذا وقد بات يسكره رب ويصبح يكشفا مشر الله نه متفق عليه : رواه البخاري: الأدب- ستر المسلم على نفسه (59 00 ومسلم: الزهد والرقائق - النهي عن هتك المسلم ستر نفسه ( 2)). ل ل تفسير سورة الأنعام ل 0 حل لج به يي الشافعى: (يا معشر الناس من ارتكب شيئا من هذه القاذورات فاستتر فهو فى ستر الله ومن أبدى صفحته أقمنا عليه الحد)27. ومن المعاصى ما يستتر استتارا؛ لآنه خلجات القلوب ولم يظهر فى العمل لا لعدول صاحبهاء ولكنه فوجئ ما فوت عليه مقصده كمن بِيّت الاعتداء» أو الزنى» واتجه إلى الفعل» ولكن فات عليه ارتكابها لأمر خارج عن إرادته» فإنه يكون قد أبُطن معصيته» ولكن لم يُمكّن من ارتكابها رغما عنه لا مريداء فإن من الآثام ما يكون باطناء وعليه الإثئم» وكمن يهاجر إلى مكان لا يريد الهجرة لله أو لعمل صالح.» ولكن يريد الفسق والفجور أو البغى» فإن هذا يكون فاحشة ما بطن. وهذا النص مثل قوله تعالى: لوَذَرُوا ظَاهرَ الإنم باضه ... 4099 [الأنعام] . وقد يسأل سائل» إن هذا النص القرآنى وما يشبهه فيه نص على المؤاخذة على ما فى النفس وما يبطن. مع أن الحديث بأن الله تعالى لا يؤاخذ على ما يحدث المرء به نفسه» وقال عليه الصلاة والسلام: «من هم بحسنة فلم يفعلها كتبت له حسنة» ومن هم بسيئة فلم يفعلها لم يكتب عليه شىء0©, فإن هذا حديث النفس أو همّهاء من غير أن تشرع بعمل» بل عدل من تلقاء نفسه . وما فى النص السامى الذى نتكلم فى معناه هو من ارتكب الشروع» ولم يقتصر على حديث النفس ولا هم النفس والعدول» بل أراد الفعل وقصده. وأخذ فى الأسباب» ولكن لم يتم لأمر خارج عن إرادته. .)1535( رواه مالك فى الموطأ: الحدود- ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا‎ )١( (؟) رواه الإمام البسخاري: الرقاق- من هم بحسنة أوسيئة(5491)» وفي رواية: التوحيد(١ .076١‏ كما رواه مسلم: الإيمان- إذا هم العبد بحسنة(18١)عن‏ أبي هريرة رضي الله عنه. وعلى هذا فإن من هم بسيئة فلم يفعلها- ابتغاء مرضاة الله تعالى- كتبت له حسنة. والله أكبر. 7" تفسيرسورة الأنعام الل اللللل اال ل _طضزز يي «ولا تقتلوا النفس الّتى حَرّم الله إل بالحق» . هد هى الوصية الخامسة التى أوصى بها رب العالمين» وهى النهى عن قتل النفس التى حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق» ويكون القتل بحق أى بسبب يوجب القتل. وهذا النص يفيد تحريم قتل النفس أساساء فهى على أصل المنع إلا أن يكون ثمة موجب لذلك؛ فإن ذلك يكون بحق لحماية النفوس العامة» وقد قال -تعالى- فى قتل قابيل أخساه هابيل حسدا وبغيا: «( من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أَنّه من َمل نفسا بعر نفس أو فُسَادِ فى الأرّض فَكَنّمَا َل لنّاسَ جَمِيعًا ومن أحياها فَكأنّما أحيًا الئاس جَمِيعًا 69 > [المائدة] . فالقتل حرام» إلا إذا كان ما يبرره فيكون بحق» ومن الحق الذى يوجب القتل» ويحل النفس »2 أن يقتل غيره أو أن يبغى » أو أن يحارب الله ورسوله وهم قطاع الطريق أو أهل الحرابة كما قال تعالى : طإِنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يلوا أو يصلَبوا أو تقَطَم يديهم أجلم مَنْ خلاف أو ينوا من الأرض ذلك لَهُم خزئ فى الانيَا لهم فى الآخرة عَذَابّ عظيم 0© إلا الذي تَابوا من قَبلٍ أن تقد روا عليِهم فَاعَلَمُوا أن الله عَمُوررحِيم 89© 4 [المائدة] . وهكذا نجد الحق الذى يبرر قتل النفس يكون لحماية النفس ذاتهاء أو يكون صاحبها قد أباحها. وإن النهى عن قتل النفس عام إلا إذا وجد ما يبرره؛ لأن الله تعالى حرم قتلهاء فقوله تعالى «الْتى حرم» قتلها فيه الصلة؛ وهى علة النهى» فقتلها منهى عنه ؟ أن الله تعالى حرمهاء ولذا إذا أباح صاحبها نفسه بردة؟؛ أو محاربة للمسلمين» فإن الله تعالى لم يحرم قتلهاء فلا نهى؛ لأنه مباح الدم . ش وبذلك يتبين أن الله تعالى نهى عن قتل الذمى المعاهد» ومن دخل أرض المسلمين مستأمنا؛ لأن عهذه عصم دمه. والله أعلم. /(إنا تفسير سورة الأنعام ل ملل اح لج يو 3 لذَلكُمْ وصّاكم به لَعلكم تذَكٌرون» . «ذلكم» الإشارة إلى المذكور من النهى عن الشرك والأمر بالإحسان إلى الوالدين» والنهى عن قرب الفواحش وهو نهى عن المقاربة لا عن الوقوع؛ لأنه نهى عن أن يدنو منهاء فمن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيهاء والنهى عن القرب يدل على النهى عن الوقوع» والإشارة تشمل النهى عن قتل النفس» فهذا كله من وصايا الله سبحانه وتعالى» ووصايا الله تعالى جديرة بالاتباع» وجعل الخطاب فى الإشارة ب (ميم الجمع) لعموم التوصية بهذه الأمور التى أشار إليهاء وليتسق القول مع #إصاكم بهد4. وقوله تعالى : «لَعلكم تذكْرون» أى لكى ترجوا دائما أن تكونوا متذكرين. وقوله تعالى «لعلّكم تَذَكّرون» لعل فيه للرجاء والرجاء من العباد لا من الله تعالى. والتوصية هى الطلب المؤكد من العباد. طاولا تقربوا مال الْيتيم إلا باْتى هى أحسن حتئ يبلغ أشده 4 . نهى الله تعالى أن يقربوا مال اليتيم أو يأخذوه؛ وكان التعبير بالقرب» ويكون بالأولى النهى عن أكله لأنه إذا كان النهى عن القرب إلا بالخصلة أو بالطريقة التى هى أحسن لإغمائه وحفظه وصيانته» ومنها الاتجار فيه إذا كان الوصى عليه أمينا قادرا ماهرا لقوله عليه الصلاة والسلام: «اتجروا فى مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة7(١2,‏ كان أولى بالنهى أكله. واليتيم هو الذى مات أبوه؛ والخنصلة التى هى أحسن قال فيها بعض المفسرين» إنه المحافظة على أصوله وتثمير فروعه» ولو عبر فقال المحافظة على الأموال الشابتة كالأرضين والدور والأغراسء وتثمير المنقول بكل طرق التثمير بالأمانة» ولا يأكلهاء فإن التعبير يكون أوضح. )١(‏ سبق تخريجه. لهذا تفسير سورة الانعام ب للم ما ل 1 1 1 1 221222001111 ..١ اكاك‎ ١ - وإنما كان النهى عن قرب ماله إلا بما يحفظه وينميه؛ لأنه فقد من يحميهء فَقَد الأب الحامى الذى يأخذ بيده إلى مدارج الحياة» يلاحظ جسمهء ويلاحظ ماله؛ إن كان له مال» وهنا لم يذكر إلا المال؛ لأنه مطمع الطامعين ومطلب الذين يأكلون أموال الناس أكلا لما. وإن مال اليتيم هو جزء من مال الأمة؛ إن حوفظ عليه كان محافظة على جزء من ثروتها. وإن المال أمانة فى يد وصيهء وفى رعاية الأمة مجتمعة ممثلة فى قاضيهاء حتى يبلغ أشدهء أى يبلغ السن التى يقدر فيها على المحافظة على ماله» والقيام على شئونه فى خاصة نفسهء وفى معاملته. والأشد قيل جمع شد ككلب وأكلب» وقيل اسم لا مفرد له والمراد ما ذكرنا وهو بلوغه حد القدرة على إدارة شئون ماله وأدناه بلوغ النكاح بأن يكون قد بلغ السن التى يمكن أن يتزوج» وأن يبلغ رشداء أو يؤنس منه الرشدء بعد بلوغه غه سن التكاح؛ قال تعالى: وابتلوا 20 0 ااي كي كعفنت تم زه فاو له ااه ول كوم لك هم ألا اشير 0 ضعاف» ولشدة الوصايا بالأيتام كان المؤمنون يخشون على أنفسهم أن يخالطوا من مجتمعهمء » ولذا قال تعالى: ( تسوك عن اليتامن ل إصلد لهم يوون تخالطوهم فَإِحْوانَكُم واللهُ عَم الْمُفْسد من الْمُصَلح ولَوْشَاء الله لأعنتَكُمٌ 9 4 [البقرة] . وإن رعاية نفس اليتيم تجعله قريبا بنفسه إلى الناس» ولا ينشأ نافرا منهم؛ لأنه لا يجد الحماية والرعاية» وينشأ عدوا للجماعة التى يعيش فيهاء ولذا قال م تفسير سورة الأنعام ل للم 1 لح زا تعالى: طقَأَمًا اليتيم فلا تقهر (4)5 [الضحى] وقال كل «شر السيوت بيت يقهر يتيماء وخير بيوت المسلمين بيت يكرم فيه يتيم»217. هذا إصلاح فى الأسرة وهو إكرام اليتيم»ء وأوصى سبحانه وتعالى بالأمانة فى الجماعة» فهى رباط المودة فقال تعالت كلماته: . ) وأوقُوا الكل وَالْميزَانَ بالقسط لا نكلف فسا إلا وسعها‎ ١ هذان هما الأمران السابع والثامن اللذان أوصى الله تعالى بهما فى ضمن عشر الوصاياء وهما الوفاء بالكيل فى المكيلات» والوفاء بالوزن فى الموزون بالقسط من غير بخس ولا شططء ولا زيادة ولا نقص» بل للناس من وفاء الكيل بمقدار ما تطلب» وتعطيهم من الوزن بمقدار ما تطلب لو كنت طالب الكيل والميزان» وذلك على حسب الطاقة فى تحرى الحق فى مكيل غير منقوص» وموزون غير مبخوس؛ ولذا قال تعالى: «لا كلف نفسا إلا وسعهًا» وإن الله تعالى إذ يطالب بالوفاء فى الكيل والميزان يذم المطففين لهما .فقد قال تعالى : ظ وَيْللْمطَقَفينَ 0 الذي إذَا اكْتانُوا على الثاس يسَتَوْقُون 22 وإِذا كالوهم أو وَرْنوهُم يُخْسرُونَ 0 » [المطففين] . وكان الأمر بالوفاء؛ لأنه المطلوب» فالزيادة غير مطلوبة إلا من أهل السماحة» والنقص محرم تمنوع. وإن الوفاء فى الكيل والميزان يرمز إلى حسن التعامل فى الأمة» ومنع أكل أموال الناس بالباطل الذى يضعفها ويقتلها. ولذا عقب الله تعالى النهى عن أكل أموال الناس بالبباطل بالنهى عن قتل أنفسهم أى تفريق النفوس فى جماعتهم» فقال تعالى : ليا يها الذي نموا لا تأكلوا َمْواَكُم بتكم بلاطل إل أن تَكُون تجارة عن تراض سكم ولا تفقلوا أنفسكم إن اله ان بكم رَحيما 059 4 [النساء] . "51 رواه بنحوه ابن ماجه : الأدب ا حقى اليتيم‎ )١( نذا تفسير سورة الانعام الل 07د 1 110001011711121 ااا 1 يي" ولقد قال ابن عباس فيما روى عنه كلمة جامعة فى آفات الجماعات الزنى فى قوم إلا كثر فيهم الموت» ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق» ولا حكم قوم بغير الحق إلا فشا فيهم الدم» ولا ختر قوم بالعهد إلا سلط الله تعالى عليهم العدو)(3©. هذا وإن العدل فى الأمة ميزانهاء ولذا قال تعالى: «وإذا فلم فاعدلُوا ولو كان ذا قُرَب». أمر الله تعالى بالعدل فى القولء وأن لا نقول إلا عدلاء ولذا قال: «وإذا قلتم فاعدلوا# والعدل فى القول تحرى الحق فيه» فلا ينطق بأمر لا يكون حقا. والعدل فى القول يشمل الحكم بين المتخاصمين» كما قال تعالى: 8 وإِذَا حكمتم بين النّاس أن تَحَكُموا بالْعَدل إن الل نعم يَعظُكُم به 210 4 [النساء]. وتشمل الفصل فى الخللافات بين الناس » فلا يقول إلا الحق أن الحق يحسم النزاع ويقطع دابر الخللاف» ويشمل القول فى الشهادة. فلا ينطق إلا بما رأى وعاين» فإن الشهادة حكم أو هى طريق الحكم ودليله» وإذا قلت فى مباراة فكن عادلاء وإذا قلت فى امتحان فكن عادلا؛ لأن الامتحان تقدير كفاية فهى حكم. والعدل ميزان الحق فى معاملاات الناس وأحوالهمء والإسلام دين العدل» وإذا كان لكل دين سمة فسمة الإسلام هى العدل» ولذا قال تعالى : 8 إن اللّهِ يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربئ وينهئ عَن الْفَحْشاء والْسَكَرٍ والبَى يعظكم لعلَكُم تذكروت 469 [النحل]. ولذا كان العدل رابطة الجماعة وميزانهاء وقال تعالى: #ولو كان ذا قربى» أى ولو كان الذى يقوم عليه العدل فى القول فى حكم أو شهادة» أو فصل فى )١(‏ الرواية موقوفة على ابن عباس في موطأ مالك: الجهاد - ما جاء في الغلول (4944). وخختر العهد: نقضه. لل 0 تفسير سورة الأنعام ين م ك1 خصومة» أو مباراة» أو امتحانء فإنما العدل حيث تتنازع العواطف, وتمتلك النفوس هو فعل الأبرار» وهو المقياس الذى تتفاوت به مراتب العدول. وإذ كان العدل ميزان الترابط بين الجماعات فى الأمة» فالوفاء بالعهد ميزان العدالة فى الأمم» ولذا قال تعالى : في الأ هى الوصية العاشرة من وصايا الله تعالى وهى تطلب من الناس أجمعين الوفاء بالعهدء وقوله تعالى: ظوَبِعهد الله أَوقُوا4 قدم فيه «بعهد اللّدك لأهمية الوفاء بعهد الله ولمعنى الاختصاص» أى احرصوا على الوفاء بعهد الله دون غيره. وعهد الله تعالى الذى يتجه إليه؛ ما عهده إلى بنى آدم من فطرة مستقيمة أنشأهم عليهاء » كما قال تعالى: ( وذ أَحَد بلك من ببى آدم من طهورهم ذريتهم وأَشْهَدَهُم علَى أَنفسهم الست بربكم قَالوا بآى 059 4 [الأعراف] . . وإن تكليفات الله تعالى عهود عليهم. والعهود بين العباد عهود الله تعالى عليهم؛ لأنهم عادة يوثقونها بأيمانهم» وقد قرر سبحانه وتعالى ذلك» وقال: وَأوقُوا بهد الله ذا عَاهدثُم ولا مضو ليما بد كيدها وقد جعَلكم اله ليم فلا إن اله َعَم ما فون (59) ولا تكونوا كَالتِى تقض عرلا من يد قو كان دود أيمَاَهُم خَلا كم أن تون م مى أرب من أَمة نما يلُوكم الله به بيسن لَكُم يم القيَامَة ما كسم فيه تختلفون 59 4 [النحل]. ' فهذه الآية تحث على الوفاء بما يكون من العهود بين الآحاد والجماعات» وهى تدل على ثلاثة أمور: أولها- أن من ونَّقَ عهده بالله فقد جعل الله تعالى كفيلا بالوفاء» والخيانة أو خفر العهد خيانة لله تعالى. هاا تفدسير سورة الأنعام 0 الل 1000 1 1 1[ 1 آذ 1 1ذ2*565101 س1 ار اه ثانيها- أن الوفاء بالعهد يقوى الأمة فيجعل الناس يثقون بها وتلك قوة. ولذلك شبه الله تعالى من ينقض عهده بالحمقاء التى تنقض ما فتلته من غَرْل» فتجعله أنكاثا شعرا متفرقا. ثالثها- أنه لا يصح أن تكون الرغبة فى زيادة الأرض والسلطان سببا لخيانة العهد؛ لأن ذلك ظلم وطغيان» وفقد لقوة أكبر وأعز من النكث فى العهد والخيانة وصدق ما قاله ابن عباس فيما نقلنا (ما خفر قوم فى العهد إلا سلط الله هذه وصايا الله سبحانه وتعالى» ويلاحظط أنه لم يذكر فى هذه الوصايا الصلاة والزكاة والصوم والحجء وهى من أركان الإسلامء والصلاة عمود كل دين» وكما قال النبى لله : «لا دين من غير صلاة)(1) لآنها لب العبادة . ولماذا لم تذكر الصلاة فى هذه الوصاياء مع أنها لا تقل طليبا فى الإسلام عما ذكر من الوصايا العشر؟ ونجيب عن ذلك بثلاثة أمور. أولها- أن المطالبة بها ذكرت إجمالا فى قوله تعالى: #وبعهد الله أُوقُوا» وقد ذكرنا أن أول عهود الله تعالى تكليفاته التى كلفها عباده. ثانيها- أن هذه الوصايا مجمع عليها فى الأديان» وهى الأساس النفسى والعملى لتكوين الجحماعات الفاضلة» وقد جاءت بها الأديان كلهاء ورضيتها الشرائع الوضعية المستقيمة. الثها- وهى أهمهاء أن هذه الآية مكية. ولم تكن الصلاة ولا الصوم ولا الحج قد فرضء والزكاة لم تكن قد نظمت كما ذكرنا آنفا. - وأحمد: مسئد الشاميين‎ .)7١77( رواه أبو داود: الخراج والإمارة - ما جاء في خبر الطائف‎ )١( حديث عثمان بن أبى العاص (75654١)ء بلفظ : «لا خير فى دين لا ركوع فيه) . أي لا صلاة‎ 9ه تفسير سورة الأنعام ااانا ااال التلنا ااال للاناا لل تان انالا االااا!ا الال اللاطا ااال ااالطامنااطللالل اناالا تالاخ للا انط ططخ قلاط طط لاا تاللا 4 ب ا وقد بين الله تعالى من بعد أن هذه الوصايا هى طريق الله الحق الذى بينه لعباده» فقال تعالى: . » وها صراطى تم َوه ولا موا اسيل فق بكم عن يله‎ ١ (الواو) واو العطف. فهى عاطفة هذه الآية على ما قبلها من الوصاياء و(أن) مفتوحة » فهى ليست صدر جملة مبتدأة» بل مصدر منسبك مع ما بعدهاء الحق, كما أن الخط المستقيم أقرب خط بين نقطتين. والإشارة إلى ما يبينه الله تعالى من ضلال الذين يحرمون ما أحل الله وبيان ما أحل وما حرم وبيان ضلال من قتلوا أولادهم سفها بغير علم؛ وما بينه الله تعالى من نهى عن الشرك» وطلب الإحسان إلى الوالدين» والنهى عن قتل الأولاد من إملاق» والنهى عن القرب من الفواحش والنهى عن قتل النفس التى حرم الله قتلهاء والأمر بالإحسان إلى اليتيم ووفاء الكيل والميزان» والعدل فى القول والوفاء بعهد الله. كل هذه المعانى » أو جماعها هو طريق الله تعالى وهو طريق مستقيم» وقوله تعالى #مستقيما# حال من اسم الإشارة. والطريق المستقيم الذى هو صراط الله» والذى هو الخط الذى بينه الله تعالى لعباده يجىء بجواره سبل مختلفة هى مثارات الشيطان يضل بها عباد الله تعالى عن الطريقة المثلى» والمنهاج السوى الهادى . ولقد روى ابن مسعود قال: خط رسول الله ككل خطا بيده» ثم قال مَك: «هذا سبيل مستقيم) وخط عن يمينه» وعن شماله ثم قال: «هذه السبل ليس ا تفسير سورة الأنعام ١‏ الملل 000 سر أ منها سبيل إلا على رأسه شيطان يدعو إليه). ثم تلا قوله تعالى: 8 وان هذا صراطى مستقيما فَاتبعوه ولا تتِعوا السبل فتَفرق بكم عن سبيله 21004 . ومعنى قوله تعالى « فتفرق بكم عن سبيله» أن هذه السبل التى هى مثارات الشيطان فيها أمران يخرجان بهما عن سبيل الله. أولهما- أنها آثام لا استقامة فيها بل هى معوجات مضلة. وثانيها- أنها مع ما فيها من إثم تبعد عن الحق وتتفرق فى باطلهاء فهى لا تلتقى مع الخط المستقيم» وتتفرق بعضها عن بعض . جاء فى سنن ابن ماجه بسنده عن العرباض بن سارية قال: «وعظنا رسول الله كله موعظة ذرفت منها العيبون ووجلت منها القلوب» فقلنا يا رسول الله إن هذه موعظة مودع فما تعهد إليناء فقال: تركتكم على البيضاء ليلها كنهارهاء لا يزيغ عنها بعدى إلا هالك من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدى. عضوا عليها بالنواجذ» وإياكم والآمور المحدثات» فإن كل بدعة ضلالة» وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشياء وإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد)( . منها شيطان هى التى فرقت أمتك وجعلت بأسها بينها شديداء اللهم فاهدها إلى صراطك المستقيم . وإن هذا الصراط هو جماع التوصيات؛ ولذا قال الله تعالى : «إذلكم وصاكم به لَعلّكم تتقرن» ويصح أن نعد هذه الوصية العاشرة» وتكون الوفاء بالكيل والميزان وصية واحدة» وهو أولى والإشارة إلى الصراط المستقيم )١(‏ رواه أحمد: مسد المكثرين - مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (51711)» والدارمي : المقدمة- في كراهية الرأي .)5١5(‏ (؟) رواه ابن ماجه: المقدمة-اتباع سنة الخلفاء الراشدين(55)» وأحمد: مسند الشاميين(17797) من ا تفسير سدورة الأنعام الل 2 لحب أ وصى الله تعالى به» أى أمرنا بالوقوف على هدى الله فى هذا الصراط أمرا مشددا بألا نحيد عنه؛ لأن التفرق فيه يجعل أمرنا سددا بددا» لا تجمعنا فيه جامعة» ولا نسلك طريق هداية» ولذلك قرر بعد هذه القوصية المؤكدة ظلَعلَكُم ّقَونَ» أى رجاء أن تمتلئ قلوبكم بتقوى الله تعالى» وأن تجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية؛ ولعلكم أن ترجو رحمته بعد خوف عقابه» فإن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاء ثم اهتدى . الرسالة المحمدية حجة على المشركين له رو 66 مو سس 3 20 ع ىه ل 1 لجس يذ لات سيد كه اهس أحسن ل شك وع ةلبد أ ص 0 بهم ومسو لتك :0 وَهذَ كت أنه مارك فاتعوو 0 رههخ وير 04 ا 46 مه سمه سس مم وَأتَهُوأ لعلكم ترتحمون 92 يا أن تَفولوا نما أنزل الْكنبٌ عل يشي 35 ين من ملِنَاوَإٍ 00010 ست تتفل ليت ذأ سر 0 أَوْتَُولُوا وما أَلَعَلعَنَا الكتب لكا هد و حكويكة 70 ريص وه 6 ود ل روه سا لله لمي َكدَبَبكَايت لوص 6 صَدَفُ عَتْاسَكجْ زَى الزن يصدفون عن ءايَثئِماسوء الع ذا بم كانوأيصيفون 55 هاا تفسير سسورة الأنعام 4 م ليذ 1 32111 لح اه بين الله تعالى صراطه المستقيم» وهو صراط القرآن العظيم» وقد أشرنا من قبل إلى أن هذه وصايا الأديان كلهاء ومن بعد ذلك أشار سبحانه وتعالى إلى شريعة موسى مبينة مع شريعة القرآن ليعلم العرب أن ما جاء به النبى كَكلَهِ وما نزل عليه من قرآن هو تكملة للرسالة الإلهية» فقال تعالى: َم آتينا موسى الكتاب تَمَامًا علَى اذى أَحْسَن وتَفْصيلاً لكل شىء وَهُدّى ورحمة4. (ثم) هنا عاطفة على الصراط المستقيم» وما سبقه من وصاياء وفهم من التعبير ب (ثم) هنا أنها لمجرد العطف على التراخى من غير ترتيب؛ لأن ما يتعلق بموسى عليه السلام سابق على شريعة محمد كله قال الحافظ ابن كثير ذلك» وقال إنه ترق فى الخبر من الحاضر إلى الماضى» واستشهد بقول الشاعر: قلن لمن ساد ثم ساد أبوه ثم من قبل ذاك قد ساد جده ونحن نرى أن (ثم) هنا للترتيب والتراخى أيضا؛ لأن الترتيب والتراخى كما يكون فى المستقبل يكون فى الماضى» فهو قد ذكر الأب» ثم ذكر الجدء وذلك تراخ فى الزمن الماضى. وليس ذلك غريبًا فى استعمال (ثم)» فهو ترق فى الذكر من الحاضر إلى الماضىء وفى الماضى ذلك التراخى» وإن ذلك يتلاتى مع قول أبى السعود: إن (ثم) تجىء للتراخى فى الإخبار مع الترتيب» كأن تقول: قابلتك اليوم» ثم بالأمس» ثم قبل ذلك» فإن استعمال (ثم) هنا فى موضعها. ويكون معنى قوله تعالى: ظثُمْ آتَينا موسى الْكتَاب4 إننا وصينا بالصراط المستقيم الذى هو صراط الله تعالى» وهوالقرآن الكريم» ثم من قبل ذلك آتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن وتفصيلا. ... أى أن هذه الوصايا العشرء قد آثيناها من قبل موسى» كما قال تعالى: «( وكتبنا له فى الألواح من كل شىم مُوعظة 4653 [الأعراف] . وكما قال تعالى : قل من أَنرل الكّاب اذى جاء به موسئ نورا وهَدى لَلئَاس تَجَعَلُوته َرَاطيس تبْدُوتَها وتُخْفُوَ كيرا 9© 4 [الأنعام] . اا تفسير سورة الأنعام ل مل 2 > زا وكما قال تعالى: طومن قَبْله كاب مومئ إِمَامَا ورَحْمَةَ 9 4 [هود]. وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا. وفى الجملة: إن الله تعالى يقرر بهذا أن الشرائع السماوية فى الدعوة إلى الخير والنهى عن الشر ظاهره وباطنه وأن حديثها فى الوحى والتنزيل واحد. وقال تعالى: طتَمَامًا على الّذى أَحسن» أى تتميما وتكميلا لنعمة الهداية فلا شىء أتم من الهداية والتوفيق إلى الصراط وبيان الحق» ولأنه الكمال والتمام للخير جعله الله تفصيلا لكل شىء من شئون الهداية والتوجيه» فهو كتاب قد آتاه اللهتعالى موسى فيه كمال الخير وبيانه» ووصفه الله سبحانه وتعالى بوصفين كريمين . أحدهما- أنه هدى فهو يهدى إلى الحق ويرشد الذى أحسن التلقى» وكان قلبه مفتوحا للحق ويدخل إليه»ء ويصل إليه» ولم ينطمس قلبه وبصيرته» ولم يكن على بصره غشاوة. وثانيهما- أنه رحمة» ففيه تفصيل الخيرء وبيان الوصول إلى الحق فى كل مسالك الحياة» والهداية ذاتها رحمة» والشريعة التى جاءت بها التوراة رحمة بمن بعث موسى عليه السلام لهم» وإن هذه الهداية والرحمة» الأخذ بها هو طريق لرجاء الإيمان باليوم الآخرء ولذا قال سبحانه طلْعلّهِم بلقاء رهم يؤمنون». أى أن الله تعالى آتى موسى هذا الكتاب تتميما وتكميلا للذى أحسن التلقى»؛ وشرح صدره لقبول الحق» وجعله الله تفصيلا للحق وبيانا له »ونورا وهدى ورحمة - كان رجاء أن يؤمنوا بلقاء ربهم» فقوله تعالى: لهم بلقاء يهم يؤمنون» الرجاء فيها من العبيد لا من الله تعالى . وهنا يسأل سائل» لماذا كان الرجاء فى الإيمان باليوم الآخر وبلقاء الله تعالى» ولم يذكر سبحانه وتعالى غيره مع أن الإيمان له عناصر غير مجرد الإيمان بلقاء الله تعالى؟ ونقول فى الإجابة عن ذلك» إن الإيمان بلقاء الله تعالى هو ش تفسيرسورة الأنعام الالو 11 ١ ااا‎ ١ يي الجامع لكل معانى الإيمان» فمن آمن باليوم الآخر لا يصعب عليه الإيمان بأى جزء من أجزاء الإيمان من بعدء ولذلك كان النكير من العرب والاستغراب فى الإيمان بالبعث والنشور. وفى قوله تعالى: ظلْعلّهم بلقاء رََهِم4 ذكر لقاء الله الذى خلقهم وربهم كناية عما يكون فى اليوم الآخر؛ لآن لقاء الله تعالى هو أعظم ما يكون فى يوم الدين. «وهذا كاب أنزلتاه ميارك فَاتبعو 4 الإشارة إلى القرآن لآنه حاضر مهيا كامل» وهو مبارك لأنه يشمل الخير والحق والفضل» وفيه مصالح الناس فى معاشهمء وفيه الشريعة الإنسانية الكاملة ما ترك صغيرة ولا كبيرة من أمر الدين إلا بينها وفصلها تفصيلاء ففيه ما يطهر الروح والجسم» وفيه ما يطهر الجماعة وينميهاء وفيه ما يجمع الناس على الود والرحمة» وفيه ما يحقق العدالة والميزان فى هذا الوجودء فهو مبارك» وإنه لمستمر لكل من يتلقاه مهتديا بهدى الله تعالى» فهو حبل الله تعالى إلى يومه فهو مبارك ف كل نواحيه . وهذا كقوله تعالى: «وهذا كتاب أنزلتاه مارك مُصَدق الذي بين يديه ولتنذرأم القرئ ومن حولها والدين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صّلاتهم يحافظرن 469 [الأنعام] . وإذا كان الكتاب له هذه البركة وهذه الهداية فإن اتباعه يكون واجبا ولازماء مصلحتهمء فإن فيه النفع العميم؛ ولذا قال تعالى: قَاتبعوه4, (الفاء) تفصح عن شرط مقدر وجوابه الأمر (اتبعوه)» وقوله تعالى: طفَائبعوهة» كان لرجاء الخير منهء وقوله بعد ذلك: #واتّقوا» كانت للوقاية من العذاب» فالاتباع لرجاء النفع» والاتقاء لتجنب ما يترتب على المخالفة من عقاب بعد الحساب» فالأمران فيهما ترغيب فى الخير بالاتباع» وترهيب باتقاء نار جهنم عند الاختلاف والمعاندة» وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: #لعلّكُم ترحمون». ل ل تفسير سورة الأنعام الل 1 هه بي أى إذا اجتمع اتباع القرآن والأخذ بهدايته وشريعته» وكانت التقوى فى قلوبكم» فإن الرحمة ترجى لكمء ولذا قال تعالى: «لعلّكم تُرحَمون» أى رجاء أن تكون رحمة الله تعالى تعمكمء ورحمة الله وسعت كل شىء والرجاء من العبيد» لا من الله ويصح أن نقول إن الآية فيها بيان أن الرحمة هى الغاية المرجوة للاتباع والتقوى وهنا يجب أن نلاحظ أن القرآن الكريم يذكر دائما شريعة موسى عليه السلام» وذلك لأن موسى أنزل عليه الكتاب وهو التوراة فيه بيان كل شىء وفيه ما كان عقابا لبنى إسرائيل؛ ولذلك عندما سمع نفر من الجن قالوا كما أخبر القرآن الكريم : قَاُوا يا قوسا نا سمعنا كتابا أنزل من بعد مومئ مصدقا لما بين يديه يهدى إَى الْحَق وى طَرِيق مُسْعَقيم 0©يا قَومنا أَجيبّوا داع الله وآمنوا به يغفر لككم من ذنوبكم ويج ركم من عَذَاب أليم 69 4 [الأحقاف] . وإنه كان من المشركين من يعتذرون عن عبادة الأوثان بأنه لم يجئ إليهم من يهديهم كاليهود والنصارى» فذكر الله سبحانه وتعالى أنه أنزل إليهم الكتاب المبارك لكى يقطع عذر جهلهم» فقال تعالى: « أن تَفُولُوا إِنَمَا أُنزِل الكتاب على طَائفَعَيْنِ من قَبَلنَا وإن كنا عن درَاسّتهم المشركون كانوا يعتذرون عن وثنيتهم بكل تعلة سواء أكانت مقبوله أو مرذولة» فهم كانوا يرون اليهود والتصارى لا يعبدون الحجارة» وإن كان فيهم - خصوصا النصارى - من يقدسون بعض الأحجار كتمثال العذراء. فكانوا يعتذرون عن وثنيتهم بأنه لم يجئ كتاب يهديهم إلى الحق كهاتين الطائفتين . وقوله تعالى : #أن 3 تقُولُوا إِنمَا أنزل الكتاب علَئ طَائفتينِ4 متصل بالآيات التى قبلهاء فهى قطع الطريق عن تعلة متعللون» وهو أنهم لآ كتاب يهديهم؛ فالمعنى وهذا كتاب مبارك خاطبناكم لثلا 7 تقولوا معتذرين» أو فأنزلناه حجة عليكم» حتى لا تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين لاا تفسيرسورة الأنعام 00 الل ااا 1[ 1[ 1 1 1 22353011 حب ل وقد اعتذروا باعتذارين : أولهما- أنهم قالوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلناء والطائفتان هما اليهود والنصارى» والكتاب المذكور هو فيما يظهر التوراة» فهى مصدر عند اليهود والنصارى» كما هو مقرر عند النصارى فى هذا الزمان» وقد قرروا قصر هذه الكتب على هاتسين الطائفتين» بكلمة (إنما»» أى الإنزال مقصور على هاتين الطائفتين» ولم ينزل عليناء وما كنا لتكلف بكتاب لم ينزل علينا إنما نزل على غيرنا. انيهما- أننا كنا عن دراستهم غافلين غير مهتمين بدراسة ما عندهم» ولا ظالمين ولكن غافلين عنه» ولأئنا لا نعرف لغة الكتاب» ولم يبلغ إلينا. وقوله تعالى: «وإن كنا عن دراستهم لَعَافلينَ» (إنْ) هى المخففة من الثقيلة» واسمها ضمير الشأن» والمعنى أنه الحال والشأن كنا عن دراستهم غافلين لا نعرفهاء ولم ننبه إلى معرفتها. وقد أكدوا غفلتهم عنها بعدة مؤكدات. أولها- (إن) المخففة فهى للتأكيد. ثانيها- (كنا)ء وهى تدل على استمرار غفلتهم» ثالثها- الجملة الإسمية فهى تؤكد ثبوت الغفلة» رابعها- (اللام). وكان تسجيل الغفلة عليهم وتأكيدهاء لتأكيد عذرهم . وقد بين الله تعالى أنه قطع عليهم عذرهم بإنزال القرآن الكريم فلا حجة لجهلهم من بعد بيانه» وإنه المبارك والنورء وفيه الهداية» وفيه الشريعة الكاملة. «أو تقولوا لوأنَا أنزل ليما الكتاب لَكنًا أهدئ منهُم فَقَد جَاءكُم بيه من ربَكُم وهدى وَرَحْمَةٌ4. (أو) عاطفة على (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين. . .) فإنزال الكتاب الكريم لكيلا يقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين» أو يقولوا لو أنا أنزل ب تفسير سورة الأنعام 111[ز كأ ]11 اناا التااا ناخلا ناتلا طا انتخا طن اننا اناالا ممط اططخ اطنط الالالال طخ ططخ خ نلق خخخ اخن مالالا طن اططخ لاالا الال ساق 4 جور يي علينا الكتاب لكنا أهدى منهمء فالآية السابقة اعتذار أو فى معنى الاعتذار عن شركهم وإيمان غيرهمء وهذا لبيان ما يرجون لأنفسهم من فضل لو أنزل عليهم كتاب مثل ما أنزل على غيرهم» بل إنهم يحسبون كما يحسب كل مفتر أنه لو جاء إليهم أمر من الأمور لعملوا بما يدعو إليه. وإن المشركين قرروا ذلك كما حكى عنهم القرآن الكريم فى قوله تعالى: « وَأَفْسَمَوا بالل جهد أَيمَانهِم لثن جاءهم نذير لَيَكونْنَ أَهُدئ من إِحَدى الْأممٍ 9 4 [فاطر] . أكدوا أنهم لو أنزل عليهم الكتاب لكانوا أهدى منهم فقالوا (لو أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم)؛ الكتاب المراد الذى أنزل على الطائفتين من قبلهم» ولكنه لم ينزل عليناء فلهم الهداية دونناء و(لو) هنا حرف امتناع لامتناع» أى امتنع علينا أن نكون مثلهم لأنه لم ينزل علينا مثلهم . أنزل الله تعالى الشرطية الأولى» وهى أنهم لم ينزل عليهم» فقال تعالى : «فقد جَاءكم بين من من ربكم وهدى ورحمة» . وعبر عن الكتاب الكريم بقوله (بينة) إذ المعنى فقد جاءكم كتاب هو بينة» وعبر بهذا التعبير للإشارة إلى أنه بين فى ذاته» وهى بينة فيها ما يدل على صدق النبى كَلِهِ والدلالة على النزول من عند الله تعالى» فهو كتاب بين يحمل فى نفسه دليل صدقه؛ لأنه حجة يتحدى بهاء وقد تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا عجزا مبيئا . و(الفاء) فى قوله تعالى: فَقَد جاءكم» للإفصاح عن شرط مقدر مضمونه فى كلامهم» أى فإذا كنتم تطلبون أن ينزل عليكم كتاب» فقد جاءكم. وقد وصف سبحانه الكتاب بأربعة أوصاف. أولها- أنه «بينة4, أى هو بين فى ذاته» وفيما دل عليه من شرائع بينها وفصلهاء وأحكم بيانها . ا تفسير سورة الانعام 0000 كاه 2 يي ثانيها- بأنه #من ربكم» الذى خلقكم ويعرف ما يصلح أموركم» وينفعكم فى معاشكم ومعادكم. 1 وثالثها- أنه فيه الهداية إلى الصراط المستقيم وإصلاح نفوسكم» وهداية جمعكم . ورابعها- أن فيه الرحمة بكم؛ لأن فيه الشريعة المحكمة وهى رحمة للعالمين» ولأنه هو نبى الرحمة» قد جاءكم القرآن بما تطلبون أو بما تتمنون» أو بما يكون فيه ادعاؤكم» فهل آمنتم؟ كلاء لم يؤمنواء وكان كلامهم غرورا أو تغريراء وهو ضلال فى كل أحواله» بل كذبوا بآيات الله» وانصرفوا عنهاء ودعوا الناس للانصراف عنهاء فضلوا وأضلوا وأشاعوا فساد الفكر والاعتقاد بين الناس» وهم بهذا أشد الظالمين» ولذا قال تعالى: « فمن أَظلم ممّن كدب بآيات الله وَصّدف عنها 4 إنهم بعد أن جاءتهم الرسالة مع الكتاب الذى ادعوا أنه لو أنزل عليهم الكتاب لكانوا أهدى الأمم أى أكثرها هدّىء فلما جاءتهم كذبوا بهاء وكذبوا بآيات الله التى أقامها عليهم فى التصديق برسالة النبى كَللِلَةِّ كذبوا بالآيات الكونية الدالة على وحدانية الخالق فكذبوا بدلالتها على هذه الوحدانية» وكذبوا بآيات القرآن فلم يصدقوه. وهو آية كبرى» فكانوا ظالمين أشد الظلم»ء ولذا قال تعالى: ظفَمَن أَظْلم ممّن كدب بآيات الله وصدف عنها» (الفاء) للإفصاح عن شرط مقدرء أى أنهم إذا كانوا قد كذبوا الرسول الذى جاء ببينة من عند ربهم فقد ظلمواء والاستفهام هنا لإنكار الوقوع» أى النفى مع التوبيخ أى لا أحد أظلم ممن كذب بآيات الله تعالى»ء وصدف عنها فقد ارتكب ظلمين فاحشين : أولهما- أنه كذب بآيات الله تعالى الدالة على كمال ربوبيته ووحدانيته وعاند الله تعالى فى رسالة نبيه وتكذيبه له وإن ذلك ظلم وكفرء وضلال. ثانيهما- أنه صدف عنهاء أى أعرض عنها إعراضا شديداء فانصرف عنهاء وعمل على أن يصرف غيره عنها» فالصدف الانصراف عنها» وصرف الناس عنها ل بل تفسير سورة الأنعام ا مل 2 اا بتضليلهم» وإيذاء المهتدين لحملهم على الضلال والفسادء والتحريض على ضعاف المؤمنين» وإيجاد رأى عام ضال مضلء» ولقد أنذر الله تعالى الذين أعرضوا عن الحق» ودعوا الناس إلى الإعراض وآذوا من لم يعرض عنهء وسلك سبيل المؤمنين» فقال تعالت كلماته: «سَتجرى الّذينَ يَصدفُونَ عن آياتنا سُوء الْعَدَاب بما كَانُوا يصدفُون» . (السين) هنا لتأكيد الوقوع فى المستقبل» وعبر بالسين الدالة على قرب الوقرع المؤكد؛ للدلالة على قرب الوقوع» وتأكده» وكل آت قريب ما دام مؤكد وأسند سبحانه الجزاء إلى ذاته العلية» لتأكد وقوعهء فإن الله لا يخلف الميعاد عذابًا أو ثوابًا. وعبر سبحانه وتعالى عن الظالمين بالاسم الموصول» وهو إشعار بأن الصلة هى السبب فى هذا الجزاء الشديد الذى وصفه سبحانه بأسوأ العذاب» أى عذاب وقعه يسوءهمء ويؤلمهم وهو فى ذاته سوء لا يكون إلا لمن تكون عاقبته السوءى» ولمن كان يفعل ما يسوءء ويكفر بالله تعالى» وذكر سبحانه السبب فى هذا العذاب الذى هو سوء فى ذاته» فقال: #إبمًا كانوا يَصَدفُونَ» أى بسبب استمرارهم على الصدف بإعراضهم» وحمل الناس على أن يعرضوا عن سبيل الله سبحانه وتعالى. وهكذا نرى المشركين فى ضلال مستمرء فهم يضلون فى أقوالهم وأفعالهم» وشركهمء وقانا الله شر مآلهم. ساح عاو 02014 2 207 ل يس ل سد ََ َليظرونَ لا نكا َيِه مَاْلْمَلَكة أوَيأْقَ ريك أَوَيأَقََ بعض ايت ر: 202020 يك اينع نفْسَا يسم سارح ع سر صر ع ئَ0 يه صر صر عو اه 2 ةو > ووسرة 5 عامَنَتٌمن قبل أَوَكْسَبَتٌ ايم خاراً لأننظرواً 1 تفسير سورة الانعام م الل لللول 1011 1 1[ 1 1 1 1 0121221111 لسرب ند ا جحم ‏ مده َو مو إنَاملِوَو 2 إنَالدَ ل ام 6 اميلست حرس . وخ سي ار لخر و 5 7 1111111111111 أتى الله تعالى بالبينات فكذبوهاء وأرسل عليهم الرسل بمعجزات قاهرة فلم يصدقوهاء وأرسل إليهم محمذا خحاتم النبيين فكذبوه» فلم يبق إلا أن ينتظروا العذاب» وما يسبقه؛ والقيامة وما يتبعها من حساب وعقاب. منهم قد يئس الحق من أن يدركوه» ولذا قال تعالى: هل يُنظرون إلا أن تَأنِهُم المَلائكة أو يَأتى ربك أو يأنى بَعْض آيات ربك يوم يأتى بعض آيات ربّك4. أكثر المفسرين على أن ذلك عندما يحين حين هذه الدنياء والاستفهام إنكارى توبيخىء لا ينتظرون بعد هذا التكذيب إلا أن تأتيهم الملائكة تقبض أرواحهمء أو يأتيهم ربك أى أمر ربك» فهى من قبيل حذف المضاف والاكتفاء بذكر الله تعالى» وأمر الله شديد لا قبل لكم باحتماله» إذ يتغير الكون» وينفخ فى الصور «أو يأتى بعض آيّات4» من تغيير كل شىء فى الكون إذ تقوم القيامة . «إيوم يأتى بعض آيات ربك لا ينقع نفس إِيمَانها َم تَكنَآمنَتْ». ولم ينفعها خير لم تكن قد قدمته من قبل» وهذا قوله تعالى: يوم يأتى بعض آيات رَبك لا ضع نا يدانا لم نكن مستا من فلأو تست فى | يمانها خيرا 4 . «يوم يأتى بعض آيْات ؛ ربك4؛ وهى ما يجىء يوم القيامة؛ وقد فسر النبى ِل بتعض هذه الآيات». فقد روى أنه يللد قال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات» طلوع الشمس من مغربهاء والدخان, والدابة» ويأجوج ومأجوجء. وخروج عيسى ابن مريم» وخروج الدجال» وثلاثة خسوف» خسف بالمشرق وخسف ل ل تفسير سورة الأنعام 0 م (لجل بز يي بالمغرب وخسف بجزيرة العرب21(2 رواه أحمدء» وصححه الترمذى» وقال حديث وإذا كان ذلك اليوم المشهود يكون انتهى العمل وبقى الجزاء» تكون الدنيا قد انتهت وابتدأت الآخرة» فلا ينتفع إيمان لأنه قد جاء بعد إبانة»وفات أوانه» فلا ينفع نفسا إيمانها؛ إن آمنت» إذ الإيمان يكون والنفس فى فسحة من مجىء هذا اليوم» أو إذا كانت كسبت خيرا فى إيمانها لا ينفع فى ذلك اليوم» فهو ليس يوم الكسب بل هو يوم الجزاء فلا إيمان يجدىء ولا ينفع كسب كسبه فى إيمان فى ذلك اليوم لأنه إذا كان الإيمان لا يجدى» فما يكتسبه فيه لا يجدىء (أو) فى معنى الواو هناء ولكن عبر بها لتنويع عدم النفع» إذ لا ينفع إيمان» ولا ينفع كسب مع إيمان» إذ إن هذا هو يوم الجزاء. هذا تفسير المفسرين» وقد خطر خاطر أذكره غير جازم به» ولكنى أذكره على أنه احتمال وذلك أن قوله تعالى: «ينظرون إِلاً أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى بعض آيات رَبك» أنهم لم تجثهم بينات النبى يك وقد طلبوا أن تنزل عليهم الملائكة» ولو جعله الله ملكا لجعله رجلاء وللبسنا عليهم ما يلبسون» وطلبوا أن يروا الله كما طلب بنو إسرائيل أن يروا ربهم» وقالوا أرنا الله جهرة. وطلبوا هم بعض آيات كونية» ومن ذلك ما حكى القرآن الكريم عنهم» إذ يقول تعالى : ١‏ وقَالوا أن نوسن لَك حمّى تفجر لَنَا من الأرضٍ يتبوعا 60 أو تكون للك جنة مّن نُخيل وعتّب فَتفَجَر الأنْهَارَ خلالها تفجيرا 69 أَو تُسّقط السّماء كما رَعَمْتَ علا كسا أو تأتى بالل والْملائكة قبيلا 0 أو يكون لك بيت من زخرف أو ترق فى السمَاء ون تومن لرقيّك حت تثر ل علينا كتابا تَفرَوْه قل سبحان ربَى هل كنت إلا برا رُسُولا 69 وما متع النّاس أن يؤمنوا إِذْ جاءهم الّهد إلا أن قَالوا أبعت الله بشرا رُسولاً 69 قل لو كَانَ فى الأَرض ملائكة يمشون مطمئتين لَنْلنَا علَيْهم من السّمَاء ملكا رُسَولاً 62 4 [الإسراء] . .)59-1( كما رواه مسلم: الفتن وأشراط الساعة - في الآيات التي تكون قبل الساعة‎ )١( 0 4 تفسيرسورة الأنعام الللللللللاااالل ا االلإموول م 11 لب و هذه آيات طلبوهاء أن تسقط كسفا من السماء أو يأتى الله والملائكة قبيلا فالله تعالى يقول فى هذه الآية: #هل ينظرون إلا أن تأتيهم» هذه الآيات» أن تأتيكم الملاتكة. أو يأتيكم ربكم أو بعض آيات ربكم لتؤمنواء وقد كفرتم بكل الآيات» ثم هددهم بأن تأتيهم بعض آيات ربك فتكون القيامة» ولذا قال سبحانه آمرا نبيه أن يقول لهم: قل انتظروا إِنَا منتظرون». قل يا محمد يا خير الخلق: » انتظروا بعض أآيات ربك التى تستقبلكمء فيكون الحساب والعقاب» وإنا منتظرون لنلقاكم فيكون الجزاء بعد الحساب وحينئذ ينزل العقاب بكم على كفركم» وينال المؤمنون الشواب لإيمانهم والله بكل شىء محيطهء وإن ذلك جزاء المشركين . ومثل المشركين» الذين فرقوا دينهمء وكانوا شيعا وأحزابا فى دينهم من غير المشركين ولذا قال تعالى: لِإنّ الّذينَ قرقُوا ديتهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء» . بعد أن ذكر سبحانه وتعالى المشسركين وأحوالهم» وكفرهم بالآيات البينات أخذ يبين سبحانه وتعالى غير مشركى العرب من يهود ونصارى وصابئة» وقد تفرقوا فرقا مختلفة» فقال تعالى: إن الّذين فَرَقُوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شئء) . وقراءة حفص بتشديد الراء(١2؛‏ وهناك قراءة بالمد (فارقوا دينهم) وتكتب فى المصحف من غير ألف كشأن كثير من حروف المد فى القرآن كالسموات» ولقد قال على كرم الله وجهه: فرقوا حتى فارقوا. وإن موضوع الآية الكريمة أهل الكتاب» فقد تفرقوا فى دينهم فرقا مختلفة قبل الإسلام فكان فى اليهود الأريسيون والصدوقيون, ومنهم من لا يؤمن بالآخرة» وكان منهم الربانيون والقرارون» وكل فرع بما عنده يشايع فرعه» ويعادى )١(‏ #فرقوا» هي قراءة العشرة غير حمزة والكسائيء: وأبي غالب عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم . فقراءتهم: #إفارقوا# .غاية الاختصار (885). تفسير سورة الأنعام الل ااااالاللللا0االللا 2 اها يي غيره» ومن النصارى السامرة الذين ليسوا من بنى إسرائيل» ولكن ينفون عنهم مع أنهم يؤمنون برسالة موسى عليهم» وإن لم يكونوا فى طغيان بنى إسرائيل . والنصارى اختلفوا قبل.الإسلام فيما بينهم فكان منهم الكاثوليك الذين يسمون فى التاريخ العربى الملكانية» والأرئثوذكس الذين كانوا على فرق مختلفة» ومن بعد الأرئوذكس الأقباط» وكانوا يسمون فى التاريخ العربى اليعقوبيين وأرثوذكس اليونان والرومان» وغيرهم . وكان منهم قبل الإسلام النسطوريون» وهكذا اختلفوا على غير جامع من الحقائق يجمعهم» وإن جمعهم اسم النصارى» ولذا قال تعالى: « ذلك عيسى ابن ميم فول الْحق اذى فيه يمون 29 ما كان لله أن يمد من ولد سبْحَانَه ذا قضئ أمرا فَإنّمَا يقول لَه كن فيَكُون ©6 69 وإن لله رَى ربكم فاعبدوه هذا صراط مُستقيم 29 َاختلّف الأحزاب من بيهم فيل لين كفروا من مُشهد يوم عظيم 60 4 [مريم] . فواضح من سياق القرآن الكريم وتاريخ النصارى واليهود أنهم اختلفوا وفرقوا دينهم شيعاء وقد أكد القرآن الكريم أن الاختلاف بعد أن جاء الحق بينا؛ ولذا قال تعالى: «إومًا تَفَرّق الّذين أُونُوا اْكتاب إلا من بعد ما جاءتهم الْبَينَة 400 [البينة] . ولقد قال بعض المفسرين: إن موضوع الآية هم المبتدعة من أمة محمد كَل الذين فرقوا دينهم من خوارج وشيعة» ونهجوا غير منهاج السنة. ولقد اختار الحافظ ابن كثير أن الآية الكريمة شاملة كل من يختلفون فى دينهم من أهل الكتاب الحاليين الذين فرقوا دينهم من بعدما أوتوه من علم جامع» والذين يفرقونه» ويحذون حذوهم من بعد ذلك فى أمة محمد ككِْةِ الذين يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية. وأقول: إن الآية موضوعها أهل الكتاب فى مقابل الوثنيين الذين ضلوا مثل ضلال الوثنيين» ومظهر ذلك اختلافهم فى أصل دينهم ومروقهم من حقيقة ما أمر تفسيرسورة الأنعام 0 الال 4 به ربهم» وما فعلوه بعد ذلك من أمة محمد ككِيةٌ يدخلون مدخلهم بالقياس أو الاتباع لهم فهم مثل ضلالهم. والتشيع- هنا معناه الفرق التى يشايع كل واحدة منها زعيما يكون على الضلال فيتبعونه عن غير بيئة وهداية . ولقد حكم الله تعالى على هذه الشيع ببراءة النبى 395: فقّال تعالى: «نّست منهم فى شىء» أى أنك برىء منهمء ؛ لأنك لست منهم فى منازعهم ومفترقهم فى شىء ومن الاتصال» فقوله تعالى: «إفى شىء» تأكيد فى نفى اتصاله تعود إليك؛ إنما أنت نذير» ولكل قوم هادء ولذا قال تعالى: #إنَّمَا أمرهم إِلَى الله مهم بم كوا يلون ) . بين سبحانه وتعالى فى هذا النص السامى أن أمرهم فى مصيرهم ونهاية أمرهم هو لله وحده.ء فهو الذى يتولاهم بالحمساب» ومن بعده العذاب» و(إنما) هنا دالة على القصرء أى أن أمرهم إلى الله وحده» وفى ذلك من الترهيب بأمر الله تعالى ما فيه من إنذار بالهول الشديد والعذاب العتيد» ولذا قال تعالى: ثم يتبئهم بم كانوا يفعلُوَ4 الإنباء والتنبىء معناه الخبر الشديد الخطير» ومعنى إنبائهم بما كانوا يفعلون إنباؤهم بما يتتظرهم من العقاب بما كانوا يقولون» فينالون من بعد ذلك جزاؤه» ويصح أن يكون الإنباء بإنزال العذاب فعلاء فيكون الإبناء بالفعل لا بالقول.ء ويكون معناه أنه عذبهم بفعلهم لآن فعلهم هو الذى اقتضى العقابء. فهو سببه وملازمه لا يفترق جزاء بما كسبوا. وفى التعبير ب ب(ثم) إشارة إلى افتراق حالهم فى دنياهمم عن حالهم فى أخراهم افتراقا بينا؛ لأن بينهم مسافة بعيدة اقتضت التعبير بما يدل على التراخى» والله أعلم . ا تفسير سورة الأنعام ما أنعم الله به على من هداهم 0ه 1 07 ا ر 2 2 سس له اه ا 0 2 ع سس 2 4 مجو 2 رب العنامين لي لا سرد ربك لدرو ينا لِك أ تَوأت أَوَلَالْسمِينَ 7 2 سك ب و ل ع َرأ فى ربا وطور ب عل سَيْء وَلاتككسِبَ حل ىز سآ وى م م ر غير د 4 قي نإ لاعلكَا ولا زر وازرة وزد أي جد سر جد سر بيد يماقم فيه منلفون 2 عاندوا وكفروا بالآيات كلهاء وأعقبهم بالإشارة إلى المتنابذين الكفار من أهل الكتاب وضلالهم. وتعالى عن المهتدين» وأنه يضاعف الحسنات» ويعفو عن السيئكات إذا صدق الإيمانء وكانت الهداية الغالبة فى أعمالهم وامتلآت بها قلوبهم؛ ولذا قال تعالى : «إمن جاء بالحسنة قله عشر أُمثالها ومن جاء بالسسيتة فلا يجزئ إلا مثلها». (/9ذا تفسير سورة الأنعام 11١‏ للاانااااتااا1 اا تلت لالز الاتالطا تلاك ةطخ طخخخضغخ مالالا لان ماللا لاططط ناخ للاخ ملالا تاللا ١١ ال١‎ و23 من جاء بالحسنة أى العمل الذى هو حسن فى ذاته واس حسنه الشرع الشريف. وحسنة: صفة موصوفها فعله حسنة فى ذاتهاء ورآها الشرع حسنة نافعة للناس فيها معاونة أو فيها طهارة وتزكية روح وإعانة محتاج وإغاثة ملهوف. وغير ذلك مما هو فى أخلاق الناس أمر حسن» أو فيه نفم قصد به وجه الله تعالى . وجزاء الحسنة عشر أمثالها أى حسنات تساوى عشر أمثالهاء أو هى عشر من هذه الحسنات» وفى قراءة (عشر أمثالها)(2 برفع عشر وتنوينهاء أى مقدار عشر هى أمثال هذه الصدقة»ء ويظهر أن ذلك هو الحد الأدنى» وتعلو الحسنة بعلو القصد فى النفس. وبعلو الموضوع بمقدار النفع والتعاون للإنسان» وقد ذكر سبحانه وتعالى أن جزاء الصدقة سبعسمائة اميل فقال + تعلى. وهو أصدق فيه وال يضاعف له ينار وال وا عير 440 يقر 7 وذلك لأن الصدقة تتضاعف آثارهاء وتكثر ثمراتها فهى تشبع نفسا جائعة» وتمنع تفككا واضطراباء وتلقى أمنا وسلاماء وتزيل أحقادا وتوجد تعاونا مستمراء والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه» وسماه الله تعالى قرضا لله تعالى» فقال «إمن ذا الذي يقرض الله فَرَضًا حَسنا . .401 [الحديد] وإن من يقرض موجد الوجود يكون بدله أضعافا مضاعفة». كمن يعطى ذا مروءة عطاءء فإنه يزيد فى بدله» فكيف بخالق الناس» ولله المثل الأعلى فى السموات والأرض. وجزاء سيئة مثلها لا يزيد عنهاء وقد يغفرها سبحانه» ولذا قال تعالى: «ومن جاء بالسسّيّئة قلا يجرئ إِلأ مثلها» وَحَدَ الله سبحانه وتعالى هنا الجزاء حدا لا يتجاوزه؛ فذكر أنه لا يجزى إلا مثلهاء فنفى وأثبت» وذلك قصد للجزاء لا يعدوه» أما ما ذكر من جزاء الحسنة فذكر أنه عشر أمثالهاء ولم يذكره سبحانه وتعالى حتى لا يعدوه بل هو حد أدنى يقبل الزيادة بحسب أحوال النفوس وبحسب موضوع الحسنة» وكلما كانت متصلة بالناس» لنفعهم تضاعف الجزاء كما جاء فى آيات الصدقات. والتعبير فى بعضها بأنها قرض لله سبحانه وتعالى» وهو )١(‏ #عشرٌ أمثالُها4 هي قراءة يعقوب» وقرأ الباقون بالإضافة. إل9ها تفسير سورة الأنعام 00 2 أرب لز الغنى الحميدء كما قال تعالى: 9إيا يها الئاس أنتم الْفُقراء إِلَى الله واللّه هو الْنى الحميد 63 4 [فاطر] . ولقد جاءت الآثار عن النبى كلد بما يفيد أن فى معنى الآية من الحد بعشر أمثالها هو حد أدنى» فقد روى مسلم والإماء أحمد أن النبى كلل قال: «يقول الله عز وجل من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد» ومن جاء بسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر» ومن تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا» ومن تقرب ذراعا تقربت منه باعاء ومن أتى يمشى أتيته هرولة» ومن لقينى بقراب الأرض (أى بما يقاربها فى ملثها وحجمها) خطيئة لا يشرك بى شيئا لقيته بمثلها مغفرة»20©. والسيئة الأمر الذى يسوء فى نفسه» ويسوء الناس» ويعصى به الله تعالى» وعبر عنه بالسيئة بأقبح ما يكون من معاص» فإن أعلى المعاصى ما يكون إساءة للناس» وإيذاء. وقد صرح الحديث بالنسبة لمن يهم بسيئة فلم يفعلها بأنه لا يكتب له شىء ومن هم بحسنة فلم يفعلها كتبت له حسنة؛ لأن الثية الطيبة حسنة فى ذاتهاء فالأعمال بالنيات. ولقد تكلم ابن كثير فى بيان أحوال من يهم بسيئة فلم يفعلها فقد قسمها إلى ثلاثة أقسام باعستبار حال التارك لها بعد أن يهم» فقال رضى الله عنه: (اعلم أن تارك السيئة الذى لا يعملها على ثلاثة أقسامء تارك يتركها لله تعالى» فهذا تكتب له حسنة على كفّه عنها لله تعالى» وهذا عمل ونية» ولذا جاء أنه يكتب له حسنة» كما جاء فى بعض ألفاظ الصحيح: «فإنه تركها من جرائى»؛ أى من أجلى”""©؛ وتارة يتركها نسيانا وذهولا عنهاء فهذا لا عليه ولا له؛ لأنه لم ينو )١(‏ رواه مسلم: الذكر والدعاء والاستغفار - فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله /17417). عن أبي ذر رضي الله عنه. (5) كما في رواية مسلم: الإمان - إذا هم العبد (115) عن أبي هريرة: وكَال سول الله وكلق: «قَانَت الملائكة: رب داك عبدك يريد أن يعمل سيئة - وهو أبصر به - قَقَال: ارهُوه قن عَملَها َاكتبُوها لَه بمثلها وإن تَركَهَا فَاكتبُوهًا لَه حَسَنَة؛ نما تَرَكَهَا من جراى)» . تفسيرسورة الأنعام تم الللللللاال لل ااال الا كك 2 3 خيرا وما فعل شراء وتارة يتركها عجزا وكسلا عنها بعد السعى فى أسبابها والتلمس بما يقرب منهاء فهذا بمنزلة فاعلها) . وإن ذلك تقسيم حسن أخص ما فيه أنه يخرج من يهم بسيئة ولم يفعلها من هم وأخذ فى الشروع فى جريمة» ولكن حال بينه وبينها أمر لا يستطيع مدافعته فهو لا يكون قد هم فقطء بل نوى الفعل واعتزمه ولكن عجز لأمر خارج عن إرادته . ولقد ختم العلى القدير كلماته فى هذا الموضوع بقوله تعالى: #وهم لا يظَلَمون» إن الآيات عطاء وعفوء فالعطاء من فضل الله تعالى؛ والعفو من رحمته» وهو الذى يعطى من يستحق» ويمنع عمن يستحق» وإن شاء غفر» وعلى ذلك لا يظلم أحدا شيئا؛ لا يمنع حقاء بل يعفو ويصفح عن أهل الإيمان الذين لا يشركون به شيئا؛ وهو السميع العليم. قل إِنَِى هدانى رَبَى إِلَئ صراط مُسَتَقيم دينا قيَمَا مَل إيرَاهِيم حَنيهًا» أمر الله تعالى نبيه أن يبين أنه يسلك الخط المستقيم الذى هو الدين القيم» وأنه ملة إبراهيم «قل» يا محمد أيها النبى الأمى العربى 9إِنَى هدانى ربى إِلَى صراط مستقيم» . كان ذلك الأمر للنبى كَلْةْ ليخاطب به العرب ميخبرا عن نفسه الكريمة» وعمن اتبعه من المؤمنين. - هدانى ربى الذى خلقنى» وربئى وقام على كل ما أقوم عليه» فهو القوام على كل نفس» والقائم على كل شىء» فوصف الربوبية فى هذا المقام للدلالة على أن الهداية منسوبة إلى الخالق المكوان» فهى هداية حق لا ضلال فيهاء ولا أوهام ولا أهواء عند الله سبحانه وتعالى» وقد أكد أن الهداية من رب الوجود ب (إن)» والهداية كانت إلى دين اتصف بأمور ثلاثة أولها- أنه صراط مستقيم» أى طريق مستقيم موصل إلى الحق الذى لا ريب فيه من غير التواء ولا اعوجاج» فليس فيه تعقيد بل إنه الفطرة المستقيمة» فطرة الله التى فطر الناس عليها. تفسير سورة الأنعام 0 الاك | .» يي الوصف الثانى- قوله تعالى: #دينا قيما4 أى حال كونه دينا صحيحاء قيمًا و(قيم) مصدر قومء وزن فعل» كعوج. وهو نقيضه» وقرئ (قِيمًا)(21 أى هو فى ذاته قيِّم بلغ أعلى المنزلة فى الأديان» والقراءتان متلاقيتان فى المعنى وفى القراءة فلان عدل. الوصف الثالث- وهو شرف إضافى» فالوصفان الأولان ذاتيان؛ لأنهما وصفان حقيقيان لأنهما مشتقان من ذات الدين» وذلك الوصف هو قوله تعالى «مَلّةَ إبراهيم حنيفا» وذكر هذا الوصف ليبين للعرب الذين كانوا يتفاخرون بنسبهم إلى إبراهيم » وبأنه أبو العرب» ويدعون أنهم على ملة إبراهيم مع عبادتهم الأوثان» فالنبى كلك يبين لهم بإنه هو الذى على ملة إبراهيم» وليسوا هم على ملته فى شىء. «إحديفا4 أى غير منحرف إلى باطل بل هو مائل إلى الحق متجه إليه» فهو مستقيم متجه إلى الحق فحنيفا صفة للدين. ثم بين سبحانه ردا على وثنية المشركين» فقال: «وما كان من المشركين» أى ليس لكم أن تفاخروا باتباعكم إبراهيم» فما كان إبراهيم من المشركين» ما كان إبرا هيم أبوكم وأبو الأنبياء . نمن دخل فى صفوف المشركين ؛ بل أوايًا مؤمنا . وهذا كقوله تعالى: دنم أوْحَينا لِك أن اتبَعْ مه إنراهيم حنيفًا وما كَانَ من المشركين 49 [التحل]. وقال تعالى: إن إبرَاهيم كان أَمة فنا َل حنيًا ولّم يك من المشركين 099 شاكرا لأنعمه اجتبَاه وهداه إِلَئْ صراط مُستقيم 4699 [النحل]. للق لإقيما4 بكسر القاف» وفتح الياء وتخفيفهاء » قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة ة والكسائي وخلف» وقر أ الباقون قَيّما4 بفتح القاف» وكسر الياء وتشديدها. [[ | تفسير سورة الأنعام 07 الملل لوول 11 لبه ني ولقد كانت ملة إبراهيم عليه السلام سمحة لا ضيق فيهاء ودين محمد عليه الصلاة والسلام دين سمح لا حرج فيه. ولقد قال تعالى : ا وَجَاهدُوا فى اللّه حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عَلكُم فى اللدين من حرج مله يكم إبراهيم هو سَمَاكُم المسلمين من قبل وفى هذا ليِكُون الرّسُول شهيدا عليكم وتكونوا شهّداء عَلَى النّاسِ 62 © [الحج]. طقل إن صّلاتى وَنسكى وَمَحْيَاى وَمَمَاتى لله رب الْعَاَمِينَ 59 لا شَرِيك لَه وبذلك أمرت وأَنا أَوْل الْمُسلمين 659 4 أمر الله تعالى نبيه بأن يقول قولة يكون بها كله لله تعالى ليس لأحد شىء فى نفسه أو جارحته» أمره بأن يكون كله لله وإنه لكذلك» وخاطب من معه من المؤمنين ليكونوا ربانيين» وأن يخاطب بذلك المشركين ليتخلفوا عن الشرك والأوهام والأهواء. لإإِنّ صلاتى» أى دعائى وضراعتى» وعباداتى» ومنها الصلاة المفروضة» والنفل والتهجد لله وحده ليبس لأحد فيها شركة أو نصيب» بل هى لله وحده لا شريك له #ونسكى4 النسك العبادة» والنسك أيضا جمع نسيكة» وهى الذبيحة فى أضحية أو حج أو عمرة» قال بعض المفسرين: إنها هنا بمعنى العبادة» فيكون الكلام من عطف العام على الخاص» وتكون كلمة الصلاة المقصودة؛ الصلاة: فرضها ونفعلهاء والتهجد بهاء وخصت بالذكر» لأنها عمود الدين ولبه» ولا دين من غير صلاة. وفسر ابن كثير النسك هنا بالذبائح فى الأضحى» والعمرة والحج» ذلك أن العرب كانوا يشركون ويدعون أنهم على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام» ويهلون لغير الله» فبين لهم النبى كَلِْهٌ بأمر الله تعالى له بالبيان بأن يذكر أن ملة إبراهيم كانت دينا قيما يعبد الله وحده» ويذبح مهلا لله تعالى وحده) وروى ذكر اسم الله تعالى فى ذبيحة النبى كَللِلةِ فروى عن ابن عباس عن جابر أن رسول الله 0-7 ضحى بكبشين» وقال حين ذبحهما: «إنّي وجهت وجهي للّذي فطر السّموات وَالأأرض حنيفا وما أنَا من الْمُشركين 469 [الأنعام]17© . )١(‏ رواه ابن ماجه: الأضاحي - أضاحى رسول الله ككهِ )717١(‏ عَنْ جابر بن عبد اللّه. كما رواه الترمذي وأبو داود وأحمد. لل بل تفسير سورة الأنعام افك سب اا لقُلْإِنُ صّلاتى وَتُسُكى وَمَخْيَاى وَمَمَاتَى لله َب الْعَلَمِينَ 059 لا شّريك له وبذلك أمرت ونا أو المسلمين 659 4 وإن تفويض الرسول عليه السلام لربه تعالى تفويض كامل» وملكية الله تعالى له ولعباده ملكية كاملة لا مثنوية فيها لله سبحانه وتعالى» ولذا أمره تعالى بأن يقول: للَمَحَيَاى ومماتى لله رب العالمين» وهى تدل على أمرين: الأمر الأول- أن النبى كلد فى حياته الدنياء ومماته من بعدهاء ثم حياته فى الآخرة لله تعالى هو المتصرف فيها المالك لهاء فهو رب الوجودء ومالك يوم الدين» وهذا هو الفناء فى ذات الله تعالى على الوجه الإسلامى الحنيف المستقيم. والأمر الثانى- أن (محيا) و(ممات) مصدران ميميان» بمعنى الإحياء المستمرء والممات من بعد» ثم الإحياء المستمر» والمعنى إحيائى فى هذه الحياة الدنيا المستمدة منك ولك- وإماتتى لك أنت الذى تحيينى وقيتنى» وحياتى الباقية الخالدة منك ولك؛ يارب العالمين. وقرن القول السامى برب العالمين لبيان أنه القائم على الحياة وهو الذى بيده الموت والحياة من بعده» وهو الحى القيوم لا إله إلا هو العزيزالحكيم. وأكد سبحانه وتعالى على لسان النبى يَلللْهِ بقوله: فلا شريك لهي لا يشركك يا رب العالمين فى نفسى وفى حياتى ومماتى أحد من الناس» أو غير الناس» فكلى لك من غير شريك» فأنت امالك وحدك لى ولغيرى من كل ما فى الوجود. ثم يقول كل بأمر ربه: «إواَنا أَولَ الْمسَلمين» أى أول من أخلص دينه لله ووجهه للهء» فالإسلام استقامة النفس واتجاهها إلى الله وحده؛ من غير إشراك وثئن» وأمر الله تعالى نبيه بأن يقول هذا لقومه من المؤمنين والمشركين تحريض لمن آمنوا على البقاء» وتحريض للمشركين على خلع عبادة الأوثان» فالآولية هى لمن يخاطبهم النبى َك ليحتملهم على الاتباع والاقتداء به» كمن يقول لآخر: ادخل هذا الباب» وأنا أمامك أول من يدخل . اا تفسير سورة الانعام لل ا ل آذآ 1# 222211111 لحر أ فالآولوية على هذا بالنسبة لأمته ومن بعث إليهم؛ وذكر تحريضا لهم على الاتباع والاقتداءء كما ذكرناء وليست الأولية مطلقة» فإن الإسلام دين الأنبياء جميعا قبل النبى يد ولقسد قال تعالى فيما قال نوح عليه السلام لقومه: «إفإن توليتم ما سألتكم من أجر إن أجري إلأ على الله وأمرت أذ أكون من الْمُسلمِينَ 490 [يونس]ء» وقال تعالى فى إبراهيم : ومن يرغب عن مله إبراهيم إلا من سفه نَفْسَّه ولقد اصطفيناة في اليا ونه في الآخرة من الصّالحين 629 إذ قَالَلَهرنّه أسلم قال أسلمت لرب العالمين 620 ووصئ بها إبراهيم بنيه ويَعقُوب يا بي إن اله اصضطفئ لَكُم الدين فلا تموتن إلا وأنهم مُسَلمُونَ 4679 [البقرة]» ولقد قال يوسف: «رب قد آتبتني من املك وعلْمِي من تأويل الأحَاديث فَاطر السّموات والأرْض أنت ولي في الدنيا والآخرة توقني مسلما والْحقني بالصالحينَ 409 [يوسف]. وقال بعض العلماء: إن أولية إسلام النبى يَلِلَهٌ أولية مطلقة» فهو كما قال ذلك القاكل» أول الأنبياء إسلاما وآخرهم مبعثاء والله سبحانه وتعالى أعلم . (قل غير الله أبغى ربا وهو رب كل شئم». أمر الله تعالى نبيه أن يقول للمشركين فى سياق الدليل على أنه لا يعبد سواهء ولا رب سواهء والاستفهام هنا إنكارى لإنكار الوقوع لا يمكن أن يقع منى أن أبغى غير الله رباء ويكون تقديم غير الله على الفعل. فى معنى القصر أى لا أبغى غير الله تعالى ربا أعبده» وعبر هنا بقوله (ربا)» ولم يعبر بكلمة (إلها) مع أن المقصود هوالعبادة» إذ المعنى أبغى غير الله إلهاء وهو رب كل شىء» للإشارة إلى التلازم بين الربوبية والألوهية» إذ أنهم كانوا يعترفون بأن الله تعالى رب كل شىء وخالق كل شىء. ولكنهم يفرقون ذلك عن العبادة» فهم يعتقدون أن الله خالق كل شىء. ولكنهم يعبدون الأوثان, ويقولون: ما نعيدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» فقوله تعالى غير الله أبغى ربا فيه إشارة إلى الربوبية والخلق والتكوين» والعبادة فالمعبود بحق هو الرب الخالق. لا هذه الأوثان التى تتوهمون فيها سرا وتقريبا» وما هى بشىء. ل ل تفسير سورة الأنعام ل لم 1١‏ لسرب د وقد أكد القصر فى العبادة على الله تعالى بقوله «وهو رب كل شىء» وكانت هذه مقدمة منطقية مؤداهاء أنه خالق كل شىء» وخالق كل شىء هو المستحق للعبادة وحده؛ لأنه مالك كل شىء. وإن التعبير بقوله تعالى غير اللّ أبغى ربا فى التعبير ب (رب) مع ما أشرنا إليه من معنى التلازم بين الربوبية والعبودية فيه إشارة أخرى» وهو أنه لا يعبد غيره» ولا يتوكل إلا عليه؛ لأن الربوبية تقتضى آلا يلجأ المؤمن إلا إليه سبحانه وتعالى» وقد قال تعالى فى معنى ذلك» ظفل هو الرّحمن آمنًا به وعليه توكلا .. . 69> [الملك] وقال تعالى: #... فَاعبده وتوكل عَلَيه ... 4075 [هود] . وإن كل امرئ بما كسب رهين» يحمل تبعات أعماله» ولا يحمل وزر غيره ولذا قال تعالى : «إولا تككُسب كل نفس إِلأ علَيْهَا ولا ترر وازرة ور أخرى» . قالوا إن المشركين كانوا يريدون من المؤمنين أن يرجعوا إلى دينهم الذى تركوه» وقالوا تتحمل وزركم ولا تتحملون آثاماء فالله رد قولهم بهذاء وما نحسب أن ذلك وقع» إن كان قد وقعء فالآية عامة لحقيقة رئيسة» و(الكسب) الفعل الذى يصدر عن شخص مؤمن بما يفعل» قل كسبته نفسهء. وقام بهاء» ومعنى قوله تعالى: ولا تكسب كل نفس إلا علَيِهَا4 لا تكسب أى نفس عملا إلا كانت مغبته ومآله عليهاء تتحمل تبعته إن شراء وتنال جزاءه إن كان خيرا وبذلك. يكون النص محتملا الجزاء بنوعيه عقابا أو ثوابا. 203 ويصح أن الكسب هنا كسب الإثم» ويكون عليها بالعذاب» ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: #ولا تر وازرة وزر أخرى», أى لا تحمل نفس وازرة وزر أخرى فكل امرئ بما كسب رهين» وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى. وإن جزاء الآخرة ثوابا وعقابا مبنى على ذلك» فلا يحاسب امرؤ بجريمة غيره» ولا يلقى عن شخص جرم ليلحق إلى غيره» والله تعالى علام الغيوب» وكل يحمل كتابه. م #/ تفسيرسورة الأنعام 2 الللللل الل «يبجمل_ر؟ يي" ولكن فى الدنيا عواقب للأعمالء» قد تتعدى الفاعل» وقد قال تعالى: #إواتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة»* [التخريج] فإنه إذا عم الفساد وطم سيله» فسدت الجماعة وهلكت» ولا يكون أثره مقصورا على العصاةء بل يتعداه إلى غيرهمء كما قال تعالى : « وإِذا ردنا أن نهلك قرية أَمَرنَا مثرفيها فَقَسَقُوا فيها فحق عليها القول فَدمَرََاهَا تَدميراً 9 4 [الإسراء] . وروى أن أم المؤمنين زينب بنت جصحش سألت رسول الله ِل قائلة: يارسول الله أنهلك وفينا الصا حون. فقال عليه السلام: «إذا عم الْتَبّث2(0, والخبث هنا هو المعاصى وأشدها الظلم والفاحشة وما يوعز بها وإن عموم الفساد يكون من إهمال الأمر بالمعمروف والنهى عن المنكر»ء فيعم العذاب» كما قال عليه الصلاة والسلام: «لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ولتأخذن على يدى الظالم» ولتأطرنه على الحق أطراء أو ليضربن على قلوب بعضكم, ثم تدعون فلا يستجاب لكم)2 وإن عذاب يوم الدين لاحق بكل نفس كسبت» أو قصدت» ولذا قال تعالى: (ثم) هنا للتراخى والترتيب؛ لأن ذلك يوم الدين فيكون الجزاء العادل» ينال كل امرئ ما كسب أو قصدء فالله تعالى يجازى على التقصير فى بيان حدود الله ومنع العصاة؛ كما يجازى على ذات المعصية؛ لأن ترك الواجب معصية كا رتكابها . وقدم الجار والمجرورء لبيان أن المرجع إليه وحده فهو الذى يملك يوم الدين وحده. فيجازى المحسن بإحسانه والمسىء بإساءته عذابا أليما . )١(‏ متفق عليه؛ روآاه البخاري: أحاديث الأنبياء - قصة يأجوج ومأجوج» ومسلم: الفتن وأشراط الساعة - اقتراب الفتن (7880). (؟) سبق تخريجه. ا تفسير سورة الأنعام ا الل ١‏ > ا وقال تعالى: 9فيِبئَكُم بمَا كشم فيه تَختلفون» (الفاء) هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء» أى هو الذى إليه وحده مرجعكمء فلا يكون لأحد سواه الحكم فى هذا الوم والقول النافذ له وحده» وهو حيئذ بقوله الطيب الصادق كبير بالحق فيما كانوا فيه يختلفون» فيعبد فريق الأوثان ويؤمن بالله آخرون» ويختلف النصارى فيما بينهم» واليهود يختلفون مع أنفسهم» وبينهم وبين أهل ا حق من الناس ينبىء الله تعالى الناس بالحق» والباطل قولا وعملاء فيعذب المجرمين المبطلين» و إلى المحسنين» وكل امرئ» وما كسبت يذاه. وَهْوَأَأرى ا روه 00 ههه حََتَا آ آ وك م سحت بس سرع َم ع َكيف ضورفم كموق بض دوجت | مَبَلوَكمٌ ماق ورك 2 سَرِيعٌ لعا وَإِنَهلحفُور جع 0 بين سبحانه اخقلاف المؤمنين» وما يجب أن يكونوا عليه متأسين بالنبى يك آخذين بهديه مخالفين ما عليه المشركين» وختم الآية التى قبلها بأن الله تعالى يحكم بين المختلفين يوم القيامة بعد ذلك بين سبحانه وتعالى أن الله تعالى هو الذى خلق الأجيال المتعاقبة الذى يخلف بعضها بعضا - وهى متفاوتة فقال تعالت كلماته: ش (الواو) هنا واو الفصل بيان الآيات» وهى تفيد أن الآيات مترابطة تبع بعضها بعضا فى نسق محكم متناسب يرتبط بعضه بعجز بعض . الخلائف جمع خليفة» أى طبقة تخلف طبقة» وجيلا يخلف جيلاء وكل واحد منها يعد خليفة فى هذه الأرض» يسيطر سيطرة الإنسان عليهاء إن ظلماء ها تفسير سورة الأنعام 2 ل 0000000000 1 1 1 !1 [ ذ[ 1 1 1 665712131ة*#*ظ0”2 حب ا وإن عادلاء وذلك تحقيق مستمر للخلافة التى جعلها اللهتعالى لآدم أبى البشرء إذ قال تعالى واد قَال ربك لللائكة إنّي جَاعل في الْأرْضٍ خَليقَة فَانُوا أتََعلْ فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء . . . 49 [البقرة] وهنا بقوله سبحانه : وهو الى جَعَلَكُم خلائف الأرض > أى صيركم أجيالا تخلف بعضها بعضاء وكل جيل خليفة فى الأرض يفسد بعضهء ويصلح بعضهء ويباح السفساد مع الصلاح: وينازعه حتى لا يعم «( ولولا دفع اللّه الئاس بَعْضَهُم يبع ضٍلْفَسّدت الأرض ولك الله ذو فصل على الْمَالمِين 20 4 [لبثرن. 8 مه سمه الدرجات كما ججاء بها التمير ف القريات هي الدرجات العالية التى تكون سابقات كريمة» ولمعنى رفع منكم درجات بالهداية والسموء والرفعة إذا أطاعوا اتجهوا إلى الخير» وإعلاء منازل الإنسانية» ولو كانوا هم الفقراء أوالعبيد. المستضعفين فى الأرضء ولا يلزم أن يكون من الأقوياء أو الأغنياء وقد اختبر كلاء فاختبر الأغنياء ليشكروا واختبر الفقراء ليصبروا. وقد وردت آيات كثيرة فى هذا التفاوت فى الدرجة. مع ملاحظة أن تفاوت الدرجات ليست بالغنى» فليس الغنى درجة» دونها حال الفقرء إنما الدرجات الرفعة عند الله تعالى بالعمل الصالح» ولو كان فقيرا أو ضعيفا تزدرية الأعين كما كانت حال المؤمنين الذين آمنوا بنوح -عليه السلام- والذى أمره الله -سبحانه وتعالى- أن يقول: «(إ ولا أقول لَكُم عندى حَزَائن الله ولا أعلم الْعَيْب ولا فول إنى ملك ولا أفول لين تردرى يكم نيتيم اله حيرا الله َعَم بما فى أنفسهم إنَى إذ لمن الظالمين 69 »4 [هود] . إنما ا التفاوت فى الدرجات بالقرب من الله والإيمان, ومثل هذا اقول تعالى : فسنا يهم ميشه في اله نا ور مله ف و را يد بعضهم بعضا سَحَرِيًا ورَحَمَت رَبك خَيْرٌ مما يَجْمَعُودَ 9© © ولولا أن يكون النّاس أَمَّةَ ل تفسير سورة الأنعام لال للك اح لوده يي رحد عق ل يوشم بوم فق فطة ونح هامر و ولبيوتهم أَبوابًا وسررا عَلَيِهَا يتكئو نَ 69 وَرْخْرَقًا وإن كُلَ ذلك لَمّا ممَاع الْحَيَاة الدنيًا والآخرة عند رَبك للمتّقين 2 4 [الزخرف] : فإن الدرجات فى هذه الآية واضح أن المراد منها الدرجات فى الرفعة» لا الدرجات فى المال» فالتفاوت فى المال لا يكون درجات للأغنياء على الفقراءء وقوله تعالى 8... لَيَمّخْدَ بَعضهم بَعْضًا سّخْرِيًا ... 469 [الزخرف] أى ليكون الحال أن يسخر الأغنياء الكافرون من الفقراء المؤمنين. ولو كان المراد التفاوت بالمال» لكان اعتراض الكافرين مسلما به؛ إذ قالوا «إلولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم4. أى فى المال وكثرته . وإن المقصود من ذلك السياق أن نقول إن قوله تعالى: #وهو الْذى جعلكم بعض المؤمنين ورفعتهمء وقد بين الله سبحانه وتعالى الحكمة من ذلك فقال: «ليبلوكم فى ما آتاكم» أى ليعاملكم معاملة من يختبركم فيما آتاكم من مال» أو رفعة معنوية دينية حيث يزدرى الكافرون الأغنياء المؤمنين الفقراء» فيضيفون كفرا إلى كفرهم» ويضيف أهل الإيمان إيمانا إلى إيمانهم بصبرهم على الأذى وليختبر الغنى فى غناه فيشكر أم يكفرء ويختبر الفقير فى فقره فيرضى ويصبر فيؤجره أم يجزع ويكفر فيعاقب» فالغنى نعمة يختبر صاحبهاء والفقر بأس يختبر صاحبه. والعاقبة إما عقاب وإما غفران ورحمةء ولذا قال تعالى: #إنّ ربك سريع العقاب وإِنّه لغفور رحيم» . «إِنَ ربك سَرِيع# أى أن عقابه نازل لا محالة» ومؤكد أنه آت لا ريب فيه وكل آت قريب» ووصف سرعة العقاب لله تعالى يؤكد نزوله بالعاصى من غير تردد فيهء فهو العادل الذى لا يبطئ فى إقامة العدل» ويسارع بإنزاله فليس المراد بالسرعة سرعة الزمان إنما المراد سرعة الإيقاع . 0 تفسيرسورة الأنعام الالال االو 11 لح أ وإنه فى مقابل هذا غفور رحيم» يغفر لمن يشاء ورحيم بالخلق أجمعين ومن رحمته أن كان العذاب للعصاة.» والمغفرة لمن لم يشرك به شيئاء وهذا كقوله تعالى : طإنبَئْ عبادى أَنَى أَنا الففور الرّحيم 69 4 [الحجر]. وقوله تعالى : 9 وإِنَ رَبّكَ أذ سر لني عل مهحور أذ اب 909 ) لزع اللهم اجعلنا أهلا لغفرتك ورحمتكء» وجتبنا سريع عقابك» واعف عنا وتجاوز عن سيئاتنا إنك أنت العفو الغفور. هى سورة مدنية إلا ثمانى آيات من الآية رقم ١77‏ إلى الآية ١٠1ا»‏ وسنتكلم فيها فى موضعها ‏ إن شاء الله تعالى - وعدد آيات هذه السورة الكريمة وقد ابتدأ الله تعالى هذه السورة بالحروف 9 الممّص #. وقد تكلمنا فى هذه الحروف فى فواتح سور القرآن» وذكرنا أنها من المتشابه الذى اخصتص علم الله تعالى» وذكرنا حكمة ذكرهاء وعند الله غيب أمرها. ابتدئت السورة بذكر القرآن» والأمر باتباعه» ثم أشارت إلى أن يوم القيامة بيجىء بغتة» فالقرى يجيئها أمر الله بغتة وهم نائمون» وعندئذ يحس الظالمون بظلمهم إذ ذهب طغيانهم» ويبين ن الله - تعالى ‏ أن اليوم يوم سؤالهم عما ظلمواء وتوزن أعمالهم بخيرها وشرهاء والوزن يومئذ الحق» وقد ذكر سبحانه أن السبب فى طغيانهم أنه مكن لهم فى الأرض» وتمكن الشيطان منهم. ويذكر سبحانه كيف يتمكن الشيطان» وساق - سبحانه وتعالى - قصة الخلق الأول» ليبين لهم عداوة إبليس وكيف أغوى آدم على مخالفة ربه» هو وزوجه حواء» وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرورء وقد ذكر سبحانه عاقبة ذلك التدلى. صرح بعد ذلك القصص الحكيم بالنهى عن الخضوع للشيطان إبليس ومن معهء فقال: يا ببِي آدم لا يَفَْكُم ليطا كما أخرج أبويكم من الجنة يتزع عنهما لبَاسَهُمَا ليرِيهُمَا سوءاتهما نه يراكم هر قله من حيث لا وهم إن مجعلا التسجاطين َولَاء لين لا يؤمنون 69 4 . ا تفسير سورة الأعرا اف 0 الملل 22222 7ب زر م وبين - سبحانه ‏ أنه كما دلى الشيطان آدم وزوجه بغرور حتى تسبب فى نزع لباسهم كذلك يغرى قريشا فيجعلهم يطوفون عراةء وإن ذلك هو عين الفسادء وأمر الله تعالى أن يأخذوا زينتهم ويلبسوا عند كل مسجد 9إيا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مُسَجدٍ وكلُوا وَاشربُوا ولا تَسْرهُوا إِنّه لا يحب الْمُسِْفِينَ 9© 4 . ويبين - سبحانه وتعالى ‏ ما أحله الله من طيبات وما أراد الشيطان أن يحرمه ويبين - سبحانه وتعالى - أن مقاومة الشيطان إنما هى باتباع الهدى الذى يجىء على ألسنة الأنبياء طإيا بني آدم إِمّا يأتيئكم رسل منكم يقصون عَلَيِكُم آيَاتي فَمَن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يَحَرَنُونَ 69 4 . وبين - سبحانه وتعالى ‏ أن الشيطان يغرى أتباعه بمعاندة هؤلاء الرسل كما ثم يذكر - سبحانه وتعالى ‏ مآل الطاغين على الرسل بإغواء الشيطان يوم القيامة وكيف يتطارحون الضلال بين الغاوين ومن أغووهم من شياطين الجن والإنس فز . ..-حمَئ ذا اذاركوا فيها جَميعا قَالَتَ أخراهم لأولاهم ينا هؤلاء أصلُونا فآتهم عذابا ضعفا من النَرَالَ لكل ضعف ولكن لا تََمُونَ 0 وَقَالْت أولاهم لأخرَاهم فما كان لكم علَينَا من فضل قَدُوقُوا الْعَدَابَ بم كُسْمْ تَكْسِبُونَ و لس © 4. وبين - سبحانه وتعالى - جزاء الذين استكبروا . عن الحق بإهواء الشيطان » وفى مقابلهم جزاء الذين آمنوا وأطاعوا الله ولم يغوهم الشيطان» وأن لهم الجنة» 4١‏ ونودوا أن تلكم اله أُورشَمُوها بما كسم تَعْملُوَ 5 6 ونادئ أصحاب الْجنة أصحاب الا أن قد وجدنا ما وعدنا ونا حَمَا هَل وَجَدتُم ما وعد ربكم حا قاُوا نَم دن مدن بيهم أن لَعَهَ اله علَى الظَالمينَ 9) 63 4 . وكان بين أصحاب الجنة أصحاب الأآعراف» وقد نادوا الظالمين الذين يعرفونهم .ذإ وتادئ أص صحاب الأعراف رجالا يَعرفُوتَهُم , بسيماهم قَالوا ما أَغنى عدكم 9 تفدسير سورة الأعراف اللاي الللللناالللن ىم يجمه 7 راو جمعكم وما كشم تَستَكْبرون 2 9 أهؤلاء اْدين أفسمتم لا يتالهم الله برحمة ادخَلُوا الْجنّة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون 9© 4 . أصحاب النار أصحاب الجحنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله . بين الله تعالى من بعد ذلك أن الذين عصوا واستكبروا قد جاءهم القرآن الكريم يهديهم » ويدعوهم إلى الحق, « ولَقَد جئناهم بكتاب فَصَلْنَاه على علّم هدى ورحمة لَقَوم يؤمنون 69 4 . ولكنهم كفروا به وطغواء وطلبوا معرفة مالف فبين ‏ سبحانه ‏ أنهم يعرفون مآل ما اشعمل عليه بقول الذين نسوه من قبل # ...قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لَّنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الّذي كنا تعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون 69 4 . بعد هذا البيان الحكيم فى هذه السورة الكريمة وجه الله تعالى العقول إلى آياته فى الكون»ء فقال: 8 إن ربكم الله الذي خلق السّموات والأرض في ستة أَيَامِ ثم استوئ على العرش يغشي اليل النهار يطلبه حنيثا والشمس والقمر والنجوم مسخراتٍ بأمره آلا له الخلق والأمر تبَارَك الله رب الْعَالمِينَ 22) 20) ادعوا ربكم تضرعا وخفية إِنّه لا يحب المعتدين 69 » . وينهى رب الكون عن الفساد فى الأأرض» ويبين آياته - سبحانه - فى إرسال الرياح بشرأ ب بين يدى رحمته »)2 وأنه - سبحانه - يرسل سحابا ثقالاء إلى الأرض الميتة ليحييها . ويقص بعد ذلك قصص أنبيائه» لِيَسرى على محمد يَكِلةِ بقتصصهم. وليسوق العبر والمثلات للمشركين ليعتبروا ويستبصرواء فيذكر خبر نوح مع قومه. ويرمونه بالضلالة» كما رمى المشركون محمذا بهاء ويعجبون من أن الله أرسل رسولاء كما تعجبت قريش من رسالته يلل ويذكرهم بأن الله تعالى سينجى ا تفسير سورة الأعراف اك الملل لل لاا > اق محمد من شرهم كما نْجّى نوحاء 9 ...فََبحْيناه والذين معَه في الفلك وأَعْرَقنَا الذين كَذبوا بآياتنا نهم كانوا قَومًا مين 69 4 . ويذكر من بعد نوح فى هله السورة الكريمة خبر هود مع قومه عادء وكيف رموه بالسفاهة كما رمت قريش محمدا كَللِةُ وقد كان فيهم الصادق الأمين» وكيف كان ينصح لهمء ويذكرهم بما آناهم الله - تعالى - من نعمة» وقد عجبوا أن جاءهم رسول منهمء كما عجبت قريش 8 قَالوا أجئتنا لتعيد الله وحده ونَذرَ ما كان 95 يبد آبَاونا فأننا بمَا تعدنًا إن كت من الصّادقين 59 4 وقد وقع عليهم رجس وغضب» وقال لهم هود: « . رن ف نوست مواق نا وذكر - سبحانه وتعالى - من بعد قصة هود قصة صالح مع قومه ثمود» إذ دعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده؛ وأتى لهم بمعجزة حسية هى الناقة» وقد ذكرهم بما نزل بعاد من قبلهم, وذكرهم بنعمة الله تعالى: واذكروا إذ جعلكم خَلَاء من بعد عاد بكم في الأرض تَتحْدّونَ من سَهولها قصورا وتنحتون الْجبَال بيوتا فاذكروا آلاء اللّه ولا تعنوا في الأرض مُفُسدينَ 69 4 ولكنهم كفروا وعقروا الناقة» فأنزل الله تعالى عذابه الدنيوى» وتولى عنهم هود وقد أبلغهم رسالة ربه. ومن بعده بعث الله لوطا إلى قومهء دك الله تعالى خلوذم م وأملكهم الله وأرسل إلى ملدين أخاهم شعيياء ا رقص الله- تعالى - فى السورة قصصه امع قومه إذ دعاهم إلى الحق وإلى صراط مستقيم» وألا يفسدوا ولا يعتدوا ولا يصدوا عن سبيل الله وقد آمنت طائفة» وطائفة منهم وهم الذين استكبرواء وحاولوا إخراج شعيب قائلين: 8 ...لنخرجئك يا شعيب والّذين آمنوا مَعكَ من قَرِيتنًا . 59) #. ولكن الله نجاه منهم» وقال لن نعود فى ملتكم بعد إذ نجانا الله منها . با تفسير دشيور هّ الأعرا اف لل ا 0 دنه > ا وقال الذين كفروا للذين آمنوا © .. .لثن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون 62 4 وقد أخذتهم بسبب عصيانهم الرجفة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين . .»2 فتولى كافرين . وقد بين - سبحانه وتعالى ‏ فى هذه السورة الكريمة سنته مع الذين يرسل إليهم النبيين أن يختبرهم بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون» ثم يختبرهم من بعد ذلك بالحسنة لعلهم يدركون» « ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتئ عفوا وقَالوا قد مس آباءنا الضّراء وَالسّرَاء ... 62 4 فإذا كفرواء ولم تردعهم الضراء» ولم يشكروا ولقد ذكر ‏ سبحانه وتعالى - أن اهل القرى» لو أنهم آمنوا لأتتهم النعم من حيث لا يشعرونء 8 ولو أن أهل القرئ آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كَذَبوا فَأَخَذناهم بما كانوا يكسبون 69 4 . ولقد ذكر سبحانه فى هذه السورة المحكمة غفلة أهل القرى أى المدن العظيمة عن أن يأتيهم عذاب الله تعالى فى آياته سبحانه وتعالى» وأن الذين يرثون أرضها لا يهتدون» ولا يعتبرون بما كان منهمء ذإ وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا رهم فَاسقينَ 9 4 . ذكر بعد هذه العبرة التى بينها ‏ سبحانه وتعالى - فى سنته فى الهداية» وعقاب من لا يهتدون قصة موسى وفرعون» ومعجزة موسى 2 بل معجزاته مع فرعون» طاغية الوجود الإنسانى فى مصرء بل لا يزال مثلا يضرب لكل طاغية فى الأرض . تقدم موسى إلى فرعون يدعوه إلى الله تعالى» وتقدم بعصاه فحرض فرعون قومه أنه يريد أن يخرجهم من أرضهم بسحره. 0 الالالال للك جب بي جاءوا بكل ساحر عليم» وتقدم موسى بعصاه» قاهر موسى للسحرة ... ألقوا فلم ألقوا سحروا أعين الئاس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم 659 4 . فأمر الله تعالى موسى أن يلقى بعصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون» فخر السحرة ساجدين؛ لأنهم علموا أن ما جاء به موسى ليس سحرا. جم 00 قالوا إن إلى ربا ُو 9ك وما تتقم من إن آم بات ينا َم جد نا أفرع علا صيرا وفنا مسلمين 6559 4 وقد أ أخذت شيعة فرعون ترد على موسى لفرعون : ١‏ .أتََرّمُوسَئ وَقَومه ليُفْسدوا في الأرْض ويذرك اهنك قال ستقئل أبناءهم وَنَستَحَبِي نساءهم وَإنّا فُوقَهم فَاهرونَ 059 قَال موسئ لقومه استعينوا بالله أصبرُوا ناض لله ونه من يشاء من عباده الاق مقن © 4 . ولكن بنى إسرائيل يتململون بموسى» ويقولون: ١‏ .. .أوذينا من قبل أن تَأينا ومن بعد ما جئتدا قال عسئ ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض ...59 4 . أخذ الله تعالى آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات» وإن تصبهم سيئة يطيروا بكو سى ومن معه.» وأرسل الله عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع وإذا اشتد الأمر بهم « . ..قَالوا يا موسى ادع لَنَا رَبك بما عَهِدَ عددك كن كشفت عنًا الرجز لنؤمتن لك ولنرسآن مَعَكَ بَني إسرائيل © 669 4 ٠»‏ فأغرقهم الله تعالى » وجاوز الله ببنى إسرائيل البحر وأورثهم ملكا بعل أن كانوا مستضعفين فى الأرض . ولكن بنى إسرائيل بعد أن جاوزوا البحر عادت إليهم وثنية الفراعنة مس هله ع هاه .4» 672 ..قَالُوايَا مو سى اجعل لَنا إِنها كما لهم آلهَة فَال إِنَكُم قَوم تَجَهِلُودَ‎ ١ اا تفسير سيور هه الأعرا اف لل لل 0 ههه < يي وذكرهم الله الذى نجاهم من فرعون وملئه الذين كانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهمء ويسومهم سوء العذاب ‏ .. .وفي ذَلكُم بلاء من رَبَكُم عظيم 59 4 . واعد الله تعالى موسى أربعين ليلة 9 ...قال موسئ لأخيه هارون اخلفني في ني مح لاع سيل لضن 9 4. ذهب موسى للميقات ربه 9 ... وكَلَمَه به قَال رب أرني أنظر لَك قال أن تراني ولكن انر إلى الج إن ارما ساف ران مَل ونه حمل جعله دحا ور موسئ صعقا فَلَما أفَاقَ فَالَ سبحاتك تبت ليك وأنا أوَل المؤمنين 659 4. قبل الله في موس وين ل اصطقاء اه( ا لاني اراح من كل شيم لعفو لكل شيء ... 55 (655 4 من أحكام شريعته عليه السلامء ويقول الله عن هذه الألواح : فا سأصرف عن آياتي دين يَكَبّرونَ في الأرض بغر الْحق وإن يروا كل آية ل يووا بها وإن يرا سبيل الرّشّْد لا يَنَحَدُوهُ سَّبيلاً . .. 2.4059 وقد بين - سبحانه وتعالى جزاءهم فى الآخرة. وفى غيبة موسى الأربعين ليلة ظ وَانحَدَ قوم موسئ من بعده من حَليَهمٍ عجلا جسدا لَه خوار ... 6589 4. .. وزين لهم الشيطان عبادة العجل التى تقبلها المصريون فى نفوسهم . وإن الناس يضلون فإذا رأوا داعية الهداية ذهب عنهم ضلالهم فلما رأوا موسى سقط فى أيديهم « . .وروا أنه قد ضلُوا قَانُوا لتن لّم يرحمنا ربا ويغفر لَنا لَكُونَنَ من الْخَاسِرِين 059 4 . رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاء وقال: بئسما خلفتمونى من بعدى» وأخذ يعتب على أخيه هارون 8 .وَأخد برأس أخيه يجره إِيه َال ابن أم إن اْقوم استضعفوني وكادوا يقتلونتي فلا تشمت تشمت بي ... 059 © . أحس موسى بأنه تجاو فى غضبه فاتجه إلى ربه ضارعا < ... رب اغفر لي ولأخي وأَدْخَلْا في رَحَمّتك وأنت أَرْحَم الراحمين 4029 وذكر الله ما سينال الذين اتخذوا العجل ولم يتوبواء وقال سينالهم غضب من ربهم وذلة. 57 5 0 . ا تفسير سورة الأعراف ال 2000 سج ا 7 وبعد أن ذهبت ضجة العجل وسكت عن موسى الغضب أخذ الآلواح وفيها هدى ورحمة ‏ واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات الله» فلما أخذتهم الرجفة « ...قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل واي أتهلكتا بمَا فعَل السَمَهَاء من إن هي إل فشتك تضل بها من نَشَاء وتهدي من تَشَاء .... 029 4 . اتجه موسى وقومه ضارعين إلى الله تعالى» وقالوا: # . .. إِنّا هدنا إِلَيِكَ قال عَذَابِي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فَسَاَكْيها للدين يتقو يوون الركاة وَالّذِين هم بآياتنا يؤْمنْودَ 029 4 . وذكر منهم من تتتسع له رحمصته: : 9 الذين يعون الرّسول الب الأمي الذي يجدونه مَكْتَوبا عندهم في الشورَاة والإبجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن الْمكر ويحل هم الات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنم إِصَرّهُم والأغْلال التي كانت عَلْهِم ادي نموا به عرو وصروة واوا ثور الذي أنرل َه أولك هم المُفلصُون 0029 4 . ويأمر الله - تعالى - فى هذه السورة نبيه محمد ككِلةٌ بعد أن ذكر البشارة به بأن يقول: إنه رسول الله تعالى إلى الناس جميعا ويدعوهم إلى اتباعه. وتعود الآيات إلى قوم موسى - عليه السلام - فيذكر أن «إ ومن قوم موسئ أَمَة يهدون بالحق وبه يعدلون 059 © ويذكر أنه - سبحانه وتعالى - قطعهم فى الأرض « ... اي عشرة أَسبَاطا أُمَمَا ... 7 4. ثم يذكر ‏ سبحانه وتعالى - آياته منهم ونعمه عليهم» من ضرب الحجر بعصا © ... فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مُشربهم ... 073 4. وأنه أنزل عليهم المن والسلوىء وأنه ظلل عليهم الغمام وأنهم لم يشكروا النعمة» بل كفروا بها. ويذكر حالهم يوم السبت إذ حرم عليهم الصيد فيه (( واستلهم ع عن القرية الَخي كانت حاضرة البَحرإِذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتائهم يوم سبتهم شرعا ووم لا يسبتوت لا تأتيهم ... 59 > . ها تفسير يور - الأعرا اف عل 0 ابه 1 رب ا ولقد ينس بعض المهمتدين منهم من هداية إخوانهم فقالوا: ف[ . .لم تعلو قَوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قَالُوا معذرة إلى ربكم ولَعلّهم يتَقَرنَ 9ك 4 ولقد بين الله تعالى حال الذين نسوا ما ذكروا به» وأنه أنجى الذين ينهون عن السوء» وأصاب الذين ظلموا بعذاب بما كانوا يفسقونء ولقد ذكر الله حال بنى إسرائيل من بعد موسىء فقد بعث عليهم من يسومهم سوء العذاب» وقطعه فى الأرض أماء وورث من بعدهم خلف يأخذون أدنى ما فى الكتاب وإن يأتهم عرض يأخذوه» ويقولون سيغفر لنا. وإن بنى إسرائيل قد مردوا على العصيان وقد أخذ الله تعالى ‏ الميثاق ورفع الجبل فوقهم كأنه ظلة» وظنوا أنه واقع بهم وأخذ عليهم الميثاق» وهم تحت تأثير تلك الآية القاطعة» وقال خذوا ما أتيناكم بقوة» ولكنهم نقضوه ولم ينفذوه. مه يي 2 هس مس مش هم ولقد بين الله سبحانه أنه أخذ 8 . .من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علَئ أنفسهم ألّست بربَكُم فَانُوا بآى ... 099 4. ودل ذلك على أن التوحيد دين الفطرة وبين سبحانه أن هذه الآية الفطرية التى أودعها الأخلاف والذرية من ينسلخ منها يتبعه الشيطان ويغويه وتكون كل أعماله فى دائرة الشرء 9 ...كَمَثلٍ الْكَلْبٍ إن تحمل عليه يله أو تتركه يلْهّث ذلك ممّل القوم الّذِينَ كبوا بآياتنا .... 059 4 وأسواً الأمثال مثل الذين كذبوا بآيات الله ل .. .وأنفسهم كانوا يظلمون 09 4 . وإن من يهديه الله فهو المهتدى, ولقد خلق الله لجهنم كثيرا من الجن والإنس» وهؤلاء لهم قلوب لا يفقهون بهاء ولهم أعين لا يبصرون بهاء ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك هم الغافلون. وأخذ - سبحانه وتعالى ‏ فى هذه السورة الكريمة يذكر الذين اهتدوا فى مقابل الذين كفروا وظلمواء وقال فى الذين كفروا: «! ...ستستدرجهم مَن حيث لا يعلمون 020 وأملي لَهم إن كيدي متين 60 4 . ا تفسير سسورة الأعراف م الال الل لل 4# ل م موس من بعلل الله اهادي لَه يدهم في طُفائهِمْ هون 55 4 . وذكر الله تعالى الساعة وأنه وحده هو الذى يعلمها فإ يُسألُونك عن الساعة يان مرسَاها قل إِنّما علمها عند ري لا جلها لرفتها إلا مَ قلت في السّموات والأرض لا تأتيكم إلأ بغتة يسألونك كنك حَفي عنها قل نما لما عند الله ولكن أكتْر اناس لا يعلَمون 629 قل لا أملك لنفسي تَفعا ولا ضر لما شَاء الله وو كنت عل عيب ع هم ا ره مر لاستكثرت من الْخَيرٍ وما مسي السوء إن أنا إلا نذير وبشير لَقوم يؤّمنُون 05 4 . بعد ذلك بين الله - سبحانه وتعالى - خلق الإنسان وزوجه ليسكن إليهاء وصور سبحانه ضلال الإنسان بمن تحمل امرأته حملا خفيفا فمرت فلما ثقلت دعوا الله ربهما لعن آتيتنا صا حا لنكونن من الشاكرين ١‏ فَلَما آنَاهُمًا صالحا جَعَلا لَه شركاء فيما آتاهما فتَعالَى الله عم يش ركون 52 4 . وبين - سبحانه وتعالى - ضلال من يشركون وذكر أنهم يدعون فى عبادتهم أوثانا لا تضر ولا تنفع سواء أكانوا أحجارا أم غيرها وقال سبحانه : إن الذين تدعون من ذون الله عباد أَمالَكُم فادعوهم فَلْيَستَجِيبُوا لَكُم إن شم صادقينَ 059 أَلَّهُم أجل يَمْشُون بها م لهم يد ينطشود بها أملَهُم عن يْصرُود بها مهم آذانيسْمعُونَ بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون 052 إِنّ وبي الله الذي نَزْلَ الكتاب وهو وى الصالحِين 059 وَالْذينَ عون من ذونه لا يَستَطيُونَ نص ركم ولا أنفسهم يترون 059 وإن تدعوهم إِلَى المدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إِلَيِك وهم لا يصون ولقد دعا الله - تعالى ‏ نبيه إلى ما يتجلى به فى الدعوة فقال: ( خذ الْعَفْوَ وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين 059 وإِمًا يتزغئك من الششيطان رغ فاستعذ باللّه إِنَّهِ مسميع عليم (. إن الذين اتقو | إذا مهم طائف من الشيطان تَذَكوا فإذَا هم مبصرون 9 وإخوائهم يمدونهم في الفي م لا يقَصرُونَ 2© 00 وإِذا لم تأتهم بآية قَالُوا لَولا 9 تفسير يشبور ) الأعرا اف الللللاالت الل للملا لل 0 كه : 5 َيه قلإنمَا ع ما يُوحئ لي من وبي هذا بصَائر من رَبكُمْ وهدى وَرَحْمَة لقم يؤمنون 69 4 . ولقد أوصى الله المؤمنين من ضمن وصيته لنبيه فإ وإِذا فى القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لَعلَكم َرحَمُونَ 0-0 واذكر رلك في نَفسك تضرعا وخيفة ودود الْجَهرٍ من الْقَوْل بِالْعُدوَ والآصّال ولا تَكُن مَنَ العَافلينَ © إن الْذِينَ عدد رَبك لا يَستَكْبِرُونَ عن عبادته ويسبحونه وله يَسَجَدُونَ 5 4 . هذه إشارة موجزة إلى بيان ما اشتملت سورة الآعراف إجمالاء ثم نقدمها بين يدى ذكر معانيهاء ولنبدأ من بعد ذكر ما يسعه إدراكنا من معانيها والله الهادى . « الحص*4 قد تقدم القول فى الحروف المفردة التى تبتدئ بها أوائل بعض السورء وهى من المتشابه الذى اختص به علم الله . « كتّاب أنزل إليْكَ فلا يكن في صَدرِكَ حرج مَنْه 4 . كتاب خبر لمبتدأ محذوف,» أو خبر #المص* على نظر بعض الذين قالوا: إنها اسم للسورة أو الكتابء» والتنكير هنا لبيان شرفه العظيم» أى أنه كتاب بالغ الغاية ففى شرفه ورفعته ومؤداه؛ لأنه منزل من عند الله تعالى العالم بكل شىءء ا تفسير سورة الأعراف 0 اا لالالاًئم!اااااالالالللتلكئالالااااااااااااااااالا اط مممممامامممامالمامااممم لكام ماخلا غامخن لالط لتلا تاللا لبلب يي ش والقادر على كل شىء العزيز الحكيمء وقال: أنزل إِلَيِك 4. أى أنه أنزل إليك وهو المعجزة التى تتحدى بها الخليقة أن يأتوا بسورة من مثله» فلا يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. والحرج الضيق» وأن يحس بأن الناس يجب أن يؤمنوا فلا يؤمنواء كما قال تعالى : 9 لَعلّكَ باخع تَفْسَك ألا يكونوا مؤمنينَ © 4 [الشعراء] وكما قال تعالى: ل فَلَعلّكَ بَاخعٌ تفْسَك علَئ آنَارِهم إن لَم يووا بهذا الْحَدِيث أَسَفًا 0 4 [الكهف]. فحرص النبى يله على إجابة الكافرين كان يجعله فى حرج نفسىء إذ إن المؤمن بالحق يكون دائما حريصا على إجابة الناس لهء فإن لم يجيبوا ضاق بذلك صدره من غير مغاضبة ولا معاندة» كما هو شأن النبيين ‏ عليهم الصلاة والسلام - وقد قال تعالى: ل فََعلّكَ تارك بض ما يوحئ إِلَيكَ وضائق به صدرك أن يَقَولُوا ولا أنزل والمؤدى فى كل هذا أن النبى يلد كان يضيق من الإنكار لأمر صادق لا مرية فيه» فالله تعالى يبين له أنه ليس عليه إلا الإنذار. وقوله تعالى: «إفَلا يكن في صَلرِك حرج منه 4. الفاء هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء والمعنى: هذا كتاب مبارك هاد مرشدء منير للحق» فإذا لم يجيبوا فلا يكن فى صدرك ضيقء فليس ذلك لنقص فيك أو فيهء وإنما هو لنقص فيهم وقد أنذرتهم» وحسبك ذلك وكفى . وقد ذكر الله غاية الكتاب والرسالة فقال: ( لشذر به وذكرئ للمؤمنين » . فالغاية من الكتاب الخالد أنه معجز بذاته» ولتنذر به الذين يكفرون» بأن تبين بالكتاب عاقبة كفرهم. وسوء النتيجة التى تنزل بهم وهى العذاب الأليم» وليس عليك تبعة كفرهم.ء إنما أنت منذر ولكل قوم هادء وإنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء. 0# تفسير سورة الأعراف ا الل مم > أ هذا بالنسبة لمن لم يؤمن» فهو لهم منذر مبين يحمل دليله فى ذاته» وبالنسبة للمؤمنين قال تعالى: « وَذْكْرئ للْمؤْمنين4 والذكرى هى التذكير الدائم» فهذا الأمر ذكرى لكذاء أى مذكر دائم مستمر» يرجعون إليه» والقرآن ذكرى دائمة فيه التذكير الدائم برسالة النبى يِه وفيه تذكير بالشريعة؛ لأن فيه كلياتهاء وفيه تذكير بالرسل أجمعين؛ لأنه سجل معجزاتهم» وفيه تذكير دائم بالله تعالى وهو العلى الحكيم» وفيه الأوامر والنواهى» ولذلك قال تعالى: ل اتبعُوا ما أنزل إِليْكُم من رَبَكُمْ ولا تتَبعوا من دونه أوْليَاء ليلا ما تَذَكُرونَ 05 #. إذا كان القرآن فيه ذكرى للمؤمنين» وإنذار للكافرين فاتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم مما يشتمل عليه القرآن الكريم» وما جاء به النبى يلو فما أمركم به فخذوهء وما نهاكم عنه فانتهواء فكل ما أمر به فقد أمر به الله» فما كان ينطق عن الهوى « من يطع الرُسول فَقَد أطَاع اللّه. . . 60 4 [النساء] . وقوله: «( اتَبعوا ما أنزل إليكم من ربكم 4 فيه إشارات بيانية : الأولى: أن ما اسم موصول صلته أنزل إليكم من ربكم» والصلة تكون سببا للحكم أو الأمرء فاتبعوا ما جاء به القرآن والنبى. وسبب ذلك أنه أنزل من ربكم الذى هو أعلم بما فيه صلاحكم فى الدنيا والآخرة؛ لأنه ربكم الذى ذرأكم وإليه مرجعكم . الثانية: أن قوله: «اتّبعوا4 فيه ملازمة لما آمر الله تعالى باقتفاء أثر النبى الذى أنزل إليه وأتباعه» وأتباعه آتباع لله تعالى : طقل إن كنهم تحبّون الله فَاتْبعوني يحببكم الله ويغفر لَكم ذنوبكم . .. 69 4 [آل عمران]. الثالثة : قوله تعالى: «إما أنزل إلِيكم من ربكم 4 فيه إشارة إلى أن فيه خيرهم فى الدنياء وفيه صلاحهم فى الدنيا والآخرة» وفيه إشعار بكمال ما 0 تفسير سورة الأعراف 0 !!!!ض!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!ماا1 ماع عا اانا لل ب !|00" الج مه 7 ولا تقبعوا من دونه أَوليَاء 4. بعد الأمر بالاتباع للرسول فيما أنزل إليكم من ربكمء كان النهى عن اتباع غيره» فمعنى: «إ ولا تصبعوا من دونه أَولياء 4 أى غيره» تمن يوسوسون بغير ما أمرء وتشمل كلمة أولياء» كل من يأمرون بغير أمر الله تعالى من الشياطين الذين يوسوسون بالشره فمن لم يتبع ما أنزل الله يتبع أولياء الشيطان» وأن أولياء الشيطان يضلون ولا يهتدون. وكذلك الحلفاء الذين يدعون إلى الشرك ويحرضون عليه ولا يناصرون على الخير ككبار المشركين» أمثال أبى جهل وأبى لهب وغيرهما ممن كانوا يدعون إلى الشرك ويحرضون عليه؛ وممن دون الله من أولياء» الذين يجرون إلى الأهواءء وهكذا يكون اتباع ما أنزل إليكم من ربكم هو الصراط المستقيم الذى قال تعالى فيه: ل ون هذا صراطي مستقيمًا ابوه ولا تتبعوا السبل قَتفرق بكم عن سبيله . ..622 4 [الأنعام] . واتباع غير ما أنزل الله هو اتباع للسبل الضالة التى تتفرق بها عن الحق» وفى قوله تعالى: «إ ولا تشبعوا من دونه أولياء 4 تتضمن إشارة بيانية مؤداها أن قوله : ا( ولا عُوا من دونه ويَاء 4 النهى عن أن يتخذوا غير الله أولياء لهم فالله ولى المؤمنين كما قال تعالى : ( الله ولي الذِين آمنوا يرهم مَن الظلمَات إلى الثور ارين كفروا أَولِيَاؤهم الطَأعُوت يُحْرِجُوتهُم مَنَ الثور إلى الظلّمَات... 620 4 [البقرة]» «قَليلا ما تَدَكّرُونَ4 أى أنه مع هذه البيانات ومع النهى المدوالى فى القرآن عن اتخاذ غير الله أولياء لا تتذكرون إلا قليلاء وقليلا مفعول ل«تذكرون»» و«ما» دالة على قلة التذكر. والمعنى قليلا أى قلة تتذكرون أوامر ربكم وتتعظون ل اسسا سمس 31 بعظاته. 2 . .. إِنمَا يتذَكْر أُولُوا الألبّاب 69 4 [الرعد]ء ويقول الله تعالى: «فذكر إن نفعت الذكرئ 620 4 [الأعلى] . وإن الله تعالى ذكر بالقرى التى كان هلاكها لعدم تذكرها ولنسيانها أمر الله تعالى» فقال تعالت كلماته: «( وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنًا بيَانا أو هم قَائلُون 0 4 . الللللللال ااال 100ا0اللللل الللالللا 2 سرب اا إن سنة الله تعالى أن يأتى بعذابه الدنيوى» وهم لاهون غافلون؛ وذلك لأن كفرهم يجعلهم فى غفلة؛ وينسون معه بأس الله تعالى؛ لأآنهم يكفرون به ولا يؤمنون» فيأتيهم من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون» وإن ذلك كان شأن كل الذين عتوا عن أمر ربهم؛ ولذلك قال مذكرا من لم يتذكر إلا بقارعات العذاب الذى ينزل بهم : ذل وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا 4 و«كم» هنا دالة على الكثرة من غير عدد. و«من» لعموم الاستغراق» ولتأكيد معنى الكثرة» والقرية المدينة الكبيرة؛ لأنها تقرى الناس وتجمعهم فيهاء البأس هنا العذاب الشديد أو الهلاك» كما جاء لقوم لوط» ولقوم هودء ولقوم شعيب» والبيات الليل» ومعنى ياتا 4 .وهم بائتون» والمعنى: وكثير من القرى أهلكناهاء فجاءها عذاينا بياتا «( أو هم َائلُون 4. أى نائمون فى القيلولة من شدة الحر» أو مستريحون. وإن المراد أنهم يحسبون أنهم فى أمن واطمئنان» فياتيهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون. وإن هذه سنة الله تعالى فى الكافرين يمهلهم ويجيئهم 1 ولقد قال تعالى فى ذلك: « امن أهل القرئ أن يأنيهم بأسنا بياتا وهم تائمون 69 أمن أهل القرئ أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلْعَبُونَ © الاران؟ سما قل أَقأمن الذي مكروا السّيئّات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذَاب من حَيّْث لا يشعرون 5 أو يأحْدَهم في تقأبهم فَمَا هم بمعجزين 69 أو يأخذهم على توف فَإِن ربكم لرءوف رحيم 69 4 [النحل] . وهكذا تكاثرت آيات الله تعالى فى كتابه العزيز تنبئ بأن الله تعالى يقصم الظالمين» وهم فى غفلة ساهون» حتى إذا أخذهم رأوا الويل. وإن ذلك فيه إنذار للعرب بأنهم لا يصح لهم أن يأمنوا مكر اللهء وإنه نازل بهم لا محالة» وإذا كان أمهلهم فلم ينزل بهم مثل ما نزل بغيرهم» فلآن الرسالة إليهم خالدة وأنها ليست لهم وحدهم.ء وإنما هى للأجيال كلهاء وإن ما ينزل بهم ا تفسير سورة الأعرا اف 0 000 يكون بتوفيق الله لنبيه بعمل بشرى ينتصر به عليهم» أو بريح صرصر عاتية تهزمهم ولا تمحوهم. وماذا كانت حال الذين أنزل الله تعالى عليهم بأسه فى قراهم وقد طغوا وبغوا وأثاروا الفسادء إنهم يحسون بظلمهم بعد أن فات وقت الإيمان» وقد قال الله تعالى فيهم: ظ ما كان دعواهم إِذ جاءهم بأسنا إلا أن فَالوا إِنا كنا ظَالمِينَ 20 4 . لقد قرعتهم هذه القارعة» وذهب غرورهم الذى دلاهم الشيطان به» وصغوا بعد أن استكبروا فنطقوا بالحق الذى أنكروه؛ وضرعوا إلى الله أن ينجيهم من العذاب الذى نزل بهمء ولات حين منجاة» بل إنهم يذوقونه وبال ما كسبواء فهو جزاء لا فرصة معه لتوبة. الدعوى هنا: الدعاءء كقوله تعالى: 8 ...وآخر دعواهم أن الْحَمَد لله رب العالمين 09 4 [يونس]. سه ويصح أن تكون الدعوى هنا بمعنى الإقرارء وفى التعبير عن الإقرار بالدعوى مجاز؛ لأن كليهما فى مقام الخصومة» وإذ كانوا قد وضعوا أنفسهم فى مقام الخصومة مع الله تعالى بما افتروا من عبادة الأوثان وكذبوا عليه كان التعبير عن الإقرار بالدعوى للإشارة إلى أنهم قد خفضوا من دعاويهم وغطرستهم ولم يبق إلا أن يقروا خانعين» أغراهم الكفر ابتداء» وأذلتهم القارعة انتهاء. «الفاء» هنا للإفصاح عن شرط مقدرء» أى إذا كانت القرية قد نزل بها هذا العذاب الحاسمء ماذا كان جواب أهلها؟ فكان الجواب: ١‏ فَمًا كَانَ دعواهم 24 ولتضمن الدعوى معنى الإقرار لم تلحق تاء التأنيث بالفعل «كان» وهنا نفى وإثبات» وذلك يتضمن معنى الاختصاص والقصرء أى أنه لا جواب لهم إلا الإقرار بالظلم» وإنه كان وصفا اتصفوا به فى كل ما قالوا من كذب على الله تعالى. فما كان قولهم: (ظلمنا)ء بل كان قولهم: 8 إِنًا كنا ظَالمِينَ4» وذلك تأكيد لظلمهم» فقد كان بالجملة الاسمية وبتصدرها ب (إنا»» و(إن» دالة على التوكيدء وتأكيد القول ب «كنا» الدالة على الاستمرار»ء وبالوصف بالظلم الدائم» اللهم وفقنا للعدل» وجنبنا الظلم. ل | تفسير سيور هةّ الأعرا اف !!!اا الأ تلكا األتاك!األلتل!!! !]| لألًا!| ااا أاللك!!| لم الااكك!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!اما 0 لس ]ا 7-724 مكنا ل أرْسِل يهم د لْسحَكركَ لْمرَسَِنَ (ي فَلنَفْصَنَعليوم بسر رماغت 2 لص >< ررح ال ساح عر ار 20 0 020 الوذ لحل مس كت موري هفوج لكِيكَهم الْمْلِحُوتَ نينا وَمَنْ حَةٌَ حَدَّتٌ موزِينه اوليك لد ل ا حَسروأ أَنفْسَهم يِمَاَكَانوأيحَايِنَايَظلِمُونَ (وإ) 5 وَلَدَّر ىك ل ف الْارضٍ وََجَعَلْنَا لَكُمَ فيا مَعلِيس ليام تكرت لوي الفاء هنا عاطفة على ما قبلهاء وهو إقرارهم بآنهم كانوا ظالمين» والذين أرسل الرسل إليهم هم الذين خوطبوا برسالاتهم» كقوله تعالى فى بيان سؤالهم: «( ويوم يناديهم فيقول مادا أجبدم المرسلين 452 [القصص]» وقوله تعالى : يوم يُجمع الله الرسل فيَقول مادا أَجبتم قالُوا لا علم لا نك أنت عام الغيوب 239 86 [الماكدة]. أكد الله تعالى أنه سيسآلهم بنون التوكيد الثقيلة» واللام الممهدة للقسم». أكد - سبحانه وتعالى - أنه سي سألهم . وهو سؤال العارف العالم بما وقع وماكان منهم» وما سيجيبون به» ولكن غاية السؤال أن يقروا بما كان منهم وما يستحقون ولنسألن الرسل الذين أرسل إليهم» وإجابة المرسلين إليهم لتسجيل الحجة عليهم» ولتكون الحجة قائمة عليهم بإقرارهم وقائمة عليهم بشهادة الرسل الذين بعثوا إليهم بآن الحق قد بلغهم ‏ وجحدوا بها واستيقتتها أنفسهم . .. 469 [النمل] والسؤال فى هذه الحال نوع من بيان بطلان ما فعلواء مع عدم قدرتهم على تغيير ما كان. وأنهم لا سبيل لهم لأن يتداركوا ما فات» فالسؤال لهم يلقى فى نفوسهم بالحسرات» وسؤال الرسل يلقى بحسرات أشد؛ لأنهم قاوموهم ومنعوهم من الحق وآذوا المؤمنين وأنهم بذلك يعلمون أنهم إن عذبوا إنما يعذبون باستحقاق جزاء ما ظلموا. ولقد روى عن عبد الله بن مسعود أن النبى يَلَلِيِةِ قال: «لن يهلك الناس حتى 1 اللا الا0االللاللا0اا0ا0اا0ااااللولالل لل لس 2 يي يعذروا من أنفسهه)10) ولقد أكد - سبحانه وتعالى أنه له سبيل لونكارهمٍ أن الله تعالى يعلم غيب أمرهم إن أخفوهء فقال: « فَلتقصّن عليهم بعلم وما كنًا غَائينَ ©4. الفاء عاطفة ما قبلها على ما بيعدها» واللام لام القسم دالة هى والنون والقاف على التوكيد. و«نقص»: معناها نخبر خبر من يتقصى ويتتبع لا ي: صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء والضمير فى «عليهم» يعود على من أرسل إليهم» عليهم ويدركون أن الله كان عليما بالعنت الذى أعنتوه؛ يعلمون ذلك عند الحساب » كما علموه فى الدنيا بإطلاع الله تعالى عليه » فعلمهم فى الدنيا بالحساب والعقاب» كان علم إيمان بالغيب» ويقين من خبر الله» وعلمهم الآن بالحساب أنكروا من قبل وهو علم بما جهلوا علم معاينة أو علم عقاب أنكروه» وبعث ونشرء وقد كابروا فيه. وأكد الله تعالى قصصه الحق المتت بأمرين : أولهما: قوله تعالى : بعلم 4 أى أنه قصص لأعمالهم وأعمال رسلهم بعلم صادق ليس فيه حدس وتخمين. كما كانوا يدعون من علم من يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور» فهو يعلم الظاهر والباطن والأول والآخر. ثانيهما: أنه علم من عاين وشاهد, وإذا قال تعالى: وما كنا غائبين» أى كنا حاضرين حضورا مستمرا ما كنا غائبين فأخبرنا» ولكن كنا شاهدين» فعايئا» وليس علم الخبر» كعلم المعاينة والمشاهدة فى الصدق واليقين. .)8519/( وأبو داود: الملاحم الأمر والنهى‎ 36 ٠. ٠( رواه أحمك: باقى مسند الأنصار‎ )١( امو +4 5 5 .« 0 9 تفسير سورة الاأعراف ١التااا‏ اناالا ااانا الناطط الت انناانانن انا انان اناا لاخلا خط لاا ااا اللا لالتالنا رامال امن اما اللا 1-4 وإن هذا العلم الذى ثبت بالعيان والشهادة هو الذى يبئى عليه الحساب الم مون 2 4. سو مه 2 مهم 1 م م فى © والوزن يومئذ الحق #. أى يكون الوزن للأعمال وزنا حقا ثابتا لا يميل إلى باطل» ولا يكون مبنيا إلا على الحق. و«الوزن» مبتدأ و«الحق) خبره» وتعريف الطرفين يكون دالا على القصرء أى أن الوزن يكون مقصورا على الحق لا يأتى بباطل» فهو مقياس دقيق يميز خير الأعمال من شرهاء « فمن ثقلت موازينه 4, موازينه جمع ميزان» أى من رجحت كفة موازينه بأن كانت أعماله فى كفة الميزان كبيرة ثقيلة» ‏ فأولتك هم المفلحون 4 الفائزون» أى أنهم المفلحون وحدهم لا يفلح غيرهم» وذلك لتعريف الطرفين» والإشارة إلى من ثقلت موازينه» وهنا الإجابة عن ذلك» إنه لتعدد الأعمال الموزونة يكون كل صنف منها قد ثقل فيها ميزانه» فيكون قد ثقلت موازينه . وكذلك يقال فيمن خفت موازينه» وقد قال تعالى فيمن خفت موازينه: « ومن خف ماه ولك الْدِينَ خَسرْوا نفْسَهُم با انوا بآياتَا يَظلمُونَ © ». قوله تعالى: إ ومن حَفّت موازينه 4 أى علت كفة أعمالهم لخفتهاء فأولئك كناية عن أن العذاب ينزل ولا يخفف عنهم» وخسران نفوسهم فى هذا يشير إلى معان ثلاثة: أولها ‏ أنهم هم الذين كانوا بأعمالهم فى الدنيا عاملين على خسارتهاء فلم تكن الخسارة لاحقة بهم من غيرهم. ا تفسير سورة الأعراف 04-١‏ ماللا ١ ال‎ | 7 ثانيها ‏ أن العذاب خسارة للنفس أى خسارة» وأنهم هم الذين جلبوا لها هذه الخسارة الخالدة. ثالثها ‏ أنهم كانوا يحسبون فى ضلالهم فى الدنيا أنهم يكسبون بغطرستهم وكبريائهم واغترارهم بمظاهر القوة فبين الله تعالى أنهم الأخسرون أعمالاء وذلك وقوله تعالى: 9 بما كانوا بآياتنا يظلمون 4. أى أن هذه الخسارة التى خسروا بها أنفسهم بسبب أنهم كانوا مستمرين طول حياتهم الدنيوية مكذبين بآياتنا الدالة على وحدانية الله - سبحانه وتعالى - وأضاف - سبحانه وتعالى - الآيات إليه للإشارة إلى عظم تكذيبهم» لأنهم يكذبون الآيات المنسوبة إليه - سبحانه وتعالى - فتكذيب أكبر من فى الوجود. ومنشى الوجود» أكبر تكذيب وأكبر ظلم. وقدم قوله تعالى: إبآياتنا 4 على 8 يظلمون4؛ لأن آيات الله هى محور الحق وميزانه وبرهانه» ونلاحظ هنا أن ظلم ويظلم تتعدى بنفسها من غير باءء وهنا تعدت بالباء» ونقول فى ذلك: إن ظلمهم كان لتكذيبهم بالآيات وكفرهم بهاء فكان التعبير بقوله تعالى: «إ بما كانوا بآياتنا يظلمون 4 تضمن معنى التكذيب والكفر والظلم وذلك ضلال كبير؛ ولذا تعدى بالباء. ْ وهنا موضوع يجب أن نذكره وهو يتعلق بقوله تعالى: « والوزن يومعذٍ الحق » وقوله تعالى: فمن ثة - موازينه 4 © ومن جه خفت موازينه © أيكون يوم . القيامة وزن حقسيقى حسى وموازين حقيقية حسية؟ أم هذه كناية عن إحقاق الحق وأن يعطى كل امرئْ حقه. فلا يضيع لمحسن حسنة. ولا يحمل مسىء فوق إساءته . نقول فى الجواب عن ذلك: إننا نؤمن الإيمان كله بأن يوم القيامة ونعيم الجنة وعذاب جهنم وغيرها من أحوال اليوم الآخر كلها حسىء, ولكن نميل إلى قول ابن عباس إلى أن المذكور فى القرآن عن نعيم وطعام الذين كتبها الله تعالى 0 تفسير سورة الأعراف للللل باولا الالالال م يطل بيرم يي" لهم مجازى مقرب » فإذا كان فيها فاكهة ورمان وخحمر للة للشاربين وعسل مصفىء وغير ذلك فإن ذلك مجاز مقرب وليس كطعامنا فى الدنياء إنما هى فاكهة أعلى من فاكهتناء وليس لها لغة إلا ما تقربه لغتنا؛ ولذا قال عليه الصلاة والسلام -: «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)( . بعد هذا نقول: إن قوله تعالى: 9 والوزن يومئذ الحق» أهو وزن محسوس كل ذى حق يأخذ حقه بالحق لا ينقص ولا يزاد عليه شىء إلا أن يكون ذلك من رحمته تعالى وغفرانه. وإنه يكون ثمة استعارة أو تسبيه ) شبهت عدالة الله تعالى يوم القيامة» وهو لا يظلم شيئا بالميزان الذى توزن به الأشياء التى تخف الكفة فيها وتثقل؛ وذلك لدقة الحكم. ونسب ذلك القول إلى مجاهد والأعمش والضحاك. وقد قال هذا أبو السعود فى تفسيره وذكره الغزالى فى كتابه: (المضئون به على غير أهله) إذ قال رضى الله تعالى عنه: «تعلق النفس بالبدن كالحجاب لها غطاءك فَبَصرك الْيوْمَ حديد 69 »© [ق] ومما يكشف له تأثير أعماله مما يقربه إلى الله تعالى ويبعده وهى مقادير تلك الآثارء وإن بعضها أشد تأثيرا من البعض» ولا يمتنع فى قدرة الله أن يجعل سببا يعرف الخلق فى لحظة مقادير الأعمال بالإضافة إلى تأثيرها فى التقريب والتبعيدء فهذا الميزان المعروف» ومنه القبان للأقطان والإصطرلاب لحركات الفلك والأوقات» والمسطرة للمقادير والمخطوط». والعروض للقادير حركات الأصوات» فالميزان الحقيقى إذا مثله الله تعالى للحواس مثله بما شاء من هذه الأمثلة» فحقيقة الميزان موجودة فى جميع ذلك» وهو ما يعرف به الزيادة والنقص وصورته تكون مقدرة للحس عند التشكيل» وللخيال عند التمثيل» والله )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: بدء الخلق ‏ ما جاء فى صفة الحنة وأنها مخلوقة بد ض هو ة ومسلم: الحنة وصفة نعيمها ‏ باب (5875). 4 لها تفسير سورة الاأعراف : ااانا االلل اا تناز الالك لالز لالتلا للةاا ااا اناا ااال ل انان رابالا لانمل ططخم اطاط اناالا ب ا بي ١‏ أعلم بما يقدره من صنوف التشكيللات » والتصديق بجميع ذلك واجب من تفسير القاسمى»؟. وفى مقابل ذلك الرأى المجازى الذى قاله من السلف مجاهد واللأعمش والضحاكء» وقاله الغزالى وأبو السعودء وثميل إليه» قول آخر» وهو أن كل ما ذكر عن اليوم الآخر من الميزان والصراط وغير ذلك حسى حقيقى يجرى على ظاهره؛ لأن المجاز حيث تتعذر الحقيقة» ولا تتعذر الحقيقة هناء فلا مسوغ للتأويل» وعلى ذلك الأكثرون. حسيا» والله تعالى يعلم كل شىء. وقيل فى الجواب عن ذلك : إن ذلك لإقامة العدل ولبيان حقشقة الأفعال» وليقروا بما كان منهم» والله عليم خبير قد أحاط بكل شىء علما «( ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قَليلا ما تشكروت 9 4 . بين الله - تعالى ‏ ما أنعم به على الناس أجمعين وثتيين ومؤمنين» طائعين وعاصين ؛ فنعم الله تعالى الدنيوية تعم ولا تخص «.. . وإن تعدوا نعمت اللّه لا تحصومًا إن الإنسان لَظَلوم كَقَارٌ وع 69 4 [إبراهيم]. وقوله: مكناكم 4, أى جعلناكم ممكنين منها تفترشونهاء وقد مهدها لكم تمهيدا وجعلها لكم مستقرا ومقاما تنتفعون بهاء وجعل لكم من زروعها وثمارها ومعادنها» وما أودع أرضها من فلزات ما تتمتعون» وجعل - سبحانه وتعالى - لكم فيها معايش وهى جمع معيشة» والمراد ما تتعيشون مما أرجت الأرض» كما قال تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والّذين من قبلكم لعلكم تتقرن 0©) الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السّماء ماء فَأَخرج به من القّمَرات رزقا لُكم فلا تجعلوا للّهِ أندادا وأنتم تعلّمون 9 4 [البقرة]. وإن المعايش التى جعلها لنا فى اللأرض قد ذكر بعضهاء من ذلك قوله تعالى: « وهو الذي أنشا جات مُعروات وير روات واشخل الع مخف 1 9 تفسير سورة الأعرا اف لال ا اا ا ايك ب ا والزيون والرمّان متشابها وغير مَشابه كلوا من نَمرِه إذا ْم وآنُوا حَقّهِ يوْمَ حصاده ولا تسَرفوا إِنَه لا يحب المسرفين 679 ومن الأَنْعَام حمولَة وقرشا كلوا مما ررَفَكُم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إِنَه لكم عدو مبين 659 4 [الأنعام] . هذه بعض النعم التى اتخذ الإنسان منها معايش له. وإن قوله تعالى: ‏ ولَقَد مَكْنَاكُمِ 4 فيه توكيد من الله تعالى بهذا التمكين وذلك الاستقرار وذلك التأكيد اللفظى باللام وقدء وهو تأكيد للفعلين اللذين جاءا بعد ذلك . وكان هذا التأكيد لتذكير الذين لا يؤمنون بفضل هذه النعم وحق شكرها ولكن الشاكرين قليلون فى عددهم بالنسبة للكافرين بها للذين لم يؤدوا حقها. ولذا قال تعالى: «قَليلا ما تشكرون4, «قليلا» نائب عن المفعول المطلق ل«تشكرون». وه«ما)» ليقوى معنى القلة» والمعنى تشكرون شكرا قليلاء أى قلة بالنسبة لهذه النعمء إنه مهما يكن شكر المؤمنين فهو قليل بالنسبة لنعم الله تعالى» وهو ولى النعم. سح 20006 0 اا م َ دَأتَخد 8 77 م دوا ليلس لَرَقَ5. سريت ل ْ َال مَامتَحَكَ ألَاصَسَجُدَإد رتك نا بوكر وَخَلقَنَهُ وََلَقَسَمُرمِن طن وي فَالَ هط يها َمَايَ ون لك أن تك دحوو كلق نكن ليت 7 َال أنطرؤة لديو ُو ا ل له م مجو دل 2 ا ا ا 00 292 َالَإِنَكَ م نَالْمنظرت ِمْوَق دن ص و 2 جه ددبي دوو دا عله ال سا لسن سا صرَطَكَ الْمُستقِيم 09 دهم منْبن أ يد مهم ومن خلفهم هس د لي حي سس سس 2 ار 2 و تسح ساس جرح ال 7 وَعَنَ أيمنترج وحن تمايلهم ولا يد أ كدر 2 يقال صاج يرحس وس لا عه 1ه مه هه 1 00 00 أخريج منها مذءوه ما مَدحورًا لَمَن يَبِحَكَ منُْمَ جم نكم 1 جحهع و0 إإ8هإا تفسير سورة الأعرا اف تت لل سرب أ ذكر - سبحانه وتعالى ‏ فى هذه الآيات وما يليها قصة خلق آدم ومعاندة إبليس» وقد سبق ذكرها فى سورة البقرة وليس ذكرها هنا تكرارا لما ذكر هناك أولاء فإنه إذا كررت بعض الوقائع» فإنه قد زيد هنا الفتنة التى فتن به الشيطان النفس البشرية فعلاء وهى تشابه مع ما أدى إليه الاندفاع وراء إبليس من بدء السورة» وأن آدم وحواء قد بدا يخصفان عليهما من ورق الجنة» فقد فتن المشركين» حتى جعلهم يطوفون عراة كما أدت وسوسته لآدم وحواء إلى أن بدت لهما سوءاتهما. رقا قاط كم متاخ . الخلق الإنشاءء والتقدير خلق الله تعالى الناس من الطين» فقال له كن فكان إنساناء ثم صوره على هذا الشكل الإنسانى الذى جعله فى أحسن تقويم» وثْم4 هنا ليست للتراخى الزمنى» فإن ذلك إنما يكون بالنسبة للحوادث» أما بالنسبة لله تعالى فلا تفاوت ولا تراخى؛ لأن الزمن لا يكون بالنسبة لله تعالى» إنما هو التفاوت بين حالى الخلق» وإن كان كلاهما يتم بقوله تعالى: 9 ... كن فيكون 09 # [البقرة]. بعد أن تم خلق الإنسان الأول وهو آدم» كرمه الله تعالى بأن أمر الملائكة بأن يسجدواء لعلمه بالأشياءء إذ علمه الله تعالى الأسماء كلهاء وهذا قد ذكر فى سورة البقرة» ولم يذكره هناء وعلى ذلك لم يكن تكرارا. وقوله تعالى: 8 تثُمَ قلنَا للملائكة اسجدوا لآم فَسَجَدوا إلا إبليس © ثم: هنا للتفاوت بين تقويم الخلق والتكوين والأمر بالسجود. واستثنى من إطاعة الأمر فتى السجود - إبليس» والاستثناء لآأنه لم يسجدء سواء أكان الاستثناء متصلا؛ لأنه من جملة من كان مع الملائكة أم كان منقطعاء فإنه لم يسجدء مع أن الأمر بالسجود يشمله» فلم يكن منه سجودء سأله الله تعالى عما منعه من أن يسجد قائلا له تعالت كلماته: 8 ما منعك ألا تسجد إذ 9 تفسير سورة الأعرا اف ا ااا ادكه لح راد أَمَرتك 4 وسياق النص أن يكون: ما منعك أن تسجد إذ أمرتك» قال بعض المفسرين أن «لا» زائدة ونحن لا نرى أن فى القرآن حرفا زائداء ومن يقول ذلك يسرف فى قولهء ونقول فى ذلك أن: «منع فلانا من أن يؤذى» أى حماهء ويقال: «فلان فى منّعة؛» أى فى قوة حامية» سواء أكانت نفسية أم من جماعة» والمعنى على ذلك» ما منعك حاميا لك ألا تسجد إذ أمرتك» أى أنه وجد المقتتضى للسجودء وهو أمر الله تعالى» وأمر الله واجب النفاذ للملائكة» ومن يكون معهم . فكان جوابه: أن خَير من 4 وذكر سبب الخيرية التى ادعاهاء فقال: حلفي من َرِوحلَقعَهُ من طينٍ» وهو فى هذا غافل» ومدع ما لا دليل فيه على دعواهء أما غفلتهء فهو أن الله تعالى خالق النار وخمالق الطين وما فى خلقه تفاوت» فهما خلق الله تعالى» وهو الذى اختار النار له» واخمتار الطين لآدم» واخمتار أن يسجد إبليس النارى لآدم الذى هو من. طين» فكيف يعترض عليه بخلقه» وإن هذا ضلال فى الفهم» وغفلة فى الإدراك؛ ولذا قال بعض العلماء: أشد العالمين غفلة إبليس. ودعواه أن الطين خير من النار» وأنه بذلك خير من آدم هذه دعوى لا دليل عليهاء بل الدليل يناقضها؛ لأن الطين خلق الله منه الخصب» وكان من الخصب الزروع والثمار والأشجار والنخيل» وكل طعام أهل الأرض» والماء ينزل عليه غيثا فيكون منه ثمر كل شىء» وطعام الإنسانء والحيوان» والنار تدمر وتحرق» فإذا كان من الطين العمران» فمن النار الدمارء وكلاً خلق الله تعالى. ولأن الباعث على قوله هذا التكبرء وليس الدليل؛ لذلك قال الله تعالى له: طقال فاهبط منها فما يكون لَك أن تَتَكَبّرَ فيها 4 . والهبوط هنا هبوط معنوى» إذ يخرج من الجنة إلى الابتلاء والاختبار» يمد الله تعالى لهء ويختبر به الناس» فتكون العداوة» كما قال تعالى فى قصة سورة البقرة: 8 ... وَقُلنَا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ... 69 » وقد ذكر ‏ سبحانه - أنه . - ءّ 0 اا تفسبير شبورة الاعرا اف للف الل لبلب 32 تكبر فى غير موضع تكبرء وكذلك شأن المتكبرين دائماء فقال: 9 فَما يكُون لَك أن تتكبر فيها 4 أى فى الجنة» فليس من شأن هذا المكان الطاهر أن يكون فيه تكبر من مخلوق على مخلوق؛ ولذا قال فَاخرج إِنّْكَ من الصاغرين 4 الصاغر هو الذليل» أو الأذل» من الإذلال؛ وهذه معاملة له بعكس ما يريد يبتغى لنفسه ابتغى الكبر فعاقبه الله تعالى بالإذلال» وشأن المتكبرين دائما أنهم يستعلونء فيذلهم الله و«الفاء» فى قوله تعالى: «فاخرج »4 تشير إلى أن سبب الأمر بالهبوط هو التكبرء والمعنى إذا كنت تتكبر ذلك التكبر فالأولى لنفسك أن تهبط فتكون من الصاغرين. ولكن إبليس اللّجوجٍ لم يرد أن يترك جهلا محادته لله - سبحانه وتعالى - طقال أنظرني إلى يوم يعون 69 4 . أى أمهلنى فلا تعجل بموتى إلى يوم يبعثون» وقد ذكر من بعد ما يريد عمله من ذلك الإمهال وهو إضلال الناس» فآجابه الله تعالى ‏ وهو العزيز الحكيم - إلى مطلبه ليتحقق اختيار الإنسان» وسلطان إبليس .عليه أو على الأشقياء من خلقه «إفَال إِنّكَ من الْمظَرِين 62 4 وإبليس الذى كان فى غفلة قال من بعد ذلك مبينا لاذا كانت المهلة التى طلبهاء قال إبليس: قَال فبِما ريسي لأفْعَدنُ لهم صراطّك المستقيم 69 4 الإغواء إيقاع الغى فى القلب» وهنا نجد أن إبليس يعترف بسلطان الله تعالى الكامل على العقول والنفوس» وأن الغفلة التى سترت مداركه» وأضلت تفكيره هى بإرادة الله تعالى وبعمل منه» وقوله تعالى عن إبليس: «الأَفْعدَنُ لهم صراطك الْمستقيم 4 اللام لام القسمء و«أقعدن»: تأكيد لقصده الآثم #صراطّك المستقيم 4 ظرف مكان أى لأقعدن لهم فى صراطك المستقيمء وأضلهمء حتى لا يسيرواء فى هدى» بل يسيرون فى مسارات مختلفة يضلون فلا يهتدون سبيلا. وبين إبليس أنه يحيط بالأشرار فلا يفلتون منهء فيقول: ثم لآتيئهم من بين اد ون حلم و ان وعد ضالهم ولا داكو 1469 0# تفسيرسورة الأعراف ْ 0 ل أ ومعنى ذلك أنه يحيط بهم بأعوانه» فيحيط بهم إحاطة الدائرة بقطرهاء لا يفلتون منهء وهذا التصوير الحسى كناية عن الإحاطة النفسية التى لا يخرجون عن دائرتهاء وينتهى من قوله بأنه سيضل الأكثرين؛ ولذا يقول: ولا تجد أَكْثَرَهم شاكرين 4 . وإذا كان قد استعلى واستكبر أولا فقد دفعه الاستعلاء إلى أن يضل باستمرار ويتتحدى رب العالمين فى حماقة منه؛ ولذا قال الله تعالى طاردا له من رحمته : طإقَالَ اخْرَج منها مدوم مدحورا لمن تبِعك منهم لأَمَلأَنَ جهنم منكم أجمعِين 42 المذءوم المذموم المعيب المشنوء المبغعضء. والمدحور: المطرود الهالك» و«اللام» فى قوله تعالى: لمن تبعك » لام القسمء وهى لتأكيد العذاب النازل بهم وتمتلئ جهنم منهم أجمعين» من إبليس ومن معه. وكاد. مُأسَكْن أنت وَرَوجَكَ الجن د فكلا مَنْحِيثُ قنار1 كن عزو لطر ]ينلدي جي) سوس هتما السَّيَطدن لسبّدىَ لما مَاوْرِىَعَنْسُمَامِن سَوءَ'نَهِمَاوَكَالَ تارف اع كز الشجرَ ةل تمتك 1تؤ) من مكار ين رامعا لكا لم نَأ لصحا 2 َدهمَايور لمق لشَجَرَهبَدتَ لحمَاسوء ماوعا يحخْصِفَانِ عَلَدِيِمَامِنْوَرَقٍ لَْنَةَ ونا 5 ددهم شا اسه عَن يلكا السجَرَوَواً لكان بع ططق جه َاكَارَيَتاظلدََآأَنفْسَنَاوَإن لَدَتَْف راو تَتَحَمَنَا دوعن لْحَسِرينَ 2 مَالَ أيظوأ بَتَشك عض عَدٌوكَدقٍ و لاض مدَعرومَع لحيو يض د ع داس تموتون وَصِنْهَا حْرَجود هي ع ها تفسير سورة الاعرا اف اللللللللا ااال لي الل لل للك ههه يي كشف الله - سبحانه وتعالى ‏ ما فى إبليس من خبث فى ذاته وإرادة الشرء وقصد إلى إغواء آدم وذريته . اتجه - سبحانه وتعالى ‏ إلى آدم يحذره» ويبين له ما بوأ له فى الجحنة» قال سبحانه: 9 ويا آدم اسكن أنت وَرَوْجُك الْجِنَة فكلا من حَيْتْ شئْمْمًا ولا تَقَربا هذه الشّجرة فتَكُونًا من الظّالمينَ 09 4 . نادى الله تعالى ‏ آدم باسمه تكريما له أباح له ليسكن هو وزوجه حواء الجنة» وأن يأكلا منها من حيث شاءا من ثمارها فى أى ناحية شاءا منهاء ولكن حرم عليهما شجرة معينة» اختبارا لقوة أنفسهماء وإرادتهماء وردهما إغواء إبليس لهماء حيثما أراد» وبين أنهما إذا أكلا منها كانا من الظالمين لعصيان أمر ربهما ولضعف إرادتهماء وأول الظلم ضعف إرادة الظالم» وكان نهى الله تعالى لهما آلا يقربا هذه الشجرة؛ والنهى عن القرب نهى عن الأكل بالأولى» ولا نعلم ما هذه الشجرة فلا نحاول تعرفها ما دام الله تعالى لم يسمهاء ولكن إبليس وجد الباب الذى يدخل منه ليوسوس لهماء فكان فى ذلك قوله تعالى: « فَوسُوس لَهِمًا الشيطَان ليبدي لَهما ما ووري عَنهمًا من سَوءاتهمًا 4 فوسوس الشيطان وهو إبليس اللعين» وعبر عنه هنا بالشيطان لفساده وحركاته الفاسدة» والوسوسة: الصوت الخفى» وتطلق الوسوسة على حديث النفس» فيقال: وسوست إليه نفسه. أى حدثته بفعل معين. تحدث إليهما موسوسا بأن يأكلا من الشجرة» وكانت النتيجة أن بدت لهما سوءاتهماء وهى العورة التى يسوء النظر إليهاء وكانت هذه نتيجة الوسوسة» ولأنها نتيجة تأكد وقوعهاء جعلت كأنها الباعث على هذه الوسوسة إذ جاء باللام فى قوله: لييدي لَهما 4 وكيف كانت الوسوسة؟ ذكرها الله تعالى متحدثا عنه مبينا: ا وَقَال ما نَهَاكما ربكما عن هذه الشّجرة إلا أن تكونا ملكين أو تَكُوا من الْخَالدِين 4 . ال يلل 4 اكه يي إنه يؤتى الإنسان من رغبة العلو والبقاء» وقد أتاهما الشيطان من هذه الناحية التى يبتغيها الإنسان بفطرته فقال كاذبا: ما نَهَاكما ربَكُمًا عن هذه الشّجرة ل أن تَكُونَا لكين 4 أى إلا لمنع أن تكونا ملكين ا أو تَكُونا من الخالدين 4 ويكون تقدير الكلام إلا كراهية أن تكونا ملكين والنفس الإنسانية طامحة إلى العلو وحب البقاء فكان ذلك السبيل لإغوائهما إلى الأكل وقد غرهماء ثم أراد أن يثبت لهما أنه ناصح لهما فأقسم بأنه لهما من الناصحين . وَقَاسَمَهُما إِنَي لَكُما لمن النّأصحين 69 4 والمعنى وأقسم لهما أنه من الناصحين» وذكر القسم بلفظ المفاعلة؛ لأنه أقسم لهما وأوقع فى أنفسهما أنه صادق فى قسمة وأكده بكل مؤكد حتى كأنهما صدقاه وبادلاه القسم» وأكد أنه من الناصحين وذلك بعدة مؤكدات» أولا: بالقسم الذى شدد فيه حتى وقع فى أنفسهما صدقه» كأنهما أقسما معهء وثانيا: ب«إن» المؤكدة» والجملة الاسمية. وإدخاله فى زمرة الناصحين حتى وقعا فى مغبة تغريره؛ ولذا قال تعالى فى أثر هذه اليمين الفاجرة التى أقسمها. فَدلََهُمَا بعرُور قَلَمًا ذَاقَا الشجرة بدت لَهِمَا سوءاتهما وَطَفقَا يخصفان عليهما من ورق الجئة © . الغرور هو ظن الضار مصلحة» والباطل حقا. ودلاه من التدلية» وهى إلقاء الدلو فى البئرء وهى هنا إلقاء النفس فى الغرورء والمعاصى» والمعنى دلاهما فى المعاصى بالغرور الذى أوجده فيهماء فذاقا الشجرة التى نهاهما عن القرب منهاء فلما ذاقاها بدت عوراتهما التى يسوء منظرهاء ولما بدت أرادا أن يستراها فطفقاء أى أخذا يخصفان أى يقطفان من ورق الجنة ما يستر عوراتهماء وقد بدت لهماء وكانت من قبل مستورة عنهماء وبذلك ظهر لهما بينا ألم المعصية وأثرهاء وناداهما ربهما وهما فى هذه الحال مذكرا بالنهى» فقال تعالى: وَنَادَاهمًا ربهما ألم أنهكما عن كما الشجرة وَأَقل لَكُمَا إن الشيطان لَكُما عدو ناداهما نداء منبها قويا قائلا لهما وهو ربهما الذى خلقهماء فسوى خلقهماء وهو يعرف ما تخفى نفوسهما يلومهما فى أمرين: ا تفسير سورة الأعراف بن الالال أولهما - أنه نهاهما ولم ينتهيا وقال لهما: « أَلَم أَنْهَكُمَا عن تلَكُما الشّجرة 4 أى لقد نهيتكما عن تلكما الشجرة نهيا مؤكداء ولكن أكلتما كما قال فى آية أخرى: 8 .. .وعصئ آدم ربّهِ فَقرئ 020 4 [طه] . | الأمر لثانى - أنهما أطاعا الشيطان ن فى تغسريره؛ وحسها | أنه ناصحء اوقد بين مبين ) أى لقد قلت مؤكدا القول: إنه عدو واضح العداوة فما كان لكما أن تغترا به» أحس آدم بغرور الشيطان الذى ظهر فى أثر العصيان» وأنهما بالعصيان ما صارا ملكين ولا صارا فى الخالدين . فقالا نادميّن: «قَالا ربا ظلَمنا أنفسنا ون لم تغفر لَنَا وترحمنا لَنَكُوننَ من الَاسرين 69 »4 اتجهوا معترفين بذنوبهم مقرين بخطئهما وقد أحسوا بأن مغبة العصيان وقعت فنادوا ربهم 2 ربَنا 4 . وهنا حرف نداء محذوف» وهو نذاء ضراعة وخحشية: أى يا رينا ظلمنا أنفسناء وظلمهما لأنفسهما كان باديا لعيانهما عندما ذاقا الشجرة فقد بدت لهما سوءاتهما وأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة» وظلما أنفسهم بعصيان الله وذلك ظلم مبين» وظلمهما أنفسهما باغترارهما بالشيطان وقد قال لهما ربهما: إِنّ الشيطان لكما عدو مبين 4 واضح العدوان. كان هذا الإحساس العميق بظلم أنفسهما مصحوبا بضراعة إلى الله تعالى أن يغفر لهما ويرحمهما؛ ولذا قالا: « وإن لم تغفر لا وترحمنا لََكُوتنَ من الْخَاسِرِين 4 يطلبان المغفرة من الله تعالى ولا يكتفيان بهاء بل يطلبان مع المغفرة أن يتغمدهما الله برحمتهء ولكن لم تكن المغفرة والرحمة ليكونن من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم بظلمهم لها وخسروا غفران الله تعالى ورحمتهء وذلك هو الخسران المبين. ولذا قال الله تعالى: طقال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولَكُم في الأرض مستقر وممَاع إِلَى حين 62 4 . اا تفسير سور هَّ الأعرا اف ل لالل الل جو 7 لكك يي ليست الجنة دار ابتلاء» إنما الأرض هى دار الابتلاء التى يتنازع فيها الخير والشرء والحق والباطل» والبر الفاجرء وهى دار الابتلاء فيها تتجلى عداوة إبليس ومن معه لابن آدم وذريته؛ ولذا أخرج آدم من الجنة ومعه زوجهء وأخرج إبليس مذءوما مدحورا قال الله تعالى: <« اهبا بعضَكُم لبَعْض عَدَوٌ)4 اهبطوا جميعا بعضكم لبعض عدوء فإبليس عدو لآدم وزوجه وذريتهما من بعدهماء ويكون بعض هذه الذرية لبعضهم عدوا لإغواء الشياطين» فالشيطان عدو لبنى آدم» وبإغوائه يكون بنو آدم بعضهم لبعض عدو. ولكم أيها المأنبون وذريتكم فيها مستقر أى موضع استقرار ومتاع» تنتفعون بخيراتها وكل ما فيها أو ينتفع بعضكمء وكل ذلك إلى حين أى زمن محدود. ثم بين الله تعالى حال الناس فى الدنيا فقال تعالت كلماته: © فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون 4؛ والمعنى فيها تعاقب الأحياء بعضهم من ذرية بعض» والأحياء يموتون ويخلفهم أحياء من بعدهم» والأموات يبعثون من قبورهم ثم تكون القيامة» ويجازى المحسن إحسانا والمسىء الذى أطاع الشيطان.» يناله عذاب أليم» والله ولى المؤمنين الصادقين. يبدو بأدى النظر وظاهره» أن القصة هنا هى بحذافيرها المذكورة أولا فى البقرة» وأن ذلك تكرار فى القرآن. ونحن نرى أن كون الله خلق آدم» وأمر الله الملاتككة أن يسجدواء وامتناع إبليس عن السجود وطرده وهبوطه هو وآدم وزوجه تعرضت السورتان لهء الثمرة من ذكر القصة مختلف فى كل واحدة عن الأخرى. أولا - أن قررت أن ثمرتها عداوة إبليس لآدم من أصل التكوين» وحذرت الإنسان من أثر هذه العداوة» وبينت الآية الكريمة ما يترتب على هذه العداوة» 4# تفسير سورة الأعراف ني عع ممم ممعم لكلل ةع عملم ااام ممم ممع خغ اس لسغا الوط مانالا لتللا جل به 7 وذكرت بنى إسرائيل» وما وسوس به الشيطان فى نفوسهم» وكانوا أوضح مثل فى البشرية لتحكم إبليس فيهم» حتى كأنه هو أى إبليس ‏ وهم شىء واحدء لولا أنه من الجن» وهم من الإنس» وهم مع ذلك صورته الحية الواضحة» جعلهم الله تعالى عبرة المعتبرين من أهل الفضيلة . والثمرة هنا فى هذه الآية هو تحكم إبليس فى العرب حتى جعلهم يطوفون عراة رجالا ونساءء كما حمل إبليس أبوى الإنسان على أن يأكلا من الشجرة» ثانيا - أن قصة البقرة فيها تعليم الله تعالى لآدم» وبيان استعداده لأن يعلم الأشياء كلهاء واختبار الله تعالى للملاتكة» ثم كان الأمر بالسجود نتيجة لأن آدم أنبأهم بأسماء ما جهل الملائكة أسماءهمء ولم يذكر ذلك فى هذه القصةء بل طوى وكان الأمر بالسجود فحذف من هنا ما ذكر هنالك مفصلا. وفى قصة التكوين فى سورة الأعراف التى تتكلم فى معانيهاء ذكرت الطريقة التى أزل بها إبليس الزوجين الكريمينء إذ قال لهما: 8إما نهاكما ربكما عن هذه الشّجرة إلا أن تكونًا ملكين أو تكونا من الخالدين 9 وقاسمهما إِنَي لكما لمن التاصحين 09 4 الثا - وفى سورة البقرة بينت أنه أزلهما ولم تبين الطريقة التى أزلهما بها. فكانت القصة هنا موضحة لذلك» فهى متممة لهاء وليست مكررة معها. رابعا - فى هذه السورة ذكر ما ترتب على الأكل من الشحرة» من أن بدت لهما سوءاتهما وطفقًا يخصفان عليهما من ورق الجنة» فإن ذلك لم يذكر فى سورة البقرة وذكر هناء وهو تتميم لما ذكر هناك. وما ذكر هنا فيه بيان مشابهة ما دعا إليه الله تعالى من النهى عن عري خامسا - فى قصة التكوين فى الأعراف. أن آدم وزوجه قد أحسا بما صنعاء | تفسينبير سور: هَ الأعرا اف ا الل 0 ش سسب رد ذلك فى سورة البقرة إلا قوله تعالى: 9 فََلَفَىْآدم من رَبّهِ كلمات فَتَابِ عليه . © 4 فكانت الآية متممة أو موضحة لما جاء فى سورة البقرة ولم يذكر فى سورة البقرة نداء الله تعالى للزوجين قائلا : : « ألم أنْهَكُمًا عن تلْكُمًا الشجرة وأقل ص باص ته ا لَكُمَا إن الشيطان لَكما عدو مبين 4 وهكذا كان ما هنا متمما لما هناك. سادسا - ذكر فى سورة البقرة إرادة الله تعالت حكمته أن يجعل خليفة وما دس سا لل قاله الملائكة فى هذا: وَإِذْقَال ربك للْمُلائكة إِنّي جاعل في الأرض خليفة قالوا َل فبها م يد فا ويساك ءوتن سبح هله وقتس لك قال إن ألم ما لا تعلمون 62 * ثم بيان الله بتعليمه الأسماء كلها وبيان أنه أحق بخلافة الأرض منهم » ولم يذكر هذا هنا فى الأعراف. وذكر هنا إغواء إبليس» وطريقته فى إغوائه وأنه يحيط بهم دائما من عن أيمانهم وعن شمائلهم » ولم يذكر هنالك فى سورة البقرة» وأنه بهذه الموازنة بين ما اشتملت عليه القصة فى السورتين يتبين أمران: أولهما ‏ أنه لا تكرار» بل كل قصة تكمل الأخرى» وتتكون قصة كاملة لا ثانيهما ‏ أن الثمرة فى كل جزء مختلفة» وأن القرآن مع معين المعرفة لا يغيض ندم عَدَأََلَا لاسا رسكنا شلوك لِك لكين 0200 0 ّ لله ساس ءَايت أله رول ؟ 2 واكم افد س0 2 ا اي ينَلْجََةِيِعِع نهم لِيَاسَهُمَا لير ياس يرت مهوو يلين ثوب بسلَالقَيولينَ ةيد مويو 07 وَإدَامسَوا ل صَآوَنَا وَأننَّه أ - قدو آذ هل فَلِحمَّة قا لُوأوجد تا عليه ابَآء ٠ 01 ا تفسير سورة الأعراف حجني للك للم 7 ليه ا 2 1 ١ س‎ َي يلسع نو َكَل َع رق يا لْقِسط وَأ فَيموأو جو وأدعوة مخلضصِير > له 7-0 2 ريا ا اا ل ا وم كد س سق هو ا هدئى وفريقاحى عا عه الصَلئله نهم دوأ لسَينطِينَ َمَو عداء بو سر نهم مهيدوتت عي 2 َه 2 ٠.‏ وه 0 يو أَوْلياء مِن دون الله و + ذكر الله - سبحانه وتعالى ‏ ما كان فى خخلق آدم وزوجهء وما وقع لهما مع إبليس» وكيف وسوس لهماء حتى ذاقا الشجرة فبدت لهما سوءاتهما. ويبين فى هذه الآية أن الشياب نعمة أنعمها الله على عباده؛ ويقول الزمخشرى: إن هذه الآية استطراد لما جاء فى أصل التكوين» أى أنها فى معنى البيان والتفسير لكونهما أخذا يخصفان عليهما من ورق الحنة» والمعنى أن ذلك أمر فطرى» وقد قوى الله تعالى المعنى الفطرى» بأنه أنعم على الناس باللباس استجابة للفطرة وذلك صيانة للحياة. ولا نحسب آن الآية استطرادية» بل الآيات تمهيد لبيان أن ما كان يفعله بعض العرب من الطواف عراياء هو خروج على الفطرة» وهو خروج على الحياء الإنسانى» الذى جعل آدم وحواء يخسفان عليهما من ورق الجنة: (يا بي هقد أ عع ياس ماري مراكم وي ». النداء لبنى آدم جميعا؛ لأنه مجاوبة للفطرة الإنسانية التى -جعلت أبوى البشر يخصفان عليهما من ورق الجنة؛ ولذا كان النداء إلى أولاد آدم» وفيه إشارة إلى تلك الفطرة السليمة» وإلى ذلك الحياء الفطرى الذى هو سمة الإنسائية الرفيعة» لا إلى تلك الونسانية المسيخة. التى تظهر فى العرئ: الفاحش الذى يقره بعض الذين تبلدت مشاعرهم وأحاسيسهم . « قد أنزلنا عليكم لبَّاسا يواري سَوءَاتكُم 4 وذلك بإنزال المطر الذى ينبت منه النبات» وتأكل منه الأنعام» ويحيا به كل شىء حى فى هذه الأرض» ثم يكون من بت إلا تفسير سيور: )- الأعرا اف الولو ليك نو بوط _ر؟ ىي ١‏ النبات القطن والكتان» ويكون من الأنعام الأصواف والأوبار والأشعار» مما يتخذ لباسا تستر به العورة. قالله ‏ سبحانه ‏ يعبر بالسبب» وهو نزول الماء الذى يكون منه النبات وغذاء الجسمء ويكون من ذلك اللباس الذى يوارى السوءة» وهى العورة» وقد بيئأ أن السوءة وهى العورة» وقد بينا أن السوءة ما يسوء النظر إليه» ولا تقره الفطرة السليمة . وأقول: إن تفسير قوله تعالى: «9قَد أنزلنا 4 بالمطر الذى يكون منه اللباس تفسير سليم» ولكن كلمة «أنزل»» كما تدل على نزول الماء كما فى قوله تعالى : 9 ... وَأَنرَلنَا من السّمَاء ماء ... 49 [الفرقان]» كما فى قوله تعالى: « الذي جعل لكم الأرض فراش سما نا وأ من الما ما . .. 469 [البقرة] فإننى اللباس الذى يوارى السوءة» فهو الذى أنزل علينا نعمه ظاهرة وباطنة . ويقول سبحانه وتعالى: # وريشا# الريش والرياش لباس الزينة» وما تزين به البيوت من فراش» وأطلق الريش على لياس الزينة» على أنه من قبيل التشبيه بريش الطير الذى يتزين به» وتصيبه الحسرة إن خلع منه. والمعنى أن الله تعالى أنزل لبنى آدم» اللباس الذى يوارى السوءة» ولباس الزينة . ( ريا ارط ل شر . إن الليباس الضرورى هو الذى يوارى السوءة» والريش هو الزينة» وهو فللقلوب لباس يكسو باطن الإنسان» وهو التقوى؛ ولذا قال تعالى: ‏ ولباس التقوئ » وقد شبه فى هذه الحال» ما يملاً النفس من تقوى سابقة وإيمان قوى» وباللباس الذى يلازم الجسم ويستره ويتزين به» فإن التقوى ستر لعيوب النفس» م ا ا تفسير سورة الأعرا اف يكنا لل )0111 0ذذذزذذذذ11ذذذذذذذذذذذزذذزذذذذذذذذذذذذذذعا مذ ووقاية لها من غضب الله تعالى» وهى زيئة القلوب ونورها المشرق؛ ولذلك قال فيها: 9 ذلك حير فى ذاته» وخير عما سواه من زيئة الناس» فإن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم» ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. وفسر بعض العلماء لباس التقوىء بأنه لباس الجهاد من لأمة(؟2 الحرب» واتخاذ الترس والدرع» وغير ذلك مما يدرع به المقاتل مجاهدا مدرعاء فإن هذا لباس تقوى من جهة أنه لا يكون إلا ممن امتلأت قلوبهم بتقوى اللهء وباعوا أنفسهم له سبحانه وتعالى» وذلك أعلى درجات التقوىء لقوله تعالى: إن الله اشترئ من المؤمين أنفسهم وَأَمُوَالّهم بن لهم الجنة ... . 09 »> [التوبة] . وذلك لا شك تحتمله الآية» ولكنه ليس الظاهر المتبادر منهاء ونحن فى منهاجنا نتجه إلى الظاهر المتبادر وقد يصح لنا أن نقول: إن الآية تعم الأمرين والله تعالى أعلم . وإن الله تعالى» إذ خلق لنا نعمة الكساء: ما يكون منه ساتراء وما يكون منه زينة؛؟ فإنه آية من آيات الله ونعمه يجب أن نتذكرهاء ونعتبر بها فى كل تصرفاتناء وخصوصا فى الحج. الذى هو منسك إبراهيم ‏ عليه السلام ‏ بانى الكعبةء وأبى العرب؛ ولذا قال تعالى فى خحتام الآية: © ذلك من آيات الله َعلّهم يَذَكُرونَ 4 . والإشارة ب«ذلك» إلى نعمة الله تعالى فى إنزال الأمطار التى يكون منها الزرع والحرث والنسل ثم يكون منها للناس والرياش. لقد حكم ‏ سبحانه وتعالى ‏ أنه من آيات الله فى إنزال المطر الذى كان منه كل شىء حى» والذى به أنشأ الله جنات معروشات وغير معروشات» فهذا كله من آيات الله تعالى ونعمه؛ التى توجب الشكر وتمنع الكفرء وهى مع ذلكء دالة على وحدانيته . دلق اللأمة: لباس الحرب. ا 2 - 4م ٠‏ ل / تفسير سورة الأعراف لل الل 1-١‏ حر ا وخخحتم الله سبحانه قوله العزيز بقوله: « لَعلّهم يذَكُرون 24 الضميران يعودان إلى المشركين الذين كفروا بالله والذين يكفرون بنعمة الله» ويطوفون بالبيت الحرام عراة» وقد أنزل عليهم لباسا يوارى سوءاتهم وريشا يتزينون به» فلعلهم يتذكرون فينخلعوا عن هذه العادات انخلاعا. والرجاء هنا منهم لا من الله تعالى» وقد مهد الله تعالى لهم من الأسباب» وذكر لهم من الآيات ما به يتذكرون. فيا بي آدم لا يفتنّكُم الشيطَان كَمَا أخرج أَبويكم من الْجنّة ينزِع عنهمًا لبَاسّهِما ليريهما سوءاتهما 4 . النداء للناس أجمعين» وكان النداء بقوله تعالى: يا بني آدم» لهذا العموم ) ولتذكير الأبناء بما كان للآباء من عداوة إبليس» وتهديده بإغوائهم» وأنه يقعد لهم الصراط المستقيم» وأنه وسوس لأبوى الآدميين. قال الله تعالى ناهيا: «إلا يفتكم الشّيْطَان 4 النهى للآدميين» والفاتن هو الشيطان ولم يوجه النهى إليه؛ لأنه تمرد على أمر ربه» وخرج مذءوما مدحوراء وكان النهى لبنى آدم مع أن الفاعل غيرهم؛ لأن معنى النهى حيتئذ ألا يمكئوه منهم» وذلك بطاعة الله تعالى وحده ورد الأوهام والأهواء» فإنها باب الشيطان فإن سد باب الوهم والهوى» فقد ست مسالك الشيطان» واستقام فى النفس أمر الرحمن» فالحصن الذى يقى المؤمن فتنه الشيطان» هو الطاعة لأوامر الله تعالى» وتقوية العزيمة. . والإرادة وأن يكون للرحمن وليا ويتقى ولاية غير الله تعالى. والفتنة معناها فى أصل اللغة: فتن الفلزات من الذهب والفضة والحديد: والنحاس» لإخراج ما يكون فيها من مادة ليست من جوهرها. ثم أطلقت على كل شدة يتميز بها الخبيث من الطيب» وتختبر فيها الإرادات ويتميز فيها ذوو العزائم» ثم كانت للنتيجة وهى محاولة خداع النفوس بالإتيان بما يهد العزيمة 6 .2 َه ّ ٠‏ للك 0 هر يي ويضعف الإرادة» بخداع النفس» وإرهاق الإرادة والطغيان على حكم العقل وإضعاف سلطانه. وهى هنا من هذا القبيل» فالله تعالى ينهانا عن أن ننخادع بالشيطان» وله ماض فى إيذائنا وخدع أبوينا: آدم وزوجه حواءء اللذين كان منهما التناسل وقد عزز الله تعالى النهى عن الانخداع بابليس» بماضيه» إذ خدع آدم وحواء» فأتى نفوسهما من جهة ما هو فى فطرة الإنسان» من حب العلو والخلود. فقال لهما مقسما لهما: لاما نَهَاكُما رَبُكُمَا عن هذه الشتّجرة إلا أن تَكُونا ملَكَيْن أو تكونا من الْخَالدين 4 ومن هذا الباب دخل إلى أنفسهما وأتباعه من بعده» يسلكون الباب الذى يدخل منه الشيطان إلى النفوس» والسلطان والطغيان بابان مفتوحان من أبواب الشيطان. وقد كان لوسوسة إبليس لأبوى الخليقة» أثران: ذكرهما الحق - سبحانه - فى كريم آياته الأولى : أولهما: إخراجهما من الجنة. فقال فيها: < كما أخرج أبويكم من الجنة 4 وهو كما أخرجهما من جنة الله تعالى ‏ يخرجكم يا بنى آدم» من جنة الطاعة وعزتهاء إلى ذلة المعصية وغوايتها . من ورق الجنة» كما قال تعالى: « ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما 4 . كذلك الشيطان ينزع عن المؤمن كل ما استكن فى قلبه من خيرء ويكشف ل تفسير سورة الأعرا اف يان نو تأ أ وإن فى ذلك لإشارة واضحة إلى أن الشيطان الذى نزع لباس آدم وحواء هو الذى ينزع عن العرب لباسهم فى الطواف حول أقدس بيت الله فى الأرض» أول بيت وضع لعبادة الناس وهو البيت الحرام. وإذا كان إبليس قد تراءى فى الحنة الأولى لآدم وحواء فدلاهما ابغرور, فإن أتباعه لا يظهرون» ولكن يوسوسون؛ ولذا قال تعالى: طإِنه يراكم هو وقَبِيله من حيث لا ترونهم 4 . إن إبليس يختفى ولكن له سلطان قوى على النفوس والقوة الخفية له هو وقبيله أى جماعته التى يجمعهاء هذه القوة تبعث فى النفس بقدر لا يقل عن القوة الظاهرة التى كانت لأبوى الخليقة آدم وزوجه» وهذه القوة يؤثر بها فى نفوس الكبراء بإغرائهم بالسلطان وتسليطهم على الضعفاء فيكون على الضعفاء قوتان تسيطران على أنفسهم: قوة أصحاب السلطان الظالم» وقوة الشيطان والاستخذاء له فى نفوسهم . والمؤمن القوى يدفع الإغراءين ولا يستمع إلا لله سبحانه وتعالى » فإذا كانت هذه تسيطرء » فقوة الحق عند أهل الحق أقوىء, ولو كانوا عبيدا أو ضعفاء؛ لأنهم مؤمنون بالله - سبحانه وتعالى ‏ وقد ذكر النبى يَلةٌ فى تأثير الشياطين الخفية وتأثير الملائكة «أن للملك لمة وللشيطان لمة» فأما لمة الملك فوعد بالخير وتصديق بالحق» وأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق)217. واللمة ما يلم بالقلب ويتصرف القلب والنفس بمقتضاه» قالقلب تتنازعه قوة الحق وهى من الله أو من الملك» وقوة الشر» وهى من الشيطان» وهو يرهب من الحق» ونتائجه» ويغرى بالهوى والشهوة. وإن قوة الإيمان تدفع إغراء الشيطان» فالإيمان والتقوى حصنان للحقء والكفر والهوى حظيرة الشيطان؛ ولذا قال تعالى: إن جِعلَنا الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون 4 )١(‏ رواه بنحوه الترمذى: التفسير - ومن سورة البقرة (794) عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. هاا تفسير سورة الأعرا اف 586 الل 1 1 1 1 001111111111( إنه إذا كانت التقوى قوية» تكون إرادتها للحق» وعزيمتها فى الخير عزيمة صادقة. لا يقوى الشيطان على قهرهاء. أما النفوس المضطربة بالباطل التى فسدت فطرتهاء فإن الشيطان يجد السبيل لبث شروره وإغرائه وفتنته وخديعته فيها؛ فإنها لفساد فطرتها واضطراب فكرهم ‏ تجد فيها الشياطين داعيتهم» وهذا معنى جعلهم أولياء للشياطين» فمعنى قوله تعالى: «إنَا جعلنا الشاطين أولياء للّذين لا يؤمنون 4 . أى أنهم لإفساد فطرتهم المستقيمة وجعلها معوجة. والاعوجاع دائماء يفتح ثغرات لهذا الشرء وتلك الوسوسة التى بها يكون الشياطين أولياءهم» وإنما جعل الله تعالى الولاية ليست فى النفوس الإنسانية» وإنما جعلها للشياطين أنفسهمء فقال سبحانه: ط إنًا جعلنا الشياطين أَوليَاء للّذين لا يؤمئون 4 ؛ ؟؛ لأن الشياطين يفعلون والنفوس الإنسانية تتقبل» واعوجاجها يسهل دخول الشر فيهاء والولى هنا هو الموالى والنصير المتصل» فالله ‏ سبحانه ‏ جعل الشياطين موالى وأحباء وأصدقاء للذين لا يؤمنون؛ الذين ليست قلوبهم مؤمنة مذعنة للحق؛ ولذا ذكر الفعل المضارع بقوله: « للّذِينَ لا يؤمنون 4 أى لمن ليس من شأنهم الإيمان والإذعان للحق» فالكافرون أولياؤهم الشياطين والطاغوت. وإن من إغواء الشياطين لبنى آدمء أن ينسبوا أفعالهم إلى اللهء وإلى أتباع آبائهم ؛ ولذا قال تعالى: (١‏ وإذا فَعلُوا قاحشة قَالُوا ونا عليها آباءنا واللَّهُ مرنَا بها 4 . أشرنا إلى ما كان يفعله المشركون فى الحج» وما كانوا فى هذا إلا متبعين لما كان عليه آباؤهم, وفى هذا يتبين ما جاء عن مفسرى التابعين فى هذا الموضوع . الفاحشة: الأمر الزائد عما تقبله العقول المستقيمة» والاحتشام الإنسانى واللتياء الخلقى» ولا شك أنهم بطوافهم عرأة. يرتكبون أفحش الأعمال الخارجة عن حدود العقل» والاتزان» والحياء الفطرى . ولقد روى مجاهد فى ذلك» أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة» فكانوا يقولون: نطوف كما ولدتنا أمهاتناء وكانت المرأة تضع على قبلها شيئا تستره بى ل تفسهر سورة الأعرا أف الل م حب ا فأنزل الله تعالى : « وَإذَا فَعلُوا قاحشة قَالُوا وجدنا عليها آباءنا 4 وقد قال الحافظ ابن كثير فى ذلك: وكانت العرب ما عدا قريشاء لا يطوفون بالبيت فى ثيابهم التى لبسوهاء يتأولون فى ذلك أنهم لا يطوفون فى ثياب عصوا الله تعالى فيهاء وكانت قريش» وهم الحمس (جمع أحمس) يطوفون فى ثيابهم» ومن أعاره أحمسى ثويا طاف فيه» ومن معه ثوب جديد طاف فيه ثم يلقيه لثلا يتملكه أحدء ومن لم يجد ثوبا جديداء ولا أعاره أحمسى ثويا طاف عرياناء» وربما كانت امرأة فتطوف عريانة فتجعل على فرجها شيئا يستره بعض الستر فتقول: «وأكثر ما كان النساء يطفن عراة بالليل» وكان هذا شيئعا ابتدعوه من تلقاء أنفسهم) . وإن هذا الكلام يدل على أمرين خطيرين: أولهما ‏ أن ذلك كان يحدث من العرب مخالفا كل عرف» ومخالفا لكل تفكير سليم فما كان ليرضى أحد مثل هذاء وهو أشد أحوال الفحش فى الأفعال! ثانيهما ‏ ما يزعمون من أنهم لا يطوفون بثياب ارتكبت فيها معاص لهم . وكأن قريشا لا معاصى لهم» مع أن بعضهم ما كان يتحاشى المفاخرة بالمعاصى » فقد كان منهم من هو رجس فى رجس . وإذا كان منهم من كان يمتنع من التدلى فيما يخدش مروءته كعبد المطلب» وأبى طالب» والعباس» فقّد كان منهم أيضا من لا يمتنعون عن بعض المعاصى » كالريا ونحوه. وإنهم إذ يفعلون هذه الفاحشة يبررونها بأمرين: أولهما - أمر يتفق مع العقل الجاهلى» وهو أنهم يقولون: 9 وجدنا عليها آباءنا © ولو كانت فحشاء ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون. ##ظ/ تفسير سورة الأعراف حي لل لل آذآ آ1#آ2201111111 سب أ الأمر الثانى ‏ أنهم يفترون على الله. ويقولون: والله أمرنا بها 4 ويتأولون ذلك بأنه ما دام لم ينهنا عنها فقد أمرنا بها. وهذا تفكير جاهلى» يقولون أمر الله بالشرك وبتحريم بعض الذبائ 2 وتحريم بعض ما تخرجه الأرض» ويقولون: 98 . .. لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آبَاونًا ولا حرمنا من شيء ...652 .158 462 [الأنعام] وهذا ما يبرر به المعاصى بعض الجاهلين فى هذا الزمان» وقد رد الله كلامهم بقوله تعالى : طقل إِنَ الله لا يمر بالْمَحْشَاء أتقولون عَلَى الله ما لا تعلّمون 4 . أمر الله تعالى نبيه بأن يواجههم بافترائهم على الله تعالى» ببيان أنه يستحيل على الله ما يفترون عليه؛ لأن الله تعالى له الكمال المطلق» ومن له الكمال المطلق لا يأمر بالفحشاء؛ لأنه لا يصدر عنه إلا ما هو كمال فى ذاته» ولا يتنافى مع عقل عاقل ويرضاه ذو ذوق سليم. وقال تعالى: لا يأمر بالْمَحْشَاء» ولم يقل «ما أمر بذلك»؛ أو ما أمر بالفحشاءء بل قال نافيا الأمر بالفعل المضارع: «لايأمر ِالْمَحشَاء 4 فلا يمكن أن يأمر بذلك لا فى الماضى ولا فى المستقبل» وليس من شأنه تعالى الله عن ذلك علوا كبيراء وكان النفى بالمضارع ؛ لأنه نفى لشأن الله ثم قال تعالى» كما أمر نبيه أن يستنكر قولهم: «إ أتقو تَقَولُون على الله ما لا تعلّمون 4؟! الاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع ' أى لتوبيخهم على ما وقع منهم؛ لأنهم فعلا افتروا على الله افتراء» فقالوا ما لا يعلمون صدقه» ولم يصل إليهم عن الله تعالى أمره فيه و وإن ذلك فوق أنه توبيخ لهمء واستنكار لفعلهم - فيه توجيه لهم لثلا يتكلموا إلا بعلم وأن الشيطان لينفذ إلى ما يحكمون به بأوهامهم وأهوائهم. وتقديم قوله تعالى: «إ على اللّه 4 لبيان وجه الاستنكار الشديدء وهو أنهم يقولون على الله جل جلاله» فكان قولهم هذا أشد الافتراء. ثم بيّن سبحانه فقال بعد أن نفى أنه يأمر بالفحشاء: طقل مر ري بالقسط وَأَقِيموا وَجوهَكُمْ عند كُلّ مَسْجد وَأذْعُوهُ مُخْلصين لَُ الذين كما بدأكم تعودون 9© 4 . / تفسير سورة الأعرا اف ا مالل 0 ىت > نا ذكر الله تعالى فى الآية السابقة أن الله تعالى لا يأمر بالفحشاءء أى لا يأمر بالأمر الذى يفحش» فلا تستطيع العقول المستقيمة المدركة أن ترضى به. وهنا يبين ما يأمر به سبحانه» فيقول: قل أَمرَ ربّي بالقسط 4 وإن السياق يقتضى أن يكون ما أمر الله به نقيض الفحشاء»ء فالقسط هنا يفسر بآنه العدل. والعدل كل أمر فى ذاته مستقيم تقره العقول ولا يذكره الذوق السليم» فالعدل يشمل العدل فى الحكمء والعدل فى الأقوال والأفعال» والاعتدال فى كل ما يختار فى الأمور. فلا يمتد إلى ا حرمان» ولا إلى الاعتداع» بله الإفحاش؛ ولذلك قال بعض المفسرين: إنه يشمل كل ما أمر الله بهء فما يأمر إلا بما هو عدل» وما نهى إلا عما هو ظلم. وقال أبو مسلم فى تفسيره: إنه الطاعات كلهاء والتعبير بالماضى فى «أمر» فيه تكذيب لافترائهما وأنه لم يأمر به الله سبحانه» فالله ‏ سبحاته وتعالى ‏ ما أمر بالفحشاء» بل أمر بالقسط » وما به تستقيم الأمور فى العقول. ولقد صرح - سبحانه ‏ بما يح يجب للمساجد» من 3 تعظيم » لا أن يطُوفوا عراة بالمسجد الأعظمء الذى كرمه الله تعالى» وتشد إليه الرحال؛ ولذا قال تعالى: «( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد # . هذا أمر معطوف على خبر فى الظاهر» ولكن قالوا إن قوله تعالى: « وأقيموا وجوهكم 4 هنا «أن» مطوية فى الكلام ومقصودة والسياق هكذا: «أمر ربى بالقسط وبأن أقيموا وجوهكم عند كل مسجد) . وأقول إن: الأقيموا») معطوف على «أمر» لآن «أمر» يتضمن معنى الطلب» فهو عطف طلب على طلب. وإقامة الوجه عند كل مسجدء هى الاتجاه إلى الله تعالى» مثل قوله تعالى: فأقم وجهك للدين حنيفا ... 49 [الروم] والوجوه هى الذوات» أى اتجهوا إلى الله تعالى بكل أنفسكم عند كل مسجدء وكذلك ما يطلبه الله تعالى عند كل ءِ ا تفقسشبير شثورة الاعرا اف للللما! مانام اماما ل امم ملم ممما !لاا مخ ممما لاا لم ممما مسمس خخطاساطط و ططططناناسسلتاطل الاحتشام هو الزى الأكمل» وإقامة الذات لله تعالى أن تكون خالصة له سبحانه» ومستشعرة خشيته» وجلاله. وقرن هنا بالمسجدء لكرامة المسجد كما ذكرنا؛ ولآنه رمز الصلاة» فإقامة الوجه فى الصلاة بأن تكون مقومة فيها استحضار عظمة الله سبحانه فى قراءتها وأدعيتها وكل حركاتهاء لا يعمر القلب فيها غير الله تعالى. وقرن - سبحانه وتعالى ‏ الأمر بإقامة الوجوه لله بالأمر بالدعاء مخلصين له الدين» فقال تعالى: ‏ وادعوه مخلصين له الدين 4. الأمر بالدعاء هو الأمر بالعبادة؛ لأن العبادة دعاء» والدعاء فى ذاته اتجاه إلى الله بضراعة وخشوع بإقامة الوجه لله تعالى بالانصراف إليها بذواتناء بأن نجعل كل مشاعرناء» وخلجات قلوبنا لله تعالى» بحيث لا نحب إلا لله ولا نبغض إلا لله» وأن نكون ربانين فى أنفسناء وعقولناء» وقلوبنا» ثم أمرنا من بعد أن تعبذه وحدة. قد خلصت قلوبنا له؛ ولذا قال: 98 مخلصين له الدين » والدين هنا الطاعة» وكل العبادات. مخلصين له كل هذاء بحيث لا نشرك فى عبادته أحداء فلا نعبد أحدا سوأه» ولا نرائى فى عبادته» فالرياء فى العبادة هو الشرك الخفى؛ ولذا ورد أن النبى ككل قال: «من صلى يرائى فقد أشرك» ومن صام يرائى فقد أشرك» ومن تصدق يرائى فقد أشرك)27. وقد قرن - سيبحانه وتعالى - هذه الأوامر بالتتحذير من عصيانه» والتذكير بالبعث». وأنه وراء البعث القيامة والحساب والثواب أو العقاب؛ ولذا قال تعالى : كما بدأكم تعودون #4 . وفى هذا النص دعوة إلى الإعان بالبعث» وتذكير به20 وهذا التذكير يحمل فى نفسه دليله» و«الكاف» دالة على التشبيه» والمعنى بهذا البدء بالخلق والتكون تعودون» أى يعيدكم كما بدأكم» ففى الآية ذكر للبعث. ودعوة إلى الإيمان به والدليل عليه بقياس الإعادة على الإنشاء» وأنه أهون» والله على كل شىء قديرء )١(‏ سبق تخريجه ل | تفسير سورة الأعراف اف لل لل ل الل 1816 وأنه يكون من بعده الجزاءء فمن اهتدى فله الثواب» ومن ضل نزل به العقاب» في د وقري نهم لعلف نعو لاطي ويا من ود اله ويحسبون أَنّْهِم مُهتدون (© 4. يبين الله - سبحانه وتعالى ‏ أن الناس عند عودتهم إلى فريقان: فريق هذاه الله تعالى فى الدنيا وفريق كان من أولياء الشياطين» وحق عليه الضلالة . و فريقا هدى »4 حال من (تعودون) فى الآية» أى يعودون فريقا هذاه الله تعالى» وفريقا حقت أى ثبتت عليه الضلالة» والفريق الذى هداه الله قد اتخذ الطريق المستقيم سبيلاء ولم يتخذ طريقا عوجاء فإنه يضل» والفريق الذى ثبتت وتقررت عليه الضلالة. هو الذى اتخذ الشياطين أولياء له يودهم ويحبهم؛ لأنه انهه إلى المعاصى يشتار عسلهاء» وجعل قلبه موطنا للشيطان يسكنه» ويغويه ليحقق قسمه لله تعالى بقوله: 8 . .. لأعْوِيتهِم أَجَمعِينَ 59) 4 [ص] . ولقد بين النبى كَللِلةِ ففى أحاديث عدة أن الناس يولدون على الفطرة» والفطرة التى فطر الله الناس عليها مستقيمة دائما لا تخرج عن سنن الحق بمقتضى العهد الفطرى الذى أخذه على بنى آدم من ظهورهم وذريتهم » وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدناء وإن الشياطين هى التى تحولهم عن الفطرة إلى الضلالة. ولقد قال يَلِةِ: «كل مولود يولد على الفطرة» فأبواه يهودانه أو ينصرانه» أو يمجسانه»” ١‏ وروى مسلم فى حديث قدسى عن النبى كَكةٌ: «إنى خلقت عبادى حنفاء وإنهم أتتهم الشياطين» فاجتالتهم عن دينهم)”"'2 فالله سبحانه خلق الخلق» وهم يدركون بفطرهم أن لهذا الكون خالقاء وأنه وحده الذى انفرد بالخلق والتكوين» وذلك بمقتضى الميثاق الذى أخحذ عليهم بمقتضى الفطرة والغريزة» كما أشرنا. )١(‏ سبق تخريجه. زفق جزء من حديث روآه مسلم: (0) من حديث عياض المجاشعى رضى الله عنه . ورواه أحمد )29١(‏ بلفظ (فأضلتهم عن دينهم) . 8# تفسير سورة الأعراف املديا الملل 25”5257 وإن من يسلك طريق السعادة يتجنب الاستجابة للشيطان» ويستيقظ لفتنه» فلا يمكنها من أن تسيطر عليه وتستمكن من منازعه. وحتى مكن للشيطان من أن يصل إلى توجيه فكرهء ونفسه» وإرادته» فقد اتخذه من دون الله ولياء وقد روى فى الصحيحين من كان من أهل السعادة فيس لعمل أهل السعادة» وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاوة)(' . والآية الكريمة تقول: فَرِيقَا هَدى »4 ولم يذكر الفاعل وهو الله تعالى» تكرما من الله تعالى» يشير إلى أن الهداية ابتداء باتجاه من الذى هداه الله تعالى» كما أن أهل الضلالة قد حقت وثبتت عليه الضلالة بعمل ممن ضل وغوىء وقال سببحانه فى أهل الغواية: ا اتَّحَدُوا الَيَاطين أَولِيَاء من دون الله 4 أى أنهم فتحوا قلوبهم وسخروا عقولهم وإراداتهم للشيطان» فكان لهم وليا من دون الله؛ لأنهم هجروا فطرتهم؛ وهجروا أوامر الله تعالى ونواهيهء ومعنى «إمن ذون الله تعالى» أى من غير إطاعة الله . ولقد قال تعالى فى الآية السابقة: «إإِنًا جعلنًا الشَيَاطين أَوليَاء للّذينَ لا يؤمنون 24 وفى هذه الآية يقرر الله تعالى أن أهل الضلالة اتخذوا الشياطين أولياء» فالولاية ثبتت من الجانبين: الشياطين أرادوها للإغواء» وأهل الضلالة فبنوا بالإغواء. فاتخذوهم أولياء» وإنه لاتخاذهم الشياطين أولياء كان منهم ضلال فكرى» بهذا الاتخاذ؛ ولذا قال تعالى: 9 ويَحسَبون أَنّهُم مُهتدون 4 الضمير يعود على فريق الضلالة الذين حقت عليهم و ويَحسبون 4 معناها يظنون متوهمين أنهم مهتدون» أى أنهم بسبب عملهم الإيجابى فى اتخاذهم الشيطان أولياء من دون الله تعالى انقلبت أفهامهمء وأركس إدراكهمء فزين لهم سوء أعمالهم فحسبوه حسناء فظنوا بأوهامهم أنهم مهتدون» وهذا شر أنواع الضلال» بأن يسير المرء فى طريق الباطل» وهو يحسب أنه الحق والهداية. . متفق عليه» وقد سبق تخريجه من رواية على رضى الله عنه‎ )١( 0# تفسير سورة الأعراف ل الل 0 ههه + ٠ وإن هؤلاء فى حسبانهم الغواية - محاسبون على ذلك؛ لأآن الله بين الحق فأعرضواء وعاندوا واستكبرواء فلم يطيعوه عنادا واستكباراء حتى فسدت مداركهم» وضلت أفهامهمء فحسبوا الباطل حقاء والضلالة هداية ولا حول ولا قوة إلا 0 ينادم ذو أزد 24 وعِندَكل مجر حكلوأوأشرنوأ 00 0 دود جع 7 اس ساس دور اشرما إِتَمْلَاحِبٌ الْمسَ فين لق من عي يكام هه 0 و0 للح ل دود َالطَيَبات مِنَالرَرْقٍ لَه لِلَذِنَ ءَامَنُوأ ف لديا حَالِصَهٌيوَمَالْقِيمةَ كَدَِكَ نفصلا ليت قو ِيعَاسُونَ 7 ا رَنَالْفومَاظهَرَموما نوالا وَالْبتى يعي لحي وآن مرف ياه املو سلطدنا وآن تَمولوا عَلَ) وم لعلو 0 هذه الآيات الكريمة تبين ما أحل الله تعالى وما حرم» وأن ما أحله الله تعالى طيب فإنه تعالى طيب لا يحل إلا طيباء وما حرمه هو خبيث فى ذاته من أفعال وأشياءء وقد ابتدأ ‏ سبحانه وتعالى ‏ بإحلال ما كان العرب يحرموثنه من ستر أنفسهم فى الحج عند الطواف بالبيت الحرام» فقال تعالى : يا بي آم خْذُوا سكم عند جل مسد وو اربوا ولا موقو ها يُحب سرف 9 4 كان بعض العرب يطوفون عراة» كما بينا فى ذكر معانى الآيات السابقة؛ وإن الله تعالى قد أنعم علينا باللباس الذى يوارى سوءاتنا والريش من الثياب الذى نتزين به» لنبدو فى أقوم صورة» أو فى صورة لا تشنأها الأنظار» فقد ورد عن النبى كه أنه قال: «إن الله جميل يحب الجمال)27؛ ولذا قال تعالى: فيا بني آم حَذُوا 2000 روأاه مسلم: الإيمان 11 باب : تحريم الكبر وبيانه » وأحمد: مسئد المكثرين من الصحابة 0 )0 عن ع # تمسبير سورة الاعرا اف الل ا 22523112 حب 1 زينتكم عند كل مَسّجدٍ 4 النداء لبنى آدم يشمل الناس أجمعين لقوله تعالى: «يا بني آدم 4, فلماذا اختص النداء هنا بقوله تعالى: «إيا بني آدم 4 ونقول فى الجواب عن ذلك الاستفهام المفروض أن ذلك للتذكير بحال آدم وزوجه عند إخراجهما من الجنة» وبدت سوءاتهما وأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة. وقوله تعالى: <إ خَذوا زيَتَكُمٍ عند كُلّ مُسْجد 4. معناه البسوا لباسا يكون فيه زينة وتجمل لكم» وقال تعالى: خذوا زيستكم 4 معناه تحروا أن تأخذوا لباسكم متزينين متجملين بهاء عندما تدخلون أى مسجدء وإن ذلك لتكون المساجد نظيفة دائماء ويحسن فيها الطيب ليكون فيها أريج تطيب له الأنفس وتقبل عليه جموع المصلين» وإن ذلك يوجب أمرين. أحدهما ‏ ستر العورة باللباس السابغ الطيب الذى هو زينة فى ذاته والعرى فيه ظهور للعورات» والعورات سوءات يسوء النظر إليها. انيهما ‏ أن يكون ثمة تجميل» وقد حسّ النبى يَلةِ التجمل عند دخول المساجدء وكان النبى وَأْةٌ يتجمل فى ثيابه» ولا يتبذل فيهاء وخصوصا فى المسجد» وعند استقبال الوفود. ويقول تعالى: 9 وكلوا واشربوا ولا تُسرِفوا نه لا يحب الْمُسرفينَ», هذا أمر بالآكل وهو فى معنى الإباحة بالجزاء بأكل أى جزءء أو أى نوع فيأكل برا أو تمراء أو شعيرا أو أرزا. ويجب بالكل» فلا يصح أن يحرم نفسه من الطعام» وإلا أودى بنفسه إلى الهلاك ولا يحرم على نفسه نوعا من الطعام دون نوع» كالذين يحرمون على أنفسهم أكل اللحوم فإنه يجب عليهم أن يتناولوهاء حتى لا يقعوا فى النهى فى قوله تعالى: ١ل‏ يا يها الذين آمنُوا لا تَحَرِّمُوا طَيْبّات مَا أَحَلَ الله لَكُمْ ... 9 4 [المائدة]. ٠‏ ولقد روى الإمام أحمد بن حنبل أن النبى يلد قال: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا فى غير سرف ولا مخيلة»» والإسراف يكون فى ناحيتين: ا تفسير سورة الأعراف ا م ىم > اد إحداهما ‏ أن ينفق مبذرا فوق طاقته» بأن يكثر من الضيفان فوق طاقته فإن ذلك تبذير منهى عنه» وقد قال تعالى: ل إِنّ الْمْبَدَرِينَ كانوا إخوان الشياطين 0 59 4 [الإسراء]. والثانية ‏ أن ينال من الطعام ما يثقل معذته وأمعاءه» وجسمه» ولقد قال النبى كلل فيما رواه النسائى والإمام أحمد: «ما ملا ابن آدم وعاء شرا من بطن؛ حسب ابن آدم أكلات يُقمُن صلبّه فإن كان لا محالة» فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنة ااا وإن الإسراف فى الطعام يختلف مقداره ونوعه باختلاف حال الطعام» فإن كان مريضاء» فمايؤدى إلى زيادة مرضه إسراف» وإن كان قويا معافى فلا يتناول ما يؤدى إلى إتخامه» فإن زاد فقد أمسرف»ء وقد قال تعالى فى صفات المؤمنين : ل وَالّذينَ إذا أَنقَقُوا لم يسرفُوا ولم يقروا وَكَان بين ذلك قواما 9 4 [الفرقان] . وقد بغض الله تعالى الإسراف للناس ببيان أنه سبحانه لا يحبه ولا يرضاه لعباده فقال تعالى: 9إإِنّهِ لا يحب المسرفين4 لأن الإسراف يؤدى إلى إضرار ابن عباس : مامن مسرف إلا ووراءه حق مضيع. .وقد أكد - سبحانه وتعالى - بغضه للإسراف بنفى المحبة» ومحبة الله مطلب المؤمنين» ولقد كان من العرب من حرم زينة الله وأوجب العري عند الطواف فاستنكر الله تعالى فعلهم» وقال: قل من حرم زيئة الله التي أخرج لعباده والطَّيّبّات من الرزق 4 . أمر الله تعالى نبيه الكريم بأن يستنكر ما كان من الذين حرموا زينة اللباس افتراء على الله تعالى كما كان يفعل المشركونء أو تزهدا كما فعل جهلة المتعبدين - والترمذى بلفظ مقارب: الزهد‎ 2)١151/98( رواه أحمد: مسئد الشاميين - حديث المقداد بن معدى كرب‎ )١( وابن ماجه: الأطعمة الاقتصاد فى الأكل وكراهة الشبع‎ »22598٠0( ما جاء فى كراهية كثرة الأكل‎ 094 8# تفسير سورة الأعراف ني لل ل 2531 فيج فقال: فل من حرم ين ال الب أخرج لماده 4 الاستضهام إنكارى لنفى الواقع ١‏ لنفى الوقوع؛ لأنه وقع من المشركين» وإنكار الواقع توبيخ لهم على ما وقع. وفد وقع فى هذا بعض العرب, فطافوا عراة فى المسجد الحرام» كما ذكرناء وقد كان الأمر فى الآية السابقة يأخذ الزينة فى المسجد الحرام وعند كل مسجدء وفى هذه الآية يستدكر تحريم الزينة فى المساجد وغيرهاء وهى آمرة باتخاذ الزينة أمر إباحة» وكان النبى وَلةٌ يتجمل فى ثيابه» وإن كان يرقعها أحيانال'؟» وكان يحث أصحابه على أن يتخذوا أحسن الشياب حتى إذا أوشكت على البلى تصدقوا بهاء وكان السلف من الصحابة والتابعين يعنون بثيابهم» وإذا كان قد روى عن عمر ‏ رضى الله عنه ‏ أنه فى مدة خلافته كان يلبس أحيانا ثوبا تعد رقعاته» فما ذلك لتحريم التجمل على نفسه؛ بل لمعنى فى الحكم الآمر نفسهء فهو يقول: لا أكون أمير المؤمنين إن لم أعش كأضعف المؤمنين وكان على بن أبى طالب إمام الهدى يعنى بثيابه ويتجمل بهاء فلما ولى أمر المؤمنين كانت أول كلمة قالها: سأرفع من ثوبى ما كنت أجر. وقوله تعالى: 8 الْتي أخرج لعباده 4. أى أنه - سبحانه وتعالى - مكن عباده من إخراجها ونسجهاء وأنشأ لهم مصدر وجودهاء فهو سبحانه وتعالى - هو الذى أنزل المطر بالماء العذب من السماء فكان النبات» وعاش بالنبات الحسيوان» وكان من النبات القطن والكتان. وكان من الحسيوان الصوف والوبر والشعرء وكان من كل ذلك اللباس والرياش» وما خلق ذلك عبثاء بل كان وفق ما سنه ‏ سبحانه وتعالى - ولا يليق بمؤمن أن يرد إنعام الله ولقد قال كَكلة: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)("' . وكما استنكر القرآن الكريم الذى أنزله رب العالمين تحريم الزينة استنكر أيضا تحريم الطيبات» والطيبات هى الأطعمة التى تستلذ وتستطاب ما دامت لا تضر الأجسامء وهى ضد الخبائث كما قال تعالى: « ... وَيْحل لَهُم .)3 66590 وذلك كما رواه أحمد : باقى مسند الأنصار - ياقى المسند السابق‎ )١( رواه الترمذى عن عبد الله بن عمرو بن العاص» وقال: هذا حديث حسن. سنن الترمذى: الأدب ما‎ )0( .)7819( جاء فى أن الله يحب أن يرى أثر نعمته‎ اه > و ع 1 هاا تفسير سورة الأعراف ملل 0 تحب ا تقبل عليه النفس وتهنا به وهو لا يعقبه ضرر: من لحم طرى» وسمك شهى» ولا يتم الطعام الطيب ويكمل إلا إذا كان طيبا فى طريق كسبهء فلا يكون قد أخذ من حرام لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نبت لحمه من حرام فالنار أولى اك عاقبته» والثانية أن يكون من كسب حلال. وإنه من المقررات العلمية أن يكون من غير إسراف كما ذكر الله تعالى فى الآية السابقة» ويجب أن يعالج العاقل نفسه؛ حتى لا تندفع إلى الإسراف؛ ولذلك يحسن آلا يأكل كل ما يشتهى ولو كان حلالاء بل يفطم النفس فى بعض الأحيان أو كلها لأمرين : أولهما ‏ أن ذلك تقوية للإرادة فلا يكون عبدا لبطنه» فلا يقع فى الإسراف المنهى عنه . انيهما ‏ أن التمكن من أكل الحلال أمر كله لا يدوم» فقد يصاب بالحرمان فيستعلد له قبل الابتلاء به» فيكون قادرا على الصبر» وإن الله تغالى مكن الذين آمنوا من هذه الطيبات فى الدنيا فقال تعالى: قل هي للّذينَ آمنوا في الْحيّاة الدنيا خالصة يوم القيامُة 4 . ٠‏ أى أنها مباحة فى الحياة الدنيا للذين يستمتعون بحلالها من غير إسراف» ولا تقتير وقوله تعالى: «( خالصة يوم القيامة © يحتمل أن يكون المعنى أن هذه المتع يشترك فى الدنيا معهم فيها غير المؤمنين» أما يوم القيامة وفى الآخرة فتكون خالصة للمؤمنين؟؛ لأنها تكون جزاء وفاقا لما قدموا فى الدنيا. )١(‏ سبق تخريجه. 5-5 هه ع ٠.‏ متنا 111111[ 11011101 ويحتمل أن المعنى أنها تكون فى الدنيا صادرة عن نفوس طيبة مؤمنةء وتكون خالصة لله تعالى» وخالصة من كل إثمء أما غير المؤمنين فإن تناولهم لهذه الطيبات قد يكون إثم مبطئ من الخيره فحبطت أعمالهم» والاحتمالان جائز جميعهماء فيكون المعنى خالصة يوم القيامة لهم» وخالصة من الآثام فى الدنياء وختم الله - سبحانه وتعالى ‏ الآية بقوله تعالت كلماته: « كذلك نفصل الآيات لقوم يعلّمون4. أى كهذا البيان الذى بينه تعالى فى هذا الشأن يفصل» أى يبين الآيات القرآنية والكونية لقوم من شأنهم أن يعلمواء فلا تغطى غواشى الأوهام والأهواء قلوبهم» فيدركون الحق ويعلمون بنور بصائرهم» ومن شأنهم أن يعلموا؛ ولذا عبر بالفعل المضارع والله تعالى أعلم . طقل إِنمَا حرم رَبّي القواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الْحق ون تش ركو بالله ما لم ينزّل به سَلْطَانًا ون ة تقولوا على الله ما لا تعلَمُونَ 69 4 . حرم المشركون أو بعضهم اللبس فى الطواف» وحرموا بعض الأطعمةء وأباح الله تعالى ذلك للمسلمين فى غير إسراف ولا لتفاخرء بل بتجمل وتستر بعد ذلك بين الله ما حرمه على الناس» وتحريمه مستمد من الفطرة؛ ولذا أمر الله تعالى نبيه أن يبنى لهم ما حرم والفطرة تحرمه. قال عز من قائل: طقل إِنّمَا حرم بي القواحشما طهر مها ومن الاقم وَل براحي . أمر النبى يك بقوله #قل4؛ لأنه مين شريعة القرآنء والمبلغ لهاء وبين لهم قصر التحريم على الفواحش والإثم والبغى» والشرك والكذب على الله. و إِنَّمَا 4: للقصرهء أى أن التحريم مقصور على هذه المحرمات كلهاء وأهل الشرك ما كانوا يتحرجون عنها بل ارتكبوها كلهاء وقال سبحانه: حرم ربي 4 للإشارة إلى أن المحرّم هو رب الوجود ورب الإنسان الذى يعلم الفطرة» وفى ذلك إشارة إلى أن الذى حرم هذاء إنما حرمه متسقا مع الفطرة التى فطر الناس عليهاء وهو رب كل شىء» والفواحش هى الأمور التى تفحش وتزيد على 0 ل | تفسير سورة الأعراف لان فىج- 1 الفطرة» وهى تشمل كل المعاصى. وخصوصا كبائر الذنوب فتشمل كل الموبقات المفسدة للتفوس والجماعات» وبذلك كل ما يجىء من إثم وبغى يدخل فى عمومهاء ويكون ذكر الإثم والبغى» تخصيص بعد تعميم» فيكون العطف عليها من عطف الخاص على العام . وقد نقول: إذا اجتمعنا خصص كل واحد بمعنى» فتخصص الفواحش بالمعاصى الصارخة التى تفسد النفس والمجتمع كالزنى» والخمرء والرباء وغير ذلك» وبعضهم خصصها بالزنى وما يتصل به من قذف للمحصنات وغير ذلك والفواحش على معناها العام والخاص يحرم ما ظهر منها وما بطن» وما يظهر منها وما يعلن» وجريمته جريمتان جريمة الفعل» وجريمة الإعلان» وما بطن ما استتر كاتخاذ الأخدان» ويشمل ما بطن فسق القلوب وذلك بالعزم على فعل هو شر فى ذاته» ولكن يحول دون تنفيذه أمر فوق إرادته فهذا يكون معصية» ولا يدخل فى ضمن حديث النفس الذى تجاوزه الله عن أمة محمد؛ لأنه حدث ونوى واعتزم التنفيذ ولكن حيل بينه وبينه بغير إرادته وعلى رغمهء وقد تكلمنا فى ذلك فيما مضى والإثم ذنب لا يتجاوز أذاه فاعله» فهو يبطئه عن فعل الخير»ء وآثامه على نفسه كشرب الخمرهء وتناول الآفات التى تضر نفسهء ولا تتعدى إلى غيره» وإن كانت التفرقة بينهما فى بعض المجتمعات عسيرة» والبغى هو المعصية التى تتعدى إلى غيره» ووصفه سبحانه بقوله: « والبغي بغير الحق» ولا يكون البغى إلا بغير الحق» وهو تنبيه إلى ما يتضمنه البغى فهو يتضمن إثم التعدى» وإثم أنه فعل غير الحق فهو تصريح بما هو قبيح فى ذاته. ومن البغى أكل أموال الناس بالباطل فى الرباء والرشوة والسحت ومن البغى أكل مال اليتيم»ء ومن البغى النميمة والغيبة» وأشد البغى الحكم بغير ما أنزل الله» والحكم بين الناس بالباطل ومن أفحش البغى ظلم الحكام للرعية والغلظة عليهاء وإرهاقهاء وإيذاؤها فى حرياتهاء ولقد قال يَلِْةِ: «اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليهء ومن ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق اه - د .2 الل ل 0000 2220501 لسرب ا به 017 هذا هو القسم الأول مما حرمه الله تعالى: وهذا القسم الآتى داء الشر؛ ولذا هو حر تى قال تعالى: «( ون تشركوا بالله ما لم يرل به سلْطَانًا 4 . هذا أشد المحرمات؛ وهو محرم بأمر الله» ومحرم ببديهة العقول» حتى لقد قال العلماء: إن وحدانية الله تعالى أمر تصل إليه العقول بالبديهة أو النظر القريب . قال تعالى: لإ وأن تشركوا بالله4. أى أن تجعلوا شريكا لله تعالى فى العبادة شيئاء أو جحراء أو شخصاء لم ينزل الله به سلطاناء ويقول العلماء: إن السلطان هنا الحجة أو الدليل. وأرى ما رأواء ولكن فى التعبير عن الحجة ب «سلطان» إشارة إلى معنى أن هذه الأوثان وما شابهها لا قدرة لهاء ولا تشبت أن لها قوة تنفع وتضرء ومهما يكن» فإنهم يعبدونها بالأوهام المسلطة من غير سلطان من حجة أو دليل» ومن غير أن يعرفوا بالعيان أن لها سلطانا فى الأفعال أو التوجيه فى الكونء إنما هى الأوهام التى تصورها صالحة للعبادة مع الله تعالى لا شريك له. إن من الأمور التى حرمها الله تعالى أن نقول على الله مفترين؛ ولذا قال تعالى : 8 وأن تقو تقولوا علَى الله ما لا تعلمون » . هذا ثالث نوع من أنواع المحرمات» وهو الافتراء بأن يقولوا على الله ما لا يعلمون أن الله حكم به وقاله أو شرعهء كتحريم بعض الأحكامء وتحريم لبس اللباس فى الطواف» ويقولون أنه من عند الله» وما هو من عند الله. وكما قال الله - تعالى - فى الآية السابقة : « وإذًا فعلوا قاحشة قَالُوا وَجَدنَا عَلَيِها آبَاءنَا واللهُ أمرتا بها 4, فذلك افتراء»ء وهو من أشد الافتراء ف( ومن أَظلَمِ ممّن افَُرئ عَلَى الله كذيا .. . 6 © [الأنعام] . للق رواه مسلم: فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر (18454) وأحمد: باقى مسد الأنصار ‏ حديث السيدة عائشة رضى الله عنها (١١١5141؟).‏ ا تفسير سيور 1 الأعرا اف مل 1 . أل-ها 4 ا يي َإِدَاجَاءَ لْمِلّْهُمٌ ل لجرو وَدَسَعَةوَلامسَكَقَدٍ رنوت 0 يناد َإِمَا بيتك رسل يَسَكم يَفُصُو حك ءابق صَمنِ ا 20 سوسا وو ل حجنت ررد ساس فلاخو فليم وأ يز 0 32 الت 0 َّ 4 ممم - سك وأعنراأة - ص هوه مد اي 1 0 حت متهم رشابو 6 ا َم الوا أن ما ككش تَدَعُونَ من دوين أله يم ملام سا سا كمركي راع لش ابه نوأ فين (ج لقد فعل الناس ما فعلوا فى الدنيا منكرين ما أنكروا من بعث ونشور وحساب وعقاب» ومنهم من آمن بالله وبالبعث» وبإرادة الله تعالى الذى يختار ما يشاءء ويبتدئ من بعد ذلك بيان الحقائق لمن آمن واهتدى ولمن ضل وغوى كتابا منشورا ويبتدئ ذلك من البعث» وقد بين الله - سبحانه وتعالى ‏ أن الجميع إلى نهاية ومن بعدها البعث فقال تعالى : ولكل أَمه أجل فَإذَا جاء َجِلهُمْ لا يستأَخرٌونَ ساعة ولا يستقْدمُونَ 62 4. هذا بيان نهاية كل إنسان فى هذه الحياة الدنياء فهو يعيش إلى أجل محدود قد عينه الله تعالى لهء لا يتأخر ولا يتقدم» وأجل الإنسان هو نهاية حياته . وقال - سبحانه وتعالى: « وَلكُلَ أَمّة أجل 4. ولم يقل لكل إنسان أجل مع أنه لكل إنسان أجل فعلا فلماذا اختار - جل جلاله ‏ ذكر أجل الأمة تلك حكمة الله تعالى فيما يختار من بيان فى الذكر الحكيم» ونتلمس الحكمة فى ذلك» نقول: إنه - سبحانه وتعالى - ذكر الأمة» دون الآحاد باحادها أولا ‏ لأنه إذا كان للأمة بآحدها وجماعاتها أجل فأولى أن يكون للآحاد آجالهاء ثانيا ‏ ولآن الآمة .6 .- عٍِ ٠.‏ بها تفششبير شدبورة الاعرا اف للك الكل لل 111 00 1 بي ْ إلى الشرء فهى جيل له أحواله» وعليه تبعاته» فالله - سبحانه ‏ أخبرنا أن لكل جيل من الأجيال أجله الذى ينتهى عنده. ويذهب بأثقاله ويجىء من بعده جيل آخر له شأنه. وقوله تعالى: إلا يستأخرون ساعَة 4 والساعة أقل من الزمان» والسبين والتاء فى 8 يستأخروت» للطلب 2( والمعنى له يتأخرون» والتعبير بالسين والتاء هنا إشارة إلى أنه لا يتأخر» ولو طلبوا تأخيره» بما يقنضيه حب الحياة بالنسبة للعصاة فإنهم يتمنون الحياة» ولا يتمنون الموت أبدا. ولا يستقدمون 4 «أى لا يُقَدُم ولو طلبوا أن يقدمواء كأولئك المؤمنين الذين يستعجلون لقاء ربهم لا طليا للموت ولكن رغبة فى الحياة الآخرة ولقاء ربهم» طمعا فى ثوابه» أو رغبة فى رضوانه . الذى لا يتأخر ولا يتقدم فالموت كرض » أو بقتل أو حرق أو غرق» أو استشهاد فى سبيل كلمة حق لأجل الله تعالى : ل أَينمَا تكونوا يدرككم الموت ولو كنم في بروج مشيّدة ... 4 2 * [النساء] . وقدم قوله تعالى: إلا يستأخرون ساعة 4 على 9 يَستقَدمُونَ 4؛ لأن الرغبة كثيرة» والرغبة فى التقديم قليلة والله يتولى الأنفس وهو بكل شىء عليم. وإن من بعد انتهاء الآجال يكون البعث» ويكون بعد البعث الحساب على التسصديق والتكذيب لما جاء به الرسل؛ ولذا قال عز من قائل: فيا ببي آدم إِمَا م 6 هم بي على يأتيدكم رسل مدكم يصون عليكُم آياتي من انقَى وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون 69 4 . من إبليس لآدم ‏ عليه السلام - وعمله على إغوائه وإغواء ذريته من بعدهء وقوله: تفسير سورة الأعراف ل الل 0 ا إما يَأتيكُم 4 فيه «إن» الشرطية» و«ما» المؤكدة لمعنى الشرطية» وهذا تأكيد من الله تعالى بأنه سيرسل رسلا مبشرين ومنذرين» كما قال تعالى: «« . ..وإن من َم لذ خلا فيهًا تذير 69 4 [فاطر]ء وقوله: # . .. وَمَا كنا معلابينَ حَنَى نبِعَثْ رسولاً 42 [الإسراء]؛ ولذا أكد الشرط مع «ما» بالنون. ومؤدى الآيات أن الله تعالى مرسل الرسل لا محالة ولكن ذلك لبس بواجب عليه تعالي؛ لا يجب عليه شىء» ومن الذى يوجب عليه شيئاء إلا يسأل عمًا يفَعَل وهم يسألون 69 »© [الأنبياء] فالكمال كله له تعالى. ورسل: جمع رسول» وقد أشار ‏ سبحانه ‏ إلى عملهم» وهو التبليغ عن الله تعالى بقوله تعالت كلماته: « يقصون علَيكم آيّاتي »4 والقصص الإخبار والتكليف» وتوجيه الأنظار إلى الكون قصا وتتبعاء لا يترك أمرا واجب البيان ولا يبينه والآيات تشمل لعمومها الآيات المبينة للأحكام التكليفية» والآيات الكونية الدالة على قدرة الله تعالى» وعلى وحدانيته فى الخلق والكون» والصفات العلية» وتشمل المعجزات الباهرة التى تدل على الرسالة. وإن هذا القصص الحكيم» والذكر الذى يهدى ويرشد» هو كالمطر» تتلقاه بعض النفوس فتؤمن به» وتتلقاه أخرى فتكفر به؛ فالغيث ينزل فيأتى بالخصب والخير الكثير للمؤمنين» ولا ينبت نباتاء ولا يسقى حرثا فى الأرض الحدياء» قال تعالى : فمن اتقَى وأَصلَحَ فلا خوف عَلَيهِم ولا هم يحزنون 4 . الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدرء والمعنى إذا جاءتهم الرسل بآياتى فمن انَقَى وأصلح . ..» ونسب الله - سبحانه وتعالى ‏ الهدى إليه - سبحانه وتعالى - تعظيما لمعناه» ولبيان أن الرسل يتكلمون عن الله: من يطع اررسول فقد أطاع اله () *» [النساء]» ولبيان ما يترتب على ذلك» وهو نفى الخوف والحزن؛ ولذا قال تعالى: فلا خوف عليهم من عذاب» بل هم فى أمن وسلام؛ لأن الهداية أمن واطمئنان؛ ولأن الطاعة لا عقاب منها بل ثواب فلا خوف من عقاب. ولا ا تفسير سورة الأعرا اف حي للم 0 1بجلا 17 يحزنون» أى لا يصيبهم حزنء ولا ألم نفسى أو وجدانى» ولا تؤثر فيهم زوابع الحياة لأن نفوسهم مطمئنة بإيمانهاء راضية بقضاء الله وقدره» كما قال تعالى: ... ألا بذكر الله تطمئن الْقلُوب 462 [الرعد]ء فمن اهتدى فقد حصن نفسه بالأمن والرضاء فلا يخاف ولا يحزن. وقد بسن الله تعالى حال الذين لا يؤمنون بما جاءت به الرسل من الهدى والبينات فقال: «( والذين كَذَبوا بآياتنا واستَكُروا عنْها وليك أصْحَاب النَارِهُم فيا خَالدوتَ 69 4 . هنا ذكر للذين يعصون الرسل» ويكفرون بما جاءوا فى مقابل الذين اهتدوا بهديهم؛ وهو هدى الله تعالى» وقد ذكر الله تعالى وصفين لهما هما اللذان أديا بهم إلى عذاب الله تعالى وهما: الوصف الأول - أنهم كذبوا بآيات الله تعالى كذبوا آيات التكليف فلم يؤمنوا بصدقها عن الله تعالى مع قيام الأدلة على صدقهاء والبراهين الدالة على أن الرسل يتكلمون عن الله فهم إذ يكذبون الرسل يكفرون بمن أرسلهمء ويكذبون بما تدل عليه الآيات الكونية من خخلق السموات والأرض» وما يكون منها من.زروع وثمار» وحياة كاملة» وما فى السماء من نجوم وبروج إلى آخر ما فى الكون من دلالات على أن خالقها واحد أحد هو الفرد الصمد. الوصف الثانى - أنهم استكبروا عن آيات الله فحسبوا أن اتباع الرسل ينافى عزتهم» وينقص من كبريائهم» فأخذتهم العزة الواهمة بالإثم الحقيقى» وهنا نجد أن الله تعالى يقول: «وَاستَكبَروا عَنْهًا © فعبر هنا التجاوز وذلك للإشارة إلى المجاوزة للحقيقة» أى أن استكبارهم تجاوز بهم عن فهم الآيات وإدراكها لتضمين استكبروا معنى التجاوز» كان التعدى ب «عن»» والسياق هذا مؤداه: استكبروا متجاوزين عنها تاركين لها ولقد ذكر سبحانه جزاءهم فقال: « أولتك أصحاب الثار هم فيها خَالدُونَ 4 . ل تفسير سورة الأعرا اف الل تو ع بل يي الإشارة هنا إلى الذين كذبوا آيات الله» واستكبروا معرضين عنها متجاوزين» والإشارة إلى الموصوف بصفات فيها إيماء إلى أن هذه الصفات هى السبب فى الجزاءء فهذا الاستكبارء وذلك التكذيب هو السبب فى هذا العقاب وهو دخول النارء وتخليدهم فيهاء وأنهم لا خروج لهم منهاء وقد أكد ‏ سبحانه وتعالى - خلودهم فى النار بمؤكدات ثلاثة أولها - القصرء فقد قصرها عليهم بتعريف الطرفين» وتعريف الطرفين من أنواع القصرهء فالمعنى أولئك وحدهم هم أصحاب الثار» ثانيها ‏ أنهم أصحاب الثار أى الملازمين لها ملازمة الصاحب لصاحبه. ثالشها ‏ التأكيد بضمير الفصلء» إذ يقول سبحانه: هم فيها خَالدونَ 4 وتقديم افيها» فى معنى قصرهم على النار»ء أى أنهم فيها لا فى غيرها خالدون. وقد بين - سبحانه وتعالى ظلم أولئك المكذبين للرسل المفترين على الله تعالى وما يكون لهم يوم القيامة فقال تعالت كلماته: « فَمن أَظْلم ممن افترئ على اله كذبا أو كلاب بآياته أولتك الهم نصيبهم من الكتاب ‏ . بعد أن بين الله الذين اتبعوا هدى الله وما منحهم الله من فضله من اطمئنان وأمن ورحمة» وذكر الذين شقوا فكذبوا بآيات الله تعالى واستكبروا - وصف بعض أفعال المكذبين الكافرين ومآلهم» فقال: إنهم افتروا على الله الكذب» وهم بذلك ظالمون» وكذبوا بآياته» وذلك ظلم ثان عظيم» » فال تعالى: ل فم أَظْلَم من افتَرئ على الله كذبا أو كدب بآيّاته 4 . الاستفهام هنا إما للتعجب أو للإنكار» وعلى الأول يكون المعنى: أى ظلم أفحش وأشد من الكذب على الله تعالى» والافتراء عليه.» بهذا أمر من شأنه التعجب منه» وإما على كونه للإنكار فيكون إنكار للواقع للتوبيخ على هذا الذى وقع منه» والتعسجب أو الإنكار من أمرين: أحدهما ‏ الافتراء على اللهء» وهو الكذب عليه عن جهل قاطع للحقء والثانى ‏ تكذيب الآيات» وإن الافتراء على الله تعالى قد وقع من بعض» فمنهم حرم بعض الطعام الطيب ونسب ذلك إلى الله تعالى» ومنهم من زعم أن الملائكة بنات الله تعالى؛ ومن زعم أن الأوثان 55 5-5 4 1 ها تفسبير سبورة الاعرا اف الملل ممالل 00 ١ اكاك‎ ١ 0 تقرب إلى الله تعالى» فكل هذا افتراء عليه - سبحانه وتعالى ‏ عما يقولون علوا وهذا ظلم عظيم بذاته يتعجب منه ويستنكر»ء والظلم الثانى التكذيب بآياته» ومعناها آلا يأخذ بما يهديه إليه من معجزات باهرات» وآيات فى الكون ظاهرات» ومنها آيات توجب الإيمان بها إيمانا بالرسائل الإلهية كآيات التكليف التى أنزلها الله تعالى على رسلهء وعلى رأسها القرآن الكريم. وهنا إشارتان بيانيتان: الأولى - قوله: طافْترئ على الله كَذبًا 4 . . «اقترى» هنا معناها قال قولا مخترعا له لم يكن له أصل وهو كذب فى ذاته» فالمعنى أنه فى حقيقته كذب» قد اخترعه أو افتراه كما فى قوله: 8 ... فك افْعراهُ ... © 4 [الفرقان] . الثانية: فى التعبير بأو بدل الواوء وهى للترديد» وهى تشير أن الافتراء على الله بمثل ما ذكرنا من اتخاذ الولد» وغير ذلك من المفتريات ظلم فاحش يستنكر ويتعجب منه» فليس الاستنكار منهما مجتمعين» بل من كل واحد منهما منفرداء ومجتمعا. حكمته : ١‏ أتك بالق تصيريي شن الكتاب )شار ها ا ا اي اي أشد الكذب نكراء وأفحشه كفراء وكما ذكرنا هذه الإشارة تفيد أن ذلك الوصف و الكتاب 4 المراد به عند بعض المفسرين ما كتب لهم فى الدنيا من رزق» يأخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدر؛ ولذلك ختم قوله تعالى بقوله: حم إذا جاءتهم رسلنا يتوفوتهم 4 فهذا الذى ينالهم هو فى الحياة الدنياء وذلك كقوله: « قل إن الذين يمرو على الله الْكَذب لا يحون 9ح ممَاعٌ في الدنيا َم ينا مهم 2« تراواور : ثم نذيقهم العذاب الشديد بم كَانوا يكفرون 9© © * [يونس]» ومثل قوله تعالى: لل م بلحم باز 3 ف وَمَن كَمَرَ فلا يَحَزّنك كُفَره إِلينَا مرجعهم فَبئهُم بما عَمِلُوا إن الله عليم بذات الصدور © نمتَعهم قَليلا نم تضطرهم إلى عَدَاب غَليظ 468 القمان]ء وهذا توجيه قول الذين فسروا الكتاب بما كتب فى الدنيا من رزق» وما كتب لهم من أجل . ولكن يرد على هذا التعبير ب ف يتالهم 4 لا ب «ينالون»» فالرزق والمتع إذا كانت هى المكتوبة ينالونهاء وهذا يخالف التعبير ب«ينالهم» إنما نيلهم بأمر يكون عقابا لهم لا متعة ينالونها ويقترفونها. ولذا نرى أن الكتاب الذى هو كتب لهم فى الآخرة من حساب وعقاب» إذ يجدون كتابهم قد سجلت فيه أعمالهم وينالهم هذا النصيب من الكتاب الذى سجل ما فعلواء والتعبير ب«نصيبهم» من الكتاب تعبير دقيق يصور عدل الله تعالى فنصيبهم من العذاب هو نصيبهم فى أعمالهم» فجزاؤهم مشتق من أعمالهم» نفس تجزى ما كسبت أى جزاؤها من كسبهاء فلولا ما كسبت ما عذبت» فعقابهم جزاء وفاق لعملهم . وإن ذلك الكتاب الذى سجلت فيه أعمالهم يأخذهم بنصيبهم منه من وقت قبض أرواحهم؛ ولذا قال تعالى : «حتَئ إذا جاءتهم رسلا يتوفوتهم قَالُوا أين ما كنم عون من دون اللّه) . احتى» هنا على قول من يقول: إن النصيب هو الأرزاق والمتع والآجال تكون بمعنى «إلى» أو للغاية» أى أنهم يتمتعون بما كتب لهم حتى تجىء إليهم رسل الموت» الملك عزرائيل ومن معه فيما كلفه الله تعالى إياه» وكان جمع «الرسل») لهذا ومن قال وهو ما نختار ‏ أن الكتاب ما كتب عليهم من أعمال تنالهم بالعذاب عليها ‏ تكون «حتى» تفريعية أى مبينة تفريعًا العذاب من أول نزولها بإحصائها عليهم من أول لقائهم فى الآخرة. يقول لهم رسل الله تعالى التى تقبض أرواحهم: « ين مَا كنم تدعون من دون الله 4 أى تدعون دعاء عباده تشركون بالله بهم» والاستفهام هنا للتعجيز والتوبيخ والتبكيت» وتذكيرهم بسوء ما كانوا فنّ دنياهم يفعلون. ا تفسير سورة الأعرا اف أحني اناالا لل انام ااانا لالنالانا ناا نن انان ن لامالا اناتالنا ناتالز خاتل انلك اانا لمانا لمانالا طناناخخانطنطنا نالل الاق مناخ للاخ طخنط ططخل خالل تاتالا ١: ااا‎ 2 وكقوله تعالى: ١‏ يتَوفُوتهم 4. أى يفيضون أرواحهم وقد توفوهم نصيبهم من الحياة الدنيا وبقى ما ينالهم من حساب وعقاب فى الحياة الآخرة. ويكون جوابهم ما عبر الله عنه بقوله: 9 قَالُوا ضَلُوا عنًا وشَهدوا على أنفْسهم نهم كانوا كافرين 6 . قالوا: لإ ضَلُوا عنا 4, أى غابوا غيبة من لا يستطيع أن يعودوا منهاء وبذلك ثبت عجزهم وثبت لهم بهذا الإقرار أنهم لا يستطيعون أن ينفعوهم أو يضروهم وفى هذا اليوم العصيب الذى استقبلهم ٠‏ طوَشهدوا علئ أنفسهم أَنّهمَ كَانُوا كافرين4 الشهادة هنا إقرار وحكم على أنفسهم أنهم كانوا.فى حياتهم الدنيا كافرين بالحق وبالله وحسب ذلك دليلا عليهم؛ وعلى استحقاقهم كل عقاب ينزله الله تعالى بهم . 1خ أ 201 8 ٠.‏ 00 هه ل زه له ود نار مكلت اك جمحَافَالتَ أخر 0 أَصَدْونَاقَعًا تَحَاحهِمَ عَدَامَْمَانَا تارمل عر يِعْفٌ لكل لالشكثود 9ه َقَالك لَه سه سَمَاو رت لَوعَلِكَنَا 5 اكب 0 (2 إِنَالديتَ 7 5 واس تكو اعلا 26 نكم وات ةعيشو َ ل ل تلو شياو وكدإ لك محْرَى 0-2 أشار - سبحانه وتعالى - إشارات بينات واضحات إلى ما أغرق فيه المشركون أنفسهم فى الدنياء» وبين - سبحانه وتعالى - طغيان أنفسهم » وفساد عقولهم. ل | تفسير سورة الأعرا اف ململ ]نو > ا وضلال تفكيرهم» وفى هذه الآيات يذكر ‏ سبحانه ‏ عاقبة أمرهم وهى دخولهم فى مجتمع أهل النار فقال تعالى: طقال ادخُْوا في ممق حلت من قَبلكم سن الجن والإنس في الثار» . القائل هو الله تعالى ولم يصرح به بجوار الفسعل؛ ؟ لآنه ا الأفهام وفى القلوب فلا حاجة إلى ذكره ظااذْخْلُوا في أُموِ4 «فى» هنا قيل: | بمعنى «مع»» أى ادخلوا مع أمم قد خلت أى مضت من قبلكم فى الثارء ونحن نرى أن «فى» معناها الظرفية كأصل وصفهاء وإدخالها فى هذه الآمم فيه إشارة إلى أنها وليست غيرا عنهاء والمعية قد توهم المغايرة» ولا مغايرة بل هم أمم فى ذواتهم» وهم أمة واحدة فى كفرهمء فإن فرقتهم الأجيال فقد جمعهم الضلال وجمعهم العقاب» والتكذيب لآيات الله تعالى» والمعاندة لأحكامه. وقوله تعالى: قَدْ خَلَت من قَبْلكُم 4. أى مضت قبلكم منتحلة ما انتحلتم» مكذبة ما كذبتم من الحق والآيات» كاذبة على الله وغير مصدقة لآياته» ومستكبرة عنها . وهذا النص يفيد أولا ‏ أن الكفر كله ملة واحدة لا تفريق بينهاء فالباطل قد جمعها والعقاب قد وحدهاء ويفيد ثانيا أنه يتسلسل فى الأجيال جيلا بعد جيل» وبعد تفرقهم فى الأجيال تجدهم قد التقوا فى النار جميعاء وإن تنظر إلى تاريخ الملل والديانات الإنسانية تجدها أحيانا تتلاقى فى نوع واحد من الكفرء فتجد مثلا 'عقيدة التثليث فى الاغعتقاد المزعوم من آلهة ثلاثة يوجد عند المصريين وعند البراهمة» وعند البوذية وعند الأفلاطونية الحديثة التى قبست من البرهمية والبوذية. . وعند النصارى الذين اتبعوا بولس» وقد قبسوها من البرهمية الذين قالوا فى «كرشنة؛ ما قاله هؤلاء فى يسوع عند بولس» وقبسوها أيضا من كلام البوذيين فى بوذاء فنحلوه ليسوع فى زعمهم» ثم قبضوا القبضة الكبرى من الأفلاطونية» وسموا ذلك نصرانية بعد أن انحرفوا عن المسيح ‏ عليه السلام ‏ الذ علمهم التوحيد واعتنقوه حتى غيروا وبدلوا. ع الل ل ال لسرب ا وهكذا نجد فكرة وثنية عمت أجيالاء وكذلك عبادة الأوثان سيطرت على اليونان والرومان والعرب فى عصر واحد. فإذا كانت هذه الأجيال والآمم من الإنسان والجن فإنها تدخل النار جميعاء يلحق التابع المسبوع» وقد جمعهم الشرك بالله تعالى ووحد بينهم العقاب» ولذا يقول - سبحانه وتعالى - يوم القيامة: « ادخلوا في أُمَم فَدْ حَلَتْ من قَبْلكُم 4. أى مضت من الإنس واللحن» والئار متسعة للجميع . وهمن» فى قوله تعالى: تمن الجن والإنس ‏ بيانية لبيان شمولها الضالين من الجنسين» الحن أتباع إبليس والإنس الذين أضلهم . وفى هذا المجتمع الجهنمى يكون التابع والمتبوع» ولقد ذكر الله تعالى ‏ ما يكون بينهما فى ذلك المحشر: ف كلما دَخَلَت أمه لحنت أختها > حتَئ إِذَا اذاركوا فيها جميعا قَالَتَ أخراهم لأولاهم با هؤلاء أَضَلُونا قاتهم عَدَابًا ضعقا مَنَ الار» . إن الله تعالى ‏ ذكر تلاحق هذه الأمم التى ضلت» وكان ضلالها واحداء أو متقاربا مختلفا فى شكلهء متحدا فى معناه؛ إذ كله وثنية وإشراك بالله تعالى» وكفر بالحقيقة الإلهية» وضلال أى ضلال فى فهم حقيقة خالق الوجود ومنشئه» وقال تعالى: « كلما دَحَلت أُمَهُ عت أَخْتَها 4 التى دخلت معهاء أو التى سبقتها وذلك يدل على النفرة التى تكون بينهماء فإن من أشد الحقوبات الافرة النفسية بين المجتمعين فى واحدء ويدل أيضا على أن الاتحاد فى عقيدة ضالة جعل واحدا من المتحدين يلغيها ويلعن من يعتنقها؛ لأنه يحسب أنه هو الذى سهل دخولها عليه ثم يلعن الأتباع المتبوعين؛ ولذا قال تعالى: حَتَئ إِذَا اذَارَكُوا فيهًا جَميعًا 4 أى تلاحقوا فيها جيلا وراءه جيل» وسلفا وراءه خلف وآباء وراءهم أبناء . قال المتأخر للمتقدمء أو التابع للمتبوع : «(هؤلاء أضْلُونا 4 وعبر الله تعالى عن ذلك بقوله: قَالْت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أَضَلُونَا فقآتهم عَدَابَا ضعْقًا مَنَ التَاري . ل تفسير سورة الأعراف ملل 0 لج وزو يي أى أن الأخلاف قالوا عن أسلافهم أعطهم يا رب العالمين عذابا مضاعفا عنا لأنهم هم الذين اتبعناهم فأضلوناء فالعرب كانوا يقولون نتبع ما كان عليه آباؤناء أو نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ‏ فكانوا ضالين بضلالهم والضعف هو المثل» والمعنى اجعل لهؤلاء الذين أضلونا عذابا زائدا بمقدار الضعف الممائل لعذابنا وكأنهم يريدون أن جريمتهم جريمتان: إحداها ما فعلوه وفعلناه» والثانية أنهم أضلونا فعليهم وزر مثل وزرنا وعليهم ورر آخر؛ لآنهم أضلوا. وقد رد الله قولهم بآنهم فعلوا مثل ما فعل أسلافهم فكانوا مضلين لمن بعدهم كما أضلهم من سبقوهم. وكذا قال تعالى: َال لكل ضعف ولكن لأ تعلمون ) . أى يقول لهم رب العزة لكل منكم أنتم التابعون والمتبوعون ضعف من العذاب مثل العذاب الذى نزل بكل منكم؛ لأن كلا منكم ضال ومضلء» فالخلف ضلوا بسلفهم وأضلوا من بعدهم» فإذا كان منطقكم أن يزيد من أضل على من ضل فآنتم أضللتم ولكن لا تعلمون سريان الفساد من جيل بعد جيل» وكل يضل من بعده. وإن الترامى بالضلال يتبادل بين التابع والمتبوع» وكل تابع هو متبوع لمن بعده» وقد ردت الطائفة الأولى على من بعدها فقالت» وَقَانَت أولاهم لأخراهم قَمَا كَان لَكُمْ عليْنَا من فَضّل فَدُوقُوا الْعَذَاب بما كنتم تَكْسبون © 4 . وأولاهم هى المتبوعة أى هى السلف» والثانية الحلف» وهذه معان نسبية فكل جيل يكون طائفة أولى لمن يليه وتكون ثانية بالنسبة له» وهكذا تتعاقب الأجيال» وتتطارح الوزرء كل تطرحه على من سبقها والجميع.فى ضلال مبين. « وَقَالَتَ أولاهم لأخْرَاهم َمَا كان لَك علَينَا من فَضّلٍ 4 و«من» هنا للاستغراق أى ليس لكم علينا أى فضل يخفف العذاب» أو يوجب أن يثقل العذاب علينا فوق عذابكم؛ فأنتم ضللتم كما ضللنا والعذاب للضلال والعناد أو الكفر وقد شاركتمونا فى ذلك» وإذا كنا قد أضللناكم واتبعتمونا فى ضلالناء فقد أضللتم غيركم» واتبعوكم فى ضلالكم كما اتبعتمو نا. هه 8 5 عِ ٠‏ اا تمسير سورة الأعرا اف األاالاللتا!ضاااانانة خلال اماملا طخاان ماللا استطظالزررور ان ررررارارااررررردتدبربسسسستستسسيسبتهسسسررسسيسسسسسر أب ا و«الفاء» فى قوله تعالى: «(فما كان لكم علينا من فُضل 4 تفصح عن شرط مقدر تقديره مثلاء فإذا كنتم قد ضللتم مثلناء فما لكم علينا أى فضل يخفف لكم أو يزيد علينا. ثم يسوق - سبحانه وتعالى - على لسان أولئك المتنابزين قولهم : «قَذوقُوا العذاب يما كنتم تَكْسبُون) «الفاء» لعطف ما بعدها على ماقبلهاء وقوله تعالى: «فَدوقُوا العذاب 4 أى ادخلوا فى النار ذائقين لها محسين بآلامهاء وعبر عن ذلك بالذوق» للإشارة إلى شدة آلامه. ومتاعبه. وقوله تعالى: فإ بما كنتم تكسبون 24 أى بسبب ما كنتم تكسبون من ظلم وعبيث وفساد. فهذا هو الأصل فى سبب العقاب» وكل أمرئ بما كسب رهين» لا فرق فى ذلك بين ضال» ومضلء ما دام قد وقع كلانا فى الضلال مختاراء ما دام له عقل يدرك وما دام قد أنذرته الرسل». وقامت بين يديه البينات» فإذا كان قد اتبع من قبله فعليه إثمه. وقد جاءه الهادى الرشيد» فلم يتبعه . وقريب من هذه المراججعة بين التابع والمتبوع قوله تعالى فى سورة أخرى: « ... ولو ترئ إذ الظّالمون ١‏ موَقُوفُونَ عند ربَّهِم يرجع بَعْضّهُم إلى بَعْض الْقَوْلَ يقول الذين اسمُضعفُوا لين ابروا ولا م نمؤن 09 قال الْذين ابروا لأدين استضعفوا أنحن صَددْناكم عن هد بعد جَاءكُم بل حسم مُجْرِمِينَ 4069 [سبا]. وقد وصف الله تعالى فى بيان أن العذاب بالكافرين لا مناص منهء فقال تعالت كلماته: ط إن الذين كذبوا بآياتنا وَاستَكبروا عنْهَا لا فح لَهمْ واب السمَاء ولا يَدخلُونَ الجئة حتى يلج الْجمل في سم الخياط وكَذلك تَجزي الْمُجْرِمِينَ 9 © . السماء فى الحس المكان الذى يجىء منه المطرء والخير والبركات» ولقد جعل الله تعالى السماء موطنا لذلك» قال تعالى: « ولو أن هل القرئ آمنوا وَانّقوَا لَفَتَحنًا علَيهِم بركات من السّماء وَالأرض ... 69 4 وعندما يدعو الإنسان الله تعالى يتجه #) تفسير سورة الأعراف لال مي إلى السماء ضارعاء والله تعالى لا مكان له؛ لأنه منزه عنه والسماء لأنها علو يتجه الناس إليهاء لآنهم يريدون العلوء ويبتغونه» وإن المشركين الذين يكذبون بآيات الله لا يكون لهم رجاء؛ ولذا قال تعالى: ظ إن الدين كَدَبُوا بآياتنا واستكبروا يلاحظ أن الله تعالى قال: ظ كَذَبُوا بآياتنا 4 قد عدى التكذيب بالباء» وهو يتعدى بنفسههء فيقال: كذبت هذا القول وكذبت هذا القائل» وكذبت الآيات كذلك» ولكن هنا تعدت بالباء» كما فى الآية السابقة» وذلك لتضمن التكذيب معنى الكفر» فالمعنى كذبوا رسلنا كافرين بآياتناء واستكبروا عادلين أو متجاوزين عن اتباعها . ذكر الله تعالى للكافرين بآيات الله تعالى جزاءين: الجزاء الأول - أنه لا تفتح لهم أبواب السماءء والمعنى فى ذلك يحتمل أمورا يصح أن تراد كلهاء الاحتمال الأول: أن المراد أن تغلق أبواب الرحمة فى الآخرة» وعبر عن ذلك بأبواب السماء؛ لأن الرحمة تكون فى كثير من الأحيان من السماءء فالشمس فيهاء وهى مصدر النور والحرارة» والنجوم وبروجهاء والقمر وضياؤه» ومنها المطر الذى يكون غيث ورحمة» وذكر أبواب السماء إشارة إلى أنهم سدوا على أنفسهم كل مصادر الرحمة والغفران؛ لأنهم سدوا كل سبل الخير على أنفسهم فى الدنياء فحق عليهم هذا فى الآخرة. الاحتمال الثانى: أن يكون المراد أرواحهم» فأرواحهم لا تفتح لها أبواب السماءء بل تغلق دونها؛ لأنها أرواح خبيثة نتنة يتقزز منها أهل السماء والأرض إذ تكون أعمالهم الخبيشة قد أفسدت فطرتها والاحتمال الثالث: أعمالهم» فلا تنفتح لها أبواب السماء؛ لأنها فى بعثهم يجزون عليهاء وإننا نرى أن تفتح أبواب السماءء لا يكون لهم؛ لأنهم لا يرحمون ولا يغفر لهم» وأرواحهم خخبيثة وأعمالهم لا ترفع إلى علو السماء بل تهبط إلى أوهاد الأرض» والمراد فى كل الأحوال ألا تنالهم رحمة السماء. اا تفسير سورة الأعرا اف م لكلل 00 ..١ الاك‎ | 7 الحزاء الثانى - أنهم لا يدخلون الجنة وأن ذلك مستحيل عليهم» كاستحالة دخول الجمل فى سم الخياط؛ ولذا قال عز من قائل: « ولا يدخلون الجة حت يلج الْجَمَلٍ في سم الُخيّاط 4 . أى أنهم لا يمكن أن يدخلوا الجنة؛ لأنهم لم يعملوا لهاء بل كان عملهم جهنم وشبه استحالة ذلك باستحالة دخول الجمل بضخامته فى سم الخياط» والخياط هو ما يخاط به» وهو (الإبرة) وسمّها هو ثقبها الضيق الذى لا يدخل فيه إلا الخيط الرفيع» وليس ميّسرا. فهذا حكم الاستحالة كما يقول الرجل لامرأته: أنت طالق إذا قبضت على وكذلك هنا فى المعنى لا يدخلون إلا إذا ولج» أى دخل الجمل فى ثقب الخنياط» وذلك مستحيل » فلن يدخل الجنة إلا إذا تحقق هذا المستحيل ولن يتحقق» فهو نفى مؤكد لدخولهم» وبيان استحالته عليهم. وإذا لم يدخلوا الجنة» فإنهم يدخحلون النار» وإنها للجنة أبدا» وللنار أبداء قال تعالى : وكذلك نجزي المجرمين» . الواو واصلة هذا الكلام السامى بما قبله» والتشبيه معقود ما بين عذابهم» .واستحالة الرحمة بهم. وبين ما أعده الله تعالى بالنسبة لكل من يجرم ويأثم فى حق الله تعالى» والمعنى فهذا الجزاء الذى علمتموه يجزى الله المجرمين» والإجرام ارتكاب الجريمة وهى بمعنى المعصية والذنب» بيد أن فئى لفظها إشارة إلى الاعتداء على غيره؛ فالمعاصى قسمان معاص هى الآثام» ولا يتعدى فسادها صاحبها ابتداء» وإن كان شيوع الفساد يضر بالرأى العام فيتعدى انتهاء» ومعاص تتضمن اا تفسير سورة الأعراف ١‏ ل اميل م لحز > اق ولقد فصل الله القول فى عذاب الكافرين المكذبين لآيات الله تعالى: « لهم جم ومن فم وا وكذل فجي الطالمة 9 4 . المهاد: المكان الممهد للإقامة فيهء كما قال تعالى: ألم َجعل الأرض مهادا ب والْجبَال أَوتَادًا 0 4 [النبا]ء وكما قال تعالى: ا الله جمَل لَكُمْ الأرض بساطا 49 [نوح]. وأحسب أن التعبير عن جهنم بأن لهم مهاد منها فيه نوع تهكم» أى أنه تعالى مهد لهم جهنم بدل الراحة التى كانت لهم فى الدنياء بتمهيد الأرض يتمتعون من خيراتها. وغواش» جمع غاشية وهى الغطاعء وغطاؤهم هنا نار موقدة» فبعد أن كانوا يلتحفون بالرياش » ويفترشون الوسائد» صار مهادهم جهنم وغطاؤهم نار مشتعلة تشتعل عليهم؛ ٠‏ . .كلما نضحت جِلُودهُم بَدلَاهُمْ جلُودا يها ليَدَوقُوا العذاب ... 639 # [النساء]. وخللاصة المعنى أن مهادهم أو فراشهم ثارء وغطاءهم ثارء والنار تحيط بهم يلتفون فيها وتثٌ تشوى بها جباههم وجنوبهم ) وكل أجسادهمم» ولا منفذ منها إلا إليهاء فلا يخلصون منها أبداء وإن ذلك جزاء من كذبوا بآيات الله كافرين بها ظالمين» ولذا قال تعالى: وكذلك نجزي الظّالمين 4 أى كهذا الجزاء الذى جازى الله تعالى به الذين كذبوا بآياته واستكبرواء شأن الله تعالى فى جزاء الظالمين» فهو العادل القادر الذى لا يظلم أحدا . والتعبير هنا بالظالمين» وفى الآية السابقة بالمجرمين؛ لأن الوصفين متحققان فيهماء فهم أجرموا فى حق المجتمع فأفسدوه؛ وظلموا أنفسهمء وظلموا الحقائق ا اتكيوا من معام وتعدوا جدود ومن تعدى حذود الله فقد ظلم نفسمء ومغفرته. إلا تفسير سورة الأعرا اف تن اللمممل ل الل ااال 011000 .. : لاا‎ ١ َي ١‏ الي ءَامَنُوأ وسو وأ لصَيدحات لادَكلِتٌ تسا 2 نس إِلَاوْسْمَهَآأوكهك أب 1 ل 2 د أن هَرَ املد دجت مه سرك ونوددأ أن يِل للَسَّهُ َس أُورَفمو 7 هَابما سيم ملو 0 واد أصصتب اليه صب ألا 5 5 مَل وَجَدتم اوعدو 0 حَتَامَا وض 5 دن موَوْ نتمم أن لَه أسَهِعَلَا لطَلِمِينَ 8 الدَنَيصدُودعَن سي اف وميا آذ و وود عِوجا وهم يا لأخرو كد وبعد أن بين - سبحانه وتعالى - ما ينزل بالمشركين أو الكافرين» عموما أخذ سبحانه تعالى - يبين فى مقابله ما يناله المؤمنون من جنة ونعيم مقيم» وروح وريحان وزوال للأحقاد وغل للأنفسء وذلك نعيم فوق كل نعيمء ولذا قال تعالى: «والِّين آمنوا وعملوا الصّالحات لا نكف نفْسا إلا وسْعها أوليك أُصْحَاب اْجنة هم فيها حَالدونَ 5) * الواو هنا عاطفة» عطفت جزاء الصالحين على جزاء الكافرين من مشركين وكتابيين وصابئين ومجوس وغيرهم من براهمة وبوذيين. وبالموازنة بين الجزاءين» يتبين الفرق بينهما فى الآخرة كالفرق بينهما فى الحياة الدنياء فجزاء الآخرة هو ثمرة ما وقع فى الدنياء إن خيرا فخيرا - وصف الله تعالى المؤمنين بوصفين هما صلة الموصول» الأول بقوله تعالى : «آمنوا» أى اعتقدوا اعتقادا جازما مع الإذعان لكل ما طالب به الله تعالى» وأحبوا الله تعالى» وقدموا أنفسهم له سبحانه: / تفسير سورة الأعرا اف ا سن 0 1 لس ناا الوصف الثانى ما عبر عنه - سبحانه وتعالى: ظ وَعَمِلُوا الصّالحَات 4 أى كانت ثمرة إيمانهم واضحة فى أنهم صاروا قوما صا حين والصلاح وصف يقتضى أن يكون نافعاء وصالحا فى ذات نفسه» ليس فى قلبه فساد» ولا يسيطر عليه هواهء وأن يقوم بالعمل الصالح من طاعة لله تعالى فى أوامره ونواهيه؛» فلا يعصى الله تعالى» ولا يرتكب ما نهاه عنه» ولا يتخاذل عن القيام بما أمر به. ولا تجد فى آيات الذكر الحكيم ذكر جزاء المؤمنين إلا كان هذان الوصفان الإيمان والعمل الصالح مذكورين معا فإن العمل ثمرة الإيمان» وغصونه» والشجرة تتغذى من الغصونء كما تتغذى من الجذرء فالعمل يقبت الإيمان»؛ ويغذيه ويقويه. وقد ذكر - سبحانه وتعالى ‏ الجزاء» وهو خبر الموصول» فقال: «(أولتك أصْحَاب الْجَنّة هم فيه حَالدُونَ4 الإشارة إلى المتصفين بهاتين الصفتين» وهما صلة الموصول» وذكرهما دليل على أنهما سبب هذا الاستحقاق» وقد أكد الله تعالى استحقاق الذين آمنوا وعملوا الصالحات للجنة بقصرها عليهم» وذلك بتعريف الطرفين» وبضمير الفصل «هم) فهم أصحابها الملازمون لهاء وأكدها لهم بخلودهم فيهاء والله تعالى ذو المن والإكرام. وقد ذكرت جملة معترضة بين متلازمين» وهما المبتدأ فى قوله تعالى: والّذين آمنوا 4, والخبر فى قوله تعالى: أولتك أُصحاب الْجِنّة » . وكانت هذه الجملة التى توسطت بين هذين المتلارزمين هى قوله تعالى: لا ُكَلْفْ نَفْسا إل وْسْعَها 4 والوسع هو ما يمكن عمله بيسر وسهولة» كما فسر بذلك معاذ بن جبل ‏ رضى الله تعالى عنه » والمعنى لا يكلف الله تعالى نفسا مؤمنة واعترض بهذه الجملة السامية بعد كلمة «الصالحات»» لبيان أن القيام بالتكليفات الإسلامية سهل ميسر» وليس شاقا إلا على من عصى الله تعالى» فهو سهل فى [ ا تفسسير سورة الأعرا اف 04 ل ا 11111( لحب نا: ذاته لمن تكون له إرادة. لم يخالطها الهوى. ولم تسيطر عليها الشهوة» وإن النبى لل قال: «بشروا ولا تنفرواء ويسروا ولا تعسرو|)27 , ولقد روت عائشة ‏ رضى الله عنها: «ما خير النبى كك بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن معصية)9). عليهم مع ذلك بنعمة المحبة والرضا واطمئنان التقسس» ولذا قال تعالى : و ما في صدورهم من عل َجْرِي من تَحْتهمٌ نهار وقَاُوا اْحَمْه لله ادي هدانا لهذا ونا كنا لتهتدي لولا أن هدانًا الله 4 . إن الحنة مكان طاهر مطهر اختاره الله تعالى سكنا لعباده الأتقياء الأطهارء وإنه فى مقامه لأطيب من أحب مسكن يختاره فى الدنياء كما ورد فى الأثر. وإنه لطهارته كان من فيه جميعا فى طهارة كاملة حسية ومعنوية» طهارة الأبدان وطهارة القلوب التى فى الصدورء وإن أشد ما يدرن القلوب الغل والحسدء والأحقاد الدنيوية»ء فإنها أمراض تصيب القلوب» لتجعل الإنسان فى هم مستمرء وعذاب مقيمء فكان من مقتضى مقتضى النعيم الذى أنعم الله به على الأبرار أن يم عليهم نه بذ يكونوا ف نعم فى لوهم كما أن أجسامهم فى نعيم؛ ولذا قال تعالى : «إ وتزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تَحْتهم الأنْهار) . ونزعنا: أى استخرجناء والنزع أقوى من الاستخراج؛ لأن النزع إخراج ما هو متأشب”" بالقلب لا يسهل إخراجه؛ ولكن الله تعالى ينزعه نزعاء ويبقى القلب مصقولا بنور المحبة والمودة» فيتحابون ويتوادون» ولا يتباغضونء ولقد قال )١(‏ سبق تخريجه. (؟) متفق عليه» وقد سبق تخريجه. (9) من التأشب» وهو التجمع من ههنا ههنا. لسان العرب- أشب. / تفسير سورة الأعراف 0 ملل *581 النبى يكهِ: «الغل على باب الجنة كمبارك الإبل قد نزعه الله تعالى من قلوب المؤمنين»20. ورد فى بعض الآثار أن أهل الجنة إذا سيقوا وجدوا عند بابها شجرة فى أصل ساقها عينان» فإذا شربوا من إحداهما تزع الله ما فى صدورهم من عل هر الشراب الطهور» واغتسلوا من اللأخرى» فجرت عليهم نضرة النعيم» فلم يشعثو ولم يشيخوا بعدها أبداء ولقد قال تعالى: رسيو لذبن لقا إلى لبه ا © #* [الزمر]. هذا النعيم معنوى» وهناك نعيم حسى قال الله تعالى فيه: ‏ تجري من تحتهم الأنهار» أى أنهم فى غرفات تجرى الأنهارء وكأنها توس خلالهاء فيكون منظر النهر العذب ينساب انسياباء ومنظر الظلال والأشجار ينسرق”2 من تحتها الماء» ويرزقهم الله تعالى أمرا معنويا هو الاطمتنان إلى الهداية» وفيها إدراك ما وصلوا إليه بفضل الله تعالى» وقد حمدوا الله تعالى على ما وصلوا إليه فى الدنياء وأورثهم الله ثمراته فى الآخرة» فيقولون ما حكى الله تعالى عنهم: الْحَمَهُ لله الذي هَدانَا لهذا وما كنا لتهتدي ولا أن هدانًا الله 4 . إن قولهم هذا سرور وفرح واطمئنان إلى الغاية التى آل إليها أمرهم» ويقول صاحب الكشاف فى هذا: يقولون ذلك سرورا واغتباطا بما نالوا» وتلذذا بالتكلم به.. كما ترى من رزق خيرا فى الدنياء يتكلم بنحو ذلك» ولا يتمالك أن يقوله للفرح . وقوله تعالى: وما كنا لنهُمَدي لَوْلا أن هَداًا اللّه4 أى ما كان من شأننا ونحن لا نملك من أمرنا شيئا أن نرشد ونهتدى إلى الحق لولا أن هدانا الله تعالى؛ )١(‏ ذكره القرطبى» والثعالبى فى مستهل تفسيره لهذه الآية دون إسناد. ورواه البخارى بنحو: التفسير(57”84) ل وترَعنا ما في صدورهم من غل ... 6 4 [الحجر] . 0# تفسير سورة الأعراف جني ال م 1[ 1 222011111 ال و«لولا» يقول النحويون عنها: إنها امتناع لوجودء» ومعنى ذلك لولا هداية الله لامتنعت عليناء فهو يملك كل أمورنا هو الذى وفقنا وهدانا وأرسل إلينا الرسل هداة مرشدين إلى الحق؛ ولذا قالوا: « لقد جاءت رسل ربا بالْحَقَ ونودوا أن تلكم الجنئة أورنتموها بما كنتم تَعمَلُونَ 4 . النداء لم يذكر فيه المنادى أهو من وحى الله تعالى فى نفوسهم أم من الملائككة الأطهارء والميراث هو العطاء من الله تعالى» قد جعل هنا خلفا للعمل الصالح. فهو ملكية ثابتة بالخلافة عن العمل الداكم الذى كان مستمرا فى الدنياء وهذا قوله تعالى: «إبما كشم تعملون 4, أى بالذى كنتم تعملونه مستمرين دائبين عليه ترجون رحمة الله وتخافون عذابه. والتعبير بقوله تعالى: ## أورئتموها » والميراث عطاء بغير عوض فيه إشارة إلى أن الله تعالى هو الذى جعل ذلك النعيم عطاء للعمل» فليس العمل وحده منتجا للعطاء» إنما هو يجعل يجعل النعيم ميراثا للعمل» والفضل فى كل الأحوال لله تعالى صاحب المن والفضل؛ ولقد روى فى الصحيحين أن النبى كَل قال: «اعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمة منه وفضل2©(72» وقد روت عائشة أم المؤمنين عن النبى كَلِْهٌ أنه قال: «سددوا وقاربوا وبشرواء فإنه لا يدخل أحدا الجنة عمله)7؟) اللهم اغفر لنا وارحمنا. «وتادئ أصحاب الجنة أصحاب الثار أن قد وجدنا ما وعدنا بنَا حَقًا فهل وجدئم ما وعد ربكم حقًا 4 . إن الذين آمنوا بالبعث والنشورء والجنة والنار فرحون مغتبطون بأنه تحقق لهم وعد الله تعالى لهم بالجنة» وقد عاشوا فيها غير حاقدين ولا حاسدين» )١(‏ متفق عليه وقد سبق تخريجه. وهذا لفظ مسلم عن أبى هريرة. (؟) متفق عليه وقد سبق تخريجه. ل | تفسير سورة الأعرا اف من 0 لسر اا حامدين الله تعالى على هدايتهم»ء وقد أرادوا أن يزدادوا سرورا باهتدائهم» وأن يعرفوا هذا الذى جاءهم وعد الحق» جاء مقابله للذين كذبوا بآيات الله تعالى وقد نادى الملائكة مؤكدين إجابتهم التى لم يجدوا عنها حولا طفَأَذْن مؤذن ينهم أن لعن الله عَلَى الظّالمين 4 . أى أعلم معلم من الملائكة بينهم » أى بين الفريقين اللذين يتبادلان ذلك الحديث أن لعن الله علَى الظّالمِينَ4, أى أن الحال المستقر الثابت لعنة الله والطرد الحق بالكفر به» وظلموا الآيات الإلهية بتكذيبهاء وظلموا الناس بأفعالهم . ومثل هذا أو فيما معناه» قوله تعالى : ظفَاطْلعَ فرآه في سواء الجحيم (2© قَال الله إن كدت لتُرْدين 69 ولولا نعمة ري لكنت من المحضرين 69 4 [الصافات]. ونلاحظ أن «قد» فى قوله تعالى : « أن قَد وَجدنًا ما وعدتا ربنا حقاك للتحقيق أن ذلك محقق لا محالة وقد عرف الله تعالى الظالمين الذينٍ استحقوا لعنة اللهء فقال عرز من قائل: ل الّدينَ يَصدُونَ عن سيل الله ويبعُوَهَا عرجا وهم بالآخرة كَافرُون 69 4 . هذا بيان للظالمين» فذكر ‏ سبحانه وتعالى ‏ لهؤلاء ثلائة أوصاف: أولها - ا يصدون عن سبيل الله أى يعرضون عنهاء ويمنعون غيرهم منهاء كالسخرية ممن يؤمنون» واستضعافهم والتشكيك فى عقائدهم والغطرسة عليهم؛ وإيذائهم والاستخفاف بهم والإصرار على باطلهم» والتواصى بالباطل بينهم على مقاومة الهداة المرشدين وتهديدهم بالآذى» كما قالوا: # . .. ولولا رهطك لَرَجمتاك © 4 [هود]ء وهكذا. وسبيل الله تعالى هى الصراط المستقيم الموصل إلى الحق فهم يصدون عنهء وكأنهم يقفون على رأس الطريق يمنعون من يدخل فيه؛ فهم يترصدون أهل الهدى» ويردونهم. لا تفسير سورة الأعرا اف تت 020000هظ'ض!ج!ظ«<ظ<« |1[1!1[1[ [ 1[ 1 1 1 1 1 1 1 #5#1511*ظظ2ض لسعب ا الوصف الثانى - 9 ويغوتهًا عوجا »4 وعوج: مصدر موصوف بهء ويبغون يطلبون بشدة كأنها أمر هو بغيتهم التى يبتغونهاء والمعنى يريدون الصراط المستقيم معوجة متعرجة سبلا للباطل. إن الفطرة تتجه نحو الاستقامة» فلا تطلب إلا المستقيم الذى لا عوج فيه فهم يريدون تحويل فطرتهم وفطرة غيرهم عن طريقهاء ويعبدون الأوثان. ويعلمون أنها لا تضر ولا تنفع» ولكنهم يعوجون بها فيقولون «( ... ما تعبدهم إلا ليمَرِبُونا إِلَى الله لقئ ... 42 [الزمر]ء وهكذا يتركون كل مستقيمء ويريدون كل معوج. وذلك لسيطرة الأوهام عليهم» وتسلط الآهواء والشهوات» والعصبية والغطرسة والعنجهية الجاهلية فيهم. الوصف الثالث ‏ وهو الذى ذهب بهم فى متاهات الضلال وقد ذكره الله - سبحانه وتعالى ‏ بقوله: ‏ وهم بالآخرة كَافروت 4 أى أنهم لا يؤمنون بالبعث والنشور والحساب والعقاب. أو الثواب ويقولون: 9 إن هي إلا حيَاتًا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين 69 4 [المؤمنون] . وقد أكد ‏ سبحانه وتعالى ‏ كفرهم باليوم الآخرء وهو يبتدئ من البعث إلى أن توفى كل نفس ما كسبت بأن تنال جزاءها من النعيم أو الجحيم . أكد كفرهم بعدة مؤكدات أولها ‏ ذكر ضمير الفصل «هم». فذلك ريؤكد الحكم» وثانيها ‏ تقديم الجار والمجرورء وهو قوله تعالى: بالآخرة 4 على «إكافرون4 ففى ذلك تأكيد لكفرهم به» وثالثها ‏ التعبير بالجملة الاسمية» فإنها تدل على استمرارهم على هذا الكفرء وأنهم جاحدون جحدا (لا مثنوية فيه)0©. . لا مثنوية فيهء ولا استثناء بمعنى واحد» أى لا تحلل منه» من المثنوية فى اليمين‎ )١( ها تفسير سورة الأعرا اف ١ 0‏ جر ا و َاتوَع1َالتورَاف وا يروم أبس تحط هوا عم بكؤبَة أ سكعي هد حلوهَاوهم يلمعو يَظمَعُونَ (0) #8 و ِدَاصَرِفَت اصرف بلقا كلقا أحصيا ارجا وأ 021 لز شين #107 اناه العاف ريا توبس سد ةا وأماأَغْوعتكم جم وَماُث مَتشَكرون 22 أعتوْكخ ايد أقَسَنَح ْلَايسَالْهُمْ أسَمويحْمَةٍ اد خُلُوا سه 00 شروت اس أشار ‏ سبحانه ‏ إلى ما عليه أهل الجنة من نعيم روحى بنزع الغل من قلوبهم» ونعيم حسى بكون الأنهار تتجرى من تحتهم فى ظلال الجنة» وما كان بين أهل الجنة والنار من نداء» وهنا يبين أن بينهما حجابا حاجزا لا يمنع أن يصل صوت كل فريق إلى الآخر بدليل هذه المجاوبة» وقد قال تعالى فى ذلك: « وبيتَهُما حجاب وعَلَى الأعراف رجال يعرقُونَ كلا بسيماهم 4 «وبينهما» أى بين أهل الجنة وأهل النار (حجاب) أى حاجز يمنع الاختلاط بينهماء والضمير فى «بينهما» يعود إلى الفريقين: فريق الجنة» وفريق السعيرء وقد قال الله تعالى فى هذا السور الحاجز : « ... فَضرب بِيَْهُم بسور له باب بَاطْنه فيه الرَحَمَةُ وظَاهره من قله الْعذَاب 405 [الحديد]. وفى أعلى هذا السور أعراف وهى جمع عرف وهو أعلى السور» فالعرف أعلى الشىء ومن ذلك عرف الديك وعرف الفرس. ش تفسير سورة الأعراف جني امالك لل الل للفلل ل ل اق على أعراف هذا السور الحاجز رجالء وإن التعبير برجال يفيد أنهم ليسوا هم أولئك الرجال؟! . اختلف المفسرون فى ذلك على أقوال كثيرة» فروى عن النبى يِه أنهم ناس استوت حسناتهم وسيئاتهم» فقد سثل رسول الله مَلْةّ: عمن استوت حسناته وسيكاته فقال: «أولئك أصحاب اللأعراف و يدخلوها وهم يطمعون». ومع أن الحديث مقوى بنص الآية إذ نصها ها لم يدخلوها وهم يطمعون» ولكن قال ابن هذا قولء وهناك قول آخرء وهو أنهم ناس من أهل الفضل فرغوا من أعمالهم فى الجنة» وأخحذوا يتكلمون إلى الناس» ويتعرفون أمورهم » ويحكمون عليهم » وقد وقفوا على أطراف الصراط . وقريب من هذا القول» قول من قال: إنهم قوم من المؤمنين نصبوا بفضلهم للشهادة على الناس» ومن بعل سنوازن بين القولين لنختار واحدا منهما. ويقول الله تعالى فى أوصاف أهل الأعراف: 8 يعرفون كلاً بسيماهم 4 و«كلا» مضاف إلى محذوفء» أى كل فريق من أهل الجنة وأهل النار سيماهم ء أى علاماتهم, فالسيما العلامة ويقولون: إن علامة أهل الجنة البياض» وعلامة أهل ينادون أهل الحنة وأهل النار» ونداؤهم لهل الحنة مقصود؛ لآنهم مقصودون بالتحية 0 وأما أهل النار 0 غير مقصودين ) ولكن بالصرف ل ولذا نادوا أهل الحنة مقبلين عليه مهنئين مرحبين» ونداؤهم لهم 2 أن ملام عليكم 4 أن مخففة من أن واسمها ضمير الشأن؛ أى أن حالكم وشأنكم سلامء أو أن قولنا لكم سلام» وهو تهنئة وأمن» ومشاركة لهم فى سرائهم بالقول» وهذا | تفسير سورة الأعرا اف الل 00 ج11 قريب من قوله تعالى: لدَعَوَاهُم فيهها سْبْحَادك الهم وتَحبعّهُم فييها سلام وآخر دعواهم أن الْحَمد لله رب العالّمين ( 2 * [يونس]. وقوله تعالى: للَم يَدخْلُوها وهم يَطْمَعُونَ4» الضمير فى قوله تعالى: «الَم يَدَخْلُوها 4 يعود على أهل الأعراف وهو ظاهر السياق» وهذا يقتضى أنهم لم يكونوا قد تقرر لهم دخول الجنة» ولكن لأنهم لا تنزل بهم سيئاتهم إلى جهنم» ولم تنهض بهم أعمالهم إلى الجنة يطمعون فى الجنة» وإن هذا بلا ريب يعين فى ترجيح أن أهل الأعراف هم الذين لم تنهض حسناتهم حتى يدخلوا الجنة ولم تحبطهم (سيئاتهم) إلى النار. فهم يطمعون فى الجنة» ويرغبون فيهاء ولكن لم يدخلوا بعد فيها. وإن ذلك هو التقسيم العادل الذى لا يكون إلا من الله» وهو أنه بعد أن توزن السيئات والحسنات بميزان الله وهو الوزن يومئذ بالقسط» منهم من ترجح حسناته فيكون للجنة» ومنهم من ترجح سيئاته فيكون فى النار وبئس المهادء ومنهم من لم يرجح ميزانه. وقد يرد على هذا أنهم فى مكان من الأعراف» فظاهر أنهم فوق الفريقين» ونقول: إن علوهم ليروا الفريقين» لا لمنزلة لهم فوق أهل الجنة. وبعض العلماء يرى أن أهل الجنة لم يكونوا قد دخلوا الجنة بعدء فالضمير فى ادخلوا» يعود إليهم» والحق أن ذلك ليس متسقا مع السياق؛ لأنهم صاروا أصحابهاء ويقتضى ذلك أن يكونوا دخلوا فيهاء والله تعالى أعلم. إن أهل الأعراف يقصدون إلى أهل الجنة قصدا؛ لأنها مطمعهم» ولكن لا يلتفتون إلى أهل النار لأنهم لا يريدون الاتجاه إليهم» ولكن قد تصرف أنظارهم إليهم؛ ولذا قال تعالى: ل وَإِذًا صرت أَبْصارَهم تلقاء حاب الَارِ قَاُوا ينا لا تجعلنا مع القوم الظالمين 69 4 . .2 - ع ٠.‏ ا امل ااال ااال 2 شحج «التلقاء» على وزن تفعال من اللقاء وهى هنا الناحية» و«صرفت» مبنى للمفعول وجهل فاعله لعدم الحاجة إلى ذكر من صرفهم» إنما المراد أنهم صرفوا بوجوههم تلقاءهم غير عامدين ولا قاصدين ولا متجهين» فهم يقع نظرهم عرضا على أهل النار فيقع بصرهم تلقاءهم . وذلك لطمعهم فى الجنة» ورغبتهم فى دخولها يتجهون إلى أهل الجنة عامدين مستبشرين راجين أن يكونوا معهم» أما نظرهم لأهل النار» فهو عرض صرفوا إليه ولا يريدونه» والتعبير بقوله تعالى: «وإذًا صرقت أبصارهم 4 إشارة إلى أن أبصارهم وقعت على أهل النار» أو تلقاءهم من غير إرادة» بل هى إرادة من صرفهم . وإنهم إذا وقعت أنظارهم رأوا هول ما فيهم. فإذا كانوا قد فرحوا عندما رأوا المؤمنين فهم عندما وقعت أنظارهم على أهل النار» اعترتهم رهبة» وخافوا على أنفسهم فقالوا: « ربنا لا تجعلنا مع القوم الظّالمين» . عندما يرون النار متأججة فى الأجسام البشرية يأخذهم الهول» فيتجهون إلى الله تعالى قائلين: ربنا الذى خلقتنا وكونتناء وقمت فى الوجود علينا وأنت الحى القيوم لا تجعلنا مع القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم وظلموا الحق وكذبوا طاعين بالآيات» واستكبروا عن اتباع الأنبيساء» وأنغضوا رءوسهم عن الحق إذ دعواء لا تجعلنا مع هؤلاء» لا تجعلنا فى هذه النار مثلهم فقد عَبَوا عتّواً كبيراء ودخلوا فى عذاب أليم اللهم قنا غضبك . هذا ما قاله أهل الأعراف لأنفسهم» وضرعوا إلى الله حماية لآنفسهم» ولم يصبوا بالملامة يوجهونها لأهل النار» وطمعهم فى الجنة يلهمهم قول الحق. «( وتادئ أصحاب الأعراف رجالا يعرفُوتهم بسيماهم قَالوا ما أغنئ عدكم جمعكم وما كنتم تستكبرون © 4 . / تفسير سورة الأعرا اف الل يم لحب ا هذا الكلام موجه من أهل الأعراف لكبراء الشرك وزعمائهء الذين كانوا يعتزون بعصبيتهم وبأنهم أكثر وأعز نفراء فإنهم كانوا يستكبرون عن أن يكونوا ٠‏ تابعين » و هم أهل الحاه الدنيوى» والكبرياء المادى» ينادونهم » لينبهوهم إلى ما يقولون لهم وقد قال الله تعالى فى ذلك: « وتادَى أَصْحَاب الأغراف رجَالاً يعْرفُوتهِم بسيماهم 6 . نادوهم ليستمعوا إليهم فى قول الحق» وقد كانوا ينادون أهل الحنة يعرفونهم بسيماهم» أما فى هذه المرة» فينادون: طرجالاً يَعْرِفُوتَهِمْ بسيمّاهم 4, التى لم تغيرها النيران وإن ككبتهم وسودتهمء وذكر الرجال هنا للإشارة إلى أنهم يخاطبونهم فرادى تقريعا وتذكيرا بسيئاتهم متفردين عن غيرهم . « قَالُوا ما أغنئ عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون 4 . ولكن على الإثم والعدوان» ويدخل فيه قوة المال الذى يعتزون به والنفر الذى الإيمان بالآيات بتكذيبها . كما قاله قوم نوح لنوح: « ... وما تراك اتبَعَك إلا اْدين هم أَراذلنا بادي الرأي . . 46 [هود]. فسألهم أهل الأعراف: هل أغنى عنكم هذا فلم يعذبكم الله تعالى» بل أنتم هؤلاء ف فى الجحيم تذوقون عاقبة ذلك» تريدون النجاة ولا منجاة . تزدريهم أعين هؤلاء الطغاة فيخاطبونهم وهم فى النار بقولهم: ا تفسير سورة الأعراف حجني اللااا0اااا ااا ا 7322 حر ا « أهؤلاء الدين أَفُسَُْمْ لا اَم اله رَحَمَة الوا الْجنة لا حاف عَليكُمْ ولا شم تحزنون 9 4 هذا القول فيه بيان لمقام الإيمان» ودرك الكفرء لقد كانوا يسخرون منهم لفقرهم» ويحسبون أنهم أعلى منهم منزلة فى الدنياء فيجب أن يكونوا أعلى منزلة فى الآخرة» وكانوا يقسمون بأن هؤلاء الفقراء أتباع النبيين لن ينالهم الله برحمة من عند أنخذ) من حال الفقر وازدرائهم التى كانوا عليها فى الدنيا. فأهل الأعراف رأوهم فى الجنة» فقالوا لأهل النار مسشيرين إلى الضعفاء فى الدنياء وهم فى الجنة أقوياء مستمتعون: ( أمؤلاء الْدين أقسمتم لا ينالهم الله م4 . أهم الذين ترونهم رأى العين فى رحمة الله تعالى فى جنة الخلد» أهؤلاء والإشارة إليهم وهم فى الجنة تجرى من تحتهم الأنهارء ( أمؤلاء الّذِينَ أفُسمتم 4, أن الله لا ينالهم برحمة» والتنكير الذى جاء على الستتهم فى الدنيا لتتصغير الرحمة». أى أنهم أقسموا أن الله تعالى لا ينالهم بأى رحمة مهما صغرت وضوؤّلت . وذلك لأفن عقولهم» وضلال أفهامهمء إذ ظنوا أن من ينالون القوة والثراء فى الدنيا هم الذين ينالونها فى الآخرة إن كانت» وما كان قسمهم هذا إلا لازدرائهم » وتكريم الأنبياء لهمء ووعدهم بالشواب عند الله» وإن الله تعالى يجزيهم أحسن الجزاء فما كان قسمهم إلا تكذيبا للأنبياء الذين وعدوهم الحسنى فى الآخرة» وإن هذا التوسل على لسان أهل الأعراف نذير لما كان من أهل النار فى الدنيا وبيان أنهم فى ضلال مبين» وقد كان ضلالهم بالعيان المحسوس, لا بالحدس المتلمس . وقد وجهوا بعد ذلك الخطاب لأولئك ملتفتين إليهم من التحدث عنهم إلى خطابهم فقالوا: « ادخلوا الْجنةَ لا خوف عَلَيِكُم ولا أنثم تَحرَنُون » . / تفسير سورة الأعراف . اا يله 0م > اد ادخلوا أيها المخلصون الذين أخلصوا دينهم» وصبروا وصابروا الجنة بما فيها من نعيم حسى» وراحة نفسية» وطلب الدخول هنا تقرير للدخول؛ لأنهم دخلوا فعلاء وما كان دخولهم بعد الطلب» إنما كان قبله» كما ترى إنسانا فى أرض طيبة فينتفع وهو فيهاء ويستحقهاء تقول له: ادخلها وابق فيها. «إلاخوف عليكم4 من شر يحيق بكم ولا هم يغمكمء بل أنتم فى روح وريحان» « ولا أنتم تحزنون 4 على الخير لكمء وحاضر نعيم» وسعادة» وقد نزع الله تعالى من قلوبكم الغل فأنتم تنعمون براحة البال والمحبة والتواد بينتكم» فلا تنغص من حقد أو حسدء أو تباغض . تنبيه: إن أهل ‏ الأعراف يحبسون عن دخول الجنة» ويرون ما عليه أهل النارء» وما عليه أهل الجنة» ويقول فى ذلك الزمخشرى فى الكشاف: «فائدة ذلك بيان أن الجزاء على قدر اللأعمال» وأن التقدم والتأخر على حسبهاء وإن أحدا لا يسبق عند الله إلا بسبقه فى العمل» ولا يتخلف إلا بتخلفه فيه وليرغب السامعون فى حال السابقين ويحرصوا على إحراز قصبتهم» ولتصور أن كل أحد يعرف فى ذلك اليوم بسيماه التى استوجب أن يوسم بها من أهل الخير والشرء فيرتدع المسىء عن إساءته» ويزيد المحسن فى إحسانه» وليعلم أن العصاة موبخهم كل أحد حتى أقصد الناس عملا). فإنك كما ترى أهل الأعراف لم يدخلوا الجنة» وهم يطمعون فيها ومع ذلك كان فيهم ذلك التوبيخ والتنديد, بالعسصاة ة «وتاد أصحَاب الث رأصحاب الجئة أن أفيضوا عَلَينا من الْماء أو مما ررَقَكُم اللّه 4 . انتتهت المجاوبة التى كانت بين أهل الأعراف وأصحاب الجنة التى لم يدخلوهاء وكانوا يطمعون فيهاء وهى دلت على أن الأعمال هى تدخل الجنة وأن التقاصر عنها هو الذى يدخل غيرها. - وإن آهل النار كانوا فى شقاء» فعند أهل الجنة ما يشتاهون من حم » وعسل مصفّىء وحور عين» وأنهار تجرى. . أما أهل النار ففى حرمان مطلق من كل ٠‏ لاا تفسير سورة الأعرا اف 1 لالم 22 1ب ل هذاء ولقد صورهم القرآن الكريم يتقدمون طالبين الماء وبعض هذه الخيرات؛ ولذا قال تعالى: 8 وتادئ أصحاب النَّار أصحَاب الجئة أن أفيضو | علَينا من الْمَاء 4 نادوهم مستصرخين من شدة العطش » وحرارة النار « أن أفيضوا 4 «أن» هنا تفسيرية؛ لآن المطلوب هو إفاضة الماء» فكان المعنى نادوهم: أفيضوا علينا الماء. وإفاضة الماء التوسعة فى إعطائهء ويبدو أن أهل الجنة كانوا فى مرتفع تجرى فيه الآنهار والعيون» وأهل النار فى منحدر والماء يفيض من الأعلى إلى الأدنى» والمعنى لا يمنعونه بسدود» حتى يفيض عليهم مدراراء وينهمر أنهارا. والماء أهم شىء للأحياءء والصدقة به أبر الصدقات» وقد سكل النبى كلل عن أبر الصدقات فقال: الماء»ء وهل معنى هذا أن أهل النار كانوا محرومين من الماء حرمانا مطلقا؟ نقول لاء بل كان عندهم» ولكنه حميم» وغساق يمزق الأحشاء فلم يكن عندهم النمير العذب الذى تجرى به الأنهار وتنضح به العيون. نادوهم» وفيهم آباء أن ينادونهم» وأخلاء فى الدنياء ولكن الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوء فهى قطيعة بين أهل النعيم وأهل الجحيم قطعوها فى الدنياء فسجل الله تعالى عليهم ذلك فى الآخرة. ولقد طلبوا مع الماء شيئا مما هو عند أهل الجنة من طعام شهى» وفاكهة ورمان ولذا قالوا: أو مما ررَقَكُم اللّهِ4 أى أعطاكم من خيرات من لبن سائغ للشاربين» وعسل مصفى» وخمر لا غول فيها ولا يصدعون منهاء طلبوا هذاء ولكن ذلك حرام عليهم؛ ولذا أجاب أهل الجمنة وقالوا: «إ إن الله حَرَمَهمًا على الكافرين 4 . قال أهل الجنة معتذرين عن عدم الإجابة» أو مقررين الوقائع التى غابت عن أهل النار تحت تأثير العطش الشديد» والمحاجة الملحة إلى الطعام. وهو أن ذلك ها تفسسير سيور 6 الأعرا ف اي م سرب اا جزاء الله تعالى» ووعده الذى وعدهم به وإن الله لا يخلف الميعاد» قالوا لهم: ا 0 وحسبكم ما متم ور بكار إسارة إل أذ سيب الحرمان هو الكقر ولا خلاص لكم ما كتب عليكم بأعمالكم . سح عر لت أاتحَدُوأدِيتَهْ لَهَوَاوَلِبًا وَكَرَّتَهْ ملحي ء لديا دَائِِوْمَ تنس كما شَنُوأ لِعََاء يَوَمهِمهَدَاوَمَاكَانواسَاياِاجَحَدُوت زا وَلْفَدَ مهم يكناي فَصَلْنَهُ عل ع عِلْرِ هُدَى ويك لْعَوْرِ رح سر فر ل ل نله لاعر بر يوَمِبونَ ليها هَل ينظروت لات وكيد مَيَأْق تَأُوبِلهُ ديقو --- 0 سو سس امه لدبت دسوه من قبل قد جاء ت رسل رد َنَايا لق فَهَللَنَا من سّفَعَاءَ فَيَمْفَعُوأ نآ لاوم مَكَمَلَ ع رار ىَكُنَاحَمَل سبي م حسروأ أَنفْسيم وط امورو 2 بت لاي نفسهم وض ل عنهم يَاكانوا يفترو هذا بيان للكافرين وأعمالهم فى الدنياء وقد ذكر ‏ سبحانه ‏ ما يتزل بهم فى الآخرة» وأنهم فى شقاء جهنم يطلبون الماء العذب فلا يجدونه» بل يجدون حميما وغساقاء ويطلبون الطعام» فلا يجدون إلا شجرة الزقوم. وقد ذكر ‏ سبحانه وتعالى ‏ حالهم فى الدنيا ليبين عدالة ما يستحقون فى الآخرة» وأنه جزاء ما كسبوا. ذكر الله تعالى لهم وصفين خطيرين كانا السبب فيما ينالهم فى الآخرة: إ/لنذا تفسير سورة الأعرا اف تي لمي اال لح نا أولهما ‏ أنهم اتخذوا دينهم لهوا ولعباء ودينهم هو ما خوطيوا به من الرسل الذين أرسلوا إليهم» إذ هو الدين الذى طلبوا بالقيام بحقهء فأعرضوا عنهء واتخذوه لهوا وهو ما يلهيهم عن الحق» ويموهون به الباطل» ويتعابثون به على الرسل وأتباعهم وازدرائهم» وقالوا هم أراذلناء فكل هذا ألهاهم عن الحق» ولم يفكروا أن الدلائل الموصلة بل فكروا فى أهواء ضالة. واللعب هو الأعمال العايثئة التى لم يكن لها حد مقصود بل ترفع إليه أهواء جامحة كشربهم الخمر ولعبهم بالميسرء واتخاذهم القيان(١2»‏ وانغماسهم فى حياة عابثة. ثانيهما ‏ أنهم غرتهم الحياة الدنيا بزخرفهاء وشهواتهاء وما ينالون منهاء وظنوها الحياة التى لا حياة بعدهاء فاغترارهم بهذه الحياة جعلتهم ينكرون البعث» ويقولون: «( ... أئذا كنا ثرابا نالفي حَلّقجَديدٍ. . . 2) »© [الرعد] . ولقد كانوا يتهكمون على هذه العقيدة» ويقولون متهكمين لاعبين: أرجع آباءناء أرجع قُصَّياء فإنه رجل خخير. . . وهكذا كانوا يعبثون بالحقائق؛ وذلك لآنهم قوم ماديونء لا يؤمنون بالغيب» ولا يؤمنون إلا بما يرون ويحسون. وقد نسوا الله تعالى» ونسوا مقدرته فى هذا الوجودء فكان أن تركهم كما تركوه. ولذا قال تعالى: « فَاليِوم ندساهم كما نَسُوا لقا يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون 4. النسيان على الله تعالى لا يجوز؛ لأنه ‏ سبحانه ‏ لا يغفل عن شىء قل أو جل» وكل شىء عنده فى كتاب أحصاه لا يتخلف عن علمه شىء» وأريد بالنسيان لازمه؛ وهو الترك بل بعض علماء اللغة يقول: إن الآصل فى معنى النسيان هو الترك» والمعنى فى قوله تعالى: 9 فَالَيوم 4 الذى تزى فيه كل نفس بما كسبت نتركهم فى جهنم يريدون الماء فلا يجدونه إلا فى حميم» ويطلبون الطعامء فلا يذوقون إلا طعام الزقوم. . القيان جمع قينة» وهى الجارية المغنية‎ )١( | تفسير شيور: 6 الأعرا اف للك و ا ١‏ وقد ذكر ‏ سبحانه وتعالى أن ذلك فى مقابل أمرين أو عقاب لأمرين: أولهما ‏ أنهم نسوا لقاء يومهم هذا مع كثرة النذرء ومع إرسال الرسل» ومع أنه يوجبه منطق الحياة) وأن الله تعالى لم يخلق الإنسان سدى.» يأكل ويلعب كالحيوان» إنما هو مخلوق مدرك» وأن الدنيا فيها الخير والشرء وأنه لا بد للخير من أن ينتصرء ولا بد للشر من أن ينهزم»؛ وأنه يتناسب مع علو مكانة الإنسان فى هذه الأرض . ثانيهما ‏ ما كانوا بآياتنا يجحدون «ما» هنا على تقدير الكاف» وهى معطوفة على قوله تعالى: كما نسوا لقَاء يُوْمهم هَذَا4, أى أن الله تعالى نسيهم؛ كما نسوا لقاء يومهم هذاء وكما كانوا بآياتنا يجحدون» وجحود الآيات إنكار ما تدل عليه من دلائل التوحيدء ومعاندتهم لله تعالى» وتكذيبهم لأنبيائه» فكان نسيان الله تعالى لهم وتركهم فى جهنم يصلونهاء من مقابل نسيانهم» وجزاء لجحودهم. والله على كل شىء قدير. ولقد بين الله - سبحانه وتعالى - أنه ما تركهم هملا من غير كتاب يعلمهم ويهديهم ويرشدهم» فقال تعالى: ظ وَلَقَد جثتاهم بكتّاب فَصَلناه على علّم هدى وَرَحمَة لَقَوم يؤمنود 9 4 . ما تركهم رب العالمين سدى من غير هاد ولا مرشد» بل أعذر إليهم بإنزال كتاب قد فصله على علم بما يدل عليه من عظات» وما يوجههم إليه من آيات» فقال تعالى : ( ولقد جئناهم بكتاب » أكد مجىء الكتاب لهم ب«اللام» و«قد»؛ وقد عبر بأنه جاء إليهم ولم يقل أنزل عليهم؛ لأنه نزل على محمد يليه والرسول جاء به إليه على أنه معجزته الكبرى» وكلام الله تعالى الذى خاطبهم هم والأجيال القادمة إلى يوم القيامة» فالمراد من الكتاب القرآن» وجاء نكرة ومقامه التعريف؛ للإشارة إلى فخامته» وإلى أنه كتاب لا يتسامى إلى مثله كتاب . 2 - م ٠.‏ لال ل 0 يه < 7 ويقول تعالى: فصلناه 4 بيناه ووضحناه» وأتينا بفصوله كاملة على علم بل اشتمل عليه من معرفة بالشرائع وأخبار النبيين» وتنبيه إلى أن يكون القرآن وآياته» للدلالة على وحدانية الله تعالى لا شريك له. وذلك كقوله تعالى: 8 كتاب أحكمت آياه ثم فُصِلْتَ من للنا حكيم خَبير ك أسبو ذال ني لك من تذير وبشير 5 » [هود]ء ولقد قال تعالى فى آية أخرى: ... أَنزله بعلمه . (655 # [النساء]. وقد وصفه ‏ سبحانه وتعالى - بوصفين جليلين: أحدهما _ أنه هدى ) ؛ وذلك لأنه معجزة هادية إلى الحق وصدق الرسول؛ وكل ما يشتمل هداية ببيان الشرائع والأحكام»ء وما فيه مصلحة الناس فى معادهم ومعاشهم» وما فيه تنظيم جمعهم, والسير بهم فى سبيل الخير . وثانيهما - أنه لرَحَمَة4 لما فيه من أحكام كلها نفع وخير للمجتمع وف العدالة» وهى الرحمة الكاملة بالمجتمع» وفيه الأمانة وفيه شرعية القتال» وفيه رحمة ودفع للفسادء « ...ولّولا دفْع اللّه الئاس بعضهم ببَعض لَفَسّدت الأرض ولكن الله و فَضل عَلَى الْعَالَمِينَ 0 4629 [البقرة]. وإن رحمة الله وهدايته وعلمه لا تؤتى أكلها إلا فى قلوب مؤمنة غير جافية فهى التى ينبت فيها زرع الخير ويؤتى أكله؛ ولذا قال تعالى: « لَقَوم يؤمنون ». أى لناس من شأنهم الإيمان بالحق إذا جاءهم». ومن شأنهم الإذعان للحقيقة» يؤمنون بها إذا عرفوهاء وهناك قلوب جافية طمس عليهاء هى غلف لا يدخلها النور» ولا تصل إليها الهداية» وهذه ليس من شأنها أن تؤمن» ولو جاءتها الأدلة واحد بعد الآخر؛ لآن عليها غشاوة تمنع وصول النورء فالذين يجدون الرحمة والهداية فى القرآن هم الذين من شأنهم الإيمان بالحق إذا جاءهم؛ ولذا عبر بالمضارع الدال على الاستمرار» والله تعالى أعلم . اا تفسير سورة الأعراف ممالل جني > ا بعث وحساب وعقاب وثواب؟؛ ولذا قال تعالى : اير راي هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الْذِينَ نسوه من قَبَل قد جاءت رسل با اْحق هَل لَنَا من شَفَعَاء فقوا لَنَا َو رد فتَعمَل غير الذي كنا تعمل » . إن الكفار من وثنيين وكتابيين لم يؤمنوا بالقرآن» ولا بما اشتمل عليه» يوجه الله تعالى إليهم سؤالا استنكاريا فقال: هل ينظرون إل تأويله 4 و«النظر» هنا بمعنى الانتظار كقوله: هل يرون إل أن أيهم الله في ل من الْعمَام والْمَلائكة وقضي الأمر وإِلى الله ترجع م الأمور ( 22 # [البقرة]. والاستفهام هنا إتكارى لنفى الوقوعء. والمعنى لا ينتظرون إلا تأويله . والتأويل هنا معرفة المآل والعاقبة» أى لا ينظرون إلا أن يروا مآلهم وعاقبتهم» لقد أنكروا البعث وأنكروا الحساب والعقابء فهل ينتظرون أن ينزل ذلك بهم واقعا لا فكاك عنهء حيث يأتيهم ما أنكروه من بعث» وحساب ومن ذلك عقاب وثواب. وإن تأويل القرآن كما قال ربيعة: لا يزال يجىء آنا بعد آن» فكل خبر فيه يتحقق حتى يجىء الخبر الأكبر» وهو البعث والنشور والحشر والميزان» والصراط وما أخبر به ثما يتكرونه» ولا يؤمئون به. وعلى ذلك لا تكون كلمة التأويل مرادا بها التفسيرء إلا أن يراد هذا التفسير الواقعى الذى يكون يوم القيامة» وإنه عندم يجىء ذلك المآل الحق يتذكر الناسون» ويتنبد الغافلون؛ ويرون لنا عيانا ما ألكروه فى الدنيا جهارا؛ ولذا قسال تعالى : نسوا تأويل الكتاب من قبل أى وهم فى الدنيا متذكرين قد ذكرتهم الزواجر وقرعت حسهم العقوبات قد جاءت رسل ربا بالْحقّ 24 أى قد جاءت هذه الرسل منذرة ومبشرة داعية إلى الحق» ولتتميم قولهم وعاندناهم وجحدنا بالآيات ا تفسمير سورة الأعرا اف م 0100 ١١ اك‎ تي وكذيناها. ويقرون الآن بالحق الذى أنكروه فَيَنْصُونَ على أن الرسل جاءوا بالحق» أى الأمر الثابت الذى لا يرد ولا ينكرء وأحسوا بغفلتهم عنه فى الدنيا وأن العذاب واقع بهم لا محالة» فيتجهون إلى طلب الشفعاءء فيقولون: (١‏ فَهَل لَنَا من شفَعَاء فيشفعوا لَنَا 4 . «الفاء» هنا لتفصل ما اعترى نفوسهم فى هذا الهول» 0 فى كتابه عن هذا اليوم لا يقبل فيها شفاعة ولا عدل» مع ذلك طلبوا الشفعاء» رجوا أن تكون ثمة شفاعة» فقالوا: « فهل لَنَا من شفعاء فَيَشْفَعوا لنَا4, ٠‏ وامنة هنا لاستغراق الطلب» واللعنى هل يوجد لنا من شفصاء أى شفعاء كانواء سواء أكاترا أولياء أم كانوا أعداء ولو شامتين» ولكنها أمنية لا 5 تتحقق؛ ولا يمكن أن تتحقق لأن اللّه تعالى نفى ذلك فى الدنياء وهو لا يخلف موعده. . ره فد مسوم م شوم يي سني لمددر الدنياء فيعملوا غير الذى عملوا فيقولون: أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل 4 . هم ولقد قال الله تعالى فى آية أخرى: 9 ولو ترئ إِذْ وقفوا على الثَارِ قََالوا يا ليتنا دولا كدب بآيات وبا وكوف من الْمُؤمينَ 90 بَلبَدا ممما كانُوايُخْفُونَ من َب ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإِنّهم لَكَاذبُوَ 6 4 [الأنعام] . ولقد ختم الله تعالى الآية بتسجيل الخسارة عليهم؛ وتخلى أوليائهم عنهم فقال عز من قائل: قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون 4 . أكد الله تعالى خسارتهم بقيد» فقد خسروا فى ذات أنفسهم إذ ضلواء والضلال خسارة للنفس» وخسروا أنفسهم فأوقعوها فى الهلاك الذى يكون يوم تأويله» وخسروا الحق فكانوا من المبطلين» وخسروا أيضا أولياء لهم يناصرونهم» ولذا قال تعالى : «( وضل عنهم ما كانوا يترون 4 أى غابوا غيبة منقطعة لا يعرفون أين هم وهم الأوثان التى كانوا يفترونهاء فخسروا خسرانا مبيئاء» وعبر - سبحانه ل تفسير يبنو 3 الأعرا اف وض ااا لالم ميم لز يي وتعالى ‏ عن الأصنام بما كانوا يفترونه؟؛ لآنهم لا وجود لهم إلا فى افترائهم» فصنعوها بأيديهم » وأضافوا عليها افتراء من عند أنفسهم معانى العبودية فكان آيات الله فى الكون سه 00 7 آ ته ذل رصخ إدك رح أله زِى حَلقَالسَّمَواتوآ يضفي سِنَةَ - ا 220 رص عور ررح ليت عد ص رس ل سر 2011 يام ثم امسو 0 حثيمًا وَألسَّمْسَوَالْفَمرَوَا جوم مُسَغر م ريال لفق ول ميارك أده 0 غواركك تَصَدًا يَعُيَْةَإتَهْلبك د الشتتريت © ص رح ما - 6 يس حت سر اسل أ بن إضاتح هنا وي وَطْمَعَاإنََمََهَ بعد أن ذكر الله تعالى حال الكافرين يوم القيامة» وحال المؤمنين وبين حال كفرهم فى الدنيا الذى تأدى بهم إلى العذاب فى الآخرة. أخذ يبين - سبحانه وتعالى - أآياته فى الكون التى تدل على أنه الواحد الأحد؛ لأنه الذى خلق الكون كله. والمشركون من العسرب كانوا يعرفون ذلك؛ ويؤمنون به « ولكن سَأَلَهم من حَلّقَ السَّمّوَات والأرض لَمَقَولُنَ الله ... 62 4 [الزمر]ء ولكنهم كانوا يعبدون الأوثان ويقولون: 8 ... ما تعبدهم إلا لِيقربونا إلى الل زلقئ ... )4 [الزمر]. ولقد قال تعالى: 9 إن ربكم الله اْذي حَلَق السّمُوات والأرض في ستّة أيّامٍ4 . م 8# تفسير سورة الأعراف تعب 1 الل ااا ممما ممما إن ربكم الذى خلقكم وبرأكم أخرجكم من بطون أمهاتكم هو الله - جل جلاله - وكمل كمالهء الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام» و«ستة» أصلها «سدسة)» فقلبت الدال تاء وأدغمت فى السين فصارت ستة؛ ولذا تجمع على «أسداس»» ومنه الوصف «السادس» جريا على مقتضى الأصل لبنية الكلمة. وقد أكد الله - سبحانه وتعالى ‏ ذلك ب(إن» الدالة على التوكيد وذكر لفظ الجلالة الذى يكسوا الكلام مهابة وجلالاء و«ربكم» مبتدأء ولفظ الجلالة هو خخحبر القول» وقد وصفه الله؟ - سبحانه ‏ بأنه الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام . فما هى هذه الأيام» إن اليوم الذى نعرفه هو الذى يتم بدورة الأرض حول اشم 18 وهو يبتدى من الخروب إلى اخروب؛ : يمكن أن يكرد ذلك 7 سنة كما قال تعالى: 0 راون ريه كاف متنا شوو 5 4 [الحج]. وقد أشار سبحانه انه وتعالى - إلى ذلك بشكل ب بين أدوار خلق السموات والأأرض» فقال تعالى: فل نكم لمرو بالدي حَلقَالأرض في ومين وَجْعَلُود لَه أندادا لكر العالمين (5) وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أفواتها في أربعة يام سواء للسائلين 0 5 نم استوئ إلى السّماء وهي دحَان َال لها وللأرض انتيا وعا أو كرها قَالنَ تنا طائعينَ 69 فَقَضاهنَ سبع سموات في يومين وأوحئ في كل سماء أمرها وزيا السَمَاء لديا بمصابيح وحفظا ذلك تَقديرٌ العريز ليم 69 © [فصلت]. ونستطيع أن تحصى الأيام الستة من هذه الأدوار؛ فالأرض والسموات السبع قضاهن فى يومينء إذ قال: ثم استوئ إِلَى السَّمَاء وهي دَحَانْ فَقَالَ لَهَا وللأرض )١(‏ أى وصف الخبرء وهو لفظ الجلالة. اه * 0-7 ع .9 با تمسير سبورة الاعراف نالل للا لريب م انْعيَا طَوَعَا أو كرها قَالنَا أَنِينَا طَائعينَ 0 فَقَضَاهنَ سبع سموات في يَومَين ... 69 4 [فصلت] وهما اليومان نفسهما الذى قضى فيهما الأرض. ثم كانت الأرض» كون - سبحانه وتعالى ‏ القشرة الأرضية وجعل فيها رواسى » وبارك فيهاء وقدر أقواتهاء وجعل من الماء كل شىء حى فيهاء وكان فنحن نرى أن الأيام الستة هى أدوار التكوين الذى قدره الله تعالى فى خلقه» وهو العزيز العليم» وهو الأعلم بخلقه بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى - السموات والأرض فى ستة أيام أى فى ستة أدوار كونية» ذكر ‏ سبحانه وتعالى - أنه يدير أمرها ويشرف على وجودهاء ويسيرها فى مدارجها» فقال تعالى : «إثم استوئ على العرش # . العرش: يطلق على كرسى الحكم كما فى قوله تعالى: ‏ ... نكروا لها عرشها ... 69 * [النمل]. وما قال تعالى عن يوسف ‏ عليه السلام: # ورفع أبويه على العرش ... 69 © [يوسف]. واستوى بمعنى استقرء والعلو على هذا العرش. ويقول علماء الكلام: إن للعلماء فى مثل هذا النص السامى إ استوئ على العرش # منهاجين : أحدهما يفسر» فيقول: إن معنى استوى استولى على عرش هذا الوجودء وصار له السلطان الكامل فيه؛ لأنه مالك كل شىء» ولا شىء لغيره فيه»ء فهو المالك وحده. والثانى يفوضء» فيقول: إن الله ذكر أنه استوى على العرش» فنؤمن بذلك ولكن لا نحاول أن نبحث عن مدى هذا المعنىء» كما قال الإمام مالك رضى الله عنه: (الاستواء معلوم والكيف مجهول» والسؤال عن ذلك بدعة». فهو يرى أننا نؤمن بالحقيقة» ولا نسأل عن كيفهاء ونؤمن بنزاهة الله فننزهه عن أن يكون له مكانء فإن ذلك شأن الحوادثء والله تعالى لا يماثل 55 5 ع . لا تمفسبير سورة الاعرا اف ممالل حر ا الحوادث فى شىء؛ كما قال تعالى: 9 ... ليس كمثله شيء وهو السّميع الْبَصِيرٌ © ل[الشورى]. وإنه ليبدو لنا غير مفتاتين» ولا مدعين» أن قوله تعالى: ف ثم استوئ على العرش © تعبير مجازى» قصد به استيلاء الله تعالى على حكم هذا الذى خلقه فهو تشبيه سلطان الله تعالى فيما خلق من السموات والأرض وما بينهما وتدبيره لهماء وتسييره أمرهما ‏ بمن يستوى على عرش ملك يدبره ويسير أمره» ولله ‏ سبحانه وتعالى ‏ المثل الأعلى فى السموات والأرض. بعد ذلك وجه الأنظار إلى ما يجرى بين الئاس كل يوم من ليل ونهارء شمس وقمر وجو مسسخرات بين السماء والأرض» فقال عز من قائل: «( يغشي اللْيلَ الثهار يطلبه حنيثًا والشّمس والْقَمَرَ والنجوم مُسَخَُرَات بأمْرِهِ» يغشى الليل النهار أى يجعل الليل غاشيا للنهار؛ لأنه ظلام» والظلام هو الذى يغشى النورء وذلك فى الحس» فالظلام يجىء ويستر النورء والنور يعقبهء وكل ذلك فى ترتيب مستمر» وكأن كل واحد منهما يطلبه حثية('2» ولا يتخلف» لا الشيل يسبق النهار.ء ولا النهار يسبق الليل كما قال تعالى : لا الشمس ينبَغي لَها أن تدرك الْقَمَر ولا اللْيل سابق النَّهَارِ وكلّ في فَلَك يَسبَحُونَ 9© © [(يس]. وقوله تعالى: 9 والشمس والقمر» أى خلقهماء ف «الشمس» معطوفة على «السموات والأرض» - فى يومين» وقوله تعالى: « والنجوم مُسَخَرَات بِأَمْرِه» أى خلق الله - سبحانه وتعالى ‏ النجوم مذللات بأمره» تسير فى مداراتها كل نجم يسير فى مداره باستمرار بأمر الله تعالى» وهذا يدل عليه قوله تعالى: إن الله يمسك السَّمُوات والأَرْض أن تَرُولا فافاطر] فكل شىء يسير بأمر الله تعالى» وهو على كل شىء قدير. )١(‏ حَئيئا أى مسرعا حُريصا. لسان العرب - حثث. 1 1 كا يي وقد أكد هذا المعنى بقوله تعالى: 9 ألا لَه الْخَلْقَ والأمر تارك اللّه رب العالمين ‏ . «ألا» للتنبيه» وهى كثمرة» لما ذكر ‏ سبحانه وتعالى - من أمر خلق الكون. وما يسير عليه فله وحده الخلق ولو الإنشاء والتكوين» والآمر فيه والسلطان عليه والمسير له والمدبر لبقائه» لا إله إلا هو الحى القيوم. فتبارك الله تعالى وعلت بركته ‏ سبحانه وتعالى ‏ على هذا الوجود» وهو أحسن الخالقين. وأفعل التفضيل ليس على بابه» أى أنه - سبحانه وتعالى - خلقه خلقا هو الكمال فى الحسن والتنسيق» ولا خالق: سواه حتى يقال أن خلق الله تعالى أحسن من خلقه! إنه عزيز حكيم. « ادعوا ربكم تضرعا وَحَفيَة إِنّهُ لا يحب المعتدين 22 4 . كان الأمر بالدعاء بعد أن بين أن الله تعالى خلق السموات والأرض» وأن الله صاحب السلطان فيهاء والأمر بالدعاء يشمل دعاء الله تعالى وعبادته وحده سبحانه» فقال تعالى : © ادعوا ربكم تضرعا وَحَفية 4 . ادعوا ربكم : اعبدوه» فالدعاء مخ العبادة. ادعوه وحده؛ لأنه ربكم الذى خلقكم» ويربكم ويربيكم» ويدبر أموركم» ولا تدعوا مع الله أحداء وادعوه تضرعاء أى فى ضراعة وخضوع وتذلل إلى الله - سبحانه وتعالى ‏ وخفية «أى فى خفاء مستترين غير مجاهرين» ولا معلنين» فإن الإعلان قد ترفقه برياء» وإن الله لا يقبل الدعاء إلا أن يكون له وحده. فالعبادة له سبحانه وتعالى ‏ وحده لا يشاركه فيها أحد. ظ والدعاء كما قلنا يشمل العبادات من صلاة وصوم وأدعية فيها ذكر الله كثيراء وقد حث النبى مَلَِيّهٌ كما أمر الله تعالى بأن يكون الدعاء خفية» وإن جهر لا يكون بإعلان وضجة» فقد روى البخارى عن أبى موسى الأشعرى قال: كنا مع رسول الله يكل فى سفرء فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتناء ٠. 0 - .-. 112112722 1 فقال النبى وك: «أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمّ ولا غائباء إنه معكم سميع قريب» تبارك اسمهء وتعالى جده)7©). وإن المأثور عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يدعون الله تعالى» ويعبدونه متسترين إلا ما يكون فى جماعة. ولقد كانوا وهم فى أعمالهم يدعون الله تعالى بالتوفيق والعمل الصالح. حتى وهم فى المجاهدين يدرعون بالصبرء والالتجاء إلى الله تعالى ورجاء رحمته ونصرته» وهم فى خيرهم يتسترون ولا يجهرونء لأن الستر يجعله خالصا للهء مخلصين له الدين» روى عن الحسن البصرى أنه قال: «إن كان الرجل قد - جمع القرآن وما يشعر به أحدء وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس» وإن كان الرجل ليصلى الصلاة الطويلة فى بيته وعنده الزوْرٌ وما يشعرون به» ولقد أدركنا أقواما ما كان مع الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه فى السرء فيكون علانية أبداء ولقد يجتهدون فى الدعاء. وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم؛ وذلك أن الله يقول: #ادعوا ربكم تضرعا وخفية 4؛ وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا وحكى عنه فقال: :( إذ نادئ ربه نداء خَفيًا © 4 [مريم] . وكان الدعاء «(خفية» ذا فضل عظيم » » لآنه مناجاة اللهء» وكأنه يودع ربه سيره َه وعلانيتهء وهو مظهر المحبة. وهو بعيد عن كل رياءء ولأن النية مطلوبة قالوا: إن الإشارة فى الدعاء إلى السماء ليست مطلوبة» ونحن نقول: إن الدعاء الخفى أفضل من الدعاء الجلى» بيد أن الدعاء باالجهر قد يكون مطلوبا كالتلبية, وفى هذه الحال تجوز الإشارة بالأيدى لأن ذلك اتفعال ضارع. وقد كان النبى كله يدعو ويشير بيديه”"©2» وقالوا: إنه كان يدعو وهو )١(‏ متفق عليه؛ رواه بهذا اللفظ البخارى: الجهاد والسير- ما يكره من رفع الصوت فى التكبير؟2))9*99 ومسلم بنحوه : الذكر والدعاء(# )2 عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه . (1) من ذلك ما رواه البخارى : الحج- إذا رمى الجمرتين(1761). نا تفسير سورة الأعرا اف الئل ١‏ لجل به بي على ناقته فإذا مالت أخل بزمامها بيك » واستمرت يذه الشانية الكريمة نمتدة بالدعاء7؟ . ويختم سبحانه الآية الكريمة بقوله: إِنّه لا يحب المعتدين » . إنه د سبحانه وتعالى ‏ لا يحب الذين يعتدون» أى يتجاوزون الحدود المحدودة عليهم» فيعتدون على غيرهم» أو يتجاوزون الأمور المفروضة عليهم . ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه» فتعدى الحدود أمر لا يحبه الله تعالى» وقد يكون حراماء كالاعتداء على حق غيره» وقد ذكروا أن ذكر الاعتداء عقب طلب والاعتداء فى الدعاء كأن يقضى وقته كله فى دعاء. ولا يقوم يواجب الحياة» كأولئك الذين ينقطعون للعبادة ويتركون أمر الحياة ولا يدبرون أمرها» فذلك اعتداء فى الدعاء» وقد جىء برجل للنبى كَلِْةّ فقالوا: هذا عابدناء فقال كه ومن يؤكلهء قالوا: أخوه يؤكلهء فقال مَلِّ: أخوه خير منه. وكأولئك الذين ينقطعون فى الزواياء» أو ما يسمونه الخانقاهء يحسبان أنهم يدعون الله تعالى ويعبلونه» فإن ذلك اعتداء فى الدعاء وتجاوز الحد المطلوب» وقد روى أن النبى يل قال: «سيكون قوم يعتدون فى الدعاء»""2. ولعله سبحانه ينبئ بهؤلاء. يدعو ما ليس فى الكتاب والسنة. )١(‏ رواه النسائى: مناسك الحج- رفع اليدين بالدعاء فى عرفة(07011. 2( رواه أحمد: مسئدكد العشرة - مسند أبى اسحاق سعك بن أبى وقاص (585١)ءوأبو‏ داود: الصلاة ا الدعاء( )١548 ١‏ 1# تفسير سسورة الأعراف 0 لل 22311 ندا وفى بعض هذه الوجوه نظرء فالدعاء بطلبه المعصية معصية وليس بدعاء يدخل فى باب العبادة» وتجاوز المراتب الإنسانية شطط وليس بدعاء. والله تعالى لا يستجيب إلا لما يكون حقاء ولا يقبل من الدعاء إلا ما يكون خالصا لله؛ ولا يكون قاطعا عن الحياة ومطالبهاء فإنه لا رهبانية فى الإسلام . ويقول - سبحانه ‏ فى عمارة اللأرض والدعاء مع الإصلاح: ولا تفْسدوا في الأرض بَعْدَ إصلاحها وادعوه حَوقًا وطَمعًا إن رَحمت الله قَرِيب من المحسنينَ 9 4 . ذكرنا أن من الاعستداء فى الدعاء» أن ينصرف عن العمل فى الدنيا كاسبا متكلا على الدعاء كما يفعل الرهبان» وإنما يجب مع ذكر الله أن يندمج مصلحا فى الأرض منتجا مثمرا فإن ذلك فيه إرضاء لله؛ لأن فيه خيرا للعباد ونفعا لهم» واخير الناس أنفعهم للناس)7©. وإن الله تعالى فى وسط الأمر بالدعاء نهى عن الإفساد فى الأرضء» ويتضمن ذلك العمل فيها بالإنتاج والإنماء يقوله تعالى: «إولا تفسدوا في الأرضٍ بعد إصلاحها 4 . إصلاح الأرض: خلقها صالحة لأآن يعيش عليها الإنسان فى زرعها وغرسهاء ومستمتعا بكل حلالها وطيباتهاء وقد أرسل الرسل منذرين ومبشرين» وهداة إلى الحق ومصلحين وعاملين للخير. وإفسادها إشاعة الظلمء وإفساد ما تنتج» والتعدى التعاون على الإثم والعدوان وقطع الأشجار وحرق الشمارء وجاء فى القرطبى (تجارة الحكام من الفساد فى الأأرض) . )١(‏ سبق تخريجه. لل الل يم ونرى أنه قد جاء النهى عن الفسادء ولم يجئ الأمر بالإصلاح؛ وذلك لأن الله تعالى تولى جعل الأرض صالحة لأن يعيش فيها أهلها آمنين مطمئنين بأن جعلها مهاداء وجعل الجبال أوتاداء وأنزل من السماء ماء فأخرج به ثمرات كل شىء: أنخرج به حبا متراكباء وغروسا ذات ثمار يانعة» فهو سبحانه وتعالى - تولى ما به صلاح ذات الأرض» وأرسل الرسل تصلح ما بين الناس بالحق» وأجرى على أيديهم شرائع تهديهم إلى الرشادء وتأخذهم إلى الحق إن استقاموا على الطريقة» وإذا عرفنا معنى الإصلاح الذى كان من الله تعالى فى الأرض» عرفنا معنى الإفساد الذى يكون بعد الإصلاح الأزلى الذى قرره الله تعالى فيكون الإفساد تخريب العامر» وقطع القائم وإهلاك الحرث والنسل» وتعطيل شرائع الله وإشاعة الأخلاق الفاسدة» وإثارة الغرائز الفتاكة والقاتلة لكل فضيلة بين الناس» وفتح باب الرشا وأكل السحت. وقوله: « بعد إصلاحها », تقرير لواقع الأمور؛ لأن الفساد لا يكون إلا تقويضا لصالح» وإنه فى وسط تلك المعرفة القائمة بين الصلاح والفسادء مع الامتناع عن الثانى يكون الالتجاء إلى الله تعالى؛ ولذا قال تعالى: ‏ وادعوه حَوْقا وَطَمَعا 4 . أى ندعو إليه - سبحانه وتعالى ‏ بدعاء: ربكم الذى خلقكم ويكلؤكم بعنايته وتدبيره وحكمته «حَوفا وَطَمَعا 4 أى خائفين من مغبة أعمالكم فى الحياة (الدنيا)» ومن آثارها فى اليوم (الآخر)» وطامعين فى غفرانه ورحمته التى وسعت كل شىء رحمة وفضلا. فمعنى ظخَرْقًا4 أى خائفين من عذابه» وظطَمَعًا4 أى طامعين فى غفرانه. وإن الله تعالى يقرن رجاءه بخوفهء ورحمته بخوف عذفابيه. قال تعالى: لنَبَْ عبّادي أَنِي أَنَا الْعَمُورُ الرحيم 60 وأَنّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابِ الأليم 43 [الحجر] وقدم - سبحانه وتعالى ‏ الخوف على الطمع؛ بأنه يجب على المؤمن أن يغلب الخنوف على الرجاء؛ لأن من غلب الخوف على الرجاء أمن تفسير سورة الأعراف تن الملل الل ل اكد . بي واحترس» وسار على الصراط المستقيم آمناء وإن غلب الطمع» ربما انساق وراءه» وإذا انساق ربما سار فى غير الطريق السوى. ولقد قرب الله تعالى رحمته لعباد. فقال: 8إإِن رحمت اللَّه قريب مَن الم , لمحسنين » . المحسنون هم الذى أجادوا أعمالهم فى الدنياء وبلغوا بها الكمال الإنسانى» وبالغوا فى أداء واجبهم» وزادوا عليه وأطاعوا ربهم فى كل ما أوجبه عليهم وألزمهم به. ورحمة الله غفرانه (ذنوبهم). والإنعام عليهم» وأن يكتب لهم الثواب بفضل منه وكرم» وقد قال تعالى فى دعاء الأبرار: « واكتب لَنا في هذه الدنيا حسنة وفى الآخرة إِنَا هدنا إِليِكَ قَالَ عَذَابى أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للّذين يتقون ويؤتون الزكاة والّذين هم بآياتنا يؤمنون 0253 4 [الأعراف]. وقوله تعالى: إن رَحَمَت اللّهِ قَريب من الْمحسنين 4 فيها إشارة إلى أن الله تعلى يعطى رحمته أن يستحقها بغير حساب١ ٠‏ ومن غير تسويف» والمسافة بين وهنا بحث لفظى» يقول الله تعالى: (قرب4 على أنها عير لرسمة: وهى مؤنث لفظى لحقته التاء» وكان مقتضى السياق اللغوى أن يقول «قريبة» بدل «قريب»)؛ ' خرج بعض النحاة ذلك على أن (رحمة) مؤنث مجازى؛ ولا يلزم فى خبره التأنيث» بل يجوز فيه التذكير. وبعضهم قال يتقدير مكانهاء فقال السياق: «وإن رحمة الله مكانها قريب) أى أنها سهلة فى الوصول إليهم ؛ لآنه كلما قرب المكان كان الوصول إليها أسهل . 0# تفسير سورة الأعراف 0 امل يم للهاإ] لب ا وهذه وغيرها تخريجات نحاأة ليستقيم إعرابهم » أما كلام الله فهو فوق طرائق إعرابها وهو سليم منزه عن أى عيب بيانى . عارص يِل ريح دح وشا بد يدي تهجو يدا َكلت سَحَامًا ال شفكة كيت َي انتودق َه 2< ب مرح سا ب بر سارح سار 9 عَم يَكَدَك رخ الْموقَ هكم مَدَمكروت 70 سه بس سح فرع وَانبَآد ايب يوج تاه بدن ريه دوا حبك كاين ِلَاتَدَاسكدَِكَ ضر فْالآَيتٍ علِعَوَِمفَحروتَ 62 وبين - سبحانه وتعالى - وجوب الضراعة من بنى الإنسان كما يسبح له كل ما فى الوجود» وإن كنا لا نفقه تسبيحهم» ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» وفى هاتين الآيتين: يعلد سبحانهة - على الإنسان ما سخر له فى الأرض» فقال عز من قائل : و لذي تومل لياح ثرا مين دكا رسعت سا ا ل بي سقناه لبلْد مَيتِ4 «الواو» هنا عاطفة على قوله تعالى: «( يغشي اللَيل الهار يطلبه حنينًا )4, أى أنه وقد أنعم بنعمتى الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات أنعم بالماء يسقى الأرض فتنبت نباتا طيباء وهو سبحانه وتعالى - الذى يوزعه فى مواتها . «إ وهو الضمير يعود على الله تعالى جل جلاله» وتعالى كماله» يثيرها سبحانه» ثم يرسلها بقدرته 8 بشرا بين يدي رَحمته 24 أى أمام رحمته مبشرة اه 2 0307 ع 0 هاا تغسشبير شبورة الاعرا اف ني للا الل 0 حر ار الناس بأن السماء ستمطرء والمطر غيث يغيثهم» يشربون منه»ء وينبتون به زرعهم ويسقون به أنعامهم» وغرسهم» ويجنون به ثمارهم» فهى بشرا لهم» مبشرة لهم برحمة من الله ويكون المطر. وبشرا: جمع بشيرء كقلب جمع قليب» وأصلها البشراف وسكنت للتخفيف» وهناك قراءة بالنون» لا بالباء» وبضم الشين» أى (نْشر)"27؛ وهى جمع ناشرء كما أن شهدا جمع شاهدء والمعنى أن الرياح تنتشرء مبشرة بأن السحاب سيمطر مطرا يكون غيثاء وحول هاتين القراءتين قراءات أخرى يبلغ عددها سبعاء والفرق بينها فى الكلمة» ولا يؤثر اختلافها فى مضمونها. وهى تكون منتشرة معلمة بالبشرى بالماء الذى يحيى الأنفس» ويحيى موات الأرض . ويقول سبحائه فى تحقيق البارة: لس إذ أت سانل حتى ثارت هذه الرياح فبخرت البحار فتكون منه الماء» وحملت السحاب» وتكائفت الرياح. . و أَقلّت »4 أى حملت, ولا تقال كلمة #أَقَلّت 4 بمعنى «حملت» إلا إذا كان سحابا ثقالا أى ممتلئة ماء . وسحاب اسم جنس جمعى يفرق بينه وبين مفرهه بالتاء أو بياء النسب كتمر» وثمرة» وبقر وبقرة» وعرب وعربى» وروم ورومى. والثقال جمع ثقيل. امتلأت السحاب بالماء» وحملتها الرياح» ولم تنزل حيث كانت» بل إن الله تعالى المنعم الموزع لرحمته لا ينزلها إلا فى مواطن الحاجة إليها على ما مضت به حكمته» وعلى مقتضى علمه - سبحانه وتعالى ‏ فهو الحى القيوم المدبر للوجودء ولأهل الأرض 89 سقتاه لبلَد مي ت4 أى سقنا السحاب» فالضمير يعود إليهاء وهى تذكر وتؤنث» فأومأ ‏ سبحانه وتعالى ‏ إليها مذكرا. ساق: تتعدى ب«اللام» وتتعدى ب (إلى»؛ ومعنى سوقها دفعهاء وتعديتها باللام هنا لمعنى الاختصاص )0( قرأها: «نُشرا#بضم النون اين عامرء و #تشسرا»بفتح النون حمزة والكسائى وخلف والمفضل» وطبشرا»بباء مضمومة عاصم إلا المفضل » ولإنُشر ا #بضم التون والشين نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب . غاية الاختصار: الجزء الثانى -برقم(895). ./ تفسير نبور 6 الأعرا اف الملل للم يم حر > اق بقسمة الله تعالى العادلة» فالمعنى سقناه إلى هذا البلد» ليكون مختصا بها حتى يحيى مواتهاء فإذا ماتت أرض أخرى اختصصنها بما يحبيها من غير تثريب17) فسبحان الرزاق الحكيم. والبلد الميت» هو الأرض الميتة التى لا ماء فيها. ولا ينتفع بها فى زرع أو غرس» ولا يوجد ما يأكل منه حيوان أو يحيا به إنسان» فيحيى الماء بعد مواتها بإذن الله العليم الحكيم الرزاق ذى القوة المتين. وقال تعالى: ل فانرا به الْمَاء فَأَخْرَجنَا به من كل الشّمَرَات 4 . إن السحاب الذى ساقه الله تعالى إلى البلد الميت يلقى حمولته من الماء بإذن الله وبأمره وبنعمته؛ ولذا قال: ( فأنرلنا به الماء » والضمير فى «به» يعود على البلد الميت» أى فأخرجنا بهذا البلد الميت» الذى لاينبت زرعا 9 من كل الّمْرَات 4 من: هنا بيانية» أى أخرجنا كل الثمرات بهذا البلد الميت» أخرجنا حبا وزيتونا ورماناء» متشابها وغير متشابه» وأخرجنا نخلا وعنباء» وأخرجنا كل شىء» وجعلنا منه كلأ تأكل منه الإبل والبقر والغنم» وكل ذى كبد رطبة ينتفع بهاء ويختبر بها. فكان من هذه الأرض الموات تلك الحياة» وذلك الخضر من كل شىء» وإن ذلك يقرب لكم إعادة الأموات إلى الحياة؛ ولذا قال تعالى خاتما الآية الكريمة: <( كذلك نخرج الموتى لَعلَكُم تَذَكّرون 4 . أى كهذا الذى رأيتم من إخراج ثمرات كل شىء نباتا حسياء وغرسا مثمراء وحبا متراكباء وكلا طعاما للنعم كهذا الذى شاهدتم» وتشاهدون كل يوم يخرج الله تعالى الأموات من قبورهم أحياءء فالتذكير بقدرة الله تعالى على البعث ثابت فى كل ما يشاهدون» يخرج الحى من الميت» ويخرج الميت من الحى . )١(‏ التثريب: كالتأنيب والتعيير والاستقصاء فى اللّوْم يقال: لا تثريب عليك. 05 ا تفسير سورة الأعراف مك اللا 0 حمل بز يي فشبه الله تعالى إخراج الأموات من قبورهم وبعثهم» وإنشارهم بعد موتهم بإخراج النبات من الأرض الميستة أحياها. ولقد جاء فى بعض الأخبار أن الله عند إحياء الأموات ينزل المطرء أربعين يوما فيخرج الأموات أحياء كالنبات7 . مه ولقد قال: 9 لعلكم تذكرون 24 أى رجاء أن تتذكرواء وأنتم ترون ذلك فى « والبلد الطَر ليب يخرج نباته بإذن رب والّذي خبث لا يخرج إِلأّنكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون (62 4 . البلد: الأرض» وهى الأرض ذات التربة الخصبة المشتملة على كل ما يتكون منه النيات أو الغراس مع الماء والحرارة» وما تقتضيه طبيعة النبات» وما يكون غذاء له والأرض الخبيثة أو البلد الخبيث ما تكون تربته غير منبتة كالحجارة أو ما يشبههاء وكالارض التى تكون قريبة من المالح.» فيكون ملحها مفسدا لطينتها وخصبهاء وخبيثها حجارتها وسبخهاء وكل ما لا ينبت» ومنه الرمال التى لا تحبس الماء» فالبلد الطيب يخرج نباته طيبا غزيرا كثيرا يشبع» ويرضى الزارع بإذن التكد الذى لا طيب فيه ولا نفع منه. وإن ذلك مثل لتقسيم الأرزاق» فمن الناس من رزقه الله تعالى أرضا طيبة تأتى له بالخيرات والثمرات» ومن الناس من اختبره الله بأرض خبيثة لا تخرج إلا )١(‏ وذلك كما ورد فى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنّهُ. [البخارى : تفسير القرآن - 98 يوم ينفخ فى الصور فتأتون أفواجا 4 (4975)»: ومسلم: الفتن وأشراط الساعة- ما بين النفختين(59665)]. / تفسير سورة الأعرا اف 11111!!!!!! ااال الااخخ خخ نما الالالال انالا لاااااطططاامطاااام طخل ماتططللنا ل ل لل لل اااطالخخط طخلل ااضخاناخطكطخل لط لاط لط ملسلل ١‏ ههه * يي نكداء وهذه تدعوه إلى أن يبحث عن أرض خمير منها ([ ... فَامشوا في متاكبها وكلوا من رَزقه وليه ؛ النشور 62 4 [الملك]ء وأن يبحث عن خيرات الأرض من باطنها مما اختزنته من معادن وفلزات وكنوزء وأحجار وماسء» وكل ما له نفاسة» فكل أرض الله تعالى لا تخلو من خير. وهذا معناه أنه لا يمكن أن يمحى الفقر والغنى أو يذاب ما بينهما من فروق كما يقول الجهلاء الذين لا يؤمنون بشىء» وقد نقص إدراكهم عن أن يصل إلى حقائق الوجود»ء وإن تزعموا وتحكمواء وحكموا بالباطل. وإن بيان معانى هذه الآية المحكمة على أنها حقيقة تبين قدرة الله وتصريف خيرات الوجود بمقتضى علم الله تعالى» وتدبيره وحكمته» وأن بلاد الله فيها الطيب الذى يحييه خخير الله وينزل الماء فيه» وفيها الجدب الخبيث الذى لا ينبت إلا نكداء وإن كان قد ضم باطنه خيرا آخرء لا فى الطعام والثمر والزرع» ولكن فى منافع الناس . وقد رأى ابن عباس - رضى الله تعالى عنهما ‏ أنه مثل" ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر» فالمؤمن كالبلد الطيب يخرج نباته وثماره بإذن ربه» فقلب المؤمن كالأرض الرطبة لا يكون منها ماهو طيب» وقلب الكافر خخبيث كالبلد الخبيث الذى لا ينتج إلا نكداء قبيحا وشرا. ظ ا وإنا نقول غير جامعين بين الحقيقة والمجاز» إن الآية تدل على تصريف الله تعالى» وتشير عن بعد إلى قلب المؤمن وقلب الكافر» وتقاربهما من البلدين» الأول من البلد الطيب» والثانى من البلد الخبيث. وقد روى البخارى عن أبى موسى الأشعرى عن رسول الله كِْةِ أنه قال: «مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير»ء أصاب أرضاء فكانت نقية قبلت الماء فأنيتت الكلاً والعشب الكثير» وكانت فيها أجادب أمسكت الماء» فنفع الله بها الناس فشربواء وسقوا وزرعواء وأصاب منها طائفة أخرى إنما اوه « اه م .9 الل لل الل 1 لسر ا هى قيعان» لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه فى دين الله» ونفعه ما بعثنى الله تعالى به فَعَلمَ وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأساء ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به)20 ولقد ختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالت كلماته: ( كذلك نصرف الآيّات لقوم يشكرُون» . التشبيه والإشارة هنا «إ كذلك # الذى رأيت من تصريف القول من بيان نعمة الله على الوجود بسخلق السموات والأرض فى ستة أيام» وبيان النعم فى الإنبات والإثمار» وإخراج كل ما هو نافع للأحياء» كهذا الذى رأيت نصرف الآيات» ونبينها فى تصريف محكم مقرب للنفوس» أى كهذا التصريف فى ذكر هذه الآيات» نصرف فى بيان الحقائق دائماء لقوم من شأنهم الشكرء وتقبل النعمة بالقيام بحقها؛ ولذا عبر بالمضارع الدال على تجدد الشكر المنبعث من النفس الإنسانية المؤمنة» والله غفور شكور. القصص القرآنى بعد الآيات الكونية التى ذكرها الله تعالى دالة على وحدانيته - سبحانه وتعالى ‏ ساق أنباء الرسل» ودعوتهم إلى التوحيد» وتبليغهم رسالات ربهم فى إصلاح الإنسان» والقيام بحق ما أنعم الله به عليهء وأنباء من أرسلوا إليهم» وكفر من كفرء وعنادهء وأخبر عن دعوة كل رسول وما أجيب بهء وذلك لأمور كثيرة: 2 أولها ‏ العبرة بأحوال السابقين والوثنيين الذين اعترضوا على الأنبياء.» لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب. )١(‏ متفق عليه» وقد سبق تخريجه. / تفسسير سدورة الأعراف لمان أ ]ا أت الل]!للتانا!ا!) ةماخ مااع ع ع ممم لاا !!!مل ممعم عع اناالا 1١‏ لسر أ وثانيها ‏ بيان ما نزل بالمشركين الذين كفروا بالله وكذبوا الأنبياء وعاندوهم وآذوا من اتبعوهم» من عذاب حتم عليهم؛ ومن خسف جعل عالى ديارهم سافلهاء ومن ريح صرصر عاتية» وليعلم الوثنيون الذى يخاطبون النبى كله أن تعالى يمهلهم ولا يهملهمء ؛ كما قال تعالى : (وستس اباي ل اصن رق خَلَتَ من قبلهم الْمثْلات وإِن ربك لذو مُغْفرة للئّاس على ظَلْمهم وإ رّكَ لَشَديد العقاب (2)# [الرعد]. وثالفها ‏ أن الآيات مهما تكن شديده قارعة حسية لا تجعل من القلب الجاحد مؤمناء فهؤلاء السابقون جاءتهم الآيات الحسية القارعة» ولكن لم تحمل الوثنيين على الإيمان» بل جحدوا وإن كانوا مستيقنين. ورابعها - التسرية عن النبى ككل بأنه لم يكن أول من كدب وجحدت آياته بل كذبوا من قبل . وخامسها ‏ أن فى نبأ كل نبى من الأنبياء تتساق الحجج على التوحيد» والتنبيه إلى آيات الله تعالى فى الكون. وسادسها ‏ أن فى القصص علم الأمم. وأخلاقهاء وضلالهاء وهداية من يهتدى . من نبأ نوح - عليه السلام - لْقَدَ رسلا نوحا إل َو فَفَالَيمَو عبد سس مَنْإِلهِ يق لَحَافُ 2 0 جم -_- مات -ه 171 . 7 00 ا 02 يوقو 2ه اك 7 05 َه 5 ٠‏ لااللاللل لللل مل الل اكاك : لي د كب * دو ب جور 4 و 4 اسمس سح عور ل سل لاد مَ لاحمو وا أوعبثم أن جاء هذ كرمّن رَيَحرعل صم 2 . - م - 001 م 0 ججدهه 0 رَجَلٍ و ط لسنذركم ولك أولعلك ترحمون (,'0) فُحَذَ بوه َه سح سد اخ ردنا 01 قأنجيئه وَالْذِينَ معددف ا لفك وأغرقنًا) آرت روأ ل ل ل جدقىي 1 باينا إِنهم كاوافوماعميت ابتدأ نوح كلامه مع قومه مستدنيا قلوبهم» مقربا القول إلى نفوسهم» وكان إرساله إليهم» ولم يوجد ما يدل على أنه أرسل لغيرهم» كما قامت رسالة رسول الله محمد كَكيلَةٌ إلى الناس . قال عليه السلام: «إيا قوم4 نادى بالرابطة التى تربطه بهم وهى أنهم قوم الذين يستنصرهم» ويعتز بصلتهم ويريد الخير لهم» ويجب كل كمال لهم: © اعبدوا الله ما لَكُم من إِلَهِ غَيْرَه 4 والجملة الأولى دعوة إلى عبادته لأنه خالق الكون ومنشئ الوجودء والجملة الثانية تدل على انفراده وحده بالألوهية» فهى نفى وإثبات؛ نفى أن يكون لهم إله غير اللهء ولذا قال: «إما لَكم مَن إِلَّهِ غيره 4. أى ليس لكم من إله غيره سبحانه» و«من» لاستغراق النفى» والمعنى: ليس لكم أى إله يعبد غيره؛ لآأنه الخالق» ولأنه ليس كمثله شىء فى ذاته أو صفاته» فهو المعبود وحده. ْ وقد حذرهم من عصيان الله تعالى» والكفر به» وعبادة غيره» فقال: 9 إني َحَاف عَلَيكم عذاب يوم عظيم» وفى هذا يظهر عطفه عليهم داعما دعوته بخشية ما ينزل بهم. ومع ذلك هو تهديد لهم بعاقبة إنكارهم. وقد أكد خوفه عليهم بكل مؤكدات القول» ب(إن»» وبقوله ( عليكم 24 وتنكير العذاب» و عظيم #. وأنه لا يدرك جهتهء ولا تدرك المشاعر الآن حقيقته. هذه هى الدعوة إلى التوحيد والترغيب فيهاء والترهيب من عصيانها؛ فبماذا أجاب قومه؟. ل تفسير سورة الأعرا اف ل ك4 لسر اا مجرميها كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم. كانت إجابتهم إصرارا على غيهم» واستمساكا بما هم عليه». وعدوا غيره ضلالا وسفها: إِنَا لراك في ضلال مبين4, أى إنا نراك فى بعد عن الهداية» والحق واضح. وقد أكدوا ذلك ب(إنا»)» وبأنهم يرونه كذلك» وإنه يستفاد من هذا أمران: أولهما ‏ أنهم يردون قوله» ولا يقبلونه ويعصونه» وأنهم يرون أن صاحبه فى ضلال واضح لا هداية معهء وأنهم بهذه الحال لا يمكن أن يجيبوه بل أن يفكروا فى إجابته. وثانيهما ‏ أنه يلاحظ أن ذلك من كبرائهم» كما ذكرناء أما ضعفاؤهم فإنه لم تعرف لهم إجابة» لأنهم مغمورون غير مذكورين» كما كان الأمر من بعد ذلك للنبى كله إذ مكث وقت الدعوة المحمدية فى مكة. ما كان يتردد فى جنباتها إلا صوت أبى جهل وأبى لهبء والوليد بن المغيرة» ولا يتردد صوت عمارء وبلال وأبى بكرء وإن نوحا النبى الأمين» منهى عنهم ولا يرد عليهم» بل يقول فى أناة المؤمن : «يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول مُن رب الْعَالَمِينَ 4 يقول مبتدئا القوم بندائهم» بما يقربهم ويدنيهم لا بما يبعدهم» وينبئهم »؛ يناديهم يا قومى يا من أنا منكم وقطعة من جمعكم يضيرنى ما يضيركم» ويؤلمنى ما يؤلكم ثم يقول نافيا ليس بي ضلالة 4 أى ليس بى حال أضلتنى عن الحق» وكأنهم قصدوا من الضلالة أنه مسحور قد ضل عقله وغاب» فهو يقول ما بى ضلال» بل أنا برشدى الكامل وأنا فوق ذلك هاد مرشد متحدث عن الله تعالى؛ ولذا أردف نفى الضلالة بقوله: ا ولكني رسول من رب الْعَالَمِينَ4 والاستدراك من نفى الضلالة إلى مرتبة عالية» وذكر أنه رسول» قد أرسله الله تعالى رحمة بهمء وإنقاذا لهم من ضلالهم» وأضاف الرسالة إلى الله تعالى معبرا بقوله: رب العالمين 4 أى الذى ربى الناس وكونهم» وهو القائم عليهم, والمصرف لأمورهمء وللوجود كله سبحانه وتعالى. حي لمملا لل #لجل بر يي ثم بين الرسول الأمين واجبه وهو التبليغ والنصيحة:» والدعوة إلى الهداية فقال الله تعالى عنه: «إ أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأَعلم من اللّه ما لا تعلمون 4 . « أبلغكم رسالات ربِي 4 وعبر عنها بصيغة الجمع للدلالة على أنها متعددة النواحى» فهى للتوحيد» وهو رأسهاء وعمادها. وإصلاح الجماعة» ونشر الفضيلة» وتكوين الأسرة» وتنظيم المعاملات الإنسانية على أساس العدل ومنع البغى ولتعميم الإحسان» وإصلاح الأرض ومنع الفساد. إلى أن يجىء من ينسخ شريعته» وأضاف الرسالات إلى ربه - سي حانه وتعالى - لأنه منزلهاء ولأنه القائم على الوجود. والمربى لهء والعالم بكل ما يصلحه» وذكر أمرين يقوم بهما بعد تبليغ رسالات ربه» وإعلانها لهم: تفعهم » والخير العميم لهم والنصيحة والنصح إخلاص النية من الغرض وقصد الفساد» نصحته ونصحت لهء أى أخلصتها له. ثانيهما ‏ الإشارة إلى أنه عنده علم من الله لا يعلمونه؛ لأنه يخاطبه الله تعالى وحيا أو برسول من الملائكة أرسله إليه؛ ولذا قال فى تأكيد نصحه» وبيان صدقه. وأنه هاد مرشد: ١‏ وأعلم من اللّه ما لا تعلمون » فاقبلوا نصحى وإرشادى» فإنه ليس منى» ولكن من الله ربكم ورب العالمين. يزيل غرابتهم» فقال متقربا متحببا مخاطبا وجدانهم مزيلا استغرابهم: ليمع أ اكه دخ يكم ع ربل سكم ركم وا وتنك ترحمون 09 4 . ع ااا تفسبير سورة الاعراف للا الاااللللل 0000000001 كمه : ١‏ الواو هنا عاطفة ما بعدها على ما قبلهاء فهى عاطفة كلام نوح ‏ عليه السلام ‏ الأخير على ما قبله» ولكنها أخرت فى الذكر عن الهمزة» وهو بهذا ينبههم إلى ما يزيل عجبهم واستغرابهم» فهو استفهام فى معنى النفى» أى لا يصح أن تعجبوا من ذلك فإن الله لا يَتزل» ويكلم الناس» ولا ينزل الملائكة» ولو جَعلنَاهُ ملكا جَعلنَاهُ رجلا ولَبَسَا عَلَيْهِم ما يَلْسُونَ )4 [الأنعام] ولقد أزال عجبهم» وأمرهم بألا يعجبوا. وموضع العجب الواهم هو أن جاءكم ذكر من رَبَكُم 4 «أن» تذكير بالحقيقة المستكنة فى قلوبهم التى يطمسونها طمساء حتى لا يذكرواء ظعَلَى رج مََكُم 4, أى على لسان رجل منهمء أو أن «على» بمعنى (مع' أى : مع رجل منهمء وكذلك قال المشركون لمحمد كَككِلْة: 9 . .. أبعث اللّه بشرا رُسُوَلاً 469 [الإسراء] 9 وَقَانُوا ما لهذا الرّسول يأكل الطَّعَامَ ويَمّشي في الأسواق ... 40 [الفرقان]» وقد بين الله الغاية من الرسالة التى جاء بها نوح ‏ عليه السلام - وهى غاية الرسل أجمعين فقال: ‏ لينذركم 4# بهذا الذكر الذى يثير العلم الذى تطمسونه فيذكركم به منذرا من عذاب» ومبشرا بثواب ل ولّقُوا 4 ولتعملوا على أن تتخذوا من عملكم وقاية لكم من العذاب» « ولعلّكُم ترحَمون 4, أى ولترجوا أن يرحمكم الله باتباع ما أمركم به من توحيدء وإصلاح» فإن ذلك هو الرحمة الحقيقية بكم. قال نوح ذلك متوددا متحبباء مخاطبا بما يجمعهم من مودة» ولكنهم نفروا من دعوته» ومن هدايته فكذبو. «( فأبجيناه والّدين معه في الفلك وَأَعْرَقْنَا اين كذَبوا بآياتنا إِنّهُم كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ4. الفاء: هنا للإفصاحء أو للترتيب» أى أنه ترتب على هذا الذكرء وهذه الدعوة الهادية الباعئة على العبرة أن كذبوه» وكان لا بد بعد هذا التكذيب القاطع للحق» والهادم لكل صالح أن يكون العذاب لمن طغى» والنجاة لمن هدئ» أمره الله تعالى بن يصنع الفلك» لينجى فيه من آمن من قوم نوح» وأن يغرق من عاند وكفرء فقال: « فَأَنْجينَاه وَالّذين مَعَه في الفلك وأَعْرقْنَا لين كَدبُوا بآياتتا4, أى بسبب تكذيبهم؛ لآن الصلة فى الموصول هى سبب الحكمء تفسير سورة الأعراف 0 لل ل ااال اس 1 وقد أكد ‏ سبحانه وتعالى - وصفهم بالضلال» فقال: طإِنْهم كانوا قَومًا عمين » عمين جمع عمء وهو صفة مشبهة من عمى» فهم ضالون قد أعمى الله تعالى بصائرهم. وإنها لا تعمى الأبصارء ولكن تعمى الأفئدة التى فى الصدور. هذا ما ذكره الله تعالى فى هذا الموضع من قصة نوح - عليه السلام - ونكتفى بالكلام هناء ونتكلم فى باقى قصة نوح مع قومه فى مواضعها من القرآن الكريم » فلكل جزء منها عظة قائمة بذاتها. وسيدنا نوح - عليه السلام - هو أبو الأنبياء بعد آدم» وقيل: إن إدريس أكبر منه» ولكن الظاهر من سياق القرآن للأنبياءء أنه أبو البشرية بعد آدم» والله - سبحانه وتعالى ‏ أعلم . م م سه دح صصح عوعرور 000 ا 2 - 040 1 أت هودا قَالَ يلقو م عبد وأ أله ما لمن إلوغيرة افلا - صرح ل مر م و و 2 25-4 :ا مَل َْكدالرس كفَرُأمِن قَوصِكَا آ آل 2000 ججرم - سفاهة و إِنًا لظئّكَ مرح !لكين بير 203 5 أبَلَفْحكُم رِسللنت رن وَأَنَأْلَكْدنَا ص أَمِينُ 2 أن جَاء دحكرين رم يكم عل رَجْلٍ قِسَكهَ إخنذٍ وا سكُروأإ جمكي و 2 م مر عه ف الْحَلْق بَضََطهُ أذ حك رو أء! لك أله لعل حون ا جنم - م ساح وه ره ل قَالوا أجِمتنًا لتعبدالله وحده.:وَنَدَرَ مَاكان الها تفسير سيور - الأعرا اف الل 0 الها 1 7 9 مالسل رخ -ه 2 يَعَبدُ اونا فَأَننَايِمَا دنا إن كنت من الصَندٍقِينَ 0 ب ري - -- عط 2 دَالَفَدْوَقَمَ عَكِحكُم ين يكم رِجْسٌ وَحَضَبُ هه عع م 1 كي مََوَُ دلوتي فت أسْمَو سَيِدُمُوِ هآأنتموءابَآ َِكَاين لطي أإِقْ معَحكممِن ََ لس مَعَمُمَة قينا ال-2 0 وَكَطْعَنَا دا رَاَلَدنَ 1 مَؤّمِيِيكت يدل ما ذكره - سبحانه وتعالى ‏ هنا من قصة هود عليه السلام ‏ أنه جاء من بعد نوح ‏ عليهما السلام - فقد قال تعالى: 8 وَاذْكُروا إِذ جعلكم خَلَفَاء من بعد قوم ُوح4 إلى آخر الآية الكريمة. يقول تعالى: ظ وإلّئ عاد أَحَاهمٍ هودا 4. الواو عاطفة على قوم نوح» وهى على نية تكرار العامل أى وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداء وقدم قوم هودء وهم عاد؛ لأنهم كانوا فى عتو شديد. قال لهم هود الهادى المرشد : ظ يا قوم اعبدوا الله ما َك مَن إَِه غيره أقلا مقن 4 . ابتدأهم بدعوة النبيين إلى التوحيد» وهى دعوة نوح من قبل» ودعوة من بعد عاد إلى أن تكون دعوة محمد يل طقال 4 لهم: ط اعَبدوا اللَّهمَا لكم من إل غير 4. ف «من» هنا لاستغراق النفى وانحصار الألوهية فى الله تعالى وحدهء وحذرهم من الكفر كما حذر نوح إذ قال: إني أَخَاف عَليكُم عَذَاب يوم عظيم 4. وقال هود محذرا ومحرضا على أن يجعلوا لأنفسهم وقاية بينهم وبين العذاب» فقال: #أَفَلا تتَقُونَ» والفاء للترتيب والتعقيب» وموضعها مقدم على الهمزة» ولكن الاستفهام له الصدارة» والمعنى» أنه يترتب على المطالبة بعبادة الله وحده أن تتقوا عذابه» وتخافوه» فهى تتضمن ذكر الخوف والتحذير من عذاب الله تعالى» وأن يجعلوا لأنفسهم منه وقاية» فأجابوه إجابة المتعنت المستخف. اا تفسير سورة الاعرا اف 0 111ضاااا الكش نااال امم لمممناملل الل تلكا ا ك انل للاالا اناك اطخ ططخل خخ ممم ممالل طامط لالخ ممم طلخم نوعط مطامط ضسططتلة أ اة « قَال الْمَلاً الْذِينَ كَفَروا من قَوْمه إِنّا لنراك في سَفَاهة ونا لَنَظُدّكَ من الكاذبين 69 4 . كان الذين يردون هم الكبراء البارزون» فيهم كشأن أعداء الأنبياء دائما؛ لأنهم الذين يخافون على سلطانهم» كما رأيت فى الذين عاندوا نوحا وكفروا به وكما رأيت فى الذين عاندوا محمدا يل وكما نرى فى الذين عاندوا هودا أخا عادء وقد بادروه بالطعن فى شخصه. قالوا فى شخصه: «إإِنًا لراك في سفاهة 4 وأكدوا ذلك ب«إن» وباللام» أى: إنا لنراك فى خفة عقل وحمق وطيش وذلك استخفاف بهء لآنهم ضالون. ودعاهم إلى الحق الذى لا ريب فيه. وأما طعنهم فى قولهء فهو قولهم: طوإِنَا لَك من الْكَاذبِينَ4 والظن هنا هو العلم المزعوم عندهم» بدليل أنه أكدوا حكمهم ب(إن» واللام» وكونه داخلا فى زمرة الكاذبين» وقد يطلق الظن بمعنى العلمء وهو هنا كذلك. أجاب هو إجابة النبيين: لإ قَال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول مَن رب الْعَالَمِينَ 9 © ناداهم مدنيا مقربا لهم» بقوله يا قوم وقد اختاره الله على أنه أخ لهمء إذ قال: «وإلئ عام أخاهم 4 ليس بى سفاهة فما خالفتكم. ودعوتكم إلى عبادة الله تعالى وحده لحمق أو سفهه. وإئما لأنى أرسلت بذلك؛ ولذا قال: 9 ولكتي رَسُول من رب العالمين 4 أرسلنى إليكم» داعيا إلى عبادته وحده ثم قال: ا أبلْفكُم رسّالات ربي 4 من شرائع وأحكام فيها صلاحكم فى الدنيا والآخرة» وإنى مع الرسالة ناصح مين 4, أى أنصحكم النصيحة بأمانة لا أغشكم ولا أخدعكم بل أدعوكم إلى سواء السبيل» وقد توقع استغرابهم من أن يكون منهم رسول» وقد ذكروا ذلك كما ذكروه من بعد لمحمد يَلْوٌ فالعقلية الوئنية الجاحدة واحدة» تختلف الأقوام» ولا يختلف المنزع . ل تفسير شنو 6 الأعرا اف مامالل 1م بوب بير يي قال لهم مقالة نوح: «أو عجبتم أن جاء كم ذكر من ربكم على رجل منكم *. وأنذرهم بالعذاب الشديد إن لم يؤمنواء وذكرهم بما كان من قوم فرعوث» ونعم الله تعالى فقال: «( ليدذركم 4, أى يببن لكم عقاب الله وإنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم واذكروا إذ جعلكم خلَقَاء من بعد قوم توح وَرَادَكُم في الْحَلْقَ بصطة قاذ كرو | آلاء الله ذكرهم بثلاثة أمور تدنيهم» وتجعلهم يشعرون بأن الله أنعم عليهم» وأعطاهم العبر ليعتبروا: ذكرهم أولا ‏ بأنهم خلفاء قوم نوح» وإن ذلك فيه عبرة لهم لأنتهم كيف أغرقواء ولم ينج إلا من حملته السفيئة الربانية» وخلفاء جمع خليفة» أى أنهم خلفوهم فى سكنى أرضهم وأرسل هو إليهم» كما أرسل نوح من قبل. وذكرهم ثانيا ‏ بأن الله زادهم فى الخلق بصطة» أى قوة فى الجسم فكانوا عمالقة» وبصطة أصلها بسطة؛. وتكتب السين صاداء لاتصالها بالطاء» وهى ساكنة . وذكرهم ثالثا ‏ بنعم الله تعالى عليهم من زروع وثمارء فقال: «فَاذكُروا آلاء الله 4 أى نعمه» واحدها «إلي» و«ألي». ذكرهم بهذه الأمور الثلاثة رجاء أن يعتبروا ويتعظوا ويؤمنواء وبذلك ينالون الفلاح والفوز؛ ولذا قال تعالى: «لَعلَكُم تفلحون 4» أى لترجوا الفلاح والفوز بالصلاح فى الدنيا والنعيم فى الآخرة. ولكنهم مع هذا التذكير الواعظ المرشد» لم يهتدواء بل قالوا مجادلين: و( أَجِنسا لتعبد الله وحده وَنَدَرَ مَا كان يعبد آباؤنًا َتنا بما تعدا إن كنت من الصّادقين 4 . ا تفسير سورة الأعراف لحني لل لل لأسب از يستذكرون أن يجيئهم» ليدعوهم إلى عبادة الله تعالى وحده» و«نذر»» أى نترك ما كان يعبد آباؤنا. وهكذا يذهب بهم الغلو فى الكفر إلى درجة أن يعتبروا أمرا نكر يستحق الاستنكار أن يعبدوا الله ويتركوا ما كان عليه آباؤهم؛ وهكذا قال المشركون» عند قول الله تعالى: فإ وإذا قبل لهم اتبعوا ما أنزل الله قَاُوا بل تع ما قينا عليه اباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيمًا ولا يهتدون ( 02 4 [البقرة] أنذرهم هود بعذاب شديد فتحددءوه أن ينزله» وقالوا: « فَأتنا بما تعدا إن كنت من الصادقين 4 تحدوا هودا أن ينزل الله العذاب الذى هددهم بهء وطلبوا من نبيهم أن ينزله كأن الأمر بينهم وبينه» وذلك للاستمرار على كفرهم وجحودهمء إذ إنهم لا يعتبرونه مرسلا من الله تعالى» ولقد وقع بهم ما استعجلوه» وقال لهم قبل وقوعه: : (قد وقع عليكم من ربكم رجس وَعَضب أنجَادلوتني في أَسمَاء سميتموها أنهم وآباؤكم ما نَرَلَ الله بها من سَلْطَان 4 . وقد أنزل الله - تعالى - بهم عذابين أحدهما «الرجس»» وهو الضلال الذى أدى إلى هذا الكفرء و«غضب الله» وهو وحده عذاب من الله» وسيؤدى إلى العذاب الذى نزل بهم فى الدنيا والآخرة وإنه لقريب؟ ولذا: فانتظروا إنّي معَكم من الستطرين 4 . وقد اشتمل كلام هود عليه السلام - على أمور ثلاثة هى إشارات بيانية . أولها ‏ قوله: « أتجادلونتي في أَسمَاء سميثمُوهًا » فهذا استفهام توبيخى على ما وقعوا من عبادة أشياء لا تنفع ولا تضر. انيها ‏ أنها لا وجود لها فى ذاتها إلا أن تكون أحجاراء ليس لها إلا أسماؤهما الباطلة التى سموا بها الثها ‏ أنه ما أنزل معها بحجة تسوغ عبادتهاء أو قوة فيها تكون سلطانا لها. ع | د تفسبير شبورة الاعراف يلللا 0 2 اكاك‎ ١ 2 وما كان من بعد هذا إلا العقابء فنزل بهم عذاب ساحق أهلكهم الله تعالى» وأنجى الله تعالى هودا ومن معه من المؤمنين؛ ولذا قال تعالى: «( فأنحميناه والّذين معه برحمة منَا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا » وترى التشابه التام» بين ما لقى النبى محمد ويد من المشركين» وبين ما لقى نوح» وهود من قبله عليهم الصلاة والسلام - وإن ذلك يجعل النبى َلِْةٌ يصبرء ويحمل التبعة» وشدائدها فإن تلك سنة الله مع الدعاة» والذين يدعونهم» وما كنت بدعا من الرسل . بيد أن الله تعالى أهلك المجرمين الذين يعصون الأنبياء» أما قوم محمد كَل فإنه ‏ سبحانه ‏ أمهلهم ليكون من أصلابهم من يعبد الله» وليجاهدهم على الحق هو ومن اتبعه إلى يوم الدين. من قصة صالح - عليه السلام نذكر من قصص الأنبياء فى هذا الموضع» ما قصه الله تعالى فى هذه السورة الكريمة» ونترك بقية قصص الله تعالى فيها إلى موضعهاء وبمجموع ما يذكره سبحانه يكون خبر النبى من الأنبياء» ولكنه مفرق فى السورء كل جزء منه فى موضع عبرته» وإرادة مغزاه. دع سلس اح سا ل ام - 000 وَإِلَكَمُودَ حَامُمَ صَديِحاقالَيدَوَِ أعبسدواً الله عع ىس يه هل 0 كر اسم حو د ما من إِلَدهِ ع : هرقا 2 5 د 8 مر سل عر ره سا 00 آءُ رج نوناق دأ هكمْءَايَهَ يَدَهَدْروَهاتاحل مط لس لا آ # و ل ف أرض الله وَلاتَمَسُوهَا سه و فخ عَدَاث ليع 7 ا ع و آ مه رواجم كرلضَاء. يعاود 0 َك ته 00000 2 5 04 . ا تفسير سورة الأعراف ا 00 1 الك < و 000 تعثوافي ا لارض ل لاع 0 سس فاصَبحوافي دارهم ددع به جع ك1 م م 2< جارعم جَدِيْمِينَ وي فَتَوَل : وَقالينقوم لقد أتلغتحكم آ# مر ا ل ا 00 002 ي عدم دموه رسالة رق وتصحت لكم و 0 ن لبون التتوحيت ل كان بعث صالح بعد هود» وكانت ثمود خلائف لعاد» قال الله تعالى: « وإلَئ تَمود أَحَاهُم صالحا 4 أى أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاء كما كان لعاد أخوهم هودء وذكر الأخوة فى هذا المقام فيه إشارة إلى أنه واحد منهم قد ربط بينهم برباط الأخوة. وكذلك كان يبعث الله تعالى لكل أمة رسولا منهم» كما بعث محمدا َكل من أنفسهم . قال صالح لقومه: «إيا قوم اعبدوا الله ما لكم مَن إِلهِ غَيَرَه 4 . هذه دعوة التوحيد» وهى دعوة النبيين أجمعين ودعوة الفطرة» ودعوة المنطق العقلى . ولقد أردف دعوته إلى الله. ببيان أنه مرسل إليهم من الله تعالى» ومعه البينة الدالة على إيمانه؛ ولذا قال لهم: :9 قد جاءتكم بينة من ربكم 4, أى معجزة ا تفسير سورة الأعراف الل يم اا 1 يي مبينة من ربكم دالة على رسالته؛ هذه البينة هى: ناقة لكم آية» أى دليل على الرسالة» ويظهر أنها كانت لها أوصاف خاصة تميزها عن غيرهاء» قال بعض الناس: إن الله تعالى خلقها من حجر صلدء ولكن لم يثبت ذلك بسند صحيح عمن بين القرآن للناس» ولم يرد بسند صحيح شىء عن أوصاف هذه الناقة. ولكنها على أى حال كانت مميزة عندهم معروفة بشخصها لديهم» ولذا قال لهم: ظفَدَروهًا تَأكل في أَرْض الله ولا تَمَسُوها بسوء فَيَأَخْدَكُم عَذَابِ أليم 4. أى: فاتركوها تأكل . وأردف نبى الله صالح - عليه السلام - يبين لهم العبرة من أسلافهم عاد» ونبيهم هود عليه السلام قال لهم : ف واذكروا إِذ جَعلكم حلََاء من بعد عاد وبَوََكُم في الأَرْض تَتََحْذُونَ من سَهولهًا فُصورًا وتنحتون الجبال بيوتا» أى اذكروا أنه جعلكم خلفاء لهؤلاء الذين كانوا أقوياء وطغواء ورأيتم ما آل إليه أمرهمء من العذاب الذى نزل بهم جزاء عصيانهم» وسكنتم فى مساكنهم الذين ظلموا فيها أنفسهم» وقد بوأكم فى الأرض وثبتكم» وجعلكم مستمتعين مترفهين» فجعلتم من سهل الأرض قصورا بنيتموهاء ونحتم الجبال فجعلتم منها بيوتاء وذلك أعلى درجات الترفة فى المسكن قصور فى السهول» وبيوت فى أكناف الجبل» فكانت لكم الوقاية من البرد والحرور. وإذا كنتم تمكنتم من ذلك» فاذكروا آلاء الله تعالى ونعمهء وقوموا بحق شكرهاء ط ولا تَعمَوا في الأرض مفسدين 4 لا تطغوا وتظلمواء فيؤدى ذلك إلى قسادء ولذا قال: «إ ولا تَعتُوَا في الأَرض مفسدين 4. العثى والعثوء لغتان فى مصدر عثى» وهو الفسادء ولمعنى لا تفسدوا فى الأرض ويستمر فسادكم حتى تكونوا مفسدين» وقوله مفسدين حال دالة على استمرار الفساد» هذا قول صالح ‏ عليه السلام - وهو كلام يتضمن الدعوة الرفيقة الحكيمة إلى عبادة الله تعالى وحدهء والتذكير بنعمه تعالى عليهم» وتحذيرهم من الإفسادء والاستمرار عليه بالإشراك والظلم وترك أمورهم فوضىء لا ضابط من دين ولا خلق. تفسير سورة الأعراف ني لل 0110 بلجل 4_ا)؟ يي وهنا نجد الكبراء وأشرافهم الذين يعارضونه» والضعفاء هم الذين يتبعونه» ويتوجه الكبراء بالاستعلاء على المستضعفين» وقد قال تعالى عنهم : ل( قَال الملا الذين استَكبَروا من قومه لين اسَعْضَعفُوا لمن آسن مهم » وقوله تعالى : ط للّذِينَ اسمتضعفوا لمن آمن منهم 4 فيه أن قوله السامى: « لمن آم منهُم 4 بدل اشتمالء» ولمعنى أى قال الملا للمؤمنين» وسبق بقوله تعالى: للّذين استضعفوا » للإشارة إلى أن المجيبين هم الضعفاءء وكذلك يسارع الضعفاء لاتباع النبيسين» لسلامة فطرتهم» وعدم وجود الأهواء التى توجب الإعراضء» ولأنهم يرون فى الأوامر النبوية ما يرفع الظلم عنهم. ولأنهم أقرب إلى الحق دائتماء فالمساكين أقرب إلى الاستجابة» وكذلك كان أتباع محمد الأولين من أمثال بلال» وصهيب» وآل ياسرء» وغيرهم من العبيد والفقراء. قال المستكبرون مسن ثمود قوم صالح للمستضعفين المؤمنين: « أتعلمون أن صالحا مرسل من ريّ4 كانهم مستتكرون ذلك منهم» ويسخرون منهم» فرد عليهم المؤمنون الرد القاطع الحاسم قائلين: طإِنَا با أرسل به مؤمنون 4 أكدوا إيمانهم بالتعبير بالجملة الاسمية» وب(إن» وبالقصر إذ قدموا 9 بما أرسل سل به 4 وهذا يفيد القصر أى أنهم يؤمئون به ولا يؤمنون بالشرك» فلا يؤمنون بغير ما أرسل به. وقال المستكبرون يحسبون أنهم يغرونهم بتقليدهم وحكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله : ظ «إقَال الَِّينَ اسَكْبروا إِنَا بالّذي آمَسْم به كافرون 69 4 وقد أكدوا كفرهم, كما أكد المؤمنون إيمانهم . وفى هذا إيماء إلى أنهم يجب أن يتبعوهم ؛ لأنهم أهل القوة» ولكنهم لم يفعلوا وإن أذوهم . استرسل المستكبرون فى غيهم فأخخبر الله عنهم فقال: «( فعَقروا النَاقَة وعتوا عن أَمرِ بهم وقَالُوا يا صّالح انْتنَا ما تَعلنًا إن كنت من الْمرَسلِينَ 69 4 . 0# تفسير سورة الأعراف ململ 0 بلح -هو_رزر يي تحدى هؤلاء صالحاء وتحدوا معه ربهم» أمرهم بالحفاظ على الناقة لأنها ناقة الله فشرفها بالنسبة إليه سبحانه» وأمرهم بأن يجعلوا لها شربا ولهم شرب معلوم» وأن يتركوها تأكل فى أرض اللهء فعقروهاء أى ضربوا قوائمها وذبحوها وتحدوا نبى الله أن يأتيهم بالإنذار» إن كان من المرسلين» وعتوا: أى استكبروا بذلك التحدى . وعظهم صالح أقوى الوعظ» وأبغه. فلم يتعظوا وتحدوه» فنزل بهم ما أنذرهم به فى الدنيا فأخذتهم هزة أرضية» زلزال شديد» فالتصقوا بالأرضء وهذا معنى قولة تعالى فى أمرهم: « فأحذتهم الرّجَفَة 4 أى الهزة الشديد بالزلزال» ل فَأصبَحُوا في دارهم جائمين4. أى هدمت مبانيهم» والتصقوا بالأرض» ميتين إلى يوم يبعثون. وانتهت مهمة صالح بهذا التبليغ الحكيم» والنهاية المحتومة التى انتهوا إليها بتحديهم رسولهم وربهم» وقال صالح متأسياء آسفاء ولذا قال تعالى عنه: « فَتَولّئ عنهم 4 أى أعرض عنهمء «وقَال 4 مخاطبا من بقى أو مخاطبا من مات» ولصق بالأرض كما خاطب محمد يوك أهل القليب من قتلى بدر(ا؟. قال لهم صالح: «إيا َم لد أبََكُم رسالَة وبي نصحت لَك ولكن ل تبون التاصحين » بغلبة أهوائكم » واستكباركم» وعتوكم وفسادكم. )١(‏ عن ابْن عُمَرَ رَضئ اللَّهُ عنما قَال: اطَلّم الى صَلَى الله حلَيْهِ وَسلَمَ عَلَى هل الْقَلِبٍ قَقَال: 'وجدثم 2 رثرء ٠‏ 0 29 ممع شفع م*مهوبى سساح لس به م سماد فقوه سر ه و وى ماوعد ربكم حقا فقيل له: تدعو أمواتا؟ فقال: ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون . روآه البخارى : الجنائز - ما جاء فى عذاب القبر(:/181) . اه + مه م 4 اا تفسشبير سبورهة الاعرا اف لل 111ل 1111111110000 1 1 232111111111 ليا ا لوط - عليه السلام - وقومه قال تعالى فى هذه القصة فى هذا الموضع» وقد كان لوط فى عصر إبراهيم» وله قرابة» وما بينه وبين إبراهيم نؤجله للبيان القرآنى فى موضعه. ولو !ذل لقزمواتاء الحم ماسبَفَكم يَبَامِنَ أحَوِي ب الْعَدلدِينَ 2 نكم لتَأفوْنَ الرَجَالَ ا بل سر 0 قوم مُسرفونت زه مو وَمَاكَانَ جَوَاب فَومِهءَإ لَدَأَن فَالُوَأ َيَيِكْم نه نا ٌينَظهَرُونَ © اميه اهلف إلا عَأَتدُمكَانتَ م الْمَيرِينَ 2 وَأَمَطرْيَاعََيهم مَطوَناظز كي كات عَدِبَة الفجرييت 0 كان قوم لوطء أفحش الأقوام العربية فجوراء وانحرافا وإسرافاء فكانوا مع إشراكهم قد انحرفوا عن الفطرة وشذوا عنها؛ ولذا كان أول ما واجههم به نبى الله لوط أن ذكر لهم تلك الجريمة البشعة التى شذوا بها عن الفطرة» والإنسانية» والأخلاق العربية. ف( ولوط إذْقَال لقومه نون القاحشة ما سبكم بها من أحَدٍمنَ اَن 5 6 إِنكُم لتأتون الررجال شهوة من دون الدسَاء ء بل أنتم قَومَ مُسَرِفُونَ 0 4. وقوله تعالى : « ولوطًا» مفعول لفعل محذوف» تقديره واذكر لوطاء وهو فى هذا يذكر مساوئ الشرك وأهلهء فإذا أضلهم عبادة غير الله فهو انحراف فى الفكر والنفس يؤدى إلى أعظم الانحراف فى العمل: ظإِذْقَالَ لقَوْمه24. وذكر قومه يدل على أنه ليس دخيلا بينهم» بل هو من أسرتهم وجماعتهم» ٠‏ ولكنهم انحرفوا عن الإنسانية» قال لهم: ٍأَنَأتونَ الْفَاحشّة ما سَبَقَكُم بها من أَحَد مَن َخْرجُوهُم: من كم 0 4 ٠‏ ##اا تفسير سورة الأعراف الل ب بير يي الْعالّمين 4 الفاحشة: الأمر الزائد زيادة فاحشة بعيدة عن كل معقول» ما سبقكم بها أحد من البشر أى اخترعتموها لانحراف نفوسكم وعقولكم عن حكم الفطرة» فارتكبتم فاحشة لم يقع أحد من الناس قبلكم؛ وفسرها بعد ذلك الحكم القاسى الذى يليق بهم وأمثالهم من شواذ بنى الإنسان 8 إِنَكُمِ لََأنُونَ الرّجال شهوة مّن دون النساء » أكد لوط عليه السلام ‏ فعلتهم التكراء» ب (إن2 وباللام. يأتونهم أى يضعون فيهم ما يوضع فى النساء» وعبر بالرجال لبيان مخالفة الفطرة بوضع ما هو للنساء فى الرجالء وهذه شناعة لا حدود لهاء ويظهر أنها كانت معروفة عند اليونا والرومان ولكن ليست شائعة؛ ولذا وجد خالد بن الوليد عند فتح الشام مثل هذه فأرسل إلى خليفة رسول الله أبى بكر - رضى الله عنه - يخبره بأنه رأى عجباء رأى الرجل يفترش الرجل كما تفترش النساءء فسأل عن هذه الحال» فاستشار الصحابة فى حكم هذه الحال والحد الواجب . وقوله: «شهرة 4 مفعول مطلق لمحذوف تقديره» تشتهونهم شهوة من دون النساءء أى يكون منكم ما يكون للنساءء وهو فى الفسطرة. وهذا بيان لعكسهم للفطرة» إذ يشتهون ما ليس وضع شهوة لانحراف نفوسهم وعقولهم» وإنسانيتهم » مضريا عن ذلك بالترقّى فى أوصافهم بقوله: طإبل أنعم قُوم مُسرٍفون 4 وبل هنا للإضراب ببيان أوصافهم» فوصفهم بأنهم مسرفون فى البهيمية» إذ أتوا ما لا ترضى به البهائم» ومسرفون فى التفحش إذ خرجوا على سنة الإنسانية» ومسرفون فى هذه العادة الشاذة» فهم يُعرضُون عن النساء» ويطلبون الرجال» ومسرفون فى أفعالهم» فإن من يشيع فيهم هذه الخال تكون كل أفعالهم شذوذا فى شذوذهء كما ترى الآن فى أمريكاء وما يشبهها تمن تقع فيهم هذه الحال» حتى إنه فى إنجلترا يعترف بأن للشاب أن يتزوج الشاب». وتحترم هذه العلاقة الشاذة. ومعنى شيوع هذه العادة الشاذة فى قوم لوطه أنها كانت تقع ولا تستنكرء وكان ذلك كثيراء وكان أكثرهم لا يتناهى عن ذلك» ولا يعده سبة وأمرا غير جائزء ويروى الحسن البصرى أنهم كانوا يفعلون ذلك فيمن يجيئون إليهم من ع ا تفسير سورة الاعراف لال ل ل لل الل 0 1 لحيبره ني الغرباء. فهل أجاب قوم لوط بالارتداع؟ بل طلبوا إخراجه؛ لأنه يتطهر؛ ولذا قال تعالى: «إوما كان جواب قومه إلا أن قَالُوا أخرجوهم من قريتكم إِنّهُم أناس استمكن ذلك الفسادء حتى أصبحوا لا يطيقون أن يكون معهم من يتطهرون عن فعلهء وقد أجابوا شاعرين بأنهم ليسوا على خيرء وأنهم فى دنس لا يلتثم معهم من يتطهرون عن إثمهمء و«القرية» كما علمنا هى المدينة التى يجتمع الناس أنزل الله تعالى على هولاء الذين رضوا بهذه المهانة الإنسانيةء وذلك الشذوذ عذابا مهيناء بينه فى آية أخرى نستعيرها من موضعها فى هذا الموضع» فقد قال تعالى مبينا الحال عند نزول العذاب فى الدنيا: 9 قالوا » أى الملائكة 88 . رسل ربك أن يَصُوا ليك سر بأهلك بقطع من اليل ول يفت متكم أحَد إلا رتك نه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم البح أب البح بقريبٍ 69 فََمًا جا ْنا عن عاليها سافلها وأمطرنا علَيهَا حجارة من سجيل منضود 69 مَسَومَة عند رَبك وما هي من الظّالمين ببعيد 69 4 [هود] . قال تعالى: ( فأبميناه وأهله إلا امرأته كَاَتَ من الَْابرين © 5 وأمطرنا عليهم هسمه لس اس ساس اس مُطْرا فَانظر كيف كان عَاقبَة اْمُجَرِمِينَ 69 4 . وهكذا عاقبهم الله تعالى بجعل أرضهم عاليها سافلهاء ويحجارة نزلت عليهم؛ ولذا قال مالك إمسام دار الهجرة: إن عقوبة الذين عندهم هذا الشذود الرجم؛ لأن الله تعالى رجمهم. سواء أكانوا محصنين أم كانوا غير محصنين. وقال أبو حنيفة: إن هذا فساد ولم يوجد له حد منصوص عليه فتكون عقوبته التعزير» وقال الشافعى: عقوبته كعقوبة الزنى فى حالتى الإحصان وعدمه. وروى عن على وأبى بكر وتبعهما بعض المجتهدين: الإحراق بالنار؛ لأن أبا بكر عندما أرسل إليه خالد كتابه الذى أشرنا إليه استشار الصحابة» فأشار على بحرقهم بالنار فارتضاه . ءِ ْ ل | تفسبير سورهة الاعرا لف لل الل ال 4 بلج .هراز ىر ١‏ وإن هذا الشذوذ نراه الآن ذائعا فى إنجلترا حتى أباحته قوانيئها بالنص عليه» ويشتهر بينهم » حتى صار زواجا بين رجلين» كما أشرنا. وهو فى أمريكا شائع ذائع» حتى رأينا من يشغل مناصب سياسية يقبض عليه متلبسا لا بأنه فاعل» بل على أنه مفعول به؛ ولذا شاعت عندهم السياسة المتبجحة التى لا تخجل قط!! صف فوطي لوالا لوا لكا سأشها يهم ليذو فاضي إِضْلجِها لصح رلك إن حك شر مُؤْمييت 0 وو عَن مي لٍ الله من ءامر ليه وَتَبَعْو 8 تَهساعو عو وأدصكروأ نشم ليلا فك ئُّ 5 كف 28 0 آ مه 0 9 محل 54 تنكم امنأ يع السلشيو ول ئُ لقنا فاصيروا ١ لا تفسير سورة الأعراف مك لوكا 00110 حر ا بعث الله - سبحانه وتعالى ‏ بعد لوط صالح إلى مدين» أخاهم شعيباء ولم يذكر فى القرآن الكريم معجزته التى ثبت بها أنه رسول الله ولكن عدم ذكرها لا يدل على عدم وجودهاء. فإن كل نبى بعث ومعه ما مثله آمن عليه البشرء فما بعث نبى إلا ومعه حجته» وإن لم يكن من حجة فلا بد أن يطالبوه بهاء وإذا كان القرآن الكريم لم يذكر معسجزته فلم يذكر أنهم طالبوا بمعجزة دالة على الصدق ولكنهم جحدوا واستكبروا. وما ذكره القرآن الكريم من رسالة شعيب - عليه السلام ‏ يدعو على أنه دعا إلى ثلاثة أمور: أولها ‏ عبادة الله تعالى وحدهء وهى لب الرسالة» وهى أول ما نادى به: 3 َال يا قوم اعبدوا اللَهمَا كم من إل بره فد جَاءَنكُم َه من ربَكُم» ناداهم: 9 يا قوم 4 للإشارة إلى ما يربطهم به من نسب» وأز نهم أولى بتصديقهء وأولى الناس يأن يُصدقهم ولا يكذبهم»ء وقال: قد جاءتكم ين يك أى معجزة مبينة رسالته» وهذا دليل على أنه كانت مع هذا الرسول الأمين معجزة ملزمة تحدى بهاء وعجزوا عن أن يأتوا بمثلها. ثانيها ‏ أنه جاء بإصلاح اقتصادى اجتماعى» ومظهره الوفاء بالكيل والميزان فى التعامل: فَأَوقُوا الْكيلَ وَالُميزَان ولا تَبْحَسُوا النّاس أَشْيَاءَهُم 4 ومقتضى هذا الأمر بالوفاء فى الكيل والميزان فى كل ما يتعاملون فيهء ومقتضاه ثانيا ألا يبخسوا أى لا ينقصوا الناس أشياءهم أى حقوقهمء فلا يأكلوا أموال الناس بالباطل» ولا يرشوا الحكام» ولا يمطلوا الدين وهم قادرون» وأن يعطوا كل ذى حق حقه كاملا غير منقوص. ولا ممطول. ولا يكون تطفيف فيه على وجه ولا تصعيب فى الأداء. الثها ‏ ألا يفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها؛ ولذا قال عليه السلام ‏ فيما طلبه إلى :قومه: «إولا تفسدوا في الأرض بَعْدَ إصّلاحهًا ذَلكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إن كُسْم | تفسير سيور - الأعرا اف ل االللولل الل 0 لح اا مُؤمنِين 4 أى بالحق؛ ذلك أن إعطاء الناس حقوقهم كاملة غير منقوصة ير لكل جماعة؛ لأنها متوادة متراحمة» ويكون أداء الحقوق قوة لها فى نفسها وأمام أعدائهاء فلا قوة لأمة إلا بإقامة العدل والقسطاسء» وإعطاء كل ذى حق حقه من غير وكس . ولقد كان منهم من يقطعون الطريق» ويحاربون أمن الناس» ومنهم من كان يمنع الذين يريدون أن يستمعوا إلى شعيب» وكان منهم المكاسون الذين يفرضون من أنفسهم ضرائب على الناس ليمروهم إلى مأمنهم» ففى سبيل منع الفساد. والتهيئة للقضاء على المفسدين قال لهم - عليه السلام : (ولا تقعدوا كل صراطٍ ثوعدوت وَتصدون عن سبيل اللّه من آمن به وتبَعْوتَهًا عوّجا 4 «الصراط» الطريق المعبّد المستقيم الذى يسير فيه السابلة وينتقلون فيه من مكان إلى مكان أو قرية إلى قرية أو مصر إلى مصرء لا تقعدوا فيه توعدون المارة» وتقطعون الطريق» وهذا هو القعود الحسى والمنع الحسى الواضح الأذى» وهناك منع معنوى» وهو ليس نع المارة وقتلهم» أو سرقتهم» ولكنه للصد عن سبيل الله بمنع الناس من الإيمان بالله وحدهء يصدون بهذا عن سبيل الله تعالى من آمن ويبغونها عوجا أى معوجة لا استقامة» وهم يغفلون الأمرين بكل صراط مستقيم» يقطعون السبيل على المارة» ويصدون عن سبيل الله. ويصح أن يفسر «الإيعاد» بإيذاء المؤمنين وتعذيبهم أو التهديد بتعذيبهم» كما يتبين من بعد. وصد من آمن» يراد به منع من هم بصدد الإيمان من أن يدخلوا فيه» وإيذاء من آمنواء وإيعادهم بالعذاب الشديد. ويذكرهم بأمرين» بنعمة الله تعالى عليهم إذ كثر جمعهم بعد قلة» والثانية بعاقبة من أفسدوا من قوم نوح» وعاد وثمودء فقال لهم: ط وَاذكُُوا إِذ كسم قليلاً فكثْرَكُم4 أى جعلكم كثيرين» 9 وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين 4 الذين أفسدوا فى دينهم » فأشركوا مع الله تعالى غيره» وأفسدوا ا تفسير سورة الاعرا اف يسامخلا مالممممالخمامامم خسن اناطخ تلن ااال لطا ل لالط ل للش ظ لالط نا نان تلاتلا هوه < يي فى جمعهم. فلم يوفوا الكيل والميزان» وبخسوا الناس أشياءهم وأكلوا أموالهم» وظلموهم. ٠‏ وقد استجاب ناس من قومه؛ فآمنواء» وعصى آخرون فجحدواء فذكر القسمين» وأن الله تعالى هو الذى يحكم بينهم» فقال لهم عليه السلام: 9 وإن ٠‏ كان طائقة منكم آمنوا بالّذي أَرْسلْت به وطَائفَةٌ لم يوْميُوا فَاصَبِرُوا حَبَ يَحْكُمْ الله ين وهو خَيْرٌ اْحاكمينَ 9 2 وهذا فيه تبشير للذين آمنوا؛ لأنهم يعبدونه وحده؛ لأنه لا يمكن أن يحكم لصحة ما يقول الذين يشركون معه حجارة» وهو إنذار للذين لم يؤمنوا؛ لأنهم يشركون ويعبدون غيره وهو - سبحانه وتعالى - وحده خير الحاكمين؛ وأفعل التفضيل ليس على بابه» لأنه لا خير فى حكم سواهء فهو أحكم الحاكمين. كان هذا ما بين شعيب وقومهء فماذا كان جواب قومه ؟». قد أشار - سبحانه - فى النص الكريم السابق إلى أن منهم من آمن » ومنهم من لم يؤمن وكان رأس من لم يؤمنواء كبراؤهم» وقد قال تعالى فى موقف هؤلاء الكبراء: َه عر لي وح ساي ل ع طإرسح وو بروامن فومصك حرِجنّك يشعيب زبنءامنوأ صن 66 ودف كَل ا 5 عَلَأَ هكد إنَ عُدَكاف مِلَيِكُم جتنا 59 0 س2 أمَمربنَاوَِعَرَبنكلَ عهءِ ِلْمَأعَلَأم رصا انافك بِِسَنَاوَبينَ َوصَِا ا لْحَقٌ وار د 0 لذن كَفَروامن همه مِد -لَرنِ بعتم حيار 2 0 3 لَكَد نميب كان يتان اال كدَوْاسْميا 4س عر 9 ١ أ ا ل تفسير سنبور: - الأعرا اف نالك 0 > اا كانوأهم ال عَتَهُمو كَالَ ين ددرو ل ل 0 ال لصخ رسكي ع لد 00007 عل كو مك ريدت وا هكذا كانت دعوة شعيب الهادية المرشدة بعد أن بين لهم الحجة الدالة على رسالته» ولقد آمن بعضهم. وأعرض غيرهم» فماذا كان جواب قومه الذين يقودون الشرك منهم؟ قال رؤساؤهم المسيطرون: طلَنَخْرجَك يا شعَيْب والَّذِينَ آمنوا مَعَك4, وإليك ذكر القرآن الكريم لأقوال هؤلاء: ظقَال الْمَاُ4 أى الكبراء وسادتهمء ووصفهم - سبحانه - بأنهم الذين استكبروا وكذبوا بآيات الله تعالى وصموا آذانهم عن الحق: ا لَنْخْرِجِئكَ يَا شعيب والّذين آمنوا مَعْكَ من فيا أو لَتَعودك في ملَنا 4 أكدوا بالقسم بأن يخرجوهم من قريتهمء أو يعودوا فى ملتهم» مؤكدين الإصرار على الخروج بالقسمء أو الإصرار على العودة فى ملتهم . فأجابهم شعيب نبى الله - عليه السلام. موبخا بآن ذلك ضد التق ؛ والحرية 2 2ه فملتكم لأنها غير الحق» و وأنها الباطل الذى لا ريب فيه . ويؤكد لهم شعيب أن مطلبهم العود لن يكون أبداء فهما حاولتم الإيذاء والتهديد فيقول ‏ عليه السلام ‏ لهم: « قد اهَْرينا علَى الله كذبًا إن عدا في ملّكُم عد إِذْ نَجَّانًا الله منهًا 4 «قد» هنا للتحقيق كما هى فى كل استعمالات القرآن | الكريمء سواء أدخلت على فعل ماض أم دخلت على فعل مستقبل ‏ افترينا على الله كذبا 4 أن نعود إلى ملتكم أى كذبنا على الله تعالى كذبا مقصودا متعمدا إذا عرفئا الحق» واعتنقناه» ثم كفرناه. وأكد ‏ عليه السلام ‏ هذا المعنى بقوله: بعد إذ نجانا الله منها 4 أى بعد نجاتناء وإخراجنا من الضلال إلى نور الهداية» ثم قال - عليه السلام ‏ مؤكدا عدم العود: ا وما يون لََا أن نعود فيها 4 أى ليس لنا بعد أن ل تفسير سورة الأعراف حي الملل اال الل لل 0111 لحر اه رأينا النور وسرنا فيهء أن نعود إلى الظلمةء إلا أن يَشَاء الله با 4 أى إلا أن يريد ربنا وخالقنا لنا الضلالة بعد الهداية» ويكون ذلك بعمل مناء ثم صرح عليه السلام - بالتفويض لله تعالى فقال: 8 وسع ربنا كُلّ شيء عَلّمًا 4 وعلما هنا تمييز محول عن مفعول» ومعناه وسع ربنا علم كل شىء» فهو يعلم ما كان وما يكونء وما هو كائن ثابت» ولذا لا يتوكل إلا على الله على الله توكلا 4 وذلك رد لتهديدهم بالإخراج» فالله ربنا عليه توكلناء ولن يغلبه تهديدكم» فإذا كنتم تستعينون بجبروتكم وكبريائكم» وغطرستكم» فنحن نعتمد على الله» ومع ذلك تذهب رحمة النبوة إلى تجنب العداوة والاتجاه إلى الله تعالى الذى يعلم الحق كله : «إ رينا افتح بيننا وبين قومنا بالحق4. أى افصل بيننا وبين قدمنا بالحق» « وَأنت خَيْر الفاتحين 4 . وقد ذكر ‏ سبحانه ‏ تهديد الكافرين للمؤمنين بالإيذاء فقال تعالى عنهم: « وقَال الملا اْذين كَفروا من قومه لين البعُم عيبا إنَكُم ذا لُخَاسرُوتَ 9© 4 . انتقلوا من التهديد العام لشعيب ومن معه إلى تخصيص الذين اتبعوه بتهديد خاصء وواضح أنه للمؤمنين الذين آمنوا بالله تعالى استجابة لدعوة شعيب ليستغلوا ضعفهم» وهم الكبراء» مؤكدين خسارتهم بسبب اتباعهم لشعيب» وأكدوا تهديدهم بالقسم بما يقسمون به وبقوله ف إِنّكُم 4 واللام فى قوله تعالى: «ا لْخَاسِرودَ» ويترتب ذلك على الاتباع» بذكر الإيذاء باعتبار الحسران نتيسجة للخسران. وما كان الله ليذر المشركين يهددون المؤمنين» ويصدون عن سبيل الله»ء وهى سبيل الحق» ولذا أنزل تعالى بهم ما أوعدهمء وما تحدوا به شعيباء أن يأتى به إن كان من المرسلين؛ ولذا قال تعالى: 8 فَأَخَدَتَهُم الرَجْفَةُ فُأصبَحوا في دارهم بلا تضسير سيور - الأعرا اف للا ل الملل الملل جر بلج وزو : ري الفاء هنا فاء السببية» أى أن ما قبلها سبب لما بعدهاء أى أنه بسبب تكذيبهم وكفرهم وصدهم عن سبيل الله تعالى أخحذتهم الرجفة» وهى زلزال شديدء هز ديارهم هزا عنيفا فتهدمت على أهلهاء وصاروا مقيمين أمواتا تحت ركامهاء وذهب تعالى بهم كافرين» وكأنهم لم يكونوا فيهاء ولم يقيموا بأرضها؛ ولذا قال تعالى : الّدين كذبوا شعيبا كأن لَم ينوا فيها الّذين كَذْبوا شعيبًا كانوا هم الْحَاسرِينَ 46 لم يغنوا أى كأن لم يكونوا مقيمين فيهاء فقد قطع دابر القوم الظالمين» وذلك بسبب تكذيبهم لشعيب وصدهم عن سبيل الله» وإن الله تعالى غالب على كل شىء. لقد تهدد الكافرون المتغطرسون المؤمنين بأن يكونوا خاسرين إن استمروا على اتباعهم لشعيب» فذكر ‏ سبحانه ‏ أن أولئك المكذبين هم الخاسرون حقا وصدقاء فقد خسروا أنفسهم فكفروا وضلواء وخسروا ديارهم فهدمت» وخخحسروا يوم القيامة» فكانوا حطب جهنم؛ وهم فيها خالدون. وماذا كان من أمر نبى الله تعالى الذى كذيوه وهو شعيب فقال سبحانه: ظفتَولّى عنهم 4 أى أعرض عنهم عندما علم أنهم قد أصروا على الكفر إصراراء وآذوا المؤمنين» أعرض عنهم ونزل بهم ما نزل» وعند إعراضه» قال لهم عليه السلام - عند نزول البلاء عليهم» وقد توقعه فوقع 9 وقَال يا قوم لقد أبلغتكم رسّالات بي ونصحت لكم فَكَيف آسئ علئ قوم كافرين4 كيف أحزن على قوم كفرواء وأصروا على كفرهم حتى ماتوا وهم كافرين. وفى هذا الكلام من نبى الله شعيب إشارة إلى محبته لهم ابتداء» وطلب الهداية لهم» ولكنهم كفرواء فلم يحزن عليهم» وكان غريبا أن يحزن عليهم مع موتهم كافرين. إلا تفسير سورة الأعرا اف او اللللللي لال لل 27 ب ليجطلب_ سا سئة الله فى الأمم و اذ هسم نم اس 4 و ففقريِة مَندِي إلا 4 اس لاغ سر سر به ل رت كرح سه مه د عر 0 ب 5-2 - ها خذنا أهلهايا باسك والصراء يضرعون لإا م و 2ه ا لس اس ليه سل له سل هه 6 هدي عر و سه دَلنَامَكَانَالييكةِالسئَة حي عوك هد تتى ا سح سخا ع مس م دو للك سو ء بس مدعو ها ءَابَآءَنا ألصَرَاء والْسَرَآءُ قأحذ ذهم بعدة وهم لاشعروت 0 0 0 # هس و و 1 00 3 0 أ 2 ا نأهلالقفرئءامَنْوا وأتَّعَوَأ لفتحناعليهم بَرَكتِ 2-2 م ع الا س0 00 0 عن السَمكِ والارضٍ وَلْدْكن كَدَبواهَحَذْسَهم بِمَاكَانُوا يبو 7 أكون أل الشركة أدَأيبأشكَليينم دع بات ع ب عم هه 4 1 1 مع لال 4 سق لاع العا وهم نايمون 2 أوَأمن أهل المرئ أنِيَأتِيَهَم بسنا ع عت سيرج ل ءسو سا ًَ دي تاس سس غر ضحى وهم يلعبون مح رَالَه إِلَّا ألْقَومْالْكَيِرُودَ © أوَلرَيه د لِلَذِينَ يو تآلْرْضَم بس دِأَهْي آآك لوَقكَ سبك 6 20 ا له . رصم سح سرس لخر عو يلك الفرئ تفص عَلَيك من أنبآيها وَلْمَدَجَاء ته رشأ سلس مس ا رفوه موه | مر 0 0 و مع م وو سد عر 10 20 .2 سرع 2ه 1 كد دبطبع ندعل فلوس الحكفرن () وَمَاوجَكَا 2 سرع مس هه يم كه أ وإنوجدنا اكثرهر لفسِقِين 2 4 ا سام عه 34 لاكارهم تنعهرٍ ظ بعد أن قص الله سبحانه وتعالى - قصص نوخ» وهود وصالح ولوط. وشعيب » حل يسين - سبحانه وتعالى - سنته فى الناس». ومعاملتهم لأنبياء الله ل تفسير سيور مه الأعرا اف ل ا اا ااا افك لب ا وكيف يختبرهم بالشر والخير فتنة» وذكر هذه السنة سبحانه» ليعتبروا بالقصص» ويروا ما يصلح حالهم» وما يحملهم على السير فى طريق الخير» وليعلموا أن الله تعالى يختبر بالنعمة» ويعاقب من لا يشكرء وليروا بأعينهم سنة الله تعالى فى الظالمين» وما ينزه من عقاب دنيوى يحل بديارهم فوق العقاب الأخروى الذى يستقبلهم » فقال: «إوما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضّراء لَعَلّهُم هذا بيان الله تعالى للأمة من الأمم إذا بعث فيها نبيها الذى يدعوها إلى الإيمان بالله تعالى وحده.ء ويدعوها إلى الخير الذى يصلحون به فى الدنيا والآخرة» ويقدمون على الله يوم القيامة بالعمل الصالح» فيجزيهم جزاءه وفقا لما قدمواء فيقول تعالى: وما أرسلنا في قَرية 4 أى فى مجتمع أمة من الأمم لمن نِْي 4 من هنا بيانية» والمعنى وما أرسلنا فى مجتمع كبير» فالقرية المجتمع الكبير الذى يقرى إليه الناس إلا أخذنا أهلها ِالبأسَاء والضراء 4 أى أن الله تعالى لا يرسل نبيا مؤيدا بالمعجزات» إلا يوطن النفوس به عليه السلام ‏ ببيان قدرة الله تعالى» فيأخذها ا بالْبأساء 4 وهى شدائد الفقر والحرمان والتعرض للطغيان من الحكامء « والضراء 4 وهى ما يصيب الأبدان من مرض شديد مختلف الأنواع» لا قبل لهم به» وإذا مسهم الضر دعوا الله تعالى» وضرعوا إليه» كما نزل بأهل مكة عند مقدم النبى كَكِلْهٌ إلى هذا الكون الإنسانى. وآخذ الله تعالى للقرى التى بعث فيها النبى بذلك؛ لأن الشدة تولّد فى قلب من عنده استعداد للإيمان الاتجاه إلى طلب النجاة» فتخضع النفس للحق إذا دعيت إليه؛ فإنه حيث الضعف أو الشعور به تنبع منابع الإيمان» وتتجه النفوس إلى الديان» وإن الله تعالى يختبرهم بذلك رجاء أن يضرعوا ويخضعواء ويذلوا له - سبحانه وتعالى ‏ وحده» فإنه وحده الخالق لكل شىء الذى يلجأ إليه عند هذه الشدائد. لا تفسير سورة الأعراف 6 الل 00 لب د ولذا قال تعالى: «إ لعلهم يضرعون4 أى ليرجو الضراعة والخشوع لله تعالى . وحيث كانت الضراعة. كان انفتاح القلب للإيمان؛ أن الضراعة أعظم العبادة» كما قال تعالى: 8 ادعوا ربكم تضرعا وَخفيّة . .. 029 4. يختسبرهم سبحانه من بعد الشدة بالنعمة؛ ولذا قال سبحانه : لثم بدلا مَكَانَ السّيّمَّة الْحَسَنَةَ حَنَّىْ عَقَوا وَقَالوا فد م سآباءنًا الضراء والسرَاء 4 . م4 هنا لبيان التراخى والافتراق بين ما كانوا عليه من بأساء أصابت أحوالهم» وضراء أصابت أجسامهم وما اختبرهم من نعماء عمتهم. فالفارق المعنوى والحسى بينهما عظيم . وقوله تعالى: لالم بدلنا مَكَانَ السّيّمَة الْحَسَة4 أى جعلنا بدل السيئة فى مكانها الحسنة. والسيئة هى ما يسوء وهى هنا البأساء والضراءء لأنهما تسوءان» والحسنة هى هنا الخسير الذى يفيض به عليهم بعد الشدة» وصور الله زيادة الير بقوله تعالى: «إحتئ عفوا4, أى كثرواء وثموا وزادؤاء فالعفو يطلق بمعنى الكثرة وبمعنى اليسير» وبمعنى درس» وقدم. وهى هنا بمعنى كثروا ومواء وزاد الخير فيهم» فعندئذ لا يذكر الجاحدون أنه فضل الله تعالى ونعمته. وأنه إذا كانت الشدة توجب الضراعة» فالنعمة توجب الشكر. ولكنهم بدل أن يشكرواء يقولون ذلك لنا وهو ما كان لأسلافنا وآبائنا مستهم الضراء والسراء» وهكذا دواليك» نسوا الله» وحسبوها أمرا ينزل بهم خيرا بعد ضرء وإذا كانوا ضرعوا فى الشدة» فقد كفروا بالنعمة وهم يمرحون» وكذلك شأن الجحاحد دائما كما قال تعالى: ف( وإذا مس الإنسان الضر دَعَانَا لجنبه أو قاعدا أو قائما فُلَمًا كَشَفنا عنه ضرة مر كأن لم يدعنا إلى ضر مّسنّهُ . 409 [يونس] كما قال تعالى فى شأن النفس الإنسانية: « وآين ذقنا الإنسان ما رحمة ثم تزعتاها منه إِنّه ليكوس كفور () ولين أَذقنَاه نعماء بعد ضراء مسنه لَيَوَنَ ذهب السيَّات عن إن مَرِحَ فَخحُورَ 69 إلا الذينَ صَبَرًوا وَعَمنُوا الصّالحَات أُولدك لهم مغر وأَجْرٌ كَبِيرٌ 9 »4 [هود]. تقسير سورة الأعراف ام و يجورم يي وهكذا شأن الكافر» تبئسه الشديدة» وتطغيه النعمة» فهو غير ثابت النفس» منكر لحكم الله تعالى» وأما المؤمن فقلبه مطمئن بالإيمان ثابت قار؛ ولذا قال يكإل: «عجبا لأمر المؤمن» إن أمره كله خخمير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن» إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له» وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)217 فالنعم والنقم للمؤمن سواء فى خيريتها؛ النقم تصقله وتهذبه والنعم يحس فيها بوجوب شكر المنعم» ولقد قال يَكةِ: «إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيسما يستقبل» وإن المنافق إذا مرض ثم أعفى كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه. ولم يدر لم أرسلوه»7"' . إن الجاحدين أذلتهم المحنة» وأطغتهم النعمة وكفروا بالنبى الذى بعث لهم ولم تجد فيهم الشديدة ذاقوهاء ولا النعمة فاضت عليهم» بل زادتهم النعمة جحوداء وقالوا هكذا كان آباؤنا مستهم الضراء والسراء» فسنة الأولين تجرى عليناء ونسوا الله تعالى فأنساهم أنفسهمء ب: ونا هم برتعون فيما أنعم الله عليهم لاهين م يم م وما تك ام عنه - أنزل بهم عذابه فقال: فََحَذنَاهم بَغعَة وهم لا يشعرون 4 . «الفاء» هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه بسبب أنه لم تجد فيهم الشدة» وأغرتهم النعمة» عاقبناهم . فأخذناهم إلى الهلاك» بالرجفة أو بريح فيها عذاب شديد» أو جعلنا قريتهم عاليها سافلهاء وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل » وكان ذلك بغتة» لم يتوقعوا وقوعهء بل جاءهم فجأة وهم لا يشعرون» أى لا يحسون بأنه سينزل بهم » وإن الفجاءة تكون شديدة على من لا يؤمن بالله تعالى؛ لأنها تأخذه وهو فى مرحه وعبئه » وذلك يخلاف المؤمن؛ ولذا قال عََئِيد : «موت الفجأة راحة للمؤمن» وأخذه أسف للكافر)7'. ١‏ ولوَآنَ أَهْلَ الْقُرئ آموا وَانَقَوا لَممَحنا علَيهِم بركات مَن السّماء والأرض ولكن كَذَبوا فَأَحَذْنَاهم بما كانوا يكسبون 69 4 . )١(‏ سبق تخريجه. () رواه الدارمي» وأبو داود بزيادة فيه» ورا جع الفتح الكبير /١‏ نفمضة ومشكاة المصابيح / 151 زفرق رواه أحمد : باقى مسند الأنصار- باقى المسئد السابق(2١1؟8555؟).‏ (/##اا تفسير سورة الأعرا اف جلي الكش ل 21 1 له + يي وخالقه» والقيوم عليه بحكمته وإرادته المختارة » فهو الفعال لما يريد. ٠‏ وإن من سنته - سبحانه وتعالى - أن يوزع الأرزاق علمى من يستحقها فى يعطى القرى حسب إيمانها وتقواهاء ويشير إلى أنه إن أمهل الظالمين قاطع عليهم خيرهم جزاء ما اكتسبوا. يول سبحانه: فإ ولو أذ هل الى آمنُوا واوا ققح » . ولو» يسمونها امتناع لامتناع » وهى داخلة على فعل مقدر تقديره : لو ثبت أن أهل القرى ‏ أى المجتمعات الكبيرة ‏ التى يقرى إليها الناس آمنوا بالله حق إيمانه» واتقوه حق تقاته لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض» وقوله تعالى: « لفتحنا # جواب» و«اللام» دالة على الجواب» والمراد ‏ والله أعلم ‏ أنزلنا عليهم من السماءء وأنيتنا لهم النبات فى اللأرض» على أن يكون ذلك بركةء أى خيرا كثيرا نامياء فالظاهر إنزال المطر. وإنبات ثمرات كل شىء من عند الله تعالى . والتعبير بافتحنا»» تعبير مجازى» شبه فيه نزول المطر وانهماره بفتح السماء أفواجا أفواجاء وذكر قوله تعالى: ‏ عليهم 4 قرينة على أنه المطرء وإن ارتباط الأرزاق بالتقوى والإيمان ذكره ٠‏ الرسل فى دعوات تهم إلى أقوامهمءٍ فقد قال نوح لقومه: # . .. استَغفروا ربكم إن كان ارا 9 يُرّسل السمَاء يكم مَدرَارا 69 4 [نوح] وقال هود لقومه: # . .. ثم توبوا لَه يرْسل السمَاء عَلَيكم مُدرارا .. ص4 [هود] ورسل الله تعالى لا يخدعون أقوامهم » بل إنهم الصادقون المبعوثون رحمة الات ولقد ل فى يوس وت ف( وأرسأنه إن مانة ألف أو يزيدود 99 نه .لاسا دف عاب لحي في اح ان رسن كم - 4 04 ا تفسير سورة الأعراف الالال ناا !تالالا ن اننال لان اناالا اكنال انالا لمارا لاسرالا االتطالازالتتل نل ناتللا نالا ناملالا نطنا ناتللا 0 جل بر 7 وهكذا نجد النصوص الكريمة تفيد أن مقت الله تعالى من الضراءء والشدائد تنزل بالعاصين كما قال سبحانه» وكما جرى على ألسنة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام . ولقد رأينا ذلك رأى العين» فقد وجدنا رجالا كفروا بأنعم الله وساقوا أتمهم إلى الفجور. والعصيان» فنزل عليهم غضب الله تعالى فى خذلان مستمر » ونكسة وراء نكسة . وإنا لا نقول مقالة بعض الفلاسفة الذين يربطون الأخلاق الإنسانية بنظام الكونء فيقولون: إذا فسدت الأخلاق» اضطرب الكون» وانعكس الفساد فى سير الأفلاك؛ وفى السماء وفى الأرض» وهى الفلسفة الكونفوشيوسية. وربط فتح الأرزاق بالتقوى والإيمان» لنؤمن به» ولكن لا نغالى مغالاة الفلاسفة. ويجب أن ننبه إلى أن المؤمنين قد يعختبرون بالشدائد والمكاره ليتبين صبرهم» ويحق جزاؤهم » ولذا قال تعالى: «( ولتبلونُكم بشيء م مَنَ الْخَوف والجوع وتقص من الأمُوَال والأنفس والثَمَرَات وَبْشَرٍ الصّابرين 6 622 4# [البقرة]. فإن ذلك الاختبار للقوى المؤمنة فى تقواهاء لا يمنع أن الله تعالى ينزل بين الله تعالى أن أهل القرى لو آمنوا لفتح الله عسليهم بركات من السماء : والارض؛ د 426 يفعلوا؛ ولذا قال: (رلكن كبوا قأشذناهم با كائو 7 يؤمنواء ولم يتقواء فحق عليهم الستاب الشديد فى الدنيا والآخرة؛ ولذا قال تعالت كلماته: فَأَحَذَنَاهم بما كانوا يكُسبون 4 «الفاء» هنا لترتيب ما بعدها على 4 ها تفشسثير شنورة الاعرا اف لاملل علج رز يي ما قبلهاء أى بسبب هذا التكذيب أخذناهم بالرجفة أحياناء وبإمطار الحسجارة أحياناء وبعذاب من رجز أليم . وذلك بسبب ما كانوا يكسبون من كفر وجرائم إنسانية» واغترار بالحياة الدنيا. ومع توالى العبرء ووقوع عذاب الله بالكافرين يفترون بالدنياء ولا يحسبون حسابا لعذاب الله النازل بهم فى الدنيا؛ ولذا قال تعالى: 8 أَفَأمنَ أهل القرئ أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون )4 «الفاء» عاطفة ترتب ما بعدها على ما قبلهاء الصدارة» والاستفهام إنكارى لإنكار الوقوع. أى ما آمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون إن الذين تأخذهم الدنيا بغرورها ينسون بأس الله تعالى» ولو كانوا يذكرونه ما غفلواء وما نسوا أنه قادر على كل شىء»ء وفى أى وقتء فليس لهم أن يأمنوا أنهم مستمرون فى غيهم من غير أن يبغتهم الله ببأس شديد. فهذا الاستفهام تنديد لهم بفعلتهم. فهم لا يأمنون هذاء ولكن حالهم توهم أنهم آمنواء فالله تعالى ينبههم إلى أنه أمان الغافل الذى لايعرف أنه يعاند الله. وطبَأستا4 أى الشدة التى تنزل بهم عقابا على جحودهمء وعبرة لغيرهم بيهم أسلاء دنهم فسحى» اكه محيم بم | وقوله تعالى : بسنا وهم يه حيث الام والدعة والقرار: والخفلة الثانية - شفلة النوم حيث يكون النعاس قد غشيهمء وهم لا يفكرون فيما ارتكبوه من عناد وجحود لله تعالى الذى لا يغفل | تفسير سورة الأعرا اف 00 و ل 7 فهل أمنوا هذاء وهم لا يملكون شيئا بجوار قدرة الله تعالى: وإذا كانوا لا يأمنون بأس الله طبيّانا4, فإنهم لا يأمنونه ضحى؛ ولذا قال تعالى: «إأَوَ أَمن أهل القرئ أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون 62 4 . «الواو»؛ واو العطف دخلت على همزة الاستفهام» ولكن قدمت الهمزة فى السياق؛ لأن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام هنا إنكارى» بمعنى نفى الوقوع مع التوبيخ» أى لا يؤمنون أن بأس الله وشدته التى تكون نكالا وعبرة» أن يأتيهم ضحىء» فى النهار وضحاه؛ والشمس ساطعة تبين كل شىء وتكشفه. «رهم يلْعبِوَ)4ُ سمى الله تعالى عملهم لعباء واللعب هو العمل العابث الذى لا يقصد ضرا ولا نفعاء سمى - سبحانه وتعالى ‏ عملهم لعبا لأنهم ما داموا لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر يكون عملهم كاللعب؛ لأن القصد الطيب هو أن يكون طاعة لله تعالى» وقد عصوه. فإن العمل الذى يخرج عن اللعب هو عمل الخير ولا خير فى معصية» ولا خير يكون من جاحد»ء يشرك مع الله أحدا. وإن الآيتين الكريمتين تفيدان أولا أنهم فى غفلة لاهون لايشعرون بعاقبة أعمالهم» وآثامهاء وإنهم عمون غير مدركين. وتفيدان ثانيا أن بأس الله تعالى يأتيهم من حيث لا يحتسبون ليلا وهم نائمون» أو نهارا وهم يلعبون» وإن ذلك بتدبير الله تعالى» ولذا قال بعد ذلك: أَفَأَسُوا مكر الله لا يمن مكْر الله إل لقم الْخَاسِرُونَ © 4 . «الفاء) هنا عاطفة يترتب ما بعدها على ما قبلهاء لآنهم إذا كانوا لم تجدهم النقمة ولا النعمة» وبأس الله يأتيهم فى مأمنهم ليلا وهم نائمون» وضحى وهم يعملون عملا لا جدوى فيه فهو لعب أو كاللعب» فهم لا يأمنون. ومكر الله تعالى تدبيره المحكم الذى ينزل به العذاب السريع على من يستحقه. والأمن والطمأنينة لمن يستحقه» وهو الحكيم» وقد فسر بعض المفسرين بأنه العذاب» أو البأس الشديد» وهو تفسير بالنتيجة» إنما هو من الله التدبير 9 تفسير سورة الاعرا اف كم لالم ». ١ 0 الااا‎ ١ بي المحكم . والمكر قسمان: مكر سي وهو الذى يكون من الأشرار» ونتيجته شر» ومكر طيب وهو رد مكر الأشرار» ونتيجته طيبة» ولقد قال فى شأن قريش فى تدبيرهم للنبى كَككْةِ أن يثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه: و ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين 459 [آل عمران] أى أنهم كانوا يدبرون لإيذاء النبى كَل ويمكرون المكر السيئ الذى لا يحيق إلا بأهله» والله تعالى يدبر لنبيه نجاته منهم ) وهجرته من أرضهم من غير إخراج» حتى يكون الفصل بينه وبينهم . والاستفهام إنكارى بمعنى النفى والتوبيخ» فهم لا يأمنون مكر الله» المهلك لهم جزاء بما كسبواء وبما كذبوا بآيات الله؛ لأنهم يأمنون مع ذلك العذاب الشديد ينزل بهم 2 وهذه غفلة شديدة» وعدم اعتبار بما كان لمن قبلهم؛ ولذا خحتم الله سبحانه وتعالى ‏ الآية بقوله: قلا يَأَمن مكر الله إلا القوم الْخَاسرون »© . إن المؤمن يتفطن دائما لقام قدرته تعالى بجوار قدرته» وإذا عصى يتوقع عذاب الله تعالى من عصيانه» ويتخوف ولا يأمن أن تنزل به العقوبة» وإن المؤمن لفرط حسه بمعصيته» وإيمانه بالله يخاف دائما عذابه » ولا يرجو إهماله وقد عصاه؛ ولذا كان من المبادئ الصوفية (تغليب) الخوف على الرجاء؛ لأن الخوف من غيبر إسراف على النفس من ورائه التقوى» والرجاء من غير أسبابه يفضى إلى الغرورء ووراء الغرور الاستهانة بأمر الله تعالى ونهيه. والكافر يعصى » ويرى عصيانه حسئاء وينسى قوة الله» وأنه يعاند ويحارب أمره ونهيه» ناسيا أنه يعاند القوى القادر القهار الذى هو غالب على كل شىء » وأنه لا إرادة لمخلوق بجوار إرادته - سبحانه وتعالى - وعلى ذلك يأمن عذاب الله وتدبيره» وإن ذلك هو الخسران اللمبين؟ ولذا حكم الله تعالى بأنه: ظإ فلا يأمن مكر الله إلذ الْقَوم الخَاسرون 4 . ا تفسير دشيور هه الأعرا اف لل ااا ابتك حت ل سبحانه هو الذى يقى المؤمنين شر الغفلة والنسيان وأمن عذاب الله» وجعلهم فى فطنة دائمة واعتبار بأمر الله ونهيه » وهو الهادى إلى سواء السبيل . قلوبهم فهم لا يسمعون 020 4 . الواو عاطفة» وقدمت عليها همزة الاستفهام؛ أن الاستفهام له الصدارة فى الذكر» وإن هذه عبرة القصص من ذكر أولئك الذين ذكر الله تعالى بيانه ‏ ذكرهم) وورث هؤلاء أرضهم . الذى أنزل الله تعالى بأسه بهم» ومن الذين ورثوا الأرض أهل مكة. فهو تحريض لهم على النظر فى العبر من هذا القصص الذى ذكر فيه مآل الكافرين من قوم نوح »2 وعاد» وثمود» وقوم لوط» وقوم شعيب » وآثارهم بجوار الأرض التى يقيمون فيهاء فعليهم أن ينظروا ويعتبروا إن كانت لهم أبصار يعتبرون بها وعقول يهتدون بها. لهم» وقرئ بقراءة مشهورة متواترة: «أولم نهد»», بالنون بإسناد الهداية إلى الله و(لهدى» يتعدى بئفسه » فى المفعول الآول» وباللام أو «إلى» فى المفعول الثانى» فيقال: هديناه إلى الخيرء أو: إلى الطريق» أو للطريق. يبين» وذكر لفظ الهداية للدلالة على أنه بيان للهداية الحقة. 507 5 4 . مالل ل لحر ا وقوله تعالى: أن لو نشاء أصبناهم بذئوبهم » و«أن» هنا مخففة من الثقيلة أى أنه الحال والشأن لو نشاء أصبناهم أى أنزلنا عليهم بأسناء كما أنزلناه على من سبقوهم بسبب ذنوبهم التى ارتكبوها من شرك ومحاربة لله تعالى» وكفر بالمبادئ التى جاء بها النبيون معاندين جاحدين» وأسباب الصدق ثابتة» وطرائق الهداية قائمة . وقوله تعالى: ‏ ونطبع على لوبهم فَهم لا يَسْمَعُون4. أى الحال أننا نطبع على قلوبهم بخاتم الضلالة فلا يسمعون. وإن مغزى الكلام السامى فى هذا أن المشركين الذين كانوا يستعجلون العذاب» كما قال تعالى: 8 ويستعجلوتك بالسيئة قبل الحسنة وقد حلت من قبلهم الْمُْلات... 40 [الرعد] إنهم كانوا يستعجاود العذاب» وساق لهم الله من قصص الكافرين وما نزل بهمء ألم يبين لهم؟! وقد استدرك ‏ سبحانه ‏ فقال: © وتطبع علئ قُلوبهم فهم لا يسمعون 4 أى أن الله طبع على قلوبهم» فهم لا يسمعون القصص الحق. ولا يحاولون أن يدركوا مغزاهء وختم الله على قلوبهم» وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة» وفى هذا المعنى قال الله تعالى: (١‏ أَقلَم هد لهم كم أهلكنا قَبلهُم من القُرون يَمَشُون في مُسّاكتهم إن في ذلك لآيَات لأولي النهئ 9ه »4 [طه]اء وقال تعالى: « ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من فَرَن ماهم في الأرض ما لم ُمكن لَكُم وَأَرسلَْا السّمَاء عَلَيْهم مَدَرارَا وَجَعَلنَا اهار ري من تحمهم فأططنام وهم ونان م بشدهم قن حر 49 [الأنعام] . قال تعالى: ظ تلك القرئ نقص علَيِك من أنبائها وقد جاءتهم رسلّهم بالْبَينات قَمَا كانوا ليؤمنوا بم كذبوا من قَبْلٌ كذلك طبع الله على قُلُوبِ الْكافرينَ 0-9 وَمَا وَجَدْنا رهم من عد وإ وج رامقا 49 . الخطاب فى قوله تعالى: 9 تلك القرى »4 للنبى يكل لأنه يِةِ قد جاء بالحق الذى يتفق مع الفطرة» فكان يجد الكفر والإنكار والعصيان ومعاداة الله ورسوله. | تفسير سورة الأعرا اف الئل 11م .. ١ لاك‎ 1 يي فتذهب نفسه عليهم حسرات» حتى قال الله تعالى : ط لَعَلّكَ باخع تَفْسَك ألا يكونوا مُوْمنِينَ 2 4 [الشعراء]ء فالله تعالى يبين له العبرة فى قصص النبيين» وأن أقوامهم كفروا بهم وعاندوهمء حتى جاء أولئك بأس الله فلا تذهب نفسك عليهم حسراتء إنما أنت منذر» ولكل قوم هاد. والقرى: المجتمعات الكبيرة التى قص الله تعالى قصصها من أخبار قوم نوح» وعاد وثمود» وآل مدين» وقوم لوط. وقوله تعالى: 9 نَقْص عَلَيِكَ من أَنبَائها 4 نتبع أخبارها بالقصصء والأنباء : هى الأخبار ذات الشأن الخطر التى تفيد العظة والاعتبار» والاطمئنان للنبى كَل . هذه أخبارهم أو أنباؤهم ذات الشأن 9 ولقد جاءتهم رسلهم بالْبَيّنات 4. أى بالأدلة المعجزة الموجبة للإيمان» وأكد ‏ سبحانه ‏ أن الرسل جاءتهم بالبينات بقوله «( ولقد 4؛ لأن اللام للتاكيدء وقد للتاكيدء والتأكيد ليس لمجىء الرسل» إنما هو لمجيئهم بالبينات التى فيها الحجج القاطعة التى لا يرتاب فيها طالب للحق. وإثما يرتاب المرتابون الذين لا يؤمنون بحق» ولا يطلبون الهداية» ولا يخضعون للحق إن بدت أماراته» وظهرت بيئاته . وقد وصف الله تعالى حال الذين يصلون» ويختم على قلوبهم بالباطل» فذكر أنهم مبادرون بالإنكار والتكذيب من غير أن يفحصوا ما جاء به الرسول من أدلة فإذا سبق الإنكار والتكذيب تشبثوا بهما وقد ججبوا عن أنفسهم النور وكلما أمعنوا فى التعلق بما سبق إلى نفوسهم ازدادوا جحودا ولا تزيدهم الآبات إلا كفراء وإعناتا. ولذا قال تعالى : 8 فَمَا كَانُوا ليؤْمنُوا بمَا كَذَبُوا من قَبل 4 «الفاء» للإفصاح إذ تفصح عن شرط مقدرء وقوله تعالى: ظفَمَا كانوا ليؤْمنوا4, أى ما كان من شأنهم أن يؤمنوا وقد سارعوا إلى التكذيب بمعنى قبل أن يفحصوا بميزان الفعل» اا تفسير سسدورة الأعرا اف 1 ل 111 حب 7 ويثبتواء ولقد قال فى ذلك ابن كثير فى تفسيره والباء فى قوله تعالى: بم كَذبو 4 للسببية أى ما ككانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل بسبب تكذيبهم بالحق أول ما ورد لهم» حكاه ابن عطية رحمه الله» وهو متتجه حسن. وذلك لأن أول خاطر يتعلق بالنفس» ويلتصق بالفكرء فيكون التخلى عنه محتاجا إلى جهد لا يستطيعه إلا الصابرون» وإن أولئك الذين يكذبون لأول وهلة من غير نظر يصلون إلى الحق بمجهودين أولهما الانخلاع مما سبق إليهم» والثانى التماس البينات بلب سليم» وفكر مستقيم قد خلا مما يعوقه. ولقد بين تعالى أن هذا طريق إغلاق القلوب عن نور الحق 9 كَذَلك يَطْبَع الله على قلوب الكافرِين 4 . أى كهذه الحال التى رأيتموها من المسارعة بالتكذيب لأول وهلة والاستمساك بأهدابه» ليطبع الله على قلوب الكافرين» فلا يدخلها نور الحق» فهم سلكوا الباطل مسارعين إليه» قبل أن يتبعواء فلما جاءهم الحق بالبينات فكان القلب قد أغلق على الباطل» فضلوا وما أضلهم الله إذ هم الذين سدوا الطريق وإن أولئك الذين طبع الله تعالى على قلوبهم قد أفسدوا فطرتهم بإصرارهم على التكذيب» وخخالفوا العهد الذى أخذ الله على بنى آدم من ظهورهم ذريتهم؛ ولذا قال تعالى: ل وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكترهم لفاسقين 09 4 . الفطرة الإنسانية توجب الإيمان» لو استقامت على طريقتها من غير وسوسة الشياطين؛ ولذا قال وَةْ كما فى صحيح البخارى ومسلم: «كل مولود يولد على الفطرة» فأبوه يهودانه» وينصرانه ويمجسانه)27 . وروى مسلم بسنده أن رسول الله يَلَيْةّ قال: يقول الله تعالى: «إنى خلقت عبادى حنفاء فجاءتهم الشياطين فأضلتهم عن دينهم؛ وحرمت عليهم ما أحللت لهه00©. ب الما 0 2-7 بكم قالوا بلى شهدا أن : رانم ةناما افير وج 4 + هذا عهد الله على بنى آدم وهم فى ضلال آياتهم» قبل أن يصلوا إلى أرحام أمهاتهم. وهذا يدل على أن الإيمان المذعن هو استجابة للفطرء ومن يكفر بالحق إذ جاءه إنما يحيد بالإنسان عن طريق الفطرة المستقيمة . وقوله تعالى: 8 وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين 65 > الذين فسقوا عن أوامر الله تعالى ونواهيه التى جاء بها النبيون وكذبوا ليس لهم من عهدء يوفون بهء حتى عهد الفطرة التى فطرهم الله تعالى» فهم خالفوا العهد الأول» وخالفوا كل عهد عاهدوه)» حتى انحلت نفوسهم انحلالا» و(من» هنا لاستغراق النفى» أى ما وجدنا لأكثرهم أى عهد يحترمونه» وينفذونهء وأولها وأقواها عهد الفطرة الذى أخذه الله تعالى فى الآصلاب. وإذا كانوا لا عهد لهمء وخالفوا فطرة الله التى فطرهم» فهو فاسقون خارجون عن قضايا العقل البديهية؛ ولذا قال تعالى: «وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين 4 إن هنا هى المخففة من الثقيلة وضمير الشأن اسمهاء وقوله تعالى: ل وجدنًا أكتْرهم لفاسقين4. والمعنى إنه أى الحال والشأن وجدنا. واللام فى قوله « لفاسقين» لام التوكيد» واقعة فى خبر إن. ونجد هنا حكم الله تعالى العادل» يحكم بالكثرة الغالبة, لا بالكلية الشاملة» فمنهم صا حون ومنهم فاسقون وإن الأمم لا توصف كلها بالفسوق؛ لأنها تفسق كلهاء إنما توصف بالفسق؛ لأن كثرتها الغالبة المسيطرة» الفاسقة فهى الظاهرة البارزة» وهى المسيطرة على الجماعة» وهى التى توجد رأيا عاما فاسداء يسوده الشرء ويختفى فيه الخير والله رءوف بالعباد. ا تفسير سورة الأعرا اف 1ه ال 2 131150111 ولج عر يي موسى وفرعون وبئو إسرائيل ا أ دو 0 6 - 1 70 دين دم در تَ الي 9 03 الام د ١‏ ص لصََددِوِينَ لجنا فا من قوم فرَعَوب| 1 يي هما انا له يي سر سر سم 22 قالوا -_ج ولوس الكل حشري 25 212 جنم ها رسر م 020 و سل ارس م9 3 وجَاء السحرة عو الورك لنا لجرا إن تحن الْعَتلبِينَ 7 5 آ ب لمِنَ الْمَمَرِينَ (7؟ َالأيكمُو مهما أن كس 2000 5 َال ا َلَنَا الفَوَا كوا عض لئاس وَأسْمَرحَبوهُ وَجَآمو بح رِعَظِيرٍ 0 # وَآوَحِنَنَآإِكَ موسو نلق عَصسا لوا َتلْقَتُ مَا ل ماو تمرك 2 نيوا ك1 عه سه و بو أصغرين كال وَأَلْقىَ مسرن و 0 يليك َي موسئ وَهَدرُون 72 با تفدسسير سيور 0 الأعرا اف ل االو ماللا 11 يجمه تي ذكر الله تعالى أخبار الأنبياء الذين أشرك أقوامهم» ودعوة الأنبياء لهم فذكر نوحا وقومه» وما نزل بهم )2 وذكر عاداء ونبيهم هود وثمود ونبيهم صالخحاء وذكر وقد بين - سبحانه وتعالى ‏ سنته فى هداية الأقوام» وكيف يضلون. ومن بعد ذلك ذكر موسى - عليه السلام ‏ وأنه لقى أكبر طاغية فى عصره. وإن وجد من حاول محاكاته من بعذه ومع موسى وفرعون ذكر لأحوال بنى إسرائيل » بعد أن أنقذهم موسى - عليه السلام ‏ من فرعون الذى كان يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم . وإن هؤلاء فى الزمن بعد من سبق ذكرهم فى القرآن من نوح إلى شعيب» وأكثر أولئك كانوا فى البلاد العربية. وموسى - عليه السلام - نشأ ففى مصرء وبعث فى أرض مصرء وتقدم هو وأخوه هارون لدعوة فرعون. قال تعالى: و ثم بعننا من بعدهم موسئ بآياتنا إلئ فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين 0.9 # . ذكرهم من الأنبياء» وموسى - عليه السلام - فأولئك كانوا قبله بقرون وكانوا فى أرض العرب» وموسى فى أرض مصرء وأولئك خاطبوا أقوامهم فى صحراء أقرب إلى البادية ولم تعرف لهم حضارة» ومومى - عليه السلام ‏ كان فى أرض فرعونء وفيها ملك ثابت» وإن لم يقم على الإيمان» وكانت مصر ذات علوم وفنون. ويقول الله تعالى فى بعث موسى: إلى فرَعَوَدَ وَملمْه4 فلم يكن إلى فرعون وحذه» بل كان إليه وإلى الكبراء من قومه فذكرهم مع أنه إذا ذكر جاءوا فى ذكره ضمناكء ونقول: إن كل ذى طاغوت لا يكون طاغوته من شخصه وحده» ع ا تفسير سورة الاعرا اف 1ناالاااتا!ااناااااااااااناالالللاللنا؟ !اا لانا! اللا للللاةزل رركا لاررطل!! لال رز تلاطو خارمارااااااا!ااااااا ارا تط7اتراتط الاق لا لالط خالا اا ااا االلا السلا ١ اكاك‎ 2 بل منه ومن حاشيته فهم مطبوعون بطابعه» يزينون له ما يفعل» ويحسنونه ويؤيدونه» ويشجعونه» ولولا أنهم حوله ما طغى وبغى» أو ما كان طغيانه بالمقدار الذى وصل أو يصل إليه كل طاغية» ولقد رأينا بعض الطواغيت فى هذا الزمان يتخذ حاشية تعينه على الظلم» بل تطغى عليه وهو لا يشعرء رأينا ذلك رأى العيان؛ ولذا خص الله تعالى ملاً فرعون بالذكرء وسنجد من سياق القصص الحكيم فى أمر فرعون أنه ملأه كان يعاونه بالقول والفعل» ويسكت عن جرائمه من اعتراض دائما. وقد نسب الله تعالى الظلم إليهم مع فرعون ولم يفرده بالظلم» فقال: ل فَظَلَمُوا بهَا4 فلم يكن الظلم من فرعون وحده بل كان منه ومن هذا املأ والشعب مأكول فيهما ومأسور بظلمهما. والظلم يشمل ظلم الرعية» ويشمل الظلم فى العقيدة بالشرك» وإن الشرك لظلم عظيم» والظلم يؤدى الفسادء فالشرك فى العقيدة إفساد للعقل والفكر والنفس بالضلال» والضلال أبلغ أنواع الشرك» والشرك ينشأ من الأوهام ويؤدى إلى كثرة الأوهام والضلال» ألم تر أنهم كانوا يعبدون العجل» والظلم يؤدى إلى فساد الرعية بالخنوع والطاعة للظالم» والرضا بالهون. وفقد الحرية والاندفاع فى الظلم» حتى ساغ له أن يقول لهم: ما أريكم إلا ما أرى. يا محمد مآل الذين أفسدوا فى الأرض بشركهم وإرهاقهم للرعية» واستبدادهم إنى عاقبتهم أن أغرقوا فى اليم» ولم يجد فرعون وملاه أن قالوا: آمنا برب هارون وموسى . فلننظر إلى ما كان من فرعون أكبر طاغية فى عصره» ويحاكيه الطغاة فى كل عصرء وقد كان فرعون جاهل فى أرض مصرهء وسام أهلها سوء العذاب» لجنونه وحمقه وجهله. حتى أرداها فيما لم تترد فيه فى أى عصر من عصورها. 4 إلا د تقشثبير شنورهة الاأعراف 11ضان11اا!11ضزللئانا!ئ!زاز]ل !| زلاازا!ضاازاترااا!ازااازااااااالاا11اااااااالار كاز ارالارللطرةةة ةو رورورررار از 1اراراز ازاز رارز رد ناز دنر راتتلا 5 232 أيد الله موسى بمعجزات كثيرة» عدها الله تعالى آيات» أيده بالعصاء وباليد البيضاء من غير سوء والسنين» ونقص الثمرات» والطوفان» والجراد» والقمل» والضفادع» والدم آيات مفصلاتء وكانت هذه الآيات الكثيرة لإمعانهم فى الضلال والطغيان» وكانت كل آية تأتى فى حال تناسبهاء ووقت الحاجة إليها. موسى يواجه فرعون « وقال موسئ يا فرعون إِنّي رسول مَن رب العالمين 6-9 4 . «الواو) عاطفة على ل بعشنا 44 وهذا الكلام تفصيل لمعنى بعثة موسى »2 واجه فرعون ومعه أخوه كما جاء فى سورة طهء وكما سيجىء فى هذه وتقدما إليه» وهما فى وجل بَشَرى « قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغئ (62) # [طه]ء والطاغى يرهب أنه لا فيد من حق أو دين أو إيمان أو خلق» ولكن الله أيدهما» فقال: # ...لا تخافا ني معكما أسمع وأرئ 659 »4 [طه] . تقدم موسى إذ علم أن الله معه» وهو فوق الحبارين قاهر فوقهم. © وقال موسئ يا فرعون إِنِي رسول من رب العالمين 09 4 يشعر فرعون بالخوف من الله كما شعر أولا بالخوف من فرعون حتى ثبته الله وإشعاره بالخنوف بذكر الحق» وهو أنه رسول من الذى خلق الناس ورباهم وهو المسيطر على كل من فى الوجودء ولست المسيطر. وقد جابه فرعون بأنه يخاطبه بالحق الذى لا ريب فيه» وأنه يطالب برفع الظلم عن قومه بنى إسرائيل» قال له: 9 حقيق علئ أن لآ أقول على الله إلا الحق © . حقيق 4 : فعيل من الحق» وفيها مبالغة فى التمسكء أى حقا على ألا أقول على الله إلا الحق. أى أنه حق على ألا أقول على الله إلا أنه رب العالمين» وإنى لا أعترف لك بشىء مما تدعيه لنفسك». وهذه مجابهة لمن هو فى حال فرعون ا تفسير سورة الأعراف 100110111111111112102020 220100001111111 الذى يقول: ما علمت لكم من إله غيرى» فهذا صدع بالحق من غير أى مواربة» وقال ذلك موسى» ولم يننظره حتى يطلب دليلاء بل قال له موقنا مفحما ظقَد جنتكم ببينة من ربكم 6 أى قد جئتكم بحجة مثبتة مبيئة من ربكم وخاطبة بقوله: من ربكم 4 سالبا منه كل معانى الربوبية» وقاصرا لها على رب العالمين» فهو ربى وربكم» وأول طلب طلبه رفع الظلم القائم» وابتدأ بما يخصه فقال: « فأرسل معي بني إسرائيل 4 الفاء للإفصاح عن شرطء أى إن كنت قد أرسلت إليك وملئك من رب العالمين» فأطلق معى بنى إسرائيل من الذل الذى هم فيه. الأولى - أنه حصر الألوهية فى الله تعالى وأن فرعون ليس بإله» وأن الله وحده هو الإله الحق فى قوله: «أن لأ أقول علَى اللّه إلا اْحَقَّ4 أى فى ألوهيته وعدله» ولتكن أنت ما تكون. الثانية ‏ أنه أفرد الخطاب لفرعون فى قوله: «إيا فرعون إِنّي رَسول 4 وجمع فى قوله: «قد جئتكم ببينة من ربكم 24 وأفرده فى قوله: 9 فأرسل معي بني إسرائيل 4؛ لأنه بسلطانه أسرهم. وما كان ملؤه له إلا معاونين. وجمعهم فى قوله: وقد جنتكم 4؛ أن الدعوة ال موسوية» لهم جميعاء» ولأنهم أعوانه المشاركون له فى ظلمه. الثالثة - الإشارة بالرسالة بأنه حق عليه أن يبلغها صادقا. أجابه فرعون. ولم يفرط عليه أو يطغى». كما توقع أولا؛ لأنه أحس برهبة الحق. ولآن الله تعالى ألقى فى روع فرعون مع طغيانه رهبة الحق» أجابه بقوله: وقال: 9 إن كنت جكت بآيّة فَأت بها إن كُنت من الصّادقِينَ4» إن ذا الجبروت إذا وجد فى الموقف ما يرهبه اتزن فى القول ولم يشطط فى الخطاب» ومعنى قوله: إن كنت قد جتت إلينا بآية أى معجزة تدل على أنك رسولء» أو على صحة ما تدعو 0# تفسير سورة الأعراف ل مالل تم لس نا إليه» فأتنا بها إن كنت من الصادقين» أى إن كنت من زمرة الصادقين الذين لا يفترون ولا يكذبون. أمر الله تعالى موسى - عليه السلام ‏ بأن يجيب جوابا عملياء والعمل يهت الظامين» 9 فَألَن عَصَاه فَإذَا هي تُعبَانُ مين 09 وَنَرَعَ يده ذا هي بَيْضَاء للثاظرين 6-9 4 . الطاغية» لعنه الله تعالى» ولعن كل من حاكاه من الطغاة» أما المعجزة الأولى فإنها العصاء ألقاها على الأرض» وهى فى يده عصاء فإذا هى على الأرض حية تسعى » أذهلت وأفزعت» وأثارت العجب . هذه هى الأولى » وقد جاءت على الصورة من انقلاب العصا إلى ثعبان واضح مبين »2 وذلك فى مظهره قريب من السحر» وقد كان أهل مصر اشتهروا بالسحر» فالسحرة علماؤهم وكهنتهم» وما كان فرعون يحكمهم إلا بهذه الأوهام. وكذلك تجد كل الطغاة الذزين حاكوه وخصوصا فى مصر يستجلبون كل من يتعاطون السحرء ويقربهم زلفى إل وعلم السحرة ‏ كما سيأتى ‏ أن ما جاءهم به ليس من السحر فى شىءء وإن بدا أمام الناظرين فى صورته. الآية الثانية أو المعجزة الثانية أنه أدخل يده فى جيبهء فخرجت من الجيب ساطعة البياض لها نورء ولهالمعان من غير سوء أى مرض» كما قال تعالى: وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ... 69 4 [النمل]» ولقد روى عن ابن عباس أنه قال: «كان ليده نور ساطع يضىء ما بين السماء والأرض» أفزع لولائهم» وتشجيعا على الإنكار» وما كان لهم أن يتكلموا عن بياض اليد؛ لأنه فوق ما يستطيعون وما يعلمون» وحاولوا إبطال الأولى؛ لآنها تتعلق بنوع علم ها تفسير سورة الأعرا اف ل الل 7 حب اق عندهم» والعاجز عن رد الحجة يختار ما يحسبه أسهل فى الاستدلال عليه فيتكلم فيه» ليشغل الناس عن الآخرء وما كان كلام الحاشية إلا تشجيعا على الإنكار؛ لأنهم طوعوا أنفسهم على العيش بجوار فرعونء» وقد رأوا دعوة موسى اعتداء على ألوهية فرعون فى زعمهمء فسبقوه إلى الإنكار مرضاة له حتى رموه فى البحر قَال الْمَااْمن قوم فرعو إن هذا لَسَاحرٌ عليم 6 يُرِيدُ أن يُخْرِجَكُم من أرضكم فَماذا تأمرون 00 4 . اتجهوا إلى الإنكار سابقين فرعون ليرضوه بالإنكار» وليشجعوه عليه» ولم يكتفوا بتحريض فرعون» ورميه بأنه ساحر عليم بل أرادوا أن يحرضوا الشعب عليه» وشعب مصرء وإن لم يحافظ على حريته أمام فرعون يحافظ على استقلال بلده» وأن يحكمه حاكم من أهله. ولو كان مستبدا عاتيا» كفرعون؛ ولأن موسى من بنى إسرائيل جاءوهم من قبل استقلالهم» فقالوا يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره» أى يفقدكم استقلالكم ويجعلكم محكومين ببنى إسرائيل كما حكمكم الهكسوس من قبل» إفَمَادًا تأمرون 4 أى فماذا ترون وتأمرون يا معشر شعب مصرهء فدبّروا الأمر لهذا الذى يفقدكم استقلالكم» وعبر عن ذلك بقولهم: يخرجكم من أرضكم 4 لأن من يفقد استقلاله يخرج عن أرضه» ويتسلمها من يتحكم فيها؛ إذ يتصرف فيها كما يشاءء وليس لأهلها فيها أمر» كأئما أخرجوا. قال الممثلون للشعبء أو الحاضرون منه» أو من جمعوهم ليؤلبوهم على موسى وهارون. طقَالوا أرجه وأحَاه وأَرْسل في الْمَدَائنِ حَاشْرِينَ 69 يَأنُوكَ ِكل ساح ر عَليِمٍ #019 كان أمرا خطيرا ذلك الذى جاء به موسى» فما تعودوا من فرعون إلا أن يأمر وحده» وأن يطاع وحده فيجىء من تربى فى بينه» ويصدع بين يديه بالحق» يشتد فى دعوته» ويجىء الكبراء يحرضون الشعب عليه» إنه لأمر خطير» لم يعهدوه. فلابد أن تجمع الجموع لتتضافر فى مقاومته . + 0-3 5 9 اا تفسبير شنورة الاعراف ململ م سب ا قال الذين تكلموا من الشعب: «( أرجه وأَحَاه 4 أى أرجته وأخاهء أى أجله زمناء وأرجه أصلها أرجته وأخاهء فحذفت الهمزة تخفيفاء والضمير يعود على موسىء وأخوه هو هارون الذى أرسله الله تعالى مع موسى ردءا له يعضدهء ويعاونه - أرجتهماء أى أجلهماء وقيل أرجه بمعنى احبسهء ونرى أن 9 أرجه 4 معناه تأجيلهماء والشعب أو المتكلمون باسمه كانوا أقرب إلى النصفة؛ لآنهم يقولون لا تتعسجل أمرهما حتى ندرسه مع أهل الخبرة بالسحر «إوأرسل في المَدائنِ 4 فى قرى مصر وريفها «إحاشرين4 اسم فاعل من حشرء أى جامعين الناس لمشهد عظيم» ا يَأنُوكَ ِكل ساحر عليم 4659 أى يأتوك بالمهرة من السحرة» وعبروا عن أولئك المهرة» ووصفوا أيضا بأنه #عليم» مدرك لألاعيب السحرء وأفانينه» فهو عمليا «إساحر»4. وعلميا #عليم» ذو خبرة. تضافرت القوى ضد موسى وهارون» إذ جابها فرعون بإنكار ألوهيته الموهومة» وحرض ملؤه الناس بأنهما يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما. اجتمعواء وهنا يظهر الفرق بين المخلص الذى يدعو إلى الحق احتسابا للهء والمأجور الذى يطلب ١‏ الجر سبع إلى ل الله تعالى عنهم: (وجاء السّحرة الأجرة» وهذا ا يدل على أنه مع طغيانه > كان أرفق من بعض الحكام الذين حاكره وساروا على طريقته . أحدهما | مادئ» والثاتى معنوى» أما الأول فهو المال ) الذى م ه؛ والثانى رضاء عنهم» وتقريبه لهم؛ ولذا أكد الثانى بالجملة الاسمية وب (إِن» وباللام» وبإدخالهم فى ضمن المقربين منه كحاشيته . وهذا ما كان يعبر فى حكم الملوك بالرضا السامى» وعبر به الطغاة فى كل زمان بعد أن ضمنوا الأجر والقرب» إن كانوا هم الغالبين. اتجهوا إلى موسى فى المشهد العظيم : لاا تفسير سسورة الأعرا اف الى اللا لل 0111 ١ اا‎ ىي - « قَالُوا يا موسى إِما أن تلقي وَإِمًا أن نُكُونَ نحن الْملفينَ © 092 4 . خيروا موسى - عليه السلام - بين أن يبدأوا هم بإلقاء حبالهم وعصيهم أو ما معهم بشكل عامء وبين أن يلقى هوء وقدموا التخيير بإلقائه هو عن إلقائهم لأنهم يريدون أن يعرفوا ما عنده من طاقة ويقدروا طاقتهم على قدرهاء وعبروا عن إلقاته بقولهم: «إِما أن تلقي 4 معبرين بالفعل استهانة بإلقائه غرورا وتعصباء وليرضوا فرعون بأنهم فوق موسى فى الحلبة» وعبروا عن أنفسهم بقولهم: 8 وإمًا أن نَكُونَ نحن الملقين» بالجملة الاسمية وتأكيدها بلفظ «نحن» وبقولهم «نكون»», وثوقا بأنفسهم وليثبتوا لفرعون أنهم الغالبون. ولكن فطنة النبوة عند موسى جعلته يقدمهم عليه فى الإلقاء. ليعرف ما عندهم : «قَال ألقوا فلم أَلَقَوا مَحَروا أَعينَ الئاس وَامْتَرَهبوهم وَجَاءوا بسخر عظيم 69 4. ألقوا حبالهم وعصيهم» والسحر لا يغير حقائق» فلا يجعلٍ العصى والحبال حيات» ولكنه يؤثر فى الرائى فى نفسه؛ ولذا قال: سَحروا أَعن النّاس 4 جعلوهم يرون غير الحسقيقة» 9 واسترهبوهم 4 أى طلبوا رهبتهم بذلك السحرء وقد قلنا عند الكلام فى السحر: إنه نوع من استهواء النفس» والسيطرة عليها بحيث يجعله فى يد المستهوى» أو ما يعبر عنه بالتنويم المغناطيسى» فيغير إحساسها من محبة إلى بغض» ومن بغض إلى محبة؛ ولذلك قال الله تعالى عما يفعله الذين يسحرون: 8 ... يفَرَقُون به بين المرء ورُوجه... 69 4 [البقرة] فيغيرون حال المحبة بينهما بهذا الاستهواء. فكل ما فعله السحرة الذين نازلوا موسى - عليه السلام - أنهم استطاعوا أن يموهوا على الأنظار, ويسحروا الأعين لا أن يغيروا حقائق الأشياءء فلم يجعلوا الحبل عباناء ولكن العيون مسحورة» وأرهبوا الناس بعملهم وجاءوا فى هذا بسحر عظيم فى بابه الذى أتقنوه. إرادة الأجر من فرعون وإرضائه» ليكونوا من المقربين عنذه. ا تفسير سشور: )0 الأعرا اف 0 1 بج . .را < مه ع أن ععناك4 ولقد صرح الله سبحاه فى آية أخرى بها أوجس فى نفس موسى خيفة فقال تعالى: « فَأوجس في نفْسه خيفة مومئ 00 فنا لا تف إِنَّكَ أنت الأعلى 62 »© [طه]. فى وسط هذا المظهر السحرى» أوحى الله تعالى إلى موسى أن يلقى عصاه. وَأَرْحَينا إلى مُوسَئ أن أي عَصَاك فإذَا هي تلقف ما يَأفكُونَ 9 4 القى موسى عصاه. فإذا هى حية تسعى» وإذا هى تلقف وتبتلع حبالهم وعصيهم» ( تلقف 4 مضارع لقف بمعنى تلقم وتبتلع» وقد لقفت الحبال والعصى التى كان يراها الذين سحرت أعينهم حيات وأفاعى» وقد قال تعالى : (١‏ تلقف ما يأفكون 4 أى ما يصرفون به أعين الناس كاذبين» وقد أطلق على الحبال والعصىء أنها اما يأفكون » ؛ لأنها مادة إفكهم وكذبهم وتمويههم» وتضليلهم . وقد رأى السحرة أن هذا ما ليس بسحر» لأن يعلمون أن السحر لا يغير الأشياء. ولكن يموه على الأنظار» ولكن هذا يغير الأشياء» وليس تمويها على الأنظار» فأدركوا أن آيته تعالى حق» ولقد رأى بحس الأعين المستيقظة أن حبالهم. وعصيهم لا وجود لهاء إذ ابتلعتها العصا. « فوع الحق وبطل ما كانوا يعملرن 653 4 . إفوقع الحق» أى ثبت وتبين وظهرء « وبطل ما كانوا يعملون 4. أى ظهر أنه كان باطلاء لا حقيقة» وأن آية الله فى العصا ثابتة لا ريب فيها. وبدل أن يطلبوا أجرا وتقرباء غلبواء وقال الله تعالى: ظفَغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين 4019 علب أولئك السحرة» وعادوا صاغرين أذلهم الحق وغلبهم. وبعكد أن كانوا يعتزون بسح رهم أحسوا بصغار الهزيمة يذهب بافتخارهم . اا تفسير سورة الأعرا اف حي لل 00 .. ١ ااا‎ ىح ولكنهم إذا كانوا قد خسروا المعركة» فقد ظفروا بما هو أعظم وهو الإيمان» إذ علموا أنها معجزة حقا وصدقاء وإن موسى وهارون صادقان بالبرهان والدليل» ولذا قال الله تعالى: ط وألْقي السَّحَرَة ساجدين 0679 4. أى ألقوا بأنفسهم خارين سجودا لله رب العالمين رب موسئ وَهارون 0655 4. أى رب العالمين العاقلين» وذكر موسى وهارون على أنه ربهما لا للاختصاص بهء بل لأنهما دعوا إليه. فرعون يعدب السحرة الذين آمتوا ال عونمم .يلأ ءادن لَك عد لتكز كشو فألَمَد دبك رج امن أهلهامسوت تَنلدء انيلم - أ ا ل ٍِ ِو يدي وأرجا ِل : كلدم مورت 5 1 0 عع - 7 قَالو إن إل ريَنَامنقَلبُونَ أي وَمَانقَم مَأ لَه تيمك 2 خآ تل ال 0 00 7 ا ا ا 0 كاين رينا لماجاء تشاريناًا فرع عَيِساصيرا نوفا مُسَلِمِينَ 2 إن الطاغية لا يفكر إلا فى نفسه. ولا يحس بحق غيره إلا من زاوية استقامة الأمر لأهوائه وشهواته» لقد ثارت نقمة فرعون لأمور: أولها ‏ إنكار موسى ألوهيته. ثانيها _ تحديه بآياته. وكان يرجو ويتوهم أنه يقضى على موسى بحجته. فاستعان بالسحر والسحرة» فما أسعفوه بحجة )» فكان الغلب علية» فأثاره ذلك خذلوه. رابعها ‏ وأيدوهماء وآمنوا بهماء وتشايع بين الناس إيمانهم ‏ فغلت بالشر نفسهء والمعاند لا تزيده الآيات البينات إلا كفراء رأى فرعون ما رأى» فلم يؤمن؛ ## تفسير سورة الأعراف اا 4 لحب مأ لآن نفسه لم تكن نفس مؤمن» بل طغى وبغى» وقد رأى ملكه يزول» وأوهامه تضمحل فطغى وبغى وآثر الملك والحياة الدنيا على الآخرة» واتجه إلى السحرة» يعذبهم» ويصب جام غضبه عليهم. قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم 4 . يوبخهم على إيمانهم قبل إذنه» فالاستفهام إنكارى لإنكار الواقع» وإنكار الواقع توبيخ» وموضع التوبيخ أنهم آمنوا قبل أن يأذن لهم!!» وكان طاغوته قد سول له أنه ملك قلوبهم وألسنتهم فلا تتحرك إلا بإذنه» وقد رأينا ذلك من فرعون دونه عقلاك وفوقه طغيانا . ولم يذهب إلى نفسه أنه حق أدركوه. وإيمانا صدقوأ به موسى وهارون» بل حكم على أساس من وهمه أنه مؤامرة عليه. وهو الذى اصطفاهم واختارهم من بين رعيته وهم مختارون من الشعب قَموه على الشعب بباطله أنها مؤامرة عليه 4. 2 68س اس وم مه وعلى الشعب» فقال: « إن هذا لمكر مُكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها #4. أى لتفرضوا على أهلها سلطانا غير سلطانهاء فتفقد استقلالهاء ولا تكون لها أرضهاء ردف ذلك بالتهديد الشديد» والعذاب العتيدء قال: إفسوف تعلمون 4. أى سننزل بكم عذابا تعلمونه بالعيان» لا بالبيان» و(سوف) هنا لتأكيد الكلام . أصدر الحكم بخياله وهواه.» لا يعقله والبرهان وهو أغلظ عقاب: ( لفط أيْديكُمْ وَأرجلَكُم مَنْ خلاف كُمّ لأصلتَكُم أجمَِينَ 059 4 . أقسم الطاغى با يقسم به عنده أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف» أى يقطع من جانب يداء ويقطع من الجانب الآخر رجلاء وأقسم أيضا ليصلبئنهم أجمعين » ولا يستثنى أحداء وقد صرح فى آية أخرى بأنه يصلبهم فى جذوع النخل . وهكذا يبتكر الطغيان هذا العقاب الشديد» روى الحسن البصرى عن ابن ١‏ تفسسمير سورة الأعراف لوييلها مل 01111100 خلاف والصلب. وقد كنا نقرأ ذلك ونعجب من أن يكون هذا من فرعونء ويرضى به الشعب المصرى. ولكن رأينا ما يقرب منه؛ من طاغية يحاكيه فى غير عصره» ورأينا من الشعب المصرى من يهلل ويكبر» ويعاون!! هذا ما هدد به فرعون ونفذ واختص السحرة بذلك؛ لأنهم أول من تمرد عليه من الشعب» وخشى أن يسرى التمرد فشدد العقاب». وترك موسى وأخاه مؤقتا؛ لأنهما لم يكونا من المصريين» بل كانا من بنى إسرائيل» ومع ذلك سينتبه إليهم . وماذا كان موقف من آمنوا عن بينة» وعرفوا الفرق بين السحر والمعجزة لقد قوى إيمانهم؛ لآن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب» سكن فيهاء ولا يستطيع أحد ولو كان فرعون» ومن يحاكيه أن يخرجه من الصدور؛ لأنه وديعة القوى الجبار الرحمن الرحيم . قالوا: ظإنَا إلى ربنا منقلبون » . «( منقلبون 4 أى عائدون إلى ربناء وهو القوى» فنحن قد لحأنا إلى ركن لا تقوى عليه أنت ومن معك ممن ألفناهم أتباع ظلم وظغيان» إنا عائدون إليه: وسيكون لنا النعيم الخالد وهو يعوضنا من أذاك. وقد تحررت قلوبنا ورقابنا من طغيانك» يا من ألعن من فى هذه الأرض» ومعك من يحاكيك عن جهل (أو عن علم) فى غير عصرك . ثم عللوا طغيان فرعون فقالوا: وما تنقم منًا إل أن آمنًا بآيات ربا لما جاتنا 4 . أى ما أخحذوا عليئنا إلا حقاء نقموه علينا هو أننا آمنا بالملعجزة أو هى من آيات الحق التى جاء بها موسى» وهى آيات رينا. وأعلنوا صبرهم على الأذى ضارعين إلى ربهم قائلين: « رينا أفرغ علينا صبرا وتَوقنا مُسَلمِينَ4 ربنا أفرغ علينا صبراء أى أنزل علينا صبرا يملا فراغ قلوبناء وتوفنا مسلمين مخلصين لك يا رب العالمين. ها تفسير سيور 0 الأعرا اف مل 3 الملأأمن حاشية فرعون يحرضونه سا لع فلس لد دع 2 لع ل مود وقال١‏ منْهوم وِرَحَون د رمومو وَقَوَمَه ريفس دوأ ف الْارض يدرك و ءَإلهمد كسمه موتسي. ّ_- دو أ نسَآءَهم وَإِنَافَقَهَمْكَهرُوت 03 َال مومئئ لِضَوْمِهِ ص ١ تعب ته وأَضير دارج َأ لْدرْضَ يله وْرُِهسَامَن كمون عادو اعقب ة لتقي َالو أوذِينًا ا 02-5 2 أ-- رخ ل هه ذه ار بل أن تَأَتِيَا انَل احالس ريك اي روه و ل ل 00 ع يمالك عَدوَكُمْ وَيَْتَخْلمَكُمْ في الأرضٍ حت 2< د31 ب جههر يَطرَكَيْفَ تْمَلودَ 17 ذكرنا أن حاشية الطغاة لا تقف من الطاغى موقفا سلبياء أو محايداء بل إنهم يحرضونه مرضاة له وطلبا لما ينفذه إجابة لهمء فهم لا يهمهم إلا أن يأخذوا منه ما يشبع د نهمتهم» وليسوا مخلصين له يمنحونه النصيحة» إما هم الممالئون له فى باطله» لم يكف الملا والحاشية ما أنزله بالسحرة» أو ما هم أن ينزله بهم بل نبهوه إلى موسى وقومه من بنى إسرائيل » وأرادوا اجتثاثهم من الأرض» قالوا محر ضين : ع ٍِأَتَدْرمُوسئ وقَومَهُ يدوا في الأرض ويذَرك وآلهمتك 4 أى أتترك موسى وأخاه وقومه من بنى إسرائيل ومآل ذلك الترك أن يفسدوا فى الأرض بإشاعة التمرد عليك» والانتقاض على حكمك والخروج عليك» وذلك فساد أى فسادء فاللام فى قوله تعالى : « ليفسدوا في الأرض »# هى ما 7 تسمى لام العاقبة» أى أتتركهم لتكون عاقبة الترك أن يؤلبوا الناس عليك» وينتفضوا على حكمك. ا تفسير سورة الأعرا اف حو الل 01111 > اق والاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع» وهو بمعنى لا ينبغى لك أن تترك موسى وقومه يؤلبون عليك. هكذا حرضوا فرعون على بنى إسرائيل ذلك التحريض الخبيث ليزدلفوا إليه» وكذلك الحاشية المفسدة تسبق إلى فكر الطاغى» ليتوهم إخلاصهم له وما هم إلا الممالئون المنافقون الكذابون» ولم يكتفوا بالتحريض على بنى إسرائيل» بل علا التسحريض إلى موسى» وجاءوه من جهة ماء فقالوا عن موسى: 8 ويذرك والمتك ) . أى بتركك موسى» فيخرج عليك غير طائع لك. بل معاند» ومجاهر بالمخالفة وإنكار ألوهيتك» فى أول دعوته ويترك آلهتك» ولقد كان لأهل مصر عدة آلهة كبيرهم الإله رع» وقالوا: إنه يحل فى فرعونء وينتقل بينهم من سلف إلى خلف. ولمعنى لا ينبغى أن تتركه وقد تركك بالخروج عليك» وعلى آلهتك المقدسة» وقال: إن الله واحد أحد. استجاب فرعون الطاغى لهم» لآنها رغضبته» وقد سبقوه إلى ذكرهاء ممالئين مزدلفين إليه بالباطل. قال: 8 ستقمل أبناءهم وَنَسْتَحيِي نساءهم وإنَا فُوَقَهِم اهرون 4 . قال سنقتل الأبناء ونترك النساء» وسمى تركه النساء استحياء لهن» وهو لا يحيى ولا يميت» تركهن ليكن جوارى وخدما فى البيوت» وأكد قدرته على ذلك وإذلاله لهم بقوله وإنا فوقهم, المسيطرون عليهم» الذين نستطيع استفصال من نحب» وإبقاء من نحب أذلاء مقهورين» وهنا قد يسأل سائل: لاذا ترك موسى وهو الرأس فلم يقتله وأخاه؟ . ونقول فى الإجابة عن ذلك: إن موسى تربى فى قصر فرعون» فكان له فيه أولياء» وكان على رأسهم امرأة فرعون» فكانوا يخذلونه عن أن ينزل به أذى» أو يقتله مثلا . 9 تفسير سورة الأعراف ا فعس بي لس اا وإن لموسى لهيبة ورهبة فى نفس فرعون تمنعه من أن ينزل به ما يريد» وهو يرى الآيات تجرى على يديه وهو إن لم يؤمن بها أفزعته» وأرهبته . وإن مثل أوليائه من آل فرعون» كمثل أبى طالب فى حمايته للنبى وه من لم يكن لموسى وقد رأى الإرهاب لبنى إسرائيل إلا أن يثبتهم» فقال لهم : (اسْتميو بلك واشيرو الأ ل را ياء معاد قافن أى اجعلوا استعانتكم بالله واتكلوا عليه» واصبروا على ما ينزل بكم» ولا كسبوه الشر الذى لا ينتهى فإن ملك فرعون زائل » وطغيانه منثه )> ولن يخلد أو ييفى ' فإنه 'استزول دولته. والأرض تكون من يرئها من الصاحين. والعافية والنهاية اله تعالى قولهم فقال: كا ويام فب أ اي وم بد ما جنم قال سي يُكُم أن يهُلكَ عَدْوَكُمَ وَيَستَخْلفَكُمْ في الأرض فينظر كيف تعملون 059 4 . كان بنو إسرائيل م: متململين من عذاب فرعون من قبل موسى - عليه السلام - ورجوا من مجيئه أن يرحمهم الله تعالى من عذابه على يد موسى - عليه السلام - وقد غليه بالحجة الباهرة» وكان هو وقومه صاغرين أمام حجة الحق وقوته. ومن يكون من عذاب يتلهف على الرحمة» ويطلبها سريعاء ولكن فرعون قرر استمرار عذابهم فقالوا متململين: قد أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما حكتنا » قال: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض طمأنهم موسى يأن الله لا يخلف وعده» وأنه وعذده بهلاك الطاغية العاتى ؛ ولذا قال: عَسئ رَبُكُمَ أن يُهْلكَ عَدِرَكُمْ وَيَسْتَخْلفَكُم في الأرضٍ فينظر كيف تَعمَلُونَ 4 يتضمن كلام موسى الكليم ‏ عليه السلام - أمورا ثلاثة : 1# تفسسير سورة الأعراف م ل 2201 7 ااا 1 يي أولها ‏ رجاء هلاك فرعون؛ لأن الله أعلمه بذلك». وأن لذلك وقتا معلوماء لم يحن حينه» ثانيها ‏ أنهم يرئون الأرض من بعده» وأنهم سيكونون مستقلين أحرارا ليس لأحد عليهم سلطان إلا الله الشها_ أنه قل تكون مخالفات» ومناقضاتء ولذا قال: «( فينظر كيف تعملون 4 أى فيرى منكم عملكم أو يقدر لكم من الجزاء بمقدار عملكم» والله بكل شىء عليم. وإن سياق القصص القرآنى قد ي* يشير إلى أن فرعون عندما كان يقتل الأبناءء ويستحيى النساء ‏ ما كان يستأصل» بل فرض فيهم هذه العقوبة يستعملها ما يشاء. هذاء وإننا نرى آل فرعون وسكان مصرء لم يدفعوا طغيانه» وإن الله تعالى لا يأخحذ العامة بظلم الخاصة إلا إذا رأوا الظلم ولم ينكروه» والمصريون لم ينكروا فعل فرعون؛ ولذا عاقبهم الله تعالى بعقوبات دنيوية مختلفة» فقال الله تعالى فى ذلك : عد أحَدْمءال عون ِأَلْسَنِينَ وَنَقّص من داج مَهُمْ كعد د وو واس ساسا اس ك0 را هه مه روأ يموسى وم لات شح ن دأو 2 وس مل 1 0 يَالَ أ حلم لايعلمون 7 ا ير سح يهنن ديصت الفلق 7 مَرَسَلاعَم الطوءَات وَكبْرَادَ 0 0 بت مفَصَكدتٍ فأمستكيروا وَكانوأ فو توما رمي 2 وَلْمَاوَقَمَ عَلَبَهمٌ شود 0-١ ل ماللا حو لمسهلا 01 ا ب ١>‏ ا ا إِسْرَةِيل ال 8 مَلَمَاكمفْنَاعَتهُم اير[ أجل هم بللغوهإدا هم ب ون 3 نعمت متهم اه أَعْرَقتهُمَ ف اليد يِأََجمَكذَبأَايَِارَكافوعبَاعَبنِلت 5 إن المصريين شاركوا فرعون فيما أوقع من مظالم ومآثم ببنى إسرائيل؛ لأنهم رأوا الظلم ولم ينكروه. فكانوا مسكولين» وما استمكن فرعون منهم ومن بنى هوم هم وآل فرعون هنا ليسوا حاشيته ولا خاصته إقا هم أهل مصر جميعا؛ لآنهم أيدوه» ولو بالرضاء أو على الأقل بالصمت من غير نكير» والدليل على أنه أريد أهل مصر جميعاء أن السنين ونقص الثمرات لم يكن خاصا بفرعون وحاشيته لأنه بلاء إذا جاء يعم ولا يخصء وقوله تعالى: إ ولقد أَخَذنا آل فرعون 4, أى آل مصر الذين هم آل فرعون. ومن يقوم بهم وبالحكم فيهم» وأخذناهم معناه اخشبرناهم بالسنين» أى بالجدب والقحط» فيقال: أصبت بالسنة» أى بالجدب والنقص والجوع. وقد أصابهم الله بسئين جدب وقحطء ونقص من الثمرات» ويقال: أخخذنا فلانا بالرفق والإكرامء وأخذناه باللوم» والتأنيب بمعنى عاملناء وتأويل القول أخذناه وضممناه معاملين له بالرفق أو معاملين له باللوم أو التأنيب. فأخذ الله آل فرعون معاملا بالسنين بحدبة تصيبهم» ونقص الشمرات» يختبرهم سبحانه بذلك لعلهم يذكرون» أى لعلهم يتذكرون أن هناك مدبرا غير فرعون» وأن الأمر ليس بإرادتهم ولا بإرادة فرعونء إنما هو بإرادة من خلق فرعون» وخلق الزرع والثمار» وأنشأها جنات معروشات» وغير معروشات ولكنهم لم يتذكروا لفنائهم فى فرعون ومائه» وكذلك أهل فرعون دائماء لا ينفصلون فى نفوسهم ا تفسير سورة الأعراف م لمخم مغ لل 11ل لا مممممماممممامممماماالال ما لل مامممالمللملم لخ لماالًا!!مااللاك!!]!!!ا[[ا!ال!!!اا خم اماما ممم ااا عماللا ١ ا‎ بي عن حكامهم» وإن كانت قوتهم عليهم». يقودون إلى النكسات نكسة بعد نكسة» وهم من ورائهم راضون راغبون فيهم على سوءاتهم غير راغبين عنهم . وكانت معاملتهم لموسى الهادى الرشيد» معاملة غير رفيقة يحملونه إثم ما ينزل بهم من شرء وما ينزل بهم من حسن يحسبونه استحقاقا لهم ؛ ولذا قال الله تعالى فيهم : ل فإِذًا جاءتهم الحسنة قَلُوا نا هذه وإن نصبهم سين يوا بموسئ ومن عه ألا إِنّمَا طائرهم عند اللّه ولكن أكتْرهم لا يَعلَمُودَ 090 4 . مسرة لهم» لم يذكروا أنها من عند الله تعالى؛ أفاض بها عليهم من عنده. إنما يحسبون أنها جاءتهم لأنها لهم ويستحقونها وجاءتهم من غير معط؛ ولذا وصفهم الله تعالى بقوله: «(فإذا جاءتهم الحسنة قالوا نا هده » , أى لنا نستحقهاء ولا يتصورون معطيا د يستحق الشكر» والطاعة» والرضا بما أعطى» وإذا جاءتهم السيئة» أى الأمر المسىء لهم من ة قحط وجدب وطوفان اطيروا بموسى ومن معه أى تشاءموا. وأصل الطيرة فى الاستعمال العربى أنهم كانوا يزعجون الطيرء فإذا اتجه إلى اليمين تيمنوا به وسموه السانح» وإذا اتجه إلى الشمال تشاءموا به وقالوا البارح . ولقد جاء فى تفسير القرطبى ما يتعلق بالتطير «وكانوا يتطيرون أيضا بصوت الغراب» ويتأولونه البين» وكانوا يستدلون بمجاوبات الطيور بعضها بعضا على أمور وبأصواتها فى غير أوقاتها المعهودة على مثل ذلك». وهكذا الظباء إذا مضت سانحة أو بارحة» ويقولون: إذا برحت بالسانح بدل البارح., إلا أن أقوى ما عندهم كان يقع فى جميع الطير فسموا الجميع تطيرا من هذا الوجه. وتطير الأعاجم إذا رأوا صبيا يذهب به إلى المعلم بالغداة» ويتيمنون برؤية صبى يرجع من عند المعلم إلى بيته» ويتشاءمون بروية السّقاء على ظهره ه قربة مملوءة مشدودة» ويتيمنون برؤية فارغ السقاء (مركبة) مفتوحة». وهكذا كما جاء فى ذلك التفسير» وعلى أى حال التطير فى اللغة العربية التشاؤم . هاا تفسير سورة الأعرا اف الام ملام اماما مالالا لل لخ !!!111 !!!ا !!!ةلكمملا اللا و لس سسا ج11 وإن المصريين قد قالوا هذا المعنى مواجهين موسى - عليه السلام - وعبر عنه بذلك التعبير العربى» وكأنه ترجمة لتعبيرهم فى لغتهم. ولقد أجابهم بقوله كما حكى القرآن الكريم: 8إإِنّما طَائرهم عند اللّه4, أى إن ذلك قضاء الله تعالى وقدره فيكم. وعبر عنه بطائركم تشبيها للقدر المحتوم بالطائر المشئوم؛ لأنه فى معناه لاحق بهمء فإن تعدوه شؤما فهو من سوء عملكمء وختم الآية بقوله تعالى: «( ولكن أكتْرهم لا يَعلَمُون 4 أى لا يعلمون أن كل شىء عند ربك بمقدار» فيتشاءمون؛ ولذا نفى النبى يَللِهِ الطيرة» وقال: ١لا‏ عدوى ولا طيرة)210 أى لا عدوى إلا بإذن الله تعالى العلى القدير. ومع أن الله تعالى قد ابتلاهم « بالستين ونقص من الّمرات لعلهم لَعلّهم يَذَكَرون 4 ويطمئئون إلى الله الذى هو م: منشئ العالم» وأنه ليس لفرعون أية ألوهية» ومع ذلك أصروا على كفرهمء ورموا موسى بأن هذا الابتلاء سحر يسحرهم به موسى» وأنهم لا يؤمنون؛ ولذا قال الله تعالى عنهم: م همس سها مس ل وقالُوا مهما تأتنا به من آية لمَسحرنًا بها فَمَا نحن لك بمؤميين 079 4 . مهما تأتى من معجزة باهرة قاهرة» فإنها لا تعدو أن تكون سحرتنا بهاء فما نحن بمؤمنين لك» أى بمسلمين لله بالحق الذى تدعو إليه» نفوا إيمانهم مؤكدين النفى بالباء الدالة على استغراق النفى» وبالجملة الاسمية وتقديم الجار والمجرور «لك» على «مؤمنين»» وقولك مؤمنين لك». أى إجابة لدعوتك منضمين لك» فلن نخرج عن صفوف الفرعونية الكافرة الجاحدة إلى صفك المؤمن المذعن لله تعالى. نزلت عليهم آيات قاهرة أشد من الأولى بسبب إصرارهم على الكفر» وقد ذكرهاٍ الله تعالى بقوله : ل فَأَرسلنا عليه الطّفَان والجراد وَالْقَمّلَ وَالضّفادع والدّم آيات مَقَصّلات فَاستَكبّروا وكانوا قَوما مجرمين 075 4 وأرسلنا: بمعنى أنزلنا قاصدين كأن هذه مرسلة من عندنا» والطوفان هو المطر الشديد» وفيضان النيل الطاغى الذى أغرق الزرع» وأهلك النسل» وهدم البيوت» وما كان لفرعون طاقة على إنجائهم والسيل قد طمء وحزبء. وصار عبنّاء لا غيئًا. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: الطب - الفأل (51/057)» ومسلم: السلام - الطيرة والفأل (75؟؟)2 وتتمة الرواية : «ويعجينى الفأل الصالح الكلمة الحسنة؟. لاا تفسير سسدورة الأعرا اف حي لاا 20000 سر ا والجراد؛ وهو الطير الصغير المعروف الذى يأكل الزرع» ويفسده. وخصوصا ما كان قوتاء فإنه يسلط على القمح» والشعيرء والأرزء ويتعدى طعام الإنسان إلى طعام الحيوان. وبعد البلاء فى زرعهم وحرثهم ونسلهم كان البلاء فى أجسامهمء فسلط عليهم القمل» وهى دويبة صغيرة» وقال ابن عباس: القمل السوس» وهو يصيب الزرع المخزون لأكلهم فيصيبهمء. وقيل: إنه القمل المعروف الذى هو داء فى الأجسام ومرض من الأمراض. والضفادع جمع ضفدع» وهى الحيوان المعروف» كثرت وكثر ضجيجها حتى أزعجتهم » وأفسدت زرعهم وملاأآت أرضهم فكانت الحياة مع هذه الكثرة حياة شاقة شديدة لا تحتمل . والدم» قالوا: إن النيل صار ماؤه دماء ومات السمك فيه فأصبح لا يسقى» بل يميت» وإنا لا نعترض على ذلك التفسير» وقد روى عن بعض الصحابة» ولم نر فيه حديثا صحيحاء يذعن المفسر لثله» ولكن صريح اللفظ أنه الدم» ولعل الله تعالى اختبرهم بذلك وقتا وإن لم يكن طويلاء ولكنه أراهم آياته مفصلات » ويصح تفسير الدم بمرض أصيبوا به كرعاف ونزيف وضغط . ولقد قال الكثرة من المفسرين: إن الله تعالى اختبرهم أولا بالطوفان الذى خرب ديارهم» وأفسد زرعهم فدعوا الله أن يكشف ذلك عنهمء ودعا لهم موسى ووعدوه بأن يؤمنوا إذا كشف عنهم الضرء فكشف فلم يؤمنواء فأصيبوا بالجراد فطلبوا أن يدعوا لهم فإذا كشف عنهم آمنواء فكشف فلم يؤمنواء ثم اختبرهم بالضفادع كذلك. وبالدم كذلك ولم يؤمنوا فاستكبروا وكانوا قوما مججرمين. والاستكبار عن الحق سبيل الضلال والوقوع فى الذل» وقوله تعالى: 8 وكانوا قوم مُجرِمِينَ 4 فيه تسجيل الإجرام والعتو عليهم» وقد أكد ‏ سبحانه وتعالى ‏ إجرامهم واستمرارهم على الإجرام» وسيطرة الأخلاق الفرعونية عليهم» وإنها فساد كلهاء ل / تفسير سيور هه الأعرا اف لل ١‏ لح مز في يصيب النفس » فلا تنخلع منه» والنوازل تصيب نفوسهم» ولا تصل إلى أعماقها ولا تجتث الشر منهاء ككل من امتلأت نفوسهم بالشرء فإنه يكون لونا من ألوانها لا تمحوه عظة ولا يدفعه بلاء. ولقد قال تعالى فى ذلك: «إولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عا الرجز لنؤمنن لك ولنرسان معك بني إسرائيل 629 4 . ٠‏ #الرجز»: هو العذاب» وهو يشمل ما سبق أو هو هوء وإن ذكر هذا يدل على أن طلبهم من موسى كان بعد أن نزل بهم الرجز جملة وتفصيل وتوالى عليهم نزوله» وأن التجاءهم إلى موسى - عليه السلام ‏ بعد ذلك التوالى. والاستكبار. لا نزل بهم هذا الابتلاء آيات مفصلات وغيره» اتجهوا إلى موسى - عليه السلام - وكأن الشك قد عراهم بالنسبة لما كانوا عليه 8 قَالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك 4 أى يعهده عندك وإيمانك به ووعذه لك بالنصرة والتأييد «( لثن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل 4. طلبوا كشف الرجز من موسى »2 مع أنهم طلبوا أن يدعو ربه .2 ونسبوا إليه كشفه؛؟ لآنهم اطمأنوا إلى أن الله سيجيبه» ولأنهم تعودوا أن يكون الأشخاص هم ذوى السلطان» ولا سلطان إلا لشخص 8 لنؤمنن لك 24 أى لنؤمنن بما تدعو إليه مسلمين لك بالحجة والدليل وأن كلامك الحق» ومع إيماننا لنرسلن معك بنى إسرائيل» أكدوا إيمانهم بالقسم # تفسير سورة الأعراف ١‏ انان ممعم مخ مخ لخ خخ خغ لمانا ااا االاك]!ن1اااانانااا ناملالا لطع لمك اوقا اامامممممماممماممممااململالكةول و لو ةللا ا يي ومؤكداته» وأكدوا إرسالهم بنى إسرائيل بالقسم ومؤكداته من نون التوكيد. ولام القسم. ولعلهم كانوا فى ذلك صادقين فى أنفسهمء لوقع الرجز عليهمء ولإحساسهم بالضعف أمام جبروت الله تعالى الذى تخاذل أمامه جبروت فرعون» وطغيانه» ولكن الحق لم يصب قلوبهم» وليس لهم إذعان صادق» بل هو عارض يظهر أنهم الكبراء والسادة من ملاً فرعون. ولعله كان معهم 2 أو طلبوه بأمره بدليل أنهم وعدوا موسى بأن يرسلوا معه بنى إسرائيل» فما كان يملك ذلك إلا فرعون وقادته وملؤه.» والكبراء» معه ومع هذا القسم الذى أقسموه» ما وفواء ولذا فَلَمَا كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينَكْتُونَ 29 4 . الفاء للوفصاح عن شرط مقدر تقديره إذا كانوا قد أقسموا ذلك القسم فقد تكثواء فلما كشفنا عنهم الرجز إذا هم ينكثون فلا يؤمنون» ولا يرسلون بنى إسرائيل» والتعبير عن زوال الرجز ب كشفنا 4 تشبيه له بالغمة التى تّخم عليهمء ود تكشف. وقوله تعالى: 8 إلئ أجل هم بالغوه 4 إشارة إلى أنه سينزل بهم ما هو أشدء فالإزالة للرجز لم تكن دائمة» بل هى إلى أجل محدودء فإن الله خباأ لهم فى قدره ما هو أشد وأقوى» وهو إغراقهم فى البحر؛ ولذا قال تعالى: 8 فانتقمنا منهم 4 أى جازيناهم بذنوبهم» وسمى الله تعالى عقابه لهم بأنه انتقام؛ لأنهم ا تفسير سورة الأعراف الل م | الاااا01 1 .. في معاملة المنتقم؛ ولذا قال: ظ فانتقمنا منهم فَأَعْرقَاهُم ذ في الي أنّهُمْ حدمو ايان وَكَانُوا عنها غافلين (22]) © . أى عاملناهم معاملة من ينتقم تمن أعلن الخرب على الله ورسوله موسى - عليه السلام - اختبرناهم ثم كشفنا عنهم ما اختبرناهم به رجاء أن يتذكروا ويعتبروا» فما زادوا إلا ظلما واستكبارا وعتوا وفساداء» فليس لهم إلا أن ينزل بهم العذاب الأكبرء الذى يكون استتصالاء وهو الإلقاء ة فى البحر» واليم هنا البحرء وذلك بسبب تكذيبهم بالآيات التى توالت لهم آية بعد آية وغفلتهم عن مغزاها ومعناهاء ولذا قال: # وكانوا عنها غافلين4, أى أنها كانت لهم بمرأى العين والحس ولكنهم غفلوا عنها. واستهواهم الشيطان فضلوا. بنو إسرائيل بعد الانقاذ ىا أن وأ سم جد ربس مع له لور 7 اكع تكش رب الْحْسَيَ عل بَنَْإِسَرَتةِ يل يِمَاصَار 2 يوعوت وَقوْمُهوَمَا كنويع روت 5 ِل الْبَحَرَمََْأعَكَ قوم يَسَحْفُونَ ع1 أضتار مرا يتشرتى أبخم ل ككلهاكنا عله 5 لَإِنَكُم قوم هَل مأو 3 إِنَّ ولاب مثار: 2 كاهو فيه وسطِلٌ تسج ا آل ارام ريصت لهك ل ا ل سر صا سه ا ١‏ سح مر قاس اليرت كل 9 وَإِد نيكسم ا 20 من َال فِرَعَوَت يسوموتحكم سوء العذاب يفَيْلُونَ ل تفسير سورة الأعرا اف 4 للف الل لل 1 لس جا بي يس سه وه عي 024 3-3 سا 5 وتسم حمور نكوي سكين 1 يكم عَظِيمٌ 07 كان بنو إسرائيل مستضعفين فى أرض مصر» ومن يكون تحت فرعون يكون فرعون. خرجوا من ذل فرعون وملئه» وأورثهم الله تعالى مشارق الأرض ومغاريها خروجهم من مصر ملك عريض: شرق وغرب» وخحصوصا فى حكم داود وسليمان, والملوك» ووصف الأرض بأن الله بارك فيهاء ويشير هذا إلى أنها الأآرض المقدسة. فقد أخذوا شرقها وغربهاء وما أحاط بهاء وكانت أرضا قد بارك الله فيها بالخصب» وأنها يجتمع فيها النبيون فى إسراء النبى كَليِةِ والمعراج . ف وتمت كلمت ربك الحسنئ على بني إسرائيل بما صبروا 4 وكلمة الله هى ما وعد به تعالى بنصرهمء إذ قال: « ونريد أن تمن على الذي اسَمْضَّعفُوا في الأرضٍ وتجعلهم أَكمّة ونَجعلّهم الوارثين (2)* [القصص] ووصف الله - سبحانه ‏ الكلمة بأنها الحسنى ‏ وهى مونث ‏ لأن هذه الكلمة المباركة أوصلتهم إلى أحسن أحوالهم» وأبركها عليهم . «بما صبروا 4. هذا ما كان لبنى إسرائيل» أما ما كان لفرعون وملئه؛ فقد يعرشون فيها زراعات وغروس تكون بالعرش والسقف على اللأرض» فلا يرى سوداؤها من خضرائهاء كما قال تعالى : و كم تركوا من جنات وعيون 72 وزروع ومقام كريم 75 ونعمة كانوا فيها فاكهين 0 كذلك وأورثناها قوما آخرين 2 4# [الدخان] . | تفسير سورة الأعرا اف ال 00 تت ههه : يي هذه نعم أنعم الله بها على بنى إسرائيل بسبب صبرهم على ظلم فرعون» وإنه لبلاء عظيم. ولكن هل قدروا النعمة حق قدرهاء ذلك ما ستبينه الآيات التالية : قال تعالى: وجاوزنا ب يني إسرائيل البحر فَأَوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لا لها كما لهم آله قال نكم قوم تَجهلُونَ 052 إن هؤلاء متب ما هم فيه وباطل ما كانوا يعمَلُونَ 029 قَال أعَيْر الله أبغيكم إِلهَا وهر فَضَلَكُمْ على الْعَالَمِينَ 629 وذ أتجيناكم من آل فرعول يَسُومُونَكُمْ سُوء العذاب يواكم يمحيو نساءكم رقي كم بلا من ربكم عظيمٌ 659 4 . أنهى الله تعالى قصص فرعون بهلاكه وابتدأ بقص قصص بنى إسرائيل» ونرى فى هذا القصص الحكيم ما أحدثوه بعد أن من الله تعالى عليهم بإخراجهم من استعباد فرعون وظلمه لهم» ومعاينتهم الآيات الكبرى بفلق البحر بعصا موسى» وكيف عبدوا العجل» وكيف أرادوا أن يجعل لهم موسى إلها غير الله يعبدونه» وما استرسلوا فيه من كفر ومعاصء وقال الزمخشرى: ذلك ليعلم حال الإنسان» وأنه كما وصفه الله تعالى ظلوم كفار جهول كنودء إلا من عصمه الله تعالى: 9 ... وقليل من عبّادي الشكور 09 4 [سبا] . يقول تعالى: ا وجاوزنا ببني إسرائيل البّحر فأنَوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قَالُوا يا موسى اجعل لَنا إِّها 4 جاوز بمعنى اجتاز» والبحر هو البحر الآأحمر كما نسميه الآن» وكما كان يسمى بحر القلزم اجتازوه حتى وصلوا إلى اليسابس «إفأتوا4 أى أقبلوا على قوم يعكفون» أى يقيمون على عبادة أصنام لهم» وقالوا ياموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة» إن المقام الطويل الذى أقاموه فى مصر هزع17) فيهم الوحدانية التى كانت دين آبائهم» وإنهم وإن كانوا لم يعبدوا ما عبد )١(‏ هزع: مره يَهرّعه هَرْغا و هرّعه تَهَزِيئا : كسره ٠‏ فَانْهرَحَ أى الْكَسَرَّ والدق. . واهرعه: : دق علق . ٠‏ وانهرع عَظْمه انهزاعًا إذا الْكَسَرَ وقد . لسان العرب- هزع. ا تفسير سورة الأعراف 4 الل الال للم > أ المصريون فقد لانت عقيدتهم» وصاروا مترددين لا يؤمنون بشىء ولذلك قالوا ما قالوا؛ لأنه لم يشبت فى قلوبهم التوحيد الذى جاءهم به موسى» وصاروا كالأعراب الذين قالوا لرسول الله محمد كلد آمناء فأمر الله تعالى نبيه بأن يقول: « ... قل لم تؤمنوا ولكن قولُوا أسلمنا ولمَا يَدخْل الإيمان ... 69 4 [الحجرات] . والقوم الذين أتوا عليهم قيل إنهم كانوا بالسويس, إذ كانت أول يابسة جاءوا إليهاء والله أعلم ما هؤلاء الأقوام» ولكن نستبعد أن تكون السويس؛ لأن ظواهر الأخبار تبين آنها كانت تحت حكم فرعون» وجزءا من مصر. « قال إِنّكم قوم تجهلون4, أى تجهلون العقائد السليمة» والعقائد الباطلة» والمتردد جاهل» غير مدرك» وإنهم خرجوا من حال كافرة إلى حال مؤمنة موحدة. وللا يدخل الإيمان قلوبهم. وأكد لهم موسى ببيان بطلان هذه العبادة» فقال : إن هؤلاء متبر ماهم فيه © هالك ما هم فيه» والتعبير يتضمن معنى التخريب والفسادء كما قال تعالى: ... وليعبروا ما علّوا تغبيرا 5 4 [الإسراء]. أى أنه عمل فاسدء لا أصل له من الحق» فهم فى ضلال 8 وباطل ما كانوا يَعملون » وقدم الخبر على المبتدأ لتأكيده الحكم بالبطلان على ما يعملون» ثم أخذ رسول الله يله يوبخهم على ما طلبوا من ناحية بطلانه فى ذاتهء ومن ناحية أنه كفر بالنعمة التى أنعم بها عليهم» ٠»‏ فقال فى توبيخهم فى الأولى: قال أَغْيْر الله أبغيكم إِلَهَا4, أى أطلب لكم إلها وحذفت اللام» وذلك توبيخ بالاستفهام الإنكارى» أى لا يمكن أن أفعل ذلك وأنا الذى دعوت فرعون إلى التوحيدء وبين أن ذلك كفر بنعمة الله تعالى» وهو يزيد الأمر استنكارا فقال: 8 وهو فَضَلَكُم 4. أى جعل لكم فضلا على الْعَالَمين4 بأن تولى هو إنقاذكم من ذل فرعون واستعباده. وهو دال على استنكار موسى بسبب ما أعطاهم الله من نعم لم ينعم بها أحد من العالمين» وهى آية عظيمة من آيات رب العالمين تدل على كمال توحيده» وأنه المتفرد بالإيجاد والخلق والتدبيرء فقال: وس هاساس وإِذ أنميناكم من آل فرعوت يسوموتكم سُوء الْعَذَاب 4 أى اذكروا نعمة الله لها تفسير سورة الأعراف للللإلا ل لو لو الالللللل الل 1 سرب ا عليكم» وآياته فيكمء إذا نجاكم من آل فرعون وذكر آل فرعون؛ لأن آل فرعون وحاشيته هم المعاونون الْمحَسَتون لما ارتكب من طغيان وظلمء والذين يسولون له كل ظلم» ويبررون ما يفعل من شرء وذكرهم ذكر له لأنه رأس الفساد» وغيره تابع له محسنء ومسول وهم كالشياطين حوله يشاركونه فى الإثم» ولا يعفى منه. ‏ يسومونكم 4#. أى يذيقونكم سوء العذاب» ثم بينه سبحانه بقوله: لون اك ريستو سا وف كم نت يخم طق أى ويل شديد اخحتبرتم به أشد اختبار» فهل تكفرون بالله تعالى الذى نجاكم» وتشركون به. تلقى موسى الألواح من ربه وواعدتا موس َى تَلِي ب ليله اتيش ِمََوصِقتُري دترت َدوَمَالَ موس لد هَدرُوت لقف وى وَأصَلِحَ َلاتي سبل الْمَفسِدِيدَ لكل لمجا مُوميئ لميقلئنا وَكلَمَهُ: ساس صلا ريه بتكمل 1ه بن أنظرٌ إِلَالْجَبَلِ و نِاسَتَفَرَمَكانهَوْفَ رق مَلَمَابحَلّ َه لحب جك]ة حك وَحَرَموْسنصَعِكَالمَاأَاقَ ال شبكمدك ملك انز نزي © 1 2 2 ماس سن سم ا 3 ص سل فوج ريسم 226 ل سرام نيتك وحن مت | 22 5 اا - 5 ٠‏ اللو ل لل ل ل لجل 2 ذهب موسى إلى جبل الطور ليتلقى تعاليم ربه على موعد منه» وكانت المدة ثلاثين ليلة» أى ثلاثين يوماء وذكرت فى القرآن الليالى دون الأيام؛ لأآن الأشهر القمرية أمارة ظهورها بالليل» إذ يبزغ القمر هلالاء ويتدرج فى النمو حتى يصير بدراء وتعرف الأوقات من الشهر بمقدار الهلاك . وقد قيل: لماذا ذكر الثلاثين ثم أتم الأربعين بعشر ليال أخر؟» فقالوا: إن موسى عندما ذهب إلى التجلى استشعر روحانية» وقالوا: إنه استنشق ريح المسك» فطلب تلك العشر الزيادة» فأتمها الله تعالى أربعين ليلة» والتصريح بالأربعين مع أن العدد مفهوم من ذكر العشر بعد ثلاثين» وذلك لبيان استجابته سبحانه لما طلب موسى» وذكر ذلك من شعائر الإنعام . خلّف موسى بنى إسرائيل» وفيهم عناصر متضاربة متباينة وهم أهواء مختلفة وفيهم تردد» كما ظهر عندما أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهمء فطلبوا أن يكون لهم إله كما لهؤلاء آلهة. مع هذه الحال» خَلَفَهُ فيهم أخوه هارون» فهو ردء موسى ومعينه وهو نبى» ولكن الذى تلقى التوراة أو الألواح هو موسى. قال موسى لأخيه هارون © اخلفني في قَوَمي 4. أى كن خليفتى فى قومى» ترعاهم وتصلح أمرهم؛ ولذا قال فى تحقيق الخلاقة: وأصلح 4 أقم فيهم الحق» والعدل والإصلاح بينهم» فاحفظ وحدتهم وحارب دعاة التفرق؛ ولذا قال له : «ولا تشَبع سَبيل المفسدين 24 أى تجنب أن تساير المفسدين» بل اقطع عليهم الطريق» ولا تمكنهم من فسادهم» وكأنه بفطنة النبوة أدرك أنهم سيحدثون أحداثا من بعده ‏ كما سيجىء ‏ باتخاذهم العجل» وإن لم يكن قد توقع ذلك بالذات» ولكن توقع غيره وسبل الشيطان مثارات مختلفة. 0 تفسسير سورة الأعراف سس 01 ”: ااا‎ ١ 7 ذهب موسى - كليم الله تعالى ‏ إلى الجبل فى الميقات الذى وقته الله تعالى» وقيل: إنه ذو القعدة وعشر من ذى الحجة» والله أعلم بالميقات. قال تعالى: ظ وَلَمّا جاء موسئ لميقاتنا وكلَمه به 4 استانس كليم الله بربه وطمع الكليم فى أن يرى حبيبه «إقَال رب أرني أنظر إِلَيِك 4, أى افتح بصرى بالرؤية لأنظر إليك» أو تبين لى أنظر إليك . قال الله الذى كلم موسى» وحسب موسى أن الرؤية كالكلام» وإن كان الكلام من وراء حجاب» وقد شجعه على طلب الرؤية أنه سمع الكلام» ومن سمع الكلام الجميل الجليل طمع فى رؤية من يكلمه. قال الله - تعالى ‏ له: أن تراني ولكن انظر إِلَى الْجَبَلٍ فَإِن استَقَر مكانه فسوف تراني 4 . لن للنفىء المؤكد» وقال الزمخشرى: إنها للنفى المؤبد» أى لن ترانى أبداء وهذا على مذهبه من أن رؤية الله تعالى غير ممكنة» ونحن إذا قلنا: إنها لتأبيد النفى» فإن ذلك موضوعه فى الدنياء أما فى الآخرة» فأمرها عند علم الله وهو العليم بما فيهاء والحياة فيها غير الحياة فى الدنياء وما يكون مستحيلا فى الدنياء أو ما يرى كذلك لا يكون مستحيلا فى الآخرة والله بكل شىء عليم» وفسر بعضهم قوله تعالى: 9 أن تراني 4 أى لن تستطيع رؤيتى. وقد استدل الجماعة على أن رؤية الله تمكنة وإلا ما طليها موسىء» وقد علقها الله تعالى على استقرار الجبل وهو أمر ممكن فهى ممكنة. ولنترك الأقوال فى ذلك» فليس القرآن موضع جدلء وهو منزه عن ذلك» وفوق جدال المتجادلين. #/ا تفسير سورة الأعراف 4 اللا ال لاسر > نأ قال تعالى: أن تراني 4 وقد علمت قول الناس فى ذلك» ثم كان الاستدراك تلطف لموسى» وتقريب له لمعنى نفى الاستطاعة» فقال: 8 ولكن انر إَِى الجبل فإن استقر مكاته فسوف تراني 4. والجبل أقوى وأشد وأضخم من موسى فإن استقر حين تجلى الله وبزوغ النور الإلهى فسوف ترانى» ولكنه إن لم يستقر فإنك لن ترانى . «إفَلَمًا تجلّى ربه للُجبَلٍ جَعلهُ دكا 4 أى فلما ظهر نور الله على الجبل متجليا له إجعله دكًا4, أى مستويا بالأرضء وكان لذلك ما يثير الفزع فى نفس موسى لوَخَر مُوسئ صعقًا4, كأنما أصابته صاعقة؛ وغشىء طقَلَمًا أقَاقَ4 أحس بأنه طلب ما ليس له. وما هو فوق طاقته البشرية» وما لا يتحقق فى الدنيا ‏ استغفر ربه» وسبحهء فقال: « سبحاتك تبت إِلَيِك ونا أَوَل المؤمنين 4 . تاب موسى من هذا الطلب الذى تبين له أن الله لا يجيبه فى الدنياء وما كان ذلك خطيئة ارتكبهاء ولكنه خطأ لا ذنب» ولكن النفس المؤمنة التى تحمس تستكثر خطأهاء وتستقل صوابهاء أحس أنه ذنب يتاب منه» وما هو بذنب» وكذلك استتابة المرسلين تكون من أخطاء تغتفر» بل لا حساب عليهاء ولكن يعظم أمرها فى نفوسهم فيتوبون. وأكد ‏ عليه السلام ‏ استغفاره» وكمال إيمانه فقال: « وأَنا أَوَلَ المؤمنين 24 أى ببعدك عن الشبيه» وأنك منزه عن كل نقص» وأول المؤمنين بأنك لا ترّى فى هذه الدنيا. وقد استجاب الله تعالى لاستغفاره وتوبته النصوح وقال تعالى : ل قَال يا مُوسَئ إِنّي امطَمَيدُكَ على النّاس برسالاتي وبكَلامي فَخُد ما آنَْنّكَ وَكُن لكر 4 . هاا تفسير سورة الأعرا اف 11١ا1!!‏ الا االااا!!! ااام لال االللاالالااخخام نالل لاطو الالالال الات اللاااالا لمان ااا مالالا طططللا 0١‏ لس أ نادى الله تعالى نبيه موسى» ويبين ما ميزه به على أهل جيله» وعلى كثير من الأنبياء ناداه طإيا موسى » وفى النداء بالاسم نوع إدناء وتقريب» وإبداء للمحبة» والدنو منه. ظإِنّي اصطفيتك على النّاسِ 4. أى اخترتك مفضلا لك على الناس» ف صطفيتك » متضمنة معنى التفضيل» ولذا تعدى ب على 24 وقوله: :ل برسالاتي 24 وهى جمع رسالة» وجمعت لشمول شريعة التوراة التى نزلت على موسى - عليه السلام - من عقائد التوحيد والتنزيه وشرائع الزواجر الاجتماعية من قصاص وحدود» وشرائع مدنية فى معاملات الناس وتحريم الربا» وأحكام الأسرة؛ وبعبارة أعم فى التوراة شرائع كثيرة جامعة ضمت رسالات. وقوله تعالى: © وبكلامي 4 أى بكونى اختصصتك من بين الأنبياء بأن كلمتك من وراء حجاب» وليس ذلك دليلا على فضله المطلق عليهم؛ بل هو من هذه الناحية وليس فضلا من كل النواحى . وقال تعالى بعد بيان اختصاص موسى بأنه كليم الله» واخمتياره للرسالات كاملة وإن لم تكن النهائية ظفَخذ ما آتيتك 4 (الفاء) هنا فاء الإفصاحء أى فإذا كنت قد اخترتك من بين الناس بالرسالات وبكلامى» فخذ ما أعطيتك. واقنع به وكن من الشّاكرين 4 الذين تظهر النعم عليهمء ولا تطلب الزيادة على ذلك بالرؤية» فإن هذا ليس لك . 7 حسما له الواح ون حكن شَىْء مَوَعِظهُ وَتَقَصِيلا َكل شَىَءِفَحُدَمَابمُوَوَوأْمُرَفَوْمَكَ يأَحْدُو بسحا سَأوْريي درالْقَسقِينَ 9 سَأسَرِدْعَن قال سكيوت ره اسه سا سدم . مم هه م مده آآ هه 00 و عو * 020 آذه و 8 ص دم دده ىع 207 07 يبَاوَ إِنَيَروَا سَيِلَ الرشر لايتجِدوه سبيلا و إِنيروًا هه 000 عرو ا م َو آذ 8 53 سهيل الع يَتّخِذُوه سيلا ذلك اهم نوَأَيحَايدِيَنَا اجيي للملل ل لل الال 00 لجل مر لي 2 00 ل سل بجشهر سه م 0 نوَأَعنْهَاعدفِلِينَ نإ وَالْرِسِ كَدَبواسَاييَنَاوَلِمَآٍ ما ص م سا الاي راع عم لاه الْآْرَةحَِطتٌ أَعَمَفُهُم هَل نروك ]لا ]انوأ ذكر الله - سبحانه وتعالى ‏ ما أرسله الله لموسى من رسالات فقال: وكتبنا لَه في الألْوَاح من كل شيء» الألواح هى ما اشتملت عليه التوراة. وقوله تعالى: « وكتبنا له في الألواح 4, فسر بعض رواة الحديث بأن الله تعالى كتب على هذه الألواح» فقد ذكر الترمذى أنه قبض عليه جبريل بجناحه فمر به فى العلا وأدناه حتى سمع صريف القلم حين كتب الله تعالى له الألواح. وإنا لا نرد خبرا إذا ثبتت صحته عن الرسول» ولا نعلم مقدار صحة هذاء وإن الذى نراه فى هذا أن 8 كشبنا 4 معناه فرضنا وشرعنا شرعا ثابتا مقررا ومفروضا فى الألواح» وقد تكون قد ألقيت عليه مكتوبة فى الآلواح. وقوله: طمن كل شيء» «من» فيها بيانية» أى كتبنا له كل شىء فى أمر الشرع من حيث العقيدة؛ ومن الشرائع المختلفة. وتكون موعظة:؛ وتفصيلا لكل شىء فيها بياذ لنوع ما فى هذا الذى كتب وفرض» ففيه العظة والاعتبار بما فيها من أصل التكوين» والإخبار عن الأنبياء الذين سبقوه» وفيه تفصيل أحكام الشرائع تفصيلا مبينا موضحاء لا يخفى على الذين يدركون» ويطلبون الحق. .وقوله تعالى: © وأمر قَومَك يأَخْدَوا بأحسنها 4 أى يختاروا أحسنهاء وكل حسن» وأحسن» أى اطلبوا الأحسن فيهاء فإذا كان واجبا فيه تخيير» فاختاروا الأحسن » فإذا خيرتم بين العقاب والعفو فاختاروا العفوء أو نقول: إن الأحسن وصف للتكليفات كلهاء إذ كلها بلغ الأفضل فى ذاته» وأفعل التفضيل ليس على بابه بل المراد الأخذ بها كلهاء لأن كلها أحسنهاء كقوله تعالى: ل وَاَبعُوا أَحْسَنَ ما 3 ا تفسير سورة الأعراف س1 46 أنزل إِليَكُم ... 462 [الزمر]ء وقوله: « ... يُسْمَمِعُودَ القول فَيَتبِعُونَ أحسته الالزمر]ء أى يتبعون الحسن وهو القرآن أحسن القول. وقوله تعالى: ط فَحْذَهَا بقرّة4. أى خذها بعزم صادق على تنفيذ أحكامها من غير هوادة» والمراد بالأخذ بقوة لازمهاء وهو العمل بقوة وصدقء والأمر للوسى هو أمر لأمته» وصرح بأمر حمسن بلغ أعلى درجات الحسن» كما ذكر فقال: 8« وَأمر قَوْمَك يَأَحْدُوا بِأَحْستَهَا 4 وأشار ‏ سبحانه ‏ إلى أنه سيكون من يفسق عنها من قومه» وذلك ببيان أنه سَيرى موسى وخاصته الفاسقين ومكانهم» فقال تعالى : «( سأريكم دار الفاسقين 4 أى: الفاسقين من بنى إسرائيل» ومؤدى القول: ستعلم منازلهم وفسقهم ودرجاته. ويصح أن يقال سقين: دار الفاسقين 4 هى دار فرعون ومن سبقه من الفاسقين » وعندى أن التخريج الأول أوضح» ويؤكده قوله تعالى بعد ذلك: ف( سأصرف عن آياتي الذين يبون في الأرض بغير الحق » . التكبر فى الأرض بغير الحق ولا يكون التكبر بحق قط وهذا وصف كاشف لبيان مضرة الكبر وفساده أن التكبر يجعل المتكبر لا يفكر إلا فى نفسه وما يستعلى به على الناس» فإذا غمره كبره فى هذا لا يرى إلا من ورائه» فلا يتجه نظره إلى ما يجب عليه» بل يتجه إلى ما يحسبه حقا له» وبذلك ينصرف عن الخير منصرفه فيصرفه الله عنهء وهذا قوله تعالى: سأصرف عن آياتي الّذين يتَكبّرونَ في الأرضٍ عير الْحَقّ4. فصرف الله تعالى للمتكبرين نتيجة حتمية لانصرافهم لغمرتهم فى الكبر» فهو سبب هذه النتيجة وقوله تعالى: 9 بغيرٍ الحق4. هو كشف لحقيقة المستكبرين من الطغاة والحكام» وكل المفسدين فى الأرض. ولقد صور الله تعالى تفكيرهم فقال فى نظرهم إلى الحق وإلى الباطل تعالت كلماته: وإن يرا كُلَآية لا يؤمنوا 4؛ لأن قلوبهم صرفها هواهم عن الحق. فصارت متدرنة بالباطل لا تستسيغ الحق. إن كل آية» أى آية مهما تكن هاا تفسسير سورة الأعرا اف 0ك 7/171 22*2*5 حر أ واضحة الدلالة بينة الهداية طلا يؤمنوا بهًا 4 لايصدقون بهاء لأنهم عميت عن الحق أبصارهم؛ وأصبحوا فى صمم عنه» فإن القلب إذا أعمى كره الحق» وغفل عن آياته» ومثل ذلك آل فرعونء جاءتهم العصا فكفروا بهاء وجاءت يد موسى بيضاء تلمح بالنور» فأعرضواء وأصابهم الله بالعذاب» وأصاب أنفسهم وأموالهم وزروعهم» ورأوا آيات فيهم رأى العين» وخضعوا بالحس لله ولكن ما زالت قلوبهم كافرة فاتجهوا إلى الله رب موسى وربهم» وطلبوا إلى موسى أن يدعو الله ليكشف عنهم» فلما كشف ذهب نور الإيمان» وبقى ما استقر فى نفوسهم بسبب الكفر. وقال تعالى فى تصوير نزوعهم إلى الباطل: ون يوا سَبيل الررُشّْد لا يتَحْذُوه سَبيلاً 4 إن الرشد يحتاج إلى عزيمة وقوة نفس» وسيطرة على الشهوات» وحمل على الإيثار» ومنع للأثرة» والذين يستكبرون ويطغون فيهم أثره» وفيهم شهوات مستحكمة» وهو غالب» وكما قال محمد خاتم النبيين كَِيةِ: «حفت الجحنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات». فلهذا إذا رأى المكذبون سبيل الرشد الذى يعطى لله وللناس حقوقهم فإنهم لا يتخذونه سبيلا لسلوكهم» وطريق حياتهم لأنه يحتاج إلى بصيرة مدركة» وعزيمة صادقة» وإرادة عاقلة. وإن يروا سبيل الفي يتَحْذوه سَبيلاً4. أى إن يروا سبيل الضلال وهو الغى يتخذوه مسلكا لهم؛ لآنه سبيل الأثرة والهوى والشهوات والطغيان فهو يتفق مع نرعة التكذيب لآيات الله تعالى» والغفلة عن هدايتهاء والاستكبار الذى أعماهم عن التأمل فيهاء وتعرف أسرار الله فى مكنونها. ولقد ذكر الله تعالى سبب ذلك الضلال الذى يحولهم من الرشد إلى الغى» فقال سبحانه: « ذلك بِأَنّهُم كَدبُوا بآيَائَاوكَانُوا عَنْهاعَافِينَ 4 . ل م لسرب زا الإشارة فى « ذلك 4 إلى الحال التى آلوا إليها من اس تحسانهم للشر وسبيله» واستهجانهم للخير وطريقه ٍْآبأنُهُمِ كذبوا بآياتتا4. أى بسبب أنهم كذبوا بآيات الله؛ سارعوا بتكذيب آيات الله» فاجتالهم الشيطان عنهاء وساروا منحرفين عنها غافلين عن معانيهاء ومن سار فى طريق منحرفا عن الخط المستقيم أوغل فى الانحراف حتى يضل ضلالا بعيداء وكلما أمعن فى السير أمعن فى الضلال» حتى لا تكون هداية» أخذهم الكبر فكذبوا بآيات الله وكانوا عنها غَافلين 4 ففسدت نفوسهم وأذواقهم حتى صاروا يذوقون المر فيحسبونه حلواء وفسدت مداركهمء فصاروا لا يفرقون بين الخير والشرء ولا بين الحسن والقبيح» فإن رأوا سبيل الرشد لا يختاروه وإن رأوا سبيل الغى اتمتاروه وهكذا إيفت مشاعرهمء وضلت أفهامهم» وإنما يستقيم الفكر إذا استقامت النفس . ولقد قال تعالى فى جزاء الذين كذبوا بآيات الله» فقال عز من قائل : ( والْدِينَ كبوا بآيَئنَا ولقَاء الآخرة حَبطت أعْمَالْهِمٍ هَل يُجزون إلا مَا كانوا يَعملْونَ 059 4 . هذا النص السامى وصف عام لكل المكذبين لآيات الله ولقائه وأخص من ينطبق عليهم المشركون الذين كفروا بمحمد يَكاو. قوله تعالى : « والّذِينَ كَذَبوا بآياتنا ولقاء الآخرة 4 . أنكر هؤلاء أمرين وكذبوهما. أولهما ‏ آيات الله تعالى أى معجزاته القاهرة الباهرة» فلم يؤمنوا بموجبها ولم يصدقوا ما تدعوا إليه من إيمان» وأهملوهاء وافتاتوا عليهاء فقالوا: سحر مبين» وكذبوا بدلائل الوحدانية فيها فغفلوا عن إدراك ما تهدى إليه. وثانيهما ‏ كذبوا بلقاء الآخرة» أى بلقاء الله تعالى فى الآخرة» أو كذبوا بلقاء الآخرة بأن كذبوا بالبعث وما يعقبه» وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نلهو امو 4 0-0 ّ 5 ا تمفسبير سشورهة الاعراف املك ل لل بطلل بم يي ١‏ الله خلقهم عبثاء الهم لبه ا برجعوة. خبطت أعمَالهُم4. أى بطلت أعمالهم فلا ثواب لهم على عمل؛ ولو كان فيه نفع ظاهر أو ظاهره النفع ؛ وذلك ليآن اللأعمال ثوابها بحسب القلوب» وما دامت القلوب ممتلئة بالشرك» مدرنة بتكذيب الحق فلا خير فيهاء ولا خير منهاء فإن إشراق الحكمة لا يكون إلا من قلب سليم. ومع أن أعمالهم تكون باطلة لا ثواب فيهاء إلا أن عليهم العقاب فيما يرتكبون؛ ولذا قال تعالى: هل يجزون إِلأّ ما كَانُوا يَعملُون 4 . بمعنى أنه لا يتصور إلا أن يجزون بعملهم. فهو نفى فيه معنى حصر العقاب وفى قوله تعالى: يجزون إلا مَا كَانُوا4 فيه بيان عدل الله تعالى فى جزائه . فالحزاء من العمل ذاته. فهو الذى يقرره» وكأن الجزاء هو ذات العمل لتساويهما وتلازمهما» إنه العليم العدل الحكيم . عبادة العجل فى بنى إسرائيل كه له عله عقوم موس مون ليه 200 1 ره ع ني آل 0 عِبَلجَسَدٌ الو دروأ آهل يكلْمَهُم وَلَايَبَ دِيم 2 يه 2 20 جم دده و ميلا أَغَعَدُ كدو ركان أحتيبيت :87 كل ولماسِقَط وي فتأيديهم وَدَأَوَاأَتّهُمَ فَدَصََلُوأ ا لوأ ين لَّمَيَيحَمَنَا رَبسَا يور نا لَحَكُوكن بر التسريس ا بها تفسير سورة الأعرا اف ١ 0‏ لكك : تي 10 ا 0 هه 000 ول ولْمَارجِعَ م إل فومه مط أ سِعافاليِنْسَمَا موف حم سه -- >2 حشر 00 وجه 2 ل و ىم من بعدى أعيطتمٌ - 9 توي وَأَلْقَ الأ اح وأخذ يراس اليد أ لقو اعفن وكنأ رجور ب 00 مت الظبلمين: ل 0 20000 22 00 ر تلكو أنت أَرحَم أل اليك عاشر بنو إسرائيل أهل مصر زمانا فأثروا فيهم بأخلاقهمء وإن الضلال يعدى كما تعدى الأمراض البدنية» وقد سرت إليهم عدوى تقسديس العجل » وعبادته» كما انحلت عقيدة الوحدانية منهم» وقد أكدها موسى - كليم الله عليه السلام - ولكنهم لما رأوا قوما عكفوا على أصنام لهم طلبوا من نبيهم موسى - عليه السلام ‏ إلها كما لهم آلهة. وقد ذكر الله تعالى عبادتهم العجل فى آيات كثيرة» وكان يذكرها فى أكثر الأحيان بالإشارة العابرة» بيانا لضلالهم» وفى هذه يذكرها - سبحانه وتعالى - ببعض التفصيل» ويذكر وقتها وهو أنه كان» وقد غاب موسى لتلقى الألواح» ومناجاة ربه» فجاءهم» وقد اتخذوا العجل» صنعوه من حلى صناعة محكمة وعبدوه» صنعوه بحليهم» وجعلوه على صورة جسد عجل» ومهارتهم فى الصناعة التى اشتهرت بها مصرفى ذلك الإبان» وضعوه فى وضع إذا مرت الريح فى موضعه من الخلف صار له صوت يشبه خوار البقر وادّعوه إلهاء ولنتل الآيات مي م ساس وع# للم سم 000 اه صضه 000 ه ا لمن هاه تت ساس > يب الكريمة فى ذلك: وَانَّحَذَ قوم موسئ من بعده من حليّهم عجلاً جسدا له خوار» . « وَانّحَذَ قوم موسئ 4 أى فعل بعضهم ذلك وسكت عله سائرهم » فنسب استضعفوه وكادوا يقتلونه وفيهم صفوة من الفضلاع. كان منهم النقباء . لوا تفسير سورة الأعرا اف اي مم1 !ممت ل !اي اماما ممم اللا لس اق وقوله: ومن حليّهم 4 أى صنعوا من حليهم؛ جمعوها وصهروهاء وصنعوها على شكل عجلء يعبدونه كما يعبده المصريون وظجَسدا 4 أى جسماء لَه خوار» , أى صوت كصوت خوار البقرء لما مهروا فى صناعته وفى وضعه. والجسد لم يكن فيه حياة ككل الأجسام» وقد فهم بعض الناس من كلمة جسد أنه كان فيه حياة» والحقيقة أن كلمة جسد تكون بمعنى جسم فى كل دلالاتهاء وسواء أكان فيها حياة أم لم تكن» وإن استعمال جسد فى التعبير عن الجسم كثير فى القرآن» ولقد قال الأصفهانى فى مفرداته: «والجسد كالجسم» ولكنه أخص» وقال الخليل: لا يقال الجسد لغير الإنسان من خلق الأرض ونحوه» وأيضا فإن الحسد ما له لونء والجسم يقال لما لا لون له كالماء والهواء. وقوله عز وجل: « وما جعلناهم جسدا لأ يون الطّعام وما كَانُوا خَالدِينَ (29) 4 [الأنبياء] .. وقال: #.. . عجلاً جسدا لَه خوار ... 69 4 [طه]ء وقال تعالى: ...وَاَلقِينَا على كرسيّه جسدا ثم ناب 69 4 [ص]. والخلاصة أن الجسد بمعنى الجسمء وأنه لا بي يشترط فى الجسد أن تكون فيه حياة» وأنه يطلق على الجماد. وقوله تعالى: وما جعلناهم جسدا لأ يأكلون الّعام (2) # [الأنبياء]ء أى ما جعلناهم جمادا لا يحتاج غذاءء بل جعلناهم أحياء يأكلون الطعام» ويمشون فى الأسواق. ولقد بين الله تعالى بطلان عبادة العجل وبيان أنه ليس بحى فقال تعالت كلماته: ألم يروا أَنّه لا يكلمهم 4. وفى آية أخرى فى غير هذه السورة» فقال تعالى فى سورة طه: « أفَلا يرون ألا يرجع إِليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا فعا 69 4 . وإن ذلك دليل على أنه لا حياة فى هذا الجسدء وإنما هو جماد قد ذكر القرآن أصله وهو الحلى» 8 انَحَدُوهِ وكانوا ظَالمِينَ4 فقد ظلموا الحق بعملهم على خلاف التوحيد. وظلموا أنفسهم بعبادة ما صنعوه بأيديهم» وظلموا موسى الذى أنقذهم من طغيان فرعونء وكذبوا آيات الله تعالى الدالة على وحدانيته وأفسدوا تفكيرهم الذى هدى موسى إليه. ع اا تفسبير سورة الاعراف !!!لاا ناك 1 خ ال مالا ناكما اااااااااااااا لالم ل )!!!الاك 1ا!!!!:!!!!!!!! ضزالاا!!!!!! لا راط اموق !!!1 ل الال !!!لالتلا م سس نا ولقد كان من المفسرين أو أكثرهم من أخرجوا كل بيان للقرآن على أنه من خوارق العادة» فزعموا أن العجل كان جسذدا حياء وسرت إليه الحياة من أن السامرى الذى صنعهء أخذ قبضة من أثر فرس جبريل» ووضعها فى صناعتهء فجعلته حيا له خوار» وزعموا أن ذلك يؤخذ من قول السامرى الذى حكاه القرآن عنه إذ قال: 8 ... فَمَا حَطْبّك يَا سامري 659 قَال بصرت بما لم يسصروا به فَقَبَضْت قبضة من أَنَرِ الررسول فََذْتهَا وكذلك سَوَلّت لي نفسي 65 »© [طه]ء فزعموا أن قول السامرى فقبضت قبضة من أثر الرسول: أى جبريل. قبض السامرى قبضة من أثر وهذا تأويل بعيد عن الحقيقة» وعن مدلول الألفاظ . أولا ‏ لأن الرسول» «أل» فيه للعهدء ولا بد من رسول مذكور فى السياق أو معهود حاضر فى الذهن وهو موسىء وأثره هو شرعه» ونبله إهماله وتركه؛ وهو التوحيد. ثانيا ‏ أنه اعتبر ذلك ما سولت به نفسه الشيطانية. ثالثا ‏ أن جبريل ما كان طريق خطاب الله لموسى» إذ قال: ا وما كان لبشرٍ أن يكلَمَه اللّهُ إلذَ وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً ...69 > [الشورى] فكان كلام الله تعالى لموسى من وراء حجاب كما قال تعالى: 8 ...وكَلّم الله موسئ تَكُليما 672 4 [النساء]ء وإن قوله تعالى عن السامرى أنه قال: « ...بصرت بم لم ينصروا به ... 59 4 [طه] أى فى صناعة الحلى التى لم يكن غيره ذا بصر بها. وأخيرا إنه لا حاجة إلى هذا التكلف والإغراب والتقدير. وتخريج الآية على ما بينا ابتداء هو المعقول الذى لا يحتاج إلى تأويل به ولا إلى تقدير كلام مطوى بلا دليل. #// تفسير سورة الأعراف 4ك ااا لال لل ١ ههه‎ يي وخلاصته أن السامرى اتخذ من الحلى شكل عجلء وبمهارة الصناعة وتمكين الرياح من أن تدخل منافذ فيه كان له صوت يشبه صوت البقر وهو الخوار» فعبدوه» وقبض قبضة من أثر موسى وهو التوحيد فنبذه وأهمله. أدركوا أنهم ضلواء ولقد حكى الله ذلك فقال: ١‏ ولَمّا سقط في أيديهم ورأوا نهم قد ضلُوا قَالُوا لتن لم يرحمنا ربا ويُغفر لنا لَمَكُوننَ من الْخَاسِرِين 69 4 . وكلمة ط سقط في أَيديهم 4 تستعمل حال الندم» ومثله أسقط فى أيديهم» والأفضل سقط» وخطأ بعضهم أسقط. وهو مردود لكونه استعمال قرآنى» قيل: إن العرب لم تسبق إليه» ومعناه اللفظى سقط تفكيرهم من رءوسهم إلى أيديهم» وصار فيها وذلك أن من يقع فى خطأ يندم عليه يضرب كف على كف» وأحيانا يعض على بنانه» وهذا الكلام يدل على أن فى الكلام كناية عن الندم لأنه ذكر اللازم الحسى له. وقد سجل الله تعالى ندمهم بذكر سببهء فقال: « وروا أَنّهم قد ضَلُوا 4, أى علموا علم اليقين أنهم ضلوا ووقعوا فى الضلال» فقلدوا أتباع فرعون فيما صنعواء وأحسوا بأنه لا منجاة لهم إلا أن يرجعوا إلى ربهم.» ويتضرعوا إليه وقالوا: 9 لكن لم يرحمنا ربنا ويغفر لَنَا) رجوا الرحمة» والرحمة تكون بالغفران» فالغفران هو الرحمة وهى لازمة» وذكر الشىء ولازمه. وجواب القسم « لتكونن من الْخَاسرِين 4 والخسران خسران تفكيرهم بسبب ضلالهم» وخسران الحق» والخسران المبين بشركهمء ولا منجاة من ذلك إلا برحمته وغفرانه. وهذا الندم أكان بعد حضور موسى من الميقات ولومهم وتأنيبهم» أم كان بعده؟ والظاهر هو الثانى . وقد قال فى حال موسى - عليه السلام ‏ عندما رجع: « ولَمًا جع موسئ إِلَئ قومه عَصبَانَ أسفا َال سما حَلفعَمُوني من بعدي أعجأكُم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه 4 . ل | تفسير سورة الأعرا اف الئل ١‏ فى أخبر الله - سبحانه وتعالى - موسى أخبارهم» ولما رجع ظهر غضبه عليهم» فقال تعالى: « ولَمًا رَجَعْ موسئ إلى قَوْمه عُصْبَانَ 4 أى أنه غضب غضبا شديدا؛ لأن التعبير بغضبان تدل على امتلاء النفس بالغضب؛ لأن صيغة فعلان تدل على الامتلاء كسكران وشبعان» ونحوهاء وإأسفا4 أى حزيناء أى أنه غضب لهذا الأمر الشاذء ولا تفكر فى الحال حزن حزنا شديداء فالأسف: الحزن. كقول يعقوب: © ...يا أسفى على يوسف ... 69 » [يوسف]ء أى أنه فى حال الحزن الذى لا حزن وراءه. قال لهم: لبعْسمَا حَلْفْتمُونِي من بعدي4؛ أى بئس ما صنعتم خلفى من بعدى وفى غيبتى أى خلفتمونى بشر» وهو جدير بالذم» وكان ذلك فى غيبتى» فكأنهم خانوه مرتين مرة بهذا العمل الفاسد الضال المشرك» ومرة بأنهم انتهزوا فرصة غيبته وفعلوا ما فعلواء فكانوا آثمين» إثمين» إثم العمل» وإثم أنهم خانوه فى غيبته» وقال: 9 أَعجام أَمر ربكم 4 أردتم العجلة فى أمر ربكم وذلك خروج عن حدودكم. « ولق الألواح 4. التى تلقاها عن ربه مكتوبة مفروضة جانباء لا أنه رماها حتى تكسرت كما زعم بعض المفسرين . بل ألقاها جانبا ليفرغ لمناقشة الذين غيروا وبدلوا من بعده» ومن سكتوا عن تغييرهم» وأول مسئول سأله هو أخوه هارون؛ قال تعالى: 9 وَأَحَذَ برأس أخيه جره إِلَيه4 أكثر المفسرين على أنه فى غضبهء قد أخذ لحية أخيه وقبض قبضة من شعره يجره إليه» وقالوا: إن ذلك كان متعارفا عندهم» أو لأنه أراد مناجاته» أو أراد أن يسر إليه أمر الألواح» أو أراد نصحهء ونرى ذلك بعيدا عن روح النص؛؟ إنما الظاهر أنه أراد لومه لوما شديدا؛ بحسب أنه قصر عن مقّدرة بدليل رد هارون: 8 ابن إن الَْومَ استضعفوني 4. ويصح لنا أن نقول على هذا إنه يصح أن يكون أخذ اللحية وجر الرأس لا يراد به حقيقته إا يراد به لازمه» وهو إلقاؤه التبعة عليه لآنه خلفه عليهم» ونهاه عن أن يتبع القوم المفسدين» وأن ذلك كناية عن هذا؛ لأن ذلك يكون عند اللوم الشديد» وقد اعتذر ٠#‏ تفسير سورة الأعراف ١‏ لاا 1 5-5 ىح لأخيه بأنهم استضعفوهء أى عدوه ضعيفاء أو طلبوا موضع الضعف فيهء وهو أنه ليس المسئول الأصلى» وإنما هو ردء لأخيه؛ وقد غاب الأصل» فاستضعفوا خليفته» وقال: وكادوا يقتلونتي 4 أى شدد النكير عليهم حتى كادوا يقتلونه» أى قاربوا أن يقتلوه» طقلا تشمت بي الأعداء ولا تَجعلني مع الْقَوم الظّالمِين 4 طلب من أخيه أمرين: أولهماء ألا يتمادى فى مؤاخذته فيشمت الأعداء بهارون وهو المداوم على نصرته» وعرض نفسه معه للأذى فرعون الطاغية» الثانى: ألا يجعله فى عداد الظالمين» بآن يعتبره من عبدوا العجلء أو تهاونوا فى استنكاره» فإنه قد قام بحق الخلافة عن أخيهء ولكنهم وقعوا فيما وقعوا فيه بأمر لا قبل له فى دفعه» وهو له ولقد كان موسى - عليه السلام - شديد الغضب. لكنه كان سريع الفيئة؛ ولذا قال راجعا إلى الحق فى أمر أخيه معلنا الرضا. فقال: «إ رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم م الراحمين ) . طلب الغفران لنفسه لأنه يحس كما يحس الأبرار بقصور نفسى من تقصير حقيقى» ولأنه ألقى التبعة على أخيهء وما قصر أخوهء وأن يغفر لأخيهء إذا كان لم يحملهم على الجادة؛ ولم يمنعهم عن غميهمء ثم يقول: إ وأدخلنا في َحْسك) التى كبتها للمؤمنين» «إوآنت رم الراحمين» . وهنا إشارة بيانية فى القول فإن هارون قال ابن أَُم4 وهو نداء استعطاف واسترحامء وخصت الأم بالذكر؛ لأنها مجتمع الحنان والرفق والمودة بين أولادها. جزاء الذين اتخذوا العجل م ا 0 إنا لزينا تخذوا عو - ومع لجل سَيَنالَصتمِن يو وق يلدي وَكَذَلِكَ رى الْمَفْكَرنَ 2 وَأَلَدتَ عَمِلُوا أ سس الوسر ته 3 2 2 د نبوأ من بعر هاو ءا مَنْوَا نر ك بك من بعد ها عور رحيم ةا اا تفسير سورة الأعرا اف ملل و غضب موسى» وغضب له ربه؛ ولذا قال تعالى: إن الّذينَ انَحَدُوا العجل سينالهم غضب مَن رَبّهِم 4 . أكد سبحانه وتعالى أن الذين اتخذوا العجل بأن صنعوه بأيديهم» وعبدوه من دون الله فاتخذوه إلها تقليدا وعماية عن الحق» وعن الإيمان بالآيات البينات» حكم الله تعالى عليهم بسبب اتخاذهم العجل فقال: 8 سينالهم غضب من ربُهم وله في الْحيَاة الدنيا 4 . السين فى سينالهم لتأكيد ما ينزل بهم عضب »4 حال تقوم بالذات العلية» وهى غير غضبناء وإن مظهره عذاب شديدء وبعد عن رحمته 8 ... ولا لمهم الله ولا ير إِلَيَهم يوم القيامة ولا يزَكيهم... 69 4 [آل عمران] وذلك إذا لم يتوبوا إليه؛ كما تدل على ذلك الآية التالية لهذه. وينالهم مع الغضب ذلة» وهى ذلة المبطل إذا ظهر الحق» وتضرب عليهم الذلة إلى يوم القيامة إن لم يتوبوا إلى ربهم» ويرجعوا إليه. وإن ذلك جزاء المجرمين؛ ولذا قال تعالى: « وكذلك نجزي المفترين 24 أى كهذا الذى ينالهم حتما من غضب الله الذى يكون أثره العذاب الشديدء والبعد عنه» والذلة تكون جزاء المجرمين الذين مردوا على الإجرام والمخالفة والعصيان» أى صار الإجرام وصفا ملازما لهم» لا يخرجون منه ولا يتركهم؛ لآنهم لا يتوبون» وقد فتح الله تعالى باب التوبة ما يدل على أن ذلك العقاب هو لغير الذين يتوبون ويعملون الصالحات. ( وَالَذينَ عملُوا الات ثم َابُوا من بَعْدهَا وَآمنُوا إن بلك من بَعْدهَا لعَمُور رُحِيم 65 4 . «الواو» عاطفة واصلة بين هذه الجملة وما قبلهاء و السيتات # جمع سيئة» وهى ما يسوء الناس» وهو قبيح فى ذاته لثم تابوا من بعدها وآمنوا 4 «ثم» هنا ع ها تمسير سورة الاعرا اف الملل لل لل حب ناز للترتيب والتراخى لبعد ما بين السيئة والتوبة؛ لأن السيئة فعل قبيح لا يرضى الله - سبحانه وتعالى - والتوبة رجوع إلى الله» فالمنزلتان متباعدتان تباعد البعد من الله بالسيئات» والقرب منه بالتوبة» وقوله تعالى: ل تَابوا من بَعدهًا 4 يوحى إلى أن التوبة لا تكون بعيدة الزمن» كما قال تعالى: لإإِنّمَا التُوبَة علَى الله لذن يَعمِنُونَ «(آمنوا4 أى أذعنوا للحق» فكأن التوبة لها ثلاث خطوات هى الشعور بالذنب والندم» ثم التوبة» ثم الإذعان لحقائق الإيمان بحيث لا يعودون لمثلها أبدا . وقد وعدهم الله تعالى بقبول التوبة فقال: 8إإِنَ رَبك من بَعدها لَعَفُورٌ رُحيم 4, أى إن ربك الذى خلقك وكونك من بعد هذه التوبة النصوح « فور رحيم 4 إن هذا بيان لقبول التوبة بييان وصف قابلهاء وهو أنه غفور للذنوب قابل للتوب» وأنه رحيم بعباده يريد لهم التوبة» ولا يريد لهم العقاب إلا أن يصروا إصرارا . وفى هذا النص تأكيد بقبول التوبة بالتأكيد بالجملة الاسميةء وبوصف الربوبية»؛ وبوصف الغفران والرحمة» وب «إن» وباللام فى قوله: « لغفور رحيم # . وإن الله تعالى فى القرآن الكريم حيث يذكر العقاب يذكر التوبة وقبولها حتى لا ييئس المذنب من غفرانه» فينساق فى معاصيه وهو يقنط من غفران الله ورحمته» قال تعالى: 9 قل يا عبادي الّْذين أَسرَقُوا على أَنفُسهم لا تَقمَطُا من رَحْمة الل إن الله يغفر الذذنوب جَميعًا نه هو افقو الرحيم 69 4 [الزمر]. ع 9# تفسير سورهةه الاعراف 1 لمملا ناااااالاا لت للك اناالا ململ خط خع خم ممما ممم ممم م اماما اماما ىم ليها أ 11 موسى بعد الغضب ينظم الدعوة للإيمان مد عو ورج سا سا و ا ا وَلْمَّا سكت عن مُوسَى الْحَضَب أخذَ لا لواح وف 1 ب وس لاسا ع م سس ارح سان ع له مم ررم حا سا سا شتختباهدى ورمة إلزين هم ل يهم برهبون (وه)) وأخثار تار رسج ل يح عع م لح سد غلا مداو ءاج اد ادوج 4ه ا 2 : < ام لصوم ل م 4ح ل سه 4م دس سو ا ع رح ل له 0 أ 0 مخ لله .2 3 ل ل سس سل سرع الْسَعَهَاء مما نه إلافثنتك تضل يبا من تَشَاء ورف صر 0-0 هل سل ا 00000 . مه سس 2 لخ نمه أنتوَلِيناهَعْفْرَلنَا اننا وأنت حَيْرا مريت 072 ل > برس ينم 7 الال 020 ا م حينم «# وأ كتب لنافى هدذ وا لذ يا حسكئة وف الآاخروَإِنًا 0 و ما رط 0-1-0 هدن ]لَك قَالْعدَ إلى أَصِيبيه. من أَسَاء وَيَحَمَّيَ ل لسع شك 2 ع لل 2 الح بعس 2 ادي ادوع يي مر 6 م 2 مك شاع ل سن ل .. ل | هج الزأكره والَزين هم باينا بوْمِنوَنَ 220 كان الغضب أمرا عارضا لموسى بسبب أن قومه انتهكوا حمى التوحيد» وأشركوا بالله» ولم يغب عنهم إلا أربعين ليلة» فاستطالوها وعجلوا به مخالفين أمر ربهم» وبعد أن هدأ الغضبء إذ أقام أمر الله ونهيهء وقد كان سريع الفيئة كما روينا أى سريع الرضاء وكذلك شأن النبيين لا يلج بهم الغضب؛ حتى لا يشغلوا عن الدعوة إلى الحق الذى بعثهم الله تعالى لإقامته . وقوله تعالى: 9 وَلَما سكت عن مُوسى الْفَضّب »4 يدل على أنه عارض زال فعاد الواجب قويا قائماء بعد زواله طأَحَدَ الألواح وفي نُسحَتها 4. أى فى المكتوب فيهاء وهو الأصل الثابت الذى كتب بأمر الله تعالى» وكأنه ‏ سبحانه وتعالى - هو الذى كتبه «(هدى ورحمة 4 أى فى نسختها الأصلية. . إهدى وَرَحَمَة 24 أى 1# تفسير سورة الأعراف م الل 0 1-7 هداية إلى الحق فى وسط دياجير الباطل والظلمات ورحمة بشريعتها التى اشتملت عليهاء فالشريعة فى التوراة بأخذها على أيدى الظالمين وإقامة العدل» يكون ذلك رحمة» فالعدل فى ذاته رحمة» كما جاء فى القرآن الكريم: « ولكم في القصاص وإن هذه الهداية وتلك الرحمة إنما ينتفع بها الذين يرهبون الله تعالى ويخافونه» والذين يخافون الظلم ويجتنبونه» والذين فى قلوبهم رأفة بالناس» ويخافون أن يؤذوهم ويتجنبؤن الأذى» ويخافون عذاب الله» ولذا قال تعالى: ( للذين هم لريهم يرهبون 4 . أى إن الهدى والرحمة للذين هم يخافون الله تعالى ويرهبون عذابه» فإنه مع رهبة رب العالمين يكون الاتعاظ والازدجار» والانتتفاع بالهداية» وتلقى الرحمة» واستحقاقها. وقوله تعالى: 8 لَلَذِينَ هم لربّهم يَرَهبون 4 فيه تأكيد لرهبتهم لله بعدة مؤكدات: أولها ضمير الفصل هم 4 وثانيها: تقديم 8« لربُهم 24 أنهم لا يرهبون إلا ربهم» ولا يخافون غيره» وثالشها: فى قوله لبهم » فاللام هنا تفيد زيادة الرهبة» إذ إن يرهبون 4 تتعدى بنفسها دون اللام» فذكر اللام لتقوية التعدى أى لتقوية الرهبة» وهكذا لا ينتفع بما اشتملت عليه من الهداية إلى الطريق» والرحمة بالانتفاع بنظمها إلا هؤلاء؛ لأن هذه الرحمة لا ينتفع بها إلا الذين يخافون الله تعالى ويرجون ثوابه ويخافون عذابه فيكونون منه دائما على حذرء فينجون. بعل أن ذكر الله تعالى الميقات الذى واعد الله موسى عليه» وما كان من عبادة العجل» ولوم موسى لأخميه على عبادة بنى إسرائيل العجل» بين الله - سبحانه - اختيار موسى لسبعين من رجال بنى إسرائيل يمثلونهم» وكأنه اختار بنى إسرائيل كلهم» فقال تعالى: « واختار موسى قَومَه سبْعينَ رَجَلاً لميقاتنًا 4 . اا تفسير سورة الأعراف ليل 1 > ا اختار موسى سبعين رجلا لميقات الله تعالى الذى واعده موسى - عليه السلام - وكأنهم صحبوه فى هذا الميقاتء ولكن انفرد بمكالمة الله موسى - عليه السلام. وقد طلبوا أن يروا الله تعالى جهرة» ويظهر أن موسى - عليه السلام - طلب أن ينظر الله تعالى تمهيدا لأن يروه» فقال الله تعالى لن ترانى» 8 . .. فلمًا تجلّى به للجبل جِعله دكا . .. 09 4 وكانت رجفة فى الأرض خر من أجلها موسى صعقاء وأخحذتهم الرجفة. وانتهى من هذا إلى أن الذهاب للميقات وإحدء ذهب موسى ومعه سبعون رجلا اختارهم ممثلين لبنى إسرائيل» وهذا ما يمكن أخذه من ظاهر السياق القرآنى» وهو أن الميقات واحد. رأى من عبادة العجل ما رأى» أخذ ميقاتا من ربه» ليذهب هؤلاء السبعون معة» ويستغفروا ربهم» فقالوا:. 9 ... لَن تومن لَك حتَّيْ ترى الله جهرة فَأَحَذَتكم الصاعقة 69 #4 [البقرة]» فصعقوا. وإن هذا الكلام مقبول فى ذاته. ولكن لا نهد له سندا صحيحا من سنة وليس فى الكتاب إشارة واضحة إليه ولعله يرشح لهذا النظر قوله تعالى: أتهلكنا بما فعل السفهاء منا © ولكنه لا يقطع؛ لأنه ربما يشير إلى أن طلب الرؤية ذاته كان تعديا وسفهاء ولذا استغفر عنه» على أن الاستفهام للإنكار» أى لإتكار الوقوع من الله تعالى أى أنت يارب العالمين لا تهلكنا بما فعل السفهاء مناء أى بما يكون بسبب خفة أو تسرع. وهنا إشارات بيانية : الأولى - أن الله تعالى يقول: ط وَاخْمَارَمُومَئ قَوْمَهُ سبْعينَ رَجُلاًَميقَاتنا 4 وسبعون بدل من «إ قومه # بدل بعض من كلء ولكنه يشير إلى أن اخحتيارهم هو اختيار لجميعهم » لآنهم يمثلونهم » وكأنهم هم أنفسهم. .مه َه د ٠‏ ا تفسبير شسنبورهة الاعراف لام 0 لسرب زا الثانية - فى قوله تعالى: «قَال رب لو شكت أَهلَكْتهم من قبل وإِيّاي 4 نادى الله بعنوان الربوبية أنه لوشاء أهلكهم وأهلك موسى معهم؛ وذكر نفسه معهم؛ لأن السبب» وهو طلب رؤية الله تعالى» قد اشترك فيه موسى» وتلك مساواة منصفة من كليم الله تعالى موسى مع غيره. الثالثة ‏ أن الله تعالى هدى موسى لأن يستنكر بنفسه طلبه الرؤية» وظنه أن ذلك سفه أو تسرع» ولكنه ليس بذنب مقصودء وإنما دقة الحس بالإيمان جعل يظن أن ذلك سفه يدخله فى جملة السفهاء؛ ولذا قال هذاء وقال من قبل: «رَبْ اغفر لي ولأخي 4 . الرابعة - من الإشارات البيانية» قوله تعالى: 9 لو شت أَهلَكْتَهُم مَن قبل أى من وقت الميقات وأنا معهم ثم قال موسى: إن هي إلا فتنتك تضل بها من تَشَاء وتهدي من تشاء 4. الفتنة: الاختبارء وهى مضافة إلى الله تعالى» ومعناها إنك تعاملنا معاملة من يختبرنا فى أنفسناء تهدى بها من تشاء ممن يعتبرون بالعبر» ويؤمنون بقدرتك» ويطيعونك فيما تأمر به وتنهى عنه» ويضل فى هذا الاختبار الحكيم» فلا يدرك عظمتك وجلإلك؛ فيضل عن الطريق «أنت وليّنا 4 أى أنت ناصرنا ومعزناء ومتولى أمورناء والقريب منا العفو الغفور. فاغفر لنا وارحمنا وأنت خَير الْعَافرين » . الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدرء أى إذا كنت ولينا وناصرناء والقريب الدانى منا برحمتك وعفوكء» فاغفر لنا ذنوبنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. فإذا كان منا مخالفة فأنت خير الغافرين» و خَيْر» هنا للتفضيل» ولكنه فى غير بابه» والمعنى أنت غفار بقدر لا بتصور أن يكون فوقه قدرة» ولا يفاضل بيئه وبين عيره. ل تفسير سورة الأعراف للللللللل ل الل وواللا الال ااال له 114 ل 2 واكتب لَنا في هذه الدنيًا حسنة وفي الآخرة نا هنا إلَيك 4 . هذه ضراعة إلى الله تعالى إلى أن يوفقهم الأشقياء»ء دعوا ربهم أن يكتب لهم فى الدنيا حسنة للخير» وألا يجعلهم من وفى الآخرة حسئة ) وحسئنة الدنيا هى الحال الطيبة التقية النقية الطاهرة التى تكون غايتها إرضاء الله تعالى» والبعد عن معصيته وفى الآخرة» والدعوة إلى الكتابة فى الدنياء دعوة إلى العمل الطيب» فحسنة الدنيا عمل صالح ونفع وخير» وأن الآخرة تكون الحسئة جزاء يكون وفاقا للعمل . يكون مصدر خير دائم» وفى ولقد ذكر الله تعالى حسنة الدنياء وطوى فى الذكر حسنة الآخرة؛ لأنها ليست عملاء بل هى جزاء على عمل فى الدنيا ثمرة وكانت للخير» حسنت آخرته» وكانت نعيما مقيما. الأولى» فمن حسئت دنياه قَالَ عذابي أصيب به من أَشَاء ... 025 4 وهو لمن اخختار النفس والهوى» «( ورحمتي وسعت كل شيء» وذلك لمن اختار طريق لحق والهداية كما قال تعالى: وتفس وما سواها 0 فَأَلْهِمَها فجورها وتقواها 2) > [الشمس]» وقال تعالى : وهديناه التجدين 09 4 [البلد] أى نجد الخير» ونجد الشر. وقد أسند العذاب إليه وإلى مشيئته سبحانه لعظم العقاب» ولبيان أنه حق» وأنه من عند الله» وقد كتب العدل على نفسه كما اجاء فى الحديث القدسى17) (1) عن أبى ذَرٌ عن التبى وله فيما رَوَى عن اللّه تبَارَك وتَعَالَى أ سل سه لمملا 8 راس 2 2 2 رهه ير اشهس قَالَ:« يا عبادى إِنّى حرمت الظُلّم عَلَى تفْسى وجَعَلْه بينَكُمْ مُحَرمًا فَلا تَظَالَمُواه. جزء من حديث طويل رواه مسلم وقد سبق تخريجه . ا تفسير سورة الأعرا اف حي م 0010 جه يي فهو العدل وهو خير الفاصلين» وقدم الله تعالى ذكر العذاب على الثواب؛ لأنه يكون لمخالفى الفطرة وللتحذير قبل التبشير»ء ليختار المكلف نجد الخير . وقوله تعالى: 9 ورحمتي وسعت كل شيء» العموم فيها عموم كامل صادق» وقال سبحانه وتعالى: كل شيء4 ولم يقل كل شخصء للإشارة إلى أن الرحمة شاملة عامة للأشياء والأشخاص» فشريعته عدل ورحمة وإرساله الرسل عدل ورحمة وخلقه الكون وما فيه من شمس مشرقة مضيئة للكون» وقمر منير» ونجوم ذات بروج» وسحاب ورياح مرسلات رحمة؛ وهكذا كل ما سخره الله تعالى للإنسان» وما مكنه منه رحمة به. هذه إشارة إلى معنى العموم الذى اشتمل عليه ذلك النص السامى» وما ترمى إليه رحمته» وإن نعيم الجنة رحمة من الله» وقد كتبها الله تعالى للذين يؤمنون بالله وبالآخرة؛ ولذا قال تعالى : طفَسَحتْبها لين يَتُّون ينون الحا اين هم بآياتا يؤمنون » . الفاء هنا لتفصيل بعض العام» والسين لتأكيد المستقبل» و(أكتبها). أى أسجلها غير قابلة للمحوء وذكر أعمال أو أوصاف من يستحقونهاء فكانت خصالا ثلاثا : الأولى ‏ التقوى واستشعار مخافة الله» وأن يتخذوا وقاية بينهم وبين الشرء وذلك بتهذيب أنفسهم بالعبادات المهذبة للنفس» التى يستشعر فيها المؤمن خشية الله تعالى» وابتدأ - سبحانه وتعالى - بها لأنها أساس قوة الخير» وهى روح التدين» وعمران القلب بذكر الله تعالى. الثانية ‏ الائتلاف مع المجتمع الإسلامى بالمعونة والبر» وأشار بذلك إلى إيتاء الزكاة» فهى أساس التعاون الاجتماعى» وهو سبحانه يذكرها بجوار التقوى» وهى تفسير سورة الأعراف ا اخااا!اااااااااااانااا الالالال ااالمممممماململماململا لالط اتات النا تلاك 1 اتاااالاا اللو الت لاملل ممم خمممممممممممخممخا ماس ووم اللا الكلمة الشاملة لأكثر العبادات قرين العبادات» بل هو منهاء وأقربها عند الله سبحانه وتعالى. الثالثة ‏ أنهم يؤمنون بآيات الله تعالى وحلدهاء يوّمئون بالمعجزات ولا يؤمنون بما يحيط به المشركون أنفسهم مما يشيرونه من 0 7 لاك ١١‏ تي تقريبا لله سبحانه وتعالى - وإن التعاون الإنسانى أهواء ومفاسد وجحود» ولذا يؤمئنون للدلالة على أنه لايصح أن يؤمن بغيرهاء والإيمان بآيات الله إيمان بما شيئا» وأكد سبحانه وجوب هذه المخصلة بثلاثئة مؤكد أولها ‏ أنه كرر الموصولء فإن التكرار تأكيد» وثانيها - التعبير بالجملة الاسمية. ك. فقال: والّذين 4 . وثالئها - بضمير الفصل» وأخيرا بذكر كلمة ا يؤمنون 4. فإن التعبير بالمضارع يفيد استمرار الإيمان وتجديده بالزيادة آنا بعد آن. جعلنا الله تعالى ممن كتب له رحمته برحمته وغفرانه. 1غ سم 2 آ ‏ # ل 1 ذه ل سح الور ع تضرف والقك ساغر 6 هآ منوا يو-وعوّروة زاة وال نجيل مضي عِندَهُمٌ ورور سر سر حت سس ل عار ص ا تبج لالط 92 ورمع 2 لل 0 2ه أل" سار 001 ونصروه واتبعوا آذآ ته 2خ ابر ٠#‏ تفسير سورة الأعراف ١ك‏ |1ااائ1!ااااالااً اا لااللانااللااا)ام الاك عمسم الام ةمللا ول املاطل ماما لان تاللا 4 مور لد َأئ لم مَمَدُهأوْلكَ دهم المفلحوت 06 باه آنَاس إن مَسْول ليك جِيسًا سل السَمَوَت وَالْارض لَإلَلاهويي. يبأل وَرَسُوله يلمي ال نف يوك ص ع ماح سير وَحكلْمدِيَهوَأتَسِعُوهُ أُعَلَحكُمْ تَهَتدررست 19 إن ذلك القصص القرآنى فيه تسلية للنبى يَليِْةٌ» وشد لعزيمته» وعزاء للنبى َِدِ بكفر الأقوام الذين كفروا بالأنبياء قبله كقوم نوح وصالح وهودء وموسى من بعد هؤلاء» وفى هذه الآيات الكريمات مع العزاء الربانى وشد العزم المحمدى» بيان أن النبى مَللُةٌ مبشر به فى التوراة والإنجيل» وأن اليهود الذين يعاندون محمدا 0-7 مخاطبون» وأنه إليهم جميعاء وأن اتباعه واجب عليهم» وأنهم ينحرفون عن دين موسى - عليه السلام ‏ إن لم يؤمنوا به» وبهديه الذى جاء إلى الخليقة الإنسانية كلها به. ولذا قال تعالى: 8 الّذين يَتَبِعَونَ الرّسول التِي الأمي الذي يجدوتَه مَكْدويًا عندهُم في العٌورَاة والإنجيل 4 . ظ | قوله تعالى: ا الَذِينَ يتَبعونَ الرّسول التي المي 4 بدل اشتمال من قوله تعالى : للّدين يتَقُونَ ويؤتون الزكاة 4 أو تكون منصوبة على التخصيص» ويكون المعنى أن الذين كتب الله تعالى عليهم الرحمة؛ الذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم به يؤمنون» ويخص - سبحانه ‏ الذين يتبعون النبى الأمى الذى يجدونه إلى آخر الآية الكريمة» وكان تخصيص الذين يتبعون النبى كَكِْةِ؛ لأنهم يؤمنون بكل الأنبياء» ولأنه خاتم النبيين» ولأن شريعته هى الشريعة الخالدة الباقية إلى يوم الدين» وهو خاتم النبيين» فكان أتباعه جديرين بالتخصيصء» ولأنهم شهداء على الناس مكلفون تبليغهم والنبى كَللْةِ شهيد عليهمء وهو مبلغهم والشاهد عليهم 0 تفسير سورة الأعراف لل م لأس ا بوجوب التبليغ» ونشر الإسلام» والدعوة إليه. من أجل هذا خصوا بالبيان بين الذين كتب الله تعالى لهم الرحمة. وقوله تعالى: الرّسول التي الأَمّي 4 نقول فى الكلام فى معناه: الرسول هو المرسل من قبل واحد إلى واحد أو جماعة» والرسول فى القرآن الكريم هو المرسل من الله تعالى لخلقه لتبليغ شريعته وبيان التكليف الذى كلف الناس إياهء والنبى الذى أنبأه الله تعالى» وشرفه بتلقى وحيهء وإن وصف النبى كَل بالرسالة والنبوة فيه للملزوم واللازم» فإن الرسالة تلزمها النبوة فى المعنى القرآنى؛ لأنه لا يعد رسولا إلا إذا كان نبوة عن الله» وقد تلقى العلم عن الله جل جلاله بوحى» أو يكلمه من وراء حجاب أو يرسل رسولا. وذكرها - أى وصف الرسالة والنبوة ‏ مع هذا التلازم فيه إشارة إلى التبليغ» وإلى أنه ينبأ من الله تعالى» والأمى نسبة إلى الأم» أى أنه جاء فى العلم والكتابة كما ولدته أمهء أو نسبة إلى أمه؛ ذلك أن العرب لم يكونوا أهل علم وكتاب» فلم تغلب عليهم العلوم والكتابة» وإن كان فيهم من يعرفون الكتابة وبعض العلوم. ولذا كان يطلق عليهم الأميون» وذكر القسرآن الكريم ذلك الوصف لهم. » فقال تعالى: « هو الذي بَعَثْ في الأَمَيَينَ رسولاً منهم يتلو عَلَيِهم آياته .. اهفل [الجمعة]. ولقد كان النبى كَلِْةّ أميا لا يقرأ ولا يكتب لتكون الحجة عليهم قاطعة بنزول القرآن الذى فيه علم الأولين والآخرين» وهو لا يمكن أن يكون من أمى قط ولذا قال تعالى : «ومًا كنت تَدلُو من قَبْلهِ من كعاب ولا تَخْطُّهُ بيميئك إذا لأرتاب المبطلون 622 # [العندكبوت]. ولقد حاول الذين لا يرجون للإسلام وقارا أن يكذبوا فيدعوا أن النبى كد كان يعرف القراءة والكتابة ليشككوا فى القرآن» وقد حاول بعض المتحذلقين من المسلمين أن يقول فى هذه اللمقالة الكاذبة فردهم القرآن الكريم ردا عنيفا؛ لأنهم يسايرون الكفار الكذابين. ا تفسير سورة الأعراف م اللللللللللللللئللللللل 0 لس ا هذه أوصاف ثلاثة. ووصف رابع ذكره الله تعالى بقوله تعالى: الذي يجدونه مكتوبا عندهم في القّوراة والإنجيل 4, وهذا الوصف يدل على أمر بالنص» وهو أنهم يجدون النبى يل مذكورا مكتوبا فى التوراة والإنجيل» ويدل على أمرين آخرين : أولهما - وحدة الديانات السماوية فهى تدعو إلى دين واحد» قد تتغاير بعض الفروع ‏ ولكن الأصل واحد. كما قال تعالى: شرع لكم من الدين ما وصّئ به وا واي وناك وما وياب نرأهيم ومُوسئ وعيسى نموا ادبن ولا نتروا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إلَيْه . 5 # [الشورى]. وإن اليهود والنصارى قد حرفوا لقول عن ممه وغيروا وبدلواء ولا يزالون يغيرون» ويبدلون على حسب أهوائهم» وقد ظهرت فى مصر طبعة لإنجيل متى فيها تغيير عن سوابقهاء ولا تكاد تجد نسخة مكتوبة فى مصرء تتلاقى فى كل أجزائها مع التى جاءت من بعد. يغيرون لفظا بدل لفظء ويزيدون قيدا أو شرطاء ولا يلمح ذلك القارئ العادى بادئ ذى بدء حتى يخفى ذلك على عامتهم بل لقد ذكر النبى يَكفْةٌ بالاسم وذكر بالوصف,. فغيروا الاسم وأحاطوه بما يجعله مبهما مع ملاحظة اختلاف اللغة العربية على اللغة العبرية. ولكن الأوصاف لم يستطيعوا تغيير كثير منهاء وهم يحاولون التغيير» ولنأت بنصين أحدهما من التوراة» والثانى من الإنجيل» وهما لم تمتد إليهم أيدى التبديل والتحريف ونرجو ألا يغيرا من بعد. ما فى التوراة ‏ جاء فى الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية : لجاء الرب من سيناء» وأشرق لنا من سعير» وتلألاً من جبل فاران» وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم». وصريح أن إشراق الرب من سيناء هو إنزال التوراة» وإشراقه من سعير - وهى موضع بالناصصرة ‏ إنزال الإنجيل» وإشراقه من فاران» وهى مكة أو ما ام او م 4 با تلفسبير شسبورة الاعرا اف : لل 0 حولهاء لأنها التى نزل بها إسماعيل» كما جاء فى التوراة نفسها فقد جاء فيها: «أنجبت هاجر ابنا لإبراهيم وكان هذا الابن قرة عينها وبهجة قلبها ولكن سيدتها سارة حاولت إذلاها فاستجارت بزوجها إبراهيم لكنه تركها لسيدها بقوله لها: هو ذا جاريتك» فاشتدت بها إيلاما وإيذاء حتى هربت ترجو النجاة مما ألم بهاء فقابلها ملاك الرب فى الطريق فقال: مالك يا هاجر» وقال لها شدى بابنك لأنى سأجعله أمة عظيمة» وفتح عينيهاء فأبصرت بكر ماء» فذهبت وملاأآت القربة» وسعت وإشراق الرب فى فاران إذن هو إنزال القرآن (راجع رسالة بشرى زخارى «الفارقليط»» ففى الإصحاح الرابع عشر من هذا الإنيل جاء النص التالى على لسان المسيح: (إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى وأنا أطلب من الآب» فيعطيكم فارقليط آخرء ليشبت معكم إلى الأبد» وهو روح الحق الذى لا يطيق العالم أن يقبله لأنه ليس يراهء ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه» لأنه مقيم عندكم» وهو ماكث فيكم). وجاء فى الإصحاح السادس عشر من هذا الإنجيل «لكنى أقول لكم الحق» إنه خير لكم أن أنطلق؛ لآنه إن لم أنطلق لا يأتكم الفارقليط » فأما إذا انطلقت أرسلته إليكم» فأما إذا جاء فهو يبكت العالم على خطيئته وعلى بر» وعلى دينونة . أما على الخطيئة فلأنهم لايؤمنون بى). راجع المرجع السابق فهو يبين أن مجبىء الفارقليط هو مجىء محمد و وصدق الله تعالى: الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإبجيل 4 وقد ذكر اله تعالى ما يقوم به الرسول النبى الأمى» فقال: « يأمرهم بالْمعروف وينهَاهم عن المنكر» . صَيَطائَ ٠. ّ - - 6‏ اا تفسير سورة الاعرا اف الا ا ”22 > ل هذا أحد أمور أربعة خص الله تعالى رسالة محمد يكَدِ بهاء والأمر بالمعروف والنهى عن المتكر وصف عام للشريعة الإسلامية» فكل أمر تأمر به من الجلال» وتكلف الناس أن يقوموا به هو من الأمور التى تقرها العقول» وتعرفهاء إذ المعروف الأمر الذى ترضاه العقول. وتراه صالحا مصلحا للناس» تقره وتعرفه بفطرتهاء ودين الفطرة يأمر بكل ما يستقيم مع الفطرة» فالعبادات كلهاء ومنها الزكاة تقرها الفطرة, والعقل المستقيم» والوفاء بالعهود.ء وجهاد الأشرار لحماية الفضيلة» وإقامة الحدود. والقصاص من المعتدين تقره الفطرة ويؤيده العقل. وكل أمر نهى عنه الإسلام هو من الأمور التى لا تقرها العقول». وتتجافاه» فالزنا والسكرء » وقذف الأطهارء والاعتداء على الأنفس والمال» ومحاربة العدل» ونصرة الظالمين والرضا بظلمهم أمور تنكرها العقول السليمة وتجافيها. وقد سئل أعرابى أسلم : لماذا آمنت بمحمل؟ قال: ما رأيت محمدا يقول فى أمر افعل والعقل يقول لا تفعل» وما رأيت محمدا يقول فى أمر لا تفعل والعقل يقول افعل.. والأمر الثانى الذى ذكره القرآن ما يفعله النبى كَكِلْهِ ودعا إليه فى رسالته ما ذكره الله تعالى بقوله: 9 ويحل لهم الطَيبات وَيُحَرِم عليه الْخبَائْث 4. والطيبات هى الأمور المستحسنة فى ذاتهاء من أطعمة طيبة مريئة» هنيئة» لا تفسد الأجسام ولا تضر العقول؛ ولباس حسن من غير إسراف ولا مخيلة» ولذَّات طيبة فى حدود الخلق والمروءة» وتصرفات طيبة لا اعتنداء فيهاء ولا نكث وخيانة» وغير ذلك مما هو طيب فى ذاته» وحصل عليه بطريق طيب أحله الله تعالى ولا اعتداء فيه ولا اغتصاب . فإ يحرم عليه الْخبَائث 4 وهى الأشياء الخبيثة فى ذاتها التى تضر الأجسام: كالخنزير والميتة والدم المسفوح أو تضر العقول كالخمرء أو تلقى بالعداوة بين الناس كالميسر والبغضاء أو الاعتداء على حق غيره بالسرقة والاغتصاب أو القتل» فكل هذه خبائث تدخل فى باب الفحشاء والمنكر والبغىء وكذلك أكل أموال الناس بالباطل كالربا ونحوه. و 8 5-0 ع ٠‏ مل للست ا والأمر الرابع ذكره سبحانه وتعالى فى قوله: «ويْضع عَنهُمٍ إصرهم والأغلال» والإصر هو الثقل» والمراد ثقل التكليفات فلم تكن تكليفاتهم يسيرة» بل كان فيها شدة وكان فيهم غلظة فى طباعهم» وقسوة فى نفوسهم» فكان تشديد التكليف عليهم تهذيبا لهم. وكفا لشّره ٠‏ فى نفوسهم» فكان لابد لفطمهم عن بعض الطيبات» كما قال تعالى: ل فبِظلم من الّذينَ هادوا حَرسًا عَلَيْهِم طَيَبا تِ أحلّت لَهِم... 052 4 [النساء]ء أى هى فى أصلها حلال. وقال تعالى: ف وعلى اين هادُوا حَرسًا كل ذي ظفر ومن البقر والْغنمٍ حرمنا يهم شُحُومَهمَ لما حَمََت هرهم أو اويا وما اخلط عَم ذلك جزيناهم بيهم وإنا َصّادقُون 655 # [الأنعام]. ومما رفعه سبحانه وتعالى: « والأغلال الي كانت عليهم 4 والأغلال جمع غل» وهو ما يوضع فى العنق فى مخنقة ليثقل ويوضع كذلك تقيبدا لحركته وإثقالا عليه» والمراد هنا ما وضع من قيود فى الحلال عليهم تهذيبا كتحريم الصيد يوم السبت» ومنع بعض المحللات فى ذاتهاء ولكنها حرمت عليهم تربية لهم. والأغلال مجاز عن هذه القيود التى شدد الله بها على نفوسهم لقمعها عن الإسراف فى الشهوات» شبهت هذه القيود بالأغلال الحسية؛ لأنها ثقيلة على النفوس المستقيمة» ولكنها علاج للنفوس المريضة السقيمة» وإن شريعة النبى الأمى جاءت موائمة للفطرة السليمة جاءت لليسرء دون العسرء وكانت عزاء للإنسانية كلها لا فرق بين أحمر وأسودء وهى الباقية ما بقى الإنسان. ا وإذا إذا كان محمد و قد جاء برفع الآصار فإن الواجب تأييده ونصره؛ ولذا قال تعالى: 9 وَعَزَروه وتَصروه وَاتبعُوا الثور الذي أنزل عه أُولّتك هم المقلحون 4 . الفاء هنا للإفسصاح عن شرط مقدر يتضمن الكلام المتقدم فحواه» ومؤدى القول إذا كان هذا النبى الأمى ينعم الله على يده عليكم تلك النعم» وهو قد جاء بالحق فى ذاته» ورفع عنكم الآصار والأغلال؛ فعزروه أى فوقروه وأيدوه. , )ا تفسير سورة الأعرا اف حل ام 22101 وانصروه على من يعادونه» فإن نصرته تأكيد للحق» وشكر للنعمة» وقيام بواجب الحق على أهله . ظ وكلا الأمرين واجبان بالنسبة للنبى الأمى» وهناك واجب أعظم » وهو جماع الويمان» وفيه تنفيذ أحكام الرشاد» وهو ما قال الله تعالى: « واتّعوا النور الذي أنزِل مَعَه4, أى أنزل من عند الله تعالى ومصاحبا لدعوته» مؤيدا لرسالته وهو المعجزة الكبرى الخالدة» وهو القرآن» والتعبير عنه بالنور فيه استعارة فقل شبه بالنور؛ لأنه مبين للحقائق مزيل للجهالات» دافع للأوهام.» كما أن النور يزيل غياهمب الظلام. واتباع القرآن اتباع لصراط الله المستقيم الذى لا عوج فيهء وهو الخلاصة الإلهية للرسالة الإلهية» وهو سجل النبوات جميعاء فيه أحكامهاء وأخبارهاء ومعجزاتها. وقد حكم الله سبحانه وتعالى على الذين قاموا بهذه الصفات بأنهم الفائزون فى الدنيا باتباع الحق» وأن حياتهم كلها فاضلة وأن تكون حياتهم فى الآخرة نعيما مقيماء ورضوانا من الله العزيز الحكيم» وهو أكبر الفوز العظيم؛؟ ولذا قال تعالى: « أولتك هم المقلحون » . والإشارة إلى الصفات» يفيد أنها علة الحكم وسببه» أى بسبب هذه الصفات ينالون الفلاح فى الدنيا والآخرة؛ لآن الهداية والاستقامة فلاح لا يدركه إلا من استقامت إلى الحق نفوسهم . وقد أشار ‏ سبحانه وتعالى ‏ بالبعيد للدلالة على بعد الشرف» وعلو المنزلة» وقد قصر الله تعالى الفلاح عليهم» بتعريف الطرفين» وبضمير الفصل» أى أنهم المفلحون» ولا يفلح سواهم. والقصر قصر حقيقىء إذ إنهم سلكوا الصراط المستقيم» ومن لم يسلك سبيل الله فقد سلك مثارات الشيطان» وهذا فرق ما بين الهدى والضلال. 1# تفسير سورة الأعراف لل 1 27 وإذا كان ذلك طريق الفوز عند الله» وفى الحياة الدنيا والآخرة فإن الإنسانية كلها مخاطبة بهاء ولذا قال تعالى آمرا نبيه بخطاب الناس كافة بهذه الشريعة السمحة البيضاء. قل يا أَيُهَا اناس إِنّي رَسُولَ الله يم جميعا الذي لَه مك السّموات والأرض لا إل بي ونيا فاو بل ملأتي ل بل وا ول لَعلّكُم تهتدون 59 4. إن شريعة النبى الأمى هى شريعة الناس جميعا لا فرق بين أحمر وأسود وأصفرء ولذلك أمره الله تعالى أن يخاطب بها الناس جميعا؛ ولذلك كان الخطاب بقوله: 8 قُلَ يا أيه اناس إِنّي رَسُول اللّهِإَِيَكُم جميعا 4 لا فرق بين قبيل وقبيل وجماعة وجماعة؛ فما كان ما اشتملت عليه رسالتى علاجا لجماعة ظهرت فيها أمراض نفسية واعتقادية ولكن لصلاح البشرية أينما كانواء وكما قال تعالى على لسان نبيه: <9 ... لأنذركم به ومن بلع .. . 69 4 [الأنعام] . ولذا نادى الناس» ولم يختص بندائه المؤمنين» بل عم بندائه الناس» وأكد هذا التعميم بقوله تعالى: إجميعا 4 وبأن الرسالة إليكم معشر الناس أجمعين. وإن الرسالة السامية ذات خطر وشأنء» وتجب طاعتهاء والاستجابة لهاء وذلك لأنها من الله تعالى : « الذي لَه ُلك السّموات والأرض » فله ملك الكون والسلطان وهو مالك كل شىء فهذا الوصف, لإلقاء مهابة الرسالة فى نفوس الناس» فهى رسالة من ملك السموات والأرض» وله السلطان المطلق فيهاء ولا يوجد سلطان مطلق فى الوجود لغيره» وهو العزيز الرحيم. وهو لا يملك السموات والأرض وما فيهما من أكوان فحسبء بل يملك كل حى فيها من نبات وحيوان وإنسان» وهو الذى يملك الحياة والموت؛ ولذا قال #) تفسير سورة الأعراف ك/او 1 لمم الل اا 00 وإذا كان له الملك هو مالك كل شىء؛ ومالك الحياة والموت لكل الأحياء. فإنه الجدير بالعبادة» وحده وهو الذى يكرم رسوله» فمكانة الرسول مستمدة من مكانة من أرسله» ولذا قال تعالى: « قآمنوا بالل ورسّوله الي الأمَي الذي يمن باللّه وكلماته 4 الفاء هنا لربط ما قبلها بما بعدها برابطة السببية» أى ما ذكر من كمال سلطانه فى الكون جماده» والأحياء فيه. والإيمان بالله تعالى هو الإيمان بوجوده. وأنه الخالق الفاعل المختار» وأنه صاحب السلطان فى الأكوان والإنسان» وأنه المعبود وحده بحق» ولا معبود بحق سواهء وبعبارة أعم الإيمان بالله وبوحدانيته فى الخلق والتكوين والذات والصفات والإيمان بالله تعالى إلها معبودا. والإيمان بالرسول: التصديق به رسولا من رب العالمين» والإيمان بصدق ما يدعو إليه» وأنه من عند الله العليم الحكيم واتباعه فى كل ما جاء بهء والاقتداء به» واتخاذه أسوة فى العمل الصالح الذى يهدى إليهء ووصفه سبحانه بثلاثة أوصاف تفيد كماله فى رسالته. الوصف الآول: أنه النبى أى الذى يخبر عن الله تعالى» وأن ما يدعو إليه هو ما كلفه الله إياه من يطع الرّسول فَقَد أَطَاع اللّه. .. 0 4 [النساء] . والوصف الثانى: أنه الأمى» الذى ينطق بالفطرة وبالوحى» وأن حاله تدل على صدق معجزته» وأنه لا علم عنده إلا ما علمه الله تعالى رب العالمين» وإن ما معه من كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه» وأنه تنزيل من عزيز حميد. والوصف الثالث: ما ذكره ‏ سبحانه وتعالى - بقوله: الذي يؤمن باللّه وكلماته 4 وإيمانه بالله هو ما ذكرناء وإيمانه بكلماته هو الإيمان بالقرآن» فهو اا تفسير سنو 6 الأعرا اف الملل الل ١‏ لح را كلمات الله التامة الكاملة التى لا يعادلها أو تقارب أى كلام من البشرء والذى تحدى الناس أن يأتوا بسورة منه فعجزوا فقامت عليهم الحجة. ورجح بعض المفسرين أن كلمات الله تعالى لا تخص القرآن وحدهء وإن كان أكملهاء وأبقاهاء إنما يشمل الكتب التى نزلت على النبيين من قبل من التوراة والإنجيل والزبورء وغيرهما ما لم يذكره الله - سبحانه وتعالى ‏ وإن هذا يدل على أن رسالة كل الأنبياء واحدة. وذكر الإيمان بالله وبكلماته فى هذا الموضع للدلالة على أنها رسالة واحدة» وهى الإيمان بالله وأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذى ليس بوالد ولا ولد. وإذا كان النبى يليه على هذه الاأوصاف السامية التى اختصه الله تعالى بها فإن الإيمان به واجب» واتباعه اتباع لأمر الله ونهيه؛ ولذا قال تعالى: « واتّبعوه َعلَكُم تَهمَدونَ». الفاء لربط ما قبلها بما بعدها بالإفصاح عن سببيتها لرجاء الاهتداء» والرجاء من العباد لا من الله تعالى؛ لأن الله تعالى لا يرجو إثما يرجو عباده» يرجون بالإيمان بالنبى يَدَيِْةِ واتباعه أن يهتدوا إلى الحق والبر»ء فيهتدوا إلى الجنة وهى نعم الجزاء الأوفى. والآية دليل على عموم الرسالة المحمدية» وأنه ‏ عليه السلام - بعث للألوان كلهاء وكما قال كِْةّ: «كان كل نبى يبعث فى قومهء وإئما بعثت فى الأحمر والأسود»7©. وروى مسلم عن النبى يَلكِْةٌ قال: «والذى نفسى بيده لا يسمع بى رجل من هذه الأمة يهودى ولا نصرانى» ثم لا يؤمن بى إلا دخل النار»7" . لق رواه أحمد : باقى مسلد المكثرين - مسئلك جابر بن عبد الله (465"؟1١).‏ (؟) رواه مسلم : الويمان - وجوب الإيمان برسالة نبيئنا محمد صلى الله عليه وسلم(617١1).‏ وأحمد بلحوه : باقى مسند المكثرين( ١‏ 717/17). إلا تفسير سورة الأعرا اف ني 01101 ١‏ لاا عود إلى بنى إسرائيل - م يه 0000 داعو 0000 لس ار 4 جب ومن فو موس أَمَّدَ مهدو ست باحق وبه يعد لون له مه صاصر عر - ع يي رار مه 2 0 م د - مم سا ست م وقطعنهم أثنقىعشيرة أسباطا مما وحم إل موسوت مدع ماع جا العر > عرو م م 20 ماج مط روخ ل سر سر عن ١‏ عر ا صرح ساسا سي سس مارح ل 2 و م ل فانبجستمنه اثنتا عشره عينا قَدَعِلم حكل أناس و-- 32 آ تل م 07 ا2 وو مَسْرَبهُمَ وَظَلَلنا عَليَهم الْعمام وَأَنْرْلَاعلَيّهِم أ سس نص سر جل عجة بوغرم 070 د ون ل سس والشلوى حكلوامن طيبلتٍ مارزقةاحكم ومسا ظلمونا و لبك 1 عَانوَأ أَنفسَ يم وما لمم اتن م قِلَلَهُم نوهد الَْرَِدَوَكُلوأِنهَاحَيتُ جرس داع كاه نيم لمم بروج وموم و م ْنَم وقولوا حظه ود خَلُوا آَلبَابَ بدا تمْفْرَ عر 3 - - < م صلم .2 - و و |0 ٍ سنزيد ألمخس د سل للق ل .مه 2 هو با 0 قَسَدَّكَ ألز رت طلم وا مب فَوَلَاسَ رَالَى فقيل لَهُرَ أرَسَلْتَاعَيهمَ وات اليَسمَة يِمَاحكَادُوا يُظلمون زا إن القرآن الكريم ينصف القلة من الكثرة» فإذا كانت الكثرة طاغية عاتية» وفيهم قلة هادية مرشدة؛ يذكر القرآن الكريم أهل الخير من بينهم» وإن طغى الشر فى جمعهم» وصار الفساد هو المظهر فيهم. ولذا قال تعالى فى وسط بيان مآثم اليهود: 9 ومن قوم موسئ أَمّةَ يَهْدونَ بالحق 4 , أى ومن هؤلاء الذين كانت فيهم عبادة العجل» وكان منهم من قالوا: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة»ء من هؤلاء جماعة كأنهم أمة وحدها منفصلون الملل م بشعورهم وعقولهم عنها؛ ولذلك عبر بأمة من حيث إنهم قد اجتمعوا على طاعة الله وطاعة رسوله موسى» وذكرهم منتسبين إلى موسى »2 إشارة إلى اتباعهم له وأنهم قومه الحقيقيون الجديرون بنسبتهم إليه» وهم منه وهو منهم وذكر الله تعالى لهم وصفين هما كمال فى كمال: أولهما ‏ أنهم يهدون بالحق» أى أنهم فى وسط انحراف بنى إسرائيل إخوانهم وبنى جلدتهم ونسبهم يدعون بالحق» أى يعلنونه ويدعون إليه» ويؤمنون به غير محرفين» والهداية بالحق كلمة جامعة للدعوة بكل ما هو خير» يهدون إلى التوحيد» وهو الحق أو من الحق» ويدعون إلى طاعة موسى وهى حق» ويدعون إلى شكر نعمة الله التى أنعمها عليهم؛ » ويذكرون آلاء الله تعالى عليهم» ونجاتهم من فرعون» ويعبدون الله وحده . الوصف الثانى ‏ ذكره الله تعالى بقوله: إ وبه يعدلون 4 أى بالحق وحده يزنون كل شىء» فيزنون كل قول وفعل يكون فى جماعتهم بميزان الحق وحده لا بميزان الهوى والشهوة. فإنها والحق نقيضان لا يجتمعان. وقدم الجار والمجرور للدلالة على قصر الحكم على الحق وحده لا يحكمون بغيره » ولا يتجهون لسواه» وهذا النص الكريم مثله قوله تعالى : 8 لَيِسُوا سواء من أَهلٍ الكتاب 00 آيات الله آناء اللْيل وهم يسَجَدونَ 79 4 [آل عمران]» وقوله تعالى: #... ريع مم له سد ايوم .سا ساس لولم م أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون (65 4 [المائدة]. وهكذا شأن الكتاب الحكيم لا يدغم الخير فى الشرء بل يخص الخيير بالذكر» ويخرجه من وسط ظلمات الباطل. الحق من بنى إسرائيل» ومنعوا وصول الحق إلى قلوبهم . وقد ذكر بعض هذا القصص فى آيات أخرء ولكنه سيق لا لأجل التكرار» بل لأنه تكملة لعبرة جديدة تساق» ولا تذكر مقطوعة عن أصلهاء ولآن الذى لم (إإنا تفسير سورة الأعرا اف يي للفلل 2321131111 لحب نار يذكر فى الماضى لا يتم بيانه إلا بربطه بما مضى من القول» ليكون الكلام بينا ولتكون العبرة واضحة بينة. ابتدأ سبحانه وتعالى بذكر تقسيمهم إلى أسباط» وشعب بنى إسرائيل فقال تعالت حكمته: ( وَقَطْعناهم الي عَسْرة أَسبَاط َم وأوْحينا إآى مُوسئ إذ اسْعَسْقَاه ْمُه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه الْنَا عشرة عينًا 4 . قلنا: إنه ليس فى القرآن قصة مكررة تكرارا كاملا من غير زيادة» إنما الذى فى القرآن يكون التكرار لخبر لم يذكر فى القصة فى موضعء ويذكر فى الموضع الآخرء ويقتضى إعادة أجزاء ذكرت ليكون التناسق بين القصة فى أصلها وفى هذه الآيات فى القرآن» وفى هذه ذكر حبر التقسيم». وحكمته. ذلك أن بنى إسرائيل قطعة جماعية واحدة» فرقها الله تعالى أقساما ليعنى كل قسم بنفسه» ابتداء» إنما تصلح بأجزائها أولا ثم تنضم الجماعات الصغيرة أو الأجزاء بعضها إلى بعض» وتتآلف صالحة متعاونة على البر والتقوى غير متعاونة على الإثم والعدوان؛ ولذلك كان فى سنة الاجتماع إصلاح المجتمعات الصغيرة فى القرية أو أحياء المدينة» لتتآلف مع المجتمع الأكبرء كما فعل النبى يَكهِ فى الأمة الإسلامية التى ابتدأ بها المجتمع فى المدينة» وكما قوى الإسلام مجتمع الأسرة» ليكون بتآلفه قوة المجتمع الأكبر. قسم الله تعالى بنى إسرائيل أسباطاء لتتعاون كما يتعاون أقارب القاتل خطأ فى دفع الدية. ٠‏ الكتاب: إنه بمنزلة القبيلة فى العرب» ولكن على أساس التعاون والمناصرة» لا على أساس المعاداة بين القبائل والعصبية» كما هو فى جاهلية العرب. ل / تفضسير سورة الأعراف اساسا ا اس لس 0ك . ١ اد‎ يي وقوله تعالى: « وقَطُعَاهم انْنِي عشرة 4 فيه إشارتان بيانيتان: إحداهما ‏ فى التعبير بكلمة فَطَّعنَاهم 4 فإنها تدل على كمال الصلة بينهم» وأنهم كقطعة واحدة» قطعت أجزاؤها وهى متجاذبة يجذب بعضها بعضا لا نفور بينها ولا تنافر» بل تواصل وتراحم بينهم» ولكن ليصلح كل أمره فى خيره ويلتقى الجميع على مودة ورحمة. وثانينهما ‏ أن قوله: 8 نسي عشرة أَسْبَاطً أُمَمَا4 عبر بالجمع الدال على تأنيث المعدود مع أن أسباطا ليست جمعا لمؤنث» بل جمع سبطء وهو ولد الولد ولكن قالوا إنه - سبحانه وتعالى ‏ بعد ذلك قال: «أمما 4 على أنها بدل» أى أن هؤلاء الأسباط أمم فلوحظت كلمة أمم» وهى غاية التقسيم» وهى جمع أمة وهى مؤنث لفظى . وذكر - سبحانه وتعالى ‏ التعبير عن الأسباط بالأمم لمعنى التعاون بين كل سبط كأنه أمة مجتمعة متحيزة متعاونة فى الخير» ثم من بعد ذلك يكون التعاون بين أمة بنى إسرائيل» وهى الجماعة الكبرى لهم. ولقد ذكر سبحانه أحكاما ذكرت من قبل على أنها نعمة فى ذاتهاء وتذكر الآن على أنها اجتمعت لطلب النعمة» واجتمع بعضها على الكفر بهاء فذكر ‏ سبحانه ‏ ما طلبوه» وذكر ‏ سبحانه ‏ ما أكرمهم به رفعا للألم عنهم وأول أمر طلبوا وهم فى هذه الصحراء المجدبة الاستسقاء أى طلب الماء لشربهم فقال تعالى : ( وأوحينا إلى موسئ إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فَانبٍجست نه اننا عشرة عينا قد علم كل أناس مُشْربهم 4 انبجست أى انفجرت» وكلمة انبجست تدل على أن الانفجار كان من حجرء لا من تراب سهل» وهو موضع من مواضع الإعجاز؛ لأن روج الماء من الأرض السهلة كثير معهودء ولكن خروجه من الحجر هو أمر خارق للعادة وكانت المعجزة الأخرى أنها انفجرت عيونا على قدر عددهم. وهو اثنتا عشرة عيناء فكان إخبارا بأن كل سبط له عين قائمة بذاتها. تفسير سورة الأعراف كم الللللللل ااا ااال لان سس ل لي وقد قال تعالى: «قَد علم كل أناس مُشْربهم 4 معناها أنه علم كل سبط من براحة من غير مشاحة ولا تزاحم. والنعمة الثانية - أن الله تعالى ظللهم بالغمام ليدفع حر النهار ووهج الشمس» فقال تعالى: «إ وظَلَلنا عليهم الْغمام 4 . والنعمة الثالئة ‏ أن الله أطعمهم فى وسط هذه الأرض المجدبة التى لا زيع . فيها ولا ثمرء فقال: ‏ وأنزلنا عليهم المن والسلوى »* وقد ذكرنا معناهما فى سورة البقرة» وكيف تململوا منها مع طيبهاء وجودة غذائهاء وأمرهم سبحانه أمر إباحة بأن يأكلوا منها طيبة» فقال تعالى: ا كلوا من طيبات ما رزقناكم © و«من» هنا بيانية والمعنى كلوا طيبات ما رزقناكم» والمغزى وصفها بأنها طيبة كلهاء ومن البيانية دالة على كمال طيبهاء وكمال الإنعام بها. ولكن ظلموا أنفسهم بهذا الكفر لأنه انهواء لنفوسهم» وحط من كراماتهم» وتسهيل للذلة عليهم ؛ لآن الطاعة عزة) والعصيان ذلة لذوى النفوس المدركة؛ ولذا قال سبحانه: «إوما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون4», أى لم يظلموا إلا أنفسهم » ولذا قدم ال حار والمجرور على الفعل» وتأكد ظلمهم لأنفسهم وحدها ب«كانوا» الدالة على الاستمرار باستمرار عصيانهم» والله تعالى هو العدل الحكيم . وقد ذكر - سبحانه وتعالى ما كان منهم من الكفر بهذه النعمة) فقال: « وذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقُولُوا حطّة وَادَخَلُوا الباب سجدا تُغفر لَكُم خطيتاتكم سترِيد الْمَحَسنِينَ 059 4 . طعام واحد وهو و الذى كان فى الصحراء إذ أنزل عليهم المن والسلوى» فأمرهم الله تعالى أن يدخلوا قرية فيها الطعام الذى يريدونه وقال لهم: «( اسكنوا هذه با تفسير سورة الأعرا اف 1 ل ا ااا افك سس أ الّقرية 4 التى فيها أنواع من الأغذية فيها فومها وقثائهاء وسائر بقلهاء قل لهم مبيحا لهم الطيب منه: 8 وكلوا منهًا حيث شكتم 24 أى مكان للنبت شكتم» مما تنبت الأرض» من طعام مختلف ألوانه. وأمرهم - سبحانه - وقد مكنوا من العيش الذى يريدونه رغدا أمرين: أحدهما أن يقولوا حطة» والثانى أن يدخلوا ساجدين. ومعنى حطة: دعاء الله تعالى أن يحط عنهم ذنوبهم التى ارتكبوهاء من عبادتهم للعجل» وطلبهم أن يكون لهم آلهة؛ كما لهؤلاء آلهة» ومن كفرهم بنعم اللهء ومن قولهم لموسى: . .. أن تُوْص لَك حَمّئ ترَى الله جهرة ... 62 4 [البقرة] وأمرهم سبحانه على لسان موسى - عليه السلام - أن يكونوا مع ذلك خاضعين خاشعين ساجدين» وهذا ما دل عليه قوله: وَادَخْلُوا البَاب سجدا 4 أى ادخلوا باب المدينة سجداء أى خاضعين خاشعين» أى طالبين فى ضراعة غفران الذنب. وقد سرنا فى هذا على أن القرية قرية تحقق فيها ما طلبوه من ألوان الطعام؛ ولكن بعض المفسرين ذكر أنها الأرض المقدسة أو بيت المقدس» فما مقدار قولهم من الصحة؟ لقد ذكر الله - سبحانه وتعالى ‏ فى سورة المائدة ما يفيد أنهم لم يدخلوها فى حياة موسى ‏ عليه السلام بل دخلوها من بعده فقد قال تعالى: «إوإذ قَال مُوسئ لقَومه يا قوم اكوا نمة اله يكم إِذ عل فيكم أَنيَاء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يوت أحدا من لمن (2) يا قوم الوا الوص الْمقَدسة ابي كعْب اله كم » (أى أن تدخخلوها) « ولا ترَدوا على أدبَارِكم فقوا خَاسِرين 69 فَالُوا يا مومئ إن فيها وما جماِينَ ونا أن نَدْخْلهَا حت يَخْرَجُوا منها إن يَخرجوا منها َإنَا داخلُون 0 قَال رَجُلان من الّذينَ يَحَافُونَ أَنْعَم الله عليهما اْخلُوا عَليْهِم لباب فَإِذا دَحَلتمُوه فَإِنَكُم غَالبُونَ وعَلَى الله فحَوَكُنُوا إن كسم مُؤْمِينَ 09 قَالُوا يا موس إن لّن نَدحْلَهَا بدا ما دَامُوا فيهًا ا تفسير سورة الاعرا اف م #1076[ #[#[#[#[ #4 [#[1[1[1[141[141[1[ 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 175707 بطل ب_س: يي فَاذهب أنت وربْك فَقاتا نا اهنا قاعدون 0 69 قَال رب إنِي لا أملك إلا تسبي وأخي قافرق بيننا وبين الْقَوم المَاسقين 2 قَال فَإنّهَا مُحَرَمَةٌ عليهم أَربِعِينَ سه يَتِيهُونَ في الأرض فلا تأس على القوم القاسقين 69 4 . وإن هذه الآيات الكريمة تومئ إلى أن دخول الأرض المقدسة رغبوا فيه فى عهد موسى., ولكن لم يدخلوها فى عهده ‏ عليه السلام ‏ ولكن دخلوها فى عهد الأنبياء من بعده. والآيات الكريمة التى نتكلم فى معانيها السامية تومئ إلى أن طلب دخول القرية كان فى عهد موسى - عليه السلام ‏ لأنه متناسق مع ما قبلها وما بعدها. ولذا نميل إلى أن هذه القرية غير الأأرض» وإن الأرض المقدسة ذكرت بعنوان الأرض المقدسة» لا بعنوان القرية فإنها ليست ككل القرى. وقوله تعالى : نر لَكم حَطياتكُم 4 جواب فعل الأمر فى قوله: 8 َقُوُوا حطَّة وَادخَلُوا الباب سجّدا 4. وقد زادهم الله تعالى نعمة فوق نعمة الغفران» وهى نعمة الشواب» والرحمة بنعيم الجنة» فقال تعالى: 8 ستزيد المحسنين» والسين لتأكيد الزيادة للمحسنين وهم الذين يؤدون وا- جبهم» ويخلصون لربهم. ولكن لم يغفر الله لهم خطاياهم, لأنهم لم يطيعوا وعصوا عابشين بأمر ربهم : ؛ ولذا قال سبحانه: ل فبدل الذين ظلّموا منهم قولا غير الّدي قيل لهم فَرمنا عَلَيهم رجزا مَنَ السّمَاء ما كانوا يظَلمُونَ 59 © . طالبهم الله تعالى بأن يقولوا وهم يدخلون: حطةء أى حط علينا ذنوبناء فبدلوا ذلك الأمر المعنوى الذى كلفهم الله تعالى» وهو غفار لمن تاب» بدلوه بما يدل على ماديتهم. واستغراق الملاذ المسمية, فقالوا: «حنطة» أى طعاماء فماضيهم كحاضرهم لا يطلبون إلا المادة ولا يبغون غيرها سبيلا ولا مطلباء وكأنهم يستخفون بآمر الله تعالى» وطلب غفرانه» ويطلبون ما تهوى أنفسهم» فلا يطلبونه» كما تقول لرجل اطلب مغفرة الله» فيطلب مأكلة لا مغفرة. 7 : 01 لحمل برو بي فأرسلنا عليه رجزا مَنَ السّماء بما كَانُوا يظلمون 4 . السماء بأن أرسل عليهم حاصبا يتعبهم ويعذبهم ولا يبيدهم» وقيل لطاعون أصابهم » والله أعلم بما أنزل بهم وما دام سبحانه لم يبينه؛ فلتعلمه ولا نفصله؛ لأنه سبحانه لم يفصله» وقوله تعالى: «إبما كَانوا يَظُلمون» أى بسبب ظلمهم» واستمرارهم عليه؛ فلا يرعرون عن عيهم» ويلاحظ هنا أمران: أولهما ‏ أن الله - سبحانه وتعالى - نسب تبديل القول إلى بعضهم دون كلهم: فقال تعالى : «فَبَدَلَ الذي ظََمُوا مهم فلا غيْرَ لدي قبل لهم 4 وكانهم كانوا صنفين ظالما وعادلاء فبدل الظالم ولم يبدل العادل» ولكن فى العذاب ذ فى هم جميعاء ولم يذكر بعضهم» » فهل طغى ظلم الظامين على غيرهم كقوله تعالى : وا ُو فنَة له ُصيبَن الّذين ظَلَمُوا منكم خَاصّة . . 462 [الأنفال]. الظاهر ذلك؛ لأن العادلين رأوا ولم ينْهَوَاء ولا يأخذ الله العامة بظلم الخاصة إلا إذا رأوا الظلم ولم يتكروا. وثانيهما ‏ أن الذى ذكر فى سورة البقرة فى هذه القصة: ظفَبدَل الْذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ... 459 [البقرة]ء ولم يذكر منهم» وقال تعالى: .. .بما كانوا يَفْسَقُونَ 29 4 [البقرة]» وهنا طإبما كانوا يظلمون 4 . وإنه بمجموع الآيتين يستفاد أن الذين بدلوا كانوا الكثرة» فحكم بما يعم لأنه الغالب» وفى الثانية نسب الظلم إلى بعضهم » وإن كانوا الأكثر عدداء والأقوى صوتا. والتعبير فى سورة البقرة بالفسق يدل على الانحراف العقلى والنفسى 14 ا تفسير سورة الأعراف 4 الللللل ا لللللللئلاالل 00 يي طح يومالسبت وَسْمَلْهْمْعَنِالْهَرْةٍالق كات عَاضْرَء لخر إِدْيَتَدُورت ف السَّبتِإِدْ كَأَسْهِمٌ حِيِسَانهُم يوم حيتهع ميسَاوي كتبئوت لَاتَأتيهدكَدَلِكَ بوهم مَك ْأيدَسْتُوتَ © 5 داك أمَهُعَ لم يعون فر وَمَ سمي 3 مربي عَذَابَاسَدِيدَافَالْوأْمَعَذِرَةَإلَ َي وَلْعَلْهَريَنفُونَ 2 لَمَاصََأْمَا نكرو أبو اميم الدنَيتوس مح عن الشرم َكعَد ادي د ايسَدَاي يبيد يا يتحو إضه كتَاصتوأعجَا م أعتة قلا حوره كبعر 8 الخطاب للنبى عَللِلِ مأمورا بأن يسأل اليهود الذين عاصروه ‏ عليه السلام - عما كان من أسلافهم» ويقرونه ويرضونه» ولقد ذكر ‏ سبحانه وتعالى ‏ اعتداءهم فى يوم السبت؛ وظلمهم فيه. وفى هذه الآية الكريمة يذكر اختبارهم بالحيتان تجىء فى هذا اليوم» ولاتجبىء يوم لا يسبتون؛ أى فى يوم لا يكون يوم السبت» وذلك ليعاملهم الله معاملة المختبر لهم حتى يتميز الخبيث من الطيب» وحتى تظهر حالهمء ومقدار قوة إيمانهم» وما تخبئه نفوسهم» وما تنطوى عليه جوانحهم . « واستلهم عن القريّة التي كانت حاضرة الْبَحرِ4. أى بجواره» يقال حضره إذا قاربه وداناه» فمعنى حاضرة البحر مشرفة عليه دانية منه على سيفه» وقد سجل الله تعالى فى هذه الآية أمورا ثلاثة: اا تفسير سورة الأعرا اف . الل و سسب أ أولها ‏ أنهم كانوا لا يحترمون السبت» ولا يلتزمون حدوده؛ وهذا معنى قوله تعالى: إإِذْ يَعْدُونَ في السّبّت 4. أى فى الوقت الذى كانوا لا يلتزمون حدوده»ء بل يعدونه ويتجاوزون ما أمروا فيه. وثانيها ‏ إن الله تعالى يكشف حالهم» ويعاملهم معاملة المختبر لهمء إذ تأتيهم حيتائهم يوم سبتهم شرعا ويم لا يسبدون لا تأتيهم 4 «سبتهم» فيه إضافة اسم اليوم إليهم لأنه اليوم الذى فرض عليهم ألا يقوموا بالصيدء وقوله: ويوم لا يُسَبتون4, أى لا يكونون فى يوم السبت» أى لا يدخلون فى السبت الذى يمنعون فيه من الصيدء والمعنى أنهم فى يوم السبت تأتى حيتان السمك شرع 4 أى شارعة معلنة نفسهاء اختبارا لهم» ويوم لا يكون الصيد محرما عليهم لا يأتون. وقد اختبرهم الله تعالى ليكشف حالهم» ويهذبهم بأمرين: بتحريم الصيد يوم السبت ليفطموا شهواتهم ويقرعوا نفوسهم الشرهة» والمسلطة عليهم» وثانيا - بأن تأتيهم حيتان السمك شرعاء لتثور شهوتهم ويقمعوها إن كانت فيهم إرادة؛ فإن لم تكن ربوها وهذبوهاء وقدعوها عن شهواتها استجابة لأمر ربهم؛ فالنفس الشرهة التى تسيطر عليها الشهوة لابد من فطمها. وثالثها - أن الله تعالى ذكر أنهم كانوا يعدون فى السبت» فمنهم من كان يتناول المحرم فى السبت غير متأثم ولا متحرج ومنهم من يحتال» وقالوا: إنه كان يحفر حفرة بجوار البحرء ويعمقها فإذا جاءت حيتان السمك شرعا يوم السبت نزلت فى هذه الحفرء فإذا جفت بعد قطع الماء عنها لا تستطيع الخروج» فيأخذونها بأيديهم » وتلك حيلة تفوت معنى تقوية النفوس وتربيتهاء وهم بذلك يعدون يوم السبت» لأنهم يخرجون بذلك عن الابتلاء الذى يكشف الله به نفوسهم. ولقد قال تعالى فى حكمة تحريم الصيد يوم السبت؛ وإتيان حيتانهم شرعا فيه : « كُذلك نبلُوهم ما كَانُوا يفسقون 24 أى كهذا الذى صنعناه ه معهم من تحريم ا تفسير سورة الأعراف 0 اللي ل 30ظ5 و ىآ ج121 السبت ومجىء الحيتان فيه نعاملهم معاملة المبتلى المختبر لتهذب نفوسهم وتربى إرادتهم» وذلك بسبب استمرارهم على الفسوقء وانحراف النفوس وخضوعها لشهواتهاء ولأجل تعويدهم ضبط النفس» والصبر على الحرمان» فإن الصبر نصف الإيمان. وإن الله تعالى وصاهمء ودعاهم إلى الهدئ. وشرع لهم ما يصقل نفوسهم ويهدى قلوبهم ولكن كتبت عليهم الشقوة فلم يهتدواء ولقد شعرت بذلك أمة منهمء فقال ‏ سبحانه وتعالى ‏ عنها: « وإِذ قَالَت أَمَة منهم لم تعظون قَوْمًا الله مهلكهم أو معذَبهم عَدا شديدا . الأمة هى الجماعة المؤتلفة التى تجمعها فكرة واحدة وشعور متحد»ء بحيث يوائم كل واحد فيها من معه. و(إذا ظرف زمان ماضء والمعنى اذكر يا محمد ذلك الوقت الذى هم فيه بلغ اليأس من اهتسدى متهم حتى قالت منهم جماعة مهدية يائسة من إيمانهم» منكر منكرة وعظ من يعظهم: فلم تعظون فوما الل مهم أو معذبهم عذابًا شديدا 4, والوعظ بيان الحق مقارنا بمغبة الباطل ذاكرا ما ترتب على الباطل من أذى لأهله. وهلاك لمن استمسكوا بالباطل استمساكا وتركوا الحق وانحرفوا عنه» والعاقل من اتعظ والجاهل من يأبه ولا يتعظ. يستفهم هؤلاء المهديون مستنكرين» أو متعرفين الغاية؛ لم تعظون قوما قسد تضافروا على الشرء وتقرر هلاكهم وهم على ضلالهم» وبعد هذا الهلاك يعذبهم عذابا شديداء ما الباعث على ذلك؛ فيجيبهم فريق تمن اهتدوا وهم الواعظون: قَالوا معذرة إلى بكم 4» أى يجب علينا أن نعظ لنعتذر إلى ربنا بأننا قمنا بحق بيان الهدى والنور؛ وليكون استحقاقهم الهلاك على الضلال بعد بينة أقيمت وحق أعلن» ونقدم هذه المعذرة إلى ربنا عن ضلالهم . وهذا كله على أساس أن المستفهمين مهديون وهو الأنسب لعنى الآيةع وفرض بعضهم أن المستفهمين هم الذين وقعوا فى الضلالة» وكأنهم يقولون إنكم ##ا . تفسير سورة الأعراف سسا لا ل 01 1 حب أ تحسبون أننا هالكون ومعذبون» ونحن مصرون» فاتركونا بضلالناء حتى نلقى جزاءنا بزعمكم» ويكون الاستفهام لإنكار الواقع» وتوبيخ الواعظين على وعظهم. وإن ذلك تحتمله الآية الكريمة». ولكنا نميل إلى الأول» وقد قسم القرطبى فى تفسيره اليهود إلى ثلاثة أقسام» ونسب التقسيم إلى جهود المفسرين» فقال: «قال جمهور المفسرين: إن بنى إسرائيل افترقت ثلاث فرقء وهو الظاهر من الضمائر فى الآية؛ فرقة عصت وصادت (أى يوم السبت). وفرقة نهت واعتزلت» وفرقة اعتزلت ولم تنه ولم تعص» وأن هذه الطائفة قالت للناهية: لم تعظون قوما - تريد العاصية ‏ الله مهلكهمء فقالت الناهية موعظتنا معذرة إلى الله . وإن هذا تقسيم حسنء وإن الذين اعتزلواء ؤلم ينهواء وإن اهتدوا وأطاعواء لم تتم طاعتهم وهدايتهم لآنهم لم ينهوا العاصين» وكمال هدايتهم فى نهيهمء فالتناهى عن المنكر مطلوب من الذين اهتدوا. ولقد قال تعالى: 9 لعن لين كفروا من بني إسرائيل عَلَىْ لسان داوود وعيسى ابن مَرِيْمْ ذلك بما عصوا وكاتوا يعتَدُونَ 9 كانوا لا يتََاهَونَ عن مدكر فَعلُوه لبسّس ما كَانوا يفعلُونَ 69 4 [المائدة] . وإن المعذرة التى قام بها الناهون يرفعونها إلى ربهم تقربا إليه بقول الحق والدعوة إليه» والقيام بحق الأمر بالمعروف والنهى عن المتكرء ورجاء أن يتقوا أو يخافوا العذاب» ويتوبوا إلى الله» ويقلعوا عن الذنوب التى وقعوا فيها؛ ولذا قال تعالى عنهم: « ولَعلّهم يون ويكون الرجاء من هؤلاء» علنى حقيقة الرجاء؛ لآنه من المكلفين فى شأن مكلفين. وإن ذكر الذين لاموا الناهين» وإجابة هؤلاء فيها دعوة للنبى َل إلى الاستمرار على دعوته ومداومة موعظتهء ولو كان المشركون يعاندون» ويصرون على شركهم 8 ... إِنّمَا أنت منذر ... )4 [الرعد]ء فعليه أن يستمر على دعوته» ولو كانت حال موئس من الاستجابة فإن الله تعالى قد يغير من حال إلى حال. ها تفسير سورة الأعرا اف هك ل 01100 هوه يي وقد عصوا أمر ربهم» وذكروا بموعظة قومهم فنسوا ما ذكرواء ومنهم من لم ينس افقطاء ابل استعيررر عاتين عن أمر 1 وقال 0 فابتدأ يمن يوا بعذَاب يكيس بما كوا يفسكُون 9 «الفاء» هنا لارتباط ما بعدها بما قبلهاء أو للإفصاح عن شرط مقدر تقديره وإذا كان النهى من الناهين وتقدير المعذرة لرب العالمين» فقد كان استقبالهم لذلك» بين قوم نسوا ما ذكرواء ومن ذكروهم. والنسيان غفلة العقل عن تذكر ما نبه إليه» وقد يكون غفلة النفس عن إدراك ما ذكرت بهء والنسيان غفلة النفس عن الحق بعد التذكير به» والمعنى حينئذ: ولما غفلوا عن الحق وأهملوه تاركين له كان أوانك بين يدى الحق - فريقين: فريق نهى وذكرء وفريق غفل الحق وأهمل» وذكر ما يستحق كل فريق : فقال فيمن ذكر ونهى: أَبينا الْذين ينهَونَ عن السوء 4 أى عن الفعل الذى هو سيئ وليس بحسن فى شىء» فهو سيئ فى ذاته» وسيئ إلى الناس فيفسد جماعتهم» وإلى النفوس فيمرسها بالباطل» داحق فينكره» وتسوء عقباه بالعذاب يوم القيامة . أنجاهم الله تعالى لأنهم اهتدواء ودعوا العصاة إلى الهداية فقاموا بالمعروف ونهوا عن المنكرء وأما الذين نسوا الذكر وغفلوا عنه وأهملوه فإن الله تعالى قال فيهم : ظ وَأَحَدْنا الّذِين ظَلَموا بعذّاب بئيس بما كَانُوا يفسقون » . بئيس مشتق من البأس» وهو الشدة والقوة» فالعذاب البئيس هو العذاب الشديد العنيف فى ذاته الذى يلقى بالبؤس فى ذاته. وعبر الله تعالى عن الذين نسوا ما ذكروا به ب الّذينَ ظَلَمُوا 4 لآنهم إذ نسوا ما ذكروا به استمرءوا الشر الذى وقعوا فيه» وأدى بهم ذلك إلى ظلم أنفسهم والناس والحق». فكانوا ظالمين» وكان العقاب الشديد البأس فى ذاته بسبب ذلك 4# تفسيرسورة الأعراف لوللا 0*1 لسر > ا الظلم لأن صلة الموصول فى «الّذِينَ ظَلَمُوا 4 وهذا الظلم هو سبب العقاب الشديد. ش وقوله تعالى: وأَحَذَنًا الّذين ظَلَموا» أى: أخذناهم من مراقدهم مصحوبين بعذاب شديدء فالباء للمصاحبة كقول القائل لمن أساء أخذناه بالعقاب» أى أخذناه مصاحبا للعقاب. وذكر - سبحانه وتعالى - سبب ذلك الأخذ الشديدء فقال: بما كانوا يفْسَقُونَ 4 أى بسبب استمرارهم على الفسق الذى كان يتجدد ويستمرء والفسق الخروج عن الحق . وقد وصفهم الله تعالى بوصفين؛ وهما الفسق والظلم» والفسق هو الانحراف والخروج من نور الحق» والظلم ما ترتب على ذلك من إيذاء أنفسهم وإيذاء غيرهم . ولقد ذكر ‏ سبحانه ‏ أن أولئك الظالمين عتوا عن أمر ربهم» وبذلك خرجت نفوسهم عن أن تكون نفوسا آدمية» تدرك الحق وتعمل به» إلى خنزيرية شهوانية» تنزو نزو القردة» وتغلظ غلظ الخنزير» حتى لا تسمع هادياء ولا تجيب داعيا. قال تعالى : © فَلَمَا وا عن ما نهُوا عنه قُلنا لهم كُونُوا قرّدة خَاسئين 09 4 . العتو: الاستكبار وتجاوز الحد فى الظلم» مستكبرين سادرين فى الباطل صادين عن الحق جاعلين الدعوة إليه دير آذانهم» لم يكن ثمة سبيل لهدايتهم» فكان اليأس منهم. ويقول تعالى فى نتيجة ذلك: لقلا لهم كونوا قردة حَاسِيِين 4 وقلنا هنا هى مقالة التكوين» أى جعلنا نفوسهم نفوس قردة نارية لا تجدى فيها موعظة» ولا تهتدى بهداية» فهى كنفس القرد فى شهواته ونزواته وانسياب نفسه فى الشر من غير اعتبار بموعظة» ولا إدراك الحق ولا إيمان. ا تفسير سورة الأعرا إف لحي 2522 2 بي وقوله: خاسئين 4 أى مطرودين لا يسمع لهم ولا يلتف إليهمء وهنا شبههم بالقردة» وفى آية أخرى شبههم بالقردة والخنازير فقد قال تعالى: ...وجعل منهم القردة والخنازير ... 4069 [المائدة] ومن بيانية أى جعلناهم قردة وخنازير. وإنهم بسبب فساد نفوسهمء وتجردهم من الإنسانية المهدية جعلهم الله تعالى أذلة فى الأرض فأذن الله تعالى لهم بمن يسومهم سوء العذاب. يَسُومُهُحْ سو ءَالْعَدَا إن ريلك لَسَرِيعٌ لقان وَإِنهُ لمَعُو رتسم 3 وَقَطعئنه ف الدض أُمَمَاَتَْدْ الصَيلخوت وَمِتهم دون للك وََكوَهُم آلمسَكَدتٍ 0 _- - 0 وهر > 1 - غ سح عو سسر عنته عير و ب ت لعلهم برجعونَ يا فخلف من بعد هم خلفبف ل غير ومح أذ دهعو آذآ ته سا جا مح عم 7 أ و ل ل ل سرس ورتوا المكنب يأخذ ون عرض هذ | لاد ف ويفولون سَيعَفَرلنَا . ف سك حو ا ع ا 2 سر ل 14 وَإِنيا هم عرض مثلم ديا ذو 0 أل وحخذعليهم مضق الكتتب سر وه سهد مه ل 0 س.ل قد سم سه دجي راع أن لا يمو لوا ع لاله إلا الحق ودرسو ا مافِية والدارا لأعخرة سحو ف 7 دع 2س 0 - م ” م 1 حير لأذب ينقون1أ تعقلون وَالَدِنَ بسكو يأ لكك وَأهَامُو أ لصَلوءَإنَا لانضِيع لَترَلضْسِيقَ © فى هذا القصص عبرة لأولى الأبصار» وفى أخبار بنى إسرائيل العبرة الكبرى» إذ تقلبوا فى النعيم» وعوقبوا بالنقم - فلم يشكروا النعمة» ولم تردعهم النقمة» وضلوا ضلالا بعيداء ولذلك ساق الله تعالى أخبارهم للنبى كَل لتكون سلوانا له فى معاندة المشركين الجاحدين» وتذكير النبى يَكَةٌ بأحوالهم كثشير فى القرآن الكريم . ا تفسير سورة الأعراف الال 4 > ا «وإذْ4 فى قوله تعالى: 9 وإذ تَأَذَن ربك » هى دالة على الوقت» ومتعلقة بمحذوف تقديره اذكرء أى اذكر أيها النبى ذلك الوقت وتذكر أحدائه» واعتبر به فى قومك وغيرهم تمن ناوءوك ويناوئونك ويعاندونك ويحاربونك» وتذكر هذه الأحداث من بنى إسرائيل» واعتبرها فى بنى إسرائيل الذين عاصروك» ويعاندونك ويتمالأون مع المشركين فى عداوتك ومحاربتك . وظ تَأَذْنَ ريك 4 معناها آذنهم بقوة وشدة» فتأذن بمعنى أذن بشدة» ولشدة الإيذان والإعلام كانت متضمنة معنى القسم؛ ولذلك كان فيها لام القسمء نون التأكيد التى تلازم جواب القسم « ليبعئن 4 جواب القسم أو فى معنى جواب القسم «( علَيِهم إلى يوم القيامَة من يسومهم سوء الْعَذَاب 4 وعدى ب «على» دون «اللام» للإشارة إلى علوه عليهم وتغلبه وسيطرته» وأنهم يكونون دونه وهو فوقهم مستعليا قاهرا. و« يسومهم»4 يعنى يذيقونهم « سوء الْعَذَاب »2 أى العذاب الذى يسوؤهمء2 ويؤذيهم» ويكون عاقبة سوء لهمء وبئس المصير»ء وقد صدق وعد الله تعالى فإنه قد سيطر عليهم وعذبهم فى الأرض من الشرق بختنصر والكلدانيون» ومن الغرب الرومان قبل بعث المسيح وبعدهء وكانت الذلة مفروضة عليهم. واصطنعوا مع الرومان النفاق وهو صنيع الأذلاء» فنمّوا على السيد المسيح عند سادتهم ونجى الله تعالى عيسى من الفريقين الغالب والمغلوب والقاهر والمقهورء وأذاقهم إلرومان من بعد أن دخلوا فى النصرانية» أكؤسا من الذل والهوان» واستمروا فى أوربا أذلاء مقهورين يتّسمون بالحسة والهوان» حتى هان الأورييون فى أنفسهم مثلهمء ولقد صدق الله تعالى إذ يقول: ( وقضينا إلى به بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مركي ولَمَعَلنَ علو كَبيرا © فَإِذَا جَاء وعد أولاهما بعتن عَليْكُمْ عبادا لنا أولي بَأس شديد فَجَاسُوا خلال الديار وَكَانَ وعدا مُفعولاً (2) ثم ردنا م4 وس سم مس كم لكر عليهموأَمدَدَاكُم بأموال ينين واكم كر تير قش (2)# [الإسراء]. 1 ##ا تفسير سورة الأعراف 4 اولان هده < يي وقد يقول قائل: إن لهم فى هذه الأيام غلباء فهم يسير يسيرون دفة الأمور فى الأرض الجديدة» وإن كانوا عددا قليلاء وهم يتحكمون فى مال الدنيا خا وهم قد اقتطعوا من أرض العرب قطعة طاهرة مقدسة. ونقول فى ذلك: إنها فترة صغيرة فى حكم الزمان» وعرض من أعراض الحياة الفاسدة فى الأرض» وهم الأذلاء وإن بدوا فى غطرسة» فمن يستمد القوة من غيره ذليل» ولو حكم وملك» ولقد قال تعالى: 9 ضربت عليهم الذْلَه أن ما فوا إلا بحبل مَنَ الله وَحبل من الّاس .. . 059 4 [آل عمران] . ولقد صدق الله إذ يقول: إن رَبك لَسَرِيع الْعقَاب 4. أى إن العقاب الذى ينزله تعالى سريع مؤكد وقوعه. والسرعة هنا تطوى فى ثناياها معنى الشدة؛ لأنه يئجؤهم من حيث لا يحتسبون» ويجيئهم من حيث لا يتوقعون فيكون أشد وأقسى . وإنه - سبحانه وتعالى - بجوار عذابه للمعاندين الكافرين المستكبرين تكون رحمته ومغفرته للمؤمنين المتقين؛ ولذا يقول تعالت كلماته: وإِنّهِ لعفو رُحيم 4 أى أنه يغفر الذنوب جميعا برحمته» وقد أكد غفرانه ورحمته بالجملة الإسمية» وبإن» وباللام فى خبر إنء وكذلك كان تأكيد العقاب. وقد تفرق بنو إسرائيل فى الأممء وكان منهم الصالحون. ومنهم القاسطون؛ ولذا قال تعالى: « وَقَطّعَاهم في الأرض أَُمْما مَنْهم الصالحَوت ومنهُم دون ذلك لمم وم وبِلونَاهم بِالْحَسنات والسيّتات 4 . إن الله تعالى كتب على المعاندين من بنى إسرائيل الذلة إلى يوم القيامة» وحكم فيهم القاهرين من المضشولء والرومان» وأهل أورباء حتى ضلوا بهم» ومن أخذهم برفق أخذوه بالعنف والدس اللئيم. أشار - سبحانه ‏ إلى أنه كان من بعد موسى أخيار صالحون» وأشرار فاسدون» فقال: «( وَفَطّعنَاهم في الأرض أُمَمَا 4. أى فرقناهم فى الأرض أماء أى جماعات منفصلة عن غيرهاء كأنها أمم قائمة بذاتهاء | تفسير تشيور: )0 الأعراف ااامامامام ملل ١م‏ جه له يي والتعبير ب لفَطُعنَاهم 4 يدل على أنهم وإن دخلوا فى أمم أخرى فى الأرض متصلون بعضهم ببعضء وكذلك الأمر فى شأنهم كما نراهم حتى اليوم» وإن هذه الجماعات التى تفرقت كانت فى الماضى 8مُنْهُم الصّالحون 4 قائمون بالحق آخذون به مهتدون بهدى الكتاب الذى نزل على موسى - عليه السلام - « ومنهم دون ذلك 4 أى دون الصلاح» أى ليسوا صالحين» وعبر سبحانه بقوله: دون ذلك 4 للإشارة إلى أن الصا حين فى المنزلة العليا مهما يكن حالهم من فقر أو غنى» وأن غير الصالحين فى المنزلة الدنيا مهما كانوا من سطوة ومهما يكونوا من غنى وقوة» فالصلاح له العلاء والفسباد له المنزلة الدنيا مهما يكن حال أهله. ويذكر - سبحانه وتعالى - أنهم وهم متفرقون فى الأرض إنما يختبرهم سبحانه بالحسنات» فإن شكروها كانوا صالحين» وإن كفروها كانوا فى المنزلة الدون» ويختبرهم بالأمور التى تسوء فإن صبروا أجرواء وإن جزعوا فإن اعتبروا اهتدواء وإلا فهم فى ضلال بعيدء وذلك كقوله تعالى: # . .. وتبلوكم بالشّر والخير فتنة . .. 69 » [الأنبياء] . والحسنة هى الحال الحسنة كالخصب وتوفير الرزق» والاطمئنان. والسيئة الحال التى لا تسرء بل تسىء كالجدب والآفات» والله - سبحانه وتعالى - الحكيم الخبير. وإن ذلك الاختبار بالحسنة والسيئة وتوالى الآمرين» والضراعة فى حال النقمة» رجاء أن يوفوا قدره وأنه هو الذى ينفع ويضرء وأنه هو القادر على كل شىء» وإذا عرفوا ذلك وآمنوا به رجعوا إلى الحق ورجعوا إلى ربهم واهتدوا؛ ولذا قال تعالى: ل لَعلّهُمْ يُرْجِعونَ4. أى أن الله سبحانه وتعالى ‏ عاملهم معاملة من يريد أن يرجعوا إلى جنابه الأعلى وساحته العلياء فيهتدوا بعد بعد عنه سبحانه. كان هؤلاء فيهم الصالحون ومن هم دون ذلك» وكلما تقادم العهد وطال بينهم وبين موسى - عليه السلام - قست قلوب الأكثرين؛ ولذا كان الأكثرون من ا تفسير سورة الأعرا اف لحي ال ل ل ل ذ! [ [ 1[ 1 1 ذآ 22601111111 | ههه < 7 الآأخلاف فيهم الشر أوضحء» وقال تعالى فى ذلك: ( فخلف من بعدهم حَلف ورِثُوا مع ور نلق را وه اير لكاب يَحْدُونَ عرض هذا الأدَئ ويقُولُونَ سيغْمر لا وإن يأتهم عرض مله يأحْدُوه 4 . إن الذين سبقوهم كان منهم الصا حون» ومنهم دون ذلكء, أما الذين جاءوا من بعدهم فالشر قد غلب فيهم وظهر على سطح جماعتهم؛ واختفى الخير» وإن كان موجودا فهو فى كن غير ظاهرء وصار جوهم العام فاسداء والعبرة فى فساد المجتمعات أن يكون الفساد هو الظاهر»ء والحق مختفيا وإن كان موجودا وقائماء ولكنه مغلوب. «( فخلف من بعدهم خَلْف 4 الخلف بالسكون العقب الذى لا خير في ومن ذلك قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة وَاَبعُوا الشهوات فَسَوف يلقن غَيَا 3ن 4 [مريم] . وقد قال الله تعالى فيهم أمورا تثبت وهن اعتقادهم وفساد أعمالهم: ذكر أولا أنهم ورثوا الكتاب أى جاءهم علم الكتاب» وهو التوراة» بالوراثة لا بالتلقى» ٠‏ فلم يفتحوا له صدورهم ولكن جاء إليهم من غير أن يتدارسوه ويتقبلوه. والشىء ء الموروث الذى لا يقوم عليه وارثه يكون حجة عليه ولا ينتفع به. وذكر ثانيا نظرهم إلى هذا الكتاب ونظرهم إلى الدنيا وعرضهاء إذ ينظرون ليه على الغرض المقصود». والمطلب المنشود؛ ولذا قال سبحانه عنهم: « يأخدون 4 يأخذون عرض هذا العيش الأدنى وهو أدنى معيشة فى الحياة» أى يطلبون أدنى ما فى الحياة من متاع, ويطلبون المتاع الأدنى وهو الحرام» ويستمرئونه فيأكلون السحت والرشوة والربا ويتناولون الحياة فى صورتها المحرمة» ويحسبون أن الاستغفار يمحو ما فيها من عصيان» ولا يتوبون توبة نصوحاء إذ إن من أركان التوبة النصوح ألا يعود إلى الذنب الذى اقترفهء ولكنهم يعودون؛ ولذا / تفسير سورة الأعراف ا اميل 0 لس ا يقول سبحانه: « وإن يأتهم عرض مثله يأخدوه 4, وهكذا يتوالى أخذ الآثام والاستغفار عنهاء ولا توبة ولا إقلاع من قلوبهم. وإن التعبير عن متع الحياة التى يأخذونها بقوله تعالت كلماته: «إيأخذون عرض هذا الأدنى 24 والأدنى هو مذكر دنياء أو دنيا مؤنث أدنى» والعرض هو الأموال التى ليست دراهم ولا دنانير» ولكنها أهون من ذلك فهم يتخذون عرض الآدنى من الأموال» إما لضآلتها وإما لخبثها وخبث كسبها كالميسرء والربا والرشوة والسرقة. يفعلون ذلك ويقولون: 9 سيغْفَر لَنَا4. وكأنهم متأكدون من ذلك من غير توبة ولا استغفار. ويتوالى ذلك منهم» كما حدث فى عصور ضعف الإيمان» إذ يقولون: إن الذنوب تغفر ولو أصروا عليها. ولقد روى فى ذلك عن معاذ بن جبل أنه قال: «يبلى القرآن فى صدور أقوام كما يبلى الثوب» يقرأونه لا يجدون له شهوة ولا لذة. يلبسون جلود الضان على قلوب الذئاب» أعمالهم طمع لا يخالطه خوفء. إن قصروا قالوا سنبلغ» وإن أساءوا قالوا سيغفر لناء إنا لا نشرك بالله شيئا»7!؟. وهكذا تكون الحال» إذا ضعفت القلوب والهمم وضعف الإيمان» ولا حول ولا قوة إلا بالله» ينسون المواثيق التى أخذت عليهم؛ ولذا يوبخهم القرآن الكريم. وإن كل المحرمات هى العرض الأدنى فى هذه الحياة؛ لأن الله ما حرمها إلا لخبئهاء ولأنها أدنى طرق الكسب, فالكسب الطيب يكون من كرام الرجال» ومن العرض الطيب» وليس الأدنى. وقد بين الله تعالى أنهم كان فى نفوسهم خحبث؛» وطلبوا خبث الكسب والأدنى فى الحياة مع أنهم أخذت عليهم الموائيق بأن لا يقولوا على الله إلا الحق؛ ولذا قال تعالى: ل ألم يوْحَدَ عَلَيْهِم مَيفَاق الْكتّاب أَن لا يَقَولُوا على الله إلا الحق وَدَرَسُوا ما فيه 4 . . )77155( رواه الدارمى هكذا موقوفا على معاذ بن جبل : فضائل القرآن- تعاهد القرآن‎ )١( ا تفسير سورة الأعراف 554 الملل اال 0 الاستفهام للإنكار بمعنى النفى والتوبيخ؛ وقد دخل الاستفهام على المنفى ب«لم» ونفى النفى إثبات» فالمعنى قد أخذ عليهم ميثاق الكتاب» وهذه الصيغة فيها تأكيد لأخذ الميثاق بإقرارهم كأنهم سئلوا ذلك» وأجابوا بالإيجاب» ولأنه يتضمن استنكار وقوعهم فى مخالفة الكتاب وترك الأخذ بميثاقهء أى أحكامه المؤكدة الموثقة عليهم التى توجب الطاعة « أن لأ يقولوا على اللّه إلا الحق ودرسوا ما فيه أى فحصوه وعلموه وأدركوا مغازيه وما يرمى إليه» ويدعوهم الله فيه» فما فعلوا ذلك عن جهالة بل قد قدمت لهم أسباب العلم كاملة» وإذا كانوا قد أهملوا الأخذ بها بعد بينة تجعلهم يحملون التبعة كاملة غير منقوصة. ويلاحظ هنا بعض عبارات تشير إلى حقائق ثابتة: أولاها ‏ أن الميثاق الذى أخذ عليهم ألا يقولوا على الله إلا الحق مع أن ما فسقوا به عن أمر ربهم أمور عملية» وخلاصتها أنهم يأخذون بالعرض الذى هو أدنى وهو عمل لا قول» ونقول فى الإجابة عن ذلك: أولا - أنه ساد فيهم الكذب على الله والادعاء عليه كقولهم: 98 ...تحن أبناء الله وأَحبَّاٌُ ... 469 [المائدة]ء وذلك بلا ريب غير الحق» قالوا على الله تعالى كذبا وافتراء عليه» فخالفوا الميثاق الذى أخذ عليهم بألا يقولوا على الله إلا الحق. وثانيا - أن فعل الباطل يسبقه قول باطل يحسنه» فالنفس المنحرفة يبتدئ انحرافها فى الفكرء فيدفع إلى القول الباطل يزين الفعل الباطل» والذين يغيرون الشرائع يبتدئون بتزيين مخالفتها وتسهيلها فيقولون أولا على الله غير الحق» ثم يفعلون الباطل المنهى عنه» فالقول ذريعة العمل. ثانيها ‏ أن العصاة دائما يغرهم الغرورء فيغلب عليهم الطمع من غير عمل على الخوف الذى يدفع إلى العمل» فهؤلاء بنو إسرائيل طمعوا فى الله دائما حاسبين أنه لا يعذبهم وأهملوا أمره ونهيه» وكانوا مثلا للفاسدين» فكان من التربية للنفس المؤمنة أن تغلب الخوف من العذاب», على رجاء الثواب. / تفسير سورة الأعرا اف ل الل ١‏ هؤلاء اختاروا الدنياء وأخذوا بأدنى ما فيهاء وهى خبائثها ومحرماتهاء فكانوا أشد لهجة من غيرهم» بل من بعض الذين لم ينزل عليهم كتاب سماوى به موائيق أخذت عليهم وتدارسوه. ونسوا الآخرة» وما فيها من نعيم مقيم لمن أطاع» وعذاب أليم لمن ضل وغوى» وقد ذكّر الله تعالى بها فى مقام نسيانها فقال تعالى: والدار الآخرة خير لين يتَقُون 4 أى أنها فى أعلى درجات الخير للذين يتقون الله وامتلأت قلوبهم بذكره» فأعرضوا عما نهى عنه» وطلبوا ما أمرهم به. وخاطب الله بنى إسرائيل بما يدل على أن غوايتهم وأهواءهم أفسدت عقولهم» فصاروا لا يدركون» فقال تعالى: أَقلا تَعقلون 4 الفاء هنا لترتيب إنكار أن يعقلوا على ما يفعلون» وأخرت عن همزة الاستفهام؛ لأن الاستفهام له الصدارة بحكم تنسيق القول العربى» ولمعنى فأنتم لا تعقلون؛ لأن الاستفهام إنكارى توبيخى» فهو تأكيد لحضهم على التفكير» وتوبيخ على عدم التفكير فى عواقب أمورهم» وإن العذاب يستقبلهم بسوء ما يفعلون. هذا شأن العصاة منهم» وهم الأكثرون؛ إذ فعلوا الشرء ولم يستنكر أكثرهم , ولقد ذكر من بعد ذلك الصالحين بعد أن ذكر فضل الدار الآخرة على الحياة الدنياء فقال: «إوالّذين يمُسَكُونَ بالكتاب وَأَقَامُوا الصّلاة إِنَا لا نضيع أجر المصلحين 09 4 . إذا كان عصاةة بنى إسرائيل قد استهانوا بأحكام التوراة»ه معرضين عنها إهمالاء فتقاتهم قد استمسكوا بها؛ لأنها العروة الوثقى لهم» وقال تعالى فى استمساكهم بها: «( وَالّذِين يمَسَكُونَ بالكتاب 4 وفى قراءة اليمسكون» بتسكين اللام وكسر السين» وقالوا إن معنى يمسكون به: يستمسكون به» وفى اللغة: مسك به واستمسك به» وتمسك به كل بمعنى واحد. هاا تفسير سورة الأعراف يوي ل 211 .. ١ لاا‎ يي وأقول مع الاتحاد فى جملة المعنى أظن أن مَسَّكْ به فيه قوة فى التمسك» ليست فى مسَّك به بل أكثر من استمسك؛ لأنها 5: تتضمن الأخذ به والعمل بما فيه والإذعان لأحكامه من غير إهمال ولا نسيان» ودعوة إلى مسكه والعمل به دون غيره» واستنكار لمن لا يمسك به. ومعنى التمسيك به الإذعان لأحكامه. والدعوة لهذا الإذعان» والعمل به مخلصين غير متحايلين لتركه» وإلقاء المعاذير عند ترك العمل به. وقد ذكر أعظم أعمال الطاعة بعد التمسك بالكتاب. فقال: 9 وَأَقَاموا الصّلاة4 أى أتوا بها مقومة على وجهها الأكمل» وتكون الصلاة على الوجة الله تعالى بالذكر؛ لآنها ركن الدين» ولبه» ولا دين من غير صلاة كما ذكر النبى كو ولآنها سبيل للابتعاد عن المنكرات التى كان بنو إسرائيل يفعلونهاء وقد قال تعالى فى القرآن كتابه الخالد الباقى إلى يوم القيامة: 8 .. .إن الصلاة تنهئ عن الفحشاء وَالْمدكرٍ .. 62 4 [العنكبوت]. وقد ذكر الله تعالى جزاء هؤلاء الذين يمسكون بالكتاب» فقال: إن لا نضيع أَجِرٌ المصلحين 4 والمعنى لا نضيع أجرهم . ولكن هنا إشارات بيانية لا بد من التنبيه إليها: الأولى - أن الله تعالى ذكر الجزاء بطريق الاقتضاءء فوصف ذاته العلية بأنه لا يضيع أجر المصلحين » وقد أصلحوا فاستحقوا أجره الذى لا يضيعه أبداء فهو عملا . ع ل | تفسبير سبور: ة الأعراف خا لةانن اخلط خخخا اناا اناننا الام نانالاا ااانا االاتا لطا ناطاكلااا ااانا اعمس ا ١‏ تس ١‏ الثالثة - أنه أظهر فى موضع الإضمارء مصرح بقوله: « المصلحين 4 بدل قوله لا يضيع أجرهم»ء وذلك لأمرين؛ أولهما ‏ أنه للدلالة على أن ذلك شأن من شكون الله العلى الأعلى» وثانيهما - الإظهار للإشارة إلى السبب فى الجزاء وهو الإصلاح» أى كونهم مصلحين. وفى التعبير بقوله: المصلحين» إشارة إلى أن تمسيكهم للكتاب يتجاوز الإمساك إلى الدعوة إليه كما أشرنا. أخن الميثاق عليهم وعلى الإنسانية مو لو أ ل اال ىأ وَإدْنَََنا ْْسِلفُوقَهُمْ َل واوا م 1 0 عن فس 02 . و م 100 وَإِذْأَحْذْ حَذَوَيكَ نيدم نظأ مورهم ذرباهموأ شهدم َلَأنفْسيع الست برد ااي كينا مد ل ع اإسره 1 لْمبَمَةِإِنََكُنَاعَنْ هَدَاغَفِلِينَ 57 5970 تقوو ار َابَآوْنَا من قبل وسكا درَيَّةٌ 0 باجا محل فح نون :27 رَكَدَلِكَ نص للبت وَلمَلهْ َجغُوت 9 ميثشاقان يذكرهما الله تعالى» واحد منهما خاص ببنى إسرائيل لأنه يتعلق بميثاق التوراة» والثانى يتعلق بميثاق الإنسانية كلها. والأول قال الله تعالى فيه: ١‏ وإذ نتقنا ال ُجبَلَ فوقَهم كأَنّه ظلّة وظَنوا أَنّه واقع بهم 4 . 8# تفسير سورة الأعراف 9 لل 0 1 56 نتقنا معتاها رفعناء ولكن يظهر أنها لا تكون إلا فى رفع الشقيل الذى لا يستطيعه إلا الأقوياء». فمن الألفاظ العربية ألفاظ تحمل فى نفسها قوة المعاناة فى دلالتهاء فلا نقول: نتقت العصاء أو نتقت السيف» ولكن قد تقول: نتقت الجبل» أو نتقت أطنان الحديد . ولقد نتق الله الجبل وعلا عليهم وكأنه ظلة من ظلال السحاب فوق رءوسهم» ولأنه جبل أو جرم كبير ثقيل ف( وظوا أنه واقع بهم 4. أى واقع نازل بهم قاصد رءوسهم. والله يقول: خذوا ما آتيناكم بقَوة4, أى خذوا التعاليم فى الحلال والحرام» وما كلفتموه عامة بقوة» أى بتقبل منكم» ورضا به واطمئنان إليه واذكروا ما فيه أى اذكروه وتدبروه» وعوا ما فيه, 0 تتقونء والرجاء منهمء أى راجين بذلك أن تتقوا السيئات. بل إن تتقو أنفسكمٍ الأمارة بالسوء؛ وهذا كقوله تعالى: (رإذ أخذنا مقف ررق فرط الطُور خَدُوا ما آتينَاكُم بقوة االبقرة]» وقد يسأل سائل: لماذا كان رفع الجبل مع إعطائهم الميثاق بقوة؟ الظاهر أنهم ترددوا فى قبوله وتلكأوا كشأنهم دائما فى قبول الحق المنزل والعمل به فأتى موسى - عليه السلام ‏ معجزة حسية قاهرة تلزمهم» ولا يحيرون جوابا فيهاء فكان نتق الجبل» وكانت هذه المعجزة الرهيبة الدافعة إلى الإيمان.» المانعة من كل تردد» وقد جاءت الآثار بما يفيد ذلك: روى ابن كثير أن موسى - عليه السلام ‏ قال لهم: هذا كتاب تقبلونه بما فيهء فإن فيه بيان ما أحل لكم وما حرم عليكم» وما أمركم وما نهاكم» قالوا: انشر علينا ما فيها ‏ أى الألواح ‏ فإن كانت فرائضها وحدودها يسيرة قبلنا. قال: اقبلوها بما فيها. قالوا: لا حتى نعلم ما فيهاء كيف حدودها وفرائضهاء فراجعوه مراراء فأوحى الله تعالى للجبل» فانقلع. فارتفع إلى السماء حتى إذا كان بين رءوسهم والسماء فقال لهم موسى: ألا ترون ما يقول ربى عز وجل؟! فأخذوا التوراة وهو الميثاق بهذه القوة الدافعة. وإنه مع هذا الدليل المادى الحسى القارع نجدهم غيروا وبدلوا وانحرفوا عما أمرهم به الله - سبحانه وتعالى - وقد أردف ‏ سبحانه وتعالى - ذلك ببيان ميثاق الفطرة التى فطر الله الناس عليهاء فقال تعالى: / تفسبير سور 6 الأعرا اف اا ا لل 2 .. ١ واكك‎ 2-0 برك فوا بل شهدا أن فك 000 «إذْ ظرف للزمن الماضى» والخطاب للنبى يَلِوُ وهو تذكير بأن الفطرة الإنسانية توجب الإيمان بأن الله رب هذا الوجود وحدهء وأنه هو الذى خلقه. وهو واحد بذاته وبصفاته» وقد حتم تعالى ذلك بالفطرة الإنسانية . قوله تعالى : 8 وذ أَحَدَ َبّك 4 عبر عن ذى الجلالة بربك بالإشارة إلى معنى الربوبية التى تملا نفس النبى كَكْهِ وقد أدركها قبل النبوة بالفطرة الإنسانية الكاملة؛ فنفر من عبادة الأوثان» وعبد الله تعالى وحدهء وقال إنه الديان وحده. وذ أَحَدَ رَبك من بني آدَمْ من ظهورهم 4 ومن بنى آدم: عطف بيان على قوله تعالى: «إمن بني آدم 4 وهذا بيان لنوع من أخخصذ من ذريتهمء وهم بنو آدم» وهذا مبين عموم الذين ينتسبون إلى آدم أبى الخليقة» وقوله تعالى: «ومن ظهورهم 4 أى وهم فى أصلاب آبائهم» قبل أن يصلوا إلى أرحام أمهاتهم» وهذا يدل على أن ذلك من وقت الإنشاءء» فوقت إنشاء الآدمى من وقت أن يكون فى صلب أبيه . وقوله تعالى: « ذريتهم 4 منصوبة على أنها مفعول أخذء ومؤدى 00 أن لربيك أخذ الذرية من التى هى من الأصلاب وهى فى الأصلاب ذلك العهدء ذلك الإقرار الذى كان بحكم الفطرة. قال لهم ربهم: لمش يريك وهر وهو تفسير لمعنى الأخذ. الهمزة للاستفهام» والاستفهام هنا إنكارى بمعنى النفى» و(لست) للنفى» وقالوا: إن نفى النفى إثبات» والمعنى أنا ربكم الحق» وجىء بذلك النحو من القول لتأكيد الإيجاب كأنه سألهم» وأجابوا بالإثبات» أى بإثبات الربوبية. وقد أجابوا على هذا السؤال مشبتين موجب نفى النفى» قالوا: بلى» وهى تشبت ما بعد النفيين» أى أنت ربناء وقالوا: «شهدنا 24 أى أقررنا. 2 وه م .2 1111لا انل نالل اناناتا انالا اللا انانا اننا انان الانا لاا نان الال لازنا ن الال لا مط ات الال اك اللا اماك خخ مانام ن لماخ خ طاطخ الل ططخ خطخطسطااالاة وقوله تعالى: ‏ وأشهدهم علَ أَنفّسهم 4. أى حملهم على الإقرار على أنفسهم» أو اتخذ منهم شهداء على أنفسهم فاستجابوا وشهدوا على أنفسهم فهى شهادة الفطرة الإنسانية السليمة بالربوبية لله تعالى. وقد بين - سبحانه ‏ حكمة هذا الميئاق فقال تعالى: « أن تقولوا يوم الْقَامَة : كنا عن هذا غَافِلينَ4 أن : تقولوا: مضاف إليه لمضاف محذوف تقديره: كراهية أن تقولوا إنا كنا عن هذا غافلين» فإنه فى فطرتكم التى خلقكم الله تعالى عليهاء ولن تغفلوا عما فطركم الله تعالى عليه» إلا أن تطمسوا فطرتكم بالأهواء والأوهام التى تطمسون عليهاء فلا تدرك» وتحولون بينكم وبين نورها الهادى المرشد. وإن هذا الذى ذكره الله تعالى من أخحذ ذرية بنى آدم من الأصلاب فيه تصوير محكم دقيق لتكوين الفطرة الإنسانية على الإقرار بمعنى الربوبية والتوحيدء لسلامة التكوين وأنه سوى خلقه فأحسن تسويته» وأنه صوره فأحسن صورته وقد قال بعض المفسرين: إن هذه المجاوبة مجازء إذ شبهت حال خلق الإنسان مفطورا على الإيمان بهذه المجاوبة» ونحن نقول تبعا لهذا التخريج: فهذا الأخذ فيه تصوير لتكوين الفطرة» ولقد قال تعالى فى الإسلام ودعوة الله: «إفأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله الي قط الا عليها لا ديل للق الله ذلك الدين اقيم ولكن كر الئاس لا يُعَلَمونَ 9© © # [الروم]. وإن محمدا كه آمن بفطرتهء وهجر الأوثان بعقله؛ وابراهيم أبو الأنبسياء فكر بفطرته» حتى اهتدى إلى ربه» وقال بعد اهتدائه: «إِنْي وجهت وجهي للّذي فطر السّموات والأرض حنيفا . . 69 4 [الأنعام] . ولقد قال لب كل فيا رراء لم اليقول الله تعالى : إنى خلقت عبادى حنفاء فجاءتهم الشياطين» فاجتالتهم عن دينهم2(0. )١(‏ سبق تخريجه. 4 ا تفسبير سبورة الأعراف 111117111 ااا للزان ناخ ااا ةمزلالا تالز لالط لامالا الالالال قاروالل ةزر لارنا تلا قالطنال كلتل ط لطر طانان لطس طنط طةططالا لأسب أ وروى الطبرى بسنده أن رسول الله َل قال: «كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها فأبواها يهودانهاء أو ينصرانها»'"" . قلنا: إن الله تعالى ذكر قصة الفطرة الإنسانية لكيلا يكون اعتذار لمنحرف لأنه يخالف الفطرة» وأيضا لكيلا يحتج بأنه يتبع آباءه فقال تعالى: « أو تَهُونُوا نما أَضْ ركد آباوْنا من قبل وكُنَا دِيم بعْدهم مهلكا ما فعل المبطلون 09 4 . «أو» هنا عاطفة على قوله تعالى: « أن تقولوا يوم الْقيَامَة إَِا كنا عن هذا غَافِلِين »4 ومقتضى السياق أن يكون المعنى كراهية» إن تقولوا إنا كنا عن هذا غافلين» أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا وكنا ذرية من بعدهم. والمعنى أخذ عليكم الإقرار» وأنتم ذرية ليتبين أن فطرتكم تناديكم بالإيمان فلا تعتذروا بأن آباءكم كانوا مشركين. وأنتم اتبعتموهم» فإن أوخذتم فإنما تؤاخذون بشركهمء ولكن أخذ عليكم من قبلهم بالإيمان» فأنتم مسئولون عن عهدكم الذى عاهدتم الله تعالى عليه أولاء لا عن تقليدكم لآباكم» وإنه لا يصح هذا التقليد وفيكم فطرة الإيمان» أتتبعون آباءكم ولو خالفوا الفطرة التى شهدوا فيها بأن الله وحده هو المعبود بحق هو أنكم بمقتضى الفطرة مؤمنون فلم تتبعون آباءكم فى كل حالء ولو كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون» وخالفوا سنة الفطرة. فإن خالفوهاء فإن ذلك لا يخليكم من الإقرار الذى أخذ عليكم. وقوله تعالى : إِنّمَا شرك آبَاوْنَا من قبل وكنا ذَرِية مَن بعدهم © فيها ما يوهم أن شركهم كان بالوراثة» وأنهم لهم تبع» فكما ورثوهم فى أجسامهم ونسبهمء فقد ورثوهم فى اعتقادهم . ولذا قال الله تعالى عنهم: لأَفَتَهلَكنا ما فَعل الْمبَطلُون 4 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وهى مؤخرة عن تقديم لآن الاستفهام له الصدارة» وهو )١(‏ جزء من حديث رواه أحمد: مسنئد المكيين- حديث الأسود بن سريع (؟19155). ' ش ها تفسير سورة الأعرا اف م لل 2321112000 حب أ استفهام إنكارى لأنهم ينكرون مؤاخذتهم. إنما المؤاخذة على من سبقوهم.ء فالله تعالى بمقتضى سياق الآيات الكريمة ب يبين أنهم مسئولون ومؤاخذون. هم يقولون إنا تبع لمن سبقونا ولا نؤاخذ بفعلهم وقد سرنا مسارهمء فالله ‏ سبحانه ‏ يبين لهم أنهم مؤاخذون بمقتضى الفطرة» وكان الواجب عليهم أن يعرفوا أنهم مأخوذ عليهم ميثاق بإقرارهم بأن الله وحده ربهم. وما كان لهم أن يتبعوهم. بعد ذلك ختم الله تعالى هذه ببيان تصريفه للآيات وتفصيله فيقول تعالى كلامه العزيز: وكذلك نفصل الآيات لهم يَرجعونة 699 4 . أى كهذا البيان الذى فصل الله تعالى هذه الآيات وبينها من تصوير الحال فى الخلق والتكوين؛ يفصل الله - سبحانه وتعالى - الآيات ويقربها ببيان أصل الخلق والتكوين» وأن الذين يضلون هم المنحرفون عن أصل الفطرة. يبين البيان كذلك دائما ليهتدوا ويدركوا الحق» « ولعلّهم يرجعون » إلى أصل فطرتهم التى فطرهم الله تعالى» ويعودون إلى التوبة وإلى الإنابة إلى ديهم . بعد هذا البيان وضرب الأمثال من ماضيهم» وبيان سوء حاضرهم . مثل من خالف الغطرة؛ وخضع للشيطان وَأتلْعليهمْ اذى َمتابينافانتكح منْهَا َأَتََهالةَ م فَكَانَم نالعاو 52 ووب 0 أرفعئئه يباو ولك الاك ارات مي فك كَث ل ألحكني إن َمِل ءَكهِ عَلِيّهِيَلْهَت َرَت لز سر م سه سر له صرح مهو يلْهَث ذَّلِكَ مَكَلُ الْعَوَم كدو قدي / تفسير سورة الأعرا اف ان ١م‏ وج را تي ا 0 آذ م و فََ 2 كبوأ انين وا أَنَفْسَم كا ةئر 59 مَنْيَبدَألنَهُ ول ترع وص مس يلك م للكيزوة 85 هذا مثل ضربه الله تعالى لمن تهديه فطرته إلى الحق» ولمن يرى الآيات بينة واضحة تغمره بنورهاء وتسبغ عليه كما يسبغ الثوب على لابسه؛ فينسلخ منها ويخلعها ويتبعه الله تعالى الشيطان فيكون من الغاوين» وقال تعالى فى ذلك: ( وائلٌ عَليِهم بَأ الذي آتيناه آياتنا فَانَلحْ مها فَأَنبِعَهُ الشَيطَان فَكَان من الغاوين (055 © . « وائل عليهم 4 أى اذكر لهم نبأ الذى آنيناه آياتنا. والنبأ الخبر ذو الخطر والشأن» وكان خطره وشأنه فى أنه قد جاءته الآيات بيئنة قد غمرته بالنورء وصارت كأنها اللباس السابغ» الذى لا يفارقه» ولكنه تعمد أن يخرجها من ملابسه وجسمه» وينسلخ: أى يخرج منها كما تخرج الذبيحة من إهابها. وإنه إذ فعل ذلك يكون قد سلك سبيل الضلال وسار فيهء 9فَأَنِعَه الشَيطان » أى فجعله الله يتبع الشيطان؛ لأنه إذا انسلخ من الآيات السابغة المنيرة قد اتجه إلى الضلال» فأتبعه الله للشيطان وصار تابعا له؛ لأنه ترك رحمة الرحمن بترك آياته» ومن ترك رحمة الله أدخله الله تعالى حظيرة الشيطان» وصار من أتباعه . وإن فى هذا النص القرآنى المصور لمن يغوى ويضل عدة مجازات» تبدو فيما يأتى : أولا ‏ أنه شبه الآيات النيرة الدالة بالثياب السابغة التى تلازم الشخص» ## تفسير سورة الأعراف ١‏ ل 1111100000 1 1 1 1 1 1 1 20011 جرب 2 وثانيا - أنه شبه تركها وعدم الآأخذ بها بالانسلاخ منهاء فشبه تركه لها بالانسلاخ والذى هو خاص بسلخ الشاة الذبيحة فيتعرى كما تتعرى الشاة. وثالثا - أنه عبر عن اتباع الهوى» والتردى فى مهالكه ب 9 فَأَبعَهُ الشيطان 4 لأن السبب هو سيطرة الهوى» والهوى هو باب الشيطان الذى يدخل منه إلى القلوب. فعبر باسم المسبب وأراد السبب وهو اتباع الهوى. وإن اتباع الهوى أو الشيطان يؤدى إلى الضلالة لا محالة» ولذا قال تعالى: فكان من الْغاوين 4. أى من الضالين» فغوى معناها ضل بسبب اتباع الشهوات . وقد قلنا: إن هذا مثل من تحيط به آيات الله التى تدعم فطرته التى فطر الناس عليهاء فلا يلتفت إلى دلالتهاء ويتركها منسلخا عما تدعو إليه كما ينسلخ اللابس من ثوبه الذى يستره» ويجمله» وينحط إلى مهاوى الشيطان. هذاء وإن كتب التفسير فى هذه الآية مملوءة بأساطير يهودية لم تثبت بسند صحيح يصلح تفسيرا للقرآن» ولذلك ضربنا عن ذكرها صفحا؛ ذلك أنهم زعموا أن قوله تعالى: «وائل عليِهم نبا الذي آتيَاه 4 يتعرض لقصة شخص معين» فاستعانوا بالإسرائيليات» ليعلموا من هو. والحقيقة أنه ليس بشخص معينء إنها هو تصوير لمن تأتبه الآيات السابقات بالنور فيتركها. وزعموا أن قوله تعالى: 8 فَاقْصص الْقصّص »4 نفهموا من هذا أنها قصة لها أشخاص ورجال وحوادث» فاستعاروها من بنى إسرائيل» وهذا لا يساعده النص» إنما النص فى قصص الثل ذاته؛ ولذلك قال تعالى: ذلك مل القوم الّدِينَ كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لَعَلَّهم يتَفَكْرونَ 4 . وسنتكلم فى هذا إن شاء الله تعالى. وقد صور الله تعالى حال ذلك الذى تأتيه آيات الله نيرة سابغة فينسلخ منها فقال ل س يس سس مام تحمل عه يل أز فرك يليت 4 ا تفسير سورة الأعرا اف 00 .سم لجل تمزه 2 أى إن ذلك الذى انسلخ من آيات الله تعالى» وقد أسبغها الله تعالى عليه لو شاء الله لرفعه بها إلى أعلى الدرجات لو سلك سبيله» واتجه إليه ولم ينسلخ عنها؛ ولذا قال تعالى: فإ ولو شتا لَرفْعَاه بها 4 لو شئنا له أن يهتدى رفعناه بها إلى مقام المؤمنين الصادقين» لو كان قد سلك سبيلنا ولم يرفض نعمة البيان وإسباغ الآيات» ولكنه أخلد إلى الأآرض وسكن فيها بنزواتها وأهوائها وشهواتهاء واتبع هواهء فلم يسيطر على شهواته» وكان عبدا لهاء فاستوى عنده البينات والظلام» ولذلك مثله الله تعالى بالكلب الذى يندلع لسانه لاهثا دائماء فقال تعالت كلماته: «( فمئله كَمَثلٍ الكلّب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث 4 . أى إن حاله كحال الكلب المندلع لسانه» إن تحمل عليه بأن تهيجه ينبح مندلعا لسانه» وإن تتركه من غير تهيبج ينبح مندلعا لسانه أيضا. أى إن أولئك الذين ينسلخون من الآيات التى ينعم الله تعالى عليهم ببيانها يستوى عندهم البيان والترك بل إنهم يضلون دائماء إن ضلالهم فى حال البيان أشد وأوغل» فالجامع بين المشبه والمشبه به هو البقاء على حال سوء دائماء» سواء أكان البيان أم لم يكن . وقد شبههم الله تعالى بالكلب» فى أقبح صوره.ء وهى الحال التى يكون فيها حارج اللسان يسيل فيها لعابه» وهى أقبح مناظره؛ ولذا قال تعالى: 9 ذلك مَعْل القوم الّذِين كَذْبوا بآيَاتنَ4. أى تلك الحال التى قصصناها وبيناهاء حال الذين كذبوا بآياتنا نقدوا تفكيرهم وتقديرهم للأمور» فلم يعرفوا الفرق بين النور الذى تجىء به الآبات هادية مرشدة» وبين الظلام الذى يعمهون فيه متحيرين» وكانت حالهم لحال هذا الحيوان فى أقبح صوره. إذا كانت هذه حالهمء ومآل أمرهمء «فَاقْصص الْقَصّص4 الفاء كما ترى للوفصاح؛ ومعنى اقصص: اذكر حالهم وخبرهم» فإنه يصور حالهم ( لعلهم يتَفَكْرَونَ 4, أى لعل هذا التصوير الذى تقصه عليهم يحملهم على التنبه فى ###ا تفسسمير سورة الأعراف لاا جه ير يي حالهم العقلية التى ينزلون فيها إلى الحيوان الذى لا يدرى الفرق فيما يعمل فيتفكرون ويتدبرون الآيات ولا ينسلخون منها. ولقد بين الله تعالى سوء حالهم. فقال: ساء ملا القوم الّذين كَذَبوا بآياتنا وأنفسهم كَانوا يَظُلمُونَ 659 6 . ساء تستعمل أحيانا بمعنى التعجب, فيكون المعنى ما أسوأه مثلا هذه الحال» وتكون «مَثْلاً 4 تمييزء وهو يدل على المتعجب منه»؛ أى أن حالهم بلغت أقصى أحوال السوء فى الضلال» ومجافاة الحق» وجعلهم النور ظلاما والهدى ضلالة وأنهم فى ذلك لا يضرون غير أنفسهمء فالله يغضب عليهم والرسول « وأَنفسهم كانوا يَظَلمون 4 يظلمون أى يستمرون على ظلمها باستمرارهم على تكذيب آيات الله الهادية المرشدة» وانسلاخهم عنها. وإن الله سبحانه ‏ تركهم فى غيهم؛ لأنهم سلكوا سبيل الغى» وتركوا سبيل الرشدء فحقت عليهم كلمة الضلال؛ ولذا يقول الله تعالى: جم بهد اله هر مهدي وس يلل فرك هم اروف 0 4 . امّن» اسم شرطه أى الذى يهديه الله تعالى فهو المهتدى وحده» وليس معنى ذلك أنه ليس ممختارا فى سلوك طريق الهداية» فإن الله عدلء. لا يظلم أحداء إنما يكون بين يديه طريق الرشدء وطريق الغى» فيختار طريق الغى» فيصل إلى نتيجته ويختار الله ما اختاره لنفسهء وإن كان غير راض عما اقترف» ويقترف من سيئات» « ومن يضلل فَأولَكَ هم الْخَاسرَونَ 4 وإضلال الله تعالى لا يتنافى مع اختياره؛؟ لأنه اختار سبيل الغى» والفساد» فسار فيه بإذن الله واختياره» وإن كان الله تعالى غير راضء فالله تعالى أراد له الشر إذ سلك طريقه» ولكنه لا يرضى لعباده الكفر. سر و ع 2-1 0 بفسبير شبورهة الأعراف اا ليلا م أولاهما ‏ فى قوله تعالى: طفَهِوَ المهتدي» فيه تعريف الطرفين» فيفيد القصرء والمعنى لا يهتدى غيره» فالهداية من الله تعالى . ثانيتهما - أن الله تعالى قال: «فَأُوَكَ هم الْخَاسرونَ 4 وفى هذا النص السامى الإشارة إلى الموصوفين بتكذيبهم لآيات الله» والإشارة إلى الأوصاف تفيد أنها سبب الحكم . ش وقوله تعالى: هم الْخَاسِرَونَ » تفيد تأكيد الخسارة وقصرها عليهم» وذلك لضمير الفصل ١هماء‏ وخسارتهم فى أنهم خسروا نعيم الآخرة» وخسروا بضلالهم وفقدهم التمييز بين الحق والباطل» والضلال والهداية» وخسارتهم بتركهم نعمة الله تعالى فى آياته» وخسارتهم رضوان اللهء وهو أكبر. و سك آ ته .2 7 مما ان رصم مد سا زر وَلقد درانا لجهتر صحكيرامن أشن والإذين طم قلوبٌ ل 7 0 رع عرو واس سد سل افيد ب سحو لايممهونيها وطمّ أعين لاجرو نيباء همّء أ ذان لا تسمعود 9 سج آآآ 2 1-4 يها ولي كك انمي ربل هم أصَلَأَولَيِكَ هْمُالْكَفْئُوت 02 سس ص ا سي كروءلم مارو رح او مم -ه ١‏ وَيِنَهِا لا معاعء الحسئ فادعوه يها ودروأ أَلْذِنَ يُلُحِدُورت ف- - سا مم لم ع6 4 2 م الج عم ل 1 اروم اع أَسْمَكِيَو- سيروت مَك أيََمَلُونَ تيز وَمِكَنْ لقنا مه يدون الح وَيهيد لوت نزي أكد الله تعالى أنه خلق الخلق من ذريات آباتهم» وعلم أنهم لا يهتدون» بل يدخلون فى الضلالة» ومن ورائها الكفرء ومن وراء الكفر جهنم» وليس معنى ذلك أنه أجبرهم على الكفر الذى يلجئهم إلى جهنم إجباراء بل معناه أنه كتبه عليهم فى علمه الذى أحاط بكل شىء» ولا يعزب عنه شىء فى الأرض ولا فى السماء» فالله ‏ سبحانه وتعالى ‏ علم ما يكون منهم فهو سبحانه ‏ يعلم ما كان وما سيكون عالم الغيب والشهادة» وهو السميع العليم. ا تفسير سورة الاعرا اف م ااال 0000 ل يي قال تعالى: «( ولقد ذَرأنا لجهتم كيرا م من الجن والإنس » . أكد الله تعالى ذلك ب«قد»» وهى للتحقيق دائماء وباللام » وذرأنا معناهاء خلقناها من ذرية» كما قال تعالى: وَجِعَلوا لله مما را م من الحرث وَالأَنْعَام نصيبا *# [الأنعام] ذرأ ليست بمعنى خلق كأى خلق» بل معناها أنه خلق من ذرية. وقوله تعالى: «إلجهثم4. أى أن مآلهم إلى جهنم؛ لأنهم يختارون الضلالة» فيكفرون فتكون جهنم مآلهم ويئس المصيرء ووصفهم سبحانه بأنهم كثيرون من الجن والإنس» فليس الضلال بقليل فى الأرض» وإنه لكثير» كما قال تعالى: «إوإن تطع أكثْر من في الأرض يُضْلُوكَ عن سَبيل الله . . . 09 4 [الأنعام]» وقد ذكر - سبحانه وتعالى ‏ حال الذين كتب عليهم أن يكونوا لجهنم فقال: 9 لهم قلوب لأ يَفَقَهون بها ولهم أَعين لأ يبُصرون بها ولَهم آذَانَ ل يَسْمَعُونَ بها 4. أى لهم قلوب لا ينفذون بها إلى الحق فيذعنوا له» وهذا معنى فقههاء ولهم أعين لا يبصرون آيات الله فى الكون من شمس لها ضياء» وقمر له نور» وسماء ذات أبراج» ورياح تحمل السحاب الممطر» يساق إلى بلد ميت فيحييه» ولهم آذان لا يسمعون بها نداء الحق فيجيبوه» وآيات الله تتلى فلا يدركوهاء ويسمعون صوت المنادى «الله أكبر» وكأنهم لا يسمعون. وقد يقال: إن هذا مثل للضالين وتصوير لهم»ء فهم كمن لا عقل له ولا بصر ولا سمع» وقد قال تعالى فى ذلك: ل أُولَتك كالأنعام بل هم أضل 4 . إن فرق ما بين الحيوان والإنسان هو العقل والتدبير» وترتيب النتائج على المقدمات» والنظر إلى المستقبل على ضوء الماضى والحاضر»ء فإذا فقد ذلك فقد صار كالأنعام فى أنفسهاء ولذلك قال سبحانه: 9 أُولّتك كَلأَنْعَام 4 والإشارة إلى الذين لهم قلوب لم يدركوا بها إدراكا نافذا إلى ما وراء. وأوتوا أبصار لم يعرفوا عظمة الكون وخالقه منهاء وأوتوا سمعاء لم يستمعوا به إلى المواعظ النيرة» والزواجر الزاجرة. اا تفسير سيور مه الأعرا اف لس 00 حر اا هؤلاء ما دام لم يتتفعوا بهذه المواهب». يصيرون كالأنعام؛ لأن ما أعطاهم سبحانه من مواهب جعلوه هملا فكأنهم لم يعطوه كالأنعام» ويقول سبحانه: «بل هم أضّل 4 لأن من أعطى شيئا ولم ينتفع به أضل ممن لم يعط شيئا . هذا هو الحكم الأول عليهمء والحكم الثانى هو أنهم غافلون عن الأمور التى يجب عليهم إدراكهاء فقال تعالى: «أولَتك هم الْعَافلون 4 عما يجب التنبه إليه ليقوموا بواجبهم وليستعملوا ما وهبهم تعالى من هبات مميزة مدركة» وأكد الله - سبحانه وتعالى ‏ الحكم بغفلتهم بالجملة الاسمية» ويضمير الفصل » الغفلة عليهم بتعريف الطرفين, أى أنه لا غافل غيرهم» لأنهم غفلوا عن أهم ما يجب أن ينتبهوا له. ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى فى عدة آيات معانى هذه الآية فيما يناسبها فقال تعالى: 8 . .. وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفِْدة ما أَغنئ عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفشدتهم من شيء إِذْ كَانُوا يَجَحَدُونَ بآيات الله ... 69 4 [الأحقاف] . وقد شبههم سبحانه بالأنعام فقال عز من قائل : « ومثّل الّدين كفروا كَمثَلٍ الذي ينعق بم لا يَسمع إل دعاء ونداء ... 69 4 [البقرة] وهكذا كل من يعطل المواهب التى وهبها الله تعالى له. وإن المشركين كانوا يعبدون غير الله تعالى» وينكرون صفات الله تعالى التى عله وحده اللستحق ل للعبادة» ولا ال تعالى: ‏ ا 622 #. تطلق الأسماء ويراد المسميات» والأسماء هنا يراد بها صفات الذات العلية التى لا يماثلها صفات الحوادث؛. كما قال تعالى: ‏ ... ليس كمثله شيء وهو السّميع الببصير 469 [الشورى] مثل القاهر القادر المريد السميع البصير» والغفور ا تفسير سورة الأعراف 1 ل لفان الرحيم الرحمنء فإن هذه وأشباهها أسماء الله تعالى» وهى أيضا صفاته وهى ليست شيئا غير ذاته» إنما هى مبينة لهاء معرفة بهاء فنحن نعرفه سبحانه بهذه الصفات التى هى أسماؤه سبحانه وتعالى» وبعدد الأسماء أو الصفات لا يقتضى تعدد المسمى» أو الموصوفء ولقد سمع مشرك قول المؤمن فى وصف الله تعالى بأنه الغفور الرحيم» فقال جاهلا أو متجاهلا: إن محمدا يدعو إلى إله واحد» فما باله يذكر إلهين. وهذا إلحاد فى أسمائه سبحانه. فالموصوف لا يتعدد بتعدد الوصف, والمسمى لا يتعدد بتعدد الاسم. وقد روى الترمذى وغيره أن لله تعالى تسعة وتسعين اسماء أى وصفاء وقد ذكر ابن كثير هذه الأسماء التى بلغت هذا العدد فقال: (وهو الله الذى لا إله إلا هو الرحمن» الرحيمء الملك. القدوس» السلام» المؤمنء المهيمن, العزيزء الجبار» المتكبرء الخالق» البارئ» المصورء الغفار» القهارء الوهاب» الرزاق» الفتاح» العليم» القابض» الباسط» الخافض» الرافع» المعز» المذل» السميع» البصير» الحكم. العدل». اللطيف» الخبير» الحليم» العظيم» الغفورء الشكورء العلى» الكبير» الحفيظ» المقيتء الحسيب» الجليل» الكريم» الرقيب» المجيب» الواسع» الحكيم» الودود» المجيدء الباعث» الشهيد» الحق» الوكيل» القوىء المتين» الولى» الحميد» المحصىء المبدئ» المعيدء المحيى» المميت» الحسى» القيوم» الواجد.ء الماجد. الواحدء الصمدء القادر» المقتدر» المقدم. المؤخرء الأول» الآخرء الظاهرء الباطن» الوالى» المتعالى» البرء التواب» المتتقمء العفو. الرءوف, مالك الملك» ذو الجلال والإكرام» المقسطء الجامع» الغنى» المغنى» المانع» الضارء النافع» النورء الهادى» البديع» الباقى» الوارث» الرشيد» الصبور) . وقد رويت هذه الأسماء فى الصحاح بأحاديث مختلفة» والله قد اتصف بكل هذه الأسماء. وصف أسماء الله تعالى بالحسنى» وهى مؤنث أحسن» وأفعل التفضيل ليس على بابه» والمعنى أنها بلغت أقصى درجات الحسن والكمال؛ لأنها صفات المتصف بكل كمال. بهو * . ءِِ ٠.‏ ها تفسير سورة الاعرا اف للفلل ال 0-1 لب ب رار 2 وقد قال تعالى: ‏ فادعوه بها » الفاء للإفصاح» أى إذا كانت الأسماء هى صفات الكمال المطلق,» فادعوه بها أى نادوه فى دعائكم وضراعتكم إليه بها. © وذروا الّذين يلحدون في أسمائه 4. أى يتخذون الإلحاد والشرك فى أسمائه» وذلك بالزيادة فيها بما لايليق بالذات العلية أو يغيروها بما لا يليق بذاته» لأهوائهم» وقوله تعالى: #إذروا# أى اتركوهم بمعنى لا تقيموا لقولهم وزناء ولا تتبعوا ما يقولون ثم ذكر الله تعالى جزاءهم فقال: ل سيجزون ما كانوا يعملون 4 السين هنا لتأكيد وقوع الفعل فى المستقبل» وقد قدروا الباء» أى : سيجزون بما كانوا يعملون. وإن حذف الباء فيه إشارة بيانية» وهو توافق الجزاء مع العمل» حتى لكأن الجزاء هو العمل ذاته» لاتحاد السبب والمسبب» فكان جزاء وفاقا للعمل لا يزيد عليه » وقد يغفر له متغمدا له برحمته . وليسوا قليلا ذكر المهتدين» فقال تعالى: وممن حلقنا أَمَةَ يهدون باحق وبه يعدلوت 029 4 . ليس الناس جميعا أشرارا» بل إنه من رحمة الله تعالى بعباده أن كان ...ولولا دفع الله الناس بعضهم ببسعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين 629 4 [البقرة] . وقد ذكر الله تعالى فى هذه الآية أخيار الناس فقال تعالى: فإ وممن حَلقنا أمَة يهدون بالحق 4 , أى من الذين خلقناهم من الحن والإنس من ذريتهم أمة طائفة مجتمعة على الهدى والخير يؤم كل واحد منها الجماعة» ويعينها ويقصدها بخير» وا تفسير سورة الأعرا اف م ل الكو 7 لي يهدون بالحق » أى اهتدواء ويهدون غيرهم بالحق» أى هداية مصحوبة بالحق» وبه يعدلون 4 أى بالحق وحده يعدلون فى كل أمورهم» ففى حياتهم عدل يبتغولن الحق ولا يريدون سوأة» فحياتهم كلها عدل وحق. وفى تقغديم ال حار والمجرور فى قوله تعالى: «9 وبه يعدلون © قصرء؛ أى لا يعدلون بغيره» بل يزنون به الأعمال والأشياء والصلاات كلهاء فهو ميزان الوجود الإنسانى» وبه قامت الإنسانية الفاضلة . وقد بين الله تعالى ما يعامل به الذين يكذبون بآياته» ويعادون أولياءه» ويعاندون الحق» فقال: سيل سس و سل جور ان حت ساس برو ا وت سَسسْتَدَرجهُموِنحِيْثُ لَايحلمُونَ 2 د سه ص اس كيد مين 2 يا ديكو وأمَإيصَاحومينِحَِة إن ٠‏ آ مر هوَإِلَانذِير مين 72 اولظ روأ مَلَكْوْتِ السَموَاتِ 2 آ آل 20 0 0 00 وَالأرَض وَمَاحَلَقَ أنه من شع وَأَن عمو أن يون كَل تريب م0 2-6 - و أي حَدِيثْ بَحَدَ همون ويا مَنْيُضَيلِلٍ اَمَف - و . ءلمل مدعي بطر مادق ى له:ويذرهمفي طَعديم مهوت :77 كان ما قصه ‏ سبحانه ‏ من قصص لنوح وهود وصالح وشعيب» وموسى وما كان من قومه ومعاناته فى سبيل هدايتهم وبث الإيمان فى قلوبهم؛ تسلية للنبى يلد وبيان ما يلقاه أولو العزم من الرسل من عند الكافرين والضالين. ومن بعد ذلك أخذ ‏ سبحانه وتعالى ‏ يبين حال المشركين الذى يدعوهم النبى يَككِدِ فقال سبحانه :‏ والّذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 4 . 0# تفسير سورة الأعراف ل لل ١‏ 8 > ا « والّدين كَدَبُوا بآيَاتنَا ستَسْتَدرِجهم »4 هذا حكم عام بالنسبة للمكذبين بالآيات» لا يأخذهم سبحانه بمجرد تكذيبهم» بل يمهلهم ويغدق عليهم الرزق حتى إذا تمادوا فى شرهمء ولم تهدهم النعمة» ولم يحسوا بشكرها أخذهم الله تعالى من حيث لا يحتسبونء فهو يختبرهم بالآيات فيها العبر» ثم يختبرهم بالنعم . ومعنى ستستدرجهم 4 نأخذهم درجة بعد درجة نازلين إلى الهاوية من حيث لا يشعرون؛ من مكان لا يشعرون فيه أنهم كلما أنعم عليهم بنعمة وكفروها يسيرون إلى الهاوية وهم لا يشعرون» إن الله يختبر المكذبين لآياته الكونية وما تدل عليه» والمكذبين لمعجزات النبوة كالقرآن» وسائر آياته لأنبيائه» يختبرهم بالنعيم أحيانا يذوقونه ثم يحرمون منه. ولقد قال تعالى: لما سوا ما ذكَروا به فحنا عليهم أبواب كل شيء حتَئ إذا روا بم أوثا أَذناهم َع اهم ميلسو 0 فقطع دار الوم الدين لا والحمد لله رب العائمين 62 4 [الأنعام] . وإن ما يكون عليه الكافرون من ملاذ وزخارف لا يصح أن يكون علامة الرضاء بل هو فى أكثر الأحوال علامة السخطء وقد قال تعالى: ف ولولا أن يكون الئاس أَمّة 5 واحدة لجعلا لمن يَف بلحس ليُوتهم فقا من فضنة ومعَارج ليها يظهرون لنقنة 0 ولبيُوتهم أبْوابا وَسَرْرًاعََْهَا كود 0© وَرْخْرَفًا ون كل ذلك لم مُماعَ الحياة انا والآخرةٌ عند رَبك للْمتّقِينَ 9 4 [الزخرف]» وإن ذلك من إملاء الله تعالىٍ ليزدادوا ضلالا وفتنة. ولقد أكد الله تعالى ذلك فقال: وأملي لَهم إن كيدي متين 020 © . فى هذا النص السامى يبين سبحانه عاقبتهم» وهى العذاب الشديد الذى يستدرجون إليه فيقول: ظ وأَملِي لهم 4 أى أطيل عليهم الأمن» أى أتركهم ملاوة من الزمن يستمتعون فيهاء كما تستمتع الأنعامء وهم سادرون فى طغيانهم .0 - م0 ٠.‏ ا تفسير سورة الأعراف لا ما 232611111 ١١ ااا‎ ١ -- وكفرهم» وكلما أمعنوا فى لذاتهم وشهواتهم وما مكنوا منه؛ ازدادوا إثماء حتى إذا امتلئوا آثاما بما كسبت أيديهم أخذوا أخذ عزيز مقتدرء وما أفلتوا من عقاب شديد؛ ولذا قال تعالى مبينا ما بيته لهم: إن كبدي متين4. هو التدبير للأشرار معاملة لهم بمثل تدبيرهم وشرهم,ء وإيذائهم لأهل الإيمان ا متين». أى غليظ شديد مأخوذ من متن الجسم وهو الجانب القوى فى عظامه. وإنه قد قالوا: إن هذه الآية نزلت فى كبراء قريش الذين كانوا يؤذون المؤمنين وخصوصا ضعفاءهم. فالله تعالى يبين لهم أنهم مأخوذون وسينتقم الله تعالى منهم» وقد أخذهم الله تعالى بذنوبهم فى موقعة بدرء أَنْحَذ الذين بالغوا فى إيذاء النبى لله أحذ عزيز مقتدر. ونقول: إن عموم الآية يشمل هؤلاء وغيرهم ممن يظهرون مغترين» يقولون فى غرورهم نحن أكثر أموالا وأولاداء فالله تعالى يمهل ولا يهمل . وإن اغترار المشركين بالمال والنفر يمنعهم من التفكير فى مآل أمرهمء والداعى إلى الحق وماضيه؛ ولذا قال تعالى: ألم يتفكّروا ما بصاحبهم من جئّة إن هو إلا نذير مبين 659 4 . لقد كان النبى َلك الأمين الصادق فى قريش» وعاش بينهم أربعين سنة كان يعرف بينهم بالأمين» وإذا ذكر اسم الأمين لا ينصرف إلا إليه» يحكم بينهم فى خلافهم إذا تنازعواء ويرتضون حكمه إيمانا بعقله وكمال تدبيره » فلما دعاهم إلى الحق وترك عبادة الأوثان قالوا مجنون» وقد رد الله قولهم بقوله: وما صاحبكم بمجنون 59 *# [التكوير]. ولما رموه بهذا دعاهم الله أن يتدبروا ما يقولون» ويوازنوا بين قولهم هذا وما عرفوه من قبل» حتى يدركوا الحق وينفوا قولهم فيه» فقال: 8 أُولَم يتفكّروا ما بصاحبهم من جثّة 4 أى يقولون هذا القول» ولم يتفكرواء ويعلمون أنه ما بصاحبهم من جنة » فالتفكر ليرودا عقولهم إلى ماضى قولهم فيه من أنه العاقل الأمين فى اه 2 0-0 ع ٠‏ بل مي ااا لحب ا شبابه» حتى إذا بلغ أشده وبلغ الأربعين قالوا فيه ما قالواء وإن نتيجة التفكر والموازنة أن ينتهوا إلى الحكم بأنه «إما بصاحبهم من جنة ». وعبر الله تعالى بقوله: لما بصاحبهم 4 من فيه إشارة إلى مصاحبته أربعين سنة فى صحبة كريمة عاقلة أمينة يرجعون إليه فى أمورهم المهمة ويشركهم فى فعل الطيبات أَنَى اتجهوا إليها . وإن ما دفعكم إلى هذا الوصف الذى ينافى ماضيه وحاضره إنما هو أنه جاء بالحق بشيرا ونذيرا وهاديا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا؛ ولذا قال تعالى: إن هو إل نذير مبين 4 أى ذاكر لكم عاقبة الكفرء وهو العذاب الشديد» مبين لكم ذلك وموضحه. والاستفهام هنا إنكارى للتوبيخ؛ لأنهم اندفعوا فى رميه بالجنون من غير أن يتفكروا. وقد وردت آيات كثيرة فى هذا المعنى فقد قال تعالى: طقل إِنمَا أعكم بواحدة أن تومو ل مق وقرادَئ مرا م بصاحبكم من نة إن هو إلا د تذير كم بين يدي عذابٍ شديدٍ 5 #65 [سبا]. اما فالله تعالى فى هذه الآية يدعوهم إلى أن يتفكروا مسجتمعين وفرادى» ومتذاكرين وستتتهون إلى أنه لإمًا بصاحبهم من جنة 4 إنه الكامل فيكم صبيا وشابا ورجلا مكتملاء ولكنه العناد قد جركم إلى إنكار ما هو ثابت ثبوتا لا مجال للريب فيه» وبعد أن دعاهم الله تعالى إلى التفكير فى أمر النبى الصادق الأمين» دعاهم إلى النظر فى الكون ليؤمنوا بالله وحدهء فقال تعالى: وم يَظْروا في ملَكُوت السّمَوَات وَالْأَرْضٍ وما حَلَقَ الله من شيء ونا عَسَئ أن يَكُونَ قد عرب أجلم أي حديث يَعْدة يمو 402 . عقيدة الإيمان الإسلامية شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنه الصادق الأمين» وقد بين سبحانه فى الآية السابقة أن صدق محمد يك ثابت عند المشركين لصحبته لهم قبل أن ينادى بأنه رسول رب العالمين» ولم تتخير حاله هاا تفسمير سورة الأعرا اف 4 للمبلل 0 لل نا: بعد الدعوة وليس به جنون كما ادعيتم ولكنه حمل الرسالة بالإنذار. والتبشير لكم فلا مسوغ لكم فى تكذيبه. وقد علمتم من ماضيه فيكم أنه الصادق. وتأيد صدقه بالمعجزة الباهرة القاهرة فيكون كل ما جاء به حق . وإنه إذا ثبتت المعجزة» وإنها ثابتة لا محاله» فقد ثبت كل ما جاء به ودعا ليه من التوحيدء وآلا يشركوا بالله شيئا. وقد أحذ - سبحانه وتعالى - يثبته بالآدلة الكونية» وقد دعاهم سبحانه - إلى النظر فى الكون» وما خلق من شىء فقال تعالى: «أولَم ينظروا في مَلَكُوت السّموات والأرض 4 الملكوت صيغة مبالغة فى الملك. وهى تدل على كمال السلطان وقوة الملك. وأن كل شىء فى هذا الملكوت لا يسير إلا بأمر الله تعالى ونهيه - سبحانه وتعالى ‏ والاستفهام للتعجب من أمر المشركين الذين هبط حالهم إلى عبادة حجر لا ينفع ولا يضرء وهو ملقى ككل الحجارة الملقاة ولا ينظرون إلى الكون العظيم وخالقه؛ لا ينظرون إلى السماء وأبراجها والشمس وضوئهاء والقمر ونوره» وتعاقب الليل والنهار» ولا إلى الآأرض وسهولها وأوتادها وما خلق الله من شيع 4 , والأشياء التى خلقها الله تعالى من حيوان» وجماد وفلزات فى باطن الأرضء» لا ينظرون إلى ذلك ويسجدون للصنم» ويجعلونه إلها كخالق هذا الكون» وخالق الوجود كله! إن هذا قصور فى الفكر والعقل» وضلال فى القول والعمل» وخبط فى العبادة من غير إدراك. وقوه تسعالى: ٍأوَلَم يوا في لكوت السَمَوَات والأرْضي» الفعل فيها عطف على فعل محذوف تقديره أيشركون بالله أصناماء ويجعلونها أندادا له - سبحانه وتعالى - ولم ينظروا إلى خلق الله وعظم هذا الخلق» والأثر يدل على المؤثرء والمخلوق يدل على الغالق سبحانه» وهذا الكلام فيه دعوة إلى النظر فى الكون. «إوما خلق الله من شي ع4 فى السماء والأرض» فقد قال تعالى: « قل انظروا ماذًا في السّموات والأرض . ©000٠‏ (يونس]» وقال تعالى: 9 ألا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت 00 وإلَى السماء كيف رفعت 009 وَإلَى الجبال كيف نُصبّت 9) / تفسير سورة الأعرا اف علا ا ا ددنت ىب ا: إلى الأرضٍ كيف سطحت 469 [الغاشية] وقال تعالى: وفي أنفسكم أَقَلا تبصرون 9 وفي السماء رزفكم وما توعدون 465 [الذاريات]. وهكذا يجب ابتذاء النظر إلى الكون وما فيه» وإلى النفس الإنسانية وما هى ع2 ومم تكونت» ولقد أمر الله تعالى فى الآية بالنظر إلى مال الإنسان» وأنه داع إلى الاعتبار» ولا يمكن أن يكون قد خلق عبثاء فقال تعالى: 9 عسئ أن يكون قد افترب أجلهم 4 , و«أن» هنا مخففة من «أن» الثقيلة» وإنها ضمير الشأن» أى: وأنه الحال والشأن أن يكون قد اقترب أجلهم . والله ‏ سبحانه وتعالى - يذكرهم بضرورة النظر إلى الموت» وإلى أن الأجل الذى أَقَّت لحياتهم انتهى» وهذا التذكير فيه فوائد: أولاها ‏ أن غرور الحياة يدفع إلى الطغيان فيهاء فينهوى إلى ضلالهاء فإذا ذكر بالموت علم أنها فانية فيقل طغيانه وغروره بها وتلك نافذة إلى الإيمان. ثانيها ‏ أن تذكر الموت يدفع إلى التفكير فى قيمة الحياة فإذا عرف قيمتها عرف قيمة الدنيا؛ ولذلك كان بعض الصالحين إذا عزى فى وفاة قال: اللهم انفعنا بالموت» لأنه عبرة وفيه إنذار بالنهاية فإن لم يؤمن باليوم الآخرء فالحياة تكون لغير غاية. الثها أن التفكير و فى الموت والنظر فيه يدفع إلى الإيمان باليوم الآخرء وأن حياته ليست عبثا كما قال تعالى: : 8( أفحسبتم أَنّمَا خلقناكم عبثا وأَنّكُم إِلَينَا لا ترجعون 652 © [المؤمنون]. إنها آيات الله البينات» فيها عبرة وعظة لقوم يؤمنون. ولقد قال تعالى من بعد ذلك فى استفهام تعجبى: «فَبأَي حديث بعده يؤمنون 4 الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر تقديره إذا لم يؤمنوا بالله الخالق المنشئ المدبر» وآياته الدالة عليه ولا فى الموت النازل بهم لا محالة» إذا لم يؤمنوا بذلك» فبأى حديث يحدثون به يؤمنون. ا تفسبير سورة الأعرا اف حم اي ٠: لها‎ 1 2 والاستفهام إنكارى توبيخىء هو نفى لإيمانهم بأى حديث مهما يكن» وذلك فيه توبيخ» وفيه إثبات أن أمثال هؤلاء لا يؤمنون بشىء وفقدت قوة الإيمان بأى أمرء ومن فقد أصل الإيمان بالأشياء فهو حائر بائر ضال لا يهتدى؛ ولذا قال الله تعالى بعد ذلك: فإ من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون 4 . إن من لا يؤمن بشىء كتب الله تعالى عليه الضلالة؛ لأنه سلك طريق الغى» واتخذه سبيلاء فسار فيه من غير تبصرء وبذلك كتب الله تعالى عليه الضلالء» وعبر عنه بأن الله أضله» فإن الله لا يكتب الضلالة إلا لمن سار فى طريقهاء واخمار سبيل الغى» ولم يختر سبيل الهدى» وإن من يكتب الله تعالى عليه الضلالة ‏ لا هادى له لأنه ارتكس فى الشرء ولم ينقذه الله تعالى منه» لأنه اختاره» ولذا قال تعالى: «إ من يضلل اللَّهُ فلا هادي لَهِ4. أى من سار فى طريق الغى» حتى بلغ نهايته فقد أضله» ومن كتب الله تعالى عليه الفضلال فلا هادى له؛ لأن الضلالة استمكنت فى نفسه وتغلغلت فى أطوائها(١2»‏ فلا مدخل للنور فى قلبه الذى خحتم الله تعالى عليه. وإن الله يتتركه فى ضلاله» وقد قال تعالى: لإ ويذرهم في طُفْيَانهم يعَمَهون4: أى يتركهم الله تعالى فى ظطَفْيَائهِمٍ 4: أى ظلمهم الطاغى الذى تجاوز كل حدء فطغيانهم يكون ظلما لأنفسهمء وظلما للناس وعنتوا عليهم واستكبارا فى الأرض» 9 يَعْمَهون 4 أى يتحيرون ويترددون» والتحير أو التردد هنا فى موضعه؛ لأنهم خالفوا الفطرة وقاوموهاء فهم فى حرب معهاء وإذا كانت الحرب داخلية نفسية فإن الإنسان يكون فى حيرة مستمرة بين فطرة تدعوه إلى ألا يطغى ولا يظلم» وبين حال قائمة قصدهاء وهى ما عليه من طغيان وعتوء والله سبحانه ‏ لطيف بعباده» ولى لمن اهتدى ولم يخالف فطرته التى فطر الناس )١(‏ يعنى ما تنطوى عليه. من الطى وهو ضد النشر. لسان العرب-طوى. ل تفسير سيور 0 الأعرا اف لل الول لل .0 أ ا الساعة ويا عن ص- ا - مر سَمَكل مسرن لجيه لوقب هر ونع ف لسوت والارضلاتأية ( لمعو كاك حذ عم ا 2 لِك َي فعا كاضر اماك لوكت عَلَمْالْمَيبَ تكرت نَالْحَيْرِوَمَامَسَ سوبد َم وولا سا خوك 2 ابو تزير و دشيرلةو م دوه مون نَ 5 ١ 15 امثنا يقول ابن كثير: إن هذه الآية مكية» وإن كانت فى سورة أكثرها مدنى» وإن لذلك موضعا فيما نقول عن السائل من هو؟ فقيل: إن السؤال من يهودى ليعجز النبى يك وعلى ذلك يرجح كون الآية مدنية» وقيل ‏ ويرجحه الحافظ ابن كثير - إن السائل من قريش قالها استبعادا لوقوعهاء واستعجالا لها لأنه لا يؤمن بهاء, كأنه يقول للنبى ككو: إن كنت صادقا فبين متى تجىء كما قال تعالى : 9 يستعجل بها الّذينَ لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويَعلَمونَ أَنْهَا الحق ألا إِنَ الّذين ا 0 (الشورىا. وقال تعالى عن كفار قريش: ونقول: إن السؤال عن الساعة يرد على خخاطر المؤمن والكافر» فالكافر يسأل مستبعداء والمؤمن يسأل لأنه مؤمن بهاء والعقل طُْلَعَة يريد أن يعرف زمانهاء وتعرف المجهول المستور غاية من غايات العقول» تتطلع لمعرفته . سؤالهم ذكره الله تعالى بصيخة أَيَانَ مرسّاها »4 المرسى: اسم زمان أو مكان» ويطلق على مرسى السفنء» ونهاية مسير المركب إلى الأرض اليابسة. (إ9اا تفسير سورة الأعرا اف 43 ل 0100 لك 1 والمعنى يسألون عن وقت تنتهى إلى المرسى الذى ترسى إليه أو إلى الزمن الذى ترسى إليه» وتنتهى عنده» فشبه زمن وجودها بالمرسى الذى ترسى عنده السفن» ويكون المعنى على هذا أيان ينتتهى الزمن إليهاء وأى قدر من الوقت يمضى حتى نعرف منتهاها. أجاب النبى يله بقوله الذى أمره به ربه «قل إِنمَا علّمهًا عند ري 4. أى إن علمها عند ربى وحده لا يعلمها أحد سواهء ولذلك عبر سبحانه ‏ ب(إنما» الدالة على القصرء ولقد صرح الله تعالى بهذا القصرء وقال تعالى على لسان نبيه - الكريم : «إلا يجلَيهًا لوقنها إلا هر4, أى لا يوضحها فى وقتها إذ يجىء إلا الله فاللام هنا بمعنى «فى»» كما قال تعالى: « أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إِلَى عُسَق الليل الإسراء]ء أو تتعلق بمحذوفء. ويكون السياق هكذا لا يوضحها ذاكرا ليقاتها إلا الله تعالى. ٠‏ تَقَلت في السّموات والأرض 4 وقد وصفها الله تعالى بآنها تشقل على النفوس؛ لأنها تشتمل على وقت الحساب. والكافر يحس بعظم ما ارتكب» والمؤمن لا تزين له أعماله فيحسبها كلها حسنة فهو مشفق منهاء والمغتر بما عمل من أعمال حسنة فهو مشفق منهاء ثم هى عندما تجىء يختل نظام الكون ويضطرب » فإذا جاءت انشقت السماءء وانتثرت الكواكب والنجوم» وكورت الشمس» وسيرت الحبال» فثقلت على النفوس وصعب احتمال ما يصحبها. وإنها تكون حيث لا علم بهاء ولا توقع لها؛ ولذلك قال: «إلا تأتبكم إلا بغتَة 4 إلا مباغتة لا تتوقعون مجيئهاء وذلك يزيد فى ثقلها. وقد ذكر النبى َو أشراطا لهاء تنذر بقربهاء ولكنها لا تعين ميعادهاء وإذا جاءت لا تنفى أن مجيئها كان بغتة» فالأشراط مقربة للزمان» وليست معيئة له. ويقول الله تعالى: © يسألوتك كأنّكَ حفي عَنْها 4 وقالوا: إن «حفى» معناها عالم» وعدّى باعن» على معنى كأنك عالم شيئا عنهاء وقد فسرها عبد الله بن 1# تفسيرسورة الأعراف لع ل االممل اللا وريانا عباس بأنه (كأن) بينك وبينها مودة تنقاضاك أن تعرف الكثير عنهاء فإنه يقال فى العربية إن فلانا حفى بفلان أى بينه وبينه مودة تقتضى أن يعرف عنه الكثير ثما عنده؛ والمؤدى واحدء وهو أن سؤال النبى كله لأنهم يحسبون أنه عالم به أو «إحفي 4 وَمَعْنِىَ بأن يعرف عنها ما يُعرف. وذكر السؤال عنها مرة أخرى لاختلاف متعلق السؤالء فالسؤال فى الأول لمعرفة ميقاتهاء وتكرار ذكر السؤال لبيان ظنهم بأن النبى وَِدٌ حفى بمعرفة شىء عنها . وهكذا التكرار فى القرآن لا يعد تكرارا؛ لأن ذكر اللفظ المكرر يكون ذكره لمقصد آخرء غير المقصدء وقد أشرنا إلى ذلك عند الكلام فى قصص القرآن الكريم . ولقد قال الزمخشرى: فإن قلت لم كرر ط يُسألُوتك 4 وإنما علمها عند الله؟ قلت للتأكيد» ولا جاء به من زيادة 9 كَأَنّكَ حفي عنهًا 4 وعلى هذا تكرار العلماء الحذاق فى كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة زائدة. ولقد' أمر الله تعالى نبيه بأن يقول لهم ما أمره به أولاء وهو: 9إِنّمَا علمها عند ربّي 4 وذلك لتأكيد اختصاص علم الله تعالى بهاء كما قال تعالى: <ا إِنَ الله عندهُ عم السّاعة وَل الَْيْث وَيَعْلَم ما في الْأرْحَام وما تَدْرِي تَفْسُمَاذَا تَحْسب غَدَا وما تدري نفس بأي أَرض تموت ... 469 [لقمان]. وإنما جهّل الله تعالى العلم بالساعة لكى يقدم الناس على أعمالهم جاهدين مثمرين مستغلين الأرض مخرجين خيراتهاء ولو علموا زمانهاء لقلت همتهم وضعفت عن الإنتاج والإثمار عزيمتهم, والإسلام لا يريد أن يفتروا فى أعمال الحياة والعبادة وأن يتموا أعمالهم» ولا يبطلوهاء ولقد ورد أنه إذا جاءت» والرجل 1 تفسير سورة الاعرا اف ل 000 بج ير بي قد أخحذ يزرع فسيلة فعليه أن يتم ما بدأ('؟ ثم ختم الله سبحانه ‏ الآية بقوله تعالى : «إ ولكن أكثر الئاس لا يَعلَمُونَ 4 الاستدراك هنا عما وهمه الناس من أن العلم بميقات الساعة ينفع ولا يضرء ولذا قال أكثر الناس لا يعلمون حكمة القادر الحكيم العليم» فيما يبين ويترك بيانه لميقاتهاء والله - سبحانه وتعالى - بكل شىء عليم . ولقد بين - سبحانه وتعالى - أن النبى يلد لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله تعالى عليه» ولم يطلعه عن ميقات الساعة» فقال تعالى: (ثل لا أملك لنقسبي نقعا ولا ضرا لاما شاء الله وو كنت أعلم اليب لاستكقرت من الْخيْر وما مسي السوء إن أنا إلا تذير وبشير لقوم يؤمنون 059 4 . بعد أن بين الله - تعالى ‏ أمر الساعة وأن علمها عند الله وحده» أمر النبى كي أن يبين لهم أنه بشر رسول وأنه لا يملك لهم أن يأتى بها قبل أن يقدّر الله تعالى؛ لأنه لا يملك فى نفسه لنفسه شيئاء لا يملك لنفسه نفعا يجلبه ولا ضرا يدفعه» بل إنه يجرى عليه ما يجرى على البشر» فلا يملك أن يغير فى أمر الساعة شيئاء فليس لهم أن يسألوه عنها ويطلبوا منه ميقاتهاء ولقد قال تعالى مثل ذلك فى آية أخرى: : ظ ويقولون مَى هذا الوعد إن كسم صادقِين © 62 قل لأ أملك لنفسي ضرا ولا تَقَعا إلا مَا شَاء الله لكل أمّة أَجلَ إذَا جَاء أَجِلَهُم قَلا يَسَْمْخْرُونَ سَاعَةَ وَلا م وسههياخ#ر اس يستقدمون 465 [يونس]. :ل ولو كنت أعلم الْغيبْ لاستكترت من الْخَيْرٍ 4 . لا عم ع ع اس استَطاع أذ ل يت حت يفره قل ٠روآهة‏ أحمد: باقى مسند المكقرين 090190 الفسيلة اصغار الدخل . اا تفسير شيبور: 6 الأعرا اف ل امام ملل 0-١‏ أب زا وإن هذا النص بما فيه من رد على أسئلتهم فيما يتعلق بالساعة فيه تأكيد لبشرية النبى كلَِةِ وأنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله تعالى» فآنا تحت سلطانه وظلهء لا أملك إلا ما يملّكنى» وما لا يملكنى ممنوع على لا سلطان لى فيهء وإن علم الغيب لله وحدهء فعلم الساعة له وحدهء وأنا لا أعلم الغيب» وإنما علمه عند الله عالم الغيب لا يطلع أحدا عليه» ولذا قال النبى يَكةِ بأمر من ربه: « ولو كنت أَعَلَم اليب لاستكترت من الْخَيرٍ 4 لطلبت الكثير من الخير ونلته» فكنت أستنصر فى الحروب فى غير مكيدة ولا تدبير» ولدفعت أمر الشركء ولجعلت الأرض خصبة إن كانت جدباء ولكنى أفوض أمرى إلى» إن أعطانى فيإحسانه» وإن منعنى فبحكمته وهو العليم. وما مُسّنِي السّوء4, ولو كنت أعلم الغيب ما مسنى السوء فما يمسنى ضرء ولا أنهزم فى حربء ولا أغلب فى أمرء إنما أنا كسائر البشر أغالب أهل الشر وأنازعهم» وأنال منهم» وربما ينالون منى . وإنما ما اخختصصت به هو الرسالة وحدهاء وأن الله يكلفنى؛ ولذا قال: « إن أن إلا ندير وبشير لَقَومِ يؤمنون4» أى أنه مقصور على الرسالة لا يتجاوزهاء ولا يعدوهاء فهو نذير للكافرين» بشير للمؤمنين إن » فى الآية نافية» فهى نافية إلا ما ثبت بعد الاستثناء» إلا وهو الرسالة من الله ينذر بها الكافر» ويبشر بها المؤمن. وإنما ينتفع بالبلاغ المحمدى بالإنذار والتبشير ‏ المؤمنون» فهم الذين يخافون عذابه إن أنذرواء ويجيبون نداءه ويستبشرون برحمته إن أطاعواء والله سبحانه هو الهادى إلى سواء السبيل. لا تفسير سورة الأعراف 3 ل الول 0 لص-تهاأإا 1 1 1-7 15 النفس الانسانية ها آ ‏ أ آ تاه ع لْزى حلقكم آ آ ا ات 0 بي اس ا ل 0 22216 1 ٠. - -. ١ ٠.6 ٠. من تشيير 0و حجده و- جعل منها رف جها ليس 1 لها فلما لاس نح سال جا سس يه ع بحن سس رس ع ل َصَسَّمْهَا حملت حَمْلحَفيِفَافَمن ِو َلَئَا قت مَعوَا نه تر د ا تك م طهر ألله رد لين ءا تيدسنا صللحا لنكوئن من أ شتحكريت ليا ا ا ا اي ااي 0 َلَمَاءَاتَسْهَمَا صَئلِحا جعلا له شراء فيم]ءاتسهما فتعدقٌ دمو أذ سوم مس بجي سح كرو هر و و و هر أل 2 6 - « الله حماس رِكونَ 2 00 أسْركونم لم2 يلق شيعا وه خلقون لاطي مع مرا ول اتش ع ح 2ه 2 دء بر وى را مجوم كدق اسم 07 0 و وَإِن تدعوهم ِل أطدى لايتبعوكم سوام ع7 أدعونموهم ص يي سا ساح عر وو جه زج سا 7 04 أ أسْمصلمِيو رت 2 إِنَأَلَدِينَ تدعورت من دون الله مد اه م _.-« 2ح كر سدم 17 رام عبَاد أَمَثًالحكم وادعوهُم فَلْسْتجِبُوا لك مون 00 ب فين وه انها بين الله تعالى أن الفطرة الإنسانية تتجه إلى الإيمان بالله تعالى» وأنها شهادة النفس الإنسانية» وأنها العهد الذى أخذه الله تعالى على الناس وهم فى ظهور آبائهم» وقد بين كيف انحرفت» وتوالت هذه الانتحرافات» وصارت الخلائف تتجه إليها فى ذرياتهم» وكأنها حيلة وليست كذلك. يقول الله تعالى: هر الذي حَلَقَكُم من نفس واحدة وَجَعل منهًا رَوْجَهَا4. أى أن الناس جميعا يرجعون إلى نفس واحدة فى جنس واحد؛ ولذلك كانوا متجانسين ملتقين فى طبيعة واحدة مهما تختلف أجناسهم أو تتباين شعوبهم وقبائلهم» فهم من جنس ها تفسير سورة الأعراف ل 1ك حر اد واحدء أو نقول النفس الواحدة هى نفس آدم وجعل الله تعالى زوجها من جنسها أو منها « ليسكن إِلَيها 4. ليآنس روح كل منهما بصاحبه والمؤدى فى التخريجين واحدء وهو التجانس التام بين النفسين» النفس التى انبعثت منها زوجها والزوج المنبعث. وقوله تعالى: لسك لها توضح التجانس» سواء أذكر ابتداء» أم كان ذكر بانتهاء القول» أى سواء أفسرنا النفس بالوحدة الجنسية» أم فسرنا النفس بآدم وحواء. وقوله: ف ليسكن إِليها 4 أى ليستأنس ويطمئن» ويمتزج روحاهماء كقوله تعالى : «( ومن آياته أن حَلَق لَكُم من أنفسكم أَزوَاجا لَسكنوا ليها وجعل بينكم مُودة ورحمة . االروم]. ويلاحظ هنا من الناحية البيانية أنه - سبحانه وتعالى ‏ ذكر النفس فى السياق بالسياق مرة بأنها مؤنثة الضمير عليها مؤنثة فقال: 9 حَلَقَكُم مَن نفس واحدة وجعل منها زوجها 4 فلما بين الله - سبحانه وتعالى ‏ ثمرة ذلك التجانس» وهو التلاقح بين الذكر والأنثى ليبقى الوجودء وليكون ذلك التجانس منتجا أقصى غايته» قال: ل فلم اه حمَلَتْ حَمَلاُ حَفِيقًا 4 بين حينذ الذكر والأنثى». وأن الذى تغشى عند اللقاء المنتتح بينهما هو الذكرء وأن التى تغشى هى الأنثى» وبذلك تكون الشمرة الإنسانية هى نتيجة ما بينهما؛ ولذا عاد الضمير مذكراء فتغشى معناها: كان بينهما ما أوجبته الفطرة. ولقد ذكر - سبحانه وتعالى ‏ مراتب الشعور بالحمل الذى يكون نتيجة لذلك التغشى فذكر مراتب ثلاثة: المرتبة الأولى ‏ مرتبة الحمل فى أولهء وهى مرتبة تردد وتعرف» فقال تعالى : طفَلَمًا تَعْشَاها حَمَلَتَ حَملاً حفيفا 4. أى سهلا محتملاء ولم يمنعها من عمل» وكان من صفات هذه المرحلة أنها لم تعقها عن عمل» ولم تمنعها من آداء واجباتها المنزلية؛ ولذا قال تعالى: 8 فمرت به4. أى كانت تنتقل بهء ف«الباء» 2 8# تفسير سورة الأعراف آ ااا الالال ساس > ا بمعنى «(مع». أى أنها كانت مع هذا الحمل الخفيف تروح وتغدو وتتقلب فى أمور بيتها وفى شئونها . المرتبة الثانية ‏ هى أن يثقل حملهاء وتشغل بهء ولا تفكر هى وزوجها إلا فيه» وفى هذه الحال يشركها زوجها فى شعورهاء ورجائها ويضرع هو وهى إلى الله تعالى أن يجعله ذرية صالحة؛ ولذا قال تعالى فى هذه المرحلة: 8 فلم قلت 4 أى صارت تحمل حملا ثقيلاء ونسب الإثقال إليها دون الجنين» مع أنه هو الذى أثقل؛ للإشارة إلى أن الأنس بالجنين» والفرحة به والرغبة فى استقباله تنسيها ثقله فليس ثقيلا على نفسهاء وإن أثقل جسمها. وفى هذه المرحلة كما أشرنا يشعرك الزوج والزوجة فى شعور واحد وهو الدعاء له بالسلامة. وهنا لا يذكر إلا هو؛ ولذا قال تعالى: ١‏ فَلَمَا أَنْقَلّت دُعوا الله بهم لمن آنَيْسنَا صالحا لَنَكُوئنَ من الشاكرين» يشتركان فى الدعاء؛ لأنه يلتقى شعورهماء شعور الأآبوة»؛ وشعور الأمومة. ولا تفكير إلا فى سلامته من الآفات» ومعنى صالحاء أى أن يولد قويا مستقيما فى تكوينه سويا فى خلقه. ليس به آفة من آفات الخلق والتكوين. يدعون ربهما مقسمين بالله: لئن آنيتنا مولودا قويا سويا لنكونن من الشاكرين. والشكر هو شكر النعمة بالقيام بحقهاء وعدم الكفر بها. والمرتبة الثالثة ‏ أن يفصل عنهاء ويلقى عنها ثقلهاء ويكون حق الوفاء بعهدهما قد جاء ميقاته» ويلاحظ أنهما عندما ضرعا إلى الله تعالى؛ عبر عن ذلك ب9 ربّهِما 4 لأنه الخالق المربى المدبر» وهو الذى يُلجا إليه سبحانه. ولكن هل وفيا بحق العهد واليمين: يجيب الله تعالى عن ذلك بقوله عز من قائل : «! فَلَمًا آتاهما صالحا جعلا لَه شركاء فيما آتاهما فَتَعَالَى الله عمًا يش ركون 659 4 . من شأن المشركين أنهم فى الشدائد يرجعون إلى الله تعالى خائفين طامعين» يرجونه حوفا وطمعاء وإن هؤلاء عندما أثقل الحمل اعتراهم شعوران: أحدهما ا تفسير سورة الأعراف 0010 .ص حب أ الخوف من أن يضر ذلك بالأم» والطمع فى أن يكون منهما ولد سوى الخلق والتكوين يفرح به ويسر» ولا ملجأ يلجأ إليه إلا الله ولا مأمن إلا عنده» فلما ذهب الخوف» وتحقق الطمع تركا الضراعة وراءهم ظهرياء وبدت سوءات الشرك فى نفوسهم» وسيطر الححود عليهم» والكفر والبهتان حكما أمورهماء وقل صور الله تعالى هذا المعنى السامى بقوله: فَلَما آنَاهُمَا صّالحا جَعَلا لَه شركَاء فيمًا آنَاهما 4 كان يقران بأنه المعطى وحده» فلما أعطاهما ولدا سليم الجسم سوى البنية جعلتم ثمة شريكا فى خلقه وتكوينه» فزعمتم أن ما تدعون من دونه له دخل فى وهكذا نفس من يضل عن سبيل الله» ويسير فى طريق الغواية» وتستولى عليه الوساوس» إذا كان فى شديدة يستولى عليه المخنوف والذعر فيستقيم تفكيره» فإن اطمأن وذهب عنه الخنوف لا يهتدى بل يضل . فتَعَالَى الله عمًا يشركون4. أى تسامى قدر الله تعالى» وتعالى علوه عما يشركون. «ما») هنا إما مصدرية » والمعنى تعالى قذره عن إشراكهم» وطغيان الأوهام على نفوسهم» أو (ما4» موصولة بمعنى «الذى»)» ويكون المعنى : تعالى الله بذاته العلية الذى لا يماثله شىء فى الأرض ولا فى السماء أن يكون له تماثئل من هذه الأوثان التى لا تضر ولا تنفع . وإن هذه قصة تصور حال الإنسان فى أمور ثلاثة: وكلاهما من خلق واحد» وتكوين واحد. وخلقا متقابلين متكاملين . وثانيا - تصور أنه حال المنوف والطمع لا يلجا إلا إلى الله» فهو الذى يشبع حاجته» وهو الذى يرجى وحلده فى الشدة. وثالثا ‏ فى أنه إذا ذهب الخوف غلبته الآوهام» وسيطرت عليه مه اا تفسير سورة الأعراف 0 0 3 ؟ اللا 0 يقول القفَّال فى هذه القصة: لا آتاهما ولدا صالحا سويا جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما؛ لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائعيين كما هو قول الطبائعيين» وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين» وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام» وذلك الأخير أكثر ما كان عند العرب؛ ولذا قال تعالى: « أيشرٍكون ما لا يخلق شيا وهم يُحَلَقُونَ 65 ولا يَسَْطيعُون لَهُمْ نَصرا ولا أنفسهم يتصرون 659 4 . إن مقياس الألوهية هو الخلق والتكوين» فإن كان الله هو الخالق المكون فهو امالك لما خلق وكون» وهو وحده المستحق للعبادة» سبحانه وتعالى» والله تعالى مالك السموات والأرض وخالقهماء وخالق الإنسان فكيف يعبد غيره؟!؛ ولذا قال تعالى مستنكرا ما عليه الضالون: ١‏ أيشركون ما لا يخلق شيا وهم يُخَلَقَرَ 59 4 الاستفهام إنكارى لإنكار الواقع بمعنى التوبيخ» أى أتشركون بالله فى العبادة ما لا يخلق شيئا وهو ذاته مخلوق. وننبه هنا إلى ثلاثة أمور: أولها ‏ أنه هنا ذكر شركهم ولم يذكر من يشاركونه» وهو الله» تساميا لاسم الله تعالى عن أن يذكر مقارنا بالأوثان. انيها ‏ أنه - سبحانه وتعالى ‏ ذكر أنهم لا يخلقون. والله خالق كل شىء وهم مخلوقون. والله خالق وليس بمخلوق. الثها ‏ أنها لا تضر ولا تنفع ولا ينصرون أحداء ولا ينصرون أنفسهم» والله تعالى غالب على كل شىء ينفع ويضر وينصر من ينصرهء إنهم لو كانت لهم عقول ما أشركوا مع الله أحدا أو شيئا من هذه الأوثان أو غيرها. وكل مقدمات هذه الفارقات ثابتة بالبداهة لله جلت قدرته». والأوثان ثابت كل ما سلب عنهم. قال الله تعالى: 9 يا أَيها النّاس ضرب معَلَ فَاستَمعوا لَه إن اّذين تدعون من دون الله ن َحَلقُوا ذبَابا ولّو اجتمعوا لَهُ وإن يلبهم الذباب شيم لا يسستقذوة منه ضّعف الطَالب وَالْمَطلُوبُ 0 ما قَدرُوا الله حَقّ فده إن الله لَقَوِيّ عَزِيرٌ 69 4 [الحج]. اا تفسير سورة الأعرا اف لل لال للم ل ل الل ا ىت 1 وقد كان إبراهيم ‏ عليه السلام يقول لآبيه: 9 ... يا أت لم تعبد ما لا يمع ولا ينصر ولا يغني عنك شيئًا 69 4 [مريم]ء وجاء إبراهيم وكسر الأوثان جذاذا إلا كبيرا لهم فلم يستطيعوا نصراء قال تعالى فى ذلك: ١‏ فُجِعلهُم جذاذا إلا كير لهم لعلهم ليه يرجعون 6 4 [الأنياء]. «وإن تدعوهم إِلَى الهدئ لا يبع وكم سواء عليكم دعو تُموهم آم أنتم صامتون متنم فق أى إن هذه الأصنام فوق أنها لا تضر ولا تنفع » ولا تنصر أحذاء ولا ينصرون أنفسهم إذا رامها عدوها السوء لا تجيب نداء» ولا ترد دعاء. ولذا قال تعالى : «وإن تدعوهم إِلَى الهدئ لا يتبعوكم4 وهذا لا يخلو من تهكم؛ لأن ا أم لم تقولوا فهم م لا يسمعون قولاء ولا يردون م6ومما مه أى أنه يستوى دعوتهم بألسنتكم أم صمتكم عنهمء وعير فى الجملة الأولى بالفعل الماضى 9 أدعوتموهم 4 ؛ وعبر عن المعادلة الثانية بالجملة الاسمية « أنتم صامتون 4 ؛ لأن الأصل هو الصمتء ولأن الصمت أولى؛ لآنه هو الجدير بالأخذ فى هذا المقام» إذ القول لغوء وصون اللسان عن اللغو أولى», ولآن الأوثان غير جديرة لأنها أحجارء والخطاب شأن العقول. ساق كتاب السير والصحاح أنه روى أن معاذ بن عمرو بن الجموح» ومعاذ ابن جبل - رضى الله عنهما ‏ وكانا شابين قد أسلما لما قدم رسول الله المدينة» فكانا يعدوان فى الليل على أصنام المشركين يكسرانها ويتلفانها ليعتبر قومهما بذلك» ولم يؤثروا لأنفسهمء فكان لعمرو بن الجموح - وكان سيدا فى قومه ‏ صنم يعبده» ويطيبه» فكانا يجيئان فى الليل» فيتكسانه على رأسه ويلطخانه إلا تفسير سورة الأعرا اف م لل 0 اا 1 7 بالعذرة فيجىء عمرو بن الجموح فيرى ما صنعا به فيغسله ويطيبه ويضع عنده سيفاء ويقول له: انتصرء ثم يعود لمثل ما صنعواء ويعود لمثل صنيعه أيضا حتى أخذاه مرة فقرناه مع كلب ميت ودلياه فى حبل فى بئر هناك» فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك نظر فعلم أن ما كان عليه من الدين باطل» وقال: الله لو كنت إلهامْ سْتَدن لم تك والكلب جميعافى قرن هذه صورة من صور الوثنية. ولقد أدرك عمرو بن الجموح الدين الحق فأسلم وحسن إسلامه واستشهد يوم أحد. تدرج الله تعالى مستنكرا لعبادتهم من أدنى حال متصورة لهم إلى أعلاهاء فذكر أنها أحجار لا تضر ولا تنفع ولا تستطيع لأحد نصرا ولا تنصر نفسهاء ثم صور لهم أنها تنادى فلا تجيب لأنها لا حياة فيهاء إنما يجيب النداء للأحياء ولو كانت تنعق» ثم تدرج إلى تصور أنها من الأحياء» فإنها لا تستجيب للدعاء» فقال تعالت كلماته: (إذ لذن غود من ذو اله عبد نكم فوم سوا لك إن حدم صادقِينَ 659 4 . الخطاب للمشركين من أول الحديث فى عبادتهم الأوثان» والله ‏ سبحانه وتعالى - يتدرج فى تصويره لما يعبدون من أحجار لا تنفع ولا تضر ولا تسمع » وليس فيها حياة إلى فرض أن فيها حياة» وفى هذا الفرض البعيد لا يعلون عليكم معشر المشسركين» بل ينهدون إلى أن يكونوا عبادا مثلكم والمعبود يجب أن يكون أعلى منكم لتسجدوا له؛ فكيف تعبدون مثلكمء ولاذا تختارونه للعبادة وهو على أكثر تقدير له مثلكم؟!. | تفسير سورة الأعرا اف 11 00 يم لأس ا والحق أنه دونكم لآنه أصم لا يسمعء أبكم لا يتكلمء قد محيت منه آية الإبصار فلا يرى. ولقد تحداهم أن يدعوهم» فإن استجابوا كان لكم أن تدعوا ما تدعون زورا وربما تعدون فى العقول؛ ولذا قال تعالى: « قادعوهم فَلْيستَحِيبُوا لكم إن كسم صادقين 4 فى دعواكم الألوهية. والأمر للتحدى أو للتعجيز لا للطلب ولا الإباحة . الأولى ‏ أنه سبحانه وتعالى قال عن الأحجار: 9عباد أَمغَالَكُم 4 وكيف يقال إنها عباد» وكيف يقال: إنها مثل المشركين» وكيف يتحدث عنها كأنها جمع مذكر سالم؟. والجواب عن هذا أن الواضح هو بيان مثليتها فى أنها مخلوقة يعبدون» فكيف يعبدونهاء وهذا القدر كاف لاستنكار عبادتهاء» وتسميتها عبادا من أجرام . والبعض يزعم أن للجماد روحا «[ . .. وإنّ من الحجارة لَمَا يتفجر منه الأنهار إن منهًا لَمَا يَشَقَقَ فَيَحْرَج منه الْمَاءُ إن منهًا لَمَا يهبط من حَشيَة اللّه. .. 69 4 [البقرة]. وعود الضمير عليها كضمير جمع العقل مجاراة لهم فى تفكيرهم» إذ القول؟ نقول: إن موضعها أنها لام الأمر؛ يطلب إليهم رب العزة أن يأمروهم ليستجيبوا» أى أن الأمر بالاستجابة ليس من الله تعالى ؛ لآن الله تعالى لا يطلب الاستجابة تمن لا يجيب» بل اللأمر يكون من غيره من يعبدها وليكون التعجيز وبهذا التخريج يكون طلب الاستجابة من المشركين لا من الله تعالى. ها تفسير سورة الأعراف حي ١ااااتالاائاااناتالاااا‏ ااال اللاااالاالللاأللاا ماللا للناك كناخ ممما لاط ةط خخ لات اط نالا خمخمط طلاخ ط اناا اناا لماخ ططللْللشالالا حر > أ الثالثة - أن سياق القول يدل على أن الاستجابة غير ممكنة؛ ولذا كانوا غير ولقد بين الله من بعد ذلك أنها أدنى خلقا ممن يعبدونها فقال تعالى: 1 يَجَليةَث ع مور ام 4 أَلْهُمَ نجل يَمَسُونَ يبا آم 20 لس وخرم سه ل مم رار ولو ذل 20 1 طشون يها أ 1111110 وت يها أمٌ لهمءَادَاتٌ شاء لاو سم يقل معو م يي 2 ىعس 0 لسمعو نيها 3 ل قلأدعوا سر كاك يدون ملاطرون :2 0002 0 آ ل 00 إدَوَلِتىَآمَه الى مَرَلَ الكتدخر ل ييه © 1 اس سل مح عر 0 م وَآنْدِسنَ تدعون من دو نه - لامستطيعو رت 5 0 3 1 ل و أنشسه ع يتضروت لوه و! إن تك هم إلى الم وترمهم د ينظروة! لْكَ 2-0-0-0 52 إن الآية السابقة» ذكرت أنهم عباد أمثالهم» وقد خرجنا معناها على ذلك» ويكون قوله: «ألّهم أرجل يمشون بها أَم لهم أَيد يََطشُوت بهَاي4 وتكون الآية هنا تنزيلا لهم عن مقام المماثلة إلى ما دونهاء فآنتم لكم أجسام مصورة ؛ لكم أرجل تمشون بهاء وأيد تبطشون بها ولكم آذان . وأنسينا عند الكلام فى معانى الآية السابقة أن نذكر قراءة (إن) بالتخفيف بمعنى النفى» ويكون المعنى : ليس الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) فتكون لنفى المماثلة بينهم» بل إن المشركين فى الخلق والتكوين أكمل وأعلى فكيف يعبد الأعلى من هو أدنى منه مقاماء وأقرب منه إلى الإكرام. ويكون قوله تعالى: «ألهم أرجل يَمْشُون بها الآية بيانا لهذه الأفضلية» ومنع المماثلة. وأن قوله سدى: هملسو ها أله يد يطو به أ له أن رود ها مم اا تفسير سورة الأعراف اللا ١‏ ب ا آذَانٌ يَسْمَعُونَ بهَا4 لاستفهام كله للإنكار بمعنى نفى الوقوع» أى ليست لهم أرجل» ولا أيد» ولا آذان. وجاء النفى بصيغة الاستفهام لتأكيده بالدعوة إلى الالتفات لهم» ثم الحكم ينفى هذه الجسوارح عنهم» ومن عنده هذه الجوارح أكمل بلا ريب فى الخلق والتكون والآخر أدنى منه. وقد ذكر المشى بالنسبة للرجل» والبطش بالنسبة لليدء والسماع بالنسبة للأذن مع أنه إذا انتفى وجود الرجل انتفى المشى لا محالة» وكذا السمع واليد فلماذا ذكرت هذه الصفات مع أن نفى الأصل ينفيهاء ذكرت للدلالة على قوة العابدين لهم» وضعف هذه المعبودات» فكيف يعبد القوى الضعيف» وكيف يعبد القادر غير القادر» وكيف يعبد من أوتى الحركة الجماد الذى لا يتحركء ولا يستطيع أن يدفع الباطش به أن يبطش . ومع هذا الضعف الدال على الزراية بمن يعبدونهاء كانوا يخوفون النبى عله منهم؛ كما خوف من قبل قوم نوح وعاد وثمود أنبياءهم . . فقد قال تعالى عن هود إذ هددوا عاد: ( إن تقول إلا اعمرالك بض آلهسا بسوء َال ني أشهد الله واشهدوا أي برِيَ مما نُْرِكُونَ 25) من دونه فكيذوني جميعا ثُم لا تنظرون 62 إِني توكلت عَلَى له ري ربكم امن دائة أو آذ بناصيعها وني على صراط مُستقيم 469 زهود]. كانوا يخوفون النبى يل منهاء كما كانوا هم يخافون» ولقد تحداهم الله تعالى أن ينزلوا هم وأوئثانهم بالنبى ما يخوفون فيكون ذلك بيان لعجزهم؛ ولذا قال تعالى : قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون قلا تنظرون 4 . إن كنتم تخافونهم» وتخوفون محمدا فقل يا محمد: ادعوا شركاءكم» أى من جعلتموهم شركاء للهء فالإضافة لأدنى ملابسة» أى الشركاء الذى هم شركاء فى زعمكم أى هم شركاء فى زعمكم أنتم ثم كيدون 4. أى دبروا لى وأعلنوا الحرب» وقد يطلق الكيد ويراد به الحرب. تقول كتب السيرة فى بعض سرايا النبى ٠‏ تفسير سورة الأعراف حي اللاو حر اق كهّ: (عادوا ولم يلقوا كيدا)(2» أى حربا. والمعنى أعلنوها حربا مدبرة قلا تنظرون 24 أى لا تؤجلونى لحظة من زمانء هذا تحد أمر الله تعالى به نبيه» وبيان لضعف ما يعبدون ‏ وإما هى الأوهام؛ ووساوس الشيطان هى التى تفرض فيهم قوة» وما هم بشىء فضلا عن أن يخرف عاقل مدرك بهم . ولئن كانت لهذه الأصنام قوة» أو لكم أنتم معشر العابدين لها قوة» فقوتكم من الشيطان وهو وليكم والله ولى المؤمنين» وأين أولياء الشيطان من أولياء الله؛ ولذا قال تعالى: إن ولبّي الله الْذي نَرَل الكتاب وهو يُتَوَلّى الصّالحين 0500 » . طن ولي اللّه4 الولى هو الحبيب الموالى» والنصير» والمظل بالرعاية» وكل هذا يتضمنه ولاية الله لنبيه فهو حبيبه وناصره» ومن يعيش فى ظله» ومن يفيض عليه برحمته وهدايته» ومن يكون الله تعالى وليه لا يضار» ومن يرومه رد عليه. وقد أكد النبى كد ولايته لله بالجملة الاسمية» و«إن» المؤكدة. والكلام يفيد القصرء أى إن ولايتى لله تعالى وحده.ء لا ولاية لأحد سواهء هنالك الولاية لله الحق» وإنه نعم المولى ونعم النصير. وقد ذكر بعد ذلك أن الله تعالى هو منزل القرآن» وهو جدير بأن يحفظه كما وعدء وكما ذكرء وأن يؤيد من بلّْه رحمة للعالمين» فقال تعالى: 8 الّذي تَزّلَ الكتاب »4 وصلة الموصول علة فى الحكم أو مؤكد لمعنى القول» أى أن الله تعالى ناصر محمدا يله لأنه صاحب الولاية المطلقة؛ ولأنه رسوله» وصاحب الكتاب المبين الذى يمارى فيه الضالون» فالله ناصره. وأمر الث يوجب عون الله تعالى» ونصرته» وهو أن الله تعالى من شأنه أن يتولى الصالحين» أى يتعهدهم برعايته وتأيبده وتوفيقه» ولا يتولى المفسدين. 1# تفسير سورة الأعراف سس شج-[ وفى هذا الكلام إشارتان بيانيتان : إحداهما ‏ الحكم على النبى يله بأنه من الصا حين الذين يصلحون فى الأرض ولا يفسدون» وأن عيذدة الأوثان مفسدون» قد أفسدوا فى تفكيرهم وفى اعتقادهم . وأفسدوا وأضلوا باتباعهم الأوهام» وبعبادتهم من لا ينفع ولا يضر. والثانية - أن الله تعالى ناصر الصالح على الفاسد» ويتولى الصا حين لا للرذيلة» وللحق لا للباطل» وهو يتولى عبادة المخلصين دائما. وإذا كان الله ناصر المؤمنين» فالشيطان ولى الكافرين ؛ ولذا قال تعالى : « والّذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون 659 4 . والّذين تدعون من دونه 4 المنطاب للمشركين» وقد ذكر معناه آنفاء وكرر القول فيه لبيان الحق الذى ينكرونه» ولتثبيت القول فى نفوسهم. ليخرج منها الوهم. فإن القول إذا قيل فتح خطأ فى النفس» فإذا تكرر عمقهء ولا يزال يتعمق لم يهتد فمآله الضلال. إن ال وثان لا تر ولا تفع فلا تستطيع تفعاء, 20 نفسها. ثم قال الله تعالى : « وإن تدعوهم إِلَى الْهدئ لا يسمعوا وتراهم ينظرون إِلَيِك وهم لا ينصرون 659 4 . الخطاب للنبى كلل وأصحابه» والمتحدث عنهم المشركون فإنهم مع هذه البراهين ومع هذه الآدلة الحسية التى تفيد أنها لا تضر ولا تنفع» وأنها دون من يعبدها حسا ومشاهدة» وأنهم لا ينصرون أحدا ولا ينصرون أنفسهم » مع كل هذا عاكفون على أصنامهم يعيدونهاء وإذا سمعوا دعوة الحق أعرضوا عنهاء ولذا قال تعالى: 9 وإن تدعوهم إِلَى الهدئ لا يسمعوا» أى لا يسمعوا سماع وعى وإدراك وتأمل» بل هم معرضون». وشبهت حالهم فى عدم تذبر القول» وتعرف ما فيه بعدم السماع» باعتبار أن سماعهم الحسى لا جدوى فيه» إذ لا يتدبرون» بل على ا تفسير سورة الاعرا اف 2 الل 1 هلب يي قلوبهم أقفالها وصور - سبحانه وتعالى حالهم فقال عز من قائل: «إوتراهم يعظرون ! يك وهم لا يبصروت 4 أى أنهم بعد أن يستمعوا إلى الهدى مشدوهين متحيرين» يأخذهم نور الحق حيث يفكرون ويتدبرون ولكن لا يلبثون أن يغلبهم التقليد وزيف الباطل» فيترددون وتصيبهم حيرة بين ماضص ألفوه» وحق بزغ نوره فغلب ضياؤه فعميت أعينهم عن أن ترى . وقد صور الله - سبحانه وتعالى ‏ بهذه الجملة السامية 8 وتراهم ينظرون إليك وهم لا يسصرون 24 أى تراهم ينظرون إليك» وما تدلى به من بينات باهرة» وأمارات للحق ظاهرة» « وهم لا يمصرون 4 أى إبصار تأمل وتدبر فى آياته» فهم المبصرون الذى لا يرون» والناظرون الذين لا يعرفون ما ينظرون إليه» فهم فى حيرة أدت إلى ضلالهم . وهذا استعارة تمثيلية» فقد شبهت حالهم التى يلوح لهم فيها الحق ولا يعرفونه» ويبرق لهم النور ولا يعرفونه» بحال الذين ينظرون ولاييصرونء لأنها رؤية لا ترى الحق ولا تضع أيديهم عليه؛ فهم فى ضلال مبين» والله - سبحانه وتعالى - يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم . الدعوة إلى الله حذِالْمَعوَوأضش انعرف رسع بقهيرت 1 ميو عَتلَكصنَ 02 | 5007 - 4 سيط ضرع فَأستَعِذ أَهِإنسَحِيعٌ عَلية (07 - د51 تَعَوَأدًا تيت 000 ع بيه حل فوح لو شرم 0 وإذاهم مُبْصِرَونَ فق اله 2 0 لَامقَصرُوت د وَإدَالمَأهم ََعَالو لوكا تيدتها ا 0-31 ع .9 للها تقسشبير شسورة الاعراف الل ا لحب اا و نَم أَتَمعْ مام > 201 ة هتدايص]ا 0-8 ب قل إِنّما أتيع بو 11م منت هدذا بصا أدرمن رب د ل ب و2 و له وهدى وَرَحَة [ وه دؤمنون #راكة 2 بعد أن بين الله - سيحانه وتعالى ‏ أن البراهين العقلية لا تجدى معهم » وأن يستمر فى دعوة الحق فى رفق» وحكمة» وأن يبين مكارم الشريعة فى ذاتهاء» فإنها بما فيها من صلاح ودفع فساد» وهداية داعية لنفسها من غير برهان ولا دليل» مع التأليف20» كما قال تعالى: ادع إِلَى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن ... 059 #4 [النحل]ء وكما قال كَللِ: «تآلفوا النفوس)2'27. والآيات الكريمة تبين: أولا - جماع مكارم الأخلاق فى قوله تعالى: «إخذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين 659 4 . وثانيا تبين علاج النفئس إذا عراها نزغ الشيطان وفساده بالغعضب أو الجهل والحمق» وهو الاستعاذة من الشيطان الرجيم» وذلك بقوله تعالى: 8 وَإِمًا يتزغتك من الشيطان ترَعٌ فاستعذ بالله نه سميع علي 6 © . فالالتجاء إلى الله فى أزمات النفس فيه النجاة» كالالتجاء إلييه سبحانه فى الكروب. وثالثا - أن ذكر الله تعالى يبصر القلب بعماه إذا ضل » وما ضل الذين ضلوا إلا بتركهم لذكر الله وقد بين ذلك بقوله تعالى: إن الّذين انوا إذَا مسّهم طأئف من ليطن كرو ذا هم مبْصرُونَ 6-9 4 . )١(‏ أى مع تأليف القلوب بلمال والخلق الحسن. زف انظر كنز العمال : ج؛ ؛ ص؟ 5 ١6/8(‏ 0 6.4 الم اللا 1111 سه : 7 ورابعا - وتبين أن عدوى الشر تجىء من إخوان السوىء وهم الذى يمدون فى الغى ويجعلون الضال يسير شاردا عن هداه. وقد بين - سبحانه وتعالى - ذلك شر وإ الهم تارق في لد فرط م وخامسا ‏ أن ضلال الضالين إنما يكون بإغوائهم بطلب آيات يريدونها ويريدون أن يجتبيها لهم؛ ومصداق هذا قوله تعالى: «( وإذا لم تأتهم بآية فَالُوا ألا اجحبيها قل نما بع ما يوحئ َي من رَبِي هذا بصائر من رَبَكُمْ وهدى وَرَحْمَة لَقَوم يؤمنوت 69 4 . هذه آيات بينات وهى تكشف معانيها من غير تبيين مبين» ولا تفسير مفسر» فهى كتاب مبين واضح» ولكن ما نذكر من بيان ليس تفسيراء إنما ذكر لنسق القرآن الحكي,» وضرب فى ناحية من إعجازه الذى لا تتطاول إليه الأعناق» فهى تنهد إليه وتتسامى ولا تسموء وتحاول ولا تصل . ١خ‏ فوأ اف رضي هيج 4. العفو هو الزائد الميسّر الذى يسهل أخذه» ويسهل إعطاؤه» ويسهل القيام به فالنص داع لمن يعطى بأن يعطى السهل الذى يمكن المداومة عليه من غير ضيق وتبرم» كما قال تعالى: فآ ... وَيسألوتك مَاذَا ينَفقُون قل الْعَفْوَ ... 09 4 [البقرة]ء ويقبل من الناس القليل» ولا يكلفهم ما لا يطيقون من قول أو عمل» ويفعل اليسير من العبادات الذى يمكن المداومة عليه» ولقد كان النبى يَلكلدِ يقول: لأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل202. وكان يقول كللِِ: «إن الله يحب الديمة من الأعمال»2“9. وإن العفو السهل اليسير يسهل المداومة عليه» والاستمرار فى عمله» واقبل من الناس ما يسهل عليهم ولا تكلفهم شططاء واجعل العفو دائما شعارك» لا تشتط فى الطلبء ولا تعاسر الناس بل خذهم برفق؛ فإنك إن فعلت كسبت خيرهم» واجتنبت شرهم» وكنت أليفا مألوفا. )١(‏ متفق عليه وقد سبق تخريجه من رواية البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها. ا تفسير سورة الأعرا اف يلل 0.4 حب أ هذا هو الأمر الأول؛ أما الشانى فهو قوله تعالى لنبيه: « وأمر بالعرف 24 أى أمر بالأمر الحسن فى ذاته الذى تألفه العقول» ويألفه الناس» ويدركونه» وإن هذا يجمع كل ما أمرت به الشرائع الإلهية فى معاملات الناس» وفى اجتماعهم» ولقد روينا فى عدة مناسبات قول الأعرابى الذى سثئل لاذا آمنت بمحمد فقال: ما رأيت محمدا يقول فى أمر افعل» والعقل يقول لا تفعل» وما رأيت محمدا يقول فى أمر لا تفعل» والعقل يقول افعل. وإن هذا النص الكريم يدل قطعا على أن كل ما أمر به النبى وكةٍ وجاء به القرآن أمر متفق مع ما تأتى به العقول. وما أمر به هو حسن فى ذاته» وما نهى عنه قبيح فى ذاتهء وقال بعض العلماء: إن ما كان حسنا فى ذاته فهو من أمر اللهء وما كان قبيحا فى العقل فقد نهى الله عنه. وقد أسرف ناس على أنفسهم وعلى الله فظنوا أن ما يستحسنونه أو يقبحونه فلهم أن يمنعوه» وإن أباحه الله» ولهم أن يوجبوهء وإن منعه الله: « ... كبرت كَلمَة َخْرَجَ من أَفْوَاههم إن يَقونُونَ إلا كبا ك 4 [الكهف] . وقوله فى الأمر الثالث: ا وأعرض عن الجاهلين» أى أهل الحمق والجهل» الذين لا يهندون بهدىء» ولا يسمعون مرشداء بل يعملون على إيذاء الداعى» ويستهزئون بالمرشدء وهؤلاء ليس لهم إلا أن يعرضوا عن هؤلاء؛ كقوله تعالى: «وإذا سمعوا اللَغْو أعرضوا عنه ٠‏ 62 # [القتصص]ء وكقوله تعالى: 8 ... وإذا حَاطَبَهُمَ الْجَاهنُونَ قَانُوا لاما 9 4 [الفرقان] . ولما نزلت هذه الآية قال جبريل للنبى يَللِْةّ: «إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطى من حرمك» وتصل من قطعك)27. )١(‏ رواه الحاكم فى المستدرك : ج؟7. ص 7ه برقم(99531). ها تفسبير سورة الأعرا اف 4 000 6ظ#ظ#ظ22322 > ل 7 وفى الحق إن هذه الآية جمعت محاسن الأخلاق وبينت محاسن الشريعة» حكمت ين الى ومن العا ف فاع بال نس ل . النزغ الإفسادء ومن ذلك قول الله تعالى على لسان يوسف ‏ عليه السلام - مخاطبا أبويه: # . .. وجاء بكم مَن الْبَدوِ من بعد أن تَرَعَ الشَيطان بيني وبين إخْوتي إن بي لطيف لما يشاء .. . 2 © [يوسف]ء ويظهر لى من استعمال القرآن الكريم أن النزغ يكون إفساد ما بين من يجب الارتباط بهم بالمودة» وإسناد التزغ إلى الشيطان؛ لأنه يكون من وساوسه التى تكبر السيئات وتصغر الحسنات. وقد قالوا: إن النزغ والنغز والهمز والوسوسة بمعنى واحدء وقد قال تعالى: « وقل رب أعودُ بك من هَمَرَات الشيّاطين 69 4 [المؤمنون]. وإن العلاج من نزغات الشيطان هو الاتجاه إلى الله تعالى أن ينزع من النفس أضغانهاء وهمزات الشيطان فيها ليرتاح نفسياء وليكون خيرا للناس» ويفتح قلبه لهم» وينبسط بالسرور للقائهم. ومعنى استعذ بالله» أى اجعل الله تعالى معاذك وملجأك. فإن الالتجاء إليه مَطّْمآن النفوسء» ومكان استقرارهاء ومن علا إلى ملكوت الله تعالى أحس بعلو عن الضغن وحسك الصدرء وأحس بأنه ربانى لا ينزل إلى موضع التحاسد والتباغض . وقوله تعالى: وإِمًا ينزغئك من الشّيطان رغ 4 فيه (إن) مدغمة فى (ما» الدالة على توكيد ما بعدها. والمعنى إن ينزغنك بشدة وقوة نزغ مصدره الشيطان» فاستعذ بالله» ولأن لإ وإِمًا ينرَغتّك © فيها توكيد ألحقت به نون التوكيد الثقيلة» وكانت فى معنى القسم» وقوله: «( من الشيطّان ترغ 4 بتقديم الجار والمجرور يكون تأكيد أن النزغ من الشيطان وحده.ء فلا يكون إلا منه» وفى ذلك حض على مقاومته» والاستعانة على مقاومته؛ بكل ما يدفع شرهء وفى ذكر أنه من الشيطان وحذده بيان أنه شر مفسد ما بين الناس دائما. اا تفسير سورة الأعرا اف 0 لاااللللل الل 2 لأسب أ وإذا كان الشيطان ينزغ دائماء فالمعاذ به هو الله» وهو وحده القادر على دفع الشر؛ ولذا قال تعالى: «إإِنَّهِ سميع علي 4. أى هو وحده السميع العليم» وذلك يزكى معنى الالتجاء إليه ‏ سبحانه وتعالى ‏ وحده فهو 9عَليم 4 بما تخفى النفوس» وما تظهره الألسنة» وهو سميع أى عليم علم من يسمع ومن يبصر. ومن كان له الصفات العليا فهو الجدير بأن يلجأ إليه لتطهير النفوس من أدرانها . وهذا النص كقوله تعالى: 9 إن اين قَانوا ربنا الله ثم ااستقاموا تسَزّل عليهِم اْملائكة آلا تَحَافُوا ولا تحزُوا وأبشروا بالْجنه التي كنم توعدون () نحن أولياؤكم في لحي اليا وفي الآخرة ولكم فيه ما متهي أَنْسَكم ولَكُم يها ما تدعو 09 نزلا من غَفُور رّحيم 79) ومن أَحْسَن قولا مس ًا َِى الله عمل صالحا وقَال إنِي من المسلمين © ولا نَسَْوي الْحَسَنَةُ ولا السَيمَةُ ادقع بالّتي هي أَحَسَن فَإِذَا الذي بينك وبينه عداوة كَأنَّهُ ولي حَميم 09 وما يلَقَاهًا إلا اّذِينَ صبروا وما يُلقَاهَا إلا ذُو حظ عظيم 62 وإِما يعت من الشيطان نع فَاستعذ بالله نه هو السميع العليم 539 4 [فصلت] . ولقد قال رسول الله كَلكِْةِ: «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم» ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن ع الخلق)27 , « إن الْذين اد توا إذَا مهم طائف من الشَيطان تَذَكْروا فَإِذَا هم مبصروت 69 4 : إن المؤمنين الصادقين فى إيمانهم لا تتمكن منهم نوازع الشيطان فيقول الله تعالى : إن اللذين انه َقَوا إِذَا مَسَّهم طائف من الشيْطان تَذَكّرُوا 4 ومعنى «إاتقوا 4 جعلوا وقاية لأنفسهم من خوف الله والحرص على طاعته» بسبب ذلك 8إذَا مَسّهم 24 أى إذا أصابهم إصابة تمس إحساسهم ومشاعرهم «( طائف من الشيطان 4 )١(‏ رواه الحاكم فى المستدرك(؟47)ج١2‏ ص 2351١١‏ ورواه أبو يعلى والبزار» وزاد: ا( وحسن الخلّق) . وانظر: مجمع الزوائد (97/551). الل لبجل به 37 وفى قراءة (طيف من الشيطان) أى غضب» أو خيال يمس الوجدان من الشيطان بأن همز الشيطان فى نفوسهم فسرعان ما يستيقظ وجدانهم العامر بتقوى الله تعالى فيتذكرون الله ويرجون ثوابه» ويخافون عقابه سبحانه؛ فإذا غشاوة الشيطان تزول عنهم» ويرجعون إلى ربهم» وكما قال تعالى: فإذا هم مبصرون # . والتعبير بالموصول يفيد أن الباعث على ذكر الله تعالى » وحضوره فى القلب واستيلائه على الإحساس والشعور بالواجب أنشأته التقوى . والطيف والطائف معنأه الغضب» ومنهم من فسره بإلمامة الشيطان» ومنهم من فسره بالهم والذنب» ومنهم من فسره بالذنب. وإن الطائف يحتمل كل ذلك» ورا يشملها جميعاء وهى من الشيطان. وقد يكون طائف من الرحمن كما فى قصة أصحاب الجنة التى قال الله تعالى فيها: 9« إإِنَا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجئة إذ أَقُسَموا ليصرمتها مصبحين 09 ولا يسود 69 فعاف عا طأئف من ربك َم نَائمُونَ 09 فَأصبْستْكَالصرِمٍ 9 4 [القلم]. فالطاتف يطوف من الشيطان بالغضب أو الذنب» أو الهم بالذنب» أو نحو ذلك . ومعنى النص الكريم أن الذين اتقوا ربهم إذا هموا بالشر أو أرادوه سرعان ما يرجعون فيتوبون فيقبل الله تعالى منهم. وينطبق عليهم قول الله تعالى: 98إنما التوبة على اللّه للّذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ... 09 4 [النساء] . وإن أهل التقوى لا يكونون بعيدين من ربهمء بل هم على مقربة منه. قلوبهم عامرة بذكره» فإن أصابتهم غمزة» فغفلواء فسرعان ما يتنبهون» وسرعان ما يبصرون ويكوبود. وقال تعالى فى التعبير عن تنبههم للمعصية عندما تساورهم أسبابها: 8 فإذا هم مبصرون4 عبر أولا بالمفاجأة للناظر لخالهم» وطائف الشر يطوف بهم» فهو 1# تفسير سورة الأعراف ملل 0-١‏ ج17 يفاجأ بقطع السير إلى الرذيلة» والمفاجأة بأنهم يبصرونء والإبصار هنا هو يقظة الضمير وقوة الوجدان وسيطرة النفس على أهوائهاء وشبهت هذه الحال بالبصر الدائم المستمرء الحارس على النفس أن تنفعل لداعى الشيطان» وعبر بقوله: هم مبُصروت 4 بالتعبير بالجملة الاسمية» للإشارة إلى دوام البصر بالحقائق وإدراكهاء وتغلبها على الأهواء والمنازع . هذه هى النفس من داخلها تدفع شرورها وتعالج أسقامهاء وإن الذين يجعلونها فى معركة مستمرة وهم الذين يقاومون الفطرة» حتى إبصار الضمائر المستيقظة» هم إخوان السوء» وعشراء الشر؛ ولذا قال سبحانه وتعالى ‏ بعد ذلك : 8 وإِخَوَائهم يَمَدُونهِم في اليثم لا يقصرون 6-9 4 . أشار الله تعالى - فى الآية السابقة إلى ما فى المؤمن التقى من حراسة على النفس من أن يتدلى إلى الشر تدلياء فإذا جاءها طائف تذكروا الله وعظمته» وآياته الباهرة» فيدركون بفطرتهم كما يدرك المبصر بنصره» فلا يتردى فى معصيةء ولا يصل إلى أقصاها. ولكن لا يكون العيب من ذات نفوسهمء بل يكون من إخوان السوء الذين يزينون له سوء الأفعال فيحسبها حسنة» ويكون ممن زين له سوء عمله فرآه حسناء فأولئك هم الذين يقاومون فطرة المؤمن ويحاولون طمس النور فيهاء ويزيدونها سيرا فى الغى إن سارت فيه» فبينما الحق يذكرهم» إخوان السوء يمدونهم فى الغى» ولذا قال تعالى: ل وإخوائهم يمدوتهم في الْغي 4 . الإخوان هم الذين يرتبطون معهم بصلة نسب» أو صلة مودة أو صلة جوار أو يتصلون بهم بأى صلة إنسانية « يمدونهم 4, أى يسيرون يمدونهم بكل أسباب الطغيان والعتو. ويقال مده فى عمله وزينه له وحسنه» ولذا كانت قراءة الأكثرين بفتح الياء وضم الميم» ٠‏ ( يمدوتهم في الْغي 4 والمد التزيين والتحسين والتشجيع» والخى هو الضلال والفساد» وكل ما يؤدى إلى الوقوع فى مراتع الهوى. إلا تفسير سورة الاعرا اف للا 235111111101100 ١ اك‎ يو وإنه توجد موازنة حكيمة» بين نفس متقية مومنة هدايتها من نفسها إذا جاءها الشر أو طائف منه قاومته بذكر الله وبصيرة المؤمن» وبصبر الإيمان. والنفس الأخرى نفس شقية أغواها السوء» فلما طاف عليها طائف الشرء زينته وأغرى النفس إخوان السوء وزينوه وحسنوه» فأصرت على طائف الشر بتزيينهم» وتشجيعهم ومدهمء فهم فى طغيانهم يعمهون وأن يستمروا على تحسين الشرء ولا ينهون تحسينهم وتزيبنهم. فهم فى غمرة من الشر لا تنتهى» ولذا قال تعالى : «ثم لا يقصرون» أقصر معناها أنهى» و ثم » هنا للدلالة على تراخى الزمن واستمراره»؛ فهى فى موضعهاء والمعنى لم بصا استسرارهم فى يهم وضلالهم 8 لا يقصرون 4 أى لا ينتهون بل دائمو وهكذا الشر يستمر مع مقاومة الفطرة باستمرار دعاة الغى وأتصاره» وكان مدهم وتزيينهم مستمرا يغذى شجرة الشرء كما يغذى الماء القذر النبات الخبيث الذى لا يكون إلا نكدا. فالشر يتغذى بدعاة الشرء وينمو ويغلظ سوقه بهم» والفساد لا يستشرى فى جماعة ويعمها بالشر إلا بالبيئة الفاسدة وبالرأى العام الفاسد المرذول» فإخوان السوء يمدون بالغى وسواء أكانوا آحاداء أم كانوا جماعات» وكلمة إخوانهم تنطبق عليهم . وإن من يرد إصلاح جماعة لا يصلح آحادها ابتداء إنما يصاح نية الإخوان الذين يسيطرون على جوها العام أولاء ثم يصلحون الآحادء فيصلحون بالجولة الأولى . وإنك إن علوت من رذائل الأفعال إلى فساد العقول» تجد إخوان السوء هم الذين يمدون فى فساد العقول بعبادة الأوثان والكفر بالآيات؛ ولذا قال تعالى : « وإذا لم تأتهم بآية الوا ّولا ايها قل إِنمَ بع ما يُوحئ إِلَيّ من رَبّي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة قوم يُؤمنون 025 4 . 0# تفسير سورة الأعراف الل 2 سب ا الشىء الغائب معظم مذكور بالخير فى زعم الذين يسيرون وراء الأوهام» ولا يحكمون الحقائق فى ذاتهاء فكل مستور تتوهم فيه الأوهام» وتحاط به وكذلك كان إخوان السوء يجيئون إلى تضليل الناس من وراء ما يستتر عنهمء فالغيب عن الناس لم تجئ من ورائه إلا الأباطيل . بين أيدى الناس معجزة باهرة قاهرة تحداهم النبى كِلِْةِ أن يأتوا بسورة فعجزواء ثم تحداهم أن يأتوا بسورة مفتراة فعجزواء ومع ذلك طلبوا هم وإخوان الغى فيهم أن يأتيهم بآية غائبة لم تأتهم» فما دامت لم تأتهم فلها قدسية» فقال الله تعالى عنهم : « وإِذا لم تأتهم بآية قَالُوا ولا اجتبيتها 4 . أى إن الذى أغراهم بطلبها أنه لم يأت بهذه الآية» ولو سايرهم بمنطق تفكيرهم لتأدى بهم أنه إذا جاءتهم الآية وصارت حاضرة مهيأة بين أيديهم طلبوا آية أخرى وقالوا لولا اجتبيتهاء وهكذا تتوالى الطلبات عبئا؛ لأن من لايؤمن لا يقنعه بشىء . والأولى الوقوف عند حال معينة فاطمة للنفس» عن متطلباتهاء والوقوف عندها. وقوله تعالى: ‏ وإذَا لم تأتهم بآية قَالُوا ولا اجتَبيمَها» لولا بمعنى هلا للحض على الإتيان بآية معينة طلبوها بذاتهاء / اجتبيتها 4. أى اخترتهاء وهى آية حسية» وقد جاءت من قبلهم مثلها فكفرواء وإذا كانت الجملة شرطية فمؤداها أنهم مطالبون با لم يأتهم آية بعد آية» وما هذا شأن المؤمنين» فالدليل إذا كان مقنعاء فهو كاف وحذه. ولقد أمر الله تعالى نبيه بأن يرد عليهم بقوله: طقل نما أن ما يوحئ إِلَي من َبِي هذا بصائر من رَبَكُم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ‏ . هذا هو الجواب الذى أمر الله تعالى به نبيه أن يجيبهم على الطلب الذى دفع إليه أوهامهم الباطلة وهو مكون من أجزاء ثلاثة: الجزء الأول عبر النبى يك بقول: قل إِنمَا بع ما يوحئ إِلَي من رَبِي 4 وخلاصته أن الآية يختارها لى ربى لا أبدى عليه» ولا أعين له» وقد قصر الآية ع لال .. ١ ااا‎ بي على ما يوحى به الله وحصره ب«(إنما» أى ليس لى أن أقترح عليه آية لم يأت وأرسلنى» وهو أعلم بما يصلح دليلا لرسالتى وما لا يصلح. وهو وحذهة الذى يوحى إلى فليس لى أن أقترح عليه؛ وإن كفرتم بآياته فقد كفرتم به» وفى هذا الجزء برهان صدق الآية التى تحداهم بها. الجزء الثانى وصف الآيات. فقال تعالى: 9 هذا بصائر من ربكم 4 البصائر جمع بصيرة وأصلها من البصر وهى الرؤية والنظر ثم الإدرك والفهم ثم أطلقت على ما يؤدى إلى الإدراك أو هو آلته»ء فإطلاق البصائر على الآيات من قبيل المجاز؛ لأنها سبب إدراك الحقائق الربانية» والسبيل إلى معرفة الله تعالى وقدرته» ورسالاته الإلهية» فهى من قبيل إطلاق اسم السبب» وإرادة المسيب» وهو إيصار الحقائق الربانية» ومعرفتها. وإذا كانت هى بصائر آنية من قبل الله تعالى فهو الذى يجتبيها ويختارهاء ويريدهاء وهى من ربكم الذى خلقكم وبرأكم» وهو أعلم بمن خلق ورب وبرأ وهو اللطيف الخبير. والجزء النالث قاله تعالى فى وصف هذه الآيات». وهو الذى قاله بقوله تعالى : و وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 4 . هذان وصفان وصف الله تعالى آياته» وأخصها القرآن» ففيه أمران جليلان ذا شأن فى الرسالات الإلهية: أولهما - فيه هدى يهدى إلى الحق. وإلى صراط مستقيم» فهو يبين الهدى من الضلالة, والنور من الظللمات با اشتمل عليه» وبدلالته الذاتية. وبإعجازه» وبأنه يهدى إلى الطيب من القول» ويهدى إلى الصراط الحميد. | تفسير سيور 0 الأعرا اف ممالل .0 أب أ وثانيهما - أن فيه الرحمة بما اشتمل عليه من شريعة حكيمة تصلح أمور الناس» وتذهب عنها الفسادء فهى بما شرعت من النظم فى الأسرة» ومعاملات بين الناس» ومنع لأكل أموالهم بينهم بالباطل . وإن هذه الهداية وتلك الرحمة لقوم من شأنهم الإيمان؛ ولذا قال تعالى: « لَقوم يؤْمنون 4 فوصفهم بالجملة التى يتصدرها الفعل المضارع للدلالة على إيمانهم المستمرء المتجدد آنا بعد آن على وجه الدوام. وذلك لأآن شأن المؤمن أن يتجدد إيمانه» فيقوى بالعمل المستمر والمتجدد» فإن العمل الصالح يجدد الإيمان» فلو كان العمل فهو للإيمان كالماء العذب الفرات يغذى الإيمان كما يغذى الماء الزرع. قراءة القرآن عبادة؛ وجزء من أكبرعبادة درب شم را مع سي وَإِذَافْرِىكالْفنَانُ أ - عوردمدر 1-2 عو 00 ع عدو 0 رك 2-2 فأستمعواله,.وأ نصِنُوأ لعل تر مون زا وذ درريلَكَ .هه د عا ل 000 سر لد 22 صر جو رطو ري | ص 5 في تفلك تضرعا وخيفة ودون الجه رمن الفول بِالْعَدوٌ و سا 00 أ 0 ذه َلآصَال وَلَاتَك م نالفاي 2 ناديس عِندَمَ يلقت سم ست وو سا سدم لل لل 0 2 لَايسكَكبرونَع اديه وسيحوته وله جد وت 19 تي بين الله - سبحانه وتعالى ‏ فى الآية السابقة أن الآية التى تحدى بها العرب أن يأتوا بمثلها هى بصائر مبينة للناس الحقائق الدينية» ومثبتة لصدقهاء وهى هدى ورحمة» وهى القرآن» ولا يمكن أن ينتفع بها بعد إعجازها بأن ينتفع بهدايتها ورحمتها إلا إذا قاموا بحقها عند قراءتها بالاستماع إليهاء والإنصات لهاء وتدبر ع“ هاا تمفسير سورة الاعرا اف لمالا 0 ل ما جاء فيها من تكليف هو رحمة للعالمين» ومواعظ» وعبر وقصص فى ذكر الأولين؛ ولذا قال تعالى بعد ذلك: 9 وإذَا قر القرآن فَاستمعوا لَه وأنصنوا لَعلَكُم تَرْحَمُون 60 4 . القراءة للقرآن عبادة من القارئ؛ لأنه يتلو كلام الله تعالى» وأى منزلة فى القربى إلى الله تعالى أعلى من أن يكون متحدثا بحديث الله فهو يتكلم بكلام خالق الوجودء وتجرى على لسانه عباراته جل وعلاء ويرطب لسانه بأطيب كلام» فهو عبادة؛ ولذلك وجب أن يكون متطهرا من الجنابة ويحسن أن يكون على طهارة كاملة. إن قراءة القرآن سمو إلى المكان الأعلى والمقدس الأقدس لمن تدبر موقفه عند القراءة ومقامه. والاستماع إلى القراءة عبادة» إذا استشعر بأن الله تعالى يخاطبه بالقرآن من أعلى الملكوت» وهو إن يستمع يناهد إلى مقام رب العزة فيستمع إليه؛ أكاد أرى أن هذا مقام طهرء لايستمع إليه من به نجاسة من جنابة وإذا كان الفقهاء لم يصرحوا بهذا فإنى أراه مقتضى مقام الطهر لمستمع أطهر قول فى الاستماع افتعل من السماع أى طلب سماعه. والإقبال عليه» وتلقيه بقوة وتقبله وتقبل معانيه؛ ولذا قال بعض المفسرين: إن الاستماع هو تلبر المعانى» والاستبصار بهاء وإدراك مراميها ومغازيهاء فليس المراد مجرد السماع» بل السمع فى تدبر وتفهم وتذكر واعتبار. وقال تعالى: طفَاستَمِعوا لَه وَأنصتُوا 4 الإنصات معناه السكوت للاستماع والمراعاة» والإصغاءء فمعنى أنصتوا »2 أى هيئوا أنفسكم للاستماع وأعدوها وراعوا ما تسمعون. وكان الإصغاء تقدمه للاستماعء بأن يفرغ النفس له.ء ويقدم عليه» كأنه مقدم علمى صاحب الكلام» وهو رب العالمين» ألم تر الناس وهم يقدمون على استماع كلام عظيم من عظماء الأرض فى سلطانه» يستعدون وينصتون فكيف بكلام مالك الملك ذى الجلال والإكرام والإنعام. 0 تفسير شبور: - الأعرا اف مامالل .م يبلا بي 7 القرآن قراءته عبادة» والاستماع إليه مع التدبر والتأمل وتعرف أسراره عبادة» وهو جزء من أكبر عبادة (وهى الصلاة)؛ ولذا قال تعالى: «( ... فاقرءوا ما تيسر منه ... 469 [المزمل]. وقال بعض العلماء : إن قوله تعالى: «وإذًا قُرَى الْقَرآن فَاسْمَمعوالَه وأنصتوا 4 نزلت للقراءة فى الصلاة. ونقول: إنها عامة؛ ولو نزلت فى مقام خاص؛ لأن الأصوليين يقولون العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ولقد قال تعالى فى ختام هذه الآية الكريمة: «إ لَعلّكم ترحمون 4 أى رجاء ومواعظه. فهو رحمة2 ومنه الرحمة » وهو نور وبرهان. وإذا كان تدذبر القرآن والاستماع إليه وتلاوته رحمةء فذكر الله تعالى هو أصلٍ الرحمةء فقال: 8 واذكر رَبك في نفسك تضرعا وخيقة ودون الْجَهِرٍ م من القول الْْدوَ والآصال ولا تكن من الَْافلينَ 6-2 4 . القرآن هو الذكر الحكيم» وهو الذكر الأكبرء وهو خير أوراد المؤمنين؛ ولذلك بعل الأمر بالقراءة والاستماع إليه مع الإنصات رجاء الرحمة أمر - سبححانه وتعالى ‏ بدوام الذكر لله تعالى» بأن يكون الله تعالى حاضرا فى نفسه أطراف الليل وآناء النهار لا يغفل عن ذكره ‏ سبحانه وتعالى وأن يكون حاضرا فى قلبه فى كل وقت يعمر قلبه؛ ويملاً نفسه؛ ولذا قال تعالى: واذكر رَبك في نفسك تضرعًا وخيقة وَدون الجهر من الّقول بِالْغدوٌ والآصال ‏ . فالذكر يبتدئ بامتلاء النفس بالله يعمر قلبه دائماء وأن تكون فى حال تضرع وتذلل لله تعالى» فالذلة لله تعالى هى عين العزة» والتكبر فى حق الله تعالى هو عين الذلة» وإن كان لا يشعر؛ لأن من ذل لله استعلى على الناس بأمر الله من له العزة والكبرياء ذ فى السموات والأرض. ا تفسير سورة الأعرا اف 09 ال 00 حل ا 2 وذكر الله تعالى يكون فى حال خوف من عقابه؛ ولذا قال تعالى: إوخيقّة4. أى حال خوف فإن الخوف من الله يطهر النفس» ويجعلها لا تستحسن ما تقدم» بل تستصغر ما تقدم وتطلب المزيد من الخير فترضى الله تعالى أو تنال رضوانه» وهو أكبر جزاء» وإن الخوف يوجب استصغار شأن العبيد» ومن عز عند الله كانت له العزة» ومن عز عند العبيد كانت له الذلة» ومن خاف من الله لا يخاف الناس. وإن الذكر لله الأصل فيه القلب» ولكن يكون مع القلب ذكر اللسان» بحيث لا يسمع إلا نفسه؛ ولذا يقول تعالى فى حال الذاكر لله: « ودون الجهر من القَول بِالْدرٌ والآصال » . وإن الله سبحانه ‏ حد النطق باللسان فجعله دون الجهر من القول» أى لا يرفعه جاهراء ولا يخفضه خافتا ولكن لا بد من ذكر اللسان؛ لأن ذكر اللسان» يسد منافذ الشيطان.» فحركة اللسان المقصودة تضبط النفس نحو ذكر الله تعالى: ويجعل ذكر النفس ثابتاء وعمرانها بالله قائما لا يُنسى وحدً الله تعالى الوقت فقال: «بالغدر»4 أى فى غداة اليوم. والآصال 4 وهى جمع «أصيل», كديمين» و«أيمان». إن الذكر يكون وقت الغدو أى وقت الصفاء» والآصال أى وقت استرواح النفس من عناء عمل الناس» وبعض العلماء يقول: إن تحديد هذين الوقتين لدوام الذكر آناء النهار وطرفا من الليل» أى يكون فى ذكر دائم» ويقرب هذا قراءة «وبالإيصال» أى من الغدوة وأصلا الذكر دائما ما دام صاحيا. وقد يقول قائل: كيف يكون وقت المعاش والقيام بالصناعات؟ نقول: يجب دوام ذكر الله تعالى وهو فى عمله؛ لأن العمل عبادة والذكر عبادة ولا مانع من أن يجتمعاء فيكون عاملا عابدا» مجدا ذكر الله» وينطبق على هذا قوله عليه «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا الله(21 فهو يعمل لينفع الناس ويقصد ذلك. وهذه عبادة؛ لأن النبى يَلْهُ يقول: «خير الناس أنفعهم للناس)7©. 2١(‏ ؟7) سبق تخريجه. هذه السورة مدنية» وقالوا: إن سبع آيات منها مكية»ء وعباراتها السامية تنبئ عن أنها مكية» وهى تبتدئ من قوله تعالى: 9 وإذ يمَكْرُ بك الْذين كفروا ليغبتوك أو يلوك أو يُخْرِجوك وَيَمكْرُونَ ويَمَكْر الله واللّه حير الماكرين +2 4 [الأنفال] فإن هذه الآيات السبع مكية» تدل عليها عباراتها وزمانهاء ولكن لأنها متصلة بالهجرة والأنفال سميت بأولهاء وهو 9 يُسَأَلُونكَ عن الأنقال70 4 [الأنفال] فسميت بهذا الاسمء وإن هذه السورة تشتمل على أعمال من أجل ما قام فى الإسلام» ففيها كان يوم الفرقان» يوم التقى الجمعان» وبهذا اللقاء كان الفرق بين عزة الحق وذلة الباطل» وفيها تشريع الأنفال والغنائم» وفيها حكم الأسرى» ومتى يكون الأسرء وفيها إعداد العدة» وفيها الوفاء بالعهد. ومتى ينقض. وقد ابتدئت السورة بذكر الأنفالء وما يؤخذ من الحرب. وبين الله تعالى أنها فى الأصل لله تعالى ورسولهء ليقوى بها الجيش» ويتخذ منها العدة والأهبة» وكان ذلك إيذانا بما يجيء بعد ذلك من يوم الفرقان. ٠‏ ابتدئت السورة بالإشارة إلى ما كان من تساؤل حول الأنفال» ثم تكلمت بعد ذلك عن الاستعداد للالتقاء يوم الفرقان» وكانت أول العدة طاعة الله ورسوله» وامتلاء القلوب بهيبة اللهء وبيان أن المؤمنين المجاهدين إذا ذكر الله وجلت قلوبهمء وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناء ويتوكلون على ربهم إذا أعدوا العدة» ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة» وإنّ ذكر الماضى وإرادة تغييره يكون 51 الل 0 28 بالعمل والجهاد» وإنه يجب الصبر على فراق الأحبة» ومنع المجادلة فى الحق» قال الى : طعا عل وك مو يبل بلح وان ؤس لكاررن22) يحاون في الحق بعد ما بين كأنّمَا يساقُون إلى المت وهم يَتَظرونَ +420 . ثم يملأ الله تعالى قلوب المؤمنين إيماناً وهو من عدة النصرء « وإِذْ يَعدكُم الله إحدى الطّائفتين أَنّها كم وتودون أن غير ذات الشوكة تَكُونَ لَكم ويرِيدُ اللّهُ أن يُحقَّ الحق ينوط اير افر 00 بحواحق يطل وق رهنو > . ويبين من بعد ذلك الالتجاء إلى الله واستغاثته فاستجاب بإمداد الملائكة الروحى الذى جعله الله تعالى بشرى لهم ولتطمئن قلوبهم. ورزقهم الله الأمان فنامواء والنوم آمنين قوة» وأنزل الله تعالى من السماء ماء ليطهرهم بهء ويذهب عنهم رجس الشيطان» ويوحى رب العالمين إلى الملائكة أن يثبتوا الذين آمنوا فيشبتوهم» وألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب» وصار المؤمنون على استعداد للقتال يضربون فوق الأعناق» ويضربون منهم كل بنان؛ لأنهم عاندوا الله ورسوله وساقوه فليذوقوا ذلك البأس ومن بعد الثار. ثم يكون التحريض على القتال والثبات ايا يها الّذين آمنوا إذَا لقيئم الّذين كفروا نا اموه لاز 622 وس مولهم ترد ير إلا مرف لال أ مير ف فق ا بطب نالمعي 69 . وإنه بعد انتهاء المعركة التى كانت فيصل الحق بين قوة الإيمان والكفر» بَين الله أن ذلك كان بفضل الله للمؤمنين» وأنه هو الذى رد كيد الكافرين» ووهن تدبيرهم» وأنه سبحانه هو الذى جاء بالفتح وأمر من عنده» وأنه مع إرادة الله تعالى للنصر» لن تغنى عنهم فتتهم من الله سبحانه» وإن ذلك من طاعة المؤمنين لله وسماعهم لأآوامره» وأنهم لا يقولون سمعنا وعصينا. وقد بين الله بعد ذلك أن شر الدواب الذين آتاهم الله عقولاء فأصموا آذانهم عن الحق وتردوا فى الباطل تردياء وليعلموا أن الله هو المسيطر على القلوب للللللن حر لأ به يهتدون» ويتركهم إن ساروا فى طريق الغواية فيضلونء وبيّن أن الفتن إن جاءت تعم ولا تخص» وأن أشد الفتن أن يخونوا الله ورسوله ويخونوا أماناتهم» وأن التقوى حصن القلوب» وهى فرقان ما بين الحق والباطل» وبها يفرق بينهما. ويذكر الله تعالى بعد ذلك ما كان فى آخر إقامتهم بمكة إذ يدبرون لمحمد حبسه أو قتله. أو يخرجوه.ء ويمكرونء والله سبحانه يدبر له أمر هجرته» ويمَكْرَونَ ويمكر الله واللّه حير الماكرين 4:1 . ويذكر بعض ما كان المشركون ينالون بالباطل من القرآن» وما تلج به عداوتهم فيقولون مستهينين بالحق الذى يدعوهم الله تعالى إليه: « وذ قَالُوا الم إن كَانَ هذا هْرَ الْحقّ من عندك فَأَمطر عَلَينَا حجارة من السّمَاءِ أو اتنا بعدَاب أليم © 4 وذلك أبلغ التحدى والاستهانة بالحق فبدل أن يقولوا اللهم إن كان هذا هو الحق فاهدنا إليهء يقولون متحدين ١‏ فَأمَطر عَلَيَا حجارة من السّمَاء #» ولكن الله تعالى ما كان ليعذبهم والنبى كَكِدٌ فيهم قائم بدعوته. ثم يفرق الله تعالى بين المؤمنين الذين ينفقون فى سبيل الله والكافرين الذين ينفقون ليصدوا عن سبيله» وأن مآلهم جهنم» ويفتح الله تعالى لهم باب الرجاء والمغفرة إن يتنهواء وإن نهاية القتال هو انتهاء الفتنة فى الدين فإ وقاتلوهم حتَئ لا كو ف وَيَكُونَ الدين كُلهُ له إن انهو فإ الل بم يْملُوَ بصير +450 وإن قَولوا فَاعلَموا أن الله مولاكم نعم الْمولَئ ونعم النُصير +4421 . فى هذه السورة من أولها إلى هذه الآية»ء بيان القتال» وأن النصرة فيه بالتأييد من الله العزيز الحكيم والإيمان الصادق المستجلب لهذا التأيبد» فهو قوة المسلمين» وضعف المشركين من كفرهمء وأنهم ينفقون ليصدوا عن سبيل الله تعالى . بعد ذلك يتكلم الله تعالى فى توزيع الغنائم» فيقول: 9 وَاعَلَمُوا أَنْمَا متم من شيء فَأَن لله خُمُسَهُ وَللرّسُول ولذي القربئ والْيتَامئ والمساكين وابن السَبيل إن كنشم آمنتم له ون أن عل عنام ار يم فى اتاد وال حل عضي قر 41 . ا تفسير سورة الأنفال اا سوسس اه تحرس لد ويبين الله مواقع القتال يوم بدر الذى انتتهى بالنصر المؤزر» وإذ يربى الله تعالى قوة روح المؤمنين برؤية الأعداء فى المنام قليلا» «ولَو أَرَاكَهُمْ كثيرا لُفشام ولسازعتم في الْأمْر ولكن اللَّهِ سَلّم .. . 27 وإنه فى رؤية العيان تستقلونهم لتتقدمواء ويستقلونكم لأنكم فعلا قلة» وذلك ا ليقضي اللَّهُمرَا كان مقعُولاً . -20) . ويدعو الله تعالى إلى الثبات مكررا له؛ لأن الثبات فى الصدمة الأولى هو قوة الصبر كما قال النبى كَل : «إنما الصبر عند الصدمة الأولى)7" . ويدعو مع الثبات إلى ذكر الله تعالى؛ لأنه عدة الأتقياء»؛ وينهى عن التنازع حتى لا تذهب القوة. ولا يكن خروجكم بطرا بالمعيشة ورجاء الترف أو رثاء الناس فإن هذه هى مفاسد الجهادء ولا يصح أن يزين الشيطان لكم ويركبكم ويقول لكم: «إلا غالب لَك اليومَ من النّاس .. 4420 وإذ التقى السمعان قال إنى بريء منكم . وعندئذ يجد المنافقون سبيلاً إلى جموعكم » ويقولون : عر هَوُلاءِ دينهم .. 47 ؛ فاطرحوا الشيطان وغروره» وتوكلوا على الله وإن الملائكة يضربون وجوه الكافرين وأدبارهم عند موتهم؛ وقد ضرب الله تعالى الأمثال بآل فرعون إذ أخذهم الله بذنوبهم» وإذ كذبواء وإن الله تعالى: 8 لم يك مَغيْرا نَعمَة أنعمها علئ قوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم . . 422 . ومن بعد ذلك يعود إلى الجهاد»ء والوقوف أمام الأشرار وحربهم» سواء .. 4220 وإنه يجب أن يكون المؤمنون على حذر واستعداد ف وأَعدُوا لَهُم ما استطعتم مَن قو ومن رياط الْخَيْل ُو به عدو لله وَحَدوَكُم وَآخَرِينَ من ذوتهم لا تَلَمُوَهُم لها وا مني في سل هنمو لاطو 462 وان مع وجوب الاستعداد والإعداد «إ وإن جتّحوا للسلم فَاجتَح لَها وتوكل علَى اللّه .. 402 )١(‏ متفق عليه؛ من حديث أنس بن مالك عن رسول الله كله وقد سبق تخريجه. م تفسير سورة الأنفال ممالل ولا تنس التحريض على القتال» فيتجمع العهد مع الوفاء» والاستعداد للسلم وللحرب معاء ولابد مع ذلك من تأليف قلوب المؤمنين» فإنه أقوى أسباب النصرء وإن القوة المعنوية مع اتتلاف القلوب تضاهى الألوف لإ و إن يكن منكم عشرون صابرون يَغْلبُوا ماين وإن يكن سكم ماه َغُوا ألا من دين كَفروا . . +(42 . وإن أدخل فيكم ضعف بوجود المنافقين فيكمء وضعاف الإيمان فإنه فَإن يكن منكم ماله صابرة يغلبوا مائِين وإن يكن منكم ألف يْلبوا ألفين بإذن الله واللّه مع وقد بين الله بعد ذلك وقت الأسرء وهو بعد الإثخان فى الآرض» وعتب الله على نبيسه والمؤمنين أن كان لهم أسرى وأخذوا فدية؛ فقال: طإما كان نبي أن يكو له أسرئ حَى يفخن في الأرض ترِيدون عرض الدنيًا واللّه يريد الآخرة واللّه عريز حكيم 420 لولا كناب من ال سبق سكم فم حدم عاب مَظيم :220 فكوا ممًا دهم حَلال يا واو قوا الله لوحم 6322 ذا يها ليل لم في يكم م الأسر إن يع اله في لوم يرا تكُم حيرا مما أخذ مدكم ويَغفر لَكُم والله عفُور رُحيم 401 . هذا إذا أرادواء وإن يريدوا خيانة الرسول فقد خانوا الله من قبل. وبعد ذلك بين الله تعالى ولاء المؤمنين فقال تعالى: إن الأذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آردا رنصروا أولك بعضهم أولياء بعض, وَالّذين آمنوا ولّم يهاجروا ما لَكُم م من ولايتهم مّن شيء حت ل يهاجروا وإن استنصروكم في الدين َعَليكُمُ النَصْر إل علَى قوم بيَكم وبَينهُم مياق واللّه بما تعملُونَ بصير +4420 . وقد بين سبحانه أن الكافرين بعضهم أولياء بعض» فلا تربطنا بهم ولاية) وإلا تكن فتنة فى الآأرض وفساد كبير. وقد ذكر سنبحانه بعد ذلك وَالّذينَآمنُوا من بعد وَهَاجَروا وَجَاهَدوا مَعَكُم فأُولَك منكم وأُولُوا الأرحام بعض بَعْضْهُم أَولَئ ببَعْضٍ في كتّاب الله إن الله بكُل شيء عليم +4422 . هذه إشارات إلى ما اشتملت عليها سورة الأنفال» ولولا أنها سميت بذلك لقلنا إنها سورة من سور الجهادء والله سبحانه وتعالى أعلم. ظ ا تفسير سورة الانفال 1 م ممم اناالا !اااناللمل الالال الااط نان تالالا لللنط !ل االاان الت للاناا للك ططخ اناتططط لالطالا لااطلااا ا للتا طلا خالطلاا الالال «-حج وياز و 7 و ع ل مط عو مه 2- ىر يري رم عط ع ومن يسَلَونَكَعِنِ الأتفال قل الْأَتمَالَ لَه وا لرسول فَأتَقوا اله 52202 6س ساد سر هر اع لامر 09 ع مر وَأصَلِحذا بكم وأطيقوا أللّه ورسوا إن نتم له م و و سم َه حلت مَوّمِيينَ مين نيا إِنَّمَااَلْمْؤْموْتَ ب أَلَذِينَ ذا ذ كراللم 00 0 الي ا 7 اك عقن يشا نه َس 1 تَألصَّلوةو وَصمارْفهُم عر .عم > مالم 59 ًّ 0 ذه يقن © ولي ال دَحَقَاطَم دَيَجَتعِنْدٌ سساح | الخلا « ودر > حير رهم ومغفرة وررف 0 3-5 قال تعالى : « يُسأَلودَك عن الأنقال قُل الأنقال للّه وَالرسُول » الآنفال: جمع نفل بفتح الفاء» وهو هنا الغنائم» وسميت أنفالا؛ لأن النفل هو الزيادة» لأنها ليست فى مقابل» حتى تكون أجرة للمحارب كالمرتزقة من الجنود فى هذا الزمان» وإنما أجر المجاهد عند ربه» وثوابه ورضوانه أعظمء فهى زيادة على ثواب الجهاد, وقد جعلت الغنائم من خواص الرسالة المحمدية . كالفيء» وقد يطلق على ما نفله النبى كَكِلهِ من خمس الله ورسوله ليبعض المؤمنين» ومنه ما كان يعطى للمؤلفة قلوبهم» ومهما يكن ما يعطى من نفل غير ما يكون فى الجهاد.ء فإن الظاهر المراد من الأنفال الغنائم التى غنمت فى غزوةء فقّد جاءت قريش بخيلها ورجلهاء وكثير من مالهاء فآل ذلك كله للمؤمنين المنتصرين» فأخذ كل من المجاهدين ما عده حقا له دون غيره. وثبت فى الصحاح بعض الاختلاف» إذ لم يكن ثمة منهاج يتبع» ولم يكن لهم بهذه الغنائم فى الإسلام مشال يحتذى» فيروى الإمام أحمد فى مسنده عن عبادة بن الصامت أنه قال: «خرجنا مع رسول الله كك فشهدت معه بدراء» فالتقى الناس فهزم الله تبارك وتعالى العدو. فانطلقت طائفة فى آثارهم يهزمون ويقتلون» وأكبت طاتفة على العسكر؛ يحوزوله ويجمعونه, وأحدقت طائفة برسول الله يَكلِيِْ حتى لا يصيب اا تفسير سسورة الأنفال ل م العدو منه غرّة. حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم لبعض قال الذين جمعوا الغنائم : نحن جمعناها وحويناها فليس لأحد فيها نصيب» وقال الذين خرجوا فى طلب العدو: لستم بأحق بها مناء نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم» وقال الذين أحدقوا برسول الله يَلْهِ: لستم بأحق بها مناء نحن الذين أحدقنا برسول الله علد وخفنا أن يصيب العدو منه غرة» واشتغلنا به فنزل قوله تعالى: « يُسَأَلُونكَ عن الأنقَال 2274 ولقد حاول بعض المجاهدين أن يأخذ من الغنيمة قبل قسمتهاء فيروى الإمام أحمد عن سعد بن أبى وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخى عميرء وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه. وكان يسمى الكتيفة» فأتيت به نبى الله كله فقال: اذهب فاطرحه فى القبض -وهو المكان الذى تجمع فيه الغنائم- قال فرجعت وبى ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخى. وأخذ سلبى قال: فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت ١9‏ يسأَلودَكَ عن الأنقال 4 إلى آخر الآية»( . لم يكن بالمسلمين عهد بالغنائم ولا تقسيمهاء فاختلفوا فى ذلك» فأنزل الله تعالى أنها لله تعالى ورسوله يضعانها حيث تكون القسمة العادلة التى تجمع بين العدل والمصلحة». وقد أخذها رسول الله َك وقسمها حيث أراه الله. وهل قسمها قسمة الغنائم المنصوص عليها فى قوله تعالى: ظ وَاعَلَموا أَنّمَا عنم من شيء فأ له حْمْسَه سول ولذى القريئ واليتامئ والمساكين وابن السبيل 4 إلى آخر السورة!! يرجح بعض الرواة أنه لم تكن نزلت آية الغنائم فقسمها النبى وَل بين المحاربين بالسوية» ورجح الحافظ ابن كثير أنه قسمها قسمة الغنائم فى قوله تعالى : اراي سم سم « واعلموا أَنمَا متم من شيء فَأَنَ للّه خمسه وللرّسول للمملة 4. .)575165( مسند أحمد: باقى مسئد الأنصار- حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه‎ )١( : كما رواه مسلم‎ .)٠669( (؟) روآأه أحمد: مسئند العشرة المبشرين- مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص‎ .)17/44( السير والجهاد‎ تفسير سورة الأنفال صم للملا الل لل ١1ج‎ واستأنس لذلك بما روى عن على - كرم الله وجهه- أنه كانت له شارفتان أخذهما من الخمس؛ بمقتضى الآية الكريمة . ولقد قال الزمخشرى: إن من الخلاف فى الأنفال» أن المهاجرين طلبوها دون الأنصار؛ لأنها بدل عما اغتصب من أموالهم عند الهجرة» ولكن ذلك لا سند له من الرواية» فلعله قياس قاسه الزمخشرىء. ولعل عنده رواية ولم يذكر نقلها. بعد الإجابة عن التساؤل عن الأنفالء» وكانت بادرة خلاف» وإن كان قد حسمه الإيمان والجهاد واحتساب النية للهء وأن الأمر آل إلى أعدل العادلين وأحكم الحاكمين . ولكن الله تعالى دعا إلى الادراع بالتقوى» حتى يسد منافذ الخلاف ومثارات الشيطان فقال أمرا بكل ما يقضى على الخلاف فى موطنه» فقال تعالى: ل فَائَّقَوا الله وأصلحوا ذات بيدكم وأطيعوا الله ورسَولَه إن كسم مؤمنين 4 . أمرهم سبحانه بأمور أربعة وقاية من النزاع» وإبقاء للمودة : أولها - التقوى» فإن القلوب إذا امتلأت بالتقوى لم يكن للشيطان منفذء ولم يكن للخلاف موضعء و(الفاء) فى قوله تعالى: « قَانََّوا الله فاء الإفصاح؛ لأن المعنى إذا كان الأمر فى القسمة لله ورسوله» ففرغوا أنفسكم لتقوى الله» ولا تشغلوا أنفسكم بالمال وتقسيمه» فقسمة الله هى العدل والمصلحة معاء وهى العدل والحق والنظام . وثانيها - فى قوله تعالى: ©وأصلحوا ذات بِينكم »4 وهى الأمر الذى يربطكم» فليس الراد البين نفسه.ء إنما المراد ذات الرابط» وهو كما قلنا المودة الواصلة» ومعنى إصلاحه رعايته» وتعهده. بأن تكون المودة ملاحظة فى كل ما يربطناء فيكون الإيثار بدل الأثرة» والمحبة الموصولة بدل الحرص المفرق. الأمر الثالث والرابع - طاعة الله ورسوله بألا تجعلوا لأنفسكم إرادة بجوار إرادة الله» وأن تجعلوا الله ملء أسماعكم» وطاعة رسوله هى سنة حياتكم. ل تفسير سورة الأنفال للك .سم فى وقد بين سبحانه أن ملاحظة هذه الأمور هى نور الإيمان وموجبتهء ولا إيمان إلا كانت معه هذه الأمور؛ ولذا قال تعالى: إن كنتم مُؤمنينَ»4 أى إن كان الإيمان حالة نفسية ملازمة لكم. وقد قال الزمخشرى: (جعل التقوى وإصلاح ذات اليين وطاعة الله ورسوله من لوازم الإيمان وموجباته؛ ليعلم أن كمال الإيمان موقوف على التوفر عليها». تعالى : «إنما امون ال الذين إذر ذكر الله وجلت لوبهم وإذا تتا عم اانه رَادتَهم ذكر سبحانه صفات المؤمنين» فذكر صفتين معينتين» وعملين تدفع إليهما قوة الإعمان. أول الآمرين الأولين- ذكره الله تعالى بقوله تعالت كلماته: © الَّذِينَ إذَا ذكر اللهُ ولت قُلُوبِهِم 4. الوجل النوف منه والفزع إليهء فالله سبحانه هو مالك الوجود من استحضر عظمسته وجلاله وكبرياءه وملكوته خصافه وفزع إليه فى الملمات.ء وركن إليه مطمئنا إلى ساحته العظمى . فهو المخوف المحبوب المرجو فى الملمات؟؛ ولذا جاءت هذه الآية تقول : إن القلوب توجل لذكره» أى ثرهبه وتحس بعظمته » وتعتمد عليه وحده» وتطمئكن بالالتجاء إليه» كمن يخاف رجلا عظيماء فيرهب قوتهء وفى الوقت ذاته يطمئن إليه؛ ولذلك قال تعالى: 9 الّذين آمنوا تين وهم كر ال اير الو مين الوب لك © [الرعد]ء فهو المخوف .وقال تعالى جامعا بين وجل المؤمن واطمثتانه: « الله زّل أَحَسَن الحديث لم مر 02 5 ع عع يار ه كَابا متشابها ما مثاني تفشعر منه جلود لذن يخشون ربُهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكْر الله > 4 [الزمر]. ها تفسير سورة الأنفال لضي ممص 14 ييل وثانى الأمرين- ١‏ وإذا تليت عَلَيهِم آيائه رَادتَهِم إِهانَا © أى إذا قرئت عليهم الآيات القرآنية زادتهم إيمانً»ء فكل آية فيها نور مبين» والإيمان استضاءة بالنورء فكلما تعددت مشارق النور عم الضياء وازداد النظر إبصاراء كذلك آيات الله تعالى» كلما تليت عليهم آيه أضاءت القلب وازداد نور الإيمان فازداد إيمانّاء فزيادة الإيمان بزيادة الدليل وكثرته» دكل آية تقوى ناحية من نواحى الإيمان» «وإذا ‏ م أنِلَت اسورة فَمنهم من يقول أيكم َادنَه هذه انا َم الّذِين آمنوا قرادتهم إعانا وهم يستبشرون +239 4 [التوبة]. وهناك مسألة تثار» وهى زيادة الإيمان ونقصهء ونحن ممن يقولون إن الإيمان يزيد بتضافر الأدلة» وكثرة الآيات الموحية» فإنها تقويه وتثبته» وتزيل الريب والشبهات» وليست زيادة الإيمان إلا قوته ودعمه بالأدلة» وكل آية فى القرآن دليل قائم بذاته . وهناك أمر ثالث يتعلق بالأمرين السابقين» وهو و التوكل؛ ولذا قال تعالى: «وعلئ ربهم يتََكَلُونَ) التوكل على الله تعالى حق توكله يتحقق بعد اتخاذ الأسباب فى ثلاثة أمور: أولها- أن يحس بأنه مهما يكمل إعداد أمره فإنه لا ينتج ثمرته إلا بإرادة الله تعالى» فمن يظن أن الأسباب وحدها تنتج الآثر فقد ضل؛ لأنه توهم أنه يؤثر فى الإيجاد» وذلك وهم يفسد العقول. انيها- أنه ينفوض أموره لله تعالى وحده. فقدم الجار والمجرور على على الفعل أى لا ' يتسوكلون على ] أحد سوام وبهذا يكون التوكل عبادة من العبادات. هذه الأحوال النفسية للمؤمن» أما الأمور للعملية المدفوعة بأمور نفسية فهى إقامة الصلاة والإنفاق مما رزق الله تعالى: الّذين يقيمون الصّلاة ومما رزَقنَاهُم يُنفقون ‏ . اا تفسير سورة الأنفال لل لل للك م 414 ا وهاتان صفتان أو عملان لهما مظهر عملى» ولهما مظهر نفسى إيجابى أولاهما - إقامة الصلاة؛ أى الإتيان بها مقومة على وجهها من أداء الأركان الحسية مستوفاة» وأن تكون مصورة للمعانى الروحية من خضوع وخشوع» واستحضار لصفات الربوبية بأن يكون قائما بحق الله فيها كأنه يراه» مستشعرا الإحساس بأنه فى حضرة الله تعالى جل جلاله» وبذلك تتحقق للصلاة خاصيتهاء وهى أنها تجانب المرء من فعل السوءء كما قال: إن الصّلاة تنهئ عن الفحشاء وَالْْكَرٍ ولذكر الله أُكْبِرٌ ... :3م 4 [العنكبوت] » فليست الصلاة نقر كتقر الديكة. ولكنها تجرد لله تعالى» وانصراف» وقضاء وقت فى حضرته. والتعبير بالمضارع فى قوله تعالى: 9 يقيمون الصّلاة © يفيد المداومة عليها فى أوقاتها من غير تخلف؛ لأن التعبير بالمضارع يفيد التجدد المستمر الدائم» والمحافظة عليها من غير انقطاع. وإن الصلاة فريضة عملية مهذّبة تجريدية لله سبحانه وتعالى» وهى فريضة اجتماعية» لتأليف مجتمع متحاب متواد مترابط بصلات من الرحمة والتعاون» يجمعه الإلف الروحى والطهر والإخلاص والالتقاء عند الله تعالى فى كل يوم خمس مرات. ومهما يكن فالأساس فى أمر الصلاة أنها تهذيب روحى» وتأليف اجتماعى على الطهرء واجتماع على الألفة والمودة والرحمة. أما الزكاة فهى تعاون اجتماعى» وقد ذكر النبى كِْهِ أنها مغنم لا مغرم» لأنها تغنى الفقراء» وتدفع الآفات الاجتماعية الناجمة عن الفقرء ولقد قال تعالى: «( وما ررَقَاهم ينفقون 4 أى أن الزكاة من رزق الله تعالى» لا من فيهاء فالله هو المعطى وهو المنفق وهو الآمر وهو المكلف» فتقديم الجار والمجرور»ء لبيان الاختصاص أو القصرء أى أن الإنفاق مما أعطاه الله دون غيره» وفيه من الاهتمام بأنه من رزق الله الذى رزقه للأغنياء ليعطوا منه للفقراء» فالمال مال الله؛ والجميع عباد الله فهو يأخذ من مال الله ويعطى عباد الله. وإن الله اختبر بعض الناس بالمال وجعلهم مستخلفين» كما م تفسير سورة الأنفال .صم اللللللول للفلل بالل لل للك بريه لان قال تعالى فى آية أخرى: «/ وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه 7# » [الحديد] وأمرهم بالعطاء. واخمتبر بعض الناس بالفقر» وأمرهم بالصبر والعمل واحتمال البلاء . ولقد حكم الله تعالى للمؤمنين الذين وجلت قلوبهم عند ذكر الله؛ والذين يزداد إيمانهم إذا تليت آيات الله تعالى» والذين بعد إحكام العمل» لا يتوكلون إلا على اللهء حكم الله تعالى لهم بما كتب فقال: حكم الله تعالى لهم بأنهم المؤمنون حقاء أى إعمانا حقا صادقا ثابتا» وفى وصف الإيمان» أى لا مؤمن على وجه الكمال غيرهم» وهذه شهادة من الله تعالى بانفرادهم بكمال الإيمان» وكفى بالله شهيدا . وقد وصفهم الله تعالى بثلائة أوصاف هى صفات الكمال للمؤمنين: أولها- أن لهم عند الله درجات» والدرجات لا تذكر إلا للدرجات العلياء ومعنى لهم درجات #. أن السبق عند الله» وأنهم علوا على الناس بهذه الدرجات فهو بيان للتشريف كما نقول- ولكلام الله المنزلة - لفلان مكانة عندى فأى درجة أعلى من درجات عند الله. الوصف الثانى- أن لهم مغفرة أى أنه غفار الذنوب وقابل التوب يغفر لهم وذلك تقريب من الله تعالى لهمء فإنه تعالى يتجاوز عن سيئاتهم إذا تابوا وأنابوا» وتلك منزلة مقربة» وتثبت أنهم قريبون منه تبارك وتعالى. والشالثئة- رزق كريم» والرزق عطاء الله تعالى» وهو رزقان: مادى ومعنوى» فأما المادى: فهو عطاء الله فى الدنياء بحيث يغنيه عن الناس لا يجعل حاجته عند أحد» بل تكون حاجته عند الله والمال نعمة لمن أحسن تحصيله»: فلم ينله إلا من حلال» ولم ينفقه إلا فى حلال» والنبى يَللِْةّ قد ورد أنه قال: (نعم المال الصالح للمرء الصالح)7©. .)1١ا1/١95( رواه أحمد : مسند الشاميين - حديث عمرو بن العاص عن النبى يكل‎ )١( مامالل 0م حب أ والمعنوى: هو رضا الله تعالى وتغمده برحمتة فى الآخرة» بالنعيم المقيم وإبعاده عن العذاب الأليم؛ فهذا رزق» ومن الرزق المحامد»ء وأن يقول أهل التقى فيه الخيرء ولا يقولون إلا خيراء ومن الرزق الكريم ألا يوفق لعمل السوءء ولا يوفق إلا للخير. ووصف الرزق بالكريم يفيد أنه لا يكسب إلا بشريف الأعمال» ولا يتدلى فى طلبه إلى حيث الأشرار» ولمعنى أنه يرزق من خير» ولا ينفق إلا فى خيرء ولا يكتسب إلا من مكان كريم» والله يرزقه من حيث لا يحتسب. مقدمات يوم الفرفان له له له لح سه جح ساس سه له 7 ل 2 ورج سه مْييكَ الي وَِنَعرِبِعَابنَالْمُوْمِينَلْكَرهُونَ 2 01 . 9 م2 يه ع 12011 جدلونك و لْحيّبََدَمَابنَ كما مسَافودإك اموت الئل سيم م سر هه م3 لود إذ م ل سَمإِحَدَىالطا يفنين أنها وو درت أدَعيرََا ِآلشَوَكةٍ ع ل ب كمه ويفطمَ رفريس و م خسري دورو د ورور إدلاةه مر صرت 2 وي بحل لق وب ١‏ طلا لستطلو1 © ره الْمجُرمُوت / الآيات بعضها متصل ببعض» فهذه الآيات متصلة بما قبلها فى النسق والبيان وال موضوع» إذ كلها فى مقدمات غزوة بدذر والسير النفسى حتى تصل إلى نهايتهاء وقوله تعالى: «( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ون فريقا مَن المؤمنين لكارهون » . 2 ا تفسير سورة الأنفال الا ااانا ااا ال لاطا تالالا ااا ما موضع "كما» فى التشبيه» ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى عدة تفسيرات كلها تحتملها الآية» فذكر أنها متصلة باختلافهم فى الأنفال» وأن الله تعالى انتزعها من أيديهم على رغبتهم فيها كذلك لإ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق 4 بالأمر الثابت طون فريقا من المؤمنين لَكَارِهونَ » يقول الطبرى فى توضيح هذا المعنى: «ومعنى هذا أن الله تعالى يقول: كما أنكم لما اختلفتم فى المغانم» وتشاححتم فيهاء فانتزعها الله تعالى منكم وجعلها إلى قَسمَة» وَقسمٍ رسول الله كك فقسمها على العدل فكان هذا هو المصلحة التامة لكمء وكذلك لا كرهتم الخروج إلى الأعداء من قتال ذات الشوكة» وهم النفير الذين خرجوا لنصر دينهم» وإحراز عيرهم فكان عاقبة كراهتهم للقتال بأن قدره الله لكمء وجمع به بينكم وبين عدوكم على غير ميعاد رشدا وهدى ونصرا وفتحاء كما قال تعالى: ف وعسئ أن تكرهوا شيئًا وهو خير لَكُم وعسئ أن تُحبُوا شينًا وهو شر لَكُمْ والله بعلم وَأسُمْ لا تَعلمون ني 4 [البقرة] . وخلاصة المعنى أن الله يختبركم الآن كما اختبركم فى الغنائم» فقد أخذها منكم وتولى النبى كَْةٌ قسمتها بالعدل والمصلحة» كذلك اختبركم» فأخرج النبى كك لذات الشوكة والمصلحة 9 ون فريقا مَن الْمؤمنين لَكَارهون » . ونرى أن هذا التخريج مؤداه أن الله اختبركم بمنع نفوسكم من المشاقة فى امال ترويضا على الصبر على هوى النفسء» وقمعها عن شهواتها استعنادا للقتال كذلك اختبركم بحمل أنفسكم على ما تكره ابتلاء بالصبر على المكاره» كما اختبركم بالصبر على رد هوى النفس» فكلاهما لابد منه للجهاد. ويذكر ابن جرير وجها آخرء فيقول: «قال آخرون معنى ذلك: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق على كره من فريق من المؤمنينء كذلك هم كارهون للقتال» فهم يجادلونك فيه من بعد ما تبين لهم أنه الحق». ومؤدى هذا أنهم وجد فيهم حال تردد أو على الأقل كراهية للقتال مرتين: مرة عندما أخرجك ربك من بيتك بالحق وهو الأمر الشابت الذى قامت الدواعى إليه وكان ذلك للعيرء ومرة أخرى عندما تعين القتال» وصار الأمر للنفير لا تفسير سورة الأنفال و ررربااتت 0 يي نبب 1 للعيرء وإنى أميل إلى التخريج الثانى لأنه يساوق اللفظ ولا يحتاج إلى تأويل» ولا تأباه الألفاظ» ومؤداه أنه كما وجد فريق من المؤمنين كاره للخروج من بيتك لتتبع العير»ء وجدت كراهية القتال عند إرادة الحرب» ويكون قوله تعالى: كما أخرجك ربك من بيتك 4 متعلقا بقوله تعالى: يجادلوتك فى الحق بعد ما تبن كَأنَمَا يساقُون إلى الموت وهم ينظرون 4 . ونقف هنا عند أمرين: أولهما- أن الله تعالى ذكر الحق بالحق مرتين: أولاهما- « كما أخرجك ربك من بيتك 4 أتى بالأمر الثابت الذى هو الحق فى ذاته» والحق فى رفع شأن الدين» والحق فى مصلحة المؤمنين» والحق فى أنه أمر الله تعالى وإرادته» وأن النبى كَكْلْةِ ما أراده من ذات نفسهء وإنما أراده الله تعالى له» وهو ربه الذى خلقه ورباه وهو أعلم بمصالحه ومصالح المؤمنين والإسلام» وإعزازه تعالى كلمة الحق» وجعل كلمة الذين كفروا السفلى» وكلمة الله هى العليا. انيهما- عندما ذكر الجدال فى قوله تعالى: يجادلوتك فى الحق بعد ما تبيّن كَأَنَمَا يساقون إلى المؤت ٠‏ وهم ينظرون 4 . وبدا لهم النفير» فيدل أن يلقوا عيرا ينقلوهاء لقوا جيشا يقاتلونه» وذلك هو الحق الثابت الذى فيه الشوكة إن انتصرواء والصبر عند الصدمة» وقد جادلوا فى هذا مع أنه صار أمرا لا مناص منه. وفى الحق كانت قوة الكفر مسيطرة» وما كان للمؤمنين قبل بها لولا تأييد الله تعالى ونصرته» فالخوف كان لا بد منه» وليس الشجاع هو الذى لا يخاف» إنما الشجاع هو الذى يقدر قوة عدوه ويخافهاء ولكين يدبر للقائهاء ويعمل على التغلب عليهاء ولقد كان جدلهم فى هذا منشؤه المحافظة على النفس كجدلهم حول الغنائم فمنشؤه الرغبة فى الموت. ا تفسير سورة الانفال .سم لل وقد قال الله تعالى فى تصوير خوفهم وتقديرهم للّقاء : ( كأئما يساقون إِلَى المت 4 فقد شبه سبحانه وتعالى حالهم بحال من يساق إلى الموت» وهو مشدوه ناظر إليه» متوقع له كأنه يراه رأى العين» وأنه نازل به لا محالة. ولقد تجسم لديهم الخطرء كأنه نازل بهم لا محالة» ولا منجاة منه» وإن رضوا بالفداء فالله سبحانه وتعالى يبين لهم أن ثَمَةَ خطرء ولكن ثمة أيضا وعد الله تعالى بالنصر والتأييد وثمة الإيمان الثابت الذى تزلزلت معه الجبال ولا يتزلزل. وإن الله تعالى يدعوهم فى هذا إلى الصبر والاطمئنان إلى وعد الله تعالى وإن النبى يَلكِْةٌ كان يبث فيهم روح الاطمئنان والأمن» ولكنه كان يريد أن يتثبت من اعتزامهم اللقاء وطلبهم للنصرء وطاعتهم له. ويروى الحافظ ابن كثير وأصحاب الشّير الصحاح أنه لما بلغ النبى يَكَهٌ خبر فرار العير إلى سيف البحرء ومجيء جيش المشركين وكان النزال لابد منه أراد كله أن يتثبت من جيشه فاستشار من معه وأخبرهم عن قريش . فقال أبو بكرء فأحسن القول» ثم قام عمر فقال فأحسن. ثم قام المقداد بن عمروء فقال: امض يا رسول الله لما أمرك الله به فنحن معك» والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: 9« فَاذْهَبْ أنت ورك فقَاتلا إن هاهنا قاعدون :> 4 [المائدة] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون» فوالذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (مدينة بالحبشة) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. فقال رسول الله َيِل خيرً» ودعا له بخير. ثم قال رسول الله كِِ: «أشيروا على أيها الناس»» وإنما يريد الأنصار» وذلك أنهم كانوا عدد الناس» وذلك أنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى دارناء فإذا وصلت إلينا فأنت فى ذمامنا تمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءناء» وكان رسول الله يتخوف من ألا تكون الأنصار ترى عليها نصرته إلا تمن دهمه بالمدينة من عدوه» وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى با تفسير سورة الأنفال لوو الال لوول وم حي ل عدوهم من بلادهم» فلما قال رسول الله يِه ذلك. قال سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قال: «أجل». قال: فقد آمنا بك وصدقناك ٠»‏ وشهدنا أن ما جئت به هو الحق» وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة» فامض يا رسول الله كما أمرك اللهء فوالذى بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحرء فخضته لخضناه معك؛ ما يتخلف منا رجل واحدء وما نكره أن نلقى بك عدونا غداء إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاءء ولعل الله تعالى يريك منا ما تقر به عينك» فسرٌ بنا على بركة الله تعالى» قَسُّرًَ رسول الله يكل بقول سعد ونشطه» وقال: «سيروا على بركة الله1(0' . انظر إلى حكمة القائد المحنك لا سير إلا بعد أن يعرف أن إرادة جيشه قد جد جتمعت على الخرب. «وإذ يعدكم الله إحدى الطَائفتين أَنّها كم وتوذون أن غير ذات الشوكة تكون لَكُم ويريد لله أن يحق الْحقَ بكلماته ويَقطع دابرَ الكافرين )لي قّ الْحَقَّ ويبطل الباطل ولو كره المجرمون 22> 4 . لقد أراد الله تعالى أن يعز الإسلام» ويضع الحواجز المانعة من أن يستمر الشرك فى غيه»ء لقد طاوله النبى يَكِلِه وصابره فى مكةء وتحمل أذاه حتى كون الله للإإسلام شوكة فى المدينة دار الإيواء والنصرة» فكان لا بد من بعد ذلك من وضع حد للطغيان» ووقف للفتنة فكان لابد من القتال. كانت عير لمككّة تذهب إلى الشام وتمر على المدينة أو على مقربة من المدينة وكانت فيها أموال كثيرة لقريش» فأراد النبى يِه أن يأخذها المسلمون بدل الأموال التى أخرجوا منهاء ولأنه لا سلم بينهم ) ولأنهم أباحوا دماء المسلمين فى مكة وأموالهم» فكان حما أن تباح دماؤهم وأموالهم» خرج نحو ثلاثمائة لمصادرة العير» فانفلت بها الملشركون وعلى رأسها أبو سفيان» ولكنه كان قد أرسل إلى مكة يستنفرها لتحمى عيرهاء فنفرت بجيش كبير اتجه إلى بدر» ومع أن العير قد نجت فقد أصر الحمقى من المشركين على غزو المدينة» ونسوا الآل والرحم فكان اللقاء أمرا لابد منه. . 51١صءاج‎ : وتاريخ الطبري: ج١؛ ص 45» وقصص الأنبياء‎ 25١ البداية والنهاية : ج4 » ص‎ )١( ١و‏ ل تفسير سورة الأنفال ااالسا لا ملاتا تاتالا لت الالال اال الل مالالا حر ا ولقد كان بعض المؤمنين» وخصوصا الذين أخذت أموالهم يودون العيرء ولم يريدوا القتال لأنها غنيمة أتت إليهم» وأنفلهم الله إياهاء ولأن القتال كره لهم والنفس المؤمنة رقيقة تكره الدماء» وكما قال تعالى: إ كتب عَلَيَكُم القتال وهو كره لَكُم # [البقرة: 7١؟]‏ وإن كان خيرا فى مثل حال المشركين معهم ولذلك كانوا يودون العير» لا الحرب» وتلك هى الفطرة» وقال تعالى: «( وإذ يعدكم الله إحدى الطّائفتين أَنّهَا لَكُم وتودُون أن غير ذات الشوكة تكون كم 4 . وعد الله تعالى إحدى الطائفتين إما طائفة العير وإما طائفة النفير» والطائفة هنا الجماعة» والمراد هنا جماعة العير يأخذونها بما معها من مال» أو جماعة الحرب يقتلون ويأسرون فيهمء ويغنمون أموالهم» ولكن فيها الشوكة والقوة وإذلال المشركين . وهم يودون السهلة الهيئة الخالية من الدماء» ولكن ليس فيها شوكة» ويختار الله تعالى لهم ما فيه الشوكة. وعبر عن القوة بالشوكة على سبيل المجاز؛ لأن نتيجة الحرب ستكون رهبة للمشركين تجعلهم يتحفظون فى معاملة المسلمين» ولا يقدمون على إيذائهم إلا إذا أقدموا على أمر خطير يشوكهم قبل أن ينالوه» فلا يكون طّعمة تؤكل أو تنتهز الفرص لأكلها. وقد عبر الله سبحانه وتعالى عن إرادتهم العير بقوله تعالت كلماته ترود أن غير ذات الشركة و4 أى تودون السير وهى تعطيكم سالاء ولا يكون لكم بأخذها قوة ترهبهمء فهى ما لا حماية ولا عزة فيهاء وعبر سبحانه وتعالى عن إرادتها بقوله: 9 وتودون» أى تحبون مائلين للعير» للمعانى التى ذكرناها. / تفسير سورة الانفال ال اميل م 1 جم وفى هذا التعبير إشارة إلى معنى من معانى العتب» وتنبيه إلى أن الواجب هو طلب القوة» من كان المشركون يستضعفونهم» فيبدل الله تعالى من خوفهم أمناء ومن استضعافهم قوة» وتمكينا فى الأأرضص؟ ولذلك يقول الله تعالى : و لأ يح فخ بدا وفع دير لفوة». عبر الله تعالى بقوله يودون فى جانبهم» وعبر بقوله «يريد الله» دون ايود) للإشارة إلى أن ذلك من جانب الله إرادة» وإرادة الله نافذة وهى المصلحة وهى الخيرء وكان التعبير فى جانبهم بقوله: 8 وتودون * للإشارة إلى أنه مجرد ود ولم يصر إرادة. وكيف يريدون ما لم يرد الله تعالى» وكيف وهم المؤمنون حما وصدقاء وإرادة الله إعلاء لهم وميلهم ميل إلى ما هو أدنى . وقد عبر سيحاأنه عن إرادة الشوكة والقوة بقوله: #ليحق الحق» أى أراد سيحانه وتعالى ذات الشوكة. ليقوى الحق ويشبته ويؤيده ويؤكدهء وليكون له الكلمة العلياء» وتكون كلمة الذين كفروا هى السفلى» فمعنى إحقاق الحق إعطاؤه الله تعالى نتيجة إحقاق الحق وليقطع دابر الكافرين؛ وذلك لآن نصر الحق وإعلاءه خَيْص217 للكفر شيئا فشيئاء حتى تذهب قوته ليجتث من أرض العرب اجتثائاء وعبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله تعالت كلماته : «( ويقطع دابر الكافرين 4 الدابر هو الخلف» وعبر بذلك كناية عن أن لا يبقى من الكافرين من يجهر بكفره» ويعاند الله تعالى» ويستعلى عليهء وذلك فيه تشبيه للكفر بالجيش الذى يولى مدبرء ويقاتل بقناه('» حتى يقضى عليه بقطع أدباره والقضاء عليه. هذا ما أراده الله تعالى » وذلك ما كانوا يودونه» وقد أراد الله تعالى لهم العزة» فكان النصر المؤزر» وكانوا قليلاً فكثرهم الله وقوله: بكلماته # أى بالقرآن الذى هو حجة, فالتأييد تأييد للقرآن الكريم. ثم أكد سبحانه معنى تأييد الحق. فذكر أنه سنة الله فى تأييد الإيمان. وإبطال الشرك وهو الباطل: فقال عز من قائل : )١(‏ أي القضاء عليه شيئا فشيئاء» من خبيص خبصا: مات . لسان العرب. ا تفسير سورة الأنفال م ل 00000000 [ 1[ 1[ 1ذ 2351011 لاليحق الحق ويبطل الباطل» . (اللام) هنا لام العاقبة» وهى تدل على الباعث على القتال» و(الحق) هنا هو الدين الثابت» و(الباطل) هو الشرك المفترى» والمعنى لتكون عاقبة القتال الذى هو الحق المؤيّد للحق الذى أراده الله وهو ذات الشوكة أن يثبت الحق ؛ لوت دائماً مسعهرا ما دام أهل الإيمان مستمسكين» ويبطل الشرك وهو الباطل مستمراء ولو كره المجرمون +(+ الي# ولو كان ذلك رغم المجرمين الذين يجرمون فى الأرض فيفسدون فيها ولا يصلحون ونجد هنا أن المجرمين مكرهون على قبول بما يقع» ولو كان وبالا. وعبر هنا بالمجرمين» وفى الآية السابقة بقة بقطع دابر الكافرين» وذلك لتنوع عنادهم وتعدد صوره؛ فهم كافرون لجحودهم مع قيام البينات» وهم مجرمون مفسدون لفتنتهم المؤمنين» فإذا كان الكفر تعدياً على أنفسهمء وهم به كافرون» فالفتنة تعد على غيرهم» وهم بها مجرمون. والحق الذى أحقه الله وثبته هو الجهاد وطلب ذات الشوكة» ولذا اقترن بها قطع دابر الكافرين» والحق الثانى هو الدين الحق. وتئبيته وإبطال الباطل) وهو منع الفتنة» كما قال تعالى: © وقاتلوهم حتّى لا تكون فتن ويكُون الدين كله لله 4 [الأنفال: 9"”]. الملحعركة 20 ًا 5 4 حرء عد ىو ؤس ع مَستَخِيِيُونَ ربكم سسا ا فى ممد بالف 201311 53 8 يي ا ا ل و 0 مه منَاْلْمليكة م أ ا و جهن لابشرى راس _- 0 2 7 77 7 02007 عر اه و 2 مَاَلكيَمُ ( مننرا تنه وي 4 0 2 و 0 7 ير 0 00 ل آ#ه ع و مولس ريدت جر هر يك 0 53 يي و يريط عل فلو ب يحم يت تيدأ لأقدا 1 22228 ذهو رَبك إل الْملتِكة أن مع فكَييوا أل م تفسير سورة الأنفال م لل ١س‏ كان النص القرآنى السامى يحث المسلمين على أن يطلبوا الجهادء بطلب الطائفة ذات الشوكة» والنبى كَل أمامهم يستحثهم ويستوثق منهم» حتى لا تغلبهم الدنية فى دينهم» وقد ظهر أنهم يودون غير ذات الشوكة» حتى إذا دنت الواقعة كان مع الاستعداد بالقلوب» والاطمئنان كان لابد من الالتجاء إلى الله تعالى ليكون الغوث» وليكون النصرء فهم مؤمنون» وليسوا مغرورين؛ ولذلك لابد من الالتجاء إلى الله وخصوصا من الرسول الذى أحس بأن عليه العبء الأكبرء فاستغاث هو ومن معه بالله» وكان هو أظهرهم.قال تعالى : إِذ غنود ربكم فَاسَجَاب لحم أني مُمدكُم بأْفِمْن اْملائكة مردفين 4>31 . والاستغاثة طلب الغوثء و ١‏ إذ» ظرف يكون للماضىء وهوهنا للماضى المتصل بالحاضر» كما فى قوله تعالى: ل وَإذَ يَعدكم الله إحدى الطَائفتين أنّها لَكُمْ . .4422 وجاء المضارع بعدها لتصوير الاستغاثة وأنها كانت التجاءٌ متجددا مستمرا لله تعالى. وقد روت السنّة استغاثة النبى يِه وقد كانت ضراعة له سبحانه وتعالى» وروى مسلم والإمام أحمد » وغيرهما من الصحاح عن عمر بن الخطاب أنه قال: «للا كان يوم بدر نظر النبى كَكلَِهٌ إلى أصحابهء وهم ثلاثماتة ونيف» ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة» فاستقبل النبى َلك القبلة» وعليه رداؤه وإزاره» ثم ها تفسير سورة الأنفال 0 لل ليل ل يآ !1 1[ ! !1 [ [ [ 1 1 1 27*705111ظ2ظ2”2 1 قال: : «اللهم أنمز لى ما وعدتنى؛ اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض أبدا» فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه عن منكبيه. فأتاه أبو بكر فأخذ رداءمى ثم التزمه من ورائهء ثم قال: يا نبى الله كفاك مناشدتك ربك» فإنه سينجز لك ما وعدك)7' , هذه هى استغاثة رسول الله يَلُوٌ» وهى استغائة من معهء فهو إمام الصلاة استغائته استغاثة لهم. كما أن الإمام قراءته قراءة للمأمومين» وإن النبى كَللِدِ عندما اتجه إلى الاستغاثة اتجه إلى القبلة» وكأنها صلاة» يمم وجهه فيها شطر المسجد الحرام . وقد استجاب الله تعالى لاستغاثة نبيه» فقال تعالى: © فَاسِتجَاب لَكُم أَنَى ممدكم بألف من الْمَلائكة مردفينَ 4 . (الفاء) للعطف الدال على الفورية» أى أن الإجابة كانت فور الدعاءء وكذلك دعاء النييين ومن معهم من الصديقين والشهداء والصالحين. والاستجابة بالسين والتاء هى شدة الإجابة كأحسن ما تهاب به الاستغاثة؛ لأنها استغاثة لله تعالى فهى إيمان لأجل قوة الإيمان وعزة المؤمنين» وقرنت الإجابة بما يدل على قوتهاء فهى من ربكم الذى يكلؤكم» ويرعاكم» وذكر الاختصاص أ قوله سب حانه : «لكم 4 أى الإجابة لكم أنتم من ربكم ولا إجابة لغيركم كم على اقء وتدعون للحق. مردفين 4 هنا ثلاث قراءات فى الف ١‏ فقرى ب (الف)ء ويكون الإمداد بألف , من الملائكة على قدر عدد المشركين» فإنه إذا كان عددكم ثلاثمائة ونيفا وعددهم ألفء فقد أمدكم الله تعالى بألف من الملائكة» فيكون العدد فى الحسبة متساويا أو تزيدون. )00( رواه مسلم : الجهاد والسير- الإمداد بالملائكة في غزوة بدر(1975)» والترمذي: تفسير القرآن- ومن سورة الأنفال812 ١‏ )2 وأحمد: مسند العشرة- أول مسئد عمر بن الخطاب رضى الله عنه 0 عن ابن عباس » عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم. با تفسير سورة الأنفال لل و أ حب أ وهناك قراءة أخرى ب (آلّف)» جمع ألف» على وزن أفعل» وبذلك لا يكون العدد محدودا بل بألوف» وذكر الزمخشرى قراءة ثالشة وهى (آلاف)» والرسم الإملائى العثشمانى القرآنى غير المنقوط والمشكول يحتمل القراءات الثلاث . و«مردفين» أى متتابعين» مشتقة من أردف» وهى لغة فى ردف وتقرأ بفتح الدال وهى قراءة 0 والمعنى أنهم جاءوا وقد أردف بعضهم ببعض . ريب» ولا-تناقص بين الإمداد بآلاف» أو بآلاف» فالمراد جنس الألف لا تعيين العدد. ولكن الثابت فى الصحاح أنه كان إمداداً من غير أن يتعرض لبيان أنهم كانوا بصور إنسانية أم لم يكونواء وهذا ما نراه. وإذا لم تكن ثمة صور أو أجسام إنسانية » فإننا نقرر أنه كان إمدادًا روحياء الشيطان» وهذا بلا ريب من إمداد الله بالملائككة» فهو حقيقة ثابتة» وإنه يؤيد أن الإمداد روحى- آمنا بحقيقته وجهلنا كيفيته- قوله تعالى: وما جَعَلَه الله إلا بشرئ 4 . الضمير يعود إلى المصدر المشتق من (تمددكم). أى أن ذلك الإمداد كان روحانيا فيه بشرى أى تبشير لكم بالنصر وإنه آت لا ريب فيه» وفيه أمن للقلوب» ولتدخل الحخرب مع رجاء النصر 3 فرجاء النصر والاطمئنان إليه مع أحل الأهبة )١(‏ (مردفين) بفتح الدال» قراءة نافع وأبي جعفر ويعقوب» وقرأ الباقون بالكسر. غاية الاختصار- الهمدانى(؟97). اا تفسير سورة الأنفال 2 لل 010100 ا نصر على النفس »2 وابتداء النصر اطمئئان النفس فلا تفزعء ولا تهاب» ولا تحور؛ ولذا قال سبحانه. « ولتطمئن به قلوبكم»» فلا تجرع فتقدم فى غير خوف ولا وجل » وإنه وحده الناصر فما كان الإمداد بالملائكة 3 والإخبار به إلا لتطمئن القلوب. وإنه بعد اتخاذ الأسباب لا يكون النصر 9«إإلاً من عند اللّه 4 العزيز الحكيم أى الغالب الذى يدبر لكل شىء وبأمره سبحانه وتعالى . وفى الآيتين الكريمتين إشارات بيانية تليق بكتاب الله معجزة الوجود الإنسانى كله : أولاها - تأكيد الإمداد بالملائكة تلك القوى الروحانية التى تبشر و فقد أكدها بالتوكيد بأن فى قوله تعالى: «إأَنَى ممدكُم 4 وبإضافة الإمداد إليه وثانيها - بالجملة الاسمية الدالة على البقاء والاستمرار. وثالئها - الحد بألف الذى يوازى عدد المشركين أو يزيد» وهو على القراءات الأخرى أضعاف عدد المشركين . ومن الإشارات البيانية- ضرورة الاعتماد على الله بعد أخذ الأهبة وإعداد العدة. فقد قال تعالى: فإ وما النصر إلا من عند اللّه إِنْ الله عزيز حكيم © فقد قصر النصر مهما تتوافر أسبابه على أنه من عند الله فلا نصر إلا منه» والقصر بالنفى بما يزكى هذا القصره فهو العزيز الذى لا يغلب» وهو الحكيم الذى يدبر الأمور بحكمته ومن مقتضاها أن ينصر الحق ويخذل الباطل» فهو وحذله ناصر الحق دائماء وتأكيد ذلك ب (إن) والجملة الاسمية. وبين لله تعالى أنه أفاض الأمن والاطمئنان» فقال تعالى: ( إِذ يَُيكُم اماس أمَ مه ويل علكُم من السماء ما هركم به ويذْهب عدكم رجز الشيطان وليربط على فُُوبكم يقبت به الأقدام . | تفسير سورة الأنفال 1كا1 !1111لا اللالا الالال لالت تاللا للا انا خنط لط طاطخ لان اننال نلخا لاا اناسنا نالخلا لاض لاخلخلا ططط نطو خخ طالخ ططخ ططخ خط شاللا و 11 مت يقال: غششّاهء بمعنى غلبه النوم» و(غَشَى) ك (أَغََشَى) يجوز فيها التعدية بالتضعيف وبالهمزة» كقوله تعالى: « فََعْشِينَاهُم فَهم لا ينصرون 4437 [يس] وكقوله تعالى : 9 فَمَشاها مَا عش 2200 قبأيَآلاء رَبّك تتَمَارَى +227 4 [النجم] . وغشاهم الله تعالى بالنعاس أى وضعه على عيونهم كأنه غشاء من نعاس. ونعاس مفعول ثان. وظأَمنَة مصدر أمنء والمعنى غشاهم الله تعالى بالنعاس آمنين» أى لأجل أن يكون ذلك أمنا لهم من المخوفء أى للدلالة على أمنهم واطمئنانهم» فإن النعاس أمن وقرارء وبعد عن الهمء فمع القلق السهرء ومع الأمن النوم. وإن النعاس عند الإقدام على أمر مهم يقوى النفس» ويشحكذ العزيمة) ويذهب القلق والاضطراب؛ وهو آمارة الاطمئنان» وقد أنعم الله تعالى على المؤمنين» ليلتقوا بالأعداء آمنين مطمئنين راجين النصرء محسين بتأبيد الله ومحسين بأن الحق معهم. ولقد قال علي -كرم الله وجهه- فى ليلة بدر: "ما كان منا إلا نائم إلا رسول الله كوا . والنعمة الأخرى التى ثبت الله تعالى بها قلوبهم نزول المطرء فقد قال تعالى: « وينزّل عليكم من السّماء مَاء 4 فقد كان لملشركون فى مكان فيه ماء. ولم يكن عند المؤمنين ماء فغلب عليهم الظمأء فوسوست فى بعضهم الوساوس» فأنزل الله سبحانه وتعالى الماء حتى سال الوادى» وملأوا الأسقية وسقوا الركاب» واغتسلوا من الجنابة فجعل الله ذلك الماء طهوراء وثبت به الأقدام إذ لبّد الله به الأرض» ويقول الحافظ ابن كثير: «وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة فبعث الله تعالى المطر عليها فضربها حتى اشتدت وثبتت عليها الأقدام» . وهذا قول الله تعالى: 9 وَيترَلَ عَلَيْكُم مَنَ السماء ماء ليطهركم به ويذهب عَنَكُم ِجْرَ الشيطان وليربط عَلَى فلوبكم ويعبَت به الأقدام 6 . فالماء الذى أنزله الله تعالى سقوا منه» وكان طهورا أذهبوا به رجز الشيطان وهو الجنابة» وطهروا حسا ومعنى» وربط الله تعالى به على قلوبهم» وثبتهم م تفسير سورة الأتفال 0 لاا 5 ع - رز وأذهب عنهم وساوس الشيطان» ولبدٌ به الأرض وثبتت عليها الأقدام» فلا تغوص فى الرمال» وإن هذا الماء كان وبالا على المشركين فقد انهمر حتى دعثر(١؟‏ عليهم الأرض وصارت الأرض لا تقوى على تحمل أقدامهم . هذا كله تأييد حسى من الله اقترن به اطمئنان وذهاب القلق» والطهرء وهو يزيد النفوس اطمئثنانا. وقد كان بجوار ذلك تثبيت الله تعالى بالملائكة فقد قال تعالى: « إذ يوحى ربك إِلَى الملائكة أتَى معَكُم فبَُوا الذي آمو سألقى فى قُلُوب الذدين كقروا الرعب فَاصرِبُوا قوق الأعتاق واضربوا منهم كُل بان 4 . موقعة الفرقان هى موقعة الحق أيدها الله» واتخذت كل الأسباب لهاء والله تعالى يؤيد بنصره من يشاءء أيدهم الله تعالى أولا بالمدد من الملائكة الذى كان بشرى واطمئناناء وأيدهم ثانيا بأن الله مع المؤمنين والملائكة» وأيدهم ثالثا بأن أمر الملائكة بأن يثبتوا الذين آمنواء وأيدهم رابعا بأن ألقى الرعب فى قلوب الكافرين» وأيدهم خامسا بأن كان الضرب فوق أعناقهم» والضرب فى الأيدى التى تقتل . «إذ4 فى قوله تعالى: ل إِذْ يوحى ربك إِلَى الملائكة أنَى مَعَكُم 4 هى للماضى المتصل بالحاضرء والمضارع للدوام المتجددء أى اذكر أيها النبى ومن معك. وحى الله تعالى المستمر الذى لا ينقطع إلى الملائكة أن الله معكم أيها الانكة فى تابيدكم للمؤمنين فهر سيحانه جل جلاله فى ملكوته الأعلى معكم فى تأييد المؤمنين وتثبيت قلوبهم» (١‏ فنبتوا الّذِين آمنوا 4 و «الفاء» هنا للإفصاح عن شرط مقدرء والمؤدى: إذا كان الله معكم فى هذا التأييد فثبتوا الذين آمنواء أى قووهم معشر أرواح الله. واملأوهم بروحانيتكم لتمتلئ قلوبهم بروح من عند الله» وإحساس بعظمته» وجبروته وقوته وعزته ليطلبوا العلا والعزة ولا يذلوا. وقد التفت سبحانه من خطاب الملائكة إلى خطاب المؤمنين» ظفَاصْرِبُوا فُوْقَ الأعناق 4 وهذا معناه اضربوا الرءوس» فما فوق العنق هو الرأسء والبنان )١(‏ الدَعثّرَةٌ بفتح الدال: الهدم و الْدَعثّرُ المهدوم . الصحاح- دعثر. ااا تفسير سورة الانفال ل لل سم 5 ناز الأيدى., والمعنق أن اضريوا رءوسهم»ء فإنها موطن الشيطان » واقطعوا أيديهم » فإنهم يبطشون بها وآذوا المؤمنين وعذبوهم» وفتنوهم عن دينهم . والمعنق لا تأخذكم بهم رأفة فرد الاعتداء يكون بمثله» فاقتلوهم وأضعفوا قواهم يشف الله بذلك صدور قوم مؤمنين. وإن ذلك جزاء بما ارتكبواء ولمحاربتهم الله ورسوله؛ ولذا قال تعالى: ذلك بِأنّهُمْ شاثوا الله ورَسُولَهُ ومن يشاقق الله ورَسُولهُ فإِنَ الله شديد العقاب 4 . الإشارة إلى الرعب الذى ألقاه الله فى قلوبهم» وإلى إمداد الملائكة للمؤمنين وإلى تثبيت الملائكة لقلوب المؤمنين» وإلى الغلب فى المعركة» وأمر الله للمؤمنين أن يضربوا رءوسهم وأطرافهم» كل ذلك لأنهم شاقوا الله ورسوله» أى صاروا فى شق» والله ورسوله فى شق آخرء يحادون الله ورسوله» ويغالبونهم حاسبين أنهم الغالبون» و «الباء» فى قوله تعالى : 9 بِأَنَّهِم 4 للسببية أى بسبب أنهم حادوا الله ورسوله» وما دام الأمر أمير مغالبة» فالله هو الغالب» وذكر الله ورسوله. وكان يكفى ذكر الرسول أو ذكر ربه» والجواب عن ذلك الإشارة إلى أن محاربة الرسول محاربة لله وأن طاعة الرسول طاعة لله من يطع الرسول فَقَد أَطَاع الله 4 [النساء : |838٠‏ وإلى أن عصيان الرسول محادة لله سسبحانه وتعالى» وأظهر فى موضع الإضمار: فقال: #ومن يشاقق اللّه ورسوله 24 ولم يقل من «يشاققهما») وذلك لبيان عظيم ما يقترفون» فهو تنديد بهم» وتكرار لعظم جرمهم. وقوله تعالى: ظفَإِنَ اللّهَ شديد العقاب» بيان لشدة العقاب فى الدنيا والآخرة» وهى دالة على جواب شرط محذوف هذه علته. والمعنى فإن الله منزل عقابه الشديد بهم فى الدنيا؛ لأنهم يغالبون الله ورسوله. ونسوا أن الله تعالى غالب على كل شىء. وسماه الله عقابا لهم للإشارة إلى أنهم ليسوا فى مقام المغالبة لله» بل إنهم فى مقام من يؤدبون ويعاقبون» ويردون خاستين. ااا تفسير سورة الأنفال .م ال 5 وإن عقاب الدنيا والتنكيل بهم فيهاء لكيلا يستشرى الشرء ولكيلا يغْروا بالمؤمنين» ولكيلا يكون على المؤمنين حرج» ولكى ينالوا جزاء ما فعلواء ولأن السابقين كان ينزل العقاب الدنيوى بهم بخاسف أو بريح صرصر عناتية» أما أمة محمد كَِلْدِ فإن الله تعالى يفنى الأشرارء ويبقى الأخيار. كان عقاب الدنيا لذلك» وهذا لا يمنع عقاب الآخرة. وهو الأوفى جزاء»؛ ولذلك قال تعالى: « ذلكم فَذوقُوه وأ للْكَافرِينَ عَذَاب الثّارِ 6 . الإشارة إلى هذا العذاب الأليم» وأتى بكاف الخطاب للجمع» تأكيدا لعموم الخطاب للكافرين» وأنهم جميعا يخاطبون بذلك حتى يتوبواء فإن تابوا فقد انتهوا والله قابل للتوب شديد العقاب. وذلك كما قلنا إشارة إلى العذاب» والإشارة استحضار لهء و«الفاء) فى قوله تعالى: #فذوقوه# فيها إشارة إلى العذاب الدنيوى الذى «يذوقونه» وهى للوفصاح أى إذا كان هذا عذابكم فذوقوه. والتعبير بذوقوه إشارة إلى آلامه وقد ذاقوها وأحسوهاء فقد ذاقوا النتكال وذاقوا القتل» وذاقوا الذل بعد الاستكبارء وذاقوا عذاب الهون بما كانوا يكسبون. وإنهم مع ذلك لن يفلتوا من عذاب الآخرة» فإذا النار لاحقة بهم؛ ولذا قال تعالى : : ظوأَنَ للكافرين عذاب الثّارٍ 4 وفى العبارة ما يوحى بأنه العذاب المعد لهمء وكأن عقاب الدنيا أمر عرضى ليس هو الجزاء الحقيقى لهم؛ إنما كان لمنع استمرار شرهم» وإنهاء فسادهم» ولمنع الفساد فى الأرض . « ولولا دفع الله الئاس بعضهم ببعض لَقَسّدت الأرض ولكن الله ذو فَضْل عَلَى العالمين +(21؟ 4 [البقرة]. ولذا أكد جزاء الآخرة» لأنه الأصل الثابت» فقال: «إ وأَنّ للكافرين عذّاب الثار 4 فأكده أولا- ب «أن» الدالة على التأكيد. وثانيا بالجملة الاسمية الدالة على الاستمرار والدوام» وثالثا - بتقديم الجار والمجرور الدال على اختصاصهم بعذاب النار» ورابعا ببيان أن الكفر هو السبب؛ لأنه عبر بالوصف,» وذلك دليل على أن الكفر هو السبب فى عذاب الثار. م تفسير سورة الأنفال الئل م حر ا اللهم اكفنا شرهء واقبل من حسناتنا ما يمحو سيئاتناء فإنك قلت قولك الحق: ل إِنّ الْحَسنَات يذهبن السَيّات »4 [هود: .]١١4‏ آآ# ها سه و سل 2خ 2 عضب فرت لدو وه جهنم ويس ألم و لكك ْمَك اسيك ولكرت آذ تر ولج لَالْمُوَميي َه 2ه 5907 سَمِيع عليه ) كروت اروك 6-1 أ غرين أذ نمدأ كد جآ# حك الست 7 0 2100 01 5 0000 م رم وإن3 0 وإ تعودوانعد وار كز 06 سي > اند م 2 40 هذه معركة الإيمان والكفرء وإن شئت فقل معركة الله ورسوله مع الكافرين؛ لأن المؤمنين اتخذوا الأسبابء لأنهم توكلوا على الله واستغاثوا بهء ولآنه لم يكن فيهم ضعفاء الإيمان أو المنافقون» فكانت معركة الله حقا وصدقاء» وهو «إ عزيز حكيم 6 . سبحانه وتعالى فى منع الفرار» أن الفرار أول الهزيمة . ولآنه خور فى العزيمة » ولأنه والصبر نقيضان لا يجتمعان ولا معذرة فى فرار قطء ولأن يقتل الرجل وهو مقبل بصدره» خير من أن يقتل وهو مدبر بظهره. ا تفسير سورة الأنفال م ل ل 1ذ1ذ1ذ1ذ22001111 5 وقال تعالى : (يا أَيها اين آمنوا إذا لقيئم الذي كَفَرُوا رَحَقَا 4 . آمنوا تحريض على الصبر واللقاء والثبات» وذكر لقاء الكافرين» وهم كانوا يتمنون تحريضا على الثبات والمجاهدة » وكان ذكر لقاء الكافرين تحريضا أشد؛ لأنهم التمهميد؛ فقال: و 0 واقعة في جواب الشرطء وعبر تولى الذير» أى أن ا ظهورهم للسيوف تضرب فى أدبارهم؛ وذلك منظر هو من أقبح المناظر وأقبح تصوير للفرار من الميدان بضرب السيف فى دبره وقفاه» وإن من يقتل فى صدره لا يُقتل إلا بعد أن يَقْثّْل من الأعداء» أما من يقتل فى ظهره فإنه يذهب دمه عبيط('؟. لا يثأر لنفسه. وقد قال تعالى: ومن يولهم يومد دبره إلا محرا لقتال أو ممَحَيّرا إلى فنة فقَد باء بغضب من الله ومأواه جهئم وبئس الْمصير 4 . ذكر مفردا فارا؛ للإشارة إلى وجوب التضافر والتآزرء وألا ينفرد بقرار وألا يكون إلا فى جماعة. وقد استثنى الله تعالى من الذين يتركون الميدان طائفتين لا تعدان فارتين» بل تعدان متقاتلين. أولاهما- المتحرفة لقتال» والثانية -_- المتحيزة إلى فئة. المتحرفة معناها المائلة» والمتحيزة هى التى تتجه إلى حوزة جماعة من جماعة المسلمين. )١(‏ ذهب دمه عبيطا أى خالصا طريا. / تفسير سورة الانفال ل الل نا والمتحرفة المراد بها المائلة فى القتال غير تاركة» ولكنها آخذه بضرب من ضروب الحيلة وا لخديعة» وقد ضرب لذلك الحافظ ابن كثير مشلاء فقال: «ذلك الذى يظهر أنه يميل إلى الفرار حتى إذا اطمأن محاربه انقض إليه غرة وقتله» والمتحيز إلى فئة الذى يلجأ إلى فئة يحسبها تحتاج إلى قوة فينضم إليها مقويا صفوفها». وهاتان الطاتفتان لا تعتبران فارتين ولا موليتين الأدبار؛ ولذا نقرر أن الاستثناء منقطع» بمعنى لكن. أى لكن المتحرف أو المتحيز لطائفة لا يعدان مولين الأدبار. وقد يكون الفرار أمراً ضروريا إذا كان العدو أغلب» ولكن الفرار لا يكون بتولية الأدبار» بل يكون بتذبير الانسحاب ويكون بالتراجع ) من غير أن يولوا ظهورهم للأعداءء يضربون فى أدبارهمء كما فعل القائد العظيم خالد ب بن الوليد هذا عندما آل إليه أمر القيادة بعد قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبى طالب وعبدالله ابن رواحة» فقد رأى أن أمامه جيشا يعد بمئات الألوفء ومعه ثلاثة ألوف» فقد أخدذ يتراجع , ويوهم الأعداء أنه قد جاءه مدد حتى عاد إلى المدينة وسماهم بعض المجاهدين فرارين» وسماهم النبى د «العكارين)(1) أى الكرارين . وإن الفرار فى الزحف من أكبر الكبائرء فقد قال كَلكلكّ: «اجتنبوا السبع الموبقات» قيل يارسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحرء وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق» وأكل الرباء وأكل مال اليتيم » والتولى يوم الزحف» وقذف المحصنات الغافلاات المؤمنات270 . )١(‏ رواه الترمذي: الجهاد- ما جاء في الفرار من الزحف (9/15ا١).‏ كما رواه أبو داود في سننه : الجهاد- التولي يوم الزحف 51 . وبلحوه روآه أحمد: مسئد المكثرين- مسلد عبد الله بن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما (01551). (1) متفق عليه؛ رواه البخاري: الوصايا- قول الله تعالى : إن الذين أكون أموال اليتامئ #2(2© [النساء] (فتشفةة ومسلم : الإيمان- بيان الكبائر وأكبرها(89). . عن أبى هريرة رضى الله عنه . ا تفسير سورة الأنفال م 01010 وقد تكلم العلماء فى الفرار» فأجازه بعضهم إذا كان العدو كثيفاء والمؤمنون قلة» وهم مأكولون لا محالة» ونحن لا نجيز تولية الأدبار مطلقاء لأنه تمكين من رقاب المؤمنين» وإذهاب للبأس». ولكن نجيز التراجع المنظم كما فعل القائد العظيم خالدء إن تولية الأدبار إذلال للمؤمنين ومكين من القتل الرخيص وليس هو التراجع الحكيم؛ لأن المتراجع يحمى صدره. والمولى الأدبار يمكنهم من ظهره. وقد بين الله سبحانه فى النهى عن الفرار جزاء من يولهم يومئذ دبره» فقال تعالى: «ومن يولّهم يومئذ دبرة» أى يوم الزحف ولى مدبرا مضطربا « فَقَد بَاء بغضب من الله 4 أى رجع مغضوبا عليه من الله تعالى» فغضب عليه والواجب أن يطلب رضوانه» ومأواه جهنم #» أى الذى يأوى إليه جهنم « وبئس الْمَصير 4 . وبعد ذلك بين الله سبحانه وتعالى أن النصر بيد الله» وأنه سبحانه هو الذى يهزم المشركين» وهو الذى يرميهم فقال تعالى : «( فلم تفتلوهم ولكن الله لهم وما ميت إذ رميت ولكن الله رمئ ولي المؤمنين منه بَلاء حَسنًا إن الله سميع عليم 4 . وفق الله المؤمنين فى هذه الغزوة» كانوا قلة فأراهم المشركين كثيرين» ورأوا المشركين قليلا وهم كثيرون» وسهل الله السبل للمؤمنين فألقى فى قلوبهم الرعب وأمدكم بالملائكة» فملأكم روحانية وجعلهم الله بشرى لكم» واطمأنت قلوبكم» وغشاكم النعاس» وأنزل عليهم الماء فثبت به الأقدام وطهر رجز الشيطان. أمدهم الله تعالى بهذا فكان النصرء وقد قال تعالى: «( كم من فئة قَليلَة غلبت فنَة كثيرة يإذن ١‏ اللهو4 [البقرة: 54؟] فكان النصر من عند الله»ء وكما قال تعالي: © ولقد تصركم اللّه ببدر . وأنتم أذلّة 4 [آل عمران: ؟١]‏ وما أصابهم الغرورء وحرمهم الله من نصره » ابتداء ولوا الأدبار» وقال الله تعالى فى ذلك: «لقد نصركم الله في مواطن كثيرة. | يدم حنين لذ أعجبتكم كثرتكم فَلَم تغن عدكم شيا وضاقَت عليكم الأرض بما رحبت ثم ولتم مُدبرينَ 4 [التوبة: 5 لهذا التوفيق ل تفسير سسورة الأنفال ااا اااااا ااا تاان ا تاكن طط انا اطاامط تام ارط الات الخال خنطا خانا لالم ةطسخاخن تنا للالاااا طاطخ تط طلاخ طخلل للطللاة!لسلشللا م 5-6 وذلك التأييد الذى تكائر فى غزوة بدر نسب الله تعالى النصر إليه سبحانه » والقتل إليه والرمى إليهء فقال تعالى: «فَلَمِ تقتلوهم ولكن الله قتلهم 4 نفى سبحانه أنهم قتلوهم» لأنهم لم يكونوا المسلطين عليهم من أنفسهم إنما سلطهم الله تعالى عليهم» وهو الذى أرداهم و«الفاء) مترتبة على ما قبلها ما دام الله تعالى هو الذى هداهم وحرضهم » وأيدهم بنصيره » وبملائكته ثم قال: © ولكن اللّه تتلهم 4 إما أن نقول إن القتل حق لله تعالى؛ لآنه هو الفاعل المختار»ء وإن نظرنا إلى الأسباب العادية نقول: إنه من قبيل إطلاق المسبب وإرادة السبب» فلأن الله تعالى هو السبب فى القتل أسند القتل إليه. وكذلك قوله تعالى: 8 وما رميت إذ رميت ولكن الله رمئ 4 . قال بعض المفسرين على أن المراد من الرمى هو الرمى بالنبال المريشة التى تصيب المقاتل» ويكون من قبيل إطلاق المسبب وإرادة السبب؟ لأن الله تعالى هو السبب إذ هو الموفق» وهو المؤيد» وهو الممد بالملائكة وهو سبحانه وتعالى ملقى الرعب فى قلوب المشركين . وقال بعض المفسرين : إن النبى يِه عندما التقى الجمعان قبض قبضة من التراب» ورمى بها المشركين» وقال: «شاهت الوجوه)227 فاضطربت الأبصار» فنقوله تعالى: «وَمَا رَمَيْتَ إِذَْمَيْتَ وَلَكن الله رم 4 أى فآسنْت أنت الذى رميت إنما الله تعالى هو الذى رمى؛ ولذلك أفرد النبى يَلِيْةٌ بالخطاب لأنه هو الذى رمى ٠‏ وإنى أميل إلى التفسير الأول لأنه هو الأوضحء ونحن تميل إلى الواضح من الآراء . زدق انظر صحيح مسلم: الجهاد والسير- غزوة حنين (لالال1١).‏ ا تفسير سورة الأنفال ا سسا 28 وإن الله سبحانه وتعالى فعل ذلك» ليؤيد المؤمنين بنصرهء « وليبلي المؤمنين منه بَلاء حَسَنا © أى ليعامل المؤمنين معاملة المختبر الذى يبليهم بلاء حسناء أى بلاء نتيجته حسنة دائماء وذلك بأن يكلفهم» وأن يتخذوا هم الأسباب للنصر المؤزر» والعزة والرفعة» وأن تكون كلمة الله على أيديهم هى العلياء وهو العزيز الحكيم» ولقد قال سبحانه : طن الله سميع عليم 4 أى إن الله عالم علم من يسمع» ومحيط بكل شيء علما. وإن الله تعالى إذ ينصر المؤمنين ذلك النصر بإرادته وتقديره هو الذى يوهن شأن الكافرين فالله ناصر المؤمنين» وهازم الكافرين؛ ولذا قال تعالى: «( ذلكم وَأَنَ الله موهن كيد الكَافرين 4 الإشارة إلى نصر الله تعالى وما كان من تأييده حتى شرف الله تعالى ذلك القتل والقتال بأن نسبه إليه سبحانه» وأتى بضمير الخطاب للجمع» لإعلام الجميع بذلك النصرهء وخبر اسم الإشارة محذوف معلوم من الكلام» أى ذلك النصر المؤزر ثابت لكم وحسبه نعمة أنعم بها عليكم» فالنصر وحده له فرحة شديدة» فتقبلوا نعمة الله فيه» وعطف على هذا النصر أمر آخر جليل فى ذاته وهو ثمرة النصرء وهو قوله تعالى: ذإ وَأَنَ الله موهن كيد الْكَافرين 4 فموهن معطوف على ما يفهم من الكلام السابق وهو فوق بشرى النصر بشرى إضعاف وتوهين شأن المشركين وكيدهم» لقد كانوا أصحاب القوة والسطوة» والسلطان والشرف فى البلاد العربية وكانوا يستطيلون بكل ذلك على المؤمنين» فلما جاء النصر المبين لتلك الفئة الصغيرة واستطالت عليهم ونالت النصر دونهم وهنوا فى أنفسهم» وإذا وهنوا فى ذات أنفسهم وهن كيدهم للمسلمين» وهو تدبيرهم» وتأليبهم العرب عليهم» وحربهم» وصاروا يرهبونهم بعد أن كانوا يستضعفونهم» ويرون فيهم العزة. فهذه الحرب المقدسة كان لها ثمرتان دانيتان: إحداهما - النصر فى ذاته» وأن صارت كلمة الله هى العليا وكلمة الشرك هى السفلى» وتلك نعمة أنعم الله تعالى بها عليهم. اا تفسير سورة الأنفال لين م 4 الثانية- أنه انتهى عهد الاستهانة بالمسلمين واستعلاء المشركين عليهم ووهن أمر الكافرين لديهم فكانت تلك هى الضربة القاصمة التى كسرت أنفتهم وكبرياءهم. وعبر الله تعالى بالكافرين لبيان أن الكفر هو السبب فى وهنهم ٠‏ والله من ورائهم» قال الله تعالى : ل( إن تستفتحوا فَقد جَاءكم الفح وإن تنتهوا فهو خير لَك وإن تعودوا تعد ولن عي عدكم فتكم شيا ولو كثرت وأَن الله مع المؤمدين 4 . بعد أن ذكر الله تعالى غزوة بدر الكبرى» أو (يوم الفرقان) كما سماها القرآن الكريم» .أخذ يشير سبحانه وتعالى إلى المغزى الأمثل فيهاء وهو الطاعة لله للرسول يك وفى هذه الآيات يبين الله تعالى مقصد الحرب عند الفريقين» ومقام طاعة الله تعالى فيها. قال تعالى: إن تستفتحوا فقَد جاءكم الفتح 4 . والباطل» كقوله تعالى: 9 ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق » [الأعراف: 84]. وهل استفتح المشركون» أى أيعد المخطاب للمشركين» أم يعد الخطاب للمؤمنين؟» إن الخطاب فى الآيات السابقة لهذه الآية للمؤمنين مثل طقلم وهم ولكن اله لهم وما ريت إِذ رمت ولكن الله رم 4 » وقوله تعالى: 9 ذلكم وان الله موهن كيد الَكافرين 4 وهكذا تجد الآيات السابقة بقة المخاطب فيها المؤمنون» والمتحدث عنهم بالغيبة الكافرون» وكان مقتضى السياق ذلك» كما هو فيما بعد هذه. لكن طائفة من المفسرين قالوا: إن الخطاب للمشركين» لآنهم استفتحوا فعلا بالله الذى كانوا يعلمونه» وإن لم يوحدوه فى العبودية» ولقد ذكر الزنمخشرى وابن كثير وابن جرير عذدة صور من عبارات استفتاحهم فيروى أنهم عندما أرادوا أن ينفروا لحماية العير» ومحاربة النبى يَلَيِةٌ تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم ْ تفسير سورة الأنفال ا ى سس يت انصر قرانا للفضيف» ووصلنا للرحم» وفكَنا للعانى إن كان محمد على حق فانصره» وإن كنا على حق فانصرنا. ويروى أنهم قالوا: اللهم انصر أعلى الحندين » وأمهدى الفئتين» وأكرم الحسزبين » ويروى أن أبا جهل قال يوم بدر: اللهم أينا كان أفجر وأقطع للرحم فأحتهء أى فأهلكه. هذه صور للاستفتاح المروى» وإن صح أن الاستفتاح كان منهم فلعلها جميعها قد وقعت منهم والاختلاف اختلاف عبارات لآحادهم لا لجمعهم. وقوله تعالى: 98 ققد جاء كم الفتح #» قال الزمخشرى: إنه تهكم عليهم» من حيث إن الفتح كان على غير ما يرغبون» وقد يقال: إنه أريد الحدء لأنكم إذا كنتم تستفتحون طالبين الفصل بينكم وبين محمد يَْهْ فها هو ذا الفصل» فاخضعوا له ولكنهم لا يطلبون حقاء ولا يخضعون للحق» وإن تنتهوا بالإيمان بالحق بموجب استفتاحكم ووعدكم فهو الإيمان وهو خير لكم» وإن تعودوا إلى الباطل ومحاربة محمد ومن معه نَع إليهم بالنصرء ولن تغنى عنكم جماعتكم وكثرتكم شيئاء ولو كثرتء وإن الله تعالى مع المؤمنين دائما بنصره وتأييده» وقد رأيتم مرات هذا النصر وذلك التأييد» فصارت كلمتهم هى العليا والله عزيز حكيم. هذا هو توجيه القول الكريم على أساس أن الخطاب للمشركين» وهو ظاهر لا يقاومه إلا سياق الآيات السابقة قبلها وبعدها. وأما تخريج القول الكريم على أن الخطاب للمؤمنين فإنه يؤيد سياق الخطاب» ويكون المعنى إن تستفتحوا أيها المؤمنون» بأن تتضرعوا إلى الله تعالى طالبين الفتح والنصر» وتستغيئون به» فقد جاءكم النصر فعلاء ومعه الغنائم التى طلبتموها وأردتموهاء وقد علمتم أن ذلك بفضل الطاعة» والامتناع عن العصيان «( وإن تتسهوا فهو حير لّكُمْ 4 أى إن تنتهوا إلى الطاعة» وإصلاح ذات بينكم وتقوية جمعكم» فهو خير لكمء فإ وإن تعودوا تعد 4 أى إن تعودوا إلى المشاحنة والخلاف 0 / تفسير سورة الانفال ا ال عرب ا على الغنائم والمنازعة نعد لكم بالخذلان والفشلء كما قال تعالى: «إ ولا تنازعوا تَفشْلوا وتذهب ريحكم » [الأنفال: 5] ولا تغنى الكثرة شيئا مع الاختلاف لأن الاختلاف لا يكون فيه القوة على العدو. ولكن يكون بأسهم بينهم شديداء فحربهم على أنفسهم لا على أعدائهم» وقد أكد الله سبحانه وتعالى ذلك فقال: ولن تغني عنكم فنتكم شيئا ولو كثرت 4©. أكد سبحانه وتعالى النفى ب «لني1» وأنه لا يغنى أى شىء ولو قليلاء وثالثا أنه لا يغنى مع الكثرة. وإن الله سبحانه وتعالى علام الغيوب » يخبر بما سيكون يوم أحدء فقد كانت معهم قوة» وسابقة نصر) ولكن لم يطيعوا واحتلفوا على ذالكم تخريجان» ونحن نرى أن الأقرب إلى سياق الآيات» وإلى سياق الأمر بالطاعة؛ وإلى الانسجام البيانى المعجزء أن نقول: إن الخطاب للمؤمنين تحذيرا وإنذارا. وخحتم الله تعالى الآية بقوله تعالت حكمته وكلماته: وأ الله مع اْمؤسيني "أذ مفترحة الهمزة للدلالة على أنها متعاقة يقواه تعلى. ٠‏ (وأن لله وهناك قراءة تقول: إن (إن») مكسورة. والتعبير بقوله تعالى: ون الله مع المؤمنين » سواء أكانت أن مكسورة أو أحدهما- أن الله تعالى مع المؤمنين» ينصرهمء ويكون الفتح فى جانبهم ومعهم دائماء» والثانى- أن ذلك يكون إذا تخلقوا بأخلاق ا مؤّمنين » ولم يتفرقواء حتى لا يفشلوا فتذهب ريحهم. وبعد أن أشار سبحانه إلى أن قوة المؤمنين فى طاعتهم لله ورسوله ها تفسمير سورة الأنفال م الل آ 1ذ #1 ذ[1ذ1#1#ذذ211111”ظ 6< َو ع ام 017000 و مه 000 أعنه وَأسُرٌ منْوَأ يعوا الله لله ورسوله:ولا تولواعنه 2 11 سا ما لسمعون 0 :2 ولا كوا كلد ْنَا سوعناوهم 00 لاسمعون زه النداء فى قوله تعالى: «إيا أَيَا اين آمنوا أَطيعوا الله ورسُولَهُ 4 بالبعيد لعموم النداء ولأهمية ما يدعوهم إليه سبحانته » وهو الدفاع عن المؤمنين والضعفاء» والشيوخ والنساء والذرية» نادهم بطاعة الله ورسوله. والنداء من النبى كد وهو الذى يجاب فمقام الله تعالى لا يتطاولون إليه» وإنما يخاطب رسوله. وذكر الله تعالى (رسوله) هنا للدلالة أولاً- على أن من يطع الرسول يطع الله تعالى» وثانيا- لاأنه هو الذى ينصرء وهو الذى يعز ويذل» فإجابته اعتزاز بمنشئ الوجود كله وثالثا- لأنه المسيطر علينا وعليهم كما كان النبى كَل يقول فى دعائه عند الدخول فى حرب: «اللهم إنهم عبادك ونحن عبادك» لهذا ذكر الله تعالى قبل ذكر الرسول, والنبى كَلْةٌ هو الذى يتولى دعوتهم . «ولا تولوا» بتخفيف إحدى التاءين» وهناك قراءة بثبوت التاءين معا (ولا تتولوا). والتوالى الإعراضء أو الانصراف» والمعنى لا تنصرفواء وأنتم تسمعون القول» والانصراف وهم يسمعون القولء. يتضمن معنيين: أولهما- أن يكون التولى نفسياء فهم يكونون سامعين ولكن غير واعين» وغير منفذين» ولا نقول غير مطبقين. ولكن نقول غير مقدرين القول قذره. وثانيهما- أن يعرضوا عن النبى كَلِلٌَ فيعرضوا حسياء وهو يتكلم» أولها - سماعهم سماع وعى وعناية بالقول بفهمه» وتعرف مراده. / تفسير سورة الأنفال لالم 2582 ثانيها - ألا يعرضوا عن القول فكرا أو نفساء وأن يكونوا معه بقلوبهم» وكل جوارحهم. وثالثها- الطاعة المطلقة فيما لا رأى فيه»ء ومراجعة النبى كَِكِلٌ فيما رأى فى حربء أو مكيدة» كما شاور النبى يَلِْةٌ فى منزل الحرب فى غزوة بدر الصحابى حاب بن المنذر رضى الله عنه. وهنا إشارة بيانية لابد من ذكرهاء هى أن الله تعالى طالب بطاعة الله ورسوله» وعندما نهى عن الإعراض أعاد الضمير مفردا فقال: «ولا تولوا عنه» . والجواب عن ذلك أن طلب الطاعة لهما لما ذكرناء ولكن النبى كَكلْةٍ هو الذى خاطبهم وهو المتحدث باسم ربه عنهم» ولا يتصور أن يكون التولى عن الله تعالى» بل التولى عنه كَكْةٌ» وإن نسبة التولى منهم لله تعالى لا تليق» وإن كانت غير ممكنة . والنهى عن التولى؛ وهم فى حال يسمعون فيها؛ ولذا قال: «إ وأنتم تَسْمَعُون »4 فهو دعوة إلى حسن الاستماع؛ ولذا قال تعالى مؤكدا هذا المعنى: « ولا تَكُونوا كَالْذين قَالُوا سمعنا وهم لا يسمعون 4 . أى لا يكن حالكم كحال الذين يقولون بأفواههم سمعناء وهم لا يُسمُعونَ 4 أى سمعناء ولم نع ما نقول ولم نتدبره» ونتفكر فيه ونعمل على تنفيذ ما طلبه القائل» فهم سمعوا بآذانهم» ولم يسمعوا بقلوبهم. وإن هذا النص يؤخذ منه بالتضمن أن السماع أقسام ثلاثة: أولها - سماع تفهم وتدبر وإدراك وتنفيذ على بصر وعلمء وهذا الذى يطلبه الله تعالى والنبى كله وهو الذى ذكرناه آنفا. والثانى- سماع من غير تدبر وإدراك وتبصرهء وهذا ما ينهاهم الله تعالى عنه» وهو إن لم يكن نفاقا فهو غفلة عن الحق» وليس سماع وعى وإنصات . إل 1 تفسير سورة الانفال سس 0 ىت 1 يحرفون القول عن موضعه. ومهما يكن فهذان القسمان الآخران سماع كلا سماع. اللهم اجعلنا من سماع الحق كسس سم 0 ير ع2 سع إن شر لذوات عند اللا لصم الحم وص 1 يه 7 ء سلا سلس ور اذى لا يَعَقِلونَ وعم للمشييم خيرا لاسمعهم 0 أ م 01 8 - وك سمعهح لتوأوأوهم معْرشُوس 072 : تام أَزِينَ ل ص لو مر ومس ل ال ]م ء«امنوأ أستجي بو أيه ولِلرَسول إذاد عا كم لِمايحِيكُم هه وَأَعَلْموا أ الله يحول يبب الْمرء وَل وَأَتَموالكهِ د و : ص ل 6ح ساي و و 00 8 ورم وا مواؤتنة لاتضيين الزن ظلموا ع ملسم إن الله تعالى أعطى الإنسان أدوات الفهم التى تميزه عن الحيوان» وتجعله كونا مستقلا قائما بذاته» وما ذلك إلا ليحتل المكانة التى هيأها الله تعالى له فى هذا العالم بين العالين فقال تعالى : والله أخرجكم من بطون أمُهَاتكم لا تعلّمون شيئًا وجعل لكم السّمُع وَالْأَبْصارَ والأففدة لَعلَكُم تَشْكْروت 207 4 [النحل]. فالسمع لمعرفة ما أمر الله» والبصر لمعرفة آيات الله فى كونه» والآفكدة ليدرك وليفهم ويعلم. وهذا شكرها. م تفسير سورة الأنفال 0 الم الملل س0 26 > وإنه إذا فقد ما خصه الله تعالى به من هذه النعم فقد نزل من درجات الإنسانية إلى حضيض ا حيوانية» وكان شر الدواب فى هذا الكون؛ ولذا قال تعالى : ظإِنّ شر الذواب عند الله الصم الْبكم الّذين لا يعقلون 4 . الدواب جمع دابة وهى ما يدب على وجه الأرض من النملة إلى الحشرة إلى ما فوق ذلك, وإنه إذا عبر عن الإنسان بأصغر ما ينطبق عليه اسم الدواب والحيوان كان ذلك تحقيرا له واستهانة بأمره من زعيم يرفع ويخفض إلى حيوان لا يملك من أمره شيكاء تدعكه الأرض بالأقدام وهو حيوان كله آفات» ليس بكامل بل هو يعقل» إنه شاته(١2‏ فى ذاته» ناقص فى كونهء وإن كان ذا رواء؛ لأن تقدير الإنسان ليس بشكله وصورتهء ولكن بقلبه وعمله. وفى الكلام استعارة تمثيلية شبه فيها من لا يسمع الحق ولا يدركه» ولا ييصر الآيات ولا يتأملهاء ومن لا يفقه الحق ولا 7 بالدابة التى لا تسمع مواطئ الآقدام. فتطؤهاء ومن لا ينطق مستغيثاء فتدقه الأمور دقل ومن لا يعقل ما يضره» فيكون فريسة الكل. وجامع التشبيه هو عدم الفائدة من هذه الحواس فهى إذا كانت ذات فائدة فى ذاتها فإنه لا يستفيد منهاء ومن لا يستفيد من شىء فوجوده وعدمه سواء. وإن تشبيه الكافر بالدابة هو أصغر تشبيه له» اوقد قال تعالى فى تشبيهه: « ومثل الْذين كفروا كمملٍ الذي ينعق بمًا لا يسمع إل دعاء ونداء :44237 [البقرة]. وكقوله تعالى: ( أولتك كَالأَنْعَام بل هم أضل403 [الأعراف] . ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون #. هذا ترشيح للاستعارة التى قوامها تشبيه حالهم فى أنهم لا يسمعون سماع تدذيرء ولا ييبصرون بصر تأمل» بمن لا يسمعون ولا ييصرون فهذا النص تقوية للتشبيه؛ لأنه قرينة تساعد المشبه به. م تفسير سورة الأنفال دين اللللل الل الل 1 وإن الله تعالى بكل شىء عليم» فهو سبحانه يعلم ما كان وما سيكونء وهو قد قدر كل شىء بعلمه» وقد قدر سبحانه فى علمه أنهم لا يهتدون؛ لأنهم لم يسلكوا طريق الهداية» ولن يسلكوهء وذلك لا ينافى اختيارهم» كما قال الإمام على - كرم الله وجهه - وفسر قَدَر الله بعلمه الواسع المحكم. ولو علم الله فيهم خَيْرا لأَممعَهُمْ »4 «لو» هى حرف امتناع لامتناع» أى امتنع إسماع تعالى لهم الكلام إسماع تدبر وإدراك لا فيه من تهديد وإنذار وتبشير» وامتنع ذلك لأنه لم يعلم خيرا فى السماعء والمعنى لو علم الله أنه سيترتب على سماعهم تدبرهم وتفكرهم» وأنه سيترتب خير كالعظة والاعتبار- لأسمعهم. ولبيان أن من كتب الله تعالى شقوتهم لا جدوى معهم فقال: «إ ولو أسمعهم عَولُوا وهم معرضون» ولو سمعوا سماع تدبرء وإمعان وإدراك ما صبروا على الحق» بل إن قلوبهم فى ريب دائم مستمرء واضطراب لا استقرار معهء فالحق يحتاج البقاء عليه إلى صبرء ودوام تأمل وتفكر؛ فليس الإيمان واقعة تمر بل هو حال مستمرة دائمة» يغذيها التدبر» ويقويها طول التأمل» وهؤلاء. إن سمعوا وتفكروا حيناء لا تستمر بشاشة الإيمان فى قلوبهم. ولذا قال تعالى فى جواب الشرط: 8 لْتَولُوا وهم معرضون» وهذه صورة حال المعرضين بعد أن كاد يدخل نور الإيمان قلوبهم» التولى أن يولى جنبه بدل وجهه ولإظهار أنه معرض شبهت حالهم وقد أعرضوا عن الحق وتركوه بحال الذين يديرون وجوههم وهم معرضون. غير مقبلين. والله يدعوهم إلى الحق. ويناديهم ليجيبوه؛ ولذا قال تعالى: يا أيها الّذِينَ آمنوا استجيبوا لله وللرّسُول إِذَا دَعاكُم لما يُحَيِيكُم واعلَمُوا أن لَه يَُول بين الم وقلبه ونه رون 4 . النداء للذين آمنواء والنداء للبعيد؛ لعموم النداء» ولأن أداة البعيد أنسب فى هذا المقام والنداء هو قوله تعالى: #استجيبوا لله وللرسول» والاستتجابة معناها إلا تفسير سورة الانفال للك ىم لاحر أ الإجابة» والسين والتاء للطلب» ومعنى ذلك أن المنادين يطلبون إجابة أنفسهم» أى يسعون لأن يجيبوا؛ لأن الإجابة لمتفعة أنفسهمء لا لمنفعة من يجيبونه فالخير عائد إليهم» وذكر الرسول بجوار إجابة الله تعالى للدلالة على أن إجابة الرسول إجابة لله تعالى» ولبيان أن الرسول هو الذى يوجه الخطاب عن ربه لذا عاد الضمير بلفظ المفرد. والاستجابة لأمر عظيمء وصفه الله تعالى بأنه # يحبيكم» فقال: «إذَا دَعَاكُم لما يُحَيِيكُم» والأمر الذى يحيى الناس جميعا؛ لأنه يعم كل المؤمنين -هو العقيدة» وما اشتمل عليه القرآن من أوامر ونواه» وأمر بمعروف ونهى عن المتكر» فإن العقيدة وما اشتملت عليه من توحيد بها إحياء للعقول والنفوس بإدراك الحق» وإنقاذها من الأوهام» والبعد عن مزالق الشيطان» والشريعة بما فيها من أحكام زاجرة» وأحكام مصلحة ورابطة للعلاقات الإنسانية على أكمل وجوه التعاون» فى كل هذا حياة للجماعات؛ ولذا قال تعالى: أَوَ مَن كَانَ مَيَا فََحيياهُ وجعلنا لَه ثورا يَمُشي به في النّاس كمن مله في الظَلمات ليس بخارج منها 4257 [الأنعام] فسجعل الهدرة حاف وجعل الشرك عرناء أو عيشا فى اللمات: وبعض المفسرين قال: إن المراد بما يحيى هنا الجهاد؛ لأن الجهاد فى طلب الحق به حياة الأممء فما تركت أمة الجهاد إلا أماتها الذل» وما اعتزت أمة بالجهاد إلا وهبت الحياة» كما قال خليفة رسول الله كَكِْهِ: (اطلب الموت توهب لك الحياة»» وكما قال الأستاذ الشيخ محمد عبله: (إن موتا فى سبيل الحق هو عين البقاء» وحياة فى ذلة هى عين الفناء) . وإن الحق أن يكون ما يدعو إليه النبى َك من الشريعة كلها من عدل وتعاون وأمر بمعروف» ونهى عن مذكر» وجهاد فى سبيل الله وهو أعلاهاء» وهو فل وَاعلّموا أَنَ الله يحول بين المرء وقلبه 4 /إإنا تفسير سورة الأنفال الالالال ذكر الزمخشرى فى :: تفسيره أن هذا التعبير السامى يحتمل ثلاثة تفسيرات أولها- أن الله تعالى مالك للإنسان فى أفكاره ومشاعره» فهو موجه قلبه إلى ما يريده الله تعالى» فالله مالك كل شىءىء وهو الموجه إليه فى مصيره» أى أنه هو الذى يحول المرء وقلبه واتجاهه, فهو لا يملك من أمره شيئاء» وقالوا: إن هذا يفسر قول النبى يلق مخاطبا ربه: «أنت مقلب القلوب(22 ويظهر أ الزمخشرى المعتزلى لا يرتضى هذا؛ ولذلك يقول إنه قول بعض الجبرية» وذلك فى الخير إلى ما سار فيه» ومن سار فى غيره إلى نهايته. والاحتمال الثانى- وهو الذى أختاره؛ أن ا معنى أن الله بأوامره ونواهيه يحول بين المرء وقلبه» أى بين المرء وما تهواه نفسه» ويشتهيه قلبه من لذائذ هذه وإننا نرى ذلك حقا من غير أن نقرر بطلان السابق» كما أشار الزمخشرى. والاحتمال الثالث - أن يراد قرب العبد من الله» وأنه أقرب إليه من حبل. الوريد وأنه بينه وبين قلبهء كما قال الله تعالى: « ادعوني أستجب لكم :443 [غافر]. وإنه لا مانع من الجمع بين هذه الاحتماللات فليست متعارضة» ولا شبه متعارضة» فيصح أن يراد أن الله مالك كل شىء» وأن شريعته فاصلة بين المرء وأهوائه» وأن الله تعالى قريب منه مجيب دعاءه إذا دعاه وأنه رقيب عليه يراه. بارس ساس ا 2 586 سل لعل ول بد" ا لب لتب يدا قلي على ديكة» كط يا رَسول الله آمنا لماه قو اهكلم 7ه 0 بك ويم جنت به فَهَلَ تَحَاف علَينا؟ قَالَ: 'نَعم إن الوب بين أ معي من أصايم الله يلها عَيْف 55 يشّاء” قال أبو عيسى: وَفي الاب عن النّوَاس بْنِ سَمْعَانَ وأمّ سَلَمَة سَلَمَةَ وعبْد الله بن عمرو وعَائشة وَمدَا يا اع سه حديث حسن .كما رواه أحمد: مسند المكثرين- مسد أنس بن مالك رضي الله عنه11191/3). م تفسير سورة الأنفال ااا لاملل للك و 14 أ 5-1 ثم بين الله سبحانه أنه راجع إليه سبحانه» فقال منذراء مبشرا: « وأنّه ليه تحشرون 4. الضمير ضمير الشأن » والمعنى» وأنه الحال والشأن تُحشرون» أى تجمعون مهما يكن جمعكم» ومهما تداخلت أجزاؤكم فى الأجسام. ولو كنتم فى حجارة أو حديدء أو خلق مما يكبر فى صدوركم» فأنتم ميجتمعون » والتعبير ب (تحشرون) يفيد الجمع مهما يكن العددء ومهما تتنائر الأجزاء أو يتباين كونها . وقدم الجار والمجرور للدلالة على أن الناس جميعا يحشرون إليه وحده. وهو النى أنذر وبشر. وأنه متنفذ ما وعد» وما أوعد . فهذه الجملة السامية تربى مهابة اللقاء» وتؤكدهء وإنه لقاء بالغفور الرحيم العزيز الحكيم المنعم الجبار. « وَائَقُوا فنَةَ له نصيبنَ الّذين ظَلَمُوا مكم خَاصّةَ وَاعلَمُوا أن الله شديد العقاب 4 . إن ظلم الجماعات لا تقف مغباته عند من يرتكيون الظلمء بل يتجاوز إلى الإفساد فى الجماعة نفسهاء فمن أشاع الفاحشة فى الذين آمنوا بأن جاهر بها مرتكبا لهاء أو أشاع قول السوء فى الجماعة- إنما يدعو إليهاء محرضا عليها ولو كان ما يرتكبه ليس كثيراء ولكن المجاهرة بها دعوة إليهاء وتحريض عليها؛ ولذلك كان النبى كله يدعو إلى الاستتارء فيقول فيما روى الشافعى: يا معشر الناس من ارتكب شيئا من هذه القاذورات» فليستترء فهو فى ستر الله» ومن أبدى صفحته أقمنا عليه الحد)0' . ومن أجل هذا حث الله تعالى على اتقاء الفتن» وهى الذنوبء أو الذنوب التى تختبر بها الجماعات ومن شأنها أن تشيع أو تفسد رأيها العام» كما نرى فى عصور الانحلال وشيوع الفساد» وشيوع الدعوات المنحرفة» ويكون فيها الهوى )١(‏ سبق تخريجه. ع لأا تفسير سورة الانفال 0111000 ررب ا الله وجهه. يقول تعالى: <إ واتقوا فتنة لا تصيبن الّذين ظَلْموا منكم خاصّة »4 ومعنى اتقوا: اجعلوا بيتكم وبين الفتن التى تعم آثارها وقاية» وذلك بالأمر بالمعروف الأقوال الباطلة». فإنها تفسد الأفكار ولا تجعلها متجهة صوب الحق» بل تتميع العقول» ويكون شح مطاع وهوى متبع » ولا يكون التفكير الدقيق لما يقال» بل وإن الوقاية تكون بأمرين: أولهما- العدل» وثانيهما- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. ولذا قال النبى عَكَئِة : االتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المتكر ولتأخذن على . 2 1 0 يدى الظالم ولتأطرنه على الحق أطراء أو ليضربن الله بقلوب بعضكم. ثم تدعون فلا يستجاب لكم200 . وقوله تعالى: 9 لأ تصيبن الّذين ظَلَموا منكم خاصة » هى جواب لشرط للإشارة إلى السبب وهو الظلم الذى يعم» ولا يخصء» وأظهر الظلم ليتبين أنه السبب» وأن السبب فى عموم الفتن أو الذنوب» أو الفساد فى الأمة بعمل يوجد من ينهاهم» وقد أمروا بأن ينهوهم بل أن يحاجزوا بينهم وبين الظلم كما أشرناء وكما روينا عن النبى ولو وقد قال يَية: ١لا‏ تؤخذ العامة بظلم الخاصة )١(‏ سبق تخريجه. اا تفسير سورة الأنفال 17 1 !+ ««غ« مع ا ووم كه درس لزه دج 22 جه وَأتَفِيهِم وَمَا رك لله معد بهم وهم نِسِمَعفونَ ا فى هذه الآية يذكر الله سبحانه وتعالى ما كانوا يبيتونه للنبى كاك قبيل أن يهاجر » وإن النبى يليد كان يدير للهجرة من قبل ذلك» فقد أخذ يعرض نفسه على ل[ تفسير سورة الانفال الئل م حت ل القبائل» حتى وجد قبل الهجرة بما يقارب سنتين الأوس والمنزرج» فأخذ يدبر أمر الهجرة إليهم فى يثرب» ويعد العدة لذلك ويهيئ البو ويتم الرسالة» بلاغا وتبيين» وقد هاجر من هاجر قبل ذلك إلى الحبشة» وهاجر إلى المدينة من يحفظ القرآن ويعلم الإسلام فهل كانت الهجرة فرارا من الإيذاء وطلبا للأمن؟. لا شك أن فرار الذين هاجروا إلى الحبشة كان من الأذى والفتنة فى الدين» وينطيق عليهم قوله تعالى : الذي أَخْرجُوا من ديارهم بير حَق إلا أن يقولوا ينا الله .. . »)4 [الحج]. أما هجرة النبى يللد فما كانت فرارً من الأذى بل كانت نظاما لتأسيس دولة» ولأنه نظام يجب أن يتحقق. ولأن الإسلام جاء لإقامة دولة تحكم بأمر الله ونهيهء وتقيم العدل» وترفع الجورء وما كانت تتمكن من ذلك» وهى خاضعة لعبدة الأوثان» بل كان لابد من الهجرة حيث تكون القوة» وحيث يتمكن من إقامة الدولة» وقد اختار الله تعالى من الأرض أرضا ينتشر منها خبر الدعوة المحمدية فى كل ربوع البلاد العربية» فكانت أرض البيت الحرام» وقد مكث محمد ابن عبد الله يَليٌِ ثلاث عشرة سنة يدعوء دخل خلالها فى دينه بعض قريش» وبعض القبائل» وعرف العرب دعوته. حتى إذا تكونت الجماعة التى كانت النواة الأولى» مهّد لإنشاء الدولة» فسافر إلى المدينة مهاجرا. وبينما هو يعد العدة» أو أعدها ومهّد الأرض وعبد المقام -كانوا يفكرون فى الإيذاء. ولذا لا نقول هاجر فراراء بل كان الاتفاق الزمنى» وهم يفرغون جعبتهم ) وقد أفرغوهاء وراشوها(ا2» ولم يجدوا موضوعا لفعلهم. )١(‏ راشي السهمء راش سهمه يَريشْه رَيْشا إذا ركّب عليه الرّيش»إشارة إلى كماله واستقامته. لسان العرب- ريش. والمعنى أنهم استعدوا لما هموا به من قتل النبي كَكل. ا تفسير سورة الأنفال 01م الملل 0 ري 1 وذ يسك بك الذين كََرُوا 4 4 ظرف وقائعه فى الماضى » وهو متعلق بمحذوف تقديره اذكر» أى اذكر يا محمد ومن معك الوقت الذى بلغ الأذى أقصاهء وهم يمكرون» ويدبرون ويحكمون ويتجادطون فى ليع طريق لسد الطريق على دعوتك, 0 أو لُك يوك أو يُْرِجُوك» وريء بتونك) معناها يحبسونك فيمتمونك المركة م أو يقتلوك أو يخرجوك . ولنضرب بكلمة موجزة. لقد ثبت بإسناد صحيح أن الملأ من قريش اجتمعوا فى دار ندوتهم ليتشاوروا فى أمر النبى عَلِلْدّ وقد صار على أمر عظيم عليهم» خالفهم وسفه أحلامهم وعاب آلهتهم فتقاولوا فى أمره ماذا يصنعون أيثبتونه أى يمنعونه من الحركة بالحبس» أم يقتلونه» أم يخرجونه. قال قائل ْ منهم: احبسوه فى وثاق ثم تربصوا به ريب الملون» حتى يهلك كنا ملك من فيل" فلم يرتضوا هذا رأياء وقال قائلهم: والله ليخرجنه أصحابه فليوشكن أن د يثبتوا يأخذونه من أيديكم فيمنعونه منكم. قال قائل منهم : أخر جوه من بين أظه ركم » فتستريحوا منه» فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع وأين وقع. وكان أمره فى غيركم . فقال قائل: ما هذا لكم برأى» ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذه حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم . وقال أبو جهل : والله لأشيرن عليكم برأى ما أراكم أبصرتوه بعل لا أرى غيره؟ قالوا: وما هو؟ قال تأخذون من كل قبيلة غلاما شابا وسطأ نهداً» ثم يعطى كل غلام منهم سيفا صارما ثم يضربونه ضربة رجل واحد فإذا قتلوه تفرق دمه فى القبائل كلهاء فما أظن هذا الحى من بنى هاشم يقوون على حرب قريش كلهاء تفسير سورة الأنفال ااال للك 0 حر ل قبلوا ذلك الرأى واستطابوه وهموا لتنفيذه» واجتمعوا حول داره لينفذوا الخطة» وأتوا بالشباب الأنهاد» ولكن الله تعالى كان يدبر لرسوله ورسالته» ولقد جاء سيف الحق علي كرم الله وجهه ونام مكان النبى يَكِْةٌ وخرج النبى يكو وهم مصطفون حول الدار وقبض قبضة من الرماد وقال: «شاهت الوجوه)'''» ويروى أنه تلا قوله تعالى: ظ وَجَعلنَا من بين أَيدِيهِم سد ومن خَلفَهم سد فَأعْشَينَاهم فَهم لا يبصرون 4429 [يس]92©. هذا تدبيرهم ومكرهم». وإنه فى هذا الوقت الذى كانوا يمكرون فيهء كان الله يدبر فيه لرسوله ولرسالته» فكان يدبر أمر هجرته» وابتدأت يهجرة كبراء الصحابة كعمر رضى الله عنه» وأبى عبيدة» وغيرهما من كبار الصحابة» وكان النبى كَِكِلٌ يحتجز أبا بكر لصحبته» فكان له فضل الصحبة فى الغار. وسمى تدبير الله تعالى مكرا من قبيل المشاكلة اللفظية» كقوله تعالى: © فُمنِ اعتدئ عليكم فَاعتدوا عليه بمثل ما اعتدئ عليكم .+4459 [البقرة] فدفع الاعتداء ليس اعتداء . والله تعالى #خير الماكرين» أى خير من يدبر» وينظم ويحمى نبيه ورسالته لأن تدبيره سبحانه وتعالى خيرء ولا يمكن إلا أن يكون خيرا وهو نافذ ومنتج ومؤد إلى غاية هى خير غاية. وقد ترتب على تدبير الله أن قامت دولة الإسلام وظهر فى الوجود أفضل مدنية كانت للفضيلة ونشأت بالفضيلة» وقد ذكر الله استهزاء الكافرين بآيات الله تعالى» وكيف يتلقون آيات الله بأهمال وسخرية فقال: ظ وَإِذا تتلَى عليهم آياتنا قَالُوا قد سمعنا لو نَشَاء لَقْلنَا مل هذا إِنْ هذا إلا أَسَاطير الأوَلين 4 . )١(‏ رواه أحمد: مسند بني هاشم- بداية مسئد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما(ة؟/ا؟). زفق رواه أحمد : مسند بني هاشم (1؟2)3. ا تفسير سورة الأنفال 1م لل 0000 عر ل نزلت هذه الآية فى مكة. وهى تتلى فى سورة أكشرها نزل بالمدينة لتذكرهم بما نزل بهم من المشركين بمكة إذ كانوا يستهينون بأمرهم» ويستضعفونهم» وقد امتد أمر استهانتهم إلى الحجج القارعة» مع عجزهم عن أن يأتوا بمثله القرآن» يقول تعالى: وإذًا تتلئ عَلَيْهِم آياثنا قَاُوا قَدْ سمعتا4 هذا تصوير لبعض أحوالهم عند سماع تلاوة القرآنء فأحيانا كانوا يتناهون عن الاستماع وقالوا: « وقال الْذين كفروا لا تَسمعوا لهذا القرآن وَالعَا فيه لعلَكُم تَعْبُونَ 437 [فصلت] وأحيانا يطلبون آيات» وأحيانا لا يعيرون القرآن التفاتا ويعلنون الاستهانة به. «وإذًا تتلئ عَلَيْهُم4 عبر بالمضارع لتصوير حالهم وتجددها آنا بعد آن والتلاوة: الترتيل بالقراءة آية تلو آية فى نغم هو ترتيل الله تعالى» ولا يجيبون بالتأمل والتفكير والتدبر فيما يتلى» بل يعاجلون القارئ كأنهم يطلبون أن يسكت ولا يقرأ قائلين: سمعناء كما تقول لمتكلم لا تريد منه الاستمرار: سمعناء سمعناء أى أقصرء وكأنهم يتأففون» ثم يردون قائلين» 9 لو نشاء لَقلْنَا مل هذا» . أى لو شتنا أن نقول مثل هذا الكلام لقلناه» ولكنا لم نْرِدهء وهذا كلام يحمل فى نفسه دلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله» ولقد تحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سورء فما أتواء تحداهم أن يأتوا بسورة فعجزوا واعتذروا بأنهم لم يأتهم تأويله» فتحداهم أن يأتوا بتعشر سور من مثله مفتريات فعجزواء أفبعد هذا التحدى الشامخ والسكوت الخانع والعجز الخاضع يقول قائلهم: لو شئنا لقلنا مثل هذا؟!! تلك غطرسة كاذبة» ونفخة جوفاء. ويردفون كذبهم بكذبة أخرى فيقولون: ل إن هذا إلا أساطير الأوّلين» (إن) هنا نافية» أى ما هذا الكلام إلا أحاديث الأولين التى يسمر بها ويقصدونها قطعا للفراغ» والأساطير جمع أسطورة وهى الأخبار التى يخترعها القصاصون وغيرهم فى سمرهم ولهوهم. با تفسير سورة الانفال ململ مم ا يي" وقد روى أن قائل هذا هو النضر بن الحارث» وكان يتخذ مجلسا بعد النبى بد يقص فيه أخبار ملوك الفرس.» وأمرائهم» ونسب القول إلى كلهم ؛ لآنهم ارتضوه وقبلوه وصدقوه. وكل ذلك كان بهتانا وكذيا. ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنهم قالوا ذلك ورد قولهم » » فقال تعالى: ٍ انوا أسَاطير الأول لبها هئ عليه بكر وأصيلاً ل قل أنه الذي َعَم السّر في السّموات والأرض إِنّه كان غفورا رَحيما 22 4 [الفرقان]. وإن هؤلاء المشركين لا يريدون الحق ليتبعوه» بل هم فى ضلال» وإنهم يضلون ضلالا بعيداً» وقد حكى الله تعالى حالهم» ودعاءهم الساخر الماجن: وإ ُو الهم إن كان هذا هر الْحَقَ من عد فَمطِر ينا حججارة من السماء أ اتنا بعذاب أليم 4 . إن هذه الجملة السامية الحالية تنبئ عن أن هؤلاء قد أركست نفوسهم فى الشرك إلى درجة أنهم يتمنون أن يعيشوا فيه» وألا يفكروا فى تغيير ما بأنفسهم . يقول الله تعالى عنهم يقولون: اللّهُمٌ إن كان هذا هو الْحقّ من عندك قأمطر. . . » هذا أقصى أحوال الجحود والإنكار» حتى إنه ليتوقع شر ما يتمناه المرء إذا كان ذلك صدقكلكء فيقول: إن كان هذا هو الحق وحذه ولا حق سواه» فخيرٌ لنا أن تنزل علينا حجارة من السماء أو تأتنا بعذاب أليم من جنس هذا العذاب» فهو ينكر أولاء ويعده شر اللأحوال ثانياء» ويصر عن إنكاره» ولو بدت دلائل الحق ثالثا. فى نظره أن يكون حقا. وهنا إشارتان بيانيتان رائعتان: الأولى- قولهم: «إن كَانَ هذا هو الْحَقَ من عندك 24 فيها قصر الحق على | هذاء وهو التوحيد» والإيمان يما جاء به محمد يلللَهٌ فالإنكار واقع على قصر الحق» وكأنهم يريدون أن يكون ما هم عليه حقا وهو الباطل الذى لا ريب فيه. إن تمسير سورة الاتفال م ااا انلل ةن اللا اناا اناالا لطن ااانا لنانا لل اناطخ خل انا انال لال للكنانا نان نالاا ناخ خلال الخال نالخلا لخن انا نالل نا الام خخخ خططططاالالللتالا ع الوشارة الثانية- أنهم يقولون فى الجواب المترتب على هذا الشرطء فأمطر علَينا حجارة مَن السّمَاء 4 فذكر السماء؛ لأنه المناسب للإمطارء وليكون أشد؛ لأنه يكون حجارة تنصب على الرءوس انصبابا كانصباب الماء» ولأنه كما قال الزمخشرى» يكون سجيلاء كالحجارة التى نزلت بأصحاب الفيل» التى حمى الله تعالى بها بيته الحرام من أبرهة الذى أراد هدم البيت. وإن ذلك النص السامى» كما هو أقصى الجمحود والتهكم هو أقصى ما يدل على الحمق والجهل» يروى فى هذا أن معاوية بن أبى سفيان دخل عليه رجل من سبأء وقال له: إنكم قوم تجهلون وليتم عليكم امرأة» فقال الرجل: أنتم أجهل ؛ لأنكم قلتم : «اللّهُم إن كَانَ هذا هو الْحَقَّ من عندك فَمْطر علَينَا حجَارة مَنَ السَمَاء أو اتنا بعذاب أليم 4, ولم تقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا. والجواب لمثل معاوية حق؛ لأنه هو وأبوه كانا من يظن أنهم قالوا ذلك» وإن أسلموا من بعد وكانوا من المؤلفة قلوبهم وأخذوا مئات من النوق. إنهم يستعجلون العذاب قبل أن ينزل» وقد بين الله تعالى استحالة ذلك على مقتضى السنة التى سنها الله تعالى مع الرسل وأقوالهم» وهى أن الله تعالى لا يعذبهم والرسل بينهم يدعونء ولذا قال عز من قائل: «ومًا كان الله ليعذيهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يُستَغَفرُون» . هذا النص السامى فيه بيان أن الله لا يعذب الأقوام» والرسول يدعوهم حتى يكون اليأس من إيمانهم كما فعل الله تعالى مع قوم نوح» لقد قال تعالى عند إنزال العزم فيهم «ل أن يؤمن من قَومك إل من قد آصنَ. . . 23 [هود]. و (اللام) فى قوله تعالى: 8 ليعذبَهم4 هى التى يسصسيها علماء النحو لام الجحود أى تكون لتأكيد النفى» والمعنى: ما كان من شأن الله العلى الأعلى أن 0 تفسير سورة الانفال 0 م أ -جوس. 0 يعذب المشركين » وأنت فيهم تدعوء ويفشو الإيمان فيهم وقتا بعد آخرء وهؤّلاء بهذا الدعاء الذى يجحدون به يستعجلون العذاب» والله فوق أهوائهم وله فى خلقه سنة ولن تجد لسنة الله تعالى تبديلاء ولقد كان النبى عَكَِْةٌ يقول: «أرجو أن : 1 تعال )1١(6‏ يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله تعالى) . ثم يقول سبحانه: ##وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون»» قال بعض العلماء إن العذاب الذى يعم يكون الجميع مستحقونه. فإذا كان فيهم من يستغفر لا يعمهم العذاب» فمعنى ١‏ وهم يستغفرون 4 أى بعضهم يستغفر وعبر بما يدل على الجميع للإشارة إلى أنه ينبغى أن يكون ذلك» وقيل إن المراد قولهم فى الطواف: غفرانك. وقيل المراد توبتهم إن تابوا. وينقدح فى نفسى أن الأقرب للمعنى أن نقول» وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون» بمعنى يدخلون فى دين الله تعالى فوجا بعد فوجء إذن لانقطع السبيل على المستغفرين الذين يجيئون تباعا بإنزال العذاب» بطلب المستعجلين حضوعا لأهوائهم وضلالهم. وقد نفى الله عن ذاته العلية الشأن» فقال تعالت كلماته: #وما كان اللّه معذبهم» فنفى اسم الفاعل وهو نفى الوصف القائم بالذات العلية» ذإ إن الله غفور رحيم 41202 [المزمل]. )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري: بدء الخلق- ذكر الملانكة (171؟2)075 ومسلم: الجهاد والسير- ما للقي النبي صلى الله عليه وسلم(19/45). ا تفسير سورة الأنفال 1م الل 14 2-82 > و ا تو متخرج مدو ##ر ل م ا وَمَالَهُْرَأ يعد بهم أَسَهوَهُْمْ يَصدَُو عن الْمَسجِدٍ سل وسره 1 عر لحرا وَمَاكانوا ليآ "إن لاوملا الْمتَفُونَ وَلكنَ رهم م لايعلمون َي مَمَاكانَصَلَاممم مع شرم بسه اليك لامكا وتضيمة كاتا بماكشرة تَكفروت © لد َكعروا سقو ماكز نيسُواع بياث عليه ءْحَسَرَة كُهَيْفْلْو والدِي نكَفْوَ ل جَهَتَمَ سور نوا ليمير أله لحت مِنَا لطي ويجْصَلَ لْحَسَبعَض دع بض ورحْمَ شيعا سَجِعَ]َهُ جه كبلك خالكيزرت © إن الله سبحانه وتعالى رد استعجالهم للعذاب» كما استعجل المشركون إسلافهم العذاب» فآنزله تعالى» أما المشركون الذين بعث فيهم محمد ولد فما بعث لهم وحدهمء بل بعث للأحمر والأسود» والأبيض والآصفر» فما كان لينهى رسالته بكفر أهل مكة وإصرارهم على الشرك ومعانئدة الحق» بل لا بد من تبليغ رسالة ربه» وأن يعرفها الكافة فقد أرسل إليهم» كما قال تعالى: 9 وما أَرسلاك إلا كَافَة للئّاس.. .422 [سبا] ولذلك قال: #وما كَان الله لِيعَذْبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرُون» على ما ذكرنا ولكن هناك عذاب لهم ينزل بهم فى الدنيا» أساسه منازعة الحق للباطل» وإزالة مثارات الشيطان أمام شرع الرحمن» ولابد أن يخلو وجه الناس للحق» فكان لابد من مغالبتهم بالقتال» وهو بعون الله تعالى عذاب لهم» وهذا هو العذاب الذى قرره الله تعالى لهم فى قوله تعالى : «وما لهم ألا يعذبهم اللّه وهم يصدون عن الم مَسجد الْحَرَام4 . و 9 تفسير سورة الانفال مامالل م لحر أ والاستفهام للتعجب من مناقضة حالهم لما يجب حرم الله الآمن» والمعنى أى أمر ثبت لهم حتى يقيموا فى الحرم ولا يعذبهم يمنعهم منهء وهم يحاربون شعائره» وذلك بصدهم عن سبيل اللهء وعن المسجد نفسه فهم يمنعون النبى وله من أن يؤدى المناسك» ويمنعون ضعاف المؤمنين بإيذائهم» ويصدون الناس معنويا بوضع الأصنام على الكعبة بناء إبراهيم» وينتهكون المحارم» بحمل الناس على الطواف عرايا رجالا ونساء» حتى إنهن ليسترن سوءاتهن بأكفهن» هذا كله صد عن البيت. فكيف لا يعذبهم الله بمغالبتهم على الاستيلاء على البيت» والحال أنهم لا يقومون على حرمات البيت» وهو المسجد الحرام الذى جعله الله حرما آمناء والناس يتخطفون من حوله. والتعذيب» كما أشرنا هو مغالبتهم لنزع البيت من تحت أيديهم» ووضعه فى يد أولياء الله ولكنهم يدعون أنهم سدنتهء أو أنه بأيديهم مفاتيحه؛ من عهد إبراهيم» وقد أجاب الله تعالى عن ذلك بأنهم ليسوا أولياءه؛ أى ليسوا حماته؛ أو القائمين عليه؛ وذلك لأن ولايتهم إنما هى بالخلافة عن إبراهيم بانيه ورافع قواعده» وما كان مشركا. وإنهم إذ أشركواء وصدوا الناس عن المسجد الحرام» ومنعوا غير العراياء قد فقدوا صفة الخلافة عن إبراهيم الذى جاء بالحنيفية السمحة» قد فقدوا الحق فى هذه الولاية. ولذا قال تعالى: #ومًا كانوا أوليَاءة4 أى ما استمرت لهم هذه الولاية» لأن «كان» تدل على الاستمرار وفيها نفى لهذا الاستمرار. والولاية الحق تكون لمن كانوا على ملة إبراهيم السمحة؛ ولذا قال: #إن ياوه إلا المتقُونَ»4 هذا قصر للولاية على الموحدين المؤمنين الذين بلغوا ذروة لل | تفسير سورة الأنفال الللللاااالللللاا0االل الل الإيمان» وهى التقوى. 9 ولكن أكترهم لا يعلمون 4 أنفسهم وضلالهم فلا يستحق الولاية المؤمن فقطء بل المؤمن الذى يتقى الله ويحفظ حرمات بيته» قال عز من قائل: 8 إِنمَا يعمر مَساجد الله من آم باللّه وَالْيَوْمٍ الآخر وأَقَام الصّلاة واتى الرّكاة ولّم يخش إلا الله فَعَسئ أُولكك أن يكونوا من الْمهتّدِين 412 [التوبة] . وإن هؤلاء المشركين لا يعرفون شيئا مما يليق بهذا البيت العستيق الذى هو أقدس بيت فى هذه الأرض؛ لذا ذكر سبحانه» كيف يتعبدون فى هذا البيت عابثين» غير مؤمنين . «إومًا كان صلاتهم عند الْبيَت إلا مكاء وتصدية فَذُوقُوا الْعَذَاب بما كنم تكفروت 4 . كانوا يصفرون ويصفقون» ويضعون خدودهم على الآأرض» وهم على هذه الحال.» ويسمون هذه الحال صلاة» فهى فى حقيقتها ليست صلاة إبراهيم» ولا صلاة مطلقاء ولكنهم سموها صلاة» وعدوا أنفسهم بها مصلين» وتجاوزوا كل معقول» وعدوا أنفسهم أولياء البيت الحرام» وهم يصدون الناس عنه» ويتحكمون فيه» وفيمن يغدون إليه إجابة لدعوة إبراهيم من كل فج عميق. يقول تعالى: 8 وما كان صلائهم عند الْبَيت إلا مكاء وتصديّة 4 أى ما كان دعاؤهم عند البيت أو ما كان ما يسمونه صلاةء سولتها لهم نفوسهم عند البيت» أى عند ذلك المكان المقدس الذى كان أول بيت وضعه الله للناس الذى قال الله تعالى فيه ف إن أَول بيت وضع للنّاس لَلّذي ببكّة ماركا وهدى لَلْعَالَمينَ 257 فيه آيات ينات مَقَام إبراهيم ومن دَخَلَهُ كان آمنا ...+439 [آل عمران]» إما كانت إلا مكاء وتصدية وذكر كلمة البيت» وأن هذه التى سموها صلاة كانت عنده» ليتبين عبثهم بهذا البيت المقدسء» وليتبين عبثهم فى هذا المكان الذى ادعوا أنهم أولياؤه» والمكاء كرغاء وخوار وغْتاء ويعنى الصغيرء فوزنه فُعالء وفعله مك يَمكُو إذا صَمرء والتصدية مأخوذة من الصدىء والمراد التصفيق؛ لأن التصفيق ترديد للصدى. وقد بل تفسير سورة الأنقال لاملل م أ حر أ روى ذلك عن أبى حاتم» وابن عمرء وقال ابن عبياس: كانت قريش تطوف بالبيت عراة» وتصفق, والمكاء: الصفير» والتصدية: التصفيق. ويروى أنهم كانوا يفعلون ذلك» ليخلطوا بذلك على النبى كَلكْةٌ صلاته . وإن الزمخشرى يقول: إن الله تعالى سمى فعلهم ذلك صلاة تهكماً عليه؛ وقد جاء فى الكشاف ما نصه: «فإن قلت ما وجه هذا الكلام قلت هو نحو قوله: وما كنت أخشى أن يكون عطاؤه داهم سودًا أو محدرجة سمْرا والمعنى أنه وضع القيود والسياط موضع العطاء» ووضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة» وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء وهم يشبكون أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون» وكانوا يفعلون ذلك إذا قرأ الرسول 1 0 وسرثك وخلاصة القول أن نقول: إن تسمية عملهم صلاة على زعمهم. أو نقول مقالة الزمخشرى: إنه تهكم على فعلهم.» فسمى صلاة تهكماء كما يسمى وضع الأيدى فى القيود» وهى الأداهم, والسياط وهى المحدرجة السمر- عطاء» وذلك إهانة للبيت» وتحقير لهء لا يعقل أن يصدر من أوليائه فليسوا له. هذه تصرفاتهم فى البيت» وهى صغار شديد لأمره» لا يليق ببيت إبراهيم» بيت الله العتيق» ولذا قال تعالى: #قَذوقُوا العذاب بما كنم تكفرون» . وفى هذا الكلام التفات إليهم وتوجيه الخطاب لهمء لأن مخاطبتهم بالعقاب شرط مقدرهء إذ يكون الكلام تقديره: إذا كانت هذه صلاتهم وإذا كان هذا فسادهم» فذوقوا العذاب بسبب كفركم. ا تفسير سورة الأنفال 0 االلكانا1 ااانا الالالال اناالا ل اللا للتاخلةطخ ااانا لط اخنالنط لخن طط ااا ااال الات الل ططخ ططخم ططط اانا ططخملا الال تح 1 وهنا إشارات بيانية يجب التنبيه إليها. إحساسهمء وكأنه يذاق مذاقا مؤلما ولا يخلو ذلك من تهكم بهم كما يقول الله تعالى : «( فبشرهم بعذاب أليم 4423# [التوبة]. الثانية - قوله تعالى: « بما كشم تَكفْرُونَ 4420 ٠»‏ فإنها تدل على استمرار الكفر» وأن هذا الاستمرار هو السبب فى ضلالهم» فإن كنتم وكان فيها دالة على الاستمرار. الثالثة - أن التعبير بالمضارع يفيد تصوسر حال كفرهم المتجدد المستمرء فكل ساعة تمر وهم كافرون تجديد للكفرء وحيث يتجدد الكفر يتجدد سبب العذاب» وقانا الله تعالى منه. وإن المشركين بذلواء وسيبذلون كل مال للصد عن سسبيل الله؛. ولذا قال سبحانه : « إن الذين كقروا ينفقون أَمَوَالَهِم لِيِصدوا عن سبيل الله فسينفقوتها ثم تكُون عليهم حسرة ثم عبن والدين كفروا إلى جهنم يُحَشَرون © . هذه الآية أقرب إلى الظن أنها مدنية» ولكن نقبل ما يقرره القراء» وهى أنها مكية عند بعضهم» وهى لا تتغير بوصف المكية أو المدنية» فكله كلام الله تعالى لا يتغير بميقات نزوله» ونحسب أن ما فى سورة الأنفال مما نزل بمكة» قد انتهى إلى ما قبل هذه الآية. كتب الصحاح التى تكلمت فى أسباب النزول تجمع على أن سبب نزول هذه الآية أن قريشا بعد أن عضتهم الحرب فى بدرء وأرادوا أن يثأروا لأنفسهم جمعوا مالا لينفقوه فى حرب أخرى يعدون لهاء ولكن قال الضحاك: إنه عنى بالآية المطعمون الذين كانوا يطعمون يوم بدرء وكانوا اثنى عشر رجلا. م تفسير سورة الأنفال | ْ ييل م 7 الوا يي والمذكور فى سيرة محمد بن إسحاق أنه لما أصيبت قريش يوم بدر»ء ورجع فلهم إلى مكة» ورجع أبو سفيان لعيره؛ ممشى رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم ببدر فكلموا أبا سفيان» ومن كانت له فى تلك العيرة تجارة فقالوا: «يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم» وقتل خياركم» فأعينونا بهذا امال على حربه لعلنا أن ندرك منه ثأرا بمن أصيب منا» ففعلواء وقد ذكر ذلك عن ابن عباس» رضى الله تعالى عنهما. وأيا كانت الأخبار فى ذلك وإنها لصادقة»ء فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» وإن الله تعالى الرحيم الرءوف بعباده» لا يجعل المؤمنين فريسة لأموال المنافقين ينفقونها للصد عن سبيله» فينصروا بأموالهم وينخذل أهل الحق» فصد هؤلاء عن سبيل الله. إن الله تعالى يؤكد أن الذين كفروا يتفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فلا يتحقق لهم قصدهم فيقول: 8 إِنّ الّذينَ كفروا ينفقوت أَموالَهِم ليصِدوا عن سبيل الله ُسينفقونها ثم تكو عَلَيهِم حسرة 4 . أكد الله سبحانه الإنفاق لهذه الغاية وهى الصد عن سبيل الله» وذلك يجعل كلمة الشرك عالية» ويخضد شوك المسلمين دعاة الحق» ويمنع الرسول ومن اتبعه من الدعوة» وفى سبيل حرب أهل الإيمان» وقد أكد الله تعالى أنهم سينفقونها بهذه النية الفاسدة» فالسين هنا لتأكيد الوقوع فى المستقبل» وقد كرر النص الكريم الإخبار بالإنفاق» والآأول للغرض من الإنفاق» وهو أنه للصد عن سبيل الله فهو بيان للنية الخبيئة» والقصد الفاسد. والثانى لبيان أنه لا نتيجة لهذا الإنفاق, بل يكون عليهم حسرة» وسيغلبون. والفاء فى قوله تعالى : # فسينفقونها» لبيان وقوع ما يريدون من غير أن يترتب عليه ما يحبون. ا تفسير سورة الأنفال م ال 02 الم ءا و(ثم) هى للعطف والترتيب» وكان ن التعبيسر ب (ثم) لبيان بعد ما يقع عما يريدونء فهم أرادوه سرورا لأنفسهم بت بتحقيق الصد عن سبيل الله» وهزم الحق. وكانت النتيجة ليست سرورا بل حسرة ؛ لأنهم لم يحققوا ما أرادوا وكانت الهزيمة» وهى حسرة ثانية » وكان نصر المؤمنين» وأن يكونوا هم المغلوبين. ولااشك أن هذه الأمور التى ترتبت بعيدة عن الغاية التى أرادوهاء فكان التعبير ب (ثم) لهذه المفارقة ب بين النتاك تج التى حفققت »2 والمبعث للإنفاق. والتعبير بالموصول فى قوله تعالى: إن الّذِين كقروا © إيذان بأنهم يغالبون الله - وهم الكافرون - بأموالهم» والله هو القاهر فوق عباده . هذه عقوبتهم فى الدنياء وهى إنفاقهم وإحباط عملهم. وذهاب ذلك حسرات عليهم» وأن يكونوا مغلوبين ما داموا ينازعون أهل الحق ويصدون عن سبيل الله . أما فى الآخرة فجهنم ويئس المصير؛ ولذا ختم الله تعالى الآية بقوله تعالت «والذين كفروا إلى جهنم يحشرون4 أى والذين كفروا بسبب كفرهم يذهبون إلى جهنم يحشرون فيهاء وقدم الجار والمجرور للدلالة على الاختصاص» أى أنهم يحشرون إلى جهنم وحدهاء والتعبير بيحسشرون يومئ إلى كثرة أهل جهنم» وإلى أنهم يكونون فى ضيق محشورون. اللهم قنا عذاب النار. وإن المؤمنين فى جنة ونعيم مقيم . وكان الكافرون فى جهنم ليتميزوا بعقابهم. ولذا قال تعالى: ليمي الله ليث من الطب ويَجعَلَ الْحَبِيث بغضه على بَعْض فيركُمَهُ ميا فَبِجعلَه في جهنم أولتك هم الْحَاسرُونَ 4. الآية متصلة بالآية التى قبلهاء فاللام متعلقة بقوله تعالى: #يحشَرون» فى آخر الآية | بقةء أى أن الله تعالى يحشر أولئك الكافرين فى جهنم دون غيرها ل تفسير سورة الأنفال ململ 0 لأس ا يمسهم فيها النصب واللغون كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرهاء كان ذلك الحشر ليمي اللّهُ لْحَبِيثْ من الطَيّب » والخبيث هو الكافرء والطيب هو المؤمن» وأظهر فى موضع الإضمار» فلم يقل ليميزهم عن المؤمنين؛ وذلك لبيان أن الكافر خبيث فى عقله وفكره وعمله واعتقادهء ولبيان أن المؤمن طيب فى نفسه واعتقاده وعمله وخير كله» ولبيان أن الخبث لا ينتج إلا الحشر فى جهنم» وأن الطيب لا ينتج إلا خيراء وهذا النص يفيد بإشارة القول ولمح البيان أن جزاء الطيبين نعيم مقيم . وإن الخبيث يجتمع بعضهم إلى بعضه. يضم الخبيث إلى الخبيث ويتراكم عليه» حتى يكادوا يكونون عليه لبداء وقد عبر الله تعالى عن ذلك بقوله تعالت كلماته : 9 وَيَجعَلَ الْخَبيث بعضه علَى بعض فَيرَكمَهُ جميعا» تعبير يتناسب مع تكائف شيء كله خبيث» أى يجعل الله تعالى الخبيث الحاضر فوق الخبيث الغابر» فوق ما سبقهء فنظمه جميعا بعضه لبعضه.ء وفى هذا إشارة إلى أن فى جهنم مكانا للجميع» وإن كان مزدحما متراكماء وإشارة إلى تلاحق الحاضرين مع من يقلدونهم» وإشارة إلى تميزهم على الطيبين» أو تميز الطيبين عنهم» وإن هذا كله ينبئ: عن الخسارة المطلقة التى لا كسب فيها؛ ولذلك قال تعالى: «أولتك هم الْخَاسرون». الإشارة إلى الذين أنفقوا ليصدوا عن سبيل الله» ومن كان إنفاقهم حسرة عليهم» والذين حشروا إلى جهنمء وكانوا قد حملوا الخبث» أى أولئك الذين كان منهم هذا وجوزوا ذلك الجزاء- هم الخاسرونء وفى الكلام قصر بتعريف الطرفين» أى أولئك هم الخاسرون وحدهم خسروا الدنيا والآخرةء وذلك هو الخسران المبين. ا وإن الله دائما يفتح باب الرحمة» ويذكر العذاب. ا تفسير سورة الأتفال م للش 1 1 1 1 1 1 1[ 1 225601010011111 ليها > د 1 1 0 ”7 24 قل لازين 20 01 0 ال 20 معواميو كهرو إن 2 فَقَدْمَضَتٌ سنت الأوليت لا ديو م فلزلو, ل 0 0 3 _- ترس يويك نارين سكأ 0 1 2 سخ 202 أَنتَهَوأفتَ 00 دتو ذخ أ 7 1 ٍ < سف لو هه ده عم لص و فاعلموا أنأ لَه موتك ذ نعم الموك ويْعم التصِيرٌ إن الذنوب مهما تكبرء فباب التوبة مفتوح فما أنزل الله الرسل ليحصوا عدد الذين أساءواء بل اللدعوة إلى الحق2 وقد يكفرون فالدعوة تستمر لهدايتهم. ومن يسستجب منهم تَجَبْ استجابته ما كان منه من قبل؛ ولذلك كان الباب مفتوحاء ولذا أمر الله نبيه- مع كفرهم- أن يقول لهم : « قل للَذِينَ كفروا إن يَسَهُوا يغفر لهم ما قد سلف »*. يأمر الله نبيه بأن يقول لهم فى شأن الذين كفروا متحدثا عن مآلهم إن يتتهوا عما هم فيه من كفر ومشاقة للمؤمنين ومحارية للحق -يغفر لهم ما سلف من أعمالهم» ويدخلون فى الإسلام طاهرين مبتدئين حياة جديدة هى طهر وتقى ونقاء. وهناك قراءة بالخطاب. ورويت عن ابن مسعود: «إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف» ولكن القراءة المشهورة الأولى» ويكون المعنى قل مخاطبا لهم إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف. والتعبسير بالذين كفروا فى موضعه؛ لأنهم متلبسون بالكفرء ومع تلبسهم بالكفرء إن ينزعوه من إهابهم ويلبسوا لباس الإيمان وينتهوا من أرجاسه يغفر لهم ما قد سلف»؛ ؛ لأن الإسلام يجب ما قبل وعبر عن الإيمان بعد الكفر ب «الانتهاء» للإشارة إلى أن الفطرة هى الإيمان» وأن الكفر عارض على النفس وهو حال قابلة للانتهاء» وإذا اتتهت عاد الطهر والنقاء. م تفسير سورة الأنفال لل م لح ا وقال تعالى: ا يِغْفَر لهم ما قَد سلف » من حرب وإيذاء» ولبس الحق بالباطل» وكل ما كان منهم من جرائم فى جنب الله فالله غفور رحيم» وما ارتكبوا من زور وربا موضوع» وكل دماء الجاهلية موضوع, فكل هذا داخل فى قوله تعالى 8 يِعْفَر لهم ما قد سلف ». وقرر الفقهاء أن الحربى إذا أسلم لم تبق عليه تبعة من حقوق الله تعالى؛ لأنه إذا غفر الشرك فما دونه أولى بالغفران» إلا ما كان من حقوق العباد كديون عليه؛ أو أكل مال بالباطل أو نحو ذلك» والذمى إذا أسلم فإن الحدود تقام عليه وحقوق العباد تجب على العباد؛ لأن ذلك يلزمه بمقتضى عقدا الذمة» والإيمان يؤكد الالتزامات ولا يسقطها. وقوله تعالى: ون يَعُودُوا فَقَد مَضْت سنت الْأَوَلينَ» ظاهر النص إن يعودوا إلى الكفر بعد الإيمان فإن معاملة الكافرين تعود إليهم» فمعنى طقَقَد مَضّتْ»» أى فقد تقررت سنة الأولين» وهى معاداتهم لله تعالى» منزل بهم ما نزل بالأولين من إخضاعهم للحق بالمحاربة وتنكيس رءوسهم.ء وإقامة الحق» أو تدمير ديارهم بزلزال مدمر أو حاصب من السماءء وإن سنة الأولين إما سلم مخزية» أو حرب مجلية» كما فى بدر» أو ريح عاصف أو سيل عال. رَقَاتنُوهُمْ حت لا َكُونَ فةٌويَكُونَ الدين كله لله إن انهوا إن الله بما يَعملُون الفتنة فى الدين: إيذاء المؤمن لمنعه من اعتقاد ما يراه الحق» أو من الاستمرار عليه» وحمله على تركه بعد اعتقاده» كما يفعل المشركون فى مكة مع المؤمنين» وكما فعل أصحاب الأخخدود الذين قال الله تعالى فيهم: ل أمنعاب الأخدود رجه امار ذات الوقُود 22 إِذْ هم علَيْها فعُود 42 وهم علَئ ما يفعلون بالمؤمبين رد ان شُهُود 12> وما تقَموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد :لم 4 [البروج1. ومن الفتنة فى الدين أن يمنع الداعى إلى الحق من الدعوة إليه» وأن يمنع تعريف الناس بهذا الحق. وكان الناس يفتنون فى دينهم بعد دعوة محمد يَكْةٌ إلى الحق» فكانوا فى مكة يفتنون» وقتل فى الشام من أسلم من العرب» وحيل بين 9 تفسير سورة الأنفال ا ا يسس سات 2-6 الدعوة الإسلامية» وأن تصل إلى الناس » والقتال يستمر إلى أن يزول سببه» وأن يكون الدين كله لله تعالى بأن يطلب الرجل الدين خالصا لا إرهاق ولا ضلال» بل يعتقد ما يعتقدا مخلصا لله طالبا وجه الله والحق لا يبغى سواه» وهذا معنى قوله تعالى: #ويكون الدين كله للّه 4 وإنه إذا طلب الدين كله لله سبحانه وتعالى» لا يفكر فيه كله إلا من هو لله مخلص مستقيم فإنه لا يمكن أن يكون مشركاء بل لابد أن يكون مؤمنا بالله الواحد الأحد الذى ليس بوالد ولا ولدء فإنه حينئذ يسلم كل أمر فى وجهه لله تعالى بعيدا عن تأثير الملوك والرؤساءء وتضليل المضلين»؛ هذا هو ما يشير إليه قوله تعالى: «#ويكوت الدين كله لله 4, أى يكون التدين كله لله تعالى. إن نهاية القتال تكون بانتهاء الفتن فى العقيدة» وأن يكون طلب الدين» وقد قال تعالى: 8 فَإِن انتهوا فَإِنَّ الله بمَا يَعملُونَ بصير» والمعنى إن انتهوا عن الشر والاعتداء والفتنة فى الدين» والإيذاء فى الاعتقاد» فإن الله تعالى: با يعملون بُصير» أى أنه مراقب نفوسهم وعليم بما تخفى صدورهمء وما يجيش بنفوسهم وفى هذا بيان علم الله الكامل» وتهديد لهم إن عادواء كما فيه تبشير لهم إن استقاموا على الطريقة» وفى آية يقول الله تعالى: ١‏ وقاتلوهم حتئ لا تكون فتنة َيَكُونَ الدّين لله إن انها فلا عدوا إلا عَلَى الظالمينَ 039 4 [البقرة] . «وإن تولّوا فَاعلّموا أن الله مولاكم نعم الْمولّى ونعم التُصير» . فى الآية السابقة فتح الله تعالى باب التوبة للكافرين ليخلصهم الله تعالى من الشرك الذى أركسوا فيه» وأشار سبحانه إلى أنه أمر عارض على نفوسهم» يستطيعون أن يرحضوه عنهاء كما يرحض الوسخ على الثوب الأملس» وبين أن القتال لإزالة الفتنة فى الدين» حتى يكون الدين لله. المشركون» فقال تعالى: # وإن تولُوا» أى أعرضوا ونأوا بجانبهم بعد أن فتح لهم باب الغفران» أو أن يقول: إن استمروا على إعراضهم وتنائيهم عن الحق فإنه هو مولاكمء فلا تخافوهم», وإن الله غالبكم عليهم لآنه مولاكم وناصركم» فقال ملل م عرب أ تعالى: 8 أن الله مولاكم * ليس هو الجواب, إنما هو علة الجواب بل الجواب فأنتم الغالبون» وقوله تعالى: 8 أن الله مولاكم # أى أنه مولاكم أنتم دون غيركم» والولاية للحق» ومعنى مولاكم أى وليكم وناصركم» وأنتم وحدكم حزب الله. 00 الله ف ان نا من كان الله ناميه فلن يغاب لز إن حزب وس اه م وس من الألفاظ الى تقال فى مقام المدح» والمدح بالنسبة لله تعالى الشكرء والثناء على قسمة الله فى الغنائم وَأعلم وأ أنَمَاعَنِمسم من سَيْء هلله حمسس هو لِارَسُولٍ ”م 21 ال 1-0 ولِذِىالفرك والْبتمنوا المسكين وان القجيلإن ل وى مر هه 1 5 آ 7 و 21101 اككمء منسم يله وما أب لناع لعب عبدنايوم لْْرَهَانٍ يوم الْنى ال 48 معان ويد ع حكل سَىِْمرِسِرٌ 9 6 اعدو دوه شنو ةايحب أَسَفَلٌ وع 010 2 سفلمنحكم ولوتواعد تر ف اليكل ع لَسَقَضضَأَسَّهأَمَ كات مفْعُولا لمَهْإِكَ مَنْ د م سم 2 سس ل سم عن سس سر حت سر سس جه هللف عن بَمنَقَ ويحوامنْحى عن بينة ًّ بينوّوإركت ميم علي 2 من وقت الإعداد لها إلى الإقدام عا عليها إلى اللقاء فيها حتى ايان ثم علمنا ب أللّهَ ش تفسير سورة الأنفال 0م ا مل 1 ا 1 7 توزيع غنائمها ليكون التوزيع حكما شرعيا نخضع له فلا نختلف ولا نتأثر وقسمة الله تعالى هى العادلة وغيرها قسمة باطلة» وقسمة ضيزى لا صلاح فيهاء ولا خير. قال تعالى: ( واعلموا أَنمَا متم من شيء فَأنَ لله خمسه. .. 4 «ما» فى قوله تعالى هى اسم موصول بمعنى (الذى) والمصدر المنسبك من أن وما بعدهاء مفعول ل(اعلموا)» أى اعلموا كون الذى غنمتموه: خمسه لله ولرسوله إلى آخخر النص الكزيم . والغنيمة ما يؤخذ بغير مقابل» ولكن بجهد. وخصت فى عرف القرآن بما يؤخذ فى الحرب من العدو؛ لأنه يؤخذ بغير مقابل» لأنه أبيح دم العدو وماله» إذ الحرب تبيح دماء العدو وأمواله» ولكنها لا تؤخذ إلا بجهد.» وصار ذلك حقيقة عرفية قرانية. ولكن أنطلق الغنائم على كل ما يستولى عليه فى الحرب» سواء أكانت أرضا يستولى عليهاء أم كانت أموالا منقولة» كالذهب والفضة والثياب والمطبوعات» أم كانت جوارى وأناسى؟ . تجرى الأقلام على ذلك. ولذلك لاقى أمير المؤمئين عمر بن الخطاب مخالفة بادئ ذى بدء عندما منع قسمة الأرضين عن الفاتحين» وخالفه الأكثرون حتى إذا ' قرأ عليهم قوله تعالى: «إما أَقَاء الله على رسوله من أَهل القرئ فَللّه وللرّسول ولذي القريئ الينام والْمَساكين واين اسيل كي لا يكون دول بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فَخذوه وما تهاكم عنه قانتهوا وانّقوا الله إن الله شديد العقاب 22> للفقراء المهَاجرين الذين أخرجوا م ديارهم وأموالهم يَتَعُونَ فصلا مَن الله ورضوانا وينصرون اله ورسوله أولتك هم الصّادقُونَ :2 والدين تبَْءُوا الذاروالإمان من قبَلهِم يحون من ٠‏ هاجر إل ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون عَئ أنفسهم ولو كان بهم خَصاصةٌ , ومن يوق شح نفسه فأولتك هم المقلحون 27> والْذين جاءوا من بعدهم يَقُوُونَ ًا افر نا ولإخواننا الذين سبَقونا بالإمان ولا عل في قبا غلاً للدي آمنوا ينا إِنّك روف رحيم 4 [الحشر]. م تفسير سورة الأنفال | ل و سرب أ وعندما تلا عليهم أمير المؤمنين عمر هذه الآيات خروا صاغرين ووافقوا على ما قال» وقد دل هذا على أمرين: أولهما- أنهم عدوا الفىء من الغنائم» إذ أجروا على الغنائم حكمهء وكذلك قال بعض فقهاء الصحابة والتابعين فعدوا الأنفال والفيىء والغنائم مؤداها واحدء وإن اختلفت أسماؤها. ثانيهما - أن الغنائم لا تكون إلا فى المنقول الذى ينقل من حيز إلى حيز كالعروض والذهب والفضة والأوانى والشياب ونجوهاء وقد قال ذلك الرأى بعض الصحابة» جاء فى تفسير القرطبى: «لم يختلف العلماء»» فى أن قوله تعالى: «9وَاعلموا نما عستم من شيء 4 ليس على عمومه» وأنه يدخله الخصوص فمما خصصوه بإجماع أن قالوا :سلب المقتول لقاتله إذا نادى به الإمام» وكذلك الرقاب أعنى الأسارى الخيرة فيها إلى الإمام بلا خلاف .... ومما خص به أيضا الأرض» والمعنى ما غنمتم من ذهب وفضة وسائر الأمتعة. وأما الأرض فغير داخلة فى عموم هذه الآية..... ولو كانت الأرض ما بقى لمن جاء بعد الغانمين شىء» والله تعالى يقول: ‏ وَالّذِينَ جاءوا من بَعْدهم +40 [الحشر] بالعطف على قوله: « للفقراء المهاجرين ... 427 [الحشر] قال: أو إنما يقسم ما ينقل من موضع إلى موضع . نقلنا هذا الكلام» لبيان أن من علماء الصحابة من قال: إن الغنائم ما يؤخذ وينقل» والأراضى لا تنقل ويستولى عليهاء فلا تعد عليهاء ولنضع الحجارة فى أفواه الذين يقولون: إن الإمام عمر رضى الله عنه عارض النص بالمصلحة عندما عارض نصاء ولا اعتمد على المصلحة وحدها لم يجد من يوافقه من الصحابة إلا من كان له مثل علمه» وبصره بالنصوص ععلي بن أبى طالب عالم الصحابة رضى الله عنهم أجمعين. 1 القربئ وَاليتَامَئ وَالْمَساكين وابن السّبيل * - من فى قوله تعالى: من شىء» بيانية ل 0 تفسير سورة الأنفال سس 0 3 لبيان عموم ما يغنم قليلا كان أو كثيراء أى قدر من الغنيمة يغتنم يَحَمّس قليلا كان أو كثيراء وهذا دليل على أن هذا التقسيم من الله تعالى لا يجوز لأحد أن يقسم غنائم الحروب العادلة كما يهوى» بل إنها أموال الله تعالى يتولى تقسيمها ولى الأمر بتقسيم الله تعالى» لا بمجرد الهوى يعطى من يشاء ويمنع من يشاءء كما كان يفعل ملوك الأمويين والعباسيين» حتى جاء الأتراك فطم. سيل الفوضى» وضاع حكم الله تعالى» وصار أمر المؤمنين فرطا. وقوله: ل فَأَنَ للّه خمسه 4 أن ومصدرها مفعول لفعل محذوف» تقديره: ثبت والمعنى «واعلّموا أنّمَا غنمتم من شيء»» فقد ثبت وتقرر وحكم الله أن لله خمسه. . . وللرسول. هذا تقسيم جعل الخمس أولا لله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» فهو خمس محَمْس إلى خمسة أخماس» وأربعة الأخماس الأخرى تقسم على الغافين» ولم يصرح بتوزيعها؛ لأنها معلومة بحكم الغنم الذى قام به الفاتحون» فهى تقسيم بين محصورين؛ وهم: الله ورسوله» وفقراء الأمة وضعفاؤهاء والفاتحونء فإذا ذكرت حصة أحد الفريقين فقد علمت حصة الفريق الآخرء كما قال الله تعالى: 8 فَإن لم يكن لَه ولّد ووه أبُوَاه فَلمَه الثلث . . .46027 [النساء] ويعلم بذلك أن الأب حصته الباقى وهو الثلثان. فإذا علم أن فريق الله ورسوله والضعفاء نصيبه الخمس» فاربعة الأخماس تكون للفاتحين. . ولنتكلم فى حصة الله ورسوله والضعفاء. قالوا: إنها مقسمة إلى خمسة أقسام» فالأول للرسولء» وهو لله تعالى» والله ورسوله خحمسهما واحد» والثانى لذوى القربى» والشالث من خمس الله ورسوله - للضعفاء ولليتامى» والرابع للمساكين» وهم الفقراء الذين سكّتهم الحاجة» ولا قوت عندهمء والخامس لابن السبيل» وهو الذى انقطع عن ماله فى سفره» فإنه يعطى من ذلك الخمس» ما يكفيه حتى يعود إلى أهله. 0-7 تفسير سورة الأتفال ْ 6 25 ي- ا وهنا ملاحظة بيانية - ترتب عليها حكم فقهى» هى أن نصيب الرسول والضعفاءء ذكر فيه أنه لله» فلماذا ذكر الرسول بجواره؟ والجواب عن ذلك الإشارة إلى أن ما كان للرسولء إنما هو للقربات» ولأن الرسول هو لسان الحقء وهو ينطق باسم الله ولأن ما خخص به الرسول ليس لذاته» ولكن جعل نحت يده ينفق منه على الكعبة» وعلى المؤلفة قلوبهم ويرضخ منه لمن لا سهم له من الفاتحين كالعبيد والنساء فهو ليس له خاصة» بل يسد به ما عساه يكون مكملا للقسمة ومهما يكن فإنه ينفق فى الحاجات العامة للمسلمين. هذا تخريج بعض العلماء» فخمس الله ورسوله والضعفاء يقسم إلى 3 خمسه . وبعضص العلماء يقول: إن لله فى هذا الخمس » كإصلاح الكعبة والقيام على سدانتهاء ويظهر أن مثل ذلك المرافق العامة . ونحوهم مما يتعلق بالجهاد بالنسبة . وقوله تعالى: #ولذي القربئ»» قال العلماء: إن المراد بهم ذوو القرابة للنبى ٌِ من بنى هاشم وبنى المطلب» وقال رواة السيرة: إنه لم يعط كل بنى عبد مناف » فلم يعط بنى نوفل» ولا بنى عبد شمس من الأمويين؛ وذلك لأن بنى المطلب كانوا يناصرون النبى كَكيِْكّ فى الجاهلية» وكانوا مع بنى هاشم» ولما قاطعت قريش بنى هاشم انضم إليهم فى شعب أبى طالب بنو عبد المطلب فرضوا مختارين أن ينزل بهم ما نزل ببنى هاشم» فى الوقت الذى لم يشرك أبو لهب إخوته فى بلائهم وروى أن عثمان بن عفان» وجبير بن مطعم لما أعطى بنى المطلب ذهبا إلى رسوله يكل وقالا له: هؤلاء إخوتك من بنى هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذى جعلك الله منهم » أرأيت إخواننا بنى المطلب أعطيتهم وحرمتناء وإنما نحن وهم 0 تفسير سورة الأنفال م ال #100000[ [ [ [ [ [ [ [ [ [ 1 1 1[ 1 ذ225001011111 لسر > ا بمنزلة واحدة.» فقال رسول الله مَكلِةِ: الإنهم لم يفارقونا فى جاهلية ولا إسلام» وإنما هاشم وبلو المطلب شىء واحد) وشبك بين أصابعه27 . وإنهم يأخذون بالنصرة والقرابة فهم واسوه فى الشدة» فكان أن يواسوا فى الغنيمة؛ لأنهم نصراؤه» ولم يسلموه إلى المشركين وقت أن رامه أولئك المشركون بالسوء: ْ ٠‏ ولقد كانوا يأخذون ورسول الله حى» ومن بعده يستحقونه لهذا السبب لأنهم نصراء رسول الله. ولأنهم لا يأحذون الصدقة لأنها أوساخ الناس» ويأخذون سهمهم بالسوية بينهم غنيهم وفقيرهم على سواءء ولا يسقط سهمهم بوفاة النبى وك لأنهم لا يستحقون شيئا بالفقرء فبقى ذلك السهم لهم بالنصرة» والقرابة . أما سهم النبى يَلْةٌ فإنه يسقط ويكون فى يد ولى الأمر ينفقه حيث كان ينفقه الرسول وَل والشافعى يبقى سهم ذوى القربى غنيهم وفقيرهم على سواء غير إنهم لاستحقاقهم بمقتضى القربى كان التوزيع على نحو قريب من الميراث» بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن الأسهم الثلاثة الأخيرة تكون لليتامى والمساكين وابن السبيل لكل سهمء ولا يعدو أصحاب سهم على آخر. وقال الإمام مالك رضى الله تعالى عنه: بعد" سهم الله ورسئوله وذوى القربى يكون الأمر فى الأسهم الثلاثة الأخرى مفوضا لرأى الإمام إن شاء أعطى كل ذى سهم سهماء وإن شاء لم يعط واحداء ولكنه لايخليها منها. وعلى الأسهم ستة يقدر لله سهم يكون للكعبة» وقد روى أن الرسول يكل كان يأخذ الخمسء فيقبض منه قبضة» فيجعلها للكعبة» وهو سهم الله تعالى» ثم )١(‏ رواه النسائي : قسم الفيء- باب(/2)111717 وأحمد: أول مسئد المدنيين رضي الله عنهم أجمعين- حديث تفسير سورة الأتفال ١‏ لللااااااالاااااالطااللاالاااالاااسااالاااااالاالالااالالللاالتاللالاالاسالا ااا ااا حى- 1 يقسم ما بقى على خمسة27؛ وقد جاء فى الكشاف لجار الله الزمخشرى: وقيل إن سهم الله تعالى لبيت المال» وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه كان على ستة أسهم » لله وللرسول سهمان. وسهم لأقاربه حتى قبض» فأجرى أبو بكر -رضى الله عنه- الخمس على ثلائة» أى اليتامى والمساكين وابن السبيل. وروى عن عمر ‏ ومن بعده من الخلفاء. وروى أن أبا بكر منع بنى هاشم» وقال: إنما لكم أن يعطى فقيركم» ويزوج أيمكم» ويخدم من لا خادم له منكم» أما الغنى منكم بمنزله ابن السبيل لا يعطى غنى من الصدقة» ولا يتيم موسر. وخلاصة هذا القول أن رأى أبى بكر وعمر رضى الله عنهما ألا يعطى من بنى هاشم » ويظهر أن مثلهم بنو المطلب آلا يعطى إلا ذوو الحاجة» يزوج الأيم» ويخدم من لا خادم له» ويكون ذلك من سهم ذوئ القربى» وأن سهم النبى كك يسقط بقبض الله تعالى له» ويكون تحت يد ولى الأمر. وعند من يقول: إن لله سهماء يكون تحت يد ولى الأمر من المؤمنين. وإنه بالاتفاق لا يأخذ اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من أسهمهم إلا بسبب الفقر لأن الصيغة نفسها تومئ إلى أن شرط الأخذ هو الحاجة . بقيت أربعة الأخماسء فتنقول: إنها تصرف للغزاة» وقد روى فى طريق توزيعها إنها تقسم أسهماء فيكون للراجل سهم» وللفارس الذى له فرس ثلاثة أسهم ؛ سهم للمقاتل» وسهم للفرس» وسهم للقائم على علف الفرس وتدريبه وملاحظته» وهذا روى فى الصحيح» وهو مذهب الخنفية . وروى أن للفارس سهمين اثنين فقط؛ سهمًا للفرس» وسهمًا لصاحبه. ولكن الأصح سندا الذى يتفق أكثر الرواة عليه هو الأول» تشجيعا للعناية بعدة القتال وتوفيرها إذ يقول الله تعالى: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن زباط لحيل تُرهبُونَ به عدو الله وعَدوَكُم وَآخَرِين من دونهم ... 420 [الأنفال] . )١(‏ ذكره الزمخشري في كشافه: ج؟»؛ 2.3564 والآلوسي: ج١٠2‏ ص25 وأبو السعود: ج؟» ص77 عن أبي العالية رضى الله عنه. تفسير سورة الأنفال م لاا عدت نز وإن البرذون(١2‏ من الخفيل عند الحنفية» وعند الأوزاعى لا يعد البرذون خيلاء والحق ما قاله الحنفية فإنه لا فرق فى المعنى بين الخيل والبرذون (راجع الرد على سير الأوزاعى لأبى يوسف). وإنه يجب التنبيه إلى أمرين أولهما- أن ذلك التقسيم للغنائم هو عمل الله تعالى» يروى أن رسول الله كلِِهُ أخذ وبرة من جنب البعير ثم قال: «لا يحل من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس» والخمس مردود عليكم»» ولقد قال يَلِةٌ فيما رواه أبوالدرداء وقد تناول وبرة بين أنملتيه: «إن هذه من غنائمكم» وإنه ليس لى فيها إلا نصيبى معكم إلا الخمس» والخمس مردود عليكم؛ فأدوا الخيط والمخيط» وأكبر من ذلك وأصغرء ولا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه فى الدنيا والآخرة» وجاهدوا الناس فى الله تبارك وتعالى القريب والبعيدء ولا تبالوا فى الله لومة لائم» وأقيموا حدود الله فى الحضر والسفرء وجاهدوا فى سبيل الله فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم ينجى الله تبارك به من الغم والهم)7 . انيهما- أن هذه الغنائم ليست سلبا ولا نهباء كما ادعى بعض الكذابين من كتّاب الفرنئجة» إنما هى مغانم النصرء ومغارم الاعتداء» وإنما حرب المسلمين للمعتدين رد لاعتدائهم» وسلوا جيوش أوربا فإنها لا تكتفى بما يؤخذ من أموال المغلوب نتيجة للغلب» بل إنها بعد الصلح تأخذ كل ما تغنم» وتفرض عليه ما أنفقته فى الحرب» وأنى هذا من عدل الإسلام الذى لا يفرض أن ثمة مجرمى حرب» فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين. | ويقول سبحانه: «إن كنشم آمتم باللّه 4 الشرط هنا متعلق بقوله: لفن لله خمسة وللرسول4, أى الخمس يكون لله وللرسول. . . إن كان الإيمان شعاركم» وكنتم تؤمنون بالله واليوم الآخرء فإن ذلك الإيمان يجعلكم تعطون حق الله وحق الرسول» وحق ذوى القربى واليتامى والمساكين طيبة بذلك نفوسكم مطمكنين )١(‏ البرذون : وجمعه براذين» دايّة الحمل الثقيل. زفق رواه أحمد: باقى مسئدك الأنصار- حديث عبادة بن الصامت رضى الله عنه(191؟51؟). اا تفسير سورة الانفال للم للم و ا بذلك» فلا تأحذوا حق الله وللااحق الضعفاعءع. كما قال رسول الله عه : «ابغونى فى ضعفائكم. إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم)”". ولقد قال رسول الله يللد «هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمذا رسول الله. وإقام الصلاة» وإيتاء الزكاة» وأن تؤدوا الخمس » من الغنائم)”7) 2 فجعل رسول الله عد أداء خمس الله ورسوله والضعفاء من الإيمان. المال» ولإعانة الضعفاء. وقوله تعالى: ا وما أَنَلَا على عبدنا يوم الفرقَان يوم التقى الجمعان * فى هذا النص تذكير بيوم بدر وأن النصر كان من عند الله وبفضل معونته وتأييده» ففى هذا اليوم كان تأييد الله» إذ بشرتهم الملائكة» وألقت فى أرواحهم بالاطمئنان والبشرى وأن وهبهم الأمن ومعه النعاس» وأن ثبت لهم الأرض باللأمطار» وأن طهرهم من الرجس » وأن ثبت أقدامهم» وما كان النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم . ويوم الفرقان هو اليوم الذى فرق الله به بين الحق والباطل» ف «ال» للعهدء وفسره الله تعالى بأنه يوم التقى الجمعان» جمع الحق بقيادة محمد رسول الله عه وتأييد الله سيحانه وتعالى » وإمذاده بالملائكة» (وجمع الباطل)» فقول تعالى : #يوم التقى الجمعان» بدل من يوم الفرقان. ثم ذيل الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: « واللّه على كُل شيء قَدير 4 وفى هذا إشارة إلى الله تعالى القادر على كل شىء هو الذى نص ركم » وهو الذى )١(‏ سبق تخريجه. زفق رواه البخاري: العلم- تحريض النبى وفد عبد اليس 80 ومسلم: الإيمان- الأمر بالإيمان بالله ورسوله(17١)‏ عن ابن عباس رضي الله عنهما. ها تفسير سورة الأنفال تم الل 00 حر ا قهر عدوكم مع كثرة العدد والعدّد» وهو الذى بدّل من ذلكم عزاء ومن عزهم خحذلاناء وهو الذى دمغ الباطل فأزهقه. وهو الذى حق الحق بكلماته وأبطل المجرمون . فإذا كان نصركم بتأييد الله» وتؤمنون به حق إيمانكم فلا تستكثروا حق الله والضعفاء فى الغنائم إن كنتم مؤمنين © إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوئ والركب أَسفل مدكم 4 . ذكرت فى الآية السابقة الغنائم التى أخذت فى بدرء وكيف توزع» واختص الله تعالى بالذكر الخمس على الضعفاءء والذى ذكر باسم الله ورسوله. ولكى تقى النفوس شحهاء أشار سبحانه إلى أن النصر كان من عند الله وفى هذه الآية: «إذ أنتم بالعدوة الدنيا ...© يبين سبحانه وتعالى أن الموقعة كلها كانت بتدبير الله تعالى» ولم تكن بتدبيرهم» ولا بتدبير المؤمنين» ولو تواعد الفريقان لاختلفا فى الميعاد. وإذ فى قوله تعالى: «إذ نتم 4 متعلقة بمحذوف معناه: اذكر يا محمد أنت ومن مععك إذ أنتم بالعدوة الدنياء وقد جتئتم لمصادرة العير» لم تريدوا نفيراء ولكن تريدون عسيرك وقد أفلتت منكمء وهى أسفل منكم» أى أسغفل من المدينة عند سيف البحرء فجاءكم جيش هو بالعدوة الدنياء وقد قال بعض المفسرين: إن (إذ) بدل من يوم الفرقان» وذلك جائزء ولكن نختار ما ذكرنا؛ لبعد ما بين البدل والمبدل منه» ولأن تعلقها بمحذوف تكون ابتداء لكلام مستقبل فيه عبرة واضحة» وبيان لأن النصر من عند الله العزيز الحكيم استقلالاء ولأن ذكر يوم الفرقان لبيان التذكير به والإيمان بما فيه. و #العدوة 4 أعلى الجانب» و الدّنيا 4 مؤنث أدنى» والبعد والقرب بالنسبة للمديئة» وظ القصوى » مؤنث أقصى» وهو القاصى عن المدينة » #والركب أُسقَل منكم 4 الركب هو العير الذى كانت فيه ممتاجر قريش» وخرج المسلمون لأخذها م تفسير سورة الأنفال اللا ملللللللللن م هيه يي بدلا من الأموال التى اغتصبها المشركون منهم وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم بغير حق» ومن المقرر فى قانون العدل والإنصاف أن من ظفر بعين ماله أو بمثله من اعتدى عليه واغتصبه كان له أن يأخذهء فلا يذهب حق صاحب الحق هدراء ولأن المشركين إذ أهدروا حقوق المسلمين وأموالهم واستباحوا دماءهم» فقد أباحوا دماء أنفسهم» وأموالهم وما على المؤمنين من سبيل إن استباحوهاء فذلك قانون الحرب بسبب العداوة والبغضاء التى آثارها المشركون. كان المؤمنون بالناحية القريبة من المديئة» وكانت العير أسفل عند سيف البحرء وقد كان ذلك لقاء بغير تدبير كامل مقدر مقصودء بل هو لقاء توفيقى من الله تعالى. وقد جاء فى سيرة محمد بن إسحاق «بعث رسول الله يَلكِْةٌ حين دنا من بدر علي بن أبى طالب وسعد بن أبى وقاص والزبير بن العوام فى نفر من أصحابه يَتَحَسَسُون له الخبر» فأصابوا سقاة لقريش غلاما لبنى سعيد بن العاص» وغلاما لبنى الحجاج» فأتوا بهما رسول الله يله فوجدوه يصلى؛ فجعلوا يسألونهما: من أنتماء فيقولون: نحن سقاة لقريش» بعثونا نسقيهم من الماء» فكرهوا خبرهماء فضربوهما حتى أزلقوهماء قالا: نحن لأبئ سفيان فتركوهماء وقال كَلِْةِ: «إذا صدقاكم ضربتموهماء وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش: أخيرانى عن قريش» قالا: هم وراء الكثيب الذى ترى بالعدوة القصوى. فقال رسول الله عله : كم القوم؟ قالا: كثيرا قال: ما عدتهم لهم؟ قالا: لا ندرى» قال: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يوما تسعا ويوما عشراء فقال رسول الله كَلكة: عدتهم ما بين التسعمائة إلى الألف. 20 هذا خبر يؤكد نزول جيش المشركين بالعدوة القصوى على كثيب من الأرض» والمؤمنون بالعدوة الدنياء وهنا نجد سؤال الزبير وسعد وعلى كان على العير؛ لأن رسول الله يَلكِةِ كان -وهم- خارجا للعير» ولذلك كذبا الغلامين إذ لم يخبراهما عن العير الذى كان بحراسة أبى سفيان» والنبى يسأل عن قريش. ا تفسير سورة الأنفال م ل لاا ااا لل 0 سس أ والعير كما ذكرنا كان من أسفل المدينة عند سيف البحرء كما أشار القرآن الكريم. وإن قصة خروج جيش المؤمنين» وجيش المشركين» والعيرء هى كما أشار القرآن الكريم» خرج جيش الإيمان وكان قليلا لمصادرة عير لقريش وقد أفلتت منه» وهى ذاهبة إلى الشام» فترصدها المؤمنون. وهى عائدة» وأحس بذلك أبوسفيان قائدهاء فمال بها نحو سيف البحرء وأخبر قريشا بنجاتها ولكنها كونت جيشا لحمايتهاء وأصروا على الذهاب إلى بدرء حيث كان الترصد للعير» ليفرضوا هيبتهم فى البلاد العربية» وإنهم لم يتخاذلواء ولم يضعفواء فكان اللقاء بتوفيق الله تعالى أو توقيفه» وإرادته» ليعز الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون. ( ولو تواعدثم لاختلفتم في الْميعاد» أى أن ذلك اللقاء الذى انتهى بذلك اللقاء الذى كان فرقانا بين الحق والباطل لم يكن بميعاد على حرب» ولا اتفاق ابتداء على معركة؛ 8 ولو تَوَاعَدتُم لاختلفتم في الميعاد4, أى لتخلف بعضكمء. فيختلف الميعاد. فالمؤمئون ابتداءً ما أرادوه: لقلة عددهم. ولقلة ما عندهم من عدة ولسطوة قريش فى أرض العرب» فقد يودون غير ذات الشوكة تكون لهم, والمشركون ظهر التردد فيهم» فبنو زهرة تركوا جيش الشرك؛ وبعض بنى هاشم تركه» ومن جاء منهم إلى الحرب كالعباس ما كان مريداء بل كان متورطاء وما فى قلوبهم من هيبة النبى يَكلْةِ وما اعتراهم من العلم بأن الله معه» ولو لم يؤمنوا به وخصوصا ما أفزعهم من خروجه من بين ظهرانيهم» وهم يترصدونه يوم الهجرة» فهم كانوا يتهيبون لقاءه» وإن كانوا يعاندونه» ويقاومونه. ولكن الله أوجد هذا اللقاء» وإن ابتدأ غير مقصود من الفريقين المتقاتلين؛ ولذا قال تعالى: #ولكن ليقضي الله مرا كان مَفعولاً » أى ليقضى الله تعالى أمرا وحققه. وهو إعزاز الإسلام» وإحقاق الحق وإبطال الباطل» و «كان»., أى قرره الله تعالى وثبته على أن يكون واقعا ثابتا مفعولا » ويصح أن تفسر (كان) بمعنى صار أى إلا تفسير سورة الأنفال . الل م حر أ صار مفعولاً» ولقد قال كعب بن مالك: إنما خرج رسول الله كه والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد. أغراهم الله تعالى بالعير ليخرجواء وأراد المشركون أن يحموا عيرهم فالتقوا وتحقق ما أراد الله. ثم قال تعالى: «ليهلك من هلك عن بيّنة4 (اللام) هنا لام العاقبة» والمعنى لتكون نتيجة ذلك اللقاء أن يهلك الذين هلكوا عن بينة وحجة قائمة» وهو أن الله تعالى ناصر المؤمنين وغالب الكافرين» وأن الله تعالى مؤيد جنده» ويستشرف المستشرفون إلى نصر اللهء # ويحيئ من حي عن بينة 4 أى حجة ونور وهداية أن يكون الحق غالباء وأن يظهر الله دينه» ولو كره المشركون. ويصح أن يكون الهلاك والحياة مجازييّن» ويراد من الهلاك الكفرء ومن الحياة الإيمان» ويكون المعنى وليكفر من يكفر عن بينة ظاهرة» وهى بيان أن الله ناصر المؤمنين ويحيا المؤمنون بالإيمان عن بينة برجاء النصر. وللزمخشرى فى هذا كلام قيم ننقله» قال رضى الله تعالى عنه: (فإن قلت: ما فائدة هذا التوقيت وذكر مراكز الفريقين وإن العير كان أسفل منهم؟ قلت: الفائدة فيه الإخبار عن الحال الدالة على قوة شأن العدو وشوكته» وتكامل عدته تمهد أسباب الغلبة له وضعف شأن المسلمين» والثبات فى أمرهم» وأن غلبتهم فى مثل هذه ليست إلا صنعا من الله سبحانه» ودليلا على أن ذلك أمر لم يتيسر إلا بحوله وقوته وباهر قدرته» وذلك أن العدوة القصوى التى كان المشركون فيها كان فيها الماء» وكانت أرضا لا بأس بهاء ولا ماء بالعدوة الدنيا وهى حبار (أى لينة مسترخية) تسوخ فيها الأرجل ولا يمشى فيها إلا بتعب ومشقة» وكانت العير وراء ظهور العدو مع كثرة عددهم» فكانت الحماية دونها تضاعف حميتهم #4 تفسير سورة الأنفال م ل 0100 ١ 0 يي وتشحذ فى المقاتلة عنها نياتهم» ولهذا كانت العرب تخرج إلى الحرب بظعنهم وأموالهم ليبعثهم الذود عن الحريم» والغيرة على الحرب على بذل جهيداهم فى القتال وألا يتركوا وراءهم ما يحدثون أنفسهم بالانحياز إليه»ء فيجمع ذلك قلوبهم» ويضبط هممهم» ويوطن نفوسهم على ألا يبرحوا موطنهمء ولا يخلوا مراكزهم ويبذلوا متتهى نجدتهم» وقصارى شدتهم» وفيه تصوير ما دير سبحانه من أمر وقعة بدر ليقضى الله أمرا كان مفعولا من إعزاز دينه» وإعلاء كلمئته» حين وعد المسلمين إحدى الطائفتين مبهمة غير مبينة» حتى خرجوا ليأخذوا العير راغبين فى الخروج» وشخص بقريش مرعوبين مما بلغهم من تعرض رسول الله كَلِدٌ لأموالهم حتى نفروا ليمئعوا عيرهم» وسبب الأسباب حتى أناخ هؤلاء بالعدوة الدنياء» وهؤلاء بالعدوة القصوى ووراء العير يحامون عليها حتى قامت الحرب على ساق وكان ما كان) وهذا القول من عيون ما اشتمل عليه الكشاف من دقة معنى» وبلاغة لفظ. وتسامٍ لإدراك سر القرآن» وسر الأاحداث. ولقد ختم الله تعالى الآية بقوله: ##وإ الله لسميع عليم» أى أن ذلك كله تدبير من الله» وهو من مقتضى علمه الشامل الذى هو علم من يسمع من غير أذن» ومن يبصر من غير عسين جارحة؛ لأنه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير . ْ وقد أكد سبحانه علمه بالجملة الاسمية» وب «إن» المؤكدة» وباللام فى قوله: االسميع»» وبصيغة فعيل» فسبحان من وسع كل شىء علما. وإن الله تعالى يبين أنه سبحانه هو الذى جمع بين المؤمسين والمشركين فى هذه المعركة فأغرى المؤمنين بالعير» وحرك قريشا لحماية عيرهاء وهو الذى سهل اللقاء على الفريقين فأطمع المشركين فى المؤمنين» وسهل للمؤمنين اللقاء بهم ليحقق ما أراد سبحانه وهو إعزاز الحق» وإذلال الباطل» فقال تعالى: م تفسير سورة الأنفال مامالل م .ها 4 2.2 1 ير يكهم أله ف مالك قلي وَلوَأرَسَكهمٌ كرا 2 كدر لْمَشْلْثْرٌ 257 عَشُرْف الأمْر وَللكنا 021 إنه ضَهُدعِلِيِمبِدَاتِالصدُور أو وَإِذْ _- تريكموهم إذا م0000 0 لاوَيفَللكٌ 50 وأتشيوة يها 1ج َكانه 0 َه اموادشروصَة ع نَبوَأ)؟ كرو أده كرا علخ يمرت 2 ا َورَسومولاموعوأفشْمَُوويدْهَبَ رط ضير نهم الصّديري © وَلَاتَكوأكاليِينَ حَرَجوأْ ديَكرِهِم بَطرَاورِسَاالتا ناس وَيصدُوت عمسيل يلجي © إن اللقاء كما قررناء وكما أرشدنا الله تعالى كان بجمع الله بين الفريقين» وتلاقيهماء والنصر أيضا والإقدام كان بإرادة الله تعالى وهدايته . ٠‏ وإن أول النصر ألا يهاب المؤمن ٠‏ عدو الله وعدوه بل يقدم وهو مدرع بأمرين أولهما - إرادة النصرء والثانى - الصبر» وقدهيأ الله تعالى الأمرين» فقال تعالى : «إذ يريكهم اللَّهُ في منَامك قَليلاً ولو أَرَاكهم كثيرا لَفَشلْتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم . ل[ تفسير سورة الانفال م 0107 210171111 :سر .از أما الصبر فقد أمر به فى آيات كثيرة» وقد أمر بالثبات» كما سيأتى فى الآية الأحرىء. وأما إرادة النصر فتكون بالإقدامء وذلك برؤية النبى ككل فى المنام الأعداء قليلين» ورؤية النبى يَكِلْةٌ وحى, وقد قال يكْهُ: «الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من الوحى)27 . ومعنى رؤيتهم عددا قليلاء أنه كَكلَدٌ رآهم فى حال يستهين بهاء فلم يتكاثروا عليهمء ولم يتضافروا على المؤمنين» ورأى المؤمنين ظاهرين بارزين كأنهم كثيرون» وكأن أولئك قليلون من قوة الغلب» ومظاهرتهم عليهم» أو أنه يستتر عنه فى منامه أكشرهمء فيستبشر النبى وَل بالنصرء ويفهم النبى كله من تأويل رؤياه أنه سينصر أهل الإيمان» فما يفهم أن العدد قليل» ولكن يفهم أن-الرؤيا الصادقة النصر المبين لا محالة» وذلك لا ينافى أن النبى يكلْةِ قدر عددهم بما بين تسعمائة وألف. وقد كانوا كذلك. وقوله تعالى: «إذ ركهم اللَّهُ في مَامك قَليلاً 4 إذ مفعول لفعل محذوف أى اذكر يامحمد لأصحابك «إإذ يريكهم اللَّهُ في منَامك قَليلاً 4 و «قليلا» مفعول مطلق لموصوف محذوف أى عددا قليلا ويقوم هنا الوصف مقام الموصوف. وإن الله تعالى أرى النبى كله العدد قليلاء ليقدم المؤمنون واثقين» فالثقة بالنصر تزيدهم قوة» وتدفعهم إلى الإقدام» ولا يصيبهم رهق ولا خوف» فيتقدمون واثقين بالنجاة. ويقول تعالى: ل ولو أراكهم كثيرا لَفْشْلْتم ازعم في الأمْرِ4» أى لو أراكهم الله عددًا كثيرا قويا لأصابكم الفزع ووراء الفزع العجزء وهذا معنى الفشل» فالفشل هو العجزء «وَلَتارَعتم» لاختلفتم فى الخسروج» ولكان فيكم من يخشى عاقبة الحرب مع قلة العدد» ومع قلة العدة» ومع قلة ما يحملكم» فلقد كنتم فى قلة من الأمرين» ومع الاخمتلاف التنازع فى الفكرة ثم التنازع من بعد ذلك فيما بينكم وبين أنفسكم . . انظر مسلم: الرؤيا: باب-(5258)‎ )١( 9 تفسير سورة الانفال 11111 لناخخ اناطخ الالالال طلاخ نا نط ااانا اطاط للاخ مانا الالال اناا للاااالط تالا ط ططق خخطلنططلاتل لالطالا لط ط لاخلخلا مط طلخ للا مم 01 وقوله تعالى #ولَسَارَعْتَم فى الأَمْر 4 مؤداه الاختلاف فى أمر القتال؛ أتقدمون عليه مع إحساسكم بالقلة وضعف العدة أم تمتنعون عنه لهذا الإحساس . وعبر عنه وقد درأ الله تلك الأسباب عن أعينكم بما رآه النبى يِه من رؤيا صادقة كان تأويلها نصركم» ولقد كان النبى يَكْهٌ يطمئن المؤمنين بعد أن تقرر القتال» فبعد أن أخذ رأى الأنصار فى القتال وقال قائلهم: «امض لما أمرك الله فإنا صدق فى الحرب صبر عند اللقاء» قال النبى كَكِّ: « إنى لأرى مصارع القوم»"'؟ . ويقول سبحانه: #ولكن الله سلّم 4. الاستدراك من الكلام السابق» وسلم الذى جعل المؤمنين أعزة» بعد أن كانوا مستضعفين يتخطفهم الناس» ثم ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت كلماته: #إنه عليم بذات الصدور» ذات الصدور هى ما يكون فى الصدور مما يدفعها إلى الإقدام» أو يثبط فيها العزائم» أو يلقى فيها بالخور والخنوف» قفالله تعالى عليم بها وبما يدفع الهممء ويقوى القلوب» ويمنع الفشل والنزاع» فيطب لأدوائها بما يقيها الهلع والفزع ويطمئن القلوب» الصادقة التى أراه إياها . وقد كان الجيشان تحت عنايته سبحانه» ليقدم كل منهم على القتال غير خانع ولا خائف؛ ليبدى كل واحد منهما ما عنده من قوة» وليعلم كل منهما كيف كان نصر الله للمؤمن» وخذلانه للكافر مع أنه أبدى كل ما أوتى من قوة. فقال سبحانه: إوإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا © . درق انظر البداية والنهاية اج ص 1٠١‏ »© وسان النسائى الكبيرى» ج26 صكم1ل2 وفى مجمع الزوائد(9 1/9م) وراجع رواية مسلم: الجهاد والسير- غزوة بدر(9لالا١).‏ ها تفسير سورة الأنفال 02 0110 حر اا قد كان من أمر الله تعالى وتوفيقه أن يرى المؤمنين المشركين عددهم قليلاء وأن يقلل عدد المؤمنين فى نظر الكافرين» كما قال الله تعالى : ( قد كان لكم آية في فنتين الْقنَا فنة تقاتل في سبيل الله وأخرئ كافرة يروتهم مهم رأي المي والله يد بنصره من يشاء إن في ذلك لَعبرَة لأولي الأَبْصارٍ 22 4 [آل عمران]. وإن المحكمة فى أنهم فى نظر المؤمنين عدد قليل واضحة؛ لأن الله تعالى ألقى فى قلوب المؤمنين بأسا وقوة جعلتهم يستصغرون عددهم» ويستهينون بقوتهم صغر أمرهم فى نظرهم» ولم يجدوا كشرتهم» والعين ة قد تخطي فى العدد بالكثرة أو القلة فقد كان المشركون عددًا كبيراء قد قدر النبى كَكلْهٌ عددهم». ولكن المؤمنين عندما التقوا بهم لما ألقاه الله تعالى فى روع المؤمنين من قوة بأس وإقدام رأوهم قليلاء» لا للهمة التى بدت من المؤمنين كحمزة» وعلى ‏ والزيير» وابن رواحة. وسعد بن معاذ» فقد كانوا يفرون من سيوف هؤلاء حتى لم يروا فى الميدان إلا عدداً قليلا . وأرى الله تعالى جيش المؤمنين قليلا فى نظر المشركين عند اللقاء ليستهينوا بهم» ويغتروا بقوتهم فيسترخوا فى القتال» حتى إذا غطتهم قوة المؤمنين» ورأوا .فيهم شلة البأس أرادوا المقاومة بعل الاستهانة والاسترخاء فلم يجدواء وأحذت صفوف المسلمين المتراصة تحصدهم حصداء وقد كانت رؤية عدد المسلمين قلة من الكافرين حقيقة» ولكنها سيطرت عليهم الاستهانة» فقتلت منهم . وقوله تعالى: «وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم * فيه متعلق بفعل محذوف تقديره اذكروا إذ. 0 وفى ذلك تذكير بفضل الله فى هذه المغركة,» إذ قواكم وسلطهم عليكم» وأذهب عنكم الفزع منهم ) وثبت أقدامكمء وهنا إشارتان بيانيتان: إحداهما- أنهم لم يكونوا قليلاء بل كانوا عددا كثيراًء ولكن الله تعالى جعل أبصارهم ترى ذلك الكثير قليلاء فالله تعالى هو الذى يخلق الأبصارء فهو / تفسير سورة الأنفال ااانا ااا لاا اانا تالالا الالال طل نالل للاااللاللطتن لط خلناانا اخلط قلط لاخاانا نالل لالت اططخ نطلل الاك طنط خط انط سنا ااال م ١ سك‎ 7 تي ١‏ علمها اللة وقدرهاء وكان النصر بسببها وهو ينصر من يشاء بإذنه. الثانية- قوله تعالى: #ويقَللكُم في أعينهم» - فقوله «في أعينهم» فيه إشارة إلى أن هذا التقليل فى أعينهم هو من إرادة الله تعالى؛ لأنه استهانة منهم أدت إلى وقال تعالى: 8 ليقضى الله أمْرا كَانَ مفعولاً 4 أى ليحقق الله بقضائه المحتوم أمرا كان مفع ولا أى صار واقعا ابتاء» وهو النصر بفضل الله وتأييده» فقد حفقق الله تعالى كل أسباب النصر فهيأ الأسباب المادية من النعاس الآمن» وأنزل المطر الذى لبد الأرض» وهيأ الأسباب النفسية من بشارة الملائكة. ومن تقليلهم فى وختم الله تعالى بقوله: «وإلى اللّه ترجع الأمور», أى إلى الله وحده ترجع الأمور يوم القيامة» فهذا هو نصر الله عليهم فى الدنيا بتوفيقه سبحانه» وتهيئة كل الأسباب المؤدية إلى النصرء وفى الآخرة الأمور كلها إليه سبحانه. وتقديم الجار والمجرور دليل على أن الأمور لا ترجع إلا إليه سبحانه وهو يجازى المحسن إحساناء» وللمسئ العاقبة السوءى . وقد بين سيحانه من بعد ذلك أن الثبات هو القوة. وقد ذكرنا أنه عبرة ل( أيه الذي نآمُوا ذا ليم فد افوا اكوا الله يراكم حون . الفئة الجماعة من الناس» والتعبير. بفئة يفيد بأنهم قد فاء بعضهم إلى بعض» وتجمعوا لغرض أن ينالوا منكمء وكأن هذه الآية وما بعدها. تعد المؤمنين للقاء أشد عن لقاء بذر؛ لآن لقاء بذر كان لأجل حماية المال» واللقاء من بعل لأجل ا تفسير سورة الانفال 0 ا 2010100 لحر أ الثأر» ولأجل إلقاء السطوة والسلطان» وهو أعنف من المال» وإذا كان الله تعالى قد استقبل القتال فى بدر بعدم الفرار فقال تعالى :يا أَيهَا الْذين آمنوا إذَا لقيتم الْذين كفروا زحفا قلا تولُوهم الأدبار 22> ومن يولهم يوس دير إلا محرا لقتال أو متحي إلى فئة فقَد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبشس المصير 50 »> [الأنفال]» فإنه سبحانه يستقبل القتال الجديد» بطلب الثبات» والذكر لله» والطاعة لله ولرسوله. ومنع التنازعء وقال تعالى: ليا أَيهَا الّذين آمنُوا إذا لقيتم فمة فَاْبتوا واذْكُرُوا الله كثيرا» . أمران جليلان عند اللقاء» وهما الثبات» وذكر الله. واللقاء لم يبين فيه من الذى ابتدأ باللقاء» وظاهر القول أن المشركين هم الذين جاءوا إلى ديارهم والتقوا بهم ولقد قال النبى يلد «لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف». ثم قام النبى يِل وقال: «اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم»7" . أمر الله تعالى بالثبات بأن يلاقوهم ثابتين فى أماكنهم». فإنهم إن لم يثبتوا ضربوا فى فى أقفيتهم» فيتمكن منهم العدو» فيقتلون, ولا يتالون من عدوهم منالاء وإن ثبتوا لا يقتل واحد من المؤمنين إلا إذا قتل عددا من المشركين» وحيث كان الفرار كانت الهزيمة لا محالة؛ وقد أمر بذكر الله كشيرا فإن النصر ليس بالسلاح ولا التخطيط فقط» بل مع ذلك بأمرين فى القلوب: أولهما- الثبات». فلا تضطرب الصفوف ولا يصيبها الخلل فترجف الأفئدة وثانيهما- ذكر الله تعالى» فإن ذكر الله يجعل القلوب تطمكئن» وإن ذكر الله يملأها إيمانا ويقينا» ورجاء ذ فى النصر. وإن ذكر الله يذهب فزع القلوب» ويساعد على الثبات» وإن ذكر الله يذكر بوعلهة بالنصر فهو يزيده أمل" بالنصر» )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخاري : الجتهاد والسير(2)5955 ومسلم : ومسلم: الجهاد والسير- كراهة تمني الموت / تفسير سورة الأنفال اذاف لانل اننال ضا ناا ااانا خم خملط خط ن اطخ نامضل الالال طلخا امام طنط اططخم طاطخ طامط طاطخلا خ اال لالط اطاط طططططسطططلل م 2 > -- وإن ذكر الله إذا جهر به فى الميدان ازداد المؤمنون حماسة» وألقى بالرعب فى قلوب المشركين» وإن ذكر الله يجعلهم لا يشغلهم عن الله شاغل» وتكون أجسامهم وقلوبهم لنصرهء و 8 كَثِير/4 مفعول مطلق أى اذكروا الله ذكرا كثيرا بحيث لا تتوقفوا عن ذكره مهما تشتد الحرب» وتلتحم السيوف وتتلاقى بالحتوف وقال تعالى: « لَعَلّكُمْ تفلحون» أى راجين بثباتكم وذكر ربكم أن تفوزوا بالنصرء فالرجاء من الناس لا من الله؛ لأن الله تعالى يعلم الغيب فى السماء والأرض» ويعلم ما كان وما يكون. وإن طاعة القائد والاتحاد أولى دعائم النصر؛ ولذا قال عز من قائل : «وأطيعوا الله وَرَسولَه ولا تتازّعوا فَتَفْشْنُوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين» . إن الله سبحانه وتعالى يأمر بطاعته ورسوله فى هذه الحرب التى أمر الله تعالى فيها بالثبات وذكر الله كشيراء والأمر بطاعة الرسول فى الحرب أمر بطاعة القاتد؛ لأن الرسول يَلِيِهِ فى الحروب التى قامت فى عهده كان هو القائد» وطاعة القائد واجبة لأنه نّم وإذا كان ذلك وواقعة أحد التى خولف فيها القائد كانت القتلة فى المسلمين» وإن لم يكن الانهزام كما تصور بعض الأقلام» فيكون ذلك من الله تنبيها لما يقع» وهو علام الغيوب» وإن طاعة الرسول ذل فى الحروب هو بكونه قائدا فيكون أمراً بطاعة القائد» فإن طاعته إذا كان دربة مخلصاً من أسباب الاتتصار. وطاعة الله هى لب الاستقامة» وطهارة القلوب» وهى التى تكون بها قوة الإيمان» وقوة الإيمان دعامة الانتصارء وهى قوة الجهاد» ودعامة الصبر» وتلك عناصر الجهاد الحق فى سبيل الله تعالى . وذكر تعالى بعد الأمر بطاعته ورسوله- النهى عن التنازع» والنهى عن التنازع يكون أولا بالنهى عن الخلاف» فإن الخلاف يؤدى إلى النزاع» والنزاع يؤدى إلى التنابذ والتدابر» وأن يكون كل فريق جمعا منفصلاً عن الآخرء ويكون بأسهم : لاا تفسير سورة الأنفال 0م ال 0100 حب ناز بينهم شديداء وإن الأثر الواضح للتنازع هو الفشل؛ ولذا قال تعالى: « فَتَفَشْلُوا4 الفاء للسببية تدل على أن ما بعدها سبب لا قبلهاء أى أنه بسبب ذلك التنازع يكون الفشل؛ والفشل هو العجزء بحيث كان النزاع كان العجز عن عمل جماعى؛ لأن العمل الجماعى يجب أن تتضافر فيه القوى» ويكون كل جزء من الجماعة متعاوناً مع الجمزء الآخرء فتتحد القوى» وتتلاقى نحو هدف معين وإنه وراء الفشل ذهاب القوةء ويطمع فيهم الطامعون؛ ولذا قال تعالى: «وتذهب ريحكم © أى قوتكم» ويفسر الزمخشرى الريح بالدولة» ويقول رضى الله.تعالى عنه: (والريح الدولة شبهت فى نفوذ أمرها ومَشَيه بالريح وهبوبها)» فيقال: هبت رياح بنى فلان إذا دالت له الدولة ونفذ أمره» ومنه قوله:' يا صاحبى ألا لاحى بالوادى إلاعبيد قعود بين أزراد(') أتنظران قليلاً ريث عقلهم أمتعدروان فإن الريح للعادى ولقد قال قتادة لم يكن نصر إلا بريح يبعثهاء وكان ذلك مناسبا فيكون الفشل فيه ذهاب للريح التى تكون القوة» ولقد روى أن النبى كله قال: «انصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور»2 . أمر الله ونهيه» والثانى: من مخالفة الرسول كَللِْهِ القائد» ومخالفة كل قائد رشيد» والأمر الغالث: من التنازعء فإن الاختلاف مضيعة ال حيوش » ومهلكة الأمم. وقد خحتم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: ظ وَاصبرُوا إن الله مَع الصابرين»: وفى هذا النص الكريم يدعو الله تعالى إلى الصبر؛ لأنه قوة الجهاد» وقوة الطاعة, ويربى العزيمة» ويمئع الاختلاف» إذ إن الاختلااف ينشأ عن الجزع )١(‏ الزرد: والرَرْد مثل السَرْد وهو تداخل حلق الدرع بعضها في بعض لسان العرب- زرد. (0) سبق تخريجه . 0 تفسير سورة الأنفال ل 00 م ١ يي أو عن الطمع» والصبر علاج الجزع والطمع معّا؛ إذ الجزع ضعف فى الإرادات وخور فى العزيمة» والطمع يتنافى مع ضبط النفس» وضبط النفس لا يكون إلا مع الصابرين» والله تعالى مع الصابرين . وقد رفع الله تعالى الصابرين إلى أعلى المراتب عند الله» فذكر أنه سبحانه فى آية أخرى أنه يحب الصابرين» والحب أعلى من الرضوان؛ لأنه يتضمن رضا الله وأكثر منه» وهو أن يكون محبوبا عند الله؛ لآن الصبر تحمل المشقة فى طاعة الله وقد أكد الله محبته للصابرين بالجملة الاسمية وب (إِنَ) المؤكدة» وبفعل المضارع الدال على تجدد المحبة كلما صبرواء وإن محبة الله -تعالى- غاية المؤمنين الصادقين . وإن ذلك الصبر يكون بإخلاص النية لله تعالى» وألا تكون الحرب بطر بطرا وركاء الناس فقال تعالت كلماته : ولا تكونوا كاين خرجوا من ديّارهم بَطَرا وَرثَاء اناس وَيْصدُونَ عن سيل الله الله بمايَعمَلُونَ محيط» . إن الإيمان قوة الجهادء وإخلاص النية لله تعالى هى خشيته» والمؤمنون كانوا يجاهدون طالبين مرضاةة الله ومحبته» وكانوا يصبرون ويصابرون» وقد حثهم الله على طاعته ورسوله» وأن يمتنعوا عن النزاع» وقد جنبهم أن يكونوا كالمشركين الذين يحاربون مفاخرين» قد بطروا معيشتهمء, ولا يهمهم إلا المراءاة بالقتال» والصد عن سبيل الله؛ ولذا قال تعالى: «إولا تكونوا كَالّدِينَ حرجوا من ديّارهم بَطَرا ورئاء الثاس * البطر كفر النعمة والتقوية بها على معاصى الله» والاستعلاء بها على الناس» والرتاء مصدر راءى يرائى» يقصد به الظهور أمام الناس مفاخرا مباهياء لا يقصد به رفع حق ولا خفض باطل» ولا إغاثة ملهوف» ولا نصرة مظلوم» بل يقصد الغلب لمجرد الغلب» وقد خرجوا من ديارهم لهذا الغرض وهو البطر ورثاء الناس؛ ولذا قالوا: إن بطرا ورئاء الناس مفعولان لأجله» أى العلة الباعثة للخروج من ديارهم هى البطر والمفاخرة والاستعلاء على الناس» وإذا كان لهم غرض آخر يظهر من أعمالهمء فهو الصد عن سبيل الله تعالى باستعلائهم» وإرهاب الناس ال تفسير سورة الأنفال م 1أاالكا!زز نال ة ااا للا ااا ااا الانطن انلالخ لاالا ططخ نلطاطاا اللا خخخ طا ا اخامالط نا لمناخنالاا تططخ لاخلا لللطخنااطا نالخ تامانا طم اطططططططنتالة الال لحر 1 وبيان أن لهم القوة ة فى بلاد العرب» قيره. هبهم المؤمن ويخافهم من يريد الإيمان» وبذلك يصدون الناس ويدفعونهم عن سبيل الله تعالى» وهو الصراط المستقيم» وسبيل ا حق . ومعنى النهى عن مشابهتهم بهؤلاء فى قوله تعالى: 8 ولا تكونوا كَالْذِين خرجوا من ديارهم بطرا ورثاء الئاس ويصدون عن سبيل الله 4 أن يخرجوا من المدينة لأجل الحق ونصرته» لا للبطر والاستعلاء والمفاخرة. ولقد كان المشركون قد خحرجوا لذلك, أو انتهى الأمر فى خروجهم فى بدر إلى تمحض لذلك؛» لقد خرجوا ليحموا عيرهم» ولكن أبا سفيان انفلت بالعير عن طريق بدر» وعبر بها سيف البحر» وقد أرسل إليهم بنجاة العيرء وكان حقا عليهم أن يعودوا أدراجهم إذ قد نجت عيرهمء وسلمت أموالهم » فذهب الباعث على خروجهم» وعاد بئنو زهرة منهم ١‏ وتلكأ الباقون من عقلائهم» وترددوا وأرادوا حقن الدماء» وقالوا: نقاتل أبناء عمومتنا من غير حاجة إلى قتال؟! وغلب رأى السفهاء منهم» ووقف «أبو الحكم» الذى سمى فى التاريخ الإسلامى «أبا جهل») وقال: «والله لا نرجع عن قتال محمدء حتى نرد بدرا فنشرب فيها الخمور. وتعزف علينا القيان» فإن بدرا موسم من مواسم العرب» وسوق من أسواقهم حتى تسمع العرب بمخرجناء فتهاهبنا آخر الأبد»» وقد انساقت قريش وراء هذا الناعياء فكانت المعركة ولم يشربوا الخمرء بل ذاقوا كأس المنون» وكان الحمام بدل ادام وناحت عليهم النواحى بدل غناء القيان. ونرى أنهم ما اضطروا إلى الحرب» بل بطر النقمة» والاستعلاء بالقوة والصد عن سبيل الله» وأن يكون الشرك هو الغالب؛ مع أن الله تعالى هو القاهر . اوقد بين الله قدرته وأنه القاهر فوقهم. فقال تعالى فى ختام الآية الكريمة: #والله بما يَعملونَ محيط» وصدر الجملة السامية بلفظ الحلالة لبيان قدرة الله العالية وتربية المهابة فى نفوسهمء وقدم «بما يعملون» لبيان اختصاصه سبحانه بالعلم بما يعمله وإحاطته» والجملة السامية تهديد لهم» لأن هذا العلم الجزاء الوفاق م تفسير سورة الأنفال الل م تسرب أ أولياء الشيطان 72 ده كد لوو وَإِذْرْسِنَ لهم لََِنْْعَسَنَهُرْمَه كعاب كلمي - آَلنّاسِ 1 لكر اسان كص وتاك م ف هه كناخ ادر و َدَحَي يكاب 4ك يفول سه قر سه لس ام مر صر سعد ووة ذأ 1 14 المنافقو والليستفى قلووهم مرض ضر هلؤلاء دنهم فرك لله عزير. و ختكيم 0 مه م 205 0 506 2 وَلَوَتَرَىإِد يموق از 2 1 مك ألعليك ةرفك رلوم دم 56 200 هه < سر وجوههم و درشم وذوقوأ عَدَا ب الْحَرِبقٍ وه لِك مه م يِعَاهَدّمَت ريك وَأََكَأَهَ ليس بِظلر يد 0 إن الشيطان ولى الكافرين يخرجهم من النور إلى الظلمات» ومن الحق إلى الباطل؟ ولذا قال تعالى : «وإِذ زيّن لهم الشَيْطَان أعمالهم وقَال لا غالب لكم الْيوم من الئاس وإنّي جار كم فعلوا يوم بدر حتى كان نصيبهم الردى والهزيمة التكراء - إلا لوسوسة الشيطان» تفسير سورة الأنفال 0م االلللللل اولان ؟ الراك ١١‏ لي و(إذ) ظرف للماضى متعلق بمحذوف» أى: اذكر يا محمد إذ زين لهم الشيطان أعمالهم» وقال لهم لا غالب لكم اليوم من الناس» وقوله تعالى: #زيّْن» أى حَسَنَ لهم ذلك» بأن وسوس فى نفوسهم حَسْنَةُ وأوهمهم الشيطان بوسوسته فى النفس أنهم أوتوا القوة كلهاء وأنه لا غالب لهم اليوم من الناس» وأن لهم بحيرا من أوهامهم فليس هناك شيطان ظهر لهم؛ وقال ما قالء إنما هى وسوسة الشيطان» وهو يجرى فى الإنسان مجرى الدم؛ فهو زين لهم بوسوسته» كما زين بها عبادة الأصنام» وكما زين لهم تحريم ما أحل من بحيرة وسائبة ووصيلة وحامء زين لهم بوسوسته أنهم لا غالب لهم من الناس» وزين لهم بأوهامه التى بثها فيهم أنه مجير وجار لهم يجيرهم من أى ضيم ينزل بهم» كما تلاقى الخربان تبدد ذلك كله» ورأوا الأمر عياناء وأنه لا منجاة لهمء ورأوا أنه أوهمهم ما لم يرء وإن الحقائق بدت لهم واضحة . الكلام تصويرى يحكى قصة إغرائه» وتزيبنه لهم أنهم الأقوياء وكأنه يحدثهم» فيدليهم بغرورهم» وبث فيهم القوة الزائفة» ويوهمهم أنه جار ولا جوارء وأنه لما اشتدت الشديدة قال: إنى برئ منكم» وإنى أرى ما لا ترون» وكل هذا تصور لا جاش فى نفوسهم» وإنا نميل إلى هذا. وقد جاء فى السير وفى بعض الأخبار فى مقابل ما ذكرنا أن إبليس تمثل فى صورة رجل من العرب» روى محمد بن إسحاق عن عروة بن الزبير: لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذى بينها وبين بنى بكر من المحربء فكاد ذلك أن يثنيهم» فتبدى لهم إبليس فى صورة سراقة بن مالك بن جعشم» وكان من أشراف بنى كنانة فقال: أنا جار لكم أن تأتيكم لنا بشىء تكرهونه فخرجوا سراعاء قال محمد ابن إسحاق : فذكروا لى أنهم كانوا يرونه فى صورة سراقة بن مالك فلا يتكرونه» حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان كان الذى رآه حين نكص- الحارث بن هشام أو عمير بن وهبء فقال: أين سراقة ؟! ونظر عدو الله إلى جنود الله من الملائكة ا لل الل م هه : يي قد أيد الله بهم رسوله والمؤمنين فتكص على عقبيه» قال: إنى برئ منكم إنى أرى ما لا ترون» وصدق اللهء والله شديد العقاب. وقد روى مثل هذا عن السدى والضحاك والحسن البصرى ومحمد بن كعب» وقدر رأى ذلك النظر الحافظ ابن كثير بما ورد من آيات فى شأنٍ تغرير إبليس لأهل الضلال» فتلا قوله تعالى : لل كمَثل الشيطان إِذ قال للإنسان اكفر فَلَمَا كفر قال إني بَريء مك إنَي أحَاف الله رب العالمين تن 4 [الحشر]. « وقال الشيطان لَمَا قُضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم ََْلَفتكُم وما كان لي عَليكُم من سلطَانٍ إلا أن دَعَوَكُم فَاسَححُم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما نشم بمصرخي إنّي كَفرت بما أش ركتموني من قبل إن الظَالمين لهم عاب أليم 52 4 [إبراهيم] . ذانكم الرأيان اللذان أخذ فيهما بظاهر الألفاظ؛ واعتمدا على روايات فى رواتها نظرء والذى أخذ فيه بمعنى الألفاظ وإنا نؤمن بصدق قصص القرآن» ولكنا فى هذه الآية نميل إلى النظر إلى أنها خير تصوير لاستمكان الشيطان من قلوب الكفار» وتحكمه فيهاء وسد ينابيع الإدراك فى نفوسهم. وثميل إلى ذلك؛ لأن خبر إبليس وقثله بصورة سراقة لم يشبت بسند صحيح يفسر به القرآن» ولأننا نفسر القرآن بما يبعده عن الغرائب» وبما هو مأنوس للناس من غير تكذيب لأخباره؛ والله أعلم» وقوله تعالى: #فَلما تراءت الفئتان» أى الجماعتان المتقاتلتان #نكص على عقبيه» » نكص معناها رجع على عقبيه؛ تصوير لارتداده متقهقرا سائرا على العقبين» وهو خائف مضطربء ويتبرأ من لحق أغراهم» وقد رأى الشدة آخذة بهم؛ وذلك تصوير لما يكون فى نفوسهم» وسيكون يوم القيامة محسوساء وقوله تعالى: «وقَال إن برِيء سَكم إِني أرئ ما لا ترون 4 أى إنى أعلم ما لا تعلمون وقد أضلهم»ء وقد غرهم الغرورء إِنّي أَحَاف الله واللّهُ شديد العقاب +27 * يعلن أنه يخاف الله والله شديد العقاب. وبذلك يصور لهم كيف ضلوا بوسوسته » وكيفف تعرضوا للعقاب بتزيين ومثله فى هذا التصوير كمثل من يدلى بإنسان فى هاوية حتى إذا تردى فيها أخذ يعيره فى هذا التردى» وما فعله إلا بتزيين وتحسينه فهو المجرم الأصيل . ا تفسبير سورة الأنفال م ال 000 > ا هذا حال الكفار» وقد كان من الذين يجاورون النبى كَكِلةّ من كانوا إخوان الشياطين كالكافرين» وكانوا أخبث نفسا وأفسد قلوباء وهم المنافقون ومن فى قلوبهم مرض» وقد قال فيهم: «إذ يقول الْسنافقوَ والذين في قُلُوبِهم مُرض غَرٌ هؤلاء ديهم ». عندما انتصر المسلمون فى غزوة بدر وصارت لهم قوة ترهب أعداء الله وجد من ينافق بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفرء لقد كان سكان المدينة منهم الذين آمنوا بالله ورسوله وأيدوه» ومنهم اليهودء ومنهم الوثنيون فلما صارت للإسلام شوكة وعزة وقوة - ظهر النفاق» وأولئك كانوا مع المؤمنين فى المظهرء ومع أعداء الله - تعالى- فى حقيقة نفوسهم, وكانوا يبشون الخبال فى المؤمنين» فقال تعالى فى أولئك المنافقين: إإِذ يقول المنافقون والّدينَ في قُلُوبهم مرَضْ» أهما وصفان لطائفة واحدةء وهم الذين وصفوا بالنفاق» فلهم وصفان أحدهما النفاق» والثانى أن فى قلوبهم مرضاء وقد وصفهم الله تعالى بذلك». فقال: 8« في قلوبهم مُرض قزادهم الله مرضًا البقرة]» والعطف عطف أوصافء» لا عطف موصوفين إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة فى المزدحم أو نقول: إن هناك موصوفين» وهم المنافقون الذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفرء والطائفة الثانية هم الذين فى إيمانهم ضعف» فهم آمنوا على حرف ولا يدخل الإيمان فى قلوبهم. وقد بدا لى نظر لم أطّلع عليه» ولكن له شواهدء وذلك أن الذين فى قلوبهم مرض اليهودء ذلك أن فى قلوبهم مرض الحسد»ء وهو أشد أدواء القلوب» وهو فى اليهود دائماء فالمراد بالمنافقين الذين يقولون: إنهم مؤمنون ويبطنون الكفرء والذين فى قلوبهم مرض اليهود . والوقائع التاريخية تؤيد ذلك أن المنافقين كانوا يقولون غر هؤلاء دينهم» أى أوقعهم فى غرورء فظنوا أنفسهم الأقوياء» وليسوا من القوة فى شىء وقال اليهود م تفسير سورة الأنفال الل وم عمل _رمار 7 من بنى قينقاع : (لقد غر هؤلاء دينهم» وغرهم انتصارهم» لئن لاقونا فسيجدننا الناس) وكان منهم اعتداء على المسلمين حتى أجلاهم النبى كلد هذا ما سبق إلى خاطرناء وهو ينطبق على المنافقين واليهودء والشواهد التاريخية تؤيده» والله أعلم . ولقد قال تعالى: ومن يَتَوكَلَ علَى الله فَإِنَ الله عزِيرٌ حكيم» التوكل هو التفويض إلى الله تعالى بعد أخذ الأسباب وتهيئة ما يكون سببا للنصر» ثم يتجه إلى الله تعالى معتمداً عليه مفوضا الأمور إليه» فإن الأسباب لا تعمل وحدها بل تعمل بإرادة الله» وهذا فرق ما بين التوكل والتواكل» إذ أن المتواكل لا يتخذ الأسباب . وقوله تعالى: لفن الله عزيز حكيم» ليست جواب الشرط وهو قوله تعالى: #ومن يتوكل على اللّه4 بل هى سبب جواب الشرط قام السبب مقام المسبب» والمعنى ومن يتوكل على الله حق توكله» فإن الله ناصره» وهو الغالب» لأن الله معهء وهو عزيز وحكيم ينصر من ينصره وهو على كل شىء قدير. هذه نتائج النفاق وضعف الإيمان ومرض الحسد فى الدنياء أما فى الآخرة « ولو ترئ إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا تصور هذه الآية الكريمة هول عذاب الجحيم» وتبين أنه من وقت أن تتوفاهم الملائكة الذين أمرهم الله بذلك» والتوفى مصذدر توفاه» معناه أوفاهم الله أجلهم فى الدنياء وانتتهوا به» و إذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا و(لو) فى قوله تعالى: # ولو ترئ ..»* حرف امتناع لامتناع» وهى هنا لتصوير حالهم والعذاب يستقبلهم إذ تتوفاهم الملائكة إذ تتوفاهم الملائكة المأمورة تفسير سورة الأنفال م لمم ماللا لل ٠: 1 يي بذلك آجالهم» وهنا فعل شرط حذف جوابه» لبيان هوله» وأن تذهب فيه النفس كل مذهب من حيث إنه لا يدرك كنهه. ولا تتصور حقيقته فى الدنياء والمعنى لو عاينت الذين كفرواء وأرواحهم تقبض ثم ما يجىء بعد ذلك رأيت هولا عظيماء لا تدركه عقول أهل الدنيا ولا تحجيط به أفهامهم. كقوله تعالى : 9 ولو يرى الّذين ظَلَموا إِذ يَرَونَ الْعَذَابٍ أن القََة لله جميعا وأ الله شَديد الْعَدَاب +29 4 [البقرة]. ويقول الزمخشرى: إن (لو) إذا دخلت على المضارع جعلت معناه ماضياء فمعنى لو ترى: لو عاينت ورأيت الذين ظلموا إلى آخره» وكان التعبير بالمضارع لتصوير الماضى حاضرا مرئيا مهيئا ليتصور ما يكون ويراه كأنه حاضر» والتعبير بالذين كفروا لبيان أن السبب فى هذه الشدة التى يكونون عليها هو كفرهمء وهو مقابل لطغيانهم وتمردهم وعنادهم للحق فى الدنياء فإنه بسبب ذلك الطغيان» يكون الإذلال والخسران والهوان. وقد صور حالهم فقال : طالْمَلائكَة يضربون وجوههم وأدبارهم 4 وهذا تصوير لحال ذلهم الذى يقابل اغترارهم واستكبارهم عن الحق» فتضرب الوجوه .التى تكون بها المواجهة» وضرب الوجوه لا يكون لمن يعاملون بالصغار والهوان» وهذا عقاب معنوى شديدء وأدبارهم» أى يركلون بالأرجل فى أدبارهم كما تضرب بالأيدى وجوههم» فهم فى مهانة تحيط بهمء أو أن المهانة والذلة تحوط بهم من الأمام والخلف» وذلك تصوير لذلهم بعد الغطرسة» والاستهانة بهم بعد الغرور. وذلك بلا ريب عقاب معنوىء بالتحقير» فى مقابل تكريم المؤمنين الذين كانوا يقولون: «إ وما تراك اتبَعك إلا الذين هم أَرَاذلنا بّادي الرّأي:4*)79 [هود] . وقد بين بعد ذلك العذاب المعنوى فقال: «وَدُوقُوا عَذَابُ الْحريق» وهى معطوفة على قوله تعالى: # يضربون وجوههم» وذلك بتقدير فعل محذوف تقديره» ويقولون لهم ذوقوا عذاب. .» أو تقول: إن هذا فعل أمر فى معنى / تفسير سورة الأنفال ل 00 وم 15 حت الخبر» ويكون ويذوقون عذاب الحريق» وعبر سبحانه وتعالى عن إصابة العذاب لهم بقوله : 8 وَدُوقُوا عَدَاب الحريق 4 للإشارة إلى أن العذاب لا يكون إلا بالإحساس ب فهم فى إحساس دائم به يذوقونه ويحسون به وكلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب. والحريق هو النار المحترقة التى لا يطيقها إحساس محس إلا أن يكون عذابا. وإن التعبير بقوله: #وذوقوا عذاب الحريق* لا يخلو من تهكم بهم؛ لأنهم ' فسقوا وذاقوا من الهوى ما ذاقواء فكأنه يقال لهم: كما ذقتم المتع والشهوات» فلوقوا الحريق » وكأنه يبشرهم . وقد قال بعض المفسرين: إن ذكر ضرب الوجوه» وضم الأدبار إليهم تذكير لهم بشهوتهم التى كانوا منغمسين فيها وأنهم يضربون فيهاء كما وقعوا فى المفاسد بها والله تعالى أعلم. وقد بين سبحانه وتعالى عذابه مربوطا بسببه فقال: «إذلك بما قدمت أيديكم وأَنّ اللّهِ ليس بظلام للعبيد» . الإشارة إلى ما سينزله الله بالذين كفرواء من العذاب الشديد والعذاب ومعانة لرب العالمين» وجحعحود بالآيات وتكذيب لكتاب الله ورسله» وعبر سبحانه وتعالى عن ذنوبهم التى تضافرت وتكائرت بقوله: # بما قَدمت أيديكم © مع أن الذنوب تكون بالألسنة وقول الباطل كما تكون بالأيدى؛ لأن الأيدى بها البطعيش الظاهر.» وبها أوذى المؤمنون» ويها نكل بالضعفاءء وحملها للأسلحة فى الحروب» وإن التعبير عن الكل باسم الجزء مجاز مرسل مشهورء إذا كان للجزء مكانة خاصة التجسس . لل تفسير سورة الأنفال مم 010000 6 +2 والمراد بما قدموا من أعمال وما قالوا به من أقوال» وإن هذا الجزاء عدل لاظلم فيه» ولذا قال تعالى: 9 وما ربك بِظَلام للعبيد 27> 4 [فصلت]» وقال سبحانه فى هذه الآية «وأن الله ليس بظلام للعبيد» والواو هنا للعطف» أى أن ذلك العذاب كان بسبب ما قدموهء وبسبب أن الله تعالى ليس بظلام للعبيد» أى أنهم ينالون جزاء ما اقترفوا والعادل يعطى كل إنسان ما يستحق» ونا يسوي الأمئ والبصير والّذينَ آمنوا وَعَملُوا الصّالحات ولا المسيء... 4428 [غافر]ء فذلك يتحقق عدل الله الكامل» وينتفى عنه الظلم سبحانه إنه على قدير. ولو كان الله تعالى سوى بين المجرمين والمحسنين» لكان ثمة شائبة ظلمء والله منزه عن ذلك» ومعاذ الله أن ينسب إليه» وقوله تعالى: «وأن الله ليس بظلام للُعبيد . فيه تقرير العذاب» وتكبيته) وفيه تبريره . وقوله تعالى: طوأن اللّهِ ليس بِظَلام للعبيد» نفى للظلم الكثير المتكررء فهل معنى ذلك بمفهوم المخالفة أن الظلم القليل» ليس بمنفى عنه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا؟ . والجواب عن ذلك أن النص الكريم ينفى أصل الظلم عن رب العلمين» وإنما النفى بصيغة المبالغة للإشارة إلى أن المساواة بين المحسن والمسىء ظلم كبير ولا يفعله إلا ظلام للعبيد» وقيل: إن الظلم بصيغة المبالغة لكثرة المستحقين للعقاب» فلو لم يعاقبهم لكان ظلاماء والله تعالى ليس بظلام. ومن هذا النص الكريم يفهم أن العدل يوجب أمرين أولهما ألا يعاقب المحسن » فإن عقابه ظلمء وثانيهما أن يعاقب المسيىء ولا تأخذ الناس به رأفة» 50 5 11 و لآنه لم يرحم الناس. ويقول مَلكِْةٌ امن لا يرحم لا يرحم)"!'. )١(‏ سبق تخريجه. / تفسير سورة الأنفال ململ م ا 1 ١ اسم‎ ٠ ١ ل وه 11 ره 6 ذلك يات الله لم رلك معَيرا يْحَمَةٌ أنعمها عل فومِحى بغيروا 2 6 2 7 20 مايأنقيوم وأ" 2 لهسَمِيع ايل 2 قرية © حَدَأْب ءال عو ولي 1 َم نيلو كدأاياتِرٍ ا مر 2 ديهم وَأَغْرّ 3 َآءالوعو وي لاوأ ظلورت :زم بين الله تعالى فى الآيات السابقة أن الله تعالى يعاقب المشركين عقابين؛ عقابا فى الدنيا وهو أن ينتصف للمؤمنين» وأن ينصرهم» وأن يجعل الكافرين الأذلين» وكلمة الله هى العليا» وكلمة الكفر هى السفلى» ويبدل المؤمنين من خوفهم أمنا. العقاب الثانى هو عقاب الآخرة» وإن عقاب الدنيا قد يكون بأسباب يوفق إليهاء وقد يكون من الله تعالى يكون بمعجزة أو بأمر خارق للعادة كإغراق فرعون» والنصرة ة بالريح, وكلاهما من أمر الله تعالى» ومن توفيقه» وقد ذكر الله طواغيت مكة بطاغورت فرعون» وقد أدال الله تعالى منه» افقال تعالى : (كداب آل فرعون والّذين من قَبَلهم كفقروا بآيات اللَّه فَأَحَذْهِم اللّه بذنوبهم إن الله قَوي شديد العقاب* . الكاف للتشبيه والمشبه ما فعله بالمشركين» وما ارتكبوه بالنسبة للمؤمنين» والمعنى أن الله تعالى لتشابه أفعال مع أعمال فرعون وآله أنزل بهم ما أنزله بفرعون» لقد طغوا وبغوا فى البلاد وأكثروا فيها الفساد» فأخذهم بذنوبهم أى أنزل بهم عاقبة ما فعلواء فأصابهم بالرجس وأرسل عليهم الضفادع والدم آيات مفصلات . ا تفسير سورة الأنفال مم ل 10100 0 212201111 1-4 وقوله «كدأب آل فرعون» الدأب مصدر داب ذءوباء أى فعلوا مثل ما فعل آل فرعون دائبين مستمرين عليه من تذبيح أبنائهم؛ واستحياء نسائهم» وإيذاء موسى وقومه» ومن قطع أيدى السحرة وأرجلهم من خلاف» إذ آمنوا بربهم» ومن طغيانه وملئه فى البلاد» وادعائه الألوهية وطغيانه على أهل مصرء وقوله لهم ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد. تشابهت أفعال المشركين مع أفعال فرعون وملئه الذين دأبوا عليها» واستمروا قائمين بهاء فكان حقا عليهم أن ينتظروا لهم مثل ما آل إليه أمر فرعون» وقد بين سبحانه وتعالى أنه أخذهم بذنوبهم فقال: ظفَأَحَذَهُم الله بذنوبهم > الباء للسبسبية وأخذهم معناها أخذهم أخل معذب مكافئ بما فعلواء فالأخذ يتضمن عقابهم على ما فعلواء وهو القوى القادرء كما قال تعالى فى آية أخرى: «( فَأحَذناهم أَخْدَ عزيز مقتدر لق 4 [القمر] وقوله تعالى بأنوبهم» أى أخذهم بالعقاب بسبب ذنوبهم التى ارتكبوها فى حق الناس من تأله» ومن تعذيب» وإفساد للعقول بالضلال» والنفوس بالإرهاق والأذى» ويصح أن تكون الباء للإلصاق» ويكون المعنى أخذهم مصاحبين لذنوبهم فيذكرون جرائمهمء إذ ينزل بهم العذاب. وقد ذيل الله تعالى النص الكريم بقوله تعالى: 9«إِنَ الله قَوِي شديد العقاب» . وهذا فى مقام التعليل لقدرته تعالى على الأخذ الشديد لفرعون وأشباه فرعون» وإن طغوا وبغواء وقد وصف الله جل جلاله بوصفين يدلان على شدة الأخذ والعذاب؛ الأول وصف ذاتى معنوى» وهو القوة» فهو ذو القوة المتين» والوصف الثانى » وهو أن عقابه شديد متناسب مع الذنوب» ومثل فرعون وملئه ذنوبهم كبيرة شديدة قوية» فلابد أن العقاب من جنسهاء وهو جزاء وفاق لها. وأكد الله تعالى هذين الوصفين بعدة مؤكدات فأكده بتصويره الجملة بوصف الجلالة» وهو يلقى بالرهبة والهيبة» وبكون الجملة إسمية» وب (إن» التى تؤكد القول. . وقانا الله تعالى شر عذابه ومنحنا رحمته» إنه هو الغفور الرحيم . تفسير سورة الأتفال مامالل وم حو رز فى وإن ما ينزل بالطغاة من أخذ لهم إنما هو من نفوسهم التى غيروهاء وشوهوا فطرتها مالم ٠‏ لذا قال ل تعالى : ا( إِذ للهلا يمير ما بقوم حت يبروا ما بأشيهم الله تعالى فى معنى هذه الآية: «١‏ ذلك بأنّ الله َم يك معي نعم أنْعمها علَى قوم حتّئ يغيرُوا ما بأنفسهم وأن الله سَميعٌ عَلِيم © . الإشارة إلى ما فعله الله سبحانه وتعالى بالمشركين من أهل مكةء إذ عجل لهم عذاب بتنكيل يل المسلمين بهم. وغيّرهم من سطوة فى أرض العرب وجاه وسلطان إلى أن يغلبوا على أمرهم» ويذلوا بعد عزة» وإلى ما فعله سبحانه بآل فرعون ومن قبلهم من قوم نوح وعاد وثمودهء وآل مدين» فإن هؤلاء غيروا نفوسهم» وطمسوا فطرهم ٠»‏ فغير الله تعالى نعمته» فانتزع منهم ما كانوا فى زرع فاكهين فيه . والمعنى كان هذا الذى أنزله بالكافرين بآيات الله تعالى قد وضع نظما حكيمة فى هذا الوجود الإنسانى» #بأن الله لم يك مغيرا نَعُمَةَ أنعمها علئ قوم حتى يغيْروا ما بأنفسهم4, أى أن نظام الله تعالى فى الإنسان أنه أنعم عليه نعما لها واجب وكما أنها له حق وعليها واجب» وأن الفطرة الإنسانية تدرك حق كل نعمةء وتفسد هذه الفطرة بالاتجاه إلى الشرء وذلك تغيير وطمس لنور الفطرة» والمعنى أن الله تعالى لا يغير نعمة أنعمها على قومء إلا إذا غيروا ما بأنفسهم» و«ما» هنا موصولة بمعنى الذى» والذى بأنفسهم هو نور الفطرة» وإخلاصهاء وما أخخله الله تعالى على ظهور بنى آدم ذربتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا: بلى» فهذا العهد المودع فى الفطرة وهو التوحيد هو الذى يغيرونه بأنفسهم» فكفار قريش كانت لهم القوة لأنهم كانوا يدينون بديانة إبراهيم» ولكنهم غيروا ما بأنفسهم فشوهوا الفطرة» وأشركوا بالله أحجارا لا تضر ولا تنفع» وزاد تغييرهم لما فى أنفسهم بأن جاءهم رسول من ربهم يدعوهم إلى التوحيد فعاندواء وكفروا بآيات الله تعالى» فأزالهم من سطوتهم» إلى حيث يغلبون على أمرهم . 0م الملل 315911213111100 يي 0 وكذلك آل فرعون ومن قبلهم آتاهم نعمة المال والسلطان فغيروا ما بأنفسهم من موجبات الفطرة وكفروا بالله وعبدوا غير الله فغير الله النعمة» وأزال أموالهم. وأغرقهم فى اليم وكانوا عبرة المعتبرين» وهذه سنة الله فى الأكوان وفى الناس. وقوله تعالى : 9 أن اللَّهُ سمِيع ليم 4 جملة معطوفة على قوله تعالى : «بأن اللّه لم يك مغَيرا نعمة . ..* ولذلك كانت «أن» هى المفتوحة وليست المكسورة» والعنى ذلك التغيير بسبب «أن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم؛ همسات القلوب» وخواطر النفوس وما يختلج فى الأفئدة, فهو يعلم النفوس إذا تغيرت» عليم بكل ما يجرى فى الوجود. وما تتحرك به الجوارح» وما يعلمون من وإن هذا النص يدل على أمرين جليلين: أولهما - أن النفوس الإنسانية هى التى تتعلق بها الأحكام» ويجرى الله تعالى أمره على ما فى هذه النفوس من خير أو شر. انيهما ‏ أن النصر والتأييد من الله تعالى بالقوة إنما هو باستقامة النفوس» أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا الذى بأنفسهم» ذكر الطغاة» وما يقضى به (كدأب آل فرعون والّدين من قبلهم كَذَبوا بآيات ربهم فأملكتاهم بذنوبهم وأَغْرقنا آل فرعون وكل كانوا ظَالمينَ» . التشبيه منعقد بين المشركين وآل فرعون والذين من قبلهم» كما هو فى الآية السابقة» بيد أنه فى التشبيه صرح سبحانه بما لم يصرح به فى الآية السابقة» ففى هذا التشبيه صرح سبحانه بأن أخذهم كان بالإهلاك الذى لا بقاء معه» وفى هذا التشبيه صرح بإغراق آل فرعون» ولم يصرح بذلك فى التشبيه السابق» وفى هذا 0-7 تفسير سورة الأنفال للك م التشبيه بأنه كان مع الكفر والتكذيب لآيات الله كان الظلم للناس فلم يكتفوا بكفرهم» وتكذيبهم لآيات اللهء بل ظلموا أحكامهم» ولم يتخذوا العدل صراطا مستقيما وظلموا مخالفيهم» وظلموا رسلهم مع رعيتهم» والقول الجملى أن التشبيه الأول كان تقريبا ما بين الظالمين من مناهج ومسالك» والثانى فيه معنى تعيين وجه الشبه . قال تعالى فى أوصاف المشركين وآل فرعون ومن قبلهم « كَدَبوا بآيات ربهم» أى أنهم جاءتهم المعجزات الباهرة القاطعة» فجاء فرعون تسع آيات مفصلات» فكذبها أى كذب ما تدل عليه من وحدانية الله تعالى فى الخلق والتكوين والذات والألوهية؛ والمشركون كذبوا ما تدل عليه المعجزة الكبرى وهى القرآن فوق ما تدل عليه الخوارق الأخرى من وجوب الإيمان بالرسالة . وهذا التكذيب سبب الكفر» فإذا كان قد ذكر فى التشبيه الأول - بأن السبب فى العذاب هو الكفر» فقد صرح فى هذا بأن سبب الكفر هو إصرارهم على التكذيب كأنه لا رقيب عليهم ولا حسيب. وعبر سبحانه فى التكذيب بأنهم كذبوا بآيات ربهم» ونسبة الآيات المكذبة إلى ربهم تفيد فائدتين: إحداهما- بيان فظاعة التكذيب؛ لأنهم كذبوا بآيات ربهم الذى خلقهم وكونهم وربهم وهو العليم بما يناسبهم من أدلة. والثانية- أن هذه الآيات من المتنفضل عليهم بنعمة الوجود والتنمية؛ وإعطائهم القوة التى طغوا بها. ويقول سبحانه: 8 فَأَهْلَكْنَاهُم بذنوبهم4 (الفاء) عاطفة لربط ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه بسبب تكذيبهم أهلكهم الله تعالى بسبب هذه عقابا من الله تعالى» ولأن الذنوب المتضافرة يترتب عليها الهلاك لا محالة. وفى الكلام التفات من الغيب إلى الحاضرء والإسناد إلى الله تعالى» بإسناد الإهلاك إليه سبحانه وتعالى؛ لبيان تأكد الوقوع لأنه من الله تعالى القاهر فوق عباده العزيز الحكيم» ولتربية المهابة فى النفس» وللتذكير بالرهبة من الله تعالى . ا تفسير سورة الانفال مم للك الات تتلا !اال الن كلل الالالال لالت خخخ تلان انا تاناخ ططخلا نا ماخ نا لالت اننا نا طامط قلطنت للن انالا لانن خ اانا لالخالا خ ااانا لاط خخخ طط طلا تاللل 328 هم هسم فرعون بذكر هلاكهم؛ لآن فم فرعون كان أشهر ملو عصرهم» وأشدهم طغيانا عن رعيته» وأرهبهم» وأظلمهم. فذكره للعرب وقد أهلكه الله تعالى بالغرق أرهب لنفوسهم, وأشد على غرورهم» وأردع لطغيانهم» وفوق ذلك أغرقه الله تعالى بأمر خصارق للعادة لم يكن فى حسبانهم» إذ انفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم ثم انطبق عليهم بما لم يعهدواء ولم يحسبواء فهو يذكر المشركين بأن الله تعالى يأتيهم من حيث لم يحتسبواء وأنه سيهزمهم من حيث لا يشعرون» بل يحسبون فى أنفسهم أنهم الغالبون» ويوسوس لهم الشيطان بأنهم لا غالب لهم وقد وصف الله تعالى العصاة جميعا بأنهم ظالمون» فقال تعالى: #وكل كَانُوا ظالمين» أى كل الذين كفروا برسل الله» وآيات ربهم كانوا ظالمين. ف كر مضاف إلى محذوف يعم حكم الله تعالى عليه بأنه ظالم» وأكد ذلك الحكم ب (كان) الدالة على استمرار الظلم» وبالجملة الإسمية» وقد ظلموا أنبياءهم بتكذيبهم مع أن الحق وا ضح أبلج. وظلموا أنفسهم لأنهم ارتضوا الضلالة بدل الهداية» وظلموا المؤمنين لأنهم آذوهم. وسخروا منهمء وظلموهم لأنهم حاربوهم» وهم فاجرون فى حربهم» وظلموهم لأنهم أشاعوا عنهم السوءء وهكذا أحاط الظلم بهم» والظلم ظلمات يوم القيامة والله منتقم جبار. 0 م 7« برس ب ررم 4 ِنَشَرَألدَوَاتَ عند اللّألْذِنَكفروأفهم لَايؤْمِمُونَ ( مس آ 0# 3 جوء ير 4< ج م كرمج لم لز عَهَدطظَ وب ينوب عَفْدَهْ و يرز ب سر جح بي كو 1 10 سم 2 وهم بَتّقَو نا فا 2 في الحرب فشرد بهم ل 000 - 004 / تفسير سورة الأنفال ل ماللا 0١‏ سب أ فى هذه الآيات البينات يبين ما عليه الذين كفروا من إصرارهم على الكفرء ونقضهم للعهد» وما ينبغى لهم من معاملة» وأنه إذا وجدهم فى الحرب للمسلمين فيه غلب أن يضربهم ضربة قاسمة ليشرد الذين من ورائهم من قومهم أو يصيبهم الرعب» فلا يجتمعون عليه رهبا وخوفاء وإنه يجب توقع الخيانة منهم ومن كان يخاف خيانته» ينبذ عهدهء ويتقى أذاه» وقد ابتدأ سبحانه بوصف الكفر» كيف يتدلى الكافر من مرتبة الإنسانية إلى مرتبة الدواب الحقيرة التى هى أدنى الحيوان إلى أن قال تعالى: «إِنّ شر الدوَاب عند الله الّذِين كفروا . «الدواب») جمع دابة» وهى كل ما يدب على وجه الأرض من حشرات إلى قردة وخنازير» إلى كلاب وحمير وخيل» إلى الإنسان» والتعبير عن الذين كفروا بالدواب حط من إنسانيتهم؛ لأنهم أغفلوا مداركهم وصاروا كأقل الحيوان ذكرا» ومكانا. وليسوا فقط أحط الأحياء» بل هم أحط من أحطهاء فهم شر الدواب» وهم فى الدرك الأسفل من الحيوانية» وأحط ما فى هذا الدرك. يقول تعالى مؤكدا القول: لإِنَّ شَرَ الدّوَابَ عند الله الّذِينَ كَقَرُوا 4 فحكم الله تعالى بأنهم أشد الحيوانات شراء من الحشرات التى تدب إلى الإنسان الذى خلقه الله تعالى فسواه فى أحسن تقويم» وشرهم الشديد؛ لأنهم أوتوا عقولا فشوهوا إدراكهاء وأوتوا فطرة سليمة» فرضوا أن يعبدوا حجارة هى أحط من أحط الحشرات وجودا؛ لأن الحشرة فيها حياة وأوثانهم لا حياة فيهاء وهم شر الأحياء لأن كل شىء حى فيه نفع» وإن كنا لا نحصيهء وهم شر لأنهم ظالمون ولا نفع فيهمء وهم شر لأنهم يعاندون الخير ويعاندون الحق ويؤيدون الشرء وإذا كان مقياس الخير والشر هو النفع فى الخير» والفساد فى الشر- فالذين كفروا بمقتضى هذا القياس سلب منهم كل خير» واتسموا بكل شرء فكانوا شر الأحياء. تفسير سورة الأنفال 2 الملل لل ااال 110 ثم قال تعالى: #فهم لا يؤمنون 4 «الفاء» تفيد السببية والمعنى هم سبب كفرهم لا يؤمنون والنفى نفى متجدد للإيمان؛ أى أنه قد تلبس بهم الكفر فلا يؤمنون قطء وعبر بالمضارع لتجدد كفرهم آنا بعد آن. وتلك حالهم. ونفى الله عنهم الإيمان بإطلاق» فلم ينف الإيمان بالله والرسول فقطء بل نفى الإيمان بإطلاق فهم لا يؤمنون بحق إلا فى ظل أهوائهم وشهواتهم» ولا يؤمنون بفضيلة» ولا يؤمنون بحق الإنسان على أخيه بل يؤمئون بالجبت والطاغوت, لا يؤمئون إلا بالشيطان» فعقولهم كلها للشرء ونفوسهم سكنها الشيطان يعاضدون الظلمء ويؤيدون الباطل» فكانوا بهذا شر الدواب عند الله» أى فى حكم الله تعالى خالق الحياة والأحياء. وأوضح سبحانه إيذاءهم للناس بأنهم لا يرتبطون بعهد مع الناس قطء فهم لا يشعرون بحق لغيرهم ولو بعقد التزموه أو عهد أبرموه فهم جائرون بائرون فى تفكيرهم وإنسانيتهم؛ ولذا قال تعالى: ل الْذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مر وهم لا يَقُونَ) . لالّذين4 فى هذه الآية بدلا من الّذينَ كُفروا» في الآية السابقةء فهذا وصف مسن أوصافهمء وحال من أحوالهم» وأوضح ما كان ذلك فى.اليهود الذين جاءوا النبى كك فى المدينة فهم الذين عاهدوا النبى َل ونقضوا عهده؛ ولذلك يقول تعالى: ل الّذِينَ عاهدت منهم 4 وإذا كانت واضحة فى اليهود» ولم يكن للمشركين إلا عهد الحديبية» وقد نقضوه» فيصح أن يكونوا عاهدوا النبى كد ونقضوه. ولكن لم يتكرر نقضهم؛ ولذا نقول: إن البدل فى الذين عاهدتهم ليس بدل كل من كل» بل بدل بعض من كل . واليهود عاهدوا النبى كَلِْةٌ وتكرر النقض فقد عاهدهم النبى كَل أول إقامته عهد تعاون على البر والتقوى. ونقضه بنو قينقاع عقب وقعة بدر الكبرى» ثم أبرموه مرة ثانية بنو النضير حتى اضطر النبى يَلكةٌ إلى إجلائهم» حتى يقيم فى المدينة (والجنة تجاوره)» ثم كانت الممالأة للمشركين» ومكانتهم للمشركين» والنبى لوللا للللللل لل لل و ١1 اا‎ 7 فى الشديدة فى غزوة الأحزاب» وقد تألبت عليه الجزيرة العربية كلها وتحزيت ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال. ثم قال تعالى: # وهم لا يتقون» أى هؤلاء الذين ينقضون العهد. فى كل مرة يعاهدون الرسول يَكيِْةِ ١لا‏ يتقون» وقد أطلق عدم الاتقاء فلم يذكر أنهم يتقون الله» أو يتقون أذى الناس» أو يتقون نقضص فهو سبحانه أطلق عدم الاتقاء.» أى من صفاتهم التقوى وتقدير الأمور. وتقدير معنى الوفاء بالعهد. فإنه لا يصح نقض العهد ا سبب ؟ آنه يفقد الثقة» وفقد | الثقة يؤدى ٠‏ لى الور ولقدٍ قال يك يذ لله م وج [السلع 7 لايثقون» ويكونون جصسيعا إلبا لبعض» وتعد فاسدة الأخلاق» ولا تكون لها قوة أبدا . وقد رأينا ذلك فى الدول فى الماضى» ونراه الآن؛ ولذا يقول تعالى: لوأَوفُوا بالعهد إِنَ العهد كَانَ مسئولاً 28> [الإسراء] . وإذا كان الكافرون لا يثقون فى عهد عهدوهء ولا ينفعون بل يضرون» فلابد لمملهم على الحق من القوة الغالبة» والقهر الذى يرهبهم؛ ولذا قال تعالى: «فَإما تتقفته تنْقَفتّهم في الحرب فَشَرَد بهم من حَلْفَهم لَعلْهِم يذَكّرون» . «الفاء» عاطفة» وهى فاء السبيسية» أى أن ما قبلها سبب لم بعدهاء أى أن هؤلاء الكفار لا يفعلون خيراء وليس منهم إلا الأذى المنكرء ولا يمنع شرهم بعهد يقدمونه» فإنه يجب قمعهم بالشر إذا وجدوا فى حرب حتى لا يجتمعوا على شر؛ لآن اجتماعهم إيذاء فلابد من إرهابهم . ا تفسير سورة الأنفال م لل لامالا الملل للك ١ لا‎ 7 ّ 9فَمًا تَتقَفئَهِم4 (إن) مدغمة فى (ما)» و (ما) زائدة لتوكيد القول» ولذا جاء فى الفعل نون التوكيد وجوبا. أو قريبا من الوجوبء والتأكيد للفعل» أى إن تأكدت من وجودهمء فلا تجعلهم يفلتون من يدك» واضربهم الضربة القاسمة التى تفزع من خلفهم فيشردونء بدل أن يكونوا مجتمعين للشرء فضرب من يقع فى اليد من الأشرار ضربات قاسمة يجعل من خلفهم ممن هم على شاكلتهم مشردين غير مجتمعين» ومعنى « تنْقَفئْهم 4 تجدهم فى ثقاف. أى حال ضعف تقدر فيها عليهم» وذلك من قوله ثقفته أى وجدته. وقوله تعالى: «في الحرب 4*. أى انساقوا إليك محاربين» وقدرت عليهم فاغلظ عليهم واضربهم الضربات القاسمة التى تجعلهم نكالا لغيرهم» فلا يستمرئون الشر بعد ذلك» وقال تعالى: « فَسْرَد بهم مُن حَلَفَهم» أى شرد بضربهم والتدكيل بهم من خلفهم.ء فإذا رأوا الهوان ينزل بمن هم على شاكلتهم جزاء غيهمء فإنهم لا يجتمعون لحرب أهل الحق بعد ذلك؛ إذ إن ضرب الذين جاءوا للحرب وأخذهم بالسوق والأقدام يجعلهم لا يجتمعون على قتال لأهل الحق» فلا يهاجمون المؤمنين من بعد ذلك؛ ولذا قال تعالى: #لعلّهم يَذَكَّرونَ» أى رجاء أن يعتبروا بغيرهم» ويذكروا مآلهم الذى يستقبلهم بما يرون فيمن تقدموهمء إن فى ذلك لذكرى لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وما تَحَافنَ من قوم حيانة قانبذ إِليْهم علَئ سَواء إن الله لا يحب الْحَائدينَ . لإما» هنا كما فى قوله تعالى: 9فَإِمًا ْقََنّهم4 هى (إِنْ» الشرطية مؤكدة بلفظ (ماف؛ ولذا أكدت بالئون الثقيلة» ويكون تأكيدا للشرط» فهو تأكيد للخوف». والمعنى إن خفتم خوفا مؤكدا توافرت أسبابه» حتى يكون توقع الخيانة أمرا ثابتا قامت أماراته وبدرت بوادره» « فانبذ إليهم على سواء » أى اطرح عهدهم وانبذه نبذا ظاهرا معلوما تكون وهم على سواءء لا يربطكم» ولتأكد الخوف قال بعض المفسرين: إن معنى الخوف هنا العلم. ل | تفسير سورة الانفال ل الل لحب ل متساوين تحللون من العهد ويتحللون ويكون الاستعداد من الحانبين» وقيل: إن معنى 9# علئ سواء» أى يكون النيذ معلوما مشهورا. وإن النبذ يقتضى أن يكون ثمة عهد قد خانوه» أو هموا بأن يخونوه» وتأكد لديكم هذاء وتلك هى الأمانة التى أودعها الله تعالى أوامره للمؤمنين» بأن يكون أشرافا فى الوفاء بعهودهمء فإذا توقعوا الخيانة متأكدين لهاء فإنهم لا يُسبقون بالخيانة» بل يتبذون ويعلمونهم بأن لا عهد. الصورة الأولى- صورة الذين يتوقعون الخيانة ومتأكدين من وقوعها قبل أن تفع وفى هذه الحال يعلنون ترك العهد واعتباره كأن لم يكن ليستعدوا. الصورة الثانية- أن يغدر المتعاهدون بالفعل» كما غدر المشركون فى صلح عليه» فدخلت خزاعة فى عهدذه» فاعتدت عليها قريش» وقد رأينا ذلك فى الدول فى الماضى» ونراه الآنء ولذا يقول تعالى: #وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا42*» [الإسراء] فكان الاعتداء بل الخيانة بالفعل. . وقد زال العهد بذلك» فكان متتحللا؛ ولذا غزا الغزوة الكبرى بفتح مكة من غير نبذء إذ هم قد نبذوه من قبل لا بالقول بل بالفعل . وقد كان الصحابة قبل أن ينقضوا هذا العهد بالفعل» يحذرون النبى َك من نقضهم ويخافونه» فكان النبى الوفى الأمين يقول: «وفوا لهم واستعينوا الله عليهم؟. وإن ذكر الخوف من الخيانة يقتتضى أن هناك عهدا عاهده يَلكٌِْ أو من جاء بعده» ويخاف من نقضه فإنه لا خيانة إلا فى عهد مبرم. ونقول: إن الخيانة قد تكون بحرب يعدونهاء وينقضون بها السلم الذى كان ا تفسير سورة الأنفال 0 لول 00 إذا تأكد المسلمون نبذوا هذا السلم الذى كان أصل هذه العلاقة وكانوا معهم على سواء. ولا يقال: إن النبذ بنى على الخوف من الخيانة» والخوف ظنء ولا يبنى أمر قطعى على أمر ظنى- لأننا قلنا: إنه خوف مؤكد بدت بوادر الخيانة» وظهرت أماراتهاء والقائد المدرك لا ينتظر حتى تقع الخيانة» بل يسارع بنبذ العهد؛ ويستعد لهم ويحلهم من العهد كما أحل نفسه؛ حتى لا يؤتى من غرة. فعن عمرو بن عبسة أنه قال: سمعت رسول الله كَكِلْهْ يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة» ولا يحلها حتى يمضى أمدها أو ينبذ إليهم على سواء»7 . وقد قال تعالى: ظإِنّ الله لا يحب الْخَائِين» هذا النص السامى فيه تعليل للنبذ على سواءء أى أن النبذ على سواء إعلام بإنهاء العقدء ليكون معلوما مشهوراء ولا يقع المؤمنون فى خيانة؛ لأن الله تعالى لا يحب الخائنين ن» فالنص يمنع عن الخيانة» ا على سواءء؛ وإلا لو هجموا سواء على دمائهم قبل النبذ فقد خانواء والله تعالى لا يحب الخيانة وقد أكد نفى محبة الله تعالى للخيانة بالجملة الاسمية» وبالإن»» ونفى المحبة أبلغ فى النهى؛ لأن محبة الله مطلوبة فإذا كانت الخيانة لا تؤدى إليها فهى منهى عنها نهيا شديدا مؤكدا. 200 019 ل م حَسَإن لذبن كمروأ سيفو توم لايسَجرون 200 دوأ لصم تنش يموي زبايا الكل هه أ و مر تربور ,يد عل و أله وعد و وَءَاحَرِينَ من دونهمٌ لاتعلموتهم ديم وماد / َنفِفوأْمن سن وِفٍ سبل ا ّ لكوت 2< 000( رواه الترمذي وصححه: السير- ماجاء فى الغدر( ١‏ م/86١)2‏ وأحمد: مسئد الشاميين(/56571١)‏ وأول مسئدك الكوفيين(89157١)2‏ وأبو داود فى الجهاد- الإمام يكون بيئه وبين العدو عهد(؟ة ه/ا7). ل | تفسير سورة الأنفال الل ااا للفلل لل م 414 2-5 هاتان آيتان فى بيان فوة الإيمان وأهمله. وأنه لا يعجزه شىء مادام مؤمنا بالله ومستعينا به سبحانه» ومادام يستعد ويأخذ فى أسباب القوة» ولقد كان المشركون يتوهمون الغلب لمجرد أن يسبقوا فى أمر أو يفوزوا فيه أو يفلتوا من مصادرة عيرهم» فبين الله تعالى أنهم إن نموا مرة لا يعجزوا الله تعالى ورسوله والمؤمنين» ولذا قال تعالى: « ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إِنْهم لا يعجزون». «الواو» للاستئناف» و«ل)2 ناهية» والنهى عن الحسبان والظن هو نهى عما ينبغى ؛ لأن الحسبان لا يقع عليه النهى إنما المراد- فيما يظهر والله أعلم- لا ينبغى لهم أن يحسبوا أنهم سبقوا أى فازواء إذا سبقوا إلى عيرهم وأخذوها وأفلتوا بها فإنهم لا يعجزونء ولم يذكر في الآية ما سبقوا فيه أو ما فازوا به» بل أطلق نفى ظنهم أنهم سبقوا أى نوع من السبق» أو فازوا بأى نوع من الفوز» فالمعنى أنهم لا يظنون أنهم يسبقون بأى سبقء فحياتهم فارغة أبداء لأنهم ليست لها غاية» لأن أى سبق لهم فهو لغوء وأن نهايتهم واحدة إن استمروا على كفرهمء وإن الله تعالى غالبء والنصر للمؤمنين وقوله تعالى: # إنهم لا يعجزون# قرنت بكسر (إن)» وتكون الجملة مستأنفة فى معنى تعليل نهيهم عن حسبان أنهم سبقوا على المعنى الذى ذكرناهء لأنه ما دامت النهاية للمؤمنين وأنهم لا يعجزون» فالهزيمة لاحقة بهم مهما سبقواء ومهما يفوزوا فى حركات ليست هى النهاية» والله من وهناك قراءة بفتح أن('2: أى أنهم لا يعجزون» وتكون هنا لام التعليل يعجزون» وكثيرا ما تحذف لام التعليل؛ لأنها مفهومة من سرد القول» والمعنى الحملى الخص السامى أنهم مهما يسبقوا ويشوزد 0 لذب عامم: ب حسجنهم لأ 02> [النور]» وقوله تعالى: «(لا يعر تقل الدين قروا في البلاد 33 متاع قليل ثم مأواهم جَهئّم . . . 44039 [آل عمران] . )١(‏ قراءة (أنهم لا يعجزون) بها قرأ ابن عامر» وقرأ الباقون بكسر الهمزة. غاية الاختصار(97/4). ا تفسبير سورة الأنفال 1 010100 4# ا من نواصيهم بالهزيمة فى الدنياء والعذاب فى الآخرة. ولكن هزيمة الدنيا لا بد لها من أسباب يقوم بها العباد بتوفيق الله تعالى: والتوكل عليه سبحانه بعل الاستعذاد بالعدة. وأخذ الأهبة والعزيمة والصبر؛ ولذا قال تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قو ومن رياط الْحيْل ترهبُون به عدر الله وَعدوكُم وآخَرِين من دونهم لا تعلّمونهم الله يعلمهم ». «وأعدوا لهم ما استطعتم من قُوّة ومن رَبَاط الْخَيْلٍ4 هذا أمر تكلديفى و فرض كفاية على الأمة الإسلامية يجب على الأمة كلها أن تتعاون فى إعداد هذه القوة» بالدربة» والتعليم والرمى» وكل ما يربى الجند القوى. فلا بد من التربية على الجندية» وإعداد عدة القتال» وذلك بالمستطاع بل بأقصى ما يستطاع» ومن هسنا بيانية فى قوله لمن فو 4 وهى تدل على عسموم القوى» فأعدوا كل ما يمكن أن يكون قوة فى الحرب مسن دربة على الرمى بالسهام. ولقد كان النبى يَللِْةّ يقول: «ألا إن القوة الرمى70(١2‏ » كما روى عقبة بن عامر عن رسول الله يَلْةِه وقد كان الراوى نفسه وهو عقبة راميا حتى لقد مات عنده سبعون قوس رمى» ومن القوة الحصون. ومن القوة المنجنيق» وهكذا كل ما يكون سببا للقوة» ومنها من الماضى النار الإغريقية» ولم تكن معروفة عند العرب» وإن وجدت فى الحروب الإسلامية. فكل قوة مستطاعة يجب على الأمة أن تتضافر على إيجادهاء وإلا أثمت كلهاء ولم ينج من الإثم فقيرها وغنيها ولا قويها أو ضعيفهاء فالقادر بقدرته. والضعيف بلسانه. وقوله تعالى: #ومن رَبَاط الْخيْلٍ 4 معطوفة على لمن قُوََ 4؛ ورباط الخيل جماعة الخيل خمسة فأكثر» وقيل رباط جمع ربيط» وقيل رباطا مصدر -رابط» . رواه مسلم : الإمارة - فضل الرمي(9117١) . كمارواه الترمذي» وأبو داود» وابن ماجه» والدارمي‎ )١( | تفسير سورة الأنفال ا م ىج وأطلق على الخيل؛ لأن المرابطة تكون بهاء ومهما يكن فالمراد من رباط: الخيل المجتمعة» وخصت الخيل بالذكر؛ لأنها كانت قوة الحرب» فى العرب» وربط الخير بنواصيهاء فكانت رمز القوة» ولقد قال النبى يكَلكِّْ: «الخيل ثلاثة لرجل أجر ولرجل سترء ولرجل وزرهء فأما الذى له أجر فرجل ربطها فى سبيل الله» ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله فى رقابهاء ولا فى ظهورها فهى له سترء ورجل ربطها فخرا ورياء فهى له وزر)(1) ١‏ وقوله تعالى: 8 تُرهبون به عَدروٌ الله وعدوكم » ترهبون أى تخيفونء وتفزعون» وتربون فى نفوس أعدائكم المهابة» وتلقون فى قلوبهم الرهبة وسمى الكفار عدو الله؛ لآنهم كفروا به وكذبوا آياته» وسماهم «عدوكم» لآنهم يريدون بكم الأذى» ويناصبونكم العداوة لإيماتكم وكفرهم. وقال تعالى: «وآخرين من دونهم لا تعلموتهم الله يعلمهم » وقوله: # من دونهم 4 أى من غيرهم» أى من غير الذين يجاهرون الآن بعداوتكم من المشركين واليهود وغيرهم تمن يلاقونكم من الرومان الذين يعاصرونكم» ويشير بهذا إلى الذين يجيئون بعد ذلك الذين لا يعلمهم المسلمون فى عصر النبى يَللِِه ومن والاه والله تعالى يعلمهم؛ لأنه علام الغيوب» وإن الله تعالى يشير بذلك إلى الأخلاف الذين يجيئون بعد ذلك» فإنه بمجرد أن انتشر الإسلام فى الأرض ودخل الناس فى الدين أفواجاء صار المسلمون فى مذأبة من الأرض» فأوربا أرادت أن تنقض على الإسلام من الشرق والغرب. . . . والتتار أخذوا ينقصون على المسلمين الأأرض من أطرافها . وكان لابد من قوة تقهر وترهب هؤلاءء وتلقى مهابة المسلمين فى قلوبهم» ولكن مع ذلك لم يستجيبوا لنداء الله» ولم يعدوا ما استطاعوا من قوة» وإن ذلك الاستعداد كان يوجب أولا - أن يكون لهم مصانع تصنع لهم الأسلحة لا أن )١(‏ سبق تخريجه. )0 تفسير سورة الأنفال م للفلل 010100 د 3 يعمل لمصلحة نفسهء ولا يريد بالإسلام خيرا. ويوجب ثانيا: أن ينافسوا الناس فى اختراع الأسلحة ليدفعوا أذاهمء وإلا كانوا - وهم هم المرهوبون - يرهبون ولا يرهبون يُخافون» ولا يُخيفون» وتتبدد قواهم ضياعا. ويوجب ثالثا: تعاونهم جميعا فى ذلك» حتى لا يؤكلوا فى الأرض. وقد كان عكس ذلك». فتقطعت وحاتهم» وضرب الناس بهم فى افتراقهم فتوزعتهم الأرض» وأكلتهم ذتابهاء وصيروا الخير لغيرهم دونهم » وصاروا لأعداء يعاونهم » ولا حول ولا قوة إلا بالله. . هذا وإن إعداد عدة الحرب» والحرب ذاتها تحتاج إلى المالء ولذا قال تعالى : «وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون؟ . إن الحرب تحتاج إلسى نفقات» وإعداد العدة يحتاج إلى نفقات» وفى أيامنا تحتاج العدة إلى الإنفاق من الدولة والجماعات» ولقد كان من أصحاب رسول الله ككِهّ من يخرج من ماله كله للجهاد فى سبيل الله كأبى بكرء ومنهم من كان يخرج من نصف ماله كعمرء ومنهم من كان يجهز جيشا بأسره كذى النورين فى الحرب: #وأنفقوا في سبيل الله ولا ثلقوا بأَيديكُم إلى التهلكَة . . .+4033 [البقرة] . «وما تنفقوا» و«ما» هنا شرطية» أى أن تنفقوا فى سبيل الله تعالى» وسبيل الله تعالى هو الجهاد # يوف إليكم * أى بالبركة فى رزقكم وبتيسير الرزق لكم وتسهيل سبل الحياة» والنماء فى أموالكم» وبعل ذلك الحزاء فى الآخرة» وهى خير | تفسير سورة الأنفال ميل و 1 ووه < 1 وأبقى» وأوفى وأتم بهذا التفسير الدنيوى والنماء فى هذه الحياة» والجزاء فى الآخرة لا يظلمون لا تنقصون شيئا مما قدمتم. 06 6 0ت ديو نحد 70 ر #مجعرج ؟ َو دري مؤمِييت 09 آ ته ره لل ,و 2 آذه جتتجي ا وا إن الإسلام ما جاء للحرب» بل جاء للسلام» وهو يقول: #ولا تقولوا لمن َلْقَئ إِليْكُم السّلام لست مؤمنا تبتغون عرض الْحيّاة الدنيًا... 330 4 [النساء]اء فهو دين السلام» وما كانت الحرب إلا لتأييد السلام» وليكون على العدلء وقال تعالى: #ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض أفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين 44217 [البقرة]. وما حارب النبى كَللِِ اللشركين إلا بعد أن فتنوا الناس عن دينهم» وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم» وشردوا المؤمنين» فكان لابد من القتال ليقدعوهم» ويمنعوهم من هذا الظلم» فإذا جنحوا للسلمء وامتنعوا عن الفتنة » فقد زال سبب القتالء» وعاد الأأمر إلى أصل السلام الذى هو أساس العلاقة الإنسانية بين المسلمين وغيرهم؛ ولذا #وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله . تفسير سورة الأنفال 0 اللللللائ الل ١ ا‎ يي «اجنحوا» أى مالواء والضمير يعود إلى المشركين الذين وقعت الحرب بينهم وبين النبى مَلِّْ والذين كانوا يريدون الغارة على النبى ومن معه من المؤمنين الوقت بعد الآخر» والذين يخاف الى وٌَ خياتتهم من وقت لآخرء وإنهم إن كانوا كذلك ينبذ إليهم على سواء. والسّلم تكون بفة بفتح السين كما فى هذه الآية» وتكون بكسرهاء كما فى قوله تعالى : ايا أيهَا الّذين آمنوا اذْخُْوا في في السَلم كاقَة ولا تتبعوا خطوات الشّيطان إنَّه كم عدو مين 47:27 [البقرة]. والسَلْم هو السلام» وهى مؤنشة كنقيضهاء وهى الحرب» ولذا عاد الضمير عليها مؤنثا فى قوله تعالى: # فاجنح لها وتوكل على اللّه4 ومؤدى هذا النص السامى أنهم إذا مالوا إلى السلّم» ولم يقولوه بظاهر من القول» بل قالوه مطمئنين إلى أنه أصلح لهم» فإنه لا مضارة منه عليهم» ولا على المسلمين. ومؤدى ذلك أن الإسلام يكون فى قوة وعزة وغلبة أو أقرب إلى الغلب» فإنه يجب على المؤمنين» ولو كانوا هم الأقوياء الغالبين أن يميلوا إلى الصلح كما مالواء 'فالإسلام لا يريد الغلب لذات الغلب» فليست فروسية. إنما يريد دفع الأسرى وتسهيل الدعوة» وإزالة كل العقبات المانعة للدعوة» فإن كان ذلك بسلم فهو أولى بالأخذ والاتباع . وقد لوحظ فى الدعوة المحمدية أنها تقوى فى السلم العزيمة» ولا تضعف » فقد حصل فى فترة الحديبية أنه دخل الناس فى الإسلام بعدد يعد أضعاف ما دخل فيه المسلمون من وقت البعثة المحمدية إلى وقت عهد الحديبية . وإنه واضح من النص الكريم أن الذين جنحوا إلى السلم هم المشركون» وأن المسلمين كان فيهم الغلب والقوة» وقد نهى الإسلام بنص القرآن عن أن يعرض المسلمون الصلح على المشركين» وهم فى صلفهم لا يبدون ميلا للسلام» ولذا قال تعالى : فلا تهنوا وتدعوا إِلَى السّلم وأنثم الأعلون واللّه مَعكم. . . +29 [محمد]. وإن التقدم بطلب الصلح فى هذه الحال خنوع فى وقت القوة» والصلح فى هذه الحال يمكنهم من معاودة الحرب» والاستعداد لها. | تفسير سورة الأنفال ١‏ 6ح 1 فالصلح» أو السلام لا يكون إلا حيث تكون شوكة العدو قد خحضدت» وفلّت حدتهاء فهو صلح حيث تؤمَن الحرب من بعد؛ ولذا قال تعالى: #وتوكّل عَلَى اللّه4 أى اجعل اعتمادك على الله تعالى وتوقع الأمن الدائم» وأن يتجهوا إلى الحق فى هدأة السلم وأن يؤمنواء ولقد رأوا قوة الإيمان» وخذلان الشرك. وإن الله تعالى حامى ديئله » وعاصم نبيه) وناصر أوليائه» وهو سميع لكل ما يقولون» عليم بكل ما يفعلون؛ ولذا قال تعالى: «وإن يُرِيدوا أن يُخدعوك فَإِنَ سب حَسبك الله هُوَ الذي يدك بتصره وبالمؤمنين © . إن الإسلام يتشوق للسلم إن كانت الحرب» كما يتشوق الجراح المخلص لإنهاء جراحة بالششّفار اضطرته حال الجسم لإقامتها. فمثل الحرب فى نظر الإسلام كمثل الجراحة التى يقطع بها جسم فاسد» يخشى أن يسرى فساده؟؛ ولذلك إذا جنح العدو للسلم كان على المؤمن أن يبادر إلى المجاوبة على السلم بسلم غير متردد » ولا متوان؛ لذلك قال تعالى: «#وإن يريدوا أن يَحْدَعوكَ فَإِنّ حسبك اللّه » فهذا النص فيه أمر بمنع التردد» لشك يقوم فى نية الصلح أو السلم» إذ السلم خير كلهء ولا يمنع الخيرء لظن الخديعة» ولذا قال تعالى: «إوإن يريدوا أن يَحَدَعُوكَ 4 جعل سبحاته فعل الشرط إرادة الخديعة لا الخديعة تفسهاء وعبّر فى حرف الشرط ب (إن» الدالة على الشك» لبيان أنه يجب إيعاد إرادة الخديعة والخديعة نفسها ليقدم على السلم بقلب سليم» وإرادة معتزمة مع اليقظة والحذرء كما قال تعالى: <إيا أيها الّذِين آمنوا خذوا حذركم 44107 فالإقدام على السلم يكون من غير دخل» ولا تردد فى العزيمة مع الحذر. وجواب الشرط هو قوله تعالى: 8ن حَسبَك الله 4 أى أن الله تعالى كافيك وعاصمك من الناس بقوته وقدرته القاهرة الظاهرة» وقد أكد الله تعالى عصمته لنبيه وأنه عاصمه من الناس ب (إن)» وبتعريف الطرفين» وهو يفيد قصر العصمة على الله تعالى وحده» أى أنه وحده هو العاصم لك من الناس» ومن يحاول أن و تفسير سورة الأنفال ىج ااا سين وقد أيد الله تعالى عصمته بحاضر نصرته» والماضى نور للحاضره فقال: «هو الذي أَيْدكَ بتصره وبِالْمؤْمنِين 4. إن الله تعالى وحده هو الذى أيدك بالنصر المؤزر كما كان فى بدرء فأيدك بالملائكة» وأيدك بالاطمئنان فى المعركة» وأيدك بما كان من إلقاء الرعب فى قلوبهم» وإذ يريكموهم فى أعينكم قليلاء وأيدكم بالكلمة» وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين فقال تعالى: ١‏ وِبِالْموْسِينَ 4 فالمؤمنون اجتمعوا ولم يختلفواء واعتزموا ولم يترددواء وانتظموا فى صفوف كالبنيان» وأمدهم بالصبر ولم يهنوا ولم يحزنوا. وما ذلك كله إلا بفضل من الله العزيز الحكيم» وإن أعظم أسباب النصر بعد تأييد الله تأليف القلوب». ولذا قال سبحانه فى فضل نعمة التأليف: (وألف بين قلوبهم لو أَنفَقتَ ما في الأرض جميعا ما لفت بين قُلُوبهِم ولكن الله نف بينهم | إِنّه عزيز حكيم 4# «التأليف» إيجاد ألفة بين الجماعات» بحيث تألّف كل واحد من الجماعة صاحبه» كالالفة التى أنشأتها المؤاخاة بين المؤمنين» وهو غير الاتحاد؛ لأن الاتحاد الاجتماع على أمر بالرأى والنظر» وقد لا يأتلف واحد صاحبه» وذلك قد يكون يجمع على فكرة أو حزب» ولا يشترط فيه تلاقى قلوب الاجتماع. وائتلااف النفوسء وإن ذلك لا يستطيعه إلا الله» لقد ألف الله تعالى بين المؤمنين والمهاجرين حتى كان الأنصار يؤثرون على أنفسهم» ولو كان بهم خصاصة» وألف بين الأنصار بعضهم مع بعض» حتى زال ما بين الأوس والخزرج ما كان بينهما من حروب» وامتزجت نفوس القبائل المهاجرة» حتى زالت من بينهم العصبية الجاهلية . وإن تأليف القلوب لا يمكن أن يجىء إلا من عمل مقلب القلوب» ومؤلف الأرواح» وقد بين الله استحالة ذلك إلا من الله فقال: ##لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أَلَفْتَ بين قُلُوبِهم 4 كما أن خلق شىء من العدم لا يكون إلا من خالق بها تفسير سورة الأنفال ل 0 م #أ حت 1 الوجودء وكما أن الزرع لا يخرج من كمثه إلا من اللهء وكما أن الله يذرأ الإنسان كهذه كلها يكون التأليف بعد النفورء والمودة بعد العداوة كذلك خلق الله تعالى هذا التأليف فى النفوس؛ لتكون الجماعة القوية المتألفة المتآزرة التى يكون فيها البنيان يشد بعضه بعضاء وإن ذلك مستحيل من العبيد» وقد بين الله استحالة ذلك» فقال تعالى: لو أَنْفَقَتَ ما في الأَرض جميعا ما أَلفْت بِينَ قُلوبهم» أى لو ملكت كل ما فى الأرض جميعاء وأنفقته طالبا بهذا الإنفاق أن تؤلف القلوب» ما استطعت لأنك لا تستطيع أنت ومن أن تخلقوا ذباباء» والتأليف لا يملكه إلا الخالق» فهو ليس فى مقدور أحد من العباد» ثم قال: 8 ولَكن الله لف بينهم 4 الاستدراك» ارتقاء فى القول من قدرة الإنسان العاجزء إلى ما يملكه الخالق القادر. وإن هذا التأليف كما قلنا هو الذى أوجد الجماعة الإسلامية الأولى التى كانت الخلية التى بذرت فيها بذرة الإسلام» فنمت وترعرعت» وكانت قوة الإسلام وقد قال الزمخشرى فى معنى ذلك التأليف: (التأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول الله يك من الآيات الباهرة؛ لأن العرب لما فيهم من الحمية والعصبية» والانطواء على الضغينة فى أدنى شىء وإبقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا لا يكاد يأتلف منهم قلبان» ثم ائتلفت قلوبهم على اتباع رسول الله عَكَلِلْةٍ واتحدواء وأنشأوا يرمون عن قوس واحدء وذلك لا نظم الله من ألفتهم» وجمع من كلمتهمء وأحدث بينهم من التحاب والتواد وأماطه عنهم من التباغض والتماقت» وكلفهم من الحب فى الله والبغض فى الله» ولا يقدر على ذلك إلا من يملك القلوب فهو يقلبها كما يشاءء ويصنع فيها ما أرادء وإنه إذا كان للنبى عَكلِيهِ خوارق عادات غير معجزة القرآن فهذا أشد خوارق العادات وضوحا وبيانا. وإن الآية تدل على تأليف قلوب العرب الذين كانوا أول من خوطب بالرسالة» يستوى فى ذلك المهاجرى والأنصارى والأوسى والخزرجى» بهذا نما الإسلام قويا عزيزا غالبا بقوة الله وقدرته). إلا تفسير سورة الأنفال م ل 00 لسر از وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله: «إإنَّه عزيز حكيم 4 فهو عزيز يخلق العزة وأسبابهاء عالم يجمع القلوب بحكمته نه وتدبيره » وهو الذى أحاط بكل شىء علما. وفيه إشارة إلى أمرين: أولهما- أن اتتلاف القلوب والتحاب والتواد» والبعد عن التباغض والتنابز هما عماد العزة» والتدبير الحكيم . وثانيهما- إنه لا غلب ولا سلطان إلا بالتآلف» وإن يصير المجتمع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. اللهم أعد للمسلمين اتتلافهم» واجمعهم على محبتك ومحبة رسولك» وأزل ما بينهم من بغضاء وعداوة وأبدل بهما محبة وولاءء إنه لا يقدر على ذلك إلا أنت» كما ألفت القلوب ابتداء» فأعدها بعزتك وحكمتك إنك سصيع مجيب الدعاء. م رقم نس في م هق سا مع عم هلم م ام و عه اس «ايا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين» . النداء للنبى علد وكان النداء ب (يأ) التى تكون للبعيد» لبعد الشرف فى موضوع النداء وهو الاعتماد على الله والالتقاء بحمايته ل وبكلاءته سبحانه . والكلام السابق فى هذه الآية وما قبلها للتحريض على الجنوح للسلام إن جلحوا معتمذا على الله» آمنا من أن يحدعوه؛ لأن الله تعالى منه وكالته» والمؤمنون معه يؤيدونه وينصرونه» وإنه بنعمته سبحانه ألف بين قلوبهم, وما كان يمكن لأحد أن يؤلف قلوبهم». وتلك إحدى خوارق العادات» وهنا تصرح | آية الكريمة بآن الله وحده عاصم نبيه ومن معه. «حسبك اللَّه ومن بعك من المؤمنين» معنى حسبك عاصمك وكافيك وحاميك» ولقد قال شاعر: إذا كانت الهيحاء وانشقت العصا02 فحسبك والضحاك سيف مهتد م تفسير سورة الأنفال ل الملل بلالا للك 1 0 أى إذا كانت الهيجاء تكاد تحبك مع الضحاك سيف مهند. و«الواو» فى قوله #ومن اتبعك4 هى واو المعية» والمعنى عاصمك وكافيك مع المؤمنين ذلك» أن النبى خاف من الحروب على من معه من المؤمنين أن يخانوا أو يخدعواء فبين الله أنه حاميه وعاصمه هو ومن معه من المؤمنين» فلن يأخذهم من مأمنهمء لأن الله معهم. ويصح أن تكون الواو عاطفة «من اتبعك من المؤمنين» على «الكاف» فى «حسبك»» ويجوز العطف على الضمير المجرور من غير إبرازه بضمير منفصل» ويكون المعنى حسبك أنت ومن معك من المؤمنين. والمعنيان واضحان من حيث المؤدى» ولكن الأخذ بأن الواو للمعية أولى؛ لآنها تدل على الصحبة» والتصريح به هنا يقوى الكلام ويؤيده. وقوله: #ومن الَبْعكَ من الْمَؤمدِينَ4 يشير إلى حكمة العصمة والكفاية» وهو كونهم الذين اتبعوا النبى كَلِْدِ فى دعوته» ونصرتهء وإنهم بذلك قوة الرسالة» فهم قوة الدين الحق» وكان الله تعالى عاصمهم كما وعد نبيه بأنه عاصمه من الناس كما قال تعالى: ليا أَيهَا الرسول بلع ما أنزل إِلَيِكَ من رَبك وإن لم تفعل فَمَا لفت رسالته وَاللّه يَصمك من النّاس ... 39> [المائدة] . وإن الله تعالى إذ يأمرنا بالسلام» إن جنحواء ويزيل كل شك فى أن يأخذوا المؤمنين على غرة يأمر النبى يَلِدِ بأن يجعل المؤمنين على حذر ويستعدوا للحرب إن جالوا جولة ثانية» وذلك بأن يحرضهم على الاستعداد للقتال» وأن يقووا وحدتهم» وجماعتهم وأن يعلموا أنهم لن يغلبوا من قلة. إن الفئة المؤمنة لها قوتان: قوة الإيمان» والعدد المناسب» وقوة الألفة فوقهماء فيكونون بهذه القوة محاريين أشداء؛ ولذا قال تعالى: ' ا تفسير سورة الانفال م ال 0101010 حر 1 يها َبَرَض لْمَؤْمِنيتَ عل لْقِمَالٍ 0 ِْأمِاَديَكل نكم ةلكا 1( و 56 0 يك و بابهمفوم فهو ليم لحف أله عفك وم طلم أرَكَضِيَكم صَعْمًا قي مأنين وإ شع هذا بياذ تحذير الله تعالى لنيه إذا جنسوا اللسلم؛ فلا تُغمد السيوف فى أجفانهاء ولا يسترخون». ويسكنون فإن المشركين إن جنحوا للسلم مدة» وجنح المسلمون استجابة للسلام يكونون على حذر دائم» فعساهم يأخذون المسلمين على غرة فيجب أن يكون المسلمون على استعداد دائم يستجيبون لكل هيعة هيعة(2, ويكونون مستعدين للنفير دائماء كما قال تعالى: ليا أيه دين آمُوا خُدُوا حذوكُم فانفروا ثبَات أو انفروا جَميعًا 4277 [النساء]. ولذا أمر الله نبيه بأن يبث فيهم روح القتال دفاعا عن الحق» كما يبث فيهم الإيمان» فإنه لا بد لهم من شوكة لإا أَيها ابي حرض الْمؤمدينَ على القتّال 4 أى حثهم وبث فيهم روح الحمية» وإعداد العدة والاستعداد للحرب وإن يأخذوا الأهبة للقتال» ويدربوا أولادهمء فإن الكفار لا أمان لهمء ولو جنحوا للسلم؛ لأن الاستعداد وقاية من أن ينقضوا على المؤمنين انقضاضا. ولقد كان من الحض على القتال أن يبين لهم أنهم بإيمانهم أشد بأساء وأكثر عزماء فإن كانوا فى العدد كثير» فهم بالإيمان أكثر وأغلب» وأقوى وأثبت». وبالصبر والعزيمة أعظم وأشد. | تفسير سورة الأنفال النااا:! !لخن انال أللانلااام لخن لال الال لاخ لاا ناما امانالت !اخلط خخالتطط طلم لط خخلخ ااال لل نالخ طامط خط خط لوطم طسو طوطخ سوستلا مم اق يي وقوله تعالى: « إن يكن مَنكُم عشرون صابروت يغلوا ماتَتينِ» إلى آخر ما ذكر من أعداد؛ أهو إخبار من الحكيم الخبير» ويتضمن الحض على الإيمان والصبر» أم هو أمر بالشبات مع هذا العدد» وعلى أنه أمر يكون ما فى النص تكليف بألا يفر مائة من ألف» ولا عشرون من ماثة» فإذا التقى عشرون فى سرية بمائة لا يفرون منهم» ويعودون أدراجهم لكاثرتهم بالعدد. بل عليهم أن يقاتلوهمم صابرين فى قتالهم» وإذا التقى مائة بألف. لا يفرون منهم لكثرتهم» بل يقاتلون مريدين النصر والعزة» وعندما تكاثر المجوس على المسلمين» وخاف عمر رضى الله عنه على المسلمين لم يأمرهم بأن يعودواء بل اعتزم أن يخرج إليهم» ويتقدم صفوفهم» ويذهب للقتال» واستشار الصحابة فى ذلك فمنهم من وافقه» ولكن عليا اعترض ومنع» وهو أخبرهم بالجهاد فى سبيل الله» فقال رضى الله عنه: «كن قطباء واستدر رحى الحرب بالعرب» فإنك إن خرجت فما تَدَعَ وراءك من العورات أشدء وأما كثرة العدد» فإنا ما كنا نتتصر بالعدد» بل بالنصر والمعاونة». هذا على قول من قال: إذ ذكر اللأعداد للأمر بألا يكون الفرار من أقل من هذا العدد. وابتدأ بذكر العشرين؛ لأن السرية عادة لا تكون فى أقل من العشرين. وقال بعض المفسرين» والنص يحتملها: إن ذلك للإخبار عن قوة النفوس بالصبر والإيمانء وأن الواحد بها بعد كعشرة ممن لم يؤتوا الإيمان والصبر وعزة الحق» ونفوسهم بوار من هذه القوى كلهاء وهذا النحو من القول فيه تشبيت للقلوب» فإن جنحت فعندها من مدخر من هذه القوىء ما تقابل بها الخيانة إن كانت» وإن حاربوا ولم يسالموا ولم يجنحوا إلى سلم- كانت القوى واقفة تدفع الباطل بالحق فإذا هو زاهق وللكافرين الويل مما يصفونء وإنه إذا كان القول للوخبار» فإن الآمر يجىء نتيجة للخيرء إذ إن مقتضى إخبار الله المحيط بكل شىء علما بذلك الخبر الذى لا يتطرق إليه الشك- أن يكون الوجوب عليهم بمقدار ما منحهم الله تعالى من هذه القوة التى منحهم الله إياهاء فالوجوب على مقدار تفسير سورة الأنفال م اللللللللبلالللل تلت اللمنب لول لوبلل للك .> 2 الاستطاعة» والاستطاعة كانت عظيمة؛ فالواجب عظيم. ينتهى الأمر بأن المؤمنين عليهم أن يعدوا العدة من قوة المادة والدربة وأن يعدوا أقوى عدة» وهى الصبر والعزيمة والاعتزاز بعزة الله تعالى وعزة الحق. وهنا أمور تجب ملاحظتها هنا فى هذه الآية التى تثبت القلوب: أولها- أنها تثبت أن المؤمنين إن كانوا أقوياء بالوحدة المؤلفة الجامعة للقلوب والمشاعر» يكون العشرون غاليين لاف تتين» فإذا كان الرجل بالرجل» فلقوة النفس والائتلاف تسعة رجال وحدهاء فيكون الواحد بعشرة» وبذلك يتبين فضل الصبر والوحدة المؤتلفة التى لا تفرق فيها. ثانيها- أن الله تعالى وصف العشرين بالصبر» وترك ذكره فى المائة» وهو ملاحظ فيهاء ولم يذكر اعتمادا على ذكره فى الأول» وذلك شأن الكلام البليغ فكيف يكون الشأن فى أبلغ كلام فى الوجود. الثها- قوله تعالى فى آخر الآية: 9 يَغلبوا ألا مَنَ الّذينَ كَقَرُوا 4 وهو وصف أيضا للمائتين» أى أنهم من الذين كفرواء وذكر الوصف بالموصول للدلالة على الكفر هو سبب الضعف كما كان الإيمان والصبر هما بسبب القوة فيناء فعلينا أن ندرع بالصبر والإيمان دائماء لأنهما قوتناء وعزتنا. وقد علل الله سبحانه هزيمة الكفار بقوله تعالت كلماته: « بِأنَهم قَوْم ل يَفقهون»* أى سببًا لذلك التفاوت فى القوة الذى كان مظهره التفاوت العددى» بأن كانت العشرون الصابرة تعادل منهم» السبب فى ذلك «أنهم قوم لا يفقهون» أى لايدركون إدراكا ينفد إلى الحقائق» وإلى لب الأمورء فإنهم بذلك ضلواء فلم ينفذوا إلى الحق فيؤمنوا به» ولم ينفذوا إلى إدراك قوة الحق فظنوا أنهم يغلبونه بالكثرة الكاثرة» ولا تغنيهم فى الشديدة فتيلاء ولم ينفذوا إلى سبب الغلب» فغرهم الغرور. الل وم والله سبحانه وتعالى يعبّر عن الجماعة التى يجمعها هوى «بالقوم» لأنه لا قوة لهم إلا كونهم قوماء جمعهم جامع من هوى أو غرور»ء وضلال. ذكر الله تعالى مدى جهاد المؤمنين إن كانوا جمعا قد تحلى بالقوة التى قوامها الصبر والألفة» والعزة من الله» وقد ذكر قوتها إذا عراها ضعف» والضعف يكون بأن يعروها ما يناقض أسباب القوة. فقال تعالى: «الآن حَقّف الله عَكُم وَعَلمَ أَنّ فيكم ضِعفًا فَإِن يكن مَك مَائة صَابرةٌيَُْوا ماين وإن يكن سكم ألف يَذلُوا مين يإذن الله . 0 كان هذا التناسب فى العدد الذى ذكره القرآن من أن العشرين الصابرين فيهم كفاية لمائتين» كان ذلك فى حال القوة المؤمنة» وتلك القوة تقوم على الاتحاد والاتنلاف» وعلى قوة الإيمان بالنصر والتأييد من الله تعالى وعلى قوة العزم والتوكل عليه سبحانه» وعلى الرغبة فى إحدى الحسنيين النصر أو الاستشهادء وفيه حياة» فمن كانوا على هذه الحال كانوا الأقوياء حقا وصدقا. أما إذا كان الضعف فقد خفف الله النسبة؛ ولذا قال تعالى: #الآن حَقّف الله عدكُم وعلم أَنّ فيكم ضعفا 4 . وقوله تعالى: طحَفف الله عدكم 4 فيه إشارة إلى أن التناسب العددى فيه تكليف بالثبات لما يناسبه من عددء فالعشرون مكلفون أن يثبتوا أمام مائتين وقد ذكرنا أن ذلك مطلوب» إما بالقصد الصريحء أو بالتضمن وقد بين معنى القوة» فلنشر إلى معنى الضعف» وهو ألا يكون الاثتتلاف قوياء وألا يكون العزم صادقا وأن يكون فيهم ضعفاء الإيمان ومنافقون» وقد بدا ذلك واضحا فى غزوة أحد» فقد كان فى جيش تردد فى الخروج من المدينة ابتداء» وكان فى بعضهم ميل إلى الملدة» وكان فى بعضهم ضعفاء الإيمان» وكان فيهم منافقون» ولم يكن فى بعضهم صدقء وكان الصادقون قوته؛ ولذا فى أول الأمر همت طائفتان أن تفشلاء والله وليهما. ل 0 تفسير سورة الأنفال 0 #41“©“س“ك“ك©*201011001111*#1*1#1#1#1312121212131 لج مه 7 ولذلك لم يكن النصر المؤزر كما كان فى بدر؛ إذ لم يكن الأقوياء الذين غير بهم وجه القوة فى البلاد العربية هذا هو الضعفء. وذاك هو العزة» وخفف الله التكليف فى تناسب العدد فى حال الضعف» فجعل الائة تغلب مائتين. وقال تعالى فى ذلك: ظ فَإن يَكُن سَكُم مَانَةُ صابرة يَغْلبُوا ماين وإن يكن سكم لف يغْلبُوا لين بإذن الله 4 أى أن التكليف يكون بأنه إذا كان مائة لا يجوز أن يفروا من مائتين» بل عليهم أن يثبتواء وإن كان ألف يجب أن يثبتوا أمام الألفين. والتخفيف هو تخفيف التكليف». وتخفيف التكليف لا يمكن أن يعد نسخاء وقد يعد ترخيصا من عزيمة وهى الأصل» ولم يقل: ألف صابرة» أى لم يذكر وصف الصبرء اكتفاء بذكره أولاء وذلك شأن الكلام البليغ موجز حيث يوجد ما يدل على المضمون. وذكر المائة فى مقابل الماتتين» كما ابتدأ فى الآية الماضية ذكر العشرين ابتداء» وذلك من التخفيف؛ لأن العشرين مع القدرة عدد مناسب للسرايا ونحو ذلك. فلا يرسل فيها إلا الأقوياء» ولا يرسل فيها من يكون فيه ضعفء إلا بعدد كثيرء فكان ذكر المائة كحد أدنى» لجماعة فيهم ضعف. ومع قلة التناسب فى العدد فى حال وجود الضعف, لا يكون النصر بقوتهم الذاتية» إنما يكون النصر بإذنه أى بتوفيقه وتوجيهه» وهو لازم فى كل الأحوال فى حال القوة» وإن كان هناك ضعف. وصرح به هنا لأنه واضح بأنه من أسباب النصرء أو سببه فى حال ما إذا كان ضعف. ومن الناس من شغف بإثبات النسخ فى القسرآن فيفرضون النسخ لأوهى معارضة لفظية» كما فرضوا النسخ فى آيات الصيام» ولا معارضة بين آياته.» وكما فرضوا النسخ بين الآيتين» وكان المعنى بين الآيات واحدا يكمل بعضه بعضاء كذلك ادعوا النسخ هناء فافترضوه لمجرد التخالف التقديرى بين الآيتين» وادعوا أن الثانية ناسخة للأولى مع أنه لا تعارض بين الآيتين» إن الأولى ذكرت ذلك م تفسير سورة الأنفال للك م العدد فى حال القوة» والتآلف بين المؤمنين» والثانية خفف فيها العدد الأول لحال الضعف» والجهة منفكة بينهما. وهكذا بِيّن أو مسلم الأصفهانى ونفى أن يكون النسخ بينها سيرا على مبدئه الذى انتهى إليه أنه لا نسخ فى القرآن قطء وأن القرآن ينسخ غيره؛ ولا ينسخ حكمه أبدا. ولقد ادعى الإجماع بأن الثانية نسخت الأولى» ولكنه ليس إجماعاء ولكنه قول قيل» وقبله كثيرون من علماء الأصول وساروا فى دراسة الموضوع فى الآيتين على أن ثمة نسخا. والحق أن الآيتين حكمهما خالد دائم إلى يوم القيامة» وهو أنه فى حال القوة يكون العشرون كفء المائتين وفى حكم الضعف بالأسباب التى ذكرناهاء أو بعضها - يكون المائة فى مقابل مائتين. ولقد قال تعالى فى نصر المائة أمام مائتين» والألف أمام الألفين: «يإذن الله وفى الواقع كان نصر إنما هو بإذن اللهء ولكن ذكر هناء ولم يذكر فى الآية الأولى للإشارة إلى أن الضعف والتخاذل لا يكون معه نصر إلا إذا كان ثمة إذن الله للحث على منع التخاذل والتنازع والتردد» واتقاء كل أسباب الضعف والله يؤيد من يشاء بغير حساب . وخختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: «واللّه مع الصّابرين 4 والمعنى فى ذلك: والله تعالى بجلاله وقوته وتأيبده مع الصابرين» وهذه المعية السامية تجعل الصابر مطمئنا إلى النصر لا محالة لسببين: أولهما- أن الله معهء ومن يكون الله معه تكون معه القوة كلهاء فلا تقف أمامها قوة فى الأرض فكيف يغلب» إنها تدرأ العجزء وتغلب القوة» بل يجعل من الضعف قوة فيكون النصر. نا تفسير سورة الأنفال م ل 22110 باد ثانيهما- أن الصبر يقرب من الله؛ لآن فيه ضبط النفس عن الهوى» وعن وإن الله تعالى يحب الصابرين» والمحبة أعلى من الراضى الذى هو أكبر الجزاء» فالمحبة أكبر من الرضوان. قال تعالى: 8 يا أَيهَا النبِي حَرْض الْمَؤْمنينَ علَى الْقَال إن يكن نكم عشرون صابرون يغلبوا ماين وإن يكن َم ما يوا ا من دين قروا نهم قوم لا يفَهُونَ 320 الآن حَقّف الله عدكُم وعلم أن فيكم ضعْفًا إن يكن صنككُم مَائَةٌ صابرة يَعْلِبُوا ماين وإن يكن مم لف يعْلبُا ألم يإأن الله وَاللهُ مع الصابرين 44257 . كانت غزوة بدر غزوة مباركة إذ انتصر فيها المسلمون قتلوا سبعين» وساقوا من المشركين سبعين أسيرا من كبار قريش» وكان المقتولون مثلهم من كبار قريش» وكان النبى َْةٌ يميل إلى الإبقاء على الأسرى» سير على سنته فى الدعوة من أنه يريد الإيمان للمشركين مع حياتهم» ولا يريد قتلهم كافرين فما كان يحارب لأجل كفرهمء ولكن كان يحارب لتنفذ الدعوة وتستمر رجاء إيمان ؛ الإجماع؛ وذلك سبب الميل فى إبقاء الأسرى . والله تعالى عاتب نبيه لا على إبقاء الأسرى» بل عاتبه لأنه أسر» وليست له قوة قاهرة مستمرة. عاتبه لأنه فى أول واقعة التقى بهم» وأسر منهم» بل كان قتلهم فى الميدان» وإثقالهم بالجمراح وهو الإثخان» حتى تكون له قوة قاهرة لمعا هه قاصمة» ويأسر فيمن أو يفدى . / تفسير سورة الأنفال هه 1 1 1 1 1 0 م ال : بي ع الأسرى مالي أَنيَكون 0200 الل 2 1 آ آله له سركا حو تيضف يدوت عر سَالذيا 3 - وله ثرد ندا آخرة وأللّه عزير 2 كلب - 0-2 سيره 1 د قعل أممنا أممًا - 0 مه ووه عن © -7-0 4 وو وو دم والله عموررحيم فر سرح جز م وتعيفرا ,0 كان النبى يَكةِ يريد أن يستبقى المقاتلين من أعدائه رجاء أن يكونوا للحق أو أن يكون من ذريتهم من يعبد الله تعالى» كان يقول يَكِِ فى حروبه لقواده: الأن تأتونى بهم مؤمنين» خصير من أن تأتونى بنسائهم وذرياتهم سبايا مأسورين"' ) فكان يحب الإبقاء على مقاتليه بدل إيادتهم » ولذا كان لا يبيد الخسيس» فلما انهزم الملشركون أسر منهم بدل أن يقتلهم» وقد كره سعد بن معاذ الأمر عندما وقع. وقد كان يحرس عريش النبى كَلِلةّ وذكر ذلك وقال للنبى كَلكِْة: إن هذه أول واقعة بيئئا وبين المشركين فما أحب أن أأسر قبل أن نثقلهم بالجراح» وجاء القرآن الكريم بذلك النظر فقال تعالى: ما كَانَ لبي أن يَكُونَ لَهُ أسرئ حتَى يفْحْنَ في الأرض © . (0) سبق تخريجه. ا تفسبير سورة الأنفال 0م اللو 00 لسر اد أى ما ساغ لنبى» أمره الله تعالى بالجهاد لجعل كلمة الله أن يكون له أسرى حتى يثئخن فى الأرض حتى يثقلهم بالجراح بحيث لا يستطيعون أن يقفوا للحرب مرة ثانية» فالإثخان البالغة فى الجراح» حتى يثقلوا عن استئناف القتال» وتكون المعركة شافية لا تبقى من باقية» وذلك حتى لا يتجمعوا لكم من بغد فى وقت قريب» كما فعلوا فى أحدء وحتى لا تُقلوا أنتم بإطعام الأسرى» وقد يكون ذلك عليكم عسيراء وإطعامهم لا بد منه» ولذا يقول تعالى فى أوصاف المؤمنين: «(ريطعمون الطُّعَام علَى حبّه مسكينا ويتيمًا وآسيرا (2)» [الإنسان]ء ولكى يسد باب الخديعة والنفاق» كما حدث من بعض الأسرى. لهذا كان النفى الذى يتضمن نهيا مؤكداء عن أن يكون للنبى مَلِْهّ أسرى» والآية كما تضمنت النهى عن أخذ أسرى قبل أن يئخن فى الأرض» ويثقل العدو عدم الإثقال؛ ولذلك قال تعالى: #تريدون عرض الدنيًا واللّهِ يريد الآخرة» أى تريدون عرض الدنيا بالمال تأخذونه» وقد برروا أخذ الفداء بأن يكون قوة للمؤمنين » والله سبحانه وتعالى يريد الآخرة» أى يريد ما يكون نصرا غالبا مؤزرا يؤدى إلى إرضائه سبحانه . وقصة إشارة النبى كَكيْدٍ بالفداء كانت بشورى أشار بها بعض كبار المؤمنين الصديقين» وإليك الخبر كما جاءت به كتب السنة والسيرة فى أصح أخبارها. لا كان يوم بدر جىء بالأسرىء» وفيهم العباس فقال رسول الله كَدلِْةِ: « ترون فى هؤلاء الأسرى». فقال أبو بكر: قومك وأهلك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم» وقال عمر: كذبوك وأخرجوك وقاتلوك ؛ قدّمهم فاضرب أعناقهم. فدخل رسول الله َكل ولم يرد عليهم مسغياء ثم خرج رسول الله وَل وقال: (إن الله ليلين قلوب رجال منه حتى يكون ألين من اللبن ويشدد قلوب اا تفسير سورة الأنفال ا الل م 7ج رأ لي رجال حتى تكون أشد من الحجارة» ومثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: #فَُمن تبني فَْهُ مني ومن عصاني فنك فور رحيم 837> [إبراهيم]ء ومئلك يا أبا بكر مثل عيسى إذ قال: «إن تعذبهم فَإنْهِم عبادك وإن تغفر لهم فَإِنّكَ أنت العزيز زَ الحكيم :4120 [المائدة ]. ومئلك يا عمر مشل نوح إذ قال : رب لا تذر على الأرض من الكافرين دارا )4 [نوح]» ومثلك يا عمر مشل موسى عليه السلام إذ قال: ربّنا امس عل أَمُوالهم واشدد علئ قُلُوبهم فلا يؤمنوا حت يرا الْعَدَابَ الأليم +4429 [يونس]. اختار النبى كَككِْةِ أخذ الفداءء لأنه أرفق» ولأنه رأى فيه تقوية للمؤمنين» بالمال يأخذه منهم» وتقوية للمؤمنين بتعليم الأميين من الصحابة إذ كان من يقرأ ويكتب من الأسرى وليس معه مال» تكون فديته بتعليم بعض المؤمنين» ولقد من على العاجزين عن الأمرين ممن رجا فيه خيرا. نزلت هذه المعاتبة بعد ذلك» فبكى النبى يِل وبكى معه صاحبه فى الغار» وصديق هذه الأمة» وقالوا: (إن القرآن نزل برأى عمر)7" . ونحن نرى أن القرآن نزل برأى سعد بن معاذ» وروى أنه وافق سعدا الفاروق عمرء وعبد الله بن رواحة؛ لأن العتاب ابتداء ما كان متجها إلى أخذ الفداء» إنما كان متجها ابتداء إلى أخذ الأسرى قبل أن يشخن فى الأرض» أما الفداء فلا لوم فيه» وقد جاء به القرآن فى نظام الأسرى؛ فقال تعالى : «حتّئ إذا أنُخنتموهم فَشدوا الوئّاق ما منّا بعد وما فداء حت 3 تضع الحرب أوزارها 7 » [محمد]. وهنا يسأل سائل لاذا لم يعلم الله رسوله الحق قبل أن يقع فى الخطأ بدل أن يتركه يخطئ» ثم يعتب عليه والجواب عن ذلك أن حكمة الله تعالى فى أقواله وأفعاله بالغة» فإن فى ذلك تعليم لنا ومنع لغرورناء إن هذا يبين أن هذا النبى () البداية والنهاية : ج14 ص؛ ٠١‏ » وأصح ما روي في ذلك ما رواه مسلم: الجهاد والسير- الإمداد بالملائكة في غزوة بذر (9/59ا١1)‏ . ا تفسير سورة الأنفال م ال 0 ١ 1ه‎ يي المختار المصطفى إذا ثرك فى أمر قد يقع فى النطأ والوحى ينزل» أو تعرض للخطأء وإن كل إنسان عرضة للخطأء وإن العقل يعجز عن إدراك الحقائق كاملة» وبيان فساد حكم الطغاة الذين ينفردون بالحكم» ويحسبون أنهم لا يخطئون» وبجوارهم فثة المنافقين الضالين المضلين الذين يأكلون السحت مما يتتساقط من أموالهم التى هى سحت كلهاء إن هذا رسول الله وسيد الخلق المصطفى إذا ترك من غير وحى فى أمر تشريعى» كان عرضة للخطأ وقد أخطأ فكيف بكم أيها الطغاة الذين قمتم للشر وقام بنياتكم على الشر. ثم ختم الله تعالى الآية بقوله: #واللّه عزيز حكيم» أى أنه هو العزيز الذى أعطاكم العزة والرفعة فى هذه» وجعل لكم .قدرة على الأسر بعد أن كنتم قليلين مغلوبين يتخطفكم الناس فى الأرض» وقد فعل ذلك بمقتضى حكمته. ثم بين سبحانه أنهم معفوون من خطئهم» فقال تعالت كلماته: (قلا كبا من لل سق سكم فا خذاب عطي . الآية كسابقتها فى موضوع الأسرى وأخذ الفداء عنهم» وعتب الله على النبى كه فى شأنه وأخذ الفداء عنهم . و «لولا» فى قوله تعالى: اللا كتاب 4 حرف شرط امتناع لوجودء أى امتناع الجواب لوجود الشرطهء أى امتنع أن يمسكم عذاب عظيم بوجود كتاب سبق» والكتاب الذى سبق هو الذى عهد إلى بنى آدم ألا يعذبهم حتى يبين» (فلا عذاب إلا إذا سبقه بيان)» وهو أيضا ألا عقاب على الخطأ فى اللفظ كما قال النبى ِهّ: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»7١2.‏ والعهد أيضا لا عقاب على الخطأ فى الرأى» وأن المخطئ فى الاجتهاد له أجرء ومن له أجر فى أمر ليس عليه عقاب فيه» فلا يجتمع الأجر والعقاب» فلوجود الكتاب كان العفوء وهذا الشرط وجوابه يومىء إلى أن أخذ أسرى هو فى ذاته موضع مؤاخذة» ولكن )١(‏ سبق تخريجه. م تفسير سورة الأتفال ل لوو اللا للك م 1 لم يكن العقاب لهذا الكتاب الذى أشرنا إليه» فالنص يومىء إلى أن أخذ الأسرى وعبر سبحانه وتعالى عن العذاب بقوله تعالى: 8 لَمَسَّكُم فيما أَحدتَم عذاب عظيم4 فعبر عن العذاب ب (مسّكم)؛ لأن عذاب الثار يمس الجلد» ونكر العذاب ببيان أنه عذاب شديدء ووصفه بأنه عظيم» لأنه على قدر الذنب الموقع يكون العذاب» والذنب لو وقع كان فى الحرب» والحرب إما هزيمة وانتصار» ويجب ألا يكون فيها تراخء ولا أخذ بالهوادة» بل إنها أخذ بالصرامة والصرامة فى الحرب تمنعهاء ويرهبها الناس» فلا يقعون فى أسبابها. وقوله تعالى: #فيما أَحَذْتَم4 من المال يوهم أن أخذ المال وحده هو السبب فى هذا العقاب» والحقيقة أن ذلك جزء من السبب وإن لم يكن جوهر السبب؛ لأن السبب الأصلى هو أخذ الأسرى» وتبع هذا الأخذ إن اخختار النبى كلد أحل الفداء تيسيرا عليهم» واستبقاء لهم عسى أن يتوبواء وقد دخل فى الإسلام أكثرهم واستمر على الكفر أقلهمء والتيسير فى الدعوة مطلوب لقول النبى كَل للمجاهدين: ١‏ يسروا ولا تعسرواء وبشروا ولا تنفروا»7". وقلنا: إن أخذ المال جزء من سبب المؤاخذة؛ لآن المؤاخذة هى على الأسر وما تبعه من أخذ الفداء أو إن شكئت فقل إذا إن السبب أنحذ المال فى هذا الأسر الذى لم يسغ. وقد قال الرازى: إن بعض المفسرين قال إن قوله تعالى: حت إِذَا أنُخشموهم فَشّدُوا الْونَّاق 22 )© [محمد] نسخت: #لولا كتاب من الله بق لمسكم فيما . أَحَذْتم4 إلى آخرهاء والحق أنه لا نسخ. بل الآيتان متلاقيتان متضافران فى الدلالة على معنى واحد وهو أنه لا أسر إلا عند الإثخانء وإذا كان الأسر فى موضعه ووقتهء فالإمام يخير بين اَن من غير فداءء والفداء بالمال» أو مبادلة . سبق تخريجه‎ )١( إلا تفسير سورة الانفال مم اللو 0101010 لسرب أ الأسرى كما بادل النبى لله أسرانا بأسراهم » فتلك شريعة محكمة باقية خالدة لا تغيير فيها ولا تبديل . ولق بين الله ل عد أنهمٍ عانوا ف غناء ا عن أن يأخذوا فداع يون ك# (الفاء) فاء الإنصاح؛ فهى تفصح عن شرط مقدر» فى تقديره مأخوذ من حالهم عند أخل الغنائمء والتقدير هكذا إذا كنتم تريدون اتقويتكم بالملل» وما تأخذونه امتكمء افعندكم الغنائم» ولذا قال: لإفَكُلُوا مما غُدمتم حَلالاً يا وَانُّوا اللّه إن الله عور رحيم . ومعنى الأكل هنا الأخذء كما فى قوله تعالى: «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل +200 (ن* [البقرة]ء أى لا تأخذوهء» وعبر عن أخذ المال بالأكل» لأن الأكل هو الأمر الضرورى الذى يؤخذ لأجله المال ابتداع» فعبر عن الشىء ع بأهمٍ مسبياته » وذلك من المجاز المرسل السائغ» كقوله تعالى: #إني أراني أعصر حمر )>4 [يوسف]» أى أعضر عنبا يكون سبب الخمر. 1 وقوله تعالى: ف مما غدمتم 4 المراد بها الغنائم التى وزعت بحكم الله تعالى فى قوله تعالى: #واعلموا أَنّمَا عََمتم مَن شيء فَأَنّ لله حْمْسه وللرّسُول ولذي القربى واليتامئ والمساكين. . . * إلى آخر النص الكريم العادل» وعلى ذلك يكون المراد هذه الغنائم» وذكره (من) للدلالة على نصيب المجاهذ منهاء والمعنى على هذا ما كان لكم أن يكون لكم أسرى ولم تشخنوا فى الأعداء. لتكون الغاية أن تأخذوا منهم ما تتقون به فإنه يكفيكم ما تأخذون من الغنائم حلالاء لا لوم فيه ولا عتاب» وإنه لكثير يغنيكم عما يكون فيه لوم أو عتاب تأخذونه من فداء اللأسرى فى أمر جاء فى غير وقته ومن غير مبرراته. وقال بعض المفسرين: إن النص لإباحة تناول الفداء باعتباره من الغنائم» واللوم فى أصل الأمرء .وإنا نرى أن الأظهر للأوضح الذى يتفق مع العتاب على أخذ الفداء مع الأسرء ويكون النص تأكيدا للعتب وتدليلا على وجوبه. ال الملل ا 1-4 ويقول الله تعالى بعد ذلك: وتوا اللّه ... .» أى اجعلوا بينكم وب الوقوع فى المحظور وقاية» فلا تفعلوا ما يغضبه. وارجوا رحمته ومغفرته 8 إن الله غَقُور رحيم 4 أى كثير المغفرة ة يرحم الناس بمغفرته» وقد أكد سبحانه وتعالى مغفرته ورحمته ؛ يصيغة المبالغة أو الصفة المشبهة فى #غفور رُحيم4» وبالجملة الاسمية» وب ك4 المؤكدة «اللهم اغفر لنا وارحمنا» . وقد أمر الله تعالى نبيه بأن يتجه إلى الأسرى يرشدهم ويهديهم ويطيب نفوسهم» فيقول تعالى . ليا يا اَي قل لَمَن في َيْديكُم مَنَ الأمنرئ إن يعم الله في قُلُوبكُم خيرا ‏ يؤتكم يرا َم أخذ مدكم ويغفر لَكُم واللّه عُفُور رُحيم *. يظهر أن ذلك العتب كان والأسرى لا يزالون بالمدينة أو أكثرهم» وكانوا قد دفعوا الفداء؛ وذلك لأنه سبحانه أمر نبيه بأن يخاطبهم هذا الخطاب وعبر بأنهم لا يزالون فى أيدى المسلمين أو بعضهم. خاطب الله نبيه بآن يقول لهم كلمة رحيمة هادية تقرب القلوب, ولا تجفيهاء قال سبحانه لنبيه: « قل لمن في أيديكم من الأسرئ»» أى لا يزالون تحت سلطانكم» وقرييين منكم ظ إن يَعلَم الله في ُلُوبكُم خيرا يؤتكم خَيرا مما أخذ منكم » أى إن يعلم الله فى قلوبكم خيراء وهو رجاء الإيمان منكمء أو قرب احتماله.» يؤتكم خيرا مما أخذ منكم أى يؤتكم إيمانا وأن تكونوا فى صفوف جيش الله ومع المؤمنين» فيكون الإيمان» وهو خير مطلق» وفضل عميم ويؤتكم من خير الغنائم أكثر مما أخذ منكم. وهذا تحريض على الإيمان» وقوله تعالى: 9يوْتَكُمْ حيرا مما أَخدَ منكم 4 من كم غنمها المسلمون» ومن فدية افتديتم , بها أنفسكم» وقد روت صحاح السنة أن من ممملهم خطاب الب و المباس بن عبد امطل عم رسول الله ل ويقول بعض المفسرين: إن الآية نزلت فيهء ونحن نقول: إنها تشمله فيمن كان معه من الأسرى الذى أخذت منهم غنائم فى القتال» وأخذت فدية فى الأسرء وقد عوض من الأمرين خيرا مما أخذ منه. ا تفسير سورة الأنفال 0م 2333*355 حت ا روى عن العباس رضى الله عنه من طريق الزهرى: بعثت قريش فى فداء أسرهم » ففدى كل قوم أسيرهم» وقال العباس رضى الله عنه- وكان فى الأسرى: قد كنت مسلماء فقال رسول الله يَكلّ: «الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيكء وأنا ظاهرك» (فقد كان علنيا وقد كان ممن ضمن طعام جيش مكة فى بدر) فافد نفسك وابنى أخيك نوفل بن الحارث» وعقيل بن أبى طالب وحليفك عتبة بن عمرو» وعبد الله» قال: ما ذاك عندى يا رسول الله قال ككل : «فأين المال الذى دفعته أنت لأم الفضل؟». قلت لها: إن أصبت فى سفرى هذا فهذا المال الذى فيه لبَتَى الفضل» وعبدالله» وقثم. / قال العباس: والله يا رسول الله إنى لأعلم أنك لرسول الله» إن هذا لشىء ما علمه أحد غيرى وغير أم الفضل . فاحسب لى يارسول الله ما أصبتم منى عشرين أوقية من مالى» فقال رسول الله َكل : ١لا‏ ذاك شىء أعطانا الله تعالى منك» ففدى نفسه وولدى أخويه وحليفيط"©. وقد قال: عوضنى الله عن أربعين أوقية أربعين عبدا فى الغزوات» وأعطانى زمزم؛ وما أحسب أن لى بها جميع مالى» وهكذا عوض الله تعالى كل من آمن من بعد ذلك وغزا مع النبى يَلٌِْ الغزوات فأصاب من خير وآتاه الله تعالى مع ذلك الإيمان والإخلاص» ومن قبل منهم فى الجهادء أعطى خيرا من كل هذا فضل الشهادة وإن فضلها لعظيم. ثم ختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله: 8 وآللّه غَفور رحيم #4 أى أنه سبحانه وتعالى مع هذا العطاء المضاعف لا أخذ منكم يعطيكم شيئا غير قابل للتعويض وهو من فضل الله ورحمته وهو غفران ما أسلفتم من كفر وجحود ومعاندة لله تعالى» فهو الغفور الذى يغفر ما سبق بأبلغ درجات الغفران ويرحمكم أبلغ الرحمة . . )77 ٠ ٠ رواه أحمد: مسند بني هاشم باقي المسند السابق(‎ )١( م تفسير سورة الأنفال 11111 الننانا اناا انالا1 اتا اناا ااا ا الللاتككة11لااللال اللا اا للاالاك لاط لط الام طاطخلل كط ل ا اللا اللا لل كط ط لاض كلتل وم 7 ا 1 7 هذا حال الأسرى إن آمنوا واستبدلوا بالكفر إيماناء والأكثرون منهم كانوا كذلك» ومنهم من خانوا ما عاهدوا البى وَل فمن عاهد النبى كَكِلْدِ على ألا يدعو الجموع ضدء ذف فمن النبى َلِلْهّ من غير فداءء فعاد ورفع عقيرته بالدعوة ضد النبى كَكِلَةٌ وألب الناس عليه داعيا لأخذ الثأر؛ ولذا قال: 20000 وَإِديُرِسِدُوأْخِيَانتَكَ فَعَدَحَانوأ َم نبل دمحن نو وألَه ع حكيم 07 الزمخشرى لا يعد الضمير يعود على الكفار الذين يخونون العهود فى المستقبل» والذى خانوا عهد الله بارتدادهم» ويذكر أنه ربما يعود على الأسرى الذين عاهدوا النبى يَكِةِ على أن يكفوا ألسنتهم عنه فلم يكفوها وأليوا الناس» وهؤلاء خانوا. ويلاحظ أن الله تعالى يقول: #وإن يريدوا خيّانتك» أى وسوست لهم شياطينهم بالخيانة وأرادوهاء فإن أرادوها فخل حذرك ولا تأس عليهم» فقد خانوا الله تعالى وكفروا به وأشركوا به الأوثان وهموا أن يقتلوك» فأمكن الله تعالى أهل الإيمان منهم» وأعلنوا بذلك كلمة الحق والإيمان. وإن مضمون النص يجعلنى أميل إلى أن الضمير لا يعود على الأسرى» ولا يعود على من ذكر الإيمان وردده من المشركين وأظهروا أنهم يريدونه تقربا وإنما أميل إلى الذين جنحوا للسلمء وأمر الله نبيه أن يجنح ولا يمنعه أن يحاولوا خديعته؛ لأن الله حسبه» وفى هذه الآية بين الله تعالى لنبيه أنه يجب أن يستمر غير ملتفت لهم إن أرادوا خيانة بعد أن جنحوا للسلم» ولكن أرادوا خيانتك» وألا يهتم لخيانتهم فى ذاتهاء وألا يأسى على خيانتهم بعد أن جنحوا للسلم والله تعالى ينبه نبيه بأنهم إن أرادوا خيانتك بأن هموا بالانقضاض على المؤمنين» فإنهم قوم من طبعهم الخيانة فقد خخانوا الله تعالى من قبل بأن عبدوا الأحجار والأوثان وهموا بأن يقتلوا الرسول» أو يحبسوه أو يخرجوهء وخانوا الله ا تفسير سورة الأنفال م للم للا لحرت د تعالى بخيانة أهله فلا تأس عليهم» والله من ورائهم محيط؛ ولذا ختم. سبحانه الآية الكريمة بقوله: «واللّه عليم حكيم» أى عليم بخبايا نفوسهم. وما تحدثهم به خواطرهم» وبنزعات نفوسهمء وقد رتب لهم سبحانه ما يصلح لهم بمقتضى علمه وحكمتهء فهو حكم من يضع الأمور فى مواضعهاء ويدبر لك بحكمته» فلا تخش وبالهم» والعاقبة للمتقين. ولاية المؤمن للمؤمن وولاية الكاف رئلكافر م مامهاجأجهَذ ,أله وشم سير 0 07 آله الو لله وَالَّذِينَ ءاووأ ونصروا ليكب و أوله عضو عامنوأ 200 2 - سي اجر أما لمن وليتم من سي حي 0 0 ذا 0 2 ميل ب ب 7 لماه فِتَنَهَففِ و 4 0 2 2001000 ووأ ونصروا 1 لعزي حدم نورقم يا ماين مَدوكا اوبهذو أمك لهك وك وأو لاد شهدا تي كت أئَ دبعل كن علي © / تفسير سورة الأنفال ل حو حر أ المؤمنون أمة واحدة» وولايتهم واحدة» فلا ولاية للمؤمنين إلا من المؤمنين» ولن يجعل الله للمؤمنين على الكافرين سبيلاء وأكد الله تعالى هذه الولاية ومنع غيرهاء فقال تعالى: «لا يتخذ المؤمنون الكافري ين أَولياء من دون الْمؤمنين ومن يفعل ذلك فَليس من اللّه في شيء إلا أن تَتَقُوا منهم ثقَاة ويحذركم الله نفْسه وإلى اللّه المصير :442 [آل عمران:18]» وقد نهى الله تعالى عن كل مدارة للكافر يكون فيها نصرة له» وانتصار به» أو اتخاذه بطانة يعرف منها أسراره ونخحفايا أموره» فقال تعالى : 8 يا أَيَْا الذي آمُوا لا تكَحِذوا بِطَانَةَ من دونكم لا يألُوكم حبَالاً ودُوا ما عنتم د بدت الْبَعْضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر 44127 [آل عمران] . وعندما هاجر النبى يَلِةٌ كان المؤمنون فريقين مؤتلفين متوادين متحابين قد عقد النبى تَكلِِدِ المؤاخاة التى قد صارت سنة يجب اتباعها إلى اليوم. ولقد أكد سبحانه وتعالى الولاية بينهم مع افتراق كقبائلهم وفسخوذهم وبطونهم فقال تعالى : 9 إن اين آمنُوا وهاجروا وَجَاهدُوا بأمُوالهم وأنفسهم في سبيل الله والْذِينَ آووا وَنصروا ‏ وصف الله المهاجرين بأنهم آمنوا إيمانا لقوا فيه الأسى والعذاب فما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا» وصبروا وصابرواء وبأنهم هاجرواء أى تركوا ديارهم وأسرهم وأموالهم وخرجوا من ديارهم وهى الحبيبة إليهم» فتالوا فضل الهجرة بترك الأحبة فى سبيل الله» وما هاجروا للسياحة والراحة بل خرجوا ليحملوا مشقة مشقة أعظم ما يحملوا؛ ولذا قال تعالى فيهم: #وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سَبيل اللّه 4 جاهدوا الهوى فى النفس والركون للراحة» وحملوا السيوف مقاتلين فى سبيل الله» وبذلوا أموالهم التى كسبوها بكدهم من كسبهم بعد الهجرة بعد أن فقدوا أموالهم التى كسبوها قبل الهجرة» وكان من هؤلاء من يخرج من كل ماله لله ورسوله» ومنهم من يحمل من ماله نفقات جيش» كما حمل عثمان نفقات جيش العسرة. وكل ذلك فى سبيل الله تعالى لا يرجون إلا ما عند الله» وهؤلاء أولياء لمن يماثلون خيراء وهم الذين آووا ونصروا وتحلوا بما تحلى به إخوانهم المهاجرون» ل تفسير سورة الأنفال 0م 311110111121010 حر اا فآمنوا الإيمان الكامل» وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وإذا كانوا قد نقصوا عن إخوانهم فضل الهجرة» فقد عوّضوا عن ذلك بفضل الإيواء والنصرة» يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. هؤلاء الأطهار قرر الله تعالى أن بعضهم أولياء فقال سبحانه وتعالى فى خبر هن « بعضهم أوليّاء بعض » الولاية محبة ومودة ومناصرة» وقد اجتمعت كل هذه الأحوال فى ولاية المؤمنين المهاجرين» والأنصار فقد اجتمعت فيها المودة» فتوادوا وتحابوا»ء وتناصروا وجاهدوا جميعا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله. ولقد جمعت المؤاخاة معنى المودة والمحبة والإيثار وجمع الجهاد معنى النصر» والتعاون بالجهاد فى سبيل الله» وإن هذه الولاية كانت تتضمن مع ما ذكرنا معنيين أولهما - أنهم يقتسمون الغنيمة بالسوية على النظام الذى قرره الله تعالى فى الغنائم» لا فضل لأنصارى على مهاجرىء, ولا فضل للمهاجر على الأنصارى» ولما أعطى رسول الله المؤلفة قلوبهم. وجد بعض الأنصارء فقال لهم رسول الله ليد : «إنها لعاعة(1) مال تألفت بها قلوب قوم» وتركتكم لدينكم»»؛ ودعا للأنصار دعوة ختمها بأنه من الأتصار لولا الهجرة» «ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصاره اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار» وأبناء أبناء الأنصار) . ش ثانيهما- أن هذه الولاية التى كذّلها رسول الله بالمؤاخاة كانت تثبت الميراث بين المهاجرين والأنصار إذا مات أحدهما من غير قريب مسلمء فالموؤاخاة تبت الميراث» كأنها تحل محل بيت المال. )١(‏ اللّعاعة : البقية البسيرة من الشيء» ونص الرواية عند أحمد: باقى مسند المكثرين- مسند أبى سعيد الخدري (11"97) . ل الك و ىج ل هذه الولاية بين المهاجرين والأنصارء والإيمان وحده من غير هجرة يوجد ولاية الإيمان لا موجد ولاية قسم الغنيمة والميراث بالمؤاخحاة؛ ولذلك نفى هذا النوع من الموالاة عن الذين يؤمنون ولم يهاجروا نعمة الجهاد المشترك بين المهاجرين والأنصار و نعمة المؤاخحاة؛ ولذا قال تعالى: «والّذين آمنوا ولَمِ يهاجروا ما لكم مَن ولايتهم من شيء حت يهاجروا © . عندما شاع أمر الإسلام» وذاع فى البلاد العربية مع استمرار الدعوة والجهاد قد آمن ناس ولم يهاجروا وقد رعّب الإسلام فى هجرتهم, ليكثر بهم جمع أهل الإيمان» وليكون الجهاد متكاملاً أمام أهل الشرك» ولكى لا يستضعف المشركون يستخذى المؤمنون لقلتهم وضعفهم؛ ولذا قال تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة المي نهم لوا فم ع فوا ا مستصعيد ف لد ل آم تكن أرض الله وقد ذكر الله تعالى فى هذه مقدار ولايتهم» وهى ثابتة لأنها ولاية الإيمان» ولكن لا تكون لهم ولاية قسمة الغنيمة» ولا الولاية التى تثبت بالإخاءء ولذا قال تعالى : ما لكُم من ولايتهم من شَْءِ 4 أى ليس لكم من ولاينهم في الغنائم أى شيء. وهذا النص يومىء إلى أنه يحسن بهم أن ينضموا لجحماعة المؤمنين ويتناصروا. ولقد جاء فى تفسير الحافظ ابن كثير ما نصه: كان رسول الله يَككهِ إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه فى خاصة نفسه بتقوى الله ويمن معه من المسلمين خيراء وقال: «اغزوا باسم الله فى سبيل الله؛ قاتلوا من كفر بالله» إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام» فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم., ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين» وأعلمهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين» فإن أبوا واختاروا ديارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله تعالى تفسير سورة الأنفال 0 الل ل 1 3*3#3111”غ21 5 5 الذى يجرى على المؤمنين» ولا يكون لهم فى الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يحاهدوا مع المسلمين» فإن هم أبوا - أى الإسلام- فادعهم إلى إعطاء الحزية. فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم, فإن أبوا - أى الإسلام والجزية- فاستعن بالله وقاتلهم)7 . هذه رواية مسلمء وظاهر أن الولاية المنفية هى ولاية الاشتراك فى قسمة الغنائم وما يترتب على الإخاء. أما الإيمان فولايته قائمة ثابتة وهى ولاية النصرة» «إوإن استنصروكم في الدين فعليكم التصر إلا على قوم بينكم وبينهم مياق 4 . إن هذه ولاية الإيمان وهى توجب النصرة على أساس أن المؤمنين جميعا إخوة» كما قال تعالى: ©#إِنّما المؤمنون إخوة فَأصلحوا بين أحويكم واتّقوا الله لَعلّكُم ترحمون 4402 [الحجرات]. الأقطار» ولذلك إذا استنصر المؤمن؛ أى طلب النصر- وجبت نصرته» فالسين والتاء للطلب أى طلب النصرة. فى دفع .عدو داهم أو فى حرب عادلة؟ ولذا قال تعالى : ل فَعَلِيكُم النَصر» والاستجابة لطلبه» وقد استثنى الله حالا واحدة» وهى (وثق»» فأصله (موثاق) قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة بعد كسرة» والمعنى عليكم النصرء أى فإن دعوكم فعليكم الإجابة إلا أن يكون النصر الذى تنصرونهم فيه يكون على قوم بينكم وبينهم ميثاق» أى لا تنصروهم على قوم لهم ميثاق» ولكن الإيمان. )١(‏ مختصرا من حديث طويل رواه مسلم: الجهاد والسيره- تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته 10لا هاا تفسير سورة الأنفال لكالل الللللل وم لسرب أ وإذا كان فى المؤمنين غير المهاجرين ضعف» واستضعفهم أعداء الإسلام أيان كانواء وجبت نصرتهم» ويقول فى ذلك ابن العربى فى تفسيره فى أهل الميثاق إلا أن يستنصروكم على قوم بينكم وبينهم عهد فلا تنصروهم عليهم ولا تنقضو العهدء حتى تتم مدته إلا أن يكونوا -أى المسلمون- أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة حتى لا تبقى منا عين تطرف» حتى تذهب إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك» أو ينزل جميع أموالنا فى استخراجهم حتى لا يبقى لآحد منا درهم . وقد ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: #والله بما تعملونَ بصير» أى أن الله العلى الكريم الغالب على كل شىء مطلع كما يطلع ذو البصر على ما تعملون» ومكافئكم عليه وقدم « بما تعملون » على « بصير »© لمزيد الاهتمام» والحساب على مقتضى علمه سبحانه وتعالى بما يعملون. هذه حدود ولاية المؤمنين» ولقد ذكر سبحانه وتعالى ولاية الكفار بعضهم مع بعض » وعدم ولايتنا معهمء فقال تعالى: «والّذين كقروا بعضهم أُولياء بَعض إلا تفعلوه تكن فتئة في الأرض وفْساد كبير» . إذا كان المؤمن لا يوالى إلا مؤمناء ولا تكون له المخبة والولاية إلا لمؤمن مثلهء فلا تكون ولايته لغيرهء وَالّذِين كفروا بعضهم أَوليَاء بعض 4 أنهم لا يكونون إلا أولياء لأنفسهمء فالمسلمون ولايتهم للإسلام» والكفار لا يتولون ولا يصح مسلم أن يتولاهم كما قال تعالى: فيا يها الْذين آمنوا لا تَتَخَذوا اليهود والتصارئ أوليَاء بعضهم أُوليَاء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فَإنَه منهم 42079 4 [المائدة]» والولاية هنا النصرء أى أن الكافر نصير الكافر» ولا يصح أن ينصر المسلم الكافرء والنص يتضمن ذلك المعنى» أى أنه لا تناصر بين المسلم والكافرء ولا تناصر إلا بين الكافر والكافر. وقوله تعالى: #إلاً تفعلوه 4 الضمير هنا يعود على التناصر بين المسلم 0 لاملل ااال للك 14 1-2 اج 1 اختصاص الولاية للمؤمن بأن تكون مع مهؤمن» واختصاص الولاية للكافر بآلا تكون إلا لكافر» و9 إلا تَفُعلُوه» هى «إن» المدغمة فى ١لا»‏ النافية» ففعل الشرط (لا تفعلوه)» ومعنى إلا تفعلوه أى إن لا تتقوا تناصركم معه» تكن فتنة فى الأآرض وفساد كبيرء ولمعنى إن كنتم تتناصرون بهم فتستنصرون بهم وتنصرونهم تكن فتنة فى اللأرض وفسادء لأن نفى النفى إثبات. ومؤدى ذلك: إن كنتم لا تتباعدون عن المناصرة فيهم تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير. وذلك حق؛ لأن أقبح الفتنة أو أشدها أن يكون ولاء المؤمن للكافرء بأن يكون للولى ناصراء ومستنصرا فإن ذلك يفتن المسلمين عن دينهم» ويجعلهم فى: ولاء للكافرين» والله تعالى يقول: «إلا تَتَولَُا قَوْما عضب الله علَيِهم 17> 4 [الملمتحنة]» فتولّيِهم فتنة تفتن المؤمن عن دينه وفى خلقه»ء وتجعل تعاونه مع الكفار»ء وفيه فساد كبير ففيه قوة للكفرء» وضعف للإيمان وأى فساد أكبر. وإن الفساد الذى أصاب المسلم الآن» والفتنة التى يموج فيها المؤمنون» إنما هى من ولاء المؤمنين للكافرين كما ترى ذلك فى ساسة المسلمين منذ ضعفواء فقد ازدادوا ضعفا بهذا الولاء» وكان أمر المسلمين إلى بوارء «إِنَمَا وليكم الله ورسوله والّذين آمثو ١‏ الْذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعو ن »ومن يتول الله ورسوله وَالّذِين آمنوا فْإِنّ حزب اللّه هم العَالبونَ 32> * [المائدة] . «والّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا وتصروا ولك هم الْمؤنون حمًا هم مغفرة ورزق كريم» . جمع الله تعالى فى هذه الآية الذين كانوا دعامة الإسلام» وعليهم هَدى الرسول يكل قام بنيانه» وشيدت أركانه» وهم المهاجرون والأنصارء فال مهاجرون ابتدأً بهم تكوين الجماعات الأولى التى صبرت وصابرت وتلقت الصدمة الأولى من المشركين». ويقول كَل : «إنما الصبر عند الصدمة الأولى2"7. فهم الذين )١(‏ سبق تخريجه. 1و تفسير سورة الأنفال ْ للك وم الج وار يي تلقوها من عتاة المشركين الذين قابلوا أهل الحق بالأذى من أمثال أبى لهب» وأبى جهلء والوليد بن المغيرة» وغيرهمء وهم الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا بإيمانهم» ومنهم من هاجر إليها مرتين» وهم الذين لاقوا العنت» فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله» ومنهم من اضطروه تحت العذاب أن ينطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان» ومنهم من مات بعض أسرته تحت حر العذاب. ثم فى آخر الأمر هاجروا إلى المدينة» فاستقبلهم إخوانهم بالترحاب وآووا ونصروا. ظ والأنصار هم الذين آووا ونصرواء وأعزوا كلمة التوحيد وأغلوها وأعلوهاء فإذا كان المهاجرون هم الذين أظلوا شجرة الإسلام ابتداء» فالأنصار هم الذين حموا ثمرتها وقامت دولة الإسلام فى أرضهم وحراستهم» وإذا كان المهاجرون قد لاقوا العنت فى مكة فقد لقوا الإيواء فى المدينة» وإذا كانوا هم دعامة الإسلام فالأنصار دولته» وفى رحايهم قامت المدينة الفاضلة التى أقامها محمد يَكلِة فى ديارهم وإذا كان المهاجرون قد جاهدوا ابتداء بالصبر والمصابرة» فقد كان جهادهم فى المدينة مع إخوانهم الأنصار بذلك وبالقتال فى المدينة» والفريقان اختارهم الله للتأليف حتى تكونت منهم أطهر جماعة رأتها الإنسانية وأقواها؛ ولذا قال تعالى: «أولتك هم المؤمنون حَنَا 4. الإشارة إلى السابقين» والإشارة إلى الموصوف إشارة إلى أوصافهء وجعلها مناط الحكمء أى أولئتك الذين هاجروا بعد الإيمان» وجاهدوا فى سبيل الله والذين آووا ونصروا هم المؤمنون حقاء أى إيمانا ثابتا صادقا حقا تلاقت أقوالهم ل تفسير سورة الأنفال م لل 00 سر از وفى الكلام قصرهء أى من كانوا على هذه الصفات هم وحدهم المؤمنون حقاء أى لا يؤمنون حقا غيرهم. ومن هم على صفاتهم. وفيهم قوة الإيمان مثلهم» أى ذلك هو الإيمان حقا وصدقا «وفي ذلك فَليَافْسِ الْمَنَافسون يه [المطففين] . ولقد كرر الله تعالى الثناء على المهاجرين والأنصار فى كثير من محكم آياته من ذلك قوله تعالى: «والسّابقون الأولون من الْمُهاجرِين والأنصار والّذين اتبعوهم يإحسان رضي اللّه عنهم ورضوا عنه وأَعَدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار . . +21 [التوبة] . ويقول تعالى: ظلَقَد تاب الله على التبي واْمهاجرين والأنصار الّذين ابعُوه في ساعة العسرة. . . 44250 [التوبة] . وقال تعالى فى توزيع ما أفاء الله على رسوله : ا لْفَُراء الْمهَاجِرِين الذين خرجوا من ديارهم وأموالهم يَبَهُونَ فَضلاً من الله وَرضوانا ويَنصرون الله ورَسُولَهُ أولك هم الصّادقُونَ 0ه والّذين تَبوءوا الدَارَ والإيان من قبلهم يحبُون من هاجر ليه ول يجدون في صدورهم حاجة مما وتوا ويؤثرون على أَنفْسهم ولو كان بهم حصاصةٌ )4 [الحشر] . وهكذا ترى قوة الإيمان» والجهاد ونصرة الرسول» والإيثار فكانوا بذلك ل المؤمنين حقا وصدقاء وقد ذكر الله تعالى ما كتب من خير فى الدنيا والآخرة» بعد أن ذكر أنهم المؤمنون حقاء قال: الهم مغفرة ورزق كريم 4 وهذا يتضمن جزاءين : أولهما- المغفرة السابقة ووراءها الرحمة والنعيم المقيم. / تفسير سورة الأنفال 000 وم حر م انيهما- رزق كريم واسع فى الدنيا بعد المشقة التى تحملوها والله واسع عليم. هذا شأن المهاجرين الذين آمنوا والذين آووا ونصرواء وقد ذكر بعد ذلك شأن الذين يهاجرون ويؤمنون من بعد» فقال تعالى: طوالّذين آمنوا من بعد وهاجروا وَجَاهَدوا معَكُم فَأولَتك منكم وأُونُوا الأرحام بعضهم أولئ ببعض في كتاب الله إن الله لضي باب الإيمان مفتوح» وباب الهجرة مفتوح» وميدان الجهاد متسع للجميع؛ فلم يغلق على المجاهدين الأولين» ويحكم الرتاج على من بعدهمء لا بل هو مفتوح» وهذه الآية الكريمة تلحق الذين يؤمنون من بعد ويهاجرون بالأولين الذين هم المؤمنون حقاء ولهم مغفرة ورزق كريب(" . يقول تعالى: طوالّذينَ آمَنُوا من بَعْدُ4 أى من بعد نزول هذه الآيات الكريمات» ويفعلون فعل من سبقوهم فيهاجرون ويجاهدون معكم لا فرق بينكم وبينهم فى الميدان فأولئك منكم» ومثل هؤلاء أبو موسى الأشعري» ومن معه من الأشعريين؛ ولذلك يقول سبحانه وتعالى: والّذِين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فَأُولتك منكم 4 أى أولئك يصيرون جزءا منكم لهم حكمكم» ولهم ثناؤكم» لا تعلون عليهم لأنهم منكمء فالمهاجر الأول والذين آووا ونصروا لهم فضلهم ويلحق بهم فى الفضل والثناء والجزاء من آمئوا من بعد وأبلوا مثل بلائهم» ولم الأرض الْرْمهُمْ مُهَاجَرَ إبراهيم» ويبْقَى في الأرض شرارٌ هلها تَلفظهُم أرضُوهُم تَقْدَرَهُم تَفْس الله وتحشرهم تار مع الْقردة وَالْحَتَازِير'. رواه أبو داود: الجهاد - في سكنى .الشام (1447): وأحمد: مسنئد المكثرين- مسند عبد الله بن عمرو بن العاص(58175). تفسير سورة الأنفال 0م لاملل ل 0 لحب أ يتخلفوا عنهم فى الفضل وإن تخلفوا فى الزمن» وهو لا حساب فيه عند الله ما دام الإيمان والجهاد والهجرة قد تحقق فيهم. هذا ولاء المؤمنين بعضهم مع بعض» وكهدى القرآن لا يمحو ولاء الفطرة ولا يمحو الولاء العام» ولاء الأسرة لأنه يدعمه ويقويه» ولذلك جاء ولاء الأسرة بعد الولاء العام فقد قال تعالى: #وأُولوا الأرحام بعضهم أولئ ببعض في كتّاب اللّه» . أى فى حكم كتاب الله تعالى» ومقررات الإسلام الثابتة» فالأسرة لا تفنى بجوار الإيمان ولكن تقوى دعائم المجتمع الإسلامى. وهى مدنية وعدد آياتها ١79‏ ويقولون إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان. وفى المصحف أنها نزلت بعد المائدة» ولكن الثابت أن آية 8 ... ايوم أَكْمَلْت لَكُمْ دينكم وَأَنْمَمت عليكم نعمتي ورضيت لَك الإسلام دينا .... #6 االمائدة] نزلت فى عرفة فى حجة الوداع» وأن براءة نزلت فى حجة الصديق رضى الله عنه» وصلى بها على بن أبى طالب» فهى قبل المائدة» وقالوا: إنها نزلت فى تبوك» وفيها أخبار المسلمين والمنافقين فى هذه الغزوة مما يدل على أنها مقارنة لها فى الزمان» وتسمى «الفاضحة»؛ لأنها فض حت المنافقين» وتسمى «الجحوث» لأنها بحثت أسرار المنافقين وكشفتهاء ولم تبدأ ب «بسم الله الرحمن الرحيم» كغيرها من السور. وقالوا فى ذلك: إن الصحابة لم يفصلوا بينها وبين سورة الأنفال بالبسملة» وذلك لأن القرآن الكريم كتب ما كتب فيه بالتوقيف لا بالرأى» ووضعت آياته وسوره بالتوقيف» وقد اتبع زيد بن ثابت والجماعة الذين كانوا معه ما رسمه رسول الله كك من سوره ونزل عليه من آياته ووضع كل آية فى موضعها من سورتهاء ولم يضع «بسم الله الرحمن ن الرحيم» بين الأنفال وبين براءة» والكتابة سنة متبعة ثابتة بالتوقيف» هذا لا مجال للريب فيه فقد ثبت بالتواتر. وقالوا فى الحكمة فى عام كتابة البسملة: فمنهم من قال إن البراءة امتداد للآنفال فموضوعهما فى الحرب والعهودء وتلك حكمة واضحة بينة» وقال بعضهم إن الرحمة والسلام اللذين تدل عليهما البسملة» لا يتناسبان مع ما اشتملت سورة براءة من نقض للعهودء وتهديد بالحروب» وكشف للنفاق. ١‏ 1# تفسير سورة التوبة يسح لز بي < ونحن نرتضى التعليل الأول؛ لأن الحرب بكل صورها ما دامت إسلامية عادلة» فهى رحمة بالناس» 9 ... ولولا دفْع الله الئاس بعضهم ببعض لَفَسّدت الأرض ...629 # [البقرة]. والسورة الكريمة قد اشتملت على العهود الموثقة» ونقض المشركين لها والبراءة من ينقضونها. وبيان أن الجهاد , سياحة نه الين؛ > كما صرح الرسول كَكه11) ا ا وأهلف وأوجب سبحانه مع هذه البراءة الوفاء اه للمشركيد الذين لم ينقصوكم شيئا من عهودكم. وإن القتال محرم فى الأشهر الحرم» فإذا انسلخت كان القتال لغير أهل العهد» وتتبع المشركين فى كل مكان. وكل ذلك مع ملاحظة النجدة» وإجارة من يريد الجوارء وقال تعالى: ون أحد من المشركين استَجارَك فأجره حَتَى يَسْمّعْ كلام الله ثم أبلغه مأمنَه ذلك بأنّهُم قوم لا يعلَمُونَ 0 4 . ثم بين سبحانه أنه لا يصح الاعتماد على عهود المشركين» لأنهم لا يبرون بعهودهم» واستثنى سبحانه الذين تفرض فيهم الاستقامة على أحد الاحتمالين» ولذا قال تعالى: 8 .. .هَمَا استقاموا لكم فاستقيموا لهم ... 0 © . وإن استقامتهم المفروضة تكون والمسلمون أقوياء ف . . .وإن يظهروا عَلَيكُم لا يرَقُبوا فيكم إِلأّ ولا ذمّة ... 2 4. » وإن ماضيهم ينبئ عن حاضرهم إذ كانوا يصدونكم عن المسجد الحرام. وأنهم إذا تابوا فإخوانكم فى الدين» وإن استمروا على الكفر ونكثوا الأيمان فقاتلوا أئمة الكفرء إنهم لا أيمان لهم» وأمر سبحانه وتعالى وقد استمروا على عداوتهم والنكث على عهودهم أن على المؤمئين أن يقاتلوهمء وقال تعالى: ير ممه ل عقتة مه 0 عَن إى أمَامَةَ أن رجلا قَال: يا سول الله انْدَنْ لى فى السٌّيّاحة» قَالَ الى صَلَّى الله عليه وسَلّم: ١‏ حة أ متى الْجهادُ فى سَبيل الله تَعَالَى ' . رواه أبو داود: الجهاد- النهى عن السياحة(7445). 1# تفسير سورة التوبة ل الام للك 1 .. ١ ااا‎ ١ بي‎ 1 سدع مو مد رو قم وه وه رك ه م ع مم ع«ممة مده و لماه عام امي 8 ات هاه قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمدين (68 4 . وإن هذا الخزى يذهب غيظ قلوبهم» والهزيمة تجعله يتبدد. وإن الجهاد بد ذلك انهه سبحا وتعالى إلى عم ابيت امشركين وبين أنهم ليس الهم أجر ؛ لآن عمارة المساجد شرطها الإيمان طإما كان لمشركين أن يعمروا مسَاجد الله شاهدين علَئ أَنفُسهم بالْكُفر أُولّتك حبطت أَعمالَهُمِ وفي الثَارِ هم خَالدُونَ 09 إِنّمَا يعمر مَسَاجد الله من آم باللّه اليم الآخر وََقَامَ الصّلاة وآتى الركاة ولّم يخش إلا الله فعسم ار ع ولك أن يَكُونُوا من الْمهْمَدِينَ 6 4 . وذلك إشارة إلى عمارتهم المساجدء فإنه لايفيدهم ما داموا مشركينء ولذا قال تعالى : :و أجعلتم سقاية احاح وعمارة الله اهدي اَم طلم 69 بعد أن بين الله أنه لا يستوى المؤمن والكافر. بين جزاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهمء وأولئك هم الفائزون» يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم» خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم. ثم بين سبحانه أن هؤلاء يجب أن يكونوا لله سبحانه وتعالى» فبين أنه يجب عليهم ألا يتخذوا آباءهم وإخوانهم أولياء من دون الله إن استحبوا الكفر على الإيمان» كل إن كان آباوكم نوكم وإخوائكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال الْمَرَفْمُمُوها وَتجَارةٌ تَخْشَوَنَ كَسَادَهَا وَمَساكن تَرَضوتَها أَحَبْإَِيَكُم من الله ورسوله وذكرهم سبحانه وتعالى بنصرهم فى مواطن كثيرة» وذكرهم سبحانه بيوم حنين إذ أعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئاء وضاقت عليهم الأرض بما رحبت» 1 8# تفسير سورة التوبة لحب ا ثم ولوا مدبرين لاثم أنزل اللّهُ سكينَه على رَسُوله وعَلَ الْمُؤْمنينَ وأنرّل جَنُودا لم تروها وعد الذين كفروا ولك جزاء الْكَافرِينَ 69 4 . قد كسرت الأصنام ولكن كان المشركون يدخلون المسجدء فأمر الله تعالى: ( يا يها اين آمنوا نما المشركُود نجس فلا يَقربُوا امَسْحد الْحَركمْ بعد عَامهم هذا إن خفتم عيلّة فَسَواف نيكم الله من فَضله إن شَاء إن الله عليم حكيم 62 4 . وقد أمر سبحانه من بعد ذلك بقتال الكافرين سواء أكانوا يهودا أم نصارى أم . مشركين حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وبيّن أن اليهود قالوا عزير ابن الله فكانوا كالمشركين» والنصارى قالوا: المسيح ابن الله فكانوا مثل المشركين فى أن أشركوا فى عبادة الله المخلوقات . ْ وزادوا بأن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم وسائط فى العلم عن الله فاتخذوهم أرباباء « . .وما أمروا إلا ليعبَدُوا إِلََّا واحدا لا له إلا هوَ سَبْحَائهُ عَمّا يُضْرِكُودَ 9©© يريدون أن يطْئوا ثور الله بأفواههم وَيأبَي الله إلا أن يتم نوره ولَوْكَرِه الْكَافرُونَ © 4. وبين سبحانه مساوئ الأحبار والرهبان فى أكلهم أموال الناس بالباطل . ثم ذكر سبحانه مآل هؤلاء يوم القيامة : فإ يوم يحمئ عليها في نار جهنم فتكُوئ ا جاه وو طوف هئم كم فذوفو اما تش كنزو ص 4 . بعد ذلك ذكر سبحانه عدة الشهور وهى اثنا عشر منها أربعة حرم» لا يحل فيها القتال لأنها أشهر الحج أو الانتقال إلى بيت الله الحرام» وكذلك العمرة» وهى ذو القعدة وذو الحجة» والمحرم» ورجب (مضر) الذى بين جمادى وشعبان فهو شهر عمرة مضر. فألحق بأشهر الحج. 'وحرم الله تعالى النسىء «إِنْمَا النّسِيءِ زِيَادة في الْكُمَرٍ يضل به اين كَفَروا يحلُونه عاما ويحرموته عام لَيوَاطُوا عدة مَا حرم الله . .. 409 وإن ابتداء الحرب فى الأشهر الحرم لا يجوزء ولكن إذا كان القتال # . ...قلا تظلموا فيهن أنفسكُم وقَاتُوا المشركين كاف كما يقَاتلُوتَكُم كاف واعْلَمُوا أن لَه مع اْمّينَ 9 . 4# تفسير سورة التوبة ممالل 1م اكه + بي بعد ذلك أمر الله تعالى بالقتال » ولامهم على التثاقل عنه [ يا أيها الْدين آمُوا ما لَكُم ذا قيل لَكُمْ انفروا في سبي اللّه اقم إَِى الأرض أرَضيتم بالْحَيَّاة الدنيًا من الآخرة فَمَا مَاعٌ الْحََاة اانا في الآخرة إلا قلي 42 وبين سبحانه وتعالى عذاب من لا ينفرون فى سبيل الله فإنه يستبدل قومًا غيرهم. وبيّن أنهم إن لم ينصروا البى وي فإن الله ناصره: ( إلا تتصروه ققد نصره لهذ أَحْرَجَه دين كوا نيان ِذْ هما في الِإ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله اَنَل الله سكِيَه عله ويد نودم روه وجَعل كلس الذين كفروا السفلئ وكلمَة اللّه هي الْعليًا * وصرح الله تعالى بوجوب النفور إلى القستال خفافا وثقالا. بعد ذلك أشار الله سبحانه وتعالى إلى تخذيل المنافقين للمؤمنين كما فعلوا فى غزوة تبوك» فقد عوّقوا وخذلواء ولم ينفروا مع المؤمنين وقال تعالى فى ذلك: طلَوْكَانَ عَرَضًا قَرِيًا وَسَعرَا قاصدا لأتبعوك ولكن بعْدت عَليْهم الشقَةُ وَسيحلفون بالله و استطَعنا لَحَرَجَنا معَكم يهِلكُونَ أنفسهم والله يلم نهم لَكَاذبنَ 69 4 . ولقد عفا الله جل جلاله عن نبيه أن أذن لهم بالتخلفء ولو لم يأذن لتبين نفاقهم طعَنَا الله دك لم أذنت لهم حَئ يي لك الذين صدوا وتعلم الكاذيين 69 ل يَسمَعْدنك الْذين ومنو باللَه الوم الآخر أن يُجَاهدُوا بأَموَالهِم وأَنفُسهم وَاللّهُ عَليم بالْمتقِنَ 9© إِنّما يَستنْدنُك الذين لا يمو الله وَاليوْم الآخر نابت قلُويْهُم َم في رييهم يتردّدون 69 4 . وأخذ سبحانه وتعالى يبين أحوال المنافقين فهم لنفاقهم وريبهم لم يستعدوا للقتال» وأن الله كره انبعاثهم» وقيل اقعدوا مع القاعدين» وإن قعودهم فيه خير لأهل الإيمان: «( لَوْخَرَجُوا فيكم م رَادُوكُم إل حَبَالا ولأوْضَعُوا خلالكم يبغوتكم الْميّة وَفيكُمْ مَمَاعُون لَهُم الله عَم بالظالميَ 29 لَقَد ابتَعَا الفَة من قبل وبوا لك م 1# تفسير سورة التوبة لحب أ و" م سه سمه دق ممم موه ميم ممع 4 2 م ه# لم امع امم و امه الأمور حتئ جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون 52) ومنهم من يقول ائذن لي ولا ّي ألا في الفنّة سقَطُوا وا هدم محيطة باْكافرين 69 4 . إنهم يخذلون النبى فيأمر الله نبيه بأن يقول لهم: ا قل أن يصيبنا إلا ما كتب ل نا خر مرا على ال فلؤمو 469 صون نإ إشدى الْتسي ونح نترئص بحُأ يسيك لذب ف عدأ بأيدينا قتريُصوا إِنَا معكم مُتَربَصُونَ 9© 4 . ولا يجدى فى الحرب إلا المال الطيب الذى ليس فيه خبيث» لإ قلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إِنّمَا يريد اللّه لِيعذْبهم بها في الْحيَاة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كَافرُونَ وبين سبحانه وتعالى حالهم فى أيمانهم الكاذية » ويبين أنهم يخافون ويمرقون. يدود ْنا أو مقَارَات أو مُدخَلا اله وهم يَجْمَحُونَ © 4. ا ا ا ل ا ا 69 4 ولقد بين الله سبحانه وتعالى مصارف الصدقات فقال تعالى: 8إإِنَّمَا الصّدقات لأفقراء والْمساكين والعَاملين عليه امل وهم وفي الاب والَْارِمِن وني سبيل الله وابن اسيل فقريضة مَن اللّه واللهُ عليم حكيم 69 4. الأذى, فكانوا من إيذائهم قولهم: ١‏ 000000 للمؤمنين ورَحمة لين آمَنوا مكم وَالْذين يوون رَسُول الله لهم عَذَابْ أَليم 5 © 4#. 8# تفسير سورة التوبة 1 سسا سا س0 16 1 لح ا ومن اختلاق المنافقين الكذب أنهم يحلفون ليرضوا المؤمنين» والله ورسوله أحق أن يرضومه إن كانوا مؤمنين» يحادون الله ورسوله ومن يحاد الله فله نار جهنم» هم يرون أدلة قائمة ويعلمونهاء ولكن لا يذعنون للحق إذا تبين لهم» ويحذرون أن تنزل سورة تخبرهم بما فى قلوبهم» « ...قل استهزءوا إن الله مخرج ما تَحذرون 69 ولَئن سألتهم لَقَولن إِنْمَا كنا نخوض وتلعب قل أبالله واياته ورسوله كنتم نَستَهِزِءونَ 52) 4. وقد ذكر سبحانه وتعالى ضلال المنافقين وأنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف. ثم بيّن الله تعالى العذاب الشديد الذى يلقاهم» وأنهم كالذين من قبلهم استمتعوا بخلاقهم كما استمتع الذين من قبلهم بخلاقهم وخاضوا فى الفتن كما خاضواء ثم بيّن لهم العبرة فى قوم عاد وثمود» وقوم إبراهيم وأصحاب الأيكة والمؤتفكة أتتهم رسلهم بالبينات» ونزل بهم ما نزل» وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. ثم بين سبحانه وتغالى علاقات المؤمنين فى مقابل علاقات الكافرين والمنافقين فقال: « والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف ويَنْهِوَنَ عن المدكر ويقيمون الصّلاة ويؤتُون الرّكاة ويطيعون الله ورسولَه أوليك سيرحمهم الله إن الله عزيرٌ حكيم 65 » وبين من بعد ذلك ما وعد الله به المؤمنين من جنات ونعيم خالدين فيها ورضوان من الله أكير وذلك هو الفوز العظيم . وأمره الله بأن يجاهد هؤلاء المنافقين والكافرين لإا أَيهًا النبي جاهد الْكُمَارَ اق واف لهم ارام جوش المصير 60 4. ولقد كان المنافقون يفترون على النبى يَللِلِدّ ويثيرون الفتئة بالقول على المؤمنين» 9 يُحلفون باللّه ما قَالُوا ولَقَد قَالوا كلم الكفر وكفروا بعد إسلامهم وَهموا ما لم يناوا وما نَقَمُوا إلا أن أغناهم الله ورَسُولَهُ من فضله فَإن يتوبوا يلك خَيَرا لهم وإن يتولُوا يعَذَبهِم الله عذَابا أَليمًا في الدنْيا والآخرة وما لهم في الأرضٍ من ولي ولا تصيرٍ 69 4. 9 ## تفسير سورة التوبة للم الالال اللو لل لج له تي وبيّن سبحانه وتعالى أخلاق النفاق» إذ يعاهدون الله لئن آتاهم من فضله ليصدقن وليكونن من الصالحين» فلما آناهم من فضله بخلوا بهء وتولوا وهم معرضونء وبذلك زادوا نفاقا لأن نفوسهم تمرست به. وإن أولئك المنافقين حياتهم سخرية بالمؤمنين» فالذين يطوعون أنفسهم فى الجهاد والذين لا يجدون إلا جهدهم يلومونهم»ء ويسخرون منهم» ولقد كان النبى. يك ككل رسول يطلب لهم الهداية» وككل قائد يستغفر لهم لكى يقربوا بدل أن ولكن الله تعالى بين أنه لن يغفر الله لهم «استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تدر هم تعد ةق فر لل أله كفو له وواللا يي . الْقَوْمَ القاسقين 9© ». ٠‏ وإذا خرج النبى لجهاد عام؛ كما فى غزوة تبوك تخلفوا وفرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله « ...وقَالوا لا تنفروا في الْحَر قل نار جهنم أَشد حرا لو كانوا يفقهود 69 » . بعد ذلك كشف الله أمر التفاق وأمر الله تعالى نبيه أن يقول: # ...أن تخرجوا معي أبدا ون نقَاتلوا مَعِي عدوا نَم رضيتم بالقعود ول مر فَافْعدوا مع اْخَالفينَ 69 ولا قصل على أحد منهم مّات أبدا ولا : تقم على قَبره إنّهم كَفَروا بالله ورسوله وَمَانَوا وهم فَاسِقُودَ 469 وإنهم كلما نزلت سورة تدعو إلى الجهاد « استئدَتك أُولُوا الول منهم وقَالُوا ذَرنَا تكن مع القاعدين (55) رضوا بأن يكونوا مع وقد بيّن الله سبحانه وتعالى حال الرسول والذين معه يجاهدون بأموالهم وأنفسهم» وبيّن حكم ذوى الأعذار فقال تعالى: 9 ليس على الصَعَفَاء ولا على المرضئ ولا على الّذِينَ لا يَجَدونَ ما يفقوت حرج إِذَا تصّحوا لله وَرَسُوله مَاعَلَى 2# تفسير سورة التوبة الل للك 0 حب ا الْمحَسدِنَ من سَبيل واللّه عَفُورَ رّحيم 69 ولا على الّذِينَ إذَا مَا أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أَحمِلكُم عليه َولُوا وينم تفيض من الدمّع حرَنا ألا يَجدُوا ما ينفقون 69 4 . وقد بِيّن بعد ذلك أن الذى يؤاخذ الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف» وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون «( يعتدرون إليكم إذا عم همل فا دروا ل ؤم لم ف بن لمن ركم وسيرى لحك ورَسُولهُ نم ُردُون إلى عَالم العيْب والشهادة فيكم بما كم تعملون 69 4. ومن مطامر الاق كاير" الحلف ولذا قال الله تعالى: ل سَيَحَلفُون بالله كم إِا انقبتم يهم لتعرضوا عَنْهُمْ فَأعْرضوا عنهم إِنْهُم رجس ومأواهم جهنم جزاء بمًا كَانُوا يكْسبون © يُحَلفُون لَكُم لترضوا عنهم فَإن ترضوا عنهم فَإِنَ الله لا يرضئ عن الْقوم الفاسقين 65 4 . بعد ذلك بِيّن الله تعالى أحوال الأعراب» وهم الذين وجد المنافقون فيهم مرتعا خصباء فذكر أنهم ([ . .شد كفا ونقَاقًا وأجدر ألا يعلَمُوا حدود ما أَنرل الله على رَسُوله الل عَليمٌ حكيم 59) ومن الأغراب من يتح ما يدفق مغرما ويترئص بكم الدوائر عَلَيّهِم دائرةٌ السسّوء وَاللّهُ سمِيع عليم 62 4 . ْ وقد أنصف الله تعالى بعض الأعراب وهم الذين آمنواء 8 ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر يتل م ينفق قُربَاتٍ عند اللَّه ه وصلوات الرُسول آلا إِنّها قري لهم لم هماابرد مد بي دحلم اللّهُ في رحمته إن الله ُو رُحِيمٍ 59 4 . وقد ذكر سبحانه وتعالى السابقين من المهاجرين والآنصار الذين كانوا دعامة الإسلام وقوته :9 .. .رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار حَالدين فيها أَبَدا ذلك الْفوز الْعَظيم 62 4 . المدينة الذين مردوا على النفاق وتربوا عليه» على رأسهم عبد الل ين أي ( وَممَّنْ حوَلَكُم مَنَ الأعرَاب منافقُونَ ومن أَهل الْمديئة مَرَدُوا علَى التقَاق لا تعلمهم نحن و 1# تفسير سورة التوبة ١ اا‎ في وس بر برام شو تعلمهم ستعدهم مُرئين لم يرو إل عَذَابِ عظيم 09 وَآخَرودَ اععَرقُوا وهم خَلَطُوا عملا صالحا وآخَر سيّنًا عسى الله أن يوب عَلْهِمْ إن اله قور يحم 9 4 . وقد أمر الله تعالى بعد ذكر المنافقين أن تؤخذ الزكاة» فهى كاشفة النفاق» وثماء المؤمنين وطهارتهم. ثم فتح باب التوبة للآئمين وحث على العمل : «ألم عَموا أن الهو يقبل الوب عن عباده ويد الصدقَات وان لله هو الاب الرحيم 9 قل اعملوا فسيرى الله عملكُم ورسوله والمؤمنون وستردُون إلى عالم الغيب والشهادة فَينبََكم بمَا كنم تَعْملُودَ 62 4. وبيّن سبحانه وتعالى أن من الذين خوطبوا ا بالدعوة مرجون لأمر الله إما أن يعذبهم وإما أن يتوب عليهم والله عليم حكيم» وأن المنافقين الذين حول المدينة قد اتخذوا مسجدا يتلقون المعلومات من أعداء الله والرسول» والذى أسمى مسجد الضرارء وقال الله تعالى فيه: :ا( والذين انَحَدَوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمين وإرصادا لمن حَارب الله ورسوله من قَبْل لبح إن ونا إل الحستئ والله بهد همون وس لاتق قم فيه بدا لْمَسَجِدٌ أُسَس على التو من أَوّل يوم أحق أن تقو َم فيه فبه بجا يُحبُود أن يهو اله يحب المطّهرين 09 أفمن أسس بناته عَلَىْ تقو تقوئ من الله ورضوان خير أ من أسس بنيانه على شَها جرف هار فَاْهَار به في رجهم الهلا يدي الوم الظالمين 0-9 لا يال باهم الذي بنوا ريبّة في فلوبهم إلا أن تقطَم قُلُوبهم وَاللَّه عليم حكيم 699 4 . وبعد هذه الآيات التى ذكرت النافقين» ومن يدورون حول فلكهم» ومن يتقربون منهم - ذكر الله تعالى انين الصادقين الذين انشرى الله مهم انفسهم وأموالهم بآن لهم الجنة «[ . ...يقاتلون في سبيل الله فقون ويقَلُونَ وعدا عليه حا في الكوراة والإنجيل والقرآن ومن أوقئ بعهاده من الله فَامتبْشروا بعكم الذي بيهم به ولك هو الْمَوز العظيم 659 6 . وقد ذكر الله سبحانه وتعالى بعد ذلك 'أوصافهم البرة»ء فقال سبحانه: ل الَائبون العَابدونَ الْحَامدُونَ السّائحَون الرأكعون السّاجَدُونَ الآمرون بالْمَعْرُوف والناهون عن الْسْكَرٍ وَالحافظُوت لحدود الله وبَشرٍ اْمؤسينَ 09 4 . 8# تفسير سورة التوبة 7 لك 1 : وقد ذكر الله تعالى أنه ما كان لنبى أن يستغفر للمشركين» ولو كانوا أولى قربى» وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه» وإن الذين اهتدوا ما كان الله ليضلهم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شىء عليم. وقد بين سبحانه سلطانه فى ملك السموات والأرض» ثم بِيّن سبحانه توبته على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم؛ والمهاجرين الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم. وكان من المؤمنين الصادقين من تخلفوا فى غزوة تبوك من غير عذر من الأعذار التى ذكرها القرآن فرباهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم - وهو خير المربين - بالإعراض عنهم حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهمء وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم وقد أمر الله المؤمنين الصادقين بأن يلتزموا. وقد وضع سبحانه وتعالى مبدأ ثانيا مقررا فقال: فم كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأغراب أن يعَحَلُّوا عن ْ رُسول الله ولا ربوا بأنفسهم عن نُفْسه ذلك انهم لا يصيبهم طَمَأً ولا نصب ولا مَخمصة في سبيل الله ولا يصون موطنا يغيظ الكَارَولا يتالون من عدو نيلا إل كتب لهم ب عمَلَ صالح إنا الله لا يضيع أجر المحسيين (0 ولا ينفقون نف صغيرة ولا كبيرة ولا يقطَعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كَانوا يَعْمَلُونَ 659 4 وإن الله خفف على المؤمنين بألا ينفروا جميعاء بل ينفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين» ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون. ثم أمر بجهاد الذين يلونهم من الكفار؛ لأنهم يحادونهم فقال: يا أَيهًا الذي آمنوا قاتلوا الّدين ينُونَكم مَن الْكْمَار وليجدوا فيكم عَلظة واعلّموا أَنَ الله مع المتقين © 4. 8# تفسير سورة التوبة لديا الوووا الل لوول ل ناه وقد ميز الله تعالى بين المؤمئين والمنافقين عند نزول آيات الله تعالى فقال سبحانه : 8 وإِذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم رَادنَه هذه إِيمانا فَأَما الّذين آمنوا فزادتهم إهَانا وهم يسعبشرون 050 وما اين في قلُويهم مض فََادتهم رِجَسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون (652 أولا يرون أَنّهِم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكٌرون 679 4. يقول سبحانه فى المنافقين 8 وإذا ما أنزلت سورة نُظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأَنّهم فَرم لأ يفقهرد 070 4. وختم الله تعالى السورة بأنها رحمة فى جهادهاء وكشف المنافقين بهاتين الآيتين اللتين قيل عنهما أنهما نزلتا بمكة» وهما قوله تعالى: 8 لقد جاءكم رسول 526 وه 9 0 0-0 م متي ماس عه اعلاةر يي 06 لبي 65 2 ل ا ال مان من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءووف رحيم 018 فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إِلذّ هو عليه توكّلت وهو رب الْعرش الْعَظيم 0590 4 . معانى السورة الكريمة قال تعالى: ذه “المعم كن ذه ل سه يه ساسم 0 براءة مِنَاللَهِ وَرَسولِدإكَا الزن هدم مشر 00 ف 1 موأ الر ضٍ أَريَحَدَأَشَهْرِ 7 وَأَعَلَموا فوص رْمْعَبرَى لا م و 2 وح سهد ل 2 الى اكير لج ود ذان مم رح أللّه 7 سولج المكَي ركسعي نَالمشركين 6 1 جل وى دروم افد . - ا ورَسُولهء ون محم مير ع وإِنتو توَلتتم عمو عَلْموا 07 00 كك حي مُعجزى الله وك الدب كف أيصَدَاي أَليو 1# تفسير سورة التوبة 2 لالد عتهّد ًِ مركن لمسشْسْوكع اوم يووا 0 وَأ ليومعَهِدَ مرك متتو ِنَأ لَه نضحب الْمَنقِينَ لوي براءة» من برئ منه إذا خلص من تبعته وعهدته؛ وبرئ براءة مسن عهده إذا تخلص من تبعاته وط براءةٌ من الله ورَسُوله إلى الْذِينَ عَاهَدتُم م مَنَ المشركين 00 24 أى لا تبعة بالنسبة للذين عاهدتم» فعهودكم رد لا يؤخل بها. وقالوا: نسبت العهود للذين آمنوا على أنهم هم الذين عاهدوا لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذى عاهد باسمهم» كما يتعهد رئيس الدولة باسم رعاياها والمنتمين إليهاء إذ هم بمقتضى عهدة الحكم هم الذين فوضوا إليه؛ وأسند العهد إليهم» والبراءة من العهد إلى الله تعالى» لأن هذه السبراءة حكم شرعى بنقض العهد مع المشركين الذين نقضوا عهودهم» واستمروا على شركهم» . وكانوا إلبًا على المسلمين» حتى غلبوا على أمرهم» وكان ذلك فى حرب المؤمنين مع أهل الطائف؛ وكان قد قرب زمان الأشهر الحرم» فأنهاها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم. ومع أن العهود المطلقة غير المحدودة بمدة قد انتهت نتهت» وبرئ الله ورسوله منهاء فإن لهم أربعة أشهرء الحرب فيها حرام لا تبتدأ فيهاء وأن الأربعة الأشهر هى الحرم» بدليل أن الله جعل نهايتها انسلاخ الأشهرء فقال: طفإذا انسلخ الأشهر الحرم فَاقْتلُوا المشرٍ كين حَيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم وَافعدوا لهم كل مُرْصّدٍ ... © 4. وقوله تعالى: « فسيحوا في الأرض أَربْعَة أشهر .... 0 4 والفاء هنا لتفصيل ما يكون بعد البراءة من العهدء فذكر سبحانه أنهم فى أمان من القتال لمدة أربعة أشهر هى الأشهر الحرم» وكلمة ا فَسيحوا في الأَرضٍ 4 أى سيروا فيها آمنين من القتل والقتال» ولمدة أربعة أشهرء ولكن اعلموا أنكم لا تعجزونٍ الله تعالى» فلا تحسبوا أنكم أمنتم إلى النهاية ولذا قال تعالى: 8 . .. واعلموا أَنَكُم غير مغجزي الله ١‏ ## تفسيرسورة التوبة الالال الما ل 011 :| الا 9 عن أن ينالكم غذابه فى الدنيا والآخرة» فاطمئئنوا فقط فى أربعة الأشهر الحرم» وقد بينها النبى له فذكر أنها ذو القعدة وذو الحجة والمحرم» ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان» وتلك الثلاثة الأولى أشهر الحج والذهاب إليه والأوبة منه ورجب الذى بين جمادى الآخر وشعبان(١؟‏ شهر عمرة فإذا كان الله ترككم تسيحون فى الأرض فلستم بمعمجزى الله وط ... وَأ الله مخزي الكافرين 405 أى منزل بهم الخنزى بإنزال الهزيمة بهم؛ وإضعاف شوكتهم» وذهاب تطاولهم» وسيطرتهم على البلاد العربية. وإنه لكى تتجلى هذه الآيات نقتبس كلمة من الصحاح» والسورة تبين نزول هذه الآيات ومواقيت نزولها ‏ فتح النبى كَل مكة سنة ثمان» وأناب عنه فى الحج هذا العام عتاب بن أسيد. وفى سنة تسع امتنع عن أن يحج بنفسه؛ لأن المشركين كانوا يحجون» وكانت قريش يحجون عراياء» فلم يرد أن يراهم كذلك فى الحجء وأناب أبا بكر عنه فى الحج هذا العام» وقد نزلت سورة براءة فى شهر شوال من هذه السنة» فأمر النبى وَلِةْ عليا أن يبلغهم أربعين آية من أولهاء وقيل أقل من ذلك» فأتبع أبا بكر عليا بهاء فلما دنا علي من أبى بكر وهو راكب العضباء ناقة رسول الله يكلو سمع رغاءها فوقف وقال: هذه ناقة رسول الله كَكِلَدّ فلما لحق به علي قال أبو بكر: أمير أم مأمور. قال علي: بل مأمورء فلما كان يوم التروية اليوم الشامن من ذى الحجة خطب أبو بكرء وحدثهم عن مناسكهم» وقام علي رضى الله عنه وقال: إنى رسول رسول الله إليكم» فقالوا: بماذاء فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية. وعن مجاهد ثلاث عشرة آية» ثم قال أمرت بأربع : ألا يقرب البيت بعد هذا العام مشركء ولا يطوف بالبيت عريان» ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة) وأن يتمم إلى كل ذى عهد عهده. )١(‏ عن أبى يكرة ري الله نه عن الى صلى الله لولم قال: لمان د اسدار َي يوم لق الله السمواتٍ والأرض» السنة اننا عشر شهراء منها أربعة حرم: َلانهُ متواليات ذُو القعدة وذو الْحجّة والمحرم ورجب مض الى بَيْنَ جمَادَى وشعبَان» . 1# تفسير سورة التوبة الال ااال الال اللللللل م حب ا عندئذ قال من حضر من المشركين: يا علي» أبلغ ابن عمك أنّا قد نبذنا العهد وراء ظهورناء وأنه ليس بيننا وبينه عهد إلا طعن بالرماح وضرب بالسيوف. وإن هذا يدل على أنهم ابتدأوا بنبذ العهدء وأن الله ورسوله عندما يرأنا من العهد كانوا هم اللمبتدئين بالنبذ» فكانت البراءة من عهودهم مجاوبة لهم فى نبذهاء وأباح الله تعالى أن سيحوا فى الأرض أربعة أشهر 9 وَاَذَان مَن الله وَرسُوله إلى النّاس يوم الْحَجّ الأكبر أن الله بِرِيء من المشركين ورسوله فإن تتم فهو خير لَكُم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير مْجزي الله وبَشر الّذِينَ كَقَروا بعذّاب أليم © 4 . قوله تعالى: ‏ وَأَذَانْ مَنَ الله ورَسّوله 4 الواو عاطفة (أذان) على (براءة»» وبراءة هى براءة الله من الذين عاهدهم النبى يَلِهِ والمؤمنون من المشركين لنكثهم عهدهم» كما أعلنوا ذلك لعلي رسول رسول الله يلك ولأنهم لا أيمان لهم» ولا أما الأذان فهو الإعلام» وهو بمعنى الإيذان» كالعطاء بمعنى الإعطاء وهو إعلام الناس جميعا مع من كان معاهدا ونكث» ومن لم يكن عاهد من المسلمين» وهو إعلام بالبراءة من المشركين» ولذا كان موضوع الإعلام أن الله برىء من المشركين ورَسولُه» فلا عهود لهم إن نكثوها ولا عهود لمن لا عهد له من قبل» إلا إن استقاموا عليه ولم يظاهروا على المؤمنين. طإأنَ الله برِيء من المشركين ورسوله 4 بالفتح على تقدير الباء» والمعنى إيذان بأن الله برىء من المشركين» وحذف الباء قبل أن. وهذا كثيرا فى كلام العرب» وقرئ بكسر (إن)227 لأن الإيذان يتضمن معنى القول و(إن) تكسر بعد القول. « ورسوله 4 بالرفع معطوفة على اسم وهو لفظ الجلالة» وإن ذلك جائز إذ يعطف على اسم بالرفع إذا كان الخبر قد تم» ويقول الزمخشرى: إنه يعطف على الضمير المقدر فى (برىء)» وهو اختلاف لفظى لا جدوى فيه من حيث المعنى . . ليست فى العشر المتواترة‎ )١( 0# تفسير سورة التوبة ا يي وإن الإعلام الذى أعلمه الله ورسوله للمشركين هو ما روى عن علي رضى الله عنه : «فقد روى الإمام أحمد عن أبى هريرة قال: كنت مع علي بن أبى طالب حين بعثه رسول الله يَلِْهٌ إلى أهل مكة ببراءة - فقال: ما كنتم تنادون به؟ قال: كنا ننادى أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ولا يطوف بالبيت عريان» وما كان بينه وبين رسول الله عهد فإن أجله أو أمده إلى أربعة أشهر» فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله برىء من المشركين» ورسولهء ولا يحج إلى هذا البيت بعد العام مشرك١)‏ والرواية الراجحة التى تتفق مع المعنى القرآنى هى أن يتم لكل ذى عهد عهده. لا أن يكون أربعة أشهر لا يزيد عليهاء كما ستبين ذلك الآية الآتية. ويوم الحج الأكبر قيل هو يوم عرفة» ورجح الأكثرون أنه يوم النحر”"©؛ لآنه وإن كان الحج عرفة لا يتم به الحج.ء وإنما يتم الحج بالطواف الركن» وهو طواف الإفاضة:؛ ويوم النحر يتوسط بين عرفة وهذا الطواف» ولأن الروايات تضافرت على أن عليا آذن يوم النحر» وقال ذلك عند العقبة. وسمى الحج الأكبر فى مقام العمرة؛ لأنهم يسمونها الحج الأصغرء ولأنه فى يوم النحر تكون أكثر أعمال الحج قد أديت» وقال الحسن البصرى: إنه اجتمع فى الحج فى السنة التاسعة المشركون والمؤمنون» وقال: وقد وافق عبادة أهل الكتاب ولم يتفق ذلك قبله ولا بعذه. ونسبة هذا القول إلى التابعى المؤمن الحسن البصرى وجدته فى الكشاف . للزمخشرى وأنا أشك فى نسبته إليه أو نسبة ما قاله عن اتفاق الحج مع عبادة أهل الكتاب» وتسميته بالحج الأكبر لذلك؛ لأن عبادة أهل الكتاب لا عبرة بها عند أهل الإيمان ولا عند الله» فإنه بعد بعثة النبى َلكِلّةِ وجب عليهم اتباعه فيما أتى به من عبادة كما قال يَلكِيهِ: «لو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه إلا اتباعى)7" . )١(‏ سبق تخريجه . وسيأتى بعد. زفق وما يؤيد ذلك ما رواه البخارى: الصلاة- ما يستر من العورة(115)) ومسلم: الحج(40 ١1‏ )عن أبى مريرة قال بت بو بكر فى تلك الحجة فى ودين ليو الدخر) ُو وى أنا: ' لا يَحْجَ بَعْدَالْعَام 1# تفسير سورة التوبة لاا الل ١‏ لح ا وبراءة الله ورسوله من المشركين تتناول عهودهم التى نكثوا فيهاء وتتناول شركهم» وتتناول طريقة حجهم وفيها إيماء بمنعهم» ولقد صرحت به الآية الكريمة من بعدء إذ قال تعالى: 8 ... إِنَمَا المشركون نجس قَلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ... 529 4 وقد فتح الله تعالى باب التوبة والرجوع إلى الله تعالى. ولذا قال تعالى: 8 فَإِن تبتم فهو خير لكم» فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب» وكان الالتفات لأنه فيه انتقل من البراءة منهم إلى تقربهم إليه بفتح باب التوبة لهم بخطاب الله تعالى لهم مبشرا إن تابوا منذرا إن استمروا فى غيهم» فإن تبتم عن الشرك وعن الطواف عرايا وعن عداوة الرسول فهو خير لكم. أى وما ورثتم عن جدكم إبراهيم. « ون توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله 4 أى إن أغرضتم عن سماع الحق والاستجابة له والإذعان, وإسلام الوجه فيجب أن تضعوا فى علمكم أنكم تحادون الله تعالى» وأن الله تعالى غالب ولا يمكن أن تعجزوه فهو مالك السموات والأرض» وهو القاهر فوق عباده» فلن تعجزوه فى الدنيا والآخرة» وقد كان الالتفات بالخطاب فيه تربية المهابة» وهى تزيد الإنذار قوة. ثم قال فى بيان عذابهم فى الدنيا والآخرة: « ... وبشر الْذين كفروا بعذابٍ أليم (4)5 أى مؤلم فى الدنيا والآخرة» ففى الدنيا بالهزائم المتوالية وفى الآخرة وفى الكلام إشارتان بيانيتان: أولاهما: أن التبشير يكون بالخبر السارء فإذا ذكرت فى الأخبار المفزعة ٍ بر ... بتذاب ألير». ار الثانية : فى التعبير بالموصول فى قوله تعالى: .« الذي كَفَروا 4 فإنه يشير إلى أن العلة فى عذابهم الأليم هى كفرهم. فإن تابوا فنعيم مقيم. وإن الله العادل الحكيم قد استئنى من المشركين من لهم عهود راعوها حق رعايتها فقال: إلا الذين عاهدثم من المشركين نَم لم ينقصوكم شيمًا ولّم يظاهِروا عليكم أَحَدا نموا إليهم عهدهم إلى متهم إن الله يحب الْمتَقِينَ 0 4 . الاستثناء فى قوله تعالى: ل إلا الْذينَ عَاهَدتَم من الْمُشْركينَ4. قال الزمخشرى: الاستثناء من © فُسيحوا في الأرض أَربْعَة أشهر » . وأرى أن الاستثناء من الذين تبرأ الله تعالى من عهدهم ونبذه إليهم فى قوله تعالى: ا براءة من الله ورسوله إِلَى الّذينَ عاهدئم من الْمُشْرِكينَ 0) 4 فكان الاستثناء من هؤلاء أى أن الله برىء من عهد هؤلاء؛ لأنهم خاضوا فى عهدهم ونقضوه» وقد رأيت أنهم بادروا بالنقض عندما أخبرهم علي كرم الله وجهه أنه لا يدخل البيت الحرام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. . . فبادروا بنتقض عهودهمء وقالوا ليس بيننا وبين ابن عمك إلا الطعن بالرماح» والضرب بالسيوف. أما الذين وفوا بعهودهم ولم ينقضوا شيئا منهاء ولم يظاهروا عليكم أحدا فعهدهم باق مستمر» وليس الكفر وحده؛ فقد كان التعاقد وهم كفار وهذا قوله تعالى: إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شَيْمًا » والتعبير ب(ثم) للدلالة على دوام وفائهم» وأنهم مع كونهم عرضة للنكث والنقض كإخوانهم المشركين ضبطوا أنفسهم ولم ينكثوا فى عهدهم,» ولم ينقصوا المسلمين - بغضهم لأهل الإيمان ‏ شيئا من شروط العهد»ء بل وفوا به حق الوفاء» والوفاء جدير بالوفاء من أهل الإيمان كما قال تعالى: 9 ... وفوا بالْعهد إِنَ العَهَد كَانَ مُسبُولاً 9© > [الإسراء]» وكما وصفهم الله تعالى بأنهم لم ينقصوكم شيئا مما عاهدوا عليه ذكر وصفا دالا على الوفاء والمبالغة فيهء فقال تعالى: 9 ولم يظاهروا علَيِكُم أحدا 4 أى لم يعاونوا أحدا من أعدائكم بأن يكونوا فى ظهره يدفعونه إلى اللجاجة فى عهدكم كما فعل بنو النضير وقريظة» وغيرهم من أعداء 8# تفسير سورة التوبة لل االلللو لل للا 1111" حب ا الله الذين عاهدوا النبى يك ئم ظاهروا المشركين» وعاونوهم» وأظهروا عورات وهناك فى قوله تعالى: « لم يتقصوكم 4 بالصاد المهملة قراءة أخرى بالضاد المعجمة'!2؛ أى لم ينقضوكم شيئا من النقض» ولو فى جزئية من جزئيات العهد أى وفوا وفاء كاملا لا نقض فيه. وقال تعالى: 9فَأَنَمُوا إلَيهم عهدهم إلَئ مُدتهم» «الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنهم إن وفوا ولم ينقصوا ولم يظاهروا عليكم فأوفوا لهم» وأتموا عهدهم إلى مدتهم. وأضاف العهد إليهم باعتبار أن متعة الانتفاع بالعهد لهمء وأضاف المدة إليهم لأنهم الذين ينتفعون بهذه المدة كما انتفعوا بالعهد ذاته» ثم ختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: 9 ... إن الله يحب الْمتّقينَ © 4 أى الذين يتقون الله تعالى بأن يجعلوا بينهم وبين عذاب النار وقاية» ومن التقوى الوفاء بالعهد» فهى تعليل للاستثناء» وتمام العهد أن الوفاء فى العهد من تمام التقوى» ومن فضل الأقوياء. هذا شأن الذين وفوا بعهودهم, أما الذين لم يوفوا بعهودهم فإنهم يسيحون أربعة أشهر يحرم فيها القتال» وبعد ذلك يكون القتال. قال تعالى: 7 0 1 | فإذَا الح الاشهر طم تأقثثواالفقركين عدث وعد وخر دورو شرو ماهم سك نّم رص يكن نكامأ لشارة وََائوا لكر سحلو مله لَه مور تيه :ان ون حدم نَالْمُفْرِكِي اسْتَجَاَك هيوه حَقَيَسَمَمَ 6 ج سل د ع د يي دعو عر م سه وم عو هه مح شعو جع كلم الثم بلح ممه دك امم قوم ليسَكمُو رت م هم . ليست فى العشر المتواترة‎ )١( 1# تفسيرسورة التوبة حو للفلل لان ا ١ تي‎ ا 0 و ير له حكحتبيف د ن لمش كين عهد دُعِنْد لله وَعِشْدٌ ب وه محم ته رَنُو مولو لأ عَهَ تمعن دَالمسرب ا رامق نستقش ا لك تَلسيقبشو ا نامث المتقرت كي كجرشوأفيكم لا ا 28807 موحي ادو ل 1 رم تسثرت © ٠١ :ف اسح هر يال: سلخت الشهر إذا صرت فى آخر أيامه» أى إذا مضت الأشهر الحرم وانتهت» والأشهر الحرم يقول الزمخشرى: إنها التى حرم فيها القتال من وقت الحج الأكبر وهى من عشرة ذى الحجة» وهى أربعة تنتهى بعشرة من ربع الأول» ولم يذكر أنها الأشهر الحرم الأربعة المذكورة فى قوله تعالى : <( إن عدة الشهور عد الله اننا عَشَرٌ شهرا في كتاب الله يوم خلّق السّموات والأرض منها أَربعَة حرم ... 9 4 وقد بينها النبى كك بأنها ثلاثة سردء وواحد فردء الثلاثة ذو القعدة» وذو الحجة والمحرم» والواحد الفرد رجب الذى بين جمادى وشعبان. والأكثرون على أن الأشهر الحرم فى هذه الآية هى هذه الأربعة التى بينها النبى مَلِيّْ» وانسلاخها أى يكون القتال فيما عداهاء سواء أكانت بعد انتهاء الثلاثة السرد أم بعد انتهاء رجبء أى لا قتال فى الثلاثة» ويجوز القتال بعدها إلى رجبء» ثم يستأنف بعد رجب؛ وذلك ليكون الطريق إلى الحج مأموناء ولتكون بين المتقاتلين هدنة ترجع فيها القضب إلى أجفانهاء وتستيقظ العقول» ولقد قال تعالى : « يلون عن الشهرالْحرامٍ قال فيه قل قتال فيه بير وصّد عن سيل الله وكُفْر به وَالْمَسّجد الحرام وَِخْرَاجٌ أَهْله منه أَكْبَرَ عند اللّه والفتتة أكبر من القتل . 659 * [البقرة]. 1# تفسير سورة التوبة للللللل لاا ل 0 م لحب رز ويقول تعالى: « فافتلُوا المشركين حيث وجدثموهم » لأنه قد أصبح دمهم مباحاء فقد نقضوا العهدء ولم يدخلوا فى الإسلام» وقد تحدوا الله ورسوله» وأشركواء والعلاقة فى أصلها كانت حربا انتهت بالعهد فنقضوهء وقد أعطاهم مهلة ساحوا فيها فى الأرض آمنين» ولم يحدثئوا توبة ورجوعا إلى الحق» فلم يبق إلا القتتال. وقوله تعالى: «حيث وجدتموهم4 يشمل الحل والحرم؛ لأنهم منوعون من المسجد الحرامء وهم مقاتلون» والله تعالى يقول: 8 ... ولا تقاتلوهم عند الْمسجد الحرام حتَئ يقاتلوكم فيه .. . 659 4 [البقرة] . ٠‏ رخذوهم» أى شدوا الوثاق» فقد أئخنتموهم» وغلبتم عليهم فلكم أن تأسروا منهم من تشاءون» « واحصروهم 4 أى امنعوهم من التقلب فى البلاد» وعن ابن عباس: أى امنعوهم من المسجد الحرام لا يدخلوه؛ لأن النى وَل بأمر ربه قرر ألا يدخلوا المسجد الخرام بعد عامهم هذا . ثم قال تعالى: «وافعدوا لهم كل مُرْصّدِ) أى فى كل ممرء يعنى اتخذوا القتل والتتبع المستمر لهم فى كل ممرء وكل مرصد «ظرق» أى اقعدوا لهم فى كل مكان مترصلدين لهمء لا ينجون منكم ما داموا على كفرهم» والله تعالى يفتح باب التوبة داكماء ولذا قال تعالى: فَإن تابوا وأَقَاموا الصّلاة وآنَوًا الزّكّاة فَحَلُوا سبيلهم © التوبة هنا ترك الشرك» وذكر الله التوبة» وذكر بعدها إقامة الصلاة؛ وإيتاء الزكاة؛ لأن هذا يجعل الإيمان صادقا من غير نفاق وفيه خضوع لأوامر الله تعالى واتباع لأوامره» ونواهيه. ولأنه لابد للإيمان من شواهد. وقال فى جواب الشرط 9فَحَلُوا سبيلهم 4 أى افتحوا الطريق أمامهمء ولا ترهقوهم بقتل ولا أسرء ولا منع من البيت» وعن ابن عباس : دعوهم وإتيان المسجد الحرام . وختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: إن الله فور رحيم 4 أى إن الله تعالى كثير المغفرة وكثير الرحمة» وقد أكد الله سبحانه وتعالى غفرانه ورحمته ب («إم» الدالة على التأكيد» وبالجملة الاسمية» وبصيغ الصفة المشبهة الدالة على الدوام والاستمرار لغفرانه ور حمتةه . 8# تفسير سورة التوبة لحي لل مامالل 7 وا 2 «( وإن أَحَد مَن المشركين استجارك فأجره حتَئ يسم كلام اللّه ثم أبلغه مأمنَه ذلك نهم قرم لأ يمون 0 4 . لقد أرسل محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ‏ داعيا إلى الحق وصراط مستقيم» ولم يرسل للقتال والغلب» وما كان القتال إلا لمنع الفتنة فى الدين» وتأمين الدعوة» ولذلك فتح الباب للدعوة فى كل الميادين» فى المحرب وفى السلم» فى العهد وفى نكث العهد على سواءء فأولئك الذين نكثوا عهودهم وأبيحت دماؤهم ‏ يقتلون حيثما كانواء وإذا جاء أحدهم يطلب جوار التجارة أو رسالة» أو لمجرد الأمان فإنه يجاب» ويكون فى أمن المؤمنين» حتى يسمع كلام الله ويفهمه ويتدبره» ثم يبلغ مأمنه. ولذا قال سبحانه: 9 ون أَحَد مَنَ المشرٍكين استَجَارَك فَأَجِره 4 ولقد قال النحويون إن كلمة (أحد) فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعد (أحد), ولأن (إن) لا تدخل على الاسم» فيقدر لها فعل» ويكون نسق القول» وإن استجارك أحد من المشركين» وهنا يسأل السائل لم قدم أحدء واحتجنا لسياق النحو إلى هذا التأويل» والجواب عن ذلك» أن الاهتمام لهذا الترك أولا لا للاستجارة فى ذاتها؛ لأنه المقصود إذ هدايته مطلوبة أولا وبالذات» وليست الاستجارة هى المطلوبة» والاستجارة طلب الجوار بأن يعيش فى أمن دولة» والجوار هذا أمان مؤقت حتى يسمع كلام الله ويتفهمه ويتعرف معنى الوحدانية» وبطلان الشرك» ويسمعه النبى كيه تعاليم الإسلام من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأعمال الخير والوفاء بالعهد والتراحم وغير ذلك من مبادئ الإسلام» وكلام الله تعالى إما أن نفسره بالمعنى الخاصء وهو القرآن الكريم» وسماع تلاوته وتفهم معانيه ومراميه» وذلك خير فى ذاته» وهو سجل الإسلام فى كلياته» وإما أن نفسره بمعناه العام وهو الإسلام؛ لأن أوامر الإسلام ونواهيه كلها ترجع إلى اكلام الله تعالى لأنها منه» وما كان محمد ينطق عن الهوى. . «( إن هو إلا وحي يوحئ 60 عَلَمَه شَديدُ القَرَى 2 4 [النجم]. #ا تفسير سورة التوبة 1اللفو الالال وي وبعد أن يسمع كلام الله تعالى, إما أن يؤمن وذلك خيرء ويكون من المؤمنين» وإما أن يستمر على ما هو عليه وهنا سيتبين الخلق المحمدى الإسلامى بأمر الله» ولذا قال تعالى آمرا نبيه لاثم أَبلغْه مَأْمَهِ4 والعطف ب (ثم) هنا فى موضعه إذ إن معناه أن يسمع ويتفهم ويتدبر ويعلم» ويعطى فرصة من الوقت يراجع نفسه فيها بين خير يرتجى» والبقاء على ما هو عليه» فإن اختار الخير» فقد اختار لنفسه» وإن اختار الأخرى فلا إكراه فى الدين» والمأمن هو مكان الأمن له حيث داره وأهله» وقوله تعالى: « أبلغه مأمنه »4 معناه توصيله إلى حيث أمنه؛ بأن يصحبه أحد من المؤمنين حتى لا يدركه أحد فيقتله بمقتضى قوله تعالى: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فَاقْتلُوا المشر كين حيث وجدثموهم وخذوهم واحصروهم وافعدوا لهم كل مَرْصّد 4 . وإن ذلك لتقريب المشركين وتأليف قلوبهم» فلا يقرب إلى الإيمان شىء إلا تأليف القلوب بالمودة والحسنى» وليتمكن كل مشرك من أن يتعلم الإسلام ومبادئه» فالنبى هادء ولم يجئ بالحرب إلا لمنع الشر من أن يستشرى ويفسدء ولذا قال تعالى: « ذلك بأَنّهُم قوم لأ يعَلَمُونَ 4 الإشارة إلى الأمان وسماع القرآن سماع وعى وتدبر واتباع للأحسن» وكله حسن» بسبب أنهم جماعة جاهلة» والجاهل عَلّم فلا يسأل عن جهله حتى يعلّم» والتعبير ب (قوم) إشارة إلى أنهم جماعة جمعهم الجهل فكانوا كالقوم. ولا شك أن هذا الجوار أمان مؤقت أعطاه الله تعالى نبيه عليه السلام باعتباره إمام المسلمين» فيعطاه كل إمام من بعدهء وقد أعطاه النبى يَكْةِ لكل واحد من المؤمنين» فقد قال يَككِْةِ: «المؤمنون تتكافأ دماؤهمء ويسعى بذمتهم أدناهم)7) أى إن أقل المؤمنين شنا يستطيع أن يؤمُن من يشاء من المشركين» فكل بالغ عاقل ذكرا كان أو أنثى له أن يعقد عقد الأمان»ء والعبد له ذلك» وكان أبو حنيفة لا يجيز أمان العبد؛ لأنه يجوز عنده أن يؤسر شخص ويسلم فيؤمن من كان معهء )١(‏ سبق تخريجه. 7 ا تفسير سورة التوبة للم الالال لل لجل بير 7 ولكنه بلغه من بعد عن عمر بن الخطاب ‏ رضى الله تعالى ‏ عنه أن عبدا أمن أهل حصن فأجاز أمانهء فكان من بعد ذلك يجيز أمان العبد إذا خرج للقتال مع مالكه» والله نعم المعين» ولقد روى عن سعيد بن جبير أنه جاء رجل من المشركين إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه ‏ فقال: «وإن أراد الرجل بعد انقضاء الأجل أن يأتى محمذا ليسمع كلامه أو يأتيه لحاجة قتل؟ قال: لا؛ لأن الله تعالى يقول: « وإن أحد مَنَ المشركين استجارك فأجره حتّئ ر يسمع كلام اللّه ثم أبلغه مأمنه 4 . شاه ممه اع وه اه سام هل بع مااي الس اام سمش جه شاع اع هاه 3 « كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فَمَا استقاموا كم فاستقيموا لهم إِنَ الله يحب الْمتّقِينَ 0 4 . بين الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية استبعاد أن يوفى المشركون بعهودهم. أو على الأقل بين أنه لا يصح للنبى وَلةِ ومن معه أن ينتظروا الوفاء من المشركين؛ لأنهم خانوا الله ورسوله» ومن يخن الله ورسوله فهو قد استمرأ النفاق» والنفاق والوفاء بالعهد نقيضان لا يجتمعان» ومن أمارة المنافق أنه إذا وعد أخلف. يفوا بتعهدهم لهماء وإذا كانوا كذلك فليس من المعقول أن يوفى الله تعالى لهم بعهدل؟؛ لأن العهود توجب حقوقا وواجبات متبادلة» فمن توقع عدم الوفاء وتأكد له لا يتوقعون الوفاء بعهد نكثوا فيه من جانبهمء ولكن كان من المعاهدين من هه > 05 2 تثمرم سبحانه وتعالى» وهو العادل فى قوله وحكمه فقال تعالى : إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام4 وهم عند ابن كثير أهل الحديبية» وقد وفى النبى يِل حتى #ا تفسيرسورة التوبة ييل وي حب اا نقضوا العهد فأعانوا بنى بكرء وكانوا فى حلفهم على خخزاعة» وكانوا فى حلف النبى تكلَِهّ واستغاثوا بالنبى كَللْةْ فأغائهم وفتح» ولكن يلاحظ أن وقائع العهود كانت بعد فتح مكة. ولذا يجب أن يكون هؤلاء غير أهل الحديبية» ويجب أن تكون عهودهم بعد الفتح» وقد ذكر الزمخشرى أن منهم بنى كنانة وبنى ضمرة. الاستثناء هنا فى معنى المنقطع» لأنهم مغايرون للأولين الذين كان منهم التكثء» ولذلك ذكر الزمخشرى أن الاستثناء هنا بمعنى (لكن)» فهو استدراك وليس استثناء متصلاء وقد بين الله تعالى طريق معاملتهم فقال سبحانه وتعالى: طفَمَا اسبَقَامُوا لَكُم فاستقيموا لهم 4 و«ما» هنا شرطية دالة على دوام الاستقامة فى الوفاء بالعهد إذا أقاموه على وجهه من غير خيس 7 فيه» ولا نقض لأى جزء من أجزائه» «فاستقيموا لهم 4 أى فأقيموا العهد» والعهود كما قلنا حقوق وواجبات متبادلة . وإن الوفاء بالعهد من التقوى» إذ هو يرضى الله» ويقوى الأمة» وهو من أفضل الأخلاق» ولذا ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى : ظ إن الله يحب الْمتقين4 . وهنا إشارة بيانية» وهى قوله تعالى: 8 كيف يكُون للمشركينَ عَهَد عند الله وعند رسوله 4 فلماذا تكررت العندية مع أن ما يكون عهدا عند الله يكون عهدا عند النبى يَكلِِةِ. ونقول: إن تكرار العندية للإشارة إلى مقدار نكثهم للعهدء فهم نكثوا عهد الرسول» وتلك جريمة» ونكثوا عهد الله وهو العليم بذات الصدورء العليم بكل شىء. )١(‏ الخيس: نقض العهدء وعن أبى رآفم قَال: : بَعتَنى ريش إلى رسئُول الله صلى الله عليه وَسَلّم» ٠‏ قَلَمَا أت رول الل صلَى الله لي وسَكَم ألقى فى كلى الإسلام ققَت: يا يسول الله إثّى والله لا أرجع يهم ؛ أبداء ققَال رسول الله صلَّى الله عَلَيْه وَسَلّم: ' إن لا أخيس بالعهدء ولا أحبس لْبراجمع بريد وهم الرسل) رلكن ارجع إن كَادَ فى نَفْسك الى فى تَفسك الآنّ قارجع ' قَال: َدَهَبْت ثم نيت الى صَلَّى اللّهُ عَليِه وَسَدّم فَأَمَلَيْح؛ فال يكير وأخبرتى أ با رافم كَانَ قبطيا . رواه أبو داود: الجهاد(4ه/ا؟)2 وأحمد: باقى مسلك الأنصار- حديث أبى رافع رضى الله عنه 0000 / 8# تفسير سورة التوبة اللي ل لل اا 0 1 فى ويقول تعالى فى إثبات أنهم لا يصدقون فى عهد ما داموا ينكثون: ( كيف وإن يظهروا عليكُم لا يَرقبوا فيكم إلأ ولا ذمّة يرْضوتكم بأفواههم وتات قلوبهم وأكترهم فَاسقُون 0 © . (كيف) هنا للاستفهام الإنكارى مع التعجب» وهى داخلة على ما دخلت عليه (كيف) السابقة . اليف ره لمتركين عهد عند الله ورسوله واطال أنه « وإن يظهروا عليكم لا يرقبُوا فيكم إلا ولا ذمّة4. . يقال ظهر عليه إذا غلبه وانتصر عليه» وظهّر الحائط أى علاه؛ وكقوله تعالى فى السّدّ فى سورة الكهف: لإ قَمَا اسطّاعوا أن يَظهِروهُ وما استطاعوا لَه تقّا 69 4 . و(إلإل) يطلق بمعنى الحلف والعهد ويطلق بمعنى الرحم والقرابة» ومعنى قوله تعالى: «(وإن يظهروا علَيكُم 4 بأن ينتصروا عليكم لا يراعوا رحما ولا قرابة: ولا جامعة بينكم وبينهم» ولا ذمّة4, أى عقدا تربطون به ديتكم» فهم يرضونكم بأفواههم لا بقلوبهم. ٠‏ والمعنى الجملى» كيف يكون لهم عهد عند الله وعند رسوله وحالهم أن ذلك عهد لكم وأنتم أقوياء غالبون ظاهرون عليهم» فإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم رحما واصلة» ولا عهدا عاهدوه؛ فإن ذلك العهد كان لإرضائكم لا للوفاء» وهم ينقضون ذلك العهد عند أول فرصة يفترصونهاء ويحسون فيها القوة» ولا عهد لذليل» وهذا عهد الأذلاء يعقدونه للإرضاء لا للوفاء» ولذا خختم الله تعالى الآية بقوله تعالى» وتعالت كلماته « وأكثرهم فاسقون4 فما أعدل الله تعالى فى كلماته» نسب الفسق وعدم انضباط النفس وانحلالها بحيث لا تصبر على العهد - إلى أكثرهم لا إلى كلهم» ولكن هذا الأكثر هو الغالب فيهم الذى أفسدهم وجعل فيهم رأيا عاما فاسداء لا وفاء فيه ولا إيمان بحقّ ولا بعهد. ولقد وصف الله تعالى عهدهم بوصف يدل على أنه عهد لا يبعث عليه إلا النفاق» فيقول عز من قائل: «إيرضوتكُم بأفواههم وتأبئ قُلُوبهِمِ4 وهذا معنى 0# تفسير سورة التوبة لللللوالللل 1106 اااي م لب اإا ج11 مصور لا انبعث به عهدهم,» فهو عهد للإرضاء بالقول الذى ينقصه القلب ولا يؤيده» فهم يحاولون فيه الإرضاء بالأفواه فقط» وتأبى قلوبهم أى تمتنع عن الموافقة على ما تنطق ألسنتهم» وكيف يكون هذا عهدا عند الله علام الغيوب» وعند رسوله الذى يعرف قلوبهم من لحن القول» ولقد وصفهم تميم بن مقبل فى شعرهء فقال: أفسد الناس خلوف خلفوا قطعوا الإل وأعراق الرحم وقال حسان بن ثابت رضى الله عنه : 2و وجدناهمو كاذبا إِلهم 2 وذو الإل والعهد لا يكذب أوصاف المشركين فى عهودهم قال تعالى: عد سيرتع سه ماك وْايَسَمَلُونَ © لَجَرفيون ف مُؤْمن إلَأءك ود ويك مُه الننتثوت 2 وإ ضَابوأ آكسَامُوالكككؤء ماكر ووفك هه يل كر ف اليَمِنِ وَنْعَصِلٌا ليت نِمَو يَعَلْمون زإا وإن تكنواً هم شرعلا وعم يس ل ب م د سو جو إن الصفة العامة فى المشركين آنهم غرتهم الحياة الدنيا والأمانى فيهاء والأهواء ومتاع الحياة الدنياء فكان الوصف العام أنهم اشتروا بآيات الله ثمنا 0١‏ 1# تفسير سورة التوبة ا 1 7 قليلاً» وآيات الله تعالى الدلائل الدالة على وحدانيته» إذ هو الذى خلق كل شىء بديع السموات والأرض» وأنه الواحد الأحد الفرد الصمدء وأنه وحده الجدير بأن يعبد ولا معبود بحق سواه» وقد بعث الله تعالى محمدا رسولاء مبشرا ونذيرا» ومعه القرآن الحجة الكبرى القائمة إلى يوم القيامة» كانت هذه الآيات كونية ومتلوة تدعوهم للإيمان» وعدم الشركء» ولكنهم تركوهاء ولم يلتفتوا إليهاء واستبدلوا بها هواءهم» ومتعهم من سلطان غرهمء وذلك ثمن بخس قليل لا يساوى شيئًا بجوار ما تركوه من حق خخالد. وهذا معنى قوله تعالى: 9 اشتَروا بآيات اللّهِنَمنا قليلاً4. أى باعوها بثمن هو عرض من أعراض الدنيا وهو قليل بجوار الحقائق الخالدة التى فيها الصلاح فى الدنيا والآخرة. وقوله تعالى: «طفَصّدوا عن سبيله4. أى إنهم بسبب اختيارهم ذلك الثمن القليل» وتركهم ذلك الحظ الوفير من الحق وسلامة الفكر» والهداية والرشاد» قد عدلوا عن الطريق» وصدوا أنفسهم عنه. وصرفوا غيرهم منه» فصدوا عن السبيل القويم والهدى المستقيم . ولقد بين سبحانه وتعالى الحكم الصادق عليهم» فقال تعالت كلماته: إِنْهُم ساء ما كانوا يَعُمَلُون4 أى إنهم بهذا العمل الذى تركوا فيه الآيات التى تلوح بالحق وتبينه قد ساء فعلهم الذى استمروا عليه» وهو يتجدد آنا بعد آن فهو فعل مستمر. ونلاحظ هنا ثلاثة أمور. أولها: أن قوله تعالى: « اشْتَرَوَا بآيّات الله نما قَليلاً4 فيه استعارة تمثيلية إذ شبه حالهم فى تركهم الحق الواضح البين الذى يأتى بأطيب النتائج والثمرات» بمن يترك بضائع قيمة فى مقابل ثمن بخس لا يجدى ولا يغنى. ثانيها: بيان أن ترك الوفاء بالعهد لاتباع الهوى والخيانة وهو خخحسارة لا كسب فيها. 1# تفسير سورة التوبة م ل اللوللل ملالا للك ْ حب ]أ الثها: أن قوله تعالى: ( ساء ما كانوا يعملون 4 فيه معنى التعجب» أى ما أسوأ ما كانوا يعملون» وأن الفعل المضارع يدل على تجدد حالهم الفاسدة» وط كانوا » دالة على دوام هذه الحال فيهم. ثم بين سبحانه حالا عامة مستمرة فيهم فقال تعالى: طلا يرقبون في مؤمنٍ لذ ولا ذمة وأولعك هم المعتدون 09 4 . وهنا نجد النص السامى التفت من الخطاب إلى الغيبة؛ إذ كان فى الآيات «لا يرقبوا فيكم إِلأَ ولا ذمّة4. وهذا النص السامى لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمّة4 وذلك الوصف يؤذن بالعلة» أى أن السبب فى أنهم لا يرعون رحماء ولا عهذداء هو الإيمان» فالإيمان الحق والإذعان لله تعالى وتوحيذه هو السبب فى أنهم لا يراعون فيكم رحما واصلة» ولا مودة راحمة» ولا عهدا يعاهدونكم فيه» إنه إيمانكم هو الذى صرفهم إلى النكث فى العهود. وإنه إذا كان الحق هو الذى جعلهم ينكثون فى عهودهم «إوأولتك هم المعتدون » . الإشارة فى (أولئك) إلى أوصافهم فى أنهم لا يراعون قرابة ولا عهداء يقطعون القرابة وينقضون الميثاق» والإشارة إلى هذه الأوصاف تومئ إلى أنها علة الحكم» وهو الحكم عليهم بالاعتداء. فقد اعتدوا على الحق فى ذاته. واعتدوا على وقوله تعالى : « وأولتك هم المعتدون 4 فيه تأكيد الاعتداء من وجوه: أولها ‏ فى التعبير بالإشارة المتضمن لصفاتهم التى هى سبب الحكم . ثانيها - ضمير الفصل الذى يؤكد الحكم. الثها ‏ القصر بالحكم بأنهم المعتدون وحدهم؛ لأن تعريف الطرفين يدل بعهلهم . ش 1 8# تفسيرسورة التوبة 2 . ب(زجطمل بن 3-7 ومع هذا الاعتداء فإن باب التوبة مفتوح لم يغلق» ولذا قال تعالى : (٠‏ فَإن تابوا وأََامُوا الصّلاة وآنوًا الركاة فَإِحْوَانَكُم في الدين وتُفَصل الآيّات لقوم يَعلّمون 69 4 . (الفاء) هنا لشرتيب نسق القرآن. وقوله تعالى: ظفَإِن تابوا وأَقَاموا الصّلاة وآتوا الرّكاة 4 وقد قرن إقامة الصلاة وأداء الزكاة؛ لأنها أمارات الإيمان العملية» ولكى يخرج الكافر مما كان عليه لا بد من مظهر عملى دال على الخروج مما كان عليه؛ فإنه كان يسجد للأوثان» ويتصدق على سدنتهاء فكان حقا أن يكون منه نقيض ذلك بأن يسجد لله بإقام الصلاة» وأن يتصدق على الفقراء» ولذلك اشترط أبو حنيفة للإيمان ألا يكون منه ما يدل على بقائه على دينه الجديد. فكانت إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة دليلا على انخلاعه من دينه القديم» وأن إقامة الصلاة وإيستاء الزكاة تثبت الإيمان» وبيان الإذعان الكامل لما أمر الله تعالى بهي ونهى عله . وعندما كانت الردة عقب انتقال النبى يَكَِيِّ إلى الرفيق الأعلى كان أبو بكر لا يقبل من المرتدين مجرد التوبة والإنابة إلى الله تعالى» لا يقبل التوبة إلا إذا كان معها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة» وكان منهم من أقام الصلاةء ولم يعط الزكاة» فلم يقبل منهم أبو بكر واعتبرهم لا يزالون على ردتهم» وذلك أولا: لأنه قرن كل توبة بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. وثانيا لآن إعطاء الزكاة أمارة الخضوع للدولة الإسلامية» وعدم التمرد عليهاء ولذا قال رضى الله عنه ردا على من لم يعط الزكاة «سلم مسخزية أو حرب مجلية . وذلك حق لكى تقوم الدولة الإسلامية موطدة الأركان ثابتة الدعائم غير مضطربة ولا مزلزلة» وجواب الشرط فَإِن تَابُوا وأقاموا الصّلاة4 هو قوله تعالى: ©فَإِحْوَانكُم في الدين» أى فقد دخلوا فى الإسلام» وصاروا إخوانكم» وعبّر بقوله تعالى: 8 فَإِحْوَانَكُم في الدّين» للإشارة إلى أنهم دخلوا فى الأخوة الإسلامية» وهى عهد الله الجامع الذى لا تفرق فيهء ولا تتجافى القلوب بل تتواد وتتراحم بعرى الإيمان الوثيقة . 8# تفسيرسورة التوبة سس لح ة ولقد روى عن النبى كلِلِِ أنه قال: «من فرق بين ثلاث فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة: من قال: أطيع الله ولا أطيع الرسول» والله تعالى يقول: ... أطيعوا الله وأطيعوا الرّسّول. .. 469 [النساء]ء ومن أقام الصلاة ولم يؤد الزكاة والله تعالى يقول: 9 وَأَقيِمُوا الصّلاة وآنوا الرّكَاة ... 460 ومن فرق بين شكر الله وشكر والديه والله تعالى يقول: ... أن اشكر لي ولوالديك #90 [لقمان]0 . وعن أنس بن مالك أن رسول الله يك قال: «من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته لا يشرك به شيئاء وأقام الصلاة» وآتى الكاة فارقها والله عنه راض» وهو دين الله الذى جاءت به الرسل» وبلغوه عن ربهم)”" . وقد خختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: ‏ وَنمَصّل الآيات لقوم يعلّمون4. أى نبين آيات الله لقوم يعلمونء» أى من شأنهم أن يعلموا الحقائق» ويدركوا مراميها وغاياتها . وبعد أن بين الله سبحانه حال الذين ينخلعون من عبادة الأوثان» ويتوبون لله ويرجعون إليه ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة» بين ما يعامل به الذين يستمرون فى غيهم» وينقضون عهودهم ويطعنون فى الدين وما يعاملون به» فقال تعالى : تعر اهار ع سل سه وس د شر ع سه له سل (1) ورد فى الصحيحين عن أبى هِرَيْرَةَ رَضى اللَّهُ عَلهُ قَالَ: ما وى رول اله صلّى الله حلي وسَلم وكا أبُو بكر رضي الله عله وكفْرَ من كَفْرَ من الْعرب» قَالَ عمَرٌ رضى الله عله : كيف ثقاتل النّاس» وقد َال رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلّم: 'أِرت أن أقاتل اناس حت يَُوُوا لا له إلا الله من قالهَا فق صم مثى ماله فس إلا بحقه وَحِسَابه على اله قَقَال: وآلله لأا من كرك بين الصثلاة والركاةء سرة لاس لهو كر 3 الركَاة حَق الْمَالء واللّه لو متعونى عََاا كَانُوا يوَدُونَهَا إِلى رسول الله صلّى الله عليه وَسَلّم الهم على منعهاء َال عمر رغيى الله عله : تَوَاللهمَا هر إلا أن قد شرح الله صر أبى بكر رَضى الله عله تَعرَفْت أَنَّهُ الْحَقّ. رواه البخارى: الزكاة- وجوب الزكاة(: :)١4٠‏ ومسلم: الإيمان- الأمر بقتال الناس حتى يقولوا(١؟).‏ وروى الترمذى: البيوع- ما جاء فى كراهية الفرق بين الأخوين» أو بين الوالدة وولدها(87؟7١)»‏ كما رواه أحمد والدارمى (؟) رواه ابن ماجه فى سئنه : المقدمة- فى الإيمان .)7١(‏ ل ب تفسير سورة التوبة لحر ا أَيمَانَ لهم لَعلْهم تهون 9 » . النكث: النقض للشىء المفتول بفكه بعد أن أحكم فتلهء وقوله: « أَيمَائَهم 4 أى عهودهمء وذكرت الأيمان وهى جمع يمين بدل العهود؛ لأنها . تقوى وتوثق بالأيمان» ولأن نقض يمين أشد شناعة وأدل على انحلال النفس والذمة» وبعد الثقة فيهم» وقال تعالى: من بعد عهدهم 4 الذى عاهدوه ووثقوه بأيمان الله. ولم يكتفوا بنكث الأيمان ونقض العهودء بل طعنوا فى دينكم وبسب النبى وكِْةٌ بالطعن فى عقيدة التوحيد التى هى من الدين. وإن موضوع الآية فيه تخريجان أحدهما: أن موضوعها الذين دخلوا فى الإسلام» وارتدوا ونقضوا أيمانهم. ويقول الزمخشرى فى ذلك: صاروا إخوانا فى الدين ثم رجعوا فارتدوا عنه ونكثوا ما بايعوا عليه من الأيمان» والوفاء بالعهود وقعدوا يطعنون فى دين الله ويقولون ليس دين محمد بشىء فهم أئمة الكفر وذوو الرياسة والتقدير فيه. وعلى ذلك يكون الذين نكثوا هم الذين كانوا قد أعلنوا التوبة ثم ارتدوا بعد إسلام . وإنا نرى أن هؤلاء غير الذين تابوا وأقاموا الصلاة» وآتوا الزكاة» وكانوا إخوانا للمؤمنين» وإنما موضوع الآية قوم آخرون نكثوا عهودهم التى وثقوها بالأيمان» ولم يكتفوا بذلك. بل أخذوا يطعنون فى الدين» ويفترون عليه الافتراءات المختلفة . وإن هؤلاء يقاتلون» ولذا قال تعالى: هفَقَاتلُوا أمّةَ الْكُفْرِ» وأظهر فى موضع الإضمارء ولم يقل فقاتلوهم. وكان ذلك الإظهار لبيان أن هؤلاء أئمة الكفر وقادته ودعاته» والمحاربون للدعوة الإسلامية» وإن ذلك يسوغ قتالهم لمنعهم من أن يفتنوا المؤمنين فى دينهم . تفسير سورة التوبة الئل ]حي لحب ا وبين سبحانه وتعالى السبب فى قتالهم فقال: 9إِنّهِم لا أَمَانَ لهم 4, أى إنهم لا عهود لهم» ولو وثقوا بالأيمان فلا أيمان لهم» وقرئ بكسر الهمزة (لا إيمان لهم)(1, أى أن نفوسهم منحلة لا يجزمون بشىء ولا يذعنون لشىء» لد بعهد قطعوه على أنفسهم» ولا غيره» بل هم جائرون بائرون ليس عندهم شرف ثم قال تعالى: لعلّهم يتهون 4 أى رجاء أن ينتهوا عن غيهم» ويقمعهم إرهاب السيف» ومن لم تقنعه الحجة والبرهان والآيات ثتلوها الآيات» فالحديد فيه هذا وقد استنبط الفقهاء من هذه الآية بأن الذمى أو الحربى إذا طعن فى الإسلام يقتل» فليعتبر الذين حماهم الإسلام من ذل الرومان» وقد دأبوا على الطعن فى النبى يَلِْدٌه والقرآن والإسلام حتى صار الإسلام غريبا فى بلاده» اللهم هب للمسلمين حاكما ينفذ القرآن» وقد كان الصحابة يقتلون من يسب النبى َكل ولو بالتعريض . ابن الأشرف إلا غدراء وكان النبى ككِْهِ أوصى بقتله فأمر عليا بضرب عنق قائل ذلك القول. ولا اعجب» فعلي فارس الإسلام» وقامع الكفر» ومعاوية الطليق ابن الطليق» وقد ابتدأت غربة الإسلام فى عهده. اللهم أعز الإسلام وآوه بعد غربته. )١(‏ قراءة (لا إيمان) بكسر الهمزة» أول موضع للقراءات المتواترة فى سورة التوبة» وبها قرأ ابن عامرء وقرأ الباقون: (لا أيمان) بفتح الهمزة. غاية الاختصار فى قراءات العشرة أئمة الأنصار- الهمذانى العطار- 9 ا تفسير سورة التوبة | اناا ن1ااا اا اا !ااانا لل الا نولا لل للكخخ مالالا كط للك لط كك قط ق اانا اال لاا لالط لا لالط لات طامط مطل للخل ططخل ااا ملت امالك تتلا ل ل-يا 0 0 ١ 2 قتالالمشرك عبادة قال تعالى: ألا فيلو آذه رج هوم 2 وَأ أَبَمَدتَوْمَ س عر وه | راج سول ف 2 وَل مدو د لتك لل كريط يت 2 2 يب يحك مزه و 2 وقد شا رقت © 5 دهت مج - ص اسع م عل م 000 تح يلي هذه الآيات الكريمة تحريض على قتال المشركين الذين لم يوفوا بعهودهمء وآذوا النبى وأصحابه بمكة وأرادوا إخراج الرسول» وبدءوهم بالقتال. فقالى تعالى: ألا تقَاتلون4 و(ألا) أداة تحريض» وأصلها همزة الاستفهام دخلت على (لا) النافية» والاستفهام إنكارى بمعنى نفى الواقع» فالمعنى قاتلوا قوما كانت منهم هذه الأفعال. قال الزمخشرى فى معنى (ألا) دخلت الهمزة على (لا تقاتلون) تقريرا بانتفاء المقاتلة» ومعناه: الحض عليها على سبيل المبالغة. وقد بين الله تعالى أسباب الحض على القتال من أعمال المشركين الذين قاموا بهاء فذكر هذه الأعمال على أنها مبررة لوجوب القتالء ووبخهم على السكوت مع هذه الأعمال» وهى النكث فى العهد فقال: «إ ألا تَقاتلُون قوما نَكَنُوا أَيمَانهِمٍ 4 نقضوا عسهودهمء ويشير سبحانه إلى نقضهم معاهدة الحديبية» فقد نقضوها بمعاونة بنى بكر الذين كانوا فى عهدهم مع خزاعة الذين كانوا فى حلف ##ا تفسير سورة التوبة لاي لل اك النبى كَِيٌ ».فكان ذلك نقضا للعهدء ونقض العهود مفسد للعلاقات» وقاطع للمودة التى أنشأها العهد. ومن ينقض العهد لا حرمة له بهذا العهدء ومن يرضى بأن ينقض عهده فى حليفه» فهو يرضى بالذلة ولا يرضى بالمذلة عزيز كريم. وهموا بإخراج الرسول فهم فى مكة آذوا المسلمين وعذبوا الضعفاءء وسخروا من الشرفاءء» حتى خرجوا مهاجرين إلى الحبشة مرتين» وقد كان هذا الإيذاء المتوالى إخراجا للمؤمنين» ولقد قال تعالى: 8 ... يخرجوت الرسول وإِياكم أن تؤمنوا بالله ربكم... 40 [الممتحنة]ء وإن هذا الاستفزاز الشديد الذى لقيه النبى وأصحابه كان لإخراجهم من مكةء كما قال تعالى: ون كَادوا لييستفزوتك من الأرض ليخرجوك منها ... 469 [الإسراء]. ثم كانت إرادة الخشروج واضحة على أنها إحدى الخصال التى عرضوها فى ندوتهم إذ يقول الله تعالى: 9 وإذْ يمكر بك الذين كَفَروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خَير الماكرين 9© > [الأنفال]. والحال الثالثة التى كانوا عليها وكانت» أنهم الذين بدأوا أول مرة» أى بدءوا بالمنابذة والمحارية أول مرة من الاعتداءء ولم يذكر أنهم بدءوا بالقتال؛ لأنهم بدءوا العداوة التى كان القتال من صورها. لقد ابتدءوا بالعداوة عندما جاءهم الرسول بالقرآن نور الله تعالى وبرهانه» فبذل أن يجادلوه بالتى هى أحسن صدوه» وآذوه» وفتنوا المؤمنين فى دينهم» والفتنة أشد من القتل» ثم أغروا به سفهاءهم» وحالوا بينه وبين الدعوة» وبين إقامة دولة إسلامية» وبدأوا بالقتال فى غزوة بدر الكبرى» فبعد أن نجا عيرهم صمموا على القتال» وأن يجيئوا إلى بدر بالخمور والقيان» والقتال. ثم هم الذين بدأوا بالقتال ونقضوا صلح الحديبية بإعانتهم لبنى بكر على خزاعة وقتلهم فى البيت الحرام» كان منهم كل هذا: نكث للعهدء وإيذاء شديد فى الماضى وفتنة» وقتال ابتدأوه فى عدة مرات» فهل يسكتون عليهم ألا يقاتلونهم» ثم حرضهم الله تعالى أبلغ تحريض» فقال ( أتَحْشوتهم 4 أى أيمنعكم 4 8# تفسير سورة التوبة ١١ ااا‎ 2 من قتالهم أنكمٍ تخشونهم» أى تخافونهم فزعين من قتالهم. ( فَالله أحق أن تخشوه إن كنشم مُؤْمنِينَ» والله أحق أن تخافوه وتفزعوا من غضبهء إن كنم مؤمنين 4 أى إن كان الإيمان شأنا من شئونكم» وصفة من صفاتكم» فإن المؤمن لا يخشى إلا اللهء ولايقدر فى أموره كلها إلا رضا الله والخوف من غضبه وعذابه. وقد صرح سبحانه وتعالى من بعد ذلك التحريض الذى يثير الهمم» ويثبت أن قتالهم حق على كل مؤمن - بالأمر بالقتال وذلك بعد أن بين أنه حق كامل ( قاتلوهم يَعَذَبهِم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مَؤمنين 9 ويذهب غيظ قُلوبهم ويتوب الله علّى من يشاء واللّه عليم حكيم 62 4 . بعد أن بين الله تعالى بواعث القتال من نكث العهدء وإخراج النبى والمؤمنين» وبدتهم بالفتنة» والفتنة أشد من القتل» وبدئهم بالقتال» إذ هاجموا فى بدر من غير ضرورة تلجئهم» ولا حاجة تدفعهم إلا أن تكون كراهة لدينكم» وبدئهم بمعاونة بنى بكر على خزاعة . بعد هذا بين ثمرات القعال: فقال تعالت كلماته: <( قاتلوهم يعَذَبهم الله بأيدِيكُم 4 وذلك بالإئخان فيهم» وصرح بقوله بأيديكم» أى أنها عذاب لهم تتولونه أنتم» فقوله (بأيديكم) يراد بأنفسكم» وهذا مجاز مرسل علاقته الحزئية» وعبر بالأيدى لأنها هى التى بها البطش »وهى التى تحمل السيوف والرماح والنبال. وكان العذاب فى الدنيا بأيدى أهل الحق لردع أهل الباطل» وكسر شوكتهء ولكيلا يستشرى الشرء وتستعلى الرذائل وتنخفض الفضائل « ... ولَولا دقع الله يهم يعض لضن راي بيه روات وماج يعر فيه انه لله حي االحج] لهذا كان لا بد من عذاب الدنياء ولهم فى الآخرة عذاب عظيم. «ويخزهم 4 بالأسرء والتتبع فى الأرض» وذهاب سطوتهم وقوتهم» وانخلاع العرب من ربقتهم» وذهاب سلطانهم المادى والأدبى. 1 ا تفسير سورة التوبة 2 الل ْ سس ا 9 وينصركم عليهم #. فإن النصر بيد الله ل ... ولينصرن الله من ينصره ...#69 [الحج]ء ونصرة العبد لله بإطاعة أوامره» ومنها الأمر بالقتال» وجعل كلمة الله هى العلياء وكلمة الكفر هى السفلىء ولا يكون النصر من الله إلا إذا اتخذت أسبابه من العيد واحتسب النية. 11 ٠ 5 0 ٠. 1 6 * م 0 َم‎ 9 ويشف صدور قوم مؤمنين 4 . ذلك أن قلوب المؤمنين إذا رأت الكفر ناتئ الرأس » ولم يكن من يقمعهء ويرد كيده فى نحره عراها الشك أو التردد» أو محاولة تَعَرف الحكمة فى إهمال الكفره وتركه فى عنفوانه وإيذائه» فإذا نصر الله المؤمنين شفيت صدور قوم مؤمنين» وخرج ذلك التردد» وذهبت عنها تلك الحيرة» فالله ‏ بقتال المؤمنين لأهل الكفر - يشف تلك الصدور المؤمنة من تلك الحيرة الممضة التى قد تثير الريب» ومن ذلك الحزن والموجدة» وفيه إشارة إلى ويذهب غيظ قلوبهم 4 الضمير فى قوله غيظ قلوبهم يعود إلى الذين تحتاج صدورهم إلى شفاء بنصر مؤزر يدفع الباطل ويزهقه» ويرفع الحق ويعليه؛ والغيظ انفعال النفس بالألم من رؤية الباطل عاليا والحق مستكينا أو مستخذياء فإذا انتصر الحق وعلاء» ذهب ذلك الغيظ» واستقامت النفس على سواء الصراط» وارتاحت الضمائر المؤمنة. وعبر الله فى الغيظ بقوله تعالى: « ويذهب غَيْظ قلوبهم 4 لأن الغيظ ليس داء» ولكنه حال عارضة من أمر قابل للزوال» والنصر يزيله وفيه إشارة إلى أما التردد والحيرة» وبوادر الشك. فأمراض تلازم النفوس المريضة فعبر عن زوالها بالشفاء؛ لأنها أمراض الإيمان» والله هو الذى يشفيهاء ويودعها الاطمئنان. بأصنامهم» ويحسبون أنها تنصرهم فى الشديدة وتغيثهم فى الكريهة من شأنها أن 9 ## تفسير سورة التوبة ااال ل ب بر ىي< من السمين» والحق من الباطل» ويتعرفون ما عليه آلهتهم التى يزعمونهاء وما نصر به الإله الحق أولياءه المؤمنين فيهتدون بعل ضلالة ولذا قال الله إن من آثار الحرب التى يدك فيها الشر أن يتوب الله على من يشاء من عباده» فقال تعالى: ذإ ويتوب الله على من يشّاء 4 أى أنهم يحسون بقوة الحق» وضعف ما هم عليه من كفرء وضلال فى الأوثان فيتوبون أى يرجعون إلى الله بعد أن بعدوا عن الإيمان» والآية تشير إلى أن هذه التوبة فيض من الله عليهم وصلوا إليها بعد أن ذهب غرورهم بما هم عليه من عبادة الأصنام . وختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: ذإ والله عليم حكيم 4 يعلم النفوس وما يهديها,ء وما يوجههاء إلى الحق. حكيم يضع الأمور فى مواضعهاء ويدبرها بحكمته » وهو العزيز الحكيم. قال الله تعالى: كح لا سوم »م وح سد وله 4ه عا سد م م ىو 5 ويحيسم أن متركواً وَلْمَايعَلم هلين جنهدوأ 00 عل 2 مسومو ل مك م وَلَدَسَتَحِذَأْمِن دون الله وَلَارَسُولِه وَلَاالْمْوْمِِينَ - لع تو ع عم سامح سال تر - سس رو واس هي اس 220 ع مرح سلاج 2 7 سا لسسع لس كس سل لوس سار صم عر دالاو ١‏ أَوْلكِيِكَ حيطت أعَملْهمْوَفٍ أَلتَارِهُمٌ حَيِدُوت 20 وس سرح أ يد سح لس دي سمورله “ري . إِنمايعمرمستيد الله منءامر بآلله وأليو را لاِر سمه ا ا م ساس 57 _- د وَأقام اْلصَلَوة وَءَافَ الرحكزة ولد حش إ لا الله فعسوح ث2 هه عر 200 73 وليك أن يكونواون المهتربن 029 قوله تعالى : 9 أم حسبتم أن تتركوا ولَمًا يعلّم الله الْذِينَ جَاهَدُوا 4 . . (أم) هنا للإضراب الانتقالى من باب فى الجهاد وتحريض عليه إلى باب الاختبار بالجهاد وتمحيص المخلصين من غير المخلصين» والهمزة فى «أم) 8# تفسير سورة التوبة ملم 04١‏ سر 1 للاستفهام التوبيخى على حسبانهم وظنهم أنهم يتركون من غير تمحيصء ٠‏ واخختبار وكشف المجاهدين من غيرهم» ومثل ذلك قوله تعالى: 9# أحسب النّاس أن يشركوا أن يَقُونُوا آمنَا وهم لا يُْنُونَ 0 وَلَقَد فنا الْدينَ من قَبَلهم فَليَعلَسَ الله اذين صدقُوا وليَعْلَسَ الكَاذبِينَ 7 4 [العنكبوت]» وقوله تعالى: « أَمْ حسبتم أن تَدخَلُوا الجن وَ يكم م دين لوم بكم مهم لأا واعتراء وفوا حَ يول السو والّذِينَ آمنُوا معَه مَئ نَصرُ الله ألا إن نصّر الله قَرِيب 59) 4 [البقرة] وكقوله تعالى : ف( ما كان الله لير اْمؤمدينَ علئ ما أنثم عليه حت يمير الْحبِيثْ من الطَيّب .... 659 4 [آل عمران]. وقوله تعالى: ‏ ولَم بعلم اله الّذِينَ جَاهَدوا منكم 4 لما للنفى فى الحاضر مع توقع الوقوع فى القابل» ونفى العلم هو نفى المعلوم؛ لأن الله عليم بكل شىء بما كانء وما يكون,ء والمراد نفى العلم بالجهاد واقعا» وإن كان متوقعاء كما قال تعالى : ا أَمْ حَسيْممْ أن تَدَخْلُوا لْجنّة وما َعَم الله اين جَاهَدُوا منكم ويعلّم الصّابرين 639 * [آل عمران]. وإن الجهاد جهادان: جهاد بلقاء الأعداء» واشتجار السيوف» وجهاد آخر بتنقية الصفوف من الأعداء والدّخول ومنع الولاية لغير المؤمنين» ولذلك عطف ( الّذينَ جَاهَدُوا4» وهو وصف آخر بقوله: 9م ينوا من دون الله ولا رسوله ولا الْمَؤْمنِينَ وَليجَة4 الوليجة الحاشية البطانة» أى جاهدوا ولم يتخذوا من الله والرسول والمؤمنين وليجة أى بطانة يسرون إليهم بالمودة» وتكرار لا لتأكيد البعد عن أن يتخذوا من غير هؤلاء بطانة لهم. و(وليجة) من ولج بمعنى دخل» ومعنى وليجة: دخيلة مودة وبطانة من دون الله وهم يحادون الله ورسوله والله تعالى يقول: إلا تجد قَومًا يؤمنون بالله َاموْمٍ الآخر يوون من حَاد لَه وَرسُوله ولو كَانُوا آبَاءهم أو أبناءهم أو إخواتهم أو عَشِيرَتَهم ... 69 4 [المجادلة]. ولقد قال تعالى: 8# يا أَيهَا اين آمنوا لا تَفَحدُوا 8# تفسير سورة التوبة م لل لالم الل نا الك . ني كم 0 هه 7 شره ه مم بم مم - مث وى همه وسمةاام بهي 26 - ماسم اه بطائة من دونكم لا يألونكم حَبَالاً ودُوا ما عنثم قَد بَدت الْبَعْضاء من أَفُواههم وما تُخفي صدورهم... 65189 4 [آل عمران]. وقد ضعف شأن المسلمين من وقت أن اتخذ ملوك بنى أمية ومن جاء بعدهم من اليهود والنصارى بطانة كانت تدس بين المؤمنين» وتثير الفتن. بينهم حتى أدخلوا فى الدين ما ليس منه. ولقد خحتم الله تعالى الآية بقوله تعالى: « واللّه حَبِير بما تعَمَلُون 4 أى إن الله عليم علما دقيقا بما تعملون من ظواهر أيمانكم وبواطنها. ولقد حرم الله تعالى على المشركين أن يدخلوا المسجد الحرام من بعد العام التاسع» وربما كان منهم من يدعى أنه يعمر المسجد الحرام فنهى عن ذلك أيضاء وقال تعالى: فإما كَانَ للمشركين أن يعمروا مَساجد الله شاهدين علَئ أنفسهم بِالْكُفْرٍ أ حلت أسائهم وي الهم لذو 9 » . «إما كان للمشركين أن يعمروا مسَاجِد الله أى ما ساغ وما استقام للمشركين أن يعمروا مساجد الله وعمارة المساجد بإقامة الشعائر فيهاء وتشييد بنيانهاء وهنا قراءتان قراءة «مسجل» الله تعالى وهو البيت الحرام؛ لأنه أول بيت بنى للعبادة وهو أعظم المساجد» وإذا ذكر المطلق انصرف إلى الفرد الأعظمء وبيت الله الحرام هو الفرد الأعظم فى المساجدء وهناك قراءة أخرى بالجمع «مساجد الله» وهى قراءة حفصء» وبها قرئت (مساجد)ء وتخرج على أن المراد المسجد الحرام» والجمع؛ لأن كل بقعة منه مسجد ولأنه إمام المساجد. فهو قبلة المسلمين» وكل مسجد له تابع. أو يراد جنس المساجد كما تقول: فلان لا يقرأ الكتب تريد جنس الكتب لا تريد واحدا بعينه» وإنه ليس للمشركين عمارة المساجد؛ لأن عمارة المساجد إقامة الشعائر فيها كما ذكرنا وعمارتها بعبادة الله وحده» وليس من عبادتها إحاطتها بالأصنام» والطواف عراة» وغير ذلك من المحدثات التى ليست من العبادة فى ٠ سىء . 8# تفسيرسورة التوبة للك مم لأسب أ وقوى الله سبحانه وتعالى نفى أن يعمروا المساجد بقوله تعالت كلماته ف شَاهدِين علَى أنفْسهم بالْكُفْرٍ4 أى حال كونهم شاهدين على أنفسهم بالكفر أى بعبادة الأصنام وهو كفر لا ريب» فإن هذه الحال مناقضة تمام المناقضة للعمارة الحقة للمساجد بأن يعبدوا الله حق عبادته» ولا يشركوا به شيئاء وقد بين الزمخشرى هذه المناقضة فضل بيان فقال: غفر الله تعالى له: ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متناقضين عمارة متعبدات الله تعالى مع الكفر بالله تعالى وبعبادته» ومعنى شهادتهم على أنفسهم بالكفر ظهور كفرهمء وأنهم نصبوا أصنامهم حول البيت» وكانوا يطوفون عراة ويقولون: لا نطوف عليها بثياب قد أصبنا فيها المعاصى؛ وكلما طافوا بها شوطا سجدوا للأصنام». وإنه لما التقى الأسرى من قريش بالمهاجرين أخذ هؤلاء يعيرونهم بأنهم قطعوا الرحم» فقال علي كرم الله وجهه لعمه العباس يعاتبه لقتال ابن أخيه محمد كد وقطيعة الرحم» وأغلظ فى القول فقال العباس: «تذكرون مساوثنا ولا تذكرون محاسنناء فقال علي: ألكم محاسن؟ قال نعم: إنا لنعمر المسجدء ونحجب الكعبة» ونسقى الحجاج ونفك العانى . وقيل إن هذا سبب نزول هذه الآية» وفى الحق إنه كان فى الجاهلية بعض أعمال ولكن يذهب بها كلها الشرك»؛ فمن يعمل ابتغاء مرضاة الله الواحد غير مفاخرء» ولا معتز بعصبية يكون عمله لله ولا يكون مشركا أحدا بالله فى عبادة قطء ومن يعمل مفاخرا معتزا بعصبيته» غير معتز بالله» فعمله فى هباء» ولذلك قال تعالى: «أولتك حبطت أعمالهم 4, الإشارة إليهم متصفين بالكفر البادى من كل أعمالهم من عبادة الأصنام» والطواف عراة» وما يكون من أعمالهم فيه بع النفع خلطوا به نية المفاخرة» والعصبية الجاهلية» والإشارة إلى الصفات تفيد سبب الحكمء وهو حبوط أعمالهم ودخولهم النار» وحبوط الأعمال بطلانها وعدم إنتاج عر والخبوط يفيد البطلان الذى يكون ناشئا من ذات العمل» فبطلان أعمالهم شئ من ذاتها؛ لآنها لا تصحبها النية الطيبة المؤمنة بالله تعالى «(وفي الثَار هم ١‏ 8# تفسير سورة التوبة سر يي خَالدونَ » قدم الجار والمجرور (فى النار) لاختصاصهم بالنار لا يدخلون غيرها وتأكد ذلك الحكم بضمير الفصل (هم). هذا وإن المساجد كما أشار الله سبحانه وتعالى بيوت اللهء ولا تعمر إلا بالعبادة الخالصة لله. وهى مأوى المؤمن فى الدنياء ولذا قال يكل فيما رواه معاذ ابن جبل رضى الله عنه «إن الشيطان ذئب الإنسان كذتب الغنم يأخذ الشاة القاصية» فإياكم والشعاب» وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد ف إِنّما يعمر مُساجد اله من آمن بالله والْيوم الآخر وأقَامَ الصّلاة وآتى الركاة وم يَحْش إل لَه فعَسَئ ولك أن يكونوا من المهتدين 09 204 . (إنما) للحصرء فهى أداة من أدوات القصرء والمعنى: «لا يعمر مساجد الله إلا من امن بالله. . ." والعمارة كما ذكرنا بالعبادة فيها حق العبادة» بأن يعبد الله وحده لا شريكء وأن يقوم بترميم وإصلاح ما وهى منهء وإذا كان المشركون يفعلون ذلك فإنهم بإشراكهم يبطلون ما صنعواء وإن العمارة للمساجد نوعان أحدهما: معنوى» وهى عمارتها بالعبادة وإقامة شعائر الدين» والثانى: مادى» وهى ترميم ما يحتاج الترميم وتنظيفها وإضاءتها بالمصابيح» وغيرها ثما يتصل ببنائهاء وإنه لا يفعل الأمرين إلا الموحدون الذين يؤمنون بالله واليوم الآخرء ويغشونها لإقامة الدين وجمع المسلمين وسماع القرآن الكريم» ومواعظ رب العالمين» وهدى الرسول الأمين. ويلاحظ أنه ذكر الإيمان بالله واليوم الآخرء فالإيمان بالله الواحد الأحد هو الدين أو لبهء والإيمان باليوم الآخر هو فيصل الإذعان والتمردء وفيصل الويمان بالغيب والجحود به؛ إذ لا يكفر به إلا من لا يؤمن إلا بالمحسوس . .)51١6؟84( رواه أحمد: مسند الأنصار - حديث معاذ بن جبل . رضى الله عنهم‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة ل الل الل ام أب ا وقد يسأل سائل: لماذا لم يذكر الرسول والإيمان به؟ والجواب عن ذلك أن الإيمان بالله يوجب أن يؤمن بالرسالة الإلهية» فالإيمان بالله يستلزم لا محالة الإيمان بالرسول الذى بعث رحمة للعالمين» ولأن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هى التى جاء بها الرسول الكريم» وهو الذى علمه الرسولء فالعمل بها يتضمن لا محالة الإيمان بالرسول» فهذا عمل يتضمن علما؛ ولأن الإيمان بالله يقترن به دائما الإيمان بالرسول فكان الإيمان بالرسول معلوما من غير إعلام» وبينا من غير بيان. وقوله تعالى: ظ ول يَحْش إلا الله 4 ومعنى الخشية الخنوف المقترن بالمخضوع والخشوع» فمعنى قوله تعالى: طولَمْ يَخْشَإلا الله أى لم يخش خوف خضوع وتذلل ومحبة إلا الله فلا يخاف غيره من رئيس يرهبء أو صنم يعبد ولا يذل لكبيرء ولا لصنم» ولا يخضع لأحد غير الله. قال الزمخشرى: فإن قلت: كيف قيل ظ ولّم يخش إلا الله 4 والمؤمن يخشى المحاذير لا يتمالك ألا يخشاها. قلت: الخشية والتقوى فى أبواب الدين» وألا يختار على رضا الله رضا غيره لتوقع مخوفء وإذا اعترضه أمران أحدهما حق الله والآخر حق نفسه فيؤثر حق الله على حق نفسهء وقيل كانوا يخشون الأصنام ويرجونها وأريد نفى ذلك . قوله تعالى: طفَعَسئ لمك أن يكونوا من الْمَهْمَدينَ 4 «الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء و(أولئك) إشارة إلى صفات هؤلاء من إيمان بالله واليوم الآخرء وإقامة الصلاة وإيتاء للزكاة» وألا يخشوا إلا الله» والإشارة إلى الصفات إيماء إلى أن هذه الصفات هى السبب فى رجاء الهداية. ومؤدى ذلك أولا: أن المشركين ليس لهم أن يكونوا من المهتدين؛ لأنهم لم يؤمنوا بالله ولا باليوم الآخرء ولا يخشون غير الله» ولا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة . 0# تفسيرسورة التوبة ‏ اح لوللا ااال للا لحب ا والرجاء من هؤلاء المؤمنين لأنهم قدموا ما يسوغ هذا الرجاءء وذكر الرجاء منع الاغترارء فإن الاغترار قد يدلى بالغرورء فيفسد التقرب» ولقد قال بعض الصوفية: إن معصية أورئت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورئت دلا وافتخارا. وإن الآية تشير إلى فضل عمارة المساجد بالعبادة» وتنظيفها من الأوساخ الحسية والمعنوية بالمنع من لغو الحديث فيهاء وعن النبى كَلكِْةٌ «يأتى فى آخر الزمان ناس من أمتى يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقاء ذكرهم الدنيا وحب الدنياء لا تجالسوهمء فليس لله بهم حاجة'٠'‏ وقال عليه الصلاة والسلام: «الحديث فى المساجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش22(©؛ وقال عليه السلام فى حديث قدسى عن ربه: (إن بيوتى فى أرضى المساجد» وإن زوارى فيها عمارهاء فطوبى لعبد تطهر فى بيته ثم زارنى فى بيتى» فحق على المزور أن يكرم زائره»”", وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من ألف المسجد فقد ألف الله»7؟2» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان»*2» وعن أنس رضى عنه: من أسرج :فى مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له ما دام فى ذلك المسجد ضوؤه. .)5٠5( رواه الطبرانى في الكبيرء وفيه: بزيغ أبو الخليل» ونسب إلى الوضع .كما فى مجمع الزوائد‎ )١( (؟) ذكره أهل التفسيرء منهم الرازى» وأبو السعود» والألوسى» والزمخشرىء دون إسناد. (") «رواه الطبرانى عن ابن مسعود». (5) رواه الطبرانى فى الأوسط عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه . كنزالعمال: ج -١٠١‏ ص 21١588‏ وذكره المنذرى فى الترغيب والترهيب: ج١-ص/17‏ برقم(498)» وضعّفه بابن لهيعة. (0) رواه ابن ماجه: المساجد والجماعات- لزوم المساجد وانتظار الصلاة(؟5١8)»‏ والدارمى: الصلاة- المحافظة على الصلوات(777١)»:‏ كما رواه الترمذى : الإيمان(5517) بلفظ( يتعاهد). وأحمد: باقى مسند المكثرين(8 ١‏ 77/7) بلفظ «المسجد؛. 4# تفسير سورة التوبة الالالال م حب ا وقد نقلنا هذه الأخبار فى آداب المسجد» وعمارته ونظافته وإضاءته من الكشاف للزمخشرى» وهى تدل على أمرين: أولهما: أن عمارة المسجد تكون أولا بالعبادة فيه» وبعده عن لغو الحديث» وثانيهما: العناية به وبإسراجه. فضل الإيمان وانجهاد قال تعالى: و وَعِمَارَةالْمَسَيِل كرا كن بوتي وجا ل لج ا را طَِِمِيتَ 0 أَلَدسَءامَمُوأوهَا هَاجروأ وه د واف سَيِي لاله هه د ره وير ار 1 و حك هرا ارود 1 ع كه ورم أ سر مود # ا سي . مُبسْرهُم رجه مرح ونه وَرِضْوان وجنت َمَفِيَا > عادملى يم مقيم أرب دري رهبا أبَدإنَأَهعِنْدَم ابد عَظِيعٌ و7 ْ كان المشركون بمكة يفاخرون دائما بأنهم سدنة البيت الحرام يسقون حجيجهء ويعمرونه بالتنظيف والتشييد» والقيام على شئونه وما يحتاج إليه من عمارة» وهم أهل جواره الذين يستقبلون الناس ويتطاولون على الناس بهذه المكانة» حتى إنه ليروى أن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه كان يقول قبل إسلامه أو قبل أن يظهر إسلامه لابن أخيه علي بن أبى طالب: تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسنناء كنا نسقى الحجيج ونعمر البيت» ونطعم الطعام» ونأوى العانى. بل إنه #2 1# تفسير سورة التوبة ملل الل للك لل الل 0 لسر نا يروى أن بعضهم قال لليهود الذين كانوا يمالئونهم على النبى كَِ: أينا خير أنحن الذين نقوم بالسقاية والسدانة» ونطعم الطعام» أم محمد؛ فيقول لهم اليهود الذين لم يجر على ألسنتهم قول الحق قط: أنتم. يقول الله تعالى موبحًا مستنكرا 9 أجعلتم سقَايَة الْحَاجٍ وعمارة الْمَسّجد الْحرام كمن آمَن باللّه واليوم الآخرٍ وجاهد في سبل اللّه4 والمعنى أصيرتم سقاية الحاج» أى جنس الحاج وهم الحجيجء وعمارة المسجد الحرام» أى تنظيفه والقيام على بنائه وتشييده» كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد فى سبيل الله . وقال أكثر المفسرين: إن فى الكلام تقدير لمحذوف تقديره: أجعلتم أهل سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام» وقالوا إنه يدل عليه قراءة (مسّقَاة)0) بضم السين وهى جمع ساق ويكون المعنى على هذه القراءة: أصيرتم سقاة الحجيج » وأهل عمارة البيت الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخرء وجاهد فى سبيل الله تعالى» والاستفهام إنكارى توبيخى متضمن النفى وأن ما صنعوا لا ينبغى لأهل العقول المدركة» والآيات تتلى عليهم بالحق المبين ليتدبروه فيتكصون عنهء ويسمرون بهجر القول» ويتفاخرون بشعر العرب» كما قال تعالى: قد كانت تي َل كمف عل أقابكُم كود 5ت مسري به سامرا مجر 9 © [المؤمنون]» أى يهجرون القرآن» وكانوا يسمرون بالأساطير والخرافات ويهجرون القرآن هجرا. وقد أجاب سبحانه وتعالى عن الاستفهام التوبيخى مبينا الحق طلا يستوون عند الله 4 فمقامهم عند الله مختلف مقام المجاهد المؤمن بالله واليوم الآخرء مقام عال؛ لا يناصى» ومقام المشرك الذى يكتفى من الشرف بالسقاية والعمارة المادية» ويظن ذلك مقربًا إليه زلفى» وهو يشرك بالله فى عبادته الأنداد. إنهم تركوا الجوهر وناقضوهء وأخذوا بمظهر باطل لا يغنى عن الحق شيئا . . ليست فى العشر المتواترة‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة 9 !ااا اانا!|اااااا!|اا!| لاا اللا!|لااا !ااا الالو ططق طخامخاخا ااا اتا لاا م 1ط خخخ لاااااماام لاا لل لات كطخ امم لالتلا بج وأ بي تعالى: 9 والله لا يهدي القوم الظالمين» والظالمون هم المشركونء وقد سمى الله الشرك ظلمء لأن المشرك ظلم الحق فعبد أوثانا لا تضرء وظلم العقل المدرك فطمسه.ء وظلم نفسه فتردى بها فى مهاوى الضلال» وطمس الحق» وإن الله لا يهدى الذين أركسوا أنفسهم فى هذاء لأنهم لم يسلكوا نجد الحق والعقل والإدراك السليم. وهنا إشارة بيانية» وهى أن سياق الآية فى ظاهره من غير تقدير جعل المناظرة بين سقاية الحاج وعمارة البيت الحرام ومن آمن ..... ولمعنى إيمان من آمن 2 ولكنه ذكر من آمن... وذلك لبيان الإيمان قائما فى أصحابه محسوسا باللّه واليوم الآخر ... 60 4 [البقرة] إلى أخر آية البر. يعمهون» بين جزاء الهداة الذين جاهدوا بعد أن آمنوا وهاجروا. « الْذِين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّهِ بأموالهم وأنفسهم أعظم درجَة عند الله وأولك هم القائرون 9 4 . هذا النص الكريم» هو الحكم الذى أصدره الله تعالى فى قضية الموازنة بين . الإيمان والجهاد وبين سقاية الحاج» وعمارة البيت» فقال تعالى: ١‏ الّذين آمنوا وَهَاجَروا وَجَاهَدوا في سبيل الله بأموَالهم وأنفسهم أَعظم دَرَجَةَ عند الله . ذكرهم سبحانه وتعالى بأنهم أعظم درجة وأفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنه إذا كان على بابه يكون مؤداه أن الذين اكتفوا بالسقاية والعمارة لهم درجة عظيمة عند اللّه» وإن لم تكن الدرجة الأعظم, إذ الحقيقة أنهم ما داموا على الشرك ليست لهم عند الله أية درجة» بل إنهم فى الحضيض الأوهد» ولا درجة لهم عند الله قطء وإذا كان أفعل التفضيل ليس على بابه» فمعناه أنهم عند الله فى درجة عظيمة» لا تطاولها درجة» وعبر بأفعل التفضيل لما كان من مقابلة لفظية. 0( 8# تفسيرسورة التوبة الل لوو لل اال لاااا640ا1االللللل للا لح ا وهذه الدرجة العظيمة التى لا تفضل عنها درجة قط؛ لأنهم كانوا فى أوصاف عالية تجعلهم رجال الله ورجال الحق - أولها ‏ أنهم آمنواء والإيمان فى وسط الشرك الغامر والوثنية الغالبة فيه جهاد النفس» ومغالبة الباطل» ونور العقل» ومقاومة الجاهلية وعصبيتهاء وطغيانها»ء وشرورها وآثامهاء ومع هذا كله تكون رفعة الدرجة» إذ بمقدار تلك المغالبة النفسية يكون علو الدرجة. بالإيمان نقيا طاهر من أرجاس الجاهلية وعصبيتهاء والخروج من جو الجاهلية المعتكر بالعصبية والضلال إلى جو النور والإيمان. والوصف الثالث ‏ أنهم جاهدوا فى سبيل الله أى طريق الله الحق بأموالهم وأنفسهم» فلم يكن إيمانهم سلبيا بل كان إيمانا إيجابياء آمنوا بالحق» وضحوا فى سبيله بالأهل والولد» ثم دعوا إليه محاربين الباطل؛ جاهدوا أنفسهم أولا بتخليصها من أدران الشرك وأوهامه» وصابروا على الأذى بعد أن صبروا عليه ' وقدموا أموالهم مجاهدين» وأنفسهم فى اشتجار السيوف والرماح» واستجابوا لقول الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم: «جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم والسنتكم)(9" . وقد حكم الله تعالى لهم فقال: «وأُوَلك هم الْقَائزون4 الإشارة إلى أوصافهم» وفيه دلالة على أن هذه الأوصاف هى سبب ذلك الفوز» وقد بين سبحانه أنهم المختصون بالفوز دون غيرهم؛ لأن تعريف الطرفين وضمير الفصل دلاً على أنهم المختصون بالفوز» ولا فائز إلا من عمل عملهم» وحمل أوصافهم» فهم رجال الله تعالى حقاء وقد بين الله تعالى جزاءهم فى الآخرة فقال تعالت كلماته : )١(‏ سيق تخريجه. #ا تفسيرسورة التوبة 1 الئل حر 1 مه رهد م 8 و ف يرهم رُم بِرَحمَة مه وان وجنات لهم فيها تعيم مقيم 67 خَالدين فيها بدا إن الله عنده أَجرٌ عظيم © 4. البشرى: الخبر السار» ولا تطلق على غيره إلا تهكماء كقوله تعالى: « .. .وَبَشَر الّذينَ كَقَرُوا بِعَدَاب ألم 2©) 4. وقوله تعالى: 8 يبشرهم ربهم برحمة منْهُ وَرضْوَان4 بيان للفوز الذى حكم به سبحانه وهو أعدل الحاكمين» والبشرى تتضمن الرحمة» والرضوان من الله تعالى» وقد نكرا وهما مضافان إلى رب هذا الوجود للدلالة على الفخامة والعظمة» فهى لا يدرك كنهها ولا تحد حدودهاء وهى من الله تعالى واسع الرحمة الذى وسعت رحمته كل شىء» والرضوان من الله وهو أعظم من كل ثواب مادى» ولذلك قال سبحانه وتعالى: 8# . .ورضوان مَنَ الله أكبرَ ... 69 4 أى أنه أكبر من كل نعيم؛؟ لأنه الرضا من الله تعالى» وهو نعمة لا يشعر بها إلا من يحس بعظمة الله وجلاله» ويفنى فى ذاته العلية» حتى إن الصوفية ليقسمون العبادة إلى ثلاث مراتب» المرتبة الدنيا: مرتبة من يعبد الله اتقاء عذابه» والثانية: من يعبد الله رجاء ثوابه» والعليا: من يعبد الله رجاء رضاه. ٍوَجنَات لهم فيهانَعِيِمْنّقيم4: وهى غير الرحمة؛ لأن الرحمة ضد الشقاء» وهى وحدها نعمة؛ لأن الخروج من الضلال إلى الهدى والشعور بالحق وأنه اهتدى إليه وخرج من الضلال إلى نور الهداية هو وحده رحمة ونعمة» فأول جزاء للمؤمن من يأخذه من الإيمان نفسه» فيشعر باستقرار لا اضطراب فيه. وبعد هذا الشعور والإحساس برضا الله تعالى تكون الجنات التى تجرى من تحتها الأنهار» ويكون للذين يدخلونها من أهل الحق والإيمان نعيم مقيم» أى ثابت دائم . وقد أكد سبحانه ثوابه بقوله تعالى: ط خَالدينَ فيها بدا إن الل عنده جر عظيم #6 الخلود نعمة فوق نعمة الجنة ذاتهاء» فإن الإحساس بدوام النعمة نعمةء وليس فى مقابل الدنيا الفانية» وأكد الله سبحانه وتعالى خلود الجنة ودوام نعيمها و ## تفسير سورة التوبة كاك ١‏ .. 7 بقوله تعالى : 8 أبدا © فهى دائمة لا بقدر الدنيا» كما توهم بعض الذين لا يدركون حقائق نعم الله» إنما هى باقية أبدا ما شاء الله تعالى أن تبقى. وقد بين الله تعالى بعد ذلك أن عند الله تعالى ما هو أكبر من ذلك» فقال تعالى : إن الله عنده أجر عظيم 4 والعبادة تحتمل أن عند الله جزاء آخر غير ما ذكر لا يحيط به عقل أهل الدنياء» ولذلك رجح الاحتمال الأول وهو أن وراء الحنة وخلودهاء ونعيمها أجرا أعظم من ذلك» مثل هذا تجليات الله على عباده يوم القيامة . إنه هو العزيز الرحيم. الله أولى بالمؤمنين من أنعّسهم وآبائهم وأبنائهم قال تعالى: هملز ءَامَمُوأ لاتَتََحِذْوا ءابآ - حم > م ل اس ل # ع ص سس رار 9 دج لس عا مر وَإِخودَكم وين أسْتَحَبها كفرع لَالإيمدن ان ابَاؤْكم نوكم حوفي وأزوا4 و وعشيرةة مول أفَفْْموهَاوتِحَرَهكْسَودَكسَادهَاوَمسَدكعْ وَصَوْنَهَا لب يسكب آَلَهوَرَسُولوَجِهَاد سه ٠. .‏ -5 0 لك قد سرت يد و ا سر في سيلو فت بص وأ حو يَأ الهس و ونه لايَبَدى هه 1 دخ له متت سر ب د سل لوم مسقت ا 0# تفسير سورة التوبة الل اللا 0 0 تحب 1 كان المؤمنون فى أول الإسلام قلة» ولا يكون للقلة قوة إلا إذا تنضامت وتوالت» وجعلت الولاية لأنفسهم دون غيرهم» ولذلك كانت الهجرة واجبة حتى تتجمع قوة الحق وتتآزر وتكون لها ولاية مستقلة عن ولاية أهل الشرك ومناصرتهمء. والولاية هى النصرة والسلطان وأن تكون الموالاة لدولة مسلمة. روى الزمخشرى. عن ابن عباس أنه كان قبل فتح مكة من آمن لم يتم إيمانه إلا بأن يهاجرء ويصارم أقاربه الكفرة» ويقطع موالاتهم» فقالوا: يا رسول الله» إن نحن اعتزلنا من خالفنا قطعنا آباءنا وأبناءنا وعشائرناء وذهبت تجارتناء وهلكت أموالناء وخحربت ديارناء ولقينا ضائقة. فنزلت الآية. وإن صحت هذه الرواية فإن الآية يكون المخاطب بها الذين آمنوا أولا ثم هاجرواء ولكن مع ذلك فحكم الآية عام؛ لأن المبرة يعسموم اللفظ لا بختصوص السبب؛ ولقد قال الله لاف شيأ فو مهمه يكل شه وى اله المصير 49 0 عمران]» ولقد قال تعالى: ١ل‏ يا يها اين آمنوا لا تَتَخدوا الْيهُودَ والتُصّارَى أَوْليَاء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فَإِنهُ منهم ... 69 4 [المائدة] اللهم إنا برآء ممن جعل نصرته عندهم. فإنه منهم . ولقد روى أن النبى كه قال ١لا‏ يطعم أحدكم طعم الإيمان حتى يحب فى الله ويبغض فى الله حتى يحب فى الله أبعد الناس. ويبغض فى الله أقرب الناس إليه3000 , ولقد قال تعالى : إلا تجد قَوما يؤمنون باللّه والْيوْم الآخر يوَادُونَ مَنْ حَادَ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إِخْواتهم أو عشي رهم أولتك َنب في قُلُوبهم لمان يدهم بروح سولهم جنات تَجْري من تَحتها الأنهارُحَالدِين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أُولك حزب الله ألا إن حب الله هم الْمُْلحُونَ 465 [المجادلة] . )١(‏ ذكره أبو السعود فى تفسيره: ج14 ».ص4 250 والزمخشرى فى الكشاف : ج37 :ص١148١»‏ برقم (69غ). ش 8# تفسير سورة التوبة ل ملل الل 0 يبا وفى الآية الكريمة إشارات بيانية بليغة: الأولى: قد اقتصر الله تعالى فى الآية على الآباء والإخوان» ولم يذكر الأبناء» لأن الآباء والإخوة تكون منهم النصرة.» والاعتزاز» أما الأبناء فإنهم تبع لآبائهم ؛ ولأنه لا تأثير للابناء على آبائهم» ولأنه يندر من كان يسلمء وأبناؤه مستمرون على الكفر؛ لآأن تأث ثير الآباء على الأبناء يمنع من أن يتغذوا بلبان الشرك» ومن النادر إيمان أبى بكرء وبعض ولده مشرك حتى اشترك فى غزوة بدر مع المشركين . الثانية - فى قوله تعالى: إن استَحبُوا الكُفر على الإيمان 4 هذا شرط لمنع الولاية عنهم والاتتصار بهم ونصرتهم وَظاسْتَحَبْوا معناها أحبوا بشدة وتعصب؛ لأن السين والتاء للطلب» أى طلبوا محبة الكفر حتى أححبوه» فكانوا مبالغين فى الكفر متعنتين فى عداوة المؤمنين» فمن والاهم فقد والى أعداءه الكافرين . الثالثة ‏ أن الله تعالى حكم بالظلم على من يتولاهم فى قوله تعالى: ومن يتولّهم كم فَأُولَكَ هم الظّالمون 4 (مَنْ) شرطية» وهى اسمء والتولى جعلهم أولياء له ونصراءء وقال تعالى: طمُنكم 4 للإشارة إلى أنه ترك ولاية الحق إلى الباطل» لأن منكم تدل على أن الأصل هو ولايتهم لكم. وقوله تعالى: « فأولتك 4 الإشارة إلى انفصالهم عنكمء وحكم عليهم سبحانه بالظلم وقصره عليهم؛ وذلك لأنهم ظلموا أنفسهم بترك أوليائهم الحقيقيين كما قال تعالى : : ©إِنْما وليكم الله ورسوله والّذين آمَنُوا . .. 4059 [المائدة] فتركوا ولاية الله وإخوانهم المؤمنين» فكانوا ظالمين إذ استنصروا بمن لا ينصرونهم» وليس فى قدرتهم أن ينصروهم من دون الله» ولأن موالاة الشرك شرك #. .إن الشرك لَظَلّم عظيم 4095 [لقمان]. إن الجهاد تجرد لله تعالى» وصدق رسول الله كَِْةٌ إذ جعل المجاهد كالراهب متجردا من أهله وماله» وسكنه وتجارته» فقال عليه الصلاة والسلام: «لكل أمة 1# تفسير سورة التوبة 2 1م١111‏ انا زتلللن لزنا انط لاملا تانامض الانا نا اناالا الاطنط انا لنا للاخ تالالطا نطططل ملا ااال مطسخطططططاخطططنطططط ططخ خط طنط خط لمالا لتلا حب أ رهبانية» ورهبانية أمتى فى الهاد»(١)‏ وإنه» كقوله تعالى : «قلإدٍ كان آباؤكم وأبناؤ كم وإخوانكم وأزراجكم عشي ركم وأموال افمَرفْكَمُوهَا وتجارة تَحْسُون كسادهًا ومساكن ترضونها أحب إِليِكُم من الله ورسّوله َجِهَادِ في سبيله فمريُصُوا حت يأني الله بأَمْرِه واللّه لا يهدي الْقوم الفاسقين 9 4 . الخطاب للنبى يكلْدِ آمرا أمته بالجهاد محرضا على التجرد له والانقطاع له لا يشغله قلبه إلا أن يسصر لله ورسوله ويعتز بأهل الإيمان «إإن كان آباؤكُم وأبناؤ كم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرثكم 4 والعشيرة هى الجماعة المتناصرة المتوالية» وهم الأقربون» ومن يدانونهم» ( رأموال افترقتموها» أى اكتسبتموها مقتطعين لها؛ لأن الاقتراف معناه الاقتطاع وتجارة دح تخشون كسادها 24 أى ثمينة لها أوقات تخشون ألا تروج فى وقتهاء ومساكن ترضوتها »2 أى ترضون مناخهاء وحدائق ترعونهاء ل أَحَب ليك من الله ورسوله #» أى تؤثرون المعيشة الرافهة الفاكهة عن طاعة الله ورسوله ‏ وجهاد في سبيله 4 فى سبيل الله تنالون به العزة» وتسعدون به الذلة « فَعَربصُوا حنَّئ يأتي الله بأمرِه 4 أى ترقبواء حتى تنزل المذلة إن استرخيتم تحت ظل النعيم» وعند الاسترخاء والاستنامة للراحة يكون القعود عن الجهادء ولقد توقع خليفة رسول الله ذلك» إذ قال رضى الله عنه: التألمن على الصوف الأزربى كما يتألم أحدكم من النوم على حّسك السعدان»» ولقد كان ذلك عندما وجدوا الدمقس والخحرير» وجلسوا على عرش كسرى» وجاءتهم غنائم من الأندلس والصين» عندئذ كان الترفه والتنعم» والارتماء فى أحضان القيان» وكثرت الأغانى» ورق الذوق» وحين كان ذلك لا تكون عزيمة» ولقد قال الزمخشرى فى ذلك: هذه آية شديدة وهى قوله: 9 فَعَربّصوا حَتَى يأتي لله بأمره 4 كأنها تنعى على الناس ما هم عليه من رخاوة لهذا الدين» واضطراب حال اليقين» فلينصف أورع الناس وأتقاهم من نفسه هل يجد عنده من التصلب فى ذات الله والثبات على دين الله ما يستحب له دينه على الآباء والأبناء والإخوان والعشائر والمال والمساكن وجميع حظوظ الدنياء ويتجرد منها لأجله أم يزوى الله )١(‏ سبق تخريجه. 4 ## تفسير سورة التوبة الللللللل لوول لاا لوللا ب(زجمل بن بي ١‏ عنه أحقر شىء منها لمصلحة» فلا يدرى أى طرفيه أطول» ويغريه الشيطان عن أجل حظ من حظوظ الدين فلا يبالى كأنما وقع على أنفه ذباب فطيره. هذه حال الناس فى عهد الزمخشرىء» يوم تقاتل المسلمون» واستبدل الملوك بالجهاد فى سبيل الله القتال بينهم فصار بأسهم بينهم شديداء ونسوا الجهاد حتى جاءهم من لا يرحمهم. جاء الصليبيون من أوروبا وجاءهم التتار من الصين ففرقوهم شذر مذر. ولقد توقع رسول الله َلِْةِ ذلك. فقال: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها»., قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «بل أنتم كثير» ولكن غثاء كغثاء السيل» ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة» وليرزقنكم الوهن» قالوا: وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت2172 اللهم حبب إلى قلوبنا الإيمان» وأن يكون الله ورسوله وجهاد فى سبيله أحب إلينا من آبائناء وأبنائناء وإخواننا وأزواجنا وعشيرتناء وأموالناء وتجارتناء ومساكتناء وكل حظوظناء فإن ذلك إن كان» فقد وهبت العزة وصارت تحت أقدامنا حظوظ الدنيا. يوم حنين قال تعالى: كيان 2000 2-2 لفدصرحكم لدف لد سسحت سه - 201 ا مكير زم ززة أن تسطم رن تَغْن هم شيعا وضَا 2 صَافَتَ عَِكِحكْْالأرّشض )١(‏ رواه أحمد: باقى مسند الأنصار- ومن احديث ثوبان رضى الله عنه(491١؟)2‏ ورواه أبو داود فى الملاحم- تداعى الأمم على الإسلام 0 ) ولفظه: «وليقذفن فى قلوبكم الوهن». 0# تفسير سورة التوبة الملل لاا وواللا ١١ اك‎ ١ بي‎ سي ير و يتاوقيت فقث توت م لم سكيد لَ رَسُولِهوَعَلَ ألْمْؤْمِنيت وَأنْرَلجُنْووًا وها 97 مكلك برآ الكفرين © موب لَمُمِ ند دَلِلكَ عل مَن يسا وَالَه حمُودُ المواطن جمع موطن» وهو مكان امحرب» الذى توطن فيه النفوس على القتال» وهو كما قال الزمخشرى: ومواطن الحرب» مقاماتهاء ومواقفهاء قال الشاعر: ‏ وكم موطن لولاى طحت كما هوى2 بأجرامه من قلة النيق منهوى() والمواطن الكثيرة: بدذرء وجلاء بلى قينقاع والنضير» وقريظة والأحزاب» والحديبية» ولخيبر» وفتح مكق وذكر أيضا أحد» فما انهزم المسلمون ولكن تعالى على المسلمين» أو بالأحرى المؤمنين ‏ بالنصر فى هذه المواطن» وقد هداهم الله تعالى إليه وأمدهم بالملاتكة؛ لأن قلوبهم كانت مستعدة لتجلى الملائكة؛ وإمدادهم بهم وذكر سبحانه يوم حنين؛ لآن قلوب الكثرة من المسلمين لم تكن مستعدة لهذا التتجلى الملائكى » وعبر سيحانه بيوم حنين » ولم يعبر بغزوة حنين؛ أن هذه الغزوة كان لها دوران: دور يوم حنين وهو الذى جرح فيه المسلمون». والدور الثانى الذى انفرد به المهاجرون والأنصار فكان النصر وكان تأييد الملائكة . )١(‏ قلة النيق: سفح الجبل. 8# تفسير سورة التوبة لحي مامالل ٠: ااا‎ 3 والعبرة كانت فى يوم حنين إذ أعجبتهم كثرتهم» أى أدخلت فى نفوسهم العجب كثرتهم» وقالوا لن نغلب اليوم» وقد حسبوا أن النصر بالكثرة العددية؛ ولذا قال تعالى: «فَلّم تغن عنكم شما 4 أى فلم تغن عنكم شيئا من النصرء بل . كانت الكثرة سببًا فى الهزيمة» وإن لم تكن هى النهاية» وصور الله سبحانه وتعالى هذه الهزيمة المؤقتة بقوله تعالى: 9 وَضاقت عَلَيكُم الأرض بما رحبت 4 أى أنه سدت عليكم المسالك» إذ نزلوا بوادى حنين» ولم يستطيعواء وتسلط مع ضيق المسالك الخوف» إذ كان فيهم من لم يمرسوا بقتال الإيمان» وربما كان منهم من أسلم ولما يدخل الإيمان قلبه» قال تعالى: ا تم وليتم مدبرين » والخطاب للمجموع فإن الذين فعلوا ذلك ليسوا هم المؤمنين من المهاجرين والأنصارء إنما أكثر من فعل ذلك من الطلقاء وأبناء الطلقاء» الذين بلغ عددهم فى ذلك الجيش نحو ألفين» وفيهم من أسلم بعد الحديبية» ولم يكن فيهم إيمان الأنصار والمهاجرة. والتعبير ب«ثم4 للؤشارة إلى البعد المعنوى بين إرادة النصر والفرار» وقوله تعالى: « ولّيتم 4 إشارة إلى أنهم عند الصدمة الأولى أعرضوا عن القتال» وفروا مدبرين تاركين أقفيتهم للعدو. تعمل فيها سيوفهم. هذه إشارات إلى يوم حنين» ولنذكره ببعض التفصيل ليعلم من الذين ولواء ويتبين من الذين أجرى الله تعالى النصر على أيديهم. «حنين» واد بين مكة والطائف» وأساس القصة أن النبى كله وقد فتح الله عليه مكة». وأسلم الأكثرون وأطلق الطلقاء بلغه أن هوازن وثقيفا تعد العدة لقتاله؛ لأنهم توقعوا أنهم الأدنون الذين يجىء إليهم جيش الحق» وجمعوا جيشا كثيفاء عدته أربعة آلاف على أرجح الروايات» من هوازن وثقيف». وانضم إليهم بنو سعد ابن بكرء وأوزاع من بنى (هلال): وقد أقبلوا ومعهم النساءء والولدان» والأموال من النعم والشاة وجاءوا بقضهم وقضيضهم. خرج إليهم رسول الله يلد بالجيش الذى كان معه لفتح مكة» وانضم إل من الطلقاء ألفان فكانت عدته اثنا عشر ألفا 0# تفسير سورة التوبة ممم 0١‏ ج11 ولم يكونوا جميعا من المؤمنين أمثال الذين قاتلوا فى بدر وأحدء والمغازى الإسلامية التى قاتل فيها المؤمنون» بل كان فيهم المؤلفة قلوبهم الذين دخلوا فى الإسلام وهم حديثو عهد به. جاءت هوازن مدفوعة بحمية الدفاع عن النفس» وجاء المسلمون ولم يكونوا على قلب رجل واحدء بل كان فيهم من توسوس له نفسه أن يغدر بمحمد وكاو وقد بادر أهل الطائف فرشقوا المسلمين ومن معهم بالنبال» وأصلتوا فى الوادى الذى يسمى حنيناء وجاء النبى يله وكانت هوازن ومن معها قد كمنت فى جنبتى الوادى وهجمت على المسلمين الذين دخلوا فى بطن الوادى هجمة رجل واحدء واضطرب المسلمون» ولم يعرف أحد أحداء ويذلك ضاقت عليهم الأرض بما رحبت إذ قد تهيأت هوازن ومن معها فى مضايق الوادى وأحنائه. ورسول الله كَل فى ناحية من الأرض قد ثبت» وثبت معه المؤمنون» من المهاجرين والأنصارء وأخذ ينادى المسلمين» ولكن انكفاً بعضهم على بعض» وكما قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه: «انحط بهم الوادى فى عماية الصبح» وثارت فى وجوههم الخيل فشدت عليهم» وانكفأ الناس متهربين لا يقبل أحد على أحد» وانحاز رسول الله يك ذات اليمين يقول: «أيها الناس هلم إلى أنا رسول اللهء أنا محمد بن عبد الله»» فلا شىء» وركبت الإبل بعضها بعضاء فلما رأى رسول الله َك ذلك قال: «يا عباس» اصرخ يا معشر الأنصار»ء» فأجابوه: لبيك لبيك ذهب الأنصار فى هذا المضطرب مجيبين رسول الله كَل كان رسول الله ومعه بعض أهله الأدنين» معه عمه العباس» وهو آخذ بلجام دابته» وابن عمه أبو سفيان بن الحارث» وابنه جعفرء وعلى بن أبى طالب» وأسامة بن زيد» وأيمن بن عبيد» وربيعة بن الحارث» والفضل بن عباس وقثم بن العباس» فهؤلاء عشرة من أقارب رسول الله الأدنين ومعهم وزيرا النبى كله كان هؤلاء الشابتون وعلى رأسهم رسول الله كَلِْةِ الذى كان إذا حمى الوطيس أحاطوا به واتقوا حر القتال بالإيواء إليه» والنبى ينادى المؤمنين» والعباس ١‏ 1# تفسير سورة التوبة اكاكس < يي جهير الصوت يصرخ فى المؤمنين داعيا أهل البيعة التى كان بعدها الهجرة» فلما أحاط بالنبى كَلك1 المهاجرون والأنصار من الأوس والخزرج تغير وجه القتال وتجرد أهل الإيمان للمشركين» بعد أن ماز الله الخبيث من الطيب» وانفصل الذين لا يزال فى قلوبهم رجسء أو أسلمواء ولما يؤمنوا. وهذا قوله تعالى: «إنْمْ أنزل الله سكينته على رَسُوله وَعلَى الْمَوْمدينَ وأنرّل جنودا لم تَرَوْهًا علب الْذينَ كقَرُوا وَذَلك جرَاءالْكَافرِينَ 9© 4 . «ثم4 هنا فى معناها؛ لأنه كانت مدة بعد الاضطراب وعادت السكيئةء ولبعد ما بين الاضطراب والفزع والسكينة» وقد أنزلها برحمة منه» بعد أخذ النبى يكْهُ فى جمع أسبابهاء وتلافى أسباب الفشل» واتخاذ أسباب النصر بأن جمع المؤمنين الذين لهم سابقات فى النصر وانحازوا إليه واتخذهم قوة الحق واتقاء الهزيمة. وأضاف سبحانه وتعالى السكينة والاطمئنان إليه سبحانه؛ لأن ما يكون من الله لا يتغير ولا يحولء ولا يتبدل فهى سكينة ثابتة قائمة» تؤتى ثمارها وغايتها . وقال سبحانه: «إعلَى رسوله وعلى الْمؤْمِينَ4 بتكرار «عَلَى 4 للدلالة على أن السكينة عامة ولم تخص» وتأكيدها بالنسبة للمؤمنين» وعبر سبحانه بالمؤمنين» ولم يقل المسلمين للإشارة إلى أن هذه السكينة كانت خاصة بالذين آمنت قلوبهم» واطمآنت بالإيمان نفوسهم . وقد أيد الله المؤمنين بالملائتكة مبشرة بالنصر القريب» وأن لهم الفوز والغلب» والجنود الذين لم يروهم هم الملائكة الذين ملثوا قلوبهم بالطهر والعزم والصبرء وتلك أدوات الحرب» فالأداة الأولى للحرب الطهر والإيمان والعزم والصبر والتوكل على الله تعالى» وألا يغتر المجاهد بعدة» ولا عدد. ولقد روى أن رسول الله كَلْةِ والشديدة شديدة» أخحذ حصيات ورمى بها وجوه الكفار ثم قال: «انهزموا ورب محمد)» ويروى أنه قال: «شاهت الوجوه». 8# تفسير سورة التوبة لل وواللا ص الا :2 يي ثم قال تعالى: 9 وَعَدب الّذِينَ كَفَروا4 عذب الله الذين كفروا فى هذه المعركة بأن هزمهم هزيمة» وقد لاح برق الانتصار فى أولهاء ولكن. كان الزعم القاصم الذى صك الآذان صكا عنيفاء وأشد ما يكون على النفس وقعاء أمل النصرء ثم وقع الهزيمة من بعدء وفوق ذلك فقد كان النصر بقتل ذريع داهم مستمر . ولقد ساقوا أموالهم كلها ليثور حماسهم برؤيتهاء فغنمها المسلمون جميعهاء فكأنهم ساقوها ليأخذها المسلمون غنيمة باردة» وساقوا نساءهم وأولادهم ليزدادوا حماسة برؤيتهم» فسباهم المسلمون وأذلوهم بسبيهم فكأنهم كانوا يعدون المائدة للمؤمنين . هذا هو العذاب الدنيوى» هزيمة وقتل» وإذلال بالسبى» وأخذ الأموال غنائم غير مردودة» وإذا كان السبى قد رفق بهم النبى يلكي فى أمره» فالمال قد وزع بين المجاهدين» وأخذ منه المؤلفة قلوبهم ما أخذوا. وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: « وَذَلك جزَاء الْكَافرِين 4 (ذلك) الإشارة إلى ما ارتكبوا من تدبير» وأن ذلك رد كيدهم فى نحورهم فقد دبروا وبيتواء ووضعوا الكمائن» وساقوا أموالهم ونساءهم وذرياتهم فجازاهم الله تعالى ذلك بأن هزمهم» وغنمت أموالهم» وسبيت نساؤهم» وذلك بسبب كفرهم. ولقد فتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة لمن يشاء من عباده عساهم بعد أن رأوا أن أوثانهم لا تضر ولا تنفع» وبعد أن عركتهم الحرب وهزموا فيهاء وغنمت أموالهم وصاروا فى رحمة محمد يَكِلٌ وهى من رحمة الله تعالى فعساهم يهتدون» ولذا قال تعالى: نم يعُوب الله من بعد ذلك علَئ من يشاء واللّهُ عفُور رّحِيم 9 4 . «إثُمْ) هنا للبعد بين كفر عنيف» وتوبة ضارعة راجية» لإ يتوب اللّهِ من بعد ذلك على من يشاء © أى يرجع على عباده بالتوبة» والإقلاع عن الشرك والرجوع 8# تفسير سورة التوبة احا الل للفلل ل ا حب 1 إلى الله سبحانه وتعالى. من بعد ذلك 4 أى من بعد بيان أنهم لم يغنهم غرورهم وانهزامهم هزيمة منكرة وسبى نسائهم وأموالهم» وكرم النبى كَل فإنه يروى أنهم جاءوا أو جاء كبراؤهم بعد ذلك مستسلمين يريدون سباياهم وأموالهم» وكان النبى كد قد فرق بعض السبايا أو كلها فى المقاتلين من المسلمين. جاء ناس منهم إلى النبى َك فبايعوه على الإسلام» وقالوا: يا رسول الله أنت خير الناس وأبر الناس» وقد سبى أهلونا وأولادناء وأخذت أموالناء وكان السبى يومئذ يعدون بالألوف فقام النبى الكريم الرءوف برحمة من رب العالمين» فقال: «إن عندى ما ترون» إن خير القول أصدقه: اختاروا إما ذراريكم ونساءكمء وإما أموالكم». قالوا: ما كنا نعدل بالأحساب شيئا. فقام الرسول بين أصحابه وقال لهم: «إن هؤلاء جاءوا مسلمين» وإنا خيرناهم بين الذرارى والأموال» فلم يعدلوا بالأحساب شيئاء فمن كان عنده شىء وطابت نفسه أن يرده فشأنه» ومن لا فليعطنا وليكن فرضا علينا»ء حتى نصيب شيئاء فنعطيه مكانه»» قالوا: رضيئنا وسلمنا. فقال عليه الصلاة والسلام: «إنى لا أدرى لعل فيكم من لا يرضى» فمروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا»» فرفعت إليه العرفاء أن قد رضوا(!". وهذا الخبر وقبله الآية الكريمة يدل على أمور: أولها - أن المغرور إذا هزم» وتبين أن غروره لم يجده شيئاء وأنه ضعيف أمام الحق ارعوى,» وتغير تفكيره إذ تغيرت حاله من غرور نفسى إلى اقتناع بأن أوهامه باطلة» فيتجه إلى الحق» لقد كان أهل الطائف من ثقيف وهوازن أشد الناس اغترار بقوتهم» ومالهم» وكانت فيهم غلظة وجفوة دون غيرهم من العرب فلما عضتهم الحرب فكروا فى أمرهم مسترشدين. )١(‏ صحيح مسلم: الجهاد والسير- غزوة حنين (17/75)»؛ عن العباس- رضى الله عنه- عم التبى صلى الله عليه وسلم . ا تفسيرسورة التوبة الل الل > ا ثانيها ‏ أن الذين اقتنعوا بالحق وأعلنوه منضمين إليه ناس منهم» والكثيرون استمروا فى شماسهم حتى أقنعهم إخوانهه' . ثالثها ‏ رفق النبى َلِةِ ورغبته فى الحرية» لأنه نبى الحرية فأعطاهم سباياهم سمحا كريما. رابعها ‏ أن الرفق يغير القلوب» ولو كانت قلوب أشد الناس شماسا وغلطة وقسوة» والنبى يك كان أرفق الناس» وبرفقه جذب إلى الإيمان قلوبا غليظة» « ... ولو كنت فَظَا غليظ الْقَلْب لانفضوا من حولك ... 629 4 [آل عمران]» وختم الله تعالى الآية بقوله: «إ واللّه غفور رحيم »© أى أنه كثير المغفرة كثير الرحمة سبحانه وتعالى. قال تعالى: 2 007 ذه ست سد سه او - يتأيها | أذربء اممو مَنْوَأِتَمَاالْمُشْرِوتَ يس فَلايَقَ ربوأ ألْمَسْجِدَأ 1-0 7 َتَعَايهِم كسا 0 من مَضْسلِهِء إن أل سكي 0 ا !َّ ياي 201100 م ألتمو رسو أ 27 رك دجن الح مِنَ لتحت أوثوأ أْلحجك جب حو 7 َلْجِرَيةَ عن يل د وَهْمّ مروت لم21 0 ين لله وق وا لدم ى )١(‏ الشّماس» ويقال: رجل شموس: : عسرء وهو فى عداوته كذلك خلافآ وعسراً على من نازّعه وإِنّه لذو شماس شديد. وشَمَسَ لى فلانا» إذا أبْدَى لك عَداوتَهُ كاله قد هم أن يفُعل. [العين -شمس]. ١‏ 0# تفسير سورة التوبة حب أ سس وشا سل - سر هه و و تيفوت تقول الْذِين وَأْصِ قبل فَتَكَلْهُمَ مر 1 أ د 3 #تسطورج 5 اسايق شتفم رَسََابامّن دوب آله ِوَالْمَسِيحَ بت عي عار يدها جد - َدإله لاهوش ع ونه مبحدسَه سيا مشر ركورب 9 -8 2ج ممه الى يك رك وم للم 45 ل + عمران]» وقد وضعه الله ؛ تعالى على يد إبراهيم أبى العرب» «إما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كَانَ حنيقا مُسلمًا وما كَانَ من المشركينَ 69 4 [آل عمران] وقد مكث آمادا فى أيدى المشركين الذين كانوا يعرفون الله» ولكن لا يعبدونه» وجاء محمد كِهِ ليعيدهم إلى التوحيد ملة إبراهيم؛ فحطم الأوثان. وكان حقا ‏ وقد عاد البيت إلى ملة إبراهيم - أن يمنع منه المشركون» ونريد أن نفسر الشرك هنا بعبادة غير الله» ويدخل فى هذا الشرك العام اليهود والنتصارى من اتخذوا أشخاصا وعبدوهم وسموهم آلهة» ولذا جاء ذكر اليهود والنصارى وراء المشركين بنحلتهم فى ادعاء النبوة لعزير» والمسيح» وأن قتالهم كقتال الشرك» واقتلاعه من الجزيرة العربية» حتى لا يبقى فيها إلا عبادة الله سبحانه وتعالى» فتكون أرض التوحيد» كما كانت عندما بنى إبراهيم الكعبة» إذ كانت الوثنية تسيطر فيما حولهاء وإبراهيم ينادى بالتوحيد فى ربوعها. «إيا أَيْهَا الْذدين آمُوا إِنْمَا الْمُشْرِكُونَ تَجَس»4 وقرئ بكسر النون وسكون الجيم» وقرئ بفتح النون» وكسر الجيم ك(كّبد)» وقرئ بفتحهما تَجّس97©. والنجاسة هنا نجاسة معنوية لما امتلأت قلوبهم بالشرك» وجوارحهم بعبادة غير الله تعالى» من أحجار وأشخاصء ومن التابعين من قال: إنهم أنجاس العين . قراءة (تجس) ليست فى العشر المتواترة‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة مالالا ال م لحب نا كالخنازير» ولكن نجس العين يكون بأصل التكوين والخلق» وهؤلاء لم يخلقوا أنجاساء ولكن خلقوا على الفطرة حنفاء» ولكن انحرفوا تقليدا لآبائهم» أو اتباعا لأهوائهم» فكانت النجاسة أمرا عارضاء وما يكون أمرا عارضا يكون قابلا للتغيبر إذا رجعوا فلا يكون أمرا ذاتيا كنجاسة الخنازير» ولذا قال الأئمة أصحاب المذاهب: إن النجاسة نجاسة الشركء» فمصافحتهم تجوز» ومبايعتهم على الإيمان تجوزء وغير ذلك من الملامسات الجسدية. وقوله تعالى: لقلا يقَربوا الْمَسْجدَ الْحَرام 4 (الفاء) هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ لأنهم إذا كانوا أنجاسا بشركهم لا يصح أن يدخلوا المسجد الحرام» و(لا) هنا ناهية داخلة على فعل للغائب؛ فهى دالة على نهى المؤمنين عن أن يدخلوهم المسجد الحرام» وأن يمنعوهم منعا باتا قاطعاء وعبّر بالغيبة مبالغة فى النهى» كأنهم نفذواء وأخبر عنهم بأنهم لم يدخلوهم». وعبر فى النهى بقوله تعالى: فَلا يقربوا 4 بدل (لا يدخلوا) مبالغة فى النهى عن الدخول» وللدلالة على أنه يجب تطهير ما حول المسجد من الشرك والمشركين» وإذا كانوا لا يقربون المسجد الحرام» فإنهم بالأولى لا يحجون ولا يعتمرون كما كانوا يفعلون فى الجاهلية» وقد كانوا يتولون سقاية الحجيج» وسدانة البيت» فمنعوا من ذلك ومن كانوا يتولون السقاية والسدانة» وبيدهم مفاتيح البيت فى الجاهلية بقيت فى أيديهم بعد أن أسلمواء فتولوها بصفتهم مسلمين غير مشركين بالله تعالى . وإن النهى عن دخول المسجد الحرام يدل على حرمة دخوله بالنص» وعلى حرمة دخول غيره من المساجد بالقياس عليه» وبالنص المشير إلى ذلك بقوله: في بيُوت أَذن الله أن ترقع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدر والآصال 3 رجال تحار رامن تخ له وف ال وما الركة ياو تنه الْقلُوب والأأبصار 69 4 [النور]. 0 8# تفسيرسورة التوبة ا ااتلتللكا!!1 اناا ا !!!ااا امم ااام 1خ ملاعم ع ناتللا اللاا!!ا لاا خا اسك مل خملل لل طم 1ع عع خغمغمم مم امااماممخمخممانممل للا مالالا ها يي" وإن رفعة المساجد فى الآية الكريمة تومئ إلى ألا يدخلها من يشرك بالله أحجارا أو أشخاصاء أوصافهم تتنافى مع أوصاف الذين يسبحون فيها بالغدو والآصال. ولقد كان حجيج المشركين من شستى البلاد العربية يوجدون رواجا ماديا بين أهل مكة» كما قال تعالي عن إبراهيم : رن ني أسكدت من ذربي برا رذ َع عند باك الْمحَرم نا ليقيمُوا الصّلاة اَل أفدة من اناس تهوي إلنهم . . فقا [إبراهيم]. فإذا منع المشركون حرم سكان مكةء وهم المسلمون بعد الفتح من ذلك الوفد الذى يجىء إليه» ولذا قال تعالى: وإن خفتم عَيْلَةَ فَسَوف يغديكم اللّه من فضله إن شاء © العيلة : الفقر إذا حرموا من أرفاق المشركين ومتاجرهم» وقد قدر اللّه خوفهم من من الفقراء» أو قلة المال إذا منع المشركون من الحج وقصد بيت الله الحرام فقال: «وإن خفتم 4 وعبر للدلالة على أن تقدير الخوف مشكوك فيه منهم؛ لآن الإيمان يجعلهم يطمئنون ولا يخافون» ومع ذلك طمأنهم الله تعالى فأكد أنه سيغنيهم الله من فضله إن شاءء ونشير هنا إلى أمرين أولهما - أن قوله تعالى: « فُسوف يغْنيكم الله من فَضْله 4 (الفاء» فيها فى جواب الشرط» و(سوف) لتأكيد وقوع الإغناء إن شاء الله تعالى فى المستقبل» فالسين وسوف لتأكيد الوقوع فى المستقبل. ثانيهما ‏ التعبير بقوله تعالى: «إمن فضله إن شاء # فذكر الفضل منسوبا إلى الله تعالى فيه إشارة إلى أنهم لا يرزقونكم بل الرزاق ذو القوة المتين هو الله الذى يرزقكم من فضلهء وقوله: إن شاء# بالتعليق على مشيتته سبحانه وتعالى فيه إشارة إلى: أولا بأن ذلك بمشيتته سبحانه إذا اتخذوا الأسباب» وإن ذلك حسب حكمته؛ يغنيهم إن لم يطغهم الغنى» ويحرمهم إن كان الحرمان يفطم نفوسهم» ويقوى إرادتهم ويعودهم الصبرء والصبر عزيمة الأمور. ولذا خحتم الآية الكريمة بقوله تعالت كلماته: إن الله عليم حكيم 4 فى الجملة تأكيد بالجملة الاسمية» وب(إن) وبتصدير الكلام بلفظ الجلالة الذى تتصف 8# تفسيرسورة التوبة لل لل ماللا ١‏ لاك 1 يي ذاته الكريمة بكل كمال وجلال» وفى هذا التصدير دلالة على صدق ما وعد» و عليم # يعلم كل شىء وما تعلمون وما لا تعلمون» و حكيم # ويدبر الوجود بكمتذط كم ٠.‏ 3 وقد أنجز الله تعالى ما وعدء فقد أغنى الله تعالى أهل مكة ومن حولهم بالحزية والخراج» وإسلام أهل اليمن» وكان ذلك عقب الفتح. فجاءهم الحجيج بأرفاقهم» مسلمين غير مشركين» وما حرموا من خير كان يجىء إليهم» بل استمر ومعه زيادة وهو يجىء طيبا من أطهار. وأرسل عليه السماء مدرارا» فأنبت الزرع قلنا فى أول تفسير هذه الآية» إن المشركين هنا تعم المشركين الذين يعبدون الأحجارء والذين يعبدون الأشخاص . ولذلك قال تعالى: قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يَدِيون دين الْحَق من الّدين أوثوا الكماب حَتَئ يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون 69 4 . مشركون» وإن سموا أهل كتاب؛ لأن الله تعالى بعث إليهم رسولين من أولى العزم من الرسل» وأنهم حرفوا تعاليمهمء وكتبهم التى نزلت من عند الله تعالى» وقد أمر الله تعالى بقتالهم كالمشركين على سواء؛ لأن الشرك يجمعهم وإن اختلفوا عنهم بأن كتابا جاء بالتوحيد خوطبوا به» فكانت الحجة قائمة عليهم أشد من قيامها على الأميين من المشركين . ولذا ذكر الله تعالى وصفا موجبا للقتال يجمعهم مع المشركين» فقال تعالى: (٠‏ قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله © وكرر لا لتاكيد كفرهم باليوم الآخر؛ لأنهم صدقوا به على انحراف» فاليهود منهم الفريسيون» لا يؤمنون بيوم الآخرة قط وسائرهم لا يؤمن بالمجزاء الأخروى» 1" ##ا تفسير سورة التوبة ااال نا ا يي ويعتقدون أن ما ذكر من عذاب العصة والمذنبين إنما هو فى الدنياء لا فى الآخرة بل إنهم ينكرون الروح ؤلا يؤمنون إلا بالمادة» فهم ماديون فى اعتقادهم من كل الوجوه. والنصارى لا يؤمنون باليوم الآخر على الوجه الحقيقى» فهم يقولون إن الذى يدين الناس به هو المسيح لا الله وحده. ويعتقدون أنه شريك لله تعالى فى الدنيا على أنه الابن » وهو بهذا الوصف هو الذى يدين» فالطائفتان لا تؤمنان بالآخرة ولا تؤمنان بالله حق إيمانه» فهم يشركون بالله فى العبادة أشخاصاء ويستوى من يشرك مع الله حجراء ومن يشرك مع الله شخصاء فالاثنان مشركان» وكلاهما يشرك من ليس له مع الله تعالى أمرء ومن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولو كان نبيا مرسلاء كما قال النبى يَلكِدٌ وحكى عنه ربه: قل لا أملك لتفسي نفعًا ولا ضرا . .. 059 © [الأعراف] . وقال الله تعالى فى تكملة أوصافهم ولا يحرمون ما حرم الله ورسَوله 4 لقد حرم عليهم فى التوراة» وهى شريعة لليهود والنصارى أكل الخنزير فأكلوه» وحرم عليهم الرباء فاستحلوه؛ وحرم عليهم أن يسفكوا دماءهم فسفكوهاء وكانوا كالمشركين يحرمون الطيبات ويستحلون الخبائث . ثم ذكر سبحانه وتعالى من أوصافهم التمرد على الحق. 99 ولا يدينون دين اللحقّ4. أى لا يدينون دين الإسلام الذى هو الحق فى ذاته» لقيام الأدلة والبراهين والآيات القاطعة المثبتة صحة نبوة محمدء ونزول القرآن الكريم عليه» وعجز العرب عن أن يأتوا بمثله» بل عجز الناس أجمعين ولو كان بعضهم لبعض ظهيراء وثبت أن هذا الدين هو الحق الخالد الذى نسخ ما قبله من الأديان؛ لأن فيه خلاصتها الباقية» ولو كان موسى بن عمران حيا لآمن به واتبعه» وعندهم العلم به» لأن التوراة والإنجيل قد بشّرا به» ويعرفون رسالة محمد كما يعرفون آباءهم وأبناءهم. ومع ذلك تمردوا ولم يؤمنوا ولما جاءهم ما عرفوا كفروا به. 1# تفسير سورة التوبة ش لدابت حر نا وقال تعالى: امن الّذينَ أوتوا الكتّاب4 (من) هنا بيانية للذين فى قوله تعالى ط قَاتلوا الذي لا يوُمنون باللّه ولا بالْيَوْم الآخر» وإذا كانت (من) بيانية يكون المؤدى: قاتلوا الذين أوتوا الكتاب» وإنما ذكر الكلام أولا معرفا بأوصاف من يقاتلون» ثم بين بعد ذلك ب(من)» لبيان هذه الأوصاف الموجبة للكفر والعناد أولا» ولبيان تمردهم عن الحق ثانياء ولأن الإجمال ثم البيان يشبت المعنى فضل تثبيت ثالثا. فالمقصود قتال أهل الكتاب بعد قتال المشركين» وقل شوكتهم» ولقد قال الحافظ ابن كثير فى ذلك: «هذه الآية الكريمة أول الأمر بقتال أهل الكتاب بعدما تمهدت أمور المشركين» ودخل الناس فى دين الله أفواجا» واستقامت جزيرة العرب على أمر اللّه ورسوله بقتال أهل الكتاب من اليهود والنصارى وذلك فى سنة تسع» ولهذا تجهز رسول الله كَِْةُ لقتال الروم» ودعا الناس إلى ذلك» وأظهره لهم» وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة» فأذعنوا له واجتمع من المقاتلة نحوا من ثلاثين ألفا». وذلك لأن والى الروم قتل من أسلم من أهل الشامء فكان لابد من تقليم أظفارهم» والكلام فى القتال فى غزوة تبوك سيأتى قريباء إن شاء الله تعالى. وإن هذا القتال له نهاية وهو العهدء ولذا قال تعالى: «حتَئ يعْطُوا الْجزية عن يد وهم صَاغْرونَ 4 وقوله تعالى: «إعن يد » أى عن يد مواتية طائعة راضية» غير ممتنعة» والتعبير باليد إشارة إلى إنهاء القتال الذى يكون بيد باطشة» متجاوزين إلى يد معطية للجزية بالرضاء وهم صاغرون4, أى كما نقول غير متمردين» قد دخلوا فى طاعة أهل الإيمان فى صغار منقادين مؤتلفين» غير مجاهرين بالعداوة. وما يعطيه الذمى من المال يسمى جزية؛ لأنها تجزى أى تقضى؛ ولأنها جزاء لآن يدفع الإسلام عنهم» ويكفيهم مئتونة القتال» ولأنها جزاء لا ينفق على فقراء أهل الذمة كما كان يفعل الإمام عمرء وكما هو واجب فى ذاته على المؤمنين وإن 1١‏ 1# تفسير سورة التوبة ١: ااا‎ 1 يي المسلمين فى عصر الصحابة كانوا يوفون بعهودهم مع المؤمنين» روى أن أبا عبيدة عامر بن الجراح» كان أخذ مالا من أهل حمص على أن يدفع عنهم جيش الرومان إن أغاروا عليهم» فلما أصيب جيشه بالطاعون ضعف عن رد غاراتهم » ورد إليهم أموالهم . والإسلام قام بحق التساوى بين جميع من يكونون فى طاعتهء فإن الجزية التى تكون على الذمى تقابل ما يكون على المسلم من تكليفات مالية» فعليه زكاة المال» وعليه صدقات ونذور» وعليه كفارات» وغير ذلك» ولو أحصى كل ما يؤخذ من المسلم لتبين أنه لا يقل عما يؤخذ من جزية إن لم يزد. وإن الدولة كما ذكرنا تنفق على فقراء أهل الذمة» ولقد روى أن عمر - رضى الله تعالى ‏ عنه وجد شيخا يهوديا يتكفف». فسأله: من أنت يا شيخ؟ قال رجل من أهل الذمة» فقال له: ما أنصفناك أكلنا شبيبتك وضيعناك فى شيخوختك» وأجرى عليه رزقا مستمرا من بيت المال» وقال لخادمه: ابحث عن هذا وضريائه» وأجر عليهم رزقا من بيت المال. والجزية بإجماع الفقهاء تفرض على اليهود والنصارى لنص هذه الآية» 'وتفرض على المجوس لقول النبى ولُِ: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» 10 ولا تفرض بالإجماع على مشركى العربء لأنهم يخيرون بين القتل والإسلام» حتى لا يكون فى بلاد العرب دينان. وقال أبو حنيفة: تفرض على كل مخالف عَقَد عقد الذمة» سواء أكان وثنيا أم كان مجوسيا أم كان كتابياء لا فرق؛ لأن الكفر كله ملة واحدة» وأكثر المالكية على هذا الرأى» وقال الشافعى: لا تفرض الحزية إلا على اليهود والنصارى والمجوس لورود النصوص. )١(‏ مالك فى الموطاً: الزكاة- جزية أهل الكتاب والمجوس (5117).عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عله . ورواه البخارى: الحزية- الحزية والموادعة مع أهل الحرب 69 ). 1# تفسير سورة التوبة اللو الل الل الل 1امللوللل لل و لحر ا ومقدار الجزية على حسب الاتفاق فى الأمان» والله تعالى أعلم. « وَقَالّت الْيَهودُ عزِيرٌ ابن الله وَقَالَت الُصارى الْمَسيح ابن الله ذلك قُولَهُم بأَفوَاههم يضاهئوت قَولَ الّذين كَفَروا من قبل قَائلّهم الله أنّى يوْفَكُون 9 4 . «عزير) هذا كاهن من كهنة اليهود ظهر بعد أن دك أرضهم وشتت شملهم البختنصر» وهو رأس القوم الأشداء الذين جاسوا خلال الديار» والذين قال الله تعالى فيهم وفى بنى إسرائيل: ط وَقَضينا إَى بني إسرائيل في الكتاب لَتفسدن في الأرض مرتين ولَعَعلن لوا كبيرا © فَإِذَا جاء وعد أولاهمًا بعنا عليكم عبًادا لَنا أولي بأس شديد فَجَاسَوا خلال الديَار وكات وعدا مُفعُولاً 0ه 4 [الإسراء] . وقد قال القرطبى فى تفسيره: إنهم لم يكونوا جميعا يذكرون أنه ابن الله ولكن شاع القول بينهم بأنه ابن الله فى عصرهء ولم يستنكروهء فكان القول» كان قولهم أو على الأقل قول مجموعهم.ء وقال إنه لا يوجد يهودى يقول ذلك فى عصره» ولكن الزمخشرى يقول فى الكشاف: «الدليل على أن هذا القول كان فيهم أن الآية تليت عليهم» فما أنكروا وما كذبواء مع تهالكهم على التكذيب». ولقد روى السدى كلاما يقارب ما جاء فى التوراة» لقد قال الحافظ ابن كثير: «ذكر السدى وغيره أن الشبهة التى حصلت لهم فى ذلك «أن العمالقة لما غلبت على بنى إسرائيل فقتلوا علماءهم وسبوا كبارهم بقى العزير يبكى على بنى إسرائيل» وذهاب العلم منهم حتى سقطت جفون عينيه» فبينما هم ذات يوم» إذ مر على جبانة وإذا امرأه تبكى عند قبرء وهى تقول: وامطعماه» واكاسياه» فقال لها: ويحك من كان يطعمك قبل هذا؟ قالت: اللهء قال: فإن الله حى لا يموت» قالت: يا عزير» فمن كان يعلم العلماء قبل بنى إسرائيل؟ قال: اللّه؟ قالت: فلم تبكى عليهم؟» فعلم أنه شىء وعظ به» ثم قيل له: اذهب إلى نهر كذا فاغتسل فيهء وصلً هناك فإنك ستلقى هناك شيخاء فما أطعمك فكلهء فذهب ففعل ما أمر به فإذا الشيخ قال: افتح فمك. ففتح فمهء فألقى فيه شيئا كهيئة الجمرة 07 ##ا تفسير سورة التوبة !!!ملالا ا ا ل لاز ااا للق لكك طخلل نااك 11ل لانت لللة خا لاا ااام اا لاا لأ للك 1 خالل طالخ لالخ لان تتللا جب بير 6 العظيمة ثلاث مرات» فرجع عزير» وهو من أعلم الناس بالتوراة» فقال: يا بنى إسرائيل قد جئتكم بالتوراة» فقالوا: يا عزير ما كنت كذاباء فعمد وربط على إصبع من أصابعه وكتب التوراة بإصبعه كلهناء فلما تراجع الناس من عدوهم ورجع العلماء وأخبروا بشأن عزير فاستخرجوا النسخ التى كانوا أودعوها فى الجبال» وقابلوه بها فوجدوا ما جاء به صحيحاء فقال بعض جهلتهم: إنما صنع هذا لأنه ابن الله . وقد جاء فى شأن عزير كلاما يشبه هذا فى الإصحاح الثامن والتاسعء والعاشرء وإن لم يصرح فيه بأنه اللّه» ولعل ذلك مما جرى فيه التغيير» على أن نقول إنه باطل محرف وغير محرف. والنصارى قالوا المسيح ابن الله قاله بولس» وهو أول من ادعى ألوهية المسيح» ولكنه لم يقله أحد من الحواريين أصحاب الرسول 'إلا ما قال يوحنا فى إنجيل منسوب إليه»ء وقد كذبته دائرة المعارف الإنجليزية» وقالت إن الذى كتبه فى القرن الثالث تلميذ من تلاميذ الأفلاطونية الحديثة. واستمر سائدا بين المسيحيين أن المسيح ليس إلها ولا ابن إله»ء حتى جاء مجمع 'نيقية) سنة 7720 فقرر 7١8‏ أسقفا من 58 ٠١‏ ألوهية المسيح» وفرض ذلك فرضا على المسيحيين» وبذلك كان التغيير الذى ذكره القرآن ثم كان من بعد ذلك مجمع كهذا المجمع قرر ألوهية روح القدسء. فكانوا ثلاثة» ولا شك أن ذلك كفر بل إشراك . « ذلك قولهم بأَفوَاههم 4 أى أن ذلك القول قول تردده أفواههم بألسنتهمء ولا يدركون له حقيقة يتصورونهاء فهم يرددون: الواحد ثلاثة» والثلاثة واحد» وإذا سألتهم عن تميزات كل واحد» وكيف يجتمعونء لم يحيروا جوابا إلا أن يقولوا هذه غيبيات يصدقها العقل الدينى» ولا يصدقها العقل والمنطق» ويقولون الآن كما قال بعضهم فى القرن الرابع المسيحى: إنها صفات ثلاث للإله؛ ولو سألتهم هل المسيح الذى ولدته مريم من غير أب صفة» وليس ذانًا كانت تمشى فى 18# تفسير سورة التوبة الئل وم بيحجل زه يي الأسواق» وتعظء وقتله - فى زعمهم ‏ الرومان وصلبوه» وجعلتم الصليب» قالوا: إن اللاهوت دخل الناسوتء» أو ولد اللاهوت والناسوت» ولم يستطيعوا أن يصوروا ما يقولون تصويرا تدركه العقول. وما يجب ذكره أنهم فى الزوبعة التى أثارها قسطنطين الرومانى الوثنى الذى حول النصرانية إلى وثنية عندما أراد دخولهاء وذلك فى مجمع نيقية آنف الذكر ‏ وجد الأكثرون من بينهم يستتنكرون الألوهية» ولكن ما زالوا يعذبونهم» ويطردونهم» حتى وسدوا فكرة الألوهية توسيدا. وممن أعلن معارضتهم نسطورس الذى أقر بالبنوة التى ادعاها بولس» ولكنه قال إنها بنوة محبة ثم سادت بعد بين أتباع «(نيتشة» عندما ساد التثليث فكرة الثلاثة سموها صفاتء وجاء بعض المسيحيين فى هذه الأيام لما أحسوا باستنكار العقول لعقيدتهم الباطلة» واستحسن كلمة الصفات وهى الأخرى غير معقولة» فذات المسيح المصلوب فى زعمهم الذى ولد وعاش وقتل ودفن ثم قام من قبره لاا يمكن أن تكون صفةء إذ الصفة غير الذات. وإن هذا التثليث هو بذاته اعتقاد الأفلاطونية الحديثة» اختاره. قسطنطين» ومن تبعه دينا لهه(1 . وما أبلغ قوله تعالى فى تصوير حالهمء إذ يقول: « ذلك قَولهم بأفراههم », فهو ليس إلا ألفاظا تردد من غير تصور لمعناهاء ويلقنونها لمن يدعونهم إليهاء ويستعينون بطرق الاستهواء المختلفة» والخمورء ليودعوها عقولا ضالة بهم. وقال تعالى: « يضاهئوت قل الّذينَ كَمَروا4 يضاهئون أى يشابهون قول الذين كفرواء وذكر الله تعالى الذين كفروا ولم يبين من هم فقيل المشركون» ولا شك أن وصف الذين كفروا ينطبق عليهم» وهم يشابهونهم فى أنهم أشركوا فى العبادة غير الله» كما أشرك أولئك الأوثان» وإنى أقول إن المشابهة ليست بعيدة . راجع «محاضرات فى النصرانية» للإمام محمد أبو زهرة - دار الفكر العربى‎ )١( ١‏ 8# تفسير سورة التوبة ا الأركان بل ثابتة القرب واضحة» ويدخل معهم أيضا عبدة الأوثان من غير العرب أيضاء وهم البرهمية والبوذية» فهم قالوا إن للإله ابناء فالبراهمة قالوا إن كرشنة ابن لبراهماء وقال البوذيون: إن بوذا ابن للإله» كما قال النصارى» ويظهر أن موجة من ادعاء البنوة كانت سائدة فى القرن الخامس قبل ميلاد المسيح أخذت منها وثنية النصارى فى القرن الرابع مع الأفلاطونية الحديثة عقيدتها الباطلة» ولعل الأفلاطونية الحديثة ذاتها قد أخذت من الهنودء فقد ثبت أن كبيرها ذهب إلى الهندء وعاد بعقيدته0 . طفَائلهِم اللَه4. قيل إنها كلمة تعجب كانت تجرى على ألسنة العرب» وقيل إنها للعن مع التتعجب, وقد خطر لى أن تكون من القتال» أى أنهم بهذا الإفك الذى لا يعلمون» قد أعلنوا حربا على الله يقاتلهم وسيكون له النصر عليهم» ثم قال تعالت كلماته: « أنَى يوَفَكون » أى كيف يصدفون عن الحق إلى الضلال الذى لا يفهمونه ولم يفهموه ولم يعقلوه. . وإن دخول هذه العقيدة التى لم يفهموهاء وهى فى ذاتها غير قابلة للفهم أنهم يأخذون دينهم من رجال ويتلقونه من غير إدراك» ولا ته تفهمء فأضلهم أولا بولس» وأضلهم ثانيا الأساقفة ال 1 فى مسجمع نيقية وأضلهي من جاموا بعد ذلك». ولذا قال تعالى: ل( انحو أحبارهم ورهباتهم اا من دون الله واْمْسيح اببن ريم وما أُمرُوا إل ليعبدوا إِلّهَا واحدا لأ إِلهُ لذ هو سبْحَائه عمًا يُشرِكُونَ 9 4 . الأحبار جمع حبر بالكسرء ويقال بالفتح» وهو العالم الذى يحسن القول» ويخبره» ويتقنه» وله فصاحة وبيان حسن » والرهيان جمع راهب» وهو الذى ينصرف إلى العسبادة فى زعمهم» وهو من الرهبة بمعنى المخوف من المعبودء والله تعالى ذكر الرهبنة ‏ لما فيها من الخوف» والرهبة من المعبود ‏ بغير الذم» وإن كانت . راجع «محاضرات فى النصرانية», ورسالة «مقارنة الأديان» للشيخ محمد أبى زهرة- دار الفكر العربى‎ )١( 8# تفسيرسورة التوبة 9 ل ل الل لل لس ناا مبتدعة» فقال تعالى: نم قينا على آثَارهم برسلنا وقََينا بععيسى ابن مريم وآتيناه الإبجيل وجَعلنَا في قُلُوب الدين البعوه ره ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما تناه عليهم إل ابْعَغَاء رِضوان الله فَمَا رَعَوَهَا حق رِعَايتها فَآنِينَا اين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقرت 69 4 [الحديد]. انَحَدُوا أحبارهم ورهبَاتهم أَربابا4. أى جعلوهم أرباباء وفسر النبى يكل كونهم أرباباء لا بأنهم عبدوهمء ولكن اتخذوا الدين منهم لا من كتابهم» فما يحلونه حلال» وما يحرمونه حرام» ولو كانوا يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله . ظ روى الترمذى عن عدى بن حاتم الطائى أنه أتى الرسول كَلِلْةٌ وفى عنقه صليب من ذهب فقال له: «ما هذا يا عدى اطرح عنك هذا الوثئن» ويقول حاتم: وسمعته يقرأ طاانحَدُوا أَحبارَهمْ ورَاَهُم رايا من دون الله وَالْمَسيح ابن ميم » ثم قال «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم» ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه؛ وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه2(١؟‏ فهم يأخذون عن هؤلاء» وقد كان ذلك سببا لضلالهم» فأحلوا لهم الخنزير وشرب الخمرء وملأوا رءوسهم بالأوهام» وابتدعوا ابتداء ما سموه بالعشاء الربانى الذى يكون فيه خبز وخمرء فأوهموهم أن الخبز جِسَد المسيح» والخمر دمهء فأباحوه فى هذا العشاء. وإذا كان علم الدين لم يؤخذ إلا منهم فقد أضلوهم ضلالا بعيداء إذ لم يأخذوا الدين إلا منهم». وتفسير الكتب إلا منهم» وبذلك تركوا دينهم» وتعاليم المسيح إلا منهم فزوروهاء ووضعوا الزيف بدل الحياد منها والمسيح 4. وهو معطوف على الأحبار» وقدم قوله تعالى: «إمُن دون اللّه4 على «المسيح 24 للإشارة إلى أنهم اتخذوه بمرتبة من الربوبية التى نحلوها له غير ما اتخذوه من أربابهم . .)50920( الترمذدى: 5 تفسير القرآن- ومن سورة التوبة‎ )١( 4 8# تفسير سورة التوبة حب م فما نحلوه له من ربوبية كان عبادة له فكانوا بذلك مشركين» وما اتخذوا من أحبارهم من ربوبية» فهى أنهم قد أخذوا التعاليم منهمء فحرموا من عند أنفسهمء واستباحوا من عند أنفسهم» فمثلا لم يكن فى الإنجيل منع من تعدد الزوجات» ولكن الكئيسة بأحبارها ورهبانها منعوه» وكانوا يبيحونه على حسب أهوائهم» كما أباحوه لنابليون» والتوراة فيها الإباحة من غير عدد. ولو كانت آخرت كلمة ل أَْيَابًا 4 عن 9الْمَسيحَ ابن ريم 4 لكان المعنى أن الربوبية التى اتخذوها واحدة» مع أن ربوبيتهم للمسيح عبادة» وربوبية الأحبار أخذ للتعاليم» وذكر الله تعالى أمه فقال: ‏ المسيح ابن مريم 4 للإشارة إلى كونه إنسانّاء ولد كما ولد غيره» وإن كان من غير أب. وما أمروا لذ ليعبدوا لها واحدا » الضمير فى أمروا يحتمل أن يعود إلى النصارى» وهو الظاهرء ولمعنى أنهم جعلوا المسيح إلها يعبدء ولما أقروا بحكم ما أنزل على موسى وعيسى وحكم إلههما تقدست ذاته وتنزهت عن أن يكون له شريك» ويحتمل أن يعود على الأرباب وهو غير الظاهرء ويكون المعنى أن الأحبار والرهبان قبل أن يكونوا أرباباء أو أن يتخذوا أرباباء هم أنفسهم ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا. قال تعالى : 9 لا إِله إلا هو سبحاته عم يشركون ‏ . (هو) تعود على الله تعالى» فهو حاضر فى كل نفس» وهو عائد على الله الذى أمروا بعبادته» فقوله: 8 لأإَِه إلا هو 4 تأكيد لمعنى 9 ومًا أمروا إلا ليَعبدوا إلا واحدا 4 فيها تصريح بالألوهية له وحده» سبحانه وتعالى عما يشركونه من عبادة المسيح ابن مريم . وبهذا يتبين أن من يعبد المسيح مشرك مع المشركين» وكونهم أهل كتاب 1# تفسير سورة التوبة سس سس 9 ج01 ثم قال تعالى فيما وصل إليهم الأحبار والرهبان من مفاسد بعد أن أباحوا لأنفسهم أن يحلوا ما شاءوا وأن يحرموا ما شاء بلا رقيب ولا حسيب» فقال سبحانه وتعالى فى أعمالهم التى يريدون بها إطفاء نور الحق : ش ع 2 1 ًَ و 8 0 0 يدوت أن يطهشوأ وراش يأفوتههم 0 ”2 رَحوْرةوَ أو 6 عر َأ نشِرورَمء زمه كرء الكتفروت را هوا و أنَسَََش يلضع ودين الْحق رثع 3 1 ِ دود 2 6 و حت 292 إن المشركين واليهود والنصارى بالتمويهات الباطلة التى لا تدركها العقول المستقيمة» وهم ينطقونها بأفواههم ولا تتصورها عقولهم؛ لأنها غير قابلة للتصورء هؤلاء يريدون أن يطفئوا نور الله» وهو الحقائق الثشابتة الدالة على أن الله خحالق السموات والأرض ومن فيهن» والحق الذى جاء به محمد كَل والملعجزة الكبرى وهى القرآن الكريم» والهدى العظيم» يريدون بهذه الأوهام أن يطفئوا ذلك النور. وقد شبه الله تعالى محاولاتهم وتضليلهم بحال من يحاول إطفاء الشمس فى علاهاء والقمر فى بزوغه» فمن يحاول طمس الحقائق الظاهرة ضال مبطل فى محاولاته كمن يحاول إطفاء الشمس. وأضاف النور إلى الله تعالى تشريفا لهذه الحقائق» وتنويها بشأنها؛ لأنها مضافة إلى العلى القدير» نور هذا الوجودء كما قال تعالى: 9 الله نور السّموات والأرْض مَكَلَتُوره كُمشكاة فيهًا مصبّاح المصبَاح في وُجَاجَة الْجَاجَة حَأئَّا َكب دري كا مل مق ىو يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقيّة ولا غربية يكَاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه تار ثور عَلَْ نور يَهٌدي الله لنوره مَن يَشَاء ويَضْرِب الله الَمُغَالَ للنّاس واللّهِ كل شيء عليم 462 [النور]. ##ا تفسير سورة التوبة مم لل الاو 00 ١ اها‎ يي أولئنك من مشركين وكتابيين يريدون إطفاء نور الله فهم يعاندون الله والله تعالى غالب عليهم, ولذا قال تعالى: « ويَأبَى اللّه إلا أن يتم نورة © وقوله تعالى : « يريدون أن يطفئوا », فى مقابلة ويأبى الله لذ أن يتم نوره 4, هم يريدون والله تعالى يأبى عليهم. ويأبى عليهم كل أهوائهم» وعلى ذلك فمعنى (يأبى) لا يريد الله» والاستثناء حينئذ مفرغ» والاستثناء المفرغ لا يكون إلا فى حال النفى» مثل لا يقوم إلا أحمد» ولا يهدى إلا محمدء ولا معجز إلا القرآن. فكيف يكون قوله تعالى: « ويَأبى الله إلا أن يتم نوره © استئناء مفرغاء ونقول إن (يأبى) متضمنة معنى (لا يريد)» فى مقابل 8 يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم 4 فهم يريدون الإطفاء والله لا يريد إلا أن يتم نوره» ويعم الوجود الإنسانى» وإرادة الله هى النافذة» لأن إرادتهم ظلمة» والنور كاشف الظلمةء «ولرو كره الْكَافرونَ » لأن ستر الحقائق والتمويه والتضليل لا يدوم مهما بطل الزمان» وقد أيد الله دعوة الحق بإرسال محمد يكشف به الظلمات» فقال تعالى: ؤم ل أل واد وين لحق لطي على الي كله وا كر ركو ©4. الضمير يعود على لفظ الذى يأبى إلا أن يتم نوره» وكان من إتمام نوره إرسال محمد كَكِلَهٌ الذى أبطل الشرك وأبطل مقالة أهل الكتاب التى ليس لها من الحق سلطان تقوم عليه. قال تعالى: « أرسل رصوله بالهدئ ودين الحق 4 الهدى هو القرآن» وهو ما جاء به النبى يَكَلِّ من هداية. أخرجت العرب من الظلمات» والقرآن فيه الهدى الكامل كما قال تعالى: «شَهر رَمَضَان الذي أنزل فيه الْقَرَآن هدى لَلئّاس وَبَينَات مَنَ الهدئ والْفرقَان .. . 652 »© [البقرة] . و(الباء» فى قوله تعالى: 9 بالهدئ» للمصاحبة أى مصاحبا للهدى أى معه المعجزة الباهرة» والهداية الكاملة. 4# تفسيرسورة التوبة 00 لسر ا وأضاف الرسول إليه سبحانه فى قوله: « رَسَوله 4 تنويها بشأنه» وتشريفا وتكريماء وللإشارة إلى أنه ناصره ومؤيده وقاهر عدوه مهما يكونوا. وقوله تعالى: 9 ليظهره عَلَى الدين كله 4 اللام للتعليل أو للعاقبة» وعلى أنها للتعليل يكون المعنى أنه أرسله ليظهره على الدين» فالإرسال وكونه رسوله علة للإظهارء أو للعاقبة» ويكون لتكون عاقبة الإرسال أن يظهره على الدين كله ودين الحق هو التوحيدء والإضافة للبيان» أى الدين الحق» والإضافة تدل على أنه الدين الحق الذى هو لباب الأديان الحق كلهاء ولذا قال تعالى: 8 شرع َكُم من الدين ما وصئ به فوح واأذي أوحينا يك وما وصينا به إبراهيم ومومئ وعيسئ أَنْ أقيموا الدين ولا تتَقَرَقُوا فيه .. . 4065 [الشورى]» وهو التوحيد. وقال تعالى: «إ لِيظهره عَلَى الدين كله 4 الدين كله قالوا إن المراد على الأديان كلهاء ولكنا نرى أن المراد الدين الحق الذى ذكره أولا؛ لأن إعادة المعرفة معرفة تكون عينهاء ومعنى ظهوره على الدين كله المراد بقاؤه ظاهرا معروفا؛ لأنه خاتم الرسل وآخرهم» ويتضمن كل ما جاءت به الرسل جميعاء وهذا هو معنى كلها فهو الدين الجامع لكل الرسالات السابقة» فمن آمن بها فقد آمن بكل الشرائع السماوية السابقة سليمة غير محرفة. هذا ما نختاره والله الموفق للصواب. وقد جاءت أخبار كثيرة تدل على انتشار الإسلام فى مشارق الأرض ومغاربها وإنها لصادقة (راجع تفسير الحافظ ابن كثير)» وفى هذه الأخبار الصحاح إشارة إلى أن الأمراء هم الذين يفسدون أمر المسلمين» فقد جاء فى مسند الإمام أحمد رضى الله عنه: «سمعت شقيق بن حبان يحدث عن مسعود بن قبيصة أو قبيصة بن مسعود يقول: صلى هذا الحى من محارب الصبح» فلما صلوا قال شاب منهم: سمعت رسول الله كَِلٌْ يقول: «إنه ستفتح لكم مشارق الأرض ومغاربهاء وإن عمالها فى النار إلا من اتقى الله وأدى الأمانة»0١»‏ صدق رسول الله )١(‏ رواه أحمد: باقى مسند الأنصار- أحاديث رجال من أصحاب رسول الله يَكلْهِ (099؟5). 8# تفسير سورة التوبة 1 للك م لاا +: اناه‎ ١ ١ فى‎ كله فحكام المسلمين هم الذين أفسدوا الناس وكانوا حجة على هذا الدين» ومهما‎ يكن فإن الله أظهر الدين على الدين كله» وقال: ولو كره المشركون »4 الذين‎ عادوا الله وعادوا الحق» وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.‎ وإن الله تعالى حافظ دينهء وإذا كان المسلمون قد غلبوا على أمرهم بعمل‎ حكامهم» فإنه لا تزال طائفة منهم قائمة على الحق تنادى به وتحفظه. بعد أن بين الله الضلال الذى أضل به الأحبار والرهبان اليهود والنصارى إذ اتخذوا أربابا من دون الله» وذكر أن محملدا يكل قد أرسل بالهدى والدين الحق ليزيل ضلالهم» وليظهر بالحق على الدين عاد إلى الكلام فى الأحبار وكيف فسدوا وأفسدواء فقال تعالى : َامَمْوَاإنَ كيرا تر الُْحبَارِ وَالرهبَانٍ ليأ لون مول الك اير )1 نط لويم يدوت عن سسييل أل وَألديت كنت اهبا فِصََدوَلَابَفِقُويَا عَلتهَاف َاوِجَهَسمَق م كك بهَاجبًا رع وحوسهم عد هه 4 - 0 ظَهُورْهم هَددَامًا َِ سكو للش 2009 تبرج جه الخطاب للذين آمنوا والنداء لهم بالبعيد» والخبر عن أحبار اليهود ورهبان النصارى» فلماذا كان الإخبار للذين آمنوا؟» المجرد القصص الحكيم الذى تكون فيه العبرة أم له ولأمر آخر يطويه الإخبار بقول إن القصص لا ريب فيه العبرة كما قال تعالى: 8 لَقَد كان في قَصصهم عبرة لأولي الأَلبّاب ... 619 4 [يوسف]ء ولكنه يطوى أمرين آخرين» وهما. 0# تفسير سورة التوبة الئل 0 أولا: ألا يثق المؤمنون بهم بما يلبسونه من طقوس» ومسوح يلقون بها بين الناس المهابة منهم والثقة فيبين الله للمؤمنين أنهم يتجرون بعلمهم» ويأخذون الرشا وسحت المال» والاتجار بالعلم فى ذاته غير جائزء فكيف إذا كان الثمن رشا وبراطيل وسحت المال. وثانيا: ليكون ذلك تحذيرا لمن يتعلمون علم الإسلام بآلا يتخذوه متّجرا يتجرون به» فعلم الإسلام أعلى ما يدخمره العلماء فلا يبيعونه ولا يحطون به على هوى الحكام» ولقد قال فى ذلك الحافظ ابن كثير: «والمقصود التحذير من علماء السوء وعباد الضلال كما قال سفيان الثورى: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود» ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى. . . والحاصل التحذير من التشبه بهم فى أقوالهم وأحوالهم» ويقول فى ذلك الفقيه عبد الله بن المبارك: «وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها» ( ليأكلون أموال الثاس » معناها يأخذونها بغير مسوغ دينى» وعبر عن الأخذ بالأكل لأن الأكل فى الأصل هو أوضح الغايات» ولأنه ينبئ عن الشره والطمع فى الأموال وأخذها بغير حق» وذلك أنهم كانوا يأخذون سحت الأموال» ويبيعون ما يحلونه لأنفسهم من الدين» ويأخذون البراطيل» وكلما زادت ثقة الناس فيهم ازدادوا طمعًا فى أموالهم» بل فيما هو أفحش من باطل الأموال» وبعد أن ضعف الدين فى قلوب علمائنا كان منهم من يفعل مثل فعلهم» ويقول فى ذلك ابن كثير: «وذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين» ومناصبهم» ورياستهم فى الناس يأكلون بها أموالهم» كما كان لأحبار اليهود على أهل الجاهلية شرف» ولهم عندهم خرج وهدايا وضرائب تجىء إليهم» فلما بعث الله رسوله كَكِةِ استمروا على ضلالهم وكفرهم وعنادهم طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرباسات فأطفأها الله بنور النبوة» وسلبهم إياها" . 2 وإن نور النبوة المحمدية بعد أن بزغ» وعم ضياؤه كان مزيلا لما يشيعه الأحبار والقسيسون من إفساد وضلال» ولذلك لما فتك النصارى بالمسلمين فى ١‏ 8# تفسير سورة التوبة لحر ا الحروب الصليبية كان بعده الإصلاح المسيحى» مع أن حال المسلمين لم تكن كما أراد لها الإسلام. كلمة (والأحبار) فسرناها من قبل بالعلماء الذين يحبرون العلم» ويزينونه بحسن الأداء والبيان واللسان والقلم» ولكن بعض المفسرين يفسرون الأحبار بأنهم علماء اليهود» ويشير إلى ذلك قوله تعالى: « لولا ينهاهم الرَبانيون والأحبار عن قولهم الإنْم وأكلهم السّحت ... 09 4 [المائدة] وأما علماء النصارى فيقال عنهم قسيسون» ويشير إلى ذلك قوله تعالى: # . .. ذلك بأَنَ منهم قسيسين ورهبّانا وهم لا يستكبرون 9 40 [المائدة] والرهبان عباد النصارى ولعلهم يقابلون الربانيين فى اليهودية ولا مانع من هذه التسمية» ولعل إطلاق الأحبار ربما يسع القسيسين ليكون سيرا على الأصل اللغوى من معنى كلمة الأحبار. وعبر سبحانه وتعالى عن كل كسب خبيث بقوله تعالى: ا بالباطل 4؛ لأن الباطل يشمل أخذ المال بغير حقء. يبرر الأخذ بالخديعة أو بالغش والتدليس والاتجار بدين الله تعالى. ومع أنهم كانوا يخدعون الناس بتدينهم الآنف» وخصوصا الرهبان كانوا يصدون عن سبيل الله تعالى» فقال تعالى: ظوَيْصدُون عن سَبيل الله فكانهم يتخذون مسوحهم ورياستهم الدينية» لابتزاز الأموال. وأخذها بغير حقهاء والعبث بها » واكتنازها متخذين فى ذلك مظاهرهم ذريعة لمأثمهم» يصدون ويمنعون أتباعهم الذين اتخذوهم فريسة لأهوائهم من أن يتبعوا الحق» والنور الذى جاء به محمد يِه وهو سبيل الله الحق الذى لا يمترى فيه عاقل» ولا ذو قلب» وبصرء كما قال تعالى: «إ أن هذا صراطي مستقيما فَاتبِعوه ولا تشْبعوا السبل فَمَفَرّقَ بكم عن سبيله ... 659 4 [الأنعام] . وإن الأموال التى يأخذونها يجمعونهاء ويكنزونهاء ومأواهم جهنم» ولذا قال سبحانه بعد ذلك: ا تفسير سورة التوبة لللللئ الل 4 #يجل بر يي" ( واد يكو لشب وانفثة افون في سيمل الل رذب أليم» . وهذا النص الكريم يبين أن جمع المال لا يجدى» ويضر صاحبه» ومآله شر فى الدنيا والآخرة» والكنز فى اللغة: الضم والجمع لكل شىء ثمين سواء دفن فى باطن الأرض» أو لم يدفن» ولكن شاع استعماله فيما يدفن فى باطن الأرض» ولكن شيوعه لا يمنع أصل إطلاقه, ولا يمنع الشيوع من أن يطلق على الأصل اللغوى القوى» ولقد قال شيخ المفسرين الطبرى: الكنز كل شىء مجموع بعضه إلى بعض فى بطن الأرض كان أو على ظهرها. وظاهر الآية يدل على أنها عامة تعم الأحبار والرهبان وغيرهم من المسلمين وغيرهم» ولكنها سيقت فى مقام الكلام على أكل الرهبان والأحبار لأموال الناس بالباطل» ولا يمنع ذلك من عموم؛ لأن لفظها عام» والعبرة بعموم اللفظ» وقد جرت مناقشة فى ذلك بين أبى ذر الصحابى الجليل» ومعاوية بن أبى سفيان» ولنذكر بعضها: قال الحافظ ابن كثير : «كان من مذهب أبى ذر رضى الله عنه تحريم ادخار ما زاد على نفقة العيال» وكان يفتى بذلك» ويحث الناس عليه ويأمرهم بهء» ويغلظ فى خلافه) . كان الصحابى الطاهر المؤمن يعيش فى الشام» والأمير معاوية» وأبو ذر يجهر برأيه ويحث الناس عليه ويستنكر النعيم الذى يرفل فيه معاوية» ومن يواليه. فأبلغ أمره إلى أمير المؤمنين عثمان ذى النورين» فأحضر أبا ذرء فاختار أبو ذر أن يقيم بالربذة» ولكن الراجح من الروايات أن عثمان هو الذى أنزله بهاء وبها مات رضى اللّه عنه . وقد روى البخارى عن زيد بن وهب: مررت بالربذة» فإذا بأبى ذر فقلت: ما أنزلك هذا المنزل؟» قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية فى هذه الآية: ( والذين كبرو ادهب والمّة ولا يقُوتَهَا في سمل اللَه4 فقلت: نزلت فيا 4 ## تفسير سورة التوبة لام الل لج نر بي < وفيهم» فكان بينى وبينه فى ذلك فكتب إلى عثمان يشكونى فكتب إلى عثمان أن أقدم المدينة» فقدمتهاء فكثر على الناس كأنهم لم يرونى قبل ذلك» فذكرت ذلك لعثمان» فقال: إن شكت تنحيت فسكنت قريباء فقال: فذاك الذى أنزلنى هذا المنزل» ولو أُمّر على عبد حبشى لسمعت وأطعت. وإن هذا الحديث يدل على أنه اختار هذا البعد» وربما يكون قد اختار الربذة بالذات. وفى المناقشة بينه وبين معاوية أغلظ» وقد أراد معاوية أن يغويه بالمال أو يختبره وهو عنده؛ أيوافق قوله عمله أم لاء فبعث إليه بألف دينار» ففرقها على الفقراء من يومهء ثم بعث إليه الذى أتاه بهاء فقال: إن معاوية إنما بعثنى إلى غيرك فأخطأت. فهات الذهب» فقال: ويحك إنها خرجتء» ولكن إذا جاء مالى حاسبتك. وفى الحق أن أبا ذر قد أصاب كل الإصابة فى قوله: إن الآية تعم الأحبار والرهبان وأتباع محمد كَل وأخطأ معاوية» وما لمعاوية وفقه القرآن! . ويحق إذن أن نقول أن الآية عامة لا تخص الأحبار والرهبان» ولا نسير إلى المدى الذى يسير إليه سيدنا أبو ذر الصحابى المخلص بحيث لا يبيح لذى المال إلا ما يكفيه وعياله كما كان يفعل فى ذات نفسهء ويدعو إليه. روى الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أنه كان مع أبى ذرء فخرج عطاؤه» ومعه جارية» فجعلت تقضى حوائتجه» فقضت منها سبعة» فقلت: لو ادخرت لحاجة بيوتك» وللضيف ينزل بك. فقال: إن خليلى أوصانى أن أيما ذهب أو فضة أوكئ عليه فهو جمر على صاحبه حتى يفرغه فى سبيل الله إفراغا. ولقد قال ابن عبد البر: «وردت عن أبى ذر آثار كثيرة تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش فهو كنز يذم فاعله؛ وأن آية الوعيد نزلت فى ذلك» وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهمء وحملوا الوعيد على مانعى الزكاة» . 8 تفسير سورة التوبة ييل 4م 4ج بر 7 ونحن نتبع جمهور الصحابة؛ وذلك لأنه إذا لم يبق شىء من المال بعد نفقاته ونفقات عياله لم يكن ثمة زكاة» لعدم وجود وعاء لهاء فشرعية الزكاة توجب مالا مدخرا حولاء وذلك ينافى ما ذهب إليه أبو ذر رضى الله عنه. وأيضا فإن الأخذ برأى الصحابى الجليل ينافى الميراث؛ لأن الميراث يكون فى المال الذى يبقى» وقد منع الصحابى الجليل بقاء أى مال يورث أو تجهب فيه الزكاة. وأيضا فإن معنى رأيه إلغاء الوصية مع الميراث» وقد شرعت الوصية بالقرآن» وبالحديث النبوى» فقد روى أن النبى كَككيهِ قد قال: «إن الله تصدق عليكم فى آخر أعماركم بثلث مالكم فضعوه حيث شئتم'' . ولقد كان من الصحابة من لهم ثروات فى عصر النبى كلد فما استنكرها عليهم» فعثمان كان ثريا وتاجراء وعبد الرحمن بن عوف كان ثريا وتاجراء وأبو بكر وعمر كانا من ذوى الأموال. وإنه لو أخذ برأى أبى ذر ما كانت التجارات» فأسواقها تقوم على رءوس الأموال» وما كانت الصناعات» فهى أيضا تقوم على رءوس الأموال. من أجل هذا كان لابد من تخصيص كنز الذهب والفضة الذى أوعد اللّه تعالى» وقد خصصوه ه من ذات النص القرآنى فقد قال تعالى: والذين يكترون الدب والْفضّة ولا ينفقوتَها في سبيل اللّه4 إن الوعيد على الأمرين مجتمعين لا على أمر واحد منهما. فليس الوعيد على الكنز لذات الكنزء وإثما الوعيد على الأمرين معاء على الكنز وعدم الإنفاق فى سبيل الله تعالى» فإذا وجدا معا كان التبشير بالعذاب الأليم» وكان الوعيد الشديد لمن يمنع الإنفاق مع أنه يكنز المال» ولذا تضاربت الروايات على أن من يعطى الزكاة لا يكون عليه إثم الكانزين» بل إنه لا يعد كانزا من يخرج حقه فى سبيل الله وإنما الكائز هو الجامع للمال الذى )١(‏ سبق تخريجه. . 8# تفسير سورة التوبة ل م ‏ اللاا 2225 حر ناا وقد ورد ذلك عن النبى يِه بأن الإنفاق يمنع إثم الكانز الذى يجمع المال» وإنما ورد فى الأثر الصحيح : «نعم المال الصالح فى يد العبد الصالح)2©7. ويجب أن نشير هنا إلى أن الآية تشير إلى أن المال لا يكنز من الذهب والفضة» بل يجب أن يخرج للاستغلال الحلال بالاتّجار» والصناعة» والزراعة» ولا يبقى فى الخزائن» كالماء العطن الذى لا ينتفع به» وفى الآية إشارات بيانية : منها - قوله تعالى: « فَبَشَرهم بِعَدَابٍ» فإن فى الآية تهكما عليهم؛ لأن العذاب الأليم لا يبشر بهء بل يهدد به وفى التعبير بقوله تعالى: فَبَشَرهم » تهكم بهم» إذ إنهم كانوا يرتقسبون خيرا فى الآخرة من تكائرهم فى المال واكتنازه فجاءت العقبى غير ما يرتقبون. ومنها - أن الضمير أعيد على الذهب والفضة بضمير المؤنث فى قوله: واولا ينفقوتَهًا في سَبيل الله ملاحظة المعنى وهو الدنانير من الذهبء والدراهم من الفضة؛ وهى جمعء فأعيد عليها بضمير المؤنث» وهو لا لا يعقل يكون بالضمير المؤنث . والثالئة ‏ أنه ذكر الكنز فى الذهب والفضة دون غيرهما مع أن الأموال كثيرة» وكان المال يطلق على النعم دون غيرهاء وأجيب عنها بأن الذهب والفضة تطلق على كل المال» وهما مقياس التقدير لكل الأموال» وقد قال فى ذلك الزمخشرى: إنهما قانون التمول وأثمان الأشياءء ولا يكنزهما إلا من فضلا عن حاجته. ومن كثرا عنده حتى يكنزهماء لم يعدم سائر أجناس المال» فكان ذكر كنزهما دليلا على ما سواهما. () عن مرو بن الْمَاصٍ يَقُول: َع إلى رَسُول الله صَلَى اللَّهُ عليه وَسَلّم قَقَالَ: 'خذ عَلَيّكَ نيَابَكَ وسرافار ار لس ارعس مل 0 وسلاحك ثم ان غنى ' فَاينهُ ومو يكَوَضاء َصَمد فى التَطر ثم طأطأه كقَال: إن أريد أذ ابتك علَى 1120 ويغنمك» َرَعَبْ لَك من الْمَالِ رغبَة َه صالحة" قَال: قلت يا سول الله ما أسلّمت من أجل امال ولكثى سكت رط فى الإللام» وأن ) كُون م رسُول الله صَلَّى الله ليه وسَلَمَ ٠‏ فَقَال: 7 عَمَرو نعم الْمَالُ الصّالح للْمَء المسالح». رواه أحمد: مسند الشاميين- حديث عمرو بن العاص رضى الله عنه (8 1). 1# تفسيرسورة التوبة ع الل الل 4 بوذجم ب_رز يي هذا معنى الآية الكريمة فيما يظهر لناء ويجب أن ننبه إلى أنه لا يصح النهم فى المال إلا للقيام بمصلحة عامة» ولا يصح أن يكون المال مطلبا ذاتياء وغرضا مقصودا لذاته لا للتمكن من النعم» ٠‏ فإنه حيتذ يلهى عن المقاصد السامية كما قال تعالى : ( ألهاكم التَكَائْر 0 حتى زرتم الْمقَابرَ 90 4 [التكاثر](١2»‏ ولأنه يصير عبدا للمال» لا سيدا متصرفاء والنبى كَِللْهٌ يقول: «تعس عبد الدرهم» ‏ وقد روى أن رسول الله َكَل قال: «تبا للذهب تبا للفضة» قالها ثلاثا فقالوا له: أى مال نتخل: قال: «لسانا ذاكرا وقلبا خاشعاء وزوجة تعين أحدكم على دينه»7" وقال وَلة: «من ترك صفراء أو بيضاء كوى بها(" . ذكر الله عذاب يوم القيامة لمن كنز الذهب والفضة من غير إنفاق: شاعم معش واع ‏ لالس لس رق ها لغ ترق رش هه ةم رهام « يوم يَحَمَئ عَلَيّهًا في َارِ جهنم فتكُوئ بها جباههم وجدوبهم وظهورهم هذا ما كتزتم لأنفسكُم فَذُوقُوا ما كنشم تكتزون 9 4 . يوم تعلق بقوله: طإبعذاب أليم». أى ذلك الإيلام الشديدء يوم يحمى عليها أى يوقد عليهاء والضمير يعود إلى الذهب والفضة كما يعود ضمير ينفقونها إليها على التخريج الذى ذكرنا آنفاء ولهذا النص تصوير لحال الأشحة الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبل الخيرء ولا يؤدون..ما تعلق بها من نفقات على العيال» والفقراء» فلا يعطون المال على حبه مسكينا يتيما وأسيراء ويعيشون لأنفسهم» لا يتجاوزونها إلى غيرهم من الفقراء والمحاويج والمجاهدين والمؤلفة قلوبهم والغارمين وفى سبيل الله . وظ يحمئ عَلَيِهًا 4 أى يوقد عليها فتكون كمقامع تكوى بها وجوههم. وجنوبهم وظهورهم» وذكرت هذه الأعضاء لأنها تعم الجسم كله. وابتدأ بالوجوه (1) جزء من حديث رواه البخارى: الجهاد والسير- الحراسة والغزو فى سبيل الله عن أبى هريرة رضى الله عنه (ل71841). .)5709١1( رواه أحمد فى مسئده: باقى مسند الأنصار- حديث رجال من أصحاب النبى كَككيٌ‎ )١( (*) رواه أحمد : مسند الأتصار- حديث أبى ذر رضى الله عنهم 048) قلت: وقد نوه الشيخ أبو زهرة رحمه الله تعالى إلى مراجعة الكشاف عند هذا الموضع . اح 8# تفسير سورة التوبة لس را يي لأنها بها المواجهةء وبها تتميز اللأشخاص؛ ولأنهم يطلبون بكنز المال الوجاهة فى الدنياء والشأن فيهاء ولأنهم بالكنز يصونون ماء وجوههم. كما قال الزمخشرى «أن يكون ماء وجوههم مصونا عندهم يتلقون بالجميل» ويحيون بالإكرام» ويبجلون ويحتشمون» ومن أكل الطيبات يتضلعون منهاء وينفخون جنوبهم» ومن لبس ناعمة من الثياب» يطرحونها على ظهورهمء كما ترى أغنياء زمانك هذه أغراضهم وطلباتهم من أموالهم لا يخطرون ببالهم قول رسول الله يكل «ذدهب أهل الدثور بالأجور»'. وقيل لأنهم كانوا إذا بصروا الفقير عبسوا وإذا ضمهم وإياه مجلس ازوروا عنه» وتولوا بأركانهم» وولوه ظهورهم» وقيل: معناه يكون على الجهات الأربع مقاديمهم» ومآخيرهم وجنوبهم» اه. هذه مقالة النمخشرىء ونرى الأقوال التى ذكرها كلها صادقة» فهم©. ينتفعون بالأموال مفاخرين بها مباهين مستعلين يملئون بطونهم منهاء ويلبسون الدمقس والحرير» ويعبسون للفقراء»ء ويهشون للأغنياء» ويوم القيامة تحيط بهم النار من الجهات الأربع»ء بحيث لا ينفلتون عنهاء ويكوون بها فى كل أجزاء جسمهمء ولا يجدون للفرار منها سبيلا. هذا ما كتزتم لأنفسكم 4 هذه النار الموقدة من تدوركم هى ما كنزتموه أى عاقبته وماله, أو ذاته» فذوقوا ما كنتم تكنزون» أى وبال ما كنتم تكنزونه» أو ذوقوه موقدا للنار. هذا خبر الله تعالى عن الكنوز وأصحابها يوم القيامة» وما يتعلق باليوم الآخر نقبله كما هوء ويصح أن نقول إنه تصوير لحالهم تسببه عاقبة أمرهم بمن يكوون بذهبهم وفضتهم» والله عليم خبير. قد ابتدأ فى سورة براءة بذكر الأشهر الحرم ومنع القتال فيها ثم تكلمت على عهود المشركين وعمارة المسجد الحرام» وعلى منع المشركين من المسجد الحرام وبيان شرك أهل الكتاب. وعبث الأحبار والرهبان بمداركهم . 1# تفسير سورة التوبة لل لل 04 ترب أ ومن بعد كان الجهاد. وقدم الله تعالى بيان الأشهر الحرم حرامها وحلالهاء فقال تعالى: هميش 27 الس ِنَّعِدَه الشهور عندا واساعشس 2 جر ب 2 سرح اه عَلَقّ السََمَوابَ 7 رضخ هي سر من أتبصةٌ رلك ليلدلا ظيثرافين أشَحكْمٌ وهنا المُقرحكيرت كير كبرب كف دَحكمًا - يمَنِيِلُوتَميوككا ةما وأعلموا نا 2 َه ممَأَلْمنيِينَ 3 إِنَّمَا ما لي مزِياء دف الُحكف ريسل كوأ 2 يليه ليت تَدحَامَا محرَمونَمعَاما لماحم بم ءا متو له ع ع أ َع - مواق نيه سبيت © إن الله تعالى وقت العبادات غير الصلاة بشهور من السئة» فرمضان شهر القرآن» وشهر الصيام. وذوالحجة شهر الحج لأن فيها يوم عرفات» واج له أشهر معلومات كما قال تعالى: (( الْحَجَ أشهر مَعلُومات فَمن فَرض فيهنٌ الْحَج فلا رفَثْ ولا فُسوق ولاجدال في الْحَجَ ... 659 4 [البقرة]ء وهذه الأشهر هى شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة» وجعلت الأشهر بالأهلة» تبتدئ برؤية الهلال وتنتهى برؤيته» كما قال تعالى: يُسَأنُونك عن الأهلة قل هي مُواقيت للنّاس والحج .. . 39 4 [البقرة] وقال تعالى: « وَالْقَمَرَ قَدَرنَاه مال حَتَّى عاد كَالْعُرجون اده 46 [يس]ء وقال تعالى: «( وجعلنا اليل والتهار آيتين فمحونا آية اليل وجعانا آية النّهارٍ مبصرة لبوا فصلا من ربكم ولمَعلَمُوا عد السنين واْحساب وكل شيء فَصَلناه تقميلا ©» [الإسراء] وجعلت الأهلة علامة الشهور ابتداء وانتهاء» أو هى ## تفسير سورة التوبة الللللللئلالللل مولن ١ ل‎ يي أولهما ‏ أن يعلم ابتداء الشهر بالحس لا بالتقدير والحساب المجرد؛ فإن الأشهر الشمسية لا تعرف إلا بالحساب. ثانيهما - ألا تتغير السنة بالزيادة والنقصان فتكون (كبيسة) فتزاد» أو (بسيطة) فلا تزاد» وإنها تتفق مع طبائع الناس . وبذلك لا تتغير أوقات العبادات» ولا تختلف. وجعلها الله تعالى اثنى عشر شهراء وقد ثبت كل شهر فى موضعه ذاته لا يفترق عنهء وقلنا: إن طبائع الناس تسير مع الأشهر العربية فثبت أن الحيض والحمل يتبعان الأشهر القمرية. وقد قال تعالى: إن عدّة الشهور عند الله اننا عَشَرَ شهرا في كتّاب اللّه4 وظ عند اللّه 4 معناها فى حكمه وتقديره سبحانه وتعالى» وعلينا أن نهتدى بما هدانا إليهء وقوله تعالى: في كتاب الله4. أى فيما كتبه علينا من أحكام متعلقة بهذه الأشهرء وقال بعض العلماء: المراد ما كتب فى اللوح المحفوظ الذى فيه ما قدره الله تعالى بعباده» فهو لوحه المكنون. ويقول سبحانه: «منها أَربعةَ حرم 4 الضمير يعود إلى طإعدّة الشهورٍ», وحَرّم جمع حرام»؛ وقد فسرت بأنها التى حرم فيها القتال» وكان ذلك قبل الإسلام على شريعة إبراهيم عليه السلام الذى تعود إليه مناسك الحج» وإذا كان المشركون قد حرفوا فيها وغيروا وبدلوا فإن الإسلام قد أعادها كما بدأت؛ لأنه ملة إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى: 9 ... وما جَعل عَليِكُم في اللدين من حرج مَلّة أبيكم إبراهيم هر مَمَّاكُم الْمُسَلمِينَ من قبل وفي هذا ليكُونَ الررسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء علَى الئاس .. . 69 4 [الحج]. وهذه الأشهر الحرم هى ثلاثة سرد» ذو القعدة, وذو الحجةء والمحرمء ورجب الذى بين جمادى وشعبان» وقد قال النبى يله ففى خطبة الوداع مبينا شريعتهء ومنها الأشهر الحرام» وكانت الخطبة فى العام العاشر (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض»ء السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة ل | تفسير سيور ه التوبة 9 لل االللللنااللللاااال مالل لحر ا حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم» ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان» ثم قال: لأى يوم هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم؛ فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: «أليس يوم النحر؟» قلنا: بلى» ثم قال: «أى شهر هذا؟». قلنا: الله ورسوله أعلم» ثم سكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس ذا الحجة؟» قلنا: بلى» ثم قال: «أى بلد هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم» فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: «أليس البلدة الحرام؟» قلنا: بلى . قال: «فإن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذاء وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكمء ألا لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» ألا هل بلغت» ألا ليعلم الشاهد منكم الغائب» فلعل بعض من يبلغه أمر يكون أوعى له من بعض من سمعه(" . وإن معنى قول النبى يكِلْهّ: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض» أن المشركين كما سيتبين يغيرون فى الأشهر الحرم اتباعا لشهواتهم فى القتال والغارات» فكانوا إذا جاء الشهر الحرامء وهم يتقاتلون» أو يريدون الغارة أجلوه إلى ما يليه»ء ويسمون ذلك النسىء كما سيأتى فى الآية الآنية» إن شاء الله تعالى» فمعنى قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض» أن هذا الوقت هو وقت صادق أنه فى الأشهر الجرم. وتحريم القتال فى هذه الأشهر فرض هدنة شرعية تحمل الناس على ألا يرفعوا السلاح ولا يقاتلواء فتعود القضب إلى أجفانها فتكون التروية» وإذا كان بين المتقاتلين هدنة يتروون فيها تكون كالنسيم العليل فتهدأ النفوس» وربما أنهت القتال» ألم تر أن هدنة الحديبية أنهت القتال بين النبى والمشركين . وفوق ذلك فهذه الأشهر هى أشهر الحج» فيجب أن يكون فيها أمن السارى فى ذهابه إلى الحج وأوبته» حتى تؤدى فرائض الله» والأشهر المتواليات أشهر )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى: المغازى- حجة الوداع (44:7): ومسلم بنحوه: القسامة والمحاربين- تغليظ تحريم الدماء .)1١519/9(‏ صم 8# تفسير سورة التوبة ا الذهاب والأوبة» ورجب مضر كان شهر عمرة» فَأمّن ليتمكن من يريد العمرة من أن يعتمر فيه. ولقد قال تعالى: «ذلك الدين الْقَيم 4 الإشارة إلى ما تقدم من عدة الشهورء وتحريم القتال فى أربع منها هو الدين» وعبر عنها بأنها الدين لكان تحريمها من الشرع» وإن كانت بعض 9 الدين 24 فذلك التعبير السامى تأكيد لمنع القتال فى الأشهر الأربعة» وظ القيم 4 معناه المستقيم القويم وكان كذلك؛ لأنه ما سلكه إبراهيم بانى البيت ورافع قواعده؛ ولأنه يكفكف حلدة القتال» ولأنه يمكن قاصدى البيت من أن يصلوا إليه» ويعودوا منه. وقال تعالى: طقلا تَظلموا فيهن أَنفْسَكُم 4 الظلم: النهى عنه فى هذه الأشهر الحرم» هو ظلم أنفسهم باستمرار القتال فيهاء فظلم للنفس أن يقاتل» وقد منع من القتال» ولأنه عصيان لله» وكل عصيان لله تعالى فهو ظلم للنفس» وقال بعض العلماء: إن الظلم للنفس فى الشهر الحرام هو أن يُعتدى عليهم فلا يدافعوا عن أنفسهم ويردوا اعتداء غيرهم» ونقول: إن القتال فى هذه الحال لا يكون محرما فى الشهر الحرام» بل المعتدى على الشهر غيرهمء والله تعالى يقول: « الشهر الحرام بالشهر الحرام وَالْحرمات قصاص ... 659 4 [البقرة]. وبعد ذلك أمر الله تعالى بقتال المشركين كافة ردا لاعتدائهم فقال: ‏ وَقَاتلُوا المشرٍكين كاف كما يَاتلُوتكُم كَاقَةَ .. . 590 4 [البقرة] . وهذه لا تتنافى مع تحريم القتال فى الأشهر الحرم» بل إنها تؤيده فى معناه» إن المشركين فى غزوة الأحزاب وغيرها ‏ وخصوصا إذا أدخلنا فى عداد المشركين من كانوا يعبدون الأشخاص - كانوا يجتمعون كافة» فكان حقا على المؤمنين أن يجتمعوا كافة لهم» ولا يتخاذلوا أمامهم» وإن قاتلوا المؤمنين بكافتهم فى الأشهر الحرمء وجب أن يجتمعوا كافة لمقاتلتهم ولا يتوانوا ويثّاقلوا. وكان غريبا أن يتسخذ بعض الفقهاء من قوله تعالى: « فلا تظلموا فيهن أنفسكُم وقاتلوا المش ركين » دلالة على نسخ الأشهر الحرم؛ كان بعض الآية يهاه 8# تفسير سورة التوبة 2 الالالال ااال يلاك | الاك ».١‏ يي . بعضها الآخرء فأول الآية يبين شريعة الأشهر الحرم» وآخرها ‏ فى زعمهم الغريب فكيف يكون مقبولا فى كلام الله سبحانه وتعالى» بل من الغريب أنهم تنسخوها قبل تتميم حكمها بالكلام فى النسىء» ويزكون وهمهم الكاذب بأن النبى علد حاصر الطائف فى الشهر الحرام» وإن الثابت تاريخيا أن النبى أنهى الحصار قبل انتهاء شوال07. | وإن الحق أنه لا نسخ» ومن ادعى النسخ فقد ادعى أمرا غير معقول فى ذاتهء وذلك لا يأتى: أولا ‏ أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أكد تحريم القتال فى الأشهر الحرم فى حجة الوداع» وبين أحكاما أخرى . ثانيا ‏ أن الله تعالى ذكر الشهر ال حرام فى آيات كثيرة منها قوله تعالى: يا يها الّذِينَ آمنوا لا تحلُوا شعائر اللّه ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد... 0 »4 [المائدة]» وهذا فى سورة المائدة التى هى من أواخر القرآن نزولاء وقال تعالى: فَإِذَا انسلخ الأشهر الحرم فَاقْتلوا المشركين حيث وجدتموهم ... 2 4 وقال تعالى : < يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قال فيه كبير . . . 659) 4 [البقرة] . وهكذا تعددت الآيات المحرمة» ومع ذلك يدعى بعض الفقهاء النسخ بغير حجة إلا أن تكون موافقة الملوك الشرهين إلى الدماء» وتكون مع المسلمين» ولاحول ولا قوة إلا بالله . وقد أتم الله تعالى ما ذكره فى تحريم القتال فى الأشهر الحرم» وتلاعب ‏ المشركين به فقال: ظإِنمَا النّسِيء زِيَادةَ في الْكفْرٍ يضل به الْذين كقروا يحُوته عاما ويحرموته عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فَيحلُوا ما حَرّم الله زين لهم سوء أَعمَالِهِم واللّه لا يهدي القوم الْكافرين 69 4 . )١(‏ راجع كتاب «خاتم النبيين» للإمام محمد أبو زهرة. دار الفكر العربى. 8 تفسيرسورة التوبة ماللا اك َي ختم الله تعالى الآية السابقة بقوله تعالى: 9 واعلّموا أَنَ الله مع الْمتَقِينَ4 لإشعار المؤمنين بأنه من التقوى إطاعة الله فى تحريم القتال فى الأشهر الحرم حقنا للدماءء» وأن الله تعالى لا يصاحب ولا ينصر إلا المنقين» وأكد ذلك بالأمر بالعلم» كما أكده بالصحبة السامية لله تعالى» وبالجملة الاسمية. ولذلك ذكر من بعد ذلك الاعتداء على الأشهر الحرم بالنسىء» والنسىء معناه التأخير والتأجيل» يقال: (نسأ) بمعنى آآخّر وأجل» ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم «من أراد منكم أن يبارك له فى رزقه» وينسأً له فى أجله فليصل رحمه00©. وكانت طريقة النسىء أن يجىء إلى المحرم وهو من الشهر الحرام فيستبيح القتال فيه» ويؤجل التحريم إلى صفرء فيستبدل بالشهر الحرام شهرا حلالاء ولأنه يريد الغارة» وقالوا: إنما كانوا يفعلون ذلك رغبة فى الغارات» وطمعا فى الأموال من النعم» ويذكر ابن إسحاق فى سيرته أن أول من فعل ذلك رجل من كنانة اسمه «القلمس). ولقد ذم الله النسىء أشد الذم فقال تعالى: 8 إِنّمَا النَسِيء زيادة في الكفر » أى ليس النسىء إلا زيادة فى الكفرء ف(إنما) أداة قصرء فهو ليس إلا زيادة فيه؛ كفروا بملة إبراهيم عليه السلام فعبدوا الأوثان وطافوا بالبيت عراة» وكان شرع إبراهيم تحريم القتال فى أربعة أشهر معينة بالتعيين» فغيروا فيها بالنسىء» فزادوا بذلك كفرا إلى كفرهم . وقال تعالى: ‏ يضل به الّذِينَ كَفَروا 4 أى أن شهواتهم فى الغارات والقتل والقتال وتحكم الشيطان فى نفوسهم يضلهم» ويلاحظ أنه بنى للمجهول للدلالة على أن عوامل الضلال كثيرة رأسها شهواتهم فى الحرب» وسيطرة الشيطان على نفوسهمء» والعداوة والبغضاء بينهم» وكان هذا لأنهم أصحاب غارات وحروب )١(‏ متفق عليه؛ رواه البخارى : الأدب- من بسط له فى الرزق بصلة الرحم (كمذه»), ومسلم: البر والصلة 6690 5). | تفسير سورة التوبة الل و بج را يي مستمرة» فإذا جاء الشهر الحرام» لم يحرموا ما هم عليه من قتال» بل يستمرون سادرين فى غيهم» ويؤخرون التحريم إلى الشهر الذى يليه؛ ثم يسيرون فى غيهم» ويقول الزمخشرى: ربما جعلوا السنة ثلاثة عشر شهرا أو أربعة عشر. ويقول سبحانه وتعالى: « يحنُونه عامًا ويحَرِمُوتَه عَاما 4 يحلون النسىء عاماء» ويمنعونه عاما حسب سيطرة هوى الحرب على أنفسهم» وتحكم شهوتها فى نفوسهم» وقد يقصرون السنة عن اثنى عشر شهراء ليعوضوا الزيادة التى زادوهاء وذلك ليواطئوا عدة ما حرم الله «العدد الذى حرمه الله تعالى وهو أربعة أشهر». وإنهم بذلك يخالفون ما شرعه الله تعالى» وهو أنه حرم أشهرا معدودة بأربعة» ومعينة بالتعيين» حسب ميقات كل شهر وموضعه من السنة» وبالنسبة لما قبله» وما بعده» فبالنسىء خالفوا التعيين» ووضعوا شهرا فى موضع شهر من عند أنفسهم من غير علم أوتوه» ولا حجة اعتمدوا عليهاء بل هو الهوى» فهم نظروا إلى العدد» ولذلك قال تعالى: 9 لَيوَاضُوا عدّة ما حرم الله أى ليوافقوا العدد» لا الأوقات ذاتهاء وبذلك أحلوا ما حرم الله» فكان المحرم هو شهر المحرم» فأحلوه» وكان الحلال صفر فحرموه» ولما اضطربت الأشهر وتغيرت مواضعهاء أحلوا ما حرم الله وحرمواما أحل الله» ولذلك عندما أعلن النبى كد تحريم الأشهر الحرم قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض» أى صار كل شهر فى موضعه لا يبتعد عنه» فرمضان هو رمضان كيوم خلق الله السموات والأرض» وذو القعدة كذلك» وذو الحجة والمحرم» وبذلك يكون الحلال من الأشهر حلالا والحرام حراما. ثم يقول سبحانه: « زين لهم سوء أَعمَالهِم 4 أى زين لهم الشيطان والهوى سوء 0 القيبح» وبنى للمجهول للإشارة إلى أن عوامل كثيرة سولها لهم همء جعلتهم يغيرون خلق الله فى الأشهرء ثم قال تعالى: « والله لا يهدي ف م الكافرين» ‏ لأنهم سلكوا سبيل الغواية» واختاروا الضلال» فساروا فيه؛ فكان فى ذلك ضلالهم» والله سبحانه مع من سلك طريق الحق مختارا هداه إلى نهايته» ومن سلك طريق الباطل مختارا أنهاه تعالى إليه. سم 0# تفسير سورة التوبة ظ ٠ ااا‎ القتال فى غير الأشهرالحرم - ج لس بي م 3 2 4< © مده إِلَاتَفِروايِمَزْبَكْم ع رَابًا أَيِمًا وستيدلقوه م --- رغه و _- 5 عرحكم يك لله مكل تق شد تعقو وَأصَد ميجو ول مركا وجبكل حكيسة ارت حككر وا الشْئَل ركيد امهب التسا راطع ريم 2 أَنفْرو ُوأَخْمَافَاوَئكَالَامَجَبِهِدُوأ ِأَمَوّ لحكم وأنف سكم فس لهذ حَير كع إن 2 عر تعلمورت بت ها بعد أن بين الله تعالى الأشهر الحرم وعبث المشركين » بين الجهاد سيرأ على نسق الأشهر الحرم؛ فى قوله تعالى: ظفَإذا انسلخ الأشهر الحرم فَاقْتلُوا المشركين س تي بم ابام حيث وجدئموهم ... 2 4. ### تفسير سورة التوبة 0 0 سب ا والقتال هنا قد تجاوز الجزيرة العربية إلى ما حولها من الشام» وتجاوز الوثنية إلى أهل الكتاب الذين يعبدون غير الله تعالى وذلك فى غزوة تبوك» فقد كانت فى شدة القيظء وكانت بعد أن ملأت الغنائم الجيوب» وبعد أن أخذ الترفه يغزو النفس المؤمنة» وهو آفة القوة. أخذ يدعوهم يَكِةِ إلى الجهاد» فكان منهم من أقعدته الدعة» والاستنامة إلى الراحة» فلم يكونوا كما كانوا من قبل إذا دعوا إلى الجهاد سارعوا إليه» ولذا عاتبهم الله تعالى فقال: فإ يا أَيهَا الّذين آمنوا ما لَكم إِذَا قيل لَكُم انفروا في سبيل الله اقلم 4 صدر النداء بقوله تعالى: «إيا أَيْها الّذين آمَنوا 4 للإشارة إلى أن موجب الإيمان كان يدعو إلى المبادرة» لا إلى التثاقل» وقوله: «إما لَكم 4 استفهام إنكارى بمعنى التوبيخ» معناه أى شىء ثبت لكم فمنعكم من المبادرة إذا دعيتم» ثم صرح سبحانه بما تضمنه الاستفهامء وهو لا انَاقلََم 4 أصلها تثاقلتم» وفى قراءة الأعمش (تثاقلتم) على أصل الاشتقاق7١2»‏ وموضع الاستنكار هو التثاقل عندما 9 قيل لكم انفروا 4. وطإإذا 4 متعلقة فى الفعل المقدّر فى قوله تعالى: «إما لَكُم4 وا معنى أى شىء أثبت لكم حال ما قيل انفروا اثاقلتم وانفروا» معناه انتقلوا إلى الحرب» والجهاد فى سبيل اللّهء فالنفير معناه الخروج إلى القتال. وقوله تعالى: ا نقتم إِلَى الأرض » معناه تثاقلتم» وثقلت عليكم المبادرة إلى القتال مخلدين بأنفسكم إلى الأرض حيث الدعة والراحة» والاستظلال بظلهاء والسكونء ويتضمن هذا المعنى أنهم رضوا بالتقاعد فى الأرض وترك الرفعة والمقام المحمود فى الجهادء كقوله تعالى: « ولو شئنا لَرفَعناه بها ولكه أخْلّد إلى الأرض ... 629 4 [الأعراف]. والمعنى أنهم إذ تثاقلوا عن الجهاد رضوا البقاء فى الأرض» فحقت عليهم الذلة . )١(‏ (تثاقلتم)» ليست فى العشر المتواترة. اي ##ا تفسير سورة التوبة لحمل بط يي" وقال تعالى فيما يترتب على تثاقلهم» وهو أن يكونوا قد تركوا الجهاد ورضوا بمتاع قليل» وتركوا متاع الآخرة الكثير» فقال تعالى: # أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة 4 الاستفهام للاستنكار التوبيخى» ومعناه أنكم إذا اثاقلتم عندما دعيتم إلى النفور فى سبيل الله فقد رضيتم بأن تكون لكم الحياة الدنيا التى هى الدنية طمن الآخرة 4 من هنا بمعنى بدل» أى رضيتم بالدنيا ونعيمها الزائل بدل الآخرة» ونعيمها المقيم الدائم. ولذا قال مقررا الفرق بين متاع الدنيا ومتاع الآخرة» فقال تعالت كلماته: فَمَا ماع الْحيّاة الدنيًا في الآخرة إلا قليل » . (الفاء) هنا للوفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر تقديره» إذا كنتم رضيتم ذلك فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قدر قليل ضئيل» وهنا إشارات بيانية نذكرها. أولها - فى التعبير ب ا انَاقَلتم 4 فإن الصيغة بحالها من الإبدال فى لفظها دلالة على استشقال النفور فى سبيل الله» وما ذلك شأن المؤمنين المجاهدين الذين الثانية - فى النفى والإثبات فى قوله تعالى: ظفَمَا مَمَاع الْحيَاة الدنيا في الآخرة إلا قليل 4 فإنه يفيد قصر متاع الدنياء مهما يكن من إحساس وراحة بالنسبة للآخرة فما هو إلا قليل. ولم يذكر متاع الآخرة لكثرته» ولأن الإيمان بها فى ذاته سعادة غير محصورة» فهى علو فى إدراك النعيم المقيم الثابت الدئم . إلا تتفروا يعذبكم عَدَاَا أليمًا ويستبدل قَوما غير كم ولا تضروه شيئا واللّه على كل شيء قدير 69 4 . 1# تفسير سورة التوبة ش لل 00 حر نز هذا إنذار من الله لكل الذين يتركون الجهادء ولا ينفرون فى سبيل الله» فقد أنذر فى هذه الآية بالعذاب والسخط والهلاك» وأنه لا ضرر على الله ورسوله. «إلأ تتشروا»4 أى فى سبيل الله والجهاد. هى (إنْ) الشرطية المدغمة فى (لا»» وجواب الشرط 8 يعدبم عذابا ألما 4 ذكر العذاب متَكاء مطلقاء والتدكير لتعظيم هذا العذاب» وأنه شديد يتطابق فى شلته مع التشاقل عن الجهاد عند وجوب موجبه ودعوة الإمام الحق إليه؛ وإطلاقه يفيد تعدده وكثرته» فهو يشمل الغزو من الأعداء» والذلة» والمهانة والصغارء هذا فى الدنياء أما يوم القيامة فنار الجحيم وغضب الله» وسخطه.؛ وبعده عنه. وذكر مع العذاب الأليم الهلاك» فقال تعالى: « ويستبدل قُوما غيركم © أنه يكون عند هلاككم» وحيث تهلكون مصحوبين بالخزى والهزيمة والعار يجىء قوم غيركم يكونون أشد بأسا وأعرف بحق الله تعالى منكم» وأرضى له ثم يقول سبحانه : « ولا تضروه شيا 4. أى شىء من الضرر قليلا كان أو كثيراء والضمير يعود ‏ فى ظاهر السياق (على الله سبحانه وتعالى) والمعنى على ذلك - أن الله تعالى غنى عن العباد» وهم الفقراء إليه؛ والآية تشير إلى أنهم لا يضرون إلا أنفسهم» فالعاقبة تعود إليهمء فهم الذين تنزل بهم الذلة» وتركبهم المهانة» وتلحقهم الهزيمة. ويجوز أن يعود الضمير إلى النبى تله وهو حاضر فى الأذهان دائماء وهو الذى دعاهم إلى أن ينصروه بأمر ربهم » ويكون المعنى لا تضروا الرسول بتخاذلكمء وتثاقلكم شيئاء فإن الله تعالى ناصرهء فإن لم يكن بكم فبغيركم «والله على كل شيء قَدِير 4 فهو قادر على أن ينصره بغيركم» ولكن بعد فنائكم وضرب الذلة عليكم. وإن الإنذار الذى اشتملت عليه هذه الآية عام خالد» يشمل العصور كلهاء فمن يوم أن اثاقلت الأمة الإسلامية عن الجهاد» وتركتهء» ضريت عليها الذلة» 8# تفسير سورة التوبة لل ااال لكالل سل بي وتفرق المسلمون» وصار بأسهم بينهم شديدا» وتوزعتهم الأمم» ونزل بهم العذذاب الأليم فى الدنياء ولا حول ولا قوه إلا بالله . ف إلا تتصروه ققد تصّره الله أخرجه الدين كفروا ثاني لين إِذ هما في الِإ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا 4 . يبين الله تعالى معنى أنهم لم يضروا الرسول شيئاء فإن الله معه وهو فى مكة ثم وهو خارج منها وإنه لن يتركه أبداء وقد كان معه» وقد نصره يوم الفرقان وجعل كلمة الذين كفروا السفلى» وكلمة الله هى العليا « إلا تتصروه » (إلا) (إن) الشرطية المدغمة فى (لا) أى: إن كنتم لا تنصرونه وتخاذلتم عن نصرته فهو فى غنى عنكم ولن يخذل إذ قد نصره الله تعالى وهو فى قلة من العددء ولم يكن معه أحد» فالماضى دليل على ما يكون فى الحاضرء ويكون الماضى جوابا للشرط الذى هو فى الحاضرء إذا كان الماضى فاصلا وفضله مستمد من الحاضر كقوله تعالى: <« ...إن كان قميصه قد من قُبل فَصَدقَت وهو من الكاذبينَ 69 4 [يوسف]» ولذا دخلت «(الفاء») فى الجواب لتبين أنه جواب الشرط . وخلاصة المعنى السامى: إن كنتم لا تنصرونه فى الحاضرء فلن يغلب لأن الله ناصره» وقد نصره فى الماضى» وصور الله تعالى الماضى» أو أعاد صورته فى الأذهان. فقال تعالت كلماته: « إِذْ أَخْرجَهُ الْذين كَمَروا ثَانِي اين 4 وإذ ظرف للماضى متعلق بقوله تعالى فقد نصره الله» والمشركون لم يقصدوا إلى إخراج النبى َه بل فكروا فى أمور ثلاثة إما أن يثبتوه أى يحبسوه أو يقتلوه أو يخرجوه» وأرادوا تنفيذ القتل» فاجتمعوا حول داره ليقتلوه» وأتوا من كل بطن من بطونهم بفتى نهد» ليضربوه ضربة رجل واحد» فيضيع دمه فى القبائل» ويرضى بنو هاشم بديته» ولكن الله حارسه. وقد كان ما ذكرناه من قبل» وقد جاء فى بعض كلام المفسرين أنه خخرج فارا من القتل» وإن كان ذكر الفرار غير سليم؛ فإن الهجرة كانت مقررة فى علم الله تعالى» وفى نظام الدعوة من قبل ما دبروه أو مكروه فى يوم الندوة بدليل ما كان 8# تفسير سورة التوبة 7 اذ ل ! ! +“<#1#ظ'ظ'|[| |[ 1[ 2230100101011 تأ حب ا من هجرة عدد من المؤمنين من قبل» ولم يبق بمكة إلا النبى وأبو بكرء وعلى؛ ولعل بعض بنى هاشم . | فالهجرة كانت مقررة» ويصح أن ينسب إلى المشركين أنهم أخرجوه على أساس أنهم كانوا السبب فى خروجه؛ وذلك لأنهم عادوا الدعوة المحمدية» ونابذوهاء وآذوا أهلهاء ولم يعاضدوا محمدلا يله فى دينه الذى بعث بهء فلم يعودوا صالحين لأن تقام دعوة الحق فى أرض مكة؛ لأنه لا يمكن أن تقوم دولة فى ظل دولة الأوثان» وقد كانت تناوئهاء وتعذب أهلهاء فكانت الهجرة أمر لايد منه لإقامة دولة الحق والوحدانية فى المدينة التى وجد الإسلام فيها بيئة صالحة» فغرس فيها غرسه. | وقد صور الله تعالى فى كلامه الحكيم كيف كان نصره سبحانه فى الهجرة» فقال تعالى: فإ ثَاني انين إِذْ هما في الْغَارِإِذ يَقُول لصاحبه لا تَحَرَن إن الله معنا 4 . قال سبحانه وتعالى: «إ ثّاني انْين 4 حال كونه واحدا من اثنين» أى أنه فى قلة ليس معه إلا واحدء وهم يقتفون آثارهما ويتتبعونهماء ويلجآن إلى غارء يتتبعهما فيه عدد من رجالهم» وأرسلوا واحداء يسير وراءهم إلى المدينة» وإنهما عندما نزلا فى الغار عشش على ظاهره الحمام والعنكبوت» وما ذلك إلا من عمل الله تعالى الذى لا تخفى عليه خافية» ولقد كان من يقتفى الآثار قد انتهى اقتفاؤه إلى هذا الغارء وقال: ها هنا اتتهى الأثرء ولكن ظاهر الحال يكذب القافى؛ لأن العدكبوت قد نسج خيوطه. والحمام قد عشش عليهء فكيفء وذلك من فعل خالق الغارء وخالق الحمام والعنكبوت الذى أحكم خلقه وقدره تقديراء ولقد روى الإمام أحمد عن أبى بكر رضى الله عنه أنه قال: «نظرت إلى أقدام المشركين ونحن فى الغار» وهم على رءوسناء فقلت: يا رسول الله ككِةِ لو أن أحدهم نظر إلى قدميه» أبصرنا تحت قدميه! فقال: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما»(' . )١(‏ رواه أحصمد: مسنئد العشرة - مسئد أبى بكر الصديق. رضى الله عنهم(؟١١2»‏ وباللفظ نفسه رواه مسلم : فضائل الصحابة- فضائل أبى بكر الصديق(2)7781 وبنحوه البخارى: المناقب- مناقب المهاجرين وفضلهم فر » تفسيرسورة التوبة ممم لين لل الاك 7 وكما قال الله تعالى: « لا تحزن إِنَ الله معنا 4 . أى إن الله تعالى يصحبهما بحراسته وحمايته فلا يتمكن منهما. منهاء وقد مكثا فيه ثلاثة أيام» كانت تأتى لهما فيها بالطعام - أسماء بنت أبى بكرء أم الشهيد عبد الله بن الزبير الذى قتله اللأمويون قتلة فاجرة» وهتكوا حرمة البيت؛ ا حرام . ( فأنزل اللّه سكينته عليه 4 . الضمير فى « عليه 4 يعود على النبى يَلْدٌء بدليل قوله تعالى من بعد وأيده بجنود لم تروهاء فالضمير بلا ريب يعود إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم. والجنود الذين أيد الله تعالى بهم نبيه ‏ ما وقت التأييد؟» قالوا: يحتمل أن يكون ذلك التأييد هو حراسة الملائكة لرسول الله وهو فى الغارء فهو كان فى حراسة اللّه تعالى» وأمر ملائكته الأطهار بحراسته» وحمايته من أعدائه» ويحتمل أن التأييد كان فيما جاء من بعد من حروب» قام بها النبى َه وخصوصا غزوة بدر الكبرى» فقد صرح فيها بتأييد الملائكة. وكانت بعد الهجرة أول معركة (بدر الكبرى»» وثانيهما أن اللّه تعالى جعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا. ' وقد وصف الله تعالى بأن هذه الجنود لم يروهاء وإن التعبير عن الملائكة الذين أيدوا النبى يِه بالجنود يدل على أن التأييد كان فى معركة»ء وأقربها بعد الهجرة» وهى التى انقلب بها ميزان القوى فى البلاد العربية» ذلك أن قريشا كانت لهم القوة فى البلاد العربية» والسلطان الأدبى فيهاء فلما قهروا فى بدرء هبط إعادته فما استطاعوا إلى ذلك . ا تفسير سورة التوبة !از الا اللا )ل لللك111 1ن اناالا لأ !!!اا ااا ااا للتا الالالال كك خع تلام لاا لاا ااانا خالل نام مامالل لل ل كالخ ل الل ل لل ل ططخ عع ع ممع عماللا شججت- و(الكلمة) فى قوله تعالى: # وجعل كلمة الذين كفروا السفلئ » يراد بها الدولة والقوة؛ لآن قوة الدولة تجعل كلمتها نافذة أو مردودة عليهاء فإذا كانت قوية كانت لها الكلمة النافذة» وإذا كانت ضعيفة كانت كلمتها غير نافذة» وعبر الله كلمة الإسلام هصى العلياء» ودولته هى العلياء» وخبر سببحانه وتعالى عن الإسلام بكلمة الله؛ لأنه دين التوحيد ونبيه مبعوث من الله» وذلك بيان للحقيقة» وتشريف للدين الحنيف. النبى كَكةِ ولا يجاهدون بأنهم إن لم ينصروهء فالله ناصره» وقد نصره فى هجرته» ولم يمكن المشركين منه» ثم نصره فى حربه مع المشركين» وأيده بيجنود وختم سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: #8 والله عزيز حكيم »# أى قادر غالب يدير الأمور بحكمته وعلمه. بعد أن لام الله الذين يقعدون عن الجهاد» بين الله تعالى مع نبيه أمر بالجهاد فقال تعالى : ف انفروا خقافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنُسكم في سبل الله ذلكُم خير كم إن كنتم تعلمون 60 4 . أكثر الرواة على أن هذه الآية وما سبقها فى غزوة تبوك التى خرج بها النبى كه إلى الروم» وقد أراد أن يخرج من الغزوة بعدد كبير؛ لأنهم كانوا فى مؤتة التى كان فيها حملة الراية زيد بن حارثة» وجعفر بن أبى طالب» وعبد الله بن عدد جيشه نحواً من ثلاثة آلاف» وأنى يكون ثلاثة آلاف بجوار مائتى ألف من الرومء ومن استخدموهم من العرب فكانت المهارة فى التراجع غير منهزم . 0# تفسيرسورة التوبة الللمماالللاالل الل ملفلل لل ل للك فلما أراد النبى يل أن يعيد الكرة على الروم لكيلا يطمعوا فى المسلمين» ويستصغروا أمرهم كما هو الشأن فى استصغارهم أمر العرب» ولأنهم قتلوا من أسلم من أهل الشام ليفتنوهم عن دينهم» وما كان النبى يل ليسكت عن فتنة المؤمنين» وهو قادر على منعها. كانت غزوة تبوك هى الردع للروم» لكيلا يضطهدوا المؤمنين فى أرضهمء ولكيلا يتخذوا أهل الحق خولا لهم» وأراد النبى أن يكون العدد كثيراء أو أراد الله تعالى له ذلك . ولذا دعا الجميع أن ينفروا؛ لأن قضية العرب أمام الرومان» فقال تعالى:. ط انفروا حقَاًاوقَلاً4 أى انفروا جميعاء ولا فرق بين غنى حمله خفيف» أو فقير مثقل بالعيلة والأولاد» ولا فرق بين شاب وشيخ.» ولا فرق بين حال منشط أو مكره» وحال إقبال وحال إثقال واستكراه» وحال نخحفة إلى العمل» وإثقال فى التحرك إليه. . | انفروا جميعا غير متعللين بأيه علة» فإنها قضية الإسلام والعرب, فإما أن يذلوا للرومان أو يعتزوا بالإسلام. ثم قال تعالى: ا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم 4 والجهاد بالمال يكون بالإنفاق على الحرب. وعلى أدواته» وعلى إعانة من لا مال لهمء والجهاد بالنفس بحمل السيف. والقتال» وإعانة المقاتلين» ويروى أن شيخا أثقلته السنون ذهب إلى الحرب» فثبطه ضعف الشيخوخة» فقال: إن لم أقاتل عاونت المقاتلين» وأغنيهم عن بعض ما يحتاجون إليه. والجهاد بالنفس يتناول تعويدها الصبر وتحمل المكاره. وقال تعالى: « ذَلكم خير لْكُم 4 أى الخروج بنفير عام» وغير معوقين بأثقال أو بأى سبب من الأسباب «إخير لكم 4 لأنه العزة» والعزة خير من الذلة» وفيه إرضاء الله وإرضاء الله خير كله؛ ولأنه الرفعةء ولأنه الكرامة» والكرامة خير من 8# تفسيرسورة التوبة سس سس س1 أب ا لمهانة» وذكر المخطاب فى الإشارة إلى الجسمع للنص على عموم الخطاب بالتفسير حتى يعم الجميع باخطاب نصا إن كسُمْتََمُون» الخير من الشر» فالموت فى عزة خير من الحياة فى ذلة» والموت مع كرامة الجهاد خير من الحياة مع ذلة الكفر والاستسلام والمهانة. تخاذل ضعاف الايمان والمنافقين قال تعالى : لَوَكَانعرَضا فَرِسَاوَسَفَرَاقاصِدَ دا لديخُوك ولك يعدت دي و الْحقّة 2 لفو :. حبالئهلرا 0-7 دَمَلْعَنًا ا 0 الشّقَة مسلا - 2 6 0 شب >« م م 1 مج كنيو 2 310 هك 2 حي عَمَاصَدُعَنلَكك مد 1 لكايب - كوأ وتعام أ _- ا ل اه م ص كريب 0 -- ذِن كأ لَِينَ رح يو 0-3 َه وَالْيَوَ الجر أن يجده د وابأت وله نيهي وأ ليقن اه تنك الي لاجمب الله واليؤ وأ ير راركت وز مك في رتيه و رَددورت يا مع الدعوة القاطعة إلى النفير العام كان ثمة متخاذلون متخلفون عن الجهاد» وذلك لأنه شاق عليهم» يرونها عيشة راضية على أى حال كانت هذه الحياة أوفى عزة تنال بالجهاد أم فى ذلة ترضى بالهون وأدنى معيشة فى الحياة. وقد بين سبحانه أنهم يريدونها رخاء سهلاء فقال سبحانه. 5 8# تفسير سورة التوبة الل لال ل لحب د لو كان عرضا قَرِيمًا وَسَمَرًا قاصدا لأَنَبَِعُوك ولكن بَعْدت عَلَيهِم الشقّة 4 (العرض) هو المتاع» أو ما يعرض من منافع الدنياء و(القريب) السهل الذى يجىء من غير مشقة وإجهادء و(السفر القاصد) السهل القريب الذى لا مشقة فى السير فيه ولا تعب» و(الشّقّة) المسيرة الشاقة المجهدة» أو الأمر الشاق فى نفسه. والمعنى «والله» إنك لو دعوتهم فى هذا النفير العام الذى يجب ألا يتخلف عنه أحد من أهل الإيمان والإخلاص - إلى عرض من أعراض الدنيا قريب أو مال قريب» أو كان السفر قاصدا سهلا وقريبا لاتبعوك؛ لأنهم يريدون الدعة والاستنامة إلى الراحة وأن يرضوا بأدنى الحياة ذليلة أو عزيزة فى كرامة أو مهانة. فى قوله تعالى : ( لو كان عرضا » فاعلها ضمير يعود إلى النفير المفهوم من قوله تعالى «خقافًا وثقالاً», والكلام يفيد أنهم لم يجيبوا دعاء النبى كَل إلى النفير العام. وتخلفوا مع أن النفير العام لا يفرق بين ذى عذرء وغيره ما دام قادرا. ويبين الله سبحانه وتعالى سبب تخلفهم» وهو أن الشقة الشديدة بعدت عليهم» والنفير فيه بعد فى الطريق ومشقة شديدة. وإن الاعتذار هو حجة الضعيف الذليل» ووثقوا الاعتذار بالأيمان الكاذية» ولذا قال سبحانه وتعالى :‏ وَسيَحَلفُونَ باللّه َو استطعنا لَحَرَجِنا معكم 4 . (السين) لتأكيد حلفهم بالله. والحلف فى هذه الحال يتضمن الاستعانة بالله تعالى مع كذبهم» وذلك كفر وبهتان على الله وقوله : «( لو استطعنا » مقولة لقول محذوف تقديره قائلين: الَو استطعنا لخرجنا معكم 4 وهى مضمون الحلف أو المقسم عليه وقد أكدوا كذبهم بهذه اليمين الفاجرة» ليخفوا السبب الحقيقى» الجبن» وضعف الإيمان» أو النفاق الذى أفسد قلوبهم وأضل عقولهم» وقد بين سبحانه فجورهم فى هذه اليمين» ٠‏ فقال تعالى : والله يعلم أن مغبته تخلفهم فقال: «( يهلكون أنفسهم واللّه يعلم إِنّهُم لَكَاذبُونَ» أى يهلكون أنفسهم بهذه اليمسين الكاذية؛ لأنها تفسد نفوسهم وأى هلاك أشد من فساد النفس» وضعف إيمانهاء 8# تفسير سورة التوبة ْ ملل ل 0 1 بيبل يي" وإنهم بتخلفهم يكشفون عن ضعف مَُرْرء وإنهم فوق ذلك لفساد تفكيرهم ألقوا بأيديهم إلى الذلة» إذ استبدلوا بعزة الجهاد ذل الاستخذاء. وقد أكد الله سبحانه وتعالى كذبهم فى قوله تعالت كلماته بقوله: واللّه عَم إِنّهُم لَكَاذبِونَ 4 أولا بذكر بعلم 4 فما يعلمه الله صادق لا محالة» وثانيا: بالجملة الاسمية.ء وثالثا: ب(إن)» ورابعا: باللام فى لكاذبون. قبح الله الجبن» وضعف الإيمان والنفاق» فإنها أدواء الأمم بها تذهب عزتهاء وتضرب عليها الذلة . لقد اعتذروا بانتتحال أعذار واهية» فأذن لهم النبى كك وما كان له أن يحكم بظواهر ما يقولون» ولأنه لا فائدة فى أن يكون فى اليش متخاذلين» يكون ذريعة للفشل فى صفوفه؛ ولكن الله يعلم إنهم لن يخرجوا إذا لم يأذن لهم النبى بالتخلف. فيظهر كذب أعذارهم» وينتكشف أمرهم» ولذا عتب على رسوله إذ قبل عذرهم» فقال تعالى كلامه: ٠‏ هؤلاء المنافقون الذين يذكرهم الله فى هذه الآيات قد اعتزموا القعود وعدم الخروج» ضعفا وجبناء وليفتوا فى عضد أهل الإيمان. وعن مجاهد: «نزلت هذه الآيات فى أناس استأذنوا رسول الله كَكْدٌ وقالوا فيما بينهم. فإن أذن لكم فاقعدوا وإن لم يأذن لكم فاقعدواء فهم قاعدون فى الحالين» فكان الإذن ساترا لحالهم من قصد التخلف فى الحالين» ولذا عاتب الله نبيه على الإذن الذى ستر حالهمء ومقصدهم الخبيث» وقعودهم الذليل» فقال الله تعالى: ‏ عفا اللّه عنك لم أذنت هم 4 وقالوا إن هذا خطأ وقع من النبى يك عاتبه الله تعالى عليه فى ألطف عبارة عتاب» فقد ابتدأ قبل بيان وجه العتاب (بذكر العفو)» ثم ذكر موضع العتاب؛ وذلك لأن النبى يَكلِيْهٌ اجتهد فى أمر قد أعطى حق الاجتهاد فيه» وهو تدبير الحروب» وتعرف أنجح الخطط فيهاء وخيرها وصولا إلى الغاية» وقد رأى أن قعودهم خير من أن يكونوا معهم» ويهموا بالفشل» والمعركة قائمة» ولكن الله ٠ 0‏ ## تفسير سورة التوبة لانن 1 يي تعالى ينبه النبى يَلهِ إلى أمر لا يعلمه النبى تلد وهو أنهم لن يخرجوا والله يعلم ذلك. والنص الكريم هنا فيه عتاب على الإذن» وقد أجيز الإذن عند الاستكذان فى آية أخرى فقال تعالى: 8إإِنّمَا المؤمئون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه علىئ مر جامع لم يَذهبِوا حَتّى يستأذنوه إِنَ الذين يست أذنوتك أُولعك الذين يؤمنون بالله ورسوله فَإِذَا استأذنوك لبعض شأنهم فَأَذَنَ لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّهِ إن اللّهِ غفور رُحيم 69 4 [النور]. وموضوع الآيتين مختلف.» فالآية الكريمة التى نتكلم فى معناها موضوعها المنافقون وضعفاء الإيمان» أما موضوع آية سورة النور فمؤمنون بالله ورسوله» وأجابوا الأمر الجامع للمؤمنين وهو الجهاد. واستكذانهم كان لبعض شأنهم كاستئذان ذى النورين عثمان بن عفان فى التخلف عن غزوة بدر الكبرى لبعض شأنه» وقبول النبى كلد عذره. وإذنه له فى التخلف. وموضوع العتاب بينه الله تعالى بقوله: «لم أذنت لهم 4# وهو استفهام ليس فيه استفهام عن سبب الخروج» ولكن نفى مع العتاب لأن يكون ثمة مسوغ للإذن» ولذا لم يقل سبحانه» وله المثل الأعلى فى الكلام المعجزء «لاذا »؛ لأن ذلك يكون نصا فى السؤال عن المسوغ؟. وإن ذلك الإنكار كان لعدم الانتظار حتى تتبين حالهم الحقيقية» وهو أنهم قاعدون؛ ولذا قال تعالى: 8[ حتّئ يتبيّن لك الّذين صدقوا وتعلّم الكاذبين4 أى أنه كان يجب الانتظارء وألاً تسارع بالإذن حتى تتبين حالهم» وينكشف أمرهم. أعذارهم» كبعض الفقراء الذين لا يجدون ما يحملهم فى ذلك السفر البعيد الشقة الشديد المشقةء وهؤلاء تبين صدقهمء والمنافقون تعلم كذبهم علما يقينياء ا تفسير سورة التوبة لاللاالوااللل للك 1 ب(زنجهملب_ أ يي" ووصفهم سبحانه بقوله تعالى: ١‏ وتعلم الكاذبين 4 الذين صار الكذب وصفا لهم وشأنا من شئونهم» كالمنافقين » فإن الاتصاف بالكذب يلازم النفاق ولا يفترقان. وقد بين الله تعالى أن المؤمنين المجاهدين لا يستأذنون إلا لعذر قاهرء أو لأمر ظاهرء كما أمر عليا فارس الإسلام بأن يبقى فى المدينة ليكون قريبا من أهل النبى ككْْةٌ وقد تألم على لذلك ولكنه أطاع» ويظهر أن الله تعالى وفق النبى عله فى إذنه لعلي بالتخلف, فإنه لم يكن قتال. قال تعالى: فلا يسَتَئدَئك الّذين يؤمئون باللّه وَالْيوْم الآخر أن يجاهدوا بأَمُوَالهم وأنفسهم واللّه عليم بالْمقين 9 4 . إن الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر لا يستآذنونك فى القعود عن الجهاد؛ يصبرون فى الشدائد» ولآنهم يعلمون أنهم فى الجهاد يفوزون بإاحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة» وفيهما الخير كله فالفوز بإحداهما» ولأنهم يعلمون أن الدنيا متاعها إلى أجل محدود وأن الآخرة خير وأبقى» ولذا ذكر الإيمان باليوم الآخر بجوار الإيمان بالله» فالإيمان بالله اعتماد على القوى المتين» والإيمان بالآخرة إيمان بالجزاء والعورض عن الحرمان والشهادة. وقوله تعالى: أن يجاهدوا» أى فى أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهمء وحذف حرف «فى» فى المصدر المنسبك من (أن وما بعدها) كثير فى كلام العرب» ويصح أن يقدر كراهية أن يجاهدواء وهذا نفى لأن يقع ذلك منهمء فهم لا يستأذونون فى التخلف لكراهية الجهاد؛ لأنهم لا يكرهون أمر فرضه الله تعالى»؛ إذ إن إيمانهم يوجب عليهم أن يحبوا ما أحب الله لهم وفرضه عليهم» ولأنهم يريدون العزة» والعزة تحت ظلال السيوف. 5 ## تفسيرسورة التوبة مامالل م لل سر ا «بأموالهم وأنفسهم»4. أى بإعداد العدة والقوة» وإمداد الجيش بالمؤن والذخيرة» وحمل الفقراء الأقوياء إذا لم يجدوا ما يحملهمء وبأن يتقدموا بأنفسهم فى غير اضطراب ولا وجل» ويفزعون أعداء الله وأعداءهم بإقدامهم؛ ثم ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: ‏ واللّه عليم بِالْمتّقِينَ4 وهذا إخبار عن علم الله تعالى بالمتقين الذين يتقون عذاب يوم القيامة» ويتقون أن تكتب عليهم الذلة» ويتقون أن يستخذواء ويستكينوا لأعداء الحق وأعداء الله تعالى» ويتقون أن يكون للكفار عليهم سلطان» وأن تكون ولايتهم لغير المؤمنين. الله تعالى عليم بهؤلاء المتقين» وسيجزيهم بأحسن الجزاء فى الدنيا والآخرة» ففى الدنيا العزة والكرامة» والعلو فى الأرض من غير فساد» وفى الآخرة بالنعيم المقيم. ثم بين الله تعالى الذين يستأذنون فى القعودء فقال تعالى كلامه: 9إإِنّمَا يستئدنك الّذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قُلُوبهم فَهِم في ريبهم يَردُدُونَ #0592 قصر الله سبحانه وتعالى من يستأذنون فى القعود على الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخرء فلا يستأذنك فى القعود مؤمن بالله واليوم الآخرء وأفاد القصر ب(إنما) لأنها من أدواته. ذلك لأن المنافق لا يؤمن بالله تعالى» فلا يطيع أوامره ونواهيه» ولا يذعن لما جاء به محمد يك عن ربه» وإن نطق لسانه بكلمات الإسلام والطاعة والخضوع ظاهرا لا يطيع قلبه» وقد ذكر الله تعالى فيهم أقوالا ثلاثة كلها تقعد بهم عن الجهادء بل واحدة منها : أولها: أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخرء فعدم إيمانهم بالله يجعلهم لا: يذعنون» ولا يجيبون ما فرض عليهم من جهاد, ولا يؤمنون بما فيه من عزة وكرامة» وفوق ذلك لا يريدون العزة للمؤمنين ولا يبتغونها لهم» ويريدون الذلة لهم؛ وعدم إيمانهم باليوم الآخرء يجعلهم يعتقدون أنه لا تعويض لهمء وأن الدنيا وحدها هى الحياة» ويقولون إن هى إلاحياتنا الدنيا غموت ونحيا وما نحن 0 ا تفسير سورة التوبة الااالل لان لس أ ثانيها: حال الريب» فهم فى ريب دائم» والريب لا يوجد معه إيمان بشىء» فأول ما يصاب النافق يصاب فى نفسه. إذ يكون فى بلبال مستمرء واضطراب فكرى دائم لا يسبتقر معه على حال» ولا يستطيعون عملا. الثها: أنهم فى تردد دائم نتيجة لريبهم ومن نعم الله ألا يخرجوا مع المجاهدين. قال تعالى فى بيان أن من الخير ألا يخرجوا وأنهم ما أرادوا الخروج: و وَلْوَأَرَادوا لحرو اث لكي مسر صااخ كع - 2 وو علي حََا رس لْفَِْدَ وفيس ستو اهيا عَلدلِيِيتَ © قيتع ائية جه و موكيا كَالاورَحق 2 وهم كار هود بحت زه َمِنْهُم يفول مد دل لاشيق الاق اليف: سقطو ارك جَهَئّمٌ حيط ةٌبالحكتفرت نه هذه الآيات وما يليها فى شأن المنافقين الذين قعدوا متلمسين الأعذار وهى كاذبة ‏ والنفاق سوسة المجتمعات» ينخر فى عظامها ‏ ولقد حاولوا إفساد الجماعة الإسلامية» ولكن النور المحمدى كشف ظلماتهم. وفى هذه الآيات يبين سبحانه مضارهم فى الحرب إن خرجواء ولكن النفاق لا يلتقى مع مخاطر الجهاد» فلم يخرجوا وكان خيرا كما أشرنا فقال تعالى وقد ثبطهم الله عن الخروج لأنه كره انبعائهم » فقال تعالى: « ولو أَرادُوا الْخروج لأعدوا لَه عدّة 4 . 2 0# تفسير سورة التوبة لالم ا 001 جيل بي ١‏ إن الله تعالى عتب على نبيه يكِْةِ أن أذن لهم عندما استأذنواء ولو لم يأذن لكشف أمرهم» وتبين أنهم كاذبون فى ادعاء العذر ولا عذر لهمء لأنهم لم يريدوا الخسروج ابتداء» وأكد الله تعالى عدم قصدهم الخروجء فقال: « ولو أرَادوا الخروج 4 لبدت أماراته» فأعدوا العدة من إعداد الكراع(١2‏ والسلاح» وما تحتاج إليه حرب شديدة فيها ملاقاة الرومان الذين كانوا أقوى دولة فى ذلك الإبان» ولكن لم يعدوا عدة» فلم يكونوا على نية الخروج» وأظهروا ما فى مقصدهم باعتذارهم» وكان ذلك خخيرا للمسلمين» وكره الله تعالى أن يخرجواء فقال تعالى : ا ولكن كَره الله نبعَاتَّهِمَ4 ومعنى الاستدراك أنه منع لوهم إرادة الله - تعالى ‏ خروجهم؛ لأن مؤدى إعلانه على عدم خروجهم قد يوهم إرادة الله خروجهم» فنفاها سبحانه بهذا الاستدراك» فقال: 8 ولكن كره اللّه انبعاتّهم »4 والانبعاث النهوض للخروج مع المجاهدين» وكراهية الله تعالى لخروجهم لما علم سبحانه أنهم يريدون الخبال والاضطراب للمؤمنين» كما تدل على ذلك الآيات التالية» وكما دلت على ذلك الأمور الكثيرة التى كانت تقع بإثارة الفتنة منهم» ولكن كانوا كلما أوقدوا نارا لفتنة أطفأها الله سبحانه وتعالى. «فَتبَطُهُم 4 أى خذلهم وأوقع فى نفوسهم نزوع الكسل والضعف» وأزال رغبتهم فى النهوض إلى النفير مع جيش الإيمان» وما ذلك إلا للمصلحة اللمترتبة على منعهم من الخروج» فما أريد التشبيط لذاته» ولكن أريد ما يترتب عليه من حماية جيش الإيمان من الفتن يبثونها فيه» وإثارة الخلاف» إن سنئحت لهم أسبابه ولا شعش اخيش إلا التزلع» كسما قال تال : 4#. .. ولا تتازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا. . . 69 4 [الأنفال] . فكانت المصلحة فى ألا يخرجواء ‏ فَبُطَهِم وقيل افعدوا مع القاعدين 4 (قيل) بالبناء لمفعول» وأسند إلى المفعول لتعدد عوامل التخذيل التى كانت فى مضمون القول» فجبنهم. وإرادة الشر بالمؤمنين وبعد الشقة» وكون الغاية فيه بعيدة» وفساد )١(‏ الكراع: اسم لجميع الخيل والدواب التى تصلح فى الحرب. 8 تفسير سورة التوبة اللا ااال للا الل مامالل 01 ١ اك‎ 7 نفوسهم» وتخاذلهم عن نصرة الحقء وكراهية الإيمان وأهله. كل هذه عوامل مع القاعدين ‏ هذه العوامل التى أشرنا إليها انتهت بهم إلى أن كان لسان حالهم يقول: افعدوا مّعْ القاعدين 4 . قولهم لأنفسهم « اقُعدوا مع القاعدين 4. قال فيه الزمخشرى: هو ذم لهم البيوت وهم القاعدون» وهم القاعدون والخالفون والخوالف» وبينه الله تعالى فقال: «( رضوا بن يكونوا مع الخوالف .. 0 4. وقد علق الناصر فى حاشيته على الكشاف فقال: وهذا من تنبيهاته الحسنة» وكذا لو قال: كونوا مع القاعدين» ولا تحصل هذه الفائدة من إلحاقهم بهؤلاء الموصوفين عند الناس بالتخلف والتقاعد الموسومين بهذه السمة إلا من عبارة الآية» ولقد جاء على لسان فرعون فى إيعاد نبى اللّه موسى عليه السلام « ... لأجعلتك من المسجونين 3 »© [الشعراء]» ولم يقل لأجعلنك مسجوناء لمثل هذه النكتة من البلاغة . هذاء وإن الله تعالى عاتب النبى كَلكِْةِ لإذنه لهم بالقعود مع أن الله تعالى كره انبعائهم» لأنه سبحانه كان يريد أن يتبين النبى كَكِلْهٌ حالهم. حتى يتبين له الصادق من الكاذب» وأنهم لا يخرجون. وقد بين الله تعالى الحكمة فى أنه ثبطهم» فلم يخرجوا فقال سبحانه: «( لَو خرعرا فيكم نا اذ وك إلا سالا ولأوضتوا جلاكم ولك لوفقم ستاو لوم أى لو خرجها فى جمعكم المؤمن المجاهد» وسارواء» لا يجاهدون» ولكن يسيرون على ما كانوا عليه بينكم من التشكيك فى خروجكم وفى قوتكم» وفى 8# تفسير سورة التوبة اللللللااللالالل الل لاملل للللللك لح نا ذلك إشاعة العناء والخور والضعف. ولذا قال الله تعالى: فإمًا زادوكم إلا حبَالاً 4 الخبال: الفساد والشر بالتشكيك وإثارة الفزع» والاستئناء هنا يمكن أن يخرج على استثناء منقطع؛ لأن المستثنى ليس من ضمن المستثنى منه» إذ الخبال لا زيادة فيه كما يقال ما غنم إلا الهزيمة» وما زاد إلا النقص. ويرى الزمخشرى وهو عالم اللغة وفقيهها أن الاستثناء هنا ليس منقطعاء إنما هو استثناء من أعم الأحوال؛ أو من أعم العام كما عبر الزممخشرىء والخبال نقص أعم العام كما يقال: ما زادوكم شيئًا إلا خبالا وإفسادا»» ط ولأوضعوا خلالكم » الخلال: جمع (خلل) وهو ما بين الشيئين أو الأمرين» و(الإيضاع): الإسراع. يقال وضع يعنى أسرع» ووضع البعير إذا عداء وقال الراجز العربى: ليتنى فيها جذع أخب فيها وأضع وأوضعته: حملته على العدو» والمعنى فى النص الكريم: لأوضعوا ملحقين الجيش خلاله بأسباب الفتن من نميمة ومن توهين» ومن تشكيك» وشبه السعى بالفساد بإيضاع الإبل فى عدوهاء لأن كلا إجهاد» بيد أن سير الإبل قد يكون إلى الخيرء أما الإيضاع هنا فهو فساد وتوهين وتخذيل» وسعى بنميمة. ل ييغوتكم الفتنة © أى يطلبونكم بشدة وقوة» لا يبغون أشخاصكم؛ لأنهم لا يودونكم» ويتربصون بكم الدوائر ولكن يبغون الفتنة بينكم» فالفتنة بدل اشتمال من الضميرء أى يبغون فتنتكم فى عامة أموركم» وذلك بأن يمشوا بالنميمة فى جموعكم» ويرهبونكم من أعدائكم» والقول بالريب فيما اعتزمتم من عمل . ثم يقول تعالت كلماته: «إ وفيكم سمّاعون لهم 4 سماعون صيغة مبالغة من سامعء أى أنهم حريصون على السمع لهم؛ وقد كان اللفظ يحتمل أن فيكم سماعين حريصين على أن يستمعوا ويبلغوهم.ء فاللام فى هذه الحال معناها لأجلهم» أو يكون المعنى أن يستمعوا لهم» ويطيعوهم» وينحازوا إليهم» ونرى أن هذا هو الأنسب للسياق والذى يلائم إيضاعهم بالخبال» وذكر ابتغائهم الفتنة 8# تفسيرسورة التوبة لل لاا الل 0 > اا وطلبهم» ويتفق مع رغبتهم فى الخبال والفساد» وقد ختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: واللّهِ عليم بالظالمين 4 أى أن الله تعالى عليم بهم وبنياتهم» وما يطوونه فى جنوبهم من إرادة الشر بالمؤمنين» وأظهر فى موضع الإضمار لتسجيل الظلم عليهم» وأن الظالمين لن يفلحوا أبدا. ( نقد وا ةم قبل ُو لك الأمُورَ تن جَاء الح طهر له وم كَارهرت 62 4 . الغمير يعود إلى الذين استأذنوا من النبى كَكدْه وثبطوا المؤمنين» وهم المنافقونء و ابتعُوا الْفشَة4 أى طلبوها بشدة راغبين فيهاء قاصدين الفتنة أى تضليل المؤمنين» والإفساد من قبل» أى من قبل ذلك التخذيل الذى بدا منهم الآن» فذلك ديدنهم» وما أرادوا بالإسلام إلا خبالاء» حتى لقد روى أنهم - والأوس والخزرج كانوا يبايعون النبى ذَلِْدِ بالعقبة ‏ كانوا يدبرون الأمور لاغتياله عند مقدمه المدينة كما روى ابن جريج» ولقد قال فى ذلك الحافظ ابن كثير: «( لَقَد ابتَعوا الفستة من قَبَل وقلبُوا لَك الأمور» أى لقد أعملوا فكرهم وأجالوا آراءهم فى كيدك وكيد أصحابك» وخذلان دينك» وإخماده مدة طويلة» وذلك أوان مقدم النبى كَكِلٍ المدينة» ورمته العرب عن قوس واحدة» وما رتبه يهود المدينة ومنافقوهاء فلما نصره الله يوم بدرء وأعلى كلمتهء قال عبد الله بن أبى :هذا أمر قد توجهء فدخلوا فى الإسلام ظاهراء ثم كلما أعز الله الإسلام وأهله غاظهم ذلك وساءهم». وقال سبحانه وتعالى: « وقَلبُوا لَك الأمور» أى صرفوهاء ودبروهاء وكانوا أحيانا يمالئون أعداء الدين من أهل الكتاب والمشركين» ومرة يخذلون المؤمنين» ومرة يدخلون فى الغزوات مجاهدين» ثم يعدلون ليلقوا التردد فى نفوس المؤمنين كما فعلوا فى غزوة أحد» ومرة يحرضون من يوالونهم من بعض الأوس والخزرج لحوادث صغيرة يثيرونها. حتى كادت تكون فتنة بين الحيين من الأنصار» فهم فى فتنهم الدائمة المستمرة» يلبسون لكل حال لبوسهاءيحركهم الكفر» ويدفعهم النفاق اح تفسير سورة التوبة نا إلى أن يرتكبوا حماقات» وإنهم ليتعدون حدودهم» فيثيرون حديث الإفك حتى تململ منهم ذووهم» وأصبح أهل كل بيت فيه منافق يحرضون النبى كَل عليه . وهكذا مضى أمرهمء والإسلام ماض فى طريق الحق» حتى وصل إلى غايته» وهذا قوله تعالى: إوظهَر أَمر الله وهم كارهون » أى ظهرت أحكام الإسلام» وهى أمر اللّه» وانتشر فى الوجود أمرهء وهم كارهون» أى ظهر مع تدبيرهم الفاسد» وبغضهم الشديد له. وكانوا يتدرعون بكل الحيل ليأذن لهم النبى يلكي والله تعالى فى علمه المكنون أنهم لا يخرجون وكره انبعاثهم» وما كرهه الله تعالى لا يمكن أن يتحقق» ولقد ذكر الله تعالى بعضا مما كانوا يعتذرون به فقال تعالت كلماته: « ومنهم من يُقول انْدن لي ولا تفْعني ألا في الفتنة سَقَطوا وإِنّ جهنم لمحيطة اْكافرين 69 4 . ظ كان المنافقون يتعللون بكل علة صادقه أو كاذبة» بل إنهم لم يتعللوا بصادق» بل كلها تعلات يقولونها بأفواههم وقلوبهم غير مطمئنة إلى الخروج؛ لأنهم يريدون التعويق» وهول القتال قد أفزعهم» وبعد الشقة قد أقعدهم. وكان من تعلتهم أن قالوا إننا نخشى فتنة النساء فى الرومان لجمال نسائهم» روى أن الجد ابن قيس أخا بنى سلمة قال له رسول الله تَكلِْةِ: هل لك فى جلاد بنى الأصفر» فقال: يا رسول الله أوتأذن لى ولا تفتنى فوالله لقد عرف قومى ما رجلا أشد عجبا بالنساء منى» وإنى أخشى إن رأيت نساء بنى الأصفر ألا أصبر عنهن. فأعرض عنه رسول الله وقال: «قد أذنت لك200 . ومعنى هذا أن الآية جاءت تمثل ضروب معاذيرهم الواهية التى لا تقنع» إنما هو عدم الإيمان» وفزع النفاق» والزمخشرى يفسر الآية على العموم» ويفسر «لا تفتنى» أى لا تأذن لى فى الخروج فأقع فى الفتنة التى لا قبل لى بها وهى .)177١ص-١ج( البداية والئهاية: سنة تسع- ذكر غزوة تبوك (جه-ص؟١5), وتاريخ الطبرى:‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة و عصيانك» فيبين الله أن هذا الاعتذار التافه الذى لا يدل إلا على عجز حقيقى هو الفتنة فى ذاته» ولذا قال تعالى: «إألا في الفتنة سَقَطُوا» أى فى الفتنة الكبيرة سقطواء والفتنة أطلقت. والمطلق ينصرف إلى الفرد الأعظم أى الفتنة الكبرى سقطوا فيهاء وقدم المفعول وهو الفتئة على الفعل للإشارة إلى أن عملهم مقصور على الفتنة. فهو الفتنة» ولا يكون غيرها؛ لأن عذرهم كاذب ساقط فى ذات نفسه. وعلى أن الآية نزلت فيمن اعتذروا بفتنة نساء بنى الأصفر تكون فتنة التخلف مشاكلة لما ادعوه من فتنة النساء فى اللفظ وإن كانت غيرها. وإنهم بهذا الكذب والاعتذارات الواهية» وعدم إيمانهم يعدون كافرين» ولذا قال تعالى: « وَإِنّ جهنم لمحيطة بِالْكَافرِين 4 أى أنهم مؤكدون داخلون فيهاء وستحيط بهم يوم القيامة. وذكرت الآن لتأكد وقوعهاء كقولة تعالى: لأَنَىْ أمر الله فلا تَسْتَعجِلوه ... 400 [النحل]» فهو تأكيد لما سيقع بتصويره كأنه واقع وقوعا مؤكذا. وقد أكد سبحانه وتعالى الوقوع فى جهنم يوم القيامة بعدة مؤكدات: أولها: الجملة الاسمية» ثانيها (إنّ) الدالة على توكيد الخبرء وثالثها بيان أنها محيطة بهم إحاطة الدائرة بقطرها لا يخرجون عما تحيط به» ورابعها باللام المؤكدة فى قوله تعالى: « لمحيطة 4. وأظهر سبحانه فى موضع الإضمار فلم يقل: «لحيطة بهم» بل قال « لمحيطة بالكافرين 4 لبيان سبب هذا العذاب الأليم وهو الكفرء وقانا الله تعالى شر النفاق وأهله. ثم بين سبحانه شعور المنافقين نحو المؤمنين. قال تعالى : 9 ممم شك ووو عر عم اس > إنضوسبَاك حَسَنه سق نت - 5 ضيه مر 2 سر حت سر سس 2 22 00 1 يفولواقدأخذناامرتامِنة ومكد مَتَولوأ 201 | ا 8# تفسير سورة التوبة 2 0< يدر سه 2 جد 2 ل ست ب - ا 0 ول ول سا ب رخس سد م صر وي بكر ماس 0 2 أله لناهومول سناو لَه ْسَتَوَك ل الْمْؤْوئوت َ صر مهل ثوب بعالا اند الف يتوق كر ريص يكم نيع كمد يَعَدَابِمّرٌ 3 َكرسوَئامَمَسكم ورت 2 إن المنافقين لم يندمجوا ف فى أهل الإيمان» ولم تتحد معهم مشاعرهم وأحاسيسهم. فلم يكونوا منهمء ولم يشعروا بما يشعر به أهل الإيمان. فلا يشاركونهم فى سرائهم» إن أصابهم ما يسرء ولا ضرائهم إن أصابهم ما يضرء بل يناقضونهم مناقضة تامة» فما يسرهم يسوءهم وما يضرهم يسرهم» وكذلك شأن المنافقين فى كل جماعة لا يشاركون فى أحاسيسهاء ولذا قال فى وصف هذه الخال : «(إن تصبك حسنة تَسؤْهم 4 أى إن ينزل بكم أمر هو حسن فى ذاته» وعندكم» ويملاً نفوسكم بالسرور يكون هذا سببا لآلامهم؛ فسروركم مسىء لهم؛ لأنهم يريدون أن تدور عليكم الدوائر» فنصركم يوم بدر ساءهمء وكذلك يوم الأحزاب» ويوم مؤتة» إذ رضيتم من الغنيمة بالإياب أمام مائتى ألفء وأنتم ثلاثة آلاف» وقتلتم منهم مقتلة عظيمة مع قلة عددكم» وإن لم تغنموا شيئا منهم. ( وإن تبك مُصيةٌ فووا قد نا نا من قح . المصيبة مؤنث مصيب أى نازلة وشدة كارثة» وأصلها كما ترى من أصاب» ولكنها بالتاء غلبت فى الشدائد والكوارث والتكبات.» فإذا أصاب المؤمنين نكبة أو قرح » كما أصابهم يوم أحد» قالوا: أخحذنا أمرنا» أى أننا استولينا على أمرنا من قبل فلم نعرض أنفسنا لمخاطر الحروب ونوازلها فنجونا من أن نقع فيما وقعوا فيه تفسير سورة التوبة ل ل 00 0 سر أ وكأنهم يشمتون فى المؤمنين» وقد وقع ما يتمنون» ويصفون أنفسهم بأنهم أهل ويتولوا 4 معطوف على يقولواء أى وينصرفون إلى أهليهم وأصحابهم يتحدثون فى أمر هله النكبة وهم فى فرح بها؛ لأنها أصابت هوى فى نفوسهم. ولذا قال تعالى: «وهم فرحون» أى والحال أنهم فرحون فرحا غمرهم» ويصح أن يكون تولوا بمعنى أعرضوا عن الرسول غير مقبلين عليه مظهرين خبيئة نفوسهم. وفى هذا ما يفيد أنهم جرءوا عليه» وحسبوا أن الغد لهم» وماهى إلا جولة» حتى يكون الغلب لهمء ولكن هيهات أن يكون ذلك» فالهزيمة فى معركة بعدها الظفر والنصر. يخذلهم قرحء بل إنهم يقدمون متوكلين عليه سبحانه» إن أصابتهم حسنة لم تعالى قد قدر لهم ما فيه خير. ولذلك قال تعالى: طقل أن يُصِيبًَا إل ما كتَب الله نا هو مولانا وَعلَى الله فليسَوَكَل المؤمنون69 4 . أمر الله تعالى نبيه أن يقول ما هو تفويض إليه سبحانه» وما فيه توقع الخير» حتى فيما يكون فى ذاته نكبة أو شدة» إذ قد يكون وراءه خير» أو خير قد اختفى فى هذه الشدة» كما قال تعالى: 9 ... وَعَسَئْ أن تكرهوا شيا وهو حير كم وعسئ أن تحبوا شيئا وهو شر لم واللّه يعلّم وأنتم لا تَعلَمُونَ 69 4 [البقرة]. فعسى هذه الشدة يكون فيها خير كثير» ولو كانت مكروهة» كما قال تعالى: 9 ... فَعَسئ أن تكرهوا شيمًا وَيَجعل الله فيه حيرا كغيرا 69 4 [النساء] ولذا قال: قل أن يصيبنا إلا ما كب الله لنا4 أى أنه ليس لنا أن نتبين إن أصابتنا كارثة أو نكبة» فقد تكون كارثة تنبهنا إلى خطأ وقعنا فيه فيكون هذا التنبيه خيرا لناء وواقيا.لنا من أن نقع فى مثله» وفوق ذلك فإن المستقبل يكون خيرا لنا لننال الحسنى إن قتلناء ففضل الشهادة خير مما تفرحون. 1 |##ا تفسيرسورة التوبة ال أ ااا نامالا تطخ 11م طااللاااالالتال تا ل ناممماااااممماللنااامماااامامخممالطط اطاط ةط خخللااامخماماالاةاا الال طغطلللطلا خالا مطامط ططخم لاسلس 7 سر ني فيما وقع وما يقع» ومن كان الله ناصره لا يخذل» ومن كان الله معه» فإن العاقبة له إن لم يكن فى هذه الدنياء ففى الآخرة» وفيها النعيم المقيم. و وعلى الله فليتوكل المؤمنون # أى عليه وحده يتوكل المؤمنون» وقد أمرنا بذلك» وتقديم الجار والمجرور للإشارة إلى أن الله تعالى هو الذى يتوكل عليه المؤمنونء فلا يتوكلون على أحد سواهء ولا يرجون غيره» ولا يعتمدون إلا عليه» و(الفاء) لفصل الفعل الأمر عن الإخبار. يجب عليه لكى ينجح العمل أن يقرن به التوكل» فالأسباب وحدها (لا تكفى) إلا بفضل من الله وتوفيق» فالاتكال من غير عمل تواكل» والعمل من غير توكل على الله غرور» وتمرد على الله سبحانه وتعالى. وإن المنافقين يتربصون الدوائر بالمؤمنين بأن تتوالى نكباتهم» ولا يتوالى ما يسرهم ؟؛ لأنهم أعداء كارهون» والعدو الكاره لا يتمنى لعدوه مايسره» بل يتمنى له المكروه» ولذا قال تعالى: ( قل هل مود با إلا إندى الحسبينِ ون تمصب أن يُصمبَكُم ال بعذاب من عده أو بيدا فرصو إن مَمَكُم بصو ع 4 . قلنا إن المنافقين لا يندمجون فى جماعة يعيشون فيهاء بل يكونون فى جانب» ومن معهم فى جانب آخرء كما يفعل اليهود الذين مردوا على النفاق وأجادوه. 0# تفسيرسورة التوبة اللللاللللللئلل يو نجهم _رة يي لغيرهم؛ لأنهم لم يذوقوا طعم الاندماج مع الناس والإخلاص لهم» ولذا يعيشون مع المؤمنين ويتربصون بهم الدوائر. ويقول الله تعالى آمرا نبيه «إ قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين 4 يأمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم هذا القول ولم يسنده تعالى إلى نفسه؛ لأنه فوق الجميع» إنما جعل الرسول يسنده إلى نفسه؛ لأنه من أحد الفريقين المتربصين وإن كان الله تعالى مع المؤمنين» والتربص: الانتظار» والاستفهام للإنكار بمعنى إنكار الوقوع بدليل الاستثناء. والمعنى لا تنتتظرون لنا إلا إحدى الحسنيين» والحسنيان هما: الاستشهاد» وذلك حسن فى ذاته وعند المؤمنين؛ لأنه ينتهى بهم إلى الجنة» ونعم الانتهاء. أو النصرء وهو غاية حسنة عظيمة . وإن نتيجة التربص لا يهواها المنافقون» فهم يتربصون الشر والفساد والخبال والاضطراب فى جيش المؤمنين رغبة فيما يريدون» فيبين الله تعالى أن النتيجة تجىء عكس ما يبغون. ويقول النبى كَكٍْ بأمر من ربه» وباللفظ النازل على النبى من الله رب أى نحن معشر المؤمنين ننتظر لكم أحد أمرين أيضاء وهما أن يصيبكم الله تعالى بعذاب ينزله سبحانه وتعالى بكم كصاعقة من السماء تحرقكم» أو ريح تقلبكم من الأرض»ء أو تموتوا فى داركم جائمين» وهذا عذاب من عند اللّه» وإضافته سبحانه وتعالى إليه» ينزله من عنده مظهرا لغضبه عليهم الذى يبوءون به كما باء من قبل إخوان لهم فى النفاق: اليهود ومن يواليهم» والأمر الثانى عذاب من المؤمنين ينزلونه بتمكين الله تعالى منكم . ظ وهنا بعض إشارات بيانية: منها: قوله تعالى: لا تتَرَبّص بكم 4 فعبر ب(كم) للإشارة إلى أن ما ينزل بهم عقاب» فى مقابل ما حكى عنهم فى قوله تعالى: ل تَربّصون 4 . ا ش 8# تفسير سورة التوبة وج يي ومنها: قوله تعالى: أو بأيدينا 4 للإشارة إلى القتال الذى يكون بالأيدى التى تبطش» وذلك إشارة إلى قوة المؤمنين المؤيدة بنصر الله تعالى العزيز الحكيم . شرط مقدر» أى إذا كان هذا أمرنا وأمركم فى التربص فتريصوا. وهذه الجملة السامية فيها تهديد لهم بسوء العاقبة بالنسبة لهم» وبيان حسن العاقبة بالمؤمنين » والله تعالى بعزته ناصر حنلده )2 وخاذل عذوه. لا يقبل الإنطاق من منافق قال تعالى: .ءا 2 0 0 مط ير فل أَنْفِف وأ طعا أوكَرَها لنيتقبلَ مسكة تك كش 001 53 200 2 لءس دوس ددس لع قومافْسقِينَ ْنَا وَمَامَتَحَه أن تَقَبَلَ ممم فق سي بحر و : م مايه سا سس سخ سا ص إل أنه حكهرو ا باله وبرسولو_ولا ينون الصّلؤة و يو ع سه إ لوهم حكساك ولا بنففون] لا وه كدرهونَ 2 عب هه اد كت دأو« د يدر دارع 2 ع- 0000000 قلا تمك أمولهمولاً أولدهمإِتَماِيد سعد بكم ياف الكيزةالدياوكه لشم وَشدكيفيرن © طفص يآم يم دحك مام يكن وَمدَحَكا لَك وَهْمجَجْسَخُونَ 0 إن هذه الآيات الكريمات تبين أمرين: أحدهما: أن المنافقين فى كل العصور يطاولون الناس بأموالهم» ويجبئون دائماء ويستبدلون بالجهاد المال يدفعوته» 1# تفسير سورة التوبة الل سم > ا ويحسبون أنه يغنى عن الجهاد والعمل للنصرة وصيانة الحق عن أن يعبث به العابثون . ثانيهما ‏ أنه لا ثواب إلا مع النية المحتسبة» والنية لا تكون إلا مع إيمان صادق بالله ورسوله والحق الثابت المبين. وقد ذكرت الآية الأولى أن إنفاقهم طوعا أو كرها لن يقبل منهم بسبب فسقهمء وذكرت الآية التالية تفصيل المانع من قبولهاء وذكرت الآية الشالثة أن أموالهم وأولادهم لا تغنى عنهم فى الدنيا والآخرة شيئا. وذكرت الآية الرابعة أنهم يريدون أن يعتقد المؤمنون أنهم منهم ومنضوون فى جماعتهم ليخدعوهم فلا يغروهم» متميزين عنهم تميز الخبيث من الطيب. يقول تعالى : طقل أنفُا طم حرا أن بي ك4 الممنى الظاهر وكتاب الله تعالى بِيّن بذاته لا يحتاج إلى بيان» إن الله تعالى لن يقبل منهم إنفاقهم فى الآخرة سواء أنفقوه طائعين أم أكرهوا على الإنفاق» وسواء أنفقوه كارهين أم أنفقوه راغبين» فمعنى طوعاء أى طائعين راغبين فى الإنفاق طيبة به نفوسهم أو كارهين غير راغبين» أو بإكراه أحدء أو بتورط» ولا يرضون. وهذا المعنى ظاهرء ولكن كيف يخرج الأمر فى هذا. وبلا شك لا يقصد الطلب ولا الإباحة ولا الندب» ولا أى باب من أبواب الطلب وإذن فما سبيله؟ . قال القرطبى: إن معناه الشرط» وجوابه لن يقبل» وتقدير القول هكذاء إن تنفقوا لا يقبل منكم سواء كان الإنفاق طوعا أو كرها. وقال الزمخشرى: إن معنى الأمر هنا الإخبار بأنهم لا يقبل منهم» ويظهر أنه يعود إلى معنى الشرطهء والمؤدى ينتهى إلى أنه لن يقبل الإنفاق» ومثلوا له بقول كثير عزة» ولكلام الله تعالى المثل الأعلى. أسيئى بنا أو أحسنى لا ملومة لدينا ولا مقلية إن تقلت وقد بين السبب فى منع قبول أموالهم قربات عند الله فقال سبحانه: .م 8# تفسيرسورة التوبة لحب م ابا ين وجملة «إِنّكُم4 منفصلة عن سابقتها؛ لأنها تعليل لهاء ولأن الجملة الأولى طلبية» والثانية خبرية. والفسق هو الخروج» وهم بالحكم عليهم بأنهم فاسقون يكون محكوما عليهم بأنهم خارجون عن الجماعة بشعورهمء. وإن كانوا فيها بأجسامهم» وذلك مع كفرهم» وقد أكد الله سبحانه وتعالى ذلك الحكم بعدة مؤكدات» أولها بالجملة الاسمية» وثانيها ب (إِنْ) الحرف الدال على التوكيدء وثالئها ب(كان) الدالة على استمرارهم فى الفسق والخروج عن الجسماعة وعدم الشعور بشعورها. ونفى الله تعالى بقوله: «[ أن تقل منهم 4 ظاهره أن الله تعالى لن يجازى عليه جزاء القربات يوم القيامة؛ لأنهم لم ينووا بها التقربء وانما أرادوا ستر جبنهم ونقافهم» ليستقيم ادعاؤهم أنهم من المسلمين» وهم غير مؤمنين» وشرط النية المأجورة الإيمان» ولقد قال تعالى عما يتفقه الكافرون: ظمَثَل ما ينفقون في هذه الْحيّاة الدنيًا كَمَثْلٍ ريح فيها صر أَصابَت حرث قوم ظَلَموا أنفسهم فَأَهلَكَنْه وما ظَلَمهم اللّهُ ولكن أنفسهم يَظلمُونَ 059 4 [آل عمران]. وهل يقبل النبى منهم ما يدفعونه مغرماء إن الأمر فى ذلك متروك للنبى ككٌْه وقد بين سبحانه وتعالى المانع عن بول صدقاتهم بالتصريح بما طوى فى هذه الآية فقال تعالى: «( وما متعهم أن تقبل منهم تفَقَائَهم إلا أَنْهُم كَفَروا بالله وبرَسُوله ولا يَنُونَ الصّلاة إل وهم كسالئ ولا ينفقون إلا وهم كارِهُرت 9© 4 . وُصلت هذه الآية الكريمة بالآية السابقة؛ لأنها تتميم للسبب الذى منع تقبل ما ينفقون» والنفقة هى الإنفاق» والتعبير بالنفقة فيما أحسب يدل على صغر ما ينفقون» ومع ذلك لا يقبله الله سبحانه وتعالى؛ والتعبير بقوله: #وما منعهم» على أن اسم المفعول يعود إليهم» فيه إشارة إلى أنهم كانوا يرجون أن يقبل منهم تفسير سورة التوبة ظ سب 0 1 لح اا ما ينفقون فى الدنيا رجاء أن تتم الخديعة التى أرادوها» وعبر سبحانه وتعالى هنا بقوله تعالى : « أن تقبّل 24 وفى الآية السابقة بقوله تعالى: نفقوا طوعا أو كرها أن يتقبّل »4 بصيغة يتقبل» وذلك لأنهم كانوا يظنون أن أى إنفاق يقدمونه يتقبل برغبة من النبى وأصحابه» فإن صيغة التقبل تدل على القبول برغبة كما قال تعالى فى نذر مريم: ١‏ فَتَبلَهَا بها بقبول حَسَن ... 9 4 [آل عمران]. وفى هذه الآية: (تُقْيل) من أصل القبول» وسبب الرد أصل القبول» ولو كان المنع من التقبل» لكان أصل القبول غير ممنوع . و«أن تقبل» الضمير المنسبك من (أن وما بعدها) فى موضع المجرور ب(من) لأن حروف الجر تحذف كثيرً قبل أن وفعلهاء كما فى قوله تعالى: # ...ما أل تسجد إِذْ أمرتك ... 69 4 [الأعراف] . وقد ذكر الشوكانى فى تفسيره فتح القدير: أن الآية الكريمة تشير إلى أن الأسباب ثلاثة فقال: «جعل المانع من القبول ثلاثة أمورء الأول: الكفرء والثانى: أنهم لا يصّلّون فى حال من الأحوال إلا فى حال الكسل والتثاقل» والثالث: أنهم لا ينفقون أموالهم إلا وهم كارهون؛ لأنهم يعدون إنفاقها وضعا لها فى مضيعة لعدم إيمانهم بما وعد الله ورسوله. وقد ذكر الأمر الأول فقال سبحانه وتعالى: «أَنّهِمِ كَفَرُوا باللّه وبرسوله » الضمير المنسبك من أن وما بعدها فى محل رفع فاعل للفعل (منع) فى قوله تعالى: طإومًا مَعَهم 4 فكفرهم بالله لأنهم تمردوا على أوامره ونواهيهء وجحدوا باياته»؛ وكفرهم برسوله لأنهم جحدوا رسالته» واليهود منهم كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم» وقد جاء بالكتاب من عند الله وعجز العرب عن أذ بثو بثك بعد أن تحداهم فما استطاعواء وكرر الباء» فقال: ل بالله وبرسوله 4, للإشارة إلى أن الكفر بالله كفر» والكفر بالرسول كفرء أيضا وفى الأمر الشانى قال تعالى: 0100 لا يقومون عند النداء إلى الصلاة إلا وحالهم حال الكسالى متثاقلون كأنهم غير م تفسير سورة التوبة لج تي ١‏ راغبين فى أدائهاء أى أنهم فى هذا المظهر الذى لا يتوافق فيه العمل مع القلب يتثاقلون فيه؟؛ لأنهم ما داموا كفارا فإنهم ليس منهم صلاة مقبولة أو صلاة قط لهذا ترد عليهم نفقاتهم» فكيف تكون صلاة» إنما مظهرها صلاة» فهم حتى فى هذا يقومون كسالى» وهى جمع كسلان كسكارى جمع سكران» وغيارى جمع غيران» كما يقول الزمخشرى فى الكشاف. ومهما يكن وصفهم بأنهم يقومون بالصلاة كسالى فإن صلاتهم من الصلاة التى يكون لهم الويل فيهاء كما قال تعالى : «( فويل للمصلَين 2 الّذينَ هم عن صلاتهم ساهون (2) الّذين هم يراءون 50 ويمنعوت الْمَاعونَ 0 #90 [الماعون]. والأمر الثالث هو فى إنفاقهم بينه سبحانه وتعالى بقوله: « ولا ينفقون إلا وهم كارهون »© أى لا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة إلا وهم غير راغبين» بل ينفقون كارهين النفقة فى ذاتهاء أو لموضعهاء ولا يفعلون ذلك إلا ستر لنفاقهم» ويتخذونه وسيلة للتمكن من الخداع الذى يقصدونه. ولا تعارض بين هذا النص الذى حصر إنفاقهم فى حال نفسية واحدة» وهى كراهية الإنفاق» وعدم الرغبة فيه لشح فى أنفسهمء ولكراهية المؤمنين فهذه الآية تدل على ذلك» وأما الآية السابقة فمؤداها نفى القبول» ولو أنفقوا طائعين ن أو ملامين بأمر النبى عله أو نقول طائعين رغبة لا فى الإنفاق لذات الإنفاق» بل رغبة فى الخديعة وستر حالهم من جبن وإرادة الفساد» أو كارهين لهذا الإنفاق. نساء الرومان بنى الأصفر» ويخشى الفتنة» وقال: هذا مالى حذوا مله ما تشاءون» ووصف الكاره ينطبق عليه؛ لأنه يكره الإنفاق فى سبيل الله» ووصف المختار ينطبق عليه أيضا لأنه اختاره . 1# تفسير سورة التوبة مالل ام جل بل يي وقد يعجب العاجب من أنهم مع نفاقهم وكفرهم لهم أموال كثيرة وبنون» إنما هذا استدراج كما قال: ظي. .. ستستدرجهم من حَيْث لا يَعلّمُونَ 029 4 [الأعراف]» ولذا قال تعالى: «إفلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إِنمَا يريد اللّهِ ليعَذبَهُم بها في الْحَيّاة الانيا وتزهق أَنفْسَهُم وهم كَافْرون 62 4 . الفاء للإفصاح لأنها تفصح عن شرط مقدر يقتضيه سياق البيان» أى إن كانت هذه الأموال لا ينفقونها فى سبيل الله فلماذا يعطونهاء فقال تعالى: «و فلا تُعجبك أَموالهم 4 الآيةء أى لا يُعِرْ عجبك كثرة أموالهم وأولادهم وأنصارهمء مما أعطوا مع كفرهم ونفاقهم واستهانتهم بالحق والتنفير منه» وتأليب المبطلين. لا يغرنك هذاء كما قال تعالى: ٍلايعرتك تلب الدين كَفَروا في البلاد 659 مما قليل . .. 4659 [آل عمران] وكما قال: ظ ولا تَمَدَنَ عيْنَيِك إلى ما ممّعنا به زواج مهم َهْرة اْحَياة اليا لتفستهم فيه ورزق ربك حير وأبقى 650 4 [طه] إنما هى فتئة لهم واستدراج» كما قال تعالى: ط( وَالّذِين كدَبُوا بآياتنا ستستدرجهم من حَيث لا يعلمون 029 وأملي لَهم إِنّ كيدي متين 629 4 [الأعراف] . ولذا قال تعالى: طإِنَمَا يريد الله ليعَذَبهُم 4 أى يريد إعطاءهم وتمكينهم» وحذف المفعول ليشمل كل متع الدنيا من مال وسلطان» وقدرة على التحايل» وغير ذلك ليعذيهم, أى لينصرفوا مغرورين مخدوعين» فيكون من بعد ذلك العذاب الأليم فى الآخرة» ولتكون لهم عذابا فى الدنيا بالافتتان بهاء ومن وراء فتنتهم يكون الحرمان بالمصائب والنكبات» وأن تكون مغانم للمؤمنين إذا اشتدت شديدة الحرب عليهم» والضياع والحرمان» فالمال ليس متعة خالصة» ولكنه تحمل لهمومه» فأكلة الربا الذين يستكثرون به من الأموال فى هم دائمء حتى أنه لا يرى ربوى إلا ومعه سقام الجسم والنفسء كما قال تعالى: ل الّذِينَ يَأكلون الريا لا يَقُومُون إلا كما يقُوم الذي يتحبّطه الشيطان من الْمْسٍ . 60 4 [البقرة] وذلك هم واصب نشأ من ذات المال وأصاب النفس « وتزهق أنفسهم » أى يموتون» وقد 7 8# تفسير سورة التوبة للللل الال 01 ىب أ ضاقت نفوسهم من هموم الأموال وما فيهاء « وهم كافروت 4 جاحدون الحقء فتكون نفوسهم قد حرمت متعة الدنيا بمصائب الأموال والبئين ومفاتنهم» وحرموا راحة الإيمان» واطمئنان الحق» فخسروا الدنيا والآخرة» وذلك هو الخسران المبين. ولقد قال تعالى : (١‏ أَيُحسَبُونَ أنّمَا نُمدهُم به من مال وبَِينَ 2 تُسارع لَّهُمْ في الْخَيرَات بل لأ يشعرون 463 [المؤمنون] وإنهم لنفاقهم يبتعدون بقلوبهم عنكمء شاعرين بأنكم نافرون منهم غير واثقين يا معشر المؤمنين» وكلما كان النفور بسبب ما تعرفونه من لحن أقوالهم. كلما شعروا بذلك أحسوا بأنهم لا يستطيعون خديعتكم » ولذلك يحاولون أن يحملوكم على الثقة افيهم) وما هم بأهلٍ للثقة» وقال تعالى عنهم ذلك: « ويحلفون بالل إِنْهُم لمدكم وما هم مك ولَكئهم قوم ا (الواو) تدل على صلة هذه الجملة بالتى قبلها؛ لأن الكلام كله فى المنافقين» وشعورهم نحو المؤمنين» يحاول أولئك المنافقون أن يشعروا المؤمنين بأنهم منهم فى شعورهم وإحساسهم. واتجاههم ليستطيعوا أن يثبتوا فيهم ما يريدون من خداع وأن يفتنوهم عن دينهم» ويدسوا فيهم الخوف وضعف العزيمة» وذريعتهم الحلف بالله العظيم» وذلك يدل على مهانتهم فى ذات أنفسهم» كما قال تعالى: «ولا قطع كل حلاف مهن ( 2 #4 [القلم]. وموضع القسم أنهم متكم» ولذا يقول تعالى: «[ ويحلفون بالل نهم سكم » ويؤكدون ادعاءهم لا بالنطق فقط. بل بغير ذلك «بأنهم لمتكم» فيؤكدون ب(إن) وباللام التى فى خبرهاء يؤكدون ذلك فضل تأكيد. والله يشهد أنهم ليسوا منكم بشعورهم وإحساسهمء بل تفرقت القلوب بينكم وبينهم بسبب نفاقهم» كما قال تعالى: ( إذا جاءك المنافقون قَانُوا َشهد نك لرسول الله والله َعَلم نك لرسوله والله يشهد إِنّ المنافقينَ لَكَاذبُونَ 0 انَحَذوا أَيمَانَهُمٍ جنّة فَصَدُوا عن سَبيل اللّهِإنّهُمْ سَاءَ ما كانوا يعمَلُوَ 0 4 [المنافقون] . 1# تفسير سورة التوبة و 2ج > را بي وقد قال تعالى مردفا هذا الادعاء بما يدل على الدافع لهم على هذا الحلف « ولكتهم قوم يفرقُون» الفَرّق: الخوف. الاستدراك فى قوله تعالى: « ولكتهم» هو استدراك من حلفهم» ويفيد عدم تصديقهم تأكيد لقوله تعالى : «إوماهم مدكم © وخوفهم من ناحيتين» أولاهما خوفهم من المؤمنين من أن يعرفوا حالهم» ويتكشف أمرهم» وهو مكشوف» وهم يظئونه مستوراء» وغرارة المنافق دائما أنه يحسب دائما أن أمره مستور» وهو معلوم ولا يجهل كشفه إلا هو. والثانية أنهم يخافون أن يغامروا فى جهاد مع المؤمنين» إذ يحسبون الجهاد مغامرة» لأنهم لا يؤمئون به» ولا يحسبون أن الجهاد حياة فى عزة» ولا يؤمئون بالحياة الآخرة» فيحسبون أن النهاية تكون عند الموت وأنهم يجعلون أنفسهم من المؤمنين» ولا يقولون أنهم معهم) 0 وادعاؤهم أنهم منهم يتضمن شعورهم كشعورهم» ولومع ادعائهمٍ ذلك يضيقون بجوارهم للمؤمنين؛ ويريدون أن يفارقوهم» ولذا قال تعالى: أو يجدون مِلْجِمًا أو مَغَارَات أَوَ مُدَّخَلا لُولُوا ليه رهم يَحَمَحونَ 69 4 . حصن طبيعى» أو ة قلعة يبنونهاء وذلك حصن صناعى» أو جزيرة يأوون إليها. «أو مغارات 24 بفتح الميم وهناك قراءة أخرى بضمها(2» وعلى قراءة الفتح يكون الفعل غار وعلى قراءة الضم يكون الفعل أغار» والمعنى مكان يختفون فيه فلا يراه السيارة . ش «إأو مدخلا #, وهو الطريق الخفى الذى يختفى عن الأعين » كالشعبب بين جبلين» أو نحو ذلك من المسارب التى لا يقتحمها الناس» ولا يقصدون إليها. )١(‏ قراءة (مغارات) بالضم» ليست فى العشر المتواترة. 1 8# تفسيرسورة التوبة الا0 -. 3 و(لو) فى قوله تعالى: ( لو يجدون ملْجنًا أو مَغَارَات أو مُدّخَلاً4 حرف شرط يقال له حرف امتناع لامتناع؛ وجواب الشرط «الُولُوا إلّيه4. أى لانصرفوا إليه «إوهم يَجمَحَون4 أى لذهبوا إلبه مسرعين» كالفرس الجموحء وكان التعبير بالجموح للإشارة إلى جموحهء وأنهم يشردون عن الطريق» فهم إن كانوا يجمحون هذا الجموح» موغلين فى انحرافهم فكيف يؤمنون؟» ويخلعون رداء النفاق الدنس ويكونون مع المؤمنين يشعرون بشعورهم» ويحسون بإحساسهم؟ . ولماذا كانوا يتمئون أن يخرجوا؟» كانوا يتمنون ذلك لآنهم يضيقون ذرعا بالمؤمنين» يسوءهم عزهم وهو مستمر بعونه تعالى» وحياطته لهم» ولأن المؤمنين كشفوا أمرهم.ء ولآنهم يدعون للجهاد ولا يذهبون إليه؛ ولآن ذوى قرابتهم» وأولياءهم قد برموا بهم فضاق العيش ٠‏ وما ضاق عليهم إلا لسبب ما أوتى المؤمنون من الخير. . . والله من ورائهم محيط . قال تعالى: 8 0 ب < خم 2 سسا سا 2 2 وم + سه ره ف أَلصَد قَنتٍ وَإِنَ أعَطو انها روأ وَإِن لَه يحَطْوَأ هادا هع متخطوت- © وَلَوْأنهَحْرْرَضُومَآءَاك هم أَلَهُ سخ ا قر و سل ع ور - 2 أ ورسولةءوقالو ا حسدنا اله سَمَوؤْتِيسَا اللَمْمِن فَضِلِهِء رَسو لماك لله وبرت ني © إِنَّماألصَدَقَتُ وَفِ الا وَالْكدرِمِنَوَفِ سِي لِأمَهِواب اسيل ريدي ألَوَأئَةءإوعَحكيةٌ ( النفاق أصناف وضروبء يعلو وينزل» وأعلاه من يظهر الإيمان بالله» ويبطن الكفرء وهؤلاء كانوا بالمدينة» وعلا شأن الإسلام» فكان من اليهود 0# تفسير سورة التوبة م الملل ااال الل كالمل لل للك بج بير يي" والوثنيين هؤلاء الذين أعلنوا الإسلام خوفاء وأبطنوا الكفرء غيظا وعداوة وبغضاء ومن النفاق ألا يستقر الإيمان فى قلبه كأولئك الأعراب الذين قالوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبهم. ومن الأعراب من كانوا يأخذون ظواهر القرآن ولا يطيعون» كما قال تعالى : 9 الأعراب أَشَد كفرا ونقاقا وأجدرأَلاً يعلموا حدود ما أَنرل اللّه ... © 59 4» وكل هؤلاء تشملهم كلمة المنافقين» ولذلك كان الحسن البصرى يقول: إن مرتكب الكبيرة منافق؛ لأن عمله يناقض قولهء فكما أن من ينكر بقلبه ويؤمن بلسانه منافق» فكذلك من يعلن الإيمان» ويصدق بقلبه» ولكن يناقض عمله قوله» والإيمان كما يقول الجمهور من علماء العقائدء اعتقاد وعمل» وهو الإيمان الكامل عند جميع العلماء اتفقوا عليه. بعد هذا نتكلم فى معنى النص الكريم: 8 ومنهم من يَلْمِزَكَ في الصّدقَات 4 اللمز: العيب فالرجل الهمرَة أو المرأة الّْلمَرَّةَ العيّاب والعيّابة» واللمز يشمل العيب باللفظ الصريج» , ويشمل العيب بالتعريض والتلميح» والوخحز فى الكلام: وقال تعالى : «ويل لكل همزة لَمرَةٍ 4*0 [الهمزة] وقالوا إن اللمزة من يعيب فى وجه من يعيبه ولو بلّحن القول» والهمزة من يعيب فى غيبه وفى غير محضره ولا يواجه من يعيبه. والضمير فى مهم 4 يعود إلى المنافقين» وظمّن» تدل على التبعيض» وإنه عمل بعضهم» ويظهر أنه ليس من الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفرء بل هو من الذين يعبدون الله على حرف» الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى: «( ومن الناس من يعبد الله على حرف فَِن أصابه حير اطْمأن به وإن أصابته فعنة انل على وجهه خسر الدنيًا والآخرة ذلك هو الخسران المبين 09 4 [الحج]ء وكذلك هؤلاء المنافقون الذين عابوا النبى وَكْل) وقال الله تعالى فيهم: ١‏ فَإن أعطوا منهًا رضوا وإن لم يعوا منها إذا هم يَسَحَطُونَ 4 . (الفاء) تدل على أن ما بعدها بيان أو إشارة إلى نوع عينهم» وهو بيان لنفوسهم إن أعطوا من المال بحق رضوا واطمأنواء وقالوا إنها قسمة عادلة» واستقاموا على الطريقة» وإن لم يعطوا لعدم استحقاقهم سخطوا فهم طامعون فى ا 8# تفسيرسورة التوبة بطل ب_رم؟ 7 أن يأخذوا بغير حق. و(إإذا# ‏ تدل على أن سخطهم أمر لا يرتبط بمنطق الأمورء فهم فاجئوا أهل الحق بهء والدليل على المفاجأة #إذا » فهى تدل على المفاجأة . والمفاجأة تدل على أنه غير منطقى ؛ لأن من يرضى بالحق عند العطاء» لا يصح أن يغضب إن منع بحق» ولكن النفس النافقة تريد دائما أن تحستجز الخير لنفسهاء ولا تلتفت إلى حق غيرها» فاية المؤمن أن يعرف حق غيره كما يعرف حق نفسه» ومن علامة المنافق النفسية ألا يفكر فى حق غيره» فكل من لا يلتفت إلى حق غيره فيه شعبة من نفاق. وتما روى فى معنى هذه الآية» ممن كانوا يلمزون فى الصدقات أن أبا الجواظ من المنافقين فى أعلى درجات النفاق قال: ألا ترون إلى صاحبكم» إغا يقسم صدقاتكم فى رعاة الغنم وهو يزعم أنه يعدل» وروى أن رسول الله َيِه قال له وقد فهم أنه يعيب رعاة الغدم قال له: رلا أبا لك أما كان مو سىئىن, راعيا» أما كان داود». فلما ذهب أبو الجواظ هذا قال كَل «احذروا هذا وأصحابه فإنهم منافقون)27 , وقد وصفهم رسول الله عِلَيِيْدِ بأن رضاهم وسخطهم لأنفسهم لا للدين وما فيه صلاح أهله. - ُّ وروى فى الصحيحين عن أبى سلمة أن ذا الخويصرة واسمه حرقوص اعترض على النبى يَلكِْهٌّ حين قسم غنائم حنين» فقال: اعدل فإنك لم تعدل فقال صلوات الله وسلامه عليه: «لقد خحبت وخسرت إن لم أكن أعدل»» ثم قال: (إنه َه 5 . 3 8 .6 صيامهم.» يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية» فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء»(2' . )١(‏ أشار المصنف رحمه الله: هذا المبحث مأخوذ من الكشاف للزمخشرى. (؟) رواه فى البخارى:المناقب-علامات النبوة )51١(‏ عن أبى سعيد الخُدرى رضى اللَّهُ عَنْهّء كما رواه مسلم بنحوه: الزكاة- ذكر الخوارج وصفاتهم .)٠١65(‏ أبو مسلمة هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوفء» من الطبقة الوسطى من التابعين» وهو الراوى عن أبى سعيد رضى الله عنه . 1# تفسير سورة التوبة 9 ٠‏ لل ل اللا 0 ١‏ ا ولقد روى أن النبى يَلَِةٍ كان يقول: «والذى نفسى بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكم» وإنما أنا خازن؛(١2‏ هذا بعض ما روى عن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فى أولئك المنافقين الذين كانوا يلمزون أطهر من فى الوجود ‏ فى الصدقات. ويجب أن ننبه هنا إلى أن الصدقات غير الغنائم» فالغنائم تقسيم أموال مستحقيها بمعنى الغنم والفتح يأخذها الفاتحون بملكية تثبت لهم بمقتضى الجهاد» أما الصدقات فإنها تكون معونات تعطى لمصارف معينة يحتاج إليها أهلها. وقد بين الله تعالى صفات المؤمنين بجوار ما يفعله الذين فى قلوبهم نفاق» فقال تعالى مبينا من في قلوبهم نفاق: «( ولو أَنّهم رضوا ما آتَاهم الله ورسوله وقَاُوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ووَسُولَه إن إلى الله رابو 29 469 «لو» فى قوله تعالى : 9 ولو أنه رضوا ما آتاهم الله ورَسوله 4 هى شرطية؛ وجوابها محذوف تقديره مثلا: (لكان خيرا لهم)» وإنى أظن أن حذف الجواب لتضمن لو معنى الحض والرجاء بأن يكونوا كذلك إن خلعوا رداء النفاق من أنفسهم . . وقوله تعالى: «( رضوا ما آتاهم الله ورَسولُهُ 4 فيه بعض نواح نشير إلى بعضها أولاها: أن (رضى) تتعدى بالباء فيقال رضيت بالأمر» وتتعدى بنفسهاء فيقال رضنيت الأمْرء وهنا متعدية بتفسهاء وأشعر بأنها إذ تتعدى بنفسها تتضمن معنى الرغبة والاقتناع» وهذا ما يليق بالمؤمن عند العطاء من الله ورسوله. الثانية : أن الله تعالى قال: 9 آثّاهم الله ورسوله 4 وذكر الله سبحانه وتعالى» مع أنهم لمزوا ما فعله الرسول» للوشارة إلى عظم الجرم الذى ارتكبوه؛ لأنهم إذ عابوا رسول الله كَكْكّه فكأنهم يعيبون الله تعالى؛ لأن الرسول لا يعمل بالهوى» () (إنما أنا خازن) جزء من حديث رواه مسلم فى صحيحه: الزكاة- النهى عن المسألة 2»)٠١19(‏ وأحمد بلفظ مقارب مسئد الشاميين - حديث ٠‏ معماوية , بن أبى سفيان و1559 وأبو داود : المفوارج والإمارة 9 # تفسيرسورة التوبة ل لج بز يي ولأن الرسول ينفذء وإنهم إذا عصوه عليه السلام فقد تجرءوا؛ لأن الله تعالى يقول: 8 من يطع الرُسول فَقَد أَطَاع اللَّه. . . © 4 [النساء] . الثالثة: ما أشرنا إليه من قبل» إلى أن ذلك الرضاء أمر يحبه الله ورسوله. ويرجوه الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لهم» ليكونوا من المؤمنين حقا وقد صور الله تعالى النفس المؤمنة بأنها قانعة غير طامعة» ونفس المنافق غير قانعة بل هى طامعة دائما وتريد من الدنيا المزيد؛ لأنها لا تؤمن إلا بالدنيا ومتعها وموادهاء فيبتغون المزيد منهاء وبئسٍ ما يبغون» فقال سبحانه فى تصوير النفس المؤمنة بعد رضاها ( وقَالُوا حَسبا الله أى كافينا الله» ولم يقل الله تعالى عنهم أنهم يقولون حسبنا ما أثانا الله؛ بل إنه سبحانه وتعالى يقول عنهم: حسبنًا اللّه 4 أى إن الله كافيناء أعطانا هذا ما رضيئا به» وسيعطينا إن احتجناء وما أخذناه يكفيئا . وقوله تعالى عنهم: حَسْبنا الله فيه من معانى التفويض والتوكل على الله ورجاء ما عنئده ما لا يدركه إلا القلوب المؤمنة المتبتلة الضارعة له سبحانه وتعالى وحده. وإن قوله تعالى: وسسزيا الاين قصلي فيه تصوير معنى الاتكال على الله تعالى» ورجاء ما عند . على أنه فضله ذ. فيستحق الشكر ولا يجوز أن يستقص ما ولقد قال الله حاكيا عن أقوال المؤمنين < إلى لله زفرن» هذه غاية الضراعة» أن يرغبوا إلى الله تعالى وحده ولا يرغبون فيما لا يقتنونه» ولا عرضا من أعراض الدنيا ولا غاية من غاياتهاء وتقديم الجار والمجرور 9 إِلَى اللّه 4 تعالى على 9 راغبون» يفيد الاختصاص» أى لا يرغبون إلا إليه سبحانه وتعالى. وإن الله تعالى بين بعد ذلك مصارف الصدقات» ولم يتركها لنبيه» بل تولاها سبحانه وحده» لكيلا يتطاول بعض من بقلبه مرض من ضعف إيمان أو 8# تفسيرسورة التوبة كلماته : إِنّما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والْمؤْلّمَة قلوبهم وفي الرَّقاب اتويت رفي سيل اله وان اليل فرمضا لالم كيم 9 6 . جاءت آية الصدقات بعد ما جاء عن المنافقين فى أحوال كثيرة» وأن منهم من عاب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى توزيع الصدقات» فجاءت الآية تبين أن التوزيع من الله سبحانه وتعالى» فلم يتركها لنبى ولا لغيره» تولاها هو سبحانه بالبيان فمن عاب التقسيم» فإنما يعيب تقسيم الله تعالى» فليعلم مكانه فى الإيمان» روى عن زياد بن الحارث الصدائى قال: أتيت النبى ‏ صلى الله تعالى عليه وسلم ‏ فبايعته» فأتى رجل فقال: أعطنى من الصدقة فقال له: «إن الله لم يرض بحكم نبى ولا غيره فى الصدقات» حتى حكم فيهاهوء فجزأها ثمانية أجزاءء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك)220 . فكانت هذه الآية ردا على هذا الفريق من المنافقين بأنهم يلمزون النبى صلوات الله وسلامه عليه» إنما يتهجمون على مقام الألوهية» ولبيان أنهم إذ لم يأخذوا منهاء فلأنهم لم يدجلوا فى صنف من هذه الأصناف الثمانية» ومن دخل فى صنف منها فما منع» بل أخذ. وقوله تعالى: 8 إِنّما الصّدقَات للفقراء والْمساكين. .. 4 9« إِنَّمَا 4 أداة قصرء أى أن الصدقات قد اختصت بها هذه الأصناف دون غيرهم » فليست لأحد غير عليه السلام «لا تحل الصدقة لغنى» ولا لذى مرة سوى)0©. فالذين يلمزون الرسول تَكَِْكٌ أغنياء أو أقوياء. )غ2 رواه أبو داود: الزكاة.- من يعطى الصدقة وحد الغنى و5 . زفق رواه الترمذى: الركاة 0 ©؛». وأحمد: مسلك المكثرين (9 ملاك) والدارمى : الزكاة [لخقد 6 ة وابن ماجه: الزكاة» من سأل عن ظهر غنى(1879١)‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه . ش تفسير سورة التوبة لاالللللاللللااللللو الل 1 0 يي قوله تعالى: «( للفقراء والْمَساكين4 لا تفرق اللغة بر بين الفقراء والمساكين فى الجملة» فكلاهما لا مال له يكفيه وأهله بالمعروف ولكنهما اجتمعا فى هذه الآية على أنهما صنفان مختلفان» يتميز كل واحد منهما عن الآخر » وعن الاجتماع بين لفظين معناهما متقارب يخص كل واحد منهما بمعنى ينفرد به عن الآخرء وقد اختلف الفقهاء فى تعريف الفقير ليتميز عن المسكين» واختلافهم بلا ريب أدى إلى فقال الأكثرون الفقير ضد الغنى» وهو من لا يملك نصاباء» وهو ما تكون قيمته عشرين مثقالا من ذهبء أو ما تتى درهم من فضة. والمسكين من أسكنته الحاجة وأذلته» أى أنه دون الفقير حالاء وقيل العكسء ولكن الأكثرين على الأول» وروى عن عمر رضى الله عنه أنه فسر المسكين بأنه المريض بمرض مزمن من أهل الذمة. وروى أن المسكين هو المتجمل الذى لا يسأل الناس» ا إليه. وقد روى ذلك عن النبى كله فقد روى أبو هريرة أنه كَل قال: «ليس المسكين بهذا الطواف الذى يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان»» قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: «الذى لا يجد غنى يغنيه» ولا يفطن له فيتصدق عليه» ولا يسأل الناس شيئا»(9© . وقد اتفق الفقهاء على أنهما يعطيان من الصدقات» وإن كنت أرى أن المسكين أسوأ حالا من الفقير» ؛ فإن لم يكف ما يعطى لههما معاء فإن المسكين يكون أولى بالعطاء. ثم قال تعالى فى الصنف الثالث» وهم العاملون عليهاء أى الذين يجمعونها من أرباب الأموال كما عين النبى كله ولاة لجمع الصدقات» كما عين الأمراء من بعده كَل وقرر الفقهاء أن أولئك يأخذون ولو كانوا ذوى مال» وقرر الحنفية والمالكية أن ما يأخذونه أجرة» ويكون قدرها بمقدار ما يراه ولى الأمر عليهم» على أنه أجرة عمل تكون متناسبة مع الأجرة فى مثل هذا العمل . )١(‏ سبق تخريجه. ## تفسيرسورة التوبة ل لل للللللالئللن و كا : ١ بي‎ وقال آخرون ليس لهم من العطاء إلا ما يكفيهم لأهلهم بالمعروف يأخذونه من زروجها جزاء احتياسهاء ولوكانت ذات مال» وهكذا أجر العامل لمصلحة الكافة» وإن هؤلاء يأخذون من الزكاة» وإن هذا يدل على أمرين: أولهما ‏ أن الزكاة لا تترك لأربابها يؤدونهاء بل يجمعها ولى أمر المؤمنين أو من يوليه لذلك. وقد كان الأمر كذلك فى عهد النبى يلكو وأبى بكر وعمرء وفى عهد ذى النورين كان يجمع زكاة الأموال الظاهرة. وهى زكاة النعم والإبل والبقر والغنم» وزكاة الزروع والثمار» وزكاة الأموال التى تنتقل من مصر إلى مصر التى يجمعها العاشر» وأناب ذوى الأموال فى أن يؤدوا زكاة الأموال الباطنة» وهصى زكاة النقدين «الذهب والفضة»). وعروض التجارة فى أن يؤدوا هذه الزكاة» ولو بلغ الأمر أنهم لم يؤدوهاء جمعها منهم كما يجمع غيرها. انيهما ‏ أن الزكاة يجب أن تكون لها حصيلة قائمة بذاتهاء والقائمون عليها يكونون منفصلين عن بقية العاملين فى الدولة» ولذا عندما دونت الدواوين كان هناك ديوان هو ديوان الصدقات» أو كما سمى فى كتب الفقه بيت مال الصدقات. والصنف الرابع : ذكره الله تعالى بقوله: 8 والمؤلفة قلوبهم 4 والمعنى اللفظى للنص القرآنى السامى الذين تؤلف قلوبهم بأن يقرب الإسلام إلى نفوسهم؛ بعد ليقربواء ويأتلفوا الإسلام ويهجروا الوثنية. ومنهم .من آمن ونخلع الوثنية» ودخل فى الإسلام ممن قال بلسانه ولم يؤمن قلبه» ومنهم من خضعوا للغلب» وطيبت قلوبهم لكى يؤمنواء ويعتلقوا الإسلام. وليس هذا رشوة لهم فقد أخضعوا واتبعواء ويريد النبى مَللٌِ أن يجعل منهم مؤمنين بدل أن يكونوا خاضعين. ا تفسير سورة التوبة الال لل الل لسر اا ومنهم ناس كان للنبى يلكي معهم حروب» وكان فيهم مقاتل فى الحرب المحمدية» وكان لابد من أن تطيب نفوسهمء وترضى قلوبهم وتحل المودة محل الخصام والنفرة فأعطاهم النبى كَل ومنهم أبو سفيان وأولاده وعلى رأسهم معاوية ابنه»ء ولعل هذا العطاء لهؤلاء فيه معنى الديات. وهل هذا الصنف بقى بعد النبى كك نقول إنه باق ما بقى الإسلام إذا احتاج إليه المؤمنون» بل نقول إن الحاجة إلى تأليف القلوب باق ما بقى الإسلام؛ وإنه لباق إلى يوم الدين. وإن عمر لم يلغه أو ينسخه كما ادعى الكتّاب» وإنما عل عمر أنه منع استمرار العطاء لبعض الناس؛ لأنه لم يكن ذلك حقا مكتسبا لهم . وإنه ممن ينطبق عليهم لفظ المؤلفة قلوبهم أولئك الذين يسلمونء فيخرجون من أهليهم أو قومهمء ولا يجدون ما يستطيعون أن يقيموا لأنفسهم أسرة أو يحرمون من مناصبهم» فإنه يجب أن تؤلف قلوبهم بتعويضهم عما خسروا بإسلامهم» ولنا فى رسول الله أسوة حسنة» وإنه يجب أن ينفق على الدعوة الإسلامية من سهم المؤلفة قلوبهم؛ لأن المقصد الأصلى من المؤلفة قلوبهم هو تثبيت الإسلام فى قلوب لم يستقر فيها الإيمان» واللله سبحانه وتعالى هو الموفق للحق . الصنف الخامس: ذكره الله تعالى بقوله: إوفي الرّقاب 4 أى الإنفاق لفك الرقاب؛ لأن دين الحرية لا يرضى بالرق» وقد عمل على الحد من أسباب الرقيق فألغاها كلها إلا الرق فى الحروب فقد تركه؛ لأن الأعداء يسترقون من أسراناء وقد أمرنا الله تعالى أن نرد الاعتداء بمثله فقال تعالى: 9 ... فَمَنِ اعتدئ عَلَيكم فَاعتَدُوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .. . 059 4 [البقرة]. ومع أن الرق قد بقى فى هذه الحدود الضيقة» فقد حث على العتق» وجعل له فى الزكاة نصيبا مفروضًء يعان به المكاتب لفك رقبته» والمكاتب هو الذى اتفق 4# تفسير سورة التوبة لل ا 0 ددبت لأس نا مع مالكه على أن يعتقه إذا أدى له ثمنه أو قيمته أو ما يتفقان عليه» ويسعى عاملا مجداء حتى يجمع ثمنهء وقال تعالى: 8 ... فكاتبوهم إن علمتم فيهم حيرا وآثوهم مَن مال اللّه الذي آتاكم ... 69 4 [النور] فيعطى من سهمه فى الصدقات ما يعينه على فك رقبته» وكذلك يشترى من هذا السهم عبيد ويعتقون. وكذلك تدفع منه فدية الأسارى من المؤمنين» حتى لا يسترقواء وهكذا كل ما يعرض المؤمنين للرق يمنع بدفع مال من هذا السهم . والصنف السادس: ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله: والغارمين 4 والغارم هو المدين الذى عليه غرامة وهى الدين» والغرم هو الدين الذى يلزم الشخص من غير ججباية ولا خيانة كانت منه»؛ وغرم أى وجب عليه غرمء والغارم من وجب عليه هذا الغرم» والدائن يقال له غريم» لأنه يلازم المدين ولا يفارقه. ويجب أداء دين الغارم أى المدين من الصدقات إذا كان قد استدان فى غير سفه» وعجز عن السداد من غير سفه» والتجار الذين يستدينون لحلب البضائع من الأقطار فى حكمة وعناية بمتجرهم» ولكن تجارتهم تبور أو تغرق مركبهاء أو تذهب أموالهم بأى سيب من أسباب الضياعء وكذلك الذين تحملوا ديات للصلح بين الناس» فإنه يؤدى ما تحملوه من مال الصدقات. وإنما أديت ديون الغارمين من الصدقات للتعاون» ولإقالة العثرة» وازن بين هذا التعاون البانى والتكافل الذى بين المؤمنين» وازن بين هذا وبين القانون الرومانى الذى كان قد عاصر نزول القرآن الكريم» وقد كان يجعل للدائن الحق فى أن يملك رقبة المدين» وازن بين هذا القانون وقانون القرآن معجزة الله الكبرى» إذ يفرض من الصدقات سداد الدين عن المدينين. وإن هذا القرآن يتحدى الأجيال كلها أن يأتوا بنظام بشرى فى أى بقعة من الأرض» أى بمثل ما أتى به من تكافل اجتماعى. ونذكر هنا قصة صادقة حدثت فى عهد الحاكم العادل حاكم بنى أمية عمر بن عبد العزيز» أنه ببركة العدالة وإعطاء كل ذى حق حقه فاض الخير وعم» ومن مظاهر ذلك أن والى الصدقات سم ا تفسير سورة التوبة لحب أ فى أفريقية (تونس وليبيا والجزائر) شكا من تكدس أموال الصدقات فى بيت المال فأرسل بذلك إلى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنهء فأرسل إليه: سدد الدين عن المدينين» فسددهاء ولكن مد الصدقات لم ينقطع» فأرسل يشكو امتلاء بيت المال» فأرسل إليه اشتر عبيدا وأعتقهاء فأخذ يشترى من عبيد المؤمنين ويعتقهم. والصنف السابع: ذكره الله تعالى بقوله: إوفي سبيل اللّه4 فسر هذا بعضهم بالإنفاق على المجاهدين إذا كانوا فقراء» وكانوا لاا يجدون ما يحملهم» فيعطون من الصدقات ما يحملهم» وفسر بعضهم بالإنفاق على الجهاد بإعداد العدة للجيش وإمداده بكل ما يحتاج إليه جيش الإسلام من أدوات المحرب» والإنفاق على المجاهدين . وبعض العلماء أدخل فى سبيل الله الحج» وأجازوا أن ينفق الشخص من صدقاته ما ينفق فى الحجء وأرى ألا ينفق عليه من مال الزكاة؛ لأنه لا يجب الحج إلا على من يستطيع إليه سبيلاء» فهو شرط لوجوب أدائه» والزكاة فرض قائم بذاته» والقفال الشاشى قرر أن في سبيل الله 4 تشمل كل وجوه البر. © وابن السّبيل 4 هو الذى انقطع عن ماله وكان فى مكان لا مال فيه» وهو ففى حاجة إلى القوت والمأوى» وسمى ابن السبيل لأنه صار لا مأوى لهء وكأن السبيل أبوه الذى يؤويه ويحميه. وإيتاؤه أن يعطى ما يحفظ أمره» ويؤويه من غائلة الطريق» ويوصله إلى بلده حيث مالهء ويصح أن يكون عطاؤه عارية مستردة إن كان قادرا على الأداءء ويصح أن يكون عطاء غير مسترد» على حسب ما يرى أمير الصدقات. وختم الله تعالى الآية بقوله تعالت كلماته: 8 فرِيضة من الله وَاللّهُ عَليم حكيم 4 قال الزمخشرى: إن طفَريضة 4 بمعنى المصدر أى فرضا من الله . ولماذا لا تكون فريضة وصفا للصدقات وتوزيعها المحكم» أى أن هذا كله موصوف لفريضة» كفريضة الصلاة والصوم والحج» وأنها لازمة لزوم كل الفرائض 1 ا المشروعة» ونسبها سبحانه إلى الله منزلهاء فقال: © فُريضة من اللّه4 وذلك لبيان لزومها ومنع تغييرها وإجمالها وضرورة إعطائهاء وتعود على الذين لمزوا النبى مَل فى الصدقات ببيان أن التقسيم من الله تعالى» وأن من يعيبه إنما يعيب الله سبحانه وتعالى. وختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: 9 واللّه عليم حكيم © وفيه إشارة إلى أن هذا التعاون بين الأغنياء والمحاويج يربى العزة» وهو تشريع من العزيز مانح العزة» الحكيم الذى يعلم الأشياء كلهاء ويدبر الأمور بمقتضى حكمته وينظمها وقبل أن ننهى الكلام فى آية الصدقات نشير إلى أمرين أحدهما فقهى والآخر لغوى» ونبتدئ باللغوى وذلك أن الزمخشرى رحمه الله تعالى بين السبب فى التعدية باللام فى الأربعة الأولى وهى الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم» وذلك لأن العطاء لهؤلاء لا يكون إلا بالتمليك والاختصاص فالفقراء والممساكين يأخذون بالتمليك ما يعطون» وكذلك العاملون عليها والمؤلفة قلوبهم» والأربعة الأخرى كانت التعدية ب (فى) فقال تعالى: 9 وفي الرَقَاب والغارمين وفي سَبيل الله وابن السّبسيل 4 فإن هؤلاء لا يأخذونء فالرقاب لا يأخذون» بل الذى يأخذ مالك الرقبة» وكذلك الغارمون لا يأخذون» إنما الذى يأخذ هو الدائن الغريم» وابن السبيل لا يملك. ولكن يطعم ويؤوى» والله أعلم. أما الأمر الفقهى فهو أن الفقهاء قد اختلفوا أهذا الإحصاء للاستيعاب واختصاص العطاء فى هؤلاء أم الصدقات تقسم ثمانية أقسام. فيكون لكل قسم ثُمن الصدقات» قال الشافعى بذلك» وقال جمهور الفقهاء: إنه يقسم على مجموع الأقسام الثمانية» لا على كل قسم بحظه المعلوم» وولى الأمر ينفق لكل بما يراه أصلح وأعدلء والله سبحانه وتعالى أعلم . # تفسير سورة التوبة الالال “ل 1 من أعمال المنافقين قال تعالى : > حوور وهم ع م بر ملع ف سر عد ف + يه الزرت نؤدْونَالنَىَّويقولوت هو ذن قل اذن دع رس سخ ا مدال موسو لَه كمَعَدَا ب لهُ 07 يمو كآنه كم يرو حت وَالَهوَمَسُوله حل ديرَضُوه إن حكا اميت 02 الم بعلمو أنه من ادح أللَهوَرَس وكارك لدارجَهَكَمخَدَافهاً عع لككتالهر ى العظيع 2 حَدَ تفقوت 4 24 سر ال و رعد وس . عع ل او أن تتزل عليه م سورة نيَتُهُم يمان قلويهم ز سَتهزءوأ 2 م سار دور خدج عون 2< مير .الله ميج مَاتحْدَروت 54 ذكر سبحانه مقالة بعض المنافقين فى لز النبى َك فى الصدقات» وقد رد تعالى قولهم» وبين سبحانه أن أمر الزكاة وسائر الصدقات ليس قرطاء بل إن الله نظمه» وأن من يعيب توزيعها إنما يتهجم على الله سبحانه وتعالى؛ لأنه لم يتركها له ليوزعها كما يشاء» بل ذكر أصناف مستحقيها. ولكنهم يستمرون فى إيذائه ولذا قال تعالى : « ومنهم الّذين يوَدُونَ التبي ويقولون هو أَذْن » . ولكنهم استمروا على إيذاء النبى مَلِلْ بأقوال كاذبة» ويفسُون فى عضد الجماعة الإسلامية ويشيعون فيها بما يفرقها ويرجعون بالقول» فإذا تسامع الناس بهاء وعلموا أنها وصلت إلى مسامع النبى يك لا يبالون» « ويقولُون هو أَذْنْ»4, 8# تفسير سورة التوبة ٠‏ اللي لا 01 ولذا قال تعالى: 8 ومنهم الّذين يوون الي ويقولون هو أَذْن »4 وليس قولهم: هو أذن ‏ هو الإيذاءء بل الإيذاء بالقول منهم متنوع مختلف لا يتقوانى عن الكذب على النبى كَكِْةٌ والافتراء عليه كما كانوا يلجون فى إشاعة الافتراء على أم المومنين عائشة رضى الله عنها وعن أبيها » فإذا رأوا كبر ما يفعلون سهلوه. « ويقولون هو دن 4 ومعنى « أَذْنَ # أنه يأخذ العلم من مسمعه من غير أن يفحصه.ء بل يقبله مصدقا له. فما عليهم إلا أن يحلفوا أنهم ما قالوه حتى يصدق أيمانهم من غير أن يفحص كذب ما قالواء اونسوا أن الله يعلمه بما تبلبل به ألسنتهم» ويجيش فى صدورهم. وكلمة هو أَذنْ 4 كما قلنا أنه يعلم من أذنه» فإذا صدق ما قيل عنهم» فإنه مصدق أيمانهم النافية الكاذبة ولا عليهم شىء من بعد ذلك» وهكذا المنافق يظن أو يتوهم أنه يخاع الناس بقوله وهو المخدوع.ء وإنما يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم» وما يشعرون . وعبر عن المستمع بأنه أذن لأنه ففى زعمهم علمه كله من أذنه وذلك مجاز مرسل علاقته الجزئية» فعبر عن الكل باسم الجزء؛ لأن هذا الجزء له مزية خاصة فى الموضوع؛ كما يعبر عن الجاسوس بالعين؛ لأن العين لها المزية الأولى فى عمله» ورد الله تعالى عليهم بقوله: (ثل أذ حمر لكم» كقولنا أذن صدق». ورجل برء ورجل حق» فقد سلّم بأنه أذن» يستمع إلى الأقوال التى تصل إليه» ولكن لا يقبلها بإطلاقها كما يتقولون» ولكن يفحصهاء ويعالج نفوسكم على مقتضاهاء ويتدبر الأمر لهدايتكم. ولا يبادركم بشر يناسبكم» ولا يفضحكم؛ لأن ' الله تعالى أمره بذلك» ولأنه يقصد إلى خيركم» ولا عيب إذا سمع وصدق» ولقد قال بعض المفسرين كلمة طيبة: كلما كانت النفس ألين عريكة» وأسلم قلبا وأسهل قبولا كانت أقبل وأشد استعدادًا له» وليس هذا اللين من باب الضعفء والتأثر من كل ما يرد عليه» ويراه حتى الكذب والشرور. فهم زعموا أن النبى كَلِةٌ إذ لم يجابههم بشرهم يقبل كل كذبهم وافترائهم» ولو كانت موثقة بالأيمان المخلظة؛ ونسوا أنه يعرفهم» ولكن لا يريد أن ينل بهم أى عقاب» حتى لا يقال إن محمدا يعاقب أصحابه وينزل بهم سوء العذاب. 0# تفسير سورة التوبة سم ممالل لج ا تي وبين الله سبحانه وتعالى ما يقوى أنه أذن خير» فقال: « يؤمن بالله 4 وهذا تعريض بهم بأنهم لا يؤمنون بالله» فهو يؤمن بالله حق الإيمان» ويذعن لله حق الإذعان» لا أن يفترى ويوثق افتراءه بأيمان تدل على ما يدينهم ولا تبرئهم» ويقول تعالى: ظ وَيُؤْمن للْمُؤْمنينَ4 أى يسلم للمؤمنين ويصدقهم» وهذا أيضا تعريض بهم» فهو يسلم للمؤمنين ويصدقهم لأنهم مؤمنون» ولا يؤمن لكم ولا يصدقكم لأنكم منافقونء فلا تحسبوا سماحته لكم تصديقاء وإنما سماحته لكم رفق فى الدعوة» وتلطف بكم عسى الله أن يجعل منكم من يؤمن بالله واليوم الآخرء ويخلع نفسه من النفاق وأهله» وقد عدى البيان القرآئى بالباء فى قوله تعالى « يؤمن باللّه 4 لأن الإيمان بالله معناه التصديق والإذعان» والتصديق يتعدى بالباء . وتعدى باللام فى قوله تعالى: 9 ويؤمن للْمؤْمدينَ4؛ لأن الإيمان فيما يتعلق بالمؤمنين معناه التسليم لهم وقبول قولهمء مثل قوله تعالى فى الإخبار عن كلام إخوة يوسف: ... وما أنت بمؤمن لَنا ولو كنا صادقين 69 » [يوسف]ء وقوله تعالى: ظطفَمَاآمَنَ لموسئ إِلأَّرِية من َوه ... 469 [يونس]» وقول الكفار لنوح : ( ... أَنؤْمن لَك واتَبَعك الأرذلون 019 4 [الشعراء]. وقوله: « ويُؤمن للْمؤْمدين4 فيه تعريض لهم بأنه عليه السلام لا يقبل قولهمء لأنهم ليسوا بمؤمنين» وإن رفق بهم وتلطف فى القول» فالرفق شأنه؛ ولكن لا يدل على ما ظنوه من أنه يقبل كل كلام ولو كان كلامهم. ثم يقول تعالى: وَرَحْمَة لي نَآمُوا4 بالعطف على أذ خَيئرر4 وقرئ بالجر 210 أى رحمة للذين آمنوا منكم. والمعنى على قراءة الجر» هو أذن خير لكم» وإذن رحمة للذين آمنوا منكم. .)1859( قراءة (ورحمة) بالجرقراءة حمزة» وقرأ الباقون بالضم. غاية الاختصار‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة للفلل ممالل ل يي وعلى قراءة الرفع» وهى قراءة يكون العطف فيها على «أذن 24 أى هو أذن خير لكمء وأذن رحمة للذين آمنوا منكم» والضمير فى 9 لَكُم 4 وظ منكم 4 يخاطب به المنافقين . ووجه الخيرية لهم أنه يتستر عليهم بقبول كلامهم» وذلك خير لهم من أن يتجهم لهم فيفضحهم» ويكشف سوءة نفاقهم» وقوله: دإ للَذِين آمنوا منكم 4 أى من أهليكم وذوى قرابتكمء ومن كانوا فى الأصل منكم وهداهم الله تعالى فلا يكشف عن نفاقكم بإظهار القبول لكلامكم» وإن كان يعلم أنكم لكاذبون لكيلا يضار هؤلاء» وعندما ظهر أمر المنافقين ولم يعد خفيا ذهب ابن عبد الله بن أبى رأس المنافقين إلى رسول الله كك وقال له: إن كنت قاتلا فدعنى أقتله» حتى لا أحمل ضغنا لمؤمن» فكان كتمان أمرهم» وعدم مجابهتهم بالتكذيب رحمة بهؤلاء الذين آمنوا منهم . ثم ختم الله سبحانه الآية بذكر العذاب الأليم لمن يؤذى رسول الله له فقال: 9 والّذين يَؤدُونَ رسول الله لهم عذاب أليم 4 . أظهر فى موضع الإضمار لأن صدر الآية يبين أن موضوع الآية المنافقون الذين يؤذون رسول الله» فكان يصح أن يعود الضمير إليهم» ولكنه أظهر فى موضع الإضمارء ليبين سبحانه أن سبب العذاب المؤلم هو إيذاء رسول الله ولد ولذا قال جمهور الفقهاء: من سب رسول الله يكل فقد كفر وعد مرتداء وحل قتله إلا أن يتوب» ولهم العذاب الأليم أى لكل من يؤذى رسول الله . ولقد ذكر سبحانه وتعالى محاولتهم تكذيب ما يقال عنهم بالخلف» والحلف الكاذب شارة المهانة» كما قال تعالى: « ولا تطع كل حَلأّف مَهِينِ 40 [القلم]» فقال سبحانه وتعالى عنهم: ظ يَحَلفُونَ باللّه لَكُم ليرضوكم واللّه ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا صؤمبين | ##ا تفسير سورة التوبة سم الملل اللاو اال 1 لسرب أ إن هؤلاء المنافقين حاولوا الكذب على النبى» وأيدوا كذبهم بأيمان غموس غير صادقة» وحسبوا أن ذلك يخدع رسول الله يك وظنوا أنهم قادرون على ذلك بآيمانهم لأنه أَذْنْء وقد بين سبحانه وتعالى فساد زعمهم فى الآية السابقة» وفى هذه الآية حاولوا أن يخدعوا المؤمنين بأيمانهم الكاذبة؛ لأنهم يعيشون فى أوساطهم ويساكنونهم ويجاورونهم فحاولوا أن ينفوا عنهم نفاقهم بالأداة التى يملكونها ويملكها كل فاجر كافر فأخذوا يحلفون» وقال الله تعالى فى ذلك: ل يَحَلفُون بالل نكم ليرضوكُم 4 لقد تخلفوا عن الجهاد فى وقت التفير إلى بنى الأصفر التكائف عددهمء فكانوا بذلك جبناء» وكانوا كاذبين فى ادعائهم الكاذب» وثبت بدليل قاطع نفاقهم» والمنافق فى وسط عربى صريح يعلن القوة» ولا يتقبل المعاذر ‏ مشنوء مهين» فكانوا يحاولون تبرئة أنفسهم بالأيمان» وقوله ظ يَحَلفُونَ بالله كم التعبير بالمضارع لأنهم يحلفون فى الحال لا فى الماضى وفيه إشارة إلى أن الحلف شأنهم وهو متجددء وكلما كذبوا حلفواء وكلما تخلفوا بأعذار غير صادقة حلفواء فالحلف ديدنهم. وقوله تعالى: لم4 إشارة إلى أن من معهم من العشراء والجسيران من المؤمنين هم المقصودون» وقد صرح سبحانه وتعالى بذلك فقال: © ليرضوكم 4 أى أن الباعث لهم على هذا الحلف الكذب إرضاؤكم» وإزالة الوحشة بينكم وبينهم» وزوال النفرة التى تحسونها منهم . وإن هذا الإرضاء مع أنهم يطلبونه يريدونه لغاية فى أنفسهم؛ لأن دوام النفرة منهم يمنعهم من الثقة فيهم» وذلك لا يمكنهم من الدس الخسيس فيهم إذ لا يثقون فيهمء والدس يحتاج إلى الثقة من يدسون لهمء ويلقون بالفتنة فيهم» وقد بين الله سبحانه الغش فى محاولة الإرضاءء فقال تعالى: 8 واللّه ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مُؤْمنينَ» أى أن العيب فيكم ليس فى اعتذار أو تخلف أو كذب» إنما العيب الأصيل هو النفاق» فالتفاق هو الذى جعلكم تتخلفون عن ا تفسير سورة التوبة ل 00 م لأس اق الجهاد» وهو الذى جعلكم تعتذرون عنه بأعذار مكذوبة» وهو الذى جعلكم تحلفون ممتهنين الأيمان المغلظة . فهم حاولوا إرضاء المؤمنين ولم يحاولوا إرضاء الله ورسوله لأنهم يعلمون أن ذلك غير ممكن» ولذا قال تعالى فيما تلونا ‏ واللّه ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمدين» أى لو كانوا مؤمنين ولا يريدون التخلف». وإن تخلفوا فبأعذار صادقة ‏ لآمنوا أن الله ورسوله أحق بالإرضاء» وإرضاء الله ورسوله ليس يالأيمان الكاذبة» إنما هو بأن يخلعوا أنفسهم من النفاق» ويؤمنوا بالله ورسوله حق الإيمان. وفى قوله تعالى: ‏ واللّهِ ورسولَه أحق أن يرضوه »4 إشارة بيانية» وهى أن الله تعالى ورسوله ذكر أنهما أحق بالإرضاء» ولكنه عند عود الضمير أعاده مفردا إيرضوه»4. وذلك للإشارة إلى أن إرضاء أحدهما إرضاء لهماء فإرضاء الله تعالى إرضاء للنبى يك وإرضاء النبى يَككِ إرضاء لله تعالى» كما قال: من يطع الرّسَول فَقَدَ أَطَاعَ اللَّهَ ... 69 4 [النساء]ء وفى ذلك إشارة إلى أن الذين يؤذون النبى كَل إنما يتهجمون على مقام الألوهية ويتحدون الله ورسوله» ولقد قال تعالى : « ألم يَعلَموا أَنّهِ مَن يحادد الله ورَسُولَه فَنَلَه ار جهنم خَالدا فيها ذلك الخزي العظيم 9 4 . لقد كان هؤلاء المنافقون مع ما يظهرون مسن محاولة إرضاء المؤمنين ليبثوا فيهم الخورء وضعف العزيمة» حتى إنه فى غزوة (أحد) بتأثيرهم همَّت طائفتان أن تفشلا بعمل كيدهم. كانوا مع ذلك يستهزءون بالمؤمنين والنبى كه وقد وضعوا أنفسهم فى حيزء محادين الله ورسوله» فقال تعالى فيهم: « ألم يعلموا أَنَّه من يحادد الله وَرسَولّه 4 الاستفهام هنا للنفى والتوبيخ» ولم نافية» ونفى النفى إثبات كما يقول أهل العلم بالعربية» فالمعنى لقد علموا أنه من سم 0# تفسير سورة التوبة لح اة يحادد الله ورسولهء فأن لهم جهنم » وكان الإثبات بهذه الطريقة البيانية لتأكيد علمهم وتأكيد شرهمء كأنهم أقدموا على هذا الشر عالمين» ووجه التأكيد فى التقرير بهذه الطريقة مؤداه أنه سئل عنهم: يعلمون أم لا يعلمون» فأجيب عنهم بأنهم يعلمون» فكان فى ذلك فضل تأكيد. وحاده ك (شاقَه)» أى جعل بينه وبين الحق حداء لا يصل الحق إليه» ولا يحاول هو أن يصل إلى الحق» ومن يكون فى جانب» واللّه تعالى فى جانب آخر» كأنه يناوئه ويقاومه» ولقد قال تعالى: لا تجد قَوما يؤمنوت باللّه والْمَوم الآخر يواذون من حَادٌ اللهُ ورَسوله .... 69 4 [المجادلة] . وقوله تعالى: فَأَنَّ له نَارَجَهِنم 4 فيها قراءتان قراءة حفص بفتح (أن)» وتخريج القول على هذه القراءة أن النار واقعة فى جواب الشرط» وأنّ والمصدر المنسبك منها وما بعدهاء فاعل لفعل محذوف تقديره (فقد ثبت أن لهم جهنم خالدين فيها أبدا)» وهناك قراءة بكسر (إن2270 وتكون هى وما بعدها جملة مبتدأة» واقعة فى جواب الشرطء أو دالة على جواب الشرطء وذلك على تقدير أن الشرط محذوفء ويكون المحذوف تقديره (هالك). قوله تعالى: 9 ذلك الخزي الْعظيم 4, ؛ أى أنهم إذا كانوا فى الدنيا يتسترون بنفاقهمء ويخفون حقيقة أمرهم» فإن ذلك مكشوف يوم القيامة» إذ ينكشف أمرهم ويتبين حالهمء ويكون خزيهم وهم خالدون فيها. المنافق دائما حذر من أن يتكشف أمرهء وقد رأوا النبى كَكهِ ينزل عليه الوحى ويخبره بكشف أمر المنافقين» فكانوا يخشون إذا نزلت سورة أن يكون فيها كشف لأمر من أمورهم» فقال تعالى: 8 يَحَدَر الْمَافقُونَ أن تر علَيِهِم سورة تتبئهم بما في لوبهم قل استهزءوا إن اله مخرج ما درون 69 4 . . قراءة (فأن) بالفتح» ليست فى العشر المتواترة‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة ٠‏ لل ااال الول 00 اا 2 «يحذر المنافقون4 إخحبار عن المنافقين بأنهم يحذرون أن تنزل عليهم سورة» والحذر يكون دائما من شأن من يستر شيئا؛ لأنه يخشى أن يكشفء وإذا كشف ضاع الغرض الذى ستره من أجله, والسورة الجزء من القرآن المفصول عن غيره كأنه سور بسور يحده؛ والتنزيل من الله تعالى على نبيه الكريم» فلا تنزل على المنافقين» إنما تنزل على قلب محمد الأمين» فكيف تنزل عليهم؛ ولكن المراد أنها تنزل فى شأنهم» وكانت التعدية ب (على) للإشارة إلى أنها تنزل عليهم كالصاعقة يفاجئون بهاء وعلى ذلك يكون الضمير فى لعَأمِهِمٍ4 يعود إلى المنافقين» وكذلك الضمير فى « تننهم 4 , وقوله تعالى: لا بما في فلوبهم 4 ويصح أن يكون قوله تعالى: «(يحذر المتافقون4 فى معنى الأمرء وكثيرا ما تجىء الصيغة الخبرية بمعنى الأمرء كما فى قوله تعالى: « والوالدات يرضعن أَوَلاده حَولَين كاملين ... 4659 [البقرة]» وكما فى قوله تعالى: 9 وَالْمَطَلّقَات يتربصن بأنفسهن لاه قروم ... 659 4 [البقرة] فإن الخبر فى كل هذه الصيغ يدل على الطلب. ولكن تخريجها بمعنى الخبر أولى؟ لأنه يناسبه قوله تعالى فى الآبة إن الله مخرج ما تحذرون 4 . والزمخشرى يرى أن الضمير فى «عليهم 4 و تبّئهم » يعود على المؤمنين والنبى كيد لأن الشأن فى النزول القرآنى أن ينزل على النبى يلل ومن معه من المؤمنين» وأما الضمير فى قوله تعالى: بم في قُلُوبهِم 4 فإنه يعود على المنافقين؛ لأنهم الذين يخفون ما لا يبدون, فالأنسب أن يعود إليهم» والقرائن تعين عودة الضمائر على هذا النحو. كان المنافقون يستهزئون فى مجالسهم بالنبى كَلْةِ وبالمسلمين وبالجهاد» حتى أنهم كانوا فى غزوة تبوك التى كانت ذاهبة إلى الشام يتهكمون على المؤمنين» ويستهزئون بهم» ولا يكتفون بالقعود عنهم» ولقد روى أنهم كانوا يقولون مستهزئين: انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتخ قصور الشام وحصونه هيهات هيهات. وكانوا يريدون آلا يطلع على ذلك أحد من المؤمنين» ولذا قال تعالى: 1# تفسير سورة التوبة لحي لل ال ململي ١ 10 لا‎ 2 «إقُلٍ استهزءوا 4 هذا أمر للتهديدء كقولك للمجرم الذى بدا إجرامه: افعل ما شئت» وكقول النبى يَلِِ: «إذا لم تستح فاصنع ما شكت2172. ف إن الله مخرج ما تَحْدَرودَ» أى إن الله تعالى كاشف ما تأتمرون به» وما تستهزئون به من قول يكشف عن نفاقكم» وفى قوله تعالى: ط إن الله مخرج ما تحدّرون» أى أن يخرجء تأكيد لإخراج هذا الأمر الذى يحذرون خروجهء أولا بالجملة الاسمية» وإِنّ4» الدالة على توكيد الخبر» وفى التعبير بلفظ الجلالة الذى يربى الرهبة والخوف فى النفسء وقوله طمَخْرج» فيه إشارة إلى مبالغتهم فى الحذر» كأنهم دفنوه فأخرج من دفين نفوسهم. ولقد جاء فى تفسير أبى مسلم أن قوله تعالى: 9 يحذر الْمنافقون... »© من قبيل تهكمهم على القرآن» فقال هذا حذر أظهره المنافقون على وجه الاستهزاء حين رأوا رسول الله يَكِّْ يذكر كلامهم ويدعى أنه من الوحى» وكان المنافقون يكذبون ذلك فيما بينهم» فأخبر الله رسوله بذلك» وأمره أن يعلمهم أنه يظهر سرهم الذى حذروا إظهاره» ولذلك قال تعالى: طقل استهزءوا 4» أى بالله وآياته ورسوله» أو افعلوا الاستهزاءء وهو أمر تهديد طإِنَّ الله مُخْرِجِ ما تحذرون4 أى مظهر بالوحى ما تحذرون خروجه. ويقول إن هذا احتمال» ولكن السياق القرآنى يد ل على استهزاء أظهره الله تعالى. وإن هذه الآية تدل على أنهم يكثرون من الاستهزاء والله مخرج أمورهم» حتى لا يضدع فيهم مؤمن قال تعالى : آم حَسب الذين في فلُويهم مُرض أن أن يخرج الله أَصفَاتهم 0 9 ولو نشاء لأريناعهم فلعرفتهم بسيماهم عرفتم في لَحن الّقول واللّهِ يعلّم أعمالكم © © [محمد]. )١(‏ سبق تخريجه. / تفسير سورة التوبة 3 اللا وم لأس ا قال تعالى: 3 لين سَألتَهَ ع ماسءد سا لياه آ ته 1-2 تفل كل أياللوو يليد ذه ووع سس ش ها ا تَدَيب كُإد كع ْم تك وه ير كو لولم سد عرو م ست وه وتوت 9 نع روف وش وه 0 َأ لْمتَفِقِيت هم الْمَسِفو رت وعدا ل 00 0 0 0 0 2 كان المنافقون فى المدينة يشبطون المؤمنين عن الجهاد ببث التخاذل فيهم» ووضع ما يؤدى إلى الفشل والعجز فيما بينهم لا يبالون» ما يمنعهم من غرضهم عشيرة أو جوارء أو أنه إذا نزلت بالمدينة كارئة لا ينجون منها. فكانوا يستهزئون بالمؤمنين فى مجالسهم» ويتهكمون عليهم» إذا خرجوا إلى الجهاد حاولوا تثبيطهم عنه ببث روح الفشل» أو بالتهكم اللاذع» واستصغار شأن المؤمنين» وما جاء فى مقالتهم من نفاقهم «أنه بينا رسول الله يكَهُ سير فى غزوة تبوك كان ركب من المنافقين وبعضهم يقول لبعض: أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم لبعض» والله لكأنا بهم مقرنين فى الحبال. قالوا ذلك ترهيبًا للمؤمنين» وقال رجل من المنافقين طعنا فى المؤمنين: ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطوناء وأكذبنا ألسئة» وأجبئنا عند اللقاء. و رواة اح تفسير سورة التوبة اه تي علم النبى عد بهذه الأقوال» وراجت وشاعت بين المؤمنين » وكانت تشتد شيوعا كلما كان قتال؛ لأنه يلهج ألسنتهم بفساد القول كلما كانت حرب أو شدة لتكون السخرية» ويكون التشبيط . 1 وإذا سألهم النبى كَكِلْهٌ عن هذه الأقوال أقروا بهاء وبمقصدهم منهاء وهو العبث وهذا قوله تعالى : «(وآن انهم ونان وض وتلق » . والخوض هو الدخول فى الماء والانغمار فيه» ثم أطلق على الدخول فى الكلام الذى يسمرون به» والقصص من الأساطير» واللعب من الفعل أو القول | وقد أكد الله سؤال النبى بك بقوله: رين سالتهم» بالقسم وفيه اللام الممهدة ة للقسم. وحذف المفعول؛ أن أقوالهم كثير ة» وكان جوابهم مؤكذدا تبعا لتأكد القسم» فهم أكدوا أنهم كانوا يخوضون ويلعبون» ومعنى ذلك أنهم كانوا يستهزكون» ولذلك أمر اللّه تعالى نبيه بأن يقول لهم: قل أباللّه وآياته ورسوله كنم تستهزءوت 4 . بين الله سبحانه وتعالى خطر استهزائهم بالخوض فى الكلام العايث» واللعب الجاحدء» بين لهم أن ذلك يتضمن الاستهزاء بالله خحالق كل شىء» والآيات التى ترشد العقلاء إلى الحق» والرسول الصادق الأمين الذى قامت الأدلة من القرآن ومن شخصه على الرسالةء فكفروا بالله وكذبوا الآيات. وتقديم طأبالله وآياته ورسوله 4 على الفعل يستهزئون فيه إشسارة إلى 1 تخصيص هؤلاء بالاستهزاء» فأى ضلال أشد من هذل وأى كفر وجحود أشد. ولهذا الفجور الذى يبدر من ألسنتهم ويدل على قلوبهم» قال الله تعالى: (١‏ لا تعتذروا 4؛ لأن كل اعتذار يلقون فيه أنفسهم بهاوية من الكفر أشد مما هم فيه» فقال تعالى: 1# تفسير سورة التوبة لولم الللل للا للللللا 1م حر ا (لا تعتذروا قد كقرتم بعد إِمَادَكُم إن نعف عن طائقة منكم نعذب طائقة 4 . والنهى هنا على حقيقته» فالله تعالى ينهاهم عن الاعتذار؛ لأن الاعتذار يؤدى إلى أن يقعوا فى ذنب أشد مما يعتذرون عنه لحميتهم» وجهالتهم بسبب النفاق الذى أركس نفوسهم فى الشرء أو نقول النهى للتهكم باعتذارهم الذى يجعلهم يعترفون بأفحش ذنوبهم. والاعتذار محو أثر الذنب» وأصله القطع» واعتذرت إليه قطعت ما فى قلبه من الموجدةء فهم يحاولون إزالة ما أوجده كلامهم من كفرء فيزيدون الذنوب. والاستهزاء استخفاف,. فإذا كان بالله وآياته ورسوله فهو كفرء ولذا قال تعالى فى اعتذارهم وإقرارهم بالاستهزاء «( قد كفرتم بعد إيمانكم 4 وقد أكد الله تعالى كفرهم ب قد 4 الدالة على التحقيق فأكد الله تعالى كفرهم» وقوله تعالى: 9 بعد إِيَانكم 4 والنفاق ليس فيه إيمانء والمنافق ليس بمؤمن, ولكنه يظهر الإيمان» ويكون بعد إيمانكم أى بعد إظهار إيمانكمء» فكشفتم كفركم بعد ستره» فافقضح أمركم بعد أن سترتموه» أو نقول: إنه كان فيهم ضعفاء الإيمان» فكان اشتراكهم معهم فى الاستهزاء والسخرية بالله تعالى وآياته ورسوله كفرا لهم بعد إيمان كان فيهم» وإن كان ناقصاء وإنى أختار هذاء والله تعالى أعلم. ثم يقول سبحانه: «إإن نعف عن طائقة سكم تعب طَائقَة4. إن عفو الله منوط بالتوبة» الطائفة التى يعفو الله عنها هى التائبة» فالتوبة تجب ما قبلهاء وقد كان فى هؤلاء الذين خاضوا ولعبوا وتعابثواء من تاب وأناب. وقد قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره نقلاً عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس : ركان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقسول: اللهم إنى أسمع آية أن أعنى بها (أى لآأنه كان ممن خاضوا بها) تة تقشعر منها الجلود» 'وتوجل منها القلوب. اللهم فاجعل وفاتى قتلا فى سبيلك» لا يقول أحد أنا عَسَلت» أنا كَقنت» أنا دفنت. فأصيب يوم اليمامة» فما من أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره. 4 8# تفضسير سورة التوبة الل اللمالللل لل ل ل لسرب هؤلاء هم الذين عفا الله عنهم» وهذا أحدهم لقد تاب فعفا الله عنه وصار من الشهداء الصديقين» وأسند سبحانه العفو والعذاب إليه سبحانه تعظيما لمقام العفوء وتهديدا بأهل العذاب» ولقد بين سبحانه العذاب» بقوله تعالى: لآ بهم كانوا مجرمين» الإجرام الذنب الكبير الذى يكون له جرم» وتفعله الجوارح» وتكتسبه النفس» وقد أشار سبحانه إلى أنهم مستمرون على إجرامهم ولم يتوبواء ولذلك يتأكد إجرامهم واستمرارهم عليهء وعدم انخلاعهم منهء فقد أكد الإجرام بالجملة الاسمية» و(أن) الدالة على تأكيد ما بعدهاء و(كان) التى تؤكد القول» وتدل على استمراره. أحوال المنافقين وصماتهم وقد بين سبحانه صفات المنافقين الذين لا يرجى إيمانهم» فقال تعالت كلماته : ا المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمِرونَ بالمدكر وينَهون عن الْمَعْرُوف ويقبضون أيديهم نسوا اللَّهِ فنسيهم إن المنافقين هم الْفَاسقُونَ 9 4 . إن المنافقين ينعزلون عن الجماعة المؤمنة» فهم فى نفرة عنهم» ويكونون أنفسهم جماعة موحدة يجمعها فكر عام موحد يناقض الجماعة العامة التى يعيشون فيهاء فلا يرضيهم ما يرضى الجماعة بل يخالفونهاء ويناقضونها فيما تفكر وفيما تعمل» فقد عزلوا أنفسهم عنهاء فإذا كانت الجماعة العامة متضافرة على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهم عكسواء معروفهم منكر عند جماعة المؤمنين» ومنكرهم هو المغروف» ولذا قال تعالى: ط المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض » أى أنهم كل متصل الأجزاءء ولايتهم واحدة وتناصرهم واحدء وفى هذا تكذيب ليمينهم الكاذب فيما نقله سبحانه عنهم ط ويَحَلفُون بالله إنهُم سكم وما هم مََكُمْ... 63 4. وهو تأكيد لما قاله سبحانه فى نفى أنهم منكم. 8# تفسير سورة التوبة الملل الالالال اللو للا سم لحر ا وقد أشار سبحانه وتعالى إلى أنهم متضافرون فى أسرهم» فأسرهم فى الجملة منافقة» ولذا ذكر سبحانه وتعالى المنافقات مع المنافقين» وقال تعالى: يَعْضّهم سن بض 4» أى أنهم لُحْمة متصلة يتغذى بعضهم بلبان النفاق من بعض.» فهم بيئة واحدة يغذيها لبن النفاق» أو بالأحرى سمه. وقد ذكر سبحانه أحوالهم: أولاها: أنهم ينشرون الفساد فى الفكر والعمل» فلهم رأى عام يخصهم يسوده الفساد فى النفوس والأخلاق» يشجع الرذيلة ويتهكم على الفضيلة» سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله: «( يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف » يشجعون كل ما هو شرء ويمنعون كل ما هو خير» معروفهم منكرء ومنكرهم هو المعروف» وهكذا يقضى الله على بعض الجماعات الإنسانية بالشرء كما نرى الآن من منافقى عصرناء فعدلهم ظلم وحريتهم اعتداء» وشوراهم استبداد. الثانية: أنهم غير متعاونين فى ذات أنفسهم. وفى جماعتهم فلا ينفقون فى خير قطء والشح يستولى على نفوسهمء ولا يجعلون أنفسهم فى وقاية منه» بين تعالى فى ذلك الوصف بقوله تعالى: «ويقبضوت أيديهم »4 القبض ضد البسطء وقبض اليد غلها عن الإنفاق» فعبر عن عدم الإنفاق فى موضعه بقبض اليد كما عبر عن الإنفاق فى موضعه ببسط اليدء كما قال تعالى: 8 وَقَالَت الْيَهُود يد الل مَعْلولَة علْت أيديهم ولعنوا بما قَالُوا بل يداه مُبْسُوطْتَان ينفق كيف يشَاءٌ ... 9 4 [المائدة]. الثالثة: أنهم ينسون الخير نسياناء فإذا ذكر لهم الخير تهكموا بصاحبه» وقالوا مستهزئين متهكصين بمن يتكلم فى الفضيلة» وهذا عبر الله عنه بقوله: نسوا الله فدسيهم 4 أى نسوا الله تعالى فلا تذكره قلوبهم» ولا تطمئن بهء إن القلوب إذا نسيت الله لا تطيع أمرهء ولا تجتنب نواهيه» ونسيان الله تعالى ألا يوفقهم لخير» وأن يجعلهم منغمسين فى الشر الذى اختاروه والضلال الذى أحيط بهم . سم 8# تفسير سورة التوبة ١ يي وإن المنافقين قد ينفقون فى حالين: إحداهما أن يستروا نفاقهمء» كما كان المعتذرون المتخلفون عن الجهاد يعتذرون عن الخروج». ويقولون هذه أموالنا خذوا منها ما شئتم . والحال الرابعة ‏ أن ينفقوا فى الشر لتأييد الفاسدين» وقد نسوا رقابة الله فنسيهم أى فتركهم يرتعون ويعبشون حتى يوم الحساب. ولقد قال تعالى حاكما عليهم: إن المنافقين هم القَاسِقَون4 الفسق هو الخروج والتمرد على الحقائق» وهو هنا أشد من الكفرء فهم كافرون بنفاقهم إذ يسترون الكفرء ويظهرون الإسلام» وبهذه المساوئ التى أشار إليها الكتاب العزيزء فيتمردون على اللّهء ويعاندونه» ويحادونه إذ يحادون الحق . وقد تمال الزمخشرى: إن فسقهم هو الفسق الكامل» ونقول إن الله تعالى أكد فسقهمء بالجملة الاسمية» وبإن 2# وقصرهم على الفسق بتعريف الطرفين» وبضمير الفصل هم 4» أى أنهم مقصورون على الفسق لا يخرجون من دائرته فهو محيط بهم. إحاطة الدائرة بقطرها. وقد ذكر الله تعالى عذابهم» فقال تعالى فى كتابه العزيز: وعد اللّه المنافقين وَالْمَافقَات وَالْكَارَ نار جهئم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عَذَاب مقيم 62 4 . هذا وعيد الله تعالى للمنافقين والمنافقات» ويلاحظ هنا أنه أظهر فى موضع الإضمارء» فذكرهم بأوصافهم للدلالة على أن النفاق هو السبب فى هذا العقاب الشديد» ونص على النساء المنافقات؛ لأنهن يكوه الأسرة التى يعشش فيهاء ويشتركن فى إيجاد البيئة المنافقة التى يسودها الفساد ويحكمها الشرء وقد ذكر الكفار بعد المنافقين» وهم والمنافقون داخلون فى الكفر» لأنهم كفار يزيدون النفاق» ولذا قدموا لأنهم أوغلوا فى الكفرء والكافر الضال مظنة التوبة كما تاب الطلقاء وأبناء الطلقاء» وأما المنافق فإنه ملتوى النفس ملتوى الفكرء وقد يكون 8# تفسير سورة التوبة ٠‏ ل الملل للفو 11 تلأس أ الكفار سبب كفرهم عصبية جاهلية» أما المنافقون فسبب كفرهم مع هذا الانحياز الذى يشبه الانحياز العصبى فإنه يوجد فى رءوسهم ضلال فى الفكر والتواء فى القصد. 1 ذكر ثلاثة أولها نار جهنم» يلقون فيها وهى تتسع لهم جهنم 9 لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مسوم 409 [الحجر]ء وهى مراتب ودركات» إن الْمنافقينَ في الدرك الأسفل من الثَارٍ .. . 4652 [النساء]ء فهم أشد الكفار عقاباء وأعظمهم عذايا. ويقول سبحانه: هي حسبهم 4. هى الكافية» وهذا يدل على هولهاء وشدتهاء كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرهاء وهى عقاب مادى. والنوع الشانى: عقاب معتوى») وهو الطرد والإبعاد المعنوى» وعبر عنه سبحانه وتعالى بقوله: 9 ولعنهم © أى طردهم من رحمته» وأبعدهم عنه سبحانه لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم. الثالث: عبر عنه بقوله تعالى: 8 ولَهم عذاب مقيم» أى مستمر دائم وعطفه على هذين السابقين دليل على أنه غيرهما؛ لأن العطف يقتضى المغايرة» قال تعالى: و - 3 ا آله سوم مدل ا سر ع سب ذه عر | 151 220 2 تشع يو تلو 1 سَعَمَيََالدر من لكر اكير وخ حَضْمم رم 2-1 أ الم 2 احا 2 لكيه كت أتتافة: ألدنيًا زم - عور وج سا ًٌ 58 وَالْرَةَ وَأ وْكهِلكت كيلك هْمالْكَدمِرُونَ 9 أل ياتيم 0# تفسير سسيورة التوبة ل االللل الل ولو ملل 1 ني دم له-2 تيب تسا وه واد وتسمود وَقَوَوٍ وس ىه 2 د 0000 كاذو ميتو © بين الله تعالى فى الآية السابقة العقاب الشديد الذى يستقبل الكافرين» وخص المنافقين بالذكر؛ لأنهم كفار أخساء لؤماء» مفسدون. ثم بين سبحانه وتعالى أن ذلك العذاب قريب وليس ببعيد» وأنه أصاب الذين من قبلكم.» فقال مقربا لعذابهم مثلا له بعذاب من سبقوهمء فقال: ظ كالذين من قبلكم » الذين سبقوكم بالكفر والطغيان» والمخنطاب للكفار والمنافقين» وإن ذكرهم وقد قنوا يومئ إلى أنهم سيكونون مثلهم فى فناءء وأن الحياة الدنيا التى آثروا متعها فانية » وقوى ذلك المعنى المشار إليه بقوله تعالت كلماته: ( كانوا أَشَد منكم قُوَة وأكثر أَموالاً وأؤلادا 4 كانوا فى قوة غزت الأقاليم وفتحت البلاد ودانت لهم رقاب العباد وسيطروا على الأرض» كان عدد الملأ من قوم فرعون كثيراء والأموال من الزرع والثمار والسائمة» تجرى فى أيديهم» فأنى يكون عددكم بجوار عددهم؛ وأموالكم وأنتم بواد غير ذى زرع بجوار أموالهم» ومع ذلك حسبوا الحياة كل شىء ففنوا مع فناء حياتهم الدنيوية. قوله تعالى: ظفَاسْتَمْتَعُوا بخلاقهم4 أى بنصيبهم الذى خلقه الله تعالى لهم. استمتعوا بهذا النصيب» وحسبوه الحياة» ولا حياة بعدهاء وتحكموا واستكبرواء وقال الطاغوت الأكبر فرعون - ومن شابهه -: «9 ... أَلَيس لي ملك مصر وهذه الأنْهَار تَجِرِي من تحتي . .. 69 4 [الزخرف] وسرتم سيرهم» فحسبتم أن الدنيا هى الحياة» ولا حياة بعدها. ولذا قال تعالى: «( فاستمتعوا بخَلاقهم 4 . استمتع معناها طلب المتعة ؛ ونالهاء فالأقدمون استمتعوا بما أوتوا من حظوظ الدنيا » وجعلوها متعتهم» وقصروا متع حياتهم عليها لا يطلبون غيرها من متع 8# تفسير سورة التوبة 2 الملل الالالال لل 0 حر نا الآخرة» ولا يريدونهاء والفاء فى قوله تعالى: فَاستَمتعوا بخلاقهم 4 تدل على ترتب ما بعدها على ما قبلهاء ترتب محاكاة واتباع». فطلبتم ما طلبواء وحاكيتموهم فيما فعلواء ولذا قال: «( كما استمتع الّذين من فَبَلكُم بخلاقهم » ثم قال تعالى: ا وخضتم كَالّذي خَاضُوا 4 قلنا: إن الخوض معناه دخول الماء» واختفاء الأرجل والسير فيهء وأطلق على الخوض فى الباطل والإثئم» وفيه مجازء من حيث تشبيه الخوض فى الباطل بالخوض فى الماء من غير تعرف لا فيه» وقد يكون فيه صخورء أو أشياء تجرح وتضر. وخضتم كَالّذي خَاضُوا 4 أى خضتم فى الباطل كالذى خاضوا فيه. والمعنى تشابهت أحوالكم مع أحوال من سبقوكم فاستمتعتم بحياة لاهية رخيصة» من غير نظر إلى عاقبة أموركم وأمورهم وحسبتم أن خلاقكم فى الدنيا هو الحظ الأوفرء فلم تفكروا فى الآخرة» ولم تعملوا على صلاح أموركم فيهاء بل إنكم أنتم وهم حسبتم أن حياتكم هى الدنياء وظننتم أنكم خلقتم عبثا من غير غاية» وأنه ليس هناك يوم تجازون فيه»ء وإن الصيغة الكريمة تومىء إلى أن قصر الحياة على حظوظ الدنيا استهانة بأنفسهم» وقد قال الزمخشرى فى بيان السبب فى تكرار التشبيه لحالهم بحال من سبقوهم من الفجرة الآثمين العاتين» وفائدته أن يَدْم الأولين بما أوتوا من حظوظ الدنيا ورضاهم بهاء والتهائهم بشهواتها الفانية عن النظر فى العاقبة» وطلب الصلاح فى الآخرة» وأن يصغر أمر الاستمتاع بهاء ويهين أمر الراضى بهاء ثم يشبه حال المخاطبين بحالهم» كما تريد أن تنبه بعض الظلمة على سماجة فعله» فتقول: أنت مثل فرعون؛ كان يقتل بغير جرم ويعذب ويعسف.» وأنت تفعل مثل فعله. فهو سبحانه وتعالى يشير إلى سوء حال من سبقوهم» ويبين أنهم مثلهم . ثم قال تعالى: 8 أُولَتك حبطت أَعمَالْهِم 4 الإشارة إلى أوصافهم من أنهم حسبوا الحياة لهو ولعبّاء فاستمتعوا بحظهم فيهاء واستمتعتم أنتم مثلهم» هذا سبب أن حبطت أعمالكم» أى بطلت؛ لأنها تحمل فى نفسها أسباب فسادهاء # تفسير سورة التوبة لل اللو لصولل اك بي وأولئك. هم الخاسرون» وقد تأكدت خسارتهم» وفى الكلام قصرء واختصاص أنهم مقصورون على الخسران» فلا فلاح لهم فى الدنيا إذ تكون حياتهم يأكلون ويمرحونء, ولا فلاح لهم فى الآخرة إذ يستقبلهم العذاب المهين. وقد أشار سبحانه إلى الهلاك الذى نال من سبقوهم فقال تعالى: ( أوناتهم لذن من فلم قرم توح واد وقوه ووم يرهم وأمنحَاب مدين والمؤتفكَات أتتهم رسلهم بالبينات فَمَا كان اللّه ليَظلمهم ولكن كَانوا أنفسهم يَظُلمون 69 4 . بعد أن ذكر أمر من سبقوهم» وأنهم جعلوا حياتهم لاهية لا يقدرون فيها تبعات » ويحسبون أن حياتهم أن يستمتعوا بخلاقهم ولا يقدرون لهذه الحياة ما بعدهاء والآن يذكر لهم سبحانه بعض أعيان من كان مثلهم» ممن يسيرون فى ديارهم ويرون آثارهم فى أرضهم ء وعلموا بالتواتر علم اليقين أخبارهم , فقال تعالى : ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعادٍ مود وقوم إبراهيم وأصحَاب َدينَ والمؤتفكات 4 . الاستفهام هنا إنكارى لإنكار الوقوع» وهو يدل على تأكيد الخبرء وهو بمعنى النفى الداخل على النفى» والمعنى مع التوبيخ والتأكيد: لقد أتاكم نبأ من قبلكم» النبأ: الخبر العظيم الشأن» وهذا خبر عظيم الشأن لمن تأمل مغزاه وما يهدى إليه» وهو نبأ قوم نوح» وكيف كفرواء فأغرقهم الله» ولم ينج إلا قليل هم الذين اتبعوه وآمنوا به» وما آمن إلا قليل» وعاد وقد أهلكتهم الظلة» وثمود» وقد أرسل الله تعالى عليهم ريحًا صرصر)ً عاتية» والمؤتفكات؛ وهى القرى التى بعث فيها لوط عليه السلام» وسميت مؤتفكات» لأنها انقلبت على أهلهاء من ائتفك أى انقلب» وقيل هى فى سدومء وقد قال فى انقلابها بعد أن أمر لوط وأهله إلا امرأته أن يسرى بقطع من الليل» ولا يلتفت منهم أحد: طقَلَمّا جاء أمرنا جعلنا عَاليَهًا سافلا وأَمُطَرنا عَلَهَا حجارةً مّن سجيل مُنضود 9) مُسَوَمَة عند رَبّكَ وما هي من الظّالمين ببعيد 69 4 [هود]. ا تفسير سورة التوبة ١/700‏ « « «»«+«+«+ء«!ظض«1!1[1[1#1#1#1# 1[ [ 1 22252671 0 أ ا وقد أشار سبحانه إلى هلاك الكافرين الذين جحدوا بآيات الله تعالى قوما قوما ولم يعذبهم فى الدنيا إلا بعد الإنذار الشديد إليهم» كما قال تعالت كلماته: ... وما كنا معذَبِينَ حَتَئ نبْعثْ رَسُولاً 2 4 [الإسراء] وقد بعث الله تعالى الرسل إليهم قبل هلاكهم لكيلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل» فقال تعالى: « أتنهم رسلّهم بالبَينّات4. أى أنتهم رسل الله بعئت إليهم بالبينات أى بالآيات الدالة على صدقهمء وأضيفت الرسل إليهم» وهى رسل الله للإشارة إلى مزيد العناية بهم من حيث إن الرسل جاءت إليهم خاصةء. وخاطبتهم بما يهديهم إلى الحق» ومعهم الأدلة الدالة على الرسالة مستقيمة لا عوج فيهاء وبذلك قامت الحجة عليهم. فإن آمنوا فعن بينة» وإن كفروا فعن جحود بعد أن قامت عليهم الحجة . ولذا قال تعالى: فم كان الله لِيَظلمَهُم 4 اللام فى < ليَظْلمَهُمْ 4 لام الجحود. أى تفيد تأكيد النفى فى قوله: « فما كان » أى ليس من شأن الله تعالى أن يظلمهمء فقد أقام الحجة عليهمء» وقد تأكد بنفى ظلم الله تعالى بما النافية» ولام الجحودء وذ كان 4 الدالة على استمرار النفى» أى أنه ليس من شأن الله ولا من كماله أن يظلمهمء « ولكن كَانوا أَنفْسَهم يَظَلمُودَ» الاستدراك من عموم النفى» وإثبات ظلمهم لأنفسهم» وتقديم أنفسهم على يظلمون يفيد تأكيد ظلمهم لأنفسهم » وفيه ما يفيد أن ظلمهم يعود إلى أنفسهم. فلا يظلمون إلا أنفسهم» والله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يظلمهم . وبعد أن بين الله تعالى مآل المنافقين والكافرين الذى أدت إليه أعمالهم. قال 0 1# تفسير سورة التوبة ململ قبل بر ىي ١‏ أحوال المؤمنين وصماتهم قال تعالى : وَالْمَوْصِنون وَالْمُوّمِنتُ 2 بض نكأشروت بالمع روف وَينْهُوْنَعَنٍأ ع وَيُقِسمُوت الصَلءويؤو ركو ويظيعو تأنه وَرَسوله لِك سَيرحَهُ مدنا عد يتُحكيهٌ © وَحَدَألَهُألْمُوْمن وَالْمُؤْمِنتٍ جد ب يوون فيه الْأَنْهنرَخَرنَ حيو وطاق عد عَدَنْ وَرِضْوانيت وكيك هولع اطي 2 ذكر الله تعالى أن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض أى من جنس بعض» ولم يقل أنهم أولياء؛ لأن الولاء يقتضى المحبة والنصرة» والمنافق لا يحب أحداء ولا ولاء له لأحدء بل هو حب لئيه0) يتربص للناس الدوائرء وإن وافق غيره يكون ممالأة» ولا يكون إخلاصاء ومن لا يخلص للحق لا يخلص لشىء» ومن لا يخلص لله لا يخلص لأحد. ولكن بالنسبة للمؤمنين والمؤمنات» قال سبحانه وتعالى: 9 وَالْمُؤْمُونَ والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ » الأولياء جمع ولى» والولى هو التصير» والمحب» والوالى هو الذى يجعل عزه ععزة لمن يواليه؛ وعبر عنهم بأنهم أولياء؛ لانهم جمعتهم الرحمة والمودة» والإخلاص لله تعالى وللحق» وجماعتهم وأسرهم تقوم على الفضيلة» والإخلاص والتراحم؛ لأنهم صَعَت قلوبهم لله تعالى» ولانت )١(‏ من ذلك ما روا الترمذى: البر والصلة (1954)؛ وأبو داود فى الأدب ( ) عن أَبى هريرةٌ قَالَ: قَالَ رسول ؛ اللّه صلَى الله عليه وَسلّم: «الْمؤمن غر كَرِيم» وَالْقَاجِر خب لَثيم؟» والخب: من سعى بالخداع» 5 والإفساد بين الناس. ا تفسير سورة التوبة . الملل لاا للبلا > ا أفئدتهم له سبحانه» فهم مرتبطون برباط معنوى لا ينفصمء» وما تربطه المادة يقبل التحطيم أو القطع» وما يربطه الولاء والمودة لا تنفصم عراه؟ لأنه مربوط بالعروة الوثقى لا انفصام لهاء فهى رباط المؤمنين الذين يستمسكون به. وقد وصف الله تعالى المؤمنين بصفات توثق الإيمان وتقويه. وأول وصف هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وثانى وصف هو ما ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله: <( ويقيمون الصّلاة 4 أى يؤدونها مقومة مستقيمة بخشوع وخضوعء وحضور لجلال الله تعالى فى أداء أركانها من قيام وركوع وسجود.ء لا أن ينقروا نقراء وهى الصلاة التى تنهى عن الفحشاء والمنكرء ويتحقق فيها قوله تعالى: ‏ ... إن الصّلاة تنهئ عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر واللّه بعلم ما تَصتعون 62 © [العنكبوت] . وثالث الأوصاف هو فى قوله تعالى: 8 ويؤتون الرَكَاةَ 4 والزكاة هى المعاونة الاجتماعية التى يتعاون فيها الناسء» فالغنى يعين الفقيرء كما يعين القوى الضعيف», وهى الماعون الذى ذكره سبحانه وتعالى فى قوله: «فَويلٌَ لْمصلين الْذِينَ هم عن صّلاتهم سَاهونَ (2 الّذِينَ هم يراءون 2ك وَيَمْتعُونَ الْمَاعُونَ © »4 [الماعون]ء فالزكاة هى المعاونة التى فرضها الله على الأغنياء للفقراء» يعتقدها المؤمن مغنما ولا يحسبها مغرما. والوصف الرابع ذكره سبحانه بقوله تعالت كلماته: 8١‏ ويطيعون الله ورسوله 4 أى طاعة غير متململين فيها بتكليف» ولا مظهرين الطاعة ومضمرين العصيانء يطيعون بقلوبهم وجوارحهمء وينفذون أوامر الله تعالى فى كل شئونهم ٠‏ وشئون الجماعة المؤمنة» وعلى رأسها الجهاد. إذا كان المؤمنون يقومون بهذه الواجبات» ويتصفون بهذه الصفات فقد حكم الله تعالى لهم بقوله تعالت كلماته: تفسير سورة التوبة الالال لملللك جل ب يي « أوتك سيرحمهم الله 4 الإشارة إلى الصفات التى اتصفوا بها من أنهم أولياء يناصرون بعضهم بعضاء وأنهم يطهرون نفوسهم بالصلاة» وجماعتهم بالزكاة» ويتواصلون بالمودة» ويحمون أنفسهم بالجهاد فى سبيل الله تعالى» والأمر بالمعروف والنهى عن المتكر» وبسبب هذه الأوصاف يرحمهم الله تعالى» فيتآزرون ويجتمعون ويتحابون» وأى رحمة أعلى من ذلك» والسين - هنا وفى كل مكان تذكر فيه فى القرآن ‏ للدلالة على تأكيد الوقوع. وقد قال فى ذلك الزمخشرى: السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة» فهى تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد» كما فى قولك: سأنتقم منك يوما ‏ تعنى أنك لا تفوتنى» وإن تباطا ذلك. ونحوه طإ ... سيجعل لهم الرحمن وذًا 469 [مريمآء « ولسوف يعطيك ربك فَترضئ (4)2 [الضحى]» 8 . .. سوف يؤتيهم أجورهم ... 629 #4 [النساء]. فالسين وسوف» يدلان على وقوع الفعل فى المستقبل القريب والبعيدء ويؤكدان وقوعه» كما أشرنا إلى ذلك فى مقام ذكرهما فيما مضى من كلامنا فى معانى القرآن العظيم. وقد بين سبحانه وتعالى قدرته على تنفيذ وعده ووعيده فقال: إن الله عَزِيزٌ حكيم 4 العزيز هو القادر الغالب» مربى العزة فى النفوس والجماعة» والحكيم هو الذى يضع كل أمر فى موضعه. وقد قدر الله أن عزة الجماعة تكون بترابطها وتوادهاء والأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء والجهاد» والاستعداد له» والإقبال عليه بنفوس راضية» وقلوب مؤمنة» ومن تخلف عنه» فقد ذل بعد عزة» وتفرق بعد اجتماع» والله ولى وإذا كان سبحانه قد ذكر وعيد المنافقين فإنه سبحانه يذكر وعد المؤمنين فيقول سبحانه : 0# تفسير سورة التوبة 0 نالفل ل وعد اله مسن واْمؤات سات َي م ْم لأنْهارّخَايِي ها ومُساكن طَيَة في جنات عدن وَِضوان سن الله كبر ذلك هو لوز ايم 69 4 . وعد الله تعالى أن يعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار, وكان الوعد هو ذات الجنات» لا إعدادهاء وفى ذلك إشعار بأنها موجودة مهيأة قائمة ثابتة» ليس أمامهم إلا أن يدخلوهاء ولذا لم يذكر دخولهاء بل ذكر وجودهاء وذكر مسبحانه أن الأنهار تجرى من تحتهاء فقال سبحانه وتعالى: 9 وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار» وجريان الأنهار يفيد ثلاثة أمور: أولها: أن ساكنها يتمتع بمنظر بهيج» وثانيها: أنها تجعل جوها لطيفاء لا قر ولا حرورء وثالئها: أنها تمد جذور أشجارها بالماء الطيب الذى يجعلها وارفة الظلال لا يبس فيهاء بل لها غصون خضراء تجعل المتعة كاملة. وقال تعالى: ا ومُساكن طَيبَةَ في جنات عدن 4 والمساكن الطيبة هى المساكن التى يستطيب نازلها الإقامة فيهاء وهى ممهدة تمهيدا طيبا للإقامة» وقد روى أنها قصور من اللؤلؤ والياقوت الأحمرء والزبرجد» وروى أنها تكون لبنات من فضة وذهب» ولا تعارض فى أن تكون كذلكء. ولكن نقول إنها مساكن طيبة تطيب الإقامة فيهاء وتستريح النفس والقلب بالإقامة» و«إعدن» قال الزمخشرى فيها: إن جنات عدن التى وعد بها الرحمن» ويدل عليه ما رواه أبو الدرداء رضى الله عنه عن رسول الله يَكِْدِ: «وعدن دار الله تعالى التى لم ترها عين» ولم تخطر على قلب بشرء لا يسكنها غير ثلاثة: النبيون والصديقون والشهداءء يقول الله تعالى: طوبى لمن دخلك)7©. وإن هذه الآية» وهذه الآثار تدل على أن جنات عدن جزء من الجنة يكون فيها الأبرارء والأطهار» هذا كله جزاء مادى» وهنا جزاء معنوى وهو رضوان الله تعالى» فقد قال عز من قائل: فإ وَرِضوانُ من الله أَكْبَر 4 الرضوان هو الرضا .)5586( جزء من حديث جاء فى كنز العمال: تفسير سورة الإسراء- ج١١ ص4 2537 برقم‎ )١( م 8# تفسير سورة التوبة لجر يي العظيم» فزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى» وإن الإحساس بالرضا من الله رب الخلق» وخالق الخلق سعادة لا تعدلها سعادة» ولقد قال فى ذلك الزمخشرى كلمة قيمة ننقلها. «وشىء من رضوان الله تعالى أكبر من ذلك كله؛ لأن رضاه تعالى هو سبب كل فوز وسعادة» ولأنهم ينالون برضاه عنهم تعظيمه وكرامته» والكرامة أكبر أصناف الشواب» ولأن العبد إذا علم أن مولاه راض كان ذلك أكبر فى نفسه ما وراءه من النعيم» وإنما تنهيأ له برضاهء كما إذا علم بسخطته. تنغصت عليه؛ ولم يجد لها لذة» وإن عظمت» وسمعت بعض أولى الهمة البعيدة والنفس ا حرة من مشايخنا يقول: لا تطمع عينى» ولا تنازع نفسى إلى شىء ما وعد الله فى دار الكرامة كما تطمع وتنازع إلى رضاه عنى» وأن أحشر فى زمرة المهديين» اه. ونرى أنه يفهم من قول الزمخشرى أن قوله تعالى: ١‏ ورضوان من الله كبر 4 أن معناه شىء من رضوان الله أكبر» أى أن أول شىء من رضوان الله تعالى أعظم من كل هذا النعيم. ويقول سبحانه: « ذلك هو الفوز العظيم 4 والإشارة هنا إلى نعيم أهل الجنة» وتاجه رضوان الله تعالى» هو الفوز والفلاح» والحصول على أعظم جزاءء ويصح أن تكون الإشارة إلى رضوان أكبر؛ فإن ذلك الرضا العظيم جزاء لا يتاهدء والعبارة تدل على القصر بتعريف الطرفين وضمير الفصل إهو». أى لا فوز غير هذاء والله أعلم. الجهاد ماض إلى يوم القيامة قال تعالى: اها 2 آذ ته 0ه رجه 2 ص وَمَأُونْهِمْ جَهَنَموَينَس لْمَصِير 2 يلعو ,يله أذ را ال ل عه مَاهَالُواولَعَدَكَالُواِمَةَ الْكْفْروكَ فر أبتَإِسْلِهِرٌ #ا تفسير سورة التوبة .2 الال اللو ل أب را 6 عر 4 لم مه 2 هوه أ 0 22 وهموايما لمن: دخاته اله ورسولة: ص ب لبر ور ولد ٠.‏ آآ ا لَوَأْيِعَنَ ” من فَصله- فَإِن يسوبو ايك حَيرا ل وَلِنْمموا هم سه عَدَابًا لعاف الدُيَْا اليم فر 0 نوك وَلَانضِير ا بين الله تعالى حال المشركين» وما هم عليهء وذكر العذاب الذى يستقبلهم فى الدنيا والآخرة؛ ثم بين حال المؤمنين» ثم يدعو سبحانه إلى استمرار المؤمنين فى الجهاد» غير وانين ولا مقصرين. والخطاب فى الآية للنبى كلكو وللمؤمنين معهء وكان الخطاب للنبى ابتداء؛ لأنه القائد الأعلى» ولأنه الهادى والمرشدء والموجهء إجاهد » معناها ابذل الجهد فى دفع الكفار والمنافقين الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام بألسنتهم» ويقولون آمنا بأفواههم » وما هم بمؤمنين» ولاشك أن بذل الجهد فى دفع الكفار والمنافقين يختلف» فالكفار الذين أعلنوا الكفر وفتنوا المسلمين يكون جهادهم دفعا بالسيف والقستال» والكفار الذين لم يعلنوا الكفر وأبطنوه» ولم يفتنوا المسلمين بالإيذاء والتعذيب. . كان يفعل ذلك المشركون فى مكة ولكنهم يثيرون الفساد» والدس والفت فى عضد المؤمنين فدفعهم يكون بدفع أذاهم وشرهم» ومقاومة ما يبئونه فى المؤمنين من تضليل» وأن يبعدهم عنهمء وبطلان ما يدعون إليهء وإقامة الأدلة عليهم ومنع تأثيرهم» والنبى يَكِلْهٌ يقول: «جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم». ولاشك أن الجهاد باللسان له مقامه فى جهاد المشركين» وأشد ما يكون تأثيرا فى جهاد المنافقين . ومن جهاد المنافقين ألا يبيش لهم» حتى يطمعوا فى خداعه» بل يشعرهم بأنه فى حذر منهم». ويقول ابن مسعود: يستنكر أفعالهم بيده؛ فإن لم يستطع فباكفهرار وجهه. وفى الجملة يسد عليهم باب خديعتهمء وقال الحسن البصرى: إن جهاد المنافقين بإقامة الحدودء وذلك على أساس مذهبه من أن مرتكب الكبيرة 3 8# تفسير سورة التوبة حي لاملا اكه :: بي ١‏ منافق» ويرى ابن جرير أن يكون جهادهم بالسيف إذا كشف نفاقهم» وأظهروا كفرهم» ويقول فى ذلك إنهم فى هذه الحال يخرجون من إسرار النفاق إلى الجهر بالكفرء فيدخلون فى عموم الكفار المظهرين الكفر. ولقد روى عن علي كرم الله وجهه أنه قال: بعث رسول الله ككدٍ بأربعة أسياف: سيف للمشركين بينه الله تعالى بقوله: ظفَإذًا انسلّح الأشهر الحرم فَاقْبَلُوا الْمشْركين حيث وجدثموهم وسيف لكفار أهل الكتاب. وبينه سبحانه وتعالى بقوله: «طقَاتلُوا الّذِينَ لا يوون بالله ولا بالْيَوْمٍ الآخر ولا يُحَرْمُونَ ما حرم الله وَرَسُولَهُ ولا يديو دين الْحَقْ من الّين أُووا اكاب حَمَى يعَطُوا الجزية عن يد وهم صاغرون 69 4 وسيف للمنافقين بينه الله سبحانه بقوله تعالى: يا أَيُهَا النبي جاهد الْكُفَارَ وَالْمنافقين4, وسيف للبغاة» كما قال تعالى: 8 ... فَقَاتلُوا التي تبغي حتّئ تفيء إِلَئ أمر اللّه ... 5 »© [الحجرات]. وإنه قد روى أن الذى تولى سيف المنافقين هو الصديق خليفة رسول الله كك فقد تكشف نفاقهم فى الردة التى وقعت عقب وفاة رسول الله يِه إذ ارتد الأعراب الذين قال الله تعالى عنهم: © الأعراب أشد كفرا وتقَاقًا وأجدرألاً يعلموا حُدودَ ما نَل الله على رسُوله.. . 469 , وإنه لهذا قال ابن جرير بقتل المنافق وقد لاحظ وصف الظهورء كالذين ارتدوا فى عهد الصديق وقاتلهم عندما أرادوا أن يؤدوا الصلاة» ولا يؤتوا الزكاة» فقال لهم رضى الله عنه: «سلم مخزية» أو حرب مجلية». وقوله تعالى: «إواغلظ عَلَيهم 4 أى عاملهم بخشونة» ولا ترفق بهم فإن الرفق يكون بحملهم على الإيمان بالشدة عليهم حتى لا يمعنوا فى الكفرء وعسى أن تكون الشدة دافعة غرورهم مانعة طغواءهم» وهذا عذابهم فى الدنياء ويكون بالهزيمة» والخزى والخسران. 8# تفسير سورة التوبة لل ااال الل الل للك 1 > أ أما جزاؤهم فى الآخرة» فقد ذكره سبحانه وتعالى: ماهم هم ويف المصير 4 والمعنى يسيرون إلى الآخرة حتى يجدوا المأوى الذى يؤويهم» وهو جهنم وفى هذا نوع من التهكم؛ لأآن المأوى يأوى إليه الإنسان ليجد فيه المستقر والراحة والاطمئنان» فذكر المأوى فى هذا المقام تهكم عليهم كقوله تعالى: 8 ... فبشرهم بعدذاب أليم 9 4 [آل عمران] . ثم ذم الله تعالى هذا المأوى فقال: 8 وبئس الْمَصير 4 الذى آووا إليه. اللهم قنا عذاب النار. لقد قال تَلَلِّْ: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذبء وإذا وعد أخلف» وإذا أؤتمن خحان210 فقول الذين عاصروا النبى كَلِْهٌ. كان أوضح أوصافهم الكذب والحلف» ولذا قال تعالى: 8 يُحلفوت باللّه ما قَالُوا وقد قَالُوا كلمة الْكُفرٍ وكَفَروا بعد إسلامهم 4 . كان المنافقون ينالون بألسنتهم من النبى كثيراء ولا يكفون ألسنتهمء ويقولون إذا أظهروا الإيمان» إنما نحن نستهزئ بهم وكان الله يعلم نبيه بأحوالهم وأقوالهمء وكان النبى يَكْلٌ يعرفهم فى لحن أقوالهم»ء كما قال تعالى: « .. .ولتعرفتُهم في لحن الْقَول ... 0© »4 [محمد]. وكانت كلماتهم الفاسقة» تتساقط على مسامع بعض المؤمنين من غير أن يتنبهواء روى أن النبى يَكٌِْ كان يخطب فقال رجل من المنافقين» وزيد بن أرقم بجواره» قال ذلك المنافق: (لتئن كان هذا الرجل «أى الرسول» صادقا فنحن شر من الحميرء فقال زيد رضى الله عنه: فهو والله صادق ولأنت شر من الحمار) . كان هذا القول وأشباهه يصل إلى مسامع رسول الله كله وربما يجابههم بهذا الذى ينقل» عندئذ يجدون المطية التى اختاروهاء وهى مطية كل كذاب مهين» وهى الحلف بالله تعالى من غير أى حريجة. )١(‏ سبق تخريجه. 9 8# تفسير سورة التوبة مامالل أب ا ولذا يقول فى بيان حالهم عندما يكشف أمرهم وتعلم أقوالهم: ظ يُحلفون لهم الوا وقد لوا كلم لكر وفوا بد إسلامهم وَهمُوا اموا . قلنا: إن أقوالهم المنافقة كثيرة لا تخص واحدة دون الأخرى» بل كلما تكشّف قول ينبئ عن نفاقهم ‏ كذبوه وحلفوا اليمين الغموس الفاجرة» وقد أشرنا إلى أن اليمين الفاجرة» كانت المساغ لكذبهم» لعنهم الله هم وأخلافهم فى هذا الزمان» وقد قالوا كلمة الكفر أى ما قالوه فيه كلمة واحدة هى كافية لطردهم من رحمة الله» واستحقاقهم نار جهنم» وهى إنكار الرسالة المحمدية؛ إذ هى الكلمة التى أوقعتهم فى حضيض الكفر» أو نقول «كلمة» بمعنى كلمات» وكلمة بها كلام قد يوّم210» والمراد أن كلامهم كله فى الاستهزاء والتهكم» وإيقاع الفرقة» والدس والفساد» هو كفر. وقال ظ بعد إسلامهم 4 أى بعد إعلانهم الإسلام» وإبطانهم الكفر والنفاق» فهذه الكلمة أو الكلام قد كشف نفاقهم الذى كان مستورًا بإعلان الإسلام» فما استفادوا إلا بيان حالهم» ومعرفة الوصف الحقيقى لهم. وَهمُوا ما لَم يتالُوا»4 أرادوا أن يفسدوا أمر المؤمنين» وتوقعوا الفتنة والفشل فيهمء ولم ينالوه؛ لأن الله تعالى رقيب عليهم» وكاشف للمؤمنين أمرهم ‏ وكلما أوقدوا نار فتنة أطفأها الله سبحانه وتعالى» وعادت الأمور بيضاء لا فتنة فيهاء ولقد هموا بقتل النبى كَكِْةِ يوم أرادوا الفتك به بإلقاء حجر عليه فكشف الله تعالى بالوحى أمرهم ولم ينالوا مأربهم» وهموا بقتله فى عودته من تبوك ولم ينالوا ما يبغون؛ لأن الله تعالى عاصمه من الناس» فإنهم جمعوا عددا ما بين اثنى عشرء وخمسة عشر رجلا للفتك برسول الله كوه وهو فى أعلاهاء على حسب اختلاف الرواة كى يفتكوا برسول الله ككْْهّ» وإليك القصة كما رواها الإمام أحمد )١(‏ «وكلمة بها كلام قد يِوَمْ»» شطر بيت من ألفية ابن مالك» ومعناه: أن “كلمة" تطلق؛ ويقصد بها «كلامكء مثل كلمة التوحيد: لا إله إلا الله. 0# تفسير سورة التوبة . لال الملللللل لحرت أ قال: «لما أقبل رسول الله كَلِّهِ من غزوة تبوك أمر مناديا أن ينادى أن رسول الله كِهِ أخذ العقبة» فلا يأخذها أحدء فبينما رسول الله كل يقوده حذيفة ويسوق به عمارء إذ أقبل رهط ملثمون على الرواحل غشوا عمارا وهو يسوق برسول الله يه وأقبل عمار رضى الله عنه» يضرب وجوه الرواحل» فقال رسول الله َل لحذيفة «فُذَ فده حتى هبط الرسول صلوات الله وسلامه عليه فلما هبط بكي نزل ورجع عمارء فقال: «هل عرفت القوم؟» فقال رضى الله عنه: قد عرفت عامة الرواحل والقوم ملثمون! قال عليه الصلاة والسلام: «هل تدرى ما أرادوا؟» قال: الله ورسوله أعلم» قال صلوات الله وسلامه عليه: «أرادوا أن ينفروا برسول اللّه» فيطرحوه»20 , وهكذا هموا بقتل رسول الله كَكْهٌ ولم ينالوا منه وصدق وعد الله لرسوله إذ يقول له: 8 ... بلع ما أنزل إِلَيْكَ من رَبك وإن لم تفعل فَمَا بِلَفْتَ رسَالمه والله يعصمك من النّاس . . . 69 4 [المائدة] . وقد ذكر المفسرون أن النص الكريم ‏ وَهموا ما لَم يناوا خخاص فى تلك الحادثة . ونحن نقول إن النص يشمل كل ما هموا به ولم ينالوه. ثم يقول سبحانه: «( وما تَقَموا إلا أن أَعْنَاهم الله وَرَسولُه من فضله 4 لقد ازداد عمران المدينة بمقدم رسول الله كَلِلْكّ فاتسعت تجارتهاء وكثر سكانهاء ثم ما كانت تأتى به الحروب الإسلامية من غنائم زادت الخيرات واتسعت الموارد»ء وعمت سكان المدينة وغيرهم» ولكن المشركين لم يلتفتوا إليه وأن ذلك يوجب الحمد. ولكنهم لؤماء أخساءء قابلوا النعمة بالكفرء وتأكد لؤمهم بقلبهم النعمة نقمة» فهم بدل أن يشكروا النعمة كفروهاء وقالوا إن هذا يشبه تأكيد المدح بما يشبه الذم فى صيغته» كما فى قول النابغة الذبيانى: )١(‏ راجع القصة كاملة فى مسند أحمد: باقى مسند الأنصار- حديث أبى الطفيل عامر بن واثلة رضى الله عنه (58-0؟77). م 8# تفسير سورة التوبة كه يي ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم2 بهن فلول من قراع الكتائب بيد أن كلام الله العلى الكبير فيه تأكيد ذمهم لا تأكيد مدحهمء فكان حقه عليهم أن يعدوا محمذا ودينه بركة عليهم يقدرونها حق قدرها. وقد ذكر سبحانه أن هذا الغنى من فضل الله تعالى من به عليهم كان يوجب عليهم حسن الصحبة لمن جاوروهم الذين جاء الخير على أيديهم» لا أن يتربصوا بهم الدوائر» وذكر رسول الله يَلِةٌ بجوار رب العزة» وهو الغنى والناس جميعا فقراء إليه سبحانه» ذكر الرسول مع الله تعالى؛ لأن الخير كله أجراه الله تعالى على يديه» ولكى يعلموا أن مقدمه عليهم بركة وخيرء ولأن الله تعالى أكرمهم لقام النبى كلد بين ظهرانيهم . ومع هذه المكايد والفتن فتح الله تعالى لهم باب التوبة» فهو ينهى عن أن يقنط عباده من رحمته» فباب الرحمة والتوبة مفتوح» ولذلك قال تعالى فاتحا باب الأمل لهم : فَإن يتوبوا يك حيرا لهم 4 . أى إن يتوبوا توبة نصوحا يخلعون فيها أنفسهم من الكفرء كما يخلع الثوب النجس ليلبس طاهراء ظيك حيرا لّهم4؛ أى يكون ذلك خصيرا) لهم؛ لأن نفوسهم قد طهرتء. وطهارة النفس فى ذاتها خير» واستقامة النفس اطمئنان وإيمان» وخير أيضا؛ لأن النفاق ضعفء. والإيمان قوة» وقوة النفس خيرء وخير أيضا لأنه نجا من خزى النفاق وذله وجبنهء وخخير لأنه نجا من عذاب يوم القيامة» وإنه يكون عكس ذلك إن استمروا على غيهمء وبقوا فى رجسهم.ء ولذا قال سبحانه : «إوإن يتَولُوا يعذبهم الله عَذَابًا ليما في الدنْيًا والآخرة 4 أى إن أعرضوا وانصرفوا إلى الفساد وساروا فى طريقه يعذبهم الله فى الدنيا بضعف نفوسهم | تفسير سورة التوبة ال 0 م لحب ا وخحزيهم» وفقد الثقة فيهم. والخزى العظيمء ونفور الناس منهم 2 وضرب الذلة عليهمء وانتقام الله منهم؛ وكشف ما يضمرونء وقتلهم» كما فعل أبو بكر الصديق عندما ارتدواء فأنزل بهم الهزيمة والخزى والعار بتأييد الله وعذابهم فى الآخرة جهنم وبئس المصير. ومن عذابهم فى الدنيا أنهم لا ولى لهم ولا نصيرء ولذا قال تعالى: وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير © - فى الأرض - أى فى هذه الدنياء أى أنهم فى الدنيا يفقدون الأولياء الذين يحبونهم ويوادونهم» إذ الولاية والمحبة توجب الثقة والمودة والإخلاص. وأخص ما يختص به المنافق أنه يفقد الإخلاص فلا يخلص لأحد. قريبًا كان أو بعيد] » وإذا فقد الإخلاص فليس ولى ولا حميم ولا نصير » أى لا أحد يكون نصيرا لأن ذلك يكون بالثقة» ولا ثقة فى منافق. اللهم اكفنا شر النفاق والمنافقين. عهود المنافقين قال الله تعالى: و من ع ىك لَه ين آله يدقن وَلَمَ ورديب عد ءَاتَدْنَامِن فَضْلِهِ - لتَصَدقن 2 سند ار 0 04 َلَمَآءَاكَهُ مين فَضْلِهِ يوا تروت 6 عَفَهنِضَافَافِ هليح إِلك يو يلوه يِمَآأخْلمُوأ نّمم وَعَدُوهُوَيمَاسكا نأ يَكزبرج 7 اليا نك الَهَيسَكَمْ وهر وَحَجْوَسِضْرَ وَلَكَالْهَعَكدمْ َلْعْبُوب 2 ال َيلْمِرو ‏ الْمْطوَّعِي رك ون لْمُؤّمنِينَ ف ألصَّدَفَتٍ وَألْرِ لابِجَدون إل _ - ساح مه > وس سا 2 سه به - 7 خزألكه نوو ممم وعدا ب الي 02 8# تفسير سورة التوبة الال الل جور و فى الآية السابقة بين الله تعالى كذب المنافقين» واستعانتهم فى تأييد كذبهم بالأيمان الكاذبة التى لا تصدر إلا عن مهين» كما قال تعالى: ولا تطع كل حلاف مهين 67 4 [القلم]. وذكرنا الحديث الصحيح الذى قال فيه النبى يََكِْدِ «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذبء وإذا وعد خلفء وإذا اؤتمن نحان270. وقد كانت علامة النفاق الكذبء» وقد ذكر الله تعالى الكذب» ونتيجته ويذكر الله تعالى خلاف الوعدء فيقول تعالت كلماته: ومنهم من عَاهَد الله دن آانَا من فضله لَنصّدَقن ولتكونن من الصّالحين 9 4 . الضمير فى #منهم » يعود إلى المنافقين» وما أشد إنصاف الله تعالى فى أحكامناء وإنه سبحانه يعلمنا الصدق فى أحكامنا فلا نسرف فى القول فنعمم القول» والخبر عن خاص. والعلماء يذكرون شخصا بعينه» أو أشخاصا معينين» ونحن غيل دائما إلى أن تكون ألفاظ القرآن على عمومها من غير تخصيص أشخاصء وهنا نقول إن من خواص النفاق إخلاف الوعدء وإن الإخلاف يقع من بعضهم » وإن كان يحتمل أن يقع من كلهم» وعهد الله تعالى الذى يعاهد عليه بعضهم يشمل ما إذا عاهد النبى يكل أو عاهد الله مناجيا ربه» أو أقسم بالله معقدا الأيمان أو نحو ذلك فهو فى كل ذلك يعاهد الله تعالى» فمن أقسم أن يصدق إذا جاءه فقد عاهد الله تعالى؛ ومن نذر لله نذرا إذا أعطاه الله تعالى ليصدقن» فقد عاهد الله تعالى. وقال تعالى: ا لكن آتانا من فضله 4 اللام هى الموطئة للقسم» وقوله تعالى : آتانا من فضله , لم يذكر فيه نوع مأ يؤتيه» أهو علمء أم مال» أم جاه. .. إلى آخره» لم يذكر ما يعطيه الله تعالى صراحة» ولكن الظاهر أنه مال» بدليل )١(‏ سبق تخريجه. 0# تفسير سورة التوبة لنصدقن ولنكونن من الصالحين»: فهى نص فى المال» ولعل مثل المال غيره» فمن آناه الله تعالى علماء فصدقته أن يجعله لله خالصاء فلا يتجر به ولا يبيع كلام الخالق بالدرهم والدينار» ولا يفتى بغير الحق ولا يحل ما حرم الله ولا يحرم ما أحل الله تعالى. وقوله تعالى: « لَنصّدقن 4 جواب القسم» وليست جواب الشرط؛ لأنه يقدم جواب القسم على جواب الشرط» والدليل على ذلك نون التوكيد الثقيلة» ووجود اللام ونون التوكيد الخفيفة فى المعطوف. ونرى كما قلنا أن النص عام لا يخص أحذدا منهم» وإن كان فى مساق بيان أحوال المنافقين. ولكن يذكر المفسرون خبرا عن النبى كَل قال الأكثرون إنه ضعيف السند فى النسبة إلى النبى ككْلّ ولكن نذكره؛ لأنه مع ضعفه يصور طمع النفس التى لا تشبع» بل يزيده العطاء من فضل الله طمعاء ويوجد فيها شحا. وذلك أنه مع ضعفه يصور النفس الإنسانية إذا استغنت» ونرى كيف يتحقق قوله تعالى: 8 كلا إِنَ الإنسان لَيَطْفَئ 0 أن رآه استغنئ 0 4 [العلق]» وهذه الرواية كما جاءت فى كتب التفسير بالرواية» ونقلها الزمحشرىء ولم يضعفهاء وإن كان علماء الرواية قد ضعفوها: روى أن ثعلبة بن حاطب » قال يارسول الله : ادع الله أن يرزقنى مالا فقال رسول الله كَِكِهُ: «قليل تؤدى شكرهء خير من كثير لا تطيقه»» فراجعه؛ وقال: «والذى بعثك بالحق لئن رزقنى الله لأعطين كل ذى حق حقه» فدعا لهء فاتخذ غنماء فنمت كما تنمى الدود» حتى ضاقت بها المديئة» فنزل وادياء وانقطع عن الجماعة والجمعة» فسأل عنه رسول الله كله فقيل كثر سر م ٠.‏ ماله حتى لا يسعه واد قال: (ويح تعلبه), فبعث رسول الله وكيد مصدقين لأخل الصدقات فاستقبلهما الئاس بصدقاتهم ومرا على تعلبة وسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله لد الذى فيه الفرائض. فقال: ما هذه إلا أخت الجزية» وقال: ارجعا ١‏ ا سسساسمسة” .. 1 اا‎ ١ يي حتى أرى رأيى» فلما رجعا قال لهما رسول الله قبل أن يخبراه: يا ويح ثعلبة») مرتين. فلما نزلت آية الصدقات جاءه ثعلبة بالصدقة» فردها النبى كَلِْةِ. وإن هذه القصة تصور كيف يكون الإنسان» وهو فى حرمانه سليم القلب» فإذا جاءه المال أطغاه وأنساه ربه ودينه. وإن إخلاف الوعدء أو العهد الذى عاهدوا الله تعالى ينشئ النفاق» وينمى النفاق. ويجعله يتكائف ويزداد»ء ولقد قال تعالى مبينا خلف وعدهم: ل فَلَمًا آتاهم من فضله بَخلُوا به وتَولُوا وهم معرضون 4 . (الفاء) لترتيب الإخلاف بالعهدء لأن الحلف لا يزيد المنافق إلا خداعاء ولا يجعله يؤدى الحق فهو يكون على عكس ما يوجبه الإيمان إذ الإيمان يوجب الوفاء» والنفاق على عكس ذلك يوجب الإخلاف» وقد صور الله تعالى إيتاءهم وإخلافهم للعهد بقوله تعالى : 9 قَلَمًا آتاهم من فَضله بخلوا به4 ويبدو ذلك فى الرواية التى رويت عن ثعلبة ابن حاطب» كيف بخل عن الواجبات المفروضة لا عن الصدقات غير المفروضة» وتعلل بأن الزكاة أت الجزية» وإنه كان عليه أن يتفضل بالخير؛ لأن الله تعالى أعطاه من فضله من حيث لا يحتسبء وكان رزق الله تعالى فائضا. وفى الآية الكريمة تصوير لنفس البخيل يؤتيه الله تعالى من فضله بعد أن وعد بأنه سيعطى ويتصدق» ويكون من الصالحين» ويوثق عهده بالأيمان المغلظة» ثم ينقض بعد ذلك عهده شحا بالمال» وقد زاده العطاء شحاء ويصور كذلك نفس المنافق» ولا ترتبط بعهد. ولا تصر على وعد. بل نفسه منفلتة دائماء وعاثرة» لا تستقر ولا يوثق لهاء وإن المنافق إذا فقد الضمير والنفس اللوامة انماعت نفسه» فأصبح لا يؤمن بشىء ولا يربط بعهد أو وعد. وقد استنبظ بعض فقهاء الزيدية من هذه الآية وجوب الوفاء بالعهد مادام فى غير معصية» والفقهاء جميعا على ذلك» ومصداته قوله كَلكِّ: «من نذر أن يطيع ا تفسير سورة التوبة 9 لل 00 #يلجل به -- الله فليطعه» ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه"2 والعهد لله نذر» وقد قال جمهور الفقهاء إن النذر واجب الوفاء إذا كان من جنس فرض من الفروض» وإن العهد لله الذى يعاهد أولئك المنافقون عليه عهد على طاعة» وهى الصدقة فى قوله عنهم: ( لنصدقن 4. وقوله تعالى: « ولَدَكُوتَنَ من الصّالحين4 فيه إيماء إلى أنهم يحسون بأنهم ليسوا ضالحين» وأنهم يريدون أن يعدلواء ليخرجوا من الحال غير الصالحة إلى حال أخرى غير حالهم» وهو حال النفاق. وقد زادهم العطاء نفاقا؛ لأنهم لم يفوا بالعهد. وكذا ما عاهدوا الله عليه. وصور الله تعالى نكثهم بقوله: « فَلَمَا آتاهم من فضله بخلوا به وتولُوا وهم معرضون 69 2 أى أعرضوا عن الله تعالى بعد أن أدنوا أنفسهم منه سبحانه» وأكد سبحانه وتعالى إعراضهم بالحال» أى أنهم انصرفوا عن الله وصار الإعراض حالهم؛ التى يعيشون فى دائرتهاء فينتقلون فى محيطها من إعراض عن الله تعالى إلى إعراض أوحل فى النفاق» ولذا قال تعالى: (١‏ فَأعقبهم نقاقًا في قُلُوبهِم إلى يوم يلقوته بما أَخَلَفُوا الله ما وعدوة وبمًا كَانُوا يكذبون 69 4 . فأعقبهم أى جعل الله عقب فعلهم هذا نفاقا إلى نفاقهم. أى فازدادوا نفاقا وأوغلوا عما كانواء وقال الحسن البصرى إن الضمير الفاعل يعود إلى البخل» أى أن البخل بعد العهد الذى عاهدوا الله تعالى عليه؛ زادهم نفاقا؛ وذلك لأن الاستمرار على المخالفة يزيد النفاق نفاقا ويتراكم بعضه على بعض حتى يتكاثف» ويمتلىء القلب نفاقاء» حتى لا مزيد عليه» وكأنما الأعمال الفاسدة هى الخبث الذى يسقى به نبات النفاق فيزيده» وينميه» حتى يستغلظ سوقه. )١(‏ رواه الترمذى: النذور والأيمان - من نذر أن يطيع الله »)١575(‏ والنسائى: الأيمان والنذور ‏ النذر فى الطاعة (5 2078١‏ وأبو داود: الأيمان والنذور ‏ ما جاء فى نذر المعصية (7784)» وابن ماجه: الكفارات - النذر فى المعصية (71؟1١5):‏ وأحمد: باقى مسند الأنصار ‏ حديث السيدة عائشة رضى الله عنها (666؟؟), م 8# تفسير سورة التوبة ا تىي ١‏ والأكثرون على أن الضمير الفاعل فى قوله تعالى: 9 فَأَعقَبَّهمِ 4 يعود على الله؛ لأنه فى النفس دائماء ولأنه صاحب العهد الذى عاهدوه على الوفاء به ومعنى إعقابه سبحانه وتعالى النفاق لهم أنه سبحانه وتعالى وقد ساروا فى طريق الغى والضلال أمدهم بما يزيدهم عتوا ونفاقاء وطغيانا» فأمدهم فى طغيانهم» وهم الذين ابتدءوه. « إلى يوم يلقونه 4 سبحانه وتعالى» وعندئذ يكون العذاب الذى أنكروه بعد الحساب بعد أن ترى كل نفس ما فعلت» وبعد أن يأخذوا كتابهم بشمالهم. وقد بين سبحانه ما غذّى نفاقهم» وزاده فقال تعالى: ل بمًا أَخلفُوا اللّهَ مَا وعدوه4 أى أخلفوا الوعد الذى وعدوه لله تعالى» وجعل الإخلاف لله ابتداء لبيان جرمهم فيما فعلواء إذ إنهم أخلفوا الله تعالى خالقهم وبارئهم ومالك أمرهمء وأى نكر أشد من ذلك». وقوله تعالى: ظإمَا وعدوه» كأنه فى مقام البيان ل أخلفوا به رب البرية» فأى أمر تنكره العقول أبلغ من ذلك! وأى نفاق أجرأ وأمكن من ذلك!» أى أنهم زادوا نفاقا إلى نفاقهم بسبب إخلافهم الله ما وعدوه» وبسبب كذبهم على الله سبحانه وتعالى» ولذا قال تعالى: « وبما كانوا يكذبون 4 . أى وبسبب استمرارهم على الكذب» لأن (كان) تدل على الاستمرار» والتعبير بالمضارع ‏ يَكْذْبون4 يدل على تجدد كذبهم آنا بعد آن» فحديثهم كذب مستمر متجدد» وإن الكذب يهدى إلى الفجور» والفجور يهدى إلى الفسوق» ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباء وإذا وصل الإنسان إلى هذا الحد صار منافقاء وإن كان منافقا ازداد نفاقا على نفاقه . وإنهم يعاهدون ويخلفون» ويكذبون حاسبين أن الله تعالى لا يحصى ما يفعلون» ويدبرون ويعاهدون,» والله عليم بهم» ويحسبون أنهم يخدعون الله والله خادعهم» ولذا قال تعالى: 0# تفسيرسورة التوبة و 2 ألم يَعلّموا أن الله يَعلَم سرهم وتجواهم وان اله عَلاُم ايوب 46 الاستفهام إنكارى بمعنى النفى مع التوبيخ» و(لم) نافية» ونفى النفى إثبات» والمعنى يعلمون علما لا مرية فيه أن الله تبارك وتعالى يعلم سرهم ونجواهم» والسر ما يكون فى النفس ويجرى فى العقل» وتحدثهم به نفوسهم» والنجوى ما يتناجون به ويتشاورون» ولا يعلنونه جهارا بين الناس» أى أن الله يعلم ما فى نفوسهم وما ينوونه» فهو عالم أنهم عند وعدهم بما وعدوه النبى يَلكلةٌ وعاهدوه عليه» ويعلم أنهم لن يوفوه العهد؛ لأن الله تعالى يعلم ما كان وما يكون وما ينوون وما يعلنون» وهو محيط بكل شىء» وعليم بكل شىء. وهذا النص الكريم يفيد أن الله يعلم عندما عاهدوا النبى يَكهِ عهدهم « لتن آتانا من فضله لنصدكن ولدكونن 4 أنهم لن يوفوا بعهدهم الذى عاهدوه مختريه20, وأخلفوا مختارين» ولكن الله تعالى تركهم فى غيهم يعمهون. وأكد سبحانه بأن الله أحاط بكل شىء» بقوله تعالى: وان الله علاُم الغيوب 4 عطف هذا المصدر على ألم يعلمواء أى أنهم يعلمون أن الله تعالى يعلم سرهم ونجواهم» وأن الله تعالى علام الغيوب» يعلم ما استكن فى نفوسهم من إرادة الثفاق والكذب» وأنهم لن يوفوا. وعلام الغيوب صيةة تؤكد علم الله تعالى الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا فى كتاب» وهو يعلم خخافية الصدور ومكنون النفوس» يعلم الغيوب كلها ما مضى وما يجىء؛ وهو السميع العليم البصير القاهر فعال لما يريد. وهؤلاء الذين عاهدواء وغدرواء ولم يوفوا بما وعدوا من صدقة إن أغناهم الله من فضله ‏ عيابون شأن كل منافق كله عيوب» ويعيب على غيره» فهم يعيبون على الذين يتطوعون بقليل من المال وقد بذلوا أقصى طاقتهم ويقول الله تعالى فى بيان هذا الحال فيهم: )١(‏ من الخترء وهو الخيانة للعهد. ا تفسير سورة التوبة للفلل الل جل _؟ يي ( الذين ينْمِرُونَ الْمطرَعين من الْمؤْمينَ في الصّدقَات وين لا يجدون إلا جَهدَهم فيسْحَرونَ منهُم سخ الله منهم ولّهم عدَاب أليم 69 4 . الذين 4 وصف للمنافقين» « يلمزون 4 أى يعيبون وقتا بعد آخرء وتكرر غمزهم» لأنهم من « المطرّعين» أى المتطوعين» وقلبت التاء طاء وأدغمت الطاء فى الطاء» والمتطوع هو المتصدق تطوعاء وقد أدى الفريضة» وإن هذا الإدغام قوى المعنى فى اللفظ» أى الذين يؤدون فيه أقصى التطوع» فذو المال يتطوع بأقصى ما يمكن من التطوع لا يدخسرء والقل من المال يشبرع بمقدار جهده وطاقته» وهم يعيبون من يتطوع بالكثير فيقولون يرائى» ومن يتطوع بالقليل مما يقدر عليه يقولون ساحرين: الله غنى عنه» فهم عيابون لا يتبرعون» ويعيبون من يتبرع» ذا مال أو لم يكن ذا مال. روى البخارى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنهء قال: لما نزلت آية الصدقات كنا نحامل (أى نحمل الحمل على ظهورنا بالأجرة)» فجاء رجل» فنتصدق بسخاء كثير فقالوا! يرائى» وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا: إن الله غنى عن صدقة هذا. وروى الإمام أحمد رضى الله عنه عن أبى السليل عن أبيه أنه رأى رسول الله يك بالبقيع وهو يقول: «من يتصدق بصدقة أشهد له بهاء فجاء رجل لم أر أشد سوادا ولا أصغر منه ‏ بناقة ساقها لم أر فى البقيع ناقة أحسن منهاء فقال يا رسول الله : أصدقة., قال عليه الصلاة والسلام: «نعم»: قال الرجل: دونك هذه الناقة» فلمزه رجل» وقال: هذا يتصدق بهذه» فوالله لهى خير منه» فسمعها رسول ككلِلَةِّ» فقال: «كذبت هو خير منك ومنها» ثلاث مرات» ثم قال: «ويل لأصحاب المئين من الإبل» ثلاثاء قالوا: إلا مَنْ يارسول اللّه؟» قال: «إلا من قال بالمال هكذا وهكذا» وجمع بين كفيه عن يمينه» وعن شماله» قال وقد أفلح: «المزهد المجهد). وفسرها ابن كثير المزهد فى العيش المجهد فى العبادة. 1# تفسير سورة التوبة 2 ل ا آذ ذ2100##1# 0 تلح ا وتبرع عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهمء, فقال له عمر بن الخطاب رضى الله عنه: أجننت أنت! قال: ليس بى جنون». هو مالى ثمانية آللاف درهم» أقرضت الله منها أربعة آلاف. وجعلت لعيالى أربعة آلاف. فدعا له النبى َكل ولكن المنافقين قالوا: ما تصدق إلا رياء. وجاء رجل بصاعين من بر تبرع بصاع وأبقى لنفسه صاعاء فسخروا منه وقالوا: الله غنى عن صدقته.ء وهكذا كانوا يلمزون من يتصدق بالكثير» ومن يتصدق بالقليل» وذلك شأن المنافقين دائما يصغرون عمل غيرهم قليلا أو كثيرا ولا يعملون. قبحهم الله تعالى. وقال تعالى: « والّذِين لا يجدون إلا جهدهم 4 الجهد: الطاقة أى الذي لا يجدون ما يستصدقون إلا بقدر طاقتهم المحدودة» والجهد بفتح الجيم»؛ وضمها: الطاقة. وفيها القراءتان(" . وظاهر القول أن الّذِينَ لا يدون 4 معطوفة على ©االْمُطرّعِين4» ويكون المعنى أنهم يلمزون الذين ينفقون عن يسارء وهذا هو المعطوف عليه» والمعطوف بعد ذلك (الذين لا يجدون إلا طاقتهم)» فيس خرون من الفريقين» يتهكمون على أهل اليسار بر ميهم أنهم يراءون» وهكذا يرمون بدائهم» فالمراءون هم المنافقون فى كل الأحوال؛ وخطر لى أن أقول: إن قوله تعالى: « والّذين لا يجدون إلا جهدهم فَيسخرون منهم 4, ٠‏ فكأنهم يعيبون المتطوعين عن سعة» ويسخرون من الذين لا يجدون إلا مقدار طاقتهم وهى محدودة.ء و(الفاء) هنا لأن الموصول فى معنى الشرطء والمعنى إن كان الذين لا يجدون يسخرون منهم. ويقول سبحانه وتعالى: « سّخر الله منهم 4 أى أنهم يعاملون معاملة من يسخر منهم» أو أن ذلك دعاء عليهم بأن يكونوا موضع السخرية والاستهزاء عندما يكشف أمرهم»ء وتعرف حالهم. (1) (جهدهم) بفتح الجيم» ليست فى العشر امتواترة. 1# تفسيرسورة التوبة م اال لين بوب سير بي وإن ذلك لهم خزى فى الدنياء كالمنافق موضع سخرية حقيقية فى الدنيا بتقلب قلوبهم وتناقضهم فى أحوالهم دائما. « ولّهم عذاب أليم 4. أى مؤلم أشد ما يكون الألم وحسبهم جهنم ويئس المهاد. لا استغمار ‏ كناقق قال تعالى: اتكفوزق ركنتي ل وكيز سنوت ا ياه سول وها يبَدَى الْعوَم الْمَْسِقِينَ سه لْمََسِقِينَ ريا فر حَالْمُحَلَفُوتَ يمَمعَدِ هِم جلف رسو ل لَه كضرأ بوشتوف اشب سيراك ليوا لل اجهنم ممح لكان يمْفَهُونَ ته يضح كْأقيلا 7-0 جَرَاءأيمَا كا نوأ يبون 4 2 هن يبَجَعَلكَ انَل طَايِمَةٍ َتهمْفاسَصَدو لدَخْرُوج شل لَنِ روم بدا ولّن هه د جلاعيو 0 |إككرضِيشم با لفعود وَل مََّةَقافَعَدُوأ كان الرسول الأمين حريصا على هداية الذين بعك |أسهم' وكان يرجو أن يتوبوأ ويغفر لهمء ؛ فكان كلد يستغفر لهم» » لأن الاستجابة تم تقتضى التوبة» كما يقول عن كفار مكة: «اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون)١2»‏ وكان يستغفر )١(‏ سبق تخريجه. 0# تفسير سورة التوبة 2 بالمالا اا ا لا ل 0 لح ا كذلك للمشركين برجاء توبتهم» وأن يعيشوا فى صفوف المؤمنين» ويكونوا منهم بالفعل» لا بادعائهم» فبين الله تعالى له أنه ميشوس من إيمانهم؛ لأنهم ازدادوا كفرا وطبع على قلوبهم إذ باءت بالسوءء وكلما جاءتهم آية ازدادوا نفاقا وكفراء ولذا قال تعالى: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبْعين مره فلن يعفر الله هم فالأمر فى معنى بيان اليأس» كما قال الله تعالى لنوح عليه السلام: 9 .. أن يؤمن من قومك إلا من قد آم . .. 469 [هود]ء ومحط الخبر فى قوله: جإن تستغفر لهم سبَعينَ مَرَة فلن يَغفر الله لهم »4 وعدد السبعين يراد به الكثرة» وكان العرب يستعملونه فى الكثرة التى لا يحصيها عد. وهذا المعنى الذى اختاره ابن كثيرء فقد قال (يخبر الله تعالى نبيه يَكِدِ بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلا للاستغفار» وأنه لو استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم وقد قيل إن السبعين مرة ذكرت حسما لادة الاستغفار لهم؛ لأن العرب فى أساليب كلامها تذكر السبعين فى مبالغة كلامهاء ولا تريد التحديد بهاء ولا أن يكون ما زاد عليها بخلافها) فهذه الآية فيها بيان أنه لا يرجى إيمانهم» افيرجى الخفران لهم ؛ ؛ لأن الله تعالى قد غضب عليهم» فقال تعالى : ف( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم 4 وعلل سبحانه وتعالى ذلك بقوله: ذلك بأنّهم كقروا باللّه ورسوله » ولا رجاء فى أن يؤمنوا كما يدل آخخر الآية. ولقد قال بعض المفسرين إن (أو) للتخيير» وإن الأمر للإباحة» فأباح الله تعالى للنبى أن يستغفر أو لا يستغفرء ورد ذلك المعنى عن ابن عباس رضى الله عنهما - وأنه كيه قال: «لأزيدن على السبعين272 ولكن يقول القشيرى: لم يثبت ما روى أنه قال لأزيدن على السبعين. وقد ذكر سبحانه وتعالى فى ختام الآية الكريمة ما يدل على أنهم مردوا على النفاقء وأوغلوا فى الكفر فقال تبارك وتعالى: وَالله لا يَهُدي الْقَوم )١(‏ رواه البخارى: الجنائز- ما يكره من الصلاة على المنافقين (17*5) عن ابن عباس رضى الله عنهماء وتفسير القرآن (4710)» ومسلم: صفات المافقين وأحكامهم (79//14) عن ابن عمر رضى الله عنه. 8# تفسيرسورة التوبة اي ل امم جل به بي الفاسقين4 وهذا بيان لليأس من أن يهديهم» والقوم الفاسقون هم الجماعة التى داعى هذى أسكتوه» وكلما هر لهم شور الحق أطفأوه» فهم تعاونوا على الوثم والعدوان. ولا يهديهم اللّه سبحائه وتعالى» لآنهم مسلوبو الإدراك» وأصبحوا سادرين فى طريق الغواية» وإن أولئك المنافقين كانوا يفرون من الجهادء ويفرحون بتخلفهم عنه» ولقد قال تعالى فى ذلك : طفَرح الْمُحَلَهُودَ بمَْمَدهمْ خلاف رَسُول الله وَكَرِهُوا أن يجاهدوا بأموالهم وَأَنفُسهِمْ في سَبيل اللّهِ وقَانُوا لا سفوا في الْحَرَّقُلَ َارْجَهَئُم أَشَدٌ حرا لو كَانوا يفتهرد 690 > . المخلقون) هم الذين تخلفوا عن الجحهاد فى غزوة تبوك وكانت فى أشد وهم تخلفوا مختارين» ولم يتخلفوا مجبرين» ولكن عبر عنهم باسم المفعول للإشارة إلى أن الله تعالى لم يرد انبعائهم كما قال تعالى: : « ولو أرادوا الْخْرُوج لأَعَدُوا لَه عْدَةٌ ولكن كر الله انبعائَهم فَتبْطَهُم وقيل افعدوا مع القاعدين 63 4 ولذا قال تعالى فى النظم السامى «فرح المخلّفون4» ولم يقل سبحانه (المتخلفون). ولكن مع أنهم ثبطهم الله فخلفوا لم يكن ذلك بإرادة النبى يدو الظاهرة.ٍ بل إنه عليه السلام دعاهم كما دعا غيرهم» ولذا قال تعالى: «(بمقعدهم خلاف رَسول الله 4 المقعد مصذر ميمى معناه القعود» أى بقعودهم مخالفين رسول الله يَيكِْهٌ «فخلاف» مصدر بمعنى مخالفين» وقيل إن (خلاف) معناها خلف رسول الله َك والمعنى على الحالين» أنهم فرحوا بقعودهم وراء رسول الله يلد مؤثرين أن 1# تفسير سورة التوبة 1 ا لل يلللا و لبه يي يكونوا من النظارة الذين لا يخوضون الحروب» وأن يكونوا كالنساء قاعدات فى أخدارهن» وقال تعالى فى الباعث الذى بعثهم على هذه الحال المزرية بالرجال فقال تعالت كلماته: ط وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله كرهوا أن يخرجوا مجاهدين بإنفاق أموالهم؛ لأنهم بخلاء فى كل ما هو خيرء وكرهوا أن سبيله ثانياء وقال سبحانه: وكرهوا أن يجاهدوا» ولم يقل كرهوا أن يخرجواء مع أن الكراهة ابندأت بالتشاقل فى الخروجء بل قال: 9 وكرهوا أن يجاهدوا # للإشارة إلى سبب عدم الخروج أولاء وللإشارة إلى حال امو منين المجاهدين بأموالهم وأنفسهم» فهو تعريض بالمؤمنين فيه مقابلة بينهم» فالمؤمنون يتحملون المشاق» والمنافقون يتخاذلون. وقد اتخذوا لعدم خروجهم تعلة أخرى» وهى الحر الشديد « وقالوا لا تنفروا في الْحرِ) أى قالوا فيما بينهم مجمعين على هذه التعلة» فقالوا فيما بينهم. ووصلت إلى مسامع المؤمنين ليخذلوهم» راجين أن يبثوا الفزع بينهم» ويثبطوهم عن الجهاد» وقد أمر الله تعالى نبيه أن يرد هذا القول ببيان أنهم مخيرون: جهاد فى الخر» أو لقاء جهنم» ولا مناص من أحدهماء فقال عز من قائل: قل نار 2 د عي م 2 شق َ جهنم أشد حرا» أى أنهم إن كانوا عقلاء يدركون أن هذا الحر الشديد موقوت» ومربوط به العزة والكرامة» وإرضاء اللّه» وإن تركوه استقبلهم عذاب الأبدء» وهو نار أشد حرارة» بل لا يوازيها حر الدنياء وإن الحر الموقوت بأجل الذى يترتب عليه خير عظيم»ء أولى بالترك والإهمال من الحر الدائم بنار جهنم» وذلك يكون لأهل الإدراك والموازنة بين تعب عاجل قليل» ونار دائمة» ولذا قال تعالى: لو كانوا يَفُقَهِون 4 الفقه الإدراك النافذ إلى لباب الأمورء فلو كانوا يفقهون الأمور لوازنوا بين ما يستقبلهم فى تخلفهمء واتقاء حر الدنياء وبين ما يلقونه بعد البعث» وإنه لآت لا ريب فيه.» وجواب (لو) محذوف للإشارة إلى أنهم يرون هولا عظيما. 95 8# تفسير سورة التوبة للللو الل االلللوو الل للا لل للك لها ب ار ويقبلون العذاب الأليم» ولذا قال تعالى: ش ٍ فكوا فيا كوا يرا جز با حاو يبود 469 . : 00 ون سأك حَن لكان | يفن د ويقول الزمخشرى فى قوله تعالى: قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون » استمهال لهم؛ لأن من تصون عن مشقة ساعة فوقع بسبب ذلك التصون فى مشقة الأبد كان أجهل من كل جاهل ولبعضهم: ع مسرة أحقاب تلقيت بعدها مساءة يوم أريها شبه الصاب فكيف بأن أتلقى مسرة ساعة وراء تقضيها مساءة أحقاب والمعنى أن مسرة أحقاب يعقبها مساءة يوم يكون عسلها مرا كالصاب» وهو شجر شديد المرارة» فكيف يرضى العاقل بأن يلقى مسرة ساعة وراءها مساءة أحقاب » أى أزمان. وإن الآبتين متصلتان» 9 فَليضحكوا قَليلا 4 وكنى سبحانه وتعالى بالضحك عن السرور والفرح بالقعود عن الحهاد اتقاء للحرارة» فإن الضحك يلازم السرور عادقة) وهو مظهر من مظاهره» كما أن البكاء كناية عن الآلم الدائم ؛ أن البكاء ظاهرة من مظاهر الألم الشديد. شرط مقدر؛ لأن المعنى العام» إذا كانوا قد فروا من الغزوة اتقاء للحر فى الوقت القصير» وأهملوا ما يستقبلهم من حر جهنم الأشد الذى يكون جزاء التخلف» فقد استبدلوا البكاء الطويل بضحك قليل. والأمر للتهكم على أولئك الذين لا يفقهون. وتهديد لهم وجاء التهكم ريب سيكونون فى سرور وقت قصير فى الدنياء ثم يكون من بعده ألم طويل فى / تفسير سورة التوبة ااا مامالل سم حب أ الآخرة» وإنه يدل على أن ذلك البكاء الطويل من نار جهنم حتم لازم» وقوله تعالى : 9 جزاء بمًا كانوا يَكْسبون 4 أى أن الله تعالى يجازيهم ذلك الجزاء» ونصب جزاء على أنه مفعول لأجله. أى أن ذلك البكاء الطويل يكون جزاءً مقابلا للضحك القليل» والرضا بالعذاب الطويل فى مقابل الراحة القليلة» أو اللذة العاجلة فى مقابل المنفعة الدائمة الخالدة» ويستحق ذلك الجزاء» وقال تعالى: 9 بمًا كانوا يَكُسبون» أى بسبب وفى مقابل ما كسبوه من راحة مؤقتة» وترك للواجب» والكسب ما يصير عادة للنفس» وتستمر عليه فى حياتها . فهذا العذاب للمنافقين ليس لأجل هذا القعود فقطء وإن كان إثما كبيرا فهو عقاب على ماكسبوه فى أنفسهم» وصار حالا مستمرة لهم كانوا يفعلون بموجبه دائما مع المؤمنين. والتعبير ب (كان) مع الفعل المضارع فى قوله تعالى: « بم كانوا يَكُسبون 4 يدل على استمرار هذا الذى كانوا يكسبونه» وتجدده آنا بعد آن كلما كان أمر جامع» وكلما بدا نفاقهم المستمر. ْ كانت تبوك غزوة اختبر الله بها المؤمنين فبان من استخذى وندم» ومن نافق وأصرً» وما كان استئذان المنافقين لسبب يوجب قعودهمء بل كان خدعا للنبى كَل ومن معهء فلكى يعرفوا أن أمرهم صار مكشوفاء ولكيلا يحاولوا خدعه وَكِيَدٌ نهى الله تعالى نبيه عن أن يأذن لهمء فقال تعالى: فَإن رَجَعَكَ الله إآى طَائقَة منْهُم فَاسحَئَْنُوكَ للْخروج فَقْل أن تخرجوا معي أبدا وآن تُقاتُوا معي عَدوَا نَكُم رَضيعُم بالْقُود أو مر فَافْعُدُوا مَع الْخَالفينَ 69 > . رجعك الله إلى المدينة سالما غائماء فالرجوع إلى الجميع مؤمنين ومنافقين» فلما خص سبحانه وتعالى الرجوع إلى طائفة منهم» والضمير فى منهم يعود إلى 2 # تفسير سورة التوبة الل لل سيب سر يي المنافقين؟ لأنهم موضع حديث الله تعالى فى كتابه سبحانه إذ الكلام فى أحوالهم النفسية وتخذيلهم للمؤمنين وخدعهم لهم» ونقول خص سبحانه الرجوع إلى طائفة من المنافقين؟؛ لأن هذه الطائفة هى التى اعتادت التشبيط.ء وبث روح التردد والهزيمة» وهى تعاود الاستكئذان كلما اشتدت الشديدة ويجد الجدء لا ليقعدوا فقطء بل ليكونوا أسوة لغيرهم» فيقتدى بهم من ضعفاء الإيمان والجبناء من يصيبهم هلع عند الحرب. وفزع عند اللقاء. هذا هو الذى بدا لنا.من التعبير فى قوله: طفن رَجَعَك الله إلى طائفة منْهم 4 إذ هى التى اعتادت التخذيل والتشبيط» وبث روح التردد والهزيمة» وقوله تعالى: طفَاسمَئدَنوكَ للخروج» الفاء هنا للترتيب والتعقيب» أى أنه بمجرد أن ترجع إل يفاجئونك بالاستئذان كعادتهم» وقد يكررون فى هذه الحال معاذيرهم الكاذبة» وهذا يدل على أن هذه الطائفة منهم هى ذات المعاذير المتكررة المثبطة . ولقد أمر الله تعالى نبيه بأن يسجل عدم الشقة معهمء وأنه لا يعدهم فى جماعته المؤمنة المجاهدة فقال تعالى: «فَقَل لَّن تخرجوا معي بدا ون تقَاتلوا معي عدوا 4 . و أمر الله تعالى نسيه بآن يقول لهم: 9 أن تخرجوا مَعِي أبْدا 4 بالنفى المؤكد ب (لن)؛ لأن لن لتأكيد النفى» ولقد قال الزمخشرى فى تفسير قوله: أن تخرجوا4 إن لن لتأكيد النفى» وسواء أكان القول ما قال الزمخشرى أم لم يكن فإن النفى هنا للتأبيد بقوله تعالى أبدا. وكان قرار منع الخروج الأبدى؛ لأنهم خرجوا فى أحدء فهمت طائفتان أن تفشلا بتخذيل المنافقين ثم تركوا هم الغزوة» ليسلك غيرهم مسلكهم» وأفسدوا ما بين المؤمنين فى غزوة بنى المصطلق» وقال قائلهم: 8 ... لكن رجعنا إِلَى الْمَدينة لَيَخْرجَنَ الع منها الأَذلَ. .. )4 [المنافقون] وهكذا فهم إذا خرجوا مع المؤمنين كان منهم السعى بالشر بينهم» وقال تعالى: « ولن تَقَاتلُوا معي عَدوا 4 وإن هذا #ا تفسير سورة التوبة . الللللل الالالال ململ لس از النفى المؤكد هو تقرير للواقعء فهم لا يقاتلون أعداء النبى كله بل هم يوالونهم» ولا يعدونهم أعداء. وإن الله تعالى العليم الخبير أعلم نبيه كَلِْةٌ بأمرهم ٠‏ ولكن أمر نبيه بأن يأخذ من ماضيهم دليلا على حاضرهم فكان أمر بقوله لهم: إنكم رضيتم بالقعود أول مرة »4 أكد سبحانه وتعالى رضاهم بالقعود أول مرة ب (أن)ء وخاطبهم بهذا القول» وقالوا: إغا أول مرةء هى عندما دعاهم للقتال وتشاقلواء ونقول: ليست هذه أول مرة» بل كانت أول مرة هو رجوعهم فى غزوة أحدء وتشبيطهم للمؤمنين حتى همت طائفتان أن تفشلاء كما تلونا. وإنهم إن خرجوا لا يخرجون للجهاد والقتال» بل يخرجون للغنيمة كما قال تعالى: 8 سَيقول الْمُحَلّفُونَ إذَا انطَلَقئم إلى معام لتَأَخُدوها ذرونا تتبعكم يرِيدُونَ أن ييَدنُوا كلام الله قل أن عونا كَدَلكُم قال الله من قبل فَسيَقَولُونَ بل تحسدوتنا بل كَانوا لا يفَقَهُونَ إلا قليلاً 62 4 [الفتح]. ويقول الله تعالى آمر) نبيه بذلك القول: ‏ فَافْعَدُوا مّعْ الْخَالفِينَ4 «الفاء» للسببية» والأمر هنا للتهكم عليهم والنذير بهم» و(الخالف) اسم فاعل من خلف»ء أى كان وراء المجاهدين متخلفا عنهم مع القاعدين من النساء والضعفاء الذين لا قدرة لهم على قتال» وقيل إن معنى الخالفين الفاسدين فى ذات أنفسهم وضمائرهمء ولقد قال ذلك القرطبى فى كتابه أحكام القرآن» فقد قال: (قيل المعنى فاقعدوا مع الفاسدين» من قولهم فلان حالف أهل بيته إذا كان فاسدًا فيهم من خلوف فم الصائمء ومن قولك خلف اللين إذا فسد) وهذا يدل على أن استصحاب المخذل فى الحرب لا يجوزه والله سبحانه وتعالى أعلم . الى ١١١١|‏ !أ !ااا اا لاا اا الاا لأ لل ان لاكة]| اللا |اانا! ااا ااا اللااا ماللا ك1 ق ططخ ظخم ماق غ111 !]ا ااالا]ا ال لل و !!!ااا ااا ةلا تالال الاك للز اللا ل لالتتتتللا لحب ]1 اجتناب المنافقين قال تعالى : 310 ا ل ا وَلَاصَلْ َه حر تَأبداولائقم سد لء عمة 3 .7 ل لوم 70 04 ١‏ كبرو سمح كفروا يللد ور 7 هتفه جتثهم ع سان م سا ا - ود سو عدا ولاتعجيك َك - وََوَلدهُم يهن يعدبم 2 727 هه كو .ا سروم 29 عياف لديا وترْهقَأَنفسهُم ستيه !15 21 ولي 20110 مع ل سوه امي دَئَلَكَ أ ت سوره أن اموأ مهدا 34 ام نهم وَفَالأَرتَاتَكْن مَمَالْقَدعِرِينَ 72 شرا كفا التوائز. وَظبيعَ عل لوي فهر إن الآية ا ولا ص أحد مهم نت ليوا تقم علئ قبره 4 قاطعة فى النهى عن الصلاة على النافقين؛ لذن الصلاة على ليت دعاء له بالخير يناله يوم تعالى : سال عله شقن ل أ ك4 [المنافقون0١2‏ ولأنه يجب أن يتميز المؤمن عن الكافرهء والصلاة عليه فارق بين المؤمن والمنافق . والنهى ثابت ناه على وجه التأبيد» ولذلك قال: «أَبْدا 24 فلا مثنوية فيه ولا تجوزء « ولا تقم علَى قَبرِه 4 داعيا بعد دفنه أو قبل دفنه» فمعنى قوله تعالى: ولا ة تقم على قَبره 4 . يتضمن الدفن» والدعاء له عند الدفن أو بعده؛ لأنه نهى عن الصلاة» وما فى معناها من الدعاء. هذا معنى الآية» ولكن روى فى الصحاح وغيره أن النبى يكل صلى على عبد الله بن أبى رأس النفاق» والمفرق بين المؤمنين» والذى كان يوالى الكفار» من 1# تفسير سورة التوبة 0 م : أ ا مشركين وأهل كتاب» وقد خحاضت فى ذلك خوضا كثيرا كتب السيرة النبوية والمفسرون بالرواية. وإننا من مجموعها نستخلص أمرين - أولهما ‏ أن النبى يي صلى عليه؛ ويظهر أن ذلك كان قبل نزول هذه الآية. وثانيهما - أن النبى يكم كفنه فى قميصه'!", وكان ذلك أيضا قبل نزول هذه الآية الناهية» وإن الصلاة عليه» لأن النبى كَل كان رفيقا بأصحابه» وقد كان ابن هذا المنافق صحابيا جليلا فكان يَلكِيْهِ يكرم الحى» بالسكوت عن إيذاء الميت» ولقد قال النبى يَلِِ عندما أسلم عكرمة بن أبى جهل لأصحابه: «لقد جاءكم عكرمة مسلماء فلا تسبوا أباه» فإن السب يؤذى الحى ولا يضر الميت». ويروى فى ذلك أنه لما مرض عبد الله بن أُبَى بعث إلى الرسول كَلكلةٍ ليأتيه» فلما دخل عليه قال يَكلِةِ:ْ «أهلكك حب اليهود»» فقال: يا رسول الله بعثت إليك لتستخفر لى لا لتؤنبنى: وسأله أن يكفنه فى شعاره الذى يلى جلده ويصلى عليه فلما مات دعاه ابنه إلى جنازته7؟' . وأما أنه َنَكِّْ قد كفنه فى قميصه فقد قال الرواة: إنه عند أسر العباس» كان قميصه قد فُقدء فلما رآه النبى يكل من غير قمسيص رق له وقد ناصره بعد أبى طالب» فطلب صحابته أن يأتوا بقميصء. فلما يوجد قميص على تفصيله إلا قميص عبد الله بن أبى؛ لأنه كان ضخما. والنبى يله أحق من أوفى بالمعروف معروفا ولو كان من رأس النفاق7 . ولقد قال تعالى بعد ذلك: 8 إِنّهم كفروا باللّه ورسوله 4 هذه الجملة فى مقام - الواقدى وابن سعد وابن عساكر عن عبد الله بن الزبير رضى الله عَنْهُ. جامع الأحاديث والمراسيل‎ )١( .)187117( السيوطى: ج94 ص7!/5‎ (؟) جاء ذكر موت عبد الله بن أبى قبحه الله فى البداية والنهاية لابن كثير (ج 6 ص7519). (*) روى البخارى فى الجهاد والسير - الكسوة للأسارى )7٠١48(‏ عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما - قال: لما كان يوم بدر أتى بأسارى» وأتى بالعباس ولم يكن عليه ثوب» فنظر النبى يل له قميصاء فوجدوا قميص عبد الله بن أبى يقدرء فكساه النبى كَلِةِ إياه» فلذلك نزع النبى يَلكْةٌ قميصه الذى ألبسه. قال ابن عيينة: كانت له عند النبى ككِيْهِّ يد فأحب أن يكافئه . ١‏ # تفسير سورة التوبة الالالال ا 0 التعليل لما قبلهاء ولذا كان بينهما فصل» فكمال الاتصال بالعلة «إِنّهم كفروا بالله ورسوله4 وأكد سبحانه كفرهم بأن» وأنهم يحملون أوصافا تقتضى تحقق الكفر بالله وبرسوله» إذ يحاولون أن يخدعوا الله ورسؤله» وقد استمروا على ذلك حتى ماتوا ولذا قال تعالى: «وماتوا وهم فَاسقون» أى ماتوا على حال الفسق والتمرد على الحقائق» وأشد من التعبير بالفسق فى حالهم بأنه أشد الكفر؛ لأنهم كافرون» ومخادعون» وغشاشون» فهم تمردوا على الله وتمردوا على كل خلق كريم» والله أعلم بهم . وهم لا يفاخرون إلا بما آتاهم الله من مال وولدء ولا يستطيعون المفاخرة بمكارم؛ ولذا قال تعالى: ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إِنمَا يريد الله أن يَعَذَبَهُم بها في الانيا وترهق أنفسهم وهم كافرون 62 > . تقدمت هذه الآية فى هذه السورة عند الكلام على ما يتسمناء المنافقون للمؤمنين» ومنع النبى وك من أن يقسبل من منهم نفقاتهم» فقد قال تعالى فى ذلك: ش ف( وما منعهم أن تقبل منهم تمَقَاتهِم إلا أنّهُم حَفَرًوا بالل وبرسُوله ولا يأنُونَ الصّلاة إل وهم كسالَئ ولا ينفقون لذ وهم كَارهرد 62 4 . ونرى الآيتين متلاقيتين فى المعنى والألفاظ» إلا فى حرفين: أولهما ‏ أنه هنا عبر (بالواو) فقال تعالى: « ولا تعجبك أموالهم وأولادهم 4 وفى الآية السابقة عبر (بالفاء) ولها مناسبتهاء والثانى - أنه فى هذه الآية لم تذكر (لا) بعد 8« أموالهم 4, وفى الآية السابقة ذكرت لا وأيضا فالنص السابق «إنما يريد الله أن يعذبهم فى الحياة الدنيا؛ وفى هذه الآية: 8 إِنمَا يريد الله أن يعذبّهم بها في الدنيًا 4 . وإن هذا الاختلاف فى الألفاظ هو تصريف القول الذى هو من أسباب الإعجاز البيانى» كما قال تعالى: 8 وكذلك نصرّف الآيّات ... 6-2 4 [الأنعام]. فهل يعد هذا من التكرار؟ نقول إنه يكون من التكرار إذا كانت المناسبة التى ذكرت فيها الآيتان واحدة» أما إذا اختلفت المناسبة» فإنها تغير المقصود» وإذا تغير المقصود لا يكون المعنى واحدًا من كل الوجوه. تفسير سورة التوبة الملل يلاول 4س : ل ا وقد كانت المناسبة فى الآية السابقة بقة أن لله نع رسوله من أن يقسبل متهم نفقات فى الحروب» ومعاونات فيهاء مهما تكن أموالهم كثيرة» وأنهم أعز نفراء فالله هو الغنى الحميد. وأما المناسبة هنا فهى النهى عن الصلاة عليهم بسبب كفرهمء وتأكيد ذلك النهى» وكان قبل ذلك النهى عن الاستغفار لهم» وحلفهم الدائم» وقد كان يظن أن يكون مالهم وأولادهم توجب العطفء فبين الله تعالى أن ذلك كله لا يسوغ العطف عليهم» ولا رجاء الخير منهم. ولقد قال الزمخشرى فى تكرار بعض الآيات: وقد أعيد قوله تعالى: « ولا تعجبك 4 ؛ لأن تجدد النزول له شأن فى تقرير ما نَل الله تعالى وتأكيده» وإرادة أن يكون على بال المخاطب لا ينساف ولا يسهو عنه» وأن يعتقد أن العمل به مهم يفتقر إلى فضل عناية» ولا سيما إذا تراخى ما بين النزولين فأصبح الشىء الذى أهم صاحبه فهو يرجع إليه فى أثناء حديثه ويتخلص إليهء وإثما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يجب أن يحذر منه. وإن المنافقين قد استمروا على فرارهم من الجهادء ولذا قال تعالى: « وإِذا أنزلت سورة أن آمنوا باللّه وجاهدوا مع رسوله اسمَئدَتَك أُولُوا الطّرل منهم وقَالوا ذَرنَا تكن مع الّقاعدين 69 4 . كان المنافقون كلما نزلت آية جهادء قبعوا قبوع القواقع فى أصدافهاء ورضوا بأن يكونوا من المتخلفين لا يتقدمون إلى الجهاد» وإن كانت فيه العزة؛ لأن أسباب العزة من جهاد ومقاومة للباطل ثقل عليهم» ولذا قال تعالى فيهم: 9 وَإِذًا أَنزِلَت سورة 4 السورة فى عرف القرآن الكريم هى الجزء من القسرآن الكريم المسورة المحدودة المبدوءة بالبسم الله الرحمن الرحيم) إلا سورة براءة» فقد بينا أنها ليست مبدوءة بهاء ويصح أن يراد به هنا بعضهاء وهى آية من الآيات» ويكون قد عبر 9 0# تفسير سورة التوبة الل لاما لان الها كج1 عنها بسورة لبيان كمالهاء وأحكامهاء وأن غايتها ثابتة قائمة» وهى الجهاد فالجهاد ماض إلى يوم القيامة"١".‏ وإن أريد بها سورة كاملة» فأوضح سور الجهاد سورة براءة؛ لأآنها ابتدأت به» وتنظيمه مع العهود والموائيق» وآياتها داعية إليه كاشفة تخاذل المنافقين عنه. وقوله: (١‏ أن آمنوا باللّه 4 أن تفسيرية» وهى تبين أن ما بعد هو السورة» فتكون بمعنى جزء السورة» ويصح أن تكون مصدرية» والمصدر فى مقام الجار والمجرورء أى نزلت السورة ب# أن آمنوا باللّه 4 , ولم يذكر الإيمان بالرسول لأن الإيمان بالله حق الإيمان إيمان برسله؛ لأنهم جاءوا بمعجزات أيدهم الله بهاء ولأن الإيمان بالرسول مذكور مطلوب فى قوله تعالى: ا وجاهدوا مع رسوله 6 . فالمطلوب بالسورة أمران: أحدهما ‏ الإيمان بالله حق الإيمان بأن يذعنوا لكل ما يكلفهم إياه» وأن يعلموا مؤمنين بأنه القادر القاهرء الناصر المعز المذل العليم الخبير» أى يؤمنون بأنه واحد فى ذاته وصفاته التى هى الكمال المطلق» وأنه لا يعبد غيره. والثانى ‏ الجهاد مع رسول الهدى ودين الحق؛ لأن الجهاد معه سبيل العزة ورفع الحق» وخفض الباطل؛ هذا هو الدين الحق» ولكن المنافقين يفرون من الجهاد.» ولا يحتملونه فى ذات أنفسهم » وينفرون منه ولو كانوا ذوى قدرة» ولذا قال تعالى فيهم: ظ استدَتَك لوا الطّول منهم » . الخطاب للنبى يك وظ استئذتك » أى طلبوا إذنك فى أن يتخلفوا وحالهم تنافى طلبهمء لأنهم «أُولُوا الطّول 4 أى أصحاب الطّول والسّعة والفضل فى المال» والطاقة البدنية التى تتحمل الجهاد بالنفس والمال ( منهم 4 والضمير فى منهم يعود على المنافقين» استأذنوك < وقَانُوا َرنا نَكُن مّعْ القاعدين » أى اتركنا مع 1# تفسير سورة التوبة 9 ل للللللل لوو سر ا القاعدين من النساء والأطفال والضعفاء؛ أى رضوا بالمتزل الدون والمكان الهون» وذلك لأنهم بخلاء جبناء» وبهم تفنى الأمم والجماعات . وقد بين سبحانه وتعالى هوان هذه النفوس فقال تعالت كلماته: « رضوا بأن يَكُونوا م مع الْخوالف وطبع على قُلُوبهِم فهم لا يَفقَهُونَ 50) 4 . وإذا كان أولو الطول والسعة والقوة فى أبدانهم قد قالوا 9 ذرنًا تكن مع القاعدين 4, ولا تستئفرنا فى جهادك الذى بعدت فيه الشقة» وعظمت فيه المشقة» فقد 9 رضوا بأن يكُونوا م مع الخوالف 4 والخوالف جمع خالفة» وهى المرأة المتخلفة عن الجهاد. ويطلق على ما لا خير فيه أى أنهم رضوا أن يكونوا كالنساء القاعدات فى البيوت» والأشياء التى لا خير فيها ولا منفعة» أى رضوا بحياة الدعة والاسترخاء ولو كان معها الذلة» وتركوا حياة الكد والتعب ولو كان فيها العزة. وقال تعالى: « وطبع على قُلوبهم »4 أى أنه بهذه الحال وأخواتهاء مما فروا فيها من الجهاد فرار الجبناءء فسدت نفوسهم» وأغلقت قلوبهم عن حب الخير والعيش الكريم» وبنى للمجهول للإشارة إلى الأسباب المنراكمة التى توالت على نفوسهمء وطبعتها على النفاق. فطبع مع النفاق الذلة والاستهزاء والكذب» وإخلاف الوعد» وإن مدوا أعناقهم للذلة. إن النفاق يولد الجبن» والجين يولد المذلة والكذب وكل قبائح النفس» ولذا قال تعالى: «فهم لا يفَقَهونَ 4 و(الفاء») تفيد ترتب ما بعدها على ما قبلها؛ لأن طبع القلب على النفاق يفسد الفكرء فلا ينظر إلى عواقب الأمورء ولا ما تنتهى إليه؛ وأعيد الضمير فى قوله تعالى: #فهم # لتأكيد وصفهمء وثبوت حالهمء والفقه كما ذكرنا هو العلم بلباب الأمور وغايتهاء فهم لم يعرفوا أن موقفهم لو سلك المؤمنون مسلكه لذلواء ولذهبت ريحهم. ولم يدركوا أنهم بما يفعلون يقون أنفسهم من شقة الجهادء ولكن يكونون مهينين فى الدنياء وتنالهم جهنم وبئس المصير . #2 1# تفسير سورة التوبة للاااللللل 1ل اامللللل لح اا وبعد أن بين حالهم فى فرار من الجهادء وإبداء المعاذير الكاذبة» ورضاهم بأن يكونوا مع النساء والضعفاء وبأن يكونوا أشياء لا خير فيها ولا فائدة ‏ ذكر بعد ذلك الذين يريدون الحياة الحق. حياة الجهاد ومفتاح السعادة فى الدنيا والآخرة» وهم الرسول والذين اتبعوه» فقال: « لكن الرسول والّذِين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولتك لهم الخيرات وأولتك هم المقلحون 69 4 . الاستدراك هنا للانتتقال ممن ارتضوا المنزل الهون إلى الذين لم يريدوا إلا العزة والكرامة والرفعة» ومن امتلأت قلوبهم بحب الله تعالى» فآثروه على كل الوجودء ورضوا بالمشقة وإن اشتدت؛ مرضاة له سبحانه وتعالى» فالاستدراك لبيان الرفعة التى وصل إليها المؤمنون فى مقابل الذلة التى ارتضاها الآخرون» كقوله تعالى: 8 ... فَإِن يكفر بها مَؤّلاء فَقَدَ وَكَلنا بها قَوْمَا سوا بها بكَافرين 69 » [الأنعام]ء وكقوله تعالى : فَإِن استكبروا فَالْذِينَ عند ربك يسبحون لَه باللَيلٍ والْهَارٍ وهم لا يَسأَمون 468 والمعنى فإن استرخى هؤلاء عن الجهاد» ورضوا بالقعود مع الضعفاء والنساء فالرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم» وقوله: «( لكن الرسول والّذين آمنوا معَه... 4 التعبير بالرسول فى هذا المقام للإشارة إلى أن مقام الرسول يوجب الجهاد؛ لأنه تبليغ للدعوة» وحماية لهاء ودفع للذين يعاندونهاء وذكر بجوار مقام الرسالة من معه» أى من آمئواء وصاروا معه فى جهاده الذى حمل عبئه بحمله عبء الرسالة» والرسول وما عطف عليه مبتدأ خبره ما جاء بعد ذلك» وهو قوله تعالى: جَاهَدوا بأَمُوَالهم وأنفسهم 4 أى قدموا النفس والنفيس» وقدم سبحانه وتعالى الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس» مع أن النفس أغلى وأعزء والجود بها أقصى غاية الجود» قدم المال مع ذلك؛ لأن الإنفاق فى سبيل الله هو عدة الجهاد ابتداء» وامتشاق السيوف هو نهايتهاء ولأن ذلك يشير إلى أنهم باعوا أنفسهم لله تعالى واطرحوا الدنيا اطراحاء فال مال يطلب لغايات الدنياء وقد اشترى الله من المؤمنين أنفسهم فلا حياة لهم إلا مع الله . 8# تفسيرسورة التوبة يك بج راز 3 قوله تعالى: « وأُولئك لهم الْخَيرَات 4 الإشارات إلى الموصوفين بالأوصاف السابقة» أى أولئك الذين كانوا مع الرسولء ولزموه فى جهاده؛ ولم يتخلفوا عنهء وأحبوا الله تعالى وبذلوا أموالهم وأنفسهم» ولم يريدوا شيثا إلا إرضاء الله لهم الخيرات» الخيرات جمع خيرء وعبر بالجمع للدلالة على كثرة ما يمنحهم الله من خير وتنوعه» فخير فى الرزق» وخير فى نيل المطالب» وخير فى النصرة» وخير فى العزة» وخير فى منع تحكم الأعداء؛ وخير فى رضا الله تعالى» وخير فى صلاح الولدء وخير فى الهداية... إلى آخره من الخيرات فى الدنياء والخير الأكبر فى الآخرة. ثم قال: « وأولتك هم المفلحون4 أى المشار إليهم المتصفون بهذه الصفات هم الفائزون بنعيم الآخرة» ورضوان الله تعالى والقرب منه» وقد قصرا الله تعالى الفلاح عليهم بتعريف الطرفين» لأن تعريف الطرفين؛ يفيد القصرء وبضمير الفصل» أى أن الفلاح لهم» وليس لغيرهم. وقد بين الله تعالى بعض ما فازوا به» وهو الجحنة» فقال تعالى: «أَعَدَ الله لهم جنات تَجْري من تَحتها الأَنْهَارٌ خَالدينَ فيها ذلك الْفُوز العظيم 69 4 . هذا بعض الفلاح الذى ذكره الله» وهو أنه أعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار» أى أن الله تعالى أعطاهم نعيمًا فيه ثلاث خواص كلها يزكى بعضها بعضا. أولها: أنها جنات» وهى جمع جنة فيها الأشجار التى تظل من الحرورء وتتمتع النفس برؤيتهاء وبهجتهاء وفيها الثمار اليانعة» وفيها من كل فاكهة ما يشتهون» وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشرء ففيها متعة النفس والجسم والروح. الثانى : أن الأنهار تجرى من تحتها تدفع الحرورء وتسقى النفوس والأجسام» ويكون التمتع ببهجتها ومنظرها. ( ا تفسير سورة التوبة لفل لوو اللو الال الها . تلى-1 الثالث: أنها خالدة» ففى كل نعيم غير باق يكون الألم .بفنائه وانتهائه» أما نعيم الجنة» فهو للبقاء. ختم الله تعالى الآية بقوله: « ذلك الْقَوَزْ العظيم 4 الإشارة إلى هذا النعيم المقيم» وقصر الفوز عليه» أى فلا فوز غيره» فما يحسبه فى الدنيا من أسباب الفوز إنما هو باطل لا يجوز. ودل على القصر تعريف الطرفين» وضمير الفصلء والله تعالى أعلم بما يجزى به عباده المتقين. اعتذازالأعراب قال تعالى: وج لمعَذْمُوتو ب الأترا لوو ع ومَمَدَألد دوا هومسي سَيُوِي بأل حكفر امتهم عَدَ عَذَابٌ أل 2 َعَكَا الصّعماء مرتلل ايت 4 سدسم عر م تس مسمابىر 0ج 1 سنا سج من م ِل ا 3 7 1 سر سس وت وَلَاعَلَا ا 1 تكد لك لاج تحد 0 ررس كج عر وم 0 0 2-6 وَأعسسه - سحن به < © كان الكلام فى المنافقين الذين نبتت نابتتهم فى المدينة عندما انتصر المؤمنون فى غزوة بدر الكبرى» وصارت لهم القوة والسلطان فيهاء واستقر الآأمر فيها اا تفسير سمورة التوبة ل 00 ١4م‏ 1 لأسب أ للتوحيد» والإيمان محمد عَلِلِة وحيث كانت القوة العادلة. اختفت العداوة الظاهرة» واستمرت عداوة النفوس مستكنة فيها فيكون النفاق الذى يأكل القلوب» ويملؤها حقداء ورغبة دانية فى الكيد. ولما صارت القوة للإسلام فى الجزيرة العربية» وصارت الكلمة العليا لله ولرسوله» وجد سبب النفاق فى داخل الجزيرة وحول المدينة كما قال سبحانه : وممن حولكم من الأعراب منافقون ... 69 > . صادق» وبعضها كاذب» ويقعد بعضهم عن الجهاد كفرا ونفاقاء ولذا قال تعالى: ‏ © وجاء المعدّرون من الأعراب ليود لهم 4 . فى الآية قراءتان إحداهما بتشديد الذال مع كسرهاء والثانية بتخفيفها مع كسرها أيضا(2» فقراءة التعذير فى الأولى» يكون معناها التقصير وعدم الاهتمام» من قولهم عدر فى الأمر إذا قصر فيه وتوانى» وذلك مقصور فى الأعراب الذين هم أجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله تعالى» ولا فرق عندهم بين دعوة إلى الجهاد فى سبيله» ودعوة إلى عادات كانت تجرى بينهم للمنازعة على الكلأء أو مواطن الماء» أو للعصبية الجاهلية. ويصح أن يكون المعذّرون هم المعتذرون» ويكون فى الكلام إعلالا صرفياء فأصل «المعذرون» المعتذرون من اعتذرء فقلبت التاء ذالاء وأدغمت الذال» ونقلت حركة التاء إلى العين» ويكون المعنى جاء المعتذرون الذين شددوا فى اعتذارهم؛ لأن الادعاء ينبئْ عن شدة الاعتذارء» وإن معنى ذلك أنهم يعتذرون بأعذار مقبولة» ويدل على ذلك المقابلة» وقوله تعالى بعد ذلك: إ وقعد الْذين كذبوا اللّه ورسوله » )١(‏ قراءة (المعذرون) ساكنة العين خفيفة الذال» قراءة يعقوب» والنهاوندى عن قتيبة عن الكسائى» وقرأ الباقون» بفتح العين وتشديد الذال. غاية الاختصار (457). ل ##ا تفسيرسورة التوبة . و(زجبملي_زه يي" فإن المقابلة تقتضى التغاير بين القاعدين الذين لم يصدقوا الله ورسوله وكذبواء وبين المعذرين» ولكن المقابلة لا تكون إلا إذا كان اعتذار الأولين حقا وصدقا. وقراءة «المعذرون» بالتخفيف من الإعذار» وهو إبداء العذر الذى يكون مظنة القبول. ا وإننا نجد أن الآية من قراءاتها المختلفة تفيد إبداء العذر» وإن المقابلة بين القاعدين الذين كذبوا الله ورسوله» والمعتذرين تفيد أن العذر مقبول اقتضى الأمر وقد جاء بذلك التفسير المأثور» فقد روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال فى المعذرين: هم الذين تخلفوا لعذر فأذن لهم النبى لَه وروى عنه غير ذلك.» والله أعلم» وقيل إنها نزلت فى عامر بن الطفيل ورهطه. فإن رهطه قالوا عندما دعاهم كَكْيْةِ إلى الغزو قالوا: لو غزونا معك أغارت أعراب طبئ على حلائلنا وأولادنا ومواشينا» فعذرهم النبى مخ1 . وقوله تعالى: وجاء المعدّرون من الأعراب ليوْذَن لهم 4 يفيد أولا أن الذين جاءوا هم المعذرون ولم يذكر الذين جاءوا مجاهدين؛ لذن منهم من جاء مجاهداء وخذلرهم. ولكن ذكر المعتذرين فقط؛ لأن الكلام فى المستأذنين فى التخلف بأعذار غير صادقة وهم المنافقون. فناسب ذلك ذكر المعتذرين من الأعراب. وتفيد ثانيا أنهم جاءوا للاعتذار وليؤذن لهم ولو كانوا يعتذرون كذبا ما جاءوا بل قعدوا كما قعد غيرهم. وقال تعالى: وقعد الْدين كذبوا الله ورسوله 4 أى قعد وتوانى الذين كذبوا الله ورسوله» وكذبوا بالتتخفيف تتضمن معنى التكذيب لله ولرسوله» ولآياته البينات» ومعنى . ذكره القرطبى: الجامع لأحكام القرآن ج48 ص4 ؟77. عن ابن عباس رضى الله عنهما‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة لل لوللا 4 ل ا الكذب على الله ورسوله والناس بإظهارهم الإسلام» وإبطانهم الكفرء وإظهار أعذار غير صادقة . وبين الله تعالى عاقبتهم فقال تعالى: ا سَيُصيب الّذِينَ كَمَروا منهم عَذَاب أليم 4 وهنا إظهار فى موضع الإضمار؛ لأن المؤدى أنه سيصيب هؤلاء القاعدين الذين كذبوا الله ورسوله عذاب أليم» وكان الإظهار لأمرين: أولهما ‏ بيان أن منهم كافرين» وبسبب الكفر سينالهم عذاب أليم» وثانيهما ‏ أن منهم من لا يصرون على الكفر فيتوبون» فهذا العقاب للذين يصرون ولا يتوبون. و(السين) فى قوله تعالى: ا سيصيب الّذينَ كفروا منهم © لتأكيد وقوع الفعل فى المستقبل . وقد ذكر الله تعالى بعد ذلك أصحاب الأعذار المقبولة فقال: « ليس عَلَى الضَعفَاء ولا على الْمَرَضَئ ولا علَى الّذينَ لا يَجدون ما ينفقون حرج ذا نُصحوا لله ورَسُوله © . فى هذه الآية وما بعدها بيان الأعذار التى تبيح التخلف عن الخروج» ولم يذكرها القرآن الكريم بعنوان أنها أعذار» ولكن النص يفيد أنه لا إثم إذا تخلفواء وذلك للإشارة إلى أن الجهاد غير واجب على هؤلاءء والاعتذار إنما يكون عند الوجوب والتخلفء وإذا لم يكن وجوب فالتخلف حيئذ له رخصة» وهؤلاء عاجزون عن القيام بهذاء والله لا يكلف العاجزين؛ لأنه تعالى يقول: إلا يكلف الله نفسا إل وسعَها ... 4629 [البقرة] فالجهاد غير واجب عليهمء وذكر النبى كه أن لهم فضل المجاهدين إذا نصحوا لله ورسوله» والنصح إخصلاص القلب واللسان والعمل لله تعالى فالقلب لا يحدث إلا بالله؛ واللسان لا ينطق إلا مخلصاء والعمل لا يكون إلا لله تعالى» ويقال نصح له القول إذا أخلص له فى قوله» ونصح له فى العمل إذا أخلص لهء ولقد روى مسلم فى صحيحه عن تّيم 20 ## تفسير سورة التوبة لل الل ون جر يي الدارى أن رسول تكله قال: «الدين النصيحة. ثلاثاء قلنا: لمن! قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم:(". وجاء فى تفسير القرطبى: قال العلماء: النصيحة لله إخلاص الاعتقاد فى الوحدانية ووصفه بصفات الألوهية وتنزيهه عن النقائص» والرغبة فى محابه» والبتعد عن مساخطه» والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته والتزام طاعته فى أمره ونهيه» وموالاة من والاه» ومعاداة من عاداه» وتوقيرهء ومحبة آل بيته (أى الذين اتبعوا هديه) وتعظيمه؛» وتعظيم سنته» وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها والتفقه فيها والذب عنها ونشرها والدعاء إليها والتخلق بأخلاقه الكريمة كَككلة. والنصح لكتاب الله قراءته والتفقه فيهء والذب عنه وتعليمه» وإكرامه والتخلق به. والنصح لأثمة المسلمين بترك الخروج عليهمء وإرشادهم إلى الحق وتنبيههم فيما أغلوه من أجور المسلمين» ولزوم طاعتهم فى الحق والقيام بواجب حقهم . والنصح للعامة ترك معاداتهم» وإرشادهم» وحب الصالحين والدعاء لجميعهم» وإرادة الخير لكافتهم. والمراد أنه لا إثم فى التخلف على من سقط عنه واجب الجهاد إذا نصحوا للّه ورسوله» إن استقامت قلوبهم وألسنتهمء وقاموا بحق الإرشاد والتنبيهء وإن كان لهم رأى فى الجهاد وجهوهء وكأنهم إذا سقط واجب الجهاد بالسيف» والاعتراك فى المعركة» فإنهم يحملون واجبا آخر هو الإرشاد والتوجيه» والمعاونة بكل ما يستطيعون» وإنهم إذا كانوا كذلك فإن لهم فضل الجهاد. (1) رواه مسلم: الإيمان ‏ الدين التصيحة (06)» عن تميم الدارى» وليس فيه ذكر الثلاث عند مسلمء وإنما ورد التكرار فى رواية تميم الدارى عند أبى داود: الأدب ‏ فى النصيحة (5437)» وباللفظ المذكور أعلاه عند أحمد: مسئد الشاميين ‏ حديث تميم الدارى )١1444(‏ كما ورد ذكر الثلاث فى روايات أبى هريرة عند الترمذى: البر والصلة ‏ ما جاء فى النتصيحة 155 والنسائى: البيعة- النتصيحة للؤمام (4199). وغيرهم. ##ا تفسيرسورة التوبة 9 اللللللاللللل الل الملل جل ١ بي‎ وروى أبو داود أن رسول الله يَلكِِ قال: «لقد تركتم أقواما ما سرتم مسيرا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من وادء إلا وهم معكم فيه»؛ قالوا: يا رسول الله وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة!! فقال: «حبسهم العذر»0". وهؤلاء الذين سقط عنهم واجب الجهاد بالسيف» والاشتراك فى المعركة» ذكرهم الله تعالى فقال: :ليس علَى الضعقاء ولا على المرضئ ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج » أى إثم أو أن يكلفوا أنفسهم العنت والضيق. والضعفاء هم الشيوخ الذى أثقلتهم السن, والنساء والصبيان» وغيرهم من الذين لا تتحمل أجسامهم لضعف بنيتهمء وخور متنهم' 0 والأعمى والأعرج » كما قال تعالى : ليس على الأعمئ حرج ولا على الأعرج حرج ولا على الْمُريضٍ حرج ومن يطع الله ورَسوله يدخله جئات تَجرِي من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه داب ليما 69 4 [الفتح]. والضعفاء الذين عذرهم» وفيهم الأعمى والأعرج وعذرهم ثابت دائم» وهناك أمر ليس بدائم» وهو عارض» ولكنه يسقط الوجوب فى مدة وجودهء وهو المرض الشديد الذى يقعد عن القيام بالواجب أو يزيده الجهاد مرضا. وهناك عججز ليس فى ذات الجسم دائماء أو عارض قابل للزوال» وهو ألا يجد ما ينفق منه على نفسه فى رحلته» وقال تعالى فيه: « ولا على الذي لا يجدون ما ينفقون حرج 4 . وكل لا يجب عليهم الجهادء ولكن يجب عليهم أن ينصحوا لله ورسوله وقد بينا ما قال العلماء فى ذلك» وإنهم بإخلاصهم ونصيحتهم» والقيام بالواجب الذى يقدرون قد أحسنوا فى جنب الله» ولذا قال تعالى: «إما على المحسنينَ من س4 .)56-0/( هذه رواية أبى داود: الجهاد- الرخصة فى القعود من العذر‎ )١( (؟) الْنّه: القوة. والمقصود ضعف قوتهم.‎ م ##ا تفسير سورة التوية لللللل لكالل ج11 وهذا النص السامى من جوامع الكلم. . وهو يفيد أن هؤلاء الذين قعدوا بأعذار حقيقية إذا نصحوا لله ورسوله محسنونء, أى قاموا بالواجب وزيادة» ومن أحسن لا عقاب عليه» ومعنى قوله تعالى: لاما على المحسنينَ من سَبيلٍ »© أى طريق لتأثيم» أو لوم أو عتاب» أو تعييب لموقفهم؛ إذ إن موقفهم أنهم قاموا بالواجب على قدر طاقتهم . وهناك صنف غير من ذكرنا ليسوا ضعفاء» ولا مرضىء» ويجدون ما ينفقون» ولكن لا يجدون ما يحملهم فى هذه الشقة البعيدة» وهم يسقط الوجوب عليهم» وقد قال تعالى فيهم: « ولا على الّذين إذَا ما أتوك لتحملهم قُلْت لا أجد ما أحملكم عليه تَولُوا وأعينهم تفيض من الدّمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقرن 69 » . (الواو) هنا عاطفة عطفت ما بعدها على قوله تعالى: 8 ليس عَلَى الضعفاء ولا على المرضى... 4 وتكرار لا لتأكيد نفى القدرة» وتحقق العذر وثبوته. فهؤلاء الأصناف أربعة: الضعفاءء والمرضى, والذين لا يجدون ما يتفقونه من زادء والصنف الرابع الذين لا يجدون ما يحملون عليه» وكان الرجل كما قال ابن عباس يحتاج إلى بعيرين» بعير يركبه» وبعير يحمل الزاد والماء فى هذه الرحلة الشاقة. وقد قال فى هؤلاء مبينا حالهم: «إ ولا عَلَى الّذِين إذا ما أنَوْك لتحملهم قُلْتَ لا أجد ما أحملكم عليه 4 وهذا يدل على أنهم لا يجدون ما يحملهم» ويدل على أنهم شكوا حالهم لرسول الله كَلِةّ» وأن الرسول لم يجد ما يحملهم» وذلك صريح» وهذا الكلام فيه من إيجاز الحذف ما لا يمكن أن يكون إلا فى أبلغ كلام وهو كلام رب العالمين» وما فى قوله تعالى: «إِذَا ما أَتَوك لتحملهم 4 لتأكيد فعل الشرطء وهو مجيئهم للنبى َيه وعرض حالهم؛ ومحاولة النبى يِه علاج 1# تفسير سورة التوبة 2 ل 0 تحب ان أمرهم» والبحث عما يحملهم عليه» وجواب الشرط هو قوله تعالى: ا تولُوا وأَعينهم'تفيض من الدمْع 4 (تولوا) معناها انصرفواء وحالهم مؤلمة باكية» وعبر عنه بقوله: « وأعينهم تفيض من الدمُع حرَنًا» . وقوله تعالى: ظقُلْت لا أجد ما أحملكم » جملة معترضة بين فعل الشرط وجوابه» أو حال الكاف فى 9 أتوك 4, وهذا ما اختاره الزمخشرى. وقوله تعالى : « تولُوا وأعينهم تفيض من الدع حََنَا 4 . (الواو) واو الحال» وا تفيض من الدع حَرَنا4 فيه مسجاز فى إسناد الفيض إلى العين؛ لأن معناه أن العين ذاتها تفيض كأنها صارت دمعاء لامتلائهاء واغروراقهاء ولا من 4 بيانية» أى أن تفيض العين من الدمعء والجار والمجرور فى مقام التمييزء كما تقول فاضت العين دمعاء وقوله: «حَرنًا 4 حال» أى فاضت العين دمعا لأجل الحزن الذى استولى بسبب الحرمان من الجهاد»ء وهو متعة نفوسهم » وغاية ما يبتغون عند ربهم. ألا يُجدوا ما يفقون» وألا يجدواء المصدر المؤول» ويكون المعنى هم فى حال حزن شديد» ألا يجدوا» أى لأنهم لا يجدون ما ينفقون» ولا يجدون ما يحملهم» ففيه تقدير حرف محذوف. وهذا يتضمن أنهم لا يجدون مركبا يركبونه» ولا نفقة ينفقونها. وإنه يجب أن ننبه أن بعض الضعفاء الذين رفع عنهم الحرج بسبب ضعفهم» لم يرضوا بأن يكونوا قاعدين» وإخوانهم يجاهدون» بل ذهبوا وجاهدواء وتقدم أحدهم وهو أعرج.ء قال لابد أن أكون بعرجى فى الجنة» ولم يتراخ ولم يرض بالقعود» وذهب بعضهم وهو يهادى بين رجلين» حتى وصل إلى الصف ليموت مجاهداء رضى الله عنهم . ا تفسير سورة التوبة ل لل الملل للا ٠ كاك‎ - المؤاخدون فى التخلف قال تعالى: ص ع لدم يذو ولك ويام رَصُو ايند مَعَالْحَوَالِفٍ وطِبَعَأللَّهُ كوم مم يلون 0 توفت وخر تعن نف توم فل لاصوا نومري سكم قد تسَّأنا أله ننه من خْبَارِ حك وَسَيْرَى مس ئكخ وولف ثيس ]ل عدب اليب قدو يفك بع متنا َمَأو يلي َ أله و لحكُعإداأنشَلبِحْمْ ِو تعرضوأ أعتَص د 01 وم وى عوج لسداديّو س 0 م 8 2 2 سىس اعير سا يس - سح 4 ساح م 7 5 مود آله 221 َلِمْنَ اسك زيسرا تف 2 إن -- د ترضوا عَنُْم كاله ايَرْصَْع نالْمَوْ ا لْمسقيت 0 كان آخر الآيات السابقة التى بينت ذوى الأعذار أنهم لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم» وأنهم لا يجدون ما يحملهم من إبل أو خيل» ولا يجدون من يمكنهم من الركرب بإعارة أو تبرع أو نحو ذلك. فكان المناسب أن يذكر المقابل لهم الأغنياء الذين يجدون النفقة» ويجدون ما يحملهم» ومع ذلك يعتذرون عن الخروج بمعاذير كاذبة» ولذا قال تعالى: «إِنّمَا السّبيل على الّذين يسَحَأَذنوتك وهم أَعْسَاء 4 (إنما) أداة قصرء أى لا سبيل للعتاب أو اللوم أو العقاب إلا على الذين يبادرون بالاستكذان» وهم أغنياء 1# تفسير سورة التوبة لل ملل الل 41 لأس از يستطيعون الإنفاق ويجدون ما يركبون ويقطعون به الفيافى والقفارء وكلمة (السبيل) فى البيان القرآنى تطلق على الطريق للمؤاخذة» ثم العقاب من بعدها كما تقدم فى قوله تعالى: «إما على الْمُحْسنِينَ من مسبيل © وأن مؤدى هذا التعبير بيان أن ما يرتكبون سينتهى بهم لا محالة إلى عقاب شديد. والقصر هنا إضافى؛ لأنه فى مقابل أنه لا سبيل على الضعفاءء الذين سبق بيانهم» فالسبيل خاص بالذين يستأذنون وهم أغنياء. وقوله تعالى: 9 رضوا بأن يكونوا مع الْخَوالف 4 هذه جملة مستأئفة لبسيان سبب تخلفهم» وهو رضاهم بالمهانة والمذلة والاحتقارء إذ رضوا بأن يكونوا من الخوالف». وهن القواعد من النساء اللاتى لا يقاتلن» اللائى يعبر عنهن بربات الخدور» والخوالف أيضا الأشياء الفاسدة التى ترسب فى الإناء بعد تفريغه. وقد ذكر سبحانه وتعالى السبب فى هذا الرضا الذى لا يرضى به عربى سليم فى إدراكه لمعنى المروءة والكرامة» فقال تعالى: ط وَطَبَع الله علَى لوبهم 4 أى أنه بتوالى نفاقهم» وسيطرة الأحقاد على قلوبهم» ونسيانهم ما توجبه المروءة والأخلاق والكرامة والعزة» قد طبع الله تعالى على قلوبهمء وختمها على ما فيها من مفاسد نفسية وفكرية» فهم لا يعلمون الخير من الشر وما تكون عاقبته وبالا ومالا تكون. لا يعرفون أنه إذا نزلت نازلة الهزيمة أمام الرومان تكون على العرب وفيهم المنافقون» لا فاصل بين البرىء والسقيم. وإن دأب هؤلاء الذين يعتذرون عن مواقف الشدة بغير عذر أو بعذر كاذب أن يحسبوا أن كل كلام يقبل» سواء أكان مقبولا أم كان غير مقبولء فكانوا يفعلون ما يفعلون» ويحسبون أن النبى يَككِْةٌ يقبل معاذيرهم الكاذبة» وإن فساد قلوبهم وعقولهم يجعلهم يتصورون أن طيّبٍ القلب يقبل كل ما يدلون به» ولذلك أكثروا من الاعتذار عما يفعلون» كما يكثرون من الاعتذار عن النفور إلى الجهادء 8# تفسيرسورة التوبة 4 ل الل 0ااالللللل لل ا يي ١‏ ولذا قال تعالى عنهم: ا يعتذرون إليكم إذا رجعتم إلَيْهم قل لا تعتذروا أن تُؤمن لكم د يبنا الَهُ من أَحْبَاركُم وَسيرى الله عمَلَكُم ورسَولَه ثم تردُوَ إلى عالم الْعَيْب والشهادة ما كانوا يتوقعون أن يعود النبى يكو موفورا منصوراء بل كانوا يتوقعون أن ينال منه الرومان هو ومن معه من المؤمنين» حتى لقد كانوا يقولون فى مجالسهم»ء إن الرومان سيكبلون العرب,» والمنافق مسرف فى القول دائماء ولكنهم رأوهم قد جاءوا منتصرين» وتخاذل الرومان عن لقائهم» وقد راعهم ذلك» فبدءوا يعتذرون كاذبين» كما اعتذروا فى التخلف كاذبين» ولذا قال تعالى: «إ يعتذرون إِلَيكم إذَا . رجعتم إِلَيِهِم 4 سالمين أقوياء مسيطرين على أنفسكم أحرار) غير مكبلين» والاعتذارات كاذبة كقولهم لو نعلم قتالا لاتبعناكم» فيأمر الله تعالى نبيه بقوله تعالت كلماته: قل لأ تَعتَذرُوا 4 فكان النهى عن الاعتذار؛ لأنه كذب» والتمادى فى الاعتذار الكاذب تماد فى الكذبء والتمادى فى الكذب فجور وهو غير مقبول» ولذا بين السبب فقال: 9إأَن نُوْص لَكُم4, أى لن نسلم لكم بما تقولون من أكاذيب» ونحن نكذبها لأن النبأ اليقين قد جاءنا عن الله» ولذا قال تعالى فى سبب التكذيب وعدم التسليم لهم قَد نبا الله من أخباركم 4 النبا: الخبر الخطير» ول من 4 هنا للتبعيض» أى قد نبأنا الله تغالى ببعض أخخباركم وهو ما يتصل بنياتكم وبقلوبكم» وبالأفعال التى تقصدون بها إفساد عزائم المؤمنين» وتخذيلهم عن المجاهدين» وحقيقة ما تقصدون باعتذاراتكم وأنها كاذبة. ثم قال تعالى: ا وَسَيرى الله عملكم وَرَسولَُه 4 (السين) لتأكيد وقوع الفعل فى المستقبل» أى أنه ليس لكم أن تتكلموا فى الماضى» فالله تعالى قد علمه من قبل» ونبأنا به» وإنما الأمر الحاضرء وسيرى» أى سيشاهدء أو سيعلم علم المشاهدة أو الواقع اللّه ورسوله. 1# تفسير سورة التوبة 2 الل مامالل حب ل وهذا الكلام السامى يفيد أمورا ثلاثة: أولها ‏ أنه لا يصح أن تشغلوا أنفسكم بما استدبرتم من أمورء بل اشغلوها بما تستقبلون من أموركم» وثانيها - التهديد بأن الله تعالى ورسوله يعلمان أموركم فى المستقبل علما مؤكدا لا مناص من أن تتخلصوا من تبعاته» وإن الله تعالى سيحبط أعمالكم, وثالثها ‏ رجاء أن يدخل الخير قلوبكم» فتتوبوا عما أنتم عليه» ويصلح بالكم». فلا تعتذروا عن التخلف كاذبين. وينذرهم الله سبحانه وتعالى الإنذار الشديد فيقول سبحانه: « ثم تردون إلى عالم الغيب والشّهادة4 (ثم) للترتيب والتراخى» والتراخى هنا فى موضعه؛ لآن فيه الانتقال من الدار الفانية إلى الدار الباقية» فيه الانتقال من دار العمل إلى دار الجزاءء وقوله تعالى: 9 تردون» تفيد أمرين: أحدهما - أنهم يذهبون إلى هذه الدار غير مختارين» بل يردون إليها مدفوعين, ثانيهما ‏ فى التعبير بلفظ ما يفيد معنى الرجوع إليها بعد هذه الحياة» وكأنهم فى الدنيا فى سفر يعود بعدها المسافر إلى حيث إقامته وموطنه»ء فالإنسان ما خلق عبثاء إنما خلق لأجل البقاء فى الآخرة» فهى وطنه الأصلى إما نعيما مقيماء وإما عذابا أليما. والمرد فى الآخرة إلى الله تعالى حيث يلقاه العباد ويلقاهم بأعمالهم التى لا تخفى عليه منها خافيةء فلا نفاق ولا كذب ولا مراءاة» ولذا قال تعالى: ثم ترّدُون إلى عالم الْغَيْب والشهادة 4 الغيب هو المغيب أو المستور» وعالم الشهادة هو العالم الظاهر؛ فهو يعلم السر والجهر ويعلم الحاضر والغائب» يعلم ما كان وما يكون. ف« فينبئكم بما كنثم تَعمَلُونَ 4 و(الفاء) هنا للترتيب والتعقيب؛ إذ إن الإنباء يكون عقب الرجوع إلى الله تعالى» وذلك دليل على تأكد وقوع ما وعد به وتحققه وأنه لا مفر من قيام القيامة» ونزول ما وعد الله تعالى به. والإنباء فى هذا الحال» ليس بالأقوال» ولكن بالرؤية والأفعال فهو مجازء يرون أعمالهم» تنطق أيديهم وأرجلهم بما كانوا يفعلون» وتشهد عليهم ألسنتهم #ا تفسيرسورة التوبة ميل حلي 7 وجوارحهم وأفعالهم» فالإنباء فيه وعد ووعيدء فيه أن يعلم الناس ما فعلوا ويروا جزاء ما فعلوا حاضرا مهياً يستقبلهم ويستقبلونه. ابتدأ المنافقون بالاعتذار ليصدق النبى كلد ومن معه من المؤمنين معاذيرهم؛ لأنهم رأوهم جاءوا سالمين» وسولت لهم نفوسهم أنهم سيجيئون مقهورين مكبلين فى الأصفاد وزين ذلك فى قلوبهم» فلما جاءوا بالظفر والقوة ابتدءوا فاعتذروا فلم يقبل لهم عذرء فنزلوا عن بعض ما رغغبوا إلى أن يعرضوا عنهم» وينسوا ذلك الأمر الذى وقع ليستقبلوا. معاملة جديدة كما يجرى فى وهمهم» وكما يريدون أن يوهموا به المؤمنين» وحكى الله تعالى عنهم بقوله تعالت كلماته: ا سيَحَلفُونَ بالله لَكُمْإذَا نقتم يهم ُْرِضُوا عَنْهُمْ روا عنْهم إِنّهُمْ رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كَانُوا يَكْسبُودَ 462 (السين) لتحقق الفعل فى المستقبل» و انقلبتم 4 معناها رجعتم» وعبر عن الرجوع بالانقلاب؛ لأن المجاهد سائر فى طريقه إلى الأمام فإذا أراد العودة انقلب من السير إلى الأمام إلى العودة إلى الوراء» والتعبير بالانقلاب يفيد العودة مختار غير مقهور ولا مهزوم ولا متراجع . وحلفهم ليس للاعتذار» بل هو لطلب السكوت عنهم» ولذا قال تعالى: «( لتعرضوا عنهم 4 أى تسكتوا عنهم فلا تلوموهم ولا تعيروهم ولا تذكروهم بما رضوا به من قبل من القعود مع الخوالف» وقولهم ذرنا نكن مع القاعدين. طلبوا أن يسكتوا عنهم فأمر الله تعالى المؤمئين بأن يستجيبوا لهم لا إرضاء لنفوسهمء ولكن لأنه لا جدوى فى لومهمء ولأن الله تعالى يريد أن يسكتوا عنهم حتى لا يكثر قول النفاق منهمء ولذا قال: « فأعرضوا عنهم إِنهُم رجس... © فأعرضوا عنهم» فلا تلوموهم» ولا توبخوهم لأنهم رجسء أى أنجاس قذرهم لا يطهره لوم ولا عتابء كالشىء الذى يكون نجس العين مثل الخنزير» لا يطهره الماء» بل الماء ينجس بهء وكثرة القول معهم فى أنجاسهم يشيع قول السوء فى الذين آمنوا. 1# تفسير سورة التوبة 9 - > 11310 [ [ أ[ 1 21320010101111 لأس نا وأنهم وراءهم العذاب الأليم» فقال تعالى: « ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون » أى مستقرهم الذى يستقرون فيه ويأوون إليه جهنم جزاء بما كسبوه فى الدنيا من آثام فى أقوالهم وبثهم الشر والفساد بين المؤمنين وسعيهم وتثبيطهم لهمم وقلنا: إن التعبير فيه نوع من التهكم عليهم؛ لآن المأوى مكان الاطمئنان ' والراحة» وإن المنافقين يرتعدون من الإعراض عنهم ويسعون إلى طلب رضى النبى والمؤمنين» فيحلفون لهم بما يقرب قلوبهم» ولذا قال تعالى: يحلفون لكم لترضوا عنهم فَإن ترضوا عنْهم فَإِنَ الله لا يَرْضئ عن الْقَم الفَاسقينَ 69 © لقد أعرضوا عنهم ولكنه إعراض من لا ينسى ما كان منهم ولكن لا يذكرهء أعرضوا عنهم بوجوه مكفهرة» وما فى قلب المؤمن يظهر فى لمحات عينه وعلى وجهه فهو فى اشمتزاز منهم» وإن كان لا يتكلم بسوءء وهذه الحال لوم شديد» وهم يريدون إرضاءهم» فأحذوا عدتهم من القول» وهو الحلف ليدنوا منهم ويتقربوا من نفوسهم» وتتلاقى مشاعرهم وإحساساتهم» فيتمكنوا منهم» ويعرفوا دخحائل نفوسهم» وقد نهى الله تعالى عن ذلكء ولذا قال: فَإِن ترضوا عنهم فَإِنَ الله لا يرضئ عن الْقَوم الفاسقين 4 . والمؤمن يطلب رضا الله دائماء ويتبع ما يرضى الله ولا يفعل قط ما لا يرضى الله فإذا كان الله لا يرضى عنهمء فالمؤمن اتباعا لحكم الله تعالى لا يرضى عنهم . وإن رضا المؤمنين من غير رضا الله تعالى لا يجديهم؛ لأنه هو الذى يعاقب وهو الذى ينعم» ويشقىء فإن أرادوا الرضاء فليطلبوا رضا الله تعالى لا رضا المؤمنين وحدهمء ورضا الله فى أن يخلعوا أنفسهم من النفاق» ويخرجوا من إهابه» فبئس الإهاب يلبسونه. 2 ا تفسيرسورة التوبة ل الول أب أ وقد بين الله سبحانه وتعالى السبب فى أنه لا يرضى عن المنافقين ما داموا مستمرين على حالهم » وذلك فى قوله: ظفَإِنَّ الله لا يرضئ عن الْقَوم القاسقين» فإن الإظهار والمقام مقام الضمير»ء كأن يقول تعالت كلماته «فإنه لاا يرضى عنهم» وفى ذلك تعليل سبب عدم الرضاء وهو فسقهم وتمردهم على أوامر الله ونواهيه وتضافرهم على ذلك» حتى صاروا بذلك التفاهم على النفاق بينهم قوم قائمين عليه راضين به» اللهم اكف أمتك شر النفاق والمنافقين. الأعراب قال تعالى: لَك عاب أَسَدٌ مغر وَنْضَاقًا وَلْحد را ملوأ 0 دلي 22 قد دود مآأنرَلَ دعل رس ولو وله 1ك 0 اراب 3 مَتَذُ مإ مَعْرَمَا يبص يدا دير عَلْتهم دَايِرَة ألْسّوءِ وس 2 وَصِرح مج وم | 117 هه تم لخرود _-00. ع الْخَصَرَاب من بؤم رش يا َووا يومألا وبمتحد ل مه 2 مق يميعن َه وَصَلْوَنتِ ألر ماقي ٠. 0 -‏ ساع سا هق 0 وه هسم سيد جلهم لمق رت حمَيَدءَن 2 لقد تم نزول القرآن الكريم قبل وفاة الرسول َيِه والكلام على هذه الآية يدل على أن القرآن من عند الله تعالى علام الغيوب؛ لأنه يدل على أمرين وقعا بعد وفاة الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه: الأمر الأول: أن الأعراب أشد كفرا ونفاقاء ولذا ارتدوا أو أكثرهم بعد وفاة النبى عله حتى أحاطوا بالمدينة» ولولا وقفة الصديق < خليفة رسول اللّهمء والصحاية الأولين من المهاجرين والأنصار لاقتلعوا الإسلام. 1# تفسير سورة التوبة 2 اللا 111111110111111 1 0 الأمر الثانى: أنه عندما قويت دولة الإيمان عليهم) وهزموا هزيمة منكرة» رضوا بالصلاة دون الزكاة لأنهم اتخذوها مغرماء ولم يتخذوها قربات عند الله وتعاونا بين المؤمنين» وهو تعاون على البر والتقوى» ولذا لم يقبل خليفة رسول الله إلا الإسلام الكامل» والطاعةء وقالها مؤمنًا: إما حرب مجلية:» وإما سلم مخزية . ٠‏ ولقد تربص أولئك الأعراب الدوائر بالمؤمنين فانتتهزوا فرصة وفاة النبى يكل وارتدوا فدارت عليهم دائرة السوء. وإن ذلك كله دلائل على أن القرآن من عند الله تعالى العزيز الحكيم . الأعراب هم سكان البوادى فى خلقهم جفوة» وفى طبائعهم خشونة» وفيهم نفرة لا يأنسون بالناس ولا يأنس بهم الناس» وإن كان فيهم يقظة وسرعة حركة ونجدة» وهم لذلك أقل الناس علما وفكراء وروى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال: «من سكن البادية جفاء ومن اتبع الصيد غفل» ومن أتى السطان افتتن)» . ولقد قال ابن كثير فى تفسسيره: ولما كانت الغلظة فى أهل البوادى لم يبعث الله منهم رسولاء وإنما كانت البعثة من أهل القرىء كما قال تعالى: 9 وما أَرَسَلْنا من قبلك إلا رجالا نوحي إِلَيّهم من أَهْل الْقُرئ ... 69 4 [يوسف]» والقرى: المدن العظيمة» وخير القرى ما يكون قريبا من البادية أو فى وسطها كمكة والمدينة. . فهى تجمع بين قوة نفس البدوى وأنس الحضرىء وكذلك كان يبعث النبيون فموسى بعث بمدين» وعيسى بعث على مقربة من البادية» ومحمد بعث بمكة عليهم الصلاة والسلام» وقد وصف الله تعالى الأعراب بثلاثة أوصاف: أولها: أنهم أشد كفراء وثانيها: أنهم أشد نفاقاء وأفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنه لم يذكر الفضل عليهء وحيث لم يذكر الفضل عليه يكون المعنى أنه كفر بلغ أقصاه اي 8# تفسير سورة التوبة اكاك | .. بي وأشد أ اله ذ فر يلتقى فيه أ د» وعدم التفاهم» واا الشديد» والغلظة حوالة فهر يه ١‏ وعدم التماهم» و الحافية . ونفاقهم ليس كنفاق أهل المدينة» ولكن نفاقهم يكون بعدم الإيمان المطلق مع التسليم الظاهرء وعدم الإلف» وهم كما قال الله تعالى : ظٍِ قات الأعراب آما قل لم موا ولكن قُوُوا أَسلَسَا ولَمَا يَدَحْل الإيمان في قلُوبكم . .. 4069 [الحجرات]. والوصف الثالث هو قوله تعالى: © وأجدر لذ يَعلَمُوا حدود ما أنزل اللّه على رسُوله 4 إنهم بإقامتهم فى البادية كانوا جديرين وخلقاء ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله بألا يعرفوا أحكام الشريعة والفرائفض» وتوابعها وأحكام الجرائم» وعقوباتها, والمحرمات من النساء والأنكحة والمواريث» وغير ذلك من أحكام الشريعة التفصيلية . «وَأَجْدَرُ)4 أفعل تفضيل على غير بابه» إذ إن المفضل عليه غير موجودء والمعنى أنهم لبعدهم عن المدائن والقرى حيث العلم والفقه ‏ صاروا فى أغلب الأحوال جديرين بالبعد عن العلم بحدود الله تعالى. وفى مذهب مالك لا تقبل شهادة البدوى على الحضرى» ولا نجوز إمامته له» وذكر هذا القرطبى فى تفسيره وهو مالكى» ونقول إنه غريب عن مالك إمام دار الهجرة رضى الله عنه»ء وإن المؤمنين عدول فيما بينهم» والإمامة للأعلم فالأقرأ» وقد يكون فيهم أعلم وأقرأ» ووصف مجموعهم لا يقتضى وصف كل واحد منهم. 0 بؤولة غيم سكم ) فى بعلم ال على مصاعب الحياة وشدائدهاء ولذلك لما قضى الصديق على الردة» وأخلى 1# تفسير سورة التوبة 2 اللا م ل 0 لسر اا الأرض العربية منها ‏ جيّش الجيوش إلى كسرى وقيصرء وكان أكثرهم من أهل الأعراب الذين ارتدوا فوجه قوتهم إلى الأعداء. بعد أن بين سبحانه أخلاق الأعراب أخذ الحكم العدل اللطيف الخبير يبين أهل الشر منهم» وأهل الخير فقال تعالى: فإ ومن الأعراب من يَتَحْذْ مَا ينفق مَعْرَمًا ويتربص بكم الدوائر علَيهم دائرة السّوء واللّه سمِيع علي 62 4 . إن الأعراب الذين هم أشد كفرا ونفاقًا يرون المسلمين لهم القوة والسيطرة فما يدفعونه من زكاة يقدمونها على أنها مغرم أى مال وجب عليهم أداؤه» ولأنهم لا يؤمنون بالله ورسؤله ولا اليوم الآخر يعدونه مغرما ‏ والمغرم: الغرم أو الغرامة» والغرامة هى المال الذى يدفع فى غير مقابل» ولأنهم لا يؤمنون ولا يرجون خيرا فى عطائهم.ء وأصل الغرام الشىء الملازم» وأطلق على المدين الغارم» لأنه ملازم دائما من الدائن ولذا قال تعالى: 9 ... إِنّ عذابهَا كَانَ غَرَامًا 62 4 [الفرقان] . فهؤلاء الأعراب لاعلاقة لهم بالمجتمع» ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخرء يعدون ما ينفق من زكاة مفروضة غرامة» وينتظرون أن ينخلعوا من هذا المال معما مج له المفروض عليهم» ولا يؤمنون بوجوبه عليهم؛ لأنهم لا دين لهم وقال: «آ ويتربص بكم الدوائر » أى يتنظر ذلك الفريق من الأعراب أن تنزل بكم التكبات» «والدوائر) وهى جمع دائرة» والدائرة النائبة وهى فى أصلها مصدر كالعافية» وقد تكون اسم فاعل من دار يدورء أى نكبة دائرة» وتتعاقب على الناس» أى أن أولئك المنافقين غير المؤمنين من الأعراب يتتظرون أن تنال المؤمنين دائرة تذهب بقوتهم» فيتحللون من تلك النفقات المفروضة» وقد انتظروا حتى توفى الرسول ده فحسبوها فرصة فارتدواء ثم لما زادت الشدة من أهل الإيمان عليهم رضوا بالصلاة» وامتنعوا عن الزكاة» حتى دفعوها صاغرين بسيف الله الذى رفعه الصديق رضى الله تعالى عنه. # تفسير سورة التوبة 4647 لان لجل يي ويقول سبحانه: لهم دائرة السّوءِ 4 أى أنه ينزل عليهم نكبة السوءء وهنا فى (السوء) قراءتان» إحداهما بضم السين(1)» وهى المصدر بمعنى ما يسوءهمء فالدائرة نازلة ومقبلة» ولكنها ليست على المؤمنين بل على المنافقين من الأعراب» ولذلك هزمهم الصديق وخضد شوكتهم» وتقرأ السين فى القراءة الثانية بالفتح0") والسوء: الضرر والفساد وكل قراءة من القراءتين قرآن متواتر. وبجمعها يكون المعنى أنه يصيبهم نكبة تفجعهم وتسوءهم» وعاقبته مضرة شديدة عليهم أن يشرد جمعهم ويتفرق أمرهم وتسبى نساؤهم ثم يعتقن» وأن يقتل رجالهم وينهزموا. ثم ختم الله تعالى الآية ببيان أن ما ينوون وما يتربصونه يعلمه الله تعالى ويدبر الأمور على غير ما يريدون» بل على ما يريد الحق جل جلالهء ولذا قال تعالى : ل واللهُ سميعْ عليم 4 صدر الجملة السامية بلفظ الجلالة» لتربية المهابة فى نفوس القارئين والمستمعين» وملء القلوب برقابة الله تعالى؛ لأنه 8 سميع © يسمع ما تحدث به النفوس» وما تهمس به الأفئدة عليم 4 بكل شىء» يدبر الأمر على مقتضى علمه»ء وقد أحاط بكل شىء علما. وأن الله يعلمنا الإنصاف فى الأقوال والأفعال» ولله المثل الأعلى» فيذكر تعالت كلماته بجوار المنافقين من الأعراب الأبرار فيقول عز من قائل : وس اراب م يله وام الخ نخد ماي تعد اله وَصَلَوات الرُسُول ألا إِنهَا ُرَةٌ َم سيدَحلَهُم اللَّهُ في رَحَمته إن لله غفُور رُحيم 69 4 . هذا هو الصنف من الأعراب الذى أخلص لله تعالى» وسلمت قلوبهم من النفاق» وآمنوا بالله وأقاموا الصلاة» وقد ابتدأ سبحانه وتعالى بالإيمان بالله تعالى» 000( قراءة (السوء) بضم السين والمد» قراءة ابن كثير وأبو عمر» وقرأ الباقون(السّوء) . غاية الاختصار (955). () السابق. 0# تفسير سورة التوبة ( اللللللل ااا 11 ههه < يي فقال: ل ومن الأعراب من يؤمن باللّه والْيِوْم الآخر» ذكر سبحانه وتعالى الإيمان بالله تعالى وهو الإيمان بوحدانيته» وأنه الخالق من غير شريك» والواحد فى صفاته من غير ممثل» والمتفرد بالآلوهية والعبادة وحده سبحانه وتعالى» والإيمان بأن له رسلاً أرسلهم إلى خلقه ويؤيدهم بمعجزات باهرة تدل على أنهم يتحدثون عن اللّه» وأنه أرسل محمد بالهدى ودين الحق بشيرً ونذير) وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. فذكر الإيمان بالله تعالى يقتضى الإيمان برسله عامة ورسالة محمد َكل خاصة» وقال تعالى: واليوم الآخري وهو يوم القيامة وما قبله من بعث ونشور وحساب وثواب وعقاب, فكل ذلك إيمان باليوم الآخحرء وهو إيمان بأن الإنسان لم يخلق عبثاء وأن الدنيا قنطرة الآخرة. وقوله تعالى وهو ما يتبع الإيمان: «إويئخذمًا ينفق فُربَات 4 ومعنى لإيتَحخذ) ينعلها قاصدا أن تكون قربات» لا كالذين فعلوها على أنها مغرم من المغارم يغرمونهاء قُربَات4 أى يفعلونها متقربين بها إلى الله تعالى» فالقربات جمع قربة» وهى ما يتقرب به إلى الله تعالى» وجمعها لتعدد الخير فى الصدقات فهى طاعة لله تعالى وهذه قربة» ووقاية النفس من شحها وهذه قربة أيضاء ومعاونة اجتماعية وهذه قربة رابعة» وعلاج لأدواء المجتمع الإسلامى بإعطاء السائل والمحروم حقهماء وتلك قربة خامسة؛ وطب لنفوس المحاويج حتى لا يحقدوا على المجتمع» وهذه قربة سادسة. وهكذا تجتمع القربات فى الزكاة وهى الإنفاق فى سبيل الله . «إ وصلّوات الرُسول 4 معطوفة على ما ينفق قربات للرسول؛ وصلوات الرسول قال أكثر المفسرين إنها جمع صلاة بمعنى دعاء أى دعوات الرسول التى يدعو الله تعالى بها عند قبول الصدقات» أى أنهم يتخذون الزكاة قربات لهم 8# تفسير سورة التوبة ال ل ل الل الل للب لب ا ودعاء الرسول بالبركة يتخذونها قربات أيضاء ويزكى ذلك قوله تعالى بعد ذلك: ألا إِنّها قربة لهم 4 . وقد خطر على ذهنى أن قوله تعالى: « وَصلَوات الرّسُول 4 معطوفة على قوله «إما ينفق قُرَبَات »4 أن الظاهر الصلوات المفروضة وليس الدعاء المقرون من الرسول بقبول الصدقات وإضاتتها إلى الرسول يله باعتبار الصلاة فرضت فى القرآن» وبينها النبى يل بيانا عملياء فقال معلما للمؤمنين «صلوا كما رأيتمونى أصلى2172 فكانت صلوات المؤمنين جميعا هى صلوات النبى يكو فكانت إضافتها إليه يِه باعتباره المبين لهذه الفرائض ويكون هؤلاء المتقون من الأعراب قد قاموا بالصلاة والزكاة معاء لا يفرقون بينهما كما أراد المرتدون. ثم قال تعالى: ألا إنّها قربة لهم 4 . الضمير ‏ على ما قلنا - يعود إلى الصلوات» وعلى قول أكثر المفسرين يعود إلى ما ينفقون فى سبيله» ولا شك أن عوده إلى الصلوات أوضح؛ لأن الضمير مؤنث» وهو أجدر بأن يعود على جمع مؤنث. و(ألا) هنا أداة تنبيه» وهى تفيد معنى القربة وتؤكده» وتغنى عن ذكر وصف الصلوات بأنها قربة أيضا. وقوله تعالى: ٠‏ سيدخلّهم اللّه في رَحمّته 4 : (السين) لتحقق الدخول فى الرحمة»ء والرحمة إما أن يراد بها الجنة وعبر عنها بالرحمة؛ لأنها نعيم مقيم وأعلى رحمة يعلو الإنسان إليهاء وإما أن يراد بها الرحمة الشاملة المذكورة # .. ورحمتي وسعت كل شيء .. . #0259 [الأعراف]» لتشمل الجنة وغيرها ويكون المعنى أنهم باتخاذهم ما ينفقون والصلوات ‏ تحيط بهم رحمة الله تعالى لا يخرجون منها إلا إليها. )١(‏ سبق تخريجه. 8# تفسير سورة التوبة 2 للفلا لل المللللل لحب أ وقد ختم اللّه تعالى الآية بما يفتح باب التوبة للأعراب» ا أقرب المنافقين فى المدينة الذين مردوا على النفاق فقال تعالى: إن الله عور رحيم » أكد غفران لم هعاامىي الله تعالى ورحمته ب (إن) المؤكدة» وبالجملة الاسمية» وبصيغة ة «( غَفور رُحيم 4 . وبعد أن بين الله أحوال الأعراب ما بين مؤمن ومنافق» ذكر أحوال الذين سبقوا إلى الإيمان. السابقون قال تعالى: 0120 ىس عير د و وَاَلْسَيفُو رت الأوَلون سَالْمهرنَوَالأنصَار الي : 0 و ا لح ل لوه كاه 0 0 وعد ل جَنَتٍ تبَصْرى هنر حدِينَ فيها أبدا دمط لكوت الت َك وليل 72 وبَأ للد ب مر وأعلَألِتمَاقٍ ل عَم 0 0 وخر سيا عسى ع لَه أن يسوب علج الله مورحم 1 حَذْمِنَأَموِمْصدَ صَدَقة وهم ورك يبا وَصَلْ عليه إِنَصَلَوِتَكَ سكن طم وألهمسِ سَحِيعٌ ليم 0 بعد أن بين سبحانه أحوال المنافقين فى المدينة بين أصنفا ثلاثة من الذين يحيطون بصاحب الدعوة: أولهم وأتقاهم: هم الذين قامت عليهم دعامة الإسلام» وآمنوا بالله ورسوله واليوم الآخر. ##ا تفسير سورة التوبة الل ااال اللللل م را 2 وثانيهم المنافقون حول المدينة» والذين مردوا على النفاق فى داخلهم ٠‏ والله تعالى يعلمهم. وثالثهم: فريق خلط عملا صالحا وآخر سيئاء وأفاقوا واعترفوا بذنوبهم فعسى الله تعالى أن يتوب عليهم» وهو التواب الرحيم. الصنف الأول ذكره الله تعالى بقوله: 9 والسّابقون الأولُون من المهَاجرين والأنصار» السابقون الأولون هم الذين سبقوا إلى الإسلام» والنبى يَكِةِ منفرد قد أنذر عشيرته الأقربين» فأعرض بعضهم وأنكروا شديد التكير. ومن لم يعرض وقف حائراً بين غرابة ما يدعى إليه وماضى الصديق الأمين. والذين كانوا من الضعفاء ولم يكونوا من الأقوياء إلا نفر قليل» والضعفاء كان منهم الرومى» ومنهم الفارسى ومنهم الحبشىء وكونوا الخلية الأولى للإسلام» ولكنهم وإن كانوا قليلا كانوا بإيمانهم واستمساكهم وتفديتهم للؤسلام كانوا أقوى وأشدء وكانوا يتبعون النبى يَلكٌِ سرا ولا يجهرون حتى انضم إل عمر فاعز الله نبيه وأولئك الضعفاءء وكان أن صدع بأمر الله كأمر ربه. 8 فاصدع بمَا تؤمَر وأعرض عن المشركين 5 4 [الحجر]ء ولما علم أهل المدينة بدعوة محمد قابلهم فى العقبة الأولى ثم فى العقبة الثانية» وهاجر ومن معه إليهم فآووا ونصرواء وإذا كان الأولون قد سبقوا إلى الاستجابة» فقد سبق الأنصار إلى إنشاء دولة الإسلام» وإذا كان الأولون قد سبقوا ابتداء ولهم فضل الهجرة»؛ فقد سبق الأنصار إلى بناء الدولة» ونالوا أفضل الإيواء والنصرة. والذين اتبعوهم بإحسان فى هذا الدين ممن أسلموا وهاجروا ثم اشتركوا فى الإيواء . وهناك قراءتان إحداهما بالواو('2 (والذين اتبعوهم بإحسان)» ويكون هذا لبيان فضل من جاء بعدهم من نهجوا منهاجهم فى حياتهم» ومن جاءوا بعدهم. )١(‏ قراءة العشرة. وهى المتواترة. 1# تفسير سورة التوبة 2 الممال ااال لك لجل _رر يي ومن فى قوله تعالى: من المهاجرين والأنصار» بيانية» أى هم المهاجرون والأنصار. وهناك قراءة من غير الواو7'“. ويكون من تبعوهم بيان لفضل الأنصار وتكون بدلا أو عطف بيان» أى أن المهاجرين سبقوا وتلقوا الأذى والبلاء. والأنصار نصروهم واتبعوهم بإحسان أى اتبعوهم بإتقان وإجادة. ورضا وتقبل بقبول حسن» ولقد ذكر الله تعالى مناقب المهاجرين والأنصار وجزاءهم. فذكر الجحزاء الأعلى وهو رضاهم بالله وليا ونصيراء ورضا اللّه تعالى عنهم أحباء لله تعالى» فقال: 9 رضي الله عنهم ورضوا عنه 4 ورضوان الله تعالى أكبر جزاء على الطاعات» فقد ذكر الله تعالى الجزاء من جنات ونعيم مقيمء ثم قال: ... ورضوان من الله أكبر ... 02 4 وقد قدمه تعالى على كل جزاء من بعدهء فالإحساس برضا الله أعلى درجات الجزاء. ووصفهم اللّه بأنهم رضوا عنه» رضوا بتكليفاته» وتقبلوها بقبول حسن» وقاموا بحق طاعته» وأحبوا الله لا خوفا من نار ولا طمعا فى جتتهء بل لكمال ٠‏ حبته» وتلك هى المنزلة العليا فى العباد؛ لا يعبذه سبحانه حوفا ولا طمعا. ولكن نيجية ) وسعادة بعبادته . ومع هذه المرتبة العليا من المكالة التى لا تعلوها مكانة» ولا ينهد إلى مثلها جزاء وعد لَهُمْ جنات تَجري تَحنها ديار خَالدين فيه بد . زيادة «من» وفى غيره خلو منها('"2؛ وفى الجنات الثمار الطيبات وتعدد الجنات لتعدد ثمارهاء ففيها فاكهة ونخل ورمان» وغيرهما مما لا عين رأت ولا أذن . قراءة:(الذين) بغير الواوء ليست فى العشر المتواترة‎ )١( زفق «(تجرى من تحتها). بإثيات (من) قراءة ابن كثير» وكذلك رسم هذا الحرف فى مصحف أهل مكق وقرأ الباقون (تجرى تحتها), وكذلك رسمها فى بقية المصاحف. انظر المقنع- ص5 2٠١‏ السبعة-ص17 لا والنشر-/ .١6١7‏ غاية الاختصار- برقم (/951). م تفسيرسورة التوبة ذال ألئللئاك! اا اناا لاا ااااا]اازاالل الك 1م لطاااالازاالا مخ لل الت اك كطخ مخ الماع مقطو امن اللا الاوك و خط ططق وما ماعن )لتلا جب وبر يي سمعت» ولا خطر على قلب بشرء ولا يخاف-فيها الفوت» ولا الانقطاع» ولذا قال تعالت كلماته «(خَالدين فيها بدا » والخلود ذاته نعمة؛ لأن البقاء نعمة» والفناء فيه الخوف. ( ذلك القوز العظيم 4 الإشارة إلى هذا الجزاء العظيم من رضوان منهء ورضا بأمره ونهيه» وقضائه خيره وشره وجنات متعددة الثمار مختلفة الألوان والأنواع» هو الفوز العظيم» ولا فوز يقابله أو يناهده» ومن ناله فقد نال خير الدنيا والآخرة. ذكر الله تعالى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين جاءوا من بعدهم واتبعوهم بإحسان فى وسط الكلام فى المنافقين؛ ليتميز الخبيث من الطيب» وليكونوا قدوة لهم إن أرادوا الهداية» ولقد عاد القول إلى المنافقين فقال تعالى : نوكم م الأغراب افقو وأ سدينة مرا ل لقال تعلمهم نحن نعلمهم ستعذبهم مُرتين ثم يرون إلى عذاب عظيم (6 > . هذا هو الصنف الثانى ممن شملتهم الآيات الكريمة» وهم الذين شغلوا الكثير من الآيات الكريمات»: وشغلوا أفكار المسلمين بتخلفهم المرة بعد الأخرى. واعتذارهم الكاذب فى كل مرة ويحلفون بالله كاذبين مجترحين الأثام بعد الآثام, ويكرر الله تعالى ذكرهم لأنهم آفة الجماعات» وداؤها الدوى» ولا تنهض جماعة إلا بإبعادهم عن بيئتها الفكرية. «(وممن حَوَلَكُم مَنَ الأعراب متافقون» وهم قبائل مختلفة ‏ ذكر بعض المفسرين قبائلهم» فقال من مزينة وجهينة» وأسلم وغفار وأشجعء ناس منهم وليسوا كلهم» ولذا ذكر بعضهم فامن» فى قوله: لممّن 4 أى (من) المدغمة فى (مَنْ) أى بعض من حولكم من الأعراب منافقون أتقنوا النفاق وأجادوه؛ حتى إنهم ليحسنون إخفاء ما فى بطونهم» فلا تعرفهم فى لحن القول» كما تعرف 1# تفسير سورة التوبة ل الملل وم لحب ا 0 فقال الله تعالى فيهم: «. .. ولتعرفهِم في لحن ©4 [محمدا, ولقد قال للنبى يَكلةِ: «إلاتعلمهم 4 أى مع فطنتك وق اكه للخ )الكل حرا جل جلك وهو يعلم ما تسره النفوس» وما يناجون به فيما بينهم» وهذا نفاق فيمن حولكمء» أى يحيطون بدياركم ويجب الحذر منهم والاحتياط لهمء وتكشف أمرهم حتى لا يخدعوكم. ومن أَهل الْمدينة 4 الذين يتتبعون عورات المؤمنين» ويتسمعون مواضع الضعف فيكمء» وهؤلاء أصلاء فى النفاق من وقت أن رأوا القوة فيكم» فأسروا الكفر وأظهروا الإسلام» ودأبوا على النفاق ولجوا فيه.» حتى صار النفاق عليهم سهلاً ميسراء وعبر الله تعالى عن دأبهم فى النفاق © مردوا على التفاق 4 وتجردوا له حتى خلصت نفوسهم له حتى صاروا لا يستطيعون الصدق لو أرادوه» والإخلاص لأمر من الأمورء ولقد صاروا مهرة» من مرد فلان على العمل» إذا مهر فيه . ولذلك رتب على مرد أن الرسول الفطن الأريب لا يعلمهم» والله علام الغيوبء وما تحدث به النفوس يعلمهمء وإن الله إذ يعلمهم يعذبهم فى الدنيا والآخرة» ولذا قال: ستعدبهم مرين ثم يردن إلى عذاب عظيم 4 وقوله تعالى: ( سنعذبهم مُرَتينِ 4 غير العذاب الأليم الذى يردون إليه» وأن توزيع العذاب عليهم يجعل العذاب مرتين» والعذاب الذى يردون إليه فى الآخرة. وقد اختلف المفسرون فيه» فقيل العذاب مرتين عذاب الفضيحة» وعذاب القبر» وقيل العذاب مرتين الفضيحة» وتنفيذ الحدود فيهم وأخذ الفرائض منهم وإنى أرجح: أن العذاب مرتين هو الفضيحة., ورد كيدهم فى نحورهم» وفساد تدبيرهم» وغيظهم من أن المسلمين بقيادة النبى كَِْةٌ يخرجون من كل تدبير دبروه سالمين» وأميل إلى الذين فسروا قوله تعالى: ا ستعذبهم مُرَتينِ4 إلى أن مرتين كناية عن كثرة العدد» وترادف المرة بعد المرة» مثل قوله تعالى: 9 ثم ازجع . ##ا تفسيرسورة التوبة ' لحي الللم لانن ١ ا‎ ىي - ال مر كرَنين ين ب إليِك البصر حَاسئًا وهو / 1 © #4 [الملك] وقد عذبوا مرات» كل مرة تتلوها أخحتهاء عذيوا بعد أحد» وبعد الخندق» ومن قبل وبعد بدر» وفى كل غزوة كانوا يتمئون فيها الخسارة للمؤمنين» ولقد قال تعالى فيهم: : #أولا يرون #2 286 وم - أنّهُم يفون في كل عام مرَة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يَذَكُرُونَ 059 © . و(السين) فى قوله تعالى سنعذبهم لتأكيد وقوع العذاب المتكرر بهم» وهو عذاب نفسى وعذاب بدنى كما وقع لقريظة» وعذاب مالى كما وقع لبنى النضير قال تعالى: ثم يردون» ثم ينقلبون إلى عذاب عظيم فى نار جهنمء و(ثم) هنا فى معناها من حيث التفاوت بين عذاب الدنيا وهو مكررء وعذاب الآخرة الدائم الذى لا ينتتهى» ويردون فيها معنى الدفع لهم عن الذى كانوا يحسبونه إلى عذاب عظيم» والتنكير هنا لتكثيره وشدة آلامه كما قال تعالى : « إن المنافقين في الدّرك الأَسَفل من الثّار .. . 659 © [النساء] . وبيعد أن ذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ذكر الذين تابوا واعترفوا بذنوبهم . فقال تعالى : الإو غووة افوا نوم سوا َل مالعا وت سيا عسي هذا هو الصنف الثالث» وهم الذين تخلفوا فى غزوة تبوك» فالقسم الأول من المهاجرين والأنصار ومن اتبعوهم بإحسان واقتدوا بهم» وإن لم يسبقوا سبقهم وهؤلاء ما تخلفوا عن غزوة غزاها النبى وكيك والقسم الثانى المنافقون الذين تخلفوا وكانوا يتمئنون الهزيمة للمؤمنين. والقسم الأخير تخلفوا من غير معذرة» ولم يدنسوا ألسنتهم بكذبهم.» وكبر أمرهم فى أنفسهم عندما نزلت الآيات للمتخلفين» فجاء بعضهم وربطوا 8# تفسير سورة التوبة اللو الالال االو ١: ااا‎ يي أنفسهم على سوارى المسجد وأقسموا ألا يحلوا أنفسهم إلا إذا حل رسول الله كَل رباطهم؛ فلما جاء من سفره وإنه كان من ستته أنه إذا جاء من سفر صلى لله ركعتين» فلما رآهم أبى أن يحل وثاقهم حتى يجىء أمر الله بذلك» وقد نذروا أن يتصدقوا بأموالهم إن غفر الله لهم تخلفهم. فغفر الله تعالى لهم بهذه الآية التى فيها (إعسى الله أن يتوب عَلَيهم 976 . فلما تاب الله تعالى قدموا من أموالهم» وبعضهم قدم كل أمواله تكفيرً عما اجرح من سيئة التخلف وهو قادر» ويقول تعالى فى شأنهم: 8 خَلَطُوا عملا الحا 4 وهو الجهاد السابق والإيمان» والإحساس بالذنب» والتوبة النصوح» والتصديق» والآخر السيئ؛ وهو التخلف فى الجهاد الذى بعدت فيه الشقة» وهذا أمر سيئ؟ لأنه عصيان لآمر الله تعالى؛ ولأنه تخاذل فى وقت الشدة؛ ولأنه إيثار للراحة على الجهاد. وقوله: لا خَلَطُوا عمَلاً صالحا وَآخَرَ سينا 4, أى جمعوا بين الخير والشرء ولم يقل سبحانه وتعالى ‏ ولكلامه المثل الأعلى - خلطوا بعمل صالح آخر سيئا من غير تمييز بين المخلوط والمخلوط به؛ لأنه ليس المقصود معرفة المخلوط من المخلوط به» إنما المقصود أنهم جمعوا بين الصالح والطالحء» وقوله تعالى: «إعسى اللّه أن يتوب عليهم 4 الرجاء ليس من الله إنما هو من العبادء يرجون أن يتوب الله عليهم أى يرجع عليهم بقبول التوبة. أو يقال إن الأمر مادام قد اختلط الخير بالشر وكان الترجى فإن الأمر يرجى فيه قبول التوبة؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات. ولأن الخير الغالب برحمة الله يذهب بالشر المغلوب» وأن غفران الله ورحمته يطلبان قبول التوبة حيث كان لها مسوغ. لأن الله تعالى يقبل التوبة من عباده» ولأنه غافر الذنب قابل التوب شديد العقاب» وختم الله تعالى الآية بقوله: إن الله عفُوررّحيم4 فى هذه الجملة )١(‏ راجع ابن جرير الطبرى: جامع البيان /1١١(‏ 11 كما أخرجه ابن المنذر وابن أ بى حاتم وابن مردويه والبيهقى فى الدلائل. الدر المنثور (5/ 774) . 1# تفسير سورة التوبة حو ل ل ل مامالل #يجل بك يي السامية تأكيد لمعنى الغفران وقبول التوبة رحمة بعبادهء وذلك لأن الجملة السامية مؤكدة الغفران والرحمة ب (إن) الدالة على التوكيدء وبالأوصاف للذات العلية «غَفُور رّحيم 4 وبالجملة الاسمية . ظ وقد كان أولئك التائبون المعترفون بذنوبهم يقدمون أموالهم تكفيرا عن ذنوبهم» فأمر الله تعالى نبيه الأمين أن يأخذها فقال تعالى: «خذ من أُموالهم صدقة وهم اوم عه املاط سكن لوال سعط 49 يحسب بعض الكتاب فى التفسير القرآتى أن فى هذا النص خْذ من أَمُوالهم صدقّة > به فرضية الزكاة» ونحسب أن الزكاة قد فرضت قبل ذلك» وإنما هذه الصدقة المطلوبة من الصدقات التى تكفر المعاصىء أو من المطلويات التى تعم المفروض والمندوب ولقد قال النبى يكل «الصدقة تطفئ الخطيئة» كما يطفئ الماء النار» 2١7‏ ولقد كان من بعض الخطائين الذين تخلفوا فى تبوك من أراد التصدق بكل ماله تكفيرا عن خطئهم فى التخلف», وإحساسا بكبر ما ارتكبواء وقوله تعالى: « تطْهّرهم 4 وهناك قراءة بسكون الطاء» وعدم الإدغام فى الهاء من أَطْهّر والمعنى فى القراءتين أن الصدقة تطهر نفوسهم من شحها؛ لأن من تخلف محافظة على أن الزمان كان زمان إثمار وإنتاح زراعى» فالصدقة علاج الشح. ومطهرة النفس منه» وقوله تعالى: 9 وترَكيهم 4 قال الزمخشرى: إن التزكية تصح أن تكون بمعنى المبالغة فى التطهير حتى تكون نفوسهم بتطهيرها نامية بسبب التطهير» فتكون مشتملة على معنى النماء؛ لأن المبالغة فى التطهير نمتها أو نت النزوع إلى الفضائل فيهاء أو تقول: إن معنى التزكية من الرسول ذَلْةٌ أى يصفهم بما يكون تزكية لهم وثناء عليهم» أى يزكيهم يَكِهٌ بهذه الصدقات الطاهرة. )١(‏ سيق تخريجه. 1# تفسير سورة التوبة مالل الاك م لأس اا وطمن4 فى قوله تعالى: «إخد من أَمُوالهِم © للتبعيض أى خذ بعض أموالهم» وليس من المستحسن أن يأخذ كل المال» بل يبقى لأهله ما يكفيهم بالمعروف» والآثار الصحاح قد وردت عن النبى يلك بأنه كان لا يستحسن الأكثر من الثلث» فقد قال سعد بن بن أبى وقاص عندما استأذنه فى الوصية قال َكل «الثلث» والثلث كثير» إنك إن تدع أولادك أغنياء خيرمن أن تدعهم فقراء يتكففون الناس» . ومع هذه الصدقة التى أمره الله تعالى أن يأخذها منهم أمره سبحانه بأن يصلى عليهم» فقال تعالى: ‏ وصل علّيهم إن صلاتك » الصلاة هنا بمعنى الدعاء والاستغفار» والتعدية ب (علئ) للإشارة إلى أنها سابقة لهم فائضة بالخير عليهم نازلة بالبركات عليهم» وقد ذكر الله سبحانه الغاية الواضحة من الصلاة وهى أنها 9 سكن لهم 24 والسكن معناه الاطمئنان وقرار النفس» وذلك الاطمئنان يكون بردا وسلاما عليهم؛ لأنهم كانوا شاعرين بعظم جرمهم فيتوهمون بفرط إحساسهم وإيمانهم بأن ذنبهم غير مغتفرء فصلاته يَكْكٌ اطمئنان لهم» وقرار لنفوسهم» ثم ختم الله تعالى الآية بقوله عز من قائل: « واللّه سميع عَلِيم » أى سمع اعترافهم المطهر لنفيوسهم وندمهم على تخلفهم عليم بضمائرهم الطاهرة التى زادها الاعتراف طهارة» واستحقوا تزكية النبى مَل . الله يقبل التوبة عن عباده يلوا له هوبل اتوي عَرْعِبَادِووبأحْد صََدَقتِ وَأكّ َس هوَالتوَابُ ريع 0 وك لِأَعَمَلُوأ سر سرك لت عمل 5غجمم لآ احم 1# تفسيرسورة التوبة اكاك .2 يي ل 020 ته 0 26 وح مرو 7 ورسولة 5 الوصو ---112 لواحيب آله ل - وم يحَقَديمَا كمون 07 يؤكد الله سبحانه قبوله للتوبة حتى لا يسرف العصاة ولو كانوا منافقين على أنفسهم» ويظنون أنه لا رجعة إلى الله وإلى الحق» فإن اليأس يولد النفرة والنفرة تولد الكفرء والرجاء فى الله يكون معه الرجوع إليهء والرجوع إليه يكون معه الإيمان» ولذا قال: قل يَا عبّادي الّذين أَسَرقُوا على أنفسهم لا تَقََطوا من رَحَمَّة الله © [الزمر]. « ألم يَعلّموا 4 فيه قراءتان إحداهما بالياء والأخرى بالتاء(2» فأما التى بالتاء فتكون خطابا للمؤمنين» وتقريرا لحقيقة دينية يجب الإيمان بهاء وأن يعلموا أن الله تعالى لا يترك المذنب فى ردغة الذنب» بل إنه سبحانه يفتح له الباب لتطهير نفسه من الذنوب وتخليصها منهاء والله تعالى منه قريب يستجيب دعوته إذا دعاه؛ ويغفر له إذا استغفره بقلب سليم لم يركس» ولم يستغلق باب التوية» وعلى القراءة بالياء تكون الآية الكريمة فى شأن العصةة الذين تابواء والذين لم يتوبواء وترجى توبتهم» فهى دعوة لمن لم يتب ألا ييئس من روح اللّهء ويعود إلى الله ورسوله والمؤمنين» إن الإسلام يستجر الناس إلى الخير فقد جاء داعيا إليه» ولا يستجرهم إلى العصيان حيث يكون العقاب. وطأَلَم 4 - فى قوله تعالى: ألم يعَمُوا4 فيه (الهمزة) للاستفهام الإنكارى بمعنى النفى» و(لَّم) للنفى» ونفى النفى إثبات» فيكون المعنى تأكيد علمهم بأن الله يقبل التوبة عن عباده» ويأخذ الصدقات التى يريدون بها تكفير سيئاتهم» واللّه تعالى هو المتصف بأنه التواب الرحيم» الذى يكثر قبوله للتوبة رحمة بهم؛ لأنه الرحيم الغفور الودود. 2000 قراءة (ألم تعلموا) بالتاء خطابا: قراءة جبلة عن المفضل عن عاصم. وقرأ الباقون بالياء.غاية الاختصار( 0 95). تفسير سور التوبة 2 لل 000 أب أ والتقرير هنا لتطمئن نفس التائب» فهو تقرير لقبول التوبة» واطمئنان العاصى إلى أن التوبة جبّّت ذنبه» والتعدية ب (عن) فى قوله تعالى: 9 يَقبلَ الَوبَ عن عباده 4 لتضمن قبول التوبة معنى التجاوز عن المعصية التى عصاها المعبود» فالمعنى على ذلك: يقبل التوبة مستجاوز عن سيئات عباده؛ شأن القادر العليم الحكيم الذى هو فوق عباده» وفوق الوجود كله. وفى قوله تعالى: وياد الممّدقات 4 مع أن الذى ينتفع بها العباد. ويأخذها النبى يَكلَةٌ ويوزعها عليهم ‏ تشريف لمن يعطيها؛ لأن الذى يأخذها رب العباد» وكأنما العبد يعطيه هو جل جلاله» وذلك مثل قوله تعالى: 9 من ذَا الذي يقرض الله فرْضًا حَسَنا فَيضاعفه لَه أَضْعَافًا كَثِيرَة ... 452 [البقرة]ء فهذا النص السامى فيه حث على الإكثار من الصدقات. والخلاصة فى ذكر أن الله يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات أن ذلك تهيبجح للحث على المسارعة بالتوبة» والمسارعة إلى الصدقات». فكلتاهما خير يتلقاه الله تعالى بالقبول» ووصف الله تعالى صفة مؤكدة بأنه التواب الذى يكشر قبول التوبة؛ لأنه الرحيم . ولذا قال تعالى بعد ذلك مترقبا أن يعملوا الخير ويتوبوا: « وقل اعمَلُوا فَسيَرى الله عَملَكُم ووَسولَه وَالْمؤْمنُونَ وَستُرَدُونَ إلى عَالم الَْيْب والشهادة فيبتكُم بما كم تَعَملُونَ 6-9 4 . أمر الله تعالى نبيه بأن يخاطب المؤمنين الذين أخطأوا والذين لم يخطتوا بأن العبرة بالعمل الحاضرء فإن كانوا عصاة فليتوبواء وإن كانوا من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم فليستمروا على المنهاج الذى ارتضاه لهم ربهم أمر نبيه بآن يقول لهم: «( اعملوا فَسيَرى الله عملكم ورسوله والْمُؤْمنُون) . و تفسيرسورة التوبة ‏ لبلب __ر: يي إذا كان الله تعالى يقبل توبتكم» وباب التوبة مفتوح لا يغلقه الغفور الرحيمء فاعملوا أيها الناس» اعملوا لما يرضى الله تعالى ولا يمنعكم ذنب أذنبتموه» أو خطأ وقعتم فيه من أن تعملواء والخطاب عام للمؤمنين وغيرهم وليس للتوابين وحدهم» ولا للمتخلفين وحدهمء ولكنه موجه للجميع» ليعمل المذنب الخير ويستر غيره. وقوله تعالى: طفَسيرَى الَّهُ عملَكُم ورَسَوله وَاْمؤمنون4 قال بعض المفسرين إن فى ذلك تهديد أو إنذارء ولكنا نرى أن فيه تحريضا على العمل الصالح ورؤية الله تعالى يعقبها جزاؤه إن خيرً فخير وإن شرا فشر» والرسول يرى العمل فإن كان خيرا أقره» وإن كان شرا نبه إليه ودعاهم للإقلاع عنه» ورؤية المؤمنين ليعلموا حال من يخالطونهم فإن كانوا أشرارا نصحوهم ثم اجتنبوهم» وإن كان عملهم خيرا عاونوهم وأقروهم» وأكد أنه والرسول ومن معه يرون الأعمال» وذلك لأن (السين) تفيد تأكيد تحقق الوعد الذى وعده الله تعالى» ولقد جاء.فى الحديث الصحيح برواية أبى سعيد الخدرى: «ولو أن أحدكم يعمل فى صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان"١2‏ والناس يشهدون على الخير خيرا وعلى الشر شراء والرسول يشهد على الناس» كما يشير قوله تعالى (١‏ ... لَتَكُونُوا شهَداء علَى النّاس ويكون الرّسول عَلَيَكُمْ شهيدا ... 659 4 [البقرة]. « وَسترَدُون إلى عَالم اليب والشهادة 4 . السين لتأكيد وقوع ما بعدها فى المستقبل» أى ستعودون إليه سبحانه؛ وتعرض عليه أعمالكم لا تخفى منها خافية» فإن كانت خيراء أو شرا تبتم منه وأحسنتم التوبة» فإن الجزاء يكون خيراء وإلا فالعاقبة السوءى. وهذه الجملة السامية فيها تبشير وإنذار» تبشير للمؤمنين» وإنذار للمشركين الذين عصوا أمر ربهم» واستمروا فى عصيانهم وضلالهم. .)1٠١8145( أخرجه أحمد: باقى مسند المكثرين- مسئد أبى سعيد الخدرى‎ )١( 1# تفسير سورة التوبة مامالل ل الل 2 وفى الكلام السامى إظهار فى موضع الإضمار؛ لأنه سبحانه وتعالى قال عز من قائل: ‏ وستردون إل عَالم اليب والشّهادة 4 ولم يقل ولكلامه المثل الأعلى - «وستردون إليه» وذلك للإشارة إلى أن الأمر سيرجع إلى من لا تخفى عليه خافية فى السماء والأرض» والغيب ما غاب عن الحس» أو ما أخفته الصدورء وما أسروه فى نفوسهم» فهو يعلم خائنة الأعين» وما تخفى الصدورء والشهادة هى الأمر المعلن الذى تشاهده الجوارح مبصرة أو سامعةء أو باطنة» يعلم سبحانه كل شىء ما يسر وما يعلن» وما يظهر وما يختفى» سبحانه علام الغيوب. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى الجزاء الواقع لا محالة فقال تعالت كلماته: ( فيتبئكم بمَا كنثم تَعْمَلُونَ4 (الفاء) للإفصاح عن شرط مقدرء أى إذا كنتم ستردون إليه سبحانه فإنه ينبئتكم أى يخبركم إخبار فعل وجزاء بما كنتم تعملون. فترون أعمالكم عياناء تنطق بها جوارحكمء وكتابا منشورا قد سجل كل ما عملتم» لا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء فتجزى كل نفس بما كسبت. وإن هذا فيه تبشير للمؤمنء وإنذار للمشرك والمنافق» وأعمالهم كلها فى كتاب . وقد فتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة لمن تخلف؛ وعصاء بعد ذلك ذكر أناس ممن تخلفوا لم يكتب عليهم الشقوة بل لا يزال الباب مفتوحا للتوبة» فإما يتوبون» وإما يعذبهم الله على نفاقهم وتخلفهم» فقال تعالى: (وأخرود بون لأمر ال إنا دهن وب نوللحم كيم 3 4 . ذكرنا أن الذين دعوا إلى الخروج إلى الغزوة التى كانت فتحا للطريق إلى بلاد الشام وما وراءها من الأرض التى كان الروم يسيطرون عليهاء وأشرنا إلى أنه كان فيهم السباقون إلى المكرّمات المهاجرون والأنصار» وكان فيهم المنافقون ##ا . تفسير سورة التوبة ل ١ . 1 11‏ يآ المعوقون الذين يعتذرون المعاذير الكاذبة» ويحلفون الأيمان الفاجرة» ومنهم من كانوا مخلصين» واعترفوا بذنوبهم فى التأخرء وقد ذكر فى هذه الآية فريقا» قد أرجئ أمرهم ترجى منهم توبة. يقول تعالى: وآخَرُون مُرَجَوَنَ لأَمْرِ الله أى ما قدر فى علمه المكنون بالنسبة لهم» ومرجون أى مؤجلون لأمر الله تعالى فيهم» وما قرره سبحانه وتعالى بالنسبه لهم وهو مطوى فى علمه المكنون لهم» وخفى عنكم وعنهم» ومرجون .أصلها مرجئون» قلبت الهمزة ياء وحذفت لوجود واو الجمع» وبعض المفسرين يقول إنهم من المنافقين» ويحتمل توبتهم فيتوب الله تعالى عليهم؛ ويحتمل أن يبقوا مصرين على نفاقهم ليعذبهم سبحانه» وبعض المفسرين ذكر أنهم من الفريق الذين اعترفوا بذنوبهم» وبعضهم ربطوا أنفسهم فى سوارى المسجد. حتى بين سبحانه وتعالى قبول توبتهم ففك النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وثاقهم» وآخرون لم يفعلوا ذلك» وهؤلاء الثلاثة المخلفون الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت» وسنذكرهم من بعد عند تفسير الآية التى تصرح بأمرهم» وإنى أميل إلى الأول» فإن الثلاثة خخصوا بآية تذكر حالهم. ‏ - وقوله تعالى: 8 إما يعذبهم وما يتوب عَلَيهِم 4 (إمَ) هنا تدل على أن نهايتهم مترددة بين حالين» إما أن يستمروا على نفاقهم فيعذبهم الله تعالى» ومأواهم جهنم وبشس المصير» وإما أن يتوبوا فيتوب الله عليهم؛ ويفيض عليهم سابغ رحمته . ْ ش : والتردد ليس بالنسبة لله تعالى فإنه يعلم مآلهم» إذ هو يعلم ما كان وما يكون» فيعلم ما سيئول إليه أمرهم من غير إخبارهم» إنما علمه إحاطة» وأعمالهم بإرادتهم . وانما التردد بالنسبة للمخاطبين والمتحدث عنهم» فإنهم لا يعلمون إلا ما يقع بالفعل» ويعاينونه» ولا يعلمون ما سيقعء وقدره الله سبحانه» ولذا ختم سبحانه 8 تفسيرسورة التوبة 8 1لا ةللا لنتن انل تاتات ناتلا للاخ اناالا انالا ن لمان خنطا لكان مانالا تالتلااك الالال طا لاملا انماما خ مانن لالطالا التاق 044 لأس نا وتعالى الآية بقوله عز من قائل: «( واللّه عليم حكيم 4 أى عليم بكل ما يقع فى المستقبل مما غيب عليكم» حكيم يقدر الأمور فى نطاق حكمته» وهو العزيز الحكيم . مسجد الصرار قال تعالى: 0 2 ذو آ 0 2 سس جو لم وأ الوك التذرأتد يان مستنا لطر بيت و 5905-8 270200 2-6 اذ فوا س1 0 0 يوم أَحَقَ أن تَقومفِيهِ يه و دفِيورج لبوك أديكطع زوأ وَأسَّهُ يحت أ لْمُمَلْمَررت 2 أَفْمَنْ سرس هيسدنه عل تَقّوَكَل رس لله وَرِضُوانِ حير أم من ركاه مس بأيسدنة. لشفا جاو كا تمن كيه انا لْقَوَمَالطَدِبِيِيت ها جم لأمَرَاليننُهُمٌ ددا دم 070 4 ا إن المنافقين لا يكتفون بآن تكفر قلوبهم. وتسلم السنتهم. وأن يخذلوا المؤمنين» ويشبطوهم. ويلمزوا فى الصدقاتء» ويستهزئوا بالمتطوعين بها من المؤمنين» وأن يكثروا من التهكم على الرسول ومن معهء لا يكتفون بذلك» ولكن يتطاولون فيريدون أن ينشئوا بنيانا يكون مربطا لهم» يلجأون إليه» ويترقبون أخبار المؤمنين منه» ويعلمون بها الرومان ومن لف لهم من المنافقين أمثالهم» وأنشأوا ##ا تفسيرسورة التوبة اي ال امم عوك ي- ذلك البنيان على مشارف الصحراء ليتمكنوا من الاتصال بالرومان من غير علم أحد» وسموا ذلك مسجداء وسماه التاريخ الإسلامى مسجد الضرار؛ لأنه أنشئ للضرار»ء فأخذ اسمه من مقصده. قال تعالى: 9 وَالّذِينَ انَحَذُوا مَسُجِدا ضرارا وكُفْرا وتَفرِيقَا بِينَ المؤمنين وَِرْصادًا لَمَنْ حَارب الله وَرَسُولهِ من قبل 4 فى قراءة أهل مكة يثبتون الواو عطفا على أخبار المنافقين» ومن غير واو فى مصحف الديئة والشام2'7» ويكون عطف بيان للمنافقين أيضاء وقوله تعالى: لانّحَدُوا مسُجدا», أى أنشئوهء واتخذوا مسجداء أى أن انتخلوه مسجدا باتخاذهم لا أنه مسجد فى حقيقته وذاته» بل باتخاذهم» وانتحالهم» وقد ذكر الله تعالى أن غرضهم من إنشائه الذى بعثهم هواهم عليه أمور أربعة ‏ هى ما بنى لأجله: أولها - أنه ضرار وهو مصدر ضار فهم يبئونه مضارة للمؤمنين» ومكايدة للذين بنوا مسجد قباء لله وللصلاة فيه» وقد صلى فيه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» فبنوه قريبا منه ليضار أولئك الذين بنوا الأول» وليكايدوهم» وقوله تعالى: «ركفرا» أى دفعهم إلى بنائه الكفر لا الإيمان» ه فهم لا يصلونء, ولكن ينافقونء» وهم كانوا كفارً» ومن أعظم البواعث هو تفريق ال ولذا قال تعالى فى الباعث: « وتفريقا بين المؤمنين 4 وإن ذلك التفريق هو إبعاد فريق من المؤمنين عن الجماعة التى يؤمها النبى صلى الله تعالى عليه وسلمء يغرونهم بالتأثير فيهم رجاء أن يقتطعوا من المؤمنين من يضمونهم إليهم» إذ بعدوا عن النور الكاشف لخداعهم» وإفسادهمء فيخلو لهم الجو ليخادعوهمء وينجح خدعهم» ل وَإرْصاا لمن حَارَب الله وَرَسولهِ4 يقال رصدء وأرصد: راقب» ورصد تكون للخير والشرء وأرصد لا تكون إلا للشرء . اتخذ هذا المسجد ليكون موضع ترقب للمنافقين يتصلون منه بأعداء الله تعالى» )١(‏ «(الذين اتخذوا) بغير واو» قراءة: نافع وأبو جعفر» وعاصم وحمزة والكسائى وخحلف» وهذا الحرف فى مصاحف المدينة بلا واو» وقرأ الباقون بإثيبات الواو» وكذلك هى فى بقية المصاحفف. المقنع 4 2٠١‏ والسبعة4١"»‏ والنشر؟/ .78١‏ غاية الاختصار( ٠‏ /91). ا تفسير سورة التوبة 9 ااال السب ا وقالوا إن ذلك يشير إلى أبى عامر الراهب» وهو رجل خزرجى من الخزرج» كان قد تنصر فى الجاهلية» وقرأ ما عند أهل الكتاب من بقايا كتبهم» وكانت له عبادة فى الجاهلية» وكبير فى الخزرج؛ فلما قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة وكون فيها قوة الإسلام الأولى» وأظهر الله المؤمنين فى غزوة بدر الكبرى شرق أبو عامر هذا بذلك النصر المبين الذى كان فاتحة السيطرة على بلاد العرب» فأرسل إلى قريش بمالئهم ويحرضهم على غزو المدينة والأخذ بثأرهم» فقدموا فى السنة الثالثة» وكانت واقعة أحدء فخب أبو عامر هذا فيها ووضع» وتقدم إلى المبارزة ليحرض الأنصارء» وخاصة قومه الخزرج ودعاهم إلى نصرته» فردوه ردا منكراء فعاد مذءومًا مدحورا. ولقد ابتدأ بما يظهر منه ميله للإسلام» ولكنه لم يعم» فدعا عليه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يموت بعيدا طريداء فكان كذلك ومات طريدا وذلك أنه لما فرغ الناس من أمر أحد» وقد رأى أمر الرسول فى علوء وكانت عاقبة أحد ' للمؤمنين» وإن كان قد أصابهم قرح فى أثنائهاء وصار الأمر من بعدها فى ارتفاع للمؤمنين وظهور» ذهب إلى هرقل ملك الروم يحرضه على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» وأقام عنده وكتب إلى جماعة من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه قادم بجيش يقاتل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه من المؤمنين» وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه رسله بكتبه» ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم» فشرعوا فى بناء مسجد قريب من مسجد قباء» وأحكموه وفرغوا منه قبل خروج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى تبوك» وجاءوا إليه يَكِ أن يأتى إليهم فيصلى فى مسجدهم, لتكون صلاته حجة لهم فى تقريره» وليتموا خداعهم للمؤمنين» وليخفوا مقصدهم من إنشائه» وهو أن يكون إرصادًا لمن حارب الله ورسولهء فقال لهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: (إنا على سفرء ولكن إذا. رجعنا إن شاء الله تعالى»» فلما قفل راجعا من تبوك إلى المدينة» ولم يبق بينه 8# تفسيرسورة التوبة 444 ل لل 1 سب ب س5 تي وبينها إلا يوم أو بعض يوم نزل عليه جبريل يخبر الرسول بمسجد الضرار»ء وما قصده بانوه» من الضرار والإمعان فى الكفر» والإرصاد لمن حارب الله ورسوله والمؤمنين» فأرسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من هدمه قبل مقدمه المديئنة» لقد أعدوا فى المسجد سلاحاء وعتادا ليعاونوا الرومان المقبلين. ومع وضوح أمرهم عادوا إلى كذبهم وتوثيق الكذب بالأيمان المغلظة أنهم مأ أرادوا إلا الخصلة الحسنى» فقد كانوا عند بنائه مخفين مقصدهم الخبيث» ومكرهم السيىت» فقد قالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عندا ابتدائهم فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذى العلة والحاجة» والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلى لنا فيه . لقد قالوا ما قالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يخفون مكرهم السيئٌ » ولكنهم نسوا أن الله تعالى كاشف أمرهم فيبين الله تعالى خفى أمرهمء وما أسروه» ولم يعلنوه. جاء فى الكشاف ما نصه: «لما قفل رسول الله تعالى من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجد فنزلت هذه الآية عليه. فدعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدى» وعامر بن السكن» ووحشيا قاتل حمزة» فقال لهم: «انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموهء واحرقوه)"١2»‏ ففعلواء وأمر أن يتخذ مكانه كناسة تلقى فيها الجيف» والقمامة» ومات أبو عامر بقنسرين». لقد حلفوا موثقين يمينهم» وقال تعالى فى حلفهم: ولَحلفن إن أردنا إل الْحَسَنَى » وقد أكدوا حلفهم باللام الموطئة للقسمء وبنون التوكيد الثقيلة» والمقسم عليه ظ إن أَرَدنا إلا الحستّى 4 و(إن) هنا نافية» أى ما أردنا إلا الخصلة الحسنى» أو الفعلة الحسنى» وحصروا إرادتهم فى إرادة ما هو حسن فى ذاته» وغايته» وقد وق تاريخ الطبرى: جكاء ص ١1794,‏ ا تفسير سورة التوبة الللللل الل 04 هه : يي كذبهم الله فقال تعالى: « والله يشهد إِنْهم لكاذبون4 يشهد أى يعلم علم من عاين وشاهد. إنهم لكاذبون» ولقد أكد كذبهم ب (إن) المؤكدة لما بعدهاء وبالجملة الاسمية» وبلام التوكيد» واللّه سبحانه وحده هو الصادق وهم الكاذبون. ولقد نهى الله تعالى عن الصلاة فيه» فقال تعالى: «لا تقم فيه أبدا لم لْمسجد أُسّس على التقوئ من أل يوم أَحق أن تَقُوم فيه فيه َال يُحبُود أن يتَطهرُوا اله بُح الْمُطهرينَ 02 4 . النهى للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه عن الصلاة فيه وعبر عن الصلاة بالقيام ؛ أن أداء الصلاة على وجهها إقامة ويطلق القيام على الصلاق كقولهم يصوم النهار ويقوم الليل» أى يقوم الليل متهجدا مصلياء والنهى عن الصلاة فيه أكده الله تعالى بقوله: 8 أبدا 4. أى فى كل الأحوال» النهى يفسيد عموم الأحوال فلا يكون هناك مسوغ للصلاة فيه. ولعل ذلك هو الذى جعل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يهدمه ثم يحرقه» ويجعل موض عه كناسة تلقى فيه القمامة» إن الصلاة فيه تحقق فيها بعض أغراضهم » وهى المضارة لغيره من المساجد» والتفريق بين المؤمنين ووازن سبحانه بينه وبين مسجد غيره» فقال تعالى: لمسجد أسس على التقوئ من أَوَل يوم أحق أن تقوم فيه 4 اللام لام الابتداء وهى تفيد التأكيد» أسس على التقوى 4 أى وضعت أسسه على التقوى» أى أنه قا التقوى» والوقاية من غضب الله واتقاء عذابه» وهذا مجاز لاثبات أنه قا 1 من 5 . تر مم على نية طيبة يتقى بها سوء العذاب» ويرضى الله تعالى» وإذا كانت الصلاة عبادة فى كل دين» فيجب أن تؤدى فى مكان قام على تقوى رب العالمين من أول يوم. أى من أول يوم كان بعد الهجرة» فإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عندما هاجرء وانتهى إلى ما يصاقب المدينة فنزل بقباء وأنشأ المسجد فيهاء وقد وصل يوم تفسير سورة التوبة اال ئلا ٠: اماك‎ يي" الإثنين وبقى بقباء أربعة أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ثم انتقل إلى المدينة يوم الجمعة» فيكون منطبقا عليه أنه أسس على التقوى من أول يوم تمت فيه الهجرة» وأسس على التقوى لأن الذى بناه هو الرسول أولاء وبنى ابتداء للعبادة ثانياء وذلك فضل ثان للمسجد يجعله أحق أن تقوم فيه الصلاة من غيره» ويلاحظ أنه ذكر فضل هذا المسجد ولم يذكر ما أحاط بالآخر من نيات مناقضة» إذ إن الآخر أُمّس ضرار وكفر) وتفريقًا بين المسلمين» وإرصادا لمن حارب الله ورسوله - لم يذكر ذلك اكتفاء بما ذكر أولاء فذكر السوء لا يكرر» ولأن فى ذكر حسنات هذا المسجد» تعريضا واضحا بسيئات الآخر. والمسجد عند الأكثرين هو مسجد قباء» وادعى بعض الرواة أنه مسجد النبى يِه ولكنا نختار ما اختاره الأكثر؛ لأن مسجد قباء أول مسجد بنى بعد الهجرة» بل أول المساجد بإطلاق» ومسجد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بنى بعده. ولأن المفاضلة كانت بين مسجد قباء ومسجد الضرار الذى حاولوا به الغض من مقامه» ومقام الذين بنوه» وإن الضرار الذى ذكر كان يقصد به مكايدة أهل قباء وذلك ما نراه الحق» ومسجد الرسول له فضله فوق كل هذاء فهو أحد المساجد الثلاثة التى تشد إليها الرحال: البيت الحرام» وبيت المقدس» ومسجد الرسول. هذا فضل ذاتى لمسجد قباءء» وله فضل إضافى آخر» وهو فضل من يصلون فيهء فإنهم ليسوا منافقين ولا مرائين» بل أخلصوا دينهم لله تعالى» ولذا قال فيهم : «فيه رِجَالَ يُحبُون أن يتطهُروا والله يحب الْمَطْهِّرِينَ» أى رجال يريدون أن تخلص قلوبهم وتطهر نفوسهم من الرياء والكفر والنفاق» ويغسلوها من أدران النفوس» أى يحبون أن يكونوا لله مخلصين له الدين لا أن يكونوا لغيره» والله يحب هؤلاء المطهرين» الذين غسلوا أدران قلوبهم. وقد فسر الزمخشرى وغيره الطهارة الحسية والبدنية» فقد جاء فى الكشاف ما نصه: وقيل: لما نزلت مشى رسول الله والمهاجرون حتى وقف على باب مسجد / تفسير سور ةا لتوبة للفلل الل 0 ٠: ا‎ 7 قباء فإذا الأنصار جلوس» فقال يَلكِيْهّ: «أمؤمنون أنتم» فسكت القوم ثم أعادهاء فقال عمر: يا رسول الله إنهم لمؤمنون وأنا معهم. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «أترضون بالقضاء» قالوا: نعم» قال يَلكِْة: «أتصبرون على البلاء) قالوا: نعم قال ذَليِهّ: (أتشكرون فى الرخاء» قالوا: نعم» قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «مؤمنون ورب الكعبة» فجلس.ء ثم قال: «يا معشر الأنصار فما الذى تصنعونه عند الوضوء وعند الغائط)» فقالوا: يا رسول الله نتبع الغائط بالأحجار الثلاثة» ثم نتبع الأحجار بالماءء فتلا قوله تعالى: 8 فيه رجال يحبون أن يتَطَهّروا والله يحب الْمطّهرِين 4 . ويفهم من هذا أن الطهارة فسرت بالطهارة السية»ء وأرى أن الطهارة الحسية مفهومة بالبداهة» وهى تجىء اقتضاء للطهارة المعنوية وكلتاهما مقصودة» وتمم الله تعالى الموازئة بين مسجد الهدى ومسجد الضرار» بقوله: «أَفَمَن أسّس بنيَاته على تقوئ من الله ورضوان خير أم من أَسّس بِنيائه عَئ شَقَا جرف هار فَانْهَارَ به في نار جهثم وَاللّه لا يمدي الْقَوْمْ الظّالمين 69 6 . (الفاء) فى قوله تعالى: #أَفَمَن سس بنياته على تقوئ من اللّه... »4 هى لترتيب ما بعدها على ما قبلها أى أنه يترتب على ذكر الحقيقة المقررة الثابتة» وهى أن المسجد الذى أسس على التقوى أحق أن يقوم فيه مصليا اتَقَىه وأن فيه رجالا يحبون أن يتطهرواء وقد رتب على هذا إنكار أن يكون فى مسجد الضرار خير أى خير» وقدمت (الهمزة) على (الفاء)؛ لأن الاستفهام له الصدارة دائما. والاستفهام للإنكار والتعجب من المقابلة بين مسجد التقوى ومسجد الضرار» وأسس: وضع أساسه» والتقوى أساس مجاز» وتأسيسه على التقوى مجازء والمعنى أفمن آقيم بنيانه على باعث من التقوى وخحوف الله تعالى ورجاء رضوانه» ففيه تشبيه التقوى فى نياتهاء وطلب الرضا بالأساس المتين من البناء لقوة 1# تفسيرسورة التوبة للفلل الل ٠ اكاك‎ يي التماسكء إن التقوى وطلب الرضوان أقوى وأثبت» وأبقى» إذ الحجر يتفتت» وتقوى الله وطلب رضوانه باقية بقاء الله العزيز الحكيم . وقوله تعالى: أم من أسس بنياته علّى شفًا جرف هار فَانْهَارَ به في نار جهنم 4, فيه مجازان يثيران فى العقل أروع الفكرء لمن يتدبر قول الله تعالى» ويحاول أن يتعرف بعض أسرار الذكر الحكيم. المجاز الأول شبه النيات الفاسدة لأهل النفاق» والبواعث التى بعثت إلى إنشاء مسجد الضراء بالجرف الهائر أى القائم على جرف من الرمل منهار لا يثبت أمام الزوابع فضلا عن معاول الإنسان من حيث إن سرائر المنافقين سرعان ما تنكشف أمام أقل صدمة يصدمون بها. المجاز الثانى هو تشبيه الانهيار الذى ينتهى إليه المنافق وبنيانه بأنه ينهار فى نار جهنم» فلا ينهار فى ماء»ء ولا ينهار فى أرض لينة» إنما ينهار فى نار جهنم» وذلك لأن الانهيار النفسى والفكرى الذى ينهار فيه المنافق هو السبيب فى استحقاقه نار جهنم» فهو مجاز علاقته السببية. وقال تعالى فى عاقبة المنافقين الذين فسقوا عن أمر ربهم: ظ واللّه لا يدي الْقَومَ الظَالمين4 صدر الجملة بلفظ الجلالة ترهيبا للفاسقين» ونفى أن يهديهم سبحانه؛ لأنهم سلكوا طريق الضلال وأوغلوا فيه» حتى إنهم لا يردون» ولا يهتدون سواء السبيل» وسماهم سبحانه وتعالى قوما؛ لأنهم تضافروا على النفاق» ووصفهم سبحانه وتعالى بالظلم» لأنهم ظلموا الحقائق» وظلموا معاشريهم» وحقدوا عليهم لإيمانهم» ثم ظلموا أنفسهم أشد الظلمء لأنهم بنفاقهم ماتت نفوسهم» وذهبت إرادتهم» وأصبحوا لا يؤمنون فى وجودهم بشىء من الأشياء وأشركواء وإن الشرك لظلم عظيم. وبين سبحانه من بعد ذلك أنهم فى ريب من أمر بنائهم» وأشد ما يصاب به 1# تفسير سورة التوبة 9 لض الل للك لحر م شدي م اه بره م فقال تعالى: إلا يرال باهم الذي نوا ريَة في قُلُوبهم إلا أن تَقطّم لوبهم الله عَليم حكيم 69 4 . البنيان هو الذى بنوه والذى بعث من الكفرء ومضارة أهل الإيمان» وتفريق بينهم » وإرصاد لمن حارب الله ورسوله» هذا البنيان من ريبهم الذى كانوا يترددون فيه دائما ويتنقلون فى أجوائه المختلفة بعث عليه ريبهم فى دينهم» وزادهم البناء ببواعثه ريباء ولما هدمه النبى صلى الله تعالى عليه وسلمء وأحرقه وحقر مكانه؛ حتى جعله كناسة تلقى فيه اليف والقمائمء زادهم ذلك حقدا وحسداء وريبا ونفاقا؛ لأن هذا النفاق يولد من الحسد والحقدء فلما ازدادت أسبابه ازدادوا ريبة» ولذا قال تعالى: «إ لا يزال بنيانهم الذي بنَوا ريب في فُلوبهم 4 لا تزول إلا أن تقطع قلوبهم» أى لا يزول إلا إذا زالت قلوبهم» وتقطعت أجزاءء فما دامت قلوبهم المركسة فى النفاق الغائر فيهاء والتى أربدت بهء ولازمتها ملازمة الحسك للصوف» وهذا النص الكريم تصوير لاستقرار النفاق فى القلب» وتزايده بتزايد المغريات لهء والأعمال المنافقة تقوَى النفاق وتدعمه» آنا بعد آن» والريبة هى الريب فى كل شىء يفكرون فيهء وقد يقال: كيف توصف عقيدتهم وحالهم بالريب» وهم يعتقدون الكفرء ويظهرون غيره» ونقول: إن المنافق لا يؤمن بشىء ولا يعتقد شيئاء وهو غير مؤمن بالله والرسول ويظهر الإيمان بهماء ولذا كان منافقاء ولكنه ليست له عقيدة تحل محل الإيمان بالله ورسوله» ولذا هو فى حال ريبة مستمرة تمكث فى قلبه وتستقر به» ولا تزول إلا أن تقطع قلوبهم إربا إربا. وقرأ الحسن (إلى) بدل (إلا2170 أى أن الريبة تستمر حتى يقبروا وتقطع قلوبهم» وإن هذا البناء الذى بنوه كان يحرك ضغنهم طول حياة الرسول» ومن بعده فى عهد أبى بكر وعمرء وكان الناس يتذاكرونه» فيصخون أسماعهم صخا (1) (إلى أن تقطع قلوبهم) هكذا بحرف الجر: قراءة يعقوب» وقرأ الباقون (إلا) على الاستثناء. غاية الاختصار (41/4) . 8# تفسير سورة التوبة كم الللللوو لفل للللل ااا االلالل لل سر ا شديدا بذكره» جاء فى الكشاف: روى أن مجمع بن حارثة كان إمامهم فى مسجد الضرار» فكلم بنو عمرو بن عوف أصحاب مسجد قبباء عمر بن الخطاب فى خلافته أن يأذن لمجمع أن يأتيهم فى مسجدهم فقال: لا ولا نعمة عين؛ أليس إمام مسجد الضرارء فقال (أى مجمع): يا أمير المؤمنين لاتعجل على» والله لقد صليت بهم والله يعلم أنى لا أعلم ما اخمتمروا فيه» ولو علمت ما صليت معهم فيه» كنت غلاما قارثا للقرآن» وكانوا شيوخا لا يقرأون من القرآن شيئاء فعذره وصدقه وأمره بالصلاة. لعن الله النفاق وأهله وأعمالهم» ولقد كثر المنافقون فى عصرنا حتى نالتنا لعنة الله بهمء اللهم ارحمناء ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء مناء إنك غفور رحيم. وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: « واللّه عليم حكيم4. أى يعلم كل شىء ما خفى وما ظهر»ء ما أسرته القلوب» وما جهرت به الألسنة» وحكيم يضع الأمور فى مواضعهاء ويقدر فيكمل تقديره» وقد أتى بالجملة السامية مؤكدة بالتصدير بلفظ الجلالة» وكونها جملة اسمية» وبالصيغ الدالة على كمال الوصف بالعلم والحكمة . ال مؤمن هو وماله ملك ثله 2 مره م ب الْمُومنيرج أَنفْسَهْءَ دس وواءح و مُولكم 5 نحلم ا حورت فيس يهشم 02 احرج سعر سا ع ستو تم فا 0 8# تفسير سورة التوبة للم االلول الل لكلل الل ا1060ا1ا6االللوووللا للك هسم لاا ١‏ بي ل ل ل ع 0000 م آ#| ل حب عر 3 وَالْمَرْءَانِ ومَنْاوفل يعهرو مس[ الله فاستبشروا لع سلا و دص | سامح هيخ ساسم م وح دع و 7س بعكم اذى ايحم به ودللك هوا لْمورالمظيم 7 اه 11 ىو 1 غير 7 سم بر لتَتبوت العيدوت يدوت السّتيحوت 2 عو ل لل ري ار لت سج عر الأجكعوت السَدحجدوت ١‏ لأمرود بالمعروفي ص و م ممرىرو ١‏ سس مر 0ش مس وإبرر مود والتاهورت عن المنجكر وللتيظون ١‏ ودالله عع مقع كس 0م سه يسك وص اموي (إإيا ماك لِلتَىَ وَأَلَيِسءَامَنْواآن سس لإسره حر وه 02 ع آي 5 1 --ه يمَسْسَغْفِرأللْمُفْرِصيكينَ وكاتوا أل فرك مِأْبَعَدٍ ابي كت بك كدب ليب ( وَمائارت > ال الخ اعمس - - يح سان ساسا 4- آذ له سْحَعْفَارإِبَرهِيِمَلابيِه! لاعن مَوَعِ دَوَوعدَ هَاإِيَاه قلما 5 4 ع 0 ب ا غك و سعر و سي الس وقح كر ملم ل سر وو : بين لددانّه.عدق يله تترأمنهإدائرهيملاواه حليم 22 م مه الشراء جالب للمبيع» ومقدم للثمنء فالمؤمنون وأموالهم هم المبيع» والجنة» وما فيها هى الثمن» وإن هذه الآية تصور المؤمنين يقدمون أنفسهم يبيعونها لله تعالى بيع السماح راضين» فهم أنفسهم وأموالهم يملكونها لله تعالى والثمن أنه يعدهم بالجنة يدخلونهاء وما هو أعظم من الجنة» وهو رضوان الله تعالى» ولم يذكر هنا لأن الآية تتضمنه؛ لأنه سبحانه وتعالى قد رضى بالصفقة» وهى تقديم النفس والمال» ولا يمكن أن يكون إلا ومعه الرضا عن البيع» وهو أعلى ما يملكه الإنسان» فهو النفس والنفيس. وإن تلك العبارة مصورة» ولكنها وقعت قبيل الهجرة» ففى العقبة الثانية كانت المبايعة على هذا الأساس فى البيع والثمن بين الرسول» والأوس والخزرج» وقد قال عبد الله بن رواحة للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم: اشترط لربك ولنفسك ما شئت» فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: أشترط لربى أن تعبدوا 8# تفسير سورة التوبة الحو الالالال ااا الالال لل حب 1 الله ولا تشركوا به شيئاء وأشترط لنفسى أن تمنعونى ما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم. قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا قال كَكَِةٌ الجنة» فقالوا نربح البيع لا نقيل» ولا نستقيل. وهذه بلا ريب صور حسية للعقد» وإن كانت الآية مصورة» لتسليم المؤمنين أنفسهم لله تعالى» العلى الحكيم» الغنى الحميدء ويروى أن أعرابيا سمع هذه الآية» فقال: من يقول هذا؟ قالوا: الله. قال: بيع مربح. وقد بين الله تعالى ثمرة البيع أو آثاره التى يتحقق فيها ما يجب على البائع؛ فإن عليه أن يقدم المبيعء فقال سبحانه وتعالى: « يقاتلون في سبيل الله 4. فالزمخشرى ومن تبعهء على أن الفعل هنا بمعنى الأمرء أى عليكم أن تقاتلوا فى سبيل الله وقال إن ذلك كقوله تعالى: « ... وتُجاهدون في سبيل الله بأموالكم. . . 49 [الصف]. ونقول إن الإتيان بالصيغة الخبرية بمعنى الطلب كثير فى القرآن» وهو من بلاغة القرآن؛ لأن المؤدى أنه كان الطلب فاستجاب بقوله تعالى: 8 وَالْمِطَلَقَاتَ يعَربصن بأَنفُسهن ثَلاَّه قُرُوءِ ... 467 [البقرة]» وقوله تعالى: 8 والوالدات يرضعن أولادهن حولي كاملين لمن أَرَاد أن يتم الرّضاعة . . . 029 4 [البقرة] . والوجوب هنا له قرائن شاهدة؛ لأن المقاتلة فى سبيل الله تعالى من آثار العقد المبرم بين الله تعالى والمؤمنين إذا باعوا أنفسهم وأموالهم إليهء فهو المالك» وما يجىء بعد ذلك من تصرف المالك فيما يملك» والمقاتلة لا تكون فى سبيل الله تعالى إلا بشرطين - أولهما ‏ إخلاص النية» فلا يقاتل لذات الغلب أو الفروسية» إنما يقاتل لتكون كلمة الله تعالى هى العلياء فمن قاتل لغير ذلك لا يكون قتالا فى سبيل الله تعالى . ا تفسير سورة التوبة الل 4م ب راج - والشرط الثانى ‏ أن يدخل غير مستبق لنفسهء كما كان يفعل المجاهدون الأولون أمثال حمزة وعلى والزبير الذين يدخلون المعركة» فلا يدرون أيقعون على الموت» أم يقع الموت عليهم» ولذا قال تعالى: فَيقبَلُونَ ويقتلون 4 أى فإذا دخلوا فى القتال رضوا بمرارته» وإرادة النصرء وأن تكون كلمة الله تعالى هى العلياء فيقتلون الكفار فى سبيل الله ويقتلون هم فى هذاء ولا يحسبون أنهم يخسرون فى الحالين» فإن قتلوهم فذلك سبيل النصرء وإن قتلوا سارعوا إلى قبض الثمن فى الصفقة التى عقدوها مع ربهم. وفى هذا النص الذى ذكره القرآن الكريم أمران نتكلم فيهما: أولهما ‏ أن هذا النص يشير إلى أن الفرار لا يجوزء لأنه ضَّنْ بتسليم المبيع وهو النفس» ولا يضن مؤمن بتقديم ما عاهد الله تعالى عليه» وقد قال تعالى فى آية أخرى : يا أيهَاالّذينَ آمنُوا إِذَا لّقيئم الّذِينَ كَمَروا رَحمًا فلا تولُوهم الأدبار 6 4 [الأنفال]. الثانى أن هنا قراءتين - أولاهما ‏ فيقتلون بالبناء للفاعل» والثانية بالبناء للمفعول» والقراءة الثانية العكس(22» وكل قراءة قرآن» وبمجموع القراءتين تكون الآية داعية إلى ألا يفرقوا بين أن يُقتلوا أو يقتلواء فإن الملكية التى أثبتوها لله تعالى تسوغ ذلك» وتوحيه كما نوهنا. وقد قدموا أنفسهم لله تعالى» وأكد الله تعالى أن الثمن الذى قدرهء وهو مربح » ويزيد أضعافا مضاعفة على ما أعطوا ‏ آت لا محالة؛ لأنه وعده الذى وعده» ولذا قال تعالى: 9 وعدا عَلَيّهِ حقًا 4 أى وعد الله وعدا حقا لا يتخلف؛ لأن الله تعالى لا يخلف الميعادء وإذا كنتم قد قدمتم ما عندكم»ء فإن الله تعالى )١(‏ (فيقئّلون ويََتُلون): قراءة حمزة والكسائى » وخلف. وقرأ الباقون (فِيتّلون ويقتّلون). غاية الاختصار- (كلاة). 8# تفسير سورة التوبة لحي ااال الل 110 > اا مقدم ما وعدكم» وأكد سبحانه وتعالى وعده وعهدهء فقال: ومن أوفئ بعهده من الله هذا استفهام إنكارى بمعنى نفى الوقوع؛ والمعنى لا أحد أوفى بعهده من الله؛ وجاء النفى على صيقغة الاستفهام للتشبيت» وتأكيد النفى وتوثيق العهدء وسماه الله تعالى عهداء لبيان قوته» وكان فيه طرفان والله أعلى وأجل» وإذا كان الوفاء محققا لوعد الله تعالى بالوفاء. وقد أكد الله وعده بأمور ثلاثة: أولها: أنه حق ثابت مؤكد لا يمكن أن يتخلف أبداء وكيف يتخلف» وهو من الله العزيز الحكيم. ثانيها: أنه ذكر أن الجهاد ثابت ما دام هناك حق يغالب باطلاء وأن الله تعالى وعد المجاهدين بالنصرء وأن جهادكم مذكور فى التوراة والإنجيل والقرآن كما قال تعالى: ف( الذين يعون الّسول النبي المي الذي يجددونه موا عندهم في التوراة والإبجيل يأمرهم بالمعروف وينهماهم عن الْمدكرٍ ويحل لهم الطينات ويحرم عليهم الْحَبَائتْ ويضع عنهم إصرهم والأغْلال التي كَانت عَلَيْهم فَالْذين آمنوا به وعزروه وتصروه واتبعوا النور الّذي أنزل معه أُولكك هم الْمُلحون 659 4 [الأعراف] . وهذا النص يدل على أن الجهاد واجب؛ لأنه من الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر» ويدل على أن الذين آمنوا عليهم أن يعزروه ويؤازروه وينصروهء ولأن الجهاد من اتباع النور الذى جاء به. ولقد قال فى سورة الفتح فى وصف المجاهدين المؤمنين: فإ محمد سول الله اين معه أشداء على امار رحَمَاء بهم تراهم ركُعَا سَجّدا يَبعَُونَ فَضْلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم مَن أَثَر السجود ذلك ملهم في الشوراة وهم في الإيجيل كزرع أخرج شطأه قآزْره فَاسغاظ فاستوئ على سوقه يعجب الزراع ليه 5 ليغيظ بهم الْكَمّار وعد الله الذي آمنوا وَعَمِلُوا الصّالحات منهم مَعْفرَةَ وجرا عظيمًا 69 4 . (##ا تفسيرسسيورة التوبة مانام ازا 11 خغ خا ناكا نخا اننال ةلالا ااانا اال الل اناالا انلام _طاطااالا الا طض اتا تالالا مالالا لضطاناططط لطا لنط طخلل ططل طلخ لخ تلام تاللا اك يي الشها ‏ قوله تعالى: « ومن أوقَئ بعهده من الله 4 , وذلك كقوله تعالى: ١‏ .ومن أصّدق من الله حدينا 469 [النساء] وكقوله عز من قائل: 9# .. أصدق من الله قيلاً 9 050 * [النساء] وأن الإصااف مستكر ليدم عليه الكرام فكيف يكون من الله ولا شك أن ذلك العقد المقدس كان خيرا على من عقدوه مع الله تعالى خالق وبارئ النسم . ولذا قال تعالت كلماتهء «فَاسعَبشروا ببيعكم الذي بيعم به الاستبشار طلب البشرى» أو نيلهاء وقد نالوا هذه البشرى من الله تعالى» و(الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فإن وعد الله إذا كان مقررا فى الرسالات الإلهية التى ججاءت بها التوراة والإنجيل والقرآن» فإن على الذين يحق عليهم العهد أن يستبشروا ببيعهم أنفسهم لله تعالى» فإن الثمن عظيم» وقوله تعالى الذى بايعتم به أى بعتم به أنفسكم» فتبايعتم على أن تقدموهاء وتأخذوا بدلها ثمنا غاليا هو أغلى ما فى الوجود من ثمن مقدر» وتسليمه محقق» وهو تمن وختم الله تعالى الآية بقوله عز من قائل: وَذَلك هو الْمَوَز العظيم 4 الإشارة إلى التبايع» أو الشمن» وهو الجنة وهو الفوز العظيم» وفيه قصر الفوز على العظمة» أى أنه فوز يعد فوزا عظيما خيره» اللهم اجعلنا من أهله. وقد ذكر الله تعالى أوصافا للمؤمنين فقال تعالت قدرته: ا التَئبُونَ الْعابدون الْحَامِدُونَ السّائحون الراكعو نَ السَّاجِدُونَ الآمرون بالمعرو ف والنّاهُون عن الْمدكرٍ وَالْحَافظُونَ لحدود الله وبَشَرٍ شر الْمؤمنين 659 4 . هذه أوصاف ثمانية للمؤمنين تبين سلامة نفوسهم» ورقابتهم عليها لدوام تطهيرهاء فكلما صدأت أزالوا صدأهاء يتجه آحادهم إلى جماعتهم يزيلون ريبهاء ويطهرون مجتمعهاء ويجعلون لها رأيا عاما فاضلا يلتزم حدود الله تعالى التى حدها. ##ا تفسير سورة التوبة للللل 0111 | لكا : 7 ولنتكلم بكلمات موجزة مشيرة إلى تطهير أرواح المؤمنين: الصفة الأولى أنهم «االتَائبود4. وهم الذين يراقبون أنفسهم وتشتد فيهم قوة النفس اللوامة» فهم كلما أحسوا بأمر يدنس أمرهاء أو يكون فيه شك» أو يكون غيره أولى» أو تركه أولى» تابوا فهم يراقبون أنفسهمء يتوبون دائما إلى ربهم منيبين إليه؛ وكأن فى يدهم مكيالا ملوءا ماء يزيل أى دنس يعترى نفوسهم بالتوبة كما يطهر أى غبار يقع على الثوب. والوصف الثانى 8 الْعَابدونَ » بالقيام بحق الله تعالى» يعبدون الله كأنهم يرونه» فإن لم يكونوا يرونه فهم يشعرون بأنه يراهم» والوصفان «التائب والعابد»» مقترنان أولهما للتخلية والثانى للتحلية. والوصف الثالث 9 السّائحون4 أكثر المفسرين على أن السائحين هم الصائمون فقد ورد فى الأثر: «إن سياحة أمتى الصوم»27. ولكن نرى أنه الجهاد فى سبيل الله فقد روى أبو أمامة أن رجلا استأذن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى السياحة فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: «إن سياحة أمتى الجهاد فى سبيل اللّه200؟ . وقال بعض العلماء إن المراد السياحة فى طلب العلم. وإننا نقول: الجمع بين الآراء أن نقول السياحة تشمل كل سياحة فى سبيل الله فتشمل السياحة فى الجهاد» والسياحة فى نشر الإسلام» والسياحة فى تعرف أحوال المسلمين» كما تشمل سبح الفكر سائحا فى ملكوت الله تعالى. 5 ٠١ ذكره أبو السعود فى تفسيره: ج4 »ص8‎ )١( زفق رواه أبو داود: الجهاد- فى النهى عن السياحة (كمغ ؟). والمقصود من السياحة المنهى عنها هنا: سكنى‎ البرارى» وترك المباحات والمألوفات قهرا للنفس.‎ 8# تفسير سورة التوبة لاما 7 007١‏ > أ والوصفان الرابع والخامس 9 الراكعوث السّاجدوت 4 قالوا إن هذين الوصفين لإقامة الصلاة» وهى ذكر الجزاء وإرادة الفعل» فالصلاة قيام وقعودء وركوع وسجودء وقراءة ودعاء» واختص الركوع والسجود بالذكر؛ لأنهما الوصفان اللذان يتجلى فيهما معنى الصلاة» لأن إقامة الصلاة بإحسان الخضوع والنشوع لله تعالى . وإن إخلاص القلب بخضوعه الكامل» وتفويضه التام هو إقامة الصلاة» وكنى به عن معنى الإقامة فيكون من المعقول أن يعبر بركنى الركوع والسجود عن الصلاة» وبهما يتحقق ما اختصت به الصلاة من أنها تنهى عن الفحشاء والمنكرء ويتحقق فيها ذكر الله تعالى. بعد أن بين سبحانه الأوصاف التى تربى نفوسهم قلبيا واجتماعياء ذكر صفتين تطهر مجتمعهم » وتجعل الفضيلة دائما هى السائدة. وهاتان الصفتان الأمر بالمسروف والنهى عن المنكرء ولذا قال تعالى: « الآمرون بالمعروف والنَاهُون عن الْمكَر», إن المجتمع الفاضل يقوم على الأمر بالمعروف» أى كل ما هو معروف لا تنكره العقول السليمة» والنهى عن كل أمر تنكره العقول السليمة» فإن المجتمع الفاضل ظل لكل خلق سليم ينمو فى ظله الوارف» ولذا كانت أمة محمد أمة الأمر بالمعروف والنهى عن المتكرء فقال تعالى : «( كثم حير أ أخْرِجت للئّاس تأمرون بالمعروف وتَنْهُونَ عن الْمكرٍ وتؤمئوت باللّه ولو آم أَهل الكتاب لَكَانَ خيرا لهم . آآل عمران]. والوصف الشامن قول تعالى: ظ وَالْحَافظُونَ لحدود اللّه 4 الحد ما يحده الشارع فاصلا بين الحلال والحرام» ومعنى حفظه حمايته وصونه» ومن ذلك قوله تعالى: « ... تلك حدود الله فلا تَعمَدُوها ومن يََعَدَ حَدُود الله فَأُولَك هم الظَالمُونَ 4659 [البقرة]. ويطلق الحد فى عرف الفقهاء على كل عقوبة ذكرها الله تعالى للجرائم التى تعد اعتداء على حق الله تعالى» أو كما يعبر فى لغة العصر بحق المجتمع» فالحدود عقوبات على الرذائل وحماية للفضائل. 1# تفسيرسورة التوبة اأجي الم ١ ااا‎ 7 يي" وتدخل الحدود بهذا المعنى الفقهى الخاص فى ضمن حدود الله التى تفرق بين الحلال والحرام» وحفظها صونها ومراعاتهاء وألا يعتدى عليها. وختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله» بيانا لعاقبة الإيمان» وهى نيل الخير والاطمئنان فى الدنيا والجنات فى الآخرة» ورضوان من الله أكبر» ولذا قال تعالى: « وبشر المؤمنين 4 أى بشرهم بحسن الجزاء كما ذكرناء والله سبحانه وتعالى عنده حسن المآب» وكانت «(الواو) فى قوله تعالى: « والْحَافظون 4 لبيان أن هذا نوع مغاير لما سبقه وإن هذا جزاء المؤمنين» والمشركون لهم عذاب الجحيم» ولا يستغفر لهم أحدء إنما القربى بالأعمال» لا بالقرابة , ولذا قال تعالى : لاما كان للنبي وَالّذِين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربئ من بعد مَا تبي لهم أَنْهم أصّحَاب الْجحيم 619 4 . هِ. .. كل امْرِئْ بمَا كسب رَهِينَ 69 4 [الطور]ء 8 ... لا تَجَزِي نفس عن نفس شيعا . .. 62 » [البقرة]» «(وآن ليس للإنسان إِلأّ ما سعئ 69 4 [النجم]» تلك قواعد قرانية توجب ألا يغنى عمل إنسان عن إنسان غيره» ولقد كان بعض المؤمنين لمحبة رابطة بين أحد المؤمنين والمشركين يطلب المؤمن المغفرة لمن يحبه من المشركين لرحم جامعة أو قرابة رابطة» أو لمودة موصولة» فنهى الله نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك هو ومن معه من المؤمنين» فقال تعالى: «إما كان للنبي وَالّذِين آمَنُوا أن يستغفروا للمشركين ولو كَانوا أولي قربى 4 أى أصحاب قربى قريبة» فقربى موّنث أقرب» أى ولو كانوا آباءهم أو أبناءهمء وقد رد الله تعالى استغاثة نوح لابنهء وقال: © .. . إِنّه عمل غير صّالح ... 63) 4 [هود] . يقول «إما كان للثبي... 4. أى ما ساغ له» وما صح للنبى الذى يدعو إلى الحق أن يستغفر لمن يصد عنه» ويعانده» ويقاومهء مادام قد ضل لا يحل الاستغفار له إذا مات على ضلاله» ولقد روى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال فى حال شدة قومه عليه فى واقعة أحد عندما كسرت ثنيته: «اللهم اغفر تفسير سورة التوبة 0 0:0 ب ا لقومى فإنهم لا يعلمون»» ألا يعد هذا استغفار؟ ويرد على ذلك بأن دعوة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم دعوة بالمغفرة التى تلازمها التوبة» والتوبة محتملة وقريبة» ماداموا أحياء» فإذا ماتوا فقد انقطعت التوبة وصاروا من أصحاب النارء وهذا موضع النهى» فالاستغفار للأحياء يجوز لرجاء التوبة» والاستغفار دعوة بهاء والتعبير للمشركين فى قوله تعالى: لاما كان للِي والّذين آمنوا أن يَسَتَغْفروا للمشركين». والتعبير بالمشركين لبيان عدم شفاعة ربهم» وضلالهم فى أن جعلوا الأحجار أندادا لله تعالى» وقوله تعالى: « ولو كانوا أولي قربئ 4 أى مهما ربطتكم بهم الروابط كما ذكرناء وذلك لتوثيق المنع» وتأكيده. وقوله تعالى: « من بعد ما تبيّن لهم أَنّهِم أصحَاب الْجَحيم »4 أى ما كان للنبى والمؤمنين أن يستغفروا للمشركين من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيمء وذلك بوفاتهم مشركين معاندين لرب العالمين» فإنه بعد الوفاة لا رججساء فى توبتهم » حتى يستغفر لهم» ولذلك قالوا: إن الأحياء من المشركين يجوز الاستغفار لهمء لأنه طلب المغفرة لهم» وطلب المغفرة يستدعى الدعاء لهم بالتوبة» والدعاء بالتوبة جائزء وأما الاستغفار لمن مات فقد تبين أنه فى الجحيم» ولا توبة» لأنه انتقل من دار التكليف إلى دار الحساب والجزاء» وفى قوله تعالى: 8 من بعد ما تبيّن هم أنْهُم أصحَاب الجحيم 4 ملاحظتان بيانيتان: الأولى: فى قوله تعالى: من بعد ما تَبيّْن 4 فإنها تشير إلى ما فعلوا من أذى عاينوه» وعناد قاوموا به الحق» ثم ماتوا وهم كارهون للحق وأهله مقاومين كافرين بالله ورسوله . الثانية: فى التعبير ب 9 أَنَّهِم أُصْحَاب الْجَحيم 24 أى الذين يلازمونهاء والتعبير يشعر بأنهم مقصورون عليها ومقصورة عليهم أى لا يتجاوزونها أبداء وهى لازمة لهم ولأآمثالهم . #/ تفسير سورة التوبة ل لال قال تعالى: طإ وما حَانَ اعفار إيْراهيم لآبيه إل عن مُوعدة وعدا ياه ما تن تبين ل يو ا قاع َه أَنّهُ عدو لله بر منه إن إبْراهيم لأَوَاه حليم 059 4 . نهى الله تعالى نبيه والمؤمنين عن أن يستغفروا للمشركين» وقد استغفر إبراهيم لأبيه فى فترة من الزمان؛ لأنه كان يرجو أن يتوب ويغفر لهء ولكن تبين له بعد ذلك أنه عدو للهء وإن هذه الإشارة الموجزة تؤكد نهى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه عن أن يستغفروا للمشركين. وقوله: إلا عن مُوعدة وَعَدَها إِيَاه4 وتلك الموعدة مسا صرح به فى سورة مريم محاجته مع | أبيه» فقد قال تعالى فى هذه المحاجة: «( واذكر في الكقاب إبْراهيم إِنّهَانَ صاذيقا نيا 69 © إِذ قَالَ لأبيه يا أت لم تَعبد ما لا يَسْمَعْ ولا يينصر ولا يغني عنلك شيئًا 59 يا أَبت إِنّي قد جاءني من العم ما لم يأك فَائبِْي أَهْدكَ صراطًا سَويا 0 يا أت لا عبد ايان إن الشيْطَان كا للرحْمنِ عَصيًا 0 يا أت إِني أحَاف أن يَمَسّك عَدَابَ م الرَحْسٍ فَتَكُونَ للشيطان وليًا 62 قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ف لم نه ازج وجرن ميا( ال سلا عي سأتغهر لك وي إن كا بي حفيًا 9 وََعَحَزِنُكُم وما َدعُونَ من دون الله وأدعُو ربّي عسئ ألا أكون بدعاء ربِي شقيا #62 [مريم]. هذه الموعدة التى وعدها لأبيه» لأنه كان يرجو أن يتوب» وأن يغفر له الله تعالى» فالاستغفار كان بطلب المغفرة التى تجىء التوبة لازمة لهاء والتوبة محتملة». وممكنة؛ لأنه كان حياء فلما تبين له استمراره على غيه» وعداوته لله بصناعة الأوثان التى تعبد من دون الله تبرأ منه. وجاء فى سورة الممتحنة» فقد قال تعالى: قد كانت لَكُمْ أَسُوةٌ حَسنَةٌ في إنراهيم والدين عه إذْ قَالُوا لقومهم إن برآء مكم مما َعْبْدُونَ من دون الله كرا بككم وَبَدَا بيننَا بينم الْعداوة والْبعْضَاء أبدا حت تؤمنوا بالله خد اقول ذا لأ اننطو كوم أل دب لو يرا عل سام وروم أسامهة ص مموس سام 1# تفسير سورة التوبة اللللللللل 01 وعد إبراهيم بالاستغفار لأبيه» ولما مات مشركاء وهو على غيه فى صناعة الأصنام وعبادتهاء تبرأ منه وصارت مثلا للمؤمن فى تبرؤه من أبيه الذى كان إبراهيم له براء ويراد له الهداية . ثم بين الله تعالى الباعث النفسى الذى بعثئه على الاستغفار لأبيه رجاء توبته» وبعدها المغفرة إن إبراهيم لأَوَاه حليم © الأواه كثير التأوه لرقة قلبه وشدة إحساسه» وفرط محبته لأولى قرباه» وحليم عاقل صبور مدرك لمن ينبغى أن يرحمء ومن يتبرأ منهء واللّه غفور رحيم. قال تعالى: وَمّاحكَات الْلِضِلٌ وما بَعَدَإِدٌ هد نهم حَقٌ ملعت رارض بج سوبت وَمَ لصم قن 0 2 لَكَدئَّابت د12 سيت نال حار ال ان محاءَة الْمُسَرَومِن ب بَقَومَا كاه يريع كوب مر ليبير كر مَنهمة شُرَّنَابِس عليه إِنَّهُ تهريهمرء وف بحِيِمٌ لحذة لاك لت خا ساقت لوالا وه 00 200 3 قت كوأ سه نمسهم ونوا آن لامنجاً مِنَأنَهٍ 5 2 ب عليهم مويو أنه هْوَاليََاث ٠. 0 6 (الواو) تدل على وصل هذه الآية بما قبلهاء وما قبلها كان نهيا عن ا تفسيرسورة التوبة 4 ليل لاا يي تتمة للنهى عن الاستغفار» وقد كان من المؤمنين من دفعته الرأفة بآله» أو ذوى القربى أن استغفر لهم» فكانت الآية لبيان أنه طا وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتئ يبي لّهم ما يتقو 04 لبان أنه لا مؤاخذة من غير تكليف» وخصوصا لمن اختار سبيل الهداية . وقوله تعالى: وما كان الله ليضل قَوما بعد إِذ هداهم حت يبي لهم ما تون 4 نفى مؤكد عن ذات الله تعالى» أن يكون منها إضلال لمن اهتدى وعلى قول أكثر المفسرين» ولتكون الآية مرتبطة بما قبلها ارتباطا وثيقا يكون معنى ( ليضلٌ» الحكم بالضلالة والمؤاخذة عليهاء قبل أن يبين سبحانه ما يتَّقَى من الضلالة» فكما أنه سبحانه لا يعذب إلا بعد رسول مبين بمقدضى قوله تعالى: «[ . .. وما كنا معذبين حب نبعث رسولاً #062 [الإسراء]» وكذلك لا يؤاخذ سبحانه بذنب ارتكب إلا بعد بيان أنه ذنب» والطريق لاتقاته» وهذا على أن الهداية التى هداهم الله هى الدخول فى الإسلام فلا يحاسبك على شرب الخمر إلا بعد النهى عن الشرب» ولا على الزنى إلا بعد النهى عنه؛ ولا على القذف إلا بعد النهى عنه» ووضع الحدود المانعة من الارتكاب» وما كان الله تعالى ليؤاخذ على الاستغفار إلا بعد النهى عنهء وفى النهى بيان لما يتقون به المؤاخذة. وقد خطر لى» وأنا أكتب» أن يكون المعنى» وما كان الله تعالى ليأخذ قوما ساروا بمقتضى الفطرة الإنسانية» والميثاق الذى أخذه عليهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكمء فهذه هى الهداية الفطرية التى فطر الناس عليهاء فهذا معنى قوله تعالى : © إِذ هداهم 4 أى وقت أن هداهم فى بدء الخليقة وقوله تعالى: 9 حتئ بين لهم ما يتّقون 4 أى حتى يبين ما يؤيد الفطرة ويدعمهاء ويبين لها ما تتقيه بأن تجعل بينها وبينه وقاية» فلا تقع فيه» والحاجز المانع هو أمر الله تعالى ونهيهء وتكون متطابقة تماما مع قوله تعالى: # . .. ومَا كنا معدَبينَ حت تبعت رَسُولاً 6 4 [الإسراء] . ##ا تفسير سورة التوبة ااال الئل 4 1 مامه : يي وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: إن الله بكل شيء عليم 4 تأكيد لعلمه الذى يعم الوجود كله بالإحاطة والشمولء وبالتأكيد ب (إن)» وبتصديره الجملة السامية بلفظ الجلالة» وبمقتضى علمه الذى عم الوجود كلهء يقدر كل شىء» ويدبره على مقتضى علمه وحكمته. وقد جاء فى الآية التالية ما يؤكد عموم علمه؛ لأن كل الوجود ملكهء يتصرف فيه تصرف امالك فيما يملك» فقال تعالى: إن الله له ملك السّموات والأرض يحبي ويميت وما لكم من دون اللّه من ولي ولا نصير 055 4 . هذه الآية أثبتت ملك الله تعالى وسلطانه» ولقد أراد البيضاوى أن يربط بين هذه الآية والأمر بالبراءة من المشركين والاستغفار لهم إذا ماتوا على الضلالة» فقال رضى الله تعالى عنه: (لما منعهم من الاستغفار للمشركين» ولو كانوا أولى قربى)» وتضمن ذلك وجوب التبرؤ منهم رأسّاء وبيّن لهم أن الله مالك كل موجود ومتولى أمره والغالب عليه ولا تتأنى لهم ولاية» ولا نصرة إلا منه ليتوجهوا إليه ويتبرءوا ثما عداه» حتى لا يبقى لهم مقصد فيما يأتون ويذرون سواه. أاه. ونرى مع ما رآه البيضاوى أن الآية الكريمة تؤكد علم الله تعالى الذى ختمت به الآية السابقة» فهذه الآية السامية الأخيرة» تؤكد علم الله تعالى الشامل» وتبين سببه» وتبين سلطان الله تعالى المطلق» الذى يدبر كل شىء فيه على مقتضى علمه وحكمته التى أقامت الوجودء ورتبه ونمقهء وأبدعه كله ا بديع السّمُوات والأرض ... 09 4 [البقرة] . وإن ملكه لا يكون على الإنسان فقطء بل هو على السموات بأبراجها والأرض بطبقاتها لا يخرج عن ملكه شىء فى السماءء يحيى ويميت» وفى ذلك ٠‏ 8# تفسير سورة التوبة الس الملل ١ كاه‎ 7 إشارة إلى الوصف الذى يحياه الحى كافراء أو مؤمناء والحال التى سيموت عليها أبواب عمله فى الدنيا. ٠‏ ما لكم من دون اللّه من ولي ولا نصير » الخطاب للمؤمنين ومعناه» وما لكم أيها المؤمنون من ولى يواليكم وتحبونه إلا الله تعالى» ولا نصير ينصركم سواه» فلا تؤثروا عليه قرابة» فلا ترأفوا بمن عصى الله تعالى ورسوله الذى أرسله رحمة للعالمين» وإنه سبحانه أولى بخلقه يهدى من يشاء ويضل من يشاء. ولقد بين الله سبحانه مآل الذين تخلفوا والذين اتبعوه فى ساعة العسرة فى غزوة تبوك فقال تعالى: ا نقد تاب اللَّهُ على الى والْمُهَاجرِين والأنصار الَدِين الوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يغ قُلُوب ريق منهم تم تاب عَليهم إِنّهُ بهم روف رحيم 659 4 . كانت غزوة تبوة اختبارا شديدا | للمؤمنين وقد تق فيه كل 0 وتعم اع وت من لشو الي واشعرات وبر المبري ص ادن نات مُصيبةٌ قَانُوا نا لله ونا َيه راجعون 625 4 [البقرة]. ولذا ذكرها الله سبحانه وتعالى ببعض التفصيل» وكرم الذين صبرواء وعاقب الذين خذلوا وثبطوا ثم تخلفواء وعاتب المؤمنين الذين تخاذلوا فى وقت الدعوة إليهاء وذلك لأن الصبر فى مثل هذه الحال مناط العزة والرفعة» ويجب أن يكونوا كحال هؤلاء الصابرين» ليعتزوا بالإسلام» ويعتز بهم المسلمون فى الأرض كلها. وقد نالهم البلاء كله فنالهم الخوف» ولولا أن الرسول بينهم» ما استطاعوا الذهاب إلى الرومان» لقد كان من شأن حرب بنى الأصفر أن يلقى فى قلوبهم ا تفسير سورة التوبة ااا اللو للا ١ كا‎ 7 الرعب» وكان المنافقون بينهم يبثون ذلك الخوف» ويلقون فى النفوس الذعر ونالهم الخوف والجوع ونقص الثمرات؛ إذ تركوها فى المدينة وقد نضجت فلم يحصدوهاء وكان الجوع والعطش وهم سائرون فى شقة بعيدة» جاء فى تفسير الحافظ ابن كثير فى تصوير المشقة فى هذه الغزوة التى أرهبت الرومان وكانت إرهاصا بفتح الشامء فروى عن قتادة أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم خرج بالمؤمنين فى لهبان الجر وأصابهم فيها جهد شديدء حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما.. .. وروى عن ابن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب فى شأن العسرة فقال عمر بن الخطاب فى وصف ما نالهم: خرجنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى تبوك فى قيظ شديد» فأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستتقطع من شدة العطش» وحتى إن الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع» وحتى إن الرجل لينحر بعيره» ليعسصر فرثه» فيشربه» ويجعل ما بقى على كبدهء فقال أبو بكر: يا رسول الله إن الله عز وجل قد عودك فى الدعاء خيرا فادع لنا فقال كَكِهِ: «تحب ذلك!» قال: نعم» فرفع يديه» فلم يرجعها حتى سالت السماء وأهطلت» ثم سكنت فملئوا ما معهم» ثم ذهبنا ننظرء فلم نجدها جاوزت العسكر"2؛ هذا ما جاء فى ابن كثيرهء وجاء فى غيره أن الرواحل لم تكن موفورة» بل كان العشر يعتقبون على راحلة واحدة أو بعير وإن لم يكن راحلة. هذه هى المشقة أو إشارة إليها وذكرها القرآن ليبين كما ذكرنا من قبل» كيف يكون الجهاد» وكيف يكون طلب العزة» ورفع الذلة» وكيف يكون الاطمئنان والقوة» وكيف يكون جسر التعب الذى لا بد لنيل الحياة العزيزة الكريمة من المرور عليه . يقول تعالى: 8 لقد تَاب اللّه على النبي والمهاجرين والأنصار الّذين اتبعوه في ساعة العسرة 4 ساعة العسرة أى وقت الشدة فى الجهدء ولمال» والحر الشديدء . 75"١ص البداية والنهاية: جك‎ )١( ية: ج3ع ا ص‎ : لج مر 7 وطريق الوصول إلى المكان المنشودء ومحاربة قوم غلاظ شداد هم الذين كانت لهم السطوة. وقد أشارت الآيات السابقة إلى أن المهاجرين والأنصار كانوا السابقين» وإلى أن الذين تخلفواء قال سبحانه فيهم ما كان عتبا قاسياء فيه عقاب لنفوسهم المؤمنة» وبين فيما مضى المخلفين نفاقا وضعمًا فى الإيمان. يقول تعالى: لقد تاب الله تعالى على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من أخطائه التى وقع فيها كإذنه للذين استأذنوه من المنافقين» وهو يعلم كذبهمء وكذلك اجتهاده فى أمر الأسرى فأخذ فداء اللأسرى قبل أن يثخن» ونحو ذلك مما يتعلق بالحروبء والمعاهدات التى تعهد فيها النبى صلى الله تعالى عليه وسلمء ويبين الله تعالى أنه أخطأ فى اجتهاده. وما كان اجتهاده وتخطئة الله تعالى إلا ليعلم الذين يجيئون من بعده أن الذين يجتهدون بعقولهم يخطئون.» وهذا سيد البشرء إذا اجتهد فقد يخطئ» فإن الحاكم أيا كان عرضة للخطأ وليس له أن يستبد بفكره» ويقول مقالة فرعون ما أريكم إلا ما أرى» وما أهديكم إلا سبيل الرشاد. ولقد تعلق الجهلاء من النصارى» ولو كانوا فى مناصب عالية عندهم» وادعوا أنهم من فلاسفة هذا الزمان» أن عيسى عليه السلام أفضل من محمد صلى الله تعالى عليه وسلم» لأنه لم ينسب إليه ذنب يغفرء ومحمد عليه الصلاة والسلام غفر له كما قال تعالى: ل ليُغفر لَك الله ما تَقَدّم من ذَنِبِك وما تأخَّر ... 40 [الفتح]ء وقال تعالى: «الَقَد تَاب الله على الي وَالْمهَاجِرِين والأنصارٍ» فنقول إن ذلك جهل فاحشء. أو هوى فاسدء أو هما معا. أولا ‏ لأآن التوبة مقام من مقامات العبودية» والخضوع للذات الآلوهية» ولذا وصف الأتقياء بأنهم التوابون؛ لأن التوبة تنبعث من إحساس بعلو المقام الإلهى» وتفتيش النفس» والبعد عن الغرور» والشعور بالتقصير نحو الذات لاا تفسير سيور مه التوبة للا للك ١‏ بس يي العلية» مهما تكن الأعمال الصالحة» فالعابد يستصغر ما يفعل فى جنب الله مهما يكن كبيراء» فيتوب عما يحتمل من وجود تقصير أو فوات طاعة واجبة . وثانيا ‏ أن الأخطاء التى لا يؤاخذ عليها بحسن فرط طاعتهء واستجابته لما يطلبه العلى الأعلى بأنها ما كانت تجوزء وأنها تخالف الطاعة المطلقة التى هى حق الله على عباده» وخصوصا الأنبياء الذين هم صفوة خلق الله تعالى. وثالئا ‏ أن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم كان بمقتضى دين الفطرة» ومعالجة أحوال الناس» والجهاد فى دعوة الحق» معرضا لأآن يخطئ» لا أن يذنب» ولفرط طاعته.,) واستقامة نفسه يحس بأن خطأه كالذنب» والرضا به لا يتفق مع مقامه من الله تعالى الذى يخاطبه. ورابعا ‏ أن التوبة يجب أن تكون خلة ثابتة من خلال المؤمنين ؛ لأنها رجوع إلى الله تعالى» والمؤمن لا يجوز أن تغره الحياة» فلا يرجع إلى الله تعالى» فالرجوع إلى الله بالتوبة يجب ألا يغفل المؤمن عنها؛ لأنها فى ذاتها تجديد للإيمان» وتذكير بالطاعة المستمرة» وتوبة محمد سيد البشر دعوة للمؤمنين لأن 3 ام 01 هاه 7 مه وهم وه اس يتوبوا كما قال تعالى: 9 ... وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون 46 [النور]. وخامسا ‏ أن النفوس كلما علت أحست بأن الهفوات كأنها ذنوب» فتلجأ تائبة بالإناية إلى ريهاء وهذا ما يقوله العلماء: حسنات الأبرار سيئات المقربين. وبهذا يتبين أن التوبة» والغفران والإحساس بالخطأ كأنه ذنب سمات الأبرار والعلو فى مقام إدراك معنى الربوبية والعبودية» وليس نقصا فى الذات النبوية ذات أفضل البشر. وذكر بعد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المهاجرين؛ لأنهم الذين كونوا الخلية الأولى للإسلام» ولأنهم الذين أحرجوا من ديارهم وأموالهم ابتغاء نشر 8# تفسير سورة التوبة :4 لال ١ ااا‎ ١ يي الدعوة الإسلامية» واستمساكا بدينهم» وكان الأنصار الذين آووا ونصرواء وإذا كان المهاجرون آزروا النبى صلى الله تعالى عليه وسلمء وأقاموا معه الدعامة الأولى لبناء الإسلام» فالأنصار هم الذين عاونوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى إقامة الدولة الإسلامية» وإذا كان الأولون هم قوم النبى كلد وأقرباءه» فالأنصار هم أحباؤه الذين أقسم لهم وإنه لصادق: «لو سلك الناس شعباء وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار»» والذين دعا لهم فقال: «اللهم ارحم الأنصار» وأبناء الأنصار)(١2»‏ رحمهم الله ولعن من أذاهم وأبى . وقد وصف الله المهاجرين والأنصار بوصف يبين حالهم فى حال الشديدة التى كانت فى تبوك فقال: 9 الّذين البَعْوهُ في ساعة الْعسّرة 4. والساعة الجزء من الزمن كالغداة» والعشى. والظهيرة» وهذا وصف كاشف لحالهم ولخبيئه» فالمهاجرون الذين تركوا الدار والأهل والمال هم الذين اتبعوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى ساعة الشدة» وكذلك الأنصار الذين آووا ونصرواء وكانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة هم كذلك الذين اتبعوه فى ساعة العسرة» وقد ذكرنا بعض ما كان من عسرة شديدة» حتى أن الأعناق كادت تنقطع من شدة العطش لولا دعاء الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم. وقد صور الله تعالى شدة العسرة على بعض النفوس فقال تعالى: 9 من بعد ما كاد يَِيعْ قُلُوبْ فريق مَنّْهُمَ4, أى أن الشدة بلغت أقضاها حتى كادت تزيغ قلوب أى تنحرف وتضل قلوب فريق منهم» ولكنهم لم يزيغواء ولم يضلواء بل اصطبرواء ومرت الشديدة» وانتهوا إلى الاطمئنان. وقال تعالى: ظتُمَ تاب علَيْهِم 4 الضمير فى طعلَيِهِم 4 إما أن يعود إلى المهاجرين والأنصار» ويكون تأكيدا لقبول توبة الله لهم» وإما أن يعود على الذين كادت تزيغ قلوبهم» وهذا ما نميل إليه» ويكون المعنى إن العسرة كانت شديدة )١(‏ سبق تخريجه. ##ا تفسير سورة التوبة ش 2 الالال ل . > أ لجوجاء حتى كادت تزيغ قلوب فريق من هؤلاء المهاجرين والأنصار ولكن الله سلم» وارتدت أفئدتهم فتاب الله تعالى عليهم بسبب تلك الخواطر التى جاشت وكادت تضلهم وإن ذلك من رأفة الله تعالى بهم» ولذا ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: 8إإِنّهِ بهم روف رُحيم 4 الضمير يعود على الله جل جلاله» وهو مذكور قريبا من النص الكريم» وهو حاضر دائما فى القلوب والعقول لمن تذكر» وتقديم الجار والمجرور فى بهم 4 دليل على كريم العناية» يرأف بهم ويرحمهم» ويختصهم بذلك. وكان فى المخلفين ثلاثة تخلفوا من غير معذرة أبدوهاء ومن غير سبب يبرر التخلف» وأحسوا بأنفسهم اللوامة تلومهم» وأمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بمقاطعتهم تأنيبا وتهذيباء وتربية لضمائرهم» فهؤلاء بعد التجربة الشديدة تاب الله تعالى عليهم» ولذا قال تعالى: ( وعلى اللَلانة دين خلفُوا حَ حَنَىْ إذا ضَاقَت عليهم الأرض بما رحبت وَضَاقَت عليهم أنفسهم وظنوا أن لآ ملأ من لله إلا لهنم اب لهم لبوا د اله الاب الرّحيم 652 4 . (الواو) عاطفة» والمعطوف عليه قوله تعالى على النبئ والمهاجرين والأنصارء أى أن الله تعالى تاب على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى المهاجرين والآنصارء وعلى الثلاثة الذين خلفوا بعد أن طهروا قلوبهم» دمنهم من خرج من ماله كله؛ ولنتكلم فى معانى ألفاظ النص القرآنى السامى . ووصف الله الثلاثة بأنهم ل( خلفوا» أى تركواء ولم يكونوا مع الذين نفروا للجهاد فى تبوك» وعبر الله تعالى بالبناء للمجهول» ولم ينسب إليهم أنهم تخلفواء بل لم يذكر من خَلَمَهُمء وإنما الواقع أنهم ما أرادوا القعود ابتداء» من وصف حالهم أنهم تباطأواء وأخذوا يؤجلون يوما بعد يوم» حتى فاتهم الركب» فهم خلّقواء ولم يريدوا التخلف ابتداء ولكن آل أمرهم إلى التخلف»ء وما أن ا تفسيرسورة التوبة حي اا لل لج مزه يي بلغهم أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وصل إلى تبوك» حتى أخذ الندم يغزو قلوبهم حسرة على أنهم لم يسارعواء ولما لقيهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مغضبا منهم» إذ كان يعرف فيهم النجدة والإيمان» وكلهم كانوا من الأنصار» وهم مالك بن كعب بن مالك ومرارة بن الربيع العامرى وهلال بن أمية الواقفى . ولقد تخلف منافقون فلم يبال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بهم؛ وتخلف مؤمئونء» واعتذروا فقبل النبى أعذارهم» ولكن هؤلاء الثلاثة أحسوا بأنهم لا أعذار لهم وأبوا أن يكذبوا فالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم رأى فيهم خيراء ورأى فيهم قصور قد وقعوا فيهء والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم رأى أن يهذب نفوسهم بالاستنكار للفعل من جماعة المؤمنين فأمر المؤمنين ألا يخاطبوهم» ثم رأى أن يعتزلوا نساءهم» وألا يلقوهنء وأجاز لشيخ فيهم أن تلقاه امرأته» ولكن يعتزلهاء ومكثوا على ذلك خمسين ليلة ثم نزل الوحى بقبول توبتهم» هذا ما يدل عليه قوله تعالى: إضاقت عَلَيهِم الأرض بم رَحبْت 4؛ بتلك المقاطعة» أى أن الأرض باتساعها ورحبها صارت أضيق من كفة الحابل» لأنهم لا يستطيعون الحركة لهاء إذ فقدوا الأنس بالئناس وخصوصا الذين طهرت نفوسهم» وزكت أرواحهم» ففى الكلام مجاز خلاصته أنهم شعروا بضيق الناس بهم لا يقرئونهم سلامًا ولا يقولون لهم كلام أيا كان الكلام» لومًا أو عتابّاء أو تقريعًاء أو أى نوع من الكلام يسمعون» فعبر عن هذا بأن الأرض ضاقت بهم مع اتساعها ورحبها. وانتقل تبرم الناس , بهم إلى تبرمهم بأنفسهم» » فصارت نفوسهم كأنها عبء ثقيل عليهم» «( وَظَنوا أن لأ ملْجَا من اللّه إلا َيه 4 الظن هنا بمعنى العلم» أى علموا أنهم لا يجدون ملجأ من أمر الله تعالى إلا أن يلجأوا إليه هو فاستقامت نفوسهم راجعة إليه بمعاودة التوبة وتكرارهاء شاعرين بأنه راحمهم ظاثُمَ تاب عَلَّيهم ليَتوبوا4 (ثم) هنا للتراخى» لأنه قد مضت عليهم حمسون ليلة يحسون بالقطيعة» وبعد الخمسين تاب عليهم بأن أمر النبى والناس أن يقربوا إليهم» وألا ا تفسير سورة التوبة للل مالالا 1س #لج هزر و2 يجافوهم» وأن يعيشوا بين المؤمنين» لأنهم منهمء وقوله تعالى: « ليتوبوا » أى ليجددوا توبتهم» ويداوموا عليها فيكونوا من التوابين الذين يرجعون إلى الله تعالى دائماء إن الله هو لتاب الرّحيم 4. أى أن الله تعالى يقبل توبة عباده كثيرا فقال ما يدل على أن قبول التوبة النصوح المخلصة من صفاته» وقد قال تعالى فى وصفه سبحانه: «إغافر الذذنب وقَابل التوب شديد العقاب ... 2 4 [غافر] . ومن الخير فى هذا المقام أن نذكر ابتداء غزوة تبوك ونهايتهاء ونعرف كيف كان المهاجرون والأنصارء يتزاحمون على الذهاب مع شدة الحرء وإثمار الغرس وإحصاد الزرع» ولكن الجهاد أبقى وأوفر. جاء فى الصحاح أنه روى أن ناسًا من المؤمنين تخلفوا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم منهم من بدا له كره مكانه» فلحق بهء وعن الحسسن البصرى» بلغنى أنه كان لأحدهم حائط كان خخير من مائة ألف درهمء فقال: ياحائط ما خَلّمنى إلا ظلك وانتظار ثمرك؛ اذهب فأنت فى سبيل الله ولم يكن لآخر إلا أهله. فقال: يا أهلاه ما أبطأنى ولا خلفنى إلا الضن بكم لا جرم والله لأكابدن المفاوز حتى ألحق برسول الله فركب ولحق بهء ولم يكن لآخر لا أهل ولا مال فقال: يا نفس ما خلفنى إلا حب المياة» والله لأكابدن الشدائدء حتى ألحق برسول الله فتأبط زاده ولحق به... وعن أبى ذر أن بعيره أبطأ به» فحمل متاعه على ظهره. واتبع أثر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ماشياء فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلمء لما رأى سوادهء «كن أبا ذر»» فقال الناس: هو ذاك فقال يله : «رحم الله أبا ذر يمشى وحدهء ويموت وحده» ويبعث وحده)"2» وعن أبى خيثمة» أنه بلغ بستانه وكانت له امرأة حسناء فرشت له فى الظل» وبسطت له الحصيرء وقربت إليه الرطب والماء البارد» فنظر فقال: ظل ظليل» ورطب يانع وماء بارد» وامرأة حسناء» ورسول الله صلى الله تعالى عليه . رواه الحاكم فى المستدرك : ج232 ص 67. عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه‎ )١( ا تفسير سورة التوبة ماللا ااا و وسلم فى الضحء والريح !!.. ما هذا بخير»ء فقام فرحل ناقته وأخذ سيفه ورمحه ومر كالريح» فمد رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم طرفه إلى الطريق فإذا براكب يزهاه السراب فقال: "كن أبا خيثمة»» فكانه» ففرح به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واستغفر له. الكشاف للزمخشرى. وكان الثلاثة من هذا الصنف المخلص» ولكن لم ينبعث فى نفوسهم ما انبعث فى نفوس هؤلاء» وقد يكون الخاطر يخطرء ويحول مجرى النفس من اتجاه سليم إلى غيره» وقد يكون غيره» واللّه عليم بذات الصدور. . هذا ذكر للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. ولنقص قصص الثلاثة كرواية أحدهم وأجرئهم فى الحق مالك بن كعب. لقد قدم النبى صلى الله تعالى عليه السلام المدينة» وكان كلما قدم من سفر صلى ركعتين» ثم جاء المتخلفون وكانوا بضعة وثمانين رجلاء فأبدوا معاذيرهم» فصدقهاء ووكل باطنهم إلى الله تعالى . ولما جاء مالك بن كعب هذا ولنترك الكلمة له قال: «فلما سلمت عليه؛ فقال لى: ما خلفك ألم تكن قد اشتريت ظهرا؟ فقلت: يا رسول الله إنى لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذرء لقد أعطيت جدلا ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك بحديث كذب ترضى به عنى» ليوشكن الله أن يسخطك على» ولئن حدثتك بصدق تجد على فيه إنى لأرجو عقبى ذلك من الله عز وجلء والله ما كان لى عذر والله ما كنت أفرغ ولا أيسر منى يوم تخلفت عنك, قال: فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أما هذا فقد صدق» فقم حتى يقضى الله فيك» فقمت وقام إلى رجال من قومى» واتبعونى» فقالوا لى: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذاء ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون» فقد 0# تفسير سورة التوبة لكالل ااال 00 -0 لحب ار كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لك. فقال: فوالله ما زالوا يؤنبوننى حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسى . قال: ثم قلت: هل لقى معى هذا أحد؟ قالوا: نعم رجلان قالا مثل ما قلت وقيل لهما مثل ما قيل لك» فقلت فمن هماء قالوا: مرارة بن الربيع العامرى وهلال بن أمية الواقفى» فذكروا لى رجلين صالحين قد شهدا بدرا لى فيهما أسوة» فمضيت حين ذكروهما لى قال: ونهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف» فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تذكرت لى فى نفسى الأأرض» فما هى بالأرض التى كنت أعرف» فبلغنا على ذلك خمسين ليلة» فأما صاحباى فاستكانا وقعدا فى بيوتهماء وأما أنا فكنت أشد القوم وأجلدهم» فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين» وأطوف بالأسواق» فلا يكلمنى أحد» وآنى رسول الله؛ وهو فى مجلسه بعد الصلاة» فأسلم وأقول فى نفسى: أحرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟؛ ثم أصلى قريبا منه» وأسارقه النظرء فإذا أقبلت على صلاتى نظر إلي» فإذا التفت نحوه أعرض عنى» حتى إذا طال على ذلك من هجر المسلمين مشيت حتى تسورت حائط أبى قتادة» وهو ابن عمى وأحب الناس إلى فسلمت عليه؛ فوالله ما رد علي السلام فقلت: يا أبا قتادة» أنشدك الله هل تعلم أنى أحب الله ورسوله؟ قال: فسكتء فعدت له فنشدته فسكت ثم قال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناى من الدموع» وتوليت حتى تسورت الحائط فبينما أمشى بسوق المدينة إذا أنا بنبطى «أى فلاح»». من أنباط الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة ويقول: من يدل على كعب بن مالك» فطفق الناس يشيرون إلى» حتى جاء فدفع إلى كتابا من ملك غسانء وكنت كاتبا فإذا فيه : (أما بعد فقد بلغنى أن صاحبك قد جافاك» وإن الله لم يجعلك بدار هوان» ولا مضيعة» فالحق بنا نواسك). (##ا تفسير سورة التوبة 4 ل ل ال الملل لكا + 6 فقلت حين قرأته: (إن هذا أيضا من البلاء» فتيممت به التنور» فسجرته). حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخدمسين إذا رسول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يأتينى يقول لى: يأمرك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن تعتزل امرأتكء. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟» فقال: اعتزلها ولا تقربهاء وأرسل إلى صاحبى بمثل ذلكء» قال: فقلت لامرأتى: الحقى بأهلك فكونى عندهم حتى يقضى الله فى هذا الأمر ما يشاء!! قال: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله كك فقالت: يا رسول الله إن هلالاً شيخ ضعيف ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ فقال: لاء ولكن لا يقربك» قالت: والله ما به من حركة إلى شىء» وإنه والله مازال يبكى منذ ما كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال بعض أهلى : لو استأذنت رسول الله فى امرأتك» فقد أذن لامرأة هلال أن تخدمهء فقلت: والله لا أستأذن فيها رسول اللهء وما أدرى ما يقول فيها إذا استأذنته» وأنا رجل شابء» فلبثنا عشر ليال» فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا. 1 قال: ثم صليت صلاة الصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتناء فبينما أنا جالس على هذه الحال. . . سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته : أبشر يا كعب بن مالك». فخررت ساجداء وعرفت أن قد جاء الفرج من الله عز وجل بالتوبة عليناء فآذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر فذهب الناس يبشروننا. . .. وانطلقت أؤم رسول الله وتلقانى الناس فوجا فوجا يهتتوننى بتوبة الله يقولون لتهنك توبة الله عليكم. حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله جالس فى المسجد والناس حوله فلما سلمت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور: «أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك». قلت: أمن عندك يارسول الله أم من عند الله؟» قال: «لا بل من عند الله؛» وكان رسول الله إذا سر استئار وجهه. مه ا تفسير سورة التوبة الل ااا الول ١‏ ااا ١١‏ بر << وذكر من بعد أنه كان من توبته أن ينخلع عن كل ماله» فقال: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» فأمسك سهمه الذى أخذه فى غزوة خيبر» وانخلع عن باقى ماله(١".‏ وهنا نقف وقفة قصيرة نتحدث فيها بثلاثة أمور: أولها ‏ لماذا أهمل أمر الذين تخلفوا وقدموا معاذير جلها كاذب» وأقلها فيه صدق. نقول: ترك أولئك لأن الكاذب منهم لا يرجى منه خيرء ولو عوقب ذلك العقاب ما أجدى معه. وربما عاند فزاد ضلالاء والنبى يله لا يقدم على عمل يزيد الضلال ولا ينقصه» وربما كان الترك أجدىء والله يهدى من يشاء. أما هؤلاء الثلاثة فإنهم صدقواء والصدق بر وهو يهدى إلى البر» وكان لابد من أن يرحض عن نفوسهم ما علق من شائبة التخلف, وذلك بالهجر الجميل» الذى أحسوا فيه بمغبة عملهم» وزاد نفوسهم صفاء. الأمر الثانى : أنهم صبروا أعنف الصبر وأقواه» وهو الصبر على الحرمان من الأنس بالناس» والالتقاء نفسيا بمن يحبونهم» ويخالطونهم» فإن الإنسان اجتماعى مدنى» تعيش نفسه فى وسط نفوس متجاوبة. الأمر الثالث ‏ أن استنكار القبيح» أو ما يظن فيه قبح يغسل النفس منهء وإن المجتمعات الفاسدة هى التى لا يستنكر فيها فعل القبيح» ولو تكاثر عدد الصالحين» فالاستنكار مهذب الإثم» والله سبحانه هو الحكيم العليم. نلق متفق عليه؛ رواه البخارى: المغازى- حديث كعب بن مالك ةي ومسلم: التوبة- حديث توبة ا تفسير سورة التوبة ا ململ الصدق والجهاد قوة الأمم موأ 2 أله و 02 ييا ما ا 9 و ثم ال لاب انلأس تود ل وَلاححْمص 0 ] الصُدرَلالس م رعَدوَيَا ليت قم وعم ز سكيع كاله لضي لفحي 0 م ا 00 00010 فقوت تَقَفَة جار “ولاصكبيرة ولاية وت سكب طم لجْرِيه ماله أَحْسَنَمَاكَانوأ إن الصدق أخص ما امتاز به الشلاثة الذين خلفوا فى الأرضء وكانوا صفوة الله ورسوله» رحض خطأ التخلف عن نفوسهم» ولقد صبروا على الاختبار» وصقلت نفوسهم» حتى قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لأحدهم: «إنك بالصدق ليرتفع كل مؤمن إلى هذه المرتبة التى تولى الله تعالى تربيتهم؛ ومن يتولى الله تربيته يحسن هذه التربية» ويكون ربانيا. يقول تعالى: فيا أَيْهَا اّذين آمُوا انوا الله وكونوا م مع الصّادقِين 019 * اقترن الأمر بالتقوى مع الأمر بالصدق والدخول فى زمرة الصادقين؛ لأن التقوى هى ل | تفسبير سورة التوبة : الملللللا الالال 00١‏ لسرب را امتلاء النفس بخشية الله تعالى» والوقاية مما يغضبه ولا يرضيهء فهى وقاية من العذاب» ومن هذه الوقاية طلب الرضاء فلا يقى من غضب الله إلا طلب رضاه بطاعته ومحبته وعبادته» وإن الصدق طريقهاء وهما معاء «ولقد سئل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانا؟ فقال: يكون» فقيل: أيكون بخيلا؟ قال كَل يكون. فقيل: أيكون كذابا؟ قال ييِلْهُ: لا يكون المؤمن كذابا)(١2‏ وقال فى الأمر بالصدق إ وكونوا مع الصّادقِينَ4 أى كونوا فى صحبتهم رحمهم الله مثل الذين صدقوا فى تخلفهم وغيرهم من الصادقين» و(أل) للاستغراق تشمل كل صادق من المؤمنين» فلا يقصد جمع معين؛ لأنه لا عهد ليعين ذلك الجمع» فاللفظ يكون على عمومه؛ وتكون للاستغراق وعموم أصل الصدق الذين يصير الصدق وصفا ملازما لهم» ولقد قال َكلْةِ: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البرء والبر يهدى إلى الجنة» وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا»» ويقول يََلِ. «إياكم والكذب» فإن الكذب يهدى إلى الفجورء وإن الفجور يهدى إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا»0" . ش والصدق ليس مقصورا فى معناه على الصدق فى الخبر» بل إن ذلك أظهره وأقربه» وإن كان يشمل صدق الإيمان بأن يؤمن بالله ورسوله» وأن يقوم بما يوجبه الإيمان» ويصدق فى الجهاد» ويصدق أمام الناس فى إيمانه» فلا يخالف لسانه قلبه ولا عمله قوله» ومن الصدق صدق النفس فلا يكذب على نفسه» فيحسن عمله وهو قبيح» ولا يخدع نفسهء ومن الصدق الإخلاص فى كل ما يظهر على لسانه» فلا يخادع ولا ينافق» وفى الجسملة الصدق ملاك الأخلاق الفاضلة» والإيمان الصحيح» والعمل الصالح. )١(‏ موطأ مالك: الجامع )١877(‏ عن صفوان بن سليم رضى الله عنه. (1) سبق تخريجه. ##ا. تفسير سورة التوبة لحي ل اللو اللللالليلنا ل صا فىج-ا وقوله تعالى: 8 وكونوا مَعْ الصّادقينَ4 يفيد أن الله تعالى يحث المؤمن على أن يعيش فى بيئة يكون فيها الصدق سائداء والبر مسيطراء فإن فساد البيئة الفكرية والخلقية يؤدى إلى عموم الفساد» والبيئة الصالحة» تهذب آحادهاء وتجعل الشر يختفى والخير يظهرء وظهور الخير يدعو إليه» وظهور الشر يحرض عليه. وقد حرض الله تعالى أهل المدينة بعد الأمر بالصدق على الجهاد؛ لأن الجهاد من صدق الإيمان كما أشرنا عند الكلام فى معنى الصدق» فقال تعالى: فم كَانَ لأَهْل المديئة وَمَنْ حَولَهم مّنَ الأغراب أن يتَحَلُمُوا عن رُسُول الله ولا ربوا بأنفسهم عن َفْسِه 4 . قوله تعالى: «إمَا كَانْ لأهل المديئة ومن حولهم... 4 نفى للشأن والكون» أى ما كان من شأن أهل المدينة من مهاجرين وأنصار آووا ونصروا وهم أهل النجدة والإيواء» ومن حولهم من الأعراب الذين أشربوا الإيمان أن يتخلفوا عن رسول الله كل ويؤثروا الدعة والراحة» ويتركوه وحله يكابد المشاق» ويتحمل المتاعب فى سبيل عزهم ورفع دينهم» ما ساغ لهم ذلك» وهم يرغبون فى الدعة وطيب العيش الرغيد» وقوله تعالى: «إعن تُفسه4. أى متوقفين عن نفسه فى أن يرغبوا له ما رغب فيه لهم. لقد قال الزمخشرى فى ذلك: أمروا بأن يصحبوه على البأساء والضراءء وأن يكابدوا معه الأهوال برغبة ونشاطء لا أن يقوا أنفسهم من الشدائد ما تلقاه نفسه علما بأنه أعز نفس عند الله وأكرمها عليه» فإذا تعرضت مع كرامتها وعزتهاء للخوض فى شدة وهول» وجب على سائر الأنفس أن تتهافت فيما تعرضت» ولا يكترث لها أصحابهاء ولا يقيموا لها وزناء» وتكون أخف شىء عليهم وأهونه فضلا عن أن يربأوا بأنفسهم عن متابعتهاء ومصاحبتها ويضنوا بها على ما سمح بنفسه عليهء وهذا نهى بليغ» مع تقبيح لأمرهم» وتوبيخ لهم عليه» وتهييج متابعته بأنفس رحيمة . تفسير سورة التوبة الالو للا للج-يا 221 والمعنى على هذا فى قوله: «إ ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه # أى لا يصونوا أنفسهم عما يرغبون فيه من عيش رغيد هين» وظل ظليل فلم يصونوا أنفسهم عن رغباتهاء كما لم يصن نفسه عن رغباتها. ولنا أن نقول: إن عن نفسه معناها متجاوزين نفسه.ء ولذا كان التعدى ب(على)» و(لا) فى قوله تعالى: :9 ولا يرغبوا 4 لتأكيد النفى ب (ما)»؛ أى ما كان لهم أن يتخلفوا عن رسول اللهء ولا كان لهم أن يرغبوا بأنفسهمء فتكرار النفى تأكيد له. وإن هذا خبر فى موضع الطلب بأبلغ معانى الطلب» فيكون المعنى لا تتخلفوا عن رسول الله إذ يخرج للجهادء ولا ترغبوا فى الدعة» والإقامة فى بحبوحة العيش» وتتركوا الرسول يخرج للجهاد وحده وإن ذلك له جزاؤهء ولذا قال سبحانه بعد ذلك مبينا الجزاء : « ذلك بِأنْهم لا يصيبهم ظَمَأٌ ولا نصب ولا مَخْمَصةٌ في سبيل اللّهِ ولا يَطْئُونَ مُوطًا يغيظ الكقَارَ ولا ينالُونَ من عدو نلا إلا كب لهم به عمل صالح 4 . الإشارة فى قوله تعالى: ذلك 4 إلى النهى المفهوم من قوله تعالى: «إما كان لأهل المدينة ومن حولهم © . إن هذا النفير من أهل المدينة المأمور بهء والمنهى عن التخلف عنهء وألا يرغبوا بأنفسهم» كما فعل أبو ذر إذ خرج يتبع الرسول حتى حسب أن بعيره يبطئه أبو خيثشمة وكانت له زوجة حسناءء قد تزوجها حديثاء فرطبت له الأأرض بالماء وفرشت له الحصير» وقدمت له الرطب والماء فتذكر الشدة التى فيها الرسول وصحبه من المهاجرين والأنصارء فترك ذلك كلهء وركب بعيره حتى لحق برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلمء كما ذكر ذلك بسبب أنهم قد أدركوا وفهموا وعد حي ش تفسير سورة التوبة لح اا الله تعالى والله لا يخلف الميعاد؛ وبسبب أنهم إلا يصيبهم ظَمأ4 عطش شديد كذلك الذى اعستراهم فى تبوك حتى كادت أعناقهم تتقطع من العطش» » لولا أن النبى استسقى السماء لهم فأغدقت. «ولامخمصة» أى جوع شديدء كالذى أصابهم فى هذه الغزوة» التى فتحت الباب للشام» إذ أصابهم جوع شديد حتى إنهم كانوا يتقاسمون التمرة» 9 ولا يطَنُونَ مَوطنًا يغيظ الْكفَارَ) أى لا ينزلون أرضا تدخل فى حماية الكفار» يكون وطؤها فيه غيظ لهمء إذا انتهكوا حمى أرضهمء ولم يستطيعوا حمايتها من جيش الحق والإيمان» وذلك فيه عنت شديد لهم وإهدار لحرمات أرضهمء وفى ذلك إذلال لهم بعد أن كانوا لا يمس أحدهم حماهم الذى يحمون «ولا يتالُون من عدو نَّيلاّْ4. بآن يحاربوا فيهزموهم. أى أن ظمأهم الشديدء» وجوعهم الذى صبروا عليه» ووطأهم أرض العدو الكافر التى كانت لا ترام» ونيلهم من بنى الأصفر الذين يتحكمون.ء ولا مسيطر عليهم أو محاسب. ما من أمر يقوم به أهل الإيمان إلا كتب الله تعالى لهم به عملا صالحا عند اللّه» ينال أهل الإيمان به رضاه أولا ‏ واعتزازهم بالحق ثانياء وجنة النعيم الثاء ولذا قال تعالى: إن الله لا يضيع أَجر المحسنين4» أى أن ذلك الجزاء العظيم أجر للعمل الصالج» وسماه سبحانه أجرا تكرما منه وتفضلاء وإلا فلا أجر إلا بفضله لأنه المنعم» والعبد ملك لسيدهء وسمى الذين يقومون بحق الجهاد محسنين ؛ لأنهم قاموا بما وجب عليهم» وأحسئنوا الطاعةء وأبلوا فأحسنوا البلاء. هذا نوع الجهاد بأنفسهمء إذ تركوا الراحة ومتعتهاء وأثروا البلاء فأخذهم الظمأء والجوع» ووطئوا أرض العدو ونالوا منه نيلا . وهناك نوع الجهاد بالمال» وقطع الفيافى والقفارء وما يكودٍ فيه من جهد بالمال» والنفس» وقد قال سبحانه فيه: ( ولا يُفقُون تََقَة صَغيرَة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلذّ كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يَعملون 659 4 . # تفسير سورة التوبة للك اليد 4 تحب أ قد كان الجزاء على العمل الصالح» على المشقات التى تحملوهاء والجهود التى بذلوها من ظمأ قطَّع رقابهم وأمعاءهم» ومن جوع حرموا فيه من الزادء ووطء أرض العدو وما فيه من إذلال كما قال على: ما وطئت أرض قوم إلا ذلواء ومن نيل نالوه منهم» أما فى هذه الآية فالجزاء على النفقة: صغيرة كانت ولو بسوط أو علاقته» أو كبيرة كتجهيز عثمان جيش العسرة رضى الله عنه» وإن السير فى الفيافى والقفارء ولو لم ينالوا ويطئوا أرض العدو هو ذاته له أجر وجزاء. قوله تعالى : « ولا يَقَطَعُونَ واديا 4, الوادى: المنفرج بين الجبلين» ويراد به هنا الأرض» لأن قطع الوادى لا يكون إلا بقطع الجبلين اللذين تعرج بينهماء وقد قال الزمخشرى: واديا أى أرضا فى ذهابهم ومجيئهم» والوادى كل منفرج بين جبال وآكام يكون منفذا للسيل» وهو فى الأصل فاعل من ودى إذا سال» ومنه الودى» وقد شاع فى استعمال العرب بمعنى الأرض يقولون لا تصل فى وادى غيرك. لا ينفقون ولا يقطعون أرضا إلا كتب لهم بذلك عمل صالح يستحقون عليه ليعطيهم سبحانه وتعالى جزاء ل أَحَسن ما كانوا يَعَملُون 24 وعبر عن الجزاء بالعمل ذاته وقال: « ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعْمَلوتَ 4 لبيان المساواة التامة بين أحسن العمل والجزاءء وللإشارة إلى أن الجزاء ذاته مشتق من العمل فهو ثمرتهء وله تعالى الفضل والمنة. وقبل أن نترك الكلام فى معانى هاتين الآيتين اللتين فيهما تحريض على الجهاد ننبه إلى أمرين: أولهما - أن قوله تعالى « ولا يَانُونَ من عدو نيلا أن النيل فى أصل معناه بمعنى الآذى الذى ينزل بالعدوء ويقال نال منه بمعنى: تكبه بما يسوء ويلحق به ضررا. . ٠: اهاوه‎ بي الثانى - أن قطع الوادى والوصول إلى العدوء هو ذاته خيرء لأنه قصد بقطع الوادى فعل أمر مثوب عليه» ومن يسعى فى خير كان سعيه شكوراء ولو لم يتم الفعلء ولقد قال تعالى: « . .دو مخرح من ته مهاج إلى اله ووه يده اموت فد وقع ره على الله .. 6 2 © [النساء]. الضقه والجهاد قال الله تعالى: ب 10 ا واكاك الْفؤمثون بوك1 و ملك واحكا ا ا الل نه قَِمَنْهُمَ بر غ4 عرس و فلولا نم رمن ل فر ابفه ل أذ فى في اللدن 2 0 0 1 ل ل 2 ول نزروا قومهم إذا رجعوا إلتهِمَ عله يحَدَرو 7 سا ]لذي 12م مَبْْأعوا الي ١‏ يلوك يت السكفار : َجِدرا 0 غ. كدو وان اح النهيرت نز 2 الم ع سه ا 2 د ب 5 220 لُُ 2 7 سمدم َم تيت ءام 7 0 301 8 مَأ زيمت ف فلويو عرس رادج رَجسًا 0# و»* حي ل إِلَرِجْسِهم وَمَاوَأُوَهُمٌ كتفروؤت 33 التفقه فى الدين فرض كفاية» وكذلك الجهاد فى سبيل اللّه» وقد قرر الإمام الشافعى أن فرض الكفاية» واجب على الكافة» وإذا ترك أثم الجميع الكافة أولهما ‏ أن الفقه فى الدين» وتعرف أسراره فرض كفاية» وعلى الأمة أن تسهل قيام هذه الطاتفة التى تكون لعلم الإسلام» بتحفيظ القرآن» ورواية الحديث» 1# تفسير سورة التوبة 00 م كرب ا وجمعه. ويكون حينئذ تعليم الدين فرض عين على هذه الطائفة التى كان ذلك لتعليم أول أعمالهاء وإذا لم تقم هذه الطائفة أئمت الأمة كلها الكافة؛ لأنهم لم يقيموها. والمثل الثانى ‏ الجهاد فى سبيل الله تعالى فإنه على الكافة أن تهيئ الأسباب للقادرين» وتمدهم بالعدة» والنفقة». والجهاد عليهم فرض عين فإن تخلفت الأمة عن الجهاد أثمت كلها . وهذه الآية وما كان المؤمنون4 وما بعدها تحدنا فى هذين الفرضين حدا جامعا. يقول تعالى: «إ وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائقَة 4 . وما كان الْمَؤْصونَ»4 هذا نفى مؤكد لنفورهم للحرب كافة نفيا مؤكدا وقد أكدته لام الجحودء والمعنى ما ساغ ولا صح أن ينفر المؤمنون كافة للجهاد» بحيث تخلو المدينة ممن يقوم بحق الله تعالى» وحق العلم بالدين والفقه فى القرآن. فاللام لتأكيد النفى ‏ إذ مقتضى السياق ما كان المؤمنون أن ينفروا فجاءت (اللام) لتأكيد النفى . 1 وقد بين سبحانه من الذين لا ينفرون» فقال: « قلولا تَمَر من كل فرقّة منهم طائقة تفقوا في الدّينٍ 4, فهنا نفوران» واحد منفى» وواحد مثبت» فأما المنفى» فهو النفور للجهادء وهو منفى عن الكافة أى ليس للكافة أن ينفروا جميعا للجهاد» والنفير الثانى المثبت المحرض عليه» أن ينفر من كل فرقة طائفة - أى ناس متخصصون فى التفقه فى الدين» وهؤلاء ينفرون لهذا العلم من كل فرقة مقدار من الناس. واحد أو اثنان أو أكثر عدداء وإنهم ينفرون من فرقهم إلى الرسول» وينفرون بعد تفقههم إلى قبائلهم . 92 ##ا تفسير سورة التوبة الملل ا0400ااال6لل111610الللوووو ل اااما0الوول لل حر ا وكان المؤمنون ينقسمون إلى قسمين أحدهما ينفر للجهاد» والآخر يبقى فى المدينة» متعلما فقه الدين» وينفر إلى الرسول ليعلمه» ويرجع إلى قومه لينذرهم. وهنا ملاحظات بيانية . أولاها ‏ أن مسمى الاتجاه إلى الفقه يدرسه نفير؛ لأنه أولا ينفر له ناس لدراسة القرآن وفقه الإسلام إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» ثم يرجع إلى أهلهء ولأن العكوف على علم الإسلام لا يقل فضلا عن الجهاد فى سبيل الله تعالى» وأنه جهاد مثله؛ لأنه من قبيل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالإيجاب» والجهاد أمر بالمعروف ونهى عن المنكر برفع الاعتداء وتمهيد السبيل . الثانية ‏ أن قوله تعالى: 8 فلولا نقر... 4 «الفاء) للإفصاح عن شرط مقدر تقديره إذا كان المؤمنون لا ينفرون للحرب كافة» فإن طائفة تخصص للفقه لينذروا قومهم إذا رجعواء وقوله تعالى: فلولا 4, لولا هنا للتحريض على الفقة فى الدين. الثالثة ‏ أن الفقه هو العلم» وهو العلم النافذ الذى يخترق العوائق لإدراك لب الدين» ويقول الغزالى فى هذا المقام: كان الفقه فى العصر الأول اسما لعلم الآخرة» ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدة الأعمال» والإحاطة بحقارة الدنياء وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة» واستيلاء الخوف على القلب. الرابعة ‏ أن الله تعالى قال: 9 لَعَلْهُمِ يُحَذْرون4, ولم يقل لعلهم يتفقهون» وذلك لأن الخوف من عذاب الله تعالى وتقليل الخوف من العذاب هو ثمرة الفقه فى الدين. الخامسة ‏ أن الله سبحانه وتعالى يقول: « لعلّهم يحذرون 4 أى رجاء أن يحذروا أو يخافواء والرجاء منهم لا من الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله تعالى عنده غيب السموات والأرضء» وهو على كل شىء قدير. 1# تفسير سورة التوبة لاملل الول للك سم 1 هاه : يي وقد تكلم الرواة فى هذه الآية على الآثار الواردة عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى مقام العلم بجوار الجهاد. وأن الآثار التى وردت فى فضل العلم لا تقل عن الآثار التى وردت فى فضل الجهاد؛ وكلاهما ينبعان من نبعة واحدة وهى إعلاء كلمة الله فالأول لبيان الحق» والثانى للذود عن حياضهاء وتغيير السبل أمانهاء حتى لا يعوقها طاغ من طغاة الأرض» وقد روى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال «طلب العلم فريضة على كل مسلم)7©. ولقد روى الترمذى من حديث أبى الدرداء» أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة("2؛ وروى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم»27 . وإن هذا الوصف هو للعالم الذى فقه فى الدين» واعتز به» ولم ينافق فيه ولم يتخذه سبيلا للعلو والفساد واجتياز المجالس عند الأمراء ونيل الدنيا به؛ وبالنفاق والكذب» والافتراء على الله» ولقد قال الزمخشرى فى هذا الصنف من العلماء؛ ويظهر أنهم كثروا فى عصره عندما انزلق العلماء إلى موائد السلاطين. فقد قال رضى الله تعالى عنه فيما ينبغى للعلماء: «وليجعلوا غرضهم, ومرمى همتهم فى التفقه إنذار قومهمء وإرشادهمء والتصغية لهمء لا ما يتجه إليه الفقهاء من الأغراض الخسيسة؛ ويؤمون به من المقاصد الركيكة من القصور والترؤسء والتبسط فى البلاد» والتشبه بالعظمة فى ملابسهم» ومراكبهم ومنافسة بعضهم بعضاء وفشو داء الضرائر بينهم» وانقلاب حماليق أحدهم إذا لمح لأحدهم مدرسة لآخر أو شرذمة جثوا بين يديه» وتهالكه )١(‏ سنن ابن ماجه: المقدمة- فضل العلماء والحث على طلب العلم (5514). (1) سبق تخريجه. (*) رواه الترمذى: ما جاء فى فضل الفقه على العبادة (55405؟). وابن ماجه: المقدمة- من قال العلم المخشية # تفسير سورة التوبة ململ لل للا الااللللل الالالال لل لبي 7 على أن يكون موطأ العقب دون الناس كلهم» فما أبعد هؤلاء من قول الله عز وجل: ط ... لا يريدو علا في الأرْضٍ ولا فَسادا ... 4069 [القصص]» اه. فما أشبه الليلة بالبارحة ولا حول ولا قوة إلا بالله . هذا خط العلم فى الرسالة المحمدية» والجهاد ماض فى طريقه إلى يوم القيامة» ولذا جاء بعد آية التفقة فى الدين آية للجهاد فقال تعالى : هيا أيها الذين آمنوا قاتلوا الّذين يلُونَكُم من الْكمّارِ وليجدوا فيكم عَلْظَة واعلَمَوا أن الله مع الْمتَقين 02 »4. نداء إلى الذين آمنوا يشير بهذا النداء إلى أن الجهاد فى سبيل الله تعالى ثمرة الإيمان» والتقاعس عن القتال يكون من ضعف الإيمان» أو مرض القلوب» وأمر الله تعالى بقتال الذين يلون أرض الإسلام سواء أكان المؤمنون بالمدينة أم أقاموا فى أرض أخرى» فالأمر أمر عام بقتال الذين يصاقبونهم. لتكون العلاقة بينهم حربا واضحة» أو عهدا وفياء أما أن تكون العلاقة علاقة من يتربص بالآخرء ويتتهز الفرصة» قاتلوا الذين يلونكم» ثم الذين يلونهم إن لم يرضوا بالعهدء وهكذا كما ابتدأ النبى صلى الله تعالى عليه وسلمء فأنذر عشيرته الأقربين ثم صدع بأمر ربه ولا هاجر قاتل قريشاء ثم قاتل العرب أجمعين لا نزعوا عن قوس واحدة» قاتل المشركين كافة كما يقاتلونه كافة» ولما ابتدأ يقاتل خارج الجزيرة العربية ابتدأ بالرومان؛ لأن واليهم قتل من أسلم من أهله؛ ولأنهم أقرب إلى المدينة من الفرس» ولأنهم كانوا يمالئون اليهود» ونصارى العرب» ولأنهم أهل كتاب» ولأنهم فى أرضهم بيت المقدسء مسرى رسول الله كَلِلّ ولأنه يجب أن يتحرر من أهل الكفرء كما تحرر البيت الحرام من الشرك» ولأنهم المسلمون وهم ورثة الأنبياء أجمعين» والقوامون على الرسالة الإلهية من بعدهم. وقال تعالى: 9 قَاتلُوا الْذدين يَنُونَكُم مَن الْكُمَارِ ولْيَجِدوا فيكم غلظة 4 والأمر هنا فى معنى وأغلظوا عليهم» ولكن قوله تعالى: ط ولْيِجِدُوا فيكم عَلْظَة4 أبلغ 1# تفسسير سورة التوبة 9 اللا للفلل الل اللا لامالا بر 1 بي لآن مؤداه أن يكونوا كلما راموكم بسوء وجدوا فيكم غلظة فلا يفكرون فى أن يرموا بسوء» والغلظة معناها الشدة والقوة» والغلظة تجمع الجحرأة» وعدم التوانى» والصبرء والمبادرة» والعنف فى القتال من غير اعتداء فيه وألا تأخذهم بهم رأفة فى دين الله تعالى. وكانت الغلظة فى قتال الذين يلونهم» ليأمنوا شرهم» وليرهبوهم» ولكيلا يتمكنوا من الاعتداء إن فكروا فيه» أو أرادوهم لأنهم ما داموا لم يعاهدوا عهدا وفياء فإن شرهم متوقع» ودفع الشر قبل أن يأتى من شأن الحذرين» والله تعالى يقول: 8 ... خذوا حذركم ... 469 [النساء]ء والقتال أنفى للقتال» وأبعد عن الاعتداء» وخير الدفاع ما يكون هجوما. وخحتم الله تعالى الآية بقوله تعالى: أَنَ الله مَعَ الْممَّقِينَ)4 إن الله يحب الذين يتقون عذابه» ويتقون الشر قبل وقوعه ولا ينتظرونه حتى يقع» فإن وقع صعب دفعهء والذين يتقون الاعتداء» وكان ختم الله تعالى الآية بذلك لهذه المعانى التى أشرنا إليهاء» ولتحريض المؤمنين على اتقاء الاعتداء ما تمكنوا منه. وقوله: ظأَنَ الله مَع المتّقِينَ4. أى هو مصاحب لهمء فلا يقع عليهم» وهو قريب منهم ينصرهم ويعزهمء ولا يمكن عدوا منهمء وقد أكد سبحانه أنه مع لمتقين بالجملة الاسمية» وبإنّ الدالة على التوكيد» وبتصدير القول بلفظ الجلالة الذى يربى فى النفس المهابة من الله ومخافته . وقد بين الله سبحانه وتعالى كيف يتلقى المتقون ما ينزل من القرآن» وكيف يتلقاه غيرهم» فقال تبارك وتعالى: « وإذَا ما أَنلَت سورة فمنهم من يقول أيكم زَاده هذه تان فَأما لين آمنوا قزادتهم إِهَانَا وهم يستبشرون 059 4 . (الواو) للاستئناف» «وإِذا ما أنزلت سورة 4 (ما) مؤكدة للشرط» وهو نزول الآية والتأكيد لبيان مقام السورة النازلة» والسورة مجموعة من آيات الله تعالى 1 8# تفسير سورة التوبة لس )5 يي تكون فى سور تبتدئ ب (يسم الله الرحمن الرحيم)» وتختتم بابتداء سورة أخرى بهذه البسملة المباركة التى هى جزء من كتاب الله . 1 ويصح أن يراد بالسورة بعضهاء وهو آى من السورة» وكله قرآن» فبعض القرآن قرآن. وقوله: ف فمهم شن يول يك ردقه هدهي انا 4 (الفاء» لتفصيل حال من يتلقونها ما بين مؤمن يتلقى قول الله تعالى بما يكون فيه الهدى» وبعضهم من مرضى القلوب الذين لا يزيدهم الدليل إلا ضلالا وعنتا وكفرا. والضمير فى 9 فَمنهم 4. قال الزمخشرى: إنه يعود إلى المنافقين» أى من المنافقين الذين يستهزئون بالمؤمنين» ويسرفون على أنفسهم يقولون متهكمين أيكم أيها المستمعون للقرآن زادتهم هذه الآية أو السورة إيماناء كأنهم يقولون» لعنهم الله : إن هذه السورة أو الآية لا فائدة منهاء فمن اهتدى فقد آمن» ومن عصى فقد كفر . ولكن لا نجد ذكر فى الآية السابقة ولا ما قبلها للمنافقين إلا أن يدعى أنهم فى الأذهان لما كان منهم من أفعال» وأنا أميل إلى أن الضمير يعود إلى المؤمنين يسأل بعضهم بعضا عن سر هذه الآيات التى تنزل وقتا بعد آخرء يتعرفون غايتها ومرآميهاء ولقد روى عثمان بن عفان رضى الله عنه أنه كانت إذا نزلت آيات عشر أو دونها سألوا رسول الله كله عن معانيهاء ومغازيهاء ويقولون أيهم زادته هذه وقد بين الله تعالى موقعها فى قلوب المؤمنين» وموقعها فى قلوب الذين فى قلوبهم مرضء فقال تعالت كلماته: ظفَأَما الّذِين آمنوا فَرَادنْهم إمَانا وهم يَستَبْشْرُونَ 4 (الفاء) لبيان تفصيل موقعها فى القلوب» 9 فَأَما اين آمنوا فزادتهم هَانا 4 وزيادة الإيمان بزيادة تثبيته فى القلوب وزيادة العمل» فإن آيات القرآن الكريم يستأنس بها المؤمن» ويزداد رهبة من الله وخوفا منه ورجاء فى رضوانه» وهذا بلا ريب زيادة فى الإيمان» ولقد قال تعالى: 9 الله نَل أَحْسَنَ الْحَديث كتابا ل | تفسير سورة التوبة الالال للفلل الل اااالللااا0ا0ا0اااللااال لل تحر ا مم ره موي رم بره م لها متشابها ماني تفشعر منه جلود اين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلُوبهم إل ذكر الله ذلك هدى الله هدي به من يشاء ومن يضلل الله فم لَه من هَادٍ 9 4 [الزمر] . وإن ازدياد إيمانهم بالآية تنزل 8 يستبشرون4 أى يجدون فى الآية الجديدة بشرى لهم بأن الإيمان هداية الله تعالى تتوالى عليهم» ويستبشرون لتوالى خطاب الله تعالى لهمء وأى مؤمن يحب الله ورسوله ثم لا يستبشر بكلام من يحبه ويطلب رضاه؟! . هذا شأن الذين آمنوا عندما تتلى عليهم آيات الله. وأما الذين فى قلوبهم مرض فيقول الله عز من قائل فيهم وآمًا الذين في قُلُوبهم مُرض فَزَادتَهِمٍ رِجْسًا إَى رجسهم ومّاتوا وهم كافرون 059 # . الرجس هو الشىء القذر الذى تستقذره النفوس وتعافه» كالميتة ولحم الخنزيرء والخمر» فإن النفس» وإن لا تعافها طبعاء فإن العقول تعافها؛ لأنها تنزل مشاربها من مرتبة العاقلين المدركين إلى دركة من لا يعقل » ولذلك سماها الله تعالى رجساء فى قوله تعالى: « ... إِنْمَا الْحَمَر امسر والأنصّاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لَعلّكُم تفلحون 469 [المائدة] ويطلق الرجس مجازا على الكفرء لأن العقول السليمة تدرك أن عبادة غير الله أمر لا تقره العقول السليمة ولا الطبائع المستقيمة» والمراد به هنا الكفرء لأن العقول تنفر منه» ولا تقره» وكيف تقر العقول رجلا يصنع حجر ويعبده» وكيف تقر العقول رجلا يرى آيات الله البينات ثم» يكفر بها. والذين فى قلوبهم مرض هم النافقون» وقد قال الله تعالى فيهم: «وفي قلوبهم مَرض قرادتهم رجسا ) . وإن ذلك وصف حكيمء» فإن النفاق مرض يصيب القلوب» فيفسدهاء والعقول فيمنعها من الإدراك السليم» ذلك أن المنافق منحرف 8# تفسير سورة التوبة :46 !ااا اا لائً!اا!!!!!اااا!ا!!|!اااا!ااالا!! !ك1 1 الااا! ا للتلك؟!! ]أت ل ةل !!!تالكالا خ ااا لاخ اع لمع خخ خلال لل اللللك!] للا لألتللكا للاخ ااا ناتللا بج بر يي التفكير دائماء لا يرى الأمور كما يراها السليم» بل إنه غير مستقر» وتوالى نفاقه يفقده الإيمان بالحقائق» وبفقده الإدراك السليم» وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية أن المنافق لا ينافق لغرض من المال أو دنيا يصيبهاء ولكن يضعف عن النطق بالحق» ولعله يبتدئ نفاقه بشىء من الغرض» ولكن يتوالى نفاقه ليصير مرضاء فينافق لغير غاية. وإن السورة أو الآيات التى تنزل تزيد المنافقين كفراً إلى كفرهمء أى كفرا مضموما إلى كفرهم الأصيل وإنما زادتهم كفراء لأنهم يعاندون الحق» والمعاند تزيده قوة الدليل عناداء لقد انحازوا إلى جانب الباطل» فكلما زاده الدليل فى الحق زاد لحاجة فى الباطل فزاد كفرً ولا احتمال لتوبته وعودته إلى الحق» ولذا قال تعالى : «إ ومَاتوا وهم كافرون» أى استمروا معاندين للباطل» حتى حال موتهم» فيموتون وهم كافرون» وعبر بالماضى لتأكيد هذه الحال التى يموتون عليهاء والله يهدى من يشاء ويضل من يشاء. لحرو 2< يج _- ََ د سه كي سه هه 2ه عه 6 4 يْرَمْفْكَنوْ رت حفى كي عَاومَرَةَ كَعَنَقتنم سس يه لايَمووْت ولاه يَرَكَروت ماك سور تل رَيَقضُهَ مضه إل به رسكو و لد سج يراع سا مُعَاصروا صَرَفَكتآ لَه لويم يا 2-0 9 افد جاءحكم رسول ‏ اسرد َ 2_3 - كد ماي ب سي 00 أو آذك 2 8 00 لوكا إن نوا فقل سوب 1# تفسير سورة التوبة للللاللللو ل االللللالللللللاااللل الل الل الل للك زعم وبزرز يي كان المنافقون فى المدينة ملشوية أفكارهم كما تلتوى العيون بحول يصيبهاء فهم يرون النور» ولكن أعينهم يزيدها لمعان النور انحرافا عن التفكير السليم» كان المؤمنون يغزون ويجاهدون.» وهؤلاء يشتد نفاقهم وكيدهم كلما رأوا عزة للمؤمنين بعد عزة» وتمكينا لهم فى المدينة بعد تمكين» وعلوا فى أرض العرب. وهم يعيشون فى أمان» يرجون للمؤمنين الشر والانتكاس. فيقول سبحانه: «أولا يرون أَنْهمِ يفتنون في كل عام مُرَة أو مرتين 4 (الواو) للاستئناف وهى مقدمة فى المعنى على الاستفهام. ولكن قدمت همزة الاستفهام. لأن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام للتوبيخ» والمعنى: أيستمرون على حالهم من النفاق» ولا يتدبرون» وهم يرون أنهم يفتنون فى كل عام مسرة أو مرتين وهم لا يذكرون, الفتنة اختبار النفوس بشدة كما يختبر الذهب ليخرج ما فيه من غش» والمعادن لإزالة الصدأًء وإن الله يختبر الناس فيما يحبون» فيختبر سبيحانه المحب للمال فى ماله» والمحب للنساء والولد فيهماء ويختبر المؤمنين بالخوف» ويختبر المنافقين فيما يحبون من خذلان المؤمنين» وهو أن تخضد شوكتهم وتفل قوتهم» ويختبرهم الله بذلك مرة أو مرتين كل عام» ومرتين يقصد بها مرات» فيعطى الله فى الاختبار للمؤمنين نصرا مؤزراء اختبرهم ببدرهء فأنشأوا فى أنفسهم النفاق واختبرهم فى بنى قينقاع, وقد أجلاهم الرسول عن المدينة لما حرضهم المنافقون على المؤمنين» واختبرهم فى أحد إذ أجلى بعض اليهود» واختبرهم فى الخندق بتحريضهم بنى قريظة» فأباد نصراءهم» واخحتبرهم بالنصر للمسلمين فى السراياء واختبرهم بفتح مكة» ثم اختبرهم بالانتتصار فى الطائف على هوازن وثقيف» ثم اختبرهم فى تبوك» وهكذا توالى الاختبار بالمحن تنزل بهم من فرط غيظهم من الإيمان والمؤمنين. هذا بعض ما يدل عليه قوله تعالى: «أَوَلا يرون أَنَّهم يفون في كل عام مُرة أو مرتين 4 أى مرات» ولو كانت نفوسهم غير ملتوية وعقولهم غير منحرفة» لكان ا تفسير سورة التوبة موبلالل تاملكلا لل ٠: كا‎ يي توالى هذا النصر رادعاء وحاملا لهم على ترك غيهم» ولذا قال تعالى: ولا هم يَذُكْرون 4 أى رجاء أن يتذكروا أنهم على الباطل» وأن فى قلوبهم أمراضا عليهم أن يعالجوهاء وأن ما جاء به محمد يكل هو الحق الذى لا ريب فيهء وأن الله ناصره غير خاذله» وأن العاقبة للمتقين» فإذا تذكروا واعتبروا واتخذوا مما وقع دليلا على ما يقع فاستقامواء ولكنهم لم يتذكروا واستمروا فى غيهم؛ لأنهم انفصلوا بأحاسيسهم عن الناس» فعاشوا فى محيطهم المنافق» فلم يعتبروا وإذا جاءتهم التذكرة أعرضوا عنهاء ولذا قال تعالى: «وإذاما أَنرنَت سورة نظ بعضهم إلى بعض هل يراكم مَن أَحَدٍ ثم انصّرفوا صرف الله فلوبهم بأَنّهم قوم لأ يفَقَهِونَ 4059 وإذا ما أنزلت سورة هادية مرشدة مبينة الحق وذاكرة أحوال المؤمنين ومن يعاديهم لم يطيقوا سماعها من النبى كَكاةٌ؛ لأن القلب المريض لا يطيق سماع الحق الذى يكون فيه شفاء له وللناس» ولا يستسيغ الأخذ به» فإذا تلا النبى كَلئِْهِ الآية أو السورة النازلة نظر بعضهم إلى بعض نظرات لها معان عندهم ‏ وهى أنهم ضاقوا بها ذرعا ويريدون أن يخرجوا من المسجد تبرمًا بسماعهاء وبغضا فيهاء أو تنافراً عليهاء واستهزاء بهاء وبعد هذه النظرات الغامزة» أو المنكرة للحق ينصرفون» ولذا قال تعالى: ثم انصَرَفُوا صرف الله فلوبهم 4 التعبير ب (ثم) هنا فى موضعه؛ لأنه تفاوت بعيد بين حالين» حال الاستماع» وهو يقتضى الإنصاف والإيمان» وحال الانصراف عن الاستماع إلى الحق والقول الذى هو شفاء للناس. وقوله : «إصرف الله فلوبهم © جملة معترضة بمعنى الدعاء عليهم بأن يكونوا منغمرين دائما فى الباطل لأنهم اختاروه وأزادوه» واللّه لا يهدى القوم الفاسقين . ٠‏ ويصح أن نقول إنها بيان لانصرفواء أى أنهم انصرفوا لأن الله تعالى صرف قلوبهم عن الحق» فصارت قلوبهم معرضة؛ لأن نفوسهم الملتوية جعلتهم لا يقبلون على الحقائق . 1# تفسير سورة التوبة اللا لللاائل لوول لللا0ا0ا0اا0للللاا61ااالاللللك تحب ا وإن قوله تعالى عنهم أنهم يقول بعضهم بلمح النظر: هل يراكم من أَحَدٍ »4 فيه إشارة إلى أنهم يريدون أن يتسللوا من المسجد لوادًا لا يحس بهم أحد حتى لا يعرف نفاقهمء ويتميز أمرهم. وهم لفرط انغمارهم فى النفاق يحسبون أنهم لا يعلم بهم أحدء مع أن أعمالهم تكشف عن سرائرهم ولا يخفى أمرهم على أحدء فإن لم يكن ظهوره بأقوالهم» فظهوره بأفعالهم وتقاصر هممهم عن أى خير» و من 4 فى قوله تعالى: هل يراكم من أَحَدٍ4 لاستغراق النفى» أى هل يراكم أى أحدء وهل 4 للاستفهام الإنكارى بمعنى إنكار الوقوع أى لا يراكم من أحد فاخرجوا. ثم بين سبحانه السبب فى أنهم لا يذكرون ولا يرجعون عن غيهم» مع توالى المتكرات المنهيات فقال تعالت كلماته: 8 بِأَنهُم قوم لا يَفَقَهوتَ4 «الباء» للسببية أى أن انصرافهم عن الاستماع للقرآن وتدبر معانية» وعن الاختبارات المتوالية بسبب أنهم لا يتدبرون الآيات ولا الأحداث, ولا يعتبرون بالعبر» وذلك كله من عدم فقه الأمورء والآيات» وإدراك غاياتها ومراميهاء وقد ختم الله تعالى السورة التى كشر فيها ذكر القتال وانبثاق النفاق بما يدل على أن محمدا َه نبى الرحمة فإذا كان قد قاتل. وكشف النفاق وأهله فذلك من باب الرحمة بعباده والرأفة بهم؛ لأن قتال المفسدين وكف فسادهم رحمة بالأبرار المتقين» فليس من الرحمة بالناس أن يترك الشر يستشرى » والرذائل تتحكمء والاعتداء يسيطر» فإن الضعفاء فريسة المستضعفين» والفساد يتضمن ظلم الذين لا يستطيعون دفعه؛ وكشف النفاق رد لمكايد المنافقين» ولقد قال تعالى: #8 . .. ولولا دقع الله الئاس بعضهم ببعضٍلْفَسّدات الأرض ولكن اللَّهَ ذو فُضل عَلَى الْعَالَمينَ 29 4 [البقرة] . ولأن محمدا كَلٌِْ نبى الرحمة قال تعالى - مخاطبا العرب أجمعين: ( نقد جاع مولن لشم مز مامش حم ليك مؤي رعوف رَحيم 6529 4 . ا تفسيرسورة التوبة الل ليلل ١: لكا‎ يي ١‏ أكثر العلماء على أن هذه الآية الكريمة والتى تليها نزلتا بمكة» ومعانيها تعين على ذلك» وقد يسأل سائل: لماذا كانت فى سورة كلها مدنية» وهى من أواخر السور نزولا؟ نقول إن الله سبحانه وتعالى كان ينزل القرآن الكريم على نبيه تنزيلا وكان عند نزول الآية يكتبها من فى حضرته ممن يقرأون ويكتبون وينشرها بين المؤمنين آمرا بوضعها فى موضعها من السورة الذى قرر النبى يَككِلٌ وضعها فيهاء والأمر لله تعالى يأمر نبيه بأن يضعها حيث يأمره جبريل» فالترتيب توقيفى» وليس وقد اختار الله أن يكون وضعها فى آخر سورة براءة؛ ولذلك حكمة نتلمسهاء وقد تلمسناها فقلنا إنها جاءت فى ختام سورة كلها فى النفاق والمنافقين؛ ليتنبه القارئ للقرآن الكريم إلى أن القتال وكشف النفاق رحمة للعالمين. قال تعالى: «( لقد جاءكم رسول من أنفسكم 4 هذه منَّ من الله تعالى من بها على العرب إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم» ولقد أكد ذلك ب (اللام) وب(قد). فقال: ١‏ لقد جاءكم رسول من أنفسكم 4 وهنا قراءتان إحداهما بضم الفاء والثانية بفتحها'' والمعنى على الأول منكم لا من غيركم» ولمعنى على الثانية (من أنفّسكم) أى من أعلاكم نسبًا. وبمجموع الآيتين» وكل آية منهما قرآن بذاتهاء أنه بعث فيكم رسولا منكم» لا من غيركم» وهذه منة» ومن أعلاكم نسبا وشرفا وهذا شرف للرسالة» والنبيون يبعثون من أعلى الأوساط . ومهما تكن القراءة التى يقرأ بهاء فإن محمدا يَكِلَةِ دعوة إبراهيم إذ قال الله تعالى عنه فى دعائه لربه: ربا وَابِعث فيهم رسولاً منهم يلو ... 059 4 [البقرة]» وقد من الله تعالى على المؤمنين إذ قال: © لَقَد من اللّهِ على المؤمنين إِذْ بَعَثْ فيهم رسولاً من أنفسهم ... 58 4 [آل عمران] . . (من أنْفّسكم) بفتح الفاءء صحيحة المعنى» غير أنها ليست فى العشر المتواترة‎ )١( 8# تفسير سورة التوبة الئل م «لج هزه 2 ولقد ذكر الحافظ ابن كثير المؤرخ المحدث أن جعفر بن أبى طالب» والمغيرة ابن شعبة قالا لرسول كسرى: (إن الله بعث فينا رسولا منا نعرف نسبه وصفته ومدخله ومخرجه. وصدقه وأمانته». وإنه إذا كان النبى كَلِةِ من العرب» ومن أنفسهم» ودعوة إبراهيم» فإن الآثر الذى يترتب على ذلك» ويكون من جنس الآخوة المحبة ‏ أن يكون رءوقًا بهم محبا لهم ورحيماء ولذا قال تعالى: «( عزيز عليه ما عنم 4 العنت الشدة» ويقول ابن الأنبارى أصل العنت الشديد. فإذا قالت العرب فلان يتعنت فلانا ويعنته فمعناه يشدد عليه ويلزمه يما يصعب عليه أداؤه. والمعنى يعز على النبى يَكْةٌ وقد بعث إليكم بالملة بالسمحة السهلة ملة إبراهيم أن يكون فى شريعته ما يعنتكم ويصعب عليكم. فدينه دين الفطرة يساوقهاء ولا يعنتهاء وقوله: لاما عَسّم4 أى عنتكمء فاما) مصدرية هى وما بعدها مصدر وقد وصف النبى يَلكِْدِ بثلاثة أوصاف للمؤمنين من العرب وغيرهم؛ لأنه بعث للناس كافة. أولها ‏ أنه عزيز عليه عنتهم». فالشريعة التى جاء بها من عند الله سهلة لا مشقة فيها تعلو على الطاعة وفيها الاعتدال الكامل» وليس فيها إرهاق للنفوس» ولا للأجسام» والعقول تدركها وتعرفها. الصفة الثانية - وهى من أعلى صفات البشر أنه رءوف والرأفة انفعال النفس بالمحبة والرفق بالناس» وهى صفة ضد الفظاظة والغلظء وهما ينفران ولا يقربان» ولقد قال تعالى: 9 ... وَلَوْ كنت فَظَا عَليظ الْقلْب لانفضوا من حولك ... 659 4 [آل عمران]. ( ا تفسيرسورة التويق 2 ٠‏ اللو لكلل الل اللللل الل هليبي يي الصفة الثالثة ‏ الرحمة» وهى أوسع شمولا من الرأفة» إذ إن الرحمة النبوية تكون بالكافة» وقد يكون العقاب منافيا للرأفة» وهو من مقتضيات الرحمة» ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى يقول فى حد الزانى: ا الزّانِيَة والرّاني فَاجِلدوا كل رحد ًا ماق دولا ام يهم رأ في دم الإ وبل وق الآخر وليْشَهَد عذَابَهمًا طائقَة من الْمؤمنِينَ 0 » [النور]. ونرى أن الرأفة قد تجافى العقاب أما الرحمة فإن العقاب ينبعث منها؛ لأنه رحمة بالكافة» وقد قال بعض الصحابة للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم: أكثرت من ذكر الرحمة» ونحن نرحم نساءنا وأبناءناء» فقال: ما هذا أريد» إنما أريد الرحمة بالكافة. كانت هذه الآية إخبارا بمقام الرسول من قومهء وتنويه بالشريعة التى جاء بهاء ودعوة إلى اتباعه» فمن اتبعه» فقد اهتدى» ومن لم يتبعه فقد تعرض للغواية وبعد عن الهداية» ولذا قال تعالى: طفن تولوا فقل حَسبي الله لا لَه إل هو عليه توكلت وهو رب العرش الْعظيم 55 4 . (الفاء) هنا لربط هذه الآية بسابقتهاء ترتيب أمر على أمرء يعد نقيضا له. فإن كون الرسول من أوسطهم نسباء وأنه عزيز عليه عنتهم» وأنه رءوف رحيم بهم كان يوجب عليهم أن يطيعوه» فهو لا يمكن أن يكون فى دعوته ما يضيرهم أو يشق عليهم» بل فيه تنزيه لقلوبهم عن الشرك والضلال» مع هذا إن تولوا - أى انصرفواء وهم معرضون» وقد شبهت حال الإعراض الفكرى» بحال التولى الحسىء لكمال معارضتهم للشرعء 9فَان تولّا4 فعل شرط جوابه: «قَقْل حسبي الله لا له إلا هو» أى إن لم يجيبوك فقل حسبى» أى يكفينى أن يكون الله معى» وهو صاحب الملك كلهء لا إله إلا هوء فلا أعبد سواه. 8# تفسير سورة التوبة الل 40١‏ ب ب يي والآية الكريمة تومئ إلى أنه كان بمقتضى ما تتضمنه الآية السابقة من معانى يكون نصراؤه منهم» وناشرو دعوة الله إلى الحق منهم» بل إنه كان يرجى منهم حتى بمقتضى عادة العرب أن يؤيدوهء ولا يخذلوه. ولكنهم إن خذلوهء فالله معهء وهو كافيه عن الحاجة إلى غيره» ولذا قال سبحانه: « عليه توكلت 24 أى توكلت عليه وحده؛ لا أعتمد عل أحد غيره سبحانه وتعالى» وتقديم الجار والمجرور (عليه) على الفعل (توكلت) يفيد القصرء أى أنه لا يتوكل أحد من العباد» ما دام لله تعالى كافله وعاصمه من الناس» كما قال تعالى: 9 ... واللّه يتعصمك من الثاس ... 69 # [المائدة] . وقد وصف الله سبحانه وتعالى ما يدل على سعة سلطانه» وعزة من يعتمد عليهء فقال تعالت كلماته: « وهو رب الْعرش الْعَظيمٍ 4 الضمير يعود على لفظ الجلالة» ورب معناها مالك» والعرش هنا تفسره بالسلطان» أو ما يشبه كرسى الملك» والمعنى: واللّه هو مالك السلطان الكامل فى هذا الوجودء يعز من يشاء ويذل من يشاءء ويعلى من يشاء ويخفض من يشاءء وهو الحكيم الخبير» فمن يلتجئ إلى الله فقد التجأ إلى من يدفع كل شرء وكل سوءء ومن يعلى الحق. وقوله: رب الْعَرَشُ الْعظيم 4. فى (العظيم) قراءتان: إحداهما بضم الميمء فى العظيم» والثانية ‏ بكسرها ‏ فالقراءة بالضم تكون وصفا لرب العرش» أى تكون وصفا للهء وهو العظيم الذى لا يقدر قدره؛ لأنه فوق التقدير» وعلى قزاءة الكسر تكون وصفا للعرش» وهو يثبت أن سلطان الله تعالى عظيم» والله سبحانه وتعالى أعلم . سورة مكية عدد آياتها 2٠١4‏ استثنى منها علماء القراءات أربع آيات قالوا إنها مدنية» هى الآيات -5٠‏ 45- 45-460. ابتدئت بحروف مفردة للتنبيه على إعجاز القرآن» ووصف الكتاب بأنه الحكيم» وذكرت أن الناس كانوا فى عجب أن يوحى إلى رجل منهم ) فذهبوا إلى تكذيبه وقالوا بسبب كفرهم: إنه ساحر مبين» وكان عليهم ألا يعجبوا ويغتروا؛ لآن الوحى من عند الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأأمر» وأنه وحده له الملك» وأنه لا شفيع عنده إلا من بعد إذنه. شرم م 04 مره 26 #0 م تيه سام>ى هر اس شه اسه الرسر وه اس اسه ص سي . . .ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون (©) إليه مرجعكم جميعا وعد الله الخلق ثم يعيده. © ... ليَجَرِي الّذين آمنوا وَعملوا الصّالحات بالقسط والّذين كفروا لهم شراب مّن حميم وعذاب أليم ... © 4 . هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين وَالْحسَاب ما حَلَقَ اللَهُ ذلك إلا بالْحقَ يُقَصَلّ الآيات لقَوم يَعَلَمُونَ © »> ويبين سبحانه وتعالى آياته فى احتلاف الليل والنهار» ثم أشار إلى أولئك الذين ينكرون البعث ولا يرجون لقاء ربهم» ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وغفلوا عن آيات الله سبحانه وتعالى» وبين أن مأواهم النار بما كسبوا من سيّئ الأعمال» وفى مقابل ا تفسيرسورة يونس الملل ااا ماللا بلجل _رر 7 ذلك ذكر سبحانه الذين آمنوا بالله وآياته وعملوا الصالحات وجزاءهم من النعيم دعواهم فيها سبحاتك اللّهم ود تحيّتهم فيهًا سلام وآخر دعواهم أن الْحَمد لله رب العالمين 2 > . وإن من سنة الله تعالى ألا يعجل الشر لمن أساء. « ولو يعجَل الله للئّاس الشر استعجالهم بالخير لقضي إلَيهم أجلهم قنذر الْدين لا يرون لقَاءَنًا في طَفْيَانِهم يَعَمَّهُونَ 09 ويبين الله تعالى طبيعة الإنسان أنه إذا ضعف اتجه إلى الله وا إليه. 2 مع امم لم « وإِذًا مَسَّ الإنسّات الضرٌ دعَانَا لجنبه أَوْ قَاعدا أو قَائما فَلَمَا كَشَفنا عنه ضره مَرَ كأن لّم يدعنا إلى ضر مْسّه كذلك زين للمسرفينَ ما كانوا يَعَمَلُونَ 09 »4 . وبين حال الذين بعث لهم النبى يَكِةٍ فقال: «إ وإذا تتلئ عليهم آياتنا بينات قال الّذين لا يرجون لقاءنا انت بقرآن غير هذا أو بدله ... 69 4 . فأمره الله تعالى أن يقول: «ل ... ما يَكُون لي أن أَبَدلهِ من تلقاء نفسي إن أَتَع إِلذَّ ما يوحئ إل إنَي أَخَاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم 02 قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فَقَد لبت فيكم عمرا من قَبله أفلا تعقلون 09 4 . وقد ذكر حالهم فى شركهم بأنهم يعبدون ما لا يضرهم ولا يتفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا فيأمر الله نبيه وله فيقول لهم 8 .. قل أَتبمُونَ الله بمَا لا بعلم في السّمُوات ولا في الأرض سبحانه وتَعالَى عمًا يشركون 020 4 . وبين الله تعالى بعد ذلك أن الناس فى أصل التكوين أمة واحدةء 8 وما كان النّاس إلا أمَةَ واحدة فَاحْمَلَفُوا ولولا كَلمَةٌ سَبقت من رَبك لقضي بِينَهم فيمًا فيه يَختَلفُونَ 9 > . 1# تفسيرسورة يونس المللللالل لا ااال لوللا حت اد جاءهم النبى كلل بالقرآن وهو أ أعظم ‏ ية أيد بها التبيون» ولكنهم لتعنتهم يريدون آية أخرى: « ويقولون ولا أنزل عليه آية من نه َل نما ليب له نتروا ني معكم من المنسظرين 69 4 . لقد بين الله النفس الإنسانية المنحرفة عن الحق أنها إذا مسها الله تعالى بالخير بعد الشدة 3 تصورت أن الخير لها ولم يكن لفضل الله ودبرت أمورها على ذلك» وذكر الله تعالى مثلا فقال: بهو الذي يسيركم في ابر والبحر حت إذَا كنتم في الفلك وجرين م بريح طيبة وفر حوا بها جاءتها 3 م عاصفف وجاءهم الموج من كَِ مكَان وَظَنوا أَنْهِم أحيط بهم دعو الله مخلصين لَه الدذين لتن أَبْيتَنَا من هذه لَدكوتنَ من الشاكرين 09 فَلَمّا أنجاهم إذَا هم يبون في الأرض بِغَيْرٍ الحق يا أيه الئاس إِنَمَا بغيكم علَئ أنفسكم ماع الحيّاة الدنيا ثم إِلينا مرجعكم فَنبَئَكُم بما كنثم تَعمَلُونَ 09 4 . ثم مثل سبحانه وتعالى الحياة الدنيا فى زؤال متاعها فقال: 9207 به أيك (إنما مَل الحياة الدنيا كماء أَنلنَاه من السّمّاء فا ختلط به نبات الأرض مما يأكل النّاس وَالأنعَام حت إذا أخذت ٠‏ الأرض رَخْرقَهًا وَازْيّت وض أهلهًا نهم فَادرِونَ عَلَيها أَنَاها مرا لا أو نَهَارَا فَجَعَلَاهَا حصيدا كأَن لَمْتَهْنَ بلس كَذَلك تُفَصَلُ القيات لقوم يتفكّرون 69 4 . دعوةالجق بعد ذلك بين الله تعالى مآل دعوة الحق إلى دار السلام والهداية إلى الصراط المستقيم يوم القيامة «للّذين أحسنوا الحسنئ وزيادة ولا يرهق وجوههم قَعر ولا ذلة أولتك أصحاب الْجنئة هم فيها خَالدود 69 4 . وإنه فى البعث يحشرهم الله جميعا ويفر الذين سول لهم الشيطان أن يعبدوهم ‏ من الذين اتبعوهم . 1# تفسير سورة يونس مامالل ا ١‏ َي ويسأل الذين أشركوا أين شركاؤكم: و ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول لين اما وبر بر ركو مانم هوركم فرَيًا بهم وقَال ركهم ما كسم يان يدون د فَكَفَئ باللّه شهيدا بيسا وبيدكم إن كنا عن عبادتكم لَعَافلينَ 9 هنالك تبلُو كل نفس ما أسلقت وروا إى لله مولام اْسن وَل هم كَاُوايقرُون 9 . بعد ذلك يبين الله تعالى إنعامه على عباده وآياته فى خلقه. لاقل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من اميت ويخرج | ميت من لحي وس يدير الأمر فُسيقولوت اله فقل أفلا دو © قذلكم الله ر : كم اح مذ بد اق إل 2 لضلال فَأنّئْ 7 ص تصرفُونَ 69 كَذَلك حَقّت كلست ريك على الذين سوا هلا مون ©406. أخذ يبين سبحانه وتعالى عجز الأوثان أن تبدأ الخلق ثم تعيده. بل إنها تخلق» ثم إن أوثانهم لا تهدى ضالا وإن الله هو الهادى إلى الحق» وإن الذين يعبدون الأوثان لا إيمان لهم فهم لا يؤمنون بها. «وما يتبع أَكْتْرَهم إلا ظَنًا إِنَ لظن لا يغني من الْحَق شَيْمًا إِنَ اللَّهَ عليم بمًا يُفُعلرنَ 9 © 4. وإن القرآن حجة الله البالغة وما حا ذلأ تر من ذو اله ون تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين 9 690 4. 4 6ه ثم يتحداهم سبحانه وتعالى أن يأتوا بسورة من مثله . 8 ..وادعوا م من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين 60 4. وإن الأمر بالنسبة لهم ليس آخر دليل يطلبونه بل إنهم يكذبون قبل أن يطلبوا لدليل أى بادروا ا بالكطيب لإعل ارال دوعا ود وما أيهم تأي تال م مها اس ساس اس اس تفسير سورة يونس الللل!! للللل ملم الملل تالالا لاا اعلعغمماااائ !!!لخ خخخ خخخ مالكلل ممعم خم خخ عع اللا >. 303 ١ 3 وأنه بعد مجىء القرآن فإن منهم 9إمُن يمن به ومنهم من لا يؤمن به ورك عَم بالْمَفُسدين (©) وإن كَدَبُوك فَقّل لي عملي ولَكُم عَمِلُكُم نشم برِيئُون مما أعمل وأنا برِيء مما تَعملُون 9 50 4# ولا تأبه لهم ء ومنهم من يستمع | ليك وقلوبهم معرضة وهم م يَسْعَممُود لَك أت تمع الم ول انوا لا مقو 463 كما أن منهم من ينظر إليك غير مبصر 9 ومنهم من ينظ إِلَيِك أَفَأَنت تهّدي العمي ولو كانوا لا ينصرون 69 > . ثم أشار سبحانه وتعالى إلى ما أعده للكافرين» وأنه أرسل إلى كل أمة رسولا يقضى بينهم بالقسط ولكنهم يقولون متى وعد الله( ويقولُونَ مت هذا الوعد إن كُشم صادقينَ 69 قُل لا أَملك لنفسي ضرا ولا تفع لاما شَاء الله .. . 69 4 . ويبين سبحانه وتعالى أن له ما فى السموات والأرض وأن وعده حق 8« ألا إن لله ما في السَمَوَات والأرض ألا إِنَ وعد اللّه حق ولكن أكترهم لا يَعلَمْونَ © 4 . كما يبين أن شرع الله تعالى فيه الموعظة وفيه شفاء لما فى الصدور: «يا أيها الئاس قد جاءتكم مُوعظة من ربكم وَشفَاء لَمَا في الصدورٍ وهدى وَرَحمَة لَلْمَؤْمِينَ 9 قل بض الله وبِرَحمته فبدَلك فلحو هو خير مما يجمعون 3 58 4 كما يبين سبحانه وتعالى فضله على الخليقة فيقول تعالى: « قل أرآيم ما أنزل اله لَكُم من رَزْق فَحَعَلتَم مَنهُ حرام وَحَلالا قل آللّه أذ لَكم َم على الله تفترون 69 4 . أى تنزل النعمة حلالا طيبا ويفترون فيحرمون من غير بيئة: ‏ وما ظَن الْذين يَفْحَرُونَ على الله اذب يَوْمْ القيامّة إن الله لَدُو فَضْل على النّاس وَلَكن أكفرهم لا كما يبين الله علمه بكل شئون الرسول ودعوته: 9 وما تَكُونُ في شَأنٍ وما تتلُو منْهُ من قُرآن ولا تَعْملُونَ من عَمّل إلا كنا عليكُمْ شهدا إِذ نفيضون فيه وما يعزب عن يكن فال دفي لض ولا ف الساء ولا أفرم ل لامر لاف قاب ا تفسير سورة يونس 0 للللمولل0اااللللواااا0ااالللللللائلتل الل ا00االلل للك حر ا ثم يذكر أولياء الله طألا إِنَ أولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون 9 الّذِينَ آمنوا وكانوا يتتقون 0 لهم البشرئ فى الْحيّاة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكَلمَّات الله ذلك هو الفوز العظيم 9 > . وينهى الله النبى كَل عن الحزن ولا يحزنك قولهم إِنَ العزة للّه جميعا هو السّميع العليم 62 4 . إن الله مالك العزة يعز من يشاء؛ لأن له ملك السموات والأرض» وأن الذين يعبدون الأوثان لا يستيقئون لها قدرة» وإن يتبعون إلا الظن: ‏ ... إن يتبعون إلا ال وإن هم إلا يخرصون 65 4 . ثم يبين سبحانه كمال ملكه وتصريفه للكون وبطلان من اتخذ له ولدا وبطلان قول الذين يعبدون الأوثان وأن جميعهم لا يفلحون؛ لأنهم يفترون على الله الكذب. تج 6 لياس سم م وس م اس سس 40009 ا #2 مم على ترهس ااي عهس نز قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون (5) متاع في الدنيا ثم إلينا له مما مق يم قور رجهم لم نذيتهماقذاب الي يما انوا يكقرو ©4 بالحسنى ‏ . .. فََْمعُوا مركم وَكَاءكُم فلا كن مركم لِك عُمَة نّم افضوا إلي ولا تنظرون 0© فَإِن تولّيتم فَمَا سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين 69 4 . فكذبه قومه وصدقه الضعفاء ‏ كما كان لمحمد كَكِْدٌ ‏ ثم نجاه الله ومن معه فى الفلك المشحون. وبعث الله - كما تدل الآيات ‏ رسلا من بعده فكذبوا ثم بعث موسى وأخاه هارون إلى فرعونء وأيده بآيات الله التى تثبت رسالته فاستكبروا وكانوا قوما 8# تفسير سورة يونس لل الللإلبللل الل لحب 1 مجر مين » ثم جاء لهم موسى وأتاهم بتسع آيات بينات وكانت إحدى المحجج المنزلة من بينها عصاأ موسى . فَلَمّا جاءهم الح من عندنا قَالُوا إن هذا لسحر مين 09 قَالَ موسئ أتقولون للْحق لَمًا جاءكم أسحر هذا ولا يقلح السّاحروت 69 4 . وقد آمن السحرة وذرية من قومه (إ ويحق الله الْحق بكَلمَاته ولو كرِه المجرمون 0©) فا آمن لمومئ إلا ذرية من قوم على خف من فرعون وملتهم أن يفتهم وإ فرعن لَعَالٍ في الأرض وإنه لمن المسرفين 69 4 . ثم أخذ موسى من آمن ودعاهم إلى التوكل على اللّه الذى آمنوا به وأن يقولوا: ينا لا تجعلنا فننة للقوم الظالمين وثينا برحمتك من القوم الكافرين. « وأوحينا نا إلى مُوسئ وأخيه أن تبَوْءا لقومكما بمصر بوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصّلاة وبشر المؤمنين 69 4 . ودعا موسى على فرعون وملئه الذين لم يؤمنوا: طو . .ينا امس على أموالهم واشدد علئ قُلُوبهم قلا يؤمنوا حَنَئ روا الْعَدَابِ الأليم 6 قَال قد أجيبّت دعوتكما فَاستقيما ولا تَتَبعَانَ سبيل الّذين لا يعلمون 3 09 4. ولقد جاوز موسى بأمر الله البحر حيث انشق ق فكان كل فرق كالطود العظيم واتبعهم فرعون فى اجتيازهم البحر فانطبق عليه هو وجنده حتى إذا أدركه الغرق قال: .ات كلاه أل ايمر إسايل راان لس : 00 صدق ورزقهم من الطيات ولكن اختلفوا 1 العلم. . بعد هذه العبرة من أخخبار الرسل وأولى العزم بين سبحانه لنبيه وجوب الاطمئنان إلى ما يدعو إليه من الحق. ا تفسيرسورة يونس ااا ل تثللاا!!!!!! !!!ااا الاا!! ااا لا!!لاا!ااالااالا الل[ 1 اناالا اللا! كنا ااا لا لاا ااا اللك!]! اال لاا لال ل ممم خمممخمط تتلا 1 هاه : تي لإ فإن كنت في شلك مما نلا ليك فاسئل الذين يقرءون الكتاب من فب قبلك لقد جاءك الْحق من رَبك فلا نَكُوتنَ من الممترين 62 6 ولا تكو من الذي كَذَبوا بآيات الله فَكُونَ من الْحَاسِرِينَ 63 4 . وبعد ذلك ذكر نبى الله يونس عليه السلام «قَلُولا كانت قرية آمنت فتفعها إمَانهَا إلا قوم يونس لَمًا آمنُوا كَشَفنا عنهم عذّاب الْخْري في الْحيّاة الدنيا ومتُعناهم إلى ثم أشار سبحانه وتعالى إلى مقتضى إرادته أن يؤمن من اهتدى ويكفر من طغى ؛ ولذا قال: 9 ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أَفَأنت تكره الثاس حتَئ يكونوا مؤمنين 69 وما كَانَ لنفس أن تؤمن إلا يإذن اللّه ويجعل الرجس على الدين لا يعقلون 0-9 4 . وبين الله تعالى أنه لا تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون» وأن الله تعالى ينجى رسله من العذاب الذى ينزل بالأقوام الذين يكفرون 9 ثم ننجي رسأنا وَالّذين آمنوا كَذَلك حقًا علينا ننج المؤمنين 09 #4 . ثم يخاطب الله الناس خطابا عاما يدعو إلى عبادة اللّه وحده ويأمر نبيه علد بإقامة الدين الحق. و ا 10 21111010 فلم مام م ااقءن يوم اي نيه مسدة هدق سكي اصع روم دك الغفور الرحيم (6) قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدئ فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فَإِنمَا يضل عَلَيها وما أنا علَيَكُم بوكيل 0-9 واتْبِع ما يوحئ ) إلَيك واصبر حت يحكم الله وهو خَير الْحَاكمين 9 4 . 8# تفسير سورة يونس الل االو > ا معانى السورة الكريمهة ملكت 2ُالكتي يكبي وي أكدللتَاعَبََا 0 حبك رَجِلِينهُمَ نذا لاس و رِاَلْذَِءامنوأ # ته سج ل ا 20100 آل عدر ص م« 277 هددري )1السكيوو ب 6 1 - >> ورور 5 ججم سر سر و 11 آ ره ررح له ا مبين أريا إنرد "أله الى خلقا ؟ ملوات وأ لارض 0 سس ١‏ سمس ضح سر ا فِسِنَدَ يام عم استوىعل العرش يدترا ماين فيج ِل من بع دإذ يك دلحكم أله لمر أ عد و ود تَدكروت (ي) لَه قش جه وحَفَانهُ يَدَوَاللوَخْرِد م عَالدينَءَامَعاوحأ لضت آل لقم والدنَ حك ا لْهَْسَرَابُ ينجو وَعَذَابٌ يريما كانو أ يكفروت فيا ابتدأ الله تعالى السورة الكريمة بالحروف الصوتية المفردة» وهى من المتشابه الذى اختصه الله تعالى بعلمه» وإن تفسيرنا لها رجم بالغيب إذ لم يرد عن النبى كَرِدٌ فيها برواية صحيحة بينة» فليس لنا أن نتعرف معناها ما دامت قد أبهمت عليناء وتركها الله تعالى من غير بيان ولكن علينا أن نؤمن بحقيقتين: أولاهما ‏ أن الله تعالى لم يضع هذه الحروف إلا لغاية أرادها وحكمة» وعلينا أن نتحراها. انيتهما ‏ أن نتلمس الحكمة وقد تلمسها المفسرون فوجدوها فى أمرين: ا 0# تفسير سورة يونس اللو بالل ااال موبلالل ااا | .. 2 * إن كبار المشركين لما رأوا أن من يسمع منهم القرآن يؤثر فيه ويصغى إليه فؤاده فدفعهم العناد والمكابرة إلى أن قالوا كما أخبر تعالى: 9 وقَال الْذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وَالْعَوًا فيه لَعلَّكُم تَعْلبونَ 5 »4 [فصلت]. وكان النبى كَل يفجؤهم بتلاوة القرآن بهذه الحروف الصوتية فيتقضون اتفاقهم ويحنون إليه تباعاء وروى أنهم فى ليلة اتفقوا على هذا الموقف السلبى ولكن كل واحد منهم نقض ما اتفق عليه وذهب إلى المكان الذى يستمع منه إلى النبى ككلِ فإذا هم يلتقون حيث كانوا يتفقون على البعد عن الاستماع. - * الأمر الثانى أن النبى تَلِِةِ كان أميا لا يقرأ ولا يكتب» والأمى يعرف الكلمات ولا يعرف الحروف فمجىء هذه الحروف على لسان أمى لا يقرأ ولا يكتب فيه غرابة» وفوق ذلك فإن هذا من التحدى كأنه يقال لهم: هذا الكلام الحكيم مركب من الحروف التى ركب منها كلامكم فكيف تعجزون عن أن تأتوا بمثله» وفى ذلك دليل على أنه ليس بنوع كلامكم ولا هو مما فى إمكانكم أو طاقتكم» والله سبحانه وتعالى هو وحده الذى نزله على نبيه تنزياذ وهو العزيز الحكيم . وقد يبدو أن هذه الحروف مساقة فى أكثر الآيات المبتدأة بهذه الحروف للإشارة إلى القرآن الكريم وآياته؛ لذا قال: ظ تلك آيات الكتّاب الحكيم 4 إشارة إلى هذه الحروف أو إشارة إلى ما يأتى بعد ذلك من الذكر الحكيم . والإضافة هنا بمعنى (من) أى تلك الآيات التى تتلى عليك من آيات الكتاب الحكيم وهى بذاتها تدل على قدرة الله تعالى الذى أنزلها وعجز الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراء وإنه الكتاب 4 الكامل الجدير بأن يسمى كتاباء و الحكيم 4 لاشتماله على الحكمة إذ إنه جمع التكليفات كلها والشرائع المصلحة للبشرية والمنظمة للعلاقات الإنسانية» ثم إنها نزلت كلها على لسان أمى لا يقرأ ولا يكتب؛ لم يجلس إلى معلم ولم يكن ببلد تدرس فيه العلوم الإنسانية أو الكونية فقد كان أميا من بلد أمى» وجاء بكتاب فيه أصول وفروع الشريعة وهى إحدى دلاكل إعجازه بين الكتب حقا وصدقا. ا تفسير سورة يونس الال الوا #لج هزه بي العجز إلى الإيمان بل دفعهم إلى الححود والعناد» ليبس لحجة عندهم بل لأنه كان غريبا لم يألفوه أو يعرفوه؛ ولذا قال تعالى : ظ أكَانَ للنّاس عجبا أن أوحينا إلى جل مَْهِم أن أنذر الئاس » . والاستفهام هنا لإنكار الواقع وهو بمعنى التعجب من عجبهم» والتوبيخ على أنهم اتخذوا إرسال رجل منهم موضعا للعجب» فالرسول لا يمكن أن يكون إلا «( ولو جعلناه ملكا لَجَعلنَاه رجلا ولَلبَسا علَيْهم ما لسوت © » [الأنعام] . وقد كان تَعَحِبِهم لأمور ثلاثة : أولها ‏ أنه أوحى إلى رجل» وما كانوا يفهمون أن الرسالات تكون لرجال منهم . ثانيها ‏ أنه يتيم فقيرء كان يسمى يتيم أبى طالب» وأنه ليس من الأغنياء وكانوا هم العظماء « وقالوا لولا نرّل هذا القرآن على رجل مَن الْقَريعين عظيم 69 4 [الزخرف] . ثالثها ‏ أنه فوق هذا جاء للإنذار بالبعث فكان قولهم: « إن هي لأ حيَانًا الدنيًا نموت ونْحيا وما تحن بمبعونين 699 4 [المؤمنون] . وفى هذا أشد العجب من أمرهم كما يقول تعالى: «وإن تعجب فعجب فَولهم أئذا كنا ترابا أتنا في خَلْقَ جديد ... 2 4 [الرعد]. هذا تعجبهمء والإنكار التعجبى من عجبهم لتلك الحقائق الثابتة» والإرسال لا يكون إلا لرجل كما تلونا ولقوله تعالى: 1# تفسير سورة يونس ممالل 0 جم بي ٠‏ يي طقل لَوْكَانَ في الأرض مَلائكةٌ يَسْشُونَ مطَمَعيِينَ لزنا عليْهم مَنَ السّمَاء ملكا رسولا 62 # [الإسراء]. وأنكروا أنه يتيم فقير وهم يعلمون أنه من بيت الذروة من قريش» وإذا كان يتيم أبى طالب» فأبو طالب كان شيخ البطحاء وتدين قريش كلها له.» كما كانت تدين لأبيه عبد المطلب ولجحده هاشمء وأن النبوة لا تختار بالغنى ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالته» وكان محمد يَللِلِهِّ قبل الرسالة تدين له قريش كلها بالخلق الكريم والصدق والأمانة حتى سمى بالأمين ولا يمكن أن يكون المال والولد مقومات النبوة إنما الصدق والأمانة» والله هو الذى يختار كقوله تعالى: «( وما أموالكم ولا أولادكم بالْتي تقربكم عندنا زلقئ ... 69 4 [سبا]. ولا ينبغى أن يعجبوا من الإنذار بالبعث والحساب والحزاء فإن هذه الدنيا متاعها قليل والعاقبة عند ربك للمتقين» وإن الله تعالى لم يخلق الإنسان سدى بل جعل حياته فى الدنيا عاملا للخير أو عاملا لغيره» وفى الآخرة يكون الجزاء الأوفى . ولننظر بعض نظرات إلى. النسق السامى . ١‏ - قوله تعالى: طأَكَانَ لاس عَجَبًا أن أُوْحَيْنَا إلى رَجُل مَنْهُم4 أكان للناس - ولهم عقول ومدارك ‏ أن يتعجبوا من هذه الأمور. ١‏ - أن أنذر الئاس 4 (أن) تفسيرية» وأنذر الناس هى لإيحاء الذى أوحاه الله تعالى لنبيه» والإنذار هو بيان ما يكون للكافرين من عذاب أليم» والبشرى بما يكون للمؤمنين من نعيم مقيم. (وما الفرق أن تقول «أكان عند الناس عجبا»: أنهم جعلوه أعجوبة يتعجبون منها ونصبوه علما يوجهون نحوه استهزاءهم وإنكارهم) ولعل المعنق الذى يريده 8# تفسير سورة يونس الللللل الل للو لبن كاككة : 3 الزنمخشرى أن اللام تفيد هنا أن كان للناس عجبا أن يعجبوا من أنه أوحى إلى رجل منهمء وأن اللام تفيد الملك» أو الاختصاص أو الحق أى متى حق أن يتخذوا الرسول بالحق موضع تعجب واستغراب ثم استهزاءء وقال فى بشارة المؤمنين وهو الجزء الأكبر من عمل النبى المبعوث ‏ وَبَشَرٍ الْذِين آمنوا أن لهم قم صدق عند بهم 4 وقد بينا معنى البشارة والنذارة» ولم تذكر الجنان ولا النعيم المقيم كما ذكر سبحانه فى آيات كثيرة» ولكن ذكر ما يوجبه ويتأدى إليه لا محالة وهو أن لهم قدم صدق عند ربهم وهى سبقهم إلى الإيمان والتصديق بما جاء به النبى كَك. أولهما - عبر عن السبق إلى الإيمان بقوله تعالى: «قدم صدق» ونقول: إن هذا مجاز عبر فيه باسم الجزء» وأريد الكل وذلك لأن المراد أن لهم السبق البطىء فقد عبر عن ذلك ب قدم4» كما يقال فى النعم: «لفلان أياد على»؛ لأن الإعطاء يكون باليد عادة) . الأمر الثانى - قوله تعالى: #صدق »4 نقول أنه وعدء ووعد الله صدق دائما ولكن المؤمنين أيضا قدموا بالصدق وهو الإيمان بالحق». فصدقوا الرسول وصدقوا ما عاهدوا اللّه عليه. يقول الزمخشرى: (فإن قلت لم سمى السابقة قدمّاء قلت لما كان السعى والسبق بالقدم سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما كما سميت النعمة يدا لآنها تعطى باليد) . وإضافة القدم إلى #صدق» دلالة على زيادة فضل وإنه من السوابق العظيمة . اه #ا تفسيرسورة يونس اللللللل ااال )+ ورا لي هذا ما قاله تعالى بالنسبة للمؤمنين وهو يدل على أنهم بقلوبهم الطاهرة سبقوا إلى التصديق والصدقء أما الكافرون فقالوا تحت تأثير استغرابهم وتعجبهم إن هذا الساحر 6 هذا ! صوت الإستغراب» من ير موجسبهء وبدل أن يقولوا مسترسلين فى استخرايه وأكدوا أ أنه ساحر بالجملة الاسمية» وبإن لمؤكدة وباللام» والإشارة فى هذا إلى النبى وَكلْهٌ وهو مسوغ لاستغرابهم » وعجيوا من إرسال رسول منهم ومن قدرة الله تعالى » ولذا قال تعالى: 1 إن ربكم الله الذي حَلَقَ السّمَوات والأرض في س 8 ستّة أَيام ‏ ثم استوئ على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه 4 . والأيام الستة ليست هى الأيام التى نعرفها؛ لأن ذلك مستحيل؛ لأن هذه بما فيهما من شمس وقمر وسائر الكواكب والنجوم» ولذلك نقول إن الأيام الستة هى أدوار التكوين الذى أنشأ الله به السموات والأرض» ذكرها الله فى سورة أخرى : 2 0 سق ددسوهت # بك و مم ام وه م مومه سه وله دكي شاي عا مه قم لإ قل أندكم لتكفرون الذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين 2) وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أَيَامٍ سواء للسائلين (0) ثم استوئ إِلَى السّماء وهى دِحَانْ فَقَالَ لَهَا وللأَرض انّْتِيَا طَوَعًا أو كرما قَالنَا أتينا طائعين 09 فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحئ في كل سماء أمرها وزَيْنا السّمَاء لديا بمَصابيح وَحفظًا ذلك تَقدير لعزي الْمََيم 69 4 [فصلت]. حتى كانت الأرض بطبقاتها وتكوينهاء وكانت السماء بأبراجها ومصابيحهاء وكانت الشمس ضياء والقمر نورا وَقَّدَره منازل لنعلّم عدَدٌ السنين والحساب . 8# تفسيرسورة يونس للللملطط الال ااال للاااا0االلللل ا ب ا أنشأ الله تعالى السموات والآرض فى هذه الأدوار التكوينية بتدبيره سبحانه وبإحكامه وإرادته وهو الفاعل المختار» وليس كل دور انتقالا من الدور الذى سبق فيتوهم أن كل دور خلق ما بعده بل إن ذلك بإرادة المنشئ المختار؛ ولذا قال تعالى: ‏ ثم استوئ على العرش يدبر الأمر» والمعنى استولى على السلطان والعرش كناية عن كمال السلطان فهو صاحب الملك قد استوى على كرسى ملكه الذى خلقه وأنشأه على غير مثال سبق »2 وأنه يدبر شئون ذلك الكون الذى أبدعه ل بديع السموات والأرض ... 679 4 [البقرة]ء ويدبر أى يتحكم فيه ويقدر ويضع كل شىء حى وخلق المطر الذى يكون غيشا وينبت منه كل شىء وجعل الأرض فراشا والسماء بناء. ش وأصل التدبير معرفة أدبار الأمور» والمدبر يعرف حاضر الأمور ويعلم القابل والحاضر والدابر منها والعواقب» لا يغيب عن علمه شىء وقد أحاط بكل شىء السموات والآرض وحالهما ‏ تبارك الله . ما من شفيع إلا من بعد إذنه 4 هذا إنذار للذين يعصون من خلقه بأنهم عند العذاب لا تنفعهم شفاعة الشافعين وما لهم من شفيع يشفع ولا قربة يفتدون بها أنفسهم فإنه لا شفيع إلا من بعد إذنه» والتعبير بقوله تعالى: «( من بعد إذنه 4 إشارة إلى أنه محكوم بسلطان الله تعالى غير خارج عن ملكه لا يفرض عليه. وهنا إشارتان بيانيتان : الأولى - قوله تعالى: 8[ يدبر الأمر» جملة مستأنفة لبيان كمال السلطان» مختار. 8# تفسيرسورة يونس لملا كالبلل ااا لل لحب أ الثانية - قوله تعالى: ‏ استوئ على العرش »4 تدل على كمال السلطان» وأنه لا يخرج عن سلطانه شىء فى الأرض ولا فى السماءء فالأرض باتساعها من جبال ووهاد ويابس وماء وأحياء وزرع وغراس كلها بتدبيره وسلطانه. ثم قال سبحانه: © ذلكم الله ربكم 4 إشارة إلى خالق السماء والأرض وما فيهن ومدبر أمرهما وذو السلطان المستولى على كل شىء» والخطاب للإنسانية كلها لأنه رب العالمين . ويلاحظ المتتبع لآيات الله تعالى أن الإشارة تقترن بحرف الكاف ويكون الخطاب للنبى يِه ولأمته بالتبع» وضمير الجمع كما فى هذا النص 8 ذَلكُم 4 يكون إما للناس أجمعين» وإما للنبى يَلِلَةّ وأمته ابتداء. وهذا الخطاب للناس أجمعين» وذكر لفظ الجلالة فيه إشارة إلى أنه المستحق وحله بلا شريك وأنه المنشئ والمشرف على كونكم وقد ربكم ورباكم وتعهدكم فاعبدوه 4 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه يعبد لأنه الله المنشئ جل جلاله؛ ولأنه رب الوجود ولا يُعبد إلا وحده فاعبدوه عبادة تقتضى بطلان الشريك . «أفلا تَدَكَرُون »4 الاستفهام للتعزيز وطلب التذكرء و(الفاء» لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وهى مؤخرة عن تقديم؛ لأآن الاستفهام له الصدارة دائماء وهمزة الاستفهام داخلة على (لا) والاستفهام لإنكار الوقوع بمعنى النفى ونفى النفى إثبات» والمعنى حض على التذكر» والتذكر أدنى التفكيرء ولمعنى تفكروا بأدنى التفكير فإنكم حينئذ تجدون الله هو الذى يعبد وحده ولا يعبد سواه. ثم بشر الله بعد ذلك المؤمنين وأنذر الكافرين» فقال تعالت كلماته: ليه مَرجِعَكُم جَمِيعًا وَعْد اله حَنَا هيدا اْحلْقَ نم ُيده ليَجَزِي الدين آمنوا وَعَملوا الصّالحَات بالقسط والّذينَ كَمَرُوا لَهُم شَرَابْ من حَمِيمٍ وَعَدَاب أَليم بمّا كَانُوا يكفْرُونَ 0 4 . بعد أن بين الله تعالى أنه خالق السموات والأرض ومن فيهن ذكر سبحانه وتعالى أنه لم يخلقهم عبثاء بل إنه خلقهم ليعمروا الأرض ويقوموا فيها بالأعمال 8# تفسيرسورة يونس ااال ل للب يي" الصالحة وأنه سيعيدهم إليه ويجزيهم بالإحسان إحساناء» ومن كفر فله عذاب أليم » وقوله تعالى: 14 ليه مرجعكم جميعا وعد اللّه حا » قدم الجار والمجرور على البتدأً مرجعكم » لإفادة القصرء أى إليه وحده المرجع والمآب كما أنه وحده الخالق المنشئ فالمرجع إليه وحدهء ثم ذكر إمكان ذلك وتقريب قدرته تعالى على رجعهم إليه وحده فقال: « يبدا الخلق ثم يعيده » فهذه الجملة فى مقام التعليل لقوله - سبحانه -: 9 إِلَيه مرجعكم » وتقريب وقوع ذلك وقدرته سبحانه وتعالى على الإعادة كما بدأ كما قال تعالى: « ...كَمَا بدأكم تعودون 9 »4 [«الأعراف]» وكقوله: وهو الذي يبدا الخلق ثم يعيده وهو أَهرَنْ عليه ... 69 > [الروم]. وقد بين الله تعالى أن ذلك هو النظام الذى سنه سبحانه وتعالى واخمتاره لخلقه فقال: وعد الله حَقَّا4ُ أى إن ذلك وعد وعده الله تعالى عندما خلق الإنسان الأك وعاداء إبليس اللعين وأنزله من جتنت : وقال سبحانه : 2 8 اهام 5 ره بولند ل ع رفن ته يك خَالدون #69 [البقرة]. وقوله تعالى: «جميعا » ذكرت أبيان عموم من , يعيدهم سبحانه» فسيعود إليه البر والفاجر والمطيع والعاصى والمفسد والمصلح» ثم ذكر سبحانه وتعالى غاية ذلك طليّجِْي الذينَ مثو وَعَمنُوا المالات بالقسط م +" اللام للتعليل» أى لتعليل الرجوع إليه والإعادة بعد البدء» وفى التعليل بيان الغاية والماأب ويتحقق وعد الله تعالى الحق الثابت الذى لا يتغسير ولا يتبدل» وقد ذكر الإيمان والأعمال الصالحة كشأن بيان الله تعالى عند ذكر الثواب ولم يذكر سبحانه وتعالى الجنة والنعيم المقيم» ولكن ذكر ما يتضمنها وزيادة فقال تعالى: 9 بالقسط #» أى الجزاء بالقسط فهو عدل من الله تعالى» وعدله وفضله يوجبان الجنة وما فيها. والرضوان والسعادة التى يتضمنهما أداء الواجب هو الثواب العدل للمؤمنين الصالحين» فهم شكروا النعمة ولم يكفروها وقابلوا فضل الله بالقيام بالواجب ا تفسيرسورة يونس اللللااا 0 ا0ا0ا الا الج مه يي" واعتدال النفوس وحالهم هئ العدل والقسط. ويقول البيضاوى فى تفسيره «( بالقسط » أى بعدله أو عدالتهم وقيامهم على العدل فى أمورهم» ونرى أن هذا كله تشمله كلمة (القّسط) وليس ثمة ترديد بين واحد منها. وبعد أن ذكر سبحانه جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ذكر جزاء الذين يكفرون فقال سبحانه : © والّذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم 4 - ذكر القسط فى جزاء ما يستحقه المدنحرفون من غير أن يذكر ما يدل على أنه جزاء» وذلك للدلالة على أن الجزاء مع عدله تفضل من اللّه» وأن الكافرين حرموا من هذا الفضل ونالهم ما يستحقون., ولبيان أن الرجوع إلى الله تعالى يقترن بالجزاء الذى هو عدل» وأن الناس خلقوا ليقوموا بالإصلاحء وإن الإعادة ليجازوا على هذا الإصلاحء أما المنحرفون المفسدون فإنهم ينالون ما يستحقون بسبب انحرافهم عن الفطرة التى فطر عليها الناس. وابتدأ سبحانه بالجملة الاسمية © والذين كفروا 4 وذلك فيه أمور ثلاثة مؤكدة لشدة العقاب: الأولى ‏ الجملة الاسمية المؤكدة للحميم. الثانية - التعبير بالموصول الذى يعتبر أن الكفر علة الحكم. الثالثة ‏ اللام فى قوله تعالى: ظ لهم شراب 4 فإن اللام تفيد أنه أمر ممختص بهم وليس لهم غيره. والحميم: الحار الشديد الذى يقطع الأمعاء» فيقال: حممت الماء أى أحمه فهو حميم أى محموم» بمعنى مفعول إذا كان حارا حرارة شديدة تزيد عما يطيقه الجسم؟ ولذا قال الله تعالى : هذا فليدوقوه حسيم وَعْسّاق 0 وآخر من شكله أزواج 2 4 [ص]ء وقال: 9 يطوفون بينها وبين حميمآن 69 4 [الرحمن]. ا تفسير سورة يونس للملا ا للللئئ لل لحب اا وذكر سبحانه سبب هذا الذى ينالهم فقال: 9 بما كانُوا يكُفْرُون 4 جمع هنا بين الماضى والمستقبل» ودل هذا على استمرارهم فى الكفر الذى فعلوه أولا ثم استمروا مجددين للكفر آن بعد آن» وقانا الله تعالى شر الضلال وانحراف العقول. قال تعالى: 1 رس اه آ و و 2 ٠.‏ 117 6 - 17 1 ضِياء والقمر ر لتعلمواعددالسِيِين م 00 3 م» م مجه وَالْحِسَابَ مَاحَلَقَألّه ذلك إلا بلحي فصل اليتق > -« 1و + جو يي ايا 7 5 لت سم ل م ِ ريعلمون وبا خيل ف اليل والنهاروما خلق 2ه ا هر مّدق اموت تقوو يَتّقُورت © احهك نَل لابجو لِقَآةنا وص وا بايوةالدنياو) لمأن ليت ممع يا فلن 2 ويلك ماهم 4 َلتَارَيمَاكانواً كيبوت اكاك بناءامنوأ و2 2000101111 بكيم جره 1 نرف جَنتِ جيم يه عو دع همذ شيعه وة كاماد ولسمة مداه يبين سبحانه وتعالى أنه خالق السموات والأرض وأنه ما خلقهما عبثاء» بل سخرهما للإنسان ليشكر أو يكفر» وأن المرجع إليه سبحانه وتعالى يحاسب كل امرئ بما كسب» وأنه الحكّم العدل الذى يجزى به كل نفس بما كسبت . 0# تفسير سورة يونس لل ااالللإللااالااااالللللا0ا0ا0الااالللللال0ا0االلول ااا ماللا لج ورا الى وفى هذه الآيات فصل نعمته على مخلوقاته وكيف هى مسخرة لهم» فجعل الشمس ضياء والقمر نوراء جعل الشمس ذاتها ضياءء فكتلة كلها ضوءء ويقول بعض المفسرين: ذات ضياءء ونحن نقول: إن الشمس ذاتها ضياءء والقمر نورء أى ذا نورء وقلنا فى القمر ذو نور؛ لآن ضياءه ليس من ذاته إنما هو من توسطه بين الأرض والشمس» ونوره عرضى وليس ذاته نورا كالشمس فى أن ذاتها ضياع ولقد أدرك هذا بعض المفسرين الأقدمين الذين لم يعنوا بدراسة الأجرام السماوية. فقد قال البيضاوى: أنه سّمى «نورا» للقمر للمبالغة» فهو أعم من الضوء؛ وقيل ما بالذات ضوء وما بالعرض نورء وقد بينه سبحانه وتعالى بذلك أنه خلق الشمس نيرة فى ذاتها والقمر نيرا بعرض مقابلة الشمس والاكتساب منهاء وهذا ما يقرره علماء الكون» وفى الواقع أن ضياء الشمس حقيقى» فهى كالمص باح والنور ينبثق منه» والقمر لا ضياء فيه وإنما نوره نسبى فى انعكاس ضوء الشمس عليه؛ ولذا كان له منازل» وقد ينطمس على الأرض قال تعالى: ظ وَقَدّرَه منَازل 4 فهو يبتدئ هلالا يكبر شيئا فشيئا حتى يصير بدرا ثم يعود يصغر شيئا فشيئا حتى يكون المحاق. ولذا قال تعالى: ‏ وَالْقَمر نورا وقَدرَه مَازِل لتعلَموا عَدّدَ السنينَ وَالْحسّاب 4 وقال بعض المفسرين: إن ما قدر منازل ليس هو القمر وحده بل الشمس والقمرء والمعنى: قدرهما منازل؛ فالشمس منازل كالقمرء ولكن منازل القمر سريعة يومية ومنازل الشمس ليست كذلكء» وإن كان لها أثرها فالتقدير نسب إلى القمر ابتداءً والمراد هماء كعود الضمير على التجارة فى قوله تعالى : «وَإذًا رأُوا تجارة أو لَهوا انفضوا إِليهَا وتركوك قَائما. .. 469 [الجمعة]ء ونحن نرى أن النازل للقمر؛ لأنها الظاهرة ولأنها التى نعلم بها الأيام والأشهر والسنين القمرية» وبعض المفسرين يقول: منازل أى ذا منازل» ونحن نرى أنه لا حاجة إلى تقدير (ذا)؛ لآن المنازل فى ذات رؤية القمر يبدو صغيرا ثم يكبر وبعد أن يصير بدرا يعود صغيرا كما بدأ والقمر قَدَرتاه منازل حَتَئ عاد كَالعرجون الْقَدِم #69 [يس]ء ويبين سبحانه أن الحكمة فى هذا أن تعلموا عدد السنين والحساب» أى عدد السنين بعدد الأشهر والأيام والحساب» وقالوا إن العدد فى السنين والحساب فى الأوقات» فيعلم عدد السنين بدوران القمر وابتداء كل شهر والأيام برؤية القمر ليلا» والعربى كان يعرف 8# تفسير سورة يونس للااالللللب للا يبرا في اليوم فى الشهر برؤية مقدار الهلال فيعرف أنه فى الليلة الأولى أو الثانية أو الثالثة إلى العاشرة فى سماء العرب الصافية . وإن ذلك بنظام ثابت لا يتغير ولا يتحولء وإحكام فى الخلق والتكوين؛ ولذلك قال تعالى: «إما حَلَق اللّه ذلك إلا بالْحَق 4 الأمر الثابت الذى يسير على سئة محكمة هى سنة الله ولن تجد لسنة الله تحويلا. ثم يبين سبحانه وتعالى أن ذلك كله من آيات الله تعالى التى بينها فقال تعالى : يفَصل الآيات لقوم يَعَلَمُون 4 والجملة مستأنفة» لبيان خلق الله تعالى - يفصلء» أى يبين الآيات الدالة على كمال خلقه ووحدانيته « لقوم يعلمون4 ويدركون الحق ويؤمنون به ويذعئون لفاطر السموات والأرض» ومدبرهما. وإن اتصال اللأرض والشمس والقمر يكون منهما الليل والنهار» كما أن اتصال الشمس بالقمر والأأرض يوجد منه نور القمرء وتوجد منه منازله ويكون منه العلم بعدد السنين والحسابء وقد بين سبحانه أثر اتصال الشمس بالأرض فقال تعالى : إن في اختلاف اللَيلٍ والْهار وما حَلّق الله في السّمّوَات والأرض لآيات لقوم يَقَونَ 0 4. واختلاف الليل والنهار بمعنى تعاقبهما بأن يكون كل خلفة للآخرء فالليل يعقب النهار» والنهار يعقب الليل» تشرق الشمس على الأرض فى دورانها فيكون النهارء ويكون ذلك الإشراق فى جزء من الأرض» وفى دورانها تخفى الأرض نصفا منها فيكون ليلا وفى النصف الآخر النهارء وهكذا تتعاقب الأيام والليالى وهكذا النظام الذى ابتدعه منشئ الوجود رب العلمين» وهناك اختلاف بين الليل والنهار تشير إليه الآية أيضا وهو الاختلاف طولا وقصرا؛ فأحيانا يطول النهار ويقصر الليل» وأحيانا يطول الليل ويقصر النهار»ء وأحيانا يستويان؛ وذلك من تحرك الشمس فى فلكها وحسب قربها من الأرض قربًا نسبيا وبعدها عنها نسبياء ويشير سبحانه إلى, ذلك فى قوله تعالى : إلا الشّمس ينبَّغي لَها أن تدرك الْقَمَر ولا اللَيلَ سابق النَهَارٍ وكل في فَلَ ك يَسبَحون 2 © [يس]ء فالشمس تدور فى فلكها 1# تفسيرسورة يونس / ملل الول 0 > اة والقمر يدور حول الأرض فى فلكهاء والأرض فراش الإنسان مهّدها له العلى القدير. ولقد قال تعالى : إن في خَلَقٍ السّموات والأرض واختلاف اليل وَالنْهَار لآياتٍ لأوني الألبَاب 9ه 4 [آل عمران]ء أى العقول المدركة» وهكذا كان الكون وما يجرى فيه من الآيات والنذرء ولكن ما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون. ويقول سبحانه وتعالى: « وما حَلق الله في السَّمَوات والأرض لآيات لقَومٍ يتقرن 4 هذا توجيه النظر لما فى السموات والأرض من نجوم وكواكب. ٍِأفلم يعظروا إلى السّمَاء فَوقَهُم كيف ينها ينها وما ها من فُرُوج د والأرض مددتاها وألقينا فيها رواسي وأَنبتنا فيها من كل زوج بهيج 00 تبصرة وذكرئ لكل عبد ميب (5) وتنا من السّماء ماء ماركا فَبَتنَا ب جنات حب الحصيد 90 والنخل باسقات لها طَلْع نُضيد ( رقا للعبَاد وأَحيَبنَا به بده ينا كلك الخروج 09 4 لقا. فأشار سبحانه وتعالى إلى الكون فى إنشائه وتنوعه وتفاوته وتدبيره وإحكامه «(لآيات لقو يتقُودَ) هذا ا اسم إن فى قوله تعلى : <إذ في اخعلاف الل والتهار » وإن (اللام) لام (التوكيد)» والآيات جمع آية» وهى الأمر الكونى الدال على وحدانية الله وكمال قدرته وإبداع الكون على غير مثال سبق». وأنه سبحانه منشئ الكون بإرادته . وهذه الآيات لا يدرك مغزاها وما توحى به إلا القوم المتقون» الذين امتلأت قلوبهم بالإدراك ومراقبة أنفسهم» يخافون العواقب ويقدّرون الأمور تحت سلطان التقوىء يعلمون أن الله الواحد الأحد منشئ الكون وحدله هو المعبود وحله لا معبود سوأه. وقد ذكر سبحانه من يدركون بأنهم الذين (يعلمون)» ومرة أنهم (يؤمنون) وأخرى أنهم (يوقنون)» ومرة رابعة بأنهم (يتقون)؛ وهم الذين يدركون ما تدل ###ا تفسير سورة يونس الملل ااا :”7 ىد 7 عليه الآيات» ومن لا يدركها ليس عنده علم ولا إيمان ولا يقين ولا تقوى» وعدم إدراكهم ناشئ عن ظنهم أن الحياة الدنيا هى كل شىء فلا يتدبرون ما بعدها ويتكرون البعث؛ ولذا قال تعالى: إن اذين لا يرجون لقاءنا وَرَضُوا بالْحَياة الدنيًا واطمَأَنُوا بها والّدين هم عن آياتنا غَافلُونَ © أولتك مَأَوَاهم الَارْبمَا كانُوا يَكْسبُونَ له #. ذكر سبحانه آياته الكبرى فى خلق السماوت والأرض الدالة على أنه أنشاً كل شئ وأن من ندا اتداء يستطيع أن يعد م ندا 00 1 .كما بدأكم تعودون 69 فَرِيقًا هدئ وقريقا حق عَلَيهم الضّلالة . . 46 [الأعراف]. وبعد ذلك ذكر الذين يتكرون البعث والنشور والقيامة والحساب» وأنهم لا يخافون عقابا ولا يرجون ثوابيا لانغماسهم فى الآهواء والشهوات» وفسدت مداركهم فلا يفكرون فى عواقب أمورهم» وكلما غلبتهم الشهوات ألهتهم عن التفكير فى خلق الله تعالى وما يدل عليه» وعن التفكير فى الآيات والنذر وما تدعو إليه من إيمان ثابتة دلائله. اليوم الآخر» هو ما يكون من بعث وحساب وجزاءء وقد قال سبحانه: الذين لا يرجون لقاءنا © إشارة إلى استهانتهم بأنفسهم وخالقهم» ولبيان المهابة فى كما أضاف سبحانه لخحال إنكارهم الرضا بالفانية ومتعها بدل الحياة الأخرى ورَضوا بالحيّاة الدنيا وَاطْمَأنُوا بها 4 . وما به من مناقع قصيرة عن الرتجى والمشهى ' لأن الحس استغرقهم وام يجعل فى فى ذات أنفسهم : ( إذ هي إلا حيَانًا اليا نَمُوت ونَخْيًا وما نحن بمَبْعُوئِينَ 9 » [المؤمنون]. 1# تفسيرسورة يونس مام اللو 2 22100111 شىج-1 8ه م مر ساس وقد وصفهم سبحانه بالغفلة عن آبٍ ته: هم عن آياتا عَافلُونَ 4 وهذه جملة معطوفة على ما قبلها. الوصفان متغايران وإن كانا متلازمين. أولا - وصفهم بعدم توقع لقاء الله وأنهم قنعوا بالحياة الدنيا وما فيها واطمأنوا إلى ذلك واكتفوا به. ثانيا - وصفهم بالغفلة» وأن الرضا بالحياة الدنيا والاقتناع بها لا يكون إلا من غير المدركين كين المتنبهين لحقيقة الحياة وما بعدها. بالجملة الاسمية. وفى ذلك أبلغ تأكيد لغفلتهم عن آيات الله الكونية والأحكام التكليفية فكفروا وفسقوا عن أمر ربهم» وقد حكم الله حكمًا صارمًا قاطعًا فقال: «أولتك مأواهم الابما كَانُوا يَكْسبُون 00 (2)# فهذه الآية الكريمة فى مقام خبر إن الذين لا يَرجون لقاءنا 4 وهى خبر (إن) بمقتضى السياق» ويكون ال خبر مؤكدا ب (إن) اميا ااي لأن تعر ادا فلا ل آيات الله وكل ذلك تأكيد لسبب الحكم وهر أن يكو مأوا ال أولا- اغتروا فلم يتوقعوا لقاء الله. ثانيا- رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وهووا فى اللذات مرتعا. الثا- غفلوا عن آيات الله القرآنية الكونية والتكليفية. وهذه أسباب متتابعة بعضها يتبع بعضا وكلها آثام» وقد قال تعالى: ( أولتك مأواهم الار4 والإشارة إلى الأوصاف السابقة واستحضارها إشعار بأنها السبب فى هذا الجزاء . ##/ تفسير سورة يونس ل لل ااا 1 .» يي مأواهم التّارِ» معناه المكان الذى يأوون ويتتهون للإقامة فيه وكان القصد من المآوى الاستراحة لا العذاب. وقد علل الله العقاب بقوله: «إبما كَانوا يَكْسبوتَ 4 والباء للجزاء والمقابلة بين ما فعلوا وما انتهوا إليه؛ والجمع بين الماضى فى كانوا 4 والمستقبل فى (يكْسبُوف4 دليل على الدواء والاستمرار فكانوا فى غىً مستمرء وبعدذّ أن بين سبحانه حال وجزاء الذين لا يرجون لقاءه ذكر فى مقابله الذين آمنوا 9 إن الّذِين آمُوا وَعَمُِوا الصالحَات يهديهم رُم انهم تَجرِي من تَحمهم الأنهار في جنات النعيم © دَعوَاهُمَ فيها سُبْحَاَكَ اللّهُموتَحيُهُمْ فيهًا سَلامُ وآخر دَعوَاهم أن الْحَمَد لله رب العالمين 09 > [يونس]. هذا جزاء الذين يرجون لقاء الله ويتوقعونه : مستيقتين به؛ لأنهم آمنوا فيخافون العذاب ويرجون الثواب 9 يهديهم ربهم بإيمانهم 4 ذكر الله لهم جزاءعين أولهما- أنهم بسبب الإيمان والعمل الصالح يهديهم ربهم إلى الحق دائما فلا تغمرهم الشهوات ولا يرتعون فى المفاسد؛ لأن الإيمان نور فى قلب المؤمن» به لا يفكر إلا فى الحق» ولا يقول إلا الحق» ولا يعمل إلا الحق وسيره بين الناس لا يكون إلا بالحق» وقد قال رسول الله كَل «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم)"1) ذلك أن النور يهدى فيزداد المؤمن بإيمانه إيمانا. والعمل السيئ تَظُلُمَ به النفس فتضل» تبدأ فى طريق الضلالة وتنتهى إلى الضلال البعيدء وقال يَللِِّ: «يتلقى المؤمن عمله فى أحسن صورة فيؤنسه ويهديه. ويتلقى الكافر عمله فى أقبح صورة فيوحشه ويضله""». وفى قوله تعالى: («١‏ يهديهم ربهم بإيمانهم 4 إشارتان : أولاهما ‏ أن ذلك من الربوبية فهو يربى نفوس المؤمنين بما يهيئها للخير . سبق تخريجه‎ )١( بلحوه.‎ 7١ (؟) ذكره القرطبى فى الجامع لأحكام القرآن: ج8/‎ | تفسسير سورة يونس عر ١ 001 111010101011 والحق دائماء كما قال تعالى: ‏ وتفس وما سَوَاها © فَأَلْهِمَهَا فجورها وتقواها (2)# [الشمس]ء فإذا ألهمت التقوى سارت فى طريقها تبلغ غايته» وهذا أمر معنوى تطيب به النفوس المؤمنة وترضاه وتطمئن به. انيتهما جزاء مادى ذ فى اليوم الآخرء وهو روح وريحان ا تجري من تحتهم الأنهار» أى أنهم يدخلون الجنة تجرى من تحتها الأنهار. وهنا إشارتان بيانيتان: الأولى - أنه إذا كان ثمة جزاءان فإنه يعطف بينهما بالواو ولكن لا عطف» وذكرا منفصلين فما حكمة ذلك؟ نجيب قائلين: إن الانفصال هو الأولى؛ لآن زيادة الإيمان فى الدنيا وجريان الأنهار تحت الجنان فى الآخرة. هو جزاء للأول وثمرة له فكان مقتضى ذلك أن يذكر منفصلا عنه» وتجرى من تحتهم هو جريانها من تحت المستقر الذى استقروا عليه تعطيهم منظرا يسر الناظرين وتنعم به النفس والقلب والعين» وتكون الراحة الخالدة. الثانية ‏ أنه سبعحانه قدم جريان الأنهار من نحتهم على جنة النعيم » للمبادرة بذكر المتعة النفسية الروحية» ولبيان أنها تحتهم همء وذكر بعد ذلك أن هذا فى جنات النعيم » أى فى الحنات التى خصصت للنعيم أو هى النعيم ذاته» وفى قوله تعالى : (تعديهم بلعم إمانهم» اقدصرت الهداية على أنها بالإيمان مع أنه ذكر أولهما ‏ أن العمل الصالح ثمرة من ثمرات الإيمان الذى هو النور الهادى والمصباح المضئ فذكر الإيمان استتبع ذكر ما هو أثر له. ثانيهما ‏ أن الإيمان وحده هو الذى يهدى. وبعد ذلك ذكر سبحانه نعيم الجنة المادى والنعيم الروحى وهو تسبيح وسلام وحمد لله رب العالميين» فقال تعالى : «دعواهم فيها سبحاتك اللَّهُمْ وتحيتهم فيهًا سلام وآخر دعواهم أن الْحَمدُ لله رب الْعَالَمِينَ 9) 0 4. # تفسيرسورة يونس الئل أ اكاك يي" الدعوى هى مصدر دعا يدعو كالشكوى» فى شكا ‏ يشكو. والدعوق فى الدنيا طلب الحق والطلب من الله تعالى . ودعاؤهم لله تعالى هو تقديسه وتسبيحه وتنزيهه؛ لأنهم وصلوا إلى أقصى الغايات والمنى فلم يبق إلا أن يسبحوه ويقدسوه وينزهوه» و(اللهم): هو نداء لفظ الجلالة» أى سبحانك يا إله العالمين ويارب هذا الوجود وخخالقه. « وتَحيّتهُم فيها سلام4 أى أمن ودعة واطمئنان» وهذه التحية تتبادل بينهم بالأمن والسلام والاستقرار وتحية الملائكة المقربين لهم سلامء كما قال تعالى: :0 .. وَالْمَلائكَةيَدخلُوَعََيْهِم م كل باب 00 لام عليكُم ما صبرثم قنعم عقبى الدّار 469 [الرعد]ء وتحية من ربهم ورب هذا الوجود كما قال تعالى: سلام ولا مّن رب رحيم 62 4 زيس]. فحياتهم فى الحنة تقديس لله وتنزيه وتحيات مباركة وأمن دائم . وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين 4 أى آخر دعائهم حمد الله سبحانه وتعالى ؛ لأن ما سبق نعم ؛ التقديس نعمة والتحيات نعمة وكلاهما يستحق الحمد. يقول الزمخشرى: «آن») هى المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن. ويقول البيضاوى: لعل المعنى أنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظمة الله تعالى وكبرياءه مجدوه ونعتوه بنعوت الجلال ثم حياهم الملائكة بالسلامة من الآفات والفوز بأصناف الكرامات» فحمدوا الله وأثنوا عليه بصفات الإكرام. ابتدأوا بالتقديس وانتهوا بالحمد. فاللهم اجعلنا منهم وإن لم نعمل عملهم ولكنك غفور رحيم . 0# تفسيرسورة يونس ش ااال لذ 3*37*ظ2ظ232 سب اا النضس الانسانية فى ضرائها وسرائها قال تعالى: --- وَلَوَيْعَجَلُ 711 مل 'سَالْشَّدٌ <ي داعس سىةهة” مد -200- 72 د 4 778 سنج الك ,الك ليلو لجل : نْرَرَأَلَِسنَ اجر ةا لفو ينتفوت ات 11 وَإِدَامَسَ 0502 4 خآ ملا كموي 1 00 رم 201112 ظ 7س 0 س رست فر ولاس ير 9 رء مس مج لخر و مسرو مَاكان يموت 9 ولقدأاهلكناا لفون من قبلِكُم لمَّاظلموا لواو وَجَاء عم رسلهم بلست وَمَاكاوأ > سح مصاعو 206.1 2 ؤم أ كاك جرى لخر جه 4 0 حَسََ دخ سر .سا عار كك نالا يتدج ريك َنم ١ج‏ فى هذه اللآيات الكريمات يبين سبحانه وتعالى لطفه بعباده وإجابته لهم عند الاستغاثة به» وبيان الذين لا يرجون لقاء الله تعالى» وأنه أمهلهم ليتدبروا إن كان فيهم من يفقه ويدرك» وابتدأ سبحانه ببيان أنه يعجل الخير ولا يعجل الشر. وفى قوله: « ولو يعجل الله للئّاس الشّر4 - «لو» هنا حرف امتناع فهى تتضمن النفى» ينفى الله أن يعجل وينفى سبحانه جواب الشرط أيضا وهو «( لقضي بم أجلهم 4 لى ب ينهى أجلهم لأنه سبحانه لا يستعجل الشر ولا يعجله سه ليه وليس الشر هنا ما يفسد أو يضر إما يراد به ما يسوؤهم ولو كان عدلا وجزاءً وفاقا لما يفعلون. والمعنى ولو كان الله يعجل لهم ما يسوؤهم ويهددهم به 1# تفسير سورة يونس مالل ». ١ لاك‎ 1 وينذر من عذاب أليم كالرجفة أو ريح فيها عذاب أليم أو يجعل عالى اللأرض سافلها أو يغرق كغرق قوم نوح - لانتهت آجالهم» وهذا معنى « لقضي إليهم 4 وكانت - إلى- بدل اللام للدلالة على أن قضاء الأجل هو إنهاؤه ويتحقق فيهم قول الله تعالى: «إخلق الإنسان من عجَل ... 469 [الأنبياء] والخير الذى يستعجلون الله وأنفسهم فيه ليس هو الخير فى ذاته ولكنه الخير لآنفسهم - سواء أكان حلالا أم كان حراماء وإن الله لا يعجل السيئة التى تسوؤهم أو النازلة التى تنزل بهم إملاء لهمء عسى أن يكون من ظهورهم من يعبد اللّه» ولذا قال سبحانه مشركى العرب : «( ...ستَستَدرِجْهُم من حي لا يَعْلمُونَ 059 وأُملي لهم إن كيدي مين 0629 » [الأعراف] . فالإهمال ليس إهمالا ولكنه أولا: لتمكينهم من أن يعملوا صاحا إن أرادوه وثانيا: ليكون الجزاء الأوفى إذا استمروا فى ضلالهم» وثالثا: ليعرفوا العبر. وفى قوله: ل قََدَرُالّذِين لا يَرْجُونَ لقَاءَنَا في طُفْيَانِهِم يَعَمَهُونَ 4 (الغاء) للإفصاح عن شرط مقدرء أى إذا كنا لم نعجل لهم العذاب الدنيوى - نذرهم فى (نذرهم)» أى نتركهم لاهين عمين عن الحق وعن البعث غير مدركين» وعبّر سبحانه بالموصول: لين لا يَرَجَون لقَاءنا 4 للإشارة إلى أن السبب فى استمرار طغيانهم وتجاوزهم أنهم لا يتوقعون لقاء الله تعالى وتلقى الجزاء فيخافون» أو تلقى الثواب فلا يطغون» ولكن المناسب هنا هو جزاء الطغيان إذ هو المأكور. والطغيان هو تهاوز الحد والاعتداء على الأشخاص فيسيرون وراء أهوائهم وشهواتهم وطغيانهم لا يقفون عند حد من الحدود فيرتكبون ما شاءت لهم أهواؤهم بعد أن جعلوا إلههم هواهم 0# تفسير سورة يونس الملل الول 1 حلب لي ١‏ ف يعمَهون4 أى يتخبطون ويتحيرون» ومنشأ الحيرة أن فطرهم تدعوهم إلى الحق وإلى صراط مستقيم ولكنهم يطمسونها بأهوائهم وملذاتهم وسلوكهم» فهم فى حيرة نفسية» وإن من الحيرة إيمانهم بأن الله خالق كل شىء وأنه المستعان عند الشدائدء وهو إذا أغاثهم عادوا كما بدأواء كما يقول تعالى: 2 الا اام « وإِذا مس الإنسَان الضر دعانًا لجنبه أو قَاعدا أو قَائما قَلَمّا كَشَفنَا عنه ضرة مَرَ كَأن لم يَدعنًا إلى ضرمسَهُ كلك وين مسر فين ما كَانُوا يمون 90) 49. ذكرنا فى مواضع كثيرة أن العرب كانوا يعرفون الله ولكن يشركون معه عبادة الأوثان» وغيرهم ما كان يعرف الله إلا مع ثلاثة» أو يعرفونه حالا فى بعض خلقه أو لا يعرفونه قطء فالعرب كانوا خيرا منهم إن كان فى الشر خيارء فكانوا يعرفون أن الله وحده خالق الكون وأنه يلجأ إليه فى الشدة» وأنه ليس مثله أحد من خلقهء ولكنهم يشركون فى عبادته وبذلك ضلوا ضلالا بعيدا. ومما يدل على التجائهم فى الشدة الالتجاء إليه فى المرض الذى لا يعرفون سببه وتتعدد أحواله» كما تذكرنا الآية الكريمة 9 وإِذًا مس الإنسّان الضرٌ» وهنا بيان الحقيقة وكمالهاء أى الضر الذى بلغ حدا لا يعرفون له علاجا ولا دواء» وأن الإنسان بإنسانيته المفطورة على الضعف يلجأ إلى ربه 8 دعانا لجنبه أو قَاعدا أَوْ قائما 4 واللام فى « لجتبه 4 بمعنى (على) وهى حال كونه مضطجعا على جتبه أو ملقى على جنبه لا يستطيع حراكا لا يملك أن يقعدء لأَوْ قاعدا 4 لا يستطيع أن يقوم أو قائما4 لا يمشى كما اعتاد. وتعدد هذه الأحوال للدلالة على أنه يدعو فيها كلها لا فى بعضهاء وهذا دليل على شدة الالتجاء إلى الله وكثرة الالتجاء. أو يدعو فى كل أحوال الأمراض ومنها ما يلقيه فى الأرض» أو مرض يقعد فيه ولا يستطيع غيره أو يقوم من غير قدرة على السيرء والمراد فى كل الأحوال كثرة الدعاء لله وذلك مثل قوله: 8 .. .وإِذا مَسّهُ الشر فَدُو دْعَاء عريض 69 4 [فصلت]. تفسير سورة يونس مامالل 1 لجبيبرم؟ يي هذا حال الإنسان إذا مسه الضر فإذا كشف عنه الضر نسى ولم يفكر فى حاله الذى كان عليه وضراعته إلى ربه وأنه الملجأ والملاذ؛ نسى ذلك نسيانا تاماء وطغت عليه وعلى تفكيره حال الصحة ونسى الله ونسى ضعفهء وأنه لا يمكنه العيش دون رعاية الله وتدبيره» يقول سبحانه: فَلَمّا كَشفنا عنه ضر مر كأن لم يَدُعنا إلى ضر مّسنّه 4 (الفاء) عاطفة حال كشف الضر على حال الضعف والالتجاء إلى الللهء وهما حالان متباينان فى ظاهرهما وإن كانا متوافقين فى الدلالة على ضعف الإنسان» كما قال تعالى: # . .. وَخْلقَ الإنسان ضعيفا 62 4 [النساء] ولكن الغرور هو الذى يوهمه بالقوة ويطغيه. « قَلَمّا كَشَفنا عَنْهُ ضرًه مر أن لم يَدعَنا إلى ضر مسّه 4 (الفاء) عاطفة جملة الاستجابة على جملة الاستغاثة والضراعة» والعطفف يقتضى المغايرة» وكانت المغايرة بين حال الإنسان فى ضعفه واستكانته وحال قوته وتمكنه» ففى الأولى ضراعة واستغاثة» وفى الثانية غرور واستهانة. كشفنا عنه ضره 4. معناها أزلنا عنه حال الضر وكأنها كانت غشاء أخفى كفره فلما زال الغشاء عادت حقيقته كما كانت. وقوله: «( كن لم يَدعنًا إلى ضر مّسَّه 6 فيه (أن) مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن» أى كان الشأن أنه لم يدع الله إلى ضر مسه وذلك شأن اللثام من بنى الإنسان» ينسى الإحسان فى وقت القوة ة وكهؤلاء الْلوَماء الكافرين فى نفوسهمء كذلك قال الله تعالى: « كلك زيْنَ للمسَرفِينَ ما كانوا يعَملُونَ)4 أى كهذه الحال التى عليها المريض الضعيف الذى كشف الله تعالى عنه الضر فنسى فى عافيته ما كان فى مرضهء كهذه الحال زيِّنَ للمسرفين ما كانوا يعملون» أى أنهم نسوا حال خلقهم وتكوينهم والإيمان بربهم وزين لهم الغرور والإسراف فيه ما كانوا يعملونه من شرور وآثام وظلم للعباد وطغيان فى أنفسهمء وإسرافهم فى الشر يجترعونه اجتراعاء وعبر الله عن الجاحدين المنكرين الذين لا يرجون لقاءه بالمسرفين؛ لأنهم أسرفوا على أنفسهم فاعتقدوا الباطل واعتقدوا أن الحياة الدنيا هى الوجود كله وأسرفوا على الناس فطغوا وبغوا فى البلاد وأكثروا فيها الفساد. ##ا تفسيرسورة يونس ااال 01111000 لبر 2 ويسوق الله العبر فى آياته فلا يعتبرون؛ لأنه قد زين لهم ما كانوا يعملون» أى ما استمروا على عمله؛ لأنه بالجمع بين الماضى فى 8 كَانوا 4 والمستقبل فى «يعملون4 . يسوق الله تعالى العبر ولا معتبر؛ ولذا قال سبحانه: « وَلَقَدْ أَهُلَكْنا لوم طمن وا وجاهم سه جات ون كلو كل ري القَرم المجرمين 69 4 . القرن: الجيل» والقرون: الأجيال» وليس هلاك هذه الأجيال إهلاكها كلها وإنما الإهلاك للمكذبين منهم. فأهلك قوم نوح وأبقى المؤمنين ولما أهلك عادا وثموداء أبقى المؤمنين» وأهلك من قوم لوط المفسدين وأبقى المؤمنين وهكذاء وفى قوله تعالى: (١‏ ولقد أملكنا القرون من قبَلكُم 4 إشارة إلى وجوب الاعتبار بهم » كما قال سبحانه: قل سيروا في الأَرض فَانظِرٌوا كيف كَانَ عَاقِبَةٌ الْمُجْرِمِينَ و ©4 [النمل]. طلَمَاظَلَموا» أى أن الهلاك كان عند ظلمهم وبسببه» وأن ظلمهم كان سببه الشرك وإن الشرك لظلم عظيم» حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرمه» وكانوا طغاة كفرعون وأمثاله» فطغوا فى البلادء وظلموا العباد» واستغلوا قوى الناس بغير مبرر إلا أهوائهم . ظلموا الرسل بتكذيبهم - قال تعالى: ذإ وجاءتهم رسلهم بِالْبَينَات )4 أى بالمعجزات الواضحة الدالة على الرسالة الإلهية التى حملوها فما طغى المجرمون عن غير بيئة: 8 . .. وما كنا مَعذَبينَ حتّى تبعت رَسولاً 409 [الإسراء]ء 8 ...وإن َنم إلا حَلا فيها نير 9© 4 [فاطر]. تكائفت ظلماتهم وتوالى شرهم وفسدت نفوسهم حتى اسودت وما عاد للحق فيها موضع» فبين سبحانه أنه لا إيمان لهم بعد أن أظلمت قلوبهم. قال تعالى : «ومًا كانوا ليؤمنوا 4 أى ما استقام لهم ليؤمنواء و(اللام) هى التى تسمى بلام الجحودء ولا يستقيم لهم الإيمان لاسوداد قلوبهم وطمس نورها فلا يدخلها ا تفسير سورة يونس الم كاك : يي نور الحق» فهى فى ظلمات دائمة مستمرة ا كَذَلِك نجزي الْقوم المجرمين 24 أى كهذا الجزاء الذى جزيناهم به من الهلاك الذى نزل بهم وكطمس قلوبهم فلا يؤمنوا نجزى المعاندين» وقد وصفهم سبحانه وتعالى بالإجرام وأن ذلك هو الذى أدى إلى هلاكهم » وإجرامهم كان فى كفرهم وطغيانهم وفسادهم فى الأرض وهذه عبرة ساقها القرآن لمن يعتبر»ء وخاطب بها المشركين الذين يعبدون الأوثان ليعتبروا فقال تعالى : ظثُمَ اهم حَلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تَعملون 68 6 . لتم 4 هنا لمعناها من الترتيب والتراخى» وأن التراخى فيها يدل على تعدد الأجيال وكثرتها وما تركته من عبر وآثار تدل على عاقبة أمرهم» وهم على مقربة منهم يسيرون فى أرضهمء وإ خلائف 4 جمع خليفة وهم الذين يسكنون فى مساكنهم كما قال تعالى: « وَسكسمْ في مسَاكن الّذين ظَلَمُوا أَنفْسَهم وتَبَيّن لكم كيف فَعلنَا بهم وضربنا لَكُم الأمقّال 62 4 [إبراهيم] . إن هذه الخلافة فى الأرض التى فيها العبر والرسوم الدالة على مآل الذين ظلموا فيها وقاوموا الأنبياء وكذبوهم» وهى كافية لاعتبارهم واهتدائهم إن غلبت عليهم الهداية» أو ضلالهم إن غلبت عليهم الشقوة؛ ولذا قال تعالى: 9 لتنظر كيف تعملون 4. (اللام) للتعليل أو الغاية» وهى هنا للغاية» وضمير المتكلم وهو الله ذى الجلال والإكرام» والنظر من الله تعالى لأمور أنها واقعة لا أنها متوقعة» فهو يعلم الأمور كلها ما حضر وما غاب وما كان وما يكون» والنظر هنا إلى ما هو واقع أهو الهداية والاهتداء أم هو الضلالة والابتعاد؟» و(كيف) استفهام عن حالهم وواقعهم هدى أم ضلال. تفسير سورة يونس هم اللللللللللاللل ل 0 القرآن معجزة الله الكبرى طليوا غيره قال تعالى: وَإِدَاتْتَلعَكَ 5 42 ايا 25 د َالَأ اأذر > لآ أن يشرءا عار هل ل 1 تمن لَْاى َنْيوَان ني ' َحَافْْعَصَيْتُرَقَعَذَا بَيَو و عَظيِوٍ (2 متو سك وي 2 دج 36 1 / تواتك ال كوا ب بنيَقِعكَه جد , باتسعهير ‏ سا مرح رومورو 7 معو 0 02 وبعيدودكت من دوي نآألله ل 2 14 4 سر م 0 7 يه لف رع وَنَمَ تفولورت ج هو 5 ا 51 2 حك ألالابتك: فِالسَموات وَل فيا 0 0 العجزة الكبرى والحجة الباقية الخالدة إلى يوم القيامة. ما كانت عظمتها فى انتهت بانتهاء وقتهاء وإنما عظمة هذه المعجزة الكبرى فى خلودهاء فيجيئ الناس خلقا بعد خلق» وجيلاً بعد جيل» وهى قائمة باقية بقاء النبوة المحمدية» تحاج الجاحدين لها فى كل العصور؛ لأنها معجزة خاتم النبيين الذى لا نبى بعده حتى تحب 2 #)ا. تفسير سورة يونس لاا لل اكاك يي وإن المشركين يتبرأون فى إشراكهم بإنكار نبوة رسولهم» فكان لابد من أن ينكروا رسالة محمد ليسوغوا كفرهم وعنادهم» مع أن الله تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزواء ثم جاءوا يجادلون فى أمره وكانوا قوما خصمين؛ يجادلون فى كل شىء حتى القرآن بل يجادلون فى الله وهو شديد المحال. جادلوا فى القرآن وقد عجزوا عن أن يأتوا بمثله فقال تعالى عن ذلك: وإذا تتلَى علَيْهم آياننا ينات قَالَ الذي لا يرجون لقَامنا انت بقرآن غَيْر هذا أو بده 4 والذين يجادلون فى الآيات هم الذين لا يتوقعون لقاء الله أى يكفرون بالبعث والنشور ويقولون: إن هي إلا حيَائًا الديًا تموت ونَحيا وما تحن بمبعوثين 9 4 [للؤمنون]» وفى هذا إشارة إلى أن فيصل التفرقة بين الإيمان والكفر هو الإيمان بالغيب. والإيمان بالبعث والنشورء فإن الذين لا يؤمنون بالغيب لا يؤمنون بالله؛ لأن الله سبحانه لا نراه إنما هو القوة التى أنشأت الوجود وسيطرت عليه جل جلاله؛ فمن لم يؤمن بالغيب لا يؤمن بالله العلى القدير» ومن لا يؤمن باليوم الآخر لا يمكنه الإيمان بالتكليف الإلهى؛ لأن الجزاء على ما يعمل الإنسان» إن خيرا فخير وإن شرا فشر» فهو يحسب أن الله ترك الإنسان سدىء يموت ويحيا من غير تبعات يتحملهاء ولا غاية يرجوهاء بل يأكل ويشرب كالأنعام بل أضل سبيلاء فأساس الهداية الإيمان باليوم الآخر والحساب والثواب والعقاب» يقول تعالى : ظ وإذَا تتلَى لهم آياثا بيات 4 الآيات البينات القرآن» وتلاوته مرتلا قال تعالى : 9 كَذَلِك لنتبّت به فُوَادكَ رتاه َرتيلاً 69 4 [الفرقان] . فالتلاوة قراءة القرآن كما أقرأ جبريل النبى كلل فالقرآن محفوظ بذاته وروايته وترتيله عن الله تعالى ومتواتر بلفظه وقراءته» وإن المشركين الذين لا يرجون لقاء الله مع تحديهم وعجزهم عن أن يأتوا بمثله» يقولون كافرين متدللين: ائت بقرآن غير هذاء وفى قولهم هذا لا يحتجون على أن المعجزة قرآن يتلى» وإنما يطلبون غيره من غير حكمة يقدرونهاء ولا أمر يتعلق بالقرآن يريدون خلافه؛ كآنهم لا يريدون تكليفاته ولا يريدون ما فيه من محاربة عقائدهم وشركهم» وهل ا تفسيرسورة يونس اللا جب | يي إذا جاء غيره لن يكفروا به أيضّاء وإن هؤلاء المشركين حسبوا أن محمدا هو الذى أتى بهذا القرآن أو ادعوا ذلك» مع أن بلغاؤهم المتمرسين بالبيان قالوا: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ما يقول هذا بشرء ومع هذا طالبوا محمدا كَكَِةِ أن يأتى بغيره أو يبدله» فإن جاء لامته الحجة بأنه ليس من عند الله بل هو من عنده» وقولهم: 8 انّت بقرآن غير هَذَا أو بَدله4 ففى التغيير تسليم بأن المجزة تكون قرآنا ولكن يريدون غيرهء أما التبديل فهو يكون بإتيان معجزة عدا القرآن كعصا موسىء. أو إبراء الأكمه والأبرص أو إحياء الموتى بإذن الله لعيسى أو غير ذلك من المعجزات الحسية. طلبوها كما فال تعالى : «ا لي فح قمر نا لاص يرن ا ضع كف أل له الصلادكة قبا و أر يكو لك خرف أ تَرقَى في السّماء ولن نُؤمن لرقييك حتئ 3 ل علينا كتابا تَّقروْه قل سبحان ربِي هل كدت إل بشرا رَسَولاً 5) وما مع النّاس أن يوْمئُوا إذْ جَاءَهم الْهدَئ إلا أن ن قَالوا أبعث الله بشرا رَسُولاً 2© > [الإسراء] . هذا فيما نحسب هو التبديل الذى أرادوه بأن يستبدل المعجزة القرآنية بمعجزة حسية مادية لأنهم لا يؤمنون» ولقد رد عليهم النبى يقول الله تعالى: 8 قل ما يكون لي أن أَبَدلَهُ من تلقَاء نفسي إن أَنبعْ لما يُوحَئ إلي 4 وهذا الرد كان على التبديل ؛ ولذلك نقول: أن الجواب أحد أمرين: الأمر الأول أن يكون إغفالا لطلب الإتيان بقرآن غير هذا باعتباره كلاما عابثا؛ إذ ما داموا قد سلموا بالمعجزة القرآنية» فلا فرق بين قرآن وقرآن» ما داموا قد عجزوا عن الإثيان بمثله . انى الآمرين ‏ الذى يحتمل أن يكون فيه الجواب, أن التبديل للمعجزة يشمل تغيير القرآن والإتيان بمعجزة أخحرى فكان الرد على التبديل شاملا ##ا تفسير سورة يونس للوولل ااال لل لبجل به بي ١‏ الاعتراضين» وفى رد النبى كك «إما يَكُون لي أن أَبدلَه من تلقاء نفسي 4 أى ليس لى أن أختار المعجزة من تلقاء نفسى إنما الاختيار لله سبحانه وتعالى؛ ولذا قصر عمل الرسالة على اتباع ما يوحى الله به فقال لما أمره ربه: إن أَنبعْ إلا ما يوحى إلَيَّ4 (إن) نافية أى: لا أتبع إلا ما يوحى إلى» وما يجىء من ربى فهذه المعجزة قدرها سبحانه لا أخالفه ولا أعصيه» ليس لى ولا لأحد أن يعترض عليها ما دامت مثبتة للرسالة وما داموا عاجزين عن الإتيان بمثلهاء وإن فى ذلك العصيان وعاقبته» وبهذا قال يَلِلْةِ كأمر ربه: ‏ إِنْي َخَاف إن عصِيت ري عذاب يوم عظيم 4 وفى هذا إنذار لعصيانهم واعتراضهم . ( قل لو شاء الله ما تَلَونهُ عليَكُم ولا أدراكم به فَقَد بعت فيكم عمرا من قبل أقلا تعقلون 65 4 وفى هذا تأكيد أنه من عند الله تعالى» وأن النبى يكَكلِ لا يبدله من تلقاء نفسه وإنما الذى يبدله هو الله تعالى كقوله: قل لّو شاء اللّهِ ما تلوته عليكم ولا أذراكم به 4 مفعول المشيئة محذوف دل عليه ما بعده - أى لو شاء الله تعالى ألا أتلوه ما تلوته» وذكر قوله تعالى: إعليكم 4 للإشارة إلى أنهم المقصودون بالتلاوة ليدركوا مغزاها وما فيها من إعجاز وتكليف. ثم قال تعالى: ولا أذراكم 4 أدراكم أفعَلَ من (درى) بمعنى علمء أى: ولا أعلمكم به» ولكنه اختار تلك الحجة لكم لبلاغة كلامها الذى يبقى مسجلا تتلقاه الأجيال جيلا بعد جيل إلى يوم الدين» فالمعجزات الحمسية واقعات تنتهى بانتهاء زمانهاء أما هذا الكتاب فباق إلى يوم القيامة؛ لأنه معجزة خاتم النبيين كَكِْةٌ الذى يقول: ما من نبى إلا أوتى ما مشله آمن عليه البشر وإن ما أوتيته وحيا أوحى إلى وإنى لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة!"" . ولا أدراكم 4 قرأه ابن كشير بلام التوكيد وليس بلا النافية» فيكون المعنى ولو شاء لأعلمكم به وجعلكم تؤمنون بصدقهء والواو عاطفة على نية تكرار الفاعل. )١(‏ سبق تخريجه. ا تفسيرسورة يونس المللللل ااال ااا0اا4ااااللوو الملل الل جم بو راز يي" ثم يبين سبحانه صفات النبى يَلِْةِ فى الصدق والأمانة وشرف النفس مما يوجب تصديقه فقال تعالى: 9 فَقَد لبنت فيكم عمرا من قَبْله 4 أميا صادقا لا أقول شعرا» ولا كنت خطيبا فيكم» ولقد علمتم قولى وكيف اختلف عما أتلوه عليكم» وقد كنت وإياكم فى بلد أمى لا علم فيه ولا درس» لم أمارس علما أو ألق عالماء ثم قرأت عليكم كتابا أعجزكم بيانه وفصاحته وما فيه من علم غزير بالحلال والحرام والأخبار الصادقة. وقصص فيها العبرة لمن يعتبر» هكذا كان عمرى فيكم قبل البعث . «( أفلا تعقلون 4 أفلا توازنون بعقولكم بين الحاضر» وبين ماض لا يتفق جتتكم به. وإن توجيههم إلى الماضى النبوى الكريم يدل على أمرين أولهما ‏ أنه صادق شريف ينبغى الإيمان بقوله» وأنه لا يدعى باطلا وأولى به ألا يكذب على الله إذ كان لم يكذب قط قبل. ثانيهما ‏ أنهم عرفوا كلامه وأنه كان بليغّاء وأنه لم يقرض شعراً» ولم يرق منبراً» فهذا الذى يتلى ليس من نوع كلامه ولا يمكن أن يكون من كلام أحد. وقوله تعالى: «أَفَلا تعقلون» (الفاء) متأخرة عن تقديم» مترتبة على ما قبلها وأخرت لكان الاستفهام من الصدارة» والاستفهام إنكارى بمعنى نفى الوقوع. داخل على نفى». وهو (لا) ونفى النفى إثبات» فهو تحريض على التفكير والتدبر وألا يركب الشيطان رءوسهم فيهملوا عقولهم ويكونوا قوما بورا. يمك كل من أهدل القران وتركه يريد معجزء أشرى , لو أنزلنا هذا القوآد فكو وه ©4 لطت ثم أشار سبحانه إلى ظلم من كذب على الله أو كذب بآياته فقال تعالى : ا تفسير سورة يونس اللماااااللللل الل ولج بن 7 فم أَظْتَمُ مم افمَرئ عَلَى الله كَذبًا أَوْكَدَب بآياته إِنَه لا يقلح المجرمون 09 4 . «الفاء» للإفصاح عن شرط مقدرء تقديره: إذا كان من عندى كما تدعون وكما تفترون» «إفمن أَظْلم » والاستفهام هنا إنكارى بمعنى إنكار الوقوع» أى لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا بأنه من عند الله وما هو من عند اللّه» وهنا يبين سبحانه أن نبيه لا يمكن أن يكذب على اللّه؛ لأن ذلك أشد الظلم وأقبحهء وأن الله لا يختار لنبوته كذابا كقوله تعالى: 8 ومن أَظْلَم مم اقترئ عَلَى اللّه كذيا أو َال أوحي إِلَي ولّم يوح إلَيه شيء ومن قَالَ سأنزل مثْل ما أَنرلَ الله .. .62 4 [الأنعام]. ويكون النص على هذا إثبات أن القرآن الذى تلاه عليهم هو من عند اللّه؛ لأنه ليس بظالم» فضلا عن أن يكون أظلم الناس» إذ هو الصادق الآمين الذى عرفتموه» وهو تنديد بالمشركين؛ فهم أظلم الناس؛ لأنهم افتروا على الله تعالى إذ أشركوا به غيره» وأى افتراء أكبر من ذلك» ثم هم قد سفهوا النبى كَل وافتروا عليه الكذب. وقد بين سبحانه شعبة أخرى من ظلم المشركين الذى لا يمائله ظلم» وهو تكذيب القرآن الكريم وإنكار نسبته إلى الله تعالى» وكذبوا الدلائل الواضحات فى الخلق والتكوين فأشركوا بالله؛ لأن هذه الآيات الكونية تدل على أن الله واحد أحد ليس له ولد ولم يكن له كفوا أحد. «إِنه لا يقلح المجرمون 4 الضمير هو ضمير الشأن» أى أن الحال والشأن أنه لا يفلح أى لا يفوز ولا ينجح» وقد أكد نفى فلاحهم: أولا: بالجملة الاسمية» ثانيا: ب (إن) الدالة على التأكيد» ثالنشا- أنه وصفهم بالإجرام وهو الشرك وكسب الفساد . ولقد بين الله تعالى جرمهم الأكبر وهو الشرك فقال سبحانه: ا تفسير سورة يونس © ماللا وواللا الالالال حر را « ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فل أَتسّعون الله بم لا يَعلّم في السَّموَات ولا في الأرض سَبْحَائَه وتَعالَئ عمًا االواو؛ واصلة ما بعدها بما قبلهاء والضمير فى يعبدون» يعود إلى المشركين» والذين لا يرجون لقاء الله» وينكرون البعث والنشورء ويحسبون أنهم خلقوا عبثا وأنهم إلى الله لا يرجعون» جعلهم ذلك الإنكار يسيرون فى متاهات من الضلال تكاثئف بعضها فوق بعضء فينقلبون فى دركات الضلال دركة بعد دركة حتى ينتهوا إلى الشرك وهو الضلال. «( ويعبدوت من دون الله ما لا يضرهم ولا يتشعهم4. من 4 بيانية» أى أن معبودهم غير الله تعالى الخالق لكل شىء مالك كل شىء الذى يدعونه مستغيثين فى الشدائد ولا يلجأون إلى غيره فيما يروعهم فى السماء والأرضء» وأنهم يستبدلون بعبادته حجر لا يضر ولا ينفع» لا يضرهم فيخافوا أذاه» ولا ينفعهم فيعبدوه رجاء خيره ونفعه. (لا) فى قوله تعالى: 8 ولا ينشعهم 4 لتأكيد النفى السابق» فالعبادة تكون رهبة من الضرر أو رجاء للنفع» وهؤلاء ضلوا ضلالا بعيدا فعبدوا ما لا يخاف ولا يرجى. وهكذا ركبهم الوهم والشرك كله أوهام فى أوهام» ليس لهم عقل مدرك ولا بصيرة تميز الحق من الباطل» وهم فى عمى وغفلة عن الحقائق» وإن الديانات التى تقوم على الأوهام كالنصرانية الحديثة تقوم على أوهام ليس لها منطق عقلى يدركها. ولقد زينت لهم الأوهام عبادة الأحجارء ثم زينت لهم أمرا آخر هو ظنهم أن لها شفاعة عند الله وهذا جمع غريب بين الشرك وبين العلم بأن الله وحده تفسيرسورة يونس لاا ااال للك لكا : ١ ى‎ الخالق. هم يزعمون أن الأوثان تقر بهم إلى الله ويبين سبحانه قولهم: .. دهم إلا يبون إلى الله ولق ...9 » [الزمر]. يرد سبحانه وتعالى: « أَتسّئون اللّه بمَا لا يعلّم في السّموات ولا في الأرض سبحانه وتَعالَى عما يش ركون 4 . الاستفهام هنا للتفريع واللوم والتهكمء « أتتبئون 4 «أتخبرون» اللّه يما ا والشفيع» فإذا كانت حتيقية فلا بد ا يعلم الشفوع بها القول بل زين للّذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد وت 4 [الرعد] . سبحانه وتعالئ عما يشركون 4 أى تقدس وثنزه وتعالى عما يشركون. الناس أمة واحدة وَمَأكنَ سر 'أَصَةَ وج 20-0 ع 2 أ 2 اشاس إلا | تا اخساترا وَكةلاسكلمة وي 0 رس لوجت فيا ضه به عو مَبَقَتٌ من وا لك لير نهم فِيمَافِهِ ختلفورت رن محذ ساخرح 00 ويشولوت وله كميدي كين مَك نما ةمك قب المنتظرين 2 2 مه ه22 وإذاأذ فنا ناس َه منْبْع د صر اء مَسَحَهإِذالهُم كك رو ع ا تفسير سورة يونس م لانن ال-1 ج َايَايِنَا قلأ هسرع مكْرآإَِ مسلا ينون مَاتَصَكرورت لوا هْرَارّى ميف ارانيد كُتْرْفالْدأك 0 صلا الخو هم رسع عو سر صِثٌّ روم بريج ميب وفرحوا يجاجاء َارِيح حَاصِتٌ مم عو 9 أميل همه وجَاءهمأ هُمألْمَوْعْءِ نكل مان وظنُوا انهم يط به معنا ٠. 07 3‏ 3 17 لهعِصِيدَ 220 زيمن ا 8 011 20 را ا سو وو ا 0 يذ فلما نهم إذاهم يبَعْونَن | الاضيتر صدذ 7 7 ص 1000 55 ور و- اكير : لي 1 لشت 2 0 0 م سم له م سح سر لور تعملورت 7 ذكر سبحانه الفطرة الإنسانية واتحاد الناس فيهاء كما أن انبثاق الاختلاف كان من أصل الوحدة فى التكوين» «إ وما كَانَ النّاس إلا أمَةَ واحدة 4 . كان 4 هنا بمعنى «وجد» أى ما وجدَ الناس إلا أمة واحدة» أى واحدة فى منازعها وغرائزها وكيانها الإنسانى» فحب النفس واحد وحب السلطان والعَلّب وهذه المنازع فى النفوس من شأنها أن تتغالب» وإذا تغالبت بين الآحاد اختلفت فكان الاختلاف فى أصل الوحدة. إذ الوحدة فى الطبائع أوجدت الاختلاف فى المنازع؛ ولذلك ترتب الاختلاف على أصل الوحدة. فوحدة الإنسانية ليست كوحدة الملائككة ‏ وحدة الطاعة ‏ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» وإثما وحلة الإنسانية هى وحدة الطبائع التى يمتد بعضها إلى أصلها الحيوانى» ولذا رتب الله سبحانه وتعالى الاختلاف على الوحدة « فاختلفوا 4 (الفاء) عاطفة لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فالغرائز تتناحر فمن 8# تفسيرسورة يونس الل فلوو الل اااللفلللولا و لل ١: كا‎ يي" يُغلب عقله على هواه يهتدىء ومن عَلَّبّ لذاته يكون عبدا لشهواته فيضل ويشقى » فمن الناس من يغالب للشر ويقاوم الخير فيفترى » ومنهم من يناصر الحق ويدفع الاعتداء فيهتدى . إن الله لله تعالى هو الذى يحكم وهو خير الفاصلين» وا ولكنه أخر ل قضاءه الذى كما حدث لقوم. نوح وعاة وثمود» وقوم م لوطع ولذا قال سب حانه : رار عد قتا من بل لي بهم يما ف يخود . «لولا 4 حرف امتناع لوجودء أى امتنع قضاء الله أى حكمه فيما بينهم «لولا كلمة سبَّقت 4. وكلمة الله السابقة وهى التأجميل ليوم الحساب وتركهم فى الدنيا ‏ دار البلاء والاختبار ‏ ليصل كل إلى أقصى ما تتأدى به نزوعهء فيكون حكمه بعد الأعمال كلهاء ويفتح الله باب الرجوع إليه سبحانه فإنه تواب رحيم وما داموا فى الدنيا فباب التوبة مفتوح إنه هو التواب الرحيم. وأحد منازع الشر عند الضالين أنهم لا يؤمنون بالحق إذ جاءهم؛ ولذلك لا يؤمنون بإعجاز القرآن وإن بدا الحق فيه»ء ولما عجزوا إذ تحداهم الله أن يأتوا بسورة من مثله طلبوا آية أخرى غيره ا ويقولون لولا أنزل عليه آية من رَبْه فقل إِنَمَا الغيب لله فانتظروا إنِي معكم من المنتظرين 62 4 . أرادوا إعنات الرسول كلكو مع قيام الحجة ووضوح الدليل وقد لبث فيهم كد عمرا طويلاء أمينا صادقا عاقلا رزينا» حكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون» ومع هذا طلبوا آية أخرى غير القرآن. وإذا ذكر لهم قصص أمم أهلكها الله إذ كفروا وبغوا على أنبيائهم تحدوا الرسول وطلبوا آية تهلكهم كما هلك عاد وشمود وقوم نع وقوم توح . « ويقولون لولا أنزل عليه آية من 4 - آية حسية أو آية مهلكة - التعبير بالمضارع يفيد تكرارهم ذلك القول آنا آنء وهو الموقف السلبى لمن يريد جعل ا تفسير سورة يونس ااال ااا0404060ا0الول نا (زجمل بر يي الوقت فى صا حه فالمحاورة مستمرة وطلب الدليل بعد الدليل يحسبون أنهم بذلك قد فازوا بالوقت. فلولا 4 بمعنى «هلاً» للتحضيضء كأن الحجة التى ساقها النبى غير كافية وكأنهم يتحدونه وَلِةٌ أن ينزل بهم مثل ما نزل بغيرهم تمن قص قصصهمء فالمطلوب إذن آية حسية تقنعهم ‏ فى زعمهم ‏ أو تهلكهم . ومعنى إنزالها ‏ إتيانها - تشبيها بالقرآن إذ نزل على قلبه الأمين» ولكن المعجزات الحسية قد جاءت للأنبياء السابقين وكذبواء فما الجدوى من التغيير؟ يقول تعالى: « وما مِعَنَا أن نرسل بالآيات إلا أن كدب بها الأولون... 2 4 [الإسراء]. إن الذين حقّت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون 69 ولو جاءتهم كل آي 0 [يونس]. ولو نَرَلنا علييك كتابا في قرطاس فَلَمْسُوه بأيديهم لَقَالَ الّدينَ كَمَرَوا إن هذا إل معد قي عه سحر مبين 09 > [الأنعام] . إنهم كانوا ليستعجلون العذاب الذى نزل بالمكذبين قبلهم مبالغة فى التحدى والإعنات» بل طلبوا الآية المهلكة . يقول تعالى : ( ويستعجلوتك بالسسيمَة قبل الْحَسنَة وقد خَلَْتْ من قَبلهِم الْمعْلات إن ربّك لدو مُغفرة للئّاس علَى ظُلّمهِم ون رّك لَشَدِيدُ العقاب 0 4 [الرعد]. وقد أجابهم وَلْةٌ بأمر ربه: «فقل إِنّمَا الغيب لله فانتظروا ني مَعَكم من المنتظرين 4 . «الفاء» تدل على أن ما بعدها مترتب على قولهم الذى قالوه «فقل إِنَمَا اليب » أى إن ما تطلبون معجزة ة كان أم هلاكا هو أمر يغيب عنى ومفوض لربكم ؛ ولذلك جاءت العبارة القرآنية مصدرة ب «إنما» الدالة على القصرء وفى هذا إشعار بأمرين : ش ٠‏ #4 تفسير سورة يونس لل جحلب يي أولهما: أن المعجزة الكبرى (القرآن) هى من عند الله اختارها لكم فى غيبه المكنون» وأنه أمهلكم لا ينزل عليكم الآيات المهلكة لحكمة يعلمها؛ لأن شريعة محمد يدل تخاطب الأجيال كلهاء وعسى أن يخرج من أصلابكم من يعبد الله . انيهما: أن محمدا يَكةٌ لا يعلم الغيب» وهو بشر مثلكم بعث فيكم رسولا منكم؛ ولذا يقول سبحانه: ١‏ فَانتظروا إِنّي مَعَكم من المنتظرين 4 . «الفاء» للدلالة على أن ما بعدها مترتب على ما قبلها؛ لأنه إذا كان علم الغيب عند الله تعالى وحده فإنه كَلِْةٌ عليه انتظار ما غيب عنهم. كما أن قوله هذا سبحانه وتعالى يومئ إلى المساواة بينهم وبين رسوله َك فى علم الغيب» وأكد هذه المعية إدماجه يَلِدِ فى المنتظرين وأنه معهم. ليس فى ذلك تصغير لمقام النبوة» ولكنه بيان لنزلة النبى البشرء وتأكيد بأنه يتكلم عن الله سبحانه. ثم يبين سبحانه الطبيعة الإنسانية التى تخرج عن الفطرة» تمسها الضراء فتهن» وتذوق النعماء فتبطر» وينسيها الترف ما كان فى ضرائها. يقول تعالى: ظ وَإذَا أَذَقنا النّاس رَحَمَة مَن بَعْد ضَرَاءَ مَستْهُم ذا لهم مُكْرٌ في آياتنا قل الله أسرع مكرا إِنَّ رسلنا يكتبون ما تمكروت 69 4 . وتلك هى الطبيعة الإنسانية غير الصابرة» تذوق النعمة فتبطر معيشتهاء وتمسها الضراء فإذا بها فى ضعف وخور ويأس. تلجأ إلى الله فإذا أذاقها الرحمة عادت إلى طغوائها. الضراء : هى الضرر فقد تكون مرضا يصيب الجسم أو جوعا وقحطاء فالضراء هنا تشمل السقام وتشمل القلة فى الطعام والرزق» وقد أصاب قريش القحط سبع سنين دأبا حتى جاءهم الغيث فكان رحمة بهم بعد القحط وقلة الغذاء» وقد عبر سبحانه بالإذاقة فى قوله تعالى: 9 وإذا أَذَقنَا الّاس رحمة من بعد ضراء 4 للإشارة إلى التمكن من الرحمة والدلالة على أنهم تمتعوا بعد الحرمان. ا تفسير سورة يونس عمس الل االللللي الل > نا «رَحَمّة 4 هذا تأكيد على أن الرحمة مصدرها الله تعالى» إشارة إلى وجوب اختصاصه بالعبادة وحده؛ لأآن الرحمة كانت ولم تكن من غيره ما سموه واتخذوه أنداد لله تعالى. «إذا لهم مكْرٌ في آيّاتنا 4 هذا جواب الشرط 9إإِذَا أَذَقنَا4 وصدّر الجواب ب إذا» التى هى للفجاءة» ودلالتها فى هذا المقام أنهم فى بأسائهم كان ينخفض وراء خضوعهم الظاهر جحود قد استبطنوه» سترته الشدة وكشفته الرحمة» فظهر مكنون نفوسهم وهو مكرهم فى آياتناء يقولون إنها سحر مبين أو بهتان وإفك» أو يقولون: إنما يعلمه بشرء والله راد كيدهم بتدبيره الحكيم.. ط مَكْر) المكر هو الكيد الخفى» وقد قال سبحانه: «إقُل الله سرع مكْرا 4 فإذا بدا المكر السيئ الذى أخفته الضراء»ء فإن تدبير الله ورده عليهم أقوى وأحد. ثم يبين سبحانه علمه بما يبدون وما يخفون وما يسرون ويعلنون» فقال سبحانه «إإِنّ رسلا يكتبون ما تمكرون 4 وهم الكرام الحفظة الكاتبون من الملائكة . وفى هذا إشارة إلى دقة ما يعلمه عنهم» وإلى أن ما يدبرون يعلمه - سبحانه وتعالى - فى وقته فيكتبه . وقد ذكر سبحانه وتعالى حال الإنسان فى ضعفهء وكيف يلجا إلى ربه مخلصا واعدا بالشكر وعدا مؤكدا فإذا خرج من شدته كفر أو ظل على كفره» فقال تعالى: هو الذي يُسَيْرَكُم في الْبرِ وَالْبْحرٍ حَنَى إذا كدم في الفلك وجرين بهم بريح طَيْبّة وَفَرِحُوا بها جاءتهًا ريح عاصف وَجَاءَهم الموج من كل مكَانِ وَظَنوا نهم حيط به ع لصي ا لذ قن ع م هذ كن الشاكريز 460 . صورة للنفس الكافرة تصيبها الشديدة ويحيط بها ما تكره فتذعن وتخلص وتلجأ إلى قوة الله تعالى خالق كل شىء واعدة وعدا مؤكدا بالشكر إذا نجت» فإذا نجاهم عادوا كما بدأوا كافرين. 8# تفسير سورة يونس ناما !!!]ا لاللا!!!!اام ع خخخ اغاغ !!!ا اااا!!للللا م مماامممملللاااممممماااماااماممامااممععممماالمماااخةا مم1 ل أللللك! ناتللا «إهو الذي يسيّركم في الْبَر والْبْحْرٍ» الضمير يعود على الله جل جلاله الذى أوجد لهم القوى التى يسيرون بها فى البر والبحر» وبسط لهم الأرض» وسخر لهم ما يركبون فى البر والبحرء وقد نسب التسيير إلى نفسه؛ لأنه سبحانه خالق الأسباب والمسببات» وممهد المهاد إنه القاهر فوق عباده وعلى كل شىء قدير. بعد ذلك بين سبحانه هول البحار بالنسبة للصحراء» وقد كان العرب يعدُون البحر مركب الأهوال. وكانوا يخافونه لأنهم لم يألفوه» والذين عرفوه وألفوه كانوا يتعرضون لمخاطره وشدائده؛ ولذا خصه سبحانه وتعالى بالذكر ١‏ حمَئ إذا كنتم في فك ور بهم ري طَية اين إحتى 4 جاءت كناية للإشارة إلى خوفهم ركوب الفلك» أى حتى إذا أقدمتم مع خحوفكم وركبتم الفلك. والفلك تكون جمعا أو مفردا وهى هنا جمع بدليل #جرين 4 فإن الضمير يعود على جمع ما لا يعقل مثل بهن فلول من قراع الكتائب . والخطاب إلى الغيبة؛ لكى يتمكنوا من رؤية العبرة كأنها فى غيرهم وليست فيهم» وقوله تعالى: « بريح طَيْبّة وَفَرحوا بها 4 طيبة أى رخاء لينة وكأنها متعة للمسافرين فى البحار» فرأوا فى البحر غير ما توقعوه وخافوه» ثم لم يلبثوا حتى جاءهم ما يرهبون. «جاءتها ربح عاصف 4 الضمير يعود إلى الريح الطيبة ‏ المعنى أن الريح الطيبة أعقبتها ريح عاصف بصريرها واضطراب البحر»ء وجاءهم الموج من كل مكان يرتفع كالجبال متراكما بالأذى وصاروا فى ظلمات» كقوله تعالى: وا اربع امه د أو كَظْلمَاتٍ في بحر لَجِي يغشاه موج من قوقه موج من فقوقه سَحَاب ظَلمَات بعضها فوق بعض ... #62 [النور]. فالسماء فوقهم معتمة والأمواج حولهم متراكمة » لا منجاة لهمء وظنوا أنهم قد أحيط بهم» والظن هنا بمعنى العلم بما هو مخوف مرهوبء. وهو علم يتوهمون 1# تفسيرسورة يونس 000 4 رب ار معه أملا فى منجاة - «أحيط بهم 4 كناية عن الهلاك وفى ظنهم بأنه لا منجاة» دعوا اللّه مخلصين له الدين» أى اتجهوا إليه بالطاعة والتأليه والعبادة» وقد أخلصوا وخلّصوا نفوسهم من الشركء. وقالوا: «( لين أَنحيتنا من هذه لَنَكُونَنَ من الشاكرين 4 أكدوا وعدهم لله تعالى بالقسم الذى تدل عليه - اللام - الأولى الموطئة للقسم واللام الثانية فى الجواب ونون التوكيد الثقيلة ل لَنَكُوَنَ 4 وأكدوا بدخولهم صفوف المؤمنين الشاكرين» والشكر هنا هو الطاعة لله وإخلاص العبادة والخضوع له وحده. أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم ينا مرجعكم فتتبئكم بما كنم تَعملُونَ 60 4 . لكن الإنسان ما أكفره! إنه كان فى حال ضعفه وقد أحيط به يتضرع إلى ربه طائعا خاضعاء فإذا خرج من شدته طغى وبغى ونسى ضراعته» وكان شديدا على الناس وهو الضعيف البادى ضعفه. «فَلَمًا أبجاهم 4 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه بعد الشكر والذى أقسموا عليه إذا نجاهم بطاعته والقيام بالعمل الصالح» إذا هم يبغون. إذا »4 المفاجئة تدل على أمرين: أولهما - سرعة البغى كأنه مستكن فى صدورهم لم قد تدحضه الشدة؛ لأن معدنهم خبيث لم يتأثر إلا فى ظاهر الآمر حال ضعفهم ثم يستولى عليهم غرورهم كما كانوا. ثانيهما ‏ أنها تدل على نقيض ما كان ينبغى أن يكون منهم إذ كان قسمهم يوجب عليهم أن يكونوا بعد النجاة طائعين مدركين قدرة الله وسلطانه» وأنه قادر على ردّهم إليه كما كان قادرا على إغاثتهم فى كربهم. (البغى) هو الخروج عن الجادة وسلوك طريق الفساد» فيشمل كل المعاصى من زنى وخمر وشرك واعتداء على الآحاد والجماعات والسعى فى الأرض» تفسير سورة يونس لل الالالال ااا > اا فيشمل فساد النفوس فى الاعتقاد والعمل كقوله تعالى: قَلَمًا أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق »4 وذكر الأرض يؤكد أن هذا البغى فساد يعم الأرض ويشمل كل ما فيها من اعتداء على الآحاد واقتراف المعاصى والسعى بين الناس وارتكاب كل ما يكون من تخريب وهدم للقائم . وفى قوله تعالى: لإ بغير الْحق4 بيان أنهم لم يكن لهم مبرر فيما يعملون أيآً كان هذا الذى يزعمونه مبرراء وإظهار لحقيقة البغى وأنه لا يمكن أن يكون له مسوغء وعلينا هنا أن نفرق بين القصاص والبغى» فلا يصح القول بأن ما صنعه النبى كَةٌ مع بنى النضير وقريظة بغياء إنما هو قصاص لشرهم ولا يكون القصاص بغيا لكنه رد لاعتدائهم المتكرء ولا يصح أن يقال عن رد الاعتداء المتكرر والخيانة بغياء إما هو العدالة الحقيقية فى هذه الأرض 9إيا أَيهَا الئاس إِنّما بغيكم على أنفسكم مَتاعَ الْحَيّاة الانيًا 4 اتجه سبحانه وتعالى إلى مخاطبة الباغين فكان الالتفات من الغيبة إلى الخطاب للتنبيه الشديد بالمواجهة والتصدى لبيان شرهم» وكان النداء يا أَيهَا النّاس 4 لكمال هذا التنبيه الزاجر وللردع ولبيان سوء العاقبة «إإِنَّمَا بغيكم َلَى أَنفْسكُم 4 أى أن البغى على أنفسكم وحدكم لا يتجاوزكم إلى غيركم؛ ذلكم أنكم إن أشعتم البغى فيما بينكم عم الفساد فيكم ولم تكن منكم جماعة فاضلة ذات حقوق وواجبات بل جماعة متحللة متقاطعة متدابرة تعمها الرذيلة ويسودها الشر يتجرد فيها الإنسان عن إنسانيته والمرء عن مروءته وفوق ذلك عقوبة يوم الدين. « بغيكم علئ أُنفسكُم 4 مبتدأ وخبرء وفى قوله تغالى مَمَاعَ الْحياة4 إن البغى تتمتعون به متاع الحياة الدنياء هذا بالتّصب على قراءة حفص» وفى قراءة الرفع يكون المعنى أن البغى هو متاع الحياة الدنيا(؟2. )١(‏ (متاع» بالنصب: حفصء وقرأ الباقون برفع العين. غاية الاختصار فى قراءات العشرة أئمة الأمصار: ج/ 6 . التوعية الإسلامية. ا تفسير سورة يونس لايل > اا وفى النص الكريم أن متاع الحياة الدنيا دون الآخرة هو البغى الدائم المستمرء فيه يأكل القوى الضعيف والمرذول الكريم» ويتصارع الناس كوحوش الغابة ثم يكون الرجوع إلى الله تعالى فينال كل امرئ ما كسب. « ثم إلينا مرجعكم فنبئكم بما كنتم تعملون 24 «إثم 4 تفيد الترتيب والتراخى » لاستطالتهم الحياة الدنيا وكثرة فسادهم وهنا إشارات بيانية : أولها: تقديم الجار والمجرور على مرجعكم # فهذا يفيد التخصيص» أى إلينا وحدنا مآلكم ومرجعكم. ثانيها: إضافة مآلهم إلى الذات العليا ففيه تهديد أىّ تهديد» ومؤداه إن كنتم قد كذبتم فى قسمكم فى الدنيا فحسابكم على ذلكم عندنا فى الآخرة وهى أبقى وأدوم . فى الآخرة؛ ولذا قال سبحانه: 8 فَسبَّئكم بما كنتم تعملون »© والإنباء هو الإخبار بالأمر الخطير الشأن» وكان الإنباء بالعمل مقرونا بالعقاب الشديد من الله سبحانه - رضى الله عنه ‏ أن النبى كَللِِْ شدد فى النهى عن المكر والبغى والتكوث وأنه علا قال: «أسرع الخير ثوابا صلة الرحم, وأعجل الشر عقابا البغى واليمين الفاجرة. وأنه اثنتتان يعجلهما الله فى الدنيا البغى وعقوق الوالدين)7'. وكان المأمون يتمثل بهذين البيتين: يا صاحب البغى إن البغى مصرعة فارتع فخير فعال المرء أَعَدلّه 0 وو فلو بغى جبل يوماعلى جبل2 لاندك أعلاه وأس فله # )١(‏ تاريخ الطبرى» عن أبى بكرة رضى الله عله وبلحوه الترمذى وابن ماجه وكذا أيو يعلى عن عائشة رضى الله عنها. وانظر ما جاء فى فيض القدير: ج١/‏ 599. ا تفسير سورة يونس باللا باللا الاك أ ا 0 وعن محمد بن كعب: ثلاث من كن فيه كن عليه: البغى والنكث والمكر. إذا كان البغى هو متاع الدنيا للباغين» فقد بين سبحانه أن متاع الدنيا ينتهى إلى حطام وأن متاع الآخرة إلى دوام. فقال تعالى: ر كر م م 0 1 4 «. ِنَمَامكلُ الْحَيِؤِة لديا همل ْلَه مِنَلسَمَ] اخلط بد 22 ع ع 7 رع لكر رم رد 00 0 0007 تبات الارض مِمَاياً كلالناس والانعام دأ لي وح باس 2 2 011 4 زخرفها اريت وظرك أهلها د ته رس ير أكنها أَمرنَليلا سانا جما حكنت الام سكدالِكَ تمصلا لبت لِهَو م يتسحكرون ( لس نيه مي سم يدعواإ دار رأتكرريى ئلم ناته اح سخ 4 له دس عو مطح فد © إِلرينَأحسَنوا حَسَنوأألَسق وَزِيَادَة ولا برهق وجوههم قر رس 86خ سه 2 ِل وليك أَحَصَبُلَنَدَهُم في حَنِدُونَ (2) شغلتهم الدنيا عن الآخرة ورينَتْ لهم فحسبوا أنها الحياة وحدها وأنه لا آخرة بعدهاء فأنكروا البعث والحسابء وكان هذا ذريعة لأن ينكروا كل مغيب فكفروا؛ ولذلك يبين الله تعالى لهم أن الدنيا متاع قليل بزيتتها وزخرفها وأنها تذهب عندما يظنون أنهم قادرون عليها فتزول وإذا هم لا يقدرون على شىء كالقابض بيديه على الهواء» فقال سبحانه: 8إِنَمَا مَعَلَ الْحيّاة الدنيا كَمَاء أَنلْنَاهُ من السّمَاء فَاختلط به نبات الأرض مما يَأكل الئاس والأنعام 4 . ل / تفسير سور - يونس لال ل 00 4 ا هذا تشبيه تمشيلى جار مجرى الأمثال» كما قال تعالى: 9 واضرب لهم مُكل الحيّاة الانيا كماء أَنلَاه من السسّماء فَاختَلط به تبات الأرض فَأَصبحَ هشيما تذروه الرياح وَكَانَ الله على كل شيء مُقْتَدراً © 4 [الكهف] . شبه حال الدنيا فى سرعة انقضائها وانخداع المغرور بهاء كزرع نبت فى الأرض من اختلاط ماء السماء بها وسريانه فى نباتها حتى إذا أخذت زخرفها ولعت لمعان الذهب وازينت بالغروس من كل لون» وفرحوا بها وظنوا أنهم تمكنوا فيها ‏ أتاها أمر الله فأزال زرعها بوباء أو بآفة فصارت كأنها قد حصدت بمنجل» وأصبحت قفرا خاليا كأن لم يكن فيها زرع نبت ردحا من الزمان» وهذا مثلهم فى الدنيا لا يبقى لهم منها إلا الحسرة والندامة» مثل ما بقى من الزرع الذى فنى حيث يرتقبون منه الانتفاع . هذه خلاصة التمثيل القرآنى وما نحسب أننا وصلنا إلى غاية بيانه فله إشارات بيانية نَعَيا عن بلوغهاء وأطياف نورانية يعيا المصور عن تصويرها إِنّمَا مَل الْحيَاة الائيًا 4 أى حالها فى سرعة انقضائها وقت زيتتها والاغترار بها. ‏ ' إِنما 4 دالة على القصرء وخصصت بهذا الحال لبيان حقيقتهاء وهى أنها فانية عند ازدهارهاء أى ليست بها صورة بقاء قط إنما حقيقتها الفناء. «( كَماء أَنْلَاه من السَّمَاء» قصد بالسماء هنا ما علا الأرض وأحاط بهاء والماء هو المطر وقد يكون عينا تنبت الزرع والكلأ وغراس الأرض. فاختلط 4# هناك قراءة بالوقف عليهاء والمعنى أنه نزل على الأرض ماء اختلط بشرابها فأخصبه للزرع والنبات وإثمار الغراس» وقوله تعالى بعد ذلك: مما يَأكل النّاس وَالأَنْعامُ 4 (من) بيانية» لبيان نتيجة الاخختلاط . 0# تفسير سورة يونس 0ن جمب بر يي والقراءة اللأخرى بغير وقف عند «فاختلط» فيكون المعنى هو الاختلاط بنبات النبات قد استعمل فيما هو إضافة باعتبار ما يكون» وتلك علاقة من علاقات المجاز المرسل كأن يسمى العنب خمرا باعتبار ما يكون» كقوله تعالى فى منام أحد صاحبى يوسف عليه السلام 9 ... إِنَي أراني أعصر خمرا ... 65 »© [يوسف]. مما يأكل الناس والأنعام © لبيان نعم الله وتوفيره الغذاء للناس والأنعام» وفى جمعهما معا إشارة إلى أن الدنيا لهم وللأنعام وفضلهم عنها بأنهم يعقلون فلا ينبغى الاغترار بالدنيا وأن يعرفوا ما وراء هذه الحياة وآنهم لم يخلقوا عبثاء كما قال تعالى : 9 أفحسبتم أَنّمَا خلقناكم عبثا وأنّكم إِلِينا لا ترجعون 052 > [المؤمنون]. وأشار سبحانه إلى أسباب الاغترار بالدنيا وذكر أن ما يسبب الاغترار سريع د حت إذا أحَدت الأرض زخرفها وازَينت وظن أهلها أَنْهم قادرون عليها أتاها أمرنا يلا أو نَهَارا فَجعلْنَاهًا حصيدا كأن لّم تغن بالأمس © . زخرفها # الزخرف كمال الحسن» وقيل للذهب زخرف؛ لأنه بلمعانه وزينته يكون كمال الحسن. « وازينت 4 أى تزينت» وأَعلّت فقلبت التاء زاياء وكان الإدغام» ثم كانت همزة للتوصل بها إلى النطق بالساكن» وقرئ (تزينت) من غير إعلال والمعنى واحدء أى إذا كان ذلك 9 وظَن أهلها أَنْهم قادرون عليها 4 أى متمكنون» وقال العلماء أن الظن هنا بمعنى العلم فى زعمهم» ولكن لأنه غرور وضلال عبر عنه بالظن . وجملة القول أنهم لما رأوا بريق الزخرف والزينة بالخضرة النضرة وحسن تنسيق الخالق» والحياة المملوءة بها السوق والعيدان وجمالهاء ثم فوق ذلك الأمل تفسيرسورة يونس لوال 0ا0االللللل الملل لسرب ا المأمول من ترقب الغلات» فوجتوا بأمر الله المكتوب وقدره المحتوم» وأضاف الأمر إليه سبحانه لبيان أنه لا يقبل التخلف قط. «أَنَاهَا أَمْرنًا ليلا أو هارا 4 أتاها ذلك ليلا وهم نائمون» أو نهارا وهم قاتمون» فأصابتها ريح حطمتها أو آفة أكلتها. «فَجَعلَاهًا حصيدا 4 الحصيد فعيل بمعنى مفعولء أى جعلناها كآنها محصودة بآلة الحصاد وصارت الأرض كأن لم يكن فيها زرع ولا حشائش مما يأكل الناس والأنعام. © كأن لم تغن بالأمس » أى كأن لم يكن فيها شىء فى الزمن القريب (الأمس) ولا مانع أن تدل على الأمس القريب. 8 كَذَلكَ نفصل الآيات لقم يتَفَكْرُونَ 4 أى كذلك التمثيل نفصل الآيات فنبينها لقوم يتدبرون. هذه دار الفناء وقد قابلها سبحانه بدار البقاء التى أعدها للمتقين . 4 62 والله يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشا إلى صراط مستقيم‎ ١ السلام هو الأمن الذى لا انزعاج فيه» وفيه الأمن من الفناء وعوامله من الآفات» وقد قال الحسن البصرى ‏ رضى الله عنه ‏ إن السلام لا ينقطع عن أهل الجنة كما قال عر من قائل: 9 تحيتهم يوم يلْقَونَه سلام ... 69 4 [الأحزاب] . وقد قال بعض الصوفية: «يا ابن آدم دعاك الله إلى دار السلام فانظر من أين تجيبه» فإن أجبته فى دنياك دخلتها وإن أجبته فى قبرك منعتّها؛ . ودعوة الله إلى دار السلام هى ما يدعو إليه من الإيمان به وباليوم الآخر وبما جاء من تكليف على ألسنة الرسل الكرام فإن ذلك هو السبيل إليهاء وإن الدعوة إلى دار السلام تعم كل الناس؛ لأن الباب إلى الجنة مفتوح لهم جميعاء وهنا يتبين من اهتدى وأجاب الداعى ممن ضل وأصم أذنيه عن الحق» وقد ذكر سبحانه وتعالى من اهتدى» أى سلك سبيل الهداية فأخذه إليها وهداه الصراط الموصل إلى تفسير سورة يونس ||اااا1 ااا لللألئ]!!!للللك!!]!!!!!!!! !!!| ||!! !!!ااا ااام 1 غم 1 عام مع ع ااا ااام مالملا ااا لل للتك! لاا اللللا ههه < يي الحق من أقرب الطرق» ولذا قال سبحانه: 8 يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم» والصراط هو الطريق المستقيم الموصل إلى الجزاء الحق وهو طريق الله تعالى؛ ولذا 0-6 022 3 يام عا مهم قا م شم ا مهار وه ل سدم 2 ره ه سم 3 قال سبحانه: ‏ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعره ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ...662 4 [الأنعام]. فسبيله خط مستقيم هاد مرشد إلى الحق الذى لا ريب فيه » والسبل الأخرى هى مسارات الشيطان ومضطّربٍ أهوائه. وهنا أمران يجب الإشارة إليهما: أولهما - أن الله تعالى نسب إلى ذاته الدعوة إلى دار السلام» وهى الجنة دار الأمن الباقية التى لا إزعاج فيها ولا عذاب. ثانيهما ‏ أن الله تعالى يهدى من يشاءء وأن من سلك طريق الهداية أوصله إليهاء ومن سلك طريق الضلالة سار إلى الضلال البعيد. لم يذكر الله سبحانه وتعالى أنه يشاء الضلالة لعباده» بل هم الذين يسيرون « لَنّدين أحسنوا الحسدئ وزيادة 4 الذين أحسنوا هم المؤمئون الذين آمنوا بالبعث والنشور والجزاء من الثواب والعقاب وآمنوا أولا بلقاء الله . لَلْذين أحسنوا 4. «اللام) للملك أو الاختصاصء أى يعطيهم الله الجزاء عطاء موفورا لأجل إحسانهم . الحسنى 4 مؤنث أحسن » أى يعطيهم اللّه الحزاء الأحسنء أى الذى بلغ أعلى درجات الكمال. 9 وزيادة » للإشارة إلى أن عطاءهم ليس بمقدار إحسانهم؛ لأنه سبحانه المتفضل المكرم الذى لا يعطى بمقدار ما قُدّم بل إنه كما قال تعالى: 8 ... ويزيدهم من فضله ... 059 4 [النساء] . 1# تفسميرسورة يونس 0 لللملل لوول «ي#-ب_ ما ؟ لي والزيادة بغفران بعض السيئات !ا ... إن الحستات يذَهيْنَ السّيّمَات #039 [هود]ء ثم بالرضوان وهو أكبر ما يعطى الله تعالى» وقد قال أهل السنة فى ذلك أنهم يرون ربهم» كما قال تعالى: ! وجوه يومئذ نَاضِرَة 00 إلى ربا ناظرة #469 [القيامة]» وهذا جزاء مادى ومعنوى إيجابى وهناك جزاء معنوى سلبى قال فيه تعالى: 9 ولا يرهق وجوههم قَعرَ ولا ذلَة4. « يرهق معناها يغشىء «طقَترَ4 معناها سواد» وكلمة يرهق تتضمن فى معناها الألم والتأذى. والمعتى أن وجوههم ناضرة مشرقة بالعزة والسعادة والرضا بأنفسهم وبالله سبحانه ثم ذكر الجزاء الكامل» فقال سبحانه: ظ أولّئك أُصحاب الْجَنَةَ هم فيهًا خَالدون 4 أشار إليهم سبحانه بالإحسان ومن قبله بالهداية» والإشارة إلى موصوف يفيد أن الصفة سبب الحكمء © أصحاب الْجِنّة4 وأصحابها أى الذين يقيمون فيها إقامة الخلأَكَ فى ملكهم يلازمونها ولا يخرجون منها. «هم فيها حَالدونَ 4 ذكر الضمير وقدم فيها لبيان قصرهم عليها لا يدخلون غيرها جزاء من كسب السيئات. قال تعالى: سوليات جرس ةيوه تعقو ذالم ين ْنَا كانم ايت وجوه وطمَاتََلمُِمَا ته سحب حبار همضي دون ينا ويوم سرهم ججافكفول رن ضرا مكادخ أننزو كوخ وَينَا د (2) نَكَضَبيه 06 يشتاويدت نونكم داعبا د وتات 00 به 1# تفسسير سسورة يونس الئل 14 لح بار لي عه 0 هه دس تر وا رس ا 0 هنالك سبلوا لقنيو لكت وف لوول 210000000 ب 90007 له 0 و2 م م ررسح. روح كه 0 ل سام اظح يي من يوالم وَالاَرض ميك توا م 02 20 رح بو ضور سر ل لع وى 2 انكمت الي وكرائر آذ آذ و لآل عه سس آ ور مَسَيَعولونَ له قلفلا كنقُونَ لي) مذلك أله رجا لق كَمَادَبَتَدَالْسَق ِل ألصَّكلٌ أن ضرفو نيا كك هه ته رم 20 2220-6 . آ ا رس ا سه 1 حفكت كلمت ريك على الزين فسقوا ممم لانؤّمِسُونَ 0 قل ر #ر هَل من سركي يكز القةضية ةل اتيصننة لق ين د دلي هين لين شك يسيبق ِلَالْحقَّلِأسَميّ بي يعوا اتن دعقا لمعف وبح في عفر إلطددَالنَكابتق لي مبنَادَلمَه سي ل سج سا كد يَفَعَلُونَ تكب عليم يمايفعلو, ل اين كَسبوا سات جزاء سي بمثلها وترهقهم ذلة م لهم من الله من عاصم كَأَنمَا أُعْسْيْتَ وُجُوهُهُم قطَمًا من اليل مُظْلما أولَك أَصْحَاب النَارِهم فيها خَالدون9© 4 . © والّدين كَسَبوا السَيّئات جزاء سيّئَة بمثلها 4 (الواو) تعطف هذه الجملة على ما قبلها وهو جزاء المحسنين؛ وتقدير القول وجزاء الذين كسبوا السيئات سيئة بمثلها ل[ تفسير سورة يونس الل 0 هم رب 1 (الباء) للمقابلة فإذا كان المحسنون يجازون بالحسنى وزيادة» فحسب المشركين أن تجازى السيئة بمثلهاء كما يقول تعالى: ا من جاء بالحسنة فَلهِ عشر أَمَثَالهَا ومن جَاء بالسيّة قلا يج إلا مثلها . . . 050 > [الأنعام]. والمثل كثير إزاء ما ارتكبوا؛ فالشرك مثله من الجزاء كبير فلا حاجة إلى الزيادة» وقد ذكر سبحانه وتعالى هنا كلمتين نرى فيهما: أولا: طمن جاء بالْحستة فَلَهِ عَشْر أَممَالهَا وَمّن جَاء بالسّيئة فلا يُجَرَئ إلا مثلهًا وهم لا يظلمون ( 4052 الكلمة لا تدل على مجرد ارتكاب الذنوب» بل تدل على أن هذه الذنوب أشربت بها نفوسهم وكسبتها قلوبهم حتى صارت وكأنها كالبل لهم إن لم تكن كالفطرة منهم. وفى اكتساب السيئات قال سبحانه: « بلئ من كسب سَيئَة وأحَاطّت به خطيعثه فأُولَتك أَصحَاب الثَارٍ هم فيها حَالدُودَ 69 4 [البقرة] . ثانيا: كلمة « بمثلها» أى بمثل السيئة» وهذا فى المقابلة والمشاكلة اللفظية فالجزاء ليس سيئة إنما هو العدالة التى ليست سيئة فى ذاتهاء كقوله تعالى: «( ...من اعتدئ عليكم فَاعتَدوا عليه بمثل ما اعتدئ علَيكُم . . . 659 4 [البقرة] . ولكثرة سيساتهم وتضافرها أظلمت بها نفوسهمء ويوم الحساب تظهر ظلمة القلوب ظلاما فى وجوههمء ولذا قال تعالى: « وترهقهم ذل ما لهم من اللّه من عاصم كأنمًا أغضيت وجوههم قطْعًا م اليل مُظَلما 4 . هنا تشبيه واستعارة» أما الاستعارة فهى قوله تعالى: 9 قطَعا من اللي مُظّلمًا 4 وفيها يبدو الليل كأنه الثوب الأسود الذى قطع قطعا. وأما التشبيه فى قوله تعالى: « كنم أَعْشِيَت 4 أى ألبست وأغطيت بقطع مظلمة» وهذا تصوير لسواد وجوههم بما اقترفواء فقلوبهم المظلمة تكسو وجوههم بالظلام» وفى هذا التصوير الحسى تصوير معنوى لنفوسهم. 8# تفسير سورة يونس 1اللو الالال سب نار ثم ختم الله تعالى بعذابهم فقال: طأولَتك أَصْحَاب الثَارِ هم فيها خَالدون» أولئك الذين أشركوا وظلموا وهم أصحاب النار يلازموها ملازمة الصاحب لصاحبه وهم خالدون فيهاء وقد تأكد خلودهم بضمير الفعل» » كما تأكد اختصاصهم بها بتقديم الجار والمجرور على خالدون 24 أى هم وحدهم الخالدون فيها. ه ظرار يراه «ويوم تحشرهم جميعا نَم تقول للّدين أشركوا مكَانَكُم أنكم وش ركاؤكم فَزيَلا ينهم وقَال شركاؤهم ما كنثم إِيّانا تَعبدونَ 9 #4 [يونس]. الكلام فى بيان اليوم الذى أنكروه: طقَانُوا أئذا مثا وكا ترابًا وَعظَامًا أَئنا َمبِعونُونَ 69 4 [المؤمنون] ولتذكيرهم بما يكون فى هذا اليوم من حساب وعذاب وما هو جدير بأن يعلموه» وهو تبرؤ معبوديهم الذين اتخذوهم أندادا لله منهم ومعبوديهم هؤلاء هم عقلاء ينطقون كالملائكة والأنبياء الذين عبدوهم مع الله كالنصارى أو الأحجار التى لا تضر ولا تنفع . ط يوم نَحْشْرَهُمْ جميعًا تُمَ تقول للّذِينَ أشركُوا مكَاَكُم أنتم وشركاؤكم 4, لتم 4 عاطفة تدل على الترتيب والتراخى الزمانى والمعنوى» أما الزمانى فهو أن ذلك القول بعد الحشر وبعد أن ارتكبوا فى الدنيا ما ارتكبوا وطغوا وبغوا وأفسدواء وأما المعنوى فهو البعد بين حالهم وما كانوا فيه من إنكار وطغيان» وحالهم وقد تبين لهم ما أنكروه واقعا ونطق الذين عبدوهم بالحق وتبرءوا منهم . وقوله تعالى: مَكَانَكُم 4 مفعول لفعل محذوف معناه الزموا مكانكم وقفوا حيث أنتم وكانوا هم وشركاؤهم مجتمعين حسا ومفترقين نفساء ولذا قال تعالى: « فَريَلنا بينَهم4 وهناك قراءة «فزايلنا بينهم» وهما من زال قَرَيّل مضاف زال- وزايلنا - مفاعلة من زال» أى فرقنا بينهم وجعلنا ما كان بينهم فى الدنيا يزول وافترق العابد عن المعبود كقوله تعالى : « وامعازوا ايوم يها المجرمون 69 4 [يس]» وكقوله تعالى : ف( ويوم ة َقُوم الساعة يَومَعذ يعَفرَقُونَ 69 4 [الروم]» وقوله تعالى: # . .يُومئ يَصدّعونَ 65 # [الروم]. 8# تفسير سورة يونس 2 ااال > اا «وقال شركاؤهم »4 الشركاء هم الأنداد التى عبدوها أو غيرهم. وسموا شركاؤهم؛ لأنهم انتحلوا لهم الشركة فعلاء وإن لم يقولوها قولا. وقال هؤلاء نافين نفيا باتا: «إما كنتم إِيَانا تعبدون 4 أى ما كنتم تسمونه عبادة ليس عبادة» فما عبدتمونا ولكن عبدتم أوهامكم وما حسبتوهم آلهة بإيعاز الشيطان» كما جاء على لسان عيسى ابن مريم عليه السلام: «( ... قَال سبحاتك ما يكُون لي أن أَقُول ما ليس لي بحق"إن كنت قله فَقَد علمته تَعلم مَا في نَقْسي ولا أَعلَم ما في نَفْسك إِنّكَ أنت عَلاُم الغيوب 059 ما قُلْت لهم إلا ما أَمرتني به أن اعبدوا الله ري وربكم وكنت علَيهِم شهيدا ما دمت فيهم فَلَما توفيسي كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد 69 4 [المائدة] . وفى قوله تعالى: «إ ما كنم إِيّانا تَعبدون 4 النفى مؤكد قاطع؛ لأنه نفى فى الماضى والمستقبل» وأن ما كانوا يسمونه عبادة ليس عبادة مطلقا وأن من خصوهم بالعبادة يتكرونها فليسوا أهلا لأية عبادة . وقد يسأل سائل: كيف كانت الحجارة التى تمثلوها آلهة تنطق بذلك النفى؟ فنقول: إن ما عبدوهم من الأنبياء كعيسى يقول ذلك.» أما الحجارة فينطقها الله فتقوله» أو هو تصوير لحالها فى أمرها وأمرهم والله تعالى شاهد. يقول تعالى: (ذكفن بال هيدا ا يعن ديم فط 4 . هنا يوثق المعبودون قولهم بشهادة الله تعالى: (الفاء) فى قوله تعالى: «(فكفى 4 عاطفة لتأكيد قولهم » والباء فى قوله تعالى: «بالله 4 رائدة مقوية لمعنى الشهادة» أى كفانا الله تعالى شاهدا فى بطلان ما تدعوه من أنكم كنتم تعبدوننا ثم أكدوا بأنهم كانوا لا يعلمون إن كنا عن عبّادتكم لَعَافلين 4 . © إن »4 هى المخففة من الشقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف, ويدل عليه الخبرء وهو كنا عن عبَادَتكم لَعَافلِينَ» . ا تفسير سورة يونس لل الالالال كاك : 7 (اللام) مؤكدة» وتفرق بين خبر (كان) المجرد» وخخبر (إن). فهى تدل على أن الخبر هو خبر (كان)» وبتوكيدها تومئ إلى أن الجملة خبر (إن). وقد أكدوا بهذا أنهم ما كانوا يعلمون عبادتهم لهم وأنهم برآء من هذه العبادة» وأنهم ما كانوا يشعرون بهم ولا بما ارتكبوا من إثم مبين وهو الإشراك بالله تعالى» وهذا بيان لسوء عملهم وفساد اعتقادهم وضلالهم الواضح المبين» وقد أرسل الله تعالى رسله فبيئوه لهم» وكذبوهم حتى حقت عليهم كلمة العذاب وقد بين سبحانه وتعالى أن الدنيا دار الابتلاء» والآخرة دار الجزاء فقال عز من قائل : هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما هنالك © إشارة إلى ذلك الموقف الرهيب والمكان الرفيع» وهو الحشر أمام الله تعالى» وكانت الإشارة بالبعيد؛ لرفعه الموقف أمام الله وشرفهء ولأنهم كانوا يستبعدونه ويظنونه مستحيلا. « تبلو كل نفس ما أَسلَفت 4 فيها ثلاث قراءات» قراءة بالتاء 8 تبلو» وقراءتان بالئون (تبلو) إحداهما بنصب (كل)» أى النفوس كلها هى المختبرة» والثانية برفع (كل). وفى الأولى 9 تبلو» أى تتلو كل نفس ما أسلفته من أعمال فى كتابها الذى تحمله بيمينها أو شمالها فتقرأ عملها محضراء كما قال تعالى فى سورة الإسراء: « .. .ونخرج له يوم القيامَة كتابا يلاه منشورا (2 اقرأ كتابك كفئ بنفسك اليوم عليك حسيبا 9 © [الإسراء] . أما فى القراءة بالنون برفع كل «نبلوا كل» أى نعاملهم معاملة التعرف لا ا تفسيرسورة يونس .4 الالالال كن كج وقوله: 9 ينباً الإنسان يومئذ بما قَدّم وآخَّر 09 4 [القيامة] فالاختبار هنا يكشفه الله أما القراءة بالنون مع نصب «كل» أى (نبلوا كل فهى نصب فى المعنى السابق والاختلاف فى الإعراب ولا اختلاف فى المعنى. ومن هذا نجد أن الاختلاف الحقيقى يكون بين القراءتين بالتاء والنون وكله # وردوا إلى الله مولاهم الحق 4 المولى بمعنى الناصر وبمعنى الخالق وبمعنى المالك» أى مالكهم الحق» أى الثابت ملكيته» وسلطانه والحق للاحتراز عما ادعوا من أوثان وأنداد اتخذوهاء ففى هذا اليوم يتبدى سلطان الله تعالى حقا وتتبدد أوهامهم عن أولياء الشيطان وما زعموه. ولذا قال سبحانه: وضل عنهم ما كانوا يفترون 4 أى غاب عنهم وبعد عن عقولهم ما كانوا يفترونه فى عبادات باطلة وافتراء كاذب كانوا مستمرين عليه يكررونه ليلا نهاراء وفى قوله تعالى: 9إما كانوا» يدل على الاستمرار وذلك بالجمع بين الماضى فى 9 كانوا # والمستقبل فى « يفترون » فالجمع بين الماضى يقول تعالى: لل من مركم من اسم ارش أن يمل المع والن اومن برع الي م هاما سن مس 000 يؤمنون بوحدانية الخالق, ولكنهم فى العبادة يشركون ويزعمون استحقاق الأوثان للعبادة على أن يكونوا شفعاء لهم» فبين الله بطلان عبادتهم وقد كانوا لضلالهم يربطون بين وحدة الخالق للكون وبين ما يعبدون» فبين لهم سبحانه فى كثير من ا تفسيرسورة يونس اللا 1 يلاله 7 الآيات أن وحدة الخلق تقتضى وحدة العبادة» وهذا هو ما آمن به أبوهم إبراهيم وغيره من الرسل الكرام» وجاء محمد كه لإحياء ملة إبراهيم وهى الإسلام قل من يرزقكم من السّماء والأرض » الاستفهام للتنبيه إلى الحقائق الثابتة وتوجيه النظرء فهو استفهام تقريرى لتقرير الحقائق» وعبر بالاستفهام لأنه موجه وفيه حمل لهم على الإقرار بما يعرفون ويشاهدون فهم يعلمون علم اليقين بالمشاهدة والحس أن الله تعالى هو الذى ينزل الأمطار من السماء ليختلط بالآرض يشقها شقاء وما أوجده الله تعالى فيها من خصب ومواد مختلفة يتكون منها نبات به حب متراكب وأشجار : فيها ثمار دانية القطوف» كما قال تعالى: ف وهر الذي أل من السّماء ماء فأخرجنا به نات كُلّ شيء فَأخْرجا مه خضرا تُخْرج منه حب مُتراكبا ومن الدّخْلٍ من طَلعها قنوان دانيةٌ وجنات من أعتَاب واليُون والرمانَ مشنتبها وير معَشَابه انظروا إلى تَمَرِه إذا أثمر وينعه إن في ذَلَكُم لآيات لقوم يؤمنون 69 4 [الأنعام] . وقد عبر سبحانه عن كل ذلك بالرزق الذى هو الغاية المرجوة وهو النعمة الظاهرة النى أنعم بها سبحانه وتعالى على غباده فى حياتهم من غذاء ولبياس ومأوى» وكل ذلك كان فى اختلاط ماء السماء بالأآرض . يسمعون ويبصرون ويدركون بأى شىء كان ذلك. ظأمّن يَمْلكَ المع وَالأَبْصارَ)» فهو الذى أنشأهما حتى أن الإنسان الذى مد له الله تعالى الكون من سماء وأرضين» واستطاع بإذن الله أن يرتفع إلى القمر وغيره - لا يملك أن يوجد قوة من قوى الله . « ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي 4 يبين الله تعالى أمرا يشاهده الإنسان كل يوم وهو الموت والحياة فيجىء الموت بدل الحياة» والحياة يدل الموت» بل إنه سبحانه يخلق الحياة فى الميت» كما أنه يجعل النواة الحامدة كأنها لا 0# تفسير سورة يونس اللملللللا الل اللا بج بر 2 حياة فيها شجرة وارفة الظلال» ومن الماء المهين إنسانا سوياء ثم يكون الزرع حطامًا والإنسان ميتا مقبوراء ولقد قال تعالى فى تصوير ذلك: 9 إن اللَّهَ قَائق لحب والنُوئ يخرج الحي من الميّت ومخرج اميت من الح ذلكم الله أن تؤقكُون 62 4 [الأنعام] . هو سبحانه خالق كل شىء ولم يخلقه ويتركه من غير تدبير» بل إنه سبحانه وتعالى القائم عليه؛ ولذا قال تعالى: يدير الأَمْرَ)ُ كما أنه سبحانه يمسك السماء واللأرض أن تزولاء ويدبر اللأرزاق. ثم نعود لصيغة الاستفهام القرآنية 9 أَمْن » فصيغة القرآن استفهام ويطلب منهم الجواب ليكون جوابهم إقرارا أو تقريراء وكذلك قال الله: « فَسيَقَولُونَ الله فإذا قالوها وهى الحق أجيبوا: «أفلا تتقون 4: «الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فترتب على إقرارهم دعوتهم إلى تقوى الله والإحساس بجلاله وتجنب ما لا يرضيه . بعد أن أخذ سبحانه وتعالى منهم إقرار بأنه خالق الكون ومدبره والقائم عليه وحذه»؛ بين سبحانه وتعالى أنه هو الرب وحده وأشار إلى أنه المستحق للعبادة وحدهء فقال عر من قائل: فذلكم الله ربكم اْحق فَمَاذَا بعد الْحق إلا الضّلال فَأنّى تُصَرَفُونَ 9 4 . (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى إذا كان الله الخالق وحده والمدبر للكون وخالق القوى الإنسانية وغيرها وحده فهو الرب حقا وصدقاء و الحق 4 تأكيد لمعنى الربوبية» والربوبية والعبادة متلازمتان تلازما لا يقبل الانفصال» فالرب حقا هو المعبود وحده المنفرد بالخلق» وهو المنفرد بالعبودية فلا إله غيره. الخطاب فى اسم الإشارة للجمع؛ لأنه لا يخاطب به النبى وحده إنما يخاطب به الناس أجمعين وخخمصوصا المشركين؛ لأنهم الذين أقروا بالخلق وضلوا فى العيادة. لإا تفسير سورة يونس 1]11ا ااا ااةتتالناة1 ناتللا لاا تلان ااال اناالا للاخ اانااط اننا الااتل تالالا تلت طططططللللل لل ماللا لبجل بره يي و وقد كانوا يقولون عن معبودهم «الرب» فاللات والعزى كانتا إلهان» وهبل كان رب قريش» والنصارى المملّتون قالوا عن المسيح الرب» فالآية تشير إلى أن هذه الأرباب الكاذبة ادعاؤها انحراف فى الفكر وبطلان فى الاعتقاد» فالرب حقا وصدقا هو الله تعالى وحده. وقد أشار سبحانه فى قوله: «فذَلكم الله ربكم 4 أى أنه الذى يرزق من السماء والآرض ويدبر الأمر ويقدر كل ما فى الوجودء وهو الذى يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى فهو الرب المعبود حقا وصدقا وغيره باطل؛ ولذلك قال سبحانه : ظ فَمَاذًا بعد الْحَق إلا الضّلال 4 . (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه يترتب على أن الله تعالى هو الرب لا رب سواه من حجر أو نبى أو ملك. فَمَاذًا بعد الْحَق إل الضّلال 4 الاستفهام هنا إنكارى بمعنى نفى الوقوع وأن ذلك فكر لا يتصوره ويستنكره العقلاء» والمعنى أنه ليس بعد الحق ‏ وهو أن الرب المعبود هو الله وحده - إلا الضلال» فالأمر إما حق أو باطل ولا توسط بينهما ما تدعون من أوهام بأنهم شفعاء لله فإن ذلك باطل فى ذاته» وأنه سبحانه لا يتخذ عنده شفعاء لا ينفعون ولا يضرونء وإن لم يكونوا حجارة فإن منزلتهم من الله هى منزلة غيرهم على سواء. «فَأَنَئْ تصرفون 4 «الفاء) مثل التى قبلها فَأَنَّى 4 بمعنى كيف والاستفهام إنكارى بمعنى إنكار الواقع» وفيه توبيخ» والمعنى كيف تصرفون عن ذلك المعنى المستقيم وهو أن الخالق وحده هو الرب المعبود ولا معبود سواه؟! ولكن هكذا تضل الأفهام وتعمى القلوب التى فى الصدور. « كلك حَقّتَ كلمت ربك علَى الذي فسقُوا أَنّهُم لا يوون 09 4 . تفسميرسورة يونس م للااالا لوال أرب ار بعد أن بين سبحانه فى الخلق ما يدل على التوحيد وأن كفر من كفر عجيب وغريب ذكر أنه قد سجل عليهم. ا كذلك 4. (الكاف) للتشبيه إشارة إلى ضلالهم بعد أن قامت البينات القاطعة فى الخلق والتكوين وإقرارهم بأن الله الخالق وحذده لا خالق سواه ثم بعد ذلك ينحرفون من غير سبب للانحراف إلا أى أنه كهذه الحال التى رأيتموها 9 حقّت كلمت ربّك على الّدين فَسقوا أَنّهم لا يؤمنون 4 أى أنهم ينحرفون عن الأمر الذى يقرونه ويقره العقلاء . أى أنهم ينظرون إلى الأشياء نظرا منحرفا كما ينظر من رمَدَ أو حَول» ثم ينغمرون فى طريق الانحراف حتى يبلغوا فى ضلالهم أقصاه. فمثل هذا هو الذى حقت به» أى ثبتت به كلمة الله التى لا تختلف ولا للؤشارة إلى أن فسقهم وتمردهم أدى بهم إلى ما حق عليهم. أَنهُمْ لا يرَسُود4. لطأَنّهمْ4: بدل بيان من طكَلمت وبّك»4, أى أنهم لا يؤمنون فهو نفى للإيمان ذلك لأنهم سلكوا طريق الباطل. أى كذلك حقت على الذين فسقوا كلمة ربك التى هى 9 لا يؤمنون 4 . بعد أن بين سبحانه أنه الخالق للكون والأرزاق» والمدبر للوجود وحذه أخل يبين عجز من اتخذوهم أربابا من دونه» فقال تعالى : تقل هل من شركائكم من يبدا الخلق ثم يعيده قل الله بدا الحلق ثم يعيده فَأنّى تؤفكون 69 4 . 8 2-0 صََإْانل 3208 ٠‏ 50 1 006 اس أمر النبى مَل بأن يتولى جدالهم وإفحامهم وأن يسألهم هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده 4. وشركاؤهم: الأوثان والأحجار والأناسى التى ادّعوا أنها شركاء لله فى العبادة» أى هل فى الأوثان التى تعبدونها أو غيرها مما زعمتم من يبدأ الخلق ثم يعيده. 5 تفسير سورة يونس الالال لبلب يي" والتعبير بالمضارع لإفادة استمرار البدء والإعادة» كالزرع فى خلقه وتكوينه ثم يصير حطاماء ثم يعاد مرة أخرى. وفى النص الكريم إشارة إلى القدرة على الإعادة كالقدرة على الابتداء» كما قال فى آية أخرى: 8 ...كما بدأكم تعودون 49 [الأعراف]ء فالإشارة واضحة إلى إمكان البعث بل وجوبه وقد أنكروه ولأنهم لا يؤمنون بالإعادة وينكرونها أمر الله تعالى نبيه بأن يتولى الإجابة على إنكارهم» وللإشارة إلى أن ذلك موضع تسليم لا امتراء عند أهل العقول المستقيمة» وأيضا لمنع لجاجتهم ولإرشادهم إلى الحق: قل الله يبدا الخلق ثم يعيده 4 وإذا كانوا يتكرون الإعادة من الله فأولى أن ينكروها من أحجار لا تضر ولا تنفع» بل إنهم يعلمون أنها لا تستطيع الإنشاء فأولى ألا تستطيع الإعادة. ولذلك تولى النبى كك الإجابة ليقيم الحجة عليهم بأن ما بدأ يستطيع الإعادة ظ فَنَئ تَوْفَكُون 4 أى تصرفون عن الحق إلى الباطل . (الفاء) لترتيب الاستفهام الإنكارى على إنكارهم المستمر والموقف السلبى الذى يقفونه لا يتحركون بخطوة إيجابية إلا فى الإيذاء والاستهزاء والفتنة فى الدين» والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع» فالله تعالى ينكر انصرافهم عن الحق ولحاجتهم فى الانصراف والاستمرار فى غيهم «قأنى »4 بمعنى «(كيف)» . ثم يبين سبحانه أنه الذى يهديهم» وأن الأوثان لا تهدى بل يضلون بهاء فقال تعالى: قل هَل من شركائكُم من يَهْدي إِلَى الْحق قل الله هدي للحق أَقَمن يهدي إِلَى الح أحَق أن َع أن لا يدي إلا أن يهدئ فما كم كيف تحكمون 69 4 . يخاطبهم سبحانه على أنهم عقلاء مدركون لمعنى الهداية والرشاد ويسألهم إذا كان هؤلاء على ما ترون؟ فهل يهدونكم إلى الحق كشآن التابع للمتبوع . 1# تفسيرسورة يونس م مالكلا ةا اتااا لالت ااا تالالا تلان انلام خنانط نلا نا طلا تلن انال تالاخ لطن لاانا لا انالا انااناقاانا لا اناالا لاانالاانالاا للا اخخ طخ مانام للاخ اخمخخاقاال حر ا إن الهداية هى المقياس الإنسانى لعلو الإنسان وقد كان فى المشركين ذوو رشد ينطقون بالقول الطيب كما ينطق الحكماء منهم: أكثم بن صيفى وغيرهء فهل الأوئان وغيرها يعلونهم بفضل الإرشاد والتوجيه للعمل الصالح فتعبدوها أو تتبعوها لهذا؟ وحيث لا شىء من ذلك فلا مسوغ للعبادة إلا الضلال. ولذلك قال تعالى: #هل من شركائكم من يهدي إِلَى الْحق 4 الاستفهام داخل على فعل محذوف, والمعنى هل وجد من شركائكم أى من المعبودات التى زعمتم أنها شركاء لله فى العبادة» من يهدى إلى الحق كما يهدى الله حتى تجعلوه كالله تعالى» يقال هدى إلى الحق وهدى: للحق» ول إِلَى 4 تتضمن معنى الانتهاء فى الهداية إلى الحق» أى هدى منتهيا فى هدايته إلى الحق . والإجابة عن هذا السؤال ستكون بالسلب لأنها أحجار تَحَبَوها بأيديهم لا تضر ولا تنفع» فكيف تهدى وترشد؟ ولذا فرض أن الإجابة بالسلب كما هو شأن من له أعين تبصر وأذان تسمع» وقد ترتب على هذا الفرض الواقع سؤال آخر فيقول سبحانه : « أَفَمَن يهدي إِلَى الحق أحق أن يتبع أَمّن لا هدي إلا أن يهدى » . (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها وحقها التقديم؛ لأآن السؤال مترتب على الإجابة المفروضة فى السؤال السابق» ولكن لأن الاستفهام له الصدارة أخرت عن تقديم» والاستفهام هنا للإقحام وفيه الفرض الأول ثم بيان أنه لا مساواة بين الفرضين» أى أن من يهدى إلى الحق أحق أن يتبع فالاستفهام فى هذه الناحية هو أنه لا مساواة بين من يهدى إلى الحق ومن لا يهدى إلا إذا وجد من يهديهء فالاستفهام لبيان أحقية الاتباع لمن يرشد ويصلح بدلا ممن لا يستطيع الإرشاد ويحتاج كغيره ليهديه» فمن لا يحتاج أحق ممن يحتاج لإرشاد غيره وهدايته» وهذا فى قوله تعالى: ## تفسيرسورة يونس خالل ملللك . ١ الاك‎ ١ يي أَمّن لأ يّهدي إلا أن يهدى » . الكلمة ظ يهدي » فيها إعلال أصلها (يهتدى) وقلبت التاء دالا لقربها من حروف الإطباق» وأدغمت التاء فى الدال وكسرت الهاء للتخلص من الساكنين» والأصل فى التخلص من النطق بالساكنين يكون بالكسر؛ وهناك قراءة أخرى وهى فتح الهاء؛ لأن حركة التاء قبل الإدغام كانت الفتح فكان الفتح رمزا للأصل . وإن هذه الصيغة تفيد أنه لا يهتدى إلا بصعوبة بل لا يهتدى أصلاء ولكن كان الفرض أن يكون اهتداء بعد أن توجد الهداية الداعية المرشدة» وكل هذا فيه توبيخ وتبكيت لهم وهم عقلاء» فيهم من نطق بالحكمة وأرادهاء ثم يتبعون من لا يرشد ولا يهدى. إن العاقل إذا رأى هاديا مرشدا يدعوه ومعه الأدلة المتضافرة والآيات المبينة ورأى بجواره أصم لا يهدى ولا يرشد فأيهما يتبع» ولذا قال تعالى: ظقَما لكم 4 وهذا استفهام إنكارى عن حالهم المضطربة الحائرة» ثم أردفها سبحانه باستفهام يوضح اضطراب فكرهم وفساد تقديرهم فقال تعالى: «( كيف تحكمون 4 . وهذا للاستنكار» فبأى أحوال النفس العاقلة تحكمون على تصرفاتكم هذه! تتركون الهادى المرشد وتتبعون من لا يضر ولا ينفع» ويصعب أن يهتدى بل لا يمكن أن يهتدى ولو جاءه أهدى الهدى. ش وقد بين سبحانه أنهم لا يتبعون الأصنام وغيرها مستيقنين» بل يظنون ظنا بأوهامهم أن لهذه الأصنام وأشباهها قوة وأنها تستحق العبادة» ولذا قال تعالى: ( وما يَتَبعٌ أكْمَرَهم إلا ظََا إن ال لا يعني من الْحَق شَيْمًا إِنَاللَّ عليم ما يُفعلون 63 4. 18# تفسيرسورة يونس لللللا60االلا ااال الل اللالاللا تحب 1 أى أن أكثرهم غلبت عليهم خيالات وأوهام شاعت فى جمعهم وانتشرت بينهم واتبعوها جميعاء فالأفكار الفاسدة الضالة تنبعث من بعض الجماعة وتكثر فيها وتشيع فى آحادها فتصير فكرا عاما مضللاء وعلى العقلاء أن يصدوا هذه الأفكار الباطلة فى أول نشوئها حتى لا تصير هى الغالبة» وبعض المفسرين يقول: إن الآكثر يراد به الجميع» ونحن نقول على هذا المعنى» ويقول البيضاوى: «إن أكثرهم ما يتبع فى اعتقادهم إلا ظنا مستندا إلى خيالات فارغة فاسدة». الناس صنفان أحدهما: له عقل مستقيم يدرك» والثانى: غلبت وسيطرت عليه الخيالات» فأما الذى آناه الله تعالى عقلا يدرك فإنه يفكر فى خلق السموات والأرض وما بينهما ويأخذ دليلا على وجود خالقهما من الأثر وقوة المؤثر» ثم يجىء الرسل فيهتدى بهديهم ويتبع ما يدعون إليه» وهو الذى ينطبق عليه الوصف القرآنى الكريم: ... ربا اّذي أعطئ كل شيء حَلْقَه ثم هَدئ 49 [طه]ء فالهداية ثمرة العلم بالخلق. والصنف الثانى يقع فى أخيلة وهمية تسيطر عليه فلا يأخذ الهداية من الخلق والتكوين» بل تسيطر عليه الأوهام؛ فيتوهم فى حجر قوة» ويتوهم فى شخص ربوبية» ولو نادى ليلا نهار بأنه عبد من عباد الله لا يستنكف عن عبادة الله ولا يستكبرء وهؤلاء يظنون القوة فى غير قوى» والقدرة فى عاجزء وتكون عقولهم دائما حائرة مضطربة» ولا يكون منهم اعتقاد ولا يقين قط وكلها ظنون يتصورونها اعتقاداء ولسان حالهم يقول: 98 . .. إن نظن إِلذّ ظَنا وما تحن بمستيقدين 690 * [الحائية] هذا بيان لعلمهم الذى يتجاوز الظن ولا يزيد عليه» ويخيل لهم أنهم يعتقدون ثم يتعصبون له ويعاندون أهل الحق به. وقد بين سبحانه وتعالى أن الاعتقاد لا يبنى على ظن بل يجب أن يكون على يقين» ولذا قال تعالى: إن الظَنَ لا يغني م من الْحَقَ شَيّعًا 4 أى لا يغنى بدل | تفسير سورة يونس لاا أ أ ا أ ااا ااا ااا أ لل أ أ للكا تاللا لا الالالال ااا ا لكأل للك للك تلكا كالمالا مغ اللخ ع ع خم خخخ ل ا للا #يجل ب يي" الحق» من »4 هنا بمعنى «بدل) فالحق وهو الأمر الثابت الذى لا ريب فيه لا يطلب بأدلة ظنية بل لا يطلب إلا ببينات قاطعة» فمعنى إن ال لا يغني م من الحق شيعًا 4 أن الطن لا يغنى شيئا بدل الأدلة الحق القطعية. هذه الآية الكريمة تؤكد حقيقتين ثابتتين براهين أذعنوا لها فما ظنوا إلا ظنا. ثانيهما: أن التتعصب قد يبنى على أوهام وظنون بل إنه سيطرة أوهام وضعف فى النفوس وليس بإيمان صادق . وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: إن الله عليم بما يُفعلون 4. وفى هذا تأكيد لعلم الله بهم فى ظنونهم وأعمالهم وحركات نفوسهم., وقد أكد هذا سبحانه أولا: بالجملة الاسمية» وثانيا: ب (إن) المؤكدة» وثالثا: بالصفة. القرآن هو المعجزة الكبرى ال 2١‏ رو مَاكانَ هلدا الْفدءا نأ نيفترئ من دوت 0000 لكك كاريب 11 سو و روه سر و م 1 22 0 0 نِسورَق تفسير سورة يونس الل 0060ل ا60ا0الل ملل الل يبيو كي م حو 2 ور ع م عو م كنب ع 1 ومنهم ا وده تبان لمر وول علم بعد أن ذكر سبحانه أوهام المشركين وأخيلتهم التى جعلتهم يهيمون فى أودية الظن بغير علم؛ بين سبحانه الحق والدليل القاطع على صدق محمد وَل فى حديثه عن الله تعالى» وأنه جاء بالمعجزة الكبرى الباقية الخالدة إلى يوم القيامة» وأن غيره من المعجزات ما استمر باقيا إلا؛ لأنه ذكرها وسجل وقوعها فى آياته التى كفر بها من كفر وآمن بها من آمن» وقد قال تعالى فى المعجزة الكبرى: «ومًا كان هذا القرآن أن يرئ من دون الله ولكن تصديق الذي بين يَدَيْه وتففصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين 9 4 والإشارة هنا للقرآن الذى يتلى عليهم» وتخيرهم عباراته وتعجزهم بلاغته وفصاحة كلماته. وقوله ط أن يفتَرَى » المصدر من (أن وما بعدها) خبر 9 كان 24 أى وما كان هذا القرآن افتراء من دون الله أى من عند غير اللّه سبحانه» وعبر بالفعل دون المصدر لتصوير قبح أن ب يصنع اصطناعا من عند غير الله وبيان أن ذلك غير متصور وقوله تعالى: ٠‏ رما اا هذا ار أ تفرك من ذو الله معناه: ما استقام وما ينبغى أن يكون هذا القرآن افتراء من دون الله تعالى؛ لأنه أعجز العرب عن أن يأتوا بمثله» ولآنه اشتمل على علوم ما كان لهذا الأمى الذى لا يقرأ ولا يكتب أن يعلمهاء ولأنه اشتمل على شرائع فيها مصلحة الدنيا والآخرة» ولأنه اشتمل على قصص الأمم» كما قال على كرم الله وجهه ‏ فيما رواه عنه الحارث الأعور «فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل ما بيتكم)(١)‏ معنى هذا: أن هذا القرآن بذاته ينفى أن يكون مفترى» والقرآن صادق من شهادة غيره بعد أن أثبت أن معجزته ذاتية فيقول تعالى: 9 ولكن تصديق الّذي بين يديه 4. أى الكتب التى سبقته» وعبر بأنها «إ بين يديه 4 للإشارة إلى أنها حاضرة شاهدة بصدقه. )١(‏ سبق تخريجه. ١#‏ تفسيرسورة يونس لاا لكلل ب(نجبمل_رمو يي وقد ذكر سبحانه دلائل صدقه من أمور أربعة: الأمر الأول أنه تصديق الذى بين يديه فى الكتب السابقة الصادقةء وما كان النبى كَكِلٌ يقرأ أو يك: يكتب ونشأ فى قوم أميين لا يعرفون علم الكتابة ولم يختلط عليه بأحد من أهل الكتاب» أو يلتق يأحد من الأحبار والرهبان إلا مرتين » واحدة وهو غلام فى الثانية عشرة» والأخرى وهو فى الخامسة والعشرين وكلتاهما كان فينهما عابر سبيل» وأن التوافق بين ما جاء بالقرآن وما جاء بالكتب السابقة دليل على أنه ليس افتراء بل هو من عند الله سبحانه وتعالى» والاستدراك معناه الانتقال من نفى الافتراء إلى الإيجاب بذكر الدليل الخارجى من نفس ما سبقه من كتب» وفى التعبير بكلمات: ا تصديق الذي بين يديه 4 إشارة إلى أنه شاهد لها بالصدق» وإن كان التوافق دليل على أنه ليس به افتراء وهو مشتمل مع ذلك فى ذاته على الإعجازء فالكتب ليست معجزة بذاتهاء ولكن اقترن بها ما يدل على صدق الرسل من بينات شاهدة : كعصا موسى وغيرهاء وكإبراء الأكمة والأبرص» وإحياء الموتى بإذن الله ونزول المائدة بأمر الله تعالى . الأمر الثانى ‏ نما اشتمل عليه القرآن الكريم أنه «تفصيل الكتاب» أى بيان ما كتبه الله تعالى على خلقه من فرائض ونظم وأحكام فيها صلاح العباد فى الدنيا والآخرة من صلاح معاشهم وتنظيم حياتهم وتكوين مجتمع فاضل يكون الخير فيه شائعا ظاهراء وتكون الرذيلة مختفية مغمورة. الأمر الثالث ‏ من دلائل صدقه - أنه لا ريب فيه لمن تدبر وتأمل» فهو ثابت بذاته وبما اشتمل عليه من تصديق ما بين يديه فى الكتب وتفصيل الأحكام والشرائع فلا مجال للريب» كقوله تعالى: « ذلك الكتّاب لا ريب فيه هدى لَلْمتّقِين #5 [البقرة]. الأمر الرابع ‏ أنه من رب العالمين الذى كون العالمين وربّاهم ودبر أمورهم وأقام الحق والعدل فيهم» وذلك كله فى القرآن الحكيم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ا تفسير سورة يونس | 0و1 للك ١ اا‎ يي وبعد أن بين سبحانه بالآدلة الذاتية صدقهء أخذ سبحانه يدفع افتراء المفترين فقال تعالى" : «(أم يقولون افتراه قل فَأنوا بسورة مثله وادعوا م من استطعتم من دون الله إن كنم صادقين © 4 . وصف الله سبحانه وتعالى القرآن أوصافا تنفى الافتراء» وبين مقامه فى الكتب السابقة وأنه مصدق شاهد بهاء وبعد ذلك أخدط يبين مقام المشركين منه وهو ادعاء افترائهم الذى هو منفى عن القرآن لذاته فقال سبحانه: 8 أم يقولون افتراه » . «أم4 يقول بعض المفسرين: أنها هنا فى معنى الهمزة للاستفهام. والأولى أن تقول أن «أم» تتضمن معنى الاستفهام كما تتضمن الانتقال من الحقائق المقررة الثابتة التى لا ريب فيها إلى الاتجاه إلى المشركين وأوهامهم بالنسبة للقرآن العظيم «أم يقولون افتراه 4 أى ننتقل من الحق الجلى إلى أوهامهم فنسألهم: أتقولون افقراه؟! والاستفهام هنا إنكارى بمعنى إنكار الواقع» فهو توبيخ لهم على ادعاء الافتراء» وقد قامت أدلة الصدق» ووقع المحكم بأنهم مبطلون فى ادعائهم وافترائهم » وتحداهم أن يآتوا بسورة من مثله ليظهر كذبهم وأنهم المفترون على الله تعالى ونبيه كَكَِْقٌ وا حق ؛ ولذا أمر سبحانه محمدا عَللِِدِ أن يدعوهم أن يأتوا بسورة من مثلهء أى مما ترون أنه مثله» فأتوا بسورة منه» فهم يدعون أنه مفترى افتراه محمل 5 له فليأتوا بسورة من مثله إن كان له مثل . إن محمدا بشر مثلهم فإذا كان قد افتراه فأنتم بشر مثله فآأتوا بسورة من مثله» ويصح أن نقول أن «ل من 4 بيانية ويكون المعنى ائتوا بسورة منه» أى من جنسه» ولعل ذلك أظهر. وقد تحداهم الله أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات فعجزواء ثم نزل فتحداهم أن يأتوا بسورة فعجزوا. 0 ##/ تفسيرسورة يونس لللللللل00اااللللولا لل للك بلجمل ب_ نر يي نصرهمء فقال فى سياق أمره ‏ سبحانه - لنبيه: «إ وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين © فدعوة هؤلاء النصراء لأمرين: أولهما - ليشهدوا كذبهم فى ادعائهم. ثانيهما ‏ لينتصروا بهم ويكونوا قوة معهم يظاهرونهم فيما يدعون» ولكنهم مع ذلك لا يمكنهم أن يأتوا بقرآن مثله كقوله تعالى: 7ن هم وس اسم فى له ات لم اع موم 0 سام وظقايىي لوم اس 3 لماه لإ قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا 5) 4 [الإسراء] . وقوله تعالى: إن كنتم صادقين» أى فى ادعائكم الافتراء وإن محمدا كذب على الله تعالى ولكنكم عاجزون فيبطل ادعاؤكم الافتراء . تقديره: إذا كنتم تدعون أن محمدا افتراه فمحمد بشر عربى مثلكم» فأتوا بسورة من مثله. هم لا يؤمنون أنه افتراء ويؤمنون أنه كلام لا ينطق البشر بمثله» ولكن لأنهم سارعوا بتكذيب الرسالة المحمدية لجوا فى التكذيب وتورطوا فى الإنكار حتى «( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وما يأتهم تأويله كذلك كذاب الّذين من قبلهم فَانظرْ كيف كَانَ عاقبَة الظالمينَ 9 4 , « بل 4 للإضراب عما حوى ما قبلهاء والإضراب عن ادعاء الافتراء» معناه غير أن يتأملوا. وهذا هو قوله تعالى : «بما لم يحيطوا بعلمه 4 أى بما لم يعلموه ا تفسيرسورة يونس لل اللو الالال لللللل لحب ا كم العقل وتواكبه ومدى ما فيه من إنذار لمن كفر وثواب لمن آمن» وذلك لمن يخاطب بأمر غريب لم يألفه فإنه يسارع إلى إنكاره بادى الرأى؛ ثم إذا شرد عقله عن الطريق المستقيم ضل فى السبل وأصبح لا يسمع منادى الصواب إذ يناديه» وداعى الهداية إلى الحق وهو يدعوه. وهذا نراه فى أصحاب المذاهب المنحرفة إذا فوجئوا بما يخالفها أنكروه ثم حاولوا أن يجمعوا ما يؤيد ما جنحوا إليه من المنكر» وإن محمدا كَلِْةْ جاء إليهم على فتسرة من الرسل فى الأرض العربية وقد عمتهم جهالة دينية؛ فجاءهم بأنه رسول من عند الله تعالى وكان ذلك غريبا فيهم» وجاءهم بقرآن هو معجزته فلم يتدبروه ويفهموه فعجلوا برده» ثم ساروا من بعد فى سبل الضلال. « ولَّمًا يأتهم تَأوِيله 4 التأويل هو التفسير والفهمٍ وفقه الكلام ومراميه ويطلق بمعنى معرفة المآل ومن ذلك قوله تعالى: (« هل ينظرون إلا تأويله يوم يأني تأويله يقول الدين تسوه من قَبَلَ قد جاءت رسل ربّنا بالْحَقّ فهل لَنَا من شَفَعَاء فَيَسْفَعوا لَنا © الالأعراف]. والنص القرآئى يقبل تفسيرين» بل لا مانع من الجمع بينهما : أولهما ‏ أنهم كذبوا ولم يحيطوا بعلمه» والحال أنهم لما يأتهم فى مداركهم وأفهامهم فقهه وما فيه من إنذار وتبشير»ء وسيآتيهم لا محالة إذا تأملوه. انيهما ‏ أنهم لم يأتهم مآلهء وأنه آت لا محالة» وأنهم كذبوا القرآن بما فيه من بعث ونشور وحساب وثواب بالجنة وعقاب بالنار وأنه سيأتيهم» وقد وعد سبحانه» وإنه منجز وعده. وإن هذه الحال من المشركين هى الحال التى كانت فى الأمم السابقة الذين بعث فيهم الرسل وسارعوا بتكذيبهم قبل أن يتأملوا ما أتوا به وقبل أن يعرفوا قوة المعجزة» ثم لجوا فى تكذيبهم حتى نفذ الله تعالى أمره فيهم كقوله تعالى: لإ كذلك كب الذين من قبلهم 4 كهذه الحال التى كان عليها المشركون من العرب ا تفسير سورة يونس ل الل لأسب أ فى مسارعتهم إلى التكذيب واللجاجة فيه ثم المعاندة والمقاومة بالعنف من غير إدراك سليم» وهذه الحال هى حال الذين من قبلهم فإذا تشابهت ال حال فلا بد أن تتشابه النتيجة أو الأثر؛ ولذا قال سبحانه: «( فانظر كيف كَانَ عاقبة ة الظّالمينَ 4 أى فانظر على أى حال كانت عاقبة الظالمين كانت ريحا صرصرا عاتية» أو ريحا فيها عذاب شديد» أو جعل أرضهم دكا سافلها عاليها أو خسف بهم الأرض أو غير ذلك من آيات الله الكبرى فى الذين يظلمون أنفسهم ويظلمون الحق معهمء وإذا كان الله قد فد أمهل الشركين ولم يتزل بهم ما أنزل بالنين من قبلهم؛ فلكى يستمر اختيارهم وعسى أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده. وفى قوله تعالى: 9 كيف كان عاقبة الظّالمينَ 4 إظهار فى موضع الإضمار؛ لبيان أنهم ظلموا أنفسهم وظلموا الأنبياء الذين أرسلوا إليهم وأنكروا حقائق ثابتة قد خلت فيمن ظلموا. وإن الحقّ حق فى ذاته» سواء أَكَثْرَ من آمنوا به أم قلواء وسواء خضع له أو لم يخضعء والثواب لمن آمن واهتدى والعذاب لمن كفر . ولذا قال تعالى: 9 ومنهم من يؤمن به ومنهم من لأ يؤمن به وربك أَعلَم بالمفسدين 69 4 . الضمير فى كلمه طمنهُم 4 يعود على المشركين فى قريش» أما ضمير فى كلمة 9 به © فيعود على القرآن الكريم وإنه من نعم الله على الخلق أن لم يجعلهم جميعا على كلمة الشرك أو الإنكارء بل منهم من يذعن للحق فيسارع إليه كما يسارع المشرك إلى الونكار. وهذا الكلام فيه تبشير للنبى ككل بأنه مع هذه الحال الحالكة المظلمة سيكون من يؤمن ومن يجدد إيمانكم فى كل الأزمان ويصدق بالقرآن ويذعن له» فالقرآن باق خالد محفوظ» ونور يهدى ما بقى الإنسان فى هذه اللأرض. ا تفسير سورة يونس لل الملل 1 ومنهم من يبتلى الله به المؤمنين بإنكارهم ولحهم فى الإنكار ومعاندتهم للحق وحربهم لأهله. والتعبير بالمضارع لبيان تجديد الإيمان واستمراره وأن الكفر باق ليكون ذلك ابتلاء للمؤمنين وتثبيتا لإيمانهم» ثم يقول تعالى: « وربك أَعلّم ِالْمفٌسدين4 علما دقيقا محيطا بالذين لا يؤمنون» وعبر عنهم بالمفسدين؛ لبيان أن فى طلبهم الإفساد فى الأرض ومنع الإصلاح فيهاء فمنهم المنافقون الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون» ومنهم المعاندون الذين يحاربون الإيمان ويحاولون أن يسدوا مسالك الهداية» وذكر العلم بالمفسدين إنذار بالعقاب من الله تعالى الذى لا يغيب عن علمه كبيرة ولا صغيرة فى السماء ولا فى الأرض. إن عليك إلا البلاغ هه و سا - له ذآ ته بوط و وَإنَ كدوك مث كَ مكل لْعَمَلٍ ولح عَمَلكم دع ميلو دس 1 ا مساح سر ل اجر نَم أعَمَل وأتَأيرى املو ومن 17 1000 م لمعه عمق 0 0 ا إِنَأسَهَ 10ك2001 ككل لناب 00 1 خا 0 ا رم 1000 و 4 8 00 م 2 ا لما يس مرح سر مي 2 وَمأ ممعي 2 رشت ولعي 1 للوشنك رجض قتي منت 0 قال تعالى : اب | ا تفسيرسورة يونس الالال لوول لسر نا كان النبىيَكئَِةٍ حريصا على هدايتهم» كما قال تعالى: ا لَعلّك باخع نُفْسك أل يكونوا مؤمنين (©) 4 [الشعراء]ء فبين الله سبحانه أنه لا يهدى وإنما ينذر ويبشر كما قال تعالى: 8 إِنّمَا أنت منذر . . ٠‏ 62 4 [النازعات]. فى هذه الآية يآمر الله تعالى نبيه كَكْةِ أن يحمّلهم إن كذبوا تبعات أعمالهم فى الكفر فقال تعالى: # وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل # مغبة عملكم عليكم» ومثوبة عملى لى وإنى برئ مما تعملون وتكررون عمله آنا بعد آن وتجددونه تجددا مستمراء وقد أعذر من أنذر وقد أنذرتكم وشددت وتكوين ال جماعة الفاضلة فإن استجيعم ذة فقد أحستم لأنشكم را وإن كذبتم فعليكم تبعات ما تعملون» كما قال الله تعالى: إلا أعبد ما تعبدون 2 ولا أنتم عَابدُونَ ما أعبد 9) ولا أَنا عَابد ما عبدتُم 2 ولا أنثم عَابدُونَ ما أعبد (2) لكم دينكم ولي دين 45 [الكافرون]ء «وأَنا بِرِيء مما تَعملُون 4 كل إنسان وما يعملهء لا يؤاخَدذ كد فى كفرهم هو برىء منهم ومن أعمالهم. ومع هذا يبرأ إلى الله من أعمالهم تنزيها لنفسه عن أن يشرك أو يرضى عن شركهم المستمر المتجدد» وقد عبر بالمضارع ؛ لأن أعمالهم الفاسدة متجددة مستمرة التجديد. فى المسلك الذى أمر الله تعالى نبيه أن يسلكه إرشاد حكيم للعصاة وإيئاس لهم من أن يكون معهم»ء بل فيه دعوة إلى الاقتداء به فى عملهء وفيه إشارة إلى فساد أعمالهم» والُْسد إذا رأى عمل اُصلح تأثر بعمله» بل إن ذلك أشد ثأثيرا من قوله وأفعل فى النفس وأدعى للتأمل» واتجاه النفس إلى ما فى ثناياهاء وربما اهتدت» وأنها لو فوض أمرها إليها قد يكون الخوف فيهاء وأنه إذا داخل الجاحد الخنوف من مغيب عنه سار فى طريق الهداية. إن هؤلاء المشركسين عقولهم غائبة عن الحق سائرة ة فى الضلال غافلة عن دعوة الداعى إلى النور» وقد قال تعالى فى بيان غفلتهم: ا تفسيرسورة يونس ااا اائائا! أاا! أ الاا!ا!ا!اااالااااال ا ااا ااا لاااالالااااااااااااااالاائلاائلا انال للك الالال كط طلم للا كط للخل لل الالالال غ1عكط اللا لطا لاس لتلا كا يي « ومنهم من يُستَمعون إِلَيِك أدَأَنت تسمع الصم ولو كانُوا لا يعقلون 69 4 . إن السمع لا يعتبر وحله ولا يدرك وحده. بل لابد من السمع والإدراك» والبصر لا يدرك ما يشاهد ومغزاه وعبره» بل لابد من أن يرى الرائى ويدرك العبر» وإن هؤلاء أهل جهنم الذين طمس على بصائرهم» كما قال تعالى : « ولقد َرأنا لجهتم كثيرا م من الجن والإنس لهم قلُوب لأ فقون بها وهم أعين لا ييصرون بها وَلَهوْآدَانُ ل يَسْمَعُونَ بها أُولَك كَالأَنْمَام بَلْهُمْ صل أُولَك هم العَافلُوَ 09 4 [الأعراف]» / ومنهم من يستمعون إِلَيِكَ 4: ومنهم أى من المشركين الذين يعرضون عن الحق» من يستمعون إليك بظاهر حسهم» ونتحسبهم مستمعين للقول فيتبعون أحسنه ويفكرون متدبرين تميزين بين الحق والباطل» ولكنهم كالأصم من حيث الهداية؛ وذلك لأنهم يستمعون إلى الألفاظ تتردد ولا يفقهون معناها ولا يذوقون الحق ويدركونه» وهم كالصم فى آذانهم وقرء قد ماتت عقولهم وصاروا فى عدم إدراكهم معنى الكلام ومرماه وغاياته وجماله وكماله كمن لا يسمع أصلا؛ لأنه لا ثمرة لسمعه؛ لأنه يسمع جرس الكلام ولا يفقهه ولا يذوق بيانه. ومن مواضع العجب أن يطلب ممن هذا شأنه ‏ الإدراك والاعتبار بما يسمع من قصص وعظات» ولذا قال تعالى: «إأَأَنتَ تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون 4 . الاستفهام للتعجب والنفى» «الفاء) لترتيب التعجب على حالهم» والمعنى أنه لا فائدة فى استماعهم ودعوتهم» والعجب من رجاء الاستجابة منهم» فهم قد اجتمعت فيهم صفتان تمنعان الاستجابة : الأولى - الصمم النفسى» وهو يكون بإعراضهم واستنكافهم كأن بهم وقرا. الثانية - أنهم لا يعقلون» فلا يستجيبون لدعوة الحق. إن نظرهم كسمعهم؛ ولذا قال تعالى: « ومنهم من يَظَرإِليِكَ أقأنت تهدي العمي ولو كانوا لا ينصروت 69 4 . ##/ تفسير سورة يونس اللللللااال لم1 لج رار - إنهم ينظرون إلى السماء ومافيها من أبراج وإلى الارض وما تخرج من طيبات الرزق ولكنهم عمون عن عجائب الوجود. كما قال تعالى : « أفلم ينظروا إلى ا لسماء فوثهم كيف بنيام وزيناها وا هبن روج 00 والأرض تنام وألقينا الما مما فاب جنا حي الحصيد لج وان باسقات لها مطل ضية رزقا للعباد وأحيينا به بلّدة ميا كدّلك الخروج 09 »> [ق]. ينظرون فى الكون ولكن لا يدركون ما يهدى إليه النظر فكأنهم عمى لا يدركون؛ لأآن النظر من غير إدراك لما يدل عليه المنظور من آيات بينات» شأنه كعدم النظر سواء؛ إذ ثمرة النظر مفقودة فى الحالين. ولذلك قال تعالى: 9 ومنهم من ينظر إليك 4 ولكنهم غير ناظرين؛ لأنهم غير مدركين ما فى الوجود من آيات بينات» وقال سبحانه: 8 إليك # وفى الآية السائقة # يستمعون إليك 4 إشارة إلى أنهم يكونون مع النبى بحسهم وليس بعقولهم» ثم قال تعالى: «أقأنت تهدي العمي ولو كَانوا لا ينصرون 4 وشبههم بالعمى لعدم الثمرة فى نظرهمء وهم معرضون عن آيات اللّه تعالى» والاستفهام ولقد قال الزمخشرى فى هذه الآية والتى قبلها: «ومنهم ناس يستمعون إليك إذا قرأت القرآن وعلمت الشرائع ولكنهم لا يعون ولا يقبلونء وناس ينظرون ويعاينون أدلة الصدق وأعلام النبوة ة ولكنهم لا يصدقون» أفتطمع أن تسمع الصم ولو انضم إلى صمهم عدم عقولهم؛ لأن الأصم العاقل ربما تفرس واستدل». ولكن إذا اجتمع سلب السمع والعقل جميعا فلا فائدة فى استماعهم ودعوتهم» أتحسب أنك تقدر على هداية الأعمى ولو انضم إلى العمى» وهو فقد البصر فقد البصيرة؛ لأن الأعمى له فى قلبه بصيرة قد يحدس ويتظنن» وأما العمى مع الحمق فجهد البلاء» وذلك يعنى أنهم فى اليأس من أن يقبلوا ويصدقوا كالصم والعمى الذين لا بصائر لهم ولا عقول». 8# تفسيرسورة يونس لووول للك باب بر يي إن الله تعالى قد أنزل آياته وشرائعه يهدى بها من يهتدى» ومن ضل فإنما يضل عليهاء ووصفها أمام الأعين البصيرة والآذان المستمعة والقلوب المستقيمة» وأنه يؤاخذ الناس بما كسبوا فإن استقاموا على الطريقة كانت الهداية وإن لم يستقيموا كان الضلال» ولذا قال تعالى: ظ إن الله لا يَظلم الئاس شيا ولكن الئاس أنفسهم يَظَلمُودَ 60 4 . إن الله وضع كل أسباب الهداية أمام الناس وأرسل الرسل مبشرين» وما كان ليعذبهم إلا إذا أرسل إليهم من ينذرهم بالعذاب الأليم» إن لم يسلكوا سبيل الحق واختاروا سبيل الضلال وأفسدوا فى الأرض بعد أن أضلوا عقولهم؛ ولذا قال تعالى : ذال لانم اث شتام . أصل «ظلم» بمعنى أنقص» وأطلقت على ما هو ضد العدل والاستقامة. وأطلقت على الشرك؛ لأنه انحراف بالعقل عن الاستقامة والطريق السوى» وقال تعالى: 8 .. .إن الشرك لَظُلْم عظيم 69 4 [لقمان] . والظلم هنا إما أن نفسره بمعنى النقص ويكون المعنى أن الله لا ينقص الناس شيئا بل يوفر لهم أسباب الهداية والإرشاد من: إرسال الرسل» وإقامة الشرائع وآيات الله والتنبيه إليهاء ومنحهم العقول التى تدرك» وحرية الاختيار فيما يفعلون» ويوجد سبحانه فيهم قوى الإدراك. كما قال تعالى: « والله أخرجكم من بطون أُمُهَاتكم لا تعلمون شيئًا وجَعَل لَكُم السّمُع والأبصار والأفددة لَعلّكُم تشكرون 69+ ل[النحل]» وإما أن نقول: إن الظلم المنفى هنا هو عدم العدلء. ويكون المعنى على ذلك أن الله تعالى لا يظلم الناس شيئا فى الظلم مهما قل؛ لأنه أوجد فيهم الاختيار والإدراك وجعل تحت أيديهم أسباب الهداية» فإن ضلوا فعن بينة وإرادة حرة مختارة» والله تعالى يحصى أعمالهم ويجزيهم عليهاء كما ورد برواية مسلم عن رسول الله وَل فى حديث قدسى عن ربه: «يا عبادى إنما هى أعمالكم تفسير سورة يونس بلالا اا0ا400اااللل ل للللللللللاا0ا0ا40االل الل بالللللناا يس يي أحصيها عليكم ثم أوفْيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)(2. وإذا كان الله تعالى لايظلم أى قدر من الظلم قل أو جل فإن نزول العذاب بالناس بظلمهم لأنفسهم؛ ولذا قال تعالى: 9 ولكن الئاس أنفسهم يُظلمون 4 . وهذا استدراك من النفى السابق» وإذا كان الله لا يظلمهم فهم يظلمون أنفسهم» وقدم المفعول على الفعل للاختصاص أو القصرء أى هم يظلمون أنفسهم ولا يظلمون سواهاء كما سبق قوله تعالى: « .. .إِنَمَا بغيكم علَئ أنفسكم. . .69 4 وذلك؛ لأن الظالم يقع ظلمه على نفسه ابتداء؛ لأنه يفسد فطرته وتكون غشاوة على قلبه فتنقص مداركه وتسوء معاملته» ويسىء إلى نفسه ثم يتردى فى أسباب الهلاك فى الدنيا والعذاب فى |الآخرة. يقول تعالى: « ويوم يحشرهم كآن لم يلوا إلا ساعة من النْهارٍ يتعَارفُون بينهم قد خسر الّدين كَذَبُوا بلقاء الله وما كانوا مهتدينَ 62 4 . وإن العذاب يجيئ إليهم فى الآخرة كما ذكر سبحانه: «( ويوم يحشرهم كَأن لم ينوا إلا ساعَة من النَهَارٍ» أى جزء من الزمان قليلا من النهارء وذكر النهار؛ لأن الليل قد يستطيل الإنسان وقته» ولآن الحشر وكأنه يجىء فى غير ظلام بل فى إشراق ليستبين المهتدى من الضال» كما قال تعالى: 0 .كه يوم يرون ما يوعدون لم ينوا إل ساعة من نهار . . . #69 [الأحقاف]ء وقوله تعالى: «( كأنهم يوم يروتها لم يلبثوا إلا عشيّة أو ضحَامًا 63 4 [النازعات]» والمراد أن يوم الحشر لا يحسون فيه بفاصل زمنى بينهم وبين ما كانوا عليه فى الدنياء فيحسون أن الدنيا بطولها ليست إلا زمنا قصيرا قضوه فيهاء وفى ذلك إشارة إلى قصر الدنيا مهما طالت فلا يحسون بها إلا زمنا قصيراء وقد قال تعالى )١(‏ سبق تخريجه. 1# تفسير سورة يونس لللل لل الول ير يي فى بيان ظنونهم نحوها ‏ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون 62 4 [الروم]. كما يقول سبحانه : « يوم يتخ في الصور وتتحشر الْمجرمين يُومعذ زرقًا 69 يحَحَافعونَ بينهم إن أبعم إلا عشرا 60 د أ بهذيل شت طريقة إن متم إلا يَومَا 9 » [طه]ء وكل ذلك يصور إحساسهم بقصر الدنيا يوم تقوم الساعة . وفى قوله تعالى: و لم يلبئوا إلأ ساعة © الدليل على أنه سبحانه يحشرهم بأقل ما يمكن من الزمن وأن حشرهم ليس عسيرا حتى يأخذ زمنا عند الذى يبدأ الخلق ثم يعيده. وهم يحسون الدنيا الفانية شيئا قصير الأمد» ساعة من نهار» أو يوم فى تقدير أمثلهم طريقة ثم يقول تعالى: ذإ يتعارفون بينهم # التابعون والمتبوعونء الذين ضلوا والذين أضلوا الفقراء» الذين سخروا منهم والساخرون. عندئل يدرك الذين كذبوا بلقاء ربهم ما خسروه بسبب طغيانهم فى الدنيا واستهزائهم وقولهم لكل نبى ما نراك اتبعك إلا أراذلناء ولذلك بِيْن سبحانه أنهم رأوا وعاينوا مقام التابعين للحق كما عاينوا دركهم فى الجحيم. قد خسر الّذين كَذَبُوا بلقَاء اللّه 4 خسروا لأنهم ضلوا واشتروا الضلالة بالهدى والحياة الدنيا بالآخرة» لم يقدموا لأنفسهم فخسروا خسرانا مبيناء ختم الله تعالى الآية باخسارة العظمى 7 أدت إلى الخسائر كلها بقوله تعالى: 8 وما كانوا وما ترك بض الذي تدهم أو وكين فنا مرْجعهُمْ م الله هيد َل ما يفعلون 659 4 . ا تفسير سورة يونس م مال أ لاا ٠:‏ لي إِمًا 4 هى «إن» الشرطية المدغمة فى «ما) وهما» لتقوية الشرط» وجاءت بعد نون التوكيد الثقيلة. وأن نريك بعض الذى نعدهم من الدنيا فى خذلان وإعلاء لكلمة الحق وجعل النصر للمؤمنين» وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الحق هى العليا وضياع سلطائهم وجعل السلطان فى بلاد العرب لله ولرسولهء إن نريك هكذا تكن العزة» فجواب الشرط محذوف تؤخذ دلالته من الشرط نفسه» وقد رأى النبى كدٌِ ما وعده ربه وما أوعدهم به. « أو تتَوفْيئك » هو الغرض الثانى وهو معطوف على الشرط السابق» أى يتوفاك الله الذى خلقك ونصرك وأعزك 8 فَإلينَا مُرجعهم 4 أى إن تحضر النصر على الكافرين جميعا وكان منهم من بقى على كفره أو كان إسلامه على نفاق كالأعراب الذين ارتدوا أو من لم تبلغهم الدعوة فى حياتك ثم بلغهم الإسلام بعد وفاتك فَإلَينا مرجعهم 4 وقدم الجار والمجرور على مرجعهم 4 للإشارة إلى أن لله وحده المرجع والمآب» وهو الرقيب عليهم فى الدنيا والمحاسب لهم فى الآخرة» ينزل العقاب لمن كفرء والثواب لمن آمن واهتدى وآثر الآخرة الباقية على الدنيا الفانية . وإن الله شهيد على ما يفعلون ويعطى الثواب والعقاب؛ ولذا قال تعالى: نَم الله شهيد عَلَئ ما يَفعلون 4 كلمة ا ثّم4 للترتيب والتراخى» والترتيب ترتيب معنوى فالله تعالى شهيد على ما فعلوا فى حياة النبى ككِلْةِ وما يفعلون بعدهء ولكنه فرق بين رؤية النبى فيما يقع حساء وبين ع ما ينزل بهم إلى علم الله عالم الغيب والشهادة الذى لا يخفى عليه شىء فى اللأرض والبعد الذى تدل عليه كلمة ثُم4 هو البعد المعنوى بين رؤية الإنسان وشهادة الله تعالى 8 اللَّهُ شَهِيد» أى عالم علم من يشهد ويرى كرؤيتك المؤكدة» فهو عالم علم المشاهدة بما يفعلون آنا بعد آنء أى بما يتجدد فى فعلهم وهو سبحانه يحاسبهم عليه إن خيرا فخير وإن شرا فشرء وإليه الماب. ا تفسيرسورة يونس 7 لللاااااا61االالللللللالا0ااا0ااااللا6اااللل00 لحب ا لكل أمة رسول قال تعالى: 2 وس ولحكل 2 دع سس 0 نى بنتهُم 1 2 0 سول[ وإذاججا ع بحاء رسو زه فى ينهم بِالقِسَط وهم 204 آذآ هه و عم 85 يظلمون 20206 عَدَإِن كْسَمَصدِقِينَ : 7 دم أ مه مدخ - عرسم ص بيب 9 ا أمَلِك لِنَضْوضنًا صَرا وَلَانفَعَاإ لاماسَاءا بد 5 ذ آ ا #ر فلام آآ - نايد يه ع اهمه ارون نسا عه ولاساملة الح ا 0-6 < دم وو علاملا 2 أ وإ ست ماج ساح . نر معَذَابهُ مَأ نيزي وأ واع 1 2 ماماو ع امنام يوسء لعن وود 5 ميد © يلإو اتن ل هَل ليما مَكسبونَ 2 إن الله تعالى لا يظلم الناس فما كان ليعاقب إلابعد أن يبين الحق ويدعو إلى الرشاد» ويلذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين» ولذلك كان لكل أمة رسول كما قال سبحانه: «! ... وإن من أَمّة إلا خلا فيها نذير 69 4 [فاطر] . وقد اتجه المفسرون فى قوله تعالى لكل أمة رسول اتجاهين: الاتجاه الأول أن ذلك يوم القيامة حيث يجىء كل رسول يشهد لامته بما كسبت ويشهد عليها بما اكتسبت فيقضى بينهم بالقسطء أى بالعدل الموزون بميزان الحق وهم لا يظلمون» أى أن القضاء يكون الإنصاف فلا ظلم قط . والاتجاه الثانى - أن هذا نظام الله تعالى الذى سنه فى الدنيا يرسل لكل أمة رسولاء ونكر كلمة © رسول »4 فلم يأت به معرفة لتعدد الرسالات وتنوعهاء ا تفسيرسورة يونس لئان ا 1 فمنهم من جاء لتربية القوة والعزة كما هى شريعة التوراة التى نزلت على موسى» ومنهم من جاء لتربية الروح والنفس كما هى شريعة عيسى لبنى إسرائيل الذين وقوله تعالى: # فإذا جاء رسولهم © أى جاء فى وسطهم يدعوهم إلى سواء السبيل» كان من أجاب منهم له ثوابه ومن أعرض وتأى بجانبه حق عليه عقابه؛ وهذا معنى قوله تعالى: قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون # . ونرى أنه لا تعارض بين الاتجاهين» ويمكن الجمع بينهماء فيكون الرسول داعيا فى الدنياء ويكون فى اجابته المهتدى والضال» ثم يكون يوم القيامة شاهدا على الفريقين» والله أعلم. ل ويَقُوُونَ َئ هذا الْوَعدُ إن كُحْمْ صادقينَ 69 4 . وإن المشركين فى إنكارهم للبعث يستعجلونه إن الأساس فى رد دعوات النبيين إلى الرسالة الإلهية وهو إنكارهم البعث والنشور وكفرهم بما يغيب عنهم» ولذا يكون استغرابهم من دعوة الرسل وإجابتهم واحدة أ متى هذا الوعد# والخطاب فى هذه الآية للرسل» والقائلون هم المشركون» فالضمير فى كلمة 8 يقولون »© للمشركين لأنهم الذين يجادلون النبى ساس الها ماه الزمن البعيد عن الوعد الذى يكون وراء البعثء» والوعد هو الإنذار الشديد بالعذاب الأليم فيقولون ساخرين: متى يكون ذلك الوعيد؟ ويكررون ذلك الاستفهام المستهزئ الذى ينم عن الاستهانة وعدم الاهتمام غرورا بأنفسهم وانغمارا فى لذاتهم . وأعقبوا الاستهانة والاستهتار بقولهم: إن كنتم صادقين» أى أنهم يردفون الاستهزاء بتكذيب الرسل» ولابد من الإشارة إلى أن ذلك يتكرر فى خطاب كل ا تفسيرسورة يونس ل لاااللو الل «لحجل بز يي الرسل ١‏ وأن الكفر بلسان واحد فى الاستنكار والاستهزاء؛ ولذا جاء الخطاب للرسل أجمعين لا لمحمد يلد وحده؛ لأن دعوتهم واحدة» ورد المشركين واحدء وإن كان المتحدث عنهم مشركو العرب؛ لأنهم صورة منهم بل أوضح صورة عند محمد يله - طلبوا منكرين ومستهزئين» وكرروا الطلب متى هذا الوعد؟ وهو العذاب الذى أوعدت» فأمر الله تعال نبيه كَكِةٍ أن يقول لهم: « قل لأ أملك لتفسي ضرا ولا تفعا إلا مَا شاء الله لكل أَمّة أجل إِذا جاء أجلهم فلا يستخرون ساعة ولا يستقدمون 69 4 . طلبوا مستهزئين غير مبالين أن يحل بهم ما وعد الله من عذاب فأمر الله نبيه كله بأن يقول لهم أنه لايملك ذلك وإنما يملكه الله تعالى وحده. ويقول لهم كَل أنه إنسان مثلهم لا يملك لنفسه ضرا ولا تفعاء وبالآولى لا يملك لغيره ثم بالآولى لا يملك ضررا عاما يعم المشركين جميعا كما يطلبون. قل لأ أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء اللّهِ4 وقدم الضر على النفع؛ لآنهم يطلبون أن ينزل بهم ما يضرهم فكان الرد بنفيه أولاء فإذا كان لا يملك أن يضر نفسه فلا يملك أن يضر غيره. وقوله تعالى: 8 إلا ما شاء اللّهِ4 استثناء يبين كمال سلطان الله وأنه وحده الذى يشاء ويختار وينفذ فى الوجود الكونى ما يشاء هوء لا ما يشاء غيره» والمعنى هنا إن شاء فالذى يملك سبحانه وإن لم يشأ فلا أملك» والاستئناء بقوله: إلا ما شاء اللّه 4 حيث الإرادة والاختيار المطلق لله تعالى وحده كقوله سبحانه: #8 خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض إلا ما شاء ربك ... 00 4 [هود]ء فهى دالة على اختياره المطلق ومدلول هذا الاختيار أنه لو شاء لغمَرَّء فليس أمر هذا الكون أو الإنسان يقع بغير اختياره» وهذه إجابة فيها بيان أنه يَكإْةّ ليس مغترا كاغترارهم وأن قوته محدودة ولا يدعى ما ليس له مثله. ومع هذه الإجابة إجابة أخرى هى قوله تعالى : © لكل أمة أجل »4 أى زمن محدود تنتهى عنده » والأمم السابقة كان أجلها ا تفسيرسورة يونس 00 جل يي بما ينزل عليها من عذاب ساحق مبيد للكافرين كالغرق لقوم نوح» والهلاك بسبب سماوى كما كان لقوم لوط وعاد وثمود. لم يقدر لكم الله تعالى الهلاك كهذه الأممء بل إنه لا يزال يرتجى الخسير لبعضكم أو أن يكون من أصلابكمء وفى هذا ما يفيد أن الوعد فى الآية السابقة ما كان مقصورا على الكافرين بعذاب الآخرة بل يشمل ما كان فى الدنيا من إهلاك الكافرين المفسدين» كما تقص القصص الصادقة فى القرآن. إِذا جاء أَجِلُهِم قلا يستئخرون ساعة ولا يُستَقَدمُون 4 أى إذا حل أجلهم فى زمانه المعين الذى قدره الله تعالى لا يستطيعون طلب تأخيره أو تقديمه (السين» والتاء) للطلب أى أنهم ليس لهم تأخيره أو تقديمه كما يتوهم المشركون ويطلبونه مستهزئين أو جادين . وقد أشار سبحانه من بعد ذلك إلى أن عذابهم قد يقع فى الدنيا كما وقع لغيرهمء فأمر رسوله يَكةِ ليقول لهم : « قل أرأيتم م إن أتاكم عذابه بيانا أو نَهارا مادا يُستعجل منه المجرمون 2 #. «أرأيتم 4 استفهام داخل على رأيتم وهو لتصوير حالهم, والمعنى أرأيتم وتصورتم حالكم إذا أتاكم عذابه بياتا وأنتم نائتمون بريح عاصف أو هدمت عليكم دياركم وجعل الله عاليها سافلها وأنتم نائمون» أو جماءكم نهارا ورأيتم م الكاسحء كقوله تعالى : «أقاس هل الى أن أيهم بَأمَا ين هم ناو 9 أمن أهل القرئ أن يأتيهم بَأسنا ضحى وهم يعون 52 2 الأو سكن الل فليا سكل لذ القوم الْخَاسِرُونَ 69 © [الأعراف] . هذا تصوير العذاب الذى يطلبونه فيقول سبحانه: «إمَاذًا يستعجل منه المجرمون4 هنا إضراب انتقالى فى القولء والمعنى أرأيتم إن ينزل بكم العذاب بياتا أو نهارا»ء وتصوروه واقعا بكمء أم ماذا تريدون» أو ما الحزء الذى تريدونه» وهو لا يتجزأ أو يتجزأ وجزؤه ككله» وفى النص القرآثى بعض الألفاظ : ا تفسير سورة يونس 9 !!!ااا !!!ا نالا!!!ل لا لأا أ لل ائااااأاللا!! !أ لاا ا ا لمم خخ مخ 1 ع غ1غغ 1غ اغغ11 لل اةاالاااللاخل ل اط ل خملامخسعخطل للا ل 7 أولا - قوله يتم 4 هو استفهام عن الرؤية البصرية أو القلبية» وقد قلنا: إن الكلام يتضمن تصوير العذاب الذى يستهزئون به أنه لم يقع» والزمخشرى يقول: إأرأيتم © تدل على طلب الإخبارء أى أخبرونى ما هى حالكم إذا نزل ثانيا ‏ عبّر سبحانه عن نزوله ليلا بقوله: إبيّاتا 4 للدلالة على السكون والاطمئئان وأنه يجيئهم وقت اطمئنانهم وسكونهم فيكون أشد وقعا. ثالثا ‏ إن جواب الشرط فى قوله تعالى: إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا » رابعا ‏ قوله تعالى: ا مَاذَا يستعجل منه المجرمون © وصفهم بالإجرام» أولا والإشاره إلى سبب إنكار البعث وعذاب الله الذى يستحقونه وهو إيغالهم فى الجريمة وللتوبيخ على فعلتهم. وقد قال فى ذلك الزمشخرى: (إن فى حق المجرم يوجب عليهم أن يتوقعوه لا أن يستعجلوه. إن وعد الله على لسان نبيه كَكْةِ آت لا محالة يوم لا ينفع نفس إيمانها بعد لأَنُم إِذا ما وقَع آمَسُم به آلآن وَقَدْ كسم به تَستَمْجِلُوَ 9© 4 . ثم 4 عاطفة وهى للترتيب والتراخى» والتسرتيب هو ترتيب الاستفهام بعد الاستفهامء والاستفهام السابق كان لتصور العذاب وحالهم عنئذه ليعتبروا ولا العذاب متوقعاء والثانى لوقوعه بهم والتفاوت بينهم كالتفاوت بين المتوقع والواقع والتصور والحقيقة» وفيه الإشارة إلى أنهم لاديتهم لا يؤمنون إلا بما يرون. ا تفسير سورة يونس الالال لللا لاا 6 ظ والتوقع هو ما يريد النبى يَلةٌ أن يتوقعوه ويتصوروهء وإلا فهم مكذبون مستهزئون . وطاثم 4 متأخرة والتقديم للاستفهام؛ لأن له الصدارة وتقدير القول أنه إذا ما وقع ورأيتموه رأى العين فى الآخرة آمنتم به وصدقتموهء وقد قضى زمن التكليف وانتهت دار الابتلاء وجاءت دار الجزاء» إنه إيمان لا ينفع . ثم أردف سبحانه ذلك بتوبيخهم على تأخرهم فى الإيمان واستعجالهم العذاب فقال سبحانه: «(آلآن وقد كنتم به تع جلو 4 أى تؤمئون به فى هذا الوقت المتأخر وقد كنتم مكذبين وتستعجلون متحدين أو متهكمين أو ساخرين» فالاستفهام إنكارى. توبيخى» والتوبيخ من نواح ثلاث: أولاها ‏ من ناحية إنكارهم البعث . انيتهما - من ناحية تهكمهم على من ينذرهم . الثتها - أنهم لا يؤمئون إلا فى الوقت الذى لاينفع النفس إيمانها. وقوله تعالى: «( وقد كسم به تَستَعجِلُون 4 يقول كثير من المفسرين التابعين للرمخشرى : تستعجلوت 4 معناها تكذبون» وإنى أقول أنهم كانوا مكذبين حقيقة ولكن كانوا يستعجلون فعلا ولو بظاهر القول» ويكون ذكر الاستعجال تهكما بهم وتوبيخا لهم فى قوله تعالى: « وقد كنتم به تَسْتَعَجِلُونَ4 جمع بين الماضى والحاضرء وهو دليل على استمرار استعجالهم التهكمى وتكذيبهم باليوم الآخر ووعد الله تعالى بالجزاء . هذه حال المكذبين وإيمانهم بعدم وقوع العذاب وإنكارهم لتوقعه ثم إيمانهم به بعد أن يروه» ثم يبين سبحانه وقوع العذاب وتمكنه منهم فيقول تعالى : لثم قيل للّدِين ظَلَموا ُوفُوا ع داب الْخلّد هَل تُجَرِوَن إلا بمَا كشم تكسبوذ0© 4. لل الل اكه + في «ثم4 للعطف والترتيب والتراخى» والعطف هنا يكون على الاستفهام السابق وما تضمن من توبيخ وتهكم بهم» كما تهكموا على أوامر الله تعالى ونواهيه من قبل » ودعوتهم إلى الإيمان باليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب وثواب» والتراخى فى الانتقال من مرتبة التوبيخ على الكفر إلى مرتبة العذاب العتيد الحاضر المهيا . قوله تعالى: «قيل للّذِينَ ظَلَمُوا 4 بنى للمجهول للإشارة إلى أنه استخفاف منطقى يقال بحكم المنطق والوقوع لكفرهمء وعبر عنهم با موصول 9 للّذِين 4 للإشارة إلى سبب العقاب وهو ظلمهم بالشرك وقصد الضلال والإفساد فى الأرض وأشاعه زور القول وبهتانه» وإفراطهم فى الأخمذ بالماديات التى سيطرت على أفهامهم وصاروا لا يؤمنون إلا بها. «إذوقُوا عَدَاب الْخُلْد 4 فيه إضافة العذاب إلى بيان له هو أنه خالد دائم ما دامت السموات والأرض» وفى قوله تعالى: 8 ذُوقُوا 4 تشبيه للعذاب بالشىء الذى يذاق فيصيب إحساسهمء حتى أنهم يذوقونه كما يذاق الشىء المؤلم المرير. «هل تجزون إلا بم كنتم تككُسبون 4 فيه أن العذاب بسبب ما كنتم تكسبون من أعمال نحبيثة فيها إيذاء للناس وإفساد لعقائدهم فهو جزاء وفاق» والجمع بين الماضى والمستقبل دليل على أنهم يكسبون الشر دائما لا ينأون عنه ولا يقصرون. والاستفهام هنا إنكارى بمعنى إنكار الوقوع» والمعنى لا تهزون إلا ما كنتم تكسبون» فجعل سبحانه الجزاء كأنه العمل الذى استوجبه أصلاء وذلك مبالغة فى العدالة فالجزاء والعمل متساويان. ##ا تفسير سورة يونس ااانا نللاكا !نمطا لاكطة لمانالا النا1الاللاللاامللانااخممللاال اناطخ مالالا للخملا مممماملااا لالت للا خخخ للخ طاطخ لالتلا لجيه بي الجزاء شد 15 آذه حا أ أآ#ت هل 5 وسَسَنِيُونَكَ أَحق هو قل إى و جإِنّه هملح وَمَآأنسْميمْحْجرت و وَلَدَأنَ لمأ تفي ظَلمَتَ مَا)! نض لدت يد وروأ ليََامَهَ وعدا ووس بكر بالِْسَطِوَهم 206 ل 0 لان له 1 ا رهم لايعلمون عَدَأْشْه حي وب او جنع وس 0< ذكر لحالهم يوم القيامة عندما ينزل بهم ما كانوا يستعجلون به ويرونه حقا وصدقا وعياناء وقد كانوا من قبل ينكرون وقوعه ويعجبون ويستهزئون تمن يذكرهم» وقد ذكر سبحانه صورة من القول الذى كان على ألستتهم . « يستنبئوتك 4 النب هو الخبر ذو الشأن» والسين والتاء للطلب وهىء هنا لطلب البيان» فالمعنى يستخبرونك عن النبأ العظيم وهو أن الناس يحيون بعد أن يموتواء وتجمع أجسامهم بعد أن صارت رفاتا وعظاماء وقد أمر الله تعالى أن يجيبهم بتأكيد الوقوع مقسما. فقال سبحانه: طقل إِي وربي إِنه لَحق 4 . إي 4 معناها «نعم» إنه حق ثابت واقع لا محالة» وقد قدر علماء البيان أن كلمة «إإي4 التى تكون بمعنى نعم» لا تكون إلا ومعها قسمء وقد قال النبى ككهِ كما أمره ربه: #8 وربي 4 أى الذى خلقنى فبرأنى وربانى» وفيه إشارة إلى تقريب تحقق ذلك الأمر الذى عجبوا منه واستنكروه واستهزءوا بهء والقسم عليه ط إِنّه لَحق 4 أكد أنه حق بالجملة الاسمية وب (إن» التى للتوكيد وباللام. -7 0 ا تفسير سورة يونس 7777 0 631717#730070370[أ[17ا 1 12#( م 1 لح زا أكد القسم أنه فى قدرة الله وفى إمكانه ولا يخرج عن قدرة القاهر لكل شىء فقال سبحاله: وما أنتم بمُعْجزِينَ4 أى لستم معجزين لله تعالى عن إعادتكم وحسابكم على ما قدمتم وأخذ المجرم بما اكتسب وإعطاء المحسن ما استحق من ثواب» والاستفهام فى أحق هو حقيقى منهم لأنهم جاهلون باليوم الآخر غلبت عليهم الحياة. الدنياء وأنه قد يكون تعجبا واستغرابا واستنكاراء وتوميء إلى هذا صيغته طأَحَق هو وهو لعجبهم الذى بينه الله تعالى فى قوله: وإن تعجب فعجب قَولهم أنذا كنا ثرابا أن لفي خَلَق جديد . 460٠‏ [الرعد]. قال ابن كثير: «لم يأمر الله تعالى نبيه يََِهٌ بإجابة المشركين بالقسم إلا فى ثلاث مواضع هذه أولها. والثانية: فى قوله تعالى: 8 وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلَى وري لتأتيتكم ... © 4 [سبأ]ء والثالفة: فى قوله تعالى: 8 زعم الم فوا أن ىمنا قب ورت مهب مم وك على اله سير 42 [التغابن]. كان أمر الله بالقسم فى هذا المقام ليزيل غرابتهم أولاء وليؤكده فى ذات نفسه ثانياء وليحملهم على الاستعداد له ثالثا. «إومًا أنتم بمُعْجزِين4 فيه بيان للإمكان ثم التحققء وتأكيد لإزالة الاستغراب» وهو نفى مستغرق للإعجازء فالله تعالى خحالق كل شىء لا يعجزه شىء وهو على كل شىء قدير. إن ما يكون فى يوم الجزاء من عقاب للآثمين يساوى كل ما فى الدنيا بحذافيرها من متاع» ولذا قال تعالى : « ولوأ لكل نفس ظَلَمَت ما في الأرض لافْحَدت به وَأَسَرُوا الندَامَةَ لَمّا را اتاب وقحي ينهم باط وملا طوف 0ت 4 . إن الهول سيكون فوق ما تدركه عقول من كفروا بذلك اليوم واستهانوا واستهزءوا به» وأنه إلو تحقق لكل نفس ظلمت بالشرك والعناد والاعتداء والشهوات ا تفسير سورة يونس |اااااا!!!!!!!!]!!|!!!! !!!اا !]1ع ع غ11 خلال !لالع املا ممما ااا تاللا ١ الا‎ ١ ني معادن وزروع وحدائق وجنات ونعيم ثابت وعارض تملكه وما فى الأرض جميعا لافتدت به وقدمته كله فداء» وهذا بيان لتضاؤل الدنيا بنعيمها وما فيها إلى جانب عذاب الله تعالى» وأن على كل نفس أن تتوقاه فى هذه الدنيا. ف وأسروا الندامة 4 عندما يرون هول يوم القيامة اعترتهم الندامة وأسروها لا يستطيعون إبداءها من ذهولهم بما رأواء وقد قال فى ذلك الزمخشرى قولا احسئا: «أسروا التدامة 4 لما رأوا العذاب؛ لأنهم بهتوا برؤية ما لم يحسبوا ولم يخطر ببالهم » وعاينوا من شدة الأمر وتفاقمه ما سلبهم قواهم وبهرهم فلم يطيقوا عنذدذه بكاء ولا صراخا ولا ما يفعله الجازع سوى إسرارهم الندم والحسرة فى القلوب» مبيهوتاء وقيل أسر رؤساؤهم وسفلتهم» أسروا الندامة حياء منهم ومن فعلتهم الندامة» . وإن الآية الكريمة تشمل كل هذه المعانى مع أن أولها المتبادرء ولكنه كلام الله يحمل المعانى التى ندركها وغيرهاء والله تعالى وحده أعلم. أسروا الندامة © الضمير يعود على كل الظلمين الذين ظلمت نفوسهم وودوا أن يكون فى ملكهم الأرض وما فيهاء والضمير بلفظ الجمع يعنى الجمع فى قوله: © ولو أن لكل نفس ظلمت #. وإن الله يقضى بينهم بالقسطء أى بالحق الذى يوزن فيه بميزان دقيق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وهم لا يظلمون» أى لا ينقصون شيئا لآنهم يحاكمون أمام الحكم العدل اللطيف الخبير. إن البعث وما بعده من حساب هو فى قدرة الله؛ لأنه مالك الوجود بما فيه ومن فيه. 0# تفسير سورة يونس لل الل جوج يي « ألا إن لله مافي السّموات والأرض ألا إِنّ وعد اللّه حق ولكن أكثرهم لا يعلمون 62 4 ٠ ١‏ «ألا» للتنببيه إلى عظم ما يجيئ بعدها لدلالته على القدرة القاهرة والسلطان الظاهر. ' ظ إن للّه ما في السّموات والأرض 4 من نجوم ذات أبراج» وأرض ذات جبال» ومعادن» وأحياء وغير ذلك» وأن من يملك شيئا يحكمه ويكون فى قبضة يده ينظمه بحكمته وعدالته» وأنه يبدأ الخلق ثم يعيده وإن الحساب أمر ثابت» وإن الله لا يخلف الميعاد» وإن موعذده حق لا يقبل التخلف. وفى الكلام إخبار مؤكد من الله تعالى أن وعده حق» فقال سبحانه بعد بيان ملكيته المطلقة للكون وما فيه > 6م تس دما ل : وقدرته: إن وعد الله حق © وهذا تأكيد من الله تعالى مؤكد بإضافته الى الله تعالى العلى الأعلى . ولكن أكثرهم لا يعلّمون 4: الاستدراك هنا لمخالفة المخالفين بعد تأكد الخبر من فم الأمين الصادق ومن الله تعالى» وذلك يوجب التصديق والإذعان والإيمان وحكم على الكثرة لا على الجمسيع ؛ لآن الذين لا يعلمون الحق وأحذوا بالمادة هم الأكثرون كقوله تعالى: ا وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل اللّه. . .059 4 [الأنعام] . ولقد قرب الله تعالى البعث بأمر يرونه كل يوم» فقال تعالى : هو يحبي ويميت وإليه ترجعون 65 > . الضمير فى كلمة هو يعود إلى لفظ الجلالة مالك السموات والأرض والمدبر لهما «و يحيي ويميت # يخلق من الميت حياء ويخرج من النواة الجامدة حبا نامياء يأتى بالزرع حبه متراكب ثم يصير غثاء أحوى فيكون فى ذلك حطامء ويميت الإنسان فيصير تراباء وهكذا المشل المستمر فى الوجود بين إحياء وإفناء» ا تفسير سورة يونس الال للللل الل ااال نالل بيلجبل بيه تي ثم يبين سبحانه النتيجة منذرا 9 وإِلّيه ترجعون» أى أن الرجوع إليه وحده لا محالة» وإن جزاء الإحسان إحساناء وأما الإساءة فعاقبتها عذاب يوم عظيم والله يتولى كل شىء. شرع الله رحمة وشماء يقول تعالى : يي صم اسن ِو وو و 2 ساو م 2 رار ل ور سس م اأإخيرء 4 مَنَرَيحم وشفاء لمافى الصدوروهدى وحم لِلمَؤْمِنِينَ وي ل سرود ل ا مش ما جور ذء سام ويا قل يفض ل الله ويرحمةوفنإك فليمرحوأ هوخايره كش مه وايء لير وسلد ب 1 ده ساو ل طيخ وسروع ‏ ساد سل م ومس ل د مجمعون 0 قلأرء يشم مآ نز لاله لحم : . رري سل ل ا 000 ا ل ل وه فَجع لش مضه حراما وحلدلا قل ءَآللّهُ أذرت لج مع لاله النداء للناس جميعا عربا كانوا أم عجما؛ لأن شريعة الله للناس كافة كما قال سبحانه: «[ وما أَرسلْناك إلا كافَة للئّاس بشيرا وتذيرا ... 62 » [سبا]. ولذا كان النداء بالبعيد لقوله تعالى: 9 يا أيها الئاس 4 . تبين هذه الآية أن ما جاء به يكل قد اجتمعت فيه عناصر أربعة هى أقسام 1# تفسيرسورة يونس ل 000 ١ 3 القسم الأول الدعوة إلى كل خير والإبعاد عن الشر والزجرء وضرب الأمثال فى القصص القراآنى الحكيم» والتربية النفسية بالعظة والاعتبار» كما قال تعالى : < لَقَد كَانَ في قَصصهم عبرةٌ لأولي الألبَاب .... 059 4 [يوسف]. ونسب سبحانه الموعظة إلى نفسه فقال: لمن رَبَكُم 4 وذكر الرب فى هذا المقام إشعار بأنها فى التربية الربانية الحكيمة لمن اتعظ واعتبر وأدرك وفقهت نفسه إلى الحقائق ووعاها. القسم الثانى ‏ أنه ما اشتمل عليه القرآن أنه شفاء لما فى الصدورء كما قال تعالى : ا وَسْفَاء لَمَا في الصّدورٍ» فإذا كانت الموعظة تقتضى واجبا إيجابيا هو تربية وتهذيب وإنشاء» فالشفاء كشف وإزالة لأدران الأمراض النفسية من حسد وحقد وتباغض وتنازع وخوف تبتدئ فى الصدور وتنتهى إلى أن تكون أسقاما فى المجتمع البشرى تفسد بناءه وتقوضهء وكل هذا داء يحتاج إلى دواء» وفى القرآن الكريم ذلك الدواء الذى يكون به الشفاء. القسم الثالث ‏ هو الهداية فقال سبحانه: 8 وهدى» أى أن فيه الهداية إلى الطريق المستقيم؛ وهو صراط الذين أنعم الله عليهم فسلكوا الطريق الأقوم وبعدوا عن الشرك والضلال والاعوجاج» وساروا على هدى من الله استقامت. به قلوبهم وألسنتهم وكان منهم المجتمع الكامل القويم للا عوج فيه ولا التواء عن القصد السوى. القسم الرابع - « وَرَحَمَة لَلْموْمنِينَ4 هو ما فى القرآن الكريم من رحمة» والرحمة هنا هى الشريعة المنظمة لمجتمع المؤمنين الذى يأخذ بها كل ذى حق حقهء ويرتدع بها الظالم» ففى شرائعها الإيجابية رحمة بالناس وكل نظمها رحمة وفى شرائعها الناهية رحمة؛ لأنها تنقية من الفساد ودفع لظلم الآحاد» وإذا كان الظلم شقاء فدفعه رحمة وسعادة» وإن العقوبات الزاجرة التى شرعها الكتاب الحكيم رحمة»ء وإنه من الرحمة أن يؤخذ المجرمون بجرائمهم» وقد قال كككلْةِ:ْ «من لا # تفسيرسورة يونس كالبلل حب ا يَرْحَم لا م090 ودفع الظلم والقتصاص رحمة؛ ولذا قال تعالى: 9 ولكم في القصاص حيّاة يا أولي الألباب ... 5 4 [البقرة]. يديع اداء العشدين رجسة وذلك من قوله تصال. : 9 ... ولولا دفع الله الئاس بعضهم ببعض لَفَسّدت الأرض ... 629 > [البقرة]. وإن الموعظة والشفاء والهدى والرحمة للمؤمنين ين؛ لآنهم يتعظون بمواعظه ويستشفون بشفائه ويهتدون بهدايته وتنالهم رحمته . قال البيضاوى فى مغزى هذه الآية: «قد جاء كتاب جامع للحكمة العملية الكاشفة عن محاسن الأعمال ومقابحهاء المرغبة فى المحاسن والزاجرة عن المقابح ) والحكمة النظرية التى هى شفاء لما فى الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد وهدى إلى الحق واليقين ورحمة للمؤمنين» حيث أنزلت عليهم ‏ نجوا بها من ظلمات درجات الحئان». إن من فضل الله على عباده نزول القرآن الكريم المشتمل على هذا الفضل العظيم الذى يقول فيه سبحانه: تقل بفضل الله وبرحمته فَبِذَلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون 27 4 . أمر الله نبيه يِلِ أن يقول: ! بفضل الله وبرحمته 4 أى أن هذا القرآن الذى نزل جامعا للموعظة اللمبينة وشفاء القلوب وهدايتهاء والشريعة هى من فضل الله على خلقه الذى يختص بها من يشاءء وبرحمته على عباده الذين أنقذهم من حرف الجر (الباء)؛ لبيان أن كليهما مراد الله تعالى من تنزيل الكتاب» ثم يبين سبحانه أن هذا القرآن بما فيه هو أساس للسعادة والسرور والفرح لقوله تعالى: )١(‏ متفق عليه» وقد سبق تخريجه. 0# تفسير سورة يونس ااال لج .هر يي «فبدلك فَليفرحوا 4 والفاء الثانية واقعة فى جواب الشرط المقدر المطوى فى قوله تعالى: ‏ فبذلك » أى فإن ذلك النزول إذا كان من فضل الله ورحمته فليفرحواء وتكررت «الباء») لتأكيد أن ذلك الفضل وتلك الرحمة من أسباب الفرحة وهو يزيد على كل خير الدنيا؛ ولذلك قال تعالى: هو خَير مَمَا يجَمَعُود4 الضمير فى هر 4 يعود إلى القرآن بما فيه من موعظة وهداية وشفاء لأسقام القلوب» «خير مما يجَمعُونَ » أى من أموال ورخاء فى الدنيا وأسباب القوة وغير ذلك مما هم حريصون على جمعه راغبين فيه» فإنه إن كان يفرح زمنا فإنه يكون وبالا على صاحيبه» والمفاضلة هنا هى بين منافع مادية عاجلة ومنافع روحية» وكلمة خير تدل على أنه بلغ أعلى الدرجات عن هذا الذى يجمعونه. إن الشريعة الرحيمة التى تشمل الحلال والحرام يخرج الكافرون عن نطاقها ولهذا قال تعالى: 9 قل أرأيتم ما أنزل الله لَكم من رَزْق فَجَعَلتم منه حرامًا وحلالاً قل آللّه أذن لكم أم على الله تفترون 63 6 . أمر الله تعالى نبيه كَلِْهٌ أن يسألهم عن الرزق الذى أنزل إليهم إذ يجعلونه حراما وحلالا من غير أمر إلهى يحل لهم ويحرم. وقد بين الله تعالى فى الآية السابقة كيف هداهم وأرشدهم» وفى هذه الآية الكريمة كيف يتلقون رحمة الله إذا انحرفت نفوسهم بالشرك . «أرأيتم 4 استفهام إنكارى والإنكار منصب على الرؤية وما بعدها من جعلهم بعضه حراما وبعضه حلالاء والاستفهام الإنكارى هنا إنكار للواقع» أى بمعنى التوبيخ فالله تعالى يوبخهم على أن جعلوا منه حراما وحلالا. وكلمة «أنزل 4 معناها خلق وأنشاء وعبر بالنزول باعتبار أن الرزق رحمة نازلة من الله تعالى» أنزل سبحانه من السماء مطرا أنبت به من ثمرات كل شىء مما يأكل الناس والأنعام وهو بمقتضى أصل الخلق والتكوين حلال بالإباحة الأصلية 0# تفسيرسورة يونس تابمللا يبز في الثابنة» يقول تعالى: «إ هو الذي حَلق لَكُم ما في الأرْض جَميعًا. . . 69 4 [البقرة] إلا ما كان من الخبائث التى حرمها الله تعالى» ويقول سبحانه: «( وَجَعَلُوا للّه مما َرَاً من الْحَرَث والأنعَام تصيبًا فَقَالُوا ها للّه برّعمهم وَهذا لشركائنا ... 029 »> [الأنعام] . وحرموا السائبة والوصيلة وا حام وغير ذلك كفرا بالنعمة وشركا بالله وعبثا بر حمته . فجعلتم منه حراما وحلالا 4 أى صيرتم منه حراما على أنفسكم» ولم يكن كذلك بل كان حلالا بمقتضى أن الله لم يحرمه. ثم أمر الله تعالى نبيه مله أن يسألهم «قل الله أذن لكم أم على الله تفترون 24 وهنا الاستفهام داخل على لفظ الحلالة وموضوعه الإذن وهو فاعل لفعل محذوف دل عليه «أذن» بعد ذلك» كالشرط إذا دخل على الاسم كما فى قوله: 8إِذَا السَّمَاء انشقّت 40 [الانشقاق]. الاستفهام إنكارى لإنكار الوقوع مع التوبيخ لهذا التحريم» و« أم 4 التالية للإوضراب عن الاستفهام السابق ؛ لأن المستفهم عنه منفى وقوعه» فهو انتقّال من الاستفهام الإنكارى النافى إلى استفهام توبيخى ناف للواقع» فقد حكم سبحانه مع التعجب التوبيخى بنفى أن يكون ذلك بإذن الله» والاستفهام محص للتوبيخ على ما وقع منهم» وهو الافتراء على الله تعالى : وأبعلى اللوشررة 4 وقدم قوله تعالى : «إعلى الله للتخصيص للتخصيص ٠»‏ أى أنتم بهذا تفترون على الله لا على غيره» وأى فساد فى التفكير أن يكون افتراؤهم على الله خالقهم وخالق الوجود كله وأنهم يعترفون بالخالق وأنه لا شريك له فى خلقه ولكن يعبدون الأحجار لتكون شافعة عنده» فكانوا سخفاء فى شركهم وفى تبريره. تعالى الله عما يشركون. 0# تفسير سورة يونس الالالال 0 بلجل به يي بعد أن أكد سبحانه أنهم يفترون سألهم عما يتوقعه الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة. وما طن اْدين يترون على الله اذب يوم القيامة إناللهِ ُو فض علَى النّاس ولكن أكترهم لا يشكروت © 4 . الظن هنا هو التوقع اللمبنى على الظن الذى اختاروه لأنفسهم سبيلا بدل أن يتحروا مستيقنين» والاستفهام توبيخى إنكارى وطلب لأن يفكروا فيما يتوقعون يوم القيامة؛ هل يتوقعون مع افترائهم على الله أن يدخلوا جنات النعيم؟ أم يتوقعون جزاء وفاقا لما صنعوا فى جنب الله تعالى من عصيان وتمرد على أوامرة. بل إنهم ساروا فى عصيانهم إلى أبعد أنواع الضلال فافتروا على الله فى الحلال والحرام» فحرموا على أنفسهم نعمه ونسبوا التحريم إليهء وحللوا ماحرم الله وافتروا كما كانوا يفعلون من الطواف عرايا. وقد بين سبحانه أنه أنعم عليهم» وهم الذين غيروا وبدلوا وحرموا طيبات أحلت لهم ولم يشكروا بالطاعة والحمد على ما تفضل به عليهم سبحانه» فقال تعالت كلماته: إن الله لذو فض ل عَلَى النّاس ولكن أَكْثْرَهم لا يشكرون 4 فى قوله تعالى تأكيد لفضله بإن4 المؤكدة وبالجملة الاسمية» وبأن الفضل يصحب كل تصريفه لأمور العباد تعالى» : فقال سبحانه : (لأو فصل مر مؤكّدا ذلك باللام. يشكروا فاستدرك سبحانه على هذه النعيجة امنطقية وقرر أن أكشرهم عدلوا عنها وانحرفوا عن مسلكها إلى الضلال فكانوا لا يشكرون وجحدواء وكان التعبير بالمضارع؛ لدوام عدم شكرهم وتكرر جحودهم وتجدده آنا بعد آن. 0 تفسير سورة يونس 2 ا ااالللللمو الالال . ١ الا‎ 7 تي الله تعالى رقيب على العباد قال تعالى: الم #ر سس و0 وَمَاتَكوْنُف سَأَنِوَمَا مَانتلُوأْمِنّهُ من فَرْءَانِ انهل لاحك ايك شهوداإِذْ تُفِيصُونَ ل ال ني فِيدِوَمَايسَرُبُ عن رَيِكَ مِن مُثْقَالِدَ دَرَقَفٍ] َرْضِولائي لْسَماء ولأ صَعَرَمِن دإ كرك إٍ إلافى لفكتت مين( ل إن أكثر الناس لا يشكرون نعمة الله ويكفرونهاء وإذ يدعوهم النبى كَل يناله أذاهم واستهزاؤهم والتعذيب لبعض أتباعه ومقاومة الدعوة وفتنة من يتبعونها من الضعفاء وغيرهم» واللّه تعالى يبين علمه بذلك وإمهاله لهم رجاء إجابتهم . «ومًا تَكُون في شأن) الشأن هو القصد وال حال من قولهم شأنت شأنه. أى قصدت قصده. والله تعالى يعلم أحوال النبى كَلِيْةٌ ومقاصده وما يقوله من إرشاد وتوجيه وبيان لحججه. والله سبحانه عليم بجهاده فى دعوته إلى ربه وما تتلو منه من قرآن 4 أى ما تتلوه عليهم من أجل هذا الشأنء ولتحقيق الرسالة فى القرآن فالضمير فى قوله تعالى: 9 وما تَتلُو منه 4 يعود على الشأن» أى ما تتلو من أجله عليهم فى بيان هذا الشأن لتكذيبهمء فتتحداهم لإثبات الحق كالآيات التى يتحداهم فيها أن يأتوا بمثله . «ولا تَعملُونَ من عمل ِل كنا عليَكُم شهودا 4 التفت الخطاب الكريم إلى الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم» كما هو شأن الخطاب فى قوله تعالى: «يَا أَيْهَا النّاس ... 69 4 [البقرة]» وكان هذا الخطاب العام للناس لبيان علمه سبحاته بكل ما يعملون» وفى ذلك إنذار وتبشير 8 وما تَكُونْ في شأ وما تَعلُو منه من قُرَآن ولا تَعَملُونَ من عمل إلا كنا عليكم شهودا 4. م4 نافية وكلمة إإلاّ4 للاستثناء من ا تفسيرسهورة يونس لللللل الل الوا ههه : يي النفى» أى ما كان عمل النبى معهم ولا عملهم معه إلا كنا عليه شهوداء ضمير المتكلم لله سبحانه» وجاء بضمير الجماعة تعظيما وإجلالاء وجاء هكذا لمناسبة ضمير الجماعة فى :ل كنا 4 ؛ ولآن «شهودا»4 تتضمن تعدد الشهادة بعدد حوادثهاء فالله تعالى يعلم علم المشاهدة والمعاينة لكل واقعة وكأنه شاهد عليهاء وبتعدد الحوادث يتعدد العلم بالمشاهدة» وكان علمه سبحانه ‏ وله المثل الأعلى - علم شهود. والشهادة تتضمن هنا معنى المراقبة والإحصاء والتتبع والاستقراءء ولذا قال تعالى فى بيان أنه يعلم كل شأن وكل عمل فى وقت وقوعه «إإذْ تفيضون فيه 4 أفاض بمعنى اندفع واسترسل» والضمير فى كلمة طإفيه 4 يعود إلى كلمة عمل » أى لا تعملون عملاء ويشمل العمل القول» إلا يعلمه سبحانه وقت أن تندفعوا فيه مسترسلين سواء كان خيرا أم كان شراء دق أو جل؛ ولذا قال سبحانه فى بيان علمه لكل شىء مهما صغر: « وما يعزب عن رَبك من مَعْقَال ذَرَةِ في الأرض ولا في السّماء ولا أصغْر من ذَلك ولا أَكْبَر إلا في كتاب مبين 4 , ف يعزب 4 أى يغيب فالمعنى أنه لا يغيب ولا يبعد فهو حاضر دائما مهيأ عند الحسات» مثقال ذرّة 4 أى وزن ذرة وهى أصغر جزء لفتات الأشياء» وقد أثبت العلم أن بالذرة نواة ذات ثقل والله تعالى أعلم بما فيهاء وقال العلماء: إن فى قوتها مجتمعة ومنفردة دليل لقدرة المنشئ لكل شىء فى الوجود الفاعل المريد المختار. ثم يقول سبحانه فى بيان عموم علمه: ولا أصغر من ذلك ولا أكبر 4 كلمة إلا هنا هى تأكيد للنفى فى «إما يزب » وكل هذا مكتوب فى كتاب مبين» أى بِيّن واضح يبرز يوم القيامة منشورا معلما كل ما فيه» ولقد ذكر سبحانه عموم علمه بالأشياء ‏ وعنده مفاتح الغيب لا يَعلّمها إلا هو ويعلم ما في الْبَروَالْبْحرِ وما تسقط... ودفةإيهَ ولاح ف ظلمات الأو ولاوطبٍ ولاس إل في كاب شي 9© 4 [الانعام] . ظ تفسير سورة يونس لال اا الل اللا جل بز بي م يقول سبحانه: 9 ...لا يعزب عنه مثقال ذرّة في | لسّموات ولا في الأرض * [سباً]. وقد تساءل الزمخشرى عن تقديم السموات على الأرض فى هذه الآية؛ لأنه سبحانه قدم الأرض فى الآية من سورة يونس» فقال الزمخشرى: «من حق السماء أن تقدم على الأرض» ولكنه سبحانه لما ذكر شهادته على شئون أهل الأرض وأحوالهم وأعمالهم فلزم تقديم الأرض» وفوق ذلك أن التكليف والحساب والإنذار والتبشير على أهل الأرض ولا يعرف لأهل السماء إلا فى علم التكليف» ولأن الأرض خلق منها الذين يحاسبون وإليها يعودون والله تعالى عليم بكل ما فى الوجود) . أولياء الله دس لسعم سه م رعر مهد بح ده ير ساح سار ألالاث ولي لله لاحو ف عليّهم ولاهم يحْرَنوت آله م 29 ءا مَنواءَك ينفو 5 له . صع سما صالاءم م فِالْحَي دياوف الآَْرَلَايدِيلَ مدا 4 ور صود_ وم رمدو ِ ذلك هوالْفوْر الْعظِيم © وَلَايحْرْنكت ا الِْرَّمَيلَه جبِعَاهَْالتَوي ليذ © ذكر سبحانه وتعالى أنه ناصر أولياءه» وأن مآلهم النعيم لاا يخافون ولا يحزنون: « ألا إن أَوْليَاء الله لا خوف عَلَيِهِم ولا هم يَحَرَنونَ 9 الّذين آمنوا وكانوا يتَقَرِنَ 69 4 . ولى الله هو المحب لله المطيع لأوامره المجتنب نواهيه» ويكون الله تعالى فى قلبه دائماء لا يتحرك إلا فى حب الله رجاء رضاه أولاء ورحمته ثانياء واتقاء 8# تفسيرسورة يونس اللللاللللللاال ااا اللا «لجل اه 2 عذابه ثالثشاء وإن المشركين الكافرين كانوا يعادونهم ويستكبرون عليهم فبين الله تعالى أنهم إذا كانوا فقدوا ولاء الكافرين فقد استبدلوه بأن الله مولاهم» وأولياء الله يتحابون فيما بينهم ولا يوادون من يحادد الله ورسوله» كما جاء فى قوله تعالى : الا تجد قَوما يؤمنوت باللّه واليّوم الآخر يوادون من حَادٌ اللّهِ ورسولَه ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخواتهم أو عشيرتهم .. . 69 4 [المجادلة] . لا خوف عليهِم ولاهم يَحَرَنون 4 لا خوف عليهم من عذاب يترقبونه ولا هم يحزنون لخير فاتهم» وأكد نفى الحزن عنهم؛ لأن قلوبهم عامرة بالله سبحانه الّذِينَ آمنوا وكانوا يتَقَونَ 457 آمنوا بالله حق الإيمان يعبدونه كأنهم يرونه فإن لم يكونوا يرونه يحسون فى عبادتهم كأنهم فى حضرته العلية سبحانه» وهذا هو الإحسانء» كما قال يك «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)37 . وكانوا يتَقُونَ 4 أى يخافون غضب الله تعالى ويتقون عذابه. وإنهم إذ يؤمنون ذلك الإيمان ويحسئون ويتقون الله حق تقاته» تكون قلوبهم عامرة بذكر الله تعالى فلا يخافون من مستقبلهم» وقد فوضوا أمورهم لله تعالى وتوكلوا عليه سبحانه حق توكله بعد أخذهم بالأسباب» وتركوا لله تعالى مؤمنين أن يوفق ويربط الأسباب بمسبباتها. وهنا عبارتان لهما مغزاهما: العبارة الأولى - قوله تعالى: إلا خوف عَلَيِهِم ولا هم يحزنون» أى أنهم يرجون ما يرجوه المؤمن من ربه فالله تعالى يلقى فى قلوبهم الاطمتنان إلى المستقبل» وفى قوله تعالى: 9 ولا هم يحزنون © تأكيد لعدم الحزن: أولا: بتكرار كلمة «إلا» النافية» فإنها مؤكدة للنفى المذكور فى لا خوف عليهم 4. #ا تفسير سورة يونس 0 اللللل لا لاا اللللللل ااال الولو ماللا اا :2 يب ثانيا: بذكر الضمير هم فذلك مؤكد من مؤكدات الحكم. ثالثا: فى التعبير بالمضارع الذى يصور الاستمرار فإنهم لا يداخلهم الحزن؛ لأن قلوبهم عامرة دائما بذكر الله فامتلآت طمأنينة» والاطمئنان يطرد الحزن كقوله تعالى : 9 .. .ألا بذكر الله تطمكن الْقَلُوب 629 4 [الرعد]. . العبارة الثانية - قوله تعالى: 9 وكانوا يتَقَودَ»ُ وفيه جمع بين الماضى والمضارع . الماضى فى 2 كَانوا 4 والمضارع فى يتَقون 24 وهذا يفيد استمرار التقوى» قلوبهم ممتلئة دائما بخشية الله تعالى» وهم بذلك يستصغرون أعمالهم بجوار حق الله ويشعرون أنهم لم يؤدوا حق الله فيرجون رحمته ويخافون عذابه» وذلك مقام الصديقين القريبين من الله دائما. عن عمر رضى الله عنه عن رسول الله يد أنه قال: إن لله عبادا ماهم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله قيل : يا رسول الله أخبرنا من همء وما أعمالهم؟ قال: هم قوم تحابوا فى الله من غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونهاء فوالله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس(١2)‏ ثم قرأ الآية: «ألا إن أَولياء اللّه لا خوف عَلَيِهِم ولا هم يَحَرَنُونَ 69 الّذين آمنوا وكانوا يَتَقُونَ 0 لهم البشرئ في الحياة النيا وفي الآخرة 6 . وقبل أن نترك الكلام فى معنى الولاية وقد عرفها سبحانه بأنها الإيمان الخالص والإحسان الكامل وامتلاء النفس بالتقوى» لابد أن نتكلم حول خوارق للعادات» يقولون أنها تجرى على أيدى من يسمونهم أولياء» وبعض علماء الكلام يقولون: إنها تسمى كرامة» وذلك خلاف لما جاء على يد الرسل وسميت 5 . أخرجه أحمد: باقى مسئد الأنصار مسند أبى مالك الأشعرى رضى الله عنه (51789؟5؟)‎ )١( 0# تفسيرسورة يونس ااال «(زلجمل با 7 ويذهب البعض إلى وجوب الإيمان بكرامة الأولياء» ونحن نقول: لا نزيد سحرا فليسر بما رأى» ومن لم ير شيئا من ذلك فليس عليه أن يؤمن بما لم يكلفه الله تعالى الإيمان به. وقد ذكر سبحانه ما ينال أولياء الله تعالى من خير بقوله: «لَهُم الشرئ في الْحَيَاة الدنْيا وفى الآخرة لا تَبّدِيلَ لكَلمّات الله فلك هُوَ الْفَورُ العظيم 62 4 . فى أنفسهمء وقد حكم الله تعالى لهم بالبشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة» وذلك وعد حق. ولذا قال سبحانه: «لا تبديل لكلمّات الله 4 وهى ما قرره سبحانه من عذاب ونعيم وبعث ونشور فهى لا خلاف فيها ولا تبديل لكلمات الله الأزلية الباقية ومن ذا الذى يبدل أو يغير فى كلمات الله التى كتبها لعباده المتقين. والبشرى فى الحياة الدنيا تكون بما ذكره الله لعباده المتقين فى كتابه الكريمٍ وسنه نبيه كَل كقوله تعالى: « إن الْدين قَالُوا ربنا اللّهِ ثم اسعقاموا تسل عَلَيِهم الملائكة ألا تَحَافُوا ولا تحزنوا وأبشروا بِالْجنّة التي كم توعدون 60 تحن أُولياؤكُم في الْحيَاة الدنيا وفي الآخرة ولَكم فيها ما تَشتهي أنفسكم وَلَكُم فيها ما تَدَعونَ 9© 4 [فصلت]. وقد روى عن النبى كَللِِةِ أنه قال: «إن البشرى هى الرؤيا الصادقة تبشره بالخير27, وروى أن البشرى تكون الثناء على عمله والرضا بما يفعل. روى عن )١(‏ رواه البخارى بنحو عن أبى هريرة رضى الله عنه: التعبير - المبشرات (-599). كما رواه مسلم: الصلاة - النهى عن قراءة القرآن فى الركوع (479)» والنسائى: التطبيق »)٠١540(‏ وأبو داود: الصلاة (810/5)» وابن ماجة : تعبير الرؤيا (2)7899 وأحمد: مسند بنى هاشم .)5١5(‏ والدارمى: الصلاة .)١7560(‏ .4 تفسير سورة يونس للا ااال ااالاا1االاالللا0ا0للم رب ا أبى ذر أنه قيل: يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل يحمده الناس ويثنون عليه» فقال يكِهِ: «تلك عاجل بشرى المؤمن272. إن المؤمنين الصافية نفوسهم والذين أخلصوا وجوههم لله تعالى تميل إل قلوب المخلصين» وكان بعض الأعراب يؤمنون بمجرد رؤيتهم لوجه النبى يك رآء مرة أعرابى فسأله: أأنت الذى تقول قريش أنك كذاب» ما هذا بوجه كذاب ثم أسلم. ذلك صفاء النفس المحمدية بدا نورا فى وجهه فآمن الأعرابى وأما بشرى الخيدة فى لماء الللائكة لهم بابلشرى» 0 6 هه [الآنبياء]. كما يقول سبحانه : « يوم ترى الْمؤميين واْمؤمنات يسعئ نورهم بين أيديهم وبأيمَانهم بشراكم الوم جنات تجري من تحتها الأنهار رَخَالدينَ فيها ذلك هو الفوز العظيم 05+ [الحديد]. وإذا كان انبى 55 ولى الله وهو أدل الأولياء وهاديهم فلا يلتنت إلى قول 500 40 37 ولا يرك ره هذا نه له يل حتى لا يلى بهم ولا يأب أو حزن لا يقولون من تكذيب وتهديد ومن استهزاء وسخرية ومعاندة وإصرار على الكفر وطلبهم لعشيرته أن يسلموه لهم ليقتلوه» والنهى عن الحزن نهى عن الاستسلام له والانشغال به بل يستمر فى دعوته» فالله عاصمه من الناس» وقد علل ذلك النهى ما يبين أن الخلب فى النهاية له» فقال إن الْعرَة لله جميعا4. وهذا استئئاف فى مقام التعليل للنهى السابق» والعزة هى الغلبة والسلطان وجميعها لله تعالى فلا عزة (1) هذا لفظ أحمد: مسئد الأنصار 99م »2٠‏ والحديث رواه مسلم: البر والصلة - إذا أثنى على الصالح فهى بشرى لا تضره (55155) عن أبى ذر رضى الله عنه . 1# تفسير سورة يونس اللللإلإلائئتتتتااااالللللللا ااا اللو00ااالللل00ال0 كا : - لهم وإن استكبروا واستعلوا بالباطل وحاولوا إيذاء النبى ومن معه» ولم يذكر عزة للنبى يِه لأن عزته سبحانه وتعالى هى عزة للنبى َلٌَِ إذ هو وليه والله ناصره إذ يدعو؛ إلى سبيله ويناله ما يئاله بسبب دعوته إلى الله ووحدانيته وجعل كلمة الله هى العليا وكلمة الكفر هى السفلى . وقد طمآن الله نبيه» وهدد معانديه بقوله تعالى فى خختام الآية: 8 هو السّميع العليم 4 . والضمير يعود إلى لفظ الجلالة وهذان وصفانء» يؤكدان أولا- عزة الله تعالى وأنه وحده هو العزيز الغالب؛ لأنه سميعء أى عالم علم من يسمع» عليم بكل أحوالهم ما خفى منها وما ظهر ومن كان كذلك فهو العزيز وحده»ء ثانيا- إنذار لهؤلاء المستهزئين بعاقبة ما يقولون؛ لآنه يحاسبهم على ما يقولون ويستهزئون والله هو الولى وهو الناصر القادر على كل شىء. اللك هو الخالق وحده يقول تعالى: أ أ ا اه ألاإارك! | ١ ١ 000 م آ ره مَنْفألسَّمَوَتِ وَمَن ف الَأرْضٍ ومابشيع| دي وملا يدعو من دوب نض أله شرحكاء إنيببَعرب! 8 م رم هم خرصو ذا ه وار جعللك ال لتس ناه ينتيدف كله بت لَمَوَوِ مَنْمَعُوت 57 مَانُوائكزَأَسَدُوَلَرا بدك سبحدكة مالي ماف السََمَوَتٍ وَمَاف الْأَرْضٍ 8# تفسير سورة يونس ااال ااا الل ٠١ ااا‎ بي «ألا» للتنبيه إلى ما يقوله سبحانه وما يمكن أن يكون دليلا على قدرته القاهرة الموجبة لعبادته وحدهء والأمر الجدير بالتنبيه أنه سبحانه وتعالى له من فى السموات ومن فى الأرضء» وكلمة #من» للعقلاء» أى أن الله تعالى يملك العقلاء فى السموات والأرض من ملائكة وجن وإنس» وإن كان يملكهم فهم عبيدهء كما قال تعالى: 9 أن يسْسكف الْمَسيحَ أن يَكُونَ عَبَدا لله ولا الْمَلائكَة المقربون ... 4699 [النساء] وكقوله تعالى: إن كل من في السّموات والأرض إلا آتي الرّحْمَنِ عَبّدا 69 4 [مريم]» وإذا كان هؤلاء لحكم الملكية عبيدا فغير العقلاء مثل الأحجار والأبقار أولى بأن يكونوا عبيدا؛ إذ للعقلاء حرية وإرادة واختيار وعقول وفكر ومع ذلك هم عبيد الله بحكم أنه خلقهم وملكهم فليس بجائز أن يكون معبود غير الله تعالى؛ ولذلك قال سبحانه: وما يتَبِع الّذِينَ يدعون من دون اللّه شركاء 4 ومؤدى النص الكريم أن الذين يدعونهم» أى يعبدونهم على أنهم شركاء لله تعالى ليسوا شركاء لله تعالى فى شىء من الشركة التى تقتضى أن للشريك ملكا وأن الشريك نظير لشريكه» وكيف تتحقق هذه الشركة بين خالق كل شىء وبين حجر لا يضر ولا ينفع» أو بين عبد من عباده هو سبحانه خالقه ومالكهء وكلمة 5إما» نافية» أى لا يتبع الذين يعبدون غير الله شركاء لله تعالى» وكلمة من 4 بمعنى بدلء وذلك إذ إنهم أشركوا عبادة غير الله مع الله فقد كفروا بالله ولم يعبدوه. 1# تفسير سورة يونس الللإملا اللو ااالللللل الل 1 ااا‎ ١ يى‎ فالشركة منفية بلا ريب» ولا حقيقة لهاء فإذا كانت غير موجودة فلا يصح أن يقولها من يعرف أن الله وحده هو خالق السموات والأرض. أشار سبحانه إلى أن أوهامهم وظنونهم هى التى زينت لهم أن يجعلوا شركاء» ولذا قال تعالى: ف إن يتبعون إلا ال ون هم إلا يَخرصون 4 إن » هنا نافية» فهم لا يتبعون إلا الظن وليس الظن هو العلم الراجح وإنما هو الأوهام والهواجس تتوهمها عقولهم ثم تلج فيها وتستولى عليها بحكم التزيين» حتى تكون كالظن بل حتى تكون كالعلم فى عقولهم التى عششت فيها الأوهام وأيقنت بهاء فيقول سبحانه: « رإن هم إلا يَخْرْصوتَ 24 أى يتوهمون ثم يظنون ثم يعتقدون وما لهم من حجة ولا دليل» لم أكد سبحانه عموم خلقه قهو لم يخلق العقلاء وحدهم بل خلق الوجود كله. يقول تعالى: ط هو الذي جَعل لَكُم اليل لتسكنوا فيه وَالنّهَار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يُسمَعون 69 4 . أنعم الله تعالى على خلقه العقلاء بنعمتى الليل والنهار» ليل ليسكنوا فيه ويقروا مع أهليهم وذرياتهم قرة أعينهم وليطمئنواء وجعل النهار مبصرا ليعملوا فى الأرض يعمروها ويصلحوهاء وفى قوله تعالى: «وَالنَهَارَ مبصرا» مجاز لآن الممصر هو الحى الذى رزق نعمة البصر ووصف به الزمان للمبالغة فى وصف نوره وضياهء وفى هذا إشارة إلى أصل خلق الكون؛ فاختلاف الليل والنهار حال موقع الشمس من الأرضء وذكر هذا فيه دلالة بالاقتضاء على نعمة الله فى خلق الكون كله من السماء ببروجها والأرض برواسيها ومهادها وآكامها وطبقات معادنها وأطيارها وأسماكها وكل ما فيها من نعم «إ رن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها 409 [النحل]ء وأن الكون كله وما فيه من آيات تدل على أنه الواحد الأحد وأنه لا معبود سواه؛ لأنه الإله وحدهء وأن ما يسمونه لهم عبادة ليس بعبادة إنما هى أوهام سيطرت عليهم خضعدما لها ولأهوائهم» ولذلك قال تعالى: «إ إن في ذلك لآيات لَقَومِ يَسَمَعُونَ »4 إشارة إلى الدلائل البينة الواضحة لخلق الليل والنهار 4 8# تفسير سورة يونس انلمع ممم ممم عام !!!ااا خخخ لماخ ع 4144 1خ 44414144 4غ غ ع خخخ 14خ 1غ 1 1غ 1خ لخم مغ 1خ أ الأ لاللا!!!اا ألا ااال لمخم لالت تتلا لكك < يي لقوم يسمعون الحق ويستجيبون له ويهتدون به» وكأن الله تعالى ينفى السماع عمن يسمعون ولا يفقهون. كقوله تعالى: «9 ... ولّهم أعين لا يبصروت بها ولّهم آذَانْ لا يسمعوت بها ... 659 4 [الأعراف] . ولكن فى هذه الآية ذكر سبحانه السمع دون البصر؛ لأن القرآن يتلى عليهم والآيات تقرع حسهم فلا يعتبرون» فهم لا يسمعون دعاء القرآن لهم بعبادة الله تعالى وحده ولو كانوا يعتبرون بالآيات لسمعوا القرآن واعتبروا به. قَالُوا انَحَدَ الله ولّدا سبحاته هو الْعني لَهُ ما في السَّمّوَات وما في الأرض إن عندكم من سلطا بهذا أَتَقَولُونَ علَى الله ما لا تعلموت 5 4 . إذا كان كل من فى الأرض ملكا لله تعالى وعبيدا له» فالمسيح تملوك لله تعالى؛ لأنه سبحانه خالقه. ومن يستنكف أن يكون عبدا لله تعالى» وإذا كان الوئتيون قد اتخذوا الأحجار آلهة» فإنه لا يقل شركا عنهم من قال إن الله اتخذ ولدا؛ ذلك أن كليهما أشركء والوثنيون لم يمسوا الذات الإلهية وإن كانوا ضلوا ضلالا بعيداء أما من قالوا اتخذ الله ولدا فقد وافقوهم فى الشرك ومسوا الذات العلية . « قَالوا انَحَدَ الله ولّدا »4 لم يبين سبحانه من قال هذاء والنصارى ليسوا وحدهم؛ ذلك لأن الذين قالوه كثيرون ‏ غيرهم ‏ قبلهم» فالبراهمة قالوا: أن كرشنة ابن الله» والبوذيون قالوا: إن بوذا ابن الإله» وعنهم أخذت الأفلاطونية الحديثة» وعن الأخيرة أخذت النصرانية بعد أن بدلت وحرفت عن مواضعها وكذبوا على المسيح عليه السلام. وكل هؤلاء مشركون والفرق بينهم وبين المشركين من العرب» أن مشركى العرب عبدوا الأوثان بعد أن قالوا: إن الله خالق السموات والاأرض واحد فى ذاته وصفاته» وإشراكهم كان فى عبادة غيره معهء أما هؤلاء الذين ادعوا أن الله اتخذ ولدا فإنهم لا ينزّهون ذات الله تعالى ويشركون الولد كما أشرك غيرهم . 1# تفسير سورة يونس لول الل لااالللللاالللللللل0100االللللك ١ كاك‎ يي وفى قوله تعالى: 8 قَانُوا انَحَدَ الله ولّدا 4 تصوير صادق لقولهم فهم يقولون إن الله تعالى أراد أن يكفر عن سيئة آدم التى لحقت الخليقة فأنزل ولده إلى الأرض ليكفر عن خطيئة الخليقة بصلبه فداء عنهم» وقوله تعالى يشير إلى ذلك إشارة بينة واضحة» وإنهم بذلك القول الأحمق الغريب يمسون الذات العلية فيحسبونٍ أن الله يحتاج إلى الولد كما يحتاج البشرء ولذا قال سبحانه ردا لقولهم: سبحاته 24 أى تنزهت ذاته العلية» هو الْعَني 4 إشارة إلى بطلان أقوال هؤلاء الذين لم يقولوا إن الله فاعل مختار» وقد بين سبحانه أن كلامهم ادعاء لا دليل عليه وافتراضات فرضتها الوثنية الرومانية والفلسفة اليونانية» ولذا قال سبحانه: إن عندكم من سَلْطَان بهذا 4 والسلطان هو الحجة؛ والقرآن الكريم يستعمل كلمة السلطان فى معنى الحجة؛ لأن الحجة الباهرة توجد بسلطان من الحق على الباطل» وسلطة الحق أقوى وأبعد من سلطة الطغاة الظالمين وإن كان ذلك مجاز من أبلغ الكلام . وإذا كانوا لا حجة لهم فقد قال تعالى فى قولهم هذا 9 أنه تقُولُونَ علَى الله ما لا تَعلّمون 4 والاستفهام للتوبيخ ورميهم بالجهل أولاء وبالكذب على الله ثانياء وبمخالفتهم لكل منطق وعقل ثالقاء وقد جاء فى قوله تعالى فى نفى الولد: ( وَقَانُوا انُحَدَ الرحمن ولا 52 لق جِنَُم شَيناإِذا 69 نكاد السموات يفطن منه وتدشق الأرض وخر الْجبَال هذا 60 أن دعا للرحمن ولدا 59) وما بغي للرّحمن أن تخد وّدا 69 إن كُل من في السمَوَات والأرض إلا آتي الحم عبدا 59 لق أحصاهم همعد 69 وكُلهُمْ آنه يم القيامة قر 62 © [مريم]. إنهم يقولون على الله ما لا يعلمون ويصفونه بما لا يليق ويفترون على الله تعالى الكذب» وقد ذكر سبحانه عاقبة ذلك فأمر نبيه يلد بالرد. قل إن الّذين يَفعرُونَ على الله الكذب لا يفلحوت 69 4 . أمر الله تعالى نبيه كَككدِ ليبين لهم مغبة من يفترى الكذب فى قولهم اتخذ الله ولداء وأن الأصنام شفعاء لله بقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» تفسير سورة يونس لوو ١ لاا‎ 7 يي | وهم فى ذلك كاذبون» ومعنى يفترون الكذب» أى يقطعون من الكذب قطعا وينسبون إلى الله ما لا برهان به. وما يفوزون به فى الدنيا إنما هو الأمد القصيرء وليس بفوز ما تكون عاقبته عذابا والافتراء يكبر ويكبر المفترى عليه وهؤلاء افتروا على خالق الوجود وهو الله جل جلاله» وأكد سبحانه عدم فلاحهم بكلمة إن 6» والتعبير بالمضارع فى كلمة لا يفلحون يدل على الاستمرار» وإن من شأن الكاذب على الله تعالى ألا يفلح» ولذا قدمت كلمة على الله 4 على كلمة 8 الكذب 4 لبيان شناعة الافتراء وأنه على رب الوجود ومنشئه وباركه . وقد يقول قائل: إننا نرى هؤلاء المفترين الكاذبين ينالون متعا يفوزون بهاء فبين الله تعالى أن ذلك متاع الدنيا وأمدها القصير. يقول تعالى: 8 متَاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم الْعَدَابِ الششّديد بمًا كانوا يكفرون 69 4 . أى أن ما ينالونه فى الدنيا ليس الفوز العظيم الذى يفوز به المتقون ولا الفلاح الذى يناله أهل الحق» وأن من يضحكون قليلا ويبكون كثيرا لا يعدون فائزين» بل متعجلين لأدنى النفع طاردون للمنفعة الباقية بالمنفعة العاجلة» والتذنكير فى كلمة #متاع# للتحقير والتصغير» والتعبير بمتاع يومئ إلى أنه قليل غير جليل» وقد حدد بأنه فى الدنياء ويرتضيه من يقبل الدنيا بدل الآخرة» ومن يطلبها ويطرح وراءها الآخرة. ثم يقول سبحانه فى عاقبة من يكذبون على الله ويتحدون الأنبياء: 8 ثم إِلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ©. كلمة 9 ثم 24 فى موة ا تفسير سورة يونس اولان بلجل بر يي" الله بعد البعث والنشور وقيام الساعة, أما المعنوى فما بين متعة الدنيا الفانية وعذاب الآخرة الباقى 8 إلينا مرجعهم 4 فيه تقديم كلمة « إلينا # على مرجع وفى ذلك معنى الاختصاص ووراعه الإنذار الشديد» أى إلينا وحدنا رجوعكم وقد افتريتم الكذب وعبدتم غير الله فلايد أن تنالوا الجزاء الوفاق على ما قدمتم من قول باطل وعقيدة فاسدة وشرك بين» ولذا قال سبحانه: لثم نديقهم الْعَذَاب الشّديد 4 وكلمة ا ثْم4 على موضعها كأختها التى قبلها. وعبر الله تعالى عن العذاب بقوله اانذيقهم) للإشارة إلى أنه يصيب مشاعرهم وأحاسيسهم» يشعرون به وكلما نضجت جلودهم بدلهم اللّه تعالى جلودا غيرهاء» ثم يبين سيحانه أن ذلك طبمًا كانوا يكفرون 4 حيث يدل الفعل الماضى والمضارع على الاستمرار على كفرهم يجددوته آنا بعد آن. نوح عليه السلام وقومه قال تعالى: رصح خخ ساسم ار امه آذ تك وَأتلْعَلت به دلوم قاد 1 كر كات يله َأ حكنت جوأ 9 2 0 2 2 سمه ملم وشركاء شُرَلابكن َم شراقضوا ات ال 0 لاود ةنس51 : يَنْأَجِرِإِنْ مص عا 5 دقع جرع اَلَو مرت أن انوت المسليين © 9 فَكَزَنوهُ فبَحَينه ومن مَعَه ف اَلْفْرْكِ و هه أ وى 1 1 كي ادك 7 0 000 رم عو 2 لفق نشل لقب نطاوم الج 0 ا تفسيرسورة يونس عم ممم ل 1غغغ1 ع خخ للم للمللممالمم للللل للللا عع للالممللاامامممممململم لالع 1غ م !]مالا ممم ع ع خملل عمطلا ااا : ني م عر دس كم لير و يه و 8 702 7 / قَمأ انوا لمؤَعِسوأيمَا كدَبوأيوممِن قبل كَدَِكَ تطبع عل قوب التنتين © تجىء القصة فى القرآن للعبرة كما قال تعالى: « لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ... 659 4 [يوسف] فكل قصة هى موضع عبرة وكل جزء من قصة هو لعبرة فى هذا الجزء تناسب وضعه ولا تكاد نجىء قصة كاملة فى موضع إلا قصة يوسف عليه السلام فهى متكاملة فى موضوعها وهى بيان لحال الآسرة المصرية فى عهد فرعون أو عهد الفراعنة ‏ كما سنبين عند الكلام فى معانيها إن شاء الله تعالى» إن امتد الأجل إليها فى موضعها. نجد فى قصة نوح ‏ عليه السلام - ومن يليه من الأنبياء مواقف مشابهة لتلك التى كانت تلقى بالحزن والآلم الشديد فى قلب النبى يَللِلْهّ من كبراء قريش وخصوصا من كانوا يقفون موقف الزعامة الوثنية فيهاء حتى لقد قال الله تعالى مخاطبا نبيه: ولا يحزنك قولهم إن العزّة لله جميعا ... 2 »4 فكان من المناسب ذكر جزء من قصة نوح ‏ عليه السلام - مع قومه وكيف صبر وصابرهم ثم بيان ما نزل بهم من غرق» وكذلك قصة موسى مع طاغية التاريخ الإنسانى فرعون وما لقيه منه موسى - عليه السلام - وما قاوم به ثم ما آل إليه أمره من الغرق فى اليم بعد أن نجا بنو إسرائيل بعد أن انفلق البحر لهم اثنى عشر فرقاء وكل فرق كالطود العظيم. فكان هلاك الظالمين من قوم نوح وقوم موسى بالغرق وإن اختلف نوعهء فهلاك قوم نوح كان بسيل إسرائيل مع موسى عليه السلام ثم انطبق على فرعون وجنوده. © واتل عليهم نبأ نوح # أى الخبر العظيم الشأن الذى اتصل بنوح - عليه السلام - ولم يتدى بقومه» بل ابتدأ به؟ لآنه الذى نزل به البلاء وكانت المحارية بينه وبين قومه الذين عتوا وبغوا فى اللأرض وأصروا على عبادة الأوثان بإصرار . 1# تفسير سورة يونس اللخ يلللا لس اا ؤي قوم إن كان كبر عليكُم مُقَامِي وتدذكبري بآيّات الله على الله توكلت 4 ناداهم نوح ‏ عليه السلام بما يقربه إليهمء وهو أنهم قومه الذى نشأ بينهم وتربى فيهم وكان الأولى بهم أن يستجيبوا له بدل أن يناوئوه ويكونوا حربا عليه إن كَانَ كبر عَلَيكُم مُقَامِي »4 مؤيّدا من الله والمقام هو مقام الرسالة الذى كرمه الله تعالى به وعظم عن أن تدرك عقولهم تذكيره بآيات الله - فإنه بهم لا يبالى فقد توكل على الله تعالى ولم يعد يحزنه قولهمء وبلغ عدم الاهتمام بهم أن قال لهم «( فأجمعوا أمركم وشركاءكم 4. «الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فإنه يترتب على التوكل على الله أن يواجههم معتزما إمضاء كلمة الله تعالى» ظفَأَجْمعوا أمركم 4 أى اعتزموا ما اعتزمتم» يقال جمع أمره إذا عقد عزمه ووثقه وشركاءكم 4. الشركاء: هى الأوثان التى اتخذوها بزعمهم شركاء الله تعالى فى عبادته» سبحانه وتعالى عما يشركون» وهو بهذا يتحداهم معتمدا على الله متوكلا عليه حق توكله. «ثُم لاايكن أمركم عليكم غْمَّة 4 أى لا يكن أمركم مستوراء وهذا معنى العم 4, بل يكون ظاهرا مكشوفا بِيُناء أى اثتوا بكل قوتكم ظاهرة. ثم افضوا إل » أى افعلوا بى ذلك الأمر الذى تدبرون» من إهلاك أو طرد أو ما ترونه أنفسكم. «ولا تنظرون 4 أى عجلوا أمركم لا تؤجلون» فإنى مؤيد من الله وهو معى ولن يضيرنى ما اعتزمتم وقد اعتمدت عليه سبحانه. « فإن تَولَيكُم فَما سَأَلْبَكُم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من لشدين 40 « توليتم 4 أى أعرضتم عن الآيات وعن دعوة التوحيد التى أدعوكم إليها فإنكم تعرضون عن قول رسول أمين وناصح رشيد لا يريد منكم أجرا من مال أو جاه أو سلطان إنما يريد الحق لذاته. إن أجري إلا على الله 4؛ أى لا أريد منكم أجرا فقد كفانى الله أجرى وهو شرف الرسالة لا شرفكم ولا جاهكم ولا سلطانكم ا وأمرت أن أكون من الْمسلمين» الذين أسلموا وجوههم وهم مخلصون لا يريدون إلا ما عند الله . 8 تفسيرسورة يونس الللللللالل الل ٠: ااا‎ يي" هذه دعوة لينة إلى الحق بعد التحدى الذى قدمه وبعد أن بين لهم أنهم ضعفاء أمام الحق فإنه استمالهم إليه إلا أنهم عادوا فكذبوه. فَكَبُوه فَجيْاهُ ومن مّعَهُ في افك وَجَعَلنَاهُمْ خَلائف وََغْرقنا اين كَدَبُوا بآياتنا فانظر كيف كَانَ عاقبةَ المندرين 09 4 . ذكر سبحانه نجاة المؤمنين مع نوح ‏ عليه السلام ‏ ابتداء» وذكرت القصة تسرية للنبى كلق وذكرى للعالمين وبيان أن العاقبة ستكون له ككلِيةّء وفى ذلك أمران : الأمر الأول أنه سبحانه جعل نوحا ‏ عليه السلام - وأتباعه خلائف فى الأرض» وخلائف جمع خليفة أى الذين يعيشون فى الأرض حلفاء لأبناء أدم أى انحصرت ذرية آدم حال ذلك فى نوح عليه السلام والذين آمنوا معه. والأمر الثانى - أنه سبحانه أغرق الآخرين» ثم قال سبحانه مبينا العبرة من قصة نوح عليه السلام وقومه 9 فانظر كيف كان عاقبة الْمنذَرين » الذين أنذرناهم فلم يفطنوا ولم يعتبرواء ولم يذكر سبحانه جزاء للمؤمنين؛ لأنه بين منجاتهم » أما الجزاء الأوفى يكون يوم الحساب وهو يوم الدين. وقد ذكر سبحانه الإغراق إذ قال تعالى: 8 وأَغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا 4 فعبر بالموصول دليل على أن الصلة هى السبب فى الغرق» والصلة كانت التكذيب بآيات الله تعالى التى ساقها لهم نوح ‏ عليه السلام ‏ فلم يؤمنوا وأصروا واستكبروا استكبارا. قال تعالى: 98[ ثم بعشنا من بعده رسلا إِلَئ قَومهم فجاءوهم بِالْبَيَنَات فَمَا كَانوا أشار سبحانه إلى الآنبياء من بعد نوح مثل هود وصالح شعيب وإبراهيم ولوط عليهم السلام وغيرهم » وكلهم كذبوا مع ما جاءوا به من الآيات» ولجاء ذكر الرسل بعد نوح ‏ عليه السلام ‏ بالإجمال» فلم يذكرهم سبحانه نبيا نبياء كما جاء فى سور أخرى وكما سيجىء فى سورة هود ولكن الله تعالى أثبت أمرين: 1# تفسسير سورة يونس 4 اللللللإلالا الل > أ الأمر الأول أن كل رسول جاء بالبينة الدالة على رسالته صارفا أنظارهم إلى الكون وما فسيه» والضمير فى قوله تعالى: ‏ فَجَاءوهم اينات 4 يعود على الكافرين بكل الرسل وكأنهم مع اختلاف أجيالهم قبيل واحد يجمعهم الجحود والعصيان والكفر بآيات الله تعالى؛ فالناس أبناء الناس ويجمع الأخلاف صفات الأسلاف» ويجمع المؤمنين صفات الإذعان للدليل والتصديق للحق» ويجمع المكذبين صفات الجحود بالآيات ولو كانت بينة تستيقنها نفوسهم. الأمر الثانى - سبب الكفر الذى تتوارثه الأجيال التى كتب الله عليها شقوتها فقال جلَّت كلماته: «إقَمَا كَانوا ليؤمنوا بم كَدَبُوا به من قبل أى أن شأن الذين يكفرون أن يبادروا عند دعوة الحق الذى يجئ به نبى من الأنبياء بالتكذيب قبل أن يمنعوا فى دعوته وقبل أن يستمعوا إلى الدليل ويتأملوه ويتعرفوهء» فإذا سارعوا بالتكذيب نأوا عن الحق وجادلوا عن كفرهم وأمعنوا فى الباطل إمعانا وضلوا ضلال بعيدا فلا يستقيم لهم إيمان بعد ذلك ويطبع الكفر على قلوبهم وتنغلق على الكفرء كما جاء فى آيات أخرى مثل قوله تعالى: «« ...وطبع علَى قلوبهم فَهم لا يَفَمَهِودَ 69 4 [التوبة]ء وكقوله: « كذلك تطبع على قُلُوب المعتدين» فهم يبادرون بالإنكار معتدين» ثم يلج بهم العناد فيكرروا الاعتداء المرة بعد الأخرى حتى يصير والاعتداء وصفا ملازما لهم لا يقفون عند حد فيكون اعتداء على الحقائق وعلى آيات الله وعلى العباد. من قصة موسى وفرعون ١ه‏ وه سل معنا كد هم مُومَى وَهَرو إل اناتأ وكاو هما نرت 02 2 ماج هُمألْحقٌ يحاون ذال حرمبِين 0 له َال موسي أَتمولون لحو لماج 4ح مدال ##ا تفسير سورة يونس الملل االلللوااا0ا0ا0ا0ال الل بيط م_رم؟ يي ا ا 0 لحرو 0 وَتَكونَ لكا ألْكيبرياء فالْارْضِ وَمَاحن لكا بِمؤِْنينَ 17 لح ل و حطو +1 رس م ره زهان ب عير 4 َلَمَاجَاءاْلْسَحَرَةٌ 2 ال 0 0 مَلَمَأَلَْوَاقَالَ 11 حر 5 21 أ 2000 2 © يغاةال كم راك الْمجَرسُونَ ْنا عَمآء امن موسو لَادْرِيةين ولق حَوَف ين ؤْعوَوَمَلَانهِم أن نهر رعو تَلَمَالٍ في الارض وإ نهم نَالْمسَرِد 70 با وال موس يموع نكم ً لآم يريت :يتوه يَوَكَارينًا لاجعلا فَتَيَةٌ للد و الطابلمير يي و ينا بَمكَم َالو الَف أ و وَأَوحبما! إل موس ويه أمالقسك يضري لفك ؤاوكصط قن و قرا لضا وي رالتؤييرت 7 لها ودَا لك موس للك وتوت ومل كايو : 2 3 ا 0 دوس سا سرس ةي ره - َه دارا لاضن لِك ربنع وهم رص جح رج رسخو 2 و و0 ساي سوردم حجر وَأَمْدد عل مويو لابو أحقَير عدبا لالم 2 َالَ كد أ - <- آ د سس ب سس 1 جيبت دعوتحكمافاستقيما ولا نتِعان سَبييلٌ آه ا تفسيرسورة يونس الولو االلولا0600ا0اال ل ااالاالل60ااااااالللللا تلاك لحب ا بعد ذلك ذكر الله تعالى قصة موسى وفرعونء وذكرها فى هذا المقام : أولا - فرعون أكبر طاغية عرف فى تاريخ الإنسانية وطغيان الكبراء من العرب دونه» وقد أعز الله موسى وبنى إسرائيل وأهلكه فكان حقا على النبى عه أن يطمئن إلى عزة الله تعالى إذ يقول: إن الْعرَة للّه جميعا 4 . ثانيا - أن فرعون كان مسيطراً جبارً على قومه يراهم ملكا له» وقد جاء محمد يَيلِلْدِ بأنه لا مالك إلا الله وأن الناس جميعا عباد له سبحانه. ثالثا - كان فرعون يتحكم فى عقول قومه ويقول لهم: 9 ...ما أريكم إلا ما أرئ وما أَهدِيكُم إل سَبيل الرّشَاد 69 4 [«غافر]» وجاء محمد وي بحرية النفس والفكر والعقل. ِنَم بعشنا من بعدهم مُوسئ وهارُون إل فرعون وملئه بآيَائَا فَاستَكبروا وكانوا قُوما مُجرٍمين 62 4 . جاء موسى بالبينة الدالة على رسالتهء وجاء بالعصا التى ألقاها فإذا هى حية تسعى» وكان قومه على علم بالسحرء فإذا عرفوا أنها ليست سحرا قامت عليهم الحجة. وكلمة إثُم4 للترتيب والتراخى» أى أنه بعد أزمان متعاقبة ومتطاولة بعث الله موسى وهارون» ذلك أن موسى سأل الله تعالى أن يرسل معه أخاه «( اشدد به أزري 60 وأشركه في أُمري 69 4 [طه]. أرسلهما الله إلى فرعون وملئه» أى كبراء قومه والذين يحرضونه على الفسق فى مصرء ويمالتونه على ما يدعيه ولم يذكر شعب مصر أى الكثرة الغالبة وكانوا مهملين لا رأى لهم؛ كما وصفهم عمرو بن العاص فى ذكره مصر «هى لمن غلب»» وقد بادروا بالتكذيب وعجلوا فيه دون أن يتفكروا ويتدبروا حقيقة الدعوة إلى الحق والبينات الشاهدة بأن موسى وهارون مبعوثان من الله تعالى» ولذا قال سبحانه: © فَاسِتَكْبَّرُوا 4 وكان العطف بالفاء للدلالة على المبادرة بالاستكبار» وفيه تكذيب وعلة للتكذيب» أى فكذبوا واستكبروا عن الاستماع إلى الحق وأصموا آذانهم ووصفهم اللّه تعالى 8# تفسير سورة يونس لل لللاالاالل الل الل الل ان ١ لوالا‎ 7 بي < بقوله: « وكانوا قَوما مجرمين» وكلمة «وكانوا» تدل على أنهم كانوا كذلك فى لمخضى» والوصف بالإجرام طمُجَرمِين4 يدل على استمرارهم فلم تكن دعوة الحق فيهم مستجابة . لذا قال تعالى فى شأنهم مع رسولهم: ١ل‏ فَلَمّا جاءهم الحق من عند قَانُوا إن هذا لسحر مَبِينَ 69 6 . الفاء للترتيب والتعقيب» والحق هو الدعوة إلى التوحيد وإلى الله وحدهء وقال سبحانه: #من عندنا 4 تكبيرا لذلك الحق؛ لأنه من عند الله تعالى مالك الملك ذى الجلال والإكرام فوصفه سبحانه بالحق» ووصفه بأنه الحق شرف ذاتى له وبكونه من عند الله تعالى شرف إضافى له» وكلمة الحق تتضمن الدلالة على أنه حق لا ريب فيه. وقد آتى الله تعالى موسى تسع آيات بينات ويظهر أنه ابتدأ بتقديم العصاء ولذا قالوا: إن هذا لسحر مبين4. بادروا فأكدوا أنه سحر مبين» أى سحر واضح بين «إنْ4 تدل على التوكيد وباللام وبالجملة الاسمية» ذلك من مسارعتهم بالتكذيب ثم الانغمار فيه إلى آخر مداه» ولقد تولى موسى عليه السلام المجاوبة وتركه فرعون يدافع عن دعوته. قال موسئ أَنة توأ للحن م جاكم أسخر هذا ولا يذل السأجررف 49 . أى أتقولون للحق لا جاءكم إنه لسحرء جاهلين حقيقة الأمر فالاستفهام لإنكار قولهم وتوبيخهم عليه» وكرر الاستفهام فقال: «أسحرٌ هذا فكان الإنكار للجحود وقولهم الجاحد للحق والحقيقة» والاستفهام للتوبيخ على قولهم وهو لإنكار الوقوع» أى ليس بسحرء وقد أكد سبحانه وتعالى بقوله: «ولا يقلح السّاحرون 4 أى لا يفوز الساحرون فى معركة الاستدلال والمنازلة» وإذا لم يفلحوا فإنه يجب أن تؤمنوا ولكنهم لجحوا فى العناد وتمسكوا بما هم عليه. قَالوا أَجمسًا لتَلفسنا عَمّا وجدنا عليه آباءنا وتكون لَكْمَا الكبرياء في الأرض وما 1# تفسيرسورة يونس 7 الل الل حب نا ذكر الله تعالى قولهم: ‏ أَجنْتنا للفتنا عمًا وجلانا عليه آبَاءنَا 4. أى لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا من عبادة فرعون والآلهة التى يحل فيهاء ومن عبادة الشمس وإله الزرع وعبادة البقر. 9 وتَكون لَكما الكبرِياء في الأأرْض 4 أى السلطان والسيطرة والحكم فى الأرض وهى أرض مصر؛ وعبر عن الحكم والسلطان بالكبرياء؛ لأن المصريين كانوا لا يفهمون فى الحكم إلا الاستعلاء والتحكم والاستكبار»ء وأن تكون طبقة الحاكمين العالية وطبقة المحكومين المرذولين» وعبادة المحكوم للحاكم. ثم أكدوا كفرهم بالحق لما جاءهم فقالوا: 8 وما |نحن لكما بمؤمنين» نفوا عن أنفسهم صفة الإيمان نفيا مؤكدا وكان ذلك: أولا - بذكر الضمير الدال على التعظيم . ثانيا ‏ بالجملة الاسمية» وقوله: «لكمَا لامتناع التسليم» بل إنهم مناوئون غير مستسلمين» بل هم منصرفون. © وقال فرعون اتتوني بكُل ساحر عليم 69 فَلَمّا جَاءَ السَّحَرة قال لَّهُم مُوسئ ألقوا ما أنثم ملقَونَ 60 4 . جاء فرعون وتولى المنازلة فقال ائتونى بكل سالحر عليم» أى عليم بالسحر وأفانينه» وكان للسحرة مكانة ومنزلة فى مصرء وكانوا كثيرين مشهود لهم بالسحر ولهم مكانة فيه» فلما جاء السحرة قال لهم موسى: 9 ألقوا ما أنتم ملقرن 4 . و هذه الآية نجد موسى - عليه السبلام - عندما التقى بهم طلب إليهم أن يلقواء وفى الآية التالية ما يدل على أنهم ألقوا وتشير إلى ابتدائهم» ولكن فى سورة الأعراف ما يدل على أنه قد حدثت مجاوبة بينه وبين السحرة قالوا فيها: # . .إمَا أن تلقي وما أن نَكُونَ نَحَنَالْمُْينَ 652 قَالأَلُْوا فلم لقا سَخِرُوا أَعيْنَ الئاس وَامَعَرهُوهم وَجَاءوا بسحر عَظيم 9 4 [الأعراف]. وأنه لا تعارض بين الآيات بل توافق تام ولكن ما فى سورة الأعراف يفصّل بعض التفصيل» وهنا يُجمل كل الإجمال؛ إذ إن نتيجة المجاوبة كانت أن طلب موسى أن يلقوا همء وأدرك موسى وهو المؤمن ا تفسير سورة يونس اللا ههه يي بحجته أن فعلهم سحر كقوله تعالى : 9 فَلَما ألقَوا قال موسئ ما جئتم به السّحر إِنَ الله سيبطله إِنّ الله لا يصلح عمل المفسدين 9 4 . وما جئتم به السحر » إنه هو السحر وحده» لا ما سيقدمه» والاختصاص ثبت بتعريف الطرفين» وأكد أن الله سيبطله وأنه فساد بين الناس» وقد جاء فى سورة الأعراف: لوَأَوْحَيْنا إلى مُوسَئ أن أنْق عَصَاكَ فَِذَا هي تَلَقَفُ ما يَفَكُونَ 0 4 . . © 69 ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون‎ «١ يشت الله الحق ويؤيده وينصره بكلماته وأمره الذى يكون يكلمة» وبآياته الآمرة والناهية المثبتة سلحق المحكومين على الحاكمين والمبطلة لظلم الظالمين ولو كانوا من الفارعين» « ولو كره المجرمون 4 الذين أشركوا فأجرموا وطغوا وبغوا وغرهم الغرور. قال تعالى : إفها أ لحو الاين ده عا ضبن ف وملعم أن يفعنهم ون مع هذه الدعوة الصادعة إلى ى الحق لم ستيب إلا القليل وفى كلمة قومه © يعود الضمير إلى فرعون» وما آمن شيوخ كبار منهم بل آمنت ذرية» أى جيل جديد تمن لم يتمرسوا بذل الفرعونية» والشباب إنما يكونون أكثر مسارعة إلى الحق وأقل تمسكنًا من آبائهم بأهداب القديمء خاصة إذا كان ذليلا» ويقول قائل: إن الضمير فى قومه # يعود إلى موسى» وقوم موسى هم بنو إسرائيل وذكر الذرية دون عمومهم؛ لأن الذرية تطلب الحرية وتبتغيهاء وشيوخهم غرست فى نفوسهم العادات والعبادات المصرية القديمة ورضوا بالدون من الحياة كما يبدو ذلك 1# تفسير سورة يونس اللللللل للفلل للاللللب ماللا أ ا فى قصصهم مع موسى» وفى قولهم له: ظ ...اجعللُنا إلّها... 02 »4 [الأعراف]» ومن عبادتهم العجل» ومن امتناعهم عن دخول الأرض المقدسة» وقد رأى ذلك ابن جرير ونحن نتبعه فى رأيه. وقد كان إيمان هذه الذرية على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم؛ وكلمة لإعلى » بمعنى (مع)» أى أنهم فى إيمانهم كانوا وجلين خائفين من فرعون ومائهم» والضمير فى كلمة «إ ملَمهم 4 يعود إلى فرعون والمراد به فرعون وملئه» والذى رأى أن يعود الضمير على ملا بنى إسرائيل أن تلك الذرية المؤمنة كانت على خوف من قومهم الذين تأثروا بالعقائد المصرية من تقديس فرعون وعبادة العجل كما سيبدو من حالهم مع موسى بعد اجتيازهم البحر ورؤية المعجزات الباهرة ونعموا بهاء أى إن أولئك الذرية الذين آمنوا بما جاء به موسى كانوا على وجل من فرعون وقومه وعلى وجل من قومهم أنفسهم ومنهم الشيوخ الذين تمرسوا بالخنوع والكفر. (الفاء) فى قوله تعالى: 9 فما آمن» للترتيب» أى بسبب أنهم ععتاة فى الضلالة ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه» وقد وصف الله تعالى فرعون بما يمنع هذا وصفان كلاهما يمنع الاستجابة لدعوة موسى عليه السلام: الوصف الأول - أنه عال فى الأرض ينظر إلى الناس كأنهم جميعا دونه وأنه ليس من طينتهم» ومن كان ذلك يغره الغرور فيقول للناس ما أريكم إلا ما أرى. والوصف الثانى - أنه مسرف» أى مُغَال فى كل شىء» أسرف على نفسه وأسرف على الناس وأسرف فى العتو والفساد. ‏ أكد الله الوصفين ب إن 4 واللام» وبالجملة الاسمية» ول يفتنهم 4 بمعنى يضطهدهم فى دينهم» وذكر الضمير بالمفرد عودا على فرعون أولا وبالذات» فهو قطع أيدى المؤمنين وصلبهم فى جذوع النخل فنسبت الفتنة إليه دون ملئهم. ول رسن فد تسم بط ف كد لم لين 46 با تفسير سورة يونس الاللانا!] ال اانااالغننن/ااااا اللا تلك لالااامماااااا اا اناا الللك اط للاللا تلاك ا لالط لل طخل لكخملال للخ ططخ انان املاط لللا طخل مط طمخمخمممطمممطمممممللطللا ١ ا‎ يي نجه موسى عليه السلام إلى قومه الذين جاء لونقاذهم وقد رآهم يخافون فرعون ويخشونه فقال لهم: إن كنتم آمنتم باللّه 4 حق الإيمان فلا تخشوا فرعون وطاغوته بل توكلوا على الله4. 9 فعليه توكلوا», (الفاء) واقعة فى جواب الشرط» يليه الفعل للاختصاص» أى توكلوا عليه وحده. «إإن كنتم مسلمين» أى إن استمررتم على وضعكم وهو إسلام الوجه والإخلاص لله سبحانه. ولقد استجاب قوم موسى فتوكلوا على الله لا يرهبون فرعون وطاغوته. ( فقوا على لقا نالا ا هلق لال «<6 دجن برس من القوم الكافرين 659 4 . أى عليه وحده توكلناء ومن يتوكل على الله لا ترهبه قوة فى الأرض» ثم اتجهوا إليه سبحانه «إ ربنا لا تجعلنا فتنة لقو الظّالمِينت4, أى لا تجعلنا موضع فتنة اصرف عنًا أذاهم» ثم أردفوا دعاءهم بطلب الإنقاذ فقالوا: 8 ونجنا برحمتك من القرم الكافرين (53) © وهم فرعون وملئه. لاستنقاذهم فأسلموا وسلموا له وإن كان لا يزال منهم من فيه بقية من ذل فرعون كامنة ستبدو بعد أن يطمئنوا لخروجهم من ذل فرعون. كان بنو إسرائيل مختلطين بالمصريين الذين يسومونهم سوء العذاب» فأوحى الله تعالى إلى نبيه موسى - عليه السلام ‏ أن يفصلهم عن المصريين» وأن يتحيزوا حيزا دونهم ليكون ذلك خطوة للنجاة . وأوحينا إلئ موسئ وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصّلاة وَبشر المؤمنين 69 4 . « تبوءا 24 من باء يبوء بمعلى رجع واطمأن» أى اختاروا بيوتا لقومكما يبوءون إليها وتكون نائية عن بيوت الفرعونيين ؛ لأنكم ستتخذونها لعبادة الله تعالى ا تفسير سورة يونس الل لللااالااالااا0ااا6االو الل لوو (زعم مي يي وحده وتقيمون فيها الصلاة» وقال بعض المفسرين فى قوله تعالى: طوَاجعلُوا بيوتكُم قبلّة4 أى مصلى؛ ولذا قال سبحانه بعد ذلك: 9 وأَقيمُوا الصّلاة4. أما إلى أية جهة يتجهونء فلم تعرض الآية لذلك» وقيل: كانوا يتجهون إلى الكعبة وبعضهم قال: إلى بيت المقدس. وإنى أرى أن المراد بأن تكون بيوتهم قبلة هو أن يعلمها بقية بنى إسرائيل فيتجهون إليها ويأرزون نحوها فيجتمعون فيها وتكون لهم حوزة يتحيزون إليها. والجميع أمروا بإقامة الصلاة» ثم قال تعالى: 8 وَبَشر المؤمنينت4. أى أن من يؤمن منهم له البشرى فى الدنيا والآخرة وأن الله ولى المؤمنين. «( وقال موس ربا إِنّكَ آتيت فرعون ومَادَه زيئة وأمُوالاً في الْحيَاة الدنيا ربنا يلوا ع سي رن امن عل نول واد عن وهم فلا مؤموا حن ا العذاب الأليم 6 4 . علم نبى الله موسى - عليه السلام - أن بنى إسرائيل تبهرهم المادة وتستهويهم زخارف الدنيا ووافقه على رأيه أخوه وردفه هارون» ورأيا أن طغيان فرعون كان سبيه ما فى يده من أموال وزخارف وما تحت سلطانه من كنوز اللآأرض» فقد كان ملكه يمتد إلى الحبشة وما فيها من جبال ووهاد قد ضمت فى بطونها معادن وذهبا وفلزات الأرضء فقال موسى: #إربنا إِنّك آتيت 4 أعطيت فرعون وأشرافه الذين يعاونونه ويمالئونه فى ظلمه وبغيه» زينة وأموالا فى الحياة الدنيا © ربنا ليضلُوا عن سبيلك 4 » اللام هنا لام العاقبة» أى كانت عاقبة هذا الإيناء وذلك التمكين فى الأرض أن يضلوا عن سبيلك بالكفر والظلم والعتو والطغيان» وألا يراعوا حقاء وأن يدعى فرعون أن له ملك مصرء وأن هذه الأنهار تجرى من تحتهء ويرجو موسى ربه ضارعا أن يزول عنهم ما سبب طغيانهم. 9 ربنا اطمس على أموالهم واشدد علَى قُلُوبهِم 4 الطمس هو المحق. أى امحق أموالهم لا تجعلها صالحة لأن ينتفعوا بها واشدد على قلوبهم » أى اجعل قلوبهم تذوق الشدة المريرة فمن ا تفسيرسورة يونس للفلل ااال اااللللنللل بل به 23 صخرة الشدة قد تنبع المعرفه فيعرفون ضعفهم أمام قوة الله تعالى فيذهب طغيانهم. فلا ينوا حتَى يرواالْعدَاب الأليم 4 فى ذهاب أموالهم وفراغ نفوسهم وذوق قلوبهم للقسوة الشديدة» و(الفاء) فاء السببية. طقال قد أجيبت دَعَوَتَكُما فَاستقيما ولا بِعَانَ سبيل الّذِينَ لا يعلَمون 69 4 . وقد أنزل الله تعالى بهم ما طلب موسى وأخوه» والدعوة هنا الدعاء وتطلق على كل طلب» والاستقامة هى الإيمان بالحق والإخلاص فى القول والعمل وصدق الاتجاه إلى الله تعالى» وأكد الله تعالى طلب الاستقامة بقوله: ‏ ولا تتبعان سبيل الّذِينَ لا يعلّمون 4 فإن مسلكهم ليس فيه استقامة بل هو الاعوجاج والعدول عن الطريق المستقيم . ولقد قال تعالى فى معنى الاستجابة لموسى: فإ ولقد أخذنا آل فرعو بلست ونقص من المرات لعلهم يرون 7 فإذا جاتهم احسة قاو نا هه عاص مع دشي سوام سها مس ُو 20 وقانوا مهما أن ب من آي تحر بها اَنَل من 09 فوسك عَلَيهِم الطُْفَانَ والجراد وَالْقَمّل والضفادع والدم آيات مُمَصّلات فاستكبروا وكانوا قَوَمَا مُجْرِمِينَ 29 وَلَما وقَعَ يهم الرِجْر فَانُوا يا مُوسى ادع لنا بّكَ بمّا عَهِد عندك لعن إن أجل هم بوه اهم ُو دج فاشفسا مهم أرقاهم في الي باهم كذ ياتا وكَانُوا عن غَافينَ 69 4 [الأعراف] . نجاة بنى إسرائيل وإغراق فرعون قال تعالى: 7 رم وجوزنابيفَإِسَرّهِيلالبحر و اج سا الى ل جاع ع و سح ل 178 ا مس ع لل تبعهم فرعون وجود مبعيا وَعَدْوَا حَوَداأدركه لْخَرَقُكَالَ “منت نكا لَهإلَاألرىءامتت يو سبو اويل 1# تفسير سورة يونس اللا اللوو الملل الملل مئال حب 1 وَأنأنَألْشيلِينَ ا آلعَنَوَعَدَعَصَينْتَ مَل وت َم َمُفيِدِينَ (يا الوم مك بدك ليكو لِمَنْ رب 504 وَلقَ وَأ بسر تيل مِوَأضِد قٍ وردفتهم من ما أحتَوأحَقَسآَهم ألو ا سر مه َّ و 3 ضاق فرعون ذرعا ببنى إسرائيل» ومع أن الآيات توالت عليه حتى بلغت تسعاء ومع كل هذا أراد الفتك ببنى إسرائيل» وكان موسى قد تبوأ لقومه مكانا يقيمون فيه شعائر دين التوحيد فأمر الله نبيه ‏ عليه السلام ‏ أن يضرب البحر بعصاه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم» وكانت الفروق اثنى عشر فرقا بقدر عدد أسباطهم فاجتازوه وأتبعهم أى أدركهم ولاحقهم وقد أعد العدة لإبادتهم» وحسب أنه ناج مثلهم من الغرق فانطبق البحر عليه فأغرقه ومن معه. فإ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر» أى اجتازوه بأمر الله تعالى وعنايته بهم فَأََعَهُمْ فرعَوَنُ وجَنُودُه َْا وَعَدُوَا 4 لى لاحقوهم بغيا من عند أنفسهم وعدوا حَنَئ إذَا أدركه الْرق قَال آمنت أنه لا لَه إلا الذي آمَنت به بنو إسرائيل © ذهب عنه غروره ساعة أن أدركه الغرق وبان ضعفه وتكائرت عليه آيات الله التى جاءته على يد موسى وأخيه فآمن ساعة الموت حيث لا يقبل الإيمان: «( وليست الُوبة للدي يعملُون السبئات حت إذَا حضر أحدهم اموت قَال إنّي ت تبت الآن ولا الّذِين يموتون وهم كَقَارَ أولهك أعتدنا لهم عذابا ليما 2 (02 4 [النساء] . وقد بين الله تعالى لفرعون أن إيمانه غير مقبول 9آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين 409 الاستفهام للتوبيخ على تأخره وقد آمن حيث لا ينفع 8# تفسير سورة يونس الللللبللاالللللللا ا ال االللفللل0اال ولول االللت ماللا لأس اه نفس إيمانهاء والاستفهام منصب على 9إآلآن4» والتوبيخ على تأخر الإيمان إلى وقت الغرق ولذا يقول سبحانه: « وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين 4 وقد أشار سبحانه إلى أمرين: الأمر الأول يتعلق بفرعون نفسه وقد عصى من قبل وادعى الألوهية وكفر بالوحدانية واصطناعه العصاة مثله وخضوعه للسحر والكهانة . الأمر الثانى ‏ يتعلق بعمله # وكنت من المفسدين © أرهقت الناس بظلمك وأضعفت إرادتهم وقتلت نخوتهم وجعلتهم عبيداء ولا فساد فى أمة أكثر من فناء آحادها حتى يكونوا كالآلات يحركها ويدفعهاء ووصف سبحانه فساده بالاستمرار طول حياته وحياة أمثاله» فعبر ب كنت *# التى تدل على الاستمرار» ووضعه فى صف المفسدين فى الأرض وقد كان أشدهم عتوا وطغيانا. لقد نجاه الله ببدنه ليكون آية دالة على قدرة الله تعالى وليراه الناس مكلا واضحا لمن أرهق شعبه وظلم وطغى وبغى وأكثر الفسادء ونرى ذلك دائما فيمن يحاكونه وكأنه على مقربة منا. « فَاليَوم نُنَجِيك ببَدنك لبَكُون لمَنْ حَلْقكَ آي ون كيرا من النّاس عن آيَاتنا لغافلون 69 > . (الفاء) للوفصاح عن شرط مقدرء» تقديره إذا كنت قد غرقت وضعفت واستخذيت فى آخر لحظة - اليوم ننجيك ببدنك» وذكر اليوم للإشارة إلى أنه ينجو ببدنه فى ذلك اليوم» وأضاف الإنجاء إليه سبحانه وجعله واقعا على فرعون باعتبار أنه صاحب البدن؛ ولذا قال تعالى: 8 ببدنك لتكون لمن خلفك آية 4. أى دلالة أولا على عظيم قدرة اللّه تعالى التى قهر بها طاغوت عصره» و ثانيا للاعتبار لآن مآل الطغاه هو الفناء» وثالثا يبان أن الله تعالى القادر على بقاء الأبدان» هو قادر على إعادة الأموات» ورابعا بيان أن العدالة هى الخير الباقى وأن الظلم هو الشر الذى يذكر الطغاة بسببه بأنهم مفسدون. 0# تفسير سورة يونس لللللللل لاملل 00 حر ا ولقد بقى بيدنه وهو آية القدرة الإلهية. يتخذه المفمسدون لنشر الفساد والإتجار به فى العالم . «إ وإِنَ كغيرا مُن الئاس عن آياتنا لَغَافلُون 4 غافلون عن آيات الله تعالى فى عليهم فى المواهب التى أنعم الله بها على بعض عباهه الأبرار» ولو لم يكونوا غافلين لمنوا بتدرة الله تعالى على البعث والتشور. فقول تار (لناطون» 7 هذا أمر فرعون ونهايته. أ أ بنى اسرائيل ققد ذكرة اله تالى فى تو ولقد بوأنا ب ببي إسرائيل مبواً صدق وررقَاهم من الطيبَات فَمَا اخْتَلقُوا حت جاءهم العلم إن بك يقضي بيهم يوم الْقيامَة فيمًا كَانُوا فيه يَحَتَلفُونَ © #. كان بنو إسرائيل فى أرض فرعون فى منزل دون ومكان هونء فكانوا فى ذلة ومهانة فخرجوا وجاوزوا البحر فى عزة ورأوا فرعون وملئه يغرقون ‏ ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق »4 أى مكنا لهم مكانا يطمئنون فيه ويبوءون مستريحين أعزة فيما بينهم مستقلين عن التبعية والذل. وغيرها من أوهام فرعون . وقد جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى أنه يضاف إلى الصدق الفعل الذى يوصف به نحو قوله: في مقعد صدق . #22 [القمر]ء و ... قدم صدق ... #02 فالصدق هو عنوان الفضائل ؛ لأنه يتضمن صدق القول وصدق النفس والضمير» وهو عنوان لكل عمل فاضل ومكان طيب. وفى هذه الإقامة الطيبة الفاضلة الكريمة العزيزة رزقهم الله تعالى المن والسلوى». وقد سجل الله اختلافهم بعد أن جاءهم العلم بالحق» ورأوا المبينات #/ تفسيرسورة يونس االلللل لل أ اا الواضحة الدلالة القاطعة فى إثبات الوحدانية والرسالات الإلهية» ومع ذلك لا اختلفواء كانت الذلة جامعة بينهم موحدة مؤلفة» كما جاءهم العلم ومعه العزة اختلفوا على فرق والله سبحانه يحكم بينهم يوم القيامة. العبرة فى القصص يقول تعالى: 0 رع لا ليم فك لِالَرِيَفْرَمونَ لصحيب من َك لَقَد جَآءلكَ لْحقُمن ريلك مَكَاتَكوسنَ مدو (07) ولاتَكوتنَ إدَائ حَنَتَ كوم كَل تْوَيَْيؤ و ءمْمم كل "اوعدا تلديم 02 و 0 هس سرصم ا م 22 سه 11-7 آذ و را سه دس عه فلولا كانت قرَبية ءامنت فنفعها إيمنها | لا قوم يوسن لما اممو كشَنَاعَتْوُمعَدَابَالْحْزَي ف الَِْاديْومتعكهر - جم را د ره ني ل له 2 2 م 2 لحان لها وَلَوْسَاء رَبك لان منف الأرضِك لهم 22 3 ته 2 ورم رن هه دو 33 بحا فت فَكْره لاس حي يَكونوأ مُؤْمِنِيت (ه) ه١‎ ع ص يه سر ساح سر وم 2 أ - و سم 9 كات لنقي أن تَوّمِ إلا إن الله وجعل اليس عَلَالدِ ب لايَعَقَلُونَ نيا قلأنظروا مَاذَاف ره+ عي و ره 51 وارص دو مه ّم والارضٍ وماتعن الاينت والتذرعن 0# تفسير سورة يونس هَزْينظِرُو إلَمِمْلَ نا أل حَوَام كلهم لاسرا أي مَمَكم يرت مريت 9 وق نشتاراليت »ما كيد عنقا الثزميه قليكاسا اناس إن ل سلب6 ةلي تعبدون من دو ن دولك أع عَبد اسه الَزِى رو" ورثُ وو َأ كوت نَالْمُؤْمِِينَ (ا وَأَأيَرَمَْهَكَلِليَحَيِيقًا لوقن يس المشركير لج : 31 ام سوس عام ما ووكا 00 - م لابفَعك ولا يضرك إن فَعَلْتَ َإنَك دمن لصَلمِينَ 0 وَإِنْيمْسَسك اللَمِيِضرٌ: انق مدر رد كيرفلا راد لِعَضْلِه يضيب يدءمن ياه 0 تفوالتزايمة 2 يكاب ألا س لجا" جاسم 0014 ومس سح بس ا جا دس سه ضعي 00 0 . 1 - 0 آ خآ حو ابوس ليك وَأَصرحَقٌٍ م 5 4 «فإن كنت في شلك مما أنزلنا إِليِك فاسئل اين يَقرءون الكتاب من قَبلك لَقَد م اصا سم واس جَاءكَ الحق من رَبك فلا تَكُوتنَ من الْمُمََرِينَ 69 4 . الشك هو الضيق» ثم أطلق على التردد فى الحكم بين اليقين والإنكار؛ لأآنه يحدث فى النفس ضيقاء وسياق القول فى هذه الآيات وما قبلها هو بيان القرآن ## تفسير سورة يونس لل الل اكاك :2 يي للنبى كَكْْةِ أنه أصاب أولى العزم من الرسل ما أصابه من قومه ونزل بهم من الشدائد والإعراض والاستهزاء والسخرية ما نزل به كَللِلّّه وأنه سبحانه ينبه نبيه كد إلى صدق ما أخبره ويثبت فؤاده» وفى النهى عن الشك أمر بالتتشّت واليقين والاطمئنان إلى أنه الحق. فقوله تعالى: فَإن كنت في شك مما أنزلنا إليك © هو فرض غير واقع والغرض منه: أولا - تثبيت النبى عَلةِ. ثانيا ‏ بيان أن الكتب السابقة ثابت فيها هذا. ثالثا ‏ تذكير النبى يِل بما حدث للنبيين قبله . والدليل على أن النص لا يفيد أن النبى كَلكيْةِ لم يشك» أن أداة الشرط هى «إن» وهى تدل على أن فعل الشرط ليس بواقع ولا محقق. تعالى فى القرآن أن المشركين يسارعون بالتكذيب ولا يتروون فيتفكروا ويصلوا إلى الحق البين» والله سبحانه وتعالى يفرض الشك الذى لم يقع كأنه واقع ليسوق الأدلة المثبتة وهى شهادة الكتب السابقة لهذه الاخبار الصادقة» التى تزيل كل أوهام المشركين على أن الخطاب فى قوله تعالى: فإن كنت في شك # هو لأهل الخطاب الذين يعلمون القرآن أو يتلونه بأن يسألوا الذين أوتوا الكتاب من قبل. وقوله تعالى: 8 مما أَنْلنا إِلَيك 4 فيها ما يفيد نفى الشك لأنه من عند الله تعالى الذى بعسثك رحمة للعالمين فلا ريب ولا يمكن أن يكون رياوءب لأنه عاين الوحى الذى خاطبه به الروح الأمين ججبريل عليه السلام نزل به على قلبك وأن الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ... 653 4 [البقرة]ء ‏ الحق من رَبك فلا تكن مَن الممترين 69 » [آل عمران] . ## تفسير سورة يونس الكل الال 0 اجج- ا الامتراء هو الشك بعد اليقين» فالنهى عن الامتراء هو للاستمرار على اليقين والإيمان» وألا يتزلزل ذلك اليقين بفعل المشركين» وأن مؤدى ذلك القول هو تأكيد الحق وتثبيته لأتباع محمد يَكَِِ ولتثبيت فؤاد النبى محمد يَكِةِ وإيمانه الراسخ كالحبال أو أشد. فكثرة الدلائل تثبت اليقين كقول إبراهيم ‏ عليه السلام: وذ قال إنراهيم رب أرني كيف تبي الموتئ قال أو ؟ تؤمن قَال بلى ولكن لِيطمئن لبي ... 650 4 [البقرة]. وقوله تعالى: « لقد جاءك الحق من رَبك 4 نص يوجب اليقين» فالحق وحده نور يجلو اليقين قد أكده سبحانه وتعالى بكلمه «قد» وباللام قبلهاء وقال: من , ربك »© أى الذى خلقك ورباكء» ولذا رتب عليه النهى عن الافتراء. (الفاء) فى قوله: قلا تَكُوتن من الْمممَرينَ 4 لترتيب ما بعدها على ما قبلها والنهى موجه فى ظاهرة للنبى كله وهو موجه للناس عامة وأهل مكة خاصة. « ولا تكونن من الذين كبوا بات الل كو من الْخَارِين 4069 . لقد جاء قوله تعالى بعد النهى عن الامتراء. وهذه الجملة القرآنية معطوفة على قوله تعالى: لإ قلا تَكُوتَنَ من الْمَمَحَرِينَ» والنهى كالنهى السابق مؤكد بنون التوكيد الثقيلة وهو موجه إلى النبى يَكَليهٍ بظاهر القول وموجه للناس كافة» ومع ذلك فيه إشارة إلى النبى وله سواسية فى الخنطاب بالحق مثلهم» وفى قوله تعالى: «ولا تكونن من الّذين كَدَبُوا بآيَات اللّه4 نهى عن الامتراءء وأن الامتراء بعد الإيمان يؤدى إلى تكذيب آيات الله تعالى» ولذا نهى عنه يك بسياق القول وظاهر الخطاب, النهى للناس أجمعينء وجعل النبى يَللْهِ أسوة لهم فى الخطاب كما هو أسوة لهم فى الإيمان والنهى الموجه له يكون بالأولى نهى لغيره»ء ذلك ليفتشوا قلوبهم ويبعدوها عن الامتراء فى الحق حتى لا يؤدى ذلك إلى التكذيب بآيات 0 الله . «ولا تكوئن من الّدينَ كَدْبُوا بآيات اللّه 4 فى قوله تعالى نهى مؤكد لأن يكون الرسول يَكيْهِ ففى صفوف الكثرة الضالة التى خير منها القلة المؤمنة» فلا يقاس ا تفسير سورة يونس الل الل | ههه < يي الحق بالعدد والكثرة ولكن بالإيمان وقوة الدليل» ونكرر أن الخطاب للناس فلا يصح أن ينساق أحد وراء الكثرة المبطلة تاركا القلة المحقة» وعبر سبحانه بقوله تعالى ا كَدَبُوا بآيَات الله » لبيان أن صلة الموصول سبب لانغمارهم فى الضلالة» إذ الآيات الكونية واضحة وآياته القرآنية تحدى بها العرب أن يأتوا بمثلها فعجزواء وقد رتب الله تعالى على تكذيب الآيات الكونية والقرآنية الخسارة 8 فَمَكُونَ من الْخَاسِرِين 4. (الفاء) لبيان أن ما بعدها مترتب على ما قبلهاء أى أنه يترتب على تكذيب آيات الله أن تكون فى صفوف الخفاسرين الذين خسروا الإيمان» وهذا أساس الفسران فخسروا الإيمان باليوم الآخر وما فيه من جزاء بعد السساب» وخسروا فزعموا أن الحياة الدنيا وحدها هى الحياة وهذا هو الخسران المبين. (إذ لين لهم لت ربك لا مود 9 ولو جاده لآ حت وا العذاب الأليم 69 4 . ين سبحانه أن الذين كفروا حقت عليهم كلمة ربك بالكفر فلا يؤمنون بأية آية مهما تكن واضحة. تبين الآية حال المشركين فهم لا يؤمنون لنقص فى المعجزة الكبرى ولكن لأنهم سبقوا إلى الرد وأصروا عليه إصرارا ونفروا من الحق لا يردهم إليه معجزة. هم يطلبون معجزات مادية ولو جاءتهم لأنكروها وتنكروا لها بعد فترة من الزمان» وقد كانت التجربة مصدقة فى فرعون وملته فمع الآيات التسع التى جاءت ما آمنوا. « إن الْذينَ حَفّتَ عَلَيْهِمْ كلمت ربك لا يوّمنون 69 4 يؤكد سبحانه أن الذين ثبتت عليهم كلمة الله تعالى أنهم فى سجل الكافرين» لا يؤمئون ولو جائتهم كل آية ولو كانت مما يطلبون» أى لو تضافرت الآيات معجزات كلها وجاءت مجتمعة يؤطرة وأقرب القول أن يقولوا سحرت أعيننا فالحوه ملازم لهم لا يزايلهم . كان التأكيد فى هذا الحكم بط إن 4 الموكدة بقوله تعالى: إلا يؤمنون 4 8# تفسيرسورة يونس لوول ١ 2 تعبيرا بالمضارع دليلا على أن الإيمان ليس من شأنهم» وأنهم لا يذعنون وليس من طبعهم أن يؤمنوا بشىء بل الجحود شأنهم . إن الكفر ينمى بعضه بعضاء فالكافر يبدأ جاحدا ثم يعاند ثم يؤذى المؤمنين ويحاربهم ثم يسير فى طريق الفساد حتى يتمكن الكفر منه فلا يؤمن. وإذا كانوا كذلك فلن يؤمنوا بآيات الله مهما وضحت وبهرت الأنظار» وتستمر لجاجتهم فى الكفر حتى يروا العذاب الأليم فى الدنيا والآخرة. أما فى الدنيا فقد كانت فى الماضى بالآيات المدمرة» أما بعد رسالة محمد يه فبالمقاومة لشركهم بالحرب» وجِنّد له أبطالهم» ذلك لأن النفس الجاحدة تغريها النصرة بالمخالفة والفساد» والسيف قد ينبهها فيهتدى من يهتدى. وفى الآخرة فالعذاب فى جهنم وبئس المصير. «( فلولا كانت قرية آمنت فَتقعها إمَانها إلا قوم يونس لما آمنوا كَشَفْنا عنهم عَذَابْ الخزي في اْحياة الانيا ماهم إَى حين (62 4 . عندما أدرك فرعون الغرق قال: «#آمت أنه لا لَه إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل 4 كان ذلك بعد أن سبقته الأحداث ولم تعد له توبة» وقد قص الله تعالى أمر قوم يونس وقد أجدى فيهم الإنذار وصدقوا رسولهم وهم على اختيار من سما والقرية هى المدينة العظيمة التى يتجتمع فيها الناس» ها 37 طهر نفوسها ومنع أهلها من الظلم وقربهم من ربهمء وجواب لولا محذوف إذا قلنا إنها شرطية» كقوله تعالى: 9 . . .لولا أنتم لَكُنَا مؤمنين 69 4 [سبأ]ء ودل عليه أو قام مقامه فنفعها إيمانها. وإذا قلنا إنها المجرد الحض على الإيمان فإنها لا تحتاج إلى جواب» ومهما يكن فالكلمات إفنفعها إيمانها ». بيان لأثر الإيمان وهو أن النفوس تتطهر وتقترب إلى الله تعالى ويكون لها الثواب والنعيم المقيم» ونفع الإيمان أيضا كان فى سعة من الوقت وليس كإيمان فرعون. تفسير سورة يونس لل ااال الك جل بر يي" ف إلا قوم يونس لما آمنوا كفنا عنهم عذاب الْخْزي في الحياة الدنيا ومتعتاهم إلى حين © الاستثناء منقطع بمعنى لكن» وفيه بيان نفع الإيمان» والمعنى ألا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانهاء لكن قوم يونس لا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى» وجوز النحويون أن يكون الاستثناء متصلا؛ لأن كلمة (لولا) حرف امتناع تدل فى مضمونها على النفى فيكون المضمون- ما قرية آمنت فنفعها إيمانهاء إلا قوم يونس فإنهم آمنوا وقت السعة والاختيار فنفعهم إيمانهم» وذلك كقوله تعالى: ل لما آمنوا كشفنا عنهم 4 أى حين آمنوا مختارين أزلنا عنهمء وعبر بكلمة ! كشفنا 4 إشارة إلى أن الخزى غمة وهلاك فإزالته كشف للغمة ومنع لهاء وأبقيناهم ممتعين مرفهين فى الحلال إلى حين قضاء أجلهم. وقد روى أن يونس - عليه السلام - قد بعث نبيا فى مدينة «نينوى» من الموصل وكانت مدينة عظيمة» وقصة الآشوريين فى حكمهم ‏ وهى مديئة قديمة دأب أهلها على تحصينهاء وقويت شوكة حكامها حتى خضع لهم الكثير من ممالك آسياء والملك الواسع يوصى بالتجبر كما كان من آل فرعون» وقد أغار قوم يونس كثيرا على من جاورهم» وكلما أغاروا أكثروا الفساد وسلبوا ونهبوا وارتكبوا الكثير من المظالم» أنذرهم يونس بالعذاب ينزل بهم لا محالة» وهم يعلمونه صادقا أمينا فيهم فلم يعبأوا ابتداء» ويروى أنه أخبرهم أن العذاب نازل بهم بعد أربعين ليلة فقالوا فى أنفسهم لو بقى فينا فنحن فى أمن وإن غادرنا لا نكون آمنين» لكنه غاب عنهم فقذف الله فى قلوبهم الرعب وفى قلب أميرهم الإيمان» ورأوا مقدمات العذاب تقترب منهم وتغشاهم وغامت السماء غيما أسود» فآمنوا واستغفروا وأنابوا إلى ربهم . وإن هذا المثل يضرب بعد فرعون الذى آمن بعد فوات الأوان» وهو مثل لإدراك قوم يونس بعد أن غشيهم ما جعلهم يتوقعون ما آنذروا به فسارعوا بالنجاة وأزالوا آثار ما اقترفوا. ولو شاء ربك لآمَنَ مَن في الأَرض كُلّهُمَ جميعًا أُقَأنت نَُكْرِه الئاس حت يكونوا مؤمنين 69 4 . ا تفسير سورة يونس 7( الللللللا ااال ااال ل ا إن كفر من كفر وهداية من اهتدى يكون بتقدير الله تعالى فى كتابه المكنون. كان النبى وَْهٌ حريصا على إيمان قومه ومن بعث إليهم جميعا؛ لأن الحجة قائمة والحق بين والهدى مرشدء فيبين الله تعالى له أنه سبحانه لو شاء لهداهم أجمعين» ولكن تركهم يختارون عن بينة» فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها. فقد خلق فيهم العقل الذى يختار ووضع فيهم النفس الآأمارة بالسوء والنفس اللوامة فكانت الإرادة حرة» وتم الاختبار ليكون الثواب والعقاب والله أعدل الحاكمين . فإ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كُلْهُمَ جَميعًا4, « كلهم 4 تأكيد. و جميعا» حال. . لو شاء الله أن يكون الناس كلهم مجتمعين على الهداية والإيمان لكانوا جميعا كذلك» ولكن لم يشأ ليكون الاختيار ويتميز المؤمن من الكافرء وقد قال تعالى: ٠‏ « ولو شتا لآنينا كل نفس هدامًا . 469.٠‏ [السجدة]ء ولكنه سبحانه أودع النفوس القدرة على الاهتداء» وبعث الرسل لكيلا يكون للناس 37 الله حجة وهدى الإنسان النجدين ليكون الاختيار 9 ... وتبلوكم بالشر والخير ... 462 [الأنبياء]ء ذلك ليكون التنازع بين الفضيلة والرذيلة وليكون من آمن عن بيئة ومن كفر عن بيئة؛ وكلمة © كلهم 4 تأكيد لفظى وجميعا حالء والمعنى مجتمعين على الإيمان لا يشذ من بينهم أحد. ولقد قال تعالى فى تقرير الاختيار: « ولو شاء ربك لَجَعَل النّاس أَمّةَ واحدة ولا يلون مختلفين (02 إِلأمن رحم رمك ولذلك حَلََهُم وتمت كَلمة ربك لأمْلأن جهنم من الجنة والناس أجمعين 659 4 [هود] . وإذا كانت تلك مشيعة الله تعالى وإرادته أن ترك لهم الاختيار» فليس لك أن يد منهم ما لم يرده الله لهم . أَفَأنت تكره الئاس حتَئ يووا مُؤمدينَ 4 أيكون الإيمان بإكراههم والله تعالى أراد لهم الاختيار فى الاعتقاد والإيمان» و(الفاء») لترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ تفسير سورة يونس لل 1 ااا‎ ١ يي لأنه إذا كان الله تعالى يريد لهم الاختيار فلا تكرههمء الاستفهام للونكار بمعنى النفى» أى ليس لك أن تكره الناس على أن يكونوا مؤمنين» وقدم (أنت) على الفعل لأن موضع النفى أن تكون أنت أيها النبى مكرههم» وقد قرر اللّه تعالى لهم الاختيار. ِحَتَئ يكونوا مؤمنين4 وهذا يفيد أن الإكراه موضع استنكار لأنه إيجاد للإيمان حيث لا تكون إرادة وقوله تعالى: حتّئ يكونوا مؤمدين» فيه ما يدل على أنه ينشئ مؤمنين» وليس له ذلك» إما هو لله تعالى الذى يقول: « ليس عليك هداهم ولكن اللَّه يهدي من يشاء . . . 679 »© [البقرة]. ف إِنّكَ لا تهْدي مَن أَحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين 3 4 [القصص]. « فَدَكَرإِنما أنت مُذَكْرٌ و لست عَلَيهم بمسيطر 69 4 [الغاشية]. ثم يقول تعالى: 9 وما كَانَ لنَفْس أن تؤمن إلا يإذن اللّه ويجعل الرجس على الّذين لا يعقلون (-0 © . أى ما استقام لنفس أن تؤمن بالله وباليوم الآخر والرسل الذين جاءوا بالأدلة الحاسمة إلا بإذن الله تعالى توجيها وتصريفا وتوفيقا فهو سبحانه وتعالى الملهم خلق النفس فسواها ألهمها فجورها وتقواهاء فمن سلك سبيل الهداية والرشاد واتبع ما جاء به الرسل واستمع إليهم أخذ الله تعالى بيده إلى الإيمان»ء ومن سلك سبيل الغواية أمعن فى طريق الضلال» وكلاهما بإذن الله تعالى وإرادته. ١‏ ويجعل الرجس على الْذين لا يعقلون © الرجس هو الأمر المستقذر فى العقل والإدراك والحس» كقوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلَي محرما على طاعم يَطْعَمُهُ لذ أن يَكُونَ مَييََ أو دما مسْفُوحًا أو لَحم خنزير فَإنهُ رجس أو فسقا أهل لغير الله به ... 652 » [الأنعام]ء أى أنه قذر حساء والكفر يعد قذارة معنوية يصيب الفكر تفسير سورة يونس ب للم ال ااا 0010 كما يصيب لحم الخنزير الله تعالى من قبيل المجاز بين الحق والباطل» ولا يعملون بعقولهم » بل يقولون نتبع ته الاك : ني لمعدة بالقذارة» فإطلاقه على الكفر والتخاذل والبعد عن بالاستعارة . أنه يجعل الرجس على الذين لا يدركون بعقولهم الفرق ما وجدنا عليه آباءنا ولا يديرون الأمور بميزان العقل فهم فى ضلال بعيد. «قل انظروا مَاذًا في السّمّوات وَالأَرْضٍ وَمَا تَعْني الآيات والتذر عن قَوْم ل يؤمنون 60 4 . يي رمه م أمر الله نبيه أن ينبههم إلى خلق السموات والأرض» وما يدل عليه» وأن يذكرهم بالوجود وما فيه عجائب ونظم ونواميس يدبر أمرها ويقوم على وجودها ويسيرها بإرادته» لا قل ارد ماذا في السّموات والأرض 4 8« ماذا 4 استفهام وتنبيه إلى غير مساره» للا اشم ل تجومها وأبراجها برباط محكم لا يمكن أن يسير نجم فى ١‏ 0 0 7 ل 2 7 2 بغي لها أن تدرك القمر ولا اليل سابق النّمَارٍ وكل في فَلَكٍ يَسبَحون 60 4 [يس]ء وكل ما فى الكون سخره أللّه للإنسان من ثروات سائلة وجامدة» وما فى البحار من كنوز وأحياء» وله الحوارى تجرى فى البحر» بإذنه والرياح العظيمة والناقلة للماء واللقاح . انظروا ماذا فى الآأرض والسماءء هل من إله غير الله يسيرهما. إن ذلك دليل على الكون ممسكا له من الزوال). 2 يشركون. للطيف الخبير المنشئ المبدع بإرادته السرمدية قائم على كل ذلك أقره العرب ثم أشركواء فتعالى الله عما #ا تفسيرسورة يونس لال لبلب 2 وما نعي الآيات والنذز عن قَوم لا يؤمنون4. «إما» نافية» والآيات هى الدلائل التى أشرنا إلى بعضهاء والنذر جمع نذير وهو الرسول 9 .. .وإن مَن أَمٍَّ لأ خلا فيها ندير 068 4 [فاطر] . والمعنى أنه لا تنفع الآيات والنذر نفعا فيه غناء عن قوم لا يؤمنون» أى أن الله سبحانه أقام الآيات كافيه وأردفها بالرسل مبشرين ومنذرين ولا ينفع هذا كله قوما لا يؤمنون» أى قوما ضلوا سواء السبيل وسلكوا طرائق الشيطان» 9لا يُومنُون 4 ليس من شأنهم الإيمان بل اضطربت عقولهم وقلوبهم ونفوسهم وأنهم لا يفقهم إلا قارعة تنزل بهم فهل ينتظرونها . ١‏ فَهَل يَسَطرُونَ إِ مغْل يام اْدينَ حَلَوا من فَبَلهِم قل فانتظروا إِنّي مَعكم من الْمَظرين 070 4 . يراد بالأيام هنا الوقائع» وما نزل بالأمم قبلهم من حسف وريح وحاجب .من السماء» و(الفاء) فى كلمة فَهِل » لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه يترتب على استمرارها فى غوايتهم وضلالهم أنهم لايتنظرون إلا قارعة مثل الذين مضوا قبلهم. والاستفهام إنكارى لإنكار الوقوع بمعنى النفى» أى لاينتظرون إلا أن يقع مثل ما وقع للذين مضوا من قبلهم ممن عاندوا فى الحق وحاربوه وفتنوا أهله قل فَانتظروا إِنَي معَكم من المنتظرين 4 أمر الله نبيه أن يخاطبهم منذرا مهددا. إن كل نبى بعث فى قومهء أما محمد كلك فقد بعث للناس كافة الأحمر والأسودء ومن عاصروه والأجيال من بعدهم وهو خماتم المرسلين. والنص فى الآية الكريمة يستدل منه إلى أنه سينزل بهم مثل ما نزل بمن قبلهم كريح أو خسف أو غرق» ولكن الآية التى قرعت حسهم وأذهلتهم فى باطلهم هى الحرب العادلة منعا للفتنة وفتحا للدعوة حتى صارت كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا هى السفلى. 1# تفسير سورة يونس اللا اااا60ا0اااااالو ا > ا ثم ننجي رسلنا والّذين آمنوا كذلك حقًا علينا ننج المؤمنين 09 4 . فبعد أن أشار الله تعالى إلى ما ينزل بالكافرين من نوازل الدنيا مثل الذين خلوا من قبلهم» ذكر أنه ينجو من ذلك الرسل ومن يؤمنون. كلمة «و ثم # للتراخى والبعد الزمنى والمعنوى؛ لأن ما ينزل بهم يكون بعد إمهال يتمادون فيه ثم يكون الهلاك ثم تكون النجاة» والبعد الفارق بين أن ينزل البلاء وبين النجاة من عذاب يعم ولا يخص» وأضاف سبحانه الرسل إليه تشريفا لكانتهم ولبيان أنهم ينطقون عن الله تعالى ولا يأتون ببهتان يفترونه ثم كانت المفارقة بين الذين آمنوا والذين كفروا بنجاة المؤمنين وهلاك الكافرين. وقوله تعالى: « ثم ننجي رسلنا 4 فيه كلمة 9 ثم 4 عاطفة على محذوف دلت عليه الإشارة إلى أنهم ينتظرون إلى أن يهلكوا مثل الذين خلوا من قبلهم . وقوله تعالى: «إ ننجي © بتشديد الجيم قرئت كذلك عند الأكثرين» وقرئت بالتخفيف» والتعدية بالهمزة والتضعيف» غير أنى أرى فى التضعيف معنى تأكيد النجاة والسلامة» فقد قال سبحانه: ‏ كذلك حقًا علينا ننج المؤمنين» تأكيد بعد تأكيد. وفى ذلك تبشير للنبى يَلَئِةِ بأن العاقبة للمتقين» وأن الظالمين مهما أرعدوا وأبرقوا فأمرهم إلى زوال» وأنه كَلٌِ ناج من كيدهم وتدبيرهم وغالب هو ومن معه فى هذا الميدان الدنيوى بين الخير والشر والإيمان والكفر . وقوله تعالى: «حقًا علينا 4 جملة معترضة بين متلازمين وهما ‏ كذلك »4 «إ ننج المؤمنين 4. وأن قوله تعالى 8 حقَا علينا 4 معترضة لتأكيد وعد الله تعالى للمؤمنين وأنه لن يختلف فسماه سبحانه حقا عليه وهو الذى لا واجب عليه ولا يسأل عما يفعل» و حقًا علينا )4 مصدر لفعل محذوف» واللّه ذو الفضل والمنة على عباده. قل يا أَيهَا الئاس إن كنتم في شك من ديني قلا أعبد الّدِين تَعبدُونَ من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفًاكم وأمرت أن أكوت من المؤمنين 6-0 4 . ##) تفسيرسورة يونس ااال ااااللللوااااإلا اللا 0ب )5 37 قد بين سبحانه أن المشركين فى قبضته ثم أمر نبيه كَكِةِ أن يجعل نفسه أسوة فى الإيمان. الخطاب لأهل مكة ومن يكون مثلهم كافة» ولذا نادى سبحانه يا أيها الناس © والنداء للبعيد» لبعد نفوسهم عن نفسه كَكلْهٌ ومجافاتهم للحق وهو يتبعه. إن كنتم في شك من ديني 4 إن كنتم فى ريب مع ما قدمت لكم من براهين وأدلة قاطعة على الدين الذى أؤمن به وأعتقده لأنه الحق فى ذاته والعقول تتلقى ما فيه بالقبول. مثلكم الذين تعبدون من دون الله وهى الأوثان» وعبر عنها بما يدل على العقل بكلمة ##الذين © مجاراة لتفكيرهم إذ يعدونها من العقلاء ويعبدها كبراؤهم من المشركين والضالين. وفى مجاراة الضال من غير اعتناق لما ضل به أفضل تنبيه» وحمل له على التفكير . تعبدون من دون الله 4 فى هذا دليل وبيان للسبب الذى دعاه علد لئلا يعبدها وهى أنها غير الله الذى لا يعبد إلا هو وحده لا شريك له. ولقد صرح كك بمن يعبده فى قوله تعالى: ف ولكن أعبد الله الذي يتوقاكم 4 واللاستدراك؛ لنفى أن أوثانهم تحيى أو ميت » وهو يتضمن إثبات عبادة الله وحده لا شريك له متجاوزا عبادتهم مبتعدا عنهاء وفى الكلمة القرآنية « الذي يتوفاكم 4 إشارة إلى استحقاقه للعبادة لأنه الذى يتوفى الأنفس حين موتها فهو يحيى ويميت وهم يرون ذلك ويشاهدونه. وقد ذكر سبحانه الوفاة ولم يذكر الإحياء؛ لأن الوفاة لا تكون إلا للحى فذكرها يتضمن ذكر للإحياء» وإشارة إلى أنهم ليسوا مخلدين وأنهم ضعفاء آلهتهم التى لا تضر ولا تنفع» لا تميت ولا تحيى. 1# تفسير سورة يونس لللللللللااا1ااااللللللا0االاااللللل الل للللك لحر ا « وأمرت أن أكون من المؤمنين4 جاء ذكر الأمر ولم يذكر الآمر سبحانه وتعالى الذى يعرفون أنه الخالق وحده؛ لأنه حاضر فى النفس دائما؛ لأن الأمر من الله يكون معه أمر العقل والإدراك المستقيم» والبرهان الصادق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهء فالأمر إذا جاء من الله الخالق الواحد الأحد جاء من العقل المدرك وجاء من الآيات البينات. وقوله تعالى: «( أن أكون من المؤمنين 4 فيه أن 4 مصدرية» والأمر بالكينونة بهذه الصفة يفيد أن يكون مندمجا بها فى المؤمنين فى جمعهم الطاهر البعيد عن الوثنية . «ل وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين 0-2 4 . 9 وأن أقم وجهك © . قوله تعالى: # وأن أقم #4 معطوف على قوله: و وأمرت أن أكون من المؤمنين 4 الذى جاء فى الآية السابقة» وجاء بصيغة الأمر من الله تعالى ومن آياته البينات الدالة على وحدانيته واستحقاقه للعبادة وحده» وكلمة 8 وأن» مصدرية هى وما بعدها مصدر» أى أمرت بالقيام لله وحدهء وفى قوله تعالى : «( وجهك »4 إشارة إلى الاتجاه إلى الله تعالى بنفسه كلها لا يكون فيه شىء لغير الله فالوجه كناية عن الذات كلهاء فيكون حبه وبغضه لله تعالى. كما قال كِلْنْةِ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله تعالى)(" . وقوله تعالى: حنيفا 4 معناه مستقيما فى اتجاهه بلا انحراف ولا اعوجاج ثم صرح سبحانه ببطلان الشرك وأنه منهى عنه فى قوله تعالى: 9 ولا تكونن من | لمشركين 4# فإنك إذ أمرت بأن نكون من المؤمنين فقد: نهيت عن أن )١(‏ سبق تخريجه. ا تفسير سورة يونس ممم )مال ااام خالل خا لاا !امام عع ممم خا اللا ليبنو 7 تكون من المشركين» وقوله تعالى: فإ ولا تكونن من المشركين »© معطوف على قوله تعالى : 9 وأن أقم وجهك للدين حنيفا # . وهكذا كان النهى عن الشرك بعد الأمر بالإيمان وإقامة الوجه لله بلا ميل» ذلك لأن الشرك يدخل إلى النفس من مسارب شيطانية كثيرة يحسبها الناس صغائر وهئ كبائر»ء فالمراآة فى العبادات شركء والخضوع للحكام والأمراء فى معاصيهم أشرك270 . م #ا م وقال تعالى: «فَويْل لَلْمُصلَينَ ( الّذِين هُم عن صلاتهم ساهون 2 الذِينَ هم يراءونت ©2) ويمتعون الماعون 0 4 [الماعون] . وقد كان تأكيد النهى عن الشرك بنون التوكيد الشقيلة وقد عطف على ذلك قوله تعالى: ولا تدع من دُون اللّه ما لا يَشَعْك ولا يَضركَ فإن فَعَلْت فَإِنّك إذا من «تَدع 4 الدعاء هنا العبادة والضراعة وهذا معطوف على 9 وأن أقم وجهك للدين حَنيفا 4 9 من دون اللّهِ4. أى غير الله تعالى وهى الأوثان التى جعلتموها أندادا لله مستحقة للعبادة» وقد وصفها سبحانه بحقيقتها الثابتة فقال: 8إما لا يَنفَعكَ ولا يَضرّك » أى أنها فى ذاتها لا تنفعه ولا تضرهء وجعل الخطاب بالنفع والضرر لمن يدعوها إشارة إلى أنهم تركوا ما ينفع ويضر إلى ما لا ينفع ولا يضرء وذكر هذه الحقيقة فيه تعليل للنهى عن عبادتها؛ لأنه إنما يعبد الجدير بالعبادة ويوفى الشكر لمن ينفع ويخشى عذابه» أما الأوثان فلا نفع فيها يرتجى ولا ضرر منها 3 يتقى . () رواه أحمدء وقد سبق تخريجه. ا تفسيرسورة يونس ااال للفلل جه يي إن عبادة الأوثان واتخاذها أندادا لله تعالى والشرك به سبحانهء ظلم بين» ولذا قال تعالى: فَإن فَعلْت فَإِنّكَ إذا من الظَّالمِينَ4, (الفاء) فى مقام التعليل للنهى» أى أن عبادة ما لا ينفع ولا يضر ظلمء وقد جاء ذلك بصيغة الشرط والحزاء ليبين ارتباط الفعل بوصف الظلمء أى أن هذا الفعل مترتب عليه وصف الظلم لا محالة. وقد ذكر ذلك بالشرط الدال على الارتباط أولاء والإيماء إلى الارتباط بقوله: إذا 4 أى أنه إذا كان الآمر كذلك فإنك من الظالمين لا محالة» و(الغاء) اثانية | للدلالة على الجزاء . «وإن د يمسسك الله بضر فلا كاشف لَه إلا هو وإن يدك بخَير فَلا راد لفَضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الْعَفُورٌ الرحيم 0 4 . بين الله تعالى أن من الإثم البالغ والضلال البعيد عبادة ما لا يضر ولا ينفع من جماد وغيره» ثم يبين سبحانه فى هذه الآية أنه هو الذى ينفع ويضر والنفع يشاؤه لعباده والضرر يكتبه عليهم . سه وإن يمسّسك الله ضر قلا كاشف لَه إلا هو . المس إصابة الإحساس بالألم والانزعاج» وأنه لا كاشف له إلا الله أى رافعه ومزيله» وقد عبر سبحانه عن إزالته بالكشف؛ لأنه يكون كالغمة تصيب النفس وتستولى عليها ولا تنحسر إلا بأمر من الله تعالى. والضمير هو يعود على الله سبحانه وتعالى ذى الجلال والإكرام وهو يجب أن يكون مذكورً فى النفس حاضراً فى القلب دائمّاء فالضمير يعود إلى معلوم فى النفوس والقلوب. ويقول سبحانه: 8 وإن ردك بِخَيْر فَلا راد لفَضَله4. وهنا نجد إشارتين بيانيتين : الإشارة الآولى ‏ التعبير باسم الفاعل فى قوله تعالى: فلا راد لفضله 4 وهذا يفيد أنه لا يوجد من يستطيع رده فليس الكلام لمجرد الردء بل هو نفى لوجود من يستطيع الرد ويقدر عليه ا تفسير سورة يونس لل الل ااال ا0اااللللللللااالملللل الا 32 والإشارة الثانية ‏ قوله تعالى: «لفضله4. فيها إظهار فى موضع الإضمارء ذلك لبيان أنه لفضل من الله ورحمة منه سبحانه وأنه واجب الشكر على هذه النعمة» وجاء التعبير هنا بقوله تعالى: «وإن يرك بخَير» للإشارة إلى أن الخير مراد لله تعالى مقصود إنزاله بالشخصء» وفى التعبير إبهام ثم بيان للتوكيد قال تعالى: © وإن يردك 4 ثم قال سبحانه: 8 بخير» فكان الأخير بيانا لإرادة الله تعالى بالعبد» ثم قال تعالى: # يصيب به من يَشَاء من عباده 4 أى يصيب بهذا الفضل من تتعلق به مشيئة اللّه من عباده. وتتعلق مشيئة الله بمن يسير فى طريق الخير كما كتبه الله تعالى فيوصله إلى غايته» والخير المذكور فى الآية هو النفع والهداية والاتجاه إلى الله ورجاء رحمته» ثم يختم الله تعالى هذه الآية بقوله: « وَهُوَ الْعَفُورٌ الرّحيم 4 أى أن مغفرته تعالى وقبوله التوبة هو الخير الذى يشاؤه لعباده.» ومغفرته من رحمته؛ لأنه سبحانه يريد لهم الخير برحمته وفضله». والشيطان يسول لهم الشرء فالذين مكنوا الشيطان من نفوسهم حرموا من الخيرء ومن أبعدوا وساوسه فقد اتجهوا إلى الله» وكل شىء بعلمه وتقديره سبحانه» كل شىء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. وقد أوضح الله الحق وبيّنه فقال تعالى : طقل يا أيها الئاس قَد جاءكم الحق من رَبَكُم فَمن اهتدئ فَإِنَما يهتدي لنفسه ومن املع ونا ميركل 2 4. أمر الله تعالى نبيه يَكَِةِ وقد بشر وأنذر أن يبين لهم أن الحق قد جاءهم بدلائله وقامت أعلامه. وقد علموا طريق الغواية وما فيه من اعوجاج» وطريق الهداية وما فيه من استقامة» فمن شاء سلك طريق الهداية وأصاب فيه الخير»ء ومن شاء سار فى طريق الضلالء» أصابه الشرء ويكون فى ضلاله عائدا بالضرر على إلا تفسير سورة يونس الللللللالااللااال الل لأسب أ الأمر الشابت فى ذاته وبأدلته وبراهينه من رسول منذر ومبشر وقرآن مبين فيه تكليفات الله تعالى الهادية إلى سواء السبيل والداعية إلى الخير المبينة لطريقه والتى الحق فسمع وأطاع فإنما يهتدى لنفسه. أى نفع بالهداية نفسه إذ هى الخير كلهء والله غنى عن عباده» ومحمد يَكلِْةِ لا عمل عليه إلا أن يبشرء ومن ضل فإنما يضل على نفسه بسلكه الغواية وتركه طريق الهداية بعد أن بدت الأعلام واضحة هادية» وحده. ويقول يَلَلْكّ بأمر ربه: فون أنا عليكم بوكيل» فينفى أنه وكيل وقد وكل إل أمر المحافظة عليهم . والباء فى قوله: # بوكيل 4 لاستغراق النفى» أى لست عليكم حفيظا قد وكل إلى أمركم ‏ بأى حال من الأحوال ‏ إنما أنا مرشد. كما قال تعالى: 8 ... إن عليك إلا البلاغ ...62 » [الشورى]» وقد بلغت» وكما قال تعالى: 8 ... إِنّما أنت منذر ولكل قوم هاد 6 > [الرعد] . واتبع ما يوحى إِلَيك واصبر حت يحكم اللّهِ وهو خير الحاكمين 09 4 . جعله الله قدوة فى اتباع الوحى وهو له ابتداء ولمن تبعه من المؤمنين» ولقد أمرهم سبحانه وتعالى بأمرين هما: خلااصة الحكمة. والدعوة المحمدية» ونوه سبحانه بأمر ثالث هو الخضوع لحكم الله تعالى وإليه المآل. الأمر فى قوله تعالى: واتبع ما يوحئ ' إليك 4 هو التكليفات الشرعيه كلها والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. 1# تفسير سورة يونس الالالال اللا للم للا ووه : 297 ومن التكليفات قيامه ككٍ بالتبليغ وهو لا يقصرء كما قال تعالى: «إيا أيها الرّسول بلغ ما أنزل إِليك من ربك وإن لم تفعل فَما بلغت رسالته واللّه يعص يعصمك من الاس إن الله لا يهدي القوم الكافرين 9 4 [المائدة] . إن الدعوة ليست أمرا هينا لينا ولكن يكتنفها المشاق والصعاب» فعلاج النفوس ليس أمرا قريب المنال» وإنما يتعرض لا يتعرض له أهل الحق من سفاهة السفهاء وأذى الأقوياء وغطرسة العتاة الظالمين. ولذا جاء الله تعالى بالأمر الثانى وهو الصبر فقال تعالى: 8 واصبر حتى يحكم الله 4 أى اصبر على ذات ما يوحى إليك من تكليف» هو فى ذاته شاق على النفوس ١‏ واصبر على أذى من تدعوهم» واصبر على الدعوة وجهاد الظالمين» الذين يفتنون الناس عن دينهم» وإن لذلك منتهى» هو حكم الله : وإن الله تعالى ناصر الحق وهو الهادى المرشدء وهو خير الحاكمين 4 . عدد آياتها ثلاث وعشرون ومائة» كلها مكية إلا ثلاث» الآية الثانية عشرة» والسابعة عشرة» والرابعة عشرة بعد الماثة . ابتدئت السورة بالحروف المعجمة» التى ذكرنا من قبل أنها من المشتبهات التى لا يعلم علمها إلا الله تعالى» وذكرنا ما نظنه حكمة فى ابتداء السور بهاء وأنها فى أكثر أحوالها يكون ذكر الكتاب والتنويه بأمره ثما جعل بعض العلماء يقول: إنها أسماء للكتاب نفسهء وقد قال الله تعالى من بعد الحروف 9 ... كاب أحكمت آياته ثم فصلّت من لَدنْ حكيم بير 0 4 . ومن بعد ذكر القرآن وأحكامه ذكر القصد الأسمى من الدين وهو عبادة الله ألا تَعبْدُوا إل الله ني لَكم منه تذير وَبَشيرٌ © 24 ىم طلب الاستغفار والتوبة وهى سبيل الله تعالى وسبيل الاستجابة» وأن الإيمان بالله وصدق الإخلاص يأتى بخيرى الدنيا والآخرة» وأن الإقامة فى الدنيا إلى أجل مسمى عند الله .. .وإن تَولُوا فَإنّي أَخَاف عليكم عذّاب يوم كبير (0 إلى الله مُرْجَعُكُم وهو على كل شيء قدير () 4 لكنهم يكفرون بالرجوع إلى الله تعالى ويصرفون صدورهم عنه ويستخفون منهء والله تعالى يعلم م يسرول وما يعانون ويعلم كل ما فى الوجود لوم بن داف الأرض إل على ل درء و اذى حق الشمرات الأ في سئة كن حرط على قناء يو أيكم أحسن عملاً . 46 ٠‏ ومع أنه الخالق المبدع فإنه سبحانه وتعالى يذكر بالبعث « ...ولتن قُلْت إِنَكُم مبْعْونُونَ من بعد الْمَوْت لَيَقُولَنَ الْذين كَمَروا إن هَذَا إلا /## 0.‏ تفسير سورة هود للاااللللللا 01 اكه تي سحر مُبِينْ 9 ولكن أَخَرنا عنهم الْعذَاب إلى أمّة معدودة يقلن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون 0 4 . الضراء وك أذقَا اإنسان م حم لماه مه إل ليون كفو ده ولمن أذق َعْمَاء بَعْد ضَرَاء ته لَيَقُولَنَ ذهب السيَمَات عَنى إِنَّه رح فَحُورٌ 9 إلا اْذين صبَرُوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كَبيرَ 9 4 . ويبين الله تعالى رغبة النبى يَلْةِ فى أن يؤمنوا جميعاء وأنه يضيق صدره بكفرهم فيقول سبحانه: 9 فَلَعلّك تارك بعض ما يوحئ إلِيك وضائق به صدرك أن يقولوا ولا أنزل عليه كر أو جاء مه مَك نّم أنت دير والله على كل شيء وكير 9 4 . ولقد أشار سبحانه وتعالى إلى إفراطهم فى طلب المعجزات ومكانة القرآن فى الإعجاز بقوله تعالى : « أم يقولون افتراه قل فَأنُوا بعشرٍ سور مئله مفريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كسم صادقين 09 فَإن لم يَسْتَجِيبوا لَكُم فَاعْلَمُوا أَنمَا أنزل بعلم الله وآن لا إِله إل هو هَل أنتم مُسَلمُوتَ 69 4 . وبعد ذلك ب بين سبحانه مز اين بر يريدون العاجلة وزيتتها اوأنه يونى ؛ إليهم الآخرة إل ال شط نا صما فيه وباط نا حاو يلون و ©4. ثم يوازن سبحانه وتعالى بين المؤمن الذى يكون على بينة من ربه الذى هو شاهد بين على خلقه وتكوينه وما نزل من قبله على موسى» أيتساوى مع من يكفر بالله ويتحزب ذ فى الكفر فالنار موعده «إ أَفَمن كان علئ بيّئة من ربَه ويتلوه شاهد منه ومن قبل كتاب مومى إِمَامَا ورَحمَة أولكك يوَمُونَ به ومن بكر به من الأحزاب فَالئَار ماهم 2 موعده فلا تك في مرية منه إِنَهُ الحق من رَبك ولك أَكثَرَ اناس لا ينود 09 4 . وأنه لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا « ومن أَظْلّم مم افْحَرَئ عَلَى الأ كذبا... 462 كما بين سبحانه أنهم ضعفاء أمام الله تعالى وأنهم ليسوا بمحجزيه» تفسيرسورة هود لل هك .. يي وأنه يضاعف العذاب ويتحدى صاحب الجبروت والطواغيت» وأنهم يوم القيامة هم الأخسرون» وعلى عكسهم المؤمنون الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أى أنابوا واطمأنوا إليه. وأنهم أصحاب الجنة هم فيها خالدون. . وقد لخص القرآن الكريم الموازنة بين الهدى والضلال بقوله تعالى: «مثل القريقين كالأأعمئ وَالأَصّمَ والبُصير والسسّميع هَل يُستويان مثلاً أفلا تذَكُرونَ © 4. لقد كان المشركون فى مكة يعبدون أوثانا ويعاندون ويجحدون ويؤذون» فناسب أن يذكر سبحانه قصص النبيين الذين جاءوا فى بلاد العرب وجوبهوا بالعناد والجحود والاستهزاء والسخرية ليتأسى بهم النبى ككل وليعرفوا عاقبتهم إذا استمروا فى عنادهم . وقد ابتدأ بذكر نوح أبى البشرية الثانى بعد آدم وقالوا: إن بعثه كان فى البلاد العربية أو ببلاد تدانيها» وجاء فى قصة نوح ‏ وإنها لصادقة - أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحدهء وكانت إجابة الملأ من قومه مماثلة لا أجاب به المشركون فى مكة وأنهم كانوا يعيرونه كما عيروا محمدا كَل بأن الضعفاء والعبيد هم الذين اتبعوه . قال املأ من قوم نوح الذين سارعوا فى فى الكفر وبادروه 8 .. .ما تراك إل بَشْرا مَعْنَا ومَا تراك اتَسَعَك إل اين هم أَراذلنا بادي الرأي وما ترئ لكم علينا من فضل بل نظتكم كاذيين 469 . وقد قالت قريش مثل هذا القول للنبى يكلِ 9 وَقَانُوا ما لهذا الرَسُول يأكل الطَّعَام ويمشي في الأسواق .. )4 [الفرقان]ء وقد قال نوح لقومهٍ إنه على بينة من ربه الذى آتاه رحمة # . ..فممَيت عَلُْمْ وها وشم لها كرهُودَ 68 4: كما أنه لا يسألهم أجراء وطالبوه ه أن يطرد من معه لأجل أن يدخلوا فى دعوته فيقول نوح عليه السلام: ويا قوم لا أسألكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد دين آمُوا نهم ماهوا وهم ولكني راحم قوم هون 9 ويا قوم من ينصرني من الله إن طَردنُهم ألا كرون 246 ثم عيره قومه أنه ليس غنيا مثل كبرائهم فى 9 18 تفسير سورة هود الملللللل االو 0 سرب زا الشرك فيقول لهم: «ولا أفول كم عددي خزائن الله ولا أعلم اليب ولا قُول إني ملك ولا أقول للّذين تردري أعيئكم أن يؤتيهم الله حيرا . 6 4 تململ الكافرون الذين أصموا آذانهم عن الحق فقالوا: «يا نوح قد جَادَلسًا فأكثرت جدالَنا فَأتنا ما تعدنًا إن كنت من الصّادقِينَ 9) 9 4» فيرد قولهم بأن الله تعالى هو الذى يأتيهم به إن شاءء وييأس منهم نبى الله عليه السلام فيقول لهم ولا ينشعكم نصحي إن أردت أن أنصح لَكُمْ إن كان الله يريد أن يعْويَكم هر ربكم ويه ترجعون 690 4. وقد تشابه موقف مشركى مكة مع مشركى نوح الذين تشابه تحديهم مع حال مشركى قريش فى إهمالهم المعجزة الكبرى وهى القرآن وادعائهم أنه مله قد افتراه . شر لوح عن إيسعا ار شوم وأوجى أيه د ان يوسن متهم ل ل زا عا سد تاي بل يصن اوسن سخرية شومة دقو لور 8 يحمي ام هاس سن مها مه وك لأس سيق عليه قل وم ا ومن مي قي 60 7 ثم نادى نوح عليه السلام ابنه وكان فى معزل 9 ...يا بتي اركب مُعنَا ولا تكن مع الْكافرِين 69 قال سآوي إلى جبل يعصمني من الْمَاء قَالَ لا عاصم اليم من أَمرِ الله إل من رَحم وحال بينهما الْمَوَج فَكَانَ من الْمُْرَقِينَ 9© 4 . وينادى نوح ربه حزينا فإ .. .رب إن ابني من أهلي وإِنَ وعدك الْحق وأنت أَحكم الحاكمين (52) ©4. فيجيبه سبحانه : «قَال يا نوح إِنّهِ ليس من أَهلك إِنّه عمل غَيْرُ الح فلا تسألن ما ليس لك به علّم إِنّي أعظك أن تَكُونَ من الْجَاهِلِينَ © 4 يتدارك نوح ل تفسير سورة هود مالالا جب ب يي عليه السلام قائلا: قال رب إِنَي أعوذ بك أن أَسأَلَك ما ليس لي به علم وإلاً تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين 69 4 . وإنه بعد غرق الكافرين برسالة نوح» ذهب الطوفان 8 قيل يا نوح اهبط بسلام ما وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ... 62 4 . وهذه القصة ليست مكررة فى مواضع أخرى بهذا السياق الذى جاء فى هذا محمد عَكا من قريش ؛ وإن كانت النتيجة مختلفة؛ لأن رسول الله يي كان يرجو فيها: تك من نا قيب ترحمها لما حت تله أت ولا فاك من قل هن فاصبر إن الْعاقبَةَ للمتّقين 62 > . بين سبحانه وتعالى الخبر الصادق عن عاد مع نبيهم هود عليه السلام» فنجد أن إجابتهم كإجابة مشركى مكة من العرب للنبى يَكِلَةِ فيقول سبحانه: ‏ وإلئ عادٍ أَخَاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم م مَن لَه غير إن أنتم إلا مفتروت © 4 . وأنه بين لهم التوحيد دين الحق وبيّن أنه لا يريد منهم أجراء إن أجره إلا على الله» ويقول لهم: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مُدرارا ويزدكم قوة إلئ قوتكم ولا تتولوا مجرمين 29) ©. ويردون بأنه لا دليل على ته: «قَالُوا يا هود ما جِمْعَنا ببِينَةَ وما نحن بتاركي آلهتنا عن فَولك وما نحن للك بمؤمنين 69 4 . نرى الإجابة واحدةء إجابة عاد وإجابة مشركى العرب» الذين قالوا عن محمد عَلِلَه ©« . . .رجلا مُسحورا 69 © [الإسراء]ء وأنه يعتريه الجحئة ويحسبون أنهم يستطيعون علاجه وكذلك قالت عاد لهود من قبل فإن َقُول إل تراك بعض آلهنا بسوء قَال إِنّي أشهد الله واشهدوا أنّي برِيء مما تشركوت 69 4 . 1# تفسيرسورة هود للللل لل الل 01110011 لسر زات وندد بهلاكهم إذا لم يجبيوا دعر التوحيد 9 ...سلف وني فنا تك ولا تضروته شيئا إن بي علَى كل شيء حفيظ 69 4 . ثم ينزل بهم أمر الله تعالى بريح عاصف كما , بين الله فى سورة الأحقاف وَاذكُرأخَا عَاد نر فَرْمَه بالأحقاف وَقَد خَلت التّدْر من بين يديه ومن له آنا تعبدوا إلا الله ني أَحَاف عَلَيَكُم عَذَابِ يَوْمِ عظيم 00 قَالوا أجِْتنا لتَأفكمًا عن آلهنا فَأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقينَ 69 قَال نا العم عند الله بكم ما لت به ولكتي أراكم قَوما تجهلون 22 فََما روه عارضا مُستقبل أوديتهم فوا هذا عارض مُمطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عدَاب أليم 60 تدمر كل شيء بِأَمْر ربا فَأُصْبَّحوا لا يرئ إلا مساكنهم كذلك نَجزِي الوم المجرمين 4062 . كانت هذه عاد وعاقبة جحودها ولقد قال تعالى: 8 وتلك عاد جحدوا بآيات بهم وعصوا رسله واتبعوا أَمر كل جبار عنيد 59 وأَنْبعُوا في هذه الانيًالَعنَةَ ويم الْقامَة آلا إن عادا كفروا بهم ألا بعدا لَعَاد قرم هود 2 4 . ثم جاء ذكر صالح عليه السلام وقد بعث فى ثمود فقال تعالى: وإلى مود أَخَاهم صالحا قَال يا قوم اعبدوا الله ما لَكم م من إل غيره هو أنشأكم من الأرض استَعْمرَكُم فيها فَاستَعْفروه م ُوبُوا إِلْه إا وبي قريب مُجِيبْ 69 4 . دعاهم إلى دين الله تعالى وهو الوحدانية» وذكر معها دليلها الذى هو الإنشاء والخلق والتكوين» ولكنهم أجابوا بالكفر كما أجاب مشركو العرب ظقَانُوا يا صالح قد كنت فينا مَرَجوا قَبَلَ هذا أَتَنْهَانَا أن تُعبد ما يعبد آباونا ونا لفي شك مما آتاهم بالبينة وهى ناقة الله © ويا قوم هذه ناقَة اللّه لكم آي فذروها تَأكل في أَرْضٍ الله ولا تَمَسُوها بسوء فَيَأَخْذَكم عَذَابْ قَرِيبْ 69 فَعَقرُوها فَقَالَ تَمتّعُوا في دَارِكم ثَلاَة يام ذلك وعد غير مكْذوب 2 4. ثم نجى الله تعالى صالحا ومن آمن معه وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى دارهم جاثمين ا تفسير سورة هود الل 0ج وس يي وقد جاء بعد هؤلاء ذكر إبراهيم يم أبى العرب وأبى الأنبياء» وابتدأ بذكر رسل الله تعالى من الملائكة إليه عليه السلام. ولقد جاءت رسلا إبراهيم بالبشرئ قَالُوا سلاما قَالَ سلام فَمَا لَبث أن جَاء بعجل حنيذ 69 © . كان إبراأهيم 0 جوادا فما لبث أن جاء بعجل حنيذ- أى مشوى فلم رأئ أيديهم لا تصل ! ليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إِنا أرسلنا إلى قوم لوط 69 0 وَامْرنهُ فَئمَةٌ فَصَحكت فَبَشَرَْاهًا بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب 9) قات يا ويل أآلد وأنا عجوو وهذا بعلي شبح إن هذا لَشيء عَحيبْ 09 فَالُوا َفْجَينَ من أَمْر الله رَحْمَت الله وبَركَائه علَيكُم أَهْل الْبِيت إِنَّهُ حميد مُجيد 69 4 . كانت معجزة أن تلد إذ لم تلد وهى شابة ثم وهى عوان2"7, فكيف تلد وقد صارت عجوزا. علم إبراهيم خليل الله أنهم جاءوا إلى قوم لوط منذرين مهلكين فأخذ يجادلهم لأنه أواه عطوف حليم منيب إلى ربه فأجيب بقوله تعالى : : «إيا إبراهيم أغرض عن هذا إِنّه قد جاء أمر ربك وإِنّهُم آتيهم عذاب غير مُردود 69 4 . ولقد ذهبت رسل الله من بعد ذلك إلى لوط فسىء بهم وضاق بهم ذرعا قوم سوءع ا يفعلون الفاحشة» ويأتون الذكران من العالمين» فقال لهم لوط: ١‏ ...يا قوم هؤّلاء بناتي هن أَطْهَرٌ لَك فَانُّوا الله ولا نُخْرُون في ضيفي ألِيس مدكم رجل رُشيد 69 4 . ولقد أحس لوط بالضعف وأنه لا نصير له يشد أزره فأزال رسل الله من لملائكة كربه وبينوا له ط قَانُوا يا ُوط إن سل ربك ن يصلُوا ليك سر بأهلك بقطع مَنَ اللّيل ولا يفت منكم أَحَد إلا امرأتك إِنَّه مُصيبها ما أصابهم إِنّ موعدهم الصبح أليس البح بقريب 69 4 . )١(‏ العوان: كل ذات زوجء والمتعاونة : المرأة الطاعئة فى السن. والمقصود الأخير. القاموس المحيط - عون. 9 تفسيرسورة هود اللللللل ااا ا يي ثم جاء أمر الله فجعل عاليها سافلهاء وأمطر اللّه تعالى عليهم حجارة من سجيل منضود أى متتابع مصفوف» «( مسومة عند رَبك ... 65 © أى معلمة عنده سبحانه» وما هى من الظالمين ببعيد. جاء بعد ذلك خبر الله تعالى عن شعيب عليه السلام وقومه «مدين» فقال تعالى : وإلئ مدين أَخَاهم شعيبا قَال يا قوم اعبدوا الله ما لَكُم م مَن إِلَه غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنَي أراكم بخير وني أخاف عليكُم عذَاب يوم مُحيط 69 ويا قوم أَوفو | المكيال والميزان بالقسط ولا تَبخَسوا الئاس أشياءهم ولا تعموا في الأرضٍ مفسدين (62 4 . وقد بين لهم أن البيع الحلال خير وأبقى وأبرك» فأجابوه كما أجاب مشركو مكة كما جاء فى قوله تعالى: ظ قَالُوا يا شعيب أصلائك تأمرك أن ترك ما يعبد آباؤنا أو أن تَفعل في أموالنا ما نشاء إِنّكَ لأنت الحليم الرّشيد 69 4. قالوا الجزء الأخير متهكمين والجزء الأول منكرين مستغربين » وهذا ما أجاب به مشركو العرب. لكن شعيبا عالج نفوسهم المتمردة على الحق فذكر لهم أنه يطيع الله فيما يدعو إليهء وأنه لا يدعوهم إلى أمر ويخالفه ف[ . .وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أرِيد إلا الإصلاح ما استَطعت وما توفيقي إلا بالله عليه تَوكَلْت وإِلَيّه أنيب (52) © . وقد طلب إليهم أن يستغفروا ربهم ويتوبوا إليه بعد أن يقلعوا عن عبادة الأوثان» لكنهم انتقلوا من الإنكار إلى التهديد بعد تحذيرهم أن يصيبهم ما أصاب من كانوا قبلهم: ف( ...وما فوم لوط سكم يعيد 469 . «قَالوايا شعيب ما تَفَقَهُ كفيرً مما نه تقول وإِنا لراك فينا ضّعيفا ولولا رَهطّك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز 69 4. وهكذا كان يقول مشركو قريش لمحمد يلل كما أنهم هموا بقتله لولا خوفهم من بنى هاشم. ثم يقول لهم شعيب عليه السلام . لإا تفسير سورة هود الال لح اا طقال يا قَرم أرطي أَعَرٌ علَيكُم من الله وانحَذتَمُوهُ وراءكم ظهريًا. . . 69 4 . لكن قومه عاندوا واستمروا فى جحودهم فأنذرهم 8 ...سوف تعلّمون من أنه عذاب ييه هاب وارتبوا ني كم قيب 460» ثم ينجى اله تعالى شعيبا والذين آمنوا معه وتأخذ الصيحة الذين ظلموا وتلك عاقبة المكذبين 0 .ألا بعدا لَمَدينَ كما عدت تَمُود 652 4 ثم جاء ذكر موسى عليه السلام مع الطاغية فرعون فى قوله تعالى: « ولقد رسلا مُومئ بآياتنا وسلْطَان مبينٍ © إلى فرعَود وَملمه فَانبعُوا مر فرعَوَد وما أَمْر فرعون برشيد 509 يقدم قَومه يوم القيامة فَأَورَدَهُمَ النَارَوبمْس الْورَدُ الْمَوَرُودُ 69 وأنبعُوا في هذه لَعنة ويم القيامَة بس الرقد المرفرد 9© 4 . العبرة من القصص الحكيم ين سبحانه العبرة من هذا القصص وأنه كان غيبا على النبى كله فقال تعالى : «إ ذلك من أنباء القرئ نقصه عليك منها قائم وحصيد (-0 4 أى تقادم أثره كالزرع المحصود» وإن هؤلاء أحذوا بذنو, بهم فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون» وأن آلهتهم التى عبدوها من دون اللّه ما أغنت عنهم وما زادتهم إلا هلاكا. « وكذلك أَحْدَ رَبك إِذَا أَحَذَ القرئ وهى ظَالمَة إن أَخذه أليم شديد 69 4 . وإن فى ذلك عبرة لمن خاف عذاب الآخرة» ذلك اليوم المشهود الذى أآخر لأجل محدود يوم يَأت لا تكلم نفس إلا يإذنه فمنهم شقي وسعيد 6-2 4 . لين سيعت مآل الذين كفروا وشقوا ففى النار» لهم فيها زفير وشهيق كما , بين سبحانه الذين سعدوا وهم أهل الإيمان ا ففي الْجئة خالدين فيها ما امت السمُوَات والأَرْضّإلَما شَاءَ يك عطَاء غيْرَمَجْدُوذ 2 © أى غير منقطع . 0 1# تفسير سورة هود الملللللل ل ا م0111 كا : -- هذه حقائق ذكرها الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام» وفيها أن الرسل من قبله قد نال منهم أقوامهم بمثل ما ينال قومك منك» وأن العاقبة للمؤمنين» أما هؤلاء فلا يصح أن تدفع أفعالهم إلى الشك فى أن الله سيوفيهم نتيجة كفرهم غير متقوص « فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبَدُون إل كما يعبد آباؤهم من قَبل ون تم لاي 2 م لموفوهم نصيبهم غير منقوص 09 4 . وأن الشرائع التى شملها كتاب الله العزيز قد سبق فيها موسى بكتاب فاختلف فيه» وأنه لولا كلمة سبقت من ربك ببقاتهم حتى يوم الجزاء لقضى بينهم فيما كانوا فيه يختلفون» وأن اليهود قوم موسى لفى شك منه مريب» وأنهم جميعا سيوفيهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير. كما بين الله تعالى لنبيه ما يحب أن يسلك فى دعوته فقال سبحانه: ف( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا َطُوا نه بم تَعمُونَ ببصير 659 ولا تَركنُوا إلى ين ظلَموا فعَمْسَكُم ار وما لكُم من دون الله من أولياء ثم لا تصرون 67 وأقم الصّلاة طرفي النَهَارِ ورلا من الليلِ إن الحستات هبن السَيّمَات ذلك ذكرئ للذاكرين 09 وَاصبرفَإِنَ الله لا يُضيع أَجر المُحْسدِينَ 52 فلولا كان من الْقرون من قَبْلكُمْ ونوا بقية ينهون عن اأفساد في الأرض إلا ليلا َم أبميا منهم واتّع اين ظَلَمُوا ما رفوا فيه ركانوا مُحرمِينَ 659 4. هذه حكمة الله لا يهلك القرى إلا بظلم أهلها وغفلتهم عن إدراك العواقب التى تستقبلهم وليسوا مصلحينء ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولكنها إرادته . فجعل فيهم المفسد والمصلح 9 ...ولا يزالون مختلفين (613 إِلاّ من رحم ربك ولذلك حلقهم وت كلمة بك ألا جهنم من اج الئاس أبتتهين 4659 . ين الله تعالى أن العبرة يسوقها للناس وللنبى ليثبت فؤاده ويزيده تمسكا بالحق فيقول تعالت كلماته: « وكلاً نُقص علَيِك من أنباء الرسَل ما نبت به فُوَادَكَ وجاءك في هذه الحق وَموَعظَة وذكرئ للْمَؤْمِينَ 650 وقل للّدين لا يؤمنُون اعمُوا على / تفسير سورة هود ملل 5-8 مكَاَكُمْ نا عامُونَ 075 وَانتظرًو إن مَرُونَ 0590 وَللَّه غيب السسّموات والأرض وإليه إليه يُرجَع الم كله فاعبدهُ وتَوَكَل عَليْه وما ربك بغافل عَمًا تعملون 679 4 . إن ما ذكر من القصص ليس تكرار لما ذكر فى غير سورة هودء ولكن كلما كان هناك إشارة كان هنا بيان» فقصة الفلك مثلا ذكرت هنا مفصلة مبينة» وذكرت فى غيرها مشارا إليهاء وكذلك قصة لوط كان فيها إجمال وتفصيل» الإجمال كان فى الفسادء وفصّل الهلاك حيث إن تفصيل الفساد كان فى سورة أخرى كما أشير إلى الهلاك . معانى السورة الكريمة قال تعالى: سخ ل 3 حكن كذ اكت مضتو ند كير ع 2 مرخ يي سه رمه م عو 2م تعبدوا إلا أسَهإِتَىى ليه نذير و شار لز م آذ ا 0 تدم ا ا ا ا بعكم نَعَاحَسَمَا ك1 0 اذى فَصْلفَضَلةُ دووف أخاف ع 2 >عذاب يوم 5 كر لاسي لويذ الك 1 0 201010 هه لات 52 وما يَعلَم ماسرو وما نعلي يدَا تا دراي إن ما نعلمه عن الابتداء بالحروف المفردة ذكرناه فى أول سورة البقرة وآل عمران وأول سورة يونس» ولا يفيد هنا تكرار ما ذكرناه هناك وإن التكرار بغير غرض مقصود لا يجوز ممن يتكلم فى القرآن لأنه المنزه عن اللغوء فلا نلغو فى معانيه . 0 8# تفسير سورة هود ااال كلامل للللناللااااااخامخمامخما نا للاالالاك ةطخلل ممم لللاتالخضسطخخخخ ةلأ لل للالالط لا اططخامممماااطططاسطط خط ممم خخخخخممخ سسطططللا اج 1 ( ار كناب أحكمت آياه لم فصت من فنا حكيم هر 09 4 جاء ذكر الكتاب بعد الحروف المفردة التى فهم بعض المفسرين أنها رمز للكتاب الكريم» وفى كلمة ف« كتاب ) التتكير للتعظيم؛ أى أنه كتاب عظيم لا يطاول ولا يأتى أحد بمثلهء « أحكمت آياته 4 أى نسقت ألفاظه فهى متآخية فى نغمتها وتآلفها وهو نسق بيانى مؤتلف غير ممختلف» ومعانيه متساوقة فالخواطر تتسابق إلى النفس بإيماء من الله يمهد كل معنى ل يليه كعقد من الجواهر تتبع كل حبة أختهاء وأحكم مدلوله لا يعروه تضليل ولا تبديل» ولا تناقض أو تضارب فى معانيه» بل إنها متلاقية متعاونة مدعمة بالحجج والبراهين القاطعة الحاسمة تسير متهادية متصلة» ولكلمات الله المثل الأعلى . ء«ثم فُصّلت» (ثم) للترتيب والتراخى» والتراخى هو التراخى المعنوى» ذلك لآن الناس ألفوا أن الكلام المحكم فى نغمه وألفاظه وكلماته وأسلوبه لا يكون مفصلا فى معانيه؛ أى لا يكون مبينا واضحا؛ لأن النغم يشغل القارئين عن المعانى» ولكن هذا القرآن كتاب الله الخالد فى الوجود الإنسانى» كان مع حلاوة نغمه وتواصله وعباراته وتساوق معانيه مبينا مفصلا لأبواب الحلال والحرام والعقائد والمواعظ. والترتيب ليس للترتيب الزمنى, إنما هو للترتيب الفكرى والترابط النفسى فكلمة لم4 هنا للترتيب والتراخى . ولقد أعطى الله تعالى القرآن شرفا إضافيا بعد شرفه الحقيقى فى إعجازه وأنه لا يزال يتحدى الخليقة عربا وعجما أن يأتوا بمثله وأنى يكون. فيقول تعالى: 18 من لَدنْ حكيم خَبيرٍ» كلمة طمن لد معناها من عند وقل أن تستعمل فى القرآن الكريم فى غير جانب الله العليم القادر. ويقول الزمخشرى فى معنى الآية الكريمة : « أحكمّت » دون الباطل ثم فصلَت» كما تفصل القلائد الفرائد من دلائل التوحيد والأحكام والمواعظ والقصص . إذ جعلت فصولا سورة سورة؛ وآية آية ووقّت فى التنزيل فلم تنزل جملة واحدة» فإن قلت ما معنى كلمة لاثم 4؟ قلت: ليس معناها التراخى فى الوقت بل فى الحال» فتقول هى محكمة أحسن # تفسير سورة هود الوا لل ااال ااا060606ااالللإلللااااال0ا0االلللالاالل لل كسب أ الإحكام ثم مفصلة أحسن التفصيل» وفيه طباق حسن لأن المعانى أحكمها حكيم, وفصلهاء أى بينها وشرحها خبير عالم أى قوله تعالى: «(حكيم خبير4 فيه هذا الطباق بين أحكمت وفصلت ووصفها الله تعالى بأنها 9 من لَدنْ حكيم حبير» . وقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك المقصد الأصلى من القرآن ألا وهو التوحيد وإثبات رسالة النبى يَكَلِيِةِ. لذا قال تعالى: ( نموا له لل ني لك من ندر وير 400 . النفى والإثبات دليل على قصر العبادة على اللّه وحده لا يعبدون غيره من أوثان أو أشخاص أو أى كائن من مخلوقاته سبحانه وتعالى. أى أن الله تعالى أحكم القرآن وفصل آياته تفصيلاء وأقام فيه الدلائل القاطعة على أنه الخالق لتعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئًا. ثم يقول تعالى حاكيا عن قول نبيه مَل : إِنَِّي لكم مَنْه نذير» لمن عصى وأشرك أنذره بالسعيرء 8 وبُشير » لمن آمن بالله تعالى وحده وكلل إيمانه بطاعة الله فيما أمر به من طاعات فيها خير الدنيا والآخرة» وفيما نهى عنه من معاص فيها فساد فى الأرض وعذاب فى الآخرة» والضمير فى كلمة 8 منه 4 يعود على الله تعالى . ويأتى ذكر النذير البشير يَلِةٌ بعد عبادة الله تعالى وحدهء إيماء بأن القرآن الكريم قد أحكمت أياته وفصلت ليكون آية النبوة ومعجزة الرسالة المحمدية الخالدة إلى يوم الدين. فالقرآن الكريم هو البرهان لعبادة الله وحدهء وهو معجزة النبى كلد تلك المعجزة الكبرى التى لا تدانيها فى بقائها وثمراتها معجزة أخرى من معجزات النبيين قبله وَكِ. بعد أن نهى سبحانه عن عبادة غير الله وبين أن النبى مله نذير وبشير أمر بالاستغفار والتوبة فقال: 8# تفسيرسورة هود الالالال لل كان : ي- (وأن سفوا كفم نوي ساحن إل أجل مس وات عل ذي فضل فضله وإن تَولوا فَإنِي أخاف عليكم عذَاب يوم كبير 20 4 . (الواو) عاطفة على قوله تعالى: «ألاً تعبدوا إلا الله 4 ولتضمنها معنى الأمرء وإن كانت للحكاية» ولكن لأنها غاية أحكام الآيات وتفصيلهاء وكون النبى كتِلِ له الإنذار المؤكدء والبشارة كانت فى معنى الطلب بدليل الإنذار والتبشير» إذ لابد أن يسبقها الطلب» ولذا جاء عطف الطلب. كلمة « وأن 4 فى قوله تعالى: طون استغفروا ربكم 4 يصح أن نقول إنها تفسيرية» ويصح أن تكون مصدرية. والاستغفار طلب المغفرة» والخطاب لقوم مشركين فطلب إليهم أولا الإقلاع عن عبادة الأوثان» ثم الاستغفار» وطلب عفو الله فيما ارتكبوا من آثام فى حقه سبحانه» ثم يكون بعد ذلك الرجوع إلى الله والعيش فى رحابه» وذلك بالتوبة إليه. كأن الاستغفار هو الدخول إلى الوحدانية مع طلب عفو الله ومغفرته» ولهذا قدم الاستغفار على التوبة؛ لأن الاستغفار كان عن الشرك وما اتصل به من جحود وعناد» والتوبة الرجوع إلى الله وطاعته فيما أمر ونهى. والتعبير بكلمة ثم الدالة على الترتيب والتراخى للدلالة على البعد بين المقامين» مقام الاستغفار عن الشرك ومقام التوبة» فالتوبة ذاتها عبادة» ولا تراخى فى الزمن بل الزمن واحد ولككن البعد فى الرتبة. وفى قوله تعالى: «( استغفروا ربكم 4 معنى قرب الله تعالى من العبد لأنه ربه الذى برأه ورباه وقام على تدبير حياته وحياة ما حوله. «إ ثم توبوا إِلَيهِ 4 أى عودوا بالتوبة إليه سبحانه؛ لأن العبد بالشرك يبعد عن الله بعد أن خلقه حنيفاء وبالتوبة عاد إلى ما ابتدأ وهو القرب من الله . د توبوا 4 فعل أمر له جواب كجواب الشرط؛ وقوله تعالى: إ يمتعكم منَاعا حَسنا إلى أجل مُسمَّى 4 أى إن تتوبوا بعد أن تستغفروا يكن الجزاء أن يمتعكم متاعا حسناء» أى يمكنكم من أن تتمتعوا متاعا حسنا. والمتاع اللحسن هو المتاع نا تفسير سورة هود الل > ا الحلال الذى يكون من كسب حلال وفى خلال كالرجل مع زوجهء والمتاع الحسن مادى كالذى أشرنا إليه» ومعنوى وهو الاطمئنان إلى الحق» والقرار» وعدم الظلم» والرضا والقناعة» والاستمساك بالفضائل, والبعد عن الرذائل» والسكون إلى جانب اللّه» ولقد قال تعالى: «مَن عمل صالحا من ذَكَ رٍأَو أننى وهو مؤمن فلنحبيئه حيّاة طَيْبَة . .. 69 # [النحل]. وأن هذه المتعة التى تعم المجتمع الفاضل هى إلى أجل مسمى وهو الحياة الدنيا. «ويؤت كل ذي فش فض هذا الإيتاء فى الدنيا والآخرة. أما فى الدنيا فإنه يتكون مجتمع فاضل كريم حيث يكون كل ذى فضل فى مكانته» فيعطى حقه غير منقوص» ويتمتع الجميع بمتاع حسن وتكون الحقوق قائمة أدبية ومادية» فالمجتمعات التى لا تظلها الفضيلة لا تعرف فيها قيم الأفاضل وتضطرب الموازين اضطرابا شديدا بل تنقلب للرجال والأعمال معا. وأما فى الآخرة يؤتى ذو الفضل فضله بالنعيم المقيم والرضوان من رب العالمين وهو الجزاء الأكبر. وفى قوله تعالى: « ويؤت كل ذي فصل فضله 4 معناه جزاء فضله ولم تذكر كلمة الجزاء » وإن قدرت فى مطوى الكلام» للإشارة إلى أن الجزاء مساو للفضل تماما حتى كأنه هوء فالله تعالى عادل حكيم. وفى مقابل جزاء الذين يحسئون قال تعالى مهددا من يعرضون: « وإن تَولُوا فإني أَحَاف عليِكم عدّاب يوم كبير 4 تولوا أصلها تتولوا وحذفت التاء لتوالى التاءات وذلك كثير فى العربية وفى القرآن الكريم» ويكون خطابا للمخاطبين فى قوله تعالى: أن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه 4 ولكن من الذى يخاطبهمء أهو الله تعالى أم نبيه كلد والله جل جلاله لا ينسب له الخوف ظ قَإنَي أخَاف علَيكُم 4 فيكون أليق بالنبى يك على أساس بشارته وإنذاره. الكلمات إنذار للذين يعرضون وينصرفون عن كلام الله وهو أنهم محل خوف ممن أرسله هاديا ومبشرا ونذيراء وقد أكد الله تعالى الخوف عليهم بالجملة الاسمية وبكلمة إن 4» وقوله تعالى: «إعذاب يوم كبير» الكبر ا تفسيرسورة هود ) الل كه : يي أوصف لليوم» وكبره لأن فيه أهوالا شديدة ولأنه يوم الشدة يحس الإنسان بطوله كما أنه فى ذاته كبير فيه الحساب والثواب والعقاب. ( إلى الله مرجعكم وهو على كل شي قَدِيرٌ 80 4 . قدم الجار والمجرور للدلالة على القصرء أى إلى الله وحده مرجعكم لا إلى أحد سواه ولا شريك له فى الحكم على أعمالكم وأقوالكم وما كسبتم واكتسبتم ولذكر لفظ الجلالة تربية للمهابة فى قلوبهم» وفى ذلك إنذار شديد للمشركين الذين أشركوا غيره باطلاء ثم يؤكد سبحانه الإنذار بقوله: 8 وهو على كل شيم قدير». فعقابه عقاب القادر القاهر فوق عباده ويحكم يوم الحسابء إذ هو قادر على كل شىء فى الوجود وليس على درجة الكمال سواه. بعد أن بين الله قدرته القاهرة بين علمه الذى يحاسب على مقتضاه فقال: « ألا إِنّهُم يشنون صدورهم لِيَسْتَحْهُوا منه ألا حين يَستَعْشُونَ ثيابهم يعم مَا يسرون وما يعلنون إِنَّهِ عليم بذّات الصّدور 0 4 . «يشون4 فعله ثنى بمعنى طوى. وكلمة «ألا4 للتنبيه» والمعنى: آلا إنهم يطوون صدورهم على عداوة وبغضاء وكراهية شديدة» فأولتك الذين كانوا يعادون النبى ويزدرون عند سماع الحق وكأنه يكون منهم أمران: أولهما: العداوة والبغضاء يطوون قلوبهم عليها وتدفعهم إلى عمل ما لا يجوز ويفتنون المؤمنين عن دينهم . ثانيهما: الازورار عن الحق ازورارهم عما لا يحبون» وانصراف صدورهم عنه ويريدون أن يستخفوا عن النبى كَكلةٌ وينسون أن الله بكل شىء عليم. ثم يبين سبحانه كمال إحاطة علمه فيقول: ألا حين يستغشون ثيابهم » ويريدون أن تكون غاشية لهم تلف إحساسهمء أى أنه سبحانه يعلم ما يطوون عليه بها تفسبير سورة هود لول الالالال < ههه‎ ١ 232 صدورهم وما يستخفون به فى حسهم وفى نومهم» ولذا قال تعالى موضحا مؤكدا ف( يُعلم ما يسروت وما يعلنون 4 . وأنه سبحانه يجازيهم بذلك الذى يطوون. ثم يقول سبحانه فى بيات صفة علمه «إِنّه عليم بذات الصدور» وهذا التعبير القرآنى يبين دقة علم الله تعالى» و(ذات) هى الحقائق التى تلازم الصدور من خواطر خير وغيره» ومن خلجات القلوب وما تخفى السرائر» وكلمة (ذات) بمعنى صاحبة أو متلازمة الصدور لا تخرج إلى الجهر والإعلان» ولا تكون كذلك إذا خرجت من مكنونها إلى موضع الإعلان. وإن ذكر هذا العلم الشامل المحيط بكل صغيرة وكبيرة لبيان أنهم يتحملون جزاءه سبحانه» وهو جزاء ممن لا تخفى عليه خافية فى السماء ولا فى الأرض الذى يعلم ما تكن الأفئدة وتكسب الجوارح ويجازى كلا بما يستحق» إن خيرا فخير وإن شرا فشرهء وكل بما اكتسب رهين. خالق الكون ومدبره 020 7 لي 8 0 هه مي 2 وه سح سا وعد سه ومامن دابو أل" ض إلا لَه رزفهاوعاممسلقرها ا مه 1 و ع . سر ال 004 ومسمتودعها في حكتب مين وهو الزِى خلق 0 اح لخر 2 لسوت وَالرْسَفِ سِنَةَْتَاومكَات عَرْشْه عَلَالْمَاءِ لبَبَاوَ تتأ لَمْسَيعَمَل اولي قا إن مَبَعوثو رن من بعر أَلْمَوَتِ يونين حدررا هه 20-71 2 َك دكين أحر: امهم ألْعَدَابَ إل تعدو ل تيد شه بهن ل اس عور مَصِرُومًا عَنْيم وكا ا تفسيرسورة هود ااال ال كلسب ل فإ وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستَقَرَها ومستودعها كل في كتَاب مين © 4 . «ما» نافية» وكلمة لمن 4 للدلالة على عموم الآحاد فى كل الدواب» أى يعلم كل دابة علما دقيقا فى مفردها وجماعتهاء أى أن كل دابة على الله رزقهاء وكانت التعدية للدلالة على أن ذلك متحقق ثابت بمقتضى وعد الله تعالى الذى لا يخلفهء فعبر ب #على » وهذا لأن الله لا يجب عليه شىء إلا ما كتبه سبحانه على نفسه» كما قال تعالى: 8 ...كتب ربكم عَلَئ نقسه الرَحْمة. .. © 4 [الأنعام] . وليس هناك إلزام» ولكن هناك وعدا والتزاماء والدواب ما يدب على الأرض من أصغر الكائنات إلى الإنسان» وعلى الله رزق كل هؤّلاء» والإنسان بكل ما يتخذه من أسباب ليس هو المنشئ للرزق فقد يتخذ كل الأسباب ولا يكون إلا الحرمان» فكل شىء من فضل اللهء وعلى الإنسان أن يسعى ولابد من الأخذ بالأسباب بعد التوكل وتفويض الأمر لله. وليس لأحد أن يحسب أن أسبابه وحدها تموله وتمونه» بل لابد من التوكل على الله والتفويض إليه. والرزق بالنسبة للدواب والأحياء» هو ما يتمول به ويتغذى» فينمى جسده ونفسه ويكون بقاؤه» وذلك عام فى الدواب جميعها . وبمقتضى إرادته الحكيمة يكون بعض الدواب رزقا للآخرء وكل ذلك بتقدير الله تعالى وبفضله الذى أنشأ ودبر وحكم. وأكد سبحانه أن كل دابة فى ظل فضله وسلطانه يدبر أمرها ويحكم بتدبيره فقال: 9 ويعلم مسَتَقَرَها وَمُسَوْدعَها 4 المستقر هو الإقامة فى الأرضء ويصح أن نعدها مصدرا ميمياء فيكون المعنى ويعلم استقرارهاء كما يصح أن نعدها اسم مكان أو زمان » أى يعلم مقامها فى الأرض وزمان إقامتها. #0 تفسير سورة هود للللل الل الم ده : لي ومستودعها هو مكان إيداعها فى قبورها إن كانت فى الأحياء التى تدفن» وإن الذى يعلم مكان استقرارها ومكان إيداعها هو يعلم مقدار حاجتها فى الرزق فلا يمكن أن يفوت الرزق أحدا. . م 1 0 ثم يؤكد سبحانه كل هذا بقوله: كل في كتاب مبين # أى أن كل دابة ورزقها ومقامها واستيداعها فى باطن الأرض وديعة مستردة بعد حين. كل ذلك وإن من ألفاظ القرآن أنه ...لقوم يوقنون 089 »4 وإن وعده سبحانه الحق لا يقبل إخلافا ولا تخلفاء ولكن ناسا لا يؤمنون بالخالق الرازق ذى القوة المتين يحسبون أنهم يرزقون أنفسهم» ويريدون أن يفعلوا فعل أهل ا موءودة ويظنون أنهم إن قضوا على نسلهم ضمنوا رزقهمء ولقد نسوا قول الله تعالى: 9 ... ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن ترزقكم وإيّاهم ... 029 4 [الأنعام]. وقوله تعالى: «[ ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نُحن ترزقهم وإيّاكم .. .69 4 [الإسراء] . ولقد قال بعض الدين يتخذون الأسباب: وكيف أخشى الفقر والله رازقى2 ورازق هذا التق فى العسر واليسر تكفل بالأرزاق للخلق كلهم وللضب فى البيداء والحوت فى البحر ثم بين سبحانه كمال سلطانه فى خلقه وتدبيره لأمورهم فيقول: وهو الذي خلق السّموات والأرض في سمَّة أَيَّامِ وكان عرشه على المَاء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولكن قُلت إِنَكُم مبعوثون من بعد الموت لَيقولنَ الّدين كفروا إن هذا إلا يه في هع سحر مبين 6 4 . الضمير 4هوث يعود إلى الله جل جلاله» وهو فى نفس كل إنسان وعقله وقلبه إذا كان يؤمن بالله واليوم الآخرء والآية تؤكد تدبير الله تعالى لخلقه وإمداده 0 8# تفسيرسورة هود لل 111 يل بس بي بالرزق وإمساكه لملكوته كله. والأيام الستة ليست هى أيامنا فلا يقال ابتدأ بالأحد وانتهى بالجمعة؛ لأن أيامنا نشأت بعد خلق السموات والارض» وارتباط الأرض بالشمس والقمر والنسبة بينهما وكل يدور فى فلكه» والشمس والقمر بحسبان. إنما يراد بالستة أيام, الأدوار الكونية» وقد أشار الله تعالى إلى هذه الأدوار فى ة فصلت: اث نكم لتكمروة بالذي خلق الأرض في تومن تعلو ل أنداد مومس مس م 86> مه سوا ساي يذ ستو إلى السماء وهي دخا قال ها وللأرض اليا لوم أ كرها قلا نا َائعين 09 فَقصاهنَ سبع سموات في يَومَينٍ وأوحئ في كل سَمَاء ْنَا وزِيًا السّمَاء الدنيا بمصابيح وحفظًا ذلك تَقَدِيرٌالْعَرِيز اليم 9 4 [فصلت]. فالأيام هى أدوار الخلق والتكوين كما تشير الآيات. «وكان عرشه عَلَى الْمَاءِ4 يصح أن نقول - والله سبحانه أعلم بمراده ‏ إن العرش كناية عن السلطان الكامل» وفى ذلك تصوير لتدبير ملكه وخلقه فى أرزاقهم وأقواتهم وبقائهم والتماسك بين أجزاء السماء والأرض وكيف ينزل الغيث ومنبت الآرض بعد موتها وكيف يمسك السموات والأرض أن تزولاء وكيف يحفظ الوجود كله وهو الحى القيوم الذى لا تأخذه سنة ولا نوم. وهذا قد يكون معنى العرش فيما أحسب, واللّه لا إله إلا هو وحده عنده العلم الكامل. وذكر سبحانه أنه على الماء للإشارة إلى أنه سبحانه هو الذى يدبر أمر الأحياء كلهاء وأن رزق الذى يسبح فى الماء فى كفالة الله كرزق الذى يدب على الأرض. ثم يقول سبحانه: 8 ليبلوكم أَيْكُم أحسن عَمَّلاً4 أى ليعاملهم معاملة المختبرء إذ إن لهم إرادة تتجه إلى الخير وتتجه إلى الشرء وهو سبحانه خلقكم ومكن لكم فى الأرزاق والأقوات والاستقرار فى الأرض؛ ليظهر المؤمن فيشكر ويظهر الكافر فيكفرء وإأيكُم أحسن عملا فيها «إأُحسن» بمعنى أخلص والمخلص الذى بلغ إخلاصه أعلى الدرجات. ا تفسير سورة هود الملل الالالال اللا كك 2 ويلاحظ هنا ذكر الذين يظهر خيرهم ولم يذكر الذين يظهر شرهم» وكأنهم همل لا يعدون فى الأحياءء فالحياة حياة الروح» ولقد قال تعالى: أو من كان متا أحييناه وجعلنَا لَه نورا يمشي به في النَّاسٍ كَمن مله ي الظُلمَات ليس بخارج منْهَا كذَلك زيْن للْكافرِين ما كانوا يعَملُونَ 659 > [الأنعام] . فالذى ظهر شره يعد ميتا وإن لم يمت» وإن المشركين مع هذا الخلق وذلك الإبداع منكرون اليوم الآخرء, وأن الله يعيدهم كما بدأهم أول مسرة» ولذلك قال تعالى : ( ولكن قُلْت إِنَكم مبِعوتُون من بعد الْمَوت لَيقُونَ الّذِينَ كَفروا إن هَذَا إلا سحر مُبين 4 (اللام) الموطئة للقسم» أى إن قلت لهم مؤكدا القول بعد هذه الآيات البينات فى دلالتها وكمال وضوحها فى قدرة الحكيم العليم الخالق لكل شىء» لئن قلت لهم يا محمد إنكم لمبعوثون من بعد الموت» لا يكون الجواب بالإيجاب بل يكون بالسلب؛ لأن موضع استغرابهم أنه بعد الموت . وقد أكد الله تعالى قول النبى بالقسم وبالجملة الاسمية وإ المؤكدة «إِنَكم مَبعونُون من بعد الموت 4 , ٠‏ كما أكد إجابتهم باللام وبنون التوكيد الثقيلة « ليقولن اين كفَروا 4 وقد كانت إجابتهم سلبا مع استغراب وجحود إإن هذا إلا سحر مبين 4 أى إن إجابتهمء إن هذا أمر باطل كما أن السحر أمر باطل » وأن ذكره خيالات وأوهام كما أن السحر خيالات وأوهام» وإن الإخبار بهذا لا دليل عليه إلا القرآن وإنه لسحر وقول ساحر وما هم بمصدقين لساحر أو مجئون. «( ولي أَحَرنا عنهم العذَاب إِلَئ أمّة مُعدودة لَيقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفًا عنهم وحَاق بهم ما كانوا به يستهزءون (2) 4 . فى قوله تعالى: ولئن 4 اللام موطئة للقسمء ولئن أخرنا عنهم العذاب الذى نال مثله الذين من قبلهم إلى أمة أى مدة معدودة من السنين المحدودة القليلة؛ لأن التعبير بمعدودة يومئ إلى أنها قليلة؛ كما قال تعالى عن قول اليهود: :ل وَقَالُوا أن َمْسا الثَار إلا أَاما مُعدُودة ... 0 4 [البقرة] فالأمة هنا بمعنى مدة. 9 18 تفسيرسورة هود للفلل الالالال لل لل نميه يي وكلمة أمة وردت فى القرآن بمعان مختلفة» فتجىء بمعنى المدة كهذه الآية وتكون بمعنى الجماعة فى قوله تعالى : 9 وَلمًا ورد مَاء مَِيْنَ وَجَد عليه أمّةَ مّنَ اناس يسقون ... 469 [القصص]ء وتطلق على الرجل المهيب الجامع لمكارم الأخلاق كقوله تعالى: ط إن إبراهيم كَان أَمّة انا َل حنيقًا . *# [النحل]. وتطلق بمعنى الملة كقوله تعالى: فإ .. . إِنّا وجدنًا آبَاءنا عل أَمّة ونا على آثّارهم مهتدون 469 [الزخرف]. وهذه معان مشتركة فى لفظ واحد كإطلاق لفظ «القرء» على الطهر وعلى الحيض» ومعنى الآية الكريمة أنه إذا أخر الله تعالى العذاب الدنيوى الذى ينالهم بريح عاصف أو رجفة تجعل عالى الأرض سافلها أو بحرب مخزيه لهم ترد الحق إلى أصضحايه وتقفمع الباطل وتزهقه فإنهم يقولون متحدين النبى تكد ما يحبسه 4 ما يمنعه. وكلامهم هذا يتضمن تحديا وإنكارا وتكذيبا مثل الذين سبقوهم إلى الكفر والجحود. إن سنة الله فى الذين خلوا من قبلهم أنه سبحانه يمهل الكافرين» يدارسهم رسولهم الحق يدعوهم إليه ويؤيدهم بالبرهان ويردهه المرة بعد الآخرى حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدرء كما أخذ قوم نوح وعاد وثمود وآل مدين وآل فرعونء وإذا كانت الدعوة خالدة كدعوة محمد يليك غالبهم الحق وغاليهم» فقد صابرهم ِل حتى هاجر وكان الجهاد والمغالبة حتى وضع الله الباطل وأزهقه إنه كان زهوقا. ولذلك لما جاء لم يكن مصروفا بل كان لونا آخر ليس من نوع ما نزل بمن سبقوهم . إنهم تحدوا الله منكرين مستنكرين يقولون: وما يحبسه # فالاستفهام للاستنكار والإنكار والاستهزاء بما هددهم به القرآن» وإنهم إذ تحدوا محمد ذلك التحدى السافر المستهزئ فإن الله تعالى يقول: ألا يوم يأتيهم 4 آلا للتنبيه الزاجر الموقظ لغفلتهم التى كانت من فرط الاغترار بقوتهم الظاهرة. ل / تفسير سورة هود 00 ب بير يي 9 ليس مصروفا عنهم 4 أى ساعة أن يجيئهم لا يصرفه عنهم رجاء أو شفاعة شافعين» وإنهم إذ يندمون فقد فات وقت الندمء كذلك كان الأمر فى ماضى الأمم مع الكافرين» وإن ما قدره الله لكم معشر كفار قريش إذا جاء العذاب على أيدى المجاهدين بأمر من الله تعالى لن يرفع عنكم حتى تستسلموا خاضعين» وحتى يتمكن الإيمان من الكفر والكافرين. وحاق بهم ما كانوا به يستَهزءون 4 (حاق) معناها أحاط وهى تتضمن معنى لإنزال الجزاء. جاء فى تفسير معنى (حاق) فى مفردات الراغب الأصفهانى: قوله تعالى : ا وَحَاق بهم ما كَانُوا به يَستَهزءون 4 وقال عز وجل: 9 ... ولا يحيق المكر السبَئٌ إلا بأهله ... 69 4 [فاطر]ء أى لا ينزل ولا يصيب» وأصله ١حق‏ ». وخلاصة المعنى على هذاء أنه أحاط بهم ونزل الأمر الذى كانوا به يستهزئون» وهو حق عليهم استحقوه بأعمالهم واستهزائهم فكان جزاء وفاقا لما فعلوا من قبل» وقوله تعالى: «إمًا كانوا به يَستَهِزِءون 4 يفيد أن استهزاءهم كان دائما ومستمراء ولذا عبر بالماضى الدال على وقوعه فى ماضيهم واستمراره فى حاضرهم ومستقبلهم حتى نزل بهم ما تعجلوه. الصبر خاق الإيمان قال تعالى : 2 ل مع رع رك عع ددءع ل ء عايوو نامكم ننه ا ا نوش كود لي نأف تعماء بع بَعَدَضَدَاءَ رح فور ري ََّ لي - و 5 مَمَنَه يفوا هَبَأَلسَيَكَاتُ عَيََإِنه لمح حور وي 00 أ 14 تَعَفْرَة أ َوْلتِكَ لهم جا 21 تارك بعص بعض مانو تايلك ١ 5] 1 1# تفسيرسورة هود الالالال 4 > ا 000 اك 1 2 7 .1 كني سار وَصَإوَيْفِصَدُوَكُ أت يفولا وكا أنزْلَعَككِهِ عَكَهِ كنز أؤجَاء زر لور سرس 0000-0 2 20 و هدمل كسما أ مذي وال عَلكل سَىْءِوصكيلٌ 9 ل ولعن أَذَقْنَا الإنسان نا رحمة ثم ترعتاها منه إِنَّهُ ليمُوس كَفُورٌ 90 4 . هذا نص كريم فى بيان طبيعة النفس التى تخضع للحس دون العقل المدرك الذى يوازن بين الماضى والحاضر ويضبط نفسه ووجدانه» بل يكون هلوعا عندما يصيبه ما يسوؤه وطموعا أشرا بطرا عندما ينال خيرا ويذهب عنه ما يسوؤهء فإذا أصابه خير بطرء وإذا أصابه سوء جزع . أما المؤمن المدرك صبور لا تبطره النعمة» ولا توئسه النقمة وهو يضبط ولئن © (اللام) هى الممهدة للقسمء إن حرف شرط ودخول اللام يؤكد الملاحظة الأولى: قال سبحانه: أَدَقَنا الإنسان »4 أى جعله يذوق ويحس تخصء. فهى ليست له خاصة ولكن ليكون شكرها نفعًا للناس. الملاحظة الثانية: قوله تعالى: 8 ثم تزعناها منه» يشير إلى التفاوت بين العطاء الكريم والنزع الحكيم» وفيه تفاوت بين العطاء والنزعء وكل ذلك بتقدير العزيز العليم؛ وفيه بيان أن نعيم الدنيا ليس بدائم بل فيها العطاء والمنع» ونعيم الآخرة دائم غير مجذوذ. الملاحظة الثالثة: هى الانتقال إلى حال شديد مؤكد فى قوله تعالى: إن ليئوس كفور» بصيغة المبالغة الدالة على الهلع والجزع واليأس من رحمة الله التى 9 تفسير سورة هود اللاللاا الل ا0ا0االلللا1000االلللللللالللئئ ب«وبجب بزو يي لا ييأس منها إلا القوم الكافرون. وكان القول: ا كفور»؛ لأنه لا يرجو الله ولا يؤمن بما عنده. الملاحظة الرابعة: جواب القسم فى قوله تعالى: إإِنّه ليئوس كفور» فيه تأكيد لعمق يأسه واستيلائه عليه وكفره»ء وكان التأكيد بصيغة المبالغة وباللام وبالحملة الاسمية وب (إن» المؤكدة. ش وكل ذلك لأنه مادى لا يؤمن إلا بالمادة ولا يرجو ما عند الله الذى يعطى ويمنع ويعز ويذل» وهذا حال الإنسان الذى لا يؤمن إلا بالدنياء إذا كان المنع بعد العطاء . © ولئن أَذْفَناه تعماء بعد ضراء م مَسُنه ليَقَولِن ذهب | لسَّيّئات عن إِنَّهِ لفرح (اللام» مهدة للقسم وما قلناه فى قوله تعالى: « ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة #. يقال هناء والنعماء هى النعمة السابغة» والضراء ما يضر فى الجسم أو الملل ويصيب النفس فيوجد بأسا وضرا لا يرجى زواله عند غير المؤمن. جواب القسم ليقولن ذهب السيئات عني 24 وكان جواب القسم لدخول اللام» والتأكيد بنون التوكيد الثقيلة» والقسم واللام ذاته تأكيد. والسيئات الأمور التى ساءته والتعبير بالماضى دليل على تأكيد الذهاب» وهو لا يسند ذلك لله بل يذكره من غير إسناد للمنعم وكأنه جاء عفوا من غير مسبب الأسباب ومقدر الأقدار. ومن قوله تعالى» إنه يفرح بذلك ويفاخر به فقال: إنه لفرح فخور» أى إنه يغمره الفرح فينسيه ما كان فيه من ضراء وما أصابه من شقاء. ا تفسير سورة هود الى لم 01010 ا1بجل] > ا هكذا المادى لا يؤمن إلا بما هو فيه ناسيا ما كان معتبرا به» فله الساعات التى هو فيها لا يفكر فيما سواهاء وفى وصفه يقول الله تعالى: 8 فَحُورَ أنه يتطاول على غيره مغترا بما آلت إليه حاله» والفخر فيه أمران مفسدان للنفس: الأمر الآول: المطاولة على الغير وغمط الناس حقوقهم . الأمر الثانى: إنكار نعمة المنعم معتقدا أنه مجهوده وعمله وليس بعطاء من الله وإن التفاخر يوهم صاحبه أنه فى حال لم يصل إليها غيره فيتخيل ما ليس عنده» وقد نهى النبى وَلِْةٌ عن هذا حين قال «كلوا واشربوا والبسوا من غير سرف ولا مخيلة» وقال تعالى: 9 ... إن الله لا يحب من كَانَ مُخْتَالاً فُخورًا 65 4 [النساء] . وهذا شأن الإنسان الذى لم يؤته الله تعالى صبر المؤمنين ولا ضبط نفوسهمء ولذلك استثنى الذين صبروا وآمنوا وعملوا الصالحات من عموم الإنسان فقال تعالى : « إلا الْذينَ صبروا وَعملُوا السّالحات أُولتك لهم مُغْفرةٌ وأَجِرٌ كير 69 6 . إن الصبر وضبط النفس كريمان متلازمان» بل إن ضبط النفس شعبة من شعب الصبر الثلاث: الشعبة الأولى: تحمل المشاق النفسية والبدنية» ومن المشاق النفسية المحن والنعم» ويكون تحمل المحن بتلقيها من غير تململ ولا تزلزل» أما النعم فيتلقاها بالشكر والصبر على القيام بحقها. الشعبة الثانية: تكون بعدم الأنين أو الشكوى والضجرء وهذا هو الصبر الجميل الذى التزمه يعقوب عليه السلام. الشعبه الثالثة: هى رجاء زوال ما يمتحنه به الله تعالى» فلا ييأس من رحمة الله ولا يكفر بنعمه وألا تغريه نعمة الله بالكبر والبطر. ا تفسير سورة هود م0 الملا اللللاااللاااالو ل لا106060ا10الللالا0اللللل لبجم ير 7 وإن ضسط النفس يكون فى مطوى هذه الشعب» فلا تكون نفس الصابر رعناء تبئسها الشدة وتقرها النعمة فيكون فى اضطراب مستمر» وهوج فى النعم والنقم . وقد استثنى الله تعالى الصابرين» وذكر فى أوصافهم العمل الصالح وعملوا الصّالحات 4. أى عملوا كل شىء فيه صلاح أنفسهم وجماعتهم. وصلاح دينهم الذى هو عصمة أمرهم». وإن اقتران العمل الصالح بالصبر يدل: أولا: على أن العمل الصالح يقتضى صبرا على الاستمرار فلا بد أن يكون مستمرا دائماء ولذلك قال يليم «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)7١2,‏ كما أنه قال: «إن الله يحب الديمة فى الأعمال»2 . ثانيا: يدل اقتران العمل الصالح بالصبر على أن العمل الصالح يحتاج إلى تحمل بعض المشاقء, كما قال رسول الله كله «والذى نفسى بيده لا يقضى الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له» إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له» وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له» وليس ذلك لأحد غير المؤمن)9" . وقد بين سبحانه وتعالى جزاء الصابرين العاملين فقال: 9 أُولئك لهم مُغفرة وأجر كبر # الإشارة إلى أن الجزاء مغفرة» إذ إن الله يستر ما لهم من أعمال غير مقبولة بغفرانه؛ لأن الصبر والعمل الصالح يستران بذاتهما العمل غير الصالح بأمر الله تعالى: ‏ ... إن الحسنات يذهين السَيّعات ... 0189 4. وبعد هذه المغفرة الساترة يكون الأجر الكبير الذى هو عظيم فى ذاته وبلغ قدرا لا يدرك كنهه إلا الله معطيه . :2١(‏ (5) رواه البخارى: الرقائق - القصد والمداومة على العمل (5474)»: وبتحوه مسلم: صلاة المسافرين وقصرها ‏ فضيلة العمل الدائم من قيام الليل ونحوه 0072870 . زفة جرء من حديث رواه مسلم : الزهد والرقائق ‏ المؤمن أمره كله خير (5999). |#‏ تفسسير سسورة هود للفلل اللا الوا واه < - وإذا كان للصبر هذه المنزلة» فأول أوصاف النبيين الصبر» الصبر فى سبيل الدعوة والاستمرار فى التبليغ» والصبر على الأذى والتحديات الآفنة217 والمطالب الجائرة والحائرة» ولذلك قال تعالى : ل فَلَعلّك تارك بعض ما يُوحئ إِلَيك وضائق به صدرك أن يقُونُوا لولا أنزل عليه كبز أو جاء معه مَل إِنمَا أنت نَذير واللَه على كل شيء وكيل 69 4 . (الفاء) فاء الإفصاح لأنها تفصح عن شرط مقدر»ء والشرط تحريض على الصبر وتقديره» إذا لم تصبر فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك. أى أنه لا مناص من الصبر على الآذى والتأنى لهم حتى يكون النصر المبين» وإلا فإنك تنزل عند رغباتهم الآثمة. « فَلَعَلّكَ تارك بعض ما يوحئ إِلَيِك ». (لعل) هنا فيها إشارة إلى ما يرجون» فلعلك أنت يا رسول الله إلى خلقه أجمعين تجاريهم فى ترك بعض ما يوحى إليك من شرع مرضاة لهم» فتحرم ما يحرمون وتبيح ما يبيحون. تحرم ما يحرمون من طيبات» وتجيز طواف العرايا ثم تنزل فى مرضاتهم حتى تسيغ لهم عبادة الأوثان أو يكون السكوت عنهم فيها. «إوضائق به صّدرك 4 الضمير فى إبه4 يعود إلى طإما يوحى 4, لإضائق 4 أى يعرض أمر غريب على نفسك وهو أن يضيق صدرك ببعض ما أنزل عليك وبعثت من أجله وبه اهتديت وبه تهدى . ليس المعنى أن النبى يله قد ضاق صدره أو يضيق» إنما المعنى أنهم يرجون أن تترك بعض ما أوحى إليك وأن يضيق صدرك بإيذائهم فتتركه مضطرا. والنبى يَلْةْ لم يكن منه شىء من ذلك ولا يفكر فى شىء منه ولكن يحرضه الله تعالى على البقاء على الدعوة وتبليغ الرسالة غير ملتفت إلى أحد منهم» ثم قال تعالى: 9 أن يقولوا لولا أنزل عليه كيز أو جاء مَعَه مَلّك »4 وهذا متعلق بمحذوف «كراهة أن يقولوا لولا» أو نقول إنه متعلق ب للإضائق 4 ويكون المعنى على هذا: )١(‏ الآفنة: التى تجمع بين النقصء وضعف العقل» والحمق. راجع لسان العرب ‏ أفن. 4 تفسير سورة هود للللااا0ااااللااااااللللللللللللاااااالللاالللاا لل الل ٠ كلا‎ يي لعلك تارك بعض ما يوحى إليك بسبب إيذائهم المتوالى وسفاهتهم معكء أو يضيق صدرك فى عدم خضوعهم للمعجزة الكبرى وقد تحديتهم فعجزواء ثم طلبوا معجزات أخرى. وهذا هو الذى نختاره. وقد أنكروا على النبى يَكَةِ أنه فقير :9 وقَالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم 69 4 [الزخرف] . وأنكروا أن يكون بشرا منهم رسولا 9 وَقَانُوا مَا لِهُذَا الرّسول يأكل الطّمَام ويمشي في الأسواق ... 60 4 [الفرقان] . أنكروا الأمرين وطلبوا معجزة واقعة لأحدهما وقالوا: « لولا أنزل عليه كنز 4 أى مال مكنوز يفعل فيه مثل الذين يكنزون الذهب والفضة. والمعجزة أن ينزل عليه إنزالا من غير أى سبب من أسباب الكسب فيكون له جبل من ذهب وآخر من فضة. وبذلك يدفع فقره ويكون اتباعه لثروته ولإنزال هذه الشروة والإعجاز بهاء أما الأمر الثانى فيدفع بأن يكون معه مَلَّكْء وتكون الرسالة برسول سماوى لا برجل يمشي فى الأسواق مثلهم؛ وقد بين الله استحالة ذلك بقوله تعالى : ولو جِعلْناه ملكا لَحِعلَْاه رجلا وللبْسنَا عليهم ما يَلْبِسُونَ #32 [الأنعام]. ولقد كان النبى يكْةٌ حريصا على إيمانهم راغبا فيه» ولذا قال تعالى : « إِنّك لا تهدي من أَحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أَعلّم بالمهتدين 55) © [القصص]. ولذا قال تعالى: 8 إِنّمَا أنت تذير 4, أى إنك مقصور على الإنذار بمقتضى الرسالة وليس عملك الهداية؛ بل التوجيه والتخويف لمن عصىء والتبشير لمن اهتدى» ووضع العلامات على الطريق لكيلا يضل أحد 9 واللّه علّى كل شيو وكيل 24 أى إنه جل جلاله حفيظ على كل شىء» فتوكل عليه فى دعوتك ولا تأبه لهم فالله سبحانه حافظك منهم ومن طغواهم وهو سبحانه عالم بكل ما يصنعون» ومعاقبهم عليه» وهم راجعون إليه سبحانه وتعالى» ولن يفلتوا من جزاء ما يفعلونء, فتوكل على الله الحى القيوم» وامض فيما أمرك به؛ إنه عليم بذات الصدور. 9 #/ا ‏ تفسير سورة هود ااال لاااااااال لان 1 يجمليم) 4 و 2 6 و< ددس يعوو أفْرية لمَأْنوأ بِعسرِسوْرمُِثِهِمفتريتٍ اطي كمسو 2 5 مستبأ نت الخ نلا تَماأَنلَ يعِلموواً لله فهر نس ممُسَيِمُور فيا مَنَكَانَيْرِيد الْحَيَرة رركي فق لي كلوه اوقرهه لاتكوك ك1 ً لين فر نكاد حيط مَامَّ صَمَعْوأ د رو ا ل 0000 وان يرن اقراه فز قاو سثر ور علد رات ولغوا من استطعتم من دون الله إن كسم صادقِينَ © > . #أم» هنا بمعنى (بل)» فهى منقطعة وسياق القول أنهم بطلبهم أن ينزل على النبى يَللِْةّ كنز من السماء أو يكون معه ملك ينكرون المعجزة القرآنية» فواجههم الله تعالى بالتحدى المتجدد المستمرء والإضراب هنا فيه انتقال إلى هذا التحدى . ا الم 0 لا 2 لد ج٠‏ عس- لقد تحداهم القرآن الكريم أن يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا فتحداهم بسورة فعجزواء وقد صور الزمخشرى أن الانتقال من العشر إلى الواحدة تَتَرل فى التحدى كمن يقول لمن يتعلم الكتابة» اكتب عشرة أسطر فلا يستطيع» فيقول له اكتب سطرا فإذا لم يكتب كان ذلك دليلاً على العجز المطلق» ولقد ادعوا على النبى كي أنه افتراه» فتحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات» مثله فى حسن با تفسير سورة هود . مامالل لأس ا بلاغته وانسجام عباراته وتوافق فواصله من غير سجع مرهق للمعانى» ولا جفوة فى الألفاظ . لقد تضمن اعتراضهم أمرين» إنكار أن يكون القرآن معجزة؛» والثانى أنه مفترى وليس نازلا من الله تعالى» ولقد اتجه الرد عليهم إلى إعجازهم وعجزهم. لآنه الأمر الذى أنكروه ابتداء. فقل لهم يا محمد أن يأتوا بعشر مفتريات» واختلقوها اختلاقا لتكون على النهج الذى جاء به القرآن فإنكم أرباب البيان وأهل الفصاحة واللسان» واجعلوا الحكام فى هذا الآمر منكم ممن يلغون لغوكم وينكرون الإعجاز مثلكم» وقوله من دون الله تعالى يعنى غير الله من أمثالكم ممن يضادون الله تعالى ويعادونه ولا تتقيدوا بواحد أو اثنين بل ادعوا من استطعتم عددا وقوة وعلما بأساليب البيان إن كنتم صادقين فى أنه ليس بمعجز وأنه ليس من عند الله وإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فأنتم الكاذبون. (الفاء) فى قوله تعال: «فأتوا4 تفصح عن شرط مقدر يناسب ما بعدهء والتقدير» فإن كان افتراه كما ادعيتم فأتوا بعشر سور مثله مفتريات إن كنتم صادقين فى ادعاتكم افتراءن؛ وما هو بمفترى فلستم صادقين. « فإن لم يستجيبوا لَكُم فَاعَلّموا أَنمَا أنزل بعلّم اللّه وآن لا إِلَه إلا هو فهل أنتم مسلمون 69 4 . (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء تحداهم بأن يأتوا بمن يحكم فى هذا الأمر بأن يأتوا بعشر مفتريات» ثم يوازنوا بين القرآن وما جاءوا به فإن لم تستجيبوا فقد قامت الحجة. والاستجابة طلب الإجابة» ويراد بها التحدى للإجابة» والإجابة بقوة» والضمير فى قوله تعالى: « لكم 4 للنبى يَكِ ولن اتبعه» وذكر المفسرون أنه قد يكون للنبى وحده مخاطبا بضمير الخطاب للجمع تضخيمًا وتعظيما لشأنه ولكن لم يعهد ذلك فى القرآن كثيراء وإن كان يَكيِكّ فى المقام الأعلى عند الله فهو صفيه وحبيبه وخاتم النبيين. ويتضح هنا أمران: هاا تفسير سورة هود الل للإلاا لل اللممملاا الل لل اللا ٠: اكات‎ - الأمر الأول: كان خطاب الله تعالى لمن مع النبى يَلكِْةِ لأن تحدى النبى ككل وتكذيبه تكذيب لمن اتبعه وآمن به» وللإشعار بالتعاون التام بينه ملك وبين صحبه الأولين الذين هم كالحواريين أنصار عيسى ‏ عليه السلام ‏ إلى الله تعالى» ولأن عليهم التبليغ بعد أن آمنوا؛ إذ هو جهاد»ء وهم المجاهدون الأولون الذين خوطبوا بالجهاد ابتداء» وهم حملة الرسالة المحمدية من بعده وحاملوها معه كَكِلَةٌ. وإذا كانوا لم يستجيبوا ويأتوا بعشر سور مثله فقد لزمتهم الحجة» فوجب عليهم أن يؤمنوا ووجب عليكم معشر المؤمنين أن توثقوا علمكم بأنه من عند الله . تعالى» ولذا قال تعالى مخاطبا المؤمنين: «فَاعَلَمُوا أَنمَا أنزل بعلم اللّ وآن لأ إِله إل هو (الفاء» واقعة فى جواب الشرطء واعلموا بالبرهان القاطع الحاسم أنه ما أنزل إلا بعلم الله تعالى. وكلمة أَنّمَا 4 أداة حصر تنفى وتثبت» فهى تنفى أن يكون مفترى وأثبتت أنه أنزل بعلم الله فليس مفترى عليه سبحانه. وهذا يدل على أن الله تعالى بعث محمدا يَكِلدِ به ليكون معجزته الكبرى ودليله على رسالة ربه» وإن الله تعالى معلمكم صدقه ولو كان من غيره ما كان معلمه . الأمر الشانى: هو أن لا إله إلا هوء لأنه إذا ثبت أن القرآن من عند الله . وبعلمه نزل» فيكون ما اشتمل عليه حقا وصدقاء وبمما اشتمل عبليه الوحدانية فلا معبود إلا الله تعالى وهو العزيز الحكيم. ولقد قال بعد ذلك؛ والخطاب للمسلمين 8فَهَل أنثم مُسَلمونَ» «الفاء» لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى إذا قامت الحجة على أنه من عند الله فبايعوا محمدا كَكِةِّ على الإسلام وأخلصوا وجوهكم لله وأحسنواء والاستفهام هنا يتضمن معنى الطلب» وقال علماء البلاغة: إن أبلغ صيغة تدل على الطلب المؤكد هى الصيغة التى تصدر بالاستفهام مثل: 9 ... فَهَل أنتم مُسَهُونَ 469 [المائدة]» ومثل هل أنهم مسلمون » ظ إل#ها تفسير سورة هود الللللللاااالال لاا ااا0ا10اال اللا ههه : يي" هذا على أن الخطاب للنبى كَكِلٌ ويصح أن يكون الخطاب للمشركين» ويكون الضمير الذى للخائب فى قوله تعالى: فإن لم يستجيبوا © يعود على قوله تعالى «( من استطعتم 4 فى الآية السابقة ويكون المعنى أنهم إذا لم يستجيبوا لكم معشر المشركين بألا يحضروا هذه الموازنة أو يحضروها ولا يستجيبوا لرغباتكم بأن يحكموا بأنه ليس مفترى ‏ فاعلموا معشر المشركين أنه قد بطلت دعواكم بأنه كَل قد افتراه وقامت الحجة عليكم» وأنه نزل بعلم الله ومنه سبحانه وتعالى» وأنه لا إله إلا هو فانتهوا عن الشرك وبايعوا على الإسلام وكونوا مؤمنين. والتخريجان محتملان وإنى أميل إلى التخريج الأول فهو أقرب. ولآأنه لا تقدير فيه» وإن أولكك الذين أنكروا القرآن بعد قيام الدليل بعجزهم عند التحدى إنما يؤمنون بالحسيات فطلبوا أن يكون لمحمد كنز أو يكون معه ملك. وزين لهم ضلالهم أنه لا يمكن أن يكون الرسول من عند الله فقيراء ولابد أن يكون عظيما «ل وقَالوا لولا نرّل هذا القرآن على رجل من الْقَريين عظيم 69 4 [الزخرف]. ثم بيّن الله لهم أن الدنيا يعطيها للبر والفاجرء والآخرة لا يعطيها إلا لمن أحب. وأن المتمتع فى الدنيا لا يلزم أن يكون متمتعا فى الآخرة» فهما مفترقان وليسا متلازمين» ولكن التلازم فى الإيمان والآخرة» ولذا قال تعالى: من كان يريد الْحَيَاة الدنيا وزِيسَها نوف إِلَيهم أعمَالَهِم فيها وهم فيهًا لا ييَحْسَون © 4 . وفى هذه الآية يبين سبحانه أن الحياة الدنيا وزينتها تسير على سنة الله فى الوجود مربوطة بالأسباب والمسببات وليس لها صلة بالفضل فى الآخرة» فالحياة وزينتها تكون للمؤمن والكافر إذا أخذ كل منهما بأسبابهاء ومتعة الدنيا ليست دليلآً على متعة الآخرة بل قد يكون اختيارا شديدا بعده العذاب» كما قال تعالى: «ل ولولا أن يكون الئاس أَمّة واحدة لَحِعلنَا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفا من فضّةٍ وَمعَارِج عليه يظهرون 09 ولبيوتهم أبوابا وسررا علَِها يتَكئون 09 وزخرفا وإن كل ذلك لما متَاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للْمَّقِينَ 62 4 [الزخرف]. 1 تفسير سورة هود 2 الملل ا0ا0ااالللا0ا0ا0االلللااال لوللا يلجل بيه - وقوله تعالى: ا من كان يريد الحياة الدانيا وزينتها 4 إرادة المحياة الدنيا لمتاعها وما يتصل بها من رغائب مثل البنين والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث» وغير ذلك من متع الدنيا وشهواتها وزينتها وزخحرفها والتفاخر بثيابها وأثائها ومباهجها ومناظرها وما فيها من محاسن وزيئة مما يتفاخرون به ويزدهون . وقوله تعالى: 8 من كان يريد الْحيّاة الدنيًا وزينتها 4 شرط جوابه قوله تعالى ( نوف إِلَيهم أعمالهم فيها 4 ومعنى وفاء الأعمال أى إعطاء نتائجهاء فإذا زرع كان زرعه موفوراء وإذا صنع كانت ثمرات صناعته كاملة غير منقوصةء وكذلك إذا تاجر لا يحرم من شىء من نتائج عمله إلا أن يشاء الله تعالى: «وهم فيها لا يبحسون 4 ؛ لأنهم فى الدنيا لا يبخسون ثمرة عمل من أعمالهم. وقوله تعالى: « نوف إليهم أعمالَهم فيها © فيه إشارة إلى سنة الله تعالى فى هذه الدنيا أن الأمور تربط بأسبابهاء والأعمال تربط بنتائجها فمن أجاد عملا فى الدنيا أخذل حظا فيه سواء أكان مؤمنًا أم كافرا. وهذا قوله تعالى: «إ من كان يريد العاجلة جلا لَه فيها ما نَشَاء لمن تُرِيد معنا له جهنم يصلاها مذموما مُدحورا 08 ومن أراد الآخرة وسعئ لها سعيها وهو مؤْمن فَأولك كان سعيهم مُشْكُورا 9 كلا تمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ريك محظورا ( © انظر كيف فَضَلنا بعضهم علَىئ بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً 69 4 [الإسراء]. هذا أمر الدنيا ومتاعها وزينتهاء أما الآخرة فقد قال تعالى فيها وفيمن اقتصر ( وك الذدين لي لَهُمْ في الآخرة إل لوبط ما موا فيه وَباط مانو يعملون 09 4 . أوائنك غرضهمٍ الزينة والتفاخر كما قال تعالى : اعلّموا أَنْمّا الحياة الدنيا لعب ولهو وزيئة ة وتفاخر بينكم وتَكَائْرٌ في الأمُوال والأولاد كمثْل غيثٍ أعجب الْكَقَارَ باه 2 الحديد]. # تفسير سورة هود لل ااا0اللا0اللللللل لبور ؟ يي" هؤلاء نالوا متعتهم ولم يعملوا لآخرتهم فليس لهم فيها إلا النار يصطلونها؛ لأن طالب الدنيا وحدها لا يناله إلا الشر فهو يعتدى ولا يعرف حق غيره» ويكفر بالله ويعبد الأوثان» فهو لا يؤمن إلا بما يلمسه بين يديه وكل ذلك إلى النارء وإن طلب المتعة الدنيوية ذاتها أو طلب زينتها لا يؤدى إلى النارء إنما الذى يؤدى إلى النار هو ما يقترن بطلب الدنيا وزخارفها من عدم الوقوف عند حد المباح من الطيبات» بل يكون الاعتداء والتطاول والشرك وإن هذا مآله النار» وقد قال تعالى: من كان يريد حرث الآخرة نَِد لَهُ في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما لهُ في الآخرة من نُصيبٍ 473 [الشورى] وفى قوله تعالى: ط وحبط ما صنعوا فيه » أى فسد ما صنعوا. والحَبْط أن يكون فساد العمل أو الشىء من ذاته وليس من أمر خارج عنه ويقول الراغب الأصفهانى فى مفرداته» أصل الخبط من الحبّط وهو أن تأكل الدابة والحبط فساد الأمر من ذاته لا من أثر خارج عنه كما أشرناء وقد قال الراغب رضى الله عنه فى المفردات أيضا: «حبط العمل عن ثلاثة أضرب: أحدها: أن تكون الأعمال دنيوية لا تغنى فى القيامة عنا كما قال تعالى: « وَقَدمًا إلى ما عملُوا من عمل فَجِعلنَاه هَاء مُشُورا 9 4 [القرقان] . والثانى: أن تكون أعمالا أحروية فى ظاهرها لكن لم يقصد بها صاحبها وجه الله تعالى» فإنه يؤتى بصاحبها يوم القيامة فيؤمر به إلى النار. والثالث: أن تكون أعمالا صالحة ولكن بإزائها سيئات وهو ما يشار إليه بخفة الميزان. وإن أولئك الذين قال فيهم سبحانه: 8 وحبط ما صتعوا فيها © هم الذين ما نظروا إلا إلى الدنيا وزينتها ولم يفكروا فى الآخرة؛ لأنهم لا يؤمنون بالبعث ولقاء الله تعالى» وما كانوا يصنعون المعروف إلا للرياء والسمعة فكانوا مشركين. اا تفسير سورة هود الل اللا ااالل0ا00االللا00ا0ااالللللللل لس اا وقوله تعالى: فإما صتعوا 4 يفيد صنائع المعروف التى حبطت لأنهم لم تكن لهم فيه نيات حسنة» والأعمال فى ثوابها بالنيات ومقاصد الخير ولم تكن لهم نيات صالحة. وختم سبحانه وتعالى الآيه الكريمة بقوله تعالى : فإ وباطل ما كانوا يعملون 4 أى كل عمل عملوا قد صار باطلاء كقوله تعالى: د( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فَجَعلَاه هباء موا 67 4 [القرقان] ذلك أن قلوبهم قد فسدت بالشرك فلم يكن لهم خير يحمدون عليه. أهل الحق وأهل الباطل قال تعالى: أَفْمَنكانَ 010 َرة 5 هاه ور 2 ف عل بود وَمَنْرَيَهءويد ه شَاهد وَمِنْمَبَلِ كنب ماوع ليك يمن بهد ومن بكر 4 لخدا تحتفف يكال يكت و نكن حك رالا لاومو 3ه وَمَنْ ظَلَمُميِّ نافرع أنه كربا كيلك يصوت ل سر جر رد ع < سر ل سرد سم م ُ 202 0 0 أعل 1١ ااا ١‏ لكلف * 212 عَلَ عع 2148 ربهما لَعَنةا وعلى دن يصِدون ل ا 1 رون 07 ولك ليكوو سريت ف الْرْضٍ وما مَاكَانَ مين و دون لَه مِنَ ولي م66 عر ِصَنْعَفٌ مْالْعَدَابُ طون ل تفسير سورة هود الال ااا ااام 060ا0االلللللللللل 4 سرب ار جح ؛, ‏ 77 2 كا و 9 ؛لَكَ مس سام و ا َو ماكانوا سصرون 2 أ لَيِكَ ك الذين خيره ل 2 سود 626 -- ساو 2 جحتى - 4 9 شب وَسزَعيتكَاء نروك :© لحترا اما 1 الجر شالك زوس 2 انار ا إنَ لس ءامنوأ واوا ألصَّدلحد ليأ لِك أَصحنث الجن كن حَوْنِهَا حَدُونَ 7 © مثل اَن عَم أ ا ل هه ع لض اضرو كاذك 27 ١‏ أَفمن كَانَ عل بينَة من به ُو شاهد منْهُ ومن قَبَله كتاب موسئ إِمَامَا ورحمة ولك يوَممُون به ومن يَكْمرَ به من الأحزاب فَالنَار موعده فلا تك في مرية منه إِنّه الحق من رَبك ولكن أكثر النَّاس لا يؤمنون 69 4 . هذه موازنة , ٠.‏ بين الذين يتبعون الحق والذين يطلبون الدنيا وزينتها وتكون وحدها مقصدهم ويشركوت بالله تعالى» وبين الذين يؤمنون بالله . أفمن كان على بينة من ربه 4 (الفاء) هنا مؤخرة عن تقديم» وهى تفيد أن الاستفهام المتسائل مترتب على ما قبله من عمل غير فاضل» وكلمة # من # اسم موصول بمعنى الذى» ولمعنى أمن كان على بينة من ريه كمن هو فى عماية عن الحق ولا يدرك إلا الحياة الدنيا»ء وحذفت الموازنة الدالة على المفارقة الواضحة بينهماء إذ فرق بين من يطلب الحق الباقى ومن يطلب العاجل الفانى . (البينة) الأمر البين الذى تدركه العقول السليمة فى غير اعوجاج» ويصح أن يراد به الإسلام؛ لأنه بَيّن لا يأتى إلا بما تقبله العقول ولا ينهى إلا عن الأمر المنكر غير المعقول؛ ولأنه دين الفطرة السليمة. أسند الله تعالى البينة إلى ربه» للدلالة على أنه الهادى إليها بمقتضى ما ركزه الله تعالى فى النفوس» وبمقتضى ما هدى إليه بالرسالات الإلهية» وقال تعالى: 9 10# تفسيرسورة هود ١لخااا‏ ااا !!!ا الااا!لل !!!ال ل !ااال للك !خالل لكك ةلاغش لت ل قالخالا ممما ااام ااام مالالا بي من َه بالتسدية بإ على 4 للدلالة على تمكنه من المعسرقة» وأنها ليست وهما يتوهم ولا ظنا يظن بل عقيدة متمكنة . ذكر الله تعالى بعد البينة أن لها شاهد) من الله تعالى: « ويتلُوه شاهد منه 4 أى يجىء شاهدا من الله فالضمير الأول فى :ل يتلره 4 يعود إلى البينة» وعاد مذكرا لأن البينة البرهان القاطع الحاسم الذى تهدى إليه الفطرة» فعاد الضمير مذكرا للإشارة إلى أنها برهان بين واضح الدلالة على الوحدانية. والضمير الثانى فى قوله # شاهد # يعود على الله ربك» أى أنه هداك وأيدك» والشاهد هو القرآن الكريم النازل من لدن عزيز حكيم. وإن القرآن الكريم جاء مع البينة» وقلنا إنها الإسلام» فكيف يقال إنه وليها ونقول فى ذلك إن الإسلام يكون دفعة واحدة؛ لأن لبه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول اللّهء والقرآن نزل منجما فهو كان يتلى بعده لا قبلهء وإن قلنا إن البينة هى برهان العقل المدرك فالقرآن جاء والياء جاء به الحق. وقد نقول وبحق نقول: إن القرآن جاء مع البينة مؤيدا لهاء والتعبير بأنه تلاها للإشارة إلى التلاوة فيه وهى الترتيل» كما قال تعالى: 8 ... ورثَلنَاه ترتيلاً 6 4 [الفرقان] وكما قال سبحانه: 8 ... ورثل القرآن ... © 4 [المزمل]ء وللإشارة إلى أنه هناك مراتب فى الإدراك؛. فالآولى أن تجىء البينةء والمرتبة الثانية هى التأييد من الله بالقرآن ولا تراخ بين المرتبتين بل هما متصاحبتان» كما تقول: فَكّر ثم اقرأء أى اقرأ قراءة متفكر متدبرء وكأن القرآن شاهد؛ لأنه ببلاغته»؛ وفصاحة كلمهء وعمق معانيه مع وضوحهاء وعلمه وقصصه الحكيم كان المعجزة .الخالدة» فهو شاهد دائم ناطق بالحق إلى يوم القيامة» وفيه الدلالة الواضحة على رسالة محمد يَلكلْةِ إلى يوم الدين. ثم أشار سبحانه إلى تصديقه للكتب السابقة وبشارتها به فقال تعالى: ل ومن قبله كتاب موسئ إِمَامَا ورَحَمَة . فدلت هذه العباره على أمرين . ا تفسير سورة هود للملا لح اد الأمر الأول: بشارة التوراة والإنجيل به كما قال تعالى: 8 الّذين يتبعون الرّسُول الي الأمي الذي يجدونه مكموبا عندهم في الشوراة والإبجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن السكرٍ ويّحل لهم الطببات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغْلال الّتي كانت عَلَيْهم فَالّدِين آمنوا به وعروه ونصروه واتَعوا الثور الذي أنزل معَه أولتك هم المقلحرن 659 » [الأعراف] . الأمر الثانى : الذى دلت عليه الآية أنه مصدق لا بين يديه من الكتاب» وأن الإيمان به إيمان برسالة الرسل أجمعين كما صرح بذلك القرآن الكريم وقوله تعالى: ‏ إماما ورحمة 4 وصف لكتاب موسى وهو التوراة التى نزلت عليه ولم ينس منها خط ولم يحرفوها أو يبدلوهاء فلا يستدل بالمطبوع الذى يغير إلى الآن آنا بعد آن تقرأه تجد فى ذاته دليل بطلانه وبرهان بهتانه . ما اشتمل من شرائع فى الزواج والطلاق والعقوبات هو الرحمة؛ لأن من رحمة الله بعباده أن يؤخذ الجانى بشدة رادعة زاجرة فالشدة العادلة على الجانى رحمة بالمجنى عليه والرفق معه ظلم وقسوة على المجتمعء وهنا لابد من الإشارة إلى الأمر الأول: كيف يكون ما جاء به موسى إماما يأتم به أتباع محمد كَلِ؟ . الأمر الثانى: أشريعة موسى نسختها شريعة محمد يَلكِْةٌ أم لم تنسخهاء والجواب عن الأول أن شريعة موسى فى ضمن شريعة محمد ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبع ما جاء به محمد يَلكِْةِ» فكتاب موسى إمام باعتباره مقدما فى الزمن» والشريعتان فى معناهما واحد والاختلاف فى فروع جزئية تابعة للأزمنة. أما الإجابة على أن شريعة محمد وَل ندخت شريعة موسى عليه السلام فهو أن شريعة محمد وَل ندخت من شريعة موسى فروعا ولم تنسخ أصولاء وما جاء به محمد وَكِلّ هو ما يجب اتباعه. ولقد روى سعيد بن جبير عن أبى موسى رضى 8# تفسير سورة هود ماللا لااا0اال ل لبلب يي" الله عنهما أن النبى يليد قال: «والذى نفسى بيده لا يسمع بى أحد من هذه الآمة يهودى أو نصرانى ثم لا يؤمن بى إلا دخل النار»7" . وقد قال تعالى: ا شرع لكم من الدين ما وصئ به نوحا والّذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ ... 69 # [الشورى]. قال تعالى: « أولئك يؤمنون به # إشارة إلى الذين على بينة ويؤمنون بموسى عليه السلام» فرسالة محمد يلكي جامعة للرسالات كلهاء كما قال تعالى: « قولوا آمنّ بالل وما أل إِلنَا وما أنرل إلى إنراهيم وسْماعيل وَإسْحَاق ويَعْقُوب والأسباط وما مسلمون 059 4# [البقرة]. «( ومن يكفر به من الأحزاب فالتار موعده » الأحزاب جمع حزب» وهو من يحزب لفكرة أو لقوم أو لعصبية غير مؤثر الحق فى ذاته إنما يؤثر من يتعصب له يطلب الحق فى ذاته إنما يطلب على هوى من يتعصب لهم.ء والأحزاب يصح أن تفسر فى موضوع الآية الكريمة بأنها القبائل المتعصبة المتجمعة لمحاربة الحق وكانت القبائل كذلك» وسماهم القرآن الأحزاب لآنهم تجمعوا متحزبين ضد الدعوة الإسلامية وذهبوا فى غزوة الأحزاب ليقتلعوا الإسلام من المدينة فخاب فألهم وطاش سهمهم وارتدوا خاسرين بريح كريح ثمودهء والذين كفروا به من الأحزاب لا يؤمنون بمحمد يَلليْدّ ولا يؤمنون بموسى عليه السلام ويهددهم الله تعالى بقوله: ل فالثار موعده »4 فالنار مكان تنفيذ وعد الله تعالى فيهم» وقوله تعالى هذا لا يخلو من تهكم لاذع بهم؛ لآنهم كانوا يرجون رحمة» فإذا بهم يلقون عذابا وكأنهم عقدوا موعد اللقاء فخاب ظنهم وكانت النار موضعه. .)19-0534( رواه أحمد: أول مسند الكوفيين - حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه‎ )١( ل | تفسير سيور هه هود | لل ا060اااالل للك ١ الاك‎ يي" ثم انتقل قول العزيز الحكيم إلى خطاب النبى كَلِ فقال سبحانه: #فلا تك في مرية مَنْه 4 من هذا البيان الذى بيّن الحق وأزهق الباطلء والمرية هى الشك» والأمر يمتد لمن خاطبهم النبى كلد لأنه نهى على أبلغ الصور؛ لأنه إذا كان نهيا من الله تعالى لنبيه المصطفى الذى لا يزيغ قلبه ولا يرتاب فأولى بهذا النهى ثم أولى الذين ربما يعتريهم ذلك وهم من أرسل إلم وأكد سبحانه النهى عن الريب بقوله تعالى: إِنّه الحق من رَبك 4 والضمير يعود إلى البيان والقرآن. والحق هو الأمر الثابت الصادق الذى لا يأتيه الباطال من بين يديه ولا من خلفه» وقد جاء من ربك الذى خلقك ودبر أمورك بحكمته. وقد أكد سبحانه وتعالى أنه الحق ب(إنْ) المؤكّدة» وبأنه من ربك الذى خلق يؤكد أنه الحق. وهو أنه من عند الله . ثم قال تعالى: 9 ولكن أكثر الثاس لا يؤمنون 4 الاستدراك هنا معنامء أن للإشارة إلى أن أكثر الناس لهم قلوب ليس الإيمان من شأنها بل هم دائما متمردون على الحق وظام الحقيقة» وهم مفترون على الله تعالى ويكذبون عليه ولذا قال تعالى: ومن أظلم ممن افترئ على الله كذبا أولئنك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الّذِين كذبوا على ربهم ألا لَعنَة اللّه على الظّالمين 69 © . إن الكفر مباءة للآثام» تعيش فيه وتفرخ» ويتبع الإثم إثم مثله ويأخذ بعضه بِحَجِزْ بعض فى سلسلة متصلة تبدأً بالشرك بالله تعالى ثم بالكذب عليه بتحريم ما أحل الله على أنه من عند الله والجحود بما أنرل سبحانه والافتراء عليه تعالى وفساد اعتقادهم بأن يعبدوا الأوثان ويقولوا إنهم شمعائنا. وهكذا يكون الشرك كالمعاطن التى تحوم حولها الحشرات والجراثيم وكل الموبقات. 8# تفسيرسورة هود 2 ا ات الك116 اا لتك 1 1 التللاةك!! 1 لل الا 11 !اللا ااا للللكك!1 لل كما اللااا!!|للااا!! لللتل الالال ااام ع ل غم م خلال تاماخ ااا" لتتللا ااا | .. يي وأوضح ما فى الشرك الكذب على الله تعالى بما ذكرنا وغيره» ولذا قال تعالى : ومن أَظلم ممّن افر علَى اللّه كذبا 4, الاستفهام هنا إنكارى بمعنى النفى مع التوبيخ» بمعنى لا أحد أظلم ممن افترى قاصدا الكذب على الله تعالى» وهم قد ارتكبوا أشد الظلم إمعانا فى الشر والكذب على الله بأن يشركوا به غيره كما أشرناء وبأن يخترعوا مفاسد وينسبوها إلى شريعة إبراهيم عليه السلام كطوافهم عرايا وأن يحرموا على أنفسهم طيبات ما أحل الله ويزعمون أن الله حرمها وغير ذلك ما حرموه ناسبين التحريم إليه افتئاتا عليه» فلا أحد أعظم منهم بهتانا وكفرا. افترى الكذب معناه قصده وأراده» والكلمة نكرت لبيان أن الكذب على الله تعالى قل أو كثر ظلم عظيم بل أعظم الظلم» وأن الشرك ظلم عظيم لآن من أشرك ضلل نفسه وضلل الناس ولأنه ارتكب بهتانا عظيما . ويقول سبحانه: « أولتك يعرضون عَلَىئ ربهم 4 الإشارة إلى الذين افتروا الكذب» يعرضون على ربهم الذى خلقهم ورباهم وحفظهم وهو الحى القيوم. وهم يعرضون على ربهم ويلقونه سبحانه غير مختارين» وهو اللقاء الذى لا يتمنونه؛ لأنه لقاء الذين كفروا بربهم يعرضون عليه كما يعرض الجحانى على شهوده ليشهدوا عليه» كما أنهم يرون ما أنكروا وكذبوا. وفى المحشر والحشد الجامع يقول المشاهدون من ملائكة وأنبياء وصديقين إهؤلاء اْذين كَذَبُوا على بهم 4 مشيرين إليهم استنكارا لفعلهم وبيانا لشناعة ما كانوا عليه وحسبهم ذلك سوءا وفحشا واستحقاقا للعذاب. وإن ذلك العرض وتلك الشهادة أبلغ عقاب معنوى» ومن بعد ذلك يكون العقاب المادى على ذلك الظلم الفاجر الآثم والشرك الضال المضل . والأشهاد جمع شاهد كأصحاب جمع صاحب» أو جمع شهيد كأشراف جمع شريف». ولمعنى واحدء وقد ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: 9 ألا لعنة الله على الظّالمِين» (ألا) أداة تنبيه وفيها توكيد للحكم الذى يجىء بعدهاء و لَعنَة الله #مقته وعذابه والطرد من رحمته وقوله: الظّالمين 4 إظهار فى موضع اا تفسير سورة هود لسلس 01 لب أ الإضمار»ء وذلك لتسجيل الظلم عليهمء» ولبيان أن هذا الظلم الذى قد بلغ أقصى حدوده هو السبب فى بعدهم عن رحمة الله تعالى» ويعم الحكم بالعذاب على كل من عتى عن أمر ربه وأشاع الفساد فى الأرض . إنه لا يحب المفسدين. وقد ذكر الله أفعال أولئك الظالمين فقال تعالت كلماته: ( ذم يعو عن سبل له ووه عوج وم الاخرة م افو 480 . يذكر الله تعالى أحوال الذين يفترون على الله الكذب» وقد ذكرنا كيف كانوا يفترون» وهذه الحال التى ذكرت هى الصد عن سبيل الله تعالى بإيذاء المؤمنين وفتنهم ليقولوا كلمة الكفر وهم لها كارهون» وقد بالغوا فى إعناتهم حتى مات منهم من مات تحت حر العذاب الذى ابتدعوا فيه طرائق تتنافى مع كل إنسانية بل ووحشية» حيث كانوا يحمون الحديد ويصبونه محميا فى فرج المسلمة حتى لقد اضطر بعض المسلمين أن ينطق كلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان. وكان من صدهم أن النبى كلو عندما كان يذهب داعيا فى الحج القبائل كان يذهب منهم من ينفرهم من الإسلام كأبى لهب؛» وأن الأوس والخزرج عندما استجابوا للنبى يد كانوا يلتقون به على استخفاء ء منهم وفى سر لا إعلان فيه» وهم يتبعونهم كلما علموا باجتماعهم به ولذا قال تعالى فى وصف هذه الحال: « الّذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا 4 وسبيل الله هى سبيل الحق والإسلام كما قال تعالى: ون هذا صراطي مستقيما فَاتبعوه ولا تشِعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ... 029 4 [الأنعام]. «يبغونها عوجا4 أى يريدونها ملحفين فى ذلك أن تكون معوجة بأن يلين معهم فى عبادة الأوثان وتحريم ما أحل الله ويرضى بما يرضونء, أو يريدون ويبغون أن يكون أتباعه معوجين منحرفين عن الحق وأن يرتدوا عن دينهم الذى ارتضواء وقد أشار سبحانه إلى السبب الذى جعلهم يوغلون فى الكفر ذلك الإيغال ويمعنون فيه هذا الإمعان» فقال تعالى فى حالهم التى أضلتهم: # وهم بالآخرة هم كافرون © . )##‏ تفسيرسورة هود 2 ااال سرب ا هى الحياة مما أدى بهم إلى هذا الغباء وهذه اللجاجة فيه. وقد أكد سبحانه كفرهم بالبعث واليوم الآخر وأنه لا حساب ولا عقاب» أكده أولا بالضمير وهو قوله تعالى: أ وهم» وتكراره فى قوله تعالى: هم كافرون » وأكده بالجملة الاسمية. وذلك ضلالهم وهو الضلال البعيد» وأنهم بغوا وطغوا فى البلاد وأكثروا فيها الفساد وحسبوا أنهم الغالبون وأنه لا يعجزهم أحد وذلك سر طغيان الطغاة. © أولئك لم يكونوا معسجزين في الأرض وما كان لهم من دون اللّه من أولياء يضاعف لَهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كَانُوا ينصرون 69 4 . الإشارة إلى الذين يصدون عن سبيل الله تعالى ويبغونها عوجا ويريدون أهلها معوجين غير سائرين فى الحادة» والإشارة إلى الموصوفين بصفات تدل على أن هذه الصفات سبب لا يقومون به من تحد لله تعالى» ولذا قال سبحانه: 8 لم يكونوا معجزين في الأرض ©. أى لم يكونوا معجزين لله عن أن ينزل بهم ما أنزل حرب مجلية مخزية» ولمعنى أنهم لم يكونوا بحالهم وكينونتهم معجزين الله فى الدنياء فالله هو القهار والغالب على كل شىء فلا ولى لهم يقاوم إرادة الله تعالى 5 6م مم 3 فيهمء ولذا قال تعالى: وما كان لهم من دون اللّه من أَوليَاء 4 أى ما كان لهم أولياء يعاندون الله تعالى فيما يريد فيهم ويقاومون إرادتهء وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: من دون الله فإنها تدل على المضادة لما يريد الله سبحانه وتعالى فهم لا يستطيعون نصرتهم ولا منع العذاب عنهمء قالوا بمعنى النصر المانع وكلمة ‏ من © 6م هس اا تفسير سورة هود لل لاملل حب 1 هذا فى الدنيا إذ حسبوا أنه لا رقيب عليهم ولا دافع يدفعهم وهم مسلطونء فيبين الله تعالى أنه قاهر فوقهم. أما فى الآخرة فقال الله تعالى عن حالهم فيها # يضاعف لهم العذاب © أى يكرر العذاب عليهم فيكون ضعفين أو أضعافا؛ لأنهم أشركوا بالله عبادة الأوثان» ولأنهم آذوا المؤمنين وحاولوا صدهم عن سبيل اللهء ولأنهم طغوا وبغوا فى البلاد وأكثروا فيها الفسادء ولأنهم ظلموا الناس وفتنوهم فى دينهم . وما بعنهم على تلك الآثام التى ضاعفت لهم العذاب إلا آنهم لم يستمعوا إلى الحق ولم يبصروا الآيات» ولذا قال تعالى: ما كانوا يَسَتَطيعون السّمع وما كَانوا يبصرون 4 ذكر الله تعالى فى هذا النص الكريم السبب فى هذه المآثم فذكر أنه أمران : الأمر الأول: أنهم لا يستطيعون السمع» وليس المراد أنهم صم حقيقة» بل شبهت حالهم بحال الأصم الذى لا يستطيع السمع؛ ذلك لأنهم لا يتدبرون مأ يسمعون من دعوة إلى الحق وآيات تتلى فيها الإعجاز فكانوا كأنهم لايسمعون» وقد ذكرهم الله فى مواضع أخرى ل ولقد فرأنا لجهنم كثيرا م من اجن والإنس لهم قُلُوب لأ يَفقهون بها ولهم أعين لا ينصرون بها ولَهم آذَانُ لأ يسمَعون بها أولتك كالأنعام بل هم أضل أُولتك هم الْغافلون 659 4 [الاعراف] . الأمر الشانى: قوله تعالى: وما كانوا يسصرون 4 أى ينظرون نظرة تأمل للكون ويدركون أسراره؛ والجمع بين الماضى والمستقبل فى قوله تعالى: وما كانوا ييصرون # للدلالة على استمرار غفلتهم عن الآيات وتجددها وقتا بعد آخر» فكلمة «كان» تدل على الماضى وكلمة # يبصرون# تدل على المستقبل». كذلك قوله تعالى: لما كَانُوا يَسنَطيعُونَ السمْع © والله أعلم بمراده فى كتابه . ولقد حكم سبحانه بعد ذكر عذابهم فى الدنيا والآخره فقال تعالى: (أرلك الذين خسوا هم صل لمكاو يرود 409 . اا تفسيرسورة هود الللللا0ا0ا0ا0االلل اللا اللو حت زا الإشارة هنا إلى الذين هددوا بعذاب الدنيا وإنه لنازل بهم» وأنذروا بعذاب الآخرة» ومن قبل صدوا عن سبيل الله وأرادوها ملحفين فى إرادتهم أن تكون معوجة. والإشارة إلى الموصوف بصفات تدل على أن هذه الصفات هى سبب الحكمء وهذا الحكم هو الخسران المبين. وأنهم خسروا بضلالا عقولهم» وخسروا أنفسهم بظلمهم» فالظلم خسارة للنفس» وخسروا أنفسهم بكفرهم باليوم الآخر وعدم رجاء ما عند الله وبعذاب الدنيا والآخرة» ثم قال تعالى: ‏ وضل عنهم ما كانوا يقرو 4 أى غابت عنهم الأوثان الى انا يحسبونها شفعاء عند الله» وتلفتوا فلم يجدوها والتعبير ب«ضل » يفيد أنهم طلبوها فلم يجدوهاء أو توهموا أنها تنفعهم فلم تجدهم, وفى تعبيره سبحانه عن الأوثان بقوله تعالى: ما كانوا يفترون» إشارة إلى أنها لا وجود لها فى ذاتها وإن وجودها كآلهة إنما هو فى أوهامهم وافترائهم. ثم يؤكد سبحانه خسارتهم البالغة إلى أقصى حد. «لاجرم أَنْهُم في الآخرة هم الأخسَرون 69 4 . قال الخليل وسيبويه إن لا جرم 4 كلمة واحدة معناها حق ويكون المعنى: حق وثبت أنهم فى الآخرة هم الأخسرونء فالنص يثبت أنهم حسروا وأنهم بلغوا فى الآخرة أقصى درجات الخسارة» ولذا جاء جمع «الأخسرود »2 ٠‏ وفعل التفضيل هنا يدل على أقصى درجات الخسارة» أى لا خسارة فوقها أو مثلها بل هى فوق كل خسارة» وما ظنك بخسارة مؤداها البقاء فى الجمحيم خالدين فيها إلى ما شاء الله تعالى. وروى عن الخليل أيضا فى «إلا جرم » أن معناها لابد ولا محالة فهى تفيد التأكيد بأنهم فى أعلى درجات الخسارة. والأصل فى لاا جرم أن لا نافية» وهى رد لهم فى أطماعهم» وبيان بطلانهم» وجرم معناها كسبء والمعنى لا كسب ذلك الفعل لهم- أنهم الأخسرون. ومؤدى لا جرم حق كما ذكرنا أولا. بها تفسير سورة هود 010 ب ا وهذا شأن الكافرين الجاحدين الذين يصدون عن سبيل الله تعالى ويبغونها عوجاء أما شأن المؤمنين فقد قال تعالى فيه : « إن الّذدين آمنوا وعملُوا الصّالحات وأَخْبتوا إلى رهم أوليك أ صحاب الْجنّة هم فيها خالدون 09 4 . بعد أن بين سبحانه وتعالى حال الذين كروا فى الدنيا وفى الآخرة» وأنه فى الدنيا غرور بها وزينتهاء وفى الآخرة خسران مبين وشقاء وجحيم» بين سبحانه حال المؤمنين فقال: إن الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأخبتوا إلى ربّهم 4. ذكر سبحانه وتعالى لهم أعمالا ثلاثة: أولها: الإيمان الذى يقذفه الله فى قلب المؤمن فيخضع للحق ويذعن له وإن القلب إذا أشرق بالإيمان واستضاء به كانت الحكمة والاستقامة فى القول والعمل فلا يكون منه إلا الخير والإذعان للحق. والثانية: العمل الصالح وهو ثمرة الإيمان وأن الايمان إن لم يصاحبه العمل كان ذلك نقصا فى الإذعان» فإن الإخلاص يتولد عنه الحكمة التى يتولد عنها القول الطيب والعمل الطيب. والحال الشالثة: هى الإخبات إلى اللهء والإخبات هو الاطمئنان» والكلمة مثل للأرض والنبت» وهى الأرض المصمتة2 السهلة» والاطمئنان الى الله يتضمن تصديق ما وعد» وا خضوع لما أمر ونهى » وقال تعالى : © إلى ربهم 4 لما يفيده معنى الربوبية والخلق والقيام على حفظهم وتربيتهم وما يترتب على ذلك من وقد أكد سبحانه هذه الأحوال ب (إن) المؤكدة» وذكره بالاسم الموصول للدلالة على أنه سبب الحزاء الذى يعطيهم ربهم» والثناء الذى أضفاه عليهم خالقهم . )١(‏ أصمتّت الأرض” أحالت آخر حَوَلَيْن . كما فى القاموس» والمراد هنا الساكنة الممهدة للسير. تفسيرسورة هود مخ غ1 خ كلاخ ااا ماللا ممم مغل الام امال لمك للللا جل ثم ذكر بعد ذلك جزاءهم فقال تعالت كلماته: « أُولّتك أصحاب الْجِنة هم فيها خالدون © وإن الإشارة إلى صفاتهم من إيمان وعمل صالح وإخبات إلى ربهم إيضاح إلى أنها سبب ذلك الجزاء العظيم» وقد أكد سبحانه وتعالى جزاءهم بأنهم ملازمون للجنة» وأنهم أصحابها الذين لهم اخغتصاص يشبه ملك المالك لا يملك وأكد أيضا بضمير الموصول فقال: هم فيها خالدون 4 . هذا مكان الذين آمنواء وذلك مهوى الذين يصدون عن سبيل اللّه» وقد وازن سبحانه وتعالى بين الفريقين فقال تعالت كلماته: « مَثْل المَرِيقَين كالأعمئ والأصم والبِصير والسّميع هل يُسَتَوِيان ملا أقلا تَذَكَرونَ © 4 . المثل هو الحال والشأن» الفريقان فريق من ضل وغوى فكان فى السعير» ومن آمن واهتدى وعمل صال حا واطمأن إلى حكم ربه فكان فى الجنة» فجعل فريق الغواية كالأعمى الذى لا يبصر واللأصم الذى لا يسمعء وفريق الهداية كالبصير الذى أوتى حدة فى البصر حتى كان بصيرا يرى الأشياء والحقائق» والسميع الذى أرهف سمعه حتى صار يسمع دبيب النمل . هل يستويان 4؟ هذا استفهام إنكارى بمعنى إنكار الوقوع» أى لا يستويان مثلا أى حالا وشأناء بل يفترقان ويكونان بما يتفق مع حال كل منهماء فالأعمى الذى لا يرى حتى يعرف الطريق» والأصم الذى لا يسمع الهادى الذى يرشده فهو يتردى فى المهاوى غير رشيد ولا مسترشدء والبصير الذى يرى أعلام سبيل الله تعالى وهو السميع الذى يسمع المرشد الهادى إلى سواء السبيل لا بد أن يسلك الطريق الآقوم» فلا يستويان فى الابتداء والانتهاء» ففريق فى الجنة» وفريق فى السعير . والتشبيه فيه تخريجان: التشبيه الأول: تشبيه الكافر بالأعمى الآصم الذى لا يرى الطريق ولا يسمع من يهديه» والمؤمن بالبصير السميع الذى يهتدى ببصره وبإرشاده وقد وضحناه. #9 تفسير سورة هود 9 الللل لل > ا والتشبيه الثانى: تشبيه الكافر بالأعمى فى عدم إدراكه» وبالأصم فى عدم الإصغاء للهداية والمؤدى فيهما واحد»ء ولقد قال تعالى: ‏ وما يستوي الأعمئ وَالبَصِيرٌ 659 ولا الَلمَات ولا الُور 60) ولا الظل ولا الُحرور (69) وما يسوي الأحياء ولا الأَموَات إن الله يسمع من يَشَاء وَمَا أنت بمُسمع من في القبور 49 [فاطر]. ختم الله الآية الكريمة موجها القول إلى الناس «أقلا تَذَكّرون 24 (الفاء) لترتيب ما بععدها على ما قبلها وأخصرت عن تقديم؛ لأ الاستفهام أ» السادة' والاستفهام لل للتنبيه والتحريض على التذكر والاعتبار وإن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار. القصص الحق قال تعالى سرح جر ع -. بويع ع وَلَقَد أَرَسَلْنا وإ كو عاق رمت 9 أل يدوا أ وان عدي م ع لك لك عر 22 1 َأ مار لمعن 5 مسلب لق كذيت الا ىو الم م ذه قا ل تلقو يار ١‏ ليما 2 عند و فَعويَتَ 1 رماوأ 2 َكرهودَ 9 0 مْعَيهِمَالَا إن أجَرىَإلَاعلَأسّ وَمآ ُُ ا بم ولك نأك 5-7 206 4 لكت 2 | تفسيرسورة هود ااال 70 5 بي 2 -- جه د ده > تلغرو 14 لس عو عَومَا هلو لزيا وَيفَوو من ينض رفم نَأللوإنط وهم ذخ 0 مس عداو 0 ل سيم لالد سرود ير ول عند حَرَنا لله ولا 4 ل الْسَستَ 24 رخ عو أعلم الْعِيْبَ وَلَاأولُإِنَ م مالك ولا أَقُولٌ 5-6 تناخ [ززين اندرا اناتلزيما آي ةن علطي 92 ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إِنّي لكم نذير مبين 62 4 . إن قصص القرآن ليس فيه تكرار إنما فيه بيان العبرة» وتساق القصة أو جزء منها فى موضع العبرة فيهاء وإذا كان فيه تكرار فهو ليس فى الأآخبار إنما هو فى موضع الاعتبار. وموضع الاعتبار هنا أن قوم وح يحاربونه بما حارب الملأّ من قريش محمذا عد ودعوة نوح هى دعوة محمد الخالدة» وهى دعوة النبيين من قبل2» وهى الحقيقة الأزلية» هى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له. ونسبه متهم وقد اداه نداء الحدب عليهم المحب المنذر لهم. مبينا مغزى رسالته ظٍِ إنِي لكم تذير مبين 4 وهذا معنى أرسلنا والغاية من الرسالة» وهذا مشابه لأمر النبى ليد عندما قال لقومه عندما أبلغهم برسالته: «أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم», قالوا: ما عهدنا عليك كذباء قال: الإنى لنذير لكم بين يدى عذاب شديد)”2 . ( أن لا تعبدوا إلا الله ني أخاف عليكم عذاب يوم أَلِيم 9© 4 . )١(‏ رواه البخارى: تفسير القرآن - #وأنذر عشيرتك» »)89//١(‏ وأطرافه فى البخارى ستة» بنحو من هذاء كما رواه مسلم: الإيمان ‏ #وأنذر عشيرتك الأقربين» (508). اللا تفسير سورة هود الل الح اا تضمن هذا النص الكريم لب الرسالة وهو الوحدانية فى الذات وفى الصفات وفى العبادة» كما تضمن فى ألطف مودة الإنذار بالعذاب الذى يكون فى يوم مؤلم فى أهواله وفى مآله» وإنه يوم المآل. وقد تبعه من تبعه من الضعفاء والفقراء الذين يزدريهم الكبراء فى هذه الدنيا كما ازدرى كفار مكة أتباع النبىكَكِةِ من الفقراء والأرقاء واستهزءوا بهم» كذلك كان الذين كفروا بنوح ابتداء من الملا والكبراء . ظ فَقَالَ الْمَاةُ اين كَمرُوا من قَوْمه ما تراك إلا بشرا معنا وما رَاك اتَبَعَكَ إلا الذين هم أَرالنابَادي الرأي وما تَرئ لَكُم علينَا من فضل بل نظتكم كاذبين 699 4 . وتتضمن إجابتهم ثلاثة أمور كلها لقيها النبى ويد من قومه والملاً هم الأشراف الأقوياء المستكبرون فى الأرض بغير الحق» ووصفهم سبحانه بال موصول « الِّينَ كَفَرُوا 4 لبيان أن السبب هو كفرهم وليس ثمة باعث حقيقى مما تضمنه قولهم» إنما الباعث هو الكفر الذى سبق إليهم ابتداء» وكان ذلك القول مظهره وأول ما دل عليه؛ وهو استغرابهم أن يكون بشر منهم رسولاء وكذلك كان يقول مشركو مكة. الأمر الأول: «إما نَرَاك إلا بَشَرا معنا 4 فأى ميزة جعلتك رسولا من بينناء وهذا كقول المشركين فى مكة: « ...ما لهَدَا الرّسُول يأكل العام ويمشي في الأسواق ... 6 » [الفرقان]ء وهذا هو أول ما تضمنئته إجابتهم . الأمر الثانى: أنهم قالوا: ظ وما تراك اتبعك إلا الّذينَ هم أَراذلنًا 4 جمع أراذل» وهم الأخساء فى نظرهم لأنهم يقيسون الخسة والرفعة بمقدار القوة المادية» فمن كان غنيا مستعليا بماله ونفره كان عالياء ومن كان قليلا فى ماله ونفره كان خسيسا فى نظرهم ومعنى 9 بادي الرأي 4 أى ظاهر من الرؤية لا يحتاج إلى دليل. الأمر الشالث: ما نرى لكم يا نوح أنت ومن معك من فضل علينا حتى تستحقوا الثواب دونناء ومن هذا البيان استغراق النفى» أى لا نرى لكم علينا أى تفسير سورة هود ااال 111 > زا فضل حتى تكونوا مستحقين للثواب دونناء وذلك لربطهم الرفعة فى الدنيا بالمادة ثم أكدوا بعد ذلك ما توهموا فقالوا: « بل نظنكم كاذبين 4 وهو إضراب عما يوهم كلامهم فى فرض صدق الأخبار بأنهم يستحقون ثواباء ويقول المفسرون إن الظن هنا هو العلم» وأنا أقول إنه الظن الحقيقى؛ لأن الكفار كل علمهم أوهامء والأوهام إذا كان منها اعتقاد لا يمكن أن يكون إلا ظناء وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا . رآَاني رَحْمَة من عدده ميت علكُم موه وأُم لها هود 0 4 . ابتدأ نوح عليه السلام نداءهم ب«يا قوم» تقريبا وتأليفاء « أرأيتم إن كنت على بيئة من رَبّي © أى دليل وسلطان» #8 وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم » أى خفيت عليكم ولم تهدكمء أن مكموها وأنتم لها كارهون »# أى لا نلزمكم إياها وأنتم كارهون لهاء والرحمة من آثار الإيمان» والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى جاءت البينة فلم تدركوها فخفيت عليكم. والخطاب أرفق ما يكون لقربهم إليهء ولم يقل كفرتم بل قال: «خفيت عليكم) وترك الأمر لاختيارهم» ووجه أنظارهم إلى أن الأمر ليس لفضل شخصىء ولكن لهدى إلهى» ولآن رسالات الله بينات وهداية. ثم بين أن المسألة ليست أمرا دنيوياء حتى تتنافسوا عليه» إنما هو أغلى مما عندكم وما تتنافسون فيه. ثم ناداهم عليه السلام بما يؤلفهم: ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أَجَري إلا على اللّه وما أنا بطارد الذينَ آمُوا إِنهُم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون 69 4 . طمأنهم إلى أنه لا يسألهم مالاء والمال عنصر حياتهم المادية التى بها يستعلون وهو زخرف الحياة وزينتهاء. ولكن يسألهم هداية» وأجره على اللّه واحده باينا تفسير سورة هود 9 لل لل للك ل ا إن أجري إلا على الله 4 (إن) نافية» لا أجر لى إلا عند الله فلا تحاولوا أن تنكروا الرسالة ما دامت لا تكلفكم مالاء بل تكلفكم إصغاء وإيمانا. ثم هم كانوا يطعنون فى اتباعه ويغضون من مقامه عند الله ولا يرضون أن يكونوا صفا واحدا مع هؤلاء الأراذل فى زعمهم المادى الفاسدء فيقول لهم قولا قاطعا حازما حاسما فيه شدة وقوة ظٍ وما أنا بطارد الذين آمنوا »© لأنى جئت للهداية لا للثروة والمال؛ وعبر بال موصول فى كلمة ل الذي آمنُوا 4 لبيات سبب التفى» وهو كونهم آمنواء فحققوا ما جئت به» فكيف أطردهم . وإن الاعتبار بحالهم وحالكم إنما يكون فى الآخرة وليس فى الدنياء ولذا قال: إنهم ملاقوا ربهم © وعند لقاء ربهم الذى خلقهم ورباهم على تقوى منهم» فستكونون معهم وستعلمون أنهم أهدى سبيلا . ويتجه نوح إلى أن يصدع بالحق فيهم بعد هذا الرفق الكريم ويقول: ولكني أراكم قوما تجهلون 4. وهذا الاستدراك من القول اللين العطوف ألى القول الحق الذى لا يخلو من عنف فى لطفء أراكم قوما تجمعتم وتحزبتم وأنتم تجهلون الحقائق وتمارون بالباطل» انتقل من عذرهم بخفاء الأمور عليهم إلى رميهم بالجهل المستمر الذى يتجدد آنا بعد آن وقد استمروا عليه. ثم من بعد ذلك « ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أَفلا تَذكّرون 69 4 . ابتدأ أيضا بالنداء المقرب المؤلف 8 ويا قوم» إن كنتم تسترذلونهم انتقامه منى وقد طردت عباده المقربين» وكلمة # من # فى النص تدل على مجابهته لله ومدافعته لإرادته؛ ومن ينصرنى أمامه؛ ثم تختم الآية بقوله: إأفلا تذكرون 2# أفلا تفكرون وتتدبرون لتعرفوا أن طردهم ليس بصواب ولا حسن العاقبةء وأنهم إذا كانوا فقراء فأنا أيضا فقير إلى الله تعالى ولست أفاخر بمال» ولذا قال تعالى حاكيا عنه: تفسير سورة هود 2 الل اس ا «إولا أقُول لَك عندي خَرَائن الله ولا عَم اليب ولا أقُول إِِي مك ولا أشول لين يدري أَعْيْكُمْ أن يهم الل حيرا الله أعلمُ ما في أَنفّسهم إِنَي إذا لمن نفى أربعة أمور: الآمر الآول: أنه ليس عنده خزائن» فهو فى الأموال دونهم» فالله تعالى لم يبعث رسولا يعطيه خزائن الأرضء لكن يبعثه بما هو أعز وأغلى وهو إثراء الروح والنفس بمحبة الله ورجاء ثوابه وتقوى الله تعالى وخوف عقابه. الأمر الثانى: نفى أنه يعلم الغيب» فما جاء إلا هاديا للحق وداعيا إلى الله تعالى» وذلك لا يقتضى علم الغيب الذى اختص الله تعالى به نفسهء وهو فى هذا مثلكم. الأمر الثالث: أنه لا يقول إنه ملك» وهو بشر مثلكم نشأ بينكم وعرفتم مولدهء وأنه بشر كسائر البشر. الأمر الرابع: نفى أنه يقول للمؤمنين الذين يحتقرهم أغنياؤكم» مجاوبة لكمء لن يؤتيهم الله خخيرا بل لهم الخير كل الخيرء وعبر عنهم: 9 للّدين تزدري أعينكم 4 للدلالة على أنهم ليسوا مزدرين فى ذات أنفسهم» بل أعينكم الغاشية هى التى ترى هذا الازدراء. ثم يشير إلى أن الاعتبار ليس للصورة ولكن إلى نور القلوب» ولذلك قال الله أعلّم بمّا في أنفسهم 4 وهى الجملة المعترضة بين قوله: ولا أقول للّذين تردري أعينكم لن يؤتيهم الله حيرا » وقوله تعالى: إِنّي إِذا لمن الظَالمين 4 أى إذا قلت لهم ذلك مطاوعة لرغباتكم» وأكد ظلمه باللام وكونه ‏ إذن - فى زمرة الظالمين الذين لا يعرفون إلا بالظلم إذ اشتهروا به. 1# تفسير سورة هود الل لالم الملل الل «لج باه سي فى سياق القصة َالْوأْينُوح مَدَّجَددَلْسَنَاةكثرتَ أ كَََ أ 100 7 _-- جحتهم ب - جدالنا أن ٍ بماتعد نأإن كنت من ألصَّددِقِينَ وي قال يس لسسع 01 2 عء .بحم و إِنمايائ 2 0 إن شَاءَ ومأ ] أنسريمعجزن 2 ولاق مضْحِ إن ردت أ اناس لخ نمدأ ويك هوَرَككُم وَإِلَيه وجرت © أنيثو ينلد ,ع و جح ماسر رم لإ نَفْمريِهسَمَطكَإِجَرَاى وَأنأْبَرِى ميم ححْرِمُون (2©) الي قال تعالى فى المجاوبة بينهم : «قَانُوايًا نوج فَدْجَادََنا فَأَكُفَرْت جدالنا فأتنا ما تعدنا إن كنت من الصّادقين 69 4 . لم يئن نوح عليه السلام عن دعوتهم وملاينتهم وأخذهم بالرفق حتى أعلنوا مجافاته وقالوا: «يا نوح قَدَ جادلسنا فأكترت جدالنا 4 فسموا دعوته إلى الحق جدالا يقصد به الغلب فى البيان» وما هو إلا ناصح أمين يريد الهداية والإرشاد إلى الطريق الأقوم» ولكنهم لا يريدون رشادا بل أرادوا تحدياء ولذا قالوا 8 فأتنا بما تعدا إن كنت من الصّادقين4 لقد أنذرهم بعذاب الدنيا وعذاب الآخرة» فاستعجلوا العذاب ولم يستعجلوا العظة والاعتبار والهدى ورفع الضلال. وما كان العذاب فى قبضة نوح., إنما هو بيد الله ينزله فى الوقت الذى يعلمه سبحانه وتعالى مناسباء لذا قال: قَال إِنّمَا يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين 69 4 . 8# تفسير سورة هود , الالالال لس ا © إِنّما؛ أداة قصرء أى لا يأتيكم به إلا الله إن شاء يأتيكم به فى زمانه الذى يشاء أن يكون فيه. «إوما أنتم بمغجزين4 أى إنه لا محالة نازل بكم فى وقته الذى حدهه الله تعالى فى علمه. وأنكم لستم مع طاغوتكم بمعجزين لله سبحانه وتعالى؛ ذلك أنهم ضعفاء لا يقفون أمام إرادة القاهر الجحبار. وإن عمل نوح ليس إنزال العذاب» إنما ذلك من عند الله» وعمله هو النصح. فإن لم ينفع النصحء الله تعالى يريد أن تستسمروا فى طريقكم فتقعوا فى العذاب بإرادتكم» إذا اخترتم طريقها وصرتم فى مجرفها حتى انتهيتم إليها. فيكم نسي إن أزدن أذ نصح تمد اد اميه أد فيكم مر ربكم وليه ترجعون 69 4 . أى لا تنفعكم نصيحتى الصادرة لكم فى إخلاص وإيمان بالحق إن أردت أن أنصح لكم وأخلص لكم مرفقا بكم غير مغلظء إن كان الله يريد أن يغويكم 4 أى إن كانت إرادة الله تعالى أن تستمروا فى طريق الغواية وهى الضلالة حتى تنتهوا إليهاء فأنا أريد لكم النصح والله يريد لكم أن تستمروا فى طريق الضلالة وإرادته سبحانه هى النافذة . ثم ذكر نوح أن الله تعالى هو الذى خلقكم ويعرف مآل أعمالكم وأنكم راجعون إليه ولذا قال: «(هر ربكم وإلّيه ترجعون 4, ؛ هو ربكم الذى خلقكم ويعلم ما تخفى صدوركم و يه ترجعون 4 إنذار لهم فالمرجع إليه وأنه المحاسبكم على كل ما صنعتم محاسبة العليم الخبير السميع البصيرء وقوله تعالى: ١‏ وإِلّيه ترجعون 4 تدل بتقديم الجار والمجرور على أن المرجع إليه وحدهء وإن فى هذا القصص الحكيم لأمرين: الأمر الأول: التخفيف عن النبى كَكِلْهِه ولبيان أنه لاقى النبيون ثما لاقى هوء والعاقبة كانت لهم وحادّهم المشركون بما حادوا به النبى كله وأن ذلك عبء يحتمل فى سبيل أداء الرسالة الإلهية إلى خلق الله تعالى» فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإغما يضل عليها. ل تفسير سورة هود لل وزيم وبين يي الأمر الثانى: إثبات الإعجاز وهو أنه أتى بهذه الأخبار الصادقة عن النبيين السابقين من غير أن يتعلم على معلم» ومن غير أن يقرأ فى كتاب فإ وما كنت تتلو من قَبْله من كتّاب ولا تَحْطَهُ بيَمينك إذَا لأرتاب المبطلون 62 4 [العنكبوت] . ولذلك كان هذا القصص الحق مع الأسلوب المعجز من دلائل الإعجازء ولقد أشار سبحانه إلى ذلك فقال: طم يَقُوُونَ افتراه قل إن افيه فلي إجرامي وأا بَرِيء مما تجرمون 2© 4 . أم» هنا للإضراب الانتقالى أى أنه سبحانه فى الأسلوب القرآنى الحكيم يتتقل من السير فى القصة إلى نهايتها وإلى ما تشير إليه من دلائل الإعجازء أى يقولون قصد الكذب فى هذا الكلام الدال على صدق الرسالة» قد يقولون ذلك وهم يعلمون أنه الصادق الأمين الذى لم يعرفوا له كذبا قبل البعث وبعده؛ 9 الله تعالى بأن يقول لهم: طقل إن افيه فعلي إجرامي ونا بَرِيء مما نجرمون4. قل إن افتريته وكان قصصه كاذبا فإن إجرامه على فعلى هذا الإجرام أى وباله وإثمه ف( وأَنا برِيء مما تجرمُون»4 فإجرامكم كثير» إشراك بالله وأوهام تسيطر عليكم فتحرمون ما أحل الله وتحلون ما حرم الله تعالى وتؤذون أهل الحق وتصدون عن سبيل الله وتبغونها عوجاء وإن البراءة من إجرامكم خير لا ريب فيه وهداية لا شية فيها . وفى قوله تعالى: إن افتريته فَعلَيّ إجرامي 4 كان التعبير بقوله إن » لبطلان أصل الافتراء واستحالته؛ لأنه يَلتِلدلم يعرف عنه كذب قطء ولأنه يوافق كتب أهل الكتاب التى لم يتلوها من قبل» ولأنه من الله العليم بكل شىء وقوله: فعلَي إجرامي 4 يفيد أنه عليه السلام يتحمل تبعة قوله وأن إجرامهم ثابت وهو 184 تفسير سورة هود الئل الل 01111 ليطا 114 7 ط عام الفلك 0 د ير ومع م 2 ب 00 0 وَأوإك نويع أنه لن بوص من قووك! لمن قدء امَنَ 0 سح لاا روس ما ضعزءة سدس يو 2 قلا يسيس بِمَا مَانوأَيفَمَلُوتَ 2 وَأَصَمَع ملك بأعيدًا 214 000 3 42 4 + سك ع ع رلعا م ححطم ووحيناوا لامحطبنف) لبن نم مغرفون 2 آذه نا هه 00 07 ا ونصحح الاك وَصكلما عه ملا ومو سَخِيْوأ نَذَمَالَنَمَسحَْوْوِئَهانَاهٌ” كما حرو و 22 ا 0 د ره ل ل توق تَعلَموس مَأ عَدَا بوي ويروا عاب مقيم نيا حَوََإِداجَآء مركا وكارَالكْرْقلْنَاحمِلفيبًا و 0 من حك ل روسن أن وَأَمْرَلَ] لمن سمو ل وَمَنّ ءامن وَمَاءَامنّمعة, كيل 2 #والاركوأ ماس كح اس سرج هه 8840 دوجم اضرا زنواد 0 عرش رسكب تواتك 11 1 ََسحاوِتَل جب لِيتَصمُق م و الْمَكهقَالَكاعَاصِمَ منرم اميحر َلْوَح كات و مود من الْمَعْرَقِيََ ع زا وَقيِلَيتار ض ابل مآءكوسْسَمَآة َل ويعِيض الْمَم وفض ى] لامر وَأسَمَوه مَعَلَللْوْديَوَقلَ ا ارم و 2 200 وق ىس ام بعد الِلْمَوَ ما مين (20 يي وناد ئتح ربددفقا لَرَسَإنَ 78 9لا تفسير سورة هود اناا اللااااا ااا لالاااانمخنانااما لطن خنطن ا اااتاالا ا الخااا الالالال لاااااامااان نالا نالاااما مالالا امق لاملا الاااااالا تالالا لطن الللاطط ةا تاللا ان و3 أ 1 م 2 -11 7 اه - 7 سظر 24 3-0 عل ذه لك عط 5م أ رصح سر مالس لك بدءع نأك أنتكود جهن © 39 َالرَبَ قاع دبك أَنَأت سَكَلْلكَمَالَيّسَ لي به.ء ول مل ل ريت ع سر ع2 1 4- تَهْفْرَ ب وَتَنْحَمَْ نَْاكُنينَ لْحَسِرِينَ 7 قبل يلو أمظ بِسَلِنَاة وَيَكَتِ عَلَكَوَعَك ْم وِمِْيَّنْتَعَدقّ 1 1 مثئشتكئ سدم مِيَنَاعَدَا 7 عو حم سه : وأمم ستمرعهم م لمعسهم وأوحي إلئ نوح أنه لن يؤمن من قومك إل من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفَعلُون 239 وامسنع الفسلْك بأعيسبنا ووحينا ولا تخاطيني في اللزين ظلصوا نِّم مغرقون 69 4 . بذل أقصى جهده فى التقريب والتأليف والنصيحة والإرشاد وجمل مسا لك تعا إل ل حي الساحم أله أن ؤم شيرهم. قل تن أ لا ود ولا تأسف بما كان يفعل من استكيروا فى اللأرض من سخرية وازدراء لأهل الإيمان» وأنما أنت نذير وقد أنذرت» ولم يبق إلا أن ينزل بهم ما كانوا يستعجلون ويقولون بتحد 8 فَأتنا بما تعدنا4. وقد اشتبه حال نوح معهم بحال محمد يكل مع قريش قبيل الهجرة» إذ لم يؤمن منهم أحدء وإن كان منهم من يلقى بالمودة من غير إيمان» ثم كانت الهجرة وكانت الحرب وأنزل الله بهم هزيمة بعد هزيمة ولم تكن إبادة كإبادة قوم نوح عليه السلام؛ لأن رسالة محمد خالدة فكان من أصلاب المشركين بالله والحاحدين لرسالة محمد كلاه من يعبد اللّه وحده ومن يدعو إلى الله ويجاهد فى سبيله كخالد بن الوليد وعكرمة بن أبى جهل. ‏ ا تفسيرسورة هود الالالال لح اا أما رسالة نوح فلم تكن خالدة» ولذا كانت الإبادة لمن كفروا وبقيت من المؤمنين بقية صالحة؛ ولذا أمره الله تعالى بأن يصنع الفلك لنجاة نوح عليه السلام بصنع الفلك وهى السفينة» ويطلق على الجمع؛ فقال تعالى: واصنع الفلك بأعيننا #. أى رقابتنا ورعايتنا وحمايتناء وعبر سبحانه عن ذلك بقوله 8 بأعيننا 4 وذكرت العين لأنها أقوى إدراك الحس». وذكرت بالجمع «بأعيننا») جمع عين؛ للدلالة على كمال الرعاية والحفظ والكلاءة» وقوله تعالى: 9 ووحينا # أى بإرشاد منا إلى مواضع الإحكام فيها ودفع أى خلل فى بنائهاء ويبدو أن نوحا عليه السلام كان مع غضبه من قومه ومن جحودهم كان يرجو أن يكون منهم مؤمنون». ولكن الله تعالى رده وقرر أنه لا رجاء فيهمء وقد حق عليهم العذاب فقال سبحانه: ...ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون 4 ويصنع نبى الله ومن معه الفلك ١‏ وَيصتع القلك وكُلَما مر عليه ماف مّن قَوْمه مَخْرُوا منْهُقَالَ إن تتَسْخَرُوا ما فإِنَّ 2 مكُم كما تَسْخَرُونَ 69 4 . لم يترك قومه غيهم وما هم فيه من ضلالآ وكلما مر عليه ملأ من قومه © أى طائفة من أشرافهم وكبرائهم ‏ سخروا منه» كانوا يحسبون ذلك عملا لا ثمرة له فيبنى لهم نوح عليه السلام نتيجة ما يفعلون ويقول لهم: « فسَوْف تَعْلَمُون من يأتيه عدا يُخَِيه ويَحل عليه عاب مُقيمٌ 69 4 . وكلمة # فسوف تعلمون# فى قوله تعالى لتحقيق العلم لأنه سيكون علم معانيه لا علم إخبار. حتئ إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل 69 4 . )1 تفسيرسورة هود ظ ممم الك ا امم لا اا كطخس ااام 1 1 خخخ خخخ ممم ملالا لاما لاخ ااا ممما مم اماملا للا > اا أمر الله تعالى هو الأمر الكونى وهو الغرق» والنجاة لمن نجا عليهاء © وفار التنور»» التنور مكان النار» وقالوا فى تصوير ذلك إن كل جزء من الأرض صار فيه تنور يفور منه الماء وكانت المسجزة أن يحرج الماء من التنور ويصير غرقا. وعلى ذلك يكون التنور فى الآرض ليكون منه الغرق» وليس التنور فى السفينة أى أن التنور لما فار ووجدت أسباب الغرق أمر الله نوحا وقد استعدت السفينة للسير أن يحمل فيها من كل حى زوجين اثنين ليكون التوالد فى الحيوان بخار حرك السفينة للسيرء فهى قد سارت بالبخار لا بالتجديف أو الرياح» إذ لم يذكر هنا ولكن ذكر فقط التنور وفورانه. وقد يقال إن البخار لم يكن قد اخترع» وما اكتشف إلا فى القرن التاسع عشرء حيث سارت به القطر والسفن. نقول فى الجواب على ذلك بأن صنع السفيئة قال فيه الله تعالى: واصنع الفلك بأعيننا ووحينا © فالسفيئة كانت تصنع تحت رعايه الله ووحيه فهل يعجز سبحانه عن تسييرها بالبخار الذى جعل سبحانه العقل البشرى يتوصل إليه بعد ألوف السنين» إن هذا هو ظاهر الآية. أولا: لآن ظاهر الآية يدل على أن ذلك كان عند تمام صنعها. الثا: أنه لم يكن ثمة ذكر للأرض ولكن ذكر للسفينة» فالتنور فيها» وليس إن ذلك الخاطر استمر يطرق أبواب التفكير حتى آمنا به. والله أعلم بالصواب. بعد أن أعدت السفيئة تحت رعاية الله وكلاءته» وصنعت بوحى فى تركيبها جزءا جزءاء وما كان نوح صانع سفن» ولكن كان نبيا مرسلا موحى إليه» ##ا ‏ تفسيرسورة هود مم الل ااا االلوللولاا04060ا1ا0اللا0ا0اا0اللا اكاك : يي" فكانت صناعتها معجزة» وإغراقهم معجزة» ونجاة من نجا معجزة وكل ذلك صار مرئيا للعيان. حمل نوح عليه السلام. من كل زوجين اثنين وحمل أهله؛ إلا من سبق عليه القول منهم وهو ابنه» وحمل من آمن» وذكر سبحانه أن الذين آمنوا كانوا عددًا قليلا. وقد ذكر فى الأخبار أن السفينة كانت ضخمة كأنها مدينة تسير فى البحر» وروى أن طولها ماتتا ذراع وألف. وعرضها ستمائة ذراع وارتفاعها ثلاثون» والله أعلم» وبعد صنعها أمر نوح بتكليف من ربه بأن يركبوا. طقال اركَبُوا فيه بسَم الله مجراها ومُرساها إن بي لَغفور رحيم 29 وهي تجري بهم في مَوَج كَالْجَال ونَادئ توح ابه وَكَانَ في معزل يا بني اركب مُعنَا ولا تكن مع الكافرين 69 4 . ركب نوح وما معه وأهلهء ومن معه من آمن واتبعه» ومن بعد ركوبهم كان الغرق بالماء الذى جاءهم من حيث لا يحسبون» جاءهم الماء من السماء والأرض» جاءهم من السماء فانهمر المطرء وجاء من عيون الأرض كما ذكر سبحانه فى سورة القمر: قفتا أَبْواب السّماء بماء مهم 09 وجرن الأرض عيون فَالتَقَى الماء عَلَئ أَمْر فَدْ قُدر 00 وَحَمَلَاهُ علّى ذَات أَلواح وَدْسّر 05 تجري بأعينًا جزاء لمن كان كفر 62 4 [القمر] . وهكذا نجد مجموع آيات القرآن الكريم فيها القصة كاملة. لكن كل جزء ذكر فى موضع عبرته» ولا تكاد نجد تكراراء إنه كلام العزيز الحميد الذى أحاط بكل شىء علما ف بسم الله مجراها ومرساهًا 4 أى بسم الله تعالى من وقت جريها إلى وقت رسوهاء وهناك قراءة بسّم الله مُجراها ومْرْسَاها إن بي لَعفُوررَحيم 4 يغفر الذنوب لعباده المؤمنين برحمته» ثم وصف حال الفلك فقال تعالى: وهي تجري بهم في ا تفسير سورة هود للض ةيالولل اللي لاا 1 ىر ب موج كالجبال »4 أى إن الماء ارتفع وكشر حتى علا موجه واصطفق» وشبه الموج بالجبال لارتفاعه وصعوبية اختراقه . وهنا تحركت عاطفة الأبوة الفطرية فى نفس نوح» والفطرة السليمة تتحرك فيها العراطف الإنسانية» فنادى على ابنه خشية الغرق» وقد عزل نفسه عن أبيه الداعى إلى الحق وهذا معلى © في معزلٍ * أى مكان معزول عن أبيه لكفره» أو عن القوم فرارا بنفسه ولكن لا فرار من قضاء الله المحتوم» فقال مغرورا مخدوعا غير مقدر أن العذاب نازل لا محالة. قال سآوي إلى جبل يء يعصمر من الْمَاء قَال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رَحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين 609 # . الله أنه الهلاك المدمر ذلا عاصم الِيوم من أمر الله إلا من رّحم# وهم الذين نجوا فى السفينة مع أبيك وأهلك ومن تبعه. فليس للإنسان إلا ما سعى» وأن سعيه سوف يرى. بعد أن غرقوا ولم يبق منهم ديّار جزاء ما اقترفوا وأشركواء رفع الله الماء الذى كان إهلاكا لهم . « وقيل يَا أرض ابلعى ماءك ويا سَمَاء أفلعى وغيض الْمَاءِ وقُضى الأمر واستوت على الجودي وق نالوم الاي 49 . ذات نفسهء وهو يأمر الله تعالى: «إ ابلعي ماءك 4 فالأرض ابتلعت الماء الذى ملأها تفسيرسورة هود الل ااال رب ا بعيونهاء ومن المطر المنهمرء 8 ويا سماء أفلعي » وأقلعى أى أوقفى ماءك المنهمرء وغيض الْمَاءِ» أى نقص بعد أن تمت المعجزة ونزلت آية الله تعالى فى القوم الكافرين وقضى الأمر أى أنجز الله وعده بإهلاكهء « وامتوت على الجودي» الضمير يعود إلى سفينته» والجودى جبل» «واستوت على الجودي 4 بكعنى استقرت بجوار ذلك الجبل وكأنه منع استمرار سيرها. 9 وقيل بعدا لَلقَوم الظّالمين» أى إبعادا وطردا وهلاكا للقوم الظالمين الذين اجتمعوا على الظلم» وتناصروا فيه وبعد أن انتهى الأمر عاود نوحا عليه السلام كشأن الآباء حنينه وإشفاقه على ابنه فنادى ربه مناجيا. ونادئ نوح رَبَّهُ فال رب إِنّ ابني من أهلي وإِنّ وعدك الحق وأنت أَحكم إذ وعده الله تعالى أنه ناج هو وأهله. فقال له ربه نافيا دخول ابنه فى أهله فلا يكون داخلا فى الوعد بالنجاة. ا( قال يا نوح إنّهِ ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح قلا تَسأئْن ما ليس للك به علّم ني أعظك أن تكوت من الجاهلينَ (65) قَالَ رب إِنِي أعوذ بك أن أَسألك ما ليس لي به علم إلا تغفر لي وترحمني أكن من الْخَاسِرِينَ 69 > . إنه فى ذاته عمل غير صالح؛ فشاقك وترك صفّك وكان فى صف المشركين » وهناك قراءة بكسر الميم فى كلمة عمل 4 على أنه فعّل ويفتح الراء فى كلمة غير » فيكون اللفظ «عمل غير صالح)207 ذلك بانضمامه إلى صفوف المعاندين» ويكون فى التقدير على القراءة الأولى أنه ذاته صار كأنه عمل غير صالح» وهى أبلغ فى الدلالة على فساده من القراءة الثانية» وقد عاتبه الله تعالى : « فلا تَسألن ما ليس لك به علّم إِنّي أعظك أن نَكُون من الْجَاهلين 4 (الفاء) لترتيب ما قبلها على ما بعدهاء فترتب على كونه عمل غير صالح وعَده نوح من أهله ‏ ذلك .)١١11( (عمل غير) قراءة يعقوب والكسائى. وقرأ الباقون (عمل غير) . غاية الاختصار‎ )١( بالا تفسير سورة هود االانتللنا اللا فالالا اا اللا ااال ااا لاااا اللا طططاا انالا انا اناالا الالاا لطن خ لان نل الل اناالا الالالال اطط ططخن ا طلا خخ لطا خخلمخشلاالو 2 لس ات العتاب» وفى كلمة: «(فلا تسألن 4 النون نون التوكيد الخفيفة المؤكدة للطلب» ثم أكد العتب بذكر علته: ( أعظك أن تَكُون من الْجاهلينَ4 أى أبصرك كراهة أن تكون من الجاهلين بأن الولاية مقطوعة بين المؤمن والكافر. بعد هذا التنبيه الرقيق العاتب أدرك نوح خطأ موقفه فقال مناجيا ربه رب إِنّي أعوذ بك أَنْ أسأنك ما ليس لي , به علم 4 أى إنى الجأ إليك سبحانك أن تعيننى ألا أسألك ما ليس لى به به علم وأستعينك يا رب العالمين أن يقع منى فى المستقبل سؤال لك فيما ليس لى به علم» وما هو من تقديرك وتدبيرك فى أن الحق أولى من الآباء والأبناء وكان هذا عن المستقبل» أما عن الماضى فقال» 9 وإلاً تغفر لي وترحمني أكن من الْخَاسِرِين 4 أى إن كنت سبحانك لا تغفر لى هذا الخطأ برحمة منك أكن من الذين خسرواء وليس معنى ذلك أن نوحا وقع فى ذنب يحتاج إلى الغفران» إنما هو لإحساسه بجلال الله» وقدره وعظم سمو أوامره ونواهيه» فقد ظن أنه ارتكب ذنباء وما هو بذلكء» أو أنه ارتكب فى جنب الله ما حسبه خطيئة» وما هو من ذلك فى شىء» وهذا ما يسميه علماء الصوفية «حسنات الأبرار سيئات المقربين»» ولقد أقر الله قلب نوح وأوحى إليه أن يهبط من السفينة بسلام ولذا قال تعالى: قيل يا نوح اهبط بسلام من وبركات عليك وعلئ م م مَك وأمُم متهم َم يمسهم منَا عذاب أليم (ة) © . القائل معلوم وإن بّى الفسعل لغير المعلومء «اهبط بسلام منَا4 أنزل من السفينة مصحوبا بسلام وأمن من الله « وبركات عليك وعلَئ أَمَم مَمَن مُعَك 4. وجعل سبحانه منهم أما مع أنهم عشرات أو على الأكثر مئات» ذلك لأنهم آباء . لجماعات مؤمنة طاهرة أى ستكون منهم ذرية طاهرة» «(وأمم متمتعهم ثم يِمْسَّهُم مَنَا عذَاب أليم 4 أى سيكون تمن معك أمم صالحة وأخرى ظالمة» والخلاصة أن الأمم الذين يجيئون عمن معك». على بعضهم بركات» ولبعضهم عذابت أليم . ا تفسيرسورة هود 2 لايل كو العبرة فى القصة 1 2 0 صرح مر نبلب وْلَكَ مات تووم مسقل هَذَاكاص يلعب مقت زه الإشارة إلى القصص الحكيم من قصة نوح عليه السلام» وهى أنباء عظيمة أى أخبار ذات شأن وخطرء وقوله تعالى: ما كنت تَعلَمُهَا أنت ولا قَومك من قَبَل هذا # لأنهم كانوا أميين ليس عندهم من يدرس» ولا عندهم كتب تكتب» ولم يكونوا أهل كتاب نزل فيها كالتوراة والإنجيل يعلمون علم النبوات منه قبل هذاء وقد علمت ما فى هذه الأنباء من عبر وكيف جاهد نوح فى الدعوة إلى اللّه» وكيف عانده قومه وكيف عابوا دعوته كما عاب قومك دعوتك» وأن الذين ابتدءوا بالاستجابة هم الضعفاء من عبيد وفقراء» وكيف كانت آية الله بالفلك المشحونء وانهمار الماء من السماع وتفجير الأرض عيوناء حتى كان الغرق وسارت السفينة فى موج كالجحبال وكذلك كان عاقبة المكذبين. فَاصبر إن العاقبَة للْمَّقِينَ »© (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء إذ ترتب على القتصص الحق وما فيه من معاندة الكافرين ونزول آية الله فيهم بالإغراق - الأمر بالصبر حتى يرى آية الله فى المشركين من قريش» وإنها آتية لا محالة» وإن كانت المجاهدة حتى صارت كلمة الله هى العليا. وفى قوله تعالى: 9 العاقبة للمُتِّينَ4 إشارة إلى أن النقوى هى السبب فى حسن العاقبة» والنصر المبين لمن خاف واتقى» والخزى لمن ضل وشقى. وفى الآيات إشارة لأمرين: الأمر الأول: الصبر وآلا يأخذه ما هم عليه من مظاهر القوة والغرور. إل9هاا تفسير سورة هود الللللللللللل 0 / ...ب |5 - الأمر الثانى: ما فى القرآن من إعجار إذ يأتى من أخبار الغيب ما يجتاز مجاهل التاريخ حتى تتبين الحقيقة نيرة بينة يوافقها الصادق الباقى على صدقه مما حاء فى التوراة. هود وقومه قال الله تعالى: راي سا إإلدعادٍ جِ عع بعر يي ممح حجري مهرسا لع سح 4 أ دا ل قور عبذواالش مالحكم نَنْإِلدهِ ميزعم اس هديرى دعر حم ر 2+ 2 هه عَرم ون أنشم إ لامفتروت في ينمو لا أسَلوعَليه 2 ل 2 وما 2 410 1 كم مِدْرَارا وَمَزْدٌ فريك انور عم سل ابره ع سح سسا َيََدَوَمَا يه رووص 2 قالر سفرك نلك بيت لهاع وك افك بمؤمزيب جم ما سدح وساب عمو أن بر ت*دء 0 عر لي : سج 2 2 يه سام م/م كاك رد لزي م الو لها تفسير سورة هود , الال للك بر 7 د ل ع2 سل عاد و ٍِ هوم عرد وَلَا ويه سيم | ِنْ رف ل شَئءٍ حفيظ رو لمجآ أ أَممْنَايحَنَا هو وا لين ءا مَموْمَعَهبيَحُمَةٍ نآ كيملاب مط يا نوات يم وَعَصَوَأرْسلَه وأتبعوأأمر لجَبَارِعَنِيدٍ ووأ وأ فَمَذِوالدُيا ديم آلآ عاد كَرُو ويلا 1 عدا لاد قوَوهود لوي وإِلَئ عاد أَحَاهم هوا قَال يَا قوم اعبدوا الله ما لكم مَن لَه غيِرَه إن أنتم إلا مُفْمَرُونَ 9 يا قَوْم لا أَسْألكُم عليه أَجْرا إن أَجْري إلا عَلَى الذي فَطرني أفلا تعقلون (23) © . نجد الدعوة إلى التوحيد كما دعيت إليه قريش» وناوءوا هودا كما ناوءت قريش» وصابرهم كما يصابرهم» ولما أصروا على الشرك والإيذاء أنزل الله عليهم ما دمرهم. ناداهم هود بما يقربهم إليه يا قوم اعبدوا الله أى اعبدوه وحله ولا تشركوا به شيئا ووضح ذلك بقوله: ما كم من الوغيرة» أي مالكم أىّ إله غيره فكلمة من 4 لاستغراق النفى وشموله؛ لأن الألوهية تقتضى الانفراد بالخلق والتدبير» وأن يكون المعبود واحدا فى ذاته وصفاته ليس كمثله شىء» وقد كانوا يعرفون ذلك»؛ فكيف يكون غيره» ولكنهم فعلوا غير المعقول وغير ما يوجبه العقل السليم» ولذا قال: إن أنتم إلا مفشرون 4 وكلمة إن * نافية ثم جاء بعدها الإثبات بكلمة 9إلأّ4 أى أنتم مقصورون على الافتراء والكذب المقصود بعبادتكم أوثانا لا تضر ولا تنفع ولا تتكلم ولا تتحرك. إلا تفسير سورة هود اللا 00 «بجملب_ما: يي وإنه فى هذه الدعوة لا يريد مالا ولا سلطانا أو جاها يكون أجرا على دعوته ولذا قال تعالى عن هود: يا قوم لا أَسْأَلَكُم علَيّه أجرا 4 أى عرض من أعراض الدنياء ولا أجر لى إلا الجزاء من الله على القيام بواجب إرشادكم وهدايتكم» وقال فى ذلك: «إإن أجري إلا على الذي فَطرني 4 أى خلقنى على الفطرة السليمة المستقيمة غير الملتوية» « أفلا تعقلون » يدعوهم إلى التدبر و(الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وهو أن حالهم أوجبت تنبيههم إلى أن ما هم فيه يجب أن يتدبروه؛ لأنه غير معقول فى ذاته إذ كيف يعبدون ما لا ينفع ولا يضر وهو حجر لا ينطق ولا يعقل؛ ويناديهم بعد ذلك نداء المحبة التى يريد بها النفم فيقول «ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السّمَاء عليكُم مُدرارا ويزدكم قوة إلى فوتكم ولا تتَولُوا مُجَرِمِينَ 9© 4 . استغفروا ربكم » أى اطلبوا الغفران» لأن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شينا وعبر ب «ربكم) للوشارة إلى ما يبعثهم على عبادته» وهو أنه الذى خلقهم وربهم ودبر أمورهم بحكمته وإرادته. ويبين سبيحانه ما يترتب على الاستغفارء وهو ذاته مما يوجب العبادة فقال ش ظ يرسل السّماء عَلَيِكُم مدرارًا 4 المراد المطرء وعبر عنه بمكان نزوله من قبيل (إطلاق المحل وإرادة الحال), ومدرارا أى كثيراء ينبت به زرعكم ويكون قوام حياتكم» وفى ذلك الخير فائدتان: الفائدة الأولى : أن ؛ القرب إلى لله وعبادته الخالصة يبسط الله بهما الرزق» والأرضٍ 0 كذَبوا فَأَحَدْنَاهُم بمًا كَانُوا 98 6 » [الأعراف] . الفائدة الثانية: تذكيرهم بنعم الله تعالى عليهم وهى توجب أن يؤمنوا بدل أن يشركوا ويقول سبحانه على لسان نبيه هود 8 ويزدكم قُرَة إلى فوتكم 4 أى يزيدكم قوة مضمومة إلى قوتكمء فشكر النعمة يزيدها ط وإذ تَأذْد ربكم لكن شكرثم ا تفسيرسورة هود 6/1 الل كو : 7 لأَزِيدنَكُم ولئن كفرتم إِنّ عذابي أُشديد )© [إبراهيم]» فالقوة نعمة فاشكروها تزدادوا قوة إلى قوتكم. وينهاهم عن الفساد والإجرام بهذه القوة التى إن لم تشكر كانت سيبًا للإجرامء ولذا قال لهم نبى الله 8 ولا تتولوا مجرمين» أى لا تتولوا حال كونكم بهذه القوة فتكونوا قوما مجرمين وقد أجابوا هذه الدعوة الرشيدة الحبيبة» الرقيقة القوية العميقة بالرفض القاطع فطالبوا بعد الرفض بالبينة» أى الدليل الملزم» وكان هذا غريبا بعد الرفض كالقاضى الذى يرفص الدعوى ثم يطالب بالدليل. ل قاُوايا وما جنع مانن ماري الها غن فلك وما نحن لك رمي 0 14 هى أقوال ثلاثة رافضة: أولها: ادعاؤهم أنه لم يأتهم ببينة أى بدليل يدل على رسالته. وهم بذلك ثانيها: أنهم ينفون إجابته نفيا لازما قاطعا لا يترددون فيه قائلين: وما نحن بتاركي آلهتنا 4 عن قولك ويردون النفى بإضافة الآلهة إليهم كأنهم منها وهى اليم : أنهي لا يؤمنون باحق إذ جام ولذا قال كما حكى الله تعالى 2ن للإشارة إلى اختصاص الكفر به وعدم التسليم ٠‏ فى مقابل إيمانهم بما آمن به آباؤهم وقد تأكد النفى بالباء فى قوله ! بمؤمنين 4 . ا وقد اتهموه بأنه قد اعتراه بعض آلهتهم بسوءء أى اتهموا عقله وأن يكون به مس من الجن» كما قالت قريش للبى كك إذا كان هو رئيا قد جاءك التمسنا لك الطبء ٠‏ وقال أولتك : ٠٠‏ إن ول إلا تراه بعض الها بسوم» . أى إن الحال أن ا تفسير سورة هود ١1ااااااااااناالللللللال‏ اناا مخ ااانا مالالا اناا املاطل مسال إلجطليبير 2 «( إن تقول إل اعتراك بعض آلهتنا بسّوء قَال إِنَي أُشّهد الله وَاشْهدوا أَنّي برِيء مم ولكن هودا عليه السلام يصابرهم» ويلين بالقول معهم» فلما طمعوا أن يمنعوه أو يجروه إليهم قال لهم قولا جازما: ظإِنّي أشهد اللّه4 أى أجعله شهيداً على ما أقول أى إنى برىء من شرككم» فكلمة 8مَمَّاكُ وما بعدها من الفعل مصدرء وأكد براءته فى الشرك ب (أن) فى كلمة أني 4 وبالجملة الاسميةء والتعبير بالفعل لتصوير حالهم القبيحة وهم يشركون بالله تعالى رب العالمين. إنه إذ يبرأ منهم ومن إشراكهم» يعتمد على الله تعالى خالقهم فيقول: فكيدوني جميعا م لا تُنظرون 4 أى فكيدونى مجتمعين غير متفرقين» ودبروا لى ما هو إيذاء وكيد وتدبير خبيث لى: ثم لا تنظرون 4 أى لا تؤجلون. والتعبير ب ا ثم 4 هنا يفيد أن يكيدوا غاية الكيد وأبعده» وأن يتدبروا أبعد التدبير ولا يؤجلونه. ويفشل تدبيرهم لأن قوتهم لا تقف أمام قوة الله وتدبيره» وأكد هذا سبحانه وتعالى: « ني توكلت عَلَى الله ربِي وربكم ما من دابّة لذ هو آخد بناصيّتهًا إن ربِي على صراطٍ مستقيم 69 4 . «إنّي توكلت على الله َي وَرَيَكُم 4 أى اعتمدت عليه سبحانه فهو يحمينى بحكمته وتقديره وتدبيره وهو ربى وربكم» يعرف طاقتكم وما عندكم من قوة وتدبير» وإنه بلا ريب ضعيف بجوار تدبيره» وقاض عليه سبحانه» وأكد ذلك قوله تعالى: فم من دابة إل هو آخدٌ بناصيتها © أى قادر عليها متمكن من أمرهاء وفى قوله تعالى: 8آخذ بناصيتها 4 أى قادر عليها متمكن من أمرهاء وفى قوله تعالى: آخذ 4 تمثيل لقوته تعالى وسيطرته وأنه آخذ بناصية خلقه لا يتمكن أحد من البعد عن قبضتهء ثم بين لهم أن طريق الله هى الطريق فقال: إن ربي على تفسيرسورة هود اح ا لللللالل ١ وووااكة‎ 7 7 صراط مُستَقِيم» أى إن ربى مك الطريق المستقيم متمكن منه» وأن ما يدعو إليه هود هو الصراط المستقيم كقوله تعالى: وان هَدَا صراطي مُسْتَقيمًا فَاتبعره .. .029 4 [الأنعام] . وقد أبلغ هود رسالة ربه وحسبه ذلك» ولم يبق إلا أن ينزل بهم ما استعجلوه ولذا قال تعالى: «فإن تولُوا فَقَد أَبلفَكُم ما أَرْسلْت به إِنَيِكُم وَيَستَخَلف ربَي قوما غيركم ولا أبلغ هود رسالته فى بيان ورفق» ولم يكن رفقه ضعفا فى جنب اللّه» ولكنهم أصروا على الكفر والعصيان واستعجلوا العذاب الذى كان يذكرهم به أثناء تبليغ رسالة ربه» عندئذ ذكرهم بعاقبة أمرهم؛ فقال تعالى مخبر عنه: (فإن تولّوا ققد أبلغتكم ما أرسلت به4, «إتولُوا 4 فعل مضارع حذفت فيه تاء» أى فإن تتولوا بأن تعرضوا فقد أبلغتكم رسالة ربى الذى ربانى وخلقنى» ولم يبق بعد الرسالة إلا أن ينزل بكم ما أنذركم به وهو عذاب محيط مدمرء ولذا قال تعالى فيه: 9 وَيَستَخْلف ربي قُوما غيركم 4 أى بعد إزالتكم من الأرض» ولا تضرونه شيا بزوالكم وذهاب جمعكم لأنه لا يحتاج إلى خلقه وهم يحتاجون إليه. ف إنربِي عَلَى كل شيء حَفيظ 4 أى رقيب لا تخفى عليه أعمالكم ويجازيكم عليها حق الجزاء وهو حفيظ على كل شىء» لا يمكن أن يضره شىء؛ وهو فوق كل شىء وعلى كل شىء قدير. « ولمًا جاء أَمَرَنًا نَجَينَا هودا والّذين آمنوا مَعْهِ برحمة مُنا وَنَجَيناهم مَن عذّابٍ قيش 69 4. بين سبحانه نزول العقاب بالكافرين ونجاة المؤمنين برحمة كريمة منه. وحسبها شرفا أنها من رب العالمين» وبين سبحانه أن النجاة كانت عظيمة؛ لآنها نجاة من عذاب شديد» كما بين سبحانه أن العذاب غليظ أى شديد لا رفق فيه؛ با تفسير سورة هود م اللللللللئا ل الل 11 ب 7 لأنه لا رفق مع ظالم؛ لأن الرفق بالظالم عنف بالمظلوم؛ ولم يذكر فى هذه الآية نوع العذاب» وقد ذكر فى آيات أخرى أنه عذاب برد يح السّموم وقد جاء ذكره فى سورة الأحقاف: فإ فلم رأوه عارضا مُستقيل أوديتهم قَالوا هذا عارض مُمطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عَذَابْ أليم 53 © [الأحقاف]. وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسلَه واتبعوا أمرَ كل جبار عنيدٍ 69 # . أشار الله تعالى إلى العبرة من عاد» كانت أقوى للعرب فى أزمانهاء وكانت منهم آفات ثلاث» أنهم جحدوا بآيات ربهم أى أنكروا دلالتهاء وعصوا الرسل» واتبعوا الجبابرة فى غيهم وطغيانهم. «وتلك 4 الإشارة إلى الذين تضمنت الأخخبار السابقة ذكرهمء وكانت الإشارة إلى عاد لقوتها وطاغوتها وتمردها ومآل أمرها ولما فيها من عبرة» وأنبأت أخبارهم عن موطن الاعتبار» وهو طغيانهم ثم نزول العقاب بهم من غير هوادة لإنكارهم الآيات وعصيانهم الرسل» وقد استهوتهم القوة الظاهرة للجبارين فى الأرض الذين عاندوا فى الحق وتحدوا الله ورسوله البعوث لهم رحمة بهم. وقال تعالى فى عذابهم عند الهلاك الذى اجتثهم من الأرض (رأئموا في هده اا ووم اقم أ إن عا فوا رن أل با لاد قوم أى أنهم قد والاهم غضب الله تعالى» ومعنى 8 أَتبعوا» أى أتبعهم الله ولعنته سخطه وطردهم من رحمته فى هذه الدنياء وكان مظهر اللعنة ما نزل بهم من عقاب قطع دابرهم» وتسجيل إثمهم وطغيانهم وما أحسوا به فى ذات أنفسهم» وخروجهم عن سنن الفطرة والاتجاه إلى الأذى والإيذاء؛ ولعشتهم فى الاخرة العذاب فى الجحيمء وأن الله لا ينظر إليهم ولا يكلمهم 8 ألا بعدا لعاد قوم هود 4 أى ألا طردا من رحمة الله تعالى وهلاكا لهم مع هذا الطرد والإبعاد. وذكر سبحانه أنهم قوم للإشارة إلى مظهر كفرهم وعنادهم برسولهم الذى هو منهم وهم قومه وكان جديرا بهم أن يؤمنوا ولكنهم كفروا وطغوا. ا تفسيرسورة هود : 0( لل ١ الك‎ 7 7 صالح وثتمود 20 و اس عر لثمو دأحَاهُم حاقل روح ««ووو 5ممَر 2 0000 أنعأ ع لقوم عي عبثأَما لكين له غيرههو نَأ يلض تعمد وَأ هعس عأ 00 فبافاستغفروه ثم نويوًا! يدوق ربيب تالو ا اََعَدَآتْمَسَان 010000 1 2 00 جحخم َع مَايقبل َأ بَآوْئًا َإنَالفى سَلكِ تدعو عون له مريب 9 سه > سرح لو عي عي > ساح سا ل صن اس أ لمر أرَءَيْشْرٌ إن كنت عَلَبَبََةٍ وَمنْرّقٍ وَاتَني ه وس وء كا ص سا ظر كر دي ١0‏ . و 00 مِنْدنحمَة فُمن يتصرف مر 0 و غير نحخسير وله اوَينمَوَهَدن وَنَاقَةٌ آذه م6 قَدَرُوَهًا صل أي ض ماكو ف 2 عَذَاب ريب ليا فَعَفَرَوَهَا فَقَالَ ممع ل مهيام وعد غير مَكُدُوب 208 فلمّاجاء 0 0 نَحْمَةٍ ويس ا 0 ا شس اف دكي جعييت ا “ْم 6 ١م‏ 9 11 ١‏ ١ 2 9‏ 0 ضع “يت سرع سا قد ينانا 2 كه بع : له 16 2 و كا نَمو هأ حكفروانم يط ألايددًا -_ّ 35 اا تفسير سورة هود / الللللل لا 1001 كا 2 7 قال تعالى: 8 وإلَئ تمود أَحَاهُم صالحا قَال يا قوم اعبدوا الله ما لَكُم مَن إِله غَيرَه هو أنشأكُم من الأْض ومركم فيه فاستطفروه كم ونوا لإا ري قريب جيب #9 . العطف فى هذا الموضع على ما سبق فى قوله تعالى: 8 ولقد أرسأنا نوحا ... 9 4 . فالمعنى أن الله سبحانه وتعالى أرسل نوحا ومن بعده هودا وإن لم يتعاقباء ومن بعدهما صالحا إلى تمود. وكانت دعوته الأولى هى التوحيدء لب الرسالات السماوية ومجتمعها والمشترك فيها جميعا 8 قَال يا قوم اعبدوا الله حق عبادته لا تشركوا معه أحدا ولا حجرا ولذا قال سبحانه فى تفسير معنى عبادته فإما لكم من إِلَهِ غيره 4 ثم آخذ يجرى على لسان نبيه أسباب الألوهية له ونفيها عن غيره فقال: « هو أنشأكم من الأرض 4 أى خلقكم من الطين» واستعمركم فيها»4 أى جعلكم تعمرونها فتنشئون فيها المبانى والحدائق الغناء» والسين والتاء فى كلمة «[ استعم ركم 4# معناهما التكليف لعباده أن يعمروها فهو سبحانه مظهرهم على ما جعلهم يسخرون السموات والأرض بما قدره تعالى لهم . ثم يقول صالح فاستغفروه 4 أى اطلبوا غفرانه بأن يستر ما ارتكبتم من ذنوب وينشئكم نشأة طاهرة طيبة» وبعد الاستغفار توبوا إليه 8 ثم توبوا إليه 4 أى ارجعوا إليه بعد أن بعدتم عنه بالشرك» وعبر بكلمة ثم 4 للدلالة على بعد حالهم فى الانتقال من الاستغفار إلى الرجوع إلى الله تعالى؛ لأن الاستغفار طلب محو الذنوب أو سترهاء وتلك أول خطوة فى ترك الكفر والشرك». وتعلوها مرتية الاتصال بالله لقبول التوبة» ولذا قال تعالى على لسان نبيه بعد 8 إن بي قريب مجيب 4 وهذا إدناء إلى التوبة وتقريب لهاء أى أن الله تعالى فى عليائه قريب إلى النفوس التائبة محب للدعاء والرجوع إليهء وذلك رد على أوهامهم التى يقولون 1# تفسيرسورة هود 4 ل ااال للم هه : و فيها أنهم شفعاؤنا عند الله وقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» فصالح يقول لهم: إن ربي قريب مُجيب 4 فلا حاجة إلى شفاعة الشافعين» إن كان يتصور أن يكون فى هذه الحجارة شفاعة. وفى قوله تعالى: « إن ربي قريب مُجيب 4# إشارات بيانية منها تأكيد القول بالجملة الاسمية وبكلمة «إن». وفيها التعبير # ربي 4 وذلك يفيد أنه مربيه ومنشؤهء ومربيهم ومنشؤهم فكيف لا يكون قريبا منهم وهو الحى القيوم فى السموات والأرض ومنها ذكر كلمة مُجيب 4 وفيه إشارة إلى أنه سبحانه هو الذى يدعى فيجيب لا تلك الأحجار التى لا تضر ولا تنفع فلا تجيب دعاء ولا تسمع نداءء وماذا كانت إجابة قومه إلى تلك الدعوة الحق. « قَالُوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أَتَنْهانا أن تعد ما يعبد آبَاونَا ونا في شك مما تدعونا ليه مريب 69 4 . كان صالح معروفا قبل الرسالة بالكمال الإنسانى» كما كان محمد وك معروفا بأنه الصادق الأمين طمرجواً 4 مرجو خيره غير مذموم» وقولهم: قد كنت فينا مُرجوا قبل هذا 4 أى كنت فينا مرجو الخير محمود الخصال والفعال» وكأنهم يحسبون أنه ينبغى أن يفعل ما هو على هواهم ويردد مقالاتهم ويعبد ما يعبدون. ويثيرون العجب فيقولون: أَتَنْهانا أن تعمد ما يعبد آبَاوْنا 4 فهم يستنكرون دعوته» والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع. وهو أنه فعلا ينهاهم أن يعبدوا ما يعبد آباؤهم» وليست عبادة آلهتهم حجة مسوغة لهم؛ فآباؤهم كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون. « أَتنهَانا أن نُعبد ما يعد آبَاوْنَا 4 فالشك هو عدم التصديق بما يقول والتظنن فى صدقهء فهم يشكون فيما يدعو إليه من التوحيد وهجر عبادة الأوثان لآنها أحجار لا تضر ولا تنفع» وإن هذا الشك يوقعهم فى الريب» أى أن شكهم فى صدق ما يدعوهم إليه يوقعهم فى حال الريب فلا يؤمنون بقوله ويكونون فى حال من الاضطراب . ا تفسير سورة هود لل وا02020ااالللا100ا6االا0اا1ا1الللللل الئل ههه 7 ثم قال لهم صالح: قال يا قوم أرأيتم م إن كنت على بيه من رَبي وآثاني منه رَحمّة فُمَن ينصرني من اله إن عصيته هما تزيدونبي غير سير 59 4 . التخسير مصدر كلمة اخسر) أى تضعيف الخنسارة» وذلك أنهم بردهم لدعوته ومحاولة أن يكون معهم ويتبع ما كان عليه آباؤهم» يجعلون الخسارة مضاعفة له بردهم دعوته وعصيانه لله تعالى إن لم يبلغ دعوته. وهو سبحانه ينقل قوله لهم فيقول تعالى عنه: « أرأيتم 4 الاستفهام والتقرير» والمعنى لقد رأيتم وعلمتم هذه الحال التى أكون عليهاء ٠‏ وت عل بينة من رَبِي 4 أى بصيرة وإدراك وحجة بينة واضحة بعبادته وحدهء 9 وآتاني منه رَحمَة 4 وهى الرسالة التى كان اصطفائى بها رحمة بى ورحمة بكم؛ » فإذا عصيته بعدم تبليغها واتباع أهوائكم طفَمَن ينصرني 4 أى يعصمنى من الله إن عصيته بالامتناع عن التبليغ واتباع ما تدعوننى إليهء طفَمَا تزيدوتني غير تخسير» أى فإنكم بهذا لا تزيدونى غير خسارة مضاعفة بكفركم وعدم استجابتكم» وبامتناعى عن التبليغ ثم باتباعى أهواتكم»؛ وتلك خسارة مضاعفة:, بعد هذا ذكر لهم المعجزة» وقد كانوا فى الصحراء وسفينتهم فيها الناقة تقطع الفيافى والقفار فى صبر ووداعة وأناة فكانت المعجزة من جنسهاء ناقة لها خواص ليست لكل صواحبها تجعلها غير مشابهة لهم» وهى آية لهم ونذيرء إن اعتدوا عليهاء وجعل لها شرب أى ماءء غير شرب سائر النوق» فقال لهم عليه السلام فيما قص الله تعالى : « ويا قوم هذه نَاقَه الله لَكُمْآيََ فَدَرُوها تَأكُلَ في أَرْض الله ولا تَمَسُّوهَا سوم فَأحْدَكُمْ عَدَاب قريب 9 4. ا 0 نسب صالح الناقة إلى الله مع أن كل شىء من المخلوقات منسوب إلى الله ولكن الله تعالى اختارها لتكون معجزة صالح عليه السلام» كان ذلك له فضل اختصاص فى النسبة إلى الله تعالى . 1 تفسير سورة هود 2 حلل ل لل لل ل ا وقوله آية # أى معجزة دالة على رسالة صالح» فذروها تأكل في أرض الله (الفاء» للإفصاح عن شرط مقدر دلت عليه الجملة قبلهاء أى إذا كانت آية الله لنبيه فاتركوها تأكل فى الكل المباح فى أرض الله تعالى» ولا تمسوها بأى أمر يسوء فى ذاته وعاقبته» وبسببه يأخذكم عذاب واقع لا محالة» ولذا قال لهم « ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب #. «الفاء) للسببية» ووصف العذاب بالقريب فيأخذكم © إشارة إلى أنه يأخذهم من مأمنهم إلى حيث الهلاك والدمار. ولكنهم لم يكترثوا لتحذير نبيهم فعقروها استهانة منهم بتحذيره « فعقروها فقال تمتّعوا في داركم نَلانَة أيَام ذلك وعد غير مُكْذُوب 02 4 . وهى لتطبيق القرب الذى أنذرهم به» وليعايشوا جريمتهم» ثم أكد نزوله بعد هذه المدة القصيرة فقال: ذلك وعد من الله تعالى صادق غير مكذوب». وهو متحقق لا محالة . بعد ذلك نزلت آية الله تعالى بالعذاب المهلك الذى اختص الله به الذين قَلَما جاء أمرنا نَجِيّنا صالحا والّذين آمنوا معه برحمة مُنّا ومن خزي يومئذ إِنَّ ربك هو القري العريز 65 # . فلما جاء أمرنا أى بعد الأيام الثلاثة» وهو الهلاك المدمر نجينا صاحا والذين آمنوا معه برحمة مناء أى برحمة أرادها الله تعالى وكانت هبة للذين آمنوا جزاء بما كانوا يعملون» نجوا بها من خزى يومئذ» أى هذا اليوم . « وأحد الّذين ظلَموا الصيّحة فأَصبّحوا في ديارهم جائمين 90> كأن لم يغنوا فيها ألا إن تمود كفروا ربُهم ألا بعدا مود © 4 اهنا تفسير سورة هود ل ب _بيرزة 7 جائمين 4 أى ساقطين على وجوههمء والصيحة عبر عنها فى سورة الأعراف بالرجفة» ويبدو أن هذه كانت من صاعقة رجت الأرض رجا فرجفت واهتزت بما أذهب البابهم ثم أجسامهم فسقطوا منكسين جائمين. كان ذلك بعد مرور أيام التمتع الثلاثة التى أنذروا بهاء ثم بين سبحانه أنهم ذهيوا بغلوائهم وطغوائهم ونهجهمء ‏ كأن لم يغنوا 4 أى كأن لم يقيموا فيها غناء واستعلاء وكبرياء» ظانين أنهم استغنوا بأصنامهم عن كل شىء. إن تَمُود كقروا رهم 4 أى أنكروه وجحدوه» ولذا عبر عن نفسه سبحانه وتعالى من غير الباء» وكآن العابد للصنم متذكر لله تعالى ولو ادعى أنه يؤمن بأنه الخالق وحدهء وأنه واحد فى ذاته وصفاتفء ألا بعدا لقَمود 4 طألا4 للتنبيهء وظ بعدا © معناها طردًا وإهلاكا؛ لأن البعد عن رحمة الله تعالى هلاك وإهلاك. إبراهيم ولوط سلما 0-00 مضب 08 را أيهم لاله نَحكِرَهُم وأَوجَس نهم خيفة خيفة ملسم انوأ انح إِنَا أرْسِلنَا إل مو لوط يري وأمأَنهقَايمَه ته اه ل 020 ته ري ت فسَّرنلهايإ سحق ومن وراءِ 2 ع6 سا عع وو ساس نوناق اه وَأنَأَعَجُونوَعدَابَمَلِى سيسات هذا َتَىْءُ عيب ني َالو بينم نَم رِالّْهيَحَم تله در سس سه عه هه 3 جحي عدر 00 وك أَهْل ا لدت إِمَمْحجِيِل يد 7 5 فلمادُ هب ل ل سم ع بو 82 2لا ور غير عه عَنَِنرهِيم الروع وجَاء نه اشر جر لنافى فو لوه -2 ا تفسيرسورة هود الل ساد هِم َسَلِم ميب نكا انهم عرض عن هده دج در مرَيِك ريك وإ تيرج داك عيرس ذو :0 يولم عَوةَتٌ م حل م نا واي . نكي ولد 5 ك2 0 2 د جد حَووَمن قحل كانوأ 2 0 54 020 ا 0 ِ مَيكَابَ قَالَ يفَو هوأ ء بناى ههرم 01 َانعوأَه ولا عحْرُون ف صَيف اليس سك رَجلرَشِيكٌ -- ؛ لل الم آذ ته اج سان له ات و 2قَالوا لَعَدَعَمَتَ مَالنَافبَاتِكمِنَحَق وَإِنَك لعَمْمَاثيدُ 01 طم دا د 2 ري رسحة كارن ييل تور نكي وإها مُسومة عند ريه َه نال لبي يعد 5 بعيار قال تعالى: ولقد جاءت رسلا إبراهيم بالبشرئ قَالُوا ملامًا قَالَ سلام فَمَا لبث أن جاء بسجلل حي 9 قا رأ ده ل صل ليه ترم وأ مرحيف قو لاض نا سنا إلى قَوم لوط 69 4 . لاا تفسير سورة هود مالل لسرب ا جمع الله تعالى قصة إبراهيم ولوط فى موضع واحد؛ لأنهما كانا فى زمن واحدء ولا مانع من أن يوجد نبيان فى زمن إذا تباعد الإقليمان» وقد يكونان فى زمن وإقليم واحد كما فى خطاب قوم إسرائيل» ومجادلة طاغية كفرعونء وإن كان أحدهما رسولا والآخر ردثا له. وفى القصة التى جمعت بين إبراهيم ولوط عبر نذكر بعضها قبل التصدى لذكر ما جاء فى هذا الموضع» منها إثبات أن الله هو الفاعل المختار المريد الذى لا يتقيد بالأسباب العادية كما نتقيد بهاء بل إنه خالق هذه الأسباب يملك تغييرهاء وأنه سبحانه وتعالى القادر المريدء فهذه عجوز تجاوزت سن الولادة تحمل وتلدء ومن هذه العبر أن الملائكة أراد الله جعلهم كالأناسى ويلبس الأمر كما لبس على إبراهيم عليه السلام إذ أنكرهم لما رأى أيديهم لا تصل إلى الطعام وأوجس منهم خيفة . ومنها أن الفواحش تفتك بالجماعات وتذهب قوتها وتعدها للفناء» كما فى. شأن قوم لوط إذ إن فاحشتهم قطعت نسلهم وأسلمتهم إلى الدمارء ومنها أن كل امرئ بما كسب رهين ومعاقب بعمله» فلم يعف امرأة لوط من العذاب أنها امرأته» ولأنها كانت من المفسدين حق عليها ما نزل بهم من العذاب. ومنها أن آل لوط لم يكونوا عبدة أوثان فقط بل كانوا مع ذلك يأتون الفاحشة التى ما سبقهم بها أحدء يأتون الرجال شهوة :من دون النساء حتى أصبحوا لا يخرجون من شر إلا إلى شر» فهم فى دائرة الفساد المطلق والفاحشة الشنعاء التى هى كرءوس الشياطين من المخنثين ومن يتشبهون بالإناث فى ملابسهم وشعورهم بل وفى أفعالهم» ووجدّت جماعة تنطلق انطلاقا إلى كل موبق باسم حرية الإرادة وما هى إلا الوقوع فى أسر الشهوة ومن ورائها ذلها. ومنها أن الانطلاق إلى الهوى لا يرده عقل ولا تدبير ولا حياء بل ولا أى مروءة إنسانية» حتى أنهم عندما رأوا الملائكة. جاءوا إلى لوط عليه السلام للها تفسنير سورة هود 2 الل 221111111111110 لحر اق يهرعونء وإنه ليعرض بناته للزواج» فيقولون فى تبجح لقد علمت ما لنا فى بناتنك من حق» وهكذا نرى من يشبهونهم فى عصرنا. ولنبدأ بذكر القصة بعد هذا الذى أدركناه من عبر»ء قال تعالى: 9 ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالْبُشرئ قَانُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ فمًا لبث أن جَاءً بعجل حنيذ (3) ©. حيوه بالسلام» وهو مصدر لفعل محذوف أى الْسلّم سلامًا؛» وقد كانت هذه تحية فردها بأحسن منها فقال ا سلام 4 أى أمرى كله سلام» وأتم التحية بكرم الضيافة الذى امتاز به أبو العرب إبراهيم بأن أعد الطعام الشهى المشوى «! فما لبث أن جاء بعجل حنيذ 4 (الفاء) للعطف الدال على الفورية أى ما أبطأ أن جاء بعجل مشوى: يقال حنذ الشاه أى شواها. ونلاحظ هنا أن الله سبحانه وتعالى قد صدر القصة بقوله: ذإ ولقد جاءت رسلا 4 وكلمة (قد) مؤكدة للخبر؛ وأكد الخبر لأن فيه غرابة وهى مجىء الملائكة إلى الأرض إ رسلنا 4 تكريما وتشريفا وتعظيما. وقال « بالبشرى »© أن مصاحبة لهم البشرى بولد لإبراهيم عليه السلام الذى قدم لهم من الطعام ما ينبئ عن الكرم وحسن اللقاء ولم يجدهم يمدون أيديهم إليه وعبر عن ذلك بقوله تعالى: #فَلَمّا رأَى يديهم لا تصل إلَيّهِ4 مبالغة فى الامتناع عن الأكل إذ لم تتحرك أيديهم بل بقيت فى مكانها لا تمتد إليه ولما رأى ذلك أحس أنهم غرباء عنه» وعن جملة أحاسيسه. إذ إنهم لم يمدوا أيديهم ولم يعتذرواء وعبر الله عن ذلك بقوله تعالى: « نكرهم » وهو بمعنى أنكرهم واستنكر أمرهم. وإن كلمة « نكرهم 4 تدل على ما هو أبلغ من الإنكار والاستنكار» بل تدل مع ذلك على الوحشة من لقائهم» ولذا قال تعالى بعد ذلك: ل وأوجس منهم خيفة 24 والويجاس هو الإدراك بالحس» والخفيفة الخوف الشديد الذى يظهر فى الهيئة؛ لأن خيفة اسم هيئة من الخوفء أى أدركوا سببا للخوف وظهر الخنوف فى هيئته عليه السلام» وخيفة فى الإعراب قييز محول من المفعول إلى التمييز» وقد أحس الرسل بهذا فقالوا: «لا تخف إِنا أَرِسلْنا إلى قوم لوط » عندئذ اطمأن وقر قرار وامرأته قَائمَة 4 ويقول المفسرون إنها قائمة وراء الستر « فضحكت »4 بها تمفسبير سورة هود ااا اائن !ااانا للللا! ماللا ااال للائك!مااااا ممالا ااا امام ممم لمعمل 1 للب ا سرورا بزوال الخيفة التى اعترت زوجها؛ ولأنها استأنست بأن هؤلاء سيقضون على أهل الدعارة والفسادء ولأنها كانت خخحائفة على لوط من قومه أو إذا نزل عذاب يعم قومه. وبعض المفسرين قال إن (ضحكت) معناها حاضت» وعندى أنه إذا جار ذلك لغويا فإن ظاهر الضحك هو ما يكون بسيب السرور» ولا يخرج اللفظ عن ظاهره إلا لقرينة فإن ادعوا أنها البشرى بغلام فإنها ليست قرينة تخرج اللفظ عن ظاهره وإن البشرى أقرب إلى أن يرجح أن الضحك للسرور وأنها لما ضحكت وسمعها الرسل كانت البشرى وامرأته قائمة فضحكت فَبَشَرنَاهًا يإسحاق ومن وراء إسحاق يعقرب 60 4. وذكر يعقوب بعد إسحاق وهو ابنه للإشارة إلى أنه سيكون من ذريته النبيون فهو أبو الأنبياء من الأسباط وموسى وداود وسليمان وعيسى عليهم جميعا السلام وهى كانت عقيم» أما هاجر كان منها الولد فكانت البشرى داعية سرور وغرابة أما السرور فلهذه البشرى وقت زوال ألم العقمء وأما الغرابة فقد كشفت عنها قرلهاغ.. سه ضام سا عا اه الاستفهام للعجب؛ والعجب كان يقوم على أمرين ؛ الأمر الآول: أنها عجوز قد أديرت سن الولادة والحمل . الأمر الشانى: أن زوجها شيخ هرم » وصرخت بالعجب فقالت: إن هذا ١‏ لشىء عجيب . وقوله تعالى: يا ويلتى © هى للتعجب وتستعمل الكلمة غالبا فى العجب من أمر متعجب شاق» وشاع استعماله فى العجب» وعندى هنا أنه للأمر الشاق؛ لأن البشرى تحمل فى نفسها الام الحمل والوضع» كما أنها أحست فى نفسها بما يتتبع من وهن كما قال سبحانه فى ذلك الأمر # . .. حملته أمّه وهنا على وهن ... 09 4 [لقمان] رد الملائكة عجبها بقولهم لها. 8# تفسيرسورة هود اللااااااال 01 ال يي « قَالوا أتعجبين من أَمْرٍ الله رَحَمَت الله وبَرَكَائهُ عليكُمَ أَهْلَ البَيْت إِنّهُ حميدٌ جد 9© 4. هذا استفهام لإنكار العجب لأن ذلك من خوارق العادات والعجب إنما يكون فيما هو من أمر العباد والأسباب الجارية» أما ما يكون من أمر الله فإنه من خالق الأسباب والمسببات» وقوله تعالى: #أهل البيت 4 أى بيت النبوة فقد كان بيت إبراهيم عليه السلام مهد الأنبياء الذى كان منه يعقوب والأسباط من بعده. ويوسف وموسى وداوود وسليمان وإل ياسين وعيسى . إِنهُ حميد مُجيد 4 الضمير يعود على لفظ الجلالة إحَمِيد 4 وصف لذات اللّه بمعنى أنه المحمود الذى يدوم حمده وإنعامه ويحمد لهذا الإنعام» و مُجيد » على وزن فعيل من ماجد لأنه العالى فى ذاته وصفاته ومجده سبحانه وتعالى. كان الاتجاه إلى قوم لوط لينزل بهم ما استعجلوه من عذاب وليكون العقاب الصارم القاطع لفسادهم, المجتث لجمعهم» وإبراهيم الحليم أخذ يجادل فى قوم لوطء ويظهر أن هذه المجادلة كانت لرجاء إمهالهم وألا يعجل الله تعالى فى أن ينزل بهم ما يستحقون» ولذا قال تعالى: لإ لما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته السششرئ يُجَادلنا في قوم لُوطٍ 60 إبراهيم لحليم أوَأه منيب 69 4 . أمران جليلان ألقيا فى نفس إبراهيم بالاطمتنان أحدهما: أنه ذهب عنه الروع أى النوف الذى راعه واسترهبه» والآخر أن جاءته البشرى بولد أخًا لإسماعيل الذى تركه فى البرية» فلما كان هذان الأمران أخذ يجادل فى إمهال قوم لوط . (١‏ يجادلنا في قوم لوط 4 والتعبير بالمضارع لإفادة الاستمرار فى المجادلة وحدوثها متجددة وكانت المجادلة لربه؛ لأن فى القوم لوطا النبى وله به قرابة نسب فهو حريص على نجاته شفيقا عليه. وعلل سبحانه تلك المجادلة بوصف إبراهيم تفسير سورة هود الملل سر ات عليه السلام : إن إبراهيم لحليم أوَاه منيب 09 #, وهى صفات ثلاث من مكارم الأخلاق» ولكن المجرمين من قوم لوط فجروا فارتكبوا فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين. الصفة الأولى: لإبراهيم عليه السلام: الحلم فهو لا يتعجل العقاب بل يريد الصفة الثانية : أنه مرهف الإحساس كثير التأوه من الشعور بالخطأء وإن لم تكن خطيئة ولا ذنب» ومعاذ الله أن يكون خليل الله تعالى أثيماء وإنما هى قوة الإحساس والخشوع فى جنب الله تعالى. الصفة الثالثة: أنه منيب أى راجع إلى الله تعالى فهو لا يفترق عن ربه إلا فى محبة مدنية مقربة . وإن الله تعالى يأمره بالإعراض عن الدفاع عنهم فلا يصح أن يجادل عن المجرمين ويناديه الله نداء الخليل. فيا إنراهيمٌ أغرض عن هَذا إِنَّهُ فَد جاء مر ربك وإنّهُم آتيهم عذاب غَيْر مردود 69 » . ناداه ربه باسمه تقريبا له» أعرض عن هذا الجدل فإنه لن يغير شيئا؛؟ لأنه قد مضت إرادة الله تعالى وأمره بالإهلاك. والتعبير بكلمة ربك » فى هذا المقام للإشارة إلى أنه مقتضى الربوبية فى أن يؤخذ الظالم بظلمه لآنه لا يستوى المسىء والبرىء» كما لا يستوى الأعمى والبصير. وأكد سبحانه أن العذاب نازل بهم لا محالة © وإنّهم آتيهم عذاب غير مردود » وقد أكد سبحانه نزول العذاب بعدة مؤكدات: أولها: وصفه بأنه غير مردود. ثانيها: بالجملة الاسمية. إلا تفسير سورة هود 2 < لل مك01 رب 2 ثالثها: بإن الدالة على التوكيد. وهكذا كان العقاب نازلا لا محالة». ذهب رسل الله تعالى إلى لوط ولم يذكر أنه فوجئ بهم كما فوجئ إبراهيم عليهما السلام» ويظهر أن المفاجأة وقعت ولكن استغنى عن ذكرها هنا بذكرها هناك» أو أنه شغل عن المفاجأة برؤيتهم بحال قومه وفسادهم عند لقاء هؤلاء الأطهارء ولذا قال تعالى: لوَلَمًا جَاءت رُسننا لُوطًا سيء بهم وضاق بهم ذَرْعَا وَقَالَ هذا يوم جاء رسل الله الملائكة الأطهار فى صورة أناسى مشرقة وجوههم متكاملة صورهم» فساء مجيئهم لوطاء إذ هو يعلم من قبل ما عليه قومه من فسادء ولذلك ساءه ذلك المجىء المفاجئ وعبر الله تعالى عن ذلك بكلمة ‏ سيء © بالبناء للمجهول لبيان أنه داخل نفسه السوء من كل ناحية» ثم أردف ذلك بقوله تعالى: وضاق بهم ذرعا 4 وكلمة ذَرْعا 4 تمييز محول عن الفاعل والمعنى ضاق بهم ذرعه أى باعه» وهذا التعبير تصوير لضيقه بصورة حسية كمن يضيق باعه فلا يستطيع أن يتحرك دافعا شرا داهماء 8 وَقَالَ هذا يوم عصيب » أى شديد وقد قال الشاعر فيما يدل على الشدة فى كلمة وعصيب # يوم عصيب يوجب الإبطالاء ولقد جاء فى معنى « وضاق بهم ذرعا »؛ أصله أن يذرع البعير بيديه ذرعا فى سيره على قدر سعة خطوه. فإذا حمل أكثر من طوقه ضاق عن ذلك وضعف ومد عنقه فضيق الذرع. فضيق الذرع كناية عن ضيق الصدرء وهذا تخريج آخرء والقرآن الكريم حمال لكل وجوه القول البليغ . هذا ما كان من أمر نبى الله لوط وقد توقع الشر من قومه. أما ما كان من قومه فقد قال تعالى فيهم: وجاءه قومه يهرعون إِلَيِهِ ومن قَبْلَ كَانوا يعمَلُونَ السَيَات قَال يا قوم همؤلاء بنَاتي هن أطهر لكم فَائَقُا الله ولا تُخْرُون في ضيفي ليس منكُم رَجْلْ رَشِيدٌ 469 0 با تفسير سورة هود 1 لبج بار 3-7 الإهراع الإسراع فى رعدة» وقد جاءوا بهذا الإسراع فى رعدة الشهوة الجامحة الفاسدة» ولا يستعمل «يهرعا إلا بالبناء للمجهول» جاءوا مسرعين مهتزين مرتعدين من شلة الفاحشة التى لم يسبقهم بها أحد من العالمين» وهم معروفون عند نبى الله لوط عليه السلام بهذه الفاحشة» ولذا قال تعالى: ومن قبل كانوا يَعَملُونَ السّيّئات 4 أى كانوا مستمرين من قبل على عمل السيئات التى تسىء الإنسانية فى ذاتها» وتسيئهم وتسىء مجتمعهم, فأدرك لوط ماذا يريدون» وعرض بناته عليهم ليتزوجوهن بدل الاسترسال فى هذه الفاحشة التى لا يرضاها الحيوان لفطرته» ويظهر أنه ألح فى العرض وألحوا بالرد وتكائروا بالفساد فقال « ليس مكم رَجلّ رَشيد 4 بعد أن لجأ إلى مروءتهم إن كان عند مثل هذا الصنف من الناس مروءة أو بقية من إنسانية فقال: « ولا تخزون في ضيفي 4 . قالوا مصرين على سوئهم وقبح فحشهم. ظ قَانُوا لَقَد عمْت ما لَنا في باتك من حَق ون لَتَعلَم ما نريد 69 قال لو أن لي بكم قَة أو آوي إلى ركن شديد 60 4 . قالوا ما لنا فى بناتك من حاجة» وعبروا عن هذه الحاجة بكلمة الحق». فقد توهموا لفرط غلبة الشهوة عليهم أن هذا الذى يفعلونه من إثم حق منحه الله لهمء هم ومن يشبههم من جيل هذا الزمان. فضاق صدر نبى الله وقد أحس بضعفه أمام قوتهم وكثرتهم وقلة من معه فقال مستيئسا طُوَأَنَ لي بكم قُوة أَوْآوي إلئ ركن شديد4. أى لو أن لى بدفعكم قوة أردكم بها أو آوى إلى قوى أمتنع به دونكم». وشبه ذلك القوى بالركن من الجبل» ويصح القول (أخرج من هذه الأرض الفاسدة وآوى إلى جبل يعصمنى منكم ومن شركم)» وكلمة لو» للتمنى» وفى هذا الاستضعاف الشديد يكون فرج الله فيجد أنه آوى إلى أعظم ركن وهو ركن الله تعالى» وقد رأى ذلك الركن بجانبه وهم الملائكة . 9 1# تفسيرسورة هود ماملإلا 00 ١‏ الا ١١‏ يي ج فَاُوايا لوط إِنَا رسل بك أن يصُوا يك فأسر بأطلك بقطع مَنَ اليل ولا يفت مسكم أَحَد إلا امرأَتك إِنَّهُ مُصيبهًا ما أُصَابَهُمْ إن مَوْعدهُم الصّبْحٌ ألِيس الصّبْح بقريب 69 4. فوجئ لوطء وقد كان فى حال ضعف يتمنى النجاة» بقولهم إنا رسل ربك الذى خلقك ورباك وبعثك وهو القوام عليك وعلى الناس أجمعين» وقد أدرك من كونهم رسل الله أنهم جاءوا لعذاب قومه وإنجائه وابتدءوا بذلك. «فأسر بأهلك » والإسراء السير ليلاء «بقطع من الليل»: وهو الجزء الذى يكون فى منتصف الليل أو قريبا من النصف الأخير حيث يهجعون ويكونون فى نوم عميق . ولا يلشفت منكم أحَد 4 أى لا ينظر وراءه ولا يتخلف لمتاع أو لنحوه مما يشغلكم عن أنفسكم». واستثنيت امرأته» ووصفها الله تعالى فى آية أخرى بقوله ...إلا امرأته كانت من الْغابرين 469 [العنكبوت] وإن العذاب نازل بهاء كما هو نازل بهم أى أن الال والشأن يصييها ما أصابهم» وبر باسم الفاعل للدلالة على نزوله نزولا مؤكدا بهاء وقوله تعالى: «إمًا أصابهم 4 فى التعبير بالماضى والعسذاب لم يقع بعد لتأكيد الوقوع كقوله تعالى: أتى , أَمْرَ اللّه فلا تستعجلوه االتحل]. وقد تعين موعد نزول العذاب وأنه قريب فقالوا: «إ إن موعدهم الصبح أليس البح بقرِيبٍ4 أى أن العذاب نازل بهم فى الصباح وإنه لقريب» ومعنى الاستفهام التقرير» إذ هو للنفى وقد دخل على النفى إثبات» وجاء بهذه الصيغة لتأكيد الوقوع وقد أكد بالباء ثم كان العذاب الشديد المبيدء فقال تعالى: فَلَمًا جاء أمرنا جَعلْمَا عاليها سافلها وَمَطرنًا عليه حجارة مّن سجيل مَضُودٍ 09 مَسَوَمَة عدد ربّك وما هي من الظَالمينَ ببعيد 69 4 . 1# تفسير سورة هود ا مالل 1 4ح لا طإجاءَ أَمرْنَا 4 أى أمرنا بالعذاب» ظجَعلْنَا عاليها سافلها 4 أى خسفت بهم الأرض فانهد العالى وصار سافلاء وكان العذاب المتلاحق بعد خسف الأرض بهم وابتلاعها لديارهم ما صوره سبحانه وتعالى بقوله: وأمطرنا عليها حجارة من سجي ل # أى طين متحجرء ولذا عبر عن هذا المطر الحجارى بأنه حجارة من طين . و مُنضود» أى متتابع لم ينقطع. مَسوَمَة» أى معلّمة كل حجر معَلّم عليه إشارة العذاب» ونرى أنه شبهت الحجارة التى نزلت متتابعة بالمطر الذى ظنوا فيه غيثا فإذا هو العذاب الأليم. وأشار سبحانه إلى أن ذلك قريب من مشركى مكة لشركهم وكفرهم وعنادهم للنبى كك ولذا ختم الله تعالى قصة صالح وثمود بقوله : وما هي من الظّالمين ببعيد» أى أن ذلك ليس ببعيد عن كفار مكة, وأنه يترقبهم مثله إن لم يؤمنوا» وأن فى قصص ثمود وعاد وقوم نوح لعبرة لأولى الأبصار. 'مدين وشعيب َإلَممِينَأَحَاهرٌ لاصيال ايدان اكيز ف ناف عذاب مرو يط زم وَتقَور 1 المستال لمات لط لاد 00 هد 0 18 ع تَْْ 9 ل قبت لي مَ] أنأ 8 حَفيظ © فال يَدسُعَيث أَصَلؤتلك تَأْصّ 2 خ ان 8# تفسيرسورة هود 2 < الملل 010 حبر رك مَاعَبدُ اتآؤتا أن كحَلَ ف أَمَولِسَا مَامْمكوًا َلك لَأنتَ اسيم اليشِيدُ © فَالْعْمَوْم ديشر إن ل وي حسمأ 2004 ذه لمعنه ع مر 2 0 يك 5 2 0( ا هه 8 4 وََعَوْ و لايجرِمَتَكُم سْفَاقََأَنِيصِم 0 نح وض هر دوع صليح وما َم و مَنِحكُم | هه 2ح إخر اماس رج 1 2 1 سعيرلك د ليه وَأسْتَعْفْرواره نمو ١‏ يهن - 72 ور ع عر جم رحبيم ودود ع قال تعالى: « وإلئ مدين أَحَاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إِلْه غيرَهُ ولا تََقَصوا المكبال والميزان إِنّي أراكم بخير وإنّي أخَاف عليكُم عذَاب يوم مُحيط 69 4 . وإلئ مدين # معطوف على ما قبله من قوم صالح» «إ أخاهم شعيبا # ذكر أنه أخوهم لأن الردسول يكون من قومه» ومن ذؤابتهم» وفى كلمة وإلئ مدين 4 الخار والمجرور متعلق بفعل محذوف» أى أرسلنا إلى مدين )2 لأن عطف النسق يكون على نية تكرار الفاعل. على المحبة المتبادلة بقوله: «إيَا قوم4 ويطلب إليهم الإيمان بوحدانية الله التى تتجلى فى عبادته وحده: «إيا قوم اعبدوا الله ما لكم من إِلَه غيرَة 4 وكلمة طمن 4 /# تفسير سورة هود لمم ٠‏ حب ا هنا لاستغراق النفى , أى ما لكم أى إله غيره» أى لا يوصف بالألوهية غيره؛ لأنه الخالق وحده ولأنه واحد فى ذاته وفى صفاته ل بس كمثله شىء. وإذا كان قوم لوط قد اتستهر 1 وا بالفاحشة التى لم يسبقهم بها أحد من العالمين» فقد اشتهر آل مدين بالفساد فى البيان والمعاملات والتطفيف فى المكيال والميزان» ولذا نهاهم عن التطفيف بعد الأمر بعبادة اللّه وحله فقال تعالى : ولا تنقصوا المكيال والميزان 4 . وعلل الرسول الكريم نهيه عن ذلك بقوله: 9 إني أراكم بخير#. أى أراكم فى سعة من العيش وعندكم الرزق الوفير» فلستم فى فقر يسول لكم أخذ حق غيركم» بل أنتم فى سعة من الحلال فلا تمدوا أيديكم إلى الجرامء لكن الطمع يغريكم بأخذ حقوق غيركم) وإنه لا يردع من كانوا فى هذه الحال إلا عذاب يوم القيامة الذى يحيط بكم إحاطة الدائرة تنتقلون فيها من عذاب إلى أشد منه هولا . وبعد أن نهى عن تطفيف الكيل أمر بالوفاء تأكيدا إليه من حسن التعامل . مام قوم أوَقُوا الْمكْبّالَ وَالْمِيَانَ بالقسط ولا يَبْحَسُوا الّاس أشياءهم ولا تعقو اداه عليه السلام نداء المودة والرغبة فى نفعهم فقال: ويا قوم أوفوا المكيال والميزان 4 أى أعطوهما لأصحابهما وافيين غير منقوصين» «ولا تَبحْسُوا الئاس أشياءهم 4 أى لا تنقصوهم حقوقهم فإن نقص الحقوق ظلم فى ذاتهء وهنا الكيل والوزن» أما النهى عن بخس الناس أشياءهم نهى عن كل معاملة فيها أكل مال الغير بالباطل . كالربا والغش والتدليس والخيانة والرشوة والسرقة والاغتصاب وغير ذلك من نقص لأموال الناس وأكل لها بالباطل . وإث التسامل م واستحلال أخذ الأموال بالباطل؛ وسيادة وى فى | تفسيرسورة هود اللللللل الل 0 سر زا في الأرض مفسدين # والعثو تنقيص الحقوق واغتصابهاء وكل معاملة فاسدة» وقوله تعالى: و مفسدين # حال من (الواو) والمعنى أنكم فى حال هذه المعاملات الفاسقة تكونون قد تلبس بكم الإفساد لأنه مترتب عليها لا محالة. ثم يقول لهم إن الكسب الحلال الذى يعود لكم من التجارة الرابحة هو أثمن وأبقى فيقول: ط بيت الله حير لَكُم إن حم مُومدنَ وما أن يكم بحفيظ 09 4 . أى البقية القليلة الحلال التى تفضل لكم من متاجركم ومعاملاتكم هى خير لكم وأثمن لأرزاقكم وأكثر وفرا إن كنتم مُؤْمنين 4 فإن الإيمان يولد القناعة ويقطع الطمع؛ ومصارع الرجال تحت بروق المطامع» ولذا قال: فإ وما أنا عليكم بحفيظ 4 حفيظ يحفظهم من غضب الله وظلمهم أنفسهم. هذه دعوة م سعيب ثنزيه للنفسر عن الشرك وتنزيه من البخسر والظلم وا لطمع فماذا كانت إجابة قومه؟! . قالوايا شعيب أصلاتك تأمرك أن ترك مَا يبد آبَاوْنَا أو أن عل فى أَمْوَالنَا ما َشَاء إِنّكَ لأنت الْحَليم الرُشيد 60 4 . استنكروا دعوته فى العبادة وفى إصلاح المعاملاات» ولما كان كثير الصلاة والضراعة قالوا # أصلاتك تأمرك 4 أى تدفعك لأن تدعونا إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأوثان» كما يستنكرون دعوته لإصلاح معاملاتهم ء وذلك من مبادئ الأخلاق الكريمة. ثم يقولون: إن لأنت الحليم الرشيد 4, قال بعض المفسرين إن قولهم هذا كان تهكما عليهء كأنهم يقولون أتحسب نفسك العاقل الرشيد المدرك وحدك وما أنت كذلك. وإنى أرى أنهم قالوا ذلك قاصدين معئأه على إدراكهم» ولذا أكدوه ب (إن) بأن» وباللام» وأنت» و الحليم 4 : العاقل المدرك» و الرّشيد 4 الذى يدبر أموره على حكم العقل . / تفسير سورة هود لل ٠: اه‎ بي وكآنهم يقولون إن مقتضى ما أنت عليه من العقل والرشد والإدراك كان يوجب عليك ألا تنهانا عن أن نترك ما كان يعبد آباؤنا وأن تتركنا على ما ألفناء وألا تصادر أموالنا أو تنهانا عن طرقنا التى تدر علينا الربح الوفير والخير الكثير» وذلك أشد ما تقع فيه النئس من فساد والعقل من الأهواء. إذ يحسبون الدعوة إلى الخير ما لا يليق» ويعاود نبى الله إرشادهم . © قال يا قوم َرأ ْنم إن كنت عَلَئ بين من بي وررَقِي منه رقا حسنا وما أريد أن َخَالفَكُم إلى ما أَنَْاكُمْ عَنُْ إن ريد إلا الإصلاح ما طعت وما توفيقي إلا باللّه علي كلت وإِلَيْه أنيب 62 4 . بعد أن قالوا للنبى كما فهمناء إن ما أنت عليه من عقل ورشد يمنعك من دعوتنا إلى ترك ما عليه آباؤناء وإلى منع متاجرناء ومكاسبناء يقول لهم مؤكدا أمورا ثلاثة : الأمر الأول: أنه على بينة من ربه» وإنه مبعوث لهذه الدعوة» ولذا يقول منبها: «أَرأَيئمُ إن كت عَلَئ بين مّن رَبّي 4 وفى قوله: «أرأيتم © تنبيه الاستفهام فيه للتقرير وإثارة الانتباه الشديد» وقوله: فإ إن كنت على بينة من بي 4 (إن) هنا مخففة من نون التوكيدء أى أنه الأمر» والثانى «( كنت على بينة 4 أى بيان برسالتى من ربى الذى خلقنى وربانى وقام على شئون الوجود. الأمر الثانى: أن الله رزقه رزقا حسنا طيبا لا ظلم ولا تطفيف ولا تدليس ولا بخسا للناس بغير حق وأريد منكم رزقاء ولكن أريده رزقا حلالا طيبا» وفى ذلك دعوة إلى القدوة به. الأمر الثالث: إنه يطبق على نفسه ما يدعوهم إليه فيقول: «وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه 4. أى أن أقصد ما نهيتكم عنه وأنتم مولون» أى إنى أبتدئ بالأخذ بالنهى فى الأمور التى نهيتكم فلا أنهاكم وأفعل ما أنهاكم عنه. وذلك ليتخذوا منه قدوة طيبة » ولا أخالفكم أى لا أقصد خلفكم إلى ما نهيتكم» ا تفسيرسورة هود 2 الالال ور )؟ 2 ثم بين أن ما يدعوهم إليه هو الخير الذى فيه صلاحهم فى دنياهم وآخرتهم وإصلاح نفوسهم وجماعتهم» فقال: إن أريد لذ الإصلاح ما استطعت 4 «إن» هنا هى النافية أى ما أريد إلا إصلاحكم فى نفوسكم على قدر استطاعتى «إما استطعت 24 و(ما) هنا شرطية» أريد الإصلاح إذا استطعته؛ وما دمت أستطيعه. أو مصدرية منسبكة مع ما بعدها فى مصدر أى: إنى أريد الإصلاح استطاعتى وما توفيقي إلا باللّه 4, أى الله وحده هو الذى يوصلنى إلى الغاية» ويحققها عليه توكّلت 4 أى توكلت عليه وحدهء ولا أتوكل وأعتمد إلا علي 8 وإلَيَه أنيب 4 أى إليه وحده أرجع»؛ وهو الذى يجزينى على الخير» وفى هذه العبارات الشلاث» تأكيد إرادة إصلاح النفس والجماعة» وتأكيد الاعتماد على الله فى النتائج» وتأكيد الرجوع إليه سبحانه. وقد رأى نبى الله شعيب أنهم شاقوه وصاروا فى جانب» وهو فى جانب» فقدر أن هذه المجانبة إلى العصيان» وأن يصيبهم نتيجة شقاقهم أن ينزل بهم من العذاب ما نزل بقوم نوح» وقوم هودء وقوم صالح.» ولوطء» ولذا قال شفيقا عليهم رفيقا بهم ويا قَوم4 ناداهم المحب الرفيق» «إلا يَجَرِمتَكُم شقاقي أن سكم مما أساب قم لوح فم ود أ قوم صا ونا قوم أوط كم يعيد» وهذا الكلام فيه تنبيه إلى سوء العاقبة» وبين أيديهم العبر من غيرهم» وهى تستقبلهم فى عاقبة أمرهم «الا يجرمكم4 لا يحملنكم المشاقة والمعاندة على استمراركم فى العصيان فيصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح من غرق» وما أصاب قوم هود من ريح صرصر عاتية» وما أصاب قوم صالح من صيحة تتبعها رجفة» وما أصاب قوم لوطء وقال فى هذا 9 وما قوم لوط نكم ببَعيدٍ4. بل إن أرضهم تصاقب أرضكم . وإن شعيبا نبى الله تعالى رفيق بقومه» ينذرهم» ثم يفتح باب التوبة ليدنوا منه» ولا يجافوه. فيقول : ل تفسير سورة هود لل حب ا « وَاسْتَغفروا رَبَكُم ثم ُوبُوا لَه إِنَ ربّي رحيم ودود 69 4 يطلب إليهم أن يستغفروا ربهم» بأن يطلبوا مغفرته عما ارتكبوا ويرتكبون من شرك» وسوء فى المعاملات» وعسى الله أن يغفر لهم ثم يتوبوا إليه» أى يرجعوا إليه بعد أن بعدواء وكانت التوبة بعيدة عن الاستغفارء وكذا عطف ب ثم » للدلالة على عظم ما ارتكبواء وقبح ما فعلواء ولكن الله تعالى يغفرء وقد كلل قبوله التوبة» ومغفرته بقوله تعالى: « إن بي رحيم ودود 4 أى إنه بسبب رحمته بخلقه» وقربه منهم بالمودة يغفر لهمء ويقبل توبتهمء فيبين شعيب الرفيق باب الرجوع إليه؛ ويعرفهم أنه قريب من عبادهء قبل أن ينزل بهم عقاب يوم شديد. لم تنطع العظات: ولم يبق إلا العقاب اشع ميث مَانَفْفَه كَثيرا يَمَانَهُولُ و إِنَالرَكَضَِا صَعِيداً َوَلارَعطكَ ليَمَتَكَوَيَآَتَ 11 عَلْعَنَاده بعرم 007 قَالَ يفَو و أَرَهْطب عزءلَكم من 0 يمَاتَحْمَلُوتَ حيط ييا يفَو ِأَعْمَلُوأ عمتسن نيل لح م 22 ميو 8 َ. اعم و ر. ح م َيِه عَدَابُحرِيهِ وهر هو صد ورك نام اس 02 هد جم - 1 2 سر ثُُ 9 تَقَبْوَإإقٍ مَعَحكرَقِيبُ الله وَلمَاجَاء # ره سل سطس سدم 000 20 1111111111 1 وس 0 الا وم ره سك حنم الزبن: لمأ ضيح هَاصبْحوافد برهم حيثويت فد 5 ار > ور و حنم َلَرَيْعتوأفَ] ألا, بعدالَمدينَكمابيدت مود ند هاا تفسير سورة هود كم الملل الم اال 000 و«بمبيير يي" بعد هذه العبارات القوية فى معناها ومرماهاء الرقيقة فى مبناها قالوا متحدين شعيبا « قالوايا شعيب ما تَفَقَه كفيرا مما تَقُول 4 أى ما ندرك كثيرا من قولك إدراك فهم. وما ذكروا ذلك ليزدادوا فهماء بل ذكروه مستنكرين لما يريد مستهينين به» وهو يتضمن رفضا لقولهء وإنكارا لدعوته إلى التوحيد» وحسن المعاملة. والقيام بالعدل فيها وإعطاء كل ذى حق حقهء وكأن المعاملة بالبخس حق لهم ولذا قالوا متحدين أيضا مهددين: « وإنًا لتراك فينا ضَعيفًا ولولا رهطّك لرجمتاك 4 أكدوا أنهم يرونه ضعيفا لا يمتنع عليهم إذا أرادوه بسوءء ولولا جماعتك. أو عصبتك الذين يوالونناء ولا نريد أن نغاضبهم لرجمناك؛ أى لقتلناك شر قتلة» وهى القتل رميا بالحجارة حتى تموت: وما أنت علينا بعزيز 4 أى بممتنع عليناء إن أردناك بسوءء أو أردنا رجمكء ونفوا أنه عزيز عليهم أشد النفى» فأكدوه. بالخطاب وتكراره» وبالباء» وبتقديم © علينا 4, وذلك اغترار بقوتهم» وسطوتهم» وتأكيد بأنه فى قبضة أيديهم. ويرد الحليم الرشيد شعيب غير عابئ بتهديدهم معتمدا على ربه» معتزا بعزته: « أرهطي أَعر عَلَيكم من الله وانَحَدَتَمُوه وَرَاءَكُمْ ظهريًا إن رَبّي بمَا تَعْمَلُونَ محيط » الاستفهام إنكارى لإنكار الواقع» وفيه..تهكم بهم وبغرورهم, والمعنى ليس رهطى أعز عليكم من الله؛ وإن زعمتم ذلك فأنتم فى غرور» وانخداع بأنفسكم» وقوله تعالى: « وَاتّحَدتَموه وراءكم ظهريًا 4 أى نسيتم الله ذا العزة والجلال» وحسبتم أن رهطى أعز عليكم من الله وجعلتم رب العزة والجلالة وراءكم ظهريا وهذا تعبير لمن يطرح الأمر الحدير بالاعتبار وراء تفكيره» فشبه فعله بفعل من يرمى الأمر وراء ظهره» بحيث لا يرا وقد هددهم بأن الله مانعه بقوله: إن ري بما تعملون محيط 4 أى عالم علم إحاطة وشمول لا يخفى عليه شىء من أفعالكم» وما تريدون برسوله إليكم» وإنه لمحيط بكم» وعبر بربى للإشارة بأنه حاميه منهم ء لآنه هو الذى أنشأه ورنه ويحميةه ويحرسه. ا تفسير سورة هود الللللللللالللللللاااالللا0ا0ا0اااللل الالالال 60ا01لللللاللا ٠: ااا‎ -- ويسترسل النبى الهادى فى إرشادهم. فيقول: «ويا قوم اعملوا على مكَاتكُم 4 على ما تتمكنون من عمله» لتكون نتيجته لكم أو عليكم وإنى عامل ما يمكننى الله تعالى منه» وما أرسلنى بهء سوف تعلمون 4 (سوف) لتأكيد الوقوع من يأتيه عذاب 4 فى الدنيا ف يخَزِيه 4 ينزل بهء فيجعله فى أسفل السافلين» «ومن هو كاذب 4 فى قوله» وفى دعوته» فتبين حينذاك خزيكم وكذبكمء كما يتبين صدق قولى فيما دعوتكم إليهء وفى إنذاركم . « وارتقبوا ني معكم رقيب 4 ارتقبوا ما يستقبلكم» وإنى معكم رقيب متتبع متوقع صدق ما أنذر الله ربى وربكم نزل العذاب بهم بأمر الله تعالى فى ميقاته؛ ولذا قال تعالى: « وَلَمّا جاء أمرنًا 4 أى ما قدرناه لهم عقابا فى الدنياء وكانوا يستعجلون به ثم ذكر سبحانه وتعالى أمره بعد أن نجى شعيبا والذين آمنوا برحمة من اللهء وكانت رحمته فى أن هداهم إلى الإيمان وأن أبعدهم عن العذاب» وفى أنه يستقبلهم النعيم المقيم يوم القيامة. « وَأَحَدَت الّدين ظَلَموا الصّيحة 4 وأظهر فى موضع الإضمار لبيان أن ما أنزل بهم من العذاب سببه الظلم بالشرك والظلم بنقص المكيال والميزان» والظلم بمنع الناس حقوقهم. وبخسهم حظوظهم. والصيحة تبعتها رجفة فى الأرض ماتوا بهاء ولذا قال 8 فَأَصبّحوا في ديارهم جائمين 4. أى ميتين. وجائمون ملازمون أماكنهم لا يستطيعون حراكا؛ لأن الموت الداهم أفقدهم الحركة. ف[ كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت تمود) . كأن لم يقيموا فيها إقامة مستمتعين بمغانيهاء وهذا يشير إلى أن متعة الدنيا إلى وقتنا هذا لا بقاء منها لشىء. ويقول سبحانه: 8 ألا بعدا لَمدين كما بعدت تمود 4 أى ألا بعدا وطردا من رحمة الله تعالى» وهلاكا لمدين» كما بعدت ثمود وهلكت. اا تفسيرسورة هود الللللللل الت 0 ١‏ الاك مو جر قصة موسى وفرعون قال تعالى: لس سر جه ولقّد أَرَسَلْنَا مو, بَابَاوَسْلْطلنٍ مين وين وي إل فرعوت 000 10 سأ 4 11-2 و وملا يوءفا عو امرفرعون و م فرعورتت برشيدٍ وأ ؛ ١‏ يه و سح سس 2 1 وَرَدَهَوألكَا يعدم توماريوم لدم فاؤردهمالء؛ لَارَوَيِفْسَأَلوردُ الموروذ 27 وأ يوأ هذه ةي مه افد الْمرَهُودُ 3 0 قلنا إن قصص القرآن لا مكرر فيه» وإن كان يبدو ظاهر الأمر أن فيه تكرار؛ لأن الذكر يكون على قدر العبرة. وهنا فى هذا الموضع يذكر أحوال الآمم الذين يبعث النبيون إليهم» ولذا ذكر قوم فرعونء وما حل بهم من اتباعهم فرعونء ولم يفصل الآيات المتوالية التى كانت تجرى على يدى موسى أية بعد آية» وهم لم يرتدعوا حتى أهلكهم الله تعالى بالغرق كما ذكر سبحانه ذلك فى سورة الأعراف» وككما ذكر حال فرعون وقد أصابه الغرق» وآمن فى آخر رمق فى حياته إيمانا لا يقبله الله تعالى. قال تعالى: 9 ولقد أَرَسلنا موسئ بآياتنا وَسَلْطَان مُبين 69 4 أكد الله تعالى إرسال موسى وأكد إرساله بالآيات البينات بيحجة ظاهرة قاهرة» وسماها سلطانا مبيناء أى بيناء وتسمية الحجة سلطانا؛ لأنها تجعل لصاحبها سلطانا غالبا من الاحتجاج إلى فرعون وملئه# أى من يحيطون به» ويشاركونه فيما يفعل» ثم وصف سبحانه حال ملا فرعون» وهو وصف عميق لآل فرعون» ولأهل مصر» اا تفسير سورة هود ملم ه رب ل فقال: « فَاتبعُوا أَمْر فرعون وما أمر فرعون برشيدٍ 4 أى اتبعوه مطلقاء وكذلك حال مصر تتبع من يحكمها دائما سواء أكان عدلا أم كان ظلماء وسواء أكان رشدا أم ضلالا» فهم أتباع لا استقلال لهم» ولذا وصفهم العربى عمرو بن العاص: «هم لمن غلب» ولأنهم له تبع يكونون يوم القيامة وراءه» فكما اتبعوه فى الدنيا عن غير إدراك» بل لأنه فرعون - قال فيهم يوم القيامة 8 يقدم قَومَه يوم الْقيامَة فَأُوردَهم الثار وبئس الورد المورود 6 4 والورد هو الذى يرده الناس لتبريد أجسامهمء ونقع غلتهم وترطيب أكبادهمء وسميت النار به تهكما بحالهم» إذ يردونهاء فيجدون النار المتأججة بدل الماء الفرات . وأنهم بهذه التبعية للطاغوت: ل وَأَتبِعوا في هذه لعن ويم القيامة بكس الرقد المرفود 69 4 والحقوا فى هذه الدنيا لعنة طردوا فيها من العزة والكرامة ونزل بهم الهوان والذل والمقتء « ويم القيامَة بس الرّفد 4 أى العون الذى يعين به الرافد من يعينه» « المرفود 4 أى المعان» أى أن فرعون ومن اتبعه» وكل المصريين الذين اتبعوه» يتعاونون فى تبادل إرفاد النار» يعين كل منهم الآخرء فهو يعينهم» وهم يعينونه» وهذا تصوير لحالهم» إذ تعاونوا على الظلم والذل والإذلال فى الحياة؛ فتعاونوا على المقت وإرفاد النار بعد الوفاة. العبرة فيما قص الله تعالى هنا أ ارا تق وسور كلف هو للك ن ظلموا 2 ومو -ه 00 20 0 0 داعي رس 2-2-2 | 4 من شىّء لماجا َعَم وما 5 ل ريه 0 0 و للك أَخذ دْرَيْكَءآكمَدَالصُرئ وه مدا 5-0 :/ | 8 تفسيرسورة هود ) الللللالل الالال لل 0000 1 سحملب__مز؟ بي ١ 84 200 م سه 0 ا ا لبِمسَدِيد يَف ذلك لذَيَهُ لْمَريْحَافَعَدَابَ الْكِخْرَوَ 1 _- سسا يموع لاس وك ير مر 2 دكا هه ىك كو > عر م لا لجل تَعَدُودٍ بأ لامكل فق أ 45 حي ايو ره سس ويرك سر سر .8 إن فمِسْه مسق وسَعِيد 2 ام لذن سَفو افق اهمف َفِروَسَهِبنٌ ‏ حَددِيؤِيَامَادَامَتِ ألتَموتُ ادس لماع رَْمرَيَكَ مايه بد ادل وَأَما لد نَ سعدوأ َفىكبَتَوَحَدنَوَِامَدَامَتِ لوال لس بت عط عَرَيجَُوز 7 فاتك فى مرَية مَتَمبدُ ولا جدود كيدي ل سح عه اس لالض - له عاباؤّهم قبل وَإِنَا وهم هموص 5 بعد أن ساق القرآن الكريم ذلك القصص الصادق الواعظ أو ذكر بعض ما فيه من عبر» فقال تعالى: ذلك من أنباء القرئ نقصه عَلَيك منها قائم وَحَصيدٌ 0 © الإشارة إلى السابق من قصة نوح وقومهء وعاد وهود وثمودء وصالح. ومدين وشعيب؛» وطغيان فرعون. أى هذا القصص الحكيم «من أنباء 4 أخبار القرى. أى المدن التى يتحرك إليها الناس» ويجتمعون فيهاء كقريتك التى تدعو إلى التوحيد فى وسط الشرك فيهاء وإن هذه القرى عرفتاك أنباءهاء كيف أشركت وعاندت وكابرت» ثم أخذها الله أخذ عزيز مقتدر يجدون آثار ما أنزل الله بهاء ورسوم بعضها تنادى ببيان ما حل بها. منها قائم وحصيد 4 قائم مثله كمثل العود من الزرع إذا صار حطاماء وجف ماء الحياة فيه» ومنها ما هو محصود كالزرع المحصود الذى قطع قائمه» وبقى بعض جذوره» وهذا يدل على ما نزل بهؤلاء. 0# تفسيرسورة هود اللا الللللاااا040640ا0االلل ل لللاا0ا1060اااللللللنك «يبجل به يي" وفى ذلك عبرة للذين يطغونء ويعاندون» ويؤذونك وصحبك ويستهزئون بكم ويسخرون من آيات الله فيهم» ومعجزته التى تتلى عليهم . إن ما نزل بهم هو بسبب ظلمهم» ولذا قال تعالى: وما ظََمَاهم ولكن ظَلَموا أنفسهم 4 . أى أن ما نزل بهم لم يكن ظلماء بل كان عدلا؛ لأنه لا يستوى المحسن والمسىء» والأعمى والبصيرء ولا الظلمات والنور» ولا اللل والحرور» فهو جزاء عمل» وجزاء العمل من جنسه.؛ ولكن ظلموا أنفسهم بإضلالهم بالشركء وانسياقهم فى طريق الفسادء ومعاندتها للحق واضطهادها لأهلهم» وإشاعتها للضلال» وخضوعها للآوهام بدل العقل المدرك المستقيم. وإنهم إذا تردوا فى هذا الهلاك الذى نزل بهم منعا لاستمرار فسادهمء وطغيانهم» ومحاربتهم ‏ بدا لهم عيانا بيانا أن الآلهة التى اتخذوها من الحجارة أو غيرهاء لا تدفع عنهم ضراء ولا تجلب لهم نفعاء ولا تحميهم مما نز بهمء ولذا قال تعالت حكمته: «فما أغنت عنهم الهتهم التي ي يعون من دون اللّه من شي ء4, من © هنا لاستغراق النفى» أى ما أغنت علهم الآلهة التى زعموها مضادة لله تعالى أى شىء من الغناء . وأضاف كلمة آلهة إليهم» لبيان أنها ليست آلهة فى ذاتهاء وهى عاجزة كل العجزء إنما هى آلهة فى زعمهم.» وأوهامهم التى أضلتهم؛ وسارت فى ضلال إن هذه الآلهة أخزتهم» ولم تفدهم؛ ؛ لآنهم ساروا فى الضلال إلى أقصى الغاية بل إنهم 8 لما جاء أَمر ربك 4 بالإهلاك» وهو خالقكم والقائم على وجودكم لم يستطيعوا دفعا للضررء ولا جلبا لنفع وما زادوهم غير تتبيب 4 التباب الهلاك والتتبيب الإهلاك الشديد الذى يتضاعف فى ذاته؛ء أى ما زادوكم إلا هلاكا متضاعفاء والهلاك ليس زيادة فى ذاته وإنما الزيادة هى زيادة الضرر. 8# تفسير سورة هود 2 ااال رب أ والتعبير بضمير جمع العقلاء. وليست الحجارة عاقلة إنما هو تهكم بهم وبنظرهم الذى يعبد حجارة» ويرجو نفعهاء وقوله تعالى: #غير تتبيب 4 أى هلاك متضاعف متكرر. وإن الله تعالى قدر العذاب وأنزله فكيف تزيد الحجارة فيما قدر الله وهى لا تملك من الأمر شيئا؟ والجواب عن ذلك أنه تصوير لحالهم مع هذه الحجارة» إذ إنهم استمروا فى عبادتها لا ينون بل يجادلون» ويعاندون حتى جاءهم العذاب الأليم» وكلما زادوا عنادا كان العذاب على قدرهء وعنادهم المتزايد» وعقابهم عليه المتضاعف» كله فى تقدير الله العزيز الحكيم» والله حكيم عليم. وإن هذا سنة الله تعالى فى خلقه العصاة. ولذا قال تعالت كلماته: ِ وكذلك أخْد ربك ذا أَحَدَ القرئ وهي ظَالمَة إن أخذه أليم شديد 059 #. التشبيه فى قوله تعالى: 8 وكذلك أَخْد رَبك إِذا أَحَذَ القرئ وهي ظَالمَة 4 هو تشبيه حال القرى القائمة الظالمة فى توقع عذاب الله لها بحال الذين أخذوا من قبل كغرق قوم نوح» وكالرجفة التى أخذت ثمود ومدين» وكالريح الصرصر الذى أخذ من قبل عاد كهذا الأخذ الذى أخذ به السابقون» يؤخذ القائلمون فى عصر النبى كلد وإن ذلك الماضى إنذار للحاضرين من القرى الظالمين كالمشركين فى مكة الذى يتحدون الله ورسوله؛ ويحسبون أنهم الغالبون» والله تعالى غالب على أمرهء وقد قرر بعد ذلك شدة عذابه فى أخذه لهم من حيث لا يحتسبونء فقال عز من قائل: إن أَحْذَه أليم شديد » أى إن أخذه المفاجئ الذى لا يرتقبونه فوق ما فيه من ألم المفاجأة» وهم يرتعون ويلعبون هو فى ذاته مؤلم موجع» وشديد فى إيلامه وفى حاله؛ وحالهم معه. كانوا يتتظرون مطرا يمطرهمء فإذا هو ريح فيها عذاب أليم. وإن ذلك إنذار كما ذكرنا للمشركين. حتى يرجعوا عن غيهم» وإن الله إذا كان قد أخر عنهم العذاب» لأجل محدودهء فإنهم ليسوا غالبين» وإنه سبحانه بلا تفسير سورة هود لبس ب 00 لاا .» يي جاعل العذاب من نوع آخرء يستبقى الأطهار ولا يستأصل الأشرار لأنه يكون من أصلابهم من يعبد الله ويجاهد فى سبيله» ألم يجعل من أصلابهم قادة مجاهدين» فكان من أصلابهم خالد بن الوليدء وعكرمة بن أبى جهل» وغيرهما من القادة المجاهدين . ووصف أخذ القرى بأنه يأخذها وهى متلبسة بظلمهاء تحمل فى نفسها موجب عذابها. وإن هذه الإنذارات يتعظ بها وينزجر من يؤمن بالآخرةء» ويخاف مقام الله فيهاء ولذا قال: « إن في ذلك لِآيَْلَمَنْ خَاف عَدَابٍُ الآخرة ذلك يوم مُجْمُوعٌ لَه لاس وذلك يوم مُشهود 09 4 . الإشارة فى قوله تعالى: إن في ذلك لآية 4 للمذكور من أنباء قوم نوح. وهودء وصالحء وشعيب الآية» أى لدلالة واضحة على قدرة الله تعالى» وإن خوارق العادات فيها دلالة على إرادة الخالق» وأنه فاعل مختارء وأنه قادر على الإعادة كما بدأ الخلق» وأن قدرته ليست بقدرة البشرء وإنها ليست مرتبطة بالأسباب والمسببات كالعياد بل فوق كل شىء» وأنه خالق الأسباب والمسببات» ولكن لا يدرك هذه الآية إلا من سلمت نفسه من آفات الشك والشركء» وآمن باليوم الآخرء ولم تكن الحياة الدنيا خلب كبد'!2» وكل شىء فى حياته» ولذا قال: « لمن خاف عذاب الآخرة 4 ومن يخاف الآخرة يؤمن باليوم الآخر وأن بعد هذه الحياة الدنيا حياة آخرة هى الحياة الحقيقية التى يكون فيها البقاء» ويؤمن ثانيا بأن الحياة الآخرة فيها العذاب فيخافه؛ لأنه محاسب على ما قدمت يداه. وليس المراد أن هذه آية فقط لهؤلاء الذين يؤمنون باليوم الآخرهء ويوم الحساب» ولكن المراد أن الذين يدركون هذه الآية من استقامت نفسه» وعقله وقلبه )١(‏ والخلب» بالكسر: لُحَيْمَة رقيقة تصل بين الأضلاعء أو الكبدء أو زيادتهاء أو حجابهاء أو شىء أبيض رقيق لازق بها. القاموس المحيط ‏ فصل الخاء . اا تفسير سورة هود 2 للاال 01010 سر ات هم الذين امتلأت قلوبهم إيمانا باليوم الآخرء وأن الإنسان لم يخلق سدىء وأن عمله لا يذهب هباء منثوراء بل يوم الحساب يترقبه» وهو يخافء. أما الذين ران على قلوبهم هذه المادية الغاشمة فليسوا من هذه الآية فى شىء. وقد وصف الله بعد ذلك اليوم» فذكر أنه يوم الحشرء وقال فيه: <9 ذلك يوم مُجموع لَه الئاس » أى أن الناس جميعا مجموعون له فى أول خخلق آدم إلى يوم القيامة» وذلك يوم مشهود يشهد فيه الناس جميعاء وهو محَلّم معروف لآهل المعرفة» وهو مشهود بما فيه من أحداث وحساب وعقاب» وبما ينزل فيه الملائكة صفاء وبما يتجلى فيه رب البرية فر وجوه يوم نَاضرة 69 إلى ربا ناظرة ©4 [القيامة]ء ووجوه يُومَِذ عليها غْبَرَة ©) ترهّقها قترة 69 أولئك هم الكفرة الفجرة 69 4 [عبس]. وإن ذلك اليوم لآت لا محالة وإن تأخر فلأجل معدود ولذا قال تعالى : «إوما نؤَخَره إلا أجل معْدُودٍ 8 » أى أجل معدود فى علم الله لا يتأخرء ولا يتقدم» بل معدود بالسنين والأشهرء والشىء المعدود لا يقبل الزيادة ولا النقص» وإذا كان معدودا فإنه آت لا محالة» فلا يتقدم لاستعجال أحدء ولا يتأخر لإرادة التأخير» لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. ثم قال تعالى فى يوم مجيئه فقال تعالى: يوم أت لا تكلم نفس إلا يإذنه 00-0 فمنهم شقي وسعيد 0-2 6 هنا قراءتان: القراءة الأولى: أن الباء غير محذوفة وهو الأصل: 98 يوم أت لا تكلّم نفس إل يإذنه # . والقراءة الثانية : حذف اجترزاء بدلالة الكسرة عليهاء كأنها مقدرة فى الكلام» تخفيفا وتيسيرا» والقراءتان مشهورتان» وإن حذف الباء موجود فى لغة هذيل » وهى من أفصح العرب» فيقال لا أدر من غير عامل يجزم الفعل ويحذف الباء» ويقول الزجاج: إن هذه قراءة» والذى أراه اتباع المصحف» وإجماع القراء لأن القراءة سنة متبعة. بها تفسير سورة هود للب اللو لسر أ ولا يقال ما قاله الجهلاء إن القرآن خالف النحوء وذلك لأمرين: الآمر الأول: إن الكسر إنباء عن وجود الباء وإن لم ينطق بها ليكون ذلك خفيفا على اللسان». ووافق لغة من لغات العرب الفصيحة. الأمر الثانى: أن النحو تشتق قوته من القرآن» والقرآن فوقه. وقوله تعالى: «الا تَكلّم نفس إلا يإذنه © تكلم فعل مضارع حذفت فيه التاء» وأصله لا تتكلم نفس إلا بإذنه. والضمير يعود على الله تعالى إلا يإذنه #. لأنه حاضر فى العقول والنفوس والقلوب» ولقد قال تعالى فى ذلك: 9 هذا يوم لا ينطقون (2 ولا بودن لهم فيعتذدرون 65 4 [المرسلات] . وكونهم لا يتكلمون إلا بإذنه لكيلا يقولوا إلا صوابا كما قال تعالى: ل ...لا يتَكلّمونَ إلا من أذ لَهُ الحم وَقَال صوابًا 62 > [النبا] . ففى هذا اليوم يكون الإقرار بالذنوب من غير ثماراة» بل يقرون بالحق؛ لآن هذا يوم الصدق. وإن الكلام فى هذا اليوم بالإقرار الصادق» أما أن يكون فيه شقيا لا ارتكب وإما أن يكون سعيداء ولذا قال تعالى: 8 فمنهم شقي وسعيد » فمن الجمع المجموع شقي بما ارتكب فى النار» وإما سعيد لم يرتكب إثماء فيكون فى الجنة» وقد فصل القول سبحانه: َم لذن شَقُوا قي الهم فيها رفير وشهِيقَ 469 الشهيق النفس فى الصدر» والزفير إخراجه وقيل العكسء (أما) للتفضيل والبيان لما يقول إليه أمر الشقى. وما يثول إليه أمر السعيدء 8 فأمًا الْذِين شقوا ففي الثار4» أى الذين شقوا بأعمالهم فى الدنياء وتسجيلها عليهم بإقرارهمٍ فى الآخرةء 8 ففي الثار» أى أن مآلهم النار يدخلونهاء « لهم فيها زفير وشهيق 24 أى يدخلونها فى صدورهم بشهيقهم.ء ويخرجون منها نارا بزفيرهم» فالنار تكوى جلودهم» وتدخل إلى أحشائهم » يتلظون بها فى أبدانهم ظاهرا وباطناء داخلا وخارجا. | تفسيرسورة هود للللللل اا 111 4 اق وقد سجل الله تعالى خلودهم فيهاء فقال تعالت كلماته: ظ خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض © وقوله تعالى: لما دَامَت السَّمَوَات وَالأرْض 4 جريا على استعمال العرب فى تأكيد دوام الحكم بأمر من الأمورء فيقولون فى بيان دوام العقد: ما بل بحر صوفة» كما قالوا فى عقد حلف الفضول» ومقتضى هذا التعبير أنه يجب أن تبقى السموات والأرض لكى تدوم النار» وإن قيل فى هذا الدليل على فنائها مع فناء ما يكون فيها. ولا دليل على أن النار فانية» ولها نهاية» وكذلك الجنة لوجود هذا التعبير؛ لأن التعبير بقول إخالدين فيها»4 جاء فى آيات الكتاب الحكيم مطلقا غير مقيد ببقاء السموات والآرض» ويعرف ذلك ما يفهم بطريق مفهوم المخالفة لا يعارض النص بإجماع علماء الأصول؛ وإن الخلود فى النار ثابت ثبوت الخلود فى الجنة ونحن فى جميع الأحوال خاضعون لإرادة الله تعالى ومشيئته فى الدنيا والآخرة. ولذا قال تعالى: إلا مَا شاء ربك 4 وقد ذكر هذا النص الكريم هناء فى أهل الجنة» وقد جاءت آثار فى معناه نختار بالذكر منها ثلاثة : القول الأول: ما ذكره بعض التابعين» وحكاه الزمخشرى من أن الاستثناء هو من الخلود فى النارء أو من أصل دخولهاء والمستثنون هم فسقة أمة محمدء وغيرهم ممن يؤمنون بالله» وكان منهم عصيانء فإنهم يدخلون النار على مقدار معاصيهم» ويشاء الله أن يخرجوا فيخرجون, أو أن تنفعهم شفاعة الشافعين» على رأى جمهور العلماء. 1 وإن هذا القول قد يستقيم بالنسبة للذين شقواء ولكنه لا يستقيم فى الذين سعدوا. والقول الثانى: أن قوله تعالى: 8 إلا ما شاء ربك 4 فيها بيان أن العذاب والعقاب متعلق بمشيئته فهو الفاعل المختارء والأمر فى ذلك متعلق بمشيئته هو فى العدل والرحمة» فليس بحتم غليه : «لا يسأل عما يفل وهم يسْأَلونَ 9© »4 / تفسير سورة هود الالال ااا0606ا040ا040ا0ا ييا جل ب يي [الأنبياء]اء فإذا كان قد أدخل الكفار النار فبمشيئته» وإذا كان قد أعطى المؤمنين الأتقياء جنة» فبرحمته ومشيتتهء وعطائه» ولذا قال بعد ذلك 8 عطاء غير مجذوذ» : وهذا القول مستقيم نختاره» ونذكر القول الثالث» ونراه معقولا فى الحملة ولا نرده: القول الثالث : أن هذا ذكر للاستثناء فى مقام الفعل» أخذ به الله فى حقه ليندب خلقه إليه» كما قال تعالى: 9 ولا تقُولَنَ لشيء إِنّي فاعل ذلك غدا 9 إِلأْ أن يَشَاء الله .... 62 4 [الكهف] . وإذا كنا لم نختر هذا القول» بل اخترنا الثانى فإنا لا نقول: إنه قول باطل» وإنما اختيارنا للثانى لأنه صحيح فى ذاتهء ويرشح له قوله تعالى بعد ذلك: إن ربك فَعَال لَمَا يريد 4 فهذا النص السامى يك يثبت أن إرادة الله مطلقة فى كل ما يعطى» وكل ما يمنع وقوله تعالى إلا ما شاء الله : التعبير ب (ما) دون (من) لأن معناها أنه إلا أن يشاء الله هذا ما ينال الذين شقوا من عذاب» أما ما يناله الذين سعدواء فقد بينه بقوله تعالى: وأما الْذِين سعدوا ففي الجئة : خالدين فيها ما دامت السّموات والأَرْض إِلذّ ما شاء ربك عطاء غير مجذوذٍ 09 4 ف سعدوا 4 بالبناء للمفعولء لأن الفاعل معلوم» وهو الله تعالى» فا معلى سعدهم الله فسعدواء وقد سعدواء لأنهم اهتدوا إلى الإيمان والعمل الصالح فى الدنياء وسعدوا لأنهم دخلوا الجئة على وجه الدوام فى الآخرة» وسعدوا لأن نالوا رضوان الله فى الدنيا والآخرة» ولأنهم يوم القيامة, يتجلى عليهم ربهم فتنضر وجوههم وتنظر أعينهم؛ كما قال تعالى: ل وجوه يوذ ناضرة 60 إِلَئ بها ناظرَة 69 4 [القيامة] . وذكر سبحانه نيلهم الجنة» فيقول: ففي الجنّة خالدين 4 مقيمون على وجه الخلود» «إما دَامت السَّمُوات والأَرْض 4. وقد ذكرنا أن هذا ليس تقبيدا لإرادة الله 0 8# تفسيرسورة هود 2 الللللللل ا اا0االلللل اا لج يي ببقاء السموات والأرض» وإنما إرادته مطلقة وإنما كان هذا التعبير تأكيد لمعنى الخلود؛ على مجرى عبارات العرب فى تأكيدهم للبقاء بأمر ظاهر البقاء عادة. وقوله: 9 إلا ما شاء ربك 4 ذكرنا ما قيل فيهء وقلنا إن المختار عندنا إنه بيان مشيئة الله التى لا يقيدها شىء فلا حتم عليه» وإذا كان قوله فى أهل النار: إن ربك فعَال لما يريد 4 يؤيد معنى المشيئة» فقوله تعالى: «إعطاء غير مجذوذ 4 يؤيد المشيئة المطلقة هنا؛ لأن العطاء لا إلزام فيه» وقوله تعالى: 9 غير مَجِذوذٍ 4 ومعناه غير مقطوع بل هو دائم» والله أعلم. وإذا كانت هذه الأقوام الماضية قد نزل بها ما نزل» وإن المشركين لا يترقبون مثلهاء فتأس بالأنبياء من قبلك» واصبر كما صبرواء ولذا قال تعالى: « فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يَعبد آبَاؤّهُم من قَبْلَ ون ل لتق تيد هاس لموفوهم نصيبهم غير منقوص 0-3 6 . (الفاء) تصل الكلام بما قبله» وهو مترتب على القصص السابقة والجزاء الذى أعده الله تعالى للأشقياء والسعداءء والفاء للإفصاح عن شرط مقدر مؤداه إذا كان ما علمت من قصص لعبدة الآوثان وأنبيائهم» وما نزل بالمشركين» فلا تك فى شك من بطلان ما يعبد هؤلاء» وأصلها تكن» وحذفها كثير فى القرآن الكريم» وهو يعطى اللفظ جمالا فى النسق والنغم وحلاوة فى اللفظ. وتلك خصائص القرآن الكريم. وقوله: في مريّة4 أى شك يدفع إلى المراء» والمجادلة» والنهى هنا والحال أن ذلك لا يتصور منه» فهو بالنسبة له كَكهٌ أمر غير متصور الوقوع منه يد وللنهى فائدتان: الفائدة الأولى: أنه نهى لمن يقرءون القرآن» فهو نهى فى ظاهره للنبى عَللِ وفى حقيقته لكل أتباع محمدء وكل من يخاطبون بالقرآن» وهو اقتلاع لجذور الشك من النفس . بها تفسير سورة هود 210-00 4 كاك 7 7 الفائدة الثانية: أن النهى لإفادة البطلان بدليله» فإن ما سبق فيه أدلة بطلان الشرك» وأنه معاقب عليه» وأن عاقبته العّاب الصارم الذى يجتث الأمم. ومن أحسن ما قرأت فى تأويل ذلك أن مؤدى النهى هو أمر النبى للد عليه بآن يقول لكل من يخاطبه فلا تك في مرية #: وإن كان اللفظ لا يساعد فى ظاهره ذلك. فهو منتهاهء يؤدى إليه قوله تعالى مما يعبد هؤْلاء4. والإشارة إلى المشركين» أى قل لقومك لا تكونوا فى مراء ما يعبد هؤلاء من أوثان» فإنهم لم يفكروا فيه» ولم يتجهوا فيه إلى منطق عقلى أوصلهم إليه » ولكنهم ألغوا عقولهم اتباعا لاباتهم ولذا قال تعالى: وما يسدود إلا كما بعبد آناؤهم من قبل أى أنهم 0 2 وكان مشركو مكة يقولون: ‏ . .وإ ل نارهم مقتدون 252 95 4 [الزخرف] وكانوا يقولون: « بل تتَبع ما أَلفِينا عليه آبَاءنا أو لَوْ كان آباؤهم لا يعقلون شيا ولا يَهتَدُونَ 7 20 4 [البقرة] . وهكذاء وذكر سبحانه اتباعهم لآبائهم , بل لبيان أنهم لا يفكرون» وهم مؤاخذون لكفرهمء ولإهمال الآيات الدالة على الوحدانية» وللمعجزة الدالة على رسالة محمد علق وهى معجزة القرآن الكريم . ولهذا قال تعالى فى بيان جزائهم: 9 وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص © . ذكر بعض المفسرين أن المراد نصيبهم فى الدنيا من رزق» ويكون المعنى لا يغرنك تقلبهم فى البلاد وما أوتوا من ثروة» وجا فإنه لا يدل على أنهم على حق» فإن رزق الدنيا منوط بأسبابه» وإن الله يعطيهم أرزاق الدنيا غير منقوصةء فالنصيب هنا هو الرزق الدنيوى. وأما الرأى الثانى أن المراد نصيبهم من العذاب» والقرينة تعينه» لأن الكلام عن عذاب الذين عاندوا النبيين» وصادموا دعواتهم» وسخروا مئها. وقوله تعالى غير منقُوص 4# حال مؤكدة لمعنى الوفاء فى كل الأقوال» ولعل خير الأقوال ما يشمل النصيبين» واللّه سبحانه وتعالى أعلم . ا تفسيرسورة هود ) اللو االو ا60ا0ا0ااااااا0االاا060ةااا0اال0ا0ا0الللل ىب ن؟ ني الااختلاف فى الحق قال تعالى: ا ل ل سر رصح لير سم هه ولقد اتنس مور مَى الحكحتاب فَأَخسلفَ هلولا كل سق يتن ريك َم ينمو نهم لَنى سك سَكنه مرب 2 دك وم 020 ل 1 بوتت ربك مهن تيمو حب 0 نان نت اتويت مط 7 7 2 لامو لأ سََ كأ تتتشكلتاذو لسك يوخود ييف لاتمرورك جه وَأ الصسَلزهطرقَالبَارِ اتن روه اح اليلِإنَ تيد 3 اتات ركيت اص رْوَإنَللَهلايضِيعْأجرَاَلْمْحَسيِينَ 59 كانت التسلية فى قصص الأنبياء الذين بعثوا فى أرض العرب» وللعرب» ولم تذكر لهم كتب» وقد ذكر بعد ذلك موسى وقد جاء بكتاب يصدقه القرآنء وفيه بشرى بمحمد وَلِةِ» فأشار سبحانه إلى قصة موسى بطرف من القول فقال تعالت كلماته: © ولقد آتينا موسى الكتاب فَاختلف فيه ولولا كَلمَةٌ سَبقت من رَبك لضي ينهم 4. أكد الله نزول الكتاب على موسى ب (اللام) و(قد)»ء وأضاف سبحانه الإيتاء إليه» وكان فيه آيات بينات» وعظات» وأحكام زاجرة» ولم يترتب على الملل لل ااا اولان يس م ا إيتاء موسى عليه السلام الإيمان به» وقد أنقذهم من ظلم فرعون الذى كان يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم» ورأوا تسع آيات حسية ملزمة» ورأوا آيات الله تعالى فيهم ونعمه ظاهرة وباطنة تفيض عليهم» مع كل هذا لم يذعنوا لما جاء به من شرائع بل اختلفوا فيه» فإذا كانوا قد اختلفوا فى شأنه ما بين مذعن ومؤول ومخالف» فكيف تنتظر يا محمد من قوم أميين أن يذعنوا بمجرد النزول. و(الفاء) فى قوله: © فَاخْتلف فيه 4 للعطف والترتيب من غير تراخ» وكأنه ترتب على إيتاء الله تعالى موسى الكتاب الاختلاف, وهذا يدل على أن الاختلاف ليس ناشئا من ذلك الكتاب» بل هو ناشئ من فساد النفوس وإذا فسدت النفوس لا يقنعها الدليل» ولا يهديها البرهان مهما يكن حاسما. وقد افترق اليهود على فرق شتى حول التوراة ما بين ربانيين وقراءين» وصدوقيين لا يؤمنون باليوم الآخر. ويبدو من فرقهم أن الاختلاف فى شأن الكتاب كان فى فهمه» حتى ضلوا وحرفوا الكلم عن موضعه. وأتوا بكتاب لم ينزل على موسى» وقالوا إنه من الكتاب» وليس منه فى شىء. ولقد قال تعالى: « ولولا كلمَة سبقت من رَبك لقضي بيهم 4 ولولا أن الله تعالى يمهل الظالمين إلى يوم يبعثون» ويتركهم يتجادلون» ليزيد ابتلاؤهم لقضى بينهم فى هذا الاختلاف وبين الحق الذى لا يحتار فيه أحدء ولكنه تركهم يتعر فونه ؛ لآنه خلقهم ذوى مدارك, ومع كل نفس فجورها وتقواها. وقال تعالى: 8 وَإِنّهُم لفي شك مَنه مريب * الشك معناه التظئن فى الحق» وقد بدت دلالة» والريب هو نتيجة هذا التظنن» والضمير فى قوله: 9 وإِنّهُم في شك مَنه مريب 4 يعود إلى المشركين كما يقول أكثر المفسرين» والضمير فى «(منه 4 يعود إلى القرآن. ا تفسيرسورة هود 2 الملل ال 0600ل > د ولكن لم يكن ذكر للمشركين» ولم يكن ذكر هنا للقرآن» وإن إعادة الضمير إليهم؛ وإلى كتاب الله تعالى لا يأتى بفائدة جديدة» وأرى أن الضمير يعود إلى قوم موسى الذى أوتى التوراة» ويكون الريب بسبب اختلافهم» فإن الاختلاف يحدث الشكء والجدل ذريعة الريب» والضمير فى إإِنَّهُم 4 يعود حيتئذ إلى مذكورين فى القول غير مطويين» وكذلك الضمير فى 2 منه © . وإن فى ذلك لعبرة من ناحيتين: الأولى: تسلية النبى عله . والثانية : بيان أن الاخدللاف والحدل يع فيهما الحقائق» ويحل محلها الشك والريب» اللهم هبنا الوفاق» وجنبنا الشقاق» وقد أكد الله تعالى شك القوم بإن وباللام وبالجملة الاسمية. ويقول فى جزاء السابقين واللاحقين: ون كلا لما ليوفيهم ربك أَعمالهم إِنّهِ بما يعَملُونَ خبير 059 > . - هنا قراءتان إحداهما ب (أن) الثقيلة» والثانية ب (إن) الخفيفة2'0. والتنوين فى 8 كلاً» نائب عن المضاف إليف أى إنهم جميعا ليوفينهم ربك أعمالهم. وهذا يتضمن مال الماضين والسابقين على محمد عد وإنذار الذين يعادونه» ويؤذون أصحابه ويسخرون منهم» فلمعنى إذن. وإن كلا من الفريقين لما سيوفيهم ربك أعمالهم . اللامان لتوكيد القول؛ الأولى واقعة فى خبر (إن)» والثانية موطئة للقسم أو العكس. ولا تغيير فى المعنى بأى التقديرين» وكانت (ما) فاصلة بينهما لكيلا يثقل النطق بلامين وهى مع ذلك دالة على تأكيد ما تدل عليه اللام الأولى . )١(‏ قراءة (وإن كلا) بإسكان النون» قراءة مكى ونافع» وأبو بكر والمفضل» وابن بشار عن على. وقرأ الباقون بتشديد النون. غاية الاختصار .)١١155١1(‏ 1# تفسيرسورة هود 0 ْ حب أ وقول 8 ليَوَفَيئّهم 4 فيه توكيد للوفاء» وهو القسم فكأنه تأكد الكلام باللامين» وبالقسم وبنون التوكيد الثقيلة» وأكد أيضا بالتعبير ب آ ربك # أى الذى خحلقكء» وخلقهم. وقام على هذا الوجود» وإذا كان هذا الخالق الحى القيوم هو الذى يعد بالتوقيه» فإنها واقعة لا محالة. وأضاف الجزاء إلى الأعمال للإشارة إلى أن الجزاء وفاق العمل» فكأنهما شىء واحدء إذ يكون عادلا تمام العدل» يوم تجد كل نفس عملها محضراء وإن العدل الحقيقى يقتضى المساواة بين العمل والحزاء» ويقتضى العلم» وقد أشار إلى العدل بالمساواة بين الجزاء والعمل حتى كأنه هو وصرح بالثانى فى قوله «إنه بما يعملون خَبير) الضمير يعود إلى الله الذى تذكره القلوب» ولا تنساهء و خبير» معناهء الجوارح» وما يجول فى الأفئدة. إنه سميع بصير . فاستقم كَمَا أمرت ومن تاب مَعَك ولا تَطغوا نه بما تعملون بصير 659 4 . فاستقم » السين والتاء للطلب» أى اطلب إقامة الدين» وحفظ جوارحك الظاهرة والباطنة فى دائرة القيام به وإدراك غاياته ومراميه» وقوله تعالى: 9( كما كما أنزل الله تعالى» وبنى للمفعول لأن الفاعل معلوم حاضر فى الذهن دائماء ولأن الاستقامة توجب اتباع الأوامر فى ذاتها :9 ومن تاب معك 4. فقوله تعالى : ومن تاب معك »© معطوفة على الضمير فى استقم» وإنما جاز النطق على الضمير المستتر فى الخطاب من غير أن يوّكد بالضمير البارز للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه» وهو بقوله تعالى: فإ كما أمرت 4. فيكون عدم إبراز ضمير الخطاب مناسبا وإن الاستقامة هى غاية الكمال الدينى؛ لأنها القصد إلى الهدف الأسمى» ولأنها روح الإسلام وغايته» وقد قال بعض الصوفية: إن الاستقامة هى مطلب 8# تفسيرسورة هود 2 الللإل اال ا لي عبدالله الثقفى. قال قلت: يا رسول الله قل لى فى الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال: «قل آمنت بالله ثم استقم»!"2, وروى عن عبد الله بن عباس أنه قال لمن استوصاه: «عليك بتقوى الله والاستقامة» . ولقد قال تعالى: فى بيان الاستقامة أن أعلى درجات الإيمان: إن الّذين قالوا ربنا الله ثْمّ استقاموا تَسَزّل عليهم الْمَلائكَة أَلذَ تَحَاقُوا ولا تحزئوا وأبشروا بِالْجنَة التي كنتم توعدون 69 4# [فصلت] إلى آخر الآيات . وقوله ومن تاب معك # أى الذين معك من | لمسلمين» وعبر عنهم بأنهم تابوا للإشارة إلى أن إسلامهم لا يكون كاملا إلا إذا كانوا مع الله تعالى» وإلى أن الإسلام توبة عن الشرك» وإن الشرك انحراف فى النفس» وتركه رجوع إلى الله تعالى. : وإن الاستقامة تهذيب روحى » واتجاه نفسى » وقد نهى عما يؤدى إلى الانحراف عن الاتهاه المستقيم (ولا تطغوا) فيهء إن النفس تنحرف عن الحادة» والطريق الأقوم بالطغيان» وهو مجاوزة الحد. ومجاوزة الحد قسمان: القسم الأول : التشدد فى الدين الذى يؤدى إلى إرهاق النفس» وإن إرهاقها يؤدى إلى التقصير» ولذا أمر النبى مَلَكِةٌ بالاعتدال» فقد قال عليه الصلاة والسلام: «لن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه, ولكن سددوا وقاربوا»). وقال: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)7" . والقسم الثانى من الطغيان : الظلم» ومجاوزة الحد مع غيره» وإن هذا المعنى )١(‏ رواه مسلم: الإيمان - جامع أوصاف الإسلام (58), ولفظه عند مسلم: قل آمنت بالله فاستقما» وباللفظ أعلاه رواه أحمد: مسند المكيين ‏ حديث سفيان بن عبد الله التقفى .)١5540(‏ كما رواه الترمذى فى الزهد» وابن ماجه فى الفتن» والدارمى فى الرقاق. (1) سبق تخريجه. / ته تقشدنير سورة هود لللل الل الالللل الا للللا > زا ومجازيهم فقال: 8«إإِنَّه بما تَعَمَلُونَ بصير» الضمير يعود على الله تعالى أى أنه تعالى عليم بما يعملون علم من يبصر ويرى» وقدم الجار والمجرور «إ بما تَعمَلُونَ 4 على ل بصير» للاهتمام بالعمل؛ وإنه مناظر الجزاء» إن خيرا فخيرء وإن شرا فشرء وإن الاستقامة هى أقصى درجات الإحسان» ولقد قال النبى يَكيلْهِ فى تعريف الإحسان: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه» فإن لم تكن تراهء فإنه يراك)10 . كان فى هذه الآية النهى عن الظلم» ثم أردفها بالنهى عن الارتكان إلى ظالم» فقال: «ولا تَرَكنوا إِلَى الّذينَ ظَلَموا فَحَمَسّكُم الَار وما لَكُم من ون الله من أَوليَاء ثم لا تتصرون 09 4 . ظ «ولا تركنوا إِلَى الّذِينَ ظَلَمُوا 4: الواو عاطفة هذا النهى على النهى السابق» وهو قوله تعالى: ولا تطغوا» الركون الاستناد» فيقال ركن إلى الجدار أو الجبل أو الركن إذا استند إليه» ويتضمن ذلك النهى الاعتماد على الظالم» والإدهان إليه والميل إليه» والتودد له» والتقرب منه» ومعاونته فى الأمر الذى يفعله» وقوله تعالى : ظالّذِين ظَلَمُوا 4 أى الذين وقع منهم الظلم» وإن لم يتصفوا بالظالمين» وإذا كان النهى عن مساندة الذين وقع منهم ظلم» فأولى بالنهى من يكون الظلم عادة وسياسة مستمرة لهم» ويلاحظ أن التعبير بالموصول فيه بيان بسبب النهى» وهو مرفوع الظلم منهم. ولقد قال الرسول يَلْةُ فى معاونة الظالمين: «ومن سعى مع ظالم؛ فقد سعى إلى جهنم» ؛ لأنه عاونه فى ظلمه» ولو أن الذين يظلمون لا يجدون من يعاونهم» ويمانعهم» وينصرونهم على المظلومين ما استمروا يرعوتهاء حتى تكون فيها أشواك الأذى الممزقة . ولقد وجدنا ناسا فى عهد طاغوت رأيناه أشد من فرعون عتواء يمالئونه على المسلمين» حتى قتل» وآذى وقطع أطراف الشباب» ووصل عدد قتلاه خمسة )١(‏ متفق عليه وقد سبق تخريجه من رواية عمر بن الخطاب رضى الله عنه. ا( تفسيرسورة هود دك 0 لسرب اق يضرب بالسياط» أن مروءة العربى فنعه. وقد كتب الزمخشرى فى هذا كتابة قيمة ننقلها من تفسيره» رضى الله عنه: «والنهى متناول الانحطاط فى هواهم والانقطاع إليهم ومصاحبتهم ومجالستهم. وزيارتهم ومداهنتهم» والرضا بأعمالهم» والتشبه بهم والتزيى بزيهم» ومد العين إلى زهرتهمء وذكرهم بما فيه تعظيم لهم؛ وتأمل قوله تعالى: «إ ولا تركنوا إلى الّذِينَ ظلَمُوا 4 فإن الركون هو الميل اليسيرء وقوله تعالى: إلى الّذِين ظَلَمُو 4 أى الذين وقع منهم الظلم» ولم يقل الظالمين» فكيف بالظالم» وحكى أن الموفق (أحد خلفاء العباسيين فى عهد انحلال الحكم العباسى) صلى خلف الإمام فقرأ بهذه الآيق» فغشى عليهء فلما آفاق قيل له هذا فيمن ركن إلى من ظلم فكيف بالظالم. وعن الحسن (البصرى) رحمه الله: «جعل الله الدين بين لاثين طلا تطغوا © ولا تركنوا 4 لكل ولما خالط الزهرى السلاطين كتب إليه أخ له فى الدين : «عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن» قد أصبحت بحال ينبغى لمن عرفك أن يدعو لك ويرحمك» أصبحت شيخا كبيراء وقد أثقلتك نعم الله ما فهمك اللّه من كتابه» وعلمك من سنة نبيه» وليس كذلك أخذ الله الميئاق على العلماء» قال الله سبحانه: #8 ... لَتبِيننّه للّاس ولا تكتمونه ... 4039 [آل عمران]. واعلم أن أيسر ما ارتكبت» وأخف ما احتملتء. أنك آنست وحدة الظالم وسهلت سبيل الغى بدنوك ممن لم يؤد حقا ولم يترك باطلا حين أدناك» اتخذوك قطبا تدور عليك رحى باطلهم»؛ وجسراً يعبرون عليك إلى بلائهم» وسلَّما يصعدون فيك إلى ضلالهم» يدخلون الشك بك إلى العلماء» ويقتادون بك قلوب الجهلاء» فما أيسر ما عمروا لك فى جنب ما خربوا عليك» وما أكثر ما أخذوا منك فى جنب ما أفسدوا عليك من دينك» فما يؤمتنك أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم: « فخلف بها تفسير سبورة هود لل الئل لحر ا من بعدهم حَلْف أضاعوا الصّلاة واتبِعوا الشّهموات فسوف يلقون غيا 59© 4 [مريم]ء فإنك تعامل من لا يجهل ويحفظ عليك من لا يغفل» فذاو دينك» فقد دخله سقم» وهيّئْ زادك فقد حضر السفر البعيد» وما يخفى على الله من شىء فى الأرض» ولا فى السماء والسلام») هذا كتاب واعظطء لتابع من أجل التابعين» وإن كان من أصغرهم سنا. إليهم كما نرى فيمن اتسموا بسمة العلم» قال رضى الله تعالى عنه وقال سفيان (الثورى): فى جهنم دار لا يسكنه إلا القراء الزائرون للملوك مللة وعن الأوزاعى «ما من شىء أبغض إلى الله من عالم يرور عاملا) . وعن محمد بن مسلمة: الذباب على العذرة أحسن من قارئ على باب هؤلاء. وقال رسول الله عَدَلِْك: «من دعا لظالم بالبقاء. فقد أحب أن يعصى الله فى أرضه) . ولقد سئل سفيان الثورى» عن ظالم أشرف على الهلاك فى برية هل يسقى شرية ماء» فقال: لا. فقيل له يموت» فقال: «دعه يموت». رضى الله عن الزمخشرىء وإن كنا لا نرضى عن فتيا سفيان الشورى الأخيرة» فإنه صح عن النبى كَل أنه نهى عن القتل بالعطشء» وهذا أمر بالإسعاف. ش ولقد قال بعد النهى عن الركون إلى الظالم 8 وما لكم من دون اللّه من أولياء . ١‏ من »© هنا لاستغراق النفى و« أولياء 4 النصراء أى ليس لهم من الذين ا تفسيرسورة هود 2 اللللللااا6اا ل 1 اسه < - يعادون الله تعالى بظلمهم» وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: © من ذون الله أى أولياء أحباء مناصرون. لثم لا تتصرون» العطف ب ظثَّمَ4 هناء وهى دالة على التراخى لبيان البعد بين الانتصار» وموالاة الظالمين» أو الركون إليهم بموادتهم» ومعاونتهم. اللهم لا تؤاخذنا بما كان منا للظالمين من سكوتء. فى كثير من الأحيان» اللهم هيئ نفوس حكامنا للعدل» فإنهم أضاعوا المسلمين بظلمهم» ولا حول ولا قوة إلا بالله . ولقد قال تعالى بعد النهى عن الفساد؛ آمرا بالصلاح» لآن التخلية قبل التحلية . 8 وأقم الصسّلاة طرفي النَهَارٍ وزلا مَن اللَيلِ إن الْحَسنات يَذَهيْنَ السَّيّمَات ذلك ذكرئ للذاكرين 659 4 . هذا معطوف على الأوامر والمنهيات قبله» وقلنا إنه سبحانه نهى عن الظلم والطغيان» والامتناع عن الظلم والطغيان فعل الخير» وإن الظاهر من هذه الآية» وآية الروم» وهى قوله تعالئ: ف( فُسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون 69 وله الْحَمد في السَّمُوات والأرض وَعَشيًا وحين تَظهِرونَ 62 4# [الروم]ء فإن هاتين الآيتين تومئان إلى أوقات الصلوات الخمسء فكانت بعد فرضيتها فى المعراج. وإقامة الصلاة فى الأمر ( راقم الصّلاة 4 الإتيان مقومة مستوفية أركانها الظاهرة والباطنة من خلوص المشيئة لله تعالى: واستشعار معانى الأركان النفسية» وألا يقصد بها المراءاة» فمن صلى يرائى فقد أشركء, وقال تعالى: «(قويل للمصلين 20 الّذين هم عن صلاتهم ساهون 2 الّذين هم يرَاءون 2ك وَيَمْعونَ الْمَاعونَ © 4 [الماعون]. وطرفا النهار ما هما؟» اختلفت الروايات فى ذلك» وأقربها فى اعتقادناء وهو المأثور عن النبى كَلْةٍ أن الطرفين الفجر أو الصبح» وما بعد الظهر» وزلفا من .ل تفسير سورة هود 1111111 خخلناللات ا لالتلا اااااااالالالل لال ااااال ااال خا مط مالالا اناالا للا خخخ ممما اامطا ا لةااا الا اطلام ممم طططار « لسرب أ الليل والزلف الساعات المتقاربة» وفسرها النبى يأنها المغرب والعشاءء وسميت زلفا من الليل. لأن ساعاتهما متقاربة» فما بين المغرب والعشاء متقارب إلى حد اخقلاط زمنهماء والاختلاف فى حد ما بينهماء وهما بإجماع العلماء صلاة العشى . وإن تعيين الآيات تقارب أو يتعين اتحادها فى هذه الآية» وآية الروم» ولا شك أن إقامة الصلوات الخمس مستوفيات أركانها الظاهرة والباطنة» والاستمرار عليها يطهر النفس من أرجاسهاء ويمحو تلك المعاصى التى يغبر بها القلب» ولقد قال يلد فيما رواه مسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة» ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن. إذا اجتنبت الكبائر )17 . وذكر شرط اجتناب الكبائر؛ لأنه لا يمكن أداء هذه العبادات على وجههاء مجتمعا مع الكبائر قطء إذ لا يجتمع فى قلب مؤمن عبادة أديت على وجههاء وارتكاب كبيرة. ولقد أثر عن النبى ويد أنه قال: «لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمنء ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)”". ولذا قال تعالى بعد الأمر بإقامة الصلاة فى وقتها: إن الحسنات يذهبن السيئات # لأن الحسنات نور يدخل القلب فيزيل غمته» وهى طهارة ترحض ما فى النفس من أدران الشرء وأنخحياثه. ولقد قال النبى مَلَِة: «الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفئ الماء النار»7" . وإن الصلوات الخمس - إن أقيمت على وجهها ‏ أشد العبادات محاربة 3 للعاصىء ولذا قال تعالى: 9 ... إِنّ الصّلاة تنهئ عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر والله يعلم ما تصنعون (52) *# [العنكبوت] وإن توزيعها فى أوقاتها جلاء )١(‏ رواه مسلم: الطهارة ‏ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة (777) عن أبى هريرة رضى الله عنه . لق سبق تخ ر يدجه . (1) سبق تخريجه. 0# تفسيرسورة هود للللإ لوو 10106االللللللااا0اللللل ب#يجل ياه يي النفوس» فإنه إذا أقبل الفجرء وأصبح الصباح أدى صلاة الصبح» فتجلو صدأ النفس ويستقبل الحياة بقلب سليم» فيعمل فى الحياة طاهر حتى إذا ابتدأت النفس تصدأ بالاحتكاك بالناس جاءت صلاة الظهرء فأزالت ذلك الصدأء ثم من بعد ذلك العصرء وزلف الليل المغرب والعشاء ولقد روى البخارى عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبى كككِيدّ فأحبره. فأنزل الله تعالى قوله تعالى: « وآقم الصّلاة طَرَفَي النَهارٍ وزلقا من اليل إن الحسنات يذهبن السّيئات 204 . ولقد قال تعالى: ط ذلك ذكرئ للذاكرين 4 الإشارة إلى القيام بالفرائض الخمس» وقال المفسرون: إنه إشارة إلى القرآن» وكانت الإشارة إلى البعيد لعلو منزلته» ورفعة مكانته» وبعد شأوه» ولا مانع فيما نرى أنها للقيام إلى الصلوات الخمسء لهذه المعانى أيضاء والمشار إليه مذكورا. والذكرى التذكر الدائم الباقى المستمرء ولا شك أن أداء الصلوات الخمس فى مواقيتها على الوجه الكامل يجعل نفس المؤمن فى ذكر دائم للّه» ولذا ختم الله تعالى آية الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر بقوله تعالى: 9 ... ولذكر الله أكبر . . . 62 4 [العنكبوت] . وإن العبادات أداؤها على الوجه الأكمل الذى أشرنا إليه يحتاج إلى صبر وضبط النفس» ولذا قال تعالى: «إوَاسْمَعِينُوا بِالصّبّْرٍ والصّلاة وإِنّهَا لكبِيرةً إلا علَى الخاشعين 62 * [البقرة]» ولذا قرن الأمر بإقامة الصلاة» بالأمر بالصبرء فقال تعالى : ا واصبر فإِنَ الله لا يضيع أجر المحسنين 652 4 . الأمر فى هذه الآية وما قبلها للنبى يَليِْكّ ابتداء» ولمن يتبعه من المؤمنين انتهاء» وهنا ملاحظة بيانية» تليق بالقرآن الكريم المعجزة الكبرى فى بيانه» وكل شئونه . .)71758( رواه البخارى: مواقيت الصلاة الصلاة كفارة (013): ومسلم: التوبة‎ )١( ا تفسير سورة هود اللا اا م > اا هذه الملاحظة هى أنه فى المطالب الإيجابية يكون الخطاب فى هذه الآيات للنبى يللد ابتداء» ويكون لأمته بالتبع» ولكن فى هذه الآيات نجد النهى متجها ابتداء إلى الجماعة الإسلامية» فقال تعالى: 8 ولا تطغوا» وقال تعالى: # ولا تركُوا إِلَى الّذين ظَلَمُوا4؛ لأنه لا نهى إلا حيث يتصور وقوع النهى عنه» ولا يمكن أن يتصور من النبى يَليِْةٌ طغيان» أو ركون إلى الظالمين. والصبر ضبط النفس عند وقوع ما لا يرغب» أو ما يرغب» فالصبر على النعمة» لا يفرح بها فلا يبطرها بل يشكرهاء والصبر على وقوع ما لا يرغب بآن تنزل به شديدة فإنه يكون بألا يفزع ولا يهلعء فيضطرب تفكيره» ويطيش ولا يتدبر الأمر فى رفق» وثبات جأش» واطمئنان قلب. وبين الله تعالى أن الصبر من إحسان المحسنين فقال تعالت كلماته: ا واصبر فَإنَ الله لايضيع أَجَرَ المحسنين4 أى الذين يعملون العمل الصالح» ويحسنونه» ويداومون عليه بالصبرء ولا يجزعون لحرمان أو شدة» ولا يأشرون ويبطرون إن اختبرهم الله تعالى. المساد يعم بسكوت الأخيار قال تعالى: 2 د 0 لملحوت ا 52 1 ' 8# تفسير سورة هود 2 لل 00 > 2 000 م م م 00 ولؤشاء ريك لعل التاس| وح بلاراود لفوت - ح حضف رب - ل ات مك لور لامن رجحم ريك وَلِذَاكَ لهم و تَمْت كمه رَبك قال تعالى فى بيان ما يصاحٍ الآمة: 9 ولتكن مكم أَمّة يدعود إلى احبر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المدكر وأواعك هم المقلحون 9) 40:9 [آل عمران]» إن الجماعة إذا كان فيها من يدعو إلى الخيرء ويأمر بالمعروف» وينهى عن المنكر جعلها فضلاؤهاء كلها فاضلة» ولقد بين سبحانه وتعالى أن سبب فساد السابقين الذين أصابهم الله تعالى بالهلاك هو أن أهل الفضل لم يدعو إليه ولو أنهم دعوا ما استجابوا لهمء فقال: «( فلولا كان من القرون من قبلكم أُولُوا بقيّة ينَهُوَنَ عن الْقَسَاد في الأرض 4 ا بقيّة 4 معناها العقل والفضلء والخلق المستقيم» و(لولا) إما أن نقول إنها شرطية حرف امتناع لوجود. وجوابها محذوف تقديره مثلا لاستقامت أمورهم ولاستجابوا لدعوة الحق إذا دعوا إليها. أو نقول إن (لولا) بمعنى (هلا) للتتحريض على أن يكون منهم فضلاء لنجاتهم؛ ولكن كيف يقال إن ثمة تحريضاء وقد مضوا بما كان منهم» والتحريض للحاضرين لا للغابرين» والجواب عن ذلك أن القصة الصادقة تصورهم حاضرين ويكون التحريض لهم على التصويرء وللقائمين ليتعظوا ويعتبروا. وإطلاق كلمة البقية على الفضل إطلاق فى اللغة العربية حلله الزمخشرى بقوله رضى الله عنه: «أُولوا بقية 4 أولو فضل وخيرء وسمى الفضلء» والجودة بقية؛ لأن الرجل يستبقى مما يخرجه أجوده وأفضله» فصار مثلاء فى الحودة والفضل» ويقال فلان من بقية القوم» أى من خيارهم» وبه فسر بيت الحماسة: «أن تزينوا * ثم يأتينى بقيتكم. . ومن قولهم فى الزوايا حناياء وفى الرجال بقايا». اا تفسير سورة هود لل جل وهكذا نجد الزمخشرى اللغوى البليغ يرد أصل الاستعمال القرآن إلى معناه السليم الدقيق العميق» وإن الكلام الكريم فوق كل كلام. وخلاصة ما يرمى إليه النص أن الأمم إنما تسير فى طريق الهلاك» إذا سكت عقلاؤها عن النطق بالحق فى إبانه» فما كفر مشركو قريش إلا لأنه لم يكن من رشدائهم من يقاوم أمثال أبى لهب وأبى جهل والوليد بن المغيرة وغيرهم فى طغيانهم وظلمهم. ولذا قال تعالى فى عمل أولى البقية لو صلحوا: ذإ ينهون عن الفساد في الأرض # من فشو الأراذل؛ كما فشا فى قوم لوطء ومن تطفيف الكيل والميزان كما فشا فى قوم شعيب,» ومن الشرك فيهم جميعاء حتى لقد كانوا يعبدون الأحجار ولا يوجد فيهم من يبين أنها لا تضر ولا تنفعء ولما جاءهم الرسل» سكت أولو البقية» ولم يرشدواء ولم ينادوا بالحق» منكرء نسكت من ينتظر منهم قول فاضل» وتكلم المستهزءون من الحق والساخرون. وقال تعالى: « إلا قايلا مَمن أَبْميَنا منهم 4 (من) الأولى بيانية» و(من) فى (منهم) تبعيضية» والاستثناء قال المفسرون البلاغيون: إن الاستثناء منقطع بمعنى لكن» أى لكن قليلا منهم من أنجيناهم منهم قد استقاموا على الطريقة» واتبعوا سبيل الرشاد. ولا مانع أن يكون الاستثناء متصلا غير منقطع. ويكون المعنى فلولا كان من القرون أولو بقية» أى ما كان من القرون قبلكم أولو فضل إلا الذين قليلا أنجيناهم منهم ١‏ ويكون فى النص قصر الفضل على الذين اتبعوا الأنبياء» وأرى أن هذا أقرب» وعليه يكون الذين بعث فيهم النبيون قسم تبعهمء وأنجاهم الله وهم عدد قليل» وقسم عصوا “+ ربهم» وهم الظالمون» وقد بين سبحانه أمرهم فقال عز من قائل : « وانَبْع الّذِينَ ظَلَموا ما أترفُوا فيه 4 . 8# تفسير سورة هود للللللو اال بلج بزو يي أى أن الفريق الظالم اتبع ما أترفوا فيه أى اتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه من الهوى والشهوات بكل أنواعها شهوة السلطان والجاه» وشهوة الاقتراب من الحكامء والازدلااف إليهم. وشهوة التحكم فى الضعفاء» وشهوة الأثرة» وفى الحملة الترف كل ما يتنعم به من مادة. ومن أمور أخرى. والترف والأثرة متلازمان» فحيثما كان الترف كانت الأثرة؛ لأن من يطلب اعتداء. وإن المترفين الأثرين هم دعاة الشر دائتماء ويقول تعالى: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مشرفيها فَفَسقوا فيها فحق علَيِها القول فَدَمَرنَاها تدميرا 69 4 [الإسراء]. وقوله تعالى: 8 واتَبع الْذين ظلموا ما أترفوا فيه 4 فيه أمور ثلاثة : الأمر الأول: اتبع أى طلبوه» وساروا وراء الترف لا يلوون عنه. الأمر الثانى : ذكر أنهم ظلمواء أى تجاوزوا الحدء واعتدواء ودفعهم ظلمهم إلى هذا الاتباع . الأمر الشالث: أنهم اتبعوا الترف وشهوات الترفء فهذا كقوله اتبعوا الشهوات . ولقد وصفهم - سبحانه وتعالى - مسجلا عليهم الإجرام؛ والآثامء فقال: وكانوا مجرمين » أى استمروا فى ماضيهم متجمعين على الإجرام. حتى صار الإجرام وصفا ملازما لهم . وإن هذا الإجرام»ء والسكوت عن النهى على الفسادء وترك الآشرار يرتعونى وترك الظالمين يترفون يجعل الأمة كلها فاسدة وظالمة» وبذلك تهلك» لها تفسير سورة هود الملل > اد وما كان ربك ليهْلك القرئ بظلْم وأهلها مصلحون 059 4 . الظلم ذكر بعض العلماء أنه الشرك لقوله تعالى حاكيا عن لقمان: ‏ ...إن الشرك لَظُلّم عظيم 09 4 [لقمان]. وإنه ظلم بلا ريب فيه»ء ويكون المعنى على هذا: وما كان الله يهلك القرى بشركهاء وأهلها مصلحون فيما بينهم يتعاونون. ويقيم الحق فى معاملاتهم حتى لقد قال بعضهم إن الشرك مع إقامة العدل لا يهلك» والإيمان مع ظلم التعامل يهلك الأمم. وقال بعض الممسرين: إن المراد والظاهر أنه مرادء أنه ما كان ربك ليهلك القرى ظالما لهاء وأهلها مصلحون يعدلون فيما بينهم» ولا يشركون بالله ولا يكون منهم ظلم بل نصفة وعدل. فما كان اللّه ظالما لعباده. وعندى قوله تعالى: وما كَان رَبك ليهَلك الْقَرى» بظلمهاء وأهلها متعاونون» صالحون للبقاء» والظلم أعم من الشركء والاعتداء فى المعاملات» والفساد» والتخريب» وقطع ما أمر الله تعالى به أن يوصل . وظمَا»؛ هنا نافيةء و(اللام) لتأكيد النفى» ولذا تسمى عند النحويين لام الجحودء والمعنى ما صح وما استقام لربك الذى خلقك وقام على تدبير أمرك أن يهلك القرى بظلم يقع فيهاء وأهلها مصلحونء متعاونون فى الإصلاح كما أشرناء وفاضلهم ينصح أرذلهم» والآمرون بالمعروف والناهون عن المتكر قائمون بواجبهم » قد ابتغوا الغاية الساميةء وهى نشر الفضيلة» ومحاربة الرذيلة» قائمين بالقسط شهداء الله . ولقد روى الترمذى حديثا فى هذا المعنى: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه2170. )١(‏ رواه الترمذى: الفتن - نزول العذاب إذا لم يغير المتكر (250154: كما رواه أحمد فى مسنئد أبى بكر الصديق 2)7١(‏ وأبو داود فى الملاحم (873708).» وابن ماجه فى الفئتن (8.0-60). 6 8# تفسير سورة هود 2 1 الل 221111111111111 الح أ وإنه قد حق على المسلمين فى مشارق الآرض ومغاربها الهلاك الذى نزل بهاء لآن الظالم يظلمء ويجد الكثرة الكاثرة تؤيده» وتنصره على المظلومين» وتصفه بالحكمة والعدل والعبقرية» حتى اختلطت على الناس الألفاظ والحقائق» ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم . 1 وإن إرادة الله تعالى تعلقت بتنازع الخير مع الشرء من وقت أن هبط آدم وإبليس إلى هذه الأرض وقال: « ... اهبطوا بتعضكم لبعض عدو 4 [البقرة] يتنازع الخير والشرء فى نفس كل إنسان. كما قال تعالى: ‏ وهديناه النجدين 4060 [البلد] حتى إن كف الننس عن الشر يعد جهاداء يثاب عليف ويتنازع الآحاد بعضهم مع بعض » وتتنازع الجماعات وتتحارب الدول» وتلك إرادة للم ولو شاء لخلقهم على منزع واحد ولا تكون الحياة معتركا للخير والشر يتنازعان . ولذا قال تعالى: ولو شاء ربك لجعل النّاس أَمّةَ واحدة ولا يَانُونَ مُخْتَلفين 6 4 . لوك هنا حرف امتناع لامتناع. امتناع الجواب لامتناع الشرء أى لو شاء ربك الذى خلقك وذرأك وكونك على أحسن تفويم أن يجعل الناس أمة واحدة» جماعة واحدة متحدة فى هدايتها وتقواها لجعلها كذلك». وما كان التنازع بين الخير والشرء والعدل والظلمء والفضيلة والرذيلة» والرزق والحرمان» والغنى والفقر إلا بإرادته. بين - سي حانه وتعالى - أن ذلك الاختلاف دائم مستكمر. فقال تعالى : ولا يزالون مختلفين 4 فيما بينهم فى نفوسهم.» وفى آحادهم. وفى جماعاتهمء وفى أعمهم . وإن الاختلاف على ذلك ابتلاء واختبار» ليبلو الناس فيماء فمن أراد الخير انتزعه من وسط الشر انتزاعا فيكون به الثواب الجزيل» ومن أراد الشر سار فيه» وأعلام الخير واضحة معلمة, تدعوه إلى سلوكه. فإن ضل فعن بينة» والله من َه تفسير سورة هود 1 ورائه محيط. ويكون الجزاء لمن ضل عن سبيله جزاء وفاقا لما جنى على نفسه. وعلى الحق ثم يقول سبحانه : ف إلا من رَحم ربك ولذلك خلقهم 4 . الضمير فى ذإ خلقهم 4 يصح أن يعود إلى الناس» ويكون الاستثناء فى قوله: 8 إلا من رحم # استثناء من الاختلاف ويكون المعنى ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة فى الهداية والتقفوى والفضيلة» ولكنه لم يشأ ذلك إلا فى الذين رحمهمء وتكون (اللام) للتعليل» أى أن الله تعالى خلق الناس متنازعين فى الخير والشرء ولا يهتدى إلى الخير إلا الخلصاء الأطهارء ولذلك خلق الناس مختلفين لتبيين الصفوة» ولتصل إلى الخير فى وسط أشواك من الباطل فيكون لهم فضل الجهاد فى الوصول إلى الحق . ويصح أن يعود الضمير إلى قوله تعالى: « إلا من رُحم # أى المستثنى ويكون المعنى كالاول فى نتيجته» وغايته أى أن الله تعالى خلق الناس مختلفين متعاركين يخلص الصفوة المرضية» ولأجل تلك الصفوة» والمؤدى فى التخريجين أن الله تعالى خلق الناس كذلك ليميز الله الخبيث من الطيب» كما قال تعالى: ما كَان الله يدر المؤسين عَلَئ ما أنتم عليه حَنَئ يميز الخبيث من الطَيّب ... 659 4 لآل عمران]. وإن القلة التى يرحمها الله بالإيمان» والكثرة هى تكون فى النار» ولذا قال تعالى : . رقن كلما يلألا جهنم من جل وا جني‎ ١ أشار سبحانه وتعالى إلى الذين رحمهم الله تعالى» وفى هذا النص يذكر الذين عصوا أمر ربهم» والرحمة بهم ليست من عدل الله؛ لأنهم لم يرحموا لفسهم» ومن لا بحم لا يُرحمء فقال تعالى: «وقمت كلمة ولد» . ا تفسيرسورة هود الالالال لسر ل وتمام الكلمة إحكامها بحيث لا تتغيرء ولا تتبدل» ولا تتخلف. وكلمة الله تعالى هئ أمره الذى ظهر فى قوله. وفى الكلام قسم مطوى دلت عليه اللام فى لأملأن © فهى لام القسمء ونون التوكيد ملازمة للقسم فهى أيضا دالة عليه «إمن » هنا لبيان من يملأ منهم» و الْجِنّة 4 الكلام على تقدير العصاة أى من عصة الجن» وعصة الإنسء والجن عبر عنهم بالجنة» والإنس عبر عنهم بالناس كما فى قوله تعالى: من الْجِنّة وَالئّاس (3) 4 [الناس]. وقدر عصاة لأمرين : الأمر الأول: أن الجزاء بجهنم كما فى عرف القرآن؛ وكما هو العقل - يكون للعصاة. الأمر الثانى: أن الناس مختلفون. فذكر الله تعالى أهل الطاعة. وتفضل عليهم برحمتهء فقال فيما سلف 9لاإإلا من رَحم» والمخالفون لهم هم العصاةء وكان بمقتضى التقسيم أن تكون لهم جهنمء وقد تأكد أنهم يملأونها. وعلى ذلك تكون كلمة 9 أجمعين4 تأكيدء بأن العصاة كلهم سيدخلون جهنم. ومتلئ بهم لا يفر منها جبارء ولا نافخ نار وإذا أريد جنس الجنةء وجنس النار يكون الظاهر. أنه لا ينجو من أحد الجنسين أحد»ء ويكون التأكيد لبيان أنه يستوى الجنسان . فى ألا يغادرها أحدء. كما تقول ملأنا الحقيبة من أوراق امتحان الشريعة» والمدنى والجنائى» جميعاء أى فيها الأصناف جميعا غير متخلف بها صنف من هذه الأصناف . ولااشك أن التقدير الأول أظهر وأبين » وسياق القول يقتضيه ١‏ ولقد روى فى الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله عَيَِبهِ قال: «اختصمت الحنة والنارء فقالت الجحنة: مالى لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس. وقالت النار أوثرت بالمتكبرين 9 تفسير سورة هود الملل سس ا والمتجبرينء فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتى أرحم بك من أشاءء وقال للنار: أنت عذابى أنتقم بك من أشاء؛ ولكل واحدة منكما ملؤهاء فأما الجنة: فلا يزال فيها فضل حتى ينشئ الله خلقا يملأ فضل الجنة» وأما النار فلا تزال تقول: هل من مزيد» حتى يضع عليها رب العزة قدمه فتقول قط قط)(١2,‏ والله أعلم. القصص لتثبيت النيبى ووعظ المؤمئين قال تعالى: 2 دفص ا 0 2 م أذ ساس ور وه ل سار زر ص اسيم 1 ذه عَلنَكَ م نانب رماوا ج11 قهلده امل مكت نعي 5 وا ا 3 0 1 له وه 1 عي لي ونه عيب : وت وَالأْضٍو! ليه بيجع ل مَركلم ساخر سا 000 لاه ع وموك كَبِعَِفْلِحَمَاتَمَلُونَ 07 ( وكلاً تفص علي من أَنبَاء الرُسْلٍ 4 التنوين فى «كلاً» عوض عن مضاف إليه محذوف يقدر بما يتناسب مع ما يجىء بعذه) وظ كلا 4 منصوب بقوله تعالى : « نْقَصّ» والتقدير على ذلك» وكل نبأ أو كل خبر» أو كل قصص »2 نقصه عليك متى نخبرك به متتبعين خخفاياه» كما يتتبع قاص الأثر الآثار. »)23 رواه البخارى: التوحيد: ما جاء فى قوله تعالى: إِنّ رحمت الله قريب من المحسنين‎ )١( [الأعراف] (159/)» وتكرر ثلاث مرات بنحو من هذاء كما رواه مسلم: الجنة وصفة نعيمها النا‎ يدخلها المتكبرون (5841)ء بلفظ: «تحاجت الجنة والنار»ء وفيه: «فأما الجنة فينشئ الله لها خلقا».‎ إلا تفسير سورة هود 1١‏ اللللللااااللل 10 وقوله تعالى: من أنباء الرسل 4 أى أخبارهم ذات الشأن كدعوتهم إلى التوحيدء ورد أقوامهمء ومعاندتهم. ثم نزول الهلاك بهم» بعد أن استيئس الرسل» ووقع فى نفوسهم أنهم كذبواء ولا علاج فى رشدهم, وإقرار الله تعالى لك ايمسر مزاء كاين كشوك ابرع ع .أنه أن يؤمن من قَوَمك إِلأَ من قد ٠٠‏ (65 » وذكر اللّه تعالى» ثمرة هذا القصص الذى يقصه تعالى من أنباء سين كال عز من كائل: فكأن الثمرات لهذا القصص الصادق ثلاث: الأولى: تشبيت فؤاد النبى عَللِلِ كيه إزاء إنكار المشركين وإيذائهم للنبى عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنيد فإن أولتك الرسل أوذوا كما أوذى؛ وكانت الباقية لهم وللمتقين فليطمئن النبى عليه الصلاة والسلام إلى العاقبة» ولا يغرنك تقلبهم فى البلاد فالعاقبة لك ولأصحابكء. ومعنى تثبيت فوؤاد النبى كله زيادة تثبيته بأنه لم يكن بدعا من الرسل» وإذا كان الله تعالى قد عذب أقوام الأنبياء الصادقين بالعذاب الذى يجتث من فوق الأرض العصاة» فإنه سيعذب قومك بأمر إرادى كذلك لينتفى الظالمون» فيحص دون بالسيف» ويبقى غيرهم تمن يرجى أن يكون منهم أو من أصلابهم من يعبد الله . الثانية: الموعظة» وهى الاتعاظ بمن أنزل الله تعالى عليهم العذاب» والاتعاظ طريق الإيمان» ومن لم يتعظ بغيره. فالبلاء فى نفسه شديدء وهذا الاتعاظ للمؤمنين أى الذين فى قلوبهم اتجاه إلى الإيمان. الثالثة: الذكرى. أى التذكر الدائم المستمر لما نزل بالأقوام الظالمة. وهذه أيضا للمؤمنين والذين يتجهون بقلب مدرك للإيمان» هذه ثمرات القصص . ل تفسير سورة هود سسا ل )1 لحرت ا وقد ذكر الله تعالى بعد تثبيت قلب النبى َلك وقبل موعظة المؤمنين» © وَجَاءك في هذه الْحق 4 مؤكدا أن هذه الإيناء هو الحق الكامل الذى لا حق فوقه لأنه ثابت صادق» وفيه التثبيت والموعظة» والتذكر الدائم» وقد أكد سبحانه وتعالى أنه الحق ب (ال) التى تدل على أنه كمال الحق لا ريب فيه 8[ في هذه 4 أكثر المفسرين على أن الإشارة إلى السورة» لأنها اشتملت على قصص مفصل لبعض الأنبياء . وروى عن قتادة أن الإشارة إلى الدنياء والله أعلم . بعد ذلك أمر الله تعالى نبيه أن ينبه المشركين إلى هذا القصص الصادق» وفى هذا التنبيه تهديد لهم فقال تعالى: اوقل لَلّذِينَ لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إِنا عاملون 059 4 . المكانة الحال» وما تمكنوا منه» والأمر للتهديد» كما تقول لمن يفعل الشرء افعل ما يبدو لك. وكما قال يديد : «إن ما أدركه الناس من أقوال النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شكت»0)» وكما فى قوله تعالى: 9 ... اعملوا ما شئتم. .. 69 4 [فصلت]. فالأمر للتهديد» وعبر الله تعالى عن المشركين بقوله تعالى: 8 لَلّذِين لا يؤمنون 4 بفعل المضارعء أى ليس عن طبيعتهم» وكيانهم أن يؤمنواء» فالكافر الجاحد تنحل عقدة الإيمان فى قلبه» فلا ينعقد قلبه على إيمان» بل هو جاحد مضطرب الفكر والنفس والقلب تأسره الآهواء المتنازعة» ويسير مع أشدها انحرافاء وأقواها استهواء « اعمَلُوا على مَكانتكم 4. أى على حالكم التى أنتم عليها من الغى والضلال» والاستكثار من الأموال» والأهواء والشهوات» وكل ما تمكنون منه من أهواء وشهوات ومفاسدء وبيّن أن المؤمنين والنبى عاملون فقال: 8 إِنَا عاملون4 أى مستمرون فى حالنا من إيمان» وإذعان للحق» وصبر على آذاكم )١(‏ سبق تخريجه. ها تفسبير سورة هود مركم 0100 1 > ات والعاقبة ليست واحدة» فآنتم إلى طريق النار» وغضب الله» ونحن إلى طريق رضا الله ولكم عبرة تمن مضواء وقد علمتم قصصهم. ثم أكد سبحانه وتعالى - التهديد. والبشرى للمؤمنين» فقال: فإ وانتظروا إِنَا مسَظروت 479 أى انتظروا بقية أعمالكم» وعواقب فسادكم وجحودكم» وما استهواكم من مفاسدء و إنَا منتظرون 4 ما نرجو من رحمته ورضوانه» وجزاء وفاقا لأعمالنا. وهذه مقابلة بين الحق والباطل» وسوعءى الباطل» وحسنى العاقبة فى الحق واللّه بكل شىء عليم . «( وللّه غيب السّموات والأرض وإلَيه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك يعَافل عَم تعملون 09 4 . سورة يوسف سورة مكية» وعدد آياتها إجدى عشرة ومائة» وقالوا: إن أربع آيات هى الأولى والثانية والثالثة والسابعة مدنية» ولا نرى فيها ما يدل معناها على أنها مدنية» والله أعلم. ولقد كفرت طائفة من الطوائف الخارجة عن الإسلام بإنكارها سورة يوسف» وادعاء أنها ليست من القرآن» وكأن القرآن يخضع بالزيادة والنقصان للأهواء المنحرفة» وإن ادعت التمسك بالدين» فهى تمرق منه مروق السهم من الرمية» وأولئك هم أتباع عبد الكريم عجروء وإن القرآن كله غير منقوص ثبت بالتواتر عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» وأنه تلقاه عن جبريل الرسول الأمين عن رب العالمين مرتلا متلوآء كما قال تعالى: « ... ورتَلَاهُ ترتيلاً 9© 4 [الفرقان] . وما كان لنا أن نعرف ما دفعهم إلى هذا الإنكار الذى كفروا بسببه» ولكن نذكره لبيان أنه وهم كافرين لم يذوقوا القرآن ولم يعلموه» قالوا إنها قصة غرام» ونزلت دفعة واحدة» والقرآن منزه عن ذكر الغرام والحب» والقرآن نزل منجماء ونقول فى الإجابة عن ذلك» إنها قصة المجتمع المصرى» والأسرة الفرعونية التى طغت فى البلاد وأكثرت فيها الفساد» وقال قائلهم: ... أنا ربكم الأعلئ 69 »4 [النازعات]» وبيته على هذا النحو من الانحلال» وهى بينت مغبة الغرام» وكيف يوجد الانحلال» والاستعصام بالفضيلة حيث تفور فورة الرذيلة» ودعوة الوحدانية فى وسط الوثنية» وتدبير الاقتصادء واستعانة الفراعنة بخبراء الاقتصاد حيثما كانواء وخضوعهم لآرائهم» وتوسيد الأمر لهمء» ثم هى تبين مركز مصر إلا تفسير سورة يوسف للا 232369601111110 ا 1 بي الاقتصادىء» واستعانة من حولها بهاء ثم تثبت نفسية الآباء مع الأبناء» والحسد بين الإخوة. وما ينبغى عند تربية الأولاد. وإن ما سمووه الغرا م المتحرف لم يكن إلا فى جزء صغير منهاء ٠‏ ولم يستغرقه» بل ترددت عباراته» وقد ابتدأته ب 8 وراودته التي هو في بيتها عن نفسه . فو 5 » وانتهت بدخوله السجن» وهى ثمانى آيات» فيها الغرام من جانبها والاستعصام من جانبه. وباقى السورة حكمة واقتصاد وتدبير» وتعاون» ومشقة وصبر » ثم لقاء الأحباب على مائدة المودة والأخوة الودود. فكيف تسمى سورة غرام إلا تمن انحرف عقله انحرافا منعه من استيعاب السورة. وإن القرآن لم ينزل كله منجماء فأول سورة التوبة نزل دفعة واحدة» وأكثر سورة الأنعام نزل دفعة واحدة وسورة إبراهيم أكثرها نزل دفعة واحدة. أيضاء من أجاز نكاح البنات والأمهات والمجوس. وهم بلا شك - كافرون كإخوانهم . ونقول: إن أكثرهم كان موؤمنا منحرف العقل» ورضى الله عن على بن أبى طالب إذ قاتلهم. وقتل منهم مقتلة كبيرة» فقد قال بعد ذلك القتال: (لا تقاتلوهم بعذى 0 فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه) . إن القصص الذى فى هود وغيرهاء كان فى اللأرض العربية» ولم يكن فيها من غير البلاد العربية» إلا قصة موسى عليه السلام. وقد ذكر فيها طغيان فرعون». وخضوع أهل مصر لهء فى نفوسهمء وأفكارهم , وعقولهم حتى ساغ له أن يقول: 8 .. ما أريكم إلأّما أرئ وما أَهْدِيكُم إلا سَبيل الرشَاد 9 4 [غافر]ء أما قصه يوسف عليه السلام فإنها تناولت ناحية اجتماعية » تعرضت للأسرة» وما ١‏ 9 تفسير سورة يوسف الللممخع مم لل 1 خلالاالاللالااخمما ماماامامممممالاا1 ]للخم ممما مم ع م ممم ممع ما ملل لمعل تاللا « سرب ا تسمى راقية » ثم تعرضت للاقتصاد فى مصرء وكيف كان يديره إلى آخر ما جاء فى السورة الكريمة» ثم صورت لقاء الأحبة بعد أن فرق الحسد فيما بينهم. الحسد بين الاخوة فى سورة يوسف إذا كان الحسدك , بين ابنى آدم قد حمل أحد الأخوين على أن تطوع له نفسه قتل أخخيه ) فقتله» فالمحسدل بين يوسف وإخوته على أن يحاولوا أن يلقوه فى غيابة الحد. رأى يوسف رؤيا صادقة» وهو غلام» قال يوسف لأبيه 8 ... يا أبت إِنِي أت أحَد عَشرَ ركبا والضمْس والْقَمرَوَهُمْ ي ساجدين 4050 قَهِم يعقوب الاب الحبيب الذى يؤثر يوسف على إخوته باختصاص بمحبة أكثر لصغرهء ومنها أن ليوسف منزلة عند الله فوق منزلة إخوته» فقال له: « ...لا تقصص رءياك على ِخْرَتك فيَكيدوا لَك كيدا إِنّ الشيْطَان للإنسان عدو مبِين (2) 4 . ولقد أخبره باصطفاء ربه له» وتعليمه من تأويل الأحاديث,» ما قد يثير إخوته . ا لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسّائلين 0 4 أى دلائل تبين حكمة الله تعالى فى الخلق والتكوين» وطبائع النفوس» وطغيان الحسد على المحبة الأخوية والمودة الواصلة» وإن تسعة أعشار الحرائم أو كلها سببها الحسدء فإذا اقتلع من النفوس اقتلع أكثر الأخحباث النفسية. وف للسائلين» أى الباحثين الدارسين لطبائع النفوس . ابتدأ التدبير السيئ بقولهم: #. ..ليوسف وأَخُوه أَحَب إِلَيْ أبينا منًا ونحن عُصبَةٌ إن أبانا لفي ضلال مُبين (2) الُْوا يُوسف أو اطرحوه أرضا يحل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قَوْمًا صالحينَ © © قَال قائل منهم لا تَقشلُوا يوسف الوه في غَيَابة الجبْ لا لم ينفذوا القتل» أو لم يريدوه» وذلك للمشورة» فكان منهم ها تفسير سورة يوسف اناا ااال اناا انالا نا ااال اللا ق خط نامالا اننا انان طن ط طالخ اانا اناالا نالل انا ناا ط اناطخ لنالا انا اللا قط تطخ مناط طلاخ مالالا 1 اللا‎ ١ بي من لم يرد القتل المباشرء بل أراد القتل البطىء. أو الموت المحتمل وذلك حين تكون الحياة أقرب من الموت» ولذا قال: ١0‏ .. يلتقطه بعض السيّارة ... 3 4 . التنفيذ ذهبوا إلى أبيهمء وظقَالُوا يا أَبَانًا مَا لَك لا تَأَممًا على يوسف وإِنَا لَه لنتاصحون 409 محبون مخلصونء «أرسله مَعَنَاغَدا يرتع ويلعب وإنَا له لحافظرت 069 4 . عندئذ قال يعقوب ما يدل على توجسه خيفة على ولده الحبيب العزيزء وفرطت من الرجل الطاهر نبى الله كلمة اتخذوها ذريعة لستر جريمتهم». قال لهم : ا .. .إنَي ليحزنني أن تذهبوا به وأحَاف أن يأَكلَهُ الذنب وأنتم عنه عَافلُونَ © 4 . لقد ذكر أنه يخاف أن يأكله الذئب» فى غفلتهم» فلقنهم ما يستر إجر امهم قالوا وقد وجدوا الحجة وأخفوها فى أنفسهم» ف[ . ..لكن أكله الذتب ونحن عصبة نا إذا لُخَاسِرَونَ 69 4 . ذهبوا به واجتمعوا أن يلقوه فى غيابة الجب «إفَلَما ذَهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في يَابت الجب وأوحينا إِليَه نهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون 62 4. وقد ألقى الله تعالى فى روع يوسف الغلام الحبيب أنه سيعلو عليهم» وسينبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون. بعد أن ألقوه فى الجب 9 وجاءوا أباهم عشاء يبكون (7 9 قَالُوا يا أَبَانا إِنَا ذهبنا سبق وتركنا يوسف عند ممَاعنا فَأَكلَهُ الذّئُب وما أنت بمؤمن لَنا ولو كنا صادقين 69 4 . وهكذا ترى أن الأب الشفيق الكريم قال إنى أخاف أن يأكله الذئب» فقالوا ساترين جريمتهم أكله الذئب» ونبى الله تعالى لم يصدقٍ أبناءه » بل قال بعد أن جاءوا على قميصه بدم كذب: و . .قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فَصبر جميل واللّه المَستَعَان على ما تصفوت 62 4 . بها تفسير سورة يوسف مل > ا استراح إخوة يوسفء أو توهموا أنهم استراحواء وعشى على قلوبهم الحسد البغيض فلم يدركوا ما صنعوا وبقيت لوعة الشيخ أبيهم تترقب أبنه» ول يذهب عنه اللأمل فى لقائهء ولم ييئس «. ..إِنّهُ لا يَيِأس من روح الله إلا الَقَوم الكافروت 69 4 . ولننظر فى _قصة القرآن عما جرى ليوسف, وقد ألهمه الله تعالى الاطمئنان» جاءت قافلة تسير فأرسلوا واردهم يتعرف أماكن الماءء فوجد الجب»ء فألقى دلوه: فلم يخرج الماء. ولكن خرج ما هو أطهر فاستبشرء وو . .قال يا بشرئ هذا عُلامُ ... 09 4» وأسروه على أنه بضاعة» ولأنها بضاعة جاءت من غير ثمن» باعوه بثمن بخس دراهم معدودة» ولم يكونوا راغبين فى اقتناء هذه البضاعة بل كانوا فيه من الزاهدين. وإذا كان قد استقبل شقوة الحسد» فقد استقبل بعد ذلك بالبشر والحبورٍ «وقال الذي اش شْتَرَاهُ من مُصْرٌ لامرأته أكرمي مَفْوَاه عَسَّئ أن يَنفَعنا أو شَحذه ولّدا ... © 4 وكذلك أشرق النور فى وسط الظلمة. وبذلك مكن الله تعالى ليوسفء» وألهمه الله تعالى تأويل الأحاديث التى تتحدث بها النفس فى متامهاء ٠‏ ظ ولَمًا بلع أَشْدَه آتيناهُ حَكْمًا وعلّمًا وكذلك نجزي ولكن النفس الصبور يصقلها الله تعالى بالشدة» وإذا كانت الشدة التى استقبلته أولا كانت تتعلق بحياته أو موته» فالشدة الثانية أخطر على نفس الصديق يوسف. «( وراودته الّتي هو في بيتها عن نّفْسه ... 69 4, أى أرادته لنفسهاء وحاولت أن تخرجه من نفسه الطاهرة الصافية» « ... وَقَالَتَْ هيت للك قَال معاد الله إِنّه بي أَحْسَنَ معاي إِنهُ ل َم الظَالمُونَ 65 ولَقَد هَمّتَ به وهم بها ولا أن رأئ برهَان به ... 469 فى وقت هذه المحنة النفسية رأى نور الحق الذى يعصم نفسه» فبقى ا تفسيرسورة يوسف 2 6 اللمللاا 511111111 الما 6 نقيا طاهراء وصرف عنه السوء والفحشاء» إنه من عباد الله الصالحين» واستبقا بعد ذلك إلى الباب هو يفر هارباء وهى تمنعه وتجذبه إليهاء وفى هذه المسابقة قدت قميصه من ورائه؛ لأنها تجرى وراءه لتشده إليها مانعة له من الخروج. ولكنهما وجدا سيدها لدى الباب» ويبداهة المرأة التى تفجر ألقت التهمة على يوسفء و .. .قَالت ما جزاء من أرَاد بأهلك سوءا إلا أن يُسْجِن أو عَذَابَ أَلِيم © 4 فبراً يوسف نفسه عن التهمةء وقال الصدق: .. .هي راودتني عن نمسي . اتهمته كاذبة» واتهمها صادقاء فلم يندفع العزيزء واحتكمء ٠‏ فحكم حك من أهلها: ‏ . .إن كان قميصه قد من قبل فُصّدقت وَهُو من الْكَاذبِينَ 69 وإن كَانَ فميصه قد من دبْر فَكَذيْتَ وَهُوَ من الصادقينَ 69 © فألفيا قميصه قد من دبرء وبذلك تبين كذبهاء» وصدقه. اطمأن زوجها إلى براءة يوسف» وقال: «( .. .نه من كيد كن إن كيدكن عظيم 5 قا عرض عن هذا واستطري لايك لك حت من لاطا 489 وإن أخبار القصور تشيع وتنتشرء وقد كانت قصة المراودة بين زوج العزيزء ويوسف. وزوجها وبعض ذوى قرباهاء ولا ندرى كم كان عددهمء؛ والخبر إذا خرج عن اثنين شاع» والناس دائما فى شوق إلى ما يجرى داخل القصور» وينشر دائما ما فيه غرابة. - وقال نسوة في الْمديئة امرة العزيز راود فَتَاهَا عن نّفْسه ... 469 فأقامت لهن وليمة #فلمًا سمعت بمكرهن أرسلت إِليهن وأعتدت لهن منّكا وات كل واحدة مهن سككينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرته وقَطّعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم 69 قَانت فَدَلكُنْ الذي لَمْْسّي فيه ولد رَاوَدنهُ عن نفْسه فاستعصم ولثن لم يفعل ما آمره جتن وليكُونًا من الصّاغرين 69 4 . 8# تفسير سورة يوسف لالم لالم ». ١ لااااااك‎ | 1 يي" ومع تصصيمها على الراددا. كان تتصميم يوسف على الطهرء والدقع, ناض كنأش نهر لمن ا تحب ران كان المخبر يشيع ) وقد رأى العزيز وملؤه الآيات الدالة على براءة يوسفاء وأنه كان فريسة ة المراودة ولم يكن فاعلها . وقد رأوا حسما للشائعات حبسه ثم بدا لهم من بعد ما رأُوا الآيات ليَسجننّه حَنّى حين (2) 4 أى حتى تمر مدة تهدأً فيها عواصف الشائعات . دخل السجن » ومعه فتيان» استأنسا به» وفاضت نفوسهماٍ إليه » ورأى كل منهما رؤياء فقال أحدهما يقص رؤياه: # ...إني أراني أعصر خَمرا وَقَالَ الآخر إنِي أراني أحْمل فو رأسي خْبْرَا أل الطَيْر مه نا بتأولهإِنا راك من المُحْسنِينَ © 4 أجايهماء قال لا يأتيكما عام ثرزقانه إلا نكما بتأويله قبل أن يأتِيكمًاذَلكُما مما علّمني ري ني تركت مله فوم لأ يُوْسُون بالله وهم بالآخرة هم كافرون 60 واتبعت مل آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لَنا أن تسرك بالله من شيء ذلك من فضل الله 91 عَلَينَا وَعَلَى النّاس ولكن أَكْثْرَ الئاس لا يشكرون 69 > ابتداً بالدعوة إلى التوحيد» وهو رسالة النبيين» ومعه دليلهاء وهو تعليم الله تعالى له» أنه ينبئهم يما يأكلون» كما علم عيسى من بعده) ثم أول رؤياهما فقال: فيا صاحبي السسّجن ما أحدكما فَيسقي ربّهُ حَمرا وما الآحَر فَيصلَب فَأكُلَ الطَيرٌ من رأسه قُضي الأَمر الذي فيه تستفتيان (8) © . ويظهر أنه أهمل أمره. فأراد أن يذكر العزيز به: © وقال للّذي ظن أنه ناج مَنهمَا اذكرني عند رَبك فَأنساه الشيطان ذكر ربّه قث في | لسج. , بضع سنين 69 4 . س واس سا م سم رأى الملك رؤيا فتذكر الناسى» « وال الملك إِنَي أرئ سبع بقرات سمَانٍ و ع أله سبع عجاف وسبع يلات حخضر وأخر يابسات يا يها الملا أفتوني في رعياي إن كسم للرءيا تعبرون 9 قَانُوا أَصْعَاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين 69 © . اا تفسير سورة يوسف ١‏ 00 حر زا وهكذا شأن أتباع الملوك» لا يتذكرون واجبا إلا لإرضاء صاحب السلطان فادكر بعد فترة طويلة ساقى الخمر للملك وال الذي نَجَا منهمًا ... 62 4 واذكر بعد آمة ١‏ ... أنا أنبكُم بتأويله فَأرَسلُون 69 »4 ذهب إلى السجنء وقابل السجين الطاهر المؤمن النبى» فقال: «(يوسف أيها الصّديق أفنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يَابِسَات لَعَلّي أَرجع م إِلَى النّاس لَعلّهِم يَعَلَمونَ © #. قال الصديق الطاهر» الذى علمه ريه ١‏ .رعو سبع سنن ذأبا ما دل قزرو في مسد يا اياون 0 م يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قَدّمتم لَهنَ إلا ليلا مَمّا تحصنون 2) نم يَأتي من بعد ذلك عام فيه يََاث النّاس وفيه يعصرون 69 > أى يحلبون» ويعصرون فالعصير من الثمار. علم الملك الذى أولت له الرؤياء ولعله نسى المراودة وأمرها كشأن مصر من الأزل» ينسون من د يحسن إليهم ولا يذكرونه؛ وأى إحسان أعظم من يكرم شرفه وعرضه. قال الملك اتتونى به أستخلصه لنفسى» ولكن يوسف الصديق الطاهر لا يذهب إلا وقد ثبعت براءته» فقال للرسول الذى أرسله الملك 9 .. .ارجع إلى ربك فَاسألهُ ما بال التسوة اللأتي فَطُن أَيْديهْنَ إن ربّي بكَيْدهنَ عَليِمَ 3©) 4 . رجع الملك إلى الماضى» وسأل امرأته التى فتنت بالصديق وأسند يوسف الكريم الأمر إلى النسوة» ولم يسنده إلى امرأة الملك. قال الملك: ات © ذلك ليَعلَم أني لَم أَخْنْهُبالْعَيب ون الله لا يمدي كَيّدَ الْحَائينَ 29) وما أبرَئ نفسي إن النفس لأَمَارَة بالسوء إلا ما رحم ربّي إن ّي غفور رحيم 69 4 . بعد هذه البراءة» وقد تضمنت حياته فى السجن دلائل نبوية؛ ودعوة إلى التوحيد إذ يقول: # . .باب متفرَقُونَ خَير أم الله اواحد القهَار 69 4 كانت حياة جديدة؛ دعاه الملك واستخلصه لنفسه. وقال: #. .إن ايوم لديا مكين أمين 54 62 2# تولى أمر المالية المصرية لإ قَالَ اجعلبي على خَرَائن الأرض إِنّي حَفيظ عَليم 2 وكذلك مَكَا ليُوسُف في الأرْض يوا مها حَيْثْ يَشَاءُ نُصيب برَحَمَتنا من نّشَاء ولا نُضيع أَجْر الْمحْسينَ 69 وَلأَجْرٌ الآخرة حير لين آمنُوا وكانوا يتّقُونَ 9 4 . كانت مصر فى ذلك الإيّان وما بعذه مُستراد الخبرفاك وبتنظيم نبى الله يوسف» وقمكينه من الملك صارت مقصد الشرق» وجاء إخوة يوسف يمتارون» فعرفهم إذ لم يكن التغيير فيهم كبير» ولم يعرفوه إذ ألقوه فى الجب غلاماء وقد صار رجلا مكتملا» وقد جهزهم» وأعطاهم ما طلبواء ولكن قال لهم: ظ. .وني باح كم من يكم ألا ترون أي أوفي الكل ونا حبر اولي 9ت فَإن لم تأثوني به فلا كيل لَكم عندي ولا تقربون 9 © قَانُوا سئراود عنه أَبَاه ونا تفاعلون 9 4. وإنه بهم لشفيق إذ قال لمن معهء ظلو. .. اجعلُوا بضَاعَتَهُم في رحالهم لَعَلّهم يَعرقُونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لَعلّهِم يرجعون #9 ذهبوا إلى أبيهم وقالوا: ...يا أبانا عَم الكل فَْسل معنا أحَانَا َكَل ونا هُنحَافظُودَ © قال هلآمنكُمْ عليه إل . كما أمِسُكُمَ علَئ أخيه من قبل فَاللَه حير حافظا وهو أَرحم الراحمين 63 © فتحوا متاعهم فوجدوا بضاعتهم ردت إليهم» ففرحوا وقالوا ما نبغى شيئا فوق ما سهله لنا. ( . . سفنو اناما تبي هذه باعتا ردت نينا وَمير ْنَا تفط أحَانَا واد كيل عر ذلك لسر 49 . )١(‏ اسم مكانء والمعنى: مكان استيراد الخير لما حباها الله بها من أنواع الخيرات ووفرتها فى أرضها الغنية. ا تفسير سورة يوسف لللللللا 0111 لكيه : يي ولكن الشيخ يعقوب حريص على ولده. ويريد المواثيق عليه © قَال لن أرسله معكم حتَى تؤتون موقا من اللّه لني به إلا أن حاط بكم فلم آنوه موئقهم قال الله على ما تقول وكيل 69 > . ولشفقته على أولاده وخوف العيّن قال: 9 ... يا بي لا تَدَخْلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أُعني عدكُم من الله من شيء . . . 6 4. ولكنها الشفقة الأبوية دفعته لآن يتصون عليهم. دخلوا على يوسف. فآوى إليه أخاهء وقال: 8 .. .ني نا أخوك قلا تبس بمَا كانوا يعملون 69 4. ٠‏ ثم جهزهم بجهازهيء رأي السثية فى رحل انمي 90 .لم أن مدن أَيْتها العير نكم لَسَارقُون 60 قَالوا وأقلُوا عَليْهم مادا تفقدون 69 الوا تنفقد صواع الْملك ولمن جاء به حمل بعير وأنَا به زعيم 69 4 رعيم : أى كفيل » قالوا: ## . ...ما جئنا لنفسد في الأرض وما كُنّا سارقين 7 د فَالوا هما حزازة إد تا كاذبينَ 69 قَالوا جزاؤه من وجد في رَحَله فهِرَ جَرَاوة .. . 69 4 , أى يكون ملكا. أخذوا يفحصون أوعيتهم قبل وعاء أخيه؛ ثم استخرجوها من وعاء أخيه؛ كذلك كان تدبير الله تعالى ليأخذ أخاه بعد طول افتراق. ولقد كانت لفتة من عداوة أبناء العلات217 التى تظهر فى القول لا تزال متمكنة فى قلوبهم الإ انوا إن يسرق فقَد سرق أ لَه من قبل فسا يُوسُف في سه ولم يدها نهم قال أنهم شر مَكَاناواللَّهُأعلم ما تصفون 0 © قالوا يا أيه العرير ز إن له أبَا شيخا كبيرا فَخَذ أحدنا كانه إن نراك من المُحْسنين 69 قَال معاد الله أن تخد إلا من وجدنا ماعنا عدده إِنَا إذا لَظَالمُونَ 07 8 4. ندموا وتذكروا موثق أبيهم؛ وذكرهم به كبيرهمء وقال: #. ...فلن أبرح الأرض حتَئ يدن لي أبي أو يحكُم الله لي وهو حَيْرٌ الحاكمين (5) ارجعوا إِلَى أبيكم وإن اختلفت أمهاتهم . ا تفسيرسورة يوسف الالالال 4 لأس ا َقولُوا يا أبانا إن ابلك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين 0 واسأل القرية اْتي كنا فيها والعير التي فبلا فيها وإنا نصادفون 2 4 . قالوا لأبيهم ذلك ولكنه أحس بأمرء رشح له ما كان بالنسبة ليوسف من قبل» فقال مثل مقالته الأولى: «, . .بل مولت لكم أُنفسكم أمرا فصَبر جميل. .. 859 © وبإلهام النبوة ة توقع الخشير فى وسط هذه الشدة» وقال: ١‏ ..عسى اله أن يأتيبي بهم جميعا إن هو العليم الحكيم 659 وتَوئ عنهم وقال يا أسفئ على يوسف وابِيضت عيناه من الحزن فهو كظيم © 69 قَالوا تاللّه تفماً تذكر يوسف حم تكُون حرضا أو تون من الهالكين 529 قال نما أشكو بنّي وحزني إلى الله وأعلم من الله مَا لا تعَمون (65) يا بن اذْهبوا فمَحَسّسوا من يُوسّف وأخيه ولا تيأسوا من من روح الله نه لا ييأس من روح الله إلا القَرم الكافروت 69 4 . ذهبوا إلى يوسف طالبين الميرة مرة أخرى» و . .. قالوا يا يها العزيز مَسَنا وأَهلَنَا اضر وجكنا ببضاعة مزجاة فأوف نا الكيل وتصدق علينا إِنَ الله يجي المتصدقين 69 4. اللقّاء على المودة والعمو أعلن يوسف الصديق نفسه لإخوته فقال لهم: ف . .. هل لمم م فعلدم بيوسف وأخيه إذ أتهم جاهلون © قَالُوا أتئّك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من اللّهِ علينا نه من ب َتّى ويَصبر قن الله ل يضيع أجر المحسنين (6 قَالوا تالله لقد آترك الله علينا ون كنا لَحَاطين 59 4 قال كلمة العفو الودود: ف[ . .لا تريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أَرحَم م الراحمين 9 اذهبوا بقميصي هذا فَألقوه على وجه أبي أت بصيرا . .. 469؛ ذهبوا إلى الشيخ الذى ابيضت عيناء من الحزن» فأحس بريح يوسفء. وقالوا: إنه أحس من بعد ثمانين ميلاء ولا غرابة فى ذلك فهو أبو الأنبياء « وما فصلت العير قال أبوهم إِنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تفتدون (65 قَالوا ا تفسير سورة يوسف الملل لاملل أرب ا تالله إنْك لفي ضلالك الْقَديم (6 فَلَما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فَارتدٌ بصيرا قَال ألم أقل نكم إن أَعَلَم من اللّهِ ما لا تَعلمون 59 69 قَالُوا يا أبانًا استغفر لَنا ذنوبنا إِنا كنا حَاطئين 69 قال سوف أستغفر لكم رب إِنّهِ هو الْغفُور الرحيم 62 4 . وبهذا تنتهى قصة يوسف الصديق الحبيب؛ أخذ من بين أهله. وألقى فى الجب» وانتهى ملكا مصلحاء ونبيا مبشرا ونذيراء وكان له أثر فى مصرء ذكر بعده بقرون عندما بعث موسىء» فقد قال تعالى على لسان مؤمن آل فرعون: ولقد جاءكم يوسف من قبل بِالْبينات فما زلتم في شلك مما جاءكم به ... 69 4 [غافر]. خضعوا لحكمه كما تخضع الرعية لراعيها العادل. لا أنهم سجدوا له كما كان يسجد للفراعنة» فمعاذ الله أن يكون نبى الله يعقوب ساجدا لغير الله ومعاذ الله أن يقبل ذلك يوسف نبى الله من أبيه . أخذ يذكر يوسف أباه برؤياه الأولى» ويذكر له كيف أخرج من السجن بعد أن نزغ الشيطان بينه وبين إخخوته ولم يبق إلا أن يحمد الله على ما أوتى من نعمة» ويقول: «إ رب قد آنيتتي من الملك وعلّمتِي من تأويل الأحاديث فاطر السّموات والأرض أنت ولبّي في الدنيا والآخرة توفي مسلما وألْحقّي بالصّالحين 090 © . العبرة كانت القصة كلها من الأخبار الغيبية على العرب» وقد كان فيها أخبار عن ناس لم يكن من شأنها أن تكون معلمة؛ ؛ معلنة» إذ هى أخبار أسرة» 9 ... وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم ,وهم يمكرون #3 فتلك أخبار النفوس لا يعلمها إلا علام الغيوب» وتلك معجزة الذى كفروا به. وإن الكون كله آيات بينات دالة على منشتكه الواحد الأحد الفرد الصمد. وإذا كانوا يؤمنون بالله تعالى» فهو إيمان بالقدرة» ووحدانية الخالق المنعم» ولكنهم يعبدون غيره» وهذا قوله تعإلى: « وما يؤمن أكثرهم بالل إلأّ وهم مشركون (0-3 4 . 1# تفسيرسورة يوسف ماللا مالكلل 0060م زيم _و_ي: يي وإنهم يرون آيات الله تعالى تنزل بالمشركين» أْفَأَسوا أن تأتيهم غاشية من واسهوا مس عَدَابِ الله أو تأتيهم الساعة بَغنَةَ وهم لا يشعرون 59 4 . وإن الحق ما تدعو إليهء 8 قل هذه سَبيلي أدعو إِنَى الله علّئ بصيرة أنَا ومن نعي وسبحان الله وما أنا من المشركين 0-2 4 . ولقد , بين سبحانه وتعالى أنه لم يكن بدعا من الرسل» وأن الرسل قبله كانوا مثله» وما رسلا من قبلك إلا رجالا وجي ي لهم من أهل القرئ ألم يتسيروا في الأرض فَينظُرُوا كيف كَان عاقبَة الّدينَ من قَبَلهم ولَدارْ الآخرة خَيْرٌ لَلِّينَ انَقَوا أقلا تعقلون 09 4 ويبين للنبى يَلةٌ أن الرسل كانوا يستيئسون» وفى حال يأسهم يجىء عذاب الله للمشركين 9 حتَئ إذا استيأس الرسل وَظَنوا نهم قد كذبوا جاءهم نصرنًا فجي من نشَاء ولا يرد بسنا عن اقم المجرمين 69 © . الرسل جميعا اعتراهم اليأس إلا محمدا كلد وذلك فضله عليهم أجمعين» بل قال وهو فى أشد ما نزل به وقد فقد الناصر والمواسى: الإنى لأرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله»" 3 ولقد خختم السورة بقوله تعالت كلماته: «! لقد كان في فَصّصهم عبر لأولي الأَبِاب ما كان حديثًا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم ينون 657 4 صدق الله العظيم . ما سبق استعراض لعانى سورة يوسف عليه السلام إجمالاء وما كانت قصة غرام كما افتراه الكاذبون» إنما فيها آفات النفوس فى الأسرء وعلاجهاء وفيها علاج المجتمعات التى يصيبها الفقرء وفيها أن الشفقة فى الأسرة هى إدامهاء وفيها أن الشيطان ينزغ فى النفوس من الحسد الذى يؤدى إلى أشد الجرائم فظاعة. .07205( انظر البخارى: بدء الخلق ذكر الملائكة (74347), ومسلم: الجهاد والسير ما لقى النبى يَكفْةٍ‎ )١( لها تفسير سورة يوسيف : !انلا االنااااااا لان الالااااالاا لا ااالالاااالاالكا! اللخ ةطلاخم ض خخخ مالالا ط اما اناطخ اللا جما ى- معانى السورة الكريمة قال تعالى: رولك تا لْكدبالمينٍ لي إِنَاأَنرلتَه ف َاعَرَبيًا 0 م2 فض 001 01 ملك نهر 7 عن حك أحسن القصص مهارد سعد قد. 26 را ميت 5 1 ِحْوَيَكَ َبَكِيد ولك كا ليطن لضن عَدوَسِيت فين) وَكدلكَ جيك كيم أو الأاري ويد ممفعفِك وَعَلَءَال يَعَفُو ب كما أَتَصَّهاعَلَهَأ وَتكَم نبل ممصن 2 إِدََبَكَ عم كه 3 ابتدأ سبحانه وتعالى هذه السورة بحروف صوتية منفردة» ومهما يحاول العلماء أن يفسروها لا يصلون إلى معانيها وهى ظنون يرددونها وليست معانى يستقيم إدراكهاء إنها متشابه اختص الله تعالى بعلمه» وقد آمنا به» كل من عند ربناء ولا ينبغى تأويله» وما يعلم تأويله إلا الله . ونتلمس الحكمة فى نزول هذه الحروف» فما أنزل الله شيئا إلا لحكمةء أنزل شيئا عبثا سبحانه» وإنا نتلمس الحكمة فى أمور: با تفسير سورة يوسف ل م كيه + 7 الأمر الأول: أنها حروف مفردة لا يعرفها الأمى» ويعرفها الكاتب» فمجيئها على لسان أمى دليل على إعجاز القرآن الكريم الآمر الثانى : أنها تشير إلى الإعجازء فهى تشير إلى أنه مكون من الحروف التى تتكلمون بهاء ولكنه معجزء فهو من جنس كلامكمء ولكنكم لا تستطيعون أن تأتوا بمثله؛ لآنه فوق طاقتكم» وإن كان قريبا لكنه معجزة. الأمر الثالث: أن كبار المشركين كانوا قد اتفقوا على أن يلغوا إذا سمعوه ليشغلوا أنفسهم. فكان انبى ومن معه من الؤمنين إذا ابتدءوا يقرأون بهذه الحروف الصوتية قطعوا عليهم كفرهم والتفتوا مستمعين ناقضين ما اتفقوا عليه كما اتفقوا على ألا يذهبوا ويسمعواء ثم تبين أن المتفقين على المقاطعة: قد اجتمعوا ليسمعوا. ولذا يذكر القرآن أمر الكتاب بعد هذه الحروف فى كثير من السور التى ابتدئت بهاء والله أعلم. وت ال عات ظإِنًا أنزلناه قرانا عربيًا 4, الضمير يعود على القرآن الذى تشير إليه هذه الحروف» حتى قيل: إنها اسم للسور التى تصدرتها « قُرَآنًا عربيًا 4 أى أنزلناه كتابا يقرأ عربياء وليس أعجمياء فهو قرآن عربى» وليس بأعجمى» وهذا النص يدل على أمرين: الأمر الأول: أنه نزل مقروءا متلواء علمنا الله تعالى قراءته وتلاوته» ولم يتركنا تتصرف فى قراءته» كما نقرأ كلاما من كلام الناس» بل علمنا قراءته وترتيله» كما قال تعالى: # . .. ورتَلنَاهُ ترتيلا فق © 4 [الفرقان]. وكما قال تعالى فى نزوله. وجبريل يقرئه للنبى 355: إلا تحرك به لسانك لفعجل به (05 إن علينا جمعه وقراته 09 فَإذا قرأناه فاتبع قَرَآنَه 0 تم إِنّ علَينا بيَانَه 6 4 [القيامة] . الأمر الثانى: إن القرآن المعجز هو العربى» وليست ترجمته قرآنا؛ لأنها من عبارات البشرء ولأن الترجمة لا يمكن أن تكون محققة لمعانى القرآن» إذ هو هاا تفسير سورة يوسف ١‏ 010100 سرب أ عميق يغوص فيه الغواصون على الحقائق» وإنه محدد المعانى» تزيد المعانى فى نفس القارئ بمقدار ما يزداد إدراكه» وهو واضح لكل إنسان بمقدار إدراكه» فالأمى يدرك منه بمقدار ما تتسع له طاقته العلمية» والعالم بالكون تتسع له المعانق بمقدار طاقته» ولذا وصفه العربى البليغ بقوله: إن أعلاه لمثمرء وإن أسفله لمغدق. وإنه ليعلو» ولا يعلّى عليه. ولا يصح أن يدعى لأحد أنه ترجم القرآن» وأن ترجمته قرآن يتعبّد بتلاوته ويسجد له سجدة تلاوة ولا يمسه إلا وهو طاهر» وقد أجمع على ذلك العلماء؛ السلف والخلف على سواءء إلا من ران الله على قلبه وعقله. وإذا كان قد روى عن أبى حنيفة أنه أجاز الفاتحة بالفارسية» فإن الراجح أنه رجع عن ذلك» عندما لانت ألسنة الأعاجم» بقراءة القرآن(2» وقانا الله تعالى شر البدعة والمبتدعين. وقال تعالى: ا لَعلّكُم تعقلُون4. أى رجاء أن تعقلوا معانيه» وما يدعو إليه وما يتضمنه من بلاغة معجزة وما فيه من بلاغ للناس» والرجاء من الناس لا من الله أى لعلكم تكونون فى وضع من يرجو الإدراك السليم» واللّه عليم بما تخفى الصدور. ْ وقد مهد الله سبحانه وتعالى لقصة يوسفء. التى كان الخبر عن يوسف الصديق عليه السلام هو قطبها الذى دارت عليه أخبارهاء عليه وعلى نبينا أفضل السلام وأتم التسليم» فقال: ا ف( نحن نقص عَلَيكَ أَحَسن القصص بما أَوحَينا ليك هذا القرآن وإإن كدت من قَبْله في 4 . الضمير «( نحن 4 ضمير المتكلمء وهو الله تعالى» وهو الله العظيم فى ذاته وصفاته. لا نَقْص عَلَيِكَ أَحْسنَ الْقَصص 4, والقصص الإخبار المتشابع» الذى يحكى» ويتبع ما يحكيه» تتبع الاستقصاءء وعبر عنه سبحانه بأنه ( أحسن )2غ راجع كتاب «أبو حنيفة ) للومام محمد أبو زهرة. ا تفسيرسورة يوسف لو اللا جب برا 7 القصص 4؛ لأنه قْصّ بأبدع أسلوب» ولأنه يبين عجائب النفوس» وفيه أحسن الآداب» وما ينبغى لاتقاء آفات النفوسء وانحرافهاء ولأن فيها علاج الآفات النفسية التى ينزغ فيها الشيطان نزغتهء ولأن فيها علاج الأمم فى اجتماعها واقتصادها وإفضاء بالخير على جيرانهاء وإمداد المحتاجين من الآمم. ففيه الخير» كما فى إمداد الآحاد بالخير. بما أوحينًا إليك هذا اللقرآن» أى أن هذا القصص مصدره الوحىء ولا علم لأحد به حتى يعلمك هذاء ولذا قال: بم أوحينا إِلْيك 4. أى بإيحائناء ولا مصدر له إلا وحى الله تعالى» وقد أوحى به فى ضمن القرآن الكريم» ليكون دليلا من أدلة إعجازه» وسببا من أسباب الإعجازء إذ أخبر بما هو صادق» ولم يكن للعرب علم به عندهم» ولذا قال تعالى: « وإن كنت من قبله لمن الْغافلين 4 «إن» مخففة من الثقيلة» وإنها ضمير الشأن والحال» والمعنى وإن الحال والشأن كنت من الغافلين» و«اللام» لام التوكيد» وقد تأكد نفى علم النبى بذلك من غير الوحى ب(إن» المخففة من الثقيلة» و«كان» الدالة على استمرار غفلته عنه من قبل ذلك القرآن المبين الذى أوحى به. وعبر سبحانه بإثبات الغفلة» لا بمجرد نفى العلم؛ للإشارة إلى أن هذا من دقائق العلم وعميقه الذى تغفل عنه العلماء» إلا من يكون آتاه الله تعالى وحيا من علام الغيوب؛ لأنه علم بالنفوس» وخراطرها وما تختلج به الأفئدة» وذلك لا يكون إلا من عليم» وفيه علم كامل بالاقتصاد من غير تعليم أحد من البشرء فعلم يوسف بالاقتصاد الصالح مع النزاهة النبوية علم من الله» فعلمه الله تعالى تأويل الرؤيا الصادقة» وبها اهتدى ودبر اللأمرء وادخر من سنى الرخاء للشدة» وكان تدبيره خيراء وبذلك علم الناس» ألا يسرفوا فى رخاء حتى لا يقحطوا إذا اشتدت من بعد . وقد ابتدأ سبحانه وتعالى ذكر القصص بذكر الرؤيا التى رآهاء وهو غلام ؛ «إِذ قال يوسّف لأبيه يا أبت إن ريت أحد عشر كوكبًا والشمس والْقَمَر رأيتهم لي ساجدين 2 4 . للها تفسير سورة يوسف : لل 000 سبي يي" «(إني رأيت »4 من الرؤيا لا من الرؤية البصرية» فهى رؤيا فى المنام» لقول أبيه له فيما قص القرآن الكريم: «إلا تقصص رءيَاك على إخوتك 4. الرؤية تكون رمزا لأمور مغيبة» فهذه الكواكب أحد عشرء رمز لإخوته وعددهم أحد عشرء وقد قال فى ذلك ابن عباس وقتادة: الكواكب إخوته»؛ والشمس أمه. والقمر أبوه» وهذا تأويل الرؤيا كما فهم يعقوب أبوه عليه السلام» والسجود هو الخضوعء وقد ظهر التأويل الصادق فى آخر السورة» وقد خضع لحكمه أبواه وإخوته وإن هؤلاء كانوا إخوته من أبيه» كما جاء فى حالهم عندما سألهم عن أخ لهم من أبيهمء وهو شقيقه فدل هذا على أنه مع إخوته الأحد عشر من أولاد العلات الذين تختلف أمهاتهم. ويتحد أبوهم» ولا يكونون متحابين كتحاب أولاد الأعيان أى الأشقاء» ويجد الشيطان فرصة لينزع بينهم . وقد ذكروا أسماء الكواكب فى روايات لم تصح عندناء ولا نحتاج إلى معرفتها؛ لأآن المغزى متحقق» وهو أنه رأى هذه الرؤيا الصادقة» ورؤيا النبيين لا تكون إلا صادقة» ويوسف عندما رآها كان غلاماء ولا يمنع ذلك من أن تكون صادقة» فإن صدق الرؤى ليس مقصورا على الأنبياء» إنما رؤى الأنبياء مقصورة على الصدقء رأى نبى الله تعالى يعقوب عليه السلام» ما يحرك نفوس الإخوة» أن تثير هذه الرؤيا حسد إخوته الذين ليسوا أشقاء فقال: 8 لا تة تقصص رءياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إِنّ الشيطان للإنسان عدو مبين 4 . هذا درس حكيم لمن يكون له أولاد علات. يجب عليه أن يعلم أن الشيطان ينزغ بينهم بالعداوة ويزكى لهيب التحاسد بين الأولاد. فيجب عليه أن يمنع ما يوجب التحاسدء فوراء التحاسد التباغض» وععداوة القرابة تكون أشد إزراء(١2,‏ كما قال الشاعر: )١(‏ جاء فى القاموس المحيط (زرى): رَرَى عليه زريا وزراية ومزريّة ومَزراةً وزرياناء بالضم: عابه» وعاتبه. ل تفسبير سورة يوسف اناااااا ا ااا الث للللللكك]! !!!اا الاالائكاا لل للككا]ط! أل ت ل ماا الل م خغ لغ الللا! لل لالم ماما امم مامالل لل لووط ممم الا لتلتلا ٠‏ لحر ا لم يرد نبى الله يعقوب أن يذكر يوسف الرؤيا لإخوته وقال فى سبب النهى عن قص الرؤيا على إخوته فيكيدوا لك كيدا »# (الفاء) تدل على أن ما قبلها وهو القصص سبب لا بعدها وهو الكيد» والكيد هنا هو التدبير السيىء الذى يسببه الحسدء الذى هو سلاح الشيطانء لذا قال بعد ذلك ظ إن الشيطان للإنسان سأيي يي عدو مبين 4 أى إنه عدو لك ولإخوتكء. ولذا يغرى بينكم بالعداوة والبغضاءء وتكون الإساءة بدل الود. وإن هذه القصة فيها آيات بينات دالة على النفس الإنسانية فى توادهاء وبغضائهاء ورعاية الله للضعفاءء والآخذ بأيديهم من المهانة إلى المعزة» وقد قال تعالى فيهاء إن فيها آيات للسائلين. وفى وقت هذا الحرص الشديد على منع يوسف من القصص على إخوته حتى لا يثير حسدهم؛ بشره بأن الله اجتباه لمكانة عظيمة» فقال مبشرا : وكذلك يَجمَبيك ربك ويعلَمُك من تَأُويل الأَحَاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أَتَمّها على أبويك من قبل إبراهيم وإسْحَاق إن بك عليم حكيم 9 4 . الاجتباء افتعال من «جبى»» وهو الجمع للنفس» فمعنى اجتباك أى جباك لنفسهء واختارك سبحانه وتعالى» أى لتكون خالصا لله تعالى» # وكذلك © الإشارة إلى ما تضمتته الرؤياء أى كهذه الرؤيا التى سجدت لك فيها الكواكب والشمس والقمرء يختارك الله تعالى لتكون نبيه «( ويعلّمك من تَأوِيل الأحاديث 4 أى معرفة مآل الأحاديث فى الرؤياء وفى الرؤية» فيعرف صادقها وكاذبهاء ويتم نعمته عليك بالنبوة والملك والسلطان العادل 8 كما أَنَمّهَا على أَبَوَيِكَ من قبل إبراهيم 4 إذ جعله خليله» وصفيه وحبيبه» وإسحاق »4 أى وكما أتمها على إسحاق بالنبوة وحباه من ذريته النبيين» وآل يعقوب هم إخوته وأسرته. وعلى رأسها أبواه. لإا تفسير سورة يوسف 000 أب ا وقد صحت نبوءة يعقوب التى فهمها من الرؤيا الصادقة» فقد أجلس أسرته على عرش مصر» كما تبين من آخر القصة» وسنذكره إن شاء الله تعالى. فى قصة يوسف آية للسائل سد ار ابَحَإِلسَايلِينَ 90 إذ ذََالوالبُوسْفٌ وَأَخُوه لَحَت إل وى كرفي (4 قل و 2 ول ل عر ع دخ و 2 سسا سف أواطر صاخلل ليو تومن فوم 3-9 مح ور مجم ام 2 واس 0 012110 عله ع مر 8 2 انرس والقوه غي ابقل 000 هذا تدبيرهم الماكر» وقد ابتدأ الله سبحانه بالإشارة إلى ما فى قصة يوسف عليه السلام من آيات بينات فى تكوين النفوس والمجتمعات من أول الأسرة إلى الصغير» وفى الآسرة والحى. أول هذه الآيات بدءا وظهورا: «الحسد» الذى يعترى أولاد العلات أو أولاد الضرائر» وهو ظاهرة من الظوامر التى تبدوء ويحسب يعض الناس أنه داء لا علاج له» والسورة تشير إلى أنه داء» يمكن تَوَقَيهء وإذا وقع يمكن تحسين عواقبه» وأنه لا يصح لإبعاده» ملع تعدد الضرائر» أو منع تعدد الزوجات . ١9 3 1١ ا تفسيرسورة يوسف ل ملل يهطل بو يي" ولكن السورة أشارت إلى أن الوقاية منه هو منع ما يشيرهء بإظهار المنزلة العالية» لبعض الأبناء» وإظهار البخس للآخرين أشار إلى ذلك قول يعقوب ليوسف : 9لا تقصص رءَيَاكَ على إخوتك فيكيدوا لَك كيدا 4 . وإن هذا الحسد ليس حسدا مستمكنا بحيث يبقى بين الأخوة ما دامواء بل إنه سرعان ما تقضى عليه المحبة التالية التى إن اختفت حيناء فلن تختفى طوال الحياة» وسرعان ما تكون» وهى الباقية» والأصل» والحسد عارض لا يدوم» ألم تر لقاء يوسف بإخوته ذلك اللقاء الحبيب» وهم يقولون: « ...الله تقد آثَرك الله ْنَا ون كنا لَحَاطبِينَ 69 4 . والثانية: من الآيات النفسية. أنه لا يذهب بقوة الرجل غير الحزن الدفين المستكن فى النفس» فهذا يعقوب الإنسان يمض نفسه الحزينة» حتى تبيض عيناه من الحزن وهو كظيم. الثالثة: أن البشر بعد البؤس» والسرور بعد الألم يرد إلى النفس ما أذهبه الحزن» فإنه لما ألقى على وجهه قميص يوسف ارتد بصيرا؛ لأن الحزن قد ذهب إلى غير أوبة» والسرور يفعل فعله فى الجسم فيزيل ما فعلته الكاآبة فيه. الرابعة : أنه فى وسط ثورة الباطل وحدته فى غلمان يعقوب وحسدهم لأخيهم وجد من يدعو إلى الرفق» ويستمع إليه» فقد اتة تفقوا على قتله. : فجاء واحد منهم ء وهم فى حدة الحسدء وقال: . ...لا تَقتلُوا يوسف وأَلّقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السّيّارة ... 00 4. وهذا يوحى إلى أن كلمة الرفق لها استجابة فى أشد الإخوة عنفا الخامسة: إن أشد ما يثير الحسدء هو الإيثار بالمحبة» فإن إثارة الحسدء لا تكون بالإيشار بالطعام أو الشراب وإعطء المال فقطء بل إن الإيثار بالمحبة أفعل وأشد. ألم تر أولئغك الغلمان يقولون: إن يوسف وأخاه أحب إلى أبينا منا ونحن 0. لهذا تفسير سورة يوسف 2 الل 011 2-0 السادسة: أن الصا أقرب إلى حب الانتقام من كبّر فى السن» فشدة الصباء معها شدة الجهالة وحب الانتقام» من غير نظر إلى العواقب» وأنت ترى صبيان يعقوب» وهم يحسدون يوسف قد بدله الله تعالى منهم رجالا يتحملون التبعات السابعة: أنه لا يطفئ الحسد إلا المحبة القوية المانعة» ألم تر أن المحبة التى كانت تنبعث من قلب الأب الرفيق الشفيق كانت تنهنه من حدة الحسد فيهم». وقد بدا ذلك منهم عندما طلب يوسف أخاهم من أبيهم» فقالوا: 8 .. .إن له أبَا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه. .. 0709 24# فهل كانت هذه حالهم عندما أخذوا يوسف»ء وألقوه فى غيابة الجحب بعد أن أرادوا قتله . وإن هذا يدل على أن حسد الإخوة مهما يكن ماله إلى زوال» وعوامل زواله أقوى من عوامل بقائه. الثامنة : أن الدعوة إلى الخير لا يصح أن يكف عنها المؤمن مهما يكن فى حال من البؤس والألم» ألم تر يوسف الصديق وهو فى السجن, لم تشغله حاله عن الدعوة إلى التوحيد. التاسعة: أن السورة تصور النفس الإنسانية فى انحرافهاء واستقامتهاء ألم ترها تصور امرأة العزيز وقد انحرفت عن الحادة نحو فتاهاء» وأنه شغفها حباء» وإن ذلك يدل على فساد القصور فى هذا العهد. وألا ترى أن فى هذا دعوة لأن يحتاط أرباب البيوت فلا يجعلون فى خدمهم جميلا؛ فإنهم يفسدون به نساءهمء ويفسدونهم» ويطمعونهم فيهم. وإن هذه الحال من شغف امرأة العزيز بيوسف» وردها» ومقاومة دواعى الشهوة . بها تفسير سورة يوسف اناا ااالناللالالا!ااااااااااااالالاا اللا لاز ااا ااااااللل لا طاطملا االالاللااك الالال ااااالناططسطمطمطمطططط1ة! لتللا .. ١ لاا‎ بي العاشرة: أن السورة تصور نساء الطبقة المترفة فى ذلك العصر لقد كن يشعن قالة السوء وينشرنهاء غير ملتفتات إلى عواقب ما يقلن» وما أشبه الليلة بالبارحة» الحادية عشرة: أن الرؤيا الصادقة سبحة روحانية» وأنها تكون للمشركين كما تكون للمؤمنين» والإنسان ولو كان مشركا له روح» فقد رأى الفَتّيان صاحبا 0 ووقعت كما أول. الثانية عشرة: أن يوسف عليه السلام» كان علمه لدنيًا من الله تعالى» فما تعلم على أحدء وما درس» فقد فصل عن أبيه فى سن دون سن التعلم» وعاش عيش العبيدء وهو «الكريم ابن الكريم)7١2»‏ وقد علمه الله تأويل الأحاديث» وعلمه تدبير السلطان» وخصوصا وقت أن تعقّد الاقتصاد وتأزمت حلقاته. الثالثة عشرة: أن مصر كانت مصدر الخيرء لأهل الشرق» فكانت مزرعته الذى يقصد إليها فى شدائده. الرابعة عشرة: أن أرض الله يفيض خيرها بعضها على بعض» كما رأيت ما أفاضت به مصر على جيرانها» وكيف كانت تّيرهم» وتمونهم. الخامسة عشرة: أن الله تعالى له عبرة فى خلقه». كيف جعل ذلك الأسير الذى باعوه بثمن بخس لأنهم لا يريدونه - ملكا مسيطرا على مصرء ومن حولها من بقاع الأرض . السادسة عشرة: أن سيادة العدل تأتى بالخير الوفير» وأن الظلم لا يأتى إلا بالشر المستطير . )١(‏ عن ابن عمر رضى الله عنهماء عن النبى كلل قال: «الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام». رواه البخارى: أحاديث الأنبياء - قول الله تعالى: # لقد كان في يوسف وإخوته ... )4 (718), وأحمد: مسند المكثرين (0401). #١‏ تفسير سورة يوسف الملل مامالل ١ | الاك‎ يي السابعة عشرة: أن الصفح الجميل علاج كل الآفات الاجتماعية ما دام الصفح عن قوى. الثامنة عشرة: أن العز الحقيقى يجب أن يفيض على الأحباب حتى من ظلم» ولا يبخس لحق غيرهم كما فعل يوسف مع أبويه. التاسعة عشرة: أنه يجب أن يخضع الكبير فى سنهء لحكم الصغير فى سنه ما دام عدلاء وقد رأيت خضوع يعقوب ليوسفء كما قال: « ... وَحَروا لَه 2 ام 2 سجدا 401 أن خاضعين ؛ سجدوا له سجود الصلاة. خاضعا خاشعا: رب كدي نالك ولي من توي الأحاديث فار السّموات والأرض أنت ولبِي في الدنيًا والآخرة تَوشي مسلما والْحقني بالصّالحينَ 30 # . هذا ما نراه فى معنى الآيات التى ذكرها الله سبحانه وتعالى فى قوله: 9 لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين 0) 4 أى للمتعرفين الذين يسألون عن معانى الحوادث وما ترمى إليه» وما تدل عليه. وقد ابتدأ سبحانه وتعالى قصتهم بذكر ما جالت به صدورٍ إخوة يوسف وما نطقت به ألسنتم إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إِلَئ أبينا منًا وحن عصبة إِنَ أبَانَا لفي 4 ظرف للماضى» وقالوا إنه يتعلق بفعل محذوف تقديره «اذكر؛» أى اذكر هذا القصص يا محمد. «قالوا4, وهم الإخوة عن أخويهم من امرأة غير أمهمء وقالوا كما صورته لهم العلاقة بين أولاد من أميّن» وليس الأمر كما تصوروا وقد أكد لهم ذلك شبابهم» وانفصال نفوسهم عن أخويهم وقالوا مؤكدين: 8 ليوسف وأخوه أَحَب إِلَئ أبينا منا 4 وقد أكد لهم وهمهم أنهم أقرب حبا إلى أبيهمء وقالوا: « أحب إلَئ أبينا منا 4 وأضيفوا جميعا إليه للدلالة على أن ا تفسيرسورة يوسف ملم تحب 5 التسوية واجبة بينهم» وزعمهم أنه لم يسو بينهم» كما صوره لهم وهمهم» وأكدوا أن يوسف وأخوه أحب إلى أبيهم » فعبروا بقولهم ا وأخوه 24 كأنه ليس أخاهم» ولكن الشر استحكم فى نفوسهم. 8 ونحن عصبة 4 أى قوة نافعة له فى زرعه وضرعه. وكل حاجاته؛ لينتهوا بأن قالوا كما زين لهم الشيطان بسبب الحسد: ل إن أَبَانَا تفي ضلال مبينٍ» أى أنه بعيد عن الصواب بعدا بيناء وأكدوا ذلك الذى توهموه ب إِنَ» المؤكدة» و(اللام) فى قوله: طلفي ضلال 4. والتعبير 9 لفي » فيه إشارة إلى أن الضلال محيط به إحاطة المظروف بظرفه» سيطر الشيطان على نفوسهم» فحرك الحسد إلى أقصى افتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين ©) 4 . 0 أو أن يطرحوه أرضا بعيدة اع العسران؛ فاتفقوا على أحد الأمرين إما القتل» وإما النفى» وتركه فى أرض الله . ولكن واحدا منهم أبعد فكرة القتل» وقال: لا تقتلوه. ومعنى : « يخل لكم وجه أبيكم 4 يكون خالصا خاليا من الحب الذى كان ليوسف» «( وتَكُونوا من بَعْده قَوَما صالحين »4 أى تس تستقيم حياتكم مع أبيكم.ٍ ويصلج أمركم مع أبيكم بعذر تعتذرونه» أو تتوبوا عن إثم القتل» ٠‏ فل وتكونوا من بعده قوما صالحين 4 وهكذا تزين الجريمة» وتقرب التوبة. «قَال قَائلٌ منْهُمْ لا تفْلُوا يُوسُف واَلْقُوهُ في غَيَابة الب يلتقطه بعض السيّارة إن كنتم فاعلينَ 69 4 . ها تفسير سورة يوسف لحي لل ذآذآذآذآذ#ذذذذذذذ ا 223211212 لسو زا قَال قائل مَنهم لا تَقتلُوا يوسّف» أَبْمَدَ أحدهم فكرة القتل لبقية من شفقة» ولا يريد أن يقتل أخوه بين يديهء ولا يريد أن يغيب فى الأرض تائها فيهاء ولكن يكتفى بأن يغيب عن أبيه» ويتركه لله عسى أن ينقذء قال: إلا تفتلوا يوسف 4, وذكره ه باسمه لبقية من صلة تربطهء « وألقوه في غيابَة الجب يِلْتقطْه بَعْض السَيّارَة إن كنتم فاعلِينَ 4 الغيابة ما يغيب عن الأنظارء غيابة الجب قاعه الذى يغيب عن الآنظارء ولا يستطيع أن يرتفع يوسف منه إلى ظاهر الأرض» والتقاط بعض السيارة له احتمالى» ولكن جعل قريباء ولعله كان يرجو ذلك كبقية الإخوة مع حرارة الحسدء و السيارة4: القافلة السائرة فى الصحراءء ثم يقول إن كنتم فاعلين» وإن هذا القائل» كان يرجو من بقيتهم أن يعدلواء ولذا قال: إن كسم فاعلين 4 فعلق القول بإن © الدالة على الشك دون القطع» ونحسب أنه كان يرجو ألا يفعلوا. وقوله تعالى: ا يلتقطه بعض السَيّارَة4 معناه يأخذه لقيطاء كآنه لُتَلّةَ لا مالك لها. دبروا ذلك التدبير» وبيتوا لأخيهم الشرء وبقى أن يبسطوا أيديهم إليه» بأن يأخذوه من أبيهم . وقال تعالى عنهم : انمالك لَاتَأْمَتَاعَكَ وت وَإنَّ ون 09 أَرْسِلَهُممنَاضحَدُ ديعصت ونا َم 5-8 أن الاق يحرم أن دحيو وأَحَاتُ أَديأصكاة كل الزن وأنشرعنة مولس 0 َي 0-0 آل ص أحاد عع سح ع اه رك 0 و 0 ذِمْب ونحن عصبة إِنَاإذا لخليرون وإ ٠ ١-1 مد - 0-0 ا تفسيرسورة يوسفف ان سيبس 15 7- د و 327 سه محيع 1 سا سم ماد هبوايهو- وأجمعوا أن جعلوه في ست لحي وأوحينا 1 0 له ل سر الشولتنن اك وائرهم داوف لافيت 35 ١‏ وجاءوق أبآهُمْعِسَآه يوس 0< لانن دَمبسَاقَسيَيىُ و مكنانوسة تين 111 وَمََأَئتَ بِعُؤْمنلَاوَاوَكُبَصَدِوِنَ 5 وَجَآو عل قَميِصِهِ مص ميض بستكا بتي كانت المرحلة السابقة مرحلة ظهور الحسد البغيض» والكيد والتدبير السيئ» وهذه المرحلة مرحلة التنفيذ بلا رحمة وبإحكام» ذهبوا إلى أبيهم يعتبون عليه بظاهر من القول أنه لا يأمنهم على يوسفء قَالُوا يا أبان © نادوه بالأبوة التى تجمعهم بيوسف»ء وأبدوا له أنهم يحدبون عليه ويحبونه» :ما لك لا تأمنا على يوسف »4 أى لأى سبب سوغ لك ألا تأمنا على يوسف» وهنا أدغمت نون (تأمن) مع (نا) ضمير المتكلمين» ‏ وإِنَا له أتاصحون 4 النصح يتضمن الشفقة والإخلاص وإرادة الخيرء وقد أكد الكاذيون نصحهم له ب(إن) وباللام» وبالجملة الإسمية. وكان هذا التوكيد لأنهم يريدون أن ينزعوا من نفس أبيهم ما يعتقد أنهم يحسدونه. فهم يقولون: إنا نحبه ونريد الخير» ولا نبغضه. وبنوا على قولهم الذى أظهروا فيه الشفقة والحرص والمحبة قولهم: «( أرسله مَعْنَا غُدا يرع ويَلْعَب إن لهُ تحافظوت 409 نرتع» أى نجرى مرحين فى خصب الأرض والمزارع» ومتسع الأفق» ويلعب معناء وذكر ذلك بصيغة تدل على اتصاله بهم» وأنهم جمع واحد» يرتع ويلعب» فهو ليس أجنبيا عنهم» بل يرتعون معه. ويرتع معهمء وطمأنوا أباهم» فقالوا: « ونا له حَافظون » وأكدوا حفظهم له ناا تفسير سورة يوسف الال 0110 لحب نا ب(إن) وباللام» وبتقديم حرف الجر (له)» للدلالة على عظيم اهتمامهم. وكريم فأجاب الأب الشفيق الطيب» وقد كانوا فى مذأبة من الأرض» يكثر ذتابهاء قال: «قالإني ليحزنني أن تذهبوا به وأحَاف أن يأْكُلَهُ الذتب وأنتم عنه غَافلر 9 4 . بذلوا أقصى معسول للقول» وأكثروا من تأكيد: المحبة» والإخلاص» ويكثر الكائد من قول يكون لإحساسه بأنه كاذب فى نفسه» ويحاول أن يستر ذلك على من يخاطبه. وقد توجس يعقوب منهم خيفة» وقال معلنا خوفه بهاتين العبارتين أولاهما: إِنّي ليحزنني أن تذهبوا به وفى هذه العبارة السامية يبين حزنه الشديد الذى أكده ب(إِن) ولام التوكيد» وسبب الحزن هو مفارقته» فذهابهم به يوجد فى نفسه حزنا عميقاء وذلك إمارة حبه الدفين الذى لا يستطيع معه فراقاء والثانية: قوله: 9 وأحَاف أن أله الذئب 4 فهو لا يحب أن يفترق عنه» ويخاف عليه من الذئب. وهنا نقول: إن نبى الله يعقوب كان ينطق بفطرة الأبوة المحبة» ولكنه يخاطب من يريدون الشر ويفعلون» ويحاولون من بعد أن يلتمسوا المعاذير التى يرونها تدخل على نفس أبيهم فى يسرء ومن غير استئذان» وقد وجدوا الأب الكريم الطيب النقى» يسهل لهم معاذيرهم» وهو خوفه من أن يأكله الذئب» وهم عنه غافلون. فقالوا: أكله الذئب» فعذرهم الكاذب أخذوه من قول أبيهم الصادق» وعلموا أنه الذريعة إلى التصديق» وإخفاء ما بيتوا. قالوا مسترسلين فى خديعة أبيهم» ومن يدبر الشر 9 لمن أكلهُ امب وَتَحن عصبَة نا إذا لُخَاسرُونَ 4 أكدوا لأبيهم. أن حمايتهم له كاملة شاملة» لا يمكن أن 8# تفسير سورة يوسف اللا عرب ا يأكله الذتب» وهو بينهم» و(اللام) فى قولهم: «تن» هى الموطئة للقسم الدالة عليه » وأكدوا استتيعاد أن يأكله الذئب» بالجحملة الحالية «ونحن عصبة 4 أى قوة مانعة حامية» وجواب القسم «إِنَا إذا لْخَاسرُونَ 4 إن كان ذلك نكون فى خسار مؤكد» وضعفء. ولا يمكن أن يكون ذلك. قبل الأب الكريم ما بدا من ظاهر قولهمء ولكنه لم يحس بالاطمكئنان الكامل ؛ لأنه كلام ليس خارجا من قلوبهم» بل هم كاذبون فى حقيقة أمرهمء والله ولى الباطن» وللناس - ولو أنبياء - ما ظهر. أخذوه بعد أن أحكموا النطة. ونجحت الخطوة الأولى منها. « فَلَمَا ذَهبُوا به وأَجَمعُوا أن يَحِعَلُوه في غَيَابَت الجب وأوحينا ليه لتبتئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون 02 4 . (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى ترتيب على أخذه بعد إقناع الأب أن يأخذوه. فلما أخذوه» نفذوا فيه ما دبروا 9 وأجمعوا» معناه اعتزموا وأصروا على أن يجعلوه فى أعماق البئر» كما قرروا من قبل ودبرواء ويروى أنهم آذوه بالضرب والتدكيل» وهو يستغيث » ولا يغاث حتى كادوا يقتلونه» وتبههم إلى ذلك من نهاهم عن القتل فى ابتداء التدبير» وفى هذه الشديدة» والألم المرير» ألقى الله تعالى فى قلبه الاطمئنان إلى المستقبل» وألهمه الإلهام الصادق بوحى الله محتاجين إليه؛ وهو غير محتاج إليهم كما سيأتى إن شاء الله تعالى فى آخر السورة» وهم لا يشعرون بهذا الإلهام الذى كان وحيا إلهاميا. بعد أن أتموا ما دبروا من إثم قاتل» وإن لم يأخذ صورة الذبح عادوا إلى أبيهم باكين حقال أو متباكين لستر ما ديروا» ونحسب أنه بكاء ؛ لآن الاندفاع إلى الشر لا يمنع الإحساس بالآلم عند وقوعه. ودم الإخوة لا ينقطع. بل له عواقب أليمة بعد الفعل القاطع . ا تفسير سورة يوسف الللتالتك! الالال اللا!انالا ااا االللنالا لل ااانا لااالللللاناااال لالت للل !اللا لالاللاا الل لل اناا اللا الالالال لل لامطضاناتان التاتللا اوه < يي وجاءوا أباهم عشاء ييكُون 9 #4 . أى أنهم قضوا النهار غائبين عن أبيهم»؛ ثم عادوا فى العشية» يقول الممسرون: إنهم كانوا يتباكونء ولا ييبكونء ونحن نميل إلى أنه كان ثمة بكاء حقيقى من بعضهم على الآقل» وهو بعض من الندم على ما ارتكبوا أو أثموا وقد أحسوا بفظاعته» وخصوصا عندما لقوا أباهم» فإن لم يكن لأجل يوسفء فلاجل قالوا فى بكائهم أو تباكيهم: :9 ... إِنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند مبَاعنًا فَأَكَلَهُ الدب وما أنت بمؤمن لَنا ولو كنا صادقين 65 » كانت المعذرة التى اعتذروا بها هى التى لقنوها من كلام قالوا أمرين كاذبين: الأمر الأول: أنهم ذهبوا يتسابقون» وتركوه عند متاعهم . والأمر الثانى: أنهم قالوا: إن الذئب أكله, وما أكله ذئب» إنما أكله الحسد والحقد الدفين. ولقد أحسوا بأنه لن يصدقهمء فقالوا: وما أنت بمؤمن» أى ما أنت بمسلم لنا ومؤمن بصدق قولناء ولو كانوا صادقين» وادعاؤهم صدق قولهم هو وقد أحسوا بأن القول لا يغنى فتيلاء إزاء الشك من أبيهمء 8 وجاءوا على ذاته؛ للأن الدم ليس دم يوسف» بل هو دم غيره»؛ من غزال أو نحوه» قالوا فى الروايات: إنه عندما أمره على وجهه أحس بكذبهمء وقال: ما رأيت كاليوم ذئيا أحلم من هذا!! أكل أبنى ) ولم يمزق قميصه . وهكذا كان ما اتخذوه دليلا على إلا تفسير سورة يوسف ااا لالالك !ااال ااالللااالالااااالال ان امطااناااااااااللااااان م 1خللللاالللالااللاالالط ططق ططخالالالا اا اااااالاللااااالامسطمططملام تالالا ىج-1 البراءة كان دليلا على ثبوت الجريمة» فهل يبقى القميص غير ممزق» وقد مزق الجسد وأكل» وهكذا نرى أن المجرم مهما يحاول الإحفاءء فإنه يبين دليل الاتهام من محاولة الإخفاء. لم يصدق كلامهم لقَال بل سولت لكم أنفسكم أمرا 4 وظ سَوّلت 4 معناها سهلت» ٠»‏ وزينت لكم أمرا خطيرا شديد المخطورة» فالتشكير فى «أَمرا 4 لبيان شدته» وبلوغ أقصى قوته» ثم قال: «فَصبْرٌ جميل4 والصبر الجميل هو الذى يليق بمقام النبوة» والصبر الجميل هو الصبر من غير أنين والشكوى مع الرضا بقدر الله تعالى» وما كتبه الله ورجاء كشف البلاء» ولذلك ما يئس قط من أن يعود إليه ابنه وحبيبه» ولو ابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم. وهو فى صبره المرير يتجه إلى الله تعالى ويقول: « واللّهُ المسبَعَان عَلَىْ ما تصفون4 أى لا يستعان إلا وحده فى الصبر على ما يصفون من قول» ولم يقل على ما وقع» بل قال على ما وصفتم» للإحساس بأن ما وصفوا غير ما وقع. والصبر الجميلء» لا يمنع الآلم المرير» بل إنه لا صبر إلا إذا كان الألم الشديد» ولكن لا يجزع» ولا يفرط منه ما يدل على عدم الرضا بما قدره الله تعالى وكان. ٠‏ وديعة الجب. وما جرى لها!! 1 007 20 وَجَاءَتٌ سيارة فارّساوا 2 سما كرمج 0054 م د 20 2 0 هعمل وخر حد اهيلع ع و م وه اع سار أله عليم بِمَايحَمَلُورت [11] وَسَروَه سم بحي آآ# ره ل م لوعو سلس 0 آذآ ته ده دود ووَصكا يوم رديت : كا وقال 07 و2 7 2 ٠.‏ أ هه ا تفسير سورة يوسف لل اللللوا الل ال ا تسا ةزر اكاك لنت كملكي اساي بار د ل أَشْدَّه َايَسَهُ خَكمَاوَعِلْمًا وَكُدكَ مر الْمحسِنيت 3 ألقى يوسف الحبيب فى الجب» وسلمه إخوته وديعة لله تعالى» وإن لم يقصدواء ونرجح بمقتضى طبائع النفوس أنهم لم يكونوا جميعا مستريحين لهذه الحريمة بل روى أن واحدا منهم كان غاتباء فلما أخبر ذهب إلى الجب» ولكن السيارة كانت قد التقطته» وإنه لا يمكن بمقتضى الطبيعة الإنسانية أن يرتاح المجرم بعد جريمته» وخصوصا أنها كانت على أخيهم» وجريرتها كانت على أبيهم الشفيق . ألقى فى الجب». وقد ألقى الله فى قلبه الاطمئنان بإلهام الله تعالى والرضا بقضائه وقدرهء 8 وجاءت سيار 4 قافلة « فَأَرسِنُوا واردهم 4 الذى يتكشف لهم اماء لير ويملأ لهم ما يسقيهم» فتعرف هذه البثر التى يقر فيها يوسف نتيجة الحسد» « فأدلى دلُوه 4 أى أرسل الدلو إلى ماء البئر فتعلق به الغلام الذى أريد له الضياع- أو الموت أيهما أسبق - بالدلو فبدل أن يخرج ماء وجد غلاما جميلاء فقال: «إيا بشرئ هذا غلام 4. استبشر به» وكان وجها صبوحا مشرقاء وقال: فيا بشرى 4» يناد البشرى من فرط فرحهء أى أقبلى فهذا وقتك. أسرته القافلة كلهاء وعدوه بضاعة يتجر فيهاء تباع وتشترى» ويجرى من ورائها كسب» ولم يكونوا راغبين فى بقائه بينهم؛ لأنهم لا يكون معهم إلا من يعمل معهمء. وغلام يحملونه ويغذونه قد يكون عبئا عليهم» وهذا معنى قوله تعالى حكاية عن حالهم ا وَكَانوا فيه من الزأهدين 4. زهدوا فيه ولم يرغبوا فى 9لا تفسير سورة يوسف ال سب ا إقامته معهم. وحملهم إياه» ولذلك باعوه بيع من يرغب عنه» لاا من يرغب فيه» وفى اقتنائه» إن صح هذا التعبير بالنسبة لنبى الله تعالى. ولذا قال تعالى: 8 وشروه بِعَمن بخس دراهم مَعْدَودَة» لأنهم كانوا فيه زاهدين» وشروه هنا معناها باعوه؛ لأن «شرى» تستعمل بمعنى البيع» وبمعنى الشراء» وعندما تكون بمعنى البيع يكون التعبير بلفظ الشراء تكون فيه دلالة على الزهد فيه» وتركه» وعبر سبحانه عن الثمن بأنه « بخس 24 أى مبخوس غير مرغوب فيه» وأكد البخس بأنه دراهم مُعدُودَة 4 وليست د«نانير» وبالدراهم التى تعدء وذلك فى قليل الدراهم» أما الكثير فيكون التقدير بالوزن. باعوه لأحد المصريين» وقد ابتدأ الفرج» وابتدأ يلقاه من يرغب فى بقائه» لا من ينفر منهء «وَقَالَ الذي اشتراه من مصر لامرته أكرمي مثواه4. أى أكرمى إقامته» أى اجعلوه فى مقام مكرم غير مهين» ( عسئ أن ينفعنا أو نَتَخذَه ولّدا 4 أى عسى أن ينفعنا ببيعه أو بعمله» أو نتخذه ولداء ويقول تعالى: © وكذلك مكنا ليوسف في الأرض » أى كهذا الذى كان من أنه وجد بين من يحبونهء ولا يبغضونه» ويريدون له الحياة» ولا يريدون الموت: مكنا ليوسف 4 ؛ ليعيش معززا مكرماء ولو فى رق وأسْرء 9 وَلنْعلَمَهُ من تَأويل الأحاديث 4 لنعلمه: معطوفة على فعل محذوف هو نتيجة التمكين فى الأرض» ليعيش مطمئنا هادئاء وليتمكن من العدل والإصلاح فى الأرض» ودفع أزماتهاء و(اللام) لام العاقبة فى الفعل المذكور» والفعل المقدّرء و9 الأحاديث » هى الكتب المنزلة» أو مأثورات النبيين إبراهيم وإسحاق ويعقوب» وتأويلها معرفتهاء ومعرفة مآلهاء وقد يكون من ضمن ما علمه الله تعالى تفسير الرؤى والأحلام» وقد كانت الطريق لتمكينه فى الأرض وإقامة العدل فيها. © واللّه غالب على أمره» لا يرده شىء » ولا يرد قدره شىء » أرادوا له الضياع» وأراد الله له الكرامة فكان ما أراد الله © ولكن أكثر الئاس لا يعلمون » |/ل#ذا تفسير سورة يوسف 2 مامكا الك 1ل اطخ ع ممم الما للخ كلت خخل امم لالخ كط للك لمم اسمس خم خخخ طخطاتتشتتللا حب ا يغترون بما أوتوا من قوة» وما مكنواء فيعميهم ذلك عن حقيقة السلطان الإلهى» فلا يعلمون. كان ذلك التعليم بإلهام من الله وهو صغير لم يبلغ أشده. ولا بلغ أشده آتاه حكمة وعلما بالأمور وتدبيرهاء عندما تمكن من حكم مصرء ولذا قال تعالى : ولمًا بلغ أشده آتيناه حكّما وعلّمًا وكذلك نجي الْمُحْسنِينَ 69 4. وكهذا التكريم والتعليم نجزى الذين اتصفوا بالإحسان فى أعمالهم وقلوبهم حتى صاروا خالصين لله تعالى. وهنا نسأل أتناولته الأيدى بالبيع والشراء حتى وصل إلى العزيز» فاك شتراه» أم أن الذى اشتراه ايتداء هو العزيز؟ الظاهر من العبارات أن المشترى الآول لم يكن العزيزء وإلا كان يذكرء والله أعلم. المحئةالتمسية تنقل يوسف من محنة إلى محنة» لقد امتحنه الله تعالى بإرادة إخوته له الضياع» ثم امتحنه بالرق» وهو الكريم ابن الكريم وقد احتمل» ثم امتحنه بعد ذلك بمحنة لا يقوى عليها إلا أهل العزيمة» وهى فتنة النساء به» وخاف أن يصبو هه الشف يتا نيه علق الوا وَكَالتْ مت للكدََّالَ مَصَا داه نورق َحَسَوَمتوا 28 ِتَمَلابفْيِ م الطيلمُوت ال يوقي ول ننه َو حك صرف عَنْهالشو 1000 َو اس 20000 ا م مه وَالْفَحَمَاءإتوْمنْعبَاوِك الْخمْلصِرت وَأَسَيَبّقَا ص بها تفسبير سورة يوسف ١‏ ال ااااااللللإللاا0ا60ا0اللللل ١ الا‎ 7 يي لْبَابَوَقَدتْ فَمِيِصَمْ من دبرِوألَْياءً سَيَدَهَالدَ ا أَلْاب َالَتْ مَاجَرَآءُ مَنْ أراد بِأَهْلِكَ سُومًا متاك 54 8. وو 02 سمج لس 3 240 .2 00 أليم 0 قَالَ هى رود تعن نفسى وَسَّهِدَ شاهد من 007 هه 7 0 هله ]نكت مَمِيضع دمن قبل فَصَدَ قت وَهوَصِنَ 0 مه 0 لع سل رس الككزبي ونكت قِضُمْ دنه رِفَُكَدَبت وهو - 7 مَنَّالصَّددِينَ 9 َلْمَ را فَمِيصَم قد من دثر قَالَإِنّمُ حكَيِرِ 3 | دعقم ا بوسف تُأعْرِضْعَن عم ل 3 2201111101110 راود من راد فهو مفاعلة من رادء وأصلها تكرار الفعل مرة بعد أخرى. وهى الأخذ برفق ولطف وقوله: عن نفسه 24 أى أنها راودته فى نفسه.ء أو لتحوله عن نفسه وإرادته ليكون لإرادتها هى ورغبتها فيهء وإن هذه المراودة القولية» واللين والتلطف معهء لتحوله عن إرادة نفسه إلى إرادتها تبعتها حركة عملية © وغلّقت الأبواب 4 ولم يعد منفذ يمكن غيرهما من الاطلاع على ما تريدء « وقالت هيت لك » أى أقبل» وقوله: لك » أى النداء له» ولعله تغافل عنها أو لم يستجب ابتداء لكلامهاء أو لم يفهمء فقالت: النداء لك» فلما علم ما تريد صراحة من غير مداورة ولا مواربة» صرح هو الآخر بردّهاء وقال إنه لا يليق به فقال: « معاذ الله 4 أى الله معاذى وملجئى» أعوذ به من أن أفعل مثل هذا؛ لأنه فوق فحشهء ليس وفاء لرب البيت الذى أكرمنى» «إِنه بي أحسن مَغْواي 4, هذه الحماية تعليل لامتناعه عن هذه الفحشاءء أى لأن زوجها هو ربه الذى أحسن إليه فى مثواه أى فى إقامته فى بيته» فلا يخونه وإنه حيئئذ» يكون خاثنا وظالماء إنّهِ لا يفلح الظّالمون 4 لا يفوزون بخير قط . للها تمسير سورة يوسف حي ل 010100 > ا وقد كان أدبه النبوى أن يتكلم عن نفسهء لترعوى هى فى نفسهاء وتمتنع عما هى مقدمة عليه»ء فهو قد أكرمهاء وأعزها وهى زوجهء وأجدر من فتاها بالوفاء. ولكنها أصرت» وسارت فى الغى إلى أقصى مداه 8 ولقد همت به وهم بها لولا أن رأئ برهان ربّه ذلك لنصرف عنه السُوء وَالْمَحَشاء إِنَّه من عبادنًا المخلّصين 69 4 . ومعنى «(همّت به4 أى قصلته وأرادته لنفسهاء فالهُم بالشىء قصدهء والعزم عليه. فَهَمَتْ به أرادت مخالطته فى هذه الخلوة التى أرادتهاء وهم بها 4 جاء فى تفسير البيضاوىء» والمراد بهمه بها عليه السلام ميل الطبع ومنازعة الشهوة لا القصد الاختيارى» وذلك مما لا يدخل تحت التكليف» بل الحقيق بالمدح والأجر الجزيل من الله من يكف نفسه عن الفعل عند قيام هذا الهمء أو مشارفة الهمء كقوله: قتلته لو لم أخف الله « لولا أن رأئ برهان رب 4 فى قبح الزنى وسوء مغبته لخالطها لشبق الغلمة ولا يجوز أن يجعل ا وهم بها 4. جواب لولاء فإنها فى حكم أدوات الشرط ا ه. وخلاصة كلام البيضاوى». وهو كلام الزمخشرى أيضاء أنها بدأت له فى حال انفعال جسدى» وهمت بمخالطته وأثارت شهوتهء وكان الشأن أن يهم بها وأن يقصد مخالطتهاء ولكن فى هذه الساعة الحرجة رأى برهان ربه وأراد الفرار من سورة الشهوة» وليس فى ذلك ما يمس النبوة» بل هو يعليهاء فليس الفضل لمن لا يزنى وهو غير قادر» إنما الفضل لمن كف عند منازعة الشهوة ومساورتهاء وردهاء واللاستقامة على الطريق . دفعها عن نفسه» وتركها فشدت قميصه حتى قد من ورائه» واستبقا الباب» هى تريد الوصول إليه لتحكم إغلاقه» أو تسد عليه طريق الخروج» وهو يريد أن يسبق ليخرج طاهرا مطهرا. / تفسير سورة يوسف 111ألللكاا !!!الالالال ك1 1للاالااللالا لانن اناالا ناا انلا لالن! ا اناا لاطت ناا الالال لا لالط خط قا الال الالالال ااخخطططخ لالط ممم لط سسالا أ أ لكن كانت المفاجأة 8 وأَلفيا سيّدها لّدا الباب 4 وببديهة المرأة حولت التهمة إليه. وأرادت به السوء «قَالَت ما جزاء من أَراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أَوَ عَدَاب أليم 4 بدلت الحقيقة, فاتهمت البرىء لتبرئ نفسهاء وقررت العقوبة» وهى السجن أو عذاب أليم. ولقد نطق البرىء وما كان لينطق لولا هذا الاتهام قال هي راودتني عن نُفسي 4 هى تنهمه وهو يتهمهاء ويظهر أن ذلك الأمر شاع فى داخخل الأسرة» وأريد الفصل فيه بإعلان من تكون عليه التهمة لاصقة» ومن يكون له البراءة فكان لابد من حكم منصف. فحكم بعض أهلهاء وإن لم يكن محايداء وقد حكم بالعدلء فقرر أنه «إن كَان قميصه قد من قُبل4 أى من أمامه ( فصَدقت وهو من الكاذبين4, لأنها هى التى جذبته لكيلا يفر من الاتهامء ويكون هو الذى راودهاء وحاول» ثم لما رفضت أراد الفرار» فجذبته لكيلا يهرب. وإذا كان قميصه قطع من دبر أى الوراء فمؤدى ذلك أنه أراد الفرار ما دعته إليه» وأرادت استبقاءه لغايتهاء وقد ثبت أن قميصه قد من دبر أى من الوراءء وهذا قوله تعالى : « .. .وشهد شاهد من أَهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الْكَاذبِينَ 69 وإن كان قميصه قد من دبر فَكَدَبِتَْ وهو من الصّادقينَ 69 فَلَما رَأئ قميصه قد من دبر قَال نه من كيد كن إن دكن عظيم (62 4 ثبتت براءة يوسفء. واتهامهاء ويظهر أن العزيز كان قد أوتى حلماء فلم يسارع إلى عقاب لهاء بل اكتفى بأن حكم عليهاء واتهمها بالكيد وتدبير الشر» وإن هذا من النساء غير مستغرب . ولماذا تساهل هذا التساهل؟ لعله عذرها لجمال يوسفء ولإيمانه بعفته» وقد يكون لبرود طبعه» أو لقوة سلطانها عليه. «( وشهد 4 هنا معناها حكمء كما يبدو من السياق. ا تمسير سورة يوسف الل 00 حر ار طيب العزيز نفس يوسف» وقد كان له محباء واتخذه ولداء فقال له: يوسف أعرض عن هذا 4 أى عن هذا الإفك الذى أقك عليه «واستغفري لبك نك كنت من الْحَاطِينَ4. أى الآثمين» وصرت فى صفوف أهل الإثم» لا أهل الصلاح . ّ إن الأمر لم يعد سرا؛ لأنه قد صارت محاكمة» ليعرف البرىء من السقيم» وهذا موضوع من شأنه أن تتناوله الأفواه» وإن أخبار هذا الصنف سرعان ما يسرى بين النساء» وخصوصا نساء القصور. هو الشائعة 4 كلسو ف الْمَدِبسَةِ مر تالْمر بود فنهَا ١‏ عن نفس مَدمَمَقَهَا خنّ إِنَالْرَسهَافِ صَكلٍينٍ 5 ف ل 0 سر مه متم 0 كن نامرع رج عبن فلم كل دم موه 25 م ًَ عر تم ب 7< و . 7 101004 > 0 1 م لي 53 م مر ينكين نمطم 75 نولم ينيرو 2 ا م حيار اسه سر لخر 7 ساسساع رص لَه وَإلاصَرِفَ عَقَكيدَهْنَصبإِلونوا؟. أكنْمنَكلتهاِينَ 20 ع ب ل 0 ص 4 59 فَأَسْسَجَابَ بريه فَصَرَفٌ عد 6 َهَْنَُهوَالمَيمْ العمل إإ#اا تفسير سورة يوسف لل ىم سسب اد أخذت الألسنة فى المديئة تلوك الخبرء وتتحدث بهء 9 وقَال نسوة في المديئة امرأة العزيز تراود فنَاهَا عن نُفْسه 4. ما بين لائمة ومتعرفة» ومتمنية كشأن النساءء وقال سبحانه: في المدينة4 لبيان شيوع القول بين أهل المدينة» وقلن «فتاها 4 ؛ لأن الفتى هو العبدء وذكر ذلك لتصغير شأنهاء وأنها تتحبب إلى عبدهاء وقالوا فى بيان تدلهها بهء قد شَعَفَهَا حبّا4, أى أصاب شغاف قلبها حبهء فيقال شغفه إذا أصاب شغاف قلبه» ويقال دمغه إذا أصاب دماغه» وظاحبًا 4 قبييز محول من الفاعل أى شغف حبه قلبهاء ثم حكمن عليها بالضلال حكما صريحاء إن لتراهًا في ضلال مبين4 أى ضلال بين واضحء» والضلال هنا تتكب الصواب» والوقوع فى الهوى الذى لا يليق بها فهو لوم شديد لها. « لما سمعت بمكرهن أرسلت إِليهن وعدت لَهنَ مبَكَا وانت كل واحدة منهن سكينا 4 لا سمعت بأقوالهن اللائى يروونها أرسلت إليهن» «إ وأعشّدت »4 أى هيأت ظ لهن منّكاأ 4 أى أقامت لهن وليمة أو نحو ذلك» وسمى متكئا تسمية للشىء ع باسم مكانه» وهى تصور التنعم الذى كانت فيه» «إوآتت 4 وأعطت « كل واحدة مَنْهِنَ سكينا 4, ولعل ذلك كان موجب الوليمة أو ما يشبهها. وسمّت قولهن مكرا؛ لأنهن كن يشعته» وكأنه تدبير السوءء ولأن بعضهن علمته من جانبها فما كتمن لها سراء ولأنهن كن يوجهن اللوم إليهاء ويتبادلن ذلك» وكأنه أمر يدير» ولذا سمى مكرا. وبعد أن تهيأ المجلس» قالت ليوسف اخرج عليهن 8 وَقَالَت اخرج عَلَمِهِنَ فلمَا رأيته أكبرته وقَطعن أَيديهن وقُلْن حاش لله © . خرج عليهن. يتلألاً فيه نور الحق» الجمال الذى كساه الله إياى» فأخذ أبصارهن وقلوبهن» وحسهن, فقلن: «إحاش لله أى تنزيها له عن فعل البشرء وقوله لله 24 لأنه هو الذى نزهه وكرمه» أو قلن كلمة التنزيه» لأنه خلق مثل هذا الملاك الكريم. ها تفسير سورة يوسف اي 10100 ١: كا‎ 1 3 و أكبرته 4؛ أى جعلنه فى موضع الإكبار والشرف» ولذهولهن من الروعة التى تبدى بها جرحن أيديهن» وعبر سبحانه عن الجبرح بالقطع؛ لأن الجرح كان بليغاء ولآن الجرح فى حد ذاته قطع لبعض البشرة» وقلن تلك الكلمة المعبرة عما فى نفوسهم: «إما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كَريم »© بهرهن حتى ارتفعت مرتبة الإنسانية إلى مرتبة الملكية. ف إن » هنا هى النافية أى: ما هو إلا ملك كريم. التفتت امرأة العزيز إليهن» وقد رأت الجروح تسيل بالدم من أيديهن» وما اعترى نفوسهن من إكبار له» واستهواء حتى حسبنه ملكا كريماء» وليس إنسانا من الطين. قالت: فَذَلكْنَ الّذي لمتشي فيه 4 وكأنها تقول مُصرة على غيهاء فهل هذاء وهل كان يجوز أن تلمننى فيه» وقد قطعتن أيديكن» إذ رأيتهن عبر النظر» فما بال من تكون قريبة منه يطلع عليها نوره دائما؟!» لقد انكشف أمرهن» وصبون إليه فكشفت نفسه لهن» ولا ملام عليهاء وكان حقا فى منطقها أن يعذرنها. مم هاس ى رع ديم ام مماي 5 فقالت: وقد راودثه عن نفسه فاستعصم ولكن لم يفعل ما آمره لَيسجتن ولَيَكُونا مّنَ الصّاغرِين» كشفت كل ما كان خفياء أو ما كان ينبغى أن يكون» وبلغت الغلّمة أقصاهاء ولم تعد المراودة والملاطفة» لأنه استعصمء أى طلب العصمة» وتمسك بهاء وتحول الأمر إلى إكراه بالسجن» وتصغير أمره وشأنه فى القصر. ولكن يوسف الأمين المحفوظ برعاية الله» والمحصن بحصن الإيمان» ازداد قوة فى الاستمساك بالعفة؛ وإنه إذا كانت المراودة والتلطف تدنى» فالإكراه يجافى ويبعدء وإزاء التهديد لجأ إلى ربه معاذه وملجأه قال: لقال رب السجن أَحَب إلي مما يدعوتني إلَيْهِ وإلاً صرف عنّي كيده أصب إِليْهنَ وأكُن م الْجاهلينَ 9 4 . قالت المرأة الشبقة المغتلمة» إما السجن» وإما الاستسلام لهاء فقال عليه السلام: السّجن أَحَب إِلَيَّ مما دعوتي إِلَيْهِ4. وإذا كانت قد بلغ بها عنف |9 تفسير سورة يوسف للللل610االل0ااالللللل0الللل الالو ا0ا060ا0الللللاااا0ا0الل ١ اك‎ في الشهوة أعلاهاء فقد بلغت به العفة أقواهاء ولكنه حشى بحكمة النبوة أن موالاة المراودة والمعاودة إليها والتدبير لإسقاطه أن يؤثر فى نفسهء فلجأً إلى مقلب القلوب» ومصرف الأنفس «وإلاً تصرف عَنَي كيده أصب إِلَيَهِنَ وأكن من الجاهلين 4 أى إن لم تصرف عنى تدبيرهن الخبيث؛ وإغراءهن المتوالى أمتثل إليهن وأكن من الجاهلين» أهل الحماقة والفساد. فاستجاب لَه ره فصرف عنه كَيدهن إِنّهِ هو السميع الْعليم 9 4 . أجابه سبحانه وتعالى إلى دعائه» والسين والتاء لتأكيد الإجابة» 8 فصرف عنه كَيدهن 4 أى تدبيرهن» وكان يأسهن من إجابته مسهلا للانصراف عن الكيد بالمراودة والإغراء والتهديد» وإن لم تنصرف عنه قلوبهن» إنه سبحانه هو العليم بكل الأحوال السميع لكل الأقوال يدبر كل شىء على مقتضى علمه وحكمته. السجين البرىء قال تعالى: ع نس خ سام 0000 ك2 _- َمَيدامينْبحَدٍ بعد ما رأواً ا ليت لِيسجِشيه يحون لولمه ليِجنَ انفده يَأ أعصِمُحَدرا وا لَ دعقأ َحمِ لق :0 1 و3 ًُ و 0 د لس سرع له 0-7 # ل تارزوو سه 5-1 ات مر بن ع ٠ 2 1‏ سرب مسء لد ايت ِل 0 مب رإضكق بت 1 رثك ا تفسيرسورة يوسف لللللل ااال ل هلإ 4 97 2 0 5 وو 000 » 20 44 رص لص هسه لنا ان نشرا ا 2 من سىء داللك من فض ل الله عل :أوعل و3 انا وَلحكنَ أحكررا لاس لامدْكرون () يتصحى كرس ع ا سكيس عو 1ج عر 26 م2ومر وص 1 _ 00م فر بعرو ب ابي ا ا ا ا 00 ل مانعبدون من دونه أسماء سمي مو نتم ررارشسير و سسا ص صم ل صضا احج 00 ع. نس ضة ب آم - شعي كم 0 و 20 - وءابَاؤْحكم ما أنزل امن سَلْطننإِنِالْحَكْمإلَا ]كل يخ سد ا ولي سا جل ماس مير وددسا 2غ + مس 7 ب 2 2 أم رأ لانعبدوا| إَِاه 'ل(ك الْرِناليم له حجر _ وج د دعر مر له مر و 38 الناس لايعلمورت 7( يلصَحى سحن . _- دعل مور 2226 بر 5 _- 1 24 آءٌّ امار - ءدةًٌ ع رمء وم . 7 00 00 من رأسِه فض ىلام راأَزِى فيه سسْتَفْتَيَانِ(يووَالَلِلَنِى 21010101 7 - 0 هال 07 شبن نِكرَرَيهلِسَ اليج نِيِضْعسِدِيدَ هبطت الفتنة فى نفوس النسوة» ولكن صداها كان يتردد بين الناس» وخصوصا النساء» وقد آمن الملك بحقيقتين: عفة يوسف. وإغواء امرأته» وانضم إليها من كن يلمنهاء وتشايع الخبر فى المديئة» فرأوا أن من حسن السياسة أن يسجن يوسف ليبعد عامل الاستهواء» ولينس الناس هذه السيرة» وهذا هو قوله تعالى: ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات 4 أى العزيز ومن معه من أهل مشورته من بعد ما رأوا البينات الدالة على مكرهن وإغوائهن مع التهديد 9 ليسجننّه حنى حين# أى أكدوا إرادة سجنه حينا. اا تفسير سورة يوسف 1نالاازااا!! اناالا الاال تلاتلا للا انا تلكا للا لاا الاااالان لاطا مالالا اللن الا النا لمنلا خ الالال اناا اناالا الالالال كالخ لم لالط خالل لللشتلة الوزن 7 أى بدا لهم الإصرار على سجنه لمدة معينة» حتى ينسى الناس حوادث المرأة والنسوة اللاتى انضممن إليهاء وقد أكدن هذا الأمر الذى بدا لهم بالقسمء ولامه. ونون التوكيد» ولكن السجن كان مؤقتاء وليس مطلقا كما ظهر من كلامهم. وكان تأكيد السجنء لأنه لم يكن منطقيا أن يسجن وهو البرىء»؛ ولكن لآنهم وجدوه إطفاء لهذه الشائعة التى هزت مقومات المجتمع » وأشاعت القول بالفاحشة ‏ عن أكبر سيدة فى مصرهء فكان التأكيد بالسجن ليقاوم منطق البراءة الذى يوجب الثناء وطيب الجزاء» بدل العقاب والإلقاء فى غياهب السجن . حسنت الألفة بين يوسف الحبيب» ومن معه فى السجن؛ لأنه أليف بفطرته» ولآن الضعف يقرب ولا يبعد» ولآن محنة السجن جمعت بينهم» والمحنة نجمع» ولا تفرق. رأى أحدهما أنه يعصر خمراء» أى يعصر عنبا يكون بعد ذلك خمراء فعبر بالخمر باعتبار المآل» ورأى الآخر أنه يحمل فوق رأسه خبزاء وتأكل الطير منه. اقتضى حسن الصحبة أن يلجئا إلى يوسف» وقد توسما فيه الخير»ء فاتجها إليه قائلين: 8 نبئنَا بتأويله إَِا تراك من المحسنين 4 أى أخبرنا الخبر الخطير بتأويله أى بمعرفة مآله, لأنا نراك محسنا من المحسنين» أحسنا الظن به وأكدا أنهما يريانه أجابهما يوسف,ء ولكن قبل أن يجيبهما دعاهما إلى الحق وإلى عبادة الله وحدهء وآثبت ما يوجب نبوته» ونحسب أنه فى هذا الوقت بلغ كمال الرجولة» ولنجزئ الكلام فى المعجزة والدعوة. أما المعجزة ة فقد قال ما يدل على أنه يتكلم عن الله تعالى؛ وأن الله تعالى يعلمه قال: «( لا يأتيكما طَعام تررّقانه إلا نكما بتأويله قبل أن يأتيكما 4 . التأويل هنا معرفة حقيقة الطعام»ء ومآلهء وقال ليس ذلك بإعلام أحدء إنما هو من تعليم الله تعالى» ولذا قال: « ذَلكُمَا مما علي ربَّي 4 وإن ذلك إخبار ا 'تفسير سورة يوسف اللللو لل اا10اااللإوااالل الالال[ للك رب أ بالغيب بتعليم الله تعالى» وليس من ذاته» وإنه لا يعلم الغيب إلا الله وما يعطيه الله تعالى» كما أعطى عيسى ابن مريمء إذ كان ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون فى بيوتهم» وكان ذلك بعد يوسف بعشرات القرون. وإن هذا يدل على أن الله تعالى قد بعثه نبيا على ملة إبراهيم وإسحاق ويعقوب» وقد كان قد بلغ أشده ليتحمل الرسالة» لقد تلونا من قبل قوله تعالى: «( وما بلغ أشده آتيناه حكُما وعلما وكذَلك نجزي الْمحَسنين 469 والنبوة هى الحكم والعلم . قبل أن يؤول تقدم بالنبوة» ودعا إلى إيطال الشرك وإنكار البعث. وابتدأ الدعوة النبوية بأن ذكر نفسه قدوة لهمء فقال: إِنّي تركت مله قوم ل يؤمنوت بالله وهم بالآخرة هم كافرون 4. وقد وصفهم بحالين سلبيتين إحداهما: أنهم لا يؤمنون بالله» بل يعبدون الأوثان» والثانية: أنهم يكفرون بالبعث» وأكد كفرهم بالبعث بتقديم (الآخرة)؛ على الكفرء وذلك لمزيد الاهتمام بالكفر بالآخرة» وبتكرار وهم 4 وكان التأكيد لغرابته عند أهل العقول المدركة» فالعقل يوجب الإيمان بالآخرة؛ لأن الله تعالى لم يخلق الإنسان سدىء ولأن فيه سلوان لمن لا يدرك حظه فى الدنياء» ولأنه يتفق مع العلو الإنسانى . بين أنه ترك أن يكون من ملة هؤلاء المشركين الكافرين باليوم الآخرء وبين بعد ذلك أنه لم يكن سلبياء بل كان إيجابياء ولذا قال: ا واتبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب 24 ذكر هنا أبوه يعقوب» وجده إبراهيم وإسحاقء. وملتهم واحدة» وهى ملة إبراهيم الحنيفية السمحة: التوحيدء وقال: إنها المعقولة التى تدركها العقول المستقيمة» والدين الحق» ولذا قال: «إما كَان لَنا أن نشرك باللّه من شيءٍ4. «إمن 4 هنا لبيان عموم النفى» أى من شىء وأى شىء» حجرا أو إنسانا أو زرعاء أو حيواناء أو غير ذلك ما عبد من دون الله وإن التوحيد فضل وعلو بالنفس الإنسانية إلى مقام الإدراك السليم» ولذا أخبر تعالى عنه أنه قال: ذلك اا تفسير سورة يوسف الل 26 يه مسا مس وحده» وترك عبادة غير الله تعالى أيا كان فهر فضل الله 5 هداهم إلى عبادة المنعم وحدهء وهدى الناس إليه» ولكن أكثر الناس لا يشكرون المنعم بعبادته وحله» ثم بعد أن بين إيمانه وهدايته ليأتسواء وجه الطلب إليهماء مبينا بالدليل القاطع أن الله وحده هو المستحق للعبادة ولا يستحقها غيره فقال: 8اأأَربِاب مُتَمَرَقُونَ خَيْرٌ أم الله الواحد الْقَهّا رك هذا استفهام إنكارى توبيخى توجيهى فليس بمعقول أن تكون أرباب متفرقة ليس لها فضل المنشئ المنعم ليس لواحد منها ذلك» ولا لها ممسجتمعة قدرة, لا تنفع ولا تضرء وتكون عبادتها مع ضعفهاء وعدم قدرتهاء عبادتها خيرا من عبادة الواحد الأحد الخالق للكون وحده والقهار الغالب عليهء والذى لا يكون فى الكون شىء إلا بأمره. ثم أخذ يبين بطلان الشرك المصرى» فقال: ما تعبدون من دونه إلا أسْمَاء مَمَيكمُوهَا أَشُمْ وَآبَاوُكُم ما أَنَل الله بها من سُلْطَان إن الْحَكْم إلا لله أمَر ألا تَعبدوا إلا ياه ذلك الدين الْقيَمِ ولكن أَكْثْر النّاس لا يمون © 4 . نفى وجود ما يسمونه آلهة. فهى فى حقيقة أمرها لا وجود لها وجودا حقيقياء فضلا عن أن تكون آلهة معبودة وذلك حق؛ لأن قدماء المصريين كانوا يفرضون آلهة للزرع» وآلهة تتوالد» وتتقاتل. كلها فروض لا وجود لها فهى أسماء سموها وعبدوهاء وتتابعت أجيالهم على عبادة ليست إلا أسماء سماها أبوهم » وتبعوهم تبعية الوهم لوهم ما كان لها وجود لم نل الله بها من سلطان 4 أى حجة تسوغ عبادتهاء وإن الحكم والسلطان» والقدرة القاهرة ليست إلا لله خالق كل شىء إن الحكم إلا لله 4, وهو الحدير بالسلطان وحده 8 أَمَر ألا تعبدوا إل إيَاه 4 وقد أمر ألا تعبدوا غيره» وظ ذلك الدين اليم 4 أى الدين القويم الذى مع العقل والإدراك السليم» ٠‏ © ولكن أَكْمْر الئاس لا يعلمون 24 أى ليس لهم علم بالحقائق» بل تسيطر عليهم الأوهام الباطلة» التى تخدع العقول فلا تعلم» والمصريون القدماء كانوا خاضعين للأوهام» ولا تزال بقية منهم خاضعة للأوهام » وهم الذين لم يدخلوا فى دين التوحيد دين الله القيم. ها تفسبير سورة يوسف الإو #7#70ة131#1####3# 220 لحب را وهكذا نرى نبى الله يوسف عليه السلام ابتدأ بإثبات معجزته. ثم نهى عن الشرك . ووجههم إلى الاقتداء بشخصهء وقد صاروا له حبيبين» ثم وازن بين الوحدانية وتعدد الآلهة» ثم بين لهم إلى أنه لا وجود لما يسمونه آلهة» وأن الدين القويم الحق الذى يوافق قضية العقل البديهية هو الوحدانية. بعد ذلك اتجه لتأويل رؤياهماء وقد يقال إن دعوته إلى الوحدانية» كانت بين اثنين ) ونقول: إن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ابتدأ دعوته بين زوجه خديجة وصديقه أبى بكر وعلى وكان ابن تسع ) ومولاه» ومكث مستخفيا بالدعوة بضع سنين» فالعدة لا تكون بكثرة العددء ولكن بقوة الإيمان. اتجه إليهما بعد ذلك الإرشاد قائلا: طيا صاحبي السّجن أَمَا أَحَدَكُمَا فيَسقي رب خمرا وَأَمّا الآخر فيصلب فتأكل الطَيْر من رَأْسه 4 وقد كان الأول ساقيا للملك بعد الشراب سماء فتبين بطلان التهمة» فعاد إلى عمله بعد أن سجن. والثانى اتهم بأنه دس فى الطعام سماء وثبتت التهمة فقتل وصلب» والله أعلم. مكث فى السجن حيناء» وهو يعلم أنه برىء والملك يعلم ذلك» والنسوة يعلمن» فأراد أن يذكر الملك بنفسه فطلب ممن ظن أنه ناج أن يخبر الملك بذلك © وقال لذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك # أى عند الملك, وسماه ربا مع أن يوسف نبى التوحيد» من قبيل رب الأسرة بمعنى راعيهاء وحافظهاء فنسى أن يذكر ذلك فمكث نبى الله بعد ذلك بضع سنين» وهذا قوله تعالى: 8 فأنساه ليطا ذكر وه في في اسن بطلع سين . وهنا ملاحظتان تتعلقان بالمنهج البيانى القرانى الأولى: قول يوسف © لذي ظن أنه ناج منهما 4 فعبر بالظن ولم يعبر بالعلم» تأدبا مع الله فى العلم بالغيب» فإنه وإن كان يقسينا عند يوسفء ولكن طريقه لا ينتج إلا ظنا. 1# تفسير سورة يوسف ااا لبمار لي الثانية: فى كلمة فَأَنسّاه الشيطان ذكر ربّه4» المعنى ذكره عند ربهء والإضافة لأدنى ملابسة؛» وقد مكث بعد ذلك بضع سنين» كان فيها داعية للتوحيد» وقد أنس به الذين كانوا يدخلون السجن 2 فدعاهم إلى التوحيد» وكانوا يدخلون متهمين من الملك أو غيره» ويخ رجون مؤمنين مدركين» وكان بعضهم وكان يدعو كما رأينا فى دعوته - صاحبى السجن أولاء وفى هذا إشارة يستجيب للنبيين الضعفاء كما رأينا من بعد فى أتباع محمد صلى الله تعالى عليه ... وما تراك اتَبَعك إلا اين هم أراذلنا بادي الرأي ... 69 4 [هود] . قال تعالى: ره 12 3 ص اع سس يس اروم وقال لْمَلِكَاِقَ رك سَمِعبوت ميسن سَبْعٌعِجَافٌ 2 وَسَبع م لت حطس وج حَرَيَاسَتِ تأي ملا وو رتب دككث دده اورت 0 ْوأ ضعت أحَلِمَمَاكَنتَ وبلا للم ين 00 6 وق ايك ماكر ع عدم نا نُك يأرو ري عد ابه ع ورع كرام ىد َأَرَسِلُونِ 5 نوس يسنان سَنع يقرب وري سءوق ور ع ساح ابر ال مَأ كُلْهُنَ سَبْععِجَاكُوَسَيْع سكت حفر هاا تفسبير سورة يوسف م اللا 202 هه - 27> 0 سا ماد حرست ليل ماين ميلو امال عو سبْعَسنَ أب فَاحَصَدم دوه في ماله إل لا نا 099 يق مْبدردلِكَ سبع ندا 226 لج فزق بنك | 1 و حو 0 ناس و3 فيه بعص 2 قَالَالْلِكآتوفٍ لماج هَألرَسُولَ تَالَارْحِمْإِلَ رَيَلك مَتَسَلَهمَابَالٌ ليمَج اولي كر 1040 ع له 0 _- و م ال 2 سر لله بر مَاحَطْبحِنَإِدْ رودن يوس ف عن تَصَربِةِءفلرَ حَس يِه ا ل لل للح م له معاون سوال مر تألم ححص 0 سر عر وس 2 نََ (ودته عن سيك َإِنمنَصَرِويت لِك لَعلم أذ َأ نيليب را 0 © وما مرك نفسو َإنَالنَفْسَ دار باشو | الامار 3 2س سل سل حجر | إن رَقَعَفَورٌ رتحم و على م -_- ابتدأ الخروج من السجنء لأن نور النبوة خرج إليهم بعد أن اهتدى بنورها من اهتدى من نزلائه» وكانوا يودون أن يعودوا بعد أن يخرجوا أنسا بيوسف. رأى الملك رؤيا صادقة. إن وصفت رؤيا مسن لم يكن موحدا بالصدق» وإن لم تكن وحياء رأى الملك « سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف 24 أى نحيلات لا لحم عليهن» ولا سمن فيسهن» والعجاف يأكلن السمان» ورأى سبع اإإإا تفسير سورة يوسيف اللو للفلل الل باللا ١ هاا‎ يي سنبلات خضر وأخر يابسات لا خضرة فيهن» وهى متجاورات» نادى ملأ وهم شيعته الذين يحيطون به وقال: يا أيها الْمَلاً أفعوني في رءياي إن كنتم للرءيا تعبرون 04 يقال عَبَّرَ الرؤياء أى جاء بما تدل عليه الحال النفسية التى دلت عليها من عبارة بينة موضحة» وقد تكون من عبور النهر بمعنى عبر النهرء أى بلغ نهايته» وهى هنا ما تنتهى إليه الرؤيا من حقائق قد تكون ثابتة» ومعنى « أفتوني في رءياي 4 أى اعبروا إلى هذه الرؤيا التى هى أمرى وحالى المستولى على نفسى المستغرق لها. ولقد أجابه ملؤه مجهلين لحاله» وما يشغله. أو مسرين عليه» حتى لا يلج به الهم الغالب» وذلك هو الأقرب المعقول بين ملك وحاشيته. قالوا أَضعْاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين 69 4 أضغاث أحلام أى أخلاط,» والأحلامء أى أحاسيس نفسية مختلطة» والاأضغاث جمع ضغث» والضغث هو مجموع النبات من بقل أو حشيش» أو حزمة من العصى.» كما قال تعالى فى قصة أيوب عليه السلام إذ فدى يمينه من الحنث بضربه ببضعة من الحشائش والأخلاط . وخد بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إِنا وجدناه صابرا نعم العبد إِنَّه واب 69 »4 [ص] . وأتموا الجواب بنفى قدرتهم على تأويل الأحلام» فقالوا: وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين 4 وما نحن بمعرفة مآل الأحلام بعالمين» أكدوا نفى علمهم بالباء فى بعالمين 4. وكان تأكيد ذلك النفى لتأكيد أنه لا مدلول لها؛ ليطمئن بعد أن أصابه القلق الملقى بالهم والحزن. عندئذ تذكر صاحب السجن بعد أن أنساه الشيطان» والحوادث يذكر بعضها ببعض إذا كانت متجانسة فذكرته رؤيا الملك برؤياهم» ولذا قال تعالى: «إوقال الذي نجا منهما وادكر بعد أَمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون 52 »4 وهو الصاحب الثانى هاا تفسير سورة يوسف 2 الالالال 0 رب د من صاحبى يوسف فى السجن». 9 واذكر» أى تذكرء وأصلها اتذكر قلبت التاء دالاء والذال دالاء وأدغمت الدال فى الدال. والمعنى تذكر تذكرا شديدا لائما لنسيانه ما كلفه يوسف من أن يذكره عند ربهء «(بعد أَمّةَي أى حين من الزمان» إذ لبث يوسف بسبب هذا النسيان بضع سنين » والبضع بين الثلاث والعشرء وقيل: خمس سنين» كان فيها هاديا مرشدا للمساجين» قال ذلك الذى نجا: 8 أنا بتكم بتأويله 4 بمعرفة مآلهء ويظهر أنه أخبرهم بأن يوسف هو الذى سيعلمه؛ ولذا قال: #فأَرَسلون4. أى أرسلونى إلى السجن ليعلمنى يوسف. ذهب إلى السجن وقال: يوسف أيها الصّديق أفتنا في سبع بقرات سمّانٍ كله سبع عجاف وسبع سبلات خضر وأَحْر يَابسَات لْعلي أَرْجِع إِلَى النّاس لَعلْهم يُعلمون 62 »4 . « أفتا 4 أى بين لنا ما تدل عليه هذه الرؤياء رجاء أن أرجع إلى الناس» ورجاء أن يعلموه. قال يوسف فى تأويل الرؤيا: « تررعون سبع سدين دأبا4؛ أى دائبين مستمرين على عادتكم» ويجيئكم الخير سنة بعد سنة لا يتخلف» بل كل السنين وذكر لهم نصيحة» وهى مقتضى الحلم فقال: #فما حصدثم 24 أى ما قطعتم من عيدان الحبوبء لإ فدروه في ستبله إلا قليلا مما تأكلُوتَ 4 وبقاؤه فى سنبله يحميه من السوسء ويبقى لما يجىء بعد ذلك من سنين يابسة لا خير فيها لا تؤتى أكلاء وقال بعص المفسرين: إن هذه نصيحة» وهى غير الرؤياء ونحن نرى أنها نصيحة حقا وهى صادقة» والرؤيا تشير إليهاء إذ إن العجاف لا تأكل السمان إلا إذا ادخرت ثمرات السمان لتأكلها العجاف» والعجاف جمع عجفاء. اا تفسير سورة يوسف ااا التلااتةاا مالالا اانا اناا ااا ااا اللا الااتلك اال لا اللا اللا تالخ الالالال الالالال اللضططططض رطخا اناالا اللا وط ما تاللا ههه < 2 ويقول يوسف مما حكاهه الله تعالى عنه: نم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلْن ما قَدَمتُم لَهنَ إلا قبيلاً مَما تحصنو © »© وصفت السبع اليابسة بأنها سبع شداد» لآنها تكون شديدة على الناس» إذ يكون الناس فيها فى شدة تضطرهم لإخراج كل ما ادخرواء ليدفعوا ضرهاء ويأكل الناس فيها ما قدموه من قبل لهاء وهيأوه لدفع شدتهاء ووصفت السئون بأنها تأكل مع أن الأصل هم الذين يأكلون؛ لأن هذه السنين تكون سنين غير منتجة» فكأنها هى التى تأكل . «إِلأ يلا مما تحصنون4. من أحصى بمعنى حفظء وكأنه جعله فى حصن,» وهو ما ادخروه ليكون بذرا للزرع فى مستقبل أيامهم . بعد ذلك التفسير بشرهم بأن الآزمة التى تأزمت تنتهى بعد ذلك» وذلك مما علمه من غيب 8 ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يَغاث النّاس وفيه يعصرون 63 4. أى يغاثون من القحطء فيدر الله تعالى عليهم أخلاف الرزق» وفيه يعصرون العنب والزيتون وتدر عليهم الأبقار بألبانها. ولقد بلغ الملك هذا التعبير»ء وهذا التبشيرء فراعه ذلك» فأرسل إليه يحضر ليختص به: 8 وَقَال الْمَلك انعُوني به فَلَمّا جَاءهُ الرّسُول قَالَ جع إلَئ ربك فَا أله ما بال التسوة اللآتي قطُن أيديهن إن بي بكيد هن عليم 9©) 4 . طمأن الملك بعلم حقيقى مما علمه ربه» فأرسل إليه ليأتوه به» ولكن الكريم ابن الكريم لا يذهب إلا مبرأ من كل إثم» وإلا مبينا أنه كان مظلوما بهذا السجن». وأنه كان فريسة كيد النساءء وإن الله تعالى عليم بكيدهن. طللب منه التحقيق فى سبب إلقائه فى السجن : قال: ما بال النسوة اللأتي لعن أيديهن 4 لقد كادوا لى طإإن بي يدهن عليم 4 ذكر الدسوة اللاتى قان «ل امرأة العزيز تراود فَمَاها عن نّفْسه 4. وخرج عليهن فجرحن أيديهن» اسأله ما بالهن أى ما حالهن» ومال أمرهن. نذا تفسير سورة يوسف ا 0 ل 1 يي سأل عن النسوة» ولم يسأل عن امرأة العزيزء وهى التى كانت الأصل فيما نزل به» وقد أدخل السجن لستر الأمر ومنع الناس من أن يتحدثوا به» ويجعلوه ملهاة مجالسهم وسمرهمء وذلك أولا لأن تحقيق مآل النسوة يَجْرٌ إلى الكلام فى امرأة العزيز؛ لآنه مترتب على ما كان من امرأة العزيزء وثانياء لآنه لم يرد أن يفاجئ الملك بأمر يمس شخصهء فلم يذكره» لأنه نتيجة للبحث فى أمر النسوةء ولا يقوم هو بالاتهام إكراما للملك. فقد أحسن مثواهء ولكى لا يشنع عليهاء ولكيلا يحرجه أمام الناس فى اتهام امرأته. استجاب الملك لسؤال يوسف الصديق فقال لهن: فإ ما خطبكن إِذ راودثن يوسف عن نُّفسه قُلْنَ حاش لله سألهن الملك ما الخطب الشديد الذى ظهر منكن» إذ راودتن يوسف عن نفسهء فأجين بالنفى عن أن يوسف بوصف فيه سوءء لأنهن ما علمن عليه من سوء فاكتفين بالرد ببراءته» ولم يتعرضن لأمرهن ومعنى «وحاش لله 4 تنزيها له لأجل الله تعالى» مع التعجب من عفته وبراءته. هذا ما كان منهن» وموقفهن فى هذا المقام سلبى» أما امرأة العزيز فقد تحرك ضميرهاء ونفسها اللوامة؛ فقالت مخخيرة بالإيجاب بالنسبة لها وله قلت امرأت الغزيز الآن حصحص الحق أن راودثّه عن نُفْسه وإنّه لمن الصادقين 9© ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأ للهلا هدي كيد الخائبين 69 4 اشتمل كلام امرأة العزيز على ثة أمور كلها إيجابى» وليس سلبيا. الأمر الأول: قوله : #«الآن حصحص الْحَقّ»4 أى الآن ثبت الحق واستقرت الأمور» وعرفت على حقيقتهاء وحصحص: معناها استقر الحق» مأخوذ من حصحص البعير إذا أناخ فى مباركه واستقر. الأمر الثانى : إقرارها بأنها راودته عن نفسه . الأمر الثالث: أن يوسف كان هو الصادق عندما قال: 9 ... هي راودتني عن تفسي ... 65 4 وكان قولها موافقا تمام الموافقة لما انتهى إليه الحكم الذى كان من أهلهاء وقال إن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين. 9 تفسير سورة يوسف الل حر > ا وقوله تعالى: « ذلك ليَعلم أني لم أخنه بالفيب وأَن الله لا يهدي كيد الخائتين 690 4 . الإشارة فى قوله تعالى: 9 ذَلك ليَعلْم أنّي لم أخنه بالْغَيِب »© إلى قول امرأة العزيزء ولكن الضمير يعود إلى مَنْ فى قوله: لأَخنْه 24 أيعود إلى يوسفء أم يعود إلى الملك؟» إن قلنا: إن الكلام كلام يوسف يعود إلى الملك» أى كانت تلك المجاوبة ليعلم أنى لم أخنه فى غسيبته وأنى كنت أمينا على شرفه وعرضهء وإن الله تعالى لا يهدى كيد الخائنين» أى لا يوفق تدبير الخائنين» ويقول تعالى: ‏ وما بر نسي إن الس لأْمَارَةٌ بالسوء إلا ما رحم رَبّي 4 . هذا على أن هذا القول جاء على لسان يوسف» وهو تخريج الزمسخشرى» ويصح أن يكون ذلك استرسالا لقولهاء ويكون على مع هذا التخريج» ليعلم يوسف أنى لم أخنه بالغيب» وأنى اتهمته وأصررت على الاتهام» وهأنذا أقر بالحق أمام زوجى وأمام الناس وأنا ما أبرئ نفسى» إن النفس أمارة بالسوء إلا من رحم ربى إن ربى لغفور رحيم. وإنى أمسيل إلى أن ذلك من كلام يوسف عليه السلام تبسرئة لنفسه أمام العزيزء ولأن قوله طإلأما حم ري إن بي عَفُور رّحيم 4 هى التى تليق بمقام النبوة» وقوله: إن النّقْس لأمَارَةٌ بالسّوء » فيه إشارة إلى « ولَقَد همّت به وهم بها لولا أن رأ برهات ربْه ... 9 4 وفيه إشارة إلى جيشان الغريزة» ثم كفهاء لما رأى برهان ربه» والله سبحانه وتعالى أعلم . تمكينه من ولاية مصر مد صحر لخو متو ع > اس لير وَقَالَأَلْمَلِكَاثثوف يهءَأْسْسَخْلِصِه 0 : 0 / اا تمفسبير سورة يوسف ) 1 الللل الل 0 1 مات ررض مارم > صمح هي محل اس 200 2 أ 0 001 أجَعَلن عل حَرَآبِ الأ ضٍإِقٍ حَفِيظ عَليم ليه وكدَلِكَ س0 -ه ٠.‏ 2 0/1 ا رع سر جم مكنا يوس ف ف الارضٍ بها حَيّثُ يسَآءُ نصِيب محل 1 سر سلس 1100 04 0 و م . سح كدي رحتنا من نشاء ولانضيع أجْرالْمْحَسِين ]ا ولاجر ب سالا صخر ٠.‏ روي را سلؤو دم الأخرجَ خيرللزينءامنوا 2 به مني سر ١‏ سه وَكانوا يفون [50) وبجاء إحوة روه ب ته 2 3 4 0و لما بوسف فد خلوا عليّهِ فعرفهم وهم له, منكرونَ او رس را سس ل لخ 4 سد ل ع ع سس 6 رس سر جَهَرَهَمحَهَازِهِمْ قال أثنوني بان لَكم منأبيِكم أ لاتروت ا 00000 نَأوف الكل وَأَتَأحَي الم ِلِينَ (م) فإ لَمْ توف يوقلا 2 مسد 0 جا ع كر و را وم لح عر للم عدر ولانفربون (') قالوأس مود عن أباة اس سس تر ا 0 ع مل 3ه سس مسصيرء . روي وَإنَا لفتعلون 0 وقال لِفْنيايه أجعلوايض عتم في حالم فرج سحو لير سرصم م سه سه عَلْمُمْيعرِفْهإدً أنقلوا لك هلو للم تفوت 50 - من غيابت السجن إلى ملك مصر سار بهداية الله» وتحت عسين الله ورعايته من الجب حتى قال الملك: « انتوني به أستخلصه لنفسي 4. أى أجعله خالصا لنفسى أوسد إليه من الأمور ما أصلح به أمرى» وهذا يدل على أن ملوك مصر حتى فى عهد الفراعنة» يتخيرون الرجل ليضعوه فى المكان الذى يصلح به الأمرء لا كطاغية ظهر فى عصرء يعطى الأمر غير أهله. ولا يختار من تكون له كفاءة خاصة . اخستار يوسف ليكون بجواره» فلما كلمهء قال: 8 إِنّك اليوم لدينا مكين 9 تفسير سورة يوسف الملل ٠‏ حر ا ويوسف الصصديق عليه السلام عرف مما علمه ربه المكان الذى يستطيع به إصلاح الأمور, وعرف مما عبر من رؤيا تعلم تعبيرها من الله كيف أمر اقتصادها ولذا قال: «اجعلي على خَرَائن الأرْض إِنّي حفيظ عَليم 4 أى إنى أحفظها من الضياع» فلا يختلس فيها مختلس» ولا تضيع فيها الأمانات» ولا ينفق منها إلا فى موضعهء ولا يبذر فيهاء ولا يقتر فى مواطن الإنفاق» وعليم بما يصلح وما لا يصلح» وبوجوه الحاجة» وبوجوه الإسراف» فلا يخرج مال إلا بحقه» ولا يجمع إلا بحقه» وقوله: ف اجعلني علئ خزائن الأرض #: فيه طلب جعله واليا على أموال الدولة» وظ الأرض 4 المراد بها أرض مصر. إن هذه المكانة التى وصل إليها يوسف» الفضل فيها لله وحدهء ولذا قال تعالى: ل( وَكَدَلك مكنا ليُوسُف في الأرض يتبوا منها حيث يشاء نصيب يرحمتنا من َشَاء ولا نضيع أَجِر المحسنينَ 63 4 التشبيه هو بين الحال التى تنقل فيها يوسف من الجب والرق والتحكم فى مشاعره» حتى كان كل أحاسيسه ملكا لمن كان عندهاء حتى صار حاكم مصرء أخصب الناطق فى عصره. وإرادة الله تعالى التمكين» أى كهذا الذى رآه القارئ فى القصة كان تمكين الله ليوسف عليه السلام» فهذا التشبيه يفيد أن ما كان ليوسف فى هذه الأدوار كان بتمكين اللّه. ثم ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: 9 ولا نُضيع أجر المحسنين» أى نجزى الذين يتصفون بالإحسان» والإحسان يقتضى استقامة العقول» وإخلاص القلوب» والقول الطيب والعمل الصالح» وغير ذلك مما يدخل فى معنى الإحسان» وهذا جزاء دنيوى مداره التوفيق فى القول والعمل . ٠‏ وفى الآخرة خير منهء ولذا قال تعالى: « وَلَأَجْرَ الآخرة ير لَلّذِين آمنوا وكانوا يتّقَوِنَ 595 © «(اللام) لام التوكيد» والآية الكريمة تبين أن أجر الآخرة خير من هذا الذى رأيناه ليوسف الصديق عليه السلام وإغما يستحقه من كان فيه وصفان: الوصف الأول: الإيمان» فقال: لاللّذِينَ آمنوا4. وقد أطلق الإيمانء ليشمل الإيمان بالله تعالى» وهو رأس الإيمانء» والإيمان بالحق» والإيمان ها تفسير سورة يوسف اللا ااا ا 221 ىت بالمفضائل» والإيمان بحقوق الناس وحماية هذه الحقوق.» ويصح أن نقول إن الإيمان بالله تعالى يتضمن هذا كله. الوصف الثانى: التقوى» ولذا قال تعالى: 9 وكانوا يتَقُون4. أى استمروا على التقوى. والتقوى استشعار خشية الله تعالى» وأن يجعلوا بينهم وبين المفاسد أيا كانت وقاية من الاندحار فى مخازى الشيطان. اللقاء ألقى الإخوة أخاهم فى الجب. ثم كذبوا على أبيهم وصاروا لا يعلمون من أمره شيئاء وما كان يجول بخاطرهم أنهم سيلقونه ملكا حاكماء يمدون أيديهم طالبين منه العون» ولكن ما لم يكونوا يتصورونه كان أمرا واقعا رأوى ولم يعر فوه ؛ الأنهم تركوه غلاما صغيراء ولكنه عرفهم»؛ وهذا قوله تعالى: 9 وجاء إخرة يوسف فَدَخَلُوا عليه فعرقهم وهم له مدكرون © 62 4. ولقد صدق بهذا اللقاء إلهام الله تعالى فى وحيه إذ قال تعالى: 9 .. .وأوحينا إليه لتبتنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون 02 4 وقوله تعالى: 9 وهم له مكرون )» معناه أنهم لم يعرفوهء والنفى مؤكدء بكلمة هم 24 وبالوصف» فحالهم حال إنكار مؤكد وذلك لطول العهدء وتركهم له وهو غلام» وقد صار رجلا مكتملاء وليوهمهم أنه هلك. والفارقة الكبيرة بين حاله إذ رموه فى غياهمب الجب» وحاله وهو جالس على عرش مصرء أو قريب منه» لذا لم يعرفوه. وقد روى الكاتبون فى قصص الأنبياء أنه صار وزير الملك» وجعل على خزائن الأرض وأقام العدلء والعدل ذاته فيه نماء.ء واجتهد فى تنمية الشروة المصريةء فأكثر من الزراعات» وضبط الثمرات والغلات وادخر ما ادخر لسنى الجدب على النحو الذى شرعه فى ته تفسير الرؤياء ولما جاء الحدب» وكان يعلم ذلك بتعليم من اللّهء عم القحط مصرء وتوجه الناس إليه فباعها بالدراهم والدنانير 9لا تفسير سورة يوسف م لل 0ااااللإلللااااالللالللو الل الملل الك :1-74 أولاء 71 ثم باعوا حليهم وجواهرهم ثانياء م أنفسهم ثالثاء ولكن نبى اللّه أعتقهم بتفويض من الملك . وقد وصل القحط حي تقيم أسرة فى الله تعلى يسقوب فأرسل ول يمتارون من مصر التى كانت وحدها بفضل تعليم الله تعالى لابنه هى التى يمكن أن تكون فيها الميرة. قال على #وولما جهزهم 4 أى ملأ ما معهم من جهازء وأوفر ركائبهم بما قل وني باح لك نيك أ ترون أن أو الكل ونا لشي . أى خير الذين يكرمون الضيوف» وينزلونهم فى أحسن المنازل. ثم هددهم بأنهم إذا لم يحضروه» وكان فى شوق إليه» وفى جمع الشمل» وهذا من دوافعه 9 فَإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون 2 4 . « قَالوا سنراود عنه أباه ونا لقاعلون 9 4. أى سنلطف بأحسن القول مع أبيه» أكدوا أنهم فاعلون ذلك وأكدوا ذلك ب (إِن): وبالجملة الاسمية. قال لعبيده: فل اجعلوا بضاعتهم في رحالهم 4, أى فى ركابهم: فقال تعالى فى ذلك: وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لهم يعرفُونها إذا انقبوا إلى أهلهم َعَلّهُم يرجعون #55 انقلبوا معناها هنا وصلواء والرحال جمع رحل» وهى ركائبهم» رجاء أن يعرفوها ورجاء أن يرجعوا إلينا بما وعدوا به. ونرى هنا أن يوسف الذى كان رفيقا بأهل مصرء كان رفيقا أيضا بإخوته وأبيه. فلم يؤخر عنهم الميرة» بل عجلها لهم وإن أوهمهم أنه يؤجلها حتى يعودوا إليه مع أخيه. ا تفسير سورة يوسف 2 ال 00 لسرب اد هل آمنكم عليه!! قال الله تعالى: ا َلَمَاسجَعْوَا ِل هم دَالْوأيأْبَانَا ميِمَِنَ ليل َأَرْسِلمَمتَآأحَانا دل نَالمكحفِظونَ 9 0 كي إلاصكما أمن عليه من 2 بِضلعتهم رُدَسْاِلهِمَ قَالوأيتأبا تبان - سر لخر ع م له له لو أ[ ا سل لور | مذ سر 7 1 01 مابخى هلزه. يضلعلناردت! ينا وتمير أهلناو محف سل سر سس ع سس ل كل عو ا 2 او أخانا ونرّدا دبل بحر دَلِكَ حيل سر نما للن 3 000 وى دده 4 مع رةه ا رسام ممحكم حقَ ونون م مويْقام أآللولتأنتنى به[ مه 0 ِ عب 2 مه 72000 لخر عر عر أن ا اط يكم فلمآءالو ه مويْفَهم قال الله عَلّ ول كل رن رم مي يريبير 2 52000 00 0 د خَلوامِنأنواب هه در أ 72 و - صم اليا0 9 7 مَفرِفْوَ وما أغنى مهسألل 2 أ إلا هك وعد تو سكف أرادوا أخذ يوسف من أبيه ليكيدوا له» وكادوا ما كادوا» وهذه المرة» أحذوا الباطن» ويشترك القصص القرآنى الصادق فى مجراه. بها تفسير سورة يوسف |الخااااااالااائلك ماللا امات اماللا الا امام مخ مم !اللا مامالل ططخم ممما ممخمخممممل فللا 4 حر اا «قَلَما رَجَعُوا إلى أبيهم قَالُوا يا أبانا مبع منًا الكل 4. الكيل المراد به المكيل» فهو مجاز لتلاقى الاشتقاق» وذلك لإحضار أخينا فأرسل معنا أخانا » أو نقول: إن الكيل على حقيقته» أى منع أن يكال لناء و نكتل # معناها يكال لناء ونكتل مجزومة فى جواب الأمرء ونا له ُحافظون 4 وعدوا وأكدوا الوعد ب (إن) واللام» كوعدهم عند أخذهم ليوسفهء ولكنهم كانوا كاذبين» وهنا كانوا صادقين» فتشابهت ألفاظ الوعدء واختلفت الحقائق فيهاء وإن الأحكام على الأقوال تؤخحذ من الظاهرء ويقاس فيه الحاضر بالماضى» وقد كان ماضيهم فى يوسف يجعله يخاف من حاضرهم. قال هل آمْكُمَ عليه لذ كما أَمَكُم على أخيه من قبل فَاللَه خَيرٌ حافظًا وهو أَرْحَم الراحمين 52) 4 الاستفهام هنا إنكارى لإنكار الوقوع» وهو وقوع الأمن» أى ليس أمنى عليه منكم» إلا كأمنى على يوسف منكم» وقد كانت نتيجة الآمن فى الماضى أن جئتم تبكون. وتقولون أكله الذئبء» فلستم أنتم الذين تحفظون أخاكمء « فَاللُهُ حير حافظا وهو أَرْحم الرّاحمين 4, وإنه إذ قال ذلك أبدى عدم ثقته بحفظهم أولاء وعدم الشقة بما فى نفوسهم ثانياء وبالنسبة للأول ترك الأمر لله فهو خصير حافظاء وأخذ موثقا للأمر الثانى فقال: قال لن أرسله معكم حنّى تو ونون موثقا 4 كما سنتلو الآية كاملة من بعده. وإنه فى أثناء مبادلة القول مع أيهم بشأن أخيهم » وجدوا بضاعتهم فى رحالهم» ٠‏ 8 ولمًا ففَحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إِليهم 4. » ففرحوا أشد الفرح» و قَالُوا يا أبانا ما تبغي 4 ما» إما أن نقول استفهامية» ومعناها أى شىء نريده قلبه السرور» ويصح أن تكون نافية» أى لا شىء نبغيه» فقد تحقق كل ما بغيناء ولا شىء بعد ذلك» لقد دفعنا الشمن» وتسلمنا البضاعة هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أَهلنا وتحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير ‏ ويلاحظ أنه عبر عن أخذهم بالبضاعة بقولهم ردت إِلينا 4 ولم يقولوا جاءتناء وذلك لأنهم صدقوا ها تفسبير سورة يوسف ١الااااالةاالاناا‏ نالل الت لط طامط مخلاااااااللااللااالااماا اك اااالاطا اماما لالم طخططللطط الالال الللالالللللاخط خط خخخ ططخم خسطسلال جب 2 مقالة العزيز عندما قال: «إفَلا كيل لَكم عندي 4 كأنها أخذت ثم ردهاء كما يصنع الملوك خصوصا ملوك مصر. وإن وجود البضاعة فى رحالهم أحيت آمالاء فقالوا: #تمير أَهلنا4 فاطمأنوا إلى ذلك» ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير 4 واعتزموا الوفاء لأبيهم» بحفظ أحيهم» فقالوا: وتحفظ أَحَانَا 4 . وأبوهم كان مكلوما من نتائج إعطائهم يوسفء فكان لابد أن يحتاط لأخيه» حتى لا تكون النتيجة مثل ما كان بالنسبة ليوسف» بل أخذ عليهم ميثاقا كان نصه: ١‏ لاني به إلا أن يحاط بكم فَلَمَا آتوه موثقهم قَال الله على ما تقول وكيل 4 كان الميثاق أن يأتوه به إلا أن يكونوا فى حال إحاطة بهم» بحيث يغلبون على أمرهمء أو يكونون لا يطيقون فيها القدرة على المحافظة» ولقد قال بعد أن أتوه موثقهم 9 الله على ما تقول وكيل 4, أى رقيب يعلم ما فى الصدور فيعرف نيتكم» وإرادتكم الوفاء. ولقد كان نبى الله شفيقا بأولاده جميعاء ويخص يوسف وأخاه بحبه لصغرهماء إبان رمى يوسف فى غيابة الجبء, ولذا قال لهم: يا بي لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أَبوَاب متَفَرَقَة4 لقد كانوا فى فخامة وكثرة» وقد أكسبتهم مقابلتهم الأولى مكانة. وقد خشى أن تصيبهم عين» أو يتدافع الجند عليهم» أو نحو ذلك» ثم قال: «إما أي عم من الله من شيع». أى ما أدفع عتكم من الله من أى شىءء ف وإ من » هنا لاستغراق النفى» أى أن احتياطه هذا لا يمنع قدر لله تعالى إن كان قدر لكم شيئا إن الْحكم إل لله 4 «إن 4 هنا نافيةء أى ليس الحكم النافذ إلا لله تعالى» « عليه توكلت وعليه فَليِموكُلٍ المشوكلون» أى عليه وحده توكلت» فلا أتوكل على سواه وعليه وحده فليتوكل المتوكلون» فهو السندء وهو العماد وحله. 0 تفسبير سورة يوسف 0 لل مالل 4 أاعيهييا 14 “رد بر ١‏ لقاء الأحبة دُوعِلِْيِمَامََمَنَهُ وَلِكنَأَحك الئاس لا يَعَلمُوت (0 وَلَمَادحَلُوأْ عل يوسَُت َأوَمت هلكا فَالَ َنأ أخواك مَا3 ا َْميسيمَاكَ ْمَلَو 0 لدَاجَهَرَهْمجَهَازِهِمَ جَمَلَأَلِيَقَاَه في رَحْ ل أَحِيه ثم دن مَوَوْنُ ها اهبر َك مس رفوت 273 الوأ وأقبلوأ عَيهممَداَفدُوت © َالوأْفوِد ْوَاعَ ْمَك وَلِمَنْجَآهبو حمل بير وَأَنَأيو ريم لا فَالُوا لَه لََدَعَدِمسُممَاِحَِنَالِمَِدَ فلار ضٍوَمَا َاسَرِقِينَ َالْوأهَما جرؤة, إِنَصُشْرٌَ كذ نورقم مَنوحد في رَحلِه- هروك ىلبت ا ا ل ا 9 6 مدا وَعيَتَهم قبل وعَاءِ أ حبِوَسْتَخَرجَهَامن عا أَخِيةِ كك كذ ليُوسْفَ م مَاَكنََأَْدَ لْحَاهُ ف دين الْمَلِكِإٍلَّدَأنيَسَا فرحنت كَن لَاء ل وَعَوَيَكَلٍ زِى عِل عي (©] إلا تمسير سورة يوسيف : ل لل لسر لان دخلوا من أبواب متفرقة» وتمثلت فى يعقوب النبى صورة الأب الشفيق الذى يخشى على أولاده من كل شىءء فإن الشفقة توهم ما لا يكون له حقيقة أو تكون له حقيقة ولكن بعسيدة؛ خاف على أولاده أن يعانواء أى تصيبهم العين» فقال: «يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا م من أبراب مُمَْرقة4 4. ففعلوا استجابة للحنان الذى يغمرهم» ولذا قال تعالى : وما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم 4 أى من أبواب متفرقة حيث أمرهم أبوهم ما كان لا يغنى عنهم من الله من شىءء أى لا يدفع عنهم دون الله تعالى من شىء. أى أن العين وأشباهها لا تدفع بالدخول من أبواب متفرقة» إنما يدفعها الله إذا شاء إلا حاجة في نفس يعقرب قضاها 4 هذا استثناء منقطع» على نظر الكثيرين من المفسرين» والحاجة هى الخاطر الذى خطر على فكر يعقوبء» وصار فى حاجة لأن ينصح ولده بأن يدخلوا من أبواب متفرقة» وهذه الحاجة هى شفقته على أولاده» وخوفه من العين تصيبهم» كما أشرناء ومن المفسرين من أنكر خوف العينء» على مثل نبى الله يعقوب عليه السلام» وقال: إنه الخوف من الملك إذا رآهم وأولادهم جميعا فى أبهة وفخامة أن يبطش بهمء والحاجة تحتمل الأمرين» وربما كان يرشح للثانى قوله تالى: ماه عملم سا4 من الحكمة والبرة فلا يغنى عن الله شىء وان ميل إلى هذا. ورشحه أيضا قوله تعالى: وان تر ل لابطمرن 4 بل مسبروة وراء ما يتوهمونء وإن لم تكن له حقيقة حقيقة ثابتة» والله أعلم . التقى يوسف بأخيه الحبيب المحسود من إخوته كما حسد هوء وترتب على الحسد كيدهم له الذى أدى إلى وقوعه فى الرق ثم نجاته» وصيرورته عزيز مصر المنقذ. التقى بآخيه فضمه إليه» وأسر إليه وقال له: « إنِي أنا أخوك فلا تبتعس بما كانوا يعملون 4 . ٠‏ لل 200 والأخوة هنا هى الأخوة بالمعنى الخاص» وهو أنهما شقيقانء ولأن حقدهما عليهما جعلهما ينحازان فى منحاز واحدء كما أراد الإخوة الكبار» وتذهب به شفقته) وما أنعم الله تعالى به عليه إلى التسرية عن نفس أخخيه بقوله فلا تبتتس بم كانوا يعملرن 4, أى فلا تدخل على نفسك البؤس والحزن بما كانوا يعملون. أى بما استمروا على عمله من إثارة للحسد والحقدء. عملوه معى وكانت عاقبته ما ترى لى» فقد آلت عاقبة فعلهم إلى أن أكون عزيز مصرء وما يفعلونه معك لا تتصوره أن تكون عاقبته شراء فعاقبته لك خيرا. وكأنه أسر إليه بالاطمئنان إزاء ما سيفعله معهمء لا إرهابا ولا انتقاماء فمعاذ نبى الله أن يكون منتقما جباراء ولكن ليبقى أخوه فى ظله» وليستمتع كلاهما بالأخوة الرفيقة القريبة» كما سيتبين من الآيات. جهزهم بجهازهم الذى جاءوا طامعين أن يزيدهم كيل بعير» وحقق ما يبتغون» ومكر بهم مكرا طيباء ليس خبيثاء ولا اعتداء كما فعلوا هم معهء فجعل الصواع الذى يكال به فى رحل أخيهء ولذا قال تعالى: قَلَمًا جهّزهم بجهازهم جَعَلَ السقايَة في رَحُل أخيه ثُمّ أذ مود ينها العير ِنكُم لَسَارقُونَ © . وقوله: 8 بجهازهم 4 أى الجهاز الذى ابتغوه وأرادوه غير منقوص» وقد جعل السقاية فى رحل أخيهء أو وضعه فى الرحل الذى يحمل البعير المخصص لهء ثم بحث عن السقاية» فتبين أنها غير موجودة» وأنها فى رحال القوم» فانطلق حراس القافلة منادين» وهذا معنى ظاأَذَنَ مُؤَذَنْ)4. أى أعلم معلم ظأأيْتَها الْعير 4 أى أيتها القافلة» وهو اسم الإبل التى عليها الأحمال» وهنا مجاز مرسل إذ أطلقت» وأريد راكبوها. وفى وصفهم بالسرقة مع أنه لم تكن منهم سرقة» وما كان لنبى الله يوسف أن يكذب» ولو لخيرء وقد أجيب عن ذلك بأنه لم يكن هو الذى وصفهم بالسارقين. إنما الحارس المنوط به حراسة حاجة الملك هو الذى قال ذلك» وإن كان ا تفسير سورة يوسف لاا 011 1ك - يوسف هو الذى وصفهم» فالوصف حقيقىء لأنهم سرقوا يوسف من أبيهء فكيف لا يسمون سارقين وقد سرقوا من الأب أعز ولد عنده. والسقاية هى المشربة التى يشربون منها» وسميت هنا سقاية» وسميت من بعد بالصواع» لآنها استخدمت سقاية» واستخدمت للكيل» ولا مانع للمقتصد من أن يستخدم أمرا واحدا فى حاجتين مختلفتين» وخصوصا إذا كانت غالية فى ذاتهاء فقد قيل إنها كانت من الفضة أو نحو ذلك» والصواع لغة فى الصاع. أجابهم العير 8 مَاذَا تفقدون 24 أى شىء ضاع منكم وتبحثون عنه؟ ظ قَالُوا وأفْبلُوا عليهم مّاذًا تفقدوت 469 جملة « وَأَنُوا علَيّهِم 4 جملة للحال» أى قالوا حال كونهم مقبلين» ماذا تفقدون» أى شىء ضاع منكم» وتبحثون عنه؟ . ا( قا نفد صواع املك ولس جا به حدلَ صر ونا زيم 9© 4 الضمير فى قَالُوا4 يعود على ججبماعة الملك الذين ييحثون عن الضائع» وكيف يتكلم بلسان حالهم واحد منهم» ولقد ذكر هذا المتكلم عنهم جائزة مكافأة عنها وهى كيل بعير»ء أى حمل بعير يكال لهم سماحاء وقد تعهد المتكلم عن جماعة المصريين الحاضرين فى هذا وأَنا به زعيم 4 أى كفيل» فزعيم تطلق بمعنى كفيل وحميل» وضامن» وغيرها ما يدل على معناها. كانت التهمة صريحة ابتداء» ثم هدأت للبحث عن المفقودء فتحايل المؤذن المتكلم باسم المصريين ليجد المفقودء وتخلى عن الاتهام الذى ابتدأه وعرض المكافأة» وتكفل بها. ولكن الاتهام الآول بالسرقة ما زال قائما. ولذا رد إخوة يوسف الاتهام بقولهم: لإ قَانُوا تَاللّه قد علمتم ما جثنا لنفسد في الأَرض وما كنا سارقين 4695 دفعوا التهمة أولا بأن المصريين الذين يطيفون بالعزيز علموا علما مؤكدا بحسن نيتهم» وأنهم ما جاءوا ليفسدوا فى الأرض» والسرقة 8# تفسيرسورة يوسفف لو الل لأس أ والاغقصاب وأشباهها من الفساد فى الأرض» وما كانوا ليفعلوه» ومن حول وثانيا بأن السرقة لا تليق بهم؛ وليست من شأنهمء ولذا قالوا: # وما كنا سارقين 4©: أى ما كان شأننا ولا من خصالنا أن نتصف بوصف السرقة. وقد أكدوا نفى التهمة بالقسم» وباللام» وبأن ذلك لم يكن مقصدهم ولا لم يقبل من كان يتهمونهم ذلك النفى المجردء ولا أن يكتفوا بهذا الاتهام المجردء بل أردفوا الأمر بالتحرى ١‏ قَالوا فَمَا جزاؤه إن كنتم كاذبين 4. أومأوا إليهم فَالوا جاه من وّجد في َحله فَهَُ جاو َلك نَجْرِي الطَالمِينَ 462 أى جزاء هذه السرقة التى يستحقها من سرق» من وجد فى رحله» فالسارق هو الجزاء» ويظهر أن ذلك مبدأ كان معروفاء وهو أن السارق يكون جزاء للمسروق كذلك نجزي الظَالمين 4 أى كهذا الجزاء نجزى الظالمين. وإن استرقاق الأحرار فى نظير المال كان مبدأ مقررا فى بعض عهود القانون الرومانى الذى جاء بعد ذلك بعدة قرون. عَدَوا الحكم على السارق إن كان» وهو أن يسترق فى نظير ما أخذء فأخذوا يبحثون فى الأمتعة» «( بدا بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه 4. أى أنه بمقتتضى الحكم الذى قرروه أن يكون أخوه حبيسا رقيقا عند العزيز ومن معه» وذلك مبتغى يوسف. لأنه يريد أن يحتجز أخاه عنده مكرما غير مهين» وتم له بذلك ما أراد. وذلك بتدبير الله تعالى» ولذلك قال تعالى: # كذلك كدنا ليُوسف 4 أى كدنا ليوسف هذا التدبير» أى دبرنا ليوسف مثل ذلك التدبير ما لها تفسير سورة يوسف الل 7700000000 2 71ظ2#ظ2”*2 لب -_ ار يي كان ليخد أَخَاهُ في دين الْملِك إلا أن يشَاء الله ودين الملك سلطانه وقدرته» وقوله تعالى: «إما كان ليأَخدَ أَخَاه 4 نفى للشآن: ما كان من شأنه أن يأخذ أخاه عدلا فى سلطان الملك إلا أن يشاء الله بأن يجرى على السنتهم ذلك الحكمء وهو أن يكون جزاء صواع الملك رق أخيه. ويبين الله تعالى عدالته العامة فى الناس 9 ترَفَع درجات من نَشَاءِ 4 أى نرفع درجات ومنازل فى العلو من نشاء» وقد رفعنا يوسف فوق إخوته. حتى احتاجوا إليه» ومدوا أيديهم طالبين منه الميرة والعون. وأعطيناه الملك والعزة والحلم وتدبير شئون الدولة» حتى صارت تمد غيرهاء طإوَقوقَ كُلَ ذي علَم ليم 4 وما من علم بتدبيرالأمور إلا فوقه علم الله تعالى وهو فوق كل علم» وقد أحاط بكل شىء علما. الرجاء واليأس والماضى معد سرفت اخ لممن سارها «وسف ف نفسه ‏ 0 2 هه كيدها له لكك وا علوي صمو 9 فَالوأيكايا الْمَرِرْإِنَلهأباسسَاييرًا سد فخدأحرنام مكانَهإِنَا رسك سَالْمْحْسِيِيت 0 ل مَعَاد د أَللّهِ أن إلا وَعِدئَامكصَاصكه سح 04 فلمًا أستَيسوأ نه منهُ سأيي حرف الراك 80" حَدَعَيك ص .- 0-2 5 مَويَْامنَألَه وَمِن قل مَاهرَطتْفٍ يُوسف قلأت بم 0 تفسير سورة يوسف الل « ١ الا‎ يب 1 0067 0 6 عر مر وس د 1 آل +3 حوئياذن ج1١‏ جا كم أله إلى وهوهيرا ل لعي مس ده سا اج سظر مع وس دَقَّ :4 أرجعواإك أبِيِكح فقوا أيكاباناارت لق و استيقظ الحقد الدفين» فكذبوا على يوسف.ء وهو يخاطبهم» وهم فى كلاءته» وحمايتهء فقالوا: «إن يُسرق فَقَدٌ سرق أخ لَه من قَبل 4 وإذا كانوا قد سلموا بالسرقة. لأنهم قامت لديهم الظاهرة الدالة عليهاء فلماذا كان الافتراء على أخيهء وهم الذين سرقوه من أبيه» وألقوه فى الجب» ولكنه الحقد والحسد لم يقتلهما الزمان؛ وأسر ذلك يوسف فى نفسهء ولم يبدها لهم» كرما وهو القوى المسيطر ولكنه ليس جباراء وليس حانقاء لأن الله سبحانه وتعالى جعل النتيجة خيرا ونعمة له» وكانت بحكم الله تعالى التمهيد لذلك السلطان» فكيف ينتقم وإذا كان لم يبد ما أسر فإنه وصفهم بوصفهم الحقيقى؛ وقال ما هو نفى للسرقة عن أخيه ونفسه قال أَنم شر مكانا 24 أى أنتم شر منزلة عند الله لأنكم سرقتم أخاكم؛ وصنعتم السوء من غير جريرة من أبيكم ولا أخيكمء ٠‏ © والله أعلّم 4 علما ليس مثله علم «بما تصفون 4. ولو كانوا يعلمون أنه أخوهم يوسف لأدركوا المغزى والمرمى من القولء ولكنهم لم يعلمواء ولم يتوهموا أن يكون هو يوسف والضمير فى 8 فَأَسرَها © يعود إلى الفرية أو الكلمة. لاا تفسير سورة يوسف 2 مك011 ييا 276 وبعد أن افتروا ذلك الافتراء إشباعا لنهمة الحقد أخذوا يستعطفون يوسفء ويثيرون عوامل الرحمة فى نفسه 8 قَالوا يا أيها العريز إن لَه أبا شيّحًا كبيرا فَخل أَحَدنا مَكَانَه إن راك من الْمحسنين 69 »© نادوه بالمنصب مهابة وإجلالاء وتقرباء وذكروا حالهم». وهو أن له أبا شيخا كبيرا قد تعلق به وإن أى واحد منهم قابل لأن يكون فى الرق مكانه. ولكن يوسف عليه السلام لا يريد أحدا غيره؛ لأنه حبيبه فى باطن الأمر وفى ظاهره هو السارق» ويتخذ من الظاهر ذريعة إلى تحقيق الباطن» فباسم الظاهر يقول لإخوته: لا نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده» فلا نأخذ غيره بجريرته» إنا إذا لظالمون» أى إنا معشر الحاكمين نكون إذن ظالمين» إذا أخذنا مكان الجانى غيره» وأن ليس للإنسان إلا ما سعى» وكل امرئ بما كسب رهين» وقد أكد الحكم بالظلم على من يأخذ بدل الجحانى. ويلاحظ هنا أمران: الآمر الأول: أن ينبوع الشفقة على أبيهم أخذ ينبع من قلوبهمء فقبلوا أن يكون أحدهم فى الرق بدل.أخيهم المحسودء رفقا بأبيهم» وللعهد الذى أخذ عليهم . الآمر الثانى : أنهم نادوا يوسف بأنه العزيزء ويستفاد من الكلام أنه آل إليه أمر مصرء ويؤيد هذا أن أخبر الله بعد ذلك أنه استولى على العرش . ئس الإخوة من أن يرجعوا بأخيهم إلى أبتهم' وقد صاروا فى حيرة من أمرهم» ودفعتهم الحيرة ة إلى أن تعود قلوبهم إلى ما كانت عليه؛ ولذا قال تعالى عنهم : «فَلَمًا استيأسوا منهُ خَلّصُوا تجيًّا 4, أى انفردوا متناجين» ونجيا مصدر. والمصدر يستعمل فى معنى الجمع » وفى تناجيهم قال كبيرهم: 9« ألم تَعلموا أن أباكم قد أَحَذ عليكم مُوتقَا من اللّهِ4 الاستفهام هنا إنكارى بمعنى إنكار الوقوع, ونفى النفى إثبات» والمعنى أنه عنفهم فى قوة قائلا لقد علمتم أن أباكم أخحذ عليكم عهذا موثقا بأيمان الله « ومن قبل ما فرطتم في يوسف 4 أى من قبل إذ ناا تفسير سورة يوسف لماز لزالتااا اللا ان !ااا ا اللا االلاا!!ةا الل االاا!ا ]ااا للااتلئك!! لان الالال لاللللاا!! !الا لامااا اللا املاط ةلال لالط كط ةلتلا 0 لسرب أ فرطتم فى يوسف» والقيتموه فى غيابة الجب» وهذا الكلام يدل على أن أخاهم الأكبر لم يكن راضيا عن فعلتهم مع يوسفء ويؤكد صدق الرواية التى تقول: إنه كان غائبا» إذ فعلوا فعلتهم مع يوسف» وأنه حاول أن يستعيده ويخرجه من الجب» ولكن السيارة كانوا قد أخذوه. أبدى الكبير العهد. وأبدى استنكاره لتفريطهم فى يوسف. وعبر عن فعلهم بأنه تفريط فى حت اللأخحوة» واستهانة بالواجب نحوهاء سيرا فى طريق الحقد» والغغى» ظ فلن أبرح الأرض © , أى مصر)» حتئ يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو ير الحاكمين ». ولكن كما أشرنا انبعث فيهم ما كان قد اخحتفى من نفوسهم الحاسدة» فقالوا فى نجواهم: «( ارجعوا إلَئ أبيكم فَقَونُوا يا أبانا إن ابلك سَرق وما شهدنا إلا ما علمنا وما كنا للغيْب حافظينَ 9 وا سأل القرية الّتى كنا فيها والعير الَتى أَفبلنا فيهاوإنًا تصادقرن 60 4 . يتضمن هذا الكلام الذى حكاه الله تعالى عن سائر الإخوة مَفْرِما الكبير يكلام عاطف نابع من النفس اللوامة» وكلامهم هذا يشير إلى معان : عبروا بأنه أخوهم بل بأنه ابنه» وهى نغمة الافتراق الحاسدة. المعنى الثانى: أنهم لم يقولوا اتهم بالسرقة» بل يقولون: إنه سرق» مؤمنين بذلك مستوثقين ومؤكدين» وذلك من بقايا حسدهم وحقدهم عليه. الأمر اللأول: شهادة القرية التى كانوا فيها وهى المدينة العظيمة بمصر. الآمر الثانى: شهادة العير التى كنا فيها. ا تفسير سورة يوسف الللللللللاا0ا0ا0ا0االلللوللللل لا 5س |5 يي الأمر الثالث: تأكيد صدقهم؛ وكل هذا من انفعال نفوسهم بالحقد الدفين على يوسف وأخيه. ذهبوا إلى أبيهم» وقالوا تلك الكلمات التى تنبئ عن حقدهم؛ ولذا لم يصدقهم الأب الشفيق» ورد كلامهم قائلا: «(قال بل سولت لكم | أنفسكم أمرا فُصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إِنَُّ هو الْعليم الحكيم 69 » رد عليهم فى أمر أخى يوسفاء كما رد عليهم فى أمر يوسفء وظ بل 4 هنا للوضراب برد كلامهم» وعدم تصديقهء و سولت »: معناها حسسّت لكم أنفسكم أمر سوءء وإذا كان ذلك حقا فى أمر يوسف فهو ظن فى هذا الموضوع سوغه له ماضيهم مع أخيهء ‏ فصبر جميل 4. أى فأمرى, أو فصبرى لا أنين فيه ولا شكوى لأحد من الناس . ولكن الرجاء فى رحمة الله سابق إليه دائماء ولذا قال: عسى الله أن يأتيني بهم جميعا 4 أى بيوسف وأخيهء ولعله قد انضم إليهم أخوهم الأكبر الذى لم يشترك فى تفريطهم فى يوسف ولامهم بعد عودته» وكان غائبا وقد أكد رجاءه بأن يأتوا إليه مجتمعين غير متفرقين. وختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة» بما يقوى رجاءه نه هو العليم اللحكيم » الضمير يعود إلى الله تعالى الحاضر فى الألسن المؤمنة دائماء العليم الذى يعلم كل شىء» لا يخفى عليه شىء فى الآرض ولا فى السماءء الحكيم الذى يدبر الأمور بحكمته وعلى مقتضى علمه الواسع الأب الحزين الذى ابيضت عيناه من الحزن قال تعالى: وَتَولَ عن نح َكَل يتم سف 59 يوسفٌ يلوس ال 621ل 2 بن ا تفسير سورة يوسف لل ا6060اااالللل ل لسرب د ل ارق صرص ‏ سح سار وصج دوع وس م الوا للف رت حَرَضًا أَوَتَكرْنورك الْهتلكير 1 كَالَإِنَّمَا أَسَكوابَةٌ ود 7 لله وَأَعَلمُ مر وما لاتوت 1 5خ )ع سس بر 4 عر عام من زوح َنم لا سين روح أله أ و 5 ا زاد أباهم حزن إلى حزنه» لما عادوا إلى أبيهم من غير ابنه» فنكثوا جرحه القديم على يوسفء ولقد صور الله تعالى حاله عندما أنهوا إليه خبر ولده الثانى فقال تعالت كلماته: « وتولّى عنهم وقال يا أسفئ على يوسف وابيضت عيناه من الحرن فهر كظيم 69 4# أعرض عنهم؛ لأن إخبار أخبار السوءء تضر ولا تسرء فانكفاً على نفسه. والأسف الحزين الذى يملا نفسه الحزن» ويستغرق حسه» وهو يقول 8 يا أَسَفَى على يوسف 4, وهى جملة تصور أله وحزنه» وكأنه ينادى اللآأسف والحزن؛ لأن هذا وقته. وذكر يوسف مع أنه رزئ رزءا جديدا بولديه شقيق يوسف وولده الأكبر الذى كان يشاركه فى أحزانه وآلامهء وذلك لأن أمرهما معلوم. فهو يعلم أنهما على قيد الحياة» وأن أحدهما فى الرق» والآخر قد رضى مختارا بالبعد» ويشاركه فى الأسفء أما يوسف الحبيب فأمره مجهول لا يدرى أهو حى أم ميت» وأهو فى تعب أم فى راحة فرزؤه فى يوسف كان عاقده المصائب» وكان غضبه آخذا بمجامع قلبه» كما عبر البيضاوى!"' . وقد اجتمع طول الأدهر التى مرت على يعقوب غربة ولده التى لا يعلم له مآل وقلق مستمرء وحنان وشوق شديد إلى رؤيته وبكاء مستمرء دائب» وحزن عميق مؤسف» وانقسام بين أحبابه وفلذة كبده» وكل هذه الآلام أثرت فى بصره» ()انظر البيضاوى - ج7/ 0 #١‏ تفسير.سورة يوسف ) امالك ب )5 يي" ولذا قال تعالى: فإ وابيضت عيتاه من الْحزن فَهِوَ كظيم » أى طوى نفسه على آلام مستمرة من أولاده الذين كادوا لأخويهم. ومن الحوادث التى باعدت بينه وبين أحبابه» وكظم الغيظ فى ذاته بمضء. وملق بالبؤس فى نفسهء لولا ما امتلاً قلبه بالإيمان» ولولا الرجاء الذى يرجوه.» والأمل الذى عاش عليهء والكظم أصله كظم البعير إذا ردها من فرقه. أجابه أولاده فى ذكر آلامه المستمرة « تَاللّه فنا تذكر يوسف حتَئ تَكُون حرضا أو تكُون من الْهالكين» كانت الإجابة غير مخففة لآلامه» بل كانت مؤججة لهاء كانت إجابة من لا يهتم بالآمر فى ذاته» والحزين يحتاج إلى من يشاركه فى الحزنء لا إلى من يلومه على حزنه. ويل للشجى من الخلى» والخرض هو المريض الذى أشرف على الهلاك أو أذابه الهم والمرض. والمعنى أنهم يؤكدون بالقسم أنه لا يزال يذكر يوسف حتى يؤدى به الأمر أن يكون فى مرض دائم مستمر يذيب نفسهء وينتهى بالهلاك لا محالة» وأو هنا بمعنى الواو. قال لآولئك الذين يلومونه على حزنه» وهم سببه» ولا يحسون باهتمام لآلامه» بأنه لا يشكو حزنه إليهم إنما يشكو حزنه إلى الله قَال إِنمَا أشكو بتي وحزني إِلَى الله وأَعلّم من اللّه ما لا تَعلَمُون 69 4 . البث الهم العارض الذى لا يمكننى الصبر عليه» وينتشر فى كل نفسى»ء ويسد على أسباب السرورء و(الحزن) ما يكون فى النفس من الآلام الدفينة» وقد كان حزنه على يوسف قديماء وبثوا إليه هما آخر هو فى ولديه شقيق يوسف وكبيرهم» و (إنما) من أدوات الحصرء أى أنه لا يشكو همومه العارضة» وأحزانه الدفينة إليكم» بل يشكوها إلى الله وحده. ل وأعلم من اللّه ما لا تعّمون4. هذه الجملة تحوى فى نفسه كل الرجاء الذى يرجوه والأمل الذى يأمله» وفيه دلالة على أنه يعلم أن الله كاشف كربه» مزيل 8# تفسيرسورة يوسفف لل اا0ا0اللللللللللللن لسرب ا همهء وهو من علم الله تعالى» لا من علم أحدء يعلمه بالإلهام أولاء وبرجائه فى الله ثانياء وبرؤيا يوسف الصادقة ثالثاء ففيها أنه رأى الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا له ساجدين» وتأويل الرؤيا أن يكون فى ظل يوسفء. وهو فى عز مكين» وإن ذلك واقع لا محالة. ٠‏ وقد بنى على هذا الأمل» وذلك الرجاء أن كلفهم بالبحث عن يوسف وأخيه» فقال كما حكى الله تعالى: ليا بي اهبا فمَحَسّسُوا من يُوسُّف وأخيه ولا تَيأْسُوا من روح الله إِنّهُ لا يس من روح الله إل الْقَوم الكافروت 69 4 ناداهم بنداء الأبوة الكريمة العاطفة» طالبا منهم أن يذهبوا فى الأرض متعرفين أخبار أخويهم يوسف وأخيه» والذهاب إما فى بقاع الأرض باحثين» وإما إلى أرض مصرهء والظاهر الثانى لأن شقيق يوسف كان فى مصر بلا نزاع» فالمعنى اذهبوا إلى أرض مصر لإ فَمَحَسُّسُوا من يوسف وأخيه 4. والتحسس التعرف بالحواس الظاهرة والباطنة» أى فتعرفوا الأمور عن يوسف وتتبعوا آثارهما وأخبارهماء ولا تقنطوا من رحمة الله وفرجه» إِنه لا يَيأس من روح اللّه إل القَوم الكافرون 4, أى أنه لا يقنط من رحمة الله وفرجه إلا القوم الكافرون الذين إذا أصابتهم سراء طغوا فى البلاد» وأكثروا فيها الفساد» وإذا أصابتهم ضراء» كما قال تعالى: ‏ وَلَكن أَذَقَا الإنسان ما رحمة ثم تاها منه إِنّه َيمُوس كَفُور (2) ولَئن أَذَقنَاهُ نَعمَاء بعد ضراء مَسنه يقلن ذَهَب السينات عَنَي إِنَّه لفح فَحُورٌ 03 4 [هود] فرجاء نبى الله يعقوب فى لقاء يوسف لم يذهب أبدا. جمع الشمل قال الله تعالى: قَكَمَا َل أعلبه و_- 12 صصص دعر فلمّاد خلواعلته وأا ألعَزِر مَسَتاواهلنا لضر 000 1[ سلا الرس سا 116 2 رم ريه ا 2 فأوفي ناا فلوتصدق علمّنا ها تمسبير سورة يوسف 7 > 1اأاللللالااااااالللاناانالاالالاا ا اناا التلاا اال ااااللالللللللل الل للخم طخلااالااالالالل امم ططخمل اتتتللا 014 ا ررب 24 : 000 مها سوسف واخيهإذ نتمجلهلورت :اذها د أ تلت و عد و َي د >> د بير وير عسوي يي لي 7 0 سو لانت بوسف قا لآ ناه سف وهدذا أحى قد مرك الله سل ور 4 لس اسك رت و َ_ دمج ده 7 عَلسَناإِنَه مَنيَيَّق وََصَيرَوإِِتَ للهلا م 1 2 وه يه 5 0 َ 0 سلا 3 وانوز بأملحكم أجمعيت القن روح اللّه» ولعلهم أطاعوا وأخذوا الأهبة» ليتعرفوا آثار أخويهمء وخصوصا أنهم يذهبون لمصر للميرة» وهى مكان تحسسهمء. فذهبوا إليهاء ولقوا يوسف كبيرها فَلَمًا دلوا عليه قَالُوا يا يها العزِيز مُسنا وأهلَا الضرٌ وجمْنا ببضاعة مُرْجَاة فَأوف لَنَا الكيل وتصدق علينا إِنَ الله يجزي المتصدقين 62 4 . (الفاء) هنا تفصح عن كلام مقدر تقديره قصدوا إلى يوسف» فلما دخلوا عليه» نادوه بما يليق بمنصبه.ء وبمكانته التى صار بها عزيز مصرء وخاطبوه بذلك متلطفين طالبين عطفه ورفده مسا وأهلنا الضرٌ» وهو الضرر الذى يصيب الجسم فى داخلهء وذلك الضر الذى أصابهم سببه الجوع. ‏ وجثنا ببضاعة مزجاة» أى مردودة مدفوع عنهاء لرداءتها وعدم الرغبة فيهاء أى جتنا ببضاعة ليس من شأنها يها بفقسنير سوره يوسحهف الملل 8 2 أن تقبل» بل من شأنها أن تزجى وتدفع» فأوف لَنا الكيل 4, الفاء لرتيب ما بعدها على ما قبلهاء وإيفاء الكيل ليس مترتبا على كون البضاعة مزجاة مدفوعة؛ أن الثمن الذى نقدمه بضاعة مزجاة. ف( وتصدق علا إن الله جزي المتصدقين» | أى تصدق بهذا الوفاء وبالزيادة عليه مع أن البضاعة التى جعلناها ثمنا رديئة ترد ولا تقبل» ٠‏ إن الله يبجزي المتصدقين 4 فاطلب حب الله ولا تطلب عوضا منا. آن ليوسف الصديق الرضيق الشفيق الصالح أن يظهر شخصه مع ما من الله تعالى به عليه: «قَال هَل عَلمَكُم ما فَعَلكُم ببُوسف وأخيه إِذ أَشْم جاهلرن 62 4 الاستفهام هنا تقريرى تذكيرى » وفيه إشارة إلى شخصه وقد أنكروه ابتداء لانقطاع الخبر» ومرور الزمن» وتفريق ما بين رجل مكتمل وحدث صغير» وقد صار رجلا سوياء كان ذلك توجيها لأن يرجعوا بالبصر كرتين» فرجعوهء فتبين لهم أنه يوسفء» فقالوا مؤكدين ومتأكدين: #أئك لأنت يوسف © وأكدوا أنه يوسف ب(إِن المؤكدة» وب (اللام)» وب (أنت)» فقال لهم: طأنا يوسف وهذا أخي »# ولم يكن ثمة حاجة إلى التأكيد» لأن التوكيد مظنة الإنكار» ثم يبين نعمة الله عليه وعلى أخخيه ‏ وَهَذَا أخي قد من الله علَينا 4 قد تفضل الله علينا بمنه وأكرمنا: «إفإن الله لا يضيع أجر المحسدين 4 أظهر فى موضع الاضمار» فلم يقل إن الله لا يضيع أجرناء وكان ذلك أولا لوصف عملهم بالإحسان أولاء ولأن الإحسان هو السيب فى من الله تعالى وعطائه. وثانيا للتعريض بما فعل الإخوة معهء وأنه لم يكن من الإحسان فى شىء ثالثا. يشتد الإحساس بالخطاً إذ أظهرت النتائج غير الحسنة؛ ولذلك أحس أولئك الإخوة بظلم ما فعلوافقالوا: ظ قَانُوا تالله تقد آنرك اللّهُ عليِنَا وإن كنا لخاطئين 69 # لا تفسبير سورة يوسف لللو 000 لسرب أ قالوا مقسمين على حقيقتين : الحقيقة الأولى: أن الله آثر بالفضل والإحسان والتوفيق يوسف عليه السلام» فقدأعطاه النجاة من الموت والرق» والسلطان على مصرء خمير بلاد الأرض تجاورهمء فكان هو ملكا عزيزاء وهم دونه» وأكدوا أن الله آثره: ب (اللام). و(قد)» وب (القسم). الحقيقة الثانية: أنهم أحسوا بأنهم كانوا آثنمينء ولذا قالوا: « وإن كنا لخاطتين 4. إن »# هى المخففة من الثقيلة وإنه الحال والشأن كنا لخاطئين» والخاطئ هو الواقع فى الإثم» أو الخطيكة» وقد أكدوا إثمهم أولا ب (إِنْ) المخففة من الثقيلة» و(كان) الدالة على استمرار خطئهم» و (لام التوكيد) ظٍ لخاطئين »© وهذا اعتراف خطير بالذنب» وهو أول خطوات التوبة. ولكن الكريم ابن الكريم» النبى ابن النبى يعقوب. «وما زاد عبد بعفو إلا عزاا(2. ويقول: 9 لا تريب عليكم الْيوَم 4, التشريب» اللوم والتوبيخ» والرمى بالعار». وقد روى عن قتادة أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» قال: «إذا زنت أمة أحدكمء فليجلدها الحد ولا تثريب عليها:”'. أى لا توبيخ ولا رمى عليها بالخزى حتى لا تصاب بالهوان؛ فتسهل الجريمة عليهاء ومعنى 9لا تريب عليكم اليوم 4 أنه فى اليوم الذى بدا نصر الله وإعزازه لمن كنتم تريدون له الضياع أو الهوان» والرق» فإن ذلك يكفيكم عبرة» وبيانا لسوء مغبة أفعالكم» وأحقادكم. فلا توبيخ أكثر من معرفة النتيجة» ولكن بدل التوبيخ» واللوم محبة الإخوة» ومودة الأهل» ولذا قال بعدهاء 8 يغفر الله لكم وهو أَرْحَم الراحمين4. يطلب من )١(‏ عن أبى هريرة عن رسول الله يلد قال: «ما نقصت صدقة من مالء وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزاء وما تواضع أحد لله إلا رفعه اللّه). رواه مسلم: البر والصلة والآداب ‏ استخباب العفو والتواضع (5589)» والترمذى: البر والصلة (؟965١)؛,‏ وأحمد: باقى مسئد المكثرين (59408). (؟) رواه البخارى: الحدود ‏ لا يثرب على الأمة إذا زنت (2)5775 ومسلم: الحدود - رجم اليهود أهل الذمة فى الزنا (95160). ها تمفسمير سورة يوسف الالالال 4 لحر لز الله تعالى المغفرة لهم مما أساءوا إليهء والرحمة بهم عامة» وهكذا يكون الصفح الجميل الخالى من المن به» واللوم على ما فعلواء فاستجاب حقا لأمر الله تعالى لأنبيائه فإ ...فاصفح الصّفح الجميل 62 4 [الحجر]ء ثم تلفت إلى أبيه وقد أعلمه الله تعالى بحاله؛ وكيف ابيضت عيناه من الحزن» فقال لهم: ا ذهبوا بقميصي هَذَا فَأَلْمَوه على وجه أبي يأت بُصيرا » وهذا دليل أن بصره قد ذهب من شدة الكمد والحسسرة والأسف. وكثرة اليكاء» وارتداد البصر من خوارق العادات» وهذا يوسف ويعقوب يرد الله على أيديهما البصر بعد ذهابه قبل عيسى الذى كان يبرئ الأكمه والأبرص. وقد دعا يوسف الصديق إلى جمع الشمل بالمودة الواصلة» بعد أن فرقه إخوته بالحسد الخامرء وقال: « وأتوني بأهلكم أَجَمَعين4 من تربطكم بهم قرابة دانية» وقرابة قاصية . الغصّران والرحمة ولقاء الأب لابنه الحبيب قال تعالى: لمآ أنجَاء لير أَلفَْهُ عل وه د هربد بَصِيرافَالَ شر هؤو- .ات و--- ره ره 00 2 ا ل ألم أقل كم إِنَْأعلمي أنه مالاتَلَمُو )قثوأ اس ص سح ل مس ل 00 هه د ده سا يتأبانا اسسعفر لا ذْنو با ناكا حَطِيِينَ © دَالَ سو 2 هم سار عذ و 22خ سي ل عا يه و علم ب دع مون 0 و حجر بده أستغيفر لم رَفِآَنَمْهوَالْعَفورأرتَحِيِمٌ 6 ملم إلا تفسير سورة يوسف 2 ا ال :11 ااا !ااا ااااالاااللااااالا نالل ازا الالالال الاللااخمخاخخم ممم خ اططخ خخخ اططخ مالالا ا متلا ات الالالال التلللا ا 0000 - لز سه سر بر دَحَلوأَعَل مسف َو إِليَه َيه وَقَالَادٌ لوأ مضي . 0001 و فى حف 001 22 24 إنشاء ١‏ أنه ِمِنِينَ 0 53 ورفع بور ويد لَالْمَرْش وَحَرُوأ لمم 2 ديكات هْذَاتَأو وبل د ينلد > جع رَقَحَفَاوهَد عسو . سو ]اد رحن لجن جيك م مام و 00 ه23 م | الى ع ينَالبَدَوِمِ بحر أنسَرَع آلسَّمِطنْبِيْقِ وبي إخو إن َقَ لطي لْمَايمَاء يه نمكم () © رت قد ءات من الْمركِ وَعَلْمْسَنِمن وماد تار لسوت وَالَارضٍ أَنتَوَلىَ فِالدَيا وا لجرو وف 7 لِمَاوَأَلْحِقَةٍ ألصَبِلحِينَ 0 كان صفح يوسف الجميل هو الخطوة الأولى لجمع الشمل» وما أشبه ذلك بصفح محمد يَلِةٌ عن قريش الذين أخرجوهء وقتلوا أحبته من المؤمنين» من وقت مبعثه إلى فتح مكة. فاستمر الأذى عشرين سنة أو تزيد» ومع ذلك ما إن بعثهم. حنى قال مقالة يوسف: للا ريب عَلْكُم لوم يَضْفرٌللَهلكُم ورتم الراحمين 2١74‏ وموقف محمد صلى الله تعالى عليه وسلمٍ كان جليلا عظيماء يتعاظم بعظم ما ارتكبوا فى جنبه # تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض .. 625 # [البقرة]. صفح عنهم يوسف, والتفت إلى أبيه الشيخ الحزين الأسيف. وكان أن أرسل القميصء. وعادت العير إلى البدو حاملة القميص» وقد كان معطرا بعطر )١(‏ انظر ما رواه البيهقى فى ذلك :)1١85151(‏ ج7١1/‏ 1759 . كما رواه النسائى فى الكبرى :)١١1١95(‏ ج5/ 566 1 تفسير سورة يوسف ا الل ظ سر ار ملوك مصرء وقد قالوا: إن عبيقه شمه نبى الله يعقوب من نحو ثمانين فرسخاء وقد يقال إنه إلهام النبوة» جعله يشم رائحة يوسف من مكان بعيدء ويقول عليه السلام : ١‏ لولا أن تفتدون 4 أى إلا أن تسبونى إلى القَنّدء والفند نقصان عقل بسبب الشيخوخة» وما هى شيخوخة» ولكنها نبوة وشفقة أبوة. و «لولا# حرف شرط وتعليق»: وجوابه محذوف, أى لولا أن تفندونى لصدقتم» ولآمنتم بالحق» وتقدير التفنيد لعقليتهم غير المدركة» لا للأمر فى ذاته. « قَانُوا تالله إِنْك في ضلالك الْقَديم 62 60 4 الضمير فى 8 قَالُوا 4 يعود إلى الحاضرين» ويظهر أن بعضهم ذهب فى العير للقاء عزيز مصرء وبعضهم بقى مع أبيه» أقسموا مؤكدين بأنه ليس فند الشيخوخة,. ولكنه حال قديمة» وقالوا إنه ضلال قديم لازمك» ولذا أضافوا الضلال إليه عليه السلام» وهو زعمهم الكاذب فنبى الله تعالى مستحيل أن يكون ضالاء ومهما يكن فقد نفوا عنه فند الشيخوخة. وكل ذلك قبل أن يجىء البشيرء « قَلَمّا أن جاء اشير أَْقَاهِ على وجهه فارتد بصيرا 4, « أن » مؤكدة لمجىء البشيرء وقد سمى بشيراء لأنه بشر يعقوب عليه السلام بوجود ابنه» وقرب لقائه: ولأن معه ما يرد البصر إليه» وبمجرد مجيئه ألقاه على وجههء و أن »# كما أكدت الشرط» وهو مجىء البشيرء أكدت أيضا ترتيب الجواب على الشرط؛ ألقاه فور مجيئهء ظفَارتَدَ بُصيرا4» الفاء للعطف مع الفورية» وتلك خارقة للعادة كما أشرنا من قبل» وقد بين يعقوب بعد ذلك أنه لم يكن واهصاء ولا ضالا عندسا كان يقدول لهم : الوا فشخسشسوا من يوس من اهنا لا تعلمون 4 الاستفهاء لإنكار الوقوع مع التنبيه الشديد» داخل على النفى ونفى النفى إثبات» والمعنى لقد علمتم أنى أعلم من الله ما لا تعلمونه أنتم. عندئذ أحسوا بجريمتهم الشديدة نحو أبيهم» إذ حرموه من ابئه سنين طوالاء وتركوه فريسة الشوق والحزن والأسى والبكاء مع الصبر الجميل من غير #١‏ تفسير سورة يوسف اللللائئئل لل 00 لسرب ا أنين لأحد من العباد» فاتجهوا إلى أبيهم يطلبون أن يستغخفر لهم ربه فيا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إن كنا خَاطئين © . لقد أحسوا بعظم الذنب» وهو أول طريق التوبة وندموا على ما فعلواء وطلبوا المغفرة» وبذلك توافرت عناصر التوبة طلبوا من بعد ذلك أن يطلب أبوهم المغفرة؛ لأنه مع الذنب العظيم هو المجنى عليه» وهم يطلبون مرضاته. وفتح قلبه لهم وهو القريب إلى الله ولذا لجأوا إليه؛ وعبروا ب © إِنًا كنا حَاطئينَ *» آثمين غير مدركين سوء المغبة. افأجاب الأب الشفيق النبى الكريم : لقال سراف أستفر كم ري نه الو الرحيم 62 » ما فارق يعقوب نبى الله حنانه على أولاده جميعاء وإن كان يخص يوسف وأخاه بفضل من المحبة لصغرهماء وحاجتهما إلى العطف الأبوى ثم زادته غربة يوسف وجدا عليه ومحبة وشفقة, ولذا لم يلمهم. ولم يذكر ماضيهم معه. ومع أخيهء بل وعدهم وعدا مؤكدا بأنه سيستغفر لهم ف ذ «إسوف» لتأكيد الاستغفار المستمر فى المستقبل «لكم 4 » واللام لام الاختصاص» 8إإِنّه هو الغفور الرّحيم 4 وأكد لهم الغفران بوصف الله تعالى بأنه الغفورء. أى الكثير المغفرة وصف للذات العلية» وأن. ذلك الغفران من رحمته» والرحمة شأنه وصفته الدائمة . كان يوسف عندما طلب أن يوضع القميص على وجه أبيه ليرتد بصيرا طلب أن يأتوهم بأهله أجمعين ليكونوا معه فى عزة الحكم» وإن الكريم عندما يجتمع أهله بعزته ينال متعتين: أولاهما متعة العزة الحلال العادلة لنفسه» ومتعة مشاركة أهله له فى العزة والسلطان؛ تلك هى الفطرة. استجاب إخوته أو من جاءوا إليه منهم لرغبته» وأتوا بأهله. وفيهم الأبوان الكريمان» فَلَمًا دخلوا على يوسف آوئ ليه بوه وقَالَ ادخَلُوا مصر إن شاء الله آمبين 63 #. رحب بهم جميعاء وخص أبويه بفضل ترحيبء لما قاسا من الهول فى بها تفسير سورة يوسف امنا اااااااااااالالاااااااااااااااااااااااااااااااااااللتللال ااا الالالال لاالاان ةس خاخالااااااااااالااالاللطةط لل لاطا لاط طسشسططللة ل غيبته» ولأنهما الأبوان» وهما أحق الناس بالإحسان» و آوئ إليه أبويه 4 هنا معناها ضمهماء وأسكنهما فى مسكنه ليتمكن من رعايتهما وحسن القيام على شتونهماء وليستمتعا بقربه بعد طول فراق» ط وَقَالَ ادخَنُوا مصر إن شاء اللّهُآمين 4, ودخول مصر منصب على الأمن» أى ادخلوا حال كونكم آمنين بمشيئة الله من الخوف والقحط والشدة» أو أن سيدنا يوسف استقبل قبيله شوقا ورغبة فى اللقاء خارج الأمصارء ثم قال: ادخْنُوا مصر إن شاء الله آمنين مطمئنين تجدون سهلا وأهلا وعزة وكرامة» وفى القصص إنها لم تكن أمه بل كانت خالته» وسميت أما كما يسمى العم أباء ونقول: إن تعبير القرآن هو الصادق حتى يقوم الدليل على خلافه . «ورفع أبويْه على اعرش وَخَرُوا له سجّدا »4 إن السجود هنا ليس سجود الصلاة» وإنما هو تقديم الطاعة والخضوع للحكم والسلطان»؛ ويصح أن نقول: إنه تحية وتكرمة لصاحب عرش مصر وهو يوسف»ء والخر - ومعناه الانحناء خضوعا وتكرمة وتحية. وقال بعض المفسرين: إن الضمير فى لله يعود على يوسف»ء والمعنى وخروا ساجدين لله شكرا على النعمة التى أنعمها على يوسفء. وأن صاروا فى رحابه» وذلك معنى معقول فى ذاته. وقال بعض المفسرين: إن الضمير فى لله # يعود لله تعالى» والمعنى خروا ساجدين لله كأنهم يصلون صلاة شكر لله تعالى» والمعنيان الأخيران ميل إليهماء ولا مضاربة بينهماء بل السجود فيهما لله . أخل يوسف يستمتع بالحديث مع أبيه» ويثيران ذكريات طيبة» © وقال يا أبت هذا تأويل روياي من قَبَل قد جعلَهَا بي حَقَا وقد أحسن بي إِذ أخرجني من السّجن وجاء بكم من الَو من بعد أن تر الشيطان بي وبين إخوتي إذا وبي طيف لما يَشَاء نِّم العَليم الحكيم » . ا تفسيرسورة يوسف «< اللللللل 010 قص يوسف على أبيه ما أصابه من شدة» ولكنه ذكر النعم التى أعقبت النقم» ذكر خروجه من السجنء ولم يذكر دخولهء 8 وقد أحسن بي إذ أخرجني من السّجن 4 وذكر تأويل الرؤيا وغايتهاء ولم يذكر ما كان بعد الرؤياء وكان مستمتعا بنعمة الأبوة إذ يناديه فيا أبت # وفيها ياء المتكلم قلبت تاءء» حتى كان اللفظ نداء محبة. ذكر اللقاء السعيد فى هناءة وسرورء فقال: © وجاء بكم مَن الْبَدوِ)4. أى جاء بكم من بدو الصحراء حيث لأوائها وشدائدهاء وقيظها وريحها الرعناء الساخنة إلى ريف مصر وخصبها. فهو يذكر النعم» والنفس المؤمنة تذكر النعمة وتشكرها فكانت نفس النبى الصديق ذاكرة للنعمة غير مبينة للشدة؛ لأن الأساس هو النتائج» لا الوسائل . ولم تذكر قضيته مع إخوته إلا بالإشارة غير عائدة باللائمة عليهم» بل يكاد لا يخلى نفسه من ملامء فيقول: « من بعد أن نَرَعْ الشيطان بيني وبين إخوتي 4 أى أفسد ما بيننا من محبة وود وإخاء جامعء و8 ترغ 4 معناها نخس وأفسد من قولهم نخس الدابة فجمحت فألقت حملهاء ولم ينسب الشر إلى إخوته» بل نسب النزغ بأنه بينهم مع أنهم المعتدون وهو البرىء المجنى عليه » ولكنه الكريم ابن الكريم» يريد أن يمحو العداوة بالمودة» وعبر بالأخوة الرابطة» فقال: 8تَرَعَ الْشيطان بيني وبين إخوتي 4. ثم بين لطف الله» وترتيبه الخير وسط إرادة الشرء فقال مثنيا على ربه بما هو أهلهء 9 إن ربَي لطيف لما يشاء4. أى لطيف التدبير محكمه يجعل الخير من إرادة غيره» ويجعل من النقمة نعمة» ومن السيئة حسنة . إذ لولا سيئة إخحوته ما كانت أرداف الحسنات التى أسبغها الله تعالى عليه: إنه هو العليم بكل شىء» العليم بمقدمات الأمور ونهاياتها الحكيم الذى يدبر كل شىء بمقتضى علمه الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء. ثم اتجه إلى الله شاكرا له فضل نعمائه جملة وتفصيلا فقال: رب قد آتيتني من الملك وعلَّمتَنِي من تأويل الأحَاديث 4 ابتدأ النداء الضارع بقوله: رب »4 أى اا تفسيرسورة يوسفف الل ٠‏ سرب ار منشئى والمنعم على بالوجود والإنسانية والمسرة فى الشدة» والنجاة من كل ألم بفضلك وعنايتك . جرب فَدَآتيْسَي من الملك 4 قَد) هنا للتحقيق» وقال: طمن الملك » ولم يقل الملك» لأن الملك كله لمالك الملك ذى الجلال والإكرام» والطول والإنعام؛ فما يملك الحاكمون ليس إلا ذرة من ملكه سبحانه» وهو ليس من جنسه» بل من جنس آخرء وهو ما يكون للعبيد فى هذه ومتاعهاء وهو قليل بجوار متاع الآخرة. وعلّمتي من تأويل الأحاديث . أى من معرفة مآل الأحاديث سواء أكانت رؤيا فى المنام أم كانت أحاديث الناس فمعرفة أحاديث الناس» شعويا ودولا وجماعات» من علم سياسة الدولة» وكيف يُدبّر أمرهاء وقال عليه السلام: من تأويل الأحَاديث 4, أى علمه بعضهاء لا كلهاء وفوق كل ذى علم عليم فما علم كل سياسة الحكم. ومعاملة الناس» وما علم كل تأويل الرؤى» ولكن علم بعضهء وذلك من تواضع العلماء» أمام العلم العام. ثم نادى ربه بأنه خالق الكون كله وانتقل من نعمته عليه إلى نعمته على الكون كلهء فقال: © فاطر السّموات والأرض 2# أى مبدعهما على غير مثال مسبق فهو بديم السموات واللأرض. ثم أعطاه الولاية كلهاء أو اعترف بالولاية كلهاء فقال: «أنت ولبَي في الدنْيا والآخرة ©, أى أنت ناصرى ومتولى أمرى فى الدنيا والآخرة» توليتنى بحمايتك ورحمتك فى الدنياء فتولنى بها فى الآخرة» ثم قال ضارعا لربه. ف توفي مسلما وألحقني بالصالحين 24 توفنى إليك مخلصا الدين لك أنت وحدك» واجعلنى فى الصالحين من الصديقين والشهداء ومن ارتضيتهم يا رب العالمين. ا تفسسميرسورة يوسف 2 1 لل 7110 الا ١١‏ الاعتبار والاستد لال قال تعالى: 9-2 10 « كنس اليب 2 101 4 20006 ه + <> وأا 71000000 من جاال# مم 7 مم رمآ سش كاه 2 . م ل سر وس سه 22إاء ول - وومعر سا س باج وَمَاَكَلْهُ م عَليَهِمنَ جر إن هْوَإلاوِحر مَلْعَلِينَ 9 2 - 20 و 0 يا ور وَكَأْين ين ايو ف اَلسَمودِ لاض بوت َيه فض ترطوة وموم أسش ليا هله قصة ني اله يوسف عليه السلام كان القطب الذى دارت عليه القصة تلك الشخصية العالية» التى تغلبت عليهاء وقد بينا أنها ليست قصة غرامء كما توهم ذلك بعض الذين خرجوا عن الإسلام بهذا الوهم الذى توهموا وبنوا عليه ما كفروا به» فقد حققنا أن ما يتعلق بغرام امرأة العزيز به عليه السلام» واستعصامه بأمر الله ونهيه لا يتجاوز ثمانى آيات» كانت فيها المفاضلة بين الفضيلة والرذيلة» وإذا أضيف إليها إقرارها بأنها راودته عن نفسه تكون تسع آيات من إحدى عشرة ا ,ُ وإن القصة ‏ كما رأيت - صورت لك الغلام يتتقل من عز الأبوة الحرة الكريمة إلى الرق» ثم من الرق والسجن ينتتقل تحت عين الله تعالى وبصره إلى ملك مصر الذى كان يملكه فرعون وأصلح يوسف فى الأرض» ونمى الخير»' ودبر به أمر البلاد» ولم يقل أنا ربكم الأعلى» بل قال أنا عبد الله» ولم يقل مفاخرا إلا تفسير سورة يوسف الالالال لل ١‏ ١ الا‎ 7 7 أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تمجرى من تحتى» بل قال شاكرا «إ رب قد آتيتني والاستبداد» فقد جاء حكم يوسف حكما صالحاء ليثبت الله أن الإصلاح زرع طيب يربى النفوس» ويقوى العزائم حتى فى أرض فرعون الذى طغى وبغى وأكثر فيها الفساد. والسورة فوق ذلك تصور كثرة أسباب الرق وفوضاه» وتصور أسباب السجن ومظالمه» وتصور الحال الاقتصادية فى مصرء والبلاد التى تجاورهاء وكيف كانت مصدر الرفد لمن حولهاء وغير ذلك مما ذكرناه فى تفسير قوله تعالى: 9 لَقَد كان في يوسف وإخوته آيات للسّائلين (5 4 الذين يبحثون عن حقائق الأمور ومآلاتها. يقول تعالى: 8 ذلك من أنباء الغيب » الإشارة إلى ما ذكر من أنباء كان يوسف قطبهاء والخطاب فيه للرسول ليكون ذلك المذكور من نب يوسف تسلية لابن عمه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم» يتسلى به إذ يرجو النصرء وإن كان الشرك هو الظاهرء فهذا غلام ملقى فى الجب» ثم يباع ويشترى» وتنكشف الأمور بغد سجنه عن ملك عادل يسوس أخصب أرض الشرق نماء وثروة» إن من يحكم الأمور بتدبيرها ليس ببعيد عليه أن يخرجك من وسط بأساء قومكء إلى عز الله تعالى : من أَنبَاء الغيب نوحيه إلَيِك4. الأنباء جسمع نبأء وهو الخبر المخطير ذو الشأن. و الغيب © أى متلبسا الغيب؛ لأنه غائب عنك» وعن قومك» وما كان ليعلمه أحد من قومك؛» لأآن أحداثه ليست فى بلاد العرب» وما كانت فى أرض مجاورة لبلاد العرب» بل فى أرض غير مقاربة» ولا فى إقليم كالعرب» بل فى إقليم له تقاليد فرعونية طاغية» يقول حاكمها ما أريكم إلا ما أرى» وما أهديكم إلا سبيل الرشاد» فهو حاكم يفنى الشعب فى شخصهه ولا يفنى فى شعبهء يظلم ويسيطرء ولا يعدل ويشاور. لها تفسير سورة يوسف 2 335601111000000 44 د وإذا كانت غيبا بعيدا علك وعن العرب فهو وحى من الله ف[ نوحيه إليِك 4 , وقد أكد سبحانه أنه غيب عليه بقوله تعالى: « وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون © وهذا فيه أمران : : فيه استدلال على أنه بوحى من الله تعالى» وفيه تصوير لحالهم؛ وهم يمكرون ليغتصبوا أخاهم من أبيهم. وما كنت لديهم 4. أى ما كنت عندهم حتى تعلم حالهم إذ تكون مختلطا بهم متعرفا أمرهم. «إذ أجمعوا 4 أى إذا عزموا أمرهم على رميه فى غيابة الجب» ويقال: أجمع أمره إذا اعتزم الأمر جازما من غير فكاك» وهم يدبرون بمكر سيئ على أخيهم» وعلى أبيهم . هذا أمر فيه عبرة» وفيه بيان أن هذا القرآن ليس من عند محمد صلى الله تعالى وسلمء بل هو من عند الله علام الغيوب وكان عليهم أن يصدقوا به. ولكن لا يرجى تصديقهم. ولكن يرجى الغلب عليهمء وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العلياء ولذا قال تعالى: وما أَكْثْر النَّاس ولو حَرْصّت بمؤمين 620 4 . (الواو) واصلة هذه الجملة بسابقتهاء وهى تشير إلى أنه مع كثرة الأدلة التى توجب الإيمان وتضافرها فإن أكثر الناس ليسوا بمؤمنين» وما المراد بالناس» أهم كل من يشملهم اسم الناس من عرب وعجم» وبيض وسودء وصفر وحمر؟ أم المراد أهل مكة. ومن يشبههم من المشركين . وعلى أن المراد بالناس أهل مكة. وما أكثر الناس ولو حرصت على إيمانهم بمؤمنين لك ومسلمين بهذه الآدلة. إلى حين » حتى تصير كلمة الله هى العلياء فإنه بعك مكة صار أكثر الناس مؤمنين ١»‏ وكان ملهم أبطال الجهاد والإمرة فى ايوش » فكان منهم آمثال خالد , بن الوليد» وعكرمة بن ن أبى جهل » » فيكون النفى ) وإن كان ظاهره العموم فإنه مقيد بالزمان» فإن شمل عموم المكان لا يشمل عموم الأزمان. / تمفسير سورة يوسقف اناا للالا! اناا لالككنالا انام لامو مم11 ااااااممااالاغ !!!للخ ام اخ اسمخ ممم للخ مالالا خط ام ممم مخطمطمال ظ 1-7 وإن أردنا الناس جميعا عربا وعجماء فإن الحقائق الواقعة أن أكثر الناس لا يؤمنون» فالنصارى المثلثون والبوذيون غير الموحدين» والبراهمة الكافرون» أضعاف المسلمين» فالآية صادقة . ونحن نرى أن الناس هم مشركو مكة. لقوله تعالى: ولو حرصت # فإن هذا يدل على أن الناس هم الذين كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يعاصرهم» ويرجو إيمانهم» ويحرص عليه حتى قال الله تعالى : « إِنّك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ... 53 # [القصص]. وقوله تعالى: # ولو حرصت # تدل على رغبة النبى كيه حتى قال الله تعالى : «( لعلّك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين (7) 4 [الشعراء] . نفس تؤمن بالحق وتذعن له إذا جاءها دليله» وهى التى خلصت من أدران الفساد» ومطامع الشيطان» وقليل ما همء ونفس درتت بالفسادء والعناد» وجمحت بها الأهواء والشهوات. فتحكم فيها الشيطان. وهذه لا تؤمن» ولا يقنعها إلا مقامع من حديد» والحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس» وهؤلاء تكون حربهم لتمكين غيرهم من حرية الرأى ثم الإيمان» كأمثال أبى لهب وأبى جهل» والوليد بن المغيرة» وغيرهم من لهاميم''2 قريش الذين كانوا يؤذون المؤمنين» ويفتنونهم عن دينهم الذى ارتضواء ويسخرون منهم ء سخر اللّه منهم . وإن هذه الدعوة إلى الله التى يقوم بها محمد صلى الله تعالى عليه وسلم هى تبليغ من الله لا يريد بها ملكاء ولا سلطاناء ولارياسةء. ولا مالا ولا أى أجر من الأجور التى اعتاد الناس أخذها فى دعاياتهم» ولذا قال تعالى: )١(‏ واللهموم: الجواد من الناس والخيل» واللهام: الجيش الكثير» كأنه يلتهم كل شىء. الصحاح للجوهرى (لهم). ْ اا تفسير سبورة يوسف الللللللل الال للللاالل 01 يبمب و يي «( وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا كر للعَالَمِينَ 09 > . الضمير فى 9 عليه 24 يعود إلى أنباء الغيب والقرآن» والتبليغ بهذا الدين» وما تسألهم على هذا التبليغ بهذه الأنباء وبالوحجدانية» لا تسألهم أى أجر» ف من 4 لبيان عموم النفى لا تسألهم أى أجر من أنواع الأجورء لا تسألهم رياسة» ولا إمرة ولا شيئا من هذه الأمور الدنيوية» ولقد عرضوا على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الآأمر والسيادة» وقالوا إن أردت سَودناك وعرضوا عليه الأموال» ورضوا بأن يعطوه كل جاه ومال» وأن يتركهم وما يعبدون» ولكنه حقر بل قال الله تعالى فى رد ما يعرضون إن هو إلا ذكر لَلْعالّمين4. طإن 4 الموحى به» ليس هذا إلا تذكير للعالمين» لأهل العقل فى هذه الدنيا. ثم بين سبحانه وتعالى أن آيات الله الدالة على وحدانيته كثيرة» فقال تعالى: وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون 6-2 © . وكأين 4 بمعنى كم الدالة على كثرة العدد.» وعن سيبويه أن (كأين) هى (أى) بالتنوين» ودخلت كاف التشبيه وبنيت معهاء فصارت فى الكلام فى معنى (كم). ولا يهمنا أصلها النحوى. إغا يهمنا أنها للكثرة فى العدد» والآية هى الأمر الدال على قدرة الله تعالى فى الكون فى السماء واللأرض» وعلى قدرته على العصاة» وأماكن هلاكهم بما عثوا وأفسدواء ورسومهم دالة على هلاكهم. وأن الله بدل بهم غيرهم» ولم يضروه شيئًا. وأنهم ليمرون على هذه الآيات» وهم عنها معرضون غير 04 ملتفتب* إلى ما فيها من عبر» فالكون كتاب فيه الدلائل على الوحدانية» والأرض كذلك» وفيها عبر من آثار العصاة. ْ با تفسير سورة يوسف ١‏ م000 الوه : 7 وقال ابن كثير فى هذا: «عبر تعالى عن غفلة الناس عن التفكر فى آيات الله ودلائل التوحيد بما خلقه فى السموات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت» وسيارات وأفلاك دائرات» واللجميع مسخرات» وكم فى الأرض من قطع متجاورات وحدائق وجنات » وجبال راسيات» وبحار زاخرات» وأمواج متلاطمات» وقفار شاسعات» وكم من أحياء وأموات» وحيوان ونبات» وثمرات متشابهة . ومختلفات فى الطعوم والروائح والألوان والصفات» فسيحان الواحد الأحد خالق أنواع المخلوقات» المتفرد بالبقاء والصمدية للأسماء والصفات)27©. نقلنا هذه الكلمة مع طولها وسجعها المتكلف. لعموم ما تشير إليه من آيات الله تعالى فى السماء والأرض. وإن العرب كان فيهم إيمان بالله» كانوا يؤمئون بأنه الخالق لمن فى السموات واللآأرض» وأنه هو المغيث» وأنه ليس كمثله شىء فى ذاته وصفاته» ولكنهم مع هذا الإيمان بخلق الله تعالى يشركون معه الأوثان فى العبادة» ولذا قال تعالى: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون 629 4 . «( أكثرهم 4 أى أكثر الناس» وما المراد بالناس هنا؟ أراد بهم العرب قبل بمعنى شمول الكلمة لكل ما تدل عليه من ناس عرب وعجم. على الفرض الأول يكون فى هذا النص السامى بيان حقيقة تاريخية تومئ إلى حكمة بعث النبى صلى الله نحي لابه وس ل عرس اا وعموم دعوته من بين صفوفهم من بعد 9[ .. اله ألم حيث يجعل رسال .. 659 © [الأنعام] شىء وأنه واحد فى ذاته وصماته. ولكنهم مع ذلك يعبدون الأوثان مع اللّه سبحانه وتعالى» وكانوا فى تلبيتهم فى الحج. يجمعون بين الإيمان بالله الواحد الأحد .768 تفسير القرآن العظيم: ج4/‎ )١( وا تفسير سورة يوسف لل 00 2-6 وإشراك غيره معهء ففى الصحيحين: أن المشركين كانوا يقولون فى تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك7١2؛‏ وفى صحيح مسلم: أن النبى ِِ كان سمعهم قالوا لبيك اللهم لبيك» قال عليه الصلاة والسلام: «قد قد»» أى حسب حسب له يزيدون على هذا0" , وإنهم كانوا فى الشدة لا يستغيثون إلا بالله لعلمهم بأنه وحده الخالق المغيث» ولكنهم يشركون به غيره فى العبادة» ولقد كانوا بهذا أقرب إلى التوحيد من غيرهم» فليس على الداعى إلى الوحدانية إلا بطلان عبادتهم للأوثان وقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» فالله قريب من عباده 7 ... ادعوني أستجب تم م لكم ... 53 © [غافر] وما لهم عنده من شفعاء. هذا على منطق أن الناس المراد بهم عرب الجاهلية» وعلى الفرض الثانى والثالث يكون المعنى أن أكثر الناس تعتريهم حال إشراك مهما أخلصوا التوحيد لله تعالى» فالأوهام تسيطر على الناس وقد تأدت بالوثنيين إلى عبادة الأوثان» ولكنها بالنسبة لمن جاء بعدهم تأدت بهم إلى أوهام حول الأشخاصء لم يعبدوهم ولكن اعتقدوا فيهم قوى خفية» وإن آمنوا بأنهم مخلوقات» وأنهم بشر. وإن أظهر ما يكون ذلك فى الرقى» روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه خبر روته امرأته زينب قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح كراهة أن يهجم على أمر يكرهه. وإنه جاء ذات يوم» فتنحنح» وعندى عجوز ترقينى» فأدخلتها تحت السريرء فدخل فجلس إلى جانبى» فرأى فى عنقى خيطاء فقال: ما هذا الخيط؟» قلت: خيط رقى لى فيه»ء فقال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك» سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: (إن الرقى والتمائم شرك)7" . )١(‏ رواه مسلم: الحج - التلبية وصفتها ووقتها (50*75). (5) المرجع السابق . زفرة انظر ما رواه أحمد: مسند المكثرين من الصحابة ‏ مسند عبد اللّه بن مسعود لوس يرة ة وبتحوه ابن ماجه: الطب - تعليق التمائم (2»)3071 وأبو داود: الطب فى تعليق التمائم (7178284) . 1 تمسبير سبورهة يوسيف اا0ا06060اااللللللل لي ٠‏ > ل ولقد كانت رقية النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الخالية من الشرك: «اذهب البأس رب الناسء. اشف وأنت الشافء لا شفاء إلا شفاؤك؛ شفاء لا يغادر سقما)7 1 . وروى أن رقية النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كانت بالمعوذتين: قل أعوذ برب الفلق إلى آخرها وقل أعوذ برب الناس إله الناس إلى آخرها”" . وفى الحق إن الأوهام التى تسيطر على الناس من ناحية الغيب دفعت النصارى إلى التثليث» وهو شرك؛ ودفعت المشركين من العرب إلى عبادة الآأوثان. والآية الكريمة تدعو المؤمنين إلى الحرص على التوحيد»ء وتفويض الأآمر إلى الله تعالى» وأن يبعدوا عن الأوهام المضلة» فلا يعتقدون فى مخلوق أن فيه قوة تشفى» أو تنفع» فإن الأوهام أدت إلى الشرك فى جاهلية العرب وأدت النصارى إلى التثليث» ولا تزال الأوهام تسيطر عليهم حتى تأدت بهم إلى عبادة الأحجار والصور والتماثيل. سبيل الله قال تعالى: مَأ ييه : منعَذَا آله 1 0 _- أفأه 6 ذه د لور وتأتبهم السَاعَه بغمة وَهمْلامْعرونت (070: َل هرو 02 لاه سد صخ سس سا 6 02 2010 سبو كال ومن اتح وَسْحنَ وما َنم الم ركرك ليا وَمَآأَرَسَلْمَامِن قَبَلِلَتَ )١(‏ رواه الترمذى: الدعوات ‏ دعاء المريض (71/8/8) قال أبو عيسى هذا حديث حسن . وانظر السابق. زفق انظر ما رواه الإمام أحمد: باقى مسئد الأنصار - مسند عبد الله بن فضالة 36227 ومسلم: السلام - رقية المريض بالمعوذات والنفث (5050). ا كال - لاا تفسير سورة يوسيف 2 للللو الل و1111 لسرب اد و 20 ك2 0 2 9٠‏ 6 00 .0 ئ عورم رجالا فح الهم نأض ل الْشكعكربِير وأ ف 02 م ل غير 6 اه 02 2 رمشمع 72 رض فِنظروأ 1 دارا لكْحْرَوَ َل اتقو أفََامسْقَونَ 0 2 00 إذا سب 0060 تيكس |لرسل وم َعَم د طاح 1 نصرنا فلح فتج م تورف شتام الو لْمُجَرِميدٌ 5 دك سس مد دوي لاتب ماكر ع ارح د رح مره حَدسَايْفَرَى وَآلحجن تَصَريقٌ الْرِى ين يديا َتَفْصِيلَ كل نَىَءِوَهدَى وَبَحَ ةو ونون إ) إن من يخدعه الشيطان يكون فى لهو عن مستقبله يستغرقه حاضره اللاعب اللاهى» ولا يتخذ من الماضى لغيره أو له عبرة يتعرف بها المستقبل» بل هو ساه فى لهو لا يفكر فى أمر مستقبله» كأنه أمنه واستقر على ما يجوء بهء ولذا قال تعالى فى المشركين الذين استغرقهم حاضرهم وما هم فيه: أََأسُوا أن تَأتِيَهُم عاشي مّن عذاب اللّهِ4 (الفاء) مقدمة عن تأخير؛ لأن الاستفهام له الصدارة دائماء أو الهمزة داخلة على فعل مناسب محذوف دل عليه ما بعده؛ أَلَّهُوا وأشركوا وعبئوا لا أَفَأنوا أن تأتيهم عَاشْيَةٌ من عاب اللّه4. أى أىّ غاشية من الخواشى التى تكون من عذاب» فتعمهم من فوقهم ومن أسفل منهم, وكأنها ثياب تغشاهم وتعمهم» وتكون سابغة عليهم» ولهم فى ذلك العبر من الأمم العربية التى كفروا بأنعم الله فجاءتها ريح صرصر عاتية» أو جعل الله تعالى عاليها سافلها أو دمر الله عليهم ؛ ٠‏ كما قال تعالى فيهم: من الْذين مكروا السّيَات أن يُخسف الله بهم الأرض أو ينهم العذاب من حَيت لا يَشْعَرَونَ (65 أَو يَحْدَهمْ في نيهم فَمَا هم بمعجزين 69 أو يأخذهم على تَحَوف فَإِنَ ربكم لرَوُوف رحيم 69 4 [النحل]. بها تفسبير سورة يوسف الول لل بمب ب_ي؟ يي لكفرهم وغيهم وفسادهم فى الأرض» وإما أن تأتيهم القاضية» وهى ساعة إشارة إلى أن أعمال الكافرين أعمال من يظن الحياة الدنيا دائمة» ولا يترقب يوم القيامة وما وراءه» وقوله تعالى: # وهم لا يشعرون © بإقبالهاء وقوله: 8 بغتة © إشارة إلى أنها تفجؤهم من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون» بل هم فى غيهم 5 مستمرون. وإن الله تعالى أمر نبيه بأن يدعوهم إلى الحق غير مبال بإنكارهم وعنادهم, وإنه مستمر فى دعوته لا ينى عنها أبدا. فل هذه سبيلي أدعر إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وَسبْحَان الله وما أنا من المخركين 609 4. أمر الله تعالى نبيه بأن يبلغهم أمره فقال: قل هذه سبيلي 4 الإشارة هنا إلى ما يدعوهم إليه من التوحيد فى العبادة» وألا يشركوا بالله شيكاء وأن يؤمنوا بالبعث والنشورء وأنهم يموتون كما ينامون» ويحيون كما يصحون» ومن ذلك تكون الجحنة أبدا أو النار أبداء فهذه الدعوة «هى سبيلى» التى أسلكهاء لا أحيدء وماض فيهاء وأدعو إليهاء أنا مستمر فى الدعوة إلى أن يقبضنى الله تعالى ظ ومن لعي 4 يحملون عبء التكليف بهذه الدعوة والسير فى سبيلها غير وانين ولا - مقصرين . وهذا يدل على أن الدعوة إلى الله فرض على المؤمنين كل يقوم بواجبه فيهاء الدولة الإسلامية تهيى؛ دعاة إلى الحق. ويختلف الوجوب علوا ودرجات باختلاف الجماعات والآحاد من حيث العلم والثقافة والقدرة على القيام بحق الدعوة» وقوله تعالى : على بصيرة 24 أى على علم بالحق وحجته ودليله»؛ وهذا يدل على وجوب علم الداعى» وأن يكون له بصيرة نافذة يدرك الحق ويعلم نفوس الناس» وما يجب اتباعه لدعوتها. لاا تفسير سورة يوسف الال 0111 يبل و 2 ويقول: وَسبْحَانَ اللّه4 أنزهه عن الشريك» وأسبح له خاضعا خاشعاء أرجو رحمته وأخاف عذابه» وكل من فى الوجود يسبح له: «( تسبح له السّموات اس والأض ومن فين وإ من شيو إلا مسي بحنده ولك فا تهون هم ...ا 59 4 [الإسراء] وقوله تعالى: ل سْبَحَان اللّه 4 تنزيه مطلق» وخضوع لله تعالى من الرسول. ومن الوجود كله ثم أيأسهم من أن يكون مثلهم فأمره بأن يقول: «إوما أنا من اْمشركين4 إن استمررتم على شرككم فأنا برىء منكم» وإن هذه السبيل هى سبيل النبيين أجمعين بعثوا بها فى أقوامهم. ودعوهم إليهاء وإن النصر من الله لهم: لأنهم أصحاب دعوة الحق؛ ولذا قال تعالى: «وما رسلا من قبلك إلا رجالا نُوحي إليهم من أهل القرئ ألم يسيروا في الأرض فيسظروا كيف كان عاقبة اللذين من قبلهسم ودار الآخسرة حير لين انوا أقلا تقلرن 460 . هذه الآية بعد قوله تعالى: قل هذه سبيلي 4 تدل على أن التوحيد» وتنزيه الله تعالى رسالة النبيين أجمعين» فهى تدل على ذلك» وتدل ثانيا» على أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن بدعا من الرسل» بل سبقه بهذه الدعوة أنبياء سابقون. وتدل ثالثا على أن رسالة الله إلى خلقه تكون برجال يدعون بهاء لا بملائكة» وذلك رد على قولهم: ‏ ... ما لهذا الرّسول يأك الطّعام وَيِمْشي في الأسواق ... 0 4 [الفرقان] وعلى طلبهم أن ينزل عليهم ملك يخاطب برسالة اللهء وقد قال تعالى فى الرد عليهم ولو جَعلنَاهُ ملكا لُجِعلناه رجلا وللبْسنا عليهم ما لسوت (© 4 [الأنعام] . وقال تعالى: ف وما أَرسلْنا قبلك من الْمرَسلين إلا نّم ليأكلون الطّعَام ويمشون في الأسواق ... 40 [الفرقان] وقال تعالى: 9 وما جِعلنَاهم جسدا لا يأكلُون الطَّعَام وما كانوا خَالدين (2) 4 [الأنبياء] . تفسيرسورة يوسفف الللللل وات وواللا لسرب أ وهكذا كانت هذه الآيات الكريمات وغيرها تحمل الدلالات القاطعة التى ترد إنكارهم . وقوله تعالى: وما ْنَا من يلك إلا رجَالاًُوحي لم4 ليس من أرسلناهم من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم أى أنهم ليسوا ملائكة» ولكن اتصالهم بالله تعالى بطريق الوحى يوحى إليهم سبحانه وتعالى بأوامره ونواهيه» وبعبادته وجده لا شريك لهء وقوله تعالى: «إمَن أَهل القرى» أى أن هؤلاء الرسل من أهل القرى» والقرى هى المان العظيمة» وفى هذا بيان أمرين أحدهما: أن الرسول يكون من أهل المدن العظيمة» وثانيهما أنه يكون من قومه» عرفوه من أوسطهمء وأكثرهم أمانة وصدقاء كما قال تعالى فى شأن النبى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم «إلقد ادهع سول من سكم عزير عليه ماع خريص عَليكُم بالمؤسين رعوف رُحيم (65 4 [التوبة] . وكان رسل الله من أهل المدن يبعثون فيهاء ليكون الرسول على علم بأحوال الناس» وليكون معروفا بينهم مشهورا غير مغمورء يكون ذا مكانة من غير غطرسة فيهم» قبل النبوة» فتكون شهادة له بالصدق بعدها. وقد بين الله تعالى هذه الحقيقة» وهى أن الرسل من الناس» وليسوا ملائكة» وأنها معروفة بالعيان لمن سار فى الأرض» وتعرف ديار الذين كفروا بالرسلء .فقال تعالى: لإ أَقلمِ يَسيرًوا في الأرض فَيَنظرُوا كيف كَانَ عاقبَة الدين من قبلهم 4 هذا النص السامى فيه برهان أن الرسل كانوا رجالاء وفيه إنذار لمشركى العرب بالمآل الذى يئولون إليه إذا استمروا على غيهم» وإنه إنذار يحمل فى نفسه دليله» وبرهانه من الآثار والرسوم للذين هلكوا بسبب إنكارهم وكفرهمء وانتحالهم التعلات للعناد والإنكار. وقوله تعالى: ألم يسيروا4 (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وهى مؤخرة عن تقديم للاستفهام؛ لأن الاستفهام له الصدارة فى البيان» والاستفهام هاا تفسير سورة يوسف 2 1لللنااا!1ااااا اا االاااااااا ل الاالتلااالللنااا!االاطا ا للتللأ ااال اااالللاااالاا نا اللاا الخ مماللانا ماللا خخخ ماكسلا علب يي 3 للنفى» ونفى النفى إثبات؛ والمعنى لم تسيرواء وفيه تحريض على السير فى اللأرض ليروا عاقبة الذين من قبلهم» وأنكروا ولجوا فى الإنكار» وعاندوا مثلهم» فليعرفوا حالهم مما آل إليه أمر من سبقوهم. مآلهم بعد ذلك فى الآخرة أشد وأنكى وأدوم» وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ذلك ببيان عاقبة الذين من قبلهمء فقال تعالت كلماته: ا وَلّدار الآخرة حير لْذِين اتقوا» أى أنه سيصيبكم ما أصاب الذين من قبلكمء والذين اتقوا ينجون من العذاب الساحق الذى ينزل بالكافرين» وليست النجاة وحدها جزاءهم فذلك جزاء سلبى» والجزاء الإيجابى فى الآخرة» ولذا قال مؤكدا 8 ولدار الآخرة خير للّذِين اتّقوا 4, أى اتقوا غضب الله» واتقوا الشرك» واتقوا العذاب» وغلبت عليهم فى ذات أنفسهم التقوى والإيمان والإذعان للحق. ودعاهم سبحانه وتعالى إلى التفكيرء واستعمال عقولهمء فقال: إأقلا تعقلون 4 (الفاء) كما ذكرنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فإن ما قبلها من أحوال الأمم» وما يكون يوم القيامة للأبرار يدعوهم إلى التعقل والتفكير» والهمزة للاستفهام الإنكارى الباعث على العقل والفكرء فإنه إنكار للدعوة إلى إعمال العقل» وتدبر مآلهم» والله بكل شىء عليم. وقد بين سبحانه وتعالى سنته فى أعمال الرسول» ومآل الأمر حال يأسهمء فقال تعالت حكمته. ف( حتئ إذا استيأس الرسل وَظنوا أنّهِمِ قد كذبوا جاءهم نصرنا فجي مَن نا ولا يرد بسنا عن القَوم المجرمين 469 . هنا كلام مقدر بما جاء بعد وظ حتى 4 غايته» والمعنى أن الرسل جاءوا ودعوا وكذبوا وحوربواء وقل المؤمنون بجوار الكافرين وكانوا يسخرون من الذين آمنوا ظ حتّئ إذا استيأس الرسل وظنوا أَنْهمِ قد كذبوا جاءهم نصرنا 4 . بها تفسير سورة يوسيف اللخلماالااااااالاللل للخلا ممم مم خ خم غناك ضعخلامممخامامماماما1مان!االئخاخممماامامما لاا !تامملا اال لا مالالا طللللا ب رز لي طلبوه»؛ وما طلبوه» وصارت حالهم يأمساء وصور صورة من يأسهمء فقال» النصرء وهنا قراءتان فى ظ كذبوا © القراءة الأولى بالتتخفيف والبناء للمجهول» وهى قراءة الأكثرين» والثانية بتشديد (الذال) للبناء للمجهول أيضاء وهى قراءة أم والعنى على قراءة التتفيف كما جاء فى مفرفات اراب الأصنهانى علموا أخبار الإنذار بظنون الكذب فيهمء وإليك نص عبارة الراغب رضى الله عنه : 37 تعالى: ا حتئ إذا استيأس الرسل وضنوا أنهم قد كذبوا »4 أى علموا أنهم تلَقّوا من جهة الذين أرسلوا إليهم بالكذب» فكذبوا نحو فسقواء وزنوا ‏ إذا نُسبوا إلى شىء من ذلك» والمعنى على هذا ظنوا أنه وقع فى نفوس من يخاطبون كذب ما أنذروا. أى أنه قد طال الأمد الذى أجلوه.» حتى توهم الرسل أن الذين يخاطبونهم أنهم كاذبون فى إنذارهم, واتخذوا من طول الزمن دليلا على كذبهم. وعلى قراءة التشديد يكون المعنى أن الرسل قد استيئسو | حتى ظنوا أى علموا أنهم كُذبوا فيكسوا من إيمان غير من آمنواء كما قال الله تعالى: # . .. أن يؤمن من قومك إلا من قد آمن . . . © © [هود]. والظن هنا بمعنى العلم» أو بمعنى ما يعرض للبشر عند اليأس من خواطر تجعلهم يظنون فى أمر المبعوث إليهم» ولننقل لك كلام الزمخشرى فى هذاء فهو يدل على نفاذ بصيرة فى معانى العبارتين ومراميها من غير تهجمء ولا تقحم على )220 قراءة كذبوا »4 بالتخفيف عاصم وحمزة والكسائى وخلف» ويزيد (أبو جعفر)) وقرأ الباقون يتشديد الذال. غاية الاختصار ج7/ 070. ا تفسيرسورة يوسف 2 لل لاا 5111 لسرب ا لمعانى قال: « وَظَنوا َنِّم قَد كذبُوا 4 أى كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم عنهم بأنهم ينصرون» والمعنى أن مدة التكذيب والعداوة من الكفار وانتظار النصر من الله» قد تطاولت وتمادت حتى استشعروا القنوط» وتوهموا أن لا نصر لهم فى الدنياء فجاءهم نصرنا فجأة من غير احتساب. وعن ابن عباس رضى الله عنهماء وظنوا حين ضعفوا أو غلبوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر. وقال: كانرا بشراء وتلا قوله تعالى: 8 ... وزللُوا حتئ يقول الرسول والّذِين آمنوا معه مَتَى نَصر اللّه ... 4659 [البقرة]» فإن صح هذا عن ابن عباس فقد أراد بالظن ما يخطر بالباك ويهجس فى القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشر؛ وأما الظن وهو ترجيح أحد الجائزين على الآخر فغير جائز على رجل من المسلمين» فما بال رسل الله الذين هم أعرف الناس بربهم» وإنه متعال عن خلف الميعاد»ء منزه عن كل قبح وقيل: وظن المرسل إليهم بأنهم كذبوا من جهة الرسل» أى كذبتهم الرسل فى أنهم ينصرون عليهم. وإنه بعد هذا التحليل نقول: إن أم المؤمنين عائشة ردت قول ابن عباس رضى الله عنهما وقالت: إن الرسل لا يظنون بالله خلف الوعد. وخلاصة القول أن نقول: إن معنى وظنوا أنهم قد كذبواء على التخفيف والبناء للمجهول أن يظنوا أنه ألقى فى نفوس المرسلين إليهم أنهم كذبوا فى إيقاع العذاب بهم» وإن ذلك النطق نوع من هواجس الفكر البشرى» وهى تتلاقى مع قوله تعالى : ف( أم حسبتم أن تدخلوا ال وما يكم مل اين خلَوا من قبلكُم مهم البَأْسَاء والضراء وزلزلوا حَتَى يقول الرّسول والّذين آمنوا معَه مت نصر الله ألا إن نصر الله قريب 659 4 [البقرة] . وقوله تعالى: إجاءهم نصرنًا 4 أى بغتة من حيث لا يحتسبون» « نجي من نّشَاء 4 وهم الذين استقاموا على الطريقة واتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات» «ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين» الذين اجتمعوا على الإجرام واتفقوا عليه حتى كانوا قوما من شأنهم الإجرام واجتمعوا عليه. تفسيرسورة يوسفف لل اللا ب ]5 لي زهو خائمك قال تعالى: فى ختام هذه السورة التى بلغت أقصى غاية القصص بلاغة وبيانا» وعلما نفسيا وخلقيا» وبيانا للإرادة القوية» وكيف تصبر فى مواطن الهجوم عليها بالأهواء الجامحة» والشهوات المنحرفة» والوفاء» والمحبة» والرفق فى المعاملة» وعلاج الأمور با لحكمة) والتدبير» ولطف المواتاة للخير . قال تعالى فى ختام هذه السورة: 8 لَقَدْ كَانَ في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما قاد ين يو ولك تدع لدي ب ينه فصل كل شيم وى وشم فوم يسود 59 4 . القَصّص بالفتح: الإخبار عن الماضين» والقصص بالكسر جمع قصة» كقطع جمع قطعة» وغير ذلك, وقوله تعالى: للد كَانَ في قَصّصهم عبرة لأولي الألباب 4, قصر بعض المفسرين القصص على قصة يوسف عليه السلام» وبعضهم عممه على قصص الأنبياء جميعاء وعلى ذلك يكون الضمير فى قصصهم يعود إلى الأنبياء الذين ذكرت أخبارهم فى القرآن الكريم كنوح وإدريس وإبراهيم وموسى وعيسى» ولوط» ويوسف» ويعقوب؛ وعلى الرأى الأول يكون الضمير يعود إلى يوسف وأبيه وإخوته. وقد رجح الزمخشرى الثانى بعود الضمير إلى الأنبياء» وذلك لقراءة كسر القاف» إذ إنها تكون قصصاء وليست قصة واحدة» وقصة يوسف واحدة» وليست قصصا متعددة. ّ ومهما يكن فإن قصة يوسف قصة واحدة» اختص بها يوسف عليه السلام» وهى أخبار متنوعة قطبها يوسف عليه السلام؛ وفيها عبر مختلفة» فيها بيان لحال النفوس» وما يعروها من منازع» وما تعترك به من أهواء» وما فى النفس من قوة إرادة وصبر للمهتدين» ونزوغ فاسد للضعفاء الذين ينساقون» وما فيها ما يحمى البيوت من آفات» وما يعروها من انحرافات» وفيها بيان لتدبير الجماعة» وتنظيم ها تفدسسير سورة يوسف : ال 000 لسرب زا لاقتصادهاء وإحكام» وإخلاصء. وعدلء, وبيان لما يجب من الادخار من سنى الرخاء لسنى الشدة» كما قال تعالى: « .. .هَمَا حصدئم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلرن 9© 4 . وفى سورة يوسف صورة للحاكم العادل؛ تراها فى أوصاف يوسف عليه السلام . وأولى هذه الصفات البارزة قوة الإرادة» ومظهرها الصبر عندما تعتلج النفس بأسباب الشهوات . وثانيها: الأناة» وأن يضبط نفسه عند الغضبء ولا ينساق وراءه» فالحاكم الذى يسير وراء الغضب يشطهء ويظلم» وقد رماه إخوته بالسرقة كاذبين عليهء وثالئها: العناية بذوى الحاجات» ولو كانوا مؤذين له» أو سبق لهم منه الأذى كما عامل إخوته. ورابعها: الثقة بالنفس» وطلب الأمر إن كان يصلحه. كما قال يوسف « اجعلني علئ خزائن الأرض 4 فلم يفرّ من تحمل التبعة عن بينة وجدارة واستحقاق» مع ذاكرة قوية مدركة» يعلم ما مضى وما حضر. وخامسها: الإخلاص لله تعالى» وعبادته وحده. فلا يشركء» فتدين الحاكم يجعله خاضعا لله . وسادسها: أن يكون رفيقا فى معاملة الناس شفيقا بهم فهو كالوالى على اليتيم» يعطيهم من رفقه ورفله ما يدنيهم إليهء وهكذا كان يوسف حتى وهو فى سجنهء فقد كان يناديهم» وهو فى سجنه مع المسجونين بأنهم أحبابه وأصحابه» وإن من الشفقة والرفق العفو عندما توجد أسباب يداوى به الحسد والعداوة» فلا يجتث شىء الحسد والأحقاد كالعفو والمحبة وإدناء البعيد» وتقريب العشير»ء وكل ذلك كان فى يوسف. ل تفسير سورة يوسف للا لج بيزر 7 وسابعها: التأنى للأمورء وقد رأينا كيف أخذ الثقة فى لين» ومن غير إعنات من العزيزء ظهر ذلك فيمن هو أعلى منصبا منه» وظهر فى صغائر الأمورء كما رأيت في استبقائه أخاه من غير اقتتال» بل بوضعه السقاية فى رحل أخيه من غير اتهام لَه لشخصه.» ثم أخذ الحكم من ألسنتهم» ونفذه بقولهم . ثم من بعد ذلك أخذ الأمور بالتأنى» حتى التقى بأبيه على مائدة الرحمة والمودة والإيثار» وقد قتل الحقد بالعفوء والغيرة بالمحبة» والضلال بالهداية . وفى السورة عبر كثيرة» وقد ذكرنا بعضا منها فى أول السورة فى معانى قوله تعالى : ا لَقَد كان في يوسف وإخوته آيات للسّائلين 0 4 . وقلنا: إن قوله تعالى: ا لَقَدَ كان في قَصصهم عبرة لأولي الألباب 4 الضمير يعود إلى الأنبياء» وخصصنا نحن قصة يوسف ببعض ما يلوح منها من عبرء والعبرة والاعتبار الحال التى يعرف فيهاء ما يجب عمله فى الحاضر بالأخذ مما كان فى الماضى بأن يتفكر ويتدبر ما كان فى الماضى من وقائع» ويعلم أنه نور يضىء للحاضر؛ فالإنسان ابن الإنسان يتشابه فى آثامه. ويتشابه فى عواقبها ونهايتهاء فذكر هذه الآثام لجماعة أو قبيل» وبيان العواقب بيان للعواقب فى كل جيل لمن يقع فيها من أهل هذا الجيل الذى خلف الأول» ولذا كان فى قصص الرسل إنذار للمشركين وتسلية للنبى والمؤمنين بأن نصر الله آت» وكل آت قريب مهما يتأخر الزمان. ويقيد سبحانه وتعالى المعتبرين بأن يكونوا من ذوى الألباب أى العقول التى تذهب فى إدراكها إلى لب الآمور وحقائقهاء ويتدبرون مباديهاء ونهاياتهاء ويبين الله سبحانه أنه لم يكن حديئا يفترى ويخترع كأساطير الأولين 2 كَانَ حديئا يفترى 4 كما قال الأفاكون أنها «[ . .. أَسَاطيرٌ الأَوَلِينَ اكْسَها فَهِي تملى عليه بكرة وأصيلاً ©4 [الفرقان] والتنكير فى حدينا ‏ لعموم النفى أى ما كان لإحديثا 4 أى حديث يفترى ويخترع اختراعا لمجرد التسلية وتزجيه الفراغ» 8# تفسير سورة يوسف ) 4 اللا 1[ 1 1آ11ذ1”ظ(2 لسرب را والتسلى المجرد» بالأحاديث» بل كان أخبار جاءت بها الكتب السماوية من قبل» ولذا قال تعالى: < ولكن تصديق الذي بين يديه 4 أى أنه كلام فيه تصديق ل بين يديه من الكتب السماوية التى نزلت من قبله كالتوراة الصادقة» وقوله: 8 تصديق الذي بين يديه 4 فيه إثبات صدقه فيما أخبرء وصدقها فيما أخبرت به؛ لأن الصدر فيها واحد» ويعبر بكلمة «إ بين يديه 4 فى القرآن بما سبقه» وكأنه بعلمه حاضر بين يديه . لقد ذكرها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» وقال إنها من القرآن» وهى موافقة للصادق من الكتب عند اليهود والنصارى ومبيئة للزائف منهاء وكان ذلك على لسان رجل لا يقرأولا يكتب» وفى قوم أميين ليس عندهم علم ولا معاهد للعلم» وما كان كثير النجعة والارتحال» بل لم يعرف له إلا رحلتان إلى الشام» إحداهما فى الثانية عشرة» والثانية فى الخامسة والعشرين من عمره. ش والفمير المستتر فى قوله تعالى: لما كَانَ حديثًا يُفُحَرَى » عائد إلى القتصص» وهو مصدق لا جاء فى الكتب السابقة» ودليل على صدق النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» وفيه هداية ورحمة لقوم من شأنهم الإيمان بالحق إذا جاءهم فالقصص فيه هداية لأن فيه دعوة النبيين وعاقبة المكذبين» وفيه رحمة لتجنيب المؤمنين عاقبة الكفر. ويصح أن يكون الضمير عائد إلى القرآن الكريم المشتمل على القصص فهو فى ذاته هدى» لأنه من عند اللّه» وهو رحمة.ء لأن الهداية رحمة» وخص ذلك بالذين يؤمنون ويذعنون للحق إذا جاءهم» ل( ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لَقَوم يؤْمنُون4 أما من لا يذعنون ولا يؤمنون فهم قوم بور. سورة مدنية» وعدد آياتها ثلاث وأربعون آية» وسميت «سورة الرعد» لقوله تعالى فيها: ظوَيسَبَح الرَعَدُ بِحَمّده وَالملائكة ... 409 ولو سميت الكون والهداية لكانت التسمية محكمة. وقد ابتدأت بالحروف المفردة 9 المْر », وأعقبها بإشارة إلى القرآن الكريم: « والّذي أنزل إِلِيك يك من رَبك الْحق ولكن أَكثر الئاس لا يؤمنون 4 . ثم بعد ذلك بين الله سبحانه وتعالى ما فى الكون مما يدل على قدرة القادر ووحدانيته» فالله هو الذى رفع السماوات بغير عمد مرئية» ولكن عدم رؤيتها لا ينفى وجودهاء وسخَّرَ الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى» فسبحان الذى يدر الآمر يفصل الآيات لعلهم بلقاء ربيهم يؤمنون. وهو الذى مد الأرض وبسطهاء وجعل فيها جبالا رواسى» وأنهارا وجعل من كل الشمرات؛ ومن كل من الحيوان وكل الأحياء زوجين اثنين» وجعل الليل والنهار آيتين يغشى الليل النهار إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون» وجعل فى الأرض قطعا متجاورات وجنات من أعناب» وزرع» ونخيل صنوان وغير صنواد». يسقى بماء واحدء ومع أنها متجاورة وتسقى بماء واحدء يفضل الله بعضها على بعض فى الأكل» إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون. وإن هذا الكون وما فيه يدل على أن الذى قدر على خلق الإنسان قادر على إعادته» كما بدأكم تعودون» ل( وإن تغجب فَعجب قولهم أئذا كنا رابا نالفي خلق, جَديد أُوَتك الذي كَفَرُوا بيهم وأولتك الأعْلال في أعناقهم ولك أُصْحَاب النَارِ هم ا تفسيرسورة الرعد اي للفلل لحر زا فيها خَالدُودَ 2 4 . وقد استرسلوا فى إنكارهم النبوات» والبعث, وإذا أنذروا بالعذاب واستعجلوه ه إمعانا منهم فى الإنكار» ل وَيستَعْجِلُونَك بالسيّمة قبل الْحَسَة وقد لت من قبلهم المَغلات ونا ربّك لذو مغْفرة لاس على طُلَمهِم ون نك لَشَدِيد العقاب 0 4. وإنهم لينكرون المعجزات التى جاءت دالّة على رسالة الرسول الذى أرسل إليهم» ويتجرءون على الله باققراح معجزات,. وينكرون أن يكون غيرها آية « ويقول الّذين كَفروا ولا أنزل عليه آية من به إِنّمَا أنت منذر وَلَكُلَ قرم هَاد 0 4 . ثم يبيّن سبحانه إحاطة علمه ل الله يعم ما تحمل كل أنئ وما تغيض الأرحَام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار 20 عالم الْعَيب والشهادة الْكَبِيرٌ المعَعال 20) سواء َكُم من أسر اقول ومن جهر به وم هو مُستَخف بالل وساب بهار و لَهُ قات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أَمْر الله إن للهلا عير ما بقَوْم حَتَى يُغَيَرُوا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقَرمٍ سوءا فلا مَردَ له وما لهم مّن دونه من وال 69 4 . ثم يبين الله سبحانه عجائب خلقه «هو الذي يريكم البرق حَوفا وطَمَعا ويدشئ السحاب الال 53 ومسيح اعد بحمطده والملاكة من خيف وُرسل الصواعق فيُصيب بها من يشاء ... 9 04ب ينشئْ كل ذلك» ويرونه عسيانا ومع ذلك يجادلون فى شأن الله تعالى 8# . .وهو شَدِيدُ محال 9 © 4. وبين الله تعالى الحقائق التى يجب أن يذعن لها المؤمن» 8 لَه دعوة الحق اين يعون من دونه لا يَسَحِيبُونَ لهم بشيء إلا باسط َيه إلى الْمَاء للع اه وما هو ببالغه وما دعاء الْكَافرِين إلا في ضّلال 9 2403 وبين سبحانه وتعالى بعد ذلك أن كل ما فى الوجود ومن فى الوجود خاضع له بمقتضى التكوين طوعا وكرهاء ونبه سبحانه إلى أنه خالق السماوات والأرض فسالهم 8 ... من رب السّموات والأرضٍ 43 ووبخهم على اتخاذهم آلهة من دون الله ل ... قل أَفَانْحَدْتَم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم فعا ولا ضرا قل هَل يُسْتَوِي الأعمئ والْبْصي رم هَل تَسْعَوِي اا تفسير سورة الرعد ز الل 4 لسرب ا الظُمَات والثورأم جَعَلُوا لله شْرَكَاءَ حَلَُوا كُحَلْقه فعَشَابَه الْحَلَق عَليْهِم قل اللّهُ خالق كل شيء ... 03 4 . وضرب الله مثلا بين الحق والباطل» فقال تعالى: «أنزّل من السّماء ماء سات أَودية برها فَاححَملَ اليل زا زايا ومما يُوقدون عليه في الَار ابتغاء حلية أو اع َم ذلك يرب اللَهالحق البَاطل َم اليد فدهب قا وما ما ينع الناس فيْمْكُثْ فى الْأَرْض كَذَلك يضرب الله الأمقال 00 4 . وبعد ذلك ييين جزاء ارين يستحييرة ٠‏ بج بر إلى الذين يكفروت دوجم ابن و صاب ونأزاف جَهكم وي انمهف 9 | ويين الله على طريقة الاستفها! نقول :لأف يم أنه أنزل ليك من رَبك سين ادساف اع اق انهم 1 .لوقو بيد لله ولا شرن الميغاق 069 4. وط . .يُصلُون ما مر الله به أن يُوصل ويَحْسُون بهم ويحَافُونَ سوء الحساب 69 4, وهم الذين ف[ . .صبَرُوا ابتعَاءَ وجه ربَهم وَأَقَامُوا الصّلاة وأنفقوا مما َْقَاهُم سر وعلانية ويدرءون باْحسنة السّيعة .. © 4 ٠‏ ثم يبيسن جزاءهم فى الآخرة فيقول: 9 . .وناك لهم فى لذ 9ج جنات عدم وها ون لح من آنائهم وأزواجهم ديهم واْمَلائكَةيَخُلُونَ يهم مّن كل باب 529 سلام عليكم بما صبرثم فنعم عقى الذارٍ 63 4 . وبين الله سبحانه وتعالى أوصاف الكفار» وهى نقيض أوصاف المؤمنين فهم: ف وَالِْينَ يَفُصُودَ عَهَد الله من بعد ميماقه ويَقَطمُون ما أمَرَ الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض... 409 وجزاؤهم بينه سبحانه بقوله: «[ . .. أولتك لهم اللّعنةُ وهم سوء الذار 62 4 . تفسير سورة الرعد و الل11اناالزاالاااطلطللطجلللاااالاااللللاطلالللللللالللللااا تتا تالالا سرت م وقد كان المشركون يتخذون من بسط الرزق وضيقه دليلا على الفضل عند الله» وإذا كان الله تعالى قد قد بعث محمذا ميد فقيراء ومجيبوه من الفقراء فقد ظنوا أنهم أولى» فقال تعالى: « الله يْسط الرزق لمن يَشَاء ويقدر وقَرِحُوا بالْحيّاة الدنيا وما الحياة اليا في الآخرة إلا ماع 63 4 . وقد طلبوا آيات أخرى مادية» وما كانوا ليؤمنوا إذا جاءتهم» فقال تعالى : « ويقول الذين كفروا ولا أنل عليه آي من رب قل إن لَه يض من يَشَاءُويَهْدي إل 4 من اب 0© الذي وا وتطع ويه خالل أل بذخر الله طن لوب د الذي آمنوا وعَمنُوا الصّالحَات طُوبَئ لهم وَحْسْنْ ماب 9© 4 . ثم بين سبحانه أن مثل هذه الآيات جاءت من قبلهم ولم يؤمنواء فقال تعالى : كذلك أَرسلَاك في أَمةِ قد خَلَتَ من قَبلها مم لعلو عَلَيهِم الذي أَوْحَيّنا ليك وهم يكفرون بِالرَحَمنٍ قل هو ربّي لا لَه إل هو عليه َكلت وَإَيْه ماب 9© 4 . ويبين منزلة معجزة النبى يَكلْةٌ» وهى القرآن فيقول تبارك وتعالى: 8[ ولو أن قرآنا سيت به الجبال أو قُطعَت به الأرض أو كلم به الْموْتئ بل لله لمر جَمِيًاأَقَلَم يس الَّذِين آمنوا أن لو يشَاء الله لهَدَى النّاسَ جَمِيعًا ولا َال الّذينَ كَمَروا تُصيبهُم بمَا صتَعُوا قارع أو تحل قَريبا مَن دارهم حتّئ يأتي وَعد الله إن الله لا يُخْلف الْميعَادَ 9 4 . وإذا كانوا يستهزئون بك وبمن معك فقد استهزئ برسل من قبلك 8إ ولقد استهزى برسل من قبلك فَأمَيت لأذين كفروا َم أحَئهُمْ فكَيْف كَانَ عقاب 00 فس هو فائم على كل نفس بم كَسبتا علو لله شركاء فل سَمُوهم أم َوه بالا يعم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للّذِينَ كفروا مكرهم وَصلُوا عن السّبيل سن يُضال لل فَمَا لَه من هاد 20 لَهُمْ عَدَابُ في الْحيّاة الائيَا ولعَدَابْ الآخرة أَشَق وما لَهُم من الله من واق 69 4 . مالل م ١‏ كاه ل يي وبعد بيان عذابهم فى الدنيا والآخرة ذكر الجنة التى ينالها المؤمنون» فقال سبحانه : طممَلَ الجن التي وعد الْمقُونَ تَجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وَظلّها تلك عقبى الذين انَقَا وعقبى الْكَافرِين الثاره© 4 . وبيّن سبحانه وتعالى موقف اليهود من القرآن والنبى» فقال تعالى: « وَالينَ آتََْاهُمُ الكتاب يَفَرَحُونَ بما أنزل إِلَيكَ ومن الأحراب من يدكر بَعضّه قل إِنّمَا 3 ع أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إِلِيه أدعو وإِلَيّه مَئَاب 5 وكذلك أنزلتاه حكما عربيا ولكن اتبعت أهواءهم بعد مَا جَاءك من العلم ما لّك من الله من ولي ولا واق 69 4 . ولقد بين سبحانه من بعد ذلك أن الله أرسل رسلا من قبله من البشر لهم أزواج وذرية» وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله» يمحو الله ما يشاء من الآيات» ويثبت» وعنده أم الكتاب» وهو التوحيد» وألا يشركوا بالله شيئا ومهما يكن من أمر المشركين» فإما نرينك بعض الذى نعدهم من العذاب» وإما نتوفينك . فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب. ولقد بيّن سبحانه وتعالى العبر»ء وقدرة الله تعالى ليعتبروا فلم يعتبروا: :( ألم يرا أنَا تأتي الأرض تنقصها من أطرافها والله يحكم لا معقّب لحكمه وهو سريع كل نفس « .. .وسيعلم الْكقّار لمن عقبى الدار 59 ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كقَئ بالل شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علّم الكتاب 659 © . ا تفسير سورة الرعد اي للللل 00 لح ناز معانى السورة الكريمة 586 وس هر مله مام المر يلكا يتّالكتيوا وَاَلّذِىأ: نرْلليُكَ من رَيْكَ الْحقٌ # مه 02 ل حجر 20 آ 2[ 24 كن كْ اَي لاِبؤمون 02 أنه ل رقع| واس غير ده مه ير يه 2 2 ستو علأْلعرَش وَسَسَرَالسَمسوَالْفَمرٌ اق 0--70 بعص لالت مَل لقا 7 وو رارها الى مَدَارْصَ وَجع1 ناز رَوَاسىّ يلسرت ت جلها زجنأ نين يُعْش ى كَل لمر نف َلك لمت لقو وِيتَفَكونَ ا وَفالْارْضٍ 1ل 34 وو ل سار عو يآ 2 ود وس فو متجلورات وجنت من عَنْبٍ وز ونخيلصنوان م ويلر د ل 02 3” 2 وا قب و ودف ل بن لك عض | صفئ رعلري. لت ربح 2 في الأكر إنَف ديلت يت لْمَوْ و يعقاو نويا ©المر» هذه حروف مفردة» وقد تكلمنا عن هذه الحروف وقلنا: إنها من المتشابه الذى استآثر علم الله تعالى بهء ولسنا من الذين زاغت قلوبهم» يتبعون ما تشابه ابتغاء تأويله» ولكنا نلتمس الحكم فى ابتداء السور بهذاء وقد حاولنا تلمس هذه الحكمء وقلنا: إن أكثر السور التى ابتدأت بهذه الحروف يذكر بعدها أمر الكتاب بالإشارة إليه تعالت كلماته» ويقولون فى مقام هذه الحروف من الإعراب: 2 إنها اسم للسورة أو الكتاب . وتعرب على أنها مبتدأء خبره: © تلك آيات ا تفسير سورة الرعد م لحب أ الكتاب 4, والإضافة إليها باعتبارها جزءا من آيات الله» فالإضافة فى قوله تعالى: «تلك آيَات الكتاب »4 إضافة بمعنى (من)» أى إن تلك آيات من كتاب الله أو الإضافة بيانية» أى تلك آيات هى الكتاب. من قبيل أن جزءا فى الكتاب هو قرآن يتحدى بهء فقد كان يتحدى بآيات القرآن على أن فيها كلها ما امتاز به الكتاب الكريم من المجاز. و(أل) فى الكتاب » للدلالة على أنه الكتاب الكامل الذى هو جدير بأن يسمى كتابّاء كأن غيره ليس جديرا بأن يسمى كتابا؛ لأنه من عند الله تعالى» وكلام الله تعالى. وقوله تعالى: ا والّذي أنزل إِلَيِك من رَبّك 4 جملة معطوفة لبيان أن ما أنزل منه من ربك هو الحق الشابت» وهذا من صفات كمال الكتاب» فكان من هذه الصفات : أولا: أنه ليس من عندك» بل أنزل من الله تعالى إليك» فليس افتراءً ولا كذيا. وثانيا: هو من ربك الذى يدبر الأمر بحكمته» وينزل كل شىء منزلته» وهو الذى اختار أن يكون المعجزة المحمدية الكبرى. وثالثا: هو الحق الثابت الذى ما جاء فيه إلا الحق فى العقيدة وفى الشريعة» وفى دفع الأوهام» ودفع الفساد فى الأرض» وعلاج أمور الناس بالحق» فهو الحق فى كل ما جاء به لآنه من الحق جل جلاله؛ وعلا كماله. ويكون العطف بين الجملتين « تلك آيات الكتاب 24 « والّدي أنزل ...4 إلى آخره» لبيان أن الكتاب متصف بصفتين كلتاهما تؤدى معنى الكمال: الأولى : أنه الكتاب الكامل فى ذاته . والثانية: أنه الكامل لأنه من عند الله تعالى» فالتقى فيه الكمالان: الكمال الذاتى والكمال الإضافى . 8# تفسيرسورة الرعد اي الللللل لاا لج 5 يد 7 الثاس 44 الامتدراك خا كان تقتضيه تقتضيه حقيقة حقيقة الكمال فى القسرآن؛ ذكانت تقتضى يذعنواء بل إنهم يمارون» ويجادلون؛ فتضيع الحقائة ئق فى وسط لحاجة الحدل 4 .. وكات الإنسان أَكثْرَ شيء جدلاً 69 4 [الكهف] . وإن أول الحق الذى جاء به القرآن» وأوحى به الديان عبادة الله تعالى وحده. وألا يشركوا به شيئا؛ ولذا بين اللّه استحقاقه للعبادة وحده بالكون» وما خلقه وبديع صنعه فى السموات واللأرض» وما خلق من كل شىء» فقال تعالى : الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوئ على العرش وسَخّر م قامس سمه شع هف يوا ماه وم هش م مج على # 2ه دم ان اسه سعه ره 3 سيراه الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الايات لعلكم بلقاء ربكم توقنون 00 4 . ظ صدر الآية الكريمة بلفظ الجلالة الذى يتضمن الخالق المدبر المتصف بكل كمال» والمستحق وحده للعبادة» ولا يعبد معه شىء: حجر » أو حى ع2 أو نجمء أو غير ذلك مما توهم فيه بنو الإنسان فى العصور المختلفة قوة يعبد لأجلها. وبين سبحانه فضله فى خلق الكون فابتدأ بذكر الكون الأعلى مجملا عرفه بخلق الله فقال: # الذي رفع السموات بغير عمد ترونها#, هنا اتجاهان: نفى العمد» ووجود العمد ونفى رؤيتها: الاتجاه الأول: أن النفى متجه إلى وجود العمد» وقوله تعالى: 9 ترونها # دليل على نفى وجود العدم» أى دليل على عدم وجودها عدم 2 فاللّه الأرضٍ إلا بإذنه . 62 # [الحج]. 1# تفسير سورة الرعد 1 م سرب ا والاتجاه الشانى: أن النفى واقع على الرؤية» وعلى هذا يكون هناك عمدء ولكن لا ترى» فالله سبحانه وتعالى قد أوجد تماسكا بين السماء والأرض بالجاذبية» وكأنها عمد ولكنها لا ترى» وبهذه الحاذبية» وهذه الحاذبية كأنها العمد التى لا ترى. والاتجاهان يحتملهما اللفظء وهما صادقان» وأميل إلى الاتجاه الشانى» ورجح ابن كشير الاتجاه الأول» وكلاهما فيه قدرة الله تعالى الجلية واضحة» والعمد (بفتح العين وضمها) جمع عماد أو عمودء وهى الأسطوانة التى يقام عليها السقف المرفوع. طثُمْ اسعوى عَلَى الْعَرْشٍ4 (ثم) هنا لبيان مراتب الخلق فى ستة أيامء أى أدوار كما مضى القول فى ذلك فى سورة الأعراف» فإنه بعد أدوار الخلق التى تمت بإرادة الله تعالى» والاستواء على العرش كمال سلطانه فى الكون» كما يستوى الملك العادل على عرش ملكه. وللّه المثل الأعلى» وما مثلنا إلا للتقريب» فلا مساواة» تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. «وسخّر الشّمس والقمر) أى ذللهما فى حركتهما وسيرهما فى مداريهماء فكل له مدارء وكل له خواصه. فالشمس هذا الضياء المشرق الذى يملا الوجود حرارة يكون بها الأحياء والأزهار والأشجار. والقمر يستمد نوره من ضوء الشمس» ولأشعته الصافية المستمدة يكون السير ليلاء ويؤثر فئ النفوس» وفى البحار بالجزر والمد» وفى الأحياء» فيكون الحمل والإرضاع تابعين لأدواره. كُل» فى قوله تعالى: كَل يُجْرِي أجل مُسَمَى 4 أى لأجل معين ينتهى عنده ذلك الأجل الذى حد له» وقد قال البيضاوى فى ذلك عند قوله تعالى: «وسّخّر الشّمس والقمر» ذللهما لما أراد منهما كاحركة المستمرة على حد من السرعة ينفع فى حدوث الكائنات وبقائها. « كل يَجْرِي أجل مُسَمَى 4 لمدة معينة يتم فيها أدواره» أو لغاية مضروبة دونها سيرها وهى: : © إذا الشمس كورت 0 وَإِذَا النجوم انكدّرت 42 [التكوير](27؛ أى أن الأجل المسمى يفسره بتفسيرين: .71١١ /١ج تفسير البيضاوى:‎ )١( 07 الل 1 شب ار أولهما : الأجل الذى تتم به أدوار الشمس من حيث قربها نسبيا من الأرض وانحرافها نسبيا عنها فتبتعد. ويكون من ذلك الفصول الأربعة التى تتغير فيها حال الأرض» وما تنبت من زرع» وما يكون من دفء وحرارة ونوعها. وما يختلف به الليل والنهار طولا وقصراء وما يننظم به الزرع والثمر ويختلف باختلاف الفصول» إلى آخر ما هو معروف فى العلم» ويحس به الناس فى أدوار الحياة وتعاقب الليل والنهار. والثانى: أن الأجل المسمى هو أجل الدنياء الذى يكون بعدها زلزلة الأرض» وفناء العالم ليجدد فى حياة أخرى هى الجزاء والتعويض لما كان فى الدنيا. وإنى أرى أنه لا مانع من إرادة الأمرين» فهما ليسا أجلين» بل هو أجل واحد يكون أولهما فى دائرة الوجود الدنيوى وهو فى الثانية الذى هو النهاية . وإن النص القرآنى يقول: « كل يَجْرِي لأجل مُسَمَى 24 أى أن الشمس والقمر يجريان لأجل مسمىء. فالقمر يجرى حول الأرض ويدور حولها دورته الشهرية . وتكون من هذه الدورة درجاته وصوره من كونه هلالا إلى أن يكون بدرا ١#‏ .. وكل في فلك يُسبَحون © * [يس] وإن القمر له بهذا الدوران أوقات تؤثر فى الأحياءء فالحمل والرضاعء ونمو الأطفال» وحياة الحنين» وولادته» والحياة التناسلية لها ارتباط وثيق بالقمر وأدواره» وطمث المرأة» وقرؤهاء له ارتباط بالقمر» والميزان الدقيق لمعرفة ذلك وأدواره هو الشهر القمرى» بل إن القمر له أثر فى الإخصاب» حتى عبروا فى بعض اللغات عن الأمراض العصبية بأنها الأمراض القمرية. وهكذاء وإن القمر يجرى لأجل مسمى فى دائرة المعانى التى ذكرناهاء وإنه يستمر جاريا إلى أن تنقضى الدنياء والله أعلم . وإن الله تعالى بعد بيان القدرة المشيئية ل يدبر الأمر قصل الآيات 4 الأمر هو ملكوت السموات والآرض من حركات النجومء وأبراجهاء وإحياء الأحياء وإماتتهم و(أل) فى قوله تعالى: 8الأمر) للعهد» وهو ما يتعلق بهذا الملكوت. لاملل لسرب ا « يفَصل الآيات 4 ينزل عليهم الآيات المبيئة للقدرة من خسف وكسوف»ء وزلازل وغيث يحيى الأرض» وغيث يدمر ما عليهاء كل هذه لتكون آيات بينات تدل على القدرة» وعلى أن الكون يسير بإرادة مختارة» وأنه يبدئ ويعيد» وينشئ» يميت» ثم يحيى» وهو على كل شىء قدير. وإن الله تعالى أشار إلى هذه القدرة العظيمة رجاء أن يؤمنوا بالمعاد فقال تعالى : « لَعلّكُم بلقاء ربكم توقنون 4 . أى: لعلكم ترجون لقاء ربكم وتوقنون به» فالرجاء ليس من الله» ولكن الرجاء من الخلق وهو على كل شىء قدير» أى لعلكم إذا تأملتم ما فى السماوات والأرض من خلق توقنون بلقاء ربكم ولا تنكرون ولا تظنون ظنا. بل تستيقئون استيقاناء وهنا إشارات بيانية فى هذه الآية وما قبلها نذكرها إجمالا: أولاها: أن تعريف الطرفين فى قوله: الذي أنزل إِلَيِكَ من رَبك الحق » للقصرء أى لا حق سواه. الثانية: فى قوله: « رفع السّموات بغيرٍ عمدر» فيها دليل على وجود الصانع المنشئ والمدبر» وأن وراء كل جزئية من الكون سرا إلهياء هو الذى يدبر» وهو الذى يقوم عليه فهو الحى القيوم. الثالثة : أن قوله عن البعث: لَعلّكم بلقاء ربكم توقون 4 فيه إشارة إلى أن البعث لقاء الله وقدر 8 بلقاء بَكُم 4 على الفعل 8 توقنون 4 لزيد الاهتمام. وبعد ذكر الله تعالى رفع السماوات» وما فيها من أجرام ذكر الأرض وما فيها من آبات بينات فقال عز من قائل: 9 وهو الذي مد الأرض وَجَعَلَ فيها رواسي وأَنْهارا ومن كل الشَُمَّرات جعل فيها زوجين لين يفشي الأيل المْهَار إن في ذلك لآيات لقوم يَتَفَكَرونَ 2 ©. بعد أن بين سبحانه وتعالى قدرته فى رفع السماء بغير عمد ترونهاء وما فيها من كواكب ونجوم رمز إليها بأجلها شأنا» وهى الشمس مصدر نورهاء والقمرء اي لال ١١ لاااا0‎ 2 وكان رمزا لمن استمد نوره منهاء وهو من أكبر أتباعها. أنزل آياته إلى الأرض وهى قريبة من الأنظار غير بعيدة عنهاء وفيها يمرحون؛ ومن خيراتها يتخذون نماءهم؛ ولذا قال: وهو الذي مد الأرض 4, أى بسطها طولا وعرضا بحيث يسهل افتراشها أو الانتقال فى أجزائها شرقا وغرباء وشمالا وجنوبا وليس ذلك دليلا على أنها غير كروية» بل كونها كروية ثبت من الليل والنهار» ومن أدلة عقلية كثيرة وكرويتها لا تنافى مدهاء وجعلها مفترشا لابن آدم» وذلك لكبرها وامتداد أطرافها . ثم أخذ يبين سبحانه ما جعل فيهاء فقال تعالى: ا وجعل فيها رواسي »© أى جعل فيها جبالا كالأوتاد لهاء كما قال تعالى: ظ وَالْجبَالَ أوتَادذا )4 [النبا] ورواسى جمع راس» وقال البيضاوى وغيره: إنها جمع راسية» وجاءت التاء لآنها وصف لأجبل. ونحن نرى أن ذلك تكلف لا داعى إليه؛ لأنها جمع (راس). وهو وصف لا لا يفعل وفواعل تجمع ما تكون وصفا لما لا يفعل» و(راس) من رسا إذا ثبت» ف رواسي » معناها ثوابت مستقرة كأنها أثقال تزن الأرض» وعطف على الرواسى الأنهار 8 وَأَنْهَارا 4 للتقابل بينهما؛ لأن الجبال أحجار أو نحوهاء والأنهار ماء سهل فهما متقابلات فى الجملة؛ ولأن أودية الماء تكون بجوار الجبال وتتخذ منهاء أو تتكون مياه الأنهار ما ينحدر من الحبال» أو تنزل الآمطار على الجبال» ثم تنحدر حتى تجرى فى الأنهارء كما ترى فى نهر النيل» إذ إنه تكون من البحيرات التى ترفدها بمائها ثم تنحدر المياه من جبال الحبشة» فيكون فيضانه بخيراته التى أفاض الله بها على عباده» فأوجد الخصب فى وادى النيل» وأخصب مصر من وقت أن جرى فيها. وإنه من وراء الأنهار يكون إنبات النبات» وإثمار الأشجارء فإن هذا كله يكون من الماء الذى جعل الله تعالى منه كل شىء حى» وكذا قال سبحانه وتعالى بعد الأنهار وجريانها وتحدرها من الجحبال: ومن كل القّمَرَاتَ جَعَلَ فيهًا زوجين 4 , ا تفسير سورة الرعد ظ 1 سب ا أى جعل سبحانه وتعالى صنفين متقابلين كالحلو والحامض ٠»‏ والأسود والأبيض» وجعل منها زوجين أى الذكر والأنثئى» فمنه الذكر الذى يلقح بما تحمله من البذر الرياح اللواقح» والأنثى التى تحمل بذر الذكرء كما تحمل أنثى الحيوان بذر الذكر فى رحمها. ومن هذا يتبين أن كلمة زوجين تتضمن معنى التقابل الذى يعم التقابل بين الذكر والأنثى» والتقابل فى الألوان» والتقابل فى الطعم» والتقابل فى الصغر والكبرء وهذا كله فى أرض واحدة» وكان مقتضى اتحاد الأرض واتحاد الماء أن تكون شيئا واحدا فى لونه أو طعمهء أو ذكورته أو أنوثته» أو صغره أو كبره. ولكن تعددت وتخالفت» فدل هذا على وحدة الصانع ال حكيم العليم المريد الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى. ثم بين سبحانه بعض العلاقة بين السماء والأآأرض» وهى الليل والنهار» فهما من دروان الأرض حول الشمسء وكل يدور فى مداره» فبدوران اللأرض يكون الليل والنهار» وبدوران الشمس تكون الفصول الأربعة. ولقد قال تعالى: طيُفْشي الليْلَ النّهَارَ)4 بسكون (الغين) وهناك قراءة بفقح الغين وتشديد الشين من التغشية» وكلاهما بمعنى اللباس الذى يغشى الجسمء وفى هذا الكلام استعارة تبعية وأصلية» فأما الأصلية: فهى تشبيه الظلمة بالشوب الأسود»ء والضوء بالجسم الأبييض» وتبع ذلك أن شبه النهار بأنه يغشى الليل . هذه آيات الله تعالى» وبيناته» وخلقه. وثكوينهء وهى تدل على أنه فعل في ذلك لآيات ليكوو 4 . و اللا لال 000 لسر ات إن في ذلك 4 الإشارة إلى المذكور من: مل الأرض » ووجود أوتادهاء وتحدر الأنهار منهاء ووجود الأزواج المختلفة 99 لآيات » أى لدلالات بينات «[ لقوم يتفكرون © لجماعة يفكرون ويتفاهمون على التفكير ويتدبرون المعانى» فإنها لو كانت بالتعليل المجرد ما تنوعت هذا التنويع» وما تقابلت هذا التقابل فيما بينهاء بل كانت صنفا واحدا ولم تكن أصنافاء وكانت لونا واحداء ولم تكن ألواناء والله بكل شىء عليم . نو وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان ب يسقئ بماء واحد ونفضل بعضها علّئ بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لَقَوم يعقلون (5) > . إن القضية بين الفلاسفة الطبيعيين» والدين الإسلامى فى أصل الخلق أن الطبيعيين يقولون ‏ باطلا : إن الآشياء كانت من العقل الأول كما يكون المعلول من علته. وإن ذلك يقتضى جدلا وحدة المخلوقات جسًا وشكلا وحقيقة» ولكنها متغايرة فى كل شىء» متغايرة فى طبعها وشكلها وطعومها وألوانها ما يدل على أن لها خالق مدبر فعال لما يريد» مبدع على غير مثال ولا محاذاة. «( وفي الأرض قطع متجاورات 4 بعضها طيب تخرج نباتهاء وبعضها سبخة لا تخرج زرعاء وبعضها صخرىء وبعضها رملى» وبعضها صالح للزرع دون الغراس» وبعضها صالح لها. وإنه لا يخصص هذه لهذه الصفة» وللأخرى غيرها إلا للطيف الخبير مبدع السموات والأرض» فدل هذا على وجود المنشئ المدبر لهذا الكون» الذى يغير ويبدل بإرادة مبدعة. وفوق هذاء هله الأرض المتدانية المتقارية تسقى بماء واحد» ويختلف بعضها عن بعض فى الأكل مع أن التربة تكون أحيانا واحدة» وتسقى بماء واحدء وتبذر بها بذور واحدة ورعايتها واحدة» ومع ذلك تأتى إحداها بالخير الوفير وإحذاها لا يكون فيها الخير الكثير» فدل هذا على أن هناك مريدا يعطى من يشاء ويمنع من يشاء» وكل عنده بمقدار» وكل بوقت معلوم ‏ ولحكّم يعلمها اللطيف الخبير. | تفسبير سور م لر عد الل جب ٠4 1 « وجنات من أَعنَاب » انتقل البيان من الأرض إلى ما تثمره» وما تأتى به من خير» وابتدأ بجنات الأعناب؛ لأنها كانت أحب الثمار إليهم» يتخذون منها سكرا ورزقا حسناء ولأنها سهلة لينة» ولأنها أطيب ما تخرجه الأرض العربية. « وزع وتخيل 4 هذا إحصاء من غير استقراء لبعض ما ينتج فى الأرض العربية وغيرها من الأرضين» وهى متنوعة. فزروع مختلفة من حبوب وبقول» ومختلفة الآنواع» وتخرج مختلفة فى طعومهاء ونوعهاء وإشباعها للحاجات المختلفة ففيها اللين» وفيها الصلبء» وذكر الجنات من الأعناب رمز لغيرها من أنواع الثمار كالرمان والخوخ وغيرها. «( صنوان وَغَيَر صنوآن» النخلاتء أو النخلتان اللتان تخرجان من أصل واحدء أى النخيل سواء أكان مجتمعا من أصل واحدء أم كان متفرقاء وفى هذا إشارة إلى أنه لو كانت مخلوقة بالطبع أو بالعلة ما اختلفت صنوانًا وغير صنوان. ثم بين سبحانه اتحاد سبب الإنتاج فقال: «إ يسقئ بمَاء واحد», أى أن التربة واحدةء والبذر واحد» والسقى واحدء ومع ذلك يفضل بعضها على بعض فى الأكل ما بين حلو ومر» وردىء وجيدء وغير ذلك مما هو مختلف؛ ولذا قال تعالى : ونقضل بعضها على بعض في الأكل 4 والأكل هو الثمر. ل إن في ذلك لآيات لَقَوم يعقلون 4 (ذلك) إشارة إلى الاختلاف مع أن قطع الأرض متجاورة» وأن الجنات من الأعناب والزرع والنخيل - الممتدة الجذور وتسقى بماء واحد - وهو صنوان وغير صنوان» فى كل ذلك آيات مبينة لقدرة الخالق» لقوم يعملون عقولهم ويدركون أن هذا يدل على خالق ممختار فعال لما يريد. م تفسير سورة الرعد الالالال لال الاك ١‏ .. 22 إنكار البعث أعجب العجب تعمجب فح صب وه أء ذا دشرم ِّ فى حَأَقَ كت 2 1 سس و + سل سر يس مم 6ج 5 دبز لبك ال كمَرُواري ولب كَالأمْكلٌ 1 م هذ لكر وه ب ٠. 8. *‏ بها - ّ لل الس *« - ص مر م ٠.‏ ع2 وق ديك ار سح سر مم رس ارح | بحد مله مالمئللت إن رم ك لذو مغفرة للا 0 تو 0 ريك لَشَِيداِْنَابٍ يا وول ادنك ا م 5 0-1 ك7 11 1 2 5 نَل عَِكْهِ ءايه مِّنْرَ يه َإِنْما أت مذة وم الخطاب للنبى يليه وقيل الخطاب لكل من يقرأ القرآن» والأول أولى لأنه والاستعجال منهم لا يكون إلا للنبى عَيِةُ. نالفي حَلْق جديد » أما إن هذا هو وحله الأمر الحقيق بالعجب » ونكر 8 فعجب قولهم 4 لإفادة عظم هذا العجب لشدة الغرابة فيه. العجب هو هذا القول؛ لأنه غريب فى ذاته ينافى كل معقول» وكل محسوس ؟ لأنهم يرون فى خلق الله تعالى أن الله سبحانه خلق السموات والأرض» وخلق كل نوع نباتاء وأشجاراء ويحيى ويميت» ويفلق الحب والنوى. فيجعل منه زرعا ###ظ/ ‏ تفسير سورة الرعد الا لللللل م لأسب أ متراكباء ونخيلا وجنات» وفوق ذلك هم يسلمون بأنه الذى ابتدأ خلقهم» والابتداء فى حكم العقل والفكر أشد من الإعادة»؛ كما قال تعالى: # .. . كما بدأكم تعردون 9© 4 [الأعراف] وعجبهم الضال هو فى أنهم بعد أن يصيروا ترابا يعودون أحياء. وكرر الاستفهام 8 أَئدَا كنا ترابا 4 وقولهم: 8 أثنًا لفي خلق جديد #؛ لأن موضع الغرابة هو الخلق الجديد بعد أن يصيروا ترابا» فدخل الاستفهام على الحالين» والتعبير ب خلق جديد» يدل على موضع استغلرابهم» ونسوا أن الذى يخلقهم خلقا جديدا هو الذى أنشأهم ابتداء على غير مثال سبق» ومن أنشأ على غير مثال سبق قادر على الإعادة على المثال الذى بدأه. والسبب فى ذلك أنهم كفروا بربهم؛ ولذا قال تعالى: « أولتك الّذين كفروا بربّهم 4 الإشارة إليهم محملين بهذا العجب من إعادة الخلق جديدا تمن بدأه» وفى هذه الحملة السامية بيان سبب الإنكار وهو أنهام كفروا بربهم » كفروا بقدرته القاهرة» والتعبير بربهم فى هذا المقام له سره العميق؛ لآنهم يكفرون بقدرته وهو الذى أنشأهمء ويربيهم» ويقوم على أمورهم» فكيف يعجز عن حال من أحوالهم . «( وأُولتك الأغلال في أَعْناقهم 4 الإشارة إليهم على النحو الذى بيناه والأغلال جمع غل وهو القيد الذى يرفع اليد إلى الأعناق» وذكرت الأعناق فى الآية لتأكيد وجود الغل» وفى الكلام ما يفيد أن الأغلال معنوية؛ ذلك أنهم لسيطرة المادة عليهم كانوا كآنهم فى أغلالها لا ينفصلون عن هذه الأغلال» فالكفر بالغيب أداهم إلى هذه الحال المثيرة للعجب من أمرهمء ففى الكلام استعارة» بيت حالم فى اسشخراق اله وسيم ا اع 0 فلا يتحرك إلا تحت سيطرة هذه الأغلال» وظ في أعناقهم © تر شيح للاستعارة . تفسيرسسيورة الرعد حي ل اللل 010 7ب 5 -- وهناك تخريج آخرء وهو أنهم يكونون فى أغلال من حديد يساقون بها إلى جهنم وقد أكد سيحانه وتعالى بعد ذلك أنهم أصحاب النار هم فيها خالدون. فقال سبحانه وتعالى: «! وأولتك أَصَحَاب انار هم فيها خَالدُونَ 4 الإشارة لما ذكرنا إلى موضع العجب من أمورهم» وقد أكد خلودهم فى النار بالتعبير عنهم بأنهم أصحاب النار» أى الذين يلازمونها بالصحبة الدائمة المستمرة» وب (هم) التى تدل على التوكيد» وتدل أيضا على اختصاصهم بالدخول فى النار والخلود فيهاء» .أنهم يبالغون فى إنكار البعث» ولا تجديهم النذرء بل يستهزءون بالإنذار بعد الإنذار. « ويَسمَعَجِلُوَك بالسَيئة قبل الْحَسنَة وقد حلت من قَبْلهم الْمَمُلاتَ ون رَبك لَدُو ةنس ع مهم ورك لدي تاب د40 . السين والتاء للطلب» فهم يطلبون التعجيل بالسيئة قبل الحسنة» أى أنهم عندما يسمعون البشير والنذير» يستعجلون العقوبات التى تكون فى الإنذار بدل أن يعملوا الحسنات ويستعجلونها طالبين لهاء وذلك من فساد الفكر وضلال النفس» وسيطرة العادة» واللمبالغة فى إنكار الحق» فإذا جاء إنذار بعذاب شديد إن استمروا فى غيهم» وجنات النعيم والعزة فى الدنيا إن استقاموا على الطريقة واهتدواء لا يفكرون فى فعل الخير يستعجلون به بل ينساقون فى الإنكار ويستعجلون السيئة متهكمين» مهملين مستهترين» والسيئة هى ما يسوء فى ذات نفسهء والحسنة ما يحسن فى ذات نفسه فهم يطلبون السيئ تحديا وتهكماء واستهتاراء وكأنهم لا 8 يعبئون. ويفعلون ذلك» ويقولونه» مع أن العبر بين أيديهم شاهدة بصدق ما يخبرهم به ربهم؛ ولذا قال تعالى: 9 وَقَد خَلَّت من قَبَلهم الْمَغْلات »4 وظ خَلَتَْ 4 معناها مضت «إمن قبلهم الْمَعْلات 4 والمشلات جمع (مَثْلَة): ك(سَمّرة)؛ أى خلت العقوبات التى نزلت بالذين من قبلهم كما عتوا وتجبرواء وعاندوا رسلهم» كقوم نوح. وقوم هودء وقوم صالح» وقوم شعيب» وسميت مَِتْلّة؛ لأنها كانت عقوبة هاا تفسير سورة الرعد : 11111 اال ااانا لاخلخ خخخ نالأ ااانا لتنا تلن ااا اااللكة اناا الللا اللخ ططخملا الاااللنال نا لاا الام ططخل طل تاطلخ لالاللللا رب د متمائلة لما ارتكبواء ويصح أن تكون مشتقة من مثال بمعنى قصاص؛ للتمائل بين الجريمة والعقوبة» وذلك أعدل وأردع . ّ وإنه سبحانه وتعالى مع عدله فى أن تكون العقوبة على قدر الجريمة» وملاحظة التماثل بينهما من غير أى بخس لعمل ولا مجاوزة للعقاب يعفو عن كثير؛ ولذا قال تعالى بعد أن قرر أن المثللات قد مضتء أنه عندما يشتد سيل الشر ويتفاقم أمره ينزل العقاب؛ دفعا للشر ووقفا له حتى لا يعم الفسادء ويضل العبادء قال تعالى: 9 وإِن ربك لَدُو مُغْفرة لَلنّاسِ على ظُلْمهِم 4 أى إن ربك لذو مغفرة» تلازمه المغفرة كما يلازم الصاحب صاحيه حال كونهم ظلمين لأنفسهم بالشر الذى ارتكبوه» ولكنه يقبل التوبة فالتوبة سسبيل الغفران» كما قال تعالى: «إغافر الذّنب وقابل التَوب شديد العقاب ... © 4 [غافر]. فالظلم بمعنى ظلم النفس بارتكاب المعاصى وليست بمعنى الشرك» فإنه ظلم كما قال تعالى عن لقمان: 8 ...إن الشرك لظلم عظيم 49 [لقمان]» ولكنه هنا بما دون ذلك؛ لآأن الله تعالى لا يغفر الشركء كما قال تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويَغفر ما دون ذلك لمن يَضَاء ... 52 4 [النساء]ء وكما أن الله سبحانه وتعالى صاحب المغفرة التى هى ستر الذنب» ولا يحاسب عليه إِذا كانت دون الشرك. فهو أيضا شديد العقاب على المصرين على المعاصى الذين أخاطت بهم خطيئاتهم واستغرقت نفوسهم»ء ولذا قال تعالى: «وإن ربك لُشديد العقاب 4. أى إن عقابه شديد لمن أصر على المعصية وتدرنت بها نفسه وأظلمت. وقد أكد سبحانه وتعالى عقابه بالجملة الاسمية» وب (إنّ) التى للتوكيدء وباللام . ويلاحظ أنه سبحانه وتعالى عبر بالرب فى صحبة المغفرة» وشدة العقاب» وفى ذلك إشارة إلى أنه من مقتضيات الربوبية» فهو يهذب عبيده بالإنذار بشدة العقاب. وفتح باب التوبة من غير أن يقنط العصاة من رحمته» كما قال تعالى: طقل يَا عبّادي الّدين أَسَرَقُوا علَئ أنفُسهم لا تَقْنَطُوا من رَحْمَة الله إِنَ الله يغفر الذنوب جَميعًا ... 69 4 [الزمر] . و ش 8# تفسير سورة الرعد ‏ - لح أ وقد ورد فى معنى هذا النص السامى آيات كثيرة منها قوله تعالى: 8 نَبَىئ عبادي أَنَي أنا الور الرحيم © وَأَن عذابي هو الْعَذَابِ الأليم 9 4 [الحجر]ء ومنها قوله تعالى: «١‏ ... إن ربّكَ سريع العقاب وإِنّهِ لَعَفُورَ رُحيم (652 > [الأنعام]ء وقوله تعالى : طفَإِن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بَأَسَهُ عن الْقَوم الْمُجَرِمِينَ 659 4 [الأنعام]ء وهكذا النصوص القسرآنية الدالة على أنه لا يصح أن يطمع العاصى فى عفو مطلق» ولا أن ييئس من رحمة الله تعالى» ولقد قال رسول الله د فى هذا المعنى: «لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش» ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل واحد(1) والله أعلم . وإنهم مع قيام الدلائل على الوحدانية» وقيام المعجزة الكبرى» وهى القرآن يطلبون آيات أخرى وينكرون إعجاز القرآن مع قيام التحدى الشامخ . . وعجزهم عن أن يأتوا بمثله؛ ولذا قال الله تعالى لهم: ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آية من هنما أنت معذر ولك قَومٍ هاو 0 4 . أظهر لناء ولم يضمرء كما قال من قبل: 9وَيُسْعَعْجِلُوتَك بالسيقة قبن الحسنة 4 فعبر بالموصول بدل الضمير؛ وذلك لبيان أن الكفر ابتداء هو الذى دفعهم إلى طلب آية أخرى» فصلة الموصول. وهى الكفرهء علة الطلب» فليست علة الطلب الحق ليهتدواء فقد طمس على قلوبهم» وإنما اتخذوا ذلك تعلة لكفرهم» وتماديهم فى غيهم» وإلا ففى التحدى والعجز دليل على الإعجاز. وظ لولا4 فى قوله تعالى: ١‏ ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آي 4 معناها هلا أنزل عليه آية من ربه» وإن ذلك يتضمن أنهم لا يؤمنون لعدم وجود آية» - ويتضمن بالتالى إنكار أن يكون القرآن آية مع التحدى المتوالى . وقوله تعالى: ‏ ويقول الّذينَ كَمَروا 4 فى التعبير بالمضارع ما يفيد بتكرار هذا الطلب عنادا وسترا لكفرهم» ولعجزهم عن التحدى فقد طلبوا أن ينزل عليهم ##ا تفسير سورة الرعد كانتا لزنت انز اانا انانا من نااخااا ان اللا نامالا الالالال خخ تلاط ناخا لاخلا مكاطخ طخل ملل ااال ا لال لاطا قالطال خ انان لاملا لخط خا مط لط سلطالا .م ١‏ لكك 1 8 كتاب فى قرطاس وأن يلمسوه بأيديهم. وأنكروا أن يبعث الله بشرا رسولاء ورد الله تعالى قولهم بقوله: قل لَوَ كان في الأَرض ملائكة يمشون مطْمعْئَين لزنا علييهم من السّماء ملكا رَُسْولاً © 62 4 [الإسراءاء وطلبوا آبات أخرى يسترون بها كفرهم: ف وَقاُوا أن من لك حت جر لَنَا من الأرض ينبوعا 99 أو تَكُونَ لَك جه من نُخيلٍ وَعتّب قََفَجَرَ الأَْهَارَ خلالها تُجيرا 69 أو تُسقط السّماء كما رَعَمْت عَلَينا كسفا أو تأتي الله وَاْسلائكة فيلا 0© أكون لك يت من ورف أو ترق في السَاء ون تُؤصن ريك حت ل لين كعاب رو فل سبحا بي هل مس إل شر ول 60 وما من النّاس أن يؤمنوا إذ جَاءهُم الهدئ إلا أن فَاُوا أبعت الله بَشْرا رسَولاً 59 4 [الإسراء] . وهكذا يكفرون بالمعجزة الكبرى وين حلوان لآنفسهم ما يحسبونه عذرا بإنكارهم القرآن» وقوله تعالى : لوا أنزل عََِه يمن ونه فيه تتكير طآية4 للمبالغة فى الإنكارء كأنهم يطلبون أى آية» ولا يعدون القرآن الكريم آية» وهو أعظم الآيات وأبقاها. رد الله سبحانه وتعالى قولهم بقوله: 9إإِنّمًا أنت منذر ولكُل قوم هادٍ» (إنها) أداة من أدوات القصرء أى لست إلا منذرا ينذزههم بسوء العقبى» ومآل الإنكارء وقد أنذرت» وأقمت الحجة على أنك متكلم من عند الله تعالى» وقوله تعالى: «ولكل قَوْمهادِ» متضمن معنيين» وتشملهما؛ الأول: أن كل قوم لهم نبى يهديهم ويرشدهمء فإن اهتدوا كانت لهم الحسنى» وإلا كان لهم السوءى» وهذا كقوله تعالى: ا ... ون مَنْ مه إل حَلا فيها نذير 6 4 [فاطر]ء والثانى: أن كل قوم لهم معجزة تهديهم إلى الرسول تناسبهم» فكانت معجزة عيسى ما كان لأنه بعث فى عصر لا يؤمنون فيه بالسببية» ويعتقدون أنها لا تتخلف. فجاءت معجزاته هدما لقانون السببية» وخرقا لنظامه. ومحمد كَللِْهِ جاء للخليقة كلها من بعده إلى يوم القيامة» فكانت معجزته من النوع الذى يبقى ولا يزول ولا يحولء وهو كلام الله الذى يبقى ويتحدى بإعجازه الخليقة إلى يوم الدين © قل أن أ اا اجتمعت الإنس والجن عل أَن ينوا بمثل هذا القُرآن لا يأثون بمثله ولّو كان بعضهم لبعض ظَهيرا (62 4 [الإسراء] . وإن الذين أرسلت إليهم الآيات المادية منهم من كذب بهاء وكانوا الأكثرين؛ ولذا قال تعالى: وما منعنا أن نُرسل بالآيات إلا أن كدب بها الأولون ... © 4 [الإسراء] . وقوله تعالى على النحو الذى نهجناه وهو «إِنمَا أنت مَنذرٌ) جملة مستقلة عن التالية» فيكون معناها ما ذكرنا من أنه عليه الصلاة والسلام مختص بالإنذار, « ولكل قوم هاد» جملة أخرى دالة على ما ذكرنا من الأمرء وجاء فى حاثشسية الشهاب على البيضاوى أن إهاد» معطوف على مدر أى إنما أنت منذر وهادء وتكون هاد مؤخرة عن تقديم» ويكون المعنى: إنما أنت منذر وهاد لكل قوم. وهو معنى محتمل ولكنه ليس الظاهر البين من السياق. بعد أن أشار سبحانه إلى خلق السموات وما فيها بين سبحانه آياته فى خلق الإنسان. قال الله تعالى: + ودء بو لام ير 0 ص*ا هه للّهيعَلَم مَاتحَمِلٌ حكل أن وماتنيض الْأريِكام محة 2 ا 0 عر 7-5 هس ب لومم وماتزداد وحكل سَىَءِ عنده.يمفد ا ري عدم الْعَيبِ ل يدس د 50 د عسل ووس سخ 22 6س به وَألسَّهِددَةٍ الحكبير لمعا وي سواوة: مَنأْسَنّ له 0 ياي ة 2 ذ آ ‏ أآ# هه وم 0 جه 1د عل دلا ودذان مس سلاج سا اس سه سح سظر و بالتها ري «معيهبلات من بين يديه ومن خلفه-* ظو بكو صوس مه وه بر َي تارجح أو لحي رذ يا 2 سه لسع ول 0 0 لع الل اااللللل لل م سس ا بين سبحانه قدرة الله تعالى فى خلق السماوات بغير عمد ترونهاء وسخر الشمس والقمر وغير ذلك من الكائنات التى هى سلمات هذا الوجود»ء والآن يبين خلق الإنسان» وكيف كان فى علمه الذى لا يعلم به أحد غيره سبحانه. فقال تعالى : « الله يَعَمَا تَحْمل كُلُأنئ وَمَا فيض الأَرْحَام وما تراد وك شَيء عندة بمقدار 2 4 . الله يَعلّم مَا تحمل كل أُنثى 4 (ما) هنا قد تكون موصولة بمعنى الذى» ويكون السياق: الله جل جلاله يعلم الذى تحمله كل أنثى» والذى تغيض به الأرحام والذى تزداد»ء وكل شىء عنده بمقدار قدرهء وحذه وعينه. يعلم ما تحمل كل أنثى من ذكورة وأنوثة» ومن حجمهء وشكله» وامتداده. وعمرهء وما قدر له من حياة سعيدة أم شقية» وإيمان» وصباحة ودمامة» واستقامة وفجورء وما يكون فى قابله هاديا مهدياء أو مقيتا شقياء وغير ذلك مما يكون فى حياته البدنية والنفسية» وكل ما يتعلق به. يعلم أدوار الحمل من مضغة مخلقة وغير مخلقة» ومن وقت وضعه نطفة فى قرار مكين» كما قال تعالى: ( وقد حَلَقنا الإنسا من سلاة من طينٍ 69 ثم علا ُطْفَة في قرار مُكين 00 م لقنا النطفة عقَة فَحلقناالعلقة مضغة شغة ف فَحَلَقَنَا المضغة عظَامًا فَكَسَوْنا اعظَام لَحْما تم أدشأناه حَلَهَا آحَر فَسَبَارَك الله أحسن الْحَالقن, ©4 [المؤمنون]ء وبقوله سبحانه: «و . .هر عَم كم إذْ أنشأكُم من الأرض وذ أنعم أجئة في بطون أُمّهَاتكُم ... 9© 4 [النجم]ء ويقول تعالى: 8 ... يَحَلَقَكُم في بطون أمّهَاتكم حَلَقَا من بعد لق في ظَلمَا تنلات ... 49 [الزمر]. يعلم الله تعالى ما تحمل كل أنثى من هذه الأطوار كلها طورا بعد طورء وما يعلمه الله هو علم الخالق لما خلق» ومهما يكن متعلقا ب (ما) فى الأرحام فالعلم عند الله علام الغيوب» وقد روى فى الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال | 8# تفسير سورة الرعد لحي ك0 | كه : يي رسول الله عله : (إن خلق أحدكم يجمع فى بطن أمه أربعين ليلة» ثم يكون علقة مثل ذلك؛ ثم يكون مضغة مثل ذلك)1722. وما تَغيض الأَرَحَام وما َرَداد 4 الأرحام جمع رحمء وهو وعاء الولد فى بطن أمه الذى تلقى فيه النطفة» وتمكث فيه أربعين يوما كما ذكر النبى كَللَِة ثم تصير علقة» ثم مضغة» كما روينا عن النبى كَلِةِ. وتغيض أى تنقص » يستعمل لازما ومتعدياء ومنه غاض الماع ويقال غضته أى نقصتهء ومنه قوله تعالى فى قصة الغرق لقوم نوح و.. .وغيض الماء. . . 69 © [هود] وظ ترداد 4 فأخذه زائد . ومعنى هذا بالنسبة للحمل أن يكون الرحم خاليا من الولد أو يزداد فيه بالحمل ونموه» وتعدده. ويغيض بالخلو من الدم الذى يشتمل على خلايا التولد وامتلائه بهذا الدم. يكون التوالد من نطفة الرجل وخلايا المرأة. وخلاصة القول فى هذا أن الذكورة والأنوثة» وكل ما يخص التكوين الخلقى من عمل هو فى علم الله واللّه وحده الذى يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد» وإن ذلك كله بعلم الله تعالى وتسييره» ويسير على سنة مرسومة محدودة لا يغيرها إلا خالقها؛ ولذا قال تعالى: وكل شيء عنده بمقدار» أى كل شىء عنده بمقدار معلوم محدود» فأدواره مقدورة محدودة قدرها الله سبحانه وتعالى» ولا يعلمها إلا هو لأنه العالم بالشاهد والغائبء» وبالسر والجهر؛ ولذا قال تعالى: إعالم اليب والشّهادة الْكَبِيرَ الْمتَعَال (©) سواء مَنكُم من سر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بِاللَيلِ وسَارب بالتّهار 69 4 . بعد أن ذكر سبحانه وتعالى علمه بما تحمله كل أنثى» وهو من الغيب الذى لا يظهر فى حسنًا والذى لا يعلم إلا بعد ظهوره لناء ذكر سبحانه أنه المحيط علمه .)4781( رواه البخارى: بدء الخلق ذكر الملائكة (79595): ومسلم: القدر كيفية لق الآدمى‎ )١( / تفسير سورة الرعد الل 0-7١‏ وح ا للحاضر والغائب» وما يس به الإنسان وما يجهرء وما يستخفى ويظهرء فقال تعالت كلماته: «إعالم العيْب والشهادة الْكَبِيرَ الممعال 0 4 . هو تأكيد ما تضمنته الآية السابقة من علمه بما فى الأرحام منذ وجودها فيها ومكنونهاء وأدوارهاء وقابلهاء وكان التأكيد بذكر عموم علمه للغائب والحاضرء والغيب مصدر غاب» وأطلق على ما يغيب حتى اشتهر» فيه مبالغة فى غيبه عن الرؤية والحسء والشهادة من شهد بمعنى حضرء ثم أطلقت على ما هو حاضر محسوس» مبالغة فى حضوره والحس به» والمعنى: عالم بما يغيب عن الحسء وما هو محسوس حاضرء وقال (عالم) ولم يقل يعلم؛ للإشارة إلى أسمائه وأنه صفة ملازمة له سبحانه وتعالى» وذكر الغيب والشهادة لإثبات أن علمه واحد بالشاهد والمغيب على سواء؛ لأنه علم محيط» لا يفترق فيه شىء عن شىء. ووصف ذاته العلية يأنه فوق البشر وفوق كل ما هو من شأن البشرء فقال: طالْكَبِيرُ الْمُمَعَال 4 الكبير أى العظيم فى قدرته وإرادته» وكمال سلطانه وتدبيره وخلقه لكل هذا الوجود بسمائه وأجرامه وكواكبه وسياراته» وأرضه»ء وكل ما هو مسخر فى هذا الوجود ©االْمتَعَال 4 أى المتسامى فى صفاته» وفى كل ما هو من شأنه فلا يشبه شيئا من خلقه خلقهء ولا يشبهه شىء من خلقه. ليس كمثله شىء وهو السميع البصير تعالى الله سبحانه عن مشابهته للمواد علوا كبيرا وهو الواحد الأحد الفرد الصمد. ثم بين سبحانه وتعالى علمه بالناس فى سرهم وجهرهم؛ فى خصواطر نفوسهم وما تنطق به ألسنتهم» فقال تعالى: سواء مَك من أَسَر القول ومن جهر به التفت سبحانه وتعالى من الغيبة إلى الخطاب عندما تحدث بعلمه عن الأحياء فقال: سوا مَكُم من أَسّر... 4 ليشعر الأناس من خلقه بأنه معهم فإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم ويخاطبهم سبحانه وتعالى» وهذا إشعار لهم بمقام المشاهدة ليتجهوا إليه؛ ليحسوا برقابته» وكمال شهادته. ##ا تفسير سورة الرعد 4 للك 11111100100 232101111111111 حب ا وإ ستواء 4 بمعنى يستوى منكم من أسر القسول فلم ينطق بما تحدثه به نفسه: ومن يجهر بما فى قلبه فهو سبحانه وتعالى يعلم السر وأخفى؛ يعلم ما يجول بالخواطر وأحاديث النفس» وما يجهرون بهء يعلم ما يبيتون وما يظهرون» يعلم النيات والأعمال على السواءء فهم تحت رقابته وعلمه» وهو بكل أحوالهم محيط فيما يسرون» وما يعلنون» ويكون (مَن) فاعل يستوى . « ومن هو مُستَخْف بِالليْلٍ» المستخفى بالليل: السين والتاء للطلب» أى من هو طالب للاختفاء بالليل» فهو لا يكتفى بخفاء الليل وظلمته» بل يطلب خفاء . آخر بأن يكون فى كن من الأرض مستور لا يعلمه أحد» و(السارب)» هو السائر فى سرب» أى فى طريق ظاهر بالنهارء فحاله لا تخفى على أحد؛ لأنه فى وضح النهار» ولأئه سائر فى سربه معلوم» وذكر هذا بجوار الاستخفاء بالليل للدليل على أنه لا تفاوت فى علمه بين الظاهر والخفى» بل الجميع فى علمه على سواء. إنما التفاوت يكون فيمن يكون علمه مبنيا على الحس فيختلف عنده المحسوس عن غير المحسوس. وعلم الله سبحانه وتعالى ذاتى» كل المعلومات عنده سبحانه وتعالى على سواء. ولإشعار الناس جميعا بأنهم تحت سلطان علمه المحيط . ولقد قال العلماء: إن #8 سواء» بمعنى الاستواء تكون لعادلة اثنين» ولا شك أن «إمن هو مُسْتَحْف بالليْلٍ 4 معطوف على 8 من أَسَرَ4. فتكون سواء داخلة عليه» لأن عطف النسق على نية تكرار العامل»؛ فسواء مقدرة فى الاستخفاءء وسارب» فما هما المتعادلان؟ قالوا: إن (من) مقدرة فى قوله تعالى: «وسارب بالتْهار4 لأنها معطوفة على 9 مستَخف 4 فتقدر (مَنْ) الداخلة على 8« مُستَخْفٍ 4 وليس فى هذا كبير خفاء. وقد بين سبحانه إحكام رقابته على عباده ورعايته لهم فسقال تعالى: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يَْفَظُونَهُ من مر اله إن الل غير م بقم حتَئ يرو ما وام مس همس سمس بأنفسهم وإذا راد الله قوم سوءا فلا مد لَه وما لهم مّن دونه من وال 9©) 09 4. ا تفسير سورة الرعد الل يم لح ا بين الله تعالى فى الآيتين السابقتين علم الله تعالى بالغائب والحاضر علما واحداء وعلم الإسرار والجهر علما واحداء لا فرق فى علمه بين إسرار النفوس وجهار الألسنة» وأنه يعلم المستخفى فى ظلام الليل كعلم السارب بالنهار على حد سواء» وفى هذه الآية: «إ له معقبَات من بين يديه 4 الآية تبين أن علم الله تعالى يحيط بالحسنات والسيئات» ويحفظ الإنسان فى حياته ما دام حياء وكل بأمره) ويعرف حاضر أمره وقابله وتفسير أحواله وأسباب التغير كل فى علم الله تعالى وكل بإرادته» فالمستغرق فى ضلاله يعلمه ويغير ما به إذا غير ما بنفسه؛ ولذا قال تعالى : «إله معقَبَات من بين يديه ومن خَلْفه 4 «المعقبات» جمع معقية» والتاء للمبالغة مثل علأمة وفهامة» فإنها تدل على البالغة فى العلم والفهم» ومثل رحالة ونسابة» فإنها تدل على كثرة الرحلة» ودقة العلم فى النسب. والمعنى تعقبه فهى تكون ملازمة له محتذية عقبه لا تختلف عنه» والضمير يعود إلى الإنسان المتحدث عنه فى قوله تعالى: سواء مَنكم من أَسَرٌ القول ومن جهر به ومن هو مُسَتَحْف بِاللَّيل وَسَارِب بِالنَهَارٍ 3 © فكما أن الله تعالى يعلم سره وجهره» واستخفاءه وظهوره» قد أحاطه بمعقبات من بين يديه ومن تخلفه يحيطون به إحاطة الدائرة بقطرهاء وهم من الملائكة يحصون عليه ما يفعل من خير وشرء ويكتبون ما يفعل من حسنات وسيئات» ولقد قال تعالى: إنها مع هذه الإحاطة الشاملة به وأنهم يعدون عليه سيئاته وحسناته» مع هذا فإن عمل هؤلاء الملائكة أنهم يحفظونه من أمر الله تعالى» ويقول الزمخشرى: إن قوله تعالى: « يحفظوته من أثر اله صغتن» فى بعد مون و خف وتقدير الصفة الأولى»: أى أن هذه المعقبات (تحفظه)». وقوله: من أُمر الله 4 صفة ثانية أى يحفظونه لأنه أمرهم بذلك» وكلفهم الحفظ وصيانته» وقال الزمخشرى: إنه يؤيد لذلك قراءة (يحفظونه بأمر الله) فهم مكلفون الحفظ بأمر الله تعالى. كه < بي ويصح أن يكون من أمر الله 4 ليست وصفا جديدا بعد 8 يحفظونه 4. إنما التقدير يحفظونه من أمر الله. أى مما كتب الله تعالى عليه أن ينزل من صواعق أو خسفء أو غيير ذلك من ملمات الأمورء فالله سبحانه ينزل عليه ما قد يؤذيهء ويكلؤه بحفظه من الملائكة يحمونه» وكلا الأمرين بعمل من الله تعالى » فهو رحيم فى ابتلائه» ويقارب هذا المعنى ما قاله شاعر العربية فى زمننا شوقى» إذ يقول: وقى الأرض شر مقاديره لطيف السماء ورحمانها فيهما إعمالا للقراءتين» فالحفظ بأمر الله» ومما ينزله تعالى من أمور تكرثه كتعرض للغرق أو الحرق أو غير ذلك» وإن كل شىء بقدرء وكتبه الله تعالى. وإن التعبير عن الكوارث والنوازل بأنها من أمر الله تعالى ينب بأن ذلك مجتمعهم» أو تخاذلهم عما أمر الله تعالى به من أخل الأهبة. وقد أشار سبحانه وتعالى أن الريح الصرصر العاتية قد تجىء بسبب الظلم» فقال فى شأن الخير الذى يفعله الكافرون من غير إيمان 9 مغل ما ينفقون في هذه الحيّاة الدنيًا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظَلَموا أنفسهم فَأَهلَكته وما ظَلَمُهم الله ولكن أنفسهم يظلمون 659 4 [آل عمران] . والفقرء فقال: ا وضرب الله مثلا قرية كانت آمئة مطمكئئة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فَكَمَرت بأنعم الله َأَدَاقَهَا الله باس الجوع وَالْخَوْف بمًا كَانُوا يَصتَعونَ 09 4 [النحل]. هذا بعض ما يدل عليه قوله تعالى: من أمر الله 4, أى أن المحن تكون بأمر الله ويحفظ الناس بحمّظة من الملائكة حتى لا يعم الهلاك. 0 لحل با يي وإن الوقاية ليست فى حفظ الملائكة فقط» بل إن تغيير الحال من ظلم إلى عدل» والنفوس من انحراف إلى استقامة» هو الحماية الكبرى؛ ولذا قال تعالى عقب حفظ الله بالملائكة عند نزول قدره: ط إن الله لا يعيَرَ ما بقَوم حَتَئ يغيّروا ما بأنفسهم » . والمعنى الجملى أن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا أنفسهم» فإن كانوا فى خير يأتيهم رزقهم رغدا من كل مكان لا يغير حالهم إلى ضراء وبيأساء إلا إذا غيروا أنفسهم من خير إلى شر وانحراف» ولا يغير الله حال قوم أصابهم الضر والشر والخذلان والهزيمة أمام أعدائهم» إلا إذا غيروا حالهم من فساد إلى صلاح» ومن تخاذل نفس وتفرق كيانى إلا إذا غيروا أنفسهم واجتمعوا على الحق» وتركوا التنابز والتدابر» وقد أكد سبحانه وتعالى هذا المعنى بالجملة الاسمية» وبتصدير الكلام بلفظ الجلالة اسم الله العلى الأعلى القادر على كل شىء وبالغاية (حتى)» فجعل تغير الحال الأليمة إلى حال صالحة راضية منتفية إلا إذا غيروا ما بأنفسهم» أى إنهم يستمرون فى الآلام تنزل بهم إلى أن يغيروا أنفسهم . وما أحرانا نحن المسلمين بالاعتبار بهذه الآية» لقد كنا أعرة بعزة الله تعالى حتى تفرقناء وأضعنا أحكام القرآن بينناء حتى صارت غريبة تستغرب إذا ذكرت» وضاعت لغتناء واستنكرت حال من يستمسك بهاء وتقاتل المسلمون بعضهم ببعض» ووالوا الكفار واستنصروا بهم على بعض وصرنا وراء كل الأمم» فهل لنا أن نغير ما بأنفسنا حتى يغير اللّه حالنا. ولكن أراد بنا هذا التتخاذل» وقد قال: (١‏ وإذا أَرَاد الله بقَوْم سُوءًا فلا مره لَه وما لهم مّن دونه من وال » . (السوء) ما يسوء الأمم من الهلاك أو الهزيمة» أو الخسرانء أو الحرمان» أو الفساد والدمارء إذا أراد الله تعالى ذلك وأشباهه. مما تضيع به الأمم وتذهب قوتها من أعمالهاء بأن ارتكبوا الشر واستعذبوا فعله. إذا أراد الله ذلك بسبب ما فى نفوسهم وما يرتكبون فإنه نتيجة حتمية لعملهم» وأراده الله تعالى فيهم بسبب سوء ما يصنعون. | كة : 2 وقد سمعنا أن شر حاكم رآه التاريخ الإنسانى أصيبت بلاده التى حكمت به بسبب تقاصرهء وظلمههء وقتله الأنفس البريئة وطغيانه المستمر الدفين» ذكر بالصلاة فقال: كيف أصلى له وهو لم ينصرنى» ونسى أنه سبب الهزيمة النكراءء وإذا كان ما ينزل بسبب الظلم» وأراد الله النزول كمسبب يكون ثمرة للاعتداء فإنه لا يردء و(مرد) مصدر ميمىء بمعنى الردء ثم أكد أن الشر لا محالة نازل بمن ظلموا أنفسهم» فقال تعالى: «وما لهم من دونه من وال 4, أى ليس لهم غير الله من وال يواليهم وينصرهم ويدفع عنهم. وقوله تعالى: وما لهم مّن دونه من وال 4 (منْ) الثانية لاستغراق النفى» والمعنى ليس لهم من غير الله أى وال من العباد أو غيرهم؛ لأن ما ينزله الله لا يدفعه أحد من عباده. ّ بعد أن بين سبحانه وتعالى علمه الشامل بكل شىء بين مظاهر الخلق والتكوين قال تعالى: م و 2 2 ص م ا لع عم سر 08 2 هرح ودع 0-9 نسحاب التْقَالَ يا ويح ره دميو رمعم مغر > . ك6 ميرم برص هام شا بع والمليكة منْحضِقيْهوبْرَسِ لْلصّوعِقَ يوب يهنا 0 ىلر مس لس سه مس طم من مشاء وهم جد لو ف الله وهو سر يد لْحَالٍ 20 00 وى الل 06 0 لدردعوة لحن والذينيدعون من دونه -لاستجميون له ربش إلا كه ا ا ا 0 0 مط كَفَيإِلَالْماء لِبَلمَ داه وَمَا هو همادعا لفن له جنقي رلا 7 سم جاع له لاف صَكَلٍ ليا وبِيَهيسجد من ف السَّموَات وَالْدْرْضٍ طُوْعًا 2 كه وَظِللهُم العو وَالآَصَالٍ © 90 1# تفسير سورة الرعد 1 اك .. يي بِيّن الله سبحانه فى الآيات السابقة ما يسير الإنسان» وعلم الله المحيط الذى يشتمل ما يظهر وما يختفى » والمعقبات التى تحفظ وتحصى ولا ترى. ثم بين سبحانه وتعالى ما يرى وما يسمع» وما يحرق» والله مسيره» وموجهه». بحيث ترى آثارى ولا يكون من الإنسان تفاعله, بل يتولى أمره رب العالمين» فقال تعالى: هو الذي يُرِيكم الْبَرَقَ حَوَقًا وطَمَعا 4 الضمير يعود على الله تعالى الذى يكون الحفظ من أمره» ومن كل ما يقدره» فهو الذى يرينا البرق حالة كوننا خائفين من منظره» ومن عاقبته» طامعين فى أن يعقبه مطر يكون غيثاء وخاتفين من أن يكون غيئا مدمرا مفسدا. والبرق ينشأ عند اصطدام سحابتين بعضهما ببعض فيحدث من الاصطدام النور البارق. ويقول علم خواص الأجسام: فيحدث من احتكاكهما برق» ويكون معه الرعد» بيد أن الرعد لا يصل إلى الأسماع إلا بعد فترة من رؤية البرق؛ لأن الرعد صوت الاصطدام والبرق صوته» ولكى يصل الصوت إلينا يمر بأجواء الفضاء فلا يصل إلى مسامعنا إلا بعد فترة يقطع فيها مروره؛ والصواعق إذا كانت أحيانا من هذا الاصطدام تكون مع البرق فى فترة واحدة تقريا : وهام الآية تيين رئية السبرقء والتى تليها تبين سماع هزيم ولقد ذكر 0 الأولى أنه يرى الناس البرق خائفين طامعين» وذكر بعد البرق السحاب المملوء ماء» فقال سبحانه: # ويدشئ السحاب الثقال © وبين مفرده بالتاء أو ياء النسب» مثل شجر وشجرة» ومثل عرب وعربى» فمفرده أنشأهاء ولم يقل سيّرها؛ لأن الله تعالى يشير بذلك إلى رحمته بالناس» أى أن ماء البحر الملح يتبخر ثم يتكائف ماء عذباء يثيره سبحانه وتعالى سحابا تملوء ##ا تفسير سورة الرعد 01 لمالا 00 كحت و عباده؛ وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: « ألم تر أن اللّهِ يرجي سحابا ثم يلف بينه ثم يجَعلهُ ركام فى الوق يَخْرَج من خلاله يتل من السّمَاء من جبّال فيا من يرد فيصيب به من يشَاء ويَصرِفَُه عن من يَشَاء يكَادُ نا بَرّْقه يذهب بالأَبْصَارٍ 9ه 4 [النور]. بعد أن ذكر سبحانه وتعالى مزية البرق المشير للخوف والطمع معا ذكر ملازمها وهو الرعد فقال: 9 ويسبّح الرعد بحمده ‏ . للمفسرين اتجاهان فى هذا: الاتجاه الآول: أنه يفسر الرعد بمن يسمعهء فالتسبيح ليس تسبيح الرعد ولكن تسبيح من يسمعه؛ لأنه يكون خائفا فزعاء كما يكون الفزع من كل صوت مزعج» فيجعله الخوف والفزع فى حال إدراك لقوة منشئه كما تكون النفس عند رؤية أى أمر مزعج . والاتجاه الثانى: أن الرعد ذاته يكون فى حال تسبيح اللّه تعالى وحده؛ لأن هذا الصوت المزعج الرهيب المفزع يكون خاضعا لله تعالى» دالا على توحيده» وعلى كمال سلطانه» فكل شىء يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. وإنى أصيل إلى الاتجاه النانى؛ لأنه يتفق مع النسق القرآنى» إذ إن النسق القرآنى يبين خضوع الكون ومظاهره لله تعالى مسبحًا بحمده» وهى تدل على الباعث على هذا التسبيح ع وهو حمده على نعمة إيجاده» وكمال خضوعه. وقوله تعالى: « وَالْمَلائكَة من خيفته # أى من خوفه سبحانه» و(خيفة) فعلة بكسر الفاء» وهى هيئة الخوف. أى هيئة الخوف الرهيب من الله تعالى» فلا يدرك عظمة الله القوى الجبار إلا من يكون قريبا منه سبحانه وتعالى. ومع تسبيح الرعد بهزيمه.ء والملائكة الأبرار بخيفتهم من الله» ينزل الله تعالى الصواعق وهى من احتراق البرق» فالبرق يحدث معه الرعد. وأحيانا يكون السحابتين السالبة والموجبة محدثة شرارا ينزل على الأرض فيحرق ما يصيبه ومن تصيبه؛ ولذا قال تعالى: 1 تفسبير سور ةا لر عد اناا الالااااا ااانا لاما الاناطط لاا تالالا طممخطماممممممامملا تالكالل طلم طاطخلا اخملا االاطسمسضسططسستالا سرب ا « وَيرسل الصّواعق قيصيب بها من يَشَاء 4 ومع هذا البرق الخاطف للأبصار الذى يرونه ويفزعون لهء ويرجون المطر منهء وهزيم الرعد الذى يسبح لله تعالى» وتسبيح الملائكة من خيفته» وإرسال الصواعق الحارقة مع رؤيتهم هذه الظاهرة الدالة على القدرة القاهرة» والإبداع الباهر يجادل المشركون فى الله؛ ولذا قال تعالى: 9 وهم يجَادِلُونَ في الله يجادلون فى قدرة الله تعالى على إعادتهم فى البعث» كما بدأهم» ويجادلون فى الله فيحسبون أن الأحجار تعبد لأنها تكون شفيعه عنده» ويجادلون فى قدرتها فيحسبون أن لها قدرة مع قدرته سبحانه وتعالى» وغير ذلك من الأوهام الفاسدة التى يشيرونها حول الذات العلية» والجدل من جدل الحبل إذا فتله فتلا شديدا ليحمل به الأشياء الثقيلة» ويشد عليهاء واستعمالها هنا بمعنى فتل الحجة الباطلة يريدون أن يعتمدوا تفكيرهم الفاسدء ووهمهم الباطل عليهاء ا ... وَكَانَ الإنسان أكثرَ شيء جدلاً 69 4 [الكهف] . ولقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك أن جدلهم فى هباء أمام قدرة الله تعالى» فقال سبحانه وتعالى: 9 وهو شَديد المحال» الضمير فى 8 وهو يعود إلى الله تعالى» والمحال: قال الأزهرى: إنه القوة والشدة» ويقال: ماحلت فلانا أى قاومته حتى يتبين أينا أقوى» ومحال فعال من المماحلة» أى أنه لا يغالبه فى الوجود أحد فهو أقوى من كل الوجودء ومع ذلك يجعلون ذاته الكريمة موضع جدال. ولكنه الضلال الذى أوجد غمة على العقول فلا تدرك الحق المبين الواضح الذى قامت فيه الدلائل على قوته القاهرة. ويجادلون فى الله بأوهام توهموها؛ ولذا بين سبحانه وتعالى أن دعوة الله هى الحق ودعوة أندادهم هى الباطلة» فقال تعالى: (ل رحلاو وه لامستجود لهم بي خابط كي إَِى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الْكَافرين إل في ضلال 69 4 . 0 بر 7 بعد أن بين سبحانه علمه الذى لا يفرق بين جهر وإسرارء وإخفاء وإظهار وقدرته الباهرة ويرونها عيانا فى آياته فى البرق والرعد والصواعق: «إ له دعوة اللحقّ4 الضمير فى (له) يعود إلى الله جل جلاله» وتقديم (له) على ما بعدها يدل على اللاختصاص أى له وحده لا لغيره دعوة الحق . ودعو 4 إما أن تفسرها بمعنى الدعاء وهو العبادة» أى له وحله العبادة الحقة» والإضافة بيانية» أى أن المضاف إليه فيه بيان للمضافء. أى الدعوة التى هى الحق» والحق ضد الباطل أى العبادة الشابتة الصادقة التى هى الحق» زغيرها الباطل. وإما أن يفسرها بمعنى الطلب. والالتجاءء أى لا يلجأ إلا إليه. ولا يجيب غيره دعوة اللاجئين المستغيثين» ولا مانع من إرادة المعنيين؛ لأنه لا تضاد بينهماء ولا تضارب» فيمكن الجمع بينهماء ويكون المعنى العبادة هى الحق» ولا التجاء بحق إلا له سبحانه» وقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك بطلان دعوة غير فقال تعالى: ط والذين يدعون من دونه لا يسعَحِيبون لهم بشيء إلا كباسط كمه إَِى الماء ليبلع فاه وما هو ببالغه 4 . كثر فى الكلام العربى تشبيه الذى لا يقبض على شىء ثابت بالقابض على الماء؛ لآنه لا يستقر فى يده؛ إذ لا يمكن القبض عليه» وجاء القرآن الكريم بأبلغ مما عند العرب فى هذا المثل الرائع فى لفظه ومعناه» فشبه حال من يدعو غير الله بحال من يبسط يده للماء ليبلغ فاه وماهو ببالغه» أى ليرتفع إلى فمهء وما هو من شأنه أن يبلغه؛ ولذا كان النفى باسم الفاعل» فنفى عن الماء ذلك الوصف» ونفى الوصف أبلغ من نفى الفعل» والتشبيه تشبيه تمثيلى» فيه تشبيه حال بحال» ففيه حال من يدعو ما لا يضر ولا ينفع ولا يجيبء. ولا يدرك معنى الطلب أو العبادة» بحال العطشان الذى أمضه العطش» فيطلب من الماء أن يرتفع إلى فمه إذا بسط يده» ومد أنامله إليه على قرب أو بعدء فإن الماء لا يجىء إليه» ولا يستطيع أن يتناول منه بهذه الطريقة ما ينقع غلته ويطفئ ظمأه. ا تفسيرسورة الرعد ١‏ اللإمطاتلاالاا060االل ااال لاا0اااا الل ».١ الاك‎ 7 يي" ولقد روى عن على كرم الله وجهه فى تفسير هذا التشبيه: كمثل الذى يتناول الماء من طرف البئر بيده وهو لا يناله أبدا فكيف يبلغ فاه. وفسره مجاهد - تلميذ ابن عباس - بأنه يبسط يده إلى الماء فى نهر أو عند غدير يدعوه إليه فلا يأتيه. وأغرب بعض المفسرين فقال: إن المثل هو تشبيه حالهم فى دعوتهم ما لا يضر ولا ينفع بمن يرى خياله فى الماء يبسط يده إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه. وكلها يفيد معنى محققا فى عبدة الأوثان» وهو أنهم يتوهمون القدرة فيما لا قدرة عنده على شىء» وهو مستحيل أن ينفع» وأن يحقق مبتغى . وهنا إشارات بيانية : الآنداد بضمير العقلاء» وذلك على زعم المشركين فى وصفهم إياها فى صفوف العقلاء المدركين» وليست إلا أحجاراء وقال تعالى: 8لا يستجيبون لهم بشيء» الباء لاستغراق النفى» وتنكير (شىء) لبيان عموم النفى» أى لا يستجيبون بأى الثانية: فى قوله تعالى: «إ كباسط كفّيه 4 هنا مضاف محذوفء أى إلا كاستجابة باسط كفيه» والاستجابة مستحيلة» فتكون استجابة أندادهم مستحيلة. الثالثة: فى قوله تعالى: 8 ليبلغ فاه 4 فيه بيان وجه الاستحالة؛ لأنه يمكن أن يكون بلل الماء» ولكن لا يمكن أن يرفع إلى الفم». فكأنه يرى الماء والعطش يقتله» وبمحاولته لا ينال شيئاء» فتعبه فى هباء» ومن غير جدوى» ولقد قال تعالى : «! وما دعاء الْكافرين إلا في ضَلال » . ومعناها: ما دعاء المشركين الذين يشركون الأنداد مع دعائهم لها بالعبادة» والالتجاء فى الحاجة إلا فى ضياع إجابة له» فضراعتهم للأنداد ضراعة لأوهام» إذ تفسير سورة الرعد 1 الللللل ااا و01 الاا060االلمللل لحرت زا حقيقة لها ففى شىء ولا وجود لها إلا أن تكون أحجارا صنعوا وابتدعوا لها قوة أرادوهاء وما يستطيعون تغيير حقيقتها بأوهامهم. ولقد بين سبحانه بعد ذلك أن الوجود ‏ كله عقلاء وغير عقلاء - خاضعون له طوعا وكرهاء فقال تعالى: « وللّه يسجد مّن في السّمُوات والأرض طَوعا وكرها وظلالهم بِالْغدوٌ والآصال (002 4# . بعد أن بين سبحانه وتعالى بطلان الشرك» وضرب الأمثال على ذلك» وهى أمشال على عظمة البيان القرآنى الذى لا يسامى» ولا يناهد. أخذ يبين سبحانه وتعالى خضوع الوجود كله له سبحانه» والانقياد له سبحانه» فقال تعالت كلماته: « وللّه يسجد من في السَّمُوات والأرضٍ طَوعا وَكَرها 4. والمراد من السجود فى ظاهر القرآن» وكما قرر أكثر العلماء الخحضوعء وتسخير الله سبحانه وتعالى له» وبذلك يكون المعنى خضوع الموجودات كلها لإرادته سبحانه وتعالى» فالرياح تسير بأمرهء والكواكب والنجوم مسخرات بأمره. وإذا كان المراد من السجود لازمه» وهو الانقياد يكون التعبير من قبيل المجاز المرسل حيث أطلق السجود وأراد لازمه. وإذا كان المراد الخضوع والانقياد فإن فيهم العقلاء وغير العقلاء» وقد نص على الظلال بالغدو والآصالء» ولا تعد من العقلاء التى تخاطبء» فلماذا عبر ب(مَن) التى تدل على العقلاء؟ ونقول: إن ذلك من قبيل تغليب العقلاء على غيرهم» كما يعبر بجمع المذكر السالم على الذكور والإناث تغليبا للذكور العقلاء على غيرهم» وقد تطلق (مَن) على العموم: ولو لم يكن فى مضمونها عاقل وغير عاقل. وذلك كما فى قوله تعالى: ( وله لق كل داب من ما فمنهم من مشي عللئ بَطْنه ومنْهُم من يَمْشي على رجِلين ومنهم من يَمُشي عل أَربع يَخلْق الله ما يَشَاء إن الله على كل شيء قَدِير 62 4 [الغور]. لها تفسير سورة الرعد 4 اللا لتلا مالكلل كالبلل وإن كل شىء يسجد لله تعالى حتى الظلال بالغدو والآصال» فهى أيضا تسجد خاضعة لله تعالى منقادة له سبحانه» وذكرت مع أنها تابعة لأشخاصهاء وذلك للإشارة إلى أن أولئك المشركين خاضعون منقادون حتى ظلالهم التى تلازمهم» ويقال: فلان ألزم لفلان من ظلهء فالوجود كله تابع ومتبوع» ملازم وغير ملازم» خاضع لله تعالى» والغدو جمع غداة» كالقئٌ جمع قناة» والغدو مصدر. ويصح أن نقول: إن ذكر الغدو والآصال توجيه النظر إلى مظهرها فى طول الظل وقصره» بين الغدو فى الصباح. والآصال» وهى جمع أصيل» وكيف أنه فى الصباح غير مرتفع» ثم يرتفع شيئا فشيئا حتى يكون عموديا على الأرض فى وقت الزوال» ثم ينحدر من بعد الزوال إلى الغروب» فيعود منخفضا نحو الأرض» وتصفرٌ الشمس» وإن من وراء ذلك التغيير المستمر الدائم اتصال الشمس بالأرض» ووجود الحرارة فى ارتفاعها فيكون الدفء» وفى انخفاضها فيكون البرد» ثم ما يكون للظلال من أثرء فتنبت الزرع وتنميه» حتى يستغلظ سوقه. ويعجب الزراع وهكذاء وذكر الوقتين وهما الغدو والآصال؛ لأنهما الوقتان اللذان يختلف فيهما الطول والعرض؛ ولآن الغدوة تشرق فيها الشمس على الوجود فتمده بكل أسباب القوة والنماء للأحياء؛ ولأن الأصيل هو الوقت الذى تؤذن فيه الشمس بزوال» والله على كل شىء قدير. وننبه هنا إلى أمرين: الطوع والاختيار والكره والاضطرار» وهذا دليل على كمال السلطان لله تعالى. الأمر الثانى: أن بعض المفسرين قال: إن المراد من السجود سجود الصلاة» الها تفسير سورة الرعد م 11للاااااا ااا !ااال !!ااااااااااالكا م خمخطخمممخمخممماالل نالفط الالالال لللاااااامممماممممممممما خخخ سمط سالا الح أ وثانيا: فإن الكلمة السامية ! وظلالهم بالغدو والآصال 4 تعين أن يكون الواضح السجود بمعنى الخضوع . الله تعالى رب كل شىء قال الله تعالى: 2 ل وص سه هه يد ف الظام'ت ول ا ل سه َفتشابه 0 آذ ا آذ ته 3 ورله لم قلََهحَلقَ اق ليك صم ع كه 0 و سد يفسا لت أَرْدِيهُ بقدرها نا حسم لَألسَّيلُزِيدًا نَابينا وَمِتَابوقَدُونَ كب 0 0 مكلك ع كان العرب يؤمئون بأن الله تعالى خالق السموات والأرض» وأنه ليس كمثله شىء» ولكنهم مع الإيمان بهذه القدرة القاهرة الغالبة كانوا يعبدون مع الله آلهة أخرى ؛ ولذلك كان الاحتجاج عليهم بالخلق والتكوين احتجاجا بأمر يعترفون به ويقرونهء ولا يخالفون فيه؛ لذلك أمر الله تعالى نبيه بأن يقول لهم: قل من رب السّموات والأرض »4 كان السؤال لهم للإلزام» لا للإئبات» فهذا أمر ثابت لا 9 تفسير سورة الرعد اللا حب اا خلاف فيه عندهم؛ ولذا أمر الله تعالى نبيه بأن يتولى هو الإجابة» فقال: قل الله لأنهم يقرون بذلك ولا ينكرونه؛ ولأن ذلك بدهى فى ذاته؛ إذ لم تكن فيهم انحرافات الفلاسفة الذين يقولون فيها بالعلة والمعلول. ولم تكن فسيهم خرافات المصريين فى عهد الفراعنة؛ ولذلك أمر نبيه أن يجيب عنهمء ثم أمره سبحانه أن يسألهم عن شركهم لماذا يكون مع اعتقادهم أن خخلق السموات والأرض لله تعالى وحدهء 9 ولئن سَأَلتَهُم مّن خلق السّمُوَات والأرض وَسَّخَّر الشمس والقمر يقن اللّه .. . 9© 4 [العتكبوت]. أمره الله تعالى أن يسأآلهم ما رتبوه على هذا الاعتقاد» وهو نقيضهء قل أَفَانُحَدتُم من دونه أَوَلِيَاء لا يمَلَكُونَ لأنفسهم تفع ولا ضرا 4 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء والهمزة للاستفهام. وقدم على الفاء؛ لأن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام للتوبيخ أو التهكم» والمعنى: فقد رتبتم على قولكم: إن الله خالق السموات والأرض أن اتخذتم أولياء أو نصراء لهم ولاؤكم كأنهم آلهة غير الله تعالى ودونه فى العقول عند كل المعقول» وتركتم من خلق وحده. وبدل أن تعبدوه عبدتم ما لا يملك لنفسه نفعًا وإن أراده ولا ضرا إن أراد دفعه» ومن لا يضر نفسه ولا ينفعهاء فبالأولى لا يضر ولا ينفع غيره» فلا يرجى خيرهء ولا يدفع شره إلا ما يكون فى أوهامكم» وإن هذا التوبيخ يتتضمن التوجيه إلى الوحدانية والبعد عن الشرك بالدليل القاطع المانع. ولقد بين سبحانه ما تنكره العقول فى هذا النحو من التفكيرهء وأمر الله تعالى نبيه أن يوجه إليهم الأسئلة ليتنبهوا إلى بطلان ما هم فيه» ومناقضته لاعتقادهم أن الله خالق كل شىء قل هَل يَسْتَوِي الأعمئ والْبنصير أم هل تَسَتوِي الظُلمَات والتور)» هذا الاستفهام إنكارى فى الاثنين» وهو توبيخى» وفيه معنى التهكم» هل يستوى الأعمى الذى لا يرى بالبصير الذى يرى الأشياء»ء وإنكم قد أبصرتم الحق بإقراركم أن الله خالق السموات والأرض» فأقررتم بأنه الخالق» ومع ل حر> أ ذلك عبدتم ما لا يملك جلب خير لنفسه. ولا دفع ضر لهاء فلا يستويان» كما لا يستوى الأعمى والبصير» والظلمات والنور. و(أم) فى قوله َم هل تستوي الظُلمَات والثور4 للإضراب الانتقالى» فينقل الله نبيه من السؤال عن استواء الأعمى والبصير إلى السؤال عن استواء الظلمات والنور. وينتقل آمرا نبيه بأن يسألهم سؤالا إيجابيا عن الخلق عساهم يشركونهم فى الخلق بدل التوحيد الذى قرروه من قبل فقال: « أم جَعلُوا لله شركاء حَلَقَوا كَخَلّقه فَتَشابَه الخلق عليهم 4 (أم) هنا للإضراب الانتقالى» وهو استفهام إنكارى لإنكار الواقع» أى توبيخ لهم لآن حالهم فيها إنكار؛ لأن الله خالق كل شىء, إذ إنهم يؤمنون بالأوثان كإيمانهم بالله أو أشد» فحالهم حال من جعلوها شركاء لله تعالى فى خخلقه وإنشائه للوجود. حتى تشابه الخلق عليهم» فحسبوا أنهم خلقوا كما والخلاصة أن حالهم ليست حال من يعتقد أن الله تعالى خالق الوجود وحده سبحانه؛ لأنهم يشركون بل يفردون الأوثان بالعبادة. ولذا أمر الله تعالى نبيه أن يؤكد أنه سبحانه وتعالى خالق كل شىء وحده» ولذا قال تعالى: قل اللّهُ خالق كُلّ شيء» الله تعالى هو الخالق لكل شىء « وهو الواحد الْقَهَارِ4 أى الواحد الأحد الفرد الصمد القاهر الغالب لكل شىء؛ وهنا إشارة بيانية وهى قوله تعالى: «أَمَ جَعلُوا للّه شركاء 4 معناها أن ذلك مثل جعلوه» وزعم زعموه» وهو أنهم شاركوا الله فى الخلق» ولم يستطيعوا تميبز عمل أوثانهم عن عمل اللّه» فتشابه الخلق عليهم» ولم يميزوا بينها. وإن ذلك الفرض أخذ من حالهم فى عبادة الأنداد مع إقرارهم بأن الله تعالى خالق كل شىء سبحانه وتعالى. وبعد أن بين سبحانه وتعالى إقرارهم بأنه خالق السموات والأرض» ومناقضة حالهم لهذا الإقرار - بين سبحانه فضله الدائم المستمر المثبت لربوبيته الكاملة فقال تعالت كلماته: 18# تفسير سورة الرعد اللا > ا أَنرلَ من السسّماء مَاء فَسَالْت أَوْديةٌبقَدرِها فَاحتَمَلَ اليل زبدا ابيا وما يُوقدُون عليه في الثَار ابتغاء حلية أو ماع زبد مَثْله كَذَيِك يَضْرب الله الْحَقَ والساطل فَأَمّا الزبد يذهب جقاء وأمًا ما ينفَعْ اناس فيَمْكْت في الأرض كَذَلك يَضَرِب اللَهُ الأَممَالَ 09 4 . هذه الآية الكريمة فيها: أولا: بيان نعمة الله تعالى على الناس» فيما ينزل من ماء يجرى فى الأودية والأنهار فينتفع به الناس آماداء يأمنون فيها على أنفسهم وزرعهم وضرعهم من العطش الشديد» والجدب» وضياع الحرث والنسل. وفيها ثانيا: نعمة الله تعالى عليهم فيما أودعه باطن الأرض من فلزات يوقدون عليها فتكون منها حليهم وأمتعتهم من أوان وأدوات حروب» ودفع لأعدائهم» وبذلك يكون منها متاع وحماية ودفاع. وفيها ثالثا: وهو الذى سيق له القول ظاهراء وهو ضرب الثل بالحق والباطل» فالحق هو الأمر الثابت الباقى الذى ينفع الناس» والباطل هو الزبد الذى يجيش الماء فيوجده كالرغوة لا تبقى» والذى يوحده الغليان فى الفلز فيظهر خيثا غير مفيد» والفلز يبقى من بعده خالصا ينفع الناس. هذه خلاصة مقاصد الآية الكريمة السامية» بعضها بالقصد الأول» وبعضها بالقصد الثانى» وكلاهما فيه فضل الله واضح بين» بلا فرق بين ما سيقت له الآية قصداء وما سيقت تبعاء فالجميع كلام الله تعالى مقصود كل معانيه أصليا وتبعيا. ولنتكلم فى أجزاء الآية الكريمة: قوله تعالى: أَنزّل من السّمّاء مَاء4 السماء هى العلوء والماء ينزل من المزن» وهى السحاب الثقال التى ذكر الله تعالى أنه ينشئها فى الآية السابقة» وتلك نعمة من الله أنعمها على الناس» نزلت من السماء على الجبال أو المرتفعات فتحدرت عليها المياه وسالت حتى كونت أودية وأنهاراء وهذا قوله تعالى: «فسالت أودية بقدرها 4 الأودية جمع واد» وهو المكان الذى يجرى فيه الماء» وليست الأودية هى التى تسيلء» إنما الذى يسيل هو الماء الذى يجرى فيهاء ا تفسير سورة الرعد حي ل ل ل لحر أ وأطلقت الأودية وأريد ماؤها من قبيل إطلاق المحل وإرادة ما يحل فيه» مثل قوله تعالى : فليدع ناديه 9 4 [العلق] أى أهل ناديه» وقيل: سالت الأودية وأريد الماء؟ لأآن السيل شديدا عنيفا قد طمء» حتى اختفت الآودية من شدته فصار الناظر لا يرى إلا المياه المتدفقة» وكان حكمه على ما يراه» لا على محلهء وقوله تعالى: « بقدرها 4 وقرئ بسكون الدال لا بفتحهاء والمراد بمقدار ما يملؤهاء وقيل: بما قدر لها من ماء يكفى الناس فى معاشهم وزرعهم وضرعهمء ويصح إرادة . المعنيين» والنص يحتمل الجمع» ولا تعارض بينهما. و(الزيد) ما يحمله الماء عند جريانه وجيشانه من أتربة وغيرهاء وإن هذا بلا ريب يذهب ولا يبقى» بل أحيانا يكون رغوة يبددها الهواء»ء فهى كأزيز'"" الموج يصطخب ولا يبقى منه شىء. ولقد قال تعالى توجيها لأمر آخرء وهو الفلز عندما يفئّن ليخرج ما فيه من خحبث تعلق به من باطن الأرض فقال سبحانه: « وممًا يوقدون عليه في الثار ابتغاء حليّة أَوْمَحَاع رَبَد مَغْلهُ4 (نما) مدلولها الفلزات من المعادن وهى القابلة للطرق والسحب أو التى تنصهر بالنار كالذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير وغيرهاء و في انار الجار والمجرور متعلق بمحذوف يفهم من القول» ولمعنى: ما يوقدون عليه ملقى فى النار» وقوله: « ابتَعاء حليّة أو متَاع ربد مَثْلْه 4 أى مما يلقى فى النار الموقدة بقصد طلب حلية كالذهب والفضة 8 أو متاع 4 أى أمر يتتفع به كالأوانى» وأدوات الحروب وغير ذلك 9 زبد مَخْله 4, أى أن خبث الفلزات يكون كالزبد الذى يجىء من إثارة الماء للتراب واصطخاب الآمواج. والجفاء هو ما يلقيه السائل بعيدا ليصفوء وذلك من قولهم جفأه السيل» وقد مثل الله تعالى المهتدى بالبصير»ء والضال بالأعمى» والعبادة الحقة بالنورء والباطلة بالظلمات فى الآية السابقة. وفى هذه الآية مثَّل الحق بالماء الذى ينزل من )١(‏ الأزيز: كل صوت يأتى من شدة الحركة» فيقال أزيز الموجء وأزيز الطائرة» وأزيز النحل». لذلك. 9 تفسير سورة الرعد 01 ا 3 السماء فتسيل منه أودية مختلفة تأتى بالزروع والشمار مناوبة» ولذا نكر أودية» وشبه الحق بالفلز الخالص» والزبد الذى يكون فى حال جيشان الماء» ويكون من إيقاد النار على الفلزء أى شبه الباطل بهذا الزبد الذى لا يبقى» بينما الماء والفلز الخالص يبقيان نافعين دائمى النفع ووجه الشبه بين الحق» والفلز والماء» أنها مفيدة دائماء وباقية لغذاء الإنسان» ومتاعه وحليهء وأنها جوهر صالح. ووجه الشبه بين الباطل والزبد» أولا: أنه لا بقاء لهماء ثانيا: أنهما لا حقيقة لهماء وثالثا: أن السلامة فى الخالص منهما ويصح أن يكون التشبيه تشبيها تمثيلياء بأن يشبه حال الحق فى بقائه ودوامه بالماء والجوهر الصافى من حيث التفع والبقاء والدوام» ويشبه حال الباطل من حيث إنه لا حقيقة له» وإذا كانت له حقيقة فهو خحبث تجهب إزالته وتطهير الجسم النافع» شبه حال الباطل بالزبد الذى يكون من الماء» أو يكون من إيقاد الفلز فى النار؛ لأنه لا حقيقة لهاء وإذا كانت لها حقيقة فهى خبث يجب زواله. وقد قال تعالى: « كذلك يضرب الله الحقَ وَالْباطل 4 كذلك يبين الله الحق والباطل فيشبه الحق بالماء والفلز ويشبه الباطل بالزيد» وقد بين سبحانه وجه الشبهء فقال: فَأَمّا الزبد فيذهب جقاء وما ما ينفع الئاس فيمكث في الأرض »4 وقد ذكر فى الأول المشبه به لتأكيد ذهاب الباطل» وفى الثانى ذكر المشبه وهو الحق لبيان بقائه ونفعه وثباته» وأن النهاية دائما له © ليحق الْحَقَ ويبطل الْباطل. . . (2) 4 [الأنفال]» وقد ختم سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله: كذلك يُضَرِب الله الأمقال 4 . والإشارة إلى بيان مثل الحق بلماءء والفلز» ومثل الباطل بالزبد الذى لا يبقىء والمعنى كهذا المثل الذى بين الله تعالى به الحق والباطل يبين الأمثال المشابهة» ويبين المعانى الحلية» والحقائق الثابتة» ويهدى بها من يشاء من عباده. ١‏ ا تفسير سورة الرعد م الملل ااال #ل دم 1 “2 المؤمئون الذين يستجيبون لله قال الله تعالى: دن آَسْتَجَاب ريم الْحْسَيْوَالر لمْيسْسَِبو ال عر سر لاو اس صرح سس سس جو وَأ الاي ال يي لَك مسو للِسَاءَ مهم مهاه ا + انال فديَد لَك حاتي" | لوأ لابب مر لذبن ننودون يعهد الله ولَابنْفضون الْمِبتقّ 5 107 أي نوصل وسو ريج يَ وخ ويحَاهُونَ سَوء لساب 520 ودين ن صاروا أبتِعاءو وجه و 21111111111111 لَلْمَنْوَاليْعَة أ لتك مدر جَنَتْعَد ويا لس سر سسا ع سه ل ع ريه 11 6 لون ومنصلح نو وأ رولك د ل ع سمه دح لا ابر < سا م يم يَنكلَابٍ 0 الم 12 2 بعد أن ضرب الله تعالى الأمثال للحق» وبين الدلائل المبينة الدالة على عبادة الله وحده لا شريك له من أنداد وأوثان» أو أحد من خلقه. وضرب الأمثال للحق والباطل» بين سبحانه وتعالى من يستجيب للحق وجزاءه» ومن لا يستجيب» فقال تعالى: 9 للّذين استجابوا لربّهم الحسنى 4 الحسنى هو مؤنث أحسنء» وليس أفعل التفضيل على بابه هناء بل المراد الحال البالغة أقصى درجات الحسن ونهايته التى لا غاية فى الحسن بعدها. و(استجاب) معناها أجاب» ولكنها فى أصلها طلب الإجابة؛ لآن السين والتاء للطلب» ولمعنى: للذين أجابوا دعوة ربهم الذى خلقهم» وقام على شئونهم الجزاء الأحسن الذى لا حسن بعده. ا تفسير سورة الرعد و ١ ااا‎ 7 يي هذا جزاء الذين استجابوا لدعوة الحق ولربهم رسولهء أما الذين لم يستجيبوا لربهم ولم يلبوا دعوته إلى الحق وعدم الشرك فلهم السوءى» أى أسوأ الأحوال التى لا نهاية بعدها فى السوء. ويلاحظ أن الذين استجابوا جعل استجابتهم لربهم» والذين لم يستجيبوا لم يذكر فى النفى أنها لربهم» وذلك لسببين: السبب الأول: أن عدم ذكر ذلك لعدم التكرارء والتكرار فى الأمر مذموم فى ذاته غير مقبول. والسبب الثانى: بيان أنهم ليس من شأنهم أن يستجيبوا لحق» فقد طمس الله على قلوبهم» وعلى أعينهم غشاوة ولا يبصرون. وقد ذكر الله الجزاء الذى يقابل الحسنى بقوله تعالى: 9 لو أَنَ لهم مّا في الأَرضٍ جميعا ومثله معَهُ لافَدوًا به وهذا يدل على أنه عذاب عظيم يحاول من ينزل به الخلااص منه» وأنه لا يخلص منه إلا بفداء عظيم يساوى الفداء منه كل ما فى الأرض من أموال وأعراض ومتع ومناصب وجاه» فكان له كفاء» ومعنى 9 لو أن لهم ما في الأرض.. 4 إلى آخمره لو ثبت أن لهم كل ما فى الأرض من ملاذ وشهوات جميعا غير منفرط منه شىء» لافتدوا أى رضوا أن يقدموه فداء له» فما فى الأرض إن كانوا يملكونه يقدمونه. و(لو) حرف امتناع لامتناع» أى امتنع عليهم الافتداء؛ لأنهم لا يملكون ما فى الأرض جميعا. ولقد صرح سبحانه بأنه سوء فى ابتدائه وانتهائه» فقال تعالى: « أولّتك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وَبنّس الْمهاد © وسوء الحساب أنه شاق يسوء فى نتائجه لا تخفى فيه خافية. بل يحاسبون حسابا عسيرا شديدا فى شكله وغايته» وقد ذكره سبحانه وهو الإلقاء فى الحميم. و(المأوى) ما يأوى إليه الإنسان يتقى به الجر والبرد» والمأوى الذى يأوون إليه فى الآخرة هو جهنم»؛ وهى بئس المهادء وظ المهاد 4 جمع مهد وهو الفراش الذى يفترشه لينال به الراحة والقرار» ولكنه ا تفسير سورة الرعد الجا ل االللللل لل > ا فى الآخر ليس للراحة ولكن للعذاب الدائم 8 ... أُولَتك أَصْحَاب النَارِهم فيهًا خَالدون 69 4 [البقرة]. وقد أخذ يبين - سبحانه - الفرق بين جزاء الذين استجابوا لربهم والذين لم يستجيبواء فبين سبحانه أنه العدل الذى لا يدخله شىء من الضير» وغيره هو الظلمء فقال تعالى: «أقمن يم أن أل إل من رومأم نما بذك أوو الألباب 09 4 . هذا النص الكريم لتأكيد الفارق بين جزاء المتقين وجزاء الذين لا يستجيبون للحق ولا يذعنون» والاستفهام هنا إنكارى» لإنكار الوقوع» أى أنه لنفى التشابه بين من يعلم الحق» ويذعن لهء ويؤمن به» ومن يعرض عن الحق ويترك الآيات الدالة على الحق المبين وكأنه الأعمى الذى لا يبصرء إذ عدم البصيرة كعدم البصر على السواء. والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه يترتب على اختلاف الجزاءين تقرير أن التشابه بينهما غير ممكن» وأخر الفاء عن تقديم؛ لآن الاستفهام له الصدارة كما ذكرنا من قبل. لا يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون» أفيستوى الذين يعلمون «أَنّما نل إنَيكَ من رك الْحَقَ كَمَن هو أَعْمَى 4. والمراد بالذى 8 أنزل ليك من ربك 4 القرآن» وذكر بهذا الموصول ليكون متضمنا الحكم. وهو أنه الحق لأنه أنزل إليك من الله الذى خلقك ورباك وأيدك» فلابد أن يكون الحق» وتعريف الطرفين يدل على القصرء أى أنه لا يمكن أن يكون إلا حقاء ولا يمكن أن يكون فيه باطل قط إلا يأتبه الباطل من بين يديه ولامن خَلْفه ... 69 » [فصلت]» وقوله تعالى: كمن هو أعمى 4 المراد من لا يصدق أنه الحق» كأنه كالأعمى» إذ إنه أعرض عن الآيات الشاهدة بالصدق» وأنه المعجزة الكبرى» والآيات الدالة على أن الله واحد ا تفسير سورة الرعد ل الل 0 كج ل أحد فرد صمد» وقد خلق كل شىء وقدره تقديرا» فاستعير لفظ الأعمى لمن أعرض عن ذكر ربه وأنكر آياته كانه لم يرها. وإن ققد البصيرة كفقد البصر على سواء. يس سس مام ثم قال تعالى: «إِنَمَا يتَذَكَر أُولُوا الآلباب 4 (إنما» أداة من أدوات القصرء أى لا يتذكر إلا أولو الألباب» أى العقول التى تدرك ثب الأمور» وخواصهاء وما تدل عليه من غير شائبة تقليد» ولا اتباع لغير المؤمنين» و(أولوا) أى أصحاب الألباب» ومعنى التذكر إدراك الآيات» وكأنها لا تحمتاج إلى تعرف جديد؛ لآن أصلها فى الفطرة . وقد بين سبحانه وتعالى القول فى أوصاف أولى الألباب» فقال سبحانه: «الّدِين يُوفُونَ بعهّد الله ولا يسفَضُون الميغاق 00 4. هذا هو الوصف الأول من أوصاف المؤمنين أولى الألباب. يصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالوفاء بالعهد» وما بعده من أوصاف. كما ل الى جل ليأ توا هكم مرق لنب لكا من من بال ماخر واْملائكة والكتاب واليَوآتى الال عمئ به وي افر وَاليِحَامَئ وَالمساكين وابن السّبيل والسّائلين وفي الرّقَاب وَأَقَامَ الصّلاة وآتى الزكاة وَالْموفُون بعهدهم إِذا عاهدوا والصسابرين في البَأسَاء وَالضّرَاء وَحين البَأس أولّيك الذين صَدَقُوا وأولتك هم الْمتّقرت 079 4 [البقرة] . فالوفاء بالعهد من صفات المؤمنين» ومن خصال الإيمان؛ وذلك لأن الوفاء يقتضى أن تصدق النفس فى ذاتها وأن تدرك ما يجب فى حق النفس» ويشعر المرء بالمعادلة فى الحياة بينه وبين الناس» يشعر بحقهم عليه كما يطالبهم بحقه عليهم؛ ولذا كان علامة من علامات الإيمان. وكان خلف العهد علامة من علامات النفاق؛ لأن المنافق يحسب أن الناس خلقوا له يستغلهم ولا يعطيهم. يأخذ منهم ولا يقدم لهم . لسر لات والعهد أضيف إلى الله تعالى» كما فى قوله تعالى: وأوفُوا بعَهّد الله إذا عَاهَدتَم ولا تتقضوا الْأَيمَانَ بعد توكيدها وقد جَعَلكَم اله عليِكُمْ كفيلاً .. © 4 [النحل]. والعهد سواء أكان مضافا إلى الله تعالى أم كان مضافا إلى العبد واجب الوفاء؛ لأنه من أمر الله والنقض من أمر الله تعالى» فمن أوفى بعهده للناس فقد أوفى بعهد الله تعالى» وقد قال تعالى : يا أَيها الذي آمنوا أَوقُوا بالعقود... 0 » [الأنعام] . والعهود تشمل التكليفات الشرعية كلها فهى عقود الله تعالى على عباده» وتشمل العهود التى عقدت موثقة بيمين سواء أكانت نذورا أم كانت عهودا للناس» وثقها على نفسه بيمين الله تعالى» فالوفاء بها من الإيمان» ويشمل العهود التى يعقدها مع الناس ولو لم يذكر فيها يمين لما ذكرنا؛ لأن الشعور بالوفاء شعور بالمبادلة الاجتماعية بينه وبين الناس فى الحقوق والواجبات» وبذلك يكون الاجتماع المستقيم القائكم على هدى رب العالمين. وأكد الله تعالى الوفاء بذم نقيضه. فقال تعالى: 9 ولا ينقَضُون الميثاق4. و(الميثاق) وهو ما وثق من العهود بيمين الله أو غيره» و(أل) فيه للعهد. وقد ذكر الميثاق على بنى إسرائيل وهو ميثاق الله تعالى الذى حمله الأنياءء وقد بينه اللّه تعالى على بنى إسرائيل فقال تعالى : ١‏ وَإِذ أَحَذنَا ميئاق بني إسرائيل لا تعبدون إل اله وباُوالدين إحسانا وذي القربئ والْيَامئ والْمَسَاكين وقُولُوا للدَّاس حسنا وأقيمُوا الصّلاة وآثوا الزّكاة َم تَوليم إل قليلاً مَكُم وأنتم مُعْرِضون 69 4 [البقرة]. هذا ميثاق الله تعالى على عباده أجمعين» جاء على لسان الأنبياء الأكرمين» ولكن ذكر مع بنى إسرائيل لأنهم أشد الناس مخالفة له. وقد أمر به فى القرآن أمراء فقال تعالى: ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانًا وبدي القربئ والّيتامئ والْمَساكين وَالْجَارٍ ذي القربئ وَالْجَارٍ الجنب والصّاحب بالْجنب وابن السّبيل وما ملكت أَيمَانكُم إن الله لا يحب من كَانَ مُخَعَالا فَخُورا 9© 4 [النساء] . 9 تفسبير سورة الرعد !]اا الالااك !أ ااا الالك؟ نا نا لان الألانااا!اااا الاك الالالال االكللطخماااااا كلامم مامالل مططاللكا : 7 هذا ميثاق النبيين» وهو يقوم على القيام بحق الله تعالى» والقيام بحقوق العباد التى أكدها الله سبحانه وتعالى بأمرهء وهذا المثياق هو ميثاق الجماعة» وميئاق العدل الاجتماعى الكامل . الوصف الثانى والثالث والرابع من أوصاف الإيمان: قال تعالى فيه: 8 وَالَِّينَ يَصلُون ما أَمَر اللّهِ به أن يوصل ويخشون ربُهم وَيَحَافُونَ سوء الحساب 90 ©. وذكر الله تعالى لهم ثلاثة أوصاف: وصف يتعلق بالصلات الاجتماعية التى بها يقوم بناء اجتماعى سليم يبتدئ من الآسرة بمعناها الممتد الذى يشمل القرابة جميعها قريبة كانت أم بعيدة» ويشمل المجتمع الصغيرء ومجتمع المدينة» ثم الدولة» ثم المجتمع الإنسانى» وهذا هو الوصف الأول د الّذِينَ يَصِلُون ما أَمَر الله به أن يوصل 24 والوصف الثانى نفسى» وهو أساس البناء الاجتماعى الفاضل» ورمز الله تعالى إليه بقوله تعالت كلماته: ! ويخشون ربُهم 4. أى يخافون الله تعالى فى كل عمل يعملونه» فلا يطغون» ولا يظلمون» ولا ينقصون الناس حقوقهم» فمن خشى الله تعالى يتسذكره فى كل عمل يعمله فى ذات نفسه. وفى أهله وبيئه وبين الناس . والوصف الثالث: الإيمان بأنه يحاسب عليه» وقد ذكره سبحانه بقوله تعالى: ظ وَيَحَافُودَ سوء الحسّاب 4, وخوف الحساب يتضمن الإيمان بالبعث والنشورء ولقاء الله تعالى يوم القيامة أولاء وأنه سيحاسب على ما كان فى الدنيا ثانيا. ويتضمن ترجيح الخوف على الرجاء» وأنه يخشى السوء قبل أن يرجو الثواب. ثالنا: فهو يستقل ما قدمه من خيرء ويستكثر دائما ما وقع فيه من هفوات» وهذا شأن الأبرار» يستقلون ما يفعلون من خيرء ويستكثرون ما يقع منهم من هفوات. ' اا يا ولنذكر كلمات موجزة عن هذه الصفات الثلاث: فأما الأولى»ء فهى: أن يصلوا ما أمر الله به أن يوصل» فنقول: إن ما أمر الله به أن يوصل هو ما يتعلق ببناء المجتمع على المودة والرحمة» فيصل قرابته القريبة والبعيدة» فقد أمر سبحانه وتعالى بصلة الرحمء فقال: #3 ... وأولوا الأرحام بَعضهم أُولَئ ببَعْضٍ ... 4623 [الأنفال]» وأمر على لسان رسوله بصلة الأرحام فى أكثر من حديث» وأمر بالصلة بين الناس بالتعاون فيما بينهم على الخير» فقال تعالى: « ... وتعاونوا على الْبرَ والتّقوئ ولا تَعاونُوا علَى الإنْم والعدوان االمائدة]ء ودعا إلى إقراء السلام على من عرفت ومن لم تعرف» وأمر بإغائة المسمتغيث» وفك كرب المكروبين. فكل هذه صلات قد أمر الله تعالى بوصلها. ولقد جاء فى الكشاف للزمخشرى ما نصه: ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام والقرابات» ويدخل فيه وصل قرابة رسول الله يله وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب الإيمان 9 إِنَمَا المؤمنون إِخْوَة ... 2) »4 [الحجرات]» بالإحسان إليهم على حسب الطاقة» ونصرتهم» والذب عنهم» والشفقة عليهم» والنصيحة لهم وطرح التفرقة بين أنفسهمء وإفشاء السلام عليهم» وعيادة مرضاهم» وشهود جنائزهم» ومنه مراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء فى السفر)(1". وهكذا نجد من الأمر بأن يصل ما أمر الله به أن يوصل» أن يعملوا على رأب الصدع وجمع الوحدة» وإزالة الفرقة» وأن يحسنوا إلى الضعفاء والمساكين» وقد روى ابن كثير عن عبد الله بن عمر أن رسول الله كَِةٍ قال: «هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور, وتتقى بهم المكاره» ويموت أحدهم وحاجته فى صدره؛ لا يستطيع لها قضاء. فيقول الله تعالى لمن يشاء من الملائكة: إيتوهم فحيوهم؛ فتقول الملائكة: نحن سكان سمائك؛ وخيرتك من خلقك. فتأمرنا أن نأتيهم فنسلم عليهم, فيقول: إنهم كانوا يعبدوننى لا يشركون .70ا//١ الكشاف للزمخشرى: ج‎ )١( الئل لسرب أ بى شيئاء وتسد بهم الثغورء وتتقى بهم المكاره. ويموت أحدهم وحاجته فى صدره لا يستطيع قضاءها)”' . هذه صلة من أمر الله بة. وأما خشية الله تعالى فهى امتلاء القلب باللّه» وخشية عقابه» ورجاء ثوابه» وأن يكون ذاكرا لله شكورا لنعمهء راجيا قبول طاعته 9[ ... إِنّمَا يُحْشى اللّهِ من عباده العلماء ... 2 »© [فاطر]ء فهم أعلم الناس به ذاتاء وصفات» وقدراء وإكبارا. ومنها خوف سوء الحساب» فهو خوف نتائج السر الذى كان فى الدنياء والله غفور رحيم. الوصف الخامس والسادس والسابع والثامن من صفات المؤمنين» وهو من مقتضيات الإيمان: الصبر» وما بعذه» قال تعالى : ف( والّذين صبروا ابتغاء وجه ربُهم وأقاموا الصّلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السَيعة أولتك لهم عقبى الدار 690 4 . ذكرت هذه الآية أربع خصال للمؤمنين» أولها: الصبر ابتغاء وجه الله تعالى» وإقامة الصلاة والإنفاق من رزق الله تعالى» ودرء السيئة بالحسنة . أما الصفة أو الخصلة الأولى: وهى الصبر ابتغاء وجه الله» فإن معناها ضبط النفس عن الشهوات» وتسيطر على منازع النفس فتقوى الإرادة» وتكون الأآهواء أمد لهاء ولا تكون سيدا عليه» وإن الصبر فى المصائب التى تنزل» والإصرار على الوقوف عند أمر الله تعالى ونهيه» ولقد فسر ابن كثير الصبر ابتغاء وجه ربهم بقوله: (الصبر عن المحارم والماثم» فقطعوا أنفسهم عنها لله عز وجل ابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه») وفسره الزمخشرى بقوله : «9 صبروا» مطلق فيما يصبر عليه من سس 1د )١(‏ رواه أحمد: مسند المكئرين من الصحابة ‏ مسند عبد الله بن عباس (؟8؟ك0). ا تفسير سورة الرعد : الملل 0111 ١ اا‎ 7 المصائب فى النفوس والأآموال» ومشاق التكليف ابتغاء وجه الله لا ليقال ما أصبره ) وأحمله للنوازل» وأوقره عند الزلازل» ولا لثلا يعاب بالجزع , ولا لعلا يشمت به الأعداء كقول القائل: (وتجلدى للشامتين أريهم)("©2: ولا لأنه لا طائل نحت الهلعء ولا مر فيه للفائت كقول القائل: ما إن جزعت ولا هلعه لت ولا يرد بكاى زند فكل عمل له وجوه. فعلى المؤمن أن ينوى منها ما كان حسنا عند الله» وإلا لم يستحق ثواباء وكان فعلا كلا فعل» | ها©. قيل هذا الكلام بليغ: وفيه بيان متى يكون الصبر ابتغاء وجه ربهء ومتى لا يكون» وإنه بلا ريب كلام حق» ولكنى أزيد عليه بأن كلمة: ا والّذِين صبروا ابتغاء وجه رهم 4 لابد أن يكون فى موضع معين يكون الصبر فيه ابتغاء وجه الله أى يبيع المؤمن نفسه لله تعالى صابرا محتسباء وهو الجهاد» فهذه الجملة السامية أو الخصلة الكريمة مع أنها تفيد أن الصبر فى كل أحواله خير» وخصوصا إذا لم تقصد به المفاخرة» كما جاء على لسان بعض الشعراء» فإن الأخص هو الصبر فى الجهادء يدفع نوازع النفس» وبالتقدم للميدان رجاء ما عند الله تعالى» والصبر فى كل أحواله خير. ومعنى « ابتغاء وجه ربّهم 4 أن يطلب رضا ذات الله تعالى العلية عليه. وعبر بالوجه عن الذات؛ لأنه فى أصل معناه اللغوى ما يواجه الإنسان. والخصلة الثانية: إقامة الصلاة» أى الإتيان بها مستوفية الأركان» وبخشوع وخضوع. وبأداء حقيقة معناها الناهية عن الفحشاء والمتكرء كما قال تعالى: «ل ... إن الصّلاة تنهئ عن المَحشاء وَالمكْر ولذكر الله أكبرٌ .... 52) 4 [العنكبوت]» )١(‏ يعنى إظهار الصبر مراءاة كى لا يشمت الشامتون. (؟) الكشاف للزمخشرى: ج؟/ 2707 وتتمة البيت كما ذكره البيضاوى ج5/ 775: وتجلدى للشامتين أريهم أنى لريب الدهر لا أتضعضع البيت لأبى ذؤيب قاله يرثى بنيه . ا تفسير سورة الرعد مي رب ا وإن الصلاة إذا أقيمت لقويت النفسء وناجى المؤمن ربه حق المناجاة» وقرب من ربه» وامتلآت نفسه به» وصار قلبه نوراء وفكره نوراء واستقامت نفسه وقلبه. الخصلة الثالثة: كما قال تعالى: « وَأَنفَقوا مما ررَقَاهم سر وعلانية 04 وقوله تعالى: مما رَرَقنَاهم 4 معناها: إنفاق بعض ما رزقناهم» أى من حلال مكاسبهمء فالكسب الحلال رزق من الله وإضافة الرزق إلى الله تعالى يقتضى أولا ما ذكرنا وهو أن يكون حلالاء ويعتبر ثانيا أن المال مال الله تعالى فهو الذى رزق» وما تكلف من إنفاق إنما هو مما أعطاكء فقد أعطاك لتنفق» فهو ابتلاك بالمال لتنفقه وتشكرء وابتلى غيرك بالفقر ليصبر» والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق. وقوله: سر وعلانيّة4 ولكل حال فضلهاء ففضل السر الستر على من يعطيه» وألا يكون تفاخراء وأن يكون العطاء لوجه الله لا رياء فيه» وقد قال النبى يك : «من تصدق يرائى فقد أشرك؛ ومن صام يرائى فقد أشرك» 2217 وفى العلانية فضل أحيانا كأن تحرض الناس على العطاءء وأن يمنع الاتهام بالشح ليقى نفسه مله . والخصلة الرابعة: بينها سبحانه وتعالى بقوله: ويدرءون بالحسنة السيئة 4 . (درأ) بمعنى دفعء ومن ذلك قوله تعالى فى اللّعان: « ويدراً عنهًا الْعَدَاب أن تشهد أَربع شهادات باللّه إِنَه لمن الْكَاذبِينَ 50) 4 [النور] . ودرء السيئة بالحسنة فسرها المفسرون بأنه دفع الإساءة بالإحسانء ومقابلة الحرمان بالإعطاءء والقطيعة بالوصل» كقول النبى كَكْةٌ: «ليس الواصل بالمكافى ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها)2"0»: وقد روى عن ابن عسباس أنه (؟) رواه البخارى: الأدب ‏ ليس الواصل بالمكافئ (08677). كما رواه الترمذى: البر والصلة 2)١871(‏ وأبوداود: الزكاة »)١4145(‏ وأحمد: مسند المكثرين (51778). ##) تفسير سورة الرعد حو اللللللالاالللا0ااااااال 0010 الل 0ا0ا0الللللنالل اهو :2 7 قال فى معنى هذه الآية: يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيئ غيرهم» وعن الحسن البصرى: إذا حرموا أعطواء وإذا ظلموا عفواء وإذا قطعوا وصلوا. وجملة هذه المعانى تتجه إلى نشر التسامح» ومنع مبادلة السوء بالسوء حتى لا يؤدى ذلك إلى التقاطع والتدابر» وأن يكون بأس المسلمين بينهم شديداء وهذا هو ما أمر الله تعالى به منعا للعداوة» فقد قال تعالى: «إولا تَسَمَوِي الْحَسنَةَ ولا المَّيَمَةٌ ادفع بانّتي هي أحسن فَإِذَا الذي بيدك وبينه عداوة كانه ولي حميم 69 4 [فصلت]. هذا معنى سليم مستقيم» ويصح أن نقول: إن معنى قوله تعالى: « ويدرءون بالحسنة السَيمة 4 أن الإكثار من الحسنات يدفع السيئات؛ ذلك أن . الحسنات طهارة للنفس» والطهارة تزيل أخباث النفسء» كما قال تعالى: 8 ... إن الْحَسنات يذهين السيئّات ... 672 4 [هود] فإن السيئات تخط فى القلب خطوطاء والحسنات تزيلهاء أو تذهب بككتها السوداء» ويصح أن يراد المعنيان. ولقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن الحسنة تمحو السيئة» فقال يَلِْدِ: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها»!©. وقد بين الله تعالى جزاء المؤمنين الذين اتصفوا بهذه الصفات السامية المطهرة للنفوس وللجماعات» وهى تدل على أن هذه الصفات هى سبب الحزاء العظيم» «( أولتك لهم عقبَى الذار4 وعقبى الدار (الجنة)؛ ولذا بينها سبحانه وتعالى بقوله: «إجئات عدن يُدخلوتها ومن صلّح من آبائهم وأَزوَاجهم وَذْريّاتهِم وَالْمُلائكة ود لهم م لبا 30 سلا يكم م مم دار 40 . )غ2 رواه الترمذى : البر والصلة ‏ ما جاء فى معاشرة النساء 41١91‏ كما أخرجه أحمد فى مسند الأتصار .)25١*95(‏ والدارمى: الرقاق (١501/1؟).‏ 1# تفسسير سورة الرعد : للللللا0ااااااالل0ا0ا06الللل لل االو الك ههه :<< ىج «إجنّات عدن 4 بدل أو بيان لمعنى عقبى الدار» أو الدار نفسها التى تكون عاقبة العاملين عملا صالحاء والذين صبروا فى الجهاد ابتغاء وجه ربهمء وعدن »4 يعنى إقامة» أى جنات يقيمون فيها إقامة دائمة وهى الفردوس» وتكون فى وسط الجنة» وفوقها عرش الرحمن الذى يحكم فى عباده بما يشاءء وهذا تصوير بيانى رائع لبيان النعيم المقيم الذى يختص به الآبرار المجاهدون الأطهار. يدخلونهاء لا عائق يعوقهم, ولا حائل بينهم وبينهاء ويدخلون معهم من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم. ذكر هؤلاء الذين يكوئون الأسرة» والمؤمن فى حنان مستمر إلى هؤلاء» من آباء وأمهات وأبناء وأحفاد. فالله سبحانه وتعالى يطمئنه عليهم» وبأن الأسرة الدنيوية تكون معه فى الآخرة يأنس بها وتأنس به» وقيد هؤلاء بأنهم الصالحون؛ وغير الصالحين ليسوا منه؛ وليس هو منهم كابن نوح» إذ قال ربه: ف ... إِنّهِ ليس من أَهلك إِنّهِ عَمَلَ غير صّالح ... 63 »4 [هود]ء وهذا يشير إلى أن الجنة جزاء للأعمال» لا للآنساب كما قال لبى كله لأحبابه مد بنى هاشم: «يا معشر بنى هاشم. لا يأنينى الناس بالأعمال وتأتونى بالآنساب» وأن ليس للإنسان إلا ما سعى»20©. وقد فهم بعض المفسرين أن أولئك الحقوا به إكراما له» ولكن اشتراط الصلاح يقيّد دخولهم «إومن صلح 4. إنما كان استقلالا لعملهم بدليل ذكر الصلاح» ولكن ذكروا مه لبيان أنسه بأحبابه فى الدنيا أولا ولاطمئنانه على من يحدب عليهم ثانيا وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى أنس المجاهدين الصابرين المتقين بذوى الصلات بهم فى الدنيا إذا صلحوا ‏ ذكر أنسا روحانيا كريماء وهو إيناسهم بالملائكة الأطهارء فقال تعالت كلماته: 8 وَالْمَلائكَة يَدخْلُونَ عليهم مَن كل باب 4 أى يحفون بهم» يجيئون إليهم من كل ناحية» فهم فى أنس روحىء» كما أنهم فى متعة الجنةء وهى نعيم مادىء ذإ فيهما فاكهة ونخل وَرمَّان 62 4 [الرحمن]» وفيها كل تشتهى النفس» وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. ولا خطر على قلب 5 /٠١ج رواه أبو يعلى مرسلاء ووثقه ابن حبان وغيره » مجمع الزوائد ا‎ )١( م للم للللإللل لاا االلملللل االللللللللل حجل به يي بشرء وأولئك الملائكة الأبرار يقولون ما يملأ نفوسهم بالآمن والبشر والاطمئنان؛ لسَلامُ عليَكُم بمَا صَبَرَكم4, ظ تَحيُّهُم يوم فونه سَلامٌ ... 60 4 [الأحزاب] وهذا يتضمن معنى الإيناس بإقراء السلام» فإقراء السلام فى ذاته إيناس» وفيه مع ذلك بث الاطمئنان وطيب الإقامة» وذلك بسبب الصبر» أى بسبب صبركم فى الجهاد» وصبركم على الطاعات وتجنب الشهوات» وصبركم على تحمل المكاره. وصبركم على البعد عن الأحبة» وقد روى عبد الله بن عمرء أن النبى يَلْةٌ قال: «هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟»» قالوا: الله ورسوله أعلمء قال: «المجاهدون الذين تسد بهم النغورء وتتقى بهم النار» فيموت أحدهم وحاجته فى نفسه لا يستطيع لها قضاءء فتأتيهم الملائكة فيدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار»"!" . ولقد روى أن النبى يليه كان يأتى على قبور الشهداء كل حول فيقول: «السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار»""', وكان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك» ولم يذكر علي مع أنه بطل الجهاد الأول بعد رسول الله كَكِْة وهو أعرف الناس بعد الرسول بحق الجهاد وهو القائل: (الجهاد باب من أبواب الجنة) . وإن النبى كَكدْةِ قال: «الجهاد ماض إلى يوم القيامة»27» وإن المسلمين هانوا على أنفسهم يوم بث أعداؤهم التخاذل عن الجهادء فأطاعوهمء فخذلهم الله تعالى» ولا تزال تطلع على المتخاذلين من المسلمين عن الجهاد» فقد ساروا وراء أذيال النعم»؛ وصاروا عاملين لأعدائهم يقدمون لهم أسباب المال الذى يستخدمونه ثم بين سبحانه أن هذا الجزاء هو خير الجزاء»ء فقال: ل فنعم عقبَى الدار» . الفاء للإفصاح.ء أى إذا كان ذلك هو العقبى والنتيجة» فنعم هذه العقبى» وتلك النهاية . . 5١8 سبق قريبا. (؟) انظر ما جاء فى البداية والنهاية - ج4/‎ )١( .)؟5١ا/0( زفق روآه أبو داود: فى الغزو مع أئمة الجور‎ الها تفسير سورة الرعد ُ الملل ااال غ١‏ لحر أ أوصاف الضالين قال الله تعالى: 0 04 مع 01 0 201 100 م و سا سه سيره 2 أمرا يود 7000000 ملعم و سمه 210 وه و وَل سْوء دار( كا الله يتس ط ا الرزق لمن دما ويمدروفحوا لوو َالدَيَاوَم لله الدياق) لاخر والامتخ 2 مثو لذن ككروأ لوْلاُرلَ عدا ايه من يقل رك أله يض مَنْيَمَء وَيجَر عَيَالكَهِ م ناب زو يي ألذبىء متو ويم .2 7 لاالرصحوو لوهم بذك امه ألا بنك راد الَهِنَطمَينالقلوب 20 لمهأ َيِه للحي طون لور وده هذه أوصاف الذين عتوا عن أمر ربهم» وخرجوا عن جادة الحق» وأوصافهم فى مقابلة أوصاف المؤمنين» وهم متصفون بصفات ثلاث» جعلتهم يمردون على الكفر والطغيان» وهذه الصفات الثلاث هى: نقض عهد الله» والثانية: قطعهم ما أمر اللّه به أن يوصل» والثالثة: الفساد فى الأرض أما الأولى فقد بينها سبحانه وتعالى: 9 والّدين ينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه 4 وعهد الله تعالى بدهى تدركه البديهة السليمة؛ لذا سمى دين التوحيدء فطرة الله تعالى التى فطر الناس عليها. وهى إدراكها حقيقة» حتى إن بعض حر ا العلماء المسلمين قال: إن إدراك الله تعالى تدركه البديهة السليمة؛ لذا سمى دين الدوحيدء فطرة الله التى فطر الناس عليها. وقد نص على عهد الله فى قوله تعالى : لإ وإ أَخذ ربك من به بي آدم من هرهم ديهم وَأشهَدهم على أنفسهم الست بريكم قالوا بلَى شهدنا أن : َُوُوا يوم ايام نكن عن هذ عَافِنَ 009 أ فووا نما أشركآبَاؤْنَا من قبل وكا دري من بعْدهم أفتهَلكنَا بما فَعَلَ المبطلون 009 وكذلك نفصّل الآيات ولعلّهم يُرجعون 079 4 [الأعراف]. ولم يترك الناس بعد هذا العهد الذى أخذ بمقتضى الفطرة» بل وثّقه بميئاق» ولذا قال تعالى: من بعد ميثاقه 4 وهذا الميئاق الذى وثق به الرسل الذين أرسلهم مبشرين ومنذرين (و . .. ون من ملأ خَلا فيها تير 59 » [فاطر]» وقال تعالى: 0 .. وما كنا معذبِينَ حت بعت رسولاً 2 * [الإسراء]. ولقد جاءت النذر بهلاك الأمم التى فسقت عن عهدهاء فكان ذلك توثيقا بعد توثيق» وإنذار بعد إنذار» ومع ذلك نقضوا عهد الله من بعد ميثاقه . الصفة الثانية: قطعهم ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام» والعلاقات الاجتماعية الفاضلة على ما بينا ففى معنى قوله تعالى فى صفات المؤمنين: وَالّدِينَ يُصلُون ما أَمَر الله به أن يوصل 4 . الصفة الثالثة: أشار إليها سبحانه وتعالى بقوله: 9 ويقسدون في الأرض » الفساد فى الأرض ألا يقوم فيها النظام الاجتماعى على التكافل بين الآحادء ومعاونة بعضهم.ء وألا يستعلى قوى على ضعيف» وألا يندغم الضعفاء فى الجماعة» وألا يراعى لهم حق» وأن يكون التفاوت الظالم بين الآحادء وألا يكون ضابط يحمى الضعفاء من الأقوياء والأغنياء من الفقراء» وأن يسود الظلم من الحكام لرعاياهم» فإن ذلك فسادا أى فسادء وقد رأينا حكاما ظالمين يقتلون الرعية بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله» والله أكبرء ويدعون أنهم يصلحون وهم الممسدون؛ لأن أساس كل نظام العدل. إفساد أى حكم بالظلم أولاء وما يتبعه #9 تفسير سورة الرعد :2 ةمكالملل لأسب ا تحسس وتجسس وسعاية ثانياء وما يجرى وراءه من نفاق ثالثا: وإذا جاء النفاق عم الفساد. ولقد قال أبو.العالية: «ست صفات فى المنافقين» إذا كانت الظهرة (أى السيطرة) على الناس أظهروا هذه الخصال: إذا حدثوا كذبواء وإذا وعدوا أخلفواء وإذا ائتمنوا خانواء ونقضوا عهد الله بعد ميثاقه» وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل» وأفسدوا فى الأرض» وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا ثلاث خصال: إذا حدثوا كذبواء وإذا وعدوا أخلفواء وإذا ائتمنوا خانوا» . وإن النفاق دائما وليد الاستبداد الغاشم» والظلم الطاغى» وقد رأينا وشاهدنا. وقد بين الله سبحانه الجزاء الأوفى للذين لايؤمنون» فقال تعالى: «أُولّتك لهم اللّعنة ولّهم سوء الدّار4 اللعنة هى الطرد» وقد ذكرت غير مقيدة» فإنها فى الدنيا أو الآخرة» أما لعنتهم فى الدنيا فالئقت الشديد والبغض والكراهية» وسوء الأحدوثة» واقتران حياتهم بالخوف من الناس» والاضطراب النفسى حتى يموتوا بغيظهم» وسوء الحديث عنهم تتوارئه الأجيال جيلا بعد جيل . ويقال فيهم ما قاله الشاعر البطل محمود سامى البارودى: زالوا فما بكت الدنيا لطلعتهم ولا تعطلت الأعياد والجمع واللعنة فى الآخرة: الطرد من رحمة الله ورضوانهء فلا ينظر إليهم ولا يكلمهم الله ولا يزكيهم «ولهم سوء الدَارِ)4 والدار هى الآخرة وسوءها جهنم وبئس المهاد. وإن المشركين كانوا يغترون بمالهم ونفوذهم» والمؤمنون كانوا فى أكثرهم فقرأ وضعفا وكانوا يعقدون ملازمة بين رضا الله والفقرء فمن كان غنيا فهو موضع رضا الله» ومن كان فقيرا ضعيفا فهو موضع مقت الله تعالى» فازدادوا بذلك كفرا وطغياناء فبين الله سبحانه أنه لا ارتباط بين الغنى والإيمان» ولا بين الضعف والكفر . لاا تمسير سورة الرعد الل الل كك : 3 قال تعالت كلماته: 8 الله ينسط الرزق لمن يشاء ويقدر وَفرِحوا بِالْحيَّاة اانا وما الْحيَاة الدنيًا في الآخرة إلا ماع 2 4 . صدر سبحانه وتعالى الآية الكريمة بلفظ الجلالة الذى يطالبهم الله تعالى بعبادته وحده من غير أن يشركوا به شيئاء ويبين سبحانه أنه هو الذى يبسط الرزق لمن يشاءء أى يمذه ويجعله تمدودا واسعاء ويقدره لمن يشاء أى يجعله محدودا قليلاء كقوله تعالى: # .. . ومن قدرَ عليه رزقه فليفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفس إلأأما آتاها ... 0 4 [الطلاق]. والمعنى فى تصدير الآية بلفظ الجلالة هو أن الله تعالى هو الذى بسط لكم الرزق» فكان حقا عليكم أن تشكروا لا أن تكفروا وتشركوا أحجارا. وهو الذى قدر الرزق للضعفاء والفقراء فصبروا فحق لهم التكريم وحسن الجزاء» ولا يستوى المحسن والمسىء» ولا اللأعمى والبصير. وإن الله الذى بسط الرزق وقدره لم يجعل أمر الدنيا فى السعة والضيق دليلا على الرضا أو البغض إنما هذا للاختبار» فهو سبحانه وتعالى يختبرنا بالتوسعة ويطالب بالشكرء ويختبر بالقدر والضيق ويطالب بالصبر» وكل له جزاؤه. وإن أولئك المشركين بسط الله تعالى لهم فى الرزق فلم يشكروا؛ ولآن الشكر يقتضى أن يحسوا بفضل المنعم., لا أن يحس فقط بالاستمتاع بما أعطى» والاستطالة به على الناس وإن ذلك ينشأ من الفرح ببسط الرزق» ل بحق الشكر؛ لأن إحساس المؤمن بأنها ابتلاء»ء كما قال تعالى: #.. تبلوكم بالشرَوَالْخيْر ف . .. 62 » [الأنبياء]ء وإحساس الكافر بأنها متعة ينتهزها. ولقد قال فى ذلك: 8 وَفَرِحوا بِالْحَيّاة الدّثيًا 4 أى إن الكافرين فرحوا بم بسط الله تعالى من الدنياء ففرحوا بها فرحا أدى إلى أن بطروا معيشتهمء وغمطوا الناس حقوقهمء وإن فرحهم بالحياة الدنيا لم يكن فرحا يذوقون حلوها ومرهاء بل فرح استعلاء واستغواء لا يلاحظون إلا أنها متعتهم يستكبرون بها على غيرهمء 1# تفسير سورة الرعد 9 للفلل ا لجبمل بي 7 وينسون فى سبيل ذلك كل حق عليهم» ولا يعرفون أن المتعة حق يتبعه واجب» وبذلك تكون متعة لا يعقبها خير فى الآخرة ينالون به نعيما مقيما؛ إذ لم يلتفتوا إلى الآخرة وما فيهاء 9 وما الْحَياةَ الدانيًا في الآخرة إلا مُتاعَ 4 التتكير فى ماع 4 للتحقير لا للتكبير» أى الإمتاع نزر قليل» لا بقاء له» لأنه سرعان ما يزول إذ هو فى الدنياء والدنيا زائلة» ويقول الزنمخشرى فى ذلك: (وخفى عليهم أن نعيم الدنيا فى جنب نعيم الآخرة ليس إلا شيئا نزرا يتمتع به كعجالة الراكب» وهو ما يتعجله به من تميرات» أو شربة سويق أو نحو ذلك)27. ولقد ذكر الله تعالى فى آيات أخرء مثل قوله تعالى: ا ... قل ممَاع الانيًا قليل والآخرة ير لَمَن انَقَى ل ولا تظَلَمونَ قتيلاً 469 [النساء]ء وقوله تعالى: #بل تؤثرون الْحَياة الدنيا 69 والآخرةٌ خَيِر وأبقئ 69 »4 [الأعلى]ء وقوله تعالى: «أيحَسبِون أَنَمَا نمدهم به من مال وبين © نسَارع لهم في اخيرات بل ل يشعرون 65 © [المؤمنون]. وإنهم يتعللون لكفرهم الطاغى بأنهم لم تجئ إليهم آية تثبت رسالة النبى َك ويطالبون بآية كونية» كالآيات التى جاءت للأنبياء السابقين مستهينين بالآيات المتوالية التى جاء بها محمد يكِةِ أو غافلين عنها 9 ويقول الّذِينَ كَفَروا لولا أنزل عليه آيْةَ من رَبّه قل إن الله يضل من يشاء ويَهّدي ليه من أنَاب 69 4 . إن هذا من تعنتهم ومحاولة إعناتهم للنبى مَل وحالهم كحال الأعمى الذى لا يحسن أن يعيش فى ضوء الشمس وحرارتهاء ويقول لا توجد شمس ولا دفءء وما العيب إلا فى مشاعره التى إيفت» فهو ينكر ما لا يحس بهء طلبوا ملكا رسولاء وطلبوا أن تفجر الأنهار» وغير ذلك من المطالب التى ساقوهاء وما هى إلا تعلاآت الكفر والإشراك. ولقد تحداهم القرآن أن يأتوا بمثله أو بعشر آيات من مثله فعجزواء وكان عجزهم دليلا على أنه من عند الله» ولقد أمر الله سبحانه "1 الكشاف: ج1/‎ )١( 0 ##/ تفسير سورة الرعد م لول الللللإلااللااا0ا0االللل عب بر 7 وتعالى نبيه أن يرد عليهم بأن الذى دفع إلى طلب هذه الآية هو ضلالهم» وإصرارهم على الكفر والعناد» وقد جاءت هذه الآيات وأشباهها لمن سبقوهم وكفروا وضلوا سواء السبيل» أمر الله نبيه فقال: قل إِنَ الله يضل من يشاء ويهدي إليه من ناب # . © أناب »4 رجع» أى رجع إليهء وابتدأ السير فى طريق الهداية» فإن الله يأخحذه بيده حتى يصل إلى نور ربه» والمعنى: الذين كتب الله تعالى عليهم قلوبهم عن إدراك ما فى الآيات من أمارات الحق وهدايته» وإن كانت هى فى ذاتها منيرة بينة» أما الذين عادوا إلى ربهم وأنابوا إليه فإنه يهديهم إليه سبحانه وتعالى . وهذا يفيد أن الذين يريدون آية غير القرآن وغير ما جاء على يديه من خوارق العادات كالإسراء والمعراج إنما يريدون هذه الآية إمعانا فى ضلالهم . وهنا إشارات بيانية نذكرها: أولاها: التعبير بالمضارع فى قوله تعالى: 8 ويقُول الّينَ كفروا 4 فيها إشارة إلى تكرار قولهم هذا وهم مبطلون. الثانية: التعبير بالموصول يدل على أن الصلة علَّةَ الطلب» فكفرهم هو علة طلبهم» أى أنهم سبقوا إلى الكفر فاعتنقوهء ثم حاولوا الاستدلال لتأييده» فما طالبوا ببراءة» طالب الحق بل حكموا أولا وأخحذوا يتعنتون لإثبات ما هم عليه ومثلهم كمثل القاضى الذى يحكم ثم يحاول تقديم البينة لإثبات ما حكم به. الثالثة: أن الهداية تكون لمن فتح قلبه للرجوع إلى الله؛ ولذا عبر بالماضى فى قوله: من أناب 4# أى من فتح قلبه للإنابة إلى الله فأخذ الله سبحانه وتعالى بيده إلى الحق» والتعبير بالمضارع فى قوله تعالى: ف ويهدي إِلَيهِ4. للإشارة إلى تكرار الهداية بشرطها من غير إجبار على كفرء ولا طاعة» بل الطاعة بالإرادة» ولذا كان الثواب والمعصية بإرادة العاصى؛ ولذا كان العقاب. ا تفسير سورة الرعد و لحب ا وقد قال الزمخشرى فى الكشاف فى قوله تعالى: ا يضل من يشاء ويهدي َيه من أتاب # قال ما خلاصته : كيف كان قوله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب ردا لقولهم: ظ ولا أنزل عليه آية من ره 4؟ فاجاب بأن قوله تعالى يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب كلام جار مجرى التعجب من قولهم؛ وذلك لأن الآيات الباهرة المتكائرة التى أوتيها رسول الله يكل لم يؤتها نبى قبله» وكفى بالقرآن وحده آية» وراء كل آية» فإن جحدوها ولم يعتبروا بها وجعلوه كأن آية لم تنزل عليه قطء كان موضعا للتعجب والاستنكار» فكأنه قيل لهم ما أعظم عنادكم» وما أشد تصميمكم على كفركم» إن الله يضل من يشاء من كان على صفتكم من التصميم وشدة الشكيمة» » فلا سبيل إلى اهتدائكم وإن نزلت كل آية237. وإن ذلك بيان يليق بمقام الزمخشرى فى البيان» وإدراك ملامح القول» وهو لا ينافى ما بينا من قبل» وإن زاد معنى التعجب من صلابة تفهم. وأناب فى قوله تعالى: «إ ويهدي إِليه من أناب » معناها: أقبل إلى الحق» ودخل فى توبة الخير؛ لأن أناب معناها اللغوى دخل فى التوبة» والمناسب هنا دخوله فى توبة الخير. وقد بين الله تعالى الذين أنابوا من الاطمئنان والإيمان فقال: ( ادن آمنُوا وطن لوهم بذكر الل ألا بدكر الله طن الوب 462 . « الّذِين آمُوا» بدل أو بيان لقوله تعالى فى الآية السابقة: ا ويهدي إليه من أنَاب 4. فهى بدل من قوله: لمن أنَاب 4 وعلى ذلك يكون محل 9 الّذين آمنوا 4 النصب؛ لأن من 4 محلها النصب؛ على أنها مفعول به لآ يهدي 4, ويكون قوله تعالى: « وتطمئن فلوبهم بذكر الله آلا بذكر الله الفعل « تطمئن 4 يكون معطوفا على # يهدي 4. ويكون الفعل المضارع معطوفا على مثله» وليس فى الكلام السامى عطف مضارع على ماض . 8# تفسير سورة الرعد ىم لل 11110" 62 أى أن الله يهدى من أناب» وهم الذين آمنوا وصدقوا وأذعنواء» وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى بهذه الهداية» والرجوع إلى الله تعالى وبذكر الله وذكر الله تعالى يجعل القلوب مطمئنة؛ لأنه إذا امتلاأ القلب بذكر الله تعالى سكن إليه» وأصبح لا يبالى شيمًا من كوارث الدنياء فالقلق والفزع» والخوف من الحرمان». والشدائدء. كل هذا يذهب, ولا يكون شيئا إذا عمر القلب بذكر الله فلا يكون فيه فراغ لشىء من هذا الخوف أو الفزع؛ وذلك لأن الأنس بالله يوجد فى القلب اطمئنانًا» ويجعل النفس فى حال رجاء لرحمته» ومغفرته. وقد قرر الله تعالت حكمته هذا المعنى فقال: 9 ألا بذكر الله تَطمئن القلوب 4 أى أنها تكون فى فزع هالع إذا لم تذكر الله» فإذا ذكرت الله تعالى هان كل شىء؛ لأنها حينئذ تلجأ إلى حصن من القرار» لا تصل إليه عوامل القلق والاضطراب» وقوله تعالى: « بذكرٍ الله 4 بتقديم الجار والمجرور على الفعل يفيد الاختصاص» أى بذكر الله وحده لا بشىء آخر تطمكتن القلوب» و(ال) فى «القلوب 4 لبيان عمومهاء فالقلوب كلها لا تطمئن إلا بذكر الله تعالى؛ ولذلك تكون القلوب الخالية من ذكر الله تكون فى فزع مستمر؛ لأنها خالية من الإيمان غير عامرة. وإن المؤمنين لفرط إحساسهم بالواجبات عليهم وإدراكهم للنذر تقشعر جلودهم عند سماع القرآن» وما فيه من نذر تقشعر جلودهمء ولا يذهب بذلك إلا ذكر الله تعالى» اقرأ قوله تعالى: 8 الله َل أَحسن الْحَديث كتابا متشابها مَُانِي تعر مل ُو لدن يصون رهم لوهم وهم إلى كر الله ذلك هد الل يهادي به من يشاء ومن يضلل الله هما لَه من هَادِ 69 »© [الزمر] . ذلك جزاء معنوى للموّمن الذاكر لله تعالى العامر قلبه بأنسه ونوره» وفى الآخرة يكون هذا الجزاءء وجزاء رضوان الله تعالى» ونعيم الجنة» وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك فقال عز من قائل: 1# تفسير سورة الرعد 0 و لسر زا هذا جزاء آخرء غير جزاء الاطمئنان والقرار الذى يختص به المؤمنون دائماء 9 طوبئ لهم © وهى على وزن فعلى كبشرى» وزلفى» وأصلها طيبى» وقعت الياء ساكنة بعد ضمة فقلبت واواء وقد قال الزمخشرى عالم البيان فى تصريفها: «وطوبى مصدر من طاب كبشرى وزلفى» ومعنى طوبى لك أصبت خيرا وطيًا ومحلها النصب أو الرفع كقولك طيبا لك.». وطيب لك» وسلاما لك» وسلام لك). وعلى كلام الزمخشرى تكون هذه الكلمة السامية تحية من الله تعالى لعباده المؤمنين» وتكون هذه التحية مقررة لهم بأن لهم السلام والاطمئنان» والطيب فى إقامتهم فى الجنة» بدليل ما جاء معطوفًا عليهاء وهو قوله تعالى: وحسن مئاب 4 أى مآب» ومرجع ونهاية هى حسنة فى ذاتهاء ليجتمع لها طيب الإقامة» 1 وحسن الثواب» بل كلاهما من الثواب. وقد ذكر سيحانه وتعالى لاستحقاق هذه التحية المباركة وصفين: الوصف الأآول: الإيمان. والوصف الثانى: العمل الصالح . فالعمل الصالح غذاء الإيمان» وإذا لم يكن جف الإيمان» وصار حطاما أو غثاء أحوى, وإن أساس الخير هو الإذعان للحق» ثم الجهد به ثم العمل» ثم السير على مقتضى الإيمان فى أعمال الحياة» اللهم هب لنا من لدنك رحمة» وهيىئ للمسلمين من أمرهم رشداء» وهبهم الاطمئنان إلى ذكرك» وحتى لا يرهبواء ولا يفزعوا ولا يطمعواء واجعل قلوبهم تعمر بك» حتى يجتمعواء» ولا يتفرقوا. لا تفسير سورة الرعد 4+ !اناا اااااااااااااا ااا ااام ااام الما كلاخ خم سامخ اللخ ططخ ططخ خط مالالا ملالا ١: ااا‎ 22 معجزة القرآن تسير الجبال د سل فَأْمَوََ عتم يله أن ىاف 1 ا إِلَيكَ وهم كفرو با لحن ٍِ ُ 0 ب ته مَنَابِ 2 أ اه ِ تمر مره و رقم 200 انسار نشي لوال لت ودلا مخ رع ريظةر ل مج 2 0 ِظَ ره مه لوقل ولجنا فلم الذي مو لومم هه لَهَدَى التَاسجِيعا ولَايرالُأ ا و أ أ ذخ ل ل سر رس ماصعو 8 أقارعة ل انار حو يق 2 1 وو وَعَد أللَهِإِن لَه لايل ف الْميعاء ليا ولف أسعهْزِع بره 1 دح د مك وى 001011001006 ٍ_- 2د َك ملي لذن كفروأ ثم أذ تم مكيف كان . ١ 0 5 قِلِك 1 بين الله تعالى لنبيه الكريم الذى لاقى ما لاقى فى سبيل دعوة الحق أن ذلك سنة الجهاد فى سبيل دعوة الرسل وقد أتيت فى رسالته بأمر خطيرء ‏ فاصبر كما صبر أُْلُوا العم من الرُسل ... 2 4 [الأحقاف] . قال تعالى: كَذَلك أَرْسلَْاكَ في أَمّة قَدَ حَلَتَ من قَبَلهَا أمم 4. أى كذلك الإرسال الذى أرسلنا به الرسل السابقين أرسلناك» فالشبه هو إرسال النبى 235 ذلك الإرسال الذى حمله الواجبات الكبرى والجهاد الأعظم. والمشبه به إرسال الأنبياء السابقين» فالإشارة هى إلى إرسال الرسل السابقين. 9 تفسير سورة الرعد ببسيس 0 رب ل ويصح أن تقول: إن الإشارة إلى إرسال النبى كلل وهو المشبه به والمشبه هو إرسال الرسل إلى الأمم الأخرى» والمعنى على هذا أن ما تعانيه من إنكار المنكرين فى سبيل الحق الذى لا ريب عاناه من قبلك رسل سبقوك فى أمم قد خلت» فاصبر كما صبروا فلا تحسب أن من سبقوك وجدوا أرضا طيبة وقولا ولا كلاما مجابا ولا تسليما سهلا لا معاناة فيه. قوله: في أَمّة قد حلت من قَبْلها أُمُم 4 أى أمة الشرك التى قد مضت من قبلها أمم على مثل ما هى عليه من إنكار وجحود ولاقى رسلهم منهم مثل الذى تلاقى من عنت واستهزاء وسخرية» وإيذاء لمن اتبعوك» وفتنة للضعفاء فى دينهم» وعناد ومحادة لله ولرسوله» ولأهل الحق؛ ولذلك قال تعالى: قد خلت من قبلها مم 4, أى مضت من قبلها أمم. والغاية من الرسالة التى بعثت بها أن تتلو عليهم القرآن؛ ولذا قال: « لسلو لهم الذي أوحينا إِليك 4 اللام للتعليل» والمعنى أرسلناك لتتلو عليهم القرآن الذى أوحيناه إليك» والتلاوة القراء المتتابعة المتناسقة فى اللفظ والمعنى» ويصح أن تكون بمعنى الترتيل» وقد نقل إلينا القرآن متلوا مرتلاء فلم تثبت روايته هو بذاته فقطء بل تواتر طريق ترتيله» فجبريل الأمين علم النبى كَكْة ترتيله» كما حفظه القرآن ذاته؛ ولذلك نزل القرآن منجماء ليحفظه النبى كدي مرتلا؛ ولذا قال تعالى فى بيان حكمة نزوله منجما: « ... ذلك لنشبّت به فُوَادَكَ ورتَلمَاهُ ترتيلاً 9© 4 [الفرقان] . ومع هذا الترتيل الذى تذهب به المعانى فى النفس حالهم حال إنكار شديد؛ ولذا قال تعالى: 8 وهم يَكْفْرُونَ بِالرّحْمَن» وقد نص على كفرهم بالرحمن» وكان التعبير بالرحمن عن الذات العلية مع أنهما اسمان للذات العلية» ولا تتغير الذات بكثرة أسمائهاء وإن التعبير بالرحمن لملاحظة الرحمة الشاملة» فهم مغمورون برحمته فى وجودهم وكلاءتهم» إذ هو الذى يكلؤهم فى السموات والأأرض» ومع لاا تفسير سورة الرعد مم اللللل الل 0 حب زا أن نعمه سابقة لهم. ورحمته لهمىء كفروا به» والتعبسير بالمضارع يفيد استمرار كفرهم وتجدده آنا بعد آن. ولقد روى أن العرب كانوا فى إيمانهم الناقص بالله سبحانه وتعالى ما كانوا يعرفون إلا لفظ الجلالة» حتى إن النبى كَلْة» وهو يملى شروط صلح الحديبية وابتدأه بسم الله الرحمن الرحيم » قالوا: الرحمن هو رحمان اليمامة لا نعرفه قل باسمك اللهم» وقد نزل فيهم: قل ادعوا الله أو ادعوا الرّحمن أَيّا ما تدعوا فَلَه الأسماء الحسنئ ... 2 4# [الإسراء] . وقد أمر الله تعالى أن يعرفهم بالرحمن فقال تعالت كلماته: «قل هو ربي 4» أى هذا الذى يكفرون هو ربى الذى خلقنى وربانى وقام على شكونى» عليه تَوكُلْت 4. أى عليه وحده توكلت فى الدنيا؛ لأنه هو القائم على كل أتوكل على غيره» والتوكل لا ينافى العمل» بل إن التوكل بين أمرين كلاهما باطل» الآمر الأول أن يعتقد أن الأسباب وحدها هى التى تؤثر فى النجاح» وينسى قدرته المحيطة بكل شىء» والثانى من الباطل التواكل» وهو أن يهمل الآخذ بالأسياب» يأخذ بالأساسف» وت ك | ل ا النتاف لله سبحانه وتعا فهو بالأسباب» بل يأخذ بالأسباب» ويترك الوصول إلى النتائج لى تعالت قدرته لا يغفل عن شىء »2 والقادر على كل شىء « وليه متاب 4 (متاب) مصدر ميمى لتاب بمعنى رجع وتقديم الجار والمجرور يفيد الاختصاص» أى أن مر جعى إليه وحذده» وله الحساب وحده» وله الثواب والعقاب وحذده» لا شريك له» فالملك اليوم لله الواحد القهار. وإن المشركين طلبوا آيات: 8 وقَالوا لولا نزل عليه آية من رَبْه ... 69 »4 [الأنعام]» وكأنهم لا يعتدون بما جاء النبى علي من معجزة القرآن. وأنه سبحانه وتعالى تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله» وبدا عجزهم » وظهر إعجازه» ولم يكن | ا تفسيرسورةالرعد ) ال الال الل اللللللا هسم > ا لأى آية غير ذلك التحدى المعجزء ولأجل ذلك بين الله سبحانه وتعالى مقام القرآن فى ذاته» وأنه أغلى كلام فى الوجودء ولو أن كلامه يسير الجبال لسيرهاء ولو أن قرآنا يقطع الأرض أجزاء لقطعهاء فقال تعالى: « ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كُلَم به الموتئ بل لله الأأمر جَمِيعًا 4. فى السيرة النبوية أن نفرً من كفار قريش ذهبوا إلى النبى وَل يتحدونه فيهم أبو جهل» وعبد الله بن أمية» فقال عبد الله: إن سرك أن نتبعك سير لنا جبال مكة بالقرآن فادعها عنا حتى نتفسح فإنها أرض ضيقة» واجعل لنا فيها عيونا وأنهارا؛ حتى نغرس ونزرع فلست كما زعمت بأهون على ربك من داود حين سخر الجبال تسير معه» وسخر لنا الريح لنركبها إلى الشام نقضى عليها ميرتنا ونواتجناء ثم نرجع من يومناء فلقد كان سليمان سخرت له الريح كما زعمت» فلست أهون على ربك من سليمان بن داود» وأحى لنا قصى بن كلاب جدكء أو من شئت أنت من موتانا» فعيسى كان يحيى الموتى» ولست أهون عند الله من عيسى ابن مريم. ظ ولقد حكى القرآن الكرء م فيما تكون من قبل عنهم مثل ذلك فقد قالوا: ظ. .. أن تومن لَك حَتَى تفجر لَنَا من الأرض ينبوعا © أو تكون لك جِنةَ مَن نُخيلٍ وب فشر الأنهار خلاها جيرا 60 أر سقط اسماء تا صمت علي #6 [الإسراء] إلى آخر ما تلونا. وقد نزلت هذه الآبة الكريمة: ل ولَوَأَنَ قُرانا سيّرَت به الُجبَال أَوَ فَطَعت به الأرض أو كلم به الْمَوتَئ بل لَه الأمْر جميعا», ولا نقول: إن أقوالهم التى رواها القرآن الكريم عنهم أم التى روتها كتب السنة هى السبب فى نزول هذه الآية كما ذكر فى أسباب النزول» أم أن الآية الكريمة جاءت لتحقيق معنى فى القرآن لا يوجد فى غيره من الأمور الخارقة للعادة» فالآية الكريمة تبين أن القرآن أعلى من ا تفسير سورة الرعد ىم الملل اا0ا0ا0اااالاا060ا040للللللللل ده : 2 كل ما ذكروه وطلبوه من آيات لولا أنه من طبيعة غير طبيعتهاء ومنهاج غير منهاجهاء وهو أبقى وأخلدء فما يطلبون هو حوادث تنقضى بانتهاء وقتهاء أما القرآن فباق خالد إلى يوم الدين» يتحدى الأجيال كلها شامحًا عاليًا أن تأتى بمثله. كما تلونا من قبل: از ذلك؛ قال سحيم بن وثيل الرباحى: (أقول لهم بالشعبء إذ ييسروننى» ألم يينسوا أنى ابن فارس زهدم ...) إلى أن قال: (يجوز أن يتعلق « أن َو يشَاء الله بأمنواء على معنى أولم يعتظ من إيمان هؤلاء الكفرة « لو يشاء الله َهَدى الئاس جميعا ‏ . ومعنى الكلام الآخيرء أفلم ييئس الذين آمنوا من إيمان الكافرين» ويعلموا أن لو يشاء الله لآمن الناس جميعا. وقوله تعالى: ألم ييأس 4 الفاء للإفصاح عن شرط مقدر مؤداه أن تكون المعجزة فى هذا المقام من الإعجازء يقول الذين كفروا غير معتدين بهاء فلم يينس الذين آمنوا من إيمانهمء والاستفهام لإنكار الوقوع أى للمعنى» ونفى النفى إثبات» والمعنى ييئس الذين آمنوا من أن يهتدواء ويعلمون أن لو شاء الله لهدى الناس. والمعنى لو شاء الله إيمان الناس جميعًا لآمنواء ولكنه سبحانه وتعالى تركهم ليطهر المؤمن عن نيته» ويعلم الكافر عن ضلاله؛ وتركه الحق» ويكون الجزاء عقابًا أو ثوايًا . وكان على الكافرين أن يرجعوا عن غيهم. ويسيروا فى طريق الرشادء فالقوارع اتنزل بهم قارعة بعد قارعة» أو تحل قريبا من دارهم؛ ولذا قال تعالى: ولا يزال الّذِينَ كقروا تصيبهم بمَا صنَعُوا قَارِعَةٌ أو نحل قَرِيَا من دارهم 4 القارعة: الكارثة الداهية أو الشديدة التى تقرع حسا قرعاء تنبههم إلى ما هم فيه من الضلال» فمن لا ينهه الدليل والبرهان» ولا يجديه البرهان لا يتنبه بالعقل» بل لابد من الشده تقرع حسه.ء وكان الإقدام قبل النبى بَلِْهِ إن لم يقتنعوا وعائدوا ينزل بهم ما يزيل ديار» أو ريح صرصرء أو غرق» وغير ذلك مما يبيد خضراءهم» وتبقى من بعدهم من اتبع النبيين» أما محمدء فإن رسالته» باقية خالدة» لا يؤثر فى اتجاهها كفر من كفرء ولكن يغالب الكفر بالإيمان» ليكون من بعدهم من يعبد الله تعالى» ويدعو إلى ربه؛ ولذلك كانت القوارع التى تقرع حسهم. ليست ##/ا ‏ تفسير سورة الرعد مم لللل ل ئ ‏ ململ 1 كاوه : 3 إبادة» ولكنها مغالبة» ودفع الفسادء فالقارعة التى تصيب الكافرين هزيمة منكرة» تنزل بهم كالتى نزلت بهم ببدر» والخندق» وكأحد فقد رجعوا فيها إلى حنين من الغنيمة بالآيات» وإن كان المسلمون توجههوا بهم قرعء. وكان تعليماء وتوجيهاء كما قال تعالى: إن يَمُسَسكُم فرح فَقَد مس الْقَوم فرح مَثْله. .. 69 4 [آل عمران]» لكن قرحهم كان هزيمة» وقرح المؤمنين لم يكن انهزامًا ولا فرار . فالقارعة هى الهزيمة لا تزال تصيبهم مرة بعد أخرى» أو تحل قريبا من دارهم» فى السرايا التى يبثها النبى يَلثِلِّهِ فقد كان يبقيها النبى يَلكِْةٌ حول مكة تدعو إلى الله» وتنذرهم» حتى كان صلح الحديبية» وبه أمنوا على أنفسهم. وأخذ الناس يدخلون فى دين الله فى مكة وغيرها. وتلك القوارع» والسرايا التى تحل قريبا من دارهم» حتى يأتى وعد الله بالنصر الحاسمء وأن تكون الكلمة للإسلام فى البلاد العربية وما وراءهاء وهذا معنى قوله تعالى : حنَئ يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد » . وإن المشركين كانوا يستهزئون بالنبى كلد فى إبان نصرته»ء كانوا فى إبان مقامه فى مكة» وهم يحسبون أنه فى قبضة أيديهم والله ناصرهء وخاذلهم» ألم ترهم يقولون بعد حديث هرقل لهم فى سؤاله عن النبى كَكلِ: «لقد أمر أمر ابن أبى كبشة» . وقد بين الله تعالى أن النبيين استهزئ بهم كما استهزئ به فإن من لا يدرك الحق يهزأ به» ومن استغرقتهم المادة يستهزئون بأهل الحق» والعالى والروح؛ ولذا قال تعالى: ( وقد متهرها ل من قل فا دين وهم كيف حاد استهزئ برسل 4 جاءوا مبشرين ومنذرين من قبلك» والاستهزاء يدل على جهل المشركين بما يستهزئون» ونسيانهم فضل من يسخرون منهم» ويدل أيضا على ا تفسير سورة الرعد م ا بي أنهم لا ينظرون للأمر نظرة من يجد ولا يهزل» ويدل على سيطرة العبث العابث» واللهو الماجن على نفوسهم». وهذه حال تحير الداعى إلى الحق من أين يحملهم ولقد أكد الله استهزاء السابقين برسلهمء باللام» وقد ساق الله تعالى ذلك لنبيه ليتسلى عن إعراضهم واستهزائهم ولثئلا يذهب به اليأس من قومه» وألا يرجو الانتصار منهم » فقد استمر الاستهزاء وأملى لهمء أى أعطاهم ملاوة من الزمن» حتى ظنوا أنه لا عاقبة مؤلمة تنتظرهم؛ ولذا قال تعالى: فََملِيت للّينَ كَفروا ثم أَحَذَتَهِم فَكَيْف كَانَ عقاب 4 . أمليت كما ذكرنا أعطيتهم ملاوة من الزمن إمهالا لهم من غير إهمال لاستهزائهم. وسخريتهم من الحق» والفاء لبيان أن ما بعدها مسبب عما قبلهاء والمعنى كان استهزاؤهم سببا للإملاء لهم» حتى يأخذهم» وهم لا يتوقعون» مثل قوله تعالى: وأملي لهم إن كيدي متين 09 4 [الأعراف] . وشم للدلالة على التراخى» أى أنه أمد لهم أمدا غير قصيرء حتى ظنوا أنه لا مؤاخذة على ما يفعلون» وغرهم الغرورء» وحسبوا أن الدنيا قد طابت لهم بحذافيرهاء ثم أخذتهم» أى أشعرتهم بسلطانى» وأنى أمهل ولا أهمل والأخذ كناية عن الإشعار بالسلطان؛ لأن الأخذ يتضمن أنهم صاروا غير خارجين عن سلطانه؛ لأن الأخذ أقصى ما يدل على التمكن» وأن يكونوا فى قبضته يصرفهم كيف يشاءء وذكر الله تعالى عقابه فقال: ‏ فكيف كان عقاب »4 ياء المتكلم محذوفة على وجود ما يدل عليهاء والمحذوف مع وجود ما يدل عليه يكون .كالمذكورء بل إن تقديره بجهله مذكورء لم يبين الله سبحانه وتعالى العقاب» ولكن أشار إليه إشارة تدل على هوله» وعلى أنه كان حاسما قاطعا فمن غرق» أو جعل الأرض سافلهاء ومن ريح صرصر عاتية» ولقد قال تعالى: 8 وكأين من قريةٍ ميت لها وهي ظَالمة نّم أحَذْتّها وإلَي الْمَصيرٌ (2© 4 [الحج]. (/#ا تفسير سورة الرعد ]حي الل 14 ليحو نا 37 وكما قال تعالى: 9 وَكَذَلك أَخْدَ رَبك إِذا أَحَدَ القُرَئ وهي ظَالمَة إن أَخْذه أليم شديد 60 4 [هود]. وفى الصحيحين: «إن الله ليملى للظالم» حتى إذا أخذه لم يفلته)» . الأوثان ليس لها وجود حنى تعبد قال الله تعالى: أفْمَنّ هو بعلأ تف يماك سه وجَعَلُوا 0 صر ره اللابي 07 أ لَه شرَكاء انوكم دا 2 يوسلوا تومي 2 رش وَصدَ عن لسَّملوَمَنِيضَ هق فا نهو مكليو و رد 22000 دما ولعَدَات) رق أ. 0 نَأ مِنْوَاقٍ 2ه هذا بيان لبطلان عبادة الأوثان» وهو برهان يستمد منهاء لا من أمر خارج عنهاء فالله الأعلى يوازن بين قدرته على كل شىء» وحياطته لكل شىء» وقيامه تعالى على الأنفس» وبين الأوثان التى لا تضر ولا تنفع» وأنها لا حقيقة لها فى عالم الأحياءء يقول تعالى: «أقَمَنْ هرقا على كنس بها كَسَبّتْ» الاستفهام هنا للتوبيخ» وبيان عجز آلهتهمء وقدرة الله تعالى» وقائم معناها: القيام على شئون الأنفس» خلقهاء وهى مربوبة لهاء وعالم بهاء ومحافظ عليهاء يعلم ما تسره وما تعلنه» وما تظهره» وما تخفيه. ويقول ابن كثير فى معنى هذه العبارة السامية: « أَقَمِن هو قَائم على كل نفسٍ بمَا كسبت 24 أى حفيظ عليهم رقيب على كل نفس منفوسة يعلم ما يعمل العاملون من خير وشرء ولا تخفى عليه خافية « وما تَكُونَ في شأَن وما تتلو منه من ُرْآن ولا تَعْمَنُونَ من عمل إِلذَ كنا عَليَكُم شهودا إذ تفيضون فيه ... #9 [يونس]. هاا تفسير سورة الرعد اناالا لالا الالال ألاللال ااا لالطالا كم لماخ لاط طممخمممخمخم للاخ ممم ممما لللطط لمخم مممخس طسقلا ١‏ حر ا فمعنى قام ليس ضد القعودء وإنما معناه القيام على شئون الأنفسء والعلم بهاء كما قال تعالى: # . .. هو الحي القيوم ... #625 [البقرة]ء وعبر عن القيام بهذه المعانى ؛ لأن القيام يدل على الحركة» والحركة تدل على معاناة الأعمال خيرها وشرهاء وهو بالنسبة لله تعالى القيام على شئون هذا الوجودء وهو هنا الأنفس. وذكر الله تعالى كل نفس للدلالة على عموم تدبيره للأنفس» والعلم بما تفعل من خير وشرء وقوله تعالى: إبما كُسبت 4 يتضمن العلم بكل ما تصنع النفوس العاملة» والجزاء على ما تفعل» وفى ذلك بعضها لإنذار العصاة» كما قال تعالى: طسواء كم من سر اقول وص جهر به وس هو مسف بال وساب بالنهار 2 0 لَه معقبات من بين يديه ومن خَلفه يَحَمَظُوته من أمْرِ اللّه. 0 4 وقوله تعالى: « أقمن هر قائم على كُلْ نفس 24 لتمام الموازنة تكون التسوية مقتضية محذوفا مقدرا تقديره كى لا يستطيع شيئاء ولا يقوم على شىء ولا يضر ولا ينفع. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ضلالهم فى عبادة الأوثان» فقال تعالى: © وجِعلُوا لله شركاء »4 وهذه الجملة حالية؛ والحال أنهم جعلوا لله شركاء يشركونه فى العبادة مع أنها لا تنفع ولا تضرء وبع أن ذاته العلية جلت عن المشاركة» وتعالى عن ذلك علوا كبيراء أمر الله تعالى نبيه الكريم أن يسألهم عن حقيقتهاء ولكنها من بيان الكنه والحقيقة يتبين بطلان ما يعتقدون قال تعالى: قل سَمُوهم 6 عبر عنهم بضمير ما يفعل على حسب زعمهم وأوهامهمء وإلا فهى حجارة لا تضر ولا تنفع» ولا تعقل ولا تدرك. سموهم 24 أى اذكروا أسماءهم. وأوصافهم» أى شىء لهم من الأسماء والصفات» وإنهم إذا جاءوا إلى ذلك» قالوا: إنها أحجار سميت اللات أو العزى أو هبل» أو نحو ذلك من الصفات التى تجعلها دونهم» فكيف يعيدون ما هى دونهم أو لا وجود لها فى حقيقة أمرهاء إلا أن تكون أحجاراء لا تنطق ولا تضرء ولا تنفع. تفسير سورة الرعد 2 . مم سرب لاد أم بتُونَهِ بما لا يعلّم في الأرض 4, أم للإضراب الانتقالى مع تضمنها معنى الاستفهام الإنكارى التوبيخىء» أى أتنبئونه بشىء لا يعلمه فى الآرض» وهو خالقهاء والذى يعلم ما فى السموات وما فى الأرض» أى أتنبئونها بأمر لا وجود له والمؤدى أنها لا وجود لها فى الأرض فهل تنبئونه بأمر لا يعلمه فى هذه الأرض » وهذا كلام يؤدى لا محالة إلى أشياء لا وجود لها فى الأرض؛ لآنها لو كان لها أسماء وأوصاف لادعى وجودهاء ولو كان لها وجود كآلهة فى اللأآأرض لعلمها سبحانه. طأم بظاهر مَن القول 4. أم للإضراب عن السابق مع دلالتها على الاستفهام التوبيخى الذى ينبههم إلى فساد قولهم» ولمعنى أهذا العلم بظاهر من القول الذى لا يدل على حقيقة فقطء إنما أوهامهم جعلتهم يرددون ظاهرا من القول لا يستطيعون أن يقولوا فيه إنه شىء له وجودء وصفات اقتضت الآلوهية. والحقيقة أنه زين لهم وهم لا مدلول له جعلهم يكفرؤن» وهم لا يشعرون؛ ولذا قال تعالى: فيل وين للّذِينَ كقروا مكرهم وصدُوا عن السَبيل © . بل للإضراب عن القول» أى أنه ما دام قد ثبت ثبت أنه لا حقيقة لأصنامهم التى يعبدونهاء فأوصافهم لا تنبت ألوهية» بل لا تثبت وجود لها نفع وضررء فالآمر أنهم زين لهم ما هم عليه بوهم توهموه وخيال تخيلوه» وكان ذلك الخيال أساس مكرهم» وتدبيرهم ضد الحق وأهل الإيمان» وبه صدوا عن السبيل» وصدوا غيرهم عن الطريق السوىء وفى قوله تعالى: ‏ وَصدوا عن السّبيل 4 قراءة لم أى أنه بهذا التزيين الضال صدوا عن الطريق الحق؛ وهو عبادة الله تعالى وحده لا شريك لهء وهناك قراءة بالفتح. أى صدوا غيرهم عن الحق بالاعتداءء والإيذاء» والاستهزاء بالرسل» ويجب أن يراد القراءتان أنه لا مانع من الجمع بينهماء فهم أبعدوا بأوهامهم عن الحق» وأوغلوا فى الضلال بإبعاد غيرهم عنه. وأكد الله سبحانه وتعالى الحكم بالضلال عليهم» » فقال عز من قائل: 9 ومن يلل الله فَما لَه من هادٍ, أى من يحكم الله تعالى بضلاله؛ لأنه سار فى طريق ل تفسير سورة الرعد !ااال التائئطانا ممم اناا لالاكك كع خضخ نم ططخن طمن لالط كط الااالاااااااالاك طخ ضطلط الا لانن الا اااااااااخ طامط ططس طلم للا 1 ويه : ني الغواية وصل إلى الضلال» « فما له من هاد ‏ من لعموم النفى» أى ليس له من هاد أى هادء فلا هادى بعد الله. بعد ذلك بين الله تعالى جزاءه» فقال: «لهم عذاب في الحياة الدنيَا وَلَعَذَاب الآخرة أشق وَمَالَهم من الله من واق©© 4 . ذكر الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية أن لهم عذابين» أولهما عذاب الحياة الدنياء والثانى عذاب الآخرة» ليس لهم من الله من واق. أما عذاب الدنياء فإنه واقع فى هذه اللمحياةء وإن لم يكن هو الأشق» لا ريب فيه» وعذاب الدنيا باللجاجة فى الباطل» والبراهين ساطعة» والآدلة قائمة» ثم من عذاب الدنيا الخزيان والذل» وضرب الذلة» ومن عذاب الدنيا قتلهم بالإناب» وقد يكون عذاب الدنيا بآية من آية. أما عذاب الآخرة فهو أشق من عذاب الدنياء» ويواجهون الله «وما لهم من الله من واق 4 فالله لا ينظر إليهم ولا يكلمهمء ويبدو لهم جهلهم» وضلالهمء ثم بعد ذلك جهنم التى جعلها مثوى الكافرين» ومن 4 فى قوله: من واقر» لاستغراق النفى . أى ما لهم واق من عذاب الله واق» ما لهم من شفيع ولا نصير» بل إنهم يتقدمون إليه سبحانه متناولين كتابهم بشمالهم» اللهم قنا شر ذلك اليوم. لق قال الله تعالى أ عد محد سر بو ورج را سس تام ا بو لصح م اح سس م لاسر ا 5 3-3 ص جاده 1 ١‏ مش لالجتواو وعدا مفو رك من تيه لا ار و سا سم و 2 22 انوأ دوج سا لكين 716 2 - 02 أ[ اصع 2-4 و رسا بَاَُُوَلفخرآبٍ منت بعضة : هل تاليف عرو َي عد زر ص سس و حت دَأَََول مرك ليدع عَوأوَإِلَكَهِمَحَابِ هه 207 لودو جره ره 2 25 م و لح ساسا كع 3 أن عيضت ركم 0306 5 بين الله تعالى نعيم الجنة مقارنا بعذاب النار» فقال: 38 مَعْل الْجنّة التي وعد الْمتّقُونَ تجري من تحتها الأنهار», المثل الحالى أو الوصف القريب الذى يسترعى الأفكار والأنظار» والمعنى حال الجنة العجيبة التى فيها ما لا عين رأت» ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشرء تجرى من تحتها الأنهاء فتكون متعة النظر» ومتعة النفس » ومتعة النسيم العليل» ومتعة الراحة» والظل الظليل» ومثل مبتدأ خبره جملة تجرى من تحتها الأنهار» ويصح أن يكون الخبر مصدرء تقديره مثل الجنة كجنة تجرى من تحتها الأنهار» وفى ذلك معنى تحقق التشبيه بذكر المشبه والمشبه بهء أكلها دائم 4. أى ثمر مستمر»ء من ثمر نخيل ورمانء « وفاكهة كثيرة 29 لا مقطوعة ولا ممنوعة 69 4 [الواقعة]» وغير ذلك من الثمار. فإ وظلّها 4» وهو معطوف على أكل. أى أن ظلها دائم مستمرء ليس فيها ثم يقول تعالى: تلك عَقَبَى الّذينَ انَقَوا4. الإشارة إلى الجنة بأوصافها الغلاثة المذكورة» من أنها نجرى من تحسها الأنهار» فتنعم النفئس بالمنظر الجميل » بها تفسير سورة الرعد 01010000000000 لسر ا والنسيم العليل» والمنظر البهيج ) ومن أن ثمراتها دائمة لا تنقطع فتنعم بحياة دائمة ) ونعيم مقيم » ومن أنها ظل دائم مستكمر » وتلك مبتدأ خبره وعقبى الذين اتقوا 4 أى نهاية الذين اتقوا انتهوا إليها وذكر الموصول للإشارة إلى أن الصلة» وهى التقوى علة تلك العاقبة الحميدة فى ذاتها. ولقد ذكر فى مقابل هذه النهاية الحلوة المرتبة عاقبة الكفر والأشرار» فقال: وعقبى الكافرين الثار/, أى نهاية الكافرين الذين كفروا بالله وبآياته» وبنعمه النار يلقون فيهاء وهى دائمة» #8 ... كلّما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ... 65 4 [النساء] . والتعبير ب# عقبى # فى جزاء الأشرار والأبرار للإشارة إلى أنه جزاء أعقب عملا إن خيرا فخير» وإن شرا فشر» والله تعالى لا يظلم العباد. وهم الذين يظلمون أنفسهم» وله إرادة مختارة» وعقل مدرك» وإذا كانت الأعمال غير مستوية» فالعقبى غير مستوية» فقال تعالى: إلا يستوي أصحاب الثَارٍ وأصحاب الجنة أصحاب الجن هم القائرون 0 »4 [الحشر] . ولقد بين سبحانه وتعالى مكانة القرآن بين أهل الكتاب» فقال تعالى: 9 والّذين اتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إِلِيك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إِنّمَا أمرت أَن عبد الله ولا أشرِك به َيه أدعو وليه ماب 9 4 . والذين آتيناهم الكتاب يفرحون»© ذكر الزمخشرىء وغيره أن الذين يفرحون من أهل الكتاب هم اليهود الذين أسلموا كعبد الله بن سلام» والنصارى من نجران واليمن والحبشة». وعدهم ثمانين رجلاء أربعين من نجرانء واثنين وثلاثين من الحبشة» وثمانية من اليمن. وأولئغك « يفرحون بما أنزل إِلِيِك 4 وهو القرآن؛ لآنهم وجدوه مطابقا لما عندهم فى التوراة والإنجيل من تبشير بمحمد يَلْة إذا كانوا يعرفونه فى التوراة والإنجيل» وما أنزل إلى النبى يك هو القرآن الكريم. لسر ا وعندى أرى أن الذين آتاهم الله الكتاب يعم من أسلمء ومن لم يسلم» بل يدخل فى عمومه ابتداء من لم يسلم فقد كانوا يفرحون ببعث النبى كلد إذ كانوا فى حرب مع المشركين فى يثرب» ويستفت حون عليهم بأن نبيا قد آن أوانه سينصرهم عليهم قال تعالى : ف لما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لَمَا معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كمَروا فَلَمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلع اللّه على الكافرين 69 > [البقرة] . وإن سياق هذا فى هذا المقام يدل على أن الإيمان الصادق ليس مطلوبا من المشركين فقطء بل منهم ومن أهل الكتاب» وأن أهل الكتاب كان ينبغى أن يؤمنوا لمعرفتهم السابقة به؛ ولأنهم كانوا يفرحون به عندما توقعوا مجيئه قريباء فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به. ويقول سبحانه: «ومن الأحزاب من يدكر بعضّه4, أى من الجماعات المتحزبة التى تفهم أن التدين تحزب وتعصب منهم من ينكر بعضه وهو ما يتعلق بالإيمان بالله واليوم الآخرء فالصدوقيون من اليهود أنكروا البعث وحسبوا الحياة مادة حتى النفس فسروها بالمادة» والنصارى حرفوا التوحيد وقالوا إن الله ثالث ثلاثة وضلوا بذلك ضلالا بعيدا. ولأنهم أنكر بعضهم اليوم الآخرة» وأنكر بعضهم الوحدانية» رد الله تعالى ذلك عليهمء وذلك بأمره للنبى َك بأنه نه يستمسك بالوحدانية والإيمان باليوم الآخرء فقال تعالت حكمته: قل إِنمَا أمرت أن أَعبَد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مئاب 4 كان ما أمر الله تعالى به نبيه أمرين قد أنكراهماء وهما عبادة الله تعالى وحده» وذلك يتحقق فى قوله تعالى: « أمرت أَن أَعبد الله ولا أشرك به 4 , فهذا إثبات للوحدانية فى الذات والصفات والخلق» والعبادة» ونفى لأى شريك فى العبادة» والنصارى أثبتوا الشرك فى العبادة بعبادة ثلاثة ابتداء» ثم لا يزالون يأتون بعبادة آخرين كالعذراء كما يسمونها فى الأوهام التى توهموها فى أنهم رأوا خيالها نوراء وكعبادة القديسين فى نظرهمء وبذلك أنكروا أصل التوحيد الذى هو أصل الديانات السماوية كلهاء وقد دعاهم النبى كَلِنٌ إلى كلمة سواء بينه وبينهم» فى ب#ا) تفسير سورة الرعد ٠‏ للفلل اللا الل م كتابه إلى هرقل» والنجاشى» والمقوقس» وهذا بعض ما جاء فيه: قل ب يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوا بين وبينكم لا عبد إل له ولا شرك به شيتا .. 69 4 والأمر الثانى الذى أنكره اليهودء وهو اليوم الآخر؛ ولذا قال فيه: 8 وإليه مئاب © أى إليه وحده ماب أى مر جعى » لا إلى غيره من مسيح ونحوه» فإنه يوم القيامة عبد» كما كان فى الدنيا عبد من عباده الصالحين الأبرار وإن كانت له منزلة الرسل كإخوانه من أولى العزم من الرسل . وحض الله تعالى بدعوة النبى كَل فقال: 8 إِلّيه أدعو ». أى أدعو إليه . وحدهء» فتقديم الحار والمجرور يدل على أنه لا يدعو إليه غيره» فلا يدعو ابناء» ولا أما لهذا الابن» ولا روح قدس وغير ذلك نما توهمته الأفلاطونية الحديثة) وأخذوه منها كما يؤخذ الباطل من سلسلة الباطل. وقد بين الله تعالى معنى الرسالة المحمدية فقال عرز من قائل: «( وكذلك أنزلناه حكما عربيًا ولدن اعت أهواءهم بعد ما جَاءكَ من العلّم ما للك من الله من ولي ولا واقر 69 4. كذلك» التشبيه بين ما هو كائن» وما قدره الله تعالى» وأحكمه» أى كهذا الذى تراه من نزول القرآن بلسان عربى مبين قدرناه وأحكمناه حكما عربياء ووصف الحكم الإسلامى بأنه عربى ؛ لأن القرآن الذى هو حجته عربى؛ ولأن الرسول الذى بعث بيه عريى؛ ولأنه من سلالة إبرأهيم يم أبى العرب» ولم يكن من سلالة إسحاق» بل من سلالة إسماعيل : ضتضتى العرب . وليس معنى ذلك أنه مقصور حكمه على العرب فتلك فرية» إنما معناه فى الحدود التى ذكرناها؛ لأن القرآن شريعته عامة للناس كافة» لا فرق بين عربى ويصح أن يراد من كلمة «( حكما 4 قرآن» أى أنزلناه قرآنا عربيا» وعبر عنه يي تفسير سورة الرعد لب اا والعربية صفة الشريعة وإن كانت عامة فى تطبيقها؛ وذلك لآن الشريعة نزلتء, واخحتار الله تعالى نبيه من بينهمء 19. .. الله أعلم حيث يجَعل رسالَه . . 639 4 [الأنعام]؛ وذلك لأن العرب من بين الأمم كانوا أعرف الئاس لله فهم كما دكرنا فى ده من كتابانا كان يؤمنون بأن الله خالق السموات والأرض ومن فيهن» ويؤمنون بأنه واحد فى ذاته وصفاته. ولكنهم كانوا فى العبادة يشركون معه الأوثان» وغيرهم من الأمم التى عاصرت مبدأ الإسلام ما كانت فيها معرفة الله تعالى تلك المعرفة فكانت جديرة بأن تكون أرض الدين الذى يدعو إلى التوحيد المطلق» إذ كانت فيه بذوره» فكان عمل محمد كَكادٌ تقوي سوقه. وإن ذلك يقتضى ألا بي يتبع النبى و أهواء المشركين» ولا أهواء أهل الكتاب؛ ولذا قال تعالى: < ون ايت أوامهم بد ما جَاءك من العم » الضمير فى « أهراءهم 4 يعود إلى المشركين وأهل الكتاب» وقد وصف بأن ما هو عليه هوى الأنفس» وشهوة العقل الفاسدء فهو الخاضع للأوهام الذى لا يسيطر عليه عقل مدرك» ولا جاء من العلم للنبى كَلةٌ هو علم التوحيد»ء وعلم التكليف» وكل ما عداه انبعث من الهوى وضلال الفكرء وفساد الاعتقاد» واللام فى قوله تعالى: « ولكن اتبعت » هى لام مؤكدة ممهدة للقسمء وما جاء بعد ذلك جواب القسم لا جواب الشرط؛ لأنه إذا اجتمع الشرط والقسم يكون جواب القسم أولى وأجدرء ويكون دالا على جواب الشرط. فالكلام فيه قسم مطوىء وهو تأكيد للحكمء وهو العذاب الذى ينزله الله تعالى» ولا وقاية منه» أيا كان الواقى» والخطاب للنبى كَللَِِه وليس هناك احتمال لأن يتبع النبى كلدك أهواءهم فما اتبعها قبل أن يبعثه الله رسولاء فكيف يتبعها بعد أن شرفه الله تعالى بالرسالة العامة الخالدة» وإنما الخطاب له ابتداء» لتقتدى به أمتهء وتتبعه»ء أو يكون الخطاب لكل قارئ للقرآن مخاطب بأحكامه وبيانه؛ وجواب القسم < ما لك من الله من ولي ولا واق»» من الله متعلق بواق» ومن الثانية لاستغراق النفى» أى ليس لك واق من عذاب الله تعالى أى واق كان» كقوله ا تفسير سورة الرعد الللللللالاا1ا0الل الل ااا ااااللللللك 4 تعالى: ‏ ... ما لك من الله من ولي ولا نصير 659 4» [البقرة]. اللهم قنا شر غضبك» واجعلنا فى وقاية من معصيتك. فإنها الوقاية من النار. الرسل من البشر قال الله تعالى: ولقد ار سس سس سس 1 ل 00 أرسلنار يبك وحَعأنا َج أو وروم نََ 52 د ا ويظة روس يس وو ججهم رسو ل أن قَ عي إلايإذ اسه لكل أجل ب نوها بتكاو رسكم #السيكي © 2 لخر اح به ره ١‏ ا ل 0 إن مانرِيتك د بع ضالَزِى نهد هم أو ونتود رَيَيّكَ نَعكَةَ لْبلَمْوَعَكَئَالْْسَابُ ني أولْميروأ َأأَنَقَ سسا عليّنا ار ا 0 - هه لشكة 200 مِنَأ رفاو أت مَعَفِب لْحَكمِه-وَهْوَسَسَرِيعٌ كان المشركون يقولون: إنه لا يكون رسولا لله تعالى إلا ملك يجىء إليهم» ولا يكون بشرآء وقد رد الله تعالى فى كلامهم فى أكثر من آية فى ثنايا كستابه الكريم: « ولو جَعلنَاه ملكا لُجِعلنَاهُ رجلا وللبْسنَا عليّهم ما يلْبِسون © © [الأنعام]ء» وكانوا يقولون: «( ... ما لهذا الرسول يأكل الطّعَام وَيَمْشِي في الأسواق [الفرقان] . 0 وفى هذه الآية بين سبحانه وتعالى أنه قد سبق الرسل والأنبياء مثل إبراهيم وإسماعيل» وأولاد إبراهيم من إسحاق فكل أولتك كانوا رسلا وأنبياء وكانوا بشراء» فقال تعالى : « وَلَقَد أَرَسلنَا رسلاً من قَبلك وجعلنا لهم أَزواجا وذْريّة 4. وما ا تفسير سورة الرعد دم اللللمللااااااا0ا060االلل ا اااا0ا0الا0ا0ة0ا0االا0ا0الللل0ا حر أ كان لهم مشركين أو أهل كتاب أن ينكروا رسالة رسل كانت لهم أزواج وذرية» وأبو الأنبياء إبراهيم الذى كان شرف العرب» ومجدهم الذى يتفاخرون به كان رسولاء وهم لا يزال عندهم بعض شريعته فى الحج» وهو بانى البيت الحرام بأمر ربه» فقد كان رسولا نبيا» وكان زوجا كريماء ومن ذريته إسماعيل وإسحق وقال: ١‏ الحمد لله الذي وهب لي علَى الكبر إِسُمَاعيل وإسحاق ... 69 > [إبراهيم]» والزوجية لازمة من لوازم البشرية» والملائكة لا يتزاوجون ولا يتناكحون ولا يتناسلون . ولقد أكد سبحانه رسالة هؤلاء الرسل من البشرهء بِقَدء وباللام» وقوله تعالى: ظامَن قبلك 4 رسالتك» فلست بدعاء وكان حقا عليهم ألا يعترضوا بذلك الاعتراض . هذا الاعتراض الأول الذى كانوا يعترضون به على النبى مَلدِْةّه فهم يحسبون أن الرسول لا يكون إلا ملكا وذلك يناقض ما هو معلوم عندهم من رسالة موسى» ونبوة إسماعيل» ورسالة إسحاق» ونبوة يعقوب عليهم السلام. الأمر الثانى الذى اعترضوا به المعجزة» فهم يريدون آية غير القرآن تدل على رسالة محمد يليد وكانوا يقولون لولا أنزل عليه» كأنهم لا يعتدون بالقرآن أية معجزة» وقد تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا. وقد رد الله سبحانه كلامهم بقوله سبحانه: « وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا ِ يإذن الله 4 . إن ما كان من شأن الرسول أن يأتى بآية يثبت بها رسالته عن الله إلا بإذنه» فالآية من شأن من أرسله لا من شأنه» فالله هو الذى يرسل» وهو الذى يعطى لرسوله المعجزة التى تثبت أنه يتتحدث عن الله» ومثل المعجزة بالنسبة للرسول كمثل الأمارة التى تكون شاهدة بصدق الرسالة عن الله تعالى» فهو سبحانه وتعالى الذى يختارها. وقد انحتار القرآن دليلا على الرسالة» ولكل زمن المعجزة التى تناسبه؛ ولذا قال تعالى: ا لكل أجل كتاب 4 أى لكل زمن أمر قد كتبه الله تعالى فى قدرهء 1# تفسير سورة الرعد 9 اللللللتلالما الال اااالللللللال0ا0ا0ا0ال اللو ماللا لسر ا فكان لزمن موسى ما كتبه من معجزات» وكان لزمن عيسى معجزات كتبها سبحانه وقد كانت معجزة عيسى عليه السلام خرقا لنظام الأسباب والمسببات؛ لأن الزمان كان يناسبه معجزات خارقة لنظام الأسباب والمسببات» وكان عيسى ذاته فى وجوده معجزة خارقة لنظام الأسباب» فكذلك كان إبراؤه للأكمه والأبرص» وإحياؤه للموتى» وإخراج الموتى من قبورهمء فكان هذا مناسبا لأجلها وزمنهاء وكان كتاب الله تعالى بهاء والزمن الذى عاش فيه ورسالته الخالدة» كان يناسبهاء كتاب خالد يتحدى الأجيال جيلا بعد جيل» وهو أعظم من كل معجزات عيسى» وموسى وإبراهيم؛ لأن هذه المعجزات حوادث تنقضى» وتنتهى بزمانهاء ولا يراها إلا من شاهدهاء ولولا أن القرآن سجلها ما علم بها أحدء أما القرآن فمعجزته خالدة باقية تتحدى الناس جميعا جيلا بعد جيل؛ لأن شريعة محمد يدك خالدة» فكانت معجزتها خالدة باقية تدل على صدقها أمام كل الناس فى كل زمان. وإن كل زمان له معجزته كما ذكرناء فلا تكون آية صالحة لكل زمان» وإن الله تعالى يمحو كل معجزة إلا فى زمنها؛ ولذا قال تعالى: ( يَمْحو الهم يشام ويتْ وعندة أ الكتَاب 9© 4 . يمحو الله من الآيات ما يشاء محوه منهاء ويثبت ما شاء منهاء فإذا كانت العصا معجزة فى عصر موسى» وأقامت الدليل على رسالة موسى عليه السلام» فإن الله تعالى نسخهاء ولا تكون آية لإتيان رسالة محمد كَكيلْةٌ» ويثبت له آية أخرى» وهى القرآن الكريم» وإذا كان عيسى له آيات خرقت نظام الأسباب والمسبيات» فقد نسخها الله تعالى» وأثبت لمحمد معجزة أخرى تناسب رسالته» وتبقى ببقائهاء فيثبتها الله تعالى. هذا ما نراه تفسيرا للمحو والإثبات» ونرى أنه يمكن أن يكون التفسير الذى يتسق مع ما قبلها وما بعدها من الآيات» فالكلام فى الآيات التى يطلبونها إعنانًا وعتادا . وقد قال الزمخشرى عدة معان تحتملها الحملة السامية» وهذا نص ما قاله: (إنه يقول يمحو ما يشاء ويثبت» أى يأتى من الشرائع بما شاء» وينسخ منها ما لحي !الأ اللااااا الالالال ل اتللكك !ااا ااال االلالخانااكخاخلللكاا ااا االااااااااااك نا مااااااالاللتلمخللاااخ خالا تاللا ١ الك‎ 2 يشاء» وعنده أم الكتاب الأصل الذى لا يمحى» ولا يقبل المحوء وهو التوحيدء فشرائع النبيين ينسخ بعضها بعضاء ولكن الأصل قائم» وهو أم الكتاب» أى الشرع المكتوب المقرر فى كل الشرائع» وهو التوحيد» كما قال تعالى : « شرع لكم من لين ما وصئ به نوحا والّدي أوحينا ليك وما وصينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أقيموا الدين ولا تتعرَهُوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إِلَيَه اللا #05 [الشورى]. وإن هذا يتسق مع قوله تعالى: ل وعندة أُم الكتاب 4 . ولقد قال المخشرى فى هذا المعنى: 8 يمحو الله ما يشاء ويثبت 4 ما يستصوب نسخهء ويثبت بدله ما يرى المصلحة فى إثباته أو يتركه غير منسوخ» ويسوق أقوالا أخر. وإنا نرى أن هذين الوجهين كافيان فى البيان» ويمكن الجمع بينهما بأن يكون المحوء بإلغاء آيات مادية» والإثبات إثبات أخرىء» وأن تكون الشرائع السماوية التى جاءت بها الرسل» ينسخ بعضها بعضاء ولكن يبقى الأصل القائم وهو أم الكتاب» وهو التوحيد» والعدل» وإقامة الحق. والإصلاح فى الأرض وقد قال الفخر الرازى فى التفسير الكبير ما نصه: «العرب تسمى كل ما يجرى مجرى الأصل للشىء أما لهء ومنه أم الرأس للدماغ» وأم القرى لمكة» وكل مدينة فهى أم لما حولها من القرى فكذلك أم الكتاب هو الذى يكون أصلا لجميع الكتب». وإن ما نُريَئْكَ بَعْضَ الذي تَعَدَهُمٌ أَوْتََوَفْيَئَكَ فَإِنّمَا عَلَيِكَ الْبَلاغٌ وَعليْن الحساب 60 4 . إن الشرطية مدغمة فى تاء الدالة على توكيد التعليق». وليست زائدة» كما يعبر بعض النحويين» فليس فى القرآن زائد» وإنما الزائد فى إعرابهم» وفعل الشرط هو نرينك» أو نتوفينك» والمعنى إما أن نريك بعض الذى نعدهم من أهوال بها تفسير سورة الرعد للعو اا0ا0ااالا0ا0ا0اللللل للك ْ لسرب ا تنزل بهم فى حياتك» أو نتوفينك قبل أن ينزل بهم ما نعدهم به» كيفما كانت الحال» فإنه نازل بهم جزاؤهم فى الدنيا ما استقام أهل الإيمان على الطريقة» فإن حادوا عنهاء» حيد لهم. وقد تأكد الشرط بما الدالة على التوكيدهء وبنون التوكيد الشقيلة التى تلازم «مأ» غالباء وتوكيد الشرط توكيد للتعليق كله» أى أن الارتباط بين الشرط والجواب مؤكدء فإنه إذا لم تر بعض ما وعدهم الله به من عقاب بوفاتك قبله» أو تراه فإنه نازل بهم» وقد أديت ما وجب عليك من تبليغ وبقى أن ينفذ وعيد الله تعالى فيهم» ونعدهم أى الإنذار الذى أنذرهم الله تعالى به» فوعد بمعنى أوعد. وأحسب أن القرآن عبر عن الإيعاد بالوعد فى جملة ما جاء به من إنذار. وقوله تعالى: فَإِنما عليك الْبَلاعٌ وعلينا الحساب 4 ليس هو جواب الشرط» وإنما يدل عليه والجواب مثلاء أنزلنا بهم ما وعدناء وأريناك مصارعهم» وما عليك أى تبعة من أمورهم فَإنمَا عَلَيِك المَلاغ4, إما للقصرء أى ليس عليك إلا البلاغ» وقد بلغت» وعلينا الحساب» العقاب» وعبر عن العقاب بالحساب؛ لأنه جزاء لما فعلوا» ويفعلونء وهو ذاته حساب لهم على ما آذوا المؤمنين وهم مستمرون فى غلوائهم » وذلك كقوله تعالى : طفَذَكرَإِنْمَا أت مذكر 69 لست َلَيهم بمُسيْطر 0 إِلأَمَ تَولّئ وكقر وح فَيعَذبَهُ لله الْعَذَابِ الأكبرَ 69 إن ينا إيابهم 62 ثم إِنَ علَينا حسابهم 5 4 [الغاشية] وقد أشار سبحانه وتعالى إلى بعض ما ينزل بهم من وعده الذى أنذرهم به. أَولّم يروا أَنا تأتي الأرض تنقصها من أطرافها والله يَحَكُم لا مَعَقَبْ لحكمه وهو سرِيع الحساب 69 4. قال ابن عباس فى معنى ذلك النص الكريم: «أو لم يروا أنا نفتح لمحمد كلِهِ الأرض بعد الأرض ونقصان الأرض من أطرافهاء اقتطاعها جزءًا جزء) من سلطانهم» وذلك بحروبهم مع النبى يله وإن عذاب الله تعالى الذى ينزله فى الها تفسير سورة الرعد م اناا الااااالااالاالاالااالاالتااتالطتق لخ نللاااالاااا للاخ نا لط امخض طلقا طامطلا نطت كلل للاتاطناالط اط الل الاللانا للالاالتتللا ٠: هه‎ 1 - الكافرين جزاء كفرهم يكون بأحد أمرين, إما اجتثائهم من الأرض» وأخذهم من حيث لا يحتسبون بريح عاصف أو بخسف يجعل عالى ديارهم سافلهاء أو بطرق يحيط بهم فلا يبقى ولا يذرء وحيث لا يكون من أصلابهم من يعبد الله» وقد أوقع الله تعالى هذا بالذين بعث فيهم الأنبياء قبل النبى عله من نوح وهودء وصالح» وشعيب. والأمر الثانى: أن يكون ذلك بالمغالبة» يقاتلون» فيقتلونء. ويقتلونء» والعاقبة للمتقين» وإن ما نزل بمشركى مكةء واليهود كان من الثانى لا من الأول» لأن النبى يَكهٌ قال: «إنى لأرجو أن يكون من أصلابهم من يؤمن بالله واليوم الآخر). ويقول تعالى: 8 أَولَم يرا أَنَا تأتي الأرض تنقصها من أَطْرافهًا 4 الاستفهام إنكارى لإنكار الوقوع بمعنى النفى» ونفى النفى إثبات» فالاستفهام الإنكارى داخل على «لم» والمعنى التنبيه على ما هو واقع بهم. والواقع أنهم يرون أن الله أتى الأرض ينقصها من أطرافها عليهم» وإسناد الإتيان للأرض إلى الله تعالى للدلالة على أن الله تعالى مع جيش المسلمين الذى يأتى الأرض التى لهم النفوذء والسلطان فيهاء ويتلاقون مع سكانهم فى الشرك الذى يجمعهم وظ تنقصها» تأخذها جزءا فجزءا من دائرة الكفرء حتى تضيق حوزتهم» وتضيق الدائرة عليهم شيئًا فشيئًا حتى يحيط بهمء ويصلح الرسل من الأرض» وكذلك كان الأمرء فقد كانت الغزوات والسرايا تنزل بالمشركين» وقد ذهبت إلى ما حول مكة وأطراف الجزيرة داعية إلى الله تعالى مجاهدة» فكانت الأرض تنقص من نفوذهم من أطرافهاء بسببين: أولهما: وهو أن دعوة الإسلام تدخل إلى قلوبهم من يسرى إليهم ثلة من جنود المسلمين» وفى ذلك نقص من سلطانهم» وخروج من نفوذ مكة وأهلها. ثانيهما: أنه يقتل من المشركين عددء وإن لم يكن كثير» إلا أنه يبعدهم عن مكة وأهلها. تفسسير سورة الرعد سبي 0 لحر ا وإن إتيان الله للأرض إتيان لقوة الله قوة الحق والإيمان فهو سبحانه يأتى القلوب فتزمن» ويعمرها بالإيمان» وكل عمران بالإيمان» نقص للأرض من سلطان الكفار. وإذا دخل الإسلام أرضا كان هو الحكم وحدهء لا معقب لحكمه. أى لا يخرج منه ويجىء عقبه حكم غيره» فالإيمان الصادق إذا دخل النفوس لا يخرج منها لأنه يكون به سكونها واطمئنانها وقرارها. وقد قال الزمخشرىء» وهو ابن نجدتها « لا عقب لحكمه» لا راد لحكمه. والمعقب الذى يكر على الشىء فيبطله» وحقيقة الذى يعقبه بالرد والإبطال» ومنه قيل لصاحب الحق» معقب لأنه يعفى غريمه بالاقتضاء والطلب؛ لذا قال لبيد: «طلب المعقب حقه المظلوم»» والمعنى أنه حكم للإسلام بالغلبة والإقبال» وعلى الكفر بالإدبار والانتكاس. ومعنى قوله تعالى: واللّه يحكم 24 أى الله وحده يكون الحاكم للنفوس» وليست الأهواء المتحكمة» ولا قهر الأقوياء للضعفاء» إنما هو الرحمة والعدل» ولا ويكون للذين كانوا يسيطرون الحسابء. وإنه لقريب» وإنه لسريع ؛ ولذا قال تعالى: وهو سَرِيعٌ الحساب »#. أى أن الحساب آت لا ريب» وكل آت فهو سريع» لأنه مؤكد الوقوع» وعدد السنين والشهور لا قيمة له ما دام مؤكد الوقوع؛ وما يكون سريع الحساب يكون شديد؛ لأنه يفاجئ المنكرين من حيث لا يحتسبون؛ ولآن سرعة الحساب يكون لآأجل غرض العقاب» ولتحقيق معنى الجزاء» وذلك يكون على قدر ما ارتكب المسىء» والله عزيز ذو انتقام . ##ا تفسير سورة الرعد ل الل الول 00 حب نأة قال الله تعالى: عر 0و- محمل 2 ل 607 - ره و م 2 وقد محر لذن من 1 نه المحرجميصا وس س2 و هه ل ل > وا 5-5 كه لكب وس قدا رخ 1185 7 تك كد سم مدي > مع 1 0 لي ”ومح 1 جم كَهيَابق 0 فرق المكر العمل على صرف غيره عن مقصده بحيلة. وأنه يأخذ وصف الذم والحمد» من المقصد الذى قصد الصرف» فإن كان ذلك القصد مذموماء فالصرف عنه خير» ما لم يكن السبيل ذاته شراء وإن كان القصد محموداء فالصرف عنه يعود إلى المشركين» أى مكر الذين من قبلهم الذين ساروا هم على سننهم» وضلوا ضلالا بعيدا مثلهمء ولا شك أن من هذه حالهم مكرهم يكون لتحويل الناس عن إطاعة النبيين» وصرف النبيين لهم عن اتباعهم» وذلك بطرق التدبير السيئ المختلفة من اضطهاد وأذى وسخر بهم وقيل لهم أحياناء والشتم والذم فى أكثر الأحيان» فقد سخر قوم نوح منه ومن تبعه وقالوا ما اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى» وكذلك قوم هود وقوم صالحء. وآل مدين قوم شعيب وذكر هذا الخبر للمشركين لبيان أنهم لن يضيروا النبى كلد وأصحابه من شرهم؛ ولذا قال تعالى: قله المكر جميعا4, أى لله وحده التدبير الذى 8# تفسير سورة الرعد لاملل ااال للك 4-7 حر ا الأمر الأول: أن مكرهم لا اعتداد به» ولا ثمرة له فى تحقيق الغاية التى أرادوهاء وهو تحويل الناس عن عقائدهم إذا آمنوا بها. الأمر الشانى : أن القلوب بيد الله» وهو الذى يهديهاء وهو الذى يتركها تسير فى مهواة الضلالة» حتى تنهوى فيها. الأمر الثالث: أن الله مذهب كيدهمء وجعلها فى هباء» وناصر أهله. وإن الله تعالى تدبيره منتج مثمر لا محالة؛ لأنه يعلم ما تكسب كل نفس من خير أو شرء وتتحدث به النفوس» وما تكسبه الجوارح» وهو وحده مقلب القلوب. قلنا: إن ذكر مكر السابقين لبيان العبرة للمشركين الذين عاندوا النبى عل ومحاولتهم فتنة المؤمنين لتحويلهم عن دينهم الذين ارتضوه؛» وفيه إشارة إلى بطلان مكرهم» وإلى أن مكر الله فوقهمء وأنهم إذ يمكرون بالنبى ككل إنما يقاومون بمكرهم مكر الله وتدبيره للمؤمنين أوليائه؛ ولذا قال تعالى مهددا لهم: «( وسيعلم الكمّار لمن عقبى الدّار» الكفار (ال) فيها للعهدء أى كفار العرب من مشركين ويهود» ومن لف لفهمء والسين لتأكيد وقوع الخبر فى المستقبل» والعلم الذى سيعلمونه علم معاينة» لا علم خبر وإخبار» إن تتوالى عليهم الهزائم هزيمة بعد هزيمة حتى تصير الأرض العربية كلها تحت ظل الإسلام الظليل» ويخرج المشركون من رجس الوثنية» والفساد اليهودى المنحرف» وتكون الكلمة العليا لله ولرسوله» وللمؤمنين» ومن بقى على كفره يعلم علما آخر بعقبى الدار فى جهنم للكافرين» والجنة للمؤمنين. وقوله: «لمن عقبى الدذارٍ» لمَنْ جار ومجرورء وامعنى لمن تكون عقبى الدار» أى عاقبة هذه الحياة الدنيا التى تكون فيها هذه المغالبة بين الحق والباطل» والكفر والإيمان» وإن العقبى هى غلب الإيمان فى الدنياء والجنة لمن آمن فى الآخرة» والنار لمن عصىء والله سبحانه وتعالى أعلم. ها تفسير سورة الرعد تو !ا اااااااااااااااااالاااااااالاااما لانمل نات اتلكنا الا الالالال اللا الالااناا الالالال الل ااال ااال لللنالاا الاك ططخ خلا ااا للللالللاالتللا لسر أ ولقد اشتد المشركون فى الإنكار» ومالأهم على ذلك اليهود. وول دن كرو سنت مس كفي باله هيدا يني نكم و حدة علم الكتاب 469 . ذكر سبحانه بعض مكر المشركين وغيرهم التى يقصدون بها تحويل المؤمنين وفضتتهم عن ديتهم» فذكروا أتهم يقولون للبى كلد لست مسلا فهم يسلمون بأن لله رسالة» ولكن لست من أصحابهاء فالله لم يرسلك» وهم بهذا ينكرون رسالة محمد يلك وينكرون أن يكون له معجزة دالة على هذه الرسالة» ويريدون آيات أخرى غير القرآن» إذ لا يعدون القرآن آية» وما كان للنبى أن يأخذ كلامهم أخذ من يعتبره» وقد قام الدليل عليه بالتتحدى» وإدراك أهل الذكر منهم ما فيه من نسق» ووثيق نظم؛ ولذا أمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم: قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم 4 أى كفا الله شهيدا بينى وبيتكم؛ فهو الحق وشهادته الحق» وليست شهادته كلاما يردد» ولكن شهادته معجزة تفحم» وقد جاءت الخوارق تترى بشهادة الحق فى كل ما ترون من حياته» وما أحاط بهاء وما دبرتم وقد رد تدبيركم فى نحوركم» وقوله تعالى: « كفئ باللّه شهيدا بيني وبينكم 4 فيه تهديد لهم بما يكون لإنكارهم من عواقب وخيمة عليهم تنصر أهل الحق. ويصح أن تقول: شهيدا 4 معناه حاكم؛ لأن الشهادة تجىء بمعنى الحكم» كما فى قوله تعالى: ط ... وَشَّهد شاهد من أَهلهًا ... 46 [يوسف]ء والمعنى وكفى بالله حاكما بينى وبينكم» ويرشح لهذا المعنى عبارة بينى وبيتكم» فالحكم هو الذى يكون بين اثنين» وأما الشهادة فتكون لأحد الفريقين على الآخر. وقوله تعالى: ا ومن عنده علّم الكتاب 4 الكتاب إما أن يراد جنس الكتاب» ومن عنده علم الكتاب هو العالم بالكتب السماوية قبل تحريفهاء فإنها تشهد بنبوة محمد ولد وتحكم بأنه رسول» هذا التبشير بالنبى كَلهٌ فى التوراة والإنجيل» 9لا تفسير سورة الرعد مائللا كه * يي ولا يزال آثاره معها باقية إلى اليوم تعرف برموزها لمن عنده علم بالكتاب» هذا إذا كان المراد جنس الكتاب» ومن عنده علم يبكتاب أهل الفقه المخلصين من الكتاسين . وإذا أردنا الكتاب وكانت (ال) للعهدء يكون المراد هو القرآن الكريم» ومن عنده علم القرآن هو العليم بأساليب الكلام العربى يعرف شعره ورجزهء وإرساله ونثره» ويعرف ما فى الكلام» كما روى عن فصحاء العرب» فإن هؤلاء يشهدون بإعجازه كما يقول قائلهم: إن له لحلاوة» وإن عليه لطلاوة» وإن أعلاه لمثمرء وإن أسفله لمغدق» ما يقول هذا بشراء وإنه ليعلو» ولا يعلى عليه. هذا وإنى أرى الوجه الثانى » وكلاهما عميق فى معئاه . سورة إبراهيم مكية إلا الآبتين 2748 2759 وعدد آياتها اثنتان وخمسون آية» وسميت سورة إبراهيم لما فيها من قصص إبراهيم وولديه إسماعيل وإسحاق» وسكن إسماعيل وذريته بجوار بيت الله المحرم» ولكن لم يتخذ شخص إبراهيم ييكَاخِ محور السورة» كما كان الشأن فى سورة يوسف طيخ . اببندئت السورة الكريمة بالحروف المجردة وهى ار ثم ذكر الكتاب الكريم وأن الله أنزله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم» ويهديهم إلى صراط العزيز الحميد» وذكرت السورة ملك الله للسموات والأرض وما فيهماء وأن الويل للكافرين بآياته الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة» ويصدون عن سبيل الله تعالى ويبغونها معوجة» وأولئك فى ضلال مبين. ويذكر الله سبحانه أنه ما أرسل من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم» فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاءء وهو العزيز الحكيم. وبعد ذلك يشير الله سبحانه إلى طرف من قصة موسى وقومه» فيذكّر سبحانه على لسان موسى بنعمته عليهم إذ أخرجهم من آل فرعون يسومونهم سوء العذاب» ويبين سبحانه وتعالى أنهم إن شكروا زادهم نعما على نعم ويقول موسى لقومه 9 . .إن تَكُفروا أنشم ومن في الأَرْضٍ جميعا فَإنَ الله لغني حَميد 2 4 . ويشير سبحانه من بعد ذلك إلى أبناء قوم نوح وعاد والذين من قبلهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم؛ وعضوها هاا تفسير سورة إبراهيم ل ١‏ 0 7 ويحكى سبحانه وتعالى دعوة الرسل عامة) ومجاوية المشركين المتتشابهين عامة» قالت الهم رسلهم : 0 ..أفي الله شك فاطر السّموات والأرض يدعوكم ليغفر لَكُم من ذنوبكم ويؤحركم إلَئ أجل مسمئ . ٠‏ 6 © فيرد عليهم الكافرون وهو رد متحد عند الكافرين جميعا» قل انبعث عن جحود واحد فاتحد. . قالوا: ...إن أنتم إلا شر مَكْنَا ثريدون أن تَصدونا عم كان يعبد آبَاوَنا فَأنَونَا سلطا مبين 09 4 . وكان رد الرسل واحدا 8 ...إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن علئ من يَشَاء من عبّاده وما كَان لَنَا أن تَأتِيَكُم بِسلْطَان إلا يإذن اللّهِ على اللّهِ فليتَوكل المؤمنون 09 4. ولكن الله يمن على من يشاء من عباده» وما كان لئا أن تأتيكم إلا بإذن الله» وعلى الله فليتوكل المؤمنون» وقد قرروا أنهم لا يتوكلون إلا على الله»ء وليصبرن على أذى أقوامهم الجححود. « وقال الّذين كقروا لرسلهم لدخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحئ نيهم ربهم لنهلكن الظَالمين 05 ولنسكدئكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخَاف وعيد 02 4 . وإنه من بعد ذلك الخزى فى الحياة الدنيا يكون العذاب الشديد» .. .ويسقئ من مّاء صديد (5) يتجرعه ولا يكاد يسيغه ... 09 © . وقد مثل الله تعالى أعمال الذين كفروا فى الكفر بأن « ...أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا علئ شيء ذلك هو الضلال البعيد 029 > . ثم بين بعد ذلك خلق السموات والآرض « ... إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديد 09 وما ذلك على الله بعريز 62 4 وقد صور الله سبحانه وتعالى حالهم يوم القيامة» إذ تجادل الضعفاء والذين استكبروا وَبَرَرُوا لله جميعا فَقَالَ الضعقاء للّذين استكبروا إِنَا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنًا من عذاب الله من شيء ... 9 24 قال ##ا تفسير سورة إبراهيم ادي للفلل نا ٠ اكاك‎ ١ لي م واس سمس مُحيص 69 4 . ويدخل الشيطان فى المجادلة فيقول: ا .. .إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي قلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشر كتموني من قبل إن الظَالمينَ لهم عذاب ليم 9 4 . ذكر سبحانه وتعالى إدخال المؤمنين الجنة. وأدخل الّذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها يإذن ربُهم تحيتهم فيها سلام 69 4 . وقد ضرب سبحانه مثلا يفرق بين الإيمان والكفر بالفرق بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة» فالكلمة الطيبة #8 ... كشجرة طَيْبة أصلها ثابت وفرعها في السماء 69 4, والكلمة الخبيئة 8 ...كشجرة خبيثة اجتدّت من فوق الأرض ما لها من قَرار 65 يتبّت اللَّه الذي آمنوا بالّقَول النّابت فى الْحَياة الدنيا وفى الآخرة ويضل اللّه الظَالمِينَ ويفعل الله ما يشاء 69 » . وذكر سبحانه أن حال الكافرين حال عجيبة تثير الاستفهامء فقد 9 ...بدلوا نعمت الله كفرا وأحلُوا قومهم دار البوار (2 جهنم يصلونها وبئس القرار 69 )4 ؛ وذلك لأنهم جعلوا لله أندادا من الحجارة» وقد صاروا بذلك غير مدركين حقائق أمورهم» وجديرون بأن يقال لهم «[ .. .تمتعوا فإِنّ مصي ركم إلى النارٍ 60 24 وذكر فى مقابل ذلك المؤمنين الذين لم يبدوا نعمة الله كفراء ويقيمون الصلاة» وينفقون نما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال. 9 تفسير سورة إبراهيم لل اللا "ا 7 ولقد ذكر الله نعمه على خلقه» فهو 8االَّذي خَلق السّموات والأرض وأنزل من السّماء م َأخْرجَ به من القّمَرات رقا لَكُم وَسَخْر لَكُم الك لتجري في البحرٍ مره وَسخْرََكُمْ نهار 2 وَسَخْرَ كم الس وَالقَمرَ دين وَسَخْرَلَكُمْ الل وهار وَآناكُم من كُلَ ما مَأَقَمُوهُ وإن تَعْدُوا نعمت الله لا نْخْصُوها إِنَ الإنسان لَظَلوم كَقَارَ 62 4 . ولقد ذكر الله تعالى بعد ذلك خبرا صادقا عن إبراهيم أبى العرب» وكيف كان يدعو الله ولا يعبد الأصنام , وذ قال إبراهيم رب اجعل هذا لبد آمنا وأجنبني وبي أن تعد الأصنام 9©) ©© رب إِنَّهِنَّ لان كفيرا مَن النَّاس فَمَن تبعني فَإِنَّه مني ومن عصاني فإِنْك غَفُورَ رُحيم 69 > . وأخذ يدعو لذريته فى البلاد العربية بسعة الرزق فقال: ١ن‏ إن أكس من ري باذ فى زع علد بي اونا يقس الصّلاة فَاجْعَل أده مَّ النَّاس تَهُوي إِلَيهِم وارزقهم من الثّمرات لَعلّهُمٍ يشكرون 00 رينا نك نعم ما نُحفي وما نعَلن وما َحفَئ على الله من شيء في الأرض ولا في السماء 0229 اْحَمدُ له دي وهب لي على الكبَرٍ إسماعيل وإسْحَاق إن بي لّسميع الذعاء 9 رب اجعلني مقيم الصّلاة ومن ريني ربنا وتقبل دعاء 6 ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقَرم الحساب 69 4 . ذكر الله سبحانه وتعالى أدعية إبراهيم ليكون ذلك تذكيرا لذريته من العرب» ليتركوا الأوثان ويتجهوا إلى الضراعة إلى الله تعالى كضراعة جدهم أبى الآنبياء إبراهيم . ولقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك أن الله لا يخلف وعده رسله يوم القيامة» فقال عز من قائل: ولا تَحْسبَنَ الله غَافلاً عَم يعمَلَ الظَالمون إِنَّما يوَخَرهم يوم تَشْخَص فيه الأبصارٌ 60 مهَطعين مُقنعي رءوسهم لا يرد لهم طَرفهِم وأفئدتهم ١‏ 08# تفسير سورة إبراهيم مم الل ااا 1 لبه اأا 11 هراء 9 4 وقد أمر الله تعالى نبيه محمد يك أن ينذر قومه بيوم القيامة» وبا كان قد نزل يمن قبلهمء فقال تعالى: «وأنذر الئاس يوم يأتيهم العذاب فَيَقول الذي ظلَموا ينا أَخَرنا إلى أجل قَرِيب جب دعوتك ولد تشبع الرسل أو لم تكونوا أَقْسَمسَم من قبل ما َكُم من وال 0 وَسكسم في مساكن الذي موا هم وين لَكُمْ يف فَعَلنا هوم وضربنا لَكُم الأمقَال 62 وقد مكروا مكرهم وعند الله مكْرهم وإن كان مَكْرَهم لتَرُول منه الجبال 6 4 . ولقد حذر الله تعالى من نزول وعده» وذكر سبحانه أنه فى يوم القيامة يكون الجزاء» تجزى فيه كل نفس بما كسبت إن الله سريع الحساب. هذا بلاغ للئاس ماي جم ولينذروا به وليعلّموا أَنمَا هو إِلَهُ واحد وليَدَكْرأُوُوا الألبّاب 9© 4 . معانى السورة الكريمة سلج ور رم لطس | حسب نهلك ضيح هيلمت إِلَالنور بِإِدْنِردٍ هنإل رط لمر هيد ا 1 حُمَاف المَمَنوَت وما ق) 0 ضِوَوَتِلُ 2 سَدِيدٍ 32 لَص سانا ل 0 2 ٌّ١‏ و حهم مَك وَيَهَدِى من يسآدُوَهْوَالْمَرِيرُالحكيد َي تفسير سورة إبراهيم لللااالللالللوللللل لل ١١ ااا‎ ١ -- تكلمنا فى هذه 9 الر» وذكرنا أنها من المتشابه الذى اختص به علم الله تعالى» وأشرنا إلى بعض ما نحاول أن نتعرف به الحكمة فى وجوده» وما كان من الله ما يسوغ أن يوصف بأنه جاء لغير حكمة وإن خحفيت على العقول جلها أو كلها. وهذه الحروف إذا جاء بعدها ذكر الكتاب كانت مبتدأ والكتاب خبره» وهى هنا كذلك. فقوله تعالى: #اكر» مبتدأً خبره © كتّاب 4. ويكون الابتداء فيه إشارة واضحة إلى أن هذا الكتاب مكون من تلك الحروف التى يتكون منها كلامكمء ومع ذلك عجزتم عن أن تأتوا بمثله» فلا يدل هذا على أنه من عند أمثالكم من البشرء بل من عند خالق البشرء ويرشح لذلك كون الكتاب خبرا لهذه الحروف. و كتّاب 4 التدكير فيه للتعظيمء والمعنى كتاب عظيم الشأن لا يدرك كنهه. ولا تحيط به أفهام البشرهء إلا إذا كان ذلك بتوفيق من الله وما يعلم تأويله إلا الله وأضف إلى ذلك ما يقوى مكانته أو يحققهاء وهو أمران ذكرهما الله تعالى: الأمر الأول: أنه أضافه إلى الله تعالى على أنه نازل من لدنه فى سموه سبحانه» إلى منتهاه فى نزوله إلى النبى يكدَه وهذا هو قوله تعالى: 9 أتزلناة إليك 24 وبالإضافة إليه سبحانه بضمير الجمع؛ لأنه الضمير العائد إلى الله خالق الوجود كلهء عاقله وغير عاقله» إنسه وجنهء وهو الحكيم الخبير. الأمر الثانى الذى يكشف عن عظمة الكتاب: وهو شرف ذاتى فوق شرفه الإضافى بالنسبة إلى الله تعالى» وهو أنه يخرج الناس - إذا أدركوه ‏ من ظلمات الضلال إلى نور الهداية وذلك بتبليغ محمد يَكلكِ له وهذا هو قوله: 8 لتخرج النّاس من الظلّمَات إِلَى الثور بإذن ربّهم 4 فهذا النص السامى يدل على أن القرآن هاد ومرشد يخرج به النبى يَكِةٌ الناس من الضلال إلى الهدى بإذن الله ففى ذلك ثلاثة معان: أولها: أن الضلال كالظلمة» وثانيها: أن الهداية كالنور» وثالثها: أن الأمور كلها بتوفيق من الله» فمن سلك سبيل الهداية وصل إلى الغاية» ومن سلك طريق الضلال وصل إلى نهاية الضلال البعيد. 8# تفسير سورة إبراهيم , الل لسر ا وعلى ذلك ففى التعبير بالظلمات والنور استعارة» تشبيه الضلال بالظلمة؛ لآن السائر فيها كالسائر فى ظلام لا يعرف طريقه فيكون فى حيرة دائمة لا ينتهى فيها إلى حق واضح ولا إلى طريق لاجب» وشبهت الهداية بالنور؛ لأن من هداه الله تعالى يكون فى نور يعرف به طريقه الهادى المرشد إلى أقوم طريق وأهدى وقد عرف الله سبحانه وتعالى بالبيان إلى أن النور صراط الله العزيز الحميد. الصراط : الطريق المستقيم» وهو أقرب ظريق للوصول إلى الحق» وهو فى هذا الوصف العظيم مضاف إلى الله تعالى فيزداد شرقا وتكريماء وهو صراط العزيز الذى لا يقهر» وهو فوق كل شىء والغالب على كل أمر وحذه» ومن سلك طريق الحميد» فإن العاقبة فيه محمودة» فهو محمود فى ذاته ومحمود فى غايته ونهايته . ومن سلك غيره ذل» ولا يحمد العاقبة» والعاقبة هى السوءى. وقد ذكر سبحانه القلوب المظلمة» فقال عز من قائل: ظ الله الذي له ما في السّمُوات وما في الأرض وويل لَلْكَافرِينَ من عَدَاب شديد 0 » . صدر سبحانه الجملة التى فيها كمال سلطان الله تعالى فى الوجود بلفظ الجلالة» لتربية المهابة فى نفس القارئ؛ ولأن ذلك يتلاقى مع سلطان الله الكامل» وله ما في السّمّوات وما في الأَرْض »4 للدلالة على ملكيته لكل ما فى السموات» وتكرار ما في 4: لدلالة على كمال استغراق الملكية له سبحانه وتعالى» وهو على كل شىء قدير » مالك كل شىء» وذكر سبحانه ملكيته لما فى السماء والأرض وذلك يقتضى ملكيته لهما؛ لأن ملكية ما يشتملان عليه يقتضى - لا محالة - ملكيتهماء إذ ملكية المظروف تقتضى ملكية الظرف» وإن الملكية الكاملة لهذا وأنها وعبادها فى قبضته سبحانه العليم بكل شىء» وفى ذلك برهان قاطع أنها غير جديرة بالعبادة؛ ولذا قال سبحانه وتعالى بعد ذكر سلطان الله تعالى فى الوجود 1# تفسير سورة إبراهيم اس سسا ا نجلب | و كله وأنه لا سلطان لغيره ذكر بعض مقتضياته. وهو كفر من يعبد الأوثان» واستحقاقه للعذاب؛ ولذا قال تعالى: « وويل للكافرين من عذاب شديد 4 الويل: الهلاك» وقال الزْجناج: هى كلمة تقال للعذاب والهلاك «إمن عذاب شديدر» فى ذاته وفى هذا إنذار ووعيد» والمعنق هللاك لهم من عذاب شديد. وكأن المعنى كما يقول الزمخشرى : يولولون من عذاب شديد» ويصيحون قائلين يا ويلاه. وننبه هنا إلى أمرين: أولهما: أن ذكر الويل ينزل بالكافرين» هو فى مقابل الذين يسلكون صراط العزيز الحميدء من حيث إنهم يكونون فى عزة بعزته سبحانه وتعالى» وعاقبتهم محمودة بسلوكهم طريقه المحمود» أما الذين لا يسلكون الطريق ويخالفون مقتضى الملكية الثابته لله تعالى فى السموات والأرض ومن فيهن» فإنهم يكونون فى ويل من عذاب شديد. وثانيهما: الله مالك كل شىء, حتى لقد قرر الفقهاء أن ملكية الناس للأشياء ملكية نسبية وليست ملكية حقيقية؛ لأن المالك فى الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى. وقد بين سبحانه وتعالى صفات الكافرين الذين لهم الويل من عذاب شديد» لا يكتنه كنهه» ذكر سبدحانه أوصافهم الظاهرة» فقال تعالى : الّذين يسمَحبُونَ الْحَيَاة الدنيًا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد 0 4 . وصفهم سبحانه وتعالى فى هذه الآية بثلاث صفات» وخحتمها بجزائهم المستحق من هذه الصفات والمترتب عليها: الصفة الأولى: أنهم 8 يسَمَحبُونَ الحياة الانيا على الآخرة4. (استحب) السين والتاء للطلب» فمعنى استحب الحياة» أى طلب حب الحياة الدنياء» وهذا يستفاد منه أولا الرغبة الشديدة فى الحياة بمعنى اللجاجة فى طلبهاء ويستفاد منه هاا تفسير سورة إبراهيم , ال 01000 لسر أ ثانيا أنه يختارها على الحياة الدنيا» ويترك الآخرة تركاء كما يترك كل مهجورء ولقد قال فى ذلك الزمخشرى: الهم الذين يستحبون» والاستحباب: الإيثار والاختيار» وهو استفعال من المحبة؛ لآن المؤثر للشىء على غيره كأنه يطلب منه نفسه أن يكون أحب إليه وأفضل عنده من الآخرة». والصفة الثانية: أنهم لا يكتفون بإيثارهم الدنيا على الآخرة» بل يصدون عن سبيل الله» أى يقفون مترصدين السبيل يصدون عنها بمنع الناس منهاء وقرأ الحسن البصرى ا وَيصدُون 4 بضم الياء وكسر الصادء والمعنى أنهم أعرضوا عن سبيل الله وحملوا غيرهم على الإعراض عن سبيل الله تعالى» وذلك بالجمع بين القسراءتين» وصدهم عن سبيل الله بالدعوة إلى عدم الدخول» كما كان يذهب أبو لهب إلى حيث النبى يَلَِةٍ إلى القبائل يكذب النبى يله ويدعوهم إلى الإعراض أو عدم الاستماع» وأشد الصد عن سبيل الله إيذاء المتبعين لسبيل الله وتعذيبهم ليحملوهم على الردة عن دينهم» وسبيل الله هو صراط العزيز الحميدء وهو طريق الحق والهداية وتوحيد الله تعالى. والصفة الثالثة: أنهم يبغونها عوجاء أى يطلبونها راغبين ملحفين أن تكون معوجة غير مستقيمة» بل يطلبونها ناكبة عن الطريق غير سالكة سوء السبيل» يبغونها زيفا ويطلبون الاعوجاج كما كانوا يريدون محمدا كه أن يكون عن سب آلهتهم ويدعونه إلى اتباع آبائهم» وكأنه جاء ليردد ما عندهمء» لا ليهديهم ويرشدهم إلى الطريق الأقوم. ولقد بين سبحانه بعد ذلك الوصف الجامع لهمء ولذى سيطر عليهم فقال: «( أولتك في ضلال بعيد » الإشارة إليهم محمَّلِين بهذه الأوصاف التى استحبوا بها الحياة الدنيا وصارت خلب أكبادهم وآثروها على الحياة الآخرة» ورضوا بالدنية عن الحياة العزيزة الكريمة فى الآخرة» وصدوا عن سبيل الله وبغوا الحق معوجا غير مستقيم 8 أولتك في ضلال بعيد » . ا تفسير سورة إبراهييم 5 اللمللللللااالللا ااا ١ لك‎ يي" الضلال ضد الهداية» وضلال الطريق أن يسير فى متاهة يتيه فيهاء وكلما أوغل فى المتاهة ازداد ضلالة وبعد عن الغاية والنجاة من المتاهة» فهؤلاء بحبهم للدنيا دون الآخرة» وصدهم عن سبيل الله وإرادتهم الزيغ دون الحق أمعنوا فى متاهة الباطل» فبعدوا بضلالهم» وغابوا عن الحق وسواء السبيل . والبعد إما أن يكون وصفا للضلال» ويكون معنى ذلك أنهم أوغلوا فى الضلال إيغالا حتى بعدوا عن الطريق السوى الموصل إلى الغاية المنشودة والذى هو طريق السلامة. وإما أن نقول إنه وصف للضال نفسهء وذكر السياق وصفا للضلال من قبيل المجاز المرسل الذى يجعل المصدر هو الموصوفء والحقيقة أن الوصف هو للضال» 0 بين القرآن الكريم حقيقة ثابتة فى الرسالات الإلهية» وهى أن يكون اسوك بس قب قل ل فإ وما أَرسَلنَا من رَسُول إلا بلسّان قومه لين لهم فيضل الله من يشَاء ويهدي من يشاء وهو الْعَزِيرَ الحكيم © 4 . « من # هنا لاستغراق النفى ثم الإثبات» أى ما أرسلنا أى رسول إلا بلسان قومه ليبين لهمء وهذا النص الكريم يفيد أنه سبحانه لا يرسل رسولا إلا بلسان قومه الذين بعث من بينهم» وأن البيان الأول يكون لهم ثم ينبعث نور الدعوة من ورائهم. وكذلك كان النبيون» فعيسى كثيكَخْ بعث بلسان قومه وكانت دعوته بلسان قومه وهو العبرية» وعمت دعوته ابتداء بلسان قومه, والأناجيل التى حكت مواعظه فى الجبل والسفح كانت بلغة قومه ابتداء» فإذا كانت قد ظهرت بغير لغته ولغة قومهء. بل بلغة أعدائهم فإن السند يكون حيئئذ منقطعا بين الرسالة ومن أرسل فيهم» بل بينهم» وبين الرسول ذاته» ولذا كان تحريف القول عن موضعه. وموسى من قبل عيسى - عليهما السلام - بعث أيضا بلغة قومه وهم بنو إسرائيل ابتداء» ثم كانت لغة فرعون عندما خاطبه هو هارون. 1# تفسير سورة إبراهيم 2 4 لالل لاا الئل لسرب ات وكذلك محمد ككِْةّه قد بعث بلغة قومه الذين كانت دعوته الأولى بينهم وانبعث نورها منهم ولكنها كانت عامة» كما قال تعالى عن نبيه: «قل يا أَيهًا النّاس إِنّي رسول الله إِلَيِكُم جميعا ...029 > [الأعراف]: وكما قال تعالى: # وما أَرَسلْنَاكَ إلا كَافَة للدّاس بَشيرا ونذيرا ... 42 [سبا]ء وكما قال كَل « بعت للأحمر والأسود)(2©. وكونه بلسان قومه لا يفيد أنه كان للعرب خاصة» فذلك لا قصته الآيات القرآنية الصريحة والأحاديث النبوية الشريفة والوقائع التاريخية الصادقة» فإن دعوته دخل فيها صهيب الرومى» وبلال الحبشى» ثم سلمان الفارسى» وذكر عد أن هؤلاء يصورون أجناسهم فى الدعوة المحمدية» ولم يلبث النبى كَل بعد أن عمّت دعوته الجزيرة العربية أن بعث إلى هرقل ملك الروم» وإلى كسرى ملك الفرس»ء وإلى المقوقس عظيم القبط» يدعوهم إلى الإسلام» وهكذا. إذن فالدعوة كانت للناس قاطبة» ولكنها ككل دعوة حق تبتدئ فى أضيق دائرة» ثم تتسع شينًا فشيئًا حتى تصير نورا ساطعا يعم الأكوان» فابتدآت الدعوة فى أسرة الرسول وأصدقائه ثم دعيت عشيرته؛ كما قال تعالى: 9 وأنذر عشيرتك الأَفْرَبينَ 58 4 [الشعراء]» ثم كان الصدع بالدعوة والجهر بها «فاصدع بما تمر وأعرض عن المشركين 69 4 [الحجر]ء ثم كانت فى القبائل العربية» ثم تجاوزت ربوع الصحراء العربية إلى أرض كسرى وقيصر وسارت إلى الحبشة بعد أن عمّت ربوع اليمن. وقوله تعالى فى مقابل إرسال الرسول عن قومه: 8 لين لهم فيضل الله من يشَاء ويَهُدي من يشاء 4 . ذكر سبحانه أن البيان الأول يكون لقومهء ثم يكون بعد ذلك لغيرهم. .)7605( من حديث ابن عباس». أخرجه أحمد» ومن مسنئد بنى هاشم - بداية مسند عبد الله بن عباس‎ )١( ا تفسير سورة إبراهيم لل لاا للللاا0ا0الا للك 4 ١ 1 الاك‎ 6 والآن ونحن نرى الاختلاط الفكرى بين البشرية» حتى إن الأمر ليقع فى أرض فيذيع خبره» بعد أقل من ساعة فى كل أنحاء الأرض» لا نعجب فى أن يكون بعث الرسول بلغة ويعم علمه بعد ساعة من نهار أو ليل كل بقاع الأرض» ولكن العجب فى أن يكون فى الماضى البعث بلغة والدعوة عامة» هذا ما أثاره وبينه الزمخشرى» وهذا ما قاله ستنقله بطوله: «فإن قلت لم يبعث رسول الله كَل إلى العرب وحدهمء وإنما بعث إلى الناس كافة « قل يا أَيهَا النّاس إِنّي رسول الله إِلِيَكُم جميعا ... 658 # [الأعراف]» بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة» فإن لم يكن للعرب -حجة فلغيرهم حجة. وإن لم تكن لغيرهم حجة» فلو نزل بالعجمية لم يكن للعرب حجة أيضاء قلت: لا يخلو إما أن ينزل بجميع الألسنة أو بواحد منهاء فلا حاجة لنزوله بجميع الألسنة؛ لأن الترجمة تنوب عن ذلك وتكفى التطويل» فبقى أن ينزل بلسان واحدء فكان أولى الألسنة لسان قوم الرسول؛ لأنهم أقرب إليه» فإذا فهموا عنه وتبينوه وتنوقل عنهم وانتشر» قامت التراجم ببيانه وتفهيمه» كما نرى الحال ونشاهد من نيابة التراجم فى كل أمة من أمم العجمء مع ما فى ذلك من اتفاق أهل البلاد المتباعدة» والأقطار المتنازحة والآمم المختلفة والآجيال المتفاوتة على كتاب واحد» واجتهادهم فى تعلم لفظه وتعلم معانيه» وما يتشعب من ذلك جلائل الفوائد وما يتكاثر فى إتعاب النفوس وكذا القرائح فيه من القرب والطاعات المفضية إلى جزيل الثواب؛ ولأنه أبعد من التحريف» وأسلم من التنازع والاختلاف....2302. وننتهى من كلام الزمخشرى إلى أمرين: أولهما: أن نزول القرآن والدعوة المحمدية كانت باللغة العربية؛ لأنها كانت لغة النبى كَل فكانت أقرب إليه؛ ولأن القرآن المعجز إذا كان باللغة عانى غيرهم من حفظ لفظه وتفهم معانيه» وفى ذلك ثواب أولاء وصون للقرآن عن التغيير والتبديل فيه ثانيا. .3755 /7 الكشاف:‎ )١( 8# تفسير سورة إبراهيم اللللللللا0ا0الللل0ااالللل للللل الل لللتلللنا لسرب أ ويشير إلى أنه لو نزل بكل اللغات. وكان معجزا فيها جميعا لكان الإيمان بالإلجاء لا بالاختيار وله فى ذلك نظرة. وإنه يجب أن نلاحظ أمرين: أولهما: ما قاله الشافعى كَدِقْتَةْ أنه يجب أن يعرف كل مسلم قدرا من اللغة العربية ب به دينه . وثانيهما: أن جعل القرآن باللغة العربية» ومحاولة الأعاجم أن يحفظوه يقرب بين اللغات» وحيث قربت اللغات قربت العلاقات الإنسانية. وكان ذلك قائمًا يوم كانت الوحدة العريبة قائمة» وكانت اللغة العربية جامعة لهم وفيها دونت ثقافاتهم وكانت وعاء للعلم الإسلامى» فلما اننبعثت اللغات الإقليمية من مراقدها ذهبت الوحدة وتفرقت الكلمة. ونعود إلى الكلام فى معنى الآية الكريمة « لبي لَهُم فيضل الله من يشَاء ويهدي من يشَاء 4 أى أنه يترتب على البيان أن يسير بعض الناس فى طريق الضلالة» إذ يكذبون» ولا يصدقون. ويهدى الله تعالى من يسير فى طريق الهداية» فيأخذ بيده إلى غايتها . وهنا يسأل سائل لاذا قُدّمت الضلالة على الهداية؟ ونقول فى الجواب عن ذلك إن الآيات سبقت لبيان إنذار الضالين» فهم موضع الإنذار؛ ولأن الشيطان قريب من نفوس البشر؛ ولأن الأهواء تجعل حكم الضلال هو الأغلب. وقد خحتم الله تعالى الآية بقوله تعالى: 8 وهو الْعَزِيرَ الحكيم 4 لبيان أن الكفار مهما يكن سلطانهم وقوتهم وحسبانهم أنهم لن يغلبواء ويذهب بهم غرورهم إلى زعم أنهم العالون» فالله تعالى هو واهب العزة» وهو العزيز الذى يذلهم» ويجعل لأهل الإيمان الكلمة العلياء وفو الحكيم الذى يدبر الأمور بحكمته» وبعلمه الذى وسع كل شىء؛ فهو يمهل الكافرين ويملى لهم» كما قال عز من قائل: ‏ وأُملي لهم إِنّ كيدي متين 52) 4 [القلم] يملى لهم ثم يأخذهم أخذ ا تفسير سورة إبراهيم 9 لللللللل الل من نبأ موسى عَلْصَلاٍ قال تعالى حا ب ور م لس ا عرسم هه م 2 03 ولقدار سانا موس يثايديّنا ان أخيح ده م 2 وس صن غير كه شياو آ فومك- الظلملتإ ل النور ودذحكرهم بايّسم ماج 72 آم ين ابن - 1 و جم أله اركف ذلك لأينت لكل صكار َك 0 | سه 0 25 ا يد قال مان ك2 2 كرواً يعمد أله 16 00 اي نالور وس وشوش سو ألمب يدور أبن تيوت يناكس اذ لحك بلامن ربكم عطي () وَإدْتَدَ مإ كسكرث رد نك ركيد سكليه عدا سيد 2 0 إن ككفروا أن ومن ف الَْرضٍ جِيصَاكَارك هلجد ريا ألو 206 ظ من ةللحتم مم وكا وكموة اليس با تدهم يلهلا أن َسَدُجَاَتَهُحَ وله بِأَلَْيَسَتِ 2 رم 2 ع سير مور ذه 007 فردوا يرهم ف أفوكههم وَقَالواً| إن فرَيَايما بِمَآأَرْسِاْتُم ته ا تفسير سورة إبراهيم وواللا ااال : جح فى الآية السابقة ذكر سبحانه وتعالى أنه لا يرسل رسولا إلا بلغة قومه ليخرجهم من الظلمات إلى النور» ويبسين لهم فيضل من يضل» ويهتدى من يهتدى» وفى هذه الآية وما يليها من آيات يبين الله أخبار نبى من أولى العزم بعث فى قومه» وغيرهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور» ويذكرهم بأيام الله تعالى من وقائع من نزلت بمن سبقهم من الآمم» وما نزل بهم هم من نعم» وهو موسى كا وقد أخرج الله على يدى موسى بنى إسرائل قومه من فرعون وظهرت آياته فيهم» ومع ذلك ضلوا من بعده» وفى حياته. قال تعالى: « وَلَقد أَرسلْنا مُوسئ بآياتنًا أن أخرج قَوْمَك من الظَلمَات إِلَى الثور أكد الله تعالى إرسال موسى إلى قومه ب(اللام) وب(قد)» وقومه أهم بنو إسرائيل وحدهم أم قوم موسى كل من أرسل إليهم؟ ظاهر القول بادئ الأمر أنهم بنو إسرائيل؛ لأنهم قومه وجنسه أو قبيله» ولكن موسى لم يرسل لبنى إسرائيل وحدهمء إنما أرسل إلى سكان مصر وفيهم فرعونء وقد قال تعالى فى رسالة موسى وأخيه هارون: اذهب إلى فرعو إِنَّهُ طقَى 60 فقولا له ولا ينا لعل يعذكر أو يَخْشَى 60 قَالا ربا نا نَحَاف أن يفرط عَلَيْنَا أو أن يَطْفَىْ (2> قَال لا تَحَافًا ني مَعَكُما أُسمع وَآرَئ 63 4 [طه] . وهذه تدل على أنه بعث لمصر كلهاء لا لبنى إسرائيل وحدهمء وإن كانت فضائل الرسالة عادت على بنى إسرائيل بالنعمة والإنقاذ ابتداء» والهداية للجميع كانت المقصد فى نهاية الرسالة وغايتها وقال تعالى: « وَذَكْرَهم بأيّام الله 4 . وردت أخبار من السلف بأن أيام الله الوقائع التى انتصر الله فيها لكلمة الحق والإيمان» كما نزل بقوم نوح» وقوم هودء وقوم صالح» وقوم لوط» وآل مدين؛ وذلك لأن كلمة (أيام) تطلق فى التاريخ العربى على الحروب التى كانت لها دوى فى العرب كحرب «ذى قار؛ الذى انتصر فيها العرب على فارس» وكحرب «الفجَار)» وكحرب «عبس وذبيان»» وكحرب «البسوس»» إلى غير ذلك من الأيام الشداد. ا تفسير سورة إبراهيم 0 الملل الل 1 ههه ٠ عليهم تسع آيات هى : الطوفان والحراد والقمل» والضفادع والدم والعصاء ويذده إذ ويمثل عبارات بعض المفسرين إلى أن الأيام التى طلب الله تعالى من موسى فى ذلك: وعظهم الله تعالى بما سلف من الأيام الماضية لهمء أى بما كانوا فى أيام الله تعالى من النعمة والمحنة» وقد كانوا عبيدا مستذلين. وهكذا نرى أن ابن جرير يخص الأيام بأيام الله تعالى فى بنى إسرائيل محنة ونعمة. والحق أن أيام الله تعالى تعم أيام الشداتد» وأيام النعم» وتعم بنى إسرائيل ومن سبقهم من الآمم كقوم نوح إلى آخره» وقد ذكر اللّه سبحانه وتعالى تلك الأيام ببعض التفصيل بذكر النعم والنقم معًا. وهذا بحث نحوى أشار إليه المفسرون اللغويون» وهو يتعلق بقوله تعالى: أن أخرج قومك من الظَلمات إِلَى النور» فيقول: أرسل الله موسى مؤيد بالآيات التسع التى أشرنا إليها قائلا له: 8« أن أخرج قومك من الظلمات إِلَى النور». أى من الضلال الذى هو كالظلمات اللمتكائفة إلى الحق الذى كالنور الواضح البين» ويصح أن نقول: إن #أن » تفسيرية» أى إن ما بعدها تفسير لمعنى الرسالة» وجور الزمخشرى أن «إأن» مصدرية ولا مانع من دخولها على الأمر؛ لأنه فعل» ويكون المعنى: أرسلنا موسى إلى قومه بإخراجهم من الظلمات إلى النور. وقد بينا أن قومه تعم كل من بعث إليهم»ء وهم بنو إسرائيل» وأهل مصرء وقد كانت دعوته ‏ عليه السلام ‏ فيهم . ا تفسير سورة إبراهيم 4 000 لبجل به ى وقد قال تعالى: إن في ذلك لآيات لكل صبَّارٍ شكُورٍ4. ٠‏ ذلك 4 الإشارة إلى إخراجهم من الظلمات إلى النور والآيات الدالة على رسالته» والأيام باشتمالها على النعم التى جاءت إليهم وأفاضها عليهم» والشدائد التى نزلت بغيرهم ) لآيات 4 أى لأمارات هادية مرشدة « لكل صبَارٍ شكور» , وجاء ذكر الصبر بصيغة المبالغة» وذكر الشكر بصيغة المبالغة أيضاء للدلالة على أن من يعرف هذه الآيات ويدركها هو الذى صار الصبر بتمرسه له صفة كالجحبلة فيه»؛ وصار شكر النعمة والقيام بحقها كذلكء وقالوا: إن المراد الصبر على البلاء» والشكر على النعماء» وى أل ا صير كنا يكوة فى القمة يكزي ايا فى ا والصبر بالنعمة ألا تدفعه إلى الغرورء والأشر والبطر» كما قال تعالى: #.. تبلوكم بالشّرَ وَالْخيْرٍ فتنة ... #69 [الأنبياء]ء والنقمة أيضا تحتاج إلى ع | إذ تذكر بما أنعم وأكرم فى حال البلاء والاختيار» فيكون الشكر على ما أسلف على رجاء الإنقاذ ما أوقع» ثم يكون الشكر على الماضى والحاضر. ولقد أشار سبحانه وتعالى إلى بعض ما أنعم» فقال تعالى: ل وإِذْ قَالَ مومئ لقومه اذْكَرُوا نعمة الله عليكم إِذ أنجاكم م من آل فرعون يَسُومُوتَكمْ سوء الْعَذَاب ويُدَبحون يناكم ويَسمَحيُونَ نسَاءَكُم وفي ذَلكُم يَلاء مَن ربَكُم #إذ» ظرف زمان للماضىء والخطاب لمحمد يُكِةِ يذكر بنعم الله تعالى على المظلومين» وأنه سبحانه ينقذهم من أذى طاغية الدنيا فى عصرهء وهو فرعونء وإن هذا إيذان بأنه ينقذ النبى ومن معه من المشركين» وجاعلا لهم السلطان عليهم» وقوم موسى هنا متعين أن يكون لبنى إسرائيل» وإن كان قوله: « أن أخْرج قَومك من الظلَمَات إِلَى الور لا يخصهمء بل يشملهم و يقول لهم رسول الله الذى أنقذهم على يديه: اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ أبماكم من آل فرعون 24 أى أصحاب فرعون ونصرائه ومعاونيه على الشرء ونرى ا تفسير سورة إبراهيم 0 للالإماا الل ااا كالبلل لحب د أن فرعون فى أكثر الآيات اللمثبتة لظلمه القاسى الغاشم لا يذكر فرعون وحدهء إنما يذكر ملؤه أو آله أو غير ذلك مما يدل على المؤازرين لهء وهذا ينبئ بمعنى أن سنة الله تعالى فى خلقه أن الطغاة لا يطغون بذات أنفسهم» ولكن بمؤازرة من الأشياع والأتباع» ولو كانوا مرشدين ما كان منهم ذلك الظلم الغاشم فهم آثمون معهم. وقد كانت النجاة أو الإنجاء من أقسى المظالم الإنسانية» بشاعة وقسوة» كما حاول من ساروا على دأبه - أسكنهم اللّه معه فى السعيرء فهم وهو على سواءء وظإذ» بدل من الأولى؛ وقد بين الله تعالى ما أنجى منه فقال: يسوموتكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم 4 . يسوموتكم سوء الْعَذَاب 4, أى يذيقونكم أشد العذاب سوءا من استرقاق» أماكن السلطان وجعلكم أرذالا تابعين » ولم يجعل منكم سادة متبوعين» حتى أنقذكم الله من هذا فجعلكم سادة أنفسكم » وعبر عن ذلك سبحانه وتعالى بقوله: ... وجعلكم ملوكا... 469 [المائدة]» أى مسيطرين على أنفسكم ولستم خاضعين لغير الله تعالىء وقال سبحانه وتعالى مع هذا الإذلال والاسترقاق ل« يدبَحون أبناءكم ويَسَتَحَيونَ نساءكم 4 في سورتىٍ البقرة 0 يسوموتكم سوء الْعَدَاب يقتَلُون أبناءكم ويستحيون نساءكم .. 059 © [الأعراف] من غير (واو)» فكان هذا تفسيرا لسومهم العذاب» وهو بيان بأفصح أحواله» وهنا جمع بين الاسترقاق والذل والتكليف بالمشاق والأهوال» وبين ذبح الأبناء واستحياء النساء . وعبّر عن قتل الأبناء هنا بالذبح للإشارة إلى أنهم فعلوا ذلك» وهم آمنون سالمون غير ثائرين ولا ناقمين» فهم فى غير اندفاعة ثورة» ولكن فى أمن ودعةء يأتون إلى الطفل من حجر أمه أو بين لداته ويذبحونه ذبحاء وحسبك أن تعلم أن أم موسى رضيت - بإلهام من أللّه - أن تلقيه فى اليم مع رجاء الله تعالى» عن أن تراه يذبح بين يديها. ا تفسير سورة إبراهيم 1م ١١11‏ للتاتك لا االلذا!] أ !ااال للتط ا للاازاااااالاااا ل اااااالاااااااا ماللا لالض كامسلا لحب اه وقوله تعالى : :و ويستحيون نساءكم © أى يطلبون حياة نسائهم وبقاءهن » ظلم فاحش لا يعرفه إلا فرعون وأمثاله» كما رأينا واحدا منهم فى هذا الزمان. 8 / ََ 7 و م غلة الى َس 25 اه ٠.‏ قال تعالى : # وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم #, الإشارة إلى الإنجاء» ويصح أن تكون الإشارة إلى سوم العذاب» وعلى الأول يكون البلاء هو بلاء بنعمة الإنجاء. كما أشرنا إلى قوله تعالى: 8 ... ونبلوكم بالشر والخير فعة ... 69 # [الأنبياء]» فالنعمة تحتاج إلى صبر واختبار» وإذا كانت الإشارة إلى سوم العذاب وتذبيح الأطفال واستحياء النساء يكون اختبارا من الله عظيماء ونسب البلاء إلى الله تعالى» وهو الرب الخالق» للإشارة إلى أن تمكين فرعون من ذلك كان اختبارا من الله تعالى حتى يمتحنوا بالنقمة» وتصقل نفوسهم بها. وإنى أرى أن الأول أوضح» والله تعالى أعلم. (وإذ تأذْنَ ربكم لثن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذَابي لَشديد 0 4 . < تَذْن »4 بمعنى آذن وأعلمء ولفظ ل تأَذّنَ»ُ يدل على المبالغة فى الإعلام» وتكرره آنا بعد آن» وشكر النعمة أداؤها فيما خلقت له» فشكر نعمة الأذن ألا يذعن إلا للحق ولا يفكر إلا فى الوصول إلى الحق والإيمان بالتوحيد» والإنسان نعمة لها شكرهاء فإن شكر زادها الله تعالى. وكفر النعمة ألا يتتخذها فى طاعة» فكفر ذى المال بإنفاقه فى غير حله» ولقد قال تعالى: 8 لئن شكرتم لأزيدنكم © هذا شرط مؤكد بالقسمء والجواب 9 لأزيدنُكم 4 جواب القسم ودل على جواب الشرط» واللام موطئة للقسم» وكان الجواب مؤكدا بنون التوكيد الثقيلة» وكذلك فى قوله: 9 ولئن كفرتم تفسير سورة إبراهيم 1 سس اا ا ل 1 لج رز 7 إن عذابي نَشديد » هذا لأن الشكر جواب القسمء وهو دليل على الجواب» وليس نصا فيه لأن الجواب بمدلول الله ولكن إن كفرتم لأعذبتكم» إن عذابى لشديدء والمعنى إن شكرتم أجرتم لا محالة» وزادكم الله نعمة, وإن كفرتم منعتم وعوقبتم» وإن الله تعالى شديد شدة بالغة الغاية. وإن هذا يدل على أن الطاعة تعود عائدتها على من قام بها؛ لأن شكر المنعم» وشكر النعمة يزيدهاء وإن كفر النعمة معه عذاب أليم» والله غنى عن العباد؛ ولذا قال تعالى: «( وقال موسئ إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا قن الله عي حَمِيد (2) 4 . صرح الله سبحانه بأن ذلك القول من موسى لقومه؛» ولم يصرح بأن قوله فإ وإذ تأذْن ربكم لتن شكرتم # فاحتمل أن يكون الكلام منسوبا لموسى» أو هو من كلام الله رأساء والأذان هو ١‏ لتن شكرتم لأَزِيدنكُم ...4 إلى آخر الآية» وسواء أكان الكلام منسوبا لموسى» آم إلى اللهء فالإيذان بالزيادة فى الشكر والعذاب فى الكفر من الله» أما الكلام فى هذه الآية فمنسوب لموسى قال لقومه من بنى إسرائيل» أو هم وغيرهم. وفى هذا النص إن تكفروا أنتم ومن في الْأَرْض جميعا # فيه بيان أن الشكر والكفر مغبتهما تعود على الناس والثقلين جميعاء ولا تعود على الله تعالى فى شىء؛ ولهذا قال: فَإِنَ الله لني حَمِيد» وهذا ينبئن عن جواب الشرطء والمعنى إن يكفر الناس والثقلان فإن الله لا يضيره شىء» ولا ينقص من ملكه. إن الله لغنى حميد» أى لا يحتاج إلى عباده وهو حميد» أى محمود من الملائكة» ولقد قال البيضاوى فى تفسير كلمة «إحميد»: «مستحق للحمد فى ذاته» محمود تحمده الملائكة وتنطق بنعمه كل المخلوقات» فما ضررتم بالكفر إلا أنفسكم حيث حرمتموها مزيد الإنعام وعرضتموها للعذاب الشديد)""' . ."578 /" تفسير البيضاوى:‎ )١( ا تفسير سورة إبراهييم 2 لل الالال ١ 232 روى مسلم عن أبى ذر الغفارى عن رسول الله وَلكةٌ فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك فى ملكى شيئّاء يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيئًاء يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر)(١'‏ . (ااكر أ ل من فلكم قم نو وا وو ونين م ممه لاس الله جاءتهم رسلهُم اينات فَرَدُوا يديهم في أفُواههم وقَانُوا إِنَا كرا بما أرسلتم به نالفي كرما اعون يه مريب 469 . الاستفهام هذا للإنكار بمعنى نفى الوقوع فهو للنفى جاء على صورة الاستفهام تأكيدا للنفى كأنهم سئلوا فأجابوا بالنفى» وهو داخل على النفى» فنفى النفى إثبات» فمعنى 9 ألم يكم تا أأذين من قَبلكُم قوم نوح... 4 إلخ» قد جاءكم نبأ الذين من قبلكم قوم. . . والنبأ الخبر الخطير الشأن. وقد قال ابن جرير: (إن هذا الكلام على لسان موسى لقومه بنى إسرائيل وأهل مصر)ء ولكن رد ذلك القول ابن كثير فى تفسيره» ونحن معه؛ لأنه لا دليل على نسبته إلى موسى طيَتَلهِ؛ ولأن فائدته فى جعله عاما أوفى من حيث المعنى ؛ ولأن روح الآية تجعل الخطاب لمن يتلو القرآن من مشركى العرب وغيرهم. و«النبأ» الخبر الخطير الشأن» وقد كان خبر قوم نوح خطير الشأن» وكذلك عاد وثمود؛ لآنها أخبار بهلاك أمم وجماعات بسبب خروجهم عن أمر ربهم. 220 روآاه مسلم: البر والصلة والآداب- تحريم الظلم(451/4). من حديث أبى ذر رضى الله عنه) كما رواه الترمذى» وأحمد» وابن ماجه» والدارمى» وقد سبق تخريجه. ا تفسير سورة إبراهيم اللللالاالاال للا ١‏ يلجل به يي والمعنى فى الجملة: قد أتاكم الخبر الخطير الشأن قوم نوح إلى آخره» ٍ اين من يدهم لا يمهُمَ ِهلل ومن هم الذين من بعد هؤلاء» ولا يعلم مآلهم إلا الله تعالى. أحسب أن المراد بهم أمة محمد كَكْلٌ الذين كفروا برسالته» ويعاندون فيهاء ويؤذون المؤمنين» ويسفهون قول الرسول كَكةِ ويصرون على عبادة الأوثان. ويكون قوله تعالى: ودين من يدهملا يََسهُمْ هلله تهديد لهم: وحمل لهم على المقايسة بينهم وبين غيرهمء فإذا كان نبا الغابرين هلاكهم» فليقيسوا حالهم على حال أولئك الغابرين وقد حكى سبحانه ما كان بين الرسل السابقين وأقوامهم» فقال عز من قائل :‏ جاءتهم رسلهم بالْبينات 4. أى بالأدلة المبينة الهادية المرشدة التى لا يدخلها امتسراء فلم يجيسبوا. وعبر الله سبحانه وتعالى عن امتناعهم عن الإيمان بقوله تعالى : «(فردوا أيديهم في أفواههم وقَالُو إن حمَرنَا بمَا أرسلتم به وإ في شلك سما تدعوننا إِليه مريب 4 كانت حالهم تجيب بأن ردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا. . وقد تكلم الزمخشرى فى قوله تعالى: فَرِدوا أَيديهم في أَفُواههم 4 فذكر عدة احتمالات مجازية لمعنى هذا التعبير القرآنى الكريم ولم يعين واحداء فقال: «فردوا أيديهم في أفواههم» يعضوها غيظا وضجرا مما جاء به الرسل» كقوله تعالى: ط ... عضوا عَلَيكم الأتَامل من الْغيظ ... 659 4 [آل عمران]» أو ضحكا واستهزاء؛ كمن غلب عليه الضحك فوضع يده على فيه» أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم من قولهم: طإِنَا كفنا بما أرسلتم به 4 وهذا قول قوى» أو وضعوها على أفواههم يقولون للأنبياء أطبقوا أفواهكم وأسكتواء أو ردوها فى أفواه الأنبياء يشيرون لهم إلى السكوت يسكتونهم ولا يذرونهم يتكلمون» وقيل: الأيدى جمع يدء وهى النعمة بمعنى الأيادى أى ردوا نعم الأنبياء التى هى أجل النعم من مواعظهم ونصائحهم وما أوحى إليهم من الشرائع والآيات فى أفواههم ؛ لأنهم إذا 1# تفسير سسورة إبراهيم «4 لم1 ااال ااا اناالا ممما امالغ تاملعم ممم مالالا نالع مخ ممالل معمخممخمطغطللللا كذبوهاء ولم يقبلوها فكأنهم ردوها فى أفواههم ورجعوها إلى حيث جاءت منه على طريق المثل»(2" . هذه احتمالات مختلفة لم يعين واحدا منها للدلالة فى الآية الكريمة» وإن كان وصف القول الثالث بأنه قوى» وإنا نرى أن وضع اليد فى الفم يكون عندما يلقى إلى الشخص خبر مستغرب» فالتعبير الكريم كناية عن استغرابهم الخبر» وإن كان لنا أن نختار من احتمالات الزمخشرى» فهو قوله عضوا أناملهم من الغيظ. ولكنا مع ذلك نرى أنه كناية عن استغرابهم . عرض لهم استغراب قول رسلهم أولاً» ثم انتهى الاستغراب بالإنكار» والكفر 8 وَقَانُوا إِنَا كفنا بما أَرَسلَتم به انتهى استغرابهم بالإنكار بكونهم رسلاء فالكفر بالرسالة أما موضوعها وهو ما يدعونهم إليه من توحيد وشرائع» فقد قالوا فيه: 8 وإنًا لفي شك مما تدعوتنًا ليه مُرِيبٍ 4 ومريب معناه موقع فى الريب» من أرابه أو أوجد عنده قلقاء أى أنهم يرتابون فى دعوى التوحيد» وأنها تجعلهم فى قلق بالنسبة لآلهتهم التى ورثوا عبادتها عن آبائهم» فدعوة التوحيد تخرجهم من الاطمئنان إلى الباطل إلى الشك والريب» فدعهم فى ريبهم يترددون. قال تعالى : قَاَتَ ُسْلْه أ أل سَكمَا لسوت الاو ضٍيدعُوم عفر لاحك ين ذو يك وَيوجَركُة لح أجل مُسَعَىفَالْوإِن ماعنلا روت أن دوا ثي ماع .758 الكشاف: ؟7/‎ )١( ا تفسيرسورة إبراهيم الللللا0اال للك آي سه ع سرس م عل صل بو + 7 ابي عَمَامرَبَيَعَيُدُ َابَآؤْنافَأْنونَا لطن مُبِيت (و 1ح رم عروى | مر واس لس وويءر 000 الت لهم رسلهم نحن( لاسترينل تم لله لع جل سه سا سه صو د مه را رو سس 0 عع يمن عل من ينا من عبادو-وماكارت نا أن بكم ص 3 2. 0 سلس ِل اسك لالنؤمثوم 0 ل ًٍّ ف 50 مان انوج ْلَه وَفَدْ هَدَسَا سملن م سير 20 تر 2 مه سه عر 2200 وجورم ع8 م كرك عل مَآءَا نولأ برك ترون 97 جاء النور على المشركين كالضوء الساطع على من يكون فى ظلام دامس» فلا تقوى عينه على النظر وتضطرب وترتاب» فقالوا: 9 إنا لفي شك مما تدعوننا ليه مريب 4 فهذه حيرة من يكون فى ظلمة حالكة فيلاقى ضوءً) شديدا . وقد كانت مجاوبة بين الرسل وأقوامهم» وهذه المجاوبة صورة واضحة متحدة فى كل الخلاف بين الشرك والإيمان أو بين الرسالة الإلهية ومن يتكرونهاء ولم تكن هذه المجاوبة بين رسول بعينه» وقوم بأعيانهم»ء بل هى صورة عامة جامعة متحدة» وإليك المجاوية : «قَالَت رسلهم أفي الله شك فاطر السّموات والأرض »4 الاستفهام إنكارى توبيخى لإنكار الواقع»ء فقد وقع الشك منهم كما تدل الآية السابقة» وهو حيرة أهل الظلام إذا رأوا النور تحيروا بين باطل ألفوهء وحق جاء إليهم هاديا فارتابوا. وقدم الجار والمجرور في الله شك » لأهمية الشك فى الله أو لغرابة أن يكون ثمة شك فى الله تعالى» وهو الذى فطر السموات والأرض» أنشأهما إنشاء» وفطرهما فطراء أيكون فى وجوده شك» وقد قامت الأدلة وتوافرت البراهين من الوجود بكل أطرافه. (#/( تفسير سورة إبراهيم ) للخم اللا ١ ا‎ بي هذا عجب عجاب من الشك فى الله سبحانه وتعالى» وهناك عجب من الشك فيما يدعو إليه الرسل» إنهم يدعون إلى أمر نافع فى ذاته لاا يسوغ للعاقل أن يتشكك فيه أو يرتاب» وقال تعالى: «( يدعوكم ليغفر لكم من ذنويكم 4 وهنا أسندت الدعوة إلى الله تعالى لتربية المهابة فى نفوسهم» ولتكون النسبة إليه بيانا . لوجوده» ورقابته لهم ولأعمالهم وإشعارا لهم بالهيمنة عليهم» وقوله تعالى: 9 ليغفر لكم من ذنوبكم 4 من # هنا إما أن تكون بيانية» ويكون المعنى (ليغفر لكم ذنوبكم) وتكون للدلالة على استغراق الغفران لكل الذنوبٍ إذا آمنواء فإن الإسلام يجب ما قبله كقوله تعالى: طقل للَدِين كَمَروا إن يسهوا يغفر لهم ما قَد سلّف... 629 4 [الأنفال]» وإما أن تكون للتبعيضء أى (ليغفر لكم بعض ذنوبكم)» وهو ما يتعلق بالشرك ونحوه» أما ما يتعلق بالمظالم فإنه لا يغفر إلا أن يعفوا أصحابه . وعندى أن تخرد يج القول الكريم على أنها بيانية أولى بالأخذ أولاء لأن جب الإسلام لما قبله عام غير خاص بذنب دون ذنب» وإذا كان الشرك قد غفر فما دونه أولى. وثانياء لأنه كان من المشركين من قتلوا وسفكوا فغفر الله لهم ذلك» وحسبك أن الله غفر لوحشى قاتل حمزة» وثالثا: لآن النبى كيه صرح بأن كل دم فى الجاهلية موضوع» وبأن ربا الجاهلية موضوع"١)‏ وقد ذكر سبحانه أنه يؤخرهم إلى أجل مسمىء» وبعده يكون البعث» وفى هذا إنذار لهم إن استمروا فى ضلالهم يعمهون. هذا كلام الرسل» فبماذا أجابوا؟ . أجاب المشركون بتصوير القرآن ذاكرا الإجابة التى اتحدوا فيها على اختلاف قرونهم ليبين للنبى يَلكِةِ ألا يضيق صدرا بما يجادل به مشركو مكة» فهو حال )١(‏ صرح به فى خطبة الوداع» وهى خطبة طويلة» أخرجها مسلم: الحج - حمجة النبى يَليْةٌ (110) من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه. ا تفسير سورة إبراهيم 0 ااال لوللا ههه < بي الشرك فى كل العصور فى إنكارهم رسالات الله» 9 قَالوا إن أنتم إلا بشر معنا ريدو أن نصدونا عمًا كا يعبد اونا . إن » هنا نافية وهى مع الإثبات بعدها بالاستناد تفيد القصرء أى أنتم معشر الرسل مقصورون على البشرية» لا يصح أن تتعدوها إلى ادعاء أن الله يخاطبكم من عليائه وأنكم رسله إليناء كما قال مشركو مكة : ... ما لهذا الرّسول يأكل الطَعَام ويَمْشي في الأسواق ... 0 4 [الفرقان]ء وجاء على لسان المشركين قولهم: ظمُثنَا4. أى أنكم تمائلوننا فى البشرية ونحن لسنا أنبياء» فلستم بأنبياء مثلناء وإنكم تحاولون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا من أوثان» وكأنهم بهذا يستندون إلى حجة واهية من حججهم الداحضة» وهى أنهم يتبعون آباءهم» وذلك كاف لاستمرارهم فى غيهم. وقرنوا قولهم هذا بأن الرسل لم يقدموا حجة, فأنكروا ما جاء إليهم من معجزات دالة على رسالاتهم تعنتا ولجاجة فى الخصومة» وقالوا: # فأتونا بسلطانٍ مين 4 أى بدليل واضح بين يلاثمناء والسلطان هنا الحجة» وكثيرا ما عبر القرآن الكريم عنها بالحجة؛ لأنها تجعل للخصم سلطانا على خصمه يلزمه بالقبول والخضوع لا يقول. تنبيهان: أولهما: أن الله تعالى جمع أقوال الرسل فى قول واحد» وهم كانوا فى أجيال مختلفة» وجمع أقوال المشركين فى قول واحد؛ لأنهم جميعا على قول واحدء وكأنه نابت من منابت الشرك المتحدة» فيكون إنتاجها واحداء ولبيان أن الرسل أجيبوا جميعا بمثل ما أجيب فليتأسً وليصبرء فإن الله لا يضيع أجر الصابرين انيهما: أننا خرّجنا قوله: طاليَغْفر لَكم من ذْنُوبكُم 4 رجحنا أن طمن » بيانية وسقنا ما نحسبه دليلا على الترجيح» ومن الحق علينا أن نذكر رأيا مخالفا لرأينا وهو رأى إمام البلاغة الزمخشرى» فهو يرجح أن فإ من # تبعيضية» ولننقل ##ا تفسير سورة إبراهيم 2 ال للك 1 5 لك عبارته الدالة على ذلك فهو يقول: «فإن قلت ما معنى التبعيض فى قوله تعالى: «إمَن ذنوبكم » ما علمته جاء هكذا إلا فى خطاب الكافرين كقوله تعالى: « ... واتّقوه وأطيعون (©) يغفر لكم مَن ذنوبكم ... )»4 [نوح]ء 9 يا قومنا أجيبوا داعي اللَّهِ وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ... 67 4 [الأحقاف]ء وقال فى خطاب المؤمنين : فيا يها الدين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم 09 : تون باللّه ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكُم إن كشم تعلمون 09 يغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَيُدَحلَكُمَ جنات تَجري من تَحتها الأنهار ومساكن طيبَة في جَئَات عدن ذلك الْفَوَزْ الْعَظيم )»> [الصف]ء وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء . وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين» ولئلا يسوى بين الفريقين فى الميعاد» وقيل: أريد يغفر لهم ما بينهم وبين الله بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم" . هذا ما وجب ذكره من كلام الزمخشرى ليعلم القارئ الموضوع من وجوه النظر» وما كنا لنهمل رأى إمام البيان الزمخشرى» وقد يسأل سائل لما ذكرت فإمن» فى جانب المشركين إذا آمنواء ونقول: لكثرة ذنوبهم فكان التعسبير فيه إشارة إلى أن الغفران لكلها مع كثرته. إجابة الرسل على اعتراض المشركين: ل قَالَت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر متلَكُم ولكن الله يمن على من يشاء من عبّاده وما كان لا أن تنكم بِسلطَان إلا يإذن الله وَعَلَى الله فليتوكل المؤمنون 09 4 . اعترض المشركون بأنهم بشر مثلهمء وبأنهم لم يأتوا بسلطان يثبت الرسالة ولقد سلموا لهم الأمر الأول مؤكدين تسليمهم» قالوا: إن نحن إلا بشر مثلكم 4 أكدوه بأن قصروا أنفسهم على البشرية لا يعدونهاء ولكن المشركين بنوا على المثلية بطلان دعواهم فلم يسلموا لهم ذلك» أى أنهم سلموا لهم بالمقدمة ولم يسلموا )١(‏ ذكره الزمخشرى فى الكشاف: ج559/7. ا تفسير سورة إبراهيم للك 22270 لهم بالنتيجة؛ لأنه لا تلازم بين التمائل بينهم وبين غييرهم فى البشرية ومنع الرسالة؛ ولذا قال: ف ولكن الله يمن علئ من يشاء من عباده 4 فالاستدراك ا 00 ه ما من الله تعالى على اين اختارصم من صخو ة عباده سبحانه وتعالى: « .. الله أعلم حيث يجعل رسا .. 039 4 [الأنعام]ء وقد قالوا: نه من الله تواضعاء وتبرثة الأنفسهم من يدوا أن لي تفلا حلي لاس إياما اه اله تال بو من الرسكة ل وفضلاء وما كان ذلك إلا لحكمة قدرهاء أو كان فيهم بإرادة الله فهو أوجد فيهم من المزايا ما يجعلهم أكثر من البشرية المطلقة التى يتصف بها العاصى والطائع» والرسول ومن أرسل إليهم. أما كلامهم الثانى ذ فى أمر المعجزة فقّد طلبوا نعتا ولحاجة معجزة اختاروهاء وأعلنوا أن لن يؤمنوا إلا إذا جاءتهم هذه الآية» كما فعلوا مع النبى يد وقد ردوا زعمهم هذا بقولهم: وما كان لنا أن نيكم سلطان إل بذ اله : أى بام ل ول ار ا يعي به غير ما جا به إلا اا ل تعالى: قير القع علينا من بين عباده بالنبوةء وهو الذى اختار لنا الآية الدالة على رسالتنا كشأن كل رسالة من غائب لحاضرء أن الغائب هو الذى يختار الإشارة الدالة على أنه مبعوث من قبله» وقد اختار ذلك السلطان. فلا مناص لنا منه إلا أن يمن علينا بسلطان غير ما أعطاناء وإذا كنتم مستمرين على معارضتكم» ومقاومتكمء» وإعناتكم ٠ 0‏ فنحن قد بلغنا وفى سبيل البلاغ لا حامى لنا إلا الله تعالى؛ ولذا قالوا: .. على الله تم توكلنا . .. #9 [الأعراف]ء أى إذا كنتم تعتمدون فى ع وإعناتك على قوة لكم تحسبونهاء فنحن متوكلون على الله يحمينا من إيذائكم» وقدم الحار والمجرو ر ا ... على الله توكلنا .63 © ؛ لبيان أنهم لا يعتمدون إلا عليه» وأنه فوق كل الأقوياء» وأمروا المؤمنين الذين يؤذيهم المشركون ويسخرون منهم بآن يتوكلوا على الله ويصبروا فإنه لا محالة ينجيهم من إيذائهم وستكون كلمة الله هى العلياء وهو العزيز» ولذا قال تعالى: وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون #4 وقدم الجار والمجرور للدلالة على أنه لا يعتمد إلا عليه سبحانه» 32 8# تفسير سورة إبراهييم و لل لل > أ و(الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء والمعنى إذا كنا معشر الرسل قد توكلنا على الله وحده فليتوكل المؤمنون على الله وحده. ويتضمن ذلك طلبين: أحد الصبر على أذى المشركين» والثانى: الاعتماد على الله وحده» وأنه سبحانه وتعالى ناصر الرسل ومن اتبعوهم غير خاذلهم ولا ممكن لمشرك منهم وبعد ذلك بين سبحانه على لسان رسله المسوغ لتوكلهم عليه وحده فجاء على لسانهم قوله تعالى : وما نا أل نوكل على الله وقد هدانا سبلا ولتصبرن علئ ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون 09 4 . «وما لنا 4 الاستفهام هنا لتقرير التوكل وتثبيته» أى ما ساغ لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلناء أى سبيل الحياة الصالحة التى جعلتنا نؤمن بأن الحياة الدنيا طريق الآخرة» وأن الحياة الآخرة هى الحياة اللحقيقية الباقية» أما الأولى: فهى الفانية» وقوله: «( وقد هدانا سبلنًا 4 جملة حالية تفيد أولا أنهم آمنوا بهداية الله فعرفوا سبيل الحق وسبيل الباطل . وأما الثانية: أنهم عرفوا بطلان عبادة الأوثان. وأفاد ثالثا: أنه لا قوة فى الوجود إلا قوته» وأضيفت السبل إليهم ظ سبلنا 4 للإشارة إلى أن هذه السبل هى التى ينبغى أن تكون مطلبهم وأن تكون غايتهم التى يبتغونها. وأنهم إذا عرفوا السبيل صراط الله واتخذوها سبيلا لهم فإنهم المعتمدون على الله الصابرون؛ ولذا قال تعالى عنهم: ولتصبركٌ على ما آذيتمونا 4 اللام لام القسم ؛ ولذا كانت معها نون التوكيد الثقيلة التى تلازم القسم على ما آذيتمونًا 4. على ما تقدمونه من إيذاء متوال مستمرء فإن على أهل الحق أن يصبروا على أذى المبطلين . ١‏ ولقد أكد الرسل والمؤمنون اعتزامهم على الصبر حتى يبلغوا رسالات ربهم. وإنهم أمام هؤلاء الأقوياء المتعنتين لابد من اعتماد على القوى القادر القهار؛ ولذا قال تعالى عنهم: « وَعَلَى الله فليموَكلِ المتوكلون4. أى عليه وحده فليتوكل المتوكلون» كان الأمر الآول بالتوكل للمؤمنين فقطء أما هنا فهو يشمل المؤمنين 1# تفسير سورة إبراهيم للم االللللللا0ا40الالللللاللللاللااااللل ااال للا م جل به يي والرسل » وهو تحديد للشوكل الذى يجب أن يكون حال المؤمن لا يفارقه؛ لآنه التوكل على اللّه مع أتخاذ الأسباب عبادة . محاولة الإخراج بعد أن كلّت بهم الحجة ضاق صدرهمء» فانتقلوا من الجدل الباطل إلى الإخراج من أرضهم. 70 عَهوأ 1 2 2 2 يو 4 0 00 هو د م يش مه يه م 5 6 2000 َلك لِمَنْحَافَمَقَاى وحَافٌ وَعِيدٍ 09 لا يلجأ أحد إلى القوة إلا إذا كل به الدليل» وأحس بأن ما يسوقه من قول يحسبه حجة انهيار أمام قوة الحق؛ ولأن أتباع الرسل دائما يكونون قلة وأكثرهم ضعفاء يستهين بهم المشركون؛ الأقهم أعز نفراء وأشد بأساء وأكثر تعنتا؛ ولذا قال الله تعالى: #8 وقال الذين كَفَروا لرسلهم لنخرجتئكم من أرضنا أو لََعودن في ملَّتنا 4 انحصر كلامهم فى أن الرسل والمؤمنين يكونون بين أحد أمرين: الإخراج من أرضهم؛ أو أن يعودوا فى ملتهم فى عبادة الأوثان» وهنا أمران مهمان لابد من الإشارة إليهما . أولهما: القسمء فمهما هددوا به الرسل» وقد أقسموا 9 لَنخرجتكم من أرضنا 4 والقسم ذل عليه باللام الموطئة للقسم ونون التوكيد الثقيلة» وهى بالنسبة لهم أوضح؛ لأنهم يملكون أعمالهم وأنفسهم فكيف يكون القسم بالنسبة للرسل» كأنهم يقسمون على الرسل والمعنى أنهم أخذوا قاسمين على أمرين لا بد من تحقق أحدهماء وهو لنخ رجنكم أو لتعودون» ونحن نقسم عليكم بذلك. ال 0 7 24 الثانى : أن التعبير ب © لتعودن © يوحى إلى أنهم كانوا فى ملتهم» وخرجوا منها وطلبوا أن يعودوا إليهاء والرسل لم يكونوا فى ملتهم أبداء فما كان الرسل ليشركوا باللّه ويعبدوا الأوثان» والخواب عن ذلك من وجوه أولها: أن عاد بمعنى صار» وهى كثيرة الاستعمال فى اللسان العربى كذلك» وثانيها: أن ذلك ينطبق على آتباع الرسل» وثالثها أن حال الرسل قبل الرسالة تكون صستا عن الشرك لا يعتشلونه ولا يقومون بالدعوة صده» فيحسبهم الجاهلون من أهل الشرك أنهم جديد عليهم» فطالبوا بأن يعودوا إلى ما كانوا عليه لا يزعجونهم بدعوة إلى الوحدانية ولا برسالة» ولا ذكر رسول. وفى هذا الوقت الذى بلغ فيه العند أشده والكفر أطغاه ثبت الله قلوب رسله فَأرَحَئ إِليِهِم ربعم لمَْكنَ الظالمين» أرحى الله إلى رسله قائلا لهم: «لنهْكَنَ الظالمين © أو كان مدلول الوحى لنهلكن الظالمين © : اللام لام القسم» والنون نون التوكيد الثقيلة» وهى توكيد للقسم ف فضل توكيد» وأظهر سبحانه فى موضع الإضمارء فلم يقل لنهلكنهم؛ بل « لنهلكن الظّالمين 4 لبيان سبب الهلاك: وهو الظلم» وقد ظلم هؤلاء إذ لم يؤمنوا وأشركوا ‏ ... إن الشرك لظلم عظيم 09 4: [لقماناء» وظلموا فتعنتوأ وطلبوا آيات آخرى وقد جاءتهم البينات» وظلموا بإيذاء المؤمنين وظلموا أشد الظلم فهموا بإخراج الرسول ومن معهء وحاولوا فتنة المؤمنين ليكفروا بعد إيمان» ولم يتركوا بابا من أبواب الظلم إلا دخلوه إ ... وما الله يريد ظَلما للعبَاد 69 4 [غافر]. وكان من وحى الله تعالى أنه بعد هلاك الظالمين يسكن الله الرسل ومنل معهم مكانهم ولدسكتتكم الأرض من بعدهم © والأرض هى أرض الدعوة التى هدد المشركون أن يخرجوهم منهاء ولكن أخذهم الله أخذ عم عزيز مقتدر قبل أن ار يتمكنوا ؛ ولذلاك قال الله تعالى : © وأورك نا القوم الذين كَانوا يستضعفون مشارق 1# تفسير سورة إبراشييم يت 4 002 الأرض ومَغَارِبهَا ... #679 [الأعراف]؛ وكما قال تعالى: 8 وأورتكم أرضهم وديارهم ... 6 4 [الأحزاب]. وإن ذلك نصر الله تعالى فقد قال عز من قائل: 8 وَلَقَد سبقت كَلمَنَا لعبادنا المرسلين 690 إِنْهُمِ لَهُمِ المبصورود 09 وَإِنّ جندنا لهم الفالبِرت © »# [الصافات]» وقال تعالى: 8 ... وَالْعَاقبَةُ للقن 75 » [القصص]» وقال تعالى ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد 4, فإ مقامي © مصدر ميمىء المقام بمعنى قيامء ومعنى قيام الله» ومعنى الخوف من مقام الله تعالى» أو قيامه على تدبير شئونه - رقابة كل أمور الإنسان بأنه لا يعمل عملا إلا والله تعالى يحاسبه عليه صغيرا أو كبيرا فيعبد الله كأنه يرى الله فإن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه» وإن هذه مرئية الإحسان فى الشعور بالله تعالى» كما ورد عن الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه #وخاف وعيد 2 أى خاف وعيد الله بالعذاب الشديد فهو يغلب الخنوف على الرجاء؛ لآأنه يستصغر حسناته ويستكثر سيكاته» وإنه ورد فى الأثر: «من آذى جاره ورثه الله داره» . المآل هو العذاب والخيية قال تعالى: رم لم سل عر م واستفتحوا ام ومك<د م هُمَابَحكُل جَسَارِعنِيد: 0 نويد هوسق 00 آ رآ ته 00 له 24 سير عل مس10 سيغة 0 0 120 204 وَيَأَتيِهِأ الْمَوَتُمِنْحك ل مَكَانٍ وَمَاهْو 1 بِمِيّبٌ ومين عار سرمي ل ملاسم >7 2 - 00 0 عد ورايهء عَذَابُعَليظ 2 200101 وير دربهم لله 9 ا تفسير سورة إبراهييم الملل ااال اللا كاوه < ني أ 2 ا ل الل 07 7 عمتلهركرم عَملهمك ماد أسْتَدَتَيه اريم فى د َوْوِعَاص فقَلَابِددرُونَ مِنَاصك سبو عل سنو لل صل لْاَعِيدٌ 2 تاكاه َحَكَالسَمَوتٍ وَالْارص بِلفْقَإنِيَقَأ ٌّ ريأ تِعَلْقجَدِيرٍ ينا وَمَادَِكَ عل أ بعربز : 0 (تطتطرم طلبوا الفتح والنصرء والضمير يعود إلى الرسل» أى أن الرسل بعد أن اطمأنوا إلى وعد الله تعالى لهم بأنه مهلك الظالمين بسبب ظلمهم تقدموا لمنازلة المشركين» واستفتحوا كما كان يستفتح النبى يلك فى كل غزوة يغزوهاء والفتح هو النصرء أى يطلبون النصر من الله تعالى» ويصح أن يكون طلب الحق بأن يفصل بين الحق والباطل» كما قال الله تعالى: 9 ... ربنا افتح بيننا وبين وما بالْحق وأنت خَيرَ القاتحين 59) 4 [الأعراف]. ويقول الزمخشرى: إنه يكون مشتقا من الفتح بمعنى الحكم . وقوله تعالى: ‏ وَحَاب كل جبّار عند 4 بيان لنتيجة المعركة التى استفتح لها الرسل» والواو للعطف على فعل محذوف» تقديره» وفتح الله تعالى للرسل بأن نصرهم أو حكم لهم وخاب كل جبار عنيد» والكلية هنا معناها أن المتكبرين على الحق الجبابرة الذين يعتدون ويلجون فى الباطل» ولا يصغون إلى حق من أى مكان» مآلهم الخيبة» والخسران المبين؛ وذلك لأن الجبار يستعلى فيظلم» ولا نصر لظالم» والعنيد يركب رأسهء فلا ينصت لداع يدعو إلى التأمل وتعرف عواقب الأمورء فلا يرى إلا ما يكون بين يديه من أمور ظاهرة لا يتعرف ما وراءها» ويقول دائما مقالة فرعون: 3( .. . ما أَرِيكُم إِلأَ ما أرئ وما أَهَديكُم إلا سَبيل الرشَادِ 69 4 [غافر]. ولقد قال بعض السلف: إن الضمير فى قوله تعالى: 8 وَاستَفتَحوا © يعود إلى الظالمين» أى الظالمين مع ظلمهم وطغيانهم يطلبون النصرء وذلك منهم إمعان فى الضلال الفكرى؛ إذ حسبوا ما عندهم خيرا يجيز لهم أن يستفتحوا من أجله. ا تفسير سورة إبراهيم 0 ل للفلل لإ ااا اللا > ا الفلالة» وفتح الله للمؤمنين وخاب الكافرون» وعبر عنهم بكل جبار عنيد للإشارة إلى سبب الخيبة» وهو الاستعلاء بالباطل واللجاجة فيه » ويقول تعالى فيما يستقبل كل جبار عنيد من عذاب أليم: الضمير فى امن ورائه 4 يعود إلى كل جبار عنيد» أى أنه فى الدنيا خيبة» وعجز مع استعلاء وتجبر وعناد» وبعدل ذلك فى الآخرة جهنم »# يدخلهاء ويسقئ من ماء# هو صديد من قروح جلود أهل النار» ووراء تجىء بمعنى بعد كما تقول عذاب وراء عذاب ولوم وراء لوم» كما قال النابغة الذبيانى . حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب أى بعد اللّه» وكما قال الشاعر: عسى الكرب الذى أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب كما تقول: جاءوا صفوفا صفا وراء صف . وقوله تعالى: #8 ويسقئ من ماء صديد » الواو عاطفة على فعل محذوف» تقديره من وراكه جهنم يبقى فيهاء ويسقى من ماء صديد» وهو الماء الناتج من القروح التى تجىء من حرق جلودهم. وكلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرهاأ حتى يذوقوا العذاب» وكأنه يستقبلهم من وراء عنتهم ولاجتهم عذابان: أحدهما: الإبقاء فى جهنم وهو ذاته عذاب» إذ يكون لهيبهاء والعذاب الثانى: أنهم لا يرتوون إلا بماء شربه ذاته عذابه أليم» وهو الصديد» وقد وصفا سبحانه وتعالى شربه فقال: « يتجرعه ولا يككاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مَكَانِ وما هو بميّت ومن ورائه عذاب غَليظٌ 09 4 . ا تفسير سورة إبراهيم 0ك لل يطلبون الماء فيجابون» ولكن سقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم» وإن يستغيثوا يغانوا بماء كالمهل يشوى الوجوه. فإذا استسقوا جاءهم ماءء هو صديد يجتمع فيه قبح ذاته وحرارته» وأنه يقطع الأمعاء. ولكنهم مع ذلك يشربونه لأنهم عدموا الرى» فلا رى سواه [ يتجرعه ولا يكاد يسيغه 4 أن يحاول شربه بأن يتجرعه جرعة جرعة ولا يطيق أن يشربه شربا مع رغبته فى الماء ولا يكاد يسيغه 4 يقال: ساغهء أى شربه مستطيبا له مسيغا له» أى مر فى حلقه بسهولة» وكذلك أساغ. أو نقول: أساغه حاول أن يجعله يمر فى الحلق سائغا ولا يكاد يستطيع ذلك». فقد اجتمع فيه ما ذكرنا من قبح الذات والمنظر والحرارة وشأنه ليس يعمرىء» وقد وصف الله تعالى حالهمء فقال: ! ويأتيه الموت من كل مكان وما هو ميت فالموت يأتيه من فوقه. ومن تحتهء ويقول بعض الصا حين ناقلا عن المأثور: إنه لا يبقى عضو من أعضاته إلا وكّل به نوع من العذاب لو مات سبعين مرة لكان أهون عليه من نوع منهاء أى أن أسباب الموت تتضافر عليه فلا يموت» وإنه كما قال تعالى: ثم لاايموت فيها ولا يَحَبَى © 4 [الأعلى]؛» فهى حياة هى الفناء» بل إنه لو كان الفناء لكان خلاصها. ومن ورائه عذاب » أما بعد تلك الحياة الشديدة الغليظة التى لا تفنى» ولا تبقىء من بعدها عذاب شديد غليظ # يجمع بين صفتين: الشدة والغلظى فيكون أقسى العذاب؛ لأنهم تمتعوا بالشر والآذى والاستكبار فكان ذلك العذاب جزاء وفاقا لما قدموا. وقد بين الله تعالى مع ذلك أن ما يفعلون من نفع فى الدنيا لأنه ينقصه الويمانء يذهب هباءء فقال عز من قائل: «إ مثل الّذين كَفَروا بربهم أَعمَالْهِم كرما اشْنّدت به الريح في يوم عاصف لأ يُقدرون مما كَسَبُوا على شيء ذَلك هو الضلال البعيد 9 4 . جا تفسير سورة إبراهيم ل جا المثل: الصفة الغريبة» وغرابتها ليست فى ذاتها فقطء إنما كانت غرابتها لأنها جاءت على خلاف ما يزعمون» إذ يزعمون أولا: أن أوثانهم ستكون شفيعة لهمء وكانوا يفعلون أمورا يحسبونها من مكارم الأخلاق كإكرام الضيفان وإغاثة الملهوف أحياناء كما فعل بعض كبرائهم فى حلف الفضول» ويحسبون ذلك عملا طيباء ولو كان مقتصله المفاخحرة والمياهاة. ثانياء» ويرون أنهم الكبراء الذين لا تنسى محامدهم ثالثاء لكنهم يرونها يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف . « مثل الذين كَفروا برهم أَعَمَالَهُمَ كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف 4. أى حال الذين كفروا بربهم» أى جحدوا بربهم الذى خلقهم وأنشأهم وقام على شئونهم وربّهم وحفظهمء حالهم الغريبة أعمالهم كرماد اشتدت به الريح» وفى قراءة الرياح» وهذه الجملة هى الخبر أو دالة عليه. وقد شبه الله سبحانه وتعالى أعمالهم بالرماد الذى تأتى عليه ريح عاصفة شديدة الهبوب فتثيره فتكون رمادا يتبددء يغبر به الجوء ثم لا يبقى منه شىء» إلا الغبار الذى يصيب أعينهم ويفسد جوهمء والريح هو العاصف. ولكن وصف اليوم بأنه العاصف من باب إطلاق الزمن على اسم ما يحل فيهء كيوم ماطرء ويوم صائف». ويوم صائم. وذلك لاستغراق عصف الرياح لليوم كله حتى كأنه اليوم الذى اتصف بالعصف وليس غيره. وقوله تعالى: «( اشعدت به الريح © مشتقة من : الشد بمعنى العدوء. كقولهم شد عليه بمعنى عذا عليه وغلبه» أو مشتقة من الشدة» وهو الأظهرهء والباء للتعدى». أى اشتدت فيه الريح وفى قراءة الرياح. وقوله تعالى : طلا يَقدرونَ مما كُسبُوا على شيء» قدم ف مما كَسَبوا 4 على «إعلئ شيء»4 للاهتمام بما كسبوه فهم كانوا يحسبونه شينًا من المكارم» والأعمال الصالحة فلا يجدونه شيئًا؛ وذلك لأنه فقد المؤثر النفسى وهو الإيمان» وقصد الخير ش 6 8# تفسير سورة إبرأهييم الللللوااااللللااالل اا لسر اا لذات الخير للمفاخرة والمباهاة وإثارة العصبية» والمفاخرة» ومعنى 9 لا يقدرون 4 لا يملكون. يكون فى مقدورهم أن ينتفعوا به؛ لأنه صار منثورا لا يقبض عليه» كما قال تعالى فى آيات أخرى: « وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فَحَعلَْاهُ هبَاء مّهُوراً 69 > [الفرقان]ء وقال تعالى: « مل ما ينفقون في هذه الحبَاة لاا كمَعْلٍ ريح فيهًا صر أصَابَتَ حرث قوم ظلَموا أنفسهم فَأَهلكته وما ظَلَمَهم اللَّهُ ولكن أَنفْسَهم يَظَلمُونَ 09 4 [آل عمران]ء وتلك النهاية هى غاية البعد من الحق والضلال البعيد فى الضلالة . وقد بين سبحانه أن الجزاء الأوفى يكون يوم القيامة» وأنه سبحانه وتعالى قادر على الإعادة» كما قال تعالى: 8 ... كما بدأكم تعودون 69 »4 [الأعراف]؛ ولذا قال تعالى: « ألم تر أن الله حَلقَ السّمَوات والأرض بالْحقّ إن يَشأ يذَهِبْكُمْ وَيَأت بخَلق جديدٍ © ونا ذلك على الله بتر 49 . الاستفهام هنا لإنكار الوقوع أى للنفى» وهو داخل على النفى (لم) ونفى النفى إثبات وهو إثبات مؤكدء كأنه استفهم فكان الجواب هو الإثبات» وتأكيد أن الله خلق السموات والأرض» وقوله تعالى: باحق 4» أى متلبسا بالحق فى ذاته» وبأنها لم تخلق عبثاء كما قال تعالى: « أفُحسبتم أَنّمَا حَلَقنَاكم عبئا وأنكُم ينا لا ترجعون 4659 وبأنها ثابتة دائمًا ثبات الحقء فوضع لها نظماء وسننا ونواميس تجعلها مربوطة برباط محكمء فأقام السماء بغير عمد ترونها وزينها بزينة الكواكب . وكما قال تعالى: 8 ... ربّنا ما خَلَقَتَ هَذَا باطلاً سبحَائَك فقنا عَدَاب لتر 9ه »4 [آل عمران]» وكما قال تعالى: :وما حَلَقََا السّمَاء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظَن الّذينَ كَمَرَوا ويل لَلّدِينَ كَفَرُوا من النَارٍ 9 4 [ص]» ما خلق الله ذلك إلا بالحق. ا تفسير سورة إبراهيم ل ملل م > ار وقوله تعالى: إن يشأ يذهبكم ويأت بخلّق جديد» أن هذا الذى أنشاً السموات والأرض ولم يعى بخلقهن قادر على أن يذهبهم وأن يفنيهم.» فالإفناء أسهل من الإنشاء «ويأت بخلق جديدٍ » وإن الإتيان بجديد مثلهن القدرة عليه ثابتة بالمقايسة» فمن قدر على الإنشاء قادر على الإنشاء الثانى #8 وما ذلك على الله بعَزِيز 09 4» أن ليس ذلك الإنشاء الثانى بعزيز» أى متعذر أو متعسر عليه سبحانه» فهو سبحانه وتعالى قادر بذاته» لا يختص بابتداء ولا إنشاء من جديد» فالقدرة ثابتة» ومتى يثبت لا يعز شىء عليه ولا صعب . وفى هذا الكلام بيان أن الله سبحانه وتعالى قادر على الإعادة؛ لأنه قادر على الإنشاء من جديد كما قال سبحانه: «(إن يشأ يذهبكم ويأت بلق جديدر» . وكما قال تعالى: 9[ أو لم روا أن اللّه الذي خَلّقَ السّموات والأرض ولم يعي يقد ع نياع ل حل كشي دير 460 [الاحقاق]. وكما قال تعالى: «أُولَيْسَ الذي خَلَقَ السّمَوَات وَالأرض بقادر عَلَئ أن يخلق مثلهم بلَئ وهو اَلاَق الْعليم 69 4 [يس]. وإن الآية تفيد بإشارتها ترهيب المشركين بأنهم لا يعجزون الله فإنه يستطيع إهلاكهم » وخلق غيرهم. وإنهم فى قبضة الله فى الدنياء وجزاؤهم عنده فى الآخرة» وهو يتولى الجزاء بالإحسان لمن أحسن وبالعذاب لمن عصى . ما بين التابع والمتبوع والشيطان قال الله تعالى: رس ل ا سه سر سم سا س_الوم 2 لامي لسلس ؤيره وَيَرَرْوألِنَوَجميعا فَفَالَ الضعفتوٌا لِلْذِنَاستكيرواً لا تفسير سورة إبراهيم ١ 03‏ ف الل 2 م اح ع سس ساسا 3 عَعَقَالوالَوَهَدَسَا 00 ةك سو و2 12ت 2 5 صترنا 00 مخيص : 5 ال 700 1 1000 هم فض لأْمْرَإِركَ م الله وعصكم و عد لَلَىَّ وود دك عه وومةه 20200 53 1 220 فأخلقتحكم و 0 ن نعو َاسْيَببم وَل فلاتَْومُوق أوثوا أشحكم آنا 6 3 ١ ١ _- 1 ذا ١‏ اللجة آ#ه الى 0 م عع امسو راج ام ب ير 77 3 ره 5 م ّ__ 02 - زرو و 00 ا هه وو جر شرحسمُون مِن قِسَلُإِنَالطدييت لهم عَدَاب يد هاتان الآيتان تصوران المجاوبة التى تكون بين العصاة وأولهم الشيطان الذى أقسم ليغوين الناس إلا عباد الله المخلصين» والطبقة التى استغواها ابتداء المتبوعون من ذوى الاستكبار والاستعلاء على الناس بالجاه الدنيوى والمال والعزة» وهؤلاء يؤثرون فى غيرهم فتكون الطبقة التابعة والإمّعات(١2‏ الطائعة. صور الله سبحانه أقوال التابعين للمتبوعين وابتداء من الدنيا فى العصيان إلى من أخذوهم إلى الضلال» فقال تعالى: 8 وبرزوا للّه جميعا . أى ظهروا أمام الله جميعا وقد عصوه, إذ أشركوا به أندادا لا تنفع ولا تضرء وذلك بعد أن بعثهم الله تعالى» وأنشرهم من قبورهم وجمعهم يوم الحشر فكانوا أمام الم وقد كذبوا بلقائه» وقالوا: # . .. أئذا كنا ترابا َتنا لفي خَلق جديد . #2 [الرعد]ء والتعبير ب« برزوا » فيه تذكير بالعيان لبطلان أقوالهم فى الدنياء وجميعا: إشارة إلى أنه قد جمع التابع والمتبوع والأبيض والأسودء والعربى والأعجمى» وكانوا بين يدى الله وحدهء وكانت المجاوبة الآنية: ظ فَقَال الضَعقاء للّذين اسَمَكْبَرَوا © الضعفاء: جمع ضعيف» والضعيف يشمل ثلاثة أنواع ممن يتصفون بالضعف: )١(‏ جمع إمعة: وهو من يقلد غيره فى قوله أو فعله )ا تفسير سورة إبراهيم ملل للا ٠‏ حت زا أولهم : الأرقاء والفقراء والأرذلون فى معيشتهم فى الدنياء الذين لا يملكون من أمرهم شيئًا وفيهم ذلة لم يزيلوها بالإيمان. وثانيهم : الضعفاء فى تفكيرهم الذين يرضون بأدنى فكرة ويتبعون غيرهم اتباعا من غير دليل» بل فى استكانة» وإن كانوا أقوياء فى مالهم فهم ضعفاء فى وثالثهم : الذين يتبعون القوة دون دليل. يقولون للذين استكبروا من الكبراء ذوى الوجاهة والقيادة فى الضلال: 8 إنا كنا لكم تبعا #, وتبع جمع تابع» أو مصدذر نعت به)» ويكون معنى التعبير هو الإيغال فى الت لتبعية كأنهم لا وجود لهم «فَهل أنتم مغنون عنًا من عذاب اللّه من شيء» الفاء تدل على أن ما بعدها سبب لا قبلهاء أى بسبب هذه التبعية هل أنتم مغنون عنا عذابا من عذاب الله من شىء #هن 4 الأولى للتبعيض» ومن الثانية للاستغراق» والاستفهام إنكارى لإتكار الوقوع. أى لستم مغلون عنا بأى قدر من عذاب . أجاب الذين استكبروا عن الحق» فقد أجابوا عن هذا الاستفهام الإنكارى؛ الذى لا يخلو من معنى التوبيخ والملامة حيث لا لوم قائلين: «لَوْ هدَانا الله لهديناكم سواء عَلَينا أجزِعنا آم صبرنا ما نا من مُحِيص 2# والمعنى أننا على سواءء لو هدانا الله إلى الحق لهديناكم إليه ولكنا ضللنا فضللتم» وإنكم إذ كنتم تبعا لنا فارتضوا بما وقع لناء ولا يخلو هذا الكلام من إلقاء اللوم عليهم فى التبعية من غير تفكير وتبرير» وكأنهم يشيرون إليهم إلى أنهم كان عليهم أن يتبعوا عن بينة. ثم يقولون لهم: إننا وقد وقعنا فى الضلال علينا أن نذوق مسغبتها طائعين لأننا ممجبرون» وفى آية أخصرى صرح الكبراء فقالوا: ١‏ .. فَما ان لكم عنمن فَضل قَدَوقُوا الْعدَاب بما كنتم تكُسبون 69 > [الأعراف] . 6 ا تفسسير سورة إبراهيم لل ل لبجل هما يي وفى هذه الآية يقولون: سواء عَلَينا أجَزِعنا أَم صبرنا ما لَنَا من محص » سواء معناها يستوى علينا جزعنا أم صبرناء فالجزع لا يحول الشر عناء والصبر لا يمنع الأذى. وقد فسروا هذه التسوية بقولهم: «إما لَنَا من مُحيص 4. أى منجاة من العذاب؛ أو مهرب منه أو متحول من هذه الحال إلى غيرهاء ومحيص: من حاص حيصاء وهو التحول؛ أى مالنا من تحول؛ ومحيص هنا إما أن يخرج القول على أن محيص اسم مكان» ومكانهم جهنم» أى ما لنا تحول عن هذا المكان» أو مصدر ميمى » أى ما لنا تحول عما نحن فيه. فالآمر لله . تلك هى المجاوبة التى بين التابع والمسبوع» والشيطان مسصدر ضلالهم وإغوائهم وهو كالمتفرج عليهم ولكنه غير ناج: ط وقَالَ الشيطان لما قُضي الأمر4 أى أحكم وفصل فيه. ولم يكن لمكم الله مرد ولا نقص, 9إإِن الله وعدكم وعد الحق 4 أى وعد هو الحقء فالإضافة بيانية» أى الأمر الصحيح الثابت الصادر من مالكهء وهو الذى يجازى عليه بالثواب وعلى مخالفته بالعقاب» والفعل فى ذاته نفع لا ضرر فيه» وخير لا شر فيه» وكان عليكم أن تطيعوه» ولا تخرجوا عليه . « ووعدتكم فأخلفتكم 4 ولم يذكر وصف وعله؛ لأنه مفهوم من وصصف الأول بأنه الحق ومقابله باطل» فماذا بعد الحق إلا الضلال» وترك لأنه مفهوم من السياق» ولكى تذهب مذاهب فيما يعد به الشيطان إنه لا يعد إلا بما يكون من ورائه الفساد والبوار» والعبث والشرء فهو ليس باطلا فقط بل أكثر من باطل إمعانا فى الشرء وقوله: « فَأَخَلَفَتَكُم 4 أى منيتكم الأمانى الباطلة» وأودعت نفوسكم الأوهام» وزينت لكم السوء لتحسبوه أنه حق» وإسناد الإخلاف إليه ‏ لعنه الله تعالى - مع أن الإخلاف من الله تعالى» وبيان كذب ما وعد وألقى به فى أمنية الناس؛ لبيان أنه وهو يعد يعلم أنه باطل وأنه إغواءء فكأنه هو الذى أخلف لأنه يعلم أنه كذب لا حقيقة بل هو وهم وضلال. 1# تفسير سورة إبراهيم 69 للملا إإااالاا لولاا ولوللا للك لب ا بعد ذلك اتجه الشيطان لتبكيتهم لأنهم أطاعوه» فقال: 9 وما كان لي عليكم من سلطا إلا أن دَعوتكُم فَاستَجبتم لي 4. أى أجبتم دعوتى الخالية من أى تسلط أو دليل طالبين ذلك مجيبين له» فما كانت تبعة طاعتكم لى على» إنما كانت عليكم؛ ولذا قال: فلا تلوموني وَلوموا أنفسكم 4 لقد كان أمامكم أمر الله» وهو الخالق المنشئ» ودعاكم إلى الحق» ومعه الأدلة الثابتة وأمامكم دعوتى الخالية من البرهان والدليل» وليس لى عليكم قوة مهيمنة إلى وسوسة خفية فأطعتمونى وعصيتم ربكم. وهذا شأن أتباع إبليس دائما يقعون فى الشر ثم يلومون من أوقعوهم لأنهم أطاعوهم» وإن الشيطان له عذاب» وهو يصرخ بأنه فيه» وإنه لا يستغيث؛ لآن أحدا لا يغيثه ولا يستطيع أن يغيث أحدا؛ ولذا جاء على لسانه قوله: «إما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي4 المصرخ هو المجيب للمستصرخ المفيث له والصارخ هو المستغيث ولمعنى بمستطيع إغاثتكم وما أنتم بمستطيعين إغائتى» فالعذاب نازل بناء وعلى كل أن يتحمل مغبة ما عمل وما اعتقد وما وسوس به من شر. وقد أعلن ضلاله وضلالهم بقوله: ظإِنّي كفرت بمًا أش ركتموني من قَبل 4, (ما) هنا مصدرية أو موصولة ولا يختلف المعنى فى التقديرين» والمعنى: إنى كفرت بالذى أشركتمونى فى عبادتكم من قبل» أى كفرت الآن بشرككم فى الدنياء وآمنت بالله تعالى وحده لا أشرك به شيئّاء وقال: أشركتمونى مع أنهم ظاهرا ما كانوا يشركون الشيطان بل كانوا يشركون أوثانا. فلم نسب إليه أنهم كانوا يشركونه؟ والجواب عن ذلك أن عبادتهم الأوثان كانت بوسوسته هو وتسويلهم» والأصنام لا حقيقة لهاء فكأنهم كانوا يشركونه بالله سبحانه وتعالى» وقوله تعالى: © كقرت 4 تفيد أنه يكفر الآن» مع أنه وهو الذى يزين عبادة الأوثان يعلم أن الله وحده هو المستحق للعبادة» ولا معبود سواه» وأن عمله إغواء وإضلال» فهو غير مؤمن بها من قبل» والجواب عن ذلك: أنه الآن يعلن كفره بها. ا تفسسير سورة إبراهيبم 46اه؟ الللللل 000ل ويقول الله تعالى واصفا العصاة بالظلم: 8 إن الظالمين لهم عذاب أليم # تحتمل هذه الجملة السامية أن تكون تتميما لكلام إبليس» وتحتمل أن تكون من الله لبيان استحقاق العصاة جميعا للعذاب» وأرى أن الاحتمال الثانى هو الحق» فهو ومغويهم معهم 2 فهم ظلموا الناس» وأفسدوا فى الأرض فحقت عليهم كلمة العذاب. أه ل الجنة قال الله تعالى: م 0ط - أ- حر دم آآ كص وَأدخْلالذرتء منوأوع يلوا ألصَّدِلِحَتٍ جَدْتٍ 2 جاع سر صرءة و سس ور 4 - هع عه دخو حجر من تحنها أ امتح درِين فِبَابِِذْنٍ ريه م هيا ا ري سس كر ب لص شَبَاسَكلم 2 0 2 سه 8 كو ا ل 0 ا ء يه 6 آذه ل هه رك و سي صرت هه كلاح نْبِإِذْن رَيْمَاوَضْرِ تأ لله لام ال 020000 0 ومكل كلم سف لكر مسري ونيا ومثل 5 200 اس لد ته كُشجَرَوحينَةٍ جتنت دناه قيار ححتقم 2 - 07 سس وام 1 8 يتأ الله | لزت َامَا قوللا بتفي الحسؤة [/ تفسير سورة إبرا هيم 7 1لنخاناأااااااط ااا لللتاط كال اماما لالاات طاخم ممالل انال لللاكطل نالا ط ممالل اناالا لخ طاطم خل طاطخ خط ناتللا ششلللا 4 لسر اد بعد أن صور الله تعالى حال العصاة. وشيخهم إبليس ليعلم المؤمنون مآل العصيان فيجتنبوا أسبابه فى الدنياء بين سبحانه ما ينتظر المؤمنين تشجيعا لهم ليستمروا فى طريقهم وهو طريق الحق» فقال سبحانه: # وأدخل الذين آمنوا وعملوا المالحات جنات تجري من تحتها الأنهار . وأدخل الّدين آمنوا 4 البناء للمجهولء» ومن الذى أدخلهم» أى ما الفاعل الذى لم يذكر وبنى للمجهولء قالوا: إن الفاعل هم الملائكة. وإن ذلك سائغ مستقيم» ويصح أن تقول: إن الله سبحانه هو الذى أدخلهم. ولكن لم يذكر لفظ الجلالة للإشارة إلى أن ذلك جزاء عملهم» فالبناء للمجهول يؤدى إلى هذا المعنى وهو ترتيب الإدخال فى الجنة على أعمالهم » وقوله تعالى: © بإذن ربهم 4 أى برضاه وأمره» وما رتبه من أن لكل نفس ما كسبت» وقد ذكر سبب دخول الحنة فى صلة الموصول: ا الّذِينَ آمنوا وعملوا الصّالحات © فسبب دخول الجنة أمران: الإيمان وهو بالحق وتصديقه والإذعان بف والعمل الصالح. وقال تعالى: وعملوا الصّالحات #. أى الأفعال الصالحة من أداء الفرائض» والصح وصف عام لكل عمل هو نافع لذاته» وقصد به وجه المنفعة للناس. فالصاحات تشمل كل الفرائض الشرعية والعمل الطيب والقول الطيب. ولا نتعرض لكون العمل جزءا من الإيمان أولاء إنما نقول: إن ما تنطق به الآية ومثيلاتها أن العمل جزء من استحقاق الثواب الذى أعد للمؤمنين. وقد وصف الله سبحانه وتعالى الجنة بأنها النعيم المقيم. فالأنهار تجرى من تحتهاء أى أن الأنهار تجرى من تحت الآشجارء فتجرى فيها متخللة أشجارها فيكون المنظر بهيجاء وتكون متعة النفس بالظلال» ومنذلر الماء يجرى» والخضرة ويكون مع ذلك الأنس الروحى بالائتلاف والآمة والسلام ؛ ولذا قال تعالى: م تحيتهم فيها سلام / 0 يتبادلون التحية 2 وليس تلاو وما أو تأثيمًا » كما يجرى بين أهل النار بين التابء بع والمتبوع والشيطان من ورائهم. تفسير سورة إبراهييم 4 الملل لل لل هوه يي وإن الفرق بين الإيمان والكفر أمران: أولهما الإيمان» وثانيهما كلمة الحق. وإن كلمة الحق تهدى إلى البر والإيمان؛ ولذا مثّل الله تعالى كلمة الحق» وكلمة الكفر بمثلين» فقال تعالت كلماته: ألم تر يف صرب الله ملا مه طبه َشَجَرَةٍ طب لها ابت فرعا في السّماء (9 تود تي أكلهًا كل حين بإذن ربّها 4 . الاستفهام لإنكار الوقوع بمعنى النفى» وقد دخل على (لم) وهى للنفى » ونفى النفى إثبات» والمعنى» لقد ترى كيف ضرب الله مشلا.... والإثبات على هذا النحو يدل على تأكيد الإثبات والتنبيه وتوجيه النظر إليه. والعلم متجه إلى الحال والكيف». قال: 9 كيف ضرب الله مثّلا... 4 أى لقد ترى الحال فى ضرب الله المثل» ضرب بمعنى بين» والمعنى: كيف بين مشلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء. أصلها ابت » فى الأرض بجذورها الممتدة فى عروق الأرض» ثابتة بثبات هذه الجذورء وفرعها في السّماء 4 أى غصونها ممتدة فى السماء». وكلما علت الشجرة فى السماء وامتددت فروعها فيها كثرت ثمراتهاء وتدلت مع فروعهاء. والمراد من الفرع الفروع كما فى , بعض القراءات» أى فروعها فى السماء. ثم وصف سبحانه طيب هذه الشجرة فوق ما وصف بأن ثمراتها دائمة لا تنقطع ٠‏ فقال تعالى: «( تؤتي ي كلها كل حين بِإِذن بها 4. أى تؤتى ثمراتها ففى كل حين» وإيناعها بإذن ربها. والشجرة هى المشبه به» وقد وصفها سبحانه بأنها طيبة» وطيبها فى أنها ثابتة الأصل» وبأنها مرتفعة» وبأنها تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها. هذا هو المشبه بهء فأما المشبه: هى الكلمة الطيبة» والكلمة الطيبة فيها عناصر الطيبة التى ذكرت فى الشجرة» فهى كلمة النفس والقلب والعقل» تنبع من القلب والعقل فقال بإخلاص لله تعالى» وهو الحق» وإنها إذ تقال تعلو بصاحبها ا تفسير سورة إبراهيم عسل اللو لللل م بل بر يي عن سفساف الأمورء وتتجه به إلى معاليهاء فهى ترفع صاحبها ولا تهوى؛ وهى هادية مرشدة ممتدة النفع تؤتى ثمراتها كل حين» والكلمة الطيبة تبقى ببقاء الأنفس المتبصرة المدركة» فالكلمة حياة تحيى النفوس والأفئدة. وما الكلمة التى تتحقق فيها هذه المعانى؟ قيل: إنها كلمة التوحيدء وقيل: إنها الإيمان» والحق أنها الكلمة التى تكون صادقة فى ذاتها ومنبعئة من النفس لإرضاء الله تعالى» والذود عن محارمه وتتحقق فيها النية الطيبة» والقول الطيب» كما قال تعالى: 8 وَهدوا إِلَى الطَيّب من الْقَوَل وهدوا إِلَئْ صراط الْحميد 69 »4 [الحج]ء وروى من حديث أنس أن النبى كَلِْةٌ قال: «إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة» الإيمان فروعهاء والصلاة أصلهاء والزكاة فروعهاء والصيام أغصانهاء والتأذى فى الله نباتها. وحسن الخلق ورقهاء والكف عن محتارم الله ثمرتها» . ولقد قال تعالى: ظ وَيَضْرِب الله الأَمعَالَ للئّاس لَعَلّهم يتَذَكْرون 4 أى الأمور المتشابهة بين بعضها البعضء فيبين المعنوى بالحسى حتى يصير كأنه معحسوس مرئى» ويبين الله سبحانه وتعالى ذلك البيان ليرجوهم أن يتذكروا ويعتبرواء فالرجاء ليس من الله تعالى الذى يعلم كل شىء ولا ينيب عن علمه شىء فى الآرض ولا فى السماء. هذا مثل الكلمة الطيبة وهى كلمة الحق الجامعة لكل معانى الخير والطيب» والكمال والجمال» أما الكلمة الخبيئة فقد قال تعالى فى مثلها: لول كن ةياب من قاض ما هام رار 0 الكلمة الخبيئة هى الكلمة التى تنبعث من خبث النفس» وضلال الفكرء وتكون فى باعثها أئمة» وفى غايتها أئمة فهى على نقيض الكلمة الطيبة؛ لأنها لا تنبعث من إخلاص لله ولرسولهء ولا تكون طيبة فى واقعهاء ولا فى نتائجهاء وما يترتب عليهاء وأوضحها الكذب» وقد قال النبى كَكو: «عليكم بالصدق فإنه يهدى إلى البر والبر يهدى إلى الجنة» ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاء الفا تمسير سورة إبراهيم لات لل 0000 يي وإياكم والكذب فإنه يهدى إلى الفجورء والفجور يهدى إلى النار» ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذايا7' . والكلمة الخبيثة كالشجرة الخسبيئة التى لا فائدة منها 8 اْمَفّتَ من فوق الأرض 4, أى أنها ليس لها جذوع ممتدة فى باطن الأرضء» بل هى على سطحهاء ومعنى لآ اجِتَنْتَ من فوق الأرض © أى ظهرت جثتها من فوق الأرض فليس لها جذور تمتد فيها كبعض أنواع النباتات التى ليس لها جذور تغوص فى عروق الأرض» اما لها من قار أى استقرار وثبات فى باطن الأرضء» والمؤدى من هذا التشبيه أن الكلمة الخبيثة لا تعيش فى الوجودء وليس لها بقاء فيه» بل إنها تنتهى بانتهاء زمانها وتنزل من الأضرار بمقدار وقتهاء كالسعاية والنميمة والكذب والخديعة والغيبة» وليس لها وجود إلا بمقدار زمانها وقد تضرء لكن عاقبتها وخيمة؛ وطعامها وبىء» ولا تبقى إلا الكلمة الطيبة» وما يكون لله وللحق وحده. وعن قتادة كَيقْتَهْ أنه قيل لبعض العلماء ما تقول فى كلمة خبيئة؟ فقال: ١‏ أعلم لها فى الأرض مستقرا ولا فى السماء مصعدا إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافى بها ربه يوم القيامة». اللهم جنبنا خحبث القول» واجعلنا من الذين قلت فيهم: «! وهدوا إلى الطب من القول وهدوا إلئ صراط الحميد 69 / © [الحج]. ينبت الله اين آوا بالقول النّابت في الْحَيَاة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمي ويَفعلَ اهما يشَاءٌ 9 4 يشبت الله الذين آمنوا بأن يلقى فى روعهم الاطمئنان إلى +١‏ لحق والجزم به والنطق بمقتضاه» والشبات عليه لا يحيد عن النطق بالحق والعمل بهء والرضا بنتائجه؛ ولذا قال سبحانه: « بالقول الثّابت 4. ولقد قرر العلماء أن صاحب النفس المطمئنة الراضية بحكم الله المنفذة لتكليفه يلقى الله فيها بالإخلاص» والإخلاص لله يجعل النفس تشرق بنور الله» فتدرك فتؤمن فتقول الحق وتعمل 2230 سبق تخريجه. 18# تفسير سورة إبراهييم ولتت لل ال به» ويكون من بعد ذلك السلوك الاجتماعى المستقيم بأمر الله ونهيه» فمعنى «ز بالقول التَابت 4 القول الذى يقوم على دعائم الحق. ولا يتزلزل لباطل» ويصح أن نقول: إن الشبات صفة لصاحب القول» وأضيفت إلى القول؛ لأنه لا يثبت القول إلا شبات صاحبه الذى لا تزلزله عوابث الهوى ولا أوهام الشيطان» وما أحكم ما قاله الزمخشرى إذ يقول كَيْقيَة : «القول الثابت هو الذى يشبت بالحجة. والبرهان فى قلب صاحيه.» وتكمن فيه فاعتقده» واطمأنت إليه نفسهء وتثبيتهم به فى الدنيا أنهم إذا فتنوا فى دينهم لن يزلواء كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود والذين نشروا بالمناشير ومشطت لحومهم» وتثبيتهم فى الآخرة أنهم إذا سئلوا عند تواقف الأشهاد عن معتقداتهم ودينهم لم يتلعثموا ولم يبهتوا ولم تحيرهم أهوال الحشر»). هذا كلام صدق» وإن القول الثابت كما يشمل الصبر فى العقيدة يدخل فى عمومه الثبات على الحق فى نصيحة الحاكم» والامتناع عن قول الباطل مداهنة له ويقول للحاكم الظالم: اتق الله ويكررها كلما اقتضت الحال قولها فى غير مواربة» إلا إذا كانت الحكمة أن يداور لأجل إيصال الحق إلى قلب الحاكم؛ وتسويغه فى نفسهء فللقول سياسة» وللعلم سياسة» ومنها تسويغ الحق ليهضم معناه» وخحصوصا فى أزمان الفساد كالزمن الذى نعيش فيهء ولعل الإمام المخشرى عاش فى مثله؛ وما ضيع المسلمين إلا سكوتهم عن القول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخحرة. وقوله تعالى: ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء 4 معنى إضلال الظالمين أنهم إذا ساروا فى طريق الضلالة أوغلوا فيه ولا يردهم سبحانه وتعالى عنه بل يزكيهم سبحانه يسيرون فيه إلى نهايته» ووصفهم بالظالمين فيه إشارة إلى أنهم يبدءون بالسير فى طريق الظلم الذى يشمل الظلم فى الاعتقاد بالإشراك والظلم للنفس بارتضاء طريق الشرء والظلم للناس فى معاملاتهم. وفتنة الناس فى دينهم وإيذائهم فى اعتقادهم . « ويفعل الله ما يشاء #؛ لأنه المختار المريدء لا يسأل عن يفعل وهم يسألون. 7 8# تفسير سورة إبراهيم للللل مب بالل الملل حب أ ويلاحظ أن لفظ الجلالة ذكر مرتين فى جملتين متعاقبتين» ولم يكتف بالإضمار بل أظهر فى موضعه. فقال سبحانه: «( ويضل الله الظَالمينَ ويفَعل الله ما يشاء » وذلك لتربية المهابة أولاء ولبيان كمال سلطانه ثانياء وتأكيد إرادته المختارة ومشيئته الحكيمة ثالثاء والله ولى الإنعام. جزاء كم رالئعمة وجزاء مكرها قال تعالى: م4 للج 8ع رار و عرظه 2 َرَإَِالَذِنَيدَ واكم تَألَه كفا مومهم دالوا( 00 جَهَميَصَلوئه وبسح مج س سا اخ حجقم وَحَعَلْواله أ أ 0 الْعَرَار ي) وجعلوأ يداد لاعن سحلو قل تعن مَصِرَكُمإِلََلئَار (ي) فل لْعْبَادِ ىأني 2 سه سس 3 جم ابو 0061 اكه اممو يقِيموالصََلرةَ وَسْففأِمَاررسَهُمسِرًا بيه ينيدم لعفيو لحكل ني أده الى حَلقَ 16 ته موت وَالارْصَ وَأَْرَلوِ كاسما مَهفَأُخْريَ به مِنَالتّمرَتِ ردقا و 8 سَحَرَلك لفك لِسَجَرقَ فِالْسَحْرِ اَمَو وَسَخَرًا رلا اهدر (زيا وس لقّمسَ َلوسر لبر 9 وكين صكُلمَاسَألْشوةو! إن دوا نعم تَاله لَاحْسُو مرك ألا هن لَظَلومُ كهار 9 4 (#ا تفسير سورة إبراهيم 9 !!!||| ااا !!!لمخم مالالا !]ا )الال 1 ع1 ملعلا ممما اللللا لحر ا التبديل معناه التحويل» أو جعل شىء بدل شىء» ومعنى تبديل نعمة الله كفرا فى قوله تعالى: ظاأَلَم تر إِلَى الّذِين بََلُوا نعمت اللّه كفرا 4 أنهم جعلوا بدل النعمة التى تستوجب الشكر كفراء فالذين أعطوا نعمة بدل أن ينتفعوا بها فى وضعها موضعها من الشكر عليها كفروا بهاء وكثيرون من ذوى النعم الذى أنعم الله عليهم بالشراء استعلوا به فجعلوه كفراء ومن أنعم الله تعالى عليه بجاه فى الدنيا بدلوه كفراء فاستغلظوا واستعلواء وجعلوا جاههم غطرسة وكبراء وبطروا وكذلك أهل مكة فى الجاهلية أكرمهم الله تعالى بمقامهم حول البيت الحرام» وتلك نعمة أنعم الله بها عليهم» فبدل أن يقوموا على سدانته وطهارته وضعوا عليه الأوثان» فاستبدلوا بالنعمة كفراء وكذلك أنعم الله عليهم وعلى البشرية ببعث محمد كَكِلٌْ فبدلوا كفرا وعاندوه وآذوه وأصحابه» وأنعم الله تعالى عليهم برحلتى الصيف والشتاء» وأن تكون مكة وسط البلاد العربية تغدو منها المتاجر وتروح إليها بين اليمن والشام فبدلوها كفراء واتخذوها ربا الجاهلية» وأكلوا السحت» وكذلك اليهود بدلوا نعمة الله إلى كفرء أعطاهم الله تعالى علم الكتاب فغيروا وبدلوا واستطالوا على الناس» وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤهء وظلموا الناس وأكلوا أموالهم سحتا ورشوة» وقالوا: 8 ... ليس عَلَْينَا في الْأَمبَينَ سَبيل ... 69 4 [آل عمران]» وهكذا. ولذا نقول: إن الآية عامة تشمل كل من أنعم الله عليه بنتعمة» فبدل أن يضعها فى موضعها يتخذها أداة للطغيان والضلال» فتكون كفراء وأنهم بسب ذلك الطغيان الذى يستخدمون النعمة طريقا له ويكفرون «١‏ وأَحلُوا قَومُهم دار البوارٍ4. أى الهلاك» أى ينزلون قومهم من عزة الإنسانية إلى الذل فيكون ذلك طريقا لانحدارهم إلى الهلاك» وأصحاب النعم التى يكفرونها هم الذين يفسدون أقوامهم , ويأخذونهم إلى حيث الفناء» وفناء الأمم والأقوام بشيوع الكفر والجحود فيها. للها تفسير سورة إبراهيم كك اللو ال الول لل 1 س2 وقد قال الزمخشرى: (إن تبديل النعمة كفراء معناه تبديل شكر النعمة كفراء وقد ذكر وجوها كثيرة فقال: 8 بِدَلُوا نعمت اللّهِ4. أى شكر نعمة الله كفرا 4؛ ؛ لأن شكرها الذى وجب عليهم وضعوا مكانه كفرا فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفرء وبدلوه تبديلا ونحوه 9 وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون 65 4 © [الواقعة]ء أى شكر رزقكم؛ حيث وضعتم الكذب موضعه. ووجه آخرء وهو أنهم بدلوا نفس النعمة كفرا على أنهم لا كفروها سلبوهاء فبقوا مسلوبى النعمة» موصوفين بالكفر حاصلا لهم بدل النعمة» وهم أهل مكة أسكنهم الله تعالى حرمه. وجعلهم كرام بنبيه فأكرمهم بمحمد ذَلَِةِ فكفروا نعمة الله بدل ما لزمهم من الشكر العظيم» أو أصابهم الله بالنعمة فى الرخاء والسعة لإيلافهم الرحلتين» فكفروا نعمته» فضربهم بالقحط سبع سنين» فحصل لهم الكفر بدل النعمة كذلك حين أسروا وقتلوا يوم بدرء وقد ذهبت علهم النعمة» وبقى الكفر طوقا فى أعناقهم» وعن عمر طََِة هم الأفجران من قريش» بنو المغيره» وبنو أمية» فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدرء وأما بنو أمية» فمتعوا حتى حين». هذه وجوه ذكرها إمام البيان الزمخشرىء ونحن لا نقيد عموم القرآن ببلد أو جماعة إلا أن يكون لفظ الكريم» يوحى بالتخصيص بدل التعميمء واللفظ هنا فيه بيان لأحوال النفوس الإنسانية عندما نحيد عن أمر ربهاء وخلاصة الوجوه بعد إخلائها من التخصيص بقوم أو قبيل أنها تتجه إلى أن التبديل فى الشكرء فيكون الكلام على حذف مضاف» بدلوا شكر النعمة كفراء أو يكون التبديل فى ذات النعمة فلم ينتفعوا بها الانتفاع الطيب وبدلوا كفرا. وبذلك سرى الفساد إلى أقوامهم فأحلوهم دار الهلاك فى الدنيا بالذل والهوان وفى الآخرة بجهنم؛ ولذا قال تعالى: « جهنم يصلونها وبئس القرار 59) © . جهنم عطف بيان لدار الهلاك» وأن هلاك أشد من النيران يصطلون بهاء يحيط بهم حرها الشديد ويكونون وقودا لهاء وإنها تكن أسوأ نهاية؛ ولذا ذمها الله 32 2 5 بض تمسير سورة أبراهيم لالطو ل يف : ُ 04 فقال تعالت كلماته: 8 وبئس القرار» أى بئس المقر الدائم» فالقرار مصدر أريد به المكان» فالذم للمكان» أو الذم لذات القرار فى جهنم» وهو الحال التى انتهوا إليها. وقد ذكر الله تعالى أشد الكفر الذى بدلوا به نعمة الله تعالى» وهو اتخاذ الآنداد شركاء له فى العبادة فقال تعالى : وجعلوا لله أندادا ليِضْلُوا عن سبيله قل تمتَعوا فَإِنَ ممصي ركم إِلَى الثّار © > . الواو عاطفة على 8 بدلوا نعمت الله كفرا 4. فقد بدلوا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وجعلوا لله أنداداء وجعل الله سبحانه وتعالى الآصل» وهو ونتيجة عقوبته؛ وذلك لأآن الانغماس فى الأهواء والاستطالة بها سبب الشر ونسيان الله تعالى» ومن نسى الله تعالى كان منه الانحراف الفكرى والاعتقادى. فا وجعلوا 4 معناها اتخذوا لله أندادا , وأنداد جمع نذهء وهو المماثل » وهذه الأوثان بالبداهة ليست أندادا مماثلة لله جل جلاله» ولكنهم اتخذوها أندادا بأوهامهم وأهوائهم وفساد تفكيرهم؛ إذ كيف تكون الأحجار التى لا تسمع ولا تبصر » ولا تضر ولا تنفع أندادا لنهء ولكنهم جعلوها كذلك. وقوله تعالى: «! لَيضْلُوا عن سبيله © فيها قراءتان: إحداهما بضم الياء والثانية بفتحهاء والآولى قراءة كثرة القراعء والثانية فراءة من دونهم عددا وهما متواترتان» ونحن نعدهما كلتيهما قرآنا لا ريب فيهء ويكون المعنيان صحيحين ما داما غير متعارضين» ولا يمكن أن يكون ذلك فى قراءتين متواترتين. فالمعنى ليضلوا عن سبيل الله تعالى بذلك الجهل الذى جعلوا فيه الأحجار أندادا لله تعالى» فإنه ذاته هلاك» وعاقبته ضلال» إذ العاقبة دائما من جنس 0 0 > ولع | 8 3 0 إنّمطذ 2 5 5 ٠‏ 3 9 موؤيراتها والنتيجه اثما من جسسن معقلمابهاً. 6 8# تفسير سورة إبراهيم الملل لولاا ااا االلللل ١ لاا‎ يي وهم إذا ضلوا بها يعملون على إضلال غيرهم بالفتنة فى الدين» وإيذاء المؤمنين وسب دعاة الحق» والسخرية منهم . وقد يقول قائلهم: إنهم اتخذوها بغير الضلال» ونقول: إن النتيجة كان الضلال أو الإضلال» ولذلك قالوا: إن اللام لام العاقبة لتكون النتيجة ضلالهم بها؛ وإضلال غيرهم لتقديسها؛ وذلك أنهم صنعوا حجارة على أشكال آدمية» ثم توهموا فيها قوى خفية» ثم عبدوها ضلالا بها. وقد أمر الله تعالى نبيه الأمين بأن يقول: ١‏ تَمتّعُوا 4 إن الذى أغراهم بعبادة الأحجار واتخاذها أندادا لله هو ضلال عقولهم وانغماسهم فى الأهواء والشهوات ما جعلهم لا يفكرون فى حقائق الأمور ويستمتعون بأهوائهم» فأمر الله تعالى نبيه بأن يقول: 9 تَمَمّعوا4» أى استمروا فى تمدعكم وأهواتكم ومفاسدكم الفكرية والتفسيرية» وليس هذا أمر للطلب بل للتهديد؛ أى استمروا فإن مصيركم إلى النار» فالعبرة بالنتيجة لا بصيعة الآمر كما فى قوله يَلكِْةْ: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت:2372» والنتيجة الاندحار فى مفاسد الأخلاق والأهواء إلى أراذل الأعمال» وقال الزمخشرى: (إن الأمر هنا إيذان بأنهم لانغماسهم فى التمتع بالحاضرء وأنهم لا يعرفون غيره» ولا يريدونه مأمورين قد أمرهم آمر مطاع لا يسعهم أن يخالفوه. ولا يملكون أمرا دونه» وهو أمر الشهوة» والمعنى: إن دمتم على الامتثال لأمر الشهوة فإن مصيركم إلى النار»7 . أى أن الأمر ليس من الله والنبى يِل إنما الأمر من آمر هو الانسياق وراء الأهواء والشهوات» فكأنه أمر أمروه» واتبعوه» وكان مآلهم إلى النار. هذا شأن الذين بدلوا نعمة الله كفرا واتخذوا الأنداد» أما شأن الذين أدركوا النعمة وشكروها ولم يكفروها فإنهم لا يضلون فى ذات أنفسهمء ولا يضلون غيرهم بل يكون منهم الخير والطهارة لأنفسهم ولجماعتهم؛ ولذا قال عز من قائل: )١(‏ سبق تخريجه. (9؟) الكشاف: ج1/ لال ا تفسير سورة إبراهيم 5 لوال ااالللولااللااالللللالل الل لالك لح ا قل لعبَادي الْذينآمنوا يقيِمُوا الصّلاة وينفقُوا مم ررَقَْاهُمْ سر وعَلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال 69 # . الأمر للنبى يله ففى مقابل الأمر للكافرين بأن يتمتعوا بالعاجلة» فالآجلة لمؤمنين ب (عبادى) للإشارة إلى أنهم قاموا, بحق العبودية فلم يشركوا مع الله أحداء وأخلصوا الذات» وأعطوا ما هو حق على العبد أن يؤديه . «يقيموا الصلاة4. أى (أَن) هنا محذوفة وهى تفسيرية تفسر مضمون القول» قل لهم أن يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقنهم سرا وعلانية . أو نقول: (إن قوله تعالى: # يقيموا »4 خبرية على أنها جواب الأمر»ء أى قل لهم تكليفات الله ليقيموا الصلاة» ويرى الزمخشرى أن تكون ذإ يقيموا # بمعنى ليقيموا الصلاة» والمعنى على ذلك قل لهم مبينا أحكام الشريعة وهديهاء وخص الصلاة والزكاة أى الإنفاق؛ أن الصلاة للتهذيب وإقامتها استشعار للربوبية» وهى عمود الدين» ولا دين من غير صلاة» والزكاة ‏ أو الإنفاق ‏ فيها التعاون؛ ولذا تسمى (الماعون»». كما قال تعالى: «فويل للمصلين 2 الّذين هم عن صلاتهم ساهون (2) الّذين هم يراءون (5) ويمتعون المّاعون 7 > [الماعون] . الإنفاق فى السر سترا للمتجملين من الفقراء حسن فى ذاته» والإنفاق علانية للاقتداء ونشر التعاون» وكل فى موضعه حسن . طمن قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال 4 ليتدارك التقصير بتعويض يقدمه أو فدية يفتدى بها نفسه. ولا مخالّة وصداقة ينقذ بها الصديقٍ صديقه» والرفيق رفيقه» وقد قال تعالى فى هذا المعنى : « رائه وا يما لذ َجَزِي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يوَحَذْ منها عدل ولا هم ينصرون 62 * [البقرة] . والسرية تحسن فى حالة التطوع» وإيثار ذوى القربى والجيران ستراً عليهم» والإعلان يكون فى الواجب» وهنا يرد سؤال» إن الزكاة لم تجب إلا فى المدينة» ا تفسير سورة إبراهيم 1 0 0 ع لللللل ل ل ان والسورة مكية» كما هو معلوم» فكيف يجب الإنفاق؟ ونقول: إن وجوب الإعطاء هو من قبيل معاونة المؤمنين من الضعفاء والأرقاء على الصبر على الأذى يؤذيهم به المشركون لإخراجهم من دينهم ‏ وإنه دعى إلى الزكاة فى سورة مكية» » منها قوله تعالى فى سورة الروم: « وما آتيتم مَن رَبا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه وما آنيتم مَن رَكَاة تريدون وجه الله ولك هم المضعفون 9 4 [الروم]. وقبل أن ننتقل هذه الآية الكريمة إلى ما بعدها نذكر كلاما قيما ذكره الزمخشرى فى حكمة اقدران قوله: «مَن قَبَلٍ أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال 4. قال أثابه الله تعالى: «فإن قلت كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه لا بيع فيه ولا خلال؟ قلت: من قبل أن الناس يخرجون أموالهم فى عقود المعاوضات» فيعطون بدلا ليأخذوا مثله وفى المكارمات ومهاداة اللأصدقاء ليستجروا بهداياهم أمثالها أو خيرا منهاء وأما الإنفاق لوجه الله خالصا كقوله: وما لأحد عند من نَعمَة تجزئ (63 إلا ابتغاء وجه ربّه الأعلئ 09 ) © [الليل]؛ فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص فينفقوا منه ليأخذوا بدله فى يوم لا بيع فيه ولا خلال» أى لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة» ولا بما ينفقون فيه أموالهم من المعاوضات والمكارمات» وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله تعالى»17 . وإن هذه إشارة بيانية قويمة تشير إلى أن الإنفاق سرا وعلانية المطلوب هو لوجه الله تعالى» لا للكسب بمعاوضة ولا للكسب بإرضاء صديق أو رجاء فى شدة. وفى قوله تعالى: 8 مَن قبل أن يأتي... # إشارة إلى أن الإنفاق 0-7 الله تعالى هو ذكر لله تعالى؛ فاء من التجارة التى قال الله تعالى فيها: © . تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله . .. 450 [المنافقون]؛ ولا التجارة التي ذم بها المنافقون فى قوله تعالى : ! وإذا رأوا تجارة أو لَهِوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللّهو ومن , التجارة واللّه خير الرازقين 09 4 [الجمعة]. )١(‏ الكشاف: ج/ ا ليا تفسبير سورة إبراهيم الاتاتاتلنا! الك لانن ااال الالالال لال الا اال مالم ممم نان تالكالا ااام سس ممم لاا اماق « 1 وقد ذكر سبحانه بعضض نعمه فقال: «إ الله الذي خلق السّموات والأرض وأنرل من السّماء مَاء فأَخْرَجٍ به من القّمْرَاتَ قا كم وسغر لم فلك لتجري في البحر مره وسخر لكم الأنهار © » . ذكر سبحانه وتعالى أن المشركين بدلوا نعمة الله كفرا وجعلوا لله أندادا من حجارة وجعلوها آلهة ‏ وفى هذه الآية يذكر بعض نعمه على الوجود كله فقال تعالت كلماته: « الله الْذي خلق السّموات والأرض 4 صدر الآية الكريمة بلفظ الجلالة مفيض النعمء لتربية المهابة: ولمقابلة عبادته» وهو الواحد الأحد الفرد الصمدء بعبادة الأوهام والضلال» و8 الله» لفظ الجلالة: مبتدأء والموصول هو خبره» فهو تعريف لله تعالى بأنه الذى خلق السموات والأرضء خلق سبحانه وتعالى السماء ببروجها ونجومها وكواكبهاء والآرض بطبقاتها وجبالها وما أودع ببطنها من أحجار وفلزات ومعادن جامدة وسائلة» اقرأ قوله تعالى: أفلم ييظروا إلى السّماء فوقهم كيف بِنْينَاها وزِيَاها وما لها من فروج (2) والأرض مددناها وألقينا فيه رواسي وأَنبنا فيا من كل زوج بهيج (7) تبصرة وذكرئ لكل عبد ميب (2) وتَزلنا من السّمَاء ما ماركا فنا به جات وَحَب اْحصيد (5) والنَخْل بَاسقات لها طلعْ نُضيد 0 رزقًا للعباد وأحبينا به بلدة ميا كذلك الخروج 69 > [ق]. هذا هو الإله القادر القاهر الغالب» وهو الجدير بأن يعبد لما أنشأ وأبدع وأنعم . ثم ذكر نعمته فى تلاقى , السماء ء بالأرض يجمع بينهما الذى يسقى الأنفس والثمرات؛ ولذا قال تعالى: وأنزل من السّمَاء ماء فَأَخْرج به من القّمرَات رزقا لَكُم 4 أفرد السماء هنا وجمع السموات فى الخلق؛ لأن الماء ينزل من المزن السحاب الثقال المملوءة ماء وسميت سحابا؛ لأنها فوق الأرض التى تمطرهاء أما السموات فتحيط بالآرض كأنها الشىء الصغير فى داخل قبة» وإن هذا الماء هو الذى تخرج منه النمرات؛ ولذا قال: # فأخرج به من القّمرات *. والثمرات جمع ثمرة وهو ما تتتجه الأرض من زروع وغسراس وكروم»: ونخيلء ومن الثمرات تكون المطاعم 6 شْ ٠‏ 8# تفسير سورة إبراهيم الالالال كاه : لي والملابس والمساكن اليدوية والأخشاب وغير ذلك «رزقا4 بمعنى مرزوق كمطحن بمعنى مطحون, أى أنه يرزقكم إياه ويجىء إليكم سهلا بغير مشقة إلا العمل الذى يكون سببا مقترنا بالعطاء وليس منشتا لهء فالله هو الرزاق ذو القوة المتين. و من 4 فى قوله: ( من الغُمرات 4 بيانية لتنوعهاء والمعنى فأخرج من الثمرات المتنوعة المختلفة الفوائد التى ترجع بأحسن الفوائد. وإن هذه الثنمرات تنقل من أرض إلى أرض» وإنه ثبت الآن أن خير السبل البحار وما كان ذلك معروفا عند العرب» بل النقل عند العرب كان بالجمال التى كانت تسمى أو سميت سفن الصحراء» ولكن القرآن أنزل من حميد يعلم ما كان وما يكونء فهو يعلم أنه سيكون زمن يكون النقل بالبحار فى جِلّه وفى الأرض فى قله؛ ولذا قال عز من قائل: « وَسّخَر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره » ومعنى سخرها مكّن الإنسان من صناعتها واستخدامها وجعلها تعلو فى البحر ئرة من الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى الشرق» حاملة خيرات وفيرة من أرض إلى أرض أخرى» هذه الخيرات كثيرة» وبذلك تكون الخيرات موزعة فى الأرض بالقسطاس لولا ظلم الإنسان. «وسَحَر لَكم الأنهار» وهى المجارى العذبة كنهر النيل ودجلة والفرات وسيحون وجيحون» ومعنى سخرها سهلها وتكون فى البلاد التى تقل أمطارهاء ولا يكفى ما تنزل السماء من ماء لسقيها وزرعهاء وسمى النهر نهرا لأنه ينهرها ويشقها ويجرى فيهاء والأنهار الكبار تمخر فيها السفن كالبحارء واللّه هو الرزاق. بعد أن ذكر سبحانه ما سخر فى الآرض من اقترانها بالسماء أخذ يبين للإنسان من أجرام السماء فقال: 9 وَسَخَر لكم الشمس والْقَمر دائبين وسَخَر لكم اليل اهار 9 4 . الدءوب معناه السير والمرور فى استمرار ودأب من غير لغوب» وتلك سنة اللّه تعالى فى أجرام السماء» فهى تسير فى دأب يعلم الله تعالى سيرهاء وناموسها ا تفسير سورة إبراهيم لوال ااا61ا0ااملل اللا .. ١ ااا‎ 7: تي وسننها من غير إبطاء» والشمس والقمر يسيران ويتحركان فى دأب مستمر اشم ري لسرا ذلك ديزي فليم © والَمرَ مَل حت عَاد كَالْعرجون الْقَدِيم 469 ليس]. وهى مسخرة يستفيد الإنسان من حركاتهاء فالشمس ذات الضياء والأشعة التى تمد الزرع والشجر والثمار بالنموء والإنسان بالدفء والحرارة والأشعة» وكل ما فيه حياة الإنسان» والقمر يمده بما تنتتظم به الحياة فى الإنسان والحيوان» وحسبك أن تعلم أن طَّمْت المرأة وحملها وجهازها مرتبط بمنازل القمرء وأن تعلم أن المد والجزر مرتبطان أيضا بالقمرء وإن ارتباط الشمس بالأرض كان منهما الليل والنهار» فالأرض فى دورانها يحجب عنها ضوء الشمس فيكون الليل وينبسط عليها ضوء الشمس فيكون النهار» وفى الليل الهدأة والسكون والشبات والراحة» والاستجمام» وفى النهار تكون الحركة والسعى للرزق كما قال تعالى: وجعلنا اليل لاسا 0 وَجِعَلَْا التّهارَ مَعَاشَا 60 4 [النبأ] . وقد أنعم الله على عباده بتلك النعم كلهاء وظهرت بها قدرته القاهرة» وإبداعه» وإنعامه وهو المستجيب فى السراء والضراء» والمنقذ فى المدلهمات» وما يكرث العباد؛ ولذا ختم الكلام فى نعمه بقوله تعالى: «( وآتاكم من كل ما مالتموه وإن تَعدوا نعمّت الله لا تحخصوها إِنّ الإنسان لَظَلُومَ كقار 60 4 . (الواو) عاطفة على 8خَلّق» فى قوله تعالى: ‏ السّموات والأرض »4 فكلها نعم مترادفة متوالية جامعة بعضها مع بعض أو تالى لبعض» « وآتاكم من كل ما سألتموة 4. فيها قراءتان إحداهما من غير تنوين فى (كل)» بل كل مضافة إلى ما بعدها: وقرئ بالتنوين» ولها إضافة و(ما) فى «إما سألتموه »4 اسم موصول بمعنى (الذى) أو نافية. ومن فى قوله: لمن كل # إما تبعيضية» وإما مؤكدة لاستغراق الحكم زائدة فى الإعراب» والمعنى على أنها تبعيضية على قراءة الإضافة» وآناكم بعض ما 6 ا تفسير سورة إبراهيم الملل اليم للب ااال للك تلحو زا سألتموهء أما ما احتجتم إليه؛ وكانت حاكم حال من يسأله إياه» وإن لم يسأل باللسان بل سأله بالاستعداد والتكوين» فأعطاكم الكساء والغطاء واللباس والوقاية» ومكنكم من أن تتسلحوا ضد من يغير عليكم من سباع الأرض حيوانات أو أناسى» وغير ذلك» والبعضية بعضية أنواع أى بإعطاء بعض كل نوع من الأنواع تسألونه بمقتضى الفطرة والتكوين والحاجة الفطرية» وعلى أن «9 من 4 بيانية» يكون المعنى أعطاكم كل ما سألتموه بمقتضى الاستعداد والفطرة على ما بيّناء وإن ذلك واضع جمع فيه بين الكلية فى كل - ومعنى العطاء. وعلى قراءة التنوين: يكون ثمة مضاف محذوف دل عليه التنوين» والمعنى آناكم من (كل) شىء ساألتموه» أى بمقتضى أصل التكوين» وتكون القراءتان متلاقيتين على تخريج طمن 4 بأنها بيانية . ولا أرى موجبا أو داعيا لآن نقول: إنها نافية» والله أعلم. وإن هذه وما سبقها من نعم هى نعم الإنشاء والإبقاء» فقد أنعم بالإنشاء وأنعم سبحانه وتعالى بالإبقاء مستمكنا من كل شىء حتى يكون اليوم الآخر يوم الجزاء لمن شكر بالنعيم المقيم» ولمن كفر بالعذاب الأليم. وقد أشار سبحانه إلى أن الإنسان يكفر النعمة ظلماء كما قال تعالى فى آية أخرى: 9 ... وَقليل مَنَ عبّادي الشكور 69 4 [سبا] وقد قال تعالى: إن الإنسان لَظَلُومْ كاري ظلوم صيغة مبالغة من الظلم» أى أنه ظالم أبلغ الظلم بظلم نفسه بالكفر وغمط حق غيره» والاعتداء على الناس وعلى الحقائق» والاعتداء بعبادة الأوثان» و كفار4 صيغة مبالغة فى الكفر» وهو كفر النعمة وعدم شكرهاء بل اتخاذها سبيلا لعتوه واستكباره وفساده فى الأرض» وقد أكد الله تعالى ظلم الإنسان ب«إن»». وب«اللام» وبصيغة المبالغة فى الظلمء وكفر النعمة» والله محيط بالكافرين. 0# تفسير سورة إبراهيم .2 للم لال للللك لس لان دعاء أبى الأنبياء إبراهيم طعَلا قال تعالى: وإذ َاَِنرسِيمرَتَأجَعَلَ هنْذًا لد ءامسا بشي وين ل دمح 2 سا فو ره . 2و 2< د ره كو ل سص 22 مه أن تَصبدَالْأصَتام لزيا ربَإِتسنَأَصْللنَ كديرا مَنَالياس لذ 000 تم صصص 4. م _- ير ور ره ور َن ينعن نمق وَمَنْعَصَافِ وَِنَكَ عفور يحم (7) بصم مص وين كيج عر لوو س ا كم ل مج السسحم يله هه لوت ل ا ل 00 َ عدم كم المحرع ريناليقيمواالصَلوة فَأجَعَل أفعدة مر ملاس ٍ ااه و دو يو 10 0 كر تعر ل شو 24 تهوء ةلمهم وارزقهم مِنالشْمَرتِ عَلْهَمت]؟ ون 2 ]ره ظَُ و ع سم 1 رَيناإنك تعامّما خفى ومانعلن وما خف عل الله من شو كم ل 121 جو فالأَرْضٍ ولاف السَّمَاءِ لهي هذا دعاء أبى العرب ومن يتشرفون بالانتساب إليه وهو بانى البيت» وأول دعائه ما يتعلق بالبيت العتيق الذى كان أول بيت وضع للناس . أول دعائه اتجه إلى الأرض فى البيت» رب اجعل هذا البلد آمنا 4 والبلد هو مكة المكرمة»ء زادها الله تعالى تشريفاء وقوله تعالى: 98آمنا» أى ذا أمن؛ لأن الأمن للسكان لا للمكان» ومعنى الأمن لا اعتداء فيه» ووصف المكان بالأمن» فيه بيان سيادة الأمن» فالمكان لا اعتداء فيه» وهو مقدسء وقد أجاب الله تعالى دعاءه وكان فضلا من الله على العربء كما قال تعالى: أو لم يروا أَنّا جعلنا حرما آمنا ويتحَطف الا من مقاطل يمون وَبعمة له يروت 469 [العتكبوت] . 1# تفسير سورة إبراهيم لل مائللا لحب زا والجزء الثانى من الدعاء أنه دعا ربه مبتهلا إليه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام فقال تعالى حاكيا دعاءه: فإ واجنبني وبي أن تعد الأصنام 4 دعا طكهِ لنفسه ولبنيه أن يجنبهم عبادة الأصنامء فقوله تعالى: أن تعد الأصنام4 فيه «أن» وما بعدهاء مصدر وهو عبادة الأصنام» وذكر الفعل المضارع لتصوير عبادة الأصنام» وفى ذلك إشارة إلى قبحها وبعدها عن المعقول. وقول إبراهيم: ا وبني 4 واضح أنه لا يشمل الذرية كلها لدلالة اللفظ على ذلك؛ ولأن الإجابة لم تكن للذرية كلهاء فقد كان من هذه الذرية من عبد الأصنام» بدليل هؤلاء الذين نظر فيهم القرآن» وخاطبهم محمد كَلةِ يدعوهم إلى أن يعبدوا الله وحده لا يشركون به شيئّاء فالله تعالى لم يكن فى إجابته سبحانه وتعالى ما يعم الذرية كلها. ولقد كان إبراهيم كله الذى كان أبوه صانع أصنام » والذى ابتداً حياته بحطمٍ الأصنام . والذى قال: زناه كيان نامكم بعد أن ترا دين 9 فَجَعَلَهم جذاذا إِلذّ كبيرا لهم .. (62) # [الأنبياء]. كان إبراهيمٍ أشد الناس بغضا للأصنام وإدراكًا لضلال من يعبدونها؛ ولذا قال مؤكدا: رب إِنّهْنَ أضلان كثيرا من الناس 4 أسند الإضلال إلى الأحجارء مع أن الإضلال هو من الشيطان الذى ابتدع الأوهام حولها؛ وذلك لأنهم لما عبدوها وأحاطوها بأوهام كثيرة وصار الوهم يولد وهما وتوالت وتكائرت» وكلها حولها صح إسناد الإضلال إليهاء وعبر إبراهيم عليه السلام عن الذين ضلوا بها بأنهم كثيرء وليسوا عددا قليلاء وذلك لعموم الضلال بهاء وعمومه لا يجعلها حقاء بل هى باطل. !ا وإن قطع كر من في لأَرْضٍ يَضْلُوكَ عن سَبيل الله إن ينَسِعْون إلا الضَّ وإن هم إلا يَخْرَصُونَ 09 4 [الأنعام] . وإن ذكر ضلال الأوثان على لسان إبراهيم كيكَاع» وهم يتشرفون بنسبتهم إليه وهو بانى الحرم الشريف المقدس» فيه بيان أنه برىء منهم ما داموا يعبدون الآوثان؛ ولذا قال عليه السلام فى دعائه: «فمن تبعني فَإنَه مني 4 ملة إبراهيم هى التوحيدء #ا تفسير سورة إبراهيم لوللا كلتك هده < يي كما قال تعالى: 9 ... مله إبرَاهيم حَنيًا وما كان من المشركين 059 4 [النحل]» فمن تبعه فى ملته فإنه منه» ومفهوم هذا أن من لم يتبعه فى التوحيد» وعبد الأوئان فليس منه؛ لأن اشتراط كونه موحدا ليكون منهء فيه بيان لكن لم يتبعه لا يكون منه» بل هو برىء منه» كما تبرأ من أبيه» وكما تبراً من قومه إذ قال: ... إِنَي بَرِيءْ مما تُشْرِكُودَ 460 [الأنعام]ء ثم قال طَيِكِ فى دعائه: 9 ومن عَصاني فَإنْكَ غَمُور رُحيم » وصف الله تعالى خليله بقوله: « ... إن إبرَاهيم لأواه حَليمٍ 09 » [التوبة]» وإن حلمه وعطفه وشفقته لعبدو فى قوله: «فَإِنّكَ عَفُور رحيم 4 فهو ع9 لم يحكم بالعذاب على من عصاءء بل ترك أمره لله تعالى» كما وماج م قال عيسى ييكّلغ مثل ذلك فقال: إن تَعدَبهم فَإِنّهُمْ عبَادك وإن تَغفر لهم فَإِنّكَ أنت الْعَزِيرٌ الحكيم 465 [المائدة]» وليس معنى النص أنه يطلب الغفران لمن أشرك بالله» فمحال أن يطلب عدو الأصنام الآول غفرانا لعبدة الأوثان» إنما الذى يفهم من مضمون العبارة السامية أنه يرجو الرحمة لمن عصاه ابتداء آلا يستمر على عصيانه فهو يرجو التوبة ولا يقدر البقاء على الشرك حتى يكون العذاب الأليم. وهنا إشارة بيانية حكيمة» فيقول خليل الله يكام فى دعوته: ل واجنبني وبي 4 تعبر عن ترك عبادة الأوثان ا واجنبني 4 أى اجعلنى فى جانب وبنى فى جانب فهى تتضمن المباعدة» وكان حقا على ذرية إبراهيم يم التى عبدت الأوثان أن تباعد بينها وبينها . بعد أن دعا أبو العرب الشفيق لهم بتطهير نفوسهم» وأن يكونوا لله تعالى» دعا لهم بالرزق فقال: ينا إني سكنت من ذَرِيِّْي بواد غَيِرٍ ذي زرع عند بيتك المحرم ربّنا ليقيموا الصّلاة فَاجِعَل أَفْْدة مَنَ النّاس تهوي لهم وارزقهم من الدّمرَات لَعلّهم يشكرون 69 4 . كان دعاء إبراهيم اق بضمير المتكلم لإ واجنبني وبني 4 وذلك فى العبادة» أما فى طلب الرزق فقد طلبه بضمير الجمع فقال: ل ربا إني أسكنت من ذرِيّتي بوادٍ ش .م 8# تفسير سورة إبراهيم ملم اللا 0 لح ا غيرٍ ذي زَرع عند بيتك الْمَحَرَّم4؛ لأن الرزق يطلبه الخلص ليعم لا ليخص فهو يطلبه باسمه وباسم ذريتهء ويعم مؤمنهم وكافرهم» كما قال تعالى منبها إبراهيم إلى أن يطلب لمن آمن ومن كفرء فقد قال تعالى: طوَإذْ قَالَ إبراهيم رب اجِملَ هذا 2م 0 قليلا م أضطره إلى عذاب الثّارٍ وبئس الْمَصير 659 4 [البقرة]. . يقول إبراهيم فى دعائه مقررا ثلاثة أمور: الأمر الأول: أنه أسكن من ذريته بواد غير ذى زرع» و8 من 4 هنا للتبعيض وهى ذريته من إسماعيل» أما ذريته من إسحاق فلم تكن بواد غير ذى زرع» أى أنه لا زرع فيه» ينبت ما يكون غذاء للإنسان والحيوان كالحنطة والشعير ونحوهما ما يكون غذاء للإنسان. الأمر الثانى : كان إسكان هؤلاء لغرض تعمير بيتك العتيق الذى بناه بأمر الله أبو الأنبياء؛ ولذلك قال: «إعند بيتك الْمحرّم 4 أضاف البيت إليه سبحانه وتعالى تشريفا لشأنه» ووصفه بالمحرم؛ لأنه تحرم فيه الدماء» وهو فى ذاته حرم آمن يأمن كل من يأوى إليه. وقد بنى فى صحراء جرداء ليكون آمنًا من طمع الطامعين ورغبة المعتدين» إذ إنهم يرومون خصب الأرض ليشبعوا نهمتهم ويرضوا مطامعهمء وليكون الاستغلال الغاشم والاستعمار الظالم» فكان فى أرض لا يطمع فيها طامع» ولا يرومها فاتح. ش وقد كرر نداء ربه ضراعة» فقال: «إربنًا ليقيموا الصّلاة4. وقوله تعالى: « ليقيموا الصلاة 4 متعلق بأسكنت» اللام للتعليل» أى أن أسكنتهم لأجل إقامة الصلاة فيه وأن يعمروه بصلاتهم» لا ليستمر خرابا من العبادة» خاويا من الناس» فلا تنتهى إلى الغاية التى أمرت بإنشائه من أجلهء وفى هذا إشارة إلى أن المشركين من ذرية إبراهميم قد انحرفوا به عن غايته عندما أحاطوه بالأوثان التى هدمها ا تفسير سورة إبراهييم مالل النبى كك يوم فتح مكة فى العام الثامن من الهجرة على صاحبها أفضل السلام وأتم التسليم. ا الثالث : بعد أن ؛ذكر إبراهيم م وحال أرضيع, 0 دعاء طالبا من سم هاس ورم تدل على أن الباعث لهذا الدعاء م قبلهاء اموي راد رف زرع». فى قوله تعالى: لأَفْعَدَة مَنَ الئاس تَهوي إِلَيِهِم 4 مؤداها أن يفد بعض من الناس إلى هذه الأرض التى لا زرع فيها مسرعين تميل قلوبهم وتهوى نفوسهم محبين الرحلة إليها مع رمالهاء وجبالها وأنها لا خير فيهاء وقوله تعالى: 3 اناس » معناها بعض الناس» وروى ابن عباس أنه قال: لو قال تعالى: أ الناس لازدحم بالفرس والترك من غير المسلمين» وقوله تعالى: ري ١‏ من هوت الناقة إذا أسرعت فى سيرها إسراعا شديدا كأنها تسابق الريح» وقوله تعالى: 8 أفئدة 4 خرجها بعض العلماء على أن أصلها (أوفدة) جمع وفدة» حصل فيه قلب مكانى فحلت الفاء محل الواو» وحلت الواو محلها فقلبت همزة» وإنه لا داعى لهذا التخريج النحوى ولا دليل عليه» وإن الأولى أن تكون كلمة أفئدة على معناها الأصلى وهى أنها جمع فؤاد بمعنى القلب» والدعاء يكون منصبا على أن تميل القلوب إلى المكان مع جفاف مائه وصعوبة أرضه وارتفاع جباله الصماء التى لا تكسى بخضرة قطء والمعنى على ذلك يكون مستقيما وقويا ككل معانى الذكر الحكيم . وذكر الزمخشرى أن هناك قراءة أخرى وهى (آفدة) اسم فاعلة من أفدت بمعنى أسرعت جماعة أو جماعات متتالية جماعة بعد جماعة» حتى لا ينقطع عنهم خير الأرض كلها؛ ولذا قال تعالى بعد ذلك: 8 وارزفهم مَّنَ الثّمَرات »2 و من 4 هنا يصح أن تكون بيانية» أى ارزقهم الثمرات التى حرمتهم أرضهم منهاء ويصح أن أن تكو معنى بعض ارزقهم بعض الثمرات من كل صنف . ْ 2 8# تفسير سورة إبراهيم الملل ااال الم لووول لل لسرب م ثم قال تعالى: «الَعلّهُم يشكّرون4. أى رجاء أن يشكروا هذه النعم» أى تكون حالهم حال شكرء لا حال كفر فلا يعبدوا إلا الله تعالى العزيز الحكيم. والرجاء من العباد لا من اللّه» أى ليكونوا فى حال رجاء الشكر دائمة بدوام هذه الخيرات التى يسوقها الله سبحانه وتعالى إليهم وتجىء إليهم فى واد (قفر) ليس فيه زرع ولا ثمرء وذلك بدعوة إبراهيم كاه فجعله حرما آمنا تجىء إليه ثمرات كل شىء رزقا من لدنه وفضله» بهذا الخير يتوافر أصناف الثمار ما لا يوجد كله فى أخصب الأرض وريف الأمصار» وفى بلد من بلاد الشرق والغرب» إجابة لدعوة إبراهيم عيكَاغِ. ثم يقول: وليس ذلك من أيامه بعجيب متعنا الله بسكتى حرمه. ووفقنا لشكر نعمه» وأدام لنا الشرف بالدخول تحت دعوة إبراهيم» ورزقنا طرفا من سلامة ذلك القلب». تلك كلمات جار الله فى مكة المكرمة ‏ الزمخشرى2©27. وقد أحسّ إبراهيم خليل الله بالخشوع أمام ربه والضراعة إليه بعد أن دعا لولده وذريته بما دعاء وأدرك أن دعاءه فيه معنى التطاول مع علم ربهء وهو العليم بكل شىء فقال: ٠‏ ربنا إن تَعلّم ما نخفي وما نعلن وما يَحَفَئ عَلَى الله من شيء في الأرض ولا في السّماء 2 4 . نادى ربه بضمير الجمع فقال: ربنا 4, أى أنه ربه ورب ذريته» ورب الوجود كله. وأنه أعلم بحالهم. سرهم وعلانيتهم» وأن العلم على سواء يستوى فيه المغيب والمعلن وما غاب وما حضرء وكأنه يستدرك على دعائه؛ لآنه سبحانه هو الذى أسكنهم فى ذلك الوادى الجدبء وهو الذى أقامهم بجوار بيته المحرم الذى يحرم فيه ما يباح فى غيره من صيد وقتال لو كان عادلاء إلا أن يكون دفاعا. يعلم كل ذلك» بل إنه ما كان له أن يتطاول على مقام الألوهية بهذا الدعاء» وقثد ابتدأ الدعاء بذكر حالهم من العلم بسرهم وجهرهم. ثم عمم علمه سبحانه 78 /١ج الكشاف:‎ )١( 9 تفسير سورة إبراهيم مالل للح ]ا فقال: وما يخفئ على الله من شيء في الأرض ولا في السماء © وظٍ من 4 هنا وقحطهاء وطبقاتهاء وما فيها من معادن سائلة وجامدة» والسماء وما فيها من نجوم وكواكب» وسحب ثقال تأتى بالدر الوفير والخير الكثير. ولقد قال الزمخشرى فى هذه الآية كلاما قيما ننقله عنه فيما يلى : «والمعنى أنك أعلم بأحوالناء وما يصلحنا وما يفسدنا منّاء وأنت أرحم منا وتخشعا لعظمتك» وتذللا لعزتك» وافتقارا إلى ما عندك» واستعجالا لنيل أياديك وقربا إلى رحمتك» وكما يتملق العبد بين يدى سيده رغبه فى إصابة معروفه» مع توفر السيد على حسن الملكة)(3 . وقوله تعالى: ‏ وما يخفئ على الله من شيء في الأرض ولا في السماء © ذكرت الأرض أولة؛ لأن الكلام فى جدبها وخصبهاء وذكرت السماء؛ لأنها تمدها بالسقى والماء . وظاهر القول أن ذلك من ضراعة إبراهيم عت وهو ما نراه» وقيل: إن ذلك من قول الله والحق أن كله من قوله تعالى ما جاء على لسان إبراهيم وغيره. شكرالئعمة قال الله تعالى: 2# ا .7”41 الكشاف: ج1/‎ )١( 4 8# تفسيرسورة إبراهيم 20 ااال لل 1 لسا جب > ناز اس اس الى ا 2 وه يه لاس د 2 رب اجعلنى مقيم الصّلوَْةٍ وَمِندْرَصَق ريا تناوتقئتل 0-8 0 2 2 سح سه سه لو دع نارين عفرل وود وَللْمَوّمِنِينَ يوم يقوم لْحِسَابٌ 9 يقول تعالى: «( ... لكن شكرتم لأزيدتُكم ولتن كَفَرتم إن عدَابِي لَشدِيدٌ 0 4 فاستدامة النعمة بالشكر؛ لذلك بادر إبراهيم بشكر النعمة التى أنعم الله بها عليه. إن الله تعالى وهب له وهو كبير طاعن ولديه إبراهيم وإسحقء وكانت أمرا خارقا للعادة وعندما بشرت بذلك امرأة إبراهيم : قَانْت يا ويلتئ أألد وأا عجوز وَهذا بعلي شَيَخًا . ٠.‏ 469 [هود]ء فأعلن بالحمد إبراهيم الذى كان مثلا للإنسان الفطرى الكامل: «الْحَمَد لله الذي وَهَب لي علَى الكبر إسُمَاعيل وَإِسْحَاق إن ربّي لسمِيع الدعاء 69 6 . ش ابتدأ كلامه بالحمد إشعارا بشكر النعمة وتقديرهاء إذا أعطاه ولدا حيث يستحيل ذلك عادة وعلى مجرى الأسباب المعروفة؛ إذ أم إسحق عجوز وزوجها شيخ هرم» حتى قيل: إن سنه عند البشارة بإسحق كانت فوق الائة» وقوله: طالْحَمْد لله4 فيه معنى القصرء أى أن الحمد لله تعالى وحدهء فهو مائح النعم ومجريها وحده؛ وهو الذى وهبه فى هذا الكبر الععتى» وقوله تعالى: على الكبر4, «على 4 هنا بمعنى مثلها فى قول الشاعر: إنى على ما ترين كبرى أعلم من حيث تؤكل الكتف وقوله: «علَى الكبرٍ4 تدل على جلال الشعور بالنعمة» إن ذلك واضح أنه إكرام من الله تعالى بخرق الأسباب» وإن شكر النعمة بذكر إسماعيل وإسحق فيه معنى جليل؛ لأنهما ولدا أبى الأنبياء الذنين جاءوا بعد إبراهيم كك فكأن النبوة انحصرت فى ذريته كيت كما يبدو من قصص القرآن الكريم الصادق فى ذاته. ا تفسير سورة إبراهيم ل ممم ممم الملل .م لأس لاا وقد جاءت العبارة الضارعة التى تؤكد شكره للنعمةء فقال: إن ربي لسميع الدعاء 4, والدعاء هنا هو الضراعة إلى الله تعالى» وطلبه منه الولد» فقد طلبه» ودعا ربه به» فقد جاء فى سورة الصافات أنه قال: رب هب لي من الصَالحينَ 0-9 فَبََراهُ لام حليم 0-0 فلم لمعه السعي قال يا بن ني أرئ في المنام أني أَْبْحَك فَانظر مَاذَا ترئ قَالَ يَا أبت افعل ما تؤ تُوْمَر مََجدني إن شَاء الله من الصابرين 69 © [الصافات]» فهذه بشراه بإسماعيل #يه؛ وكانت استجابة لدعائه» وكانت بعد ذلك فى نفس السورة بشراه بإاسحق فقال سبحانه: 9 وَبَشَرتَاهُ بإِسْحَاقَ تبي مَنَ الصّالحِينَ 59 وَبَارَكْنًا عَلَيْه وعلَى إِسْحَاق ومن رهما مسن وطاللفه مي 9 4 . والبشارتان مختلفتان: فإسماعيل أكبر من إسحقء فالذبيح إسماعيل لا إسحق كما جاء فى التوراة المحرفة. ومهما يكن الأمر فى هذا فقوله تعالى على لسان إبراهيم: « إن ربِي لَسمِيع الدعاء 4 فيه ما يدل على أن ذلك كان بدعاء من الخليل واستجابة من الله تعالى» فقد أكد أن الله سميع الدعاء أولا: بالجملة الاسمية» وثانيا ب (إن) المؤكدة» وثالثا باللام فى قوله: طلَسَمِيعٌ الدعَاء © وعبر بقوله: إن ربّي4 فيه أيضا شعور بالشكر الجزيل لربه؛ لأنه الذى ربّه وكونه وقام على شئونه واستجاب دعاءه. لقد كان إبراهيم اخ صورة سامية للفطرة الإنسانية» وأوضح هذه الفطرة حب الذرية والحدب عليها وإكرامها وتوجيهها إلى الحق وإلى عبادة الله تعالى؛ ولذا قال الله تعالى على لسانه: جر اي مم العلا وم ري كا قي عا 46 . النداء إلى الله سبحانه وتعالى بوصف أنه ريه الذى كونه وأنشأى» وريه وقام على شئونه يدعوه إلى أن تكون نفسه للعبادة» يفديه بروحه وبالإيمان» وإقامة 9 01# تفسير سورة إبراهيم الولو 011 لحر ا الصلاة» كما غذاه فى بلنه وعموم أحواله» وحاجاته البدنية» فيطلب غذاءه الروحى بعد غذائه الجسدى. ويقول طِكَ مخاطبا ربه: طاجعلني مقيم الصّلاة4. أى صبرنى وحولنى ووجهنى إلى أن أكون مقيم الصلاة» أى مؤديا لها أداء مقوما مستقيما كاملاء بأن تكون أركانها الحسية مستوفاة» ومنها الخشوع والخضوع المطلق» والصلاة رمز إلى القيام بحق الدين كاملا من غير التواء» ولم يكتف بالدعاء لنفسه بل أضاف إلى ذلك الدعاء لذريته» ولكن الله تعالى أشار إلى أنه سيكون من ذريته من لا يشكر الله تعالى» ومن يعصيه؛ ولذا قال: 9 ومن ذرِيّتي 4. و« من » هنا للتبعيض» اجعل من ذريتى مقيم الصلاة ليكون حبل العبادة متصلا إلى يوم القيامة لا ينقطع التوحيد» وإقامة شعائرهء بل تتصل إلى يوم القيامة» ومن ذريته قائمون على الحق يهتدون بهديه. ويسيروث فى طريق الحق. وهو الطريق المستقيم. 9 ربنا وتقبّل قبل دعاء 4 (الواو) عاطفة على ل اجعلني مقيم الصّلاة 4, وجاء قوله: « ربنا 4 كالجملة تكون بين متلازمين» وهما هنا المعطوف والمعطوف علي وذكر #الدعاء» للضراعة والابتهال إلى الله تعالى» وذكر بضمير المتكلم 9 رب 2# والجمع ربا 4 للإشارة إلى أنه يتكلم عن نفسهء وعن الصالحين من ذريتهء والدعاء هنا هو العبادة» إذ هى دعاء لله تعالى وضراعة إليه» ومن يدعون الأنداد إنما يعبدونهاء وهى لا تضر ولا تنفع» فهم بدعوتهم من دون الله سبحانه وتعالى يعبدون ما لا يضر ولا ينفعء ولقد ورد أن النبى َك قال: «الدعاء مخ العبادة»7١)‏ فالدعاء من العبادة» وهو ذاته عبادة. وقال: 9 تقبّل دعاء » والتقبل شدة القبول» وتقبل العبادة من الله تعالى قبولها مع الرضوان» ومحبة القائم بها. (0) سبق تخريجه. ا تفسير سورة إبراهيم ملك لال جل وإن ذلك يتقاضى أن يكون ذلك من العابد بقلب سليم مخلص طاهرء لا يقصد بها غير وجه الله الكريم» لا يرائى به» ولا ينقض بعضها ببعض» بل يتجه بكل نفسه لربه لا يكون فيها موطن لغيره سبحانه . وإن إبراهيم لاه يمثل فى شخصه النبوىء» الرجل الفطرى المستقيم النفس فى كل اتجاهاتهاء وقد رأينا من فطرته أنه فكر فى ذريته كما فكر فى نفسهء والفطرة السليمة تجعله يذكر عند الخير أبويه كما ذكر ذريته؛ ولذا عندما اتجه إلى ربه طالبا مغفرته ذكر أبويه فقال تعالى على لسانه: وا افر لي ولوالدي وموم يوم قوم الحساب 469 . كان إبراهيم طِكَلهِ متجها دائما إلى مقام الربوبية فنادى ربه بالربوبية» وقد ذكرناها فى ذلك من ضراعة المؤمن المقدر لنعمة الإيجاد» والربوبية» والقيام على شئونه» وأنه الحى القيوم القائم على ما أنشأ من خلق» وهو اللطيف الخبير» ودعاه بالمغفرة» وابتدأ بنفسه أولاء ثم ثنى بوالديه» وثلث بالمؤمنين الذين يؤمنون بالله واليوم الآخرء سواء أكانوا من ذريته أم كانوا من غيرهم» فهو دعاء لعامة المؤمنين» وإبراهيم كله كانت أدعيته العامة جماعية؛ لأنه نادى بالاخوة الإنسانية . وطلب الغفران وستر الذنوب» ومحو السيئات» وقيام الحسنات» يوم يقوم الحمساب» وهو يوم القيامة حيث يكون الحساب بأن يقوم كل إنسان ما قدم من خير» وقد كتب ما ارتكب من خير وشرهء فهو يطلب من الله فى هذا اليوم عفوه وتغليب مغفرته على عذابه» وذلك بالنسبة للمؤمنين» وبالنسبة لوالديه. وهنا يسأل سائل كيف يستغفر إبراهيم لأبويه» وأبوه بلا ريب كان مشركا يعبد الأوثان؟ ويقال: إنه كان يصنعها؟ ونقول فى هذا: إن إبراهيم كان رجل الفطرة المستقيمة» ففطرته الإنسانية المستقيمة دفعته لأن يكبر عليه أن يهتدى وأبوه مشرك» وأن يعبد الله وأبوه يعبد الشيطان» وأن يكون فى الجنة وأبوه فى الثارءٍ وقد بدا ذلك فى مجاوبته» إذ قال لأبيه: # . .. يا بت لم تعد ما لا يسمَعْ ولا ينصر .م 0# تفسير سورة إبراهييم للا آذآ[ 1[ 1 1 1 1 1 11آآ32500101010غ2 لس لاة ولا يغبي عنلك سينا 69 يا أبنت إني قد جني من العم ما َم يأك في دك برام سَريًا 69 يا أبت لا تعبد الشيطان إن ليطا كان للحم عصيًا 69 يا أت إنّي حاف أن يمَسّك عَدَاب من الرَحْمَّ فَتَكُونَ للشيْطان وكيا © 4 [مريم]» طرده أبوه من حضرته مع ما فى عبارته من رفق» وما تشف عنه من محبة» ولكنه يستمر فى رفقه بمقتضى حكم الفطرة» فيقول: 8١‏ .. سلام عليِك مسأستغفر لك ربَي إِنَّهُ كان بي حَفيًا 69 4 [مريم]ء كانت هذه أول موعدة وعدها إياه» فاستغخفر له ولم, تكن بينهما بغضاء الضلال التى اتسم بها أبوه؛ ولذا قال تعالى : قد كانت لكم أسوةٌ حسنة في إبراهيم والّذين عه إذ فَاُوا لوم مهم إِنَا براء منكم وممًا تَعبَدونَ من دون الله كفنا بكم يدا ْنا يكم الْمَدَاوة وَالَْضَاء بدا حم ُو الله وده إل ول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لَك وما أَمْلك لَك من الله من شيم . . . 2 »© [الممتحنة]. إذن كان الخليل يغ يستغفر لأبيه ويطلب له المغفرة ومرتبط معه بمودة لم تفرقها عذاوة» اوهذم السورة الى تكلم فى معانيها سورة مكية» وسورة الممتحنة لم يكن حتى سورة الممتحة). وجاء التهى بعد ذلك كما يدل عليه قوله تعالى: « وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إل عن مُوعدة وعدها إياه فلم تين لَه أنه عدو لله برا منه إن إبراهيم لأواة حليم 659 4 [التوبة] . وقد قلنا: إن إبراهيم عَيكَهِ تتمثل فيه الفطرة القويمة. الكافرون بالنعم ظا مون قال الله تعالى: 01 دآ 2 ل يه وسح سر و لاتَحسبر الله عل قلاع نَايْئَ مَل ص ع م/م 0 ارس ل« مو 22 لظدِيِمُو ]سورهم ليو تشخص فيد الا صر 0 ٍ- 2 2 - مهُطعين مقن رءوسيئ لا , دلي ره وأ دتمم سا ا تفسير سورة إبراهيم لمن الل ١م‏ للح ا 7 عَوَيَأَذِر لاس يونم اْمَدَابُ ورين قي تي تَسَمْشْمِيَنِْلُ مَالَحكُم يَنْرَوَالِ 9 مَسَككَموق نحن آل طلا هوب لح مكف فمسلتايه: وَصَرَبَا لَك لامعال ليها وكَد مكروأ محك رهم وعند اله مَكُرُهُم وَإنكانت مَحك ره لول ل 2 ذكر الله سبحانه وتعالى مثلا كاملا لشكر النعمة» واختار لذلك خليله 7 | 27 إبرأهيم يَهِ؛ لأنه أبو العرب الذين يعتزون بنسبه» وهو الذى أجرى الله على يديه بناء البيت مكان عزهمء وذكره دعوة إلى اتباع ملتهء والإسلام ملة إبراهيم الذى سمى المسلمين مسلمين. بعد ذلك ذكر سبحانه من يكفرون النعمة ويظلمون أنفسهم بكفرهم» فقال عز من قائل: : «إولا تَحْسَبنَ الله غَافلاً عَم يعمل الظَالمُون إِنّمَا يوَخَرهم لوم تشخص فيه الأبصار 69 4 . الحسبان هو الظن أو العلم المبنى على الظنء والنبى كك منزه عن أن يظن الغفلة أو السهو على الله تعالى» فالله يعلم ما كان وما يكون. وما هو كائن؛ ولأنه تعالى وعده بالنصرء والعقاب الشديد على ما يفعله». وأنه محص عليهم أعمالهم كل امرئ بما كسب فكيف ينهى عن الظن بأن الله غافل» وما كان احتمال لأن يرد ذلك على قلب النبى تَكلِيّةِ حتى ينهى عنه» والجواب فى ذلك أن هذا الكلام لتاكيد أن الله تعالى يحصى على المشركين أعمالهمء ٠‏ كما يقول تعالى: و .. ولا تَكُونَنَ من المشركين 69 4 [القصص]» وكقوله تعالى: «ولا تدع مع 6 ا تفسيرسورة إبراهيم اللللللللل ل الال 0 0 ب ل َي الله إلها آخر 468 [القصص]» فهو نهى للتثبت» وتأكيد أنه لم يقع من النبى كه وفوق ذلك أن النهى إعلام للنبى يَكِ بأنه عالم بحالهم محص عليهم سيئاتهم» وهو تهديد شديد لهمء كما يقول المجادل لمجادله: لا تجهل أنى عالم وعبر بقوله تعالى: إالظالمون 4 فأظهر فى موضع الأضمار لتسجيل الظلم عليهم؛ ولآأن العقات سبب الظلمء فهم أشركواء والشرك ظلم عظيم؛ وآذوا المؤمنين والمؤمنات» وذلك اعتداء ظالم آثيم»؛ وصدوا عن سبيل الله» فلم يتركوا وإذا كان الله تعالى عالما بظلمهم مجازيهم على ما يفعلون من آثامء فهو لا يهملهمء ولكن يمهلهم ولقد قال تعالى فى ذلك: 9 وَأمَلي لهم إن كَيْدي مَتَينْ 62 4 [القلم]ء وفى هذا النص السامى يقول سبحانه: فإِنْمَا يوَخَرِهم ليوم تشخص فيه الأبصار 9 مهطعين مقنعِي روهملا يرد يهم طرفهم وأفتدتهم هراء 69 4 . 8 إِنَمَا4ُ هنا أداة حصرء أى كان التأخير لأجل هذا اليوم الذى يكون شديداء وفيه النفوس جميعا تكون فى هلع وفزع» فليس التأخير لنسيان» أو غفو أو ترك» إنما التأخير هو ليوم كله عذاب الأجساد والأنفس» وإذا كانوا يمشون فى الأرض مرحاء ويستهزءون ويرتعون ويلعبون ويسخرون من المؤمنين فسيكون عليهم يوم عسير شديدء وقد وصف الله تعالى حالهم فى ذلك اليوم فذكر لهم حس حول كل حك فها تنئ عن فزع بلا العين تشخص لا تغمض من هول ما ترىء : إن إغماض العسين يكون من الدعة والاطمئنان» أما يوم القيامة يوم الفزع الأكبرء فإنه لا يكون اطمئنانا ولا يكون 1# تفسير سورة إبراهييم 0 بلوللا بنجب يرن و دعة» وتكون العين مفتوحة متسعة الأحداق من الأهوال التى تراهاء حتى كأنها مع فتحها وعدم إغماضها لا تشعر بشىء إلا الهول وأسباب الفزع . والحال الثانية: هى ما قاله سبحانه وتعالى: 8 مهطعين 4. ومعناها مسرعين قال فى آية أخرى فى وصف حالهم يوم القيامة: فإ مهطعين إِلَى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (4)5 [القمر]ء والإهطاع إسراع فى ذل وتكسر وخوف وهلع» فبعد أن كانوا يسيرون فى الأرض مرحا كأنهم يخرقون الأرض أو يبلغون السماء طولا يسيرون مسرعين أذلاء خالفين لأول داعء خائفين من أن يكون وراء الدعوة أمر أشد هولا. والحال الثالثة : عبر عنها سبحانه وتعالى بقوله: 9 مقنعي رءوسهم # من أقنع رأسه» وتستعمل بمعنى رفعها متطلعا إلى من فوقها من شدة الهلعء وقد قال فى معناها الأصفهانى فى مفرداته: أقنع رأسه رفعها قال: وو مقنعي رءوسهم # 2 وقال بعضهم : أصل هذه الكلمة من القناع» وهو ما يغطى به الرأس» فقنع لبس القناع ساترا لفقره» كقولهم حفى أى لبس الحفاء» وقنع إذا رفع قناعه كاشفا رأسه بالسؤّال كخفى إذا رفع الخفاء. وخلاصة هذه المعانى أنهم يكشفون ذلهم وحاجتهم رافعين رءوسهم بالذل والهوان» لا يستتر من أمرهم شىء» فلا يبدون ما يخفونء ويظهرون ما لا يسرولن. وذكر الزمخشرى أن بعض علماء اللغة يفسر (إ مقنعي رءوسهم 4 يخفضها ذلا وانكساراء ورءوسهم ارتفعت» أو اتخفاضهاء فهو ذل ظاهر واضح» وصار كالسائل الذى كشف قناعه للمسألة . ما هم فيه وهذه عبر الله عنها بقوله تعالى : 53 دنه طق : والمعنى أن أنظارهم قد استغرقتها الأهوال التى تراها فهى فزعة هلعة قد سمرت أعينهم فيما : ## تفسيرسورة إبراهيم لالللاااللللكوو الل للم + رار يي ترى من عذاب هو عذاب الهول الأكبرهء فلا ترجع إليهمء أى لا تعود إلى سيطرتهم فترى ما يجب أن تراه وتمتنع عن رؤية ما لا يجب أن تراه» فهى قد ملكتها تلك المرئية المفزعة ولم يعد له عليها من سلطان. والحال الخامسة : أن أفئدتهم فرغت من أسباب الاطمئنان» وامتلآت بأسباب الهموم وال لخوف» وقد عبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله تعالت كلماته: « وأفئدتهم هراء 4. أى لا تدرك شيا ولا تعيه من شدة الخوف والهلع» فهو كقوله تعالى: « وَأصبّح فُوَاد أُمّ مُوسئ فَارِعًا ... )4 [القصص]» أى أنه فرغ من الوعى والإدراك ولم يبق إلا موسى والخوف عليه» والهواء فى اللغة المجوف الخالى» والمعنى أصبح فؤادهم مجوفا خاليا من العلم والإدراك لشدة ما رأى وما وقعء ومن هذا المعنى قول حسان شاعر الإسلام من أبى سفيان قائد الشرك آن ذاك: 1 ألا أبلغ أبا سفيان عنى 0 فأنت مجوف نخبهواء وهذه الأحوال تصوير لحالهم يوم القيامة من فزع وذل وانكسارء وامتلاء قلوبهم بالخوف والرهبة» وإنها من آيات الإعجازء وكل القرآن إعجاز يبهر المدركين . ٠‏ ولقد أمر الله تعالى نبيه أن ينذر الناس بهذا اليوم الذى ذكر فزع الناس فيه فقال تعالى: 9 وأنذر الئاس يوم يأتيهم الْعَدَاب فيَقول الذين ظَلَموا ربنا أخَرنا إلى أجل فيب لج دوف و لم4 . الكافر مادى لا يؤمن إلا بما يرى ويحسء. فما لم يحسه لا يؤمن به» وليس عنده نفاذ بصيرة يعى به ما لم يدرك وما لم يره؛ ولذا كان من أوصاف أهل الإيمان أنهم يؤمنون بالغيب وهم بالآخرة هم يوقنون» يرون الناس يموتون ويحيون» فيعلمون أن الحياة لغاية وأن الموت ابتداء نهاية. 1# تفسير سورة إبراهييم 9 ال ااال 0101 كك ى ولذا كان أول إنذار هو الإنذار بالعذاب الأليم فى يوم القيامة» وهذا قوله تعالى: إ وأنذر الئاس يوم يأتيهم الْعَدَاب 4 الإنذار: الدتخويف» وهو يتعدى إلى مفعولين الأول ا الئاس 24 والثانى « يوم 4 . والإنذار متجه لما يجرى فى هذا اليوم من حال تقشعر من هولها الأبدان» إذ تكون أبصارهم فيها شاخصة» خوف العذاب الأليم الذى هو فى ذاته هول أكبر» ولكن جعل التخويف لليوم من إطلاق اسم المحل وإرادة الحال؛ وإنه لشديد تضطرب له نفوس أهل النار « فقول الْذين ظَلَموا ربا أخَرنا إلى أجل قريب ٍ» الفاء هنا لبيان أن ما قبلها سبب ل بعدها فما فيه من هول شديد» وما فيه من جحيم «( وإن سكم إلا واردها كان علَىئ ربك حَنْما مُقَضيًا 469 [مريم]ء يكون سببا لأن يطلبوا الرجعة إلى الدنياء وقد قالوا: طأخْرنا إلى أجل قَرِيبٍ» إلى زمن قليل» وعبر عنه بالقريب لأنه قريب ما بين طرفيه أوله ومنتهاه» وهذا كقولهم فيما يحكى الله تعالى عنهم : « ... ربنا أبصرنا وسمعتا فارجعنا نَعَمَلَ صالحا إِنَا موقنو 09 » [السجدة]» وكقولهم فيما حكى سبحانه عنهم: ١‏ ... ربْنا أَخْرِجنا تَعمّل صالحا غير الذي كنا نعْمَل .. . 69 4 [فاطر] . وقوله تعالى: ا جب دعوتك 4 وهى دعوة التوحيدء وألا يشركوا بالله شيعًا وما جاء به القرآن وغيره من كتب السماء»ء ومن شرائع» وتتبع الرسل4. أى لا نستكبر عليهم ولا نتعالى ونتسامى عليهم» بل لنكون لهم تبعا. سا ساس هاس عاطفة على ما قبلهاء والهمزة للاستفهام الإنكارى الذى فيه إنكار الواقع» أقسمتم من قبل مغترين على الله تعالى جاهلين لأنفسكم. ولمجرى ا حياة ما لكم من زوال 4» أى ليس لكم أى زوال» وإنهم فى الحقيقة كما يظهر من مجرى ا تفسير سورة إبراهييم و اللي + كاوه‎ ١ 2-7 أمورهم أنهم كانوا لا ينكرون الموت» ولكن ينكرون الحياة بعد الموت ويقولون: ... نذا كنا ترابا كنا قفي حَلْق جديد ... (2) 4 [الرعد]. ولكن لأنهم عتاة غاشمون لا يرعون إِلّ ولا ذمة» وقد اغتروا بالحياة الدنيا وغرهم بالله الغرورء يعملون كأنهم لا يموتون ولا يفنون» وأنهم فى الدنيا خالدون. ش وقد فسر بعض العلماء أن المراد من الزوال المنفى أنهم لا يزولون ثم يبعثون» وهذا تفسير مجاهد تلميذ ابن عباس ترجمان القرآنء كما سماه عبد الله ابن مسعودء ويكون المعنى على هذا التفسير: ما لكم من زوال من هذه الدنيا تتتقلون من بعده إلى الآخرة. وإنهم فى قسمهم هذا أو فى حال الغرور التى اغتروا بها وحسبوا أنها حياة خالدة» والعير ب بين أيديهم قائمة» ولذا قال تعالى : : © وسكنتم في مُساكن الّذين ظَلَموا أنفسهم وتبيّنَ لَكُم كيف فَعلنَا بهم وضربنا كم الأمثال 69 4 . سكن» معناه قر فيهاء وغنى فيهاء وتتعدى ب(فى)» كما تتعدى بنفسهاء فيقال سكنت الدار» والأصل هو التعدية ب (فى) ثم لما شاع الاستعمال تعدت والمعنى أن العبر كانت قائمة» وأقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم لا يبعثون بعد موتهم» وقد سكتتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفرهء والإيذاء للمؤمنين والصد عن سبيل اللّه» وتبين لكم ما نزل بسبب ظلمهم من إمطارهم حجارة من سجيل منضودء ومن جعل الأرض عاليها سافلها إلى آخر ما هو ثابت عبرة للآخرين؛ ولذلك قال تعالى: ل وَتبَيّنَ لَكُم كيف فَعَلْنَا بهم وضربنا لكم الأمثال 4. أى تبين ما فعله الله بهمء وحالهم العجيبة الجديرة بالنظرء وبينا لكم الأمثال الأشباه» ومع ذلك لم تعتبرواء فاليأس من إيمانكم كان ثابتاء واليأس من إيمانكم بعد رجعتكم إلى الدنيا أشد ثبوتا. تفسير سورة إبراهيم 0 لل ا0ااالللل ل لل بالل اللا حب أ ومع هذه العبر والأمثال استمروا فى غيهم؛ ولذا قال تعالى : « وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لعزول منه الجبال 69 4 . الكلام فى أخبار الذين سكنوا فى مساكنهم» وقد تبين كيف فعل الله بهم وقد بين فى هذه الآية أنهم كانوا يدبرون التدبيرات الخبيثة للكيد للحق وأهله. والتوحيد ومعتنقيه» أى دبروا كل ما يحاربون به عقيدة التوحيد» فاعتقدوا الباطل وناصروا الشركء وحاربوا المؤمنين بكل أنواع الحرب من فتنة فى الدين. . وإيذاء للمؤمنين وسخرية بهم وعند الله مكرهم 4, أى وعند الله تعالى علم مكرهم» وأنه محيط بما كانوا يمكرونه ا وإإن كَانَ مَكْرهُمْ ليرول مه اْجبَال 4 . الجبال هنا المراد بها شرائع الله تعالى التى جاء بها النبيون» فشبهت بالجبال لثباتها وشموخها وعلوها ورفعتها. وظإن »4 هنا إما أن نقول: إنها مخففة من ك4 الثقيلة» والمعنى أن الحال والشأن أن ذلك المكر كان مهياً ومعدا لتزول به الشريعة» ولكن تدبير الله كان أحكم فنجت الشرائع التى بلغت فى شموخها وعلوها وثباتها مبلغ الجبال. وإما أن نقول: إنها نافية وتكون اللام لام الجحود» ويكون المعنى» وما كان مكرهم مهما يبلغ من القوة والتدبير والإحكام فى زعمهم لتزول منه الشرائع المحكمة التى هى كالجحبال فى ثباتها وعظمتهاء وإن الله تعالى حافظ شرعه وأنبياءه والمؤمنين» ولو تضافر الشرك كله. إن الله لا يخلف الميعاد قال الله تعالى 4 و لل نا فيرخ سا ساح ارو اخ ل سس فر فلا تحسين الله يلف وعدوءر. إن بر 1 > محمد -ه ' ا ام لس د م مم 0 00 ذوائقا ليا يوم يبدل رض علض وَالسموه 7_6 ## تفسير سورة إبراهيم الل ل اللا للا أب أ ويرذوا ءالو وح رِالْنّارِ ‏ وترى الْمجَرمين يوْمَيذٍ 6 مُقَرَّينَ ف الْأصْفَادٍ مَرَابِلْه مم قطان وتعْتّى وير مَعَذألنَا 10 سه ده ئَ ع وجوههم| مَّارٌ ا لجرا لَه كل نقيس - ند 2 د #خ- ون ا إِنَاشَهَ م سَرِيِعٌالْحِسَابٍ لي هاذا, لغ لام ولمنذ م 26 ول لخدلا وود 2 16 ُ يد وليعلموا | تَامْر وتويك مولن 5 كان النهى فى الآيات السابقة عن أن يحسب أن الله تعالى تارك الظالمين» فى هذه الآيات يبين أن الله تعالى أنه منزل هذا العقاب لأن جزاؤهم» ولأنه قد وعد رسله به» وإن الله تعالى لا يخلف رسله ما وعدهم به. قوله تعالى: «إفَلا تَحَسَبَن الله مخلف وعده رسلّه 4, وظ رسلّه4 مفعول للوعد» أى لا تحسبن الله مخلف ما وعد الرسل» وقدم الوعد على الرسل للإشارة إلى أن إخلاف الميعاد ليس أمرا جائزا بالنسبة للّه» سواء أكان من وعده رسولا أم كان غير رسول. وقد وعد الله رسله بالغلب» وأن يكون السلطان للحق» كما قال تعالى: 0 .. لأغلبنَ أنا ورسلي . ٠.‏ ©4 [للجادلةاء, وقد بين تعالى أن الغلب لهم فى هذه الآية» فقال تعالت كلماته: ١‏ إن الله عَزِيرٌ ذو انتقام 4, «عزيز» معناه غالب صاحب انتقام للحق من الباطل» وللضعفاء من الأقوياء» والانتقام معناه مجازاة المسىء بما أساء وأن يقتص بالحق من القوى للضعيف», وأن تكون العقوبة على قدر الجريمة» فأساس العقاب فى الشريعة أوفى» أى يكون العقاب على قدر الحريمة» وأن يكون جزاء وفاقا لها. 8# تفسير سورة إبراهيم 2 الال ااال لل لح را وهنا يسأل سائل» لاذا عبر سبحانه فى الجزاء بالانتقام؟ لأن الظالمين من المشركين قد أرهقوا الضعفاء المؤمنين من أمرهم عسرا وصعبوا الاستمساك بالحق وجعلوه مرا فكان لابد من الجزاء انتقاما من الظالمين لتقر أعين الضعفاء ويذوقوا حلاوة الحق بعد أن ذاقوا مرارته. وقد يسأل سائل لا يعرف آداب القزآن ولا حكمة الديان: كيف يسمى العقاب انتقاما وهو لإصلاح النفوس لا للانتقام منهاء ونظرية الانتقام يبطلها علم القانون» ونقول فى الإجابة على ذلك: إن شأن الآخرة هو القصاص من جرائم الدنياء وأما فى الدنيا فكلامهم قد يكون واردا على نظر فيه» فإن العقوبات الإسلامية للردع» والإصلاح يكون من طريقه» إذ يكون فيه عبر لمن يكون على استعداد للارتكاب» وقد قال بعض القانونيين: إن العقوبة إذا كانت من جنس الجريمة كانت أردع للجانى؛ لأنه يتصور وهو يرتكبها أن سينزل به مثل الذى ينزله وإن ذكر العقوبات القاهرة فيه عبرة لمن يكونون على وشك الارتكاب فى الدنياء فمن يعرف أنه سيذل يوم القيامة لا يذل الناس» ومن يعلم أنه ينال عذاب الجحيم لا يكفر ولا يؤذى عبدا. وإن ذلك الذى يكون فيه انتقام الله تعالى من الأشرار هو يوم القيامة يوم تبدل الأرض غير الأرض؛ ولذا قال تعالى: «( يوم تبدّل الأرض غير الأرضٍ وَالسّموات وبرزوا لله الواحد الْقَهَارٍ 2 » يوم متعلق ب(انتقام)» أى أن الله تعالى فى هذا اليوم: «( يوم تبدل الأرض غير الأرض... 4 والتبديل قد يكون فى الذات كقولك بدلت الدراهم دنائير» ومنه 9. .. بدلناهم جلودا غَيِرها ... 69 »4 [النساء]ء #8 . .. وبدلتاهم بجتتيهم جنتين . [سباأ]ء وقد تكون فى الأوصاف كتبديل سبائك الذهب إلى حلى فثقلت من شكل إلى شكل» والجوهر واحد فى القولين» وقد يكون تغييرا بين النقيضين أو الضدين» ومنه قوله تعالى: (١‏ ... فأولتنك يبَدل اللّهِ سيئاتهم حَسَنَات ...460 [الفرقان] فالعبرة فى هذا بالآثر. تفسير سورة إبراهيم و لض الل مالل ااا يي وتبديل الأرض أمر واقع لا محالة» واختلف فى كيفة وحاله» فقيل: تبدل أوصافهاء» فالجبال تتفكك وتصبر كالعهن المنفوش» وتتحرك وتضطرب وتتفجر الينابيع وتسوى الماء باليابس فلا يرى عوج ولا أمت» وقيل: إن الأرض كما هى» ولكن يتغير ناسهاء ولا يكون فيها ظلم يقع» بل تكون كلها تحت سلطان القهار وروى ذلك عن ابن عباس ٠‏ فقد أنشد بعد ذلك : وما الناس بالناس الذين عهدتهم ولا الدار بالدار الذى كنت تعلم وتبديل السموات بانتثار كواكبهاء وكسوف شمسهاء وخسوف قمرهاء وانشقاقها(١2»‏ ومن الحق أن كل الكون يتغير فى أحواله وأوصافه ودورانه» فالسماء تتغير» كما قال تعالى: 9إِذًا الشُمس كُوَرت (0 وَإِذًا النجوم انكَدَرَت 02 وإذَا الجبال سَيّرَت 2 وإذًا العشار عطَلت © وإذَا الوحوش حشرت (2 وَإِذًا البحار سجَرتْ © وإِذَا النفوس رُوَجَتْ © 4 [التكوير]. وهكذا تبدل الأشياء»ء وتتبدل الأحوال» فبعد أن كان الظلم فى الأرض بغالب الحق فإذا الحق هو الأمر الذى لا يغالبه شىء. هذا يوم القيامة؛ ولذا قال تعالى: © وبرزوا لله الواحد الْقَهّارِك, أى ظهروا وعلموا أنهم قد لقوا الله تعالى وقد كانوا يكذبون لقاء الله» ويعجبون من أن يعودوا بعد أن يصيروا ترابا وعظاماء ولكنه لقاء لا يسرهم.ء إنا هو لقاء القهار لعقابهم ؛ ولذلك ذكر سبحانه وتعالى يوصفه الرهيب عندهم الذى ينقض اعتقادهم الباطل فقال: 8 لله الواحد الْقَهَارِ4. ولفظ 9اللّه 4 يلقى وحده المهابة فى نفوسهم بعد إنكارهم لقاءه» ووصفه ب الواحد »© ليعرفوا أن شركهم كان باطلاء وأنه وحده الحكم العدل فلا شفاعة لأحدء ولا لأوثانهم» وَظاالْقَهَارِ)4 صيغة مبالغة من القهرء أى أنه سبحانه وتعالى وحده الذى سيوفيهم جزاءهم مقهورين مغلوبين. )١(‏ من الكشاف بتصرف. ا تفسير سورة إبراهيم 6 لوال الول ا ني ولقد صور الله تعالى حالهم بعد ذلك اللقاء المفزع الذى تشخص فيه الأبصارء وهذه كقوله تعالى: #8 ... لمن الملك اليوم لله الواحد الْقَهَّار 63 4 [غافر] . © وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد 9) سرابيلهم مُن قطران وتغشئ واو لماإرشسش اي وجوههم النار 0©) # . ذكر الله تعالى لهم أحوالا ثلاثة: الأولى: أنهم مقرنون فى الأصفاد. والثانية: أن سرابيلهم من قطران. وقد ذكر سبحانه وتعالى أولا وصفهم بالأجرام ؛ لآن ما كسبوه من جرائم فى اعتقادهم» وفى أعمالهم » وفى إفسادهم فى الأرض عبثا وفسادا» هو السبب فيما ينالون من عقاب. وقوله تعالى فى ا حال الأولى: «9 مقرنين في الأصفاد © من قرن بمعنى جمعء وفّرن بمعنى شدد فى الجمع ووثق فى الأمر الجامع » والمعنى مشدودون بوثاق مجموعين فيه لتشابه جرائمهم» واتحادهم فى أوصافهم الإجرامية» ومقرنين فى أيديهم وأرجلهم بالأصفاد. جمع صفدء وهو القيد يقيدون به» وتغل أيديهم وأرجلهم به . هذه هى الخال الأولى. سرابيلهم من قطران 4 والسرابيل : جمع سربال» وهو القميص الذى يلاصق بعض الأشجار» وتهنأ به الإبل دواء لها من الجرب» ومن شأنه أنه يشتعل بالنار» 6 تفسيرسورة إبراهيم الل «#لج بون بي ١‏ فإذا بقمصانهم المتصلة بأجسامهم اللاصقة بها نيران مشتعلة» فالنار تحوطهم من كل ناحية فى أجسامهم . ولكن القمصان أو السرابيل لا تغطى الوجوه عادة فتجىء الحال الثالثة» وهى قوله تعالى: 8 وتغشئ وجوههم النار», أى النار تستر وجوههم كما ستر القطران وكان ذلك جزاء» والإخبار به تبليغا؛ ولذا قال تعالى : ٠‏ لِيِجَزِي اللَّهُ كل نَفْس ما كَسَبّت إن الله سَرِيع الحساب 620 هذا بلاغ للئّاس عر لير هذا البيان من قوله تعالى: طقلا تَحَسبَن اللّهَ مخلف وعده رسله » إلى بيان ذلك العذاب الذى تعم فيه النيران أجسامهم, إنما هو: أولا: لبيان العدالة الإلهية. وثانيا: ليبلغوا بالفعل وجزائه» والخير والشرء وما يجب عليهم. وثالثا: للإنذار لكى يعلم أهل الشر مآلهم. ورابعا: ليعلموا أن الله هو الواحد القهارء وأن لا شىء له صفة الألوهية إلا الله تغالى . وخامسا: ليتذكر أهل الألباب المدركين المؤمنين» فهو ذكر لهم وإنذار لغيرهم . أما أولها: فقد ذكره سبحانه بقوله تعالى: «( ليجزِي الله كل نف سما كسبت » وعبر بأن الجزاء هو ما كسبوا من عمل» فليس فى ظاهر اللفظ أنه جزاء العمل» بل هو العمل ذاته؛ وذلك للإشارة إلى المساواة التامة بين الجزاء والعمل» فكأنه هو هوء وقد أكد الله وقوعه فقال: إن اللّهَ سريع الحساب »4 فإن السرعة هنا تأكيد 01# تفسير سورة إبراهيم 5 42140001000000آ404س24#”“”“4ضس200100000000101#7#”#7#7#7#7#7#7#71#7171212424 2-7 5 للوقوع» وأن المقاربة الزمنية بالنسبة لله تعالى مؤكدة» فهو سبحانه لا تستطال على أفعاله الأزمان. أما الأمر الثانى: وهو التبليغ» فقد عبر سبحانه عنه بقوله: هذا بَلامْ لئاس 4 تبليغ من الله تعالى لكى يكون حسابهم على بينة من أمورهم. كما قال تعالى: 8 . .. وإن مَن م إلا حلا فيها نَذيرٌ 2 4 [فاطر] . .ومن التبليغ ما جاء فى الأمر الرابع وهو أن يعلموا 8 أَنمَا هو إَِّهُ واحد », هذا قصرء والضمير «(هو»4 يعود إلى الله تعالى» أى أنه لا إله إلا اللّه» فالمعبود بحق واحد» وما عداه باطل فى باطل . والأمر الشالث قبل الرابع» وإن كنا ذكرناه أولاً لاتصاله بالبلاغ فى كلامنا وكلام الله أعلى وأحكم وأوثق. والأمر الرابع : أن هذا الإنذار للكافرين ليعتبروا والعبرة قد تفيدهم. والأمر الخامس : أن فيه تذكيرا لأولى الألباب.» أى أولى العقول المدركين وهم المؤمنين فيزدادوا بهذا البلاغ إيماناء والله أعلم بشرعه. أول الجزء الرابع عشرء وأوله سورة الحجرء وهى سورة مكية إلا ما قيل: إنه يستثنى مكينه وهى الآية السابعة والثمانين» وعدد آياتها [44]. وقد ابتدئت بالحروف المفردة 8 اكر». وذكر بعدها القرآن الكريم ط تلك آيات الكتاب وقرآن مبين 4 وقد أخبر سبحانه أنه طربما يو لين كَمَروا لو كَانوا مُسَلمِين 40 ولكن غلب عليهم الهوى» ظذَرهم يكوا ويتمشعُوا ويلههم الأمل و اهل 4)5». وإن بين أيديهم العبر فوم كنا من قرية إلا ولا كعاب (2)# ومن لهوهم وعبثهم قولهم لنبيهم: وَقَانوا ا أيُهَا الذي نزّل عليه الل لصحو رجا أرما ناي باللافك إن كس من مادق 0 4 : وإن الملائكة لا تنزل» وإذا نزلوا لا يؤجلهم اما َل اْمَلائحَة إل بالْحقّ وما كَانُوا إذا منظرين (4)2. وذلك شأن الكافرين يتوارئون ذلك الفكر السقيم جيلا بعد جيل» وإن القرآن باق ظ نا نحن تلا الذكر ونال لَحَافطُونَ (2) ولد أَرسلنا من قبلك في شبّع اَن 9 وما يَأنهم من رسُول إلا انوا به يَسْمهِءُونَ 09 كَذَلك نسلكه في ُنُوب الْمُجرِمينَ 09 لا يؤمنون به وقد خَلَت سن الأولينَ 09 4 . وإن الآيات لا تخزيهم؛ الأن قلوبهم أغلقت عن الحق ولو فحنا ليم با مّنَ السَّمَاء فَظَنُوا فيه يَعَرَجونَ 69 © لَقَانُوا إِنْمَا كرت أَبْصَارنَا بل تحن قوم تسحورون 409 . عجيب كر افد حل في اما ويا ويا لطر( فاه مع ل تفسير سورة الحجر ال 0 2 ل أ شيطان رجيم 09 إلا من استرق السمع فَأَتْبَعَه شهاب مبين 2 والأرض مددناها وألقيئا فيهًا رواسي رابا فيها من كل شَيءٍمُوُونِ 09 وجعلنا لَكُمْ فيه مَعَايضَ ومن همل برازقين ( #50 وبعد هذا الخلق» وذاك التكوين كان كل شىء ذ فى السموات والأرض بأمر الله وفى قبضة يده 9 وإن من شيءإلاً عددنا خَزائئه وما ما تله إلا قَدر مُعلُوم 9 وأرسلنا الرياح لواقح فَأَنزلنا من السّماء ماء فأسقينا كموه وما أنتم له بخازنين 69 4 . وإن الله تعالى ترى آثاره فى خلقه من إماتة وإحياء «9 وإنا لدحن نحي وذميت وتحن الْوارِثُون 5 4 وإذا كنتم ترون بالعيان الإحياء والإماتة فقد كان ذلك فيمن تقدم» وفيمن تأخرء 9 وَلَقَد علمنا المستقدمين منكم ولَقَد علسنًا الْمستأخرِينَ 69 وَإِنّ ربك هو يحشرهم إِنّهُ حكيم علي (59) 4 . بعد ذلك أخذ سبحانه يذكر فى هذه السورة خلق الإنسان من طين فقال: «( ولقد خَلّقنا الإنسان من صلصال من حَمّأ مُسنون 69 وَالْجَانَ حَلَقَاهُ من قَبَلَ من نار السّموم 69 4 . بعد ذلك أشار سبحانه إلى خلق آدم وسجود الملائكة له» وامتناع إبليس أن يكون من الساجدين» وغروره بأنه من نار وآدم من طين» وقد طرده الله سبحانه من جنته وقال له: «إوإِنَ عليك اللّعنة إلى يوم الددين 62 24 وأنظره الله إلى يوم يبعئون «قَال رب فأنظرني إِلَئ يوم يعون 09 قَال فَإِنّكَ من الْمسظرين 69 إلى يوم أرقت المعلوم قال رب ب أفوضي أنه في الأو رليم أي و لذ عبادكَ منهم الْمخْلَصينَ 6 قَالَ هذا صراط علي مُسْعَقَيم 69 إِنّ عبّادي لَيْس لَك عليهم سلْطَان إلا من اتَبَعَك من الْقَاوين 69 4 . بعد ذلك ذكر تعالت كلماته جزاء الذين يغويهم إبليس «وإِنّ جهنم لموعدهم أَجمَعِينَ 9) 60 لَهَا سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مُقَسُومَ 9) 59) 2# وذكر بعد هذا جزاء الذين لم يطيعوا الشيطان ولم يستطع إغراءهم إن الْمِّينَ في جناتٍ وعيون (62 ادْخُلُوها بسلام آمنين (65) وتزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر و # تفسير سورة الحجر ا ١ تي‎ في لمهم ها نبا ونا لم من برجا لي ادي نين اقفر الرّحيم 69 وأَن عَدَابِي هو الْعَذَابِ الأليم 9© 4 . بعد ذلك جاءت العبر فى القرآن الكريم» وابتدأت العبر بمن هو أقرب إلى العرب نسباء ويعيشون فى رحاب بيت الله الذى بناه إبراهيم» فقال فى قصة إبراهيم: 8 وَتَبَمْهُم عن ضيف إِبْرَاهيم 9© إِذَ دَحَلُوا عََيْه فَقَانُوا سَّلامًا» ولأنهم ملائكة» لم يعهد فى الأرض لقاء مثلهم ‏ وجل منهمء وقال: «إقَال إِنَا منكم وَجِلُونَ 69 قَانُوا لا تَوْجل إِنَا شرك بغلام عليم 65 قَالَ أَبَخُرتموني على أن مسي اكب بم تبَخَرُوَ 60 قَالُوا بَخَْنَاكَ بالْحق فَلا نكن من الْقَانطينَ 22 قَال ومن يَقمَط من رّحَمَة به إلا الضَّالُونَ 63 4 . ظ هذا تذكير بالخلق والتكوين» وأنه يجرى على حكم إرادة الله تعالى الفاعل المختارء لا بالأسباب والمسببات» كما يقول الجاهلون» وإن الأسباب لا تسيطر على فعل الله تعالى» فالأسباب تجعل الرجل لا ينجب وهو كبير فلم ينجب وهو شاب» ولكن بإرادة الله ينجب إبراهيم» وامرأته عجوز عاقر. بعد هذا ذكر القرآن الكريم ما يكون تهديدا للفاسقين الخارجين عن أمر الله تعالى» وهم قوم لوطء قالت رسل الله تعالى لإبراهيم: طقَالُو نا رسلا إلى قوم مُجرِمِينَ © إِلأَّآل لوط إن لَمَجُوهم أجْمَعِينَ 69 إلا امرأَتَه دنا نا لَمن الَْابريين 9 لما جَاء آل ُوط الْمرْسَلُونَ 9ك قال إِنَكُمَ َم مْكَرُونَ 69 قَانُوا بل جتتاك ما كانوا فيه يمترون 69 وأَتيناك بالحق وإِنَا لَصَادقُونَ 2 فَأَسرٍ بأهلك بقطع مَن اللْيل واتبع أدبارهم ولا يفت مدكُم أَحَد وَامُضُوا حيث تُوْمَرُونَ 2 وَقَضيناإِلَيْه ذلك الأمر أن ابر هؤلاء مَفَطُوعٌ مُصْبحينَ 69 وَجَاء أَهلَ المَديئَة يَسَْبُشْرُونَ 69 قَال إن هؤلاء ضيفي قلا تَفْضَحُون 69 وَاتَُّوا الل ولا نُخْرُون 69 فَانوا أَولم تَنْهكَ عن الْعَالَمِينَ 9 قَالَ هؤلاء بنَاتي إن كنتم فَاعلِينَ 09 4 . 0 227 1 أنزل بهم العذاب الأليم فى الدنياء أخذتهم الصيحة فى الصباح فجعل الله تعالى عاليها سافلهاء وأمطر عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات و80 > سااء مه > مام 5 كه الم > اسك وة 5ه 6م للمتوسمين (72) وإنها لبسبيل مقيم (5) إن في ذلك لآية للمؤمنين 69 4 . بعد هذا يرينا الله تعالى من عجائب قدرته ليعتبر العرب فى قصة أصحاب الأيكة وأصحاب الحجرء وتكذيبهم الرسل. فَأَحَذَتهم الصيحة مصبحين 9© فم أغَْئ عن ما كَانُوا يكسيُودَ 60 4 . وقد أخحذ سبحانه وتصاى يشير يسير بر إلى عبر فى تكوين م هذا الوجودء ١د‏ الجميل م © 2 وإذا كان خلق الله السموات والأرض وما فيه من نعم للكافة» فقد أعطاك الله نعمة القرآن: ١‏ ولقد اتيناك سبعا مَن الثاني والقرآن العظيم 69 »4 ولا تلتفت إلى ما عند غسيرك» فما عندك هو الأعظم وهو الجليل: إلا تمدن عَيَْيِك إلى ما معنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخة خفض جتاحك للْمؤسين 00 وقل إني أنا التذير المبين 69 كما نا على الْمفَعَسِسِينَ 9© 5 الّذين جعلوا القرآن عضين 69 فَوربَك لتسألئهم أجمعينَ 69 عم كانوا يعَمَلون [فقق © 4. ولقد أمر الله نبيه بأن يصدع بما يؤمر به فقال: «( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين 69 إِنَا كفيناك المستهزئين 2 الّذين يَحَعَلُونَ مَعَ الله إِلَهَا آخَرَ فَسَوف يعَلَمُونَ 69 ولقد تعلم أن يضيق صدرك بما يَقُولون 69 فسبّح بحَمْد رَبك وك من الساجدين © واعبد نك حت يأك القن 9 4 . 0ك 14 د تفسير سورة الحجر معانى السورة الكريمة قال الله تعالى: هه عو الْريِلْكَءَايتٌ اث الحسكتاب وَفران مين لوا زيما يوذ لذن كهروا لوكا وأمُسَلِينَ 0 ره م 2 ل سا سه صر هه وتاي لوكي 00 ري - 4 - يَةِإِلَاوَكَا كاب مَعَلُوم 2 50 و ل ل سي مإمكعحمونَ م وكَا يي ألرِى نْرْلْعَلَبهِ َلزَّكمَإِنكَلْمَجَيُون ريا لَوَم يت مَالصسدِونَ نيا مَانرْلُ الْملتيكةإ لَالَيَ وماك و مريت وج تكلمنا فى الحروف المفردة» وقلنا: إننا لا نعلم على التحقيق المراد منهاء وإنها من التسشابه لتى اشتص الله يعلحه . 0 ابتغاء ترف بن صن شا هاس # لآل عمران]: وقلنا: إنا نتعرف حكمتهاء ولا نتعرف المراد» وأشرنا إلى أنها سيقت لتذكير العرب بأن القرآن مكون من الحروف التى تعرفونهاء ومع ذلك عجزتم عن أن تأتوا بمثله» وهذا العجز دليل أنه من عند اللّه؛ ولأن العرب كانوا قد اتفقوا على ألا يسمعوه أو يلغوا فيه إذا سمعوه» فكانت السور تبتدئ بتلك الحروف الصوتية فتنبههم فينقضون ما اتفقواء وقيل: إنها أسماء للسور» أو للكتاب . ا تفسيرسورةالحجر . وواللا «لبحجل بور يك وجاء بعد هذه الحروف فى السورة ذكر الكتاب الكريم» فقال تعالى: إ تلك آيات الكتاب وقرآن مبين4 الإشارة إلى السورة» أو إلى المتلو بعد هذه الحروف» والكتاب بمعنى المكتوب» وقد وصفت الآيات بوصفين أولهما: أنها آيات الكتاب؛ لأنها معجزة بذاتهاء فكل آيات من القرآن معجزة تعد من الكتاب المعجز؛ ولذلك كان يتحدى بالقرآن قبل تمام نزوله» وقد وصفت الآيات بأنها مكتوبة» ووصفت بأنها مقروءة متلوة؛ ولذلك جاء معطوفا على الكتاب قوله تعالى: «وَقرانٍ مبين 4 أى مقروء كريم ؛ لأنه نزل مقروءًا من الله ولأنه محفوظ». ولأنه سجل الشرائع السماوية» ولأنه المحفوظ الخالد إلى اليوم» فالكتاب الكريم يوصف بأنه مكتوب» ويوصف بأنه مقروء؛ لأن طريقة تلاوته من عند الله تعالى» فقد أوحى إلى الرسول فكتب وحفظء وقرئ وحفظ متلوا كما قال تعالى لنبيه: لا تحرك به لساك لتَعْجَل به 09 إِن عَلَينَا جمعَه وقرَائه 09 فَإِذا قرأناه ائبع قراته 0 ثم إن ليا انه 69 »> [القيامة] . فالقرآن متواتر بكتابته وبقراءته وبتلاوته» فكان حفظه فى الصدور مانعا من تحريف السطورء تلقى الناس القرآن فآمن قليل» وكفر كثير» وقد رجا المؤمنون ما عند الله وطغى المشركون» وبغوا واعتدوا وفتنوا الناس عن دينهم» وإن الله تعالى يبين أن الذين كفروا بهذا القرآن الكريم سيأتى الزمن الذى يودون فيه لو كانوا مسلمين» فيقول تعالى: مذي حرو لو كوا ملم 4099 . يقول العلماء فى (رُب): إنها لا تتصل إلا بالاسم» فإذا دخلت على الفعل توسطت ماء وربما هى رب المخففة» وقد قرئت بضم الراء وبفتحهاء وهما لغتان فيها . وقالوا: إن (رُب) تكون داخلة على الفعل الماضى» ولكنها هنا دخلت على الفعل المضارع لتأكد وقوعه فكان كفعل الماضى فى معناه عند الله تعالى» وإن معنى اُضى متحقق لفظا فى كَانوا#» وربما تكون للتقليل وقد تستعما للتكثير» والمعنى أنه ربما يود الذين كفروا فى أوقات كثيرة لو كانوا مسلمين» وما و ##ا تفسيرسورة الحجر لسرب ا هذه الأوقات؟ قيل: هى الأوقات التى تعلو فيها كلمة الحق» وتصير الأرض العربية للمؤمنين فيها الكلمة العلياء ويكون لهم السلطان والقوة» فيتمنى المشركون الذين كفروا بالله وبالقرآن أن لو كانوا مسلمين» فإذا كانوا يغترون الآن بقوتهم» وعزتهم» ويستضعفون المؤمنين» فربما يكون العكسء» ويودون لو كانوا مسلمين» وإنهم فى المنزلة عند الله ورسوله ليسوا سواء» فلا يستوى من أسلم» وفى المسلمين ضعف» ومن أسلم وفى المسلمين قوة؛ ولذا قال تعالى: 8 ... لا يستوي منكم من أنفق من قَبل الْتْح وقَائل أُولدك أَعظم دَرَجَة . . 402 [الحديد]. هذا إذا قلنا: إن الوقت الذى يكون فيه هذا 5 وذاك التمنى هو قوة المسلمين» وإن قلنا: إن الوقت هو يوم يرون العذاب» فإن المعنى أنهم يتمنون أن لو كانوا مسلمين لتكون لهم النجاة» حيث لا منجاة إلا بأن يكونوا مسلمين. وقد أشار الله تعالى بهذه الآية أن المشركين» وإن استطالوا بنفضل قوتهم الآن فإنهم سيتمنون أن لو كان مسلمين فى المستقبل فلا يأسى النبى عليهم» والعاقبة للمتقين؛ ولذا قال تعالى: « ذرهم يأكلوا ويتَمَتَعوا ويلْههم الأمل فَسَوْف يَعَلمونَ © 4 . كان النبى يَلةِ يتمنى: لو يؤمنون»ء كما قال تعالى : 9 لَعلّكَ بَاخع نَفْسَك أل يكونوا مَؤْمِينَ 70 4 [الشعراء] ولكن الله تعالى أشار إلى نبيه أنه ليس عليه ألا يؤمنوا ما دام قد بلغ رسالة ربه؛ ولذا قال: « ذرهم يأكنُوا ويتممّعوا ويلههم الأمل 4 أى اتركهم يأكلوا ويتمتعوا. . . وهذه الأفعال مجزومة فى جواب الأمرء وليس تركهم سبب هذه الأفعالء إنما اتترك إهمال لهم كما أهملوا النذير والاستجابة» فالترك لانغمارهم فى الشرء وابتدا بذكر الأكل للإشارة إلى أن متعتهم من أفواههم» كمتعة الحيوان» فهم كالأنعام بل أضل سبيلاء ويتمتعوا تلك المتع المادية التى كان الآكل عنوانها ورسمهاء ولا يفكرون إلا فيما هو من جنسهء كألوان الشياب والنساءء وما إلى ذلك وهم يغفلون كأنهم لا يموتون» وكأنهم المخلدون» وأملهم فى هذه الحياة يلهيهم عن التفكير فيما يسوقون إليه أنفسهم» ##ا تفسير سورة الحجر و > ا وأن أملهم المادى المتجدد آنا بعد آن» والذى يزيد وقتا بعد وقت - يلهيهم عن الحقيقة» ولعلهم لا يفكرون فى غاية إلا ما توحى بهم آمالهم العريضة فى جاه يريدونه أو سلطان يبتغونه» أو مال يحبونه» أو أى شهوة عاجلة أو مؤجلة يرونهاء ويجمع ذلك قوله تعالى: ظ ويِلّههِم الأمل 4 . ولقد قال كَكلَِةِ فيما روى البزار فى مسنده: «أربعة من الشقاء: جمود العين» وقساوة القلب» وطول الأمل؛ والحرص على الدنيا" . وقوله: «فَسوف يعلَمونَ» (الفاء) لبيان أن ما قبلها سبب لما بعدهاء و(سوف يعلمون) تهديد بسوء العاقبة لسوء ما يفعلون» وطيبات المآرب واللذات الدنيوية على نفوسهم» و(سوف) لتأكيد وقوع ما يفعلون ونذيره» والجملة السامية تدل على أن حالتهم توجب اليأس من إيمانهم» وقد قال الزمخشرى: «فسوف يعلمون سوء صنيعهم» والغرض الإيذان بأنهم من أهل الخذلان» وأنهم لا يجىء منهم إلا ماهم فيه وأنه لا زاجر ولا واعظ إلا معايئة ما ينذّرون به حين لا ينفعهم الوعظء ولا سبيل إلى اتعاظهم قبل ذلك» فأمر رسول الله تعالى بآن يخليهم وشأنهم» ولا ينشغل بما لا طائل تحته» وأن يبالغ فى تخليهم بما لا يزيدهم إلا ندما فى العاقبة» وفيه إلزام للحجة.» ومبالغة فى الإنذار» وإعذار فيهء وفيه تنبيه على أن إيثار التلذذ والتنعم» وما يؤدى إليه طول الأمل وهذه هى حال أكثر الناس من ليس على من أخلاق المؤمنين» وعن بعضهم التمرغ فى الدنيا على أخلاق الهالكين» هذه حال المشركين» وقد ضرب لهم الأمثال وبين العير بأحوال الماضين فقال تعالى: دما أَهلَكْنَا من فَريّة إل ولَهَا كتاب مُعلُوم (2) ما تسبق من أَمّةٍ أَجِلَهًا وما يَستَأَخْرُونَ 2 4 . الكتاب هنا الأجل» أى أن أية قرية أهلكت كان لها أجل معلوم» وهذا فيه تسلية للنبى كَل وتهديد لهم بأنه إذا كان قد أهمل أهل الشرك حتى طغوا وتجبروا واستكبروا فليس ذلك إهمالا لجرائمهم» وما من قرية» أى مدينة جامعة أهلكها إلا لأجل معلوم» فانتظروا كتابكم الذى كتب لكم أيها المشركون» فإما أن تخذلوا لسر أ بسبب مقاومتكم للرسالة» وتذلوا للحق» والذلة للحق هى العزة» وذلك إذا كان يرجى الإيمان فى ذرياتكم, وإما أن يأخذهم أخذ عزيز مقتدرهء كما أخذ عاد وثمودء وآل مدين» ومن قبلهم قوم نوحء ثم كما أخذ فرعون ذى الأوتاد» وسائر الذين طغوا فى البلاد. وإذا كان قد تركهم أمداء فلأنه سبحانه قد قرر ذلك فى علمه المكنون. ولذا قال تعالى: فإما تسبق من أُمة أَجِلَهَا وما يُستَأَخْرُونَ (2) 4©. وقد عبر سبحانه وتعالى هنا ب أجلها 4 للإشارة إلى أن الكتاب والأجل بمعنى واحدء والتعبير فى الأولى بالكتاب للإشارة إلى أنه مكتوب مسجل مكنون معلوم عند الله تعالى» وعبر فى الثانية ب (أجل) للإشارة إلى أن له ابتداء وانتهاء» لا تسبق الأمة أجلها وإن طغت وبغت» ولا تستأخره. أى لا تطلب تأخيره» ولو طلبت ما أجيبت؛ ولذا عبر فى الأولى ب (تسبق)» وفى الثانية ب (تستأخر)» فمهما طغت لا تسبق أجلهاء ومهما طلبت لا يؤخر أجلهاء وفى التعبير بقوله تعالى: « وما يستأخرون4 إشارة إلى أن العاقبة ليست محمودة لهم فمن شأنها أنهم يطلبون تأخيرهاء ولكن مهما يطلبوا لن تؤخرهء بل إنها نازلة فى وقتها لا محالة» وقد كانت الهجرة فى ميقاتهاء وكانت الحرب الدائرة عليهم حتى كان أمر الله تعالى» وكان قدرا مقدوراء ولقد ذكر الله بعض شر ما قالوا فقال: وقَالوايا أَيهًا الذي . هذه صورة من طغيانهم» طغت الأوثان على تفكيرهم». حتى حسبوا من يدعو إلى التوحيد مجنوناء وأكدوا جنونه وقالوا مخاطبين النبى يَكله: «إيا يها الذي نَزّل عليه الذكر 4 النداء للبعيدء لكبر الدعوى التى يدعونهاء وهى جنون البى كك وط الذكر4. أى المذكر لهم ببطلان عبادة الأوثان» وأنها أحجار لا تضر ولا تنفع» وتسميته بالذكر من الله تعالى لا منهم؛ لأنهم لو علموه ذكرا ما أنكروه» والجملة كيفما كان أمرهم ساقوها متهكمين لاذعين بالقول» كما حكى الله تعالى عن الملأ من آل فرعون: طقَال إن رَسُولَكُم الذي أُرسل إِلَيِكُم 0# تفسير سورة الحجر و بي رمرم يي لمجنون 469 [الشعراء]» فالكلام سوق لبيان تهكمهم على رسولهم» وإن كان فيه إشارة إلى التنديد بهم» وهو أنهم بدل أن يعتبروا ويتذكروا يتهكمون مع أنه ذكر لهم . وقد أكدوا دعواهم بجنونه فقالوا: «إِنَّك لَمَجَنون 4 خاطبوا النبى كله بذلك الخطاب الذى يبهت كل عاقل مدرك»ء أكدوه ب(إن) التى لتوكيد القول» وبالجملة الاسمية» وباللام» وإن هذا يدل على شدة تمسكهم بعبادة الأوثان حتى عدوا كل من يدعو إلى تركها مجنوناء ويدل على شدة طغيانهم وأنهم لا يذعنون للحق» وإن دلت عليه دلالة واضحة بيئة» ويدل ثالثا: على إمعانهم فى إيذاء النبى يك ومن معه من المؤمنين وبعد أن سارعوا بالإنكار» وادعاء أن النبى عله جاءهم بغير المعقول» تعنتوا وزعموا أنهم يطلبون دليلا ظ لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين 60 4 . (ما) نافية» و(لولا) ناسية» إذا دخلت (لو) على (لا) ‏ كانت بمعنى الامتناع للوجود مثل قوله تعالى: « ... لولا أنتم لكا مؤمنين 409 [سبأ]ء وتكون بمعنى الحض مثل قوله تعالى: #. .. لولا نَل عليه القرآن جمُلَة واحدة ... 69 4 [الفرقان] مع امتناع الشىء الذى يحض عليه»ء وهو ما قبل (لا)» فإنها تدل على الحض» وعلى الامتناع لعدم وجود شىء فقوله تعالى: لو ما تأتينا بالملائكة 4 معناها الحض على أن تأتى به الملائكة» وعلى أن الامتناع عن الإيمان لأنه لم تأت به الملائكة» بيد أنه يلاحظ أن (لا) تدل على النفى فى الحال والاستقبال» و(ما) تدل على النفى فى الماضىء» وقد جمع فى هذه الآية الكريمة بين (ما)» وفعل المضارع بعدهاء فدلت على أن الامتناع عن الإيمان فى الماضى لعدم إتيان الملائكة "به وأنهم مستمرون على عدم الإيمان ما دامت الملائكة لم تنزل به. وقد رد الله كلامهم الدال على الإمعان فى الكفرء والتعلة للإيغال فيه» فقال فى آية أخرى : ولو جَعلنَاه ملكا لُجَعَلناهُ رجلا ولَلبْسنا عَلَيْهم ما يُلْبِسُونَ © »4 [الأنعام] وتعنتوا بهذا وبغيره» واقرأ ما جاء أول سورة الأنعام» فقد قال الله تعالى دا عليهم: ولاك كن في قراس فسسوة بيده قال دين قروا إن 6 8# تفسير سورة الحجر الللللللااللللااااااااللللللو لل للك كه < يي هذا إل سحر مَبِين 0 وَقَالُوا لولا أنزل عليه ملك ولو أَنلْنا ملَكَا لّقُضي الْأَمْر ثم لا ينظرون () > [الأنعام] . وفى الآية الكريمة التى نتكلم فى معناها رد الله تعالى قولهم بقوله تعالت كلماته: «إما نتَزّل الملائكة إل بالحق وما كانوا إذا مُنظرِين 2 4 . قوله تعالى: «إما نتزل الْمَلائكة إلا بالحق» فى هذا إشارة إلى إمكان إنزال الملائتكة» وإنه ليس ثمة أمر يتعذر على الله خلقه» وقد نزل الملائكة إلى أرض قوم لوط فجعلوا عاليها سافلهاء وعبر بظ نتَزّل 4 إشارة إلى أن نزولها لا يكون دفعة واحدة بل تتوالى النزول» وقتا بعد آخر. وقوله تعالى: 9«إإلاً بالحق». أى إلا بسبب باعث من الحق فى ذاته بأن تكون حكمة فى نزولهم» ومصلحة فى خطابهم» فالله تعالى ما خلق شيئا عبثاء وما جعل الأمور سدى تنزل الملائكة حيث يبتغى المشركون ويريد الكافرون» وإن لم يكن جدوى من نزولهم. وإن حالهم حال إنكارء لا تحتاج إلى دليل» فإن نزلوا قالوا هؤلاء رجال لا ملاتكة كما تلونا قوله تعالى: ولو جعلناه ملكا لَجَعَلنَاهُ رجلا ولَلبْسنا علَيهم ما يَلْبِسُونَ 9 4 [الأنعام]. وإنهم إن أنزلوا كما طلبوا لكانت القاضية عليهم؛ ولذا قال تعالى: وما كانوا إذا مُنظرين 4 . أى ما كانوا مؤجلين إلى يوم القيامة إذا نزلواء والله تعالى بحكمته العالية قدر للمشركين من العرب أن يكون من ذريتهم ومن الجاحدين أنفسهم أمة مؤمنة تحمل عبء التبليغ بعد رسول الله كَكِْةِِ لأن شريعته ‏ وهو خاتم النبيين - يجب أن تكون معجزته باقية ببقاء شريعته الخالدة» ورسالته الدائمة التى لا تنقطع؛ ولذا كانت معجزة القرآن آى من نوع الذكر الدائم الذى يحمل دلائل إعجازهء ويتحدى الأجيال إلى يوم القيامة» فقال تعالى: «إِنَا تحن نَرَلَْا الذكر وان له لَحَافظُونَ 0 4 . 0# تفسير سورة الحجر 0 الالال االو مللل ااال ااا يي أضاف سبحانه وتعالى القرآن العظيم إلى الذات العلية المقدسة فاستفاد بهذه الإضافة شرفا إضافيا فوق شرفه الذاتى الذى جعله الله تعالى كذلك» واستفاد بهذه الإضافة أيضا أنه نزله بالحق الذى وعد به وقال: «إما نتزّل الْمَلائكّة إلا بالحق 4, فما نزله إلا بالحق والأمر الثابت» وهو أنه باق مادامت الشريعة والرسالة بافيتين» وإنهما لباقيتان. وقد ذكرنا فى مواضع كثيرة أن معجزة القرآن من نوع الكلام؛ لأنه ليس حادثة تنتهى بانتهاء زمانهاء بل هو كتاب محفوظ قائم تقرأه الأجيال» ويتحداها جميعاء ولقد روينا من قبل قول النبى يكل : «ما من نبى إلا أوتى ما مثله آمن عليه البشرء وكان الذى أوتيته وحياء وإنى لأرجو أن أ ن أكثرهم تابعا يوم القيامة». وقد تعهد الله العلى الكبير بحفظه ليخاطب الأجيال إلى يوم القيامة» فقال: ل ونا لَه َحَافظون » أضاف الحفظ إليه سبحانه» فكان ذلك تمكينا وتوكيدا . وقد حفظه الله تعالى كما وعد من التغيير والتبديل والتحريف والتصحيف فأوجب حفظه مرتلاء كما قال تعالى: 8 ... وَرثلْنَاهُ تَرتيلاً 69 4 [الفرقان]» وقال تعالى: «... وَرثَلِ الْقَرَآنَ ترتيلاً 42 [المزمل]» وقد علم النبى كلل صحابته ترتيله» وعلموه من بعدهم» واقتضى ذلك أن يعتمد فى حفظ القرآن على الصدورء ولا يكون الاعتماد على السطور وحدها؛ لأنه يمكن فيها التغيير والتبديل» والصدور تمنع ذلك» ولا تزال تطلع على طائفة من اليهود» تريد أن تجعله كغيره من الكتب» فيبين حفظة القرآن الكريم إفساد فعلهم الدنىء. وحفظت شريعته من التغيير والتبديل» فهى قائمة وإن حاول بعض المنافقين الذين يدهنون للحكام تحريفها عن مواضعها بتحليل ما حرم اللّه» والله من ورائهم محيط . 4. ا ١‏ يي الكفركله ملةواحدة قال الله تعالى : د وام عند عا بع سس موه وح ع 20 شب ترود( لو ووو ادم نة | لاولين وخنَا سآ ل أذ مسر عر سم مم 1 000700 لا ل فا تسو © إن حقيقة الكفر واحدة» وإن تعددت الأجناس والأنواع واختلفت الألوان» فالإنسان هو الإنسان لا تختلف حقيقته» وإن اختلفت الصورء فالمؤمن حقيقته واحدة» وإن اختلفت الأزمان» والكفر ملة واحدة» وإن اختلف الآقوام » فما تراه فى مشركى مكة يرى فى غيرهم تمن مضوا. ولقد قال مسليًا نبيه: ولقد أَرسلنا من قبلك في شيع الأوّلين ( 2 © هنا اسم مفعول محذوف دلت عليه كلمة أرسلنا رسلا من قبلك» وقد كان لهم ما يكون لك من الذين يعتقدون اعتقادا باطلا» ويستمسكون به ويكونون فرقًا وشيعا يتشيعون لهاء فقوله فى شيع الأولين4, أى فى جماعات متشيعة لفكرة واحدة» يتعصبون لها ولا يخرجون عنهاء وأصل الشيعة من الشياع» وقد قال البيضاوى فى اتبعت» وأصله الشياع ‏ وهو الحطب الصغار توقد به الكبار) . وعبر سبحانه وتعالى بشيع الأولين؛ للإشارة إلى أنهم لم تكن خالية أذهانهم» بل كانت مملوءة» ولكن بزور من الفكر والقول» يتعصبون له على غير بينة » ويشيع بينهم من غير تفكير» ويتبعوه خلفا عن سلف». ويقولون: 8 ... بل هاا تفسير شنور م الحجر ململ اللا و > ا نع ما أَْيَا عليه آبَاءنا أو لَو كان آبَاؤهم لا يعقلون شيا ولا يعمدو 09 4 [البقرة]» فإذا كان محمد يكِلْهٌ قد عانى من هؤلاء المشركين الذين يتشيعون لأوثانهم» فقد عانى الرسل قبلك نفس المعاناة من شيع الأولين» فاصبر يا محمد كما صبروا. وقد ذكر سبحانه وتعالىٍ حال هؤلاء الرسلٍ مع تلك الشيع المتجمعة على الباطل فقال: 9 وما يَأتيهم من رَسُول إلا كانوا به يستهزءون 09 4 . (الواو) تصل الجملة التى سبقتها بالجملة التى لحقتهاء وهى موضع السلوى محمد يََلِِهّ من إيذاء الضعفاء أصحابه الذين لا يملكون حولا ولا طولاء ولا جوارا يدفع عنهم» واستهزاء بالدين الحق» وصاحبه وأتباعه؛ ومعنى الجملة السامية (لا يأتيهم» أى رسول ِ لذ كانوا به يُستَهزِءون 4), فطل من # هنا صلة لبيان عموم النفى» والاستهزاء به» أى لا يأتيهم أى رسول فمهما يكن ما عليه من خلق كريم» ومهما يكن ما يأتى به من حق مبين إلا جعلوه والحق الذى معه موضع استهزائهم وسخريتهم» وذلك لفساد عقولهم» وسفه أحلامهم» وكان ذلك اختبارا لصبر الرسل» وقد صبروا. ويقول الزمخشرى: «إن قوله تعالى: وما يَأتيهم من رُسُولٍ 4 حكاية لحال ماضيه؛ لأن (ما) لا تدخل على مضارع إلا وهو فى معنى الخال» ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال» ولعل مراده أنهم استمروا على هذه الحال فى الماضى» فالواقع باك من سخرية واستهزاء هو استمرار لحال وقع بعضها فى الماضى» ويقع الباقى معك» فَاصبر كَمَا صبر أُولُوا العم من الرسل . .. 69 # [الأحقاف]. وإن ذلك شأن الإجرام فى الحاضر والماضى يدخل بالاستهزاء فى قلوب المجرمين» ولذا قال تعالى : 9 كلك نسلكه في قلوب المجرمين 69 4 . والسلك إدخال الشىء فى غيره كإدخ ال الخيط فى الإبرة» والرمح فى المطعون» والسهم فى الهدف؛ والضمير فى لإ تسلكه 4 يعود إلى الضلال والتعصب والاستهزاء» وهذا كله مفهوم من سياق الكلام» ويصح أن يعود الضمير 7 ش 8# تفسير سورة الحجر اللللللوا لولاا ااال سج 2 32 إليه على أنه معنى تضمنه القول» والمؤدى على ذلك كذلك الذى كان من السابقين من الأمم الذين سبقوا قومك من الاستهزاء برسلهم؛ والضلال والحماقة» نسلكه وندخله فى قلوب المجرمين من قومك. وأظهر فى موضع الإضمارء لوصفهم بالإجرام فى هذا المسلك الذى سلكوه سيرا على نمط ماضيهم من المجرمين» فالإجرام متصل الحلقات بعضها آخذ بحجز بعض. لا ينفصل عنه» ولا ينفصم عنه . وإن هذه الأخلاق من كفر وضلال وتعدٌ على أهل الحق إذا سلكت فى قلوب أصحابهاء لا ينفضون عنها ولو تطاول عليهم الأمد؛ ولذا قال تعالى: لا يؤمنون به وقد خَلَت سنَة الأَوَلينَ © 4 الضمير فى «إبه» يعود إلى الذكرء وهو الحق الذى يوجب الإيمان» وهذه الجملة مقررة لما قبلها؛ لأنه إذا كان الباطل قد دخل فى قلوبهم دخول الخيط فى المخيط». فإنه لا يمكن أن يجتمع والحق فى قلب واحدء فلا يمكن أن يؤمنوا بالذكر الحكيمء وقد خلّت 4. أى مضت سنة الأولين أى طريقتهم . وفى ذكر هذه الجملة السامية 9 وقد حَلَت سنَة الأوَلِينَ4 إشارة إلى أمرين: إلى استمكان الكفر والضلال فى نفوسهمء وقراره فيهاء وأنه لا رجاء لمن كان على هذه الحال» والثانى إشارة إلى مآل أولئك الماضين من هلاك وعصف بهمء وإذا كان ذلك ما ناسب الماضينء فما يناسب الحاضرين هو سلم مخزية بعد حروب مجلية مع الحق. وإذا كان ذلك ما كتبه الله تعالى عليهم كما كتب على من سبقوهم» فلا تظن أيها الرسول الأمين أن كفرهم لنقص فى المعجزة التى جئتهم بهاء إنما ذلك لأنهم صدوا عن الحق. فلو جئت بالمعجزات التى لا يمارى فيها العقلاء لماروا فيهاء وادعوا ضلال أبصارهم . « ولو فَمَحَنا عليهم بَابَا مّنَ السّمَاء فظَلُوا فيه يَعْرَجَونَ 62 لَقالُوا إِنمَا سرت أبصارنا بل نحن قوم مُسحورون 62 4 . ا تفسير سورة الحجر 0 الللللللل الل ااال 1 يي طلبوا أن تنزل عليهم الملائكة» وأقسموا بالله لئن جاءتهم آية ليؤمنن بهاء ولو جاءتهم لا يؤمنون» فالله تعالى ب يبين أنهم لو رفسهم إلى الملائكة وفتح لهم بابا يرتفعون إليهء فقال: ( ولو فحنا لهم بَابَا من السّماء فَظلُا فيه يعرجون 9 4, أى فتحنا عليهم فرجة من السماء واتجهوا إليها فاستمروا فيها يرتفعون بها صاعدين إليهاء حتى يروا الملائكة عيانا بياناء ما آمنوا و9 لقالوا إنما سكرت مسحورون # الإضراب للترقى فى الحكم من سحر أبصارهم إلى سحر كل أجسامهم » وليسوا آحادا بل إنهم قوم مسحورون. وهكذا تجد الكفر قد استقر فى قلوبهم فلا يؤمنون بأية آية ولا يصدقون أى دليلء فذرهم فى غيهم يعمهون ولا تلعفت إليهم ادع إلى لئ سبيل ربك بالحكمة همه والموعظة الحسنة .. ٠‏ #659 [النحل]. بدائع الخلق والتكوين قال الله تعالى: دجلا التمل' بيجا ويه لتطريت 2 وحفظنتهامنا لطتو ننجيو أ لمان قَاَلسّمَع 05-58 وَالْارْصَ مَدَدْضَهَاوَاَلَقتِنَافِيهًا أ 7 سر سجس سلف نوسني نس ومن لصحم ميتي وغوه | عِنَدنا أ 200 و ددم وء 02 آ تله نومار #اليقه ودر 2 وأ ناالريلح 7 .- 7 007 ب مم 2 7 كم ا تفسيرسورةالحجر سب زا ينين لوي ونا سحن مر و 94 5 5 7 مين مدي لدعا - 5 رين 10 يس الس سورعو و َو وَإِنّ ريك هو حشر« هم إته. حكم عل يي 32 بعد أن ذكر سبحانه حال الجحود الذى استمكن فى قلوب المشركين حتى صاروا بحال يكذبون لها حسهم» وأنهم إذ كذبوا القرآن عنادا وجحوداء فإنهم يكذبون كل شىء مهما يكن مرئيا رأى العين» حتى إنهم لا يقتنعون بما يراه حسهمء فلو عرجوا إلى السماء لأنكروا وقالوا: إن أعيئنا سكدّرت» وصرنا حيارى كالسكارى» وإن محمدا خيل إلينا ما لم نره. بعد هذا أخذ يبين - سبحانه - عجائب التكوين فى خلقه. حتى إن هذه المخلوقات تعلن بالبداهة عن منشئ الكون» وأنهم إذ ضلوا عن هذاء فإن شيئا لا يقنعهم من بعد هذا الضلال. قال تعالى: ظوَلَقَدَ جَعَلْمَا في السّمَاء بروجا ورَيّئاهَا للئاطرين 09 4, «جَعلْنا؛4 بمعنى صيرناها بعد أن أنشأناها وأبدعناها على غير مثال سبق» و(البروج) جمع برج» وهو القصرء والمنزل» والبروج هنا منازل النجوم» أى أن كل نجم فى منزله الذى أحله الله تعالى فيه» وارتبط بغيره عبر هذا الوجود» بحيث يكون كل نجم فى مكانه ومداره لا يحول عنه ولا يحورء وكأنها مبنية بناء محكما لا فروج فيها « . .. وَمًا لَهَا من فُرُوجٍ 2 »4 [ق] فالارتباط بينها ثابت بما يسمونه الجاذبية التى تشد بعضها ببعض» كما قال تعالى: وقد جَعَلنَا في السّماء بروجا وزيئاها للثاظرين 063 24 أى أنها فى منظرها وإحكامها زينة فى ذاتهاء وجعلها الله تعالى بهجة للأعين» كما قال فى آية أخرى » ولقد رَينّا السّمَاء الدنيًا بمصابيح وَجَعَلمَاهًا رجوما للشّيَاطين الملك]» وكما قال تعالى فى سورة «ق»: « أفلم ينظروا إلى السّماء فوقهم كيف بنيناها وزينَاها وما لها من فروج © »4 [ق]. ل تفسير شبور 5 الحجر اللملل ل االلل لل 6-0 لسر 1 وإن الله سبحانه وتعالى بناها ذلك البناء المحكم الدقيق الذى ارتبط ارتباطا وثيقاء وحفظها ولذا قال تعالى: ل وحفظاها من كل شَيْطَان رجيمٍ 09 24 و(الشيطان) هو المفسد العابث» وظ رجيم 4 بمعنى مطرود ملعون مبعد عن رحمته سبحانه وتعالى» وهذا التعبير السامى فيه إشارة واضحة إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون العظيم» وحفظه من أن يتطرق إليه فساد أو عبث عابث. ومن هم الشياطين الذين حفظ الله السموات منهم. ووصفهم سبحانه وتعالى بأنهم مرجومون مطرودون من رحمته ملعونون؟ لم يبين من هم» ولم يرد فى السنة من هم» فلنكتف بما بين» غير متزيدين على كتاب ربنا. ثم قال سبحانه: 8 إلا من استرق السمع فَأَبعه شهاب مبين 62 4 . الاستثناء هنا يصح أن يكون منقطعا عند بعض المفسرين» ويكون المعنى لكن من استرق السمع» وعلم بعض الأمور التى لا يصح إعلانها من أسرار هذا الكون السامى» ولا يكون ذلك إلا بتقدير الله تعالى. وعندى أن الاستثناء متصل ؛ لأن (الفاء) فى قوله: « فَأنبِعَه شهاب مبين» وهى تفيد ترتب ما بعدها على ما قبلها تبعد أن يكون الاستثناء منقطعاء وإذا كان متصلا يكون المعنى حفظه سبحانه من كل شيطان مرجوم أن يتطاول فيعبث» وأقصى ما يصل إليه أن يسترق السمعء» أى أن يأخذ معلومات عن طريق الخفية كمن يسترق السمع؛ تصديقا لقوله تعالى: «إنهم عن السمع لمعزولون 699 4 [الشعراء] . وإن هذا الذى يكون كمن يسترق السمع» ويتخذ ذلك طريقا لمعرفة ما لم يعرف» لا ينجوء بل ينزل الله تعالى عليه ما يحرقه» قبل أن يكشف علم ما نهى عنه؛ ولذا قال تعالى: فأَبعه شهاب مبين » والشهاب كوكب مضىءء, كما قال تعالى: « ... فَأنبَعَه شهاب ثَاقبْ 469 [الصافات] فهو نار مشتعلة أو شعلة مضيئة» ويقول ابن عباس: تصعد الشياطين أفواجا تسترق السمع» فينفرد منهاء فيرمى بالشهاب . تفسير شورة الحجر االو اللللللل .. ١ لاك‎ يي وإن هذا لتصوير حكيم لحنظ الله السماوات من أن يكون فى السموات مفسدونء كما فى الأرض من يفسد فيهاء وهم شياطين خارجون عن الطاعة كشياطين الإنس والجن فى الأرض وقد فهم بعض الناس من هذه الآية أنها تشير إلى علم النجوم» وعلم حركاتهاء وتعرف أسرار الحظ من هذه الحركات» ولكنا نقول: إن الآية الكريمة بمنأى عن هذاء والله سبحانه وتعالى أعلم بالكون ظاهره وباطنه. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى بدائع خلقه فى السموات وصيانتها من كل عايث» وحفظها إلى ما شاء الله تعالى أن تبقى» وبعد ذلك أشار إلى نعمائه على أهل الأرض فيما أنعم فقال تعالت كلماته: والأرض مددتاها وألقينا فيها رواسي وبا فيها من كُل شيء مُوَزُونٍ 69 4 . مددتاها 4 بسطناها ليسهل الانتقال فيهاء والإقامة فى أجزائهاء وتبدو مبسوطة سهلة مع أن تعاقب الليل والنهار يدلان على أنها تدور حول الشمس» وأنها كرة سابحة فى الفضاء بقدر معلوم» كما قال سبحانه وتعالى: ( والأرض بعد ذلك دحاها 60 46 [النازعات]ء ا وَالأَرْضَ فرَشْنَاهًا فَنَعُم الْمَاهِدُونَ 2ت 4 [الذاريات]» فكان خلق الأرض» ومدهاء ودحوها نعما مكنت الإنسان من الانتفاع بهاء ويقول سبحانه وتعالى: « وأَلقينا فيها رواسي 4 . رواسى جمع راس أى ثابت» يشبت الأرض بثقله» كما قال تعالى فى آية أخرى: 8 والجبال أَوتَادا ‏ 4 [النبا] . وإنه من تلاقى السماء الدنيا بالأرض يكون المطر الذى ينبت به كل شىء» وكما قال تعالى: 9 ... وَجَعلنَا من الْمَاء كل شيء حي . .. 69 4 [الأنبياءاء فمن هذا المطر يكون الغيث الذى ينبت به النبات؛ ولذا قال تعالى: ١‏ وَأنبتنا فيهًا من كل شيع مُوَزُون 4 وموزون معناها مناسب مقدر بقدره الذى يكفى أهلهاء ويجعل إقامتهم فيها طيبة راضية» وقد وزنها خالق كل شىء ولتكون للأحياء عليها غير هاا تفسير سورة الحجر الللللل الو ااال لولاا لا و هببس بي منقوصة:» بل كاملة تجعلهم فى بحبوحة وسعادة كاملة لو أحسنوا فيما بينهم» ولعل فى ذلك ردا على الذين يدعون إلى نقص سكان الأرض بدعوى أن الأرض ضاقت بمن فيهاء وكما قال الذين يريدون أكل الشعوب الضعيفة وإبادتهاء أو أن تكون طعما لهم أن الإنسان تكاثر نسله» فليحد ذلك التكائر» إن بكر الأرض والماء اللذان لم يستغلا أكثر وفرا وأدر خيراء إن خالق الإنسان هو الذى جعل النبات بقدر موزون» وهو الخلاق العليم. ثم بين سبحانه المخلوق» ووزن حاجته فقال تعالت كلماته: ف( وجعلنا لكم فيها معايش وم لستم له برازقين 9 4 . وجعل لكم فى الأرض معايش» أى مكنكم من أن تتخذوا معايش لكم من طعام موفوره وثياب سابغة» ومأوى تأوون إليه» مكنكم سبحانه وتعالى» لكم ولأولادكم» وكل من يكونون فى عيالكم» والضعفاء الذين تعاونونهم» مكنكم من هذه المعايش ومكن حيواناتكم الأليفة من الرزق» وعبر عن هؤلاء الأتباع بقوله: ‏ ومن لتم لَه برازقين4. أى أتباعكم الذين لا ترزقونهم أنتم» بل الله تعالى هو رازقهم. ليعلموا أنهم لا يرزقون أولادهم حتى يقتلوهم أو يؤذوهمء بل الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المنين» وقد قال البيضاوى فى قوله تعالى: ومن لسعم لَه برازقين4 «يريد به العيال والخدم والمماليك» وسائر ما يظنون أنهم يرزقونهم ظنا كاذباء فإن الله يرزقهم وإياكم» وفذلكة الحياة الاستدلال بجعل الأرض ممدودة بمقدار وشكل معينين مختلفة الأجزاء فى الوضع محدثة فيها أنواع النبات والحيوان المختلفة خلقة» وطبيعة» مع جواز ألا تكون كذلك على كمال قدرته» وتناهى حكمته» والتفرد فى الألوهية» والامتنان على العباد بما أنعم عليهم من ذلك ليوحدوه. ولقد ذكر سبحانه وتعالى أن كل شىء عنده بمقدارء وأن كل شىء عنده خزائنه» فقال تعالى : ا وإن من شيء إلا عندنا خزائئه وما نَل إل بقَدر مُعلُومٍ 80 4 . ١ ال‎ نج (إن) هنا نافية» و(من) صلة لبيان عموم النفى» والمعنى ما من شىء إلا عندنا علمهء والمكان الذى يكون منه» ونحن الذين نظهره إن أردناه ولا ننزله إلا بقدر معلوم. فالمراد كمال السلطان» وإحكام الخلق والتكوين» وبسط الرزق» وتقتيره» الله يبسط لمن شاء ويقدرء وقد يعطى العاصى إملاء له ليكون عقابه» وقد يمنع التقى اختبارا لصبره ورجاء ثوابه» وكل له ثواب وجزاء» فالعطاء بيد اللّه» والتعبير بقوله تعالى: عندنًا خزائنه 4 مجاز عن علمه سبحانه وتعالى المحيط بكل شىء» وبأنه سبحانه وتعالى الموزع للأرزاق» وأنه المختبر للناس بعطائه ومنعه» فهو يختبر من يعطيه بالعطاء ليكفر النعمة أو يشكرهاء ويختبر من يمنعه ليصبر أو يجزعء وكل بقدر معلوم» لا يكون عفوا من غير تقديرء بل بإحكام وتدبير. وقد ذكر سبحانه وتعالى بعض أسباب الرزق فقال تعالت كلماته: © وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السّماء مَاءِ فَأَسِقَينَاكموه وما أنتم له بخازنين 69 4 . أرسلها أطلقهاء والرياح بالجمع» ولواقح جمع لاقحة» وفى تفسير لاقحة نظران أحدهما - أنها محملة بالماء أو مثيرة للسحاب المحملة بالماء» كما قال تعالى: 9 ... ويدشئ السّحَاب الفَقَالَ 69 4 [الرعد]ء وكأنها شبهت بالحامل لإثمارها وإنجابها؛ وذلك لأن المطر يتكون من بخار الماء» ويتكائف حتى يصير سحايا» ٠‏ والرياح مر * هذه السحب من مكا 0 جر بارداء, نبز فذكر الماء بعد ذلك دليلا على أنها تثير السحاب المملوء ,الى وذلك ما سوغ وصفها باللواقح. والنظر الشانى- أن تكون الرياح حاملة بذور التلقيح للأشجار فهى تحمل بذور الذكورة أو الأنوثة» وعندى أن النظرين يمكن الجمع بينهماء إذ لا تعارض» فالرياح لواقح باعتبارها حاملة أسباب اللقاح» كما #ا تفسير سورة الحجر 9 مما ا 11111 !!!ااا ااااااا !]| أل لن!! اال الةا اا للك 1 !ااا !ا اللللا!! ااال لالخلا لالط طاطخ عمللا . أب ا يلقح فحل الحيوان أنثاه» وباعتبارها مثيرة للسحاب الثقال المملوءة ماء» وينزله الله تعالى حيثما أراد وفى أى أرض شاءء فإنه لا تخرج حركة عن حركة إلا بإذنه. وقوله تعالى: ل فَأَنْلنا من السّماء ماء 4 (الفاء) هنا لبيان أن ما بعدها سببا للا قبلهاء أى أنه بسبب هذه الإثارة التى أثارتها الرياح أنزل سبحانه وتعالى الماء من السماء» ليسقى الزرع والغراس» والأعشاب التى يكون منها طعام الإنسان والحيوان» وكل ما يدب على ظهر الأرض . والسببية هنا ليست سببية فاعلة أو باعثة إنما هى سببية اقتران» و(جعل)» أى جعل الله تعالى هذا سببا «فَأُسقيناكموه 4. «الفاء) عاطفة على (أنزلنا)» وجعل الخطاب بالسقى للناس مع أنه لسقى الزرع والعشب والأشجار والإنسان؛ لأن سقى الإنسان أعظم وأقوى؛ ولأن سقى ما عدا الإنسان هو للإنسان فى غايته ونهايته» فكان الإسقاء للإنسان فى الابتداء والانتهاء» ولكنه يكفر بنعم الله تعالى: # .. إن الإنسان لَظَلُوم كَمّار 69 4 [إبراهيم] ثم قال تعالى: 9 وما أنتم له بخَازنينَ 4 (الباء) فى قوله تعالى :‏ بخازنين» لاستغراق النفى» أى أنتم ليس لكم أى عمل فى خزن هذا الماء فى السحاب»؛ وكأنه شبه السحاب بمخزن للماء حزن فيها؛ إذ يخرج من الأرض بخارا ثم يتكائف فيها ثم يوزعه سبحانه وتعالى فى الأرض بتصريف الرياح» أى ليس أخد منكم معشر الناس بخازن هذا الماء ومصرف الرياح به وموزعه فى كل بلد حسب حاجته» وحسب عطهء الله تعالى له» سبحانه إنه هو الخلاق العليم . ظ وإن الله سبحانه وتعالى هو المنشئ» أوالقائمٍ على كل ما خلق» وهو الذى يبدأ الإبقاء والإفناء؛ ولذا قال: « ونا لتحن نحبي ونميت وتحن الْوَارثون © 4. أكد سبحانه أنه هو وحده المحيى والمميت أكده بضميره الأعظم» وأكده بنحن» وهو توكيد لفظى» وأكده باللام» وأكد الإحياء ولم يؤكد الممات؛ لأن الإحياء غير مرئى» وإنما تظهر آثاره فى الحياة» ولم يؤكد القرآن الحكيم الممات؛ (/#اا تفسنير سورة الحجر 0و ممم مالالا خمخا تنما امالك انالا ااانا تلطا خخخ ااال ااااطملالاااملااااخما ا ااااماطط اططخ خخممططا اطاط اللا | ااا :2 بي" لأنه مرئى محسوس » يرى كل يوم» فما لا يظهر للحس وهو الإحياء أكذه» وما يظهر للحس الحس يؤكده» وقد أخبر سبحانه أن الجميع بعد الموت يقول إليه سبحانه وتعالى؛ ولذا قال' سبحانه: 8 وتحن الوارثون 4 فالجميع يثول إليه كما يثول الميراث للوارث . وإن الله هو الذى أحياء فهو الذى أنشأ الكون كله وهو الذى أنشأ الونسان من سلالة من طين كما قال تعالى : ا قد حلقنا اإنسات من سلالة من طبر 9ك جعلناه نطفة في قَرار مُكين 09 ثُمْ حَلَقنَا النطفة علَقة فَحَلَقَنا العلقة مضغة مضغة فَخَلَقَنا حال عظَامًا فَكَسَونَا العظام لَحْمَا قم أنشأناه حل آحَرَ فار الله أحْسَنْالْخَالقينَ 9 كم إنَكُم بعد ذلك لميتون (2) ثم إِنَكم يوم القيامة تبعفون 05 4 [المؤمنون] . وإن قوله تعالى: # ونحن الوارثون » يومئ إلى ما صرح به سبحانه وتعالى» من البعث فى الآية التى تلوناء» والآيتان تشيران إلى أن من أحيا وأمات قادر على الإعادة» كما قال تعالى: 8 . .. كما بدأكم تعردون 69 » [الأعراف]» ... والله على كل شيء قَدِير 629 > [البقرة] . ( ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقَد علمنا المستأخرين 69 4 . . «المستقدمين», السين والتاء للطلب» وكذلك فى « المستأخرين 24 ومعنى السين والتاء هنا طلب الإيغال فى التقدم والإيغال فى التأخر.ء فالذين تقدموا إلى أبعد التقدم» والذين تأخروا إلى أعمق التأخر فى علم الله تعالى» وعلمه الماضى والحاضر على سواء» ولقد أكد علمه بالمتقدم. وعلمه بالمتأآخر بأبلغ المؤكدات» فأكد باللام وبقد وكلاهما لتأكيد التحقيق. والمتقدم يشمل المتقدم فى الخلق والإحياء والموت» والمتأخر كذلك» كما يشمل المتقدم فى الطاعة والإجابة والمتأخر فيهاء والله سبحانه عليم بكل ذلك فى ميقاته» وإذا كان عنده علم ذلك»: فهو يعرف أين يكونون وفى أى زمان كانوا ويكونون» وعلى أى حال هم أكانوا رميماء أم كانوا فى حجارة أو حديدء كما ##ا تفسيرسورةالحجر و سر اا قال: قل ونوا حجار أوْحَديدا د أرْخَا يكبم في صدو ركم يود من يعدا قل الذي فطركم ول مرة فسينغضون إِلَيك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسئ أن يَكُونَ قَرِيا 9 4 [الإسراء]. وإذا كان يعلمهم جميعاء فإن البعث لهم جميعاء وسيحشرهم إليه جميعا؛ ولذا قال تعالى: ون ربك هو يحشرهم إِنَه حكيم عليم 62 4 . إن ربك خالقك ومربيك والقائم على شئون كل حى العليم بأدواره من يوم وجد حيا إلى أن يرمس ميتاء فالتعبير ب « ربك 4 تذكير بالتكوين واستمرار القيام على ما كون ومن كون». والضمير هو » للدلالة على أنه هو الذى أنشأ وهو الذى يحشرء فهو حجة على الإمكان» وأن ذلك لا يستحيل» لأنه أوجده أولاء فهو يعيده ثانياء و يحشرهم 24 أى يجمعهم» وععبر ب« يحشرهم 4 للدلالة على كثرتهم ولقائهم فى وقت واحد؛ لأن جمعهم كذلك فى وقت واحدء ويكونون أمام الله تعالى فى يوم واحد هو يوم تقوم الساعة وإن ذلك من دواعى حكمتهء وعلمه الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض» ولا فى السماء؛ ولذا قال تعالى فى مقام الآية الكريمة: لإِنَهُ حكيم عليم 04 أى أن ذلك اقتضته حكمته. كما قال تعالى: ل أَفَحَسَيْمْم أَنمَا حَلَقََاكُم عَبَنا وأنْكُم نينا لا ترَجَعون 019 4 [المؤمنون] وهو عليم أين يكونون» وعلى أى حالء ولو كانوا حجارة أو حديدا فسيعيدهم » إنه عليم بكل شىء . قصة خلق الانسان والجن قال الله تعالى: اه 50 1 4 رصح م ير 2 7 ون 52 وله 10 نار 2 آ ير غ- 7 التموم (29 مل ملقِكَِقَ > حدق بشَرَائّن م | تفسير سورة الحجر > زا 34 آذ و ل سر جه 2 يق لويد 0711 رم 001 _-ء 267 02 4 3 04 انض ار مين ل 0 ع 0 هر أسَعَلكَ َي نَالَْاوو 9 ذكرت قصة خلق الإنسان وإبليس قبل ذلك» وليس فى ذكرها الآن تكرارا لما ذكر أولا وثانياء» بل إن لكل واحدة عبرة فى ناحيتهاء وكلها يشترك فى أمرين ثابتين» وهو أن الله تعالى كرم الإنسانء فجعله فوق الجن والملاتكة» إن استقام على طريقه. والثانى أن الله تعالى كرمه منذ بدء الخليقة وفى كل مرة من ذكر القصة تفصيل لأمور لم يكن فى المرة الأخرى» ففى مرة ذكرها فى سورة الأعراف » كيف كان الإغواءء وكيف قاسمها أنه لهما من الناصحين » وفى هذه المرة صارح بالإغواء وإصراره عليه» ونتيجة هذا الإغواء» وفى السابقات لم يكن تصريح بهذاء ولنرو القصة الحق» كما نتلوها من القرآن الكريم. / تفسبير سيور هّ الحجر للك و حرس ار ذكر سبحانه وتعالى خلق الإنسان» فقال عز من قائل: وقد خلقنا الإنسان من صلْصال من حَمّأ مُسَنونَ 459 الصلصال هو الطين اليابس» وروى ذلك عن ابن عباسء وقال مجاهد: هو الطين المنتن» أى الطين العطن وذلك بيان لصغر أصل الإنسان حتى لا يستكبر ويغتر» ونحن ميل إلى رأى ابن عباس رضى الله عنهما وقوله: من حمأ» الحمأ: الطين» و(من) ابتدائية» أى خلقناه من طين يصلصل» مُسنون4. أى شكل بأى شكل» وليكن شكل إنسان. هذا خلق الإنسان أو أصل مادة تكوينه» أما الجن فقد قال تعالى: 8 وَالْجَانَ حَلَقَنَاُ من قَبَلُ من نار السّمُوم 9 469 والجان الجن الذى منه إبليس اللعين» والسموم الرياح الشديدة الحرارة التى تنفذ فى المسامء وذكر أنه كان من قبل خلق آدم بدليل أن إبليس أمر بالسجود لآدم . وهنا فى هذا النص لم يذكر آدم على أنه خليفة فى الأرض» وذكرت هنالك المفاضلة بينه وبين الملائكة فى العلم ولم تذكر هناء ولا تعارض بل توافق من غير مقابلة مضادة . ويقول سبحانه وتعالى فى طلب السجود: © فإِذا سويته 4 , أى شكلته على الخلق السوى فى أحسن تقويم ل وَتَفَحْتَ فيه من رُوحي فَفَعَوالَه سَاجَدِين» قال سبحانه بعد قوله: وإذ قال ربك للملائكة إِي خَالقَ شرا من صلْصَالٍمن حما. مُسنون 62 24 وقوله تعالى: « فَقَعْوا لَه ساجدين 4 معناه خروا له ساجدين» سجود إجبار وتكريم لا سجود عبادة» فالعبادة لله تعالى وحذده لا شريك له» ويقول الزمخشرى فى قوله تعالى: ( وَتَفَحْت فيه من زوحي 4 وأحييته» وليس ثمة نفخ ولا منفوخ» وإنما هو ليحصل ما يحيا به فيه» وحاصل هذا أن ذلك تصوير للروح إذ تدخل الجسم ويحيا بها الإنسان حياة محس مدرك؛ ويقول البيضاوى فى قوله: « وَتَفْحْت فيه من روحي 4 «حتى جرى آثاره فى تجاويف أعضائه» وأصل النفخ إجراء الريح فى تجويف جسم آخرء ولما كان الروح يتعلق أولا بالبخار اللطيف المنبعث من القلب» ويفيض عليه القوة الحيوانية» فيسرى حاملا لها فى و ## تفسيرسورةالحجر تل ا تجاويف الشرايين إلى أعماق البدن جعل تعلقه بالقلب نفخا فيه» وإضافة الروح إلى نفسه لما مر فى (النساء)» والمعنى أن الله نفخ من روحه هو تصوير لخلق الحياة؛ وإضافتها إليه سبحانه وتعالى لأنه خالقها ومنشئهاء وليس ثمة نفخ» وإنما هو تصوير للخلق والتكوين» وعلى هذا يكون معنى نفخنا فيه من روحناء فليس فيها دلالة على أن عيسى من روح الله كما أن آدم ليس من روح الله وإنما هو من خلق الله تعالى» . قال تعالى: ظ فُسَجد الملائكة كلهم أَجِمَعون 60 4 توكيدان بلفظين للسجود جميعهمء أحدهما بقوله: (كلهم)» وثانيهما بقوله: (أجمعون)» فقد سجدوا سجوذا مؤكدا لم يمتنع منهم أحدء وذلك لتكريم آدم» وفى سورة البقرة بيان لسبب التكريم. وقد استثنى الله تعالى إبليس من الساجدين فقال: « إلا إبليس أَبئ أن يكون مع السّاجدين 69 4. والاستشناء هنا منقطع على أن إبليس لم يكن من الملائكة» وكلهم كان مطالبا بالسجود الذى طولبوا به» وإذا كان منهم أو داخلا فى عمومهم .فإن الاستثناء يكون متصلاء وقد ظهر بهذا تمرده وشذوذهء أما تمرده وخروجه عن الطاعة فلأنه أبى» وقد أمر بالسجود. وأما شذوذه» والشذوذ ومجابهة الجموع بالباطل أساس الانحراف» فقد أشار الله تعالى إليه بقوله تعالى: أن يكون مع خاطبه الخالق جلت قدرته قال: «إيا إبليس ما لَك أل تكون مع الساجدين 469 والمعنى أن رب الوجود ومنشئه سأله عن المسوغ الذى سوغ له ألا يكون مع الساجدى, أى شىء أثبت لك وسوغ ألا تكون مع الساجدين» مع أن سجودهم كان يستحثك على أن تسجد مثلهم. مُستونٍ 69 4 والنفى نفى وجحود., أى لم يكن من شأنى أن أسجد لبشر خلقته ا تفسيرسورة الحجر الملل للح ناا من طين» وفى معنى هذا إجابته فى سورة أخرى « ... أنَا حير مَْهُ خلقتبي من نَارٍ وَخَلَقْعَهُ من طين 69 4 [الأعراف] وكان هذا الذكى فى غفلة؛ لأن خالق النار هو الذى أمره بأن يسجدء وهو أعلم بمن خلق. كان هذا تمرداء وغروراء ومعارضة لما أمر الله تعالى؟ ولذلك أمره الله تعالى بأن يخرج مذءوما مدحوراء فقال له: ظفَاخْرَجٍ مها فَإِنّكَ رجيم 4 الضمير فى منها يعود إلى الجنة» ورجيم معناها مطرود مرجوم بالحجارة»؛ وسجل الله عليه اللعنة إلى يوم الدين فقال تعالت كلماته: طون عليك اللّعنة إل يوم الدين 2 4 من هنا ابتدأت المعركة بين الإنسان وإبليس اللعين» وصارت العداوة بين عنصر الخير الملكى وعنصر الشر الإبليسى» وقد طلب إبليس أن يؤجل إلى يوم يبعشون قال إبليس : فأنظرني إِلَى يوم يبعثون 24 (الفاء) فى فأنظرنى فاء الإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء والمعنى إذا كنت قد طردتنى من رحمتكء ولعنتنى» فأجلنى إلى يوم يبعثون لأكون أنا وهم على سواء نجازى بما ترى من جزاء. أجابه الله تعالى إلى طلبه فقال تعالى: طقَالفَإنّكَ من الْمظَرِينَ 69 إِلَى يوم الْوَفْت الْمَعْلُومِ 9 4» (الفاء) أيضا تفصح عن شرط مقدرء أى إذا طلبت التأجيل» فإنك من المؤجلين إلى يوم الوقت المعلوم؛ وهو يوم القيامة الذى تجازى فيه كل نفس ما كسبت» إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء وسماه سبحانه وتعالى ظ الْوَقْت الْمَعَلُوم 4؛ لأنه وقت قدره الله تعالى» وهو معلوم عنده» وإن لم يكن يعلمه الناس» ولا يجليها لهم إلا لوقتها. أخذ إبليس المرجوم الملعون المطرود من رحمته يستعد للقيام بما أوجبه على نفسه حسدا وكبرا لآدم وذريته طقال رب بما أغويتني دين لهم في الأرض ولأغريتهم أجمعينَ 69 4 أقسم إبليس لأزينن لبنى آدمء ولأغوينهم أجمعين» أى أنه يبتدئ بأن يزين لهم الشر ويحسنه» وأول (الشر) استحسانه» ثم يأخذهم إلى الضلال عن طريق ما يستحسئون ويشتهون» والإغواء: الإضلال. ١‏ #ا تفسير سورة الحجر ل )اساسا تح : والغرور فى الدنيا يبتدئ بتزيين الشيطان لهاء وحتى يغتروا بها ثم يكون بعد ذلك الضلال» وقد أقسم على ذلك ولم يحنث فى قسمهء وقد ابتدأ كلامه بقوله: «( رب بما أغويتني 4 وهو أولا نادى بقوله: رب » شعورا بالربوبية» وقد علمها وضل على علم؛ لأنه لم يطع ربه وقال: «بما أغويتني 24 أى بسبب أنك أغويتنى» وسمى ترك الله تعالى له ليضل إغواء لهء مع أنه هو الذى اختار المخالفة والعناد» وإن الله تعالى لا يهدى من اختار سبيل الشر وسار فيه. وهكذا تجد إبليس حسد آدم. إذ أمره الله تعالى بالسجود فامتنع حسدا وعنادا وحسدا ذرية آدم؛ لأن الله تعالى تركه حتى غوى وضل فأراد إغواءهم» كما غوى. وقد أدرك إبليس أنه لا طاقة له لإغواء المخلصين منهم فقال: ظإلاً عبادك منهم المخلّصينَ 9© 4. أى الذين أخلصوا لطاعتك. وخلصت نفوسهم من شوائب الهوىء وتزيين الدنيا. وهنا نجد أن الاستئناء كان من قوله: ‏ ولأَغْوِيئهم أجمعين 4 فهو استثناء من مؤكدء والاستثناء من عام مؤكد بقوله أجمعين دليلا على أن الكثرة هى التى استجابت لإغوائه» والقلة أخلصت لله تعالى. وإن إبليس يذكر أن العباد المخلصين لا يغويهم» فيقول: هذا صراط علي مستقيم 6 , الإشارة إلى الاستثناء؛ وهو أنه لا يقوى على عباد الله الذين أخلصوا لله تعالى» وصاروا له تعالى وحده. والصراط المستقيم هو الطريق السوى» أى أنه لا يضل إلا من يتبعه أما من لا يتبعهء ويكون لله. فإنه لا يغويه ولا يضله» وفى الحق أنه لا يستطيع أنه يغويهء فإنه لا يقوى على إغوائه» وإن كانوا كثرة. وقد أكد الله تعالى أن عباده المخلصين ليس له عليهم سلطان» فقال تعالى: إن عبادي ليس لَك عليهم سلْطَان إلا من اتبَعك من الْقَاوين 69 4 . 8# تفسير سورة الحجر ممالل ١‏ ج171 عباد جمع عبد والعباد جميعا مضافون لله تعالى؛ لأنه سبحانه وتعالى هو الذى خلقهم» وأنشأهم فهم فى قبضة يده سبحانه وتعالى» ومعنى قوله تعالى: «ئيس لك عليهم سَلْطَان4, أى ليس عندك قدرة إضلالهم» ولا حجة تسوغ ضلالهم إلا أن يسبقوك بالضلال فيتبعوك من غير حجة ولا برهان» كما قال هو فى التتخلص من ذنويهم: . .. وَمَاكَانَ لي عَلَيكُم مّن سَلْطَان إلا أن دعوتكم فَاسْتجَبتم لي ... 469 [إبراهيم] فهم ضالون لم ينهجوا سبيل الرشاد؛ ولذا قال تعالى : 9 إلا من اتبعك من الْغاوين 4. أى الضالين ابتداء. عذاب أتباع إبليس وبين سبحانه جزاء الغاوين فقال: ون ل 2005 هه 7 0 أحمعين و سبع أَُواب اس جل ا سجرج لير أ و ور جي أقسم إبليس اللعين لين لهم في الأرض أيهم أجمَعين4» وقرر الله تعالى العلى أنه لا يتبعه إلا الضالون» بعد ذلك أن جهنم موعدهم أجمعين» كأنهم اتفقوا جميعا على مكان يلتقون فيه تحقيقا لوعد وعدوه بمبادلة التزيين والإغواء؛ ولذا قال تعالى مصورا ذلك اللقاء فقال تعالى: « إن جهكم لموعدهم أجْمعينَ 69 24 وفى ذلك من التهكم بهم» وكأنهم فى أخذهم بأسباب استحقاقهم لجهنم ودخولهم فيهاء كانوا قد اتفقوا على موعد يلتقون فيه جميعاء وهو جهنم نار الله الموقدة . وقد أكد سبحانه دخولهم جهنم ب(إن) المؤكدة والجملة الاسمية» و(اللام) فى قوله تعالى: ظلَمَوْعَدَهُم أَجْمَعينَ4» وبالتأكيد اللفظى فى قوله تعالى: (اشين». ا تفسير سورة الحجر 2 !!!ااا ااانا اناا الللكا فنالا الاللالللاااااااللالاماا لالس اماملا خلااااالاااالاللالالااال لط لامامامممممخخطسطخططمططط اطنط نطن لس ههه < بي وقد قلنا: إنه يفهم من القول وإشاراته البيانية أن عدد العصاة أكثر » وعدد الأبرار أقل؛ أن الأبرار هم صفوة الإنسانية» والصفوة من كل شىء أقله وليس أكثره . زاب لباب م رص سر 0 حفر لسري ل حقيفقى» وأنهم فى جهنم مراتب حسب هذا العدد وعلى مقدار ذنوبهم» ويشير إلى هذا قوله تعالى: ا لكل باب منهم جزء مُقسوم 4. أى أن كل طبقة من طبقاتها لها باب قد قسم لها جزء من المعذبين يدخلون فيه من غير سلام» بل مدفوعين» ملقون فيها كما تلقى أهمال الأشياء. وقد ذكر هذا الفريق من المفسرين طبقات النار» وهى جهنمء ثم لظى ثم الحطمة» ثم السعير» ثم سقرء ثم الحميم» ثم الهاوية» ويقول البيضاوى فى توضيح هذا الرأى: «ولعل تخصيص هذا العدد لانحصار المهلكات فى الركون إلى المحسوسات» ومتابعة القوة الشهوية» والغضبية لأن أهلها سبع فرق لكل باب منهم من الأتباع جزء مسقسوم أفرز لهاء فأعلاها للموحدين العصاة» والثشانى لليهود. والثالث للنصارى» والرابع للصابئين » والخامس للمجوس» والسادس للمشركين ١‏ والسابع للمنافقين» . وإنا لا نوافق العلامة البيضاوى ومن نقل عنه: أولا: لأن ذلك لا يعلم إلا بالتوقف. وثانيا: لأن عصةة المؤمنين ليسوا داخلين فى الذين تواعدوا مع إبليس على أن يكون موعدهم جهنم ؛ ولآن هذه الآسماء أوصاف للثار» وليست أقساما لها. وعندى أن العدد سبعة يذكر فى اللغة العربية للدلالة على الكثرة لا على | تفسير سورة الحجر ا ا اليل 2 حب 1 جزاء المتقين قال الله تعالى: اه إت اوس مدل ساس 000 ا يا اي 00 02 ٠. 1‏ 3 لمم 0 ١‏ 20010 المثقين فى جنلتٍ وعيون أدخلوها بسلاوءامنين 1 زه سه عو ره م422 مد جرير اد اسح اث جمي م خرير شري اه ونزعنامافي صدورهم من غْ ل إخواناعق سررملق يلين © لَايسْهُمِهَاصَب َمَاهْميََإيِمخَحِينَ © هذه نعم المتقين» والمتقون هم الذين جعلوا بيئهم وبين الشر وقاية» واتقوا غضب الله تعالى» وعملوا على إرضائه وجانبوا الفواحش» ووسوسة إبليس» وقد ذكر اللّه تعالى لهم نعما أربعة أولها: نعيم مادى» وثانيها: أمن وسلام واطمئنان» وثالثها: راحة لا نصب فيهاء ورابعها: بقاء وخلود. أما النعمة الأولى وهى المادية فهى المبيئة بقوله تعالى : 8 إن الْمتَقين في جنات وعيون 62 2# فهى حدائق ذات بهجة للناظرين» فيها من كل فاكهة وما تشتهى العيون الوفيرة بالماء» والماء نعمة بما فيه من رى» وبمنظر يجرى» وما يحدث من 3 خضرة . والنعمة الثانية: الأمن وإقرار السلام» وهذا أشار سبحانه وتعالى إليه بآيتين كريمتين هما قوله تعالى: #ادخلوها بسلام آمنين 55) 24 والثانية قوله: ‏ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين 69 . أما الأولى: فإن الملاتكة يطلبون إليهم أن يدخلوها بسلام يجمعهم فيها سلام» حال كونهم آمنين من الأشرار وأسقام النفوس ومدافعة الأعداءء فلا بها تفسير سورة الحجر 47م للم لاا 2 ٠: اكاك‎ ١ يي حربء ولا خصام ولا نزاع من نوع ما كان يجرى فى الأرض» وهناك راحة نفسية» وهى أبرك النعم بعد الأمن» أشار إليه سبحانه بقوله تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سر مُتَقَابِينَ 469 نزع الله تعالى ما فى النفوس من الغل الذى يتكون من الحقد. والحسد وحب الاستعلاء؛ لأنه سبب فى شقاء الدنياء فالناس يشقون إذا ملأ الحقد والحسد قلوبهم؛ فالحاسد فى هم دائم» وتعب ملازم» وكلما تكاثرت النعم على المحسود تفاقمت النقم على الحاسدء ومن كان فى قلبه حقد أوجب انتقاماء فهو يضم بين جنبيه نارا تلهب دائماء وتؤجج أضغان القلوب. وقد صور النفوس المطمئنة فقال: ف إخوانا علّى سر متَقَابلينَ4. أى جالسين على سرر جمع سريرء متقابلين بوجوه مقبلة فرحة مستبشرة» وهذه نعمة أخرى من أجل النعم الإنسانية وهى نعمة الأخوة والمحبة المتوادة المتراحمة» ويروى أن المجاهد الأعظم بعد رسول الله عليا كرم الله وجهه عندما قرأ هذه الآية قال: الأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم» رضى الله تعالى عن أولئك الأطهارء ولعن الأشرار الذين بثوا بينهم وتاب على من هو أهل للتوبة منهم والتعمة الثالثة: نعمة الراحة» وعدم المغالبة» وقال فيها: 9لا يَمَسَّهم فيها نصب 2# أى تعب» بل فيها الراحة المطلقة للجسدء والسرور النفسى المستمرء ونعمة المحبة والمودة والصفاء» وتلاقى القلوب. وإنها نعم لا يخشى فواتهاء بل هى خالدة؛ ولذا قال تعالى: «ومًا هم مَنْهَا بمخرجين» ذكر الضمير 8هم 4 لتأكيد القولء وقدم لمنْهَا 4 للدلالة على نعمائها وجلالهاء ونفى الوصف «بمخرجن» للدلالة على أنه لا يمكن أن يوصفوا بأنهم مخرجون. فهو نفى للإخراج بأبلغ وجهء أى ليسوا من شأنهم أن يخرجوا؛ لأنه مقيم فاض الله تعالى به عليهم بسبب تقواهم وبرهم وهو الكبير المتعال. ا تفسير سورة الحجر لين للاإ] 2 -.7 21 الله غمّوررحيم؛ ومنتقم جبا قال الله تعالى : الخطاب للنبى يكل وهو تقريب لمن فى قلوبهم رجاء الإيمان» وترهيب لمن يصرون على الشر إصراراء والتنبىء الإخبار بالأخبار الخطيرة ذات الشأن» وأى خطر أعظم من أن يكون منعا لليأس من رحمة الله تعالى» وأعظم من منع يستمر فى غيه» سادرا عن طريق الله تعالى . «انبَئْ عبادي » أخبرهم ذلك الخبر الخطير فى ذاته» الدال على عظمة الخالق فى رحمته وفى عذابه ط أَنِي أنا العَفورْ الرحيم 4 أكد سبحانه وتعالى هذين الوصفين لذاته ب(أن)» وبالضمير» والصفتين المتشابهتين» فهو سبحانه يغفر لعباده لمن تاب وآمن وعمل صالحاء وإنما التوبة للذين يعملون السوء بجهالة» ثم يتوبون من قريب» ويدعوهم سبحانه لأن يتوبوا ليغفر» فيقول سبحانه: طقل يا عبادي الدين أَسرَقُوا عَلَئ أَنمُسهِم لا تَفَطُوا من رحْمّة الله إن الله عر الذنوب جميعا . .. 69 # [الزمر] وإن هذا الغفران من مقتضى رحمته لأنه يريد لعباده أن يكونوا أطهارا وأن يموتوا أطهاراء ومن تدنس من أدناس العصيان يطالبه بأن يرحضه عن نفسه» ليغفر له برحمته» ويريد من عباده أن يعلموا الصبر والشكر نهاية أعمالهم فى الدنيا. وإذا استمروا فى غيهم ولم يتوبوا إلى ربهم» فليرتقبوا عذابه؛ ولذا قال تعالى: «وأن عذابي هو الْعَذَاب الآليم #4)2» أى العذاب المؤلم الذى يكون شديداء قد أكد سبحانه وتعالى شدة عذابه بالضمير #هو»» ونسبة العذاب إليه» وقصر الإيلام على عذابه» أى أن عذابه أليم فى ذاته» وكأنه لا إيلام فى غيره بجوار إيلامه . و 2# تفسير سورة الحجر ىج وإن الله تعالى يعلمنا كيف نربى النفوس ونهذبهاء فهى تربى بالرفق من غير شدة» وبالورهاب من غير تربية لليأس» وبالعقاب حيث يجب, فلا تربى بالعطف الدائم ولا بالعذاب الذى لا رجاء فيه» وكذلك عدَّمنا ربنا»ء وكذلك كانت أخلاق نبيناء وينبغى أن تكون أخلاق مصلحيناء وأولى الأمر مناء وليس الأمر من يفرضه أعداؤناء أو من يفرضون أنفسهم علينا. من قصة إبراهيم وضيعّه ولوط وقومه قال اللّه تعالى : وح ل هم عن ضيْف اه 26 اال اسار ا ال 70 منالفديطيرت زم لك كع حَمَةَ 531 وي رمه سو سا ص لإساس 03 0 بم دش 7 6 0 بلحي قلات بد للضاذرت 11م عنقي اسار 7 كنا يتكلم كييك © إل 5 ناجوه أجمعيرت نر إلااترائه ديعن لْمَبريدت مك © مهلأو ما © قا نكم عَم منحك رون جر وبل جلك يماك أيه يمتروت 0ه وليف 2 تسر امي مظع مسالل وَأ مر وج تل 0# تفسيرسورة الحجر ملا ل-هاإا] . 05 ١ تي‎ مر 8 0-6 أ آذه دابرهكوٌ) امقر مُصبحين 2 520011011 04 0 حمر دع ١‏ مسرو ان تَالَإن هنو ب صفقلا نفَصَحونٍ لي وألقوا أنه ولا رون 4 كنوك عن الكلديت د َالَ مَتَولك بتَاقةإن 4 تر فعِلِينَ اله لي حمر نهم فى سكريهة رح ل ور - ججتهير سغ” 0 2-2 أذ حي + د ل« - وه تعمهونت نيل فاخذ تم الْصَّيِْحَةُ مشْرِقينَ نوي فَجَعَلَناعلِيبَا يه ورين ماس © إل فى ذل ا نا ديت لَامَوسَمِينَ نزي وإ وَإِنا سمل مُقيوٍ ينف ذل يدا عه ل م١‎ 26 الله 2 6 0 ير آه فى الآيات السابقة طلبوا, أن ينزل معه ملائكة ليؤمنوا به وقد رد الله تعالى قولهم بأنه: ولو جَعَلنَاهُ ملكا لُجَعَلْنَاهُ رجلا ؛وََيِسنًا عَلَيِهِمِ ما يَلِْسُونَ #3 [الأنعام]» وفى هذه الآيات التى تلونا نزل ملائكة الله تعالى إلى الأرض فكانوا فى مظهرهم بشرا ورجالا ولكن الروحانية تجعل من يخاطبهم - ولو كان نبيا من أولى العزم من الرسل ‏ يوجل منهم؛ لأن جنسهم غير جنسه . وتبَئهم عن ضيف إبراهيم 60 2# وضيف أسم جمع» فالمراد العدد الذى أنزل على إبراهيم» وكان كريما مضيافاء ١‏ إِذ دَحَنُوا َيه فقَاُوا سّلاما 4, أى نسلم سلاماء وقوله تعالى: ظ دَحَلُوا عليه 4 تدل على معنى المفاجأة إذ لم يكن يترقبهم» وإنهم إذ فاجكوه طمأنوه» فرددوا السلام» وجاءت بالنصب مفعول مطلق لفعل محذوف» أى نسَلّم سلاماء» أبدى إبراهيم كله بالمفاجأة وجلهء ولإحساسه بأنهم ليسوا مثله فقال: إن مدكم وجلون »2 أى خائفون لأنهم دخلوا مفاجئين» والوجل: اضطراب فى النفس يحدث خوفا. 6 8# تفسير سورة الحجر ل 111111111100000 111 22001111 لصب أ قالوا مطمئنين له بعد فزع المفاجأة: «إلا توجل إن نبَشَرَك بغلام عليم» وهو إسحاق عله ؛ لأنه ذكر فى آية أخرى بأن امرأته عجبت لأنها كانت عاقرا وعجوزاء وذلك يعين أنه إسحاق عَلِكلِ» ووصف الغلام بأنه «عليم 4 ليتم معنى البشارة» لأنها لا تكون كاملة إلا إذا كان عالما وليس خاملاء وأولئك رسل الله تعالى يتكلمون عنه؛ وهو لا يعلم الغيب المكنون فى لوح محفوظء كانت المفاجأة الثانية بهذه البشرى وإن كانت مفاجأة سارة لا توجب وجلا ولكن توجب عجبا؛ ولذا قال: «أبشُرتموني عَلَئ أن مسي الكبَّر 4 على » هنا بمعنى (مع) والاستفهام للتعجب فهو تعجب من أن يبشر مع الكبر قد مسهء أى أصابه وأحس به وأثر فيه أثره» «فبم تَبِشَرون 24 أى فبأى خبر عجيب تبشرون؛ وذلك لآن مجرى الأسباب العادية يجعل ذلك متعسرا لأنه شيخ مسّه الكبرء وامرأته عجوز عقمت فى صدر شبابها فكيف تنجب فى دبر حياتها. قال الرسل: ا بشرناك بالحق قلا تكن مَن الْقَانطين» الحق هو الأمر الثابت» والله لا يبشر إلا بالحق الثابت» فلا تكن من الداخلين فى صفوف القانطين من رحمة الله الذين يحسبون أن الأسباب الجارية بين الناس تُعجز إرادة الله تعالى الفاعل المختار الذى هو خالق الأسباب والمسببات فلا يتقيد بها " تنبه أبو الأنبياء لرحمة ربه بعد أن نبهوهء فقال: « ومن يقنط من رَحْمَة ربّه إلا الضَّالُود4 نفى خليل الله عن نفسه القنوط بإثبات أن القنوط لا يكون إلا من الذين يضلون عن الله ولا يعرفون قدره. وأنه لا يقيده شىء من خلقه إنه فعال لما يريد. والاستفهام هنا إنكارى بمعنى النفى» والمعنى لا يقنط من رحمة الله إلا الذين ضلوا عن الحق وغاب عنهم . وإنه بإحساس الئبوة» وإيمانها قام فى نفسه أنهم جاءوا لأمر أخطر من هذاء ولذا قال لهم: « قما خطبكم أيْها المرسلُون 4 » (الفاء) لربط ما بعدها بما قبلهاء أى 0# تفسيرسورةالحجر 9 الل لمم 1 لحر ل أدركنا هذه البشارة وحمدنا الله تعالى عليه وما شأنكم بعدهاء ولقد جاءوا عددا فلابد أن يكونوا للبشارة ولغيرهاء فسألهم عن شأنهم فى غيرهاء قالوا: طاإنَا أَرسلنا إلئ قوم مُجرِمِين 4 وصفهم سبحانه وتعالى بالإجرام؛ لأنهم لم يكفروا فقطء بل أضافوا إلى الكفر فقد الطبيعة الإنسانية. فشذوا بفاحشة ما سبقهم بها أحد من العالمين وإذا كانوا قد وصفوهم بأنهم مجرمون. فمؤدى ذلك أنهم جاءوا لإنزال العقوبة بهم؛ كما صرح بذلك فى آية أخرى فكان لابد أن يشوف إبراهيم خليل لله لمعرفة مآل ذوى قرابته؛ ولذا قال تعالى على لسان الملائكة: (إإلأّآل لوط إِنَا لمنجوهم أَحْمَعِينَ 9 4 أى أن الهلاك واقع بالمجرمين لا محالة» ما عدا آل لوط فإنهم ناجون منهء واستثناء امرأته؛ لأنها ما كانت مؤمنة بلوطء ونبوته؛ ولذا كان استثناؤها من الناجين» فقال تعالى: 9 إلا امرأته فَدّرنا إِنَّهَا لمن الْغَابرين 69 4 وهنا ملااحظتان : الملاحظة الأولى: فى قوله تعالى: ١‏ قَدَرنا4. أى كان قدرنا الذى لا ينقض أن تكون غير مؤمنة مع أنها مع نبى من أنبياء الله . الملاحظة الثانية: وصفها أنها من «الغابرين4. أى المجرمين المستحقين للهلاك» وقد أكد أنها منهم ب (إن) المؤكدة» وب (اللام)» وباندماجها فيهم تجمع صفة الموصوفين بالإجرام . ذهبوا إلى قوم لوط وحكى الله تعالى مجيئهم فقال: 9 فَلَما جاء آل لوط المرسلون 0 9 لم يذكر الله تعالى تحيتهمء ولعل ذلك اعتمادا على ذكر هذه التحية مع إبراهيم» وأهله. ومهما يكن فلم يذكر سبحانه أنهم حيوهم؛ ولذا ذكر أن جواب لوط كأيك. قال: «إِنكُم قرم منكروت 4 أى إنكم مجهولون» ولم يكن منكم مايؤنس بكمء وإنى أخافكمء وهذه فى مقام قول إبراهيم: «إنَا مكم وجلوت » . وقد أجاب اللملائكة بما يلقى بالاطمئنان فى قوله: «اقَالُوا بَلَ جنَاك بما كَانُوا فيه يمُمَرُونَ 46 والذى كانوا يمترون فيه هو تهديدهم بالعذاب الشديد إن ا تفسير سورة الحجر 2 ململ .. ١ لاك‎ ١ يي استمروا فى شركهم وغيره مما جاء واشتهرت به فاحشتهم» إذ يأتون بفاحشة ما سبقهم بها أحد من العالمين» فقد جاءوا بالعذاب الذى احتاروا فيه وأنكروه» وقالوا: وأتيناك بالحق 4 أى الأمر الثابت الذى لا ريب فيه» «وإنًا لَصَادقُونَ 4 فى إخبارنا إياك, وأكدوا صدقهم ب (إن). و(اللام)» والحملة الاسمية» وإن هذا وعد الله تعالى له بنصرته . ولذا أمروه أمر إحاطة ومودة وإنفاذ ظفَأَسْرٍ بأهلك بقطع من اللَيلٍ واتبع أدبارهم ولا يلتتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون (2 4 بأوامر أربعة لنجاتهم : الأمر الأول: أمرهم با خروج فى جنح الليل» فالإسراء: السير ليلاء» و(قطع) أى بعد قطع الظلام من الليل» أى فى شدة إظلامه. والأمر الثانى: أن يتبعوا أدبارهم بأن يخرجوا من طريق لا يواجهونهم فيه بإقبالهم» بل يسيرون فى طريق يستدبرونهم فلا يلقونهم . والأمر الثالث: لا ينظر إلى ما وراءه» فإنه يكون الهول والعذاب النازل بهم والأمر الرابع : أن يمضوا حيث يؤمرون بوضع النجاة» ويقيمون حيث يكونون بعيدين عما أصاب أولئك الذين طغواة فى أنفسهم» وأفسدوا الإنسانية » والفطرة السليمة. هذا ما أمر به أولئك المرسلون من ملائكة اللّه الأطهارء لوط ومن معه من لم امهم اسه سا م وه م وم م سم مم سه هما عو تي اه 7 (١‏ وقَضينا إليه ذلك الأمر أَنْ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين (63 4 أى بلغناه وأفضينا إليه بما قضى الله تعالى وقدرهء وذلك الأمر العظيم الشأن الخطير فى ذاته» وهو أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين . 1# تفسيرسورةالحجر أى مستأصلون مقطوعون, لا تبقى منهم باقية فى صباح تلك الليلة التى نجوت فيهاء والتعبير ب دابر هؤلاء 4 فيه إشارة إلى استتصالهم؛ لأن القطع إذا ابتدأ من الإدبار كان دليلا على استتصالهم جميعهم» وفوق ذلك فيه تصوير لحالهم عند نزول العذاب بهم» والجيش المغلوب الهالك يضرب فى أدبارهم فيكون الهلاك لا محالة» أما الذى يضرب فى وجوههم فإنه يقاتل» فيقتل ويقتل وكذلك نزل غضب الله تعالى بهم» كما نزل بغيرهم من الجيوش المدحورة. هذا ما كان من أمر رسل الله الأطهار وأمر لوط الطاهر هو ومن معهء وسط أرجاس هؤلاء الممسدين» ولكن ماذا كان أمر أولئك الأنجاس عندما رأوا ملائكة الله ونور الله يحف بهم يسعون فى المدينة» لقد رأوهم فسولت لهم نفوسهم ما هم فيه واستبشرواء فحسبوها أمرا شبعا لهم؛ وقد حكى سبحانه وتعالى ذلك عنهم فقال: ظ وجاء أهل الْمَدينة يسَعَبْشْرُونَ 69 4. «أَهل الْمَدينة4 هم أولئك شذاذ الإنسانية» الذين نشروا فاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين» جاءوا لما رأوا رسل الله الأطهارء يسعبشرون 4 : يطلبون البشرى التى توافق أهواءهم» وبدرت بوادر الشر الجهول منهم وأدرك نبى الله لوط ما جال بخواطرهم » وهو بهم عليم: قَال إن هؤلاء ضيفي قلا تمُضحون 69 واتَقُوا الله ولا ترون 435 ضيفى يعنى ضيوفى ١‏ ولم يخبرهم أنهم الملائكة لأنهم لا يدركون»ء فكان نبى الله الأريب الذى يذكر لهم ما تدركه عقولهم» وقوله تعالى: قلا تفضحون» بأن يكون منكم ما يؤذى هؤلاء.ء فإيذاؤهم إيذاء لى» وخزى وعارهء وأنتم جديرون أن تحفظوا جوارى» وإن كنتم فاسقين فى ذات أنفسكم . ولكنهم الشواذء وفى هذا الصنف الصفاقة المستمكنة فى نفوسهم.ء لم تنُخهم مروءة؛ لأنها ليست عندهم ولم يخلقها الله فيهم ط قَالوا ألم ننهك عن العالمين 69 4 سول لهم الفسادء والهوى الجامح » والشذوذ فى الطبع أن يلقوا تبعة فجورهم مع الملائكة على نبى الله لوط قَالُوا أَولم هك عن الْعَالَمِينَ 060 (الواو) عاطفة على فعل محذوفء والاستفهام للإنكار بمعنى نفى الوقوع» ونفى ##/ تفسير سورة الجر اللللل لال لح نا النفى إثبات» والمعنى تلومنا على إيذاء ضيفك وقد نهيناك عن أن تلقى أحدا من العالمين» وإلا كان لنا معهم ما ولا نرى تبجحا من العقلاء غير الفاسدين إلا قول بعض الطغاة» وقد ذكّر بأنه قتل من قال محمد يكِ: «تقتلك الفئة الباغية»» فقال لمن يحطون على هواه: إنما قتله من أرسله!!. ضاق نبى الله تعالى لوط بهم ذرعاء فقال: هؤلاء بناتي إن كنتم فَاعلِينَ 4 فتزوجوهم شرعاء يكن لكم بحكم زواج صحيح . هذا أبلغ ما وصل إليه العنت منهم» وأبلغ ما وصل إليه الرفق فى القول بهم ولكن قضاء الله تعالى قد نفد فيهم جزاء بغيهم وشذوذهم بإرادتهم؛ ؟؛ ولذا قال تعالى فى حالهم عند إنزال العذاب بهم : © لعمرك إِنَهُم لفي سكرتهم يعمهون 46. (اللام) فى ل لَعَمْرَكَ 4 لام القسم أو الابداءء و(عمرك) مبتدا وخبره محذوف تقديره قسمى» وهى جملة عربية مشهورة فى القسم بعمر من يخاطبه» وهو النبى الطاهر يقسم بعمره المبارك» وقوله تعالى: «إِنّهم لَفي سكرتهم يعمهون 4 جواب القسمء والسكرة هى ضلالة الطغيان فهى تسكر صاحبها فلا يدرك الحق الحق والصواب» و8 يعمَهون » معناها يتحيرون تائهين لا يدركون حقاء ولا يطيعون رشيدا. ثم قال فى وصف العذاب: ‏ فَأَحَدَتْهُمْ الصّبّحَة مشرقين 69 4 كان بالأرض رجفة شديدة هزت قشرة الأرض وتكسرت» فانخفض بعض أجزائهاء وعلا الآخرء وبذلك ابتلعت الأرض ديارهم بمن فيهاء ووضح سبحانه وتعالى ذلك بقوله: ل فَجَعْلَنا عَاليَهًا سَافلهَا وأمَطَرَنا عليّهِم حجارة مّن سجّيل 69 24 أى أنزلنا الأحجار نزولا متتابعا كالمطر الدائم المستمرء والسجيل: الطين المتجمد أو طين سجل لهم واقع بهم فى كتاب من عند ربهم . / تفسير سورة الحجر لول 0101000 م > ا ويلاحظ أنه عبر فى قوله: «طأَنّ دابر هؤلاء مَقطُوعٌ مُصبحينَ4 فعبر بلفظ الإصباح» وهنا فى هذه الآية عبر بمشرقين» وكان التعبير الأول مناسبا للآية؛ لآنه كان والملائكة يأمرون لوطا والأبرار معه بالخروج» فكان المناسب التعبير بالإصباح باعتباره نهاية الليل. وعبر هنا بالإشراق باعتباره أول النهارء وهو وقتء. إذ المناسب فى ذلك أن يستقبلوا النهار المشرق بتلك الداهية الدهياء التى تجعل نهارهم أسود من قلوبهم المربدة بأقبح السوء . ولقد ذكر سبحانه ما يدعو المتكرين إلى الاعتبار بقتصص قومء وأشباههم وإن ما نزل بهم هو سبيل دائم مستمر ينزل بالفساق» فيعتبر المؤمنون». فقال تعالى: © إِنّ في ذلك لآيات لَلْمَوَسَمِينَ 69 4. أى لعلامات واضحة مرشدة» « للمتوسمين» أى للمفكرين» الذين يتفهمون الأمور ويتعرفونها بمنطق العقل المستقيم» فيقيسون حاضرهم على غيرهم» ويعتبرون بما نزل بالسابقين» وأنه نازل بهم إن عملوا عملهم وساروا فى طريقهم» واتخذوا طريقتهم. وذلك لأن هذه سنة مستقيمة غير متخلفة؛ ولذا قال تعالى: 8 وَإنَّها لبسبيل مقيم 69 > الضمير فى (إنها) يعود على الآيات» أى وإن هذه الآيات لثابتة بطريق مستقيم مقيم لا يتخلف أبداء فإنها سنة الله تعالى فى خلقه وحكمته البالغة فى أمره؛ ولذا قال تعالى: «إإِنّ في ذلك لآية لَلْمِؤْمنين 69 4. أى إن فى هذا الأمر المذكور بما فيه قصة لوط لآية أى لعبرة للمؤمنين» أى للذين أوتوا قلوبا مؤمنة مذعنة للحق» معترفة لا تمارى فى الحق» ولا تجادل فى الله تعالى» وهو العليم الحكيم . وهنا ملاحظة أن الآيات ذكرت بلفظ الجمع فى قوله تعالى: « إن في ذلك لآيات لَلْمَتَوَسّمِينَ 4072 وهنا ذكرت بالمفرد فى قوله تعالى: إن في ذَلكَ آي َلْمؤْمنِينَ 69 4 فما السر فى ذلك؟ . 02 سس ست لحر ناا بدرسونهاء فكانت ت الآيات با لجمع موضع رض الدراسة والفحص أما بالنسية للمؤمنين فالأمر فيها هو العبرة» وهى أمر واحد مأخوذ من مجموع الآيات المتضافرة التى هى موضع الدراسة » ومع تعددها العبرة واحدة . ثمود ومدين قال الله تعالى: وَإنَكَانَ أصَصبالْأْبَكد لَظلِمِينَ 22 َأنْقَمنَامتهم َعَم لما ومين :2 كات 3 021 حه - 1 26 3 2 01 اجالتسيه سَلِين نري و انهم ءار , كاعم مرضي واس رص 1 جم بد 1 2100 : منيركت 1 ع ل ع2 ع م دنم ألصَيِحَة مصبحين 72 عي مثأي مون لد (الأيكة) وهى جماعة الشجر الملتف المتكائف. فبهى الغيضة الربعة الممتلئة» وجمعها (أيك) وفرق بين المفرد والجمع بالتاء فى المفرد. وظ أْصحَاب الأيكة 4 هم قوم شعيب عله وقد صرح بذلك فى سورة الشعراء» فقال تعالى: ط كدب أصْحابُ الأيكة الْمرسلينَ 079 إذ قال لهم شعيب ألا كَقُونَ 09 إِنَي لَكُم رَسُولْ أمين 079 فَائَقُوا الله وأطيعون 09 4 [الشعراء]. إلى آخر الآيات الكريمات» وقوله تعالى: وَإن كان أُصّحَاب الأيكة لَظَالمِين 00 4 (إن) فيها هى المخففة من الثقيلة» واسمها ضمير الشأنء وإن الحال والشأن «إ كان أصحاب الأيكّة لظالمين2»4. وهذه هى خبر كانء واللام لام التوكيدء أو المزحلقة كما يعبر النحويون» وكانوا ظالمين؛ لأنهم أشركواء وإن الشرك لظلم 1# . تفسيرسورة الجر 6 الل الل ااااالل ان لح اة لأنهم فتنوا الؤمنين عن إيماتهم: وكانوا ظالمين؛ لأنهمء هددوا ن, بيهم بالرجم؛ وقالوا: « ... ولولا رهطك لرجمتاك اهود]ء وهكذا توالى ظلمهم وقد بين الله سبحانه وتعالى أن الظلم عاقبته وخيمة» فقال: فَانتقمنا منهم وَِنّهما لإمام مبين 69 4 . تماثلا له وشفاء لغيظ من جنى عليهم . وإن أولئك ليعرفون أن ذلك أمامهمء فالمتلات بين أيديهم ١‏ لَبإمام مبينِ4, وأمامهم المثلات البينة الموضحة» وإن عليهم إذ يعتبروا بغيرهم» ولكنهم ضلوا عن بيئة والعقوبة معلومة بين . هذه إشارات إلى قصة مدين مع نبيهم شعيب» والحزاء الذين نالوه. ومثلها قصة أصحاب الحجر» ركم مود قوم صالح» وقال سبحانه وتعالى فيهم : : ل ولقد كدب أصحاب الحجر المرسلين (6) وآتيناهم آياتنا فَكَانوا عنها معرضين (28) 4 . جاء فى تفسير القرطبى: «الحجر» ويطلق على معان منها حجر الكعبة؛ ومنها الحرام كما فى قوله. وأنعام وحرث حجر قال تعالى: 2 .. حجرا مُحجورا 469 [الفرقان]» والعقل كما فى قوله تعالى: 8 ... لذي حجر (2 4 [الفجر]ء والحجر ديار ثمود وهى المراد منها وهى مدينة بين مكة وتبوك» وهو الوادى الذى كانت تسكنه ثمودء وقد مر عليه النبى يده وهو ذاهب إلى غزوة تبوكء ونبه جيشه إليهء وإلى ما فيه من عبرء وقد جاء ذلك فى كتب السيرء وصحاح السنة» 6 تفسير سورة الحجر مالل بر بي < وروى عن ابن عمر قال: مررنا مع رسول الله كله على الحجرء فقال لنا رسول الله عليه : «لا تدخلوا.مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذر أن يصيبكم مثل ما أصابهم». والله تعالى يقول: « وَلَقَدٌ كدب أصحاب الحجر الْمرسلين 69 4 مع أنهم كذبوا رسولا واحداء وهو صالح عَيتَ. والجواب عن ذلك أنه ذكر أن صا حا كاه بعث لهم» وكذبوه» ولكن لا يمنع ذلك أنه بعث فيهم غيره وكذبواء على أنهم إذا كانوا كذبوهم جميعا فيما يدعوهم إليه من التوحيد» ومكارم الأخلاق فقد كذبوا الرسل جميعا لأن هذه دعوتهم أجمعين» فمن كذب واحدا فى هذا فقد كذبهم جميعا. وقال تعالى: «إ وآتيناهم آياتنا فَكَانوا عنها معرضين 59) 4 أى قدمنا لهم آياتنا الدالة على توحيد الله تعالى وبعثة رسولهم صالح إليهم» وإذا قال قائل: إن المذكور فى القرآن معجزة واحدة» وهى الناقة» وقد أجيب عن ذلك بأن الآيات ليست معجزة النبى طخ وحده» بل أدلة التوحيد من خلق السموات والأرض» وما يدل عليه ذلك الخلق المتنوع» الذى يدل على الواحد المختار والفعال لما يريد. وكانوا عن هذه الآيات البينات معرضين عنها. وإذا كانت المعجزة هى الناقة» فهى آية تتضمن آيات» كما قال البيضاوى» أو معجزاته كالناقة وسقيها وشربهاء ودرهاء وما نصب لهم من الأدلة. كذبوا رسولهم» فكذبوا الرسل أجمعين» ومع ذلك كانوا يبنون بيوتهم متينة قوية» حتى إنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا يسكونون فيها؛ ولذلك قال تعالى: «( وكانوا ينحتون من الْجبال بوتا آمنين 9 24 أى أنهم يفتحونها فى الصخور لتكون مساكنهم آمنة من الهدم أو أن يأتى عليها السارقون أو المغيرون» ويحسبون أنهم بذلك أمنوا أن يآتيهم عارض يأخذهم 8 فَأَحَتْهُم الصّيحة مصبحين 69 24 أى جاءتهم صيحة جعلتهم فى دارهم جائمين» وهذه الصيحة من الله تعالى أحدثت ا تفسيرسورةالحجر 0 امامل 0 ١‏ لس نه رجفة» فأصبحوا فى دارهم جائمين» وقد عبر سبحانه وتعالى بكلمة رجفة فى آية أخرى» فقال الله تعالى فى سورة الاعراف: طفَعَمَروا النَاقة وعتوا عن أَمْر رهم وَقَالُوا يا صالح الَْا بما تعدا إن كنت من الْمرْسلِينَ 09 فَأحَدَتْهُم الرحْفَة فَأَصبَحُوا في دارهم جاثمين 2 » [الأعراف] ويبدو من سياق الخبر فى الآيات المختلفة أن رجفة قوم لوط أصابت قشرة الأرضء» فجعلت عاليها سافلهاء وأما رجفة ثمود فقد لمست حواسهم فأتتهم» وبئس المصير. وما أغنت البيوت التى نحتوهاء ولا الزروع التى كسبوها؛ ولذا قال تعالى: «(فما أَغنى عنهم ما كانوا يَكْسبُونَ 9 4 من بناء نحتوه من الصخورء ولا ثمار جنوهاء ولا زروع حصدوها فأضاع كل ذلك فسقهم. ويلاحظ أولا: أن البيوت التى نحتوها من الصخر لم يذكر أنه سبحانه جعل عاليها سافلهاء ولا أنهم أمطروا حجارة كقوم لوط الفاسقين. ويلاحظ ثانيا: أن قصة شعيب ذكرت هنا بالإشارة» وذكر فيها جزاء عتوهم» وكذلك ثمود أشير فيها إلى العقاب وترك من القصة تفاصيل فلم يذكر ما دعا إليه شعيب من إيفاء الكيل والميزان وعبادة الله تعالى. ولم يذكر فى قصة ثمود وما جرى من مجاوبة بين ثمود وصالح» وهكذا تجد القصة كاملة فى القرآن» ولكن متفرقة فيه لموضع العظة فى كل جزء منها. فقصة موسى ذكرت أجزاؤها فى مواضعها من العظة والاعتبار» وإنك لو تتبعت أجزاء قصة موسى وفرعون وبنى إسرائيل لخرجت بقصص كاملة رائعة مصورة لأحوال النفوس المستضعفة للطغاة» ونفوس الطغاة» ونفوس الذين استمكن فيهم الخنوع, وذلت منهم النفوس» وكيف تبنى الأمم وتربى العزائم . وقد يسأل سائل لاذا لم تذكر القصة كاملة؟ فنقول فى الجواب عن ذلك: #/ تفسيرسورةالحجر ل الملل تحب أ أولا: إن القرآن ليس كتاب تاريخ» ولكنه كتاب عظة واعتبار» فكل جزء فيه عظة» ويذكر فى موضعه مقرونا بما سبق فى القرآن لأجله فيكون الاتعاظ سببه وثانيا: أنها لو ذكرت جملة ما عرفت مواضع العظات بالتفصيل . وخلاصة القول أنه ليس فى القرآن مكرر من القول قطء وما يبدو بادئ الرأى فيه تكرار فى ذكر القصص فى القرآن يبدو بطلانه إذا فحص القول» وعمق القارئ النظر فيه» واللّه منزل الكتاب ومنزهه. قال الله تعالى : وَمَاعَلقنالصَموت وَالْارْضَ وَمَبمسَكالَبالْحَقَوَإركَ لس كَيَصمَحآلصّفحَبيلَ 6 ميل :2 | يَريلككَهو 7 نيم 0 2110 لم272 نر لاسَدَنَ عيَيك ِل مامسَعنَايوء روجا متهم ولا ححَرَنْعَكيم وَلَخْفْض باحك لِلمؤْمِينَ نيه وَل يف نابوث ليا كماد 21 لناعل ا لمقتسمِين 2 2100 أآ# تو وي 53 ؟ فوريلكت لنسّعلتهم - 0 1-0 5000 6 بعد أن ذكر جلت حكمته ما أصاب الذين فسقوا عن أمر ربهمء وارتكبوا أشد المفاسد ونزل بهم أشد المهالك ذكر أن الكون ما خلق عبثا إنما خلق لحكمة مله أرادها فقال سبحانه: «إوما لقنا السّموات والأرض وما بينهمَا إلا بالْحَقّ4. ما خلق هذه الثلاث: سموات ذات أبراج » وأرض ذات طبقات» وما بينهما من فضاء فيه عجائب» وفيه أحياء. وفيه أسرار للوجود التى لا يدركها الذين يرتفعون وينخمضون. إنما يدركها المؤمنون برب هذا الوجودء ما خلق ذلك إلا بالحق إلا بأمر ثابت مؤكد الحصول هو غاية الوجود» ما خلق الناس ليتمتعواء ويأكلواء ويلهوا ويعبشواء ما خلق الله ذلك بغير حكمة ظاهرة» ولا نهاية قاهرة, وإنما خلقها ليعمر هذا الوجودء وتسوده الفضيلة» وتبعد عنه الرذيلة» ويحكمه الخير» ولا يحكمه الشرء ويكون الحساب من بعد ذلك؛ ولذا قال: 9 وإِن الساعة لآنيّة 4, أى أن الله يمنع الشر فى الدنياء بالقضاء على الأشرار الذين لا يرجى منهم خيراء بل يغلب عليهم الفساد» كما رأيت فى عاد وثمودء ومن قبلهم قوم لوطء ومن بعدهم فرعون ذو الأوتاد. وإنه بعد الدنيا سيجىء يوم القيامة» وعبر عنه بالساعة إشارة إلى أنها ساعة فاصلة بين حياة دنيا فيها لهو ولعب» وحياة فيها الحساب والجزاء» إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء إنها للجنة أبداء أو للنار أبداء وهى الساعة التى لا يدرك كنهها إلا عند نزولهاء وهى الجديرة وحدها بأن تسمى ساعة» وقد أكد سبحانه وتعالى مجيئها باللام وب (أن). «فاصفح الصّفح الجميل4. «الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وجه هذا الترتيب أن العصاة ينالون العذاب والبوار وفى الآخرة الساعة تنتظرهمء وإذا كانت هذه حالهم» فلا يغيظك ما يفعلون» ولا تذهب نفسك عليهم حسرات» بل .استمر فى دعوتك معرضا عن إثمهم وإيذائهم» وفتنهم للمؤمنين» فإنهم ملاقو ذلك فى دنياهم بالتغلب عليهم. وفى آخرتهم بالجزاء على ما صنعوا. وقوله تعالى: طفاصفح الصّفح الجميل4. والصفح يتضمن الإعراض عن الإساءة وعدم التخلى عن الدعوة والاستمرار فيها» وتضمنت كلمة الجميل بيان أن ## تفسيرسورةالحجر مال للم 1 ليم ب_-طه يي يلقاهم بقلب مفتوح ليفتحوا قلوبهم للاستجابة» أو ليفتح هو هذه القلوب التى أصابتها غشاوة . وفى هذا إشارة إلى معنى جليل فى الداعى» وخصوصا الرسول الأمسين رسول رب العالمين» وهو أن الداعى لا يستفزه غضب ولا يشيره أذى» ولا يمنعه تجهم وسوء معاملة» بل يجب أن يكون البشير النذير دائما فى قرب للقلوب» وإدناء للنافر وإيناس للشارد؛ لأنه الطبيب المداوى» وليس الحاكم المسبيطر # لست يهم بمسيطر 469 [الغاشية]. لقد كان النبى يَكهِ ذا شخصية قوية عالية» من شأنها أن تعلو دائماء» وهى تُرهبٍ الفجارء ولكن لم يدع محمد ذَكِةِ فى مكة إلا بقوة الدليل» وبالنفس الأليف التى تقرب ولا تبعد. وكانت تلك الشخصية الجبارة تبدو من حين لحين تعلن عن وجودهاء جاء رجل يطلب دينا من أبى جهل فاستعان بملاً من قريش» فأشاروا عليه بأن يستعين بصاحب هذه الدار مشيرين إلى دار النبى تهكما بالرجل وبالنبى معاء ولعل الذين استعانهم من أشكال أبى جهل فالرجل الغريب ذهب إلى النبى» فأشكاه الرسول القوى» وذهب به إلى دار أبى جهل» فصك داره صكة ارتعدت فرائص أبى جهل لهاء فقال رسول الله كَكِْةِ قوله الحازم الآمر: «أدٌ الرجل دينه؛» فدخل وأعطاه الدين صاغرا . وما كان النبى يَكلَةِ ليستخدم تلك الشخصية التى تفرض الحق على من يخاطبه» إنما تطامن» ورضى بأن يكون الداعى غير الغليظ إدناء للنفوس . هذا معنى الصفح الجميل» أى الإعراض فى قرب ومودة وإلف من جانبه؛ ولذا كان الإسلام» ينمو ويزيد» ولا ينقص ويقل. ولقد أكد الله سبحانه وتعالى الإخبار بخلقه لهذا الوجود بالحق» فقال عز من قائل : إن ربك هو الْخَلاق الْعليم 69 4 . 1# تفسير سورةالحجر 0 ممالل ااال ل 1 عبر ب ا ربك 4 للإشارة إلى أمرين : الأمر الأول: أنه هو الذى يقوم عليه ويدير له أمر دعوته» بألا يسلم للكفرء ويصطبر ويعامل بالتقريب لا بالتبعيد. الأمر الثانى: هو الذى يدبر أمر هذا الوجود» ويرتب حاضره وقابله» وأن الحق فى النهاية إليه بأمر ربه. وظالْخَلاّق» الكثير الخلق بكثرة هذا الوجود من سماوات وأرضين» وملائكة وإنس وجنء و العليم 4 الذى يعلم كل ما خلق ويعلم الماضى والحاضر والقابل» ويدبر الأمر على مقتضى علمه وحكمته» فهو يمهل الأشرار ولا يتركهم» ويجازى الأبرار ويحوطهم برحمته؛ ويثبت الحق بدعائم من ا ويعطى كلا جزاءه فى الدنيا أو الآخرة على حسب ما يقتضى علمه وحكمته» بين الله تعالى تأييده لنبيه بالحجة القاطعة» والأدلة الساطعة» فقال: تداق آتيناك سبع من اماي لقان اليم © 4. الخطاب للنبى كَل وقد طالبه رب البرية بأن يصفح ويعرض عن إيذاء المشركين بأن يصفح الصفح الجميل الذى يكون بإقبال نفس » وبشاشة وجهء وأنه معه الدليل القاطع» والبرهان الساطع. وهو القرآن الكريم» ولذا قال: 8 ولقد آتيناك سبعا من الْمَاني 4 أكد الله أن معه الحجة. باللام وقد والسبع المثانى ما هى؟ قال ابن عباس: هى القرآن كله» والسبع لا تذكر لذات العدد بسبع» بل تذكر للكثرة» والقرآن كله وصف با مثانى» قال تعالى: « الله نر أَحسَن الحديث كتَابا اليا ني تطدي علو ب مون موطف ونإ دقر © 4 [الزمر]. لم4 جمع معى فى مكرر لاثنين» كقوله تعالى: 8 ... مَثْنَى وثلاث ورباع يزيد في الْحَلق ما يشَاء . افاطر]ء ومعنى مثانى أن فيه من كل معنى اثنين متقابلين » ففيه الإنذار والتبشير» وكرر ذلك وفييه الأمر والنهى ويتكرر 01 سسا 1 ا ذلك» وفيه بيان الحلال والحرام» ويتكرر ذكر ذلك» وفيه الخبر والإنشاءء وفيه هذا تفسير السبع على أنها القرآن الكريم» ويكون عطف القرآن عليها فى قوله تعالى: « والقرآن العظيم » من قبيل عطف الصفة على الصفة» ويكون معنى القرآن المقروء المتلو الذى يتعبد بتلاوته» فيكون معنى السبع المثانى وصف معانيه. وما اشتمل من أحكام وقصص وزواجر ونواه» وأوامر وتوجيه » ويكون القرآن العظيم المقروء المعجز بألفاظه والعظيم فى إعجازه وبتلاوته» وعطف الوصف على الوصف جائز فى العربية كما قال الشاعر: إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة فى المزدحم وإن معنى العطف يشير إلى أنهما حقيقتان ثابتتان فى القرآن» الأولى وهى أنه كتاب التكليف» وسجل الرسالة الإلهية» والثانية أنه حجة بألفاظه وأساليبه» وطرق البيان فيه» إذ فيه التصريف المعجزء كما قال تعالى: طقل هر القادرعلئ أن يعَث عََيكُم ابا من فَوقكمْ أو من تحت أَرْْلكُم أو سكم شيعا ويذ يذيق بعضكم بأس بَعْض انظر كيف نصرّف الآيات لَعلّهم يفقهون 62 4 [الأنعام]. هذا ما اخترنا فى معنى السبع المثانى » ولقد روى فى أحاديث صحاح أن السبع المثانى سورة الفاتحة. وعطف عليها بعد ذلك قوله تعالى: «والقرآن العظيم 6 . وروى عن ابن مسعود وغيره من كبار الصحابة أن السبع المثانى هى طوال السورء وهى سبع» البقرة» وآل عمران» والنساءء والمائدة» والأنعام» والأعراف» والأنفال» بأن تشمل براءة» على أنهما سورة واحدة. وفى الحق إن ست من السبع الطوال مدنى» والسورة التى نتكلم فى معانيها مكية» فكيف تكلم عن هذه السبع. وست منها لم تنزل بعد وقد رد هذا بأنها كانت نزلت فى اللوح المحفوظ . / تفسير سورة الحجر للك 0100 42 لحب نا والذى نراه الحق هو أن السبع المثانى القرآن كله» وتخصيص الفاتحة بالذكر معناه أنها من السبع المثانى التى هى القرآن وكل جزء منه يكون السبع المثانى» إذ كل جزء منه متكامل فى ذاته» وهو العليم القدير. ولقد هدى الله تعالى نبيه بهداية القرآن» وأنه الحجة ونعمة الرسالة» وأخذ من بعد ذلك يبين أنه الغنى بالحق الأعلى وأنهم مهما يكونوا قد أوتوا من مال وجاه وقوة» فلن يكونوا كمن هداه الله تعالى فقال تعالت حكمته: «إلا تمن عينيك إلى ما معنا به أزواجا نهم ولا حزن عليِم واخفض جَاحَك للموْمينَ 6 وقُل ني أنا التذير المبين 29 4 . أى لا تطمع» ولا تلتفت» ولا يغرنك ما متعنا به أزواجاء أى أصنافا متقابلة منهم فيهم الغنى وجاه الدنيا والقوة» والغرور» والطغيان» والكفر. وعبر سبحانه عن الطموح إلى ما هم فيه والغرور به 9 ... فلا يغررك تقلبهم في البلاد 2 » [غافر] عبر عن ذلك بمد العين؛ لأن هذا يسترعى النظر فكأن الأعين تمد إليه» ولا تنحرف عنه. لا يغرنك هذا ولا يسترعى نظرك؛ فإن هذا أمر إلى فناء» وما يدعو إليه أمره إلى بقاءء وإذا كان ذلك أمر فيه متعة وقتية» فقد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب» أوتيت القرآن ومثله معه.» وأى قدر مما أتوا يقارب قيمة ما أوتيت من الحق. وعزة الحق» ونهى الله تعالى عن الحزن على الكافرين كما نهى عن أن يغتر بهم فقال: «إولا تحزن عليهم 4. ولا تذهب نفسك عليهم حسرات» وإذا كان لا يغتر بما أوتى المشركون من أسباب النعيم» فإن من معه من المؤمنين هم الأولى بالرعاية والحفظ لأنهم الذين هم ذخيرة الإيمان؛ ولذا قال تعالى: «( واخفض جناحك للمؤسسين», أى تطامن» وارفق بهم ولن لهم بجانبك» 8 ... ولو كنت فَظَّ عَيظ الْقَْبِ لانمَضُوا من حَولك . ٠.‏ 029 4 [آل عمران]. و تفسير سورة الحجر 679 الل ىب ا وقد عبر سبحانه عن لين الجانب والرفق وتقريب القلوب وإدنائها بقوله: واخفض جناحك » وذلك مجاز بالاستعارة مشهورء فشبه سبحانه وتعالى حنو محمد ييِلِ على أتباعه» بوضع الطائر أولاده بين جناحيه؛ للمبالغة فى الحيطة والحفظ والصيانة. وإن هذا النص السامى تصغير لما عند المشركين» وتعظيم لمن آمن» كقوله تعالى: طإولا تطره الذين يدعو ربّهُم بالَداة والْمَشي يريدون وجهه ما علَيك من حسابهم من شيء ومًا من حسابك عَليهم من شيء فمَطْدَهم فون من الظالمين 69 © [الأنعام] . وإن هذا النهى لصاحب الرسالة عن أن يمد عينيه إلى ما متع الله به الأقوياء وأعطاهم أزواجا متمائلة من متع الدنيا هو نهى لأمتهء وفيه بيان كيف يتدلى الحق إذا مد صاحبه العين إلى ما عليه أهل الدنياء فإنه هنا تكون المذلة ويكون التدنى عن مقام الحق الأعلى» إلى المنزلة الدون أمام أهل المال والجاه والسلطان والباطل» وهو سلطان أهل هذا الإيمان. ولقد قال القرطبى فى تفسيره فى التعليق على هذه الآية: «رأى القراء المخلصون من الفضلاء الانكفاف عن الذات والخلوص لرب الأرض والسموات أولى» لما غلب على الدنيا من الحرام» واضطر العبد فى المعاش إلى مخالطة من لا تجوز مخالطته؛ ومصانعة من تحرم مصانعته. فكانت القراءة أفضل والفرار من الدنيا أصوب للعبد وأعدل قال يَكَِةِ: «يأتى على الناس زمان يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجحبال ومواقع المطرء يفر بها من الفتن» | ه. وأحسب أن زماننا أشد الأزمان فتنة فى نفسهء إذ تولاه الجهال» وسيطر على الفكر الجهال» وتولى على رياسة العلم من يبيعون دينهم لهؤلاء الجهلاء بثمن بخس مهما تكن قيمة الدرهم والدينار» وصح فيه ما روى بحديث قوى السند حتى ادعى تواتره: «إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من قلوب العلماء؛ إنما ينزع العلم بتولى جهلاء يضلون ويضل بهم الناس» أو كما قال يَك. / تفسدير سورة الحجر اللو ااال 0م . الرب نز وإذا كنت لا تغتر بما متع به المشركونء فلا تحزن عليهم؛ وليعلمهم بأن عمله أنه نذير؛ ولذا قال: 8 وقل إِني أَنا التذير المبين 69 4 . الخطاب للنبى يِه أمره ربه بأن يبين لهم أنه منذر من عذاب أليمء لا يميل مع الأقوياء» ولا يحيف على الضعفاءء إِنَي أنا الثذير المبين4 أكد رسول الله تعالى بأمر ربه إنذاره ب (إن»» والتوكيد اللفظى بالضمير المنفصلء» وبالنصرء فعقد عمله صَلِليٌ على الإنذارء وأنه إنذار واضح بين لمن أراد أن يعتبر بصاعقة عاد وثمود» وقوم هود وغيرهم مما ذكرهم الله تعالى فى قرآنه العظيم» من رجفة فى الأرض جعلت عاليها سافلهاء أو ريح صرصر عاتية. وهذا النص السامى جاء على غمطه قوله يكِْةّ: «أنا النذير العريان». ولقد بين سبحانه تلقى المشركين للقرآن العظيم» فقال عز من قائل: 9 كما عَم كانوا يَعَملُونَ 69 4 . «كما 4 التشبيه هو تشبيه الإنذار الذى يقوم الرسول بإنذار المقتسمين» فهو بيان لإنذار هؤلاء المقتتسمين وأنه من إنذار الرسول الذى كان للإنذار» وتنبيه المشركين إلى عاقبة ما يعملون؛. أى الإنذار كما ينزل بهؤلاء» ومن هم المقتسمون؟ ذكر المفسرون فى ذلك أقوالا كثيرة» وعندى أن أقواها الجدير بالنظر قولان: القول الأول: أنه عندما أخذ النبى يللي ينشر الدعوة الإسلامية فى قبائل العرب فى موسم الحج. أخذ ستة عشر رجلا منهم كما قال مقاتل والفراء بعثهم الوليد بن المغيرة فاقتسموا مكة وأنقابها وفجاجها يقولون لمن سلكها لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعى النبوة» فإنه مجنون» وربما قالوا ساحرء وربما قالوا شاعرء وربما قالوا كاهن» وسموا المقتسمين؛ لأنهم اقتسموا هذه الطرق» هذا أحد القولين. والقول الثانى: وهو ما نميل إليه هو قول قتادة: إنهم كفار قريش» قسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعراء وبعضه سحراء وبعضه كهانة» وبعضه أساطير الأولين» وهم بذلك قد قسموا كتاب الله تعالى وفرقوه. 06 8# تفسير سورة الحجر لل ل اال الك لحر ا وإنى أميل إلى هذا؛ لأنه يتفق مع بيان القرآن لهؤلاء المقتسمين» فقد قال تعالى فى تعريفهم: ل الَذِينَ َعلُوا لقان عضينَ 9 4 . «إعضين 4 جمع عضة والمعنى صار أجزاء مفرقة هى باطلة فى ذاتهاء وهى تفرقة فى أمر لا يقبل التجزئة قط وهو جمع» و(عضون) جمع سالم على غير القياس» والواحد كما ذكرنا عضة» أى قسما مفرقا من قولهم عضيت الشىء تعضية إذا فرقته» وكل فرقة عضة. والمعنى أن هؤلاء المقتسمين لم يأخذوا بما فيه» ولم يعتبروا بعبره» بل قسموه على حسب أهوائهم أقساما باطلة لا أصل لها فى حقيقته فتركوا تدبره وتعرفه» وإدراك ما فيه من إنذار وتبشير ومعرفة وحكمة» وما فيه من أخبار السابقين» والكشف عما يكنه الغيب بالنسبة للمستقبل» وعكسوا أهواءهم عليه» فجعلوها أقساما له» وهى باطلة فى ذاتها وباطلة بالنسبة للحاضرء وبذلك كان بينهم وبينه حجابا مستوراء نسجوه من أوهامهم فزادوا بذلك ضلالا فوق ضلالهم. وإنهم بذلك ارتكبوا إثما مبيناء وحجبوا أنفسهم عن عن النور» وإن الله سبحانه وتعالى سيحاسبهم على ذلك حسابا عسيرا؛ ولذلك قال تعالى: « فَوربك لنسألتهم أَجِمَعِينَ 59 عَما كانوا يعمَلُونَ 69 4 . (الفاء» للدلالة على أن ما بعدها مترتب على ما قبلهاء أى أنه ترتب على اقتسامهم للقرآن» وجعله متفرقا فى زعمهم الباطل» وإيغالهم فى الشرك والفساد إيغالا أضل عقولهم وأقوالهم وأعمالهم أن أقسم الله بربوبيته» ليسألن عما كانوا يعملون» وكان القسم بقوله تعالى: 9 فوربك 4 للإشارة إلى أن ذلك من الحياطة الرسالتك وجزاء اقترافهم عليها وجحودهم لها. وجواب القسم 9 لََسألئْهِم أَجَمعِينَ4: وقد أكد سؤالهم ب (نون التوكيد)» وب (لام القسم)» وبكلمة ( أجمعين © أى أنه لا يعزب أحد عن السؤال» وليس العقاب هو مجرد السؤال» وإنما العقاب ما وراء السؤال من عذاب» وذكر السؤال ا تفسيرسورةالحجر لبيان أنهم محاسبون على كل ما يفعلون» وأن الله تعالى عنده علم كل شىء» يلهون ويلعبون بما يفعلون» فالله لا يتركهم. وما الله بغافل عما يعملون. قال الله تعالى : ا عن الْمشرٍكن لين كيك لع سر 0000 2 أ 2 مه سو 0 ل ل ح سحا/ر لَحينسدل و © تنيت يك وكن لكين زه اليقث © ابتدأت الدعوة المحمدية بإعلانها بين أهل النبى يَككَِةٌ فكان أول من آمن خديجة, ثم على بن أبى طالب» ثم زيد بن حارثة» ثم بين أصدقائه الذين يعرفون أمانته وفضل خلقه. وعظمة نفسه كأبى بكر» ثم أصدقائه كعثمان» وهكذا نبتت فى شخفاء كما نبت نبتت البذرة فى ركن مستور مغشى بلباب» حتى أمر الله نبيه أن يجهر وسط عشيرته فقال: 9 وأنذر عشيرتك الأقربين 69 4 [الشعراء]ء فجمعهم وأنذرهم ومنهم من ردوا سيئا كأبى لهبء ولكن العبادة كانت فى خفاء لا يخرج المؤمنون جهاراء والإيذاء مع ذلك يتوالى» حتى دخل بعض الأقوياء بأشخاصهم فوق شرفهم النسبى كحمزة ة بن عبد المطلب والفاروق عمر بن الخطاب» فكان الجهر وتلقى الأذى بالمجاهرة ونزل قوله تعالى: « فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين 69 > . اصدع. معناها اجهر بما تدعو إليه مأمورا به» ولا تبال أحذداء وأعرض عنهم» والصدع شق الشىء الصلب وتفريق أجزائه؛ أو الوصول إلى ما وراءه ولا اا تفسير سورة الحجر ١‏ 4 الل 000 لحر أ يبقى حاجزاء أو من الصديع» وهو ظهور الفجر الصادق يشق ظلام الليل البهيم» ويحيط النور الأبيض يشق الحو المظلم. والمعنى حينئذ» اجهر بالحق» وشق به ظلام الجاهلية» كما يشق الفجر بنوره ظلمة الليل. وقوله تعالى: 9 بما تَؤمر4. أى أن شق الظلام بالنور هو بما تؤمر» فهو النور الذى يشق الظلام . وقوله تعالى: ا وأعرض عن الْمشركين4. أى لا تلتفت إليهمء ولا تبال بهم» ولا تدهن معهم بقول فى دين الله تعالى» ولا تحسب إن ممالأتهم تدنيهم» إنما يدنيهم الجهر بالحق مع الموعظة الحسنة من غير جفوة» ولا إدهان (( وَدُوا لو تدهن فيدهنون (5) 4 [القلم]. ثم قال تعالى محرضا رسوله النبى الأكرم: 8 إِنَا كفيناك المستهزئين 62 4 أى حفظناك من شرهمء فلا ينالون منك ولا من دعوتك» وما يكون منهم من أذى بالقول» أو الغمزء أو نحو ذلك من أساليب الاستهزاء أو السخرية والتعابث فى تلقى الدعوة:» لن ينال من شخصكء ولا من أتباعك إلا بمقدار ما ينال المؤمن صاحب الحق من عبث العابشين» وإن يسخروا منك» فسوف يكون اليوم الذى يسخر الحق منهم. وفى بعض التفسير الأثرى أن الله تعالى كفاه أشد المستهزئين» وذكر أنهم كانوا خمسة رجال من أشراف قريش هم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل» وعدى بن قيس» والأسود بن عبد يغوث» والأسود بن المطلب يبالغون فى إيذاء النبى يَكِةْ والتهكم به وبدعوته» فأهلكهم الله تعالى» أما الوليد فمر بنبال فتعلق به سهمء فلم ينعطف تعظما لأخذه فأصاب عرقا فى عقبه فمات قبل هجرة النبى كه ولم يحضر بدراء وأن العاص بن وائل» قد دخلت فى أخمص قدمه شوكة فانتفخت رجله حتى صارت كالرحى؛ ومات منهاء وأما عدى بن قيس» فامتخط 8# تفسير سورة الحجر. لل الل مالل لجل _رر يي قيحا حتى مات» وأما الأسود بن عبد يغوث فإنه كان تحت شجرة فأصابته حال كان ينطح بسببها الشجرة» ويضرب الشوك حتى ماتء وأما الأسود بن المطلب» فقد أصابه الاستسقاء» وهذا خبر قد روى وليس لنا أن نرده» لمجرد أنه خارق للعادة» ولكن نقول الآية من غير الاعتماد عليه واضحة. ولقد بين سبحانه صفة المستهزئين وباعثهم على الاستهزاء؛ وعاقبته فقال: الّدِين يَجَعَلُونَ مع الله إلَهَا آخَرَ فُسَوف يَعْلَمُونَ 69 4. أى أنهم بعقلهم المظلم وفكرهم التافه»ء يجعلون من ذات أنفسهم مع الله خالق السموات والأرض» المنزه فى ذاته وصفاته وإبداعه الخلق ‏ عن الشريك كما كانوا يؤمنون ويجعلون بذات أنفسهم لا من منطق أو عقل إلها آخرا وحسبهم ذلك موجبا للاستهزاء بهم والسخرية» فهم المستهزئون ليس لهم أن يستهزئوا بأحد» وقد هددهم سبحانه بقوله: «فَسَوف يَعلَمون4؛, أى بسبب هذا الشرك سوف يعلمون» وسوف لتأكيد الفعل فى المستقبل» أى يعلمون نتيجة استهزائهم وشركهمء والعقاب الذى ينزل بهم . ولقد واسى الله تعالى رسولهء فقال: 9« ولَقَدَ تعلم أَنْكَ يضيق صدرك بم يَقَرلُونَ 69 4 . إن محمدا وليْلِهٌ بشر من البشرء قد كان يسمع باطلاء ويؤذى بالقول والاستهزاء» ويرمى عليه فرث جزورء فتنحى الفتاة الطاهرة فاطمة التى صارت سيدة نساء المؤمنين» فلا يتبرم بهاء ويستمر طليق الوجه ولكن صدره يضيق حرجاء والرجل الكامل وخصوصا أعظم الدعاة الحق يضيق صدرهء ولا يتغير قوله أو عمله؛ ولقد قر الله تعالى خالق الخلق ذلك فقال: 9 ولقد تعلم أَنّكَ يضيق صدرك بمًا يقولون 59 4 عبر سبحانه عن ألم النفس» وضيقها بضيق الصدر كأن الصدر أصبح لا يتسع لمثل هذا القول الذى كانوا يقولونه من قولهم ساحرء ومن قولهم مجنون» ومن قولهم فى القرآن إنه شعرء وإنه أساطير الأولين» ومن طلبهم خوارق غير القرآن» ومن عبادتهم الأوثان. 1 0# تفسيرسورة الحجر احج لاه وقد أكد الله تعالى علمه بذلك ب (اللام) وب (قد)» وإن تأكيد علم الله بما يضيق به صدر نبيه الأمين تسرية لنفسهء وفيه كمال معاونته» وفيه مع كل هذا ما يفيد الإنذار للمشركين على ما يقولون ويفعلون ويعتقدون» فما دام علم ثانياء فإنه يحق الحق» ويبطل الباطل» ويجزى كلا بما يفعل» وهو القوى المتين. وقد ذكر سبحانه الطب لهذا القلق النفسى كما أشار إلى جزاء ما يقولون وما يفعلونء, والطب الذى ذكره الله تعالى هو طب النفوس القلقة وهذا الطب هو الاتجاه إلى الله تعالى وتقديسه والركون إليه» والخضوع له؛ ولذا قال: « فسبح بحمد رَبك وكن من السّاجدين 6 وَاعبد رلك حت يُأتيك اليقين 69 6 . (الفاء) هنا تفصح عن شرط مقدرهء أى إذا كان قد أصابك قلق النفس فعالجه: «فسبّح بحمد رَبك 4. أى فانزع إلى الله» واركن إليه بالتسبيح والحمدء فإن ذلك فى ذاته كشف للكرب وبه زوال الهم إذ فيه الركون إلى جانب القوى الذى لا يناهده جانب لأى جانب من جوانب الدنياء وهو فى الوقت ذاته شعور بأن ما ينال صاحب الرسالة من أذى إنما هو لله وللقيام بحقهء وذلك ذاته تسبيح أى تسبيح وحمد لله أى حمد. وعبر سبحانه بقوله: ا بحمد رَبك » للإشارة إلى أن ربك الذى حماك ويكلؤك؛. فإن كان منك قلق. فلن يكون منهم أذى لك فى قابل أمرك»ء إنما هو أخذ بالغلب أو أخذهم أخذ عزيز مقتدر. «إوكن من السّاجدين4. أى استمر فى خضوعك لرب العالمين» والسجود هنا إما أن نقول: إن معناه الخضوع المطلق لله تعالى» فالخضوع له وذكره هو اطمئنان القلوب» وقد قال تعالى: لإ ... ألا بذكر الله تَطْمئن القلوب 62 4 [الرعد] أو نقول: إنه سجود الصلاة» ويكون المعنى كن مستمرا فى صلاتك» ففى الصلاة تفريج الكروب» وذهاب الأحزان» والانصراف عن الهمومء وفى الآثر: كان النبى كَكِْةِ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة» ولقد روى أيضا أن النبى كَكْةْ قال: «أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد فأخلصوا الدعاء» . هاا تفسير شيور هه الحجر : مالالا للللللل (عحمل با ٠ تىي‎ وقوله تعالى: ١‏ واعبد ربّك حتّئ يأتيك اليقين 69 4 . فى هذا بيان لحقيقة التسبيح بحمد ربه» وهو العبادة بكل أنواعها من تطهير للنفس بالصلاة والصوم والحج وتطهير للمجتمع بالصدقات المنشورة والمفروضة» وقد كانت مطلوبة قبل الهجرة» وهم فى مكة كما قال تعالى فى سورة الروم المكية: 9 ... وما آتيئم من رَكَاة تريدون وجه الله فأواكك هم المضعفون 69 4 [الروم]. والتعبير ب8 ربك » فيه إشارة إلى أن مقام الربوبية يقتضى العبادة الخالصة له وفد حدد سبحانه وتعالى نهاية العبادة بقوله: «( حتئ يأتيك اليقين # . الكثرة الكبرى من المفسرين يقولون: إن اليقين هنا هو الموت» ويكون المعنى على هذا حتى يأتيك الأمر الذى لا يرتاب فيه وهو اليقين الثابت بالموت» إذ يكون اليقين ثابتا باللاعتقاد.» حتى يكون الموت.» فيكون ثابتا بالعيان لا بالبرهان وهذا الكلام يشير إلى حقيقتين ثابتتين: الحقيقة الأولى: وجوب العبادة طوال الحياة حتى الممات. والحقيقة الثانية: فيه إشارة إلى أن العبادة تزيد اليقين فيزداد المؤمنون إيمانا إلى إيمانهم» ولله غيب السموات والأرض وإليه مرجع الأمور. سورة النحل مكية» وعدد آياتها ١74‏ ثمان وعشرون ومائة» وسميت النحل 8 1 . 8 6م سئي اسداس ه َ. 5ه ه 5 لذكر النحل فيها فى قوله تعالى: ف وأوحئ ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال يون الجر وما ْو 469 . وأحياء» وتأكييد للبعث والتشور» وإبطال عبادة الأوثان» ومااقفترن بعبادة الأوثان من وأد البنات . وابتدئت بتأكيد عذاب الله لمن يشرك وأنه نازل به لا محالة» وأنه سبحانه ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده. وإن فى ذلك إثبات الرسالة الإلهية تجىء على لسان البشر. وقد أثبت من بعد ذلك قدرته سبحانه فى خلق السموات والأرض وخلق الإنسان من نطفة» فإذا هو خصيم مبين مشيرا إلى مدرجه فى التكوين» حتى يصير ذا لسان يجادل به» وعقل يفكر به. وذكر نعمة الله تعالى على الإنسان بخلق الأنعام يتخذ منها أسباب الدفء من ملابس ومساكن» ومنافع فى ركوبهاء الانتقال بها من أرض إلى أرض» ومنها تأكلون» 8 ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون (5) وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لّم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رَحيم ©) »4 . وَالْخَيْلَ وَاليمال وحمي َوه ورين يلقم ل مود 2 4. إإ#ا) تفسير سنور” هَّ النحل 0 االللللللاللللالللاالللاللااالللا0اا1االلوااللللل ل ئلا ب أ وبعد ذلك بين نعسته سبحانه وتعالى فى الماء ينزل من المسماء بأمره يكون منه حياتكم» ويكون منكم الشجرء و الزرع والرّيتون والنُخيل والأعتاب ومن كل الشُمرات إن في ذلك لآية قوم يتَفَكُرونَ 4. وذكر سبحانه تسخير الشمس والقمر والنجوم سخرها بأمره إن في ذلك لآيات لَقَوم يعقلون 4, وسسخر سبحانه ما خلق فى الأرض من فلزات ومعادن يتخذ منها الحلى وتقام بها المصانع وألوانها مختلفة. ووجه سبحانه وتعالى الأنظار إلى البحر وما فيه « وهو الذي سَّخَر البحر لتأكلوا منه لحم ريا وتستَخرجوا منه حلية تَلْبِسُونَهًا 4 من جواهرء وهو مع ذلك تجرى فيه الفلك التى تمخر عبابهها به وجعل لكم « أنهارا وسبلا لَلَكُم تهتدون 69 وعلامات وبالئجم هم يهتَدون 40 ذكر هذا لبيان خلق الله العظيم ومع ذلك يشركون فى عبادته من لا ينفع ولا يضر « قم يخلق كمن لأ يَخلق ألا ترون 09 وإن تَعدوا نعمّة الله لا تحصوها اله فور رحيم 20 واللّه يعم ما ترون وما تعلنون 9 وَالّذِين يدعون من دون الله لا يخلقون شيمًا وهم يَحَلقون 0 أموات غير أحياء وما يشعرون أَيّانَ يعون 69 4, أى لا حياة فيها. وقد قرر الله سبحانه وتعالى الحق فقال: «إإِلَهِكُم إِلَه واحد» ولا ينكر حقيقة الألوهية ويضل فى معرفتها إلا الذين يكفرون بالبعث» فقال سبحانه: ظفَالّذِينَ لا يؤمنون بالآخرة لوبهم مدكرة وهم مُسَكْبرونَ 09 لا جَرم أن الله عل ما يسرون وما يعلنون 4 . وقد أنكروا الوحدانية وأنكروا القرآن :9 وإِذَا قيل لهم مَاذَا أنزل ربكم قَالُوا أساطير الأوَلينَ 50 ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أَوزارٍ اين يضلُوتهم بغير علّم ألا ساء ما يرون 62 4 . وقد ذكر سبحانه العظات فيمن مضواء فقد مكروا مكرهم» ودبروا تلبيرهم ) وبئوا على ما دبيروا أوهامهم » « فَأتى الله بيَائَهِم مَنَ القوَاعد فَخَر عليهم ل تفسبير سيور النحل اناا اناا ااا تالالا نلللك!!] ااا اانالاا اناا ااا ا لان اناالا انان الخال لاط لالط ااال ااال ااا لللالا الا لااطط لط تلاتلا ههه < بي السّقف من فوقهم وأناهم العذاب من حَيث لا يشعرون © 4 »؛ وبعد ذلك يجىء إليهم عذاب بو القيامة يخزيهم » ( الذين تَوفاهم الملائكة المي أنفسهم فاقوا السلّم ما كنًا تعمل من سوء بلئ إن الله عليم بما كنتم تَعمَلُونَ 2© 4. هذا شأن الكفار الذين أنكرت قلوبهم » أما اللنقون يوم القيامة» فإنهم يذكرون الحق يوم القيامة» « وقيل للّدين انَقُوا ماذا أنزل ربكم قَالُوا خيرا لَلّذِينَ أحسنوا في هذه الدنيا حسَة ولَدارَ الآخرة حير ولنعم دار الْمتّقَينَ 0 جنات عدن يُدَخْلُوتَهًا تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين 69 الّذين تتوفاهم الملائكة طَيبِينَ يقولون ملام عليكم ادخلوا الْجنَة بما كنتم تعملون 69 »> . ولقد بين الله تعالى بعد ذلك تفكير المشركين فى عدم تدبرهم وعدم تفكيرهم » وإهمالهم الإنذار بعد الإنذار حتى ينزل بهم ما لم يتوقعواء وهم فى غفلة)» فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئونء والمشركون يحملون آثامهم على الله ط وقال اين أشْركوا َو شاء الله ما عبدنًا من دونه من شيم نحن ولا آباؤنا ولا حَرَمنًا من دونه من شيء كَدَلك فَعَلَ الّذِينَ من قَبْلهِم فَهَلَ عَلَى الرسّل إل البلاغ المبين (62 > . «( وقد بعثنًا في كل أَمّة رَسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت فمنهم من هدى لله وهم من حَقّتَ عه الّلاقة . وقد أشار سبحانه إلى ما نزل بالسابقين من المنكرين » ولكنهم يصرون على إنكار التوحيد وإنكار البعث ( وََفْسَمُوا الله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلئ وعدا عليه حَهًا ولكن أَكتْرَ الئاس لا يَعلَمون 2 (2) #» وإن البعث أمر ليس بعسير على الله طإِنما قَونَا لشيء إذا دناه أن نَقُولَ لَهُ كن فَيَكُونُ 9© 4 . وقد ذكر بعد ذلك سبحانه ثواب المؤمنين: 9 والّذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوتئهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلّمون 690 24 وقد ذكر سبحانه وتعالى أوصاف الإيمان» وأولها الصبرء 8 وعلئ ربهم يتوكلون 24 ولقد ل | تفسير سورة النحل 9 ل اللا ممم للك لس اا كانوا يقولون لم بعث رسولا من البشر؟ ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق؟ فقال تعالى: 9 وما أَرْسَلْنَا من قَبّلك إلا رجالاً ثوحي إِلَيهِم فَاسألوا أهل الذكرٍ إن كسم لا تَعلَمُونَ 29 بالْينات والزير تلن يك الذدكر عبن لئاس ما نل لمهم ولَعلّهم يتَفَكَرونَ 69 4. ولقد أشار سبحانه أن المشركين فى غفلة إذ يعاندون الله : امن الذي مَكَرُوا السيّات أن خسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيْث لا يشعرون 9©) و أو يَأَحْدَهُم في تَقلبِهم فَمَا هم بمعجزين 60 أَو يأخذهم علَى تَخَرف فَإِنَ ربكم لرءوف رحيم 69 4 . وينبئهم سبحانه إلى خلقه سبحانه الذى يقبا طلاله عن الْيمِين والشمائل سجدا لله وهم داخرون 69 وللّه يسجد ما في السَّمَوَات وما في الأرض من دَابَةٍ وَالْمَلائكَةُ وهم لا يَستَكْبرُونَ 69 يَحَافُونَ ربهم من فوقهم ويفعلُون ما يؤْمَرونَ 9© 4 . وقد أمرهم سبحانه بالحقيقة الخالدة وهى الوحدانية 9 وقَال الله لا تتَخَذُوا هين انين إِنّمَا هو إِلَهُ وَاحد فَِيّاي فَارْهبون 9 وله ما في السّمَوَات والأرض وله الدين واصبا فير الله تَفونَ 69 4 . وقد بين سبحانه وتعالى نعمه مجملة: ف وما بكم من َعم فَمن اللّه ثم ذا مَسَكُم الضر فلي َجأرونَ 29 © َم إذا شف الطرٌ عدكُم ذا ريق كم برهم يشركون 9© ليكفروا بما آتينَاهم فمَمتعُوا فَسَوف تَعلَمُونَ 62 ويَجِعلُونَ لما لا يَعَلَمُونَ نصيبا مما رزقنَاهم تَاللّه لتسألن عم كنشم تفترون 63 4 . ولقد ذكر عادة جاهلية» وهى كراهية البنات» ووأدهم أحياء» فقال: « وَيَجَعَلُونَ لله البَنَات سبحاته ولَهم ما يَشْعَهُونَ 9© وإذا بشر أحدهم بالأنغى ظَلَّ وجهه مُسوًَا وَهْوَ كَظيم 6 يَعَوارَئ من الْقَوم من منوء ما بُشَرَ به أيْمْسكْهُ على هون أمْ يدنه في التراب ألا ساء ما يحكمون © 4. ولقد حكم الله تعالى على المشرك أنه أسوأ ما يكون عقلاء فقال: « للّذين لا يوَمئونَ بالآخرة مَعَلّ السوء ولله الْمَلْ الأعلئ وهو الْعَزِيزٌ الحكيم 6 4 . ها تفسير سورة النحل 00 1 كا < 2 وإن الله لا يؤاخذ الناس بأعمالهم فور وقوعهاء ولكن يوْخَرهم إلى أجل سني لا جا سه ل مستأخروة ساعة ول سو دمع إشراكهم « تصف وقد أكد الله تعالى لنبيه أنه سبحانه أرسل فى أنوتن فيلك قير ني الشيطان أَعمَالّهم فهو وليهم اليم وهم عَدَاب أليم 4. وقد ساق ذلك وأكده ليتأسى النبى بالرسل قبله» وأنه يجب أن يسير فى بيان الشريعة» © وما أنزلنا عليك الكتاب لأ لتبين لهم الذي اختَلفوا فيه وهدى ورحمة لقو يوون © 4 . ثم ذكر سبحانه ‏ واللّه أنزل من السّماء ماء فَأَحيًا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لَقَوم يَسَمَعودَ 2 4, ثم بين سبحانه عجائب الخلق فى الأنعام» ومن في طن م و دول خا سنا الشاري» وذكر سبحا ثمرات النخيل والأعناب قد مكن الناس منهاء فاتخذوا منها رزقا حلالا» واتخذوا مسكرا حراماء طإإِنْ في ذلك لآية لقوم يعقلون 4 . وذكر النحل» وما ألهمه سبحانف والذى يخرجه من بطونها «فيه شقاء لَلئّاسِ », ثم بين خلق الإنسان «( والله حَلقَكُم م يتوفاكم ومدكم من يرد إلى أَردل العمر لكي لا عَم بعد علّم شيئا إن الله عليم قدير © 4. ثم بين سبحانه اختلاف الناس فقرا وغنى» 9 واللّهِ فضّل بعضكم على بعضٍ في الرزق فَما الّذين فُضْلُوا برادي رزقهم على ما ملكت أَيمائهم هم فيه سواء » . وذكر سبحانه نعمه بأن جعل لنا من أنفسنا أزواجا وذرية بنين وحفدة» ورزقنا من الطيبات» ومع هذه النعم المتضافرة يعبدون من دون الله ما لا يملك لهم قا مَنَ السّموات والأرض شيا ولا يستطيعون © 4. وقد ضرب الله تعالى المثل لضلالهم » ٠‏ (إضرب الله معلا عبد مملُوكا لأ يقدر علئ شيء ومن ررَقنَاه ما رقا حسنا فهو ينفق منه سر وجهرا هل يستوون الْحمد لله بل أكترهم لا يَعلّمونَ 52) وضرب الله معلا رَجلَين أحدهما أَبْكُم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أَينمَا يوَجَهِه لايأت بخير هل يستوي هو ومن يَأمَرَ بالعدل وهو عَلَئ صراطٍ / تفسير سورة النحل 0 االلو الل «جل بز يي مستقيم 69 24 وهكذا الأمثال تحوى فى ذاتها حكما وأخلاقا وتوجيها للأنظار مع دلالتها على معنى التوحيد والموازنة الحكيمة بين الخالق والمخلوق. وقد وجه سبحانه الأنظار إلى خلق الإنسان لا يعلم شيئا ثم جعل له السمع والأبصار والأفئدة رجاء أن يشكروا فكفرواء ثم وجه سبحانه الأنظار إلى خلق الطير صافات» كما وجه إلى خلق السموات والأرض والأنعام والخيل والبغال وقال: إن في ذلك لآيات لقوم يؤضون 4 . ووجه الأنظار إلى البيوت التى يسكن إليهاء وجعل لكم من جلود الأنعام بوتا تستخقُوتها يوم ظعنكم ويُوم إقَامتكم 4 وجعل لكم سرابيل تقيكم ا حر وسرابيل تقيكم بأسكم وكل هذه نعم ليشكروها فكفروهاء وينبه النبى كَأةْ أن عليه البلاغ فقطء «( فإن تولَوا فَإِنمَا عَلَيِكَ الَلاعُ اين 69 يَعَرقُونَ نعمت الهم ينكروتها كترم لكافرُونَ 2468 وقد أنذرهم سبحانه وتعالى: 8 ويوم تَبعث من كل أَمّمٍ شهيدا ثم لا يدن للّذِينَ كمَروا ولا هم يستعتبون 653 © وذكر سبحانه بعد ذلك حال المشركين مع الأوثان يوم القيامة ثم أسلموا أنفسهم لله « وألقوا إلى الله يومئذ السلّم وضل عنهم ما كَانوا يفعرونَ 09 24 وبين سبحانه وتعالى مقام النبوة المحمدية يوم القيامة» فيقول: ( ويم تبعت في كلأ هيد يهم من أنفُسهم وجثنا بك شهيدا علَى هؤلاء وتَزَلنَا عَلَيّكَ الكتّاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرئ للمسلمين (3) 4 . ويبين الله تعالى لب الإسلام وغايته» فيقول: إن الله يَأمر بالعدل والإحسان وإِينَاء ذي القربئ وينهئ عن المَحشاء والمدكر والبغي يعظكم لَعلَكُم تَذَكُرونَ 69 4 . ويدعو الله إلى الوفاء بالعهد» وينهى عن نكث العهد. ويبين أن العهد قوة» ونكث العهد نكث للقوة» وجعلها أنكاثاء وأنه لا يصح أن يكون الرغبة فى الكثرة فى الأرض» والقوة سببا للنقصء» ولا تتخذوا ط أَيمَانَكُم دَحَلا بينكم أن تكون أَمة 1 تفسير سورة النحل ١ اكاك‎ 23 هي أربئ من أَمَة إِنّما يبلوكم الله به ولب كم يوم القيامة ما كنتم فيه تَخََلفُون 4. ويبين أن الله تعالى قدر اختلاف الأمم « ولو شاء الله لحَعلَكم أَمّةَ واحدة 4 . ونهى عن نقض العهد نهيا قاطعاء فقال: «( ولا تتشتروا بعَهد الله نما قليلا إِنَمَا عند الله هو خير لَكُم إن كنتم تعلمون (62 ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الّذِينَ صبروا أجرهم بأَحسن ما كانوا يعَمَلُونَ 69 4 . وقد بين سبحانه آداب المؤمن عند قراءة القرآن» 9 فَإِذَا قرأت القرآن فاستعذ بالل من الشّيطّان الرجيم (65 إِنّهِ يس له سلطان على الْذين آمنوا وعلَى رهم يشوكلون 69 إِنّما سلطانه على الّذين يتَولُونه والّدين هم به مشركوت 02 4. . وقد بين سبحانه أن القرآن مسعسجزة النى, يَكِْدٌ وأنه آيته الكبرى» واللّه أعلم بأى الآيات أجدى وأنسب وأحكم» ٠‏ قل تله روح ادس من ربك باْحي لِيعَبَت الْذين آمنوا وهدى وبشرئ للمسلمين 090 ولقد تعلم أنَهُم يقولون إِنّمَا يعلمه بشر سان الذي يلحدون إِلَيه أعجمي وهذا لسان عربي مبين 9 4 . وبين أن الكذب شأن ط الّذين لا يؤمنون بآيات الله 4 , وبين سبحانه وتعالى حكم من ينطق بكلمة الكفر مكرمًا طمن كفر باللّه من بعد إعانه إلا من أكره وقلبه مُطْمَعنَ بالإيمَان ولكن من شرح بالْكْر صّدرا عليه عضب من الله ولّهم عَذَاب عظيم 2 ذلك بِأَنْهم استحبوا الْحياة الدنيًا على الآخرة وأَنّ اللّهِ لا يهدي الْقَوم الكافرين 400 وقد بين سبحانه أنه طبع على #8 قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون 0-0 لا جرم أَنّهُم في الآخرة هم الْخَاسرونَ 6-9 4 . وبين بعد ذلك جزاء المؤمنين المهاجرين» فقال: « ثم إن ربك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم 652 © . وذكر سبحانه أنه فى ذلك اليوم تُوفَى كل نفس ما كسبت بعد أن جاءت تجادل عن نفسهاء وهم لا يظلمون. وقد ضرب الله مثلا للقرية الظالمة بعد أن أنعم الله تعالى عليها «( وضرب الله معلا فَريةَ كانت آمنة مَطْمكنَة يأتيها رزقها رغَدا من كل ا تفسيرسورة النحل الملل > ا مَكَان فَكَفَرَت بأَنْعُم الله فَأذَافَهَا اللّه لياس الجوع وَالْخَوْف بما كانوا يصنعون 09 ولقد جَاءهم رسول مَنْهم فَكَدَبُوه فَأحَذَهُم العذَاب وهم ظَالمُون 659 6 . ولقد أشار إلى ما أباحه سبحانه وتعالى فقال: 8 فَكُلُوا مما ررَقَكُم الله حَلالا طَيَْا واشْكُروا نعمت الله إن كنم ياه تعبدون 659 4 . وبين من بعد ذلك المحرمات» وهى خبائث تفسد الآأجسامء وإن التحليل والتحريم من الله وحده؛ ولذا قال سبحانه: «ولا تقُولُوا لما تصف الْسنتكم الكذب هذا حلال وهذًا حرام لعفعروا علَى الله الكذب إن الّذينَ يَفَحَرونَ علَى الله اذب لا يُفلحون 019 متاع قَليل ليل ولهُم عَدَابْ أَلِيم 9 4 . ثم بين أن هذه المحرمات كانت على الذين هادوا ولكن كانوا أنفسهمٍ يظلمون» وأشار سبحانه إلى أن باب التوبة مفتوح لين عملُوا السوء بجهالة ثم َابُوا من بَعْد َلك وَأصلحوا إن ربك من بَعْدها لََقُور رَحيم 4 . ذكر الله سبحانه وتعالى العرب بما كان يتحلى به إبراهيم) وهو جدهم الذى يتشرفون بالنسب إليه فقال: إن إبراهيم كا اا له حنيفا وم يك من المشركين شاكرا أنه ابه هده إلى راط مسقم 9 وان في الا حولي الآخرة لمن الصالحين 659 4 ثم خاطب النبى و بأن دينه هو ملة إبراهيم لثم أَوْحَيَا يك أن اتبِع مل إبراهيم حنيفا وما كَانَ من الْمشرٍكين 659 6 . وأشار سبحانه إلى أن تحريم السبت كان على اليهود الذين اختلفوا فيه ولم يكن على غيرهم . وبين سبحانه طرائق الدعوة إلى الحق» وأشار إلى العقاب دفاعا عن الخير ال : «(وإذعاف َف بغ ا موقم ب وئى مرثم نارين 9 وَاصْبرْ وَمّا صبْرك إلا باللّه ولا تَحْرَنْ عَلَيهِم ولا تلك في ضيق مما يمكرون 029 إن الله ل لوا وين هم مسو 462 . وهذه الآيات أيه بأن تكون مدشة» اللّه سحانه وتعا ا . جك ر ب و و و ##ا تفسير سورة النحل 11 ب ل معاتنى السورة الكريمة قال تعالى: ا لومي يس مولام اقول ل سر ف أمراللهِ ذلا فَستعجلُوه سبحننة: وتعلل عا دفر ورج 00 0 و2 7 2 27 سم _- ١‏ ينول الملتيكةبا وح مِنأمْرِوء عل من يسَاء معدو 00 |0868 سم م سبع ل سد | له سها رو موي لكر 02 أَنَأنذِروا أَتَمَلا لمالا أنأفاتفون لي حَلَقَاَلسَمبوَتِ م ا بس ل سي ابرح سرر 2 وَالْأرضك ِالْحق عد عمَاسسْروُت © حَلقَ .0 أ 1 00 هه 0000 الْإضْن مِن نْط فو وَإِذَاهوحَوِسيم مين لوي وَالْأنْعَمَ دس مه رو 2 للدي اعرسم م أ حرمو سس حلقها لحكم فيهادفء وملقِعٌ و منهاتأكلرن دشم ا يمست . ا سس فك ذه م و ددم مشر م وي و فيهاجمال جين تريحون وحن فحن وه لكر م ل ساس - أ روه 0 35 وَتحْيِلٌأئقَا لكم إل بلدٍ وتكونوأ بك فيه إ لامش 0 َم ع سح ممه اه الانقينإت ربكم ارءوف يَحِيمٌ 00 و 72 ا سس عه سه سح رو ل اح مه أ 2 - -2 كان المشركون يتلقون وعد النبى كَلكْةٌ لهم بالغلب فى الدنيا أو العذاب الأليم فى الآخرة بالاستهزاءء والسخرية مبالغة فى الإنكار» ويتحدون النبى يَكَِْة أن ينزل بهم ما ينذرهم به» ولقد قال تعالى فى ذلك: 9 ويستعجلوتك بِالْعَدَاب ولولا أجل مُسمَى لُجاءهم الْمَذَاب وَلَيَأَتِينهم بَعبَة وهم لا يشُعْرُونَ 9 4 [العنكبوت] وقال تعالى: ا يستعجلونك بِالْعَدَاب وإِنّ جهنم لَمحيطَةٌ بالْكَافرين 9 »4 [العتكبوت]» أى أن أسبابها محيطة بهم» وهى قريبة منهم» وقد نزل قوله تعالى: اقرب للئّاس حسابهم ... 400 [الأنبياء]» وقوله تعالى: 8اقْمَرَبَت السّاعَةٌ 1# تفسيرسورة النحل ل لل لل لأسب ا نشقَ الْقَمْرَ 90 » [القمر] فاستعجلوه» وقوله تعالى: أ َئ أَمْرٌ الله فلا تستعجلو تستعجلوه 4 قال فيه النحويون: إنه ماض بمعنى المضارع» وعبر بالماضى لتأكد وقوعه. وفى الخق: إن الأزمان بالنسبة لله تعالى لا تختلف بين ماض ومستقبل بل إن ذلك بالنسبة لنا؛ إذ يختلف الماضى الذى نعلمه واقعا عن المستقبل الذى لا نعلمه بل فى الغيب المكنون المستور عنا على أن قوله تعالى: 9 أتئ مر الله 4» أى تقرر أمر الله تعالى وما يقرر الله تعالى قد أتى فيه قراره» وتعلقت به إرادته» وإذا كان قد أتى فلا تستعجلوه؛ لأنه قد قرر فهو واقع لا محالة» واستعجالكم لا يعجلهء وسكوتكم لا يؤجله. و(الفاء) فى قوله تعالى: لقلا تستعجلوه 24 تدل على أن ما قبلها سبب لا بعدهاء فسبب النهى عن الاستعجال أنه تقرر بالفعل» وقوله تعالى: سبحاته وتَعَالَى عمًا يشركون 4, أى تنزه وتقدس وتبرأء وتعالى أى تسامى عما يشركون» و(ما) مصدر حرفى أو اسمى» وفى الجملة معنى النص السامى: تقدس سبحانه وتسامى فى علوه عن أن يكون له شريك فى السموات والأرض. وهذه العبارة السامية فيها تقرير أن الله واحد لا شريك له» ولا يمكن أن يكون له شريك فى قدسيته» وكبريائه» وقد بين الله سبحانه وتعالى بعد ذلك أنه أرسل الرسل بهذه الحقيقة لينذر المشركين بإرسالهم» فقال تعالى: © يرل الْملائكة بالرّوح من أَمرِه علَى من يَشَاء من عبّاده أ أنذروا أَنّهُ لاله إلا أن فَانُّوَ 0 4 . (الروح) فسره ابن كثير بأنه الوحى» كما قال تعالى: «١‏ وكذلك أوحينا إليك روح من ْنَا ما كت دري م لكاب ولا لمان ولكن معلا وا هدي به من تُضسَاء من عبادنا وإنّك لدي إلى صراط مُستَقيمٍ 45 [الشورى]. وتسمية الوحى روحا؛ لأنه يجىء بما فيه حياة الناس» فهو كالحياة لهم أو يقوم مقام الروح فى الأجساد. وقوله تعالى: ظعَلَئ من يشاء من عباده4. أى من ا تفسيرسورة النحل مالل 01 ل نا اختارهم لرسالته ويصطفيهم, الله يختبر من يشاء من عباده وهو أعلم حيث يجعل رسالته . وقوله تعالى: فآ من أمره 4, أى أنها مقبلة بأمره سبحانه» أو من أجل أمره» وتنفيذ ما قدر وقرر» وأمره بينه سبحانه بقوله تعالى: ١‏ أنه لا إله إل أنا قاد تقون # . فهو تقرير للوحدانية جاء على لسان الحقى جل جلالهظ أنه لا لَه إل أنا 4 داخل عليها حرف جرهء وهو الباء و(أن) هى المخففة من الثقيلة» واسمها ضمير الشأن» أى أنه الحال والشأن 9لا إله إلا أنا» وقد ذكر ضمير المتكلم لتربية المهابة» ولفيض جلاله سبحانه وتعالى» والجملة دالة على القصرء فالألوهية مقصورة على الذات العلية» وما ينحلونها بالألوهية من أوثان باطل فى أصله» وإنما هى أوهامهم التى أعطتها صبغة الألوهية» وإذا كان الله تعالى جل جلاله هو وحده الإله فإن الوقاية من عذابه» وخوف عقابه أمران لازمان؛ ولذا رتب سبحانه على وصفه وحده بالألوهية قوله: ١‏ فَائة تقرن © فالفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فإنه إذا كان هو الإله وحده لا شريك لهء فلا يتقى غيره» وجاء على لسان الآمر؛ لكى يجتنبوا ما يعرضهم للعذاب» ومعنى «اتقوا) اموا كع ا واملأوا قلويكم بتقواء كما قال تعالى: # .. توا اللّهِ حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 69 4 [آل عمران]. وإن أسباب انحصار الألوهية فى ذاته العلية هو أنه وحده خخالق السموات والأرض ومائح التعم؛ ولذا قال تعالى: «إ خلق السّموات والأرض بالحق تعالئ عم يش ركون 0 4 . أنشاً الله السموات والأرض بالحق أى بالآمر الثابت» والنظام المحكمء بين أجزاء السماء بسر الوجود فكل نجم فى مداره» وبروجها ثابتة لا تتغير وتسير إلى مستقرها وتتحرك فى مدارها وكل شىء يجرى بحسبان فى السماء والأرض بطبقاتهاء وما أودع باطنها من فلزات وأحجارء وعروق المعادن, والجبال ##ا تفسير سورة النحل و أب ا الراسيات» والبحار التى تجرى الفلك فيها ماخرات عبابهاء والأنهار والأمطار تنبت الزرع؛ وتأتى بالثمارء هذا ما يشير إليه؛ لذا كان سبحانه وتعالى قد خلقها بذلك الإحكام وبذلك النظام الشابت الذى لا يتخلف, وأنه سبحانه وتعالى هو الذى يمسك السموات والأرض» فهو سبحانه وتعالى المتعالى عن الشركاء؛ ولذلك قال الله تعالى: 8 عما يشركوت4 تسامى فى ذاته عن أن يكون له شريك؛ لأنه ليس كمثله شىء قطء فهو المنفرد بالخلق والتكوين والإنشاء. وقوله سبحانه: لا تَعَالَئ عَما يشركون4 كانت هذه الجملة مفصولة عما قبلهاء لتمام الاتصال فإن تمام الاتصال يوجب فصل الجملتين» كما يوجبه كمال الانفصالء» إذ الجملة الأولى سببا للثانية» فإن الخلق للسموات والأرض سبب لكمال العلو عن المثل والشريك . هذا هو الخلق العام» والإنسان نفسه فيه إثبات قدرة الله بديع السموات ا ومبدع الإنسان؛ ولذا قال تعالى: لحَلقَ الإنسان من تُطْمَة فَإذَا هو خصيم وهو الماء الذى يخرج من بين الصلب الذى قالت آية أخرى: 9و . .. من ما مَهِين (2) 4 [السجدة]ء وقوله تعالى: ظفَإذًا هر خصيم مبين» يشير إلى الأدوار التى مر بها من طين فنطفة» فعلقة» فمضغة» كما قال تعالى: ف( ولقد خلقنا الإنسا من سلا من طين 099 َم علا نطْمَه ي قرارمُكين 00 نَم حَلَقنا لْطمة علقَة فَحَلَْنَا اْعَلقَه مُضعَة فَحَلَقَاالْمُضْعَةَ عظاما فَكَسَوْنَا العظام لَحما ثم أنشأناه حَلقَا آخر فتبارك الله أحسن الْخالقين 09 4# [المؤمنون] هذه أدوار الإنسان» وهو جنين لم يخرج إلى ظاهر الوجودء وإذا خرج إلى ظاهر الوجود كان معه السمع والأبصار والأفئدة» حتى تكون فيه كل قوى الإنسان من لسان وعينين وأذنين. هذه الأدوار كلها يشير إليها قوله تعالى: طفَإذَا هُوَ حَصِيم مُبِين 4 الخصيم الناطق المجادل الذى يحسن إدارة القول وتحويره وتحويله كعمرو بن العاص الذى 1# تفسيرسورة النحل . 0 اللمللللل ا 0 لج -ب زه يي كان معروفا باحيلة فى القول» حتى إن عمر الفاروق رأى رجلا لا يكاد يبين» فقال سبحان الله خالق لسان هذا هو خالق لسان عمرو بن العاص. و(الفاء) و(إذا) يدلان على المفاجأة» والمفاجأة مع هذه الأدوار المتدرجة بأمر اللّه وتقديره للدلالة على التفاوت البين بين ماء مهين» وخصيم مبين» سبحان من كون وأنشأء وهدى وعلّم . بعد هذا أذ سبحانه يبين النعم التى أنعمها على الإنسان فقال تعالى: والأنعام حَلَقَها لَكُم فيها دفاء ومتافع ومنها تأكلُونَ 2 4 . الأنعام جمع نعم» وهى الإبل والبقر والغنم» وما يشبهها من غزال أو نحوهء وقد ذكر سبحانه وتعالى فى هذه الآية نعما على الإنسان» فقال تعالى: « لكم فيها دفاء ومنافع ومنها أكون 4 . النتعمة الأولى منها الدفء؛ وهى دفع البرد»ء وذلك ا وصوفهاء ومن القع اتخاذها أثاثا وبيوتا من الخيام» كما قال تعالى: #.. أصوافها وأَوبَارِها وأشعارها أََانَا وَممَاعا إلى حين 69 4 » والمنافع كما قال ابن 9 النسل والركوب واتخاذها فى الحرب لحمل المجاهدين» والثالث منها تأكلون أى من لحومها وألبانها. وذكر سبحانه نعما للإنسان أخرى فيهاء وهى قوله تعالى: «وَلَكُم فيهًا جَمَالَ حين يُرِيحُونَ وَحَينَ تَسْرَحُونَ 9 © . ترى الراعى للوبل أو القطيع ساقها إلى الرواح قد ذهب عنها الجوع وامتلاات شبعا من الكلاً والنبات» ويخرج بالنعم سارحا إلى حيث المرعى والمسقى » وحيث يرعاها ويشرف عليها فى حركاتها وملاعبها ذلك هو معنى « تريحون» و تسرحون 4 . و(الجمال) هو الصورة التى تكون متناسقة وتؤثر فى النفس» وهو يكون فى ا تفسيرسورة النحل لاملل ب ا فى إحساس بالسرور والارتياح» ويكون فى جمال الطبائع السليمة الطيبة» ويكون فى المعانى والصور النفسية. وإن فى منظر قطعان الإبل والغنم والبقر وهى سارحة متجهة إلى مراعيهاء ما يشرح النفس؛ لأن منظر الحياة فى الأحياء يفرح النفس» ويلقى فيها بهجةء ومنظرها وهى عائدة ريانة بالشبع والسقى يعطى ارتياحا أشد. وقد ذكر رواحهاء قبل سراحها مع أن الرواح خاتمة اليوم والسراح ابتداؤه؛ لأن الإحساس بالجمال فى الرواح أشد؛ إذ تكون مزدهرة مملوءة بالشبع» ورواحها يكون أشدء. وجمالها أوقع فى نفس صاحبها؛ لأنه يكون بعد تعب رعيها والإشراف عليهاء ولأنه يكون بعد انتصارها على مطامعهاء وإشباع حاجتها. وقد قال الزمخشرى: من الله بالتجمل بهاء كما من بالانتفاع بها؛ لأن من أغراض أصحاب المواشى» بل هو من معاظمها؛ لأن الرعيان إذا روحوها بالعشى وسرحوها بالغداة» فزينت بتسريحها الأفنية» وتجاوب فيها الثغاء والرغاء أنس أهلها وفرح أربابها وأجملها فى عيون الناظرين إليها وأكسبتهم الجاه والحسرمة ونحوه. وقد يسأل سائل اذا ذكر جمال النعم فى غدوها ورواحها وجمال الدنيا كثير؟ والجواب عن ذلك أن الله تعالى ذكر زيئنة الأرض بنباتهاء وزخرفهاء وذكر أنها زينت بذلك للناظرين» وإن ذكر جمال النعم فى تلك الأوقات ترغيبًا فى تربيتها والعناية بها؛ لأن فيها نفعا وغذاء. وذكر الله تعالى مع ما ذكر من منافع للنعم حمل الأثقال فقال تعالت كلماته: « وتَحَمل أنْقَاَكُم إئ بد َم تَكُونُوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم )4 . الأثقال: جمع ثقل» وهو ما يثقل حمله. ويشق بكسر الشين» وتفتح وهى قراءة بمعنى المشقة» وإن البلاد العربية كان المحمل فيها بالجمال حتى قيل: إن و 8# تفسيرسورة النحل اللللل لامالا ل اك في ١‏ الجمال هى سفن الصحراء» أى أنها تنقل الأمتعة والأثقال فى الصحراء» كما تنقل السفينة الأثقال على سطح الماء. فالضمير وإن كان يعود إلى الأنعام كلهاء إلا أن حمل الاثقال عند العرب للجمال فقط». وفى الحق إن حمل الأثقال ظاهره حملها على الظهر» ولكنه يشمل بالتضمن جرها على العربات» وأن من البقر ما تجر العربات المحملة» كما يرى فى مصرء وكما يرى فى غيره من البلاد» وقد رأينا فى باكستان الإبل تجر العربات. مقركم لم تكونوا بالغى هذا البلد لنأيه وبعد المسافة إلا بمشقة شديدة. وإن ذلك من رحمة الله تعالى بعباده ورأفته بهم؛ ولذلك قال تعالى فى خقام الآية الكريمة: إن ربكم أرءوف رحيم 4. أى أنه سبحانه يرأف بكم فى خاصة أموركم ويرحمكم فى عامة أحوالكم» وفى وجودكم» وهنا بعض إشارات نذكرها: أولها - أن الله تعالى عبر ب 9 ربكم 4 للإشارة إلى أن ذلك التمكين من الثانية ‏ أنه قال: © لرءوف رحيم 4. والفرق بين الرأفة والرحمة فيما نحسب أن الرأفة فيما يكون فى الإنسان فى خاصة أمره من حيث الرفق والتسهيل والتيسير» والرحمة ما يكون بالإنسانية فى عامة أمورهاء وقد تكون الشدة فى بعض الأحوال من مقتضيات الرحمة؛ لأن رحمة الكافة قد تقتتضى شدة على الظالمين. الثالثة - أن الله تعالى أكد وصفه بالرأفة والرحمة بإ40» وصيغ المبالغة» وبالجملة الاسمية» وباللام. ا تفسير سورة ١‏ لنحل للم ١م‏ لز ولقد قال تعالى فى نعمة النعم: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة وَيَخلقَ ما لا تعلمون 0 4 . بعد أن ذكر سبحانه نعمته فى الأنعام» وما تتخذ منها من منافع» وما يكون فيها ذكر نعمة فى غيرها مما لا يشمله اسمها وكان العرب يجدون فيها متاعاء وهى الخيل والبغال والجمير» ٠‏ فإن فيها نعمة التمكين من ركوبها أو نعمة أنها تتخل زينة لهم فى غدوهم ورواحهم» وقد قال تعالى: «ذْيْنَ لاس حب الششهوات من النساء َالبَينَ الاير الْمُقَطَرَة من الدّهَب والفضّة وَالْخيّلٍ المسومة والأنعام والحرث . 09 4 [آل عمران]. فالخيل المسومة من زينة الحياة» فالخيل ومثلها البغال والحمير تتخذ زينة» وقد قال العلماء فى الخيل ومثلها البغال» وكلمة الخيل قد يدخل فى عمومها البغال؛ ولذا يكون سهمها فى الغزو واحدا عند كثير من الفقهاء وعلى رأسهم أبو يوسف صاحب أبى حنيفة رضى الله عنهما. إن الخيل تتخذ لأغراض ثلاثة الغرض الأول: القنية» للإنتاج وهذه حسنة فى ذاتها؛ لآن الإنتتاج فى الغرض الثانى: للجهاد. فإن فى نواصيها الخير وذلك مطلوب. الغرض الثالث: للخيلاء والتفاخر» والخيلاء منهى عنه. والزينة هى ما يكون فى الخيل من راحة للنفس» وفرق بين اتخاذها زينة والخيلاء بهاء فإن الخيلاء تفسد القلب» أما التزين» أو طلب ما يكون فيه زينة فإنه لا شىء يمس القلب ليفسده . ولقد قال تعالى بعد ذلك: ١‏ ويخلق ما لا تعلمون 4. أى يخلق ما نعلم وما إعجاز القرآن فى إخباره بما كان مغيبا فى زمان نزوله لوجده فى مثل هذه الآية» # تفسير سورة النحل 4 !لاا انخ اللا الن امنا اللل لان لالال لاا للاخ طاخملا اللا ططخ خخخسطط ططخ طاطخ الالال ططخ خخخ مالملا لسرب ا فإن مما خلقه الله تعالى ما كان العرب لا يعلمونه. ولم يكن قط فى عصر نزول القرآن ‏ السيارات التى تنهب الأرض نهباء والطائرات التى تقطع أجواء الفضاء قطعاء وما يجرى الآن فى عصر الفضاء فإن ذلك كله خلقه الله تعالى» ومكن الإنسان فى عصره ما لم يكن ليعلمه» وسترى مما يخلقه الله» ويعلمه من بعدناء ولا نعلمه نحن . نعم الله تعالى فى المطروالشمس والقمر والبحار قال تعالى : وَعَل الله قَصَدَأَلْسَسِلٍ وَتْهَاحَلَ ولَو, بش 0 لمعيس ني هوَالرىأنَرَلَ مر السّمَا مأ سه - 5-0 م | 3 و سل وو د جوع سرلباك .ل حضه شراب وَصِنْه سجر فيه سِيمُوت ب بد ارد 2 خِ نواعتب عَنْب وَمنكلٌ لمكي ذلك لَآَسَةلموَويتمَحكروت ف ا تله ووم د دم آ لآ هه ركس اهومس والقررا جر وم مَسَخَا مرو ارك يف ولك لدت لْفَوْ مي 2 وَصادراً تُمحطو فارص عم لتك ف ديك ليه إْمَوَرِيدَحكرُورت 0 38 وَهْوَاَلرَى 3 سدرلشية كاوه 1 لاشيم 100 حِلبِة تلإسوتها وت الْفللك مَوَاخِر راع 9 2000 ناس تنس جه 59 ل | تفسمير سورة النحل ااال انالا تلان نالل لالت اتا لان اتانانن انا انا انالا لخا كا لااناا اللا ن امنا ن امن الا لاا لالخ نا ااانا تلان اتلل مالا ناتلا ااانا اناالا ط انالا مط طخل طلالاللالا الا ىر ١‏ راو سبل وَألق ف الْأرضٍ روب أن تيد بحكم هرا 200001111 3 المعنوى .» ٠‏ وقد يكون ذلك فى جملتين متصلتين سببية أو وصفية» كنا قال تعال : ... وترودوا فَإِنّ خير الرّاد الشَقوئ ... 459 [البقرة]ء فصدر القول التزود فى الحج بزاد الدنياء» وجاء فى التعليل الزاد المعنوى,» وذلك ليجمع بينهماء وكما قال تعالى : يا بني آدم قد أنزلنا أ عليكم ِبَاسًا يواري سوءاتكم وريشًا ولباس التقوئ ذلك خير ... 69 4 [الأعراف]. وقد ذكر سبحانه فى الآيات السابقة ركوب الخيل والبغال والحمير وزينتها وأن الله يخلق ما لا نعلم من نزل فيهم القرآن؛. وقد خلق السيارة والطيارة» وقد أخرج روائع الأرض إلى السماءء حتى يصل الإنسان إلى الأفلاك ومواة قع النجوم. ذكر سبحانه تلك النعم المادية» وذكر بعدها المسالك المعنوية الهداية؛ والشقوة» فقال تعالى: ‏ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر 4 . القتصد مصدر بمعنى اسم الفاعل» والقصد والقاصد معناهما مستقيم لا انحراف فيه» وطيب لا سوء فيه ثم إنه كما قال تعالى: 8 لو كان عرضا قَريبا وسفرا قاصدا لأبعوك ... 469 [التوية]. ومعنى ١‏ وعلى اللّهِ ةَ قَصد السبيل 4, أى على الله بيان السبيل المستقيم الموصل إلى الحق» ومعنى بيانها إقامة البنيان والأعلام الدالة على الطريق وإرسال الرسل للهداية وقد وهب إليهم القلوب المدركة للحق بفطرتها. / تفسير سورة النحل 2 00 ١ كك‎ يي" ٠‏ وحذفت (بيان)» وبقيت كلمة 8 قصد » نظر إلى المضافء للإشارة إلى أن الطريق القاصد هو بنفسه هادء ذلك لأن النفوس المفطورة على فطرة الله تعالى الحق وحده يهديها ويرشدها. وليس معنى أن قصد الطريق على الله أنه لازم عليه بمعنى أنه واجب عليه؛ فالله تعالى لا يجب عليه شىء وليس فى الوجود من يوجب عليه شيكاء سبحانه وتعالى» وإنما كتب الله تعالى على نفسه أن يضع لهم أسباب العلم والهداية ودراية الحق ليسلكوه مختارين» فليس فيه إلزام على الله» كما أنه ليس ل وَمنْها جائر4. (جائر) أى مائل منحرف حائد» ليس بمستقيم» والضمير فى (منها) يعود إلى السبيل وهى الطريق» وتؤنث. وذكر هذه الجملة بعد الأولى يدل على أن الأصل هو الاستقامة؛ لأن الفطرة مستقيمة بذاتهاء والانحراف من تسلط الشياطين بتسليط الأهواءء والشهوات. وإن هذين الخبرين يدلان على أن الناس فيهم المستقيم؛ والمنحرف الجائر الحائد عن الطريق» وإن الله تعالى قد وضع للفريقين أسباب الهداية والصواب لعلمه القصدء ؛ فمنهم سلك القاصد ومنهم من انحرف عن الطريق السوى: «ولو شاء لهداكم أَجِمعينَ 4. أى لو شاء أن تكونوا جميعا على سواء فى الرشادء لهداكم أجمعين بأن جعلكم جميعا تسلكون سبل الهداية؛ وأنتم مختارون غير مجبرين كما قال تعالى : « ولو شنا لآتينا كل نفس هداها . .. 409 [السجدة]: عاد سبحانه وتعالى من بعد أن بين أن الله سن طريق الهداية وهو طريق الفطرة» وأن الناس يجورون بالطريق فيرتكبون ما لا يجوزء بعد ذلك , بين النعم العادية الداعية إلى الشكر لمن أراد الحق وسلك سبيله» فقال تعالى: شاع الهو م وق اس «( هو الّذي أنزل من السّماء ماء لَكُم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون 69 4 . الضمير يعود إلى الله جل جلاله؛ لأنه حاضر دائماء ولأنه المتحدث عنه فى القرآن دائماء ولأن القرآن كتابه» فهو منه والقرآن هو الذكر الحكيم. ##ا تفسير سورة النحل ابنك4 الماء هو الصلة التى تصل السماء بالأرض فمنها ينزل المطر إلى الأرض» وقد ذكر سبحانه وتعالى نعمتين جليلتين فيه: أولاهما - أن منه الشرب» ورى الأبدان» وقد عبر سبحانه بقوله تعالى: «لكُم مَنْه راب 4. وقال سبحانه: « لَكُم مُنْه شاب 4. أى أن الماء لكم منه شراب» تشربونه وتدفعون به العطش» وعبر سبحانه بقوله تعالى لكم منه شراب ليشمل شربه ريا وسقيا» ويبشمل اتخاذه محلى بمادة من مواد الحلوى» وليشمل الشراب الذى يكون من النبات والكروم غير المتخمرء فإن الماء أصل ذلك كله. وثانيتهما - أن © ومنه شجر فيه تسيمون 4. والشجر يطلق على كل نبات سواء أكان زرعا ينتج حبا متراكماء أم كان غرسا لكل ذلك يسمى» وقد ذكر البيضاوى شعرا فى ذلك» وهو. يعلفها اللحم إذا عز الشجر والخيل فى إطعامها اللحم ضرر فالشجر الذى يعز فى علف الخيل هو الزرع لا الغراس ومعنى قوله تعالى: 9 تسيمون 4 من أسام الماشية إذا رعاهاء وجعلها تطلب أماكن الكل والرعى» وأصلها من المسومة» وهى العلامة التى تكون قطع الكلأء ورعى النعم له. وإن هذه بلا ريب نعم 3 تستحق الشكرء فهل تشكرون. وقد فصل سبحانه وتعالى القول فيما تكون من ماء السماء» فقال تعالى: يبت لكم به الح والريتون والخيل والأعَاب ومن كل ارات إذا ي ذلك لآية لقوم يتفَكُرودَ 69 » . الضمير فى #إبه 4 يعود إلى الماء» أى ينبت الله تعالى لكم بهذا الماء الزرع وهو الحب المتراكب والكلاء» ونحوه من أنواع الزيتون» والنخيل والأعناب» ومن كل الثمرات. 8 تفسير سورة النحل 64 الللللل لل ااال اللا لحب ا والزيتون اسم جنس جمعى لزيتونة» والنخيل معروف, والأعناب جمع عنبء ومن كل اللَمَرَاتَ 4 (من) فيها نظن أنها بيانية» أى كل الثمرات» كلامن) فى قوله تعالى: « ولتكن سكم أَمَة يدعون إلى احير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المدكر وأولكك هم المفلحود 6:9 4 [آل عمران] ويقول الزمخشرى إن من تبعيضية» وذكر التبعيض هنا لأن ثمرات الدنيا مهما كبرت وكثرت هى بعض الثمرات» وفى الجحنة كلها. وإن الإنبات فى ذاته نعمة؛ لأن الله تعالى فالق الحب والنوى» تنشق من الحبة أو النواة بأمر الله فقتخرج بالرى عوداء تجرى إلى أعلى فيكون منه سيقان الزرع والشجرء وينشق إلى أسفل فتكون منه العروق والجذور التى تجرى فى باطن الأرض على امتداد قصير أو طويل على حسب نوع النبات والشجرء والضوء والحرارة يعاونان فى تكوين الغصون والأوراق» وإن الزيتون إما أن يراد به الشمرة» أو يراد به الشجرة» وفى كل آيات» ويدرس العلماء إدام الزيتونة فيحسب بعض الباحثين أن فيها دواء للسرطان» ولا تزال آيات الله تعالى قائمة فى كل خلق» سبحانه وتعالى عما يصفون» وهو الخلاق العليم. ولقد ختم الله تعالى الآية بقوله: ( إِنّ في ذلك لآية لَقَرم يتََكرونَ 4 أى إن فى ذلك الخلق العظيم الدقيق الحكيم لآيات دالات بينات على عظيم الخلق» وإحكام الأسباب التى سيرها بأمره» وهو العليم الخنبير» سبحانه وتعالى» 9 لقوم يتَفَكْرُونَ4. أى لأناس متجمعين يتفكرون تفكر المتدبرين فى أحكام صنيعه. وكريم نعمه» وعظم المن فى فضلهء سبحانه وتعالى. هذه نعم الله تعالى التى خلقها فى الأرض أو بعضهاء وقد عدد نعمه فى الأرض ثم اتجه إلى نعمه على الإنسان فى السماءء فقال عز من قائل: «( وَسَخْر لَككم اليل والنّهَارَ والشّمس والْقَمَر والنجوم مسَخَرَات بِأمرِه إن في ذلك آيات لقوم يعقلوذ 09 4 . / تفسير سورة النحل 1م الئل حب أ فالله تعالى سخر لنا الليل والنهارء أى ذلل الليل والنهار لناء فجعلهما بذاتهما نعمة» ففى الليل يكون الهدوء الساتر؛ ولذلك سمى الليل لباساء وفى النهار يكون العمل والكسب الكدح» وفى الليل يكون الاستجمام لعمل النهار» وفى النهار يكون العمل المنتج المثمر. ثم هناك أمر آخر فى الليل والنهار» ففى الليل يكون الكربون الذى تنمو منه عروق الأشجار والأوراق وتنفث الزائد منه عن حاجتها. وفى النهار تكون الحرارة» وتنفث الأشجار ما يكون عناصر تدخل فى تكوين الأحياء»ء وهكذا كان فى الليل والنهار نعمة أو نعم نذكر منها ما أدركناء وهو بعض قليل من نعم كثيرة من بها علينا الله سبحانه وتعالى» وهو الحكيم العليم . وبعد ذلك ذكر سبحانه ما يكون فى النهار من شمس مشرقة وهى ضياء تمد بكل العناصر التى يتغذى منها النبات» والنخيل والكروم والزيتون» وغيرها من الدوحات العظام والباسقات» ثم القمر وما يكون منه من نورء وإن لم يكن ذاتياء فهو فى ذاته نعمة» وثبت بالواقع أن له تأثيراً فى الأجنة فى بطون .أمهاتهاء وفى حياة المرأة» وفى طمثها وطهورهاء وحملها وولادتها وسر ذلك عند العليم الحكيم» والعلماء دائبون فى البحث والتعرف. ولذا قال تعالى وقد علق فكر ابن آدم بالسماء: ظطوَسَّخَرَ لَكم الليل والتّهار والشمس والقمر والنجوم مسَخّرات بأمْرِه 4 . ومعنى التسخير تذليلها لمنافع الناس» فليست مذللة بذاتها للناس» ولا سلطان لهم عليها ولكنه سبحانه وتعالى جعلها مذللة لمنافعهم» فالشمس والقمر يكون منهما الليل والنهار» ويكون ما ذكرنا وهو بعض مكمل» ويعلم بهما الحساب 3 ... وَالْقَمَر نورا وقَدَره مَنَازِل لَعلَموا عَدَدَ السَتِينَ وَالْحسَاب ... © 4 1 8# تفسير سورة النحل ج11 وسخر الله تعالى النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر. وقد نحتم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: ظإِنْ في ذلك لآيات لقومٍ يعقلون 4. أى فى ذلك الذى ذكره سبحانه من خلق السموات والأرض» وتسخير الليل والنهار» والشبمس والقمر والنجوم» لآيات بينات دالة على وحدة الخالق» وأنه وحده المستحق للعبادة» لقوم يعملون عقولهم فى خلق السموات» وإدراك حقيقة الوجودء ولا يقولون فى عبادتهم: 8 ...بل نتبع ما ألْفينا عليه أباءنا . . .090 4 [البقرة]. ولقد قال فى ذكر بديع خلقه: ه86 موس الواو عاطفة على الليل والنهارء والعطف على نية تكرار الفاعل» والمعنى «سخر لكم ما ذرأ». وذرأ: خلق وأبدع» وقوله تعالى: ط مختَلقا أَلْوَائهة4 حال» فالبذر فى أرض واحدة» أو قطع من الأرض متجاورات» وتسقى بماء واحد» وتسمد بسماد واحد ومع ذلك يخرج الزرع مختلفا ألوانه» والحيواذن مختلف الألوان» والإنسان مع أن النطفة واحدة يكون مختلف الألوان» كما قال تعالى: «( ومن آياته حَلْقَ السّمُوَات والأرْضٍ واختلاف الْسنتكم وَأَلْوَانكُم ...69 4 [الروم]. وإن تسخير الله ما ذرأ مختلفا ألوانه» فيه نعمتان جلياتان أنعم الله تعالى بهما على عباده: النعمة الأولى. ‏ أن اختلاف الألوان يومىء إلى اختلاف الأنواع والأصناف» وكل يؤدى للإنسان غرضا فهذا يكون منه لباسهء وذاك يكون منه طعامه؛ وذلك منه أثائه وزينته ومنه ما يكون أداة حربه وجهاده. النعمة الثانية ‏ أن اختلاف الألوان يكون فيه بهجة للناظرين» ويجعل الأرض ذات منظر بهيج. وإن المعادن التى ذرأها الله تعالى فى الأرض من حديد ونحاس وذهب وفضة وغيرها من فلزات» هى مختلفة الألوان» وفيها بهجة 0# تفسيرسورة النحل عمللا لح ا وزينة» وفيها منافع الناس» والحديد فيه بأس شديد» والأحجار من فحم وماس» . وغيرهما ذرأهما الله للناس لمنافعهم وهى مختلفة الألوان» وقد خحتم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: إن في ذَلك لآية لَقَوم يذَكْرُون 4 أى إن فى ذلك الذى ذكره من ذرءء وخلق مختلف الألوان فى باطن الأرض» وما على ظاهر الأرض من زروع وثمار كل ذلك فيه آيات دلائل بينات على وحدة الخالق ا لَقومِيذَكُرُوَ 4 أى يتذكرون الأشياء والأمور ويربطونها بعضها ببعض. ويلاحظ أن الله سبحانه وتعالى فى بديع نظم القرآن وإحكامه» قال فى الآية الأولى ط إن في ذلك لآية قوم كرون 4 ليدعوهم إلى التفكير»ء وفى الثانية لآيات لقوم يعقلون 4 ليدعوهم إلى أن يكون التفكير بعقولهم لا بأهوائهم» وفى الثالثة : لآية ة لقَوم يَذَكْرونَ 4 ليكون دعوة إلى اعتبارهم» وربط الأمور بعضها كانت الآيات السابقات تدعو إلى النظر فى نعم الله التى احتوتها الأرض من أشجار وزروع وثمار وإلى ما فى السماء من شمس وقمرء ونجوم مسخرات بأمره. وما فى اتصال الأرض بالسماءء وفى الآية التالية دعوة إلى النظر فى البحر وما فيه من نعم فقال تعالت كلماته: «( وهر الذي س سَحَرَ البحر لتأكلوا منه َحما طَرِيا وتَسْتَخْرجوا منه حليّة تَلْْسوتها وترى الْفُلكَ مواخر فيه وتوا من فضله ولعلّكُم تشكرون 69 4 . الضمير #هو» يعود إلى الله تعالى» وذكر الموصول لبيان سلطان الله تعالى» وللإشارة إلى أنه مسبحانه هو الذى ذلل البحر لمنافعهم. وتمكنهم مما فيه وليس صيدهم هو الذى مكنهمء بل تسخير الله البحر لهم كان نعمة لهم وتمكينا” من نفعهم» وقوله: لتأكلوا منه لَحما طَرِيًا 4, ووجه الأكل إلى لحمه مباشرة وفيه إشارة إلى أنه لا يزكى» بل يؤكل ميتاء ولذا روى فى الأثر «أحل لنا ميتتان حلالان السمك والجراد)() وعبر سبحانه وتعالى أيضا بقوله: ل لحم طَرِيًا 4 )١(‏ سبق تخريجه. 2 ## تفسسير سورة النحل ل 1 ولم يقل سمكا؛ لآن فى البحر ما ليس بسمك» حيوانات تشبه حيوانات البحر, والظاهر أنها حلال وفيها ضخم يكفى الألوف» كا نيوان البحرى المسمى الترسة» وكالحوت وفرس البحرء وغير ذلك» وكلها لحم طرى. وقد وصف القرآن اللحم الذى يؤخذ من البحر بأنه لحم طرى؛ لأنه فعلا طرى» وعظمه قليل» ولا يتخلل أجزاء جسمه؛ بل هو فى موضع معين والذى ش يتخلل جسمه شىء صغير يسميه العامة «سفا». ويقول الزمخشرى فى وصفه بأنه طرى للإشارة إلى أنه سريع العفن» وأنه ضار إذا تعفن» وفى ذلك نظرء فإنه إذا وضع الملح عليه لم يكن ضارا فى تعفنه؛ وهو المتفسخ منهء وقد أنكره أطباء عصرنا وزماننا ثم أباحوه بل استحسئوه» وقرروا أن فيه سرا طبياء وإن لم يعرفوه. وحرم التفسخ الحنفية؛ لأنه ضارء وقد علمت ما فيه. و(اللام) فى قوله تعالى: 9 لتأكلوا » هى لام الغاية أى ذلله وسخره لتأكلوا منه لحما بعد صيده» وإنضاجه» وفيه مواد غذائية كبيرة» مملوءة بالقشورء وغيرها. وإذا كان ذلك الطعام فيه منفعة مرئية طيبة فالبحر وعاء للجواهر المختلفة» ولذا قال: © وتستَخرجوا منه حلية تَليْسُوتَهًا » وهى ما يسمونه بالأحجار الكريمة من لآلئ؛ وزمردء وغيرهما ما يتحلى به النساء وبعض المرفهين من الرجال» وإن لم يتشبهوا بالنساء. وتوهم بعض المفسرين أن التحلى بالجواهر حرام» وقاسوه على التحلى بالذهب» ولكن الثابت فى الآثار أن التحريم مقصور على الذهب على أنه روى أن بعض الصحابة قال: إنه لا تحريم» ولكن قالوا: إن ذلك من شواذ الأقوال ولقد ذكر الشوكانى فى «نيل الأوطار» أن هناك عشرين من الصحابة لم يحرموا الذهب على الرجالء» ولكن لم يذكر من هم ولم يذكر من أسند هذا القول إلى النبى ل 0 تفسير سورة النحل ا و 0 ١014م‏ للح ا ومهما يكن فإن الجواهر والآلىء والزمرد والياقوت» وغيرها من الأحجار الكريمة» كالماس والكهرمان ونحوها لم يثبت تحريمها إلا أن يتخذها عقدا كما يتخذها النساء فإن ذلك يكره للتشبه بالنساء. والنفع الثالث الذى ذكره القرآن الكريم من المنافع التى سخرها الله تعالى : الفلك» فقال تعالى: ‏ وترى الفلك مواخر فيه 4, 9 مواخر» جمع ماخرة» وهى السفينة التى تشق , عباب الماء حتى يكون لها صوت يسمع » ولا يكون إلا للمراكب الكبيرة التى تحمل الأمتعة والأشياء» ولو كانت شراعية» وإنك لترى المراكب الشراعية ذوات الشراع المختلفة المتعددة وفى ذلك إشارة إلى نعمة التنقل فى البحار» وقد كانت من بعد عصر القرآن الأساس فى نقل البضائع والرجال من بلد إلى بلدء» حتى إنه ليقاس عمران البلاد بمقدار شواطتئها على البحار وتمكنها من الانتقال فى الأقطار»ء وقد عمم الله سبحانه بيان انتفاع الإنسان بالبحارء 8 ولتبتغوا بن فاه 4 .- سبحانه وتعالى؛ " و(الوار ف فل لإ وتستفوا» عاطفة على فعل أرض وبلد إلى بلد وإقليم إلى إقليم ولترتبطوا أقطار الأرض» ولشيشغوا. من فضلهء أى لتطلبوا فضل الله الذى أفاض به فى أقطار الأرض» فينقل كل إقل يفيض من فضل اله إلى الا والابتغاء: الطلب بالشدة. ند لظا كا أ انم فيها جسمان حين تريح وحين ونه كما ل تعالى : ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام 69 44 [الشورى] فالجوارى تربط الأرض بعضها ببعض» وتربط الإنسان بأخيه الإنسان حيثما كان وأنى سيكون. وقال تعالى: ولعلكم تشكرون 2# أى أسبغ عليكم هذه النعم الظاهرة شكرتم لأَزِيدنكم ولئن كفرتم إِنّ عذابي لشديد 0 4 [إبراهيم] . . 0 ها تفسير سورة النحل لل الوا عاك ١‏ 2 ينقل القرآن عجائب نعم الله تعالى على خلقه من نعمة إلى أخرى وهذا أيضا فيه عجائب التكوين فمن ذكر للأنعام وذكر النبات والزيتون والنخيل والانتقال إلى ذكر البحار وخيراتها والفلك المشحون يجرى فيهاء وانتقل سبحانه من البحار وماء الأرض إلى يابسهاء وهو يشغل ربعهاء فقال عز من قائل: ف( وألقئ في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلّكم تهتَدونَ © 4 . قلنا إن الجزء اليابس من الأرض هو ربعها والبحار ثلاثة أرباعهاء وكانت على هذا الاتساع لتصل أجزاءهاء فالبحار يجرى فيها الفلك المشحون ناقلة من الشرق إلى الغرب» والشمال إلى الجنوب» وكأن جزءا من الأرض مجهولا لجزتها الآخرء وكلاهما يابس 'فكشفته جارية فى البحر»ء جرت فاتصلت الأجزاء» والماء سبيل الاتصال. وبعد أن تكلم سبحانه عما فى الماء من خيرات ومنافع يبتغى ويطلب من فضل الله ذكر الأرض اليابسة فى مقابل الماء» وذكر الجبال التى جعلها الله سبحانه وتعالى أوتادًا فقال سبحانه: وألقى في الأرضٍ رواسي 4. 9 رواسي 4 جمع راس» وفواعل يكون لفاعل إذا كان وصفا مما لا يفعل كشوامخ جمع شامخ, والرواسى هى الجبال» وقد قال تعالى: 98 وأَلقَى 4 ومعناها خلق وأنشأء وجعل» ولكن عبر بألقى» للإشارة إلى أنها ليست من جنس التراب الذى يكون فى السفح من حيث قوتها وكونها فى أكثر أحوالها حجارة, ولما لها من هذه القوة ولما يبدو أنها ثقيلة كانت كأنها رواسى؛ لأن الراسى هو الثابت المثبت» فكأنها ثبتت الاأرض من أن تميد وتضطرب, ولمعنى ألقى الله الجبال الراسيات لثلا تميد الأرض وتضطرب؛ أو خوف أن تضطربء؛ والمعنى على الحالين أن الرواسى أرستها وثبتتها وقال تعالى: وأَنْهَارا وسبلاً4, فالأنهار جزء من اليابس» وكذلك السبل فى الأرض والصحارى» ولمعنى أن الله تعالى جعل فى الجزء اليابس من الأرض أنهارا تجرى بالماء من مكان إلى مكان رزقا للعباد» ويقول فى ذلك ابن كثير: "ينبع فى / تفسير سورة النحل 111اااالاااتستالتااالابنالتلاازلتاناللااللاااللاالالنااالاااالالالااللااقالا لاا لاقلا الالالال تالالا تاتالا خطاااللاااللالا 1م بلجب _ر بي" موضع وهو رزق لأهله موضع آخر» فيقطع البقاع والبرارى والقفار ويخترق الجبال والآكام فيصل إلى البلد الذى سخر لأهله». ٠‏ وفى ذكر الأنهار بعد الجبال إشارة إلى أن الجبال كما أنها أوتاد اللأرض تنزل من فوقها الأمطارء فتجرى فى الوديان والأنهار»ء كما ترى فى نهر النيل ودجلة والفرات وغيرها. ف وَسيّلاً4: أى طرقا يسير فيها السائرون كما قال تعالى: «( ... وَجَعلنا فيها فجَاجا سبلا . .. 409 [الأنبياء] وختم الله تعالى الآية بقوله: « لْعلّكُم تَهتدون 4 أى رجاء أن تهتدوا وتدركوا الحق وتتركوا الباطل , وتؤمئوا بمانح النعم, ومجريها وخحالق الكون وكالئه» وحافظه. ثم قال سبحانه: وعلامات وبالئجم هم يَهَِدُونَ 9 4. أى أن الجبال والسبل والأنهار تكون علامات للأماكن وحدوداء وتعريفا بأماكن البلاد» وحدودها شرقا وغرباء وقوله: 8 وعلامات 4. معطوفة على 9 وبالنجم هم يهتدون 4 أى أن النجوم ومواقعها فى السماء» وتنقلاتها فى مداراتها عللامات للسائر فعلا» وكان العرب على علم واقعى بمواة قع النجوم ينتفعون بها فى أسفارهم». وقد أكد سيحانه اهتذداء هم بالنجم بتقديم. النجم» وإن ذلك أصل لعلم الفلك هدى الله تعالى إليه. والتفت سبحانه وتعالى من الخطاب إلى الغيبة؛ لأن الله يخاطب الناس بالنعم عليهم. وقد ذكر هذه النعم» وهى تعم الجميع» وتثبت للجميع ‏ أما النجوم فمع عموم نفعها وهديها لا يهتدى بها إلا السائرون فى ظلمة الليل البهيم. للحقائق الثابتة المستقرة ولو كان النفع الحسى فيها لبعض دون بعض. و ##ا تفسيرسورة النحل يي 1 لا تشابه بين الخلق والخالق قال تعالى: من لو كم أ ع 2 قابس نور وري 0 أوَإن ثرا أ اط جل لمفور بحي 0 اميسل مافروت وماتهيلنور زا وال يدَعُونَ من دود أن لفون اوفوت 9 م 1 وما دعرو أيان بعتو )لقح إله ويد الب لابوْمبون بالا 2 0 5250 حنج مم بور وها 0 يب آلا كردت واو إِدَاِل كماد ل بويت 3 ليحملرا وار م 20 كد رس بوه يمزع أل كا مإبررئرت ها ذكر سبحانه وتعالى خلقه» وأن الوجود كله يتمتع بنعمة خلقه. ومع هذه النعمة» خلق نعما للإنسان إذ سخر له الشمس والقمر والليل والنهار» وأتى بنى الإنسان من كل ما سألوهء فالنبات والزيتون» وغيره من الثمرات والبحرء والفلك» وما فيه من لحم طرى إلى آخره. كل هذاء ومع ذلك يشركون بالله فى عبادته سبحانه ما لا يملك شيكاء ولذلك نبه سبحانه وتعالى إلى ضلال العقل فى هذا الأمر» ويذكرهم بذلك؛ لأن احا 1# تفسير سورة النحل و > از فطرتهم تنفر منله؛ ولذا يستثير سبحانه هذه الفطرة بحمل الإنسان على التذكر فيقول سبحانه : <( أَفمِن يَخلُق كَمَن لا يَخلق ألا تذَكْرُونَ 09 4 . الاستفهام إنكارى بمعنى إنكار الواقع؛ لأنهم فعلا عبدوا الأحجار فجعلوا من خلق الوجود كمن لا يخلق شيئاء وهو ذاته مخلوق ميت لا حياة فيه إذ هو جماد من الجمادات وحجر من الأحجارهء وإنكار الواقع توبيخ؛ لأنه يكون استفهامًا عن واقع غير معقول» فيكون الجواب منهم إقرارا بأنهم يفعلون أمرا غير معقول . و(الفاء) فى قوله: ظأَفَمَن يَخْلق »4 لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فإنه يترتب على أن الله تعالى خالق الأشياء والنعم والأنفس» وبذلك يكون هو المعبود وحدهء وإلا كان الأمر المستنكر عقلاء» وواقعاء وهو أن يكون الخالق كالمخلوق» بل إن يكون الخالق كأصغر ما خلق» والفاء مؤخرة عن تقديم» فحق القول بيانيا أن يكون فأمن يخلق كمن لا يخلق, ولكن الاستفهام له الصدارة فى الجمل فأخحرت الفاء» وكذلك فى القرآن كل فاء جاءت بعد حرف الاستفهام» والواو العاطفة كذلك. ويلاحظ فى النص السامى ما يأتى: أولا: أن الله تعالى عبر عن الأحجار التى كانوا يعبدونها ب(مُن) الدالة على العقلاء» فقال سبحانه: لأَقَمَن يَخْلْقَ كَمِن لأ يَخْلق» وكان ذلك لأنهم عدوها معبودةء فكأنهم يعاملونها معاملة العقلاء» فكان التعبير مساوقة لزعمهم» ولأن بعض الذين يعبدون غير الله يعبدون عقلاء» كالثالوث المسيحى ففيه العقلاء» وقد أش ركوا» وقد يكون ذلك للمشاكلة» والتسوية التى أرادوها بين الخالق والمخلوق. وذلك مثل قوله تعالى: 9( ... فَمنْهم من يَمْشِي عَلَى طن ومنهم من مشي على ِجِلَيْنٍ ومنْهم من يَمْشي عَلَئ أَربَع يحل الله ما يشَاء ... 62 4 [النور] وإن الله سبحانه فى أكثر من آية يعيد الضمير عليها كالعقلاء» كقوله تعالى: ألهم أرجل ا تفسير سورة النحل لل الل 322 لحب أ يمشون بها أم لهم أَيدٍ يَْطشُون بها 659 4 [الأعراف]» فهو نوع من مجاراتهم حتى تكون النتيجة بالموازنة أنهم ليسوا كمن خلق فقطء بل هم دون من خخلق أو بالأحرى دون من يعبدونهم. ولقد ذكر الزمخشرى أن سياق البيان كان أن يشبهوا هم بالخالق لا أن يشبه الخالق بهم فكان يقال أفمن لا يخلق كمن يخلق» وقد أجاب عن ذلك» أن الاستنكار موجه إلى المساواة بين الخالق والمخلوق» فكأنهم جعلوه فى ضمن المخلوقات» وقد يجاب عن ذلك أيضا بأن سياق القول فى بيان الخلق» فكان موجبه أن يذكر الخالق أولاء وكأنهم ينزلونه من مرتبته التى لا تناهد إلى منزلة المخلوق» وهذا فى ذاته موضع استنكار. ويختم الله سبحانه الآية بقوله: أَقَلا تَذَكْرُونَ » يقال فى (الفاء) هنا ما قيل فى (الفاء) فى قوله تعالى: «أَقَمَن يَحَلْق كَمَن لأ يَخْلْقَ 4 والاستفهام لإنكار الوقوع مع التوبيخ» والتعبير «أقلا تَدَكرونَ4 فيه إشارة إلى أن عبادة الأحجار من غفلة العقول» وإنها تتذكر وتذهب الغفلة» حتى تتنبه إلى حكم العقل وهو الوحدانية» وذلك حق؛ لأن عبادة الأوثان من سيطرة الأوهام التى تجعل العقل فى غفلة تامة» كما ترى فى هذه العصور عند بعض النصارى . «( وإن تعدوا نعمة الل لا تخصوها إن الله عور رحيم 69 4 . بين الله سبحانه وتعالى كيف سوى عبدة الأوثان بين المنعم والأوثان» وبين الخالق والمخلوق» وأنهم قد تجاوزوا المعقول وغفلوا عن الفطرة» فبدل أن يشكروا النعمة كفروها. وقد.ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك أن نعم الله تعالى أكثر من يضبطها العد والإحصاء؛ وإنها واجبة الشكر على قدر الطاقة فإن مالا يحصى لا يعلم للونسان» ولا يستطيع الشكر إلا من يعلم» ويقدر ما يعلم. | تفسير سورة النحل الل حل بيه يي «وإن تعدوا4. أى إذا أردتم أن تعرفوا نعم الله بالعدد لا تحصوهاء ولا تضبطوهاء ففى كونك فى بطن أمك فى نعمة؛ وفى غذائك وأنت فى الغيب المكنون فى نعمة» وفى تنقلك فى بطن أمك من نطفة إلى علقة» فمضغة مخلّقة وغير مخلقة فى نعمة» وإذا خرجت إلى الوجود وجعل لك السمع والأبصار والأقفدة فى نعم» وإذا سخر لك الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم فأنت مغمور فى نعم» وهكذا فى كل حياتك أنت فى نعم الله تعالى» وهو القيوم وإذا كانت معرفة هذه النعم لا تبلغها طاقتكمء فأنتم أحرى بألا تبلغ طاقاتكم شكرها؛ ولذا قال تعالى بعد بيان أن الناس لا يستطيعون إحصاء نعمه عليهم: «إِنّ الله لَعفُور رَحيم 4 أكد سبحانه مغفرته ورحمته»ء فكانت المغفرة من الرحمة» إذ إنه سبحانه لا يطالبكم بالشكر إلا فيما تعرفون وما تطيقون وفيما تعرفون يعفو عن كثير سبحانه وتعالى» وقد أكد سبحانه هذين الوصفين الجليلين ' أولا ب(إن) المؤكدة» وبصيغة المبالغة» وباللام» والله على كل شىء قدير. وإن الله تعالى يحاسب القلوب فى خخيرها لحبه المغفرة» ولإرادته الرحمة»؛ ولعدله» ولكيلا يتساوى المحسن والمسى؛ ولذا قال عز من قائل: «والله بعلم ما سرون وما تعلنون 69 4 . هذه العبارة فيها تهديد لأهل الشرك» وتقريب لأهل الإيمان» فهو يحاسبكم سبحانه على ما تعلنون من أعمال» وما تسرون من عقائد ونيات يصحبها عمل» فإن اتجهتم إلى شكر الخالق بعدم الإشراك به والإحساس بنعمه فإنه غافر لكم ما ترتكبون وتتوبون عنه إذا تبتم عن قريب» وإن أسررتم الخير ونويتموهء وهممتم أن تفعلوه فإنه غافر لكم» لأن الحسنات يذهبن السيئات» وبالنسبة للشر لا تحاسبون إلا بما تفعلون» وما تعتقدونه من شرك وعبادة غيره» كما قال تعالى: إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغْفر ما ذو ذلك لمن يشاء ... 069 4 [النساء]؛ لآن الغفران لا 6 ##ا تفسيرسورة النحل لامالا 0 ىب با بي ١‏ يكون إلا فى دائرة الإيمان بألوهية الله تعالى وحدهء فمن آمن بالله وحدهء كان جديرا بنعمة الغفران» ومن أشرك بالله غيره» فإنه ليس بجديرء والله بكل شىء وقد صرح الله تعالى ببعض الحقائق فى معبوداتهم». فقال: (والذين يَْعُون من ذون الهلا يلون هنا هميقو وه . العادلة التى تفرق بين من يخلق ومن لا يخلق» وبعدكل ذلك ذكر أن المعبودات التى يعبدونها لا يمكن أن تخلق شيئا؛ ولذا قال: « والّذين يدعون 4. -فالواو عاطفة على قوله تعالى: «إ واللّه يعلم ما تسرون وما تعلنون 69 © وعبر سبحانه وتعالى عن الأوثان بالذين التى هى للعقلاء مجاراة لهم فى تفكيرهم إذ يعطونها بأوهامهم من الصفات ما هو أعلى من العقلاى و شيئا »4 التذكير فيه للعموم. أى لا تخلقون 1 وتم أى شىء مهما صغر وهانء. ولقد قال تعالى فى تصوير عجزهم المطلق : ديا أيها الئاس ضرب مثْلْ فاستمعوا لَه إِنَ الّذينَ تدعون من دون الله أن يَخْلُْوا ابا ولو اجتَمَعُوا ون يُسيهُم الاب ينا يوه مه مف الطالبواْمَطُوبُ 20 ما قروا الل >2 ه6 هعد بي د ا بم 1 1 1 حق قدره إن الله لقري عزيز 09 »4 [الحج] إنها أحجار تئحت من صخورا الجبال» ولذا قال تعالى: 9 قال أتعبدون ما تنحتوث 62 واللّه حَلَقَكُم وما تعملون 69 4 [الصافات] . ولقد بين سبحانه أن المشركين أحسن خلقا من أوثانهم» فقال عز من قائل : ( أموات غير أحياء وما يشعرون أَيَانَ يعون 69 4 . هذه الحجارة جماد لا تجرى فيه الحياة» وهؤلاء الجهلاء يدعونها وهى أحجار» ومعنى يدعونها يعبدونهاء « أموات غير أحياء 4. أى وكانت موصوفة بالموت؟؛ لأنها فاقلة الحياة ليس لها روح تسرى فيهاء كما تسرى فى الأحياء» والتعبير عنها بأموات لا يخلو من مجاز؛ لأن الموت يكون للحى الذى فقد الحياة ا تفسيرسورة النحل ' ولو كان نباتاء فكيف يقال عما لا تدخله ابتداء فيتاء ولكن لأنها جماد لا يتحرك بالإرادة» ولا تجرى فيه حركة عبر عنه بميت» وقوله: غير أحياء» يشير إلى هذا المعنى» أى أنه جماد لا تجرى فيه الحياة قط . وقوله تعالى: 8 وما يشعرون أيَانَ يعون » الضمير عائد إلى الأوثان» وأعيد الضمير المذكر العاقل» جريا على عدها آلهة تدرك وتعقل فى زعمهم» ويزدلفون إليهاء ويتقربون ويدعون. والمعنى على هذا أن هذه الأوثان يعبدونهاء رجاء خير منهاء وهى لا تشعر متى تبعث أو فى أى مكان تبعث . وهذا يقتضى أن ما يعبد يكون عنذه قدرة على الجزاء بالثواب على العبادة» والعقاب على تركهاء وهذه لا تشعر متى تبعث وتجارى بالخير أو الشر. ويصح أن يكون الضمير عائدا على الذين يدعونها أى يعبدونهاء أى ما يشعر أولئك العباد أيان يبعثون, مع أن البعث آت لا محالة. وهم ينكرون البعث » ولذلك دعوا الحجارة وآمنوا بهاء» فالكفر بالبعث هو الضلال المبين وهو الذى أدى إلى هذه الأنواع المتكائرة من أنواع الضلال المختلفة . ويجب أن نذكر تفسيرً آخر له وجاهته» وهو أن الموت ليس فى هذه الآية وصفا للأحجار إنما هو وصف لمن يدعونها ويعبدونهاء فالمشرك ميت غير حى؛ إذ إن حياته لا نفع فيها له» فهو كالميت؛ ولذا كان التصريح بأنه غير حى» وقد عبر القرآن عن المشرك بأنه ميت وعمن يخرج من الشرك إلى الإيمان بأنه حى» كما قال تعالى: «إ أو من كَان ميت فأَحِيناه وجعلنا لَه نورا , يَمُشي به في النّاس كَمَن مُكَل في اظُلمَات ليس بارج مها ذلك وين لكافرينَ ما كانُوا يَعمُودَ 69 » [الانعام]. فسمى الله تعالى المشرك ميتاء وبذلك يكون الشرك موتا والمشركون أمواتا غينر أحياءء ويكون قوله: «وما يشعرون أَيَانَ يبعثون » ظاهرا فى العودة على المشركين» واللّه أعلم . 9 ا تفسمير سورة النحل ااا ١:‏ يي بعد هذه البراهين القاطعة؛ء والآيات البينة تقرر النتيجة التى لا ريب فيهاء وهى الوحدانية : وإلهكُملذ رحد اين لاون الاح فونه كر وم سكير 400 . هذه الجملة منفصلة عما قبلها غير موصولة بها؛ لأنها بمنزلة النتيجة لا سبقهاء» فهى مقدمات» وتلك نتيجتها وهى بمنزلة السبب » وتلك يمنزلة المسبب » وإضافة الإله إلى المخاطبين معناه معبودكم أيها المؤمنون هو إله واحد لا شريك له فئ حقيقة معنى الآلوهية ؛ لأنه وحذده الخالق » فلا خالق سواه» وهو الواحد فى ذاته وصفاته. ليس كمثله شىء» وإنه بذلك يجب أن يكون واحدا فى عبادته لا يعبد سواه» ولا يلجأ إلا إليه. وقد قال سبحانه بعد ذلك: ‏ فَالّذِين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم مدكرة 4 هذا النص السامى سبق لبيان كفر من كفرء أو شرك من أشركء» فذكر أن سبب ذلك لأنهم لا يؤمنون بالآخرة» فذكر سبحانه أن عدم الإيمان بالآخرة يؤدى إلى وصفين : الوصف الأول أن تكون القلوب منكرة. والوصف الثانى - أنهم مستكبرون» وذلك لأن عدم الإيمان بالآخرة» وأنه لا بعث ولا نشور ولا حساب ولا عقاب يجعل الشخص يحسب أن الإنسان خلق عبثاء وأن الحياة الدنيا هى الحياة» وهى المتاع ولا متاع سواأه» فيكون قالبا للحقائق » وجاحدا دائماء إذ الدنيا وما فيها من حسيات قل استغرقته وملأته» ولا موضع لغيرها فى نفسه فقلبه منكر إلا للمحسوسء فلا يؤمن بالله» ولا بالرسالة الإلهية . وأما أنهم مستكيرون» فلأن الدنيا تدليهم بغرورء ومن اغتر بهذه الحياة» وأوتى منها حظا طغى واستكبر وتجبر» كما قال تعالى: «إ كلاً إِنْ الإنسان ليطغئ 22 أن رآه استَغنئ 0 4 [العلق] . ا تفسير سورة النحل انال اناالا اناااااناخننانا ااا االااالتاناسلاللن! اا الالاااطخمطملالالاااااتانامط ال ططمللاللاتان الالالال نطلا لموضططخ خط ط ممما معممسعسنسشالا 6م سر ا ومن كان من طبيعته الإنكار والاستكبار» فإنه تنغلق فى قلبه مفاتيح الهداية . و(الفاء) فى قوله: طفَالّدِين لا يؤّمنون بالآخرة 4, فاء الإفصاحء والمعنى إذا كان الله واحد فلماذا يكفرون؟ فأجيب بأنهم يكفرون بالآخرة. وأساس الإيمان هو الإيمان بالغيب» فالذين لا يؤمنون إلا بالمحسوسء لا يؤمنون بالله ولا الملائكة ولا بالرسالة الإلهية» ولذا ذكر سبحانه أن أولى صفات المؤمنين بالغيب» فقال تعالى: ا الّذين يؤْمنُون بالغيب ويُقيمُون الصّلاة ومما رزقنَاهم ينفقون 0 4 [البقرة]. ولقد ذكر سبحانه وتعالى سعة علمه سبحانه فقال: «إلا جرم أن الله عَم ما يسرون وما يعلنون إِنّهِ لا يحب المستكبرين 09 4 . فى الآية السابقة بين سبحانه أن الذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة» وهم مستكبرون فمظهرهم إثم ومخبرهم نكران وجحود» وهنا يبين سبمحانه وتعالى أنه يعلم باطنهم الذى تنبعث منه أعمالهم ومظاهرهم: إلا جرم أن الله يعلم ما يسرّون وما يعلنون 4 فلا تخفى عليه خافية من أمورهم» وهو مجازيهم بها يوم القيامة الذى أنكروه؛ وكاشف أمرهم الذى ستروهء 9لا جرم 4 ذكر الزمخشرى أن معناها «حقا» فهى لتأكيد علم الله تعالى بما يسرون وما يعلنون أى ما يخفونه» ولا ينطقون به» وما يظهرون ويجهرون به من معاص تدل على مقدار عنتهم» ومجابهتهم الحق . ونقول: إن لا جرم فيها معنى «حقا» فيها رد لهم؛ لأن معنى جرم كسب و(اللام) تدل على النفى» فالمعنى لا كسب لهمء ولا ثمرة لأعمالهم المكتومة والظاهرة» ويكون المعنى لا كسب لهم فيما يفعلون من إنكار القلوب» واستكبار النفوسء لأن الله تعالى يعاقبهم بما أسروا وبما أعلنواء 9 ... وما يعزب عن رَبك من مثقال ذَرَة في الأرض ولا في السّماء ... 59 4 [يونس]» والله أعلم . م 8# تفسيرسورة النحل تأ اا وإن «إمَا يسرون4 لا يقنصر على إنكار القلوب بل يشمل ذلك وكل ما يبيتون وما يدبرون من شرء وما يمكرون من مكر يقصدون به إيذاء النبى َل وما يعلنون » يشمل المجاهرة بالعصيان» والمعاندة والإصرار على الباطل ومعاندة الحق وأهله لما يشمل قتال المؤمنين وإرادة الذلة لهم» والله يريد العزة للمؤمنين. وختم الله تعالى الآية بقوله: «إِنّه لا يحب الْمستكبرين »2 وهى يشير إلى عذاب الله تعالى لهم. وأن هذا الإنكار من الاستكبارء وذلك لأن النفس المستكبرة متعالية عن الناس وعن الحق» ومع الخضوع والتواضع يكون الإيمان؛ لأن التواضع من غير صفة يكون معه اتساع القلب للحق فيدخله» ومعنى عدم حب الله تعالى أنه لا يكون دانيا منه قريبا إليهء بل لأنه استكبر بعيد عن الله تعالى» وكلما بعد عن الله تعالى لم يشعر بجلاله ولا يذكره» ولا يطمئن قلبه. وإنه يترتب على عدم حب الله تعالى للمستكبرين» ألا يغفر لهم؛ لأنهم لا يتوبون» والتوبة باب المغفرة؛ لأن التوبة تدلل على الرجوع إليه سبحانه» والضراعة إلى الله تعالى» والتوسل إليه سبحانه وتعالى» والكبر والتوبة نقيضان لا يجتمعان فى قلب مؤمن. ولأنهم يستكبرون عن الحق لا يدركونه» ولا يريدونه؛ ولذا قال الله تعالى فيهم : . 6 62 وَإِذًا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قَانُوا أساطيرٌ الأوّلينَ‎ ٠ أى أنهم لا يرون فى القرآن إلا قصصاء ولا فى قصصه إلا أنه أسطورة من أساطير الأولين» وذلك لاستكبارهم عن أن يفتحوا صدورهم وعقولهم لإدراك ما اشتمل عليه من أحكام» وما فيه أن أساليب البيان التى يعجزون عن أن يآتوا بمثلهاء إن استكبارهم يمنعهم من الاتجاه إلى الحقائق ليدركوهاء وإذا أدركوها خضعوا لها. / تفسير سورة النحل ملل ١7م‏ لجح لحب نا والأساطير جمع أسطورة كما قال المبرد» والأسطورة هى الأحاديث التى لا يربطها فكرء ولا أصل لها وتقال للتسلية؛ أو هو الأخبار التى تجىء على ألسنة الحيوان» وقالوا فى السيرة: إن النضر بن الححارث كان فى فارس» فعلم ما فى كتاب كليلة ودمنة» فقال: كلام محمد يك هو كهذه أساطير الأولين: ١‏ وقَالُوا أساطير الأَوَلينَ بها فهِي تملئ عليه بكْرَةَ وأصيلاً 20 4 [الفرقان] . وقوله تعالى: «إوإِذًا قيل لَهم مّاذَا أنزل ربكم 4 فيه (قيل) مبنى للمجهول فمن هو الفاعل الذى جهل وحذف؟ يصح أن يكون القائل النبى يَكَِةٌ أو من معهء وكأنه يتحداهم» ويدعوهم إلى التأمل» وإدراك معانيه ووجوه البيان الذى هو فوق البشرء ويوجه أنظارهم. ولكن قلوبهم معرضة مستكبرة» والاستكبار كما ذكرنا يسد مسالك الإدراك» فيكون العقل غافلا عن إدراك الحق» ولذا يجيبون 8 أساطير الأولين4»: أى أحاديئهم التى لا أصل لها ولا واقع يحققها وكأنهم نظروا إلى القصص الحكيم فى القرآن» ولم يصفوه بوصفه. بل قالوا ما قالوا منصرفين عن الحق» غير مدركين لموضع العبر فيهء ولم ينظروا إلى ما فيه من دعوة إلى التوحيدء وبطلان الشرك» وما فيه من أحكام شسرعية تصلحهم فى دنياهم وآخرتهم . هذا على أن الفاعل المحذوف هو النبى تَلكِّْ» ومن معهء ويكون قوله تعالى «إمَاذَا أنزل ربكم 4 المراد به القرآن الحكيم» والاستفهام هنا على حقيقته ليحملهم على التفكر والتدير. ويصح أن يكون من الكفار بعضهم لبعضء وكأنهم يتساءلون عن حقيقة ما جاء به محمد ذَلكِلٌ فى نظرهم», وما يمكن أن يردوا به على المصدقين» أو ما يمكن أن يشككوا فيه المؤمنين به»ء ويصدوا به الذين لم يؤمنوا عن أن يدخلوا فيه ويكون تعبيرهم لإ مَاذًا أنزل ربْكُم4 من قبيل التهكم بالقرآن » ومن نزل عليه» إذ هم فى ظاهر حالهم لا يؤمنون بالقرآن ولا يصدقون أنه نزل من الله تعالى على قلب محمد عَلِلَة. #١ ١‏ تفسير سورة النحل هو < 7ي- ويصح أن نقول إن قائل هذا القول ليس من المشركين» إنما هو من الوافدين إلى مكة فى موسم الحج» والرد من المقتسمين الذين اقتسموا مداخل مكة ليصدوا الناس عن سبيل الله تعالى» ويضلوا الذين يدعوهم النبى كَللةِ عندما أخذ يعرض نفسه على القبائل الوافدة إلى الحج» وقد دعاهم النبى يَكةٍ إلى القرآن الذى أنزله .رب العالمين» لقد سأل أولئك البادون الذين جاءوا من خارج مكة عن القرآن «إماذًا أنزل ربكم 4 فضللوهم وقالوا أساطير الأولين وبذلك صدوهم عن الإيمان الذى كان يمكن أن يدخل قلوبهم لولا هذه اللمبادرة المضلة. وإنى أميل إلى الأخير وأرى الفاعل المحذوف يحتملهما جميعاء وربما تكرر السؤال» وتكرر الجواب» وهنا إشارة إلى أن القرآن أنزل من الله وعبر بالرب» للإشارة إلى أنه أنزل من ربهم الذى أنشأهم ورباهم» ويعلم ما فيه صلاح أمرهم فى دنياهم وعاقبة أمرهم . وإن الذين قالوا هذا القول مضلين صادين عن سبيل الله تعالى أيا كان السائل لهم الذى أجابوه» قد ضلوا فى ذات أنفسهم. وأضلوا غيرهم؛ ولذا يتحملون وزرهم كاملا ويتحملون من أوزار الذين أضلوهم بضير علم» » فقال تعالى : ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أَورَارِ لين يَضَلُوتهم بغيْرٍ عل آلا ساء ما يَزِرون 69 4 . اللام لام التعليل» وتكون العلة هى قولهم أساطير الأولين» أى قالوا ذلك ليحملوا أوزاراء والفذاهر أن اللام لام العاقبة» وهو ما نراه» أى قالوا ما قالوا وصدوا عن سبيل الله لتكون العاقبة أن يحملوا أوزارهم كاملة وأوزارا من أوزار من ضلوهم». والوزر: الحمل التقسيل» وفيه إشارة إلى أنه حمل ثقيل كله أوزار وآثام كما قال تعالى: « وَلَيِحماْن أنْقَالَهم وََثْقَالاً مع أَنْقَالهِم . االعنكبوت]» وقوله تعالى : « يوم القيامة 4 فيه إشارة إلى أن هذه الأوزار مآلها عذاب دائم أليم؛ لأن ا تفسير سورة النحل. و #ىج-1 القيامة دار الجزاء ويحملون جزاء أوزارهم كاملة غير منقوصة فى شىء من النققص» وعبر عن الجزاء بحمل الأوزار للإشارة إلى المساواة بين العقاب والفعل» حتى كان الذى يحمل الوزر يحمل جزاءه؛ لأنهما متلازمان ومتساويان. وقد ذكر سبحانه أنهم يحملون وزرهم كاملا يوم القيامة» ويحملون من أوزار الذين يضلونهم» ولذا قال تعالى: 9 ومن أَوَرَارٍ اْذين يضلُوتهم بِغَيْرٍ علّم 4 وقوله تعالى: بغير علم 4 لتحقيق معنى الإضلال؛ لأن الإضلال عادة يكون لمن لا يعلم» وقالوا: إن قوله تعالى: ل بغيرٍ علّمِ» حال من المفعول فى قوله تعالى: « يضلُونهم 4. أى أن ذلك لا يكون إلا بغير علم» وذلك يزيد فى جرمهم جرماء لأنهم لا يكتفون بضلال» بل يتعدون به» فيضلون غير العالمين بحقيقة الدعوة المحمدية» فيذكرون ضلالهم فيهاء ولا يذكرون حقيقتها. وقال سبحانه: ومن وراد الْذِين يضلُونهم 4 «ومن» هنا بمعنى بعضء» فلا يحملون كل أوزار المضدَّلين؛ بل يحملون بعضه» ويبقى وزر شركهم» ذلك لأنهم باستجابتهم لهم من غير تبين وتعرف». قد وزروا فى ذات أنفسهم » إذ أنهم كان عليهم أن يبحثوا ويتعرفوا الحق» وقد بلغوه» وعلموا بأمره» فما كان لهم أن يكتفوا بكلام أعداء محمد يك بل كان عليهم أن يتعرفوا الحق من مصدره.ء وألا يكتفوا بالمعرفة من خصومه؛ وإن الإضلال يتضمن أمرين: أحدهما إيجابى» وهو المضل» والثانى استجابة المضلّل» فبهذه الاستجابة يحاسبون. وإن هذه الأوزار التى حملها المضلون كاملة لأنفسهم» وحملوا معها بعض أوزار الذين أضلوهم هى أسوأ ما يحمل الضالون والمضلون لأنها عذاب أليم» ولذا نبه سبحانه إلى عظم هذه الأوزار فقال تعالى : «ألا ساء ما يَزرون 4 وطألا» أداة تنبيه لبيان أن هذا الحكم الذى يليها ثابت ثبوتا مؤكدا و ساء 4 فيها معنى التعجب» ومعناها ما أسوأ ما يحملون من أوزار؛ لأنها عذاب مقرر ثابت» وعبر عن هذا العذاب بقوله تعالى: لما يزِرونَ4 لما فى الوزر والعذاب من توافق كامل» وتساو بينهما على ما بيناء والله تعالى أعلم. : ا تفسير سورة النحل 2 اناناانلانا لط طخ لالنال لالم اماما اطنط خاخللخ لمن لمانا لالخالا نا لمالا نالط طاطم لالخالا طط لطا طط لط طخم شال على - ا العبرة يمن كانوا قبلهم قال تعالى : دحك َأ من قَنْلِهِرَ دَأَقأرَد: لَه كته مم رب الْفَوَاعدِ فح ليم ألسَّمَفْ مِنفوقهمٌ 2 لهم َالْمَدَّاث نَحيث مووي نموم الْضمة خزيهر ويفول أبن شُرحكةٍ ى ادبن خث فكي ]1 ايك فا يدنه 1 61 سم را سا ص قر 1 سه و وح سر ذر الموم وأ الحكافرن (زي) الذين نوفنهم الملبيكه ع حطس 00 وو و تعمل مرةع مه ةر المَّاَوَمَاكنَنْعَمَلُمن مويل 1 ا هيما شت تصَمَلُونَ (ي اد لوأب بوب جه حاير فها نس مَْوَى المتكبريىت 0 يضرب الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم الأمثال بحال المشركين الذين كفروا بالرسل» ودبروا التدبيرات ليمنعوا الرسل من تبليغ رسالات ربهم؛ كما يبين للمشركين الذين يعاندون النبى كَكِلة» ويكفرون بالله ويدبرون التدابير لمنع الدعوة من أن تسرى» حتى أنهم يسدون السبل على مكة فيلتقون بالركبان» ويصدونهم عن سبيل الله» فقال تعالى: قد مكر الّذِين من قبلهم 4. أى دبروا الأمور لنقض الدعوة» وأحكموا تدبيرهم على الناس» وسدوا كل مسالك الهداية ليضلوهم وكادوا لأهل الإيمان كيداء ظنوا معه أنهم قضوا على الدعوة» واقتلعوهاء ولكن اللّه تعالى أفسد عليهم تدبيرهم ورد كيدهم فى نحورهمء وأن ما بنوه دمره الله تعالى» وللكافرين أمثالهاء فقال تعالى: ف فَأتَى الله بنياتهم م من القواعد فَحَرٌ عليهم تفسيرسورة النحل و لح اا السّقف من قوقهم 4 وإن هذا الكلام فيه استعارة تمثيلية إذ شبه الله تعالى حالهم بحال من بنوا صرحا وشيدوه» وأقاموا قواعده على عمد وأسطوانات» وأحكموا بنيانه حاسبين أنه يبقى على مدى الأزمان» ولكن أتى الله تعالى بنيانهم بأمره من قواعدهاء فتداعت وانهارت فصارت هباء منبنًا» فخر عليهم السقف من فوقهم» وماتوا تحت أنقاضهء ويذلك كان ما بنوه للحياة ومتعهاء وتدبير الأمور للحق صار عليهم وبالاء وسببا لهلاكهم وأتاهم العذاب به؛ ولذا قال تعالى: وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون 4 أى أتاهم من المكان الذى يشعرون أن فيه مأمنهم فكان فيه مهلكهم وفناؤهم . وهذا يذكر المشركين فى عصر النبى كِةِ بأن ما يدبرونه ضد النبى وه من تدبير يريدون به إخفاقهم لهم سيكون من عوامل نصرهء وإن الله محيط بهم» وبما يدبرون. ش وإن هذا عذاب الدنيا للمشركين» وقد تبين فى عاد وثمودء» ومدين» وفرعون وملئه» ثم يوم القيامة يكون الخزى والحزاء؛ ولذا قال تعالى: جهنم انام يوم وول أن كاي ادن ساود فهم فل الذين وتوا الْعلْم إن الخزي الْيُوم والسوء علَى الْكافرِين 69 4 . لم4 هنا فى معناهاء وهو الترتيب والتراخى» وهو هنا بمعنى الإمهال من غير إهمال» وذلك يطوى فى نفسه التهديد والإنذار وهو فى ذاته وعيد بالخزى يوم القيامة» وقوله تعالى: ا يخزيهم 4 بإسناد الفعل إلى الله تعالى فيه تعظيم لذلك الخزى» وذلك الخزى يشمل فضيحتهم على الأشهاد» لتذهب الكبرياء الآثمة؛ وتشمل الذل بعد الاستكبار» وتشمل العذاب؛ لأن العذاب خزى فى ذاتهء كما قال تعالى: ربا إِنْكَ مَن تُدُخل النَار فَقَد أَخزيتَه وما للظالمين من أنصار 659 4 [آل عمران] وقد كان من إخزاء الله لهم أن كشف حالهم مع الأوثان التى أشركوها فى العبادة مع الله تعالىء وأنها لا شىء وأنها تهرب منهمء ولا تجد لها مهربا؛ ولذا قال لهم: «( أين شركائي الّذِينَ كنتم تشقون فيهم 4 . و 8# تفسير سورة النحل | اكاك ..١‏ تي وهنا نلاحظ ثلاثة أمور بيانية: الأمر الأول إضافة الشركاء إليه سبحانه وتعالى هو من باب الإضافة لأرقى ملابسة إذ هم قد عبدوها مع الله تعالى» فجعلوها لله شركاء بزعمهمء فكانت الإضافة أحذا بهذا الزعم تبكيتا لهمء إذ كيف يكون المخلوق شريكا للخالق» وكيف تكون الحجارة التى لا تنفع ولا تضر شريكة للنافع الضارء رب السموات الأمر الشانى ‏ فى قوله تعالى: 9« الّذِين كنتم تشاقون فيهم4. أى تعادون الحق والأنبياء والدعاة المرشدين فيهاء أى تكون فى شق والحق فى شق» و(فى) هنا معناها المحل» أى محل المشاقة فيهاء فيتنازعون». حيث لا مكان للمنازعة ؛ لأنها منازعة بين الخالق » وما هو أدنى المخلوقات» لأنها حجارة لا تنفع ولا تضر . الأمر الثالث - أن ثمة قراءة بكسر النون» والكسر يدل على ياء المتكلم» أى تشاقونتى فيها أى تنازعوننى أنا الله الخالق رب الوجود فيهاء ويكون فى هذه القراءة معنى آخر جليل» وهو أن منازعة الرسل منازعة له سبحانه وتعالى. ولقد شهد عليهم بهذا الخزى رسلهم الذين أرسلوا إليهم وأتباعهم». والملائكة قال الذين أوتوا العلم 4 والذين أوتوا هم النبيونء فقد أوتوا علم النبوة» والذين اتبعوهم فقد اقتبسوا من علم النبوة» والملاتكة» فقد أوتوا علم ويفعلون ما يؤمرون. وشهادة أولو العلم : إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين 24 أى الخرى والسوء على الكافرين بسبب كفرهم وعنادهم » ومشاقتهم لله ولرسولهء وأهل الحق. وقد قال تعالى فيهم: « الّدين تتَوفَاهم الْمَلائكَةُ ظالمي أنفسهم فَألْقَوًا السّلم ما كنا تعمل من سوء بلَى إن الله عليم بما كثم تَعْمَلُونَ © 4 . ل | تفسير سورة النحل 0 الملل الل لح نا ل الّذين تتَوَفَاهم الْملائكة ظَالمي أنفسهم 4 هم الكافرون» فهذه الجملة عطف بيان أو بدل مما قبلهاء وهذا يتضمن حالهم عند الوفاة» ووصفهم الأصلى الذى أرداهم فى الجحيم» وهو أنهم ظالمون لأنفسهم» وذلك الظلم بشركهمء فالشرك فى ذاته ظلمء وهو ظلم للنفس؛ لأنه انحراف فيهاء وعوج فى تكوينها يشبه عوج الأعضاء بعد استقامتهاء وهو ظلم للعقل والفكر إذ يحطه من عبادة الله إلى عبادة الأحجارء وهو يؤدى إلى ظلم الأبرار» والظلم يعود على الظالم» فمرتعه ونهايته عليه» فكأنه فى الابتداء انتهى إليها . وقوله تعالى: ١‏ فَلقَرا السلم 4 وهو الاستسلام والخضوع والإخبات بعد أن عتوا واستكبرواء والفاء للتعقيب» أى أنهم بعد أن توفتهم الملائكة فور ألقوا السلم والخضوعء وانتقلوا من كبرياء ظلمة إلى ضعة صاغرة مستكينة» وعبّر ب(ألقوا) والإلقاء لا يكون إلا للأجسام للإشارة إلى أنهم انحطوا كما تنحط الأجسام من أعلى إلى أسفلء» ونسوا ما كانوا يعملون.؛ وقالوا: اما كنا تعمل من سوء», و(من) لاستغراق النفى» أى ما كنا نعمل أى سوءء ونسوا أنفسهم ونسوا أعمالهم لقد زال كبرهم وغطرستهم » فزالت شخصيتهم الظالمة وحسبوا أنهم لم يفعلوا سوعا. ل بلَئ إن الله علي بمَا كنتم تعملون4 بلى تدل على الإضراب عن قولهم» والقائل هم الملائكة أو أهل العلم الذين أوتوه من النبيين أو أتباعهم» وعندى أن القائل هو الله تعالى» لأنه لم ينسب القول إلى غيره» وهو القائل المتولى أمرهم ابتذاء وانتهاء . وقد أكد الله تعالى علمه بالوصف وبإن وبالجملة الاسمية وقوله تعالى: «إبما كنتم تَعملُون 4 (ما) فيه موصولة بمعنى الذى» أى بالذى كنتم تعملونه» وهو استحضار لهذا العمل كأنه حاضر مهيأ يرى» وقوله تعالى: :( كنتم تَعملون 4 أى عملكم الذى استمررتم عليه» ولم تفارقوه حتى تستبين به خطاياكم. م #0 تفسير سورة النحل ا 27 وقد بين بعد ذلك العقاب الذى ينتظرهمء فقال: فَادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها قبس متُوى الْمتَكَبّرينَ 69 6 . (الفاء) هنا فاء السببية» أى أن ما قبلها سبب لا بعدهاء فبسبب ظلمهم أنفسهم بما قدموا من ظلم للفطرء وشرك» يدخلون النار» وجاء إدخالهم بصيغة الأمرء للدلالة على أنهم مجبرون فى هذا الدخول لا مخيرون» وجاء بكلام يدل على أنهم دخلواء ولم يقل (أدخلوا جهنم). للتهكم بهم كأنهم اختاروهاء وإنهم كذلك فقد اخختاروها من يوم أن اختاروا الكفر على الإيمان واستكبروا على الحق فلم يؤمنوا به مع قيام بيناته ودلائله . و أبواب جهنم 4 كناية عن سعتهاء وسهولة الوصول إليها لمن كتبت عليهم وأردوها بأفعالهم» كما قال تعالى: 8 لَهَا سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مُقسوم 469 [الحجر] وإنهم خالدون فيها لا يزيلونهاء وخالدين فيها حال» والخلود وهو الاستمرار فى البقاء بهاء وقد بين سبحانه أنها أسوأ مقامء فقال: إ فلبعس مثوى المتكبرين » . و(الفاء) للوفصاح عن شرط مقدرهء أى إذا كانوا سيدخلون جهنم خالدين» فلبئس مثواهمء و(اللام) لتأكيد ذمهاء وأظهر فى موضع الإضمارء فقال: ف فلبمس مثوى الْمتَكَبرِين4» ولم يقل بئس مشواهمء للدلالة على أن الكبر عن الحق وعدم الاستماع إليه» والإصغاء لأهله ‏ هو الذى أودى بهم . والتعبير بكلمة 8 مثوى» وهى الإقامة» وغالبا ما تكون المختارة؛ لأنها طيبة من قبيل التهكم بهم . ولقد قال ابن كثير: إن الآية تدل على أنهم يدخلون النارء أو يكونون فى حرارتها بمجرد قبرهم» وأنه تكون أرواحهم فى عذاب بحرارة جهنم» حتى يكون البعث فتلتقى الأجسام بالأرواح » ويكون العقاب» ويشير إلى ذلك قوله تعالى فى آل فرعون: الثار يعرضون عليه غدوا وعشيًا ويوم تَقُوم الساعة أَدخلوا آل فرعون أَشّدٌ ا تفسيرسورة النحل ش يم 2 العذّاب 4)59 [غافر] اللهم اغفر لناء وجنبنا أسباب النارء وانظر إلينا يوم لقائك؛ وإن لم نكن لذلك أهل . المتفون قال تعالى: 9 ضسص 0 رم 4 س7 للزينانقوا لوادت خسوا 2 وح سه ما 00 11111 و م ما ومت وول هنزو ا لد نباحسةة ولد لحر حير ودار لم 9 ل يه يو ساس سا ور للا يو حَنَّتُ عد نيد خلويها تجحرى من تحتها اللا مذي و دهع و وو امور كم ى أمَهالْمتقيرت لين نوذهم 1 0 200 ربج ماوعا مانوعات كياد حَلُواالْجَيَدَ ىد هذه مقابلة بين الإيمان والتقوى» والكفر والاستكبار» قيل للمستكبرين ماذا أنزل ربكم قالوا: أساطير الأولين ولتّتل الآية السابقة: وإذًا قيل لهم مَاذَا أنزل بكم قَانُوا أسَاطِيرٌ الأََلِينَ 59 4 وسئل هذا السؤال نفسه للمتقين» فقال تعالى: « وقيل للّذين نموا ماذا أنزل ربكم قَالُوا خَيرا 4 وهذا فرق ما بين التقوى والفجورء الفاجر لا يهمه أن يقول الحق أو يفحصه. والمتقى الطيب محب للحق» ويتحراه» فإن وجده اطمأن إليه» واستقام على طريقه . « وقيل للّذين انقوا», الفاعل المحذوف هنا هو الذى ذكرناه فى قوله تعالى : وإذًا قيل لَهُم ماذا نَل ربَكُم قَانُوا أَسَاطير الأولين 469 وقد كان الجواب غير الجواب الأول» وإن كان السؤال واحدا بيد أن السؤال هنا للمتقين وهناك : #0 تفسير سورة النحل 5 ل 000000 0 ا 31# لحب اه «للمستكبرين» كان جواب المتكبرين ن يتناسب مع ضلالهم» وكان جواب المتقين «إخيرا 4 أى أنزل خيراء وذلك يشمل القرآن وما فيه من شرائع وما جاء به النبى ككل من أحكام وشرع صالح فيه خير البشرية؛ ولذلك نجد الجواب هنا خبرا منصوبا بالفعل» بينما نجد الجواب فى الأولى مرفوعاء وهو أساطير» والفرق أن الجواب جواب مؤمنين يؤمنون بالتنزيل» فيجيبون من غير تلعثم واضطراب» بينما الجواب فى الأولى جواب كافرين بالتنزيل وفيه التواء وتلعثم لأنه باطل» والباطل دائما لا نور فيه» ولا انكشاف. ووصفوا المنزل بأنه خيرء ويشمل القرآن كما ذكرنا والشرائع الإسلامية كلهاء وهى خير فيه صلاح الدنيا والآخرة» ثم قال تعالى: 8 ... للّذِين أحْسنوا في هذه الدنيًا حسنة . ©000٠‏ [الزمر] يصح أن تكون هذه الجملة من الله تعالى فيها تتميم جواب الذين اتقواء والظاهر أنها من تتمة إجابة المؤمنين وقولهم» وهم بهذا يرغبون فى الإيمان» ويرغبون فى الإحسان, للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة» أى خصلة حسنة» وأثر حسن» فالثمرة من جنس العمل» فإذا كان العمل حسنا كانت الثمرة حسنة» وهل ينتج الخير إلا خيراء وهل ينتج الإحسان إلا إحسانا. والعمل الصالح ينال به الشخص الخير الحسن؛ لأنه يكون بنية خالصة» والإخللاص فى ذاته أمر حسن لا يذوقه إلا الذين أخلصوا دينهم لله ولم يدنسوا قلوبهم بفساد, والإخلاص يدفع إلى الكلم الطيب» والكلم الطيب يدفع إلى العمل المستقيم والسلوك القويم» وكل هذا خيرهء وإذا كانت متاعب من عمل الخير» فإن الصبر عليها نعمة وحسنة يشعر بها الأبرار الذين يفتدون الحق بأنفسهم وبالبلاء ينزل بهم . وقال تعالى: «ولَدَار الآخرة حَيْرٌ4. أى ثواب دار الآخرة» وإنما أضيف الخير إلى ذات الدارء لأنها كلها خيرء فلا ينال الطيبون فيه إلا طيياء ثم قال تعالى: « ولنعم دار الْممّقِينَ», ؛ (اللام) لام التوكيدء وإنها كل موضع الثناءء والخمسد» وهى نعم الدار » وذكر المتقين بالإظهار بدل الإضمار للإشارة إلى أن اا تفسير سورة النحل الئل لح اا التقوى هى السبب فى هذا الجزاء» وللدلالة على أن ثواب الآخرة خير للمتقين دون غيرهم . ثم بين سبحانه ثواب الآخرة أو بعضهء فقال. جنات عدن يَدْخْلُونَهًا نَجْرِي من تَحْعها الْأنْهَارْلّهُمْ فيا ما يُشَاءُونَ كَدَلِكَ يَجَزِي الله المتّقِينَ 9 6 4. « جنات 4 بدل أو عطف بيان لدار المتقين» إنها «جئات عدنِ» بها إقامة دائمة ثابتة يجتمع فيها جمال المنظرء والرى» ل نَجَرِي من تَحتها الأنهار4 وتلك متعة النظرء فيكون خرير الماء مع ما يحوطه من خضرة تسر الناظرين بنضرتهاء وترتاح النفوس بمنظرهاء وبين بعد ذلك أن هذا المنظر الجميل الذى يشرح الصدر معه التمكن من كل ما يحبون؛ ولذا قال بعد ذلك: «لهم فيهامًا يَشَاءون ‏ من خيرء وما يريدون من طيب لا يمنع عنهم شىء» وإذا كانوا قد حرموا فى الدنيا من مال ونسب فهم فى الآخرة ممكنونء وإذا كانوا قد صبروا أنفسهم لله تعالى فإن الله تعالى قدر عناءهم بأن مكتهم من كل لخدت يح رام إرادتهم ومشيئتهم» وقال تعالى فى آية أخرى: « ... وفيا م تَشْمَهِيه الأنفس وتَلَد الأعين. 0 > [الزخرف]. « كذلك يَجَرِي الله الْمتّقين4. أى كهذا الجزاء الذى نراه للذين اتقوا ربهم يجزى الله المتقين دائمّاء وهذا تشبيه أو تصوير لمعنى المكافأة الذى يكافئ الله تعالى بها عباده» فهو تصوير للمعنى الكلى فى جزاء الله للمتقين بهذه الحال التى ينالها المتقون» وهم المحسنون الذين أتقنوا أعمالهمء بإحكامها وأحكام الخير وإحسانه يكون أولا بتطهير النفس من الأهواءء والآثام» ويكون بالنية الصادقة الصافية» وثانيا بالعمل الصالح . وإذا كان سبحانه قد بين كيف يستقبل المستكبرون عندما تتوفاهم الملائكة» فقد بين أيضا ما يستقبل المخلصونء فقال: كك ريب از « الّذين تَعَوفَاهم الملائكة طَيّبِينَ يتقولون سلام عليكم ادْخلُوا الجن بمَا كنم تعملون 69 » . ولقد وصف الله سبحانه وتعالى المستكبرين بأنهم ظالمون أنفسهم ) وهم فى هذه الخال التى أوقعتهم فى رجس وفسوق» فإنه سيحانه قد وصف المتقين بأنهم طيبة راضية مرضية» وطيبة حياتهم من بعد. والطيبة وصف للنفوس المطمئنة الراضية غير المعتدية الآثمة» وهو وصف جامع لكل الخلال الباطنة والظاهرة يوصف به كل الذين لا يحملون ضغناء ولا يحقدون» ولا يعتدون) ويلصرفون لذات أنفسهم يصلحونهاء ويراقبونهاء ولا يكون منهم للناس إلا ما فيه مصلحتهم» و١‏ طَيّبِينَ»4 حال من المفعول» وقوله تعالى: ‏ يقولون» فى الآية حال من الملائكة» والمعنى يتوفونهم قائلين لهم: سلام عليكم 4 إيناسا لهم بالتحية ودعرة لهم بالآمن والاطمئئنان» وبث م مج #‏ ستل تي 4 مم روح الأمانء» وبشرى لهم. كما قال تعالى: 9إإِن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا تسَزّل عليهم الْملائكَة ألا تَحَاقُوا ولا تحزئوا وأبشروا بالْجنة التي كنم تُوعَدُونَ 45 [فصلت] ويقولون مع هذا السلام المؤمن المشر: ادخلوا الجئة بما كنتم تعملون 4 الباء باء السببية» أى لسبب عملكم الذى عملتموه غير مدخرين فى سبيل الخير» وقوله تعالى: 8 كنتم تعملون 4, تدل على استمرار العمل» لأن كان تدل على الماضى مع الدوان فى مثل هذا المقامء كقوله تعالى: ‏ ... وكان الله عفوا غفورا 69 4 [النساء]ء وقد جمع بين الماضى فى (كان) والمستقبل فى أحسن الجزاء . ا تفسيرسورة النحل الللللل اللو لكالل للك لس أ تمكير ال مشركين قال تعالى: كن يأ أ فخ لاسي 020 و سس 0 ف - 0 55201 هد وك أ نو نفس هب د ل 17 م ل 2 سل ار 2ه 735 سَيعَات ماعيولو أو اقَيهم ا دسجرءوب 29 - 6 1 007 2 ا 00 ألوَشَاء الله لله ماعب ثامن دونو ء مين ويه ره دح مهو رخ هه لير دون ولا باونا لاحره مان دونه مِننق كناك 0 1 2 الى عَلَالي ين َل دفصَلْعلَالمل كلمن جاءتهم المعجزة الكبرى التى تتحدى الأجيال كلهاء وتحداهم الله تعالى بها أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا » فطليوا معجزات حسية كمعجزات الأنيبياء السابقين » فجاءتهنم ' انشق القمر» فقالوا: سحر مستمر » أى أعينهم سحرت فتبين الأقصى» وذكر لهم الأمارات الدالة. أتى لهم بالمعجزة الكبرى» وهى التى تتناسب مع خلود شريعته» إذ يبقى صامدا يقارع الزمان والأقوام ويقيم لهم الدليل على أنه من عند الله» ولكنهم أرادوا آية مادية» فجاءتهم الآية تلو الآية» ومع ذلك لم يؤمنوا؛ ولذلك قال تعالى: مَل يَضُرُون إذ أن تَأسِهُمُ لملائكة أوْياتي مر ك4 . لقد طلبوا أن يكون معه ملكء فقال تعالى: « ولو جعلناه ملكا لُجعلناه رجلا إلا تفسير سورة النحل 2 0100 بي با يي المستأصل » كما نزل بقوم لوطء وعاد وثمودء وفرعون» وقد ذكر أنه فعل ذلك استهانواء وكابرواء ولجوا فى إنكارهم» وطلبوا استعجال أمر الله فيهم فعجل» يؤمن» بل أرسل للأجيال كلها فإذا كفر جيل» كان رجاء الإيمان فى جيل يلي كما قال يَلَئِلهّ فى قومه ‏ وقد آذوه -» وبين الله تعالى على لسان الملائكة أنه ينزل الله)20 , وقوله: هل ينظرون # الا ستفهام فيه للإنكار» وهو وصف لحالهم فى كفرهم بالآيات» أى حالهم أنهم لا ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتيهم أمر 0 الله . وقد بين الله أن أمره نزل بمن سبقوهم مثل قوم نوح» وعاد وثمودء وأصحاب الأيكة» وفرعون ذى الأوتاد أن ذلك لم يكن ظلمًا من الله لهم. بل إن المذنب إذا نزل به عقاب ذنبه لا يقال إن من أنزل به العقاب هو الذى ظلمء إغا الظالم هو من ارتكب سبب العقاب فهؤلاء بارتكابهم سبب العذاب الذى جاء بأمر الله ظلموا أنفسهم. وهنا أمران بيانيان نشير إليهما: الأمر الأول التعبير ب 8 كانوا # فهو دال على استمرارهم فى أسباب ظلم أنفسهم من إنكار وجحود ومكابرة. الأمر الثانى - تقديم كلمة « أَنفسّهم 4. على ١‏ يظلمون 4 للإشارة إلى أن مما ارتكبوا من آثام كان يقع على أنفسهم. لا على غيرهم وللاهتمام والتخصيص. ا تفسيرسورة النحل الللللاماالللااللللا لل ااامللل ااال كم لح أ وقد أكد سبحانه هذا المعنى السامى فقال: «( فأصابهم سيّئَات ما عملوا وحاق بهم ما كَانُوا به يستهزءون 69 4 . الفاء فيها بيان ترتيب الإساءة على ما ارتكبوا من سيئات» فهى تبين كيف ظلموا أنفسهم» فقال: ا فأصابهم سيّئات ما عملوا 4 أى فأصابهم جزاء سيئات ما عملواء فالكلام على تقدير مضاف» وفى هذا التفسير بيان لأنهم ظلموا أنفسهم بأن تسببوا فى العذاب الذى نزل» فكانوا به ظلمين لأنفسهم» وحذف المضاف مع بقاء المضاف إليه للإشارة إلى الجحزاء كالسيئات تماما» حتى كأنه هو. وإن السيئات تترادف يجىء بعضها تلو بعض» حتى تتراكم فيظلم القلب وحينئذ تفسد كل أسباب الإدراك وتكون قلوبهم غلفاء ويتوالى منهم الفسادء فيكون ذلك سببًا فى أن ينزل بهم عذاب اللّه» ويكونون ظالمين لأنفسهم. وقوله تعالى: لإ سيئات ما عملوا » فيه إشارة إلى أن الله لا يأخذهم إلا بالسيئكات» ومى ما يسوء فى ذات من الأفعال» وما يسوء الناس» وما يصدهم عن الحق المبين . «إوحاق بهم4» أى أحاط بقلوبهم عملهم السيىء» حتى أصبحوا لا يدورون إلا فى فلكه» واستعمال (حاق) بمعنى أحاط لا يكون إلا فى السوءعء فالحيق لا يكون إلا فى إحاطة الشر. وقوله تعالى: «إما كَانُوا به يستهزءون 4. أى أحاط بهم القول الذى كانوا به يستهزئون» أى جزاؤه وحذف المضاف للإشارة إلى المساواة بين الجزاء والفعل كأنه هو. ويصح أن نقول إن المراد» أن يحيط بهم الاستهزاء نفسه تقريعا ولوماء وإشعارا لهم بأنهم المستهزئون المحقرون» ومن كانوا موضع استهزائهم السخيف هم الأكرمون عند الله . ها تفسير سورة النحل مالل > ا وإن تفكير السيئين دائما أن يحملوا أوزارهم وأوزار غيرهم» كما جاء سارق فقيل له لم سرقت؟ فقال: ذلك قضاء الله فكأنه يحمل الله تعالى ما ارتكب» كذلك تفكير المشركين . ف وقَال الذي أَضْرَكُوا لَوَسَاء الهم عبَدنَا من ذونه من شيء نحن ولا آبَاؤنا َلاحَرَمنًا من دونه من شيءِ كَذَلكَ فَعَل الذي من فَبَلهم فَهَل عَلَى الرّسْل إلا ابلاغ مين 62 4 . إن الذين أشركوا وكانوا يخاصمون النبى وَكْةٍ قوم خصمون يحتجون على النبى ككل لكل ما يتوهمون أن فيه حجة لهم غير مدخرين قولا ولو كان باطلا فى ذاتهء ولا يؤمنون به. قالوا متحدين النبى ل بقولهم أن ينزل بهم عقاب ماحق» لو شاء الله ما عَبَدنَا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حَرَمنا من دونه من شيع أى لو شاء ألا نشرك» وألا نحرم شيئا حلالا نما حرمناء كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحام» لأنزل بنا عقوبة رادعة مانعة قاطعةء ولكنه لا ينزل» وينذر ولا ينفذ»ء فهو تحد للنبى يك أن ينزل بهم ما أنزل الله على الأقوام قبلهم؛ ولذا قال تعالى من بعد ذلك : ظ فَهَل عَلَى الرّسْل إلا الْبلاعٌ الْمَبِينِ), أى لا يملك إنزال العذاب» وإنما الذى يملكه الله تعالى» وهو ليس عليه إلا البلاغ» وقد بلغ وأنذر. هذا تخريج الحافظ ابن كثيرء وهو تخريج مستقيم تتناسق فيه العبارات» وتتلاقى المعانى . وهناك تخريج آخر يقاربه ولا يباعده» وهو أنهم يقولون ذلك استهزاء بالنبى يكل وتهكماء بأنه لو كان يستطيع التغيير لغير» ولكن الله رضى لنا ذلك» فيقول الله « فهل على الرسل إلا البلاغ المبين» وهو قريب من الأول فى معناه» وإن خالفه بعض المخالفة فى ميناه. 0[ تفسير سورة النحل لل “كم ايلجل به يي وهناك تخريج ثالث» وهو الذى ضرب على نغمته الزمخشرى» وسار فى مساره غيره» وإن خالفوه فى النتيجة. وذلك التخريج أنهم يسندون إلى الله وزرهم فى الشرك فيقولون: إن شركهم بمشيئة الله وما شاء الله كان» وما لم يشأ لم يكن فلو شاء ألا نعبدهم من دونه ما حرمناء فكيف نحاسب على أمر شاءه الله تعالى» وبذلك يربطون الآمر بالإرادة» فيقولون: إن أمرا يجب أن يكون ملازما لإرادته» ولا يأمر الله بشىء لم يرده» فيقول لهم: طفَهَل عَلَى الرسّل إلا ابلاغ المبين», أى ليس على الرسل إلا البلاغ» وهو تبيين أمر الله تعالى فلا تحادلواء وأنهم قد بينوا الحق فلا سبيل للتخلص من أمر الله وأنكم تحمسون فى ذات أنفسكم بالا خمتيار وعلى ذلك يكون. ونقول إن التخريج الأول تكون الآية متناسقة فى ألفاظها وعباراتها ومعانيهاء والتخريج الأخير يجعل قوله تعالى: طفَهلْ علَى ارس إلا ابلاغ المبين »© وفى ربطه ببقية الآيات تكلف» ولو كان المخرّج له إمام البلاغة الزمخشرى. وهنا إشارات بيانية ترجح التخريج الأول ونشير إليها: ساس سم اس هي 03 الأولى - فى قوله تعالى: 8 كذلك فعل الّذين من قبلهم 4. أى فعل ذلك الفعل الذى تفعلون فعل الذين من قبلكم» وهؤلاء لم يفعلوا بل قالوا ولم يقل : وكذلك قال الذين من قبلكم»ء فدل ذلك على أن ما كان منهم ليس مجرد قول بل هو فعل وهو التحدى أو الاستهزاء» وبذلك يترجح التخريج الأول أو الثانى ولا يتر جح الأخير. ش الثانية - قوله تعالى: ولا حَرَمنَا من دونه من شيع 4 أى ما حرمنا من غير الله من شىء» بل من ذات أنفسنا. ْ الثالثة ‏ قوله تعالى: ظفَهَلَ علَى الرّسل إِلاَ البلا المبين» الفاء للإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر إذ تقديره إذا كتتم تتحدون وتطلبون إنزال العقاب فليس هذا لناء إنما علينا البلاغ الواضح المبين الذى لا يدرك ريبة لمرتاب» 0 ا تفسير سورة النحل الللللللللللل الل 0االل للا ااال للك شىجت أ والاستفهام هنا إنكارى لإنكار الوقوع؛ أى ليس على الرسل إلا البلاغ المبين» أى التبليغ الواضح وهذه الجملة السامية لا تخلو من إنذار» ووصف البلاغ بأنه مبين يفيد أنه معلوم بإنذاره فمن اهتدى فلنفسه ومن عاند وخالف فعليه إثم عناده. والآية هنا رجحنا أنها للتحدى أو الاستهزاءء وفى سورة ة الأنعام يرجح أنها لتعلاتهم فى إثمهم وشركهم؛ ولذا كان الرد عليهم: م8 .. قل هَل عندكم مَن علّم قتخرجوه لنَا إن تتبِعون إلا ال وإِن أنم إل تخرصون 0589 » [الأنعام] . بعث الرسل بالتوحيد والبعث قال الله تعالى 07000 - و" و 1 ' مايا 214 و بعشنافىي حكل م رسولا ررب أعبدوا الله 5 10 الم وه 506 ل -ه إروأف ا لاض فأنظ روأ كه | . و 4 لس لوه ٍ ةكيرب © إن عرض عل هَدَحِهُم 7 ليك سبلم لصتن صرت 0 مامد تسو ليث مغو بل 20 ل وَعَدَاعََه حَدًا كن حك لاس لابغاموت ا لسبين 0 سلف 0 ات 1 ول و ع إِذَا أرد بل لنال 5-2 5 ب عره اونا 2 كاث أ 8 ا تفسيرسورة النحل بعد أن أشار سبحانه إلى أن على الرسل البلاغ المبين الواضح بأدلته» وآيات الله المقترنة به» بين سبحانه أنه ما ترك أمة من غير نذير» بل بعث فى كل أمة رسولها بالحق» فقال عز من قائل: ولقد بعثدا في كل أمة رسولا ع . رسول من هؤلاء الرسل فقال: 9 أن اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت ‏ . « أن » تفسيرية فهى مفسرة بمعنى الرسالة» وهى الأمر بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت . وقوله تعالى : أن اعبدوا اللّه 4 فيه أمر بالوحدانية ودعوة إليها و تحريض عليها؛ لأن عبادة الله تعالى لا تكون إلا إذا كان يعبد وحده لا شريك له. وقوله تعالى: ا واجتنبوا الطّاغوت 4. أى ابعدوا عن أنفسكم الطاغوت» أى جانبوه» والطاغوت فعلوت من الطغيان» وهو مجاوزة الحدء ويشمل مجاوزة الحد فى العقول فيعبد ما لا ينفع ولا يضرء ويشرك مع الله غيره وتتحكم فيه الأوهام؛ فيرى الباطل حقا والحق باطلاء ويشمل ظلم العباد» والطغيان عليهم» ويشمل فالدعوة أى الوحدانية واجتناب الطاغوت جامعة لكل معانى الرسالة من عقيدة ) وتعامل الناس بعضها مع بعض » هذه رسالة رسل الله فى الأرض» اعتقاد سليم » وتعاون وعمل عادل مستقيم . وقد تلقى الناس رسالة الرسل الهادية المرشدة ما بين مهتد مقتنع مؤمن» وما بين ضالٌ قد حقت عليه الضلالة» ولذلك قال سبحانه: 8 فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حَقّت عليه الضّلالة 4 ومن هدى الله هو الذى سلك طريق الهداية» وأعد قلبه لقبول الحق والاقتناع به ولم تكن ثمة غواش من حب الادة أو السلطان أو المحاه أو التأثر يما كان عليه الآباء؛ فيتبع من غير تفكير ولا تدبر بل نقول: اسه | ب ...بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا... 72 > [البقرة]» فمن كانت حاله كذلك» وهو فى هذا متساوق مع الفطرة فإن الله يهديه» ويجعله يتم الصراط التى ابتدأ السير فيها. وأما من حقت عليه الضلالة» أى ثبتت وتأكدت» فهو الذى لا يتفكر ولا يتدبر لغواش غشيت قلبه من حب الدنيا وجاههاء وسلطانهاء وسيطر على عقله التقليد» والعناد والاستكبار»ء وبذلك تفسد فطرته التى فطر الناس عليهاء ولذا حقت عليهم الضلالة. وإن أولئك أنزل الله تعالى بهم الدمار فى الدنياء وصاروا عبرة للمعتبرين؛ ولذا قال تعالى: 9 فُسيروا في الأرض فَانظروا كيف كان عاقبة المكذبين 4 . (الفاء) الأولى دالة على الإفصاح عن شرط مقدر» أو كلام مقدر تقديره فنزل بهم الدمار والهلاك فسيروا في الأرض 4. فستجدون الآثار لمن أهلكهم الله ظ فَانظروا كيف كان عاقبة الْمَكَذَبِينَ4. أى انظر ال حال التى آل إليها أمرهم سبيه التكذيب» والله سبحانه وتعالى أعلم . كان النبى كيد حريصا على أن يهتدى قومهء لرأفته بهم ولرغبته فى مصلحتهم»2 ولأنه يرى إيمانهم من كمال تبليغ رسالته؛ ويخشى أن يكون قد قصر فى التبليغ إن لم يؤمنواء ولأنه - كصاحب كل دعوة - يريد للناس أن يتبعوها فى غير عوجاء ولا اعوجاجء ولكن الهداية ليست بيدهء إنما هى بيد اللّه؛ ولذا قال تعالى: إن تحرص على هداهم فَإِنَ اله لا يمدي من يضل وما لَهُم من نَْصِرِينَ 49 . الخطاب للنبى كلِْةِ الذى كان حريصا على هداية قومهء والحرص هو الرغبة الشديدة فى أمر من الأمورء وقد كان النبى كَكِلْةَ راغبا فى هداية قومه» والضمير فى (هداهم 4 يعود على الذين قالوا: ما أشركنا نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء. 9 تفسير سورة النحل لل ا وجواب الشرط فى فإ إن ترص عَلَئ هُداهُمْ» هو قوله تعالى: إن الهلا يَهُدي من يُضْلٌ4 ويضل هنا معناها من كتب عليه الضلالة» وقدرها له فى قدره المحتومء ولوحه المحفوظهء وذلك لأنه سلك سبيل الغواية ولم يتفكر ويتدبر» وسيطرت عليهم أوهام المادة» واللجاه والسلطان وحب السيطرة فإنه تكتب عليه الضلالة» ولترك الله تعالى له سادرا فى غلوائه يكون كمن يضله. وما لَهِم من نصرين4» أى لا أحد ينصرهم» وهذا يومىء إلى أنهم يعتريهم عذاب أليم» » لا ينقذهم منه ولى ولا ناصر لهمء وفيه دلالة على أنهم ما داموا قد رتعوا ذ فى الغى» فلا يمكن أن يكون لهم هاد مرشدء وهذا كقوله تعالى: ل إِنّكَ لا تهْدي مَن أَحَببْت ولَكن الله هدي من يشاء ... 453 [القصص]. وإن هذا الححود سيبه أمران: الأمر الأول الاستكبار» وقد تكلمت الآيات القرآنية فى آثاره. والأمر الثانى - جحود اليوم الآخرء وقولهم: إن هى إلا حياتنا الدنيا نلهو ونلعب» وقد بين الله تعالى حالهم فى جحودهم اليوم الآخر فقال تعالى : ٍِوَاقْسمُوا بلله جَهد آمهم لا يعت الله م يَمُوت ب وعدا عليه حا ولكن أَكْثَرَ الئاس لا يَعلَمُونَ 62 24 «جهد أيمانهم 24 الجهد مصدر بمعنى الطاعة والقوة» ومعنى أقسموا بالله جهد أيمانهمٍ أى جاهدين بأقصى قوتهم فى تأكيد يمينهم » والمقسم عليه 8لا يبَعث الله من يَمُوت » مأسورين فى ذلك بالحال التى وقعت2. وهى الوقت ويحسبونه فناء لا حياة بعده» ويحسبون أنه لا شىء غير المادة» ولا يؤمئون بالمنشئ الموجدء وإن كانوا يقولون: الله خالق كل شئ» ولكنه قول لا يتغلغل فى قلوبهم. ويستمكن فى نفوسهم » روى البخارى أن رسول الله يِهٌ قال فى حديث قدسى : «كذبنى ابن آدم ولم يكن له ذلك» وشتمنى ولم يكن له ذلكء» فأما تكذيبه إياى فقوله: لن يعيدنى كما بدأنى» وأما شتمه إياى فقوله اتخذ الله ولداء وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لى كفوا أحد"!". )١(‏ رواه البخارى: تفسير القرآن (؟159). كما أخرجه النسائى: الجنائز ,»)٠7١01١(‏ وأحمد: باقى مسند المكثرين (741/7) . 0 للها تفسير سورة النحل الملل لحر ا رد الله تعالى قسمهم الباطل بقوله تعالى - بلى ‏ وهى تدل على الإجابة بالنفى وهو ما أكدوه؛ ثم أكد سبحانه وتعالى الجواب بالنفى بقوله تعالى : « وعدا عليه حَهًا 4 ووعدا مصدرء ووصفه بأنه حق ثابت مستقر لا مجال لإخلافه» وقال تعالى : «( عليه 4, أى أنه سبحانه التزمهء وكيف يترك ما التزمه ولا ملزم لهء إنما هو الملتزم. ش وبين سبحانه أن أكثر الناس غلبتهم المادة» وسيطرت عليهم الأحوال التى يرونهاء» وتركوا المغيب عنهم فلم يدركوه. ولم يؤمنوا بالغيب؛ ولذا قال تعالى: « ولكن أكثْر الئاس لا يعلّمون 4 الاستدراك هنا من الوعد المؤكد الثابت الذى ألزم الله تعالى به نفسهء إذ كان الواجب عليهم أن يعلموا من قياس القابل على الحاضر ولكن أكثرهم لا يعلمون؛ أى ليس من شأنهم أن يدركواء وأن يعلموا لأنهم لم يؤمنوا بالغيب» ولم يعرفوا قدرة ربهم» وما المراد (بالناس)؟ إن أريد المشركون فكلهم لا يعلمون ذلك. وقيل المؤمنون» وإن أريد الناس جميعاء فإن أكثرهم لا يؤمنون بالعودة» ومن اعتقد منهم لا يذعن» وإلا ما كانت المعاصى التى ترتكب جهاراء فهى لا ترتكب إلا من غفلة فى الإيمان باليوم الآخرء وقد بين الله تعالى الغاية من البعث» فقال تعالى: ييه لذي ودود وذ كفو هكاين 4 . (اللام) متعلقة بما قبلهاء أى أنها فى مقام التعليل لوعد الله الحق الثابت المؤكد الذى ألزم الله تعالى به ذاته العلية» والمعنى أن الله تعالى ما خلق الناس عبثا كما فى قوله تعالى: إ أفحسبتم أَنمَا حَلقْناكم عبَنًا وأنَكُم ينا لا تَرجَعُونَ 652 4 [المؤمنون]» فالله تعالى لم يخلق الإنسان, ولم يجعله كالبهائم» بل خلقه ومعه عقل يتفكر ويتدبر» وحيث كان التفكيرء كان الحساب على الأفعال» إن خيرا فخيرء وإن شرا فشره والدنيا لا تتسع لكل حساب الأعمال» فلابد من أخرى يحاسب فيها على جميع الأفعال» والأناسى منهم المظلوم المحروم» ومنهم الظالم | تفسير شسنور: النحل الالالال > ات المجدود'2. فلابد من يوم يستوفى فيه كل ذى حق حقه» ينال كل ثمرة ما كسب» ومن نوع ما كسب . وذلك هو ما يكون بعد البعث» وهذا معنى ليبين لهم الذى يختلفون فيه من حق وباطل وعدل وظلم» ويكون كل كل ذلك أمام الحكم الذى يفستح بين الناس» ويفصل بينهم بالحق وهو خير الفاصلين» « وليعلم الْذين قروا أَنَهُمْ كانوا كاذبين » . (اللام) هنا للعاقبة» بينما اللام الأولى للتعليل؛ ولذا كررت اللام لتغاير معناها» ومعنى العاقبة أنهم كانوا يكفرون بالبعثء» ويكذبون الرسل فى الدعوة إلى الإيمان» ويشركون ويكذبون الرسل فى الدعوة إلى التوحيد» فإذا كان البعث والحساب والعقاب لمن أنكر وكابر وأشرك» والثواب لمن آمن وأطاع وصبر وجاهد فإن عاقبة ذلك الذى يرونه حسيا أن يعلموا أنهم كانوا كاذبين فى كل ما ادعوا وأنكرواء وباهتوا الرسل والمؤمنين» وعبر بالموصول « الّذين كَمَرَوا 4 لبيان أن كفرهم هو السبب فى تكذيبهم» وأكد سبحانه وتعالى علمهم بكذبهم» أولا: ب«أن» المؤكدة» وثانيا: ب «كان» الدالة على دوامهم على الكذب بدوام كفرهم» وثالئا: بالجملة الاسمية» والله سبحانه يعلم الغيب فى السموات والأرض وإليه ترجعون . وإن السبب فى إنكارهم البعث هو أنهم مأسورون بالمادة والحاضر الذى بين أيديهم وأنهم لا يقدرون قدرة الله تعالى حق قدرها؛ ولذا أشار سبحانه وتعالى إلى كمال قدرته على الخلق والتكوين» وأنه ليس إلا أن يريد الشىء فيكون» فقال اللّه تعالى: ف إِنْمَا قَولنَا لشيء إذَا أَردنَاه أن تقول لَه كن فيَكُون 6 4 . إِنّمَا 4 «أداة قصر) أى أن خلق الله للأشياء محصور فى هذه الطريق السهلة التى لا تمتنع عليه بشىء» ولسنا نبحث فى سر الخلق والتكوين» فتسأل (/#اا تفسير سورة النحل لل اللو ااا ل وجح ب_ رز يي كيف خلق الله الناس» إنما تتعرف ذلك من قوله سبحانه» وهو يدل على أن الله تعالى يخلق الأشياء بإرادته المختارة» فلم تنشأ عنه الأشياء نشوء المعلول عن علته فذلك وهم تعالى الله عنه سبحانه؛ ولذا قال سبحانه: 8إِنَّمَا قَولنا لشيء». أى حاله وشأنه فى قدرته وتكوينه للأشياء © إذا أردناه 4 أى أراده بإرادة حرة مختارة» وأنه فعال لا يريد « أن تقول له كن فيكون 4. أى احدث وكن شيعا مذكوراء» فيكون. ومعنى هذا أنه سبحانه وتعالى لا يصعب عليه شىء فى الوجود. فلا يتكلف كائن فى الوجود أكثر من قوله كن فيكون. وهذا تصوير لسهولة الخلق عليه تعالت قدرته» وذلك كقوله تعالى: «9 ... وما أمر الساعة إلأ كلمح البصر أو هو أَقرب ... 69 4 . ش وهذا كله للعاقل المستبصر المدرك» ولقد كانوا يعجبون كيف يعودون. ولقد فنتيت أجسام الأموات فقال تعالى مبينا أن شيئا لا يصعب على إرادته» فقال: قل كونُوا حجارة أو حديدا (2) أو حا مما يبر في صدو ركم فَسيقولُوَ من يعيدنا قل الذي فطركم أوَل مرة فسينغضون ليك د وهم ويَفُولُونَ مَئ هو قل عسَئ أن يَكُون قرا 9©) مود وه اعد مم هم الى ام امه لم في اس مو ه يهم 2 يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن أبثتم إل قليلا 2) 4 [الإسراء] . المؤمئون ع و ).مني مسج سال ونروءة 0 | 0 020 او ل له 2 ناسلو ويا اليسسنب وَالُرَرََيكَ م لز رَليَِناي مالل ول هم يلف كوت 1# تفسير سورة النحل و | لسر اا ويروا في ل مدنا دوي نا سور لأ كبر لو كانوا يعلمون 690 4 . الهجرة ترك الدار لغاية سامية أو لطلب الرزق» وقد حبب الله تعالى فى هاتين الحالتين» فقال تعالى: ‏ ومن من يُهَاجرْ في سبيل الله يَجد في الأَرض مُراعَمًا كخيرا وسعة. ... 63 4 [النساء] . وقد كانت هجرتان: هجرة إلى الحبشة فرارً) بالدين من الذين ظلمواء ومن هؤلاء عثمان بن عفان وجعفر بن أبى طالب وعدد من الصديقين والصديقات بلغت عدتهم ثمانين أو يزيد» والهجرة الكبرى إلى المدينة وفيها هجرة النبى كَل وإن هذه السورة مكية» أى أنها كانت قبل الهجرة الكبرى فالذين هاجروا فى الآية هم المهاجرون إلى الحبشة. وقوله تعالى: « وَالّذِينَ هاجروا في الله 4 الفاء هنا للسببيةء أى لأجل الله تعالى» وذكر الفاء يومىء إلى أنهم فنوا فى الله فصاروا لا يفكرون فى غيره؛ وصار هو ملء قلوبهم ونفوسهم وعقولهم» وأحاسيسهم فكلهم له سبحانه وتعالى .لا يفكرون إلا فيه» ويهون كل عذاب فى سبيله . وقال سبحانه وتعالى: «من بَعْد ما ظُلموا 4 وطإما» هنا مصدرية» أى من بعد ظلمهم» وقد كتب الله تعالى لهم الجزاء الحسن لصبرهم على الأذى» ونزول الظلم بهم» وهجرتهم ببعدهم عن الخلان والأحباب» والديار والأأموال» وبيع أنفسهم لله تعالى حتى لا يطلبوا إلا مرضاته. وقد قال تعالى فى جزائهم: ل لوهم في الدنَا حَسنَة, (اللام) لام القسم وهى مؤكّدة» والقسم مؤكدء ونون التوكيد مؤكدة» والحسنة الأمر الذى يكون حسنا لا إساءة فيه فى ذاته ولا فى مغبته» و(نبوئنهم) نمكنهم فى الحسنة كأنهم يفتقدونها ويستمكنون منهاء والحسنة فى الدنيا التى نالت المؤمنين والمهاجرين من بعد هى العيش الحسن» وقد نزلوا من بعد الحبشة المدينة هم ومن كانوا فى مكة يلاقون الظلم وإلإيذاء بكل أنواعه والاستهزاء والسخرية» فالتقوا فى دار الهجرة. لإا تفسير سورة النحل 41 ل #1010100000 1# 1 1 ذذذ12010##1#1#1# تحب ل ومن حسنة الدنيا النصر على الشرك وأهلهء وغنائم النصرء والتعاون والإخاء» وإقامة حياة فاضلة فى المدينة. هذه حسنة الدنيا «[ ولأَجَرٌ الآخرة أكبر لو كَانوا يعلمون 4 (اللام) لام الابتداء للتوكيدء وأجر الآخرة أكبر لآنه نعيم مقيم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيهاء فأكل الجنة دائم لا ينتهىء وقال: 8لَو كانوا يَعلَمُونَ4, والضمير فى يعلمون يعود إلى المؤمنين» وإ لو4 تكون للتمنى» أى ليتهم يعلمون ذلك علم العيان والرؤية» لا علم الخبر والذكر؛ وفى ذلك بيان لفضلهء وعظم شأنه» كأنه فوق الخيال والتصورء واختار الزمخشرى أن يكون للكفار ولكنه بعيد» وقد قال تعالى فى سبب استحقاقهم ذلك الجزاء العظيم . «ا الّذِينَ صبروا وعلى ربُهم يتوكَلُونَ 9 » . ل الَذِينَ4 عطف بيان للمهاجرين» لقد صبر المهاجرون أبلغ الصبر» صبروا على الذى نزل بهم. والظلم الذى وقع عليهم والاستهزاء والسخرية بهم» وتصغير شأنهم» وتحقير أمرهم. وكأنهم الأرذلون» وهم الأكرمون؛ وصبروا على ترك الأحباب» وترك الأموال وترك الديار. صبروا على كل ذلك» وعلى أن المشركين حاولوا أن يسدوا باب الأمل فى نفوسهم لولا فضل من الله ورحمة» ولكنهم مع ذلك كان أمامهم ربهم فتح لهم السدودء بالتوكل عليه؛ ولذا قال تعالى: آ وعلى بهم يتوكلون 4, أى على ربهم وحده. لا على أحد سواه يتوكلون» وععبر بالمضارع لدوام توكلهم» وقدم الجار والمجرور على الفعل للتخصيص» أى على الله وحده يتوكلون فهو الذى يفتح لهم الأبواب التى يسدها الشرك؛ ويكون من ورائها الانتصار. ولقد كان المشركون يعترضون على الرسالة المحمدية بأنها لرجل» ويريدون ملائكة» فبين الله تعالى أن الرسل جميعا من الرجال» فقال عز من قائل: 0# تفسير سورة النحل ميل لب ا ظوَمًا أَرْسَلْنَا من قَبلك إلا رجَالاً نوحي إل بم فَاسْأَنُوا أَهلَ الذكر إن كم لا تعلمرن © 4 . ليس عجبا أن يوحى الله تعالى إلى رجل منكم. وما كان محمد يلد بدعا فى الرسل» بل كان الرسل من أقوامهم يحسون بإحساسهم. ويتألفونهم ويعرفونهم فى ماضيهم الطاهر المنزه» ولم يرسل رسولا إلا إذا كان من قومه وكان رجلا منهم؛ ولذا قال تعالى: وما أَرْسَلنَا من قَبْلك إلا رجَالاً4, » فما أرسلنا ملكا؛ لأن طبيعته ليست من طبيعة الإنسان» وهو روح غير جسدء « ولو جَعَلناه ملَكَا لُجَعَلَْاهُ رجلا وللبْسنَا عليهم ما يلِْسُونَ )4 [الأنعام]ء الأمر أهو ملك, أما إنسان» وإن امتياز هذا الرجل الرسول من بينهم أنه يوحى إليه» وينزل عليه جبريل الآمين برسالته؛ ولذا قال: ظ تُوحي إِلَيهم 4. هذه قراءة بالنون المعظم للمتكلمء وهو الله تعالى» وأى متكلمٍ أكبر وأعظمٍ من رب البرية » وهذا كقوله تعالى فى آية أخرى وما أَرسلنا من قبلك لذ رجالا نوحي إلَيهِم من أهل القرئ ... 69 »* [يوسف]» ولقد قال سبحانه وتعالى على لسان رسوله: ١‏ سار هلإ شرا رسولاً ©6 4 [الإسراء]. ولقد نبههم سبحانه إلى أن عليهم أن يتعرفوا الأمر من أهل المعرفة» فقد كانوا أميين منقطعين عن الرسالة فأراد سبحانه أن يوجههم إلى سؤال أهل المعرفة : ظفَاسأنُوا أَهْلَ الذكر إن كُسم لا تَعلَمُون 4 «الفاء) تفصح عن شرط مقدرء أو واقعة فى جواب الشرط إن كُسْم لا تَعلّمون4 وأهل الذكر هم أهل التفكر والتدبر والعلم بالأشياء على وجههاء ويدخل فى هؤلاء أهل الكتاب» أى إن كنتم لا تعلمون هذه الحقائق» فلا تعجبوا فى الأمر لمجرد أنه يثير عجبكم واستغرابكم» بل تعرفوا الأمر من أهل الذكر والحكمة والمعرفة وأهل الكتاب ليزول عجبكم واستغرابكم» وذلك مع المعجزة الكبرى التى قدمها لكم» وتحداكم أن تأتوا بسورة من مثشلهء وما زال يتحداكم وهكذا نرى القرآن الكريم يصرف الآيات ليدركوا وليستبينوا الحق . هاا تفسير سورة النحل 4 الل ل 1آ2200111 لح أ ولقد أشار سبحانه بعد ذلك إلى ما جاء به الرسل والأنبياء» « بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للثاس ما نَل إليهم ولَعلّهم يتفَكرونَ 0 69 #. بين هذه الجملة وما قبلها تمام الاتصالء لأنها فى معنى البيان لهاء «( بالبيتات 4, متعلق بمحذوف دل عليه الكلام السابق» أى أرسلناهم بالبينات» وهى الآيات الدالة على رسالتهمء ٠‏ © والزبر» الزبر اجمع زبوره وهو الكتاب» يقولون زبرت الكتاب إذا كتبته» وقد قال تعالى: #وكل شيء فَعلوه في الزئر 69 4 [القمر] وكما قال تعالى : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرا عبادي الصّالحوت 0-9 4 [الأنبياء] . والمعنى أن هؤلاء أرسلوا رجالا ولا يكونون إلا رجالا مصحوبين بالبينات أى المعجزات الدالة على أنهم مبعوثون من عند الله وجاءتهم منهم الكتب التى تبين فيها الشرائع التى أراد الله تعالى أن يعلموها للناس» وقد جئتهم بذلك وبالحق فما لهم يستنكفون عن قبول ما تدعوهم إليه»ء ويعجبون من أن يجيئهم الحق من الله على لسان رجل منهم. ثم قال تعالى: 9 وَأنزلنا لَك الذكر4» الذكر هو القرآن الكريم» وسمى القرآن هنا ذكراء لأنه مذكر الأنبياء السابقين ورسائلهم» ما نسخ منها وما بقى» ولآنه الذكر الدائم إلى يوم القيامة» ولأن الذين نزل فيهم القرآن شهدوا على الناس بأن ما نزل إليهم من شرائع حقء والله شهيد عليهم» ألم تر إلى الذين ادعوا أنهم أتباع عيسى وخرفوا العقيدة» وجعلوها وثنية مثلّثة صحح القرآن عقيدتهم وردها إلى أصلهاء وشهد القرآن والمؤمنون بالصادق» وبطل ما صنعوا وحرفوا وثلثوا. وقوله تعالى: ١‏ لتبَيّنَ للنّاس ما نرَّل إلَْهم 4, (اللام) هنا لام العاقبة» لتكون الثمرة والنتيجة والعاقبة أن تبين بالقرآن الذى نزل على قلبك للناس ما ما نزل إليهم من ربهم فى الماضى والحاضرء وما هو شريعة ربهم الأزلية الخالدة الباقية» كما قال تعالى: « شرع لكم مَن الدين مَا وصّئ به نوحا والّذي أَوْحَيْا ليك وما وصينا به اا تفسير سورة ١‏ لنحل لاالااااااكخخمممممنمماانااال تاللا انان اماملا ااا اللتااكخخاالطا اناالا طططعططنامط خخ ططخل لطس ططخم مممملالنطخططططم سسطللا ١ لاا‎ 7 إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم ليه ... 02 4 [الشورى]. وقوله تعالى: 9 ولعلّهم يتفكرون 4. أى رجاء منهم أن يتفكروا ويتدبروا ويبتعدوا عن الجحود والكفر» وكان العططف بالواو للدلالة على أن هذه غاية وثمرة تنبيه وإندار قال تعالى: 0 عمس لا فامنا َم لذن مُكرواأَلسَيكَاتِ أَنيضْيِفَ أله بم لاض لابح لف كم يهم العَدَاب ون حيث 57 8 9 7 عو وه ع 20 66 نكن و عر ب 8 هٍ و ل وو 2 0 2 ا 0 زر سس سس سس لكر 0 عع دمع د الى ده ل يََمَيَوأ ظِلالُهمع نألْسَمِنٍ وَالسَّمَابِل سجَّدٌ سبد انه وهو د خْرونَ 0 وله - سس الس “-- م جد ماف السَّمواتِ و لالض ناب رره رع م سس رس ري رست ع م 2000 صمي 5 اق هم سرون 5200 ذأفون رجهم من فوفهر سح ع ل هه او أ 24 كان المشركون من وقت أن بعث النبى كَلكة يدعوهم بأمر ربه لا يفكرون فيما اشتملت عليه من حق» ولا فى ماضيه الذى يدل على الصدق والأمانة؛ وأنه كان عليه بن عادة الأخجار الت لز تضر وله ل تتفع لا يفكرون فى شىء من ذلك؛ إغا يفكرون فى مقاومة الدعوة وصدوا عن غير المقاومة صدوداء وديروا لويذاء 0 تفسير سورة النحل للللما10ااالللواللووالللااااالللاا لصولل > ا المستضعفين» والسخرية بالمؤمنين» والاستهزاء بأهل الحق ويقتلون الذروة والغارب ليقضوا على الدعوة» حتى إنهم ليقتسمون مداخل مكة» ليشوهوا دعوة النبى كَل إذا دعا الحجيج» يفعلون كل ذلك ونسوا أن الله تعالى قد ينزل بهم العذاب؛ ولذا قال تعالى منبها لهم منذرا: «( أفأمن الْذِينَ مَكروا السَيئات ٠‏ أن يُخْسف الله بهم الأرض أو يأتيهم الْعَذَاب من حيث لا يشعرون 69 4 . (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها وهو حالهم التى هم عليهاء ولكن تأخرت الفاء؛ لأن الصدارة تكون للاستفهام والمعنى أفعلوا ما فعلوا ودبروا السوءء وآذوا ودبروا الأمور المسيئة فى نفسها أفأمنوا أن يخسف الله تعالى بهم الأرض» بأن تنحط الأرض حتى تبتلع ديارهم وأموالهم» أغفلوا وأمنوا مكر الله وقد دبروا السيئات وفعلوا وأرادوا» ويميل بعض المفسرين إلى أن السيئات وصف لموصوف محذوف تقديره «أفأمن الذين مكروا المكرات السيئات»» ونحن نرى أنه لا حاجة إلى تقدير موصوف محذوف؛ لأن المكر وهو التدبير متجه إلى إنشاء السيئات فهم دبروا السيئات فى إيذاء المستضعفين» ودبروا السيئات فى الأقوال والأفعال طوال إقامة النبى يَلكْْدٌ بينهم فى مكةء لم يتركوا نوعا من السيئات إلا دبروها. وهم يعلمون قوة الله القاهرة» وأنه الذى يلجأ إليه فى الملمات» فلم يكونوا جاهلين لهاء وإن عبدوا مع الله الأحجار والأوهام» فإذا نبههم الله تعالى بأنه قادر على خسف الأرض من تحتهم فهم لا يجهلون ذلك. وقد قال تعالى منبها لهمء ومثيرا لعلمهم بقدرة الله تعالى : أأمنتم مّن في السّماء أن يُخسف بكم الأرض فَإِذَا هي تمور 09 أَم أمثم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فَستعلَمونَ كيف تذير 69 4 [الملك] . ثم قال تعالى + «أو أيهم الْعَذَاب من حَيْثْ لا يشعرون4. (أو) عاطفة © العذاب . هو العذاب الدنيوى المدمر كالذى نزل بقوم لوطء فجعل الله عالى الأرض سافلهاء أو تأتيهم ريح صرصر عاتية» أو ريح فيها عذاب شديدء يكون 1 تفسير سورة النحل 0000 لبن ٠ بي‎ مفاجئا لهم لا يعلمون بوقوعه؛ ولا يتوقعونه وهذا معنى لا يشعرونء أى لا يعلمون ولا يتوقعون بل ربما كانوا يرجون الخيرء, كقوله تعالى فى عاد: م فلمًا َوه عارضا مستقيل أوديتهم قَلُوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما اسَتَعْجِلتم به ريح فيهًا عَذَاب أليم 62 4 [الأحقاف] . ثم يقول تعالى منذرا بالعذاب الشديد: «( أو يأخذهم في تَقلِهِم هما هم بمغجزين 69 4 . إن أخذهم وهم لا يشعرون يكونون وهم فى مساكنهم مطمئئنون أو قابعون فى ديارهم وهم لا يعرفون آثار مكرهم السيئات وتدبيرهم الفاسد لأهل الإيمان والكرامات» ولذا لا يشعرون» وقد يأخذهم وهم متنقلون فى الأسفار يسيرون فى مسارهاء ويتنقلون لتاجرهم» وقد يأخذهم الله وهم كذلك لا يفكرون إلا فى الكسب والخسارة والربح وسائر أبواب التجارة؛ ولذا قال تعالى: أو يَأخذهم في تقلبهم 4 أى فى انتقالاهم من بلد لبلدء يتقلبون فى البلادء والتقلب تعبير عربى قرآنى يؤكد به الانتقال من بلد إلى بلد تاجراء أو سائحاء وكأن فى ذلك مجازا إذ شبه التنقل من بلد إلى بلد بالكرة المتقلبة من وضع إلى وضع» وهى تنقله من مكان إلى مكان. وإذا كانوا قد أحيط بهم فهم فى مأمنهم غير غير آمنين» وفى أسفارهم غير مطمئنين فهم فى قبضة الله تعالى؛ ولذا فما هم بمعجزين الله تعالى أن ينزل بهم ما يريد» فاستقيموا على الطريقة» وإلا أخذكم أخذ عزيز مقتدرء كانت الصور السابقة فى أخذ بالخسف أو العذاب من حيث لا يشعرون» أو وهم فى حال تقلبهم فى البلاد بالمتاجر لا يخافونء فقد ينزل العذاب وهم يتخوفون من العذاب؛ ولكنهم مصرون على سببه من مكر السيئات» وتدبير الموبقات للمؤمنين ضعفائهم وكبرائهم بالاستهزاء والسخرية. ولذا قال تعالى: أو يَأخْذهم عَلَى تَحَوفِ». أى تخوف من العذاب أن ينزل بهم كما نزل بالأقوام قبلهم فهم يعروهم الخنوف؛. ولكن لا يصل إلى حملهم على الإيمان» ولكن يتخوفون أن ينزل بهمء وقد يفسر التخوف بمعنى التقص» و # تفسيرسورة النحل جب ب_ز: يي" ينقص الله من أموالهم شيئا فشيئا. كما فعل سبحانه وتعالى بقوم فرعون إذ قال سبحانه: ظ وَلَقَد أَحَدْنَا آل فرعون بالستين وتقص من العَّمَرَات لَعلّهم يَذَكّرونَ 099 4 [الأعراف]» فالتخوف هو النقص حتى يكون الهلاك من بعد ذلك . ولقد ذكر الزمخشرى فى ذلك ما نصه: «وقيل هو من قولك: تخوفته إذا تنقصته» قال زهير: تخوف الرحل منها تامكا قردا كما تخوف عود النسبعة السفن أى يأخذهم على أن ب يتنقصهم 0 شيئا بعذل شىء فى أنفسهم وأموالهم حتى يهلكواء وعن عمر رضى الله عنه أنه قال على المنبر: ما تقولون فيهاء فسكتوا فقام شيخ من هذيل فقال: هذه لغتناء التخوف التنقص قال: فهل تعرف العرب ذلك فى أشعارها؟ قال: نعم قال: شاعرنا وأنشد البيت» فقال عمر: أيها الناس عليكم بديوانكم» قالوا: وما ديواننا» قال: شعر الجاهلية» . ومعنى النص السامى أن العذاب يأتيهم وهم لا يشعرون وهم فى مأمنهم قابعون» أو يأتيهم فى متاجرهم ومتقلبهم مقبلين» أو يأتيهم بنقص وهلاك بطىء فيتتهون وهم قد عرفوا الابتداء ولم يعرفوا الانتهاء. وقد ختم الله سبحانه آيات الإنذار بقوله: 9 فإ ربكم لرءوف رُحيم 6 . ووصف الله سبحانه وتعالى ذاته بالرأفة والرحمة مع هذا التهديد الشديد» لأن رأفته بهم ورحمته العامة» اقتضت آلا يعاجلهم بالعقاب» فهو سبحانه يبين لهم أنه قادر على العقاب ينزله بهم فى أى باب من هذه الأبواب» ولكنه لم يعجل رأفة بهم وهو رحيم رحمة عامة للناس. وفوق ذلك فإن الإنذار بالعقوبة» بل العقوبة نفسها رحمة بالكافة» فليس من الرحمة بالكافة أن يترك الظالم فى غيه يرتع ويلعب ويعبث بالكرامة الإنسانية» 200 0 فقد روى عن النبى يلل أنه قال: «من لا يرحم » وقد ثبت فى لا يرحم ش )١(‏ سبق تخريجه. ا تفسير سورة النحل الصحيحين أن النبى يله قال: «لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله أنهم يجعلون لله ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم». ويقول كلل : «إن الله ليملى للفظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) 27 , ويوجه سبحانه وتعالى الأنظار إلى الخلق والمخلوقات ففيها الدلالة على وحدانية الخالق» وفيها الدلالة على قدرته القاهرة وإرادته الظاهرة وفيها الدلالة على خضوع الوجود كله له سبحانه ساجدا داخرا صاغار» فقال عز من قائل: ل أُولَمْ يرا إن مَا حَلْقَ اللَّهُ من شيء يتفي ظلاله عن الْيّمين والشّمَائل سَجّدا لله وهم داخروت 62 4 . الهمزة داخلة على فعل محذوف يقدره المقام والمعنى يفعلون ما يفعلون معاندين مجاهرين بالعصيان» ولم يروا ما خلق الله من شىء» و من * بيانية» أو لاستغراق النفى والاستفهام هنا إنكارى؛ لإنكار الوقوع وهو داخل على نفى» ونفى النفى إثبات» والمعنى انظروا (وفكروا) إلى ما خلق من أشياء تتفياً ظلاله أى لها فىء؛ ولهذا الفىء ظل» وتتداخل ظلاله» فالجبال لها فىء والأشجار لها فىء» وكل فىء له ظل» فتنفيؤ هذه الأفياء» ويكون ظلال كما ترى الشجر المتداخل تتفيأ الظلال ذات اليمين وذات الشمال» وعبر عن الجانبين المقابلين باليمين والشمال» فقوله عن اليمين والشمائل» عن الجانب اليمين من ناحية الشرق» وعن الشمائل من جهة الغرب» وذلك بالنسبة للكعبة فما يكون على شرقيها يكون يميناء وما يكون عن غربيها يكون شمالاء وعبر عن اليمين بالمفرد ويراد به الجمع؛ لأنه أفياء مختلفة تطول ابتداء وتقصر عند الظهيرة» ثم تكون الأفياء ناحية الغرب تبتدئ قصيرة من فىء الزوال ثم تكبر شيئا فشيئا حتى تستطيل طولا كثيرا. وفى التعبير عن اليمين بالمفرد إشارة إلى نهايته» وإلى أنه لا يرى إلا قصيرا .)438-( رواه البخارى (47148): ومسلم: البر واصلة تحريم الظلم‎ )١( ##ا تفسير سورة النحل الملل الااالالالللللاااللال اللا ل أ بينما الشمال لا يرى إلا طويلاء ويزداد شيئا بعد شىء؛ ولذا عبر فيه بالجمع وهو شمائل» والاثنان جمع» فهو أفياء كما ذكرنا . والتعبير بفىء ليضمنها معنى المجاوزة؛ أى إن تجاوز إلى اليمين أو تجاوز إلى الشمائل تكون أفياءء وقوله تعالى: لإسجدا 4 أى أن هذه الأفياء ساجدة خاضعة لله تعالى» تسبح بحمده كما يسبح الرعد بحمده. وقوله تعالى: «داخروت 4, أى صاغرون خاضعون» وجمعت جمع عقلاءء تنزيلا لها هذه المنزلة لخضوعها وتسبيحها بحمده سبحانه وتعالى» وهو على كل شىء قدير. ل« وله يسجد مَافِي السَّمُوَات وما فِي الأرض من دَابّة والْمَلائكَة وهم لا ٠‏ يستكبروت 69 4 . ْ السجود هنا كالسجود فى الآية السابقة الخضوع الكونى لله تعالى والتسبيح بحمدهء ولكن لا نفقه تسبيحهمء كما ذكر الله تعالى فى قوله تعالى : « ولله يسجد من في السّمّوات والأرض طوعًا وكرها وظلالهم بِالْعُدوَ والآصال 009 4 [الرعد] . وذكر سبحانه ما فى هذه الآية لعمومها ما فى السموات من كواكب ونجوم» وشمس وقمر وغير ذلك مما فى السموات ثم قال تعالى: ظإومًا في الأرضٍ من دابة 4 , (من) هنا دالة على البيان» أى أن كل دواب الأرض خاضعة تسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. وقد ذكر سبحانه وتعالى نوعين خاضعين ساجدين له» وهما الأجرام السماوية» وكل ما هو جسم يبدو لنا غير حى» ثم ذكر الأحياء وهى الدواب» ثم ذكر بعد ذلك قسما ثالثاء وهم الملائكة الأطهار والأرواح فقال: (١‏ والملائكة وهم لا يستَكْبرون » فالملائكة خاضعون لله لا يعصون الله ما أمرهمء ويفعلون ما يؤمرون» أو وصفهم الله تعالى بأنهم لا يستكبرون» أى أنهم ليسوا كإبليس الذى أبى واستكبر وكان من الكافرين» وكما قال تعالى : «( أن يُستدكف الْمسيح أن يكُون عبْدا لله ولا الملائكة المقربون . .. 629 © [النساء] . | تفسير سورة النحل إ! لل الئل تسب م وقال تعالى فى أحوال الملائكة الأطهار: 9 يَحَافُونَ ربّهم مَن فَوقهم 4. وقوله تعالى: طمن فوقهم 4 قيل معناها يخافون ربهم أن يرسل عذابا من فوقهم» أو يخافونه» وهو فوقهم بالقهرء كقوله تعالى: « وَهرَ الْقَاهر فَوْقَ عباده ... 6 4 [الأنعام] ونحن نرى أن الفوقية هنا فوقيتهم همء لا فوقية اللّه» واللّه تعالى فوق كل شىء» ومعنى فوقيتهم علوهم فى الخلق والتكوين» وكونهم أرواحا طاهرة» وإنهم مع هذه الفوقية يخافون الله تعالى» فكلما علوا فى الروحانية كان خوفهم بمقدار علوهم» وبذلك يستقيم الكلام من غير تقدير (يرسل) أو نحو ذلك» ويكون متفقا على ما خحتمت به الآية السابقة فى قوله تعالى عنهم: رهم لا يستكبرون 4 . وقد أكد سبحانه وتعالى نفى استكبارهم» وخضوعهمء2 وخوفهم من ربهم الذى خلقهم بقوله تعالى: « ويفعلون ما يؤْمَرونَ 4 وفيه إشارة إلى إبليس الذى استكبر» ولم يفعل ما أمره به ربه. الله يأمزبالوحدانية قال الله تعالى: وََالَ صلا نسَخِذُوأ إِلَهَيْنِ 96 ماهو لهو 1 ربوب يا ولصَمَافي]لسَمُوابَ لض و تكن اص رامد 960 “7 559 هع يَتَمَوَفَمِنَأده ثرإ امي امايو جكَرُونَ 3 / : اكش فَالصْرحَتَكُمَإَام يفيت يهم رفوت | ععء م 0 3 171 دح دع اس مي دح 2 3 م روأيماءاليٍ ينهم فتمسعوافسوف تعلمود ل ذا وجعلون 1 يَنصِنًا وق 0 ذا عماعوءم توي مَتَرَوفكوْر نا أمَه ع عم شر 5 0 اا تفسبير سسبورة النحل الللمللللل لل الل ال / لسر أ بعد أن أشار الله تعالى إلى خلق السموات والأرض» وخضوع الجمسيع ساجدين» العقلاء وغير العقلاء» والأحياء والجماد على معنى جامع بينهاء وهو الخضوع والتسبيح» وإن كنا لا نفقه تسبيحها فخالقها عالم بها. بعد ذلك بين أنه سبحانه واحد أحدء وهو إله وحده فقال: وقَال الله لا تتَخذوا إلَهِين انس إِنَما هو إِلَه واحد فَإِيّاي فَارهيُون 9 4 . هذه الجملة السامية متصلة بما قبلها بالواو العاطفة» والواو العاطفة على ولله يسجد ما في السَّمّوات... 24 أى الله الذى يخضع الوجود كله له لا فرق بين حى وجماد» ولا عاقل ولا غير عاقل» يقول لكم: «لا تتَخذوا هين الْينٍ» وذكر (اثنين) مؤكدا معنى العدد المفهوم من المثنى؛ لأن المثنى فى ذاته يدل على المثنوية» وكان التأكيد باثنين لأنه موضع النهى» إذ إن موضع النهى هو أن يكون إلهان اثنان» وذكر النهى عن اثنين» لأنه يتضمن النهى عن ثلاثة وأكثر؛ لأنه إذا كان الأقل منهيا عنه» فالأكثر أولى بالنهى؛ ولآن اتخاذ إلهين دلت الآية الأخرى على أنه يؤدى إلى الفساد فى السموات والأرض» إذ إن تعدد الآلهة يلغى معنى الألوهية ويفسد السموات والأرض التى دلت الآيات المتلوة والآيات الكونية على أنهما منظمان أبلغ ما يكون النظام» قال الله تعالى: لَوْ كان فيهمًا آلهة إلا الله َمَسَّدتا فَسَبِحَانَ اللّهِ رب العَرشُ عَم يَصِفُودَ 9© 409 [الأنبياء]ء وإن قياس البرهان على بطلان الشرك المينى على التنازع يفرض إلهين» فيقول لو كان إلهان لتنازعاء ولرجح أحدهما على الآخر على فرض التساوى بينهماء وإذا تنازعا مع هذا التساوى فسد الكونء وإذا لم يفرض على التساوىء كان المتفاضل منهما هو الإله. ونقول: إن ذكر الإلهين الاثنين فيه إيماء إلى هذا الدليل العقلىء» والله أعلم . / تفسير سورة النحل 1 0 لالللالاا0االلاالاال6الللواااااالللاالل ل 0ا0ااالللللل لل ٠: ااه‎ يي ف إِنّمَا هو إِلَه واحد». (هو) دالة على معنى الإله المطلق وهو الله مسبحانه» و(إنما) الدالة على القصرء أى قصر الألوهية على إله واحد سبحانه وتعالى. بعد ذلك التفت عن الخطاب إلى ضمير المتكلم. فقال : ل فَِياي فارهون »4 الفاء الأولى للإفصاح ولمعنى: إذا كان الإله واحداء فَإِيّي فارهبون 4 والفاء الثانية لربط الكلام» والمعنى إياى أنا وحدى فارهبون؛ لأنه لا إله إلا أناء وقد انتقل سبحانه من مقام التنبيه والتعليل بذكر أدلة الوحدانية فى خلق السموات والأرض والتوجيه» والبرهان إلى التخويف ومن لم يقنعه الخوف والإرهاب. وقد قال سبحانه وتعالى: إنه له الطاعة» والجزاء عليها والعبادة» والخضوع والعبودية وحده فقال تعالى: رلا في اتات والأرض وله لذن واما فير ال قوف 469 . سيق هذا الكلام الحكيم فى سياق بيانى» قد يؤخذ منه شكل منطقى منطقى » فقد قدم سبحانه وتعالى كلامه السامى» بقوله: وله ما في السّموات والأرض 24 أى له السموات والأرض» وما فيها من أحياء وأجرام» وعقلاء وغير عقلاء» وإذا كان مالكا للوجود كله وهو وحله المتصرف بمقتضى الاختصاص الثابت بالملكية» فله العبادة وحده. وله الطاعة وخده» وهو الذى يملك الحزاء وحده؛ ولذلك قال بعد ذلك ما هو كالنتيجة لهاتين المقدمتين: وله الدذين واصبا 4 الدين يطلق ويراد منه العبادة وقد يراد منه الطاعة» وكلمة (واصب) قد يراد بها الدائم» وقد يراد المفروض» وقد يراد ما فيه مشقة محتملة» وهله المعانى تراد جميعها من هذه الآية الكاملة» فله وحده العبادة» وله وحده الطاعة» وله وحده الحزاء» فهو الذى يجزى كلا بما يستحق. وهو الذى اختص بالله وحده دائم» ومفروضء ومنه تكليف للنفس بما يوجب الصبر» والمجاهدة. وقد ختم الله تعالى لآية من الإخبار إلى الخنطاب فقال تعالى: «( أقغير الله َكَقَون 4 الفاء للدلالة على تر تيب ما بعدها على ما قبلهاء ذلك أنه يترتب على ا تفسير سورة النحل الل ااا لولاا الال ااال لل ١: اكاك‎ ي- الوحدانية» فيما ذكرنا الأيتين غير الله تعالى» وأخرت الفاء عن الهمزة» لأن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام للتنبيه» وإنكار الوقوع. أى لا تتقون غير الله وتقديم غير الله على الفعل للدلالة على أنه لا ينقى سواه والتقوى امتلاء القلب بخشية الله تعالى وجلاله وخوف عقابه فلا يتقى سواه, لأنه له الجزاء وحده. بعد ذلك أخذ سبحانه وهو المنعم بالوجود يبين بعض نعمه على الناس» فقال تعالت كلماته: ونا بكم من تسم قن له هذا مار رو جه » . الكلام موصول لبيان نعم الله تعالى» وقد ذكر أولا نعم الله تعالى على الوجود الكونى كله بخلق السموات والأرض ومن فيهن من أجرام وأحياء» وعقلاء وغير عقلاء» ثم يذكر فى هذه نعمه على الإنسان خاصة؛ فيقول مخاطبا الناس» «(وما بكم من نَعَمَةِ فَمِن الله 4 (ما) اسم موصول بمعنى الذى» وهو يكون أحيانا فى معنى الشرط؛ ولذا تدخل الفاء فيما بعده على أنه جواب الشرط الذى تضمنه الموصولء ولمعنى على ذلك: الذى بكم من نعمة فى الصحة والعقل والغذاء والكساء والمأوى» والماء الذى تشربون» والدفء الذى به تستدفئون» كل هذا وغيره عا غمركم به من نمم سايفات فمن لله تعالى انعم التفضل على شير ...ذل تعدوا نعمت الله لا تحصوها. . 69 #4 [إبراهيم]. وهو مع هذه النعم السابقة كاشف الضرء ورافع الأذى؛ ولذا قال تعالى: لانم إذا مسكم الضر فَإلََه تجآرون » أتى ب(ثم)»؛ هنا للتباعد بين حال النعمة وحال الضرء أى أنه منزل النعم» وكاشف النقم» والضر هو ما يصيب الإنسان من ضرر فى جسمه بمرض» أو يصيبه من تعرض للغرق أو الحرق» وهكذا من أسباب الضرر» ومسكم: أصابكم أو نزل بكم فإليه وحده تضّرعون؛ ولذا قال: 9 فَإلّيه تَجأرون 4 يقال جأر يجار جؤاراء أى تضرع ولجحاء وصاح لاجنًا إلى الله تعالى» ولفظ جأر تدل الالتسجاء إلى الله تعالى لفزع وهلع» فإن كان الذى مسه مرضا جهش ودعاء وإذا كان الذى مسه ضرراً كان التجاؤه بصياح كخوار البقر. ل تفسير سورة النحل / لل االلللول مالل ١ اناا‎ يي ويقول تعالى: «فَإَيْه تجَأرونَ 4 بتقديم الجار والمجرور على الفعل أى إليه وحده تجأرون ضارعين. وإذا كان يقتضى عبادة الله وحده فى السراء» ولكن إذا كشف الضر كان من الناس من يشرك بربه» ولذا قال تعالى: ظثُمَ إِذَا كشف الضر عنكم إِذا ريق مدكم برهم يشركون 69 4 . ظثُمَ4 هنا على موضعها اللغوى من التباعد بين ما قبلها وما بعدها؛ إذ إن ذلك كان يقتضى الإيمان؛ ولا يقتضى الكفرهء لقد جأروا إلى الله وحدهء ولم يلتجئوا إلى غيره» ولكنهم بعد أن زالت كربتهم» وكشفت غمتهم أشركوا بربهم؛ ولذا قال: « إذا فريق منكم بربهم يشركون 4 . هذه (إذا) التى تسمى الفجائية» وهى التى يكون ما قبلها يدل على عدم توقع ما يجىء بعدهاء إذ إن كشف الضر يوجب شكر المنعم والتضرع له وإفراده بالعبودية» فإذا كان الإشراك كان على مقتضى ما يتوقع» لقد ضرعوا إليه وحده فى شدتهم» وفى رخائهم كفروا به وأشركوا مع غيره من أحجار أو ما يشبه الأحجار. وعدل الله فى حكمه أن جعل ذلك الكفر بالنعمة فى بعض منهم» وليس فى كلهمء وهم أولئك المشركون بمحمد» وقد أشار إلى أن هؤلاء ليسوا بكثرة الناس» ولكن دون الكثرة. د ليُكفروا بم آتيناهم فَستعُوا َسَوف تَعلمُونَ 69 4 . الام هنا لام الأمرء كاللام فى قوله تعالى: « ... ليَقْضٍ عَلَيّنا ربك.. .© »4 [الزخرف] والأمر هنا معناه التهديد» ووصف أفعالهم بأنها سيئة؛ ومن أشرك بربه بعد نعمته التى أنعمها عليه بأن يؤمر بالسير فى غيهء وهذا كقوله يكو «إذا لم تستح فاصنع ما شئت2(0. فالأمر ليس للطلب» ولكن لبيان أنهم )١(‏ سبق تخريجه. 0 ##ا تفسير سورة النحل قد فسدت فطرتهم وضلت عقولهم.» حتى صاروا جديرين بألا يكون منهم إلا الشر. أو نقول: اللام للعاقبة» ويكون المعنى لتكون العاقبة بأنهم كفروا بما آتيناهم من حق» وكتاب مبارك لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وإذا كانوا على ذلك النحو من الفساد والضلال النفسى فجدير أن يتمتعوا كما تتمتع البهائم من غير تفكر ولا تدبر؛ ولذا ظفَتَمتّعوا 4 (الفاء) للإفصاح إذا كنتم على هذا الضلال وكفران النعمة» والإشراك بربكم «فَتَممَعوا» والأمر للتهديد. وقوله تعالى: # فسوف تعلمون 4 «الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى فيها بيان لما يستقبلهم» وسوف لتأكيد الفعل فى المستقبل» أى إذا كنتم فى حاضركم متمتعين بما تملكون من متعء فمستقبلكم المغيب عنكم ستعلمونه علم معاينة وهو عذاب شديدء فقوله تعالى: «(فسوف تعلمون > يتضمن تهديدا بعذاب وقد بين سبحانه نوعا من الاسترسال فى عبادتهم الأوثان» وهو أن يجعلوا ثما رزقهم الله تعالى من بهائم الأنعام نصيباء فقال تعالى: (١‏ ويضطود ُو تسيا ماهملل سان َنم وذلك أن هؤلاء المشركين يسترسلون فى شركهم» فيحسبون أن من القربى للأوثان أن ينذروا لهم نذورا من الأنعام والحرث» فيجعلون هذا بزعمهم لله وللأوثان بزعمهمء ويخافون الأوثان أكثر من خوفهم من الله مع علمهم بأنه لا ينجيهم من كربهم إلا الله تعالى» ؛ على ما تبين من قولء وقد قال تعالى فى ذلك فى سورة الأنعام : ف( وجعلوا لله مما ذرا م من الحرث والأَنعَامِ نصيبًا فَقَالُوا هذا لله رَعْمهم هذا لش ركَائن فم كا لشركَائهم فلا صل إل الله وما كان لله فَهُوَ يَصل إل شركائهم ساء ما يُحَكُمُونَ 659 > [الأنعام]. 1# تفسير سورة النحل الملل لل للح أ وقوله تعالى: 9 وَيَجْعَلُونَ لمالا يَعْلَمُونَ نصيبًا مم ررَفْناهُمْ4: يصح أن يكون الضمير عائدا على الأوثان» ويكون المعنى: ويجعلون للأوثان التى هى أحجار لا تعلم شيئاء ولا تضر ولا تنفع ) نصيبا مما رزقناهم» وأعيد الضمير إلى الأوثان على أنه ضمير العقلاء؛ لأنها كذلك فى زعمهم» فيكون ذلك تهكما بهم. ويصح أن يعود الضمير إليهم كالضمير فى 9 ويجعلون » والمعنى على هذا يكون: ويجعلون لا لا يعلمون له 2 حقيقة تسوغ لهم أن يعبدوهاء إنما هو وهم قد سيطر عليهم من غير حقيقة ثابتة يعلمونهاء أو هى صالحة لأن يعلموها إذ هو لا وجود له إلا على أنه حجر لا يضر ولا ينفع» والخيال الناشئّ هو الذى جعل لهم ذلك التصور الباطل . وإن ذلك أعظم الافتراء على الله وعلى الحقيقة؛ ؛ ولذا قال تعالى موّكدا 0 ف تَالله لتَسأَلن عم كنتم تفترون 4 وهذا تهديد شديد» قد كده سبحانه بالقسم بذاته العلية وبتلك الصيغة القوية» وهى القسم بالتاء» ولاه وبلون التوكيد الثقيلة » وأنهم مسئولون عن هذا الافتراء . وسمى الله سبحانه وتعالى ذلك افتراء وكذبا مقصودا؛ إذ أشركواء وكذبوا على الله وعلى أنفسهمء وضلوا إذ نذروا لما لا يعلمون له حقيقة» وضلوا بذلك ضلالا بعيدا. ظلم البئات قال تعالى: سح عع مه تل ياه كر م 2 20 عونل ْنتِ سبحلنة. لهم مَاسْسبُوَ جنع 17 - دء مو وير وس عا يك ا رايا وَإذاْ أحدهم با أن ظَل وبجهه:مسودا وهو وشركظيم ررودد يي 2 يََورئى مِسَالْعَوَوِمِن سوه مسريو يم كه :عل هو سه ف الوا ألا سَآه مَحَكْمُونَ يا لذبن لاير 3 لذبن لايَؤْمِنُوتَ 8# تفسيرسورة النحل 6 ااال 011 جب 76 . كوو لكل هبه و 1 ماناس 08 كه أ ياه أ .. أكك د نادأ للها س بظلمهم بظلمه ماك عليها من دابةَولكن م > كر ةر 220104 21 #١‏ إِلّأجل مَسَمَى فإذا أ ءَ أجلي لا استشخرورت مه سل م وود ن ترس بكله 0 1 اليتسهرالكذب ار له ل لابجحرء أن 2 4 جرع مُفْرَطون 9 إن الأوهام إذا كانت هى مصدر علم طائفة من الناس فلا تعجب, والأمثال على ذلك واقعة بين أيدينا فى هذا الزمان ومن شأن من تحكمه الأوهام أن يتخيل ثم يظن ثم يتوهم ثم يعتقد» كان العرب يعرفون الملائكة» ويعرفون الله وإنه خالق كل شىء» وأنه المستغاث لكل مستغيث,» وأنه الملجأ فى الشديد ولكن خلطوا بذلك أوهاما كثيرة أفسدت تفكيرهم» فأشركوا الأوثان مع الله تعالى» ومن ذلك أنهم توهموا أن الملائكة إناث لا ذكورء وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاء وجعلوها بنات الله تعالى» ثم ذهب بهم فرط أوهامهم إلى أن كان منهم من عبدها؛ ولذا قال تعالى: « ويجعلون لله البنّات سبحاته ولّهم ما يُشْتهون 9 4, أى أنهم جعلوا لله البنات ‏ تنزه وتقدس عن ذلك - ولهم ما يشتهون» وهم الذكورء ومعنى يشتهون يختارون راغبين ملحفين فى الدعوة حتى كأنهم شهوة يشتهونها؟ لأنهم يرونهم امتدادا لوجودهم» ولأنهم يرون فيهم النصرة فى الحرب؛ ولذا كان الرجل يكون فى قوة ببنيه ويكون أعز نفراء ولقد نعى الله تعالى عليهم أن قالوا لله تعالى ولداء فقال تعالى: « ألا إِنّهُم من إفكهم لَيقولون 029 ولد الله وإنهم لَكَاذبُونَ 4022 [الصافات]» وأن ذهب فرط أوصافهم أن يقولوا ولد الله بنات « أصطفى البنات على الْبْنِينَ 025 ما لَكُم كيف تَحَكُمَونَ 628 4 [الصافات] ويقول ا تفسير سورة النحل ممالل 04م ١1 الا‎ يي سبحانه ردا عليهم: « ألَكُم الذكر ولّه الأنتئ 00 تلك إذا قسمَة ضيزئ 69 [النجم]. هكذا تدرج بهم الوهم من زعم أن لله ولداء وإن هذا الولد من الإناث اللائى لا يرغبن فيهن» ثم استرسل بهم الوهم حتى كان منهم من عبد الملائكة؛ وإن رغبتهم فى الذكور ورغبتهم عن الإناث تدفعهم إلى أن تسود وجوههم عند ولادة الأنثى ؛ ولذا قال تعالى: ف وإذا بشر أحدهم بالأنثئ ظل وجهه مسودا وهو كظيم (28) يتوارئ من القوم من مُوء ما بُشرَ به أيْمْسكُه علَى هُون َم يَدْسهُ في الاب ألا ماء ما يَحْكُمُونَ 69 4. التبشير معناه الإخبار بالأأمر السار» أى بالبشارة» وعبر اللّه تعالى عن ولادة البنت بالتبشير؛ لأنها بشرى بسلامة الأم ولأنها فى ذاتها رزق من الله تعالى» ولأنها قلب يكون له فضل حنان وشفقة شفقة لذا كان التعبير ب« بشّر 4 وقد كان يجب أن يْسرَ لهذه المعانى الكريمة السامية» ولكنه بدل أن يستبشرء بهذه النعمة ٠‏ التى أنعم اللّه تعالى بهاء وهذا الرزق الذى ساقه اللّه تعالى يكتكئب ويحزن؛ ولذا قال تعالى فى جواب الفعل الذى هو البشرى: «ظَلَ وجهه مسودًا وهو كظيم 4, أى صار ودام وجهه مسوداء وذلك كناية عن الحزن والكمد والغيظ » فكان حال القلب . وقال: وهو كظيم 24 أى وهو ممتلئْ غيظاء وحزنا وغماء ول كظيم © مأخوذ من الكظامة» وهو شد فم القربة» والمهموم الحزين ينطبق فاه فلا يتكلم كمداء والمشابه حاله بحال الكظامة التى تشد بها القربة» ولكن القربة تسد على الماء وقد يكون قراحاء أما هذا فيشد فمه على أقراح الهم والغم والحزن. لإا تفسير سورة النحل .6 مامإلل 72 لأس أ إنه يكون على هذا الغم محسا بعارء لخشيته على عرضهاء ولخنشيته من قهرها وذلهاء وهى مهما تكن بضعة منه؛ ولذا قال تعالى: يتوارئ من القوم من سوء ما شر به» لا يلقاهم خزيا وعارا من سوء ما بشر به» وهنا جمع سبحانه بين السوء والبشرى» فسماه سوءا بالنسبة له ولقومه» وسميت بشرى بشر بها فى حقيقتهاء لأنها نعمة» والإخبار بالنعمة بشرى. وتحدثه نفسه فى هذه النكبة فى زعمه الفاسدء وإدراكه الباطل ل أيمسكه على هون 4, والضمير فى ١‏ أَيمْسكه 4 يعود على لفظ «إما بشّر به 4, فهو يعود على (ما)» ولذا ذُكّر الضميرء وإن كان موضوع (ما) هو الأنثى» 9 على هون 4 أى على ذل وهوان كهذا المبشر به» والهوان فى لغة قريش» وعذاب الهون هو عذاب الهوان والذل» «إأْم يدسَه في الشراب 4. أى يدفنه فيه وعبر سبحانه ب يدسه 4 بدل يدفن» لأن الدفن يكون للميت» وهذه على قيد الحياة وهى الموءودة» وكان يفعل ذلك قبائل من مضر ومن كندة وخزاعة وهى غلظة فى الأكباد» وحمق فى العقول وضلال فى الفكرء وكان بجوار هؤلاء الحمقى القساة» فضلاء عقلاء رفقاء» فكانوا إذا علموا برجل يريد أن يوتد ابتته فدوها بالإبل» وقد قالوا: إن صعصعة بن ناجية عم الفرزدق إذا أحس بشىء من ذلك وجه إلى والد البنت إبلا يستحييهاء وقد قال الفرزدق مفتخرا بعمّه هذا. وعمى الذى منع الوائدات 2 وأحياالوئيد فلم يوده وإن امتهان المرأة ذلك الامتهان لم يكن عند العرب وحدهم» بل كان عند الفرس» وكان عند الرومان» ولم يكن فى القانون الرومانى أى حماية للمرأة» بل كانت تعد المرأة أمة فى بيت أبيهاء لو قتلها لا يسأل لم قتلهاء وإذا انتقلت إلى بيت زوجها كانت أمة أيضاء ولو قتلها لا دية لهاء ولا ملام وقال تعالى: ألا ساء ما يحكمون 4 ألا للتنبيه وساء فى فعل التعجب فالمعنى ما أسوأ ما يحكمون لأنه سخط وظلم وفساد فى التفكير. اا تفسير تديور: 6 النحل الل 0 ست بس يي ولما جاء القرآن كرمها وجعل لهن من الحقوق مثل الذى عليهن من الواجبات» وواجب تأديبها وتعليمهاء فقال تلك «من كانت عنده بنت فأديها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمهاء وأسبغ عليها من نعم الله التى أسبغ عليه كانت له سترا أو حجابا من النار) . وإن سبب ذلك الانحدار فى التفكير بالنسبة للأنثئى هو الكفر باليوم الآخرء ولذا قال تعالى: ل للّينَ لا يُوَمِنُونَ بالآخرة مُكَل السَّوْءِ وَللّهاْمَمَل الأعّى وهو العزيز الحكيم 9 4 . إن الإيمان بالآخرة إيمانا صادقا مذعنا يلقى فى النفس الاطمكنان على المستقبل» فلا يكون فى لهج وهلع من الناحية المالية؟ لأنه يعرف أن هناك يوما » يعطى فيه من حرم من ملاذ الدنيا وشهواتهاء ولا يكون حريصا شحيحاء ولا يكون خائفا من فقر ينزل به ما دام عاملاء وإن أصابه فقر فإلى ميسرة» وأما من لا يؤمن بالآخرة فإنه فى فزع» وخوف وتقتير»ء ويظن الظنون فى قابله غير معتمد على الله تعالى» فهو فى الولدء يخشى الفقر فيد البنت ويفرح بالولد؛ لأنه يكفيه عيشه» والبنت يخشى عليها القهر والذل» وفوات الكفء وغير ذلك . ولذا قال تعالى فى حال البشرى بالبنت» وخشية الفقر والعار والقهر لها مشيرا إلى أن سبب ذلك هو عدم الإيمان بالآخرة» فقال تعالى: !ا للّذين لا يؤمنون بالآخرة مَل السّوء , أى حال السوء دائما يخشون الفقر والقهر» ٠‏ والبوع كمثل الذين يحددون نسلهم الآن خشية الجوع» والله تعالى يقول: ولا تقتلوا أولادكم حَشْيَة إملاق نحن ترزقهم وإيّاكم ... 09 4 [الإسراء]ء فمن لا يؤمن بالآخرة تكون حاله حال سر وخصوف» وهم دائم» وفى مقابل ذلك من يؤمن بالآخسرة» فإنه مطمئن إلى ربهء طالبًا رضاءه يفوض أموره للّهء وهو العزيز الحكيم؛ ولذا قال تعالى: « ولله اْمَعَلُ الأعلّى وهو الْعَزِيز الحكيم 4, ولله الحال العليا التى لا سَوء 9 ا تفسير سورة النحل الالال 0 لحب ا فيهاء ولا خوف من الفقرء والمقابلة بين الذين لا يؤمنون بالآخرة» وبين الله وهى مقابلة بين كان منهم من الإنسانية فى المنزلة الدنياء والله العلى القدير العزيز الحكيم» وأنى يكون ذلك؟ والجواب عن ذلك: إن المقابلة بين من هم فى أدنى الإنسانية» ومن هم فى أرقاها من بنى الإنسان أيضا؛ لأن الله تعالى يدعوهم إلى أن يكونوا مع الله تعالى. ليؤمنوا بعظمته» ويتوكلوا عليه» فيكونوا فى أحسن حال» وأعلى مثل وصورة. لأنهم يكونون مع اليم متوكلون عليه ومتبعون لأوامره» ومجتنبون لنواهيه . وختم سبحانه الآية بقوله تعالى: 8 وهو العزيز الحكيم 4. أى وهو الغالب الحكيم الذى قدر كل شىء تقديرا ل وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها . الهود]. وإن الله تعالى يعلم ظلم الناس وظلمهم للنساء؛ ولذا قال تعالت كلماته: ل( ولو يؤاخة الله اناس بظلمهم ما ترك عليه من داب ولكن يُوَخَرهم إلى أجل مُسمى فَإِذَا جاء أجلم لا يَستَأَخْرُونَ ساعَة ولا يَستقَدمُودَ 90 4 . إن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين» وهو القادر على كل شىء وهو بل يؤخرهمء ولذا قال تعالى: «( ولو يؤاخذ الله اناس بظلّمهم ما ترك عليه من دابّة 4 . (لو) حرف امتناع لامتناع» أى امتنع عذاب الله تعالى لأنه سبحانه لا يؤاخذ الناس بظلمهم» وإن الناس منهم من يشركون بالله» وإن الشرك لظلم عظيم ومنهم من يقترف الآثام المخزية المفسدة للجماعات» ومنهم من يعتدى» ولا يعل القوى قويا إلا إذا اعتدى كما قال الشاعر الجاهلى زهير بن أبى سَلْمَى . والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعله لا يظلم اا تفسبير سشور: ةا لنحل اناا ااانا تالالطا لل اناالا الااتااالاااالااا !!!لان تالت الالالال لانالال اللا ااال كط ممستلا و لب 1 والظلم ماحق للخيرء وإن الله إذا آخذ الناس بظلمهم المستمر المتوالى لعمهم بعذاب من عنده» بريح صرصر عاتية» أو يخسف بهم الأرض» أو يجعل عاليها سافلهاء أو بأن تجف السماء فلا تمطرء فيكون الجدب ثم الموت» وبذلك يهلك الناس والدواب» ولم يبق على ظهرها غائية أو راغية» وبذلك يموت الجميع ولا تبقى دابة» وخلاصة المعنى أن الله تعالى لو آخذ الناس لعمهم بعذاب لا يترك منها دابة تدب على وجه الأرض» فنقمة الظالم تعم ولا تخصهء كما قال تعالى: « وَانّقُوا فتنة لا تين الّذينَ ظَلَمُوا منكُم خَاصّة ... 42 [الأنفال]» والتعبير بالمضارع فى قوله تعالى: ‏ ولَوْ يوَاخد اللّه... 4 فيه نفى للمؤاخذة فى المستقبل» كما لم يؤاخذ فى الماضى, لأن الله عدل لا يأخذ المطيع بجريمة العاصى» ولا يأخذ العجماء بجريمة الإنسان. « ولكن يُوَخَرَهم إل أجل مُسَمى 4. حيث يمكن تمييز الظالم من العادل» والمسىء من المطيع» والمسئول من غير المسئول» فإذا جاء أجلهم الموقوت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمونء والسين والتاء للطلب» ولمعنى ليس لهم أن يطلبوا التأخير والتقديم» بل هو لاحق بهم ما يستقبلهم والله أعلم. وبعد ذلك أشار سبحانه إلى ظلمهم فى النساء» وهو ظلم مستمكن فى « وَيَجِعَلُونَ لله مَا يكْرَهُونَ وتصف السنتهم الكذب أن لهم الحستئ لا جرم أن هم الثارَ وأنّهم قرطو 9© 4 . ويجعلون ما يكرهونه؛ أى ما كان غير مرغوب فيه منهم يجعلونه لله» فيجعلون لله الببات» لأنهن مكروهات عندهم» ويجعلون مما ذرأ من الأنعام والحرث ما يكرهون» ويجعلون لآلهتهم ما يحبون» ويستخفون برسله لأنهم يكرهونهم وفى الجملة كل شىء لا يهوونه يجعلونه لله تعالى. « وتصف السنتهم الْكَذب 4. أى تقول الستتهم الكذب» وعبر عن القول بالوصف لأنهم يصفون الباطل» بأنه حق» فهو قول يتضمن وصفا باطلاء يصفون الجل به يي" أن لهم الحسنى #. الحال الحسنى التى لا يعلو عليهم فى الحسن شىء فى الدنيا والآخرة» أما فى الدنيا فإنهم قد زين لهم سوء عملهم فرأوه حسناء وما هو الأعلون» وغرهم بالله الغرور» وأما فى الآخرة فقد قاسوا حالهم فى الدنيا على حال فى الآخرة» كما قال الله تعالى عن أحدهم: « . . .ولئن رجعت إلى ربِي إن لي عندة للْحستئ ... 420 [فصلت]. وقد رد الله تعالى قولهم بقوله سبحانه: «إلا جرم أَنَ لهم الثار وأنهم مُفرطون 4 أى حقا لا كسب لهم من خير أو حسن أن لهم اناك يدخلونهاء وليس لهم الحسنى ينالون خيراتهم» وأكد سبحانه ذلك فقال: «إ وأنّهم مفرطون 4 أى مقدمون فى النار» كالمفرط إلى الماء أى المقدم» وهذا على قراءة فتح الراء مع تخفيفهاء وقرئ بكسر الراء مع التخفيف,. ويكون المعنى مفرطين فى الظلم والمعاصى» وبذلك استحقوا النيران» وقرئ بكسر الراء مع التشديد ويكون المعنى أنهم مفرطون فى طاعة الله تعالى أهملوهاء وتركوها فتركهم الله تعالى وصاروا والقراءات الثلاث متواترة» فيصح أن تراد كلهاء فهم فى مقدمة أهل النار الطاعات» والله من ورائهم محيط . رسالات الله والعظة فى خاقه قال اللّه تعالى : تَألدَد - سرح سا دده + بو .2 ع1 ا هه م 0 . ِْكَ مس ليطن 2 - 6 عَذَاب لبد وَمَاأترلَنَاعَيِكَ كس إلا شبن هم ا تفسيرسورة النحل الللللللل لكالل الل اللو لاملل ىت 1 ورا مالو ه سس ع عر يك و لِى أحتَلف وض و وَهذى ورحمة لِقَو قو تَومِنوت > 09 ألَهأَنزْلٌ الا مآ كَأَحا يهال سي نف ذْلِكَ و له ية لعو م دسمعود مسحو (را ون كنا لاسي يوي فى بطُويه نا ِصَاسَابعا لَلشَّدر, ات وَمِتَموتٍ لوألا 5 عَنْبٍ لِدُونَمَِهْسحكرَاورِزْقَا تضق ملك كةو و2 0 0 ّ نغ ححِذِى من لَلْمَالِ سوا َنَالبرِوَئَيسُو مكل ب م 1 دبك ومو 34 مكل لثمت ناسل سْبْلَ ريك دللا بي منْبطُونهًا شمر رات يلت ألو هك يناسن ف دَلِكَليه لَمَوَمِ ده بسر 4 : ون الكلام مفصول عما قبله باللفظ» وإن كان المقام بيان أحوال الشرك» وكيف يزين للمشركين سوء عملهم» فيرونه حسناء وهو السوء فقال تعالى: ١‏ تالله لَقَد أَرْسلَنَا إلى أُمَم من قبلك فَرِين لَهُم الشيطان أَعمالَهم فهو وليهم اليوم لهم عذاب أليم 9 4 أكد سبحانه وتعالى بالقسم» وباللام وبقدء وكان القسم بالباء» لا بالباء ولمعنى الشدة فى مخرجهاء كان فى القسم بهذه الصيغة تشديداء و أَرسلْنا 4 أضاف الإرسال إليه سبحانه وتعالى وليعلم أن الرسالة من الله سبحانه وتعالى رب هذا الوجودء والأعلم بما يصلح الناس» وما يخاطبون به» وما يبلغون الرسالة عن طريقهم» وأنهم رجال يأكلون ويشربون ويمشون فى الأسواقٍ ويموتون» كما قال الله تعالى : ( وما جَعلََا لبَشَرمَ قَبْلك الْخُلْد أفْإن مْتَ فَهم الْخَالدونَ 69 # [الأنبياء] . ها تفسير سورة النحل 9 ال 000 | ههه < يي م سس امي ساس مختلفة أزمانهم متباينة مشاربهم وأجناسهمء ولكنهم التقوا على أمر جامع بينهم» وهو الشيطان يزين لهم أعمالهم الفاسدة المفرقة لجمعهم؛ ولذا قال سبحانه: فين لهم الشيطان أَعْمَالَهِم 4 و(الفاء) للترتيب والتعقيب» أى أن الله تعالى أرسل إليهم الرسل بالهداية» فكان وراء الرسول الهادى تزيين الشيطان يهدم ما يدعو إليه الرسول يزين فى قلوبهم الخبيث فيجعله حسنا فى زعمهم» والله تعالى يقرر على لسان رسوله أنه باطل ما يصنعون. وتزيين الشيطان لهم» أنه يأتيهم من قبل أهوائهم وشهواتهم فيزين لهم الشر فيما نهى الله عنه» كما قال جد الأبالسة لأبى الخليقة آدم فإ ... ما تهاكما ربكما عن هذه الشّجرة إلا أن تكونا ملَكَيْن أَوَ تَكُونَا من الْخَالدِينَ 69 4 [الأعراف] . «( فهو وليهم الْيَوْمَ4 الفاء لترتيب ولايتنه لهم» أى الولاء والمحبة على التزيين» أى أنه إذ زين لهم الشهوات فحسبوها المصلحة والحقيقة الحسنة العقبى صار صاحب الولاية» والولاء والمحبة منهم يسيرهم كما يشاء. برارو والضمير فى # وليهم » يصح أن يعود إلى الأمم» أى أن الشيطان بعد هذا التزيين صار صاحب الولاية عليهم» يصرفهم اليوم كما يشاء فأسلموا زمامهم له وفى ذلك سلوى للنبى علو فلا تذهب نفسك عليهم حسرات» ويصح أن يكون الضمير يعود على قريش بقياسهم على من سبقوهمء وتقرير أنهم أولياء الشيطان بهذا التزيين المستمر» ثم ذكر العاقبة» فقال عز من قائل: « ولهم عذاب أليم © أى مؤلم إيلاما لا نعرف له فى الدنيا حدوداء وولايتهم على أى حال فى الدنياء وأما فى الآخرة فيتبرأ منهم. وقد بين سبحانه وتعالى: أنه أنزل الكتاب على محمد كَككْلَةٌ ليكون جامعا لما سبقه مبينا الحق فيه فقال: فإ وما أَنْزلّنا ليك الكتاب إلا لشبيّن لهم الذي اختَلُوا فيه وهدى ورحمّة لقَوم يؤممْونَ 69 4 . 1# تفسيرسورة النحل 1 الال ااال اللا . كك‎ ١ يي ولقد بين سبحانه وتعالى أن الكتاب مهيمن على الكتب قبله» وحاكم على الناس فيما اختلفوا فيه» وما يختلفون إلى يوم القيامة» فإن رجعوا إليه اهدوا إلى الحق» وإلا فهم فى ضلال بعيد. قال سبحانه: 8 وما أَنَلَا علَيِكَ الكتاب إلا لتبين لهم الذي اخْتَلهُوا فيه © فقد اختلفوا فى البعثء وقالوا: عيسى ابن الله» وقالوا: عزير ابن الله» وحرفوا فى الرساللات» وبدلوا وغيرواء وأحل اليهود الرباء وقد حرم عليهم وأكلوا السحت والرشاء فكان لا بد من مرجع يرجع إليه فى معرفة الحق فيما اختلفوا فيه» فكان محمد الذى نزل القرآن عليه هو المبين» وأسند البيان إلى النبى كَلكيْةِ مع أن المبين هو القرآن وذلك لسببين: السبب الأول: بيان أن النبى يَكِلْهّ هو من القرآنء وإن القرآن نزل من عند الله تعالى عليه . والسبب الثانى: أن القرآن يحتاج إلى مبلغ يبلغ حقائقه» ويعلم الناس به يبين مجمله» ويخص عمومههء ذلك المبلغ هو النبى كيد ولذا أضيف التبين إليه ل وهو تكليف كلفه. وقوله تعالى: «( وهدى ورحمة قوم يؤمنون 4 هنا أمران ة فى القرآن غير الأمر الأول» وهو أن فيه بيانًا للشرائع السائغة» وما اختلفوا فيه حولهاء فهو شاهد على الكتب السابقة» ومبين الحقائق فى الرسالات الإلهية» وحكم عليهاء لأنه آخر لبنة فى صرح النبوة» وهو كمال الرسالات كلها. وهو أيضا هدى ورحمة ‏ ففيه الهداية من الضلال فى متاهات الأوهام» فيه التوحيدء وقد زينت الأوهام الشرك» وفيه تحريم ما لم يحله الله وإحلال الخلال وتبيين الحرامء فهو الهادى المرشدء كما قال الحق: # . .. إِنَّا سَمِعنا قُرَآنا عَجَبَا 00 يدي إِلَى الرشد فَامنًا به ولن شرك ربا أحَدا #2 [الجن]. (إ#نا تفسير سورة النحل الل الاك ١‏ .. بي وفيه الرحمة ؛ وهى شريعته المحكمة» فهى رحمة ا دفي الشفاء لالم 42 [الأنياء] وا ففيها الرحمة بالمجتمع» وفى عقوباتها الزاجرة رحمة بالكافة ووصفه سبحانه بأنه هدى كأنه ذاته هداية ورحمة لفرط ما فيه من هذاية 2. ورحمهة. وهنا أمران بيانيان يشير إليهما سبحانه: الأمر الأول أن قوله تعالى: وما أَنزلنا عليك الكتاب... 4 فيه نفى وإثبات. وهو يفيد الحصرء أى ما أنزلنا عليك الكتاب إلا لبيان ما جاء به من رسالات للأمم» ولما فيه من هدى ورحمة» وشريعة محكمة صالحة:» وفيه إشارة إلى أن هذا الكتاب خاتم الرسالات. الآأمر الثانى ‏ أنه سبحانه وتعالى ذكر الكتاب معرفا بأل الدالة على كماله» وإنه الكتاب الحدير بأن يسمى كتابًا وحده» وقد بين سبحانه أن هدايته ورحمته لمن يؤمن به ويذل ويذعن لحقائقه» وينفذ أحكامه بحذافيرها لا يغادر منها صغيرة ولا كبيرة إلا نفذها لأنه خير كلهء والله أعلم. بعد أن بين سبحانه ما يحيى النفوس أخذ يذكر سبحانه ما من به على خلقه تما يحيى الأجسام: « واللّه أنرل من السَّمَاء مَاء فَأَحَيَا به الأرض بَعْد مُوتهًا إن في ذلك لآية لَقَوْم يسمعون 62 4 . ابتدأ سبحانه بما يحيى النفوس» وكان ذلك بإرسال الرسل مبشرين ومنذرين رحمة من عنده. وأنزل الكتاب الكريم الذى هو حكم ومهيمن على كل ما أنزل قبله من كتب» وما كان من الناس راشدين أو ضالين» وكيف كان ضلالهم» وكان ابتداؤه سبحانه بما يحيى النفوس التى كانت ميتة من غير هداية» واتباع للنبيين كقوله تعالى: 9 أو من كان ميتا فَأَحمينَاهُ وجِعلا لَه نورا يمشي به في النّاس ... 679 4 / تفسبير سبوره ةا لنحل ١11أأنةاأانالانااااااااالاااااااااال‏ !ااال أ انان اال تامملا لالالاالتالاللاااااام خا خخاتالطخا تالالا ططق ططخت انططلططماا الام ااال ااااااماسمسطسطغسشسطللا 6 ١ اكاك‎ ١ يي [الأنعام]» لأن حياة الروح أزكى وأغلى» وهى التى تليق بالإنسان» وبغيرها يكون سندى» والجسم يشترك فيه مع البهائم التى هى مسخرة لخدمة الإنسان فى هذه الأرض كما خلقها سبحانه . «( واللّه أنزل من السّماء ماء 4 المراد ما علاء وأنزل الله السماء من أعلى حيث تتكون السحب الثقال حاملة الماء عذبا فراتا فى بخار يتكائف» ويصير ماء ينزل مطرا مدراراء ويكون غيثاء كما قال تعالى: « ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤّف نه َميَجعَله ركام فى الودق يخرج من خلاله ويتزّل من اسم من جبال فيها من بردم فَيٌصيب به من يَشَاء وييصرفه عن من يشَاء يَكَاد سنا برقه يَدَهَب بِالأَبصارٍ 69 4 [النور] . ينزل الله سبحانه الماء فينبت الزرعء ويسقى به الشجرء ؛ ويكون منه الشمرء فمن الماء كل شىء حى» وقال تعالى: :( واللّهُ أنزل من السّمَاء مَاء فَأَحيَا به الأرض بعد موتها » الإحياء بإنبات الزرع فيكسوها بخضرة ناضرة يجعلها ذات منظر بهيج تزيد به» كأنه حلية لحسناء» وتبسق به الباسقات من الأشجار تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها. وسمى الله تعالى الأرض من غير نبات بالميتة تشبيها للأرض القفر الجرداء بالميتة؛ لأنه ليس على ظهرها حياة» وجعل الماء سببا لإحيائهاء كما قال تعالى: ... وَجَعَلَنَا من الماء كل شيء حي . .. 69 4 [الأنبياء] . إن إنزال المطر الذى فيه الحياة لآيات لقوم يسمعون الحق ويتبعونه» ويؤمنون به» وكان ظاهر السياق أن تكون هذه لقوم ينظرون» ولكنه عدل إلى السماع فقال عز من قائل: ا لَقَوم يَسمَعون 4 للإشارة إن النظر لا يبصر المعانى إذا لم يكن قد سمع الحق» وأذعن لهء وكذلك العقل لا يفكر إذا لم تكن هداية من السماء له فلا يعتبر بنعم الله تعالى إلا من سمع الحق وآمن به وأذعن له. وإلا فهى غاشية لا يبصر ولا يدرك» إن هو إلا كالأنعام أو أضل سبيلا. هاا تفسير سورة النحل 1 الللأ تال الالال لللك!اا ااال للللك1 اا لللالالخلاللاالالللللالانخماماامممممل ا اللاللل لل الالالال لالط لل ل لالط قلط ططخ طاطخ ططخ طانالانالالاخ لالخ طقط ةسلستللا شح اق وقد أخذ يقص الله تعالى نعمة الأنعام التى تجىء من إحياء الأرض بالزرع والغراس التى تغرس من أشجار وفاكهة فقال تعالى: « ون لكم في الأنعام عبر نُسقيكم مما في بطونه من بين فر وم نا الصا سائغا لابين 63 4 . طون لكم في الأَنْعام لعبرة 4 الأنعام جمع نعم أو اسم جنس للنعم على كلام سيبويه» والنعم هى الإبل والبقر والغنم» ويشبهها طاتفة لها خواصهاء وطهارة لحمها وأكله مثل الغزال» وذوات القرون وغيرها من الأنواع التى تشابه بها فى الخلق والتكوين والأكل والمرعى» والذى كان معروفًا فى الدواجن عند العرب الإبل والبقر والغنم» وهى التى وجبت فيها الزكاة ابتداء» وثبتت فى غيرها إذا أمكن اقتناؤها للنماء» وصارت ذات نتاج يكون نماء لهاء فالزكاة سببها أو وعاؤها مال نام . والعبرة التى ذكرها القرآن الكريم فى خلق النعم من نواح كثيرة» فهى فى خلقها وجمالها حين تريحون وحين تسرحون» وفى تذليلها للإنسان وإلفها له لتذل له وتخضع وتستكين فبها يحرث الحرث وعليها يحمل أثقالاً ومن أرواثها يكون السماد الصالح» ومنها يتخذ الدفء والغطاء ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها يتخذ متاعا إلى حين . وهكذا تتكاثر أوجه الانتفاع وكل ذلك بتسخير الله تعالى لمن أراد أن يعتبر ويؤمن بنعم الله تعالى ويشكرها كما أنعم» وقد ذكر سبحانه وتعالى بعض العبرة فى الخلق والتكوين» وفيما يكون منها من لبن سائغ للشاربين» فقال عز من قائل: :ل نسقيكم مما في بطونه من بين فَرث وَدَم لبا حالصا سائعا للشاربين» . «( نُسقيكم » تقرأ بالضم وفعلها أسقى وهى لغة جاءت فى قوله تعالى : «( وآن لو استقاموا عَلَى الطّريقة لأسقيناهم مّاءُ غَدََا و 405 [الجن] وهناك قراءة بالفتح وفعلها سقى» وهى تستعمل بمعنى أسقيناء وبمعنى أسقى من البئرء كقوله تعالى : ا تفسير سورة النحل الملل ب أ ط فَسَقَئ لَهُمَانُم وى إِلَى الل فَقَالوَبّإِنِي لما نرت إي من خَيِرٍ قير 459 [القتصص]. وقوله: نيكم سا في ونه من بين رودم ين حالصا قا شاي » . الضمير فى 9 بطُونه 4 يعود إلى النعم» أو بعض هذه النعمء وهو الإناث منهاء وفى عودته لبعضها لا بد من مسوغ يدل عليه» فنقول: إن (من) الأولى تدل على التبعيض فهى تشير إلى أن الضمير يعود على بعض» وإن ذلك وإن كان جائزا هو بعيد فى السياق» والأقرب منه أن يعود إلى الأنعام» والأنعام لفظ مفرد عند سيبويه» فصح أن يعود بلفظ المفرد المذكرء وذلك معقولء لأن الأنعام على فرض أنها جمع هى جمع النعم» ونعم اسم جنس يدل على الكثير» ولكن لفظه مفرد فصح أن تكون الأنعام بمعنى نعمء ولكن ورد مثل هذه الآية الفمير بلفظ لمؤنث كما قال تعالى : وآ َكُمْ في الْأنْعام لَعبرة نُسَقيكُم مَمَا في بُطُونها ولكم فيها نافع كثيرة ومنها تأكلون 9 4 [المؤمنون] . وقوله تعالى: «إمن بَيْنٍ فَرث وَدم لبا حالصا سَائغا للشّاربين4» و من» للابتداء» أى تكون بين فرث ودمء» والفرث فضلات الطعامء وقد قال ابن عباس: إن الدابة تأكل العلف فإذا استقر فى كرشها طبختهء فكان أسفله فرثاء وأوسطه لبنا وأعلاه دماء وهذا معناه أنه فى الوسط بينهما اللبن» وقد يكون ذلك التفسير من الناحية العلمية مقرباء ذلك أن أكل البهائم يهضم. ثم يتمثل جزء منه فى الدم» وجزء ينزل لبنا درا. وقد وصف اللبن بوصفين: الوصف الأول أنه خالص ليس فيه اعتكار بدم» ولا بقية من روث» بل هو صاف نقى لا عكرة فيه. والوصف الثانى ‏ أنه سائغ للشاربين؛ أى يستسيغونه ولا يمجونهء وفيه إشارة إلى أنه طعام سهل سريع الهضم والتمثيل وكل طعام تقبله معدات بعض 9 ##ا تفسيرسورة النحل الللللل اا 0 جل الأشخاصء وتعافه الأخرى» إلا اللين» فإنه سائغ للجسيعء والله ولى النعم؛ والمستحق وحده لشكرها. وقد ذكر سبحانه نعمة أخرى للماء ينزل على الأرض فقال: ف( ومن ثمرات النُخيل والأعتاب تتَحَذُون منه سكا ورذْقَا حَسنا إن في ذلك ) لآية قوم يعقلون 9 ) . فذكر سبحانه وتعالى أن المطر ينزل فيكون الزرع ويكون العشب الكثير ومن هذا العشب يأكل الغنم» وفيها أن الله تعالى يسقينا من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين. وقد بين بعد ذلك الثمرات التى تؤخذ من الأشجار فقال عز من قائل: © ومن ثمرات التّخيلٍ والأعناب 4 هنا كلام محذوف تقديره يتخذون ما تتخذون مما يسخر لكم منها فتأخذون ثمرات طيبات ٠‏ وأكلها حلو دا 2 وأنكم 8 تَتَحْذُونَ منه سكرا 4 أى شيكا مسكراء والمسكر مر مبغض إلى أهل الإيمان» وهى تدل على أن الخمر مشروب غير مباح» وإذا كان قد ترك زمانا فهو فى هذه الأزمان كان محل عفوء حتى جاء التحريم القاطع الذى لا ريب فيه فى آية سورة المائدة» كما بينا ذلك فى موضعه. وإن السكر مقابل بالرزق الحمسن فيكون السكر رزقا غير حسنء وإذا كانت هذه السورة مكية فإن معنى مجىء هذا الكلام فى سورة مكية يدل على أن القرآن الكريم ومحمد وَكهُ لم ينظر إلى الخمر نظرة رضاء أو نظرة غير كارهة بل نظرته لها نظرة كارهة من أول مجىء الإسلام إلى أن بين الله فيها بيانا شافيا بالتحريم القاطع . ويلاحظ أن الله تعالى ذكر النخيل والأعناب فى هذه الآية ولم يذكر غيرهما لأنهما كانا الكثير عند العرب» وهناك نعم أخرى كثيرة فى أغراس كثيرة» كالرمان والتفاح» وغيرهما من الأغراس التى يتخذ منها سكر ورزقًا حسئًا. وقد قال 1# تفسير سورة النحل يم ههه : يي تعالى: إن في ذلك لآية 4, أى فى هذا الذى ذكره الله تعالى لآية دالة على قدرة الخالق « لقم يعقلون 4, أى يعملون عقولهم» وذكر الفعل فى نهاية الآية اللتى جاء فيها السكر»ء إيماء إلى ما يفعله السكر فى العقول. « وأوحئ ربك إِنَى البح ل أن انُخذي من الجبَال بيوتا ومن الشّجر وممًا الحيوانات كلها تسير بإلهام الله تعالى» فأم الحيوان ترضع وليدهاء وتحنو عليه وترعاه بفطرتهاء وكأنها أم مثل أمهات بنى آدم تدفئه وتقيه الحر والبرد. وإن ذلك الإلهام يصح أن يسمى وحيا؛ لأنه إلهام من الله تعالى » ولذلك قال تعالى : وأوْحئ ربك إِلَى النّحَلٍ أن انّخذي من الجبال بيوتا ومن ع الشّجر وممًا يَعْرِشُونَ 52© 4. واختص سبحانه وتعالى النحل بتسمية إلهامها وحياء لأنها ألهمت نظاما محكما دقيقا يعجز عنه بعض العقلاء» فهى ألهمت أن يكون لها رئيس وهو يسوسها وهو ينصف بينها ويحكم بالعدل» وينفى القذى حتى إنه لو رميت على إحداها نجاسة قتلها تطهيرً للجماعة» وأن تعيش طهوراء وإذا ظهر فيها رئيس قاتل الأصيل ذلك الرئيس ونصروه عليه» وإنها لتبنى بنيانها بإحكام فتجعله على شكل مسدسات لكى يكون البناء محكماء ولكى يكون كل فراغ مسدودء وتجتمع جموع النحل» تذهب مجتمعة فى غدوها ورواحها وفى غذائها وفى ريها حتى إنها تكون ذات منظر بديع يدل على إحكام الاتحاد بحيث لا تنأى عن الجمع واحدة» وهى تراقب نفسها بحيث إذا هلكت إحداها أخرجته.ء وكأنها تدفعها خارج الأحياء» وهكذاء وفى طبعه النظافة فرجيع النحل يخرجونه خارج الخلية» ويقول الغزالى فى الإحياء ١لا‏ يأكل من العسل إلا مقدار شبعه» وإذا قل العسل فى الخلية قذفه بالماء ليكثرء خوفا على نفسه من نفاده» وإذا نفد النحل أفسد بيوت الملكات» وبيوت الذكورء وربما قتلت ما كان منها هناك) . ولهذا التنظيم العجيب الذى يعجز عن بعضه أصحاب العقولء قال الله مجه 37 تعالى بالنسبة للنحل» ‏ وأوحئ ربك إِلَى النحل 4 وأضاف الإيحاء إلى الرب سبحانه» أن ذلك الوحى فيه فائدة للإنسان» وهو من مقتضى الربوبية» ومن النعم التى أنعم الله تعالى بها على عباده فيما تخرجه من بطونها من شفاء للناس. « أن اتّخذي من الْجبال بيوتا ومن الشّجر ومما يَعْرِشُونَ 4. أن 4 تفسيرية» وما بعدها تفسير لما قبلهاء فالوحى هو أمر الله تعالى لها أن تتخيذ من الجبال بيوتا تعيش فى كهوفهاء وتبيض بيضها فيهاء « ومن الشجرٍ 4. أى تأخذ من فروع الأشجار بيوتا تصنع فيها ما يصنعه صاحب البيت فيه» 9 ومما يعر شون 24 أى نما و من © للتبعيض» أى يتخذون بعض الجبال وبعض الشجر وبعض مما يعرشون» وما يخصص لها من خلايا يكون كله لها بهذا التخصيصء ثم قال تعالى: لثم كلي من كل الشمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونهًا شراب قي مس الى . - مختلف ألوانه فيه شقاء لاس إن في ذلك لآَة وم كرون 9 4 . عطف سبحانه وتعالى ب9إ ثم 4 للتراخى بين اتخاذ البيوت من الجبال والأشجار وما يعرشونء وذلك إشارة إلى أنها تبذل فى البيوت نظاما محكما دقيقا ما يأخذ وقتا طويلاء والله تعالى يأمرها بمقتضى الفطرة التى فطرها تعالى: ثم كلي من كل القّمرَاتَ 4 فلا تفرق بين الزهور فكلها طعام لهاء فتأخذ من نوار كل زهرة» لا فرق بين زهر مرء وزهر حلوء وتأخذ من كل الثمرات تأخذ البنفسج والبرتقال والخوخ» والقطن ثم ينساغ فى بطنهاء ثم تخرجه بعد ذلك عسلا حلواء مشتبه طعمه ويختلف لونه» ويكون لونه على حسب المرعى» فلون البنفسج يبدو إذا كان غذاؤه من البنفسجء ورائحته تكون مثله» ولون البرتقال إذا كان كذلك» وقال تعالى: ظ فَاسلكي سبل ربك ذللاً4 وهى حال من السبل» أى أن طرائق الله التى ألهمك إياها مذللة سهلة غير مجهولة تغدو من هذه السبل» وتروح منها غير مجهولة لهاء ولو ذهبت فى طلب الرزق إلى آماد بعيدة. با تفسير سورة النحل ل الل > أ وهذا كله على أن 8 ذللا» حال من السبل» ويصح أن تكون حالا من ضمير 8 فاسلكي # فيكون حالا من النحل» والمعنى اسلكى سبل ربك حال كونك مذللة لما خلقك الله تعالى وهو أن تأخذى الثمرات وقد تمكنت منها ومن الطريق إليهاء مسخرة لما خلقك الله تعالى له سبحانه. ويقول سبحانه: 8 يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه # فما بين أبيض وأصفر وبنفسجى ووردى» وذلك على حسب الغذاء الذى يتغذى به النحل » وعلى حسب سن النحلة التى تخرجه. وقد قالوا: إن العسل تمجه لعاباء ولا يخرج من بطنهاء والجواب عن ذلك أنه ينساغ فى بطونها عسلا ثم تمجه لعاباء وهو يتشكون أولا فى البطن» ومع اختلاف ألوانه ورائحته يجتمع فيه وصف الحلاوة له. وقال تعالى: افيه شفاء لَلئّاس 4 والتتكير هنا للتعظيم» أى فيه شفاء عظيم للناس» ولقد قال بعض العلماء إن فيه شفاء عاما؛ لأن التنكير للتعظيم لآن فيه شفاء لكل الأسقام» وعن ابن عمر أنه لا يشكو قرحة إلا جعل عليه عسلاء حتى الدمل إذا خرج عليه طلى عليه عسلا. وحكى عن بعض التابعين أنه كان يكتحل بالعسل ويتداوى بالعسل فى كل مرض ٠.‏ وإن النص القرآنى يدل على أن فيه شفاء عظيماء ولكن لا يدل على أنه تعالى يشفى به كل الأمراض» وحسبه أن يكون فيه شفاء عظيم ٠»‏ وكان النبى َكل يداوى به أمراض البطن» روى البخارى ومسلم أن رجلا جاء إلى النبى كَلَِدٍ فقال: إن أخى استطلق بطنه» فقال كَلفهِ: «اسقه عسلا». فذهب فسقاه عسلا ثم جاء فقال: يا رسول الله سقيته عسلا فما زاده إلا استطلاقاء قال: «اذهب فاسقه عسلا» ثم جاء فقال: يا رسول الله ما زاده إلا استطلاقاء فقال رسول الله كَلكِهُ: «صدق الله وكذب بطن أخيكء اذهب فاسقه عسلا» فبرأ(" . )00( رواه البخارى: الطب هه الدواء بالعسل (5617هة). ومسلم» واللفظ له: الطلام- التداوى بسقى العسل .)4١٠١ 590‏ ا تفسير سورة النحل 9 الل 10000000 1 1 1 2215005750011 سر د ويقول ابن كثير فى التعليق على هذا الحديث: قال بعض علماء الطب: كان هذا الرجل عنده فضلات فلما سقاه عسلا وهو حار تحللت فأسرعت فى الاندفاع فزاده إسهالاً فاعتقد الأعرابى أنه يضرهء وهو مصلحة لأخيه» ثم سقاه فازداد التحليل والدفع ثم سقاه فكذلك فلما اندفعت الفضلاات الفاسدة استمسك بطنه وصلح مزاجه. وخستم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: ظ إن في ذلك لآية قوم يَتَفَكَرُونَ 24 أى أن فى < خلق النحل وإلهامه وتدبيره وخروج العسل المصفى من بطونه لآية دالة على قدرة الله وعظيم خلقه لقوم يتفكرون ويتدبرون فى آياته وما تدل عليه؛ والله سبحانه وتعالى أعلم. أطوارالانسان وأحواله 0 ردك لنترت م07 + ين لي وما فصر وجي وتيك نار بوني ملكت انلام تمسو 2 أتجحدُوت وا لمجَعَلَ لَكُم منَأنف 5 َحَعَلَ لمن روبص 0 : 5 يتليل نوجس فخي تب اسن رتوت ته - قال تعالى: هه 2 مم2 1 ل ءا >« يو 2 1 ني 7 72 7 نتم كج ا تفسير سورة النحل و حر اا هذا بيان للأدوار التى يمر بها الإنسان وهى تدل على عظم قدرة الله فيه وفيها بيان واضح إلى قدرته على الإنشاء والإدبار وقدرته على الإخصفاء» وتحلل جسم الإنسان شيئا فشيئا حتى يكون الموت» وفى ذلك إيماء إلى قدرته سبحانه على الإعادة ل ... كما بدأكم تعودون 69 4 [الأعراف] . قال تعالى: 9 واللّهُ حَلَقَكُم ثم يتَوفاكم 4, خلقكم أى أنشأكم من العدم» وجعل من الطين إنسانا فى الخلق وفى عبارة «حَلَقَكُم 4 إشارة إلى إنشائه جنينا فى بطن أمه من علقة فمضغة مخلقة وغير مخلقة, كما قال تعالى: 8 ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين 69 نّم علا نطَْة في قار مُكين 00 نم لقنا النطقة علقة الله أحسن الْخَالقين 09 ثم نكم بعد ذلك لمَيتون 02 4 [المؤمنون] . وإن هذا الخلق بعده الوفاة يعيش ما يعيش إن طويلاء وإن قصيرا والمآل الوفاة؛ ولذا قال تعالى: ظثُم يتوفًاكُم 24 لاثم 4 هنا للتفاوت بين الموت والحياة» ومنكم من يموت فى صباه أو فى شبابه أو كهولتهء « وسكم من يرد إلى أَرذل الْعمر4؛ ومعنى الرد إلى أرذل العمر أن يرجع منكوسا إلى ابتدائه» فهو فى أرذل العمر يسسير فى السن إلى الأمام» ولكن فى القوى يرد إلى الوراء فقواه تضعف». وتفنى بعض أجزاء جسمه شيئا فشيئاء كأنه من قبل الهرم كانت قواه تسير إلى الأمام حتى تقف» فإذا أرذل العمر أى أخسه وأعدم حمده يرجع إلى الصبا الذى لا يعلم شيئا. قال تعالى: ١‏ لكي لا يعم بعد علّم شَيئا4. أى لتصير حاله آلا يعلم» بل ينسى» وأن يكون كل ما يعلمه من جديد مآله النسيان» فلا يزداد علمه» بعد أن كان عالما شيئاء وقد لوحظ أن الذين يصيبهم أرذل العمر ينسون ما كسبوه من علم بعد الشيخوخة ولا ينسون ما كان لهم من حوادث قبل ذلك» فهم يتكلمون عن الماضى ولا يتذكرون ما كان من حوادث بعد أن تصيبهم الشيخوخة» ونلاحظ هنا 8 امرين: 9 تفسير سورة النحل 410 ا 000 .. | ال‎ ١ ي-‎ الأمر الأول أن أرذل العمر يختلف باختلاف الناس» فمنهم من يصيبه الهرم مبكراء ومنهم من لا يصيبه إلا مؤخرا. الأمر الثانى ‏ أن بعضهم يصيبه خرف الشيخوخة» والصادقون المؤمنون لا يصيبهم خرف الشيخوخة:» وإن كانوا ينسون» ومهما يكن فإن الموت قبل بلوغ روى عنه يَلِْةِ أنه كان يدعو «أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر)(2: وإن ذلك كله بتقدير الله تعالى وعلمه؛ ولذا قال بعد ذلك: إن الله عليم قَدير » إن الله بمقتضى علمه قدر كل شىء ونفذه» وهو القادر العليم. وإن الله تعالى لم يجعل الناس على سواء فى الغنى والفقر فقال تعالى: «إ والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الْذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فَهم فيه سواء أبعم الله يَجِحَدُونَ 69 4 . هذه بيان حال الإنسان من الغنق والفقر» والسعة فى الرزق» ومن قدر عليه رزقه» وفيه تهياً الأسباب ليكسب رزقا وفيرا وخيرا عميما فقال: « والله فضّل بعضكم علئ بعض في الرّزق 4 يسير الأسباب فمنكم من سلك السبيل فنال مالاء ومنكم من لم يكن له سبيل إلى مال فكان فقيراء طفَمَ اين فضْلُوا برادي رزقهم على ما ملكت أَيمَانهم4, أى فما الذين أوتوا سعة فى المال ومالا كثيرا وخصيرا والعبيد» ليكونوا هم وعبيدهم فى المال على سواء فيكون المال لهم جميعا ويكونون فيه سواء . يقول الزمخشرى: إن هذا ما ينبغى» فالآية تدل على ما ينبغى أى يجب أن تكون النعمة التى ينالونها فى الرزق تكون ثمرتها عامة بينهم وبين ضعفائهم فلا )١(‏ متفق عليه» رواه بهذا اللفظ : البخارى - تفسير القرآن 2 ومسلم: الذكر والدعاء - التعوذ من العجز والكسل وغيره (5481/4). 9ن تفسير سورة النحز الل سرب لا يرفلون فى النعيم»ء والضعفاء فى الشقاء المقيم» يروى أن أبا ذر الغفارى عندما سمع قول النبى مَكْةٌ بالنسبة للعبيد: «أطعموهم ثما تطعمون واكسوهم ثما تكسون»» كان لا يلبس رداء إلا ألبس عبده مثله» ولا يلبس إزار إلا ألببسه مثله(١2‏ وقوله تعالى: أَعْمَة الله يَجَحَدُونَ 4 الفاء مؤخرة عن تقديم أفبنعمة الله يجحدون ويكفرون» فلا يشكروها فيصروفها فى مصارفهاء ويضنُوا بها عن مواطنها. هذا هو ظاهر الآية» وقد قال بعض المفسرين: إن المعنى أنكم لا تسوون ما ملكت أيمانكم فى الرزق الذى يرزقكم الله تعالى إياه فكيف عبيد الله والمخلوقات التى خلقها الله تعالى فى العبادة» إنكم تجحدون بهذا ويقولون: إن هذا مثل ضربه الله تعالى صرب لَكُم مَكَلا مَْ أنفسكم هَل لَّكُم من ما ملَكْت أَيْمَانْكُم من شركَاء في ما واكم فأنتم فيه سواء تَحَافُونهِم كخيفتكم أنفسكم ... 2 4 [الروم] وهذا تفسير ابن عباس . وكان هناك تخريج ثالث» وهو أن المعنى أن الله رازق الناس جميعا غنيهم وفقيرهم فلا يحسب الموالى أنهم يرزقونء وأنا أرى أن الواضح البين هو الأول» وهو المتسق مع نظام الغنى والفقرء ويروى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب إلى أبى موسى الأشعرى: إن الرحمن فضل بعض الناس فى الرزق» بلاء يبتلى به كلا فيبتلى من بسط له كيف شكره» وأداؤه فى الحق الذى افترض عليه فيما رزقه وحوله. وقد بين الله تعالى عمارة الأرض بالوجود الإنسانى» فقال سبحانه: « واللّه جَعَل لَكُم من أنفسكم أَزواجا وجعل لَكُم من أزواجكم بدن وحفّدة وررَقَكُم من الطَيبَات أَقباباطل يؤمنون وبتعمت اللّه هم يكفرون 69 4 . )١(‏ الحديث بهذا اللفظ رواه مسلم: الزهد والرقائق - حديث جابر الطويل» وقصة أبى اليسر (07748) وهو أصح أسانيده . وقد سبق تخريجه . (/إإذا تفسير سورة النحل 4 الل 000 حب أ هذا بيان الخلق والتناسل» وأنه من الزوجين» وأن الله جعل الزوج من الزوج» كما قال تعالى: (إيا أها الناس انوا ربكم الذي حَلََكم من نُفْس واحدة ولق منها زَوَجَها وبث منهمًا رجالاً كيرا ونساء وآ نوا اله الذي تَساءَلُونَ به وَالأَرحَام إن الله كان عليكم رقيبا 400 [النساء]ء وقوله تعالى: «جعل لكم من أنفسكم 4 أى خلق لكم من ذات أنفسكم أزواجاء فتضمنت معنى الخلق» وصيرورتها زوجاء كما فى قوله: «إهر الذي حَلَقَكُم من نُفْس واحدة وَجَعْلَ منها رَوْجَهَا لِيسكن إليها . . .029 4 [الأعراف] . وإن هذه الآية وما يماثلها من الآيات تدل على أن الزوجة خلقت من ذات الزوج ونفسهء وأنهما أصل الوجود الإنسانى وأن عمران الأرض ابتدأ بالأسرة» والأسرة هى وحدة الجماعة الإنسانية» واللبئة الأولى فى بنانه» وقد ابتدأ بالأسرة ومنها تتوالد الأسر فقال سبحانه: وجعل لكم من أزواجكم نين وحفدة 4. والحفدة جمع حافد ككتبة جمع كاتب» والحافد هو المسرع فى الطاعة والخدمة ومنه قول القانت فى قلوته: «وإليك نسعى ونحفد»» والحفدة تشمل أولاد الأآبناء وأولاد البنات . والكلام فى الذرية الذين يتوالدون من الزوجين» وحكى الزمخشرى قولا غريبا فقد جاء فيه «وقيل وجعل لكم الغنى وجعل لكم حفدة» أى خدما يحفدون فى مصالحكم ويعينونكم» وهو قول غريب بعيد عن معنى الآية» لأن الآية فى بيان التوالد الإنسانى من الزوجين والبنين والأحفاد كقوله فيما تلونا «( ... وَبَثْ منهُمًا رجالاً كشيرا ونسّاء 20 [النساء] فما مناسبته الخدمة وهم أناسى كسائر الأناسى» ولا يكون نعمة على الجميع أن يكون بعضهم خدما؟!. وإنه سبحانه وقد عمر الكون الإنسانى بهذا التناسل الذى باركه رب العالمين فلم يخرجهم إلى الوجود غير مرزوقين محرومين» بل خلق معهم أرزاقهم» « ورزقكم من الطَّيبّات 4, و« من 4 هنا بيانية» والمعنى رزقكم الطيبات» والطيبات / تفسير سورة النحل ١‏ !لمخم تاناخ خ نالل لاا اللاتالاط ال الااا الالال طالطف ل لالااط ةناخ مطل للاللا ططخلا لط مضخ خخم مخ ططخم خ مالالا هاس وهام هوم هى الأطعمة والزينة واللبس» والكسب الحلال» كما قال تعالى: قل من حرم زيئة اللّه الي أخرج لعباده والطّيّبات من الرزق ... 469 [الأعراف] والطيبات هى غير الخبائث.» وهى الأمور المقززة التى تعافها النفس كاليتة والدم وحم الخنزير» كما قال الله تعالى فى وصف النبى الأمى فى بشارة التوراة والإنجيل به: (( ...الذي يَجدوته مكْعُوبًا عندهُم في النورَاة والإبجيل يَأمُرّهم بالْمَعْروف وَينْهَاهمْ عن المسكر ويحل لهم الطَّيّئات ويحرم عَليْهم الخبائث ... 029 4 [الأعراف] . ومع أنه أنعم عليهم بنعمة الوجود ونعمة التوالد وأكرمهم بالرزق الطيب الحلال» كما قال تعالى : «إومًا من دَابّةَ في الأرْض إِلأَ على الله رزقُها ويعلم مستقَرَهًا و وس مس ومستودعها .. (3 # [هود]. مع كل هذا أشركوا بالله» واتبعوا الباطل وكفروا بالحق» فقال تعالى: ...أَقبِالباطل يؤمنون وبنعمة اللّهِ يكفرون 59) 4 [العنكبوت]» الفاء للإفصاح عن شرط مقدر وتقديم (بالباطل) على الفعل للإشارة إلى أنهم لا يؤمنون إلا بالباطل» ولا يؤمنون بحق قطء وبنعمة الله نعمة الإيجاد والرزق يكفرون ولا يشكرون» وأكد سبحانه كفرهم بالنعمة بتقديم النعمة على الفعل» وبالضمير هم # والجملة الاسمية. قال تعالى فى توضيح باطلهم : 8 وَيعْبَدُونَ من دون الله ما لا يملك لهم رقا من السّموات والأرض شيئا ولا يستطيعون © # هذا باطلهم وهو أوضح باطل آمنوا به يعبدون غير الله من دونه وهو إشارة إلى مقام معبودهم من الله تعالى ما لا يملك لهم رزقا فى السموات والأرض فلا يملك فى السماء مطر يحيى به الأرض بعد موتهاء ولا فى الأرض نبانًا يأكل منه الإنسان والحيوان» ولا النعم الذى تكون فى الأرض» ولا الثمرات التى تثمرها الغراس والأشجارء « ولا يُستطيعون 4» أى لا تستطيع تلك المعبودات المزعومة أن تأتى بشىء من هذاء ولكنه ضلال العقل والوهم الذى يسيطرء وأعيد الضمير لمن يعقل تهكما بهم وعلى زعمهمء إذ يعبدونهم . ##ا تفسير سورة النحل 0 موبلالل ججل بيه تي و شيئا 4 مفعول مطلقء أى أى رزق كان ولو رزقا قليلاء لأنه حجر لا يقدر على شىء وليس فيه حياة فكيف يعبده حى؟! ويصح أن يكون فى معنى الصفة لرزق» أى لا يملكون فى السموات والأآرض شيئا أى: أى قدر كان. وأنهم إذ يعبدون ما لا يملك رزقا فى السموات والأرض ولا فى شىء» يشبهونهم باللّه سبحانه وتعالى ) ويجعلونهم مثله تبارك وتعالى عن الشبيه والمثيل» ولذا قال تعالى: «( فلا تضربوا للّه الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلموت 60 > . الأمثال جمع مثل أو مثل» ضرب بعنى بين وجعل ولمعنى فلا تبينوا وتجعلوا لله تعالى الأمثال» وهى الأنداد واللأشياه والنظائر فى زعمكم» » فاللّه أعلى وأعظم وأنتم الا تعلمون مكانه بل أنتم جاهلون فى ذات أنفسكم؛ ولذا قال تعالى: إن الله يعلم وأنتم لا تعلّمون #. أى واللّه تعالى يعلم حالكم» وأوهامكم. وما يجيش فى صاوركمء وأنت نتم لا تعلمون مغبة زعمكم وإشراككم» وهو العذاب الأليم . ضرب الأمثال الصادقة قال الله تعالى: آ ا ته ا 1 0 مَمَلوك لَايِفَدِرْعكَشَىْءِ وَمَنْزَّدَقْسَهُ مِنَررْقاحَسَنَا أن وه كلتل كه لايِسَلمون (ا وضرب أله ملا يجن 00 ووَهْوكرْعل 0 له نَمَو يعَههُ ايأر هَلْيسَيَوى ذه هون مركم ْمَل رط ميقو فيب عيب هاا تفسشبير سور ةا لنحل لل الل لجا 0 رمح عم ج عم وم اه .ل 20100714 لسَمَنوَتٍ والأرض ومآأمْرالسَاءَة إلا كلمج البصر ل ا و 0 وه وأقربإركت للهعل حك ل شىّء در 2 وألله جم ع 7 مر آله م د دعو 000 أ أخريحكم من بطون أمَهلِتَكم لانعلمو شيعا وْجِعَلَ مسا وص ل ا ع سرج و سد سر مواح 24 4 ع ب وسدو لَكَُالتَمْم وَالأبْصدرَوالأقيدَةلعلَكُم نَفَكُرُوت 0 بعد أن نهاهم سبحانه وتعالى عن ضرب الأمثال التى شيدوا فيها الأحجار التى كانوا يعبدونها أخذ سبحانه وتعالى يبين لهم الأمثال التى تصور الحقيقة وتهدى إليهاء فقال تعالت كلماته: 0-2 م ال «ضرب الله مَعَلا عبْدا مَمَنُوكا لا يَقَدر علّى شيء ومن رَرَقْناهُ ما رزْقَا حسنا فهو مهسا وجرا ل يسود اله لهلهملا يعون 465 العيد هو الفتى المملوك» وذكر وصف مملوك ليتميز عن الحرء الذى لا مالك له» وكان التمييز ضروريا؛ لأن الجسميع تملوك لله تعالى» يستوى فى المالك» ومن يملكه من الرقيق» ومعنى «الأ يدر على شيء4. أى لا يقدر على التصرف فى شىء من الأشياء وفى ذلك بيان لأنه مقيد» قد وجد غل الرق فى رقبته» وأثقله» فهو لا يقدر على شىء مادى» ولم تكن له إنابة من مالكه أو عقد مكاتبة» يستطيع به التتصرف ليطلق نفسههء بل هو قن مقيد بالرق» ومقيد بأنه لا سلطان له فى التصرف؛ أى فيه العجز المطلق . ومن رَرَقَاه منا رشا حسنا 4. (من) هنا نكرة تدل على ما هو فى مقابل المملوك» وهو إلى المالك لكل تصرفاته التى يقدر على كل شىء» ومع هذه القدرة التى ثبتت له بمقنضى الحرية رزقه الله تعالى رزقا حسنا؛ ولذا قال تعالى: # ومن َرَقْاهُ ما رقا حَسنا» والحسن هنا معناه الطيب فى ذاته» فليس خبيثا فى سببه فسببه طيب حلال لا حرام فيه ولا شبهة حرام وإضافته سبحانه وتعالى إليه لبيان أنه جاء إليه سهلا ميسرا من غير جهدء وإن كان حلالاء ولبيان أن كل الأرزاق من الله وليست الأسباب مؤثرة بإيجاد الرزق إنما هى أسباب جعلية وليست بأسباب > ا حقيقية لأن كل شىء بيد الله سبحانه وتعالى» ؛ فليس سبب الزرع والسقى والرعى والبذر وحدهماء بل السيب الأكبر هو رزق الله العليم القدير» « إن الله هو الررّاق ذو الْقَره الْمتين 62 » [الذاريات] . وقد جعل الله تعالى الخير الذى يجىء من الرزق الحسن» فقال تعالى: ظفَهِو ينفق منه سر وجهرا 4 (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء الإنفاق هو صرف المال فى مصارفه التى لا يكون الصرف فيه إسرافاء» وأطلق فى القرآن على الصرف فى سبيل الخير» فإذا أطلقت كلمة الإنفاق لا يكون إلا فى الصدقات إلا ٠‏ إذا عنى الموضوع غيرهاء مثل قوله تعالى : « لينفق ذو سعة مَن سعته ومن قُدر عَلَيّه رزقه فلينفق مما آتاه الله . . #0 [الطلاق] فالإنفاق هنا فى نفقة الزوجية» وإن كان يوم إل أنها صلة وليست أجرا محضاء كما يقرر الفقهاء. وقوله: إسرا وجهرا 4. يؤكد أنها للصدقات» وإن السرية لها موضعهاء وخصوصا لأهل التجمل ذوى المروءات» والجهر فى موضعه عندما تكون دعوة إلى البر فإن الجهر يدعو إلى المنافسة 9 ... وفي ذلك فَلمَسَنَافَس الْمَتَافْسونَ 69 »4 [المطففين] . ثم قال تعالى مقررا التتيجة البديهية وهو أنهم لا يستوون فقال: هل يوون 4 الاستفهام للإنكارء أى إنكار الواقع» وكان النفى بالاستفهام لتأكيد النفى كأن النفى مقرر بالبداهة» وعند المخاطب» فكأنه قد جاء من عندهء 8 الحمد لله كان هذا تأكيدا للنفى وهو عدم التساوىء أى أنه يحمد الله تعالى للوصول إلى هذه التتيجة التى أخذت من إقرارهم؛ ثم قال تعالى: بل أكثرهم لا يعمو 4. طا بل 4 للإضراب» أى كان الإضراب عن علمهم البدهى الذى طمس فيه الهوى على مداخل الفكر والعلم» وكان القرآن الكريم منصفا لحكم على الأكثر لا الجميع بأنهم لا يعلمون أى طمس على قلوبهم بغشاء من الهوى المانع من إدراك الحقائق / تفسير سورة النحل لل 1 أب ا وكانت الموازنة بين اثنين فى ظاهر اللفظ» وهما العبد المملوكء ‏ ومن رَقناهُ ما رقا حَسا 4. ولكن لأن (ما) يدخل فى عموم ما تدل عليه كثيرون» كان الذين لا يستوون كثيرين فعاد الضمير بالجمع . وبعد ذلك يقول هذه هى معانى الألفاظ وما تدل عليه بمفرداتهاء ولكن ما هو المثل؟ إن المثل تشبيه حال بحال فما موضع التشبيه» وما هو وجه التشبيه؟ . قال أكثر المفسرين: إنه تشبيه ففى حال عببادة الأوثان» والشرك بالله تعالى بحال من يسوى بين العبد المملوك» العاجز عن كل شىء وال حر المالك الذى رزقه الله رزقا حسناء أنهم لا يستوون بالبداهة» فكيف يسوى أولئك المشركون بين الله خالق كل شىء وبين الأحجار التى يعبدونها . واعترض على تخريج المثل هذا التخريج الرازى بأن العبد المملوك حى» والأحجار لا حياة فيهاء وقد أجيب عن ذلك بأن التشبيه ليس بين الأجزاءء إنما التشبيه بين حالين» لا بين الأحجار والآدميين. ٠‏ وقال ابن عباس: إن التشبيه بين الكافر والمؤمن» فالكافر كالمملوك الذى لا يقدر على شىء وهو عاجزء وبين من رزقه الله تعالى رزقا حسناء فهو كقوله تعالى: 8 ... هَل يسوي الأعمئ والْبصير ... 2) 4 [الأنعام]ء 8 ... هل يسوي الّذِينَ يعلَمُونَ وَالّذين لا يعلَمُوَ ... )4 [الزمر]» وكذلك التشبيه فى قوله تعالى فى الآية الآتية: وضرب الله مَغْلا رَجلَينٍ أحدهما أَبْكُم.:. 4 وهو فيها أوضح وكلاهما واضح» والله أعلم. ولولا أننا مقيدون إلى حد ما بما قاله من قبلنا لقلنا: إن الله تعالى قال من قبل ذلك بآيتين ظ واللَهُ فل بَعْصَكُم علَئ بَعْض في الرّزق فَمَا ادن فُصلُوا براي رزقهم عَلَى ما ملكت أَيمانهم » وفى هذه الآية والتى تليهاء يبين سبحانه كيف كان التفضيل فى الرزق» وهو أن الفقير اختبره الله تعالى بالعجزء وبتقدير منه سبحانه وتعالى» فضاقت أمامه السبل» وأن الغنى آتاه الله تعالى قدرة على الكسب ومكن ا تفسير سورة النحل 0 ام 0 الاك ١‏ > يي له من أسباب الرزق» وبذلك ينتهى البيان القرآنى فى زعمنا إلى تقرير حقيقتين ثابتتين : الحقيقة الأولى ‏ أن العجز والكسب والكيس بتقدير من الله وباختيار منهء فليس لأحد أن يستطيل أو يستكبر فالله هو الرازق. والحقيقة الثانية ‏ أن الفقر والغنى حقيقتان ثابتتان؛ لأن الله تعالى خلق القوى متفاوتة» والفرص متفاوتة» والأسباب فى الحياة مختلفة فكان جهلا أن يدعى مغرور أنه يذيب الفوارق بين الغنى والفقرء وقد شاع هذا الغرور فى هذه الأرمان كالذى جهل طبائع الإنسان فأفقر ناسا من ذوى الإنتاج» وأغنى العجزة» وكانت أسباب الرزق الحرام طاغية على الحلال المنتج . قال تعالى فى المشل الثانى» وهو فى معنى الأول» وهو من تصريف الله البيان فى قرآنه المجيد. «( وضرب الله مَعَلاً رَجَلَيْنٍ أحدهمًا أَبْكم لا يَقَدِر علَى شيء وَهْوَ كَل عَلَى مُولاه أَيَما يوَجَههُ لايأت بِحَيْرهَلَ يَسْنَوِي هو ومن يَأمُر بالْعَدل وَهْوَ عَلَى صراطٍ وهذا مثل آخر كالمشل الأول» وكان الأول موازنة بين عبد تملوك لا يقدر على شىء» وآخر حر قد رزقه اللّه وهو ينفع الناس بما رزقه الله تعالى يعطيهم سرا وجهرا على حسب ما يرى» وعلى حسب نيته المحتسبة» والثانى كان موازنة بين رجلين آخرين» ولكن أحدهما عاجز لا يقدر على شىء وهو فى حياته كل على قريب له هو مولاه لا نفع منه» وآخر قادر فى عقله مستقيم فى خلقه عادل فى ذاته . قال سبحانه: 8 وضرب الله مُملا رَجلَينِ4. أى بين حالا لرجلين موازنا بينهما «أحدهما أَبكم 4 أى أخرس لا يستطيع أن ينطق فلا يجيب إذا دعاه الداعى» والأخرس فى أكثر الأحوال ناقص فى مداركه؛ لأنه قد سدت عليه ##ا تفسير سورة التنحل و أب ا مسالك العلم ولا يحسن بمعنى الأشياء» والأخحرس عادة يفقد النطق لأن النطق بالمحاكاة فهو لا يعلم ولا يستطيع أن يبين هواجسه وخواطره ه فلا يحس بما حوله» وقد فقد المجلس والأنسء» ولا يجلب لنفسه نفعاء « وهر كل على مُولاه 4 أى ‏ حمل وثقل» والمولى هنا القريب أو ذو الصلة به من أى أنواع الصلات الإنسانية») ومن كانت هذه حاله لا ينفع الناس» وقد أشار مع ذلك إلى أنه ناقص المواهب ليس متفتح النفس والإدراك» وعبر الله تعالى عن هذه حال «أينما جه 5 وثانى الرجلين الموازن بينهما رجل فيه حكمه جعلته يلى بعض الأمرء وقد عبر سبحانه عن ذلك بقوله: هل يستوي هو ومن يِأمر باْعدل وهو على صر راط مُستَقيم» الاستفهام هنا لإنكار الوقوع أى للنفى المؤكد كأنه سئل السائل وأجيب بالنفى وكان الرجل الثانى الذى ينفى المقابلة بينه وبين الأول قد اتصف بصفتين جليلتين مما يعلو الرجال بهما فى الأوساط الإنسانية: الصفة الأولى - أنه يأمر بالعدل» ولا يأمر بالعدل إلا إذا كان هو عادلا فى ذاته» والعدل صفة فى النفس وهى الفضائل التى تدخل فى تكوين المزاج الإنسانى الكامل» فالعدالة فى النفس تزكيها وتنميها وتتجه بها نحو الفضائل» فحيث كانت العدالة النفسية كان الصدق وكان الاعتدال وكانت القدرة على الصبر» فلا تحكمها الشهوات ويكون الانتصاف منهاء ويكون تأديب النفس. وربما يكنى بأنه يأمر بالعدل بتوليه أمور الناس أو بعضهم أو أن يكون الحكمء وهو يشير إلى أنه لا يتولى أمور الناس إلا عدل يأمر بالعدل يأمر كل نوابه وحاشيته ويقوم بالقسطاس المستقيم بين الناس . الصفة الثانية - من يكون مستقيم النفس مخلص القلب» وقد عبر سبحانه عن ذلك بقوله تعالت كلماته: وهو علّى صراط مُستقيم4. أى مستقيم النفس ذو طريق حسن وهذه أعلى صفات الإنسان» فهو مخلص وإخلاصه يوجهه إلى السبيل المستقيم» والإدراك المستقيم» والكلام المستقيم» والعمل المستقيم والسلوك هاا تفسسير سسورة النحل م2 هه + يي الإشارة الأولى ‏ أنه عبر بالجملة الاسمية. الإشارة الثانية - أنه جعله كراكب صراط الاستقامة الجالس عليه؛ ولذا عبر ب(على) الدالة على التمكن من صراط الاستقامة. الإشارة الثالشة - أنه عبر بالصراط» وهو فى ذاته مستقيمء إذ إنه الخط المستقيم» ووصفه مع ذلك بالاستقامة فكان هذا تأكيدا لفظيا لمعنى الاستقامة فى النفس والخلق والعمل. ْ وإن الأقوال التى ذكرناها فى المثل الأول تقال هناء فأكثر المفسرين على أنه سبحانه ضرب حال عبادة المشركين» بحال من يسوى بين رجلين بينهما تمام التباين» فيسوى بين الله تعالى والأحجارء كمن يسسوى بين رجل ناقص الإنسانية ورجل آخر كاملها. وإن كلام ابن عباس ينطبق هنا أيضاء فيكون نفيا للتساوى بين الكافر المشرك» والمؤمن الموحد. وما بدر إلينا من أنه بيان لاختلاف القوى والأحوال؛ وتوافر أسباب الرزق وعدم توافرهاء وقدر الله سبحانه وتعالى » وأنه يرزق هذا ويحرم هذاء لعدم السير أو عسجزه عن السير فى أسباب الثروة» وأن الوجود الإنسانى يشتمل على هذه الحقيقة» وأن الناس فيهم الغنى والفقير ومن يقول إنه يعمل على إذابة الفوارق بين الغنى والفقر جاهل مغرور» وإن فرض ذلك بالقوة كان ظالما غشوماء وسلب الحقوق ممن ينتجون الحلال» وترك الباب مفتوحاء ليغنى طائفة أخرى بالحرام الذى وإنه من بعد ضرب الأمثال» ومنها يتبين أن الله سبحانه وتعالى يدير العالم بحكمته» وأنه وحده القادر على كل شىء وأن الحساب يجىء لا محالة؛ ولذا قال تعالى : ضٍِ وللّه غيب السّموات والأرض وما أَمْرَ السّاعة إلا كلمح البصرٍ أو هو أَقُرب إن إإ9نزا تفسير سورة النحل لض الل ااا للك بل بير يي" أحسب أن هذه الآية تشير إلى ما قدره سبحانه وتعالى فى علمه المكنون ما كتبه على الناس من غنى وفقرء وإن كل شىء بقدره» وفى غيبه حتى العجز والكيس» ومع ذلك فيها بيان لما يستعجله الناس من وعيد» ومن قيام الساعة مع أنه قريب وأنه ليس بععسير على الله تعالى بل كلمح البصر أو هو أقرب» واللمح النظر السريع» يقال لمحه لمحا ولمحانا إذا أدركه بطرف العين أو مجرد حركتها بحركة الرمش» وهو زمن لا يتجاوز ثوانى من دقيقة . والمعنى وإن أمر الساعة وزمانها وإن استطلتم الزمن الذى يمضى هو عند الله كلمح البصرء أى تحسبونه بعيداء وهو عند الله تعالى قريب كلمح البصرء فالآزمان تجرى عليكم بالطول والقصرء أما عند الله فإنه لا زمان يحكمه ولا ظرف يحيط إنما ذلك أعراض لا تكون إلا عند الحوادث» وذلك كقوله تعالى: ل إِنَّهُم يرَوَْهُ بُعيدًا 20 وتَرَاهُ قَِيًا 40 [المعارج] وكقوله تعالى: « ويستعجلوتك بالعداب ولن يُخلف اللّهُ وعده وَإِنَ يوْمًا عند ربك كألف سَنَةَ مما تعدون © 4 [الحج]ء أى إن الزمن لا يحكم إرادة اللّهء بل إرادة الله تعالى هى المفالقة للأفلاك والأزمان ومعنى أَمْرْ السّاعة4 مهما طال زمنها فى نظركم» هو عند الله قريب لأَوهو أَقُرب4. (أو) للإضراب عن وصف أمرها بأنها كلمح البصرء بل هى أقرب من ذلك إن بالغتم فى الاستغراب . وإنه يراد مع استطالة الزمن أن الساعة إذا جاءت واضطربت السموات والأرض وكورت الشمس وانفطرت الأرض والكواكب اندثرت» كل ذلك يتم فى لمح البصر أقرب من ذلك» فالله تعالى على كل شىء قدير؛ ولذا ختم الآية بقوله تعالى : إن الله على كل شيء قَدِير 4 وقد أكد سبحانه وتعالى قدرته بعدة مؤكدات أولها الجملة الاسمية» وثانيها: (إن) الدالة على تأكيد الخبر وهو قدرة الله تعالى» وتقديم ‏ كُلّ شيء» على طقَدِيرٌ) ؛ لأنه يدل على الاهتمام ووصف 9 قَدِير», واللّه أعلم . ١‏ 8# تفسير سورة النحل لحب ا وبعد أن بين سبحانه أن الغيب كله فى علمه سبحانه وقدرتهء وأن الله تعالى قدير على كل شىء؛ وأنه خخالق العاجزين والقادرين» والمنافقين» ومن لا خير فيه » طأَينمَا يوجَهِهُ لايأت بخير» بين سبحانه أنه خلق الإنسان وعلمه» فقال تعالى : «( والله أخرجكم من بطُون أمهَاتَكُم لا تَلَمُونَ يما وَجَعَلَ لَك السّمْع والأبْصارَ والأفهدة لعلّكم تشكرون 69 4 . (الواو) هنا عاطفة على قوله تعالى: «والله فُضّل بعضكم على بَعْض في زف 4 وقد علف عليها من قل قوله تحالى؛ (والله جعل لكم من كم كل جملة من هذه لمسطوفات: إنما هو لبيان وجه العبرة فيهاء وضلال الشرك وأهلهء فهى تابعة لمعانيهاء فلا يكون ثمة مانع من العطف عليها. وإذا كانت معطوفة على قوله تعالى: «( واللّه فَضل بعضكم علَئ بعض في الرّزق 4 فهى لإثبات أن الغنى والفقر أمران مقدوران لله تعالى» وإن الغنى من فضل الله» ويوجب الشكرء والفقر اختبار الله تعالى ويوجب الصبرء ومع الصبر الجزاء»ء وهو على صورة الصبر شكر لله تعالى. « والله أَخْرجكُم مَن بطون أُمّهَاتَكُم لا تَعلَمُونَ شَيْمًا 4 أى شيئًا من العلم بالحياة ومشاربهاء ومن العلم بحق الله على عباده من إدراك عظمة خلقه فى تكوينه الإنسان من سلالة من طين» وجعله نطفة فى قرار مكين» وجعل النطفة علقة والعلقة مضغة, وجعل المضغة عظاماء ثم أخرجه من ضيق الرحم إلى سعة الوجود. وهذا ما يشير إليه قوله: من بطون أُمُهَاتكم 4 يخرج الجنين من بطن أمه لا يعلم شيئا من طرق الحياة» ولكن يعطيه الله تعالى أسباب العلم بهذه الحياة وما يجرى فيهاء وهذا قوله تعالى: وجعل لكم السّمع وَالأَبْصارَ والأفئدة 4 . ل ع ص ع سل «( وجعل لكم 4, أى خلق لكم وصيره لكم « السّمع 4, والسمع يضمن النطق ؟ لآن النطق لا يكون إلا لسميع» إذ إن النطق لا يكون بالفطرة التى فطر الله 1# تفسير سورة النحل و ىت تعالى الناس عليها إلا بالمحاكاة» والمحاكاة لا تكون إلا إذا سمع الكلام بحروفه وعباراته» وحاكاها؛ ولذلك من فقد السمع لا يتكلمء وهو الأخرس كما أشرنا من قبل . وبالسمع يسمع هداية الله تعالى فى كلام الرسل والصديقين» وكلام رب العالمين» ‏ والأبصار» بها يرى عظمة الله تعالى فى خلقهء فيرى السماء وقد زينها للناظرين» والجبال والوهاد» والشمس والقمر» والنجوم مسخرات لأمر اللّه تعالى وإن كل هذه المعلومات الحسية يستودع الله تعالى الأفئدة فتدرك» فالسمع والبصر يجمعان المسموعات والمرئيات والأفئدة تعتبر وتقدر وتدرك» وتستبصر» فيكون الإنسان المعامل فى الحياة المدرك لمعناه الذى يدرك بالبداهة وجوب شكر المتعم؛ ولذا قال تعالى «الَعَلَكُمْ تَشْكُرون 4 أى رجاء أن تشكروا لتوافر أسباب الشكرء ودواعيه» والرجاء من العباد» ولا من اللّه سبحانه وتعالى . نعم الله تعالى توجب الشكر قال الله تعالى : ألميرة 1 | . لطيْرٍ مسخر نوتف جوالتسماء 0 َه 5 و م د لدان فى دك لبس لَْوَ بويت لها ص-_ بحلل رقص سكا وكريج ركسي 1 يسم 0 و 0 0 9 ##ا تفسيرسورة النحل لامللللللااللللل اللو ل 0 لح نا الْحَرَوسَر َي سح ميمه يكم َلك يدوك نيا تمك ألبلغ لمن 2 فى هذه الآيات بيان قدرة الله تعالى فى خلقهء وإحكامه وإبداعه»ء وبيان نعمته على الإنسان ظاهره وباطئه» وكيف سخر الحيوان للإنسان» فتمكن من اتخاذ المأوى» فى الظعن وفى الإقامة» وجعل ظلالا تقيهم الحر والبرد» وسخر لهم النبات يتخذون منه لباسا يقيهم الحرء ومن الحديد سرابيل تقيهم فى يوم البأس» وكان ذلك إتماما لنعمة الله رجاء أن يسلمواء وقد بلغ النبى ككل وبين وأقام الأدلة» وما عليه إلا البلاغ. ابتدأ سبحانه بالإشارة إلى عجائب الخلق» والتكوين فى الطير التى تسبح فى الفضاءء كما تسبح السفائن فى الماء من غير ماء يحملهاء إنما خلقها تعالى لتحمل نفسهاء وتتوقى السقوط بأجنحتهاء وتسير فى الفضاء كما تسير الدواب على الأرض لاعائق يعوقهاء ولا عقبات تمنعهاء حتى إن الإنسان عندما أراد أن يستخدم الفضاء تعلم منهاء ولذا قال تعالى: « ألم يروا إلى الطَيرٍ مسَخَّرَات في جَرَ السّمَاء ما يمُسكْهِنّ إل اله إن في ذلك لآيات لقوم يوون 69 ». '. الاستفهام هنا لإنكار الوقوع» فيكون بمعنى النفى المؤكد بإقرار السامع كأنه سئل وأجاب بالنفى؛ ولذا كان الاستفهام بمعنى النفى المؤكدء. وقد دخلت أداة الاستفهام على حرف النفى» ونفى النفى إثبات . والمعنى لقد رأوا الطير مسخرات» أى مذللات» سخرها الله تعالى لتسير فى الجوء من غير حامل يحملهاء ولا نممسك يمسكهاء وهى مع هذا مسخرة لخدمة الإنسان» فمنها ما يحمل الرسائل من مكان إلى مكان والشقة بينها بعيدة» ولا يزال يستخدم إلى الآنء ومنه ما هو مسخر للإنسانء يأكل الحشرات التى ل ل[ تفسير دشيور 1 النحل ل 00 و تب رأ هى آفة الزرع» وكان كذلك يمنع مغارم التنقية حتى أباده الإنسان ومنها ما يعلم الإنسانء» ويحمى الزرع من صغار الطيرء وقد أبدناه الآن بالمبيدات التى نسلطهاء وصرنا ننفق النفقات الكثيرة» فى الوقاية» ولا وقاء. وهكذا نجد الطير قد كانت مسخرة فى الجو لسيرهاء ومسخرة للإنسان فى وقد خلقها الله تعالى مهيأة للطيران فى الفضاءء وجعل كل أعضائها مناسبة بين كونهاء فلم يخلق لها يدين» وخلق رجلين ليمكن ارتفاعها من الأرض» وكانت رجلاه واسعة» وأكثر قوته فى صدرهء وكان قوتها حبا يبلع؛ ولذا كان لها منقار» ينقى ما تختار» ولأن ما يبلع لا يكون فيه تفتيت بالمضغ» كانت حرارة الحوية هاضمة؛» وجعل فى أجنحتها ريشا قويا فى خوافيه وقوادمه.» حتى تكون الخوافى قوة للقوادم وكانت الأجنحة» لجلب الهواء الذى يحنملهاء وهى طائرة» فهى ترفرف بها لتجلبه» حتى إذا استوى سارت كأنها تسير على مكان صلبء» أو ماء . وهذا معنى قوله تعالى: اما يَمُسَكَهِن إلا اللّهِ4 فهو خلق فيها هذه القوى التى تقوى بها على الطيران» ومع ذلك حاطها بكلاءته» وحمايته» كما أحاطها بفطرتهاء تبارك الله الخلاق العليم» وقد بين سبحانه أن فى هذا الخلق آيات» لمن يعتبر ويستبصرء ويفكر فى خلق الله تعالى وحكمته فقال تعالت قدرته: إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 4 الإشارة إلى الخلق والتكوين والتسخيرء واللام فى قوله تعالى: «الآيات 4. (لام) التوكيد أو الابتداء بمعنى التوكيدء و(آيات)»؛ أى دلالات قاطعة 9 لَقَوم يؤمنون4. أى الجماعة تتضافر على الحق وتطلبه» وتتهداه» وتتعرفه» ومن شأنهم الإيمان بالحق إذا بدت دلائله» وقامت براهينه» وكان التعبير بالمضارع فى قوله تعالى: « يؤْمنون4 يعنى من شأنهم وحالهم الإيمان دائماء أما غيرهم فقد غشيتهم غواشى الباطل وطمس عليهم الهوى» فصاروا كالصم البكم الذين لا يعقلون ولا يدركون. ش 0 8# تفسيرسورة النحل تحب نأ بعد ذلك بين سبحانه وتعالى نعمه على خلقه فى الأنعام التى يتمكنون منها بتأليفها وغيرها فقال تعالى : (والله لهم نموم سكا بعل كم من ُو العم يو حون يوم طعدكم ويوم إَِامتَكُم ومن أصوافها وأَوبَارها وأَشْعَارها أَنَانَا وَمَاعًا إلى حين 69 4 . «( واللّه جعل لكم من بوتكم سكن 4, أى صير لكم من بيوتكم التى تتخذوها منها من الحجر والمدرء والآجرء واللبن» أى موضع سكون واطمئنان» فهم فى حركة دائبة دائمة كالكواكب والنجوم والأجرام السماوية» ولم يجعلكم فى سكون كالأحجار والجبال؛ ولو فى مظهرها وإن كانت ذاتها تمورء» بل جعلكم فى مضطرب تتحركون وتنامون وتستقرون» فكان من نعمته عليكم أن جعلكم تسكنون وتعملون» فالعمل والسكن كلاهما نعمة من الله» ونرى من هذا التخريج أن جعل لكم ذلك السكن» والاطمئنان بعد اللغوب والتعب» كما أن بناء البيوت من موادها نعمة» وقد يقول قائل: كيف تكون نعمة أسبغها الله» والعبد هو الذى بناهاء وتقول: إن النعمة فى أن مكنه من ذلك» وسخر كل شىء» فبعقله الذى خلقه الله تعالى فدبر وبنى واهتدى إلى أساليبهاء والخلاصة أن النعمة فى أمرين: النعمة الأولى ‏ فى هدايته إلى البناء من مواده» وجعله مأوىء والثانى فى أنه جعله يسكن بعد الكرب والتعب» وهذا يشير إلى أن الراحة لا تكون إلا بعد جهد كما أن السكن لا يكون إلا بعد عمل هذه نعمة كبيرة» وهى نعمة الحياة العاملة الكادحة. والنعمة الثانية ‏ هى تمكين الإنسان من النعم وهى الإبل والبقر والغنم» وقد ذكر الله سبحانه نعمة فيها بعد نعمة أكلها وتأليفهاء وتسخيرها للإنسان فى حاجاته» فقال تعالى: ١‏ وجعل لكم من جلود الأنعام بيونًا تستخفوتها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم 24 الظعن الارتحال والتنقل» وانتجاع مواطن الكلاء واستخفافها هو طلب خفتهاء أى تطلب لخفتها فالسين والتاء للطلب» يوم ظَعََكُم 4, ظ وَجَعلَ لَكُم مّن 4# تفسير سورة النحل اا ل 0 دك جلود الأنعام بيوتا 4, كالأخبية والفساطيط» تستخفونها يوم ظعنكم» فهى بيوت محمولة» وتلك بخلاف البيوت المبنية من الآجر والأحجار واللبن على نحو ما وهى خفيفة فى الظعن وفى الإقامة فإذا ظعنتم جعلتموها على ظهور الإبل أو الخيل ونحوهاء وإذا أقمتم أنزلتموها من فوق ظهور الإبل» فأقمتم تبتغون الماء والكلا ما شاء الله تعالى أن تقيمواء ثم ترتحلون. ويشمل ذلك الذين يقيمون فى الخيام فى الصحراءء فإنها تكون موضع إقامة دائمة لهم» ويسمون «أهل الوبر»» كما يسمى سكان المدائن ب«أهل المدر؛ كأهل مكة والمدينة والطائف. ويثار هنا كلام» وهو أن الخيام والفساطيط». لا تتخذ من الجلودء» وهى الأدم فقطء. بل تتخذ من الأصواف والأوبار والشعر أيضاء فليس ما يؤخذ من الجلود هو ما يأحذ من الأدم فقطء بل مايؤخذ من الأخبية. فى الأصواف والأوبار يمثلها بالأثاث والمتاع» لأنها لا تؤخذ إلا منهاء» ولم تكن عند العرب تؤخذ من الأدمء وذلك هو الغالب فى عصرنا أيضا. ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أَنَانًا ومتاعا إل حين» الصوف هو للضآن والآوبار للجمال» والأشعار للمعز وهى يتخذ منها أثاث». وهى الثياب والفرش» وأظن بأن المتاع هو ما يستمتع به بالنظر والزينة ونحو ذلك ما يكون متعة للإنسان» ونختار ذلك لسببين: السبب الأول - أن الانتفاع بالاتجار جائز فى كل شىء حتى الإبل» ولحمها 9 ##ا تفسيرسورة النحل 11178 1<1!1+1ذ141 1 1[ 1 1 1 1 1 1 222*56017001[11 لجي- ]ا رب از والسبب الثانى ‏ أن الله تعالى ذكر متعة النظر والبهجة» وطيب النعمة فى آية أخرىء فقال تعالى: لأَنَانًا وَمَمَاعًا4, أى يتخذون من الأصواف والأوبار والأشعار أثاثا وزينة» والزينة ليست حراماء كما قال تعالى: 8 قل من حرم زيئة الله التي أخرج لعباده والطيات من الرّزق ... 469 [الأعراف] . ولعله ئما يرشح لهذا المعنى ويقويه تعالى: إِلَئ حين4. أى أن ذلك الاستمتاع بهذه النعم»ء وخصوصا الأثاث والمتاع إلى حين حتى يجىء وعد الله تعالى فيكون الحساب والعقاب والثواب. كما أن البيوت تتخذ من الآجر والأحجار» ومن الآأصواف والأوبار والأشعار والجلود تتخذ أيضا أكنان من الجبال ولذا قال تعالى: ١‏ والله جعل لكم مما خَلَقَ ظلالا وجَعل لَكُم من الْجبال أَكْنَانًا وَجَعل لَكُمْ سرابيل تفيكم الْحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يعم نس عليكُم كم مون 9 4 . والله سبحانه وتعالى #جعل 4 بمعنى صيرء بأن خلق لنا أشجارا تظل الناس فى الحرور» وبيوتا يكون ظلها دافعا لوهج الشمس وفى الصحارى تجد الأشجار المظلة» والسحاب المطل» وقال سبحانه وتعالى مما خلق» ولم يذكر شيئا بعينه؛ لآن أنواع ما خلق وكان منه الظلال كثيرة» فالجنات تتفي ظلالها بالغدو والآصال والبيوت فيها ظلال» لمن يكون بجوارهاء والغمام يكف وهج الشمس وحرارتهاء والسحاب تظلل» والنبى يِه وهو فى رحلته إلى الشام كانت السحاب تظله فى سيره» وحيثما انتقل انتقلت معهء وإن هذه الظلال نعمة من الله تعالى فى أرض صحراوية جدباء لا ماء يرطب جوهاء ولا نسيم عليل يطفئْ حرها؛ ولذلك كانت من نعم الله التى أنعم بها على سكانها الذين آتاهم الله تعالى مع ذلك جلد وقوة احتمال» فكانت هذه نعما أنعم الله بها عليهم ليستطيعوا أن يعيشوا وأن ينعموا فى خيراتها . وإن هذه ظواهر طبيعية قد يقول قائل: ما النعمة فيها؟. ونقول فى الجواب عن ذلك: إنها نعم تغمرنا وتغمر سكان الصحارى ولا يحسونء ولكن إذا باينا تفسير سورة النحل ' 1 9 1 الللاااالاللل الل للك ب نا حرموها يعرفون مقدار الإنعامء وهى أفعال مختارة يريد وضع الأمور فى مواضعهاء وكل شىء عند الله تعالى بمقدار وبميزان محكم. وقال تعالى: وجعل لكم مَنَ الجبال أَكتانا 4, وهى الكهوف والمغارات» وأكنان جمع كن» وهو ما يتقى بالاستتار فيه تتبع الأعداء» وتريص المتربصين» كما كمن النبى كد هو وصاحبه أبو بكر فى غار ثور ثلاث ليال سوياء وكما كان يله قبل البعثة يتعبد فى غار حراء الليالى ذوات العدد» وإن هذا كله يدل على أنها أكنان» إما استتار للعبادة» أو فرارا من عدو متربص» أو كن من مطر غامر» أو استظلالء ولماذا سماها الله تعالى أكناناء ولم يسمها بيوتا؛ لأن الناس لم يتخذوها بيوتا يسكنون فيها تكون مطمأنا وسكنا لهم تسكن فيها نفوسهمء ويطمئئنون بعد تعب ومكان راحة» لأن جبال البلاد العربية لم تكن موضع اطمئنان كالجبال الخضراءء فلم تكن مساكن تكون لسترة حالهم» بل كانت أكنانا للاستتار من عدو أو مطر منهمرء أو اتقاء لحرارة الشمس أو نحو ذلك» وإذا كان من العرب من ينحتون من الجبال بيوتا فارهين كما جاء ذلك فى قصص القرآن الحكيم» فإن ذلك لم يكن عند أهل الحجاز ونجد ونحوها. وقد من الله تعالى بما هيأهم به ومكنهم منهء وهو ما ذكره بقوله تعالى: « وَجَعَل لَكُم سرابيل تفيكم الْحر وسرابيل تَقيكُم بأسكم 4. و(جعل) بمعنى صيّر وهيأ بأن مكتكم من أن تصنعوا ذلك لأنفسكمء و(السرابيل) جمع سربال وهو القميص» وذكر أن هذه السرابيل نوعان نوع يتقى به الحرء فلا يكون عاريا يتعرض للجو اللافح» كما يتعرض العراة من الزنوج الذين لم يتمكنوا من قمصان يتقون بها الحرء وقد قيل إن السرابيل يتقى بها الحر والبردء فكيف ذكر الحر فقطء والجواب عن ذلك أن ذكر اتقاء الحر تستدعى لا محالة ذكر اتقاء البرد» وإن لم يذكر بالنص فقد فهم بالاقتضاءء وقد ذكر سبحانه الدفء من قبل فى قوله تعالى» فلكم فيها دفاء ومنافع ومنها تأكلون 4 وإجابة الزمخشرى بأن ذكر الحر يناسبهم و ##ا تفسيرسورة النحل 0 ٠١ الا‎ لي دون البرد لأنهم لا يحتاجون إلى اتقاء البرد» وعندى أن البلاد التى جوها قارى كبلاد العرب يكون بردها شديدا قارسا. والواقع أن الكلام كله فى اتقاء الحرء فذكر الظلال والبيوت والأكنان كل هذا فى سياق اتقاء الحر فكان المناسب أن يذكر فى مزايا السرابيل أن تقى من الحر. والنوع الثانى من السرابيل وهو ما يتقى به البأس ٠‏ وهو دروع الحرب» إذ البأس هو الحرب» كما فى قوله: 9 ... والصّابرين في البأساء والضّراء وحين البَأس ... 059 *# [البقرة] وأضاف سبحانه وتعالى البأس إليهم» لأنهم فى الجاهلية هم الذين كانوا يثيرونها حروبا شعواء» تدعو إليها العصبية الجاهلية» وتدفع الحمية غير المدركة العاقلة كحرب البسوسء وعبس وذبيان» وغيرهما مما كانوا يشيرونه من حروبء فلم تكن حروبا عادلة؛ ولذا أضيفت إليهم. وإن هذه النعم كلها بتسخير هذه الأمور لهم. وتهيئتهم بالفطرة لهاء وإن نعم الله تعالى لا تخص». وختم الله تعالى الآية بقوله تعالت حكمته: « كذلك يتم نعمته يكم لَعَلَكُم تسلمون 4 أى كذلك التى هيا سبحانه وتعالى لكم ومكنكم؛ وهداكم بفطرتكم إليه من ججعل بيوتكم سكنا ومطمئناء وعن اتخاذكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم وإقامتكم» ومن اتخاذكم من أصوافها وأوبارها وأشعارهاء أثاثا يكون زينة ومتعة» ومن اتخاذكم الظلال مما خلق» ومن جعل البيوت ومن اتخاذكم السرابيل والدروع . كذلك الذى هيأ لكم تكون نعمه الكلية عليكم دائما « لَعَلّكُمْ تسلمون 24 أى تسلمون وجوهكم لله تعالى»؛ وتتركون عبادة الأوثان لهذه النعم المتوالية عليكم» وأفرد سبحانه النعمة» وهى متعددة لأن المفرد المضاف يعم» ولآنها واحدة باعتبار مصدرهاء وهو الله سبحانه وتعالى. وقال تعالى بعد ذلك: إإإإزا تفسير سورة النحل الالال الل لل الملل ا تقدير القول فإن علموا هذه النعم التى أسبغت عليهم». ومع ذلك كفروا فما عليك من كفرهم من شىء. و(الفاء) ما بعدها ترتب على ما قبلهاء 9 تَولُوا 4 أى أعرضوا وتنأوا بجانبهم» وأنكروا هذه النعم المتضافرة» فإن العذاب نازل بهم لا محالة» فلا تذهب نفسك عليهم حسرات» لأنك قد بلغت وأنذرت» وإنما عليك التبليغ البين الواضح الذى لا يمارى فيه عاقل مدرك» و(الفاء) فى 9 فإِنّما 4 واقعة فى جواب الشرطء و(إنما) من أدوات القصرء عليك البلاغ المبين#؛ أى ليس عليك إلا البلاغ الواضح» وإنك لا تهدى من أحببت» ولكن الله يهدى من يشاء. جزاء الكمر يئعمه الله قال تعالى: لح بجر ل ءءء سل ممه عر عر و لل يعرفون نعمت لله دسم - 22 آذآ هر لور - يروو وم5 ًُّ ري 0 4 نل كارهم الكفرور 2ت ليا ودوم نبعث منم مه ار و داو مو 214 لاه لمستعليوا 0 ج12 دم لذن حكنروزاولاهم م 0 0 00 !اَن ظَلَمُوااً لدت ماين 5-7 مروت ا ان لزي نر أ شكَاءهرْ 1 اد ا َالْوأْرسَامتَوْلةِ شرحكاؤنا لذن كنا ندعوأمن دونك ََلمَوِلَيَهِمْالْمَولٌ لك كرفت © وق 54 0 إِلَأَلَهِيَوَم ذالم وَصَلَعَنْهُم عد مَاكاوا يفون اه ساق الله تعالى ذكر ما أنعم به عليهم» والإنسان كله فى فيض نعمة الله حياطة الله تعالى ورحمته» إن مرض كشف:عنه الضرء ومنحه العافية» وإذا كان اللا تفسير سورة النحل ال 000 7ب بز 7 فى المخاطر تحطه رحمة الله تعالى» وهو فى مأواه» وملبسه» ونعيمه وراحته بعد تعبه فى نعم الله تعالى» وهو يعرف هذه النعم» ويعرف أنها من عند الله تعالى» وبفضل منّه وكرمه» والعرب فى عصر النبوة وقبله» كانوا أعرف الناس فى جيلهم لربهم» فهم كانوا يعرفون الله تعالى الذى خلق الكون وما فيه ومن فيه وحده» وهو الواحد فى ذاته وصفاته» ولكنهم بتسلط الأوهام يعبدون معه الأوثان؛ ولذا قال سبحانه: جيرف نشت لهف مكروها وعم كافروة 0 » . هم يعرفون الله ومع ذلك يشركون» ويعرفون أنه الضار النافع» وإذا مس الإنسان الضر دعانا لحنبه أو قاعدا أو قائما وإذا كانوا فى شدة لا يجأرون إلا إليه» ويعرفون هذه النعم واحدة واحدة ثم ينكرونها فما هى هذه المعرفة؟ إن للمعرفة مراتب ثلاث» تيتدئ بتصور الأمور والوقائع» ومنها النعيم فيتصور أن الله رازقه وخالقه» فإذا تجاوز هذه المرتبة» انتقل من التصور إلى الاعتقاد بالصحة» فإذا اجتاز هذه المرحلة انتقل إلى المرحلة العليا وهى الإيمان» والإيمان مراتب» مرتبة التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل» ثم مرتبة الإذعان» والخضوع لا اعتقد ثم ينتقل إلى أعلى المراتب» وهى مرتبة العمل . وهذه هى المعرفة الكاملة» ولقد قرر سقراط فى الأخلاق أن المعرفة هى مقياس الفضيلة والرذيلة وهى المعرفة فى أعلى درجاتها التى يصحبها عمل» وكمال الإيمان تصديق وإذعان وعمل عند العلماء المدركين. وقوله تعالى: ل يَعْرِفون نعمت الله 4 يبدو أنها مرتبة المعرفة الأولى» التصويرء ثم التصديق من غير إيمان وإذعان؛ ولذا ينكرونهاء أى أنهم لا يذعنون للاعتقاد بهاء وتبدو فى أعمالهم» وثم فى قوله تعالى: «ثم ييكروتنها 4 لبعد ما بين مرتبة المعرفة والإنكار العملى» ولقد قرر سبحانه أن أكثر الكافرين هم من هذا الصنف الذى ينكر بعمله ما عرفه بتصوره وصدقه بواقعه؛ ولذا قال: 9 وأكترهم / تفسير سورة النحل 9 الال للفلل الل ل لسر ا الكافرُودَ4 الضمير فى (هم) يعود إلى الذين ل يَعْرِفُوَ نعمت الله نم ينكرٌوتهًا 4 وهم بعض أهل الجحود وقوله تعالى: 9 وأكترهم الْكَافِرونَ 4 فيه تعريف الطرفين» وهو يفيد القصرء أى أن أكثر هؤلاء لا يكونون إلا كافرينء فإن الكفر يكون بإنكار الحق» وعدم الإقرار به كما فى قوله تعالى: هوجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ... 49> [التمل] . بعد ذلك بين الله تعالى حالهم بعد البعث فقال: «(ويوم بعك من كل أمّة هيدا نملا بودن للّين كَفروا ولاهم يستعتبون 69 4 . الجملة موصولة بما قبلهاء على جزاء للكفرء ومعرفة النعم ثم إنكارهاء © ويوم 4 منصوب لفعل محذوف أى اذكر اليوم» وذكر اليوم هو ذكر ما يجرى فيه من أحداث وبعث ونشورء وحساب وعقاب وثواب» فإذا كانوا يتكرون النعمة» فليذكروا اليوم وما يجرى فيه وقوله تعالى: « ويُوم تبِعث من كل أمٍّ شهيدا 4 والشهيد هو الرسول الذى بعث لها داعيا إلى الحق معرفا به نذيرا وبشيرا وهاديا إلى الله بإذنه وذكر بعث الرسولء ولم يذكر بعث الأمة لأن بعث الشهيد الذى يشهد لها أو عليها هو بعث للأمة» فكان بعث الرسول عليه الدلالة صراحة. وبعث الأمة كان بدلالة الاقتضاء» أو كان ذكر بعث الرسول صراحة لبيان مقام الرسول عند الله ولبيان أن الرسول الذى يدعوكم هو الذى يشهد لكم وعليكم وعنكم يوم الحساب فأجيبوا داعى الله إذ يدعوكم له لتنجوا من عذاب الله تعالى» وقوله تعالى: « ثم لا يؤْدَنْ للّدينَ كفروا 4 التعبير بٍاتثُمَ 4 هنا الدالة على التعقيب والتراخى للدلالة على أنهم بعد شهادة النبيين طلبوا أن يعتذرواء فلم يقبل منهم» ولمقام هذا الكلام المطوى كان العطف ب«ثم 4 الدالة على التراخى» فلا يؤذن لهم لأنه لا حاجة إلى مخاصمة كما هو شأنهم فى الدنياء بل إن الله عليم بهم وشهادة أنبيائهم فيهم صادقة غير مكذوبة كما كانوا يتوهمون فى الدنيا. ها تفسير سورة النحل 4 الل جلي ومو رز يي وكما أنهم لا يمكنون من القول والمخاصمة؛ لأن القيامة ليست مثل الدنيا مغالبة بالبيان. كذلك لا يستعتبونء أى لا يمكئون من الاستعتاب. وهو الاسترضاءء إذ الاستعتاب هو طلب العتب» وهى الرضاء فهم لا يمكنون منهاء لأنه قد انتهى وقت التكليف والإرضاء ولم يبق إلا الجزاء . وفى قوله تعالى: لا يؤدن للّذِينَ كفروا 4 فيه إظهار فى موضع الإضمارء وذلك لأن الموصول جاء فى موضع الضمير» وذلك للإشارة إلى أن السبب فى عدم الإذن لهم بالاعتذار» وأنهم لا يمكنون من الاستعتاب» هو كفرهم الذى عاندوا به النبيين وقد قال تعالى فى أحوالهم يوم القيامة : «وإِذا رأَى الّذِينَ ظََمُوا الْعَدَابِ فلا يحَقف عنهم ولا هم ينظروت 62 4 . وإِذًا رأى الّذين ظَلَمُوا الْعَدَابُ »4 جواب (إذا) محذوف يذهب فيه العقل كل مذهبء هالهم الأمرء وأحسوا بمقت الله تعالى عليه» وحاولوا طلب التخفيف». وقد أجابهم الله تعالى بقوله: ط فلا يُحَقَف عنهم 4. فالفاء عاطفة على محذوف مأخوذ من معنى الخوف والرغبة فى التخفيف أو التأجيل عسى أن يعملوا عملا صالحا ينجيهم من ذلك العذاب العتيد» الذى كانوا يترقبونه» فالفاء هنا عاطفة على جواب الشرط المحذوف وليس ما بعدها جواب الشرط؛ لأن الفاء لا تقع على لا النافية» إنما تكون بما النافية . حالهم تدعوهم إلى طلب التخفيف إذ يرون عذابًا لم يكن فى حسبانهم فتوجب طلب التخفيف أو التأجيل» فلا يخفف عنهم عذابهم» ولا يؤجلون» لأنهم انتتقلوا من دار الابتلاء إلى دار الجزاءء فمعنى (لا ينظرون)» أى لا يؤجلون. وعبر سبحانه بالذين ظلموا؛ لآنهم أشركواء وإن الشرك لظلم عظيم» ولأنهم ظلموا أنفسهم بكفرهم وعنادهم» وظلموا عقولهم وإدراكهم» وإذا أشركوا مع الله حجارة لا تنفع ولا تضرء ولا تسمع ولا تبصر وظلموا المؤمنين بإيذائهم ل[ تفسير سورة النحل ولاك اللا كس ا وفسقهم فى دينهم وظلموا الرسول باستهزائهم به» وتسبب هذا التكائر كان العذاب الهائل الذى لم يعرفوا له حدا ولا نهاية. هذه حالهم؛ فما هى حال الأوثان التى يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى» أو لتكون شفعاء لهمء قال الله تعالى عنها فى ذلك اليوم الذى لا تنفع فيه شفاعة الشافعين . ( وإذًا رأى الّين أشركوا شركاءهم قَلُوا ربنا هؤلاء شركاونا الّذين كنا ندعو من دونك فَألَْوا إلَيهم اقول إِنَكم لَكَاذبُونَ 63 4 . هذه حال الذين ظلموا الناس وظلموا أنفسهم وعقولهم بعبادة الأحجار مع الله تعالى» فما هى حالهم من هذه الأنداد التى اتخذوها آلهة من دون الله» أجاب الله تعالى عن ذلكء» فقال: ظوإذَا رَى الّذين أشركوا شركاءهم 4 بالإضافة هنا ملابسة عبادتها شركاء للّه؛ فهى إضافة لأدنى ملابسة. إذا رأى الذين أشركوا ما عبدوه من دونه ظنوا فى ذلك فرجا؛ إذ يتحول جزء من العذاب الذى نزل بهم إليهاء وكانوا بذلك ضالين فى الآخرة» كما كانوا ضالين به فى الدنياء قالوا للأنبياء الذين شاهدوا الله: هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوهم من دون الله . ندعو معناها نعبد» أو نلجأ بأن كنا نحسب ما يقينا عن اللهء وكأنهم بهذا يحسبون أنها تكون شريكة فى العذاب» فتكون هذه الشركة مخففة ما هم فيهاء وقولهم: «ومن دونك 4 أى غيركء فردوا عليهم بأنهم ليسوا شركاء فى العذاب» وإنكم أنتم الذين ارتكبتم بهواكم» ولغلبة الأوهام عليكم» فتصورتم ما ليس بحقيقة» وعليكم وحدكم وزر ما صنعتم وارتكبتم» وهذا قوله تعالى: « فألقوا إليهم القول إِنّكُم لَكَاذبُودَ4 القول هو إنكم لكاذبون» والضمير فى ألقوا يعود إلى الشركاءء أى ألقوا ذلك القول إنكم لكاذبون» والشركاء فيها أحجار وأشخاص»ء وملائكة» وشياطين» وكل هؤلاء ألقوا تبعة ادعاء غير الله تعالى على المشركين؛ لأن أحدا من هؤلاء الشركاء لم يدع إلى عبادته» فالأحجار لا تنطق ولا تدعو والأشخاص الذين عبدوهم كعيسى وكللملائكة يتبرأون منهم » والشيطان» وإن قد أغواهم فهم ا تفسير سورة النحل 00 لسرب ا الذين غوواء وعليهم تبعة غوايتهم» كما قال تعالى عنه: « وَقَال الشيطان لما فضي الأمَر إن الله وعد كم وعد الحق ووعدتكم فَأَخلَفتكم وما كَان لي عليكم من سلْطّان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تأوموني ولُومُوا أَنفّسَكُم م أنا بمصرخكم وما أنثم بمُصْرخي ني كرت بمًا أشركتموني من قَبْل إِنّ الظَالمينَ لهم عَذَاب أليم #59 [إبراهيم] وما هو الكذب الذى أسند إليهم» وأكد ذلك التوكيد؟ الكذب فى أنهم ألقوا التبعة عن أنفسهم. وحملوها شركاءهم» والكذب فى تضمن قولهم أن المسكول أولئتك الشركاء» وكذبهم فى زعمهم أن أولئك الشركاء أضلوهم» وإنما أضلتهم أوهامهم التى توهموهاء وشهواتهم التى أركسوا فيهاء» حتى حسبوا أنه لا بعث ولا نشور» فهم أضلوا أنفسهم ووجد الشيطان سربا لنفوسهم من وراء هذا الضلال» و(الفاء) فى قوله ط فَألقَوا 4 للترتيب والتعقيب. وقد أكد شركاؤهم كذبهم بالجملة الاسمية» وباللام» وبإن المؤكدةء وهكذا يتبرأ منهم حتى الشياطين التى استجابوا لها وصاروا أمام العذاب وجها لوجه. وإذا كانوا أمام العذاب» ولا منجاة لهم فلم يبق إلا أن يستسلموا كارهين» ولذا قال تعالى: وألقوا إِلَى الله يُومئذ اسم وَضَلّ عنهم ما كانوا يترون 69 4 . الضمير يعود على المشركين» أى أنهم بعد استسعفوا بالشركاء فلم يسعفوهم» واستصرخوا بهم فلم يصرخوهم لم يبق إلا أن يستسلموا لله وهذا معنى ( وألقوا إلى الله يومئذ السَلّم 4 وتعدى ب (إلى) لتضمن معنى هذا السلم الاستسلام إليه سبحانه بعد طول العناد :[ وضل عنهم 4 أى غاب عنهم ما كانوا يفترونه من أن الشركاء تقربهم إلى الله وأنها تكون سعفا عند الله تعالى» و(ما) اسم موصول بمعنى الذى» أو مصدرية,ء وعلى الأول: غاب عنهم القول الذى كانوا يفترونه» وعلى الثانى: غاب افتراؤهم» ومعنى غيبة الافتراء غيبة موضوع الافتراء» إذ إن موضوع الافتراءء وهو شفعاؤهم قد صار لا حقيقة له. فكان جديرا بأن يغيب غيبة منقطعة. نا تفسير سيور 0 النحل للو لل اللو مالل 04 > ا الصد عن سبيل الله ومقام الرسالة المحمدية قال تعالى: ب 2# آآه م عد اناف الذيته وأوصسدواعن سبي لله رْدِنَهِمْ عذا بافوق مر 2 مه ل ا ل ا هه ل _- الْحَدَابِيما كانوا يفسِد وت فيه وتوم تبعث فى"( 0 1 025 باحس رورس 1 0 لس جر وم ء هتؤلاءٍ ونزلنا لامك الكت زه لكي شئْءٍ وهدى هه ا تمي إذ للشركين كتوا لا يكتفون بشركهم فى عصر ال كك بل كانوا يؤذون المؤمنين ليفتنوهم عن دينهم» ويستقبلون وفود الحجيج ١‏ ليخبر وهم عن النبى عَكِةِ وقد اقتسموا مداخل مكة ليمنعوا الناس عن تصديق النبى كَليِله» فهم لا يكتفون بشركهمء بل كانوا يصدون الناس عن الحق» وهو سبيل الله والطريق الصحيح الموصل لعبادته» فهؤلاء لهم عذابان: عذاب الشرك» وعذاب الصد عن سبيل اللّه» زاده الله تعالى عليهم؛ لأنهم زادوا على أنفسهم رجسا بعد رجس؛ ولذا قال تعالى: «الّدِينَ كَفَرُوا وَصّدُوا عن سَبيل الله اهم عَذَابا فوق الْعَدَابِ بِمّا كَانُوا يفسدون 69 4 . الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله # وهم الذين لم يؤمنوا بالرسالة المحمدية» والكفر يشمل الشرك بالله بعبادة الأوثان» وأهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمد عَلِنِةٌ وبعض من نسميهم أهل كتاب يدخلون فى الشرك من بابه» وهم الذين يعبدون المسيح» أو يقولون: إنه ابن اللّه » ويصفونته بالرب ويعبدون روح القدس» ويقولون الله ثالث ثلاثة» فكلمة الذين كفروا يدخل فى عمومها أهل هه < - الكتاب كما قال تعالى: لمكن لذن كفو من أل الكتاب مركي فكي حَتَى تأنِيهم الَْنَةَ 0 4 [البينة] وقد ذكر الله تعالى ذلك الوصف للمشركين وأهل الكتاب؛ لأن الصد عن سبيل الله وقع من المشركين» ووقع من أهل الكتاب فى عصر تبليغ الرسالة» وهو الآن يقع على أشده من أهل الكتاب. وقد كان صد المشركين بالأذى ينزل بالضعفاء» وبالسخرية تنزل بأهل الشرف والمروءة» وبالتضليل ما استطاعوا بالرسالة المحمدية» وشاركهم فى ذلك اليهود. وخصوصا بعد الهجرة إلى المديئة الطاهرة» وقد ذكرنا كيف كانوا يقتسمون مداخل المدينة» ليضلوا الناس عن النبى يليه ومنهم أبو لهب بن عبدالمطلب عم النبى وله وحفيد هاشم رأس البيت الهاشمى المجيد. وقد قال تعالى: فى عقاب هؤلاء الصادين: « زدتاهم عَذَابَا فَوْقَ الْعَذَاب بم كانوا يفسدوت 4 أى أنهم يزاد عليهم عذاب بسبب ذلك التضليل والصد عن سبيل الله وذلك فساد فى الأرض؛ ولذا قال سبحانه: #8 بما كانوا يفسدون #©. أى بسبب فسادهم» وأى فساد أكبر من الصد عن سبيل الله» وهو سبيل الحق» وتبليغ الرسالة الإلهية. وقد ذكر سبحانه وتعالى وقت ذلك العذاب» فقال عز من قائل: من في ملأ داهم من هم وج بلك شهدا ع مزلا وترَلنَا ليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى وَرَحَمَة وبشرئ للْمُسلمِينَ 69 4 . «إ ويوم تبعت في كل أمَةِ شهيدا لهم من أنفسهم 04 (يوم) منصوب بفعل محذوف معناه» واذكر يوم نبعث فى كل أمة شهيدا من أنفسهم 4. أى منهمء ومن أنفس قومه كما بعث النبى كَةٌ فى العرب من أنفسهمء وكلمة « تَبِعَتْ ‏ تدل على أنه يبعثه الله تعالى مع قومه شهيدا لهم أو عليهم يوم القيامة» ويذكر النبى يَكْدٌ بأنه بعث فى كل أمة شهيدا عليهم يبلغهم فى حياته» ويشهد عليهم يوم القيامة ل وجئنا بلك شهيدا على هؤلاء 4 واللجمع ؛ بين المضارع فى قوله: 9 ويوم نبعث هاا تفسير سورة النحل الملل 0 لسر اة في كُلَ أَمّهَ شهيدا عَليْهم مَن أَنفْسهم 4. والماضى فى قوله تعالى: « وَجثنًا بلك شهيدا على هؤلاء4 يدل على أن البعث فى الدنيا بإرسال الرسل مبشرين» ومنذرين» والنبى كلك شهيد على كل الرسل؛ لأن رسالته هى الكاملة» وهى المتضمنة لكل الرسالات الإلهية كلهاء فالإسلام دين الله وهو دين النبيين أجمعين» وهو خاتم الرسالات كلها. وتدل بهذا الجمع بين الماضى والمستقبل بأن الله تعالى يبعث مع كل أمة يوم القيامة شهيدا عليها بأنه أدى الرسالة وشهيدا لمن آمن واتقى» وشاهدا على من كفر وعصى . وبالنسبة للبعث الدنيوى وشهادة الرسول على الرسل أجمعين ذكر القرآن الكريم الذى نزل مصدقا لما بين يديه من الكتب وشاهدا اللرسل أجمعين قال تعالى : « ونزْلنَا ليك الكتاب تبيّانا َكل شيء وهدى ورحمة وبشرئ للمسلمين 4 . وصفه الله تعالى بأربعة أوصاف كاملة. الوصف الأول - أنه تبيان كل شىء أى فيه بيان كامل لكل شىء من شكئون الرسالات الإلهية للبشرء ففيه خير رسالات النبيين السابقين» وفيه بيان الأحكام المحكمة التى لم يَعرها نسخ من الشرائع الإلهية كلهاء وفيه المعجزات التى جاءت بها الرسل معجزة معجزة, ولولا القرآن الكريم ما علمت على درجة اليقين معجزة لنبى أو رسولء لأنه الكتاب المحفوظ المتواتر حقا وصدقا. والوصف الثانى ‏ أنه هدىء فهو يشتمل على الهداية» كما قال قائل الحن: يهدي إِلَى الرّشّد ... © 4 [الجن] ويبين السبيل الأقوم والطريق المستقيم . والوصف الثالث ‏ أنه الرحمة؛ لأن شريعته رحمة للعالمين فهى بنظامها واقتصادها وحدودهاء وكل عقوباتها رحمة للكافة من الأمة» وإن كانت فيها قسوة أحيانا على الآحاد»ء ففيها رحمة للعباد. (##ا تفسيرسورةالنحل ل للفلل ولوللا رب ل والوصف الرابع - « وبشرئ للْمُسلمِينَ4 فيه التبشير للمؤمنين بالجنة» والإنذار للكافرين بالنار» وذكرت البشرى دون النذر لأنها التى تتناسب مع الرحمة» والله ولى المؤمنين. من الأخلاق القرآنية قال الله تعالى: إِنَا اميا مربالعدلٍ |[ جرت ساحن اح سل صم -|١‏ صجخرج لا سدح ده سنن يتاي زى الروك ينص الحا وَالمتجكر 2 266 خم 4 على م لحك 5 ا 1 9 سف ارجأ لقال بعَدَ َم رَهَاوَقدَ جعاتم أله : م هم كد لان وهر سرع ج ع2 14 - .1 لماعب ايا ولاتكونوأ كلت نقضت ةط 020 م 0 ايفو تكد تبذك لالتلا 0 موزعم ع أن موري أَمه هأرق مِنْأَنَة إِتَمربو كر 2007 اليم وَمَا هتفه مكلو 00 وَلَشَاءأسَّدُ انه ملكأ مد وبِحِدَةٌ ولك يضضِلٌ من -- ترمو 1000 1 ره له-2 . 2 ره سك 97 يشاءو 0 2 وو ىا ريسم 0 2 و و 200 رء 4 مس فور 0 أ ع روم وتذوقوا ل بِعَاصدَدشُرَع 5 كيل أتر و52 عَذَابٌ سح سالا 0# تفسير سورة النحل و عظيمٌ 9 وَلَاتَشْتروأ وم د أتود تسّائيلا إِتَمَاعِن داه د د ماه +1 وصف القرآن الكريم فى الآية السابقة بأنه تبيان كل شىء وهدى ورحمة» وهو بذلك يشير إلى أنه جامع للشريعة وفيها الهداية» وفيها الرحمة» وقد بين الله الهداية والرحمة وغيرها فقال: إن اهيمر بْعَدل وَالإسَان وإيتاء ذي القربئ وين عن الفحْشَاء السك والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون 60 4 . العدل يتضمن الرحمة بأعلى معانى الرحمة» وإن كان العدل يوجب الشدة والغلظة على الحناة؛ لأنه إذا كان فيه غلظة على ا لجانى » ففيه رحمة بالمجموع. . -370 جم وا ممه ىس واه والرحمة بالمجرم تشجع الحريمة ؛ ولذا قال عه : امن لا يرحم لا يرحم)27؛ لأن العطف على الجانى إيذاء للكافة» ولقد قال النبى كله فى الرحمة المطلوبة: « الرحمة بالكافة)("2» وإذا كانت شريعة الله تعالى رحمة للعالمين» فلأن قوامها العدل . العدالة فى الإسلام: تجرى فى الشرائع كلمات ثلاث المصلحة أو المنفعة» والواجب أو الفضيلة» والعدالة» ونجد أن كلمة العدالة أشملهاء بل هى تشمل الأمرين الآخرين» فإن العدل يتضمن المصلحة العامة والمنفعة الشاملة» إذ يكون الجميع فى أمن ويمنع الظلم والبغى والعدوان» وهو بذلك يدفع أضرار هذه الموبقات» والعدل فيه حماية للأنفس» وقمع للرذائل» فالرذائل فى جملتها اعتداء» وكل دفع للاعتداء يكون عدلاً» وإن كل شىء فى الشريعة قام على العدل» حتى عقود المعاملات فإنها قامت على المساواة» فأساس التعاقد هو المساواة بين العوضين» فإذا دخل التعامل )١(‏ سبق تخريجه. زفق رواه الحاكم فى المستدرك كم ؟/) ج1/ 6 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجأه . 9 ###ا تفسيرسورة النحل الللللللللا 00 ا غُبن أو تغرير أو مماكسة أثر ذلك فى صحة العقد مما أدى إلى كلام طويل بين الفقهاء فى ذلك . والعدل الذى يأمر الله تعالى به ليس هو فقط الإنصاف بين الناس المأمور به فى قوله تعالى: « ... وإذًا حكمتم بين النّاس أن تَحكُمُوا بالْعَدل ... 69 4 [النساء]» بل إن العدل له شعب ثلاث: ١‏ العدل فى حق الله تعالى بشكر نعمته» والقيام بما أمر من فرائتض» والانتهاء عما نهى من منهيات. فذلك عدل مع الله؛ لأنه فى جملته من شكر النعمة» وهو عدل لأنه قيام بالواجب نحو ما أعطى سبحانه وتعالى. 5- وعدل فى ذات نفسه بأن يكون مستقيم النفس. لا انحراف ولا تجانف» ولا ميل عن الطريق السوى. "' - وعدل مع الناس بأن يحب لهم ما يحب لنفسهء كما قال كلِيّْ: «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك».؛ وبأن ينتصف للناس من نفسهء ولا يلجمهم إلى الحاكم . ثم أخيراً إنصاف الناس إذا حكم. وتعجبنى كلمة قالها ابن العربى» فقد قال: «العدل بين العبد وريه إيثار حقه تعالى على حق نفسهء وتقديم رضاه على هواه» والاجتناب للزواجر والامتثال للأوامر» وأما العدل بينه وبين نفسهء فمنعها مما فيه هلاكهاء قال الله تعالى: « ... وتهى النفس عن الْهمُوئ 9 [النازعات]» وعزوب الأطماع عن الاتباع» ولزوم القناعة فى كل حال ومعنى» وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة وترك الخيانة فيما قل أو كثرء والإنصاف من نفسه لهم بكل وجهء ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل» ولا فى سر ولا فى علن» والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى. وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى). تفسيرسورة النحل لل ب ا ولم يذكر العدالة فى الحكم؛ لان ذلك أمر لا يحتاج إلى بيع ب تمن القرآن فى قوله تعالى: ١‏ إن الله يَأمْرَكُم أن تَوَدُوا الأمانات إِلَئ أَهَلها وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل ... (52) © [النساء] . هذا هو العدل الذى أمر الله تعالى به قد ذكرناه» وإن كان بيانه أعلى ما تشمله عقولناء وقد ابتدأ سبحانه وتعالى به؛ لآنه يتعلق بالكافة» وهو مطلوب فى كل حال؛ وهو إعطاء كل ذى حق حقه» ثم أمر بعد ذلك بالإحسان وهو أكثر من العدل فيوضاًء وخيره يمتد ويزيد؛ ولذا عقب العدل بالإحسان. اك حسان: والإحسان مصدر أحسن, وأحسن تتعدى بنفسهاء وتكون بمعنى الإتقان والإحكام» ومنه الإحسان فى العبادة كيفًا بأن ينصرف الوجه لله تعالى» ويقرب منه» ومنه أداء النوافل لإتقان الفرائتض» ومنه حديث جبريل فى التعريف بالإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»"١"‏ . وأحسن تتعدى ب (إلى) بمعنى أعطاه حقه وزاد عليه فضلا من عنده» حماية لنفسه من الظلم ووقاية له من التعدى» والإحسان بهذا المعنى يكون فى المال فيكون بإعطاء الزيادة عما يستحق» ويكون فى القول فيقابل القول السيىء بالقول الحسن » كما قال تعالى: ولا توي الْحَسنة ولا الس ادقع بالتي هي أحسن فَإذا اندي بينك وبيته عداوة كَأنَهُ ولي حميم 69 4 [فصلت] ويكون بالصفح عمن ظلمء وبالعفو عمن أساءء ويكون بالربط بين الناس بالمودة والعفو فما زاد عبد بعفو إلا عزاء. والإحسان يكون بين الخلطاء والعشراء» والتعامل الأحادى» ويكون الآمر بالإحسان بعد الأمر بالعدل انتقال من الأمر العام الذى هو صالح وواجب فى كل الأحوال» وفى كل الأوقات إلى أمر آحادى تطيب له النفوس» وتتلاقى به بالمحبة والمودة» يكون التآلف والتراحم والتآخى فى الجماعة. )١(‏ سبق تخريجه. ..١ لاا‎ 7 ىب إيتاء ذى القربى: وبعد ذلك نزلت الأوامر إلى الأسرة بربط آحادهاء فقال تعالى: 8 وإيتاء ذي القربى 4 والقربى مؤنث أقرب. والمعنى إيتاء الأقربين ومعونتهم. وألا يضن عليهم والأسرة فى الإسلام ليست مقصورة على الزوجين والفروع . بل هى الأسرة الممتدة الشاملة للأصول والفروع والحواشى من الإخوة والأخوات وأولادهمء والأعمام والعمات وأولادهم. والأخوال والخاللات وأولادهمء وقد أوجبت الشريعة الإسلامية وجوب نفقة القريب على قريبه إذا عجز عن الكسبء ولم يكن ذا مال ووضعت مقياسا دقيقا أساسه الغرم بالغنئم فمن كان يرثه إذا مات تجب عليه نفقته إذا عجز. هذه هى التى أمر الله تعالى بهاء وعليها يقوم بناء المجتمع الصالح» وبعد تعالى : ٠‏ وينهئ عن الفحشاء والمنكر والبغي ©. نهى عن أمور ثلاثة هى أدوات الهدم فى البناء الاجتماعى : الأمر الأول « الفحشاء». وهى بمعنى الزيادة والإفراط فيهاء وكل المعاصى فيها إفراط فى الزيادة عن مقتضى الفطرة» ويقول البيضاوى فى تفسير معنى 8 الفحشاء #: هى الإفراط فى متابعة القوى الشهوية كالزنى» فإنه أقبح أحوال الإنسان» ونقول إن الفحشاء تشمل كل متابعة للهوى الجامح الخارج عن حدود الاعتدال كشرب الخمر والقمار والزنى» ومجاوزة الحد فى أى أمر من أمور الشهوة حسيا أو معنويا. الأمر الثانى ‏ لإ والمدكر» هو ما تنكره العقول المستقيمة» ويخرج به المرء عن حد المعقول كقول الزور والبهتانء والإفراط فى الاستهانة بحقوق غيره؛ | تفسير سورة النحل ال ملل حب ا والاندفاع وراء غضب جامح يخرج عن حد المعقول» إلى حد ما ينكره المجتمع ويتجافاه» ويقطع المودة وينقض ما أمر الله تعالى به أن يوصل . الأمر الثالث والبَغي» هو الاعتداء على الناس» والتجبر والاستعلاء عليهم» وأن يمنعهم حقوقهم ويأخذها بغير حق» وإن ذلك من آثار الوهم بأنه من صنف أعلى من صنفهم» فيغالى فى الاستهانة بهم» ويبغى عليهم فى حقوقهمء وييخسهم حقهمء كما نرى الآن من بغى بعض الناس على بعض باسم أنهم سودء أو باسم أنهم من الأمم النامية» أو باسم الطبقاتء فكل ذلك من وهم الاستعلاء والغلو فى إعطاء أنفسهم حقوقا ليست لهمء ولكنهم يفرضونها لأنفسهم» وسببها بغيهم وظنهم أنهم من صنف فوق الناس وأن الناس دونهم» ولقد قال البيضاوى فى البغى ما نصه: «والاستيلاء على الناس والتجبر عليهم» فإنها الشيطنة التى بمقتضى القوة الوهمية» ولا يوجد فى الإنسان شر إلا وهو مندمج فى هذه الأقسام صادر بتوسط إحدى هذه القوى الثلاث (أى الشهوة أو الغضبية أو الوهمية) . وختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: « يعظكُم لَعلَكُم تَذَكُرون 4, أى رجاء منكم بأن تذكروا هذه الأوامر فتطيعوهاء وهذه المنهيات فتجتتنبوهاء وتكون لكم موعظة تتعظون بهاء وتعتبرون فى اتصالكم بالناس والحياة بها . لقد قال ابن مسعود: إن هذه أجمع آية لمعانى الإسلام» ويروى عن عثمان ابن مظعون أنه قال: أسلمت حياءً من النبى وَكةِ فلما سمعت هذه الآية آمنت بالإسلام حقا وصدقا. ويروى أن أكثم بن صيفى حكيم بنى تيم وخطيبهم» وكبيرهم فى سنه لما بلغه مخرج النبى كَللِْدِ أراد أن يذهب وقد بلغه الكبرء فأبى عليه قومهء وقالوا: أنت كبيرنا لم تكن لتخف إليه» قال: فليأت من يبلغه عنى» ويبلغنى عنه» فدعا رجلين» فأتيا النبى كَكلهِ فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفى» وهو يسألك: من لاا تفسير سورة النحل م لاللللل 111 1 1[ 23125601111141 ىج - ا أنت» وما أنت؟» فقال الرسول يَكِهِ: «أما من أنا فأنا محمد بن عبدالله, وأما ما أنا فأنا عبدالله ورسوله. ثم تلا قوله تعالى : « إن الله يأمر بالْعدل والإحسان وإِيتَاء ذي القربئ وينهى عن الْمَحْشَاء وَالْسْكَر والبَغي يَعظُكُم لَعَلَكُمْ تَذَكرُونَ ١‏ © 2)4. قالوا: ردد علينا هذا القول فردده عليهم حتى حفظوه. فأتيا أكثم فقالا: أبى أن يرفع نسبه» فسألنا عن نسبه فوج دناه زاكى النسب» وسطا فى مضر ‏ أى من أشرف مضر - وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناهاء فلما سمعها أكثم قال: إنى أراه يأمر بمكارم الأخلاق» وينهى عن ملائمها. . كونوا فى هذا الأمر رءوساء ولا تكونوا أذنايا. هذا ويجب التنبيه إلى أن أبلغ ما فى المأمورات العدالة» فهى أقواها أثرا فى بناء المجتمع» وأقبح المنهيات البغى» فكلها يمس ناحية فيه» ولقد قال النبى يلل فيه وفى قطيعة الرحم: "ما من ذنب أحق أن يعجل الله عقوبته فى الدنيا مع ما يدخر لصاحبه فى الآخرة من البغى وقطيعة الرحم»7©. العهد فى الإسلام: دعا الله تعالى فى هذه الآية إلى العدل فى وسط الجماعة الإسلامية» ودعا إلى العدل بين المسلمين وغيرهم» وميزان العدالة الدولية الوفاء بالعهد؛ ولذا جاء الأمر بالوفاء بالعهد بعد الأمر بالعدل» فقال عز من قائل: وأوفوا بهد الله إِذا عاهدثم ولا تتقضوا الْأيمَان بَعْدَ توكيدها وَقَد جَعَاُْم الله عليكم كفيلاً إن الله علم ما تفعَلُونَ 69 4 . أمر الله تعالى بأن يعدل المؤمنون مع غيرهم» ولو كانوا يبغضونهم» فقد قال تعالى: « ... ولا يجرمئكُم شتآن فوم علئ ألا تَعدلُوا اع دلُوا هُوَ أرب للتقوئ...20) 4 [المائدة]» وإذا كان فى بعض الديانات جاء عمن ينسبوتها إليه استغفروا لأعدائكم . فشعار الإسلام: اعدلوا مع أعدائكم» وشعار العدالة أقوى )١(‏ سبق تخريجه با تفسير سورة النحل 00ل لحب از وأثبت وأليق» وكيف يستغفر للعدو إذا مات على ضلالة» ولكن العدل معه معقول فى ذاتهء وتحقيقه وهو الأكرم والأنسب. ومن العدالة مع الأعداء الوفاء بالعهد؛ ولذا قال تعالى: «[ ... وَأَوفُوا بالعهد إن العَهّدَ كَانَ مَُسْتُولاً 9© 4 [الإسراء]ء وقد قال تعالى: ظ وَأَوفُوا بعهد الله ذا عَاهَدتمَ4. قيل إنها جاءت فى بيعة المسلم عند دخوله فى الإسلام ييايع الله ورسوله على الإسلام» وقيل: أن هذا فى النذور» والحق إن الأمر فى الآية عام فى وجوب الوفاء بالعهد سواء أكان عهدا فرديا أم كان جماعيا أم كان دولياء والوفاء بالعهد من العدالة» والعهد اتفاق بين طرفين يوجب على كل واحد منهما التزاماء وهو كأى عقد بين طرفين يوجب إلزاما والتزاماء فلا ينقضى إلا بتراضى الطرفين» وليس هذا داخلا فى عموم قول النبى يَلِه: «من حلف على شىء)؛ فرأى خيرا منه فليحنث وليكفر)(!2, فإن ذلك فى الأيمان التى هى التزام شخصى كأن يحلف ألا يفعل كذاء أو ألا يصلح بين خصمين» فإن ذلك واقع تحت النهى فى قوله تعالى : طاولا تَجعلُوا الله عُرضة لِأَيْمَانَكُم أن تبروا وتتّقُوا وتصلحوا بين النّاس ... 659 © [البقرة]. وقد سمى الله تعالى العهد الذى يعاهد عليهء ويكون فيه التزام من الجانبين؟ ولذا كان بصيغة المفاعلة» عاهَدتُم 4. وسماه عهد الله لأنه موثق بيمين الله عادة» ولأنه بين دولة الإسلام وغيرهاء فكان كأنه عهد الله الذى وثقه المسلمون فى ظل الله تبارك وتعالى. وهو يشمل كل عهد عاهدته الدولة الإسلامية بعهد اللّه تعالى» وهو عدل وقوة» أما أنه عدل فلأنه وفاء بما التزموا ومن العدل الوفاء لهم. وكما أنهم ملزمون بالوفاء فيجب علينا أن نلتزم به وأما أنه قوة» فلأن من يطمئن إلى عدله )١(‏ سبق تخريجه. الها تفسير سورة النحل الل 0 اكاك .» 7 يكون آمنا من جانب من عاهدهم» وينصرف لتنمية ثروته» وتمكين قوته» والانفراد بأعدائه الذين لم يعاهدوه؛ وانظر إلى عهد الحديبية الذى عق ده النبى مَلِْدٌ مع المشركين» فإنه انصرف فى المدة التى كان فيها عهد الدعوة إلى الإسلام» حتى كان من دخلوا فى الإسلام بعد العهد أضعاف من دخلوا من قبله بل أضعاف أضعاف وانفرد كَكْةٌ لليهودء فغزاهم فى خيبر» وخرج للرومان فى خيبر. والعهد ليس أبديا بل ينقض إن كانت خيانة» أو مظنة خيانة كما قال تعالى: ظ وما تَحَاهُنَ من قَوْم حََانَةَ انب إِلَيهم على واء . .. 62 > [الأنفال] . وإن العهد لا يكون بين دولة الإسلام وغيرها من الدول فقط. بل يكون فى داخل الدولة الإسلامية كالإخاء الذى كان بين المهاجرين والأنصار والمهاجرين بعضهم مع بعض والأنصار بعضهم مع بعض . وقد أكد سبحانه الأمر بالوفاء بالنهى عن النقض معللا النهى» فقال تعالت كلماته : « ولا تَنشضوا الأَيمَان بعد توكيدها وقد جَعليُم الله عليكُمْ كفيلاً» . أى لا تنقضوا العهود لأنها نقض للأآيمان بعد توكيدهاء والتوكيد هو التأكيدء وهما لغتان جائزتان وتوكيد الأيمان معناها أن تكون باسم الله» وبأن تكون أمام شهود وفى مجالس تقرها وتؤيدهاء والكفيل هنا هو الرقيب الضامن» فمن عاهد بيمين الله» فقد جعل الله تعالى كفيلا له ضامنًا لقوله فعليه أن يحترم» وكفيلا- هنا تتضمنه معنى الرقابة؛ لأن الكفيل يراقب المكفول» حتى يؤدى ما التزم أداءه. وقد بين سبحانه مضار النقضء وأشار إلى ذلك فقال: إن الله َعلَمِ مَا تفعلون 4, أى عليم بما فعلتم وقد عقد العهد. ووثقتموه بيمين الله تعالى» وعليم بفعلكم إذا أردتم النقض» وقد أكد سبحانه وتعالى علمه الأزلى بالجملة الاسمية» وبإن» وبلفظ الجلالة» وبتقديم الجار والمجرور على الوصف؛ لأنه يفيد مزيد العناية بأفعالكم وشدة رقابته عليها. / تفسير سورة النحل ل ١‏ بج .رآ يي وقد أكد الله الآمر بالوفاء وإثبات أن الوفاء قوة فقال عز من قائل: «إ ولا نَكُونُوا كالّتي تقضت عَزْلَها من بعد قُوَة أنكانًا تتَخذون أيمائكم دَخَلا بيكم أن تكون أُمّةُ هي أربئ من أَمَة إِنَمَا يبلوكم الله به لين لَكم يوم القيامَة ما كنتم فيه الأتكاث: جمع نكث كنقض الفّتل هو الشعر الذى كان مفتولا ثم نقض» وصار أجزاء متفرقة بعد الفتل وشد الفتل» والمعنى أن العهد قوة» وقد شبه القرآن الكريم الذى ينقض عهده بالمرأة التى تفتل غزلها فتلا شديداء ثم بعد فتله تنقضه أجزاء وصوفا متناثراء وهو مثل يضرب لكل من يعمل عملا يكون له ثمرة طيبة ثم ينقض ما تم من جهة ويبطل عمله؛ فتفقد ثمرة العمل الذى عمله بحقها وجههاء وقوله تعالى: ١‏ تَتَحْذْونَ أَيمَانَكُم دخلا بينكُم 4. أى بهذا العمل وإبرام العقد وتوثيقه بالأيمان تتخذون الأيمان والحلف بالله دخلا 4 أى غشا وخديعة وقوله تعالى: «إ أن نَكُون أَُمّةَ هي أَربئ من أُمَّة24 ا أَربَى 4 أى تكون أكثر عدداء وأوسع أرضاء وأكثر مالاء وأقوى قوة فكلمة «! أربى 4 تشمل كل هذا. والأمة التى هى أربى هى الناقضة للعهد بعد الأيمان الموثقةء أو هى المنقوض للعهد بالنسبة لهاء وعلى المعنى الأول أن النقض للعهد أو الرغبة فيه سببها إرادة أن تكون أمة هى أربى من أمة» فتنقض العهد ليتسع حيزهاء وليكثر عدد من هم فى ولايتهاء فمعنى الآية على هذا التخريج لا تكونوا كالتى نقضت غزلها رغبة فى أن تكون أمة هى أربى من أمة» أو إرادة ذلك أى لتكون أربى عددا أو أكثر ولدا وأوسع أرضاء أو أقوى عدة من أمة. وإذا كان المنقوض عهدها هى الأربى» فمؤدى ذلك أن يكونوا قد عقدوا معها لقوتهاء وأنها أربى ويكون قد عقد دخلا وغشا لينقض فى أول فرصة. وإنى أميل إلى التخريج الأول لأنه أوضح بياناء وأظهر برهانا» ومؤدى القول أنه لا يصح نقض العهد لإرادة الاستعلاء» كما كان يفعل المشركون» وكما ل / تفسير سورة النحل 509 111أانانة أ اللكا1لالالا ااا الانخ اللملار الالال تالكا قط مخم تنخ لكالا للاخ االاالةا الال للناالاالاانمااا لاا ممم ممخممسضنططط اتات طاطخ فطللا اح ار كان يفعل الذين لا يرقبون فى المؤمنين إلا ولا ذمة وإن هذا النص السامى يدل على ثلاثة أمور: الأمر الأول أن العهد قوة»ء وأن الوفاء به استمساك بما فيه قوة» وأنه يكون كالحمقاء تفعل ما هو سبب للقوة ثم تنقضه. وأن الأمم مهما تكن قوتها إذا استهانت بالعقود لا يثشىّ الناس فى رجائهاء فإذا كانت الشديدة تلفتت فلا تجد أحدا حولها؛ لأنه لا ثقة فيهاء وقد رأينا ذلك رأى العين فى أمم شرقت وغربت» ثم تزايلت حتى زال سلطانها. الأمر الثانى ‏ أن العهد إن تم نقضه غشا وخديعة لا يقدم عليه أهل المروءة والأعراء» وعبث بأيمان الله سبحانه وتعالى. الآمر الثالث ‏ أن علو الأمم فى الوفاء بعهدها لا يصح أن تتخذ النقض أمة لتدمو وتربو فإنها إن ربت ونمت بالإخلاف بالوعدء فهو نمو يحمل فى نفسه ما يوجبه انحلاله وذهاب قوته. وإن الوفاء بالعهد بين الأمم احترام الإنسانية التى يعقدون معهم.ء فهم يعدونهم أناسى مثلهم يعرفون حقوقهم ويراعون الواجبات نحوهم, والذين ينقضون العهد تسول لهم قوتهم أنه ليس لأحد حقوق قبلهم» ولا يعاملونهم إلا كمن هم دونهم» وقد رأينا ذلك فى حكومة عاتية أزالها فساد عهودهاء وتراها الآن فى وريثة لها تكبر من غير عهد ولا ذمة ولا ضمير ويحسبون الناس قد أباحتهم لهم قوتهم . وإن الوفاء بالعهد. وهو من مكارم الأخلاق وملاحظة حقوق الإنسان لأخيه» ونقض العهد نقيض ذلك وكثرة الأمم وقلتها وهو من ابتلاء الله تعالى للأمم وللناس ؛ ولذا قال تعالى: 8 إِنّمَا يبلُوكم الله به وليب لَكُم يوم القيامَة ما كسم فيه تختلفون 4. الضمير فى 9 به »© يعود إلى أن تكون أمة أربى من أمة أو إلى نقض العهد لذلك؛» أى يختبركم الله تعالى بأن تكون أمة كثيرة العدد واسعة / تفسير سسور: ةا لنحل للللللو اللو للملا اال للم 7 الاك 1 يي الآرض كثيرة المال وأخرى ضعيفة فإن صبرت القوية الرابية واستمسكت بالوفاء زادها الله تعالى» وإن غلب عليها هواهاء فاستهانت بالعهد لاستهانتها بمن عقدته معهاء فإن مآلها الضعف والخذلان, والله عليم بما يفعلون» هذا عقاب الدنياء أما عقاب الآخرة» فقد ذكره سبحانه وتعالى بقوله: 9 وليبينَ لَكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون 4, وبيان الله تعالى يوم القيامة يكون مقترنا بجزائه» إن خيرا فخيرء وإن شرا فشرء وقد أكد سبحانه وتعالى بيان ذلك الجزاء لهم أولا بلام القسمء وثانيا بنون التوكيد الثقيلة وبالقسم» وما كانوا يختلفون فيه هو الشرك والإيمان ثم الوفاء والنقض ثم احترام الإنسانية والاستهانة بهاء فكل ذلك جزاؤه يوم القيامة؛ ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ولا الإيمان والكفرء ولا الوفاء بالعهد ونقضه. وإن ذلك الاختلاف بين الحق والباطل هو إرادته سبحانه ليبلوكم أيكم أحسن عملا؛ ولذا قال سبحانه: ولو شاء الله لَحعلكُم أَمَةَ واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن ما كم تَعْمَلُونَ 65 4 . 0 والمعنى لو أراد ذلك سبحانه ولعلقت مشيئته بأن أمة واحدة آخذة بالحق مهدية مهدية لمسعلكم كذلك؛ ولكن خلقكم سبحانه» ولكم إرادات مختارة تسلك الحق أو الضلال» ويختبر أهل الباطل بأن يعطيهم قوة يهتدون بهاء أو يضلون» ومعنى أمة واحدة أمة مهدية أو أمة شقية» وتكونون حيئئذ على سواء فى الهداية أو الشقاءء ولكن كانت لكم هذه الإرادات التى بها تضلون إن سرتم فى طريق الضلال» وتهتدون إن سرتم فى طريق الهداية. ولكن إرادة الله تعالى اتجهت إلى ذلك الاختلاف لتكون الحياة ولتكون المعاقبة بين الخير والشره ويتنازع أهل الشر مع أهل الخير وليكون الخير بعمل أصحابه, والشر بعمل أصحابه» ويكون الضلال وتكون الهداية؛ ولذا قال: © ولكن يضل من يشَاء ويهدي من يشَاء 4 إضلال الله هو كتابة العبد فى أهل الضلال وهداية الله كتابته فى أهل الهدىء وذلك لأن العبد له إرادة يشعر بهاء 2 تفسير سورة النحل االلللللللل امل ااال سر اا وأنه ليس بمجبر فيهاء وأنه ييختار إما الضلالة ليشقى وإما الهداية فيسعدء وما إلى فلسفة أهل الجبر ولا أهل الاختيار. والاستدراك فى قوله تعالى: ولكن يضل من يشاء... * إنما هو عن خلقهم أمة واحدة بل هو للتفرقة بين الضلال والهدى فيما يكتبه الله تعالى» ويقدره. ولقد قال سبحانه بعد ذلك 8 ولتسألن عمًا كنتم تعملون 4. أى أن أعمالكم باختياركم وبقوتكم الذاتية وتسألون عنها: أهى خخير فتثابوا أم هى شر فتعذبواء وكل أعمالكم مكتوبة عليكم وبكتابتها يضلكم أو يهديكم. وبعد أن بين سبحانه أن كون أمة أربى من أمة هو بمشيئة الله وإرادته مع بقاء الاختيار للعباد أكد سبحانه وتعالى النهى عن نقض الوفاء بالعهد فقال: ل( ولا تتَخذوا أيمَانكم دخلا يكم فَحَزِلَ قم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بمًا صددتم عن سبيل الله ولَكُم عَذَابْ عظيم 69 4. كان النهى عن اتخاذ الأيمان دخلا أى غشا وخديعة فى العهود؛ لأن الكلام كان فى العهود ونقضهاء إذ ابتدأ القول: ‏ وأَوَفُوا بعهد الله إذا عاهدتم 4 أما النهى فى هذه الآية عن اتخاذ الأيمان دخلاً» فهو نهى عن الحلف الكاذب خديعة وغشا ومكيدة بعهد كان يعتزم فعل أمر أو يظهر اعتزامه ويوثقه بيمين» ولا يتجه إلى المعاهلة عليه فإن ذلك منهى عنه» أو يؤكد كلامه عن أمر سابق باليمين وهو كاذب فى يمينه» فإن اليمين فى هذه الحال غش وخديعة ويكون تمن لا يطاع ولا يستمع إليه إذ يقول الله تعالى : ولا تطع كل حلاف هين 3 هَمَاز مشا بنميم 69 * [القلم]. وعلى ذلك يكون النهى عن اتخاذ الأيمان للغش والخديعة يشمل العهود والبيعات ويشمل توثيق يمين منعقدة لا ينوى التنفيذ فيهاء أو يمين غموس هو فيها كاذب» كشهادات الزور» ونحوها مما تتخذ اليمين للغش والخديعة» وضياع الحقوق والدعاء الباطل وتأكيده بهذه الأيمان. ل ل تفسشبير سبور: ةا لنحل الل 0 الجل باه 22 ولقد قال تعالى فيما يترتب على اتخاذ الآأيمان الباطلة غشا وخديعة وثثبيتا للكذب « فترل قدم بعد تبوتها 4, هذا تشبيه جيد وهو استعارة من قبيل تشبيه المعنوى بالحسى أى شبه الانحراف الدينى الذى يؤدى إليه الأيمان الباطلة بعد الإسلام والاستظلال بظله كزلّة القدم بعد ثبوتها قوية» فمعنى الزلل الانتقال من الخير إلى الضرر. « وتذوقوا السّوء 4. والسوء هو الأمر السيئ وشبه بالشئ الذى يذاق كأنه بعد أن ذاق حلاوة الإيمان ذاق السوء وهو الكفرء ذلك لأن الأيمان الكاذبة تفسد اليقين» وتضعف الإيمان بالحق» وفوق ذلك إذا شاعت ضاعت الثقة بين الناس» وصار الناس لا يؤمنون بشىء» وإن ذلك يؤدى إلى الضلال» والضلال يؤدى إلى الصد عن الحق» والحق هو سبيل الله المستقيم» وصراطه الهادى؛ ولذا قال تعالى: «( وتذوقوا السّوء بما صددتم عن سبيل اللّه 4 فإنه لا يضيع الحق ولا يسير الناس فى ضلال من أمورهم إلا الكذب» فإذا وثق بأيمان فاجرة كان الصد عنه بل ضياعه. ولذا قال تعالى فى عقابه: « ولكم عذاب عظيم 4 أى كبير شديد ونكر لإفادة أنه عظيم أبلغ العظم لا يعرف مقداره» ونكرت «قدم 4 وأفردت لأنه تتعدد الأقدام الزالة بتعدد الأيمان» وأكد سبحانه النهى عن نقض العهد مهما يكن الثمن» فقال تعالى: طول تَشْعَرُوا بعهّد الله نما ليلا ِنَم عند الله هو حَير لَكُم إن عهد الله تعالى هو عهده سبحانه الذى أمر بالوفاء به فى قوله: 9 وَأَوقُوا بعهد الله إذا عاهدتم 4 فكل عهد تعاهد المؤمن أو دولة الإيمان عليه هو عهد الله تعالى لا يصح أن ينقض؛ لأنه يؤدى إلى الخذلان وإلى الصد عن سبيل الله سبحانه» وتشترى هنا معناها تبيعوا؛ لأن الباء داخلة على المتروك» وقوله تعالى: «نَمَنا قليلا4 قد وصف سبحانه ما يترك لأجله العهد بأنه ثمن قليل مهما يكن مقداره؛ لأن ما يضيع بسبب ترك العهد من فقد الثقة والشك فى العهود والمواثيق أمر كبير لا يقدر بقدر؛ لأنه يكون الوهن والخزى والضياع وقد ضربنا الأمثال على أرب ا ذلك كثيراء وفوق ذلك عذاب الله تعالى يوم القيامة وجزاؤه على الوفاء فى الدنيا والأخرة فقال تعالى: ظ إِنَّمَا عند الله هو خير لُكم إن كنتم تعلمون 4 . (ما) اسم موصول بمعنى الذى» أى أن الذى ادخره الله فى الدنيا والآخرة خير لكم» ففى الدنيا تكون عزة الحق» وقوة الوفاء وهو فى ذاته قوة» وخصوصا إذا كان العقد مع الضعفاء» وفى الآخرة نعيم مقيم. الله أبقى وخيره أبقى قال الله تعالى: سطس رخا معد هرينقَدٌ وَمَاعندَ ماق لجرت اوبره يسن ماك أيسَمَلُوت ©( مَنْعَيِلَ لكاي نكر أَجَرَهُم بأْحْسَنِ مَاحكَا فو أيحَمَلُونَ © اهرت لدان علّطي ونه شل هط سه و هل هل ور ره _ عل الذيتءامنوأوعل رهم ينو كلونَ إِسَمَا ه + زرو رام ورم و ١‏ يي و ل 28 سير جم سلطننه عل الزبمب سولونهوالذين هوبهء مشرفوت 0 - فى الآية السابقة» قال تعالى: © ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا 4 وخحتم الآية بقوله تعالى : 9 إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون © . وفى هذه الآيات الكريمات يبين وجه الخيرية لما عند اللّه تعالى؛ ولذا قال تعالى : اا تفسير سشنبور: 0 لنحل لل اللمل ملل و كاه يي جما عندكُم ينقد وما عند الله باق لزي اين صبًَوا جرهم بحْسنِ مَاكاُوا يعْمَلُونَ 69 4. (ما) اسم موصول بمعنى الذى» أى الذى عندكم أعراض فانية فإن كانت مالا فإنها تنفد ينهيها الزمان مهما يكن الحرصء» وإن بقيت فإنما تبقى بقدر حياة الذى يقتنيهاء وإن حياته لقصيرة فى أزمان الناس» وما عند اللّه باق © أى والذى عند الله باق يبقى ببقاء الجنة» وإن نعيمها الخالد والذين ينالونها خالدون فيها أبداء والفرق بين ما عند الناس حلالا وحراما وما عند الله هو الدوام فنعيم الآخرة مقيم» ونعيم الدنيا فأقصى مدته هى مدة الدنيا. وقد بين سبحانه وتعالى الذين يستحقون ما عند الله وهو الباقى فقال: «9 ولنجزِينَ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يَعْمَنُون4. وصبَروا4 صلة الموصول» وهى تشير إلى أن الصبر سبب هذا النعيم الباقى الذى لا ينفد» فالصبر وهو ضبط النفس فى ظل الأوامر والنواهى.» فضبط النفس عند الأمر بالوفاء بالعهد يوجب ألا يندفع الناس وراء بارقة تحمل على النقض» ويوجب ألا يستطار وراء مطمع فلا يفى» والصبر هو الذى يضبط النفس فيحملها على الطاعة» ويحملها على اجتناب المعاصى» والجهاد بالصبر على كف أهواء النفس ونزعاتها جهاد سماه النبى يَكَِيدِ الجهاد الأكبر. وقال تعالى: 9 أجرهم »4 جزاء بأحسن الأعمال التى عملوها فقال: بأحسن ما كانوا يَعملُون4. أى بأحسن الأعمال التى عملواء يعنى يتخير الله تعالى لهم من أعمالهم أحسنهاء ويغفر لهم اللمم والهنات» والجزاء على أحسن الأعمال يتناول الجزاء الأوفى على كل عمل يعملونه» وإن الله لا يضيع أجر المحسنين» وإن الصابرين لهم أجران: أجر الصبر وهو جهاد؛ وأجر العمل وهو إحسان» وهنا أمران بيانيان: الأمر الأول فى المقابلة بين ما عند الناس» وما عند الله» فقد وصف ما عند الناس بأنه ينفد» وما عند الله بأنه باق» أى له صفة البقاء والدوام والاستمرار وفرق بين ما يوجد لينتهى وما يوجد ليبقى. ١١ ااا‎ ١ و‎ الأمر الثانى ‏ أن الله تعالى أكد جزاء الصابرين بالقسم ولامه» ونون التوكيد الثفيلة فقال: «إ ولنجزين الّذين صبروا » وإن الجزاء يتخير فيه أحسن الأعمال ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثئ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون 69 4 . ف من عمل صالحا من ذكر أو أنثئ وهو مؤمن... 4. وبين الشرط من صلة إذ هو فى معناهء و« من ذكر أو أنثى © بيانية ليعمها الجزاء بعد أن عمها الفعل» وذكر ‏ صالحا» والموصوف والعمل غير مذكور سواء أكان فإن الاعتبار للنية ككل خير فى قانون الأخلاق العبرة فيه إلى النية» كما قال كَلَلِةِ: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى172' . وذكر هنا الذكر والآنثى مع أن الكل تشملهم التكليفات؛ والخطاب يشمل الذكر والأنثى» فيدخل الذكر ابتداء» ويدخل الأنثى بقانون المماثلة من حيث التساوى بينهماء ذكر الأنثى فى هذا؛ لأن الجزاء بالحياة الطيبة والاطمئنان وهذه تهم الأنثى بالذات فكان ذكر الأنثى فيه فضل حث وتحضيض للأنثى على عمل الصالح لتطيب حياتها بسعادة واطمئنان فى ظل زوج صالح . وقال تعالى فى جزاء الصلاح بنيته المعتزمة للخير» والحال أنه مؤمن ثابت الإيمان قوى اليقين استمر فى إيمانه حتى لقى ربه راضيا مرضيا: ‏ فلنحيينه حياة طَيبة 4. أى يحييه الله تعالى حياة طيبة فى الدنياء و(الفاء) فى جواب الشرط أو ما هو فى معنى الشرط» وهو الموصول وقد أكد سبحانه أنه يحييه حياة طيبة بالقسم )١(‏ سبق تخريجه. ها تفسير سورة النحل الللصاا ل لو اللل بالبللا . له‎ ١ 7 وباللام الموطئة للقسمء وبنون التوكيد الثقيلة» وما الحياة الطيبة التى وعد اللّه بها عباده المؤمنين الذين يعملون العمل الطيب بقلوب قاصدة الخير والصلاحء والصلاح غايتها ومبتغاها؟ الحياة الطيبة هى أن يكون رزقها حلالاء وأن يجملها الله تعالى بالرضا بكل ما يأتى به» والقناعة فى حال العسرء والرزق الحلال» أو طلب الحلال فى اليسرء والصبر فى الضراء والشكر فى السراء» وبرد اليقين وذكر الله تعالى دائماء فى حال البأساء والضراء وحال الباس 8 الّذين آمَنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمعن القلورب 69 4 [الرعد]» وفى الجملة الحياة الطيبة هى الحياة الراضية القانعة الشاكرة الصابرة ولا يكون ذلك إلا لمؤمن» وإن هذه الحياة الطيبة جزاء عاجل للإيمان والصالح من الذكور والإناث فلا سعادة خير من سعادة الرضا بالعمل الصالح» واطمئنان القلب بذكر الله والتوكل عليه فى الشديدة والكريهة بعد أحذ الأسباب والاتجاه إلى الله» أما الجزاء الآجل المؤكد الذى لا مرية فيهء فهو فى الآخرة» وقد قال تعالى فيه: «ولْنَجِزِيتَهِم أجرهم بأحسن ما كانوا يعَملُون 4 ولم يذكر فى الحياة الطيبة أنها أجرء بل ذكرها على أنها ملازمة للعمل الصالح الصادر من قلب سليم» فهى ثمرة للصالح كثمرة الشجرة» وكإنتاج الزرع وحيثما وجد العمل الصالح كانت ال حياة الطيبة ولو كانت جهادًا مستمراء ومع ذلك له أجر هو ثواب الآخرة يجزيهم الله تعالى بأحسن ما يعملون» وقد ذكر أنه سبحانه يجازى 9« بأَحسن ما كانوا يعَمَلُونَ © فجعل سبحانه وتعالى عملهم الصالح أو أحسنه هو الحزاء؛ لأنه يماثله أو يساويه كأنه هو. وهو سبحانه وتعالى مانح النعم ومجريها » وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد صالح الأعمال والأقوال وهو أعلاهاء قراءة القرآن وذكره فقال تعالى: « فَإِذَا قرأت القرآن فاستعد باللّه من الشَيْطَان الرجيم 6 4 . ذكر الله تعالى بعد الصالح من الأعمال والأقوال» والإصلاح بين الناس قراءة القرآن» فقال: ظ فَإذا قرت القرآث فَاستعذ باللّه من الشيطان الرجيم 62 4 . لأس اا ذلك لأن قراءة القرآن ذكر للّه» واستماع لحديث الله وترداد له فهو إصلاح للقلوب وللنفوس» ولم يطلب من النبى وَلةٌ والمسلسين قراءته بل إن الإيمان يقتضى قراءته؛ لأنه أحسن الحديث» بل كان الأمر بقراءته ضمنيا فى ضمن الأمر بالااستعاذة من الشيطان الرجيم» وكان أمرا بالقراءة والاستعاذة معاء. وفيه فائدة أن القراءة لا تجدى جدواها إلا إذا كانت معها الاستعاذة الحقيقية من الشيطان بإبعاد وساوسه فى تمنيات الإنسان إذ إن الأمانى ذريعة الشيطان» يدخل قلب المؤمن من جانبها كما أتى قلبى آدم وحواء بالأمانى» ثم سول لهما الأكل من الشجرة» (الفاء) فى قوله: ا فاستعذ 4 هى فاء الإفصاح لأنها تفصح عن شرط مقدرء أى إذا اتجهت بالعمل الصالح والقول الصالح إلى القرآن 9 فَإِذا قَرَأت القرآت. .. 4 . وظ قَرأت 4 هنا تطوى فى ذاتها نية القراءة أى إرادتهاء فمعنى فإذا قرأت أى أردت القراءة» كما فى قوله تعالى: 9 ... إِذا قُمتم إِلَى الصّلاة فَاعْسلُوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحو | برءوسكم وأَرجلكم إِلَى الْكَعبَينِ . . . 2 4 [المائدة]» وكقوله تعالى: ظ ... وإذَا فلم فَاعَدلُوا ... 29 4 [الأنعام]» وكقوله تعالى: «ل ... وإِذًا حكمتم بين النّاس أن تَحَكُموا بالعدل... 45 [النساء]» وقوله فى شأن حجاب نساء النبى يكَةِ عن السائلين متاعا ل[ ...وإذا سالتموهن منَاعًا فَاسألوهنَ من وراء حجاب... 45 [الأحزاب]ء ففى كل هذه الآيات ذكر الفعل وطويت النية والإرادة لأنها ملازمة له ومقترن بها لا بتحقق من غيرهاء بل الإرادة والنية هما الحقيقتان والقول مظهرها ولا ينفصل الباعث عن المظهر إذا كانا متصلين فى الوجود؛ ولذا كانت الاستعاذة مقدمة على القراءة بإجماع العلماء» ومنهم من جوز الاستعاذة بعد القراءة» والاستعاذة معناها الالتتجاء إلى الله تعالى» والابتعاد عن وسوسة الشيطان وقت القراءة» ووسوسته تجىء من بث الأمانى فى النفس» وقد قلنا إنها ذريعة الشيطان وطريق دخول الهوى إلى النفس وإ الرجيم » معناه المطرود الملقى عليه الحجارة» تثبيتا للإبعاد والطرد» والخطاب للنبى لد ابتداء» ولأمته تبعا» وهم من يقتدى ويتبع» فالأمر بالاستعاذة أمر للأمة كلهاء وهى بها أجدر 0 واحق. اا تفسير سورة النحل للخ ااال ل لل جلك 2ج وقد أكد سبحانه معنى الاستعاذة ببيان أنه ليس له سلطان على الذين آمنوا فقال عز من قائل : ف إِنهُ يس لَهُ سلْصَانُ على الذي آمنوا وعلَى ربَهم يَعَوَكَلُونَ 69 إِنّمَا سلطائه على الْذين يعَولُوته والّذِينَ هم به مشركون (-0 6 . يحصن المؤمنين من الشيطان أمور ثلاثة: الحصن الأول الاستعاذة منه بالقلب واللسان كما أمر الله تعالى: 8 فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم 4. كما قال النبىيظةٍ وقال: «علمنيها جبريل)20 فإن الاستعاذة تحصين للقلب من وساوس الشيطان ودخول هذا الحصن قراءة القرآن الكريم . والحصن الثانى ‏ الإيمان فإن الإيمان حصن الحق من الغرور |والأوهام والأهواء. وكلها ذرائع الشيطان؛ ولذا قال فى وعيده بالإغواء: # . .. ولأغويتهم أَجَمَعينَ 69 إِلاّ عبادك منهم المخلصين 60 4 [الحجر] . والحصن الثالث - التوكل على الله حق توكلهء وأخذ الأسباب وتفويض الأمر إليه تعالى» وهو العلى القدير. وهذا هو مؤدى قوله تعالى: «إِنهُ َس لَه سلْطَانَ علَى الِّينَ آمنوا 4 والضمير فى (إنه) يعود إلى الشيطان المذكور فى قوله تعالى: 8 فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم 4 والسلطان الحجة والبرهان والاستيلاء على النفس المؤمنة» ولا يمكن أن يكون له ذلك عليها؛ لأنها تعرف أنه عدوها ومرديها ومفسدهاء وماضيه فى ذلك عندها معروف علمها إياه الحكيم العليم» وهى تتوكل على الله وحدهء فلا يمكن أن يستولى عليهاء فالنفس المؤمنة ليست فارغة حتى يتولاها. وقوله تعالى: وعلَى بهم يتوكَلون 4. فيه تقديم الجار والمجرور على الفعل يفيد القصرء أى لا يتوكل المؤمنون إلا على الله فليس فى قلوبهم فراغ للشيطان يحتله» والتعبير ب8 ربهم 4 يزكى توكلهم؛ لأنه الذى ذرأهم ورباهم . سبق فى مستهل سورة الفاتحة‎ )١( ناا تفسير سورة النحل 0 اللو 0000 سر اق وكونهم» وإنما الشيطان يحتل بولايته من لا ولاية له مع اللهء وفى نفوسهم فراغ من سلطان الله تعالى؛ ولذا قال تعالى: إِنْمَا سلطائه على الْذين يعولوتهوالِّْينَ هم به مشركون 0 2 24 قصر سبحانه سلطانه « على الّذين يتولُوته 4. أى على الذين جعلوا ولايتهم له فاختاروا الهوى على الحق والأوهام على الفعلء وكان سلطانه بمعنى حجته عليهم؛ لأنه أغواهم أولا بالأوهام الضالة والأهواء الجامحة المغيرة فكانت حجته الباطلة رائجة عندهمء وإئما أداة قصرء أى لا سلطان ولا ولاية على غيرهم إذا ضلوا سواء السبيل» فأضلهم وفرغت نفوسهم عن الإيمان فملاها بالأوهام . وقد قال تعالى فى وصفهم إذ صار سلطانه عليهم: ‏ وَالَّذِينَ هم به مشركون4 وفى هذا توكيد لتوليهم له فهم مشركون بسببه أن اعتقدوا فى الأحجار الوهمية وهى لا تضر ولا تنفع بسببه» وأشركوهم مع الله بسبب تحكمه معجزة القرآن وقولهم فيها قال الله تعالى : وَإِذَابْكَنَآءَايَهَ تحكارب ايو وَأَمَدأَ مك2 00 ل السام ا ا 4 20 يمايارك قاو اما مف أكز كبتار رك وو 7 0 هن ع بِأَقَ ل خاي سا ص بو وس ويم هم 2 ماتد تكن ريوس هالخ 57 يكارت لرَى ينَحِدُو إِلِنه أعصَىُ و وَمِْدَالِسَانُ رك 9 تفسير سورة النحز الللللل الل ١١ ااا‎ | في . مربي 5-2 أَسَو 1 مُالكدِوت 7 9 كان المشركون لا يعدون القرآن معجزة تساوى معجزات النبيين السابقين كعصا موسى وإبراء عيسى للأكمه والأبرص» وإخبار الناس بما فى بيوتهم وما يدخرون فيها وإحياء الموتى» وإخراجهم من قبورهم بإذن الله وإنزال المائدة من السماء ليأكلوا منهاء كانوا يطالبون النبى كَل بمعجزات مادية حسية»ء ولا يقنعون بأن تكون المعجزة قرآنا يقرأ فبين الله تعالى أنه الذى يأتى بالمعجزات الدالة على أنه أرسل الرسل فهى إمارات الرسالة يعلم بها من الرسول بأنه من عنده. فقال تعالى ردا على طلبهم آية: 8 وأَقْسَمُوا بالله جهد أَيمَانهِم لثن جاءتهم مم آي ليون بها . . . 6-9 » [الأنعام] . ١ل‏ وإذا بدلنا آية مَكَانَ آية واللّه أعلم ما ينزّل قَالُوا إِنّمَا أنت مفمَرٍ». أى إذا جئتنا بالقرآن آية على صدق الرسول مكان آية أخرى حسية رفضناها وجئنا بهذه الآية المعنوية مكانهاء والله صاحب الآيات والرسالات أعلم بالصالح منهاء و(أعلم) أفعل تفضيل على غير بابه لأنه لا مفاضلة بين علم الله تعالى» وعلم غيره. وعلم الله تعالى بما ينزل البالغ أقصى كمال العلم اقتضى أن تكون معجزته قرآنا يقرأء وباق يتحدى الأجيال جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة» وهو القادر على كل شىء. ؛ لأن المعجزات الحسية» إعجاز وقتى ينقضى بعد وقته» ولا يعجز إلا من رآه أو تواتر خبره من بعده» وإن القرآن المعجزة الكبرى الخالدة الباقية إلى يوم القيامة هى التى سجلت معجزات النبيين من قبله يقولون غير مصدقين معجزة النبى عَكلله: «إِنمَا أنت مفتر 24 أى إنما أنت كذاب قد افتريت الرسالة وادعيتها من غير حجة ولا برهان» وقد رد الله تعالى 9 ا تفسيرسورة النحل للفلل االو للك عرب ا قولهم بقوله سبحانه: «إبل أكترهم لا يعلّمون 4 . « بل 4 للرد عليهم» والإضراب عن قولهم الناشئ عنه» وقال سسبحانه: ل أكترهم 4 للدلالة على الذين صدقوا وآمنوا بالمعجزة هم الأقل عدداء وإن كانوا الأكثرين إدراكاً وعلما. ذكرنا فى كلامنا أن معنى الآية المعجزة الدالة على رسالة الرسول» وأن الله تعالى يرفع معجزات كانت قد جاءت مؤيدة رسالات الأنبياء السابقين قد بدلها الله تعالى» وأتى كعجزة صالحة للبقاء تتناسب مع رسالة خاتم النبيين الذى تكون رسالته حجة على العالمين إلى يوم القيامة فتكون قائمة ثابتة تنادى بحجية ما يدعو إليه يوم القيامة. ولكن أكثر المفسرين يفسرون الآية بالآية المتلوة حتى الزمخشرىء ويقولون إن معنى الآية» وإذا بَدَل الله آية فنسخها ورفعها وجاء بآية أخرى لمصلحة فى الأولى فى حكمها فى زمانهاء والإتيان بآية أخرى لمصلحة حكمها فى هذا الزمان الذى جاءت» وإن ذلك جرى على أقلام أولئك المفسرين لرواج فكرة النسخ تلاوة وحكماء وحكما لا تلاوة» وتلاوة لا حكما كما ادعى فى الرجم» وإن ذلك أداهم إلى التساهل فى دعوى الرجم, ولو كان الجمع بين الآيتين مكنا لا تخالف وإن الذى ذكرناه أولا هو المقبول عندناء فلا نسخ فى هذا الموضع على الأقل فى آية من القرآن للوجوه الآتية الوجه الأول - أن الكلام فى موضوع القرآن ذاته وكونه مفترى أو قام الدليل على صدقه لظاهر قوله عنهم: : «قَالوا نما أنت مقتر» فحصروه فى الافتراء فنفوا الرسالة كلهاء ويناسب ذلك أن يكون التبديل فى المعجزات السابقة» ووضع القرآن فى موضعها. الوجه الثانى ‏ أنه تعالى قال بعد ذلك ردا على الافتراء وعلى الاعتراض بقوله: قل تله زوح الْقَدس من رَبَك4 فتبين أن موضوعها القرآن كله لا نسخ آية» واستبدال آية أخرى بها. / تفسير سورة النحل ل اللا 0 تح ل الوجه الثالث ‏ قوله تعالى بعد ذلك: « ولَقَد تعلم نهم يقوون إِنّمَا يعلمه بشر نا فى بطر ل فجي ع سأري ب الوجه الرابع أن هذه السورة مكية» والآيات المكية تتجه نحو التوحيد وإثبات الخالق» وأحكامها قليلة» والتجربة فيها قليلة. لهذا كله سمحنا لأنفسنا بأن نخالف كثرة المفسرين» وإن كان لهم أجر فيما اجتهدواء وهو أجر واحد. وقد رد الله تعالى افتراءهم بأمر النبى فَلَِةٌ أن يقول لهم: طقل تزه روح الْقدس من رَبك بِالْحَقَ ليقَبَت الّذين آمَنوا وهدى وبشرئ الخطاب للنبى كَكِ بالأمر من ربه والضمير فى تزه 4 للقرآن المذكور آنفا فى قوله تعالى: فَإِذَا فَرأت القرآن فَاستعذ باللّه من الشّيطّان الرجيم 62 24 و تله 4 مصدره التنزيل» وهو الإنزال المتدرج على حسب المناسبات» وليتمكن الذين يكتبون من كتابته» وهم أميونء لا يستطيعون الكتابة الطويلة» وليحفظوه فيسجل فى الصدور بدل السطور فيصعب بل لا يمكن تحريفه» وقد تواتر جيلا بعد جيل» و9 روح القدس »4 وهو الروح الطاهر» وهو جبريل عَلكَاهِ؛ وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة؛ كقولهم حاتم الجود» وعلى البيان» ونحو ذلك» وهذا مبالغة من الله فى وصفه بالطهر والصدق»؛ وأنه رسول من الله صادق أمين وهو الذى نزل بالقرآن على قلب النبى يل كما قال تعالى: نَل به الروح الأمين 05 عَلَئ قَلبكَ لتكون من المنذرين 659 4 [الشعراء]» وقد ذكر سبحانه أن غاية نزوله أن يزيد الذين آمنوا تثبيتا على الحق؛ ولذلك قال تعالى: « لِيعَبْت الْذين آمنوا 4 التثبيت زيادة ما يكون ثابتا قوة وثباتاء « الّذينَ آمنُوا 4 الذين يدركون الحق بمداركهم الفطرية» ويتجهون إليه اتجاها مستقيماء فيدركونه بمواهبهم» والشرائع السماوية تشبت الحق فى قلوبهم. وهدى وبشرى 24 أى أنه ذاته هدى. وهذا 2 1# تفسير سورة النحل 1 وت-11 تأكيد لمعنى أنه يهدى» فهو يهدى إلى المق وإلى صراط مستقيم» وكأنه الهداية ذاتها © وبشرئ للْمسلمينَ 4, أى هو بشرى للذين يسلمون وجوههم لله تعالى ويخلصون للحق من غير مراء ولا جدال. وهنا إشارات بيانية نشير إليهاء فإنها تبين معانى التنزيل: الإشارة الأولى - قوله تعالى: من ربك 4. أى من الخالق البارئ الذى ربك ورباك» وربى الوجود كلهء وهو الحى القيوم. الإشارة الثانية - فى قوله تعالى: 9 بِالْحَقٍ4. أى متلبسا بالحق» فهو الحق» وما جاء به هو الحق من عند الله وكان فى ذاته لا يمكن أن تتمادى فيه العقول المستقيمة» فهو فى ذاته حق» كما هو فى ذاته هداية. الإشارة الثالثة ‏ الإشارة إلى أنه نازل من عند الله تعالى» ونزل به أمين طهور صادق . ولقد راعهم ما اشتمل عليه من قصص صادق للنبيين» وعظات مرشدة هادية» وتوجيه إلى الكون» وما اشتمل عليه من مكارم الأخلاق ونهيه عن ملائم الضلال» وأمره بالوفاء بالعهدء وغير ذلك. راعهم ذلك» وبدل أن يذعنوا للحق إذ جاءهم ماروا فيه» فإن المبطل الممارى لا تزيده الحجة إلا عنتا وإمعانا فى الضلال؛ لذلك كذبوا وافترواء» وادعوا أمرآ غير معقول. فزادوا بعدا عن الحق» وزادوا ضلالاً؛ ولذا قال عنهم» إذ رأوا القرآن وااسترعاهم « ولق َعَم نهم يوون إِنَايُلَمُهبَشرٌ) تحداهم أن يأنوا معد فعجزواء ولكن لم يقولوا إنه من عند الله؛ بل بالغوا فى الكذب». وأوغلوا فى الكفرء ولقد أكد الله تعالى قولهم هذا لأن غرابته تسوغ تكذيبه بادئ ذى بدءء ولذا أكد علمه سبحانه ب (اللام) وب (قد)» وتأكيدًا للمعلوم» والتأكيد حيث مظنة عدم التصديق . بها تفسير سورة النحل ْ ل ل 00 و سر ا وظبشر». أى لم يجئ من عند الله فلم يعلمه الله تعالى إياهء ولكن الذى علمه بشرء وعينوا ذلك البشر إنه رجل رومى كان غلاما لبعض العرب» وقيل رجلان كان يصنعان السيوف بمكة. ويقرءان الإنجيل والتوراة» وقيل غيرهما من أسماء سماها بعض المفسرين. وقد رد الله تعالى قولهم بقوله تعالى: 8 لسَان الذي يلحدون إِلَيه أعجمي وهذا لسان عربي مبين4, ول يُلْحدُود 4 أى يشيرون إليه مائلين بكلام مضطرب نحوه» والمعنى لسان هذا الرجل أعجمى فكيف يأخذ منه النبى َل علما؟! وإذا كان يأخذ منه علما فكيف يمكن أن يكون هذا الكلام المبين» أى البين فى ذاته والذى أعجزكم ببيانه حتى إنكم تقولونه فيه؛ إن له لحلاوة» وإن عليه لطلاوة» وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق. إن دليلكم يلتوى عليكم بمقدار نتائجه. فلا يجديكم شيئا أى شىء. وقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك لجاجتهم فى الباطل وسببه» فقال عز من قائل: إن الْذين لا يؤمنون بآيات اللّه لا يهديهم اله ولّهُم عذَاب أليم 69 » . آيات الله تعالى ثلاثة أقسام : القسم الأول الآيات الكونية وهى الآيات الدالة على أنه وحده الخالق لكل شىء» وفى كل آية دلالة على الوحدانية فالسماء وبروجهاء والقمر ونوره» والشمس وضياؤهاء والليل والنهار» والنعم وما فيه خلق وتكوين» كل هذه آيات الله الكبرى الدالة على أنه فعال لما يريد مختار. ش والقسم الثانى - المعجزات التى تقترن بدعوى النبوة ويتحدى بها النبى من يكذبونه أن يأتوا بمثلها كعصا موسى» وبياض يده من غير سوء فى تسع آيات أجراها الله تعالى على يديه لقوم فرعون» فلم يؤمنوا إيمانا مستقراء وإن كانوا فى ١‏ ها تفسير سورة النحل 0 لل سرب زا ضعفهم يقولون ادع لنا ربك؛ فيدعو الله تعالى فيرفع عنهم المقت» ويذهب عنهم السوءء ولكن ما إن يرفعه عنهم ويؤمنهم حتى يعودوا إلى كفرهم المقيت. والقسم الثالث - الآيات القرآنية» والإيمان بها فرع الإيمان بمحمد وَكِلقٌ لأن الإيمان بها الإيمان بالقرآن» والإيمان بالآيات الذى نفاه القرآن عنهم» وترتب على نفيه نفى الإيمان والهداية هو الإيمان بالآيات الكونية» والإيمان بالمسجزة الكبرى معجزة النبى يَلكِيةّ» وهى المعجزة التى تحداهم أن يأتوا بمثلها لعجزوا. وإنما كان عدم الإيمان بآيات الله مؤديا إلى ألا يهديهم؛ لأن الهداية إنما تكون لمن يفكرون فى آيات الله ونعمه. ومن لا يفكر لا يهتدى فلا يهديه» ولأن المعجزة الكبرى ضل من لا يؤمن بهاء وهى واضحة بينة» وهى وحدها تدل على أن من يبلغها يبلغ عن الله فلا يهديه الله إلى الحق؛ لأنه ضل سواء السبيل» ولم يبق إلا أن يسير فى طريق الضلال إلى نهايته» ويكون له العذاب الآليم يوم القيامة» والأليم: المؤلم. ولقد قالوا للرسول محمد كَلٍِ (إِنّما أنت مفتر4, وهو المعروف بينهم قبل البعئة بالصدق والأمانة» حتى إن اسم الأمين إذا أطلق لا ينصرف إلا إليه» وكان لا ينادى إلا به» حتى بعث رسولاء ولما سأل هرقل أبا سفيان عن صفات النبى ياه: «هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال» قال: لا. قال هرقل: ما كان ليدع الكذب على الناس» ويكذب على الله)7" . فلما قال المشركون عن النبىيَككِةٍ إنه مفتر رد الله قولهم بقوله تعالت كلماته: نما يري الكذب الذين لا يمون بآيات الله وأولك هم الكاذيون 6-2 » . حيئما كان إنكار الحقائق الثابتة كانت مظنة الكذب» فمن لا يؤمن بالآيات الثابتة لا يؤمن بالله ولا يكون صادقا أبدا؛ لأن الكذب مباهتة الواقع الثابت» ولا )١(‏ جزء من حديث هرقل الطويل» وقد أخرجه البخارى: بدء الوحى - بدء الوحى (25) والبخارى: الجهاد والسير - كتاب النبى يَلَيَهِ إلى هرقل (795757) . / تفسير سورة النحل 0 سس ا يسكن الكذب إلا حيث يكون إنكار بدهيات الأمور؛ ولذلك كان الكذوب بهاتا يبهت الناس بغير الواقع» ويكابر وتشتد مكابرته للواقع الثابت بالفطرة. ولهذا يقول تعالى: «إِنّمَا يقتري الكذب الّذين لا يؤمنون بآيات اللّه 4, و(إنما) أداة من أدوات القصرء فهى تتضمن نفيا وإثباتاء أى لا يفترى الكذب إلا الذين لا يؤمنون بآيات الله تعالى فى الكون ومعجزات النبيين الذين يثبتون بها إرسال الله تعالى لهم» وهى واضحة لائحة يراها المبصر ببصره.ء والمدرك بقلبه» فحيث كان الإنكار لما هو ثابت بالبرهان يكون الكذب؛ لأن الكذب إخفاء للحقائق» وإنكار الآيات إنكار للحقائق فهما ينسابان من نبع واحد» ويسيران فى خط واحد. وقد أكد كذب المشركين الذين لا يؤمنون بآيات الله بقوله: #وأُولتك هم الْكَاذبِونَ 4 بالإشارة إلى ما هم عليه من إنكار للبدهيات التى تومئ إليها الفطرة» والجملة تفيد القصر بأنه مقصور عليهم» ولا يمكن أن يكون الكذب فى المؤمنين» فهذا نفى للافتراء عن النبى كَل وتأكيد الكذب عليهمء» وإفادتها قصر الكذب عليهم بتعريف الطرفين وبضمير الفصل» وكذبهم أكده سبحانه بالجملة الاسمية» وبضمير الفصل» وبوصفهم الكذبء ولقد قال يَكِةِ: «إياكم والكذب. فإن الكذب يهدى إلى الفجورء والفجور يهدى إلى النار» ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذايا)17' . الإكراه لا يمنع الإيمان؛ والردة كضر بعد إيمان قال الله تعالى: وَكَلْبَهُ 0-7 20-6 )١(‏ سبق تخريجه (/إإاا تفسير سورة النحل و لل سس أ فعا مضب 2 نَهوَلَهُرْعَدَابكٌ عَظِيمٌ 07 سه سم .2 ع صصح ِلك يِأَنَهُمٌ متحي ةلئاعل الجر وأرَ : رَبجَألنَدَ الى كدي 0 أو لَك 021 لمع أي عرس الوزير 216 جد ابت امل وروت مسعمو اه يا أ لاسرم هم ف مر اتيرب © طمن كََر بللَه من بعد انه لمن أكره وقبه مطْمَين بلإيمان ولكن من شرح بالكفر صّدرا فعليْهُم عضب مَن الله ولهم عاب عظيم 09 #4 . «إ من 4 فى قوله تعالى: طمن كفر باللّه من بعد يانه , (من) هنا شرطية أو أسم موصول بمعنى الذى» دخلت الفاء فى الحكمء والاستثناء هنا استثناء منقطع ؛ لأن من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان لم يكفرء فلا يمنع فى عموم المستثنى منه. وجواب الشرط أو الحكم على الموصول هو قوله: «فَعلَيهم غضب من الله و لاب عت ل بالإيمان» وقد عطف عليه ما يذل على الكفر الحقيقن وهر لإ وأكن ل شرح بالف صَدرا 24 أى فتح قلبه للكفرء «صدرا 24 ييز محول عن الفاعل» وكأن الكلام» ولكن من شرح صدره بالكفر» وكان فى الموضوع حقيقتان لشخخصين مختلفين ؛ أولهما اطمأن قلبه بالإيمان بأن استقر فيه وارتضاه واطمأنت نفسهء فقلبه ممتلئ بالإيمان» والآخر لم يعمر قلبه وضاق عنهء وشرح صدره وفتحه للكفر» فالأول يعد مؤمناء لم يغادر الإيمان قلبه» بل هو قار فيه» وثابت لا يتزلزل. ل تفسير سورة النحل 9 اللمللل لولاا كك :2 يي الإيمان بدلائله يغزو القلوب ويعمرهاء وكان الشرك بإيذائه وفتنه» وتحويل الناس عن إيمانهم بالله ورسله والملائكة» والجنة والنارء فحذر الله تعالى المؤمنين من أن يرتدوا بعد إيمان» وذلك ببيان عاقبة ردتهم وكفرهم بعد الإيمان. ومن الناس من لم تكن لهم همة أهل الإيمان» ولا ثباتهم» ولا مروءتهم وقوة يقينهم فذلوا بعد أن استقامواء وهانوا بعد أن اعتزوا بالله» وهؤلاء هم الذين ينطب عليهم الحكم الصارمء وهو قوله تعالى : ط فلم عضب من الله لهم عَذَاب عَظيم 6 . ومن الناس من استقاموا على الطريقة» وثبتوا وصبروا ولو أداهم ذلك إلى أن يموتوا فى سبيل الله تعالى بعذاب أليم ‏ كما قتل آل ياسر ‏ الذين استمروا على الآلام حتى ماتوا من شدة العذاب» ومنهم من نطق بكلمة الكفر تحت شدة العذاب» وهؤلاء هم الذين أخرجوا من زمرة الكافرين لأنهم؛ أكرهواء وقلبهم مطمئن بالإيمان. ومنهم من صبروا تحت الآلام فلم ينطقوا بكلمة الكفرء كبلال رضى الله تعالى عنه» فإنه كان يعذب بالوضع فى الرمضاء فى شدة الحرء ويضعون على صدره الصخرة العظيمة فى شدة الحر» ليحملوه على الشرك وهو مصرٌ على الإيمان مطمئن القلب معذب الجسم وهو فى هذا العذاب المؤلم الممض لا ينى عن أن يقول: أحد أحدء ويصر عليها إغاظة لهم» ويقول رضى الله عنه لهم وهم يعذبونه: لو كنت أعلم كلمة هى أغيظ لكم منها لقلتهاء واستمر على هذه المغالبة وتحمل الشدة حتى اشتراه أبو بكر الصديق رضى الله عنه وأعتقه فكان ذلك أغيظ لهم» وكذلك حبيب بن زيد الأنصارى عذبه مسيلمة الكذاب لكفره به» وإيمانه بمحمل» فلم يزل يقطعه إربا إرباء وهو ثابت لا يتزعزع . وإن النبى يَلييَةّ كان يبلغه من نطق بكلمة الكفرء وهو مطمئن بالإيمان» فبلغه خبر عمار» فقال: (إن قلب عمار ملىء بالإيمان ولحمه ودمه) . سر ا وبلغه خبر من صبر حتى قتل» فأثنى عليهم» والحق أن النطق بالكفر مع اطمئنان القلب رخصة مع بقاء العزيمة قائمة» ومن لم ينطق فقد أخذ بالعزيمة» ولكل ثوابه» ولكن ثواب من صبر ثوابان: ثواب الصبر وثواب إغاظة الكفار. وقد ذكر سبحانه عقاب من كفر بعد إيمان وقد شرح صدرا للكفر» فذكر له عقابين : العقاب الأول 9 فَعليّهِم عضب من اللّهِ 4 أى أن الغضب ينزل عليهم نزول الصاعقة؛ إذ إنهم شارفواء فجذبهم الكفرء وولاهم الشيطان فنزل عليهم غضب اللهء وذكر الغضب فى هذا المقام» فيه إثارة أى بإرضائهم للمشركين بعودتهم إلى الكفرء قد أغضبوا الله» وشتان بين إرضائهم للكافرين» وإغضابهم لرب العالمين» ولا يرجى» ولا أحق بالرضوان غيره. العقاب الثانى: أن لهم عذابًا عظيما فقال: ظ ولَهم عَذَابَ عَظيم 4 التنكير فى عذاب ووصفه بأنه عظيم يفيد أنه عذاب عظيم جدير بأن يهدد به ويهول أمره. وقوله تعالى: (لهم) فيه إشارة إلى أنهم لا يملكون بهذه الردة خيراء بل يملكون عذابًا عظيما أكبر وأعظم مما كان ينزل بهم من عذاب لو استمروا على الإيمان. وقد ذكر سبحانه سبب ذلك العذاب فقال: « ذلك بِأَنّهُم اسْمَحَبُوا الْحَيَاةَ الانيا على الآخرة وأَنَ اللّهِ لا يهدي القوم الكافرين 659 4 . الإشارة إلى الغضب من الله تعالى الذى ينزل بهم» والعذاب العظيم يحل بهم بسبب أنهم ا اسْتَحَبُوا الْحَياةَ اليا استحبوا إثما طلبوا حبهاء فاستغرقت نفوسهم» ولم يفكروا فى غيرهاء وآثروها على الآخرة» فابتغوها بأى ثمن يقدم. ورضوا بأن يحطوا على هوى المشركين» ولو أغضبوا رب العالمين» وذكر الله سبحانه وتعالى سببا ثانياء غير استحباب الدنيا وإيثارها على الآخرة وذلك السبب أشار إليه سبحانه وتعالى بقوله: ‏ وَأَنّ الله ل يهدي القوم الكافرين © وذلك أنهم اا تفسير دشيور هَّ ! لنحل الل اا اا ان يم حت ا ساروا فى طريق واستمروا فى حياة اللهو والعبث وأغواهم الشيطان » حتى سد كل مسالك الهداية إلى قلبهء فكفر بأنعم الله وأنكرها بعد معرفتهاء ولم يشكرء والله لا يهدى القوم الكافرين» فقوله تعالى: «إ وأن الله لا يهدي القوم الكافرين © تومئ إلى كل هذكء سبحانه وتعالى» وتقدست كلماته» وأعجز بيأنه . ذكر اللّه تعالى ما سجله عليهم» وهو عقاب فى ذاته» وسبب لعقاب» فقال تعالى : أوائك الذين طبع الله علئ قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون 6-9 4 . إن أولئك هداهم الله إلى الإيمان» ثم كفروا تمرد نفوسهم على الباطل وتلج فيهء فتفسد فيها مسالك الإدراك؛ ولذا قال تعالى فيهم: إن الّذِين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا 079 4 [النساء]؛ ولذا وصفهم الله تعالى بقوله. © أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلوت 9 4 . الإشارة إلى هؤلاء الذين كفروا بعد إيمان» والإشارة إلى الموصوف بصفة إشارة إلى هذه الصفات»ء» والإشارة إلى الصفات تفيد أن هذه الصفات هى علة الحكم. وإن الكفر بعد إيمان إذا تكرر تجعل النفس تمرض بفساد الإدراك لأن الكفر بعد الإيمان من شأنه أن يضعف فى القلب معنى الإيمان» فيضعف إدراك الحق» ويصبح الشخص حائرا بائنا لا يتحرك ضميره. ولا تستيقظ نفسه. ولا يستبصر بما المدارك من أن يصل إليها شىء من الفهم والعلم فيبصر الكائنات ولا يعلم ما تدل عليه؛ ويستمع إلى القرآن. ولا يعلم ما يهدى إليه»ء ويحق عليهم قول الله تعالى: ها تفسير سور ة النحل ااانا ااانا ااا للالاا تالاخ اللان ةا الالالال اللا!! ااا لالط لاللالرن اا الاالالااا تلاط ل انام ن مان لالان الال لالت الللا تاللا حر زات ... لهم قُلُوب لا يفقهون بها ولّهم أعين لا يبصرون بها ولّهم آذَان لا يسمَعون بها أولتك كالأنْعام بل هم أضل ... 059 4 [الأعراف] . وإن هذه عقوبة طبيعية لما أركسوا فيه» فهى نتيجة لا تردوا فيه من كفر بعد إيمان» وهى سبيل لعقاب دائم» وعذاب واصبء وهذا يؤدى إلى أن يكونوا فى غفلة دائمة عن كل ما يعلو بالإنسان» فهم قد فقدوا معنى الإنسانية العاقلة المدركة التى تتحمل التبعات» وتعرف التكليفات التى هى ضريبة الإنسانية ومعناها؛ ولذا قال تعالى: ‏ وأُولّتك هم الغافلون 4 حكم الله تعالى عليهم بهذا النص» والإشارة إلى الموصوفين بالكفر بعد الإيمان» والصفة هى علة الحكم» وهو الحكم عليهم بالغفلة الدائمة التى تصير وصفا لهم منحصرا فيهم» وهم محصورون فيه» وقد أفاد القصر أى قصرهم فى الغفلة» وقصر الغفلة عليهم» تعريف الطرفين» وتأكيد القول بضمير الفصل» مع تأكيد القصر. وإنهم مع هذه الغفلة التى صارت وصمة لازمة قد خسروا كل شىء» ولذا قال تعالى: إلا جرم أَنهُم في الآخرة هم الْخَاسِرُونَ 9 6 . لاجرم» ذكرنا أصل معناهاء وأن تنتهى إلى أن معناها حقاء وهى تأكيد لهم بأنهم فى الآخرة هم الخاسرون» والعبادة تفيد قصرهم على الخسارة» فهم إذا كانوا قد خسروا فى الدنيا مداركهم فطمس عليهم فخسارهم فى الآخرة أشد وأعظم» وهم مقصورون فى الخسارة» والخسارة مقصورة عليهم... اللهم قنا 0# تفسير سورة النحل الام 00 إن ربك للمؤمنين يوم الحساب قال الله تعالى: م هه تُرَإِرَبَلَقَ و2 سا صاصر لتدبت هابحروامِنْبَعَد مَافتِنْواْثْمٌَ جَهدوأ رز ود بوب وو 0 02 أ وصكبروا! إرج ريلف من ْبعَدِها لغمور تحيم يقلتب يفطل تين مَاعَسِكت وَهْحْلَابظ كلمو لوسرب الهم َيَدَكَاتَ ءاه سواط ينكل مَكَانِ َحَكَفَرتَ يِأَنْح ام دافا أله ل قح سسحت جزل ار م ساس سار اي سد - 2 وَألْحُوفٍ باسكا ض تفوت 590 هو رس 211 م ك9 2 ا ثُْ وه ذكر سبحانه وتعالى حال الذين كفروا بعد إيمانهم» وكيف نزل عليهم غضب وطبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم. . بأنهم غفلوا واستغرقتهم الغفلة» وكانوا هم الخاسرين» وحدهم» بعد ذلك ذكر حال الذين آمنوا وفتنوا» وأوذوا وهاجروا فى سبيل الله فقال تعالى: من رلك لين هاجروا من بعد ما فوا ثم جاهدوا وصبروا إِنَ ربك من بعدها عور رُحيم 09 4 . ثم 4 هنا للعطف» والتسباين بين فريقين شرح صدر الكفر آذى غسيره وفريق ثبت على الإيمان» وصبر على الأذى» وهاجر. 1-7 وط إن ربك للّذين هاجروا 4. فيها معنى الحماية الكاملة» والاعتماد على ركن لا خلل فيه فقط.ء كما يقول القائل للسارقين ما سرقواء ولذى الال ما ملكواء ولكل إنسان ما يملك من مال ونسب» وأما المؤمنون الصادقون فى إيمانهم فلهم الجنة» فمعنى هذه الجملة السابقة أن قوتهم وحمايتهم من الله فقط؛ ولذا قدم قوله تعالى: 8إإِن ربك 4 على الجار والمجرورء لبيان مكانة ناصرهمء وأنه فوق النصراء جميعاء فإذا كان الأقوياء قد آذوهمء وأعنتوهم. وحرموا الهناءة» إلا أن تكون قلوبهم عامرة بذكر الله وقوله: 8 للّذين » ب «اللام) للاختصاصء أى أنهم مختصون به دون غيرهم. وقال تعالى: «إمن بعد ما فتنوا 4 الفتن يكون للمعدن ليخرج ما خالطه من مواد مغايرة لجوهره» وفتن المؤمل تمحيصهء وأن تذهب كل ما عساه يعلق به من أدران الدنياء والهجرة الواضحة هنا أنها هجرة الآولين إلى الحبشة» ويصح أن يراد الهجرة إلى الحبشة والمدينة وإذا كانت السورة مكية» فهى تنبئنا بالهجرة إلى المدينة التى كانت أول الجهاد ومن كان الجهاد وقوله تعالى بعد ذلك: 8ثُمَّجَاهَدُوا وصبروا )» إخبار أنه سيكون جهاد بحمل السيف, والغزوات المباركة» والسرايا التى كان يبعثها النبى وَدٌ للجهاد والدعوة وإن عطف وصبروا على الجهاد مع أن الجهاد عدته الصبر أولاء وإعداد الأدوات بالمحل الثانى» إن هذا العطف يفيد أن المؤمن يختبر بأمرين الصبرء وهو مختبر به دائماء وقد كان قوة المؤمنين وهم بمكةء وثانى الأمرين الجهاد فى سبيل الله بحمل السيف مدافعاء محارياء وهذا يحتاج الصبر» كما قال الله تعالى: «إيا أَيْها اين آمُوا ابروا وصابروا وَرَابِطُوا وَانّقُوا الله لََلَكُم تقلحوت 620 4 [آل عمران] . وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى أنه للمؤمنين» فى مقابل أن الذين كفروا بعد إيمانهم للشيطان ذكر سبحانه أخص صفات الذات العلية وهو أنه غفور رحيم» فقال: إن ربك من بعدها لغفور رُحيم 4 الضمير فى 9 بَعْدهَا 4 يعود إلى الهجرة. ذلك لأآن الهجرة ة بعد صقل النفوس بالفتنة تتجه إلى اللّهء وقد سترت كل ذنوبهاء ملل و لأسب ا فيكون الخلاص لله تعالى» ومن بعد ذلك يكون الغفران» وتكون الرحمة بالنصر فى الدنياء والجنة فى الآخرة. وفى قوله تعالى: إن رَبك من بعدها لَعَفُور رّحيم 4 يفيد أمورا أربعة : الأمر الأول تكرار الربوبية» وفى ذلك دلالة على أنه مع المؤمنين دائما ولا يتركهم» وهو ربهم والمتولى أمورهم. الأمر الثانى ‏ تأكيد هذه الصلة بالعبودية والربوبية بعد الهجرة» كما كانت الأمر الثالث - تأكيد المغفرة والرحمة» فقد أكد بالجملة الاسمية» وإن واللام . الأمر الرابع - دوام الرحمة والمغفرة؛ ولذا كان بصيغة المبالغة الدالة على دوام رحمة الله بالمؤمنين» وذكر الغفران لما عساهم يكون منه من عبارات موهمة لطاوعة المشركين وقد خص الغفران والرحمة بيوم لا يجدى فيه غير غفران الله تعالى ورحمته» ولذا قال: ل يوم تأتي كُلُ نفس تُجَادلَ عَن نفْسهًا وثُوفئ كَل نَفْسٍمّا عملت وهم لا يظلمون 09 4 . يوم منصوب على الظرفية» للوصفين السابقين» أى إن ربك غفور رحيم» فى هذا اليوم الذى يحاسب كل إنسان على ما قدم فى الدنيا من عسمل» وكل إنسان يدافع عن نفسه؛ ولذا قال تعالى: فيو تأتي كل نفس تجادل عن نُفسها 4, أى تدافع كل نفس أو تبين كل نفس» والمجادلة: المحاجة» أى تحاج كل نفس عن نفسها فيما نسب إليها فتحاج كل نفس بنفسها عن نفسها فلا يكون معها ولى ولا شفيع» » ولا نصيرهء ولا فدية ولا عدل» بل تكون هى المسعولة عما فعلت وارتكبت» وأعمالها محصية ثابتة» كما جاء فى قوله تعالى: وَكُلَ إنسان أَلْْمنَاه 4 سس سس اس جونز بي طائره في عنقه ونخرج لَه يم الْقَامَة كتَاًا ياه مَشُورا 09 افْرأ كمَابك حَفَئ بسك ايوم علَيك حسيبا 9 »4 [الإسراء] . وقوله تعالى: ‏ تأتي كل نَفْس تجادل عن نَفْسهًا 4 أى يحضر الأنفس» وتسأل عما قدمتء وتنطق عليهم أيديهم وألسنتهم» فالحساب تكون أدلته مهيأة ثابتة» ولا يكون إلا الحكم؛ والحكم لله الواحد القهار فلا نقص لحكمه. « وتوف كل نفس ما عملت 24 والمراد جزاء ما عملت» ولكن لأن الجزاء عدل وفاق للعمل»؛ ويساويه تمام المساواة عبر بالعمل بدل الجزاءء إذ هى شىء واحدء أو متساويان تساويا مطلقاء وأكد الله سبحانه المساواة والوفاق بين العمل وجزائه فقال» وهم لا يظُلَمُون 4 , أى لا ينقص من عملهم شىء؛ فلا ظلم؛ لأن الحاكم هو اللهء وهو خير الفاصلين. ولقد ضرب الله تعالى المثل للكفران بالنعمة ومآلها والأمثال تضرب للناس لعلهم يعقلون» فقال: وضرب الله مَلا قرية كانت آمنة مُطْمئنّ يها ررْقُها رغَدا مّن كل مَكَان فَكَفَرت بأنعم الله فَدَاقَهَا الله باس الجوع وَالْخَوف بما كانُوا يَصمَعُونَ 59 4 . جعل حال قرية مثلا مصورا لمن يكون فى رغد العيش والأمن والاستقرار» ثم يكفر بنعمة الله لينزل عليه البلاء فيحرم نعمة الاطمئنان» ويستبدل بها خوفاء أو يحرم رغد العيش» ويستبدل به جوراء وجعل المثل حال قرية ‏ وهى المدينة الكبيرة لمكة ‏ الدنيوى خسفا أو زلزالاء أو أمطار الحجارة فقطء بل قد يكون العقاب الدنيوى ضيقًا فى الرزق بعد السعة» وخوفا بعد أمن» وهذا مجمل معانى النص القرآنى؛ « وضرب الله مغلا قرية كانت آمنة مُطْمَئَة ينها رزقُها رَعَدَا مّن كل مكان »» وضرب 24 أى بين» «اممّلاً4, أى حالا ثابتة» طقَرِيْة 4 وهى مفعول وأخرت عن ملا ؛ وهى المفعول الأول؛ وذلك لأن الأوصاف التى تجىء بعد ذلك كانت أوصافا فى القرية» وهو مورد المثل وموضعهء ولأن ذكر المثل بها ثم ذكر مورده وموضعه يكون بعد ترقب واستشراف فيكون أمكن فى النفس والفؤاد. ا تفسير سورة النحل ا ممالل و > ا وهذه القرية وصفها الله تعالى بأنها كانت آمة كما كانت مكة» فقد كان فيها حرم آمن يتخطف الناس من حوله وكان يأتيها رزقها رغدا واسعا كثيرا إذ كان يجبى إليها من الثمرات استجابة لدعوة إبراهيم غ#كاخ. وإذ قال سبحانه: ربنا إني سكنت من ذَريّتي بواد غير ذي رع عند بيتك الْمحَرَمِ ربنا ليقيموا الصّلاة فَاجِعل أفعدة من النّاس تَهوي يهم وَاررْفُهُم مَنَ اللّمَرات لَعلّْهُم يشكرون 69 4 [إبراهيم]. وقال تعالى فى هذه القرية: « فكفرت بأنعم الله فأذاقَها الله لباس الجوع وَالْخَوْف بمًا كانوا يصنعون 4. «الفاء) للترتيب والتعقيب» أى أنها بدل أن تشكر نعمة الله إذ منحها الأمن والعيش الرغد الهنىء» وهذا أقصى ما يطلب للمثل هذه القرية» بدل هذا كفرت؛ أى رتبت على النعمة الكفر بهاء وهذا عكس ما يترقب» ويتوقع منها. فكان هذا فيه معنى التوبيخ أو التهكم بأمرهاء والأنعم جمع نعمة» أو جمع نعمى» والمعنى النعم العالية التى بلغت أقصاها. وقوله تعالى : ظ فَأذَاقَهَا اله باس الجوع والخوف 4. فى الكلام استعارتان: الاستعارة الأولى: - أنه شبه الجوع والخوف باللباس السابغ الذى يغشى الداخل والخارج؛ وذلك بجامع اشتماله على الجسد والنفسء. وكل الجوارح» فإن اللباس يغشى الجسم كله» والخوف والجوع يغشيان الجسم كله» فالخوف يغشى الجسم بالاضطراب والهلع والجزعء والجوع يغشاه بالضعف والحاجة» وهى كالعرى» أو كالثوب الذى لا يستر. والاستعارة الثانية - هى تشبيه الجوع والخوف بالشىء الذى يذاق جريًا على ما يجرى على الألسنة من قول فلان ذاق مرارة الجوع؛ وقد قال فى ذلك إمام البلاغة الزمخشرى: «أما الإذاقة فقد جرت عندهم مجرى الحقيقة فى البلايا والشدائد» وما يمس الناس منهاء فيقولون: ذاق فلان البؤس والضر وأذاقه العذاب شبه ما يدرك من أثر الضرر والألم بما يدرك من طعم المر. 9 8 تفسيرسورة النحل ِ 1 9د هذه خلاصة ما يقال فى هذا المثل الرائع» وتلك الحكمة المباركة» وهو مثل يعطى صورة بيانية رائعة لمحكم القول. وقد أسهب الزمخشرى فى بيان الاستعارة حتى قال الناصر أحمد بن المئير الذى يتعقبه بالنقد اللائم: قال أحمد: «وهذا الفصل من كلامه يستحق أن يكتبوه بذوب التيرء لا بالخبر) . وقد ذكر ابن كثير أن المثل ينطبق على أهل مكة. قد كانوا يعيشون آمنين فى البلا وحق فسهم قول الله تعالى: ألم إلى لين يَدلُوا نمت الله كفا ونوا قومهم دار السوار 62 © [إبراهيم]» ودعا عليهم رسول الله كَكِهِ: «اللهم اشدد وطأتك على مضر. واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف” © وقد أصابهم الجوع الشديد. دع عنك أن النبى يَلكُِةٌ قد سد عليهم مسالك تجارتهم حتى أحسوا بنعمة الله عليهم؛ وذلك كله بين الله بسببه بقوله تعالت كلماته: إبما كانوا يصتعون4. أى بسبب الذى كانوا يصنعونه من شرك وصد عن سبيل الله تعالى» ولعنتهم للمؤمنين» وحملهم على الردة بعد إيمان. وإنهم مع هذه الحال أرسل إليهم رسولا من أنفسهم فكذبوه» وقد قال تعالى فى ذلك: «( ولقد جاءهم رسول منهم فَكَدَبُوه فَأَحَدَهم العَذَاب وَهُمْ ظَالمُودَ 69 4 . جاءهم رسول منهم عرفوا صدقهء وأمانته» إذا انشاً نهم وليدا عفا لم ير بريبة» ولم يسجد لصنم حتى بعث فيهم رسولاء هذا ما ت: تتضمنه كلمة مهم 4, )١(‏ صحيح البخارى: الأذان - يهوى بالتكبير حين يسجد (757), ومسلم: الجهاد والسير - الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (1716؟). ل | تفسير سيور هَ ١‏ لنحل من 1-1 فليس غريبا عنهم» وذلك كقوله تعالى: لق جَاءَكُم وَسُولَ من أنفسكم عزيز عليه ما عشم حَريص عَليكُم بالْمؤْمِينَ روُوف رحيم 652 4 [التوبة] . ولقد أكد سبحانه بعته لل فيهم ب (اللام وب (قد)ء وقال: لجَاءهُم4, أى بعث ابتداء فيهم» وتنكير ‏ رسول » لله للتعظيم» وإلى مكانته عند الله وعندهم لأماتته وعفته ولصدقهء ولكنهم بدل أن يعاجلوا بالإيمان عاجلوا بتكذيبه؛ ف (الفاء) للترتيب والتعقيب» أى أن النتيجة جاءت على نقيض المقدمات؛ إذ أنه كان معروفا بالصدق والأمانة» فكان الواجب أن يبادروا بتصديقه» ولكنهم بادروا بتكذيبه» وعقب التكذيب أخذهم العذاب» إذ أخذوا فى أسبابه» وهو التكذيب والصد عن سبيل الله وإيذاء المؤمنين. والعذاب هو عذاب الدنيا بالتقتيل فيهم وهزيمتهم» وذهاب سيطرتهم» وقيام الحق رغم أنوفهم» هذا فى الدنياء أما فى الآخرة فبالعذاب الآليم» وإلقائهم فى الجحيم . ثم قال تعالى: ظوَهُمَ ظَالمُونَ»» الواو للحال» أى والحال أنهم ظالمون» فالعذاب نزل بهم» وهم أحق به» فهو بما كسبوه من تكذيب الحق» وتجاوزوا حد التكذيب إلى الظلم إذ صدوا عن سبيل الله وفتنوا المؤمنين فى إيمانهم وعذبوهم» وحاولوا أن يردوهم عن دينهم فارتدوا خاسئين. الرزق الحلال الطيب قال الله تعالى: ل أْممَاررف 01 4 4 و نعمت أللوإن كس مياه تلوط 8 انما 0 ل 2 له ره حت سر ا 21 ْمِمَةَوَاَلدَم وَلْحَمَالْحِنِب روما (إلناا تفسير سورة النحل 0 لال 220111410101000 لجي-مهاإا 1 14 سا بى ١‏ -0- ماع من دم صم 00 2 أهل غير َه به فم ن أضط رغرب و لاعاد فرك ير 4 عدم حو ادج 11س ب بر 52 بو روو أله عفور رجيم (5 ولا دفولوالماتص م أليناكم َه 7 أ ولد م 4 صدى جع اه د ودسلدة 3 الْكَذِب هنذا حلل وهلذاحراء روأ عل ادَا كز ب 000 د مح رو هه د ود سر سه لسن رج سه وو ص إنَالنِين يفون عل اَوالْكْزِبَ بفليحون لوه ملع كليل و م م 0 ره سه م 04 رح م 8 تله وشمْعداب ألم زو عل لذبن هادو ا حرمنا ماقصصراعاءَكَ عل 711 0 ع 9 ملا طسو لكوك ناشم يليش 2ه إذا كانت نعمة الله لأهل القرى فى الأمن ورغد العيش» فهى نعم لإباحتهاء لا لمنعهم منها ولذا كان النص بإباحتها لتتم سبحانه نعمته على عباده اوكان ابتداء القول بالفاء؛ لأنه مترتب على النعمة» فقال سبحانه: 9 فكلوا مما رزقكم الله حلالا طَيْبا4 الأمر للإباحة لا للوجوبء إلا إذا كان الأمر يطلب الأكل بالكل لا بالجزء فالأكل بالجزء مباح أى له أن يأكل من نوع كذا أو كذا أو فى وقت كذاء دون وقت كذا فهذا مباح فيه أن يختار ما يشاءء أما ترك الأكل بالكل بألا يأكل قط فحرام؛ ولذا كان الأكل مباحا بالجزء أو النوع» ومطلوبا طلبا لأمر بالكل» كما أنه محرم أن يحرم صنفا معينا من الحلال على نفسه كالذين حرموا البحيرة والوصيلة والحام؛ وقد وصف سبحانه وتعالى الأكل الذى وصفه الله تعالى وأعطاه ومكن منه بوصفين : الوصف الأول أنه حلال» والثانى: أنه طيب» والحلال أن يكون كسبه لا خبث فيه» فالكسب بالربا أو الرشوة والميسرء أو التغرير» أو السرقة أو الاغتصاب, أو الخمر كل هذا ليس برزق حلال؛ لأنه كسب خبيث» وكذلك أكل ما سمى عليه اسم غير الله من صنم أو صليب» أو معبود غير الله أيا كان. وأما الوصف الثانى - فهو أن يكون فى ذاته طيبا لا خبيئنًا فى ذاته فلا يؤكل الخنزير ولا الميتة» ولا الدم ولا ما تعافه النفوس» ومن ذلك سباع الطيرء / تفسير نور ةا لنحل الالالال م لب ار وسباع البهائم». فإن لحم هذه وما يشبهه لحم خبيث» فكل ما حرمه سبحانه من مأكول خبيث الذات يضر الجسم وتعافه النفس . وإن هذه النعم التى هيأها الله تعالى وأباحها توجب الشكر؛ ولذا جاء الآأمر بالشكر بعد الإباحة» فقال تعالى: واشكروا نعمت الله إن كنتم إِيَاهُ تعبدون 4 وشكرها بالقيام بالواجبات» من عبادة وامتناع عن الشرك» والتصدق منها لله تعالى» وإطعام القانع والمعترء وأن يكون كل ذلك لوجه الله تعالى لا يبتغى سواهء ولا يطلب إلا وجهه الكريم. ولذا قال بعد ذلك: إن كم إِيَاه تعبدون 4 تقديم الضمير يفيد التتخصيص فالمعنى إن كنتم لا تعبدون إلا الله سبحانه وتعالى. وذكر الوحدانية بعدها فيه إشارة إلى أن تناول هذه النعم من غير تحريم لبعضهاء هو من عبادة الله تعالى» ذلك أن الانتفاع بأى نعمة مع الشعور بعظمة المنعم واستحقاقه الشكر» والتئاول طاعة لأمرهء واستجابة لطلبه هذا فى عباده» ففى الانتفاع بكل نعمة منحها للاستجابة للمنعم عبادة» حتى فى بضع أحدكم صدقة. وبين الله تعالى المحرمات من الخبائث فقال: فإإِنْمَا حرم عليكم الميَة الم ولَحم الخنزير وما أل لغيرٍ الله به من اضطر غير باغ ولا عاد فَنَ الله غفور رحيم 052 4 . إِنمَا 4 أداة قصر أى أن المحرم عليكم من النعم ونحوها الميتة والدم ولحم الخنزير» إذا أهل لغير الله به» أصناف أربعة هى: الميتة وهى التى كانت قد حبس دمها فيهاء ويدخل فيها الموقوذة والنطيحة» فإنها كالتى ماتت حنف أنفهاء إذ لم تذك التذكية الشرعية» وحبس الدم فيها ولم يرق» والدمء وهو الدم المسفوح» وقد ذكر هنا مطلقاء وذكر مقيدا فى آية الأنعام فى قوله تعالى : قل لا أجد في ما أوحي لي حرم عل طأصو يمه إل أن يود مي أو دما مُسفوحا أو لحم خزمر إن رجس أو فسقا أهل لعيرٍ الله به .. 652 # [الأنعام]. ولحم الخنزير إذ إنه نجس بذاته» وما أهل به لغير الله وهو المذبوح لغير الله. 9 8# تفسيرسورة النحل , اننال اللممنا اا للك لمحب ماد ومن المقررات أنه إذا اتحد المسبب والحكمء وجاء اللفظ فى أحد الموضعين مطلقاء وفى الآخر مقيدا حمل المطلق على المقيد. وهذه الآية الأخيرة تفيد أن تحريم هذه الأشياء لأنه رجس» وفيها ضرر جسمى إذ هى قاذورات خبيثة» وما أهل لغير الله كان تحريمه لأنه فسوق وخروج عن التوحيد؛ لأنه ذكر غير ام اللّه تعالى عليه . الأكل» ولذا قال تعالى : قم اص يريا ولا فل فو يه 7 أى فإنه يرخص الأكل» وإن الله تعالى يغفر الإثئم لأن الله يرفعه بمغفرته وبرحمته وقد اشترط للإباحة شرطان, أو ذكر الترخيص مقرونا بوصفين: الوصف الأول أن يكون غير باغ 4 طالب له يشتهيه» وهذا الوصف تحقيق للضرورة؛» لأنه إذا كان يبتغيه وهو فى فسحة من العمل لا يكون مضطراء ولأنه إذا كان يبتغيه يتجاوز حد الضرورة. والوصف الثانى - 9 ولا عاد 4 أى متجاوز حد الضرورة. وقد قالوا إن هذه رخصة إسقاط؛ لأنه قد سقط عنه التحريم بهذه الضرورة» وقالوا إن الأآكل فى هذه الحال واجب» وليس بمباح فقط؛ لأنه يتردد بين أمرين أحدهما أقوى تحريما من الآخر: الأمر الأول الأكل . والأمر الثانى - تلف النفس ولا شك أن تلف النفس أقوى تحريما من الأكل . وقال أهل الطب إن تحريم هذه الأشياء لما فيها من رجس وقذر. وذلك يضر الجسم» فإذا كان الجسم فى حال جوع شديد ومخمصة كان هذا الجوع مخنفا ولا شهوة أكل» ولا تجاوز لحد الضرورة» فإن تجاورها كان الضررء وتحقق ق الرجس والقذر. ا تفسير سورة النحل و يجيب يي وقد كان المشركون يحرمون على أنفسهم بعض المحللات من الأنعام فنهى الله عن ذلك وقال: «ولا تفولوا لما تصف ألستتكم اذب هذا حلال وهذا حرام لتفروا على الله الْكَذب إن الذين يرون علَى الله الكَذب لا يقلحوت (07 مَمَاع ذَا قَليل ولهم عذاب أليم 09 > . كان المشركون يحرمون على أنفسهم بعض ما تخرجه الأرض وبعض النعم» 0 إلى اللهء ولنرجع إلى ما فى سورة الأنعام إذ يقول الله نه: ط وجَعلوا لله مما ذراً م من الحرث والْأَنْعَام نصيبا فَقَالُوا هذا للّهِ برعمهم وهذا عقا قن 96 لش كي فيسل لي ال نغ ل فهر بص إل ركه ا يَحَكُمُونَ 479 [الأنعام]ء « وَقَانُوا هذه أنْعَامُ وَحَرتْ حجر لأ يَطَْمُها إلا من نُشَاء بزعمهم وأَنعام حرمت ظهورها وأَنْعَام لا يذكرُونَ اسم الله عَليها افتراء عليه سيَجَزِيهم بما كانوا يَفْعرونَ 07 وَقَانُوا ما في بطون هذه الأَنعَامِ خالصة لَذَكُورِنَا وَمُحَرَم على أَزْوَاجنا إن يكن ميتة فهِم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إِنَه حكيم عليم 099 4 [الأنعام] . قد بين سبحانه ما أحله وما حرمهء ولكنهم كانوا يحرمون ما أحل الله وينسبون التحريم إليه سبحانه وقد كذبهم الله تعالى فى هذه الآية الكريمة: « ولا َقُولُوا لما تصف السنتكم الكَذب هذا حلال وَهذًا حرام 4 نذكر أوجه التخريج النحوى فى الآية الكريمة وننتهى إلى وجهين نذكرهما: الوجه الأول أن «االْكَذب 4 مفعول لقوله تعالى: ولا تقولوا4. أى لا تقولوا الكذب للذى تصفه السنتكمء وقوله تعالى: هذا حلال وهذا حرام 4 وظهذا 4 بدل من الكذب 24 ويكون المعنى ولا تقولوا الكذب للذى تصفه ألسنتكم بالحل والحرمة» وهذا حكم عليهم بالكذب فى ادعائهم الحلال والحرام من غير حجة ولا علم. 9 8# تفسير سورة النحل لمالا اللوااالللااااااااااا0ا0 لوللا ١ لاه‎ يي الوجه الثانى - أن يكون الكذب مفعولاً للمصدر. ويكون المعنى ولا : تقولوا لوصفكم الكذب هذا حلال وهذا حرام. ومؤدى التوجيهين أنه لا يصح أن تقولوا هذا حلال وهذا حرام» فإن ذلك الوصف هو الكذب بعينه ما دام لم يجىع من الله بيان فيه» ولأنه قد ثبت ما أحل وما حرم» فما عدا ما قاله الله باطل باطل» ولذا قال تعالى: «آ لَتَفْتَرُوا على الله الكَذب 4, (اللام) هنا هى لام الصيرورة أو لام العاقبة» والمعنى لا تفعلوا ذلك؛ لأن العاقبة أن تفتروا على الله الكذب. (افترى) أى قصد باهتا الكذب وتعمده وأزاد» وقد ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: إن الْدين يترون على الله الْكَذب لا يفلحون 4 أكد سبحانه بأنه لا يفلح الذين يقصدون الكذب على الله تعالى ويتعمدون ويبهتون الناس بالكذب عليه سبحانه» وذلك لأنهم يكونون قد مردوا على الكذب» وفسدت مداركهم إذ ماعت نفوسهم فصارت لا تتجه إلى الحقائق ولا تستقر فيها الحقائق» ولا يؤمنون بحق» ولا يرفضون الباطل» إذ من تصل حاله إلى الكذب على الله لا يمكن أن يفوز فى أمر من الأمور؛ ولذا قال: 9 لا يفلحون 4 أى ليس من شأنهم أن يفوزوا. وقد ذكر الموصول للدلالة على أن الصلة هى السبب فى عدم الفوز» وأكد سبحانه عدم الفوز بالجملة الاسمية وإن المؤكدة» وإذا كنا نراهم قد مردوا على الكذب وصار شأنا من شئونهم فلا مانع يمنع من الكذب على الله سبحانه وتعالى» أى كذب أعظم من أن يحرموا ويدعوا أن الله هو الذى حرم عليهم. وقد بين سبحانه فى تأكيد عدم فوزهم أنهم يحسبون بريق الحياة ومتاعها هو المناعء وبين الله تعالى أن متاعها قليل؛ لأنه فى ذاته قليل وزمانه قليل ومتاع الآخرة هو الأبقى ومن طلب متاع الدنيا بغير الحق افالآخرة تكون له عذابًا أليما؛ ولذا قال تعالت كلماته: ماع قا قليل ولّهم عَدَاب أليم 659 4 . التدكير فى ظممَاع 4 يدل على قلته فى ذاته وقلته فى زمانه وهو بجوار الكذب الذى يكذبونه لا يعد متاعًا؛ لأن المتاع ما يقوم على متاع النفس» والنفس ا تفسير سورة النحل 1111 مالالا ذ انل ان لانن تقلت اننال لاا ااا انا اناما اننا ناا اال انلام نانسا تلاز انالك اتن ططخلا ااانا انلالخ تالاخ لمانالا لامالا شتالا حر اق الكذوب تكون فى اضطراب مستمر ولا تملك نفسها كما لا تنضبط فى ذاتهاء ودأبها على الكذب يؤدى إلى ضلال الفكر فيها حتى يصيبها خرف الكذب وفساده. «إولهم عداب أليم 4 بعد هذا المناع الضئيل وهو عذاب دائم ليس له وقت محدود بل هو محدود بحدود اللّه» وما من قارئ يقرأهذه الهداية إلا امتنع عن الهجوم بقوله حلال وحرام إلا إذا كان النص على التحريم من قرآن أو أحاديث النبوة» ولقد كان إبراهيم النخعى » وهو من أئمة فقه الرأى كان إذا وصل برأيه إلى حكم يفيد التحريم لا يقول: حرام» ولكن يقول أكرهء وإذا وصل بقياسه إلى حكم يفيد الحل قال ليس من بأس» أو استحسن هذا متحرجا أن يقول حرامًا أو حلالاً لكى لا يكون تمن دخلوا فى حكم هذه الآية. وقال ابن العربى : (كره مالك وقوم أن يقول المفتى : هذا حلال» وهذا حرام فى المسائل الاجتهادية» فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومى هذا)ا. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم . التحريم خاصا بهم دون غيرهم فطْمًا لنفوسهم الشهوانية الظالمة» وقد أشار سبحانه إلى هذه المحرمات فى قوله تعالى: ل وَعلَى اين هَادُوا حرا ما قَصّصنًا يك من قبل وما ظَلََاهُم ولَكن كَاُوا أنفسهم يَظلمون 09 > . وقوله تعالى: ما قصصنا عليك من قبل 4, أى ما أخبرناك بتحريمه من قبل» وهذا يدل على أن هذه الآية فى سورة النحل متأخرة عن التحريم على اليهود فى سورة الأنعام» وذلك النص فى سورة الأنعام : ا تفسير سورة النحل 9 للللو الل اللا 0 على الَِينَ مادو حَرَمنَا كل ذي ظفر ومن البقر وَالْغنمِ حرمنا عليهم شحومهما إِلذَّمَا حملت ظهورهمًا أو الحوايا أو ما اختلط بِعَظم ذلك جزيتاهم ببغيهم وإنا لَصَادقُونَ 059 4 [الأنعام] . وفى هذه الآية التى سبقت فى سورة الأنعام ذكر سبحانه أن ذلك كان قَطْمًا لأهوائهم وشهواتهم وبغيهم» فكان التحريم تأديبا لهذه النفوس أو تقوية لإراداتهم ومنعا لأهوائهم وشهواتهم؛ ولذا قال فى الآية الكريمة التى نتولى ذكر معانيها الحكيمة «إ وما ظلَمنَاهم ولّكن كانوا أنفسهم يُظلمون 24 أى وما ظلمنا بذلك المنع الجزئى» بل هم الذين بغواء وأكثروا فيها الفسادء وأدى ذلك إلى ظلمهم؛ ولذا قال تعالى: أ ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 2# الاستدراك هنا لتأكيد نفى الظلمء وإثبات الظلم عليهم هم؛ وتقديم طأَنفْسَهُم4 على 9 يظلمُود) للدلالة على الاختصاص» أى لا يظلمون أحدا غير أنفسهم. التوبة بعد العصيان ومكانة إبراهيم قال الله تعالى: 2 2-2 ب لع ا م لم ثمإن ريلك اذ عملوأ السوء هدلو 3 تايوامن 2 ل سرس ص سه در ملح اس 0 7 بَعَدِدِكَ وأصلحو إن ريك من بعد ها لغمور جم 32 ص لي ا ا 0م 04 ٠.‏ م“ 3 2 رس عر 2 0 رركا أْمَهوَتَاه حول َيكَمَِالْمتركِيَ . 2 ت عجر خج صم و 0 د © حار لَت يسود إل طسق 0 ته #[ له د 3 1 2 هه يك سس ب ا تر هسه مه 2107000 02 قله | تدنه في الدّنْيا حسنة وإِنّْهيف| لآخرة لمن الصَّيِلِحِينَ م 00 - يس لح للك لس 2 رعس 7 7 تمْوْحبن ِلك أنِأبَعَ م إِنهِي مَحَنِِشَاوَماكانَ 1 تفسير سورة النحل و بم 2 إن الله تعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب وآمن وعمل صا حا؛ ذلك أن بتوبته فى وقتها عبادة» وقد قال تعالى: « نَم إن ربك للّذِين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلّحوا 4 . هو ينصره» ويحميه من أعدائه ولا يسلمه لهمء وقد ذكر أنه سببحانه لهؤلاء الذين عملوا السوء» بشرطين : الشرط الأول أن يكون بجهالة. والشرط الثانى - أن يتوبوا ويعملوا الصالح بأن يصلحوا فى ذات ألشسهم؛ بأن يزول من تفوس هم كل أدران السوءء وترحض عن قلوبهم كل ما عملوا من آثام مبطنة 2 وأن يذهب ما اربدت به نفوسهم»ء وتطهر . والسوء كل ما هو فى ذاته ليس بطيب» ويسوء النفس وغيره» والجهالة هى عدم تذبير الأمرع وعدم تعرف عوأقبه بأن يندفع تحت تأثير شهوة جامحة» أو هوى يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يعوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما 6 ويست الي لذن يعون السيتات حتئ إذا حضر أحدهم الموت فال إتي بت الآن ولا الّذين يموتون وهم كَفَار أولدك أَعتَدنًا لهم عذابا أليما م6 4 [النساء]. وقال تعالى فى الشرط الثانى : ثم تابوا من بعد ذلك وأصلّحوا 4 أى قاموا الأمر الأول الندم على ما حصل من سوءء وذلك علم بالحق بعد الجهالة» وثوب إلى الله تعالى بعد الابتعاد. والأمر الثانى ‏ العزم على ألا يعود إلى ذنب أبداء ذلك لأجل غسل ما اعترى القلب من أدران» وتنظيفه من السيئات وآثارها. لإا تفسبير سنور: ةالنئحل 0 لجر بي والأمر الثالث ‏ أن يكون ذلك من قريب؛ لأن القدم يثبت الشر فى النفس» ويجعل إزالة درنه ليس يسيرا. ثم بعد هذه التوبة بشروطها لا بد من العمل الصالح؛ لآنه لا يزيل عمل السوء ء إلا العمل الصالح فيحل الخير محل الشرء وإنه عند تحقق هذه الأمور. وتوجها العمل الصالح كان الغفران وكانت الرحمة» ولذا قال: إن ربك من بعدها َعَفُور رُحيم 4 وهنا عدة أمور بيانية : الأمر الأول التعبير ب ثم 4 فى أول الآية لما بين الذين يصرون على الذنوب ويعاندون الحق» ويسرفون على أنفسهم» وبين الذين يتوبون من قريب عن فعل فعلوه بجهالة» فكان ل ثم »4 موضعها فى هذاء وكذلك الأمر فى « ثم 4# الثانية» «إ ثم تابوا من بعد ذلك وأصلّحوا إِنَ ربك من بعدها لّغفور رُحيم »4 فى التعبير به ثم »4 يفيد التراخى به بين التوبة والغفران؛ لأنه ليس كل توبة توجب الغفران» بل لابد من زمن تعتاد النفس فيه فعل الخير حتى يكون الخير منها حالا من أحوالها. الأمر الشانى ‏ فى قوله تعالى: «إ ثم إِنْ ربك للذين عملوا السوء بجهالة 4 (اللام)تفيد اختصاص الله بهم وأنه قريب منهم. وإن فى ذلك تشجيعا للتوبة لمن يقعون فى معصية» كما قال تعالى : وله عبّادي الّين أسرقُوا على أنفسهم لا تَقنَطُا من رّحَمَة الله إِنَ الله فر الذنوب جميعا .. 25) 4 [الزمر] وقال تعالى: «إغافر الذنب وقابل التوب ... 2©)* [غافر]. الأمر الثالث ‏ فى قوله تعالى: 8 إن ربك من بعدها لُغفور رحيم © ذكر البعدية فى هذه ا حال فيه معنى الفورية» وأن الله يحب توبة عبده ليغفر له» فإن اللّه يحب التوبة ويحب المغفرة. وقد ذكر الله بعد ذلك أبا الأنبياء إبراهيم لأنه أبو العرب وعزهم» ويعيشون ببركة دعائه,» ولآنه تواب أواه حليم » فقال سبحانه : إن إبراهيم كان أَمهَ قَاننا لله حنيفا ولّم يك من المشركين 059 # . 9 تفسير سور 6 النحل ل الل > اد أمّة 4 إما أن تكون بمعنى إمام» أى أنه عليه السلام كان إمام الموحدين المقتدى بهم أو مذهبا متبعاء كقول الله تعالى: # . .. إِنَّا وَجَدنَا آباءنا على أُمةَ ونا على آثارهم مَقتَدون #2 [الزخرف]. وفسره الزمخشرى بأنه وحده أمة كأنه جماعة جمعت الفضائل كلهاء وقد قال فى ذلك : إن إِيْرَاهيم كان م4 لكماله واستجماعه فضائل لا تكاد توجد إلا متفرقة فى أشخاص كثيرة» كقوله: ليس على الله بمستدكر أن يجمع العالم فى واحد وهو رئيس الموحدين وقدوة المحققين الذى جادل فى المشركين» وأبطل مذاهبهم الزائفة بالحجج الدامغة» وهذا وجه وقال الزمخشرى: والثانى أن يكون أمة بمعنى مأموم أى يؤمه الناس ليأخذوا منه الخير» أو بمعنى موؤتّم كأمة كالرحلة والنخبة وما أشبه ذلك مما جاء من فعله بمعنى مفعول» » فيكون مثل قوله تعالى: « .. .إنّي جَاعلّك للنّاس إِمَامًا... 4658 [البقرة] ويروى الشعبى عن نوفل الأشجعى عن ابن مسعود أنه قال: إن معادًا كان أمة قانتا لله» فقلت: غلطت إنما هو إبراهيم» فقال: الأمة الذى يعلم الخير» والقانت المطيع لله ورسوله وكان معاذ كذلك. وعن عمر رضى الله عنه أنه قال حين قيل له استخلف: لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته» ولو كان معاذ حيا لاستخلفته» ولو كان سالم حيا لاستخلفته» فإنى سمعت رسول الله كَكِدِ يقول: «أبو عبيدة أمين هذه الأمة» ومعاذ أمة قانتا لله ليس بينه وبين الله يوم القيامة إلا المرسلون وسالم شديد الحب لله لو كان لا يخاف الله لم يعصهاء وهو ذلك المعنى أى كان إماما فى الدين؛ لآن الأئمة معلمو الخير. ونقول: إن الوجهين اللذين ذكرهما الزمخشرى يصح أن يرادا معا» فهو فى ذاته أمة لأنه جامع لكل صفات الكمال البشرى» ومستجمع لكل أسباب الرفعة عند الله» وهو مع ذلك إمام يؤتم ويقصد إذ هو إمام الموحدين والله أعلم؛ ولذلك عقب ذكره بتزييف مذاهب المشركين من الشرك والطعن والنبوة» وتحريم ما أحله الله ولأنه كان وحده أمة موحداء وكان سائر الناس مشركا. ا تفسير سورة النحل 01 لمن الاك ضخ خا تاكالم الماك اناالا طخ خط ماممممممممم ااا انالمخخ طخلل اللاو ططخ ط لال مانم للاناخططخسضطسططلة تتلا ااا 2 هذا هو الوصف الأول لإبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم» والوصف الثانى: أنه قانت لله أى خاضع مطيع مسلم وجهه لله تعالى» والوصف الثالث: أنه كان «حنيفا 4, أى طاهرا نقيا فى نفسه وقلبه مائلا للحق أى متجها بكل نفسه إلى الحق لا ينحرف إلى البباطل» الوصف الرابع : وهو وصف سلبى ناف عنه الشرك؛ ولذا قال: «ولم يك من المشركين», الوصف الخامس إيجابى» فقال: شاكرا لأنعمه اجتباهُ وهداة إَى صراط مُستقيم 099 4 . كان الذين يدعون الانتساب إليه فى ملته ويقولون إنهم على دين إبراهيم وحنيفيته» يعرفون نعمة الله ثم يتكرونها ويكفرون بهاء أما إبراهيم كه فقد ذكر سبحانه أنه كان فى حاله التى تحيط بهء وتستغرق كل أفعاله ‏ شاكرا لأنعمه # وأنعم جمع نعمة جمع قلة» وإذا كانت حال شكر دائم لأنعمه القليلة فهو بالأولى شاكر لأنعمه السابغة الكثيرة» وفى هذا دعوة إلى أن يكونوا كأبيهم فى ملته وهديه وحنيفيته السمحة. وإنه بهذه الصفات العليا من جمعه للفضائل الإنسائية التى كان بها أمة وحدهء ومن أنه كان قانتا حنيفاء وشاكرا لأنعمه اصطفاه الله تعالى خليلاء كما قال تعالى: ا ... وَاتّخَدَ الله إبراهيم خَليلاً 658 4 [النساء]؛ ولذا قال تعالى: « اجتباه 4 أى اصطفاه نبيا مرسلاء وهداه إلى صراط مستقيم إلى طريق للحق مستقيم» وهو صراط الله تعالى كما قال سبحانه: وَأ هذا صراطي سين اتبعوه ولا تتبعوا السبل فتَفرّق بكم عن سسبيله ... 2 > [الأنعام] . وإنه من ثمرة هذه الخقصال الكريمة» وأنه هو الذى وفى» وأتى بكل الطاعات أتاه الله تعالى خير الدنيا والآخرة. فقال تعالى: « وآتيناه في الدانيا حَسنة ونه في الآخرة لمن الصالحينَ 079 4 . الحسنة هى النعمة التى تحسن فيها أمور الدنيا من حياة فاضلة هى الخير كله وقد أعطى الله تعالى إبراهيم تلك الحياة الحسنة الطيبة فرزقه الولد»ء بعد حرمان #4 تفسير سورة النحل اي 7 7 و طويل: ولم يهبه إلا على الكبر» كما قال: ا الْحَمَد لله أأذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق ... 469 [إبراهيم]» وشكر النعمة» واختبر بالفداء بذبح ولده فقبل راضياء ثم فداه رب العالمين بذبح عظيم ووفقه فى بناء الكعبة وأمده بعمر طويل كله كان فى الخير وعمل الصالحات» و«خير الناس من طال عمره وحسن عمله2)2(0 وجعله أبا الأنبياء وشعر بذلك فى حياته فقد كانوا من أولاده» وقد نالوا منزلة النبوة فكان إسماعيل من ذريته النبى الهاشمى الأمى» ومن ذرية إسحاق كان أنبياء بنى إسرائيل» وجعل الله له كما طلب 8 ...لسَان صدق في الآخرين69 4 [الشعراء]» فكان كل أهل الديانات يتولونه» ويعتزون بالنسب إليه وأنه مع النعم التى أنعمها سبحانه وتعالى عليه كان شاكراً لأنعمه. ولذلك حسنت حياته فقال تعالى: 9وإِنهُ في الآخرة لمن الصّالحين# ذكر ذلك الكريم الحنان المنان على أنه خبر لا إيتاء وكأنه نتيجة لما كان منه فى الدنيا ولم يذكر أنه عطاء من الله تعالى» وإن الله له الَنّ والفضلء ولم يذكر ذلك ليبسين سبحانه وتعالى أن الله تعالى يعطى الناس على قدر شكرهم: « ... ل شكرثم لأزيدئكم ... © 4 [إبراهيم]» وأن خخير الآخرة ثمرة عمل الدنيا وكله بفضل الله وعطائه 9 ... عليه فليَوَكلِ المتوكلون 69 4 [يوسف]. وقد أكد أنه فى الآخرة من الصالحين بالجملة الاسمية» وإن المؤكدة ولام التتوكيدء وأنه فى صف الصالحين» والصالحون فى الآخرة هم المقربون الذين يفوزون بنعيم الجنة وينظر إليهم ويرضى عنهم ورضوان من الله أكبر . وإن ما دعا إليه إبراهيم كه هو ما يدعو إليه محمد كَكٌ؛ ولذا قال تعالى: دنم أوْحيّنَا لِك أن الع مه إبراهيم حَنيا وما كان من المشركين 659 4 . )١(‏ أخرجه الترمذى: الزهد - ما جاء فى طول العمر للمؤمن (57501)» وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ؛ وأحمد: أول مسند البصريين (9طه9١1).‏ والدارمى: الرقاق: (ه؟؟؟). هاا تفسير سورة التحل 0 لل 7 كج إن المشركين كانوا يفاخ رون الناس بأنهم من ذرية إبراهيم» فالنبى يقرهم على هذا الشرف النسبى» والله تعالى يدعوهم إلى اتباع النبى يكدِ لآن الإسلام الذى جاء به النبى كَل الأمى هو ملة إبراهيم ودينه» والقرآن وحى الله تعالى هو الذى يدعو إلى اتباع ملة إبراهيم» فأنتم إذ تشركونء وإذ تعاندون النبى عَكِِ تعاندون إبراهيم وتكفرون بشرف انتسابكم إليه عليه السلام» وتمسككم بإقامة تسكهءع واعتزازكم ببيت اللّه الحرام الذى يناه » وجعله اللّه مثابة للناس وأمناء وقوله تعالى: لثم أوْحَينا يك أن انع مه اهم حَنيهًا 4 فيه ثلاثة ئة أمور بيانية تجب الإشارة إليها: الأمر الأول فى قوله تعالى: «إ ثم أوحينا إِلِيك أن اتبِع مله إبراهيم حنيفا » فيه أن ما يدعوكم إليه من عدم الشرك هو وحى من الله باتباع إبراهيم الذى يعتزون به فذلك الوحى هو مما تفخرون وتعتزون فلا تنافروا الداعى ولا تعادوه» وهو على ملة إبراهيم فسيروا فى مفاخركم باتباعهاء وهو مائل عن الشرك غير منحرف إليه . الأمر الثانى - التعبير ب ثم 4 فإن مؤداها أن إيحاء الله لنبيه َك باتباع ملة إبراهيم هو سمو بإبراهيم يم أعلى من كل ما سبق؛ لأن المؤدى فى كلمة 9« ثم 4 التى تفيد التراخى أنه سما الأمر بإبراهيم أنه علا حتى صار محمد سيد الخلق تابعا له فى ملته» فالتراخى هنا معنوى بالعلو بين مرتبة خاتم النبيين ومرتبة سيدنا إبراهيم » وإنه جدهة) ولكن ميحمد فخر نبى عدنان وفخر الإنسانية كلهاء أشار إلى و(إنما) تفيد ذلك لأن ثم 4 فى أصل وصفها التراخى المعطوف عليه فى الزمان» ثم استعملت فى تراخيه عنه فى علو المرتبة بحيث يكون المعطوف أعلى مرتبة وأشمخ محلا ما عطف عليه» فكأنه بعد أن عدد مناقب الخليل عليه السلام قال تعالى وها هنا ما هو أعلى من ذلك كله قدرا وأرفع مرتبة» وأبعد رفعة» وهو أن النبى الأمى وَكةٌ الذى هو سيد البشر متبع ملة إبراهيم مأمور باتباعه بالوحى با تفسير سيور 6 النحل الئل : حر ا متلو أمره بذلك فى القرآن الكريم العظيم» ففى ذلك تعظيم لهما لكن نصيب النبى يكٌِ من هذا التعظيم أوفر وأكبر. الأمر الثالث ‏ أن قوله تعالى: ظأَوَحَينا إِلَيِك أن انع مله إبراهيم 4 (أن) هنا بيانية» أى تبين معنى الوحى» فقوله تعالى اتبع ملة إبراهيم تفسير لأوحيناء فهى أمر باتباع ملة إبراهيم . وقد ختم الله تعالى النص بقوله تعالى: « وما كان من المشركين» وهذا تحريض للمشركين على منع الشرك؛ لأن إبراهيم لم يكن مشركا من وقت نشأته غلاما صبيا إلى أن توفى بعد عمر مبارك طويل مديد عليه السلام . الاشارة إلى اليهود والدعوة بالحكمة قال الله تعالى : إكَمَاجيِلَ الكت ث للدت ما« سدع و 3 ال ّ_- عر ل يي86م 7م احتَلفوافيهو إن ريك ليحكربيهم يوم الْفَيمَةفِما وه 020 2 2 9 اي ليم ااه سلِمُوتَ وي ادع إِلَ ِل ريك بالكُمةٍ سرح ساني سه سس للحت ل سل 2 0 راع <س سوس وَالْمَوَعِظةَ أَلْسََةَ وِحدر لْهُريالتىى | حسنإنَّ ريك سكيم صوصن بوعل الْمْمْسينَ © لاح سس مح رح مس لكر 22 سار دح يع س1 | اسه وَإِنْعافبِتم فعاموَابِمِثْل ماعوؤبتريه- و لين صبرتم له سرف - آ# ره وطاق رمج ا ساس «عل ل ميهج لهوخير للصّدبربت- لوي وأصيروماصبرز» إِ با 2 م 2 0 2 2 ٠‏ ب 38 # هل وه رو 1 وَلا نحن عليّهم ولاتل ف فى ضيق مُمَّايِممحكرون 7 إذَألَه مع الْذِينَ أتقوأولذِينَهم نحِْنُوت لسرب ار بين الله تعالى حال المشركين من كفرهم» وعنادهم وكفرهم بالنعمة يعرفون نعمة الله ثم ينكرونهاء أشار سبحانه إلى الذين يماثلونهم فى الكفر وإنكار النعمة» وهم يكفرون» وهم اليهود فهم والمشركون أشد الناس بغضا للذين آمنواء وقد أشار سبحانه إليهم بيوم السبت؛ لأنهم الذين اختصوا بتحريمه وإفراده للعبادة وتحريم الصيد فيه» وفى ذكر المشركين إشارة إلى هذه الممائلة وإلى بيان ما يستقبله النبى يَلكِْةٌ وأن له أياما منهم كأيام المشركين معه فلتصطبر لهم كما صبر من قبلك من الرسل حتى اليوم. يقول تعالى: طإِنّمَا جعل الست على الّذِينَ احَتَلقُوا فيه » . أى صير السبت مانعا لهم من مزاولة شكون الحياة للذين اختلفوا فيه» أى لليهود الذين اختلفوا فيه» والاختلاف أمارة أن فيهم من لم يذعنوا للحق ويؤمنواء فإنه حيث كان الاختلاف كان الذين يلوون ألسنتهم بالقول من غير إذعان للحق والإيمان» فإن الإيمان يجعل النفوس تقر وتطمئن ولا تنازع ولا تلاحى . منعوا من الصيد فى يوم السبتء وابتلاهم الله بكثرة السمك فيه» فيوم يسبتون يأتيهم الصيد»ء ويوم لا يسبتون لا يأتيهم» كما قال تعالى: 9 واستلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذْ يعدون في السَبت إِذ تأتيهم حيتائهم يوم سبتهم شرعًا يوم لا يسبتون لا تأتيهم كذَلك نبلوهم بم كَانُوا يَفُسُّقُونَ 09 4 [الأعراف] فمن صبر على البلاء وهم قليلون» كما قال الله تعالى فيهم: 8 ... منهم أَمَُ مقتصدة وكثير منهم سَاء ما يَعَمَلُونَ 63 © [المائدة] وكثيرون تمردوا واختلفوا فى تمردهم فمنهم من أعمل الحيلة وفتح قنوات يأوى إليها السمك فى يوم سبتهم ليأخذوها يوم لا يسبتون» ومنهم من تمرد كلياء ولم يطع من غير محاولة التحايل. هذا اختلافهم فى يوم السبت بين صابر لابتلاء اللّه» ومتمرد عليه» ومتحايل كأنما يخدع الله وهو معقول فى ذاته ومتفق مع طبائع اليهود المادية الذين يأخذون الأحكام بظاهر من القول والعمل» ويكفرون بالحق فى لبابه وصميمه. 9 تفسير سورة النحا للم ١ اك‎ 7 بي وقد قيل إن اختلافهم كان عندما أمرهم موسى بأن يكون يوم الانفراد للعبادة والامتناع عن الصيد يوم الجمعة فأبوا إلا أن يكون يوم السبت» يروى فى الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله وك قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلناء ثم هذا يومهم الذى فرض عليهم فاختلفوا فيه» فهدانا الله فالناس لنا فيه تبع؛ اليهود غدا والنصارى بعد غد)20» وإنا نميل ى الله ولا نخالف السنة. اا ماو في ش43 ون الك رب النياء ورب محمد ورب الوجود ( ليحكم 4, » (اللام) فى خبر إن» وظ ليحكم 4 أى يفصل وهو خير الفاصلين» وذكر 8 ربك » فى هذا المقام للدلالة على عالم محيطء فحكمه هو الفيصل لعلمه وقدرته وإحاطته بكل شىء علماء وموضوع الحكم قال سبحانه وتعالى فيه 8 00 فيما كانوا فيه يختلفون 4. أى ما كانوا يختلفون فيه بشكل عام» فقد اختلفوا اختلافا كثيراء فاختلفوا فى عبادة العجل 4 واحتلفوا بين (فروشيم) 2 أى مفسرين وصدوقيين» ومفوضين» واختلفوا على موسى ومن جاء بعده من الأنبياء.» ولا يزالون مختلفين» وهم بعيدون عن رحمة الله تعالى. بعد أن ذكر حال اليهود» وأشار إلى عنادهم. وفصل القول فى حال المشركين وإيذائهم أمر الله رسوله أن يستمر فى دعوته لا يألواء فهو مكلّف بالتبليغ مهما تكن مناوأة المناوئين» فقال تعالت قدرته: ( اع إن سبيل َك بالحكلمة والموعظة اْحَسنة ادلم التي هي سن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين 012 4 . صدع النبى كلل بأمر ربه بعد أن أنذر عشيرته وعمتكت دعوته ربوع البطحاءء وتجاوبت أصداؤها فى أرض الجزيرة العربية » وصار الناس يتعرفون أمسر هذه )١(‏ رواه البخارى: الجمعة - فرض الجمعة (871)» ومسلم: الجمعة- هداية هذه الأمة ليوم الجمعة :)١51(‏ من حديث أبى هريرة رضى الله عنه. 9 ##ا تفسير سورة النحل اللا 101 حر ا الدعوة» وتجردت قريش مناوئة بكل مما أوتيت من قوة آذت الضعفاء وفتنتهم عن دينهم وهاجر إلى الحبشة من هاجر فرارا بدينه وحماية ليقيئه» فهل يضعف ذلك من ندائه بقوة الحق والإيمان»ء وهل يخرجه ذلك عن حد الحكمة» بل إنه يستمر هاديا مرشدا؛ ولذا جاء أمر الله بأن يستمر فى دعوته بال حكمة والموعظة ولا يخرجه ما يفعلون إلى غير الحكمة. فقال تعالى: ادع إلى سبيل رَبك بالحكمة والموعظة الحسنة 4 ادع مبلغا رسالة ربك ومتبعا سبله وهدايته إلى سبيل ربك» وسبيل الله هو الصراط المستقيم وهو التوحيد وشريعته التى لا عوج فيها ولا أمت بل وهو سبيل الحق الهادى المرشد بالحكمة والموعظة» والحكمة هى القول المحكم الذى يشتمل على الدليل الهادى والبرهان القاطع» والموعظة هى بيان العبرء وضرب الأمثال بما وقع للماضين» وهى المثلات التى وسعت للناس» والموعظة تشمل هذا وتشمل بيان منافعهم فى إجابة دعوة الله» والمضار التى تنزل بهم إن أعرضوا وضلوا عن سواء السبيل. وبيان الفرق بين الحكمة والموعظة أن الحكمة ذكر الأدلة على التوحيد التى لا يفهمها إلا الراشدون الذين يدركون الدليل ومقدماته» والموعظة ذكر عواقب الضلال من الحوادث الماضية التى وقعت بالضالين المضلين» والقرآن الكريم قد اشتمل على الحكمة والموعظةء ففيه بيان آيات الله فى الكون من تخلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم المسخرات بأمره وإنزال الماء وإنبات النبات وفلق الجحب والنوى» فهذا كله من الحكمة» وفيه قصص الأمم السابقة وما نزل بالعصاة من خسف وزلزال وريح صرصر عناتية» وهذا من الموعظة الحسنة؛ ولذا قال بعض المفسرين ف بالحكمة والموعظة الحسنة 4 القرآن لأنه يشتمل عليهاء ووصفت الموعظة بالحسنة لسهولة قبولهاء أو يتخير الرسول أسهلها على النفس» وأحسنها توصيلا للحق الله الهادى إلى سبيل الرشاد. ه سبحانه أن يدعوهم بالحكمة والموعظة وأن يجادلهم بالتى هى أحسن فقال 08 ط وَجَادلهم بالّي هي أَحَسَن 4. أى بالطريقة التى هى أحسن فى التوصيل إلى الإقناع» فإن لم يكن إقناع فتقريب» فإن لم يكن تقريب لا يكن 0# تفسيرسورةالنحل 2 و تنفيرء فهو يبين لهم الحق فى غير مخاشنة وإن خاشنوه» وفى غير غضب وإن غاضبوه» فالنبى لا يغضب ولكن يهدى فلا يفجؤهم بما لا يحبونء بل يأتيهم بالحق مما يحبون مادام لم يكن باطلاء ولا يكون جافيا فى قول أو خلق» ولا يكون غليظا بادى الغلظة» بل يكون ودودا بادى المودة» من غير أن يكون منذاهنا فى حق» فإن المشركين يودون أن يكون مداهنا فى الحق كما قال تعالى: 9 وَدوا لو تدهن فيَدهنونَ 5 > [القلم] . إن ربك هو أَعلَم بمن ضّلّ عن سبيله وهو ألم بالمهتدين 4 . أمر الله نبيه بأن يبذل غاية الجهد فى الدعوة من غير مغاضبة بل بالمودة والملايئة والرفق فى القول والعمل» والمجادلة من غير مشاحنة ولا مخاصمة. بحيث يكونون فى جانب» وهو فى جانب» ولا يظن أنه بذلك يتأكد إيمانهم فإن منهم من يضل» ومنهم المهتدى» وعليه التبليغ» وليس عليه الهداية؛ ولذا قال: « ... فَإِنّما علَيْكَ الْبَلاعُ ... © 4 [الرعد]» وقال فى هذه الآية: إن ربك هو علَم بمن ضَّلّ عن سبيله وهو أعلم بالْمهمَدِينَ» هذا النص السامى كأنه جواب عن استفهام مقدر فى القول: أبعد الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والحدل بالتى هى أحسن يكون الإيمان لا محالة؟»: فأجاب سبحانه: فيهم من كتب عليه الضلال وفيهم المهتدى . إن رَبك 4 الذى يعلم كل شىء لأنه رب الإنسان والوجود لإأَعلّم بمن ضل عن سبيله 04 أى بمن سلك سبيل الضلالة وأوغل فضل (إ وهو أَعلَم بالمهتدين 4 . ونقول: إن أفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنه لا مفاضلة بين علم الله وعلم أحدء وإنما الذى يقصد من أفعل التفضيل أن علمه بلغ أقصى درجات العلم فلا علم فوق علمه سبحانه. ويلاحظ أنه يعبر عن الضالين بالفعلء #ضل #. وعن الذين هداهم الله تعالى ا بِالْمهمَدين 4 ؛ للإشارة إلى أن الضلال مخالف للفطرة حادث عارض لهاء ا تفسير سورة النحل .0 ا 0000 لح اا ولذا عبر عنه بالفعل الماضى» وأما الهداية فهى الفطرة» ولذا عبر عنها بالوصف الذى يدل على الدوام» فقال: «( وهو أَعلّم بالمهتدين 4 . وإذا لم تكن هداية لا تكون مغاضبة» بل يكون عقاب إن اعتدوا فقال تعالى : . 4 059 وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولعن صبرتم لَهوَ خَيرَ للصّابرين‎ ١ هذه السورة سورة النحل مكية كلهاء وقيل إن ثلاث الآيات الآخيرة منهاء وهى هذه الآية واللتان تليانها مدنيات» وهى بالمدنيات أشبه؛ لأن المسلمين لم يملكوا القدرة على العقاب إلا بعد الهجرة» وبعد أن أذن لهم بالقتال فى قوله تعالى : «طأَذن للّذين يَاتلُون بأَنّهُم ظَلمُوا وإِنَ الل على تصرهم لَقَدِيرٌ 29 الّدين أخرجوا من ايه بغر حأ فوا الوا ل له اا بمعهم بعس لدت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكرٌ فيها اسم الله كيرا ولَينصرك اللّهُ من ينصررة إن اله قري عَزِيز 9 4 [الحج]. فبعد الهجرة والإذن بالقتال يكون للعقاب موضع؛ إذ كانت لهم القدرة ويكون معنى الآية على هذاء وإن عوقبتم أى آذوكم على إيمانكم» وهاجموكم فى دياركم وأموالكم» أو أردتم أن تأخذوا منهم حقكم على إيذاء آذوه فعاقبوهم بمثل ما آذوكمء وتسمية فعلكم عقابا هو من قبيل المشاكلة اللفظية» فما كان منهم لم يكن عقابا بل كان إيذاء ابتداء اعتدوا به عليكم كما سمى رد الاعتداء من قبيل المشاكلة اللفظية فى قوله تعالى: « ... فَمَن اعتدئ عليكم فَاعمَدوا عليه بمثل ما اعتدئ عليكم وَانَّقَوا الل واعلَمُوا أن الله مع الْمَُّقِينَ 659 » [البقرة] فما كان دفع الاعتداء اعتداء إنما كان دفع الاعتداء انتصافا. وما موضع الصبر فى هذه الحال» وقد أقسم الله تعالى بأنه حير للصابرين 4. ونقول: إن موضعه فى أنه لا يجهز على جريح» ولا يقتل النساء ولا الذرية» ولا تنتهك الفضيلة» وفى ألا يبادروهم بالقتال» ولا ينتهكوا الحرمات ولا 8# تفسير سورة النحل ١س‏ شح ل يمثلوا بالقتلى كما يمثلون» روى أنه فى غزوة أحد قتل سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب» وقد ذكر الرواة فى السيرة أن المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد. . بقروا بطونهم» وقطعوا مذاكيرهمء ما تركوا أحذا إلا مثلوا به حتى حمزة عم رسول الله كَلَدِْةّ فقد مثلوا به» فرآه مبقور البطن» فقال: «أما والذى أحلف به لئن أظفرنى الله بهم لأمثلن بسبعين مكانك», ولكن أمر بالنهى عن المثلة . وموضع الصبر أيضا فى أنه إذا تمحكن منهم المسلمون يعرضون عليهم الإسلام» كما يعرضونه قبل القتال» كما قال النبى كله عندما أرسل معاذ بن جبل وعلى بن أبى طالب إلى اليمن كل بمفرده: «لا تقاتلهم حتى تعرض عليهم الإسلام» فإن أسلموا فخذ من أغنيائهم صدقة وردها على فقرائهم؛ فإن لم يسلموا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم؛ فإن قاتلوكم فلا تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم رجلا فإن قتلوا منكم رجلاء فقولوا لهم: أما كان خيرا من هذا أن تقولوا لا إله إلا الله» . ونرى أن الصبر كان له موضع ليس فى الجهاد بل فى تحمل أذى المشركين عسى أن يهتدواء هذا إذا كانت الآيات الثلاث مدنية» أما إذا كانت مكية فكيف يكون مبادلة العقاب بعقاب مثله؛ والمسلمون لم يكن لهم قوة بل كانوا يفرون بدينهم مهاجرين أحيانا ومتحملين أبلغ الأذى أحيانا ومنهم من يكره وقلبه مطمئن بالإيمان» والجواب عن ذلك أن المسلمين لم يكونوا جميعا مستضعفين» بل كان فيهم أقوياء وإن كانوا نادرين» كعمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب فإنه عندما أسلم عمر ذهب إلى البيت» ونكل بكل من كان فيه حتى إنه كان فيه رجل من المشركين كان قد آذى أيا بكر الصديق فجاء إليه عمر وصرعهء وجلس عليه وأراد أن يفقا عينيه فاستغاث بالمشركين فما استطاعوا إلى عمر سبيلا وهو بارك عليه كما يبرك الفحل» وكان قوى الجسم مديد القامة عملاقا. ويقول على بن أبى طالب فى هجرة عمر: كان المسلمون يهاجرون خفية إلا عمر فإنه عندما هاجر لبس لأمته وشد عنزته ونادى: شاهت هذه الوجوهء وأرغم ههه : 2 الله هذه المغاطس» من أراد منكم أن تثكله أمه» وييتم ولده وترمل امرأته فليلقنى وراء هذا الوادى. وما أظن أنهم كانوا يستطيعون أن ينالوا من حمزة وأمثالهء وإلا ذاقوا بدل الكأس أكؤساء ولكن الصبر كان خيرا للصابرين» ولكن ما سبب ذلك؟ السبب أمران : الأمر الأول أن هؤلاء الأقوياء كانوا قلة نادرة قد ادخرهم الله للشديدة» ولو استرسلوا لتكائفوا عليهم وأبلغوا فى إيذائهم» ولشغلت مكة بهم عن الاستماع لدعوة النبى عله . الأمر الثانى ‏ أن وقت المغالبة بالقوة لم يحن بل كانت المغالبة بالمصابرة ليثير الصبر على الآذى قلوب ذوى المروءات كما كان يحدث أحياناء والنبى عله كان أقوى فى شخصه وهيبته من كل هؤلاء؛ ولكنه لم يفرض هيبته ليدخل الناس فى الإسلام مختارين غير هيابين. وقد حبب الله تعالى إليه الصبر فقال: فإ ولتن صبرتم لَهُوَ خَيرٌ للصّابرين 4 فأكده سبحانه أولا بالقسم» واللام الدالة عليه» وب (لام) القسم الواقعة فى جوابه» وبالضمير (هو)» وبالإظهار فى موضع الإضمار للدلالة على أن الصبر خير فى ذاته لمن يصبرون. وقد أمر النبى يَلَِِ فى عامة أموره وفى دعوتهء وفيما يلقاه من المشركين فقال تعالى: «! واصبر وما صبرك إلا باللّه ولا تحزن علَيّهِم ولا تك في ضَيّق مما أمره الله تعالى بثلاثة أمور: الآمر الأول الصبرء والصبر فى الناس ضبط النفس وفى النبى يَكهِ تحمل الأذى بصدر رحيب» وقلب مطمئن ورضا بالتكليف « وما صبَرَّك إلا بالله4. أى إلا بتوفيقه وعونه وهو نعم العون ونعم النصير. ./ تفسير سورة النحل لل 0 حر لسر زا الأمر الثانى ‏ ألا يحزن على ما يصيب المؤمنين وكفر الكافرين 8 ... فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ... 2) # [فاطر]. الأمر الثالث ‏ ألا يضيق صدره بمكرهم فالرسالة توجب حمل كل ما يجىء فى سبيل الدعوة» وضبق صدره بما يمكرون بأن يظن أن لمكرهمء أثر أى أثر فى دعوته» فالله غالب على أمره. وخختم الله تعالى السورة بقوله تعالت كلماته بأنه مع المؤمنين دائما . إن الله مع الّذين اثَقَوا وَالْذِينَ هم محسبوت 052 > . إن الله مع الذين امتلأت قلوبهم تقوى» وجعلوا بينهم وبين غضب الله وقاية بالصحبة السامية وبالتأييد وبالنصر وبالعزة لهم فى الدنيا والآخرة» والله ولى المؤّمِنْين . ءا ذأ ماج عا عاد جا ذخ تزيم زا سورة الإسراء سورة مكية» وعدد آياتها ١١١‏ إحدى عشرة ومائة آية» وقد قيل : إنها مكية نزلت بعض آياتها بالمدينة وهى قوله تعالى : « ويسألوتك عن الروح قل روح من أَمرِ وبي وما أُوتيغم من العم إلا قليلا 62 © وقوله تعالى : ظوإن كَادوا يسنك عن ادي أَوحيّنا يك لتَفَري عَلينا عير ذا لأَنحْدُوكَ ليلا 6 4 إلى قوله تعالى :ل وقل جَاء الح وََهى الال إن اباطل كَانَ زَهوقا 69 وكذلك قوله تعالى : طقل ين اجممَعت الإنس وَالْجن على أن يأنُوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبَعْض ظَهيرا 62 4 . وقد ابتدئت السورة الكريمة بذكر خبر الإسراء والإشارة إلى المعراج فى قوله تعالى : ( سحَانَ الذي أسرئ بعبْده ليلا من مسد الحرام إَى المسجد الأقصا اللي بَارَكْنَا حوله لئريه من آياتنا نه هْوَ السّميع البصير (9) »4 وذكر سبحانه أن أهل مكة وبيت المقدس وغيرهم هم ذرية من حملهم الله مع نوح. ثم بين سبحانه أنه قضى لبنى إسرائيل أن يفسدوا فى الأرض» ففى الأولى يبعث الله لهم قوما أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار» ثم يجعل الله تعالى لأهل الإيمان من أتباع محمد يكل من رد الكرة عليهم» وأمد الله المؤمنين بأموال وبنين وجعلهم أكثر نفيراء فإذا جاء وعد المرة الآخرة من فسادهم يدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة» وخاطب سبحانه المؤمنين بقوله تعالى : ظٍِ .. ليَسوؤوا وجوهكم وليَدَخْلُوا المَسجد كما دخلوه أول مر تبروا ما علوا تتبيرا () © ويشير سبحانه إلى أن سبب ذلك فساد أحوال المسلمين؛ وأنهم إن صلحوا صلحت الأموره» فيقول «عس ركم أن بسكم و عدم عذنا وجَعنا جهنم للكافرين بها تفسير سورة الإسرا اع ل 000100 مم 0 طَّ حصيرا (2 4 ويشير سبحانه إلى أن خسارة المسلمين ترجع إلى ترك القرآن «إذ هذا القرآن هدي لأَي م هي أَفُوم يشر المؤمنين ادن يعملُونَ الصّالحَات أن لهم أجرا كيرا () وأا الدين لا يوْسُونَ بالآخرة دنا لَهُمْ عدن يما #02 وبين أحوال الإنسان فقال: ‏ ويدع الإنسان بالشرٌ دعاءه بِالْخيْرٍ وكات الإنسان عجولاً 9 4 . ويذكّر الله سبحانه المؤمن المدرك بأنه خالق الليل والنهار ليبتغوا فضلا من ربعم وليعلموا عدد السنين والحساب» ويذكر |" الله تعالى الناس 1 الحساب» وأن ماي ساس وم ماي م نام لنفسه ومن 2 فإنما صل عليها ولا تر زر وزد أخرئ ». ويبين سبحانه أن هلاك الأمم وضعف المسلمين أمام بنى إسرائيل فى جولتهم الأخيرة سببه الترف والتراخى : وإِذا أردنا أن نهلك قريّة أَمرنا مترفيها فَفَسّقوا فيهًا فحق علَيها القَول فَدمرنَاها تدميرا 9 4 وبين الله سبحانه وتعالى بعد ذلك سنته فى القرون الماضية الذين أهلكهم الله سبحانه» ويقرر سبحانه أن ا من كان يريد العاجلة عجَلنا له فيها مَا نشاء لمن تريد 4 9 ومن أراد الآخرة وسعئ لها سعيها وهو مؤمن فأولتك كان سعيهم ممشكورا 9 كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربّك محظررا (:6 انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا 69 4 ونهى سبحانه عن عبادة غير الله مع الله ظ فتقعد مذموما مُحَذُولا 4 . ويأمرنا سبحانه وتعالى أمرا: « وقضى ربك أل تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إِمَا ييلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لّهما أف ولا تنهرهما وقّل لهم قولا كريما 75 واخفض لهما جناح الل من الرّحمة وقل رَبْ ارحمهما كما ربياني صغيرا 03 4. ثم يوصى سبحانه وتعالى بالقرابة كلهاء وبالتوسط فى إنفاق المال» هى أحسن حتى يبلغ أشده. ويأمر سبحانه بالوفاء بالعهد وبالوفاء بالكيل والميزان» اا تفسير سورة الإسراع 06 !!!لاغ 1غخ !مك1 1ع لم1 ااا للا!! الالالال الك ملاتا لا امم مم ممم كلل التلللا لحب ا 9 ذلك حير وأحسن تَأويلا 4 وأمر سبحانه أن: ألا يَقْفْ الإنسان ما لا علم له به أو ما لا سبيل إلى العلمء ٠‏ © إن السُمع والبصر والفؤاد كل أُولكك كان عنه مُسؤولا 4 . ويعلم الإنسان الأدب واللياقة حتى لا ينفر الناس منهء ‏ ولا تمش في الأرضٍ مُرحا إِنّكَ أن تخرق الأرض ولن تبلْعْ الجبال طُولاً 69 » وإن ذلك له فى المجتمع عواقب سيئة مكروهة مقطعة لأوصال الجماعة. وينهى سبحانه عن أن يكون مع الله إله آخرء ويندد بعادات أهل الجاهلية فى كر اهيتهم للبنات ‏ أَقأَصفاكم ربكم بالْبدِينَ واتّحَدَ من الملائكة إِنَانا نكم لتَقَولُونَ قَوَلا عظيما 60 # وقد بين الله تعالى تصريفه سبحانه فى القرآن ليتذكر الناس ولكنه يزيدهم نفورا؛ لأنهم يرون فيه قوة الحق» والمبطل المعاند كلما وضحت الحجة نفر وما اهتدى» ثم يبين سبحانه أنه لو كان معه آلهة كما يقولون لنازعوه سبحانه وتعالى فى عرشه فيفسد الكون. ثم ذكر سبحانه تسبيح كل ما فى الوجود لهء ثم بين سبحانه هداية القرآن وضلال الناس: فا وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين اين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مُستورا (62) وَجعلنا على قُلُوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولُوا على أدبارهم نفورا (65 نحن أَعلّم بما يستمعون به إذ يستمعون إلَيِك وإذ هم نجوئ إذ يقول الظَالمُونَ إن نعو لأ رجلا مُسحورا 9 انظر كيف ضربوا لك الأمغال فَضَلُوا قلا يستطيعون سبيلاً 62 4 وإن الأمر الذى يشغلهم عن الحق هو كفرهم بالبعث فهم يقولون: « أئذا كنا عظاما ورقَانا أن لمبعونُونَ حَلَْا جديدا 4, فيرد الله تعالى كلام هؤلاء فيقول: قل كُونوا حجارة أو حديدا (2) أو خَلقَا مما كبر في صّدوركم فَسَيَقُولُونَ من يعيدنا قل الذي فطركم أل مَرة فسينفضون إليك رءوسهم ويقولون متئ هو قل عسئ أن يكون قَرييا 9©) 4 . وبين سبحانه أن هذا كله من نزغ الشيطان بينهم» وإن ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم وإن يشا يعذبكم. وما أرسلناك (يا محمد) عليهم وكيلاء وقد بين / تفسير سورة الإسراع لل ااال ااال الول للك 0 لح ات سبحانه أنه فضّل بعض النبيين على بعض» وآتى الله داود زيورا» ويبين سبحانه عجز الأوثان عن كشف الضرء ويصف المؤمنين فيقول تعالت كلماته: « ولك لذن يَعُون فود وهم اؤسيفة نهم أرب ويَُْو ممه ويَحَافُودَعَدَاَه إن عدَاب ربك كان مُحَذورًا 69 4 . ويضرب الله تعالى الأمثال بالقرى التى فسقت عن أمر ربهاء فيقول سبحانه: « ون من قََية إل نحن مَهَلكُوها قبل يوم القيامة أو مَعَدبُوهَا عَذَابًا شّديدا كان ذلك في الكتاب مُسطورا 620 4 . طلب المشركون آيات حسية بدل القرآن» فيقول سبحانه: 9 وما منعنًا أن نرسل بالآيّات إلا أن كدب بها الأَوَلُونَ وآتينا تَمُود النَاقََ مبصرة فَظَلَمُوا بها وما نرسل بالآيات لذ تَحْوِيمًا 9 وإذ فنا لك إن رَبك أحَاط بالئّاس وما جَعَلنَا الرّؤيًا الي أَرَيَاك إلا فشّة لئاس والشّجرة الْملْعُونَةَ في القرآن وتَحَوفهم فَمَا يزيدهم إلا طعيَانا كبيرا © 4 . ثم يشير سبحانه إلى قصة الخلق والتكوين ويذكر تكريم آدم بالأمر بالسجود له» وموقف إبليس» ويأمره سبحانه بأن يبذل أقصى ما يملك ظ واستفزز من استطمت منهم بصوتك وأجلب عَلَيِهِم بخيلك ورجلك وَشَاركُهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشَيطَان لذ غرورا #653 وبين سبحانه أن عباده المؤمنين ليس للشيطان عليهم سلطان» وكفى بربك وكيلا. ثم بين سبحانه نعمه فى البر والبحر وكشف الضر إذ يستغيثون بهء فإذا كشف الضر عنهم أعرضوا وكان الإنسان كفورا. وأشار سبحانه إلى قدرته القاهرة: متم أن يخْسف بكم جانب الْبرِ أو يرسل يكم حاص ثلا درا لم وجيلا 9 أمأمش أن يعمدكم فيه نار شر فوسل عَلَيَكُمْ قَاصِفًا مَنَ الريح فيَعْرِفَكُم بما كفرثم ثم لا تجدوا لكم عَلينَا به تبيعا 9© 4 أى مطالبا ينتصر لكم». وقد كر بسد لك تكريم الله تعالى سني أ وذكر أذ من تكريمهم أن يبعثواء « يوم ندعو كُلَّ أناس بِإمّامهم فُمَنْ أوتي كتابه بيمينه فأوليك #0 تفسير سورة الإسراع 0019 الملل 0 لحب ل يقرءون كتابهم ولا يظلَمون فتيلاً 69 ومَن كَانَ في هذه أَعْمَئ فَهُرَ في الآخرة أَعْمَى وأَضْل سبيلاً 69 4 . ولقد ذكر سبحانه وتعالى محادة المشركين أن يفتنوا محمدا يكِلَهِ عن دينه» وأنه لولا أن الله ثبته لركن إليهم» 9١‏ ولولا أن بتاك لقَد كدت تركن إليهم شَينًا قليلا 69 إذا لأذْفَْاكَ ضعف الحيّاة وضعف الْمَمَات ثُمَّ لا تجد لَك عَلَينَا تصيرا 69 4 . ثم أشار سبحانه إلى أن المشركين يستفزون محمدا وأتباعه ليخرجوه ‏ وإِذا ل يبنُونَ خلاقك إلا قليلاً 4 ويأمره سبحانه بإقامة الصلاة فى أوقاتها فيقول: 8 أَقَم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق اللَيلِ وقران الفجر إن قُرآن الْمَجرٍ كان مشهودا 9 ومن الل فْهَجَد به نَافلة لك عسئ أن بعك ربك مَقَامًا مُحْمُودًا 9© وقُل رب أَدخلني مُدْخَلَ صدق وأخْرجني مُخْرَجٍ صلق وَاجْعَل لي من لَّدنك سَلْطَاًا نُصِيرًا 2 وَقُل جَاء الحق ورْض لاط إن لإطل كاذ َف 49 . وبعد ذلك ذكر نزول القرآن وأنه يكون تنزيلا وقتا بعد آخرء 9 ونترّل من القرآن ما هو شفاء ورَحمةٌ لَْموْمِينَ ولا يَزِيدُ الظَالمينَ إلا حَسارا 69 4 . وبين سبحانه وتعالى طبيعة الإنسان غير المؤمن» حيث يعرض عن الله عند النعمة « وإذا مْسّه الشَر كان يئوسا 4 وكل يعمل على شاكلته ولئن شئنا لتذهبن بالّذي أَوَحينا إِلَيِك ثم لا تجد لَك به عَلَيْنَا وكيلاً 69 إِلأَ رَحْمَة من رَبك إن فَضْلَهُ كان عَليِكَ كُبيرا 69 » وبعد ذلك بين القرآن وأن الله سبحانه وتعالى يتحدى به الخليقة إلى يوم القيامة. ولقد ذكر سبحانه أنهم طلبوا آيات أخرى حسية:» طلبوا أن تفجر لهم الأرض ينابيع » وأن تكون لهم جنات من نخيل وعنب» أو أن يسقط السماء عليهم كسفاء أو يأتى بالله والملائكة قبيلاء أو يكون له بيت من زخرفء أو يرقى فى السماء ويرسل إليهم كتابا من السماء. بها تفسير سورة الإسراء سس اا 0 ج-1 وكلها آيات مادية حسية» والنبى يَكهِ يجيبهم ا سبحان ربّي هل كنت إلا بشرا رسُولا 4 . ولقد كان المشركون يعجبون ويقولون أبعث الله بشرا رسولا! فيقول نه: اقل لو كَانَ في الأَرْض ملائكَة يمشن مَطْمكتينَ لتنا عليه من السمَاء ملكا رار النبى كلد أن يجعل الله شهيدا بينه وبينهم. وإن من يهديه الله فهو المهتد ومن يضلل الله فلن تجد له أولياء من دونه» طون بهد الله فهو المهمَد ومن يضلل فلن تجد لهم أُولياء من دونه وتحشرهم يوم ليام على وجوههم عَمْيا كما وصمًا اهم جهنم كلما حبت زدناهم سعيرا 9 ذلك جزاؤهم أنه كَمَرَوا بآياتنا وقَانُوا دا كنا عظَامًا ورفَاتا أئنا لمبعوثون خلا جديدا 69 4 . ثم يذكر سبحانه أنه خلق السموات والأرض فهو قادر على أن يخلق مدلهم» 8 .. وَجَعَلَ لَهُم أَجَلاً لأَرَيْبْ فيه فَأَبَى الظَالمُونَ إلا كُفُورا 69 قل لو أنم تَمَلَكُونَ خرَائن رَحْمَة بي إذَا لأَمْسَكْتمْ حَشيّة الإنقاق وكان الإنسان قتورا 29 > . وإن المشركين يلحون فى أن يأتيهم الرسول بآيات حسية» ولا يقتنعون بالقرآن معجزة مع أنه تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله» فذكر الله تعالى أن الله آنى موسى تسع آيات بينات 9 .. فاسأل بني ! إسرائيل إذ جاءهم قال لَه فرعون ني لأظك ا مُوسَئ مُسْحورًا 09 قَال لَقَد علمَت ما أنزل هؤلاء إلا رب السَّموات والأرض بصائر وني لأظنك يا فرعون مُعْسورا 69 4 فهم مع هذه الآيات التسع لم يؤمنواء فأخرجهم من الأرض فأغرقه الله ومن معه جميعا. وقد بين سبحانه وتعالى مقام القرآن والرسالة المحمدية» فقال عز من قائل: ( وَباْحقَأنرلنَاهُ وَباْحقَ نَرَلَ وما أَرْسلَاك إلا مُبَشَرَا وتيا 6-2١‏ وَقُرآنا فاه لتقرأة على النّاس على مكث وَنرْلنَاه تتزيلاً 5 4 وأنه لا يغض من شأن القرآن إلا من به للها تفسير سورة الإسراءع 061 11لأااااااااااااااااناااا !اللا لانت تالالا لااااالالااالا تلاك الالالال ااا للتلااااا ل لللا لطم كخط ةما لاا الالالال للتاتللا 14 لصحيو ى أشرك: «وقل امنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلئ عليهم يخرون للأذقان سجدا 0:9 ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا 0-0 ويخرون للأّذقَان ييكون ويزيدهم خشوعا 63 4 . وكان المشركون يقولون لا نعرف الرحمن» فقال لهم رب العالمين: # قل ادعوا الله أو ادعوا الرَحمن أَيَا مّا تدعوا فَلَهُ الأمماء الحسي ولا تَجَهَرٌ بصّلاتك ولا تخافت بها رابغ بَيْنَ ذلك سبيلاً 9 وَقل الْحمَد لله الذي لم يتُخذ ولدا ولَمَيَكُن له شريك في الملك ولم يكن لَه ولي من الذّل وكبره تكبيرا 659 4 . معاتى السورة الكريمة قال الله تعالى : 20 م م 5 سر وع لال 2 سبحن لذ ىأسرئ يِعَبَدهلِتَلامَ َالمسجر لحرا ضح مام م 2< لس مم همه _-- ار لم اي هُوَاسّميعٌ لصي يا وَءَاتََامُوسَى لكب وَبَعَلئَة ابس الس 2م جراعم :2 4 هْدَى لَقَِإِسْره يل ألَاتَنَحِذ وأ من دون وحكيلا وي ل ل 0000 ل 3 7 ُ 2ح جر 24 عر جهدت نفس النبى كَكِلٌ ولم ييأس من رحمة الله عندما ماتت زوجه المواسية الحانية التى كان يسكن إليها بعد لغوب الحياة ومعاندة المشركين وإيذائهم له وللمؤمنين فهى التى واسته عندما نزل الوحى» وذهب إليها يرجف فؤاده» فقالت له: إنك تكرم الضيف وتحمل الكل» وتعين على نوائب الدهرء ولن يضيعك الله أبداء وذهبت برسول الله يقد إلى ابن عمها الذى كان على علم بالكتاب فقال له: إن هذا هو الناموس الذى نزل على موسى من قبل» ليتنى أكون فيها جذعا إذ اهما تفسير سورة الإسراءع الللال 0 1س لس سس أ 7 يخرجك قومك فقال لَه : «أو مخرجى هم) فقال: ما أتى قوم بمثل ما أوتيت إلا أخرجوه(2 . وفى سنة وفاتها توفى الحامى الخانى أبو طالب الذى كان درئة؟؟ من قريش» فسمى النبى كَكِلْةٌ ذلك العام عام الحزن. وذهب إلى الطائف يعلن الدعوة فى ثقيف عسى أن يكون منهم النصراء المستجيبون ولكنهم ردوه ردا قبيحا وأحس أنه فقد المعين» فقال داعيا ربه: «اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى؛ إلى من تكلنى إلى بعيد يتجهمنى أم إلى عدو ملكته أمرى إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى إلا أن عافيتك أوسع لى. أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بى سخطك أو بحل على غضبك؛ لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك). استجاب الله تعالى لنبيه الكريم فأعطاه القوة بالبراهين الحسية التى لا يمارى فيها إلا المنبورون» فشق له القمر ورآه السارون0) فماروا وقالوا سحر مستمر مع أنه رؤى رأى العين» وأعطاه الله قوة الحيلة فتحايل للدخول إلى مكة فى جوار بعض القرشيين» فدخلها بين أولاد من نزل فى جواره» وقد خرجوا ليناصروه» وإذا كان فقد العم البار الحانى» والزوجة المؤنسة الواسية الحانية فإن الله تعالى أشعره بأن الله معه ومؤنسه» وكان ذلك بالإسراء والمعراج» فآنسه الله تعالى فى م وححستة . .)57١(ىحولا أخرجه البخارى: بدء الوحى- بدء الوحى(7)؛ ومسلم: الإيمان- بدء‎ )١( 00( الدريمة: الحَْقَُ يتعَلّمْ الطّعْنُ والرمى عليهاء وكل ما اسثتر به من الصيّد د ليخدع. القاموس المحيط(درأ), والدركة كذلك ‏ فرق سرى: سار ليلا» والسارون: الساكرون بليل. الصحاح . ا تفسير سورة الإسراءع 0 للا الالال الالالال الملل > الاااااا 0 1 يي قال تعالى: «إ سبَحان الذي أسرئ بعبّده لَيْلا مَنَ الْمَسَجد الحرام 4 (سبحان): اسم فى معنى المصدرء وهو غير متصرف فلا تجرى عليه وجوه الإعراب وليس له فعل» وقد يعده بعض العلماء مصدرا من سبح يسبح تسبيحا وسبحاناء ومعنى هذه اللغة تنزيه الله تعالى وتقديسه وبراءته من كل نقص لا يليق بالذات العلية المكرمة» وقد روى أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة الميشرين بالجنة سأل رسول الله َه ما معنى سبحان الله فقال: «تنزيه الله من كل سوء»» وصدرت الآية أو السورة بالتسبيح وتنزيه الله تعالى عن كل عيب؛ لأنه سيكون فيها إسراء ومعراج» واتجاه إلى الله واستشراف بالملاً الأعلى فكان لا بد من الابتداء بما يدل على التنزيه عن التجسيم والأغراض التى لا تليق بذاته الكريمة» و(سبحان) منصوبة على أنها مفعول مطلق؛ لأنه فى معنى المصدر أو مصدر كما ذكر. وأسرى: أى سار ليلاء فالإسراء لا يكون إلا بالليل» وذكر (ليلا) للتبعيض فكان التدكير للدلالة على البعضية» فالإسراء كان فى بعض الليل لا فى الليل كله فما استغرق الليل كله» بل كان فى بعضء. وكان ذكر ليلا للإشارة إلى أنه حين يكون السير ليس سهلاء إذ إن الاتنقال إلى مكان بعيد لا يكون ليلاء بل يكون نهاراء ولا يكون بعض الليل بل يكون بعض النهارء فذكر «ليلا»' للدلالة على موضع الغرابة» أنه كان بأقصى السرعة». وكان ليلا. وذكر «عبده» فى قوله تعالى ل أسرئ بعبده 4. للإشارة إلى قربه من نبيه فقد خلص لهء ولم يكن بينه وبينه حجاب إلا العبودية» وأضافه إليه سبحانه لمعنى الاختصاص وأنه صار خالصا لله سبحانه وتعالى» وفى ذلك إشارة إلى معنى دعائه يلد : «إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى» فقال له ربه: أنت عبدى» أى أنت لى خالصا. وقد عين ابتداء السير» وانتهاءه فقال سبحانه: من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا» فالابتداء من المسجد الحرام لا من مكة كلهاء وصحت الرواية هاا تفسير سورة الإسراع ناا اناللتانا ااا اااااا ااا ااا ااانا اناالا لكا تلاتلا للاالاا لاملا م نطلل طخ اناالا ااانا لمن طناك خالناا لاا مخطم طاطخ خخخ امام خ مالالا مم يبجليبه يي عن النبى كَلَةِ بأنه أسرى به من الحجر فى المسجل("2» وقيل إنه أسرى به من بيت أم هانئ بنت أبى طالب» ونحن نرى أن الأولى أن يكون ابتداء الإسراء من الحجرء لصحة الرواية ولأنها التى تتفق مع النص؛ لأن النص ذكر أنه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصىء ومكة وإن كانت حرما آمنا لأجل المسجد الحرام؛ فليست كلها الكعبة ولا المسجد الحرام. والمسجد الأقصى هو بيت المقدس» قيل إن الذى بناه يعقوب بن إسحاق عليهما السلام؛ ومهما يكن تاريخ بنائه فهو مسجد مقدس كما قال كَلكةٌ: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: البيت الحرام؛ ومسجد الأقصى» ومسجدى هذا)”". وهو إحدى القبلتين - أولهما- اتجه إليه النبى يَكْةٌ فى مكة. فقد كان فى صلاته يصلى متجها إليه غير مستدبر الكعبة» ولما هاجر استمر يتجه إلى بيت المقدس وحده نحو ستة عشر شهرا9" . وكان الإسراء قبل الهجرة بعام» وبعد موت أم المؤمنين خديجة» وعمه أبى طالب» وقد ذكرت فى أول القول ما كان للإسراء من أثر نفسى فى التسرية عن وقد ذكر الله تعالى بعد المسجد الأقصى وصفا كريما له فقال: 8 باركنا حوله 24 ففيه آثار النبيين من أولاد إسحاق كَيكَلِغ وفيه كانت الإمامة الكبرى بأرواحهم» وقد قال الزمخشرى فى قوله تعالى: لا بارَكنًا حوله 4 يريد سبحانه بركات الدين والدنيا؛ لأنه متعبد الأنبياء من وقت موسىء ومهبط الوحى» وهو محفوف بالأنهار الجارية والأشجار المثمرة» وكانت بركته أيضا فى أنه إلى هذا الوقت كان قبلة المسلمين. )١‏ عن أنس بن مَالك يدن عن ليل شري بال ل من مُسمْجد الْعبَة. .الحديث. رواه ابسخارى: المناقب- تنام عينه(0 ٠‏ *) (؟) متفق عليهء وقد سبق تخريجهء ورواه بهذا اللفظ البخارى: الصوم- صوم يوم النحر(14048) عن أبى (*) متفق عليه» سبق تخريجه. اا تفسير سورة الإسرا اع 0 ل وقوله تعالى: ا لنريه من آياتنا 4 أى يُرى رسول الله يك من آيات ربه الكبرى ومن إمامته لأرواح الأنبياء أو للأنبياء أنفسهم قد أحضرهم الله تعالى له بأجسادهم. كما يبعثهم يوم البعث بأجسادهم» وتلك آيات من آيات الله تعالى» وعرج به إلى السموات العلاء كما قال تعالى فى سورة النجم: والنجم إذا هوئ (0) ما صل صاحبكم وما غرئ (0) وما ينطق عن الهوئ (2) إن هو إل وحي يوحئ (2) عَلَمَهُ ديد القُوَى (2) ذُو مرة فاستوئ (2) وهو بالأفق الأعلّى 60 ثم دنا فحَدلّى 0 فَكَانَ قاب فَوْسَين أو أَذنَ و فَأوْحئ إِلَئْ عبد ما أَوحَئ 62 ما كَذَب الْفوَاد ما رأَئ 9 أَفحمَارُونهُ عَى ما يرك 09 وَلقَد رآه تله أخرئ 09 عند سدرة الْمُسَهَئ 69 عندهًا جَنُ الْمأَرَى 2 إذ يَعْشَى السسّدرة ما يفْشَئ 09 ما راغ البْصر وما طَغئ 09 لَقَد رأئ من آيات به الكبرئ 62 4 . هذه آيات المعراج لا نتعجل الكلام فى ذكر معانيهاء فنؤجل ذلك إلى الكلام فى معانى هذه السورة التى تصور الرحلة النبوية إلى السموات العلا سواء أكانت هذه الرحلة بالروح فقط أم بالروح والجسدء والله على كل شىء قديرء بقى أن نتكلم فى الإسراء والمعراج أكان بالروح أم بالجسد والروح؟. اتفق علماء السلف على أن الإسراء كان بالروح والجسدء وأنه كان ليلاء والنبى مله مستيقظ يرى ويسمع» ولذا وصف عير قريش وذكر أنه يتقدمها جمل أورق. ولم يخالف فى ذلك إلا ما روى عن عائشة وعن معاوية من الذين لقوا رسول الله كك ونقول: إن عائشة رضى الله عنها ما كانت زفت إلى رسول الله كه وما كانت فى سن تسمح لها بالرواية» إلا أن تكون قد روت ذلك عن غيرهاء ولم تذكر من روت عنه» ومهما يكن فهى الصديقة بنت الصديق» ولكنا لا نأخحذ برأيها وقد كان رأيا لنا أن نخالفه. وأما معاوية فماله ولهذا وقد كان هو وأبوه ممن كذبوا النبى كَكَةِ فى أصل الإسراءء فلم يكن وقت الإسراء إلا مشركا ككل المشركين . 0 تفضسير سورة الإسرا اع 00 0 جه يي ونحن نرى أن الإسراء كان بالجسد فى حال يقظة النبى كَكِْةٌ فلم يكن فى منام : أولا: لأن الله تعالى قال: « سبْحَان الذي أسرى بِعبّده ليلا 4 والعبد جسد وروح. وثانيا : أنه وصف لهم ما رأى وعاين. وثالثا: أنهم ما كانوا يختلفون عليه لو كانت الرؤيا منامية. وأما المعراج» فإن بعض العلماء قال: إنه بالروح دون الجسد» وقد قال فى ذلك القرطبى : «قالت طائفة كان الإسراء بالمسد يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح» واحتجوا بقوله تعالى: ف سبّحَان الذي أسرئ بعبده ليلا مّن الْمَسجد الحرام إلى الممسجد الأَقْصا) فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء»237» وإننا نميل إلى هذا الرأىء والله أعلم . وختم الله سبحانه وتعالى آية الإسراء بقوله تعالى: طإِنّهِ هوَ السّميع البصير 4 الضمير يعود إلى الله تعالى» وذكر « السّميع البُصير» فى هذا المقام للإشارة إلى أن الله تعالى عليم علم من يسمع بما قيل لك من مشركى قريش وأهل الطائف» والعليم علم من يبصر بما رد به سفهاء ثقيف وما أوذيت به من أذى رق له قلب بعض المشركين» وهو تعالى مؤنسك فى وحشتك وناصرك فى وحدتكء. فإذا فقدت النصير من أهل الدنيا والمواسى منهم فالله معك» وهو أعز نصير وأرحم تنيبهان: أولهما: أن المشركين عندما كانوا يطلبون آيات حسية كانوا يريدون الإعنات لا الإقناع» فهذه الآية الحسية قد جاءتهم فزادوا خسراناء جاءتهم فى الإسراء وشق القمرء فزادوا كفرا فقالوا: سحر مستمر. . 7١4/٠١ الجامع لأحكام القرآن:‎ )١( 1 لا تفسير سورة الإسرا اع اللللل الل حب ا : ثانيهما: أن بعض الناس يذكرون الإسراء مع ما يقال الآن فى الخروج إلى الفضاء والارتفاع إلى السماء وهذا تهجم على المعجزات» إن الارتفاع إلى الفضاء أو القمر أو المريخ بأسباب حسية مادية هى رافعة كروافع لأحمال لا فرق بين صغيرها وكبيرهاء أما معجزة الإسراء فهى انتقال من مكان إلى مكان فى وقت كان الانتقال يستغرق أربعين يوما من غير سبب ظاهرء أو دفعة حمسية بل بسبب آخر وهو قدرة الله تعالى ولا شىء سوى قدرته ولا يوجد مثل هذا الآن ولا فى أى زمان إلا أن يكون معجزة.» فلا يستطيع ذلك أحد إلا الله العلى القدير الحكيم العليه(!" . - 095 الإسراء والمعراج: (من كتاب خخاتم النبيين كلِةِ للإمام محمد أبو زهرة - الجزء الأولء ص‎ )١ 66 كان الإسراء فى السئة التى كانت قبل الهجرة» وروى البيهقى عن ابن شهاب الزهرى أنه كان فى السنة التى قبل الهجرة» وروى الحاكم أن الإسراء كان قبل الهجرة بستة عشر شهرا. واختلف على ذلك فى الشهر الذى أسرى به فيه» فالسدى قال إنه فى ذى القعدة» والزهرى قال فى ربيع الأول. وروى عن جابر وابن عباس أنهما قالا: ولد رسول الله صلى الله تعالسى عليه وسلم فى الإثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأرل» وفيه بعث» وفيه عرج إلى السماءء وفيه هاجرء وفيه مات. وفى رواية أن الإسراء كان فى ليلة السابعة والعشرين من شهر رجب. ويقول ابن كثير: «وقد اختاره الحافظ ابن سرور المقدسى» وقد أورد حديثا لا يصح سنده» كما ذكرناه فى فضائل شهر رجب» وأن الإسراء كان فى ليلة السابعة والعشرين من رجب والله أعلم. ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان فى أول ليلة جمعة من شهر رجبء» وهى ليلة الرغائب التى أحدئت فيها الصلاة المشهورة» ولا أصل لذلك» والله أعلم. وقد جاء فى نهاية الأرب أن الإسراء كان فى ليلة السبت» ليلة سبع عشرة من رمضان» قبل الهجرة بثمانية عشر شهراء وقد أسرى يَكِلهٌ به وسنه إحدى وخمسون سنة وتسعة أشهرا!! وننتهى من هذا إلى أن علماء السيرة النبوية مختلفون فى تعيين اليوم الذى كان فيبه الإسراءء ولكن الواقعة ثابتة. وقد اتفقوا على أنها كانت بعد ذهاب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الطائف» وردهم له الرد المتكرء وأن كونها فى ليلة السابع والعشرين من رجب ثبتت بخبر لم يصح سنده فى نظر الحافظ المحدث ابن كثير»ء وقال من بعد ذكره: والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد وجدنا الناس قبلوا ذلك التاريخ» أو تلقوه بالقبول» وما يتلقاه الناس بالقبول ليس لنا أن نرده» بل نقبله ولكن من غير قطع ومن غير جزم ويقين. واتفقت الروايات أيضا على أن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة على الأقل» ويظهر أنها كانت فى السنة التى قبل الهجرة فى ثلثها الأول أو الأخير والله سبحانه تعالى أعلم. - لكالل و اا يي - ومن سياق التاريخ ومناسبات الحوادث نرى أن الإسراء كان بعد انشقاق القمر. وهنا قد يسأل السائل ما المناسبة لمسألة الإسراء والمعراج» وتعيين الله تعالى لزمانهاء والله سبحانه وتعالى حكيم عليم» يضع الأمور بموازينها وفى أوقاتهاء وأجلها المعلوم؛ ولنا أن نتعرف حكمة الله تعالى من غير أن نقطع بأن هذا هو مراد الله تعالى» ف فهو العليم الخبير الذى لا تخفى عليه صغيرة أو كبيرة فى السماء ء أو فى الأرض . ونجيب عن هذا التساؤل بما قررناء وهو أن الله سبحانه وتعالى استجاب لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم فى ضراعته بالدعاء الذى دعا ربه عقب خروجه من الطائف» شكا ضعف قوته فأمده الله تعالى بالقوة» وقلة الحيلة فأمده بحسن التدبير لدخول مكة آمنا مطمئناء وأيده بآية حسية من نوع ما يطلبونء وإذا كانوا لم يستجيبوا لداعى الله تعالى» فلأن المعاند لا يقنعه الدليل» ولو كان حسياء فقالوا سحرناء مع أن انشقاق القمر رأته الركبان فى أسفارهاء ثم كان من بعد ذلك الأنس بلقاء الله تعالى ف فى المعراج » سواء أقلنا إن لقاءه بالله تعالى» كان بالروح فى الرؤياء أم كان بما هو أكثر من الرؤيا (السيرة العطرة للأستاذ عبد العزيز حير الدين» ونهاية الأآرب ج7١21‏ ص 23587 5844). لقد أحس النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالوحشة بعد وفاة الحبيبين خديجة العطوف» وأبى طالب الشفيق. فقال الله تعالى له بالفعل أنس الله أكبر» ورحمته أعظمء وحياطته أكرم» وإن عنايته بيك وبرسالتك هى التى ستبلغك أمركء وتحقق لك شأوك؛ وتصل بك إلى غايتك» وهو المهيمن الرءوف الرحيمء لذلك كان الإسراء» ومن بعده عروجه إلى السماء . والآن ننتقل إلى الآيات الكريمات التى صرحت بالإسراء؛ ثم كانت الإشارة الواضحة إلى المعراج قال نه عالق الله تعالى: : ال سبحا الذي أسلرى بعَبده يمن المَسْجد الْحَرام إلى المسسجد الأقصا الذي باركنا حوله ريه من آياتنا َه هو السّميع الببصير 9 4 [الإسراء]. ففى هذا النص الإسراء صريحاء وكانت الإشارة إلى المعراج بقوله تعالى: « لنريه من آياتنا 4 . وقال تعالى : ونال ربك أحاط بلئاس وما عا الريًا الب راك إلا فنة لاس والشّجرة الملعونة ني الفرآن ونْحَرَفهم فَما يزيدهم إلا طُفيّانا كبيرا 9 4 فقد ذكر المفسرون أن الرؤيا هى المعراج . وقال تعالى فى سورة النجم : والجم إذا هوئ () ما صل صاحبكم وما غوئ (7 20 وما يق عن هوا 59 : إن هو إلا حي يُوحئ (0 عَلَمَهُ ديد اق (2) ذُو مر فاسترَئ (5) وهو بالأفق الأعلى و ثم دنا فَدلى هى ! لبس ا ١‏ لح إن عددن لسن بان عن الود كوم او عن نوع ل له أخْرَئ © عند سدرة الْمسَهَ 09 عندها جه الْمَرَئ 09 إذ يَعْشَى السدرة مايه يَعْشَئ 09 ما رَاعَ البصر وما طَفَى © تقد رَأئ من آيات رَبّه احبر 6 4. ولقد قرر الممسرون أن هذه الآيات نزلت فى المعراج» وإن ذلك لواضح» وإذا كانت العبارات السابقة لم تصرح بالعروج إلى السموات العلا فإن الإشارات واضحة تكاد تكون تصريحاء والإشارات الواضحة فى قوة الدلالة تكون كالألفاظ الصريحة. وقد قال بعض علماء السيرة: إن الإسراء بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ابتدأ من شعب أبى طالب» وإن كان السند فى ذلك صحيحاء فإنه يشير إلى أن أبا طالب قد ماتء وأن مهمته قد انتهت» وأن الله تعالى وهو الباقى الدائم. الأول والآخر والظاهر والباطن به تكون النصرة الدائمة المتجددة فى الشدائد - ولكن الثابت فى البخارى أنه ابتدأ من الحطيم بالمسجد الحرام (البداية والنهاية جا ص١١١).‏ - نا تفسير سورة الإسراع -الإسراء بالجسم: إن ظاهر الآية القرآنية التى أثبتت الإسراء وهى قوله تعالى: « سبْحَانَ الذي أسرى بعبْده ليلا مَن الْمَسجد الحرام 4 أن الإسراء كان بالجسد والروح؛ وذلك لأنه سبحانه وتعالى قال: 9 أسرئ بعبده 4 » والعبد هو الروح والجسد» وما دام الظاهر لا دليل يناقضه من عقل أو نقل» فإنه يجب الأخذ به» فإنه من المقررات أن الألفاظ تفسر بظاهرها إلا إذا لم يمكن حملها على الظاهر لمعارض» ولا معارض. وفوق ذلك فإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عندما أعلن خخبر الإسراء بين قريش ففتن بعض الذين أسلموا وارتد من ارتدء ويقول فى ذلك ابن كثير فيما رواه عن قتادة: «انصرف رسول الله صلى الله تعالى 1 عليه وسلم إلى مكة» فأصبح يخبر قريشا بذلك؛ فذكر أنه كذبه أكثر الناس» وارتدت طائفة بعد إسلامهاء وبادر الصديق إلى التصديق» وذكر أن الصديق سأله عن صفة بيت المقدس» وقال: إنى لأصدقه فى خخبر السماء بكرة وعشياء أفلا أصدقه فى بيت المقدس» فيومئذ سمى أبو بكر الصديق. وإنه روى أنه عند مروره صلى الله تعالى عليه وسلم على عير لقريش قَندٌ بعير لهم نافراء فأرشدهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى مكانه؛ وقد أخبروا أهل مكة بذلك (الروض الأنف. جاء ص4 .)١5‏ وإنه روى أن أهل مكة الذين ردوا القول استوصفوه عيرا لهم فوصفهاء وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم فى إخبارهم» والاستدلال على صدقه: «وآية ذلك أنى مررت بعير بثى فلان» بوادى كذا وكذاء فأنفرهم حسن الدابة (هى البراق التى سنذكر الروايات عنه من بعد) فند لهم بعير» فدللتهم عليه» وأنا متوجه إلى الشام؛ ثم أقبلت» حتى إذا كنت بصحنان مررت بعير بنى فلان» فوجدت القوم نياماء ولهم إناء فيه ماء» قد غطوا عليه بشىء» فكشفت غطاءه» وشربت ما فيه» ثم غطيت عليه كما كان» وآية ذلك أن عيرهم تصوب الآن من ثنية التنعيم (هو المكان) البيضاء يقدمهم جيل أورق عليه غرارتان» إحداهما سوداءء والأخرى برقاء» فابتدر القوم الثنية. . . وسألوهم عن الإناء وعن العير فأخبروه» كما ذكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم . وإن هذا كله يدل على أن الإسراء كان بالروح والجسدء فإن تلاقى مع المارين بين مكة والشام وأخبر عن التلاقى؛ وصدق حبره يَلكِِوّه وإذا كانت بعض هذه الروايات فى إسنادها كلام» فإن بعضها يقوى الآخرء ونص القرآن ظاهر فى تأييد الدعوى» بل لا يدل على غيرها حتى يقوم الدليل. ولو كان الإمسراء بالروح أو الرؤيا الصادقة ما كانت ثمة غرابة تمنع التصديقء ولبادر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بإخبارهم إلى أن ذلك رؤيا فى المنام» أو هذا وحى أوحى به إليه. ولقد كان بجوار هذا القول الذى تنطق به الآية الكريمة قول آخر روى عن أم المؤمنين عائشة رضى الله تبارك وتعالى عنها وعن أبيها الصديق» وروى أيضا عن معاوية بن أبى سفيان» وقد كان إبان ذلك هو وأبوه من المكذبين الذين يناوئون الدعوةء ولكن لعله نقل عن غيره ممن شاهدواء وعاينواء كما نقلت عائشة عن غيرهاء وما كانت فى ذلك الإبان قد زفت إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم . وقد كان معاوية مسلما من بعد أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وعن أبيها الصديق» واحتج بقول عائشة هذاء وقد أثر عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه أمر بأن يؤخذ الدين عن عائشة. ولكن الخبر عنها يحمل فى نفسه ما يوهم عدم صلقه عنهاء ففيه أنها قالت: «لم تفقد بدنه» وإن ذلك يوهم أنها كانت معه فى مبيت واحدء مع إجماع المؤرخين والمحدثين على أنه لم يبن بها إلا فى المدينة . 3 ل / تفسير سيور هّ الإسرا اع الل الالالال ا ور ب ر؟ بي - وقد استدل أصحاب هذا القول بما روى الحسن البصرى عن أن قوله تعالى: 9 وما جَعَلَا الرؤْيًا التي أَريْنَاك إل فنة لئّاس » وقالوا إن الرؤيا هى ما يكون فى المنام» كما حكى عن سيدنا يعقوب: أنه قال لابنه يوسف بعد أن قص عليه ما رآه فى المنام: 9 ... لا تقصص رءياك علَى إِخوتك ... 2 4 [يوسف]. وجاء فى كتاب البصائر للفيرو زأبادى: «الرؤيا ما رأيته فى منامك» والجمع رؤى كهدى. وقد تخفف الهمزة من الرؤياء فيقال بالواو» (بصائر ذوى التمبيز فى لطائف الكتاب العزيز ج"7؛ ص177). وهذا وغيره نصوص صريحة فى أن الرؤيا منامية. ولكن أهى كانت فى الإسراء أم كانت فى المعراج؟ إن رواية الحسن رضى الله عنه تقول: هى ما كان فى ليلة المعراج» نعم إن الليلة كانت واحدة» ولكن النص على ليلة المعراج يدل على أن كلام الحسن ومن معه فى المعراج لا فى الإسراء . ويستد أصحاب هذا القول» وهو أن الإسراء كان بالروح بحديث البخارى عن أنس بن مالك قال: ليلة أسرى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من مسجد الكعبة جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليهء وهو نائم فى المسجد الحرام. فقال أولهم: أيهم هوء قال أوسطهم: هذاء وهو خيرهم. فقال آخرهم: نحذوا خيرهم... فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه» وتنام عينه ولا ينام قلبه»ء وكذلك الأنبياء تنام أعينهم» ولا تنام قلوبهم» ولم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند زمزم» فتولاه منهم جبريل. . . والحديث طويل وقال فى آخره واستيقظ وهو فى المسجد الحرام؛ ويرى صاحب الروض الأانف أنه نص لا إشكال فيه. ونرى أن فيه إشكالا؛ لأنه نص فيه على أنه كان قبل أن يوحى إليه» ونرى أنه لم يتعرض لذكر الإسراء والمعراج» ولعلها كانت إذا صحت الرواية فى موضوع آخر. ويرى صاحب الروض الأنف أن الأدلة قد تعارضت بالنسبة للإسراءء وأنه يوفق بينها بأن الإسراء كان مرتين: إحداهما بالروح والأخرى بالجسد والروح. ونحن نرى أن الأدلة لم تتعارضء» بل الأدلة على أن الإسراء كان بالجسد والروح هى التى لا ريب فيهاء ولا يمكن أن يعارض الضعيف القوى . ولذا نرى أن الإسراء كان بالجسد والروحء ولا نجد فيما استدل به على ما يدل على أنه كان بالروح فقطء وإن الآية «إ وما جَعَلْنا الرؤيا التي َريْناك إلا فتّة للئّاس 4 لا نرى أن موضعها هو الإسراء» بل إن موضوعها هو المعراج : ولا غرابة فى أن ينقل الله تعالى نبيه من مكة إلى بيت المقدس وأن يعود به فى ليلة واحدة»ء فإن هذا ليس ببعيد على الله تعالى؛ لأن المسافات فى الزمان والمكان» إنما هى بالتسبة للعبيد» ولا تكون قط بالنسبة لله سبحانه وهو القادر على كل شىء؛ وهو خالق الأماكن والأزمان. المعراج بالروح: إن الأكثرين من العلماء على أن المعراج كالإسراء كان بالجسد والروح» وأخذوا ذلك من ظواهر الأحاديث الصحيحة التى روتها السنة» ففيها التصريح بأنه لقى آدم فى سماءء وإبراهيم فى مثلها وإدريس» وعيسى ويحيى وموسىء وهذه الظواهر آثروا الأخذ بها. ولكن أولئك الأكثرين وقفوا عند رؤية الله تعالى» فقال فريق منهم إنه رأى ربه وخاطبه» وكان ذلك تكريما له لمخاطبة الله تعالى اختص به محمد صلى الله تعالى عليه وسلم تعظيما وتقريبا له» وهو فوق- لاا تفسير سورة الإسراع و لل ١:‏ لاا د -المذكور فى قوله تعالى: « وما كَانَ لبَشَر أن يكَلَمَه الله إلا وَحيا أو من وَرَاء حجاب أو يرسل رَسُولاً ... 69 4 [الشورى] وليس من هذه الثلاثة رؤية الله تعالى» وتلقى الرسول منه مباشرة من غير حجاب. وقد رأى ذلك الرأى الإمام أحمد بن حنبل وقاله أيضا أبو الحسن الأشعرى» وقالت طائفة أخرى لم يقع ذلك لحديث مسلم عن أبى ذر رضى الله تبارك وتعالى عنه: «قلت يا رسول الله هل رأيت ربك فقال عليه الصلاة والسلام إنه نور أنى أراه» وفى رواية رأيت نورا». والذين قالوا إن الإسراء كان بالروح وفى رؤيا صادقة قالوا ذلك فى المعراج» بل هو أولى» فالرحلة كلها كانت رؤيا صادقة» وقد بينا القول فى أدلة هذا الرأى بالنسبة للإسراء من قول. وقد انضم إليهم غيرهم تمن يرون أن الإسراء كان بالجسد والروح» فمنهم من قال إن المعراج كان بالروح وليس فى الموضوع نص قرآنى يدل بظاهره على أنه كان بالجسد والروح؛ حتى لا يكون مناص من اتباعه أو تأويله» بل نجد الألفاظ تقبل أن يكون المعراج بالروح» وبالظاهر المتبادرء لا بالتأويل المنتزع انتزاعا. ولننظر فى الآيات الكريمات الدالة على المعراج: دلالة آية الإسراء على المعراج بالإشارة لا بالعبارة» وذلك فى قوله تعالى: « لئريه من آياتنا 4 فتلك الآيات التى أراها الله عبده هى المعراج» وإمامة الأنبياء السابقين. والآيات الأخرى التى. دلت على المعراجء كانت الفاظها لا تدل على المعراج إلا بالإشارات البيانية؛ ولننظر فيها عبارة عبارة» وكلها من السمو البيانى فى المكان الأعزل الذى لا يصل إليه بيان قط . عَلَمَهُ شديد القُرَى ( ذُو مرَة فَاستوئ )4 [النجم]ء فقد قالوا إنه جبريل عليه السلام» وإذا كان الله تعالى» فتعليمه ل يكون بالتلقين بل يكون بالإرشاد والإيحاء. وقوله تعالى: ظوَهُرَ بالأثٍ الأعلّى 40 [النجم]ء يراد جبريل عليه السلامء ثُمَ دنا فَعدلَى 02 4 [النجم]؛ أى نزل وقرب من النبى صلى الله تعالى عليه وسلمء ٠‏ ل فأوحئ إل عبده ما أوحئ 69 4 [النجم] عن طريق جبريل» ل وَلَقَد رآه نَل أُخْرَئ 469 [النجم]» وهو جبريل أيضاء وقوله تعالى: «إما كَذب الْفوَاد ما رأئ 09 © [النجم] تومىء إلى أن الآيات الكبرى التى رآها كانت بفؤاده لا ببصرهء وقوله تعالى: ما زَاغْ الْبَصرٌ وما طَفَى 469 [النجم]ء أى ما كل وما تجاوز حدهء والنفى فيه ما قد يكون لأنه لم تكن رؤية بالبصرء حتى يكل المبصر أو يتجاوز حده؛ وقد يكون لبيان أن البصر لم يتجاوز حده ليطغى» ويحاول أن يرى ما لا يمكن أن يراه؛ ويزيغ بأن يكل ويمل» ويلقى فى النفس ما لم ير. وإننا عند هذا النظر الفاحص ننتهى إلى أن الإسراء إذا كان بالجسد والروح» فإن المعراج كان بالروح فقطء وأنه كان رؤيا صادقة» وقد اتجهنا إلى ترجيح ذلك لما يأتى: () أنه ذكر فى المعراج أنه التقى بالأنبياء آدم وإبراهيم وموسى ويحيى» وغيرهم» والباقى منهم هو أرواحهم» وأجسامهم سيبعثها الله تعالى يوم البعث والنشورء وفرض أنه بعثها ثم أفناها فرض بعيد لم يذكر فى حديث من الأحاديث» ولا خبر من الأخبار» ولو ضعيفاء وكل فرض فى أمر غيبى لا دليل عليه من المنقول فهو رد على قائله إلا أن يكون أمرا يؤدى إليه البرهان العقلى» ولا يوجد شىء لا من المنقول ولا المعقول يقرر إعادة أجسام الأنبياء الكرام أحياء» ثم إعادتها إلى الفناء . - با تفسير سورة الإسرا اع ل سي سر ا - (ب) إن العبارات القرآنية الواردة فى المعراج تومئ بل تصرح بأن الأمر فى هذه الرحلة السماوية كان روحيا وأن الإدراك لم يكن بالحسء بل كان بالقلب والفؤادء فالله تعالى يقول: <إما كذب الْفؤاد ما رأئ 9© أفتمارونه علئ ما يرئ 09 4 [النجم]» فالحديث القرآتى كله كان فى إثبات رؤية الفؤاد» وأنه لا تجوز المماراة فيما رأى الفؤاد الذى لا يكذبء. وذلك لا يتحقق إلا بأن تكون الرؤية روحية؛ لأن روية القلب لا تكون إلا روحية»؛ وإنه عندما ذكرت حاسة البصر ذكرت بالنفى» لا بالإيجاب» وقد بينا مؤدى النفى فى هذا. (ج) أن أخبار المعراج تصرح بأنه رأى ربه» والرؤية القلبية باستحضار عظمته؛ وبالسبحات الروحية المتجهة إلى الله سبحانه وتعالى» وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد قرر أنه لم ير ربه فى حديث أبى ذر الغفارى». فقد قال عليه الصلاة والسلام فى إجابة سوال الصحابى الجليل أبى ذر: (إنه نور» فأنى أراه؟ . إننا لا نتعرض فى ذلك لكون رؤية الله تعالى يوم القيامة ممكنة؛ أو غير تمكنة» فذلك يوم القيامة بعد البعث والنشورء وذهاب أهل الجنة إليهاء وإبقاء أهل النار فيهاء فإن الكلام فيها غير الكلام فى الدنياء ونحن نحس ونرى» فإن كانت رؤية الله الآن فهى بالعين الفانية» ورؤية أهل الجنة عند من يشبتونها تكون بالعين الباقية» والله أعلم كيف يرى. وننتهى من هذا إلى تقرير حقيقتين نراهما: الأولى: أن الإسراء كان بالجسد والروح بظواهر النصوص الثبتة» ولا معارض لها. الثانية: أن المعراج كان بالروح فقط لعدم وجود الأدلة المثبتة أنه كان بالجسد والروح من القرآن؛ ولوجود المعارض من النقل والفعل . والآن نعود إلى قصة الإسراء والمعراج كما هى فى الصحاح على أن نفسر الألفاظ على ضوء هاتين الحقيقتين اللتين قررناهما. الإسراء والمعراج فى صحاح السنة: كان من الممكن أن نقف بالنسبة للإسراء والمعراج عند هذا الذى قررناه» ولكن يجب أن نستانس بالمنقول عن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم على أساس أن كل ما ذكر فى المعراج أنه بالروح . وقد رويت روايات مختلفة تتعلق بواقعة الإسراء ثم العروج» نختار منها رواية البخارى . روى البخارى بسنده عن أنس بن مالك» عن مالك بن صعصعة» أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسرى به قال: «ابينا أنا فى الحطيم» وربما قال فى الحجر ‏ مضجعا إذ أتانى آت» وسمعته يقول: فشق ما بين هذه إلى هذهء فقلت (أى الراوى) للجارود وهو إلى جنبى ماذا يعنى به» قال من نقرة شعره إلى شعرته» وسمعته يقول من قصه إلى شعرته. «فاستخرج قلبى» ثم آتيت بطشت من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبى» ثم حشى» ثم أعيد.... ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيضء. فقال الجارودء وهو البراق: قال أنس: نعم. يضع خطوه عند أقصى طرفه» فحملت عليه فانطلق بى جبرائيل» حتى أتى السماء الدنياء فاستفتح قيل من هذا؟ قال: جبرائيل» قال: ومن معك! قال: محمدء قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعمء قيل: مرحيا به فنعم المجىء جاء. ففتحء فلما خلصت فإذاء آدم» فقال: هذا أبوك آدم» فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام فقال: مرحبا بالابن الصالح» والنبى الصالح» ثم صعد بى إلى السماء الثانية» فاستفتح» قيل: من- 0# تفسير سورة الإسراع -هذا؟ قال: جبرائيل» قيل ومن معك؟ قال: محمدء قيل: وقد أرسل إليهء قال: نعم» قيل: مرحبا به فنعم المجىء جاء ففتح» فلما خلصت» إذا بيحيى وعيسى وهما ابنا خالة» قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت عليهما فردا ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح. ثم صعد بى إلى السماء الثالثة» فاستفتح جبرائيل: قيل من هذا؟ قال: جبرائيل» قال: ومن معك؟ قال: محمدء قيل: وقد أرسل إليه! قال: نعم قيل: مرحبا به فنعم المجىء جاءء ففتح., فلما خلصت إذا يوسف . قال: هذا يوسف فسلم عليه؛ فسلمت عليه فرد» ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح. ثم صعد بى إلى السماء الرابعة فاستفتح» قيل: من هذا؟: قال: جبرائيل» قال: ومن معك؟ قال: محمد» قيل: وقد أرسل إليه؛ قال: نعم» قيل: مرحبا به فنعم المجىء جاء» فلما خلصت إذا إدريس» قيل: فسلم عليه. فسلمت عليه فردء ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح. ثم صعد بى حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح» قيل: من هذا؟ قال: جبرائيل» قيل: ومن معك؟ قال: محمدء قيل» وقد أرسل إليه! قال: نعم» قيل: مرحبا به فنعم المجىء جاءء» فلما خلصت إذا يهارون» قال: هذا هارون فسلم عليه فسلمت عليه فردء ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح» ثم صعد بى حتى أتى السماء السادسة» فاستفتح» قيل: من هذا؟ قال: جبرائيل» قيل: ومن معك؟ قال: محمدهء قيل» وقد أرسل إليه! قال: تعم» قيل: مرحبا به فنعم المجىء جاء؛ فلما خلصت إذا موسى» قال: هذا موسى فسلم عليه» فسلمت عليه فردء ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح» قلما تجاوزت بكى» فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكى؛ لأن غلاما بعث بعدى يدخل الجحنة من أمته أكثر ممن دخلها من أمتى . ثم صعد بى إلى السماء السابعة» فاستفتح جبرائيل» قيل: من هذا؟ قال: جبرائيل» قيل: ومن معك؟ قال: محمد» قيل» وقد أرسل إليه! قال: نعم قيل: مرحبا به» فنعم المجىء جاء. فلما خلصت» إذا إبراهيم. قال: هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه» فسلمت عليه فردء ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبى الصالح . ثم رفعت إلى سدرة المنتهى» وإذا أربعة أتهارء نهران ظاهران» ونهران باطئانء فقلت: ماهذايا جبرائيل؟ قال: أما الباطئان فنهران فى الجنة» وأما الظاهران» فالنيل والفرات» ثم رفع لى البيت المعمور. يدخله كل يوم سبعون ألف ملك. ثم أتيت بإناء من خحمرء وإناء من لبن» وإناء من عسلء» فأخذت اللبن. قال: هى الفطرة التى أتيت عليها أمتك . ثم فرض على الصلوات خمسون صلاة كل يوم» فرجعت فمررت على موسى» فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم» وإنى والله قد جربت الناس قبلك» وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة» فارجع إلى ربك» فسله التخفيف لأمتك فرجعت» فوضع عنى عشراء فرجعت إلى موسىء؛ فقال مثله. فرجعت» فوضع عنى عشراء فرجعت إلى موسى» فقال مثله. فرجعت» فوضع عنى عشراء فرجعت إلى موسى» فقال مثله؛ فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يومء فقال مثله» فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم؛ فرجعت إلى موسىء فقال: بم أمرت؟؛- ا تفسير سورة الإسرا اع ١‏ س0 2 07 سر -فقلت: بخمس صلوات كل يوم. قال: أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم» وإنى قد جربت الناس قبلك» وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالحة» فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك» قال: سألت ربى حتى استحييت» ولكنى أرضى وأسلم» قال: فلما جاوزت نادانى مناد: أمضيت فرضيت وخففت عن عبادى . وفى رواية البخارى فى كتاب التوحيد أنه بعد أن راجع به بمشورة موسى عليه السلام» وجاء فى مراجعة الخامسة أنه قال لربه: «يا رب إن أمتى ضعفاء وأجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وآذاتهمء» فخفف عناء فقال الجبار تبارك وتعالى: يا محمد» قال: لبيك وسعديك. قال: إنه لا يبدل القول لدى» كما فرضت عليك فى أم الكتاب. قال: لكل حسنة بعشر أمثالهاء فهى خمسون فى أم الكتاب هى حمس عليك» (البداية والنهاية ج” والتفسير لابن كثير أول سورة الإسراء) . وإنه من المتفق عليه بين العلماء أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أم الأنبياء جميعاء وعلى مقتضى الذين قالوا إن الإسراء كان بالروح تكون الإمامة روحية ثبتت بالرؤيا الصالحةء وكذلك يرى الذين قالوا إن المعراج كان روحيا. ولكن من الرواة ما يدل سياق روايته على أن صلاة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالأنبياء إماما كان مقدمه إلى المسجد الأقصى» ومن الرواة ما يدل سياق الرواية على أن الإمامة كانت وهو يعرج إلى السموات العلا . وانحتار ابن كثير فى تاريخه أن إمامته للأنبياء كانت بعد أن نزل من العروج» ويقول فى ذلك: «وهبط رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بيت المقدسء» والظاهر أن الأنبياء هبطوا معه تكريما له وتعظيماء عند رجوعه من الحضرة الإلهية العظيمة» كما هى عادة الوافدين» لا يجتمعون بأحد قبل الذين طلبوه إليه» ولهذا كان كلما سأل على واحد منهم يقول له جبريل: هذا فلان فسلم عليه» فلو كان قد اجتمع بهم قبل صعوهه ما احتاج إلى تعرفه بهم مرة ثانية» ومما يدل على ذلك أنه قال كله : «فلما حانت الصلاة َمَمْتّهم» ولم يجئ وقت إذ ذاك إلا صلاة الفجرء فتقدمهم إماما بهم عن أمر جبريل فيما يرويه عن ربه عز وجل» «البداية والنهاية ج27 ص17). وإن هذا الكلام يدل على أن إمامة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم للأنبياء كانت بعد أن تنزل من الآفق الأعلى» وإن المعراج كما انتهينا كان بالروحء وكانا رؤية صادقة. هذه قصة الإسراء والمعراج» كما نص عليها فى القرآن» وكما جاءت بها السنة الصحيحة» وقد ذكرناها بشىء من الإطناب» لكثرة الكلام حولهاء ولاختلاف الروايات» فكان لا بد من أن نصفى القول فيها. وخصوصا أنها وانشقاق القمر أعظم خوارق للعادات الحسية التى كانت فى حياة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومع ذلك لم يتحد بها كما تحدى بالقرآن الكريم؛ لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إنما تحدى بما يتناسب مع خلود شريعتهء ودوام رسالته وهو ما يبقى مخاطبا الأجيال كلها إلى يوم الدين» وهو القرآن الكريم . ااا تفسير سورة الإسراء ا مع عع عم مام م لمم م م م لمم مخ مخ خم ااال[ اا ااال 11م !!!الال لأا ل مخ ع ع ع 1خ ع ل امام م مل لل اماما مم ع امم عع ع1 م خم 1ل اغتتلللا يجيب 2 بعد أن ذكر بيت المقدس ذكر موسى الذى أراد أن يدخل الأرض المقدسة فقعد بنو إسرائيل» وقالوا مقالة الجبن والنذالة: 8 قَالُوا يَا موسئ إِنا آن نَدَخْلَهَا أبدا ما دامُوا فيه فَاذْهَبْ أنت وَرَبّكَ فقَاتلا نا هاه فَاعدُونَ 69 4 [المائدة] . قال الله تعالى : 9 وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لببي إسرائيل ألا تمَحْدْوا من دوني وكيلاً 0 4. إن الواو هنا عاطفة وعطفت 9آتينا موسى الكتّاب» على « سبّحان الذي أسرئ بِعَبّده ليلا مّنَ الْمَسّجد الْحَرام إِلَى الْمَسّجد الأَقْصّاي ويكون المعنى أكرم الله محمد َي بالإسراء والمعراج» وجعله حجة على الناس» إذ يكفرون بالآيات وقد طلبوهاء وأكرم موسى بالكتاب أتاه فيه الشرائع» 9 وَجَعَلنَاه هدى لبي إسرائيل أل تتَخْذُوا من دوني وكيلاً » أى كفيلاء أو ربا تكلون إليه أموركم» أو وليا ونصيرا. وإن هنا على قراءة التاء 9 تَتّحْذُوا» تفسيرية» أى هو ألا تتخذوا من دونه ولياء وهناك قراءة بالياء (يتخذوا)(١2‏ وعلى هذه القراءة يكون المعنى جعلناه هدى لبنى إسرائيل فلا يتخذوا من غير الله وكيلا أى وليا ورباء كقوله تعالى: «إولا يأمركم أن تَتَحِذُوا الملائكة وَالتبيينَ أربابًا . . 69 4 [آل عمران]. وأنه بهذا العطف يتبين أن شرائع الله متصلة وأن أنبياء الله تعالى مكرمون» كما أن الإسراء جمع النبيين عند بيت المقدس فقد جمعهم الله تعالى فى التكريم هذا بالكتاب والإسراء والمعراج» وذاك بالكتاب الذى كان هداية لبنى إسرائيل ألا يتخذوا شريكاء ثم بين سبحانه وتعالى صلة الأنبياء من عهد نوح فقال: لذي . 044/١ (ألا يتحذوا) بالياء غيبا: قراءة أبى عمروء وقرأ الباقون بالتاء خطابا. غاية الاختصار:‎ )١( ا تفسير سورة الاسرا اع 1م اك !لا ااااااالاتال ةلز ا لالط اال االاااااااالن ةلطلا للالالااا ا ممما اااالالالاا!! اططخ خخاامالاااااللطلطططال ملظلا و لأسب نا هذه الآية الكريمة موصولة بما قبلها للدلالة على أن النبوة متصلة متحدة فى غايتهاء وفى نهايتهاء لذي من حَمَلْنا مع فوح 4 منصوب على الاختصاص والمعنى نخص بالذكر ذرية من قد حملناء ويصح أن تكون نداءء والمعنى يا ذرية من قد حملنا مع نوح» والخطاب لأتباع محمد أو من بعث فيهم محمد وله وبنى إسرائيل» وإنه قد أكد سبحانه وتعالى أنهم من ذرية من حمل مع نوح» وكان الذين حملوا مع نوح فى السفينة هم المؤمنون الذين آمنوا باللّه ورسولهء ولم يكونوا مشركين» كما قال تعالى عند النجاة فوق السفينة» 9( .. .وأهلك إل من سبق عليه اقول ومن آمن وما آمن مَعَه إل قليل (©) © [هود] . والمعنى أن أصلكم قد اختاره من بين المشركين ليكون الإيمان هو الباقى؛ وقد كرم الله من تبع نوحاء والذين آمنوا به بتكريم نوح وذكر فضله فقال: 9إإِنَه كَانَ عبدا شكورًا 4, الضمير يعود إلى نوح 862» وذكر له سبحانه وصفين كريمين : الوصف الأول: أنه كان عبدا يحس بنعمة العبودية لله تعالى فلم يكن ذا جبروت» بل كان خاضعا لله سبحانه وتعالى» والخضوع لله تعالى وحده هو العزة التى لا ذل فيها ولا استكبار. والوصف الثانى: أنه شكورء أى كثير الشكر لله تعالى على نعمائه فى سرائه وضرائه» جاء فى الكشاف للزمخشرى ما نصه: (إنه كان إذا أكل قال الحمد لله الذى أطعمنى» ولو شاء أجاعنى» وإذا شرب قال: الحمد لله الذى سقانى» ولو شاء أظمأنى» وإذا اكتسى قال: الحمد لله الذى كسانى» ولو شاء أعرانى» وإذا احتذى قال: الحمد لله الذى حزانى» ولو شاء أحفانى» وإذا قضى حاجته قال: الحمد لله الذى أخرج عنى أذاى فى عافية» ولو شاء حبسه»» وروى أنه كان إذا أراد الإفطار عرض طعامه على من آمن به» فإن وجده محتاجا آثره» . ااال 4س رار لي وسواء صحت نسبة هذه المعانى إلى أبى البشرية الثانى أم لم تصح فإن هذا الكلام يدل على أن فى كل أمر من أمور الإنسان نعمة توجب الشكر. وإن ذكر هذه اللأوصاف لنوح يكاج فيه تعليل لشرف الاتباع له وبيان أن من حملهم معه جديرون بالتكريم» وفيه مع ذلك دعوة لأن يجعلوه أسوة فقد جعله من حملهم معه أسوة لهم فاتخذوه أيضا أسوة . بعد ذلك بين الله ما فعله , بنو إسرائيل فى المسجد الأقصى» فقال عز من قائل : 11 وَعَصَنَلَ بوسر بل ف لكي لَنْفْيِد نف الْدرْضٍ 2 آذه ته مرَبَيْنِ وَلتَعلن علدا احكببدرا ليا اجا وعد وللهمابعمنا ةنامأل 9 وس وعد قفخلا 0ي) خرّ ل الس2 ب تكح يلوبيرت وج 2 كسك سخ كشك رن َأ لماجا وَعَذَا لْكْرَوَ لدسكعوا وجوه م وَلِيَدَحَأواالْمسَجِدَ كه 2 سه اج صرحعة حكمادَحَلُوه 5أيَلَّمَرَّوَوَلِسْبََْملوَاتَضَيرا بر 2 >“ عيبر دض دوسا هم 06 لِلكعْرِينَ حَصِيرًا ويا إن بعد أن ذكر سبحانه مكانة بيت المقدس وأنه مسرى النبى وَل ومنه عرج بروحه إلى السموات العلا ذكر سبحانه ما صنعه بنو إسرائيل حوله» وما صنع به ا تفسير دور 6 الإسرا اع م ممالل حر > اا فى حكمهم حتى أسلموه إلى غيرهم» أو انتزعوه منهم» وجاء الإسلام فآنقذه من أعدائهم» وكان فى المسلمسين قوة» وكان الإيمان قوتهم» فلما ضعفوا وهانوا كان الحكام من غيرهم» فآذاهم فيه النصارى أولا ثم تدرع اليهود بدرع غيرهم وتنمروا. قال تعالى: ط وَقَصبا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدلاً في الأرضٍ مرتين - ولتعلن علو كبيرا 4 أى تقدم إليهم فى كتابهم الذى نزل عليهم» كما قال تعالى: وَقَضينا يِه ذلك الْأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين (5) 4 [الحجر] وقيل أوحينا إليهم علما مقطوعا مبتوتاء ولا شك أن الوحى هنا توجيه نفسىء» وتصريف للقلوب؛ لأنها غوت وضلت» وما كان الله تعالى يوحى بفساد وإنما هو من إغواء الشيطان. والكتاب هو ما قدره الله تعالى فى اللوح المحفوظ . وقد التفت سبحانه وتعالى فى تصريف بيانه الحكيم من الغيبة إلى الخطاب فقال: «الَمَفْسدنٌ في الأرض مَرَتَينِ 4 وهذا موضع الإعلام الذى هو معنى ما قضاه الله وتقدم به إليهم فى لوحه المحفوظء واللام لام القسمء والنون نون التوكيد الثقيلة التى تقترن بالقسم وجوباء والقسم من الله تعالى تأكيد لوقوع الأمرء كما أقسم سبحانه وهو أنهم (يفسدون فى اللأرض مرتين» وذكر سبحانه أن فسادهم تكون عاقبته أنه يعم الأرض» أى أرض بيت المقدسء أو يسرى فى الأرض التى تقاربه» أما ما حول بيت المقدس فهو مبارك ببركة الله تعالى» كما قال فى أول السورة: 8 الّذي بَارَكنَا حولّه 4 والفساد بان لهم» ممن على شاكلتهم فى الأرض» وقال سبحانه وتعالى مقسما: ‏ ولَتَعلنَ علُوًا كبيرا 4 فقرن علوهم بفسادهم» وذلك لما استمكن فى قلوبهم من الحسد والحقد» وإن اقتران علوهم بالفساد يفيد أمرين: الأمر الأول: أن علوهم يعقبه طغيان» والطغيان يعقبه الفساد. : ذا تفسير سورة الإسراء 06 الااتتالا اناالا للنا! اال !1ل لال الاانانطل ااانا ااا ل لال ةلطامملا لاتل خا الللل ال لالاتخل لطت ااطنا ا للاتانا اطنط خط طامط خ تاللا لاحب ات الأمر الثانى : أن علوهم فيه اعتداء فاجر فاعتداؤهم بقتل الأنبياء وأكلهم الربا والسحت وأن يقتل بعضهم بعضاء ويلاحظ أنه ذكر الفساد مرتين» ولم يذكر عدد العلو لأنه لا عدد له إن وجدت أسبابه. ووصف الله تعالى علوهم بأنه يكون علوا كبيرا؛ وذلك لأنه يكون على أيدى أنبياءء وسرعان ما تعود إليهم نفوسهم الآثمة فيقتلون ما أعلاهم به الأنبياء إلى فساد وانحراف» ألم تروه بعد أن أنقذهم الله تعالى من فرعون» وأغرقه وملاه رأوا قوما يعكفون على أصنام لهم . .. قَالوايَا موسى اجعل لَنَا إِلَهَا كما لهم آلهَة. . .02 4 [الأعراف]» وعبدوا العجل فى غيبة موسى وقد ذهب على موعد من ريه. ظ فَإِذَا جاء وعد أولاهما بَعثْنا عليِكُم عبادا لَنا أولي بأس شديد فَجَاسُوا خلال الديارٍ وَكَان وعدا مُفعُولاً ك 4 . أولاهما: هى المرة الأولى التى يفسدون فيهاء وأكد الله تعالى الإفساد فيها فى ضمن تأكيد الإفساد مرتين و وعد » معناها ‏ ميعاد ‏ وعبر سبحانه وتعالى بوعد دون التعبير بميعاد؛ لأن ميعاد اسم للزمن» ويتضمن الوعد؛ وذلك لأن المصدر فيه إيذان بتوكيد ما وعدهم الله به» وقد قرن سبحانه وتعالى فساد المرة الأولى بيبعث الجيوش المخربة الهادمة أو المذلة لهم أو المذهبة لاستقلالهم. وقد جعل سبحانه لابِعَتْا 4 جواب شرط لقوله تعالى: فَإِذًا جاء وعد ولاهمًا» وهى المرة الأولى للفسادء وهذه القضية الشرطية تفيد أن الفساد فى الأمم يتردى إلى أن تكون نهبا للمغيرين عليهم» وأن الحصن الحصين لنع غارات ٠‏ المغيرين هو استقامة الأمة فى ذات نفسها وإقامة العدالة والحكم بالأمانة والعدل» وأما فسادها فإنه يؤدى إلى الانهيار وأن تكون طُعمة للمغيرين يجدون فيها مغانم يغلمونها . أ ا تفسير سورة الإسراع . ْ الل امم حب أ وقوله تعالى: «بعثنا عليكم عبادا لنا4 وعبر سبحانه ب ل بعثنا 4 , أى أنهم جاءوا إليهم كأنهم مبعوئون لهم مسلطون عليهم» وأسئد سبحانه البعث إلى ذاته العلية؛ لأنه جاء على سنة الوجود التى سنهاء ولن تجد لسنة الله تبديلا»ء وهو أن سنة الله تعالى فى الوجود. وقال تعالى: ا عبادا لّنا 4 هنا إشارتان بيانيتان: الإشارة الأولى : أنه عبر ندا (عباد) وذلك إشارة إلى أنهم خحاضعون لإرادة الله تعالى فيهم. والإشارة الثانية : إضافتهم له سبحانه وتعالى بما يفيد الاختصاص» ومؤدى ذلك أن الله جعلهم له لا لأجل العبودية والطاعة» بل ليكونوا آلة تأديب وتهذيب إذا فسدواء وهكذا يتدافع الشرء ويدفعه أخيرا الخير» ... ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لُفسّدت الأَرْض وَلَكن الله ذو فضل على العالمين 629 4 [البقرة] . ووصف سبحانه وتعالى أولئك العباد» بأنهم « أولي بأس »2 البأس : القوة» و شديد 4 أى فيه بطش وعتوء ولا يرحمون أعداءهم وقد نزعت منهم النواحى الإنسانية العاطفة كالتتر فى طغيانهم» وإذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة . وإنهم فى حروبهم لا يقنعون بأماكن الجند ومعسكرات الحرب» بل يدخلون المدائن ويجوسون خلال دورهاء ويتردونث خلال هذه الدور. وفى ذلك إشارة إلى أنهم يقتلون النساء والذرية والضعفاء من العجزة فلا يعرفون قانونا مائعاء ولا نظاما حاجزاء إنما شهوتهم إلى الدماء والمجازر البشرية. طإوكَان وعدا مُفعولا4. أى كانت غارات هؤلاء الغلاظ الأشداء وعدا؛ لأنه |/لإزا تفسير سورة الإسراع كع ال لل #ذ#أذ 22 بمقتضى السنة الإلهية أن من كان فاسدا من الجماعات والأمم يكون فريسة لمن هم أقوى قوة» وأكثر عددا وأشد بأساء ووصف سبحانه وتعالى الوعد بأنه مفعول. أى واقع وقائم» ومنجز لا تتخلف الإغارة عن الفساد. كما لا يتخلف السبب عن سببه» ولا المقدمة عن نتيجتها. هذه هى المرة الأولى من الفساد التى ادلهمت على بنى إسرائيل بسببها المدلهمات ونجوا منها بقيادة داود عليه السلام» إذ قتل داود جالوت» كما ذكر القرآن الكريم على بعض الأقوال» ولنشر بكلمة نقبض منها قبضة يسيرة من تاريخهم . لقد ثبت فى تاريخهم أنه بعد أن قتل داود جالوت» وآتى الله داود حكم بنى إسرائيل ثم خلفه من بعده ابنه سليمان واتسع ملكه واستولى على اليمن» وقدمت إليه ملكتها وسخر الله تعالى له كل شىء. جاء من ذريته من كان سببا فى انقسام الاثنى عشر سبطاء إلى سبطين سيطرت فى حكمهما الوثتية» والعشرة الآخرون ترددوا بين الوثنية أحيانا قليلة والوحدانية أحيانا كثيرة» واستمرت مملكة بنى إسرائيل نحوا من ألف وخمسين ومائتى سنة» وفى نهاية فسادهم أغار عليهم ملك آشور وفتح السامرة وأغار على السامرة وسباهم إلى آشور وأحل محلهم قوما من بلاده. ٠‏ وبعض من الأسباط الذين انفصلوا استمر ملكهم أمدا حتى انقض عليهم - بختنصر - ملك بابل فسباهم وقتل من قتل وحرق التوراة وبذلك انقرضت مملكة بنى إسرائيل وأقام اليهود فى بابل . ثم جاء الإسكندر المقدونى ومن بعده» والإسرائيليون أحيانا يكونون تحت حكم غيرهم وأحيانا تحت تسلط سوريا. ثم استولى الرومان على أرض فلسطين وجرت بينهم وبين الرومان حروب انتهت إلى تسلط الرومان عليهم. هذه قبضة يسيرة من تاريخهم ثم نعود إلى القرآن. 1 9 تفسير سورة الإسراع سسا لس اا ل 016 قال الله تعالى: « ثم رددنًا كم الكرَة عَليْهم وَأَمُددتَاكم بأموال وبين وَجَعلنَاكُم أكْفَر تفيرا 90 4 . أكثر الملمسرين على أن الخطاب لبنى إسرائيل وعلى أن الكرة التى كروا بها على أعدائهم كانت فى عهد داود كله . وأن السلطان آل إليهم وتوطد فى عهد سليمان عَيكَهِء كما قال تعالى: طفَسَخْرنَا لَه الريح تجري بأمره رخَاء حيث أصّاب والشياطين كل بنَاء عرص (9) وآخرين مَقَرَنينَ في الأصفاد 2 هذا عطَاوْنا قامنن أو أمسك بغيرٍ حساب 69 وإِن له عندنا لزلفى وَحسن مَآبٍ 60 4 [ص] . وإن ذلك بلا ريب واضح ولكن مؤداه أن بنى إسرائيل تمكنوا فى الأرض من بعد انتصار داود على جالوت ولم يكن منهم فساد من بعد. مع أن النص القرآنى أثبت أنهم أفسدوا مرتين فما هو الفساد الثانى؛ وإذا لم يكن فساد ثان» أو مرة ثانية فهل تكون الآية غير صادقة! معاذ الله» إنه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولذلك نذكر رأيا نميل إليه» وهو أن قوله تعالى: إ ثُمَ ردنا لكم الكرة عليهم 4 خطاب للنبى يله ويكون فى الكلام التفات من خطاب بنى إسرائيل إلى خطاب محمد وأصحابه» ورد الكرةً للنبى يَكِلَهِ معناه رد الدولة إليه يَكلهٌ وقوله تعالى: ظ وأَمددناكم بأموال وبنينَ وَجِعلْناكم أَكْفْرَ تفيرا 4» والنفير من ينفر مع الرجل من جند وجيش» وقد كان مع محمد وصحبه الأكرمين الأموال من غنائم الحروب والجند الكثيف, والبئون الذين جاءوا من ذرية المؤمنين. وقد سوغ لنا أن نقول: فى هذا القول أمور: الأمر الأول: تحقيق الفساد من بنى إسرائيل مرتين» وأنه لا يتحقق الفساد فى المرة الثانية إلا بدخولهم المسجد كما دخلوه أول مرة» وأنهم ما أخرجوا منه فى المرة الأخيرة إلا فى عهد الرومان. لاا تفسير سورة الإسراع و ل ام - الأمر الثانى: أن المرة الثانية هى التى دخلوا فيها المسجد مرة ثانية وخربوا ما علوا تخريبا وذلك ما أضافه المسلمون إلى المسجد. الأمر الشالث: أنه لا يمكن أن يكون المخاطبون اليهود؛ لأنهم ما ساءعت وجوههم بدخول المسجد بل ساء وجوه غيرهم؛ وهم الذين يعلمونهم ساسة المسلمين» وخصوصا ساسة العرب» وبالأخص ساسة مصر والأردن. الأمر الرابع: قوله تعالى: ‏ عسئ ربكم أن يرَحَمَكُم 4 لا يمكن أن يكون لليهود إنما يكون للمسلمين لينشطوا من عقال وليرتفعوا بعد عزة» وليذهبوا المذلة. يقول عز من قائل : «إذ أحْسهم أحسسم لأنفسكُم وإن أسأئم قا ذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا الْمُسجد كما دَحَلوه أول مرة ة وليتبروا ما علّوا بير 0 4 . الخطاب للمسلمين»؛ حثا لهم على أن ينفضوا عن أنفسهم غبار الذل والعار «إإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم4. لأنه يزيل العار ويجلب الفخارء والإحسان إجادة العمل» والاستعداد لإخراج الأشرار من المسجد وتطهيره من طغاة أهل الأرض ورفع المذلة عن أهله وإعادة مسرى النبى كَل إلى المؤمنين . «وإن أسأتم قلها4, وإن أساتم فمغبة الإساءة عليكم» وقال سبحانه: (لكم)؛ ولم يقل عليكم؛ للإشارة إلى تمام التبعة» فكأنهم الذين اجتلبوها لأنفسهم كأنهم طلبوها وأرادوهاء بكسلهم وفساد نفوسهم» وتفرق أمرهم وتركهم المعانى الإسلامية مفرطين فى أمرهاء بل مفرطين فى أنفسكم لأنه لا قوة لكم إلا بها. والفاء فى قوله: ظطفَإذًا جَاءَ وَعْدْ الآخرة 4. بعد قوله 9 وإِن أسأتم فَلَهَا 4 فاء الترتيب والتعقيب. والمعنى «فإذا جاء وعد الآخرة بعد أن أسأتم» ليسوءوا وجوهكما (ليسوءوا): متعلق بفعل محذوف تقديره جاءوا أى جاءوا ليسوءوا وجوههم» وعبر بالوجوه لأن الوجه تبدو عليه مظاهر السوء والكابة والحزن» ا تفسير سورة الإسراء الالال ااال لللللل الل و هه < يي ومعالم العار والخزى من أتباع محمد الذين يدينون بدين العزة والكرامة» والبعد عن الذل والمهانة» وليدخلوا المسجد كما دخلوه» أى ليدخلوه بعد أن أخرجوا منه. إذ أخرجهم الرومان» وأخرجهم المؤمنون فكان من عهد عمر لأهل إيلياء ألا يدحل عليهم اليهودء وقد دخلوه أول مرة حتى أفسدوا فيه» فأخرجهم منه على أيدى النصارى والمسلمين» #وليتيروا ما علوا يرا 4 التتبير: التخريب» أى مدة علوهم وغلبهم يخربون كل قائم» ويحرقون ويدمرون مدة علوهم وبقائهم فى أرض الله المقدسة» ما بقوا فيها. وقد قال الله تعالى: سس وأ سكم وإ شعن وار خعي د42 . الخطاب أيضا للمؤمنين ولا يتصور أن يكون لليهود لآنه دعوة إلى الهمة» والأخذ فى أسباب النصر واستئقاذ أرض الله المقدسة من أيدى طغمة اليهود» ومن يعاونونهم من وحوش الأرض الذين لا دين لهم ولا خلّق» ولا أية ناحية من النواحى الإنسانية» والرجاء فى #عسئ ربكم أن يرَحَمَكُم 4 من الناس» ومعنى الرجاء منهم أن يتخذوا الجهاد سبيلاء ويعدوا القوة» ويتسربلوا بالصبر والإقدام» عندئل يرحمكم الله تعالى بالنصر والتأييد» «إوإن عدم عدنًا 4 أى وإن عدتم بالإيمان والصبر وإخلاص النية والجهاد لاستنقاذ الأرض الطاهرة عدنا إليكم بالنصر والتأييد والله معكم ولن يترككم لأعمالكم . ثم ذكر أن اليهود الذين كفروا بالله وقتلوا الأنبياء لهم جهنم فقال تعالت كلماته: « وَجَعَلْنَا جهنم لْكافِرِينَ حصيرا 4 أى بساطا مفروشا يتقلبون عليه من جانب إلى جانب» فهو فراش لهم يتقلبون عليه بجنوبهم وفى مضاجعهم» وهو جزاؤهم» وللمؤمنين النصر إن أخذوا فى أسبابه. ا تفسير سورة الإسراء 004 اللا الل ب ا القرآن يهدى قال الله تعالى 2ح رح م سا مرو وو إِنَّ هذا الفرء 0 الْموّمن» 08 لذبن 2 مه 9 1 م عات أنه حرا يرا تر فير نا يد لطا ني 4 وَيَْعْالا تيلتر 1 م باوكا فلا02 وِحَعَلنا اليل والئهَارءابئين 2 وحَعَلْنَاءَايَةَ 200 ا ل اسع سر أو لاوما تبتكو تضلاين لَه كك له م 2 ب 5-7 م ذكر الله تعالى قصة الإسراءء وهى فى ذاتها معجزة حسية مادية لا تقل عن معجزة إحياء ا موتى بإذن الله وقارنها فى الزمن معجزة شق القمر» وإنه انشق قسمين رآه أهل مكة» ورآه الملسافرون» ومع ذلك ازدادوا كفراء وقالوا: ...سحر مستمر )4 [القمر] وفى معجزة الإسراء ازدادوا كفرا. لقرآن يتلى» ويكون حجة دائمة لا تنقضى؛ لأن محمدا يَلِْةٌ خاتم النبيين يتحدى الإنسانية كلها بالمعجزة الكبرى التى تتضاءل عندها كل المعجزات من قبل ) وهى القرآن» فقال تعالى بعد الإسراء وما تبعه: إن هذا القرآن يهمدي للّتى هى أَقُوم وَيبَشْر المؤمدين الّذين يَعْمَلُونَ الصّالحات أن لهم أجرا كبيرا 5 وأَنّ الّذِين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنًا لهم عذابا أليما 9 4 . لولاا للك سم ١1 ا‎ يي الإشارة هذا » كانت بالقريب» ولم تكن بالبعيد للإشارة إلى قربه من المؤمنين» وقربه إلى أذهان الذين يجادلون فى آيات الله تعالى؛ لأنه من وقت البعثة وابتداء نزوله» والمشركون يفتلون الذروة والغاري17) ليردوا دعوته» وهو مع ذلك يسرى فى أوساطهم سريان النور المبصر فى وسط الضلال المظلم فهو قريب من أذهانهم» وإن لم يؤثر فى قلوبهم لغلبة الهوى والجاهلية. وقد ذكر سبحانه الأثر لهذا القرآن الذى يكون وصفا ملازما له فقال تعالى «إيهدي للّتي هي أَقُوم 4 أقوم أى أعدل وأكثر استقامة وتوجيها دليلاء فيحمل فى نفسه برهان صدقه» والموصوف محذوف ويقدره القارئ بكل ما يكون قويا فى ذاته خيرا فى نتيجته وهدايته» وقال الزمخشرى: إن حذفه يجعل الكلام أعظم وأفخم من ذكره. ونقول: إنه لم يذكر لهذه الإشارة التى أشار إليها إمام البلاغة» ولم يذكر لعموم المحذوف لكل أنواع مناهج الخير والرشاد» فيشمل المحذوف الشريعة التى تهدى للتى هى أقومء وملة التوحيد التى هى أقوم» ومناهج الخير التى هى أقوم فى سلوك الإنسان» وهكذا يشمل تقدير المحذوف كل ما هو خير فى ذاته؛ وخير فى دلالته» وقد قدره بعض العلماء بما يقرب من هذا الشمول» فقال يهدى للحال التى هى أقوم لتشمل الحال حال المجتمع» وحال الأسرة» وحال الإنسانية» وكل حال هى خير للإنسان فى عاجلته وآخرته» معاشه ومعاده. هذا هو الوصف المؤثر فى التوجيه الإنسانى للقرآن» وفيه وصف إيجابى هو السبب فى هدايته مع إعجازه؛ وهو أنه مبشر ومنذر فهو مبشر للمؤمنين ومنذر للكافرين» فقال تعالى: © ويبشر المؤمدين الّذين يَعَمَلونَ الصّالحات أَنّ لَهِم أجرا كبيرا 4 ذكر سبحانه وتعالى حالتين أولاهما: الإيمان» وثانيتهما: العمل الصالحء وقرن الإيمان بالعمل الصالح لتلازمهماء وإن الإيمان الكامل والإذعان الصادق )١(‏ مثل يضرب فى الخداع والمماكرة» والذروة: أعلى السنام» وأعلى كل شىء. أصل قَثْلَ الذروة فى البعير: هو أن يَحَدَّعه صاحبه ويتلطف له بِقَثْل أعلى سنامه حكا ليسكن إليه فيتسلق بالزمام عليهء قَاله أبو عبيدة»ء معجم الأمثال- الميدانى- الباب العشرون- فصل الفاء (-3199). . لإا تفسير سورة الإسراع 0047 ل لل )م وير يي يلزمهما العمل الصالح لا محالة» وقال تعالى: ‏ يعملون الصّالحات »© بالجمع لتنوعها وكثرتها فهى وإن ضبطها ضابط الصلاح مفترقة متنوعة» فالإصلاح بين الناس . والمعاملة الكسنة» والوفاء بالعهدء» وغير ذلك من مكارم الآأخلاق» والبعد عن ضلالها. وذكر سبحانه أنه يبشر المؤمنين الصا حين ببشارتين : البشارة الأولى: أجر كبير» ونكّر الأجر لعظمه» ولتذهب النفس فى تقديره مذاهب شتى» مع ملاحظة أنه أجر وثواب» ثم وصفه سبحانه وتعالى بالكبر الذى لا حد له. البشارة الثانية: وهى قوله تعالى: ‏ وأَنّ الّذين لا يؤمون بالآخرة أعتدنا لهم عَدَابَا آليما »4 وكيف تكون هذه بشارة لأهل الإيمان؟ الجواب عن ذلك أن البشارة بالنجاة منهاء وأنهم لم يتردوا تردية الذين لا يؤمنون بالآخرة» بل وقاهم الله تعالى»ء وبذلك يتبين أن ذكر عذاب الذين لا يؤمنون جاء تبعا لإيمان الذين آمنوا ونذكر هنا أمرين يتعلقان ببيان الذكر الحكيم: الأمر الأول: قوله تعالى: 8 وأَنَ الّذِينَ لا يؤمنون بالآخرة 4 معطوفة على قوله تعالى: أن لهم أجرا كبيرا» فالباء مقدرة فى قوله: ‏ وأَنّ الّذِينَ لا يؤمنون بالآخرة 6 أى وبأن الذين لا يؤمنون» فالبشارة لأهل الإيمان ابتداء» وهى تتضمن القول هو التبشير» والإنذار جاء بالتضمن. الأمر الشانى: أنه سبحانه وصف الكافرين بأنهم لا يؤمنون بالآخرة» فلم يذكر شركهم وفسادهم وفتنتهم للمؤمنين مع أن هذه جرائم الكفرء ولواب عن 8# تفسير سورة الإسراء لي 0 ااا * يي واليوم الآخرء ولو آمنوا به لاتجهوا إلى الحق كما اتجه المؤمنون» وقلنا: إن فيصل التفرقة بين قلب المؤمن وقلب الكافرء أن المؤمن سكن قلبه الإيمان بالغيب وما وراء الحس والمادة واليوم الآخرء أما قلب الكافر فلا يسكنه إلا المحسوس والمادة) فلا يؤمن باليوم الآخر. وقد ذكر عذاب الكافرين» فقال سبحانه: ل أَعتَدنا لهم عذَابا أليمًا 4 أى هيأنا لهم عذابا أليما أى مؤلماء وهو عذاب الجحيم» وكان التنكير لتكبيره» وتهويلهم به» وإنه لصادق. بعد ذلك ذكر الله سبحانه وتعالى وصفا للطبيعة الإنسانية سواء كانت كافرة أم مؤمنة» فقال: ‏ ويَدعٌ الإنسان بالشرٌ دعاءه بالْحَيرٍ وَكَانَ الإنسان عجولا 4 . كتبت العين مجردة من الواو» أى الواو محذوفة فى الكتابة تبعا لحذفها فى النطق بسبب التقاء الساكنين» فحذفت فى الكتابة» وهذا ينبئْ عن حقيقة مقررة» وهو أن القرآن الاعتماد فيه على القراءة» وعلى حفظه فى الصدورء لا فى السطور وذلك هو الذى حفظه إلى يومنا وحتى يوم القيامة. وقوله تعالى: ل دعَاءه بِالْخَيِرٍك: أى أن دعاء الشر من الإنسان كدعاء الخير» لا يتدبر فيه ولا يتريث» ولا يضبط نفسه بالتروى والتدبر» كما يدعو بخير واضح الخيرية نتيجته حسنة» وثمراته بادية» وقد وصف اللّه تلك الحال بأنها من طبيعة الإنسان» فقال: ظ وكَان الإنسان عجولا # . ونريد أن نقف قليلا عند تفسير معنى «يدعو» ومعنى الشر والخير» أما معنى الشر فهو كل أمر لا نفع فيه ويسوءء ويؤدى إلى فساد وضررهء كالشركء والعذاب» والإيذاء» والفتنة فى الدين» وتعجل كل ما هو مؤذ لنفسه أو لغيرة» والخير كل ما فيه نفع عام أو نخاص أو رفع ضررهء أو ما هو حق فى ذاته كالتوحيد» والإيمان بالله ورسوله والملاتكة واليوم الآخرء هذا هو معنى الشر والخيرء أو هذا نظر بِيّن يقرب معنى الخير والشرء والشر والخير الحكم الدينى ا تفسير سورة الإسراء ١س‏ اللا اللا 1 والخلقى فيهما إلى النية المحدسبة» كما قال ييِ فى الحديث المتواتر المعنى: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله. فهجرته لله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته لما هاجر إليه)17. ونتكلم فى معنى يدعوء أهى من الدعاء؛ أم من الدعوة. فإذا كانت من الدعاء تكون بمعنى دعاء الله بالشر كدعائه بالخير لا يتروى فيه» ففى الخير المسارعة فيه خير؛ لأنها مبادرة إليهء والمسارعة إليه مطلوبة» لقوله تعالى 8 وَسّارعوا إلى مُغفرة من ربكم وجئّة عرضها السَّموات والأرض ... 4059 [آل عمران] وأما المسارعة بالدعاء إلى الشر فذلك ممقوتء كالدعوة على النفس بالهلاك عند الغضبء وكدعاء إنزال العذاب» كقول الله على لسان المشركين 8 ... فَأتنا ما تعدنا إن كنت من الصّادقِينَ 9 4 [الأعراف]» وقد قال تعالى لائما على ذلك» ليجل لهاس اله مجاهم بابر لقعي انهم لهم تدر دين ل يرجون لقَاءنَا في طفيّانهم يَعُمَهونَ 69 4 [يونس]. هذا إذا كان يدعو من الدعاءء أما إذا قلنا إنها من الدعوة وتجىء بمعنى الدعاء فالمعنى أن الإنسان يدعو نفسه وغيره متلبسا بالشرء كدعوته إلى الخير» وإذا كانت الدعوة إلى الخير محمودة العاقبة فى ذاتها لأنها خير مآلاء ولأنها مرئية فى ذاتها فالدعوة المتلبسة بالشر تحتاج إلى تعرف عواقبها ونهايتهاء والتروى والتدبر فى دواعيهاء وإذا فكر وتدبر لا يفعل إلا ما يؤدى إلى النفع» ولكنه لا يفعل» ولذلك قال تعالى بعد ذلك: «إوكان الإنسان عجولا »4 وذلك كقوله تعالى: # خلق الإنسان من عَجَل ... 469 [الأنبياء] فهو فى طبعه التعجل إلى الأمور» والعاقل من يتأنى ويتدبر ويصبرء ويدرس الأمورء فإذا كانت العجلة من غرائزه» فالإدراك يهذب هذه الغريزة» ويجعلها متناسقة مع مواهبه» وكذلك كل غريزة تشذب (1) متفق عليه» سبق تخريجه. 1# تفسير سورة الإسراء اللللللللالااالللاا0االلل مالكلل يم | ا ١‏ يي بغيرها من الغرائز» فإذا كانت فيه الغريزة ا جنسية » فالعقل يجعلها فى الخلال» وإذا كانت غريزة العجلة» فالعقل يضبطها بالصبر. هذا مقام القرآن» وهذا هو الإنسانء وقد انتقل سبحانه من الإنسان إلى الكون وفيه آيات الوحدانية» وبرهان الألوهية» فقال عز من قائل: وجعلنا اليل والتهار آيتين فمحونا آية اليل وجعلنا آية التهار مبصرة لَتبتغوا فضلا من رَبَكم ولتعلّموا عد السَِّينَ والحساب وكل شيء فَصَلنَاهُ تفصيلاً 9 © . ابتدأ سبحانه من الكون بما يمس الإنسان من أوقات فذكر الليل والنهار» وقال تعالى: 8 وجعلنا اللّيل والثهارآيتين 4. أى هما فى ذاتهما آيتان» إذ يقبلان بأمر الله ويذهبانء وإذا كانا يرمزان إلى دوران الشمس حول الأرض» وأن القمر يستمد نوره من انعكاس ضوء الشمس على الأرض» كما قال تعالى: اهو الذي جعل الشّمس ضياء والقمر نورا وقدَره منازل... (2) > [يونس] فإن هذا أبين فى أن الليل والنهار آيتان؛ لأنهما مظهران للفلك السماوى» وهو يسير بقدرة الله تعالى وإرادته» وكل شىء عنده بمقدار» ثم هما يقصران ويطولان» فإذا قصر أحدهما طال الآخرء فإذا طال الليل فى الشتاء قصر النهار» والعكس بالعكس . هذا على أن الليل والنهار ذاتهما آيتان وترمزان إلى آية كونية هى دوران ضياء كالشمس. وقد يراد بآيتى الليل ما يظهر بالحس فى كل منهماء فالشمس تكون بالنهارء وهى آية» والقمر يكون بالليل» وهو آية» والقمر قدره الله تعالى منازل. الليل ممحو الضوء مطموسه مظلما لا يستبين فيه شىء» كما لا يستبان ما فى اللوح الممحو. : ' ا تفسير سورة الإسرا اع و 11اللالانانانلنااا لاا ااانا لال الاا! خخ خلا نا ةلطامم ططخم مط طاسقالا لحر اا وقوله تعالى: © فُمحونًا آية اللَّيلِ4 فى الكلام مجاز على تخريج الزمخشرى مؤداه أنه شبه الليل الممحو نوره بالكتاب المطموس كتابته لعدم الوضوح والاستبانة وقوله تعالى: 9 وَجَعَلنَا آية الَهَارِ مبْصرة 4 أى يبصر الناس فيهاء فيكون فى الكلام مجاز أيضا فأسند الإبصار إلى الآية باعتبارها منها الإبصارء» وذلك مجاز فى الاشتقاقات» فأطلق اسم السبب على المسبب» وهو ما يكون فيه من | استبانة . د لمبمَغوا فُضلا من ربكم 4 أى لتطلبوا فيه أسباب رزقكم» ولتقيموا الصناعات» وتسيروا فى الأرض وتفلحوا الأرض فتمتلئ بالنبات» والغرس» وتكون منافع هذه الدنيا إذ تتولون أسبابا وفضلا من الله» ولتعلموا عدد السنين والحساب» وذلك بتجدد الأيام» فيعرف اليوم» ويعرف الشهر» ويعلم عدد السنين وما يجرى فى حساب الناس. فبتجدد الليل والنهار يكون السكون وتكون الحركة» وطلب المعاش» والسعى فى الأرض» وذلك كله يدل على الفاعل المختار ووحدانيته» قال تعالى: ‏ تبارك الذي جِعل في السّماء بروجا وجعل فيها سراجا وقَمَرا منيرا © وهو الذي جَعل اليل وَالتّهَارَ خلقة لمن أَرَاد أن يَذَكْر أو أَرَاد شكورا 62 4 [الفرقان]. وقال تعالى: 8 خلق سات وَالأْض باحق يكََراليَْعلى لتهَارٍويكوَالهَارلى اليل وسغْرَ لتم َالْقَمرَ كل يجري لأجل مُسمَّى آلا هو الْعزِيز الْقّار 2) 4 [الزمر] . بعد أن بين الله طبيعة الإنسان» وأشار إلى ما يحيط به أخذ يشير سبحانه . إلى الحساب . ظ إلا تفسير سيور - الإسرا اع لل ااام ملل ١‏ الحساب يوم القيامة قال الله تعالى: ”سرح سر عار رد و مآ 1 سه رمف عه وغرج لدرهوم الْقيمَةٍ كتنبا لحتس ال سه عو 1 0 ع يلْفَنهُ منشورًا (يي) أفراكتبك كف ِسَفْسِ الوم ليك حييبًا مذ سا سر 00 ثم 0 اهمد وَِتَمإمسَدِى لنَفْسِوِموَمَنْصَلٌَ إنَمَايضِلٌ رس سار سه و له ل عو ع دح ع قة را واس عه بو سس عليها ولا هزد أخري وَمَا امَو حصت لم يخلق الله تعالى الإنسان سدىء ولم يخرج الحياة لتكون عبثا مسن غير حساب» بل إن الله تعالى خلق الإنسان مسئولا عما يعمل» إن خيرا فخيرء وإن شرا فشرء ومن فاته حظ الحياة الدنيا مظلوماء فينال فى الآخرة حظا موفوراء» ومن اكتسب الإثم وأحاطت به خطيئته. فإن له جهنم» إن صلاح الإنسان لا يكون إلا بالثواب والعقاب فى الآخرة» كذلك قدر الله تعالى ولذا كان الحسابء وقال تعالى : «وكُلَ إنسان أنْرَمْنَاهُ طَائرَهُ في عنقه ونخرج لَه يوم الُقيامَة كتابا يلقاه مور © 4 . الطائر هنا كناية أو مجاز عن العمل » فالمعنى وكل إنسان ألزمناه عمله الذى لا يمكنه الفكاك» بل يلازمه ملازمة الطوق للعنق» وقد شبهت ملازمة العمل هذا هو المعنى الإجمالى للآية الكريمة. ا تفسير سورة الإسراء 0 الللللللل الل ١ لاا‎ ١ 7 وفى التعبير عن العمل بالطائر إشارة إلى ما كان عند العرب من التشاؤم والتفاؤل» فالله سبحانه وتعالى يبين أن العمل كهذا الذى كنتم تتخذونه للتشاؤم والتفاؤل» ولكنه عمل هو خير لكم أو شر عليكم. وعبر عنه بملازمته الأعناق»؛ لأن العنق هو الذى تكون به القلائدء فكان ذلك ترشيحا للاستعارة» ولنستعر توضيح هذا المعنى من شيخ المفسرين الطبرى» فهو يقول: إذ أعلمهم جل ثناؤه أن كل إنسان منهم ألزمه ربه طائره فى عنقه نحسا كان الذى ألزمه وشقاء يورده سعيراء أو كان سعدا يورده جنات عدن» وإنما أضيف إلى العنق» ولم يضف إلى اليد أو غيرها من أعضاء الجسدء قيل لأن العنق هو موضع السمات» وهو موضع القلادة والأطوقة ونحو ذلك مما يزين به أو يشين» فجرى كلام العرب على نسبة الأشياء الملازمة سائر الأبدان إلى الأعناق» كما أضافوا جنايات أعضاء الأبدان إلى اليدء فقالوا: ذلك يما كسبت يداك» وإن كان الذى يجرى عليه لسانه أو فرجه. فكذلك قوله تعالى: ‏ ألزمناه طائره في عنقه 4 ١‏ ه بتصرف قليل. وخلاصته. أن قوله تعالى: الْزمناه طائره في عنقه » كناية عن ملازمة أعماله له لا تزايله ولا تفارقه يوم القيامة» وقد أكد سبحانه ذلك المعنى بأن أعماله الملازمة له ملازمة القلادة للعنق محصية عليه إحصاء دقيقا فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء فقال: «! ونخرج لَه يوم القيامة كتابا يلْقَاهُ مُنشُورًا » فيه قراءات ل (يلقاه) أولها بنون المتكلم العظيم فى نفسه وذاته العلية» وهو الله سبحانه وتعالى» وثانيها بالياء»ء ويعود بالضمير على الله تعالى» وهو حاضر فى النفس دائماء وهناك قراءة بالقاف المشددة (يلقاه)» فيه مبالغة فى لقائه أو حمل له : على التلقى» وهذا الكتاب هو صحيفة أعماله التى يحاسب على خيرهاء بالجزاء الأوفى» وعلى شرها بالعذاب الأليم» ويفهم من كلام البيضاوى أن هذا الكتاب هو ما ينقش على نفسه من الأعمال التى تتكرر» فتكون بتكرارها خطوطا منتقشة» وتعرض هذه انفش صحيفة منشورة مكشوفة» ولننقل عبارته: «هى أى الكتاب صحيفة عمله أو نفسه. المنتقشة بآثار أعماله» فإن الأعمال الاختيارية تحدث فى تفسير سورة الإسراء لان م حر از النفس أحوالاء ولذلك يفيد تكريرها لها ملكات227, أى أن الأعمال بتكررها تحدث نقوشا بهذه الأعمال فتكون كتابا يكشفه الله» فتكون كتابا منشورا ظاهرا معلوما مكشوفا. (فرأكانك كف بتك الم عي حا 49 مقول لقول محذوفء أى يقول الله تعالى أو الملاتكة المطهرون: اقرأ كتابك المسجل عليكء. الذى هو صادر عن نفسك أو منقوش عليهاء فإنه دليل لك أو عليك» ففيه حسناتك وفيه سيئاتك» وحاسب نفسك بمقتضى هذا الكتاب الذى هو صورة منهاء قد حفظت وبقيت حتى ظهرتء «كتابا منشورا» أى معروفاء وإنه يكفى حساب نفسك؛ فإنها وحدها كاشفةء وقوله تعالى: 8 كفئ بنفسك اليوم عَلَيكَ حسيبا 4. أى كفى بنفسك حسيبا عليك يحصى عليك ما عملت إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء وحسيبا: تتضمن الإحصاء والحساب والرقابة» فضميرك شاهد عليك». ونفسك با نقش عليها وحفظ أقوى برهان على عملك, والله بعد ذلك يتولى الجزاء» مع قيام الدليل من نفسك أنت. وقد بين بعد ذلك أن الجزاء من جنس العمل» فقال: ساي ساي سم ره عٍِ ل خرئ وما كنا معذبين حتَئ نَبْعَثْ رسولاً (63 4 . حقائق تؤكدها هذه الآية الكريمة: الحقيقة الأولى : أن الإنسان فى الأعمال الدنيوية إن اهتدى فهدايته عائدة بالخير عليه» وإن ضل فضلاله مغبته عليه. الحقيقة الشانية: أن الإنسان ليس له إلا ما سعى» فوزره هو الذى يتحمله. ولا يتحمل وزر غيره. الحقيقة الثالثة: أنه لا عذاب إلا بعد الإنذار» # ... وإن من لذ خَلا فيها تذير 8 » [فاطر] . .)١5( تفسير البيضاوى: ج”/ 470 . وذكره من أئمة التفسير الآلوسى» وأبو السعود فى تفسير الآية‎ )١( هاا تفسير سورة الإسرا اع ْ م الاناا نا اناالا نط انل لل للالاناتالاا1ااالا خا ات للالااااالالاانااااا اناالا للالاكخخط ممالا اناطخ خطامم نمال ل للطلططةسضخسططططسشلللا جحلب و ولنتكلم فى استخراج هذه الحقائق من نصوص ا ية. : قيقة الأولى‎ ١ ماي م موس طمن اهتدئ فَإِنّمَا يهتدي لنفسه 4 الفاء هنا مترتبة على ما ذكر قبلهاء ذلك أنه إذا كان الحساب بكتاب منشور لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من أعمال الدئياء إنه من يهتدى فهدايته لنفسه فلا يعذب, وينال الجزاء من عند الله جنات تجرى من تحتها الأنهارء ورضوان من الله أكبرء ومن سلك طريق الضلالة وكتبت عليه دونت فى كتابه فإن عاقبة ضلاله تكون على نفسه جزاء لما قدمت يداه من عذاب عسيرهء ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب مقيم دائم» لهم جهنم خالدين فيها أبدا بما كانوا يكسبون. هى كما أشرنا ما دل عليه بقوله تعالى : « ولا ترر وازرة وزرأخْرئ 4. أى لا يحمل إنسان وزر غيره» وظ وازرة 4 وصف لنفس.» أى لا تحمل نفس وازرة إثم نفس أخرى» وعبر سبحانه عن حمل الوزر بالوزرء فقال: ولا تَرِرِ4 لأن الوزر سبب حمله» فأطلق السبب وأريد المسبب» ألا يقال كيف ذلك والله تعالى يقول: « ولَيِحَمْنَ أتْقَالَهم وأَنْقَالا مع أَْقَالهم ولَيسأَئنَ يوم الّقيامَة عم كانوا يَفحَرونَ 09 4 [العنكبوت] ونقول فى الجواب عن ذلكء» إنما يحملون أثقال غيرهم إذا كانوا سببا فيها كالذين يصدون عن سبيل الله يحملون أثقال من صدوهم؛ لأن نوعا من السببية فى كفرهم بصدهم عن سبيل الله وضلالهم . ويلاحظ فى النص السامى أمران: الأمر الأول: قوله تعالى: «فَإنمَا يَضل عَلَهَا 4 أى وزر ضلاله عليها. الأمر الثانى : أنه سبحانه يقول: فَإِنَّمَا يْضل عَلَيهَا 4 فذكر هنا القصر والاختصاصء للإشارة إلى أن الضلال لهم وحدهمء فلا يجديهم أن يقولوا ظإِنَا 9# تفسير سورة الإسراع ل م حر نا وجدنا آباءنا على أُمة ونا علئ آثَارهم مِقْمَدُونَ 4 [الزخرف]ء فعليهم أن يتحملوا تبعة أعمالهم» وأن يقدموا على ما يقدمون عليه بتفكير من غير تقليد. فلا يتحمل من يقلدونهم شيئا من أوزارهم . والحقيقة الثالنة: أنه لا عذاب من غير إنذار» ودل على ذلك قوله تعالى: 9 وما كنًا معذبين حَنَ نبِعَثُ رَسُولاً4 إن العقل يدرك الخير والشرء ولكن لأن الغرائز البشرية متشابكة يؤثر بعضها على بعض» فالغريزة الجنسية توجد الهوى» والهوى يجعل غشاء على القلوب فلا تفقه» وعلى الآذان فلا تسمع سماع هداية» ولا يبصر بصر اعتبارء يكون ذلك» فلا بد من منبه يزيل غشاوة الأعين وضلال القلوب» ووقر الآذان» وهذا هو النذير» والعذاب من غير النذير لا يكون من رحمة الله تعالى بعباده #وما كنا معَذْبِينَ حتَئ نبَعَثْ » نفى مؤكد حتى تكون الغاية» أى ما كان من شأننا ولا من رحمتنا أن نعذب إلى أن نبعث رسولا يعلم الحق ويبينه» والباطل ويزهقه» وقال تعالى: «( .. وإن من م إلا خلا فيهًا نذير 8 4 [فاطر] . الترف مآله الدمار قال الله تعالى: و رسع يه 20 72 10101 ْ وردنا أن تبَلِك قرية أمريا مترفبها فَمَسَمُوأِبيَا م وح سس لا فَحَخَّ عليه الْعَولُ فد متها تَدَميا ها وَكم أهلكسامت ل مد وو #آك_ 5-4 ا 0 7 كت مسرو برصه ه ‏ سر س سم 2 يو 0 مَنَكا تيرب دالْمَاجِلةَ علا له وفيها ماذشاء ل نيد ثم آ آذه ل ل 0 دح يو ير 0011 جَعَلنالهسجَهَمْيَصدَهَامدْمومَا مدَحورا وَمَنْأراد الأتَخْرةَ وَسَعَن طلا سحَيَهَاوَهْوَمُؤْمِكَولَيِكَ كان اا تفسير سورة الإسرا اع 607 1اانلااللتلك !م1 ااناال خخخ نال للا11111اااا ان انان طاطخ ل للللااااا1!1 ا اااان طمن لان اللتااااالااااا مالملا طاملل لاملل اللاللطم طامط لالط خوط اسقط لتلا لسرب اه سا قو هت عكار ل ع 4- مم ع سه ١‏ ات له مع ع ل عر سعيهممة لا“ 061 ٠‏ 0 مام كو د ول منعطك ا سر أ هه آ ا ته . ا له 5 ان عَطاء ريك حظورًا 2) انظ ركف فصلا ل ا ل ااا 3١‏ اخ ا ال سيد 7 2 بعضهم عل بعضٍ و للا إدخرة أ بردرحديوا وَأَكءتَمَضِيلا (ه) الترف أن يسترخى الإنسان فى إرادته وعزيمته وصبره» فيكون كل شىء فيه مسترخيا» فإرادته مستر خخية ع وعزيمته لا قوة فيها ونفسه غير منضبطة» والشهوات حاكمة. والأهواء جامحة. والمترف يختص بثلاث خصال: ضعف فى الإرادة» واندفاع وراء الأهواء والشهوات» وأثرة تجعله يعيش فى محيط نفسه ولا يخرج عن دائرتهاء ولذا كان المترفون دائما هم أعداء الأنبياء ؛ لآنهم أوتوا أثرة مقيتة» وكل حق يحتاج إلى قداءع) وجهاد وبلاء وجلاد» وكان أتباع النبيين من الفقراء الذين لا يعيشون عيشة راضية» وكان أعداء النبيين من المترفين يقولون: # ... وما نراك اتبعك إل الذين هم راذنا بادي الرأي . .40 [هود]. وهذه الآية الكريمة: « وإِذا أَردنًا أن نهلك قرية أَمَرنَا مترفيها فَفَسّقوا فيها فَحق عليها القول فَدمَرنَاها تدميرا 09 4 . إن إرادة الله تعالى لهلاك الأمة تكون إذا سارت الأمة فى أسباب.الهلاك» وانتهت إليه» فيريد الله تعالى لها ما أخذت فى أسبابه وسارت فى طريقه قاصدة الغاية مريدة لهاء فمعنى إرادة الله تعالى سيرها فى طريق الهلاك حتى ترد موارد كان عددهاء وقوله تعالى: أمرنا مترفيها» فيها قراءات ثلاث» وكلها متواترة» وكلها ذات معنى صادق مستقيم : القراءة الآولى : (أمرنا) بفتح الميم وهمزة من غير مد» والأمر هنا مجازى » ليس المقصود به الطلب» وإنما المقصود تسهيل أسباب الترف» وأسباب الاسترخاء / تفسير سشنور 6 الإسرا اع الالال اللو فلملل لوللا و ل ا الذى يلازمه» ولا يفترقان» ويتبعهما سيطرة الأهواء والشهوات» وغمر العقل والإدراك بهما حتى لا يدرك إلا من ورائهماء فإن تسهيل ذلك يكون كالأمر؛ لأنه يؤدى مؤدى الطلب» وقد قال فى ذلك الزمخشرى كلمة حكيمة» قال: والأمر مجازى» حقيقة أمرهم بالفسق أن يقول لهم افسقواء وهذا لا يكون فبقى أن يكون ‏ مجازاء ووجه المجاز أنه سبحانه صب عليهم النعمة صبا فجعلوها ذريعة إلى المعاصى واتباع الشهوات فكأنهم مأمورون بذلك لتسبب إملاء النعمة فيه وإنما خولهم إياها ليشكروا ويعملوا فيها الخير» ويتمكنوا من الإحسان والبر» كما خلقهم أصحاء أقوياء وأقدرهم على الخير والشرء وطلب منهم إيثار الطاعة على المعصية فآثروا الفسوق» فلما فسقوا حق عليهم القولء وهو كلمة العذاب فدمرهم. هذا هو المعنى على قراءة الفتح بتخفيف الميم. والقراءة الثانية: هى تشديد الميم» أى (أمرنا) مترفيها بأن جعلناهم أمراءهاء وحكامها فكانوا أمراء أشرارا؛ لأن الترف كما بينا يؤدى إلى الشر والأثرة» وحيثما كانت الأثرة بَعْدَّ الخير» والأمراء الأشرار هم أساس الفساد» ولقد قال النبى محمد : «إذا كان أمراؤكم خياركم؛ وأغنياؤكم أسخياءكمء وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من باطنهاء وإذا كان أمراؤكم شراركمء وأغنياؤكم بخلاء كم؛ وأموركم إلى نسائكم؛ فبطن الأرض خير لكم من ظهرها»”'' . والمترفون الذين أترفوا فى ذات أنفسهم» وعمتهم الأثرة» والرخاوة» وحب الشهوات إن كانوا أمراء كانواء ولقد روى أن النبى يله قال: «إن لكل شىء آفة» وآفة هذا الدين حكامه)”"' . القراءة الثالثة : أن الميم مفتوحة بالتخفيف ومد الهمزة أى «آمرنا» ويكون ' المعنى كثر أى إذا أكثر الله تعالى المترفين فى الأمة عمها الفساد والفسق فدمرها الله تعالى تدميرا. .)5195( رواه الترمذى: الفتن - ما جاء فى سب الريح‎ )١( . 37/1 ج‎ )١7/71/8( (؟) مسند الحارث بن أبى أسامة (57) - ج؟7/ 2141 وأورده السيوطى فى الجامع‎ هاا تفسير سورة الإسرا أع . 0607 ١ااااالان‏ تالالا الالالال لالطالا نمطم خط الالالال الات الاسم طخ طاطم ممممااكغخططخطخ اخلط تاللا لس اق الأمر الأول: فى قوله تعالى: مترفيها - فيه إشارة إلى أن السبب فى التدمير هو الترف والاسترخاء» ولذا قال تعالى : «ففسقوا» والفاء هنا لبيان أن ما قبلها سبب لا بعدهاء أى أن تمكين المترفين مؤد إلى الفسق لا محاله. الأمر الثانى: أن التدمير: الهلاك وهو نوعان: النوع الأول ذهاب قوتهاء وأن تكون طُعمة سهلة لغيرهاء فذلك فناء لشخصية الأمة وضياع لقوتهاء وصيرورتها تابعة لغيرهاء فتفقد عزتهاء والنوع الشانى: أن ينزل الله تعالى عليها عذابا من عنده» كريح حاصب صرصر عاتية» أو يجعل عاليها سافلهاء ويمطرهم حجارة من سجيل » كما فعل بقوم لوطء. إذ فسقوا عن أمر ربهم. وأيا كان نوع التدمير» فقد رتبه سبحانه على الفسقء» وأكده بالمصدر الذى هو مفعول مطلق» فقال سبحانه: 8 فَدمّرنَاها تدميرا 4 وقوله تعالى: 9 فحق عليها القول 4. أى فوجب عليها القول أى أمر الله تعالى بتدميرهاء إما بسبب عادى أدى إليه الترف» وإما بعذاب من عندهء والله تعالى أعلم. وقد أشار سبحانه إلى أن ذلك كان السبب فى هلاك القرون من قبل» فقال تعالى : «إوكم أهلكنا من القسرون من بعد نوح وكفئ بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا 09 > . الله سبحانه وتعالى يضرب الأمثال بالآمم السابقة من نوح إلى البعث المحمدى. فإن الترف هو الذى دفع المترفين إلى معاندة الأنبياء» واندفاعهم فى الأهواء والشهوات» ثم دفعهم ذلك إلى أن غشى قلوبهم فأهلكوا بما أترفوا وبما فسقوا وهكم) فى قوله تعالى: «وكم أهلكنا »4 دالة على الكثرة» فهى ليست استفهامية» والمعنى كثيرا أهلكنا من القرون» وموضع (كم) النصب بأهلكناء و(من) بيانية» والقرون جمع قرن» وهو الجيل من الناس» والمعنى كثيرا أهلكنا من / تفسير سورة الإسرا اع ش الل و ١ ااا‎ 37 وكفروا بهم وبأمر ربهم» وذكرت الأجيال من بعد نوح؛ لأن نوحا الأب الثاني بعد آدم عليهما السلام؛ كما قال تعالى: « ذرِيّة من حمَلمَا مَعْ نوح إِنّهُ كَانَ عبدا شكورا 6 2 4. ولقد أهلكهم على علم بحالهم» واستحقاقهم للهلاك» ولذا قال تعالى: ( وكقئ بربّك بذثوب عباده خَبيرا بصيرا 4 الباء فى « بربك 4 لتأكيد كفاية علم الله تعالى كقوله تعالى: 98 . .. وَكَفَئ بالل شهيدا 9© 4 [النساء]» والباء فى قوله تعالى : 9 بذنوب 4 متعلقة بقوله تعالى : ظحَبيرا بصيرا 4 وقدمت هى ومجرورها على خبيرا بصيراء لكمال العناية» وللإشارة إلى أن العلم بالذنوب كان دقيقا مبصراء وذلك لبيان أنه لا ظلمء « ... وما ظَلَمَهم الله ولكن كانوا أنفسهم يَظَلمُونَ 69 »> [النحل] . والخبرة: العلم الدقيق الذى لا يغيب» وهو علم واضح ين عنده» كالعلم بالأشياء المبصرة عند الناس» ولله المثل الأعلى فى السموات والأرض. وإن الله تعالى هو المعطى الوهاب يعطى عباده ما يريدون من حظوظ الدنيا والآخرة» ولذا قال سبحانه: طمن كَا يريد الْعَالَة عجَنا َه فيها ما َشَاء لمن تُرِيد ثم علا لَه جهنم يصلاها مَذموما مُدحُورا 02 4 . كان » هنا للدلالة على الرغبة المستمرة» والإرادة الدائمة ما دام على قيد الحياة» والعاجلة وصف للدنيا أى الدنيا العاجلة ومتعهاء وجعلها غايته؛ ومرمى همتهء ومطرح نظره» ولم يكن له هم سواهاء وذكر الوصف دون الموصوف للإشارة إلى سبب الرغبة» وهو كونها قريبة دانية» فصاحب هذه الإرادة لا ير إلا المنافع العاجلة, وإن كانت زائلة» ولا يريد المنافع الآجلة» وإن كانت هى الباقية» وقد كان جواب الشرط ظعَجلنا لَهُ فيها ما نشاء لمن تيد 4, وفى الكلام جناس بين (عاجلة)» و(عجلنا)» وإنه يتلهف للعاجلة» فيشبع الله تعالى نهمته ش 1# تفسير سورة الإسراء وي لللللو مالل لا حب زا بالتعجيل بما أراد» ولكنه سبحانه يسيّر خلقه بحكمة؛ فهو يعطى بحكمة» ويمنع لحكمة. ولذا لم يقل سبحانه إنه يعطيهم من العاجلة بما يشاءون» ولا أنه يعطى الجميع» بل يعطى من يريد تسجيلا مشيئته ولحكمته» وتثبيتا لإرادته واختياره». ولذا قال: 9 عَجِلنَا له فيها ما نشاء لمن تُريد 4. فقيّد العطاء بمشيعته» بالنسبة للعطاء فقد يعطى هذا لمال» ولا يعطيه الصحةء وقد يعطيه السلطان» ولا يعطيه العزة» وقد يعطى هذا الجاهء ولا يعطيه إلا الذل والهوان» والعيش الدون فى ذلة» وفى الجملة يعطى العاجلة» ولكن ليست كلهاء ولا يعطى العاجلة كل من يريدها بل يعطيها من اتخذ أسبابهاء ولم يتتكب طريقه فيجتمع له مع كفره ذل الدنيا وعذاب الآخرة. فيعطى طالب الدنيا هذاء وينال ما يشاء الله وبعض ما يتمناه» وهو فى الآخرةٍ ينال الحسرة والعذاب» ولذا قال تعالى: لتم َعَلنَا لَه جهنم يَصْلاها مَدَمُوما مُدحورا 4 أى جعلنا له ومن اختصاصه بشكل دائم جهنم يتخذها مشوى دائما ومستقراء ويصلى نارهاء ويقال له « ذُق إِنكَ أنت الْعَزِيرَ الْكرِمَ 59 4 [الدخان] حال كونه مَذْمُوما 4 لا يمدح أبداء و مُدحورا 4. أى مطرودا من رحمة الله ورضاه فلا ينظر الله إليهم» ولا يكلمهم. . هذا من أراد الدنياء ومن أراد الآخرة قال تعالى فيه: ومن راد الآخرة وَمَعَئ لَهَا سعيَها وهو مؤمن فَأُولَك كَانَ سعيهم مُشْكُورًا 9 4 . من أراد الآخرة» وكان التعبير بالآخرة فى مقابل التعبير بالعاجلة لفرق ما بين الاثنين؛ ذلك يريد أمرا عاجلا لا يصبر ولا يضبط نفسه» وهذا يريد الآخرء ولو كان مؤجلاء فينال فضيلة الصبر والعمل» ويترقب الآجل ترقب المدرك العامل . ولم يكتف بالترقب والانتظارء بل سعى لها سعيهاء أى عمل لها العمل المقرب لنعيمها والمبعد عن جحيمهاء وفى التعبير ب وسعى لها سعيها 4 إشارة اا تفسير سيور هه الإسرا اع لل مالفالل اللا و ههه < يي إلى أنه يسير لهاء ويعمل ما يطلبه من بر وصدق وأمانة» وحسن معاملة» واستقامة نفس» وسير على صراط مستقيم» وقال تعالى: 9 وهو مؤمن 4 فالإيمان أصل الأعمال الصالحة ولبها وذروتها وسنام الحق» وقد بين الله تعالى جزاءهم فقال: فَأُولَك كَانَ سعيهم مشكورا 4 الفاء فى جواب الشرط» والإشارة فى أولئك إلى السابقين الموصوفين بإرادة الآخرة بالسعى بالعمل الصالح» وبالإيمان الذاعن الصادق». والإشارة إلى الأوصاف بيان أنها سبب الجزاءء والجزاء هو شكر ذلك السعى الظاهر الفاضل» وشكره من الله تعالى بالجزاء عنه» وهو النعيم المقيم» وبالرضاء وهو أعظم ما يثاب به العبد» وعبر سبحانه بأنه شكورء أى أنه فى ذاته يستحق الشكرء وهاتان الآبينان فى معنى قوله: طمن كان يرِيد حرث الآخرة ترد لَهُ في حَرئه وَمَن كَان يُرِيد حرث الدّنيا نوته منْهًا وما لَه في الآخرة من نُصيب 69 »* [الشورى]. وإن الله خالق الناس ورب الناس يمدهم بما يريدون من رغبات بما يشاءء ولمن يريد» ولذا قال عز من قائل: كلا مد هَؤُلاء وَهَوُلاء من عطاء ربك وما كان عطَاء رَبك محظورا 60 4 . أى كل فريق من هؤلاء وهؤلاء» وقالوا: إن التنوين هنا عوض عن المضاف إليه» ونمد نعطى المد» كمدد الجيش» لا تذهب نعمة إلا أمدهم الله تعالى بنعمة أخرى». والإشارة فى 8 هؤلاء وهؤلاء # إلى الذين أرادوا العاجلة وتعجيل الله لهم بمشيئته ومن يريد الله أن يعجل له فهؤلاء هم الأولون» والآخرون يعطيهم الله حرث الآخرة إذا قصدوا ما عند الله وسعوا سعيها بالبر والعمل الصالح» وكان الإيمان يظلهم» فالإشارة فى الحالين إلى صفات كل منهما فى طلبهء وثتى هؤلاء» فقال: ‏ هؤلاء وهؤلاء 4 ؛ لأنهما نوعان مختلفان فى الطلب والجزاء والأوصاف» وما ترتب على هذه اللأوصاف. وقال: من عطاء ربك » والإضافة إلى الرب فيه إشارة إلى أنه عطاء لا ينفد ولا ينتهى» فالله هو رب الوجود وهو الذى يمده بالحياة» ويمده بالمدد المستمر ذا تفسير سورة الإؤسرا اع يم الللأ ااا ال نال لال ااا الالالال االلاااخملن ا الالالاللكا لظ لكالل لالت لاطا ممم لاطا لالط ط الال لللاناطاططمطممخفشظلا لحم بير -- الذى لا ينقطع» 9 وما كان عطاء ربك مُحَظُورا 4. أى ممنوعا؛ لأنه ليس فوقه أحد يمنعه» وهو معط لا يمنع» ولكن يجازى كلا بجزائه» فإن شكر كان له النعيم المقيم » وإن كفر بنعمته وأنكرها فإن له عذاب الجحيم. ونرى من هذا أن الله تعالى فضل بعض الناس بما سلكوا من سبل الخيرء وعاقب بعض الناس بما سلكوا من الشرء وكيف من طلب العاجلة أخحذ منها بما يشاء ولن يشاءء ومن طلب الآخرة زاده فى حرثه إن قصد الآخرة» وسعى لها وآمن» ولذا قال سبحانه وتعالى بعد ذلك: : انظر كيف فَضَلنا بعضهم عَلَى بعض وللآخرة كبر درَجَات وأكبر تفضيلا 4 أمر من الله تعالى بأن ننظر نظرة تأمل فى الحال التى فضل فيها بعض الناس على بعض فى الرزق والمال» وأن الله سبحانه يعطى فى الدنيا كلا على حسب رغبته مع أن مشيئة الله فوق هذه الرغبة» وأنه بهذا التمكين الربانى يكون من أعطاهم أفضل حالا من غيرهم فيكون من الناس الأغنياء والفقراءء ويفضل بعضهم على بعض فى الرزق من غير أن يتبع تفضيل فى الشرف أمر أو أية تفرقة طبقية» فالناس عند الله سواء وأمام شرعه سواءء ولا فضل لغنى على فقير» فما الّذينَ فُصَلُوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمائهم فهم فيه سواء .. . © + [النحل]. وإن ذلك الذى أشار إليه فى الدنيا فقطء أما فى الآخرة فطالبوها «أَكْبّر درَجَات وأَكْبْرٌ تفضيلاً 4 والمعنى أن الذين أرادوا حرث الآخرة» فقصدوها مخلصين» وسعوا لها سعيها مؤمنين أكبر درجات أى أعلى وأسبق وهم فى درجات علياء وكلمة درجات لا تكون إلا فى العلو والشرف الربانى», وكذلك كان التعبير فى قوله تعالى: 9# .. نحن فَسمنا بهم يشم في الحيّاة الانيا ورقعنا بعضهم قوق بعض, درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريًا. .. 6 #4 [الزخرف]» أى فى الحياة الآخرة. وقال أَكْبَرٌ تفضيلاً» أفعل التفضيل ليس على بابه فلا موازنة فى كثرة الفضل» بل المراد أنهم يلقون من الفضل كثرة ليس وراءه فضل لمستزيد» ونفينا ناا تفسير سورة الإسرا اع ل ا ل ١‏ > ل المقابئلة ؛ لأن طلاب العاجلة لا فضل عندهم» لا بقدر قليل» ولا بقدر كبير» بل هم يوم القيامة فى العذاب الهونء والمنزلة الدون. والاستفهام فى #كيف» للتنبيه» وتقرير تلك الحقائق الثابتة . وصايا الله وأوامره قال الله تعالى: ا ا ا لي ا ل <عو بير لَاجَسلْمعَ ءار عد مَدْمُوما دولا يا هه هه سح لو سا © وَتسَىءَيكَالاسبدوَألِوََلويدَ سكا م ل 2ه 1-1 يلْعَنعِندَ1َ ألهكررا أحَل هما اهما قلا بقل نما َف وَلَاتهَرَهُمَا وُلَلَهُمَاءَلاحكريما 0 وَأَخْفِضُ لماح لووط مهن صَغِيرا 3 يمال ون ووأْصَلِحِينَ عو 0000 م وج ؤى مر آ[ و 7 ونّهمصكَان إلذوبي عفورا البق وءات ذا الفردن حمه, رص« سر حت سر صر ل سس ارس ف ع لسع أ ف وَالِْسكدَ بلسي لِولاسدِ سر نسدد لمبذ رسا 20110 رج سا لد دووووج سم راودب عر له وم 2+2 وَإِمَ عرض نْعنهم أَبِعَاءَ رحمةٍ حَمَؤَينْرَيكَ وها فَفّل لهرقولا مدسورا )ولا عل يدك مَعْلوإلَعنْقِك ولانسطهسا كه صو م 2 لل سر 1 لبط ففَعدَ ملُوما حسورا لون ريك يبسظ ألرَرْقَ و ع .5 لمننشاء وبفدرة تإتَضكنَ بعبَادو- حيرأ بصا و0 8 تفسير سورة الإسراء 01م اولان لبه يي إنه بلا شك كانت أكثر الأحكام بالمدينة حيث اقتضت العدالة وتنظيم الجماعة» وإقامة بنائها على أحكام الله تعالى» وعلى الفضيلة» والخلق العظيم» وكان بمكة أحكام قليلة كلها تمليها خصال المروءة والفضيلة» وإن لم تكن تنظيما لأحكام مفصلة تقوم عليها المدينة الفاضلة إلا أنها بمقتضى الفطرة الإنسانية فى مبادئها الأولى» وأولها إفراد الله تعالى بالعبودية» وقد ابتدأها بها لأنه كانت البعثة ابتداء لأجلهاء ثم ثنى بالإحسان إلى الوالدين» وإيتاء ذى القربى» وإقامة الأسرة بالبر والمودة وصلة الرحم؛ لأن الأسرة أصل بناء المجتمع» والأسرة فى الإسلام هى الممتدة لا المقصورة على الزوجين والأولاد كما هو الشأن عند من لا يعرفون الرحمة والبر بهماء ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل» وقد ابتدأ سبحانه بالوحدانية فقال: إلا تجعل مع اللّهِإِلَهَا آخر فَفْعد مَذَمُومًا مُخَذُولاً © 4 الخطاب للنبى يِه ونبى الوحدانية كيف يخاطب بهذاء وهو بعث له ابتداء» والوحدانية أولى دعوته. ٠‏ ولها أوذى» ولها حورب» ولها جاهد» والحواب عن ذلك أنه خطاب له أولا ولمن بعث فيهم ثانياء وذكر هو فى القول ليكون مع من يدعوهم على سواءء وأنه مطالب بما تطالبون بهء وأنه ما جاء ليكون مسيطراء فذاته مصونة» لا بل هو مطبق عليه ما يطبق على كل مؤمن» وينذر كما ينذرء ويخاف ويخوف» وهو مستقيم على الطريقة» وفى هذه التسوية التى يطويها الكلام دعوة إلى التوحيد بأقصى البلاغة وتحريض عليهاء وقوله: «فَتَقَعَد مَدْمُومًا مُخَدُوَلاً 4 أى فتقعد عن السممو إلى المكارم مذموماء لأنك لم تسم إلى علو الوحدانية» ويخذلك الله تعالى يوم لا تجد نصيرا سواه. قد أمر الله تعالى بعبادته سبحانه وحدهء وهو مقتضى ألا يجعل مع الله إلها آخرء فإذا كان النهى سلبيا فى الآية السابقة فالأمر هنا إيجابى» و2 قَضى » هنا بمعنى حكمء وحكم الله تعالى لا يحتاج إلى إبرام مبرمء ولا يتطاول إليه نقض ناقض سبحانه وتعالى. ل تفسير سورة الإسراع لل الالالال ااال م «لجل بر يي ( ألا تعبدوا إلا إِيّاه 4 هنا باء محذوفة» دل عليها دخولها بعد ذلك فى قوله تعالى : ل وبالُوَالدين إحسانا 4 وهى معطوفة على ظاألأً تَعبدوا إلا إَِاه 4 والمعنى حكم الله تعالى حكما دائما ثابتا بأدلته القاطعةء وآياته البينة بألا تعبدوا إلا إياه فلا يصح عبادة غيره» وهى إذا كان الخطاب للنبى يَلكْةْ فالحكم عام خوطب به الناس أجمعون» وأسند الحكم إلى 9 ربك 4 ؛ لأنه الخالق المنشئ المربى الذى خلقه وربه» وهو الذى أنزل الآيات» فذكر الرب ليكون الحكم مشتملا على أسبابه» وبعد أن حكم حكما تسجله كل الآيات فى الوجود بألا يعبد إلا الله أعقبه بما يدخل فى مضمونه» وهو الإحسان إلى الوالدين» ونجد دائما النهى عن الإشراك يقترن به دائما الإحسان إلى الوالدين فيقول سبحانه وتعالى مثلا: قل تَعَالَوَا أثل ما حرم ربكم عليكم ألا د نشركوا به شيا وبالوالدين إحسانا . .. 40629 [الأنعام]ء وقوله تعالى : « واعبدوا الله ولا د 3 تشركوا به شيا وبالوالدين إحسانا . .. 63 # [النساء]ء وذلك كثير والحمد لله . وكأنه فى هذا يقرن حق الله تعالى الخالق بديع السموات والأرض»ء بالمنشئ نسبيا بإذن الله» وهما الأبوان» والإحسان إلى الأبوين ليس هو كفالتهماء وإمدادهما بما يحتاجان إليه فقطء بل هو أعمق من ذلك فى القول والعمل والحيطة بهماء ولعل أجمع تعبير عن ذلك هو تعبير النبى كلد بحسن الصحبة» فقد سأله بعض الصحابة من أحق الناس بحسن صحبتى يا رسول الله؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟» قال: «أمك». قال: ثم من؟ قال: «أبوك)7) وتقديم الجار والمجرور فى قوله تعالى: « وبالوالدين إحسانا 4 مزيد الاهتمام بهما ولإثبات أنهما أولى من دون الناس بالإحسانء فلا يكون الرجل كريما مفاخرا بالعطاء بين الناس» ولا يحسن إلى أبويه. وقوله: إِما ينعن عندك الكبر أحدهما أَوْ كلاهمًا 4 (إما) هى إن المؤكدة بماء والتى يبلغ فى تأكيد التعصليق مبلغ القسمء ولذا تدخل معها نون التوكيد الثقيلة» )١(‏ متفق عليهء رواه البخارى: الأدب- من أحق الناس(5١2)00‏ ومسلم: البر والصلة- بر الوالدين (4551). ((#ا تفسير سورة الإسرا اع هه 00 /1 : ولا تكون كذلك من غيرهاء وَلٍاأَحَدهمًا 4 فاعل يبلغن» أو كلاهما معطوفة على أحدهماء والمعنى إن يبلغن عندك الكبر واحد منهما أو الاثنان فلا تقل لهما أف. والتوكيد فى بلوغ الكبرء ذكر لحالهما الضعيفة التى تقتضى الرعاية والإكرام فى القول والعمل» وقوله تعالى: 8 عندك * للدلالة على أنهما لجآ إليه لضعفهما ولشيخوختهما يعيشان فى كنفه وظل قوته» ونعمته يرعاهماء ولا ظل لهما غير ظله» وقد تكون هذه الحياة المستمرة» مع ضعف الشيخوخة» واستقذار بعض ما يكون منهما أو من أحدهما داعيا لبعض الضجرء فتتفلت منه عبارة تضجر أو تأفف» فنهاه سبحانه وتعالى عن مثل هذا فقال: لإفَلا تقل لَّهِمَا أفْ 4 وهو صوت يصدر عن الإنسان فى حالة ضجرهء فنهى حتى عن ذلك» وإذا كان صوت التأفف أو التتضجر منهيا عنهء فغيره أولىء ولذا أردفه بقوله: 9 ولا تَنهِرهمًا » بأن يلومهما عن بعض ما يقع منهماء فإن ذلك منهى عنه» وذلك لأنهما تضعف مسكوليتهما لضعفهما فى كل قواهماء وقال بعض العلماء: إن معنى النهر هو النهى». فهما من مادة واحدة» وكأنه لا يتضجر منهما ولا ينهاهما؛ لآن النهى فيه منافاة لحسن الصحبة» فإن كان منهما ما يوجب النهى لا ينهى» بل يتلطف فى القول منبها إلى ما يريد من غير مصارحة بالنهى» ولذا قال: 8 وقل لَْهُمَا قَولاً كَرِيما 4 بدل التأفف والنهى والنهرء والقول الكريم: هو القول الجميل الذى يكون فيه تنبيه إلى ما يجب من غير أن يظهر من التضجر أو التأقف أو النهر أو النهى» أو اللوم فإنهما قد بلغا سنا علت بهما عن التأديب والنهى. والنهر واللوم من أعمال التربية والتهذيب» ولا يليق بهما ذلك» بل يوطئ كنفه فى الفعل والقول» ويصح الاستعاضة فى التنبيه بالإشارة عن العبارة» وألا يتكلم إلا بما يرضيهما. وإن الحياة واستمرارها فى بيته قد توقعهما فى شىء من ذلك» فلا بد أن يدّرع بدرع يكون وقاية له من أن يقع فى شىء من هذاء والدرع هو أن يملاً نفسه برحمتهماء وعين الرحمة عاطفةء ولا تكون لائمة أبدًا ولا تكون متأففة» ولا متضجرة أبداء ولذا قال تعالى: |4 تفسير سورة الإسرا اع لل هه 7 واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا 9 4. الجناح هنا هو الحياطة والرعاية» وشبهت هذه المعانى بالجناح الذى يكون به قوة الطائرء وإضافة الذل إليه لتكون الرعاية ذلا لهماء وتواضعا من غير استكبار» وإن ذلك التطامن والانكسار من الرحمة لا من الذلة» وكان خفض جناح من ذل» لا من الذلة» بل من الرحمة» وفرق بين ذل الرحمة» فهو عطف ورفق وتطامن» وذل الاستخذاء والمذلة» فهو ذل خنوع» وضعف من غير قوة» وإن هذا التعبير أعلى ما يمكن من تعبير العطف والرحمة» ولكنه كلام الرحمن الرحيم» وإن الله تعالى طلب من عبده أن يقول داعيا لهما بالرحمة فى كبرهماء فيقول تعالى: وقل رب ارحمهما كَمَا ربّياني صغيرا 4. أى إنك لا تملك أن تصنع لهما ما صنعاه وأنت صغيرء فقد حدبا عليك فى محية يريدان بقاءك وأنت لا تملك هذا فتملك ما يقبله الله منك» وهو الكريم اللطيف الخبير» وهو الدعاء لهما بالرحمة مخلصا طيب النفس راضيا لعشرتهما مهما تكن حالهما من ضعف . ولقد كتب الزمخشرى صفحة فى إكرام الأبوين ننقلها بحروفها لجمال لفظهاء وكريم معناها ‏ يقول كَإقيَةُ: «ولقد كرر الله تعالى فى كتابه الوصية بالوالدين» وعن النبى يليه «رضا الله فى رضا الوالدين وس خطه فى سخطهما("2, وروى «يفعل البار بوالديه ما يشاء أن يفعل فلن يدخل النار, ويفعل العاق ما يشاء أن يفعل فلن يدخل الجنة)”"2» وروى سعيد بن المسيب أن البار لا يموت ميتة سوءء وقال رجل للنبى يَكّ: «إن أبوى بلغا من الكبر أن ألى منهما ما توليا منى فى الصغر فهل قضيتهما؟» قال: «لاء إنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك» وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتهما»””" . (1) رواه الترمذى» ورجح وقفهء وابن حبان فى صحيحه والحاكم: وقال: صحيح على شرط مسلمء وانظر الترغيب والترهيب للمنذرى (719/58): 7371/7 . )١(‏ رواه ابن عساكر فى تاريخه» كما فى جامع الأحاديث للسيوطى :(1487*515)-ج5/ . 537٠١‏ عن معاذ بن جبل صليَةُ مرفوعا. ا تفسير سورة الإسراء 0 ملكا لكالل 1 سه + يي وشكا رجل إلى رسول الله بَلَِةِ أباه وأنه يأخذ ماله فدعا بهء فإذا شيخ يتوكا على عصاء فسأله فقال: إنه كان ضعيفا وأنا قوى» وفقيرا وأنا غنى فكنت لا أمنعه شيئا من مالى» واليوم أنا ضعيف وهو قوىء وأنا فقير وهو غنى» ويبخل على ماله فبكى رسول الله يك وقال: «ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى». ثم قال للولد: «أنت ومالك لأبيك. أنت ومالك لأبيك)7١2.‏ وشكا إليه آخر سوء خلق أمه فقال كَككِْة: الم تكن سيئة الخلق حيث حملتك تسعة أشهر؛. قال: إنها سيئة الخلق» قال الرسول الكريم: الم تكن كذلك حتى أرضعتك حولين». قال: إنها سيئة الخلق. قال كَكِلَة: «لم تكن كذلك حين سهرت لك ليلهاء وأظماءت نهارها). قال: لقد جازيتها. قال: ما فعلت؟»2. قال: حججت بها على عاتقى» قال مَلِْة: «ما جزيتها». انتهى كلام الزمخشرى فى الكشاف. وقال عَلكِاةِ: يَكِ: «إياكم وعقوق الوالدين» فإن الجنة توجد ريحها مسيرة ألف عام ولا يجد ريحهاء لا عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ خ زان» ولا جار إزاره...)0©. وأن بر الأبوين أمر مستتر خفى يظهر فى العمل». فهو إخلاص وفاء وإيمان بالحق» ووفاء وإكرام» وهو دليل على صلاح النفوس» وقد قال تعالى: 9 ربكم أعلم بمافي نفوسكمإن تَكُوئُوا صّالحين فَإِنّهُ كَانَ للأَوَابينَ غَمُورا 62 4. إن الله سبحانه وتعالى نهى عن أمورء نهى عن التضجرء وعن النهى لهما عن أى عمل» وأمر بأن يقول لهما قولا كريما وربما يكون فيهما المسىء وربما يكون منهما الظالمء فبين الله سبحانه فى هذا المقام وغيره ما يشابههء فقال سبحانه وتعالى: إن الاعتماد على النفوس. وصلاحهاء والله تعالى يغفر هنات الأفعال» 00( رواه ابن ماجه : التجارات- ما للرجل من مال ولده (5785).؛ كما رواه أحمد: مسلد المكثرين- مستك عبد الله بن عمرو بن العاص(5508). () كنز العمل (44000) - ج١/75096.‏ إلا تفسير دشيور 6 الإسرا أع لل اليل سم > لا وما لا تقصد فيهء ولا يعمد فيه إلى الشر مقصوداء وإنما يحاسب على ما تكسبه النفس ويربد به القلب» ولذا قال: ربكم أعلّم بما في نفوسكم 4 وأفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنه لا مفاضلة بين علمه سبحانه وعلم غيره» فلا يعلم خفى النفوس إلا خالقها الرقيب على كل شىء, العالم بكل شىء» وإنما المراد من أفعل التفضيل أنه سبحانه عالم بالنفوس علما لا يصل إليه علم قط . وإذا كان يعلم النفوس» فهو يعلم ما تكسبه النفس» وتسوء به النية ويسود به القلب» ويعلم ما لا يقصد سوءاء وليس فيه إساءة إلا أن تجىء عفوا من إيراد الشرء ولا نية. وصدّر الكلام بقوله: 8 ربكم » للدلالة على علمه الدقيق؛ لأنه هو الذى خلق وأبدع» وربى ونمى» إن تكونوا صّالحين» إن تكونوا فى ذات أنفسكم صالحين بقلوبكم وأنفسكمء فإن الله كان للأوابين غفوراء والصالح هو المستقيم النفس» الملرء: نفسه بالإخلاصء والطاهر القلب» فالاستقامة هى الصلاح كله والاستقامة تقتضى النية المخلصة والنفس النيرة» سأل بعض الصحابة النبى كَلِْهِ أن يرشده إلى كلمة يقولها فتهديهء فقال له كله : «قل آمنت بالله ثم استقم»"" . وجواب الشرط إن تكونوا صالحين 4 هو كما أشرنا قوله تعالى: ظ فَإِنّه كَانَ للأَوَابين عَفُورا 4 الأواب هو الذى يرجع إلى الحق دائماء فإذا ضل عن الطريق آب إليه» وإذا ابتعد قليلا عن العمل الصالح آب إليه» لا يركس نفسه فى شر أبداء وبذلك يكون سريع التوبة لا يعصىء ولا تريد نفسه معصيةء فإن المعصية إذا عرضت على النفس نكتت نكتة سوداء» فإذا تكررت أربد القلب» فالأواب التواب لا تتكت فى قلبه نكته سوداءء فيتوبء فيغفر له الله وقد وصف الله تعالى ذاته الكريمة» فقال: لفَإِنهُ كان لابين غَفُورا 4 وقد أكد ذلك سبحانه بإن وبكان» وبصيغة المبالغة» كما قال تعالى: وني لَمَقَارِ لمن تاب وَآمن وَعَمِلَ صّالحا ثم اهتدئ 69 4 [طه] . .)١14859( رواه أحمد: مسند المكيين- حديث سفيان بن عبد الله الثقفى رضى الله عنه‎ )١( ا تفسير سورة الإسراء 0 الملل ااا ا لسر از وبعد أن بين سبحانه حق الأبوين» وهو الإحسان فى أعلى درجات الإحسان بين حقى ذوى القربى فقال: «إوآت ذا القربئ حقّه والمسكين وابن السَبيل ولا تَبَدَرَ تبْديرا 69 إِنّ المبدرين كانوا إِخْوان السياطين وَكَان الشَيطَان رب كفورا 9 4 . وذو القربى هو ذو القرابة؛ لأن القربى مؤنث الأقرب» أى يعطى ذا القربى الأقرب فالأقرب حقهء وحق ذى القربى نوعان: حق العطاء إن كان فقيرا فإن عليه نفقته إذا احتاج» كما أنه يرئه إذا مات غنياء وقد قال تعالى: 8 ليس على الأعمئ حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من مر 6 منرم بيُوتكم أو بيوت آبائكم أو بيُوت أمهاتكم أو ببُوت إِخْوَانكم أو بيُوت أحواتكم أو يبُوت عمَامكُم أو يموت عمّاتكُم أو يبوت أَخوالكُم أو يوت خَالاتكُم وما ملَككُم مََاتحه أو صديقكم ليس عليكُم جتاح أن تَأكنُوا جميعا أو أَسْتَانا فَإِذا دحلم يونا فَسلَمُوا على أنفسكم تحيّة من عند الله مباركة طَيْبَة كذلك بين الله لَكُم الآيات لعلّكُم تعقلون 46 [النور] . احتاجواء وقد قال تعالى: # . ٠.‏ وُوْلُوا الأرْحَام بَعْضهُم أولى ينض في كناب الله . .. 9© > [الأنفال] . والنوع الشانى من حقهم أن يصلهم بالمودة الواصلة فيزورهم ويعودهمء ويتعرف أحوالهم» ولو كانوا لا يصلونه. كما قال النبى كَلِْة: «ليس الواصل بالمكافئ إنما الواصل من يصل رحمه عند القطيعة:20. ولقد قرر النبى كَكيِةٍ أن صلة الرحم تبارك فى الرزق» وتبقى الأثر بعد الموت» وقد قال يَكيَِهِ: «من أراد منكم أن يبارك له فى رزقه؛ وينسأً له فى أثره فليصل رحمه(2. وذكر الزمخشرى (1) رواه البخارى: الأدب- ليس الواصل بالمكافئ (4)007 والترمذى: البر والصلة- ما جاء فى صلة الرحم 2»)١871(‏ كما رواه أبو داود وأحمد. (5) متفق عليه؛ رواه البخارى: البيوع- من أحب البسط فى الرزق »)١975(‏ ومسلم: البر والصلة- صلة الرحم وتحريم قطيعتها (557"8). هاا تفسير سورة الإسرا اع الال الئل و > ا حقهم غير المالى فقال: (حقهم صلتهم بالمودة والزيارة وحسن المعاشرة والمؤالفة على السراء والضراء والمعاضدة ونحو ذلك) . هذه إشارات إلى حق ذى القربى» وأما حق المساكين وابن السبيل» فهو إطعامهم» وكسوتهم.ء وإيواؤهم» وذلك بالصدقات يعطيهم» وألا يبت شبعان وغيره جوعان. ٠‏ ونجد أن النص القرآئى يشير إلى أن الأسرة ممتدة» وإلى أن الضعاف لهم حق فى المال» وهو حق السائل والمحروم وأى مال فى سبيلهم لا يعد تبذيرا ولا إسرافاء إنما التبذير والإسراف فى غير هذه الحقوق التى يجب سدهاء وإن الحق الذى يلى حق الأسرة فى المال حق المساكين وأبناء السبيل والفقراء بشكل عامء سواء أكانوا مساكين أم كانوا متجملين لا يسألون الناس إلحافا. وقد نهى سبحانه عن التبذير فقال عز من قائل: 99 ولا تبذَر تبذيرا 4. وتبذير الملل ليس هو صرفه فى حقهء بل هو تفريق المال فيما لا ينبغى وبالأولى إنفاقه فى الحرام» ومما لا ينبغى ويعد تبذيرا إنفاقه فى المفاخرات» وكل إنفاق فى حرام أو ما لا يحسن للفخر ولو قليلا يعد تبذيرا وإسرافاء ولقد روى عن مجاهد أنه قال: (لو أنفق إنسان ماله كله فى الحق لم يكن مبذراء ولو أنفق درهما فى غير حق كان مبذرا). وإن التبذيرء وهو كما ذكر: الإنفاق فى غير ما يكون: من سيطرة هوى المفاخرة» والمباهاة» وعدم احترام حق غيره» فلا يسرف من يعرف حق غيره عنده. ولذا قال تعالى: « إن الْمبدرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشياطين وَكَانَ الشَيَطَان لربه كفورا 69 4 . والأخوة التى تعقد بين المبذرين والشياطين تكون من وجوه: الوجه الأول: أن الإسراف يضيع الحقوق» والشياطين يحرضون على ذلك ويرضونه» كما روى عن ابن عباس أنه قال: ما من مسرف إلا وراءه حق مضيع . ا تفسير سورة الإسيرا اع لل 12121111 رب أ الوجه الثانى : أن التبذير إضاعة رزق الله تعالى» فى غير نفع» بل فى ضرر مؤكدء وهذا يرضى الشيطان» ويقرب المبذر إليه. الوجه الثالث: أن التبذير كفر للنعمة والشيطان يحث على المعاصى» والمعاصى كلها كفر للنعم» وختم الله سبحانه الآية بقوله: 9 وَكَان الشَيطان لربه كفورا #» أى أنه كافر بنعمة الله كفرا بلغ فيه أقصاه فلعنه الله . وإذا كان الإسراف منهيا عنه. فالبخل أيضا منهى عنهء والاعتدال هو المطلوب ولا يكلف إنسان ما لا يقدر عليه» ولذا قال تعالى: ل وَإِمًا تعرضن عنهم ابتغاء رَحَمَة من رَبك ترجوها فقل لهم قَولاًميْسُورًا 46 . الإعراض عن العطاء ألا يعطى» ولا يمنع بل يسكت كأنه المعرض» ولا يستحسن المنع ؛ لآن المنع فيه إيئاس من العطاءء ولا يريد ذو المروءة ألا يلقى اليأس والرد القاطع المؤيس فى نفس طالبء» ولكنه لا يعطى عجزاء أو لعدم استحقاق الطالب» والخطاب للنبى يَدةِه ومن وراء خطابه خطاب أمتهء والآية تأديب كريم وتوجيه إلى ما يكون عندما لا يكون مال يجب العطاء منه» أو عندما لا يكون موجب للعطاء. وظإمًا 4 هى (إن) المدغمة فى (ما) التى تفيد توكيد الإعراض بتوكيد حاله أو توكيد موجبهء ولذلك كانت نون التوكيد الثقيلة» كما تكون عند القسم. واس سام هم يؤدى إلى معنى سليم فى ذاته : التخريج الأول: أن يكون ا ابتغاء »4 تعليلا للإعراض أى أن الإعراض لتبتغى رحمة بهم من ربك ترجوها؛ كأن ينفقوها فى معصية أو خحمرء فالرحمة التى يبتغيها بالإعراض هى منعهم من المعاصى أو عدم تسهيلها لهم بعدم المعاونة عليهاء وهذا حسن فى ذاته» وربما يكون بعيدا بالنسبة للمسكين وابن السبيل» وهو القريب المنقطع عن ماله» وقد يكون مقصودا بالنسبة للقريب» وأولئك هم موضوع الإعراض.. لأن الضمير فى قوله تعالى: وم عضن عَنَهُم 4 يعود إلى هؤلاء . 1# تفسسير سورة الإسراع اللبباالاالل الل للللللااااو للك ا 6< ساس هاس متعلقا بجواب الشرطء أى فقل لهم قولا ميسورا طلبا لرحمة ه من ربك ترجوهاء عن رحمة العطاء. والتخريج الثالث: أن يكون قوله تعالى ١‏ ابتغاء رحمة من رَبك ترجوها » متعلقا بالشرط لا بالجواب» على أن يكون المعنى هكذا: إما تعرضن عنهم لفقد القدرة على العطاء مع رجاء رزق هو رحمة من ربك ترجوهاء لتعطيهم عند تحقيق وقت لا مال معك» فلا تردهم ردا قاطعا مانعاء رجاء الرزق. وجواب الشرط فَقَل لَّهُمْفَوْلامُيْسُورا 4. أى قولا سهلا لينا من غير جفوة» بل فى عطف يدنيهم ولا يبعذهم » والميسور بوصف اسم المفعول من يسرء لبناء للمجهول كُسعّد فى قوله: «إوأمًا الّذِينَ سعدوا ففي الْجِنّة خَالدين ا 9 [هود] والقول الميسور لا يكون فيه قطع عن العطاء بل فيه رجاء لهم كقوله يسر الله لى ولكم؛ أو أعطانى الله وأعطاكم . «إولا تج عا يدك مغا لَه إلى شقك ولا وس كل الب ك 2 ملومًا معنى النهى فى قوله تعالى: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك #, نهى عن البخل بأبلغ تعبير»ء وفيه استعارة» وهو تشبيه البخيل بمن شد يده بغل من حديد إلى عنقه» فلا تمتد بعطاء قطء ولا تستطيع سد حاجة معوز» ولا إمداد مستغيث بقوت» والجامع فى التشبيه هو عدم العطاء؛ لأن البخيل غله بخله فلم يعطء والمشدبود شدت يده فلا تتحرك» والبخل يؤدى إلى الذم من الناس. وقوله تعالى : بولا تمسطها كل المسط 4 ومعنى بسط اليد فشحها بحيث لا تقبض شيئا يستولى على ما فيها من يستحق ومن لا ب يستحق فلا ينضبط عطاؤه» ١‏ #4 تفسير سورة الإسراء م ل سرب ا بل ينفق من غير ضابط يضبط» وقد شبه المسرف بمن تبسط يده يؤخذ ما فيها من غير إرادة صاحبها ومن غير تقديره» ومن غير تعرف من يستحق فيعطيه» ومن لا يستحق فيمنعهاء بجامع سي المال من غير إرادة حكيمة مقدرة» تضع الندى فى موضع المندى» وتمنع من يستحق المنع . قد بين الله تعالى نتيجة البخل والإسراف» فقال تعالت كلماته» فتقعد مَنُومّا مّحْسُورًا 4 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وما قبلها هو البخل والإسراف» فقوله تعالى: « فتفَعد ملُومًا مُحْسَورا 4 و(تقعد) هنا أى تصير فى حال قاعدا فيها ملوما على بخلك» محسورا بضياع مالك فى غير حقهء ففى الكلام لف ونشر مرتبء» كما قال ابن كثير: أى فيكون ملوما فى حال البخل» ومحسورا فى حال الإسراف» ومحسوراء أى أصابته الحسرة على ضياع ما فى يده» وصيرورته فقيرا بعد أن كان غنياء ونقول محسورا من حسر فى السفر لا يستطيع الحركة» ويكون فى الكلام تشبيه حال من أصبح لا مال له بحال المحسور فى السفرء الذى انقطع عن أهله. كما انقطع هذا عن ماله. أو نقول إنه محسورء أى كليل عاجز كالدابة المحسورة العاجزة» كما فى قوله تعالى: «ثُمّ ازجع الْبَصَر كَرَكَينِ يَقَلبْ ليك الْبْصَرّ خَاسمًا وَهْوَ حَسِيرٌ 9 4 [الملك]» أى كليل. والواقع أن الإسراف يجعل المسرف فى حسرة على ماله الذى أضاعه ويجعله مقطوعا عما كان له من مال كالمسرف المحسور ويجعله كليلا متعبا؛ لأن الله أعطاه رزقا فأضاعه . روى فى الصحيحين أن رسول الله كَلكِةٌ قال: «ما من يوم يصبح العباد إلا وملكان ينزلان من السماء يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفاء ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا»7" . .)١518( متفق عليه رواه البخارى: الزكاة (1101)» ومسلم: الزكاة- فى المنفق والممسك‎ )١( ها تفسير سورة الإسرا اع ى 111اأئ]االااااالاااااااااةاا1اااااااا ان اااااللاااااالاخطسخخ املاط لطن ةلماك ةلالطا طلخا ااا تاخضم خطططخطال لالط خطم مغللا م لحب أ وإن بخل البخيل سببه حرصه على المال» وأنه يضيع إن ذهب» وإسراف المسرف سببه عدم احترامه لحق المال» فبين الله تعالى خطأ البخيل فى تقديره» وخطأ المبذر فى تبذيره» فقال تعالى: وس لق ل حامر باه انيرا و 4. إن الله سبحانه وتعالى هو مانح من يرزقهء وهو مقدر الرزق» وإذا كان الأمر كذلك فلا محل للبخل؛ لأنه يعطى الرزق فربما يعطى خلفا لا ينفق ولا محل للإسراف؛ لآأن الإسراف ينافى شكر النعمة» ومعنى يبسط يوسع أى يجعله موسعا مسبسوطاء « ويقدر», أى يجعله محدودا ليس بكشيرء وقد قال فى شأن الإنفاق: « لينفق ذو سعة من سعته ومن قدرَ عليه رق قلينفق مما آنه اللّه . 060 [الطلاق]. إن الأرزاق بيد الله يعطى من يشاء عن سعة» وهو له مختبر» فإن أنفقها فى خير كان شكرا لهاء والله يقول: 9 ... لمن شكرتم لأَزِيدنُكُم ولَكن كفرتم إن عذَابِي ديد © 4 [إبراهيم] وإذا كان كله من الله السعة والفقرء فإن ذا السعة لا يغتر فيسرف» أو يبخل» والذى قدر عليه رزقه فليعلم أنه عطاء الله أعطاه لحكمة أرادهاء والشكر حيئذ هو الرضا بهاء والصبرء وقد وصف الله تعالى المؤمنين فقال تعالت كلماته: « وَالِّينَ إذا أنقَقُوا لم يسرقُوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قَوَامًا 9ك > [الفرقان] . وإن ذلك لحكمة أرادهاء فربما يعطى ليظهر طغيان من أعطاه. أو شكره» ولذا ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله: إِنَهُ كان بعباده خَبيرا بُصيرا © الضمير يعود فى (إنه) إلى الله العليم علم الخبير الذى أنشأء علم من يرى ويبصرهء فهو الذى قدر وأعطى» وهو الذى قدر وقلل» وللغنى الشاكر فضله عند اللّه» وللفقير الصابر قدره. وقد صدر الآبة الكريمة بقوله سبحانه: إن ربك يبسط...» فذكر الرب المنشئ القائم على كل شىء الذى يعطى كل إنسان قدره من هذه الحياة ويهديه. لاا تفسير سورة الإسرا اع 60 لل 00000 نواهى الله لتطهير الجماعة قال الله تعالى: ل 2 رمه ذ#آ هه سعط م 94 سا اس ع أوَلَدمحَْيَمكق حنررفه وإ نَّ لهم كاد - 1 007 سج مر وار ريط ابر 1 سبلا 2 وَكاتََدوا نفس الَو 770 قل مظَلُوماة عد جَعَلْنَا لوك و سطننًا قلا مُسَرف ف تتا تدان منصويا 72 و فَربوأمَالَاَلتبِ بالق وَكسْعَوَي َه انْة ووو رمدت 1 مه 3 مه 0 كه اكه كلم وزو بالْقِسَطاسالْمسسقَمم م 0 م لِك تبروا حسن تأودلا يك م6 بين الله أنه لا يصح أن يبخل خوفا على المال وشحا به» وإنه لا يصح أن يسرف, فالإسراف تفريق للمال فى غير مصارفه» ثم بين أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدرء وأن الله هو الرزاق ذو القوة المنين» وأشد أنواع الحرص والنوف من الفقر قتل الولد خشية الفقرء ولذا جاء النهى عن قتل الأولاد خشية الإملاق وتلك مناسبة واضحة بين الآيات» وترى أن الآيات غير مقطعة بعضها عن بعض» بل هى موصولة يأخذ بعضها بحجز بعضء. وهنا أمر آخرء وهى أن الآيات السابقة كان فيها بناء الآسرة على المودة والمحبة» وبناء المجتمع على رعاية الضعفاء كما قال كَِة: «إبغونى فى ضعفائكم. فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)"١'‏ وبعد بيان )١(‏ سبق تخريجه. ا تفسير سنو 0 الإرسرا اع الالال و لس ا اللأسرة وحماية الضعفاء» وفى ذلك بناء المجتمع بناء صالما تابتا» أخل ينهى عن آفاته» وابتدأ بأشدها نكراء وهو قتل الأولاد خشية الإملاق» فقال: «ولا تقتلوا أولادكم حشية إملاق نحن نرزقهم وإيّاكم إِنَ قَتَلَهُمْ كَانَ خطنًا كيرا © 4. الإملاق هو الفاقة» وشدة الفقرء وأصلها اللغوى أملق الرجل إذا لم يبق له مما يملك إلا الملقات.» وهى جمع ملقة» وهى الحجر الأملس الذى لا يقف الماء عليه» ولا ينبت زرعاء وذلك كناية عن أنه لا يملك ما يقوتهم به. أى لا تقتلوا أولادكم خشية الفاقة» وألا تملكوا لهم مالا تنفقون عليهم منه» ول خشية إملاق © تفيد أنهم الآن مالكون ما ينفقون منهء ولا يقتلونهم لذلك بل يقستلونهم خشية أن يتكائروا فيكون الإملاق» ولذا قال تعالى :ا تحن ترزقهم إيَاكم 4 بتقديم رزقهم عليهم؛ لأنهم يخافون موتهم من جوع» فيسارعون بقتلهم. فاللّه تعالى أمنهم على رزق هؤلاء الأولاد» وفى تقديم رزق الأولاد إشارة إلى أمرين : أن رزقهم يتبع رزق الأولاد فإن قتلوهم فقد حرموا هم أيضا الرزق ثم إن الأولاد ذاتهم رزق من الله . وبعد هذا الترغيب» وتسهيل الأمر عليهم. بين أثر ذلك القتل أو أشار إليه فقال تعالى : « إن قَتلّهِم كَانَ خطنا كبيرا 4 أى إثماء فالخطأ: الإثم والوزر» وقرئ بفتح الخاء27 على أنه من الوزر أيضاء لأنه من خطئ يخطأ خطأء كأثم يأثم إثما يقال: إثماء ويقال خطأ بمعنى الوزر» كما يقال حذرا وحذرا بفتح الحاء والكسر. ووصفه سبحانه بالكبر منكراء دليل أنه خطأ عظيم أشد ما يكون الإثم إذ إنه يؤدى إلى فناء الأمة أو ضعف نسلهاء وفى ضعف النسل ذهاب ريحها وقوتها. والقتل المنهى عنه فى الآية يشمل ما كان فى عصر نزول القرآن وما قبله من أعمال الجاهلين» من وأد البنات» وما يقوم به الآن بعض المنحرفين المعاندين الذين .045/7 قراءة (خطتا) بفتعح الخاء والطاء: يزيد (أبو جعفر المدنى) وابن ذكوان. غاية الاختصار:‎ )١( اا تفسير سورة الإسراء مك الملل وه : 2 يمنعون النسل» أو يحددونه» أو يضبطونه» أو ينظمونه» أو غير ذلك من العبارات المقلدة التى يدعون إليها المسلمين ولا يدعون إليها النصارى واليهود. روى فى الصحيحين عن عبد الله بن مسعود: «قلت يا رسول اللّه: أى الذنب أعظم قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك)» قلت: ثم أى؟ قال: «أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك), قلت: ثم أى؟ قال: «أن تزانى بحليلة جارك)27. وقد قال تعالى: وإذَا الْمَوَءُودَة سُيْلَتْ © بأي ذَنْب فعلّت © »4 [التكوير] . قالوا إن فى الآية نهى عن القتل» وضبط النسل أو تحديده أو تنظيمه» هو بمنع الحملء لا بالقتل بعد أن يولد حياء ونقول فى إلجواب عن ذلك إن ذلك وأدء لأن النبى يَكِْهِ فى آخر أخبار العزل: «العزل هو الوأد الخفى)”" ومهما يكن فإنه محاربة لإرادة الله وتحد؛ لأن الله م هو الرزاق» ومعاندة لصريح الآية 9 نُحن ترزفهم وإياكم 4 . ولقد رخص الإمام الغزالى فى العزل لأسباب كثيرة» ولكنه قرر أمرين: الأمر الأول: أنه لا يجوز العزل لحال الخوف والفقر؛ لأن ذلك يكون مصادمة صريحة للنص القرآئى» وإن الأرض لم تضق بسكانهاء فلم ينل من خيرات إلا بعضها القليل» وأرض المسلمين واسعة. الأمر الثانى: أن العزل فى أى حال رخص فيها مما لا ينبغى أى أنه لا يتبغى. بالجزء فلا يجوز بالكل» والله أعلم. بعد النهى عن قتل الأولاد رجاء ما يؤدى إلى تل الأولاد د ضياعها أر فيه بشكل حا إضعاف للنسل فقال تعالى : شك سا ساس )١(‏ متفق عليه؛» روأه بنحو من ذلك البخارى : البخارى : تفسير القرآن- قوله تعالى:(فلا تجعلوا لله أندادا) »)81١1(‏ كما رواه فى خمسة مواضع أخرى بألفاظ متقاربة» ومسلم: الإيمان - كون الشرك أعظم الذنوب (4؟١)»‏ (755١).عن‏ عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. (6) سبق تخريجه. ها تفسير سيور هةّ الإسرا اع ل الل الئل مي كاك :1 يي النهى عن قرب الزنى» وهو يتضمن النهى» فلم يقل سبحانه: لا تزنواء بل قال: لا تقربواء وهذا يتضمن النهى عن الزنى وعن كل ما يؤدى - أو يظن أنه يؤدى - إليه» كالقبلة والملامسة» ورؤية الأجزاء المغرية من جسم المرأة» والرقص الذى يثير الغريزة الجنسية» وأصوات النساء المغرية التى تتلوى فيها المرأة بما يثير ويدفع» ونشر الصور العارية» وغير ذلك مما نراه ونسمعه كل يوم» فكل هذا منهى عنه» وهو حرام؛ لأنه قرب من الزنى أو ذريعة إليه» وكل ما كان حراما فى ذاته فذريعته ممنوعة» وهذا باب يسمى فى الفقه سد الذرائع» فكل ما يؤدى إلى حرام لذاته يكون حراما لأنه يؤدى إليه. والزنى يؤدى إلى ضياع النسل» فإذا كان وأد الأولاد محرما؛ لأنه يضعف النسل» فالزنى يضيع النسل» ويذهب بقوة الأمة» وما كثر الزنى فى أمة إلا عمها الخراب» وضاعت فيها الآأنساب بل ضاع نسلهاء واعتبر ذلك بالأمم التى تنحل بشيوع الزنى فيهاء فإنه يقل عددهاء ويضيع نسلهاء ويكثر فيها الآولاد الذين لا آباء لهم» وإن البلاد الأمريكية والأوربية لكثرة الزنى فيهاء وانحلالها قل نسلهاء والمسلمون مهما تكن حالهم فى القرب من الإسلام أو البعد لا تزال هذه الفاحشة ليست كثيرة فيهم ولكثرتها عند الأمريكان والأوربيين يعملون على إضعاف النسل بين الذين تغيظهم كثرتهم بأمرين: الأمر الأول: إشاعة اللهو والمجون لتفرغ من الحقائق الإسلامية ولتميع نفوسهم كما ماعوا. الأمر الثانى: العمل على منع النسل أو منع كثرتهم بدعايات منظمة وأموال يبذرونها فى المسلمين لتعم هذه الدعاية فيهم. وقد وصف الله الزنى بقوله تعالت كلماته: «إِنَّه كَانَ فاحشة وَساء سبيلاً4 وصفه الله سبحانه بأنه فاحشة» أى أنه حال قبيحة مفرطة فى القبح زائدة زيادة فاحشةء «إوَسَاء سبيلاً4؛ ساء تستعمل بمعنى أفعل التعجب أى ما أسوأه سبيلا وطريقا فى الحياة؛ لأنه اعتداء على الفضيلة» ويؤدى إلى انحلال الآسرة» ا تفسير سورة الإسراع 6 لاا اللاا0ا للا لوه : 7 وانحلالها انحلال للمجتمع. وبعد بيان أسباب قتل الأمة نهى سبحانه عن القتل المياشر فقال سبحانه: «ولا توا الت التي حَرْم الله إلا باحق ومن قل مَظَلُومًا فَقَد جَعَلَْا لوليّه سُلْطَانًا فلا يُسرِف في الْقَدل نه كان مَنَصُوراً 9 4 . تدرج فى النهى» فالنهى الأول كان عن قتل الأولادء ثم حرم ما يؤدى إلى ضياع الأولاد وموتهمء وضياع النسل وانحلال الجماعة ثم نهى النهى الصريح» ولا تقشتلوا الس » وعبر بالنفس؛ لأن القتل» وإن اتجه إلى الجسمء غايته الاعتداء عليه. وإزالتها من الوجود» وقد صرح الله تعالى بأنه محرم قتلهاء فهو وصف كاشف مبين دل على التحريم القاطع الذى لا مسوع له وقوله تعالى: إلا بالحق 24 استثناء من النهى» وقد صرح الله تعالى ب ببعض المسوغات أو الحال التى يكون فيها القتل فقال: (( من أجل ذلك كَعبنا على بي إسرائيل أنه من قََلَ فسا َْرٍ نفس أو ساد في الأرض فََأنّمَا َل اناس جَميعًا ومن أَحَيَاهَا َكنم يا الا جميعا ... 69 4 [المائدة] . وقد ذكر النبى يَدكَِةّ معنى القتل بالحق فقال: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفسء وزنية ثيب» وردة بعد إيمان170' . وإن القتل أشد الجرائمء فقد قال: ومن يمل مؤمنا متَعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وَغضب الله عليه ولعنَه وعد لَه عذَابا عظيما © 4 [النساء]ء والنبى كَل فيما رواه الشافعى: «لزوال السموات والأرض أهون عند الله من قتل امرى مسلم بغير حق200. ولذلك سوغ اللّه تعالى لولى المقتول أن يطالب بدمهء ومن قل مظَلُومَا ققد جَعلَا لوليّه سلطانا 4 ووليه هو قريبه بالعصبة» ويكون ولى الآأمر وليا فى المطالبة (1) رواه البخارى: الديات- قول الله تعالى أن النفس بالنفس (770): ومسلم بنحوه: القسامة والمحاريين- ما يباح من دم المسلم(711/0). (؟) كما رواه بئحوه ابن ماجه عن البراء بن عازب» والترمذى والنسائى عن عبد الله بن عمرو. وقد سبق ١‏ / تفسير سورة الإسراع ال 00 و ١١ الاك‎ ١ 7 بدمه إذا لم يكن له ولى عاصب, وإذا كان قاتله هو ولى الأمر الأكبر وعجز وليه العاصب عن المطالبة بدمه فإن المسلمين جميعا عليهم أن يطالبوا بالدم. لأنهم أولياؤه؛ ويكونون عصاة مذنبين إذا لم يطالبوا بدم من قتل مظلوماء ولو كان القاتل هو الخليفة الأعظم. ولو خذلوه» ولم يطالبوا بدمه يكونون آثمين وعصاةء وبترك ذلك الواجب المقدس ذهبت قوة المسلمين. وقد روى التاريخ الكثير عن قتل الحكام الظالمين لبعض أهل الإيمان» وسكوت المؤمنين» ورأينا فى عصرنا من قتل المؤمنين قتلة فاجرة والمسلمون ساكتون ينظرون» ومن يتسربلون بسربال الدين يبررون ويحثون» ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم» وإنه من مقررات الإسلام أنه لا يهدر دم فى الإسلام» كما روى عن علي كرم الله وجهه أنه لا يِطَلّ دم فى الإسلام. وقوله تعالى: فَقَد جَعَلنَا لوليّه سلْطانًا4. أى تسلطا على القاتل» يتتبعه حتى يقتضى الحاكم منهء وقوله تعالى: طقلا يسَرِف في الْقتلٍ 4 بقتل غير القاتل أو بقتل كثيرين فى واحدء كما كان يفعل أهل الجاهلية» ومن الإسراف الُثلق» إن كان منصورا 4, أى إن الله ناصره» وقد خذله حقه فلا يتجاوزه»ء وقد خيره النبى كيد بين القود أو العفو أو الدية فإن زاد عن الثالثة فخذوا على يديه. وإن الله سبحانه بين حق القرابة» وحق الضعفاء من المساكين وأبناء السبيل» ثم بين بعد ذلك من يجتمع فيهم أحيانا حق القرابة والضعف. وأحيانا لاا تكون لهم قرابة راحمة» بل يكونون فى رحمة الله. والجماعة تكنفهم» فقال تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالِّي هي أحسن حتَى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مُسئولاً 69 4 . 00 اليتيم إما أن يكون قوة بانية فى الجماعات أو قوة هادمة»ء فإن روعى حق رعاية» وحوفظ عليه بالصيانة والتربية والتنشئة نشأة صالحة يحس بأن من حوله يرعاهء ويكلؤه ويحميه نشأ محبا رحيما بغيره» لأنه عاش برحمة غيره» وإن نشأ لإا تفسير سورة الإسرا اع هه ١1‏ !ااانا الااالاااااللااناخعخخ مالالا لان اخخخطامممامممماااااالااااا اطلام مط الالال اططخ ططخمل لط مخ ططخ طمطسخطس للا 17 فى بيت لا يؤنسه ولا يكرمهء ولا يعطيه محبة ورفقة نشأ عدوا للجماعة» وكان فيه ما يسمى عقدة النفس» أو مركب النقصء ولذا عنى به الإسلام أبلغ عناية بنصوص القرآن الكريم مثل قوله تعالى : فا اليتيم فلا تقهر (4)5 [الضحى]ء وقوله تعالى: ظ. .. يوك عن الا ذل إصلاح لهم خجر وإن نالوم فإخوائكم واللّه يعم المفسد من المصلح .. 652 * [البقرة]» وترى القرآن الكريم قد حث على المخالطة لأن الخالطة مع الاكراء تؤنسهم وتبعد عنهم الوحشة» ولقد قال النبى كَة: «خير البيوت بيت يكرم فيه ينيم وشر البيوت بيت يقهر فيه اللا وإن اليتيم إن كان فقيرا كان فى رحمة المجتمع بأمر الله تعالى» ولقد قال تعالى : ( فلا افمحم الْعقبة 00 وما دراك م لْعقَبَةٌ 09 فك رقبَة 05 أو إِطْعَام في يوم ذي مسف 9 يما ذا ري 0 أو سكين ذا مي 9 ثم كا بن الذي را وإذا كان اليم ذا ذا مال» تهافت عليه الطامعونء» كما يتهافت الذباب على الطعام الحلو الذى لا حامى له؛ فتعقد نفس اليتيم بما يحس به من طمع الناس» وأكلهم ماله أكلا لمَّاء ويحس كأنه فى مذأبة لئام ولأنه يناله الحرمان والقهرء وهو ذو مالء ولذا نهى الله تعالى عن أذ ماله ووجوب رعايته» والمحافظة عليه. ولذا قال تعالى: 8 ولا 3 َقربُوا مال اليَيم إلا بالتي هي أحسن 4 ونهى سبحانه عن القرب من ماله إلا بالتى هى أحسن» وذلك يتضمن ثلاثة أمور: الأمر الأول: ألا يأكله أو ينهبه أو يأخذه بغير حق» وإنه لضعيف يسهل أخل ماله من غير حسيب إلا الله . الآمر الثانى: أنه إذا قربه يقربه بالتى هى أحسن أى بالطريقة التى أحسنء وأدعى لحفظهء وذلك بالمحافظة عليها وإعطائها اليتامى فى وقت قدرتهم على )١(‏ سبق تخريجه. | تفسنير سورة الإسراء 0 الالالال اللو لل ميم حر ا إدارتهمء كما قال تعالى : :ل( باتلا يتا" حتَّئ إِذا بَغوا التكاح فَإِنْ انستم منهم رشدا فَادقَعوا إليهم أموالهم . . (5)* [النساء]. الآأمر الشالث: أن يعمل على تنميتهاء فإن ذلك من الطريقة التى هى أحسن » وأن يدفع زكاة أمواله» ولقد قال النبى عله : «اتجروا فى مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة)0١'‏ . نهايته أن يبلغ أشده» ويؤنس رشده» ويختلف ذلك باختلاف العصور والمعاملاات» فيبلغ الرشد حيث لا تكون المعاملاات» معقدة بحجر كبلوغ النكاح» ثم تعلو سن الرشد كلما تعقدت المعاملات وهذا ما يرمى إليه قوله تعالى: #8 حتئ يلغ أشده 4 أى أعلى قواه العقلية والبدنية ويستطيع أن يدير ماله بنفسه من غير رقابة» والأشد هو القوة العالية على صيغة الجمع من غير مفرد وقيل له مفرد وهو شدة بمعنى قوة ولكن لم يعهد جمع فعلة على أفعل» وقيل جمع شد يجمع على أشد مثل كلب وأكلب. وأطلقت كلمة أشد على بلوغ الأربعين» كما فى قوله تعالى: .. ٠‏ حت ذا بلع أشده وبلغ أربعين سن . . . #62 [الأحقاف]ء وهى التى تجهمد فيها العادات والتقاليد ويعلو صاحبها عن الردع» ولذا قال بعده: # . ٠.‏ وبلغ أَربعينَ سنة قَالَ رب َوْْضي أن أشكْر نمك التي أَنْعَْت علي .. . 6 4 [الأحقاف]. ولقد قال فى ذلك الأصفهانى: (إن الإنسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذى هو عليهء فلا يكاد يزايله بعد ذلك». وما أحسن ما قاله الشاعر: إذا المرء فى الأربعين ولم يكن له دون ما يهوى حياء ولا ستر فدعه ولا تنفس عليه الذى مضى وإن جر أسباب الحياة له العمر وقد قرن سبحانه النهى عن القرب من مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن بالأمر بالوفاء بالعهد فقال تعالى: 8 وَأَوَفُوا بالعهد إن الْعَهْدَ كان مَستُولاً 4 العهد هو عهد )١(‏ سبق تخريجه. ##ا تفسير سورة الإسراع و الل أرب ا الله تعالى بالإيمان به والقيام بحق التكليف» والعهد الذى يعاهد الناس عليه فى معاهدة أو عقد أو غير ذلك مما يرتبط به أمام الناس موثقا العهد به بيمين الله تعالى أو غير موثق» وعلل الأمر بقوله تعالى: إن العَيْدَ كان مُسْيُولً 4 أى أنه يسأل إذا نكث فيه» ويسأل إذا لم يوف به على الوجه الكامل وهو تحت رقابة الله تعالى وكفالته» فلا يصح التفريط فيه» اوقد بينا طلب الإسلام للوفاء بالعهد فى قوله : ط وفوا بعهد الله ذا عاهدتم ولاتة تنشَضوا الأَيمَانَ بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلْم ما تفعلون © [النحل]. وقد يسأل سائل لماذا اجتمع الأمر بالوفاء بالعهد مع النهى عن قرب مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن فى آية واحدة؟ ونقول: إن ذلك يشير أولا أن اليتيم مع كافله كأنه فى عهد أمانة عاهد الله تعالى عليه فلا يضيع ذلك العهدء ويشير ثانيا إلى أن العقد فى مال اليتيم يجب الوفاء به كما يجب الوفاء فى مال غيره» ويشير ثالثا إلى أنه مسئول أمام الله عما فعل فى مال اليتيم» والله أعلم. بعد أن بين الله تعالى ما يقوم عليه بناء الأسرة» والمجتمع وما يحفظه من الآفات بين ما ينميه وهو العدالة فى التعامل فقال: « وأوقُوا الْكَيْلَ إِذا كلم وَِنُوا باللقسْطاس الْمُسْعَقيمٍ ذلك حير وأحسن تأريلا 69 4 . أوفوا الكيل: قدموه وافيا إذا كلتم» وزنوا بالقسطاس المستقيم» القسطاس هو الميزان» والقسطاس كلمة فى أصلها رومى» ولكنها عربت وما يعرب يكون عربياء وإن اللغات تنمو بزيادة ألفاظ فيها ولو كانت مستعارة من غيرهاء ولا يطعن فى القرآن بأن فيه عربيا على ذلك النحو؛ لأنها صارت عربية بتعريبها ما دام النحو سليما والبناء قويما. والقسطاس المستقيم أى السوى الذى لا يميل ميلا غير سليم» فيزن بالباطل وإ ذلك خَيْر وأحسن تأويلاً4, أى ذلك خير فى ذاته لأنه عدل فى المعاملة» وبه 0 تفسير سورة الإسراءع ل 010100 م لجل بز بي تستقفيم أمور الناس » ويطمئئون وأحسن تأويلا 4 أى أحسن مآلاء فإن العدل والتساوى فى المعاملة مآله فى الأمم حسن دائما. وإن ذكر الكيل والميزان لأنهما حسيانء ولكنهما رمز لكل المعاملات التى تكون بين الجماعة» فالمعاملة العادلة تربط الناس برباط من القوة لا تنفصم » ولقد قال النبى كك «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك)27. فذلك هو القانون العادل الذى يصلح الناس فى هذه الحياة . طلب الحق هو السبيل إلى الخير قال الله تعالى: اا اي 0 م ولائقف مالس لك يه علم م ار سر سر روح وس 0 00 ِنَالسَمعَ والبصر َلْفَوّاد أؤلتيك دَعَنْهمَسَعْولا 7 ميمت ل م ع 1 2 ا د 0 عكر ولتم شف ا لارضٍ مرا إنك لن تخرق | لارض ولرن تبلغ > < سلا م ون ير 2ه 207 الو 0 خْبَالّطولا (ريي عل دَلِكمَانَ سَيُهعِند ريك مكروها 0 مه ررس مه 7 سه تيا 0 لل ا ذَلِكمِمَا أو !ليك ربك من الجكمة ولا تبجع لمع ألم إلها و ٠‏ سس لس كد جر يدع برا : ْ اقلق ف بَهَمملُوما مَدَحورا 07 هذا بيان للطريق السوى الذى يسلكه المؤمن للوصول إلى الحق. وهو ألا يتبع الأوهام» فما ضل الناس إلا باتباع الأوهام» ووراء الأوهام ودأب العقول غير المدركة تكون الأهواء والشهوات وضلال الأفهامء ووراء ضلال الأفهام عبادة شااامة هاما مه مم اس 5 يا مده سمس سس لس ههه ل د مقي الأوثان» ولذا قال تعالى: ظ ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولَتك كان عنه مَسؤُولاً © 4 . )١(‏ سبق تخريجه. 0 لها تفسير سورة الإسراع م لل لأسب ار القفو معناه التتبع» وأصله ما يؤدى إلى الكذب أو القذف أو البهتان» ومنه القائف وهو المتتبع للآثار» وأصله القياس وهو العلم بالحدس والتخمين وإلا كان كما يعبر الشافعى؛ الظن الذى لا يبنى على أساس علمى» وقد قال تعالى: 8١‏ ...وإ الضَّ لا يغبي من الْحَق شيا #52 [النجم]. والآية تنهى عن أن ؛ يتبع ما ليس عنده أسباب للعلم به» أو ما ينافيه العلم الصحيح والوقائع البينة كشهادة الزور» وقذف المحصنات وتتبع عورات المؤمنين ليعلنهاء وقد سترها الله تعالى عليهم» ولقد قال يَلِْةّ: «من قفا مؤمنا بما ليس فيه حبسه الله تعالى فى ردغة الخبال حتى يأتى بالمخرج170 . ويقول ابن كثير بعد أن روى أقوال الصحابة فى قفو ما ليس له به علمء ومضمون ما ذكره: أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم بل بالظن الذى هو رمم والخبال» كما قال تعالى: يا أيه اين آمنوا اجسنبوا كشيرا مَن لظّن. ...09 # [الحجرات]» وإن تتبع الأمور من آخذ العلم من غير مظانه يحل ا رهم سي ويفترى ما لم يرء ولم يسمع» ولقد قال كلِ: «إن أفرى الفرى أن يرى الرجل عينيه ما لم تريا»("2, وإن نتيجة قفو الإنسان والحكم بغير علم يؤدى إلى ما ذكره النبى يلد من أن يرى عينيه ما لم تريا بعين خياله» وإن ذلك هو الخبال» وقد سمعنا فى مصر منذ بضع سنين شائعة بين الناس أشاعها النصارى أنهم رأوا صورة العذارء» وادعوا أنهم رأوهاء وما رأوها. وإن اتباع الأوهام يجىء دائما من أن يقفو الرجل ما لم يكن عنده أسباب العلم به» فيتخيل ثم يخال» وذلك هو الخبال» وكذلك تنشأ العقائد الباطلة من عبادة الأوثان» والتثليث» وغير ذلك من العقائد الباطلة التى تنشأ من الأوهام وأن يرى العين ما لم ترء فذلك هو الضلال المبين. )١(‏ رواه أحمد: مسند المكثرين(0186). زفق رواه أحمد - مسئد المكثرين لاه ه). ل تفسير سيور هّ الإسر| أع لاا و لح ا وقد بين الله طريق العلم الهادى المرشد»ء وهى هبات الله تعالى التى وهبها للإنسان فقال: إن السّمَع والْبصَر وَالْفُوَادَ كل أُولّئك كَانَ عَنْهُ مَسوُولاً4. هذه وإنها مسئولة فيسأل السمع لاذا لم يسمع الحق وينصت إليه» ويسأل البصر . لماذا لم ير الآيات وينظرها نظرة إدراك وتعرف» والعقل لماذا لم يفكر فيما تنقله إليه الحواس» ولماذا لم يأخذ بأسباب العلم ويتبع الأوهام فيكون المخبال ووراءة الضلال. وقوله: ‏ كل أولئك 4 الإشارة إلى السمع والبصر والفؤاد» وكل واحد منها كان مسئولا بكفرده» ومسئولا فى جماعته و(أولئك) يشار بها إلى الجمع مذكرا كان ونهى الله تعالى بعد ذلك عن العجب والخيلاف وهو سبيل الضلال كالآوهام: ولا تمش في الأرض مرحا إِنّك لن تخرق الأرض ولَن تبلغ الجبال طولا 69 كل ذلك كَانَ سيئه عند ربك مكْروها © 4 . «المرح» الخسيلاء والعجب» والفرح بما أوتى من صحة أو مال أو جأه أو سلطان» ومَرحا مصدر أى ذا مرح» وهناك قراءة بالكسر”»» وتكون حالا أى محا معجبا مختالا متزينا معتزا بما أعطيه . قال تعالى: إنك لن تخرق الأرض 4. أى تخترقها بوطائك مهما تكن قوتك » « ولن تبلغ الجبال طولا »2 أى لن تناهد السماء وتناصبهاء حتى تبلغ طولهاء وتعلو عليهاء أى إنك مهما تكن فى قوتك لن تكون قادرا على خرق الأرض أو التطاول إلى السماء» وهذا يدل على عجره مهما زعم نفسه قوياء وأنه )١(‏ قراءة (مرحا) بكسر الراء؛ء لم أجدها فى العشر المتواترة. تفسير سورة الإسراء م 0 ١ لا‎ ١ بي مهما يتفاخر فهو قمىء(٠2‏ لا يقدر على شىء مهما يعط نفسه من فخارء وكأن فى الكلام تشبيها لحاله بحالة من يحاول أن يخرق الأرض بقوته أو يعلو إلى السماء بغروره» وإن ذلك مستحيل فكذلك ما يزعمه لنفسه مستحيل. قال النبى محمد وَلِة: «من تواضع لله رفعه2 فهو فى نفسه حقير وعند الله كبير» ومن استكبر وضعه الله فهو فى نفسه كبير وهو عند الله حقير. وإن الكبر يسىء إلى الناس؛ لأن المتكبر يستعلى عليهم ويضيع حقوقهم» ولا يباليهم ولا يحس بإحساسهم ويشمخ بنفسه كأنه فوق التبعة» ولا يسأل عن فعله وحالهء ولذا قال يَكلِةِ: «الكبر بطر الحق. وغمط الناس)7" . كل ذلك كان يه عند بك مكْرُوهًا © 4 . الإشارة إلى المذكور قريبا هو المشى مختالا مرحا معجبا بنفسهء ا سيّئه » يقرأ بالضمير أى يسوء فى ذات نفسه ويسىء لغيره وهو عند الله مكروه مبغوض» والأمر الثانى : وهو الأهم : مكروه مبغوض عند الله تعالى . إن الكبر ينبعث من إحساس بأنه أوتى ما لم يؤت غيره. وإننا نشاهد ذلك فى بعض المنتسبين للعلم» إذ أعطوا لأنفسهم مكانا ليس - لهم أو اتصلوا بالحكام الظالمين» وقد رأينا ذلك فى عصرناء ورأيناه يذكر عمن كانوا قبلناء» قال الناصر أحمد الذى مات فى القرن السابع » فقد قال فى قوله )١(‏ القمىء: الذليل الصغير حجما أو قدرا. القاموس المحيط(ق م أ). زفق رواه مسلم: البر والصلة والآداب (54869). كما رواه الترمذى وأحمد ومالك والدارمى . (9') سبق تخريجه. ا تفسير سورة الإسراع . اللا لل 110 14 كلسب نأ تعالى: ولا تمش في الأرض مرحا »: وفى هذا من التهكم والتقريع لمن يمشى هذه المشية كفاية فى الزجر عنهاء وقد حفظ الله عوام زماننا عن هذه المشية» وتورط فيها بعض قرافؤنا وفقهاؤناء فبينما أحدهم قد عرف مائتين أو أجلس بين يديه طالبين» أو شد طرفا من رياسة الدنياء إذ هو يتبختر فى مشيته» ويترفع ولا يرى أنه يطاول الجبال» ولكن يحك بيافوخه عنان السماء» والله ولى التوفيق: « ذلك مما أوحئ إليك ربك من ال لحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقئ في جهنم ملوما مُدحورا 69 © . الإشارة فى 9 ذلك » إلى المذكور من الآيات من قوله تعالى : فإولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك . إلى قوله تعالى: ولا تمش في الأرْض مَرحا إِنّكَ أن تخرق الأرض ولن تبَلْعْ الجبّال طُولاً 60 4 وإن الله تعالى ذكر ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة» والحكمة هى العلم النافع » وفى هذا العلم نفع كبيرء فقد ابتداً دعائم الأسرة» وعلى ألا يجعل يده مغلولة إلى عنقه ولا يبسطها كل البسط ونهى عن الإسراف وما من إسراف إلا ووراءه حق مضيع» ثم طهر المجتمع من أوزاره بأن تقوم العلاقة بين الناس على أساس الوفاء بالعهدء وعلى أن يحب الإنسان لنفسه ما يحب لغيره» وأن العلاقة على أساس المقام الذى لا اعتداء فيه هى خير وأحسن» ونهى عن السير وراء الأوهام» وهذه كلها علوم نافعة؛ لأن فيها نفع الإنسان وإقامة مجتمع صالح قد حَلّى بمكارم الأخلاق وخلى من ملائم الناس. وعن ابن عباس هذه الثمانى عشرة كانت فى ألواح» أولها # ولا تجعل مع اللّه ... »© إلى هذه الآية. ويقول الزمخشرى فى الكشاف: «وسماها حكمة؛ لأنها كلام محكم لا مدخل فيه للفساد بوجه» وأقول: لأنها معان محكمة لا تقبل النسخ بحال من الأحوال» وقال الزمخشرى أيضا: «ولقد جعل الله فاتحمتها وخاتمتها النهى عن اناا تفسير سورة الإسراع 0 لل رب ا الشرك؛ لأن التوحيد هو رأس كل حكمة وملاكها ومن عدمه لم تنفعه حكمه وعلومه وأن بذ فيها الحكماء» وبلغ بيافوخه السماءء وما أغنت عن الفلاسفة أسفار الحكم» وهم عن دين الله أضل من النعم؟. وختم الله الآيات بقوله : ف ولا تَجعل مع الله إَِهَا آخَر فَلْقَئ في جهنم ملومًا مُدحورا 4, أى يجتمع عليك عذابان: العذاب الآول: أنك ملوم لأن فعلت فعلا لا يليق بالعقلاء وهو فى ذاته مذموم عند من يدرك الحقائق العذاب الثانى: أن تدحر أى تهلك بالإبقاء فى نار جهنم » وقد ابتدأ سبحانه ببيان أن الشرك يقعد به عن الوصول إلى الحق ويقعد مذموما مخذولاء لا ينصره أحدء وختم الآيات بأنه يلقى فى جهنم هالكا مذموما ملوما لا يبرر كفره أحد. آثارالشرك ضلال العقول قال الله تعالى: 01 7 ار ري بيكس سر ١‏ عرجرح عر صر رع لماعءج لس اتن وعدم نَالْمكهَكٍإتما د ا وَلْقَد صَرَفنا فى هنذا الَف كووربم لاون 0 قل لكان معةد ءاه كَايعُولُون ذا لوال ذى الْمشٍ سيلا 2011 م 22 ل 7 سس عر 01 27 ميج 20 يوون 0 فين سو 01 ا ور سصمم الى ؤديميو مره الي ونين وَإن من شَىءٍلاصيح مد حرو ولكن سح سو عر ساح ١‏ ساعرة ا ليم خَهُورا 69 م إنهم يجرون وراء الآوهام ويقفون ما ليس لهم به علم» فيدعون ما لا دليل عليه من نقل ولا من عقل» ومن ذلك أن جعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثاء بها تفسير سورة الإسرا اع 0 ور شجج-1 وكان ذلك غريبا لآن مؤداه أنه سبحانه اصطفى لهم البنين» وجعل له الإناث وهذا غير معقول فى ذاته؛ لأن الناس فى شئونهم العادية يؤثرون أنفسهم بالخير ويختارون لغيرهم دونه» وكذلك قال سبحانه وتعالى فى استفهام إنكارى : «أَفأصفاكم ربكم بالْبَينَ وَانّحَدَ من الْمَلائكة إِنَانً إنَكُمَ َعَفُولُونَ قولاً عَظيما 69 4 . (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها أى ترتب على أنهم يقفون ما ليس لهم به علم أن ساروا وراء أوهام لم يبنوا علمهم على علم علموه»؛ ولكن على أوهام توهموها. و(الفاء) مؤخرة عن تقديم؛ لآن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام هنا إنكارى بمعنى النفى مع التوبيخ 8 أَفَأْصفَاكم 4. أى اختار لكم الصفو الخالى من الشوب» الذى لا يخالطه ضعف, أى هل اختار لكم البنين واتخذ الملائكة إناثاء وهذا يتضمن ادعاءين ادعوهما بأوهامهم: الادعاء الآول: أنهم قالوا: إن الملاتئكة إناثا. والادعاء الثانى: أنهم بنات الله تعالى» وإنهم بذلك قد افتروا على الله تعالى أعظم الفريةء وزينت لهم أوهامهمٍ أعظم الباطل» إذ جعلتهم فى خبال» ولذا قال تعالى: «إنكم تون قولاً عطيما 4. أى عظيم فى أنه بهتان عظيم؛ ؛ لآن الله تعالى ليس من جنس الحوادث» « بديع السّموات والأرض أَنَى يكون لَه ولد ولم كن لَه صّاحبَة ... 69 4 [الأنعام]ء وإن الولد من صفة الحوادث, والله سبحانه وتعالى منزه عن المشابهة بالحوادث» «قُل هو الله أَحَد 0 الله الصّمد © لم يلد ولم يولّد 0 ولم يكن لَه كفوا أحد 452 [الإخلاص] وقد أكد سبحانه أن هذا القول منهم عظيم أولا ب (إن) التى للتوكيد» وثانيا ب (لام) التوكيد. ولقد أشار سبحانه وتعالى إلى معجزته الكبرى وهو القرآن فقال تعالى: ولقد صرَفًا في هذا القرآن ليذَكّروا وما ييزيدهم إلا نفررا 69 4 . ا تفسمبير سسورة الإسسراع 2 4 ااا لكيه :2 32 أكد الله تعالى أنه يصرف القول فى القرآنء فقال: ‏ ولقد صرفْنا في هذا القرآن 4: أى صدقنا عباراته ومعانيه» فأحيانا تكون قصصا فيها العبرء وأحيانا تكون بالأمثال يضربهاء وأحيانا يقرر الحقائق بطريق الاستفهام» وأحيانا ينفيهاء ويستنكرهاء وهو فى كل ذلك ينتقل من إقرار حكيم معجز إلى مثله.» وقد قال بعض العلماء فى تصريف القرآن: لم يجعله نوعا واحدا بل وعدا ووعيدا ومحكما ومتشابها وأخبارا وأمثالاء مثل تصريف الرياح من صبا ودبور وجنوب وشمال» وهكذا كان التصريف من أسرار الإعجاز وهو أعلى درجات البلاغة وأسرارها. وإنك وأنت تقرأ القرآن وهو مأدبة الله تعالى تتتقل فيها من طيب سائغ إلى طيب سائغ» فى حلاوة طعم» وجمال منظر وكله هنىء مرىء؛ لأنه مائدة رب العالمين . وقد صرف الله سبحانه فى القرآن ذلك التصريف 9 ليَذَكُرُوا 4. أى ليملأوا قلوبهم بذكر الله وليعتبروا بعبره» وليروا فيه الكلام المعجز الذى يذكرهم برسالة النبى ليؤمنوا. ولكن المتعنت المعاند لا يقنعه الدليل ولا يزيده إيمانا بل إن عناده وطغيانه يزيده استمساكا بضلاله وإصرارا على كفره» ولذا قال: وما يُزيدهم إلا نفورا 4, أى إلا بعدا عن الحق نافرين منه. والتذكر هنا هو التدبر كما قال تعالى: ‏ ... قد فَصَلنا الآيات لقوم يَدَكْرونَ 659 > [الأنعام]» والنفور كما أشرنا الإيغال فى الضلال والإمعان فيه وأى ضلال أشد من النفور من الحق واجتنابه . ولقد قال تعالى موجها القول إلى النبى يلد لإبطال شركهم: طقل لو كات مَعَه آلهَة كما يقُولُون إذا لأَبتَعَوا إَِى ذي العرش سبيلاً 59) سبحاته بض تفسير سورة الإسراء سسالا 0 أرب ا هذه الآية الكريمة متصلة بقوله تعالى: «إ ولا تَجعل مع الله إِلها آخر فَتلقَئ في جهنم مَلُومًا مَدحورا 4 وتوسط بينهما وهم أن الملائكة بنات» وتصريف القرآن ليتذكرون وذلك للإشارة إلى أن الذين يجعلون مع الله آلهة أخرى يتبعون الأوهام ويصيبهم الخبال بهذه الأوهام» ولا يجد الدليل الإيجابى مجازا إلى قلوبهم» فصرف الله تعالى القرآن ليتذكروا فأبوا إلا نفورا كشأن أعداء الحق» ويبين الله تعالى على لسان نبيه بطلان ما يعبدون» فيقول سبحانه: قل لو كان مَعه آلهةٌ كما يقَولُوَ إذا لأبَغوا إِلَى ذي اعرش سبيلاً 69 4 . ذو العرش هو الله تعالى» وعبر بهذا التعبير لبيان كمال سلطانه فى ملكه وأنه لا شريك له» فأظهر بعد الإضمار لذلك» ولمعنى كما يقرر ابن عباس: لو كان مع الله تعالى آلهة غيره كما يدعون لنازعوه السلطان فى الوجودء ولعاندوه فى خلقه؛ ولكن لا يمكن ذلك» وإلا فسد الكون» كما قال تعالى: © لو كان فيهما آلهة إل اللّهِ لَفسَّدَنًا فُسبّحَانَ الله َب الْعرش عَم يُصفون 69 4 [الأنبياء] . ويكون هذا الكلام لإبطال زعمهم بدليل يؤدى إليه من نزاع وذلك باطل» وقد خرج الآية آخرون تخريجا فيه مثل هذه من حيث إنه إبطال الدعوة التى يدعونهاء وذلك التخريج الآخر أنهم قالوا: إن المعنى أنه لو كان هناك آلهة كما يقولون 8 لأبتغوا #. أى لطلبوا سبيلا لذى العرش ليعبدوه؛ كما قال تعالى فى آية « أُولدك الّذين يدعوت يبِتَغُون إِلَى رهم الوسيلة ... 9 4 فآتى سبحانه ببرهان التوحيد من دعواهم» أى أن التى يدعون لها الألوهية خاضعة لله؛ لأن كل من فى الوجود خاضع لله تعالى؛ لأن له السلطان الأعلى فى ملكوت السموات والأرض. ومهما يكن التخريج فإن الآية إبطال لعبادة الأوثان وأنها من الأوهام وأنها من أنهم يقفون ما ليس لهم به علم؛ فيقعون فى الباطل وهم يحسبون أنهم يحسئون صنعا. ولقد قال تعالى منزها ذاته العلية عن هذه الآوهام: ش 8# تفسير سورة الإسراع م !]1 ذا!!!!| !!!ااا !ااا ل ااا لالا!!! ااا الالالال اما اناكم ااا للااا!!االلأاا الالال 1 عل الاااا الالال خممخ للا اللللللا لأس اق ف سبحاته وتعالئ عم ََولُونَ علو كبيرا 69 > . أى علوا بعيدا فى علوه» كبيرا فى ذاته بحيث لا يكون ثمة علاقة بأى نوع من أنواع العلاقة بينه وبين رب البرية ؛ أن الوجود كله يخضع له ويسبح بحمده» فإ تسبح لَه السّموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبّح بحَمَده ورلكن لأ تفقهود تسبيحهم إِنّه كان حليما فور 69 4. زينت بمصابيح هى نجومهاء والتسبيح الخضوع له سبحانه وتعالى» وكونها طائعة له سبحانه فكل الوجود فى قبضته. وإن هذا التسبيح يرشح للتفسير الثانى؛ لقوله تعالى: « إذا لأَبتَعوا إلى ذي الْعرش سَبيلاً». أى الذى يقول: إن المعنى أن آلهتهم خاضة لله يدعو ييتفون إلى ريم الوسيلة . الوجود أو أحد عن طاعته سبحانه » ويصح أن يراد بهذا الخضوع مع ذكر اللّه تعالى عايدا» وإن كان غير مكلف كما يكلف العقلاء وإن الحجارة طوع يمينه سبحانةٍ ولقد قال تعالى: 9 . .. وإ من الحجارة لَمَا يتَمَجَرٌ منه الأنهار ون منها لَمَا يشُقّق فيَخْرَجٌ منهُ الما إن منها لما يهط من حَشِية الله ... . 69 69 4 [البقرة] . وإذا كانت هذه حال الوجود كله من أنه يسبح الله تعالى» وإن كنا لا ندرك تسبيحه فكان ذلك دليل وجوب عبادته وحده لا يعبد سواه» وقد امستدرك اللّه تعالى على حكمه سبحانه بتسبيح الوجود بقوله: «إ ولكن لأ تفقهون تسبيحهم 4 أى لا تنفد بصائركم ومدارككم إلى إدراك تسبيحه؛ لأنه لا يعلمه إلا اللطيف الخبير 98 ألا يعلم من خَلق وهو اللُطيف الخبير 69 4 [الملك] سبحانه وتعالى. 1# تفسير سسورة الإسراع لللبل الل االوللل الل + لس ا ولقد ذكر الزمخشرى أن معنى يسبح بحمله أنها تسبح بلسان الحال» حيث تدل على الصانع وعلى قدرته وحكمتهء فكأنها تتعلق بذلك وكأنها تنزه الله عز وجل نما لاا يجوز عليه من الشركاء وغيره» ويقول: إن قوله تعالى: « ولكن لا تَفْقَهِونَ تسبيحَهِم4 خطاب للمشركين من حيث إنهم لم يأخذوا بمقتضى دلالة الحال» وما توجبه من إيمان باللّه وحده. وفى الحق» إن الزمخشرى أخرج النص من ظاهره إلى مجاز صحيح فى ذاته» ولكنه بعيد من جهة., ولا ينقل الكلام من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة توجب الخروج» وإلا بتعذر” الحقيقة أو يكون فى المجاز جمال لفظى خاص يليق بمقام البيان القرآنى» وقد فند الناصر كلام الزمخشرى بقوله: «ولقائل أن يقول فما تصنع بقوله تعالى : كان حليما غَفُورا 4 وهو لا يغفر للمشركين ولا يتجاوز عن جهلهم وإشراكهم» وإنما يخاطب بهاتين الصفتين ظحَليما غُفورا 4 المؤمنين والظاهر أن المخاطب المؤمنون» وأما عدم فقهنا للتسبيح الصادر من الجمادات» فكأنه والله أعلم من عدم العمل بمقتضى ذلك» فإن الإنسان لو تيقظ حق التيقظ إلى النملة والبعوضة» وكل ذرة من ذرات الكون لوجدها تسبح الله وتنزهه وتشهد بجلاله وكبريائه وقهره» وعندى أن قوله تعالى: « ولكن لأ تَفَقَهُونَ تسبيحهم 4 خطاب لكل من هو أهل للخطاب. وقوله تعالى: إِنّه كان حليما عَفُورا 4 لا يعاجل بالعقوبة ويفتح الغفران لمن يتوبٍ ولو كان مشركا يتوب عن شركه؛ كما قال: طقل لُلّذِينَ كَفَروا إن ينسَهوا يعفر لهم ما قد سلف... 52 #4 [الأنفال]» وأكد سبحانه وصفه بهذين الوصفين ب(إن) المؤكدة» وكان الدالة على الاستمرار» وصفة التشبيه الدالة على كمال الاتصاف . هاا تفسير سورة الإسراع 6 010100 حمل ملز - القرآن حجاب مستورعن المشركين لشركهم قال الله تعالى: 00601 وإذاقرات لفان جَعَلنَا بيتك يبلن يوون بالْآخْرَةحِجَابَا 200 لز لجس سس لوو ع سح سا مستورا. َذّ لال لوي أكنَدأ أنيقهوه وَفمادَانوم 0 ساو مه 0 ا ريك ف لفان وده ولو علتاد دبتره نفورا نيعمو هديرا 0 لاجلا مسحويا ريا يقول الله تعالى مخاطبا نبيه الذى يدعو إلى الحق والقرآن بالقرآن: «وإذا قرأت القرآن جعلنا بيك وبين الذي لا ينون بالآخرة حجابا مستورا (62) © . 0 0 دب وذكر سبحانه الذين لا يؤمنون بالآخرة؛ لأن الذين لايؤمنون بالبعث تجمد قلوبهم على الحس فلا يؤمنون بغيره» وتغلظ على الهدى؛ لأنهم يحسبون أنه لا حياة غير هذه الحسياة» فيرتقبون ويلعبون ويلهون وكأنما خلق الإنسان عبثاء وذلك أداهم إلى الكفر فصاروا لا يؤمنون بشىء. و حجابا مُستورا 4 : الحجاب هو الحاجز عن الوصول إلى أمر أو اعتقاد» وقال بعض العلماء: إن مستورا معناه ساتر» وإن ذلك مجاز أساسه تلاقى المشستقات» وأحسب أن ذلك مبالغة فى ستره» حتى إنه من ستره للحقائق عليهم صار هو كأنه مستور عندهم» ويصح أن يقال: إنه مستور عليهم لا يدركونه ولا يعرفونه ويحسبون أنهم يعرفونه» أو أن القرآن مستور عليهم بحجابء فهم لا يعرفون مغزاه ولا مرماه» أو أن هذا الحجاب ليس بمحسوس بل أمر معنوى مستور هاا تفسير سورة الإسراء ' اللو 00 ور ١١ الاك‎ يي عليهم» وكلها معان تتجه إلى بيان أنهم لا ينتفعون من القرآن ولا يتدبرون معانيه لهذا الحجاب الذى يسترهم عنه» ويسترون بفعلهم وبأهوائهم أنفسهم» وكان التعبير بقوله تعالى: مُستورا 4 إشعار بأنهم الذين صنعوا الحجاب بأعراضهم وهم الذين ستروه عن أنفسهم بأنفسهم» وقد أكد سبحانه وتعالى هذا المعنى وهو ستره عنهم وكونهم محجوبين عنه بقوله تعالى: وجعلنا على فُلوبهم أكنة أن يققهوه وفي آذانهم وقرا وإذًا ذكرت رَبك في القرآن وحده ولُوا على أدبارهم نفورا 69 4 . الأكنة جمع كنان» و(جعلنا) معناها صيرنا وأنشأنا أكنة تكون غلافا مانعا قلوبهم عن أن تدرك وتصل إلى النورء وفي آذانهم وقرا 24 أى صمما وثقلا فيها يمنعها من أن 3 تستمع إلى القرآن الحق» فالأكنة تمنع أن يفقهوه لآن غلافا وضع بينها وبين النورء فلم تفقه أى لم تدرك وتتدبر فى بلاغته» ومعانيه» وقصصه»ء وعبره» وما فيه من نور الحق فلا تراهء وجعلنا فى آذانهم وقرا عن سماع القرآن وتذوق ألفاظه ونغمه» وجمال عباراته ونسق بيانه . ويصح أن نقول إن الكلام السامى ممثل لحالهم فى عدم فقههم للقرآن وعدم سماعهم لآياته سماع فهم وتدبر وتعرف لبلاغته بحال من جعل الله تعالى على قلبه غشاوة فلا يصل إلى الحق» وحال من فى آذانه نقل فلا يسمعء ثم يصور سبحانه نفورهم من ال حق وتأثرهم بالأصنام التى جعلتهم يعتقدون فيها الألوهية فقال تعالى : وإذًا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوَا على أدبارهم نفورا » . وإذا ذكرت ربك الذى خلقك وخلقهم وربهم وحده من غير ذكر آلهتهم ظ على أنه المتفرد وحده بالألوهية اعتراهم إعراض أشدء فأعرضوا سائرين على أدبارهم نافرين من الحق كما يفر ذو الرمد من ضوء الشمس» أى يسارعون بالتولى والإعراض نافرين مدبرين» سائرين بظهورهم لا بإقبالهم» وهذا النص يصور شخصا رأى شيئا فهاله ما رأى فولى مدبراء رجع مدبرا نافرا كأنه رأى شيكا مخيفاء اقشعر له بدنه» وهذا يصور مقدار نفورهم من التوحيد الحق» وإقبالهم ا تفسير سورة الإسراء 0 للبلا لل ا0ا0ا600ا0الاال ‏ لعن > ا على الوثنية الباطلة» فالأوهام التى استكنت فى نفوسهم صورت لهم الحق مخوفا مرهوباء والباطل طيبا حسبوا فيه السلامة وما وراءه إلا الحسرة والندامة وساء ما كانوا يصنعون. وإن هذه النفوس التى تنفر من الحق هذا النفور نفوس مريضة» عرتها آفة حولتها عن ن اق وصرفتٍ فطرتها ومست فؤادها فقال تعلي 0 يتكلم الله تعالى معبرا عن ذاته العلية فيذكر أنه يعلم علما ليس فوقه علم بالحال التى يكونون عليها ومتلبسين بهاء إنهم حين يستمعون إليك تكون قلوبهم مصروفة عنك. وعما تقرأ وذلك باستهواء باطل» وهم فى نجوى مع إخوانهم الكفار فيودعون نفوسهم المنحرفة» وعقولهم المستهواة بالباطل التى تريهم الباطل حقا والحق باطلاء إذ يقول أولئك الظالمون إن تتَبعون إلا رجلا 4 هو مريض فى ذاته «( مُسحورا 4 يحتاج لأن يطبب من الخبال الذى أوجد السحر فى نفسه. هذه الخلاصة الواضحة المنيرة لمعنى الآية» وكلام الله تعالى أسمى وأعلى وهو ذروة البيان وأعلاه» ولنعرج باستقاء هذه المغانى من ألفاظها التى هى نور على نور. نحن أَعلَم 4 أفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنه لا مفاضلة بين علم الله تعالى وعلم أحد من خلقه.ء وإنما المراد به أقصى العلم الذى ليس فوقه علمء . ف بما يستمعون به «ما» هنا دالة على الحال» (به) الضمير عائد على لفظ «ماك. ويكون المعنى أعلم باحال التى يكونون متلبسين بها عند سماعهم هذا القرآن الكريم» وقد صور الله سبحانه وتعالى هذه الحال» إذ يستمعون إليك وهم فى نجوى يتذاكرون فيها القول الصارف عن الحق» إذ يقول الظالمون فى هذه النجوى. «إن عون إلا رجلا مسَحُورا # والسرية مدرجة الفتئة فهم يسرون إليهم فى النجوى / تفسير سورة الإسراع الزانازأاا] ااا الا ااا الا اناا اناا ان لاا ااا انان لالا اللا ااا الم ططط ةا خنط اتا الات الا ااانا الاك ططخل لطلا الا اناطخ لط طنط اكالتتتلللا و بطل بو يي - ظالمين للحق وللنبى لا تتبعوه» إن تتبعون إل رجلا مسحورا» والمسحور هو الذى أفسد تفكيره السحر» وجعله فى خبال يحتاج إلى طب الأطباء. إن النجوى دائما تكون أفعل فى نفس الذين لا يريدون اتباع الحق» ألم تر أنك إذا أردت أن تخدع نفورا يتولون على أدبارهم لا يكونون فى حال طبيعية بل يكونون قد استهوا بالباطل استهواءء فعندما يذكر الله وحده فى القرآن يولون الأدبار نفورا. الداء الى يسبب الكمر عدم الإيمان بالبعث قال الله تعالى: و شر ا ا 2 ل ير صف صَرَبوأ كلمتال فصَلُوا فلا ستطيعون سيلا 2 وََالوا دا كتاعظلما اال وو يَحَلْمَاجَدِ يدا 89 ء ل . © فل كنوأحِجَارةَ أَوَحَدِيدًا 10 وَمَلْفَامَئَايكرف دور يو ينافك مَطرَ ومو م ىو 70 وو مشت ره ول ذو ار ملغضون 0-0 2 توأ رج يمدو ىم فى رادم يقول الائوت , يسبب لمهم د عون ِل رجلا الكمال الإنسائى م من صدق وأمانه وعدالة واستقامة فى القول والعمل؛ ولقد قال تعالى فى قولهم : . ا تفسير سورة الإسراع 609 لاملل ائلللا0ا ا الل للك ا . < (انظر يف صَرَبوا لك الأمال قصلو فلا يستَطيُون سيلا 0 14 المثل هو تشبيه حال بحال أو وصف بوصف»2 وضريبه: بيانه» فالمعنى انظر كيف شبه حال الرسول أحيانا بالشاعرء وأحيانا بالساحرء وأحيانا بالمسحور وأحيانا بالكاهن . وكلما ضربوا مثلا باطلا أوغلوا فى الفساد النفسى والفكرى » وانحرفوا عن الحقء فإن كل مثل بالباطل تنحرف به النفس عن الطريقة المثلى» ولذا قال تعالى مرتبا على كثرة الأمثال الباطلة # فضلُوا #. الفاء لترتيب ما بعدها على ما وضلالاء وكلما أوغلوا لا يستطيعون سبيلا فإن مثارات الضلال تبعد عن الطريق المستقيم فلا يهتدونء وأنهم يعجبون من أن يكون هناك بعث بعد أن يصيروا عظاما نخرة» ولذا قال تعالى: «( وقَالوا أئذا كنا عظاما ورقَانًا آنا َمبْعونُونَ حَلقَا جديدا © 4 . والرفات ما تكسر وبلى» وعن أبى عبيدة والفراء والأخفش تقول منه رفت الشىء وهنا فى الآية الكريمة كأنهم تعجبوا من ثلاثة أمور: الأمر الأول: التعجب من أنها بعد أن تصير عظاما مرضوضة مكسورة محطومة تجتمع وتكون إنسانا سويا. الأمر الثانى : التعجب من البعث فى ذاته. الأمر الثالث: أن هذه العظام الدخرة تكون خلقا جديدا. فالتعجب الأول هو قولهم أئذا كنا عظاما ورقاتا 4 وأفرده بالاستفهام ؛ لآن بعثه خلقا جديدا بعد أن صار عظاما ورفاتا فكان إفراده بالاستفهام مع أنه مع اليعث خلقا جديدا كل مثار تعجب» للإشارة إلى أنه موضع عجب فى ذاته. وكذلك كان إفراد 9 أثنًا لمبعوثون خلقا جديدا #4. . 0 ا تفسمير سورة الإسراع االالاخا ااال غ11 خخ خالل اطغ الالال ملاتا مخغخلاال اكلا كطخ اط !!!اناالا الما لسسع خمخمخمخس معطمو اطاط خ ممعم مم خخعخاق « 15 2 2 والتعجب فى الأجزاء جزءا جزعا وفى الهيئة الاجتماعية . والاستفهام إنكارى يفيد الاستبعاد والتعجب» ولا عجب فى خلق الله تعالى» إذ يقول: « ... كما بدأكم تعودون 69 4 [الأعراف] . وقال تعالى ردا لتعجبهم: قل كُونوا حجارَة أو حَديدا (© أَو حَلَْا مَمَا كبر في صدوركم فُسيقولون من ناف الذي فطرحمْ أل مره فود لك مومهم ويفوأون م هولع أن يَكُونَ قَرِييا 69 4 . قالوا فى مثلهم الذى ضربوه: أَئدًا كنا عظامًا ورقَاَ أَئنا لَمَبعْونُونَ خَلَقَا جديدا 4 هذا مثلهم الذى ضربوه ناسين حقائق الوجود وحقيقة نشأتهم كما قال تعالى: ا وضرب لَنا مَعلاً ونسي خَلَقَهِ ... 462 [يس]ء وَقَاُوا أئذا كنا عظَامًا ورقَانًا... 4 أنبعث بعدها؟ فأمر الله تعالى نبيه اقل كُونُوا حجارة أَوْ حَديدا 9 4 وظ كُونوا# هنا من معنى كناء أى أئذا صرنا عظاما ورفاتا فيكون المعنى صيروا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر فى صدوركم» أى إنكم تعودون لا محالة. ولو صرتم حجارة أو حديدا فالله على ذلك قادرء ولا يعجز. ولنا فى هذه الآية الكريمة نظران غير متباينين: النظر الأول: أنه يشير سبحانه إلى أنه لا يعجز عن الحجارة والحديد. ومما يكبر فى صدوركم أى فى قلوبكم فتأخذكم به رهبتكم» وإذا كان الله تعالى لا يعجز عن أن يوجد الحياة فى حجارة أو حديدهء أو نحو ذلك فأولى أن يعيد الحياة فيكم» وقد كانت من قبل؛ فالإعادة أسهل من الإنشاء فى نظر الإنسان وإن كانت كلها عند الله سواءء هذا هو النظر الأول. أما النظر الثانى : فهو أن المعنى صيروا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر فى صدوركم وادخلوا فى أجزائها وكونوا فى صلابتهاء وتظنون أنه يصعب اا تفضسير سورة الإسرا أع 2 الللتل!نااناناااالاتا ا للااانالةاااا اللا انالا نااطخط اططخم خططخخامخخخاخ نال طانم اططخ طخططال ااال ااام طط مض تاللا ١: اكاك‎ 2-2 يوون من يعيد 4 إلى آخر الآية الكريمة. ودين لله تعالى ما يثير استغرابهم فقال سبحانه: ‏ فسيقولون 4 الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدرء أى إذا كنا حجارة أو حديدا. .. فقد أمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم: قل الذي فطركم أول مرة4, أى الذى أنشأكم النشأة الأولى وهى الفطرة أول مرة» وإذا كان أنشأً هذا الإنسان الأول فهو على الإعادة أقدرء كما جاء فى سورة «ايس» 89 ... قَال من يحبي الْعظام وهي رميم 2 قل يحييها الذي أَنشأها أُوّل مر ... 9 4 وبعد أن رد عليهم ذلك الرد المقنع لمن يتدرن قلبه بالشرك ويتعصب له ويعاند فيه» فإنهم يستمرون فى عجبهم واستغرابهم) ولذا قال الله تعالى عنهم: « فسينغضون إلِيك رءوسهم » ويقولون فى تحد جاهل « متى هر»). والإنغاض تحرك الرأس من أعلى إلى أسفل» ومن أسفل إلى أعلى استغرايا وتعجبا فما زادهم الدليل إلا إيغالا فى الاستغراب وما زادهم الحق إلا ضلالاء والفاء فى ! فسينغضون # لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى ترتب على بيان الحق أن استهزءوا وتهكمواء وهؤلاء لا يجدى معهم الدليل ولا يزيدهم إلا خساراء» ويقولون متحدين: «إمتئ هو, أى متى يكون أى يستعجلون تحديا وإمعانا فى الكفر» فأمر الله تعالى نبيه : طقل عسئ أن يَكُون قَريبا 4. أى أنه يرجى أن يكون قريبا. ونرى فى هذه الآيات وما قبلها يأمر الله تعالى نبيه أن يتولى المجاوبة معهم؛ لآنه الداعى إلى الحق المبلّْ عن الله تعالى الهادى المرشد. وقد بين الله تعالى ذلك اليوم فقال: « يوم يدعوكم فتَستجيبون بحمده وتَظنُون إن لبشتم إلا قليلاً 290 4 . #إيوم# هو جواب للمشركين عن تحديهم متئ هو» ويكون الخطاب للمشركين» ويكون قوله تعالى: ‏ يدعوكم فتستجيبون بحمده #» معناه الإشارة إلى ا تفسير سورة الإسرا اع لل و ». ١ الاك‎ ١ يي أن إعادتهم لا تكون إلا بأمره سبحانه وإجابتهم كقوله تعالى: طٍِ كن فيكون 019 4 [البقرة]» فالدعوة لا مجاز فيهاء والاستجابة تكون بالإيجاز كما ذكرنا فى الآية الكريمة . وقالت طائفة من المفسرين وعلى رأسهم الزمخشرى: إن هذا كناية عن سرعة الإعادة كما يدعو الداعى فيجيب المدعو فور الدعوة» والاستجابة هنا معناها الرغبة فى الإجابة وطلبها كأنهم كانوا وهم خامدون فى قبورهم يتوقعونهاء ولا يستغربونهاء وقوله تعالى: 8 بحمده#. أى حالهم تكون حال الحامد الراغب العالم بقدرة الله تعالى لا حال المستنكر أو المستغرب» وكأنهم يكونون فى حال غير الحال التى كانوا عليها فى الدنيا من كفر وإنكار» بل هم على حال الإقرار بالله تعالى وأنه وحده المستحق للآلوهية سبحانه وتعالى. وتَظنون إن لبتم إلا قليلا4, أى أنهم يحسبون أنهم مكنوا قليلا فى الدنيا على حسب ما قرره قتادة وتبعه الزمخشرىء فاللبث القليل فى الدنياء وكما قال قتادة تقاصرت ملة الدنيا فى نظرهم واعتقدوا أنها متاع وأن الآخرة هى الحياة وأنها أبقى» وفى ذلك إيمان بما لم يكونوا آمنوا به قبل» أى أنهم أدركوا الحقائق على وجهها ولكن كان حمدهم وإدراكهم بعد فوات الوقت». فلم ينفعهم فى إبانها ولم ينفعهم حمدء ولا إيمان. هذا على أن اللبث القليل فى الدنياء ولكن نرى كما رأى كثيرون من علماء السلف أن اللبث القليل كان فى القبور قبل البعث. ولقد قال تعالى فى ذلك: ط يوم ينح في الصُورٍ تحشر الْمجَرمين يومعد رقا 0 يُتَحَاقََونَ بينهم إن أبنتم إل عشرا 2 تحن أَعَلّم بما يَقُولُون إِذ يقول أَمتلهُم طَرِيقة إن لَبنْتَم إلا يما 0 4 [طه] ونريد أن نقول كلمة فى إعراب قوله: « وَتَظُون إن لبتم إلا قليلاً4 إن (إن) نافية» أى «ما لبثتم إلا قليلا» ويكون ذلك خبرا ل (أن)» وتقدير الكلام ويظنون أنكم ما لبثتم إلا قليلاء والآية بينة لا تحناج فى بيانها إلى هذا الإعراب ولكنه تخريج نحوى ذكرناه حيث لم يذكره المعنيون بإعراب القرآن والله أعلم. آل اا تفسير سورة الإسراع ى لللللو لل 14 دعوة الله الحق قال الله تعالى: ركر س رع ترومس وقللَعِبَادى يمولو التي هى حمسن انا 1 مر يإ 1 - اس ىس خم 2200 11 000 بتدقالككوات والأ “كمد ابت الع ١‏ وبَاتَينَا دَأوود وو نينا فلأدعوأ لذبن م ن دون فلا يلكوت كنف الصرَ َك ولا مويلا ل آ ره 00 ا يدُعور رب بدلعور نإل ريْهم اليكة ا قرب ويرجوت 2-0 تويك فور سوج ا ا ل 0 رحمتة.و رج عذابهر َإِنَّعَذَاب ريك كان حذورا 2 كانت العلاقة بين المشركين والمؤمنين إيذاء مستمرا من جانب المشركين» وصبرا ومصابرة من المؤمنين حتى اضطروا إلى الهجرة إلى الحبشة مرتين» وقد أفرط المشركون فى أذاهم» وربما حسب بعض المؤمنين أن ذلك صغار للمؤمنين» وتفريط فى حق الإيمان» فكان منهم من دعا إلى المقاومة» وإن المصابرة حسبها استرخاء يغريهم» وإن من له عصبية لا تسلمه» وروى أن رجلا من المشركين شتم عمر بن الخطاب» فهم عمر بأن يقتله وكان على ذلك قديراء فأمر الله تعالى نبيه والمؤمنون بأن يصبرواء وأن يقولوا التى هى أحسن» فقال تعالى: « ول لعبّادي يَقُولُوا اأحي هي أَحَسن إِنّ الشيَطَان ينزغ بينهم إن الشيطان كان سه تفسير سورة الإسراع ل ل لا لللللاللالااا 00010 ١ 4١‏ و١‏ قل يا محمد مطمئنا وفهدئا لعبادى: يقولوا التي هي أحسن 4 ويقولوا: مجزوم فى جواب الآمر» وهو فى معنى المعلل لآمر بالقول» أى قل لهم داعيا إلى الصبرء وألا يقابلوا الإساءة بمثلهاء ليقولوا التى هى أحسنء أى الكلمة التى هى أحسن» والفعلة التى هى أحسنء, وإن رد الإساءة يكون عندما يكون للمسلمين قوة يؤدبون بها المعتدين» ويحملونهم على الحق وتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا هى السفلى» وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة كما يدل السياق» وقد استشرفت النفوس لمعرفة السبب فى ذلك الآمر وفى نتيجته» فهدأ الله هذه النفوس المستشرفة بقوله: إن الشّيطان يترغ بينهم 4. أى إن الشيطان ينزغ بينهم». أى يهيج الشر بينهم فتكون المخاشنة داعية إلى الجحفوة والمهاترة» والحفوة تبعد النفوس عن الحق أو تزيدها بعداء بينما الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة» والمودة فى غير إثم تقربء ولا تنشرء وأكد الله هذا النزغ الشيطانى بقوله تعالى: إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا 4, أى إن الشيطان كان مستمرا للإنسان عدوا مبينا للعداوة» ظاهر العداوة وإن حكمة الله تعالى اقتضت كما ذكرنا أن يصبر النبى كَلِيّهٌ على الآذى لأتباعه» والآذى لشخصه. حتى تستمر المودة من جانبه موصولة» فإن المودة تدلى ؛ وتجعل المؤذى يتردد فى استمرار أذاه» بينما المخاشنة أو المغالبة تجعل للكافر معذرة فيلج فى كفرهء وقد كان فى المؤمنين من يستطيع المغالبة بشخصه وعشيرته. ولكن لم يرد الله؛ حتى لا تضيع دعوة الحق وسط المنافرة فيكون النفورء وقد خاطب الله تعالى المشركين مقربا منذراء فقال: «( ربكم أعلم بكم إن يَأ يرْحَمَكُم أو إن يشا يُعَديْكمْ وما َلك لهم ركيلا4©0. صدر الكلام بقوله تعالى: ‏ ربكم 4 للإشارة إلى أنه الذى خلقهم وربهمء وهو الى القيوم الذى قام على حياتهمٍ وشئونهم ) وهو يهدى؛ لبيان علمه ألا يَعلّم مْنَ خَلَق ... 69 4 [الملك]ء © أعلم بكم 4 أى يعلم أنفسكم وأحوالكمء وما أنتم إليه علما ليس فوقه علمء وهذا معنى أفعل التفضيل؛ إذ إنه ليس على بابه. ْ ا تفسسير سورة الإسراع و لل الملل «لجب بز يي ش لأنه لا مفاضلة بين علم الله تعالى وعلم غيره؛ والمراد كما أشرنا يعلم علما لا يسامى ولا يناهد. م امه م هام ور بم ه وإن مع علمه المحيط بحالهم يعمل بمشيئته المطلقة» إن يشأ يرحمكم ورحمته سبحانه وتعالى بأن يهديكم إلى السير فى طريق الإيمان» وإذا سرتم فيه رحمكم بالإيمان» وهو أكبر رحمة للإنسانية» #أو إن يشأ يعذبكم 4. بأن تسيروا فى طريق الضلالة فتصلوا فيه إلى غايته» فيكون منكم الضلال والشرك» فيكون ذلك الضلال عذابا لكم فى الدنيا باضطراب نفوسكم وبعدكم عن الفطرة» وفى الآخرة يكون العذاب الأليم» ألا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم. ولقد كان النبى تَككِةٍ حريصا على إيمان المشركين» حتى قال له ربه: 8 لَعلّك باخع نّفْسَك ألا يكُونوا مؤمنينَ 2) » [الشعراء]» ولذا قال تعالى: وما أَرسلناك عَلَيِهِم وكيلا#. أى موكولا إليك أمورهم بقسرهم على الإيمان» بل إنا أرسلناك طإِنّكَ لا تهدي من أحببت ولكن الله هدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين © 4 [القصص]. ولقد بين سبحانه بعد ذلك أن الله يعلم من فى السموات ومن فى الأرض» وأنه هو الذى يعلم حيث يجعل رسالته فقال: | وربك أعلم بمن في السموات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين علئ بعض وآتينا داود زبورا 62 4 . صدر الكلام ب (ربك) للإشارة إلى أنه الخالق والقائم على خلقه. وهو الذى يعلم ما خلق» وقلنا: إن أفعل بالنسبة لله تعالى لا يكون على بابه؛ لأنه لا مفاضلة بين الذات العلية وغيرها. السموات إشارة إلى الملائكة. وعقلاء الآرض هم بنو الإنس والحن . ا تفسير سورة الإسراء ش الللللملا لوللا وي حر ا يعلم الله تعالى طبيعة من فى السموات» وهم الملائكة أرواح طاهرة مطهرة لا تنزل إلى الأرض بطبعهم وحالهمء بل لو كان ملك فى الأرض لجعله الله تعالى فى صورة إنسان» كما قال تعالى: ولو جعلمَاه ملكا لَحِعلَْاه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون (5) © [الأنعام]» ويعلم سبحانه وتعالى من فى الأرض» ويجعل الأنبياء من جنسهم» ليكونوا أقرب إلى إرشادهم» ويتعذر على من فى السماء بمقستضى طبعهم أن ينزلواء وليس فى طاقة أهل الأرض أن يتلقوا الإرشاد من الملائكة» فالنبى محمد يله كان يتصبب عرقاء عندما يخاطبه جبريل الأمين» وعند أول لقاء ' به رجع إلى خديجة يرجف فؤاده. الله يعلم من فى السموات ومن فى الأرضء ولذلك كان اختيار الرسل من أهل الأرض» وبيان الله لعلمه من فى السموات ومن يشير إلى اختياره الأنبياء منهم» ولذا قال بعد ذلك : © ولقد فضلنا بعض النبيينَ على بعض 4 ففضل الله تعالى أولى العزم من الرسل وهم نوح وإبراهيم» وموسى وعيسى ومحمد يكو وقد ذكرهم بأسمائهم فى القرآن» فقال تسعالى فى سورة الأحزاب: لإ وذ أَحَدنا من اين ماقم ومك ومن توح وإبراهيم وموسئ وعيسى ابن مريم ... )4 وقال تعالى فى سورة الشورى: ضرع كم من اينما و به وا والّذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسئ وعيسئ أن أقيموا الدين ولا تتَمَرَقُوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم يه الله يجتبي إِلَيه من يشاء ويهدي إِلَيه من ينيب 69 4 . وإن أولئك الأنبياء أمروا بشرائع إلا ما كان من أمر عيسى» فإنه أحيا شريعة التوراة» وزاد عليهاء وإن ثمة كتبا ثلاثة كانت قبل النبى محمد كيلْةٌ وهى التوراة والإنجيل» وقد ذكرهما القرآن فى عدة مواضع» وذكر التحريف فيهماء وقال سبحاله وتعالى: ف .. يحَرْقُوَ الْكَلمَ عن مُواضعه وَنَسُوا حظَا مَمَّا ذْكَروا 05 # [المائدة] , #ا تفسير سورة الاسرا اع ١‏ الانا111ة الال اااااااااالك1ااالاك !ان اانااتنناااااالاالاااااا!للالاللا تا االاطمططططط لل للك11 اللا رانك ططخمل ططاللا طامط ةلشلا اكوا 7 ولقد ذكر سبحانه كتاب داوود فقال: 9 وآتينا داود زبورا 4 وهو لم يكن فيه أحكام غير التوراة» ولكن كانت فيه أدعية لله تعالى أوحى بها . وإن داود كان حاكما كما قال تعالى: طيَ دَاوُود إن َناك خَليقَة في الأرْض فاحكم بين النّاس بالْحق ... 469 [ص]» وكان له مع شرف الحكم الخلافة من الله فى الأرضء قد أنزل عليه الزبورء وهو بهذا شرف أعظمء وأكرم. وفى ذكر الزبور إشارة إلى التوراة والإجيل» وكان بعد التوراة وقبل الإجيل . فى ذكر هذا وذكر تفضيل بعض النبيين» وذكر محمد خاتم النبيين إشارة بعذه) والله أعلم. وإن الأوثان التى يعبدونهاء والآلهة التى يقدسونها من ملك أو بشر أو جن لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراء ولا يغيثون» ولذا قال تعالى: طقل ادعوا الذين رَعَمْتْم من ذونه فلا يَملكُونَ كشف الضرْ عنكم ولا تخريلاً 69 4 . ش من صفات الربوبية القدرة المطلقة» ولا يعبد إلا من يكون قادرا على كشف الضرء والعرب كانوا يعرفون الله تعالى وأنه القادر وحده على كل شىء؛ فكانوا يستغيثون به إذا أصابهم بأس فى البر والبحر» ويعتقدون أنه لا لجيه سوأه» وإذا مسهم ضر لا يلجأونٍ إلا إليه كما قال: طوإذا َس الإنسان الضّر دَعانًا لجنبه أو قاعدا أو قَائما قلَما كَشَفنا عنه ضرَه مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسن . .. 0659© [يونس] ولكنهم عند العيادة يعبدون مع اللّه غيره من الأوثان» أو الملائكة» أو عيسى كالصابئة» والنصارى لا يعرفون المسيح على أنه عبد خخلّقه الله . لهذا يقول لهم: « قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه 4 الخطاب للنبى كك يقول لهم 8 ادعوا الذين زعمتم من دونه 24 أى زعمتم أنهم آلهة من دون اللّه سبحانه وتعالى: ادعوهم ساعة أن ينزل بكم الضر أو الشدة فى فى البر أو البحر» أو عندما ها تفسبير سورة الإسرا اع 3111 الالاا لتنا لازنلا ااا اتاا نت لللكت لقا انان خنن اانا ااانا انان لان لاا نلل اللا لنانامطططخخطخطخاللالاللاا لاا خطخلل ااال لقتال و لحب ا يداهمكم ريح صرصر عاتية» لفلا يَملَكُونَ كشف اضر عنكم 4 الفاء هنا للإفصاح. لأنها تفصح غن شرط مقدر يبين ما قبله وبعده بأن يزول عنكم أو تحويله لغيركم» ولذا قال تعالى: « ولا تَحويلاً) . وإذا كانوا لا يستطيعون لكم جلب نفع» ولا دفع ضرء فكيف تعبدونهم» والعجز ظاهر حالهاء وعجيب أمركم عبادتها مع هذا العجز. وأن بعض الذين يدعون كالملائكة. والجن» والمسيح. وعزير» وكانت عبادة هؤلاء من صابئة العرب ويهودهم ونصاراهم» يتضرع ون إلى الله ويعبدونه» ولذا قال تعالى فيهم: «أولتك الّذين يَدَعَونَ يبتَعُون إلى ربَهم الوسيلة أيهم أرب ويُرجون رَحَمَمَّه يَحَافُونَ عدَابَه إن عدَاب رَبك كان مَحْدُورا 9© 14 يقول ابن جرير الطبرى: إن هذه الآية نزلت فى بعض مشركى العرب الذين كانوا يعبدون الملائكة وعزير والمسيح وهؤلاء جميعا كانوا ذ فى أطراف الحزيرة العربية فى اليمن والأقاليم التى تصاقب العراق» من الصابئة وغيرهم الذين كانوا يعبدون النجوم والأرواح» وكانوا إلى النصرانية أقرب» ومنهم إلى المجوسية أقرب. وهذه المعبودات المزعومة لا تضر ولا تنفع» وينطبق عليها بالنسبة للضر والنفع ما ينطبق على الأوثان تماماء ولكن فيها عباد مكرمون كالسيح: » فلن يستنكف أن يكون عبدا للّهء ولا الملائكة المقربون. و قوله تعالى: 9 أولئك 4 الإشارة إلى المعبودات غير الله تعالى» والمخصوص, منهم بالقول من يعبد الله تعالى؛ 8 الّذينَ يَدْعُونَ 4 والدعاء هنا بمعنى العبادة أو الالتتجاء إلى الله تعالى» ١‏ يبَعُون إلى بهم الوسيلَة 4. أى يبتغون الوسيلة إليه وهى الطاعة» والمعنى يبتغون الطاعة» ومجىء الوسيلة بمعنى الطاعة جاءت فى آية أخرى وهى قوله تعالى: يا أَيْهَا اين آمُوا انَهُوا الله وَابسَعُوا إِلَيْه اْوسيلّة . .. 69 4 [المائدة]» أى اطلبوا الطاعة» وهى الوصيلة الموصلة إليه سبحانه وتعالى. ' اا تفسير سورة الإسراء و الل ». الاك‎ ١ لي وقوله تعالى: « أيهم أرب 4. «أى» اسم موصول بدل من الواو فى يبتغون والمعنى على هذا من غير افتيات على النسج القرآنى الكريم» يبتغون (أخص) الذين هم أقرب». أى أن هؤلاء الذين يبتغون الطاعة ويطلبونها ويريدون عبادة اللّه وحده هم الأقرب إلى الله . فإذا كان أولتك المقربون الأطهار يبتغون إليه الطاعة» ويرجونها فكيف تكون حال من يعبدونهم أنهم بذلك أولى أو أجدر. يرجون رحمته ويخافون عذابه»# الواو عاطفة.» عطفت 8 يرجون # على يبتغون 4 , أى أن أولتكك العباد المقربين يدعون اللّه وحده» ويبتغون مزدلفين إليه بالطاعات» ويرجون رحمة الله لأنه هو الغفور الرحيم» ويخافون عذابه» لأنه هو المتتقم الجبار: إن عاب ربك كان مُحَدُورا 4 كان من شأنه أن يحذر أن يخاف» وإن مقام الربوبية والعبودية أن يرجو الرحمة ويخاف العذاب» ومن الأتقياء ء من يغلب الرجاء على العذاب» ومنهم من يغلب الخنوف على الرجاءء وكلاهما فى طاعة الله وفى أعلى مقامات العبادة لله تعالى. وإذا كان ذلك شأن من يعبدونهمء. فأولى بالمشركين ثم أولى أن يعبدوا الله وحده لا يشركون به شيئا. العبرة فى ال ماضين قال الله تعالى: 2 0 : 00 بوره هس سر 0 وإنمنة سِوَإِلَا مهلكو هال بو ِالْقيِسسَةٍ ع ولاه 000 ار عر له هل مير َوْمَعَذَّبوَمَاعَدَاباسَدِيدا كن ذلك فلكتي مسطورا يع 3 -_- 0 ا تفسير سورة الإسراء !ااانا أ للللككك كلاخ ممما مع ممم ملاوع عنامال ممع عع مامالا لالط طامملخس عع ممممممامممماخممغ نطلل ل ناتللا للا 4-١‏ 0 ظ اَمو ألتاقة مبصرة فَظُلَموا هاوَمَا لالت 2 مه يلف م رر لحري بعالمو الك نر ا ما سر حت سر ير أ ره رهم 771 جَعَلنَا َل سج كلتك واف الملعوئة ف الْفَرَءانو وف فَمَإِرَيدُ هْإِلاطفيدنا ييا 2 وإن من قرية إل نحن مهلكوها قبل يوم القيامَة أو معَدَبُوها عَذَابَا شَديدا كَانَ ذلك في الكتاب مُسطورا 62 4 . (إن) هنا نافية» و«من) لاستغراق النفى» والقرية: المدينة العظيمة التى يبعث فيها الأنبياء» والحصر فى الهلاك قبل يوم القيامة» أو العذاب فى يوم القيامة» إنما هو فى القرية الظالم أهلها الذين يكفرون بالنبيين» والهلاك هو اجتثاثهم فى الدنيا بخسوف تجعل عاليها سافلها كما فعل بقوم لوطء أو بريح صرصر عاتية» كما فعل بعاد وثمودء أو بالغرق كما فعل بقوم فرعون وملئه» وغير هؤلاء. هذه هى الحال التى يكون فيها الاستئصال وقطع الدابر»ء وذلك يكون قبل يوم القيامة. الحالة الثانية أن يتركوا فى الدنيا يعصون ويفسدون ويرتكبون المآثم» وأولئك لا يهلكون فى الدنياء ولكن يعذبون فى الآخرة عذابا شديداء «كَانَ ذلك في الْكتَاب مَسَطُورا 4 والكتاب هو اللوح المحفوظ الذى يسجل فيه ما يقضى به بين عباده. وإن هذا التنويع لحكمة الله تعالى وتقديره» فإنه إذا كانت الدعوة خحالدة باقية» وهى دعوة نبينا كلك استأنى بهم لأن فيهم الطائعين» وليسوا قليلين» وفيهم من طغى وبغى» وفى ذرية الذين عاص دا النبى كلد من كانوا مجاهدين كعكرمة ابن أبى جهل» وكخالد , بن الوليد» وغيرهم ممن كان لهم فى الجهاد باع مشهورء وقوله: « إلا نحن مهلكوهًا » أو (معذبوها) فيها تنوع حالهم, ٠‏ «إأو معذبوها 4 و(لأو) مانعة خلوء لا مانعة جميع» فكان منهم من أهلكوا قبل يوم القيامة ومن عذبوا بعدهاء وأمة النبى محمد كَلكْةّ لم يهلكها الله بعاصف يقتلعها من الأرض» ولكن أهلك العصةة لينالوا عذاب الآخرة. ا تفسير سورة الإسراء لد لل اللا10ااااللللااللااملللك روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبى كَلٌ أن يجعل لهم الصفا ذهباء فأوحى إليه قد سمعت الذى قالواء فإن شئت إماللت أن نفعل الذى قالواء فإن لم يؤمنوا نزل العذاب» نه يس بعد نزول الاية مناطرة. وإن شئت أن تستأنى بقومك استأنيت بهمء قال: ايا رب استأن بهم)237. وقد ختم الله سبحانه الآية بقوله: ف كَانَ ذلك في الكتاب مسطورا 4, أى أنه مسجل فى اللوح المحفوظ كما أشرنا من قبل» لقد تبين من هذا أن المشركين كانوا يطلبون آيات حسية كايات النبيين السابقين كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لعيسى» وكإخراج الموتى من القبور أيضاء وقد أجابهم الله تعالى بأنه أنزل هذه الآيات» ومع ذلك لم يؤمنواء وإن هذه الآيات لا تبقى بقاء المعجزة الكبرى» وهى القرآن الكريم التى ما زالت تغالب كل باطل» وتؤيد كل حق» ولذا قال تعالى: 9 وما معنا أن تُرْسل بالآيات إلا أن كدب بها الأولون وآتينا نَمُود النَاقَة مبصرة َظَلَموا بها وما نسل بالآيات إلا تَخْوِيقًا 23 4 . المنع هنا هو التركء وهو لازم لمنع» فأطلق الملزوم؛ وأريد لازمه وما أحد بمانع رب البرية أنى هو تركء لحكمة أرادهاء وأمر قدرهء وهو أنه يعلم ‏ وهو علام الغيوب أن الآيات الحسية لا يؤمنون بها كما لا يؤمن بها من سبقهمء ولآن الآيات الحسيةء» كحاصب من السماءء أو خسف أو ريح صرصر ينقضى بعد ساعته» ويكون خخبرا من الأخبار» ولو أن القرآن سجل معجزات عيسى وموسى ونوح وإبرا هيم ما علم بها أحد علما متواترا من غير تحريف . وقوله تعالى: لإ أن نُرسِل 4 مصدر منسبك من «أن» وما بعدها فى المفعول للمنع» وقوله تعالى: ( إلا أن كدب بها الأولون 4 وهم الذين نزلت إليهم» و«أن» وما بعدها فى مصدر منسبك فى موضع الفاعل للمئع» وقد علمت أن المنع أريد به الترك وإنما عبر بالمنع ولا يوجد من يمنع؛ للإشارة إلى أن الحكمة التى أرادها رب )١(‏ هذه رواية أحمد عن ابن عباس: مسند بنى هاشم- بداية مسند عبد الله بن عباس رضى الله عنهما 0717 9 تفسير سورة الإسراع الل 0 ب ا العالمين من الآيات هى التى تمنع» فالله تعالى هو الذى منع ذاته العلية» كقوله تعالى :‏ ... وكان حقًا علينا نصر المؤمنين 690 4 [الروم] . وقد ذكر الله تعالى آية كان العرب يعلمون بهاء وقد كانت فى أرضهم» وقريبا من دارهم» فقال تعالى: وآتينا تمود : النَاقَةَ مبصرة 4 أى مبينة هادية لييصروا بها الحق» ولكنهم بعد أن أبصروه نجنبوه » وقال تعالى : « وآتَينا نُمود الثاقة 4 أى أنه سبحانه آتاها لثمودء مع أنه آناها لصالح حجة له ولكن ذكر الإيتاء لهم وقد كفروا وضلوا بها ولأنها نزلت فيهم حجة عليهم ؛ لآنهم هم قطلمُوا بهَا4: أى سبيهاء أو تضمن الظلم معنى الكفرء ٠‏ فيكون المعنى فكفروا بهاء ولم يصدقواء ولم يذعنوا لا تهديهم إليه» ويقول: وما نرسل بالآبات إلأ تخريفا » . أى ما نرصل الرسل مؤيدين بالآيات | إلا تخويفاء إلا ليعلموا الرسالة المنذرة المخوفة من عذاب الله تعالى. ويقول تعالى فى آيات حسية جاء بها النبى يَكَلِيدّ وكانت فتنة فقال: 5 وَإِذ قُلنَا لك إِنّ وَبّكَ أحَاط بالئّاس وما جَعلنا الرؤيا التي أَريناك إلا فتئة لئاس والشّجرة الملعونة فى القرآن ونخَوفهم فَمَا يزيدهم إلا طفيّانا كبيرا 9 © . «إذ) متعلقة بمحذوف تأويله «اذكر»» أى اذكر الوقت الذى قلنا: إن ربك أحاط بالّاس 4 الناس إما أن يريد بهم الناس جميعا» وهو الظاهر.» فالعام لا يراد به بعض من يشملهم إلا بقرينة تدل على المخصوص» ومعنى الإحاطة العلم أو القدرة أو الإهلاك» فمن العلم قوله تعالى: # . .. أخاط بكُل شيء علّما 69 4 [الطلاق]» والقدرة أى أن كل شىء فى قبضتههء والإهلاك مثل # . .. وَظَنُوا أَنْهُم أحيط بهم ... 659 4 [يونس]» أى تعرضوا للهلاك. والمعنى إنا أعلمناك بوحى أن الناس قد أحيط بهمء وأنهم فى قبضة الله تعالى» والله عاصمك منهم فبلغ دعوتك غير خائف» فإنه سبحانه وتعالى ذا تفسير سورة الإسرا اع 441 لل 00 ا يي عاصمك من الناس كما فى قوله تعالى: «إيا أيه الرسول بِلَعْ ما أنزل إِليْكِ من رَبك وإن لّم تفعل فَمَا بت رسالته واللّه يصمك من النّاس .. . 69 4 [المائدة] . ويفسر الزمخشرى الناس بأنهم أهل مكة» والإحاطة الإهلاك» وقد بلغ الله نبيه يوم بدر بأن يهلكهم. ويفسر الرؤيا المنامية بأنها رؤياه أنه مهلكهم فى هذه الغزوة» وأنه إن لم يهلكهم بالإبادة فقد أضعف سلطانهم» وقد قال فى ذلك: «واذكر إذا أوحينا إليك أن ربك أحاط بالئاس 4 أى بقريش» يعنى بشرناك بوقعة بدرء وبالنصرة عليهم» وذلك قوله: 8 سيهزم الجمع ويولُونَ الدبر 62 4 [القمر]ء طقل لَلّذِينَ كَقَروا ستعلَبُونَ وتَحشَرُون إلى جَهِنمْ ... 409 [آل عمران] وغير ذلك» فجعله كأنه قد كان وجدء فقال أحاط بالناس على عادته فى إخباره» وحين تزاحف الفريقان يوم بدر» والنبى يَلهِ فى العريش مع أبى بكر كَاقيَة كان يدعو ويقول: «اللهم إنى أسألك عهدك ووعدك)”2 ثم خرج وعليه الدرع يحرض الناس إلى آخر ما جاء فى أخبار بدر) . وخلاصة تفسير الإمام الزمخشرى أنه يفسر الناس بأهل مكة» وأن الرؤيا رؤيا منامية» وأنه رؤيا النبى كلد التى رآها عندما التقى الجمعان فى يوم الفرقان» وأن الهلاك ذهاب شوكة المشركين» وإن أخبار القرآن الكريم تكون عن وقائع المستقبل كأنها وقعت الآن» وكان النبى كلد قد أخحبر بذلك عندما اشتد أذاهم وإثباتهم» وكانت الفتنة فى أنهم كذبوا. ونحن مع إجلالنا لمقام الإمام الزمخشرى فى البيان لا نرى رأيه . أولا: لأنه تأويل بعيد» ولأنه لا تكون فتنة» ولم يحدث كفر لهذه المناسبة. ثانيا: لآن الأصل إطلاق العام على عمومه. حتى يقوم دليل أو قرينة على إرادة الت لتخصيص . )١(‏ رواه البخارى: الجهاد والسير- ما جاء فى درع النبى كك (7199), وأحمد: مسند بنى هاشم (0ى8؟). ا تفسير سورة الإسراء الل للفلا ااال 4 > زا ثالثا: أن الآية مكية» وقد أجاب عن ذلك بأن الكلام كان تبشيرا بما سيكون يوم بدرء ونقول: إن الألفاظ لا تساعده» ولا تومئ إليه» والقرآن كتاب عربى ولذلك نرى أن الله أحاط بالناس» وأنهم فى قبضته» وأنه قادر على كل شىء » وعاصم نبيه منهم» وحافظه حتى يؤدى رسالة ربه تعالى. ولكن ما هى الرؤيا؟ قال أهل اللغة: الرؤيا تستعمل فى الرؤية البصرية فى اليقظة» والرؤيا المنامية فى النوم» ويصح أن يراد بها هنا البصرية فى اليقظة» وهى الإسراءء «فقد أسرى به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى». وقد كانت فتنة للناس؛ لأن من أهل مكة من ذهب به الاستغراب والدهشة إلى حد الردة بعد الإيمان» أو على الأقل الشك بعد اليقين» ويصح أن يراد الرؤيا التى تكون بالروح» وهى ما كان بالعروج إلى الملا الآعلى على ما اخترنا واتبعنا فيه كثرة من السلف الصالح. ونلاحظ هنا أن المشركين كانوا يطالبون بآيات كآيات عيسى وموسىء» فلما جاءتهم كفرواء فلما جاءتهم فى انشقاق القمرء قالوا سحر مستمر ولما جاءتهم فى الإسراء كفروا فصدق فيهم قول الله تعالى: فإ ولو جاءتهم كل آية حتّئ يرا الْعَذَاب الآليم 69 4 [يونس]؛ لأنهم طبع على قلوبهم فلا يفقهون» هذا ما تراه ولا مانع من أن نذكر أمرا يتعلق بتاريخ الإسلام» وإن كنا لا نرى ذلك فى هذه الآية» وربما نراه فى غيرها. لقد قال سهل بن سعد: إنما هذه الرؤيا هى أن رسول الله َلكةٌ كان يرى بنى أمية ينزون على منبره نزو القردة فاغتم لذلك» وما استجمع ضاحكا من يومئذ حتى مات رسول الله يَلك1!». وإن ذلك يؤيده التاريخ» فقد صيروا الحكم ملكا )١(‏ رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير مصعب سن عبد الله بن الزبير» وهو ثقة» كما رواه البيهقى فى الدلائل» وابن عساكر . كنز العمال (91155) 7731/1 ١‏ ها تفسير سورة الإسراءع 4 لاا لللل اللا ١ ال‎ ١ 2 عضوضاء وذهبت الشورى» وقد قال الحسن البصرى فى شأن بيعة معاوية «وإن دري لَعلَهِ فنة لَكُم وممَاع إَى حين 059 > [الأنبياء] . قال تعالى: والشّجرة الْملعونة في القرآن4 وذلك لسوء مذاقهاء وقبح مكانهاء وأنها تخرج من أصل الجحيم» فليس معنى لعنها أنها مطرودة كما يطرد العصاة المسئولون؛ لأآنها لا توصف بالعصيان والمستولية» وإنما هى مذمومةء فيقال للطعام القبيح المذاق ملعون» وهى معطوفة على قوله تعالى: « وما جَعَلَا الرؤيا لي أريناك إل فنة لئاس 4 فهى فتنة لهم كما أن الرؤيا كانت فتنة لهم وقال تعالى مشيرا إلى أنها فتنة : طأذلك خَير نرْلاأم شَجِرة الوم > إِنَا جعلناها فنة للظالمين د إِنْهَا شجِرةٌ تَخْرّج في أُصل الجحيم 69 طَلْعُهَا كَأَنّه رووس الضَّيّاطين ©© 4 [الصافات]. ش وإنها كانت فتنة لهم» لأنهم بدل أن يعتبروا بما فيها من إرهاب» وإفزاع فتنوا بالألفاظء فقالوا: إنها تخرج فى أصل الجحيم» ونار الجحيم تأكل الحجارة فكيف تنبت فيها الأشجار» وأخذوا مفتونين يرددون هذا القول كآنهم أخذوا على القرآن أمرا مختلفاء فكانت هى الأخرى فتنة لهم» والضال لا يتجه إلى الحق اتجاها مستقيماء فهو يتعرج به فى المعارج من غير اتجاه إلى صراط مستقيم . وقد ذكر الزمخشرى أن النار ربما لا تحرق فى طبائع الأشياءء فقال: «قالوا إن محمدا يزعم أن الجحيم تأكل الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجرء وما قدر اللّه حق قدره من قال ذلك» وأنكروا أن يجعل الله الشجرة من جنس ل تأكله النار فهذا وبر السمندل» وهو دويبة ببلاد الترك تتخدذ منه مناديل إذا اتنسخت طرحت فى النارء فيذهب الوسخ ويبقى سالا لا تعمل فيه النار» وترى النعامة تبتلع الجمرء وقطع الحديد المحمر كالجمر بإحماء النار فلا تضرهاء ثم أقرب من ذلك أنه خلق فى كل شجرة نارا فلا تحرقها». وقد قرب الزمخشرى وجود شجر ينبت أصلها بالجحيم بالواقع المشاهد» ولكن تقرر أن قدرة الله تعالى فوق ما يتصور المشركون» وكل شىء عنده بمقدارء هاا تفسير سورة الإسرا اع ١‏ الال م ظ لحر ا وكل أمر يذكر لغاية يتخذونها على النقيضء ولذا قال عن الشجرة الملعونة ونَْوفهم فما يزبدهم إل طفيانا شبيرا 4 بهذه السخرية والامستهزاء والتهكم على أهل الإيمان. ظ إبليس والكرامة الإنسانية قال الله تعالى: ج د ل رالا سر سر سس س الورسسم 8 الاسم جح سر وَإِذ هنا إلملجحكة اسجدوا للدم فسجدوا! إبليس ُُ 0 5 َل ءَاْسجَدلِمَنَ حَلَشَتَ طينا لزيا قال أَرَءِينَكَ هلدا به آ مر 20000 7 مب عَإعَ لين حر رتنَ إل يو م الْمِيمةٍ لآ م م حرم مه م ل بت صرح سام حيرج ب ذريتهر إِلاقيلا ب َالَأدهَبُ فَمَن يَبِعَكَ نْوُدَكتَ جَهَئَم جا وهرْجرَاء مَوفُورا ْ وَأَسَتَفْزِر من أس ستطعت كم 2 مت مِيِصَوتَكٌ وَأَِْبَ يوم لك و رجللك وَسَارِمهرٌ فالْدموال الأول عالطإ « أ عُروا لي وى بساك ع1 نهر سُلْطة و آ ته رَبك وَكيلا (ي الموة - ثبه سبيحانه وتعالى إلى أصل الخلق والتكوين» ونبه إلى أن أصل عداوة إبليس لآدم هو أنه يحسد آدم على ما أتاه الله تعالى من تكريم حرم إبليس وذريته منه » فناصب آدم العداء لهذه الكرامة» وحاول أن يفضر (1) فيها بالإغراء بالمعاصى » وبذلك فهم أنه بمقتضى الفطرة أن الكرامة والمعصية نقيضان لا يجتمعان فمن كان )١(‏ الفض: الكسر بالتفرقة. الصحاح. ا تفسير سورة الإسرا اع 0 الملل 1 لس ل 1 عاصيا يتفحش فى المعاصى لا كرامة له وإن ظهر ب بين الناس متغطرسا طاغياء فإن الكرامة ليست هى السلطان» إنما هى الحق» فإن كان مع السلطان الحق توافرت الكرامة» وإن خلا منها فهو المهين المتغطرسء وهذا يشير إلى أن المشركين فى إشراكهم لا كرامة لهم» وإن تعصبوا وغلبت عليهم العنجهية الجاهلية . ولذا قال تعالى : « وإِذ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدم فَسَجَدوا إلا إبليس 4 . «الواو' لوصل الكلام» إذ إنهم يتغطرسون ويطيعون الشيطان فيبين الله أنهم إذ يطيعونه يذهبون بالتكريم الذى كرمهم الله تعالى» وينزلون برءوسهم وأجسامهم» إلى كرامة أبيهم آدم. و(إذا متعلقة بمحذوف. ويذكر الله تعالى أمره للملائكة بالسجود مضيفا الأمر إلى ذاته العلية بيانا لمركز آدم» والله تعالى بذاته العلية وجه الأمر إلى الملائكة بالسجود» وإن إبليس كان يدخل فى عموم المخاطبين بهذا الأمر أكان من الملائكة أم كان من الجن. كما صرح بأنه من الجن فى آية أخحرىء إذ قال: ... إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أُمر ربّه ... 2 # [الكهف]ء والسجود كان لآدم بوصف الآدمية» فكأن الآدمية مكرمة لذاتهاء والمهائة تعتريها من المعصية» فَسَجَدوا إلا إبليس 4 أى أطاعواء وخروا ساجدين إلا إبليس» فقد تمرد» وفسق عن أمر ربه» وقال متمردا متعاليا من غير علو كشأن أتباعه « أأسجد لمن حَلَقَتَ طينًا 4 الاستفهام هنا إنكارى بمعنى إنكار الوقوع أى النفى» أى: لا أسجد. معترضا على ربه» كما قال سب حانه فى آية أخرى: « قال أنا خير من حلفسي من نَارٍ ولف من طين 4650 [ص]» وقوله: <أَسْجْد لس شْ خَلَقْتَ طينا 4, أى لمن خلقته من طين» ولكنه أتى بكلمة (طينا) على أنه حال أى: أأسجد لمن خلقته من طين» أى أنه ينكر أن الله سواف وكأنه إلى وقت السجود كان طينا حتى إلى هذه الحال» وكان هذا من مظاهر الاستكبار. وقد بين نية الشر الذى دفع إليه الحسدء وسبب ذلك الحسدء قال: أرأيتك هذا الذي كرمت علي 4 الكاف لتأكيد الخطاب» ويقول بعض | اللغويين» لا محل لها من الإعراب» وأرى أنه لا مانع من أن تكون فى موضع / تفسبير ددنبور: 5 الإسرا اع ش ململ 4م المفعول لرأى» والهمزة للاستفهام» ومعنى الكلام أخبرنى أهذا الذى كرمت على» وفى هذا معنى التصغير لآدم» والاستكبار عليه كأنه يقول ما هذا الذى كرمت على» أى كرمته مفضلا له على» وأنه لا يستحق التكريم دونى» ويقول إبليس: أنا الجدير بالتكريم» كما توهم أن كونه من نار يجعله أكرم من هو من طين» وذلك من فرط الغرور؛ لآن الذى أمر بذلك الآمر الجازم هو الذى جعلك من نار وجعله من طين. وذلك من تغفيله» واستعلاثئه بالباطل» وكان قياسه هذا باطلاء واستدل نفاة القياس على بطلانه بقياس إبليس. ثم يقول متوعدا آدم وذريته » ومتحديا ربه عن جهالة: © لعن أَخَرتن إلى يوم ليام لأحسَكَنَ در إل قليلاً4 اللام للقسمء ولأحتتكن جواب القسمء ودخلته نون التوكيد الثقيلة» وهو يؤكد ذلك. كقوله فى آية أخرى: 9# . .. وَلأَغْوِيَهم أجَمعِينَ 9 إلا عبادك منهم المخلّصين 6 4 [الحجر]ء والاحتناك: الاستئصال» من احتنك الجراد الزرع إذا لم يبق منه شيئاء وكقولك: الرجل احتنك شاتين أى أكلهماء ويصح أن يكون من احتنكت الفرس وضعت فى فمها الرسن أو الحبل» يجرها منه» والمعنيان يصلحان» إذ يكون المعنى استأصلهم الدغراء والإغواء حتى يجرهم كما يجر الرجل دابته؛ ويجعلهم له تبعاء وقد استثلى من ذريته فقال: « إلا قليلا4, أى إلا عددا قليلاء وهو كقوله: (لأعادك مو لامي و 4 [الحجر]ء وفى هذه الآية قال: إلا قليلاء وباجتماع يكون المخلصون من عباد الله عددا قليلا . وكيف علم ذلك؟» نقول: إنه اعتزم أن يفعل ذلك» ويريد أن يكون أتباعه عددا كبيراء وأطمعه فى ذلك أن الملائكة عندما قال الله تعالى لهم : « وإذ قال بلك للملائكة إنّي جاعل في الأرضٍ خَليفة فوا ْمَل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وتحن سبح بحمدك ونُقدّس لَك .. © 4 [البقرة]ء ولأنه أدرك أنه يؤتى من قبل شهوته وهو وأنه أوتى عر بحيث يكون قابلا للانخداع لا يستمسك » كما قال الله تعالى فى آدم: ‏ . .. وَلّم نجد لَه عزما 012 4 [طه] . اا تفسير سسورة الإسراء 0 اللا الالالال الل 1 اج ولقد أجاب الله سبحانه إبليس على ما قاله بقوله: قال اذهب فمن تبعك منهم فَإِنّ جهنم جزاؤكم جزاء موفورا 69 4 . اذهب »# معناها هنا امض فيما أنت معتزم عليه فإن لهم اختيارا وإرادة» فلا نستمكن منهم إلا بإرادة يريدونهاء ويبتغونهاء ولذا قال تعالى : فمن تبعك منهم 4 والفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر» والمعنى إن ذهبت وأغريت» وحاولت السيطرة ة على نفوسهم فمن تبعك إلى ما تدعوه إليه: ظ فَإِدَّ جهنم جزاؤكم جزاء مُوَقُورا 4 فمن يتبعك مختارا مستجيبا لإغرائك» فأنت وهم قد صرتم جمعا واحداء جزاؤك وجزاؤهم واحد» ولذا خاطبهم جميعا باعتبار أنهم جميعا صاروا جمعا واحداء وكان الخطاب بالجمع؛ لأن الخطاب له ابتداء» ولهم بالتبع» ووصفت بأنها جزاء موفور أى كامل على قدر ما أساءواء وهصمى كاملة ووفاق لا أجرمواء وقد قال فى وصف جزائهم فى آية أخرى فى قوله تعالى فى سورة الحجر: وإِن جهنم لموعدهم أَجْمَعِينَ © لَهَا سبَعَة أبواب لكل باب منهم جزء مُقسوم 69) © [الحجر] . منها جميعاء بعضهم لبعض عدوء وأنه خلق لإغواء من يستطيع إغواءه من ذرية آدم ولذا قال تعالى: ل راسْتفز زم استَطفت منهُم بصوتك وأجلب عَلهِم بخَيْلك ورجلك وَشارِكهُم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيِطَان إِلأَّ غرورا 69 4 . لصوتك الداعى » وجاهر به فى الدعوة إلى المعاصى » وأجلب عليهم © أى صح عليهم ب بجلبة وصياح كما يدعى الحيش للقتال» فأعد عدتك وأ جلب من يكونون ةُ ًّ 3 0 فًَّ 7 1 ٠.‏ ٠ك‏ 03 ,7 7 7 فى جلبة لك « بخيلك 4 بالذين يناصرونك من خيالة» ظ ورجلك © اسم جامع لراجل» وفى الكلام تشبيه» وهو تشبيه حال الشيطان فى دعوته الغاوية الضالة اا تفسير سورة الإسراء اللو لا لاا م لس اة والمستعد للشر والإغواء بحال جيش من الأشرار يستفز الأنصار والأتباع» ويكون جلبة من خيّالة وراجلين» فهذه الحال تشبه حال جيش فساد مستعد للاغارة على الخير» وجاء فى أمر الله تعالى: «( وشاركهم في الأموال والأولاد 4 فى الأموال التى يكتسبونها بالسحت؛ ومن غير الحلال» وفى الأولاد الذين يجيئون أيضا من غير طريق حلال؛ وقال الزمخشرى فى هذه الجلبة وهذا الاستفزاز ما نصه: «مثلت حاله فى تسلطه على من يغويه بمغوار أوقع على قوم وصوّت بهم صوتا يستفزهم من أماكنهم» ويقلقهم من مراكزهم» وأجلب عليهم بجند من خيالة ورجالة حتى استأصلهم» أى حتى أزال كل ما فيهم من عناصر»ء أو غلب عليهم عناصر الشرء ثم تكلم عن المشاركة فى الأموال» فقال: «وأما المشاركة فى الأموال والأولاد فكل معصية يحملهم عليهاء كالربا والمكاسب المحرمة» والبحيرة والسائبة والإنفاق فى الفسوق» والإسراف» ومنع الزكاة.والتوصل إلى الآولاد بالسبب الحرام» ودعوى ولد بغير سبب). ش ومعنى هذه المشاركة فى الأموال أنه يشاركهم فى إثمهاء والعذاب عليها لا أنه يشاركهم فيها بالأخذء إنه لا يريد منهم إلا الإغواء» فهو يغويهم» ويشاركهم فى كل مآثم الإغواء. وعدهم 4 المواعيد الباطلة من المعبودات الأخرى غير الله التى تشفع لهم - فى اعتقادهم - عند الله وتمنع عنهم» وأن ذوى الأنساب هم يوم القيامة لهم المنزلة» كما هى لهم فى الدنياء واذكر لهم أيضا أن الحياة الدنيا هى كل شىء. « وما يعدهم الشيطان إلا غرورا 4, أى إلا أمورا تخدعهم» ولا يكون فيها جزاء. بل هى أوهام فى أوهام» وإن الشيطان يولد فيهم الأوهام الكاذبة فيتصورون غير الواقع واقعاء وبذلك يدلون بغرور. هؤلاء هم الذين رضوا بأن يكونوا أتباعا للشيطان حيث أغواهم» أما عباد الله المخلصون فليس للشيطان عليهم سلطان» وقد تخلصوا من غوايته» وقال الله تعالى فيهم : (إنأعبادي لس لك لهم سلطا ركف برك ركلا و 4 . 9 تفسير سورة الإسراءع 6 00 كا :2 يي أحس الشيطان بأنه لا يستطيع إغواء عباد الله المخلصين» وقد قال: « .. .ولأَغْوِيئَهُم أَجْمَعِينَ 9© إل عبَادَك منهم الْمُخْلَصينَ 40 [الحجر]ء وقال تعالى : « إن عبادي ليس لك عَلَيهِم سلطَان 4 وفى التعبير عنهم ب عبادي 4 فيه إشارتان: الإشارة الأولى: أن لهم شرف الانتساب إلى الله تعالى؟ لأنهم قاوموا غرور الشيطان وخداعه وإغواءه» فكانوا جديرين بأن يختصهم الله بأنهم عباده» وإن كان الجميع عبادا لأنه خلقهم» فالطائع والعاصى عباد الله» لكن الاختصاص هنا الإشارة الثانية: الإشارة بأن الآخرين أتباع الشيطان» فهم كعبادهم» ولذلك يقال عنهم عبدة الشيطان وعبدة الطاغوت. . ويقول سبحانه: ليس لك عليهم سلْطان 24 أى تسلط؛ لأنهم تحصنوا بالعزيمة والإرادة والعزم القوى» والاتعاظ بعظات الله تعالى» والاهتداء بهدى رسله: 9 وكفئ بربّك وكيلا4, أى كفى ربك وكيلا يتوكلون عليه» ويكفيهم غرور الشيطان ويرد إغواءه عنهم؛ لأنهم استمسكوا بالعروة الوثقى وارتضوا طريق الخير طريقا. فى الوجود آيات الله تعالى ونعمه قال الله تعالى: و سر 52 و 210 ربكم الى يزجى لحكم الذلىت ٠.‏ تح سام رح سا البح ربمن مَضَاِو تهت يَكُم حسما له وَإِذَاصَسَحم صر لحر صَلَّمَنَيَدَعْووإ دونك م و ع سر ١و‏ محلل ومو وثارمر رامء كالب أعرضم وَكانا فنك ورا يي أَفامِنش أَنَيحُسفَ بها تفسير سور هّ الوسرا اع أأذاا ان اناا لللالةا لكالا نالا خالل 1غ ااانا للزلا للخ الالال الت اكاك لمالا الاا اتلك[ ل لكطة !اللا لطن )لتالاك اللا لل اللا امالك خخمممخمخمم مك طسطسش فالالا 0 سرت ل سر صم 0 عو ردك ب حو ه سر “جا بارا حاصباثم لا دوا ل ب زنب 0 0 نشد يعي د كمه اهأ خرى وِررٌسِلٌ د سكيع قر كم يساكفرت لايح دوأ هذه آيات الله البينات تحوطنا فيما حولنا وفى ذات أنفسناء وفى مجريات أمورنا توقظنا فلا نستيقظ. وهى تذكير من الله سبحانه وتعالى» وروى عن ابن مسعود أنه جفت الكوفة» فقال: «ياعباد اللّه إن يستعتبكم فأعتبوه» . ذكر الله تعالى نعمته على الناس فى الفلك المشحون فقال سبحانه: # ربكم - الذي يزجي لَكُم الفلك في البحر لمبتغوا من فَضْله 4 وإزجاء الفلك سوقه وإجراؤه» كما قال تعالى: ( ألم تر أن الله يرجي سحابا ثم يلف بيه ثم يجعله ركاما قترى الودق يُخرج من خلاله يِل من السّمَاء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبْصارٍ 9>) 5 # [النور]. فكلمة يزجى تتضمن أن الله يسوق السفينة وأحمالهاء وهو الذى يجريها فى وسط الآمواج المتلاطمة» وهو سبحانه حفيظ عليها فى وسط الرياح التى تهزها هزاء والأمواج التى تعلو حتى تكون كالجبال» وتهبط حتى تكون كأنها تسير على بساط الأأرض وقال تعالى: 9 لتبتغوا من فَضله 4 ويصف سبحانه وتعالى الفلك بأنه الفلك المشحونء أى المملوء بالأمتعة والبضائع التى تنقلها من بلد إلى بلدء أو إقليم إلى إقليم . وهنا نذكر معجزة للقرآن الكريم» فى إخحباره عما يكون فى المستقبل» فكل ملم بالتاريخ يعلم أن المناجر فى بلاد العرب كانت تسير بالقوافل فى باطن الصحراء. حتى كان المثل: الجمل سفينة الصحراء» ويندر من العرب من كان يرى ا تفسير سورة الإسراء 04 لال اللو لكا :2 حى! البحرء ولكن القرآن تنب بأن الفلك. ستكون هى الطريق لنقل البضائع من إقلر لإقليم» من أقصى الأرض إلى أقصاهاء والآن نرى أن البلد يكون مقدار اقتصاده تبعا لمقدار سواحله» ومقدار المنشآت التى تمر بمراسيه» وتمخر عباب البحر إليه. ولا تكاد تجد سورة من القرآن خلت من وصف البحر والجوارى المنشات» ولقد اطلع بعض البحارة على بعض تراجم القرآن - وإن لم تكن قرآنا - فعجب عندما علم أن محمدا كَكِْة لم يركب البحرء فآمن. وقوله تعالى : 9 لتبتَغوا من فضله 4. أى لتطلبوا مبتغين مريدين بعض فضلهء ومن هنا للتبعيض؛ لأن الفضل الذى يبتغى بالسفائن» إنما هو سبب واحد من أسباب الكسب الحلال» وهو الاتجارء ونقل البضائع بين الأمصار عمل ذى أخطارء وهناك فضل كثير لله غيره» فهناك الزراعة» وهناك استخراج المعادن من باطن الأرض» واللآلئ والجواهر من باطن البحار» فكل أولئنك من رحمة الله ولذا خحتم الآية بقوله تعالت كلماته ونعمه: ل إِنّهُ كَانَ بكم رحيما 4 الضمير يعود إلى «ربكم » الذى صدر به القول وإ كان »4 دالة على الاستمرارء وقدم « بكم 4 على رحيما # لكمال العناية بخلقه» وللاهتمام بالإنعام وبالرحمة بهمء فالإنسان محوط بنعمه مغمور بهاء ولكن قليل الشكور من بين عباده؛ وكثير الكفور. وإن الله كما يجرى السفائن فى البحار ب يحفظ راكبيها من كل ضر يسببه ركوب البحار أو لا يكون بهء ولذا قال تعالى: « وَإذًا مسكم الضر ف في الْبْحَر ضْلّ مَن تَدْعُون إلا إِيَاهُ فلمَا َجَاكم إِلَى الب أعرضتم َكَانَ الإنسانُ كَقُورا 69 4 الضر هو ما يصيب الإنسان فى جسمه من مرض أو خوف أو اضطراب» وإن أهوال البحر كثيرة» وخصوصا عندما كان السير فيه بالمراكب الشراعية» ولا تزال الأهوال قائمة» فمنها دوار البحرء ومنها تلاطم اللأمواج وعلوها أحيانا / . تفسير سورة الإسراء 1 اباس ااا 00 ا 32 حتى تصير كالجبالء ومنها المرض حيث يكون منقطعا عن أهله؛ فإنه يكون فى هذه الحال منقطعا عن الناس لا يعلم به أحد تمن يستغيثهم فيغيثونه» فهل يذكر الأوثان التى يدعوها من دونه قال سبحانه: 8 ضل من تدعون إلا إيَّاهُ4. أئ غاب عن خواطركم فن تدعونها آلهة وبدت لكم حقيقتها وهى أنها أحجار لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا تبصر ولا تغيث ولا تستغاث» ولعلكم لا تدركون هذه الحقيقة وقت سرابكم وتغمركم الأوهام التى أضاتكم وقوله تعالى: ف إلا إِيّاه 4 أى غاب كل ما تزعمون قوة» ولا يحضر الله سبحانه وتعالى» و(إياه) ضمير منفصل فى محل النصبء والكلام يشير إلى وحدانية الله تعالى فى الخلق والتكوين والعبادة. وقوله تعالى: «وَإِذًا مُسَّكُم » معناه أصابكم» وقال سبحانه وتعالى: إ وإذا مَسّكُمْ 4 للإشارة إلى أن البحر مخوف مرهوبء فالمس يشمل الإصابة التى تصيب الأبدان» ويشمل خوف الغرق والفزع عندما تضطرب الأمواج ويعلو الفلك وينخفض» وقد وجفت القلوب واضطربت الأفئدة. وقال تعالى : ط فَلَمَا نَجَاكُم إلى ابر أَعرَضكُم وكَانَ الإنسان كفورا 4 . الفاء هنا عاطفة لترتيب ما بعدها على ما قبلها» وهو ترتيب عكسى» أى أنه كان يترتب على هذا الشكرء ولكن ترتب العكس» فهذا دليل على الجحودء وعمقه فى نفوسهم وتغلغله بسبب قلوبهم الكافرة غير الشاكرة. وقوله تعالى: «فَلَمَا نجاكم إلى الْبَرِ» يشير إلى أنهم وهم فى البحر هم فى مخاطره» ولذلك جعلت غاية النجاة البرء 8 نجَاكم 4 فيها معنى الإنقاذء وأنهم ما داموا فى البحر فهم عرضة لأهواله» وبعد أن جاء عصر البخار الذى تسير به السفن وسائر المراكب من قطر إلى قطر وغيرها ما تزال فى البحر مخاطرة. ويقول سبحانه: ا أعرضتم 4. أى انصرفت نفوسكم عن معانى الضراعة ونسيتموها وكأن لم يكن ضر ولا صرف» وكذلك شأن الإنسان دائما لا يذكر الأهوال إلا وقت نزولها فإذا زالت نسيهاء كما قال تعالى: ‏ ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مه لَيَقُونَ ذَهَب السيّات عنّي إِنَهُلفَرِحَ فَخُور 9 4 [هود] . ولج 1 ز ا تفسير سورة الإسراء 4 للمللو ااال لل اااللللللللل لا يي : وقد قال البيضاوى فى معنى 9 أعرضتم 4 : اتسعتم» أى صرتم فى سعة بعد ضيق واستشهد بقول ذى الرمة: عطاء فتى يمكن فى المعالى فأعرض فى المكارم واستطالا وقد ذكره على أنه احتمال فى المعنى» ونرى أن المعنى بعمومه يشمله. هذاء وإن السير بالمراكب فى البحار أمر شديد أو كان شديدا جدا فى العصر الأول» وكان يدفع للإيمان إذا كانت النفس مدركة» ويروى أنه عند الفتح الإسلامى للكة نفر ناس من أن يخضعوا لحكم النبى كلد وهربوا وركبوا الفلك إلى الحبشة ومنهم عكرمة بن أبى جهل» فركب البحرء فجاءتهم ريح عاصف فقال القوم بعضهم لبعض: إنه لا يغنى عنكم إلا أن تدعوا الله وحده» فقال عكرمة فى نفسه: والله إن كان لا ينفع فى البحر غيره» اللهم لك على عهد لعن أخرجتنى منه لأذهبن فلأضعن يدى فى يد محمدء فلأجلنه رءوفا رحيماء فخرجوا من البحر فرجع إلى رسول الله كَْةٌ فأسلم وحسن إسلامه. وإذا كانوا قد أعرضوا بعد أن زالت عنهم شدة البحرء فإن الله يذكرهم, هو العليم الحكيم أنه ينزل بهم الشدة فى البر أيضاء إذ هم فى قبضة الله تعالى فيقول: «( أَفأمشم أن يخسف بكم جانب الْيَرْ أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلاً 62 4 . (الفاء) عاطفة على فعل محذوف تقديره أنجوتم فأمنتم.... والهمزة للاستفهام الإنكارى بمعنى إنكار الواقع؛ لأنهم زعموا أنهم إذ نجوا أمنوا الخسف فى الأرض» أو الريح الخحاصب من السماء. وإذا كانوا كذلك فهذا توبيخ لهم على هذا الغرور وظنهم الآمن المطلق بعد النجاة من البحرء وهكذا الغرور دائما تحكمه الساعة التى يكون فيهاء وهى التى توحى إليه بالغرور. ا تفسيرسورة الإسراء 6 موبلالل الل تحب أ ومعنى قوله تعالى: « أَكأمسم أن يُخسف بكم جانب ابرع أى أن غرورهم ليس فى موضعه وأنهم أمنوا حيث لا مأمن» وظنوا أنهم قد خرجوا عن قدرة الله تعالى مع أنهم قد دخلوا فى قدرته» وما هم بخارجين منهاء فإذا نجوا من البحر وأهواله» ففئ البر أهوال» والخسف أن تنهار الأرض» ويقال: بكر خسيف إذا انهدم أصلهاء وجانب البر ناحية الأرض» والخسوف يقع فى جانب منهاء وقال الله تعالى فى قارون عندما بغى على قومه: 8 فَحَسفنا به وبداره الأرض ... 69 4 [القصص]. فإذا نجوا من البحر فلن ينجوا من خسف الأرض» أو يرسل الله تعالى حاصباء أى ريحا شديدة» وهى التى ترمى بالخصباء وهى الخصى الصغيرة» والحجارة من السماء تحصبهم كما فعل بقوم لوطء فقد جاء الخنسف والخاصب معاء قال الله تعالى: قَلَمًا جاء أَمْرنَا جِعلمَا عَاليَهَا سافلها وأَمطَرنًا عليهًا حجارة من جيل سود( وعد وب وما هي من أل بيعي 469 أهوه]. فجاءهم الخسف» وجاءهم الريح الحاصب معا وكانوا يستحقون. وقوله تعالى: #جانب الْبرِ4 منصوب مفعول ل «إيخسف 4. وعلل الزمخشرى ذكر الجانب بقوله: «معناه أن الجوانب والجهات كلها فى قدرته. وله فى كل جانب برا كان أو بحرا مرصد من أسباب الهلكة ليس جانب البحر وحده مختصا بذلك» بل إن كان الغرق فى جانب البحرء ففى جانب البر ما هو مثله وهو الخسف. فهو تغيب تحت التراب كما أن الغرق تغيب تحت الماء) . ويستفاد من هذا أن ذكر الجانب فى البر فى مواجهة الجانب من البحرء وليس جزءا خاصا من الأرض إنما الأرضء كلها جانب فى مقابل جانب البحر كلهء وكان على العاقل المدرك أن يعرف أنه لا يغيب عن قدرة الله تعالى فى بر أو بحر . اا تفسير سورة الإسراع , لاا اللا ١١ اا‎ -- وإذَا فهو تحت سلطان الله تعالى فى البحر والبر» فلا يتوهمن أنه يوجد من ينجيه من عذابه إلا إياه» وليس لأحد قدرة فى أن يمنع قدر الله تعالى فقال: ثم لا تجدوا لَكُم وكيلاً4 تتكلون عليه ويصرف عنكم ما يقدره عليكم. ل أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرئ فيسل عَليكم قاصفا من الريح فيغر قكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم عَلَينَا به تَبيعا 9 4 . «أم »4 هى أم المعادلة» أأمنتم أن يخسف بكم جانبا من البرء أم أمنتم أن يعيدكم إلى البحر تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا إلى آخره» والمعنى واضح أن غير المؤمن فى غرور دائم» لا يفكر إلا فى الحال الوقتية كشأن كل مادى فيه قصر فكر وإدراك» لا يفكر فى العواقب» إنك إذ نجوت من البحر وأهواله» ونجوت من ضره وأسقامه فقد حسبت أن الوجود قد استقام كله لإرادتك وهواك» وإنه لا يجىء ما يجعلك تلجأ إلى الله تعالى وحده؛ أفأمنت جانب البر أم أمنت أنك لا تعود إلى البحر مرة أخرى فتتعرض لعقاب على كفرك . «إثارة 24 أى مرة أخرى لرغبة قويت فى نفوسكم أنسيتم ما أصابكم أولاء كما نسيتم رحمة الله وأن ذلك بإرادة الله فهو وحده الذى يعيدكم بتقوية هذه الرغبة فيرسل عليكم قاصفا 4 (الفاء) عاطفة تفيد الترتيب والتعقيب» أى أأمنتم أن يعيدكم فيرسل» فهو فى قضائه وقدره قد رنب على إعادتكم أن يرسل عليكم قاصفا؛ وهى الريح التى يكون لها صوت شديد مزعج كأنها تنقصف أى تنكسرء وهى لا تمر بشىء إلا قصفته فتهز الدوح'١‏ وتكسرها وكل ما يقف فى سبيلها تكسره» ويترتب على قصفها الفلك وشراعها أن تغرق بمن فيهاء ولذا قال تعالى: ل فَيُعْرتَكُم 4 ولا منجاة لكم بسبب كفركم بالنعمة التى أنعمها عليكم فى النجاة إذ مسكم الضر وبسبب كفركم بالله تعالى. اهلا دوا كمع بها أى مطالبا بحق لكم لان لا حق لكم؛ إنكم بكفركم أُخذتم, فالتبيع هو من يتبع الغريم المطلوب منه أداء ما عليه» كقوله )١(‏ جمع دَوْحة» وهى الشجرة العظيمة من أى شجر كان. الصحاح. بها تفسبير سورة الإسراع لولاا للك 4م لحر لا تعالى: «[ ... فَاتَبَاع بالمعروف وأداء إِليّه بإحسان ... 059 4 [البقرة]» والمعنى أنهم يصنع بهم ما يصنعه الله فيهم ولا مطالب لهم بحق أو ما يشبهه. كرامة بنى أدم قال الله تعالى: ولد كرسََابَقَءَادم وله وح سا سصرة راو دل وهو ماد 8 7 5 00 01110 في البروالبحر ورزقنلهم م الطيّباتِ وفضانلهمعل ع ا 2 52 جم د 4د ل ) وم مكار م ن خلقنا تفضيلا ا يوم ندعواك اناس 2. صد 3 سا و 6 لسعو سام ار و و - ا أتلالل 8 بإملمع فمن أوفى حكتابه ينه فاؤلتيك يقرء ون بسع د ل دو د يي سه مه 5 يمد حكتبهرولايظ امون فيلا لبي ومَنكات فى هزوم 2 م ارا 2-100-10 لس 2 ع سر أعلمئ فهوف ا لخر ة أعمئ وأضل سيلا ري الله خلق شهوة» وملكية فإن غلبت ملكيته فهو أفضل من الملائكة وإن غلبت شهوانيته» فهو أحط من البهائم فكان من تكريمه تكليفه» فإن ذلك التكليف علو به من البهيمية إلى الملكية أو إلى خاصة الإنسانية» ومن هذا التكريم أن كان يبعث وينشر؛ لأن هذه ضريبة العقل» ولا يكون الحساب والعقاب إلا للعقلاء المختارين الذين يميزون بين الخبيث والطيب» وإن العلاقة بين هذه الآيات وما سبقها من آيات أن الآيات السابقة كانت تتعرض لاعتراض إبليس على تكريم الله تعالى لآدم دونه؛ ثم ذكرت فضل الله ونعمه وكفر المشركين بهذه النعم» وعدم شكرها. وفى هذه الآية يذكر تكريمه للإنسان فى هذه الدنيا كما كرم أباه منذ النشأة الأولى . ا تفسير سورة الإسرا اع 06 الل «البمب ورا يك قال تعالى: « ولقد كرمنا ب بي آدم 4 التكريم يتناول التكريم الأول بأمر الملائكة بالسجود لآدم» فإن ذلك تكريم للخلق الإنسانى منذ الابتداء» وليس معناه أن كل إنسان أكرم عند الله من الملاتكة» بل معناه أن آدم ذاته قبل أن يعصى كان مستحقا للكرامة فوق الملائكة» ولكنه بعد ذلك عصى آدم ربه فغوى» وهذا يشير إلى أن آدم يستحق الكرامة التى كرمه بها إلا إذا عصى . وإن تكريم الله للإنسان ابتداء كما رأيت منذ النشأة الآولى» ثم كان من تكريمه أن خلقه فى أحسن تقويم» ثم كان من تكريمه أن أعطاه سبحانه وتعالى العقل المميزء ثم كان من تكريمه أن جعل له إرادة يختار بها الخير والشر فيعلو عن الملائكة إن اختار الخير» وذلل كل الصعوبات التى تعترض طريقهء ثم كان من تكريمه أن سخر له السموات والأرض والنجوم وصار كل من فى الوجود لهء كما قال تعالى: هو الذي حَلق لَكُم ما في الأَرض جميعا . .. #69 [البقرة]. وذكر الله تعالى من تكريمه أنه تمكن من الأرض يحمل فيها بالركائب التى سخرها له من بغال وحمير وخيل مسوقة وغير مسوقة وجمال له فيها جَمَّال حين تريحون وحين تسرحون» وكان حمله فى البحر بالفلك المشحون كما ذكر سبحانه فى آيات أخرى . وإن الحمل فى البر يدخل فيه الحمل فى الجو بالطائرة التى تسبح فى الهواء . كما يجرى الفلك فى الماء» كما قال تعالى: 8 ... ويَخلق ما لا تَعلمون 20 4: [التحل]». وقوله تعالى: «فَصَلْنَاهم على كفير مُمن خَلَقَنَا تفَضيلاً» وإن كل المخلوقات التى لم تؤت مثل ما أوتى ابن آدم من عقل مدبر وإرادة للخير والشر وابتلاء بالخير والشرء كما قال تعالى: «( ... وتبلوكم بالشر وَالْخيرٍ فتنة ... 62 [الأنبياء]» كل هؤلاء فضل الإنسان عليهم بالفعل والتمييز والإرادة لما يفعل وتحمل التبعة. وقوله تعالى: ظ مَمَن خلقنا 4 (من) بمعنى بعض وهم كثرة» فالإنسان من بين ما خلق قليل محدود؛ وغيره كثير غير محدود» وإن هذه الكرامة يستحقها ل تفسير لفنسور- ةَ الإوسرا اع الل 14١‏ سر ات الإنسان بوصف كونه إنسانا لا لأنه عربى أو أعجمى أو أبيض أو أسود أو متخلف أو متعلم» فهى حق كل إنسان» وإن البعث والنشور والحساب والعقاب والثواب من أسباب تكريم الإنسان؛ لأنه يكون مسئولا عما يفعل؛ والمسئولية تكريم للإنسان لأن غير المسئول همل» والمسئول من له كرامة وأدته إلى الجحيم» ولذا قال تعالى : «(يوم ندعو كل أناس بإمامهم فم أوني كتابه يسمه فأولك يقرءون كتاتهم ولا يظلَموت قتيلاً 69 4 . «إيوم 4 منصوب بفعل محذوف تقديره (اذكر) يوم تدعو كل أناس 4 ومجىء هذا بعد آية التكريم يدل على أن ذلك له صلة بالتكريم فكان من تكريم الإنسان أنه لم يخلق سدى» بل خلق متحملا التبعة التى لا يتحملها إلا الكرماء» فمنكرو البعث رافضون للكرامة التى أكرمهم الله تعالى إياها لو كانوا يعقلون. وقوله تعالى: 8 يوم تدعو كل أناس بِإِمَّامهم 4 أضاف سبحانه الدعاء إليه للإشارة إلى أنهم يلقونه» وقد كذبوا من قبل بلقاء ربهم ء وخسروا بذلك خسرانا مبينا كما قال تعالى: قد خسر الْذين كَذَبوا ب بلقاء الله ... 9© 4 [الأنعام]» و(إمامهم) أى بما يأتمون به ويتبعونه من بين هاد أو مرشد أو كتاب تدارسوه واتبعوه» وغير ذلك مما يكونون له تبعاء وفسره ابن كثير بأنه كتاب أعمالهم» فإنه فى هذا الوقت تكون الأعمال هى الناطقة التى تقدم أصحابهاء كما قال تعالى : 2 وترئ كل َم جائية كل َم دعئ إلى كتابها ايوم نجزوث ما-كشم تَعَملُونَ 052 (62 هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إِنَا كنا نستدسخ ما كنشم تَعْمَلُونَ 9 4 [الحائية] وإنه يرشح لذلك قوله تعالى: 9 فَمن أوتي كتابه. .. 4 . ولكن كيف يسمى كتاب الأعمال فى الدنيا إماماء وهو نتيجة لاتباع غيره من هاد أو ضال» ولهذا رجح الأكثرون بأن الإمام هو القدوة المتبع هاديا مرشداء أو غاويا مضلا. (/##اا تفسير سورة الإسرا أع 2 اذا اللا ااا اناا ااال تالالا تالتااا ااا اااااططا لل زاالط اناالا اا لالط ااطل الال الالالال امطسطسطسطططمططططلاالتللا كا :< بج" وقد .يجاب عن الرأى الأول بأن الكتاب سمى بلك ؛ لآنه حجة عليه لا يستطيع معه إنكاراء «( فَمن أوتي كتابَه بيَمينه 4 الفاء 7؛ تشير إلى أن هناك من يعطى بيمينه» ومن يعطى بشماله؛ أو هى تفصح عن كلام مقدرء « أوتي 24 أى أعطى كتابه بيمينه وإعطاء الكتاب بيمينه يشير إلى أنه من أهل اليمين وهم أهل الجنة كما قال الله تعالى: ١‏ كسم زواج لان 0 فَأَصْحَاب المَيسَة ما أصحاب اميم 20 وأصحاب امَشأمَة ما أصحَاب المشأمة 9 © [الواقعة]» ويقول سبحانه عن أصحاب الشمال: وَأَصحَاب الشمال ما أَصْحَاب الشمال () في سموم وحميم 69 وظل من يُحموم 09 لا بارد ولا كَرِمم 59) © [الواقعة]. وقوله تعالى: «فأولتك يقرءون كتابهم 4 أى أنهم يقرءون اكتابهم مستمتعين بهذه القراءة مدزكين جزاءهم متوقعين له؛ « ولا يُظلَمُونَ فيلاً4, أى مقدار فتيلء وهو ما يكون بين جزأى النواة وهو ضئيل» ؛ كما قال تعالى: ١‏ .ولا يِظلَمُونَ شيمًا 9 »4 [مريم]ء وكما قال تعالى: ١‏ . .فلا يَحَاف ظَلْمًا ولا هَضما 09 4 [طه] . وقد ذكر سبحانه أن أهل اليمسين يقرءون كتابهم ولم يذكر أهل الشمال أنهم يقرءون كتابهم ؛ لآنهم لا يقرءونه استخزاء من أفعالهم وهو كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وإن هذه حال أهل اليمين» أما حال أهل الشمال فقد أشار سبحانه وتعالى إليها بقوله تعالى : وَمَن كَانَ في هذه أَعْمَئ فَهُرَ في الآخرة أَعَمئ وَأَضَلّ سبيلاً 69 4 . استعارة حيث شبه عمى القلب بعمى البصر بجامع عدم الإدراك فى كل» فمن 3 عمى فى الدنيا لا يدرك النعم أو يدركها ولا يشكرها ظفَهْرَ في الآخرة أعمئ وأضل سبيلاً 4 أى فهو فى الآخرة أكثر عمىّ وأضل سبيلاء أى أبعد عن إدراك الطريق | المستقيم ؛ لأنه فى الآخرة قد انتهى وقت العمل وفيها الجزاء» أو لآن عمى الدنيا ا تفسير سورة الإسراع الل الل لللاا0ا0ااالللللل لالتلا و حر زا قد يعوض بجارحة أخرى كالسمع واللمس» أما عمى الآخرة فلا يوجد فيه معوض عن البصرهء ولأن عمى الدنيا قد تدركه التوبة ففى الزمان متسع لهاء أما الآخرة فالعمى فيها لا يستدرك بتوبة» إنما زمن الاستدراك فى الحياة الدنيا» وإن التعبير بالعمى فى الدنيا مجازى كما أشرنا وفى الآخرة هو مجازى أيضاء وقيل: إن كلمة أعمى 4 الثانية هى أفعل تفضيل ويجوز ذلك فى عمى القلب؛ ولغل ذلك أخذوه من العطف عليها بأضل وهى أفعل تفضيل . ولقد روى أنه جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عباس فسألوه عن هذه الآيق»ء فقال اقرأ ما قبلها « ربكم الذي يزجي لَكُم القلك في البحر» إلى قوله تعالى : ا ولقد كرَمنا ببي آدم وَحَملَاهُمَ في الْبْرِولبَحرٍوررَقَاهُم م الطَيبَات وَفَضْلتاهم على كثير مَمَن حَلَقَا تفضيلاً 69 4 قال ابن عباس: من كان فى هذه النعم والآيات التى رأى أعمى» فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا . محمد يحاول هدايتهم وهم يريدون تحويله قال الله تعالى: 2 م عياه وإنذكاديا . وس ع سه رس مه م ا 200 سق لبفْتِنُوتك ع نِالَذِىأوْح ]ليك للفترى علي:اغيره لوي اه ا 0 - لوَِ أنثينلك فدلئدت كلهم سَيعاقِيًا 20 ضِعْكٌ وح ساسا سس ضر سا وعد و 207 لعز وض الات ايه ع تسيا 2 م وهم 2-4 سل هو - 7 متخي جلتق لاي 8د سَنّة مَنَ قد دَمَلْنَا ]لمن سنا ولايد 9 سينا حوبلا 07 لها تفسير سورة الإسرا اع هه 000 رب 2 كان محمد يَلِلّ محبوبا فى قومه يألفونه» ويكبرونه ويعدونه فيهم خيرهم أمانة وصدقا وقوة خلق» حتى إذا بعث رسولاء فرق شعور بعضهم بينه وبينهم أن يستدنيهم ويتمنون بجدع الآنف أن يترك هذاية الله إلى ضلالهمء ولذا قال تعالى : « وإن كَادُوا يفون عن الذي أَوْحَْنا يك لمَفمَرِي عَنَا َيْرَه وذ لأتخَدُوكَ خليلا 9 4 . الكلام موصول لما قبله بالواوء وإن هى المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن» واللام هى اللام الفارقة وهى مؤكدة » يفتنونك معناها يزيلونك عما أنت عليه أو يصرفونكء» وقال الراغب الأصفهانى إن معناها يوقعونك فى الفتنة» وأوضح المعانى أن تكون بمعنى يصرفونك عن الذى أوحينا إليك وهو القرآن الكريم» بأن تنصرف عن أحكامه وعن شريعته وعن المبادئ المقررة فيها التى تسوى بين الغنى والفقيرء ١‏ لتفتري علينا 4. أى لتكذب على الله وتدعى أنه نزل عليك غيرهء وفى هذه الخال تكون خليلهم وحبيبهم كما كنت» ولذا قال سب حانه: «وإذا لأَنَخَدوكَ خليلا»: أى إذا كان ذلك منك وتحولت عن الله تعالى إليهم يتخذونك وليا وخليلاء و(اللام) هى الواقعة فى جواب (إذا) . ويذكر المفسرون روايات تدل على هذه المحاولة منهم 2 فيقولون إن ثقيفا إذا كانوا دائنين وأن يكون حراما إذا كانوا مدينين » وأن يستمتعوا بعبادة اللاات إلى آخر ما ذكرواء» ونقول: إن وفد ثقيف الذى طلب ما طلب كان بعد الهجرة بسنين / تفسير سيور 3 الإسرا اع لاملل يم 1 كك - وقيل: إنهم منعوه من استلام الحجر الأسود إلا إذا كان معهم فلان» وهذا أيضا كلام يحمل فى نفسه دليل بطلانه ولا يوجد من الصحاح ما يؤيده أو يشير إليه . ولعل أقرب الروايات فى أسباب نزول هذه الآية هو ما ذكر أن قريشا خلوا برسول الله كِلئَِهّ ذات ليلة يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه؛ فقالوا: إنك بعض ما يريدون فعصمه الله وخير من هذا هو قول أكابر قريش للنبى كلاه : اطرد عنا هؤلاء السقاط ولموالى حتى نجلس معك ونستمع منك فهم النبى وَكِل بذلك217؛ هذه أصح الروايات فى محاولاتهم» ولها شاهد من القرآن الكريم فقد قال تعالى : ا ولا تطرد الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين (5©) # [الأنعام]ء وقوله تعالى: #8 وإن كادوا # ذكر محاولتهم ولم يذكر استجابة النبى يكيِدْ ومعاذ الله أن يستجيب خاتم النبيين» ولكن رغبة النبى مَلةٍ فى أن يجذبهم ولولا أن بتاك لَقَد كدت تركن إِليْهم شيا ليلا 69 4 . (لولا) يقول علماء اللغة أن (لولا) حرف امتناع لوجود.ء أى امتناع الجواب لوجود. أى امتنع أن تركن إليهم لوجود التثبيت» أى أن إغراءهم لتعدل عن دعوتك دائم مستمر» ولكن لا جدوى لأن تثبيت الله دائم مستمر. وإن هذا يفيد أمورا ثلاثة: الأمر الأول: تمريض النبى يل على الاستمرار على دعوته الحق غير مباليهم فى شىء وأن يصر على قولهء ولا يتهاون قيد أنمله فيما يدعو إليه. . )4415( انظر ما جاء فى ذلك فى مسلم: فضائل الصحابة- فى فضل سعد بن أبى وقاص طتقتة‎ )١1( ل تفسير سورة الإسراع 0ك اللا اتات الاالاللنااالاللللازاااللا اتات الل الل لامالا ااال االاللاالالاللات! انالا نالخ !الات اناالا الالل خسملا نالال ةتلاتلا ب اد الأمر الشانى: أن الله مؤيده فى الحق وفى دعوة الحق المستمرة واللّه تعالى عاصمه منهم نفسيا ومادياء فهم لا ينالون من جسمه ولا يمكن أن ينالوا من نفسهء فالله معه. وحامى الحق. الآمر الثالث: أن إرادتك هدايتهم لا يصح أن يأتوك من قبلها. وقد أكد الله تعالى أن إغراءهم من شأنه أن يميل إليهم» ولكن محمدا فى عصمة ربه وتثبيقه» واللّه تعالى يثبت القلوب كما يثبت الألسنة: © يقبت الله الْذين آمنُوا بالَوَل القُابت في الْحياة الدّنيا وفي الآخرة ويضل الله الظّالمِينَ ويقعل الله ما يَشَاءُ 69 > [إبراهيم]. ويقول: ‏ لقد كدت تركن إلَيهم شيا قليلا» . أكد سبحانه أنه كاد يميل إليهم» وكان التأكيد باللام وبقد» ولكنه وصف الكيدودة بأنها شىء قليل لم تمل معه النفس» وكان تأكيد الميل لقوة الإغراء وقوة ما يحاولون أن يميل قلب النبى يلك وظ تركن * معناه تميل» ولم تكن استجابة ولكن مظنة الاستجابة لولا عصمة الله تعالى. وقد حذر الله تعالى نبيه من هذه الاستجابة بقوله تعالى : إذا لأدَقْنَاكَ ضعف الْحَيّاة وضعف الْمَمَات ثم لا.تجد لك عَلَيْنَا نصيرا 62 4 . «إذا4. أى إذا كان منك أنك ركنت إليهمء وجرّك هذا إلى الاستجابة لهم د لأَدَقَاكَ ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَاتَ) اللام جواب إِذا 4: أذقناك عذابا هو ضعف عذاب الحياة بعجزك عن التبليغ والخزى» والهوان والذلة» فيكون عذابا مضاعفا يكون معه الخزى والهوان وهذا ضعف عذاب الحياة» أما ضعف الممات فهو أن العذاب يكون يوم القيامة مضاعفاء والعذاب يكون على مقدار العلم ومقدار ما أوتى من بيان وأى علم أعظم من علم النبوة» وأى آيات أعظم من تأييد الحق» وإن العذاب يكبر بكبر من وقع فى سببه. اماما ممم ملغاغعممخمامالنمامممخململماللطغ للخم اماملا لمانا كال طةطلممملمامللاالا اولك طط ا طخ طخ لالطو لان ممعمممعطسللللا يم ب و ىج ولقد قال الزمخشرى فى هذا المقام: فى ذكر الكيدودة وتقبلها مع إضافة العذاب الشديد المضاعف فى الدارين دليل بين على أن القبيح يعظم قبحه بمقدار عظم شأن فاعله وارتفاع منزلته» وفيه دليل على أن أدنى مداهنة للغواة مضادة لله تعالى» وخروج عن ولايته وسبب موجب لغضبه ونكاله» فعلى المؤمن إذا تلا هذه الآية أن يجثو عندها ويتدبرها فهى جديرة بالتدبر وأن يستشعر الناظر فيها الخشية. وإنه إذا كان قد ذكر القرآن الكريم أنه كاد يركن» فليس معنى النص يفيد أنه ركن» وقدر ذكر الله عقابا مضاعفا للركون لا لقرب الركون» فمعنى 9 إذَا لأذقناك... 4» أى إذا ركنت أذقناك» وهذا خطاب للنبى يَكةِ ولا يمكن أن يكون منه ركون» وهو تحذير لأمته من أن يخطوا ص الظالمين وأن يركنوا إليهم» كما قال تعالى : الول تركنوا إلى الذين لوا فمََسكم التار وما كم من دوف اللَد من أولياء ثم لا تتصرون 059 »4 [هود] . ولقد قال تعالى محذرًً محمدا وأمته : 9 ثم لا تجد لَك عَلَينا تصيرا 4. العطف ب «ثم4 بعد النصرة إذا كان منه الركون» وقال: فل علينا 4, أى ليس لك علينا أن ننصرك إنما نتركك لمن ركنت إليهمء وإن ذلك تحذير للأمة من أن تركن لظالم قطء أو تقع تحت إغوائه» وأنهم كانوا يحاولون إخراج النبى جَلِهِ من مكة. ولذا قال تعالى: « وإن كادوا ليستَفزوتك من الأرض ليخْرِجُوكَ منها وإذَا لأ يَلبَنُونَ خلاقك إلا قليلاً 5 4 . كان كفار مكة يكيدون للنبى يكيل ولأصحابه» فلقد آذوا أصحابه إيذاء بالغاء حتى إن منهم من مات تحت حر العذاب كأم عمار بن ياسر وأبيه»؛ وختى إن منهم من نطق بالكفر وقلبه مطمئن بالإيمان» وقد هاجر منهم فرارا من الأذى إلى الحبشة طائفة من المؤمنين استنقاذا لإيمانهم وقد هاجروا مرتين» والنبى َلللْةِ ثابت فى مكانه مقيم يشارك من لم يستطع السفر الأذى والمصابرة» ولو خرج لضاقوا فى أنفسهم» واشتد بهم الألم بعدم من يشاركهم» وهو قطب الدعوة. 1 ها تفضسير سمورة الإسراع و الل ١: ااه‎ يي رأى المشركون ذلك ورأوا أن يزيدوا فى إيذائه ليزعجوه ويستفزوه ليخرج»ء وبلغ ذلك أقصاه عندما هموا بقتله أو تئسيته أو إخراجه وإلى هذا يشير قوله تعالى : « ون كَادُوا لَيِستَفرُونك من الأرض ليَخْرجَوك منها 4 و(إن) هنا هى المخففة من الثقيلة كما هى فى الآية السابقة فى التلاوة» واللام لام التوكيد فارقة بينها وبين (إن) النافية» ومعنى استفزء أى طلب الفرّ بألا يكون قارا ثابتاء وهؤلاء طلبوا أن يفز النبى يله من الأرض بألا تكون مستقرا له يأمن فيها ويسكن حتى لا يبقى بها؛ لأنهم علموا أنه لا محالة مضيع شركهم قاض على أوثانهم مزعج لهم فأزعجوه منها ليخرجء والأرض هى أرض مكة؛ لأنها المعهودة» ف (أل) للعهدء ولأنها الجديرة بأن تسمى الأرض الحرام؛ لأنها الحرم الآمن الذى يجبى إليه ثمرات كل شىء ولأنها أم القرى» إنهم يفعلون ذلك ليخرجوك من أرض مكة»ء ولكنه إن رج فإنه يبتدئ زوال سلطانهم وهى تضطرب من تحتهم» ولذا قال تعالى: «وإذا لأ يَْبعُونَ خلاقك إلا قليلاً4, أى أنه نتيجة لخروجه من بينهم لن يستمروا بعده إلا زمنا قليلا فإن دولتهم تأخذ فى الزوال» وذلك بأحد أمرين: الأمر الأول: أن يجد قوما غيرهم يستجيبون لدعوته وتكون له بهم قوة فيردون اعتداءاتهم» وفتنهم وقد كان ذلك» فإن الله تعالى أمره بالهجرة فى ميقاتها عندما وجد من استجاب من أهل يشربء فكانوا هم ومن هاجروا قوة الإسلام استنصفوا منهم» ثم زالت دولة الأأوثان بعد ذلك ويئس الشيطان أن يعبد فى هذه الأرض. الأمر الثانى: أن ينزل الله بهم ما أنزل بالذين آذوا أنبياءهم وأخرجوهم أو سدوا سبل الحق عليهم حتى يئسوا من أن يؤمنواء وقال الله لكل نبى منهم: «( ... أن يؤمن من قومك إلا من قَد آمن ... 69 4 [هود]ء فإنه ينزل عليهم من آياته خسفاء أو زلزالاء أو حاصباء أو ريحا صرصرا عاتية. وقد كان الأول وإن ذلك سنة الآولين» وقد قال تعالى: با تفسير سسورة الإسراع : 9 الالللولااال الل يم حر اق «سنَة» منصوبة على أنها مفعول مطلق كمصدرء والفعل المحذوف سننا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلناء أو نسن لك سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلناء وهو أنه لا يخرج قوم أنبياءهم إلا أدلنا منهم؛ فآل لوط أخرجوا نبيهم فجعل عليهم الأرض عاليها سافلهاء وثمود عقروا الناقة وآذوا صاحا فدمدم عليهم ربهم بذنبهم» وموسى أخرجه فرعون وملؤه ه فأغرقهم الله تعالى وأدال منهمء كما قال تعالى: ا ونريد أن تمن على الذبين استضعفوا في الأوض وتجعلهم أئمة ونَجِعلَهِم الوارثين 2 > [القصص]. ولا تجد لسنتنا تحويلا 4. أى تغييرا؛ لأنها لها منهاجا معلوما لا تتحول عنهء وهو أن ينصر رسله» وقال تعالى: « إنًا لنتصر رسلنا ... 29 © [غافر]» وقد كان الأمر بالنسبة كذلك لمحمد يَللِْةٌ فإنه بعد بضع سنين من هجرته دخل مكة محطما أوثانهاء وقد أمن أهلها وذهبت دولة الشرك . فى شريعة محمد دواء النمّس ونصر الحق “ال الله تعالى : -_ ل ور 6 بير وس مصحد د مد ي_ي ألصَلَوة دلوك لشم إِكَعَمَقٍالدلِوَفرَانَالْمَجرِنَ قرا نَالْفَجْرِكات متمهودا أي؟ َال فتهَديو. تافلة د َكَعَم أن بعك ريك مَفَامَا ححْمُووًا له وري أدخنى مُدْحَلصدقِ وحن محري صِدَقٍ وَجَعَل يمن َك حاترا © رابكلل ِنَالبطِل كان ره هو ذا لزيا وَدرلْمِنَالْشرءَانِمَاهوَسِمَاة” م بن رومن ولبز اَن إلَاحَسَارًا () وَإ5آ سيل ا تفسسير سورة الإسراء اع لل ااال ليسا 14 ي- ا 0201 10 0 او وداه لسكا يعو 2 ضكٌَّ يحمزْعلٌ شاكلته وأعلم 1 من هوا ١‏ اكات فرك هوأهدئ ساد ا هر نحسب أن هذه الآيات كانت قبيل الهجرة» بل إن سورة الإسراء كلها كانت قبيل الهجرة؛ إذ فيها الإسراءء وقد كان قبيل الهجرة إيناسا للنبى كيه بعد أن فقد عمه أبا طالب الذى كان يحميهء وزوجه خديجة التى كانت السكن المواسية» ولذا تقول : إن قوله تعالى: ل( أقم الصّلاة لدنُوك الشّمْس إَِى سق الثَيل وقرآن الجر إن فرآن الجر كان مشهودا 60 4 . وإن الآيات السابقة تدل على ما كان يحاوله المشركون ليفتنوا المؤمنين فى دينهم» وتطاولوا فحسبوا أنهم يفتنون محمدا يَلٌَِ عما أوخى الله تغالى به إليه» ثم أشار إلى ما كانوا يفعلونه لكيلا تكون له مكة مقاما ومستقراء بعد ذلك أمره بالصلاة مبينا أوقاتها له ولأمته» فقال: «أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق الليل 4 والصلاة فيها ابتلاء النفس بالقوة لأنها انصراف ولجحوء إلى الله تعالى واستحضار ذاته العلية» والصلاة هى ركن الإيمان السديدء. ولقد قال تعالى: ٠‏ ولد نَعلم أن يضيق صَدركَ بم يقُونُونَ 0 فَسبَحَ بحَمَد ربّك وكن مَن السّاجدين 62 4 [الحجراء ويقول تعالى : «فَاصبر عََئ ما يقُوُونَ وسبّح بحَمَد ربك قبل طُوع اسمس وقبل غروبها ومن آناء اللْيلٍ فُسبَّح وأطراف التهار ر لعلّك ترضئ 029 4 [طه]اء فكان الأمر بالصلاة والإشارة إلى أوقاتها؛ لأنها مادة الصبر. والإيمان.وفيها أعلى درجات السلوان عن متاعب الحياة ولأوائها . اللام فى قوله تعالى: 9 لدَلُوك 4 للتوقيت» كما تقول فى توقيت أعمالك سرس 9س أو الحسوادث كان هذا لخسمس لون من جسمادى أو نحصو ذلك؛ ويصح أن تكون 9 تفسير سورة الإسراع سس سسالا ا ل 49 رب أ للتعليل» أى أقم الصلاة لأجل دخول وقت دلوك الشمس إلى غسق الليل. ... ولهذا يقول علماء الأصول: إن الوقت سبب وجوب الصلاة» من حيث إن الصلاة لا تجب إلا بدخوله. وإقامة الصلاة التى هى مصدر أقام, و أقم 4 معناها أداؤها مقومة مستقيمة مستوفية الأركان الظاهرة» من قيام وركوع وسجود وقراءة ودعاء وأركانها الباطنة من خشوع واستحضار لمعانيهاء ومعانى قراءتها وأدعيتها حتى تكون كلها ذكرا لله تعالى» وهو لب معناها. و(دلوك الشمس) معناه ميلا من وقت زوالهاء وكونها فى كبد السماء إلى غسق الليل» وبهذا تشمل الآيات الأوقات كلها؛ لأنها شملت الظهر والعصر والمغرب والعشاء فى غسق الليلء والفجر فى قوله تعالى: 8 وقرآن المَجر إن قُرآن الفَجر كان مشهودا 4 . وفسر بعض الصحابة الدلوك بالغروب لأنه نهاية ميل الشمس؛ إذ تختفى . ومن فسر الدلوك بميلها فى الزوال» فسرها بابتدائه» وقال الماوردى: من جعل الدلوك اسما لغروبهاء فلآن الإنسان يدلك عينيه براحتيه لتبينها حالة الغروب» ومن جعله اسما لزوالها فلآنه يدلك عينيه لشدة شعاعها. ونرى أن تفسير الدلوك بميلها وقت الزوال هو الاأوضح؛ لآن الآية بهذا التفسير تشمل كل أوقات الصلاة» ولأن (دلّك) معناها (مال). جاء فى تفسير البيضاوى ما نصه: «وأصل التركيب للانتقال» ومنه الدلك فتإن الدالك لا تستقر يده وكذا كل ما تركب من الدال واللام كدلج, ولح ودلع» ودلف». وقوله تعالى: 8 أقم الصّلاة لدلوك الشّمْس 4. أى ميلهنا من الزوال شييًا فشيئاء فيكون الظهر ثم يشتد الميل فيكون العصرء واتساع الميل علامته. طول كل الأشياء» ويكون العصرء ثم تغيب: وينقطع الميل فيكون المغرب وتختفئ الشمس وآثارهاء فيكون غسق الليل وهو اجتماع ظلمته» وذهاب كل شفق ينير» فيكون لاا تفسير سورة الإسراع انع 111!ذا! ا الاا!اااا!!اااااالااااااااا الالال ااالالاتاالك مالالا اططخم الاك اعمط طططالامااخاماالطلل لط فالالا ا لتتللا 08 صلاة الفجر بقوله : ( كران القجري؛ لآن القراءة ركنها ولأنه يجب أن يكون الجهر بهاء ولأنه يندب أن تكون القراءة فيها بطوال السور أو ببعضهاء ولآن القرآن فيها مشهود مستحسن» وقوله تعالى: إن قرآن الفجرٍ كان مشهودا 4, أى تشهده الملاتكة إذا لم تدرن النفس بعوجاء الحياة» واختلافات الأهواء والمنازع؛ ولآن الفجر ينبغى أن يؤدى فى جماعة؛ ويجب أن يشهده أكثر المؤمنين القريبين من المسجدء ولأنه أول ما تستقبل به الحياة» ويصح أن نقول: إن ط مُشهودا 4 كناية عن رفعته ومقامه عند الله وعند المؤمنينٍ وهذه الأوقات تتلاقى مع قوله تعالى فى سورة الروم المكية : فُسْبحَان الله حين تمسو وحين تصبحون 09 وله الْحَمد في السّموات وَالأَرض وَعَشيًا وحين تظهرون 62 > [الروم]. وبعد ذكر الله تعالى الفرائض» أشار سبحانه وتعالى إلى النوافل فقال: ومن اليل فَتهَجَد به نافلة لك عسئ أن يبعتك ربك مَقَاما مُحمودا 69 4 . من هنا للتبعيض » والفاء عاطفة على فعل محذوف وتقدير الكلام قم جزءا من الليل فتهجد به نافلة ل عَسئ أن يَبَعَنَك ربك مَقَامًا مُحَمُودًا 4 أى رجاء أن يبعئك ربك مقاما محموداء والتهجد معناه قطع الليل فى العبادة وخاصة الصلاة» وقالوا: إنه سلب الهجود أى النوم فمادة تفعل تأتى أحيانا بمعنى سلب الفعل» فالتتهجد سلب الهجود وهو النوم والاستراحة كالتأثم سلب الإثم أو إبعاده والتحرج إبعاد الحرج إلى آخر أمثال هذه الألفاظ . والمقام المحمود هو المقام الذى يحمد قائمه» وهو مقام العبادة» وهو بالنسبة للنبى وَل مقام الشفاعة يوم القيامة» فهو المقام الذى يشفع فيه النبى يله لمن يؤمر بالشفاعة» كما قال تعالى: . .. ولا يشفَعون إلا لمن ارتضئ وهم من خشيته مشفقون 52 © [الأنبياء] . وقوله تعالى: لآ نَافلَة لّك». أى هذا التهجد نافلة أى زائدة» أى أن هذا التكليف بالتهجد كنافلة زائدة هو لك أنت مثل قوله تعالى: 9 ... وامرأة مؤمنة إن ل تفسير سورة الإسراء ل يم لاا 1 يي َهبْت تفْسَهًا للب إن واد الي أن يَسسكحَهًا خَالصة لك من دون الْمُؤْمِينَ ... 9© 4 [الأحزاب]» ولقد قدمت هذه النافلة فى الذكر عن قراءة الفجر وتأخرت عن صلاة الغسق» وكانت بينهما؛ لأن التهجد ليس فرضا على المؤمنين» ولقد قال تعالى فى هذه النافلة المطلوية من النبى وَلك: فيا يها المزمل 0 قم اليل إلا قليلا 52 تصفه أ انقص منه قليلا 2 أو زِد عله ورئل القرآن ترتيلاً 0 إِنّا ستلقي عليك قَولاً تيلا قت إن ناشئة اللَّيْلِ هي أَشَدُ وطَنًا وَأَقْرَمُ قيلاً (5) إِنّ لَك في النْهَارٍ سبحا طُويلآ 90 وَاذكر اسم ربك وتبتل َيه تبتيلاً 0 4 وإن العبادة إذا أديت على وجهها وخصوصا الصلاة كان العبد قريبا من ربه» يدعوه فيستجيب لهء ولذا قال تعالى: «وقل رب أدخلني مُدْخْلَ صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعل لي من لدنك سلْطَانا نُصيرا 69 6 . الإدخال متعدى دخل» والإخراج متعدى خرج» وقيل: إن هذه الآية نزلت عندما أذن للنبى ككِلَةِ أن يخرج من مكة مهاجراء وأن يدخل المدينة داعيا مستنصراء ويصح أن يفسر الإدخال والإخراج بهذا المعنى الخاص» ونرى أنه عام فى كل أمر يقدم عليه الإنسان ويريد منه خيراء وهو بالنسبة للنبى كَلْة هو الدخول فى تبليغ رسالة الله سبحانه وتعالى» وأداؤه لها والاستمرار فى أدائها والزود عنهاء ' حتى يقبضه الله سبحانه وتعالى إليه. وما معنى الصدق فى هذا المقام يقال قول صدق.». وعمل صدق. وموقعة صدق» ووقفة صدقء» ونقول: الصدق هو الكمال فى الأفعال والأقوال والواقع» . والمواقع ومعنى صدقها أى يبتدى بها الشخص مخلصا متجها إلى الغاية فى أكمل ‏ صورهاء مالكا الحق فى طلبها سلوكا مستقيما من غير التواء ولا مراء» معطيا ما يحتاج إليه الأمر من وسائل الاستقامة والخلق الكريم» وفى. الصدق صدق النفس بالإخلاصء» وصدق العمل بالنية الطيبة» وصدق اللسان والجوارح . فالدعاء بأن يدخله مدحل صدق» وأن يخرجه مخرج صدق دعاء بأن حاط فى المدخل والمخرج بالفضائل الإنسانية» والمكارم كلهاء والحق من كل نواحيه؛ ا تفسير سورة الإسراء 044 الل طلخا بللا > ا هذا الدعاء الذى علمه الله تعالى» وكل خطاب لنبى يل هو خطاب لكل أتباعه لأنه الأسوة المتبع . وآخر الدعاء قوله تعالى: 8 واجعل لي من لُدنك سَلْطَانًا نُصيرا 4 كان الدعاء الأول بلفظ المتكلم المفرد» أما فى هذا الدعاء فكان بلفظ المتكلم الذى معه غيره» وا لّدنك 4: أى من عندك» وهى تكاد تكون فى اللغة العربية خاصة بالعندية لدى الذات العلية. | وكان الدعاء بأن يكون للنبى يَلَلِْكّ ومعه غيره بأن يهبه ومن معه السلطان أى القوة» وط نُصيرا 4, أى قوة تنصره وتؤيده ويستعمل السلطان بمعنى الحجةء وبمعنى التسلطء وبمعنى القوة» وهى فى هذا ال موضع تشمل الحجة والقوة الناصرة التى لا تنهزم» وقد أعطه الله سبحانه وتعالى كل ما طلب» وأعطاه سلطانا له ولمن معه فأجيبت دعوته وعصمه الله تعالى من الناس وجعل حزبه هو الغالب وقال: ٠‏ ... فَإِنَ حزب الله هم الْغَالبونَ )4 [المائدة]» وأظهر دينه على الدين كله واستخلفهم فى الأرض ونزع الله ملك فارس وممالك أخرى» وهكذا. ونلاحظ أنه عندما طلب القوة» لم يطلبها لنفسهء بل طلبها لمن معه وهو بينهم» لتكون القوة الجماعية» ومن يطلبها لنفسه فإنما يطلبها للغلبة وقهر المؤمنين كما رأينا من رؤساء المسلمين فى هذا الزمان. وإن وراء المدخل الصدق والمخرج الصدقء والسلطان للجماعة المؤمنة يكون انتصار الحق» وخذلان الباطل» ولذا قال تعالى: « ول جاء الحق رهق الْبَاطل إن البَاطلَ كَانَ زَهوقًا 69 4 . هذه الآبة تؤذن بما سيقع بعد أن يكون الخروج الصدق من مكة بالهجرة والدخول بالمدينة وهو النصرة والإيواء. وبعد أن أعطاهم السلطان النصير» والقوة ومجابهة الشركء أمر الله تعالى نبيه أن يقول ذلك مقررا مثبتا جاهرا بهذه الحقيقة وإن لم يكن ذلك ظاهراء ولكن 9لا تفسير سورة الإسراع سس ١١ الا‎ ١ ش م أسباب النصر القريب قد وجدت وتضافرت» وكان اشتدادهم فى الإعنات بشيرا للمؤمنين بقرب الفرج» وكان دعاء النبى مَلِْةٌ بأن يدخله مدخل صدق وأن يخرجه مخرج صدق؛ إيذانا بالهجرة التى كان من بعدها النصر المؤزر. يروى أن المؤمنين ابتدءوا الهجرة من بعد أن بايع النبى كلد الأوس والخزرج البيعتين على النصرة» وأن يحموا محمدا ودعوته كما يحمون نساءهم وأولادهه(!'. ومن هذا الوقت ابتدأت الهجرة فرادى وجماغات صغيرة يستخفون بها ولا يعلنون» ويظهر من المساق التاريخى أن دعوة الرسول بأن يدخل مدخل صدق» ويخرج من مكة مخرج صدق كان فى هذا الإبان وكانت قريش تأتمر به لتقتله أو تشبته أو تخرجه وانتهت إلى قتله فى مؤامراتهاء وهذا فى قوله تعالى: وإ يَمْكْر بك الذين كمَروا ليشبتوك أو يقتلوك أو يُحْرِجُوك ويمكرون ويمكر الله والله خَيرَ اْماكرين 2 4 [الأنفال] . هاجر النى يك وقاتل المؤمنون وقوتلوا ثم كان النصر بأمر الله فقوله تعالى: 8 وقُل جَاء الْحق وزهق الْبَاطل 4, أى قل مبشرا مثبتنا جاء الحق غالبا منصورا وزهق الباطل أى ذهب وضاق من زهوق الروح» إن اباطل كان هوقا 4, أى مضمحلا غير ثابت. ولو أننا نأخذ من روح النصوص القرآنية ما اقترن بها من حوادثء» لقلنا إن هذه الآيات» والنبى كَلِلْهٌ قد التقى بوفد الأوس والخزرج وبايعهم بعد أن آمن من آمن منهم ولكن لم نجد فئ كتب التفسير ما يؤيد ما نقول وحسبنا القرآن مبينا أو عله مسيرا. ولقد قال تعالى فى القرآن الذى هو الحق» وبه علا الحق وكل ما فيه حق. «وَنْمَزّلَ من القرآن مَا هْرَ شقَاء وَرَحْمَة لَلْمُومِسِينَ ولا يَزِيدٌ الظّالمين إلا .)١4175( انظر فى ذلك ما رواه أحمد: باقى مسئد المكثرين- مسند جابر بن عبد الله كله‎ )١( 4 الاللللللاائلا0ا0الل ااال لللالاللا0ا0ا1060ا0اللل للك رب نا بعد أن ذكر سبحانه وتعالى إشراق النفوس بالحق وطمس الباطل أشار سبحانه إلى مصدر الحق فى الإسلام وهو القرآن فليس فيه إلا الحق» ولا يلتمس إلا منه ولا يطلب إلا من آياته»ء فقال تعالى: فإ ونتزّل من القرآن ما هو شفاء 4 (من) هنا يقول بعض علماء اللغة: إنها بيانية» أى ننزل القرآن الذى هو شفاء للناس ورحمة للمؤمنين؛ لأن القرآن كله شفاء ورحمة» وإذا جعلنا (من) للتبعيض يكون معنى الآية أن بعضه ليس فيه شفاء ولا رحمة وذلك باطل فيبطل ما يؤدى إليه . وقال ابن عطية من الممسرين: «إن جعل (من) للتبعيض لا ينافى أن القرآن كله شفاء؛ لأن (ننزل) معناه النزول شيئا فشيئا فيكون المعنى على هذا «وننزل من القرآن شيئا فشيئا ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين» فالتبعيض فى طريقة النزول لا فى الحكم بأنه كله شفاء ورحمة للمؤمنين». والشفاء والرحمة للمؤمنين؛ لأنهم الذين يتتفعون به» والشفاء الذى اشتمل عليه القرآن هو شفاء النفوس من أوهام الباطل» وشفاء العقول من رجس الوثنية والأخلاق الجاهلية ومفاسد الأخلاق والرذائل الأثيمة» وتلك تخلية وبعدها التحلية» وتلك هى الرحمة» فتملاً النفوس بمكارم اللأخلاق وتنظم المعامللات بين الناس فى شريعة محكمة وحقائق ثابتة» وتنظم أعمال الناس بنظم اجتماعية واقتصادية تحفظ للفرد حقه فى التصرف والامتلاك» وتصريف أموره فى ظل جماعة عادلة رحيمة مترابطة غير متقاطعة» ولا متنازعة لا تسلب فيها الحقوق بكلام لا معنى له. وإن هذا النص الكريم يتقارب فى مؤاده من قوله تعالى: ليا أيها النّاس قد نكم مْعظة من ربكم وشا ما في الصدورٍ وَهدى ورَحْمَة مين 420 يونس ] وإن المؤمنين هم الذين ينتفعون بالغذاء الطيب التى يغذى النفوس والدواء الناجع الذى يزيل أمراض القلوب» أما غير المؤمنين فلأنهم أعرضوا عن الحق» وصموا آذانهم عنه إذا سمعوا القرآن لا يشفيهم ولا يغذيهم بل يزيدهم خساراء ولذا قال: ل.ل تفسير سورة الإسراع الس ا 200 اكاك 2 ولا يزيد الظّالمين إلأّ خَسارا 4؛ لأن الكافر لجوج فى كفره معاند ولا تزيد الحجة المعاند إلا عندا وخسارا. 5 ولقد قال فى وقع نزول القرآن على المنافقين : ل( وإذا م أنزلت سورة فمتهم من يقول أَيكم واه هذه مانا َم دين آمنوا فزادتهم مانا وهم , يستبشرون 059 وأما الّذِينَ في قُلُوبهم مُرض فَزَادتهُم رجسا إلَى رجسهم ومَاتوا رهم عَافرُونَ (052 4 [التوبة]. وإن الإنسان تطغيه النعمة فيبطرها ويوئسه البلاء» إلا الصابرون» وهذا قوله تعالى : وذ أنعمنًا على الإنسّان أغرض ونأ بجانبه وإِذَا مَسَّه الشّر كان يوسا 4069 . «الإنسّان 4 (أل) للجنس» أى جنس الإنسان أنه تبطره النعمة وتطغيهء وتوئسه النعمة وتضعفه» وإن هذه طبيعة الإنسان إلا من هداه الله تعالى بالصبر والإيمان» أو (آل) للعهد. وهو كما يدل عليه آخر الآية السابقة وهو الظالم الذى لا يزيده علم القرآن إلا خساراء وإن هذه طبيعته الضالة التى جانف بها الفطرة ومال عنها. ويقول فى توجيه الحق فى ذلك: إن الغريزة الإنسانية تنشأ منفعلة بما أحاطها وما منحت» فإن منحت القوة والصحة والمال ربما تطغى وتعرض عن الحق إلا أن تتهذب بتهذيب الدين» ويصيبها اليأس من روح الله إن أصابها أمر يضرها ويسرها إلا أن تؤمن وتصبر. وهذا قوله تعالى: 9 وإِذا أنعمنا على الإنسان 4 بنعمة الصحة والمال وتوفير الرزق» والسكن ‏ أعرض ونأئ بجانبه 4. أى أعرض عن الحق والتطامن له» وعن الطاعة لله تعالى» وقد صور سبحانه وتعالى فقال: 8 ونأئ بجانبه4, أى ثنى وجهه واستدبر من يخاطبه وأدار وجهه وواجه بظهره؛ وهذه صورة حسية لمن يعرض مطرحا الأمر وراء ظهره» غير ملتفت إليه. ا تفسير سورة الإسراع 04459 0 لس ...]5 لي ف وإذا مسه الشر كان يوسا ». أى كان يائسا يأسا شديدا من روح الله وإنقاذه مما نزل به يأسا شديداء ١‏ ... إِنّه لا بيأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون 9 4 [يوسف]. والشر هو ما يسوء ويؤلم ولو كانت عاقبته خيراء وقوله تعالى: و مسه# إشارة إلى أنه يصيبه ولو قليلا يجعله يائسا من رحمة الله» فالقوة تغريه وتطغيهء والضعف ولو صغيرا يهده ويوئسه. ور وقن اق طماء ب سراد سيول قف الات عي ل فح قن © إلا الّدينَ صبروا وعملُوا الصّالحات أولتك لهم مُغفرة وأجر كبير 9 12 [هود] . معنى الآيات السابقة والقرآن الكريم فى محكم آياته يبين أن الناس على أصناف شتى فمنهم المهمتدى الذى يتجه إلى الحق اتجاها من غير اعوجاج» ومنهم الضال المعرض عن الحق إعراضاء ومنهم المنافق» ومنهم الذين يسلمون ولم يؤمنوا أو يرجى لهم الإيمان» وكل يسير فى طريقه مختارا منتهيا إلى ما كتب لهء وهذا قوله تعالى: قل كُلَ يعمل على شاكاته فربكم ألم بمن هُو أَهْدئ سبيلاً 69 > . «إقل 4 يا نبى الله «كل يعمل علئ شاكلته 4. أى كل فريق» فالتنوين فى كل 4 قائم مقام المضاف إليه الذى يقدر بما يناسب المقام» والشاكلة الناحية أو الطريقة أو المذهب. أى كل يعمل على ناحيته التى اختارها والمذهب الذى اعتنقه» وهذا كقوله تعالى : طقل يا يها الكافرون (0) لا أعبد ما تعبدون 0 ولا أنعم عابدون ما أَعبد © ولا أَنا عابد ما عبِدتم ©© © ولا أنتم عابدون ما أعيد (2) لكم دينكم ولي دين 50 4 [الكافرون] . لقد حاولوا أن يفتنوا النبى يللد عن دينه» فكآن هذه الآية رد عليهم؛ ومعناها قد اخترتم ما اخترتموه فاتركوا الناس أحرارا فى اخمتيارهم» ولا تفتنوهم ا تفسير سورة الإسراء الب ا ص0 1-4 عن دينهم والحكم فى هذه الشواكل عند الله تعالى» ولذا قال تعالى: «فربكم َعم بمن هو أهدئ سبيلاً 4 . وربكم الذى خلقكم ورباكم هو العالم علما ليس فوقه علم يمن هو أهدى وأسلك طريقاء وهو الذى يحكم بينكم يوم القيامة وهو خير الحاكمين» وأفعل التفضيل ليس على بابه كما ذكرنا مرارا. الروح والقران قال الله تعالى: َِ 5272 جع > 010 42 ًّ إلَامَحْمَدمن ركان لكت عَلَيَكَ مكيرا لاقل ِنِ أبحسَمءَ تا لاس وَالْجِنعلَ أَبَأَنوأْبِمِمْلٍ هنذا لمان انون بِمْلِه وَلَوَك بعصم عض ظهيرا (( ولْعَدَ ه- ا 000 وه 7 528 َالَف هذا لمان مكل متلق كثرالتاس ع ل ع وو له إِلَاحكهورا 0 وَمَالُوالن نومت ى لك حون تفجراناون ارم هر سه وه موا لض يثرن 0 ركه لك اجنين جحْيلٍ وَعِسَب نري اجر © ريط الماك شع ار ص هه مرصح سا دعُت كن مأ قيائِكبِك دييكا © م كينت من مُحْر أرق اَلصَمَءِ ون نوصت ا تفسسير سورة الإسراء 44 الل 0 جب _ ير رب ل عع و 207 200000 8 ما ٠.‏ لِرقِيَكَحَقٌ َال علدنا علدنا كنبا نَفَرَؤه.قل سْبْحَانَرَقَ هم[ كنت لاسرا يسول 4 إن المشركين كانوا يعنتون فى أسئلتهم وإجاباتهم» ويستعينون بأهل الكتاب فى إحراج النبى كَك. ويروى أنهم قد قالوا لهم: سلوه عن ثلاثة: عن الروح» وعن العبد الصالح» وعن ذى القرنين» فإن أجاب عن بعضها فهو نبى/'2» وقد بين سبحانه وتعالى حال العبد الصالح الذى صحب موسىء وعن ذى القرنين فى سورة الكهف. وعن الروح فقال: (ويت لون و الح ف الأ من أشسر وني و سكم يللإ سآلوه عن الروح ما ماهيتها أهى عرض أم جوهرء والروح أهى الروح التى تكون فى الأجسام فتجعلها تتحرك بإرادتها وتسير باختيارهاء ويقصد من الناس» ويصح أن يراد منها النفس التى تتجه بالحق إلى مقاصده وغاياتها» سألوه عنها فأجاب سبحانه» أو أمر نبيه أن يجيب بقوله: « قل الروح من أمر بي 4 أى أنها خلق من خلقه والعلم بها من شأنه وأمره الخاص بهء « وما أوتيتم من العلم إل قليلاً4, أى ما الذى أوتيتموه من العلم إلا قدرا ضئيلاء والعلم بها فوق طاقتكم . إنما اختص الخلاق العليم» وعبر ب ب ري 4 للإشارة إلى أنها سر < خلقه وتكوينه, وقد شرف الله تعالى الروح فقال تعالى: 8 فإذا سويته وتفخت فيه من روحي فَقعوا لَه ساجدين 4069 [الحج]» فاضاف سبحانه روح آدم إليه تشريفا وتكريما للروح الإنسانية . دق رواه البخارى: تفسير القرآن- ويسألونك عن الروح- فو 6 3 ومسلم: صفة القيامة والحنة والئار (02005). العبد الصالح . 8# تفسير سسورة الإسراء باس ا 007 م وإن التوراة التى بأيدينا فيها النص على أن نفس كل إنسان دمهء أما القرآن كلام الله الصادق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو يقرر الحقيقة الثابتة الخالدة وهى أن الروح من أمر إنشاء الله وخلقه وسر الله تعالى فى إبداعه وتكوينه» وما أوتى الإنسان إلا العلم بالملحسوسات واستخدام قواهاء وهو لا يعرف حقيقة الأشياء ولكن يعرف مظاهرها وقوانينها الظاهرة لديه» وهذا مؤدى قوله تعالى: ط وما أُوتيتم من الْعلْم إل قليلا4 وهو العلم بالمحسوسات وظواهرها البيئية التى تتكشفها العقول وتعرفها الفهوم. ألم تر الإنسان قد علا من الأرض وجعل النجوم له مراماء ووصل إلى القمر والمريخ» ويحاول أن يتعرف ما وراء هذا الفضاء فهل ترأه استطاع أن يخلق ذبابا» كما قال تعالى: يا أَيْهَا الئاس ضرب مَل فَاستَمعوا لَهُ إن لين تدعون من دون الهأ يَخلقُا باب ولو اجعَمَعُوا لَه وإ يهم اباب شيْنا لأ يَسَقَذُوه مه ضعف الطَالب وَالْمَطلُوب 69 4 [الحج] . قولوا للذين يقتعدون الفضاء وينقلون أجهزة العلم إليه: أيستطيع أحد أن ينشئ روح إنسان أو حيوان أو بعوضة فى الأرض أو هامة من هوام الأرض؟ إن ذلك من شأن منشئ الوجود بديع السموات والأرض والأجسام والأنفس والأرواح وكل شىء عنده بمقدار. ٠‏ ش وإن القرآن هو روح الشريعة» وأنه من أمر الله ومن شأنه» ولذا جاء ذكره بعد ذكر الروح التى من أمر الله تعالى» فقال تعالى: ف ولع شنا لَه بدي أَوْحينا يك نم لا جد للك به علَينا وكيلا 69 4 . ذهب به يستعملها القرآن الكريم بمعنى أذهبه وكأن الباء تنوب عن همزة التعدية» كقوله تعالى: # . .. ولو شاء الله لَدَهَب بسمعهم وأبصارهم .. 4 [البقرة]ء أى لأذهبها ذهابا مؤكدا ومعناه ذهب بالذى أوحينا أى محاه وصحبه وأخذه معه فهو يتضمن المحو عند الناس والأخذ به عند الله . 2 (##ا. تفسير سورة الإسراء 02 0 سر ا واللام فى قوله تعالى: « ولئن شئنا © اللام الموطئة للقسمء واللام فى قوله تعالى: 9 لنذهبن # هى اللام الواقعة فى جواب القسمء ولنذهين القسم وهو قائم مقام جواب الشرط. والمعنى أن الله تعالى يؤكد أن الله تعالى قادر على أن يذهب بهذه المعجزة التى بهرت العقول والآفهام وعجر العرب عن أن يأتوا بمثلها لو شاء ذلك وأراده» ولكنه لم يشأه ولم يرتضيه وقوله: 9 بالّذي أوحينا إليك © التعبير بالموصول فيه إشارة إلى أنه لا يشاء ذلك لآنه هو الذى أوحاه سبحانه وتعالى إليه» وقال تعالى: وإ ثم لا تجد لك به علينا وكيلا 4, بإ ثم # هنا فى موضعها من التراخى المعنوى» أى لو ذهبنا به» بَعَدَ أن تجد من يتوكل بإعادته عليناء أى بإلزامنا وبغير مشيكتناء فالباء متعلقة ب إوكيلا». أى لا تجد لك وكيلا به يرده إليك علينا من غير مشيئتنا يلزمناء معاذ الله تعالى أن يكون ذلك . وإن هذا النص الكريم يفيد أمرين: الأمر الأول: منزلة القرآن ومكانه العظيم ومن الله تعالى على الخلق به؛ لأن فيه الشفاء والرحمة والهداية والموعظة وهو فضل الله على عباده وأنه لو شاء لاسترده . الأمر الثانى : سنة بقائه إلى يوم القيامة نور الوجود الإنسانى وهاديه ومرشده عندما تفسد الضمائر وتطمس القلوب. والنص فوق دلالته المحكمة على مكانة القرآن الكريم وهدايته الدائمة يدل على أنه فاعل مختار وعلى أن قوله تعالى: ٍِإلأوَسْمَة م ربك إنا له كان ليك بير 4 . «إلاً» الاستثناء فيها من النفى فى الجملة الأخيرة من الآية السابقة» ويكون المعنى (لا يجد لك علينا به وكيلا» ويكون المعنى لا تجد لك من يوكل باسترداده علينا إلا رحمة من ربك ويكون الاستثناء متصلا» أى أنه إن شاء سبحانه إذهابه لا 9 تفسبير سسورة الإسراء ا 0 > ل ورحمته ومواعظه» فهو القرآن العظيمءٍ ويصح أن يكون الاستثناء منقطعا ويكون متعلقا بالآية السابقة ة كلها ولكن (إلة) بمعنى (لكين) ويكون سياق الكلام فيما نعلم هكذا: « ولمن شما لَنَدهبنَ بالّذي أَوْحَيْنا ليك ثُمّ لاتجد لك به علينا كيلا 465 لكن رحمة من ربك الذى علمك ما لم تكن تعلم» وشفى صدرك واصطفاك» وهذه الرحمة قامت فلم يشأ أن يذهب به). ولقد ختم الله تعالى الآية بقوله: إن فضله كان عليك كبيرا » وإن فضل الله تعالى على هذه الأمة ونبيها كان عميما بإنزال القرآن الكريم وبقائه حجة قائمة إلى يوم القيامة وبما اشتمل عليه من شفاء ورحمة وهداية» والضمير يعود إلى الله وقوله: 9 كان عليك كبيرا 4 قدم «(عليك 4 للاهتمام بمنزلة النبى كله وفضل الله تعالى عليهء وقد أكد سبحانه وتعالى فضله ب (إن) المؤكدة و(كان) الدالة على وماذا أكد سبحانه وتعالى فضله فى نزول القرآن على قلبه» وأن يكون معجزته الكبرى؟ الإجابة لأن المشركين حسبوا أن المعجزات. الحسية التى انقضت بانقضاء أزمانها مثل معجزات عيسى تدل على فضل هؤلاء الرسل» فبين سبحانه أن فضله عظيم على نبيه فى أن اختصه بمعجزة القرآن الخالدة الباقية التى كانت هى المعجزة الكبرى وسجلت كل المعجزات السابقة» فلولا القرآن ما عرفتها الأجيال التالية. ظ ثم بين سبحانه أنه معجز للأجيال كلها إنسهم وجنهم» فقال: إل أن اجمعت الإنس والح على أن ينو بمقل هذا القرآن لا ينون بعثل ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (62 4 . الخطاب للنبى َكَلِْةِ وهذا الخطاب فيه إعلام النبى يلي بمكانة القرآن وأنه ليس كمثله كتاب قط وأنه معجز يستطيع أن يتحدى به الإنس والجحن فى كل الآأجيال» ا ا ا هاا تفسير سورة الإسراء يم الل 010 بجوي 7 ولو اجتمعوا على أن يأتوا بمثله لا يأتون ولو كان بعضهم يظاهر بعضهم الآخرء وفيه أيضا أن القرآن يعجز الجميع من الجن والإنس لا العرب وحدهم كما توهم بعض الناس أنه لا يعجز غيرهم» ولا يخاطب به غيرهم؛ لآنه ليس بلغتهم وأن حسبه أن يعجز عن الإتيان بمثله العرب. « أن اجممعت الإنس والْجن عَلَئ أن يأنُوا بمثْلٍ هذا الْقُرآن لا يأنُونَ بمثله » (اللام) هى الموطئة للقسم» والتى تدل على أن فى الكلام قسما مطويا فى القول» وجواب القسم لا يآتون» ولولا اللام لكان جواب الشرط؛ لأنه لا يجزم الجواب إذا كان فعل الشرط ماضياء وقوله اجتمعت يتضمن معنى انقضت واجتمعت فى صعيد واحد وأرادوا أن يأتوا بمثله أو كتاب مثله لا يأتون :9 ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرا 4: أى لو تعاونوا جسيعا ولظاهروا على أن يأتوا بمثله؛ وذلك لأنه معجز بذاته فى ألفاظه وعباراته ونظمه ونسقه ونغمه» حتى إن كل جملة من جمله لها نغم وموسيقا منفردة» ولا يوجد فى أية لغة من اللغات مثل هذا النغم الذى يسمع فى عباراته ومعانيه» وكل ذى ذوق موسيقى يرى فيه من روائع النغم ما ليس فى أى كلام بأى لغة» حتى إن كاتبا أوربيا كان يعلم العربية بعض العلم حكم بأنه لا يزال معجزا بتاخى عباراته» وموسيقا فواصله من غير أن تعتدى الألفاظ على المعانى» بل إنه يتآخى فى أداء المعانى» ألفاظه وعباراته وفواصله ونغماتهف ولا تدرى أيها أشد تأثيرا فى نفسك» وفوق هذا كل شىء فيه معجزء فشرائعه إذا قيست بشرائع عصره كان معجزاء وعلمه من أخبار وتنبيه إلى الكون معجز لأنه ينبه إلى أمور من شئون الكون لم تكن معلومة عند علماء الكون فى عصره» وغير ذلك مما أحاط به علم القرآن» ثم ذكر سبحانه وتعالى معرض إعجاز القرآن فقال: « ولقد صرفنا للسّاس في هذا القرآن من كل مَمَل فَأَبئ أكْمَر النّاس إلا كفررا 69 4 . (اللام) لتوكيد القول» و(قه) لتوكيدهء صرفنا 4 أى حولنا فيه ضروب القول من خبر إلى إنشاء ومن استنكار إلى إقرار ومن قصص فيها الموعظة الحسنة 9 تفسير سورة الإسراء لل 00 #«زحمل وبي 7 والعبرة المرشدة إلى أحكام شرعية مصلحة للآحاد والأسر والجماعة والآقاليم» رابطة بين الإنسانية فى مجتمعات إلى آيات مبينة للحقائق الإنسانية والطبائع فى الجواب والكون والإنسان» وكان ذلك التصريف فى هذا القرآن للناس من كل مثل» و(من) هنا بيانية» أى صرفنا لهم كل مثل» أى كل حال ذكرناها لتشاكلها مع الوجود الإنسانى. وكان حقا على الناس أن يؤمنوا به» ولكنهم لم يؤمنواء ولذا قال سبحانه: «فأبئ أكثر الثاس إلا كفورا 4 وموضع الاستثناء هنا أن الإباء دخل على كثير فيقدر هكذا: فأبى أن يكثر كل شىء © إلا كفورا 4, أى إلا أن يكونوا كافرين كفورا لازمهم» وصار وصفا من أوصافهم ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن القرآن معجزة غير مزعجة ولا قارعة» ولكنها مخاطبة للعقل الذى يذعن الحقائق والقلوب المشرقة بنور الهداية ولذا طالب أهله بمعجزات قارعة» لا لنقص فى معجزة القرآن» بل لأنهم لا يؤمنون ولأنهم ناقصون فى مداركهم» ولذا قال سبحانه عنهم : وقَالُوا أن ؤم لَك حتَئ تشجر لَنا من الأرض ينبوعا (© أو تَكُود لك جنة من نُخيل وعتب فَتَفَجَر الأَنْهَارَ خلالها تفجيرا (67 أَوْ تُسّقط السّماء كما رَعَمْتَ عَلَينَا كسّفا أو تأني بالله والملائكة قبيلا 69 أو يكون لك بيست مَن خرف أو ترقئ في السَّمَاء وأن تومن لرقيّك حَنَ تسل عَلَيِنا كتابا سروه قل سَبْحَان ربِي هل كنت إلا شرا رُسُولاً © 4 . لم تصل أفهامهم إلى القرآن حتى يقتنعوا به معجزة» أو اقتنعوا به معجزة ولكنهم يمارون ويستمسكون بما هم عليه من جهل وضلال» ويتعللون بالرفض وهم فى ذات أنفسهم غير رافضين» أخذوا يطلبون ما يحسبونه يعجز النبى كلق فإذا عجز يعدل عن دعوته ويستريحون منه» ومن هذا الدين الحديد. !هاا تفسير سورة الإسراع هكم اللللل لل بالبللا اللا 4 هيده 5 «وقالوا أن نُؤمن 4 أكدوا ب لطن نؤْمن4. أى لن نؤمن مسلمين بصدق ما تدعونا إليهء حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاء الينبوع العين التى يخرج الماء منهاء «تفجر»» أى تشق لنا هذا الينبوع المستمر»ء وكانت أرضهم جافة من الماء وهى صخرية فهم يطلبون منه أن يشقق هذه الأرض الصلبة فيخرج منها الماء المستمر الذى يكون كالغيث يشربون منه» ويسقون زرعهم. فإن لم تكن هذه يكون الأمر الآخر الذى ذكرته الآية التالية : ل أو تَكُون لك نه من نُخيل وعنب هجر الأنهار خلالها تفجيرا 69 4 . أو تكون لك «اجنَة 4 حديقة من نخيل وعنب تجرى خلالها الأنهار لتكون ذات منظر بهيج» والتفجير بالتضعيف يفيد كثرة الأنهار وأنها تجرى من خلال النخيل والكروم. وإن هذين الطلبين أو أحدهما فيه تشبيه لحال النبى كيد بحال موسى إذ ضرب بعصاءء فانفجر من الحجر اثنتا عشرة عينا فهم يطلبون معجزة كمعجزة موسى كِيكله. وقد علموها فهم يطلبون مشلهاء وقد جاءتهم الآيات بأقوى منها كشق القمرء فقالوا سحر مستمرء وأسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ففتنوا الناس فى دينهم» حتى ارتد من ارتد من ضعاف الإيمان ومرضى القلوب. هذا الطلب الأول أو أحد مطالبهم» وهو أولها: وهو ذو شعبتين إحداهما فَجر ينبوع يسح بالماء طول الزمان» الثانية: أن تكون حديقة من نخيل وعنب تجرى خلالها الأنهار» وهذه الشعبة يتضمن أن يكون غنيا له حدائق غناء تجرى من تحتها الأنهار ليكون عظيماء والعظمة عندهم بالمال الوفير والتنعم والترفه لآنهم حسيون لا يعرفون إلا الحس والمادة والنعيم المادى الحسى . والمطلب الثالث : الذى جعلوه أحد المطالب وكان التخيير بينها بأمر قد نقل القرآن تعبيرهم بقوله تعالى: بها تفسير سورة الإسراع الألاذائاالاا الالال التاااالالا ااا الالال! !انالا التلزااللاااللاااللاالااللللنااا انالا انالاللا لاطا ااا الالاا الالالال الالال لاششتتل هيم ههه < 7 أو تسقط السّمَاء كما رَعمت علَينَا كسفا أو تأتي باللّهِ وَالْمَلائكة قبيلاً 69 4 . هذا هو التحدى الثالث المخير فيه أو تسقط السَّمَاء4 والمراد الكسف» وهى بدل بعض من كل من السماء» والكسف جمع كسفة وهى القطعة من السماء التى تنزل فتلقى الرعب» وقد تكون نارا تلهب وتفزع» وعبر بالسماء ثم البدل منها للوشارة إلى أن نزول القطع تساوى من حيث الرعب والإفزاع والإنذار نزول السماء كلهاء وقوله: 8 كما زعمت # من أن السماء تنشق وتنفطر يوم البعث فى مثل قوله تعالى: ذا السّمَاء انفطرت 00 وإِذا الكواكب انتَفْرت © وإذا البحار فجرت © » [الانفطار], وكما زعمت من أنه فيه نزل ذلك بناء» كما فى قوله تعالى: 8 . .. إن َأ تخسف بهم الأرض أو نسقط عَليهم كسفا من السَمَام .... 0 4 [سبأ]ء « أو تأتي باللّهِ وَالْمَلائكة قبيلاً4 وهو اسم جنس جمعى لقبيلة» أى تأتى بهم قبيلة قبيلة ليشهدوا بصدق نبوته ويتضافرون على الحكم بصدقها. وهذا الطلب فيه تمد للرسول يك من ناحيتين : الناحية الأول: أن قوله: 8 ... إن نّشَأ تخسف بهم الأرض أو نسقط عَلَيهم كسا مَن السّمَاء ... (5) 4 [سب] فيه إنذار فهم يتحدون بأن يكون ذلك الإنذار. الناحية الثانية: أنهم يتحدون النبى كَِةِ بأن ينزل عليهم الملائكة قبيلا يشهدون بالصحة وهم يعلمون أن الملائكة لا ينزلون أفواجا بهذا الشكل» وهذان مطلبان وإن كانا فى آية واحدة. ولقد كان النبى يَددِدٌ فقيرا يتيماء فطلبوا منه للمرة الخامسة واحدا من أمرين كما فى المطلب الرابع: أولهما: أن يكون له بيت من زخرف أو يرقى إلى السماء عارجاء وأن يرسل كتابا يقرءونه» وهذا ما عبر الله سبحانه عنه بقوله تعالى: «أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقئ في المسماء ولن نؤمن لرقيك حتئ تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربَي هل كنت إلا بشرا رُسولا 69 4 . ل تفسير سورة الإسراع . 00 جل بن يي صدرت | لآية ب أو » الدالة على التخييرء يتحدون به النبى يله وكرر (أو)» وكلاهما مزدوجء وهذا الأمر الثالث مكون من جزءين: الجزء الأول أنهم رأوا النبى كله كان يتيما ثم كان فقيراء وقد حسبوا أن النبوة مقترنة بالثروة» فالنبى يجب أن يكون ثريا ليكون عظيماء ٠‏ فالعظمة عندهم بال مال ولا عظيم من غير مال» ولذا قال سبحانه وتعالى عنهم :8 وقَالُوا لولا نل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم 6 #4 [الزخرف]» أى الطائف أو مكة. هم يعيبون نبوة محمد بأنه فقير» فيقولون له: أما كان يغنيك بالمال ما دمت فى الأرضء أو يرفعك إلى السماء إذا كنت ذا منزلة عند ربك 8 أو يَكُونَ لَك بيت مَن زخرف »4 الزخرف هو الذهبء أى بيتا مموها بماء الذهب مزخرفاء فإن لم يعطك هذا ويجعلك غنيا من الأغنياء وعظيما من العظماء فليعرج بك إلى السماء « وأ تمن لاقلك حكن َل ينا كخابا روه و ونعلم منه أنك ارتفعت وعلوت» ونعلم هذا الكتاب رقيك إلى السماء. والمعنى الذى يتحدون به رسالة رسول الله كَلَِِ أناك إن كنت رسولا من أهل الآأرض فليجر عليك حكم أهل الأرض وأهل الأرض العظمة فيهم بالمال والثروة» وليكن لك بيت مزخرف كأهل الترفه والتنعم» وإن كنت لا تريد أن تكون كأهل الأرض فلتكن من أهل السماءء ولترق إلى السماء لنؤمن برسالتك ولن نسلم بأنك ارتفعت إلى السماء إلا إذا نزل علينا كتاب نقرؤه. هذا هو تحديهم وهو إلى الهزل أقربء وقد أمر الله تعالى نبيه أن يجيبهم عن هذه المطالب المتحدية بقوله: طقل سُبْحَان ربِي هل كُنت إل شرا رولا تقدست ذات ربى الذى خلقنى وربانى وكملتنى «هل كنت إلا بشرا رسولاً4 والأستفهام هنا إنكارى بمعنى النفى» فهو إنكار للوقوع؛ معناه ما كنت إلا بشرا أرسلت من عند الله تعالى. وكانت صيغة النفى على شكل الاستفهام تقريرا للنفى والإثبات وانحصار الوصف الكامل للنبى كد بأنه بشر رسول» وليس وصف غير هذا وهو أعلى أوصاف الكمال الإنسانى. ا تفسير سورة الإسراع سسا ا ااا 4 حب اق هذه اعتراضات المشركين ومطالبهم التى يتحدون بها النبوة» والآيات الكريمات صور من المجادلات التى كانت تقع بين النبى يَكلْةٌ. ولنقبض قبضة من السيرة الطاهرة تبين وقائع هذه الآيات الكريمات الساميات: ذكر ابن إسحاق فى السيرة أن رؤساء قريش الذين كانوا يقودون الشرك اجتمعوا عند ظهر الكعبة» ثم قال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد يكل فكلموه وخاصموه حتى تعذرواء فبعثوا إليه فجاءهم رسول الله كَكَِةِ وهو يظن أن قد بدا لهم بدو وكان حريصا يحب رشدهمء ويعز عليه عنتهم» فلما جلس إليهم قالوا له: يا محمد إنا قد بعثنا إليك لتكلمك» وإنا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك. لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة» فما من أمر قبيح إلا قد جتته فيما بيننا وبينك» فإن كنت إنما جعت بهذا تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاء وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا فنحن نسودك عليناء وإن كنت تريد به ملكا ملكناك عليناء وإن كان هذا الذى يأتيك رثئيا تراه غلب عليك بذلنا أموالنا فى طلب شفائك حتى يبركك منه أو نعذر فيك . قال لهم رسول كَل ما بى ما تقولون» ما جثت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم» ولكن بعثنى الله إليكم وأنزل على كتابا أمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيراء فبلغتكم رسالات ربى» ونصحت لكم فإن تقبلوا منى ما جئت به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة» وإن تردوه على أصبر حتى يحكم الله بينى وبينكم . قالوا: يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئا نما عرضناه عليك» فإنك قد علمت أنه ليس من الناس من أحد أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا مناء فسل لنا ربك الذى بعثك بما بعثك به» فليسيّر عنا هذه الجبال التى ضيّقت علينا ولييسط لنا بلادناء وليخرق لنا أنهارا كأنهار الشام» وليسعث لنا من مضى من آبائناء وليكن فيمن يبعث قصى بن كلاب فإنه شيخ صدق. هاا تفسير سد ورة الإسراع هي 00 لحب اد قال لهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه: إنما جتتكم من الله تعالى بما بعثنى بهء وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم بينى وبينكم . قالوا: سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك با تقول ويراجعنا عنك» واسأله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغى» فإنك تَقْدم الأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه» حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم. قال لهم الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه: ما أنا بفاعل وما أنا بالذى يسأل ربه هذاء وما بعئت بهذا إليكم ولكن الله بعثنى بشيرا ونذيراء فإن تقبلوا منى ما جئت به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة» وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم. ش قالوا: فأسقط علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل» فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل. قال الرسول :ذلك إلى الله عز وجل إن شاء أن يفعله بكم فعل. قالوا: يا محمد فما علم ربك أننا منجلس معك ونسألك عما سألناك عنه. ونطلب منك ما نطلب فيقدم إليك فيعلمك بما تراجعنا به» ويخبرك ما هو صانع فى ذلك . وقال قائل منهم: لن نؤمن لك حتى تأتى بالله والملائكة قبيلا . وقد انصرف النبى كَكِةٌ وانفض جمعهم ولكن تبعه بعضهم وهو عبد الله بن المغيرة ابن عمته عاتكة بلنت عبد المطلب ولم يكن قد أسلم» فقال كلاما ختمه بقوله: فوالله لا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتى ثم تأتى معك بصك معك يصحبك معه أربعة من الملاتكة يشهدون لك أنك كما تقول» وايم الله لو فعلت ذلك ما ظئنت أنى أصدقك27" . . 187 البداية والنهاية: فصل فى مبالغتهم فى الأذية لآحاد المسلمين المستضعفين-ج؟/‎ )١( / تفسبير سورة الإسراء. 1111ا!!!1نائللةة اانا اناالا انام لااااا مالالا لاطا طاخمن ااا الاك طخسخخخخط ال ااا للاللااخ لان الططط تتلا ١ه‏ لحر اد هذه كلمة عبد الله بن أمية بن المغيرة تصور لك أنهم ما طلبوا الذى طلبوا إلا عناتاء فيقول: إنه إذا أجيب إلى كل ما طلب ما أظنه يؤمن ولكنه من بعد ذلك آمن وحسن إيمانه. الرسالة لا تكون إلا من البشر قال الله تعالى: سَ مرج سر سوسا رس شاع | وح ع عط ساسا 7 - ومن مهد الله ل دونه وحشرهم بوم الْقيِلمَةٍ عل معمياو يكنا من دونه- وتحشرهم يوم وجوههم وب 7 010 ايام وس م ددء « يوم سس انأو م امتهم سوا فل ِكَ جَرَآْهُم ب َه كَفَروأَايَِاوعَالُوا ا مظنم وَرُقننَا 1 فنا أوِنًا لمبعوثون حَلْعًا جديدا لك الشركين لم يكونرايطبون حجة شير القن لقص فى الحجة ها لقص فى إدراكهم وعمى فى قلوبهمٍ إما يعنتون بما يطلبون» ولقد قال تعالى ٠:‏ «ولو نا علَيك كتابًا في قرطاس فَلَمَسُوه يديهم لَقَال الّدينَ كفَروا إن هذا إلأ سحر ميين 462 [الأنعام]» ولقد قال تعالى: (١‏ ولو فمَحنا عليّهم با مّنَ السّمَاء فطلا فيه يعْرّجُونَ 09 لَقَالُوا إنّمَا كرت أبصارنا بل نحن قوم ممسحورون ©© 4 [الحجر]. ا تفسير سورة الإسرا اع و 21210 > ل ولقد رأينا منهم من يقول: لو جاء ما نطلب ما ظئنا أننا نؤمن. إغا الداء الذى أمرض نفوسهم هو استبعادهم أن يبعث الله تعالى رسوله من البشرء ولذا قال تعالى: وما منع النّاس أن يؤمنوا إِذ جاءهم الْهُدئ إلا أن قَالُوا أبعت الله بَشْرا سوه 4. كان الوحى قد غاب عن العرب أمدا طويلا بعد إبراهيم وإسماعيل ولوط وصالح وهودء فكانوا يجهلون النبوات ولا يعلمون الرسالات السماوية إلا ما بقى لهم من ملة إبراهيم أبيهم» وقد كانت العصبية الجاهلية مسيطرة عليهم» وقد جعلتهم أوزاعا متفرقين» وقد جاء محمد وَِلْةٌ من أوسطهم نبيا بشيرا ونذيراء فاستغل الذين ينافسون بنى هاشم الشرف وينافسون بنى عبد مناف الشرف ذلك الاستغراب أن يكون من البشر رسول وأثاروها به عليهم . وما مع الئاس أن يؤمنوا إِذُ جاءهم الهدئ إلا أن قَانُوا أَبَعَثْ الله ببشرا سرلا 9 4. أى ما منع الناس الإيمان أن يدخل قلوبهم» ف (أن) وفعلها ينسبك منهما مصدر هو المفعول الثانى» و«الناس) المفعول الأول» والفاعل (أن) التى بعد (إلا) وفعلها هو قولهم» ومعنى الكلام وما منع الناس الإيمان إلا قولهم أبعث الله بشرا رسولاء والاستفهام إنكارى بمعنى النفى» أى ما منع الناس الإيمان إلا قولهم لم يبعث الله بشرا رسولاء وجاء النفى على صورة الاستفهام لبيان معنى الاستغراب والتساؤل الذى أدى إلى النفى» ويلاحظ هنا أمران: الأمر الأول: قوله تعالى: إإذ جاءهم الْهدى» هذه إشارة إلى أنهم لا يؤمنون بالرسالة مع آنها حمل فى نفسها دليلها؛ لآنها هادية مرشدة مقنعة مع ما تقتضيه أحكام العقول ومكارم الأخلاق. سسا لا ااا ل 1ب 1 الأمر الثانى: أن نفيهم لأن يكون البشر رسولا إنما هو قولهم لا حقيقة أمرهمء فهم لا يؤمنون بألا يكون البشر رسولا ولكنهم يقولونه قولا من غير برهان ولا إيمان. وإذا كانوا مستبعدين أو مستغربين أن يكون البشر رسولا فهلا تكون رسالة أو يكون الرسول من اللملاتئكة» لا جائز أن يترك الإنسان من غير رسالة» وإذن فعلى زعمهم يكون من الملائتكة» ولكن الملائكة لا يتجانسون مع البشر فلا يهدوهم. ولذا قال تعالى: قل لو كَانَ في الأَرض ملائكة يمُشون مَطْمَئْنينَ لتنا علَيْهِم مّنَ السّمَاء ملكا رسلا © 4. أمر الله نبيه الكريم أن يعلمهم أن الطبيعة الملكية لا يمكن أن تعيش قارة ساكنة مع طبيعة الأرض» وأن كل جنس فى هذا الوجود له ما يشاكله» فالاآرض تشاكل الإنسان والملائكة يشاكلهم مكانهم الذى يعيشون فيه» والرسول يكون من بين المرسل إليهم بل من قومهمء ولذا بين الرسالة لهم هذه الاستحالة قال: قل لهم يا نبى الله لو كَانَ في الأرض ملائكة يُمشون مطْمئْئَينَ... 4. أى لو كان فى الأرض مكان مهيأ للأرواح الطاهرة المطهرة يمشون فيه مطمئنين» أى ساكنين سكونا يتفق مع طبائعهم الروحية ٍالَترَلما علَيهم من السّمَاء ملكا رَسُولا4, أى رسولا من الملائكة. وظ لو 4 كما يقول علماء البيان: حرف امتناع لإمتناع» أى امتنع أن ينزل الله عليهم ملكا رسولا لامتناع أن يكون لهم فى الأرض مكان يمشون فيه ويسكنون ويتفق مع روحانيتهم . أما وجه امتناع المقدم» وهو الشرط؛ فذلك لأن الأرض مادة فيها زرع وغرس وفيها أحجار ورمال وغير ذلك من شتون المادة» والملائكة أرواح لا ترى» فكيف يمكن أن يكون لهم مكان فى هذه الأرض المادية يروحون فيه ويغدون ا تفسير سورة الإسراع 0-١‏ 1لانن 11 اااالاناااللا اانا مما م!ااااااللااا لاا االائااالاال لاط تاللا اناالا تلط لاا مالالا لالتلا اْلاتللا ا 2 ويخاطبون من أرسلوا إليهم» إنه لابد من أن تجسد هذه الأرواح ليمكن أن ثرى وأن تسير فى الأرض وفى هذه الحال لا يكون ثمة فارق بينهم وبين الآدميين» وقد قال تعالى فى سورة الأنعام : ولو جعأناه ملكا لَجِعَلَْاه رجلا ولَلمْسنَا عليّهم ما يلبسون © 4. ولو كان المشركون يريدون أن يخاطبوهم وهم أرواح لا يرونها ويمسمعونها فإن الأوهام تسيطر عليهم ويقول الضالون المضلون: رئى من الجن خيل لهم. إذا كان ذلك كذلك» فمن المستحيل أن يجد الملائكة فى الأرض ما يصلح لدعوتهم» وألا يكون المرسل إليهم صالحين لخطابهم والاستماع إليهم» وإذا امتنع المقدم (لو) فإن الثانى يمنع أيضا بهذه البدهيات العقلية» يأمر الله تعالى نبيه ا أن يرشدهم إن كان فى قلوبهم متسع للإرشاد ولكنهم لا يطلبون دليلا جديدا لنقص فى الدليل» أو تغيير للرسول لعجز فيه» بل يكابرون ويعاندون. وإذا كانوا معاندين فلا جدوى وكفى بالله شهيداء وقد قامت دلائل شهادته» ولذا قال تعالى: « فلحت بل يدا نيكم باد خير يرا 469 . الخطاب للنبى كَل لأنه قام الجدل بينهم وبينه» والله من ورائهم محيطء وهو المؤيد والناصر لنبيه» ويقول الله تعالى لنبيه: قل يا أيها النبى لهؤلاء المعاندين الضالين الذين يطلبون دليلا على رسالتك غير القرآن أو يريدون رسولا من الملائكة «( كَفَئ باللّه شهيدا بيني وبيتكم 4 الباء هنا لتأكيد معنى الكفاية بشهادة الله تعالى» و شهيدا 4 إما أن تفسر الشهادة بمعنى الحكمء وهى تستعمل فى ذلك» كقوله تعالى: ا ... وشهد شاهد مَن أَهلهًا إن كَانَ قميصه قد من قبل ... 65 4 [يوسف] إلى آخر الآية» ويكون معنى النص السامى» وكفى بالله حاكما بينى وبينكم» بأنى رسولء» وأن المعجزة الكبرى وهى القرآن كافية ملزمة وقد الزستكم ال الحجة» وإن حكم الله واضحء وشهادته قائمة بصدق ما جئتكم به. اا تفسير سورة الإبسراع سس سس سس 4 لسر أ وإما أن نقول: إن شهيدا معناه شاهد» للفصل بينى وبينكم» وحاسمة لخلافكم» والشاهد حاكم؛ لأن الحكم يبنى على شهادته» كما قال علي كرم الله وجهه: إنما قتلك شاهداك . والمعنى على ذلك إنما يشهد الله وحده فيما بينى وبينكم؛ وإن شهادة الله تعالى هى المحكّمة» ولذا قال سبحانه: إِنّه كان بعباده خبيرا بُصيرا 4, أى عليما علما دقيقاء وظ بصيرا4 علم من يبصرء فيعرف ما يصلح لكم وما لا يصلح. ومن يكون رسولا ومن لا يكون وهو على كل شىء قدير. ثم قال تعالى: «( ومن بهد الله فهو الْمهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أُوليَاء من دونه وتحشرهم وم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جَهئم كلما حَبْت زدناهم سعيرا 5 4 . بعد أن بين سبحانه أن شهادته كافية لصدق الرسول» وصحة معجزته فى الدلالة على نبوته. أشار سبحانه إلى أنه قد قام الدليل» وما بقى إلا أن يسير المهتدى فى ضوئه» ويتردى الضال فى مهواة الضلالة :9 ومن يهد اللّهِ فهو المهتد 4 . (الواو) عاطفة جملة على جملة» كانت الأولى بمثابة مقدمة الدليل للثانية» ومعنى ومن يهد الله فهو المهتد 4, أى من اهتدى بنور الحق» وسار فى طريقه» فهو المهتد حقا وصدقا وهو البالغ الكمال فى الهداية» والآخذ بالرشاد» والسالك طريق النجاة» وقد عبر عن هداية المهتدى بقوله تعالى: ف[ ومن يَهد الله 4. أى من سلك سبيل الحق مستقيما فإن الله يهديه» فهداية الله تعالى ليس معناها الإجبار على الهداية» وإلا ما كان الجزاء الوفاق» فإنه لا جزاء إلا مع الاختيار» وإن المهتدى يكون مختارا فى ابتداء السيرء ثم أنخذه فى النهاية إلى الطريق الموصل للغاية بلطف الله تعالى وتوفيقه» ثم قال سبحانه: 8 ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه # الإضلال ليس معناه الإجبار على الضلال» وإلا ما ساغ العقاب بعد ها تفسير سورة الإسراء 4 اناا اناالا اللا الااالاالك اناالا للالاااااااااالاالااا اناا الالالال االلااال تاللا لامك اللا اتات ناتللا جب 3 الحساب» وإئما الإضلال معناه أن يسير الضال فى طريق الضلال متبعا هواه وإغواء الشيطان» فيصل إلى نهايته بتقدير الله تعالى وكتابته فى سجل الضالين» وقوله تعالى: فلن تجد لهم أَولِيَاء من دونه 4. أى أنصارا غير الله من الآلهة التى كانوا يعبدونها أو غيرهاء إنما هم يهوون إهواء فى طريق الضلال من غير منج منه. والضمير يعود على معنى (مَن)» ومعنى (من) جمع» وكان عود الضمير فى طإ ومن يهد اللَه4 على لفظء وهو مفرد ومعناه جبمعء وإنما أعيد فى حال الضلال على المعنى لتعدد الضلال وكثرته وتشعب مسالكه؛ وأعيد على لفظ (من) فى ل ماص ساي ام الضالين» ولأن (أل) التى للجدس تدل على الكمال والعموم» فهى مغنية عن لفظ الجمع . وجواب الشرط يشير إلى أن أوثانهم لا تجديهم شيئاء ولا يصلحون لأية ولاية» ثم بين بعد ذلك عقاب الله تعالى طوََحْشرهُم يوم القيامة على وجُوههم» فسرها بعض المفسرين بتقدير محذوف» أى مسحوبين على وجوههم؛ وذلك لأنهم يسحبون فعلا على وجوههم إذلالا لهم وهوانا بهم» وإظهارا لمقت الله تعالى عليهم» وقد سئل النبى يَكْة: أيسيرون على وجوههمء فقال ما مؤداه: كما سيرهم على أرجلهم سيرهم على وجوههه'”"؛ ويصح أن يكون ذلك مجازا لإذلالهم وأنهم لا إرادة لهم فى سيرء بل يدفعون دفعا إلى جهنم . وقال بعض المفسرين: إن معنى ف[ وتحشرهم يوم القيامَة على وجوههم © أنهم يسيرون منكسى الرءوس» خائفين» فالوجه يعبر به عن الذات» وذلك معقول فى ذاته» ويستقيم عليه معنى النص القرآنى السامى . )١(‏ قال أبو عيسٍ : هذا حَديث” سر . كما رواه أحمد: ياقى مسند المكثرين - باقى مسند أبى هريرة تافية 5575م ). اا تفسير سدورة الإسراع للا 284 ولا يسسعون ما تطيب به نفوسهم؛ ولا يتكلمون بحجة فهم ؛ يصيبهم العمى والصمم والبكم» كما عموا عن الحق فلم يببصروه» وعن الاستماع إليه؛ وعن النطق . ويقول البيضاوى فى معنى ذلك : ١لا‏ يبصرون ما تقر به أعينهم» ولا يسمعون ما يلذ لهم سماعه ولا ينطقون بما يقبل منهم؛ لأنهم فى دنياهم لم يستبصروا بالآيات والعبر» وتصاموا عن استماع الحق. وأبوا أن ينطقوا بالصدق» وقد نقله عن الكشاف» وهذا كقوله تعالى : ذإ ومن كان في هذه عم فَهِوَ في الآخرة أعمئ وأضل سبيلا 9 4 وقد بين سبحانه الغاية من حشرهمء وهو أن يصلوا إلى مأواهم , فقال: «( مأواهم جهئم كلما حَبت زدناهم سعيرا . أى أنهم يسكنون جهنمء والتعبير بالمأوى» وهى عادة موضع القرار والاطمئنان فيه تهكم بهم لأن جهنم لا تكون موضع استقرار واطمئنان بل تكون موضع قلق وآلام. وإن العذاب فيها مستمرء ف كلما حَبت 4, أى سكنت أو أطفئتت لاستغراقها كل العظام ولحومهم لإ اهم سبيرا غ4 ودنام . جلودا غيرها» كما قال تعالى: 4 .. كلما نضجت جلودهم باهم جلودا غيرها .. 62 (65) © [النساء] . ذلك جَزَاؤهم بِأَنّهُم كَمَرُوا بآياتنا وَقَانُوا أئذا كنا عظامًا ورقاتا آنا لمبعوثون حَلْقَا جديدا 69 4 . «ذلك» إشارة إلى ما مضى من جزاء المشركين أنهم يحشرون منكسى الوجوه لا ييصرون ما يلذ لهم أن ييسصروهء ولا يسمعون ما يطيب لهم سماعه؛ ولا ينطقون بما يدفعون له عن أنفسهم. ومأواهم جهنم يذوقون العذاب فيها دفعة بعد 9 ا تفسير سورة الإسراع . لصولل 15 5 دفعة. والإشارة إلى هذه الصفات تتضمن أنها العقاب». وقد صرح الله فوق الإشارة بالسببية» وهو الكفر بالآيات الدالة على وحدانية الله» والمعجزات الدالة على إرسال الرسل وخصوصا معجزة القرآن» وهو المعجزة الكبرى. وأشاروا إلى السبب الأصلى لكفرهمٍ بكل الحق» وهو إنكارهم للبعث» وأشار إلى ذلك بقوله تعالى عنهم: «أئذا كنا عظامًا وَرفَانا أكنا لَمَبَعونُونَ خَلْقَا جديدا 4 . أى أنهم ينكرون البعث؛» ويستغربونه» كيف يعودون. وقد صاروا عظاما نخرة» ورفاتا ورميماء أيكونون خلقا جديدا؟! وقد ذكرنا ذلك» ورد الله تعالى ذلك الاستغراب. قدرة 'الآيات والكمّريها من المشركين قال الله تعالى : 22 07 70 لس رم < شلكره الزىخلق! 2 سَمواتِ وأ الدرضقادر عل أن يحلقَ مثلهم لك ساح سار وجَعَلَ لَه راجلا لا لاريبَفِيِهِ َأ الظَدِلِمُونَ إل عورا( لل وى و اك ا ا ل ا 0 م 2 تون حَرَون موق 0 تخسشيهة مه 2 سل ين سر عط اس ع سر عو سل 2 بات يدناتٍ فسكل ب إسم 05 عون سر 0 0 آ آل َل كفي متخو ئ بر قَالَلْقَدَحَلمَسَمآ وَل ته 0 لوم سيم 00 2 هد كارتأ لسوت وَالأر ضٍ بصابرو ف لاه مومه 0211 ال يور 2 92 يتفرعوث متُبورا اويا 23 فأراد أن يَسَسَفْرهم من رض الل الل 01 4م ب را يي" 0 لور ََغرقسه ومن مَعهسجيعا نو وفنا من كدو لب إِسرَةيلٌ 2 سل سرصم سر عو بخ ص -- 8 75-5 أ تكنو اا رض داج و: علا لاخر دناب لل لفيقًا أنكروا الإيمان باليوم الآخرء وعجبوا من أن يعادوا خلقا جديداء وقد صاروا عظاما ورفاتاء وأنكروا أن يكون القرآن معجزة» وطلبوا معجزات حسية محادة لله تعالى» ولتكون معجزنه يله كمعجزات الأنبياء السابقين فرد الله قولهم فى الأمرين» ففى الأمر الأول أشار إلى قدرته على خلق أمثالهم» وأن قدرة الله واسعة ولا يحاسب بها خشية الإنفاق» وفى الأمر الثانى ذكر الله تعالى قدرته أنه أعطى موسى تسع آيات بينات» وقد قال فرعون بعد أن رآهاء وعاينها آية بعد آية: « ...إني لأظنك يا موسئ مسحورا 69 4 . قال تعالى فى الآمر الأول: « أولم يروا أَنَ الله الذي خَلّق السَّموات والأرض قَادر علَئ أن يُخَلقَ مغلهم 4 (الواو) عاطفة على فعل مقدر بما يناسب الكلام» وتقديره أقالوا ذلك ولم يروا أن اللّه الذى خلق السموات والأآرض قادر على أن يخلق مثلهم» والاستفها م داخل على لم يرواء» ومعناه النفى مع التنبيهء يعنى قل قالوا قولهمء وقد رأوا أن الذى خلق خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم . وإذا كان قادرا على أن يخلق مثلهمء فبالاولى وهو قادر على أن يعيد بعضهم أو كلهم فهذا إثبات لإعادتهم خلقا جديدا بطريق دلالة الأولى» مقدم الدليل» وترك لهم أن يأخذوا التالى من المقدم . وقوله تعالى: © وجَعل لهم أجل لأ رب فيه » «(الواو) عاطفة ١جعل‏ لهم أجلا» على «خلق السموات والأرض» . : . فهو جعل لهم أجلا ينتهى ولا يستغير فى نهايتهء . .. فَإِذًا جاء أَجِلَهم لا يَسَتَأَخْرُونَ ساعَة ولا يَسْتَقُدمُودَ © 4 [الأعراف]» فمعنى «لأريب 4 أنه لا شك فيه؛ لآنهم يرون الناس ينتتهون ولا فالنجوم مسخرات لجل مسمى ) وقد قدم سبحانه وتعالى قوله: قادر على أن 0 الل ب أ يخلق »* على قوله: أ وجعل لهم أجلا © للمبادرة بالنتيجة قبل أوصاف الفعل الآأول» لأنها ثابتة بالرؤية والحس » وكل ما فى الوجود له دور ينتهى علده » فالليل والنهار فى ميقاته» والشمس والقمر» يظهران كل فى ميقاته . والأجل الذى يذكره الله تعالى أجلان: أحدهما أجل يرى ويحس» وهو أفول النجوم والكواكب» ونحوهما بالنسبة لكل ما تراه فى السماء ذات البروج» والموت بالنسبة للإنسان والأحياء بشكل عامء وهو أجل تراه ينتهى كل يرم» والأجل الثانى هو أجل هذه الدنيا فإنها إلى أجل محدود هو يوم القيامة» وقد أقام القرآن الأدلة القاطعة على نهاية هذا العالم» وهو أيضا لا ريب فيهء لقيام الآدلة بالنقل والعقل على أن الدنيا إلى فناء وبعدها الآخرة. ومع فيام هذه الأدلة القائمة الثابتة لم يؤمن أكثر الناس » ولذا قال تعالى © فأبى الظالمون إلا كفورا © الفاء هنا للترتيب والتعقيب» وهى بهذه الدلالة فيها توبيخ لهم على كفرهم؛ لآن مؤدى القول أنه كان يترتب على هذا النظر والعلم المؤيد بالدليل نفيضه » والناس هنا أهل مكة أو الناس جميعا» فإن أكثر الناس لا يذعنون للحق إذا تبين» © فأبى 4. أى لم يرتب على ذلك أكثر الناس إلا كفورا © أى إلا كفرا بهذه الحقائق البينة» ف # كفورا» معناه كفر ملح لاح فى الكفرء فزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى . هذه حقائق ونتائجها فى قلوب الكافرين» وهى عند الله أوسع وأعظم هم وتفكيرهم» ولا يقترون فى مداركهم» وإن كان من أوصاف الإنسان أنه قتور ولذا قال تعالى: «قل لو أنتم تما تملك ن خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم حَشيَة الإنقاق وكان الإنسان قتورا 0 # . ا تفسير سورة الإسراء لال و ١ ااا‎ 6 كان الكلام من الله تعالى؛ لأنه ذكر لحقائق الوجودء ولطبائع الأشياء والخلق والتكوين فلما اتجه سبحانه إلى بيان الطبائع الإنسانية أمر من وجب عليه التبليغ أن يبلغهم طبائعهمء فقال عز من قائل: « قل لو أنتم تملكون خزائن رَحَمَّة ربي ...04 قل لهم يا رسولى إليهم لو كنتم تملكون خزائن رحمة الله إذا لأمسكتم» أى إنكم تضيقون على أنفسكم دائها ولا توسعون فى مدارككم وتفكيركم» فلو أنتم بهذا التفكير الضيق تملكون أو تسيطرون على خخزائن رحمة الله على أصحابها كما ضيقتم عقولكمء ومدارككم وتفكيركم» وخزائن رحمة الله هى الرزق والصحة والقوة» وكل ما ينعم الله به تعالى على عباده» وقوله: 9 إذا لأمسكتم خَشَْيَة الإنقاق 24 أى إذا كان ذلك لأمسكتمء و(اللام) هى الواقعة فى جواب 8 إِذا 4 أى أمسكتم على الناس ما رزقوا من رحمته 9 خَشَيَةَ الإنقاق 24 والإنفاق هنا معناه الافتقار بمعنى الإملاق» كقوله تعالى: 9 ولا تقتلوا أولاد كم حَشية إملاق ... 9© 24 أى إنكم تبخلون حتى فى مال غيركم» وتمنعون أصحاب الحقوق من حقوقهم., ثم قال تعالى: « وكان الإنسان قثورا 4, أى بخيلاء لأنه يطلب دائما المعاوضةء وهو بالخير ضنين» وإنه يشعر بالاحتياج دائما؛ لأنه بالنسبة للدنيا يخشى النفاد» ويحرص على أن يبقى لنفسه فى كل الأرمان» وهو لا يحض على طعام المسكين خشية الفقر» وهذا فى طبع الإنسان» ولكنه لا يمنع أن المؤمنين منهم الحواد السخى الذى يعطى المال على حبه مسكينا ويتيما وأسيراء ولذا قال تعالى : ف إن الإنسان خلق هلوعا 69 09 إِذَا مَسَّهِ الشَرٌ جزوعا 60 وإذا مَسّه الْخَير مدوعا ه© إلا المصلين #69 [المعارج]» وإن الإنسان إذا لم يهذبه دين الحق» ولا مجتمع فاضل يبدو فيه أمران: حرص شديد ليحفظ لنفسه فى عزمه نفقته فى القابل» وخوف الفقرء حتى تتحقق الحكمة: «الناس من خوف الفقر فى فقر) فهم فقراء فى ذات أنفسهم إذا خافوا الفقرء وإن هذا النص الكريم يدل على أمور ثلاثة : الآمر الآول: أن خزائن رحمة الله تعالى لا تنفد تشمل البر والفاجرء وتعم الغنى والفقب » والقادر والعاجز. 8# تفسير سورة الإسراء 4 الاالللل لل > ات الأمر النانى: أن العبد هو الذى يقترء ويحس بالفقر دائما إلا أن يكون مؤمنا يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة. الآمر الثالث: أنه على الإنسان أن يهذب غرائزه» فإذا كان قتورا يجب أن يُعَودَ السخاء والإيثار. ذكرنا أن الآيات من قوله: « ألم يوا أن اللّه الذي خَلّق السّموات والأرض... 4 تدل على قدرة الله على البعث» وإعادة الخلق كما بدأه» وتدل على طبيعة الإنسان وخلقه. وأنه حريص على هذه الحياة الدنياء ومن حرصه عليها أنه قتور ضنين» ومن ضنه أنه لا يؤمن باليوم الآخر؛ لأنه لا يؤمن إلا بما فى قبضة يده» ويحرص عليه . وذكر أن الآيات من بعد هذا رد بالوقائع الصادقة على الذين يقولون لو جاءتهم آية حسية لآمنواء فبين الله تعالى لهم أن من سبقوكم جاءتهم آيات حسية كثيرة . ولقد ضرب الله مثلا من ذلك فرعون مع موسى فقال تعالى: « ولقد آتينا مو سئ تسع آيات بِيّنَات فاسأل بدي إسرائيل إِذْ جاءهم فَقَال له فرعون ني لأَظنك يا موسئ ممُسحورا 6-9 4 . (الواو) واصلة الكلام بما قبلهء وهى عاطفة جملة على جملة» وظآتينا 4 معناها أعطيناه حجة ودليلا 8تسع آيات 4 أى معجزات بينات فى دلالتها على رسالة موسى إلى فرعون وبنى إسرائيل» وتلك الآيات التسع كما ذكرها ابن عباس إجمالا فيما روى عنه هى: العصا التى لقفت ما ألقاه السحرة إذ أمره بأن يلقى السحرة حبالهم وعصيهم» ٠‏ «فألقئ مُومئ عصا فَإذَا هي تلقف ما يأفكون 6 » [الشعراء]» واليد إذ قال الله تعالى: لإ راضمم يدك إلى جتاحك تخرج بيضاء من غير سوءآيّة أخرئ 09 4 [طه]ء كما قال تعالى: طفَأَرْسَأَنا عليهِم الطوفَانَ والجراد وَالْفُمّنَ وَالصّفَادعَ وَالدم آيَّات مفَصّلات فَاسْمَكبَرَوا وكَانُوا قوم مُجرمينَ 09 4 بها تفسير سورة الإسراع سسا ا 4 يطلب 2 [الأعراف]ء» والآية الثامنة أنه سبحانه وتعالى أخذهم بالجدب والسئين الشديدة» التى يقل الخير والثمرء ولذا قال تعالى: 98 ولقد أَحَدنا آل فرعون بالسئين ونقص من اللُمْرَات لَعلّهم يَذَكرونَ 099 4 [الأعراف]. والآية التاسعة؛ فلق البحرء وفتح الطريق لبنى إسرائيل» وكان عليهم أن يعتبروا بهذه الآية» ولكنهم اغتروا فاتخذوا الشق سبيلا ليتبعوا بنى إسرائيل» فاتبعوهم فكانوا من المغرقين. هذه آيات» واجه موسى بها فرعون» فاسأل ببي إسرائيل إذ جاءهم 4 أى إذ واجه بها موسى فرعون «( فقال له فرعون إِنَي لأَظْنك يا موسئ مسحورا 4. أى أنه بدل أن يذعن بها ويؤمن بالحق إذ جاءته بينات» كابر واستمر فى غيه» وضلاله القديم وما أجدت تلك الآيات الحسية شيئاء بل قال مؤكداء 9 إِنَّي لأَظنِك »4 الظن هنا بمعنى العلم؛ وقد أكد علمه بسحر موسى ب (إن) و«اللام» و مسحورا » قال الفراء والزجاج: إنها بمعنى ساحر» وأقول: إن معناها بمعنى مفعول لأن معناها أنك فيما تدعيه مسحور. أى مخدوع أو مخيل لك» فأنت لا تقول الحق» بل إنك واهم . أجابه موسى عليه موسى مستيقنا بما يقول» ومبينا له أنه يناقض حسه با زعم من أنه مسحور أو واهم. طقال لَقَد علمت ما أنرّل هؤلاء إلا رب السّمَوات والأرض بصائر وني لأظنك يا فرعون مثبورا 09 4 . ضمير الفاعل يعود إليه؛ لأنه اللتحدث عنه فى الآيات التى أعطيها «/ لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السّمَوات والأرض بَصَائر» (التاء» ضمير المخاطب بالفتح على قراءة الأكثرين'١"2»:‏ وفيه تأكيد موسى لفرعون أنه علم أنه ما أنزل هذه )١(‏ قراءة (لقد علمت) بفتتح التاعء كلهمء ما عذا (الكسائى). والأعشى عن بكر بن عاصم» فقد قرآها بضم التاء. غاية الاختصار: ؟/١061.‏ ها تفسير سورة الإسراع كم 0 ل يي - الآيات إلا رب السموات والأرض بصائر» أى آيات مبصرة» وبصائر جمع بصيرة» أى من شأنها أن تبصر من له بصيرة ينظر فيها بعين قلبه متذكرا متدبرا مؤمنا مذعنا غير متمرد» وقد يقال: كيف يعلمها وينكرها كافر به وبأنعمه؟ والجواب عن ذلك أنه علم ولم يذعن لقوله تعالى: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ... 09 4 [النمل!اء من شأنها أن تلقى باليقين فى نفس كل من يراهاء ولكن ألقت فى نفوسهم با جحود. والجحود يزداد قوة كلما قويت أسباب العلم. هذه القراءة لقد علمت أنا بأنها نزلت من رب السموات» والبصائر منيرة للحق» ومعجزات مثبتة للحق.» وحسبى الله تعالى شاهدا بهاء وأما أنت يا فرعون فقد قدمنا الحجة. ولك أن تؤمن» وإن كفرت فالإاثم عليك» ولذا ختم موسى عَِيَلاِ بقوله: 8 وإِنَي لأضك يا فرعون مشبورا», أى هالكا وملعونا وناقص الإدراك؛ والثبور الهلاك والمنع من الخير» يقال ثبره الله تعالى يثبره ثبراء أى أهلكه ومنعه. وهنا نلاحظ أن قوله: 8 وإِنّي لأَظنك # المراد بالظن العلم المحقق» وعبر عن العلم بالظن مجاراة لما جاء عن فرعونء وقد أكد هذا العلم أولا ب (إن)» وثانيا ب (اللام), وذلك بالقسم . ويلاحظ أنه ثاداه باأسمه لأنه إذا كان فرعون قد استعلى بجبروته فموسى قد أعلاه الله تعالى بمقام الرسالة» فحق لهأن يخاطبه باسمه الصريح ء وألاحظ أن فراعنة هذا الزمان الذين مات آخرهم قريبا كان يظن نفسه أكبر. زادت فرعون الآيات الحسية عتوا فى الأرض وفساداء ولم تقنعه» وكذلك لم تقنع أشباه فرعون من طواغيت ملكه ولقد خرج فرعون عن عهده» فحاول إخراج موسى وبنى إسرائيل بزيادة طغيانه عليه» ولذا قال تعالى: فَأرَادَ أن يستفزهم من الأرض فأَعْرَقنَاهِ ومن مَعَه جميعا 05 4 . | (الفاء») لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه ترتب على إيتاء موسى الآيات التسع التى أقام بها الحجة أمام فرعون» ترتب عليها أن اشتد طغيان لإا تفسير سورة الإسراع الل 010100 4م كيه : 2 فرعون» ولم يترك العناد إلى الإيمان» بل ازداد ولوجا فى الإعنات» ففيه تهكم بهم» وبمن يسلكون مخرفهء وهو طريق الشيطان. واستفزازهم إزعاجهم بالأذى» والاستخفاف: القتل والذبح» والنفى فى اللأرض» وقد هموا بالخروج» فأتبعهم فانفلق البحرء وكان كل فرق كالطود العظيم فدخلوه» وهذا قوله تعالى فى سورة الشعراء الآيات المبينة للاستفزاز وتنجية موسى ومعه بنى إسرائيل» قال تعالى : «فَأرسل فرعون في المُدائن حَاشرِين 65 إن هوْلاء َشرذمة قَليُونَ 22 2 وإنْهم لَنا َعَائظُونَ © ونا لُجميع حاذرون (65) فَأحْرجتَاهم من جنات وعيُونٍ 60 0©) وكنوز ومقامٍ كر (ت) كذلك وأورنشاها بني إسرائيل 9 فأتبعوهم مشرقينَ 60 فَلَمَا تَرَاءى الْجَمَعَان قال أصحاب مومئ إِنَا لمدركون 09 قَالَ كلا إن معي ربّي سيَهْدِينٍ 09 فَأوَحينا إلى مُوسئ أن اضرب بَعَصَاك البِحر فَانفلق فَكَانَ كل فرق كَالطُرد العظيم 3 05 وأزلفنا ثم الآخرين 6 وأبمينا موسئ ومن مّعه أجَمَعِينَ 9ك َم أرقا الآحرِينَ 09 إِن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 550 وإِن ربك لهو الْعَِيرٌ الرحيم 62 4 . هذه نتائج الآيات الحسية التسعء فهل آمن فرعون بهاء لم يؤمن» ولكن ازداد إعناتا وطغياناء وكذلك يفعلون» ثم قال تعالى فى آل بنى إسرائيل : 9 وفنا من بعده لبني إسرائيل اسكُنوا الأرض فَإِذَا جَاء وعد الآخرة جتنا بكم قي © 4. أى بعد أن نجاهم من فرعون إذ خرجوا من البحر ناجين» وغرق هو وجيشه الذى يسيطر به» ويقول لقومه بقوته: 8 ... ما علمت لَكم من إِلهِ غَيْرِي ... 62 4 [القتصص] مغترا باغترارهم» ومستقويا بضلالهم» يقول قلنا لهم بلسان الحال والواقع من بعده اسكنوا الأرض 4 والأرض هنا أهى أرض مصرء ومن يحكمهم فرعون بعد أن زال هو وجنوده؛ وصاروا عبرة للمعتبرين أم هو جنس الأرض؟ إننا نميل إلى أرض مصرهء لعلهم دخلوها مستباحة لهم ثم عادوا طالبين الأرض؛ لأن ظاهر الآيات فى سورة القصص يفيد ذلك» إذ يقول الله تعالى: ف إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يسمضعف طائقة منهم يذبْح أبناءهم اا تفسير سورة الإسراع و 0 لح أ ويستحبي نساءهم إِنَهُ كَانَ من الْمُفُسدين (©) ونْرِيد أن نَمِنَ على الّذِين استضعفوا في لض رج أن وهم الاين :2) وك لهف لض وري فاط ونان وجنودهمًا منهم ما كَانوا يَحَذَرُونَ 450 [القصص]ء وهذا الفساد لبنى إسرائيل وأهل مصر وملا فرعونء والخلق أجمعين لأمد محدودء وهو يوم الآخرة» ولذا قال تعالى : ظفَإذًا جاء وعد الآخرة 4 وهو الميعاد الذى تنتهى به هذه الدنياء ويجىء وعد الحياة الآخرة «إجئنا بكم لفيفا 4, أى مختلطين من أشتات شتى سود وبيض وصفر وحمرء وحاكم ومحكوم. وطاغ وعادل» فاللفيف ما اجتمع من الناس من قبائل شتى» أى يجىء الأذلاء والطلقاء» والأعزاء والكرماء» وكل يقوم فى مقام ويحاسبون بميزان الحق الذى لا شطط فيهء ولا نقص ولا بخس» فأما من كان قد جاء بالخير فله الحسنى» وأما من جاء بالأخرى فله عذاب مقيم. بعد ذلك بين الله مقام القرآن وأنه بعد أن بين أن الآيات الحسية لا تجدى مع الضلال . ش قال اللّه تعالى : 00 سل وو ا# ا[ اال ٠.‏ ٠.‏ محلم له فب سل 2ص آي ولاس أله سدع ع سب جم يق أنزلئه والح رلوم سنك مسرا وزيا 7 ارتلكنا علخ وولةري3 © 2 سن فره م ل و م م خرودمء جل ص ل كرح سس قلءامنوا يو أولا نؤمنوإِنَالذين أونوا ا لعلم من شاه إذا يتن 2 ا ا بجوي راع ير 01 و" لتم خرون للاذقانِ سجدا ييا وبقولون سب حدن ريناإنكان حر جتقهي و 26 سل رى نريو وعدرينالمفعولا لوبي وَصخروت للا دقان كوت وبزِيد هر 5 - عد ار 52-2 جا ع مع وودمم رع صرحو وم يه سس مه به و 2 0 خسوا 9 لين فل ادعو الله أوأدعوااليحمن يام دعو فَآهُ وج وي سو ص جوم سه سح سو ل له ا لح ل الاسماء الحسين ولا نيجهر: بصلانِك ولاتخافتيها وابتخ لس سا سر عر ل 5 1 بج 1خ م عمو يه 22 | رده + سر شط بين ذلك يبيبلا 9 وقل )عمد لت الى ل سْخِدَ وإدأولريكق ]مر م عل َو كر صجوء سر 7 2 مم 3 يه لد سل ل جك لمدشربك فى الماك ولمَيكن ليلدل وكير تيبا يه ا تفسير سورة الإسراء 5 اساسا اا 40 حر ا بعد أن بين الله تعالى أن المعجزة الحسية لم تجد مع من سبقوهم» وضرب مثلا بفرعون وكيف زادته الحجة الحسية التى كثر عددها حتى صارت تسعا لا تزده إلا إعناتا واستمرارا فى غيه» وهم يقلدون فرعون فى طغيانه» فاتخذوه أسوة لهم فى كفره بالآيات التسع» وليقصدوا القرآن» فهو حجة الله تعالى الخالدة إلى يوم القيامة» ولذا قال تعالى: وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أَرَسلْاك إِلذّ مشر ونذيرا 0-2 4 . أى بالحق وحده نزل» وأفاد القصرء هو تقديم الجار والمجرور على الفعل أنزلناه» أى أنزلناه من عندنا بالحق حكمة ثابتة أردناهاء» فإن كل معجزة تكون مناسبة لرسالة الرسولء ولا كانت رسالة محمد كَكِلَهٌ للناس أجمعين» وهو خاتم النبيين فناسب أن تكون معجزة ليست حادثة تقع» ثم تنقضى بانقضاء زمانهاء بل تبقى خالدة باقية تتحدى الأجيال إلى يوم الدين». فالله تعالى هو الذى اخحتار بحكمته لنبيه هذه المعجزة» وهذا كقوله تعالى: « لكن الله يشهد بما أنزل إَِيك أنزله بعلم وَالْمَلائكة يدود وكقئ بالل شهيدا 4059 [النساء]ء « وَبالْحقي تزّل» يفيد الاختصاصء أى نزل مشتملا على الحق لا بعضه.» فقد اختاره الله معجزة لمحمد ٠‏ بالحق» وللحكمة العالية التى قدرها رب العالمين» وهو وحده الذى يشتمل على الحق من بين الكتب السماوية» فهو مهيمن عليها يبقى منها من يستحق البقاء وينهى ما يبقى من أحكام نسسخهاء كالتى كانت فرضت على بنى إسرائيل تهذيبا لنفوسهم» وفطما لشهواتهم. وإذا كانت معجزة القرآن هى التى اختارها سبحانه لك» فما عليك إذا لم يؤمنوا بهاء وما عليك إذا لم يهتدوا إذا قام الدليل» وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيراء أى مبشرا للمؤمنين الذين آمنوا بالحق واهتدواء ومنذرا للذين كفروا وأصموا آذانهم عن الحق» وعميت أبصارهم عن رؤيته» وضلت أفئدتهم سواء السبيل. ا تفسير سورة الإسراع 6059 الللااا0ا0الا0ا0اااال0اا الل 0االلو الل ١: كاك‎ يي وإن هذا الكتاب الحكيم الذى هو معجزة النبى كَلِْةٍ نزل مقروءا ليبقى إلى يوم القيامة حجة خالدة» ويحفظ فى الأجيال بحفظ الله تعالى كما قال: إِنّا نحن لما الذكر ونا لَه َحَافظُونَ (5 » [الحجر]ء ولقد قال تعالى فى نزول القرآن. 9 وقرانا فرقناه لتقرأه على النّاس على مككْث وتَرَلنَاهُ تتريلاً 6 . إقرانا 4 مفعول لفعل محذوف يناسب المقامء ويبينه ما جاء بعدهء وتقديرهء ونزلنا قرآناء أى نزلنا كتابا مقروءاء لا مكتوبا فقط؛ ولقد علم الله محمدا يَكَةِ طريق قراءته» وهو ترتيله» فقال تعالى: 9لا تحرك به لسائك لتعجل به 09 إن علينا جمعه وقرانه 09 فَإِذا فرأناه فَاتَبع قراته 09 ثم إِنَ علينا بيانَه 09 4 [القيامة]» أى إن علينا أن 7 تقرأ القرآن قراءة مرتلة مبينة» كما قال تعالى: « أو زد عليه وَل القرآت ة ترتيلاً 0 > [المزمل] . فالقرآن الكريم محفوظ بكل عباراته» وكلماته وقراءاته» وتلاوته» ومنهاج هذه التلاوة؛ لآن ذلك كله متواتر عن النبى يك تواترا يُعَدّ العلم به علما ضروريا لا يرتاب فيه إلا كافر. والتتكير فى قوله تعالى: قُرآنا 4 للتعظيم» وليذهب العقل فى عظمته كل مذهب, ولأن المقصود وصفه بأنه مقروء غير مكتوب فقطء بل هو محفوظ فى الصدور قبل السطورء وكان حفظه فى الصدور حماية له من التحريف. وقوله تعالى: فرقتاه 4 فيها قراءة بالتخفيف. وأخرى بتشديد الراء» والمعنى واحدء ومتلاق» وهو أنه نزل مفرقاء ولم ينزل دفعة واحدة» بل نزل منجما نجما بعد نجم على حسب ما تقتضيه حكمته تعالى وإرادته فكان ينزل مع الحوادث» وهى تشير إلى بيانه» وليستطيع النبى وصحابته حفظه» ولو نزل دفعة واحدة ما وجد من يكتبه» لأنهم قوم أميون» ولأن الكتابة قد يصيبها التحريف» وما فى الصدور لا يحرف» ولا يصحف. ولا يذهب حنظه كشأن الكتب السابقة التى حرفت» ونسى النصارى واليهود حظا مما ذكروا به. ا تفسسير سورة الإسراع ااا ل 4 ب ا وذكر سبحانه السبب فى نزوله مفرقا بقوله تعالى: لقره عَلَى اناس عَلَى مَكْث » أى على تمهل وتطاول فى المدة» فيحفظوه حفظا بدل أن يلقوا بكتابته على رقاع أو قطع من مواد أخرى كما فى الشجرء وهكذا. و مكث 4 تتضمن امتداد الزمن امتدادا يمكثون فيه من قراءته وحفظهء وتفهمهء وتعريف غاياته ومراميه» وكان الصحابة كلما جمعوا عدة آيات حفظا وترتيلاء سألوا النبى كَكلْةٌ عن جملة معانيها إن كانوا لم يفهموها. مه ووس ثم قال تعالى: :9 ولاه تيلا 4. أى نزلناه متدرجا منجماء وآكد نزّل بالمصدر ليعلموا أنه تنزل بمعانيه وألفاظه»ء ولعل فى هذا ردا على الذين افتروا الكذب» وقالوا إنه نزل بمعناه» والعبارة كيف نزل» ولقد كذبوا فى ذلك وأعظموا الفرية» وإن ذلك من افتراء الكفار عليه» ووهن إيمان بعض من ينتسبون للإسلام. هذا ما ساقه الله تعالى لبيان مقام القرآن وسط آيات الله تعالى» وأنه أعظم آيات الله تعالى فى الدلالة على رسالة الرسولء وأدومهاء وأتقاهاء وبين أن الآيات الحسية قد جاءت فى أحوال كثيرة» ولم تنتج إيمانا بل تبعها من الطغاة عتوا واستكباراء وتوالى المظالم» وبعد هذا البيان قال الله تعالى : طقل آمنوا به أو لا تُؤمئوا إن الّذينَ أُوثُوا الْعلّم من قَبَله إذا يتلى عَلَيِهِم يخرون لدَذقَانَ سَجدا 69 4 . ْ أمر الله تعالى أن يبين لهم أن إيمانهم وعدم إيمانهم عند الله على سواءء فما يضير القرآن أن يؤمن به الجهال» ولا يرفعه فوق منزلته التى وضعه الله فيها ألا يؤمنون» ويقول الزمخشرى فى هذا: «أمر النبى مَكْةٌ بالإعراض عنهم واحتقارهم والازدراء بشأنهم» وإنهم إن لم يدخلوا فى الإيمان ولم يصدقوا بالقرآن» وهم أهل جاهلية وشرك» فإن خيرا منهم وهم العلماء الذين قرءوا الكتاب» وعلموا ما الوحى وما الشرائع وقد آمنوا به وصدقوهء وثبت عندهم آنه النبى العربى الموعود فى كتبهم فإذا تلى عليهم خروا سجداء وسبحوا الله تعظيما للأمرهء ولإنجاز ما ا تفسير سورة الإسراع 0 اللللللللا0ا0اااللللاااااالللاااللللللل لال كا :” 3 وعد فى الكتب المنزلة» وبشّر من بعئه محمدا يكهِ وهو المراد بالوعد فى قوله تعالى : إن كان وعد ربا لمفعولاً 6 . وقوله تعالى: إن الذي أوتوا الْعلّم من قَبله إذَا يتلى عَلَيهِم يخرون للأَذقَان سجدا 4 هذا النص الكريم فى مقام التعليل لقوله: آمنوا به أو لا تؤمنوا 4, أى سيان إيمانكم وعدم إيمانكم بالقرآن» فإنكم إن كفرتم فقد وجد من يؤمن به ويدرك منزلته» وكان من أولى العلم قبله من يعرف قدره ويؤمن به» وينزل فى قلبه المنزلة التى أرادها الله تعالى . وأولو العلم هم أهل الكتاب كما ذكر الزمخشرى وغيره من المفسرين إذ أوتوا علم الكتاب السماوى» وعلم النبوات» والعلم بأنه سينزل كتاب مصدق لا بين يديه» ولعله لا مانع من التوسع فى معنى أولى العلم بأنهم أولو الإدراك والتأمل والعلم بكل ما يتعلق بالله تعالى من أهل الكتاب» وأهل الحكمة والمعرفة الذين أوتوا المعرفة» فإن هؤلاء قد يكونون من أوساط لا إيمان فيها كإيمان مؤمن آل فرعونء» وكإيمان السحرة وكإيمان الأوس والخزرج» وقوله تعالى: «إ من قبله4. أى من قبل البعث المحمدىء. فإن هؤلاء يكونون» حيث يكون العقل والتفكيرء لا حيث الكتب السماوية فقطء ولكن الظاهر أنهم أهل الكتاب المدركون. وقد قال تعالى فى وصف أهل العلم عندما يتلى عليهم ا يَخْرُونَ للأَذقَان سَجّدا 4 سجدا جمع ساجد كركع» وظ يَخْرَون 4 ينزلون فى خشوع وخضوع ساجدين» وقوله تعالى: «يخرون للأَذقَان4؛ أى يخرون بوجوههم وهو أعلى موضع شرفهم البدنى والتعبير ب 8 يَخْرُون4 من قبيل تسمية الكل باسم الجزء» فهو عبر عن الوجه بأبرز أجزائه» وهو الذقن» وهو موضع الشرفء» ويظهر أنها الأذقان بما يشتمل عليه من اللَّحا؛ لأن اللحية من كمال جمال الوجه. ويقول سبحانه بعد ذلك فى أوصاف أهل العلم: ل تفسير سورة الإسراع 0 40 حب ا «يخرون للأَذقَانَ سجدا 00 ويقولون سبحا ربّنا إن كان وعد ربَنا لمفعرلاً 00 4 . ذكر سبحانه وتعالى أنهم يخرون ساجدين» وإنهم مع سجودهم يملك التأثر نفوسهم 8 ويقولون سبَحان ربْنا 4. أى تقديسا وتنزيها وخضوعا لربنا الذى خلقناء وأمدنا برحمته بنزول القرآن» وذكر الله تعالى باسم ربناء بيانا لامتشالهم» وبيانا لأنه رباهم» وأن القرآن من كمال تهذيبهم 9إن كان وعد ربا لَمَفَعُولاً4 و(إن) مخففة من الثقيلة» واسمها ضمير الشأن» أى إنه الحال والشأن وعد ربناء و(اللام) فى قوله « لمفعولاً 4 لام التوكيد» وهى الفارقة بين (إن) النافية» و(إِنْ) المؤكدة» و(كان) دالة على الاستمرار» ووعد الله تعالى هو بإنزل القرآن وبعث محمد َكل وتكرار ربنا لكمال معنى الخنضوع والربوبية والعبودية» وقوله لمفعولاء أى واقعا يفعله الله تعالى بإرادته المختارة وهو على كل شىء قدير» فوعد سبحانه وما أخلف . الوصف الثالث من أوصاف أولى العلم عندما يستمعون القرآن ذكره سبحانه بقوله : ف( ويخرون للأذقان يكون ويزيدهم خشوعا «6 4 . هذا هو الوصف الثالث من أوصاف أولى العلم عندما يتلى عليهم القرآن» وكرر خرورهم الأول أى سقوطهم للأذقان باكين من تأثرهم به» وإحساسهم بأن الله تعالى يخاطبهم بكلامه» وأنهم يستمعون إليه فيتغلب عليهم البكاء من فرط إدراكهم» ولعلو إحساسهم» ويقول: «ويزيدهم خشوعا 24 أى خضوعا لله تعالى وإيمانا بحق عبوديته» فكلما تلى عليهم ازدادوا علماء وكلما ازدادوا علما ازدادوا إيمانا وخشوعهم يستمر فى ثموء وإيمانهم بحق العبودية يزداد كلما تلى عليهم . وإن هذه الآيات تسلية للنبى َللْةّ كما ذكر الزمخشرى» فإذا كان المشركون قد أنكروا آيات الله» فهناك أهل العلم المدركون الذين يعلمون الوحى» والرسالة اا تفسير سورة الإسراء 0 الللللإلاات0االلول ا الا لسرب أ والرسل» ويدركون نعم الله تعالى» ويعرفون رسالتك» ويقدرون معجزتك حق قدرها فلا تأس عليهم» ولا تلتفت» فالله معك وأهل العلم يشهدون لك. وإنه بعد بطلان قولهم فيما طلبوا من آيات» وبيان مقام القرآن بين الله سبحانه دعوة الله وأشار إلى أسمائه الحسنى فقال: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أَيَا ما تدعوا فلَهُ الأسمَاء الحستئ ولا تَجهْر سلاجك رخافت به ع م ذلك سيا 49 . © دعوا الله أوادعوا الرحَمَن »© ناده باسم الله أو باسم الرحمن» فإنهما صفات الله تعالى» وله أسماء غيرهما تدل على جلاله وكبريائه» واتصافه بكل كمال» وذاته العلية واحدة وقوله تعالى: 8 أَيَا ما تدعوا فَلَهُ الأسمَاء الحستى 4 الأسماء التى تبلغ أعلى درجات الحسنى» التى ليس فوقها درجة» الحسنى مؤنث الأحسن» وأفعل التفضيل ليس على بايه؛ لأنه لامفاضلة بين أسماء الله تعالى» وأسماء غيره» 8 أَيَا ما تدعوا فلَهُ الأسماء الحستى 4 ا أيا 4 مفعول ل 9 تدعوا 4 والتنوين عوض عن المضاف المحذوف وما 4 صلة لتوكيد الكثرة فى 8 أَيًا 24 أى أيَّا من الأسماء تدعو مهما يكن قدرها؛ فذلك سائغ لأن له الأسماء فإنه سبحانه له الأسماء الحسنى» على ما شرحنا. وكان ذكر الدعاء بالرحمن أنه كالدعاء» واختص ذكر الرحمن بالذكر من صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى؛ لأن العرب كما قيل لا يعرفون الرحمن إلا رحمان اليمامة»؛ أو كما روى» وفى صحاح السيرة أن المشركين عندما أنخذ علي يكتب العهد فى صلح الحديبية قال: بسم الله الرحمن الرحيم» قالوا أما الرحيم فنعرفه» وأما الرحمن فلا نعرفه اكتب باسمك اللهه'ا"» فالله سبحانه بين بهذا أن الرحمن اسم اللّه» وأن غيره من الأسماء الحسنى . )١(‏ انظر ما رواه مسلم: الجهاد والسير- صلح الحديبية فى الحديبية (/2)77119 وأحمد: باقى مسند المكثرين- باقى مسند أنس طَِقيَة (177775). وراجع رواية البخارى: الشروط- الشروط فى الجهاد(7579)): عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل منهما حديث صاحبه» وفيها طول. بلا تفسير سورة الإسراع 01 اكاك + لىج< قال تعالى: 9 ولا تَجَهَرَ بصلاتك ولا تخافت بها » وفى هذا قرينة على أن الدعاء المذكور فى النص ليس هو مجرد نداء أو دعاء إنما هو عبادة» وقالوا فى سبب نزول هذه الآية» أو هذا النصء إن النبى كله كان يقرأ القرآن فيسب المشركون كلام الله تعالى فأمر النبى يلد بألا يجهرء ولا يخافت» وروى أن أبا بكر كان يخافت ويقول إنما أناجى ربى» وهو يعلم حاجتى» وكان عمر يجهر ويقول: أنا أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان» فلما نزلت هذه الآية قيل لأبى بكر ارفع قليلاء ولعمر اخفض قليلا « واب بين ذلك سبيلا 4. أى اطلب طريقا وسطا بين الجهر والمخافتة» وفى الكلام مجاز»ء فى إطلاق وسط القراءة التى بين الجهر والخفت على الطريق الوسط. وقيل تفسير الجهر والخفت بألا يجهر المصلى فى كل صلاته» ولا يخافت فى كلهاء بل يجهر فى صلاة الليل» ويخافت فى صلاة النهار وذلك هو الوسط بين السبيل البين بعد ذلك . وقد أنهى سبحانه وتعالى سورة الإسراء بتكبير الله تعالى كما ابتدأت بالإسراء» فقال تعالى: « رقل الْحَمَدُ لله الذي لم يتَحدَ ولدا وم يكن لَه شريك في الْملّك ولّم يكن له يض ل وكير كيرا 49 . أمر الله تعالى نبيه أن يحمده ويكبره» فإن لا يوجد من يستحق الحمد والتكبير غيره. قل يا رسول الله: الْحَمَد للّه4؛ أى الحمد كله لله سبنحانه وتعالى» فلا يستحق» ولا يختص بالحمد سواه على ما خلق وأنشاأ وكونء 8 الذي َم يَعَخَد ولّداي, وهذا يشير إلى أنه ليس ممائلا للحوادث فى أى حال من أحوالهمء ؛ ليس كمثله شىء وهو السمصيع البصيرء » وقد قال تعالى: ١‏ بديع السّمَوَات والأْض أن يكن لَه ولد ولَم تكن لَه صاحبة . . . 469 [الأنعام]» وقوله تعالى: «لم يمَخد ولدا4 يشير إلى أن جميع خلقه على سواءء « لم يلد ولم 4 | تفسير سورة الإسراء ظ. اب 0 فى ْ ولد © 4 [الإخلاص]» ولم يتخذ صاحبة ولا ولداء فليس هناك أبناء كما ادعى اليهود» وليس عيسى ابنه . وم يكن لَه شريك في الْملّك 4 فهو المالك الخالق لكل شىء» وم يكن لَه ولي من الذال 4 أئن لم يكن ولى يناصره ويحميه من الذلء 8 وكبره تكخبيرا 4, أى تكبيرا يليق بذاته العلية. نفى الله تعالى كما ذكرنا عن ذاته العلية ثلاثة أمورء وأثبت بعد هذا النفى وجوب التكبير» أما الأمور الثلاثة» فهى اتخاذه ولدا كما ذكرتاء ونفاه؛ لأن الولد ينبئ عن الحاجة» والله تعالى غنى حميد» «ايَا أَيهَا الئاس أنتم الفقراء إِلَى الله واللّه هو الي الْحَمِيد 462 [فاطر]ء ونفى سبحانه أن يكون له شريك فى سلطانه فلا ينازعه أحد؛ لأنه الخالق, وهو المالك « لو كان فيهما آلهة إل اللّهِ لفسدنا فُسبحَانَ الله رب العرش عَمّا يَصفون © * [الأنبياء]ء ونفى أن يكون له ولى من إلذل» (الولى) النصيرء ومن يكون فى جواره لحمايته» وفال: لمن الل 4. أى بسبب ذله» واحتياجه إلى النصيرء وذكر لفظ الذل ليؤكد النفى فإن ذلك محال على الله» ونسبته إليه سبحانه لا يليق بذى الال والإكرام» وإن نفى ذلك كله ينتهى بوجوب تكبيره تكبيرا مُؤكدا. فالله أكبر كبيراء» والحمد لله كثيرا وسبحان الله تعالى . بكرة وأصيلا . سميت هذه السورة بسورة الكهف؛ لآن أهل الكهيف وقصتهم أخذت شطرا كبيراء وعدد آياتها عشرة ومائة آية» وهى مكية» وجاء فى المصحف أن الآية الثامنة والثلاثين مدنية وكذلك الآيات من 8 إلى »٠١١‏ والله أعلم وكلها قرآنه الحكيم . ابتدأ سبحانه وتعالى السورة الكريمة بحمد الله تثالى الذى أنزل على عبده الكتاب» كما اختتم سورة الإسراء بالتكبير» ونفى اتخاذ الولد» وبين أنه شىء نكر لا يقع من عقلاءء « كبرت كَلمَةَ تَحرَج من أَْواههم إن يقُولُونَ إلا كذبا 4 ثم أشار سبحانه إلى زينة الأرض . وبعد ذلك ذكر قصة أهل الكهف. وهى دليل على صبرء أهل الحق» وعلى قدرة الله تعالى على الإحياء بعد الموت» أو شبههء وعلى عجائب الله تعالى فى خلقه» وقد استغرقت قصتهم وأحوالهم إلى قوله تعالى : وائل ما أوحي ي إلَيك من كاب رَبك لا مَل لكلماته وآن تَجد من دونه ملحا 59) واصطبر تَفْسَك مع ادي يعون رهم بالغداة والعشى يدون هه ولا تغد عمَاك نهم يدي الحياة لاني ولا طع مَن أعْغَلنَاقَبَهُ عن ذكرَا وابَعَ هواه وكان أمره فرطا 00 بين سبحانه وتعالى الحق» وما يكون من عقاب على الباطل : طن عدن للظالمين نارا أحَاط يهم سُرَادقُهًا ون يَسْمَعيكُوا يُحَانُوا بِمَاء كَالْمُهْلٍ يَشْوِي الْوْجُوه بقس الشراب وسَاءت مرتفقَا 4 . ثم بين سبحانه جزاء المؤمنين الذين عملوا الصالحات» ويذكر سبحانه وتعالى قصة تُصوّر غرور غير المؤمن وإيمان المؤمن وألا يغتر بالله غروراء وأن نعيم الدنيا عرضة للزوال وينصح المغرور فيقول: 9 ولؤلا إذ دَخَلْتَ جنك قلت ما شاء الله 0 08 تفسيرسورة الكهف ب ات لا فوة إلا باله إن ترن أنا قل مك مالا وولدا 9©) فعسئ ربِي أن يتيني خَيرا من جنك ويرسل علَيِهًا حسبانا م السّمَاء فَمْصْبِحَ صعيدا رَلَقَا 9 أو يُصبح مَاوْهَا غَورا فلن تستطيع له طلا 5 4 ولكنه بعد هذه النصيحة يستسمر فى غيه وغروره حتى يزول ثمره» ف( وأحبط بفمره فأصبح يقلَب حَفيْه على ما أنفق فيها وهي حَاويةٌ على عروشها ويقول يا ليسي لَم أشرك بربي أحدا 0) ولم تكن لَه فة ينصرونهُ من ذون اللّه وما كان مسّصرا 9 هنالك الْولاية لله الح هو حَيرِ تَوابَا وَخَيْرٌ عَقْبا 9 4 وقد ضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بما يدل على فنائتها وذهاب زخرفها. ويذكر سبحانه أن المال والبنين زينة الحياة الدنياء والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباء وخصير أملاء ويذكر لهم سبحانه حالهم يوم القيامة والميزان والحساب. ثم يذكرهم سبحانه بأصل خلق الإنسان وعداوة إبليس لآدم وذريته» وفسقه عن أمر ربه» وقد اتخذ بنو آدم إبليس وذريته أولياء من دون الله 9 وهم لكم عدو بكس للظَالمين بدلا » . إن الله خلق السموات والأرض» وإن لم يشهدوا خلقهاء ثم ذكرهم سبحانه بيوم القيامة وما يكون فيه»ء ورؤية المجرمين النار وظنهم أنهم مواقعوهاء ولم يجدوا عنها مصرفا. ولقد ذكرهم سبحانه بالقرآن وتصريفه سبحانه فيه» وأنذرهم بسنة الأولين أو أن يآتيهم العذاب قبلاء» ويجادل الذين كفروا بالباطل . وبين سبحانه وتعالى ظلم من ذكر بآيات ربه فأعرض عنهاء ثم ذكر سبحانه ظلم القرى وهلاكها بسبب الظلم. قصة موسى يد مع العبد الصالح: ثم ذكر سبحانه وتعالى» «وإِذ قال موسئ لفَنَاه لا أبرح حتَئ أبلع مُجَمع البحرين أو أمضي حقبًا #59 حتى وجدا عبدا من عباد الله صالحاء «قَال له موسئ اا تفسير سورة الكهف 1١١‏ اانا اتاا !لاا اااااالاااالااا الا الالالال طخمللمناخلاااااك! اللالاالااا لاط للطخخمملمااخممااماماماال لاا عامط طلخ خط ططخ ططخم لاا اللا و سس اق هَل أَتبعكَ عَلَئْ أن تُعلَمَِ مما عُلَمْتَ رشدا 9 4, ٠‏ ثم كانت بينهما المحاورة» وسارا فانطلقا حتى إذا أتيا سفينة فركباها فخرقهاء ٠‏ طقال أَحَرقَها لتغرق أهلها 4. ثم سار لإ حمَئ إِذا قا غلاما فَقََلَهِ 4 , قال موسى: ٍأَََت نفْسا زكيّة بغيرٍ نفس لْقَد جتت و2 شيئًا نُكْرا 4 ٠‏ فانطلقا حتى إذا وجدا أهل قرية فأراد أن يضيفوهما « فوجدا فيها جدارا بريد أن فض فاه قال لو سنت لامّحَذت عه جا 4 . وقد أجابه بعد ذلك عن السفينة بأن 8 وراءهم ملك يَأخْذ كل :( سفيئة غصبًا 4. وعن قتل الغلام بأن أبويه كانا صالخين د فَحَشِيئا أن يرْهقَهمَا َغْيانا وكفرا 4. وما الجدار فَكَانَ لغلامين سم في مدي وكا نه هما وكا نوما الحا فأا لكأن يفا هم ذو القرنين: بعد ذلك جاء ذكر ذى القرنين: ساون عن دي ارين فسأت كم منْهُ ذكرا 69 24 ثم ذكر سبحانه أعماله الصالحة وكيف مكّن الله له فى الأرض وهياً له الأسباب» وبلوغه مغرب الشمس» وعدله مع من. ظلم ومع من عدل» وعندما بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم يجعل لهم من دونها ستراء م كان ما من يأجوج ومأجوج» وقد أقام بينه وبينهم سداء لإ فما اسطاعوا أن عه اساي اس يَظْهَرُوهُ وَمَا اسعَطَاعُوا لَهُتَقْبّا 69 قَالَ هَذَا رَحَمَة مَن بي فَإِذَا جاء وعد ربَّي جعله دكّاء وقد ذكر سبحانه جزاء جهنم للظالمين وجزاء المتقسين»؛ وقال فى جزاء الكافرين : ( ذلك جَرَارُهُمْ جهنم بمَا كَفَروا وَانحَدُوا آياتي ورسلي هزوا 25 4 وبين أن جزاء المؤمنين جنة الفردوس خالدين فيها لا ييغون عنها حولاء واختتم السورة بهاتين الآيتين: قل ركان لبر مدآدا لكلمات ري لتَهد ابر قبل أن هد كلمات َي وَلَوْجتَا بمفله مَددًا 0-9 قُلْإِنمَا أنا بشرمَتَْكُمْ يوحئ إِلَي نما هكم إِلّه واحد فَمَن كان يرْجُو لقاء ربّه فَليَعْمَلْ عملا صّالحًا ولا يُشرِك بعبّادة ره أحَدا 59 > . م ش ٠#‏ تفسيرسورة الكهف 15 يمره بي معانى السورة الكريمة قال اللّه تعالى: لفتئي الك رم عد لكبو تداج _- بم داكو م ولع م وو لوده ل دحو المنذرباسا شديدامن لدنه وسشرالمومنن! لَدِينَ مج ساعر بح سس / م 62س ل كرس 2-6 دة يعملورت الصللحات أن لهم أجراحسَئًا ليق مَدكدِين فد بدا( وَسرَاي افوا صنو0 02 عَالُميهن عو لا بيهم َكَرَت حكلمة م ع ءاره إن لصوأ 2018 1 إِنَا حَأمَامَاعكَا رض ريدلا مهرمأ أَحَسَنْعمَ وَإِتَالجهٍ يلون مَاعَلمَاصَعِيدٌ 7 ووه 2 ابتدأت السورة الكريمة بالتحميد بعد أن ختمت السورة السابقة بالأمر بالتكبير»ء فهو المحمود الكبير الذى ليس فوقه أحد سبحانه وتعالى و«ال» فى ©الْحَمَدِ» للاستغراق» أى استغراق كل الحمد وأعلاه» فهو المحمود ولا محمود بحق سواه وكل آحاد الحمد تعود إليه بإطلاق» وليس لغيره حمد إلا نسبى» وفى دائرة محدودة» هى دائرة المخلوق الذى لا يملك شيئا إلا من الله تعالى» 8 الّذي أنزل علئ عبده الكتاب »4 هذه جملة تشير إلى سبب الحمد أو بعض أسبابه» فإن الحمد لا يكون إلا بنعمة» وهذه النعمة أجل النعم» وأعظمها؛ لأنها نعمة إنزال الكتاب على عبدهء وتقديم الجار والمجرور على عبده 4 على الكتاب لمزيد الاهتمام بكونه عبده. فإنه عبد الله ومبلغ رسالته ومن اختصه لنبوته وهو أعلم اا تفسير سورة الكهف م 1 > اا حيث يجعل رسالته» وقوله تعالى: 8 الكتاب» للدلالة على كمال الكتاب فى ذاته» فهو الجدير بأن يسمى كتاباء وليس غيره جديرا بهذه التسمية» وله ذلك الشرف الدانى؛ لأنه يشتمل على كل ما يصلح البشر فى معاشهمء ومعادهم وما تقوم به مدنية سليمة فاضلة تنفى خبثهاء وتدعم خيرهاء وله شرف آخر إضافى وهو أنه منزل من الله العزيز الرحيم الرءوف الغفور الذى رحمته وسعت كل شىء. هذه صفات ذاتية وإضافية» ومن صفاته الذاتية أيضا أنه لا عوج فيه؛ ولذا قال تعالى : ظ وَلَمَ يَجَعَل لَّهُ عوَجًا4. أى أنه سبحانه خلقه متجها إلى الحق من غير انحراف» وأنه كالجسم الذى لا يعرَّج حسياء فإن الجسم قد يكون فى ذاته مستقيماء ولكن قد يتعرض لبعض الصدمات التى تجعله يسيخ(١'‏ أو ينقبض» وإن هذا القرآن لا عوج فيه» لا من .خارجه ولا من أصل تكوينه» فهو كونه قويما ولا يمسه شىء يزيغ أو ينحرف» فهو قويم غير قابل للاعوجاج. «قَيّما4, أى أنه مستقيم فى ذاته كما أنه لم يعره اعوجاج فى أى ناحية من نواحيه» ولا أى معنى من معانيه وهو قيّم على الكتب السابقة كلها؛ لأنه مهيمن عليها يبين ما نسخ منهاء وما لم ينسخ» وما كان فيه تحريف». وما نسىء وما بقى» وهو قيم على مصالح الناس» ودفع مفاسدهاء وقيام بنائها الصالح» ومنظم الجماعات الإنسانية على قواعد الأخلاق والفضيلة» وإبعاد المفاسد والرذائل. وإذا كان لإقامة بناء اجتماعى سليم» وليستقيم الناس فى معاشهم ومعادهم» ففيه بيان الأحكام التكليفية لهم وما يجب يوم القيامة» فإن العصاةة لا يستقيمون إلا إذا كان أمامهم عذاب يوم القيامة» قال تعالى: ل رَبَْسَا شديدا من لَدنْه 4, | أى أن نزوله بما فيه من أخبار البعث والنشور وبما فيه من أحكام تصلح الناس فى عامة أمورهم»ء كان لا بد أن ينذر بأسا شديداء والإنذار له مفعولان وهو هنا له مفعولان: أولهما محذوف مع تقديره فى الكلام» وهو (الناس)» وثانيهما )١(‏ يسيخ - هكذا بالخاء - يرسخ . القاموس المحيط (ساخ). .4 ا تفسير سورة الكبهف ١١االاالاكا!اااالااااالاااالااالللااالاالااللا1‏ اللا تالكالل طخ للاااللال الالالال الكل لخ طخلل طاطخ لط طلا خط طط اطع خخخخاااااشتلل ب 5 يي موجودء وهو 9 بأسا شديدا 4. والمراد العذاب الموصوف بأنه بأس شديد» فأطلق الوصف وأريد الموصوف» وفسر بعض العلماء البأس بأنه العذاب العاجل الذى لا أندا . وقوله تغالى: من لَدنه4 الضمير يعود على الله تعالى؛ من عند الله تعالى» وفى الحكم بأنه صادر عن الله تعالى آت من عنده إرهاب بهذا العذاب؛ لآنه آت من عند الواحد القهارء وبيان لشدته» وتأكد وقوعهء فلا مناص منه» ولا سبيل للابتعاد عن وقوعه. وكما أنه منذر لمن عصى» فهو مبشر لمن أطاع». فلا جدوى فى الإنذار إن لم يكن معه تبشير بر؛ لأنه يكون تحذيرا لمن يغوى وتبشيرا لمن يفعل الصالحات» فهو تخويف وتشجيع ونحريض ؛ ؟؛ ولذا قال تعالى: « ويشر المؤمدين الّذين يَعَمَلُونَ الصسالحات أن لهم أجرا حسنا 4 التبشير الإخبار بما يسر ولا يضرء وعبرنا با موصول للإشارة إلى أن الصلة هى السبب فى هذا الجزاء» والصالحات هى الأعمال التى يقصد بها وجه الله؛ وطلب الخير والنفع وأن تكون القلوب طيبة سليمة» فهى التى تصلح بها الأعمال وهى التى بها تفسدء ويلاحظ هنا أنه ذكر الأعمال الصالحة ولم يذكر الإيمان؛ لأن الإيمان مقدر لأنه أساس الخيرات» ولأنه عمل القلوب فهو داخل فى عمل الصالحات» وذكر سبحانه الجزاء فقال: «( أجرا حَسنا4. تكرم الله تعالى فسمى الجزاء أجرا وكأنه ثمن لخير قُّدُم مع أن الهداية من فضل الله ورحمتهء للإشارة إلى أن الله كريم حليم» يمن بالخير ويجازى عليه» ووصف الآجر بأنه حسن» أى أجر يستحسن ويحب ويرغب فيه» ويطلب لأنه فى مظهره حسن» وفى حقيقته نعمة دائمة» ولقاء لله ورضوان منهء وهو أعظمء وكل ذلك وإن هذا الأجر الحسن هو الجنة التى يخلدون « وأَما الذي سعدوا قفي الْجنّة خالدين فيها ... 0-9 > [هود]؛ ولذا قال تعالى: ا تفسيرسورة الكهف ش 1 الالللل لل 4 > ا و( ماكنين فيه أبْدا (© 4 . المحمكث البقاء مع الاطمئنان وألا يكون نزاع قط وإنه دائم ما دامت السموات والأآرض كما قال تعالى: «خَالدينَ فيها ما دامَت السّموَات والأرض . .. 009 4 [هود]. وقد خص سب حانه وتعالى بالذكر من إنذار العصاة إنذار الذين اتخذوا لله ولداء فقال تعالى: وَيُندر الّدينَ قَانُوا انَحَدَ اللَّهُ وّدا 0 ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كَلمة تخرج من أَفْرَاههم إن يقولون إلا كذبا 9 4 . بعد إنذار عامة الكافرين العصاة من وثنيين وغيرهم خص الذين اتخذوا الولد» وقالوا: «اتَْحَدَ اللّهِ ولدا 4؛ لأنهم لم يفهموا ذات الله» ولا خواص الألوهية وأنها منافية للحوادث منافاة تامة» وعبر سبحانه بقواه' طقَالُوا 4 ولم اعتقادا جازماء» لآن الأوهام تساوره فتزلزل اعتقاده بل هو فى ريب دائم مسكثمر » وعبارة اتخذ الله ولداء فهم نسبوا الاتخاذ لله» وهى فرية على الله تعالى وتدل على عدم كماله سبحانه؛ لأن اتخاذ الولدان يترتب عليه أمران باطلان لا يليقان بذات الله : الأمر الأول- مشابهته للحوادث» وأن يكون لله سبحانه نظير مثله. لأن الولد مثيل أبيه» فكيف يكون لله تعالى شبيه ومثيل. الأمر اثاتى أنه بن عن اسنياج اللّه اللولد لتصرتة, لله تعالى غنى حميد اي كلمة م4 هنا لاستغراق النفى ) أى ما ما لهم أى علمء بل يرمون القول من غير تفكر» ولا تدبر» 0 أبعم التى أوجبتها 9 ا تفسسير سورة الكهف لحر ا الحديثة التى كانت فى آخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الميلادى» وقد خلت ألوهية المسبيح فى هذه العقائد المنحرفة حتى سنة 776 من الميلاد» وأخذت تسرى فى الجموع النصرانية حتى اختفى الحق وظهر الباطل . وإن ادعاء النبوة هذا ما نشاًإلا من الجهل» وسسيطرة الوهم؛ ولذا قال سبحانه : فإما لهم به من علم 4, إنما هو الهوى والوهم» وهما يفسدان كل تفكير. وقال تعالى: «إولا لابائهم 4 لا لتأكيد النفى» فنفى عنهم العلم لعدهم مقلدين متبعين» وعن آبائهم الذين قلدوهم لأنهم الذين سهلوا تلك الأوهام فى نفوسهمء فضلوا وأضلو كثيرا وضلوا عن سواء السبيل. وإن هذه الفرية أشد فرية أضلت العقول حتى أنه بعد ما فهموا بعض الفهم أخذوا يتأولون» ويدعون أنهم لا يقولونها لا فرار منها ولكن هو تلبيس على ولقد قال تعالى فى عظم ما توهموا ثم افتروا: # كبرت كلمة تخرج من أفراههم 4. « كلمة # ييز وهى منصوبة على أنها تميزء وهناك قراءة بضم التاء. وعلى تخريج أن القراءة بنصب التاء تكون بمعنى الذم الشديد» ويكون المعنى فظاعتها وفسادهاء وقوله تعالى: ‏ تخرج من أفواههم 4. أى أنها ثقيل خروجها من الأفواه لبعدها عن كل معقول» ونفرة أى فكر منهاء ولكنهم يستطييونها فإن سألتهم عن مدلولها لم يحيروا جواباء واضطربوا كل مضطرب إلا أن يقولوا حقا 9 إن يقولون إلا كذبًا4. إن للنفى» أى لا يقولون إلا كذبا لا مساغ له من القرآن هو النعمة الكبرى كما هو المعجزة الكبرى ففيه شفاء للناس ورحمة وهداية وموعظة للمؤمنين» ومن كانت عنده هذه النعمة يريد أن ينتفع بها الناس» ا تفسير سورة الكهف 00 9 00 لحر اه وأن يكون مصدر هذه الرحمة إليهم؛ ولذلك كان حفيا بأن يؤمئواء» ويحسب أن كفرهم ربما يرجع إلى نقص فى تبليغه لا إلى نقص فى نفوسهم؛ ولذلك قال تعالى : ط فََعلّ باخع تَفْسَك علَى آثَارهم إن لم يووا بهذا الْحَدِيث أَسَهَا 0 4 . الفاء تنبئ عن تقدير قولى مطوىء معناه إذا كنت حريصا على إيمانهم فلعلك باخع نفسك إلخ. . .» والبخع: جهد النفس حتى تتلف» وباخع نفسك» أى مؤدى بها إلى التلف ومهلكها من شدة همك وتحميل نفسك ما لا حاجة إلى تحميله على آثارهم 4. أى على آثار توليهم؛ لأنك لا تتوقعهء إذ إن نضوح الدليل ووضوح الصدق وقوة الإعجاز يجعلك تتوقع إيماناء فجاء إعراضا وتوليا عن الحق البين وقوله تعالى: إعلئ آثّارهم 4 فيه استعارة وترشيح لهاء كأنهم محبوب يفارقك فيدفع الفراق إلى ألم ولوغة كأنه باخع نفسه لهذا الألم ولذلك الفراق» وأنه يبرح به البعد والفراق حتى يكاد يبخع نفسه. هذا تخريج الزمخشرى أو معناه فى قوله تعالى : ل فَلََلّكَ باخع نُفْسَك على آثَارِهم 4 وهو معقول فى ذاته وربما يكون أقرب من هذا التخريج أن تقول لعلك باخع نفسك على آثار توليهم وإعراضهم ودخولهم النار طإن لم يؤسوا بهذا الحديث 4, والحديث هو القرآن الكريم» كما قال تعالى : وله نل أحسن الحديث جنا متشايا ماني تفشمر نه جلود الْذين يخشون ربهم ثم م تلين جلودهم وفلوبهم إِلَى ذكر الله .... 69 4 [الزمر] . والإشارة فى قوله سبحانه: بهذا الحديث 4 إشارة إلى ما سبق فى قوله تعالى : 8 الْحَمَد لله الذي أنزل علّئ عبده الكتاب 4 فهو كتاب الله الذى سجلت فيه شرائعه. وهو حديث الله إلى رسوله وإلى خلقه المؤمنين» بل إلى الخليقة أجمعين . و(لعل) معناها الرجاء» والرجاء ما يتوقع وقوعه سواء أكان مرغوبا أم كان مرهوباء فهو الأمر المتوقع على كلتا حاليه؛ وهو هنا يبين الله تعالى لنبيه أن حاله حال من يتوقع منه منه بخع نفسه «إإِن لم يُؤمنُوا بهذا الحَديث أَسَفًا4 وطأسفام رب ا مفعول لأجله» أى يبخع نفسه هما وحزنا إن لم يؤمنواء كقوله تعالى: « لَعلّك باخع نَفْسَك ألا يكونوا مؤمنين 4)5 [الشعراء] والأسف هو الهم الشديد الذى لا يذهب» بل يبقى كقوله: « ... عَصَبَانَ أسفا ... 629 4 [الأعراف]» أى مهموما هما يسكن فى القلب ولا يكون كالغضب يعرض ثم يزول» كالزوبعة تثور ثم تهدأء. أما الآسف والهم فيبقى. بعد ذلك بين سبحانه أن الإنسان يرى فى هذه الدنيا العبرء وعجائب الوجود ولكن لا يعتبر؛ ولذا قال تعالى: نا جعلنا ما على الأرض زيئة لها لتبلوهم أيهم أحَسن عملا © وإِنا لَجاعلُونَ ما َيه عا جر 0 4. بعد ذلك ذكر سبحانه وتعالى عذاب القلوب وروح النفوس فأخذ سبحانه بين غذاء الأجسام ومتعة الأعين» وزخرف الحياة فقال: 8 إِنًا جعلنا ما على الأرضٍ زيئة ة لها 4 فزروعها وثمارها وبواسقبها ودوحاتهاء وأوتادها وحيوانهاء ترى القطعان تنفث فى المراعى ذاهبة عائدة» طولكُم فيهًا جَمال حين تريحون وحين تسرحون )4 [النحل]» هذه زينة الدنياء كما قال تعالى: # . .. وترى الأرض هامدة فَإذا أنزلنا عليه الماء اهمرت وربت وأنبعَت من كل زوج بهيج (2) 4 [الحج]؛ وكما قال تعالى فى سورة ق: 8 والأرض مددتاها وأَلْقَينا فيها رواسي وأَنبتنًا فيها من كل زوج هيج 60 َبْصرة وخر لكل عبّدٍمُيبٍ 2 وتزلَا من السمَاء مَاء ماركا فَأَنبتنا به جئات وحب الحصيد (©) والثخل باسقات لها طَلْع لضي 00 6 رزقا للعباد ييا به بده ينا ذلك الْخَروجْ © 14 هذه المتع التى تشرق بها النفس فتجد فيها سعادة النفس وغذاء الجسم مكن اللّه تعالى بنى آدم منها لغاية» وهو الاختبار؛ ولذا قال تعالى: «تلرنالك أحتن عملا 24 أى لنعاملكم معاملة المختبر الذى يريد أن يظهر ما قدره لكم محسوسا واقعاء وقوله تعالى: / أيهم أحسن عمَلاً 4 أى حالهم حال من يسأل أيكم أحسن عملاء فالاستفهام هو معنى الابتلاء» فمن اغتر بالدنيا واستولت عليه 8# تفسيرسورة الكهف 2 . لل يب 0 7 كا يي زينتها» وبهرته ونسى الآخرة» فإنه لا يحسن عملاء ومن أدرك حقيقتهاء وهى أنها ظل زائل» وأنها لهو ولعب» والحياة الآخرة هى الحيوان لو كانوا يعلمون» فإنه هو الذى يحسن العمل ويستحق الجزاء الأوفى. وقوله تعالى: طأَحَسَن عَمَلاً 4 أفعل التفضيل ليس على بابه» والمعنى بلغ أقصى درجات الحسن» أو هو على بابه ويكون الاختبار لتنزيل الناس منا فمن اتجه إلى الخير ناله بقدره» ومن اتجه إلى غيره تردى فى منحدر المعصية . وإن زينة الدنيا تنتهى كما تنتهى الحياة» وتكون غثاء أحوى؛ ولذا قال سبحانه : ل ونا َجاعلُون ما علَيِهًا صّعيدا جرزا (2) 4 الصعيد التراب: والصعدة الأكمة من التراب» والجرز بالضم من الجرز وهو القطع قطع الزرع والشمار » وغيرهاء وتطلق الجرز على الأرض التى لا نبات فيها ولا شجرء كالصحراء التى لا تنبت. والمعنى فى هذا أن الله تعالى خلق الأنواع كلهاء فخلق الأرض التى جعلها الله زينة وفيها الخصب والئماء» وأنها تتحول إلى غثاء أحوى» فكذلك يخرج الحى من الميت» والميت من الحى» فليس عجيبا أن يعود الناس أحياء بعد موتهم» فلا غرابة ولا عجب فى أن يكونوا ترابا ثم يكونوا من بعد ذلك خلقا جديدا 8 ... كَمَا بدأكم تعودون 63 4 [الأعراف] . قصة أهل الكهف تصدى القرآن الكريم لبيان أهل الكهف بما لم يتصد به كتاب مقدس» ولا نريد أن نخوض فى أمر لم يخض فيه القرآن فلا نريد أن نرجم بالغيب» ولا أن فيه صدق لا مجال للريب فيه. أكثر الذين تعرضوا لبيان من هم أهل الكهف يقولون: إنهم من النصارى المؤمنين كانوا فى عهد اضطهاد النصارى» فقد كانوا موضع اضطهاد من وقت انتهاء حياة المسيح فى الدنيا»ء وجاءت عصور اضطهاد شديدة كانوا يمرون بدينهم» ١ اك‎ ١ يي" وكان بعض أباطرة رؤما يبالغون فى الاضطهاد حتى أن نيرون إمبراطور روما كان يجعل جلودهم تطلى بالقار ويجعل منهم مشاعل إنسانية تسير فى موكبه» ازدراء لهم ومبالغة فى إهانتهم» فكان يفر منهم من يفر إلى الكهوف والمغارات فرارا بدينهم وبنفسهم . وقد جاءت عبارات ابن كثير بما يفيد أنهم من اليهود لا من النصارى» وحجته فى ذلك أن اليهود هم الذين سألوا النبى يَييْةٌ عن الروح وعن أهل الكهف. وعن ذى القرنين» وأن ذلك يدل على أن وقائع قصة أهل الكهف كانت قبل النصرانية لا بعدها. ونقول فى الحجواب عن ذلك: أولا - إن التوراة ليس فيها ذكر لأهل الكهف» ولا من كان محيطا بهم. وثانيا - أن أخبار أهل الكهف مذكورة فى شهداء النصارى وفى كتبهم ككتاب «الكنز الثمين) . وثالثا - أن ابن كثير نفسه ذكر أنه فى عهد ملوك الرومان وهو دقلديانوس» فقد جاء فيه ما نصه: «لقد ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم» وأنهم خرجوا يوما فى بعض أعياد قومهم» وكان لهم مجتمع فى السنة يجتمعون فيه فى ظاهر البلد» وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت» ويذبحون لهاء وكان لهم ملك جبار عنيد» اسمه دقلديانوس وكان يأمر الناس بذلك» ويحثهم عليه» ويدعوهم إليه» فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك» وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم» ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم» وعرفوا أن هذا الذى يصنعه قومهم من السجود لأصنامهم والذبح لها لا ينبغى إلا لله الذى خلق السموات والآرض» فجعل كل واحد يتخلص من قومه» وينحاز منهم. ويتبرز عنهم ناحية» فكان أول من جلس منهم أحدهم, جلس تحت ظل شجرة؛» فجاء الآخر فجلس إليها عنده» وجاء الآخر فجلس» وجاء الآخرء والآخرء ولا يعرف واحد منهم الآخرء وإنما جمعهم هناك الذى جمع قلوبهم على الإيمان. ...2. الل الل لحم و_ري: تي لا يهمنا الخبر كله وإغا يهمنا منه أنه ذكر دقلديانوس وقد ذكره» وكان من أشد أباطرة الرومان على التصارى وخصوصا أهل مصرء فقد أوقع بهم مقتلة عظيمة كانت سنة 584 من الميلاد» ومنها كان التاريخ القبطى» وهذا يدل على أنهم كانوا بعد النصرانية» ولم يكونوا قبلها. وما ذكر فى كتب السيرة من أن اليهود حرضوا المؤمنين على أن يسألوا عن الروح وأهل الكهف وذى القرنين فهو متزيد فيه» والثابت برجحان الأسئلة كانت عن الروح» وعن العبد الصالح صاحب موسى وعن ذى القرنين كما ذكرنا أولاء وأن الاضطهاد للنصارى استمر حتى حرفوا دين المسيح علخ وكانت سيادة وأهل الكهف منهم» وكانت معجزة الله تعالى فيهم ولكن ما علدهم» وما المدة التى مكئوها؟. أما عددهم فكما تدل الآيات سبعة » وحكى الله تعالى عنهم ذلك» فقال عز من قائل : د سيَقولون لاه رابعهم نخسا سادسه َه وج نب وبق لون سبع واه كه فل بي أَعلم بعدتهم ما يَعلَّمهم إلا َيل فلا تمَارِ فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أَحَدَا © 4 . وربما يكون هذا النص مشيرا إلى أنهم سبعة؛ لأنه ذكر فى الثلائة والخمسة المماراة فى ذلك » وعدم الاستفتاء فيه ؛ لأنه لا جدوى فى معرفته» وكل علم لا يترتب عليه اعتقاد أو عمل لا فائدة فيه ولا فى شغل الذهن به. وأما المدة التى مكثوها فى الكهف» » فإنها كما قال الله تعالى: «( ولبشوا في كَهفهم ثلاث مائّة سنينَ وَازْدَادُوا تسّعًا 2 4, أى أنهم مكثوا تسع سنين وثلاثمائة» بالسنين القمرية» وبعض العلماء قدرها بالشمسية بثلاثمائة سنة» ويأتى بعد ذلك فى أى عصر من العصور كانت هذه المدة» وكنا نظنها فى عهد دقلديانوس الذى أشار إليه ابن كثيرء ولكن رجعنًا النص القرآنى إلى الحق» وهو تسع وثلاثماثة» ولا يمكن أن يكون ابتداء المكث فى عهد دقلديانوس؛ لأن معنى ذلك أنه استمر ا تفسير سورة الكهف 9 ٠#‏ تفسير سورة الكهف 4 لاا 0 وج ات يي" إلى آخر القرن السادس تقريباء وأنه فى هذا الوقت كانت النصرانية قد ثلثت» ولم تعد ديانة تو حيد» ولا مسيحية لآن المسيح برىء منها. وكان حقا علينا أن نفهم » حيث أفهم القرآن مصدقين مذعنين» ولكن لا مانع أن نقول إنها ابنتتدأت من عهد الاضطهاد الرومانى بعد أن انتتهت حياة المسيح فى الدنياء واستمرت المدة التى ذكرها القرآن الذى 9 لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد 657 4 [فصلت]. قال الله تعالى : أَرحَسِيْتٌ دصح بَالْكهْفِ لماجا 07 إذأمكاً في إِلَالْكَهِفِ فَمَالواربَاءالَِامِن[دَنكيمَةٌ ا لل ماركا 7 مدر فَصْرَينَا بساعاحءاذانهم في لكف يزيرك 2ك ج) لسك لالز حص ِمَالمُوا مدا ليحن تفص تفص عَيْكَ عَلَيَكَ تَبَأَهْم الي ا 1 ام بح اير عر صر سا 22 عفنيه ِنَم ءا مَنْوبرَيهِمْ وَزِد هم هُدى يا وريطنًا ذه و اوأر تلض وا ن تَدَعُوأ من دون نإ لها لقدقانا| ذا سططا ل ه” ندرا منحُونِه ءالِهَة أولا يفوت يهم سلطنن بين آ و ما صخاد سل َب عأ ستياةك ا ا موَميَصَبلٌ بح لاا ممأ 4< آي ل سل جاه بلي اتا 5005 مر ينشرلجربحم من رحميّهء وبهئ ل مَمنَْمْرِكر ور 1 تفسير سورة الكهف ل لل ١ الا‎ بي أ سبيت نسحاب لهف والرقيم كبر . ا رصاص رفمت فيه أسماؤهم » أو واد اد بالجبل: 5 ما كان فهو 0 كهفهم بجبله أو بواديه أو رصاص كتبت أسماؤهم عليه. و أم 4 للاستفهام مع الإضراب لمن عجبته» وأنها ليست أكثر من عجا الوجود والخلق بإرادة الله» فليس بقاء أجسام إنسانية حية أمدا طويلاء كما أنه ليس وجودهم راقدين أكثر من ثلاثمائة سنة أمرا عجبا فى ذاته من خلق السموات ٠‏ والأرض وما فيهاء أو من خلق الإنسان من طين» أو من أدوار خلق الإنسان من نطفة من ماء إلى علقة إلى مضغة» ليس بقاؤهم أحياء رقودا أعجب من هذا الخلق العظيم . والاستفهام مقصود منه التنبيه وتوجيه الأنظار أولا إلى أن هذا كان عجاباء أى أحسبتم أن أصحاب الكهف والمقام الذى كان كهفهم على مقربة عجبا من آيات اللّهم» إنها ليست بعجب من آيات الله تزيد على آياته فى خلقه» إن كل خلق الله تعالى آيات لأولى الألباب» وإذا كان فى أهل الكهف شىء فهو فى دلالته على قدرة الله تعالى فى الإحياء والرقودء وهو دال على البعث بعد الموت؛ لأنه إذا كان قادرا على الإبقاء فهو قادر على الإعادة» وإذا كان قادرا على الإنشاء والوبقاء فهو قادر على الإعادة. «إِذ أُوَى الْفميَة إِنَى الْكهف فَقَالُوا ينا آتنا من لَدنك رَحَمَة وَهبَئ لَنا من أَمرِنا رَشَدا © 4 . عرفهم القرآن الكريم بأوصافهم»ء وأول وصف من هذه الأوصاف أنهم فتية جمع فتى» أى أنهم شبان فى باكورة أعمارهم» نفوسهم غضة لم ترهقها الأوهام؛ ولا العادات والتقاليد» وموروثات الآباء العتيقة التى عششت فى رءوس من قبلهم » بل إنهم على الفطرة السليمة» والشباب دائما أسرع الناس إلى الحق إن لم يكن فى توجيههم ما يعوق عنه أو يسد الحجاب دونه؛ وقد قال فى ذلك الحافظ ابن كثير: الشباب هم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا لسرإ وانغمسوا فى دين الباطل؛ ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ورسوله عَكَِةِ شباباء وأما المشايخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل. هذا هو الوصف الأول الذى وصف الله به أهل الكهف. أما الوصف الثانى» وهى نتيجة لسلام الطوية أنهم اتجهوا إلى الله تعالى بقلب محس بقدرة الله ومعجزته. وبأنه سبحانه وتعالى المنعم الهادى دون غيره فقالوا: « ربا آنا من لَدنك رحمة وهبَئ لنا من أَمرنا رَشّدا 4 نادوا ربهم قائلين» ربنا 4, أى الذى خلقتنا وكونتنا وطهرت قلوبنا»ء وخلصت نفوسنا من الشرك وأوهامه. آتنا من لّدنك 4 من حضرتك القدسية» وخزائنك التى لا تنفد» 9 رحمة 4 وإنعاما وتوفيقاء وسلوكا مستقيماء ودواما للتوفيق. ورحمة الله وسعت كل شىء وهى تعم كل حياة الإنسان» والدعوة الثانية المنبعثة من إيمان عميق موجهء وإذعان صادق يملاً القلب نوراء « وهبَىَ لَنا من أَمْرنَا رَشَّدا 4, أى الأمر الذى اخشرناه لأنفسنا من الإيمان فى وسط الوثنية» والرشد هو إدراك الأمور إدراكا مستقيما لا عوج فيه» وهذا الطريق المستقيم يقتضى تجنب الشرك وطلب الحق. والابتعاد عن كل مهاوى الرذيلة» والاتجاه إلى طريق الفضيلة ومحاسن الأخلاق» وألا يكون شطط ولا إفراط. ولا تفريط. إلا أن يدفع إلى ذلك الحق وتجنب الهوى . يظهر أن أولئك الفتية طوردوا حتى أووا إلى الكهف. فالإيواء لا يكون إلا عن منازعة يحسون فيها بأنهم لا قبل لهم بمن يريدون أن يفتنوهم عن دينهم» وقد كان ذلك واقعا فى عهد اضطهاد النصارى» كما أشرنا وكما بينا فى غير هذا الكنات2320 , وإن النوم يكون فيه سكون النفس» ولقد أنامهم الله سنين عددا لينجوا بدينهم» وليكونوا حجة حسية على البعثء وليكونوا من آيات الله تعالى فى الوجود. <«( فضربنا على آذانهم في الْكَهف سنينَ عَدَدَا 09 4 . )١(‏ راجع كتاب محاضرات فى النصرانية للإمام محمد أبو زهرة. 8# تفسيرسورة الكهف ل الل 4*١‏ لج بر ىج كان الإيواء إلى الكهف فرارا من أذى المشركين» ولهم فى ذلك الوقت القوة والسلطان» والعذاب مسلط على رقاب المؤمنين» وخصوصا القلة الشابة منهم» كن النجاة قد وفرها الله تعالى لهم فأبعدهم عن الأحياء المشركين ‏ وإن كانوا ولتتم لهم الطهارة التامة» وتتم بهم الحجة الكاملة» وهو صنيع الله تعالى» فقال: ل : « قَصرينا على آذَانهم في الْكَهُف سني عدا 9 > . (الفاء» لعطف ما بعدها على ما قبلها من غير تراخ» فهم أووا إلى الكهف فضرب الله على آذانهم وقد عرق الله الفتية فقال: : (إذ أوى الفتية إلى الهف » وتعريفهم لأنهم معهودون فى الذكر فى قوله تعالى: «أم حسبت أن أصحاب الْكَهف والرقيم كانوا م من آياتنَا عَجَبَا 90 4 . والضرب على الآذان مجازء فإنه يقال ضرب الحجاب إذا أغلق البيت» ويقال بنى الخباء إذا سده» فكنى بقوله تعالى: ط فَصْربنا على آذانهم في الكهف 4, أى سددنا هذه الآذان بحجاب وضربنا عليه ضربا محكما لكيلا يصل إلى داخلها أى صوت ينبههم من رقادهم» ويصح أن يقال شبهت حالهم فى عدم السماع لأى صوت مع حياتهم بمن سدت آذانهم بحجاب قد ضرب عليهاء فلا يصل إليها صوت مهما يكن عاليا أو مزعجاء فهم أحياء لا يحسون بالأحياء» وقوله تعالى : « في الكهف » فيه إشارة إلى أن فى الكهف ذاته يصعب عليهم فيه الإحساس بما عند الأحياء من عذاب وإيلام» وقد استمر ذلك أمدا طويلاء ليس يوما ولا شهراء ولا سئة بل سنين عدة؛ ولذا قال تعالى: « سنينَ عَدَدا 4 فجعل العدد وصفا للمعدودء أى سنين كشيرة بالنسبة لناء أما بالنسبة لله تعالى فهى ليست شيتا مذكوراء ويقول الزمخشرى ومن تبعه: إن معنى لعددا 4 أى ذوات عددء أى أنها تعد بالسنين عداء وقد قالوا إنه إذا قل العدد لا تحتاج إلى عد؛ لأن الأصابع تحصيهاء أما إذا كثر العددء فإنه يحتاج إلى العد والحساب بعد هذه السنين الطوال التى لا تحصى إلا بالعد والحساب أيقظهم الله من رقادهم فقال تعالى : «إ ّم بعثاهم لتعلم أي الحزبين ْن أحَصئ لما لَبنُوا مدا 09 4 . و ْ 0# تفسير سورة الكهف 1١‏ ال 00000000000 #1[1[#[#[#1#1#1#1#1#ظ1[1[#1#1# 1[ 1 1 1 [ [ [ [ [ 1 1 1[ 1 1 1 1 0001011ظ2ظظ العطف ب نم4 فى موضعه؛ لآن الزمن تطاول بين دخولهم الكهف وضرب الله تعالى على آذانهم فقد كانت سنين كثيرة لا تعرف إلا بالعد والإحصاء.» وسمى الله تعالى سماعهم بعد أن ضرب على آذانهم بعثاء مع أنه ليس إلا أن يسمعوا بعد أن لم يسمعوا من غير أن يفقدوا حناسة السمع» ولكن كان هناك حجاب يمنع من السماع بإرادة الله تعالى» وسمى ذلك بعثا؛ لأنه مظهر الحياة بعد أن اختفت» فمع أنهم أحياء واستمروا أحياء طول هذه المدة» وقد يقال فى اللغة: بعثه؛ إذا أيقظه من نومهء ولقد قال النبى عَيَيِلهِ فى خطبته لأهله وعشيرته: «والله لتموتن كما تنامون؛ ولتبعثن كما تستيقظون7'؛ فبين البعث واليقظة بعد النوم مشابهة تجعل أحدهما كالآخرء وخصوصا أن البعث هنا مع بقاء الحياة» وإنما الذى غيب الكلام والسماع هو الرقاد. وإنهم عندما استيقظوا بعد طول الرقادء اختلفوا على فريقين ففريق منهم ال لاون ابعص نم4 وقلت كرتهم: ربكم مم4 . سل الله تعالى الفريقين حزبين؛ لأن الحزب ما ينحاز إلى أمر معين من دين أو حرب أو نصرة» وحزب الله فى دينه هم المفلحون؛ كما قال تعالى: « ... أولك حزب الله ألا إن حزب اللَّه هم المفلحوت 69 4 [المجادلة] . كانوا فى رقادهم لا يشعرون كم أمضوا من الوقت فقسم حدد وعيّن» وقسم أكثر أرباء وأشد تفويضا لم يهتمواء فالله تعالى بين أن البعث سيعرفهم الحقيقة؛ لأنهم يختبرون بالحياة» ويعلمون فى أى زمن يعيشون وفى عهد أى حاكم يكونون بعد هذا الرقاد؛ ولذا قال تعالى: 8 لتعلم أي الحزبين أحْصئ لما لبوا أَمَدَا 4 إن الله تعالى يعلم كل شىء يعلم ما كان وما يكون وما هو كائن» فالله تعالى لا يعلم جديداء ولكن المراد أن يظهر ما يعلمه الله تعالى واقعا يعلمونه» فمعنى 8 لتعلم أي الحزبين 4 , أى ليظهر علم الله تعالى واقعا محسوسا يعلمه الناس» بعد أن كانوا يظنون ويحدسون. )١(‏ سبق تخريجه. 9 تفسير سورة الكهف 9 !!!ااا ااا ئلاكًا ااالت اك ا الث الا!!اااا!!ااااا لاا تالكا !لاا لاا م1 !تالالا امام امامغ سمل سمط طغللا 11 97 د وإن ذلك تنبيه إلى طول الأمد حتى تظنن أهله. ولرقودهم الذى يشبه الموت اختلفوا فيه» وليعلم الناس أن يوما عند ربك كألف سنة ما تعدون» وأن الأزمان ل ابرع سا سنن واللاستفهام هنا جعل ما بعد « أي »4 يسد مسد مفعولين» ومعنى الاستفهام التنبيه إلى أن الزمن طال حتى اختلفوا فى قدره» وبعثوا من مراقدهم ليتعرفوا الزمان» وفى أى زمان هم وبذلك يعرفون أى القائلين أصدق قيلا. وا أحصى » قيل: إنها أفعل تفضيل» ولكن أفعل التفضيل لا يكون إلا من فعل ثلاثى مجردء ولكنه جاز استثناء» والقرآن لا يحاكم أمام قواعد النحو لأنه فوقهاء وهو يوجههاء ولا توجهه. وقد كثر أفعل التفضيل فى الرباعى كقولهم ما أعطاه للمال» وآتاه للخيرء ويقال إن أفعل التفضيل يجوز بعد تجريده من الزوائد» إذ يصير ثلاثياء وفيه معنى الإحصاءء وقوله تعالى: ظأَمَدَا 4 معناه زماناء أى أعلم بمقدار الزمن الذى أحصى أهذا الذى قال يوما أو بعض يومء أم الذى فوض. وقد قص سبحانه وتعالى قصصهم بالحق فقال: ا نَحنْ تفص َلك نَبأهُم بالحق إِنّهُمَ في آمنُوا برهم وَرَدنَاهُمْ هذى 09 4 . يقص الله سبحانه قصصهم بالحق من وقت أن نشئوا وخوطبوا بالوحدانية فى وسط الوثنية بعد بعث عيسى عَلكَام ومجىء بعض رجاله إليهم فى الرومان داعين إلى التوحيد» والنبأ هو الخبر الخطير الشأن» وأى خطر وشأن أكبر من عدد من الناس ينام نحو ثلاثمائة سنة أو تزيد» وهو حى» ويتكفله الله تعالى حتى يوقظه من مرقده» وهو لا يدرى على التعيين متى رقد» وقوله: ( بالحق 4 أى مصاحبا للحق لا يغادر شيئا من الصدق» ولا يبعدء ثم أخذ سبحانه يقصص ذلك القصص الذى فيه أدل شىء على القدرة بعامة» والبعث بخاصة 8 إِنّهُم فتية آمنوا بريّهم 4 الجملة منفصلة بيانية عما قبلها؛ لأنها فى مرتبة البيان فهى بيان للقتصص الحكيمء طفتيّة 4 كما ذكرنا جمع فتى» وهو الشاب القوى غض النفس التى كانت على الفطرة» وهؤلاء فيهم فتوة الشباب وفتوة الإيمان» وهى جماع مكارم اوه : 2 الأخلاق» والابتعاد عن محارم الله تعالى» وإطاعة أوامره» ففيهم فتوة الجسم وفتوة الإيمان» والسلوك القويم» وإن الاستقامة تسير بالمكلف فى الخط المستقيم. ولذا قال تعالى: وزدناهم هدى » ذلك أنهم سلكوا طريق الحق. وكلما وجدوا صعوبة فى اعتناق الحق فى وسط الوثنية رأوا ما هداهم الله تعالى إليه» وما عليه غيرهم من عبادة الأوثان» فما اندغموا فيهم» بل أصروا إصراراء فزادتهم المقارنة بين ما هم عليه وهدوا إليه» وما عليه الوثنيون من عبادة الأحجار» فكلما وازنوا ازدادوا إيمانا وكلما عوقوا وفتنوا صبرواء» ازادهم الله قوة فى دينهم». وإ وإيمانا فى صدورهم؛ ولهذا قال سبحانه: وزدتاهم هدى 4, أى بسبب ما سلكوه وأصروا عليه ومعاناتهم من الفتنة ما عانوا زدناهم هدى. لأن من دخل مكان النور ازدادت الأمور له وضوحاء وازداد ضلال الضالين انكشافاء فكانت الهداية على بينة» وازداد بها علما ووثوقا وجاهروا بالحق. ورضوا بترك الأهل وترك العمران والإقامة فى الكهوف والمغاور. وإن الله سبحانه وتعالى ثبت قلوبهم وجعلهم يقفون أمام جبابرة الأرض؛ ولذا قال سبحاته : لوطا على لويم إذقامُا فاو نا َب السمَوَات والأرض لن تدعو من دونه لها لَقَد قُنا ذا شَطَطًا 60 4 . أى زدناهم هدىء وثبتناهم وربطنا على قلوبهم إذ قامواء أى وقت أن قاموا مجاهرين بإيمانهم مجابهسين طاغية من طواغيت الدنياء (١‏ فَعَانُوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إِلَها ‏ قالوا للطاغية لست ربناء ولا حَجَرَك إلهناء إنما ربنا الذى خلقنا وكوننا عقولا ونفوسا ومدارك. وهو رب هذا الوجود كله رب السّموات والأرض 4. أن نّدعوَي. أى لن نعبد إلها غيره؛ لأنه لا إله غيره» هو الواحد الأحد الحى القيوم» ونراهم بهذا يربطون بين الخلق والتكوين والربوبية والعبادة» فالخالق هو المعبود»ء ولم يكونوا كالعرب يؤمنون بأن الله خالق السموات والأرض ولكن يعبدون معه أحجارا وأوثاناء أما هؤلاء الفتية» فهم يقولون جازمين 1# تفسير سورة الكهف ااال ماللا و يبب تيار 7 لن ندعو من دونه إلهاء أى لن نعبد غيره إلها قط فلا نقر بالعبودية لغيره؛ ويفرضون أنه وقع منهم ذلك» فيقولون مؤكدين بما يشبه القسم: «٠‏ لَقَد قلنَا إذا شط ). أى قولا شططاء والشطط الإفراط فى الظلم والإمعان فيه» من قولهم شط فى القول إذا بعد عن حد المعقول. وهنا مللاحظتان بانيتان: الملاحظة الأولى - أن قوله تعالى: ا وربطنا 4 تدل على قوة ما أودعهم الله تعالى من إيمان لا يتزعزع فقد شبه قلوبهم بالحقبة الممتلئة إيماناء وقد ربط عليها رباطا محكما كالوكاد('' يشد عليهم فلا تضطرب أمام جبار كائنا من كان» لأنه عامر بالإيمان لا يضطرب. الملاحظة الثانية - أنهم أكدوا قولهم» وأصروا على إيمانهم بقولهم : ١‏ لْقد قلنا إذَا شطَطًا 4 فإن هذا الكلام يشير إلى أمرين : الأمر الأول - تأكيد القول باللام الموطئة للقسم وقد الدالة على التحقق. الأمر الثانى - أنهم أكدوا نفى الألوهية عن غير الله سبحانه وتعالى نفيا مؤكداء فقالوا: 9 أن ندعو من دونه إلَها 4 . وأنهم لم يكتفوا بمجابهة الجبار بعقيدتهم» بل ذكروا بطلان عقيدة غيرهم فقالوا مبطلين الشرك . قركاعل لكن 4 ” «(هؤلاء قَوَمنًا 4 الإشارة إلى الذين عاصروهم تمن كانوا على دين الحبابرة فى عصرهم الذين يعبدون التمائيل ويعددون الآلهة بتعدد التماثيل» فيقولون إله الحب» وآلهة العدالة» وغير ذلك من أسماء سموها ما أنزل الله تعالى بها من سلطان» وذكروا قومهم للإشارة إلى ما يربطهم بهم من صلات الجوار والنسب )١(‏ الوكاد: الوثاق. لسان العرب- وكد. ا 08# تفسير سورة الكهف و لللللل 0111101 لسرب ا أحياناء وفى ذلك إشارة إلى أن واجب هذه الصلات أن يرشدوهم ويهدوهمء وقالوا: ما يفعل هؤلاء» 8 انّحَذْوا من دونه 4 أى من غيره #آلهَة 4. يشيرون بذلك إلى أنها ليست آلهة» ولكنهم عدوها كذلك وليس لها أى قدرة على الخلق والتكوين» ولا تنفع ولا تضرء إنما هى أوهامهم التى زينت لهم أن لهم ألوهية على ما تصوره خيالاتهم» والخالق المستحق للعبودية وحده هو الله الواحد القهار. وليس عندهم برهان يدل على استحقاقهم للألوهية؛ ولذا قالوا: ل« لُولا يون عليِهم بسلْطان بين 4, أى هلا يأتون ببرهان قاطع منتج يدل على ألوهيتهم» فالسلطان معناه البرهان الدال على هذه الآلوهية التى ادعوهاء وعبدوهاء وهى لا تنفع ولا تضرء فقام الدليل لمنع عبادتهاء ولم يقم برهان على جواز عبادتها إنما هى أوهام توهموها. ولقد أكدوا نفى الدليل بقولهم: ل فَمن أَظْلَم مم افترئ عَلَى اللّه كذبًا 4 الفاء للوفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء وتقدير الكلام: إذا كانوا قد اتخذوها من غير برهان صحيح.ء فقد ظلمواء والاستفهام للنفى». أى لا أحد أظلم تمن تعمد الكذب على اللّهء بنسبة الشريك إليه سبحانه. وظ كذبا 4 مفعول افترى» بمعنى قصد إلى الكذب,» أو نقول إن كذبا 4 حال موكدة لمعنى الافتراء. وإنه إذا كان من كلام هؤلاء الفتية فهو تبكيت مقولهم؛ لأنه لا دليل على الباطل المحال» فهو لوم وتأنيب لهم؛ ويقول تعالى: 8 ... أَتجادلُونتي في أَسْمَاءٍ سميتموها أنتم وآباؤكُم ما نَل الله بها من سَلْطَان .. #69 [الأعراف] فهى أسماء لا مسميات لها. وقد خخاطبهم الله سبحانه وتعالى بالوحى والإلهام عندما كانت المفارقة الفكرية بينهم وبين قومهمء واعتزالهم لهؤلاء الأقوام أن يجعلهم آية لمن بعدهم فألهمهم أن يأووا إلى الكهف؛ ولذا قال تعالى: ف وإذ اععزلتموهم وما يَعبدون إلا الله فَوُوا إلى الهف ينشر لَكُم ربكم من رحمته ويهبَئ لكم من أَمْرِكُم مَرَقَقَا 09 4 . هاا تفسير سورة الكهف الل الملل م لب اا الإيمان إصراراء كما أصر قومهم على الشركء و#إذ 4 ظرف متعلق بأوواء وهو فى معنى السببية لذلك الاقتران الزمنى بجواب الأمر « يدشر » . هذا حديث نفوسهم» وهو إلهام من الله بثلاثة أمور: الأمر الأول - الإيواء إلى الكهف حيث يبتعدون عن أذى الحبارين . الأمر الثانى - أنهم لقوة إيمانهم بالله أحسوا بأن الله تعالى لن يضيعهم أبداء» بل إنه ينشر لهم من رحمته» إذ يبسط لهم. الأمر الثالث - أن قوة إيمانهم بالله جعلتهم يحسون بأنه سيجعل لهم مرفقا يرتفقون به فى وسط الكهف الذى لا يأوى إليه الآدميون إلا فرارا من أقوامهم. قال تعالى: وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا اللّه 4, أى اعتزلتموهم واعتزلتم عبادتهم» بل إن اعتزالكم عبادتهم هو السبب الجوهرى» والباعث على اعتزالهم فإيمانكم قدمتموه على القرابة والقومية» وقوله: إلا الله. قال الزمخشرى: استثناء متصل؛ لآنهم كانوا يعبدون الله وغيرهء فالاعتزال كان لعبادتهم غير اللّه» ويحتمل عنده أن يكون الاستثناء منقطعا» وعندى أن خيرا من هذا ما قاله قتادة أن دليل عليه» وهو أنهم كانوا يعبدون مع الله غيره» فإن ذلك يحتاج إلى سند تاريخى» كما هو ثابت عند العرب. | وقوله تعالى : يدشر لكم ربكم من رحمته 4 مجزوم بجواب الأمر» أى إن تأووا إلى الكهف فلا تخافوا جوعا ولا عطشا ولا عرياء فإن الله واسع الرحمة» يبسط لكم من رحمته وينشرها عليكم» وشبه فى هذه الرحمة السالفة بالثوب البسوط» التى ينشر عليكم فيعمكم ويحفظكم ويستركم» ويقول تعالى: لكم ربكم من رحمته 4, أى ينشره لأجلكم وهو من رحمته التى وسعت كل شىء. لسر اد «ويهجئ لكُم من أمركم مَرفَقَا4. أى مكانا ترتفقون, وتجدون فيه كل مرافقكم وحاجاتكم» ويكون مطمئنا لكم؛ ذلك ما جاشت به نفوسهم» وقد كان لهم ما تصوروا وتمنواء فقد استراحوا من ملاحاة أقوامهم وطغيان حكامهم. وكفل لهم نوما هادئا اطمأنوا واستغنوا عن حاجات الدنيا وأهلهاء وكان خير اللّه يمد به أولياءه ولا يضيعهم أبدا. عناية الله بهم فى رقودهم قال الله تعالى: وَتَرَىاَلشسَّمْسَإِدَاطْلعت تَرَوَرَحَنَكَهْفْهِدَاتَ ليمي داعت تفرضهم د تَايمَالِ وف مجو له هن بعودمع وه رحط مكلت موسي همدو وَمَرن ع ملا آم فهر ا > م ك5 يصَلِل نيحد موا 0 يا مَكَسَيهُمٌأيَمَساظًا 20117 اتَاَلسَمَالُ طبهم مط موصو أطت علوت لَيَتَ منْهَحّ حت سل ور 070 دروم 4 وراداداملات م تعبا عَبا وي وَكَدَلِكَ بَعَدْسَهُمْ لِتسَاءَلوا يقال َكل مع ْمك ْنَا ١ ٍ لالز عدبم لَمْثْرْ فَابَعوا حك كم هنذِودِلَ لمر 11006 7 : دقن ونا 0 ولا عون 7-5 م جه إنيظهر وأا 20 موك ريدو حكني 0000 أبدَا 0 0 و5 اا تفسير سورة العهف سا 0 لسر اا إن الله الذى ألهمهم أن يأووا إلى الكهف فرارا بدينهم» وخضوعا لأمره ألهمهم أيضا أن ينزلوا فى كهف يحفظ أبدانهم من أن تمزق جلودهم الشمس أو تغير ألوانهم» ألهمهم أن ينزلوا وفتحته إلى الشمال فيجىء إليهم هواء الشمال العليل» وينعش أجسامهم ويرطب أنفاسهمء ولا تمسهم الشمس ولكن تدفئ الكهف من ورائه بمرورها من الشرق إلى الجنوب» حتى تعود إلى الغرب» وقد اجتازت ما وراء الكهف. وإن الشمس تصيبهم بأشعتها الحمراء فى الصباح فى طرف من الكهف». وتصيبهم بأشعتها الصفراء فى طرف من الكهف أيضا فى الغروب» وخير الأآشعة المنعشة للأجسام الحية تكون فى حمرتها فى الصباح» واصفرارها فى الغروب» وهكذا هو قوله تعالى: «( وترى الشّمس إذا طلعت " َرَاور عن كهفهم ذات اليمين وا عربت تُفْرِضْهِم ذّات الششمال وهم في فجوة مَنهُ ذلك من آيّات الله من هد الله فهو المهتد ومن يضلل قلّن تجد له ولي رشا 9 4. أى أنها إذا طلعت ميل عن الكهف متجهة ناحية اليمين فلا تمسهم الشمس بل تميل عن الكهف. لا ينالهم إلا شعاع قليل منهاء لا تلفحهم بسخونة» بل يكون هادئا منيراء وتسير الشمس من وراء الكهف من جنوبه» حتى تصل نازلة إلى الغروب» مائلة إليه» فتقرضهم على شمائلهم؛ كما تزاورت لهم عن أيمانهم فى الصباح» ومعنى ا نُقرِضْهم 4. أنها تتجاوز بهم قاطعة حتى تصل إلى شمالهم فى الغروب» وتقرضهم من القرض بعنى القطع» أى أنها تقطع جنوب الكهف حتى تصل إلى شماله» والفارسى يقول: إنه من قرض الدراهم والدنانير» والمعنى أنها تعطيهم من تسخينها شيئا ثم يزول بسرعة كالقرض المسترد»ء ونرى فى هذا تكلفاء وخير القول أن تقول: .إن معنى تقرضهم تعدل بهم وتتجاوزهم شيئا فشيئا فشيئا حتى يتم الغروب؛ «رهم في فَجوَة) أى مكان متسع 8 منه 4 . « ذلك من آيات الله 2 أى إن ذلك كله من آيات اللّهء فإلهامهم الالتجاء إلى الكهف. وإلى كهف مفتوح من الشمال؛» وكون الشمس تميل إليه ولا تدخله ليحفظ الله أجسامهم من البلى والعفونة» وكونهم أحياء ليكونوا حجة على أن 1 ا تفسيرسورة الكهف الللللللواللاا0ا060ا0اللل لوالا ااا .. يي الحياة بيد الله تعالى» وهو مانحهاء يهبها لمن يشاءء كل هذا من آيات الله وهى تبصر الناس بالحق وتهدئ إليه» وإن الآيات البينات كثيرة هادية» ولكن الناس عنها منصرفون من يهد الله فهو الْمُهمَد 4 أى من يسلك سبيل الحق يآخذ الله بيده» ويهديه سواء الصراط». وهو المهتدى حقا وصدقا ولا أحد يضلهء «( ومن يضلل فَلّن تجد لَه ويا مرشدا 4 ومن يسلك طريق الضلالة فإن الله تعالى يكتبه من الضالين» ولن تجد له من يتولى أمره ويرشده إلى الصراط السوى. 7 وإنهم فى الكهف يبدون أيقاظا وهم نائمون» ولذا قال تعالى: ل( وتحسبهم َقَاًا وهم رفود ونقبهم ذات اليمين وذات الششمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطَلَعت عَلَيهم لَولَيت منهم فرارا ولملقت منهم رعبا 9 4 . من يراهم بادى النظر يحسبهم أيقاظاء أى يظنهم أيقاظاء والحقيقة أنهم رقود» والأيقاظ جمع يقظء والرقود جمع راقدء أو هو مصدر وصف به والمصدر الذى يوصف به يلتزم المصدرية» فلا يثنى ولا يجمع. وإن هؤلاء الفتية عندما أصابهم الرقود كانت عيونهم مفتوحة فيظنهم الناظر أنهم أيقاظ ليسوا نائمين نك ولأنهم بإرادة الله يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال» ويقول تعالى: (رقي ذات اليمين وذات الشمال 4 أى يتقلبون بإرادة الله تعالى إلى اليمين وإلى الشمال» وتلك حال من يكونون بين اليقظة والنوم» ويقلبهم الله ذات اليمين وذات الشمال لكيلا تتعفن أجسامهم إذا بقوا على حال واحدة» ولأن أحسن الأحوال للنائم ألا ينام مضطجعا ولا يلتزم جانيا واحدا يمينا أو شمالاء بل يتقلب بينهماء لكيلا تكون الأعضاء الداخلية من كبد وقلب ومعدة على ثقل واحد» بل تتغير أثقالها . وهم فى هذا التقلب الذى يكون كالنائم المعتاد» وما يقوله بعض المفسرين من أنهم كانوا يتقلبون كل سنة أو س: سنتين أو سنين رجم بالغيب» ولا أساس له من رواية صحيحة ولا نقل عن معصوم. ١‏ وكلبهُم بَاسط ذراعيه باْرصيد © وكلبهم بفناء الكهف أو على عتبته باسط ذراعيه» يحس الرائى أنه يحرس قوما أيقاظاء وهكذا كل مظاهر الحياة كانت بادية / تفسير سورة الكهف 0 و ا ١‏ 37 أمام الناظرين» والوصيد هو فناء الكهفء أو عتبته؛ أو على مقربة منه» وهذا الكلب يقال إنه كليب صيد لهم فكان مثلهم» ولقد كان ما يقرب من الكرام يكرم مثلهمء فكرم كما كرموا . «إلَو اطلعت عليهم لَولّيت منهم فرارا 4 هذه مظاهرهمء ولو اطلعت أيها المخاطب المعرف بأمرهمء وحصت حالهم 8 لَولَيِتَ منهم فرارا 4 أى لأثار الاستغراب فى نفسك ما يبعدك عن أحياء ليس فيهم مظاهر الحياة بل فيهم رهبة وهيبة» وما يثير العجب لأنه غير مألوف أن ترى أشخاصا يمكثون مئين من السنين على حال لا هى حياة فيها كل مظاهر الحياة من حركة وكلام: ولكنك لا ترى إلا سكوناء ومظاهر الحياة موجودة من عيون يقظة هذه تجعل الناظرين يجعلهم يحسبون أنهم ليسوا أمواتا ولا أحياء وما لا يألفه الإنسان يفر منه فراراء والخلاصة أنهم لو علموا حالهم, واطلعوا على أمورهم لولوا هاربين فارين منهم يحسبون أنهم ليسوا أناسى . ولملئت منهم رعبًا 4 والخطاب للقارئ أو السامع بأخبارهم المعرف لأحوالهم. هذه حالهم التى لبثوا عليها حتى بعثهم الله تعالى» ولنقرأ خبر بعثهم» قال تعالى: «( وكذالك بعثاهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبتم انوا َبثنا يوما أو بعض يوم قَالوا ربكم أعلم بما ببنتم فَابعنوا أحَدكم بورقكم هذه إلى المدينة فل يها أزكئ طَعَاما فلكم برزق منه ولْيتَلطّف ولا يشعرك بكم أحَدا 09 4 . إن الله تعالى ضرب على آذانهم فلم يسمعواء وربط على قلوبهم عندما خاطبوا جبار عصرهم» وحماهم من البلى سنين تجاورت ثلاثماثة أو يزيد». كما جعلهم كذلك أحياء وإن كانوا من غير حركة إلا أن يتقلبوا يمينا وشمالا حفظا لأجسامهم؛ كما من عليهم بكل ذلك وبعثهم من رقودهمء أو كما ظهرت آياته فى كل هذا بعثهم من رقودهم فهى آيات تتراءى آية بعد آية» والبعث ليس هو البعث من موتء إنما هو اليقظة من منام» وإن طال أمداء ويقول سبحانه: ١١ لاا‎ -- وكذلك بعنناهم ليتساءلُوا بينهم 4 يجوز أن تكون اللام للتعليل» أى أننا بعثناهم لكى يتساءلوا بينهم» وليتناقشوا فى مدة لبثئهمء فما كانوا ليتساءلوا لو استمروا فى رقودهم» وقد ضربنا على آذانهم» ولكن الأولى ما قاله الأكثرون من المفسرين أن ُ لام العاقبة كاللام فى قوله تعالى: ظفَاَقَطَه آل فرعون ليكون لهم عدوا ... (0* [القصص]» فالمعنى بعثناهم لتكون العاقبة أن يتساءلوا فيما بينهم عن المدة التى ليثوهاء قال قائل متهم كم لبتم 4, كم من الزمن لبثتم» لقد قالت الأخبار التى لا وجه للظن فيها أنهم ناموا غدوة يوم؛ وصحوا فى عشية يوم آخر عندما كانت إرادة الله تعالى أن يستيقظواء ل قَانُوا لبشَا يوما أو بعض يوم4, إذا لم يحسب الليل يكون نهاراء وقد يعد يوماء وإن حسب الليل يكون بعض يوم» ونسب هذا القول إلى كلهم فقال: قَالُوا 4, ويظهر أنه قاله بتعضهمء ورضيه كلهم ظنا منهم» ولكن الريب كان يحيط بهم فاختاروا التفويض لعلم الله تعالى بدل الجزم بقول» ويظهر أن حسهم قد جعلهم يرون تغييرا فيما يحيط بهم» أو أن حرص المؤمن بقدرة الله تعالى جعلهم يعتقدون أن التفويض أولى؛ ولذا قالوا: ل ربكم أَعلَم بما لبِعَم4 فوضوا أمر علم الزمن إلى الله تعالى» والله قادر على كل شىء ولكنهم أحسوا بالجوع, بعد هذا اللبث الذى يحتمل أن يكون طويلاء والله به عليم . ونسب القول إليهم جميعاء ويظهر أن بعضهم قاله ووافق عليه الجميع؛ لآنهم كانوا غير جازمين يزمن معين» والتسليم فى هذه الحال أحوط وأسلم» وأشد إيمانا وتشبيتاء وقد أرادوا أن يتركوا الخوض فيما لا علم لهم به» وأن يشغلوا بأنفسهم» فقال تعالى عنهم قالوا: ل فَابْعَهُوا أحدكم بورقكم هذه إلى المديئة © اجتمعوا على أن يسدوا غلة الجوع» والورق هى الفضةء والمراد النقود المسكوكة منهاء و(الفاء) للإفصاح عن شرط مقدر تقديره إن كنتم لا تعلمون كم لبنتم» فاشغلوا أنفسكم بأنفسكم» واطلبوا غذاء لكم. 9 تفسير سورة الكهف سوسس سا٠‏ سج د يي هذه صلة بعث أحدهم بالورق بالمدة التى لبشوها وتناقشوا حولهاء وقال بعض المفسرين: إن بعث أحدهم بالورق له صلة بالآمر الذى كانوا يناقشون فيه» إذ كان سبيلا لفحص مدة الزمان وموقته عن طريق لنقود المروب عليها صورة الملك الذى ضربت فى عهده؛» بدليل الفاء التى تفيد ترتب ما بعدها على ما قبلهاء وعلى هذا الرأى لا تكون الفاء للإفصاح» إنما تكون لمعنى السببية. بعنوا أحدهم ليبحث لهم عن غذاء يشتريه بهذا الورق الذى أعطوه ولينظر فى غذاء طيب أزكى وأنمى لهم؛ ولذا قال تعالى: 9 فَلْنظر يها أَرْكَئ طَعَامًا 44 أى ليتتخير ما هو أزكى نماء وأطيب طعاماء والفاء عاطفة؛ وكذلك الفاء فى قوله تعالى : ط فَليَأدكم برزق منه» والرزق القدر الذى يتبلغون به أو يكفيهم) وقوله تعالى : «أيهًا 4 الإشارة إلى المدينة» والمعنى أى شىء فى المدينة أزكئ طَعَامًا 4 وأكثر مواد زكية نامية. وإنه يتعرف أطيب الأطعمة» ويأتى بمقدار منهاء يكون فيه سد الرمق» ويكون طيباء ط وَلْيَلَطّف ولا يشعرنً بكم أحدا 4 أى ليجتهد فى أن يتلطف فى القول» ولا يغلظ فى المساومة حتى لا تعرفواء أو تفضحوا؛ ولذا قالوا: ولا يشعرد بكم أحَدا 4 أى لا يأتى عملا من شأنه أن يجعلهم يشعرون بكم وقد فررتم خيفة من طغيانهم . / وقد عللوا عدم شعور أحد بهم بقولهم: «إِلنّْهُم إن يظهروا عليكُم يرَجُمُوكم أو يُعيدُوكُم في ملّعهم وآن تَفْلحُوا إذا أبدا 0 # . هذه الجملة السامية مفصولة فى البيان عن السابقة؛ لأنها فى مقام التعليل» والتعليل بين جملتين من أسباب الفصل البيانى بينهماء وإلا فهما منفصلتان فى المعنى؛ إذ العلة متصلة بالمعلول» 8 إِنّهم إن يَظهَروا علَيكُم 4. أى يطلعوا عليكم مستظهرين عليكم مستعلين بما معهم من قوة الحاكم الغاشم وجند وغيرهمء 0 ش تفسير سورة الكهف ) الل اللا رب أ (رصمركم4. أى بقناوتم | باحسجارة ‏ وى أشد نو القتل» وأقساهاء أ 95 ينجيكم من الرجم إلا أن تعودوا طوعا أو كرها إلى الوثنية التدى ف فررتم منها فرار السليم من المخسرب؛ وفى هاه الحال تكون امخسارة الدائمة إلى يوم القيامة ؛ وقد قالوا فى ذلك: « ولن تفلحوا إذا أبدا 4. وطلن 4 للنفى المؤكدء ويقول الرمخشرى للنفى المؤيد: ومهمايكن معنى «لن 4 فإن النفى مؤبد بقوله تعالى : أبدا © وفى التعبير ب إذا # أى أن عدم الفوز سبب عن عودتكم فى ملتهم» فهو حرمان اقترن به سببهء بعثهم الله تعالى بأن أيقظهم منه كما يبعث الموتى وإن أعثرالله عليهم وعددهم قال الله تعالى: وَحكَدَلِكَ أَعثربَا عنم | بعلمو أأرَ وعدَهَوحَقّوَنَ َلَاعَهَ ارب فِيهآإِدٌ عونتم هاوأ بعلمب بهم مَلَالس عَلواعَك 01 آ ره ره رلور أمْرهو أ لنتخذ نودت ,كنج © بذ ذثلدثة رَأيعه مهمو وتفولورت 2 دم ين وج 7س عط سس بل ل لخي ارعس سس 0 ل 7 شار سا لقعم بع دوم تله يضارو اكوا ا ولانستف فيه ممَنْهَهْ رلحدا 0 وَلَانفُولنَ لِسَأَئْءِ إن ماعل لِك عد 8 2 إ لاديس ألْدواذ ريك ذظ-_“ ذل سل ره آ هه -0-- إِدَاضسِيتَ وفل عسو أن دين رق لأكرب من هدَارسدًا 0 سّّ 8# تفسير سورة الكهف | سس ساسا .1 © بعثهم الله تعالى من منامهمء وما كان يعلم أحد برقودهم» ولا ببعثهم حتى عثروا عليهم فعلموا ما كان منهم وما آل إليه أمرهم» فلما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة يلتمس لهم طعاما هو أزكى وأطيب وأنمى لهم» وعرضوا ورقهم ويظهر أنه كان نقدا مضروبا على اسم ملك يومئ إلى العهد الذى أووا فيه إلى الكهف». وضرب الله على آذانهم بعد أن ربط على قلوبهم أمام جبروت الطاغوت الذى كان يضطهد أتباع عيسى فى عهدهم.ء فلما اطلع الناس على هذا الورق فيقال إنه أخذ إلى الملك» ويقولون إن الملك كان نصرانيا مسيحيا يؤمن بالوحدانية» وبأن عيسى عبد الله ورسوله» وكانت أخبار فتية الكهف كما يبدو تتوارث فى الأوساط النصرانية المسيحية الموحدة؛ لأن أخبار اضطهاد الملوك والمضطهدين تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل» وإن أخبار أهل الكهف معروفة فى الأوساط النصرانية على أنها أخبار لشهداء وصديقين» وقد رأينا ذلك فى كتاب الكنز الشمين» ويقال إن الملك ذهب مع أحدهم الذى كان يشترى لهم الطعام. فأخحذه إلى الكهف وذهب إلى الذين كانوا معه ولكنه لم يدخله بينهم . بهذه الطريقة يقة أعشر الله تعالى عليهمء أى أطلعهم عفوا من غير قصد للاطلاعء ذلك أن أحدهم هو الذى عرفهم مصادفة بما معه من نقود تدل على تاريخهاء والتاريخ النصرانى العام عرفهم بأمرهم . قال تعالى : ل وكذلك أعفرنا علمهم ليَعلّموا أن وعد الله حق أن السّاعة لاريب فيها إذ يتتازعون بينهم أمرهم فَقَانُوا ابنوا عليهم ينانا بهم ألم بهم َال ادي عَلبُوا عل مهم سحن عليه مُسججدا 9 4. وقوله تعالى: ليعلموا أن وعد اللّه حق وأَنّ السّاعَة لا رَيْب فيها », أى أن الإعثار عليهم بعد أن غيبوا وبعثوا ليعلموا بهذه الآدوار أمرين : ش الأمر الأول - أن وعد الله تعالى بالبععث والنشورء وأن الناس ينامون كما يموتون وأنهم يبعثون كما يستيقظون. وأنهم للجنة أبداء أو للنار أبدا - هو وعد -. ١: اكاك‎ 7 الأمر الثانى - أن الناس لم يخلقوا سدى» وأن الساعة وهى القيامة آتية لا ريب فيهاء فلا يرتاب فيها مرتاب يدرك الحياة وغايتها ونهايتها . ويظهر أنهم لم يعيشوا طويلاء بعد أن أعثر عليهم؛ بل ماتوا ولم يضرب على آذانهم فقطء وأنهم من بعدهم تنازعوا فى أمرهم» ماذا يصنعون لهم تكريما لشأنهم» وثباتهم فى الحق والبلاء. ولذا قال: 9 إذ يتتازعون بينهم أمرهم 4. 9 إذ» ظرف زمان للماضى متعلق فى الظاهر بقوله تعالى: «أعفرنا © أى أن النزاع فى أمرهم يبنون عليهم بنيانا أو والعثور عليهم ليكونوا حجة قائمة شاهدة حسية بعلمه» وماتوا فور هذا؛ ولذا كان زمن العثور هو زمن التنازع فى أمرهم ما يدل على اتحادهما أو على قربهما قربا يشبه الوحدة الزمنية . والتنازع هنا هو الاختلاف الذى يتضمن تعصب كل صاحب رأى لرأيه» حتى وصل إلى درجة التنازع» وقد اتفق ق الطرفان المتنازعان على ضرورة تكريمهم بإظهار علامة تشير إلى مكانهم ليكون ذلك حافزا على الثبات فى اليقين والفداء الجهاد والصبر والبلاء المبين . تنارعوا أبرهم على جانين فريق دأ أن يكون بنيان 0 رع في تكرياور تي ليوا بعلم بمرهم مر اله الى حفظ اجساسهم فيها الحياة مع السكون على مر العصورء ويظهر أن الذين اتجهوا إلى بقاء ذكرهم بالبناء كانوا من يتأثرون بالرومان فى تخليد موتاهم بالبنيان والأحجار؛ ولذلك اعترض القرآن الكريم على كلامهم بجملة معترضة:» فقال عز من قائل: « ربهم أعلّم بهم 24 أى أن ربهم الذى خلقهم ورباهم على التقوى والإيمان وأفرغ فى قلوبهم الصبر أعلم بأمرهم من هؤلاء الذين يريدون أن يبنوا عليهم بنيانا فهو وحده العليم بما هو خليق» وليسوا يكرمون بالبنيان إنما يكرمون بالجزاء الأوفى فى الآخرة. ا تفسير سورة الكهف | اساسا سس اا .. 1 الك‎ ١ 7 «قَال الذي علبوا على أَمرهم لخدن علَيهم مُسجدا 4. الضمير فى 9 أَمرِهم 4 يعود إلى المتنازعين» أى أن المتنازعين غلبوا على أمرهم» أن يبنوا مسجداء وأكدوا بناء المسجد فقالوا: ل« لَسَخْدَنٌ عليهم مُسجدا 4 أى فوق الأرض التى دفنوا فيها وأكدوا اتخاذ المسجد بلام القسمء وبالقسمء وبئنون التوكيد الشقيلة» أى أنه رأى انتهوا إليه وجزموا به» وحسم النزاع عنده» واتخاذ المسجد منهى عنه إذا اتخذوا قبر النبى أو الرجل الصالح وثنا يعبد» أما إذا كان مجرد مكان للسجودء وإقامة الصلاة فذلك لا يوجد فيه نهى قاطع . وما عددهم؟. . قال الله تعالى فى عددهم: « مبَقُوُونَ لاه اهم عَيهُم ويَُوُونَ حَمْسَةٌ سَادسهُم كَليْهُمْرَجْمًا باَب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربِي َعلَم بعددتهم ما يعلَمَهم إلا قليل قلا مار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستَفت فيهم منهم أحدا © 4. من هم الذين سيقولون عن عددهم أنه ثلاثة أو خمسة أو سبعة» قالوا إنهم النصارى الذين يعرفون أخبارا من أخبار أهل الكهف» ونستبعد ما قالوه من أن اليهود قالوا أو لم يقولوا لأنهم كانوا بعد التوراة وهم لا يعترفون بأهل الإنجيل» والنصارى الذين كانوا معروفين عند العرب اليعقوبين» والنساطرة» فقالوا: إن اليعقوبيين قالوا: ثلاثة رابعهم كلبهم» وقالو!: إن النسطوريين قالوا: خمسة سادسهم كلبهم» وتطرح نسبة القول إلى هؤلاء أو هؤلاء»ء ولكن نقول إن القول قيل من هؤلاء أو هؤلاء أو غيرهم» وقد وصف القولين ثلاثة وخمسة بأنه رجم. بالغيب» أى ظن فى أمر مغيب عنهم لا يعرفون له مصدرا ولا علماء» وقد شبهت حال من يقول بغير علم بحال من يرمى سهما أو حجرا فى ضلال من غير هدفنه مقصود ولا غاية منشودة» « ويقولون سبعة وتامنهم كلبهم قل ربي أَعلّم بعدتهم 4. ويلاحظ عند ذكر السبعة ثلاثة أمور: الأمر الآول - أنه لم يذكر السين» فلم يقل وسيقولون سبعة» وحذفت السين اكتفاء بذكرها فى الأمرين السابقين» أو لعدم التخمين والحدس فيهاء ولأن و ْ ا تفسير سورة الكهف اناالا ااا لاا ااال ال ثاماسالا ااا تالالطا اللا اللا للا ااا لحر ار القول فيها لم يكن كالقول فى الأمرين السابقين» بل كان أقرب إلى الصدق» وإن لم يكن قطعا. الأمر الثانى - أنه لم يذكر فيه أنه رجم بالغيب» بل هو نوع آخخرء ربما كان أقرب إلى الصدق» أو على الأقل ليس فيه قطع بالكذب» ولا بالظن» وما دام لم يحكم بأنه رجم بالغيب» فاحتمال أن يكون له أساس قائم. الأمر الثالث - أنه لم يذكر الواو فى الأمرين الأولين فكان النص سيقولون ثَلانهَ رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلهم 4. فكان ذكر الكلب على أنه فى العدد وصف» فهو ليس منفصلا عنهم فى العدد» أما فى السبعة» فقد ذكر مغايرا لهم؛ لأن العطف يقتضى المغايرة» وعبارات القرآن فيها الدقة والإحكام وأن تكون حروفه وكلماته كل فى موضعه قد كان لغاية مؤداة ولم يكن عبثا. وقد استنبط من هذا بعض المفسرين أن.العدد الصادق هو سبعة» ونسب ذلك الرأى لعبد الله بن عباس رضى الله عنهما الذى كان يقال عنه إنه ترجمان القرآن فقد روى عنه» وهو العربى القرشى الهاشمى أنه قال: حين وقعت الواو انتهت المدة» ولأنه فى العددين السابقين كان الاقتران بقوله تعالى: 9رَجِمًا بالغيب 4 فاستانس بذلك المفسرون وإن قول ابن عباس لا يجوز أن يهمل فى هذا؛ لأنه ليس كغيره من الأقوال إذ هو قول صحابى» وقول الصحابى إذا كان فى أمر لا يعلم بالاجتهاد المجرد فيحتمل على أنه سمعه من النبى يَلْهٌ ويكون كالمرفوع تماماء وإن الأمر فى هذا ليس للاجتهاد فيه موضع فيحتمل على أنه مرفوع . وإنه قد جاء فى كتاب «طبقات شهداء المسيحيين» أن عدتهم سبعة» ونذكر ذلك لا لتقوية ما نقل عن ابن عباس» أو تزكيته ولكن لأنه عندهم؛ لآن علم النصارى الذين ثلشوا ليس علما متواترا» وليس له سند صحيح يعد ثقة من كل الوجوه. فضلا عن أن يكون متواترا كما ادعى بعض المفسرين فى السنين الأخيرة» وأقرب الظن أنهم نقلوه من كتاب المسلمين» فبضاعتنا ردت إليناء ويقول سبحانه آمرا نبيه: «إقُل ري أَعلّمِ بعدتهم 4. أى قل يا رسولى لا تخوضوا فى هذا خوض ا تفسيرسورة الكهف ملل 0 المستيقن المذعن» فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذى يعلم عدتهم بعد مرور هذه القرون على بعثهم من الكهف» وموتهم الموتة الأخيرة التى يكون بعدها البعث والقيامة» والجزاءء «إما يَعلَمُهم إلا قليل 4 أى ما كانت حالهم يعلمها عدد كبير تتناقله الأجيال تناقل جمع عن جمع حتى يبلغ حد التواتر المقطوع به» بل كانوا وجهادهم الأول عددا قليلاء وفى انبعائهم لم يعلمهم إلا عدد قليل؛ الملك ومن يحيط به من حاشية,ء إن كان الملك قد علم» أو من تولوا إقامة المسجد حول قبورهم . ش وإذا كان الذين تحملوا العلم بأمورهم عددا قليلا طقلا تَمَارِ فيهم إلا مراء ظاهرا © «الفاء» للإفصاح كما رأيت؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء المراء المجادلة برد ما يقول الخصم» والمراء منهى عنه لأنه يجر إلى قول الباطل ومجاراة الخصم» وكل مراء يجعل كل متكلم متعصبا لا يقول؛ لأنه يستمسك برؤيته هو من غير التفات إلى رؤية غيره» وقد تكون هى الحق» فهو عماية عن النظر الكامل بمعرفة الأمر من كل وجوهه ولكن استثنى المراء الظاهر» وأميل إلى أنه استثناء منقطع» ولكن سمى مراء من قبيل المشاكلة اللفظية» ومعنى المراء الظاهر ألا يحاول تعرف مقدمات قوله» أو الأدلة عليه؛ لأن أسباب العلم غير متوافرة»؛ فليكتف بما ذكر القرآن وهو الصادق الذى لا ريب ولا تَسْحَفْت فيهم مَنهِم أحَدا 4 , الضمير فى «(مُنهم 4 يعود على ما يعود إليه الضمير فى قوله تعالى: : © ميقولُون ثَلانة. 0 والظاهر أنهم أهل الكتاب من نصارى نجران» وغيرهم من أهل الإبيل . والاستفتاء معرفة الفتوى» أو الحكمء أو القول الصادق» أى لا تحاول معرفة أحوال أهل الكهف من هؤلاء النصارى الذين يعاصرونك؛ لأنه بعد أن حرفوا ما حرفواء صارت أخبارهم غير موثوق بها. 0 وإن أحوال أهل الكهف». وأخبارهم من شأنها أن تربى الإيمان فى قلوب المؤمنين؛؟ ولذا ناسب هذا أن يأمر الله تعالى بالتفويض» وأن يعلم المؤمن أن الأمور لا تسير إلا بإرادة الله تعالى ومشيئتهء وأن يذكر الله دائما فقال تعالى: كم ا تفسير سورة الكهف 2 الل 01 يه ا 2 فإ ولا تقَولَنَ لشيء إِنّي فاعل ذلك عدا 09 إلا أن يَشَاء الله واذكر رك إِذًا نسيت وقُل عسئ أن يهدين بي لأقرب من هذا رَشَدَا 9 4 . هذا تأديب من الله تعالى» ولكيلا يفتات إنسان على الله تعالى فيتوَهم أنه قادر مسيطر على ما يفعل» وأنه يفعل ما يريد شاءه أو لم يشأه سبحانه» وهو المالك لكل شىء الذى يشاء ويختار وحده» ولا خيرة لغيره فى أمر خيرة مطلقة» إنما هى مقيدة دائما فى حدود ما يشاء الله سبحانه قال: «ولا تقولن لشيء ! إنّي قاعل ذلك غدا © إلا أن يَشَاء الله 4 النهى موجه لللبى يلل وموجه من بعده للمؤمنين بالآولى؛ لأآن النهى له نهى لغيره» ولائن النهى له حيث لا يترقب منه الافتيات على الله يكون نهيا لغيره بالأولى» إذ النهى عن أمر مترقب الوقوع يكون أقوى من النهى غير المتوقع» وقد أكد سبحانه النهى بنون التوكيد الثقيلة» والنهى عن القول أى الاعتزام على العمل من غير تفويض» والإصرار من غير تعليق على مشيئة 1 03 الله . وذكر الغد للإشارة إلى الإصرار؛ لأن تعيين الزمان دليل على العزم والإصرازء فإن الغيب فى علم الله وقدرته» وقد يكون فيه مالا يمكن معه العمل» وليست إرادة الله فى إرادته إنما إرادته هو فى إرادة الله تعالى» فما لا يريله الله لا يقع أبداء ولذا كان لا بد من تعليق التنفيذ على مشيئة الله تعالى والتوكل عليه؛ ولذلك كان الاستثناء 8 إلا أن يشاء الله 4, (أن) وما بعدها مصدر منسبك» وهو فى موضع الجر بالباء» وتحذف كثيرا قبل المصدر المنسبك منها ومما بعدهاء ويكون التخريج على ذلك» ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذلك غدا إلا بمشيئة الله بأن تقول معلقا عزمتك على قولك إن شاء الله . وهنا أمران بيانيان: الأمر الأول - أن اللام فى قوله تعالى: © لشيء» معناها لعمل شىء وبعض المفسرين قال إن (اللام) بمعنى فى . اا تفسير سورة الكهف 9 اللمإال ل 0اااا0اااااا ااال خش رب ا الأمر الشانى - أن قوله تعالى: إلا أن يشاء» ذكر الفعل المستقبل دون الماضى للإشارة إلى أنه متعلق بالمستقبل» والمستقبل بيد الله وحده وهو علام الغيوب فلا يعلم ما سيكون إنما يعلمه علام الغيوب. وإن المؤمن يجب أن يكون ذاكرا لله دائماء لتستقيم حياته» ويستقيم أمره مع الناس ويكون مصدر نفع وخير لهم دائما؛ ولذا قال عز من قائل: 8 واذكر رَبك إذا نسيت 24 أى اجعل ذكر الله تعالى ملء قلبك دائماء فلا تغفل عن ذكره» فإن بذكره تطمئن القلوب به» وتطب من أدوائهاء ومن كان الله تعالى فى نفسه لا يغيب عنه لا يضل ولا يشقى» وإذا غاب عنك أمر أو لم تتمكن من شىء فعسى أن يكون المغيب خيرا مما فات» وعسى أن المدخر له أغنى وأقنى؛ ولذا قال تعالى: «وقُل عسئ أن يَهْديْنٍ ري لأَقُرَب من هذا رَشَدا 4. (الواو) عاطفة قل »4 على «ولا تقوآن4 فهو عطف الأمر على النهى» أى أنه نهاه سبحانه عن أن يعزم الأمر غداء بل يعلقه على مشيئة الله تعالى مفوضا إليه سبحانه راجيا الخير» متوقعا له ويقوله فى إرادته ورغيته. واستثناؤه بالمشيئة رجاء أن يجعل الله خيرا منه إذا فاته» فالأمور كلها بإرادته سبحانه ومشيئته العلياء ولن يكون شىء فى الوجود إلا بمشيتته» فمعنى ‏ وقل عسئ أن يهدين ربي... 4 املا نفسك رجاء بأن يحقق لك أمرا خيرا مما كنت اعتزمته من ناحيتين : الناحية الأولى - أنه يكون أقرب منالاء وأسهل تحصيلا. الناحية الثانية - أنه يكون خيرا رشدا وعاقبة» واللّه تعالى عليم. 8# تفسير سورة الكهف 2 0 لسرب أ 1 مدة لبثهم فى الكهف قال الله تعالى : ٠‏ وَلبِدُوا قهز تلت مودي وأزْدَا داتعا 2 فل أنه ليما دحب السَّمْومت وَالْارْض أبضِرَيِه-وَأسيع يدنه يدوو كاذ فى حكيدء لحَدًا 008 تل موي ىَإلَيكَ من كاب َي امِل لكيه وَلدجحَدَوندُونوه ملتحدا 20 وأصبر تف ِرَْفْسَكَ م11 ين ب دعوت رهم ب يهم باْلْعْدووَوا لني و حر لس مهام ةل ل ل أ 70-0 بريدون وجهه.ولا تعد ناك عَم ِيدُ زِسَةَ الحيزة 2 اس 6< 1000 و سس لدبا ولَاْطِعْ منَأَعْفلْنا قلعن ونا وأتبع هوبة وكات رول 07 الكلام فى قصة أهل الكهف موصول بنور الرحمة» وفى الآية الأولى يتكلم سبحانه وتعالى عن مدة لبثهم فى الكهف قد ضرب الله تعالى على آذانهم سنين عدة» ذكرها أولا مجملة» وفى هذه الآية ذكرها سبحانه مبينة بالعدد من السنين» فقال سبحانه: | « وَلَبُوا في كهفهم ثلاث مائّة سنين وازْدادوا تسعا 2 4 . وقد قالوا إن هذه السنين كانت بالسنين التى هى أصل العدد فى الإسلام وقد قدروها بثلاثمائة سنة شمسية ‏ بين بسيطة وكبيسة ‏ ولنا أن نقول: إنه سبحانه ذكر الثلاثمائة» ثم زاد التسعة للتفرقة بين الشمسية والقمرية» وإنك لو أحصيت على أساس أنه كل ثلاث وثلاثين سنة وثلث تقريبا يزداد العدد سنة قمرية» فإن ا تفسير سورة الكهف و اك . يي الفرق يكون تسع سنين» انظر إلى إشارات القرآن البيانية التى تدل على الإعجاز خصوصا فى أمة أمية لا تعرف الكتابة والحسابء» وإن أمر الله يؤكد هذا العددء وأنه لا يزيد ولا ينقص فقال تعالى: ( قل اللَّهُ عم ما كوا له غيب السّموات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من ذونه من ولي ولا يشرك في حَكْمه أَحَدا 69 4 . الخطاب للنبى يلد ليعلم به المؤمنين». ويستوثقوا من أنه الحق الذى لا ريب فيه» وأفعل التفضيل فى قوله: قل الله أعلم بمَا لبوا 4 ليس على بابه؛ لآنه لا يوازن بين علم الله تعالى وعلم أحدء فهو العلم الكامل؛ والمراد من أفعل التفضيل أن الله تعالى يعلم ذلك علما ليس فوقه علم؛ لأنه علم الله تعالى» وهو بكل شىء عليم» وإن علم الغيبيات لا يعلمه إلا خالق لكل شىء؛ ولذا قال تعالى: لَه غيب السّمُوات والأَرض 4 له وحده الغيب فى السموات» فكل مغيب يعلمه الله تعالى؛ لأنه الخالقء. كما قال تعالى: ألا يعْلَم مَنَ حَلَّق وَهُوَ الأطيف الْخَبِير 469 [الملك]» ثم أكد سبحانه وتعالى علمه الدقيق الذى هو أعلى درجات العلم كعلم البصرء وكأعلى درجات العلم بالسمع» فقال تعالى: 9 أبصر به وأسمع 4 هاتان الصيغتان من صيغ التعجب, فما مؤداهما بالنسبة لله تعالى؟ الجواب عن ذلك أن معناهما أن علم الله تعالى بلغ أقصى درجات العلم الدقيق بالبصر» حتى إنه يرى ما لا يراه الخلق, وأعلى درجات العلم بالسمع حتى إنه يسمع دبيب النمل الذى لا يسمّعء وإن نتيجة ذلك علمه سبحانه بالغيب كأنه مرئى مسموع فهو سبحانه لا تخفى عليه خافية فى الأرض والسماء «إما لهم من دونه من ولي 4 الضمير فى «لهم» يعود إلى أهل الكهف؛ لأنهم المتحدث عنهم» و« من4 لاستغراق النفى» والمعنى ما لهم بدله من ولى تولى أمورهم وعلم أحوالهم وحاطهم فى غيهم أى ولى كان» ولا يشرك في حكمه أحدا 4 أى لا يشرك سبحانه أحدا فى سلطائه وملكه وحكمه. وقبل أن ننتهى من الكلام عن أهل الكهف نذكر كلمة فى مدة لبثهم فى الكهف.» فنقول: إن القرآن عين المدة بالسنة الشمسية» وأشار إلى الزيادة التى تزيدها السنة القمرية» وهى تسع سنين» وقد ذكرنا أنه بحساب السئين يتبين أن لحر ات واحدة» ويهذا يكون العدد ما ذكره القرآن الكريم بعبارته وإشارته. متى ابتدأت هذه المدة؟ المتفق عليه أنها ابتدأت بعد المسيح كله وإنها ابتدأت عندما أخذ الوثنيون يضطهدون أتباع المسيح كاه وأن الله تعالى كشف الغمة التى كان ضربها على آذانهم فى عصر زال فيه الاضطهاد, أو كان الحاكم أو العمل على تكريمهم وبناء مسجد على مدافتهم» مع التأكد من المدة تسع وثلاثمائة» أو ثلاثمائة فقط إذا كانت شمسية » وإنه لهذا يجب أن عضى هذه المدة بين عصر الاضطهاد» وعصر الأمان مع بقاء المسيحية على ما كانت عليه. كتابات النصارى فى أخبار شهداء النصرانية وفى كتاب الكنز الثمين: إن اختفاءهم فى الكهف كان سنة ١07”‏ ميلادية» وظهورهم كان سنة 2551 ولا شك أن القرآن يكذّب هذاء وهو أصدق قيلا؛ لأآنه فى سنة /441 كانت النصرانية قد سادها التثليث» وإن لم.يكن استغرق كل أهلهاء بل لا تزال منهم أمة مقتصدة. وقول المفسرين إن التزامهم الكهف كان فى عهد دقلديانوس فيه كلام؛ لأن دقلديانوس كان فى القرن الثالث فى آخره» والواقعة التى أنزلها بنصارى مصر كانت سنة 2585 فإذا كان الاختفاء فى آخخمر القرن الثالث فيجب أن يكون الظهور فى آخر القرن السادس وكانت قد عمت ديانة التثليث» اللهم إلا أن يكون صادف ظهورهم ملك لا يزال على دين المسيحء ولا يؤمن إلا بأنه عبد الله ورسولهء ولهذا نحن نميل إلى أن أهل الكهف كانوا على مقربة من عصر المسيح» وأنهم أخبارهم إلا بالقرآن وحده؛ ولذلك لا نتلو إلا القرآن» كما قال تعالى: واتل ما أوحي إِلَيكَ من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولّن تجد من دونه ملتحدا 9© 4 . قال بعض المفسرين إن هذه الآية آخر ما يتعلق بقصة أهل الكهف» وإنا وإن كنا لا نقول إنها جزء منهاء وليست متممة لهاء» ولكن لها صلة بها من حيث إن 9 تفسير سورة الكهف سسا س5 لحب اد المصدر الصادق الثابت. لها هو القرآن فليس ثمة مصدر حق سواه؛ ولذا جاء بعده مايدل على كمال صدقه وكمال العناية به» وهذه الآية تدعو رسول الله عَِلْةّ ومن تبعه إلى مدارسته» وتلاوته والعكوف عليه وتعرف أحكامه.ء والآخذ بها أمرا ونهياء» وطاعته فى ظاهر نفوسهم وباطنها. ش قال تعالى : «وائل ما أوحي إِليكَ من كتاب ريلك 4 من 0 هنا بيانية» «وائل 4 معناه اقرأه مرتلا متلوا متفهما لمعانيه متيقظا له ذكر «إما أوحي ي ليك 4 قبل ا كتاب ربك 4 للإشارة إلى أن السبب فى هذه العناية والدراسة والتلاوة أنه أوحى إليك 4 فهى رسالتك التى حملتهاء ووجب عليك تبليغهاء كما قال تعالى: يا أَيْهَا الرّسول بِلَغ ما أنزل إلِيك من رَبك وإن لم تفعل فَمَا بلَعْتَ رِسَالَمَه واللّه يتعصمك من اناس . ...69 4 [المائدة] . وذكر سبحانه وتعالى أن الموحى به المتلو هو كتاب ربك 4. وذ من # كما قلنا بيانية» وأنه ثابت قائم كل ما فيه من أحكام حق وكل ما فيه من أخبار صدق «إلا مبَدَلَ لكلمَاته 4 أى لا مغير لكلمات اللهء ولا بدل لها يمائلها صدقا وحقاء فلا يوجد مبدل ولا بديل» وهى المعتصم للمؤمن». والحجة الخالدة إلى يوم القيامة» وهو معتصمك يا محمدء. وحجتك, وملجوّك الذى تعتمد عليه والله مؤيدك عليهء ون تجد من دونه ملحَدا 4 أى لن تجد من غيره ملجاأً أو موئلاء فهو سنادك الذى جعله الله تعالى لك عمادا وملجأ وحجة تحتج بهاء وهى فى ذاته عماد؛ لأنه الذى اشتمل على كل الدين. وإن ذلك يوجب أن تعتمد عليه وحده» وعلى من آمن» ولا تستبدل بهم غيرهم» ولا تطع من يحاولون أن يفصلوك عن أهل القرآن أهل الإيمان؛ ولذا قال تعالى : «واصبر تَفسك مع اين يدعون بهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عينَاكَ عنهم تُريد زيئة الْحيَاة الدنيًا ولا نطع من أَعْفَلنَا قبِهِ عن ذكرنا واتبَع هواه وكان مره فُرْطَا © 6 4. اا تفسير سورة الكهف حو 0 لج ب_رم؟ يي" كان المشركون يتبرمون بضعاف المؤمنين» ويقولون كما قال أسلافهم لنوح كه : ٠‏ ... وَمَا تراك انَبَعَك إلا اذين هم أَرَاذلَا بادي الرأي ... 9 »4 [هود]ء وكانوا فى عنجهية الشرك وطغوائهم» قالوا عن أتباع محمد وَليْةٌ من الموالى والضعفاء متقززين: إن هؤلاء تفيح منهم رائحة الضأن» فبين الله تعالى فضل هؤلاء وأنهم أتباع النبيين الذين بهم يقوم عمود الدين» ويكونون العصابة الأولى التى تكون قوته» وأنه يجب على النبى مَليٌ أن يحبس نفسه عليهم» ويصبر نفسه عليهم محتسبا ذلك عند الله؛ ولآنهم القوة والدعامة» فقال تعالى: واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالْعداة والعشي 4. أى احبس نفسك» واجعلها تصبر على معاشرتهم» وملازمتهم فإنهم قوة الحق وقوة الإيمان» وسيكون منهم الدعامة» والنصرة» وسيركبون بالحق على رقاب هؤلاء. كما سيكون فى بدر ويركب عبد الله بن مسعود على رقبة أبى جهل يحتزها. وعبر بالموصول؛ لأن الصلة وهى قوله تعالى: 9 يدعون ربّهم بالْعداة والعشي4؛ لأن هذا السبب فى التزامهم وحبس نفسه عليهم؛ لأنهم بهذا هم الذين أجابوا الدعوة وهم يعبدون الله بالغداة والعشى» وهم لا يريدون جاها ولا مالا ولا سلطاناء ولكن يريدون وجه الله لا يريدون سواه» فهم قد انصرفوا إليه سبحانه» وهم بذلك قد صاروا ربانيين خالصين لله تعالى» ثم قال سبحانه بعد أن أمره بأن يكون قريبا منهم: « ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الْحَيَاة الدنيًا 4, أى لا تقتحمهم عنك» وتجاوزهم معرضا عنهم تريد الذين يتزينون بزينة الحياة الدنيا» أى تعدوهم عيناك بأسمالهم وفقرهم تريد من عندهم زيئة الحياة الدنياء وهذا النهى يتضمن أمرين : الأمر الأول - الحض على تكريم هؤلاء الفعفاء ومعاونتهم وإعزازهم والاعتزاز بهم. الأمر الثانى - أن يجعل عينيه تظهر فيها مظاهر الإكبار لا مظاهر الازدراء» «( ولا تطع من أَعفلَْا قَلبهُ عن ذكرنا واتبْع هواه 4 . ا تفسير سورة الكهف 9 ١خاا!!!اااا!!!اللنا!!!!الاا!!!!!اا!!‏ !!!اا ااااا!! للا الاك[ أ !!!لاا ااا الالل؟] !لل ااام عم املاطل كتتتتللا الا ١‏ .. 7 إذا كان قد أمره بأن يتطامن لأولئك الذين يعبدون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجههء وأن يقبل عليهم إقبال المقرب المدنى فقد نهاه عن الذين يغفلون عن ذكر الله» نهاه عن طاعتهم بطرد الأطهار الأبرياء الذين لا يعبدون الأوثان وقوله تعالى : « أَعْفَلَنا قله عن ذكرنًا 4, أى أنه لغروره وفساد نفسه شغل قلبه بالدنيا وما فيه وأغفله الله تعالى عن ذكرهء وإذا فرغ القلب من ذكر الله تعالى سكنه الشيطان؛ ولذا قال تعالى بعد إغفال ذكر الل طوَاتَبَعَ هواه4. أى غلبه هواه وصار عبذا لشهواته» ومن كان كذلك انحلت نفسه؛ ولذا وصفه سبحانه وصفا يفيد الانحلال النفسى فقال: « وكات أَمْرهُ فرَطًا 4. أى أنه كان أمره منحلا مضطربا لا ضابط يضبطه. ولا خلق يكبح جماحه؛ فهو مهمل مضيع مسرف فى كل أحواله. الحق بين؛ وكل له جزاؤه قال الله تعالى: مِن رَيَكُرفَمَن مآ شاه يوون وس سَاء فيكف | 0 0 أحاط وم شرا دفهاً وَإِن ستو مكمه يَشُوى الوجوه بشت اراب وسَآ اءت مر إن موكيا م سد ا سا هو 20211 5 4 هه صم مَنَأحمنَْعملا فيا أَولجاء 4 كر 0 خخ ا 4 جَنَتعَدْنِ ججَرى من كحنم الام لون ان أساور 00 6 ري م سول عر - من ذه لسوتي باخضر اين سنذين و ارقو تحر 2 421 ع 2 م ْم 6 ا تفسيرسورة الكهف- لالم للللإإلالل0060ملل للا لب اا أمر الله تعالى نبيه أن يعلن أنه قل تبين الرشد من الغى» وبان الحق بأدلته» فلابد أن يعرف كل إنسان ما يختار لنفسه فقال: طقل الحق من ربكم فَمَن شاء فلؤم ومن شَاء قفر إِناأعمَدنا للظالمين تارا أحاط بهم سرادقهًا وإن يُستغيئوا يعَانُوا بمَاءِ كَالْمهِل يُشُوي الوجوه بكس الشراب وساءت مرتَقَقا 9 4 . أى اوقل » يارسول الله مبلغا صادعا بالحق 9 وق الْحَقَ من رَبَكُم 4. قد ثبت وقام الدليل عليه من ربكم الذى خلقكم ورباكم ويعرف ما فيه خيركم وصلاحكم» وما فيه ضلالكم وفسادكمء وقد بين الحق» وما بقى إلا أن تتبعوا أو تنحرفواء « من شاء فليؤمن 4 باتباع الطريق السوى» « ومن شاء فليكفر )» بالابتعاد عن الطريق الأمثل» وإن الله أعد لكل جزاء» ثم ذكر سبحانه وتعالى ما أعده للمشركين» فقال: ونأ لا نا اط بهم ردقن 4 وصفهم سبحانه بأنهم ظالمون؛ لأن الشرك ظلم للنفس وظلم للعقل» مع ظلمات متراكمة من فساد وصد عن سبيل الله تعالى» وإ أعتدنا» يعنى هيانا وأعددنا نارا أحاط بهم سرادقُهَا 4 شبه حال الذين يدخ لون النار» وتحيط بهم من كل جانب يكونون فى سرادق ويحيط بهم إحاطة الدائرة بقطرهاء أو شبهت النار بسرادق أحاطهم» وكله نار لا يخرجون من قطر إلا إلى قطرء وإنهم يكونون فى شدة» والعطش يكوى بطونهم كياء طوإن يستغيثوا يعَانُوا بمَاءِ كَالمهل 4 والمهل هو المصهور من الفلزات» فإنه شديد الحرارة» وهو 8 يشوي الوجوه# شياء فهو فى حرارة تبلغ درجتها الآلوف من أرقام الحرارة» وروى أن منه غليظا كردىء الزيت. جهنم التى تستقبلهم بسلبب مجانبتهم الحق» وانغمارهم فى الباطل انغماراء وإنها بئس المقام» وبئس شرابها شرابا؛ ولذا قال تعالى: 9 بئس الشراب وساءت مرتققَا 4, أى هذا شراب مذموم أشد الذم لأنه يشوى الوجوه إن سكب على الوجوه» لا يستبرد به ولكن تشوى به» ويقطع أمعاءهم» وجهنم ساءت مرتفقا أى ما أسوأها مكانا يرتفق» فلا اطمئنان» ولكن نيران ولظى» هذا جزاء ا تفسيرسورة الكبهف 9 ملل > ا العصاة عبدة الأوثان فهم حقراء الفكر فى الدنياء ويصلون النار فى الآخرة» وأصل ارتفق اتكأ على المرتفق» وهو علامة الاطمئنان ولا اطمئنان أبدا. وأما جزاء امو منين الذين اختاروا الحق سبيلا» فهم فى روح وريحان» وقد ذكر الله تعالى جزاءهم فقال: ل إن اين آمنوا وَعَمنُوا الصّالحَات إنَا لا نضيع أَجر من أَحَسَنَ عملا 9©) أولنك هم جنات عن تَجْرِي من تحعهم نهار يُحَلَودَ فيها من أَسَاور من ذهب ويَبِسُون ابا خُصْرا من سُندس وإِسْتبرق مُتّكتِينَ فيها عَلَى الأرائك نعم الُوَاب وَحَسنت مرتققا 9© 4 . بعد أن بين الله تعالى جزاء العصاة عبدة الأوثان ذكر ما يستقبل المؤمنين المطيعين الذين يعملون الصالحات» فقال عز من قائل : ل إن اين آمنوا وَعَملُوا الممّالحَات إِنَا لانضيع أجر من أَحسن عَمّلاً 9© 24 » جعل الله تعالى سبب ما يستقبلهم من النعيم أمران : الأمر الأول - إيمان صادق وإخلاص يعمر القلوب فإنه لا ثواب من غير الأمر الثانى - عمل صالح نافع بأداء ما أمر الله به واجتناب ما نهى اللّه عنه فى استقامة قلب» وكمال قصد واتهاه إلى النفع . ويلاحظ هنا أنه أظهر فى موضع الإضمار فلم يقل إنا لا نضيع أجرهمء بذكر الضمير الذى يربط بين المبتدأ والخبرء بل أظهر بالموصولء فقال: 9 إِنَا لا نضيع أَجر من أَحسن عملا 4, لبيان أن استحقاقه الأجر سبب إحسان العمل وتان وقد 0 وأنه لا يشيع عملاء 0 0 جلاله. هنا ذكر الحزاء ميهماء أو ذكره سلبيا» بأنه سبحانه وتعالى لا يحرمهم من حقوقهم» ولا يضيع عليهم أجورهم». ثم ذكره سبيحانه بعد ذلك إيجابيا عطاء ب تفسمير سورة الكهف و بالكلل 1 يجمه - مفصلاء فقال سبحانه وتعالى ما يدل على نعيمهم من ثيابهم» واطمئنانهم» فقال: « أولك لهم جنات عدن تَجَرِي من تَحتهم الأَنْهَار, « أولتك 4 إشارة إلى هؤلاء المتصفين بهاتين الصفتين الإيمان والعمل الصالح» والإشارة إلى الموصوف تدل على أن الصفة سبب الحكم» وفى هذا تأكيد بأن العمل الصالح والإيمان سبب الجزاء» كما أشار سبحانه وتعالى فى الآية السابقة» وفى هذا النص جزاءان: الجزاء الأول - الاستقرار والإقامة الدائمة» وذلك بذكر جنات عدن. والجزاء الشانى - طيب النظر وما يكون به ارتياح النفس» وطيب المجلس . وهو أن الآنهار تجرى من تحتهم فى ظلال أشجارها فتجرى الأنهار من تحت الأشجار الملتفة المتصلة» فتلتقى راحة النفس مع جمال اللمنظر ومع الاستقرار والاطمئنان» وقد أضاف الله تعالى إلى هذا النعيم» نعيم الثياب الذى يكون دليلا على العز والترف لمن حرموا منه فى الدنياء فقال تعالى: 8 يحلُون فيها من أَسَاورَ من ذهب 4. وأحسب أن «إمن4 الأولى والثانية للبيان» أى يُحَلُونَ أساور هى ذهب» ويلبسون ثيابا خضراء والثياب الخضر تكون فيها نضرة» وتطمئن لها النفس وهى لون الزروع النضرة من سندس 4 أى حرير خفيف وإستبرق 24 أى حرير كثشيفء مُتَّكئينَ فيها عَلّى الأرائك 4. أى الفراش اللين المبشوث فى حجراتهم» وقد مدح الله تعالى ذلك الجزاءء فقال: « نعم التُواب 4, أى أن هذا الثواب ممدوح بالغ أقصى درجات حسن المنظر والرئى» « وحسنت مرتفققا 4 أى ما أحسنها مرتفقاء والضمير فى حسنت يعود إلى جنات عدنء والمرتفق أصله من الاتكاء على المرفق» وهو دليل الاطمئنان والراحة والنعيم. ش ويذكر أن الجزاء فى هذه الآية الذى اختص بالحلى» والثياب النضرة الحرير» رقيقها وكثيفها هو أخص متع النساء وخصوصا حلى الذهب والأساور منهء فلم يعهد ذلك حليا للرجال» ولكنه متعة للنساء فى الدنيا فيكون متعة المؤمنات الصالحات فى الآخرة» 8 إِنَا لا نضيع أجر من أَحسن عمَلاً 4 . 1# تفسيرسورة الكهف و ا مثل رجلين أحدهما عاص والآخر صالح قال الله تعالى: تخسر هبني وفك سَغرِوَجميتمارَا كاتأ هلوك ينث متأرتج] يلنتا, 02 :س سر لصاجبي وطواوره: نأا كترمنك مَالاوأَعَرتَهَرًا © ره ١‏ 7 | هل ره 2-2 - #آ #7 7 ره بن سح 1 و2 عع د >- وَدَحَلْجِمَِبَهوَهوظ الم[ ننه كالما أظن أن يريد هازِوه كوه ب لسع 4 دام لي 00 0 اا لاس أبدا نري وم أظَن السّاعة قايمةولين زودتإ رف ور د دور يع جر د د عر يقال لد.صاحبه.وهويحاوره: جم - 92 و ره 7 عر عو سه لور كج ييا لجنا هوالله رى ولا أه لك رق أحدا فأ ولولا إذ آآه َه ا 77 آله و ع تر م 2 م ميهج ده عره دحلت جنك قلت ماشاء الله لاقوة | لابالله إن ترنانا و 0 دس ماس ام 4 سه ع اه كل منك ما لا وولدا في فعمئ ري أن بِوْيينٍ رامن ا بي نر ل لا و ا م ل رح عر سس 1 ٠. ٠. 2 17‏ ِل 14 حَنَئِك وبريلعلتها حسبانامن السَمَءِ فنصيح صعِيدا ل 2 جحي ع و سر سحي سال بح جر رَلِقَانييُ أ ويصيح ماؤهاغورا فلن شَسَتَطِيعَ له,طلبا ليا سل ساسلا د سه لوس ف سي ل .سر سس سس ل عر ل سر سس سق هه 85 .2 م 1 ار ٠.‏ عد ضما اله ٠‏ 7 وأحيط يشمروء قأصبح يقلبٌ كفيّهِ على ما انفق فيه وهىخاوية - سس لل 1 ا 090 0 2 ساس 2 سر لل عرو شها ويقول يلم لوسر يرقأحدا يا وَلَم تكن له 6 ااا ا ققشيزشوية الكتقيي يي ١ اك‎ يي ملطقه وو عو ع هري سم | ل صرح ص مر بر فَة يتصروته.من دون أله وماك دترا ُ ؟ هنا لك الولية للق هوحَبوَابا حر عقب( وتلك الأمثال يضربها الله تعالى لذى الألباب الذين يعتبرون ويتعظون ويدركون أنفسهم من صورة غيرهمء ويؤدبوها ويصلحوها لرؤية المحاسن وأضدادها فى غيرهم . وهذا مثل ضربه الله تعالى وبينه للفاجر والبار»؛ أعطى كل واحد خيرا ربما يقل أحدهما عن الآخر خيراء أو لا يقل ولكن أحدهما يستكثر ما أعطاه لا ليشكره» بل ليغتر ويحسب أنه أخذه أخذا ويذهب فرط غروره إلى أنه أخذ بفضل عقلهء وأنه لن يضيع أبداء ثم يذهب ليقمع غروره أو تنطفئ شعلة اغتراره» وتبدو له الحقيقة واضحة. وهى أنه لا يملك من الآمر شيئاء أما الثانى صاحبهء يذكره بأصل خلقه وأنه لم يكن شيئا مذكوراء ويوجهه إلى الحمد والشكر على ما أعطى» ولنترك القول لرب العالمين فهو البليغ الذى أعجز بكتابه الناس أجمعين. قال تعالى: واضرب لهم معلا رََلَينِ جعلنا لأحدهمًا جين من أعتاب وَحَفَفَاهمًا بنخلٍ وجعلنا بينهما زرعا 09 كلنا انين آنت نت أكلها ولم تظلم منه شيئا وَقجَرنَا خلالّهما هرا 00 وكان له نَم قال لصاحبه وهو يحاوره أنا كر منك مالا وأعر تقرا 5 0 وَدَخَل جنته وهو غَالم أنفسه قَال ما أَظن أن تبيد هذه أبدا 0 وما أن السناعة قَائمة ونين رددت إلى بي لأجدن حيرا مها ما 46 . واضرب لهم مُغَلا4 بين حالا تكون فيها العبرة» وهى :حال رجلين مختلفين طاعة وعصيانا ا جَعلْنَا لأحدهما جِتتين من أعتاب وحففتاهمًا بنخل وجَعلْنا بينهمَا زَرعا 4 أى جعل الله لأحدهما جنتين من كروم؛ وأحاطهما بنخل فعل كبار الملاك الذين يجعلون مزارعهم ذات جنات وعيون ونخل يحوطها كأنه سور يطوف بهاء فتكون مثمرة» ويكون سورها مثمرا لا يكون حديدا ولا خشباء ولا بناء بل يكون نخلا حيا مثمرا يؤتى جناه» وجعلنا بينهما زرعاء ينتج بقولا وقمحا وأرزا ا تفسيرسورة الكهف 1 ب بر ي- وذرة» فحيثما نظرت إلى الجنتين وجدت طعاما طيباء فاكهة ومرا وبقولا وغيره؛ نما هو غذاء ومتعة» و كلا الجتين آنت أكلها 4, أى ثمرها كاملا موفورا وبانتظام لم تتخلف سنة عن أخرى بل آنت به رتيبا تباعاء ولم تظلم منه شيئاء أى لم تنقص منه شيئا « وَفَجَرَنَا خلالّهمًا نهرا 4. أى شققنا خلالهما نهرا يجرى فيكون السقى يسبح لا بآلة» والماء موفورء لا تصاب الزروع بحرمان من الماء» ولا الأرض بجفاف منهء بل كل شىء ممهد» ولم تكن كلتا الجنتين هما كل ماله» بل له مال آخر وهو مال مثمر من تجارة ونحوهاء وكان لهذا المال ثمر إذ كان يثمره وينتج به كنعم ومتاجر كما ذكرنا؛ ولذا قال تعالى: 9( وكَان لَه نَمَر4ُ مع الجنات والزروع والنخيل ثمار لأموال آخرى. وكان حقا عليه أن يشكر هذه»ء وأن يشعر صاحبه بأن له حق الآأخوة والصحبة فيهاء ولكنه تكبر وافتخر بهاء وإذا دخل الفخار فى نفس من أنعم الله تعالى عليه بنعمة» فإن الفخار وراء الغرور والكبرء إذ الكبر بطر النعمة وغمط الناس؟ ولذا كان صاحبه أول من بادره بالمفاخرة فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا كر منك مَالاً وأعزٌ قرا 4, (الفاء) للعطف مع التورية والترتيب» أى قال عقب أن حالت حاله إلى هذه الحال» ٍأنا أَكْثرٌ منك مالا 4, وكأنه يقول له أنا أعلى منك منزلة لأنى أكثر منك مالاء ومنازل أهل الدنيا بنيت على المال» وإنه فوق كثرة ماله يحسب أنه أعزء إذ قال: 8 وَأَعَرٌَ قرا 4, أى أنه عزيز بعزة الذين تبعوه فى أمواله ولكثرة نسبهء وأكثر أولاداء يعتز بهم وبقوتهم وذهب غروره بهذه الحال التى هو عليها ولم يحسبها فانية؛ لآن الكافر حسى لا يؤمن إلا بالمادة المحسوسة ومن علمت عليهم وجعلها هماء لا يكون تفكيره إلا من الحال القائمة والآمر الموجود أو حكم الواقع كما يقال فى هذا الزمان. وَدخَل جَتْمَهُ وهو ظَالم لنفسه 24 أى دخل الجنة فى هذه الحال التى استولت عليه حال الغرور» وحال التعالى الكاذب وعدم البالاة إلا بالساعة التى هو فيهاء واندفع بها إلى الشرك» وهو بذلك الغرور والكبر وغمط الناس ظالم لنفسه» فظلمه لنفسه بهذا الذى هو محيط به» وقد أداه إلى الشرك كما ذكرنا وذلك ظلم عظيم» وقد أداه ذلك إلى أن يقول: :ما أَظن أن تبيد هذه أبدا 4, » فهو حكم بالحاضر على المستقبل» وذلك شأن المادى الذى يأسر 1 و 1 8# تفسيرسورة الكهف الللللللئ 00 عبر يي الحاضر تفكيره» حتى لا يفكر إلا فى محيطه» وقد أكد بقاءها بالنفى ب (ما)» وب (أبدا)» وكأنه يحكم على الله» ويتحكم فى المقادير وما هو بشىء. ثم يتطاول فينكر البعث.» ويفتات فى تقديره» فيقول: وما أَظن السّاعة قائمَة 4, ٠‏ ينفى إيمانه بالساعة. ويقول مستهيناء غير عابئ كأن الأمر :لا يوجب اهتمامه وما أَظَن الساعة قَائمّة 4, والساعة هى ساعة الحساب وهى التى تكون يوم القيامة» وإذا أطلقت الساعة فى القرآن لا يراد بها إلا ساعة الحساب والجزاء. وكأنه ليس بجدير بأن يسمى ساعة غيرها. ويفرض أنه إذا صحت الساعة فإنه سينال ما ينال فى الدنيا وأكثر منهاء فيقول مغترا: ولتن رددت إلى ربِي لأجدن حيرا مَنْها منقَبَا 4 مرجعا أنقلب إليه» بدلا نما كنت فيهء وهو فى هذا يقسم مطمتناء فاللام الأولئ الممهدة للقسم أو المومئة إليه» واللام الثانية جواب القسم» وقد أكد القول كما رأيت بالقسم» وبنون التوكيد فى جوابه» وهو بهذا يقيس الخال المقبلة على الحال الحاضرة» وكأن جنات الدنيا ممتدة إلى الآخرة بل تزيد عليهاء وإن هذا أقصى درجات الغرور» فهو يفتات على ربه أو يقسم عليه؛ وليس من المقربين إليه الذين إذا دلفوا بأعمالهم إليه» وأحبوا عبادى» وعادوا بما آناهم من خير على المحتاجين من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل . وإنه يلاحظ ما قصه القرآن الكريم من حال الرجل الذى أوتى الجنتين» وكيف هذا الإيتاء تأدى به إلى الكفر والطغيان أن النفس غير المؤمنة ما تعطاه تحسبه حقا لهاء ويدفعها غرورها إلى اعتقاد أنها نالته بكفايتهاء أو لمزية اختصت بهاء فلا تحسبه عطاء من الله» وكان يمكن أن يكون لغيره بأوفر منه» ولا أن الأسباب لا تؤدى إلى نتائجها إلا بإذن الله ثم يندفع بها الغرور فتحسبه من فضلها على غيرهاء وحرمان غيرها من نقصانها الذى لم تبلغ مواهبها ما عندها هى ثم تسترسل فى غلوائهاء فتحسب أن ذلك من دواعى تفاخرهاء وتطاولها على غيرهاء وتسترسل فى غرورها أكثر فتحسب أن ذلك دائم لا يبيدء وأنها تنتقل من ظفر بالخير إلى مثله غير عابئة بشىء» ولا مقدرة لمستقبل» ثم تدفعها غلواؤها فى 8# تفسير سورة الكهف و حب التقدير فتنكر البعث أو لا تهتم به وتظن ظنا من الإثم والبهتان على الله أنه إن كان بعث فستنال من الله خيرا من هذا. وإن هذا الغرور النفسى» والطغيان على الناس هو الذى أدى إلى الكفر والإيغال فيه من غير حساب» هذه هى النفس الطاغية التى تسير فى طريق الكفر. أماالنفس المؤمنة وهى التى تتمثل فى الرجل الآخر الذى هو أحد الرجلين اللذين ضرب بهما المثل» فإنه يتمثل فيها الرجل المؤمن فهى تحس: أولا - بأن الله هو الخالق» وأنه خلق الإنسان من تراب وأنه الواحد الأحد. ثانيا - وأنه هو المعطى» والمعطى يستحق الشكر . ثالثا - والتفويض إلى الله» والإحساس بأن كل شىء عطاء منه بعد اتخاذ الأسباب . رابعا: وبأنه موضع الرجاء على أن يفوض الأمر إليه» وأن من أعطى يمنع إذا اغتر من أعطاه» ورغب عن طاعته» وأن عليه أن يتذكر المنع عند العطاءء وأن يتذكر حاله إذا فقد النصير وهذا جوابه لما حاوره صاحبه مفاخرا. قا له ماحبه ور يُحَاوره فرت بالذي لفك من ثراب كم فهك سَوَاكَ رَجلاً 69 # . هذا هو التأكيد الأول يقول له: إنك نسيت خلقك الأول أنشعت من تراب ثم من ماء مهين» ثم كانت أدوارك من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات نطفة فى قرار مكين» ثم مضغة ثم عظاما ثم كسونا العظام لحما ثم صرت رجلا سوياء وخلقت ضعيفا فى كل أدوارك ثم صرت رجلا غرك الغرور» أشار إلى كل هذا فى كلماته الموجزة المشيرة والموضحة. ونبهه إلى أنه كفر بكل هذا فى استفهام إنكارى توبيخى؛ لأنه لإنكار ما وقع منه من كفر بربه الذى خلقه فسواه فى أحسن تقويم. فحاله حال كفر وإنكار للنعمة» وجهل لحقيقة أمره فذكره بذلك كله وأنه بهذا الطغيان والغرور ونسيان البعث وإهماله لطاعات الله تعالى قد كفر بالله أشد الكفر. لحب أ أما حاله هوء وهى حال الإيمان» فقد قال فيها: لكا هو الله ربّي ولا شرك بربّي أَحَدا © 4 . (لكن) تفيد الاستدراك على ما قاله صاحبهء وبيان أن حاله ليست كحالهء إنما حاله حال إذعان لله تعالى وحده على خخلاف حال صاحبه من إشراك بالله واستهانة بالبعث» ونلاحظ فى المصحف أن ألفا بعد النون فى 8 لكا 4 وهو يتحدث وحده ونحسب أن كتابته ليست عبثاء أو لغير معنى» بل إن كتابته تنبيه على بعد الحال المستدركة بين الرجلين» فبينا الأول كان طاغيا مفاخرا مغروراء فهذا موحد متطامن شاكر لله تعالى أنعمه». فى سرائه وضرائه فأمره كله إليه سبحانه» لا يملك من أمره شيئا أبدا. ظ وقوله: « هو الله ربي 4 تفويض مطلق لذى الجلال والإكرام؛ لأنه ربه الذى خلقه وقام عليه حتى بلغ ما بلغ بين الأحياء؛ لأنه الحى القيوم» وأكد الوحدانية بقوله: «ولا أشرك بربّي أحدا 4, وهذا تعريض بالذين يؤمئون بأن الله تعالى خالق السموات والآرض وأنه لا خالق سواهء ومع ذلك عند العبادة يشركون به» وقوله تعالى: 8 بربي »© يفيد مع ما سبق علة العبادة وعدم الإشراك فيهاء ويقولون هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره لكن الأمر هو الله ربى ولا أشرك بربى أحداء وينتقل إلى توبيخ صاحبه. وتنبيهه إلى وجوب الشكر فيقول كما حكاه الله تعالى: (١‏ ولولا إذ حلت نك قلت ما شَاء اله لاه إل الله إن رن أن قل ملك مَل رودا 9 فعسئ وبي أن يتين حيرا من جنك ويرسل عَليها حَسْبَانا من السّمَاء فَمُصبح صعيدا زلقا 60 4 . «لولا» للحضء والمبالغة فى الإنكار بمعنى هلاء أى هلا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله و إذ » بمعنى وقتء المعنى هلا وقت دخولك جنتك ورؤيتك هذه النعمة قلت ما شاء اللهء أى هذا ما شاء الله وأنه بإرادته ومشيتته ولولا مشيتته ما نلتهاء وأنه لا قوة لك إنما القوة كلها للهء فهو الذى ا تفسير سورة الكهف لل ميم حر له أعطاك وإن حق النعمة شكرها لا كفرها ولا التطاول بهاء والمفاخرة على غيرك والاعتزاز بها من غير عزة الله سبحانه وتعالى . ثم أخذ بعد ذلك يرد على مفاخرته راضيا راجياء إن تَرن أن أَقنَ ميك مالا وَولّدا 09 فُعسئ ربي أن يؤتين خَيرا من جنك 4, إن ترن 4 حرف شرط وفعله وجوابه» 8 فعسى » والفاء داخلة فيه؛ لأنه فعل طلب للرجاءء وأنا 4 ضمير الفصل فيه تأكيد لحديث المتكلم عن نفسه. وكان التأكيد لبيان أنه أقل منه فى نظره» أى إن ترنى أنا فى نظرك أقل منك» فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين» لا يمنعه أحد من عطاء يشاؤه» فعسى ربى الذى خلقنى وكفلنى وقام على شئونى أن يؤتينى خيرا من جنتك التى تفاخر بها وتغتر بهاء إنى أرجو الله وأرجو ما عنده مؤمنا بأنه هو الذى يعطى ويمنع فإن أعطانا شكرناء وإن منعنا صبرناء وهو خير لنا. وقال: ظ ويرسل عَلَيَهًا حسبانا من السّمَاء4, الضمير فى «عليها 4 يرجع إلى الجنة؛ لأنها المذكورة وحدها فى قوله تعالى: «فعسئ ربِي أن يؤتين خيرا من جنتك 4 والحسبان هو العواصف من السماء التى يطلق عليها مرامى السماء والحسبان الصاعقة» ويطلق على العذاب» ولعل أقرب المعانى هو الصاعقة المحرقة للزرع والشجر والنخيل وغيرهما من أنواع الأشجار المثمرة وغير المثمرة» ويكون المعنى عسى أن يعطينى الله منه خيرا من جنتك» ويرسل على جنتك صواعق من السماء 8 فتصبح 4 الجنة خالية من الأشجار صعيدا رقا أى صعيد أملس لا شجر فيه» ولا ينبت شجراء ولا كلاء و8 زَلَقَا4 هو الذى لا يثبت عليه قدم وهو كناية عن أنه خال من كل نبات وشجر وهو بلقع لا ثمر فيه. هذا هو حسبان السماء لا يبقى ولا يذر» وعسى أن يجف الماء فلا تنزل صاعقة ماحقة» ولكن يجف الماء» وهو مادة الحياة للنبات» ولذا قال تعالى عن الرجل المؤمن : ظ أو يُصبِحَ مَاوْها غَورا قن تَستطيع لَهُ لبا 9 > . 9 ##ا تفسير سورة الكهف الل ا ١‏ يي" أى أن ماءها يغور فى الآأرض ويختفى من سطح الأرض إن كان ماء عيون وآبار» أى على أعماق بعيدة من باطن الأرض فلن تستطيع الحصول عليه» وهذا معنى قوله تعالى: «إ فلن تستطيع لَه طَلَبا 4. أى يتعذر عليك طلبه ولا تجده ولا تجد عوضا عنه» لا تجد لها سقيا ولا رعيا وحيتئذ يجف لك الشجر والزرع ويصير حطاما. وقد بين سبحانه أن ما توقعه المؤمن صدقء. ونزل الدمار بالجنتين فقال تعالى : ف وأحيط بشمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية علئ عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا 69 4 . قوله تعالى: ‏ وأحيط بثمره 4 يقال أحاط الجيش بالعدو حتى سد عليه مسالك النجاة» ثم صارت تطلق فى اللغة بمعنى الهلاك مجازا مشهورا وأصبح البعير يحاط به بمعنى تعرضهء ولقد قال تعالى فى الذين يتعرضون للهلاك» # . إِلذّ أن يحاط بكم (يوسف]» ويكون فى الكلام مجاز بالاستعارة شبه هلاك الزرع هلاكا مستغرقا لم يدع فيه شيئا قائما بذاته بإحاطة الجيش بعدوه واستتئصاله بحيث لم يفلت منهم بالنجاة أحدء والمتامع فى المجاز هو الإحاطة والشمول» وفى هذا المجاز إشارة إلى المغرور بهذه المعاندة كأنه فى حرب مع الله سبحانته» وبعدل هذه الإحاطة المهلكة المستغرقة لكل الزرع أخحل يعض بنان الندم» وقال الله تعالى فى ذلك: 9 فأصبح يقلّب كفيه على ما أنفق فيها : الفاء فاء السببية والعطف المفيد للترتيب والتعقيب» وتقليب الكف كناية عن الإحساس بالندم وعن الإحساس بالخسارة فهو يقلب كفيه نادماكل ويحس بالخسارة فى النفقة التى 1 أنفقها. وهكذا المغتر من غير مبرر للغرور يكون فى ندم على غروره» وفى حسرة ونادى «ويا ليتني #: كأنه ينادى ليت» كأنه يقول: يا (ليت) تعالى فهذا وقتك الذى ل تفسير سورة الكهف مالل و لأسب زد أناديك فيه « لم أشرك بربّي أحَدا 4, كآنه أحس بأن الشرك هو الذى ربَى فى نفسه الغرور» وأن الغرور الذى دلاه إلى هذه الحال من الهلاك . أهذا التمنى فى الدنيا أم فى الآخرة؟ الأقرب إلى السياق أنه فى الدنياء وأنه سبيل التوبة؛ وقد يكون فى الآخرة كما تدل الآية الآتية» وقوله: وهي حَاوية على عروشها 4 الضمير يعود إلى الجئة» وذلك من خوت الدار خمواء إذا أقعرت وتهدم بناؤها وسقطت عروشهاء فخاوية على عروشها معناها ساقطة الكروم على عروشهاء أى أن كل ما فيها سقط بعضها على بعضهاء فالأشجار جفت» والزرع صار حطاماء وصارت كلها خواء. كان المغرور المفتون بجنته يعتز بماله» فيقول أنا أكثر منك مالاء وكان يعتز بنفره» ويقول أنا أكثر منك مالا وولداء وهذا مآله قد آل إلى فناء وخراب» وذهب نفره فلم يكن له نصراء ينصرونه من دون اللّه؛ ولذا قال سبحانه مبينا عزلته . ل وَلَم تكن لَه فَةٌينصرُونَهُ من دون الله وما كان منتصرا 69 4 . الفئة الجماعة المناصرة» أو العصبة التى تناصره» اعتز بهاء ولقد قال: ١‏ أنا أَكثَرْ منك مالا وأَعَرٌ تقرا 4 فأبعد الله عنه عزة النفر عند إبعاد المال» فلم يكن هناك فئة تنصره على كل حال» بل كانوا فئة تناصر ماله» ولا تناصر شخصه فلا نصير له من دون الله» وقد تخلى الله تعالى عنه لعصيانه فلم يكن له نصير من غيره» ولم يكن هو منتصرا بذاته» فليس قويا فى ذاته ينتتصر لنفسه» وليست قوة من خارجه وما كان ممتنعا بقوة شبه ذلك» وقال قتادة ما كان مستردا بدل ما فقد منه» والفئة مشتقة من الفىء» أى يفىء إليها لتنصرهء فهى العشيرة ويظهر أن ذلك يوم القيامة» ولذا قال تعالى: طهتَالك الْولاية لله الح هو حير ثوابا وخير عقا 68 4 . الإشارة إلى البعيد فى الآخرة؛ ولذا كانت الإشارة بالبعيد باللام والكاف معاء وكلاهما تنبيه للبعيدء أى السلطان الكامل» كما قال تعالى: 8 ... لمن املك الْيَوْمَ لَه الواحد الْقَهّارٍ 65 4 [غافر]» هو خَيْر وبا 4 والضمير ظ هر 1# تفسير سورة الكهف 220111111111111 اك ١‏ 7 يعود لله تعالى» أى خير ثوابا فى الدنيا والآخرة لمن آمن واتقى» وخير عقبا 4, أى نير عاقبة فى الآخرة وهو النعيم المقيم» هذا وإنا نقول إن هذا كله فى الدنيا 5 والآخرة. ولكن يجب بحث خبر المثل أهو تصوير لحال المستقيم» وحال المنحرف المغرورء وعاقبة كل» وهو تقديرء أم له واقع تاريخى» وإنه كيفما كان مصور حال المغرور الجاهل المشرك» وحال المستقيم ويقول الزمخشرى: إن المثل يصور قصة واقعة فيقول: (وقيل هما مثل لأخوين من بنى مخزومء مؤمن وهو أبو سلمة عبدالله بن عبد الأشدء وكان زوج أم سلمة قبل رسول الله يَلِلْهّ وكافر وهو الأسود ابن عبد الأشد). وسواء أكان المثل تقديرا صادقا وتصويرا للنفس الكافرة» أم كان قصة وقعت فهو مبين لنفس الكافر وهى يسودها الاغترار بالعطاء» ووراء الاغترار الضلال والاستكبار» والمفاخرة ونسيان الواجب لحق النعمة» والبطر والكبر وغمط الناس وأن المؤمن من صفاته الرضا والقناعة والاتجاه إلى الله تعالى وشكر النعمة ...أن شكرتم أَزِيدنُكُم ولتن كفرتم إِنّ عدَابِي لَشَديدٌ 60 »> [إبراهيم]. مثل الدنيا والآخرة والبعث قال الله تعالى : سث# < سس كو ل 7 وأضرب طم مث ل الحيؤة سس سرس 6< سو 070 سم مر عد سر سر صل م< هو : 0 م ييا 7 غير 8 الدنيا ع أذ أنه ل نألسَّمَاءِ فاخلاط يه بار تالارض هه سر سج ع عرص لاله ع و ل ل و< سم 6 م 1 رد 2 ا هه 0 ٌُ صبح هشيما نذ روه الريتح وكان الله ع كل سىءِ مقر را إرها م سا فر راصعياو م عو 2 ساسا رط 2 0 ىس ع لي سس لير وَوَالد ماو لقنت الصَبِلحدت 5 عسوم ير .:_ 2 زيل ع د مدع 2-6 6 0 خيرعندريك ثوابا وَحَي رأ ملا 2 ويوم نسي رالجبال وترى 8# تفسير سورة الكهف و حبر بي رص بارزه ودر 0 ا 2 عُرضُوأ َو صََا دشو مون كما لَك وَل موقيل 7 َلَن عل مَوَعِدَ ا لرنع وَوضعالكنب فى الْمْجَرِمِينَ هر 000 فاضي دوعي ايعاد ْصعِيرة دولا مره إِلَاَلَخْصَنْهاوويجَدُوأْمَاعَيِلُوأ اضرا ولايظ يريك أحدا () وَإِدْلَنا فلنَالمَهك جوأ دم سَجَدةَْإِلَدِإلسَكانمنَالْحِنَ فَفَسَقَ اخ لو ىن سه ة كرس 8 أفنمجذونه.ودريته: 7--هشظه2 عنميو واضرب لهم مَل الحياة الدنيًا كماء أنزلناه من السّماء فاختلط به تبات الأرضٍ فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا 6 > . « واضرب ‏ معناها بين لهم مثل 4 حال طالحيّاة الانيَا 4 : فى زخرفها وبريقهاء كماء أَنزلتَاه من السّمَاء فَاختلَط به نبّات الأرض 4 أى فاختلطت به بذور الآأرض التى صارت نبات» وصارت ريانة به» وجرت فيها الحياة» ولكن استمرت أمدا ليس طويلا فأصبحت هشيما» أى حطبا متكسراء» يتفتت حتى تذروه الرياح » وكان الله على كل شيء مقتدرا ». . إذ أنشا من الماء حياة فى البذورء ففلق الحب فكان نباتا قد اختلط بالماء إذ كان مادة غغائهى واستوى به على سوقه. ولكن لم يلبث إلا قليلا» حتى تكسرهء ثم تفتت فكانت الرياح تحمله وتذروه من مكان إلى مكان» ثم آل بقدرته إلى ما آل إليه. والتشبيه هو تشبيه الدنيا بالخال التى تكون من اختلاط الماء بأصول النبات والتفافه بعضه ببعضه .ثم تكسره السريع مع تفتته» فليس التشابه بين الحياة الدنيا 6م ا تفسير سورة الكبهف ١االاناااااااا‏ ااال ال شق اللللاللللااااااااناااااا ا التاكةظلللاالالاا1ااطةالالااااام مخ مامالط قل للاااتاااااااا الات اللااااخطنط طخلل اططخ خخخ طخلا اللا 7 الاك ..١‏ يي والماء» بل بين الدنيا وهذه الحالة من الماء والنبات» ثم سرعة الفناء والتكسر والتفتت العاجل القريب. وقد صور الله تعالى حال الدنيا بمثل ذلك فى آيات أخرء من ذلك قوله تعالى : إِنَّمَا مل الْحيّاة الانيا كماء أنزلناه من السّماء فَاختلَط به تبات الأرض مما يَأكل لنَّاسَ وَالأَنْعَامُ ... 469 [يونس]» وقوله تعالى: ا اعْلَمُوا أنمَا الْحيَاةُ اانا عب ير وزع وتا حر كم وتكائر في لأوال والألاد ل غيث أعجب الكثار ان م يميج قتراه مصفرا ثم يكون حطامًا . . 452 [الحديد]. هذه حال الدنيا متاع قليل. وفناء سريع» والآخرة خير وأبقى» وقد ذكر سبحانه أبرز ما فى الحياة من زيئة ومتاع فقال عز من قائل: ل الْمَال والبنون ين ايا اليا واليَاقِيَاتَ الصّالحات خير عند ربك ثَوابا وخير ملا © 4 . بعد أن بين سبحانه وتعالى مثل الحياة الدنيا من حيث إنها متعة غير باقية» وما فيها من خخير هو الفناء لا بقاء فيه ذكر سبحانه ما فيها من زينة وتفاخر» ومادة للتطاول فقال: الْمَال والْبَُون زينة الحا الانيا 4. الزينة ما يتزين به» وهى مصدر وصف به» والمصدر إذا وصف لا يئنى ولا يجمعء ولذا وصف به المال والبنون» وكان المال والبئون الزينة؛ لأنه كان بهما القوة» فكان المال قوة لما يمكن صاحبه من الحصول على حاجاته؛ ولما يمكنه من الحصول على مآربه من أعدائه وأولياته» والبنون لآنهم القوة ة فى النصرة ؛ ولذا كانت مفاخحرة أحد الرجلين على صاحبه قوله: «أنا أكقر منك مالا وأعزَ ترا 4 والنفر أكثر ما يكون بالولد» والله تعالى يقول فيمن طغى بماله وولده؛ ل ذَرني ومن خَلَقَتَ وحيدا 9 وَجعلْت لَه مالا دود 90 ونين شود 0 رمدت لا نمدا 9 ثم بطع أذ أزي 02 علا كا لآياتنا عنيدا 62 0 سأرهقه صعودا 09 > [المدثر] وقد سمى الله تعالى القوة بالمال والبنين زينة؛ لأنها موضع تفاخر وتباه كالزينة» وقدم المال على البنين؛ لأن البنين من غير مال لا يكونون زينة» بل اا تفسميرسورة الكهف 1 سسا اا ل سس سب زا يكونون تكليفاء وقد يكون مرهقا. وإن أمور العقلاء تجرى على سنة المنفعة» فما يكون أكثر منفعة وأبقى يطلبه العقلاء» وما يكون أقل نفعاء ولا يبقى ينفر منه العقلاءء ولا يقبلون عليه؛ ولذلك بين الله تعالئ أن زينة الدنيا وخيراتها غير باقية» إنما الباقيات الصالحات فى الآخرة هى الأكثر فائدة وأملاء فقال تعالى: « وَالْبَاقِيَاتَ الصّالحات حير عند ربك تَوابًا وَخَيْر أَمَلا4 الباقيات وؤصف لموصوف محذوفء. أى والأعمال التى تبقى» ولا تفنى سريعاء وهى صالحة فى ذاتها عامرة لا بين العبد وربه أولاء وبينه وبين الناس ويباركها الرب ثانياء سواء أكانت من شأنها أن تكون ذات أثر باق فى الدنياء من عمل طيب يبقى أثره بعد الموت» أم كان يرجى خيره فى الآخرة» وفى الجملة الأعمال التى تكون كثيرة النفع فى ذاتها ويبقى أثرها بعدهاء كما قال النبى كَل «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية» أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له؛ ه هذا فى الدنياء أما فى الآخرة فكل ما يحرثه العبد للآخرة يكون باقياء يقول على كرم الله وجهه: «الحرث حرثان حرث الدنيا المال والبنون» وحرث الآخرة الباقيات الصاللحات» وقد يجمعهن الله تعالى الأقوام» وقد حكم سبحانه بأن والْبَاقيّات الصّالحات خَير عند بك توابا حير أَمَلا4, أى خير فائدة وعائدة وعاقبة» وتفتح باب الأمل لخير عميم» ونعيم مقيم» وجنة خالدين فيهاء وكرر كلمة خير 24 لاختلاف نوعهماء فالأول عاجل فى الدنياء والثانى أمل ورجاء فى الآخرة» وقد ذكر الله تعالى الآخرة» ومقدمات البعث والقيامة فقال عز من قائل: 9 ويوم نسيّر الْجبَال وترى الأرض باررَة وحشرناهم فلم نعَادر منهم أحدا 69 4 . كما قال تعالى: [ وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ... 68 4 [النمل]» ول يوم * متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر يوم نسير الحبال» أى يوم البعث إذ تتغير الدنياء والأرض والسموات» وقد خطر بخاطرى أن 9 نسير # متعلق ب « خير © محذوفة دلت عليها الآية قبلهاء أى الباقيات الصالحات خير عند ريك ثوايا وخيرا أملى وخير يوم نسير الحبال» وترى الأرض . 0 ا تفسير سورة الكهف الل الل ان حب > أ وتسيير الحبال تحريكها من أماكنهاء وتكسيرها فتكون هذه الأوتاد الشامخة منكسرة متفتتة» كما قال تعالى: 9 وبسسّت الْجِبَالَ بس 20 فكَانت هبَاء مب 9 4 [الواقعة]» وكما قال تعالى: وإذا الجبال سيّرت © وإذا العشار عطلت 2 4 [التكوير]» وترى الأرض بارزة 4, أى ترى فى هذا الوقت صعيد الأرض بارزاء ليس عليه جبال كالأوتاد والأشجار وبرز ما فى باطنها من أحجار وفلزات» وبرز ما فيها من القبور» كما قال تعالى: إِذَا السَّمَاءِ انفقطّرت 00 وإِذَا الكراكب انشفرت © وإذا البحار فجرت ص وإذَا القبور بعثرت (©) علمّت نفس ما قَدّمَت وأخْرت (2) »4 [الانفطار] . وهكذا ينهى الكون بارئّه ويذهب هذه الحياة بانيها»ء ومن بعد ذلك» وقد أبرز كل شىء خالق كل شىء عندئذ يكون الحشر ولا يغادر منهم أحدا؛ ولذا قال تعالى: ظ وحشرتاهم فلم نغادر منهم أَحَدا4. أى حشرناهم فى ذلك اليوم لا نة أحداء وعبر سبحانه بالماضى لتأكد هذا الحشرء واستعمال الماضى فى مقام المضارع لتأكد الوقوع» وعبر سبحانه بالفعل حشر للإشارة إلى جمعهم غير مريدين» أو مختارين» وأنهم جميعا متلاقون الضالون والمضلون» وأنهم بعد ذلك يعرضون على ربهم؛ ولذا قال تعالى: «ل وعرضوا على رَبك صما لَقَد جندمونًا كَمَا خلقناكم أَوَل مرة بل رَعَمِتم ألّن نَجَعَلَ كم ترا 142١‏ أى أنهم فى هذا المحشر الذى حشروا فيه لم يكونوا مسجهولينء أو أن الازدحام جعلهم غير معروفين» بل إنهم كانوا مع هذا الجمع الحاشد معروفين مميزين عند رب العالمين الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء ألا يعلَم من حَلَقَ وهو الأُطيف الْخَبِيرٌ 68 4 [الملك]» بل إنهم عرضوا صفا كما يعرض الجنود صفوفا متراصة أمام قائدهم يلقى إليهم أوامرء فكذلك صفهم الله تعالى صفوفا متميزة مقرا لهم بأنه يعلمهم» يذكر الله لهم بلسان ملائكته أو إن حال الموقف كأنهم يخاطبون بالقول: © ولقد جئتمونا فرادئ كما حَلَقَناكم أُوّلَ 8# تفسير سورة الكبهف م لل كوه < يي مرة... 69 4 [الأنعام]» أكد سبحانه وتعالى مجيئهم ب (اللام)» و(قد) وأنهم معاينون وقوله تعالى: اا والاعتبار وبيان الأحكام والقصص والعبر» وإيجاز وإطناب من غير فضول أو تطويل» وزجر وترغيب وترهيب» فمعنى قوله تعالى: «إ ولقد صرفنا في هذا القرآن للئاس من كل مَمّلٍ 4 أى من كل حال من أحوال الهداية والرحمة وشفاء الصدور تما يجعل الحق واضحا بين أيديهم»ء فأتى سبحانه فيه بضروب البيان والمعرفة والهداية ما لم يجعل موضعا لريبة مرتاب» أو مراء من القول؛ ولكن الكافرين أثاروا القول حوله فمرة قالوا: إنه سحرء وأخرى قالوا: إنه شعرء وثالثة قالوا: أساطير الأولين» ورابعة قالوا: علَّمه بشرء وهكذا كانت لهم أقوال باطلة فيه بمقدار ما تشيره أهواؤهم» ويثيره جدلهم؛ ولذا قال تعالى: وكا الإنسان أكر شيع جَدلاً 4 أى أكثر شىء من شأنه أن يجادل ويمارى جدلا» وهى منصوية على التمييز كما هى فى قوله تعالى: د أَنا أكْثَر منك مَالاً وأَعَر قرا 4, أى أن الإنسان أكثر ذوى الألسنة والقول جداء فهو أكثر جدلا من الملائكة وغيرهم» بل إن الملاتكة لا يجادلون. وإن الجدل من شأنه أن يضيع الحقائق ثق بين المتجادلين» وأن تتبعثر الحقائق على الأفواه» فلا يضبط قول» ولا يستقيم فكر؛ ولذلك كان العلماء الربانيون ينهون عن الجدل» وأشد من عرف بذلك الإمام مالك؛ لأن مثارات الجدل هى مثارات الشيطان» وإن الناس دائما يثيرون الجدل حول رسالات المرسلين» ولا يقطع جدلهم إلا أن يأتيهم الهلاك أو العذاب؛ ولذا قال تعالى: وما مع اناس أن يوا إذْ جاءَهم اد وينستغفروا بهم إلا أن تأنيهم سه الأولين أو يأتيهم العدذَاب قبلا 62 4 . الناس 4 هنا قيل إنهم أهل مكة» وأميل إلى أن هذا بيان لطبائع الكافرين» وأخص من ينطبق عليهم المشركون فى مكة فقد أغروا بالجدل والمراءاة فى اللتقائق » وهم قوم خصمونء كما ذكر القرآن الكريم فى أوصافهم» 9 وما منع الئاس أن يؤمنوا إِذْ جاءهم الهدى 4 أى ما منعهم الإيمان» وقد توافرت أسبابه وإذ جاءهم الهدى بالرسول أرسله الله إليهم» وبالكتاب الحكيم نرّله هاديا مرشداء ما منعهم كل رب د الإيمان إلا طغيان نفوسهم » وازورارهم عن الحق والجدل حوله. فإن علاج هذه الخال أن تأتيهم سنة الأولين» أى الطريقة يقة التى نزلت بالآأولين وهى الاستتصال بجعل عالى الأرض سافلهاء أو ريح صرصر عاتية» أو بغرق» أو بإمطارهم بحجارة من سجيل . فقوله تعالى : . «إوما منع النّاس أن يؤمنوا إِذ جاءهم الهدئ ويستغفروا ربّهُم إلا أن تَأسِهُم سنَهُ الوكين أَوْيَأنيِهُمالْعَدَابْ قُبُلاً © 4 أى عيانا ظاهرة أى انتظار الهلاك بالاستئصال أو انتظار عذاب يوم القيامة معاينة هو الذى منعهم من الإيمان وغلوائهم كأنهم ينتظرون العذاب ولا ينتظرون الهداية فشبه سبحانه وتعالى حالهم الهداية مجرد انتظار العذاب» وهذا تصوير لإمعانهم فى الطغيان والظلم والعدوان ومجاوزة حدود العقل والفكر. الرسل مع الأقوام قال الله تعالى: صرح و وَمَانْرَسِلالْمرْسَإِين ميدي 7 مودو يسكاط ملس ير 5 3 0 يكت وما أذ جا و و 02 62 ع ساك ل 0 بت ريد نادي مر د ِنَاجَعَلنَاعَلَ لوه أَحكِنَة 5 ف يققهوه ه٠0‏ وَفاءَدَاهم ورا َعم لالد يداد 2 م ةداعاو 20 الْمَعور دُواَليحَمَةٍ وَنوَاِدذَ هم مسبو لمَجَلهُم 4# تفسيرسورة الكهف ١م‏ 6" نجمل بر 2ه و 1 َ جص 200 مح 2 7 ىر تىي ‏ الْعَذَابَ بل لَه ممَوعِدٌ أن جدومن دونه مويلا ينا َيل كَالْفرَىى أَمْلَكتَهُعْلَمَاظَامواومََالَِهْلِكهم مَوَهِدَا © يبين الله تعالى أن إرسال الرسل للتبشير والإنذر»ء وأن محاولة الذين كفروا إبطال الحق هو فرار من أن يستمعوا إلى النذير ينذرهم» والبشير يبشرهم.ء وما ذلك إلا من إمعانهم فى الكفر والضلال» ولقد قال تعالى فى ذلك : ش وما نسل سنإلا مبْشَرينَ ومن ويُجَالَ الدين كَفَرُوا بلاطل حضوا به الْحَقَ واتَحَدُوا آياتي وما أنذروا هزوا 65 4 . «ما» نافية» و(إلا» استثناءء فيكون فى الكلام نفى وإثبات» وهذا يفيد القصرء أى ليس إرسال الرسل إلا لتبشير المؤمنين بالزلفى عند الله» ودخول الجنة» وإنذار الكافرين بالبعد عن الله وعن جنته» وإن ذلك كان يوجب الاعتبار» وتفهم ما جاء به الرسل» والإيمان به لأنه خيرهم ومصلحتهم وتهذيبهم» ولكنهم بدل أن يفتحوا عقولهم للتدبر وفقه الأمورء أخذوا يعملون تفكيرهم فى رد الحق فهم بمنأى عن شرع الله» كمن يفرض على شىء علماء فلا يتفهمه؛ ويكون تفكيره فى ردهء والتحايل على الخروج عنه؛ ولذا قال: ويجادل الّذينَ كَمَرَوا بالْبَاطل 4. يجادلون جدال مماراة؛ ولذا قال: ا بالباطل 4. أى متلبسين فى جدلهم بالباطل وتلبسهم بالباطل» لأنهم يدافعون عنه» ولأنهم يثيرون ترابا بهذا اللجدل حول الحق» ولأنهم يفكرون فى دائرته» وغايته إدحاض الحق؛ ولذا قال: «( ليدحضوا ب به الحق 4 , وأصل الدحض الزلق يقال: دحضت رجله؛ أى زلقت» ودحضت الشمس عن كبد السماء أى زالت» فكان فى الكلام مجاز بتشبيه الحق وقد ثارت حوله المثارات بجدلهم, بمن تزلق قدمه فيسقط وإن ذلك غايتهم وباعثهم» ولكنهم لا ينالونه» وهو مبتغى لا يصلون إليه» واللام هنا لام التعليل وبيان الباعث . لسر د وإن هذا الباعث الذى بعثهم على جدلهم» وهو باطل أضافوا إليه أمرا زادهم ضلالاء وإمعانا فى الفسادء وقال تعالى فيه « وَانّحَذَوا آياتي وما أنذروا هزوا 4 الآيات هى المعجزات التى جاء بها بها الرسل للدلالة على الرسالةء وأنهم يتكلمون عن اله تعالى لا من عند أنفسهمء أخذوا يستهزئون» ففرعون استهزأ بالمعجزات وهى تسع آيات ولم يذعن لهاء وعاد وثمود وقوم نوح ولوط استهزأوا بالآيات حتى دهمتهم من حيث لا يشعرون» وأنتم معشر العرب سرتم مسار هؤلاء فاستهزأتم بالقرآنء وقد تحداكم أن تأتوا بمثله فعجزتم وما أصغيتم بعد عجزكم للحق» بل زدتم طغياناء واستهزأوا مع الآيات» استهزأوا بما أنذروا به وكان استهزاؤهم به بأن لم يلتفتوا إليه» وبأن تهكموا حتى أنه يروى أن أبا جهل كان يقول متهكما على النار: إن محمدا يقول لكم إنه يأتيكم بالنار ولأصحابه بجنات كجنات الأردن» وهنا ملاحظة بيانية أنه ذكر الذين يجادلون بالاسم ا ملوصول الّذينَ كفروا 4 لبيان أن الكفر سيق إلى قنلوبهم فسد مسامع الإدراك» ولبيان أن السبب فى جدلهم هو الكفرء وإن هؤلاء ظالمون؛ ولذا قال تعالى بعد ذلك : وم أَظْلَم ممّن ذكْر بآيات ربّه فَأعرض عنها وَنّسي ما قَدّمَتَ يداه إن جَعَلنا على قُُوبهمَ أكنَة أن يَفَقَهُوهُ وفي آذانهم قرا وإن تدهم إِلَى المُدى قلن يَهَْدُوا ذا أبدا 9© 4 . هذا تصوير دقيق للكافرين يبتدئون بالإنكار من غير روية وتعرف للأمر من كل وجوهه. فإذا سارع إليهم جحدواء أو أعرضوا عن الحق وقد بدا نوره» 'وسدت عليهم كل منافذ الإدراك فلا تسمع آذانهم ولا تفقه قلوبهم؛ ولذا قال تعالى: ومن أَظْلّم مم ذْكَرَ بآيات ربّه فَأَعَرَض عَنْهًا 4 الاستفهام هنا لإنكار الوقوع» أى للنفى المؤكد مع التوبيخ للظالمين والتنديد بهم» أى لا أحد أظلم ممن ذكرَ بآيات الله تعالى فى الكون» ودلالتها على الخلق وأنه وحده الذى خلق كل شىء وأنه وحده هو المعبود ولا معبود سواهء ذكر هذا التذكيرء فلم يتريث اا تفسير سورة الكهف لل لحر أ ويتأمل» بل سارع بالإعراضء» والتولى عنهاء والفاء للترتيب والتعقيب» أى أنه رتب على التذكير الإعراض السريع من غير تأمل فيما ذكر به «ونسي ما قدمت يداه 4. من كفر وظلم وأكل مال الناس بالباطل» وتطفيف فى الكيل والميزان» نسى هذا فى مقام التذكير بآيات الله تعالى وكمال سلطانه» نسى ما قدمه من شر ولم يفتح بابا للاستغفار والإقلاع» والتعبير بما قدمت يداه» يراد به ما قدم» وعبر باليد وهى الجزء عن الكل - وذلك من المجاز المرسل - لآن ذلك الجزء له مزيد اختصاص من بين الأجزاء لأنه أكثر الشر يكون به. وقد بين سبحانه حالهم وأنهم يصبحون غير قابلين للهداية» فقال: 8 إنَا جَعَلَنا على قُلُوبهم أكنة أن يفَقَهُوهُ وفي آذانهم وقرا 4 الأكنة الأغلفة والحجب المانعة» والوقر الثقل فى الأذن» والمعنى فى الإجمال جعلنا حواجز تمنع أن يصل نور الحق إلى القلوب لتفقهه وينفذ إلى إدراكهاء والإذعان لهء والفقه إدراك الآمر والنفوذ إلى غاياته وما يدعو إليه» وقوله: أن يفقهوه4 فى مقام المجرور بلام محذوفة» وكثير ما يحذف حرف الجر فى أن وما بعدهاء أى جعلنا الحجب المانعة من أن والكلام فيه تشبيه بالاستعارة التمشيلية» شبهت حالهم فى الإعراض عن الحق بحال من وضع على قلبه حجب تمنع النور أن يصل إليهاء وحال من وضع على أذنه ثقل فلا يسمعه» وجرى ذلك مجرى الأمثال فى القرآن الكريم» وجملة لإِنَا ِعلنَا 4 منفصلة عن الجملة قبلها لأنها فى مقام التعليل لها. وإن النتيجة لذلك أنهم لا يهتدون؛ ولذا قال تعالى: ‏ ون تدعهم إِلَى الهدئ فلن يَهْعَدوا إذَا أبدا4, الخطاب للنبى كلِلدِهِ أى إذا كانوا على هذه الحال من أن منافذ الحق قد سدت على أسماعهم وقلوبهم» فإن تدعهم إلى الهدى ظ فلن يدوا إذا أبدا 4 أى ما داموا على هذه أو ما داموا فى الدنيا وليسس هذا تيئيسا للنبى ككل من إيمانهم فلا يدعوهم» ولكنه بيان له لكى لا يرجو إيمانهم بطرد الذين يدعون 9 ا تفسير سورة الكهفف 2 1 1 1 1 1 1 1 ”2 لحب و 1 ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه؛ واليأس من إيمان قوم لا يستدعى ترك الدعوة بل يوجب دعوة غيرهم, والاستمساك يمن آمنوا. وقد بين سبحانه أن الشر كثير فى هذه الدنياء فقال عز من قائكل: اوربك القشور ذو الرَحَمة لو يُوَاحدهُم بمَا كَسَبُوا لجل لهم الْعَدَاب بل لَهُم معد لَن يدوا من دونه موئلاً 66 4. « وربك 4 عبر بربك للوشارة إلى أنه الخالق المربى القائم على عباده» القيوم على أمورهم 8 الْعَفُور الذى من شأنه المغفرة لعباده يعفو عن كثير ولا يأحذ بكل ما فعلوا» وقدمت المغفرة على الرحمة؛ لأن التخلية مقدمة على التحلية» فالتطهير مقدم على التجميل » وقوله تعالى : #ذو الرحمة 4 و(ذو) بمعنى صاحب» فالمعنى صاحب الرحمة» أى أن الرحمة تلازم ذاته العلية وتختص بهاء فلا رحمة إلا منه» وغيره لا رحمة عنده فالله وحده هو الذى يملك الرحمة» وما عند غير الله لا يعد رحمة بالنسبة لما عنده» إنما يكون أمرا نسبياء والرحمة الحق لا تكون إلا من عند الله» فهو خالق الوجود وخالق الرحماء» فكل رحمة هى منه. وإن من رحمته مغفرته» ومن رحمته أنه يمهل حتى تكون التوبة النصوح» وتوبة العبد أحب إليه ومغفرته أقرب عنده؛ ولذا قال سبحانه : لو يؤاخذهم بم كسبوا لعجل لهم الْعذاب 4 هذه الحملة السامية كالنتيجة لكون الله تعالى غفورا ذا رحمة ؟ إذ إنه لذلك لم يؤاخذهم بما كسبوا من شر مستطير وقت أن وقعوا بل غير متصلة بها بالعطف. وعبر سبحانه وتعالى ماضى فى قو تعالى : «بما كَسبوا 4 للإاشارة إلى أنه كثير يكفى لأشد العقاب» « لعجل لهم الْعذّاب 4 وتعجيل العذاب هو العذاب الدنيوى» وهذا يشير إلى أن أهل مكة ارتكبوا من الشر بالكفرء والإيذاء والفتنة فى الدين والاستهزاء بآيات الله وبما جاء به محمد ككلَكِ ما يستحقون به أشد العذاب» وأن ينزل بهم ما نزل» ولكن الله سبحانه أراد أن يكون > ا عقابا يعمء ولا يصيب الذين كفروا خاصة؛ ولذا قال تعالى: «إبل لهم مُوعد أن يُجدوا من دونه موئلا 4 الإضراب فى « بل 4 هو عن نتائج الشرطية السابقة بقة لرد ما عدهاء لهم معد وهو أن ينزل بهم العقاب الدنيوى بالجهاد وأن يديل منهمء ثم بعده العقاب الأخروىء وكلاهما له موعد لا يتقدم» ولا يتأخرء ولا محيص عنه 8 أن يجدوا من دونه مُوئلا4, أى ملجأً فهو نازل بهم فى ميقاته لا خلاص لهم منهء وأمامهم العبر» يعتبرون بها؛ ولذا نبههم الله تعالى إليها فقال: وتلك القرئ أهلكتاهم لما ظَلَموا وجَعلنَا لمهلكهم مُوعدا 69 4 . القرى المدن الكبيرة أو الدول الكبيرة» والمراد بالقرى ليست الأماكن» إنا أهلها؛ ولذا قال: ا أَهلَكْناهم 4 لضمير العقلاء ل «الَما ظَلَمُوا. أى عند ظلمهم» وجعلنا لمهلكهم موعداء أى مكناهم من أن يرجعوا عن غيهم وضلالهم» وَجِعَلْنَا لمهلكهم مُوعدا 4 ومّهلك مصدر ميمى» وبين أيدينا أخبار الرسل مع أثمهم من قوم نوح إلى قوم هود وصالح» وشعيبء وإبراهيم» ولوط. 0# تفسير سورة الكهف و موسى يكلا والعبد الصالح قال الله تعالى: بو دسم هاج 00-0 و دك موس لفسَمهُ لآ أب حو 2 م0000 لما بْلمَ مَجَمََلبَحَرَ وأ مض حشبا 2 مَلَمَا 2270 يداي وهنا سج َلْمَاجَاورًا اال هايا عدَآءنا عد امن سَصَرنا ١ لاطا‎ بي و جه ف السخرعبا قَصَصَا 09 قص الله تعالى فى سورة الكهف ثلاث قصص تدل على قدرة الله تعالى فى أن يودع الإنسان من القوى ما يكون خارقاء وما يكون دالا على أن الله يبدع ما لا يعرفه الناس فى أعرافهم وبمقتضى سنة الوجود الإنسانى التى سنها الله تعالى له فى هذه الأرض . أولى القصص الثلاث - قصة أهل الكتاب الذين ناموا لتسع سنين وثلاث مائة» وتراهم أيقاظا وهم رقود. ويقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد» وقد تلونا من قبل الآيات الخاصة بهم» وذكرنا ما أدركنا من معانيها . والقصة الثانية - قصة عبد صالح آتاه الله من لدنه رحمة» وآتاه بعض العلم بالأسباب فيما يقدره الله سبحانه وتعالى وصاحب نبيا من أولى العزم من الرسل» وهو موسى عِيكَهِ ونتلو بين يدى القارئ قصصها إن شاء الله تعالى. والقصة الثالثة - قصة رجل آتاه الله علما وحكمة وإذا كان لم يؤته علم الغيب فقد آتاه الله تعالى علم الأشياء وما فى الأرض وبه ختمت السورة. 3 لك كما مان كارا دل وإذا كانت القصة الأولى تنبئ: عن قدرة الله تعالى فى الإحياءء وفى بقاء الحياة مع اختفاء الحركة». والقصة الثانية تنبئ عن أن لكل شىء سيباء وإن كنا لا نعلمه فآتى الله عبده الصالح علم بعضه» ففى القصة كيف يمكن أن تكون الأرض وما فيها علما للإنسان يأتيه بعقله واحتياره فيأتى بالعجائب» بعذ هذه المقدمة القصيرة نتناول آيات العبد الصالح . 3 كان موسى يسير مع فتاه على سيف البحر» يبدو أنه سيف البحر الأحمر من جهة الشرق» وجد العبد الصالح أنه وفتاه يسيران حتى بلغ مح مجمع البحرين» وإليك الآية الأولى قبل اللقاء بالعبد الصالح: ا تفسير سورة الكبهف و مالل اللا عي ور 2 ف وإِذْقَال مُوسَئ لاه لا برح حتَى بلع مَجمَع البَحرَيْن أو أمُضي حَقبا 09 4 . موسى يدخ هو موسى بن عمران المذكور فى القرآن» لأنه لم يذكر علم اسمه موسى سوى هذا الرسول الكريم» ومن يقول إنه موسى غيره» فهى دعوى بلا دليل ولا مصدر لها إلا ممن يشكك فى القرآن بخلق أشياء لا أصل لها حول عباراته» إيعادا لمعانيه عن المراد منهاء وقوله «لا أبرح 24 أى لا أترك السير «حتى بلغ مجمع البحرين أو أَمُضي حقبا 4. وهذا يفيد أن المقصد الأول له أن يبلغ مجمع البحرين أو يسير حقّباء أى زمنا طويلاء أى ما شاء الله تعالى أن يسير» ويظهر أن ذلك كان من موسى كيه لتعرف الأراضى والناس فى مرتحله» أو ليرتاد لبنى إسرائيل مقاماء وقد سبقهم للارتياد ليكفيهم مئونته أولاء ولينقلهم إليه بعد الاهتداء إليه وتعرفه» وقد وصل إلى مقصده وهو بلوغ مجمع البحرين» ولذا قال تعالى : َم با مَجَمَع بينهما سيا حوتهمافَانُخَدَ سبل في البْحرٍ ربا 9 4 . ومجمع البحرين الذى بلغه نبى الله تعالى موسى- عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم - يكون فى المكان الذى خرج إليه موسى من أرض مصرء وقد خحرج إلى سيناء والأردن» فهذه الأرض كانت المسار الذى يسير فيهء وهنا مجمعان كانا فى ذلك الزمان» فكان هنا مجمع يلتقى فيه الخليج الفارسى بالمحيط الهندى وهنا مجمع يلتقى فيه البحر الأحمر أو بحر القلزم ببحر الأردن» وهو خليج العقبة ولا يهمنا أيهماء إنما يهمنا أن موسى عَيِكَاهٍ كان هدفه الوصول إلى مجمع البحرين أيهما فى هذه المنطقة» وقد يكون قد سار إلى كل واحد منهما فى نوبة من نوبات سيره» ويظهر أنهما فى هذه الرحلة المتعرفة الباحثة التى يرتادها قد أعد للرحلة عدتهاء فأخذ معه حوتاء يشويانه هو وفتاه فى رحلتهما سدًا للجوع. ولما بلغا مجمع البحرين تبين لهما أنهما تركا الحوت نسيانا له ولاشتغالهما بأمر الرحلة» وتعرف طرائقها المعبدة؛ ولذا قال تعالى: 8 فَلمَا بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما 4 والنسيان لم يكن وقت البلوغ ولكن تبين النسيان فى ذلك؛ لأنهما بحثا عنه» فلم يجداه. ولم يكن الحوت ميتاء بل كان حيا؛ ولذا لما نسياه اتخذ طريقه في البحر سرباء أى أنه أخذ يتقلب حتى وصل إلى البحر ظفَانَحَذَ سبيله في الْبَحرِ سَربا 4, والسرب المسلك» وهو من سرب بمعنى سلك» ويظهر أنه لم يقف عند مجمع البحرين» بل اجتازه. ولذا قال تعالى: ط فَلَمّا جاوزا قَال لفاه آنا عَدَاءنًا لَقَد قينا من سفرتا هذا نَصبًا 9 4 . كأنهما استمرا فى سيرهما حتى جاوزا مجمع البحرين سارا برا» حتى وصلا إليه» ثم اجتازاه بعبوره فى قارب حتى وصلا إلى البر الثانى دارسا متعرفا مرتادا. عندئذ أحس بالنصب» والنصب جعلهما يحسان بالجوع»؛ والنصب هو من الجهد المبذول» وأضاف اللقاء اهما ولم يقل نزل بهما التعب؛ ؛ لأنه نصب مختار لهما ولطلبهما. والفتى هنا هو الخادم أو التابع» والتعبير القرانى عن التابع أو الخادم بفتى» ولقد قال النبى عل : «لا تقل عبدى وأمتى» بل قل فتاى وفتاتى» . قال ذلك موسى لفتاه» ويظهر أنه قد علم غياب الحوت قبل أن يعلم موسى» ولذا هو الذى أخبر بغيابه» ولعله باشر حاله وهو يتخذ سبيله فى البحر سرباء ولذلك كان يعلم من بعد مكان غيابه» وهو مكان بجوار صخرة.» فقال: لقال أرأيت إذ أوينا إَى الصّخرة فَإنّي سيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره وَانّحَذَ سيل في البَْحرٍ عَجَبًا 69 4 . ش تبين أنه كان يعلم غيابه وتركه؛ إذ أوى موسى إلى صخرة» رقد عندها من التعب كما أرهق التعب الفتى أيضاء فترك الحوت ‏ وانّحَذَ سبيله في الْبْحر عجبا 4, أى أنه تركه فالنسيان هنا بمعنى الترك والذهول, وما كان يحسب أنه سيتخذ طريقه إلى البحر بطريق ظعَجَبا 4 فعجبا مفعول مطلق وصف لمصدرء فاتخذ طريقه إلى البحر اتخاذا عجباء وما كان يحسب أنه سيفعل ذلكء» إذ كان فى مكتل فخرج منه وأخذ طريقه إلى البحر. هاا تفسير سورة ١‏ لكهف 1 الللتاثااااااا ااام الاك الللك1! ااا ااااالاااااااااااالاتك الالالال ةناما لااالالة الا اااللال لاا الام خخخطخ لط لط اططط لاط اللا 1 رب ا وقد اعتذر الفتى اعتذارا كاملا» فقال: «نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشّيطان أن أذكره 4 فاعترف بأنه يتحمل خطأ ذهاب الحوت؛ لأنه ترك الاحتياط وكان يجب أن يكون يقظا. ويظهر أن موسى ييه كان قد علم من ربه أن العبد الصالح سيلقاه عند الصخرة» ولكنه تركها وهو مار ورقد عندها ولم يتنبه بسبب الرقود عندها أنها الملتقى» ولكن الله تعالى رده إليهاء بعد أن تنبه إلى أن الحوت ترك عند الصخرة فكان لا بد من العودة؛ ولذلك قال: طقال ذلك ما كنا بع فَارتَدَا على آثارهما قصصا 9 4 . الإشارة فى قوله تعالى: # ذلك # إلى العودة إلى الصخرة والرجوع إليها و قصصا»., أى يتبعان أثرهما مقتفين للطريق الذى مرا به؛ لأن الصخرة موضع اللقاء بالعبد الصالح . اللفاء قال الله تعالى: آ آ ‏ حر ل م عو لا ع ابرح 2 عِندِئا وعَلَمَئَه من لدت عِلْمَ لزيا َال له مومئ هل بعك عل أن تمن مِمَاعْلَمَتَ رَشدًا لزيا فَالَنَك لن سَعَطِيمَ سداد صَآَأمَهَإرَاولد ع ىلك ندل و لمي اا ست يا بي مام لي مم دير 14 .|٠‏ .مه مه الى 0 » -. ٠.‏ , م > - 21 . 0 2 ل لطر 2 62200 َب سوه سر سل مر يا مَنطَلفَاحَفَداركِبَافاَلسَفِيبَة حَرفَهاقالَ ا تفسير سورة الكهف 09م اللللللاا مامالل ماللا جرب لز ْ ال ا لا ل 8 لنغرقأ ان عن شيعا ١‏ رف جرير 0 -- 0 --خ- تيمم ىصارا 29/9 قَالَ لا ثوَاِلٌ 5 ف ع امه هه 0 سِقنى مِنْأمْرىغسرا 07 7001 يملعا فقئله. لقت تَفسَا وبصي قدت ديكا التقى موسى بالخضر عليهما السلام» وجاء فى البخارى عند لقاء موسى وصحبه با خضر. وجدا الخضر على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه. فَسَلَّم عليه موسى فكشف عن وجههء وقال: هل بأرضك من سلام!! من أنت؟ فقال: أنا موسى. قال: موسى بنى إسرائيل؟ قال: نعم» قال: فما شأنك؟» قال جئت لتعلمنى بما علّمت رشد0©. وقال الثعلبى فى كتاب العرائس» أنه قال عند رد السلام «وأنى بأرضنا السلام» ثم رفع رأسه واستوى قائماء ثم قال: وعليك السلام يا نبى بنى إسرائيل» فقال موسى تَلَِلغخْ: وما أدراك بى؟» ومن أخبرك أنى من بنى إسرائيل؟ » قال: الذى أدراك بى ودلك على» ثم قال: يا موسى لقد كان لك فى بنى إسرائيل شغل» قال موسى: إن ربى أرسلنى إليك لأتّبعك وأتعلم من علمك. هذا هو اللقاءء بين علم النبوة وعلم القدر الذى آناه الله بعض أسباب عمله سبحانه وهو الحكيم» وقد اعتمدنا فى خبر اللقاء على المروى لأنه لا تَرَيْدَ فيه ولأنه متلاق مع النص القرآنى أشار إليه» ونبه عليه . الفاء فى قوله تعالى: «فَوَجَدا عبْدا من عبّادنًا 4 هى فاء العطف التى للتعقيب والترتيب» أى أنه عقب الوصول إلى الصخرة وجدا عبدا من عبادناء وجعل سبحانه اللقاء مع موسى وغلامه لتسوية الصحبة وإعطاء الغلام حقه من .)47019( القصة كاملة رواها البخارى: تفسير القرآن - قوله: (فلما بلغا مجمع بينهما)؛‎ )١( 8 تفسير سورة الكهف ظ مامالل 1 لك‎ ١ 8 علَمَا 4 الرحمة النعمة» والرحمة بالناس إذ يفعل ما يكون فيه صالحهم قابلا: وإن لم يعلموه عاجلاء والعلم الذى من لدن الله تعالى العلم بعواقب الأمورء بالإدراك الباطنى» وقد وازن بعض المفسرين بين علم موسى» وعلم العبد الصالح الخضرء فقال: علم الخضر علم معرفة بواطن قد أوحيت إليه لا تعطى ظواهر الأحكام أفعاله بحسبهاء وكان علم موسى علم الأحكام والفتيا بظاهر أقوال الناس وأفعالهم . والحق أنه يضاف إلى ذلك أن علم الخضر علم الأسباب فى بواعثهاء وعلم موسى علم الأسباب فى واقعهاء كما سنرى ذلك فى المجاوبة التى كانت بينهما. طلب موسى طُيِكَِعِ من أن يأذن له باتباعه» فقال: طقال لَهُ مُوسئ هل أبِعكَ علَئ أن تُعلََِ مما علَمْت رَشْدا 9 4. سأل موسى 2ل التضر سؤال التلطف المستأذن فى الاتبَاع» فلم يرد أن يظهر بمظهر المقحم لنفسه المتهجم بهاء وقد قال القرطبى: «هذا سؤال الملاطف» والمخاطب المستنزل المبالغ فى حسن الأدبء المعنى: هل يتفق لك» ويخف عليك» وهذا بلا ريب تعليم لآداب الصحبة أنها تكون باتفاق النفوس» وتلاقى القلوب» والاستفهام لبيان إرادة الاتباع فى أبلغ أدب» وبين سبب ذلك الطلب» فقال: «إعلئ أن تعس مما علمْتا رشدا 4, وظرشدا 4 مفعول ل « ا تَعلَمَنِ 4, أى أتبعك على أن تعلمنى رشدا مأ علمتء و على 4# تفيد الشرطء أى أن هذا الاتباع لغاية؛ ولذا كان شرطها أن تعلمنى رشدا ما علمك الله تعالى» وبنى الفعل للمجهول؛ لأن المجهول فى اللفظ معلوم فى الحقيقة» فقد سبق قوله تعالى: « ولاه من لَدنًا علما © وتوقع الخضر كح ألا يصبر؛ لأنه ستقع منه أمور غريبة فى ظاهرهاء ولا يصبر أحد على الغريب من غير أن يتعرفه: فقال تعالى: ١١ ااا‎ 7 قال إِنْك أن تستضيع معي صبرا 69 وكيف تصبر علَئ مَا لم تحط به خبرا 62 4. أكد أنه لا يستطيع صبرا على ما يقع منه؛ لأنه أوتى علم الوقائع فى صورها الظاهرة» ونتائجها المعروفة, وأكد أنه لا يستطيع الصبر» ب (إذى و«لن»» والآية بعدها : # وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً 62 4 . وقوله: أن تَستطيع معي صبرا 4؛ أى فى صحبتى صبرا؛ لأنك ستجد غرائب بالنسبة لك» ولا تصبر على أمر لم تحط به خبراء الإحاطة بالخبر العلم به فى واقعه ونتائجه. وأنت ستعلم الواقع. ولا تعلم نتيجة هذا الواقع التى لا يعلمها إلا الله تعالى وقد علمنى بعضه سبحانه» وأحاط بالأمر» أى كان عالما به. كقوله تعالى: ‏ ... أحاط بكُل شيء علّمَا 09 4 [الطلاق]» وأحاط به خبرا معناه أحاط متصلا به خبراء بالاختبار والمعاينة» ومؤدى هذا الكلام أنه يقول لموسى عليهما السلام إنك لا تعلم إلا ما تختبره وتعاينه» ولا تعلم نتائج الأعمال الظاهرة التى يقدرها الله سبحانه وتعالى فى علمه المكنون. وعده موسى طيكهِ بالصبر تعليما لكل ذى حاجة أن يكون فى طاعة من ياج الب إليه ه إذا كان فى احيرا 262 - على ثلاثة أمور: أمران فيهما الطاعة» وأمر فيه التعليق على مشيئة الله : الأمر الآول - وعده بالصبرهء فقال: لإستجدني 24 أى أنى منفذ ما طلبت» وستجد ما طلبت وهو الصبر قائماء على أنه وصف مستمرء ولذا قال: ستجدني إن شاء الله صابرا 4 . الأمر الثانى - أنه تأدب بتأدب تعلق على المشيكة » كما أمر اللّه ثبيه محمدا فقال: « ولا تقولنَ لشيء إِني فَاعلٌ ذلك غَدا 69 إِلأّ أن يَشَاء الله 4 فهذا تأديب الله تعالى لأنبيائه وعباده الصا ين . ْ / تفسير سورة الكهفد ال 00 جر ا ل ير لي ج26 يفقتضى الطاعة» والصحبة تقتضى عدم المخافرة والمخالفة. أخل العبد الصالح بين حدود الصبر» وأنه صير على الامتناع عن السؤّال عن سبب الفعل مع غرابة الفعل فى ذاته» وهذه طاقة عالية فى الصبر» فإن العقل 1 00 ا 5 طلعة يريد تعرف سبب كل اواقع» وسر كل مجهول» فقال: قال إن اَي فلا تسأني عن شيم حت أخدث لك مله ذخرًاً © 6 . قال العبد الصالح الموسى وقد وعذده بالصبر» والفاء للوفصاح عن الاتباع . المشروط بالصيرهء أى إن صبرت فاتبعتنى فمقتضي ذلك ألا تسألنى عن شىء تستغربهء 8 حتئ أحدث لَك منه ذكرا » لعلته» أى لا تسألنى حتى أبادئك بالبيان» وذلك من مقتضيات الصبرء ومن آداب المتعلم أمام المعلم» والتابع للمتبوع لا يبادره حتى يبين هو ما عنده» والتعبير بالذكر يشير إلى أن ما يخير به من بعد هو تذكير بقدرة الله تعالى.2 ) ش بعد هذه المواثيق بين موسى كليم الله تعالى والعيد الصالح عليهما السلام أخذا فى السير؛ ولذا قال تعالى : ا«( انط حل إذا ري في السعينة حرق قال هفرق أنه قد جلت ني إمرا © 4 . ظ (الفاء) فى 8 فانطلقا 4 للترتيب والتعقيب» أى أنهما عقبب أخذ هذه المواثيق» انطلقا فور ذلك الإاتفاق» والتعبير ب (انطلقا» يومئ إلى أن كليهما فرح بهذه الصحبة وسارا ما شاء الله أن يسيرا إلى أن وجدا سفينة» وكان السير على سيف البحر» طحنَئ إِذا ركبا في السفينة ها 4 . أى أنه خرقها وقت أن ركبهاء وفى الصحيحين ألهما لم يدفها أجراء دع وحا منهاء يدرك موسي 006 ( أخرقتها شرق أهلها قد جنت شيا مرا 4 اللام فى «الفرق هلها 4 لام العاقبة» ##ا تفسيرسورة الكهف لل الالالال ا 1 تي أى لتكون النتيجة أن يغرق أهلهاء والأمر الإمر: هو الأمر الخطير العظيم فى ذاته من قولهم مر الأمر إذا عظم» كما قال أبو سفيان متهكما: لقد أمر أمر ابن أبى كبشة» عندما رأى هرقل يهتم بأمر النبى كَلِلةٌ ويسأل عنه. لم يسأل موسى غك عن السرء ولكنه أبدى استغرابه» ولم يستطع الصبر» ولذا قال العبد الصالح: 2 . طقال ألَم قن نك أن تستطيع معي مرا 9 4 . تسير مع ما يحكم به على الأشياء والأعمال فى الحياة» والعبد الصالح يعلم علم الحقيقة» وهو نتائج الأعمال فى العلم المغيب عن الناس جميعا فى هذه فهو يخالف بين العلم بالأحكام التى تحكم بين الناس» والعلم بالحقائق التى يقررها الله تعالى » ونتائجهاء فالفرق بين العلمين» العلم بما ينظم الناس عليه أمورهم والعلم برب الوجود» وما قدره الله تعالى. ش أدرك كليم الله تعالى خطأهء واستدرك أمره» فقال معتذرا: قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أَمْرِي عسرا 69 4 . لا تؤاخذنى بطلب رفع المؤاخذة بسبب النسيان» ف «ما» وما بعدها مصدر» والنسيان يرفع المؤاخذة ويسقط التبعة» وما تركت من وصيتك من ألا أسألك عن شىء قبل أن تحدث أنت منه ذكرا ‏ إلا للنسيان «9 ولا ترهقني من أمري عسرا #. أى لا تشتد على فى التعنيف فيكون الإرهاق الشديد» والمعنى اللفظى لا ترهقنى عسرا من أمرى فتغلظ على الصحبة التى أريدها. ولكنهما سارا مصطحبين » فكان أمر أشد غرابة» وأعنف مظهرا من خرق السفينة » وهو قتل غلام» ولقد قال تعالى: | ا تفسيرسورة الكهف ٠‏ ل الل ااااللللوبااللللن و ل ار د اعمم دم ماع م ها ع ممسمع م سكصممة ممه جح شل همك مه شه همه اهام ممت فانطلقا حتئ إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جكت شيئا | 5 - 5-4 2 4 كرا 60 4 . سيف البحر» ولكن حدث ما أثار استغراب موسى بل ما فقتله 4 أى أن السير استمر إلى غاية» وهو لقاء غلام» والفاء فى قوله تعالى: ظفَقَلهِ 4 للتعقيب» أى أنه قتله فور لقائه» وهذا يدل على أنه لم يرتكب ما يسوغ القتل؛ إذ إن القتل كان فور اللقاء. وهنا يتخالف مع بعلم الحلال والحرام» وعلم الحقيقة الغيبية فيكون الاستغرابٍ ويقول موسي الكليم مستغربا لائما «أَقَلْت نفسا ركيّة )4 أى طاهرة فى باكورة حياتهاء إذ التزكية التدنمية» بغير مسوغ يسوعٌ ابغير نفس » أى حتى يكون القتل قصاصا لا اعتداء فيه ِالَقَد جئت شَيمًا ثكُرَا 4 ) أى أمرا منكرا فى ذاته تستنكره العقول» ويخالف كل معقول . وقد كان الفعل شديداء والاستئكار شديداء وهو أيضا من التتخالف بين علم الحلال والحرام؛ وعالم الحقيقة الغيبية» وقد وصفه كما ذكرنا بأنه شىء نكرء تذكره العقول وكل عرف إنسانى» وقد كان اللوم على الاستغراب أشد . ولقد قال تعالى فى ؛ بقية القصة الصادقة : أ 0 د َك ىَصبرا ليا قَالَن عط 21-2 - م وو ب جو مر نعود 00 فانطلمًا أ هله افق نِم واتتتلعما ملا 2210 وخ - ادس َوَجَدَ وباج دَارَايرِيدُ نيفص قَأَقَامَةُ. )ا تفسيرسورة الكهف الل لل الل جم ورا لي تك كمومه يسح سر 2 - لاه تق أويل كس مقو صَْك 9 أمَّا 0200 دسح ماخر د . م م و نتَلِمسَكن يعمو نف البحرةارد تأَنْأْصِيها ك2 و َك وام و وان ورآء هم ميلك يَأَحْدُ مل سَفِييَةٍ عضا 2 وَأَمَاالغْلمَ م ا اه طعا وم فَكَان أ بواه مَوّمِنِينِ فخشينا أن برَجِفَهم طْفيكًا حهفرا 20 7 سس رعس سك 4 ل سا ور ء م ليا فَأَرَدِا ند مار هما حإرامَنةرَ و 5 14 20010 ضحد .ل 2 2 © رتكا ُكمينييمَينفى لدي 2 ١‏ لقأ ع عم ؤرت تدك لْهُمَاوانَ لكاروأ 4 أن يملغا يو و ها و 2 00 2 شد هما سسَخرِيعَا كرَهَمَارَحَمَهمَنْرَيكَ ومافعلته. سح وم 1 4 م | 22-0 مط عَكوصَرا © كان استغراب موسى شديداء وكان معه استتكار ووصف له بالتكر» ولذلك كان التذكير بأنه لم يستطع صبرا بأسلوب قوى فيه لوم أشدء فقال تعالى: «قَال ألم أقل لك إِنّكَ أن تَستطيع معي صبّرا 69 4 . فقد زيد © لك »4 عن اللوم السابق الخاص بخرق السفينة» وهى تفيد مزيد اللوم» إذ إنه يذكره بأن الخطاب كان لهء وفى ذلك فضل توكيد للوم» لأنه لم يكن الخطاب لغيره» بل كان له ابتداءء والاستفهام للإتكار بمعنى إنكار الوقوع مع لعدم الاستطاعة بالجملة الاسمية و«(إن» الدالة على التوكيدء و«لن» المؤكدة للنفى» أى لا ترهقنى عسرا من أمرى» فتجعلنى فى عسر من صحبدك بل تفاض» وسيل ا تفسير سورة الكهف . لاما اا6ا0الااااالاااالللما06اال لون . وزم وبري يي الصحبة وقربهاء أما فى هذه المرة فقد أحس بشدته هو على العبد الصالح» إذ قال إن ما فعلته نكر . أحس موسى- كليم الله تعالى- بشدة اللوم» وأحس بأنه كان منه ما أوجبهء ولذا قال فى حال تشبه الاعتذار: َال إن سألتك عن شيء بَعدَهَا قلا تصاحبني قَد بلَْت من لَدني عذرا 69 4 . اعتزم موسى عُلِكَمِ ألا يسأله عن شىء بعد هذه المسألة» وفى الواقع إن ما كان منه اعتراض وليس بسؤال؛ لآن السؤال استفسار» وليس فيه حكم على الفعل بأنه خير أو شرهء أو بأنه موضع ملام أم ليس بموضع» وكلام موسى طَلَِهِ كان يحمل معنى اللوم لا الاستفسار ولكنه سماه سؤالا؛ لأنه أمره بالصبر وخخالفه» وتأدبا معه فى القول فأراد أن يحمل كلامه على أنه استفسار» وليس باعتراض» وقوله تعالى: إ بعدها4 الضمير يعود إلى مفهوم القول» وهو المنكرة التى أنكرها على العبد الصالح؛ إذ رماها بأنها نكر تستنكره العقول والأفهام» وفى هذا ترشيح للاعتذار عن العبد الصالح» وتمهيد لقوله تعالى: قد بنَفتَ من لُدنّي عذرا 4 أى فقد كان بلغت عذرا فى لومك لى» ولمعنى أعذرت لنفسك عندى» وط لدي 4 يعنى عندى» ولا تكون إلا للعندية فى أمر خطير» وأكثر ما تكون للعندية عند الله تعالى كقوله تعالى: «ل ... من لَدْنْ حكيم خْبير 0) © [هود]. استمرا فى سيرهما مراقبين لأعمال العباد» فقال تعالى: ل فَانطَلقا حمَئ إذ نيا أهل ريه استطعما أهلها وا أن يضَيفُوهما فوّجَدا فيها جدارا يريد أن ينض فَأقَامَهُ َال لَوْ شئت لاتّحَذت عَلَيْه أجرا 9 4 . سارا منطلقين إلى الغاية التى أرادها موسى من العبد الصالح؛ لأن الله أتاه رحمة من عنده وعلمه من لدنه علماء ‏ حتّئ إذَا أتيا أهل قرية 4 وإن الذى يسير لا يأتى أهل القرية أولاء أنما يأتى القرية أولا بمبانيهاء وطرقهاء ويتعرف أهلهاء ا تفسيرسورة الكهف الحو للللاللل لاملل كك 7 ولكنه ذكر الأهل أولا- لأنهم لهم شأن فى هذا اللقاء وهو اللؤم؛ وفساد النفس كما يبدو مما يأتى: ‏ استطعما أهلها 4. أى فور اللقاء معهم طلبوا الطعام» فالسين والتاء للطلب» طلبا الطعام» لأنهما كانا فى جوع شديدء وألأم القرى الذين لا يقرون الضيف ولا يطعمون ابن السبيل الذى يكون فى مكان قد انقطع عنه زاده وإن كان غنيا فى مكانه» فأجابوهما عن الاستطعام بالامتناع؛ ولذا قال تعالى: «فَأَبوا أن يضيفوهما » والتضيّف طلب الضيافة بشدة الحاجة» وردها بشدة مع ظهور الحاجة» وهل يكون ظهورا أشد من الاستطعام وكان تكرار ذكر أهلها؛ للدلالة على لؤم القوم» وفساد المروءة. ومع ما بدا عليه أهل القرية من بخل رأى جدارا آيلا للسقوط فأقامه؛ ولذا قال تعالى : فَوجَدا فيها جدارا يريد أن يُنقَض فَأَقَامَه4, أى أن موسى والعبد الصالح وجدا جدارا قد تداعى للانهيار أو آل للسقوط فأقامه مع أهلهاء وقد عبر الله تعالى عن الأيلولة للسقوط بقوله سبحانه: « يريد أن ينقض 24 أى ينهار والإرادة هنا تعبير مجازى» فقد شبه الجدار الذى مال للسقوط بإنسان له إرادة» وأراد أن يقع) وينقض تجريد للإجازة؛ لأنه وصف يناسب المشبه» ولقد أفاض الزمخشرى بباعه الطويل فى البلاغة فى هذا المجار فقال: « يريد أن ينقض » استعيرت الإرادة للمداناه والمشارفة» كما استعير الهم والعزم.... قال حسان: إن دهرا يلف شملى بحمْل لزمان يهم بالإحسان وسمعت من يقول: عزم السراج أن يطفأء وقول الله تعالى : ... قَالتَا أتينا طائعين 09 » [فصلت]. وقد ضرب على ذلك أمثلة كثيرة» لقد أخبرنا اللّه تعالى أنه أقامه» ولكن لم يبين لنا سبحانه كيف أقامه» أهدمه ثم أقامه من جديد؟ أم أقام أعمدة سئدته أم رم ما فيه من ثغرات؟» لم يبين القرآن ذلك ولا تستطيع معرفته بروايات من غير القرآن إلا أن تكون سنة نبوية ثبتت بسند صحيح.ء لا مرية فيه» ولا وهن» وإن كنا ا تفسيرسورة الكهف و تلب نا نميل إلى أنه هدمه ويناه» كما سيبين فى أنه كان لغلامين يتيمين» وكان نحته كنر لهما. والأمر أثار استغراب كليم الله تعالى موسى لأنهم أنذال» وكلف نفسه إقامة جدار أراد أن ينقض؛ ولذا قال لصاحبه : «( لَوْ شئت لانّحَذت عليه أجرا 4. أى أنه عمل نافع لقوم لئام يستحق أجرة وهما فى حاجة إليهاء وقوله تعالى: لو شئت 4. أى يمكنك أن تأخذ عليه أجرا لو أردت» وهذا بلا ريب اعتراض وإن كان خفيفا؛ لأنه لم يقل أنه أمر إمرء ولا أمر نكرء ومهما يكن فإنه لا يخلو من فقال: «(قَالَ هذا فراق بيني وبيدك سأَنبئك بتأويل ما لم تستطع عَلَيه صبرا 62 4 . الشارة إلى الأمر الأخيرء وهو قو (أو شتت لاتّخذت عليه أجرا 4. أى برجم يه لاه لم يا أن يطل كأنه بهذايثُ يشير إلى أن كثرة المعجاوبات وعدم الصبر هو الذى كان سبب الفراق بينى وبينك» أى أن هذا هو الحد الفاصل بينناء ويصح أن تكون الإشارة» إلى النهى عن المصاحبةء إذا سأله فقد قال موسى: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحيني 4 . ومهما يكن ما يشير إليه أسم الإشارة» فالمعنى أن ذلك هو الحد الفاصل الذى فرق بينهما فى هذه الصحبة» فهو إيذان بانتهاء المصاحبة التى كان منها ذلك التعليم ما علمه الله تعالى. وبعل أن أنهى المكالمات بينهماء أخبره سبب ما فشعل» أو الغاية والمآل من فعله فقال: ‏ سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا » الإنباء: الإخبار بالأخبار الخطيرة والتأويل معناه معرفة المآل» والسين للإخبار المؤكد فى المستقبل» وقوله لحرت 1 تعالى : لما لم تستطع عَلَيِه صبرا »© قدم عليه 4 على «صبرا 4 ؛ لآن ذلك أدعى للاهتمام . مم ا تفسير سورة الكهف أخحل بعد ذلك ينبه بأ لسفينة » ثم بقتل الغلام» ثم بإقامة الجدار» فقال تعالى: «أماا لسفيئة فكانت لمساكين يء يعملون فى الببحر قأردت أن أعيبها وكان وراءهم لك يأ حل يغصي 6 4 . ظ بعد ذلك أخذ فى تفصيل أو تفسير ما فعل وغايته الغيبية أو المال العينى» أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر 4. المساكين هنا جمع مسكين» وليس هو المسكين القسيم للفقير الذى هو أدنى حالا من الفقيرهء عند بعض الفقهاء. أو أعلى حالا من الفقير على قول آخرين» إغما المراد الضعيف الذى لا قوة ولا سطوة لقلة فى العدد. أو لاستخذاء أمام قوى غالب» والمراد لقوم ضعفاءع كانوا يعملون فى البحر بحارة أو تجاراء ولم يكونوا ذوى قوة تغلب أو تقهر» وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا وراءهم فى السير» أى أنهم يسيرون ويسبقونه» ويكون هو بعد سيرهم» فهو يستقبلهم» ويغتصب سفينتهم لضعفهم واستكانتهم» وقوله تعالى: «إ فأردت أن أعيبها © فهى مقدمة عن تأخير؛ لآن سبب إرادة عيبها أن وراءهم ملكا إلى آخره» والسبب مقدم على المسبب » ولكنه قدم هنا إرادة العيب على سيبها» لآن إرادة العيب هى سبب نع الغصب قدمت عليه» إذ هذا العيب يحمى هؤلاء المساكين وسفيئتهم من الغصب» إذ يراها ليست مما يرغب فيه» فيمتنع عن غصبها لا كراهية للغصب فى ذاته ولكن استحقارا لها بعد هذا العيب . وإن هذا التأويل يدل على أن ظواهر الأمور قد تكون ضارة بادى النظر.» ولكنها فى غايتهاء خير وفير» 99 ... وعس أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسئ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ... 653 #4 [البقرة]. هذا هو تأويل خرق السفينة أو بيان مآله» أما قتل الغلام فقد قال فيه كما حكى الله تعالى عنه: 1# تفسيرسورة الهف 0 00 ايبن طوأمًاالفلام فَكَان براه ومين فَحَشِينا أن يرهقهما طفيّانا وكفرا 2 (0) فَأَردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه كا وأَْرب رحما (20) 4 . والغلام يطلق على الصبى المراهق الذى لم يبلغ الرشد»ء وقد قتله كما تلوناء واستنكر موسى- كليم الله تعالى- بعلم الحلال والحرام تلك القتلة» ووصفها بأنها أمر نكرء وهذا تأويل تلك الفعلة» أى معرفة مآلهاء ونتيجتهاء يقول العبد الصالح الذى آثاه الله تعالى علما من لدنه وأَمّا الغلام فَكَانَ أَبُواه مؤمنين 4. أى ولم يكن يرجو أن يكون ولدا صا حا تَقَر به أعينهما بتقواه واستقامته» بل توقع منه الشر أو علمه نما علمه الله تعالى» ولذا قال: ١‏ فَحَشِينا أن يرهقهما طُغيَانا وكفرا 4, أى علمنا مما علمنا الله أنه سيكون منه شر كبيرء فيسبب ذلك خشينا أن يكون منه إرهاق نفسى ومادى لهما ويطغى عليهما ويكفر» فمعنى أن يرهقهمًا 4. أى ينزل بهما رهقا طَعّْائا 4 يطنى به عليهما فلا يكون بارا بهماء بل يكون عاقا لهما يؤذيهماء ‏ وكفرا 4 يكون سبة لهماء ومصدر إيذاء. اقتله لذلك» ولأنه أ أراد لهما 3 ذرية ة طيبة ا تقر به أعينهما؛ ولذا قال: غيره» وهذا ‏ يسير إلى أن الله معه فهى ليست إرادته وحده» 5 هى إرادة الله سبحانه وتعالى» وهو لها منفذ» فلم يجعلها له وحده لأنها ليست إرادته وحدهء ولم يجعلها لله تعالى؟ لأنه لم يجد من الأدب أن ينسب القتل لله تعالى. وهنا يسأل سائل: اذا قال فى السفينة فَأَرَدت أَنْ أعيبها 4 ولم يقل بلسان المتكلم ومعه غيره؛ لأن خرق السفينة ليس فى حظ القتل فصح أن ينسبه لنفسهء وإن كان بأمر اللهء أما القتل فأشار إلى أنه بأمر الله تعالى لخطورته» وأسند التبديل إلى الله ؟. لأنه لا يكون إلا منهء (الفاء) هنا تفيد السببية الظاهرة» أى أنه بسبب ما يخشاه منه من الكفر والطغيان كانت إرادة التبديل» وقوله تعالى: أن يَدلَهِمًا ربهُمًا خيرا منه 4, أى أن يجعل بدلا منه يحل محله خيرا منه زكاة» أى طاهرا نامياء وأقرب رحماء الرّحم بضم الراء تطلق ويراد منها الرّحمة» وتطلق ويراد 6 ا تفسيرسورة الكهف اللللوا لل االلللاللووللو ل اااللللإواا للب للك ا منها الرلحمء وعلى الأول يكون المعنى خيرا منه طهارة» وأقرب رحمة» أى أدنى إلى الرحمة والبر من هذا الذى يرهقهما طغيانا وكفراء» وعلى الثانى أقرب رحماء أى أوصل لرحمهء وأحفظ لحق الأبوة» فيكون منه الطهارة والبر بهماء فلا يكون كفر وشركء ولا طغيان عليهماء ويكون قد دبر لهما الله بالولد الذى لا يرجى منه خير من يرجى خيره وبره وصلته الرحمء ويلاحظ أن الأوصل رحما لا يكون بره لأبويه فقطء بل يكون لأسرته كلها لهماء ولمن يتفرع منهما أو من أجدادهما. بعد ذلك أجاب عن الجدار» ولماذا أقامه؟ « وأما الجدار فَكَانَ لفلامين يتيمين في المَدينة وكَان تحته كنز هما وكا أبوهما صالحا فَأَرَاد ربك أن يبلعًا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من رَبك وما فعلته عن أَمْرِي ذلك نويل مالم سطع عليه صبرا 49 . الغلامان كانا صغيرين كما يدل على ذلك وصفهما باليتم» فإنه لا يتم بعد البلوغ إلا أن تكون آفة فى العقل أو النفس» واللفظ يطلق على ظاهر ما لم يقم دليل يوجب تحويله عن الحقيقة إلى المجازء وإطلاق اليتم على البالغ مجاز» ولقد قال ابن عباس فى هذا المجاز الرجل يتيم ما لم يرشد ولو بلغ الأربعين» ولكن ذلك مجاز لا حقيقة. «وكان أبوهما صالحا » الأب هو الأب القريب؛ لأنه لا يكون يتيما إلا إذا كان قد فقد الأب القريب» ولا يكون الصلاح ممتدا إلى الأبناء كما تشير الآية إلا إذا كان الولد صبياء كما قال النبى يك «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية» وعلم ينتفع به. وولد صالح يدعو له)”١؟‏ فصلاح الأبناء ينسحب خيرا للآباء» وكذلك صلاح الآباء. وكان تحت هذا الجدار كنز لهماء وركاه عن أبيهما الصالح فيما يظهرء والكنز المال الكثير المدفون فى باطن الأرض بدفن الإنسان» وهذا الكنز مضيع إن )١(‏ سبق تخريجه. )ا تفسيرسورة الكهف 9 ااال اتاللاا ل لاا لمامخخمملااا اناا ااا ةلالطا لمانالا اللللا! !ا اااا لالض ااا اللالت اطاط اططخ للاخ مط ططممطمخمخمخطط لالط اتتاللا لح ا لم يستخرج» وقد أراد الله تعالى أن يستخرج كنزهماء وهذا قوله تعالى: ( فأراد ربك أن يبلا أَشدهمًا 4, والأشد هو القوة» وقد شرحنا اشتقاقهء أى أن يبلغا قوتهما فى الجسم والعقل» والرشد فى التعامل « وَيَستَخْرِجًا كنزهما 4؛ واستخراج الكنز طلب إخراجه» والعمل على ذلك منهما أو من غيرهما ممن له صلة بهماء فالسين والتاء للطلب» وذكر إرادة الله دون إرادته هوء وإن كانت إرادته تابعة لإرادة الله سبحانه وتعالى؛ لأن هذه الإرادة الإلهية متعلقة بأمر فى المستقبل يتصل بالتكوين وهو بلوغ الأشدء وأن يحصلا على كنزهما بعد محاولة استخراجه ببذل ما يبذل فى سبيل ذلك عادة «« رحمة من رَبك 4 أى لأجل الرحمة من ربك الذى هو الحى القيوم الذى يرب الوجود جميعاء أحياء وغير أحياء. وهنا نجد أن إقامة الجدار كان لأجل استخراج الكنزء وإن ذلك لا يتم فيما يظهر إلا بهدم الجدار أولا ليظهر ما تحته من كنزء ثم إقامته من جديد بعد كشف ما تحته . ثم أشار العبد الصالح إلى أن ذلك بأمر الله وتكليفه فقال: وما فعلته عن أمري 4 , أى ما فعلته صادرا عن أمرى» بل منفذا أمر الله» وليس لأحد أن يعترض على أمر الله تعالى: « ذلك تَأويل ما لَم تسطع عَلَيِه صبرا 4 أصلها ما لم تستطع صبرا عليه» حذفت التاء تخفيفا فى النطق إذ يصعب النطق بالتاء التى يعقبها الطاء لتقاربهما فى المخرج» ولم تحذف فى «إ أن تستطيع 4؛ لأنها متحركات بخلافها هنا فالأولى مفتوحة والثانية ساكنة» الإشارة إلى معرفة المآل فى سر خرق السفينة وقتل الغلام» وإقامة الجدارء وإن ذلك من أمر الله تعالى؛ لأنه يتعلق بالغيب» ولا يعلم الغيب إلا الله ومن يتكلم عن الغيب إنما يأخذ من علم الله الذى علمه بعض عباده الصا حين . 0 08 تفسير سورة الكهف الل ااام للك ١‏ الاك .» بي العبرة فى هذه القصهة أجمعت كل الصحاح على أن العيد الصالح هو الخضرء ويللاحظط أن القرآن الكريم ذكر أقواله ومجاوباته مع كليم الله موسى عليهما السلام ولم يذكر عن شخصه إلا أنه عبد من عباد الله آتاه رحمة» وعلمه من لدنه علماء فإذا ثبت فى الصحاح أن أسمه الخضرء وهو من الخضرة والنضرة نقبله غير معترضين» ولكن راضين خاضعين مذعنين» والعبرة فى القصة بمعاتيهاء ولا مشادة فى الاسم بالنسبة لها. وإن القرآن الكريم ذكرت فيه على أنها قصة قد وقعت ومجاوبات قد قامت وقع وثبت . ولكن قد أثير كلام حول رؤية الخضر أكان مرئيا بالعيان كما ترى الأشخاص» أم أنه كان مرئيا فقط لموسى كه وأنه لم ير وهو يخرق السفينة إلا أنه رؤىق وهو يقتل الغلام لطارده الناس وما تركوه» وكذلك الجدار فإنه يحتاج إلى إلى زمن طويل يكون مرثيا فيه للناس. وإنى أميل إلى أن الرؤية كانت خاصة بموسى عَكق. كما يشاهد الأنبياء الملائكة. دع ميلنا لهذا نقول : «إن اللقاء الأول كان مرئيا ف فيه موسى ولغير لأن ةم عدن أنه م ل علا ج14 وكان يذكر الحديث عن اثنين فقط هما موسى والمنضرء ولا يهمنا أين تركه وفى أى مكان افترق عنه فتأه. 1 1# تفسير سورة الكهف و ايبن وإن القصة تضمن معنى جليلاء وهو أن علم الغيب هو علم الله الذى اختص به سبحانه يعلّمه من يشاءء وأن طاقة الإنسان الفكرية لا تكون إلا فى ظواهر الأعمال» والنتائج التى تكون ثمرة الأسباب الظاهرة» فعلينا أن نسير فيها على مقتضاهاء ونبنى أعمالنا عليهاء ولكن مع ذلك نفرض أن الأسباب لا تنتج بذاتهاء إنما ينتج بإرادة الله تعالى» وبمقتضى علمه المكنون الذى أحاط بكل شىء علما؛ ولذا أمرنا بعد اتخاذ الأسباب أن نتوكل على الله تعالى» مفوضين الأمور إليهء ولذا يقول الله تعالى: # . .. وشاورهم في الأَمر فَإِذَا عرمت فتوكّل على اللّه. . .629 4 [آل عمران] . وأن ما يجريه الله تعالى معنا ربما لا يتفق مع ما نرغب» ولكن قد يكون ما غََبَهُ الله تعالى خيرا لناء كما رأينا فى خرق السفينة» وقتل الغلام» وإقامة الجدار فإنه فى هذه الأمور كان خرق السفيئة الذى هو عمل الله تعالى سخر له عبدا صالحا من عباده خفى أمره على الناس . ومن الفوائد التى اشتملت عليها الآيات أن رحمة الله تعالى تعم دائما ولا تخص» وأن رحمته تكون على الضعفاءء فقد قدر سبحانه وتعالى أن السفينة كانت لمساكين يعملون فى البحرء فقرر أن تخرق لتكون معيبة» فلا يأخذها الذى يأخذ كل سفينة غصباء وهذه من رحمة الله تعالى بالمساكين الذين يعملون فى البحر صائدين أو ناقلين لما ينفع الناس. وإن قدر الله تعالى يجرى على بقاء الصالح.» وفناء غير الصالح» ولذا قتل الخضر الغلام الذى خشى أن يرهق أبويه الصالحين طغيانا ويبدلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما. وفى القصة من الآداب الإنسانية» والأخلاق العالية الكثير» فنرى أنه يجب على الإنسان أن يطلب العلم» وأن يبذل الجهد فى طلبه غير مدخر فى ذلك جهدا؛ فهذا موسى يكن يسير فى طلب العلم حتى يلقى النصب. لحم بره اى- وفى القصة أيضا ما يجب من آلا يجعل الاستغراب أساسا للحكم على الأشياء فقد يكون الأمر المستغرب أصدق الأمورء وأقربها إلى الحق وأحسنها ماآلاء كما رأينا فى السفينة وفى الجدار فلا يرد الأمر لأنه غريب» ولكن يرد لضرره» أو لأن مآله ضر. وفيها أيضاء ما يجب من تطامن طالب العلم لمن يعلّمهء كما رأينا فى تطامن موسى عَيكهِ للعبد الصالح . وإن السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لوحظ فيها احتمال الضررين بدفع أخفهماء وقد لوحظ ذلك فى السفينة وقتل الغلام فقد خرقت السفينة لمصلحة العاملين فى البحرء ودفع الاغتصاب» وكذلك قتل الغلام لنفع أشمل» وإقامة الجدار فيه نفع كثير بتحمل ضرر قليل» وذلك أصل مقرر فى الشرع يؤخذ به إذا لم يكن نص . قصهة ذى القرنين قال الله تعالى : ره و ته وسعلونك عن ذِى الْمَرََينِ قلّْسَأ ينهذ 04 51 يل سيا مسي د َجَدَهَاتَفْربُفي عبد 50 مك - سَأتلواع] آ ا اا 1 11 0 لح ارسي‎ ٠ 0 06 0 بعل بهدعذاباتكرا لاني وَأْمَامَنْءَامَنَوَحملصللِسا قاض جَرَء امسو وستمرا لدو مرا ضرا 0ه امسا 7ه ال لجر بي 0# تفسيرسورة الكهف 1 و ذكر الله تعالى فى هذه السورة ثلاثة أمور غريبة: الأمر الأول - أمر أهل الكهف» وهو رؤية حسية يراها الناس كيف يجعل بعض الناس بين الموت والحياة إكراما لجهادهم» وهو تصوير لشهداء الحق كيف يكونون بين الحياة والملوت.» حتى ينالوا جزاءهم جزاء موفورا. الأمر الثانى - كما ذكرنا قصة عبد صالح أتاه الله بعض العلم بالغيب الذى لا يعلمه إلا الله تعالى» وما يشاء أن يعطيه بعض ما يعلم من عباده الأطهار فأعطى عبده الصالح بعض ذلكء» وفى ذلك بيان أن قدر الله تعالى بنى على الحكمة الكاملة فقد يحسبه أهل العلم بالظاهر شراء وهو عند الله تعالى له عواقب كلها خير. الأمر الثالث - قصة رجل صالح من نوع غير نوع رجل موسى عَلِكَّْ وهو رجل خير تهيأت له الأسباب فاختار طريق الخير» وألهم العمل الصالح من غير تعليم من لدن الله بل بتوفيق الله تعالى وتيسيره» وجهاده وإرادته الخير» ومثل من كان صا حا بهذا العمل الإرادى» والعبد الصالح كمثل اثنين أحدهما أوتى علما من علم القدر يسجل نتائج الأعمال» كما قدرها الله مرتبة على ما فعل» والثانى أوتى قدرة بتوفيق الله تعالى وإذنه على أن يقوم بعمل فيه مصلحة مؤكدة ونفع مؤكد يفعله قاصدا إليه» وهو فى هذا يكافح أهواءه» ويقصد الخير قصدا واضحا بيناء والكل بفضل الله وإذنه وتيسيره وتوفيقه. ( ريون عن ذي افر قل سأتو يكم م ذخا 46 . السائلون هم المشركون بتعليم من اليهود» أو من اليهود مباشرة» فقد جاء فى كتب السيرة أن اليهود قالوا للمشركين» سلوه عن الروح وعن العبد الصالح» وعن رجل ملك وكان صالحاء وجاء أن اليهود سألوا النبى يِه عن ذلك وهو بالمدينة . ٠‏ ونحن نرجح أن المشركين سألوا بتحريض من اليهود؛ لأن السورة مكية فالأقرب أن تكون المجادلة بينه وبين المشركين فى مكة وهم قد يستعينون فى مجادلتهم النبى كله بأهل الكتاب . مي 8# تفسير سورة الكهف تيحن ااالللااوا ا ا ا ينك ومهما يكن فالسؤال وقع»ء وسئل النبى كك عن ذلك الملك الصالح المعروف باسم ذى القرنين» فالسؤال كان عن شخص بعينه» وكان من أوصافه كما يدل سياق الآيات على أنه كان ممكناء وأنه حكم فى مشرق الأرض ومغربهاء وأنه ابتدأ فى حكمه بالمغرب» وأنه كان عادلا يجزى المسىء جزاء إساءته» ويجزى المحسن جزاء وفاقا لإحسانه» وأنه كان مرجع الذين يؤدُوَنَ من بعض بنى الإنسان» وأنه أقام سدا بين الأشرار ومن يتأذون منهم . وكان من حقنا أن نكتفى بمعرفة صفاته وأفعاله ولا نحتاج فى فهم ذلك إلى معرفة شخصه أو من أى قبيل هوء فإن ذلك لا يزيد علما بالقرآن ومعانيه» كما لا يهمنا شخصية فرعون موسى» ولا فى أى قرن من الزمان كان بعثه. ولكن المفسرين تغرضوا لمعرفة شخصهه. فقال قائل: إنه كان فى عصر إبراهيم ولا مستند لهذا القول» وقال آخرون مستندين إلى بعض آثار منسوبة للنبى كب إنه الإسكندر المقدونى بانى الإسكندرية حوالى سنة ٠٠١‏ قبل ميلاد المسيح #كّاهِء وعلى هذا الرأى أكثر المفسرين الذين تصدوا لذلك» ولكن قام على هذا الرأى ثلاثة اعتراضات: ش الاعتراض الأول - أن هذه الآثار لم تصح عن النبى كَلكلْهٌ ذكرها ابن جريرء وكذبها الحافظ ابن كثير. الاعتراض الثانى - أنه كما ذكر فى عبارات القرآن كان موحداء حتى ادغى أنه نبى» والإسكندر المقدونى المعروف عنه أنه كان يدين بوثنية اليونان والرومان. الاعتراض الثالث - أنه سبمى فى القرآن بأنه ذو القرنين» ولم يكن المقدونى ذا قرنين» ولم يسم ذا القرنين. وقد أجيب عن الثانى بأن كونه كان فى قوم وثنيين لا يقتضى أن يكون وثنيا»ء فالنجاشى كان فى النصارى» وكان مؤمنا موحداء فإذا كان القرآن ذكر ذا القرنين مشيرا إلى أنه موحد» فليس فى أخبار المقدونى ما ينفى وحدانيته . #ا تفسيرسورة الكهف 2 ممالل سر ا . وكون المقدونى لم يكن ذا قرنين لا يدعى أنه كان ذا قرنين» وإن كان اسمه كذلك» على أن المقدونى كان يجوز أن يسمى ذا القرنين» وكان يلقب بذلك؛ لأنه اتخذ شعارا ذا تاجين» إذ إنه عندما فتح مصر لبس تاج الشمال وتاج الجنوب رمزا لاجتماع الإقليمين تحت سلطانه» فكان شبه قرنين وفى الحق أنه لو صدقت الرواية عن النبى كَكِلهُ بأنه بانى الإسكندرية ما عدلنا عن هذا القول؛ لأنه يكون تفسيرا للقرآن بالسنة وهى المبينة للقرآن. وهناك قول قاله العلامة الهندى أبو الكلام زاده وهو أنه غورش الفارسى الذى أنقذ بنى إسرائيل من أسرهم فى بابل» فقد وصف فى التوراة التى بأيدينا فى سفر دنيال وغيره بأنه لقب «ذو القرنين» لعظيم قوته واتساع ملكه وقوة سلطانه. ويقرب هذا أنه ينطبق عليه الوصف المذكور فى القرآن» وأن السؤال كما جاء فى القرآن الكريم منبعث من اليهود. سواء وجهه اليهود إلى النبى كَكِْةٌ مباشرة» أم وجهوه عن طريق المشركين كما اخترنا ورجحناء وأما ملكه فقد كان فى وسط بين غرب آسيا وشرقها وأنه اتجه بسلطانه إلى الغرب» ثم اتجه من بعد ذلك إلى الشرق» كما يومئ القرآن الكريم» إذ إنه ابتدأ بذكر عمله فى الغرب ثم فى الشرق» وإنا لا نختار رأيا لأننا لا نحتاج إليه فى تفسير القرآن الكريم لأنه واضح المعنى ولو لم يعرف قبيل ذى القرنين. هذه هى النظرة إلى شخص فى القرنين» وإن كانت معرفة شخصه لا تزيد القرآن بياناء بل العبرة فى خبره ثابتة ولو لم يعلم جنسه وقبيله. وقوه: لفل سَائلوعَلكُم م4 الخطاب للبى كله فى قل والخطاب فى ( عليكم 4 للمشركين السائلين» للاعتبار؛ لأنه خبر رجل صالح» مكّن فأقام العدل» وأقام ‏ المصلحة:» ونفع الناس. قوله تعالى: مأثلو عليكم منه 4 أى من خبره «إذكرا 4 أى خبرا يكون فيه تذكير لكم بوجوب التوحيدء وترك عبادة الأوثان» وإقامة العدل. ونفع الناس بدل إيذائهم» والتعبير كم ا تفسيرسورة الكهف 10000 1 223252561011011 0ج - رز يي ٠‏ ب« سأتلر», أى سأخبركم بخبره وأقص عليكم قصصه. والتعبير ب (أتلو) يشير إلى أنه قد نزل فيه قرآن وما أقص هو قرآن صادق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد. ل إِنَا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سينا 69 4 . أى جعلناه مكنا فى الأرض آتيناه حكما ثابت الدعائم قائما على عمد ثابتة ممكنة» وآنيناه سببا من كل شىء» السبب هو الطريق الموصل والحبل المربوط الذى يصل بين الأشياء» أى آتيناه سببا من كل شىء» بأن آتيناه علما يوصل لأى شىء يختاره. فآتيناه من السلطان أسباباء ومن العلم أسباباء ومن الإصلاح الزراعى والتجارى. والسبب فى الأصل الحبل» فالمعنى آتيناه علما يتخذه سببا لكل ما يرى. « فَأتبع سيا 62 4 . أى أنه يردف السيب سببا لشىء آخرء وهكذا تتوارد أسباب العمل سببا يتبع سبباء أى يجىء من بعده تابعا له وهكذا مككّن فى الدنياء إذ اتخذ سبيل الحق والعدل» يسلك الأسباب الموصلة با آتاه الله من العلم والإدراك فإذا كان عادلا منصفا استقر حكمه.؛ وانتظمت الأمورهء وإذا انتظمت الأمور قويْت الجماعة واستقامت الأخلاق وسادت الفضيلة وانتصرت فى الحروب وإذا اتتصرت أنصفت» وجلبت المصالح. ودفعت المضار»ء وهكذا تترادف الأسباب وتستقيم الأمور» وإنه بتوافر الخير واتخاذ الأسباب المكونة لدولة قوية عادلة» سار فى الأقاليم فاتحا ناشرا لواء والعدل. ولذا سار يجوس خلال الدول فاتحا مظلا الجماعات بلواء العدل. (حَن إذا بلع مغرب لشن وَجَدَمًا رب في عي حمَة وود عد قناقن يا ذا القرنين إِما أن تعذّب وما أن تتّحْذَ فيهم حسنا 659 4. اتجه فى سيره إلى غرب بلاده أولا؛ لآنها الأقاليم التى تصاقبه» وإن الحاكم العادل يؤمن أرضه من جيرانه أولاء ثم يتجه إلى ما بعدها شيئا فشيئا حتى يصل ا تفسير سورة الكهف لل و 1-74 إلى أقصاهاء وكذلك فعل ؛ ولذا قال تعالى عنه: (حتَئ ذا بلع مغرب التمس وجدها تغرب في عين حَمّة 4 . «الحمئة» أى ذات نحمأةء والحماً الطين» كما قال تعالى: «( ولقد خلقنا الإنسّان من صلصال من حَمَا مسَون 65 4 [الحجر] . أى أن الشمس تغرب لترى فى عين من الماء حمئة» أى فيها طين. وقرئ (حامية)» أى أن هذه العين من الماء حارة شديدة الحرارة» أو حامية أصلها حامئة» أى كثيرة الطين وتتلاقى مع قراءة «حمئة4 إذ اللفظ واحد فى جملته وإن جرى فيه قلب. والمراد أن الشمس ترى كأنها غاربة فى عين ماء فيها طين» حمأء وما المراد من هذه العين؟ المراد منها الماء» ولكن أهو ماء المحيط» أم البحرء أم هو ماء نهر؟ الظاهر لدى أنه ماء نهر لا ماء محيط؛ لأنه ذكر أنه عين» وماء العيون فى أكثر أحواله ليس ماء ملحاء وإن كان فهو معدنى إلى العذوبة أميل» ولأنه ذكر أنها عين حمئة» أى التى اختلط ماؤها بطين» وتلك تكون فى الأنهار لا فى البحار. ومهما يكن فقد كان اتجاهه ونهايته إلى الغرب من آسيا وأصقابها كبلاد البلغار» ونحوها. هذا كان اتجاهها إلى الغرب» 8 وَوَجَدَ عندها قَوْمًا) وجد ناسا قد تهياً لحكمهم فعلمه الله تعالى بإلهام الحكمة نوع الحكم الذى يحكم» وردد فى عقله وقلبه كيف يحكم» ٠‏ ل قُلنَا يا ذا الْقرِينِ إِمَا أن تعذاب وما أن تتَحِذَ فيهم حسنا 4, تردد فى قلبه أيحكمهم بالعنف والقسوة» أو يحكمهم بالرفق» فمعنى قول الله تعالى بهذا التردد أنه ردد فى نفسه وعقله وقلبه بنور الله تعالى أن يكون عمله أحد أمرين» إما العذاب وإما الإحسان بالتهذيب والإرشاد والتوجيه»ء وهذا معنى « وإما أن تخد فيهم حسنا 4, أى إحسانا بالعدل وإقامة القسطاس وسن الشرائع الهادية الموجهة وغير المردية» والحَسّن هو ضد القبيح» واتخاذ الحسن معناه اتخاذ ما ليس 6 8# تفسير سورة الكهف الماك اللا 7 حب ا بقبيح فى ذاته ولا يستنكره عرف ولا عقل» وهذا هو معنى الإحسان وهو الإتقان وفضل العدل وزيادته, بعد هذا التردد فى النفس الصافية المهدية بهدى الله اتتهى إلى القرار العدل الذى تهتدى إليه كل نفس بَرَة تقية» وقد ذكره الله تعالى بقوله سبحانه: لقال ما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ريه فَعَيهُعَذَابَا كرا 69 وأمًا من آمن وعمل صالحا فَلَه جزاء الحسنئ وستقول لَه من أمرنا يسرا 6 4 . هذا قانون العدل وهو أن يجازى المسىء على إساءته» والمحسن بإحسانه. هذا ما استقر عليه أمره واعتزمه؛ ولذا قال معتزما تنفيذه: « ما من ظَلم فسووف عَدبه ثم يرد إلى ربّه فيُعذيهُ عدبا تُكْر) 4 أى عذابا شديدا بالغا أقصى أحوال الشدة حتى ينزل بهم ولم يتوقعوه وينكروه لغرابته عليهم» فالنكر هو الأمر المستنكر ثما وقع عليه» وقد أكد فى القول وقوعه فى المستقبل ب (سوف) الدالة على توكيد وقوع الفعل فى المستقبل . والظلم يقع على كل المتكرات؛ لأن الظلم يكون بنقص الحقوقء, والتفريط فيهاء ويكون بمجاوزة حد المعقول» فيقع على الشرك» وإن الشرك لظلم عظيم ويقع على كل المنهيات من المعصاصى كالقتل وشرب الخمر والزنى» ورمى المحصنات» والعذاب النكر يكون بالجزاء الذى يملكه ملك عادل جزاء دنيوى. هذا هو جزاء المسىء فى قانون العدل الذى سنه ذو القرنين لنفسهء لا يفلت الممىء» وكذلك لا ينقص المحسن من جزاء حسن؛ ولذا قال: «إوأمًا من آمن وعمل صالحا قله جزاء الحستى 4 الحسنى مبتدأ خبره الجار والمجرور» أى فالحسنى له جزاءء» ف «إجزاء © قمييز محول عن الخبر» وكان التمييز متضمنا البيان بعد الإبهام أو الإجمالء وفى ذلك فضل بان وبلاغة» وقال: إفله4 (اللام) للاختصاص» وكان من كرم الله أن جعله حقا للمحسن وليس عطاء يعطى أعطية» وكان ذلك منّا وفضلا. تفسير سورة الكهف 0 22 2 ل مسي ىج- وإن هذا الجزاء الذى هو الحسنى فى أعلى درجات الجنة؛ لأنه مؤنث أحسن» لمن قامت به حالان: ا الخال الأولى - إيمان صادق تتطهر فيه النفس والعقل والقلب من شرك الجاهلية وأوهامه. وا حال الثائية - عمل صالح يزكى النفس» وينفع الجمع» ويكون فيه خير للناس. وذكر ججزاء ثانيا فوق الحسنى» وهى نعم الجزاء» وهو ما جاء فى قوله: ذل وستقول لَه من أَمَرِنَا يسرا 4 القول اليسر هو هذا القول الذى ييسر الأمور ويسهلهاء وذلك بأن يقربه إليه» ويسهل له أسباب الوصول والتمكين والحكم» والقول المشجع على على الخير من ملك عادل يدنى المصلح الصالح» ويبعد المفسد الفاسد. ولقد أقام العدل فى أقوام الغرب» وأقام ما شاء أن يقيم لتثبيت العدل ودعم أركانه» بعد إقامة بنيانه ثم اتجه المصلح العادل من ذلك إلى الشرق؟ ولذا قال تعالى : طقاس 40 نم4 هنا فى موضعها؛ لأنها تدل على التراخى إذ إنه حكم أمدا ليس بقصير فى المغرب» وإنه أدنى منه مقاما فإن تثبيت دعائم العدل فى النفوس يحتاج إلى زمن ليستقر ويبقى» ويصبح عادة طيبة فى الأقوام» و أتبع 24 أى أردف إلى الأسباب التى مكنه الله تعالى بها سببا آخرء وهو الذهاب إلى مشرق الأرض» وهكذا أضاف سبحانه إلى تمكينه فى الغرب تمكينه فى الشرق» فسار متجها إليه) ولقد كان ما يستقبله فى المغرب أصعب علاجاء وأقوى مراساء لأن عمله يتكون من أمور ثلاثة: الأمر الأول - إقامة العدل. 6 تفسير سورة الكهف 1 أللااة | ااالااككااالائا1اللالا لالظ لاا لالطالا لتالاالا أ الل ااا الكل لط الططل لطم طخخمئك خالا لالط ل الال للااالللا لل للخ خللاا ااال للخل ماطس ملسلل 5 /! #جج َي والأمر الثانى - دفع الفساد. والأمر الثالث - حماية البلاد من المغيرين عليها. ولقد قال تعالى فى عمله: ص 2 حي ست سرك ص صر جوت ع ...سر ل 204 0200 ا 0100 ِذَابِلم مظع اسمس وَببَدَهَا لمعل 7 جعل لهم من دفنهاسارا كمد يما 000 ألم 2 سببا عن زا حَيَذابلم بينَ سد وجد من دو نِهمَافَوْمًا لَه 0 يك م . 40-7 12 سوسم 0 مفسد وف الارض فَهُلَ يحل َم تمل ور وا 2000 م لل 2 سحي ال 11 عد م آذ مت ا م راون يلير عجر ارق لسر : َال نفحوأحَوَةِدَ ا جعله .ارا ور كفل مآ 7 ا هومااستطعواً 1 221111111111 ا 0 انوعد رق أ حَقَا لي مطلع الشمس هو مكان طلوعهاء فهو اسم مكان» ومطلع الشمس مكان نسبى» فهو ربما يكون موضع طلوع بالنسبة لمن يكونون فى غربهاء ثم هذا المطلع يكون موضع غروب لمن وراءه من المطالع» والنسبية هنا , بين المغرب والمطلع بالنسبة للوسط بينهما فقد اتجه ذو القرنين إلى المغرب بالنسبة له ثم بعد أن أقام العدل َّ ا تفسيرسورة الكهفاد . بين الناس كشأن الحاكم العادل تأداه إلى المطلع بالنسبة له فأتبع سبباء واتجه إلى امطلع؛ حتى إذا بلغه» (وَجَدَمًا تطلعْ عل قوم لم نجعل لهم من دونها سترا 4 الضمير يعود إلى الشمس» أى وجد الشمس تطلع على ناس تشرق عليهم لافحة لهم أو غير لافحة»ء لم يجعل الله لهم من دونها مقاوما لها ستسراء يسترهم عنها فلم تكن لهم ظلال تظلهمء وظاهر القول أنهم لم تكن لهم ثياب تسترهم منها فى ظلها وحرورهاء وهذا أنهم بدائيون ليسوا متحضرين وليست لهم أى حضارة إنسانية» بل هم على البداوة الأولى» وإن كان لهم بعض القوة أو المصادر المالية؛ وقد وصف هؤلاء الأقوام بوصف فيهم وفى أرضهمء أما أرضهم فهى أنها ليس فيها بناء يظل» ولا شجر يثمر»ء وأما أنفسهم » فهو أنهم على البداوة الأولى وقد أفادت الوصفين» الكلمة السامية للم نجعل لهم مّن دونها سترا 4 أى ساترا يسترهم من حر لافح أو برد قارس . وجه الله تعالى ذا القرنين إلى هؤلاء الأقوام» كما وجهه إلى المغرب لينشر العدل والأمان والاطمئنان فيهم» وإن هذا التوجهء يكون منه ما كان أولاء ويحمل متاعب؛ ولذلك قال تعالى: « كذلك وقد أَحطَنا بما لدي خبرا 69 4 . الإشارة إلى ما كان منه أولا من إقامة العدل» ووضع الموازين العادلة بينهماء والتشبيه هو بين ما قام أولا فى المغرب وبين ما يقوم الآن أو ما يجب أن يقوم به الآن فى المشرق» أى أنه بمقتتضى ما وهبه الله تعالى من مواهب القوة والقدرة على التنفيذ والشعور بالعدالة الواجبة» ووضع موازين قد كلفه مرة ثانية فى المشرق أن يصلح ويدفع الفساد فى المشرق» كما أصلح فى المغرب» وهكذا يهب الله البشرية فى بعض الأزمان رجلا صالحما ينشر العدل والإصلاح ويمنع الفساد» وفى بعض الأزمان يختبر الله تعالى الناس ليظهر الخبيث من الطيب يبعض رجال الفساد ‏ أو دول الفساد ‏ يسيطرء فيضل ويفسد كما نرى فى عصرنا ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى. أرب ا وإن ما يستقبل ذا القسرنين فى مطلع الشمس أقوى وأشد مما استقبله فى مغربهاء وذلك لجهلهم. وعام درايتهم وبداوتهم؛ ولذا قال تعالى: وقد أحطنا بِمَا لَديه خبرا 4. أى أحطنا بحاله والواجبات عليه وكفايته لها وما تستلزمه حال الأقوام من واجبات على الحاكم يقوم بهاء ولا يتوانى عنهاء أحطنا علما دقيقا بذلك: وهو علم الخبير العليم» وفى الكلام فى مثل قوله : ... وأ الله قد أحاط بك شيء عَلّمَا 09 4 [الطلاق]» وط أَحَطْنا بمًا لّديه خبرا 4. مجاز بالاستعارة» إذ يشبه علم الله تعالى فى استقرائه للمعلوم بمن يحيط بمكان فيعرف كل ما فى داخله لا يغيب شىء عن علمه بجامع الإحاطة الكاملة» وقد أحاط علمه كل ما فى السموات واللأرض. والمقصود الظاهر من النص أن الله إذ كلف ذا القرنين ذلك التكليف هو محيط علما دقيقا بما لديه من قوى عقلية ونفسية وطاقة قادرة على ما كلف ومحيط بما يحتاج إليه ما كلفه من جهد فى علاج هذه التكليفات. ٠‏ وقد بين أنه سار فى طريقه متحملا أعباء ما حمله: عبء العدالة والإصلاحء فقال تعالى: قدت هه أى أردف إلى الأمور السابقة التى كانت سببا فى تحمل ما تحمل سببا آخر وسلك طريقا آخرء وإ ثُم4 هنا للترتيب والتراخى» والتراخى كان فيما بذله من زمن فى تبين حال أولئك الذين يعيشون على الفطرة لم يجعل الله بينهم وبين الشمس سترا فى ظل ولا حرور»ء وبعد مضى زمن فى هذه الإصلاحات التى تجعلهم أناسا يعرفون ما لهم وما عليهم» بعد ذلك أردف سببا لواجبات أخرى, فسار: 1 حتئ إذا بلغ بين السّدين وجد من دونهما قَوما لأ يكادون يَفَقَهون قَولاً 5 4 . السدان المذكوران فى الآية جبلان» قال عطاء أنهما بين أذربيجان وأرمينياء وقد ذكر سبحانه وتعالى أنه وجد بين الجبلين قوما « لا يَكَادُونَ يَفقهون قَوَلاً4 هذا ا تفسيرسورة الكهف و 00000 ايبن وصف لهؤلاء القوم» وهم كما يبدو أعلى درجة فى الإنسانية من الذين وجدهم فى مطلع الشمس الذين لم يجعل بينهم وبينها ستر» ومعنى (إمن دونهما 4, أى من وراء الجبلين» فهم لم يكونوا بينهم» بل كانوا وراء هذين الجسبلين» أو وراء هذه البلاد التى فيها هذان الجبلان» فهم فى مقام أوغر منهماء وهم إلى الشمال أبعد وأعلى . وقد وصفهم كما أشرنا إلى أنهم للا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قلا 4. أى يقاربون ألا يفقهوا قولاء وهذا يدل على أنهم يفقهون بعض القول ولا يفقهونه كله. وقال بعض المفسرين: إن ذلك سببه أنهم لا يعرفون لغة ذى القرنين ومن معهء ولا يعرف لغتهمء. ولكن ذلك لا يعبر عنه بنفى فقه القول؛ لأن فقه القول معرفة أسراره ومراميه» فلا ينفى بجهل معرفة اللغة» على أن المترجمين يغنون فى ذلك غناء كبيراء وذلك إن صح يكون عيبا فيهم» وعيبا فى الذين يخاطبونهم» فلا يختصون بالوصفء والظاهر عندى أن المراد أنهم لا يدركون مرامى الأقوال وأسرارها والأحكام التى تنظم العلاقات بينهم» وهذا الذى يتفق مع جلا يَكَادُونَ يفقهون 4 ؛ لأن الفقه ليس مجرد المعرفة» إنما المعرفة التى يشق فيها غلاف الأمور لإدراك الحقائق» وما وراء الألفاظ» وذلك إلى العلم بالواجبات» وفقه الأقوال أقربء ويكون المراد ليس عندهم علم بالعدل ونظام الحكم» وما يجب لجلب المنافع ودفع المضار. ولكنهم مع أنهم لا يعرفون الشرائع» ولا نظم الأحكام يرون المضار تتوالى عليهم من جيران أشد جهالة» ولا يخضعون لنظامء ولا يقرون حقوقاء ولا يخضعون لواجب, وهم يأجوج ومأجوج.ء وهم يسكنون فى مناطق منغوليا ومنشورياء أو هم منهم؛ ولذا لما وجدوا ذا القرنين وما يحمل معه من نظم إصلاحية مانعة من الظلم دافعة للفساد. ل قَانُوا يا ذا الْقرتين إن يوج ومَأجُوجَ مُفُسدُون في الأرض فَهلَ نَجعل لَك خَرجا عَلَْ أن تَجعل ينا وبيتَهُم سد 69 4 . 000 9 08# تفسير سورة الكهف الماك للا 0 نااك ١١‏ َي ٠‏ نادوا ذا القرنين بهذا اللقب مما يدل على أنه كان مشهورا بينهم» وعلى أنه كان متطامنا قريباء وذلك أول أمارات الحاكم الصالح بأن يكون قريبا منهم يألفهم , ويألفونه لا يكون متحجبا دونهم, حتى لا يصعب على صاحب الحق الوصول إليه و يأجوج ومأجوج4 قبائل ما وراء جبال أرمينية» وهما اسمان ليسا عربيان» وقد كانوا يندفعون من وقت لآخر يفسدون الحرث» ويعبثون بكل قائم ولا يضبطهم أحد ولا قبل لاأحد بدفعهم» وقد ذكر مولانا أبو الكلام زاده فى السبعة لخروج يأجوج ومأجوج . سهل علينا خروج هذه القبائل إلى سبعة أدوار: الدور الأول منها كان قبل العصر التاريخى عندما بدأت هذه القبائل تهاجر من الشمال الشرقى وتنتشر فى آسيا الوسطى . مختلفتين : حياة البداوة» وحياة الاستقرار» فتخلد القبائل. المهاجرة إلى السكينة » ومباشرة الحياة الزراعية, إلا أن سيولا جديدة لا تزال تتدفق من الشرق» ومدى هذا الدور من ٠6٠١‏ إلى ٠٠٠١‏ قبل الميلاد. ويبتدى الدور الثالث» من سنة ألف قبل الميلاد» فتجد قوما همجا من البدو فى بلاد بحر الخزر والبحر الأسودء ثم لا تلبث أن تظهر بأسماء مختلفة من الميلاد. . أما الدور الرابع فينبغى أن نجعله فى سنة 2٠١‏ قبل الميلاد الزمن الذى ظهر فيه عوزوش. لل حر لت . وكان الدور الخامس فى القرن الشالث قبل الميلاد» وقد تدفق فيه سيل من القبائل المنغولية» وانصب على الصين» وفى هذا العصر بنى الجدار العظيم الذى اشتهر بجدار الصين» وقد بدأوا بنائه فى سئة 595 ق م وأتموه فى مدة عشر سنئين. . وعاصر هذا الجدار حملات المغول فى الشمال والغرب توجهوا إلى آسيا 8# تفسيرسورة الكهف و 0. الوسطى من جديد. ثم ذكر الدور السادس والسابع وكان ذلك بعد الميلاد» ولا يهمنا ذكرهما فى مقامنا وإن كان ذلك يهم المؤرخ المتقصى للحقائق المتعرف للأدوار الإنسانية فى وإنه باستعراض هذه الأدوار نرى وجها تاريخياء لمن قال إنه الإسكندر المقدونى : أولا - لأنه بنبى جدار الصين فى القرن الشالث قبل الميلاد وهو العصر الذى ظهر فيه الإسكندر؛ إذ كانت حياته فى القرن الثالث قبل الميلاد» وكون البناء منسوبا إلى ملك من ملوك الصين لا يمنع الاستعانة بالإسكندر. القرنين» وليس ذا القرنين فقط . وثالثغا - ما جاء من آثار من أن منشئ السد هو منشئ الإسكندرية. ورابعا -. أن وصفه بذى القرنين سائغ لأنه جمع بين تاج الجنوب وتاج الشمال لما جاء إلى 'مصر. ننتهى من هذا إلى أن يأجوج ومأجوج قبائل من المغول» وأنه اشتد سيل فسادهم فى القرن الثالث قبل الميلاد عصر ظهور الإسكندر المقدونى» واللّه أعلم. ونعود فنكرر أن معرفة شخص الإسكندر لا يقدمنا فى ذكر معانى ولا يؤخرنا» ما دامت ألفاظه واضحة فى معانيها بيئنة فى أسلوبها وبيانها. 9 الا تفسير سورة الكهف الملل الول 00 حب اق لقد عرض أولئك القوم الذين كانوا بين السدين على ذى القرنين أو طلبوا منه أن يبنى لهم سد بعد أن شكوا له أن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض» وعرضوا عليه أن يجعلوا له خرجا على أن يبنى لهم سدا طقَالُوا يا ذا القرئين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فَهَلَ نَجعَلَ لَك خَرْجا على أن تَجعل بَينَنا وبَينَهُمْ سا 59 #. الخرج قالوا إنه ضرائب يفرضونها على أنفسهم» وعبروا عن الضرائب با خرج لأنها تخرج من أيديهم إليه. ولأنه يكون كخراج الأرض أو الأنفس على حسب مايراه هوء إما أن يأخذ الغمرائب على النفوس أو المال أو العقارء وقد عرضوا ذلك فى عبارات مقربة مدنية» فجعلوها على صورة استفهام» فقالوا كما حكى القرآن: 8 فَهِل نَجعل لَك حرجا 4. أى هل يسوغ أن تجعل لك خرجاء والفاء للوفصاح عن شرط مقدرء أى إذا كانوا مفسدين فاجعل لك خرجا على أن تبنى لنا سذا. ولكن ذا القرنين العادل وجد أن من قوانين الحكم العادل أن يقوم بالإصلاح ودفع الفساد من غير أجر يدفع» بل إن عمل الخير ضريبة الحكم الصالح؛ ولذا قال: طقال ما متي فيه وبي خير فأعينوني بقوة أجعل يبتكم وبيتهم رذمًا 62 4 . الردم أقوى من السدء وقد قال فى ذلك الزمخشرى: 9 رما 4. أى حاجزا حصينا موثقاء والردم أكبر من السد من قولهم ثوب مردمء أى رقاع فوق رقاعء أى أنى أبنى لكم سدا وثيقا قوى والمعنى ما مكنّى فيه ربى ووسع على فيه وبسط لى خير من خخرجكم. فلست مستعينا بخرج» ولكنى مستعين بقوة منكم» فأعينونى بقوة تحتمل العمل من رجالكم» أى فلست أححتاج إلى المال» ولكن أححتاج إلى أيد عاملة تعمل» قال القرطبى فى معنى هذه الآية الكريمة: «ما بسطه الله لى من القدرة والملك خير من خرجكم وأموالكم» ولكن أعينونى بقوة الأبدان» أى برجال وعمل منكم بالأبدان والآلة التى أبنى بها الردم وهو السد». اب ل 0 حب 1 ولقد استنبط من هذا القصص عن ذى القرنين أنه لا يجوز للملك ما دام فى قدرة وسعة أن يفرض ضرائب ترهق» ويقول فى ذلك: (إن الملك فرض عليه أن يقوم بحماية الخلق فى حفظ بيضتهم» وسد فرجتهم» وإصلاح ثغورهم من أموالهم التى تفىء عليهم» وحقوقهم التى يجمعها فى خزائنهم حتى لو أكلتها وأنفذتها المؤن فكان عليهم جبر ذلك من أموالهم وعليه حسن النظر وذلك بشروط ثلاثة : الشرط الأول - ألا يستأثر عليهم بشىء. والشرط الثانى - أن يبدأ بأهل الحاجة. والشرط الثالث - أن يسوى فى العطاء(؟. أخذ بعد ذلك ذو القرنين يبنى السد محكما لا يتفلت منه أحد إليهم . «(آثوني زبرَ الْحَديد حَنَى ذا سَاوَئ بَيْنَ الصدقَينٍ قَالَ انفَحُوا حَنَى إذَا جعله ثارا لني أفرع عي قراو 4. زَيرَ اْحَدِيد» قطع الحديد الكبيرة» ظحَتَئ إذَا ساون بين الصّدقين» الصدفان: جبلان جعل السد بينهماء وبعد أن وضع الحديد من قطع كبير علا بها حتى تساوى مع أعلى الجبلين وتنضد الحديد بينهما تنضيداء جمع الأحطاب» وأشعل فيها النار ليصهر الحديدء ‏ قال انفخوا . أى فى الحديد الذى ساوى فيه بين الصدفين» وساماهماء أى انفخوا فى مشعل الأحطابء حَتَئ إذَا جَعَلَه ارا ' صهره واحمر انصهر» وصار نارا باحمراره بارتفاع درجة حرارته ارتفاعا شديداء وصار لونه أحمر شديدا يتلظى بعد هذا العمل » ٠‏ طقال آتوني 4 النداء للعمال الذين قاموا بزبر الحديد وصهروهاء « أفْرِغ عليه قطرا 4, وهو النحاس المصهور المذاب. ولعله جعل النحاس طبقة فوق الحديد تربط أجزاءه وتسوى جدار سطحه. 9 ا تفسير سورة الكبهف اللا لحر ناة ونراه صار مكونا من حديد ممسوكا بالنحاس» فصار قويا سادًا كل الثغرات» وبذلك صار مرتفعا عاليا فوق طاقتهم أن يرتفعوا إلى أعلاه» وينزلوا إلى أسفله عند الذين استغاثوا منهم؛ ولذا قال تعالى: فَمَا اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا لَه تقب 69 4 . إذا كان قد بنى ذلك البناء المحكم» وبأدوات قوية لا تنقض» وبهندسة نضدت زبر الحديد» وأسكب ذُوْبٌ النحاسء فإن يأجوج ومأجوج لا قبل لهم بالوصول إلى أرضهم يبيدون فيها الحرث والنسل. فَما اسطاعوا أن يظهَروه4. أى أن يعلو إلى ظهره؛ لأنه بنى مرتفعا ارتفاعا فوق طاقتهم أن يصعدوا إليه» «إ وما استطاعوا لَه تقبّا 4 وما استطاعوا أن ينقبوه فى جانب من جوانبه؛ لأنه حديد مصهر ثم تجمد مستقا. وبعد أن وفق ذو القرنين ذلك التوفيق تقال هذا رحمة مَن رَبّي فَإِذَا جَاء وعد ربّي جَ عله دَكّاءَ وَكَانَ وعد دبي بعد أن عمل ذلك العمل - الذى لا مثيل له فى تاريخ البشر إلى عصر من عمله ‏ لم ينسبه إلى نفسهء بل جعله من ربه» والإشارة فى طهَذا رَحَمَة من ّي 4 إلى أن البناء وتدبيره» ومادته» ليس من قدرة الإنسان إنما هو من توفيق الديان وقال: إنه من رحمة الله بعباده؛ لأن من رحمته تعالت قدرته أن الفساد وأهله يدفع بأهل الخير والصلاح 9 ... ولولا دقع الله الئاس بعضهم ببَعض لفَسّدت الأرض ولكن اللَّهَ ذو فَضل عَلَى الْعَالَمِينَ 629 4 [البقرة] . ولم ينس اليوم الآخر والبعث فجعل الحد لزمانه هو يوم البعث.» فقال: ط فَإِذا جاء وعد ربّي جعلَه دكَاء 4, أى يتَدكد ويجعله أرضا مستوية» لا علو فيهاء ولو كان من حديد ونحاس. ثم أكد البعث فقال: ا وكان وعد ربّي حقًا 4 لا يرتاب فيه عاقل والله أعلم . ا تفسيرسورة الكهف ملل يم أب م ترك المفسدين إلى يوم الحشر قال الله تعالى: د دنه مذ سه اناده مم وبرننابعضهميوميدد فيطع وت ونع الور ل سرج سر مَهَنَّ مذ امه مَنهُمْجعا لين وعرضَاجَهَم يوم[ نيديا ديكات أنه ف خط عن ذكْرى واوا ايستَطيعُود مَمْعا ل أَفَحَيِبَالدنَ 10 5 أكون 2 مهلم درن َع 27 لسعب فليو دياوف يبون َس 2 ون صن 2 ويك كَالدَِكفَروأَبنا م قب علي ع و 10 سر د ضرع :0 : خيِطْتَ أعمالهم فلا يم و2 عزون جا كلك ادم 110 و 16 هر مور م 7 أواتخذواءايت ورسليهزوا ال انتهت الآيات السابقة ببناء إسكندر ذى القرنين للسدء وكان ذو القرئين صورة للحاكم المجاهد الذى يعمل لمصلحة من يحكمهم يجلب اخير لهم ويعمل ما يصلحهم » ويدفع الفساد والمفسدين » وقد دفعه وترك يأجوج ومأجوج يفسدون وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا (65 4 . الضمير فى ! بعضهم 4 يعود إلى يأجوج ومأجوج» فانحصر شرهمء ولم يتعد فسادهم إلى غيرهم» فالجماعة الشريرة إذا لم يمكن إصلاحها يكون علاج الناس بالوقاية منها وإيعادهم عنها. 9 ا تفسير سورة الكهف اللللللللللالللل الل الا ١1‏ فى فى العقل معنى المخلوقات» وقد ساق ذلك الرأى الزمخشرى على أنه هو الظاهر المتبادر: وغيره هو غير الظاهر وغير المتبادر. ديكود ا 0 الله تعالى خلق الناس تخالفون: أو يستدى بعضهم على بعض حلى يكو يوم الفصل» ودعوة الجميع وقوله تعالى: يومتذر4, أى فى الدنياء حيث الاختبار» والتدافع بين الحق والباطل والخفيز والشر» والصلاح والفسادء وقوله: « يموج في بعض 24 أى أن بعضهم يتدافع مع البعضص تدافع الأمواج وهى مصطحبة فيتدافع الأخيار مع حتى يدعوا جميعا إلى اللّه تعالى» وعبر عن ذلك بقوله: « ونفخ في الصور فجمعناهم جمَعا 4 أى ناديناهم كما ينادى القائد ا جند فينفخ فى الصور فيجمعهم جمعاء » لا يتخلف منهم أحدء وقد شبه فى هذا إعادة الناس والبعث والنشور وخروجهم من فورهم من كل حدب ينسلون بالقائد» عندما ينفخ فى البوق للجند» وفى هذا إشعار بأن البعث لا يكون بأكثر من قول الله تعالى: 9 ... كن فيكون 52 4 [غافر] وقوله تعالى: « فَحِمَعنَاهم جَمَعًا 4 فيه أمران بيانيان: الأمر الأول - أنه عبر بالماضى وهو للمستقبل» لتأكيد الوقوع . الأمر الثانى - أنه ذكر المصدر لتأكيد أن البعث يعم الجميع» ولا يتخلف عنه وإنه عقب البعث تكون القيامة وتكون الحقائق مرئية لهم بالعيان؛ ولذا قال تعالى : فل وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا 6 © . | تفسير سورة الكهف 9 مالل اللا حمل م_ما؟ بي و يومئك # هو يوم القيامة» أى عرضنا جهنم للكافرين بسبب كفرهم عرضاء أى يرونها رأى العين من غير غشاوة تحول بينهم وبين رؤيتهاء والإتيان بالمصدر لتأكيد أنهم يرون ذلك رأى العين» ولا يخفى عليهم من نتائج أعمالهم شىء من الخفاء . وخص الكافرين بذكر العرض مع أنها تكون معلومة للجميع لأنهم أهلهاء ولأنهم الذين كانوا يتغافلون» وهم الذين كانوا ينكرون البعث وما وراءه. | ولقد قال تعالى كيف كانت حالهم بالنسبة لذكر الله للعذاب والثواب والبعث» فقال عز من قائل: ل الّذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكْري وكانوا لاي يستطيعون سمعا 9 4 . إليه . « كانت أعينهم في غطاء عن ذكري 4 الذكر مضاف إلى الله تعالى» أى الأمور التى تذكر بالله تعالى وقدرته الباهرة القاهرة على كل شىء وإلى آياته فى الكون ودلائل قدرته على إعادتهم كما بدأهم» وشبه حالهم فى عدم إدراكهم للحق من آيات الله تعالى بحال من يكون أمام الملبصرات» ولكنه وضع على عينيه التشبيه ومع أنهم كانوا لا يرون الآيات للغطاء الذى وضعوه على أعينهم كانوا لا يستمعون إلى الداعى إلى الحق إذا دعاهم فهم قد سدت أمانيهم كل وسائل الإدراك . فهم لا يرون الآيات بأنفسهم فهم على أعينهم غطاءء أو كمن يكونون على أعينهم» ولا يستطيعون سماع الحق؛ لأن أهواءهم وشهواتهم وغرورهم بهذه الدنيا التى أغرتهم بغرورها وزخرفها وزيتتها قد حالت بينهم وبينه» وشبه إعراضهم عنه #4 تفسير سورة الكهف اللملللل ااال لك ١‏ لاا ١١‏ 7 المرشد. وقد بين الله سبحانه وتعالى أنه لن يتركهم فى ضلالهم من غير مرشدء وألا 1 فحسب الّذين كَفَرَوا أن ينَحْدَوا عبادي من دونى أَوَليَاء إن أعتدنا جهنم للكافرين نزلا 6-0 4 . (الفاء) فى © أفحسب الْذين كفروا 4 مؤخرة عن تقديم» وهى فى معنى السببية لعرض جهنم على الكافرين عرضاء والهمزة قدمت؛ لأن الاستفهام له الصدارة معناه ظنواء أو بعبارة أدق معناها توهموا؛ لأن الظن يكون له وجه من الصدق» والاستفهام للتوبيخ؛ لآن الكافرين فعلا توهموا ذلك» وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نلهو ونلعب» وما كنا مبعوثين. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى سبب توبيخهم» «أن يتَحْدوا عبادي من دوني أولياء 4 , أى أنصارا يوالونهم أو آلهة يعبدونها و من دوني 24 أى من غيرى» وهنا كلام محذوف دل عليه قوله تعالى: نا أعتدنًا جهنم للكافرين نزْلاً4. أى يحسبون مع اتخاذهم أندادا يعبدونها أو أنصارا يقاومون بهم حكم الله فيهمء ونتركهم من غير مؤاخذة أو لا نحاسبهم على ما يفعلون» وهذا كقوله تعالى: - س امي مضيس « أيحسب الإنسان أن يشرك سَدى 69> ا[القيامة]ء 8إإِنًا أعتدنا جهنم للكَافرين نزْلاً4, هذا ذكر للعذاب وبيان له وقد ذكر علته فى قوله: أن يََحْدُوا عبّادي من دوني أولياء 4. واعتدنا معناها أعددنا وهيأناء ونزلا معناه مقاماء وفيه نوع تهكمء لأن النزل يكون عادة مكانا مريحا يثوب إليه الذى نزل فيه» ولكنه جهنم وبئس المهاد. وذكْر الكافرين إظهارٌ فى موضع الإضمار للإشارة إلى سبب نزولهم فى جهنم . لله > ا وقد بين سبحانه وتعالى أن الأخسرين أعمالا هم الكافرون» ذكر فى ضمن البيان الحكيم سبب خسرانهم» فقال عز من قائل: شْ طقل هَل نكم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً 620 الّذين ضّل سَعيْهُم في الْحيَاة الانيًا وهم الخطاب للنبى ككلْةِ والاستفهام للتقريرء فكأنهم سئلوا فأجابوا مقررين بأنهم (الأخسرين أعمالا)» والأخسرون جمع أخسرء وهو أفعل تفضيل» يراد به الذين بلغوا من الخسران أقصاهء فلا خسارة فوق خسارتهم» أو أنهم بالنسبة للمؤمنين أكثر خسارة لأآن المؤمنين إن خحسروا فى الدنيا متاعهاء فأولئك خسروا ما هو أعظم وهو متاع الآخرة» وكان فى ذلك موازنة بين حال المؤمنين وحال الكافرين» فالمؤمنون وإن كانوا قد فقدوا بعض متاع الدنيا ففى مقابل ذلك فقد الكافرون متاع الآخرة فكانوا الأخسرين حقا وصدقاء وخسارة المؤمنين لا تذكر بجوار خسارتهم. وقد ذكر سبحانه ركن الخسارة وقوامها فقال عز من قائل: 8 الّذين ضل الّذِينَ صل سَعيهم في الْحَيَاة الدنْيا4, أى كان عملهم ضلال فى ضلال» ووصف العمل بأنه ضلال مع أن الضلال فى العامل مبالغة فى الضلالء كأنه بضلال النفس انتقل الضلال إلى العمل» للإشارة إلى أن العمل يكون ضلالا بضلال النفس» وفساد القصدء وقال: سعيهم 4 ولم يقل «عملهم»؛ للإشارة إلى أن كل جهد يبذلونه يكون جهدا فى ضلال فلا يكون فيه خيرا أبدا. ومع هذا لا يعتقد أنه ضلال بل يحسبه رشادا؛ ولذا قال: « وهم يَحَسبُون َنهُم يُحْسِنُونَ صُنْعًا4, أى أنهم بضلال الفعل وضلال الفكرء يفعلون الشرء ويظنون أنهم يفعلون الخير فانقلب تفكيرهم فحسب الشر خيراء وذلك أشد 9 ا تفسير سورة الكهف اللا 00 لأس واد الضلال إذ يطغى الضلال على تفكيرهم» فينشئه بالباطل ويحسب الباطل حقاء والحق باطلاء وهذا أشد الضلال ويحسبون.ء أى يظنون أن ما.يفعلونه هو الحسن» وطإصنعا 4 حال من فاعل 9يحْسبُودَ» وهى حال مؤكدة لحسن ما يفعلون بزعمهم . وإن هذا النص ينطبق على الشركين؛ لذنهم يعبدون الأوثان ويحسبون أن عبادتها صنع حستّى إذ يتوهمون فيها قُوى تعبد» ويرون الخير فى اتباع آبائهم» وينطبق على رهبان النصارى إذ ينقطعون للعبادة فى زعمهم ولا يقيمون للحياة أى اعتبار» وقيل إنها تنطبق على الخوارج الذين كانوا يستبيحون دماء المؤمنين» ولكن قوله تعالى: ظ أولئك الّذِينَ كفروا بآيّات بهم 4. وإن الخوارج لا ينطبق عليهم أنهم كفروا بربهم؛ لأنهم يؤمنون بربهم ولكن ضلوا مع إخوانهم المؤمنين» ولقد قال فيهم على: لا تقاتلوهم بعدى» فإن من طلب الحق فأخطا ليس كمن طلب الباطل فأصابه» . ولقد قال بعد ذلك فى وصف الأخسرين: (أتك ين كرا بات ته واه فلت أضائهم لام لوم لقا ونا 9 4 . إن فساد الفكر يؤدى إلى الكفرء فهؤلاء الذين ضل فكرهم حتى ضلت أعمالهم» وزين لهم سوء أعمالهم فرأوه حسناء هؤلاء هم الذين دفعهم غرورهم إلى أن يكذبوا بآيات ربهم الدالة على أنه الخالق الواحد القهارء المعبود بحق» ولا معبود سواه» وكذبوا بآيات ربهم الدالة على رسالة رسوله النبى الأكرم» وذلك لفرط ضلال فكرهم الذى جعلهم يعتقدون الباطل حقاء ويزعمون الحق باطلا. والإشارة إلى الموصوفين يفيد أن هذه الصفات هى السبب فى الكفر بالآيات وكفروا بسبب غرورهم بالدنيا بلقاء الله تعالى. اا تفسير سورة الكهف بلسي 0 سسب رز «( ذلك جزاؤهم جهنم بمَا كفروا وَانَحَدُوا آياتي ورسلي هزوا 629 4 . الإشارة إلى غرورهم وكفرهم بآيات ربهم ولقائه» وهو مبتدأ خبره محذوف» والمعنى ذلك حالهم ) وأمرهم ؟ ثم ذكر سبحانه بعد ذلك جزاءهم فقال: ( قحلت أضالهم فلا قم لهم َم القادة ولا . ثم ذكر سبحانه السبب وهو قوله « بمًا كَفروا وَانَحَدُوا آياتي ورسلي هزوا 4 فهم ظلموا مرتين: الأولى - بكفرهم واتخاذهم الأنداد من الأحجار. الثانية - ظلمهم للحق وأهله ودعاته» فظلموا آيات اللّه وكفروا واتخذوها ورسل الله هزوا وسخرية» وذلك إيغال فى الكفر والضلال. بعد ذلك ذكر حال المؤمنين يوم القيامة حال المؤمئين قال الله تعالى: 1 ِنَالتيَءامئوا علو ألصَلحليكانت طح بصت اروس نزلًا 7 حَاِرنَ فا لابسَعوَعنها حولًا 2 فللَوْكانَالْبَحروِدَ الحم ترق داقن كتوق ادها يا كل نما سروم لم بو إل أنما إل و و نشوأ مره يعمل صما صِلصَا ولاب ريدأ ني ذكر سبحانه وتعالى حال الكافرين يوم القيامة وكيف كان ضلالهم فى الدنيا مرديا لهمء وأوداهم فى نار جهنمء وذكر من بعد حال المؤمنين الذى صلحوا فى أنفسهم فآمنوا وعملوا الصالحات فنالوا جزاءهم فى الآخرة» ذكر الموصول للإشارة 5-76 إلى أن الصلة هى السبب فى الجزاء» فالإيمان والعمل الصالح هما سبب الجزاء العظيم؛ إذ الإيمان لتطهير القلب وعزيمة النفس» والبعد عن كل أدران الشركء والعمل الصالح يتضمن القيام بكل ما أمر الله به» والانتهاء عن كل ما نهى الله تعالى عنهء لا فرق بين صغيرة وكبيرة إلا اللمم» فإن الله تعالى يغفره رحمة بعبادة» ويتضمن أيضا القيام بكل عمل صالح فيه نفع للإنسان» ويتضمن الفضائل الإنسانية التى يكمل بها الإنسان. واجزاء ذكره تعالى يقول: ظ كانت لهم جنات الفردوس نزلاً4. اللام للاخغتصاصء أى أنهم مختصون بهاء وهى لهم كما لمالك فى مالك وذلك يدل على تأكيد الجزاء . و الفردوس 4 لفظ غير عربى يراد به الحدائق الغنّاء» وفردوس الجنة أعلاها مكاناء وأوسطها شأناء وجمعها للدلالة على كثرة فضلهاء وتنوع خيرها وتعددهء وف نزلاً4» أى إقامة ثابتة ينزلون فيها راضين بطيب الإقامة وهدوء المثوى. وأنها إقامة هادئة طيبة» وهى مساكنء» ومعنى ثابتة دائمة مستمرة؛ ولذا قال تعالى: إخالدين فيهاي. أى مقيمين فيها إقامة دائمة» ولا يجدون أفضل منها ينتقلون إليه؛ ولذا قال تعالى: «إلا ييغون عَنْهًا حولاً4. أى لا يطلبون مريدين مبتغين عنها تملا وانتقاءء فهم ينعمون فيها بنعمة الدوام والبقاء وعدم الإزعاج بالانتقال منهاء والنعمة الثانية بلوغ الغاية فى الراحة والاطمئنان فلا يبغون حولاء بل ينعمون فيها بنعمة الرضا بهاء وأنهم لا يجدون خيرا منها. وان هذا من فضل الله وهو تقديره وعلمه | المحيط» وقد وسع كل شىء يه سا م م بي لد البح قل أذ نفد لمات رني و جنا سل مده 5 4 الخطاب فى طقل 4 للنبى كه وهو يتضمن أمر الله تعالى لنبيه بأن يعلمهم إحاطة علم الله تعالى بكل شىء ولا يغيب عن علمه مثقال ذرة فى السماء والأرض» و(كلمات الله تعالى) هى تصوير لعلمه الذى لا يحصى ولا يحد» فهذه الآية أمر للنبى مَلنْةٌ بأن يصور علمه بأنه غير متناف فلا يحده حد» فالكلمات لا" / تفسير سورة الكهف ا يل سب اا تحده» ولا تحيط به» ومهما يكن مداد الكلمات ولو كانت المداد ماء البحر» و(ال) للجنس والاستغراق» أى أن البحار كلها «(مدادا 4 وهو ما يكتب به « لكلمات بي لتفد البِحر قَبلَ أن تنفد كَلمَات ربِي 4 كقوله تعالى: ولو أَنمَا في الأرضٍ من شجَرةأفلامٌوَالبَحْرٌيَمُدهُ من بده سيْمَهُ بحرم تقدت كلمَات الله إن الله عير حكيم 469 [لقمان]» وإن هذا تصوير مقرب لعلم الله الذى أحاط بكل شىء علماء .فلو كان علم الله يدون فى مكتوب ما وجد مدادا الذى يدون كلماته» فلو كان البحر مدادا لكلماته سبحانه لنفد البحر وما انتهت كلمات الله تعالى» وهذا تصوير وتقريب» وفيه تشبيه بمفردات معلومات الله بالكلمات» وأنها لا تنتهى أبذا . وهنا أمور بيانية يجب التنبيه إليها: الأمر الأول - ذكر كلمات الله تعالى مضافة إلى ربه مرتين» وذلك بيان لشرفها وعلوهاء لأن علمه كامل. الأمر الشانى - المقابلة البيانية فى قوله تعالى: «النَفَد الْمَحَرٌ قَبلَ أن تند كَلمَات رَبّي 4. فإن كلمات الله لا تنتهى» ولكن عبر عن ذلك بالنفاد من قسبيل الجناس فى قوله تعالى لنفد البحر. الأمر الثالث - أنه أظهر فى موضع الإضمار فقد قال تعالى: قل لو كان البَحْرُ مدادًا لكَلمَات وبي لَتَد الْبَحر َل أن تنفد كَلمّات ربَي ولو جئنا بمثله مدا 69 4 فذكر البحر ظاهراء وموضعه الإضمار لتأكيد سعة كلمات الله تعالى؛ ولذا قال: « ولو جتنا بمثله مُددا 4 يمده كما يمد الجيش بالجنود» هذا ما بدر لنا وما بدى بادى الرأى» ولكن وجدنا قراءة أخرى «منادا» ويكون المعنى الذى تتلاقى معه القراءات» وهو أن المعنى» ولو جئنا بمثله مداداء أى لو كان مثله حجماء ويصح مع ذلك أن يكون لكل من القراءتين معنى فتكون القراءة الأو تشير إلى أن البحر الزيادة معين للبحر الأول زائد له» والثانية تفيد الممائلة» والله تعالى أعلم. ١ لاك‎ ١ تي‎ وذكرت هذه الآية التى تفيد علم غير المنتهى» بل إنه أحاط بكل شىء ومفردات معلوماته لا تتناهى لبيان كمال قذرته» والعلم والقدرة والإرادة صفات كمالك فى اخلق والتكوين يصاحب بعضها بعضاء وإنه بها وغيرها من صفات الكمال 3 تستحق العبادة ؛ ولذا جاء بعدها قوله تعالى : الإ فل إِنّمَا أنا بشر مَندَكُم ُوحئ إل أنما هكم لَه واحد فَمَن كان يجو لقاء رب فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربّه أَحَدا 699 4 . الأمر بالقول للنبى كك لأنه جزء من تبليغ رسالة ربهء و إِنَّمَا 4 أداة قصر أى أنه وه مقصور على البشرية وإنما يوحى إليه» فهو بشر ولا يتجاوز أنه بشر ولكن اختص من بينهم بأنه يوحى إليه فليس واحدا من الملائكة» والموحى به أن «(إلهكم إِلَه واحد 4. فهو إعلام من الله تعالى بمن هو الإله حقاء فهو الله تعالى» ولا إله غيره» وإنه قد قامت مع هذا الوحى الصادق الذى قامت الدلائل على صدقه. وهو مؤيد بالآيات فى الكون فإن الكون بما فيه من سماء وأرض» وكواكب هى زينة السماء وزدوع وثمار ومعادن وكنوزء فيها الآيات البينات على أن الخالق واحد. وإن الناس فى تلقى هذه الرسالة من عند الله تعالى قسمان: القسم الأول - يؤمن بالغيب» ولا يأسره الحس وتستغرقه المادة. والقسم الثانى - استغرقته المادة» حتى لا يؤمن إلا بما هو مادى حسى» والأول هو الذى يرجو لقاء ربه وهو الذى ينادى بفعل الخير» والإيمان بالحق ؛ ولذا قال تعالى: «إفَمن كان يرجو لقاء به فَلْيَعملَ عَمّلاً صالحا ولا يشرك بعبادة ربّه أحدا 4 . وقال: «ل فمن كان يرجو لقاء ربّه 4 أى يستيقن بلقاء ربه») وعبر بالرجاء بدل اليقين ؛ لأنه يفيد اليقين مع تمنى اللقاء والرغبة فيه وطلبه بالعمل؛ ولذا كان جواب الشرط فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة به أَحَدَا 4 ؛ ؛ لأنه إذا كان يرجو الله ا تفسير سورة الكهف . ش . امل لاك 1 - ولقاءه فهو لا يعبد غيرهء لأنه أخذ بالرسالة وآمن بهاء والشرك فى العبادة أن بيجعلها لله وحدهء فلا يشرك فى العبادة وثنا ولا شخصا. وهناك شرك فى العبادة بأن يعبد يرائى الناس» وقد قال يك «من صلى يرائى فقد أشرك؛ ومن تصدق يرائئ فقد أشرك» ومن صام يرائى فقد أشرك)”2, وهذا هو الشرك الخفى والشرك الأصغرء وقد قال الزمخشرى عند تفسير هذه الآية: والمراد بالنهى عن الإشراك فى العبادة آلا يرائى بعمله» وألا يبتغى إلا وجه الله تعالى خالصا لا يخلط به غيره» وقيل نزلت فى جندب بن زهير قال للنبى كلِ: إنى أعمل العمل لله تعالى فإذا أطلع عليه سرنى» فقال: «إن الله لا يقبل ما شورك فيه». وروى أنه قال: «لك أجران أجر السر وأجر العلانية», وذلك إذا قصد أن يقتدى به» وعنه كَدئِْةِ: «اتقوا الشرك الأصغر»؛ قالوا: وما الشرك الأصغر؟» قال: «الرياء». ١ سبق تخريجه.‎ )١( هذه السورة مكية» وقيل أن آيتى 908. ١‏ مدنيتان» وعدد آياتها ثمان وتسعون آية. وقد ابتدأت هذه السورة الكريمة بذكر معجزات نخارقة للعادة فى الوجود الإنسانى» ذلك أن الفلسفة الأيونية كانت قائمة على أن الأسباب وعلاقتها بالمسبيات لا تخالف قط حتى بنوا نظرية الألوهية على العليِّة» وقالوا: إن العالم نشأ عن الله تعالى نشوء العلة من المعلول من غير إرادة من الفاعل المختار» فجاءت السورة فى كثير من آياتها بما هو خرق لهذه النظرية. إن من أسباب الخلق أن الشيخ الكبير لا ينجب وأن المرأة العاقر لا تلد فإذا أنجب الرجل الهرم من عجوز عاقرء فذلك خرق لنظرية الأسباب» إذ يوجد الولد من عاقر عجوز لا تنجب ومن شيخ هرم لا ينسل . وقد ابتدأت السورة الكريمة بذكر نبى اللّه زكريا #ذكر رَحَمَت ربك عبده زكري (2) إذ ناد به نداء حَفيًا 2 قَال وب إِنَي ون العظم مني وَاشتَعل الأ شيا ولم أكن بدعائك رب شقيًا (2) وني خفت الموالي من ورائي وكانَت امرأتي عَاقرا فهْبْ لي من لّدنك وليًا (2) يرثي ويرث من آل يَعُقُوب وَاجَعَلهُ َب رضي 9 4 . الله تعالى يجيب دعاءه فيقول سبحانه له: «إيا رَكَريًا نا شرك بغلام اسمه يحمئ لم نجعل له من قبل سما 9© 4 ولكن تأثره بمجرى الأسباب العادية يشير استغرابه فيقول: ( أن يكون لي غَلام وكانت امرأني عاقرا وقد بََْتَ من الكبر عت 0 قَال كذلك قَال ربك هو علي هين وَقَد حَلَقكَ من قبل قبل ولم تك شيئًا 0 4 . ولكن الاستغراب لا يزال يتردد فى نفسه فيقول: رب اجعل لي آية قَال ينك ألا تكلم الئاس ثلاث لال سَويًا 9© 4 . / تفسير سورة مريم ملل > ا أعطاه ولدا من امرأة عاقر» وكان ذلك خرقا للأسباب فى عصر الأسباب» وقد وهبه الله تعالى حبا وحناناء وبرا بوالديه ولم يكن بارا عصيا. ثم جاء بالمعجزة الكبرى الخارقة لمجرد الأسباب واللسببات وبيان أنها لا تلزم الفاعل المختار وهئ خلق عيسى من غير أب من عذراء بلول فقال تعالى: «[ واذكر في الكتاب مَرَيُم إذ انَبَدَتَ من أَهلها مَكَانًا شَرقيًا 09 » ونزل إليها دس القدس جبريل كله الذى شرفه الله تعالى بأن أضافه ليه ٍفانُحَدَتَ من دونهم حجابا َارسَا ًا رُوحَنا مَل ها برا سوا 9 قَالَت إن أعوة الحم مدك إن كنت تقيا 9 قال إِنما نا وَسُولَ رَبك لهب لَك عُلامًا رَكيّا 09 فالس أنئ يَكُونُ لي غلام ولّم يَمْسَسي بَشَرولَْأكبََيّا 9© قَالَ كدلك قَال ربّك هو علي مين ولنجَعَلهُ آي لاس َرَحْمَة مََا وَكَانَ مرا مُقَضيًا 69 © . جاءها المخاض والجأها إلى جذع النخلة» وججات الخوارق للعادة متوالية تعلن خرق نظرية الأسباب والمسببات؛ فتهز جذع النخلة فتسساقط رطبا جنيا والماء يجرى من تمتها « فَكُلي واشربي وَقَرِي عينا قم رين من الَْشْرٍ أحدا ققولي ني نذرت للرحْمَنٍ صُومًا فلن أَكَلَم اليم إنسيًا © 4 ولكنهم يجابهونها بما كانت تخشى يقولون: فيا أَخت هَارُونَ ما كَان أَبُوك امراً سَوْءِ وما كانت مك بغيّا © 4, ولكن يعجىء ء سر خارق للعادة يشير له الجميع» وهو أن يتكلم من هو فى المهد باحكمة, ل فَأَسَارت إِنَيّْه َاُوا كيف نكم من كَانَ في الْمَهدٍ صبيا 9©© © قال إِني عبد الله آتاني لكاب وَجَعَلِي نيا 9©© وَجَعَلي مارك ين ما كت وأأوطائي بالصّلاة والرّكَاة ما دمت حيًا 9 وبرًا بوالدتي لم يَجعِْي جيرا شقيًا 9 والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعت حيّا 69 > . كان عيسى ابن مريم عَم معجزة فى الحمل به وفى ولادته وفى طفولته فى المهد وهو مخلوق عبد لله تعالى» وإذا كان وجوده على غير معجرى العادات فهو بخلقه أدل على قدرة الله تعالى من غيره وإذا إذا عبده النصارى فمن جهلهم 9إما كان 4 8# تفسيرسورة مريم ال 00 4 *2532*<2 ااا ١١‏ يي ' لله أن يد من ولد سْبْحَائَهُ إذا قضئ أمْرا فنا يَقولَلَهُ كن فيَكُون 2ج 4 ولكن مد بعده اختلفت الفرق ق على نحل متباينة فويل لهم من مشهد يوم عظيم «أسمع بهم ورأبصر يوم يأنوننا لكن الَالمُون اليم في ضلال مين 620 وأنذرهم يم الحَسرَةإذ قضِي الأمر وهم في غَفلَة وهم لا يؤْمنُونَ 9ح 4 . ويجىء فى السورة أخبار الأنبياء السابقين وما اقترن برسالاتهم من معجزات وما جاءوا به من شرائع. فابتدأ بقصة أبى العرب إبرهيم عَكه. وفيها تتجلى محبة الأبناء للآباء فيريد لمحبته أباه أن يجنبه عبادة الأوثان ويدعوه إلى تركها فيقول: فيا أبت لا تعبد الشطان إن الشيطان كان للرحَمٍَ عصًا 63 ب أبَت إِنِي أَخَافْ أن يمَسّك عذاب من الرّحَم فَمَكُونَ للشيْطان ولي 69 4 ويرده أبوه ردا جافيا فيضطر لاعتزاله وقلبه معلق بمحبته وطلبه الهداية له ويذهب به فرط محبته إلى أن يستغفر له ويقول: لإسلام ليك تعفر لك ربِي نه حا بي حَفيًا 4 «إفلمًا اعتزلهم وما يَعبدون من دون الله وبا لَه إسْحاق ويَعْقُوب وَكلاً علا نيا 69 4 . ثم ذكرت قصة موسى وكيف وهب الله من رحمته معه أخاه هرون نبياء ثم ذكر أخبار إسماعيل عله منفردا عن أولاد إبراهيم عَِكَلهِء وفى هذا إشارة إلى أنه عمود نسب متفرع من إبراهيم ليلا وأنه سيكون منه محمد خاتم النبيين «« واذكْر في أكاب إساصل إن اذ صادق اوعد ركاذ نولي 0 وترجع السودة فى ويشير سبحانه إلى اليين أجمعين : «أرك الذي العم الا علي من انس َي آدم ومن حملنا مع نوح ومن ذَزيَةإنراهيم وإسثرائيل ومن هديا اجن إذا تتلئ عليهم آيات الرحمن خَرًوا سَجُدا وبكيًا نيا 52 © وقد أشار سبحانه إلى أن الخلاف جعل منهم الصالحين» والذين أضاعوا الصلاة فَخَلف من بعدهم خَلْف أضاعوا الصّلاة واتَبعوا الشهوات فسوف يفون غَيَا 9 إلا مَن تاب وآ وَعَملَ صّالحًا وك يَدْحَلُوَ الجن ولا يظلمون شيمًا 9 4 وتفصل السورة الكريمة جزاء المتقين وعقاب الكافرين فى بيان معجز ككل آيات القرآن وسوره. ا تفسير سورة مرييم : مالل ». ١ واكاك‎ 7 ١ بر‎ لاه رار وتجىء العبر فى الآيات المختلفة الكثيرة» فيذكر الناس بالبعث 9 أولا يذكر الإنساد أن امن قل وميك سينا 9 فَوويك لمحسْرنهُم والشنياطين ثم لحضرنهم حَولَ جهنم جنا 7 فَملَتِعنَ من كل شيعة أيهم شد على الرحْمَن عتيًا 9 َم نحن َعَم بدن هم أوئ بها صليً © إن كم إل ادها كا على ريلك حم مضا 9 مي ادي الَو نر لمن فيها جنا 0 وإذا تتلئ علهم انها بيات قال الذي كَفَروا للّذِين آمنوا أي | أي القريقين حير ماما وأحسن نديا 6 4 . ويضرب الأمثال للمشركين بالذين مضوا من الذين عادوا النبيين وأهلكهم اللهء وهم أحسن منهم أثاثا ورئيا. ويبين الله اهتداء المهتدين وضلال الضالين: ظِقُلَ من كَانَ في الضلالة فليم َه الرحْسَن مدا ىذا ووأ يدوم اْعَذَاب وما الساعة يعون من هو ضر مكنا وأضْعَفْ جندًا 2 ويَزِيداللُّ اين اهْحَدوًا هُدَى وَالَْاقِيَاتَ الصّالحَات خير عند ربك تَوَابا وخَير مُرَذا 69 4 . وتشرح السورة الكريمة نفس الكافر وغروره: : لأفْرَيت الذي كفر بآياتنا وَقَالَ لأُوتينَ مالا وَوَلَّدا 9 أَطَلَمَ العَيْب أم انَحَدَ عند الرَحَمَنٍ عهدا 00 2# ٠‏ ثم بين سبحانه أن ذلك مكتوب عليه وأنه سيرث أعقاب هذا القول» ويقول: ( وَاتَّحَدُوا من دود اله آله لَكُونُوا َعَم را ا حلا عفرو باهم ويكونو عَم ضدًا 65 4. ويبين سبحانه سيطرة الشياطين على الكافرين: لمر أن سنا الغشياطين عَلَى الْكَافرين نيهم را © فَلا تَعْجَل عليهِم نما تعد لهم عدا 62 4 . ويذكر الله الناس جميعا بما يكون يوم الآخرة؛ ظ يوم تحشر الْمتَّقِينَ إلى الرّحْمَنِ وَفْدَا © وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إل جهنم وردًا 9 لا يَمَلكُون الشفاعة إلا من انَخَدَ عند الرَحْمَنِ عهدا 69 4 . 4 8# تفسير سورة مريم 1 1 1 1 1 2122600 اكه < 7 ويبين مقالة الكافرين «وَقَالَوا انَحََ الرحمن ولّدا 2 1 0 لقد جنتم شيئًا إِذا © تكاد السّمُوَات يعفَطَركَ منه وتدشّق الْأَرض وَتَخرٌ الجبَالٌ هد 9 6 أن دعوا للرحمن ولّدا 9 وما يسغي للرّحمَن أن يتَخِدَ ولّدا 9 69 إن كل من في السَّمّوَات والأرض إلأآني الرحمن عَبدا 69 لَقَد أحصاهم وَعَدَهُمَ عد و© 69 وكلّهم آتيه يوم القيامة قرذا 62 4 . وختم السورة الكريمة ببيان المؤمنين» وما كتب لهم من جزاء يوم القيامة» فقال تعالى : ف إن الذي نَآمنوا وعمُوا الصّالحات مَيَجَعل لهم الرحْمن وا 9 فَإنمَ يسَرناه بساك لتبشتر به القن ور به وما لا 9© وَكَم كنا قبلهُم من هَل تحس منهم من أَحَ دأو تَسمع لَهُمَ ركزا 6 4 . وهكذا نهد السورة ابتدأت بأن حكمة الله تعالى اقتضت أن يخلق يحيى َه من شيخ هرم امرأته عاقرء ويخالف بذلك الأسباب والمسببات» ثم يأتى سبحانه بخلق عيسى يك من غير أب ليكون وجوده طلكَا معجزة» وهو عبد من عباد الله ويختمها بالمعجزة الكبرى وهو القرآن» 9 فَإِنما يسرتاه بلسانك لتبشر به الْمّقين وتعذر به قوم ندا 9© ©4. معانى السورة الكريمة قال الله تعالى: حكهيعص ويا ذمسعَت رَيَكَ عَبْدَه رك ري إذ نا ريد حك قال نبإ هلمم مق وَأَشْتَعلَ ارس سَيْباوَكْ حكن يذعايك رب ين وإ الولو وى وسكا 1 0 سس سس لس عر أمرأت عاقَرًا فَهَبَلى من لُدَنك وَلِينًا 2 يردق وَيَرثُ لح عر - ودس سلس مِنْءَالِيَحْقُوبُ وله رَبٌ رَضِيا () يَركربَاً تفسير سورة مريم ل ليإ 7 5.2 1 نيرك يغلا سمه 2 َم يحص ل لَمُو قبَلُ سيا 3 َلَرنَ أَنََكُرث بعلم وسكا مرَاقٍ فَوَاوَهدبآَفْتٌ م نَالْحصج بَءِيِيًا نيا فَالَ كلك ا ا لاوا مد و مده لك ا كس لمر كك شنا لا كَلرت لعا امَدَّقَاآ 0 منا لخي سف ساق 2 | سل حت لل 0 و 117 يليحول حد مذ الحكتاب يقوووءابيننه | سيا 09 هه و ل سر ١‏ 0202 8 0 حتاف أو 4 مكَيّقَيًا يديك يك جمَارَ وَسَلمُ ليدومو ا و 0 و 00 هذا عصر كثرت فيه خوارق العادات» لأنها كانت تصحيحا للعقول. وإزالة لفكرة خاطئة وقعت فيها الفلسفة التى كانت سائدة فى هذا العصرء وهى نظام يمكن تغييره» وهو النظام الموجود» حتى زعموا أن الله خلقت عنه الأآشياء» منفعلة بالعلّية» وأنه ليس باختيار من الله تعالى وإرادة» فكل ما فى الوجودء جاء منفعلا عن علة وهو عل لخيره؛ حتى يتوالى كله بنظام العلّية» فالآب علَّة لوجود أبئه » إذا كان قويا والأم علَّة لوجود ولدها إذا كانت سليمة قوية ليست عاقرا. وكان لا بد لتصحيح هذه الفلسفة ولبيان بطلانها أن تكون أشياء بغير أسبابها التى استقرت أفهامهم على أنها أسباب طبيعية لها وفى هذه السورة الكريمة كان 2 8# تفسير سورة مريبم الل 111111101000000 1[ [ذ 1 1[ 22201111 لها ىج أمران فيهما نقض لنظام الأسباب والمسببات يدل على أن الوجود خلق بإرادة مختار» وأن الله تعالى فعال لما يريد: الأمر الأول: ولادة عاقر وزوجها بلغ من الكبر عتيا. والآمر الثانى: ولادة ولد من غير أب وإذا كانت الأولى فيها الولادة من أم غير صالحة للإنجاب» فالثانية ولادة من أم لم يثبت عدم صلاحيتها للإنجاب ولكن من غير أب مطلقا صا حا للإنجاب أو غير صالح. «كهيعص 0 4. قلنا فى الحروف التى تبدأ بها , بعض السور' : إن معناها قد اختص. به علم الله تعالى» ولنا أن نتعرف الحكمة فى ابتداء بعضص السور بهاء وأشرنا إلى أنها تنبه لإعجاز القرآن» وأنه مؤلف من الحروف التى يتألف منها كلامكم ومع ذلك عجزتم أن تأتوا بمثلهاء وأنها تنبه الأذهان للاستماع» وقد كان المشركون تعاهدوا على ألا يسمعوا لهذا القرآن ويلغوا فيه: « وقَال الّذين كَفَروا لا تسمعوا لهذا القُرآن والْغوا فيه لَعلّكم تَعلبِونَ 5 3 [فصلت]» فإذا تليت عليهم تلك الحروف بِعَنّها ومدها نبهتهم فيستمعون إليهاء تهجم عليهم الآيات المفهومة المدركة» فيستمعون إليها راغمين غير مختارين وهى أسماء للسور» وذكر للكتاب. ( ذكرٌ رَحْمت ربك عبد زكري 0 4. «(ذكر4 خبر «إكهيتص» وهذا يشير إلى أنها الكتاب أو بعضهء و عبده 4 منصوبة بالرحمة؛ لأن الرحمة مصدر بمعنى المرة من الرحم» ويصح أن يجعل مفعولا ل «ذكر »24 »؛ على أن تكون إضافة الذكر إلى الرحمة من إضافة المصدر لفاعله؛» وإنا نرى أن ذلك بعيد ويحتاج إلى تأويل» وما لا تحناج لتأويل أولى مما يحتاج لتأويل. وإن ذلك الذكر لهذه الرحمة فى وقت نادى ربه بهاء» ولذا قال تعالى: إِذ نادى ريه نداء في 0 4 . 1# تفسير سورة مرييم الللللإلالل الالو للك لبجل ب يي أى دعاه دعاء الضارع الخاضع المتوكل» الذى لا يرجو إلا ربه» وعبر بالنداء لأنه طلب. منه» التجأ فيه إليه» وهو طلب لشخصه ولأسرته» وقد كان هذا الطلب فى ذاته دعاء وعبادة» كما قال تعالى: 8 . .. ادعوني أَسعَجب لكم.. . © [غافر]ء ودعاه فى خفاءء ولذا قال سبحانه: لإ ناد ريد ناه حَفي 0 »: و خَفيًا 4 صفة مبالغة من نمفى» أى أنه بالغ فى إخفاء دعائه فلا يعلمه قومه؛ ولآنه مناجاة لله وضراعة إليه) وهو لا يلتجئّ إلا إليه وحده: « واذكر رَبك في نفسك تضرعا وخيقة وَدون الْجَهْر من القول بِالْغدوَ والآصال . . 42:9 [الأعراف]» وقال تعالى: اغا ريك تع ةله بحب ادي يج > [الأعراف]» وفى هذا إشارة إلى أن الدعاء تضرع وفى الجهر به اعتداء؛ لأنه يكون فيه دعوة لغير الله وشكوى للناس من ربه. وموضوع النداء» بينه بقوله تعالى عنه: | «طقَال رب إنّي وَهن الْعظم مني واشتعل الرأس شيا ولم أكن بدعائك رب شقيًا 0 وني خف اولي من وزائي وكانت الرأي افر هب بي من ده ول 429 . 9 وَهن الْعَظّم 4. أى ضعف, ووهن العظم دليل على وهن الجسم كله؛ لأنه عمود الدين ويه قوامه» وهو أصل بناتهء فإذا وهن تداعى وتساقط سائر قوته؛ ولأنه أشد ما فيه وأصلبه» فإذاا وهن كان ما وراءه أوهن منهء كذا قال القرطبى فى تفسيره900©, ذكر أولا ما دل على الضعف الحقيقى»ء ثم ذكر ما يدل ظاهرا على الضعف» وهو أنه يعلوه الشيب فقال: وَاشْمَعَلَ الرأس »4 الاشتعال الانتشار» و شِيبا 4 تمبيز محول عن الفاعل؛ والمعنى اشتعل شيب الرأس» أى انتشر الشيب فيه » والاشتعال مع أنه بمعنى الانتشار إلا أنه غلب على انتشاز النار. وهنا نجد ثمة استعارة» فقد شبه انتشار بياض الشيب باشتعال النار» إذ يكون الشيب عند انتشاره لامعا كورهج النار» وليأن فيه إفناء الشعر الأسود. كما تحرق . 77/١1١ الجامع لأحكام القرآن:‎ )١( ##ا . تفسيرسورة مرييم لال الل لوه : يي النار ما يكون حطبهاء ولآأنه أمارة الفناء للعمر كما تفنى النار ما تحرقه» وأسند الشيب إلى الرأس مع أنه يكون فى الشعر من قبيل اسم المحال وإرادة الحال» إذ جلد الرأس هو منبت الشعر ويكون فيه» وإن فى هذا النص من البلاغ ما يليق بالقرآن الكريم أبلغ القول فى الإنسانية كلهاء إذ هو كلام الله تعالى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه» فإن نسبة اللاشتعال إلى الرأس ما يثير الاهتمام فيحاول العقل تعرف اشتعال الرأس فيجىء التمييز «شيًا» بما يفيد اشتعال الشعرء ولم يذكر الشعر بل اكتفى بذكر محله. وقال الله تعالى عن زكريا: «ولم أكن بدعائك رب شقيًا 4 فى هذه الجملة السامية الدلالة على رجائه من الله تعالى» وفيها ذاتها ضراعة» وعبر هنا بالدعاء» وفى الأولى بالنداء للدلالة على أن النداء استغاثة وتلهف ورجاءء ودعاء وعبادة وتقى» وذكر رب »# فى هذه لبيان أن نعمه سبحانه وتعالى موصولة دائما منذ خلقه إلى أن يبعثه نبياء و شقيًا 4 بالأمر إذا تعب فيه ولم يئل ثمرته» أو طرد من خير» والمعنى لم أكن منذ خلقتنى بدعاتك محروما متعباءبل كانت نعمة واستجابة دعائى قائمة دائمة موصولة» وفى نفى الشقاء فى الدعاء ماضيا تأكيد للرجاء قابلاء وأن ذلك من طرائق الاستجابة والرغبة فيهاء وإن ذكر النعمة الماضية شكر لها وإيذان لشكر فاعله. وصرح بموضوع الدعاء فقال: وني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأني عاقرا فَهْبْ لي من لّدنك وليّا () 4. هذه الجملة حالية» والواو واو الحال» والمعنى أنه فى الحال الذى وهن العظم واشتعل الرأس شيبا ودنا الموت 5 خفت الْمَوَالي من ورائي وكانت امرآتي عاقرا 4, والموالى هم الحواشى والعصبات من قرابته» وسموا موالى؛ لأنهم الذين يلونه على ما يرك من علم ونبوة والأموال التى تورث من بعده» وقوله: لاهن ورائي 2 إما أن يتعلق بالموالى ويكون ظاهر القول إنى خفت الموالى الذين يجيئون من ورائى» وإما أن يتعلق ب«إخقت 4 ويكون ظاهر المعنى : إنى خفت من بعد موتى الموالى الذين يجيئون» والمؤدى فى التقديرين واحد. ولاذا ا تفسيرسورة مرييم مالل ١ لهاو‎ . يي خاف الموالى؟ قيل: لأنهم لم يكونوا أمناء على تركته من بعده إذ كانوا عصاة مسرفين» أو لأنهم قلق وعلى هذا قرئت (خَقّت) بفتح الخاء وتسشديد الفاء وسكون التاء ويكون طلب الولد لينضم إليه» وقد ورد هنا اعتراضان: الاعتراض الأول: أنه ورد فى الأثر: (إننا معشر الأنبياء لا نورث الاعتراض الثانى : أنه إذ يطلب الولد يرثه إنما يعترض على تقسيم الله تعالى للميراث ويستكثر على الموالى ما يأخذوه. والجواب عن الاعتراض الأول: أن هذا الأثر كان بالنسبة للنبى» وإلا فقد ورث سليمان داود ‏ عليهما السلام - أو على أنه غالب أمرهم» أو على أن الوراثة هى وراثة العلم والنبوة ولكن ذلك بعيد. وأما الجواب عن الاعتراض الثانى: فهو أنه لا مضارة فى الوراثة» وإنما أراد أن يضم إليهم فى تحمل أعباء العلم الذى حمله زكرياء ويؤيد ذلك قراءة قت بفتح الخاء وتشديد الفاء» والمرأة العاقر التى لا تلدء وقوله: ‏ وكانت امرأتي عاقرا 4. أى ثبت عقرها ودوامه يدل عليه التعبير ب «كان» الدالة على الدوام والاستمرارء أى أنه لا أصل له فى الولادة لكبره وعقمهاء ولكن رجاؤه من الله تعالى مسبب الأسباب» ولذا قال متجها إليه؛ لأنه فوق الأسباب الظاهرة 8 فهب بي من لَك و4 الا ليان ترتيب ما بعدها على مع سا قبلهاء فهو مترنب على رجائه فى الله تعالى» وترك الرجاء من جهة الأسباب العادية وكان التعبير ب اهب)»» أى أنه هبة مجردة من فضلك وإرادتك أنت الفاعل المختارء وكان قوله «إمن لَدنك 4 تأكيد بأنه من قبّل الله تعالى لا دخل للأسباب العادية فيه» بل إنه خرق لهذه الأسباب. «وليًا 4: أى يلينى ويخلفنى فى مالى وما أوتيت من علم وحكم وحكمة. )١(‏ رواه أحمد ‏ باقى مسئد المكثرين (4097). والنسائى فى الكبرى 5/١/ا‏ (5557) : (إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة». كما رواه البخارى ومسلم بلفظ آخر. 1 تفسير سورة مرييم الاللااا لان ١ هه‎ 7 و2 ثم قال تعالى فى بيان معنى الولاية: الى ور ما يوب لازي وه 4. الورائة مترتبة على أنه ولى أو هو معنى ولايته عنه» ولذا انفصلت عن الجملة السامية السابقة؛ لأنها مترتبة عليها أو لآنها بمنزلة السبب. وهذه بمنزلة المسبب» وما الموروث؟ قالوا: إن الوراثة تكون وراثة فى الجسم والعقل والغرائز والصفات الفطرية وبعض المكتسبة؛ كى تكون الوراثة فى المال والعلم والحكمة والسجايا الفطرية» وقد نفى بعض العلماء الوراثة لقول النبى لوه «نحن معشر الآنبياء لا نورث(2 ولكن الأكثر على أن الوراثة فى المال بالنسبة لزكريا علِكَله هى ثابتة» ولعل ما ذكره النبى مَللِيْدّ غالب ما عليه الأنبياء أو خاص بالمرسلين أصحاب الشرائع منهم كموسى وعيسى ونوح وإبراهيم - عليهم السلام - وإلى هذا تميل؛ لآنه من المؤكد أنه ورث سليمان داود بنص القرآن الكريم. وقوله تعالى: 8 ويرِث من آل يعقوب 4, ل من » هنا تدل على الابتداء» أى يرث ميراثا من آل يعقوب. هذا هو الطلب الأول الذى دعا ربه ضارعا إليه» أما الطلب الثانى فهو أنه خصه بأن يكون مرضياء أى تكون سجاياه وأعماله وأخلاقه مرضية مستقيمة» ولذا قال تعالى: 8 واجعله رَبْ رضيًا 4. 9 رضيًا 4 هنا فعيل بمعنى مفعولء أى اجعله مرضيا عندك» أى أن أخلاقه وأفعاله وصفاته المكتسبة موضع رضا منك» ولم يقل: وكن راضيا عنه؛ لأنه يطلب ما يطلب فى خلق الولى وتكوينه؛ أى اجعله فى تكوينه محاولا رضاك» وأن تزضى عنه» بحيث يتخذ الأسباب لينال رضاك أنت العليم الحكيم فلا يكون شقياء ولا يكون عصيا بل يكون رضيا برا تقيا. وإن الدعاء صادر من قلب خاشع ضارعء» ولذا استجاب سبحانه وكان الخارق للعادة فقال تعالى: دق ال مرجع السابق. ا تفسيرسورة مرييم لاا ماللا يعور يي" ( زيمتل لدم ةب قم ل لاسا و4 . ابتدأ الإجابة بندائه باسمه إدناء» وعناية وإظهار المحبة واختصاصه. وتمكينا لإجابته فى ندائه الضارع؛ وأردف ذلك النداء المقرب بقوله: 8 إِنًا نبشرك بغلام4, نبَشرك 4 أضاف سبحانه التبشير إلى ذاته العلية ذاكرا بضمير المتكلم العظيم فوق كل عظمة الذى لا يتقيد بأسباب الناس وعاداتهم.ء بل إنه الفعال لا يريد ظ بغلام اسمه يَحَيَى 4. وتأكيدا للتبشير سمه الله تعالى؛ فسماه يحيىء ولهذا الاسم مناسبة واضحة بالنسبة لأبويه» فأبوه شيخ فان» وكأنما رد إليه شبابه فى حياة ولده فكان له إحياءء» وأمه عاقرء كأنما خلق الله تعالى الحياة فى رحم جف فلم يرب جنيناء فكان منه الولد» وذلك بلا ريب خرق للأسباب والمسببات العادية التى فرضها فلاسفة اليونان الذين قارنوا ظهور المسيح ليله ومريم أمهء وزكريا كافلهاء و لم نجعل لَه من قَبْلُ سما 4. أى شبيها فى خلاله وسجاياه فقد كان حصورا من الصالحين وليس له سمى» فالتسمية من الله وقد سبق يحيى بها كل الأسماء التى سمى بها الرجال. وهنا نجد نبى الله زكرياء وقد وقف بين حالين: حال الإيمان بالله خالق الأسباب والمسببات الذى لا تقيد إرادته عادة ولا سبب أى سببء والحال التى تسود الناس» وهى سيطرة الأسباب والمسببات العادية على تفكيرهم» فبالأولى طلب ما طلب عالما أن الله تعالى فوق الأسباب والمسببات» وبالثانية ثار عجبه؛ ولذا قال تعالى عنه: «قَال رب أَنَى يكون لي غلامُ وكانت امرأتي عاقرا وقد بَلَفْت من الكبر الاستفهمام ليس للاستنكار؛ فكيف يستنكر نبى قدرة الله تعالى على الأشياء من غير وسائط وأسباب» وهو خالق الوسائط والأسبابء وإنما كان هذا السؤال للتنبيه إلى موضع الغرابة» وليؤمن من لم يكن آمن بقدرة الله تعالى» وأنه لا 1# تفسيرسورة مرييم لل لللإللل م االللللاللا كا 7 بي يحتاج فى خلقه إلى وسائط وليسمع الناس بيان الله تعالى أنه هين عليه» وأنه ليس بغريب من الله تعالى» فقد خلق الإنسان ولم يك شيثاء وأن الله تعالى غنى عن الوسائط والأسباب» وشكرا لنعمة الله فى إجابة الدعاء فقد أجاب سبحانه مع ظهور ما يبعد الإجابة» ولكن ليس على الله ببعيد. وموضع البعد أنه شيخ فان قد تصلبت عظامه وصار كالحخطام الذى لا تجرى فيه الحياة؛ فقد بلغ من الكبر عتياء وامرآته عاقر لم تنجب ولم يكن من شأن أمثالها فى العادة أن تنجب» وقوله: « وقد بلَغت من الكبر عتيًا 4, أى بلغت من كبر السن حدا صرت فيه صلب العظام معروق اللحم» وقد قال الزمخشرى فى معنى كلمة (عتى) واشتقاقها: «أى بلغت عتيا وهو اليبس والجساوة فى المفاصل والعظام كالعود القاحلء ويقال: عتا العود من أجل الكبر والطعن فى السن العالية» أو بلغت من مدارح الكبر ومراتبه ما يسمى عتيا» اه(١".‏ وأصل عتى عتوو. كسر ما قبل الواو الأولى فقلبت ثم اجتمعت الواو والياء وكانت إحداهما ساكنة فقلبت ياء وأدغمت الياء فى الياء» وقرئت 8( عتيا # بكسر العين وبضمها0©. أجاب الله تعالى زكريا بقوله: «قَال كلك قال ربك هو علي هين وقد لفك من قَبْلَ وم تلك شيا 90 > . «كذلك 4 خبر لمبتدأ محذوف تقديره مثلا الأمر كذلكء وقائل هذا هو الملك الذى تولى الوحى بين زكريا وربه» أى قال الملك: الأمر كذلك» فقد قدره الله تعالى» وأحكم ما قدرء ثم نقل عن الله تعالى قوله: «إقَال ربك هو علي هين 4 وعبر بط ربك > للإشارة إلى أنه خالقه ومربيه والقائم على كل أموره؛ وأنه لا غرابة فى أن يكون هذا من الحى القيوم هو علي هين 4 الضمير 9 هو يعود )١(‏ الكشاف للزمخشرى:008/7: والجساوة: الصلابة والخشونة . لسان العرب-جسا. () اختلف فى (عتيا)» فحمزة والكسائى وحفص : بكسر العين» وقرأها الباقون بالضم . الشيخ محمود خليل ا خصرى- القراءات العشر من الشاطبية والدرة- الشمرلى. مختصرا. 0# تفسيرسورة مرييم 7 !!1ض!اااااا ااا !!!اماما اللخ ع نغ خخ الالالال الل ل ملم !!!1 ش خالل ل اللا للك انلالخ خخ خخ تالالا لل ل اللا لل لكا لل كلمتلا لحر ا إلى «إغلام 4 فى قوله: (إأنّئ يكون لي غلام 4 وهو يعود إلى الولد مع وجود هذه الأحوال التى تجعله قريباء وظ هين 24 أى سهل لين لا يثير عجبا ولا استغراباء وظ هين 4 تشير إلى أنه لا غرابة فيه ثم ساق سبحانه بعد ذلك ما يدل على قربهء» فقال سبحانه: © وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا 4. وهذه مقدمة قياسية تزيل الغرابة وتبين أنه لا غرابة على قدرة الله ثعالى» وتقديره هذه المقدمة هكذا. وقد خلقتك من قبل هذا ولم تك شيئا؛ لأنى خلقتك من عدم لا بعد شىء» وإذا كان ذلك ممكنا وواقعا وقد وقع فبالآولى يكون الخلق من شىء» وإن كان من أب شيخ وأم عاقر فهما شىء» والخلق من شىء أقرب فى الوجود من الخلق من عدم. اطمأن زكريا الرسول إلى بشرى رب العالمين أو قوى اطمتنانه» أو زالت الغرابة من نفسه وبقى أن يوثق البشرى : طقَالَ رب اجعل لي آي َال آينك انكلم النّاس ثَلاث لَيَال سويًا 69 4 . الآية هنا العلامة التى يعرف بها أن امرأته حملت» وأن الولادة آتية لا ربب» فإن الولد قرة عينه وإنه آت لا محالة لوعد الله تعالى به. وإن الله لا يخلف الميعاد قال آيتك ألا نَكَلَم الئاس ثلاث لَيَال سَوِيا4, » وقد قال تعالى فى سورة آل عمران: (قَال رب اجعل لي آية قال آبتَك ألا َكَلَم اناس ثَلاَة يام إل رمزا والذكر نك كثيرا وسبّح بالْعشي والإبكارٍ 69 4 . وقد ذكر الأيام فى سورة آل عمران» والليالى فى سورة مريم؛ للدلالة على أن العلامة هى ألا يكلم الناس ثلاثة أيام بلياليهاء وكان ذكر الليالى فى هذه السورة لأنها مكية» وما كان العرب الأميون فى مكة يعرفون الأيام إلا بالليالى» حيث يرون القمر فهو شهر الأميين» والأيام الثلاثة قد حبس الله تعالى لسانه عن النطق» فما كان يتكلم إلا بالإشارة» كما قال تعالى فى سورة آل عمران: 0 .ألا تكلم الئاس ثَلاثة يام إلا رما . . . 4)59» أى بالاشارة» وأوضح الإشارات الكتابة» وقوله تعالى: «سويًا 4 حال من ضمير تكلم أى سوى الخلق سليم ١‏ 1# تفسير سورة مرييم الللللاااااللللل للا ههه : يي الحواس» أى وحاستك سليمة» ولماذا كانت العلامة الدالة على وفاء الله ببشراه وتنفيذها بالفعل هى حبسه عن الكلام ثلاثة أيام متتابعة» وهو سليم الحواس؟» تلك إرادة الله تعالى ولا يعلم إرادة الله إلا الله سبحانه وتعالى» وقد نتلمس معرفة بعض أسرار ذلك الحيبس فنقول إنه سبحانه وتعالى قد أراد به العتب» لذكر غرابة البشرى» وقد يكون إعفاءً لزكريا وامرأته من لحاجة القول عند الفضوليين من الناس» وقد يكون للانصراف إلى العبادة والعكوف فى منزله أو المسجد الأقصى» قد يكون لذلك أو لغيره» والعلم عند الله العليم الخبير. ولما تأكد مجىء الولد وكان على وشك المجىء؛ كان التسبيح والتكبير هو شكر لله تعالى» وكان ذلك منه ومن قومه؛ لأنه ليكون لهم ولى لزكرياء له حنانه وعطفه ومحبته» ولذا قال تعالى : «( فخرج علئ قوم من المحراب فأَوحئ إِليهم أن سبحوا بكرة وعَشِيًا 69 4 . « المحراب 4 هو المصلى؛ ويظهر أنه كان يلازمه عندما وعده ربه أو كان قربيا منه دائماء ولذا كان خروجه ميتدأ منه» وسمى المصلى محرايا؛ لأنه يحارب الشيطان بلزومه فهو مشتق من المحرب, أو يجارب التعب ويأنس فيه بالله والقرب منهء فيكون مشتقا من الحرب والتعب وجهاد النفس. ومهما يكن اشتقاقه فهو أشرف مكان خرج على قومه منه وأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياء ‏ فأوحى 4 أى أشار إليهم» وكأنه كان إلى محبوس اللسان» كما يدل على ذلك مخاطبته لقومه بالإشارة والرمزء وقد كان هو فى ذكر دائم» كما قال تعالى: « .. .واذكر رَبك كيرا وسبّح بالْعَشي والإبكَارٍ 9 4 [آل عمران] . وقد دعا قومه للمشاركة فى هذا بالإشارة لشكر الله تعالى لما تأكد من العلامة أن الله تعالى وهبه الولد الذى يكون وليا. النهار وطرفا من الليل» وكانت دعوة قومه للتسبيح معه؛ لآنه ذلك الولى الذى 1# تفسير سسورة مرييم لل 1 لوه - 27 جعله رضيا سيكون مصدر خير لهمء ولأنه يكون خلفا من الإيمان بالأسباب والمسببات إلى الإيمان بالله الفعال لما يريد. أنعم الله به عليه وعلى أبيه فقال تعالى مخاطبا نبيه يحيى: يا يَحيَئ خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيًا 09 4 . ناداه سبحانه بالبعيد إعلاء له وتشريفاء وناداه باسمه محية له وتقريباء» وقد دل ذلك النداء على أنه بلغ حد الخطاب؛ ولذا تضمن معنى كبر وكمل» وعطف عليه بقوله: « وآتيتاه الحكم صبيًا 4, فالواو عاطفة تحمل على ما تضمنه معنى ايا يحيى © من بلوغ الرشد» واستواء الشخصية الإنسانية وذلك أمر خارق للعادة الرجال» ولكنه بلغ مبلغ الرجال» وهو مبلغ من يعطيه الله تعالى الحكم» والحكم هنا الحكمة» وذلك كما فى كلام حكيم تميم أكثم بن صيفى «الصمت حكمء وقليل قفاعله)4. أى الصمت حكمة وقليل فاعله والكتاب الذى أخذه هو التوراة» فقد كانت التوراة شريعة النبيين الذين جاءوا من بعد موسى يقرأونها وينفذون - عليهما السلام ‏ كانا ينفذان فى ملكهما حكم التوراة» ويقيمان ما اشتملت من حدود وقصاص من غير تفريط فيهاء ومعنى «إ بقوة 24 أى خذه منفذا له بقوة لا تخشى فيه لومة لائم» ولا معذرة لأثيم. وقد ذكر الله سبحانه ما حلاه من صفات بشرية هى صفات البشر الكامل فقال تعالى: « وَحتَانا من لّدنًا ورَكاةَ وكات تقيًا 09 » . ذكر الله تعالى ثلاث صفات هى صفات الكمال لإنسان يعيش فى وسط مجتمع يغذيه بماله وعاطفته» ويجنب عنه السوء. ا تفسير سورة مرييم ل الا اللللا60الللل لولاا للك حر ا الصفة الأولى: ذكرها الله تعالى بقوله: « وَحَتَانًا 4. والحنان الشفقة والرأفة والرفق فى معاملة الناس» والفيض عليهم من حبه» والحدب عليهم» والواو عاطفة على وآتيناه اللحكم صبيًا 4, فذلك بدا فيه منذ كان صبياء وهو ما أودعه الله تعالى فى فطرته» ولذا قال: من لَدنا 4, أى أن الله تعالى أعطاه تلك الصفة منه لا بتربية ولا تعليم فهو مهدى حنون شفيق بمقتض تكوينه الفطرى والصفة الثانية: الطهارة وذكرها الله تعالى بقوله: 8 ورَكَاة4». أى طهارة» وهى طهارة إيجابية فهو طاهر فى نفسهء ويفيض بطهارته على غيره» ولذا نقول: إن «زكاة» تتضمن طهارة النفس» والفيض على قومه بالصدقات» فتكون طهارة لذاته وطهارة لمجتمعه من الموبقات» فإن الزكاة طهارة للمجتمع . والصفة الثالثة: التقوى وقد قال تعالى وكَانَ تَقيّا24 أى كانت نفسه ملوءة بالتقوى وهى خوف الله تعالى» وخوف الشر لقومه» فكان نبياء وكان إنسانا كاملا سوى الخلق والنفس» وتحققت فيه أمنية أبيه ولذا قال تعالى: «إ ورا بوالديه ول يكن جبّارا عصيًا 6 4 . هذان الوصفان يضافان إلى الأوصاف الشلاثة السابقة» أول الوصفين . إيجابى» والثانى سلبى . أما الوصف الأول: فهو أنه كان برا بأبويه» وهو استجابة لزكريا؛ لأنه كان يخاف الموالى من ورائه» فجاءه البر به وبأمهء والذى به تقر أعينهماء ولا يجدون شقوة فى عشرته بل يصاحبهما صحبة طيبة كريمة برة. والوصف الثانى: سلبى» وهو أنه لم يكن جبارا مستكبرا مستطيلا على الناس بقوته أو رهبته» بل كان أليفا متطامنا مطمئن النفس عادلاء لا يرهبء ولا يتجبر» ووصف الجحبار بأنه عصى» وكل جبار عصى ؛ لأن يعصى بالبعد عن الناس ويعصى بمجافاتهم» ويعصى بعداوتهم» ويعصى بالظلمء» فالظلم مرتعه وخيمء ويشقى فوق ذلك بغضب الله تعالى عليهء وحسب الظلم شقاءء فإنه لا يظلم إلا ا تفسيرسورة مريم باللا الاك كو :* و شقى» ولا يسعى مع ظالم إلا شقى» والعصى فعيل من عَصَّى» من العصيان وهو مبالغة» وقد كرم الله تعالى يحبى بتحية كريمة له فقد حياه تعالى من وقت أن ولد إلى أن مات فقال تعالى: « وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبع حيا 02 4 . السلام هو الأمن» والأمن يتضمن الأمن من عذاب الله والظفر برضاهء وهو أكبر ما يأخذه العبد» وهذا الأمن والرضا من وقت ولادته» فهو مبارك آمن يوم ولدء ويوم يموت» ويوم يبعث حيا. ولادة عيسى قال الله تعالى : 27 أيه مك قزيا ٠:‏ لنة 2 ولد 6 01 ساس لأس ََرسلْنَاإليَهَا وساف فَتَمثل لَهَابسْرَاسَويًا ذا 3 ف هدنك كتنبا 72 تَلِشَمَآأنَأرَسُولُ رَيْكِلِأَهبَ أَكِ غلم رحكيًا (يا تَالك أن بحن لي مط ست رول أي 3 َال كدق ل ا 0 2ح سر 0 2 ولتجع ءاد يَدَلْلنَاس وَمَةَ قَحَيتدواً: 0 2 ا قلنا: إن العصر الذى قارب عيسى هو عصر الإيمان بالأسباب والمسببات العادية حتى ادعى أن الكون نشأ من منشئه على نظام: العلة والمعلول. اع وو - .6 تفسير سورة مرييم الملل ااال للك ١ الا‎ - وإذا كانت تلك سمة هذا العصر فكان عصر الخوارق المبطلة لذلك التفكير الضال» وقلنا إن يحيى كان حمله خارقا للعادة؛ ؛ لأنه كان من أب بلغ من الكبر غيبا وأم كانت عاقرا لا تنجب. وعيسى كان من غير أب» بل سبق ذلك خوارق أخرى فى الحمل بأمه. وفى كفالتها ومدة حضانتهاء فقد كانت وهى فى حضانة زكريا تعيش فى المسجد محررة له كما نذرتها أمها فى أثناء الحمل بهاء إذ قالت مخاطبة ربها: (إذقالت امرأت عمران رب إِنَي نرت لك ما في بطني محرر فقيل م مني إن أنت السّميع اليم 2 فَلَمَا وَصَمَمْها قَانتأ رب إني وضعمها أن والله ألم بمَا ضعت ويس لكر كالأنتى وني سَميتها مريم وإنّي أعيذها بك ودْرِيتها من الشبيطان الرّجِيمٍ 02 فَقَبلها ربها بقبولٍ حسنٍ وَأَنْبَمَهَا نَبَانَا حسنا وكفلها زكريا كلم دخل عليها زكريًا المحراب وجد عندها رزقَا قَالَ يا مريم م أن لك هَذَا قَالَتْ هو من عد الله إِنَ الله يرزق من يشَاء بغَيرٍ حسّابٍ 09 مالك دعا َكَرِا ره َالَو هب لي من نك ذريّة طَيسَة نك سميع الدعاء 462 [آل عمران]. نرى أن خرق نظام الأسباب والمسببات ابتدأ بما كان من رزق مريم الذى أثار عجب زكرياء وقد رأى الأسباب تطوى ولا تحول بين الله تعالى وما يريد» فدعا ربه أن يهب له من لدنه ذرية طيبة. فخرق نظام الأسباب العادية ومسبباتها كان فى أم عيسى قبل أن تجىء إرهاصات ولادته» بل كانت هذه هى الإرهاصات الأولى» ولذا كان اصطفاء الله مريم البتول لتكون أم الممسيح» إذ قال عز من قائل <وَإذ لت الْملائكة يا ريم إن اله اصطماك وطهّرك واصطفاك علئ نساء العالمين )يا مريم اقنتي لربلك واسجدي وَارَكّعي مَعَ الراكعين 9 4 [آل عمران]» كانت هذه كلها إرهاصات لا اختارها الله تعالى له. تفسير سورة مريم م الللللللللئلاال0اااللللللال060االلل ا للا0ااا0ا0االاااالللإولاللام6االلللل لل لج بنة يي" قال الله تعالى: « واذكر في الكتاب مريم إذ إنتبذت من أله مكانا شرقيًا 69 4 . الخطاب للنبى لل والكتاب هو القرآن الكريم» فهو الكتاب الكامل الذى إذا ذكرت كلمة الكتاب انتهت إليه» فهو الجدير وحده بأن يسمى الكتاب؛ لأنه كامل فى نسبته إلى الله تعالى» إذ هو خطابه لعباده» وكامل فيما اشتمل عليه من إعجاز» وكامل فيما اشتمل عليه من شرائع وحكم ومواعظ وقصص . إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيًا 4 النبذ: الطرح والرمى» وانتبذ معناه نبذه نبذا شديداء والمعنى أنها اعتزلت الناس ونبذتهم» وانفردت لعبادة الله وحدهء لا تأنس إلا به» ولا يعمر قلبها إلا بذكره. والمعنى انفردت من أهلها مَكَانا شرقيًا», أى انفردت من أهلها فى مكان شرقى بيت المقدس الذى كان فيه محرابهاء ومحراب كافلها زكريا طَيِتَاهِء وكان وراء هذا الانفراد أن اتخذت حجايا يحول بينهما. ولذا قال تعالى: 8« فَانّحَدَتَ من دونهم حجابا 4 والفاء للترتيب والتعقيب» أى أنه صاحب الانتباذ أو أعقبه أن اتخذت حجابا من دونهم يحول بينهم وبينهاء فلا يرونها فى عزلتهاء ولا تراهم» وذلك إحكام للعزلة التى أرادتها بإلهام من الله تعالى» لتكون أما لعيسى» وقد كانت فى هذه الخلوة الروحية على استعداد لتلقى أمر ربهاء وقد قال تعالى فى الاصطفاء فى السورة آل عمران مخاطبا لها بالوحى» أو بالإلهام الروحى: وإ قَات الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وَطَهّرَك وَاصطْفاك علئ نساء العالمين 69 يا مر م افنتي ربك واسجسدي واركجي مع الزاكين © 4 لآل عمران]. فى هذه الخلوة الروحية التى كان يتحدث فيها الملائكة» كان لفاء جبريل الأمين لهاء ولذا قال تعالى: 9 فَأَرسلَنا يها روحنا فَمَّل لها بشرا سَويًا 4. الروح هو جبريل» وقد عبر عنه بروح القدس» وأضيفت الروح إلى الله؛ لأنه خالقها؛ 8# تفسيرسورة مريهم 20 1!1111 1111 للاا !اال ااا انان ااال لزانلا ااانا انلام الاخطخاالاا اناتاتلاطانانال انان تنخ طالخ اناالا نااناالالاطلاطااخا نالل لان اناما نالخ قالطالا كا < 32 ولآنه المختص برسالته إلى خلقه» وكذلك كان التعبير فى قوله تعالى: « .. .فَفَخْنا فيها من روحتًا ... 69 4 [الأنبياء]ء أى جبريل الأمين» والفاء للترتيب» أى أنه بعد أن اتخذت حجابا بينها وبين الناس منتبذة دونهم مكانا شرقياء أرسلنا إليها فى هذه الخلوة الروحية جبريل» فتمثل لها بشرا سوياء أى ظهر لها فى صورة رجل سوى مستوى الخلق والتكوين حسن الصورةء وقد جاءها كذلك» لأن البشر لا يرون الملك من الملائكة إلا على صورة البشرء قال تعالى: © ولو جعلناه ملكا لَجَعَلْنَاهُ رجلا بسنا عليّهم م يَلْسُونَ 90 4 [الأنعام]؛ لآن البشر بحالهم البشرية لا يستطيعون أن يروا ملكا وهو فى صورته الروحية. فوجئت البتول مريم - وهى فى مكان قصى شرقى قد انتبذت الناس» واتخذت من دونهم حجابا ‏ بصورة رجل من البشر يدخل عليها ولا تدرى من أين جاءهاء وقد سدت الأبواب» وقام الحجابء وفى الفزع من المفاجأة» قال الله عنها : « قَالَت إِنَي أعوذ بالرَحمَن منك إن كنت تقيًا 02 4 . أى ألجأ إلى الله تعالى منك حذرة خائفة» وذكرت الله تعالى بوصف الرحمن كأنها تستغيث من الناس برحمة الله تعالى» وأنها فى هذه الساعة تلجأ . إلى رحمة الرحمن الرحيم» ثم تتجه إلى الذى دنا منها مستنجدة بتقواه» فتقول: إن كنت تقيا 4 طاهرا متصونا مرجوا تخاف الله تعالى وتخشاهء فهى تلجأ إلى الرحمن» وتحثه على أن يخافه ويتقيه» ويكون امرءا يخاف عذابه ويرجو ثوابه» هنا يتقدم الملك الذى تمثل بشرا سويا يعلن حقيقته ومهمتهء وأنه ما جاء لينال منها شرا وأن ما سبق إلى وهمها ينفيه نفيا قاطعاء ويزكيها ويقوى اصطفاء الله تعالى كما جاء فى سورة آل عمران: « قال إِنّمَا أنا سول رَبك لأهب لَك غلامًا زكيًا 09 204 , . راجع سورة آل عمران من هذا التفسير المبارك‎ )١( ا تفسير سورة مرييم ش الملل > اا «إِنَّمَا »4 أداة حصرء أى لست إلا رسول ربكء» أى أنا مرسل من ربك الذى خلقك ويعلم حالك وطهارتك» وأنه اصطفاك من نساء العالمين؛ لتكونى موضع معجزته الكبيرة وهى خلق إنسان من غير أب» وقوله: لأهب لك 4 اللام متعلقة برسول أى رسالتى لأهب لكء لأكون أداة هبة لله لك» أو طريق هبة الله لكء فليس هو الذى يهب إنما يهب الله تعالى» وهذا معنى القراءة الأخرى «ليهب لك170؟ بإسناد الهبة لله تعالى مباشرة» وعلى كلتا القراءتين الهبة من الله تعالى العزيز الوهاب» والرسالة فى قراءة «ليهب لك» موضوعها الرسالة وحدها. وقوله تعالى: طغلاما رَكيًا4. أى غلاما طاهرا ناميا فى جسمه ونفسه وروحهء وكل ما يتصل بالنمو الإنسانى الكامل . اعتراها ما اعترى كافلها زكريا من استيلاء الأسباب والمسببات العادية فكانت مستغربة» وحكى الله تعالى عنها أنها قالت: فلت أل بكونا بي غم وق يسني بح ولا و4 . «أنى » بعنى كيف وهى للاستغراب لتأثرها بنظرية الأسباب التى كانت سائدة» ولأن هذا هو النظام الذى كانت تعرفه ويعرفه الناس» وموضع الاستغراب أن يكون لها غلام ولم يكن أحد من الرجال قد مسهاء أى خالطها مخالطة جنسية بزاوج شرعى» أى أنها لم تزف إلى رجل فى الحلال» ولم تك بغيا أى امرأة مبغية مقصودة من الرجال» بل كانت عفيفة نزيهة طاهرة» وبغى: قال بعض الصرفيين: إنها على وزن «فعول» دخلها الإعلال بأن اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالتسكين فعلّت وأدغمت الياء» وعندى أنها على وزن «فعيلة» بمعنى مفعول» ولم تلحقها التاء» وذلك مثل قتيل وجريح» والمرأة المتفحشة يقال لها بغى لأنها تبغى من الرجال ويطلبونها. )١(‏ قراءة (ليهب لك): أبو عمروء وروح- وصوب ابن الجزرى فى النشر يعقوب بكماله - وورش» وأبو نشيط عن قالون عن نافع» وقرأ الباقون(لأهب) بهمزة مفتوحة. راجع : الهمدانى-غاية الاختصار- تحقيق د/ أشرف محمد فؤاد طلعت(057/7)» والنشر ف فى القراءات العشر (؟/18"). ##/( تفسير سورة مريهم الملل الل اا لس ا فنفت لذلك السيدة البتول بذلك الزواج» وأن تكون قد زفت لبشرء وأنها لم تكن تبتغى من الرجال» وهذا موضع استبعادها مأسورة بحكم الأسباب العادية» وقد سيطرت النظرية التى تفرض: الأسباب والمسببات فى كل الوجود. وقد رد الله سبحانه وتعالى قولها بأنه سبحانه أراد ذلك» وإرادته فوق الأسباب» ولذا قال تعالى: «قال كذلك قال ربك هٍ علي هين ولنجعله آية لئاس وَرَحَمَة من وكان أمرا «قال4: أي جبريل» ‏ كذلك 4 خبر لبتدأ محذوفء أى الأمر كذلك» قد تقرر فى علم الله المكنون وقدره المحتوم» فلا تغيير فيه استبعاتيه أو لم تستبعديهء طقال ربك هو علي هين 4. أى قال ربك الذى خلقك ولم تكونى شيئا وكلآك وحماك ورباك واصطفاك على نساء العالمين؛ لهذه الخاصة التى منحك الله تعالى إياهاء هو على الله هين؛ لأنه يكون أى شىء فى الوجود بقوله تعالى: «( ... كن فَيكُون 059 4 [البقرة]ء فليس خلق شىء بعزيز على الله خالق لا شىء « ولنجعله آية لئاس » «الواو» عاطفة على فعل محذوف يفهم من الكلام 9 هو علي هين 4 فثبتت قدرتنا الكاملة فى تغير الأسباب العادية ومسبباتهاء وإن إرادتنا لا يقيدها شىء» وأنه سبحانه الفعال لما يريدء « ولتجعله آيْة لئاس 4 الضمير يعود على الغلام» والآية هى الدلالة على قدرة الله تعالى المطلقة على خرق الأسباب والمسبيات» فأى دلالة أقوى فى الدلالة على أن الله تعالى فعال لما يريدء لا تتقيد بالأسباب والمسببات» كما يتوهم الفلاسفة ومن يلف لفهم ويسير فى دروبهم. «ورحمة مُنَا4. أى أن ذلك الغلام سيكون آية دالة على كمال القدرة الربانية وسيكون رحمة منا؛ إذ نبعثه بالرحمة والرأفة والتسامح الإنسانى . ويقول سبحانه فى بيان أن ذلك أمر محتوم وكات أمرا مقَضِيًا4 قررنا بحكته» وفى حدود قدرتناء ونفذناه بحكمتنا العالية التى لا تعلو إليها مدارك البشرء إنه هو العليم الخبير السميع البصير. 0# تفسير سورة مرييم لإ اللللولاا الل لح أ «( فُحملَته فَانتبَدت به مَكانا قَصيًا 9 4 . جاء فى بعض الروايات أنها حملت بنفخ جبريل فى بعض ثيابهاء فروى أن جبريل ط حين قال لها: «( كلك قَال ربك هو علَي هين 4 نفخ فى جيب درعهاء وعن ابن عباس أخذ جبريل ردن قميصهاة'! فنفخ فيه فحملت من ساعتها بعيسى؛ وإن هذا يتلاقى مع قوله فى سورة الأنبياء: والّتي أحصنت فَرجها فَنَفَختا فيها من روحتا . فهو لم ينفخ فى الفرج» ولكن نفخ فى مريم ذاتهاء وذلك بالنفخ فى فتحات من قميصهاء وعلى أى حال الكلام فى ذلك ليس ذا جداء» فإن جبريل روح من الله تعالى وليست له خواص الآدمى» بل له الخواص الروحية التى لا تتصل بالمادة . قيل: كان الحمل بعيسى ومريم فى نحو الثالثة عشرة من عمرهاء ولا يهمنا مقدار سنهاء إنما يهمنا أنها كانت عذراء وأنها حملت من غير زوج مطلقاء بل جاء حملها أمرا خارقا لنظام الأسباب والمسببات الذى كان يؤمن به الفلاسفة» ولا يؤمئون بأن الله فعال لما يريد» فجاءت ولادة عيسى من غير أب أمرا خارقا لهذا النظام؛ ولذا قال الشهرستانى: بحق إن عيسى بوجوده معجزة فى ذاتها. وعندما أحست بالحمل واعتزلت الناس وانفردت عنهم» والتبذتهم فى مكان قصى بعيد وشددت فى نبذهم وعدم الانغمار فى جمعهم؛ لأنها صارت تصاحب من نفسها من يؤنسها فى وحدتهاء وهو الحمل الذى تسعد به كل امرأة فى هذه الدنياء ولذا قال تعالى: «فاتبذت به أى انتبذت مصاحبه له مكَانا قصيًا 4, «مَكَانا 4 ظرف» أى فى مكان إقصيا 4 بعيد عن الناس حتى لا يروها فيقلقوها بفضولهم» وفى الناس فى كل العصور فضولء» يقولون فيه ما لا يعنيهم ولا يهمهم ٠‏ ولكن لابد من المواجهة عندما ترجع إليهم حاملة معها غلاما طاهرا زكيا ناميا . (1) اردق بالضم: أصل الكُم » والجمع أَردَانُ. القاموس المحيط . وفى العين: مَقَدَمْ كم القميص. 1# تفسيرسورة مرييم لتخا اال! لكل لتتكك!!ل]للا الل لا ملكا لامالا ل لالم لاك اك خخخ ااال تنام خط مانام للا ل تالالا لاك تتانا لاط سلكلا بج ييز 0 ولم يذكر علماء الأخبار شيتئا يتعلق بمدة حملهء فكان ذلك على مجرى المعتاد فى الحمل وهو تسعة أشهر حتى يأخذ الجنين أدواره كلها علقة ثم مسضغة فعظاماء ثم تكسى العظام لحماء وكان الأمر الخارق للعادة أنه لم تكن نطفة فى قرار مكين تولدت عنها العلقة» والنفخ فى القميص من روح الله جبريل لا يوجد نطفةء» ولكن روى عن ابن عباس - رضى الله عنهما ‏ ما هو إلا أن حملت فوضعت فى الحال» قال القرطبى: لأن الله تعالى ذكر الانتباذ عقب الحمل» ولعله ولا مانع عندنا من قبول ذلك» ولكن لا دليل عليه وإن صح يكون أمرا خارقا آخرء ولم يذكر ما يدل عليه من القرآن ولا السنة المرفوعة إلى الرسول يلل وكانت ‏ عليها السلام - قد انتبذت الناس فى ذلك المكان القصى» حتى اضطررت إلى الخروج منه وذلك بسبب المخاض الذى هو مقدمة الولادة» ولذا قال تعالى : 00 0 و 2 َ دوي 2 مي مع يس ارخ ا مس عام جر قال تيللتتئى مت قبل هلذاوحنت شيا مُنسيًا 5 ل + ع 2 لع سر ع لش لس سه ص فناددلها من تحلها أ لا حزن قد جعل ريك تحذك سرب يي لاه 54 و لومم 0ه يي و مر .عو ده وهرى ]ليك جنع النخلعَ شلقّط عليّكِ رطباجنيًا 1ن مه ساءكث رس دمج م مياه حب 6ه ررحت سه سر عر فَكِى وأسربى وقرى عينافإِمَاترِين من البش رأحدافقوي لل 2 امه 0 سر تر ف رو ف نَدَرْتُلسمَنْصوْما ان كلم الوم إنيِيًا له ل فَأَجَاءَهَا الْمَحَاضِ إلى جاع النّخلة قَالْتَ يا ليسي مت قبل هذا وكنت تسيا من إخباره إلى حمله على المجىء وساقه إليه غير مختار فيه » ولذا كان معناه الجأها المخاض وهو الطلق عند النساء أو مقدمة الولادة» وكان إلحاؤها إلى جذع النخلة؛ لآنها احتاجت إلى شىء تعتمد عليه وتتعلق به لشدة الحمل وكره الولادة 08# تفسيرسورة مريم ل الل 4ج ل كما قال فى الولادة وصعوبتها ل ... ووضعته كرها ... 02 4 [الأحقاف]» وهو صعوبتها واحتمالها بعسر شديد» وهو فى ذاته كره» ولكن الوالدة تتحمله لمحبة الولد وشغفها فيه. وجذع النخلة عادة يكون يابسا سواء أكانت النخلة مثمرة أم كانت غسير مثمرة» وسواء أكانت فى أرض زراعية أم كانت غير زراعية» والنخل يكون فى الأرض غير الزراعية» و«أل» للجنس كقولك: ادخل السوق واشتر شيئاء فليس ثمة سوق معينة» ولا تكون للعهد؛ لأنه لم تذكر من قبل شجرة» ولا يكون فى الذهن شجرة معينة . وقد كانت مريم العذراء البتول فى كربين: الكرب الأول: احتملته ورضيته بحكم الفطرة وهو كره الولادة كما ذكرنا. والكرب الثانى: العار الذى زعمته ويستقبلهاء فإنها البريئة الطاهرة ة تستقيل اتهاما وهى البريئة وذلك عبؤه على البرىء ثقيل» ولذا قالت: «إيا ليتسي مت قبل هذا وكنت نسيا مسا 4 . تنادى «ليت» الدالة على التمنى» وكأنها تقول إنها تتمنى الموت» وتنادى أداة تمنى الموت قبل هذاء لآن ذلك وقت تمنى الموت فرارا من عار الاتهام الظالم» وهى البريئة الطاهرة التى اصطفاها رب العالمين. وأنها ما قالت الذى قالته تململا تما أراد رب العالمين لها من كرامة» وإثما كان ذلك استشعارً من ضعفها وصعوبة الاحتمال» وإن كانت راضية بما قضى الله وبما أمرء غير خالعة ربقة» ولا متمردة على طاعةء 9 وكنت نسيا مُدسيا 4, المنسى والنسى : الشىء المنسى » كذبح الشىء المذبوح. ونقص الشىء المتقوص» فالنسى الشىء الذى من شأنه أن ينسى ؛ لأنه مهمل فى ذاته» والمنسى بالفعل . وقد قال الزمخشرى فى هذا الأمر الذى كانت عليه العذراء البتول - محللا الألفاظ - وهو إمام البلاغة : المنسى ما من شأنه أن يسى ويطرح وينسى كخرقة الطامث ونحوهاء كالذّبح اسم ما شأنه أن يذبح» قال تعالى: «وفديتاه بذبح 7 8# تفسير سورة مرييم لل االللل 1111 .. الا‎ ١ بي عظيم 409 [الصافات]» وعن يونس: العرب إذا ارتحلوا عن الدار قالوا: انظروا أنساءكم أى الشىء اليسير نحو العصا والقدح. تمنت لو كانت شيئا تافها لا يؤبه له من شأنه وحقه أن ينسى فى العادة» وقد نسى وطرح فوجد فيه النسيان الذى هو من حقهء وذلك لا لحقها من فرط الحياء (أى الحال التى توجب الاستحياء) من الناس على حكم العادة البشرية لا كراهة لحكم الله أو لشدة التكليف عليها إذ بهتوهاء وهى عارفة ببراءة الساحة وبضد ما قرفت به» من اختصاص الله إياها بغاية الإجلال والإكرام» لأنه مقام دحضص7(١)‏ قلما تثبت فيه الأقدام : أن تعرف اغتباطك بأمر عظيم» وفضل باهر تستحق به المدح» ويستوجب التعظيم» ثم تراه عند الناس لجهلهم عيبا يعاب به أو يعنف بسببه» أو لخوفها على الناس أن يعصوا الله تعالى يسبيها. فى هذا الكرب الشديد الذى لا تمرد فيه كانت تحف بها مكارم الله وخوارق العادات. ١‏ فَنَاداهًا من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتّك سَريًا 69 وَهْرَي إَِيِك بجلاع النخلة تساقط عليِك رطا جنا 62 4 . «فناداها 4 الفاء عاطفة. وهى تفيد الدرتيب» وضمير الفاعل يعود على جبريل؛ لأنه المذكورء وهو روح الله تعالى الذى أرسله الله تعالى: 8 فَأَرسَلنا ليها روحتا فَسَمَثَل لها برا سوا » وقالوا: من تحتها 2# أنه كان قد جعله 99 من تحتها © قابلا للغلام الطاهر عند نزوله كما تستقبل القابلة المولود» وذلك من كلاءة الله تعالى وحمايته لهاء إذ كانت معزولة عن النساء وهى عذراء ليس لها تجربة فى الحمل والولادة من قبل» فكان من رعاية الله تعالى أن يسخر لها روح القدسء. ليكون القريب منها فى هذه العزلة وهذا الانفراد عن المعاون والقريب» وقيل: إن ضمير الفاعل يعود على عيسى ويكون ذلك النداء خارقا للعادة ولكن نستبعد هذاء أولا: لأنه لم يكن هنا ذكر للغلام حتى يعود إليهء وثانيا: لآن الله لم يذكره آية )١(‏ الدحض: الرَلّق» والإدحاض: الإزلاق. لسان العرب. دحض. 1# تفسير سورة مرييم للفلل ااا6ااااللللللللل 28 (أن) المداغمة فى ازيم التفسيرية» أى كان النداء لا ١‏ عزن قد وك فص سَريًا 4: السرى يطلق بعنى الأمثل الكامل» ويقولون: السرى من الرجال هو الأمئل الكامل» ولقد قال الحسن فى عيسى طيكلهِ: كان والله سريا من الرجال وإن . ذلك استثارة لمحبة الأمومة وعاطفتهاء إذ إن بشراها بأنه سيكون له شأن أى الشأن. يسرى عنهاء ويذهب بحزنهاء فلا يشغلها ما تنتظره من ملامة كما يكون معها من الغلام الأمثل الذى هو الفرحة التى تذهب الترحة» ويفسر بعض العلماء السرى بأنه جدول ماء كان تحت الهضبة التى هى فيهاء ونقول ما كان حزنها لطعام وشراب إنما كان حزنها لخشية الملام الذى تتوقعه» وهى البريئة» وتقول ذلك وإن كان ذكر الأكل والشرب قد يرشح لمعنى جدول المء.. وقد روى أن النبى وَكةٌ قد فسر السرى بجدول الماء(١2»‏ وقال تعالى: «( وَهرَي إِليّك بجذع النّخلّة تساقط عليك رطبًا جَنيًا )4 (الواو) عاطفة» فبعد أن نهى المنادى عن الحزن أخذ يدعوها بعد الانصراف أن تأكل مستريحة مطمئنة» وأن تشرب هنيئا مريكا وتلتفت إلى حاجة الجسم الذى نهكه المخاض وتحتاج إلى تعويضه. والباء فى قوله تعالى: « وَهرَي إِليِك بجذع النّخْلة» يقول الزمخشرى أنه صلة للتأكيد كقوله تعالى: #. .. ولا ثلقوا بأيديكم إِلَى التهلكة .. ٠‏ 0509 # [البقرة]. وأرى أن الباء للدلالة على تسهيل وصول الزطب إليها؛ ذلك أنها تهز فى مكان هو الجذع تتساقط عليها الرطب من عَلء وذلك بلا ريب تيسيرا للوصول» فلا تهز من أعلى بل تهز بمكان قريب منهاء وهى النفساء والتى تتعبها الحركة الكثيرة. وقوله لإِنَيْكِ4 للإشارة إلى قرب المكان الذى تهز منه بشدة إليهاء وقال الزمخشرى: إن فى قوله تعالى: «( تساقط عليّك رطَبًا جَيًا 4 تسع قراءات» وكل يتعلق بحركات الفاءء ولا فرق كبير بين معانى هذه القراءات» ولذا لا حاجة إلى )١(‏ انظر الحاكم فى المستدرك (2)5550 وقال: هذا صحيح على شرط الشيسخين ولم يخرجاه» ورواه الطبرانى فى الصغير عن البراء بن عازب مرفوعاء كما فى مجمع الزوائد:/1/ .)001١١(١159‏ لا تفسسير سورة مريم انلام طم كاز اممممممخنالنا اال لل لل للللاكاممخال لط ل الامو خخخ ط طقل طاطم خ اططخم طط خخخ قط ع ستظللة لحر ا ذكرهاء ولتراجع فى موضعهاء والرطب البلح الطيب السهل فى تناوله» والجنى : القريب الجنى» أى أنه لم تمض عليه مدة تفسده. وجاء فى الكشاف وقالوا كان من العجوة» وقيل: ما للنفساء خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل» وقيل: إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب. وقد قال أكشر المفسرين: إن جذع النخلة كان جافاء وهى جافة» ولم يكن فيها ثمر فأثمرت فكان ذلك خارقا للعادة» ونقول: إن الآيات الكريمات الخاصة با لحمل بعيسى كه وولادته ثرية بالخوارق فلا نزيد عليها إلا ما يثبت بالنص» ولا نفرض من غير نص . وإذا كان الطعام والشراب قد توافر فقد كان حقا ليها أن تأكل وتشرب» ولذا قال تعالى: فكلي واشربي وَقَرِي عَينا َم رين من الْبَشَر أحَدا فقولي إن نَدرت للرّحَمن صوما فلن أُكلم اليم إنسيًا 9 4 . (الفاء) للإفصاح؛ لأنها نصح عن شرط مقدرهء أى إذا كانت البراءة ' متوافرة» وقد تهيأ الطعام والشراب وكان معك غلام سوى سيكون الأمثل بين الرجال» « فكلي واشربي وَقَرِي عينا 4, فكلى من الرطب الجنى» واشربى من الجدول السرى» « وقري عَينًا 4 بما وهبك الله تعالى من غلام زكى» وقرار العين سكونهاء وإن الإنسان فى اضطرابه وخوفه تدور عينه ولا تستقرء فكنى بقرار العين عن السكون والاطمتنان» فقرار العين يعلن عن قرار النفسء» والأمر بقرار العين وإن لم تكن تحت سلطان الإرادة أمر باطمئئنان النفس وإبعاد الهواجس المخيفة» وألا تتوقع سوءا؛ لأن الله معهاء وقامت الخوارق الدالة على أنه سبحانه وتعالى معهاء ومن كان الله معه فإنه يجب أن يكون مطمئنا قرير العين والنفس. ولقد صرح الملك بما يجب عليها لاتقاء فضول الناس قال الملك :© قَإِمًا ترين من الْبْشَْرٍ أحَدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أَكَلَم اليَومَ إنسيًا 4 «إن») حرف شرط» و١ما»‏ تأكيد لفعل الشرطء» بدليل التوكيد بالنون الثقيلة» كتوكيد القسمء وهو توكيد لأنها سترى من البشر كثير ولا ترى منهم ومن فضولهم ما لا يسرهاء 0# تفسير سورة مريم مالكلل الل سب أ وأومأ إليها بأن تنذر لله تعالى صوما عن الكلام «إإنَي نَذَرْتَ للرَحَمَنِ صوما 4 وكأنه أشار إليها أن تنذر الصوم عن القول تقربا إلى الله تعالى» فالسكوت من لغو القول قربة يتقرب بها إلى الله تعالى؛ وعبر عن الله تعالى بوصفه الكريم «الرحمن»» للإشارة إلى أن ذلك الصوم من رحمة الله تعالى بها و تقريبه إليها. وهى إذ تقول ذلك لقومها تؤكد بُعْدها عن لغوهم, وعن سفه سفهائهم» ولذا أكدت النفى بقولها: فلن أكلّم اليو إنسيا 4, أى لن أكلم إنسانا قط طيبا أو فاجراء برا أو بغياء ولذا قالت: «إنسيًا 4 أى منسوبا للإنس» والعلاقة بينه وبين الإنسان أنه إنسى مجرد من غير نظر إلى حاله فى تقواه أو فجوره. التقت بهمء وعبر الله تعالى عن لقائها بهم بقوله تعالى: و ولام ّم 5 َأَنَتَيِهِقَومَهَا تحيِذه ,قا لَوأْيمَريَمْ لَقَدْ حِدْتِ سيك ريا( يتاحت هرون مَأ كنبو ماسوو وماك 5 أمكِبَنِيًا (ي) دأَار تَإِلْهَِانُوا صف تكلمْمكانَ لْمَهْدِصِييًا لها فَالَإِقِعبدا و بدا نيا بعل مبَا رك أبن مَاحكُنت وَأَوْصن صر وَالرَكَرةَمَادْمَتٌ محا لي رودق وماق سرس سر يللد د سه و جَارا سَقكًا ا وَاَلْسَّلم عل يومو| لدت ويَوم أمُومك و ع كر ووم أَبْصَثُ حي رضنا « فَأنَت به قَوْمَهَا تحمله قَالُوا يا ميم لَقَد جمت شيئًا فَرِيًا 09 يا أخت هارون ما كَانَ أبوك امراً سوء وَمَا كانت أُمك بغيا 69 > . الفرى العظيم القبح فقوله تعالى: فَرِيا 4. أى أمرا عظيماء وهو أنك (#ا تفسيرسورة مرييم لال الل الل 0 لسر > اا عن ولد الزنى إنه ظ فَرِيا, والقَرى القَطّْع وهو هنا الكذب المقطوع به وفى بيعة الرسول كك مع النساء قوله تعالى فى مبايعتهن: 8 ... ولا يتين ببهتان يفتريته بين أيديهن وَأَرَجِلهنَ ... 69 > [الممتحنة]» أى لا يأتين بزنى يفترينه فعلا وقولا. وقد أرسلوا القول فى هذا الافتراء الكاذب عليهاء وقد أقر الله نفسها به رأت من عناية الله تعالى بها وإجراء خوارق العادات لأجلها وولدهاء وهى شاهدة لها ولولدها الغلام الزكى بالكرامة والإكبار. قالوا منددين لها على حسب مداركهم: فيا أخت هاروت ما كان أبوك امْراً سوء وما كَانَتَ أمك بغيًا 42 ينفون عن أبويها الشرء فأبوها لم يكن امرأ تغلغل فيه السوء حتى صار يعرف به فلم يكن قرين سوءء «إ وما كانت أُمّك بغيًا 4 يبغونها الرجال لقضاء ماربهم» وتناسوا أنها كانت خالصة لخدمة البيت وتربت فى كفالة نبى الله زكريا ييكله , وهارون فى ظاهر القرآن ومتضافر الروايات هو هارون أخو موسى» وينادى الرجل برأس قبيله وأبيهم فيقال يا أخا العرب» ويا أخا قريش» ويا أنخا تيم » ويا أنخا همدان إلى آخر ما يجرى على ألسنة الناس» ولكنها صمتت ولم ترد وأشارت إلى من يرد وهنا ظهر ما يبهتهم ويرد غيهم . فأشارت إشارة فهموها ليخاطبوا عيسى يَلكَلهِء وذلك بإلهام الله تعالى : (فارت“ نه لو نف تكلم في هد م 49 . أشارت إليهم ليستمعوا إلى ما عدوه مادة الاتهام ليعرفوا أنه كان الحمل به أمرا من الله» فأثار ذلك عجبهمء وقالوا مستبعدين مستنكرين إشارتهاء ولعلهم جرت فى نفوسهم ما هو أبعد مما اتهموا ظ كيف نَكَلَم مَن كَانَ في الْمَهُد صَبيًا 4 الاستفهام للإنكار أو الاستغراب» أى غريب أن نكلم من كان فى المهد صبياء وذكرت كلمة «نكلم 4 للإشارة إلى موضع الاستتكار أو لتفسير معنى 5 في المهد 4, أو للمبالغة فى الاستنكار» أى أن الاستنكار لأمرين: كونه في المهد 4 فهذا عجبء» وكونه «إصبيًا 4, وهذا أعجب أيضاء والمراد ب «المهد) الجر سواء ا تفسير سورة مرييم الالالال لان رب 2 أكان سريرا أم وسادة أم غيرهماء ولكن استبان لهم أن هذا الصبى أحكم وأعلم منهم» وأنطق بالحق ممن استغربوا. «(قَال إن عبد الله آتاني الكتاب وجعلبِي نبا 2©) وَجَعلِي مباركا أين مَا كت وأَوْصانِي بالصّلاة والركاة ما دمت حي 9 وبر بوالدتي ولم يَجعَأنِي حبار شيا 9© والسّلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعت حيًا 69 4 . كان كلامه الحكيم الفيصل بين الحق والباطل وأبلغ ما يكون ردا للاتهاء الذى لا يقوم إلا بمجرى العادات» فتبين لهم أنه فوق مجرى العادات الحاكمة التى يحسبها فلاسفتهم أن الأسباب والمسببات قانون لا يقبل التخلف» ونسوا أن خالق الأسباب والمسببات فوق كل نظام؛ لأنه خالق كل نظام وفعال لما يريد. ونلاحظ قبل أن نتكلم فى معانى هذه الآيات أنها عندما واجهت القوم لم تقل كما أمرت 98 ني نَذَرت للرحمن صوما فلن أَكلّم اليوم إنسيًا 4 ولكنها نفذت الأمر بالفعل فلم تتكلم معهم بل أشارت إليه أن يردء فهى نفذت مدلول الأمر ولم تنطق به ولو نطقت لكان ذلك نقضا للصوم الذى نذرته. وقد أثار العلماء بحثا حول نطقه صغيرا بهذا الكلام الذى لا ينطق به إلا نبى يوحى إليهء أكان هذا الكلام نتيجة بعثه نبياء وأنه بذلك بعث وهو صبى فى المهدء وقد أجاب الأكثرون عن ذلك بأنه تكلم فى المهد ليتحقق وفاء أمه بنذرهاء ولتحقق براءة أمه من اتهامها بالزنى» وهى البريئة العذراء البتول التى اصطفاها الله على نساء العالمين» ثم عاد إلى ما يكون عليه الأطفال حتى بلغ المبلغ الذى ينطق فيه من يكون فى سن النطق» وأثاروا ببحثا حول ما جاء بقوله من أنه أوتى الكتاب» وجَعْله نبياء وإيصائه بالصلاة والزكاة» وبره بأمه ونطقه بقوله ‏ والسئّلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعت حيًا 4 . وأجنيب عن ذلك بأن كل هذا الذى أخبر به سبق بلفظ الماضى» ومعناه للمستقبل كقوله تعالى: #أتئ أَمر الله فلا تستعجلوه االنحل]ء» وذلك 8# تفسيرسورة مريم ااال 010111111 لس ناا لتأكيد الوقوع؛ ولأن الأزمان عند الله واحدة» لا فرق فيها بين ماض وقابل» فكلها فى علم الله تعالى واحدء ولكن كون بعضها ماضيا وبعضها قابلا إنما هو بالنسبة لعلمنا نحن وحدناء فالله فى علمه المكنون ألهم عيسى طَِِكَهِ فى المهد أن ينطق بهذه الأمور على أنها واقعة وهى ستكون لا محالة. أول قول لعيسى فى المهد: قال إِنَي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نَبيا 9© 4 ابتدأ بإظهار العبودية لله سبحانه وتعالى» وكأنه كه يرد على الذين أخرجوه من مرتبة العبد الخالص الزكى الطاهر إلى مرتبة الألوهية» وهو لن يستتكف أن يكون عبدا للّه. والثانى: أنه آناه كتابًا يدعو الناس إلى اتباعه» وهو التوراة والإنجيل فهو يدعو إلى العمل بهماء والثالث أنه جعله نبيا. وهذا الجَعل فى علم الله تعالى أَكَنّه إلى أن يبلغ من ينبأ ويحمل رسالة» وهو بالنسبة لنا هذا الوقت الذى قاله إخبار بالماضى للدلالة على مؤكد فى المستقبل . والكتاب ذكر بالتعريف ب (أل)» وقد أشرنا إلى أنه التوراة والإنجيل» فإن الإنجيل لم ينسخ التوراة» ولكن نسخ بعض أحكامهاء وما يغاير فيها لا يؤخل به وما لم ينص عليه فيها يؤخذ بأحكامها. وقد بين عيسى عي على لسانه وهو فى المهد أنه سيكون مباركاء فقال تعالى عنه: 9 وجِعلنِي ماركا أن مَا كنت وأوصاني بالصّلاة والرّكاة ما دمت حَيا © 4 . المبارك النافع الهادى المرشد الآمر بالمعروف والناهى عن المتكرء والداعى إلى الحق والتنزيه» وقد كان عيسى عَم واضح البركات: كان يخبرهم بما يأكلون وما يدخصرون فى بيوتهم» وكان يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ويحيى الموتى» وينادى الموتى فيخرجون من قبورهم وأنزل الله تعالى على يديه المائدة من السماءء على أن تكون عيدا لأولهم وآخرهمء فأى بركة أعظم يعطاه مبارك؟! . ثم قال: ا وأوصاني بالصّلاة والرّكاة ما دْمْتَ حيًّا4. الإيصاء: الأمر المؤكد الواجب الاتباع أوصاه الله تعالى 8 بالصّلاة4. ويكنى بها عن إصلاح نفسه 1# تفسيرسورة مرييم للللااللل الل الل «لبجمبيراز يي وتطهيرها والتقريب من الله تعالى» وأن يكون ربانيا فى ذات نفسهء ‏ والزكاة » إعطاء الفقير حقه» وتطهير المجتمع من آثام الفقر فكان الإيصاء بالصلاة والزكاة إصلاحا للنفس والمجتمع» فبالصلاة صلاح النفس وتطهيرها لتألف وتؤلف». وبالزكاة يكون التعاون الاجتماعى بين الغنى والفقير. وقد قرر الغلام الطاهر أن ذلك كتب عليه مادام حياء لا يترخص فى ترك الصلاة ولا يسوغ تركهاء ولا مسوغ لترك الزكاة إذا توافرت موجباتها. وإن جعل هذه الأفعال بالماضى لتأكيد حصوله فى المستقبل؛ ولأن الماضى والمضارع والأمر إنما هو بالأزمان التى يتفاوت العلم بها عندناء أما بالنسبة لله تعالى فعلمه أزلى لا تحده الأزمان. والأمر الثالث ذكره سبحانه وتعالى عند بقوله: « وبا بوالدتي ولم يجعلني جبّارًا شقيًا 6 4 فى هذا النص الكريم أمران جليلان: الأمر الآول: إيجابى وهو بر أمهء وحسن صحبتها والإحسان إليها جزاء ما قالت بسببه فقد وضعته كرها وحملته كرهاء وقالت من الأذى النفس والملام وتحملت ما تحملت فى سبيل ذلك حتى برأها الله تعالى يكلامه هوه ومهما يكن فقد تحملت قبل أذى كثيراء فكانت جديرة بحسن الصحبة والإحسان» وهو البر الطاهر الكريم» بالآدمية الروحية. الأمر الثانى: سلبى» وهو قول تعالى: « وم يَجَعَلي جبَارًا شقيًا 4, الجبار هو الظالم المتكبر المتطاول على الناس بالحق الذى يؤذى الضعفاء ويستعلى عليهم» وقد كان من نعمة الله تعالى التى أنعم الله تعالى على عيسى عَبيكَهِ أنه لم يجعله جباراء وقد وصف الحبار بأنه شقى مطرود من رحمة الله» وقد كتبت عليه الشقوة فى الدنيا والآخرة» أما فى الدنيا فهو أنه مبغض إلى الناس يتمنون به النازلاات» ويتحينون له الفرض ليردوه» وهو يتوجس بنفسه من الناس وممن يحيطون به» فهو فى شقاء دائم لنفرة الناس منه» فلا سعادة فى نفسه وإِن حسبه الناس سعيدا فهو 8# تفسير سورة مرييم ااال ااال للك لبو يي شقى؛ ولذا قال: "من مشى مع ظالم فقد أجرم"'. ثم بين الغلام, الزكى أنه يعيش فى سلام؛ ولذا قال الله عنه: « والسّلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعت حيًا 69 24 وفى هذا تقرير لأنه يعيش فى أمن وقد ولد فى أمن وأنه يموت فى أمن. وفى هذا إشارة إلى أنه لن يقتله ولن يصلبه أحدء بل هو ولد آمناء وعاش آمنا ومات آمنا؛ لأن السلام هو الأمن. ونكرر ما لاحظناه؛ وهو أن ما جاء على لسان الغلام الطاهر هو ما سيكون له فى المستقبل بالنسبة لزمان الإنسان. هذا هو التعريف بعيسى عيَلا قال الله تعالى: 4 2 0 ل ل له بو ع سلوج في ل م لهجو - 0 إِدَاقصَوَأَمَرا نابول لد يكن وي 0ق و هداصاط مُسَتَقَيةٌ 2 َأَخْتلفَالْدََابُمنْ َم للد ذِينَ د نَكعروأمن مَشْبَييٌ © من وبري يمالك ليوف َكل مون 2 د افج ساح سا قر 2 يودلء سح سا مالو 2 وَأذِدهووَمَ سرد ىلاوم ف حَنْاوِومر ا دوصنونَ > ملع ديس موسر لو د ني إِنَحنترِ تا لاض وَمَنْصلهَا ويا برحَعُونَ 2 هذا بيان لعيسى طَيكَاه؛ بينت الآيات فيه كيف حملت به أمه» وبينت أن الذى نفخ فيها روح القدس» وهو مخلوق من الله تعالى» فيكون ما ينفخه مخلوقا ا تفسيرسورة مرييم للم ااال الملل #يحجل ب بي أيضاء فيكون دعوى أنه الله دعوى لا أساس لها من الصحة» بل باطلة فى ذاتهاء وفيما اقترن بولادته فهو مخلوق كسائر المخلوقات» وإذا كان مخلوقا فهو محدّث» وليس بقديم» ولم ينشأ عن الله نشوء العلة من المعلول» كما ينشأ المسبب عن السبب» بل خلقه وأبدعه مختارا مريداء أنشأه من حيث لم يكن؛ لذا قال تعالى: ذلك عي عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون 69 > . الإشارة إلى المذكور من التبشير به على لسان جبريل طلكَلع ونفخه فى مريم من جيب قميصها إلى ولادته ونطقه غلاما زكياء وإن ذلك كله خارق لنظام الأسباب واملسببات الذى كان يؤمن به فلاسفة الإسكتدرية التى ' ولدت منها ديانة 2 9جآحتَةبلأ” ‏ بص تجكا” تاك ى 1 هىيرشرررير ‏ ع ا ااا_للسلسم امم م ممم مم مج ا ا ا 0 7 ع ها م ها ماس لأنه نشأ بالقولء إذا قال الله تعالى : اكن» فكان كما قال تعالى : .. كلمت ألقاها إلى مريم وروح منه... 9 4 [النساء]ء وعلى النصب20 يكون (ترل» مفعول لفعل محذوف» ويكون حذفه لبيان اختصاصه بأنه قول الحق وتقدير الكلام أخص قول الحق» وأنه خلق بقوله تعالى: «كن فيكون»» كما أشرناء وكما سيقول الله تعالى فيما يتلو ذلك من آيات بينات» وقوله تعالى: الذي فيه يَمَرونَ 4 الامتراء: الشك المقترن بملاحات ومجادلات بل مهاترات أحيانا. وكذلك كان شخص عيسى عكَع موضع ملاحات وخلافات بين طوائف مسيحية؛ فإنه منذ انعقد مجمع نيقية سنة 7750 ميلادية والمناقشات جارية حول شخص المسيح طيكه» فمن ادعاء بنوته لله تعالى وألوهيته وفرضها على المسيحيين الموحدين»؛ والخلافات والملاحات تجرى» فقد ضموا إلى ألوهيته ألوهية روح )١(‏ قراءة (قول الحق) بالنصب: ابن عامرء وعاصمء ويعقوبء وقرأ الباقون بالرفع. غاية الاختصار 0/7 (؟) انظر المرجع السابق . 8# تفسير سورة مرييم الالال اااا الل لبجل بز يي القدس» ثم اختلفوا أهو نشأ من الله أم من المسيح أم منهماء ثم كان الخلاف فى. المشيئة أهى من الناسوت واللاهوت أم منهماء إلى آخر ما اختلفواء ثم ثبت فى النصرانية الأخيرة من قال: إن المسيح شخصية خرافية لا وجود لهاء اخترعتها الأفلاطونية الحديثة لتجعل مذهبها دينا من الأديان» فيسهل الإقناع بهاء وذلك لتوافق النصرانية المثلثة مع هذه الفلسفة تماما. وقد بين الله تعالى الحق فى المسيح عيسى طَييَلِهِ وهو أنه عبد من عباد الله تعالى اختاره سبحانه نبيا رسولاء وقد خلق من غير أبء ليكون فى خلقه آيةء تبين أن الله سبحانه وتعالى فعال مختار لا يلزمه نظام الأسباب العادية ومسبباتها. ولقد أكد سبحانه ما ذكره من أنه خَلّق من مخلوقات الله تعالى» لذا قال عز من قائل : «إما كَان لله أن تخد من ولد سَبحائَه إذَا فَضَئ أَمرا فَإِنَم يقول له كن فيكون 69 4 . نفى سبحانه وتعالى أن يكون له ولد مثبتا له سبحانه بلحن القول وبصريحه أن ذلك ليس من شأنه» ولا من صفات الكمال والجلال» اتصف سبحانه وتعالى بها مخالفا الحوادث فقال: «إما كان لله أن يتخذ من ولَدِي. أى ما ساغء وما استقام أن يتخذ من ولد أى ولد كانء» عيسى أو غيره؛ لأنه منزه عن مشابهته للحوادث؛ ولأنه دليل الاحتياج» والله غنى حميد لا يحتاج لأحد؛ ولأنه خالق الوجود فنسبة كل موجود إليه كنسبة المخلوق للخالق؛ ولأنه لو كان له ولد لكانت له صاحبة تلده. ولذا قال تعالى: «إ بديع السّموات والأرض أَنَى يكون له ولد ولم كن لَه صاحبة وخلق كل شيء وهو بكُل شيء عَليم 46:9 [الأنعام]» وقد صرح سبحانه بتنزيهه عن ذلك فقال تعالى: «سبّحَائه 4. أى تقدست ذاته النصفة بالكمال» والغنى عن كل البشر» والذى ليس كمثله شىء ‏ عن ذلك: إذا قَضئ مرا فَإنّمَا يقول لَه كن فَيكون 4. أى إذا حكم بوجود أمر أراد أن يوجد تكون إرادته وحده هى الموجدة وحدها من غير أوساط» ولا وسائطء وقد شبه حاله فى ذلك 1# تفسيرسورة مرييم الل باللا بلجل بيه يي فى سرعة الإيجاد ومن غير وسائط بما إذا قال كن فيكون لسرعة الإيجاد» ولأنه وحده الفعال لما يريد» فلا مكان لغير إرادته سبحانه. وإن الله سبحانه هو المعبود وحده» ولذا قال تعالى: «إ وان الله ربي وربكم قاعبدوه هذا صراط مستقيم 9 4 . هذا من كلام النبى َلِْةِ أمره الله تعالى بأن يقوله بعد أن قص ولادة عيسى كله وامتراء الناس فى أمرهء وقد ادعوا بنوته وألوهيته» فأمر نبيه أن يقرر الحق فى العبادة فقال. ‏ وَإِدَ الله ري وربكم 4. أى إن الله تعالى خخالقى وخالقكم» والقائم على شئونى وشئونكم» وإن ذلك يقتضى أن نعبده» ولذا بعد أن قرر الربوبية أمر بالعبودية له سبحانه وتعالى وحده؛ لأن الآلوهية تلازم الربوبية» وفى ذلك إبطال لأوهام المشركين الذين يقرون لله تعالى بالخلق والربوبية» وأنه رب السموات والأرض وما بينهماء ومن فيهماء وما فيهما من خلقه. ومع ذلك فى العبادة يشركون به الأوثان ويتخذونها أندادا له سبحانه وتعالى عما يشركون» وهو الواحد الأحد الفرد الصمد. و«الفاء» فى قوله تعالى: فَاعْبَدُوه» لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فالعبادة مترتبة على الإقرار بالربوبية؛ لأنه الحق» وإن ذلك هو الصراط المستقيم» ولذا قال تعالى: هذا صراط مستقيم 4 الإشارة إلى عبادة الله وحده وتنزهه عن أن يتخذ ولداء وأنه لا يليق بذاته المتصفة بالكمال» أى هذا وحده هو الصراط»ء أى الطريق الموصل إلى الحق» والخط المستقيم هو أقرب الخطوط للحق» ولذا قال علي طون هذا صراطي مُسْمَقِيما فَابِعُوهُ ولا تتَبعوا السبل فَحَفَرَقَ بكم عن © [الأنعام]. وهنا قراءتان فى قوله تعالى: 9 وإ الله ري وربكم فاعبدوه 4 قراءة بكسر إِن4 وقراءة أخرى بفتحها('2»: وعلى القراءة الأولى كان ما قلناه فى معانى )1( قراءة كسر همزة (إن): ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائى وخلف» وروح» وقرأ الباقرن بفتح الهمزة. غاية الاختصار-؟7/ 514ه . 5 | تفسير سورة مرييم الللملاالاائئللللللاللللل لل | الكككالاكة :2 يي القرآنء أما على القراءة الثانية فإن هنا محذوفاء وهو «لام» الجرء أى ولأن الله ربى وربكم فاعبدوه إلى آخر النص الكريم» وتكون الفاء للتصريح بما تضمنه المحذوف. وقد بين سبحانه وتعالى اختلاف الناس فى شأن الحقيقة الثابتة»ء وهى طريق الله تعالى المستقيم الذى ذكره سبحانه فى قوله تعالى: هذا صراط مستقيم © فقال تعالى : « فَاختلّف الأحزاب من بينهم قويل للّذِين كفروا من مُشْهد يوم عظيم 9© © . كانت آخر الآيات السابقة لهذه الآية قوله تعالى على لسان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وإن لم تذكر النسبة إليه لأنه ملاحظ فى كل خطاب فى بيان ما يجب بيانه : « ون الله ربي وربكم فاعبدوه هَذَا صراط مُسْتَقيم 69 4, قد بين سبحانه أن عبادة الله تعالى وحده هى الصراط المستقيم» ومن حاد عنه زاغ وضل عن الهداية» ولكن هل تلقاه الناس بالطاعة والخضوعء فقد ضلوا فى ذلك ضلالا بعيداء فمنهم من أشرك» ومنهم من قال أنه اتخذ ولداء واختلفوا فى ذلك على فرق شتى» ولذا قال تعالى: 9 فَاختلّف الأحزاب 4. «الفاء» عاطفة على ما قبلها فى قوله تعالى: هذا صراط مُسْتَقَيمٍ» وهو عطف عملهم واعتقادهم على الاعتقاد المستقيم الذى لا ريب فيه. وط الأحزاب » جمع حزب, وهو الجماعة التى تنتحل نحلة وتتميز بها ' وتناصرهاء وتؤيدها وتنحاز بها عن غيرهاء وتدافع عنها وتلاحى دونهاء والكافرون أحزاب ونحل متباينة» فالنصارى طوائف» واليهود طوائفء والمشركون طوائف » فمنهم عبدة الأوئان» ومنهم عبدة النيران» ومنهم عبدة الشمس » ومع أن الطريق واضح هو المستقيم اختلف الكافرون ذلك الاختلاف» على نواح شتى وأهواء متباينة» فكلمة الأحزاب »© ليست مقصورة على فرق النصرانية» إنما المراد بها كل الذين أشركوا مع الله سواء أكان ما أشركوه صنما أم شمسا أم نارا أم ا شخصاء وحزب الله هم المؤمنونء. كما قال تعالى: « ... أولئنك حزب الله آلا إن 1# تفسيرسورة مريم | اللللللللئ الل ااال وواللا تلح ار حزب الله هم الْمفلحَون 9 49 [المجادلة]» والمؤمنون ليسوا داخلين فى هذه ( الأحزاب 4 . وقد اختلفوا على نحو ما أشرناء وصدق قول الله تعالى: 8 وأَن هذا صراطي مستقيما فَاَبِعُوه ولا تتبعوا السبل فَتَفَرَق بكم عن سبيله. 00 4 [الأنعام ]» فغير صراط الله تعالى مثارات الشيطان ومنازله. و من» فى قوله: من بينهم 4 قال كثير من المفسرين زائدة» ونحن لا نرى فى القرآن حرفا زائداء بل نقول إن هن » تؤدى معنى سليما فليس قولك «فاختلف الأحزاب بينهم»؛ كقول الله تعالى: ط فَاخْتَلْف الأحزاب من بينهم 4 إن «(هن 4 تدل على أن اختلاف الأحزاب صادر عنهم هم» ومن بينهم» فإن التناحر بين الأهواء والأوهام الضالة هو الذى صدر عننه الاختلاف من بينهم ومن مضطربهم.؛ وقد حكم الله تعالى بمآلهم فى هذا الاختلاف فقال: «قَويل للّذِين كفروا من مُشهد يوم عظيم» «الفاء» لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فالهلاك فى المشهود من أوهامهم وأهوائهم» والمشهد هو اسم مصدر بمعنى شهود يوم عظيم فى أنه حساب وفيه العقاب» والجزاء بجهنم والمعنى الذى يظهر لناء فهلاك شديد يوم الشهود العظيم»ء وهو يوم القيامة وقال: ل لَلّذِينَ كَمَروا 4 فاظهر فى موضع الإضمار لإثبات سبب الهلاك» وهو الكفر والحجودء وتحكم الأوهام وسيطرة الفساد الفكرى والضلال المبين. وإن كانوا يعرضون عن ذكر البعث والنشور» ولا ييصرون العواقب» ولا يتدبرون ما وراء» وإنهم فى هذا اليوم المشهود يكونون أحد الناس سمعا وبصرا وإدراكا لما أنكروا من قبل» ولذا قال تعالى: | ( نيع بهم عر ماو لك لالطو لي في لال بير 4 . أسمع بهم وأبصر 4 لفظان يستعملان للتعجب فى اللغة العربية» أو لأفعل التفضيل المستفهم به أى ما أسمعهم وما أبصرهم» فهم حديدو السمع والبصرء والمعنى أن حالهم فى قوة سمعهم للحق وقوة بصرهم وإدراكهم للحق حال / ##) تفسير سورة مرييم للا نالل اكاك * بي المتعجب منه المستغرب وليس ذلك بعجب على الله ولا غريب عليه سبحانه؛ لأنه زالت الغفلة وزال الضلال» وزالت الأوهام التى أضلتهم» ولذا قال تعالى: # لكن الظالمون الِيوم في ضلال مبينٍ4. 8 اليوم © المراد به الحياة الدنياء فهم فى ضلال فى الحياة الدنيا بسبب الأهواء وتحكمها فى مداركهم وأحاسيسهم» والآوهام وسيطرتها على عقولهم. ونقول: وضع الظاهر موضع الضمير» لإثيات أن السبب فى هذا الضلال هو ظلمهم لأنفسهم بعدم الإدراك الصحيح . وظلم العباد للنبيين» وفتنة المؤمنين» الاستدراك فى قوله تعالى: 8 لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين #؛ لبيان التفاوت بين حدة سمعهم وبصرهم التى توجب العجب» وحالهم فى هذا اليوم فى الدنيا التى كانوا فيها عمين عن الحق» ووقوعهم فى الضلال المبين البين الواضح . وإن الله تعالى أمر نبيه الآمين أن ينذرهم بهذا اليوم المشهود؛ ولأنه يوم الحسرة عليهم؛ ولذا قال تعالى: وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون 69 © . وأنذرهم يوم الحسرة 4. أى أنذرهم بهذا اليوم الذى يكون حسرة «إذ قضي الأمر 4 إذ تبين أمر الله تعالى الذى قضام» بأن قدر وجوده ونفذه» و إذ »4 ظرف متعلق بالحسرة» أى أنه الحسرة لأنه قضى الأمر وجاء التنفيذ. والحسرة» لأنهم فرطوا فى أمورهم ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا فى جنب الله واحسرة؛ لآنهم رأوا العذاب وعايئوه» والحسرة لآنهم أنكروه» وهم اليوم قد 1 عايئوه» والحسرة لأنهم خسروا أنفسهم وكذبوا بلقاء الله . وقد وصفهم الله تعالى بوصفين أحدهما ذريعة الآخر: الوصف الأول: أنهم فى غفلة فقال تعالى: ا وهم في غفلة 4 الجملة حالية أى والحال أنهم فى هذه الدنيا فى غفلة» والتعبير بقوله: 9 في غفلة» يفيد أنهم قد 1# تفسير سورة مرييم الل شيج استغرقتهم الغفلة واستولت عليهم وحاطتهم كأنها ظرف لهم قد استقروا فيه» والغفلة قد جاءتهم من غرور بالحياة الدنياء ومن استيلاء الأهواء على نفوسهم» فصاروا لا يصدرون إلا عنهاء وجاءتهم من سيطرة الأوهام عليهم» وجاءتهم من أنه لا مرشد ولا هادى» وليس فيهم أمر بمعروف أو نهى عن منكر. والوصف الثانى : أنهم لا يؤضون» وعبر الله سبحانه عن ذلك بقوله تعالى: فلا يؤمنون # وهذه الجملة حالية كأختهاء والحال أنهم لا يؤمنون» وكان .النفى نفيا للمضارع للإشارة على استمرارهم على الإيمان وهو نتيجة للغفلة التى أحاطتهم وسكنوها؛ لآن الإيمان بصر الحقائق وإدراك لها. هذاء وإن الغرور المتمكن فى أهل هذه الدنيا أنهم يحسبون فى أعمالهم أنهم باقون» ولا يفكرون فى الموت» وإن فكروا فى الموت لا يفكرون فى البعث» أكد سبحانه وتعالى هاتين الحقيقتين الموت والبعث فقال تعالى: إن نحن ثرث الأرض ومن عليه ينا يرجعون 69 > . أخبر الله تعالى عن نفسه بعبارة تدل على عظمة الله وجلاله» وأكد ضمير « إِنًا» ب نحن 24 للدلالة على أنه لا باقى إلا الله تعالى» والجميع ميتء كما قال تعالى مخاطبا نبيه: ف إِنّكَ ميت وإِنّهُم تون 9©) © ثم إنَكم يوم القيامة عند ربكم تَخْتَصمون © [الزمراء وقوله تعالى: «( ئرث الأرض ومن علَيها 4. أى نحن نرث الأرض ونرث من عليهاء فموضع ومن 4 فى قوله تعالى: 9 ومن عليها » النصب ب « تَرث 24 ومعنى وراثتها أنه هو وحده الباقى بعد الأرض ومن فيها فكلها إلى نهاية» وقد شبه وجوهه العزيز الجبار بأنه يكون بعدها؛ كى يكون الوارث بعد المورث» فالمورث يموت والوارث يموت بعدهء ولكن الله حى لا يموت» وليس المعنى ان الله يرث الأرض ويرث ما ترك الناس من المال والنسب» فالله غنى من المخلوقات كما قال تعالى: جا أيّهَا اناس أنم الفقراء إلى الله واه هو لعي الْحميد 02 4 [فاطر]ء ثم قال: ا وَإلَينَا يرجعون 4 وهو البعث. وقدم الجار 4 8# تفسيرسورة مريم الل ل #احىج-1 . والمجرور عن الفعل الذى يتعلق به؛ لبيان أن المرجع إليه وحذده» وهو وحذده مالك إبراهيم عكَادِ وأبوه وأولاده قال الله تعالى: فيلكتب إن" هيم نك دَسِيعانََاق د لكات حدما تعبادما لالإسمع وأا بصرولان نك با يتأت 1 َعَدََ وَل كيرا سيار يت لاسب رالشَّيِطنَإنَالشّيِط ون لمن عصِيًا ا يتأت ِف أَحَافُ أَدِيَمَسَّكَ عَدَاب لمن 2 لطن ويا( الاب أنسَعَن اله لعا مهي ةل سد ينا برد إنرهي لين لَه متك 1 كواهجرف مليًا لي قَالَّ سر ا 2 د م ع وس 4 سالم عليّك سَأسَعغفر لك رنيإته كات ف فيا 6 16 و وم _- 2 سرهم وَأَعتَزل و مَاتدَعوت من ذون أله ودع أرق عَمَوحّ 0 داكن َدعَكِ رق سَقِيًا: 1 0 و 7 عاسو مس بجو سبيه سه 1ك من دون أسَهِوهبسنًا له إسْحقَ ويحَشُوب ماعنا 2 سر سل سس جع بل ال وَوَعَبنَاهُمْ من يمينا وجَعَلَْا طم سان 2 مِنَؤِعيك 2 0# تفسيرسورة مريمم ل الملل سس نات ذلك طرف من أخبار أبى الأنبياء إبراهيم عَيكَهِ؛ وقد ذكرت أخبار إبراهيم فى عدة مواضع من القرآن الكريم» ولا تكرار فيها قطاء بل ذكر فى كل موضع جزء من أخباره يخالف الآخرء ففى سورة البقرة كانت أخبار بناء الكعبة وصلة إبراهيم بخاتم النبيين محمد ولو وفى آخرها خبر إحياء الموتى» وفى سورة الأنعام كان تأمله فى النجم والقمر والشمس حتى اهتدى إلى الله وفى سورة التوبة كان وصف إبرا هيم المصور لشخصه الكريم بأنه أواه حليم؛ وفى سورة إبراهيم كانت دعوته لذريته : ربا إِنّي أسكدت من ذَريّي بواد غيرٍ ذي رع عند بيتك المُحَرَم ربا ليّقيمُوا الصّلاة فَاجِعَل فد م النّاسِ تَهُوي إِلَيهِم وارزقهم من الشّمرات َعلّهم يشكُرون 69 4»: وفى السورة نفسها كانت قصة هبة الله له إسماعيل وإسحاق: « الحمد للّه الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق. . 46 وفى سورة الأنبياء كانت قصة تحطيمه الأوثان وإلقائه فى النار: نينر حُوني يردا وسلاما علَى إبراهيم 59 4 وهكذا نرى أنه لا تكرار فى القرآن وقصصه. وإذا كانت قصة إبراهيم وموسى ونوح وغيرهم قد تكرر ذكرها فى القرآن فليس تكرارا لأخبار واحدة» وإنما تتناول الأجزاء نواحى مختلفة» ولا تتكرر ناحية. قال تعالى فى ابتداء قصة إبراهيم: . 4 69 وَاذْكْرَ في الْكتّاب إبراهيم إِنّهُ كَانَ صديقا نيا‎ ١ الأمر للنبى كَكثِِ والكتاب هو القرآن» و(ال) للاستغراق» المعنى أى أنه هو الكتاب الجدير بأن يسمى كتاباء وهو الكامل والمستغرق لكل صفات الكمال» والقصر فيه قصر إضافىء أى أنه لا كتاب يوصف بالكمال المطلق سواهء وقوله تعالى : إِنّهُ كان صديقا نيا 4 والصّديق هو البالغ أقصى درجات الصدق فى القول والعمل والإذعان للحق» وهو الذى يصدق الحق إذا ألقى إليه» لا يمارى فيه ولا يمتنع عن الإقرار به والإذعان له» وأى دلالة أبلغ من التصديق والإذعان عندما رأى فى المنام أنه يذبح ابنه فَهَم بآن يذبحه» وقد قال تعالى فى ذلك: « فلما بلغ مَعه السّعي قَال يا بني إذ ني أرئ في الْمَام أي أَذْبْحُك فَانظر ماذَا تر قَالَ يا أبت افعل ما تفسير سورة مرييم للف 5-8 و عرس سوس رام 20ت فد تفتلن كلك ني اليد وي د نهنا هيلام امن 2 وفديناه بذبح عظيم 020 وتركنا عليه في الآخرين 020 سَلامٌ على إبْراهيمْ 6-9 4 [الصافات] وهو نبى من أولى العزم من الرسل» جد خاتم النبيين. وإن هذا الجزء من قصة إبراهيم فيه علاقة الأبوة بإبراهيم واحترامها والتلطف فيها والرفق بها والمحبة لها. قال تعالى عنه مخاطبا أباه: «إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمعْ ولا صر ولا يي عنك شَيمًا 9 يا أبت إِنِي قد جاءني من العلم ما لم يأتك فَاتبعنِي أهدك صراطًا سوَيًا 69 4 . ابتدأ بندائه بقوله: يا أبت 4 وهو نداء المحبة العاطفة المقربة» وذلك شأن الداعى الكامل يبتدئ بما يقرب ولا ينفر. وإذ »4 متعلقة ب اذكْر». أى اذكر حال دعوته لأبيه تلك الدعوة الرفيقة المقربة الميسرة الهادية المرشدة. وأمر الله تعالى نبيه محمدا يِه بأن يذكرها فى الكتاب لتتلى على الناس ويأخذوها سنة فى الدعوة إلى الحق» وخصوصا الأقربين الأدنين لهم» والتاء فى قوله تعالى: ا يا أبت 4 عوض عن ياء المتكلم» وذكرها بدل الياء مبالغة فى التلطف والرفق» بل ربما يكون فيها من تدلل الأبناء على الآباء معنى محبب مقرب . وابتدأ بأن قال غير موجه لوما ولكن ساق إرشاده مساق الاستفهام المستدنى» لا مقام الآمر المستعلى سائلا له سؤال المستفهم فى سياقه» ولكن المبه بأرفق تعبير : فيا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا ينصر ولا يعني عدك شَيْمًا 4. لقد وصف معبوده وهو الصنم بثلاث صفات سلبية: الوصف الأول: أنه لا يسمع» وكيف يعبد من يسمع ما لا يسمع» فهو أقل كمالا منه وهو عاجزء لأن عدم السماع عجز. 1# تفسير سورة مريم ل للم 1 هه + -- الوصف الثانى: أنه لا يبصر وأنت تبصرء ومن يبصر أكمل مما لا يبصرء فكيف تعبد هذا الذى ينقص عنك» وأنت خير وأفضل منه. الوصف الثالث: أنه لا يدفع عنه ضرا ولا يجلب له نفعاء وهذا قوله تعالى : «(ولا يني عنك شيئًا 4, أى لا يدفع شيئاء ومجموع هذه الصفات السلبية تفيد أنه لا يجلب له أى نفع؛ ؛ لأنه فاقد لصفات الله التى يكون بها القدرة على النفع . وقد قال الزنمخشرى فى ذلك: «انظر حين أراد أن ينصح أباهء ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم والارتكاب الشنيع الذى عصى فيه أمر العقلاء وانسلخ عن قضية التمييز من الغباوة التى ليس بعدها غباوة» كيف رتب الكلام معه فى أحسن اتساق» وساقه أرشق مساق» مع استعمال المجاملة والرفق واللين والآدب الجميل والخلق الحسن منتصحا فى ذلك بنصيحة ربه عز وعلا»)» حدث ' أبو هريرة قال: قال رسول الله كَكَِةِ: «أو حى الله إلى إبراهيم طِِكَهِ إنك خليلى» حسن حك ولمع كار تدخل مداخل الأبرار إن كلم سبقت من حمسن خلا أظله تحت عرشى وأسكنه حظيرة القدس وأدنيه جوارى72' . وإنه بعد أن نبه إلى أن الأوثان تتقاصر عن مقام الألوهية» بل حتى الإنسانية» بل الحيوانية أخذ يوجهه إلى الحق الكامل» فقال فى رفق أيضا كما ابتدأ أولا مُصِرًا القول بخطاب المحبة الراجية 9 يا أَبت إِنَي فد جاءني من العلم ما لم يأنك َاَعي أَهْدكَ صراطًا سَويًا 69 © . يقول العلماء التحلية قبل التخلية» بين أن الأوثئان عاجزة فى ذاتها عن جلب النفع ودفع الضررء وذلك كاف للامتناع عن عبادتهاء فإما يعبد العاقل من هو أعلى منه قدرة وفهما وإدراكاء وهذه دونه فى الخلق والتكوين»؛ فمن يعبد؟! أخذ يبين له المعبود فقال بنداء المتوسل المنحبب: «إيا أَبْت إِنِي قَد جاءني من الْعلم 4 لم )١(‏ ذكره الزمخشرى فى الكشاف» وجماعة من المفسرين» ورواه الطبرانى فى الأوسطء وفيه: مؤمل بن عبد الرحمن الثقفى» وهو ضعيف. مجمع الزوائد .)5131١(‏ ا تفسير سورة مرييم الللللللل ا ل لسرب ات يرم أباه بالجهل» وقد منعه اللّق الودود من ذلك» بل قال له « جاءني من العلم 4 والمعرفة «ما لم يأتك 4 فتعفف عن أن يرميه بالجهل» وتعفف عن ادعاء العلم الكامل حتى لا يكون مستطيلا بفضل علمه على أبيسه ومستعليا عليه بل قال: من العلم 4, أى بعض العلم» وذلك يجعلنى أدعوك إلى الحق» وذكره العلم داع لآن يتبعه؛ لآن الأب الرفيق العاطف يحب لابنه العلم» ولو كان أعلى منه. وإذا كان له بعض العلم الذى يسره» ولا يضرهء فإنه يتبعه» ولذا قال: ل فاتبعني أهدك صراطا سَويًا4 «الفاء» هنا تفصح عن شرط مقدر تقديره: إذا كنت قد أوتيت هذا العلم فاتبعنى أهدك. كما يتبع السائر فى طريق لا يعلمه الرائد الخريت7© العارف . والصراط : الطريق كما ذكرناء والسوى: المستوى الذى لا عوج فيه ولا أمت» وقد قبال الزمخشرى فى هذا النداء من ذلك الابن البار بأبيه: «ثنى يله بدعوته إلى الحق مترفقا متلطفاء فلم يسم أباه بالجهل المفرطء ولا نفسه بالعلم الفائق» ولكنه قال إن معى طائفة من العلم وشيئًا منه ليس معكء وذلك علم الدلالة على الطريق السوى فلا تستنكف,. وهبنى وإياك فى سير وعندى معرفة بالهداية دونك» فاتبعنى أنجيك من أن تضل وتتيه). ' وبعد أن نبه إلى أنه لا يليق أن يعبد ما لا يسمع ولا يبصر وأمره باتباعه؛ لأنه بين له أن هذه الضلالة وهى عبادة ما لا ينفع ولا يضر عبادة للشيطان عدو آدم وذريته فقال: فيا أبَت لا تعد الشَيْطَان إن الشيْطَانَ كان للرحْمِّ عصيًا 9© 4 . ناداه بالأبوة وكرره تعطيفا ا لطي وتترباء وكا الهى إلا عالطا وعبادة الشيطان فى أنه أطاع غوايته التى توعد بها عباد الله فقال: .. . لأغريتهم أجمعين 9 إلا عبادك منهم المخلضين 69 4 [ص]» فطاعته فى معنى عبادته» ولأن . الخَرّيت: الدليل الحاذق بالهداية والدلالة (فئ الطريق). لسان العرب- القاموس المحيط‎ )١( 1# تفسيرسورة مريمم لل اا0ا0ا0ا0ا60ااالل الول كاك < يي الأهواء والأوهام هى التى سهلت عبادة الأحجار وذلك كله من الشيطان» بل هو من غوايته» والشيطان عدو الله» وعدو آدم فهو عدو الإنسانية يرديها ويوقعها فى أشد الضلال» ويبعد من الحق» ولذلك كان النهى» وهو فى ذاته يكون بقوة لا تخلو من مساعدة» ثم وصف الشيطان بأنه عاص مبعد عن رحمة الرحمن فقال: «إإِن ايان كان للرّحَمَن عَصيًا 4 عَصِى على وزن فعيل من عصىء أى أنه مبالغ فى العصيان» وعبر عن الذات العلية ب (الرحمن) للإشارة إلى أن عصيان الشيطان رحمة» وطاعته نقمة» فمن عصاه فقد رحم» ومن أطاعه ألقى بنفسه فى وهدة الشقوة» وبعد عن السعادة ورحمة الرحمن. ويقول الزمخشرى فى ذلك أيضا: «ثم ثلث بتشبيطه ونهيه كما كان عليه بأن الشيطان الذى استعصى على ربك الرحمن الذى جميع ماعندك من النعم من عنده» وهو عدوك الذى لا يريد بك إلا كل هلاك وخزى ونكال. وعدو أبيك آدمء وجنسك كلهم هو الذى ورطك فى هذه الضلالة» وأمرك بها وزينها لك فأنت إن حققت النظر عابد الشيطانء إلا أن إبراهيم عليه السلام لإمعانه فى الإخلاص ولارتقاء همته الربانية لم يذكر من جنايتى الشيطان التى تختص منهما برب العزة من عصيانه واستكباره ولم يلتفت إلى ذكر معاداته لآدم وذريته» كأن النظر فى عظم ما ارتكب من ذلك غمر فكره وأطبق على ذهنه». ونقول إن الشرك هو أعظم ما وسوس به إبليس وألقى به الآوهام فى نفس» وما دونه قد يناله الغفران» وقد قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويَغفر ما دون ذلك لمن يشَاء .... 62) > [النساء]. بعد هذا النهى الصريح القاطع عن عبادة الأوثان» وذكره أن عبادتها عبادة للشيطان» لأنه هو الذى وسوس بها ذكر ما يخاف على أبيه» وذلك استمرار فى الحنان والعطف على أبيه فقال تعالى عنه: يا أبت إِنَي أَحَافْ أن يَمَسَّكَ عَذَابْ مَنَ الرَحَمَن فَتَكُونَ للشيْطان ولي © 4 . )ا تفسير سورة مرييم ممالل ا بلجب يي ناداه أيضا نداء المتلطف المتحبب المدنى ما بينهما «إيا أبت »© قال مفرطا فى شفقته وإن لم يكن فى شفقة الابن على أبيه إفراط قطء وخصوصا فى مقام بيائية» إذ الظاهر إصابته بالعذاب المقرر للمشركين» وهو أن يدخل الجحيمء ولكنه أولا عبر بالمس» وكأنه لا يريد التهويل على نفسه وعلى أبيه بأنه سيصيبه العذاب لذلك الشرك» والشرك ظلم عظيمء هذه هى الأولى» أما الثانية أنه ذكر أن العذاب كان من الرحمن . إنه كان تمن من شأنه الرحمة» ولكنه آثر الطريق المعوج فكان العذاب» والثالثة أنه يخشى عليه من أن ينهمك فى المعاصى فيكون وليا للشيطان فى الدنياء ويكون قرينا له فى الآخرة» وكأنه كان مخيرا بين ولاية الرحمن ورحمته» وشقوة الشيطان وولايته فاختار ولاية الشيطان وصار وليه وساء قرينا. وكانت عبارته فى التخويف فى أدب» ولم يصرح بالعقاب الشديد» وإن نبه إليه فى شدةء بأنه سيكون ولى الشيطان وقرينه» وبئس ولايته» وأن يكون له قرينا. أجاب أبوه إجابة المحنق المغيظ لمحاولته ترك عبادة الأوثان وملته وملة آبائه» فقال كما قال تعالى عنه: قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لفن لم تدته لأرْجِمَتَك واهجرني َي > 4 . ط( أراغب أنت عن الههتي يا إبراهيم 4. هذا استفهام إنكارى توبيخى من ذلك الأب المخبط وكان موضوع التوبيخ هو انصرافه عن آلهته وبعد عنهاء وكأنه كان يجب أن يكون مثله منغمرا فى ضلالء وهو بذلك يضرب صفحا عن كل ما قاله» ويقول بلسان الحال: سمعنا وعصينا وينقلب عليه بالتوبيخ عن تركه له ولملة آبائه المشركين» وقد أكد التوبيخ بالتأكيد بالضمير بقول: #أنت » وفى ذلك تأكيد التوبيخ استصغارا لشأنه» وما كان صغيراء بل كان الكبير بإدراكه وبدعوته إلى الوحدانية» وهو يستنكر أن يرغب عن آلهته» ولم يتعرض لما يدعو إليه ويرغب فيه» وكأنه معرض عنه وعن أدلته وآياته. / تفسير سورة مريم 2000 تجتنا 3 وقد أعقب التوبيخ بالتهديدء والإنذار الشديد» فى عبارة فيها معنى القسم والتأكيد بمؤكداته ظ لتن لّمِ تسّه لأرجمئك » الرجم: الرمى بالرجام والحجارة واللام هى الموطئة للقسم واللام فى لأَرَجَمَئك 4 اللام التى تكون فى جواب القسمء وقد أكد بنون التوكيد الثقيلة وهو تهديد بالقتل بأقسى أنواعه: فهو الضرب بالحجارة حتى يموت إن لم يتنه عن هذه الدعوة التى أصابت إيمانه بالأوثان - فخيبت رجاءه فيه» وإن كان أمرا غير محمود فى نظره المنحرف الضال. هذا إيعاد إن عادء ثم حسم الأمر بقوله: « واهجرني ملا 4 وقد تضمن التهديد التحذير»ء كأنه قال له فاحذرنى ولذا عطف على الفعل الذى تضمنه التهديد بالرجم واهجرنى ملياء فهى عطف على الفعل الذى تضمنه التهديد بالرجم . «مليا4. أى ملاوة من الزمن الطويلء» ويدعوه أبوه إلى أن يهجره هجرا غير جميلء ولا يهتم بأمره ولا يجالسه ولا يقاربه» وهذه مسبالغة فى الأستنكار» وقد صم أذنيه عن الحق ولا يريد أن يسمعه. إنه إذ يعلن هذا النفور الجحافى يعلن الابن البار الذى هو مَتَلَ سام كريم للأبناء يقول كما قال الله تعالى عنه: هو يقابل الإساءة بال حسنة» ويعذر أباه فى إساءته؛ لأنه فى ضلال بعيد وإفك أثيم قد استغرق نفسه وأعمى بصيرته» وأصابه بغشاوة على قلبه 'سلام عليك 4. معناه أمن يفيض عليك وهو تحية له وهو يفارقه ويريد له السلامة فى غيبته» وأن يكون فى أمن» فهو يفارقه على مودة» وإن كان يقول مقالة القطيعة» وقد قال بعض المفسرين أن ذلك من قبيل قوله تعالى: 8 ... وإِذًا حَاطهم الْجَاهلُونَ قَانُوا سّلامًا 69 4 [الفرقان] . 9 ا تفسير سورة مرييم الالال لللالللاللل ا لل اللا سس اا وربما نرى نحن أن سياق الآية لا يدل على الابتعاد عنه» وليس كقوله تعالى : ظ وإِذًا سمعوا اللّغْو أعرضوا عنه واوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين 2 4 [القصص]ء لا لا نرى ذلك لأنه لا ينسجم مع وعده باستغفار الله تعالى لهء كما قال: سأستغفر لك ربَي إِنَّهُ كان بي حَفيًا 4 . وقد قال الزمخشرى: إن استغفار إبراهيم لأبيه كان مشروطا فيه التوبة» ونحن نرى أن سباق الآية لا يدل على اشتراط التوبة بل هو استغفار لمشرك؛ كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «إما كان لبي والِّين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ين ولو كَانُوا ولي قُريئ من بهد ما تين لَهُمْ أنه أَمْحَابُ الجحيم 00 وما كان اسَفْقَار إبراهيم لأبيه لذ عن مُوعدة وعدها إياه فلمَا تبين له أنه عدو لل برا منه إن إبراهيم لأواه حَليم 65 4 [التوبة] . وهذا النص ا سَأستغفر لك بي . هو الموعدة التى وعد إبراهيم أباه بهاء وقوله تعالى: مَاستغْفرَ» السين لتأكيد الاستغفار فى المستقبل القريب» إن كَان بي حنفيًا 4 الضمير يعود إلى إرَبَّي 4 الذى يكون فى موضع عناية واستجابة لىء فمعنى 8 إِنهُ كان بي حفيًا 4. أى كنت موضع رحمته وبرهء وأنه لهذا يظن أنه سيجيب دعائى» ولكن تبين له من بعد أنه عدو لله فتبرأ منه. كان لا بد أن يخرج من بينهم نبى الله تعالى يك فهو لا يريد أن يبقى محكوما بالوثنية وأرجاسها؛ ولذا قال كما أخبر الله تعالى عنه: ف( وأعمزِلكم وما تدعون من دون الله وأَدعو بي عسَئ ألا أكون بدعاء رَبّي شقيًا 62 4 . «الواو؛ عاطفة والمعطوف عليه « ماستغفر لَك رَبّي 4. أى إنى أخرج عنكم سالما مستغفرا غير هاجر كما أردتء وفى الوقت أسألكمء 8 وأعتزلكم 4. أى أفارقكم مفارقة مواد محب ولست هاجرا لكم ولا مجافياء « واَعَْرْلَكُم وما 1# تفسيرسورة مريم لل امل ؟ ااا ١‏ . 3 تَدْعونَ من دون الله أى تعبدون» أعتزلكم وعبادتكم المشركة الآثمة لاجثا إلى الله تعالى» ولذا قال: ‏ وأدعو ربّي 4. أى أعبده لأنه ربى الذى خلقنى القائم على كل أمورى. وإطلاق الدعاء بمعنى العبادة؛ لأنه التجاء إلى الله تعالى» وهى ضراعة إليه» ولقد قال النبى عَلِةِ: «الدعاء مخ العبادة»"'/, وقد ذكر التصريح بالعبادة بعد ذلك فى قوله تعالى: ظ فَلَمًا اعتزلهم وما يَعبدُونَ من دون الله 4 «عسئ ألا أكون ب بدعاء بي شقيًا 4, أى خائبا ضائعا غير مقبول فى دعائى وعبادتى» فإن ذلك هو الشقاء الأكبرء وهذا الرجاء كان لفرط إخلاصه لله تعالى» وخشيته من غضبه وطرده؛ فإن الحبيب دائما يخشى من غضب محبوبه» ويعمل على رضاه ويخشى من غضبه» وخليل الله الذى اختاره الله تعالى خليلاء وقال: 8 ... وَانَّحَذَ الله إبراهيم خَليلا (059) # [النساء]» كان أشد ما يخشاه غضب ربه» وأن يرد عبادته فيشقى بهذا الردء وقال: عسى 4 الدالة على الرجاء تواضعا لله واستصغارا لعبادته» وكان بهذا المخلص البر الحبيب المحبوب؛ إذ غلَّب الخوف ليصلح أمره وأنه إذ اعتزلهم حرم من أنس أهلهء فوهبه البنين والذرية» ولذا قال تعالى: ل قَلَمّا اعْمَرْلَهُم وَمَا يعْبُدُونَ من دون الله وهنا له إسْحَاق وَيعُقُوب وكلاً جعلنا «الفاء» عاطفة على 8 وَأَعْمَرْلُكُم وما تَدَعونَ من دون اللّه4, فالله عوضه عن الغربة الأنس بالولد والأحفاد» أما الولد فإسحق» وأما الحفيد فيعقوب» وكانوا بذلك فتته التى اعتز بعد الله تعالى بهاء وكان أنسه فى هذا الاعتزال» « ركلا جعَلْنا نبا 4. أى جعلنا كل واحد منهما نبياء واكلا» مفعول مقدم ل «جعلنا»» وقدم لأهميتهء وللإشارة إلى أن بدّله من أبيه المشرك الذى نهره وهدده بالرجم ثم طرده محروما من محبته» بدله من هذا أنبياء من ذريته استأنس بهم بعد وحشة الاعتزال. )١(‏ سبق تخريجه من رواية الترمذى فى سئنه عن أنس بن مالك رضى الله عنه. 8# تفسير سورة مرييم للفلل ههه : 2 وقد يقال: لم يذكر سبحانه أنه وهب له إسماعيل وهو أكبر من إسحق» ويظهر أن ذلك كان وهو مقيم وحده مع أمه هاجر فى مكة» فلم يكن له أنس القرب» إلا بعد أن ذهب إليه وأخحذا ببناء الكعبة كما قال تعالى: < وإذ يرفع إبراهيم القواعد من الْسِيت وإسمّاعيل ربّنا تقَبّلَ ما إِنْكَ نت السّميع الْعَلِيمَ 09 4 [البقرة] . وقد ذكر سبحانه وتعالى كمال البيان فى أسرته الموحدة» فقال تعالى: ف( ووهبنا لهم من رُحمنا وجعلنا هم لان صداق علي 9 4. الضمير فى طا لهم 4 يعود إلى إبراهيم وإسحق ويعقوبء ولم يذكر الموهوب إعلاء لشأنه ولفخامته» وحسبه أنه هبة الله» وأنه من رحمته سبحانه» فكان العقل يذهب فى تقديره أعلى المذاهب التى تليق بهبة الله ورحمته» فهى تشمل النبوة» وتشمل الأموال» وتشمل الجاه والسلطان» وتشمل العزة والكرامة» والعلو فى الأرض ووراثتهاء والإمامة فيها وكل ذلك كان فى ذرية إبراهيم» وفى إسحاق ويعقوب والأسباط . النعمة الثانية التى أنعمها على إبراهيم وذريته هى قوله تعالى» ا وجعلنا لهم 4 أى لإبراهيم وذريته لسان صدق عَليّا4, «إلسان صدق »4 من إضافة الاسم إلى وصفه. أى لسانا صادقا علياء رافعا لهم وليس خافضا لآثرهم. والمراد الكلام الطيب والذكر الطيب» من قبيل إطلاق الآلة على ما يكون» فأطلق اللسان وأريد الكلام» وهذا استجابة لدعوة إبراهيم عيكَخِ إذا قال فى دعائه طكَله « واجعل لي لسان صدق في الآخرين 2 293 »© [الشعراء]. وقد آتى الله إبراهيم ذلك فقال تعالى: ف ... وما جعل عَلَيكُم في الدذين من حرج مَل يكم إبراهيم هر سمّاكم المسلمين . .. 469 [الحج]ء وقال تعالى: 8 ثم أوحينا إِلَيِكَ أن اتْبِع ملَةَ إبراهيم حنيفا وما كَانَ من الْمُشْرِكِينَ 659 4 [النحل] . | تفسسير سورة مريم الالال للك و > ا أنبياء من ذرية إبراهيم عله قال الله تعالى : رفي الكت مُوسوَإِندانضصَوكنرَسولابََا 7 سسحت سو 0200 تا عب اشر لط 247 ووهبناله.من ال ل 00 00 حملن أخاه هرون يبا وَل رك وََدْرقي1أ لكتب إِنْمَعِيلَإنَدكانَ آ#ه و 0000 أهان .211 1 صَادِقَالْوَعَدِ وان رسولا ينا 2 27 مرأهله يا لصَلوةٍ وَالرَكوةَ وُكانعِنلَ ريه مض 2 الأمر للنبى كله أمره سبحانه أن يذكر من ذرية إسحاق ويعقوب موسى وهارون» ومن ذرية إبراهيم إسماعيل وهو أبو العرب ونبى العرب» ومن ذريته محمد وَلِلّه وذكر فى البشارة به على أنه من أولاد عم بنى إسرائيل لأنه أخو إسحق وهو الكبير» والكتاب هو القرآن» وإذا أطلق الكتاب انصرف إليه؛ لآن المطلق ينصرف إلى الفرد الأكمل» والأكمل بين الكتب هو القرآن» لأنه كتاب الله تعالى بلفظه ومعناه ا تَرَلَ به الرُوح الأمين 050 عَلَئ قَلبِكَ لتكُون من المنذرين 59 4 [الشعراء]» وإن الله أمر نبيه أن يذكره فى القرآن؛ لأنه سجل الأنبياء ومعجزاتهم. وأخبارهم لا تعرف بطريق متواتر من غير تغيير ولا تبديل إلا عن طريقه. وكذلك معجزاتهم » فإنها أحداث تقضت فى وقتها وما عاينها من الأخلاف أحد» ولكنها سجلت فى القرآن المتواتر المحفوظ بوعد الله العظيم: «إِنّا تحن نَرْلنَا الذكر ونا له لَحَافظردَ ©)4 [الحجر]ء وإن الله لا يخلف الميعاد وذكر موسى هنا فى قوله تعالى : وَاذْكُرَ في الْكتّاب موسئ إِنهُ كان مُخلّصا وكات رسولاً نيا © 4 . 1 1 ا تفسيرسورة مرييم ااال االو 00- ذكر موسى هنا لناحية معينة فيه وهى أنه من ذرية إبراهيم» وقد وعد الله إبراهيم أن يؤنسه بأولاده وذريته عندما اعتزل أهله وما يعبدون فكافاه الله تعالى بأنس الولد والذرية» واستجاب دعاءه أن يجعل له لسان صدق فى الآخرين» وكان من هذا اللسان الصادق أن يكون له ذرية من الأنبياء فكان منهم من أولى العزم موسى وعيسى ومحمد وَةٌ. وفى هذا الجزء من قصص موسى ذكر ما لم يذكر فى مواضع كثيرة من قصصهء وهو صفته التى كانت من أبرز صفاته أنه كان مميخلصاء قرئ (مخلصا) بكسر اللام» و(مخلصا) بفتحها والقراءتان متلاقيتان» فقراءة الكسر معناها أنه أخلص نفسه لله وبدا ذلك فى حياته» فقد نشأ فى بيت فرعون رافغا بعيشه مستمكنا سلطان» ومع ذلك نفر من دينه وملته ورضى بأن يكون من بنى إسرائيل المستزلين المستضعفين فى أرض مصر # . .. يذبحون أبناءكم وَيَسْتَحَيونَ نساءكم . . . 639 # [البقرة]» ثم هاجر ابن النعمة الفرعونية إلى حيث يستأجر زارعا كادحاء فأى شىء يدل على الإخلاص أكثر من هذا. وعلى القراءة الثانية» وهى قراءة فتح اللام يكون المعنى أن الله تعالى أخلصه له وجعله كليمه» وذلك ثابت من حياة موسى عَيكَاِ» فقد ولدته أمه فى وقت فرعون وآله يذبحون أبناءهم» فألهم سبحانه أم موسى أن تضعه فى تابوت وتلقيه فى اليم» ويلتقطه آل فرعون ليكون فى المستقبل عدوا لهم وحزناء وقد أرادوه قرة عين لهم ١‏ وحرمنا عليه المَراضع من قَبَلَ فَقَالَتَ4. أى أخته ‏ 9 ...هل أدلكم علَى أهل بيت يكفلونه لكم وهم لَه ناصحو 09 4 [القصص]؛ وبذلك رجع إلى أمه وخلص لها فتربى فى مهدها وكنف فرعون» وبذلك صنع على عين الله» كما قال تعالى: ‏ ... ولتصنع عَلَئ عيّني 69 4 [طه] فكيف بعدها لا يكون مسخلصا وخالصا للّه» واختاره أن يكون له كليما. وكل قراءة قرآن فيكون المعنيان مرادين بمجموع القراءتين» فهو مخلص فى شخصه. وأخلصه الله سبحانه لذاته العلية. ##ا ‏ تفسيرسورة مريم مامالل تب بي الوصف الذى اصطفاهه الله تعالى به أن جعله رسولا نبياء فقال تعالى: « ركان رسولا نبا 4 الرسئول - فيما يظهر من عبارات القرآن من أرسل بكتاب مشتمل على أحكام» والنبى من ع ينأ بمخاطبة الله له بالوحى أو يرسل رسولاء أو من وراء حجاب» وقد كان موسى كذلك» فقد أرسل بالتوراة فيها كل الشرائع لمصلحة للإنسانية فى رسالته وبعضها باق سجله القرآن ولم ينسخه. وقد ذكر سبحانه وتعالى المكان الذى نزل عليه الوحى ابتذاء فيه» وهو فى أرض مدين فقال تعالى: 1 «( ونَادِينَاه من جانب الور الأَيمَن باه نجي © 4. كان خطاب الله تعالى لموسى بالكلام» ولذا قال تعالى: ط ونَادَينَاه من جانب الور الأيَْن 4 أى الجهة اليمنى من الطورء أى أن مناجاة ربه كانت من جهة الطور اليمنى» واليمين ميمون» فهذه إشارة إلى اليّمنء وما هنا مجمل مذكور مفصلا فى سورة القصصء فقد قال تعالى بعد أن أنهى الإجارة مع شعيب: جما قَصَئ مُوسَى الأجَل وَسارَبَأطله آنس من جانب الطُورٍ ناوا َال لأهله امكفوا إني آنَسْت ناا لعي آيككم َه بحب دوم اناكم تصطلون 09 فلم أناها نودي من شَاطئ الواد لأ في البق لمباركة من اشر أن يا مُوسئ ني أن اله ب العام © ون أي عصال فَلَما رآها تعر كَنهَا جَانُ وى دبرا ولّم يعقَبٍ يا موسئ أقبل ولا تخف إِنَّك من الآمنين 69 4 [القصص] . وهذا واضح فى أنه تفصيل لبيان كيف كان النداء» ولم يكن تكراراء بل كان بيانا لما أجمل هنالك» وبيان المجمل ليس تكراراء هذه منزلة عالية» وهو أنه كليم اللهء كلمه من وراء حجاب» ولذا قال تعالى: « وَقَرَبنَاه نجيًا 4 أى كان خحطاب الله تعالى تقريبا إذ ناجاه وخاطبه فإ نجيًا 4 وكأنها مسارة له؛ لأنه لم يسمع ذلك النداء غيره فى ساعة هذا النداء» تعالى الله سبحانه علوا كبيرا. #١‏ تفسير سورة مرييم ال 100000000 ل 1 [1[ذ[1[ 1[ 1[ 1[ 223213136013111 حر اق ولم يكن ذلك التشريف والتكريم فقط لموسى طََهِ بل آتاه نعمة أخرى بأن أرسل معه أنخاه هارون نبيا فقال تعالى: «( ووهبنا لَه من رحتنا أَحَاهُ هارو نيا 9 4 . أحس موسى َه بعظم التكليف الذى كلفهء وهو أن يدعو إلى الإيمان طاغية الدنيا فى عصره.ء وأنه مهما يكن عظم التكليف فهو راض به قائم بحقهء ولكن طلب أن يكون معه أخوه هارون وزيرا له ومعاونا ليحمل العبء كاملا ويعاونه فإن له بيانا ليس لموسى. وقد طلب موسى ذلك فقد قال الله تعالى: «إفال رب اشرح لي صدري 62 وَيسَر لي أمْري 65 وَاحدّل عفد من َسَائِي 9 يَمَقَهوا فَولي 2 واجعل لي وزيرا م من أهلي 9 هَرَوَ أخي 60 اشدد به أزْرِي 5 وَأَشْرِكه في أَمْرِي 69 4 [طه]ء فكان من نعمة الله تعالى على موسى أن جعل له من رحمته أخاه هارون نبياء والرحمة كانت فى هبته له نبياء اذهبا معا إلى فرعون وخاطباه قائلين : إنًا رسولا رَبك فَأرسل معنا بي إسرائيل ولا تعذبهم قد جتناك ب بآية من رَبك والسّلام على من اتَبَعْ الهُدئ 69 4 [طه] . هؤلاء من ذرية إبراهيم الذين كانوا من إسحق». وقد كان لإبراهيم ذرية أخرى ‏ كان منهم خاتم النبيين - هو إسماعيل ©4ل. وقد قال تعالى فى ذ إسماعيل : « واذكر في اْكتاب إِسمَاعيل إِنَّهُ كان صادق اوعد وكا رَسُولاً نيا © وكات يأمر أَهلَهُ بالصّلاة والرّكاة وكات عند رب مَرْضيًا 2 4 . وقد أفرد القرآن إسماعيل بالذكر؛ لأنه كان يقيم بالبلاد العربية» وأقام هو وأمه حول الكعبة» لسدانتها وحراستهاء وإفراده بالذكر تشريف له وإكرامء فإذا كان أخوه إسحق يَكَاهِ أبا أنبياء بنى إسرائيل الذين قاموا بتنفيذ التوراة وتفسيرهاء فإن من ذرية إسماعيل عَليكَخِ خاتم النبيين الذى جاء بالكتاب المهيمن على كل الكتب المنزلة» والذى فيه كل الأنبياء ومعجزاتهم . 8# تفسير سورة مرييم للا والكتاب كما ذكر هو القرآن وهو أكمل الكتب كما نوهنا؛ ولأن الخطاب للنبى ككيْهِ فالكتاب يكون هو الكتاب الذى نزل عليه وهو القرآن» وقد ذكرنا وجوه كماله» وأنه سجل الأنبياء وشرائعهم الباقية ومعجزاتهم»ء ولا ترى لها مصدرا متواترا صادقا سواه» كما ذكرنا. وقد وصفه الله تعالى بأربعة أوصاف تدل على الكمال الإنسانى الذى لا يعلو عليه كمال. الوصف الأول: أنه كان «صادق الوعد», أى إذا وعد لا يخيسء ولا يكذب بل ينفذه» وكل الأنبياء كذلك ولكن وصف الله به إسماعيل؛ لآنه كان أخص أوصافه واشتهر به» فإن إبراهيم أباه عندما رأى الرؤيا بذبح إسماعيل لم يجبن إسماعيل بل قال: #. .. سجني إن شَاء الله من الصّابرِين 69 © [الصافات]» وصدق وعدهء فاستعد لآن يذبح» وقال الله تعالى: # . .. يا إبراهيم 9 قد صَدَّقْت الرّؤيا ... 69 4 [الصافات]» فهو الذبيح الأول» وصدق الوعد والوفاء به والرضا بتنفيذه وعدم الحيف فيهء وقد كان إسماعيل كذلك فيما وعد وأوفى. الوصف الثانى : أنه كان 8 رَسُولا نيا 4 كما قال تعالى: 2 وكان رَسُولاً نيا 4 فقد جاء بشرائع ومنحه الله تعالى النبوة ة فقد كان ينزل عليه الوحى» ويكلمه الله تعالى بإحدى طرق الكلام؛ كما قال تعالى: فوم كا لبش ر أن يكلمه اله إل وَحَيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رَسُولاً ... 9 4 [الشورى]» وقد يقال: إن شريعته كانت شريعة أبيه إبراهيم» ونقول إنه أرسل بهاء ولا مانع من أن يخاطب بالشريعة الواحدة رسولان» وقد ذكر الله تعالى أن إبراهيم كان رسولا وإسماعيل كان رسولا نبيا. الو صف الثالث: وهو عملى لأنه ظ وَكَان يَأمر أَهلّه بالصّلاة والرّكاة» إن إسماعيل يله كان حقا عليه أن يأمر قومه من العرب بالصلاة والزكاة» ولكن كان 8# تفسير سورة مرييم المللل الل لل 7 ١١ ااا‎ 3 عليه أن يبدأ بأهله وذوى قرابته والمتصلين بهء ثم ينتقل إلى غيرهم مبتدئا بالأقرب فالأقرب» كما ابتدأ النبى يِل لعشيرته الأقربين بأمر الله تعالى فى قوله: 9 وأنذر هه سس اس اس اس عشيرتك الأقربين 52 واخفض جتاحك لمن اتبَعكَ من الْمَؤْمنِينَ 52 > [الشعراء] . ومن العلماء من قال: إن أهله الذين اتبعوه أجمعونء وذلك القول له وجههه وقد أمر نبى الله إسماعيل يَكَهِ بأمرين: بالصلاة» وهذا رمز للتهذيب للجماعة التى يدعوها والتربية الروحية التى تكون بالصلاة» ومايشبهها فى روحانياتهاء وتكون الركن الأول فى المقاصد الدينية» ثم يجىء الأمر الثانى وهو الأمر بالزكاة» فإنها تكون الركن الاجتماعى الذى يكون به التعاون بين الجماعة فى تحقق الركن الإنسانى فى الصلات بين الناس» وهذا يمثل الركن الثانى من المقاصد الدينية» ولا بد للشانى من الأول فهو لا يتحقق على وجهه الأكمل إلا بالأول» فالأول هو الرباط الروحى» والثانى رباط مادى لا يؤدى مؤداه إلا بتربية الروح. الوصف الرابع : وهو أعلى الأوصاف التى وصف بها إسماعيل يكلم هو رضا الله تعالى» فقد قال عز من قائل: وكَان عند ربّه مَرَضيًا 4 مرضى» اسم مفعول من رضبى» وقد زكى الله إسماعيل بأنه مرضى «إعند ربّه 4 فهو رضى فى ذاته ومرضى عند ربه الذى خلقه وكونه وقام على وجوده. وهذا أعلى ما يصل إليه المؤمن؛ ولذا قال تعالى بعد ذكر نعيم الجنة المقيم ‏ ... ورضوان من الله أكبر . .. 409 ل[التوبة] فرضوان الله أكبر من كل جزاءء ولذا قال: ركان عند بّه مَرْضيًا 4 و«كان» فى كل أوصاف الله تعالى للدوام والاستمرار» اللهم أدم علينا نعمتك وامنحنا رضاك . 8# تفسيرسورة مرييم أنبياء ليسوا من ذرية إبراهيم قال الله تعالى: رك 5 واذرقا َنصِو ينمط علي 2 0-11 0 لين مِن ذريةءا ك2 - دم وضمن 0 53 نعم الله لاا 2 يي مغ هه __/ يع رارم الى مرج 0 الكت ب إدرس ل سه ص اسار أؤلجك الزن 22 ره ا ره حمانامع: نوج ومن درَيدٍ هم نبل وَإِسْرِ لَوَمِمَنَ ينث اَن روأ سُجَدَاوكا تلك أخبار النبيين تذكر لما فيها من بهم وسلوك طريقهم » فهم أسوة الأبرار» وطريقهم هو طريق إبليس طريق الأشرارء فطريقهم هو طريق الآخيار. الكتاب هر القرآن كما أشرنا من قبل آذ ته 21 2020 3 م مره هدينا واجلبيناإذا نت عليهم 28 عبرة » ولما فيها من دعوة إلى الاقتداء طريق الأخيار» وإذا كان سرس 2ت امع ٠ (2‏ والخطاب الل كل وا وإدريس قيل : إنه كان قبل نوح» ولا نجد ما يدل على ذلك من كتاب ولا سنة» وإنما هى أخبار كتاب قصص الأنبياء . ورد فى تفسير القرطبى (إدريس يكل أول من خط بالقلمء وأول من خاط الثيِاب ولبس المخيط» وأول من خط فى علم النجوم والحساب»ء» وإذا صح هذا فربما يكون أقدم من نوحء ولكنا فى مثل هذا نقول علمه عند الله» وإنه لا يزيل إبهاما فى القرآنء ولا يأتى بعلم جديد. شيئاء ويؤكد الزمخشرى أنه جد أبى نوح عَليكَهِء ويقول بعض العلماء: كله المذكور فى سورة الصافات» وقد قال وإنه لمن أمر فالظن لا يغنى من الحق إنه إلياس عن إلياس يكلم فى سورة الصافات: تفسير سورة مريبم 111101101 طبر 7 لاود إليياس لمن الْمُرْسَلِينَ 00 إِذَ قَالَ لقومه آلا تّقُودَ 50 أَنَدَعُونَ بعْلا وتَدَرُونَ أحسن الخالقين (073 الله ربكم ورب آبائكم الأرلين 059 فَكَدبُوه نهم لَمُحَضَرُون 090 إلا عباد اللّه المخلصين 07 وتركنا عليه في الآخرين 659 4# [الصافات] . وإذا صح أن إدريس هو إلياس فتكون سورة الصافات قد بينت دعوته» وأن قومه أنكروا وكذبواء وقد وصف الله تعالى فى هذه الآية إدريس بثلاث صفات: الوصف الأول والثانى: «إِنّه كان صديقا نَبِيَا4. فهو صديق لا يقول إلا حقاكء ويصدق الحق وينفذه ولا يتردد فى تنفيذه ومعه الإذعان له من غير تململ» بل باطمئنان ورضا وقبول» وكان نبيا قد كلف بتبليغ رسالة ربه. الوصف الثالث: أن الله تعالى رفعه منزلة عالية» وقد عبر سبحانه وتعالى من ذلك بقوله: 8 ورفعناه مكانا عليا 59 4. والرفعة هنا معنوية» والمكان المراد به منزلة علياء وقد زعم بعض المفسرين أن ذكر المكان يدل على أنها رفعة مادية» ولا نرى وجها لتخصيص ذكر المكان بالرفعة الحسية» فإن ذلك تخصيص من غير مخصّص قام الدليل عليه وإنما نقول: إنها نعمة من الله تعالى على عبله ونبيه الصديق الأمين لأمر اقتضى ذلك فى علمه المكنون» ولم يبينه لنا فحق علينا أن نقول ما نعلمهء ونسلم بصدق ما لم نعلمه» والله هو العليم المحيط بكل شىء علما. «( أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن دزي إنراهيم وإسرائيل ومس هديا ابيا ذا ل لمهم آيَات لحن حرُوا مد وبكيًا 62 4 . الإشارة إلى النبيين المذكورين فى هذه السورة زكريا ويحيى وعيسى وإبراهيم وأولاده وموسى وهارون وإدريس » فهولاء جميعا قد ذكروا فى هذه السورة» وكلهم من ذرية آدم قوله: «إ من التبسيين 4 «من» بيانية» وقوله: من ذَرِيّة آدم وممّن حَمَلْنا مع نوح ومن ذَرِيّة إيراهيم 4 «من» هنا تبعيضية» فالمذكورون بعض هذه ا تفسير سورة مريم مم مييلل (زجمل _راز يي الذرية» فمن بعض من حمل الله تعالى فى سفينة نوح يك إبراهيم وهود وصالح وشعيب» «إ ومن ذَرِيّة إبراهيم 4 إسماعيل وإسحق ويعقوب» ومن ذرية إسرائيل موسى وداود وسليمان» وهكذا أنعم الله تعالى على هؤلاء بنعمة التوحيد» ونعمة الوحى» ونعمة الاصطفاء على العالمين» ونعمة الجهاد فى دعوة الحق وحرمته. وقد ذكر الله تعالى أن ممن أنعم الله تعالى من هداهم الله تعالى بهدى الأنبياء والمرسلين؛ ولذا قال تعالى: ف وممن هدينا واجتبينا 4. «الواو» عاطفة على قوله تعالى: من النبيين )» ف «من» بيانية» والله أنعم على النبيين ومن تبعهمء فقوله: وممن هدينا, أى الذين اتبعوهم على صراط مستقيم» ٠‏ ل واجتبينا » الذى اخشرناهم لنبوة وجهاد كداود»ء وطالوت الذى جعله الله تعالى رئيسا لبنى إسرائيل قادهم إلى الحرية والعزة وإن لم يكن من أبناء كبرائهم وإن هؤلاء الأنبياء المصطفين الأخيار والتابعين الأبرار قد صفت نفوسهم واستقامت قلوبهم» وصغت إلى الحق أفئدتهم فكانوا إذا تليت عليهم آياته فى كتبه الذى أنزلها الرحمن خروا ساجدين باكين؛ ولذا قال تعالى: © إذا نتلى علَيهم آيات الرَحَمَن حرو سَجّدا وبكيًا 4 سجدا: جمع ساجدء وبكيا جمع باك» أى أنهم لفرط تأثرهم بآيات الرحمة التى تنزل من عند الرحمن» ولذا اختير ذلك الوصف الرَحَمَن 4 فى التعبير عن الذات» فهم يبكون لشعورهم برحمة الله» ويسجدون شكرا لله لله تعالى على ما أنعم» وإن ذلك كان من شأن الصالحين» » فكان أبو بكر بكَاءٌ عند تلاوة القرآن الكريم؛ وكان الإمام الشافعى إذا صلى بالناس بكى وبكوا عند تلاوته حتى سمى القارئ البكاع» ومن كان من الصالحين لا تدمع عيناه ييكى قلبه. وإن ذلك من الوعى الطيب» إذ يحس ) السامع للتلاوة» بأنه يسمع الله تعالى ينادى فيرتجف ويقشعر بدنهء ولقد قال الله تعالى: « الله َل أَحَسن الْحديث كتّابا شاه ني فهر مل جلو اذ يطو ريم لعن جأودم ولوهم لا و اللّه. . 4 [الزمر]. قد ذكر الله تعالى من خلف أولئك الأبرار من النبيين والصديقين. 8# تفسيرسورة مريم كاذخ 211111212 لس زر خاف أولتك الأنبياء قال الله تعالى: 2 منرم َف أسَاعُوالصَكوة ا بق 5 2 آ آ ‏ آ آل لل 200 02 اَيَو روكيدو كل 034 ا 1 4 آ آي مون سَهنا ري هه جَتَتِعَدنٍ ل وَعَدَ اليمانْعبا 0-8 آل نوحدمي 2 امعو فيا لعو ! 2 دشم فا بكر وَعَشًا ديه 0 عِبَاِنَامَ نكن يَقَنَا 0 وميك ك2 مابينت أيَدِيسَاوَمَاخَلْفَنَاوَمَابَِ ذَلِكَ وَمَاكنَريكَ ضِئًا 42 َب لسوت وَالَارَضٍ وَمَابيهُمَا بده واصَطَيرْ لدي سرح سار هَلْتَعَلوَلسَيِيًا 2 «(فخلف من بعدهم لف أضاعوا الصّلاة واعوا الشهوات فسوف يلقون َي وه 4. «الفاء» للترتيب والتعقيب» فهى تفيد أنه جاء عقب هؤلاء الأطهار من تتكبوا طريقهم: وخحرجوا عن منهاجهم» وليس معنى ذلك أنه لم يكن فيهم من خالف المنهاج من أقوامهم» بل كان كل نبى من هؤلاء الأنبياء من لقى مقاومة من قومهء فمن قوم إدريس من قاومه. وقالوا: © ... وما تراك اتَبَعَك إِلاَ اين هم راذنا بدي الرّأي ... 69 4 [هود]ء وهذا كان شأن كل المصطفين الأخيار من ا تفسير سورة مريم اللللللاط لل لا0ا0ا اللا واكاك .. يي قُووم فى عصره؛ فكيف يقال خلف هؤلاء مع أنهم كان أمثالهم فى عصرهمء ونقول : إن أولئك الأخلاف الذين خالفوا النبيين كانوا فى أقوام من أتباعهم من حرفوا أقوال النبيين» وحرفوا القول عن مواضعه كبنى إسرائيل» والذين حملوا إنجميل عيسى كان منهم من تخلف عن هدايته وتنكب عن سبيله . وصف الله تعالى الأخلاف الذين انحرفوا بسبب هذا الانحراف ونتيجته» فقال عز من قائل: «فَخَلف من بعدهم خَلْف أَضاعوا الصّلاة واتَبّعوا الشّهُوات 4 وذكر أسباب انحرافهم فحصره فى أمرين أو ذكر أن أكبر أسبابه أمران: الأمر الأول: أنهم « أَضاعوا الصّلاة4؛ ومعنى إضاعة الصلاة إضاعة الدين؛ لأنها عمود كل دين» وكما قال النبى ْلَه «لا دين من غير صلاة»)» فهى سمة الدين وشعاره» ومعنى إضاعتها إهمالهاء أو الصلاة من غير إقامتها على وجههاء أو الصلاة التى فقدت الخشوع والخضوعء وهذا لبابهاء أو الإتيان بصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمتكرء بل تلابسها. الأمر الثانى : هو اتباع الشهوات» فإنه إذا سيطرت الشهوات على النفس» وصارت سيدا مطاعا انحرف الاعتقاد تبعا لهاء وحيئذ يتخذون إلههم هواهم وكان معبودهم وسرى ذلك إلى كل أعمالهم . وقد نبه سبحانه إلى التديجة من ذلك فقال تعالى: 8 فَسَوْف يلْقَوْنَ غَيّا 4 الغى ضد الرشاد وهو الغواية» وهى تنكب الطريق المستقيم» وإن اتباع الشهوات وجعل الأهواء لها السلطان الأكمل سبيل الفساد والغواية» وبها تنكب الرشاد؛ وذلك أن الهدى والعقل نقيضان لا يجتمعان فى قلب واحدء فإذا كان سلطان الهوى ذهب العقل وقوله: « فسوف يلقون4 «سوف» هنا لتأكيد وقوع الفعل فى المستقبل» وقوله تعالى: «إيِلْقَون 24 أى يجدون أمامهم وهو نتيجة طبيعية لترك الصلاة واتباع الشهوات . وان الله تعالى الكريم يستثنى المتقين الأبرار؛ ولذا قال تعالى : تفسير سورة مرييم للل اللا أب ا كن الاستثناء هنا منقطع» وليس استئثناء متصلا؛ ف «إمن تاب وآمن» لا يدخل فى عموم من اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلاةء ف إلا 4 بمعنى الكن»» وهمى مقابلة بين المؤمن وغيره» فالأول بت يتبع الشهوات» والثانى مؤمن تواب إلى ربه راجع إليه طالب» وقوله تعالى: (إلأمن اب » يشمل من غوى منهم الأهواء والشهوات ورجع إلى ربه» ومن لم يسيطر عليه هواه ابتداءً واتبع سبيل الحق» ويكون التعبير عنه ب تاب » إشارة إلى الإذعان الكامل؛ لأن المؤمن التواب وصل إلى أعلى درجات الإيمان؛ لأنه يستصغر أفعاله أمام الله ويحسب نفسه مقصرا فلا يدل بالطاعة» بل يستشعر الخشية الدائمة ويغلب عليه الخوف ولا يغلب عليه رجاء الثواب؛ لأنه يستكثر خطأاه» ويستقل طاعته . « فأولتك يدخلون الجئة ولا يظلمون شيئًا 4 الإشارة إلى التائبسين الراجعين إلى الله تعالى» والإشارة إلى الموصوففين بأوصاف تدل على أن هذه اللأوصاف سبب الحكم) وهو أنهم 8 يدخلون الجن 4 التى هى جزاء المتقين» «ولا يظلمون شيم 24 أى لا ينقصون أى شىء من النقص » » بل يأخذون جزاءهم جزاء وفاقا لما عملوا من طيبات» ولتجردهم من شهوات الدنيا وخلاصهم من أهوائها المردية . وذكر الله تعالى فى وصف الجحنة أنها التى < وعد الرحمن عباده 4 للإشارة إلى أنها من فضل رححته بعباده الذين يريد مه منهم الرشاد» ولا يرضى لهم الكفر ( جنات عدن التي وعد الرّحمن عباده بِالْغَيب إِنّهِ كان وعده متي ©4. «إجئات عدن 4 : هى جنة الإقامة الدائمة» كما قال تعالى: 8 ... لهم فيها نعيم مقيم 09 4 [التوبة]» وقد وعد الرحمن عباده بالغيب» وذكر 9 الرّحمن 4: هنا إشارة إلى أن ذلك من رحمة الله تعالى» إذ كان منه الغفران وهو رحمة» وكان منه تفسيرسورة مريم لل ااالللباااااللللل ا ١ اكاك‎ يي قبول التوية» وهو رحمة وأن الحسنات يذهبن السيئات » وكان منه عفوه وغفرانه إلا أن يشرك به. وقوله تعالى: بالغيب # متعلق ب وعد # ؛ لآنه وعدهم سبحانه وهم غائبون عنه» وقد آمنوا بهذا الوعد واطمأنوا إليه»ء وهو غائب» فهم آمنوا بالبعث والجزاء والرحمة وهو غائب عنهمء فكانوا مؤمنين بالغيب وهو سبيل إدراك الحقء والإيمان بحقائق يوم القيامة. وقد أكد سبحانه صدق وعده وأنه لا يخلف الميعاد بقوله تعالى : 9 إنه كان وعده مأتيا 4 الضمير فى إِنْه 4 يعود على «إ الرحمن #. وإمأتيا 4 اسم مفعولء أى أنه يجعله ‏ سبحانه وتعالى - آتيا لا محالة» وذلك كقوله تعالى: 8 ... إن الله لا يخلف الْميعاد () » [آل عمران] وبعض المفسرين فسر الوعد بأنه جنة عدن» وهو مأتى لا محالة لمن وعدوا به» ونرى أن الوعد هو ما يتعلق بنعيم الجنة والله تعالى يمكّن عباده من وعدهء فيكون آتيا بالنسبة له ومأتيا منهم إذ يمكنهم سبحانه وتعالى منهء وف جنات # بدل أو عطف بيان من قوله تعالى: « فَأُولئك يدخلون الجئة 4 وهنا يرد سؤال كيف يكون البدل جمعاء الكثير من الجنات فهو بدل جمع من جمعء وهناك قراءة «جنة عدن1"2" بالإفراد والله تعالى أعلم . وقد وصف الله تعالى الحياة الفاضلة فى الجنة فقال عز من قائل: (لا يسمعون فيها لوا إلا سلاما ولّهم رزقهم فيها بكرة وعشيا 69 4 . اللغو هو الكلام الذى لا يكون له فائدة مذكورة عند العقلاء» وهو الذى يؤدى إلى المشاحنة والمنازعة, ومبادلة القول والجدال» وكل ذلك بعيدك عن الحياة الفاضلة التى تكون فى الجنة؛ ولذا قال تعالى فى آية أخرى: «إ ... لأ لغو فيها ولا تأنيم 69 > [الطور]» وإن اللغو فى الدنيا ليس من دأب الفضلاء» وسماعه ليس اح )١(‏ قراءة (جنة عدن)» ليست فى العشر. 8# تفسير سورة مرييم اللاالللللل للملا ١ لاا‎ | بي من شأن العقلاء. وقال فى أوصاف الأبرار: 9 وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقَالُوا نا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الْجَاهلِينَ 22) 4 [القصص] . وقوله تعالى: «إإلاً سلاما» الاستثناء فيها منقطع» بمعنى لكن يسمعون هذه هى الحياة المعنوية الطيبة الهادئة التى لا لغو فيها ولا تأثيم» وقد ذكر سبحانه وتعالى أن الجسم فيها ينال حظه فى مواقيته فقال تعالى: 8 ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا 24 أى أن طعامهم يأتيهم فى أوقات منتظمة مستمرة وهى تجىء فى البكور» وفى العشية. أى على عادة المتناولين لهذه الحياة من غير زهادة ولا إفراط فى الآخل منها ليترفوا فيهاء وفى ذلك الاعتدال تكون استقامة الحياة من غير مرض ولا عناء. وإن تلك الجنة الطيبة التى تحيا فيها الروح» ويحيا فيها الجسم من غير إسراف ولا تفريط تكون للمتقين؛ ولذا قال تعالى: « تلك الْجنَةُ التي ثورث من عبّادنا مَن كَانَ تقيا 9 4 . الاشارة هنا للبعيد إعلاء لشأنها وتشريفا وتكريما لها # نورث ©)» أى يجعلها سبحانه وتعالى ميراثا لمن كان تقياء وسميت ميراثا أورث الله تعالى به لأنه خلف للعمل الصالح» ولأنه ترك الأهواء والشهوات فأنخل بديلا لها تلك الحنة وهى أغلى وأدوم» وسمى سبحانه وتعالى ذلك توريثا؛ لأنها خلفء» كما يملك الوارث بالخلافة بيد أن ذلك ميراث عن عمل صالح بنعيم دائم فهو دائم بدوام المال الموروث» وقد قال فى هذا الزمخشرى ما نصه : «نورث : استعارة أى نبقى عليه الجنة كما نبقى على الوارث المال الموروث؛ ولأن الأتقياء يلقون ربهم يوم القيامة قد انقضت أعمالهم وثمرتها باقية» وهى الجنة» فإذا دخلوا الجنة أورثهم من تقواهم كما يورث الوارث المال» . 0# تفسيرسورة مريم اللللللللل0ااالل ا االلللللال الل اللبلالللو الل اا 7 وقوله تعالى: «إنورث من عبادنا من كان تقيا» (مَنَ) مفعولء و(من) للتبعيض وقوله تعالى: ف كان تقيا 4 تفيد الملازمة للتقوى لا يتحول عنها؛ لأن كان 4 تدل على الدوام والاستمرار. «( وما نسزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما حَلَفنا وما بين ذلك وما كان ربك «وما نتزّل 4 هذا بيان من متكلم ما هو؟ أهو من الملائكة أم من المتقين؟ إن النص يحتملهماء وقد روى أن ذلك من الملائكة. وروى البخارى والترمذى أن الذى قال ذلك جبريل يناه فإنه قد روى الترمذى والبخارى عن ابن عباس أن النبى لله قال لجحبريل عيكَله: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر ثما تزورنا»» فنزلت هذه الآية(»» ومعناها على ذلك» 9 وما نتترّل 4. أى نتنزل نحن الملائكة 9 إلا بأمر ربك © الذى خلقكء. فلا ننزل من تلقاء أنفسنا بل بإرادة» وروى أنه قال النبى كل : «أنا أشوق إليك) . وقد قيل: إن المشركين قالوا: قلاه الله وودعه»ء وقد قال تعالى فى سورة الضحى: «إما ودعك ربك وما قَلَى © > هذا تخريج تؤيده الرواية الصحيحة» ونتنزل أى ننزل وقتا بعد آخر. وأدخلهم الله تعالى فيهاء ويكون معنى التنزل النزول إليها مترفقييّن» ويكون كلامهم إعلانا لشكرهم لله تعالى. ونحن نميل إلى التخريج الأول ونرجحه؛ لأنه قد ورد فيه حديث صحيح » يتفق مع نزول جبريل » ولا يتفق مع دخول الحنة ؛ لأنه يكون دفعة واحدة» ولأنه )١(‏ رواه بهذا اللفظ البخارى: تفسير القرآن - (ومَا تََتَرَلْ إلا بأمْر رَيّك) (5777)»: والترمذى: تفسير القرآن - ومن سورة مريم (70487). عن ابن عباس رضى الله عنهما. ١#‏ تفسير سورة مرييم للملا ١١ الاك‎ ١ ١ لي‎ هو الذى يناسب نفى النسيان فى قوله بعد ذلك: وما كان ربك نسيا 4 (فعيل)‎ من «(نسى)) أى ناسيا نسيانا شديدا حتى يترك نبيه» وقد أرسله لبيان شريعته»‎ والدعوة بقرآنه الحكيم الذى هو تنزيل من حكيم حميد.‎ وقد ذكر الملائتكة قدرة الله تعالى» وأنه هو الملك للملائكة والإنس والجن» فقالوا كما حكى الله تعالى عنهم: لَه ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك #. له ما مضى من أمرنا لا يعلمه سوام وله ما بين أيدينا مما هو مبهماء وما خلفنا مما تركناء» وما بين ذلك هو حاضرنا» وملكيته سبحانه لحاضرناء وهو ما بين ملك المتصرف العالم علما محيطا. وقد بين سبحانه وتعالى ملكه للسموات والأرض فقال: ربا لسّموات والأرض وما بينهما قاعيده واصطبر لعبادته هل تعلم لَه سميًا © 4 . «إرب السّموات والأرض »4 خبر لبتدأ محذوف تقديره هوارب السموات السموات ورب الأرض ورب ما بينهما من فضاءء وإذا كان هو الرب الخالق لكل شىء ولا خالق سواه فإنه وحده الذى يستحق العبادة» ولذا قال تعالى : قاعبده واصطبر لعبّادته 4. و«الفاء» لترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ لأنه إذا كان الخالق القائم بحق الربوبية» الحى القيوم فهو وحده المستحق للعبادة» ولكن هذه العبادة له يستقيم لها الإنسان وسط الأهواء والأوهام» وما يألف الناس من عبادة الاأحجار فقال تعالى: ا واصطبر لعبادته 4 أصل اصطبر «اصتبر» قلبت تاء الافتعال طاء جهود؛ ونبه سبحانه إلى أنه لا مشابه له من الحوادث» فقال: هل تعلم لَه سميا 2# أى شبيهاء والاستفهام للإنكار بمعنى النفى» أى لا تعلم له شبيها فهو 0# تفسير سورة مرييم لفل للولللوباللللل الل لاملل اللا لس نار منزه عن الحوادث كقوله تعالى: 8 ... ليس كمثله شيء وهو السّميع الببصير 69 4 [الشورى]ء وهذا النفى بالاستفهام الإنكارى دليل على استحقاقه وحده للعبادة لآنه لا شبيه له. إنكارالإنسان للبعث قال الله تعالى: رماع 1د م0 ا سوه بس هه 7ه وقول لاضن أءِ ذا مَامِتَ لَسوه | ريك سيا تي فريك لَمَحَشْرَنهم مظنت حو رَنهمْحولَجَهَما 52 عنصل هم لاصيا ين وَإِنِمَكرْ إلاواردهاكانعلرَيِكَ ههاجتا 2 وَإِدَالتلَعَلتهِ لالد كفو مه سًّ 0200 د وه ع له + ل 01 سل هرب 28 ره و م جور للذينءامنوا أىالمرد إن حَإرمَقَامَا وَأَحَسنئِيًا 0 وك سس بح عو 5 2+ اوج سا وو وى حهم أهلكا َلَهُمونرنٍ هه أحسن أتشاورءيا ع الإنسان ينظر دائما إلى حاضره ولا ينظر إلى قابله» ويتكر القابل إذا لم يتفق مع حاضره إلا أن يكون تمن هداهم اللّه وآمنوا بالغيب إيمانهم بالشاهد» ولم 8# تفسير سورة مرييم لمللولا ااال 1 لاا‎ | ١ يي « ويَقُول الإنسّان أئذا ما مت لَسَواف أُخْرَج حي 9 4 . الإنسان المأسور بالحس الذى لا ينفذ عقله إلى ما وراء الحس من غيب ستره الله تعالى» ولا يؤمن به إلا بنقل صادق» وعلى ذلك يكون المراد بعض الإنسان لا كل أحاده وعبر عن هذا البعض باسم الكل؛ لأن ما يقوله بتعضهم مساير لإحساس الكثيرين منهم» أو لحال الإنسان قبل أن يجيئه النقل القاطع الجازم؛ ولأنه مشتق من طبيعة الإنسان المأسور بالحاضر المحسوسء» لا القايل المغيب. وبعضهم يقول: إن الجنس هو المتحدث عنهء» فجنس الإنسان يدرك الحجحس وحده» إلا من رحم ربك . ويقول تعالى: « ويقول الإنسان 4 عبر بالمضارع للإشارة إلى تكراره» وأنه يذكره مراراء وللإشارة إلى صورة قوله المتكرر 9 ذا ما مت لسُوف أخْرج حَيّا 4 الاستفهام فى ظاهر اللفظ ومدلوله داخل على 9لَسّوْف أُخْرَج حَيًا 4 وتركيب القول» ولكلام الله تعالى المثل الأعلى. لسوف أخرج حيا إذا ما مت» وتأخرت لسوف »4 على «إذا» لأمرين: الأمر الآول: أن الاستفهام له الصدارة. الأمر الثانى: أن موضع الإنكار ليس هو الإخراج إنما هو أن يكون بعد الموت وأن يصير رميماء كقوله تعالى 9 ... من يُحَبِي الْعظَامْ وهي ميم 60 قل يها لي أنأما أل ةوبل هم 4 ليس]. والمعنى على هذا التخريج: أحقا مؤكدا سوف يخرج حيا مجتمع الأجزاء غير مفرق» و«اللام» لتأكيد الخروج» وسوف لتأكيد الوقوع فى المستقبل» ولقد بين سبحانه أنه لا غرابة فى الإعادة بعد الموت فقال: «( أولا يذكر الإنسان أَنّا حَلقَاهُ من قبل ولّم يلك شينًا 9© © . الواو عاطفة على فعل مذكور مشار إليه فيما سبق » وتقديره» أيقول ذلك ولا يذكر الإنسان... ا تفسير سورة مرييم للفلل لل اليك لب أ «أو» الواو عاطفة ومقامها التقديم وأخرت؛ لآن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام هنا إنكارى بمعنى إنكار الواقع» وإنكار الواقع توبيخ» أى: أيقول ذلك» ولا يذكر أنه خلق ولم يك شيئاء فهو توبيخ على هذا النسيان الذى ينسى أصلهء وكيف تكونء ولا ينسيه إلا الشيطان» وأظهر الإنسان» وكان مساق القول ألا يظهرء وذلك لانصباب التوبيخ عليه» ولتأكيد النسيان الذى هو طبيعة فى الحياة الإنسانية» إذ هى تنسى ما يغيب عنها ولا تذكرء ولقد قال الله تعالى فى مساق التوبيخ : «أَنًا حَلَقْناه من قَبَلَ وم يك شيمًا 4, أى لا وجود لهء ولا شك أن الخلق من غير صورة وابتداء الإنشاء من طين وتصويره نطفة فعلقة فمضغة مخلقة وغير مخلقة.. أصعب من إعادته مصورا يمر على هذه الأدوار التكوينية» بل كان بمجرد قوله كن فيكونء وبمجرد النفخ فى الصورء وقد قال تعالى: # .. . كما بدأكم تعودون 69 4 [الأعراف] وإن جمع الأجزاء المتناثرة أقل صعوبة من إنشائها وإبداعهاء قال تعالى: قل كونوا حجارة أو حَديدًا © أو خَلْهَا مما كبر في صدوركم فُسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أل مرة .. . (2) © [الإسراء]. ولقد أكد الله البعث بالقسم برب الوجود مضافا إلى سيد الوجودء فقال: ط فبك لتحشرنهُمْ والشباطن ثم َنحضرنهُمٍ حول جهنم جنيا 42 . أقسم بذاته العلية الكريمة مضافا إلى نبيه؛ بيانا لإعزازه وإعلانه وتكريمه؛ وكان القسم بالذات العلية بعنوان الربوبية الكالئة الحامية المتصلة بالإنسان» وبأكرم إنسان وهو محمد يل وفى ذلك إشارة إلى أن البعث من الربوبية» فهو كما أنشاكم وكلأكم ورباكم يبعثكم» فهو لم يخلقكم عبثاء و«الفاء» هنا للتعقيب على التوبيخ بتأكيد الأمر الذى قرره وقدره وأنكروه بل استنكروهء و«اللام» فى قوله تعالى: «لتحشرنَّهم » لام القسم الواقعة فى جوابه؛ ولذا أكد بنون التوكيد الثقيلة» و«الواو» واو المعية فى قوله تعالى: ا والشياطين 24 أى أنهم يحشرون معهمء وهم الذين أضلوهم.ء وجعلوهم بالأوهام التى بنَّت فيهم يعبدون الأوثان. تفسيرسورة مرييم اللللللللا الال اا 1 32 ثم ذكر تعالى ما يكون بعد الحشر وهو إحضارهم إلى جهنم فقال تعالى مقسما: لطا لحل حي ا لثم عاطفة على جواب القسم «لتحشرنُهم 4 فهو سبحانه بعد أن يحشرهم مع شياطينهم الذين وسوسوا لهم بعبادة الآوثان يحضرون,ء وإن ذلك وإن كان خاصا بالكفرة؛ لأنهم الذين أغواهم الشياطين وأضلوهم» ولكن أضيفت إلى الجميع الأبرار والفجار؛ لأن الحشر للجميع ‏ والجميع يرون جهنم كى تتلى الآيات من بعد. والإحضار حول جهنم جائين على ركبهم؛ ولذا قال تعالى: «ثم أنحضرنَهِمٍ حول جهنم جنيًا 4 ٠‏ والحثى جمع جاث» وهم الجالسون على ركبهم. فقال تعالى: وترئ كل أُمّة جائيّة ... 468 [الجاثية]» وذلك يكون فى أحوال تناقلات القولء» وذلك من تجاثى أهلها على ركبهم, وذلك يكون فى حال الاستفزاز والقلق»ء وكأنهم لهول ما يرون يتجاثون على ركبهم فزعين قد أصابهم الهلع» ويكونون حول جهنم مترقبين ما يكون من أمرهم فى جزع. والعطف ب 8 ثم 4 يقتضى فاصلا بأمد ليس قصيرا بين الحشر والإحضار»ء وذلك الأمد يكون فيه الحساب ويكون ما يقرره الله لأهل البرء وما يقرره للفجارء فكل يحضر حول جهنم ثم يكون الأبرار بعد ذلك للجنة إذ يرون ما آل إليه أمر الكفارء كما سنتلو قوله تعالى: «إوإن مُسكم إلأ واردهًا كان على رَبك حشما مُقضيًا 69 4 . ويقول فى أحوال يوم القيامة وأهواله: وض كل شط أنع لخو عن ون ». نم4 عاطفة للترتيب والتراخى؛ لأنه ترتيب أعمال يوم» فيكون الحشر ثم الإحضار إلى جهنم جثيا ثم نزع أشدهم عتوا من الشيع» من كل شيعة أعتاها وأجرؤها على الرحمنء» وقوله تعالى: 9 لسنزعن # «اللام» لام القسم التى تكون فى جوابه وهى تنبئ عن قَسَّم مقدّر فى القول» والنزع الاستخراج لا اخشيار ا تفسير سورة مريم الل وج وير يي للمنزوع فيه» بل متخير مأخوذ أخذا لا اختيار له فيه»ء الشيعة على وزن «فعلة»» وهى الطائفة المتشايعة فى عنادها وكبريائها وعصيانهاء والنزع من كل طائفة لها هذا التعاون على الشرء وقوله تعالى: ل أيهم أَشَْدُ عَلَى الرّحَمَن عتيًا 4 والعتى مصدر عتا يعتو عتيا بالضم وعتيا بالكسرء وعتواء وأشد شرا فيهم» وظ أيهم 4 قد تكون فى معنى الاستفهام. والجواب عنهء أى الذى يقال فيهم أيهم أشد على الرحمن» أى أجرأ فى الباطل والظلم والاستكبار» وقيل: أشد على الرحمن عتيا؛ لأنه إذا كان عاتيا على الرحمن جريئا عليه» فهو معن فى الشر إمعاناء إذ هو غير شاكر للرحمة؛ لأنه تمعن فى الاستكبار على مصدرها ومرسلهاء وهكذا ينزع الله تعالى يوم القيامة من فئة متشايعة على الشر أشدهم عتوا وتجبرا ثم الذى يليه كل فى طبقته من الشرء وهذا يشير إلى أن من دون هؤلاء عتوا وجحوداء قد يكون فى موضع الغفران إذا تاب» وإن الحسنات يذهبن السيئات» وإنه بعد نزع أشدهم عتوا يكون الصلى فى نار جهنم» ولذا قال تعالى: نم نحن أعلم بالّذين هم أولئ بها صليًا 9 > . أى أنه سبحانه وتعالى ينزع أشدهم عتوا من بين الأشرار فئة فكة» والله تعالى أعلم بمن هم أولى بالنار صلياء ول صليًا 4 مصدر صلى يصلى صليا مثل مضى يمضى مضياء وهوى يهوى هوياء ومعنى «إأولّى »». أى أحق بأن يصطلى هذه النارء والعطف ب لإا ثم » يفيد التراخى المعنوى بين النزع من الشيع» وصليها بالنار فإنه يكون العرضء» ثم يكون الإلقاء فى النار إلقاءء وهكذا يختار من الشيع المستغرقة فى الشر المتشايعة فيه أعتاهاء ثم يلقى أحقها بالصلى فى النار» ويعفو الله سبحانه عن بعض العصاة غير المشركين إذا تابوا أو كانت لهم حسنات تكافئ سيئاتهم ؛ لأن الله تعالى يقول: طإِنَ الله لا يعفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذَلك لمن يشاء . 62 > [النساءاء ويقول: 9 . .. إن الحستات يذهين السيّات ... 059 4 0. [هود]ء ويقول: « ... ويعفو عن كثير 9 [الشورى]. ٠‏ 8# تفسير سورة مرييم للملا بلحم ]و لي وإن الناس جميعا يرون النار» ليعرف الأبرار مقدار إكرام الله تعالى إذا قال تعالى: « وإن منكم إلا واردها كَانَ على ربك حَنَما مقَضيًا 9 4 . (إن) هنا نافية» والمعنى ما منكم إلا واردهاء وقد التفت سبحانه وتعالى من الغيبة إلى الخطاب؛ لواجهة عباده بما قرر لهم وما قدره سببحانه اوتعالى عليهم. والورود ليمس معئاه الدخول» بل إن المؤمن يدها ولا يلقى ولا يعذب فيهاء وبذلك يوفق بين قوله تعالى: لإوإن سَكُم إل وارهها 4 وقوله تعالى بالنسبة للمؤمنين: « ... أولتك عنها مبعدون 9 4 [الأنبياء]» أى مبعدون من عذابها ولا يلقون فيها ولا يدخلونهاء وروى أن المؤمنين يوردون عليها وهى ضاورة(1؟, خامدة بالنسبة إليهم لا تمسهم ولا يلقون عذابها. كان على ربك حَتْما مُقْضيًا4, © كان 4 ذلك الورود «علئ ربك 4 الذى خلفك ورباك «حتما 4 أى لازماء ف«( مقضيًا 4, أى قضاه الله تعالى وكتبه على نفسهء كما قال تعالى: 8 ... كتب ربكم علئ نفسه الرّحمة ... 6) # [الأنعام]» وإن هذا الكلام لتأكيد الوقوع» وإنه سبحانه وتعالى قد كتبه على ذاته العلية» ولا الآصلح» فإن هذا ليس من ذلك الباب فى شىء» إنما لتأكيد الوقوع والقضاء منهء وهو الذى يقضى ويقدر وهو العزيز الحكيم. وبعد أن يردها الجميع يصطفى الله تعالى من وردها المؤمنين التقاة» فيلجيهم منها؛ ولذا يقول تعالى: . ثم ننجي الّذين انوا ودر الظّالمين فيها جني 69 #4 . )١(‏ هكذا بالواوء وَالتَّضَوْرٌ: التُضعَف من قولهم: رجل ضُورة وامرأة ضورةٌ؛ و الفمُوركٌ بالضمء من الرجال: الصغير الحقير الشأن. قاله بد العباس: لسان العرب- ضور. وقد تكون (ضامرة) بالراء» من الضمور وهو الهزال. وكلاهما يحتمل معنى امود والله أعلم . 1# تفسيرسورة مريم الك بيب _ب_ رار يي العطف بظثُمَ 4 هنا للتفاوت البعيد بين النجاة التى كتبها الله للذين اتقواء والصلى الذى كان لأولى الناس بالصلى فى علم الله تعالى» والنجاة تكون للذين اتقوا العذاب ولم يشركوا بالله شيئا فلم يعبدوا الأوثان» ولم يفتنوا أحدا فى دينه» ولم يكفروا بآيات الله تعالى ووحدانيته» وذكر الموصول يدل على أن الصلة وهى التقوى السبب فى الإنجاء أو التنجية» والتنجية هى المبالغة فى النجاة. هذا بالنسبة للمتقين» أما الكافرون فقال الله تعالى فيهم: ا وَنَدَر الظَالمِين فيها جثيا 4, أى جاثين على ركبهم ذلا وفزعا ورعبا وألماء والجثى تصوير لحالهم باحس الدال على أنهم فى أشد الفزع والألم» و وَنَذَرك معناها نتركهم» وعبر سبحانه وتعالى عن الكافرين بظ الظالمين 4 ؛ لأنهم ظلموا أنفسم بكفرهم وإشراكهمء وظلموا الناس بفسادهم» وظلموهم بالفتنة والصد عن سبيل الله فى معاملتهم للمخالفينٍ لهم وظلموا الحق بجحودهم مع رؤية آياته : «( وَجَحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظَلْمَا وعلواً. .. 09 [التمل]. « وإذا تنلى عليهم آياتنا بيات قال الْذين كَفروا للّذين آمنوا أي القريقين حير ماما وأحسن نديًا 9 4 . هذه أحوالهم فى الآخرة» ولكنهم عنها عمون» فقد حسبوا أن الآخرة ‏ إن كانت فى زعمهم - ستكون لهم كما أن الدنيا تكون لهم؛ ولذا كانوا يستمرئون عنهم ؛ ؛ ولذا قال الله عنهم ظ وا نتلئ عليهم آياتنا ينات قال الأذين كوا للّذِين آمَنوا أي الْفريقِين خير مُقَامًا وأحسن نديًا 69 4 . « وإذا تتلى عليهم آياتنا 4, أى يتلى عليهم القرآن المنزل من الله تعالى» أى تقرأ آياته مرتلة واضحة بينة فى ألفاظها وعباراتها المعجزة ومعائيها الواضحة الزاجرة الواعظة المبشرة المنذرة - أعرضوا عنها واستهزءوا بقراءتها وبالمؤمنين» وقالوا للذين آمنوا فى شأنهم ساخرين منهم مستهزئين بهم ومستهينين بأمرهم : «( أي الْمَريقَين 4 المؤمن والكافر»ء والبر والفاجر تحير مُقَامَا 4 ومنزلة «( وأحسن 8# تفسيرسورة مرييم لللللااال 11 لح اة ديا )4 أى منتدى يجتمعون فيه ويسمرون» فهذا للأقوياء الكبراء ذوو المال والحاه والسطوة. وذلك للضعفاء والأرقاء المستذلين. ومؤدى القول أن المؤمنين ضعفاء مسترذلون فى ذات أنفسهم ومكانهم فى هذه. والذين يخالفونهم فى منتدى طيب ومال وفير وعزة فى النفرء وإذا كانوا كذلك فلابد أن يكون بعد ذلك كذلك إن كان بعث ونشورء ولا يظنونه» وهذا كقول قوم.نوح له: ذ# ... وما نراك اتَبَعك إلا الّذِينَ هم أَرَاذلنا بدي الرأي ... 69 »4 [هود] ولقد قال فى شأن الكافرين: «وَقَالَ الَِينَ كَفَروا للّذين آمنوا لو كَانَ حَيّْرا مّا سَبَّقُونا إَيه ...469 [الأحقاف]» فهم يتخذون من أن الذين آمنو ضعفاء دليلا على البطلان» وذلك لغرورهم وضلالهم» وتلك فتنة وقعوا فيهاء وذلك أنهم يحكمون على الأمر بأنه باطل لضعف أتباعهم» وبأنهم على حق بقوتهم» وتلك فتنة لهم ولذلك قال تعالى: « وكذلك فعا بعضهم ببَعض ليَقولُوا أَهؤّلاء م الله علَيّهم مَن بسنا أليس الله بعلم بالشاكرين © 4 [الأنعام] . وقد رد الله قولهم ببيان أن العبرة بالعاقبة» لا بالأمر الحاضرء وإن كثيرين من القرون السابقة أهلكهم الله بظلمهم» ونجا الذين استضعفواء وكان منهم أئمة وكانوا الوارثين؟؛ ولذا قال تعالى: « وكم أهلكنا قَبلّهم من قن هم أَحَسن أَنَانَا ورِءيًا 69 4 . (كم) هى العددية» أى وكثير من الأمم أهلكناهم قبلكم» وكانوا أحسن أثاثاء فبيوتهم كانت مملوءة با مناع الطيب؟ لأن الأثاث هو متاع البيت» و(الرتى): المنظر الحسن» أى إذا كنتم تفاخرون المؤمنين بأنكم أهل ند حسن فيه الطنافس17) والآرائك والذرابى المبثوثة» وأنهم فقراء يعيشون فى شدة» وليس لهم ندى كنديكم» وأنكم بذلك أهل الحق» والمؤمنون هم أهل الباطل» فقد أنصفهم الله منكم وكان هلاك الله نازلا بكم» والقرن الجماعة أو الأمة من الناس التى تعيش فى زمن من الأزمان» وإذا كان الهلاك لا يكون إلا لأهل الباطل فليس الغنى )١(‏ جمع طنفسّة: وهى بساط له حمل رقيق. لسان العرب-طنفس. ا تفسير سورة مريم 7 ل ممالل > اا والثروة دليلا على أن الحق فى جانبهماء فالحق لا يعرف إلا بالإيمان» وآيات الله تعالى » وكذلك شي الله المؤمنين ين الفقراء وأهلك الكفار الأغنياء . سئة الله تعالى فى الضلال والهداية قال الله تعالى : 2 قلمن كن ف الصََلااةَ فليِمَدٌ 1د دَهالسمن مد حدر وَأمَابوعدُونَ إِنَاأَلْمَدَابُ وا وَالصَاءَة يلوو نهر كان حلم -- 0 ص سمس م الوم قل وَأَضِعفٌ بِحندًا ليه وَيَزِب لله | زر » أهشتدوأهدى َيل بست عشيدية سس 2 | سه سه صرح عر _- ص أ 6 ييا مه نموا آَ مه 2 وو ددم و رصح له يه رع ا وَتَمَدلهُدِمِنَالْمَدَابٍ مدا ليا وكرت ل صخر بر ع ساح عر 7 رص بسر ه مَيَهُولُ ونيا فردا لوج ايندو هله يوار 2 كلاس ١‏ بكرو يصاد جم وَيَكْونونَ عَلِمْضِدَا 1ج أويَوسقاشبيلي م الكفية ورا © ماسج عليه إِنَمَا كد لَهُمْعَدًا نا يوم حشرا حَممَالْمْتَِينَِلَاليَحمنِوَفدَ ا( وق الْمُجَرميَ صل عدون © جنيك 2 بَمْلَكْونالسَفلْعَةَ لام ندَعِندَ ليَمسنَعَهَدًا 72 8# تفسسير سورة مرييم 2 الو الل حب ا قل من كَان في الضّلالة فَلسَمْدَد لَهُ الرَحْمَنْ مدا حَتَّئْ إِذَا روا مَا يُوعَدُونَ إِمَّ اْعَدَابِ وما الساعة فَسيَعَلَمُونَ من هو شر مُكَانَ وأَضْعَفْ جد 69 4 . يقول تعالى ردا على المشركسين فى غرورهم بالمال والبنين ومتعة الجاه والسلطان : طقل من كَانَ في الضّلالة فلْسِمَدَه لَه الرَحْمِن مدا الخطاب لمحمد عَللِلُ ه سبحانه وتعالى بأن يبين لهم الحق وسنة الله تعالى فى أمر الضلالة والهداية» هر سبحانه يَة الي أرادوا الضلالة وسلكوا سبيلها وأخذوا فى أسبابها. يمدهم فيها مدا حتى يحسبوا أن الأمر إليهم» كما قال تعالى: « وأملي لهم إن كيدي متين 52 4 [القلم]ء يمهلهم سبحانه ويتركهم فى غيهم يعمهونء ويزيدهم بالمال ويعطيهم. حتى يفرقهم الغرور ويجعلهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وقال تعالى بلفظ الأمر: ١ل‏ فَليِمدد له الرّحَمن مدا 4 جاء الخبر على صيغة الأمر؛ ؛ لبيان أن ذلك بإرادة الله وكأنه يأمره به أمراء وهو استدراج من الله تعالى لهمء ٠»‏ كما قال تعالى: « . .. ستستدرجهم من حَيْث لا يَعلَمُونَ 60 وأُمْلي لَهُمَ إن كَبْدي مَتينْ 9 4 [القلم]ء كما تلونا من قبل . وأكد سبحانه إمهالهم واستدراجهم بالعطاء بوفرة عليهم بالمصدر مدا 4 وأسند سبحانه وتعالى المد إلى الرحمن؛ وذلك لإفادة أن من رحمة الله بعباده أن يمكن كلا ما يحبء ثم يحاسب كُلا على ما فعل من خير أو شرء فيكافئ كُلا بما فعل إن خيرا فخيرء وإن شرا فشر. ويستمر الضال فى غيه 8 فَسيَعلَمُونَ من هو شر مكَانًا وَأضْعف جندا 4. وما يوعدون هو أحد أمرين إما العذاب فى الدنيا بالقتال والجهاد واستتصال الشركء وقد رأوه فى جهاد النبى يللي وقد اجتث ث الشرك اجتثاثاء وإن لم يكن الجهاد وضرب الشرك وجعل كلمة الله هى العلياء فإنها تكون الساعة تستقبلهم ويكون العذاب يوم القيامة. ٠‏ وعند الوصول إلى هذه الغاية المحتومة «إ فُسيَعلَمونَ من هو شر مَكَانَا وأضعف جندا 4 «الفاء» عاطفة على «إما يوعدون 24 و«السين» لتأكيد الفعل فى المستقبل ا تفسيرسورة مرييم : اللللل ا تاللا اللا هه < 232 «من هو شر مكَانَا 4 يوم القيامة حيث يكون فى الجحيم» وضعفاء المؤمنين فى جنات النعيم» وهو رد على قولهم : « أي الفريقين حير مقَامًا وأحسن نَديًا 4. وقوله تعالى : وأضعف جندا 4 إذا كان عذابهم فى الدنيا فإن أولئك الضعفاء الذين سخروا منهم سيكونون جند الله تعالى ويسحقونهم سحقاء هذا شأن أهل الضلال الذين اتخذوا أسبابه والذين مدوا فى ضلالتهمء وأملى لهم استدراجاء أما الذين سلكوا سبيل الهداية فقال تعالى: «( وَيزيد الله الْذينَ اهعدوا هدى والْبَاقيَاتَ الصّالحات حير عند ربك ابا وَخَير مَرّذًا © 4 . 1 ش 1 1 « ويزِيد الله الّذينَ اهمدوا 4 بأن سلكوا طريق الهداية وأزالوا كل غشاوة ونفذوا إلى نور الحق :ل هدى ‏ بأن يستمسكوا بالحق ويهتدوا بهديه. والآيات التى تنزل تزيدهم إيمانا فوق إيمانهم» وكل سورة تنزل تزيد قوة فى إيمانهم؛ كما قال تعالى : «(وإذا ما أت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إعانا َم اين آمنوا فزادتهم إانا وهم يَسحَبْشِرونَ (055 وام دين في فُويهم مُرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم ومَاتوا وهم م كافرونَ (022 4 [التوبة]. وإن الذين اهتدوا تشرب قلوبهم حب الإيمان ويستمرئون الطاعة فيسيرون فى طريقهاء ويصلون إلى الغاية» وما كان من أعمالهم فهو باق له أجره وثوابه ويرد عليهم يوم القيامة» وإن كل خير يبقى» وكل شر يزول فهو كالزبد يكون له مظهر الوجود ولا يبقى» ولقد قال تعالى: 9 ... فَأمَا الزّبد فيذهب جقاء وما مَا ينقَع الئاس فيَمكث في الأرض ... 09 4 [الرعد]ء والأعمال الصالحة لهذا باقية؛ ولذا قال تعالى: ‏ وَالْبَاقَيَاتَ الصّالحات 4 وهى ما تكون ثمرة للإيمان القوى المثمر «إخَيْرٌ عند ربك ثَوَابا 4, أى خير جزاء وقبولا عند الله» أما غيرها من الأعمال التى لا تكون ثمرة للؤيمان فلا خير فيها ولا تبقى» ولقد قال فى مثل ما ينفق الكافرون: ف مئل ما ينفقون في هذه الْحياة الدنيا حمل ريح فيها صر أَصَابت حرث قوم ظَلَموا أنفسهم فَأَهلَكَتْه وما ظلَمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون 09 4 [آل عمران] . 0# تفسير سورة مريم الال ااالللللللللللللا0ا60اااللل ل لل للا هه : يي فالباقيات الصالحات من أهل الإيمان تكون خير جزاء من أعمال الكافرين» وطخي » أفعل تفضيل» ولكنه ليس على بابه؛ لأن مقابله لا خير فيه قطء وقوله تعالى: ‏ وخير مُرذًا 4 أى خير ما يرد به المؤمن يوم القيامة فهو يرجع عاريا من كل حلية إلا حلية العمل الذى يكون به الثواب ويكون لغيره العقاب» والخيرية فى أفعل التفضيل ليست على بابها إذ لا خير فى غيرها إذا كان أفعل التفضيل ليس على بابه» فالمراد به أنه بلغ من الخيرية أعلى درجاته فلا خير يعلوه قط . وإن متشأ الضلالة هو الغرور بهذه الحياة والطمع؛ وقد صور سبحانه وتعالى هذا الغرور فى قوله: ل أَقرَءيت الذي كَفَر بآيَاتنا وقَال لأوتِينَ مالا وولّدا 9 أطُلعَ الغيب أم انَخَذَ عند إن المشركين مغرورون بالدنيا غرتهم بغرورهاء وحسبوا أنها لا حياة بعدهاء وقدروا لأنفسم مقاديرها فهم يستمتعون بحاضرهم» ويحسبون أن قابلهم من جنس حاضرهم بل ذهب بهم فرط غرورهم إلى أن حسبوا أن البعث إن كان يكونون فيه الأعلين كما هم فى الدنيا. وقوله تعالى: «أَفَرءيت الذي كفر بآياتنا وقَالَ لأوتين مالا وولّدا 69 4, «الفاء» للترتيب والتعقيب» وهى تصور كيف يمد للكافر حتى يصيبه الغرور» وهى مؤخرة عن تقديم وتقدير القول: فأريت» ولكن الاستفهام له الصدارة فقدم على الفاء» والاستفهام للإنكارء إنكار الواقع» وهو بمعنى التنديد لمن كانت حاله كذلك فى غروره» وقوله تعالى: 8 الّذي كفر بآياتنا/4. أى جحدها وأنكر دلالتها على وحدانية الواحد الأحد الفرد الصمد» وهذا من الاستنكار الذى أفاده الاستفهام. وقال مقسما قسما هو حانث فيه لأوتينَ مالا وَوَلّدا 4, ؛ و«اللام» لام القسم الواقعة فى جوابه» ولذا كان التوكيد بنون التوكيد الثقيلة» وما كان له أن يحلف تلك اليمين الفاجرة الآثمة بأن سيكون له مال وولد» وقال فى قسمه الحانث «لأوتين 4» أى أنه بإرادته وقدرته الواهمة سيكون له مال قد اتخذه وأخصذه تفسيرسورة مريم ااالإم للا الالالال > ناز لنفسهء وقد قال فى بيان أنه مغرور» ولا يكون المغرور صادقا: ظ أَطْلع الغيب أم انَحَدَ عند الرحمَن عهدا 469 الاستفهام إنكارى بمعنى إنكار الوقوع» فهو بمعنى النفى لا دخل الاستفهام عليه ومقابله» فهو لم يطلع على الغيب ولم يتخذ عند الله عهدا. قال الزمخشرى فى قوله: ‏ أَطْلع الغيب 4 معناه أرتقى علم الغيب» من قبل قولهم: اطلع الجيل ارتقاه. وأرى أن قوله: اطلع تتضمن الرؤية» وهنا همزة استفهام » وهمزة الفعل» والمعنى أراى الغيب عياناء أم اتخذ عهدا عند الله تعالى» وإن شيئا من ذلك لم يحدثء. فهو لم ير الغيب عيانا؛ إذ هو مطموس الفكر والنفس والقلب» وهو لا عهد له عند الله كما قال تعالى: # ... لا ينال عهدي الظّالمينَ 659 > [البقرة] . «( كلا ستكتب ما يقول وَتَمِد لَهُ من الْعَذَابِ مدا 69 4 . ويذكر المحدثون جميعا أن سبب نزول هذه الآية أن خباب بن الأرت المؤمن الذى عذب فى سبيل الله كان قيناء أى حدادا فصنع للعاص بن وائل شيئا فطالبه بأجرته» فلم يعطه حتى يكفر بمحمد فقال: لاء فقال: إنكم تقولون إنكم ستبعثون» وسيكون لى ذهب فإنى معطيك منهء فنزلت هذه الآيات. وقد رد الله تعالى كلامه فقال سبحانه: 8 ستكتب ما يقول ونَمد لَه من الْعَدَابِ مدا وإن ما يقوله مكتوب فى علم الله تعالى الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا يحصيها فكيف يقال: ستكتب ما يقول 4 بالسين التى تؤكد الكتابة فى المستقبل» واللّه به عليم» وقد أجاب الزمخشرى عن ذلك بأن معنى 8 ستكتب 24 أى سنظهر المكتوب» وأحسب أن معنى ‏ سنكتب #. أى سنكتبه فى كتابه الذى يقرأ عليه والذى ينطق بسيئاته حجة عليه قائمة لا يكون له سبيل لإنكاره» أى نسجله عليه فى صكّهِ المنشور يوم القيامة. ونمد له فى غروره مداء وسمى ذلك عذابا؛ لأنه سبب لعذابه» فذكر المسبب وأريد السبب» وذلك جائز فى المجاز المرسل والله تعالى أعلم. ثم يقول تعالى: ١#‏ تفسير سورة مرييم علخ امم خخ ع م ع ع عمال ع مم مالملا مالعالا قط مامالا غ1 مالع ع 1 !ااا اناا ممما اللا كه : 2 « وترئه ما يقول ويأتينا فُردا 9© 4 . «وترثه مَايقول»4. أى نجعل ما يقول خلفا يتركه فى الدنيا ويأتينا يوم القيامة فردا: منفردا عن ماله وولدهء :ما يقول 4 : هو الذى تألّى أن يكون له مال وولد ليكونا زينته فى الحياة الدنيا فهو يعطاهماء ولكن يخلفها من بعده ويتركهما حيث كانا فى الدنياء ويجىء منفرداء كما قال تعالى: ‏ ولَقَد جتتمونًا فرادئ كما حَلقناكم أَوَل مَرَة ... )4 [الأنعام]ء فلا مال ولا ولد يبقى» إنما الباقيات الصالحات كما قال تعالى. ويصح أن نقول: إن ما يقول هو دعاء الأنداد والإشراك بالله تعالى» وفتنة المؤمنين فى دينهم» وادعاؤه أنه أولى بالنجاة من المؤمنين إن كانت» وإنكاره البعثء وقوله: 9 ... أئذا كنا ترابا أئنًا لفي خَلْقَ جديدٍ ... © 4 [الرعد]. وهذا الذى يقوله فى الدنيا من افتراء على الله وكذب» وكل هذا سيكون ميراثه يوم القيامة ينال عذابه ويدخل جهنم وبئس المهاد. وإضافة الميراث لله سبحانه؛ لأنه سبحانه هو الذى يقوم بعمل التوريث فى الدنياء فيورثه أخلافه» على التفسير الأول وهو الذى يورثئه العقاب الأليم على المعنى الثانى وهو الذى نختاره» والله ‏ تعالى ‏ أعلم بمراده. وبعد ذلك بين الله أنواع الكافرين» فبعضهم يتخذ آلهة من دون الله وبعضهم قالوا اتخذ الرحمن ولداء فأما الأولون فقال سبحانه فيهم: وَانَحَدُوا من دون الله آلهة لَيَكُونوا لهم عزا 59 كَلاً سيكفرون بعبادتهم ويكونون عَلَيْهِم ضدًا 69 4 . هذا فريق من الكافرين» وجعل سبحانه وتعالى الضمير يعود إلى جمعهم؛ لأنهم جميعا اتخذوا آلهة» فقوم اتخذوا أصناما آلهة» وآخرون عبدوا النجوم, وغيرهم عبدوا الملاتكة وقالوا بنات الله - تعالى - وبعضهم عبدوا الأشخاص» كالهنود الذين عبدوا كرشنهء والبوذيين الذين عبدوا بوذا. وكل يرى فى معبوده نصيرا ينصره» وشفيعا يشفع له. وعبدة الأصنام كانوا يعبدونهم ليقربوهم إلى الله 1# تفسير سورة مريم | الملل > اا زلفى» وقالوا: «. .. ما تعبدهم إلا ربوا إلى اللّه زلفئ . .. 20 4 [الزمراء وقد رد الله سبحانه وتعالى ذلك ردا زاجراء فقال سبحانه: « كلا سيكفرون بعبادتهم ويَكُونون عَلَيهِم ضدًا 9© 4, إكلاً4 حرف للردع والزجر وبيان الغفلة وسوء التقدير والجهل؛ لأنهم فى الوقت الذى يحتاجون إلى نصرتهم سيكفرون بعبادتهم» والضمير فى قوله تعالى: فإ سيكفرون بعبادتهم # يعود إلى العابدين» ويكون المعنى أنهم فى يوم القيامة يوم يحتاجون إلى النصيرء ويعتزون بالولى يكفرون بعبادة الأوثان التى كانوا يرجون منها النصرة والعزة فى الدنيا؛ إذ تتبين حالهم ويتتكشف أمرهم ) ويرون أنها لا تملك من أمرها شيئاء ويظهر الصبح». وينجلى الحق © ويَكُونونَ عليه ضدًا», أى يكون العابدون ضدا عليهم ولا يكونون معهم. هذا على أن الضمير يعود على العابدين الذين ع بدوا آلهة من دون الله تعالى -» بل يصل الأمر إلى أن ينكروا عبادتهم لهمء كقوله تعالى: ثم لم تكن فسَمهِم إل أن قَانُوا واللّه نا مَا كنا مشركين 9 4 [الأنعام]ء وكما قال تعالى : ومن صل مم يَدْعُو من دون الل من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غَافنُونَ ى وَإِذَا حشر النّاس كَانوا لَهُم أغداء وكَانوا بعبادتهم كافرين 400 [الأحقاف]. ويصح أن يعود الضمير على الآلهة التى اتخذوها من دون الله بتنزيل الأوثان منزلة العقلاء فى زعمهم» ولمعنى أن الأصنام التى أرادوها عزا لهم ستكون ضدا عليهم؛ وتتبرأ منهم فلا يكونون عونا لهم يل يكونون عونا عليهمء كما قال تعالى: «وإذا رأى الذين أشرَكُوا شركَاءَهم فوا با ؤلاء شركاؤنا ارين كنا َدْعُو من دونك فَألقوا إِلَيهِم اقول إِنَكُم لكَاذبُونَ 6 4 [النحل]. وقال تعالى فى سورة إبراهيم: ٠:‏ «وبرزوا لله جَميعًا فَمَال الضعقاء للذين اسْتَكبرُوا نا كنا َكُم ًا هلأسم مغو عن من عَذَاب الله من شيء قَانُوا َو دان الله يناكم ماين عن آم صبرَا مانا من مُحيص (7) وقالالشيطان َم قُضِي الأمر إن اله وَحَدَكُم وَعْدَ الْحَقَ وَوَعَدنُكم فَأخْلفَْكُمْ وما كان لي عَلَيْكُم مَن سلَطَان إلا أن 9 1# تفسير سورة مرييم الل لل 100 01 #37*ظ2523 لجح ماه 7 دعوتكم فَاستجبم لي فلا َلومُوني ولُومُوا أَنفسَكُم ما أن بمصْرِحَكُم وما ّم بمُصرخي ني كفرت بما أش ركمُوني من قبل إن الظالمين لَّهُمَ عَدَابْ أَلييمٌ 9) © 4. وربما يكون من الممكن أن نقول: إن الضمير يعود إلى العابد والمعبود» فكلا الفريقين يكفر بالآخر ويكون عليه ضداء والله أعلم بمراده» ويقول الله تعالى فى إغراء الشياطين: «ألم تر أنَا أَرَسلنا الشياطين على الكافرين توزهم أَر © فلا تعجل عل عليهم إِنّمَا هذا بيان لتمكين الله الشياطين من الكافرين باستفزازهم وتهييجهم للشرء ألم تر الاستفهام إتكارى بمعنى النفى ؛ وفيه تنبيه إلى تمكن الشياطين» ونفى النفى إثبات » والاستفهام الذى > بمعلى النفى داخل على منفى ب «لم)) والمعنى قد أرسلنا الشياطين» أى مكناهم من الكافرين يغوونهم» «9 تؤزهم 4 أى تستفزهم وتهيجهم إلى الشر تهييجا شديداء وإن ذلك يزيل عجب النبى يل من إصرار الكافرين على كفرهم واستهزائهم بالنبى كَل واجتماعهم على الباطل ورد الحق. فالله سبحانه بين أن ذلك من تسليط الشياطين عليهم تستفزهمء وتهيجهم إلى الشر ليستحقوا نقمة الله كاملة وسخطه عليهم , وأنه سيحانه وتعالى لهم بالمرصاد. لا يزكيهم» وأنه يَعْدُّ عليهم ما يفعلون عَدَاء وكلما أمعنوا فى شرهم كان عليهم العذاب بمقدار إمعانهم» ولذا قال تعالى: إفلا تعجل عَلَيهمإِنَمَا نعدلهم عد هن 4 «الفاء» لبيان أن ما قبلها سبب لما بعدهاء أى أن الله تعالى أراد لهم ذلك؛ لأنهم اخستاروا لأنفسم أن يكونوا عبدة الشيطان فهو يستفزهم دائماء يرتكبون شرا بعد شر حتى يصلوا إلى أقصى الغاية فيه ويبتغوه» وكله محسوب عليهم معدود عذاء» إنما © أداة قصر» أى إنما يفعل ذلك ليعد عليهم عداء وكلما أكثروا كان العذاب على قدر ما يرتكبون. وفهم بعض المفسرين أن عه عد يدل على القلة» ونحن نقول: إن القلة بالنسبة لله تعالىء. لا أنه قليل فى ذاته. ومعنى لفلا تعجل عليهم 4 لا تطلبهم فى عجل من أمرهم إنهم آتون إليك يوم ا تفسيرسورة مريم ٠‏ ل ممالل لأست ا القيامة أذلاء صاغرين» وفى الدنيا لا تعجل عليهم فسيكون عذابهم على يديك وتكون كلمة الله هى العلياء وكلمة الذين كفروا هى السفلى . يوم نحشر الْمتّقين إلى الرحمن وفدا 62 © . يوم # متعلق بمحذوف معناه نؤجلهم إلى يوم يكون جزاء المتقين وجزاء المجرمين. والمتقون يحشرون مجتمعين على كرم الله تعالى لهم» فيكونون وفداء أى ركبا مكرما فيكونون وافدين كرماء» كما يفد الركبان على الرؤساء الأجوادء ويحلون محل الكرامة فى ساحتهم» وقوله تعالى: إلى الرحمن 4. أى أن الحشر إلى الرحمن الرحيم الذى يرحم عباده المؤمنين بجنة أورثوها بعملهم الطيب» ويستقبلهم عملهم الطيب كأنه رجل له عبير وعرف الأطهار المطمئنين» ويدخلون الحنة تجرى من تحتها الأنهار» أنهار من خمر لذة للشاربين» وأنهار من عسل مصفىء وهذا إكرام وفد الأبرارء هذا وفد المتقين. أما المجرمون فيساقون سوقا إلى جهنمء وهم عطاش يردون وردا يشربون القيامة : ونسوق المجرمين إِلَى جهتم وردا 63 > . ونسوق المجرمين4. أى ندفعهم مسوقين كالبهائم مهانين غير مكرمين» لا إلى الرحمن رب العالمين» وإنما يساقون إلى جهنم وهم عطاش وكأنهم يذهبون إلى ورد ماء يردونه ولكن يكون السوق والدفع إلى جهنم فيكون وردهم جهنم وبئس الورد المورود لهمء والورد الذهاب إلى الماع وفى هذا تشبيه» أى أنه شبهت جهنم لهم بالورد الذى يردونه على أنه ماع فإذا هو جهنم» فهى استعارة تمثيلية. وهم يلقون فى جهنم لا شفيع يشفع؛ ولذا قال تعالى : ##/ تفسيرسورة مريم الللللالل 011000 ىح أى أنهم يكونون منقطعين للنار مخلدين فيها لا يشفع لهم شافع؛ كما قال تعالى : « ... ما للظَالمين من حَمِيم ولا شفيع يُطَاعْ 407 [غافراء وقوله تعالى : لا يملكون الشفاعة 4, أى لا يتمكنون من أن يشفع شفيع» فلا يقبل عدل» ولا تنفعهم شفاعة, ثم قال تعالى: 9 إلا من انّحْدْ عند الررحمن عهدا 4. الاستثناء هنا منقطع قد قوبل فيه حالهم بحال المؤمنين» ومعنى الاستثناء هنا: لكن من اتخذ عند الله عهدا يشفع له. والعهد هنا هو شهادة أن لا إله إلا اللّه» وعبادة الله وحده وهذا العهد تكون به الشفاعة لمن يأذن الله تعالى له» كما قال تعالى: ‏ يومئذ لأ تتفع الشتفَاعة إلا من أذن لَه الرَحمن ورضي لَهُ قَولاً 6 4 [طه]ء وكما قال تعالى: «إولا يملك الّذينَ يدعون من دونه الشّفَاعَة إِلأَّمَن شهد بالْحَقَ وهم يَعلَمُونَ 9© 4 [الزخرف]ء فلا شفاعة لمن لا يشهد بالحق» والشفاعة لمن شهد بالحق لمن يأذن الله تعالى له بالشفاعة» وقال تعالى: «ل وكم مَن مَل في السّموات لا تغني شفاعتهم شينا إلا من بعد أن ين الله لمن يشاء ويَرضئ 9 4 [النجم] . كطرمن قال اتخذ الله ولدا قال الله تعالى: آل ره كه وم َال 1 حرمو 0 0 اا هله دعوأ 2 0 اتوت والتض ,لق سه :أنه دع 0 دم مَوَفُرُدًا 5 ذه سه 1 م آ هه ه-ه و ِنَ لذت ءامنوأوع يلوا الصَللِحتٍ سَيَِجَعَلُهُمْ 1# تفسير سورة مريمم لل ١ اكاك‎ 7 ١ ىر‎ حههر ب -- آ ا ته ل و ليحن ود ذال وَإِنَمايسَيهلسَالَ لِتْفْرَيهِ لْمتَقِسَ وَجزْرَيفِتَمَالدا © وَكدَْهَلَكَاقبَلَهُر مَنْفَرْ مَل متهم يَأحَرِأَوْمَعْلَهُمْ كرا لها هذا هو القسم الثانى من الكافرين» والأول قد ذكرناه» وهم الذين يعبدون غير الله من أوثان ونار وكواكب وشمسء وبعد أن بين مآلهم» وعاقبتهم يوم القيامة» ذكر الذين فجروا وكذبوا على الله تعالى: ل وَقَانُوا انّحَدَ الرّحمن ولّدا 62 4 . سرى هنا إلى الذين قالوا إنا نصارى من الأفلاطونية الحديث» والأفلاطونية الحديثئة أخذتها من الهندء» حيث إن البراهمة قالوا: إن كرشنه ابن براهماء وبوذا ابن الله» ولقد أعظم الذين قالوا إنا نصارىء» أعظموا الأمر وأضلوا أنفسهمء فزعموا أن الله اتخذ ولداء أى أراد أن يكون له ولدء واتخذ ولدا؛ لاحتياجه إليه؛ ثم أذاعوا بهتانا عظيماء فقالوا إنه قديم بقدم الله تعالى 9 بديع السّموات والأرضٍ أنّى يَكُون لَه ولد ولَم تَكُن لَّهُ صاحبّة ... 9 4 [الأنعام]» وذكر الله تعالى بوصف الرحمة؛ لأنه سبحانه رحيم بالجميع فكيف يكون مختصا بولد أو بصاحبة» ورحمته عامة للعالمين. ولآن ذلك الكلام الذى يقوله النصارى وكفروا به كفرا عظيما قال الله تعالى فى وصف هذا بقوله تعالى: دإ لقَدْ جنم شيا إِذا 9 تَكَاد السّموات يتفَطَرنَ منه وتدشق شق تدشق الأَرض وتَخرٌ الجبَال هَدَا © 4 . أى لقد جتتم بهذا القول شيئا إداء أى منكرا تنكره العقول» ولا يليق بذات الله العلية» ولقد قال الراجز: 8# تفسيرسورة مريبم للم 23211111 ليها جب ا 20 لقد لقى الأقران منّى نكر داهية دَهْيَاء إِذَا إِمْرا وأى منكر يكون داهية للعقول أن يقول قائل: 9 تَحَدَ الرحمن ولّدا 4 . ويلاحظ أنه انتقل الكلام الكريم من الغيبة إلى الخطاب؛ ليوجه القول الشديد إليهم وينبههم إلى عظيم ما ارتكبواء وأنهم أتوا بأمر تطابقت العقول المدركة على إنكاره؛ وهو خطير فى ذاته لا يقوله إلا مأفون فى غفلة عن التفكير السليم المنطقى» ولقد كنا كلما تذاكرنا مع القائلين لهذا القول يقولون: إن ذلك فوق العقول لا تدركه»ء وما هو بمدرك فى ذاته؛ ولذا شاع بين فلاسفة النصارى كلمة المنطق الدينى فى مقابل المنطق العقلى البرهان. وقالوا: إن منطق الدين لا تطبق عليه مقاييس البرهان والاستدلال» ويقولون لآنه فوق العقل. ونقول لهم: إن منطقهم الدينى أمر منكر فى العقول» وهو إد فى العقول. وهو أمر مع أنه نكرء هائل فى بطلانه» وأثره فى تضليل الأفهامء وغفلة العقول: ظإتَكَادُ السّموات يتَفَطَرنَ منه وتدشق الأرض وتخر الْجبَال هد 60 6 . هذا الهول من ذلك القول الذى قاله النصارى مقلدين للفلسفة المشتقة من الديانة الوثنية عند البراهمة دالبوذيين, وهر و قو ييحاولون, إدخاله فى العقول» و٠‏ وهو سص ماي هاس مختلفة متعددة كررة. وقرئ يقطرن)!") من يل فعل الطاوعة. وهو من فطره بمعنى شقّهء وانشق مما يحتاج إلى معالجة» ومما يصعب فطره» فلا يقال كسرت القلم فانكسر؛ لأن كسر القلم لا يحتاج إلى معالجة ومحاولة» ولكن يقال: كسرت الحجر فانكسرء أو كسرت الباب فانكسر. وما المراد من هذا التصوير السامى العالى: أيراد به بيان هول هذه الكلمةء وأنها لو نزلت على السماء والأرض لتفطرت السماء وانشقت اللأرض» وهدت 000( قراءة «يتفطرن) فى سورة مريم: بالتاء. وتشديد الطاء: نافع وابن كثير وأبو جعفرء وعلى(الكسائى) وحفصء وقرأ الباقون (ينقطرن) بنون ساكنة مع كسر الطاء المخففة . غاية الاختصار: 077/7 . 1# تفسيرسورة مريم للم كا يي الجبال هداء فالتصوير بيان بطريق التشبيه أو الاستعارة لضخامة البطلان فيها» من حيث إنها لو كانت محسوسا يحس ونزل على السموات لتفطرت وتقطعت أوصال نجومهاء ولو نزلت على الأرض لانشقت وهدت جبالها التى هى كالأوتاد. ثم إن هذه الكلمة كانت تسوغ تعجيل العقاب عليهم بأن تنفطر السماء عليهم»ء وتنشق الأرض وتهد الجبال هداء ولكن الله تعالى يمسك السماء والأرضء كما قال تعالى: إن اللّهِ يممسك السّموَات والأرض أن تزولا ولك زَالنَا إن أَمْسَكَهُمَا من أَحَدٍ من بَعْده إِنَّهُ كان حَلِيمًا غَفُورا 69 4 [فاطر]» وإن ذلك بسبب هذا الافتراء والادعاء الباطل؛ ولذا قال تعالى: أن دعا للرَحْمَن ولا 69 وما يبي للرّحمِ أن يعخِذَ ولّدا 69 4 . أن دعوا 4 المصدر المنسبك من «أن» والفعل مجرور بلام التعليل المحذوفة» والمعنى تتفطر السموات والأرض لادعائهم أن للرحمن ولداء وهو ادعاء ادعوه؛ ودعاء لهم فى عباداتهم» فقد ادعوه افتراء على الله واتخذوه إلها فى ضمن آلهة ثلاثة تابعين للمصدر الذى قلدوه فيهاء وهو زعمهم الأب والابن وروح القدسء وظ ولدا4 مفعول ل «دعرا 24 إذ دعوه بغير علم ولا حجة»ء غير عارفين لمقام الألوهية» ولا مدركين» وذكر وصف الرحمن فى هذا المقام؛ لأن هذا الوصف يحمل دليل بطلان قولهم؛ لأن رحمة الرحمن لكل عباد الله» فلا يختص ابنا مدعى ولا مفترى . ثم بين سبحانه أنه ليس من المعقول الذى يتفق مع كمال اللّه وجلاله أن يتخذ الله ولداء ولذا قال: « وما ينبغي للرّحمن أن يتخذ ولدا 69 4, أى ما يسوغ ولا يعقل أن يكون للرحمن ولداء لعدم الحاجة إلى الولد أولاء وللخالفته للحوادث ثانيا؛ ولأن الولد يحتاج إلى صاحبة ثالثا؛ ولأنه لا قديم إلا الله رابعا؛ لآنه يؤدى كأصله الفلسفى إلى أن الأشياء تنشأ عن الله تعالى كما ينشأ المعلول عن علّتهء والله فاعل مختار يفعل ما يريد. 8# تفسير سورة مرييم اللا «( ينبغي 4 فعل مطاوعة من بغى» أى طلب بشدة لحاجته» وفعل المطاوعة كما ذكرنا هو الفعل بمعالجة» ومحاولة؛ وذلك لا يكون من الله سبحانه وتعالى» وذكر وصف الرحمن جل جلاله؛ لأنه كما ذكرنا ينافى وصف الرحمة للعالمين؛ ولذا قال تعالى فى وصفه بالرحمة للعالمين وأنها تعمهم» ولا يخص بعضهمء ولا يكون ولد بالولادة لآنه لا صاحبة» ولا بالتبنى لأنه ليس من جنسه: إن كل من في السّموات والأرض إِلأّآتي الرَحَمَن عَبْدًا © لَقَدْ أَخْصاهم وعدهم عدا © 4 . لتم روى البخارى عن أبى هريرة كراقة : يقول الله تبارك وتعالى: «كذينى ابن آدم ولم يكن له ذلك» وشتمنى ولم يكن له ذلكء فأما تكذيبه إياى فقوله لن يعيدنى كما بدأنى» وليس أول الخلق بأهون على إعادته» وأما شتمه إياى فقوله اتخذ الله ولداء وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن له كفئا أحد)27؛ ولذا ما كان ينبغى أن يكون للرحمن ولدا؛ لأنه تطاول على مقام الألوهية من قائليه؛ لأن العباد جميعا بالنسبة له على سواء» وعيسى طَيكَِهِ عبد الله ورسوله. وكما قال تعالى: أن يسُتكف الْمَسيح أن يكُونَ عبد لله ولا الْمَلائكَة المقربون. . .0992 > [النساء] . و(إن) فى قوله تعالى: إن كل من في السّمَوَات »© نافية» أى ما كل من فى السموات والأرض إلا آنيه عبدا خاضعا خانعا لله سبحانه وتعالى» قائما بالعبودية» فا جميع خاضع له خضوع العبيد الأحياء وغير الأحياءء «وللّه يسجد من في السموات والأرض ... 62 4 [الرعد] . وقوله تعالى: إلا آتي الرّحمن عبّدا 4. إلا آنيه مقبلا على الله تعالى إقبال العبد فى خضوع وخنوع» خضوع العابد للمعبودء وهو الله جل جلاله. ويقول الإمام الزمخشرى فى تفسير هذه الآية: والمعنى ما من معبود لهم فى السموات )١(‏ رواه البخارى : تفسير القرآن- لا ينون أحدء أى واحد (15947) عن أبى هريرة كتزافية . كما رواه النسائى وأحمد. ا تفسير سورة مريم لل ااال لل > ا والأرض من الملائكة ومن الناس إلا وهو يأتى الرحمن» أى يأوى إليه ويلتجئ إلى ربوبيته عبدا منقادا مطيعا خاضعا خاشعا راجيا كما يفعل العبيدء وكما يجب عليهم لا يدعى لنفسه ما يدعيه له هؤلاء الضلال» ونحوه قوله تعالى: ( أولتك لين يعون يَبِسَعُون إلى ربَهم الوسيلة أيهم أقرب ويرَجون رَحَمَمَه وَيُخَافُون ذاه الإسراء]ء وكلهم منقلبون فى ملكه مقهورون بقهره» وهو مهيمن عليهم؛ محيط بهم» ويحمل أمورهم. وتفاصيلهاء وكيفيتهم» وكميتهمء ومجيئهم» لا يفوته شىء من أحوالهم. وقوله تعالى: 8 لَقَد أحصاهم وعدهم عدا 68 4. فيه معنى إحاطة علم الله تعالى بهم وبأحوالهم وبأشخاصهم كما نقلنا عن صاحب الكشاف» وفيه أيضا إنذار للعصة المذنبين» بأنه سبحانه وتعالى سيحاسبهم بمقدار تلك الإحاطه الشاملة» والمعرفة المتقصية التى لا تدع صغيرة ولا كبيرة إلا دخلت فى إحصائهاء ولذا قال تعالى بعد ذلك: «( وكلهم آتيه يوم القيامَة دا (2© 4 . أى آتى الله تعالى منفردا عما كان يعتز به من مال وبنين وعشيرة» ونفر وقوةء ولا شفيع ولا نصيرء ولكن يلقون الله تعالى بأعمالهم مجردةء وبأشخاصهم مجردين» وإن ذلك يوم القيامة» يوم يحاسب كل واحد على ما قدمت يداه» ويؤتى كتابه فيه إحصاء ما عمل» وتنطق أيديهم وأفواههم بما كانوا يقترفون . وبعد أن بين الله تعالى حال الكافرين من عبدة الأوثان» ومن كذبوا على الله وقالوا اتخذ الله ولداء بين الله سبحانه وتعالى حال المؤمنين فى الدنيا فقال: فإ إن اين آمنُوا وَعَمنُوا الصالحات سيَجعل لهم الرَحَمن وَذا 69 4 . إن الّذين آمنُوا4, فسبقوا إلى الإيمان مذعنين لله وقووا إيمانهم بالعمل الصالحء فالإيمان من غير عمل صالح يزكيه وينميه مآله أن يكون خاويا فارغاء تفسير سورة مرييم الللللللل الل لالم الل اا : يي وقال الله تعالى فى ثمرثه الاجتماعية بالنسبة لعلاقاتهم الإنسانية: 8 سيجعل لهم الرحمن وذا4 بضم الواو وبكسرهاء وبهما كانت القراءة» فقرئ بالضم. وقرئ بالكسرء والود المحبة من غير حمل عليهاء بل بانجذاب القلوب المؤمنة» فإن الإيمان يصفى قلوبهم» وينير بصائرهم» فينجذب بعضهم لبعض من غير تحبيب» بل بمقتضى الطهر الجامع. والإخلاص الذى يؤلف القلوب» ويؤاخى بين الناس» روى أن النبى كَكلِيْهٌ قال: «إن لله عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانهم من الله يوم القيامة» قالوا: ومن هم يا رسول الله قال: قوم تحابوا بروح من الله على غير أرحام تربطهم ولا أموال يتعاطون, والله إنهم لنورء وإنهم لعلى نور ثم تلا قوله تعالى: ( ألا إن أولياء اللّه لا حوف عَلَيهم ولاهم يحزنون 69 4 [يونس]. وكذلك كان المؤمنون الأولون» حتى إن الرجل من الأنصار بعد لمؤاخحاة كان يشاطر أخخاه فى ماله غير ضنين» بل إن بعضهم كان ذا زوجتين فهم م بآن يطلق إحداهما ليتزوجها أخوه» ولذا وصف الله الأنصارى بقوله تعالى: 17 . ويؤثرون عَلَئ أنفسهم ولو كان بهم خَصاصَة ... © 4 [الحشر] . ولقد كانت المحبة الصادقة والمودة الرابطة قوة المسلمين فى مكة» حيث لا قوة لهم من مال أو جاه أو سلطان» فقد كانت هذه المودة دافعة أبا بكر لآن يشترى الأرقاء من المؤمنين» ويعتقهم» وقد صاروا فيما بعد قوة المسلمين فى الجهاد وذوى شأن بين أهل الإيمان. وإنه من وقت زال الود الجامع للمؤمنين زالت وحدتهم» وذهبت قوتهم» ولا أستطيع أن أقول: إنهم خرجوا عن الإيمان» ولكن المؤكد أنهم لم يعملوا عملا صالحاء بل تنابذوا وذهبت ريحهم. ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى ما يجمع شملهم ويوحد أمرهم. ويذهب شتاتهم وهو القرآن الكريم. فقال تعالى: ا تفسيرسورة مريم امال لس > اا الضمير فى 8 يُسَرنَاه4 يعود إلى القرآن؛ لأنه حاضر فى قلوب المؤمنين يملأ أجواءهم بعطره ونوره فلا يحتاج إلى ذكر معين سابقا؛ لأنه مذكور دائما حاضر فى القلوب لا يغيب عنهاء و«الفاء» للإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر تقديره: إذا كانت حجتك الكبرى هذا القرآن العظيم» فإنما يسرناه بلسانك العربى» وسهلناه على كل عربى يقرؤه من غير عوج ولا عجمة فيه ولا إبهام, لتبشر به المؤمنين الذين يدخل الإيمان قلوبهم؛ لأنهم يذعنون للحق إذا جاءهم» والناس أقسام ثلاثة القسم الأول: قسم آمن بالحق إذ جاءهم كأولئك الذين كانوا خلية الإيمان الأولى من أمثال أبى بكر وبلال وصهيب وزيد بن حارثة. والقسم الثانى: قسم قلبّه منفتح للحق يجيب داعيه» ويحضر ناديه» وهؤلاء ومن سبقهم هم الذين يبشرهم القرآن بالجزاء الآوفى. والقسم الثالث: النّدُّ وهم الذين يجادلون بغير الحق» وهؤلاء ينذرهم القرآن الإنذار الشديد لكيلا يكون لهم عذر فى كفرهمء ولتقوم الحجة عليهم؛ كما قال تعالى: 9# . .. وإن من أَمه لذ حَلا فيها نذير 9 »4 [فاطر]» وقال تعالى: # .. كنا مُعَدبِينَ حتَئ تبعت رَسولاً 2 4 [الإسراء]ء واللسان هو اللغة وهى هنا ري وَاللّذُ جمع ألد وهو الشديد الخصومةء ومنه قوله تعالى: 8 ... وهو أَلْد الخصام © 62 4 [البقرة]. وقال الشاعر العربى: أبيت نجيًا للههموم كأننى أُخَاصم أقوامًا ذَوى جَدَل لُذا ومن شأن أهل الجدل والخصومة أن يكون عقلهم فى انحياز جانبى إلى تفكير» لا يفتحون عقولهم لما يلقى عليهم فلا يستمعون إلى الحق إذا دعواء ١# 4‏ تفسير سورة مرييم اللا ااال لاا ١١‏ لي ويسيرودت طريقهم غير مدركين حقاء والإنذار يزعج حسهم» وربما يهتدون. وإلا فهم فى طريق الغواية سائرون. وإن هؤلاء ربما يمهلهم الله إلى يوم القيامة. حيث الحساب ثم العقاب على ما اقترفواء وقد أنذر المشركين بما عصى الذين من قبلهم فأهلكهم الله تعالى» ولقد قال تعالى: ( كم كنا مهم م فزن هل فح مهم من أسد تس لهم كرا 9ع 4 . القرن: الجماعة من الناس التى تعيش فى عصر واحدء. فالقرن الجماعة. وليس الزمن. والرأكز هو الصوت الخفى» ومعنى ذلك أنهم أبيدوا» وصارت آثارهم تنبئ عنهم ليكونوا عبرة المعتبرين» وليكونوا المثلات لمن يرتكبون مثل ما فعلواء والركز يقال لكل شىء مختف» فيقال ركز الرمح, أى اختفى فى الاأرض والركاز المال المختفى. كذلك قال الزمخشرى فى الكشاف. وإن هذا بلا ريب إنذار للمشركين فى الدنيا بالهلاك والدمارء كما كان لقوم جعل سبحانه وتعالى أرضهم عاليها سافلها. وهكذاء ولكن المشركين لم ينزل سبحانه ذلك بهم ولكنه ذكره لبيان عاقبة بهم ذلك العذاب المستأصل؛ لأن محمدا يَلكِْةٌ خاتم النبيين فلا بد أن تبقى طائفة من أمته ظاهرة على الحق داعية إليه سبحانه» وقد كان من أولئك المشركين من هداه الله وكان قوة للمؤمنين وعرًا للإسلام؛ وكان من ذرية العاتين من صار من نصراء المؤمنين كعكرمة بن أبى جهل» والله بكل شىء عليم . هذه السورة مكية وعدد آياتها 1 وكلها نزلت بمكة» وقيل إلا آية 7٠كء‏ وقد ابتدأت بخطاب النبى يَكلَدِ بأن الله تعالى ما أنزل عليه القرآن ليشقى بتحمل أعباء الكافرين فى كفرهمء وليس هو إلا مذكرء والقرآن تنزيل من قوى قاهر خلق السموات العلاء وهو المسيطر على هذا الوجود. «الرحمن على اعرش استوئ 2)» وهو يعلم كل شىء» إوإن تجهر بالقول فَإنهِ يعم لسر وأَحفَى 409 . وقد تحدث سبحانه بحديث موسى عليه السلام فى بعثه وخطاب الله تعالى له وقد رأى نار للم ناه ُودي يا مُوسئ 9© إن أن ويك الع كنت باواد الْمقدّسِ طُوَى 00 وأنَا اخَترتك فَاسْتَمع لما يُوحئ 009 إنِّي أَنَا الله لا لَه إلا أنَا فاعبدني وأقم الصّلاة لذكْري 69 إِنّ السّاعة آتية كاد أخفيها لتجزئ كل نفس بما تسعئ 2402 وبذلك أخبره باختياره نبيا ونبهه إلى معجزته الأدلى وهى العصاء قال: «ومًا تلك بيَمينك يا مُوسئ 09 قَالَ هي عَصاي أَنَوكا علَيْهَا وش بها على عَنَمِي ولي فيها مُآرب أخْرئ 69 قال ألقها يا مُوسئ 9© فَالْقاهَ دا مي حَيةٌ مسْعئ )»> وأمره أن يأخذها ولا يخافء وأعقبها بمعجزة أخرى فقال: «واضمم يَدَكَ إَِى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آي أخرَئ 09 لريك من آياننا الكبْرَى 49 . كلفه بعد أن رأى هاتين الآيتين أن يدعو فرعون إلى الهدى فقال سبحانه: «اذهب إِلَىْ فرعون إِنّهُ طَعَئ 59 4 ولكن مومى الكليم يحس بضعفه.» وأنه لا يحسن القول فيقول: رب اشرح لي صَدَرِي 69 وير لي أي 6 واحلل عقدة من ساني 69 يََقَهُوا قولي 62 واجعل لي وزيرا م من أَهْلي 69 هرون ١‏ أخي © اشدد به أَزرِي . هاا تفسيرسورة طه الا 0100 ١١ اكاك‎ يي © وأشركه في أَمرِي 9 كي نُسبّحَك كثيرا 9 وَدكْركَ كيرا 0 نك كس بنا بصيرا 462 ويجيبه الله «. .. قد أوتيت ت سؤلّك يا موسئ 69 ولقد متنا عليك مرَة أخْرئ 9 »4 ولقد أشار سبحانه إلى منته الأولى عند ولادته إذ الهم | مه «أن اقذفيه في لتَابُوت قاقدفيه في اليم يه اليم بالساحل َه عَدوَ بي عدو له وفيت عليِك مَحبة مني ولتصنع على عيني 09 إذ 0 تمشي أختك فقول هل أدلكم على من يكفله فَرَجِعنَاكَ إلى أمك كي تقر عينها ولا تحر ... 460 ويذكر سبحانه بعض قصصه قبل الرسالة وقتله المصرى وفتنته ببنى إسرائيل» ويشير سبحانه إلى قصته فى أهل مدين « فلبثت سنين في أهلٍ مدين ثم جئت علَئ قَدريا موسئ (© وَاصطَنَعك لنَفْسي 4069 . وقد أمره سبحانه أن يذهب هو وأخوه إلى فرعونء وأن يترفقا معه فى القول «فقولا لَه قلا ينا لله يتََكْرَ أو يَخْشَئ ©©4, ولكنهما يخشيانه لسطوته وجبروته واستهانته بكل إنسان» وهكذا يبرر سكوت الناس عن الطغاة واستتكار أعمالهم بالقلوب» ولقد قال الله تعالى لهما: لفَأَتِيَاه فقولا نا رسولا رَبك فَأَرسل مَعَنا بي إسرائيل ولا تعذبهم قد جثناك بآية مّن رَبك والسّلام علَئ من اتْبَعْ الهدئ 4069 أمرهما بأن يخبراه بوحى الله تعالى: «#إِنَا قَد أو حي إِلينَا أن الْعَذَاب عَلَى من كدب وتولئ 402: أخذ فرعون يجادلهماء وسألهما من ربكما؟ قالا: ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى. وسألهما: فما بال القرون الأولى؟ قالا: علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى» وأخذا يعرفان فرعون بكمال الله تعالى فى خلقه وببيان قدرة الله تعالى فى الخلق والإعادة «منها خلقناكم وفيها نعيد كم ومنها نخرجكم َارةَ أخرئ 469 . ولقد أراه الله تعالى على يد موسى وهارون الآيات الكبرى» وكانت كلها حسية ولكنه لم يؤمن» وحسب أن موسى جاء لينزع ملك فرعون,ء لا ليهديه. وكذلك كان يستعين الفراعنة الذين حكموا مصر فى عصور النور: قال أجثتنا لتخَرجنًا من أَرْضنًا بسحرك يا موسئ 69 فَلَأنِينَكَ بسحر مَثْله . .. (4)52» وجعلوا بينه وبينهم موعداء وقد وافق موسى على أن يكون الموعد هو يوم الزينه يوم يحشر الناس ضحى . ب تفسيرسورة طم لللإللالااللللاااال بالل للك م لكك .. يي التقى موسى بالسحرة فتبين للسحرة أن موسى ليس ساحراء وأن معجزة موسى أعجزت السحرة فآمنواء ولكن فرعون بدل أن يؤمن قال للسحرة : قال آمهم له قبل أن آذن لكم إِنّه لكبيركم الذي عَلّمَكُم السحر فَلأُقَطَعن أيديكم وأَرجلكم من خلاف 4 سعورطظة قم وكه الس هم و ووه 2 د يه 2 2ع عورهم” 1 8 2 ولأصأبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقئ (407., وهنا تبدو قوة إيمان 1 ا جع ل هم سل سسا سا سمس مومسم لل م 6 م المصرى إذا آمن: «إقالوا لن تؤثرك علئ ما جاءنا من البيدات والّذي فطرنا فاقض ما أنت قَاض إِنّمَا تقضي هذه الْحَياة الدنيا 69 إِنَا آمنا بربنا ليغفر لَنَا خطايانا وما أكرهتنا عليه من تحر وخر وأ وت إن بت ةجوم فل هنل لو ف ليحن و لح ااي ف وقد ا و 460 كن لمن فرعون وملؤه» فأمره 7 يسرى ببنى ى إسرائيل ليلا نيمهم فر فرعون بجنوده فُعَشيهم من اليم ما عَشيْهُم 62 وَأَضْل فرعون قَومَه وما هدئ 469 . أخرج الله بنى إسرائيل من فرعون وطغيانه» ومكنهم من أرض سيناء» وقال لهم تعالت حكمته وكلماته: «يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب 0 وهاء م مم ههه الدظ ظ# وم اي م وهم ور 002 علوم اه م م وم إلى الطُور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوئ 60) كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوئ 469 . يعالج بنى إسرائيل وكان علاجهم أشد من علاج فرعون؛ لأن علاج النفوس التى 2 تطغي وتضعف ») ومردت على النفاق وا لضعفء ومعاشرة الكافرين» وتأثر نفوسهم بالكفر والشرك» ولذا صعب أمرهم. ذهب موسى إلى ربه فقن بنو إسرائيل بالعجل من بعده فقال الله تعالى: «إوما أعجلك عن قومك يا موسئ 609 قال هم أولاء علئ أَنْرِي وع عجلت إِليك رب لترضئ 69 قال فَإنًا قد فعنًا قومك من بعدك وَأَضْلّهِم السَّامِرِي 462 . أضلهم السامرى بأن صنع لهم تمثال عجل من ذهب» ووضعه لهم فى مهب الريح فإذا هبت صوت / تفسير سورة طه م اللللمملللااااااللااالل الل لل 7ج م َي ١‏ بصوت يشبه الخوار «فَأخرج لهم عجلاً جسدا لَّهُ خوار ... 460 ولتأثرهم بعبادة لعجل التى كان المصريون هارسونها قالوا: ...هذا هكم َه مُوسئ ... 46 ولكن إذا كان له صوت خوار فليس بحى» ولا فيه حياة لأفلا يرون ألا يرجع إل «ش قَولاً ولا يملك لهم ضرا ولا تَفعًا 49 . فعلوا ذلك فى غيبة موسى عليه السلام» وأخذل هارون يرشدهم ويقول: ١‏ .. يا قوم نما فتنتم به ون ربكم الرحَمن فَاتبعوني وأطيعوا أَمْرِي 400 . ولكنهم أصروا على عبادته وقالوا: 9#. .. أن تبرح عليه عاكفين حَتّىْ يرجع إلينا موسئ 4)9. جاء موسى فوجَّه اللوم إلى أخيه هارون عليهما السلام» ولكن اعتذر نبى الله هارون بأنه خحشى أن تكون فرقة بين بنى إسرائيل» وقال: ...يا بنَومٌ لا تأخذ بلحيّتي ولا برأسي إني حشيت أن تقول فَرَقْت بين بي إسرائيل ولم ترق قَولي 462 وعلى أى حال فهارون عليه السلام لم يشاركم فى عبادة العجل» كما قالت التوراة المحرفة غير الصادقة» وكان هذا من أعظم الأدلة على تحريفهاء بعد أن عاتب أخاه وحسبه مقصرا اتجه إلى السامرى الذى أضلهم فقال: «قَال فَمَا حَطبك يا سامري (62 قَالَ بْصرت بم لم يبِصروا به ... 469 من الصناعة» صناعة التماثيل» طفَفْبْضْت قَبْضَةَ م أَثْر الرّسُول4. أى من تعاليمه ودعوته لى التوحيد ...تنه وكذلك,سولت لي نفسي 69 فال قاض اك في ال أن تقول لا مساس وإِنْ لك موعدا أن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ُنحرقنه نم لتسفتّه في اليم نسمًا 469 كان هذا دليلا عمليا على أن ذلك الصنم لا بملك من أمره شيئاء ولذلك قرر ألوهية الله وحده 9إنَما إِلْهَكُم الله الذي لا لَه إلا هو هله أطراف من قصة موسي عليه السلايه وقال تعالى فى ذلك: «إكذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آنَاك من لدنًا كرا 4669 . وبين سبحانه عاقبة من أعرض عن ذكر الله تعالى , وأشار سبحانه إلى يوم القيامة «يوم يتخ في الصور وتحشر المجرمين يومد زرقا فض مبينا سبحائه حال الناس يوم القيامة وحال الأرضء وما فيها إويسألُونك عن الجبال قل يدسفها بي نسفا 2 فَيدَرهَا قَاعا صفصفًا 0-9 لا ترئ فيهًا عوج ولا أَمنَا 070 يَوْمْذ يتَبعُونَ الدّاعي لا عوج لَه إل تفسيرسورة طم الللملل ااال للك 22 تحب ا وَحَشّعت الأصوات للرّحمن قلا تَسْمَعْ إلا همسا 00 يوعد لأ تتفع الشّفاعَة إل من أذن لَه الرّحمن ورضي لَه قَولاً 6-9 يعلّم ما بين أيديهم وما حَلفَهم ولا يُحيطُونَ به علَّمًا 4699 . بعد هذا بين سبحانه أن الوجوه كلها تكون عانية خاضعة» وقد خاب من حمل ظلماء بين سبحانه منزلة القرآن وأنه نزل عربياء وصرف فيه من الوعيد ما تهلع له القلوب؛ فتعالى الله الملك الحق #... ولا تعجل بالقرآن من قَبلٍ أن يقَضئ ليك وحيه وقل رب زذني علَمَا 4659 . ويتول سبحانه تذكيرا لابن آدم وبيان عرضته للخطأ والنسيان» فيقول نه «ولقد عهدنا إلى آدم من قبل نبي ولم نجد لَه عزما (4652, فذكر سبحانه أبانا بأنه حذره من الشيطان وقال له: #. .. إن هذا عدوأ لك ولزوجك قلا يخْرِجتَكمًا من الجن فنشقى 4059 ولكن وسوس إليه الشيطان: «... قَال يا آدم هل أدلك على شجرة الخد وملك لأ ييلَى 059 فحلا منها قدت لما سوءانهما وَطفقا يَخْصفَان عليهما من ورق الْجِنّة وعصىئ آدم به فَعَوَئ 4050 وهبط آدم وزوجه وإبليس إلى الأرض بعضهم لبعض عدوء وقال لهم رب البرية: قال اهبا منها جميعا بعضكم لبعض عداو َإِما يأتيئكم متي هدى فَمن انع هداي فلا يضل ولا يشقئ ) 039 ومن أعرض عن ذكري َإنا له معيشة ضدكا وتحشره يوم القيامة أعمئ 050 قَال رب لم حشرتي أعمئ وقد كنت بصيرا 052 قَال كذلك أَتنك آياتنا فَنَسيمَهَا وكذلك اليو تتسئ 059 », وإن العذاب عذابان: عذاب الدنيا بالضلال والعمى عن الحق» وهذا عذاب لأهل العقول» وعذاب فى الآخرة وهو أشق وأبقى. يذكر الله سبحانه بعد ذلك العبر فى الماضين الذين أهلكوا وكان يمكن أن ينزل مثل ذلك بالمشركين الذين كفروا بمحمدء وفتنوا المؤمنين» وضلواء ولكن سبقت الكلمة ببقائهم ليكون من ذريتهم من يعبدون الله تعالى» وقال تعالى فى ذلك: «ولولا كَلمَةٌ سبقت من رَبك لَكَان لزاما وأجلَ مُسَمّى 4)79, واتجه سبحانه إلى النبى كٌ يأمره بالصبر على ما يقولون» وأن يسبح الله تعالى ف قبل طلوع اتنس وقبل غروبها ومن آناء اليل فسبّح وَأطراف التُّهَارٍ َلك تَرْضَئ 629 4 . . ْ هاا تفسيرسورة طه 0 ١ اك‎ 1 بي < ولقد نهى النبى يَكِْهٌ عن أن يمد عينيه» ويتطلع إلى ما هم متمتعون به من متع هى زهرة الحياة الدنياء وذلك أمر لأمته» فلا تتطلع إلى ماهم فيه من متع فهى فتنةء «#... وَرؤق ربك حير وبق 00 وأمر أَهْلَكَ بالصّلاة واصطبر عَلَيْها لا تسألك رقا نحن نرزقك والْعاقبة للتقرئ 4029 . لقد تعللوا فى كفرهم بتعللات ظاهرة البطلان طلبوا آيات حسية» وقالوا: «... لولا يأتينا بآية من رَبّه أُولّم تأتهم بِينَةُ ما في الصّحف الأولئ 4079 . لقد جاءهم الرسول مبشرا ونذيراء ولكنهم كفروا وعاندوا «ولو أ ا أهلكناهم عاب من قبل َقَاُوا نا ولا رست إلينا سول تع آيااك من قبل أن تل وخر 79 م اسم هي هاس قل كل متريص قتربصوا فُستعلمون من أصحاب الصراط السُوي ومن اهتدئ 4022 . ا تفسيرسورة طم 02 معانى السورة 2 مَآَرَدَاعَيكَ افق و إلا كر شن علوم 2 ءا لل لي اللي ل 0 لمن خش 2 تر لاس حالص وتوت أل 02 الرحمنع لالمرشاستوى ثر لض وَجَأيسرب قدت لي وَإنِججهر لقو يع سح دوه >< ب ل ل لفق () كله إِلاهْوَهالأُسْمة تقنئ م #طه» قال أبو بكر الصديق: إنها من أسرار الله تعالى» أى أنها كغيرها من الحروف التى تبتدأ بها السور مثل #آلم» الّمصء الر#» وقد تكلمنا فيما تشير إليه فى عدة سور ثما سبق. ولكن مع ذلك نسرد ما قيل فى ذلك» قيل: إن طه اسم لله تعالى» وقيل: إنها اسم للنبى ككِلِكِّه وربما يسوغ ذلك أن ما بعدها كان خطابا للنبى وَكْلْوٌ فكأنه نودى بذلك» ثم ألقى القول والبيان المنبه إلى ما عليه فى هذه الرسالة» فليس عليه أن يؤمنواء وإنما عليه التذكرة فلهذا القول وجه من التوجيه . وقيل: إنها فعل أمر أصله «طأ» قلبت الهمزة هاء. ويصح أن يقال: إنها قلبت ألفا ثم جاءت هاء السكت بدلا عنهاء وقيل: إن معناه «يا رجل»؛ لأن طه فى لغة عك(' معناها يا رجل. وقيل: هى بهذا المعنى فى لغة الحبشة. )١(‏ قبيلة باليمن» قال أبو القاسم الزجاجي: سميت ب'عَكْ "حين نزولهاء واشتقاقها في اللغة جائزٌ أن يكون من العك وهو شدة الحرء وقد اخختلف في نسب عك » فقيل ينتسهي نسبها إلى قحطان» وهو قول من نسبه في اليمنء وقال آخرون: هو عك بن عدنان بن أُدَد أخو معد بن عدنان. معجم البلدان - عك . (مختصرا) . 0# تفسيرسورة طه مالل ل لل كا :2 في وإنى أراها كأحواتها من الحروف التى تبدأ بها السورء يقال: إنها أسماء للسور. وإذا كان ثمة احتمال لأن تكون بمعنى ندركه» فإنا نميل إلى أن يكون اسما للرسول وَلة. «إما أنزلنا علي القرآن لتتشقئ 40 وهناك قراءة (ما نزلنا عليك القرآن)» وفى هذه القراءة إشارة إلى تنزيل القرآن منجماء ولم ينزل دفعة واحدة» بينا ذلك فى مواضعه من القول». وقوله تعالى: «التشقى4 «اللام» لام التعليل» أى ما أنزلناه عليك لتتعب وتذهب نفسك عليهم حسرات إذا لم يؤمنواء كما قال تعالى: طلْعلّك بَاخع نَفْسَّك ألا يكونوا مُؤمنين 40 [الشعراء]ء وقال تعالى : ظفَلملّكَ بَاخعٌ نَفْسَكَ علّى آثّارهم إن لم يؤضوا بهذا الْحَديث ... 40 [الكهف]» وقال تعالى: ولا يحزنك الّذين يسارعوت في الْكُفْرِ ... )»> [آل عمران]» فالنبى ككدِ كان يحمل هم كفرهم؛ ويحسب أن ذلك قد يكون عن تقصير فى دعوته؛ وذلك لقوة حسّه وشفافية روحه» ولحرصه على إيمانهم قال له ربه : : «إِنّك لا تهدي من أحيت ولكن الله يدي من َم .. 452 [القصص].ء وقال تعالى: #ليس عليك هداهم 450 [البقرة]» هذا تقريب لمعنى «لتشقى», والكمال لله وحده. وقال: (إلا ذكرة لمن يش ب > الاستثناء منقطع بمعنى «لكن»», والمعنى ليس عليك أن تهديهم» وإنما عليك أن تذكر من يخشى ويتقى الله تعالى» ولكن اذا خص من يخشى بالتذكرة مع أن التذكرة تكون لمن يخشى ولمن يعصئ». فهو بشير ونذير» وذلك لبيان أنه يجب أن يرجو إيمان الذين يخشون, لا الذين يعصون» فكان حذف إنذار العصاة لبيان أنه لا ينبغى أن ينتظر منهم إيمانا. ولاتذكرة» مفعول لأجله» ويكون المعنى ولكن أنزلناه لأجل تذكرة من يخشى وحسبك هؤلاء أن يكونوا مؤمنين. وكان المؤدى النهائى للآيتين: لا تحزن» وحسبك من اتبعك من المؤمنين. وقد بين سبحانه وتعالى شرف القرآن الإضافى قال: إتنزيلا مَمّنَ حَلّقَ الأرض والسّموات العلى (©2 الرحمن على الْعَرْشِ استوئ (4)2 هذا بيان الشرف الإضافى ها تفسير سورة طه ١للاالللةا‏ الخال اناالا ااانا لاذنالاكن اا للاااالللانا اال طالا ااام للال ااال طامط طط اللا الااطل اللا قالطلل طاطخ خططط اللا م > ا للقرآنء» وذلك فوق شرفه الذاتى بما اشتمل عليه من أسباب الإعجاز» وما اشتمل عليه من علوم» ولأنه مسجل النبيين ومعجزاتهم» وقوله تعالى : «تتزيلاً» مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره» ونزل تنزيلاء ويلا حظ هنا أمران بيائيان: أولهما: أنه ذكر «تنزيل» وفعله «نزّل»؛ وهو التنزيل المقرر مجيء القرآن منجما آية بعد آية» أو سورة بعد سورة؛ حتى يمكن حفظه مرتلا محفوظا فى الصدور» فلا يحرف ولا ينسى على مدى الأجيال» بيئما قال سبحانه وتعالى: «ما نلا ليك القرآن لتَشقَئ 40 فذكر بفعل الإنزال لا التنزيل؛ لأنه كانت العبرة فى أنه أنزله كله لينذر به ويبشر» لا ليشقى» فكان التعبير بالإنزال فى موضعه من النزول فى جملته لا فى تفضيله» أما هنا فإنه يحكى الواقع» وهو التنزيل شيئا فشيئا. الأمر النانى: أن فى الكلام التفاتا من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب وذلك لتصريف القول؛ ولأنه من قبيل الرفق بالبى صلل يهو الذاى يكون مله التكليف» فكأنه سبحانه يقول» ولكلامه المثل الأعلى» ما أنزلت القرآن وكلفتك ما فيه لتشقى» فهون عليك» ولا تأس على القوم الكافرين» وأما فى هذه الآية فهو يبين صفاته سبحانه وأفعاله» فيناسبها حديث الغائب وإن الله سبحانه بين علم ميزة القرآن وقدرته» وأنه جاء مناسبا لمن بعث النبى كل إليهم فمهما تكن لهم من قوة فالله غالب عليهم» وهو القاهر فوق عباده» وقد ابتدأ سبحانه بالأرض فقال عز من قائل: #. .. مَمّن خَلق الأرض . )4 لأنه سبحانه فى أكثر أى القرآن يقدم فى الخلق السموات على الأرض؛ لآنها أعظم خلقاء ولكن هنا قدم الأرض لأنها التى يدعى المشركون وغيرهم من الطغاة السلطان فيهاء فبين الله تعالى أنه خالقها فهو لها أملك» وسلطانه عليها» ثم ذكر سبحانه السموات بصورة عالية فى الفخامة» وهو سبحانه خالقهاء ويس لهم أى مكان للسلطان فيها. ثم قال تعالى: #الرَحمن عَلَى الْعَرشُ استوئ (4)2» العرش: هو المكان الذى يتجلى فيه سلطان الله» ولقد نسب لعلماء السلف أنهم قالوا: إن لله عرشا لا يعرف كيفه» والله تعالى يستوى عليه» وهو أعلم باستوائه ولكنه غير مجسم» ولا مشابهة فيه للحوادث» وقد يقال: إن ذلك دليل على كمال سلطانه وإن الخالق الذى لا 2 ا تفسيرسورة طه بلكلا الل الالو ل الاك 1 يي يخرج شىء ما خلق عن سلطانه. كما يقال: وضع الأمير يده على المدينة» وربا يكون مقطوع اليدين» وكما يقال عن البخيل: يده مغلولة» وعن الكريم: يذه مبسوطة. وربما لا يكون له يد بل تكون مقطوعة؛» والله سبحانه وتعالى أعلمء وليس الخوض فى هذا ما يمكن الوصول فيه إلى حق جلى» ولذا روى عن الإمام مالك أنه قال: (المنوض فيه بدعة». بعد ذلك بين سبحانه وتعالى كمال سلطانه بكمال ملكه. فقال عز من قائل: لَه ما في السّمُوات وما في الأَرض وما بَيْنَهُمَا وَمَا نَحْتَ القّرَى 452 فى الآية السابقة بين سبحانه أن الرحمن هو الذى استوى على العرش» وعبر عن الذات العلية بالرحمسن الذى هو اسم بالذات» وهو يوحى إلى أنه سبحانه وتعالى مدبر عرشه بمقتضى الرحمة التى تعم الوجود كله فكل ما يكون هو الرحمة» حتى عذاب العصاة يكون رحمة ليستقيم ميزان الوجود كله فإنه فى شريعة الخلاق العليم» لا يستوى الخير والشرء ولا يستوى الظل ولا الحرور. وقد ذكر سبحانه أن له السموات بأبراجها ونجومهاء وكلها مسخرات بأمره وله الأرض بما فيها من نجاد له ووهاد» وجبال شامخات وبحار وما فيها من أسماك وسفن جاريات تمخر عبابه» وما بينهما من فضاء قد سَخَّر للإنسان» ثم قال تعالى: «وما تحت الثَّرى» من معادن وفلزات وغير فلزات وجواهر» وهذا كله من نعم الله على عباده يستخرجون من بحارها وترابها زينة» وهو العليم القدير. وإذا كانت هذه الآية الكريمة قد بينت ملكه العظيم الذى لا يخرج عنه شىء - بين سبحانه علمه العظيم الذى لا تخفى عليه خافية فى السماء أو فى الأرض» وخصوصا الإنسان فقال تعالى مخاءطبا نبيه: «وإن تجهر بالقول فَإِنّه َعَم الس وأَحْقَى 4 الخطاب للنبى كَل, ولكن مضمونه يعم الناس أجمعين فهو سبحانه يعلم الجهرء ويعلم السر وهو ما يسره وينطق به فى خفت» وما هو أخفى من السرء وهو ما تتحدث به الأنفس» يعلم الله تعالى كل ذلك» وقد يسأل سائل: ما مناسية هذا فى هذا الموضع؟ ونجيب عن ذلكء إبأنه بيان لعموم علمه ودقته» وهو بعض نتائج ما تقدم #إألا يعم مَن خَلَقَ وهو الأُطيف الْخَبِير 409 [الملك]؛ وهو يناسب الحديث مع النبى الهادى الأمين» يبين له سبحانه أنه يعلم ما تفسيرسورة طه 11 ااانا أألا! أ للللتك!!!11ازائ!| ااا لاا ااا ا ااا ااا اما للا ا ااا لاا ااا ان ما لاا ]مالالا خلال لا ا 1 للا للا لاا ل طسو تلق مم ةا للا م لب نا يجهر به من دعوته ويعلم ما يتمناه» ويعلم ما ينطق به سرا من غير إعلان» وهذا يشعره بأنه يعلم دعوته وجهاده فى الدعوة» ويعلم ما يتمناه من إسلام قومه حتى يكاد يشقى بهذه التمنيات . ثم بين صفات الكمال والجلال فقال سبحانه: «الله لا له لذ هو لَه الأسماء الحسنى ()» «اللّه» بالرفع خبر لمبتدأ محذوفء وصدّر القول بلفظ الجلالة؛ لأنه يربى المهابة فى النفوس فيملؤها حشوعا وخمضوعا لله تعالى» وقال: طلا إِله إل هوي لأنه خالق كل شىء ومالك كل شىء وهو العليم الخبيرء وهو اللطيف بعباده» ولا يملك غيره نفعا ولا ضرا: «له الأسماء الحستى» التى كلها أحسن ما فى الأسماع ولقد كان المشركون يحسبون أن الرحمنٍ إله غيرهم) فقال الله تعالى: قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن أي ما تدعوا قَلَهِ الأسماء الحسئئ ... 409 [الإسراء]ء وكل ما ذكر فى القرآن الكريم من صفات للذات العلية هى أسماء له سبحانه» وهو سبحانه وتعالى واحد» وأسماؤه كثيرة. من قصة موسى ا وَكَلْأَتَدكَ حَدِيثُ م موسو مى ليا | ِذْرءَاتارا َقَالَلِدحَ فاضت ثرا لاني يهشي ع« وعمس 8 وَاجِد | تَأرِهُدَى يي لمانو ىَيمُوسَق00 دعأ ب 20 ناريك ْكَ محلم ليك نك الوا امد طوَى (7) كنك مسقي © يمنا يدؤم الصّكوة انكرت © إِذَالصَاعَدَ ءانه 51 نل اللرح سم سه كدف لِيُجرَىملْتَ يمان (ي) فَلَايصْدَئكَ عَنها منْلَايؤْمِنيها أبعم ويه فَتَرَوَ لوي - 0 تفسير نور ةق طه للفلا اللو الوا لج رار يي هذه قصة موسى كما جاءت فى هذه السورة» وقد فصّل فيها ما لم يفصّله فى السور الأخرى» وأجمل فيها ما فصله فى السور الأخرى من غير تكرار فى القرآن» كما يدل على ذلك الاستقراء والتتبع» فالمقصد مما يذكر فى كل موضع يختلف عن المقصود فى الموضع الآخرء والعبرة تختلف فى موضع عن الآخرء والتفصيل يتبع العبرة» والإجمال يكون فيما يجيء تابعا لذلك. قوله تعالى: وهل أَنَاك حديث موسئ» الاستفهام للتنبيه إلى الخبر الخطير الذى يقصه عن موسى عليه السلام» وكيف كلمه ربه» و(الحديث) ما يتحدث به والمراد ب #حديث موسى4 ما يتحدث به عن موسى» فالإضافة لأدنى ملابسة» والاستفهام كما قلنا للتنبيه إلى أمر خطيرء وكان الاستفهام عن علمه كلك وإذا لم يكن على علم به فإنه سبحانه سيعلمه. والحديث فى الوقت الذى كان يطلب فيه نارا رآها يشير إلى ضوئها فى ليلة قارة شديدة البرودة والظلامء وكان فى ظلام حالك: لقال لأهله امكثوا», أى اثبتوا فى أماكنكم» ٠‏ «إني ي آنْست ارا », أى رأيتها واستأنست بها فى وحشة ذلك الظلام الحالك وذلك الليل البهيم «أعلي آتيكم» فى مكثكم وسعيى لها «بقبس» أى جذوة أو شعلة تصطلون بها من قركم وتشعلون بها مشعلا يضيء ء لكم» ويكشف لكم الظلمة الحالكة لأ أجد علَى الَارِ هدى» «علَى» هنا بمعنى «عند»» والمعنى أو أجد عند الئار هدى أعلم معالم الطريق» ونسير على هدى هذه النارء» وهناك من قال: إن الهدى هو الهداية» لأن طالب الحق يكون فى شاغل من أمره بطلب الهداية» وخصوصا مثل الكليم الذى ثار على ظلم فرعون. ولقد ذكرت القصة فى سورة القصص بتفصيل فى ذلك. فقد جاء فى سودة القصصيٍ فلم فى موسى الأجل 27 > وس ص هاس وس أو جذوة مَن الََلَكُمْ َصطلُون 49 [القصمن]ء و وهذه مشاق تحمل موسى كليم الله تعالى » وقد تربى منعما مرفها فى بيت فرعون» ولكنه آثر حياة الجد على حياة اللهو والترف فلم يرد أن يكون من المترفين فكان من النبيين. ل / تفسيرسورة طه مالم 2 رار يي ذهب عليه السلام إلى النار فلم يجد الهداية إلى الطريق الحسى» ولا الخبر الذى يتعلق بعيشه فى هذه الأرض» بل وجد الطريق إلى الهساية والحق» وجد ربه: اقلم أَنَاها ُودي يا مُوسَئ 09 إِنَي أناربّك فَاخْلَعْ تك إن بالواد المقدس طَرى 05». أى فلما أتى النار نودى» والنداء كان «يا موسى», وكان النداء ب (يا») التى تكون نداء للبعيد» البعد بين صاحب النداء جل جلاله» وعبد من عباده هو موسى عليه السلام» وقد شرفه الله تعالى بهذا النداء الكريم من رب البرية» وشرفه بأن ذكر اسمه وفيه من اللحبة؛ إذ هو نداء الله الرحمن الرحيم إلى حبيب من أصفيائه المخلصين #إني أنا ربك» قرئ بفتح الهمزة فى 9إِنّي4 وقرئ بالكسر”", ويكون بالفتح تفسير) للنداء أى النداء أنا ربك» وعلى قراءة الكسر يكون النداء متضمنا معنى القول» و(إن» تكسر بعد القول. وقد أكد ضمير المتكلم». وهو ياء المتكلم بتأكيدين أولهما: (إِن) المؤكدة» وثانيهما الضمير الظاهر #أَنَا4 المؤكّد لياء المتكلم» وكان التأكيد لغرابة المؤكّد فى ذاته» ولغرابته على موسى عليه السلام» أما الغرابة فى ذاتها فهو أنه من أغرب الغرائب أن يكلم الله أحدا من عباده» فقد يوحى إليه»ء أما أن يكلمه فذلك أمر غريب لم يكن به عهد حتى عند الأنبياء» وأما الغرابة بالنسبة لموسى فهو أنه خرج من مصر ههاربا من مظالم فرعون وقهرهء وفرضه على الناس عبادته حتى يقول لهم ما لكم من إله غيرى» وقد خرج محتاجا يقول: [. .. رب إِنْي لما أنزلت إِلَي من خير قير 409 [القصص]» ثم مأجور يزرع ويرعى الغنم» ولكنه يفاجأ بأن يخاطبه ربه من وراء حجابء» ولذا كان التأكيد فى موضعه ليأنس بربه وتذهب عنه وحشة الاغتراب» و«ربك» معناه الذى خلقك؛ وربّك» وأقامك. وقام على رعايتك والعناية بك. ظفَاخْلع تعليك» «الفاء» فاء الإفصاح» وهى تفصح عن شرط مقدرء أو هى تفيد أن ما بعدها مترتب على ما قبلهاء فإنه يترتب على أنه فى الحضرة )١(‏ بفتح الهمزة: ابن كثير وأبو عمر» وأبو جعفر المدني عن يزيدء وقرأ الباقون بكسر الهمزة . غاية الاختصار: ةل 7 تفسيرسورة طه لمم مالل 221 ىب أ القدسية؛ أن يكون الأمر بخلع نعليه» وذلك الخلع للخشوع والخضوع؛ إذ هو فى الحضرة الربانية؛ وهو بواد مقدس طاهرء وإن الناس إذا كانوا فى حضرة ملوك الأرض خلعوا نعالهم. فكيف إذا كان موسى فى حضرة ذى الجلال والإكرام والفضل والإنعام» وإن فى هذا الفعل الحسى إشعار للنفس بآن تتفرغ لله تعالى» وأن يكون الله وحده هو شاغلهاء فلا يشغلها شىء سواهء وقال تعالى: «إِنّك بالواد المقَدّس4 المطهر من الأرجاس الحسية والمعنوية» وهو #طُرّى4: وهو اسم لواد فى هذه الأرض المقدسة» وحسبه شرفا أنه قد تجلى الحق فيه وكلم موسى يقول تعالى مخاطبا نبيه موسى عليه السلام: #وأنا اخترئك» كرر الضمير تأكيدا لخطابه سبحانه وتعالى» ولإيناسه» وإزالة الاستغراب و#إاخترتك» معناه أنه اختاره لرسالته» كما قال تعالى فى آية أخرى #. .. إنَي اصطفيتك عَلَى النّاس برسالاتي وبكلامي فَخذ ما آنيتك وكُن م الشاكرين 4059 [الأعراف] . وقوله تعالى: «فاستمع لما يوحى» الفاء للعطف وللترتيب والتعقيب» فالاستماع لما يوحى الأمر به مترتب على الاختيار له» أو هو موضوع الاختيار ذاته» وما يوحى إليه هو التوراة وما فيها من شرائع وأحكام وأساسها عقيدة صحيحة مستقيمة هى ما تضمنه قوله تعالى: طني أَنا الله لا إِلَه إلا أنَا فاعبدني وأقم الصّلاة لذكري 409 لهذه الجمله السامية بيان لمعنى ما يوحى الله به ما يجب الاستماع له والأخذ به وتبليغه) وأن يخاطب به فرعون» وما ذكره فى هذا المقامء هو لب التدين» فلب التدين هو عبادة الله وحده وإقامة الصلاة لذكر الله تعالى» والمخنشوع والركوع والسجود. فالصلاة كلها ذكر لله تعالى» وهى شرعت لتمتلىئ القلوب بالله» ولتكون مطمئنة لذكر الله تعالى: #... ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب 462 [الرعد] وذكر الله تعالى هو الذى ينقى القلوب من أدران الهوىء» والقلوب التى تذكر الله تعالى لا يدخلها الشيطان» ولا يسكن الشيطان إلا القلوب الفارغة من ذكر الله تعالى» ولقد قال الزمخشرى فى معنى لإوأقم الصّلاة لذكري», «لذكرى: أى ل تفسيرسورة طه 111ناا اناا خا اانا الالالال الال لااالمط طالخ اطنط طططللا ااال مطامط خا اللا اطنط طخلالاا امناو طططخ ااا ملالا خ كالما خخخ ممما للالل| م 22 لتذكرنى فإن ذكرى أن أعبد وليصلى لىء أو لتذكرى فيها لاشتمال الصلاة على الأذكار .. . أو لذكرى خاصة لا تشوبه بذكر غيرى أو لإخلاص ذكرى» وطلب وجهى لا ترائى بهاء ولا تقصد بها غرضا آخرء أو لتكون لى ذاكرا غير ناس» فعل 0 قال تعالى: ١‏ .. لأ تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ... 469 [النور]». هذه معان متوافقة غير متضاربة لكلمة الذكْري4 ولتوافقها صح أن تكون كلها داخلة فى معنى هذه الكلمة السامية #لذكري#. بعد ذلك ذكر سبحانه لموسى عليه السلام الإيمان بالقيامة والبعث» وما يتصل بالآخرة» وإن هذا فيصل التفرقة بين الإبمان والزندقة» فالإيمان بالبعث وما يعقبه هو قوام الشخصية المؤمنة وهو الإذعان» وبه يكون السير إلى الله» ولذا جعل من أركان الإيمان مع التوحيد والصلاة لامتلاء النفس بذكر الله تعالى. «إِنّ السّاعة آتية أَكَاد أخفيهًا4, أى أنه سبحانه وتعالى أخفاها لأنه لا يبين للناس متى تكونء ولم يعط علمها لنبى» ولا لأحد من الناس» مع تأكيد وقوعها من غير تعبين لزمانهاء فكأنه أخفاهاء أخفى زمانها وأكد وقوعهاء فهو لم يخفهاء ولو كان أعلم الناس بها علمًا كاملا لأعلم متى تكون» ولكنه أكد مجيئها . وقوله تعالى: «لتجرئ كَل نفس ما تَسعى» «اللام؛ متعلقة ب «آنيةه. أى أن مجيئها للجزاء فيجزى من عمل عملا صالحا جزاء صالحاء ومن عمل عملا سيئا يجزى جزاء وفاقا لما ارتكب؛ وهكذا يكون كل مجزيا بعمله إن خيرا فخير» وإن شرا فشر. فما خلق الإنسان سدى يفعل ما يشاء من غير حساب على ما فعل وجزاء للخير الذى أراده ونواه وفعلهء وقوله تعالى: #بما تسعى», أى تبزى جزاء بالذى تسعى» «الباء» للمقابلة أى مقابل ما تسعى» أو تجزى بذات ما تسعى وذلك لمساواة السعى مع الجزاء فكأنه هو هو ولقد أشار الله سبحانه لنبيه وكليمه موسى إلى أنه سيلقى عنتا من الذين لا يؤمنون بالبعث» وقد نهاه سبحانه عن مطاوعتهم وهو لكل أتباعه» فقال تعالى: / تفسير سورة طه 7م لل 00 اح ا إفلا يصدئك عنها من ل يؤمن بها واتبع هوآه فتردئ 469 «الفاء» للإفصاح» إذ تفصح عن شرط مقدر تقديره: إذا كانت آتية» وإن كان زمانها خافياء فبين للناس وجوب الويمان بهاء ولا يصدنك عنها من لا يؤمن بها فلا يؤمن بالبعث» ويقول: إن هى إلاحياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين» والسبب فى عدم إيمانهم بالبعث هو سيطرة أهوائهم عليهم» ولذا قرن بعدم الإيمان باليوم الآخر اتباع الهوى. وقوله تعالى: «فتردى» الخطاب لموسى عليه السلام» والفاء للسببية» أى الصد عنها سبب الوقوع فى الردى» والنهى فى «لا يصدنك»» نهى عن قبول أسباب الصدء وهو محاولة الكافرين» منع الإيمان باليوم الآخرء أى نهى عن تمكينهم من الإغراء به» فكن صلبا فى بث روح الإيمان باليوم الآخر حتى لا يطمع أحد من الكافرين فى أن تصد عنه» والنهى عن ذلك بالنسبة لنبى الله تعالى ليس لاحتمال أن يقع» بل إن ذلك لكان الإيمان بالبعث من الإيمان والله أعلم. وَمَايَلدعََ ينك يَنمُومئ :© فَالَهَ عَصَاءَ أْتَوَك راملا ظ-َ ا ا وَأَهْش باعل عْنَهى وَلَِفيَامحَارِبُ أُخْر يا دَلَأَلا و كمون لي مَلْصَهَاوَداهَ يتس ني فَالَحُدْهَا عق سي دهَا يت الول اضف يدا 2 ضمميد 7 ا توج رن س امم 4 لما صم أ هه إِلَجَئَلِعِكَ عوج نس ايأر 2 مِنْءَ يثنا ا لكبرى (رنا اذهب إل عون نطو 09 خاطب الله موسى عليه السلام بأنه اختثاره رسولا نبيا» واصطفاه بكلامه» ولكن يظهر أنه كان يخاطب بكلام الله تعالى من وراء حجاب» وأنه كان يوحى إليه بتعليماته وأحكامه, ولذا قال له وهو يكلمه» فاستمع لما يوحى». فكان خطاب الله لساة ها تفسير سورة طه ليلل الل للك يم جل ب_رز 3 تعالى بكلامه من وراء حجاب» وخطابه له بالوحى كغيره من الرسل» خاطبه الله تعالى بالمعجزة وأعطاه ما يدل على صدقه؛ وهو العصاء وضم يده إلى جناحه وإخراجها من غير سوءء مع آيات أخرى كانت تجيء كل آية فى مناسبتها . قال تعالى لنبيه وكليمه: «إومًا تلك بيمينك يا موسئ 409 الاستفهام للتنبيه إلى حالها التى عليها من أنها خشب شجرء أو نحوهاء وإلى ما ستئول إليه بعد ذلك من أنها حية تسعى» ولإبيميدك» صلة لموصول محذوف وقامت الصلة مشيرة إليه» أى: وما تلك التى بيمينك» وكان التنبيه والإشارة إلى كونهاء ولكن موسى عدل عن بيان ما هى عليه وعن مادتها إلى بيان ما يستخدمهاء واكتفى فى بيان ماهيتها بقوله «هي عصاي4. والياء ياء المتكلم فُتحّت لوقوعها بعد ألف «عصا»» وقرئ بكسرها تخلصا من التقاء الساكنين بالكسرء وهو الأصل فى التخلص من التقاء الساكنين . وخلاصة القول» أن الاستفهام توجيه لذهن موسى عليه السلام إلى أن ينظر فى حقيقتها لكى يدرك من بعد وجه الإعجاز إذا رأى حالها بعد ذلك فى الحال التى تتحول إليها . وقد أجاب موسى عليه السلام إلى المنفعة التى ينتفع بها فيها وذكر أمرين وأمر ثالث فيه شتى المنافع» الأمر الأول ما ذكره عبر عنه عليه السلام بقوله: «أتوكاً عليها4, أى أعتمد عليها فى متابعتى للغنم» ومراقبتى لها عندما يحل بنا التعب» أو أعتمد عليها فى كل الأحوال فى مراقبتى لهاء والأمر الثانى ذكره بقوله: #وأهش بها علئ غنمي4. أى أخبط على رأسه خبطا خفيفاء لأبعده عن مواطن تضرهء وذلك من هش الورق إذا خبطه خبطا يسيرا لينظمه» وفى ذلك دلالة على الرفق بهذا الحيوان الضعيف وتوجيهه بأقل ما يكون من توجيه من غير ضرب ولا زجرء ولذا كان النبيون يُحَوَدون الرفق برعاية الغنم» فهذا نبى الله موسى قبل أن يبعئه الله رسولا نزعه من قصور فرعون إلى رعاية الغنم» وهو القوى الذى وكز الرجل من آل فرعون فقضى عليه» فكان لابد أن يذوق الفقر ويتعود الرفق فى رعى الغنم. والأمر 0 تفسيرسورة طه 2 2 ل 0 7ج ل 232 الثالث الذى أشار إليه هو قوله: «ولي فيها مارب أَخْرَى» والمآرب جمع مأربة بضم الراء وكسرها وفتحهاء وهى الجحوات تج والمنافع » وقال «أخرى»؛ لأن جمع ما لا يعقل يكون بالمفرد المؤنث كقوله تعالى: 8.. . يا جبال أَوَبِي مَعَهُ ... 409 [سبا]ء فقد خوطبت الجبال بالمفرد المؤنث» وقد روى عن ابن عباس أنه عد هذه المآرب فقال: (إذا انتهيت إلى رأس بئر فقصر الرشا وَصلْثه بالعصاء وإذا أصابنى حر الشمس غرزتها فى الأرض» وألقيت عليها ما يظلنى» وإذا خفت شيئا من هوام الأرض قتلته بهاء وإذا مشيت ألقيتها على عاتقى» وعلقت عليها القوس والكنانة والمخلاة» وأقاتل بها السباع عن الغنم». وقد أفاض الرسول فى الرد بعض الإفاضة باتجاهه إلى بيان منافعها فبدل أن يقول فى ماهيتها: عود من شجرة؛ ليستأنس بكلام ربه فهو كلام العلى الأعلى . وكانت هذه العصا بعد ذلك أداة ظاهرة للمعجزات فبها ضرب البحر فافترق» وكان كل فرق كالطود العظيم» وضرب الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا. ذكر موسى لربه ما يتتفع به من العصاء فصل ما فصّل» وأجمل ما أجمل» وقد نبهه الله تعالى إلى منفعة للعصا فوق كل ما ذكر؛ لأنها تكون ليست لغيره» وقد نبهه ربه إلى الإعجاز فيها فقال: ألْقهًا يا موسى» الضمير يعود إلى العصا أى ألق ذات العصا التى بيدك» وهى العود من الدشبء فانظر كيف ينقلب ذلك العود إلى مخلوق آخرء وفى ندائه عند الإلقاء بكلمة يا موسى» إدناء إليه وتحبب له وتقريب» طفَألْقَاها فَإذَا هي حيّةَ تَسعئ 40 الضمير فى قوله تعالى: طفَألْقَاها4 يعود إلى العصا التى هى عود من شجر والتى كانت منها المنافع التى ذكرها عليه السلام» ولها تلك الخواص الخشبية تنقلب حية تسعى» أى تكون من لحم يتلوى يمينا وشمالا بعد أن كانت خخشبا يتوكأ عليه وله فيها مآرب أخرى وحاجات تكون من المخشب لامن حية» و«الفاء» و«إذا» للمفاجأةء» وكانت المفاجأة فى أنها تحولت من خشب جامد إلى حى متحركء والحية هى الثعبان» ولكن لا يقال لها ثعبان إلا إذا كانت كبيرة» ويقال لها جان» وهو الرفيع السريع الحركة من الحيات» وقد جاء فى عبارة ل تفسير سورة طه مالل 2 لس اا القرآن عن حية موسى التعبيرات الثلاثة» فقال تعالى: ط فَإذَا هي تُعبَان مبين 40290 [الأعراف] وقال تعالى : 8... فَلَما رَآهَا تَهمَرْ كأنّهَا جان وى مدبرا ولم يعَقَب يا موس قبل ولا تَخَف ... 469 [القصص] ويظهر أنها كانت تكون على حسب المقامات» فعندما التقى بسحرة فرعون كانت ثعبانا كبيرا يلقف ما يأفكون» ويظهر أن المفاجأة التى اعترت موسى عليه السلام إنما هى من انقلاب الخشب الجامد إلى حية تسعى» والسعى هو المشى السريع» ومن ذلك السعى بين الصفا والمروة» فكانت المفاجأة من الانقلاب حية» وأنها تسير سيرا سريعا شديداء ويظهر أنه من فرط المفاجأة ولى مدبرا ولم يعقب» كما قال تعالى فى آية أخرى قد تلوناها من قبل» وقد ناداه ربه 28# .. يا موسئ أقبل ولا تَخف . .. 469 [القصص]» وهنا قال له تعالى: لقال خذها ولاتخف سنعيدهًا سيرتها الأوأئ 409 . ما كان لموسى وهو مضطرب بسبب المفاجأة» لهذا الانقلاب أن يمد يده إليها ليأخذها إلا بعد الاطمئنان» وقرار النفس» ولذا قرن سبحانه وتعالى الأمر بأخذها بالنهى عن الخوف لتقر نفسه وتطمئن» وبين له أن ما أزعجك من الانقلاب زائل» ولذا قال عز من قائل: #سنعيدها سيرتها الأولّىص»: حيث كنت تستخدمها فى التوكؤ عليها والهش على غنمك والمآرب الأخرى التى كنت تنتفع بهاء والسيرة اسم هيئة على وزن «فعلّة» بكسر الفاء» أى سنعيدها على الهيئة التى كنت تستخدمها فيها قارا مطمئناء وقد ذكر الزمخشرى ثلاثة وجوه «سيرة» أولها أنها ظرف» وثانيها أنها مفعول ثان ل «أعاد»؛ لأن عاد أصلها متعدية بنفسها من قولهم عاد المريض يعوده» فإذا جاءت همزة التعدية صار يتعدى لمفعولين» والثالث وهو الذى رجحه وقد ذكره بقوله: «ووجه ثالث حسن وهو أن «سنعيدها), مستقلا بنفسه غير متعلق ب «سيرتها» بمعنى أنها أنشتت أول ما أنشكئت عصى» ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشئت أولاء ونصب #سيرتها» بفعل مضمر أى تسير سيرتها الأأولى»» جملة هذا ما قاله الزمخشرى وما كان لنا أن نسير فى هذا التوجيه الإعرابى» ولتمام القول فيه أنه على هذا الإعراب الأخير تكون #سيرتها» مع الفعل المحذوف جملة حالية» وقبل أن نترك القول فى الآية الكريمة نقول: إن «سيرة» فعل إإ#هنا تفسيرسورة طه 00م ل 00 لحب اا أطلقت على المعنويات فقيل: سيرة فلان. أى: مسلكه فى الحياة» وقيل: سيرة النبيين» ثم أطلقت على المذهب والطريقة سلح الله - تعالى - رسوله وكليمه موسئى بالأسلحة الى يدرع بها لإقناع طاغية الدنيا فى عصره بنبوته» فأتى له بآية أخرى إيناسا لموسى وليطمئن فى لقائه بهذا الطاغية بأن الله تعالى معه. فلا يخاف» ولا يضطرب عند لقائه؛ ولذا قال تعالى: «واضمم يدك إَى جناحك تخرج بِيِضاء من غَيْرِ سو ءآية أخرئ 69 لئرِيّك من آياتنا الكبرى 69 > . «الجناح» هنا الجانب» وهو تشبيه جانبى الإنسان بجناح الطير لأنهما محسوسان فى جانبيه. وسمى جناحى الطائر بذلك لأنهما يطويان عند الطير» ويميلان على جنبيه» والجناح الميل» وضم اليدين إلى الحانيين معئأه وضع اليدين نحت الإبطين». وقوله تعالى: «تخرج بِيِضاءِ من غير سوء» والفعل مجزوم على جواب الأمرء وهما لا يخرجان من تلقاء أنفسهماء بل يخرجهما موسى بإرادة الله تعالى» ا ع عي اموي لسرت ل على عندر كل ل حي من الشجرة: وقالوا: كتى بهذا عن البرض» أى تخرج اليدان بيضاوان من غير ذلك المرض الذى يسوء النظر إليه» ويقول الزمخشرى فى ذلك: إن قوله تعالى: من غير سوء» كناية عن البَرص» كما كنى عن العورة بالسوءة» والبرص أبغض شىء إلى العرب» وبهم عله نفرة عظيمة. وأسماعهم لاسمه مجاجة» فكان جديرأ بأن يكنى عنه» ولا وإن ذلك كلام قيم فى ذاته» ولكن ذكر البرص فى القرآن الكريم» فلقد ذكر سبحانه وتعالى فى معجزات عيسى فقال تعالى: « وتبرئ الأكمه والأبرص 4059 [المئدة] ولقد قال تعالى: «إتخرج بيضاء من غير سوء» لتبين أن البياض ل تفسير سورة طه ل ل 022 تأس > ناا : إشراق وضياء منزهة عن أى مرض» فهو مدح للبياض» وهذه آيه أخرى غير آية العصاء ولذا قال تعالى: #آية أُخْرى» والنصب لفعل محذوف مناسب للنص تقديره - مثلا: أعطيناك آية أخرى لتذهب إلى من تُرسل إليه مسلحا بالحجة بحيث لا يمارى فيها إلا جاهل أو متجاهل من يستيقئون بالآيات» ولكن يجحدونهاء وسترى فرعون من هذا النوع . وإن الله تعالى قد أعطاه فى لقائه الأول آيتين حسيتين قاطعتين فى إثبات خطاب الله تعالى» وأشار سبحانه وتعالى إلى أنه سيزوده بكل آية ليتمكن من الوقوف أمام فرعون غير هيّاب» ومتحملا لكل ما ينزل به من شدائد أمام طاغوته وجبروته» ولذا قال سبحانه: «لثْرِيك من آياتنا الكبرى 469 . «اللام» لام التعليل» وهى متعلقة بفعل محذوف تقديره مشلا: جعلنا لك هاتين الآيتين لنريك من آياتنا الكبرى» و#إمن*» للتبعيضء أى لنريك بعض أياتنا الكبرى التى تجابه بها فرعون الطاغى» وإن الله تعالى ممدك بعون من عنده ومزودك بكل الآيات التى تقيم بها الحق على فرعونء وكان ذلك تأييداء ولإعطاء موسى الكليم قوة يحتمل بها طاغوت فرعون» ويكون حمولا صابرا يتلقى أذاه بقلب الصابر الحليم الس إحساسا كاملا بأن الله مؤيده» ومعه الحجة والبرهان» وهما سلطان الأنبياء» بعد ذلك التأييد والإشعار بأن الله من ورائه» وسلطانه فوق سلطان عون إِنَّهِ طَفَئْ 469 وإن ما سبق من الآيات كان مقدمة» وهذا التكليف نتيجته اذهب إلى فرع ون داعيا هاديا مرشدا مقاوما لظلمه بالحجة والبرهان» ولم يذكر ما يدعوه إليه» اكتفاء بوصفه الذى وصفه تعالى به. إن طَغَى» أى أنه تجاور الحدء وهذا يتضمن أنه ظلم الناس فقال لهم: ما أريكم إلا ما أرى» وما أهديكم إلا سبيل الرشاد» وذلك حَجر على العقول أن تفكر وترى» وطغى فظلم العباد وأكل أموالهم وحقوقهم» وطغى فلم يحسب للناس وجونا إلا بوجوده. وطغى وبغى فحسب نفسه إلهاء وأمر المصريين أن يعبدوه فعبدوهء وقال لهم» ليس لكم من الله غيرى» وطغى وبغى فحسب أن البلاد ملكه» وقال طاغيا: 7 تفسيرسورة طه الالالال 0 را بي ١‏ أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتي . أرسل الله تعالى إليه مو سى فكان العبء كبيرا. موسى وهارون . قَالَ ه نو لس كل 0 أو 0 استجاب موسى لله الذى أكرمه بالكلام معهء ولكنه أحس بالعبء الذى سيحمله» وإذا كان الله العزيزالكريم قد أمده بالآيات الدالة على الرسالة فهو فى نفسه طلب من الله تعالى أن يمده فى شخصه بلمعونة» وبأن يعطيه من ينصره ويؤيده» وإن العاقل الصافى النفس يعرف عيوبه من غير أن يعرفه غيره» ولقد أحس موسى عليه السلام بأنه يضيق صدره أحيانا وبأن الأمر الذى بعثه الله به خطير عسير ليس بيسير» وأنه ليس فصيح اللسان بحيث يفقه الناس قولهء وبأنه يحتاج إلى من يؤازره» ولذا طلب أمورا أربعة ليسهل عليه التكليف الذى كلفه الله تعالى إياه فطلب أمورا أربعة: أولها- قوله: قال رب اشرح لي صدري 402 شرح الصدر توسعته حساء وما طلب توسعته حساء إنما طلب أن يكون عنده قدرة على احتمال الرأى الذى يخالفه» وألا يكون صدره ضيقا حرجا بمن يخالفه» بل تكون عنده أناة الصابرين» ا تفسير سورة طه اناالا ة الا تلان مط انال ك لطن اتم ةا للا نالا لا اناالا اناالا الالال انلالخ ط الال طاطخ طخ طالخ طخ قاطن لا الل طلاخ ططنطط خخ ممم شاللا 02 أ اه وإن موسى كان يضيق ذرعا بكل من يخالفه: ولعل ذلك لأنه نشأ ونما فى قوم مقهورين يقتل أبناؤهم» وتستحيا نساؤهم» ومن التربية الأولى فى بيت فرعون» ولأنه كان يحس بأنه وقومه مظلومون» «إودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجن تلان هذا من شيعته وهذا من عدو َاستعَانَه الذي من شيعته على الذي من عدوره فوكزه موسئ فقضئ عليه قال هذا من عمل الشيطان إِنّه عدو مضل ميين 62 قال وب إنّي ظَلَمْتَ نفسي فَاغْفر لي فَعَفَر لَه نه هو العمور الرّحيم 09 قَال رب بما أنعمت على فآن أكون ظهيراللْمجَرمِينَ 09 فَأصْبَح في الْمَديئة خَائًا َكب فَإِذَا الذي استنصره بالأمس يسمَصرحَه قال لهُموسئ إِنك لوي مين 00 فلم أن أراد أن ينطش بدي هو عَدو لهم قال يا مُوسئ أْيد أن قتي كما قت نَفْسا بالأسي إن قري إل أن تَكُونَ بارا في الأرض وما تريد أن تَكُونَ من المصلحين 9 409 [القصص]. ونفس موسى الكليم الشفافة أدركت عيوبها فطلب من ربه أن يبرته منها عالما أنه سيلقى من فرعون عنتاء ولابد أن يلقاه بقلب قوى غير ضجرء ولا سائم» ليتحمل ما حمله» فطلب أن يشرح صدره بجعله قادرا على احتمال المخالفة» بل المعاندة والمهاترة فقال: #رب اشرح لي صدري» . الأمر الثاني- أنه أحس بأنه مقدم على أمر خطير جسيم ليس هينا ليناء هو مجابهة فرعون جبار الدنياء وطاغية عصره؛ فطلب أن يسهل أمره معه فقال: ظوَيْسَر لي أَمْرِي 4)53: أى اجعل الأمور ميسرة أمامى» وإضافة الأمر إليه أى الأمر الذى كلفتنيهء وهو لقاء فرعون فإن كان الطلب الأول خاصا بشخصه. فالثانى خاص برسالته التى حملهاء وكلفه الله إياها. وقد اتجه من بعد ذلك إلى الأداة التى يكون بها التبليغ» هو اللسان» ولذا كان الطلب الثالث وهو الذى عبر غنه بقوله: «واحل عقدة من لَساني 60 يفَقَهوا فَولي 462 العقدة آلا ينطلق اللسان بالقول الفصيح الصحيح» ويقول أكثر المفسرين إنه كان فى لسان موسى رنه» وقد وصفه فرعون مستهينا به مستتكرا أن يكون هو الرسول عن الله تعالى: ولا يكَاد بين 4059 [الزخرف] وقد طلب موسى طلبا يسيرا أن يحل عقدة قائمة من لسانه» 0 تفسيرسورة طه ا 00 لج رز 3 وفى هذا الكلام تشبيه لحال من لا يحسن القول بحال من يكون فيه عقدة تمنعه من الانطلاق» وقوله تعالى عنه: #يفقهوا قَولي4. أى يعلموه ويفهموه فهما دقيقاء يصل إلى لبابه ومقصده ومرماه وغايته» يقال: فقه القول أى أدركه إدراكا مستقيماء و«يفقهوا قولي» مجزوم فى جواب الأمرء أى أن حل العقدة لغاية وهو أن يفقهوا قولى ويدركوا معناه. - المطلب الرابع الذى طالب به ربه أن يكون معه أخوه هارون ردءا له ليكونا معا أمام فرعون جبار الأرض فى زمانه» وقد قال فى ذلك: «واجعل لي وزيرا من أهلي 9 هرون أخي 60 اشدد به أَزْرِي 09 وأشركه في أَمْرِي 60 كي نُسَبّحَكَ كفيرًا 9© وتذكرك كثيرا 469 . الوزير: المعاون» وهو من الوزر بمعنى أنه يحمل أوزار الأمر معهء أو من الورّر- بفتح الواو والزاى ‏ بمعنى الملجأء وهو بمعنى أنه يلجأ إليه فى اُلمّاتء أو من المؤازرة بمعنى المعاونة» والوزير الصادق المخلص فيه هذه المعانى كلها فهو يحمل التسعات» وهو ملجأ فى الملمات» وهو معاون عندما تشتد الأمور وتدلهم» يعين برأيه وتدبيره. وقد ذكر أن يكون الوزير من أهله. وعين وزيره بالذات وهو أخوه هارون» وقد ابتدأً بذكر الوزير مطلقاء ثم خصه أن يكون من أهله؛ ثم خصصه أخيرا بأن عينه بالذات» ولقد قال فى سورة القصص: «وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فَأرسله معي ردءا يصّدقبي ني أَحَاف أن يُكَذَبُون 69 قَالَ سد عَضدَكَ بأخيك وَنَجِعَلَ لَكُمَا سلطّانا قلا يَصلون إِلَيِكما بآياتنا أَنتما ومن الَبَعَكُمَا الْقَالبُونَ 462 [القصص]. وقد طلب موسى عليه السلام فيما يتعلق بأخيه أمرين» أولهما: أنه يشد أزره وهو الظهرء وهو كناية عن أنه يكون قوة له» كما قال فى آية القصص يكون ردءاء وثانيهما: قوله: «وأشركه في أَمْرِي 4)9 أى اجعله شريكا لى فى حمل أعباء الرسالة وواجباتها ولنلتقى بفرعون مجتمعين غير منفردين» ولعله طالب بأن يكون ها تفسير سورة طه ١‏ ااناااااا اللا ان اناا نناا نا اااااةلللااااالاالانااناالاا انالك ض اا اللاااللااا ااا اللا الاتالطططخطلتا تالاخ الالالال لطططخط طخ ططخل لطل لل طلط للتالا ١‏ 1 هه : يي معه أخوه هارونء لأنه ليس لفرعون يد عليه» أما موسى فقد رباه فرعون وعيره بذلك» فقال: ... أَلْم نربك فينا وليدا ولَبعْت فينا من عمرك سدين 402 [الشعراء] وأنه وإن كان ذلك لا يمس مقام الرسالة فإن هرون ليس لفرعون عليه حق التربية الذى ادعاه فرعون. وإن هذا التآزر الذى دعا موسى ربه أن يجيبه ذكر نتيجته وأولى ثمراته» وهو كثرة التسبيح لله تعالى وذكره» أى نسبحك ونقدسك تقديسا كثيرا ونذكرك فى أنفسنا كثيراء إذ نكون قوة تجهر بتقديسك وذكرك» ويكون معنا من بنى إسرائيل من يسبحك كثيراء ويذكرك ذكرا كثيرا ويشيع ذكرك فى أرض الفراعنة الذين استبد بهم فرعون فمنع كل الناس من أن يذكروا غير اسمه» وإنك أنت علام الغيوب وأعلم بنا من أنفسناء ولذا قال عليه السلام: لإِنّك كنت بنا بصيرا 9©», أى عالما علم من يبصر لا يخفى عليك شىء فى الأرض ولا فى السماءء أجاب الله مطالب موسى الأربعة وقال تعالى: هقَالَ قد أوتيت ت سؤلك يا موسئ 469 قال الله تعالى مسخاطبا نبيه وكليمه: طقَال قَد أوتيت سَؤلَك يا مُوسّئ 69> السؤل بمعنى المسئول» كالخبز بمعنى المخبوز» والأكل بمعنى المأكولء و#أوتيت» معناه أعطيته» وصار بين يدك ما طلبت» وذلك فى نظرنا أبلغ من أجبت؟ لآن الإجابة قد تكون بالقول» ويتحقق مدلولها بعدء إذ الإجابة لا تقتضى التحقق» بل إنها ربما تكون بينها وبين التحقيق زمن» والمجيب ليس بمخلفه» وإنه بندائه سبحانه بالاسم تقريب وإدناء» وإلقاء بالمودة التى لم يحرم منها كليم الله طول حياته» ولئلا يقصى عليه أمر بنى إسرائيل أمده الله تعالى بكل أسباب الصلاءم» ولكنهم كانوا قد مردوا على الذل» ومرضت قلوبهم بالنفاق كما رباهم فرعون على الخنوع الذليل» ولم يجد فيهم من يجيئهم بالرشاد والموعظة الحسنة والولاية الهادية الرشيدة . لل تفسير شفور: ة طه الملل للللللل اا 0 جلها فى ولادته وكمائته له ص سس و الم ا 0 َأ مر وَلَقَدْمسنَعَلَكَ مره أُخري © م تخ سه اس عر ل 2 ره جك أبكم حنج روتكيه اسم ماع 20 رخ رح و ع 2 2 ا فِالمِليلقَهالييالسَاح ليخد أخذه علو َلوعدواك وفيت لل 20 ع 1ع درس عليّك حب مق وإ عبن 0( دشو سلكت فقول هلد 7001 ره هه م ام هَلْأَدل عل 2 َحَعتَك ليك 3 فهر ع سحت سس ست عر سرس عر سس جع سيل اه عر فرت له ل له سرس يك سم لور بر سي ا َنوكت فاتك لوقك فون ا 00 0 سر عر م عر نت نوهل مني منت عدر موس واصطبعتك [: ث2 لتفيى 40) ا وةئ في ددر 9 كلام لموسى عليه السلام» وكانت تلك المجاوبة الرحيمة من الله والمحبوبة لموسى من وقت أن آنس من جانب الطور نارا وذهب إليها ليأتى لأهله منها بقبس أو يجد على النار هدىء وقد من الله على موسى بأن آتاه سولهء وذكر موسى بأنه كانت كلاءته الكريمة من وققت أن ولد ولذا قلسل له: #ولقد مننًا عليك مرّة أخرئ 469 فليست هذه أول ما مئنا به عليك» فقد من عليك. بمنن كثيرة من قبل» وإذا كانت هذة منة تسهيل الرسالة» وتبليغها عليك» فقد مننت عليك بالكفالة والمحبة من وقت ولادتك إلى أن لقيتنى عند الشبجرة» ونبتدئ فنلخص هذه المان الكرية : أولاها: عند ولادتك فإن أمك الرءوم'» خشيت عليك من فرعون الطاغية الذى كان يذبح أبناء بنى إسرائيل» ويستحيى نساءهم ليكونوا خدما فى البيوت أو )١(‏ الرءوم: المحبة» من رأم: رمت الناقة ولدّها رثماناء إذا أحبنه . الصحاح للجوهري- فصل الراء. ا ْ تفسير سورة طه ال ١‏ سس لأا إماء. وقد قال تعالى فى إنجائه: «إذ أَوْحَينا إلى أمَكَ ما يوحئ 02 أن اقدفيه في اايُوت فافدفيه في اَم يه اليم بالساحل يَأحْده عدو لي وعد لهُ وفيت عليك محبّة مني ولتصنع على عيني 4059 منن كثيرة فى منة واحدة» وهى إنقاذه من سكين فرعون الظالم القاسى الذى حاول الظالمون القساة أن يقلدوه فى ظلمه لمخالفيه» وطغيانه عليهم من غير رحمة أو رأفة إنسانية» وقد رأينا ذلك وعايناه فى طاغية كان دون فرعون شأنا ولكنه كان أشد منه غلظة فما رأيناه من فرعون فى معاملته لبنى إسرائيل بحسبان أنهم ليسوا من بنى جلدته وغلطة هذا أشد فى أنه كان يفعله مع بنى جلدته» وهو ظلمٍ وفحش فيه فى الحالين» وإن كانت إحذاهما أشد وأغلظ . «إذ ْنَا إلى مك ما يوحئ (02)» «إذ؛ ظرف للزمن الماضى» وهى متعلقة ب #مننا عليك َرَة أخْرَى», ولأوحينا» أى بالإلهام أو بالمنام بالرؤيا الصادقة» وهى جزء من ستة وأربعين جزءا من الوحى وقوله: ما يوحى» أى الأمر الذى من شأنه ألا يعلم إلا بالوحى؛ لأنه من الغيب الذى لا يعلم إلا من قبل الله تعالى. كما قال تعالى : عَالم الَْيْب فَلا يُظهِرٌَ علَى غَيْبِه أَحَدًا 29 إلا مَن ارتّضئ من رُسُولٍ ... 409 [الجن] وقد تعلقت بهذا الوحى مصلحة دينية» وعدل أرضى» أما المصلحة الدينية فهى نجاة من كتب الله تعالى فى غيبه المكنون أن يكون نبيا وكلييما ومن المصطفين الأخيار» وأما إقامة العدل الأرضى فهو كف فرعون عن بنى إسرائيل الذى كان يقتل أبناءهم ويستحيى نساءهم» وإن الله يرسل فى الأرض من ينجى عباده من ظلم الظالمين» وفساد والمفسدين. «أن افدفبه في لتَابُوت قاقدفيه في اميه ايم بالستاحل أده عدو لي وعد له هذا بيان لما أوحى الله تعالى به إلى أم موسى» ويلاحظ أنه سبحانه وتعالى قال لأُمكَ» أى أمك الرءوم الشفيقة الرءوفة التى هى أشفق إنسان عليك» ولقوة الإلهام تركتك لا بغضا لك» ولكن محبة» وتركتك لا لتهلك» ولكن لتحيا. وإن فى قوله: «أن اقذفيه في التّابرت» أى كان ما أوحى به الأمر بقذفه» والقذف هو الإلقاء» كما قال تعالى: #... وَقَدَف في قُلُوبهِم الرعب ... 463 [الأحزاب] ولا شك أن التعبير تفسيرسورة طمه لوال 01 ١‏ لاا يي بالقذف يفيد معنى الشدة فى الإلقاء وذلك للمعاناة النفسية التى كانت تعتلج فى قلب الأم الرءوم فكان التردد الشديد» ثم انتهى التردد بالإلقاء» وكأنها تقذف قطعة منها فى تابوت مغلق لا تدرى بالحس ما الله فاعل به. ألقته فى التابوت بمعاناة نفسية» ثم ألقت التابوت الذى فيه موسبى - قطعة نفسها - فى اليم وهى فى ألم مريرء والضمير فى قوله تعالى: «اقذفيه في التَّابوت» يعود على موسى بلا ريب وأما فى قوله: #فاقذفيه في اليِمِ4 يحتمل أن يكون لموسى وأن يكون للتابوت» وفى كلتا الحالين هى تقذفه وقلبها معلق به والأوضح أن يكون لموسى» لقوله تعالى: «فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي عدر له فالعداوة ليست للتابوت. وإثما هى لشخص الرسول الكليم. ويلاحظ أن العطف كله بالفاء التى تفيد الترتيب والتعقيب من غير تراخ زمني؛ ذلك لأن الأم الرءوم تريد المسارعة بنجاة ولدها الحبيب من الذبح» والإلقاء هو السبيل الوحيد أمامهاء والله سبحانه وتعالى الذى ألهمها بإلهامه الذى هو وحى» ينقذه قبل أن يموت جوعا أو تتقاذفه الرياح» يعجل سبحانه وتعالى بالنجاة فألقاه فى الساحل وقوله تعالى: «#يأخذه عدو لي وعدو له» «يأخذه» مجزوم فى جواب الأمرء وعداوة فرعون لله تعالى واضحة وقت الإلقاء على الساحلء أما عداوة موسى لفرعون فستكون.من القابل. وقد عبر عن وجوده على الساحل بالإلقاء دون القذف؛ لأن القذف يكون من أعلى لأسفل ولأن الإلقاء لم يكن بمعاناة من الأم» بل كان برحمة من الله تعالى . نجا موسى صغيرا من الذبح الذى كان يترقب كل مولود ذكر من بنى إسرائيل» ثم كانت الثانية وهى حفظه وكفالة أمه له» وأن يكون بين أحضانها وهذا هو المظهر الثانى لنة الله تعالى فقد ألقى عليه تعالى محبة» فقال تعالت كلماته: «وألقيت عليك مَحبَّة مني » ألقى الله تعالى عليه محبة منه سبحانه» والمحبة التى ألقاها تعالى ذات عناصرهء أولها: أن الله تعالى أحبه» ومن أحبه الله تعالى كان تفسيرسورة طه لل لض لل للللك 0 لس أ كريما على الناس» وثانيها: أن الناس بتوفيق الله وتوجيهه أحبوه» فكان محببا منهم إذ زع فى قلوبهم محبته» وثالثها: أن الله تعالى فتح له القلوب المغلقة» ففتح له قلب فرعون المغلق» وفتح له قلب امرأته» فقالت: #. .. قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسئ أن ينفعنًا أو نَتَحْذَه ولّدا . .. 450 [القصص] وكما قال تعالى: «فَالتقطه آل فرعون ليكوت لهم عدوا وَحَرَنا .. . 40 [القصص].ء أى فى المآل لا وقت الالتقاطء إذ إنهم فى وقت الالتقاط التقطوه ليكون قرة عين لفرعون وامرأته: #ولتصنع على عَيي» «التصتع» أى تتربى تحت رقابتى وملاحظتى فلا تقهرء ولا تذل بل تكون عزيزا كريماء ولتضمن التربية أن تكون تحت رقابة الله تعالى تعدت ب «على»؛ لآن معنى هذه التعدية أن الله وقد مكن فرعون من تربيته والقيام على شئونه أشار سبحانه إلى أنه على رقابة له. وإن فى الكلام استعارة تمثيلية» إذ شبه سبحانه وتعالى حال الرقابة على تربيته وصيانته بحال من يصنع شيئا على مرآه ونظرهء وبعض المفسرين قال: إن «على» هنا بمعنى «الباء»» والله أعلم. وقوله تعالى: «ولتصتع على عيني »2 «الواو؛ عاطفة على فعل محذوف تقديره لتنعم بمحبة الله والناس» ولتصنع على عين الله تعالى» ونحت رقابته ومحبته ورعايته سبحانه وتعالى. والمظهر الثالث منته الأخحرى هو عودته إلى أمه ليتربى فى حضاتتها رحمة به وبها؛ لأن أمه ما طابت نفسها بفراقه إلا لنجاته» ولأنها تريده لنفسهاء كما تريد كل أم رءوم محبة» فرتب الله تعالى لها أن يعود إليها محفوظا مصونا فحرم الله تعالى عليه المراضع» وقد احتار من فى بيت فرعون فى أمره» وقد صار ملء قلوبهم جميعهم» ولكن الله تعالى أرسل إليهم . «إذ تمشي أختك فََقُول هل أَدلّكُم على من يَكُفْله4, أى من يقوم بحضانته ورضاعه لكم فتغذيه بلبن الرضاعة» ومن يحمل هم تربيته وخدمته» وبهذه الرعاية الربانية عاد إلى أمه كى تقر عينها برؤيته» ويذهب اضطراب نفسها على غيبته عنهاء ويذهب اضطرابها وخوفها عليه. 1 تفسيرسورة طه 0 اللو 01000 أ لا وإنه فى سورة القصص تفصيل لا أجمل هنا من غير تكرارء فقد ذكر سبحانه حال أمه بعد أن ألقته فى البحر فقال تعالى : «وأصبح فؤاد أمَ موسئ فَارِعًا إن كدت لتبدي به ولا أن رَبطنا على لبها لكو من الْمؤمينَ 00 وقَالَت لأخه قُصيه فبِصرت به عن نْب رهملا يشرو 9 حر عليه المراضع من قبل عات هل كم على على أَهل بَيْتِ يكفلوته َه كم وهم لَه ناصحو (65) فرددتاه إلى أَمد كي" قر عينها ولا تحزن ولتَعلم أن وعد اله حق ولكن أكترهم لا يَعلَمُونَ 00 ولَما بلع شه واستوئ آتَيناهُ حَكْمًا وعلما وَكَدَلكَ نجزي المحسنين 409 [القصص] . وبذلك ترى أن ما أجمل هنا أو أشير إليه إشارة من غير بيان قد وضح هنالك فى سورة القصص من غير تكرار» بل جزء سيق فى موضعه من غير تكرار لفظ أو معلى . المظهر للمنة الأخرى ذكره سبحانه وتعالى بقوله عز من قائل: 9وَقََلْتَ نفس أنجيناك من الهم وفك عونا أن الله تعالى قد نجء من الغم الذى أصابه من قتله نفسا و«الغم» الحزن الذى يغمر النفس ويصيبها بما يشبه الحُمَّةَء وهنا نجد أن الله ذكر النفس ولم يذكر من أى قبيل هو. وفى ذلك إشارة إلى سبب الغم» وهو أنه قتل نفساء ومسب كك مرجب كلثم الذى يصيب بكرب ايد من تس كثقرن موسى الطاهرة التى صنعت على عين اللهء ولقد قال موسى عندما قتلها: «... قَال مغل لمان ل عدو عيذ ا ل رب إني حلم شي فاط بي ف نه هو الْعَفُور الرّحيم 65 قَال رب بما أَنْعَمْت علي فلن أَكُونَ ظَهِيرا للْمُجَرِمِينَ 409 [القصص]. هذا هو الغم الذى أصابه بعد قتل النفس» وقد نهاه الله تعالى منه بأن غفر له سبحانه» وكانت هذه نعمة أنعم الله بها عليه» وعاهد الله تعالى ألا يكون ظهيرا وبعض المفسرين أو جلهم يقول: إن الغم الذى أصابه هو الخوف من القصاصء وربما يؤيد هذا قول الله تعالى عن موسى: «فأصبح في المدينة خائفا هاا تفسير سورة طه الل ١‏ أب ما يرقب ....409 [القصص]. وقد نقول: إن الغم كان من الأمرين» عن نفسه اللوامة التى أوجدت كمدا وغماء ومن الخوف من فرعونء أو من الناس وقد قتل منهم واحدا. المظهر الخامس من منة الله على موسى الكليم عليه السلام عبّر الله تعالى عنه بقوله تعالى: وَقََنَاكَ فُتُونا4, أى اختبرناك اختبارا شديداء و«فتون» مصدر ك «شكور»» ويكون مصدر التوكيد الفتئة التى فتن الله تعالى موسى» ويضح أن تكون جمع فتن» أما أن الله تعالى أصابه بأنواع من الفتن» ففتنة الاحتياج» وفتنة الغربة» وفتئة العمل» وهو الذى كان مرقَّهًا مترمًا فى بيت فرعون. ولكن كيف يكون فتنة الله تعالى له فتنوئًا أو بأصناف الفتن مظهر المنة» أو منة؟ ونقول فى جوابنا عن ذلك: إن موسى عليه السلام تربى فى بيت فرعون» . فاكها فى لعيمه» وإن ذلك لا يكون منه نى؛ بل لايد أن يمر ا 0 ويعيش بين من يستمع إلى أنينهم » ولابد أن يبتلى ليصل إلى مقام النبوة أو الإرهاص لهاء وذلك بأن يفتن بالفتن ويختبر بال حرمان» وقد أدى موسى ذلك وجح فى الاختبار» ولذلك عد مظهرا من مظاهر النة وى سنة أعظم من أن ييه الل تعالى للنبوة» ويخرج من دار فرعون ليجىء إليه نبيا رسولا ينذره بالنذر» ويقدم له الآيات تترى آية بعد آية. ش ثم قال تعالى مسبينا نتائج هذا الاختبار أنه سبحانه نقله من بيت فرعون إلى بيت رجل صالحء» ومن أنه كان يأكل من ترف فرعون فى عيشة رخوة غير راضية؛ فاتتقل إلى حياة عاملة كادحة بأَجَلٍ من جهد مستمر مع شعيب» وقال تعالى: 9قَلَبْت سنين في أَهل مدين4 وهى من أرض سيناء على بعد ثمانى مراحل من مصر. الفاء فى قوله تعالى: #فَأَبثت» عاطفة وهى للترتيب والتعقيب مع الإشارة إلى السببية فى الفاءات الثلاث» فكان قتل النفس سببا للغم» فنجاه الله تعالى منه ثم اختبره الله تعالى ليعده للنبوة» ثم استقر به المقام فى آل مدين عاملا كادحاء وصار ذا زوج طاهرة وبيت وأولاد يحمل أعباءهم. وبذلك قامت أصهار نبوته ا تفسيرسورة طه الل 011 #1 هر بي وكلام الله تعالى له: «ثم جئت على فَدَريَا موسى» العطف ب «ثما للدلالة على انتقاله من مكان إلى أعلى مكانة» وهى مكانة النبوة فى أعلى درجاتهاء إذ كلمه الله تكليماء والقدر هو ما قدره الله تعالى أن يكون رسولا نبيا كليما. ولقد صرح الله تعالى بعظيم منزلته فقال تعالى: #واصطنعتك لنفسي 24069 أى اخترتك لتكون لنفسى » والاصطناع افتعال من الصنع. وهو اختياره بالصنع مشددا فى اختباره وهذا موضح بقوله: #ولتصنع علئ عيني», يقال: اصطنع الرجل فلانا لنفسه: جعله فى موضع التكريم عنده » وهذا فيه استعارة» إذ شبه اختيار الله تعالى له نيا كليما بحال من يصطنعه الأمير لنفسه من الناس ليكون فى موضع الكرامة والشرف» وأى شرف أعلى من أن يكون كليمه» وأن يكلمه تكليما. بعد هذا الاصطناع لموسى أمره سبحانه وأخاه بأن يقوما بالعمل العظيم الخطير فقال: «اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنا في ذكري 469 . كان أول ما كلفا به أن يذهبا إلى فرعون يدعوانه إلى التوحيد» وعبادة الله تعالى وحده» ولقد زودهما بأمرين ذكرهما: أولهما: الآيات الدالة على أن الله تعالى بعثهماء وذكر الآيات الدالة على أن الله وحده خالق السموات والأرض» وسترى أنهما ذكرا الآيات الدالة على وجود الله تعالى وخلقه. والثانى: أن يذكرا صفات الله تعالى الدالة على أنه وحده الإله الذى يعبد دون سواهء وهذا معنى قوله تعالى: #ولا تنياافي ذكري». أى لا تفترا ولا تقصرا فى ذكرى بصفات الكمال والجلال. وقوله تعالى: «إبآياتي 4 أى تصحبكما آياتى» أو معكما آياتى» والعناية بذكر الله تعالى لفرعون؛ لأن فرعون وقومه ما كانوا يعرفون الله كالعرب الذين بعث فيهم محمد ذَلكٌِ؛ِ لأنهم كانوا يعرفون الله وأنه خالق السموات والأرض والذى يلجأ ل تفسيرسورة طه الل الل 0 حب م أما قوم فرعون فما كانوا يعرفون» وكانوا يعبدول الشمس ومظاهر الحياة» فاحتاجوا إلى التعريف بالله سبحانه وتعالى. الرسالة والتبليغ ال 0 ا مشولا لهل ينا تنتى جولتاك مذ فرط عَلَئِبَا قي مآ سم وك بك 56 رَيَرَسِل معنب قَإِسر يل 06 2 ل سه سس يه شد ادها إإينتاان العذَاب عل من ذبت 0 كول ل 2 الْحَرَيكا يوم 2 تَالْري لي عط خخ--- لذ سه سه سس سر ار صر لََىْءِ حَلقَهُ هد 7 يللو نالل 2 دو أ هل 28 ا ا ل َال عِلْمَهَاعِندَرَقِف كسب لَايضِلٌ رق وَلايسَى (©) و جر سر سس سر رالا لحز رح الت سر سس عو لت ل عر سه سس سروه آ 2 سانل 22 وى َِكَ كيت 58 210 أمرهما الله تعالى بالآمر القاطع» بأن يذهبا إلى فرعون» كما أمر محمد علد من بعد أن يصدع بأمر ربه فقال له: «فاصدع بما تمر وأَعْرِض عن الْمشرٍكين 69> ١‏ إلا تفسير سور ة طه |111زلالااثااااالأناللالللالالللا لاط الالالال لللااال لالط الانالالطة انان ممما مطامط نااااااا ااال لالالاططنطللالللا ناموط تاللا همير 3 فقال لهما سبحانه: «اذهبا إلى فرعون إِنّهِ طَفَئ 409 وقد أشرنا إلى نواحى طغيانه فى قوله لموسى منفردا #اذهب إِلَى فرعون . .. 69 * وفى هذه الآية خاطبه وأخاه هارون إجابة لطلبه» فقال: «اذهبا إلى فرعو إِنّهُ طَفَى 4©9, وقد طلب منهما أن يترفقا فى القول معهء فقال سبحانه: فقولا له قولا لينا لعل يََذَكْر أو يخشئ 469 والقول اللين لا يكون بالملق أو الإدهان أو المواراة» فإن هذه أمور تتجافى مع الحق إلا بالقول الحق» وما كانت رسالة موسى وأخيه إلا الحق وطلب الحق» ولا يطلب الحق إلا بالقول الحق» وإنما لين القول يكون باللين والرفق» حتى لا يصدم فى أمره بالجفوة» وبيان أن الحق يزكى نفسه» ويرفع نفسه فوق ما هى فيه» كأن يقولا له: هل لك إلى أن تزكي؛ لأن ظاهر القول التساؤل والاستفهام» وأن يتبع الأمر باختياره لا بطلب من أحد. ومن القول اللين ألا يجافيه وأن يخاطبه بما لا يمس سلطانه» فإن طواغيت الدنيا لا يجدون شيئا أعز عليهم من سلطانهم فى الأرض» فيصابون فى حسهم إذا مْسّ ولو من بعيد» وإن قول موسى قولا لينا لفرعون يتفق مع أصل التبليغ الصحيح الذى يقتضى اللين فى القولء كما قال تعالى مخاطبا محمدا كَكل: «إفما رحمة مَن الله لنت لهم ولو كدت فََ غَليظ الَْْبِ لانقَضُوا من حولك قَاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأَمْرِ ذا عَرَمْتَ فَحَوَكُل على الله . . 23 [آل عمران]» وإن اللطف فى الدعوة من موسى لفرغون يقتضى الرفق فى القول؛ لأنه رباه صغيرا ورعاه» وكانت له به محبة فكان له مثل حق الأبوة» وقد عتب فرعون على موسى حتى هذه الدعوة الرقيقة» وقال له: «... ألم نربك فيا وليدا ولت فينا من عمرك سنين 469 [الشعراء] . وقال تعالى: ظلْعلهِ يََكْرَ أو يَحْشَى4. أى أن القول يكون معه رجاء الإجابة» فالرجاء منهما لا من الله تعالى» وإن القول اللين ينساب فى النفس كما ينساب النمير العذب فيحيى مواتهاء وتثمر ثمراتهاء والقول الجافى يصدها صداء وإن القول اللين يتبعه التأمل والتفكرء ولذا قال: ظلْعلّهِ يتَذَكر)ك, أى يبعث فى الفطرة السليمة الخالية من عنجهية الحكم وطغيانه فيتذكر ضعف الإنسان مهما يكن طفغيانه» أمام ل / تفسير سورة طه ا مل 02 لحب اا قدرة الله تعالى القهار» أو لعل القول اللين يجعله يحس بضعفه أمام قدرة الله تعالى فيخشى بطش الحبار الذى فوق بطشه» وقدرته فوق قدرته» وقهره فوق قهره. بعد هذا الأمر الصادع الذى لا مثنوية فيه استجابا ولكن الحذر لا يفتر بقوته» ولذا قال الله عنهما: #قَالا ربا إِنّنَا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغئ (4)62 . ابتدءا كلامهما بالالتجاء إلى الله الذى فوق كل جبار فى الأرض» ولو كان فرعون» قائلين #ربّنَا4 أى الذى خلقنا وربّنا ويعرف ما عندنا من قدرة» وما عنده من طغيان ومدى ما نستطيعه معه» ومدى مسارعته إلى الشر»ء وعدم تردده فيه . ِإِننَا تحاف أن يفرط عَلَينَا أو أن يَطْفَى» والفرط التقدم بالأذى والمسارعة إليهء فالفارط المتقدم السباق» ويقال فرس فارطء أى سابق الأفراس المسابقة» وبذلك يعاجلنا بالإهلاك أو الأذى قبل أن نرشده إلى رسالتك بلين القول أو جفائه #أو أن يطفى» إذا سمع ولم يعجل بالإهلاك فيقول فى طغوائه ما لا يليق بمقامه الأعلى» أو يذهب به جبروته إلى منعنا من الدعوة وتضييق سبلهاء أو ينزل بنا عقابا لا يمكننا من الاستمرار فى الدعوة» وفى الجملة يتبع معنا طرائق طغيانه من تعذيب وإيذاء مستمرء فطفيائه لا حدّ له كما تعلم: قال الله تعالى لهما: طقال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرئ 453 . خاطبهما الله تعالى بعزته وجلاله مشيرا إلى أنهما فى حمايته وكلاءته» وأنه يسمع ويبصرء فكيف يكون نهى عن الخوف» والنهى عن الخنوف كيف يكون وهو فزع من الأمر المخوف إذ هو أمر نفسى لا يقع تحت قبضة الخائف؟ ونقول فى الجواب عن ذلك: إن المراد الأمر بالاطمئنان وقرار النفس» وأن يشعرا بجلال الله تعالى» وأنه معهماء ولذلك أعقب سبحانه وتعالى النهى عن الخوف بأنهما فى معية الله تعالى فقال: «#إنَِي مَعَكُما أَسمّعْ وأَرى4 أى إننى فى صحبتكما أسمع قوله إذا هدد وأنذر» وأبصر فعله إن حاول سوءا أو أنزل بكما أذى» وإن هذا تبشير بأنه إن حاول أن يبطش بهما نزلت به البطشة الكبرى من رب العالمين. تفسيرسورة طه اللللللااللل ا 1113211 لأس اا ولقد كان من موجبات الفطرة أن يعتريهما الخوف» فقد كان جبارا فى الأرض ليس فوقه فى قومه من يرد كيده ويزيل طغيانه. اطمأنا إلى قول الله تعالى» وما كان لهما إلا أن يطمئنا بنصرته وتدبيرف ايم من 0 أفرعون ا ولذر قال: نأا قولا رسول رفسل مع م هلل ها سه «الفاء» هنا «فاء الإنصام؛ تقصح عن شرط مقدر تقديره: إن ذهب النوف» واطمأننتما إلى الله #فأتياه» فاذهبا إليه» والتعبير بإتيانه يفيد أنهما مدرعان بقوة الله التى ترهب كل مخلوق» ولو كان فرعون طاغية الأرض «إفَقولا إِنّا رَسُولا ك4 ذكرت رسالتهما معا مكاثرة عليه ومغالبة» ولأنهما رسولا رب العالمين أحدهما بالأصالة والشانى بالمؤازرة والمعاونة» لقد أعطاهما الله تعالى قوة بعد ضعف وأمنا بعد خوف فأمراة ونهياه» وهو الذى كان يقول أنا ربكم الأعلى» أمراه فقالا: «فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم» والأمر والنهى يتعلق بسلطانه وقوته وبطشه فهو يمس صميم جبروته #فأرسل معنا بني إسرائيل» وتخل عن حكمهم وأخرجهم عن طاعتك وجبروتك وطغيانك (ولا تعذيهم» وكان - عليه اللعنة - يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم ويكلفهم بأشق الأعمال من حفر الترع وحمل الطوب والآجرّ والأحجار فى بناء الأبنية الكبيرة مع الإذلال والاستهانة والعنت الشديد» فجمع لهم عذاب الأجسام وإرهاقهاء وعذاب الأنفس بإذلالهاء وإذاقتهم عذاب الهوان» فكان كلامهما محاربة لطغيانه» ومواجهة له فى قوته وجبروته. و«الفاء) فى قوله: «فقرلا» عاطفة للترتيب والتعقيب من غير تراخ» فبمجرد أن أتياه جابهاه بالقول المر الذى لم يسمعه أبداء ولكنهما أسمعاه له بقوة الله تعالى وقدرتهء وبما ألقاه تعالى فى قلوبهما من قوة الحق الذى جهرا به» ولقد رجعا إلى الله تعالى فى آياته البيئة التى تدل على رسالتهماء فقالا: قد جثتاك بآية من رَبك» وهنا انتقل الموقف بهما من خائفين إلى مرهبين» وقوله تعالى: «قّد جئناك». أى جئناك مجابهين مسلحين بآية #إمن رَبك» الذى خلقك ورباك وأعطاك هذا السلطان ل تفسيرسورة طه ش للم 0 كج- والجبروت اختبارا لنفسك» وكل فعل وقول محتسب عليك» وختما قولهما بإلقاء الأمن بعد الإرهاب المفزع له» ولو كان فرعون مصرء فقالا: «والسّلام علئ من ابع الهدى», أى إن الأمن والاطمئنان والدعة وعدم الانزعاج يكون لمن اتبع الهدى. فإن لم تتبع الهدى فلا أمن ولا اطمئنان» يل انزعاج وعدم استقرار» وإرهاب من الله ولو كنت فرعون» ووحَّدا الآية وهما اثنتان؛ لأن المراد ما به البرهان على الرسالة وواحدة كافية. أخذا يخاطباته بالرسالة التى بعثا بهاء فقالا: 9طإنَا قد أوحي إِلَينا أن العدذاب على من كَذَب وتَولَئْ 42. أى أن الرسالة التى بعثنا بها وأوحى إلينا من الله معناها ولبها أن العذَاب على من كدب وتولّى4 وأعرض موليا الداعى بوجهه نائيا بجانبه عنه» وهنا إشارتان: إحداهما أن موسى عليه السلام كان ربه يكلمه ويوحى إليه» والثانية: أنهما ابتدءا الدعوة بالجزء المخوف منهاء وهو العذاب لمن تولى وأعرض ونأى بجانبه عن الدعوة؛ وذلك لأن الجبابرة يرهبهم الأمر المغيب عنهم ويفزعهم فيحاولون من بعد إرهابهم الاستماع إلى القول» وإن كانت عاقبة الاستماع فى الاستجابة غير محققة» فالشر ينازع نفوسهم» ويقاوم الخير» فأيهما غلب كانت العاقبة له. وقد أكد سبحانه الوحى وموضوعه ب (قد)» و«أن». , ولقد كان ذلك الترهيب له أثره فقد اتجه إلى الاستفهام والتعرف. . «قال فمن رَبَكُمًا يَا موسئ 4069 كان الخطاب لهما ولكن اختص موسى بالذكر؛ لأنه المتكلم باسمهماء فما كانا يتكلمان معاء بل كان يتكلم موسى ويوافقه هارون؛ لأن هذا وزير» وذاك الرسول المبعوثء» ولأنه كان يأنس موسى؛ لأنه تربى فى كفالته» ورعايته» وهو قريب إلى نفسه مع ما بينهما من بعد بالهداية فى موسى» والكبرياء الضال فى فرعون» وقال الزمخشرى: لأنه كان يعلم رنّة لسانه ويريد أن يحرجه فى البيان» ويستدل على ذلك بقوله عندما احتدم الخلاف: 8م أنَا خير من ل 0 تفسير سورة طه م 000 5ة5ة22010101001000###1#13#3#31#7#7#7171313131314 لسرب ا هذ الذي هو مَهِينَ ولا يَكَاد يي > [الزخرف]» على أى حال مهما يكن السبب اختص موسى بالنداء وعمم خطابهما. قال: 9فَمِن رَبَكُمَا يا موسى». أى إذا لم أكن ربكما الأعلى فمن ربكماء فالفاء واقعة فى جواب شرط مقدر. أجابه موسى لأن النداء وجه إليه فتعين أن يكون المجيب: (قَال ربنا الذي أعطّى كل شيء حَلقَه ثم مَدئ 49 «ريُنا4 الذى خلقنا وربنا الذى قام على شئونناء وسيّر أمورنا هو «الّذي أعطئ كل شيء خَلْقَه4, أى صورته وحاله التى تناسب ما عهد به إليه فهو أعطى كل شىء وجوده وهيأه لما أنشآه لأجلهء ولقد قال فى ذلك الإمام الزمخشرى: «أى أعطى كل شىء صورته وشكله الذى يطابق المنفعة به كما أعطى العين الهيئة التى تطابق الإبصارء والأذن الشكل الذى يوافق الاستماع» وكذلك الأنف واليد. والرجل واللسان كل واحد مطابق لما علق به من المنفعة غير ناب عنه؛ أعطى كل حيوان نظيره فى الخلق والصورة». والمعنى أنه أعطى كل موجود الصورة التى اختارها سبحانه وتعالى له. وهيً كل ما فيه من قوى لا أعده الله سبحانه وتعالى له فكل قوى الإنسان والحيوان صوّره الله سبحانه لكى يؤدى عمله الذى خلقه الله تعالى له» ثم بعد هذا الخلق تكون الهداية العامة فى الحياة وفى الخير وفى الشرء فقال تعالى: ثم هَدَى» وكان العطف ب «ثم» فيه دلالة على البعد بين أصل الخلق والتصويرء وأداء كل عضو مهمته فى الحياة وإدراك معانيهاء وطإهدى» أى هدى كل عضو صورة لأداء المنفعة التى خلق لها فهديت العين إلى معرفة الأشياء بالبصرء وهديت الأذن لمعرفة كل ما يعلم عن طريق السماع» وهدى العقل الإنسانى إلى إدراك الخير والشرء كما قال تعالى: لوَهَديناه النجدين 00 4 [البلداء وكما قال تعالى: #وتفس وما سَوَاهًا ص فَأَلْهَمَهَا فُجَورَهًا وتقواها 420 [الشمس]. اتجه فرعون إلى سؤال آخر فقال: قال فَمَا بَال الّقرون الأوّئ 49 فاجابه موسى المحكيم الكليم : طقال علمها عند ري في كتاب لأ يَضل رب ولا ينسَى 4029 . ل تفسير سورة طه الالال > اا قال فرعون: ظفَما بال الْقَرون الأولى4, أى حالها ومآلهاء وما صنع بهاء و«الفاء» هنا للإفصاح» والسؤال قال بعض المفسرين: ليصرفه عن الحديث عن الله تعالى» وهو لا يريد السماع عن إله غيره. وإنى أرى أن السؤال كان عن أمر دينى عند المصريين القدماء» إذ إن الديانة المصرية كانت تؤمن بالبعث» ولذا عنوا بالتحنيط لتبقى الأجسام كما هى» وتبعث كما هى» ولهم فى ذلك أقوال بيئنة» حتى إن الكتاب المقدس لديهم هو «كتاب الموتى» يضعونه فى قبر الميت الذى يموت» وهو كتاب يشتمل على فضائل الأخلاق» وعلى ما تلقنه الروح لتحسن الإجابة أمام محكمة الحساب فى اليوم الآخر عندهم؛ وهو يعد الكتاب الأعلى عند قدماء المصريين» ويتعبدون بقراءته أحياء ويوضع فى قبورهم عند موتهم. وعلى ذلك إن سؤال فرعون لموسى عن حال القرون أى الأجيال» سؤال نابع من مذهبهم فى الموتى» وإذا كان العرب يفضلون المصريين بأنهم فى جاهليتهم كانوا يعرفون الله الخالق المنزه عن المشابهة للحوادث» ولكنهم يعبدون الأوثان معه» فالمصريون القدماء عرفوا البعث والحسابء الأمر الذى كان يجهله العرب ويقولون: «... أئذا كنا ترابا نا لفي حَلْق ديد ... )»4 [الرعد] . أجاب فرعونٌ إجابة المفوض أموره لله تعالى: طقَالَ علّمهًا عند ربّي في كتاب لأ يَضل ربِي ولا ينسى 469 . أى إن علم حال الأموات بعد موتهم مسجل فى كتاب» وهذا تشبيه علم الله تعالى الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها بالعلم المسجل فى كتاب» وإذا كان كالعلم المسجل فإنه الا يضل ربِي ولا ينسى» أى لا يخطئ ولا ينسى؛ لأن المسجل لا يمكن أن يكون فيه خطأ ولا يمكن أن يعروه النسيان. تعجل فرعون بعد أن ذكرا له أن العذاب على من كذب وتولى» فأخذ يسأل متعرفا بعد أن كان لا ينزل إلى التعرف حاسبا أنه الإله الأعلى كما عبر عن نفسهء فال طمن رَبُكُمَا يا موسّى» فأجابه إجابة مختصرة مفيدة؛ لأنها جامعة لمعنى الخلق فاعترض بقوله: طفَما بال الْقَرُون الأولّى» صارفا القول» أو متعجلا فى تعرف حال 9لا تفسيرسورة طه از ز1ز ز212 1 ز1 1 2 2 2 323*367 #1 ل يي الأموات الذين كان أمرهم يهم المصريين لويمانهم بأنهم يبعثون كما أشرناء فكان ذلك الاعتراض شاغلا موسى عن أن ينم التعريف بربه» ثم استأنف ذلك التعريف» فقال كما حكى الله تعالى عنه: «الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك كم فيها سبلا وأزل من السّماء ماء فَأَخْرجنا به أَْوَاجًا من بات شت 49 . وقد ذكر موسى الكليم من قدرة الله تعالى ما يتصل بفرعون وأرض مصرء فأرض مصر منبسط هو واد بين جبلين» وعيشها ميسور سهل» وهى أرض زراعية يجرى نيلها مبسوطا فى ديارها من جنوبها إلى شمالها ممهدة ليست وعرة» فقال بوحى من ربه: للدي جعل لَكُم الأَرْض مهدا أى ممهدة لينة سهلة ليست وعرة متعثرة بالأحجارء فهى لأهلها الذين يعيشون فكهين فى نعيمهاء كما يعيش الطفل فى مهدهء وهذا كناية عن الراحة والاستقرار» ثم بين سبحانه تسهيل الانتقال فيها من مكان إلى مكان فى عيشة راضية «وسلك لكم فيها سبلاً4 والمعنى خطها خطوطاء وأنشاً فيها سبلاء أى طرقا مختلفة مسلوكة» ونظير هذا قوله تعالى: «الّذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لَكُم فيها سبلا لَعلَكُم تهُحَدُونَ 409 [الزخرف]ء وقوله تعالى: «إواللُهُ جعل لَكُمَ الأرض بساطًا 69 لَسَلُكُوا مها سُبُلاً فجَاجًا © [نوح]ء وإن مصر كذلك مبسوطة الأرض فيها الطرق والوديان حتى الصحراء نجد فيها وسط كثبان الرمال المسالك الصحراوية والواحات التى تعد كالجنات فى وسط الصحارى المجدبة #وأنزل من السّماء مّاء4. أى أنزل من السحاب الذى يتكائف ليعتريه البره» فينزل ماء مدراراء كما قال تعالى: لأأَلْم تر أَنَ الله يزجي سحابا ثم يلف بينه نم عله ركام فى الوق يَخرج من خلال ويل من السماء من جبال فيها من برد فُيصيب به من يشاء ويصرِقُهُ عن من يَشاء يكَادُ سنا برقه يذهب بالأبصَارٍ 400 وماء النيل ينزل من السماء مطرا مدراراء ثم يتجمع فيجرى من جبال الحبشة حتى يصل إلى مصر لا يعوقها عنها عائق. وقوله: #وأنزل من السّماء ماء4 هو من حديث موسى عن ربه قطعا معرفا له لمن لا يعرفهء وإن كانت فطرته تناديه معرفة» ولكنه يتجاهلهاء ويصم أذنيه عن هاا تفسير سورة طه ١١1١١‏ التلاا ااا لاا لللالكاالااااائا ااا ااا لاط اطاط لل لللك1انالاااااا اللا الل كاقل للااااللل للخل لاطا تلام طسط خالل تاللا 0 (زجهبب _ب_را: 2 صوتها. ثم قال الله تعالى: طفأَخْرجنَا به أزوَاجا مَن ثُبَات شتّئ »* هنا انتقال من الغيبة إلى المتكلم؛ ويحتمل أن يكون ضمير المتكلم لموسى» وهو بعيد؛ لآنه ضمير جماعة» وليس ضمير مفرد ويحتمل أن يكون لله تعالى وهو الواضح؛ لأن الله تعالى هو الذى يخرج النبات» وإن كان الزارع هو الذى يحرثء ويلقى البذور بعد الحرث» ويرجو الثمار من الرب» وكان الالتفات إلى المتكلم لآنه تتحول القول من موسى إلى ربه الذى يتحدث عنهء والفعل ثابت لهء فهو يخرج الحب والنوى وهو الذى أخرج كل شىء»؛ وقوله تعالى: #فأخرجتا به4. أى بالماء فهو الذى أمدها بالحياة» كما قال تعالى: #... وجَعلنَا من المَاء كل شيء حي ... 409 [الأنبياء]ء وقوله تعالى: #أَزْوَاجا» يقول المفسرون: أى أصنااء وأرى أن أزواجا ليست من الازدواج بمعنى الأصناف» بل من الزوجية» أى أنه من كل نبات زوجان كما أن فى الحيوان من كل زوجين» ففى النبات زوجان ذكر وأنثى يجرى التلاقح بينهما وإن كان ربما لا نراه ولكن يجرى بمقدار. من تبات شنّئ»4. أى مختلف متنوع فهذا حب متراكب» وهذا فى سنابل وهذا للإنسان وذاك للحيوان» وهذا نخيل باسق وهذا كروم» وهذه فاكهة ورمان» و «إشتى» جمع شتيت كمرضى جمع مريض» وهو على ما قلنا صفة للنبات. بعد أن ذكر سبحانه أنه الذى أخحرج كل شىء من الزرع فى بلد الزرع» وأنه هو الذى أنزل الماء من السماء فى بلد النيل» بعد ذلك ذكر نعمته المباشرة فى هذا فقال عز من قائل: #كلوا وارعوا أَنعامَكُم إن في ذلك لآيات لأولي النهئ 42 . وهذا التفات من ضمير المتكلم إلى ضمير المخاطبين؛ لبيان النعم التى أنعم بها عليهم» إذ إن هذا النبات فيه طعام لكم ولأنعامكم «والآنعام») جمع نعم وهى الإبل والبقر والغنم؛ لأنها نعم أنعم بها عليكم فى ركوبهاء وفى أكلهاء وفى أخذ أنواع المنافع منهاء من أصوافهاء وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين. وقوله: #كلوا وارعوا أَنْعَامَكُم4 الأمر فيها للإباحة لا للوجوبء والأمر بالاكل للونسان واضح ولا يكون إلا بعد الإعداد من طحين ونخل وعجن وخبزء وبعضها ل ل تفسير سيور ة طه ل الل ل ٠: ااال‎ يي يؤكل مباشرة كبعض الخضرء وقال بالنسبة للأنعام: #وارعوا أَنعامكُم» ولم يقل : «لتأكل أنعامكم»؛ والجواب عن ذلك أن الماشية» لا تخاطب» والنعمة ليست لهاء إن النعمة للمالكهاء ولذا جعل خطاب الإباحة موجها إليهم بقوله جلت عزته: #وارعوا أتعامكم) ؛ لأن الرعى ذاته نعمة أنعم بها عليهم؛ إذ ربما تكون لهم أنعام ولا يجدون مرعاهاء فلا يمكنهم أن ينتفعوا بهاء ومعنى: #إوارعوا أنعامكم» مكنوها من الكلآء والعشب الذى خلقه تعالى» ومعنى رعيها أن يقوم على شتئونهاء ويتتبع بها مواطن الماء والكلاًء وينتقل بها من مكان إلى مكان لسقيها وأكلهاء فالمقصود الظاهر هو أكلهاء وهو تعبير عن السبب وإرادة المسبب» أو الفعل وإرادة المآل» وذلك مجاز مرسل جائز فى أساليب البيان. «إنّ في ذلك لآيّات لأولي الثهّى4 الإشارة إلى المذكور من آيات الله من خلق الأرض وجعلها نمهدة. وخط السبل فيهاء وإنزال الماء من السماء إلى الأرض» وإخراج النبات أزواج فى صنوف شتى متفرقة متعددة المنافع متنوعة الأجناس» إن فى ذلك كله لآيات بينات تدل على قدرة الواحد الأحدء ولكن لا يدركها إلا أولو النهى» أى أولو العقول» وسمى العقل "نهية)؛ لأنه ينهى عن قبائح الأفعال؛ كما سمى العقل عقلا؛ لأنه يعقل النفوس عن الزلل والوقوع فى الأخطاء والخطايا إن استعمل فيما خلقه الله تعالى له. ولم يشططء ولم يفسدء وفى كل هذا كما أشرنا وحدانية الله؛ لأنه وحده الخالق الوهاب. هه العناد والمواجهة بالآية مر ينها رح مر 1 0< وس مم و- ع عر د جه سر 2 مامه لقند 9 انيدم وها مرج تارة أخرئ لون ولفَدَ كبر قلي سه 2 مِنْأَرَضِنَاسِحْرِك ينمو ١‏ فَانأْيسَلّكَ ص سح مدرو / تفسير سورة طه ل الل 02 حب ا لعزي ريتك مزيدالَظفشن نمك نوك )كَل مَزع دك يوه الرْسَةوأدَ لئس ضىٌ 9 ودمحم كيده ه00 كَالَلَهُم موسو ويل لاتَنداءأئ كَل ْحِتَ يناب ا سح مهو 1 وَيَدحَابَم نافترى ليا فلتزعوا أمرهم يدنهم سوا كدي استعلى فرعون على الخلق» واختبر الله به أهل مصر اختبارا شديد حتى إنه فرض عليهم أن يجعلوه إلها فجعلوه» وفرض عليهم عبادة العجل فعبدوه» وأوجب عليهم أن يلغوا عقولهم فى عقله» ورأيهم فى رأيهء حتى إنه ليقول لهم ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد» فبين الله تعالى أنه من الأرض» ويعود إلى الأرض» ثم يكون الحساب الشديد على ما قدم من عمل» ولذا قال تسعالى: جلها حفاكم ها دك وها ركع أ 2 . فعظامه ولحمه نبت من تراب» فآدم أبوه» وأبو الخليقة خلق من طين» ثم كان غذاء ذريته من نبات الأرض الذى ينبت فى الطين» ومن حيوان الأرض الذى يتغذى من نباتهاء وهكذا كان لحمهء ولقد كان خطاب الله تعالى لفرعون الذى استكبر واستعلى ليخفف من غلوائه. وما أن تنتهى حياته فى الدنيا حتى يعود إلى الأرض التى نبت منهاء» وصوره الله من طينهاء ولذا قال تعالى: «وفيها تعيدكم» بأن تدفنوا فيها» وعبر سبحانه وتعالى بقوله: «وفيها تعيدكم» فعدّى ب «فى» دون «إلى»؛ للإشارة إلى أنه لم يخرج من محيط الأرض فمنها خلق وفيها يحيى فهو مستمر فيها حيا وميتا. اا تفسيرسورة طه 00 ١١ الاك‎ 7 يي وإنه سيخرج بعد ذلك بتجميع أجزائه المتفرقة» ولذا قال سبحانه: «إومنها نخرِجكم ثارة أخْرَى» لكن هذا الإخراج ليس خلقا جديدا كما خلقكم منهاء 0 إعادة بجمع المتفرق من أجزائهاء كما قال تعالى : «قل كونوا حجارة أو حَديدا 9© خَلْقا مما يبر في صدوركم فَسَيَقُولُونَ من يعيدنا قُلٍ الذي فطركم أول مره . 2 [الإسراء]. تلك موعظة الله لفرعون. وتلك آياته» ولقد قال تعالى بعد ذلك إنه أبى فقال تعالى : «ولقد أريناه آياتنا كلها فَكَدّب وأبّئ 42 . آتى الله تعالى موسى تسع آيات بينات» كما قال تعالى: #ولَقَد آتينَا موسئ تسع آيات بينات ... 9 [الإسراء]ء وذلك لرسوخ الكفر فى نفس فرعون وقومهء فكان لابد من قوارع جسيمة تقرع حسّهم لتخرجهم من كفرهم الذى كثفته السنون المنوالية» وتكئف بالحضارة المستمكنة» والعلم المادى الذى كانوا عليه ولقد بدأهم موسى بالعصا واليد البيضاء من غير سوءء ثم توالت الآيات: الجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلاتء والرجزء وكل ذلك لم يجد فى القلب الجاسى المتضلبء» والقلوب الخائفة التى تحسب أن الخنوع للفراعنة دين يتبع» ولذا قال: «ولقد أَرَيناه آياتنا كلّهَا4 وهذا النص يفيد أن الآيات كلها خوطب بها كل واحدة فى ميقاتهاء وعند الحاجة إليهاء والوعد بالإيمان إذا رفعها الله» كما وعدوا بالإعان إذا رفع الله الرجز عنهمء ولكنه رفعهء (فبغوا) وقبل أن نتكلم فى أمر المعجزة الأولى وهى العصا نذكر أمرين» أولهما: أنه سبحانه وتعالى أكد أنه أبى وقد أعطاه الآيات كلها مبينا لهاء واحدة بعد الأخرى مع أنه لم يبين هنا إلا آية واحدة وهى العصاء والجواب عن ذلك أن هذا النص الحكيم حكم عام على إبائه وتجبره واستكباره» وقد جاءته الآيات كلهاء والإباء ختام لما قدمه موسى. فقد أكد الله تعالى أنه بين له الآيات كلها ب «اللام» و«قد)» والتأكيد بكل ذلك حق لا ريب فيه» ولكنه اختص أولى الآيات؛ لأنها التى كانت بها الصدمة الأولى. ا تفسيرسورة طه 111لا اك تاللا اال !ناتللا لارام لان لاا اللا تالالا اناالا ات الااالا ااا الاةا اتا للتاتلانااا ااانا لالطالا الالالال طط ططق تاللا 0م ج11 الأمر الثانى : لماذا اختص الله سبحانه وتعالى فرعون بالذكر ولم يذكر قومه إلا تابعين» ففى قصة النبى محمد يلق كان يذكر المشركون ويشار إلى زعمائهم» أما هنا فيذكر فرعون بالأصالة» وربما يذكر قومه بالإشارة» عندما يكون رجز يعم ولا يخص؟ والجواب عن ذلك أن قريشا كانوا أحرارا فى تفكيرهم ولو باطلاء فلم يكن فيهم ملك أو طاغية يفرض رأيه ويقول لهم ما أريكم إلا ما أرى» وأما أهل مصر فقد رضوا أن تندغم إرادتهم فى إرادته حتى ساغ له أن يقول: أنا مصر ومصر أنا وتلك خاصته فيهم» وقد رأينا بعضها الآن فى عهد طاغية مضى : عندما قدم موسى أول آية ومعها الحجج الذى أفحمت فرعون» ونقول أرهبت الجبار عندما ذكر له أن العذاب على من كذب وتولى» وذكر آيته الباهرة فى الخلق والتكوين» وخص بالذكر ما يتعلق بالزراعة والنيل» عندئذ تقرر أنه إذا كانت فكرة الإيمان قد راودته» ففكرة السلطان قد عاودتهء ولا يتخلى ملك ولو كان غير فرعون عن سلطانه طوعا واختيارا فلابد من مقاومته» وقد خشى أن يتسرب الفكر من المئؤمن إلى قومه فجاء المصريين من ناحية ما يحرصون عليه؛ وهو حرصهم على سلامة أرضهم » وأن يكون الحاكم فيهم منهم » ولو كان فرعونء فقال: «قال أجئتنا حرجنا من أْضنا سحل يا مُوسئ 0 فدَأيئكَ بسخر مل فَاجعَل ْنَا وت معدا ل نخلفه تحن ولا أنت مَكَانَا سوى 402 . أتاهم من ناحية ما يحرصون عليه» وهو أرضهم» وأدخل قومه ليثير حميتهم» وقد خشى من موسى عندما انفرد بالقول معه. قد أفزعه بذكر ربه القوى القهارء الذى يزيل ملك فرعون ونفسه بكلمة إن أرادهاء ولقد قال فى ذلك الزمخشرى كلمة مصورة حاله: (إن فرائصه كانت ترتعد خوفا مما جاء به موسى عليه السلام» وإيقانه أنه على الحق» وأن المحق لو أراد قود الجبال لانقادت» وأن مثله لا يخذل ولا يقل أنصاره» وأنه غالب على ملكه»). وذلك ما كانء فقد أزاله وملكه. وغرق فى البحر هو وجئلوده الذى تحكم بهم فى رقاب المصريين» قال تعالى : <( أجئتنا #» هذا استفهام للتنبيه» وحث الهمم على المقاومة والمحاربة لإنكار الذى جاء به خوفا من أن يتسرب 7 ل تفسيرسورة طه اللللللاااااللااللللللللللل الل :7 لاا | .. تي إلى نفوسهم.ء كما تسرب لنفسه بالفزع والإرهاب والتخويف». ولكيلا يسرى إلى نفوسهم كما سرى إلى نفسه الفرعونية» وإن كانوا دونه حرصا؛ لأن ما يملكونه قليل يتفضل به عليهم» وقال: «لتخرجنا من أَرضنا بسحرك» لتخرجنا من أرضنا يعترف بأنها أرضهم وأرضهء وأنه لا ينفرد بملكيتهاء وهو القائل لهم: «... أَليس لي ملك مصر وهذه الأنهَار تَجَرِي من تحتي 469 [الزخرف]ء ويقول #بسحرك» كأنه لفزعه وخوفه حسب أن السحر يخرج من الأرضء» ولعله كان يعتقد ذلك؛ لأن السحر كان عندهم علما يغير ويبدل» ولكنه كان يستحث قومه على المقاومة؛ ولذلك قال طفلتأتيتنك بسحر مثله» . وهنا يجب الالتفات إلى كلمة قالها فى هذه الحَومة من الجدلء فلقد نادى موسى قائلا فيا موسى» استدرارا لمحبتهء وتذكيرا له بسابق تربيته بينهم» إذ قال من قبل «... أَلَمِ نربّك فينا وليدا ولت فينا من عمرك سدين 46 [الشعراء]ء وهذا يدل على فزعه واضطرابه وتلمس الأمن من أى جانب يكون فيه أمن واطمئئنان» ولقد أقسم بما يقسم به عندهم» موثقا قوله عليهم مطمئنا إليهم «فلتأتيك بسحر مثله» «الفاء» للسببية» أى بسبب سحرك لنأتينك بسحر يماثل سحركء أقسم على قومهم استحثاثا لهممهم واستدرارا لمعونتهم فى هذا الكرب النفسى» وأكد قوله ب «نون» التوكيدء وب «لام» القسمء وقال «مثله4 شعور) بالضعفء وأنه لا يزيد عليهم فهو ليس عنده طاقة بالزيادة» ولذلك آراد اللقاء فى معركة» ولم يجرؤ على أن يعين هو مكانها وزمانها وترك لموسى أن يعد الأمر ويبين الموعدء فقال: #إفاجعل بيننا وبينك مُوعدا ل نخلفَه نحن ولا أنت مَكَانًا سوى». تلطف فرعون الجبار مع موسى الكليم ففوض إليه أن يختار هو الزمان والمكان الذى تكون فيه المغالبة بين سحرهم وعصى موسىء ولا شك أن هذا التلطف كان يمكن أن يكون مطمعا للإيمان» لولا الملك وطغيانه ؛ وأن مصر بلد السحرء » وأن سحرتها كانوا علماءهاء وقوله: «موعدا لا نخلفه تحن ولا أنت مكنا سوى» «موعدا» مفعول ب طفَاجْعَلَ» وكذلك مكنا و#إسوى» أى مكانا عدلا ووسطا بين الفريقين لا يشق علينا ولا عليك» وهو صالح ا تفسير سورة طه الئل 02 ١1 لاا‎ يي" لأن يجتمع فيه الناس. وقوله على لسان فرعون «لا نخلفه تحن ولا أنت», أى لا نخلف فيه الوعد» وقدم نفسه ومن معه فى عدم الإخلاف تطامناء وتلطفا فى القول» ثم تحدث عن موسى تلطفا معهء فقال «ولا أنت». و«موعدا» مصدر ميمى بدليل جل نخلفه» فالوعد هو الذى لا يُخلف» والإخلاف عدم الالتزام» فالعزام فرعون بالموعد الذى يعيئه موسى» والموعد يتسضمن التعريف بزمانٍ اللقاء ومكانه» وقد أجاب موسى عليه السلام بقوله: «قَال موعدكم يوم الزينة وآن يحشّر النّآس ضحى 4669 . أجابه موسى عليه السلام مبينا الزمان والمكان» فالزمان هو ضحى يوم الزينة» والمكان هو مكان الاحتفال بيوم الزينة الذى يجتمع فيه الناس لهذا الاحتفال» و«الحشر» هو الجمع» كما قال تعالى فى آية أخرى: #فأرسل فرعون في المدائن حاشرين 40292 [الشعراء]. و«إموعدكم» اسم زمان بدليل أنها محمول وموضوعها يوم الزينة فلابد أن يتفق المحمول والموضوع فى الماهية» فلا يكون المحمول مكاناء والموضوع زمانا. ش وما يوم الزينة؟ لم يبين القرآن ما هو ذلك اليوم» ولم يصح عن السنة ما يدل عليه» فقال بعض التابعين: يوم عاشوراءء وقيل يوم سوق عظيم يتزين فيه الشعب» وأقرب الأقوال إلى العقولء أنه يوم وفاء النيل» فمصر من قديم الزمان تحتفل فيه وتتزين سرورا باطمئنانها على السقى والرعى» ولعل كليم الله موسى اخمتار ذلك اليوم لأنه يكون فيه جمع حاشدء وفيه تذكير برحمة الله تعالى على مصر بهذا النيل السعيدء الذى يفيض رحمة من الله» فيكون الفصل فى قضية الإيمان فى زمان ومكان يكون نعمة الله سابغة على مصر الزراعية. بعد الاتفاق على الموعد وزمانه لا باليوم فقط بل بجزء من اليوم وهو ضحى يوم الزينة» واختار الضحى ليكون الجمع أحشدء والشهود أكثرء فتكون المقاضاة على الحق أمام أكبر عدد ممكن» وتكون الدعوة والتبليغ لأوفر عددء بعد هذا الاتفاق 0 تفسير سورة طه 00 > 7 انتصرف فرعون وأخخحل يتجادل فى الرأى مع أحد شورآاه» وأهل الرأى والنظر الذين يستنصر بهمء ولذا قال تعالى: #فتولَئ فرعون فجمع كيده ثم أتئ 460 «الفاء» عاطفة أى بعد هذا الاتفاق على اللقاء ومكانه مباشرة انصرف فرعون» وأخذ يجمع أهل الرأى» ويتعرف الرأى الجامع منهمء وهذا هو التدبير الذى ديره» وسماه الله تعالى كيده؛ لآنه كان يدبر للغلب» يتعرف من يرسل إليه ومن يجيئون» ويتعرف بذلك أخلص الناس لهء وأخذ هذا التدبير وقتا طويلاء ولذا قال بعده #ثم أَتى» فكان العطف ب «(ثم) التى تدل على التراخى» وهذا يدل على أن جمع الكيد والتدبير أخذ وقتا طويلا. أتى إلى الموعدء وموسى كليم الله تعالى قد أتى» وقد ابتدأ كليم الله - عليه السلام - بإرهابهم بقوة الله تعالى؛ لأنهم مقهورون بقوة فرعون وطاغوته وجبرونه» فذكر أن قوة الله أعظم» وسلطانه أكبر فقال: #قال لهم موسئ ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعدذاب وقد حَاب من افترئ 69 4 اتمه إليهم ببيان قدرة الله تعالى وأنها تستأصلء» ليزيل برهبة الله تعالى القادر - رهبة فرعون الذى لا يملك من أمره شيئًا وإنما قوته تخيل ووهمء وهو فى ذاته ضعيف كغيره من الناس. ومعئى قوله تعالى عن موسى : #لا تفتروا على الله كذبا» معناه: ل" تقطعوا كذبا ولا تقولوه فى مقام الحقء» وصدر النهى بقوله: #ويلكم» أى الهلاك النازل بكم إن غيرتم الحق وبدلتموه وآثرتم الباطل عليه مرضاة لفرعون وقومه ممالئين فى الحق وتقولون الباطل» ثم أكد وقوع الهلاك عليهم فقال الله عن موسى: #فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى# الإسحات: الاستئصال» وألا تبقى منهم (باقية)» ومع هذا الاستئصال الخيبة؛ لآن الافتراء أشد الخيبة وأفحشها ولا يلجأ إليه إلا الخائبون فى ذات أنفسهم » يعنى أنكم إن كذبتم وافتريتم فإن الهلاك نازل بكم لا محالة» ولا تكونون قد نجحتم فى هذا السباق الذى يكون فيه الاتجاه إلى طلب الحق . الل الاللللللااااالااااا0ا0ا0ا0اا0ا0ا0اااالااللول لل اللا 2 | كه يي أثرت هذه الكلمات الصادرة عن كليم الله تعالى فى نفوسهم تأثيرا قوياء كما أثرت لقاءات موسى مع فرعون فى نفسه فجعلته يتطامن فى القول». ويبهره الحق الواضح» ولتأثير هذه الكلمات فى أنفسهم أخذوا يتجادلون فيما بينهم» وقال تعالى عنهم: «قسازعوا أمرهم بينهم وأَسَروا التجوى» . الفاء للسببية» أى بسبب ذلك القول الرهيب الذى أرهبهم تنازعوا أمرهم أى تجادلوا مختلفين.غير متفقين فى موقفهم من فرعون الذى كلفهم» وموسى الذى أفزعهم إن حادوا عن الصواب وجانبوا الحق» وعبر سبحانه عن تجادلهم بأنهم تنازعوا القسول فكان فريق فى جانب» وآخر فى جانب» وتجادلوا وكل مجادلة بين متناقضين فى النظر نزال وتصارع فى الأمرء ولكنهم من بعد غلب عليهم أنهم يريدون السلامة لأنفسهم» وأسروا القول» ولم يريدوا اطلاع الناس على أحاسيسهم وفزعهمء ولذا قال فى وصف حالهم : «رأسررا النجوى» أى بالغوا فى إسرار مناجاتهم؛ لأن المناجاة ذاتها إسرار» ومعنى إسرارها المبالغة فيها بحيث لا يستطيع أحد أن يطلع عليهم» ولا يعرف ما أسروه وتناجوا به. المنازلة َالُوِنَ دان لسرن يردن أن يباكم مركم سخرهماويذ هبإيطربقيك الب مل يعوا كيدخ أشثأصمَأوقد نئي مأشتنق َل نري مالأ دم مومس لما لدو أوَلَمنَألْقَ قَالَ وخر 0 210 11 اوس ميو يرد َو جس فى نفسه 5 ٠.‏ ل ل تفسير سورة طه الأ كلاااألللاالااا لال لالت للكطك!1ا1 اناا ااا اناطخ لللااتطناااالاالا الا الالالال الانط الالال لا نطلا اناا تلاط خط الالالال اططخ تاللا لجل به تي - سد ضح ا م جور اه 2 هه ا 0 24 أنت| لعل يها ولق ماف يمبنِك تلقف ماصتعوأإِتمَاصتعُوا ىم ير سي صذ رن لد يد سحر ولابيتا م0 هه 1ج ييه ا أنهم اختلفوا عندما بين لهم كليم الله موسى - عليه السلام - عاقبة الأمر وتناجوا فيما بينهم وأسروا النجوى مبالغين فى الإنكار» وانتهوا إلى أن أعلنوا رأى فرعون اتقاء للشر وتعرفا للأمر بعد وقوعه. إن هذان لُساحران» فيها ثلاث قراءات أولاها وأشهرها بِإِنّ المشددة والألف فى الاسم والخبر» والقراءة الثانية (إن هذين لساحران) بإن المشددة والياء فى (هذين)» والقراءة الثالشة (إن هذان لساحران) ب (إن» المخففة لا المشددة. وإن القراءة الوسطى (الثانية) سائرة على الإعراب المشهور وهو أن (هذين) اسم 9(إن» منصوب بالياء. وأما القراءة الأولى فقالوا إنها على اللغة التى تلزم المثنى الآلف فى الرفع والنصب والجر كما هى فى الأسماء الخمسة» كما قال القائل: إن أباما وأبا أباها قد بلغا فى المجد غايتاها وأما القراءة الثالئة التى تقرأ بتخفيف (إن) فنقول: إن (إن) مخففة من الثقيلة» واسمها ضمير الشأن ويكون التقدير إنه الأمر المقرر الثابت هذان لساحران» وتكون اللام لام التوكيد» وتؤذن بأن تكون (إن» مخففة من الثقيلة» هذه لفتة إلى الإعراب» قد ضل بعض الناس فادعى أنه روى عن عثمان أن فى المصحف لحنا تصححه ألسنة العرب» وهذا الضلال كان هنا فى المقام» اللهم إن هذا بهتان عظيم على جامع القرآن ذى النورين رضى الله عنه وعفا عنه وجزاه غن الإسلام يرا(" . )١(‏ قرأ المدنيان» وابن عامرء ويعقوب» والكوفيون إلا حفصا بتشديد (إن)؛: و(هذان) بالآألف. وتخفيف النون. وابن كثير بتخفيف (إن)» و(هذان). بالألف», وتشديد النون» وحفص كذلك. إلا أنه بتخفيف النون» وقرأ أبو عمرو بتشديد (إن)» و(هذين) بالياء» مع تخفيف النؤن. الشيخ محمود خليل الحصري- القراءات العشر من الشاطبية والدرة- ص 0776 ش ل / تفسير سورة طه لان انا ااانا لا نالا انلالخ اانا اممنامننلطخخ ممما مالاا مخ نمطا لالخ خل انا نطططخلتلناطل نالل نا طنط طلخن لاخلخ خخخ طامط مطامط ططمططنة تاللا ١‏ > از ونعود على عَجَّل إلى الكلام فى معنى الآية الكريمة» إن السحرة بعد أن أفزعتهم مقولة موسىء» وبيان عاقبة قولهم إن حادوا عن الحق وآثروا أن ينطقوا على هوى فرعون حتى يتبين لهم الحمق. ل قَانُوا إِنْ هَدَان لَسَاحران يريدان أن يخرٍجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلئ 469 . ضربوا على نغمة فرعون ابتداء منجاة بأنفسهم من بطشه» والنفس الإنسانية دائما مأسورة بالأمر الحاضر مؤجلة القابل إلى ميقاته» وكذلك كان هؤلاء #ويذهها بطرِيقتكُم الْمْلَى4. «الباء» هنا للتعدية والمعنى ليذهبا طريقتكم» وجىء بالباء لتقوية التعدية أى ليذهبا أى إذهاب بطريقتكم المثلى» أى دينكم الأمثل وكل معتقد يعتقد فى دينه أنه الأمثل فى الأديان» وإن كان ضلالا فى ضلال. ويظهر أنه كان الخلاف مستحكما ولكن أخفوه» ولذا قالوا. « فَأجمعوا كيْدكم ثُم انوا صفًا وقد أَْنَحَ ايوم من استعلّى 2*. الفاء للسببية» أى بسبب أنهم أرادوا بسحرهم أن يخرجاكم من أرضكمء ويذهبا بطريقتكم المثلى» وهو أمر جامع متفق عليه؛ فأجمعوا كيدكم أى اعتزموه» وأقدموا مجتمعين غير متفرقين» وائتوا إلى موسى صفا لا خلل فيه ولا افتراق ولا تنازع» واتفقوا على أولها: إجماع كيدهم » وهو تذبيرهم ) ادخلوا ا حومة مجمعين على تدبير واحد غير متفرقين فإن الإجماع وبحده قوة» والفرقة ضعف وعجر ولا تنازعوا فتفشلوا. وثانيها: أن يأتوا موسى صفا واحدا لا ثلمة فيه ولا افتراق» فإن ذلك يزرع فى نفسه الهيبة منكمء قالوا ذلك وكأنهم مقدمون على ميدان قتال. والاستعلاء بعزته الفرعونية وكبريائه الغاشمة» ولذا قالوا: #وقّد أفلْح اليوم من استعلى *. أى فاز برضا فرعون من استعلى على خصمه» والسين والتاء للطلب» أى 0 تفسيرسورة طه للفلل ااال 0ا0ا060ا0االوااا0ااالللل اللا سوه 2 يي طلب العلو فعلا» وهذا حث على أن يشمروا عن ساعد الحد ليفوزوا برضا فرعون» ويستعلوا عنده باستعلائهم بالانتتصار فى هذا الميدان السحرى» اتجهوا بعد ذلك إلى موسى وقالوا له: «... يا موسئ إِمًا أن تلقي وما أن نُكُون أَوَل من ألقى 42 . بادروه باسمه توددا له كما تودد من قبل فرعون؛ ولآنه كان عندهم من بيت فرعون من قبل» فله مكانته فى نفوسهم الفرعونية» وحسن أدب منهم؛ لأنه قد شارفت نفوسهم الحقيقة وإن لم تدخلهاء ولذا تنازعوا فيها» خاطبوه بأدب فقالوا «... يا موسئ إِما أن تلقي وما أن نَكُون أَوَل من أَلقَى © »4, أى اختر لنفسك أحد الأمرين» إما أن تلقى أنت عصاك التى فى يدك» وإما أن نكون أول من ألقى» قابل موسى الكليم أدبهم بكرمه وقد لمح من كلامهم بإشارة القسوا؛ أنهم يريدون أن يبدءواء إذ قالوا فى تخيبره «وإمًا أن نَكُون أَوَل من أَلْقَى4 فنفذ رغبتهم المطوية فى عباراتهم» ولآنه يريد أن يعرف ما عندهم قبل أن يعرفوا ما عنده؛ ولأن الترتيب الذى ألهمه الله تعالى به أنها ستلقف ما يلقون» فكان الترتيب الطبيعى أن يلقوا نا اله هم أولاء فقال موسى #... بل أَلّقوا فإذَا حبالهم وعصيهم يخَيّل إلَّيه من سحرهم أَنّها تسعئ 65 4 استنفذوا كل جهدهم وطاقتهم» وقد سحروا بفعلهم أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم» وخيل إلى موسى من سحرهم أن عصيهم تسعى» وما انقلبت حيات تسعى» بل هى على حقيقتها حبال وعصى» ولكن الأعين هى التى سحرت» ولذا قال تعالى فى تأثير ذلك على موسى ليخي َيه من سحرهم أنْها تسعى» ولقد كان ذلك التخيل مفاجأة لموسى» ولذا عبر ب (إذا) التى للمفاجأة والمفاجأة ما كانت فى تحول العصى إلى حيات» إنما كانت المفاجأة التى خيل إليه من سحرهم أنها تسعى» وكان موسى عليه السلام تتمثل فيه الطبيعة البشرية» والتخيل يؤثر فى البشر وإن كان عنده الحق المبين» ولكن لا تزول المفاجأة إلا بتأييد من الله والله معه: «فأوجس في نفسه خيقة مموسئ 69 فلَْا لا تحَف إِنَكَ أنت الأعلّى 69 وأَلق ما في يمينك تلقف مَا صنعوا ...4059 لفأَوْجَس» معناها أضمر أو أحس أو خاف» وذلك لأنه فوجئ بأمر لم يكن قد ألفه واعتاده» وهو أن يرى تخيلا عصيا وحبالا هاا تفسير سورة طه ال 000 0م #«زجملبيبل؟ يي تتحول إلى حيات تسعى» ثم يرى الجماد يسعى ويتحرك يمي وشمالاء وأماما ووراءً» فهذا التحول المفاجئ للحس يرهب» ولإخيفة» «فعلة» من الخوف» قلبت الواو ياء لكسر ما قبلها وسكونهاء أى صار فى حال خوف وهيبة من المفاجأة» ولأنه خشى أن يؤثر ذلك فى الجماهير الحاشدة» فتصدق هذا الإفك» ولقد كان الله معهء وعليما بحاله» فقال له مطمئنا: #لا تحخف» ولذا قال تعالى : #قُلَنَا لا نَخف إِنَّكَ أنت الأعلى 42 أى أذهب عنك الهواجس التى اعترتك من المفاجأة لأننا معك» والعاقبة لك «إِنَّكَ أنت الأعلى4 فى هذه المبارزة» وأفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنهم لا علو عندهم» وإنما المراد أنك أنت الغالب على فرعون وملئه» وأنت المسيطر في الجولة» ومعك سلاح الغلب والسلطان» وهو المعجزة التى فى يمينك» ولذا قال له عز من قائل ينبهه إلى معجزته الأولى التى بجست الحجر وفلقت البحر» وما كان غافلا» بل إن الدهشة التى أوجس منها خيفة جعلته يحتاج إلى أن ينبهه الله تعالى فقال: «وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا» وقالوا: إما أبهم ولم يذكر أنها العصا تعظيما لأمرها؛ ولأنها هى عود صغير من شجر تأخذ كل هذه الحبال والعصى ولا تبقى شيئًا يتخيل» أو لا يتخيل» وأرى أن قوله اما في يم يميدك4 تنبيه إلى أن فى يده ما يدفع وهمهمء فكيف يوجس خيفة» وهو فى يله. وقوله تعالى : « تلقف ما صتعوا» بالجزم جوابا للأمرء أى لقي ما فى يمينك - وهو العصا - وقوله تعالى: «تلقف ما صتعوا», أى تأخذه بسرعة وتبتلعه ولا يكون له أثر. «تلقف ما صتعوا» الضمير يعود إلى العصاء ولذا صدر المضارع بالتاءء فكأنه إبهام ثم بيان فقال «وألق ما في يمينك4 فلم يذكر أنه العصاء ثم بيئها بعود الضمير على لفظ العصا بالتاءء وقد علل الله تعالى لقف العصى والحبال» فقال: «... إِنّما صتعوا كيد ساحر ولا يقلح السّاحرٌ حَيّث أن 49 . «ما» هنا اسم موصول بمعنى «الذى» وهى اسم هن" وقوله تعالى «كيد ساحر» خبر «إن» وأفرد ساحر مع أنهم كانوا كثرة كاثرة حتى ادعى فى الأساطير 7 ل تفسبيرسورة طه لل لل اللا هه : يي" أنهم كانوا سبعين ألفا والله أعلم بعددهم. وعلى أى حال كانوا عددا غير قليل» أفرد لأن المقصود وصف ساحر؛ ولأن التدبير لا يمكن أن يكون من الجميع» إنما هو من واحد وأقره الجميع عليه؛ ونكر لأنه واحد من جمعهم لا يهم معرفة شخصهء وعبر سبحانه ب «كيد سّاحر»؛ لأنه تدبيره فهو ليس قلبا للحقائق» فلم يقلب الجامد إلى حى يسعىء وإئما خيل للأعين فقطء فهو تدبير ماكرء يكيد للحق» وليس قلبا للحقائق قط . وقال تعالى: «ولا يفلح السّاحر حَيْث أَتَى» كان التعريف ب «أل» التى للجنس» ويكون المعنى ولا يفلح من كان عمله السحر فى أى مكان أتى» فكلمة #حيث أتى» حيث: ظرف مكان» أى من أى مكان أتى» وإلى أى مكان سارء فهو لا فوز له أبداء ولكن ضلال وتمويه » وتخيل للأعين واسترهاب للنفوس. عندما استعان فرعون بالسحر والسحرة استعان بهم ليغليواء ولكنهم كانوا المميزين بين السحر والمعجزة فأدركوا أن عصا موسى ليست من السحرء ولكنها معجزة الله تعالى أعطاها موسى فآمنواء قال تعالى: «فألقي السّحرةٌ سجّدا قَانُوا آمنًا برب هرون وموسئ 469 . يقول الزمخشرى فى عبرة هذه الوقاكع: «سبحان الله ما أعجب أمرهم قد ألقوا حبالهم وعصيهم » ثم ألقوا رءوسهم بعد ساعة للشكر والسجودء فما أعظم الفرق بين الإلقاءين» اه. ونقول: ماأعظم الفرق بين الباطل والحق. وبين الاستجابة للباطل واستجابة للحق جل جلاله. «الفاء» لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وكان ما قبلها هو إلقاء العصا ولقفها كل ما ألقوا وكان شيمًا كثيرا إذ امتلاً المكان بالحبال والعصى التى تسعى» حتى كأن الوادى صار أفاعى وحيات فى نظر الرائى» فكان عجبا أن تبتلعها عصا يتوكاً عليهاء ويهش بها على غنمه» فكان الإيمان بالمعجزة» وهم أهل الخبرة فى معرفة ما هو سحر وما ليس بسحر فآمنوا بالمعجزة وخروا ساجدين. اا تفسيرسورة طه 11111]ا لان تالالا انال ااام انلاالاتا نالل الالالال اللا لمانالا ااانا الات اناالا الالالال تخالل للا لالتلا 2 أ > اا «فألفي السّحرة سجدا4 #سجدا»4 جمع ساجد» ىك الصوم) جمع صائم » وقوله: #فألقي4 بالبناء للمجهول للإشارة إلى أنهم ألقوا سجدا لوضوح الحق وظهورهء قالوا آمنا برب هرون وموسى4 آمنوا بالله واكتفوا من التعريف بأن يكون رب هذين الصادقين» وخبر الصادق صادق. شرعون والسحرة بعد إيماتهم لس لو اح اح ل له له قالءامنتم له,قبل أنءاذن 7 و رس رصم 0 كر روم 7 رس ره 10 ل لحم إنه يكم الى علمَكم اليحرقلا قِعَري أيد د رع و سخ دام ء 6س مر طح . وع خخ 00 وار لض ولِاصلسسَكم في جذوع السَخْل وَلنعَلمنٌ ا 0 1 ل ال وس دس مرسر ينا سد عَذَاَاوَا بقن نري الوأ أن نوبرك عل مَاَآءَنَامر له يط ا ل ل سل ل ير عل ل ل م . الت والزى فطرنا فافضما أنت قاض إنمائقضى هلذو رم رو + عرسم 0 1 الحو الدنيا مزييا إنَاء امنا يريما ليغف رلا خط انتاوما أَكْرهسنا دي صمممى ةدم هو محووس عدي ول رع مرعر وم سس ليون ليحر وله حير وأبق ركنم يات ريه رما و 1007 0011 مره هر 5 وه رادم فإِنْله جه لايموت ضهاولا بحى ليم ومن يأيْه- مؤّمناقد ل[ لل ع لل 72 ع 2 ا هه و موس 9 مي ل سه عمل الصَّدلِحَت مَأَوا ليك هم الذرحات العلل لبا جنات عدن و >ى مرو ورد واس لامر سه عه سل عرس هر سس م - 4 8 . ار - تحر من تحنها | لاا خدإرينفها ذلك جراء منْكرقٌ 2 أحس فرعون بأن الأرض تميد من تحت أقدامه فلبس الجلد الفرعونى» وأخذ يهدد وينذر وينفذ ما قام به من شر؛ لآنه رأى بوادر المخالفة لأأمره والمنازعة لرأيه» ولذلك بطش » وانتقل من الاستدراج إليه إلى القهرء وعاد إلى الطغيان. ل إل تفسبير سور: ة طه 111 للااانن اال ل لان اللا للاك خخ لل ااانا نللااااااالاا ااال الالال للللاكخ ططخ طططا ااال تلطا االال خط الاالاكخطسط ناتللا ب به 5 يي #قال آمنتم له أى أسلمتم له وأذعنتم له ويتضمن معنى المسايرة لموسى والمعاندة له» يقال ءامنتم له وءامنتم به» وتتضمن التعدية باللام التسليم له والإذعان المقام فهنا التعدية باللام» وفى سورة الأعراف كانت التعدية بالباء فقد قال تعالى: قال فرعون آمنتم به قبل أن آذَن لكم 4659 [الأعراف]. وفى هذا الاستفهام إنكار للواقع » فهو ينكر إيمانهم الذى وقع» ويوبيخهم عليهء وموضع التوبيخ أنهم آمنوا قبل أن يأذن لهم وهو بذلك يصل بهم إلى أعلى درجات العنت والطغيان» فهو يعلن بهذا أن حكمه يصل إلى فكرهم وقلوبهم» ويحقق فيهم قوله ما أريكم إلا ما أرى» وما أهديكم إلا سبيل الرشاد. كان فرعون على رأس طريق أخذ يسلكه السحرة» فلم يقل الحق ويذعن» ويسلك سبيل الرشادء بل أخذ بموه الحق بتمويه من الباطل» فرآهم تبعوا موسى فما أذعن للحق الذى تقاضى مع موسى فيه» بل أخذ يمارى » ولا يقول إنه غلبهم. لأنه على الحق.ء بل لأنه أكبر منهم قدرة وطاقة.» وأنه منهم بملزلة المعلم الذى علمهم. فقال: «إإنّه لكبيركم الذي علّمكم السّحر», فهو أسحر منهم وأعلم» وهم منه بمنزلة التلميذ من المعلم» فلم يغلبهم لأنه المحق وهم المبطلون» وإنما غلبهم لأنه أسحر منهم وأعلم» وهكذا كانت المعاندة لآيات الله وقد برزت . ولأنهم على رأس طريق جديد وهو الخروج على طاعته ومقاومة جبروته» «إفلاقطّعن أيديكم وأرجلكم من خلاف» «الفاء») للسببية» أى بسبب ما فعلتم لأقطعن أيديكم . فى هذا الكلام قسم بما يقسم به عنده» و«اللام» لام القسمء ولذا كانت «نون» التوكيد الثقيلة» التى تلازم القسم فى اللغة» والتقطيع للأيدى والأرجل بصيغة التفعيل يدل على كثرة القطعء لكثرة من قطعت أيديهم وأرجلهم» وقوله ##من خلاف» أى تختلف جهة القطع. فإذا قطعت اليد اليمنى » تقطع الرجل اليسرى » ل 0( تفسير سورة طه م 02 كج1 وهكذاء وقال مقسما أيضا بما يُقسم به عندهم لوَلأصلبنَكُمْ في جذوع النَخْلِ», وقالوا: إن #في4 هنا بمعنى «على»» وعبر ب «فى» لبيان تمكن الصلب واستقرارهم على جذوع النخل» وهذا الصلب على الجذوع يومئ إلى بقائهم على الصلب حتي يموتوا فهو قتل وتقطيع؛ ثم قال مقالة الجهالة والطغيان: #ولتعلمن أَينا شد عذَابا وأبقى» . أقسم الجهول فى قوله هذا بما يُقسم به عندهمء وأَينَا4 استفهام» وهى تفيد التنبيه فى زعمه إلى أنه أشد عذابا وأقسى من موسىء وأبقى أثرا فى عذابه من موسى» وهو جهل طم لآن موسى لا يعدّب» ولكن يرشد ويهدىء إنما الذى يعذب هو الله رب موسى وهرون» وعذابه أليم هو جهنم يخلد فيها فرعون ومن . 5 من دخل الإيمان قلبه يعمره الله بنوره ويستهين بالحياة والأحياء ولو كانوا فرعون وقبيله» ولذا أجابوا عن تهديده الذى نفذه بقولهم كما حكى الله تعالى عنهم : :ا9قَاُوا آن تورك على ما جَاءَنَا من الات الذي قطنا فَافْضِ ما أنت قاض إِنْما تقضي هذه الحياة الدانيًا 409 . إجابة حاسمة قاطعة تقطع أمله ففى رجوعهم» والإيمان إذا دخل القلب وأشرب حبه كان أثبت من الرواسى» وهو إيمان بحجة وبينة وبرهان إن نؤئرك علئ ما جاءنًا من الْبينات والّذي فطرناه. أى لن نتركه لأجلك أيها الطاغى الباغى» وهذا معنى مؤكدء لأن الن» تفيد النفى المؤكّدء حتى ادعى الزمخشرى أنها تفيد تأبيد النفى» فلا تطمع فى رجوعنا عن الحق والإيثار والتفضيل» أى لن نفضلك على البينات» أى الدلالات الواضحات التى جاءتناء وفى هذا إشارة إلى أن ما عنده باطل وأوهام»ء وكيف نفضل الأوهام على الدليل والبرهان؟! وقوله تعالى: «والذي قطرنا4 عطف على «إما جاءنا من البينات4. والذى فطرنا هو الله» يعنى لن نؤثرك على الحق الواضح» ولن نؤثرك على الله تعالى جل جلاله فهو القادر على كل شىء» فلن نؤثر الضعيف الظاهر على الله القادر العادل القهارء ويجوز أن يكون م ا تفسيرسورة طه ااا ا ا ل + + 1[ ذ[ ذ[ ذ[ ذ1ز1 1 1 1 1 1 2215601111111111غ تأ حب نا قوله: طوالّذي فطرناه, أى أنشأنا ولم نكن شيئاء الواو للقسم لا للعطف, والمعنى لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والله الذى أنشأنا من عدم فمن تكون أنت أيها الخلوق الضعيف» ولو كنت فرعون الطاغى المتجبر بصلفك وعتوك؟! وقد رتبوا على عزمتهم النابعة من قلوب مؤمنة تفويضهم الأمور إلى ربهم والاستهانة بفرعون وبتهديده فقالوا فَاقْضٍ ما أنت قَاض» «ما» إن كانت موصولا حرفيا يكون المعنى فاقض قضاءك؛ لأنه قضاء الحياة الدنيا وهى فانية» والآخرة هى الباقية؛ ويصح أن تكون موصولا اسميا بمعنى فاقض الذى أنت قاضء ويكون الرابط فى الصلة ضمير فاقض ما أنت قاضيه. وقالوا ما يدل على الاستهانة بحكمه القاصر نّم تَْضي هذه الْحَيّةَ لياه هذه الحياة الدنيا ظرف» فتقدم فى الكلام» والمعنى: إن قضاءك هو فى هذه الحياة الدنياء وما موصول حرفى» وإذا قضاؤك هو فى هذه الحياة» فهو قضاء تنفيذه وقت قصير ومن بعده خير طويل» فإنما الحياة الدنيا متاع قليل والآخرة خير وأبقى» وإن هذا يدل على كمال الإيمان بالله» والاستهانة بفرعون وعذابه. أول أمارات الإيمان الراسخ الإحساس بالتقصير والإذعان لله تعالى» وهذا أمر أولئك المؤمنين الذين كانوا من قبل ساحرين, قالوا مؤكدين إيمانهم ومؤنبين فرعون وشيعته: «إنا آمنا بربنا ليغفر لما حَطَايانَا وما أكْرهتنا عليه من السّحر والله خَيْرُ وأبقئ 409 . قالوا مؤكدين إيانهم ب «إن أولاء وبالجملة الاسمية ثانياء وبقولهم رياه أى الذى خلقنا وأنشأنا إنشاءء فكأنهم يوثقون إيمانهم بأنه إيمان يمن خلق وصور لا بمن يظهر قدرته فى العذاب والإيذاء لا فى الخلق والإنشاء. وذكروا ما يرجون من وراء إيمانهم فقالوا: «ليغفر لَنا خطايانا» و«اللام» هنا لام العاقبة» أى لتكون عاقبة إياننا بربنا أن يغفر لنا خطاياناء والخطايا جمع خطيئة» والخطيئة هى الذنب الذى يحيط بالنفس ويستولى عليه» حتى يصير كأنه صفة من صفات النفس يصدر عنه من غير تدبر ولا تفكرء ولذا قال تعالى: #بلىئ من كسب ا تفسير سورة طه ااا ال لل 2ع سب لا مي وَحَاطَت به حَطِنَتهُ وك أَصْحَاب الَارِهمْ فيها خَالِدونَ 4069 [البقرة]؟ وذلك أن الإنسان إذا أذنب ذنبا نكتت فى قلبه نكتة سوداءء فإذا تكررت تكررت هذه التكت حتى يربادٌ فيمتلئ بالخطايا وتصدر عنه أفعالها كأنه غير قاصد لهاء وهى للضالٌ تشبه الخطأ من الصالح فى ذات نفسه ومن تقع منه يسمى خاطتا أى آثما. وقد ذكر رجاء الغفران من خطاياهم» أى آثامهم» التى كانت منهم» وهم فى ديانة القدماء من المصريين» وقد اعترفوا أنهم كانوا يفعلون هذه الخطايا مختارين» والأمر الثانى الذى اعترفوا به هو السحرء وهو إثم» ولكنهم ذكروا فى هذا أن فرعون كان يكرههمء ولذا قالوا «وما أكرهتنا عليه من السّحرٍ» . وإذا كنت يذهب غرورك بأن تقول: ... ولََعلمنَ أينَا أَشَدُ عَذَابا وأبقى 09> فنحن نقول الحق: #واللهُ حير وَأَبِقَى4. فالله هو الدائم» وهو الخير كلهء فلا يكون عنه إلا خير ولا يرضى لنا إلا كل خير. ولقد بينوا رجاءهم فى الله» وعاقبة المجرمين مين فقال الله تعالى: ِإِنّهُ مَن يَأت به مجرما فَإنَلَهُ جهنم لا يموت فيها ولا يحيئ 4069 . الضمير ضمير الشأن أى أنه الحال والشأن المقرر الثابت لمن يأت ريه مجرما4, أى مرتكبا الآثام كاسبا لهاء قد سيطرت عليه آثامه واستغرقت نفسه» لفن له جهتم لا يموت فيها ولا يحبى» . وهذا القول يحتمل أن يكون من كلام السحرة الذين آمنوا وذلك ظاهر السياق؛ لأن الكلام فيما ردوا به على فرعون» ويحتمل أن يكون وصفا لما يجرى على الأشقياء بحكم الله تعالى وقضائه» ويرشح لهذا ما جاء بعد ذلك من ثواب المتقين» وقوله تعالى لمن يدخل جهنم: «لا يموت فيها ولا يحبى» وهذا وصف عميق للذين يخلدون فى النار فهم لا يموتون ليستريحوا راحة الموت» إذ يفقدون الحس شقاء أو نعيماء ولا يحيون حياة كرمة فيها متعة الأحياء» ولكنها عذاب وآلام» فهم لا يموتون فيها ولا يحيون؛ إذ هى حياة الآلم المرير المستمر الذى لا ينقطع . 0 تفسير سورة طه #11100[ #1 #[#[#[#“1[ذظ|[< 1 | [ |[ 1 1 251ص اح > أ وقد جاء النص من بعد ذلك: «ومن يأته مُوْمنا قَدعَملَ الصّالحات فَأوْلَك لَهُم الدرَجَات الع 462 . الضمير فى «يأته» يعود إلى ربه» ويتضمن معنى الإقرار بالربوبية» والخلق وإنشاء الإنسان» وفى ذلك رد فرعون واستهانة به» وهو الذى كان يقول أنا ربكم الأعلى . امنا أى مذعنا خاضعا للحق مستشيم النفس والعمل. ولذا قال من بعد «إقد عمل الصّالحات4, والصالحات الأعمال الصالحة التى تنشر العدل والحق وتقيم النفع وتدفع الفساد فى الأرض» وتحفظ للإنسان كرامته. وتدفع عنه المهانة وتسوى بينه وبين الناس» وقد ذكر سبحانه وتعالى جزاءهم فقال: «فأولعك لهم الدرجات العلى» «الفاء») فى جواب الشرطء والإشارة إلى هؤلاء متصفين بالإيمان والصلاح» والقصد إلى الأعمال الصالحة النافعة غير المفسدة» «لهم الدرجات», وهى الارتقاء فى السمو والارتفاع و«العلى 4 جمع «عليًا» وهى مؤنث «أعلى)» أى الدرجات المرتفعة التى ما فوقها ارتفاع» فلا يرفع المؤمنين أن يرضى عنهم فرعون» وهو بشر دونهم؛ لأنهم أطهار وهو مجرم آثم ظالم غشيه الشر وأرداه» فلعنه الله ومن يتشبه به وإن كانوا دونه قوة واقتداراء ولكنها الغطرسة الحمقاء. وقد بين سبحانه هذه الدرجات العلى» فقال سبحانه: «إجنّات عدن نَجَرِي من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء مَن ترك 469 . جنات عدث» أى إقامة» وهى إقامة مريحة «فيها سر مْفُوعَةٌ ١‏ وَأَكْوَاب موضوعة 09 وتمارق مَصفَوفة 62 وزرَابي عون 403 [الغاشية]» وفى ذلك تبكيت لفرعون بأنهم ينالون بعملهم الصالح خبرا مما فيهء وإذا كان يقول معتزا بغير الله تعالى: [. .. أليس لي ملك مصر وهذه الأنْهَار َجْرِي من تحتي . ٠٠‏ 469 [الزخرف]ء فأولئك البررة الأتقياء تجرى من تحتهم الأنهار فى جنات عدن, وإن هذه الجنات يخلدون فيها ويستمرونء وفيها النعم غير مقطوعة ولا ممنوعة «وذلك جزاء من تركَّى 24 الإشارة إلى هذا النعيم المقيم جزاء من تطهر من الظلم والمعاصى» ولم يسر وراء الأوهام الفاسدة . لال تفسير سورة طه مالل ١‏ تح أ ولقد سرنا على أساس أن الآيتين «إِنّه من يأت ربه مجرما ... 4079 و ومن يأته مؤمنا ... 462 هو من كلام الله«تعالى لا من كلام السحرة؛ لأنه معطى النعيم» وهو المعاقب والمثيب فهو أليق بهء وإن كان ثمة احتمال أن يكون من كلام السحرة» ٠‏ وإذا كان السياق سوه / ابتداء فإن ثمة التفاتا من الحديث عنهم إلى أن نجاة بنى إسرائيل وغرق فرعون 02 سر سم ل 0 2 سمس ا ميس م جر -ه ساس سار لدع سا فيالبحرييسا نا لاصَفُ دركلا حدَى (ه) ابه وَعَوَنُ ممعم لمشي ليا وأَصْلَ عون مه وما هَدَئ 0 يا يسو شري بل قد انعد و جل بالطو راايمنوبَرَلناَليح ملساو ليها لوأ منطِيبت ماوق لاطعأ حل َي ضبق ساس حرج ا # عَنَه أ 2204 2 سدس ههه 2 ومن يحجلل: يه عض فقد هوقا ل قاب رو وءَامَنَ وعم لصحا ثم أهتد لم يذكر سبحانه وتعالى إنزال الرجز عليهم» وآيات أخرى» ومجادلات لفرعون وملئه وادعائهم التطير بموسى ومن معهء ويلاحظ أنه لم يحاول الفتك بموسى وأخيه هارون» وقد ذكرت هذه الأحوال فى سورة الأعراف» وهكذا تتبع قصة موسى مع فرعون وبنى إسرائيل يبدو بادئْ الرأى أنها مكررة » وبالتأمل تجدها 1 0 تفسير سورة طه 6م ال 0000 1 231211011111114 لأسب اه غير مكررة» وما يذكر فى مكان يترك فى مكان آخرء وفى كل مكان كانت عبرة قاكمة بذاتها يذكر لها جزء من القصة. لتفرد كل عبرة فى موضع » فيكون التجدد والتنبيه المستمر والعبرة» استعداد موسى للقاء فرعونء واللقاء بين نبى اختصه الله تعالى بأن كلّمه تكليماء وأكبر الطغاة الذى تشبه به كل طاغية فى الأرض» وآخرهم من رأينا فى مصرء الذى أجرى الله مراحيض مصر على جثمانه النجس» ويصور هذا الجزء استدرار الطغاة لعاطفة مخالفيهم» ثم استبداده من بعد أن يغلب كما رأينا فى معاملته للسحرة» الذين قال لهم: ظقَال آمنتم لَه قبل أَنْآذَنَ لَكُم ..! 469 وقطع أيديهم وأرجلهم . بعد ذلك ترك المجادلات واتجه القرآن الكريم إلى نهاية الطاغوت فى اللأرض وإغراق صاحبه: «ولقد أوحينا إلى موسئ أن أَسرٍ بعبادي فَاضرِب لهم طَرِيقَا في البَحْرٍ يسا 409 . أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى أن أسر بعبّادي», «أن» هنا تفسيرية» أى أن الإيحاء كان هو قوله: #أَسر بعبادي4, الإسراء: السير ليلاء وكأنهم خرجوا على استخفاء من فرعون خشية أن يبادرهم بالإيذاء» ولكنه علم بهمء فلحقهم بجنوده. وأمر الله تعالى موسى أن يخط لهم طريقا يبسا جافا من الماء؛ ولأن خط هذا الطريق كان بالضرب بالعصى التى بيده دائما - عبّر عن الأمر بالتخطيط بالضرب» وقد جاء فى سورة الشعراء طفَأوحَينا إلى موسئ أن اضرب بعصا الْبحْرَ فانفلق فَكَانَ كل فرق كَالطُود العظيم 9 وَأَزلَفنَانم لحرن 60 ونيا مُوسئ وم مَعَهُ أجْمَعِينَ 9ح كم أغرقنا الآخرين 4055 وفى هذه الآية أكد سبحانه وحيه لموسى ب «اللام» و «قداء وقوله تعالى: #إيسا4 مصدر هو وصف للطريق الذى أمر موسى به» وهو مصدر 2206 وقد طمأن الله موسى ومن معه من بنى إسرائيل الذين سماهم عباده ؛ لأنه خلصهم من فرعون وأهواله» طمآنهم بقوله تعالى: #لاّ تخاف دركا ولا تخشى» نا تفسير سورة طه لل م ل ا والدَرّك : اللحاق» أى لا تخاف أن يلحقوك» والدرك بالسكون والفتح الإدراك الحسى» وهو الوصول إليك واللحاق بك» ولا تخشى بأسهء فأنت فى أمن الله تعالى الذى لا يدرك من هو فى آمنه و«لا» هنا للنفى لا للنهى» فا معنى ليس من شأنك أن تخاف اللحاق بك» ولا تخشى بعد اليوم بطش فرعون وقومه. والحملتان حاليتان» وإن من يكون فى أمان الله لا يخاف أحدا ولا يخشاه» ولقد بين الله تعالى أن فرعون منعهم وحاول اللحاق بهم ولكنه لقى حتفه فى هذا اللحاق» ولذا قال تعالى: حاتت وت بود نيم ننه 46 . يقال تبع وأتبع بمعنى تبع كما فى لحق» والحق, والمعنى وتبعهم فرعون مصاحبا جنوده وقد أرسل إليهم يدعوهم معه قائلا: إن هؤلاء لشرذمة قليلون» وأنهم لنا لغائظون - اجتمع بكل ما عنده من جند قوى تجبر بهم وعاند» فتبع موسى الذى جمع بنى إسرائيل فكان جمع الأقوياء» وراء جمع الضعفاء» ولكن كان الله مع الضعفاءء فرعون وجنده وراء موسى وبنى إسرائيل» ويحسب المغرور أن البحر حاجزهم» ولكن رب السموات والأرض» ورب البحار والأنهار» شق البحر لهم» فضرب موسى البحر بعصاه فانفلق» وكان كل فرق كالطود العظيم» كان البحر الذى يكون الناس فيه كدود على عود اثنى عشر فرقا كان لكل جماعة طريقاء وتبع كل أناس إمامهم» فرأى المغرور الطريق بين يديه يبسا كما هو بين أيدى بنى إسرائيل» وقد ضل هو وجنده؛ حتى إذا 3 تم دخولهم انطبق عليهم البحرء وهذا معنى قوله تعالى : 9فَعْشَيّهُم من اليم ما عَشيْهِم4 أى غطاهم من البحر ما غطاهمء وهذا من الإيجاز المعجزء وصاروا فى البحرء فلما أدركه الغرق قال: «. . . آمنت أنه لا إِلّهُ إلا الذي آمَنت به بنو إسرائيل ... 4062 [يونس]» والإبهام هنا لتذهب فيه النفس بالخيال كل مذهب» وكل خيال فيه دون الحقيقة لأن جندا بأكمله؛ كان يتجبر به فرعون ويستعلى ويغشر وقد جمعه كله بإرادته» قد ألقاه فرعون فى البحر إلقاء» ولذا قال تعالى من بعد: ها تفسير سورة طه انالا لاللللت اناالا نالل نالل خ اناالا لل ةلل انان نالخلا نا نالخلا نان اللا اللا نتن مالالا نان لالطالا لالالتنخطنا للخل لالط الالتالل 0ج لز 32 #وأضل فرعون قوَمَه وما هدئ 49 . أوقع فرعون فى نفوس جنله أنه مدركهمء وأذ نهم قاتلوهم, إذ هم عرزل من السلاح وهم شرذمة قليلون كما قال؛ وما علم هو وهم أن معهم الله تعالى على كل شىء؛ وكان بهذا إضلالهم إضلالا حسياء ظهرت عاقبته فيه وفيهم بإغراقهم» وإن هذه صورة جلية حسّية من إضلالهم العقلى والدينى» فقد أضلهم فجعل نفسه إلها فيهم وأضلهمٍ فأرغمهم فى نفسهء وصاروا ليس له معهم وجود إنسانى» ثم قال تعالى : الإوما هدط» وهو الذى كان يقول لهم : 8# .ما أرِيكم إلا ما أرئ وما أهديكم إلا سبيل الرشاد 9 4 [غافر]» فكان اندغامهم فى فكره إبعادا للهداية وإمعانا فى الغواية. موسى وبئو إسرائيل عاش موسى المجاهد فى الحق أربعة أدوار: أولها أنه عاش فى بيت فرعون تكلؤه المحبة من زوج فرعونء وربما فرعون نفسه الذى لم يكن له ولدء فكان فى بيته بمثابة ولده» حتى إذا بلغ أشده وأدرك المجتمع الذى يعيش فيه كان الدور الثانى» فأدرك من هو فى مصر ومن قومهء فما ارتضى الظلم فى ذاته» ولا ظلم قومهء فكان ربيب نعمة فرعون من شيعة المظلومين ن المضطهدين» وعندئذ خرج من مصر حرا كريما رضى بشظف العسيش» وجفوة الصحراء وخلص لله وقال مناجيا ربه: «... إِنَي لما أنزلت إِلِيّ من خير فَقير 59 49 [القصص]ء وعاش كادحا وتزوج من إحدى ابنتى شعيب» واستمر يرعى الأغنام متمتعا بحرية الصحراء ونسيمها غير الوبىء» وإذا كان قد حرم رافغ'" العيش فى بيت فرعون؛ فقد منح حرية النفس وسلامة الاعتقاد» ونعمة الكفاح». ودّوق متاعب الحياة بجوار نعيمها» فاكتملت بذلك إنسانيته» وعندئذ جاء الدور الرابع من حياته. وهذا الدور الرابع كان فى حقيقته دورين: أولهما: لقاؤه هو وأخوه بفرعون» وقد انتهى بغرق فرعون» ونجاة بنى إسرائيل» وييتدى الدور الثانى » وهو دوره مع بنى إسرائيل ومحاولة تربيته لهمء لقد ربوا على الاستخذاء والضعف والاستكانة» 00 والرقاغية : سعة العيث ن والخصب والسسّعة. . وعيش أَرَقَمْ و رافغ و رفيغ : خصصيب واسع طيب . و رفع عيش بالضمء رفاغة: : انّسَع. . لسان العرب- رفغ. تفسيرسورة طله ‏ . لل يلللا 02 جم وي يي فلابد أن يربى فيهم العزة والكرامة» وربوا فى أحضان الوثنية فلابد أن تزرع فيهم الوحدانية» وربوا على الختل والاستهانة» فلابد أن تربى فيهم العناية والخلق الكريم» وهذا أشق الأدوار فى حياة موسى بعد أن تجا هو وبنو إسرائيل من فرعونء وألقاه الله تعالى فى اليم» قال الله تعالى مخاطبا لهم: ايا بني إسرائيل قَد أنجيناكم من عَدوكُم وواعدتاكم جانب الطُّورٍ الأيمن ونزَلنا عليكم الْمَنَ وَالسلرئ 4069 . ناداهم الله تعالى مقربا مدنيا مؤنسا لهم ذاكرا سبحانه نعمته عليهم؛ ليعرفوا حقها عليهم من الشكر فلا يكفروهاء قد نيناكم مَن عَدوَكم» الذى تحكم فيكم وأسامكم سوء العذاب» وإن هذه كانت مظاهر العداوة من ذلك الظالم الغاشم #واعدتاكم جانب الطُورٍ الأَيمَن» أى الإتيان فى جانب الطور الأيمن» فالكلام على حذف مضاف» وحذف لأن المقصود هو ذات الجزء الجانب الأيمن» والإشادة به لأنه الجانب الذى لقى فيه ربه» وأنزلت عليه الألواح العشرة فيه» فهو المكان الذى كانت ذكريات نبوة موسى عليه السلام» وهو من أولى العزم من الرسل» والتوراة من الكتب المقدسة التى تشتمل على الشرائع الخالدة إلا ما نسخه القرآن الكريم. وقد قال تعالى: وَاعَدنَاكُمِ جانب الطُور الأيمن» وهنا ملاحظتان: إحداهما أن الله تعالى جعلهم طرفا فى المواعدة وهى مفاعلة تكون من جانبين» جعلهم الله سبحانه وتعالى طرفا مقابلا لذاته» وذلك تكريم لهم» ورفع لنفوسهم التى استخدمت بإذلال فرعون, فأعلاهم رب العالمين ورفع كبوتهم وأزال عنهم خسيسة الذل. والثانية أن المواعدة كانت مع موسى رسولهمء لا معهم كلهم» ولكن موسى يجىء بهذه الشرائ ئع إليهم 2 وقد قال تعالى فى هذه المواعدة «إوواعدنًا موسئ ثلاثين لَه وأتممناها بعشر فم ميقات ربه أربعين ليله . .. 4019 [الأعراف]؛ ولأن موسى وهو رسولهم الذى أرسل إليهم كانت المواعدة معه مواعدة لهم. ولأن موسى اختار ٠‏ منهم من سيلونهم فى هذا اللقاء» فقد قال تعالى: «واختار موسئ قَومَه سبعين رجلا ل تفسير سورة طه 02 الل ل ني لميقاتنا . .. 4623 [الأعراف]» فكان اخختيار لهذا الموعد فيه معنى أنهم كانوا مواعدين» وخصوصا أنهم كانوا يمثلون بنى إسرائيل» ولذا قال تعالى: #واختار مومئ قَومَهُ سَبَعينَ رجلا . .. 4062 [الأعراف]ء أى أنهم كأنهم قوم موسى جميعهم» كان ذلك كله تشريفا وتكريماء ورفعا لهم مما كانوا فيه من كبوة. وقد ذكر سبحانه وتعالى طعامهم فى هذه الصحراء الجرداء» فبدلهم الله بطعام مصر طعامًا أشهى وأمرأ وأجدى وهو المن الذى أنزله الله فى الأشجارء والسلوى ذلك اللحم الطرى؛ ولذا قال تعالى #وتَزْلنا عليكم الْمنّ والسلوى» وقال: «وترلْنا» ولم يقل «أنزلنا»؛ لأن المن والسلوى لم ينزل عليهم دفعة واحدة» فيغمرهم فيحتاجون إلى وسائل لادخاره وحفظه؛ بل كان يعرض لهم على حسب حاجتهم شيئا فشيئا غير مقطوع فلا يحتاجون إلى الادخارء ولا يقطع عنهم فيكون الجوع, بل يجىء إليهم غير مقطوع ولا ممنوع» بل مستمر رحمة من الله تعالى. هذا رزق الله تعالى لبنى إسرائيل فى هذه الصحراء الجرداء» وقد نهاهم الله عن الطغيان فى الرزق» فقال عز من قائل: وتوا بن ينات ما واولا ترا ف بعل كم بي وت َع عضبي فقَد هوئ 4069 ذكر الله تعالى رزق بنى إسرائيل بالمن والسلوى فى سيناء فناسب أن يبين - سبحانه - شكر الرزق» وفساد النعمة بالطغيان» فقال: «#كلوا من طيّبّات ما رَرَقتاكم» وهذا الأمر لبيان إباحة الطيبات» وهو فى معناه يتضمن الطلب؛ لأن الأكل مباح ومطلوب» أما إباحته فلتخير ألوانه الطيبة» وأما طلبه فلمنع الإنسان نفسه من الأكل فيهلك. والطيبات لا بد لها من أمرين: أن تكون كسبا حلالا طيبا لا خبث من طريق الحصول عليه؛ وأن يكون غير مستقذر كالميتة ولحم الخنزير» والدم المسفوح. وغير ذلك من المحرمات التى حرمت لأنها رجس مستقذر؛ ونهى سبحانه عن الطغيان فى الرزق» فقال سبحانه: «ولا تطغوا». أى لا تتجاوزوا الحدود فيه» وتجاوز الحدود فيه يكون بضروب شتىء منها: أن يطلبه من غير حلّه؛ ومنها: أن يأكل السحت والرباء ومنها: أن يمنع الفقير من حقه» ومنها: أن يسرف 1 ل 0 تفسير سورة طه مل 02 لحي 22 فيه إسرافاء وأن ينفقه فى غير موضعهء ومنها الشح والبخل بأن يكون عبد الدينار والدرهمء فكل هذه مجاوزة للحدء وطغيانء وإن الذى يترتب على الطغيان فى الرزق وعدم شكره غضب الله تعالى فقال: «فيحل عَلَيِكُمِ عْضَبِي» «الفاء» فاء السببية» أى بسبب الطغيان ينزل بكم غضبىء وهو أعظم ما يفقد الإنسان معانى العلوء فغضب الله يبعد الشخص من سماء الرفعة» ويهوى فى مكان سحيق من المقت» والبعد عن الله تعالى» ولذا قال تعالى: «ومن يحلل عليه عَضْبِي ققد هرى» أى فقد نزل إلى الهاوية السحيقة البعيدة الغورء ومن سقط فى الهاوية فإنه يهلك لا محالة» ولذا قالوا: إن #هورى» معناها «هلك», ولذلك فسر الزْجَاج ©فَقَد هرى» وإن الله تعالى يقرن رحمته بعذابه» ومغفرته بعقابه» ولذا قال تعالى: وني لَعَفَار من تاب وآمن وَعَمل صالحا ثم اهتدئ 69> #تاب» عما يرتكب من كبائر وهفوات» فالتوبة ضراعة إلى الله؛ء ورجوع إليه»ء وهى ذاتها عبادة» وإن الله يقبل التوبة من عباده» والتوبة تجب ما قبلها من معاص » كما أن الإيمان يجب ؛ الكفر» وطآمن» معناها ملا الإيمان بجلال قلبهء بأن قرن توبته بإذعان مطلق لله تعالى» وكان عمله كقلبه» ولذا قال: «وعمل صالحا» بأن قام بالعبادة مخلصا محتسباء وعمل النافع للناس» وكان يحب الشىء لا يحبه إلا لله. ثم اهتدى4 الاهتداء أن يعلو إلى درجة المهتدين الذين يخلصون عن الدانى فى عقولهم ونفوسهمء ويكونون ربانيين لا يعرفون إلا ربهم» ويطرحون كل أمور الحياة وراء ظهورهم إلا أن يكون خيرا أمرهم به» وإن الوصول إلى هذه الدرجة وصول إلى مرتقى عال» ولذا كان العطف ب «ثم» التى تدل على البعدء وهذا كقوله تعالى : «إنذ دقانو ري لكُّه تامو وَل لهم الملاكة لاوا ل تحزنوا 462 [فصلت]. تفسيرسورة طه لللاا 01 لسرب اا عبدوا العجل!! وَمَاأَعْجَلكَعن ا 2 2ك دسم 0 و سسا و قوم كينمومئ ريا َال هم أؤلاء علكأثْرى وَعَيِثْإِلَيكَ راس اموس ل 0 سلس سس لس د عر رص لال نافد نومك مِنْبحَرِكَ صلم 07 م دس سم وو جما ل مدو اج لل سه د لساري وها قرحم موموخ إل فَوْصِدء عضب نَأسفاقال مج ل اله 12ح سام 20 هد د د رم زو قوم ألم يعد ربكم وَعَدَاحَسَمَاأفطال عَلِحكُم 2011 ىر 01 م [ت 2 ور م ا ا موك لو قَالُوماأَحلَفنَامَوعِدَكَيملْككَاولكَا جنا ومن َِةالْقوم فعَدَ فته فَكدَِكَ ألقىَالنَارِقُ 60 َأخْرَج لَهُمعِجَلاجَسَدَا لَهحُوَارممَاُْأْهدَإلهكُمّ وَإِلَهُمُوَئ ََِىَ 7 أفلايرونَ ارج عْ هلولا يَملِكُ طَصَرَاوَائقَعَ 0 وَلَْدََالَ ل عزوي ن قل رك 7 أن تت عليه كين حقَي ينامو 0 صر اس 70 إن هذا هو الدور الأ: حجير من رسالة موسى عليه السلام وهو رعايته لبنى إسرائيل» لقد قيل فى الروايات: إن عددهم كان ستمائه ألف» ولكن تربيتهم على العقيدة السليمة عقيدة الوحدانية أخذت جهدا كبيراء ثم إزالة ما علّق برءوسهم من ا تفسيرسورة طله .2 لل 2 جىج-1 أوهام المصريين أخذ أمدا طويلا. وتربيتهم على النخوة والقوة والعزة كان فوق طاقة موسى عليه السلام» ولذا جعلهم الله يتيهون فى الأرض أربعين سنة» ليتربوا فيها على النخوة والبأس والعزة» إن كان فيهم استعداد لها ولتكاليفهاء وقال الله تعالى لكليمه موسى مواسيا: :قال فَإنهَا مُحَرَمَةٌ لهم أبعي سه يَتهُونَ في الأرْضٍ قلا أس على القوم القاسقين 465 [المائدة] . أول صدمة لموسى الكليم فتنة العجل» ذهب موسى إلى جانب الطور الأيمن» كما وعده ربه ليتلقى التوراة» وذهب فرحا عجلاً؛ لأنه على شوق لمخاطبة ربه» ولآن المسارعة إلى وعد الحبيب ترضيه» وترضى نفسهء وفى غيبة موسى عن قومه لم يكن وقتا طويلاء فتن بنو إسرائيل بعبادة العجلء وربما يكون موضع عتب بهذه المسارعةء لا اقترن بغيبته»ء وكل شىء بإرادة الله» ولكن على المرشد الهادى أن يراقب النفوس وموضع ضعفهاء وموضع الضعف عند الإسرائيليين هو معاشرتهم لأهل فرعون» هو اتباعهم طريق هؤلاء فى أوهامهم وعاداتهم وتقاليدهم . قال الله تعالى لكليمه» وقد جاء مسارعا إليه فى موعده: وما أَعْجَلَكَ عن قَْمك يا مُومَئ 69 قَال هم أؤلاء على أَنْرِي وَعَجِلْت إِلَيك رب لترضئ 409 . «الواو؛ وصلت ما بعدها بما قبلها لكمال السياق» ولبيان أن الفتنة جاءت بعد الإنعام بالإنجاء» وتنزيل المن والسلوى» والمواعدة على خطاب الله تعالى لموسى» وهذا فيه تقريب لما يقع منهم من بعدء إذ قرنوا تلك النعم الساصية بالكفر لا بالشك» وبذلك يتصور القارئ ما سيكون منهم. كان موسى عليه السلام قد خرج من قومه بمن يمثلونهم» وهم السبعون المختارون الذين يمثلون أسباطهم» ولكنه ككل رئيس قد يسبق من معه يتعرف أمر اللقاء؛ ولأنه فى شوق للآنس بكلام ربه؛ ولأنه يرى أن الله تعالى سيخاطبه بشرائع م # تفسيرسورة طه الل 0ل آ !+ !+ ! ! ! !1 1 1 1 1 1 22250101011 ولح ن: سبقهم إلى الموعد. ولكن الله تعالى قدر ميقاتا محدد الابتداء والانتهاء لمصلحة قدرها ولم يكن تقديره لغير أمر قدره سبحانه؛. وإن لبث موسى فى قومه قد قدر الله فيه دفع ضررء والله لا يخلف الميعاد» وكل شىء بقضاء الله وبتقديره» وفى علمه المكنون فهو سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما سيكون. عتب الله تعالى على كليمه المختار تعجله فى ذاته» وعتب عليه أن سبق قومه وتركهم» وهم يحتاجون إلى رعايته ومراقبة خواطرهم ببصيرته وهم قريبو عهد بمعاشرة الفاسقين . عتب الله تعالى على كليمه هذاء وكان على موسى أن يعتذر عما كان منه. والله عليم بذات الصدور قال: «هم أولاء على أثْرِي4 أشار إليهمء ولم يأت ب «كاف» الخطاب تأدبا مع الله20. ولأنه سبحانه العليم» فلا يحتاج إلى تنبيه بها إذ هو يخاطب العليم الخبيرء ومعنى «أولاء عَلَى أَنْرِي» أنهم على مقربة منى» ولا يضلون الطريق؛ لأنهم ورائى ثم قال معتذرا عن تعجله: «وعجلت إِلَيِك رب لترضى», أى كان الدافع على جل إليك محاولتى إرضاءك حاسبا أن المسارعة إليك ترضيك» وقال كلمتين تقربا إليه سبحانه ومشيرا بهما إلى رغبة فى ذلك التعجيل وهو أنسا بكلامه معه. الكلمة الأولى هى «إليك4. أى عجلتى كانت إليك» وأنت القريب إلى نفسى آنس بكلامك؛» والكلمة الثانية هى «رْب4 أى القائم على نفسىء» ومن صنعتنى على عينك فإنى أسارع إلى من صنعنى على عينه جل جلاله . وقد نبهه سبحانه إلى مغبّة تعجله فقال عز من قائل: طقال فنا قد فتنا قَومَك من بعدك وَأَضلّهُم السامري 462 . فاعل «قال» هو الضمير العائد على الله جلت قدرته» والفاء للسببيةء أى بسبب غيبتك وعدم قيامك بحق الرقابة النفسية عليهم التى مكناك منهاء «قَد فتنا قرمك من بعدك» أى اختبرناهم لتتبين مقدار إراداتهم وعقولهم ومداركهم وأضاف . أي لم يقل : هم أولئك 3 ولكن قال: أولاء)‎ )١( رضخ تفسيرسورة طه الل 0 1-74 الاختبار الذى سماه «فتنة» إلى نفسهء وهو العليم بكل شيء قبل وقوعه. وبعد وقوعهء فالأزمان تكون بالنسبة للناس لا بالنسبة للذات العلية. وعبر سبحانه فقال: ظقَومَك من بعدك4 أضاف القوم إليه استحثاثا لهمته» وقوة فى عتابه» أى أنهم قومه الذى جاء لإخراجهم من طغواء فرعون» ولكن لم يزل الأثر السيئ فى عقولهم فطغى بتعاليمه عليهم نفسياء وإن خلعوا الربقة بقة» وأزالوا رق الأجسادء فلم يزيلوا رق النفوس» ولقد قال تعالى: «وأَضْلَّهُم السّامري», أى أوقعهم فى الضلال» والسامرى شخص انتقل معهم من مصرء كان يجيد النحت والتصوير»ء ولم ينص على أنه من الإسرائيليين أو أهل مصر الأصليين» ويغلب على الظن أنه إسرائيلى اندمج مع المصريين وعرف صناعاتهم» وقيل: إنه كان هنديا يعبد البقرء ثم اعتنق ديانة بنى إسرائيل. «فرجع مُوسئ إلى قومه عَصبَانَ أسفا َال يا قوم لم يَعدكم بْكُم وعدا حسنا أفطال عَليْكُم الْعهَد أَم أَرَدتُْ أن يَحلّ عليكم عَضَب من رَبَكُم فأخلفتم معدي 5 #. «الفاء» تفيد الترتيب والتعقيب» ففور أن بين الله تعالى ما كان بقومه رجع فى حال غضب وحزنء ولذا قال تعالى: طقَرجع موسئ إِلَئ قَومه عَصْبَانَ أسفا» الم هنا هم لاسر اليرت جميعا الذين كان منهم الذين عبدوا العجل ولم يكونوا عددا قليلاء بل كانوا كثيرين» وإن لم يكونوا الأكثرين» والغضب هو الثورة النفسية للمفاجأة بأمر مؤلم لم يكن يتوقعه. والأسف : الحزن الذى يسكن النفس بسبب أمر غير مقبولء ولا يوجد له أى مبررء والحزن من شأنه أن يوجد فى النفس كابة» وهمًا وغمّاء وكذلك كانت حال موسى عليه السلام عندما علم من ربه أن قومه عبدوا العجل» ولكن الحكمة النبوية توجب ألا يسترسل فى الكآبة والغم» والانفعال» بل لابد أن يعالج الموقف باستنكار شديد وحزم الشر واجتثائه من أصله» وكذلك فعل» فقال لائما مستنكرا: «إيا قوم» هذا نداء مقرب بأنه منهم يؤله ما يضلهم» ويفرحه ما يكون خيرا لهم اليد يكم وَْذا حساك أى آلم يعدكم ربكم بخيرى الدنيا والآخرة» وهو . ا تفسيرسورة طه ال 1111101000 1 1[ [ 1[ 1[ 1 1 1 1 1 221001111111ظ تلح ا وعد حسن يطمئنكم فى حاضركم وقابلكم. ولم يذكرهم بحاضرهم الذى هم فيه وما كانوا عليه فى الماضى» وحتى لا يصل اللوم إلى المجافاة» ولأن ذلك إنعام عليه وعليهم» ومنزل النعم وهو الله تعالى هو الذى يذكرهم بذلك. وقوله تعالى: «ألم يعدكم ربكم» استفهام إنكارى» أى لقد وعدكم ديعم وعدا حسنا مع التنديد الحفى» وعبر ب ب «ربكم» للإشارة إلى أنه وعد محقق لا محالة. لأنه وعد من الله بكم الذى اخلقكم» وهو القيوم على كل أموركم ومالكم نسيتم هذا الوعد «أفطال عليكم العهد» العهد أى الزمن». و«الفاء» هنا سببية» والمعنى فأطال عليكم الزمن فنسيتم الوعد الذى وعده الله» والمعنى أبسبب طول الأمد نسيتم وعد ربكم؟ وهو توبيخ شديدء فإن الزمن لم يطّل» بل كانت الأحداث متلاحقة لا تراخى فيها حتى يكون النسيان» فقد أنجاكم ربكم. وأغرق فرعون» ثم كان الوعد من الله باللقاء» وكانت فتنة العجل على قرب من ذلك. ثم كانت الجملة الاستفهامية المعادلة إأم أَردتُم أن يحل عليكم عضب من ربكم - َأَخْلفُتم مُْعدي» نزل بهمء رفقا بهم من المعاندة لله تعالى» وهى مرتقى صعب لا يريد أن يكونوا فيه» إلى المعاندة له هو وسارع فتبين أنها هى الأخرى, مغاضبة لله تعالى؛ ؛ لأنه عليه السلام لا يتكلم إلا عن الله م4 استفهامية للمعادلة. «ِأَردتُ4 هنا ليست متجهة إلى أن يحل بهم غضب من ربهم» إما إرادتهم منصب على السبب الذى يفضى إلى حلول غضب الله تعالى عليهم . وفى هذا إشارة ليست خفية إلى أن ما ارتكبوه من عبادة العجل إغضاب لله تعالى» وكفر به» وإن ذلك يؤدى لا محالة إلى أن يحل بهم غضب الله تعالى» وعبر عن الذات العلية بقوله: «إمن ربكم» إشارة إلى أنه هو الذى نجاهم من فرعون وأغرقه. وكلاهم بكلاءته ونزل عليهم المن والسلوى. وقال عن غضب الله بأنه يحل عليهم» والمعنى آثاره من إصابتهم بالبلاء من قتل وذبح وصغار فى الأرض» وقد ذاقوه وتمرسوا عليه فى حياتهم فى مصرء وهذا حث على طلب رضا الله تعالى» بدل أن يسيروا فيما يوجب أن يحل بهم عضبه. 9 تفسير سورة طه ساسا سس (جمل باه بي" وقد رتب الله تعالى حلول غضب الله على إخلافهم موعده فقال: «فأخلفتم موعدي» الموعد هنا مصدر ميمى بمعنى الوعدء وإخلاف الوعد ألا يقوموا بموجبه» وقد وعدوا موسى بالاستقامة والإيمان بالله وحده وترك الأوهام الباطلة التى سيطرت عليهم بسبب مقامهم فى أرض فرعون. وإن هذا الموعد بلا ريب يؤدى إلى إغضاب الله تعالى؛ لأنه يكون إشراكا وتفريطا فى جنب الله فلابد أن يحل عليهم غضب الله تعالى وأن يعاد إليهم ما ذاقوه من قبل وعرفوه» أجابوا معتذرين عن فعلتهم الكبرى . لقَالُوا مَا أَخلَفنَا مُوعدك بملكنا ولكنًا حملا أوزَارا من زيئة الوم فَقَدَفْنَاهَا فَكَدَلك 0 2 2 1 1 1 1 1 2 > ” 1 1 ألقى السامري 480 . نفوا أنهم أخلفوا موعدهم مختارين مريدين» بل كانوا تحت تأثير إغراء شديد وتضليل كبير» وعبروا عن فقدهم لإرادتهم الحرة الخالية من الإغراء بقول #بملكنا» قرئت بفتح الميم ويكسرها وبضمها”'", والمراد أنهم ما أخلفوا وعدك فى الوحدانية واستقامة النفس والفكر بإرادتهم ا حرة المختارة» ولكن بإغراء . وفى هذا اعتراف بالجريمة» واعتراف آخر بأنهم ارتكبوها وإرادتهم مسلوبة بإغراء شديد» ولو كانوا أمام قاض من قضاة الدنيا لأخذهم باعترافهم» واعتذارهم بأنهم كانوا مغرورين و مخدوعين لا يخليهم من العقاب بل يقرره عليهم ويثبته» فالعبرة فى الجريمة بالاختيار» وقد كان الاختيار من غير إكراه ولا يعد الغرور إكراها. وخصوصا أنهم هم الذين قدموا سبب التضليل» وقالوا: «ولكنًا حملا أوزارا بن ع قم فاه فكذيك الى السابر».. وضلال نفوسهم» وهو اعتذار سخيف كشأن بنى إسرائيل فى كل الأزمان «حُملَا)4 هذا فعل مبنى للمجهول لم يذكروا من الذى حملهم هذه الأوزار» إنما هم الذين )١(‏ قرأها به بفتح الميم : نافع وأبو جعفر» وعاصم غير جبلة. وبضمها: جمزة والكسائي» وخلف وجبلة» وقرأ الباقون بكسر اللام. غاية الاختصار: 011/7 . ها تفسيرسورة طه ااتللنا ل اننال تلان الل الت اتا اا متخن ااانا نا اناطخ انالا كنال اا اناما ااانا لاانالاانا اننا تلاط خلال ةنا ان ناملا نل انالا تل لمانالا خط نام شاللا تسورب ا حمّلوها أنفسهم» وهناك قراءة (حملنا)2"0» والأوزار جمع وزر» وهو الحمل الثقيل» ويصح أن يكون حمل بعضنا بعضا ما فى عهدته من زينة القوم أى من ذهبهمء وكون الأوزار أحمالا ثقيلة لا تخلو من إثم؛ لأن الوزر يطلق على الإثم باعتباره حملا ثقيلا على النفوسء كما قال تعالى : «وليحمان أنْقَالَهِم وأنْقَالا مّع أثقالهم 405 [العنكبوت]» وهذه الأحمال كان فيها آثام ؛ لأنها من زينة بنى مصر كانوا استعاروها منهم» فما كانوا يملكون مثلها لإيذاء فرعون الهم وإذلالهم فأخذوا يكثرون من الاستعارة عندما أذن لهم بالرحيل» وقوله «فقذفتاها» أى ألقيناهاء ولذا قالوا «فَكذَلك أَلْقَى السّامري», وتدل الروايات على أن قذفهم لها كان فى الثار لتصهرء وفعل السامرى مثلهم» وقد كان دبر ذلك معهم. ويروى أنه قال لهم : إن موسى يلومنا على ما أخذنا من زيئنة القوم فلنلقها فى النار لتصهر ولا يراها. وإن هذا يدل على أنه كانت إرادة» وإنه كان إصرار على الجريمة» وأنهم سلكوا الطريق إلى أسبابها من أوله إلى آخره. 'وإذا كانت الجريمة عبادة العجل» فقد وضعوا السبب الأول لصناعته» وتولى كبر الصناعة السامرى ودعاهم إلى عبادته فعبدوه. وقد ذكر مربحانه ما صنعه السامرى فقال عز من قائل علا رو أل مرجع إليهم قو ولا يلك لَهُمْ ضرا لتقا 409 . عندما ألقيت زينة القوم من الذهب». وكانت أحمالا ثقالاء وارتكبوا أوزارا كبارا لأنها كانت عاريات اغتصبوهاء وأموالا سرقوها؛ لأن جحود العوارى يعد من السرقات. يقول المفسرون إلا من أدركوا العصر الحاضر» وعلموا أخبار المصريين وصناعتهم» قالوا: إن السامرى رأى الأمين جبريل بعد أن ص: صنع العجل » أخذ قبضة من اللأرض التى سار عليها جبريل أو فدرسه فالقاها فى اللصتوع قصار يخور كما يخور العجل» وسرى فى جسمه ماء الحياة» فصار جسذا له خوار. )١(‏ قراءة (حملنا) بالبناء للفاعل» وتخفيف الميم : أبو عمرء وعاصم » وحمزة» والكسائى» ويعقوب» وخلف -غير حفص وروي س- وقرأ الباقون بالبناء للمجهول. وتشديد الميم . غاية الاختصار؟/ الاه. ل 0 تفسير سورة طه يل يم > ا ذلك كلامهم وروجوه بأمرين: بأنه جسد أو له جسدء والجسد لا يكون إلا للجسم الحى» فلا يقال عن الحجر إنه جسدء كما لا يقال عن أى جماد إنه جسدء والأمر الثانى: قوله تعالى: لَه خوار» والخوار لا يكون إلا لعجل حى» فما الحيلة فى هذاء لقد أعملوا تفكيرهم مستعينين بالإسرائيليات التى حشرت فى كتب التفسير فانتهوا إلى هذا القول. ونحن نرى أن ذلك القول غير معقولء فإن ملائكة الله تعالى لاا تسير فى صورة حى إلا بأمر من الله» وإلا لنبى» وما كان السامرى نبياء وما كان ثمة دليل منقول يقرر ذلك القولء» وما ادعاه السامرى عندما ناقشه موسى فى هذا البهتان» وإنه عد ذلك الإفك من تسويل النفس وتزيبنها الباطل» فكيف يكون تزيينا للباطل» ويكون بتتبع آثار جبريل» وأيضا فإن الحياة تكون بإذن من الله تعالى» ومع ذلك يقول السامرى #... وكذلك سَولّت لي نفسي 465 . وإن الأمر المعقول أن نقول: إن السامرى كما ذكر ألقى الذهب هو ومن معه ذهب من زينة القوم من بنى إسرائيل ألقوها فى النار فصهرت حتى صارت سائلاء وبما تعلمه من الصناعات المصرية صنعه على شكل عجل» ووضعه فى مهب الرياح فدخل الهواء فى خروقه بصوت الريح فى أجوافه - فصار له خوار كخوار الثورء وما زلنا نرى فى لعب الأطفال مثل هذه الأصوات فى اللعب. وما إن رأى الإسرائيليون هذا حتى قالوا يخاطب بعضهم بعضا هذا إلْهكُم وإله موسئ فدسي». أى السامرى. #فنسي*» هنا معناها ترك» فأطلق النسيان وأريد تركه» ونسب النسيان إليه مع أن عباد العجل جميعا تركوا أو نسوا عبادة الله وحدهء ونسوا الحق؛ وذلك لأنه هو الذى أخمرجه بصناعته» وفى التعبير ب «فأخرج لهم عجلاً جَسدا» ما يشير إلى أنه صنعه صناعة . بقى أن نرد على من فهم أن الجسد لا يكون إلا جسما حيا يجرى فيه الدم فنقول: إن الجمسد والجسم لهما معنى يشتركان فيه» ومعنى يختص به الجسم» فالجسم يقال على كل الأشياء ما يتجسد ويصورء وما لا يتجسد ولا يصور فيقال: إإ9نا تفسيرسورة طه الللللل ااا 0 كه : .2 إن الماء جسم ولكن لا يقال له جسدء وقد ذكر ذلك الراغب فى مؤلفاته» فقد جاء فيه فى مادة جسد ما نصه: «الجسد كالجسم لكنه أخص» قال الخليل: لا يقال الجسد لغير الإنسان من خلق الأرض ونحوه» وأيضا فإن الجسد ما له لون» والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء» وقوله تعالى: وما جَعَلتَاهِم جسَدا لأ يأْكُلُونَ الطَّعَام ... 400 [الأنبياء]ء يشهد لا قال الخليل . وقال: «عجلاً جَسدا لَه خوار» وقال تعالى: «وألقينا على كرسيّه جسدا ثُمَ أنَاب 00 »4 [ص]» وباعتبار اللون يقال للزعفران جساد وثوب ميجسد بالجساد) . فقوله تعالى: #جسدا لَه خوار» لا يمنع أنه جسم لا حياة فيه» وربما كان التعبير بالجسد مناسبا لقوله تعالى لَه خوار» ولكنه جسم لا حياة فيه. ولذا قال تعالى فى بيان أنه ليس فيه حياة قط : (أفلا يرون ألا يرج جع لهم قرلا ولا يملك لهم ضرا ولا فعا 09> الفاء للإفصاح» أى أنهم قالوا هذا إِلَّهُكُم وله موسى» وليمس له من صفات الألوهية شيء » «أفلا يرون» و«الفاء» مؤخرة عن تقديم أن الاستفهام له الصدارة» والتقدير فألا يرود أنه لا يرجع لهم قولاء أى يرد لهم قولا ولا يجيبهم فى قول» و«أن» هى المخففة من الثشقيلة» واشمها ضمير الخال 7 مهفيو والشأن» ورجع القول إجابته فهو لا يرد إجابة سائق يسوقه» ولا قائد يفوده.» ولا يعرف قولا كما يعرف الحيوان» فليس فيه أمر يدل على حياته حتى يعد حيا فى أحياء الحيوان» وإذا كان فإنه لا يمكن أن يكون إلهاء وإذا كان حيا فلا يمكن أيضا أن يكون إلهاء لا يمكن أن يكون إلها لأنه لا ينفع» فهم أخطئوا لأنهم عدوه حياء وكفروا لأنهم عبدوه إلهاء فضلوا بذلك ضلالا بعيدا. ا تفسير سبورة طله . لل ١‏ حر ا موسى وهارون ويتو إسرائيل والسامري هه 020 م تبصا اَلَاتَبَعَت هر 2 ع و أفعصيت أمْرى لوا قال 1[ 1 2111111 تف 0 7 لل ل سرح سد سر نيت أن ول طرفت بسر ترف توَل زلا فَالَ هما حَطبك سمرت نيا فَالَبَسْرَثُ ُ اتباث حفن شود و 2 - 2 دعبا ك ككف الحيرة : نمثل ايساسا نلك مَوَعِدَا سن إقرتهة أزِوطلك عه كرون و كم لَدَنْسَفَفَّةُ . بف الْمَمَفسَفَا!9 03 كان موقف هارون وهم يتدلون من مرتبة التوحيد الذى أخرجهم به موسى من ربق الاستعباد والذل إلى مرتبة الوثنية المصرية لتأثرهم بها مدة إقامتهم الطويلة فى مصر ضعفاء مستكينين» والضعيف - كما قال ابن خلدون - شغوف دائما بتقليد القوى لحسبانه أن ما فيه من قوة سببه ما عنده من أفكار وآراء» ولو كانت باطلة فى ذاتها. كان هارون الذى خلف موسى فى قومه موقف المرشد الهادى لا موقف الساكت الممالئ» قال لهم عند تدليهم: «إيا قوم إِنما فتنتم به» قال لهم بمجرد أن رأى منهم عبادة العجل قبل أن يحضر موسى إليهم» وقبل أن يعرف لموسى أمر فتنتهم لإِنّمَا فسستم بدك أى اختبر إيمانكم بهذه الصورة صورة العجل» والضمير فى #به» يعود إلى العجل الذى هو موضع الحديث. سلبا وإيجابا شدا إلى التوحيد» وجذبا 7 ل تفسيرسورة طه ل ل ل 0 ١ الك‎ | 1 إلى الكفرء وإنما فى قوله تعالى: 9ِإنّمَا قُتنتم به». أى أنه ليس له حقيقة أى حقيقة حتى تجعلوه إلها يعبدء ولكنها فتنة نفوسكم التى أثرت فيها إقامتكم فى أرض الفراعنة . قال لهم نبى الله هارون عليه السلام ذلك فى إبانه» فما قصر فى إرشاد» ولكن لم يؤثر فيهم ذلك القولء كما لو كان من موسى عليه السلام؛ لأن موسى الأصيل فى الرسالة» وهارون ردء له» فلم يكن له تأثيره. وكأنهم لا يقرون برياسة إلا لموسى» ومع أنه قرر حقيقة بدهية» وهى أن ربهم الرحمن» وطالبهم بأن يتبعوه ولا يخالفوه فى أمرء مع ذلك أعلنوا ما يفيد أنهم لا يعترفون إلا بموسى رئيسا مطاعاء وقبل أن ننقل قولهم الذى أفاد إصرارهم نقول أولا: إن هارون ناداهم بما يقربهم إليه ويؤنسهم بهء فقال: «يا قوم»* فهذا إشعار بالرباط الذى يربطهم به نسباء ويدنيهم إليه. ويقول ثانيا مؤكدا الفتنة التى يجب أن يتركوهاء والمفتون تزول فتنته عند أول تنبيه إليهاء ومع ذلك لم يتركوها ويعودوا إلى الصواب الذى يوافق العقول» ويذكر ثالثا وينتقل من هذا الإرشاد إلى الأمر الذى يجب أن يأخذوا فيقول: «فاتبعوني وأطيعوا أُمرِي» وكان يجب أن يطيعوه لأنه رسول مع موسى وردؤهء ومخالفته مخالفة لموسى» ولكن رجس الوثنية قد ثبت فى نفوسهمء ولا ينخلع منهء و«الفاء» فى قوله «فاتبعرني» هى لترتيب هذا الأمر على أن عبادة هذا الصنم فتنة وأن ربكم الرحمن وحده» وعبارة «وإن ربكم الرحمّن» تفيد القصر أى لا معبود غيره لأنه الرب الخالق المدبر لشئونكم الخى القيوم. لقَالوا أن يبرح عليه عاكفين حت يُرجع إِلينَا مُوسئ 47 العكوف الإقامة للعبادة فى معبد أو مسجد أو غيره» ولإلن تَبرَح4 من الأفعال التى تفيد الاستمرار على الحال التى هم عليهاء ولابد أن يسبقها حرف النفى» مثل أخواتها: «ما انفك» وما فتئ» وما زال»» والنفى ب «لن» لتأكيد بقائهم على ما هم عليه من ضلالء فإذا كان هارون قد بلغ أقصى الغاية فى إرشادهم فقد بذلوا أقصى الغاية فى المعاندة» وقولهم عليه عاكفين4 أى مقيمين على عبادته. وتقديم الجار والمجرور لإفادة الاقتصار على ل تفسير سورة طه لضا ااااالتال ا ااانا ااال ال طلخا ااانا الالالال اناا لانن الالان اانا خخا ااا للللاالااا نالل اخا الا اناالا طنامخطط للا ططا اللا مانتال مخطسططططلللللا حب 1 عبادته وحده» فلا يعبدون معه غيره» ولو كان الله الرحمن الرحيم» متأثرين فى ذلك بقول السامرى لهم: إن هذا إلهكم وإله موسى. وقد ذكروا النهاية التى إليها ينتهى ضلالهم: «حتّئ يرجع إِلينَا موسى» . هكذا كان هارون موحدا غير ممالئ» وما كان لنبى أن يعتئق غير التوحيد» ولا أن يمال المشركين» ولكنها التوراة التى فى أيدى اليهود جميعا لعنهم الله تقرر أنه مالأهم وعبده كما عبدوه» وتلك فرية على نبى الله تليق بقوم مفترين» ولا تليق بكتاب منسوب لله تعالى» ولكن النصارى واليهود يؤمنون بذلك. جاء موسى غضبان أسفاء ووجه اللوم ابتداء إلى أخيه يحسب أنه قصر فى التوجيه والإرشاد» وما قصرّء وكان كما يظهر من قوله أنه كان يرى أن يتبعه إلى المكان الذى ذهب إليهء ورأى هارون أن يبقى معهمء ويكرر إرشادهمء ويرقب حالهم: طقال يا هارون ما منَعك إِذ رأَيتَهم ضلُوا 60 ألا تتبن أَفَعصيت أَمري 469 . خاطب موسى ردءه وأخاه هارون بتعاطف» فتاداه باسمه نداء اللأخوة المحبة الأليفة» اما منعك إذ رأيتهم ضَلُوا4 لهذا الضلال المأفون الأحمق» و(إذ» للظرف الماضى أى: ما منعك وقت ضلالهم «أَلاً تتبعن», قالوا: «لا» زائدة» ونحن لا نرى فى القرآن حرفا زائداء فهو كلام الله تعالى المنرّه عن الزيادة» بل كل كلمة فى موضعهاء ونقول: إن المنع بمعنى الحماية» ومنه مكان منيع وحصن منيع . وفلان ذا منعة» أى حماية. وبتخريج النص السامى على هذا المعنى يكون كلام موسى لأخيه: ما منعك ألا تتبعنى» ما الذى جعلك ذا منعة وحماية على ألا تتبعنى» ويكون المعنى العام للنص ما النصير لك جعلك منيعا على ألا تتبعنى» كأنه يقول له: إنك معاونى وناصرى» فلماذا لا تتبعني؟ أصرت ذا قوة تحميك وتمنعك» وتجعلك منفصلا عنى» وأنت لى ردء ومعاون غير ممانع» ولذا أردف هذا بقوله: «أَفَعصيت أمري» «الفاء» لترتيب ما بعدها على :ما قبلهاء أى فباعتمادك وحمايتك من غيرى عصيت أمرى» وقد قال الأصفهانى فى مفرداته: ويقال المنع فى الحماية» ومنه مكان منيع» وفلان 0 تفسيرسورة طه 0 لل 0100 جح ار يي ٠١‏ ذو منعة أى عزيز ممتنع على من يرومه قال: #. . ألم نستحوذ عليكم وتمتعكم من الْمُؤْمنينَ 4059 [النساء]» لوم أَظلمْ ممن مع مَسَاجد الله أن يُذْكرَ فيهًا اسْمُهُ 62> [البقرة]ء #... ما منعك ألا تسجد ... 469 [الأعراف]» أى حملكء» وقيل ما الذى حملك وحدك على ترك ذلك. له 0 8 م عي 2 ملس م 6 22م ما مه‎ ٠ وهذا قريب مما ذكرنا فى قوله: #... يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا 69 أ‎ تتبعن أفُعصيت أمري 469 والله أعلم بمراده.‎ وإنه فى هذه الآية يبدو متعاطفا مع أخيه أو غير منافر له» ولا غاضب عليه»‎ وفى سورة الأعراف بدا غاضبا شديد الغضب على أخيه؛ فقد قال الله تعالى:‎ لم وهر 6 مم 3# .بنسما حَلّفتموني من بعدي أَعَجِلتم أمر رُم وأقى الألواح وأحَدَ برأس أخيه 2 7 يجره إِلَيه قَالَ ابن أَم إن الْقَوم استضعفوني وكَادوا يُقتلُوتي قلا نمت تشمت بي الأعداء ولا تَجْعَلنِي مع الوم الظالمينَ 629 قَال رب اغفر لى ولأخى وأوْخلنا فى رَحْمَك وآنت أَرْحَم الراحمين (4)000 [الأعراف]. هذا ما جاء فى سورة طفى وذلك ما جاء فى سورة الأعراف» والتوفيق أن أخذ رأس أخيه يجره كان فى فورة الغضب» والرفق والتعاطف بعد سورة الغضب وحدته. وقد هدأ وسكن وعلم أن هذه نفوس بنى إسرائيل . ولقد أجاب هارون أخاه موسى بعد أن هدأ واطمأن» وذهبت عنه حال المفاجأة التى فاجأه بها قومه: م هه ممه ممه قال يا بنوْمٌ لا تخد بلحيبي ولا برأسي إني حَضيت أن تقول فَرَقْت بين بني إسرائيل ولّم تقب قولي 469 . فى هذا إشارة إلى أنه أخذ بلحيته» كما ذكر فى سورة الأعراف وقت فورة الغضب. وكان ذكرها على لسان هارون نوعا من عتب رفيق لطيف فى مودة واصلة غير مفرقة. ا تفسير سورة طه ل 00 ١‏ لحر نار كان النداء لأخيه يا بنَوْم» وفهم من هذا بعض المفسرين أنهما كانا أخوين لأم» وإلا قال: يا بن أبى» وإنا لا نحسب أن هذا يدل على ما قالاء وإنما يدل على كمال الحنو» وكمال العطف والمودة والرحمة الغافرة الراضية» فإن هذا يشير إلى أنهما اجتمعا على ثدى واحدة ودر عليهما غذاء واحد» وجمعهما عطف أموى واحد وأنهما تغذيا عاطفيا بغذاء واحدء فإذا كانا قد انفصلا أحياء» فإن كليهما قطعتان من أم واحدة» وأحسب أن ذكر الأب الواحد لا يتتضمن كل هذه المعانى» ولذا قال النبى * لرجل سأله قائلا: يا رسول من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك»., قالها ثلاثاء وفى كل مرة يقول: «أمك». حتى إذا قال الرابعة: قال: «أبوك)0 , «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي» هذا نهى ليس للزجرء ولكن للمحبة وللحق» وللبراءة من الاتهام والمؤاخذة. وقوله ولا برأسي» يحتمل أنه كان قد أخذه فى غضبه من شعر رأسهء ويحتمل أنه ذكر رأسه كناية عن تفكيره وعمله» ويكون بذلك كنّى عن عمله وقوله برأسه التى يفكر بها ويرى ويبصر. وعلّلٍ سكوته بعد إرشادهم وعدم اللحاق به أو استعمال العنف فيهم بقوله: «إِنّي حَشيت أن تقول فَرَقْت بين بني إسرائيل ولّم ترقب قولي» أى إنى لم أعنف معهم. ولم ألحق بك بل أخذتهم بالرفق خشية أن يتفرقواء وخشيت أن تقول لى إنى أوقعت فرقة بينهم» وفى الفرقة يكون التلافى والمقاومة» فيقاوم كل فريق الآخر فى قوله» فتكون المجادلة» ثم المحادة» ويضل فريق» ويهتدى فريق» وإنهم بلا شك قد انقسموا: فريق ضل» وفريق هداه الله» فلو قاومت الضالين». لكانت الحدة والمنازعة والمهاترة» فتركتهم حتى تجىء أنت من لقاء الله تعالى» فيكون معك نوره» فتكون الهداية. وخشيت أن تقول «ولم ترقب قولي» أى لم تلاحظ قولى اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين» وإنه بلا ربيب لو تفرقوا وكنت سبيا فى هذا التفرق لكنت من المفسدين» فالتفرق فى ذاته فساد وضلال» وإذا كانوا قد ضل بعضهم فهدايته ممكنة وعودته إلى الحق قريبة» ولكن عند التفرق يكون التعصّب»ء وتكون )١(‏ سبق تخريجه. ل ل تفسير بوره ة طه مالكلل . يي الفتنة بينهم فى جموعهم:؛ وهى تزيد فتنة العبادة حدة» فلا يمكن حيتكذ أن يجتمعواء إذ تتسع هوة الافتراق. وبعد أن تعاتب الأخوان وتراضياء وطلب موسى أن يغفر الله له ولأخيه اتجه إلى مصدر الداءء فقال له: طقَالَ فما حَطْبُك يا َامرِي 629 قَالَ بصرت بما لم يَبْصروا به فقبضت قبْضة مَن أَثْر الرسول فتبذتها وكذلك سَولّت لي تَفْسي 463 . قال موسى متجها إلى السامرى الذى أحدث هذه الفتنة الطحناء» وأوجد ذلك الخطب الخظير فى قوم يعبدون الله تعالى» وقد رأوا آياته فيهم أنفسهم» فكانوا أحق الناس بتوحيد الله سبحانه وتعالى. ه فَمَا خطبك يا سَامري4 «الفاء» للإفصاحء أى إذا كان هذا هارون الرسول معى» فما شأنك الخطير الذى كان فى ذاته خطباء وناداه باسمه ليفيض بنفسه بين يديه» ولا يرهبه ولا يفزعء فلا يكشف كل ما فى نفسه. «قال بصرت بما لم يبصروا به. أى فطنت لما لم يفطنواء فإن الإبصار يكون بالعين البصرة» والبصر الذى هو مصدر يبصر يكون بالقلب والعقل والفكرء وقد كان السامرى فطنا يعلم صناعة التماثيل» وكان له فى ذلك مهارة فائقة كالمتخصصين فى هذه الصناعة» وقد قيل إنه صنع من قبل تمثالين من شمع أحدهما لثورء والآخر لشورة» ولعله صنعهما أمام موسى ليعلم موسى مقدار ما بصر به من صناعة التماثيل . وقوله تعالى : طفَقبَضت قَبْضة من أَثْرِ ارّسول» والأثر ليس هو أثر جبريل» ولا فرس جبريل» ولكنه أثر معنوى» والرسول ليس هو جبريل» فلم يجئ ذكر لحبريل فى هذا ال موضوع حتى يراد بالمعرف ب «أل»., إثما الرسول الذى تكرر ذكره بالرسالة هو موسى كليم الله» وأثر موسى كليم الله تعالى هو دعوته إلى التوحيد؛ وإلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له» فذلك هو أثر موسى وهو أثر كل رسول إل تفسيرسورة طه 5 الل ااال لل يم حب ان برسالة سماوية من الله تعالى طفَنبذتها. أى ألقاها فى مهب الريح كما تلقى النواة وترمى» واستبدل بالتوحيد الشرك والكفرء وأن يكون على دين من يعبدون البقر لعنهم الله تعالى» وقد بين بعد ذلك أن هذا من هوى النفس وليس قائما على منطق من عقل» ولذا قال: «إوكذلك سولت لي نفسي4. أى كذلك الذى رأيتم من فتلة بنى إسرائيل بهذا التضليل زينت لى نفسى» ومعنى التسويل أنه تردد فى هذا الأمر بتساؤل نفسى حتى أختار ما أختار وزينتته وحسنته. كان لابد له من عقاب يكون به عبرة فى الدنياء» وعقاب الآخرة ثابت له. ولذا ذكره موسى الكليم بعقاب فى الدنيا» وترك عقاب الآخرة لربه الأعلى. لقال فاذهب فَإِنَ للك في الْحيَاة أن تقول لا مساس وَإِنّ للك موعدا لّن تخلفه وانظر إلى لهك اأذي ظَلْت عله عاكفا لمَحَرِقته نم فته في اليم نَسْقَا 469 «الفاء» كما ذكرنا للإفصاح عن شرط مقدر تقديره: إذا كان هذا ما صنعت» فاذهب إلى آخره» وقد ذكر له عقابين كما أشرنا عقاب الدنيا وعقاب الآخرة» فأما الدنياء فقد قال فيه: «فاذهب فَإِنُ لك في الحياة أن تقول لا مسّاس» أى فإن الذى يبقى لك فيه أن ينفر الناس منك» وأن تكون فى حال من يمسك فيها يؤلك أشد الإيلام» فإذا لقيت الناس قلت: لا مساس» أى لا تمسونى» وإن ذلك يدل دلالة قاطعة على أن المساس يؤله» فهو مرض يصاب بهء ويكون عبرة بين الناس بآفته . وأقوال الزمخشرى تتجه إلى أن قوله لا مساس منع من مخالطة الناس» حتى لا يجرهم إلى الضلال والفتنة» وقال فى ذلك: عوقب فى الدنيا بعقوبة لا شيء أطم منها وأوحش» وذلك أنه منع من مخالظة الناس منعا كلياء وحرم عليه ملاقاتهم» ومكالمتهم» ومبايعتهم» ومواجهتهم» وكل ما يعايش به الناس بعضهم بعضاء وإذا اتفق أن يماس أحدا رجلا أو امرأة حم المماس والممسوسء فتحامى الناس وتحاموه. وكان يصيح: لا مساسء» وعاد فى الناس أوحش من القاتل اللاجئْ إلى الحرم» ومن الوحش النافر فى البرية» هذا هو عقاب السامرى فى الدنيا نفرة من الناس» ونفرة منه لمرض ألم بهء ومنع من الناس» ونرى الأول كما أشرنا. ال لالض لحب ا وأما العقاب الأخروى فقد ترك أمره لله تعالى» وقال له موسى #وإِن لَك موعدا أن تحَلَفَه4 أى أنه جاء لا محالة» وهو يوم البعث. واتجه موسى إلى مادة الجريمة بعد أن اتجه إلى المجرم» وهو صورة العجل» قثاله فقال: طوانظر إلى لهك الذي طَلْت عَلَيْه عاكفا لَتحرقتَه ثم لََسفَئْه في اليم تسفا» أمره موسى أن ينظر إليه لبيان أنه ليس شيئا يعبدء فإن المعبود باق يدوم ولا يفنى» وأمره بالنظر إليه مع التعبير بأنه إلهه الذى يعبده تهكما به» وبمن اتخذه إلها «الذي ظَلت» مخفف من دظَلت عليه عاكفا4, أى ظللت مقيما عابدا لله وحده «لتحرقته م لتنسفته في اليم نسفا» يقال حرق الشيء إذا برده بالمبرد» حتى صار ذرات تنسيف» ومن ذلك قولهم: يحرق الأرم؛ وإنه بعد بُرده سف فى البحر نسفا أى يلقى فى البحر ذرات غير متجمعة ولا مجموعة» ومن الخطأ أن يفسر «لتحرقنه» بمعنى الإحراق بالنار؛ لأن النار تذيب الذهب وتصهره» ولا تجعله ذرات تنسف» ولأن اللغة تفسر التحريق بالبرد بالمبرد» وهو المعقول المناسب للمقامء والمتفق مع السياق وكلمة النسف. الواحد اللأحد وعاقبة جحوده رس وس ووم ب عي | ساسم ل ل 2 ويتام ا هته ا هكم أمَهأَلَزِى إل لَهَإِلاهْوَوَمَ كلشيْءٍ عِلَمَا 0ه 7ه 2 سر سر تعر سمو 0 010 كَدَلِك نَفْص عَليَكَ م ناك ماد سبق وقد اتيك مِنلدنا ذحكرا رامن عرض عَنْه وَإِنَهُمحمِلُ يوم الْقيكمَة وزداأ زمه 2 خَبنَض دوس هيوم مَالْفمسمَوَحمْلا ( 22 يي لوم نقح ١ ا‎ بي عي لوه عير ها تفسير سورة طه ل 00 02 لجمي_ينر ١ بي‎ ذأش روفاك لمجْرِمَبوْمِذِرَهً 7 يَكَخَمَبُوت راد ضرا ج) و تيرايو ل مَدَِنْلفتْءٌ ايوم مأل بين الله سبحانه بعد أن كشف موسى لبنى إسرائيل بطلان عبادتهم مثال العجل الذى عبدوه؛ وما نزل بمن ابتدع عبادته» ومآل ذلك التمثيل» أخذ يبين المعبود الحق» والوله الذى توافرت فيه أسباب الألوهية مخاطبا الناس أجمعين قريشا وغيرهم من الخليقة وبنى إسرائيل وسواهمء فقال عز من قائل : فإِنّما إِلهكم الله اكد سبحانه وحدانية الألوهية فى الله جل جلاله بثلاثة مؤكدات أولها: #إِنّما4 فإنها تدل على الحصرء أى أنها تدل على أنه لا إله غيره والثانى: بتعريف الطرفين ؤَإلهِكُم الله جل جلاله فإلهكم معرفة» والله جل جلاله معرفة. والثالث بقوله: #لا إله إلا هو» هذا التأكيد كان من مقتضى الحال؛ لأنه تعقيب على قول ناس ضلوا ضلالا بعيداء حتى بلغ بهم الوهم أن صنعوا تمثالا بأيديهم» وعبدوه» فكان فعلهم بهتانا عظيما بهتوا به العقول والمدارك» وعندما يشتد ٠‏ قول الباطل يكون من مقتضى ال حال أن يؤكد بيان الحق ليمحو الأوهام. ظ ولقد ذكر سبحانه بعد ذلك السبب فى أن الله وحده هو الإلهء فقال: #وسع كل شيء عَلّما4, أى وسع علمه كل شيء فهو سبحانه وتعالى يعلم الوجود كله من مبتدثه إلى منتهاه ومآله ولا يكون ذلك إلا للخالق المدبر سبحانه وتعالى» فالله تعالى كان الإله وحده؛ لأنه خلق كل شىء وحدهء فلا يشاركه فى خلقه أحدء وهو بهذا ليس من نوع ما خلق» بل هو مخالف لكل الحوادث التى أنشأهاء وغيره منهاء فهو بمقتضى حكم العقل المعبود وحدهء ولا معبود سواه؛ لأن ما عداه حجرا أو شخصا أو تمثالا ناقص محتاج إلى غيره» ولا يعبد إلا الكامل واجب الوجود المطلق . ل تفسيرسورة طه 022 ل ل امامل لس ا يي وقوله تعالى: إوّسع كل شيء علّما4 «علّما4 فيه تمييز محول من فاعل» أى وسع علمه كل شىء» وكان ذلك التحويل من فاعل إلى تمييز لتمكين نسبة العلم إليه سبحانه إذ إن فى الإبهام فى #وسع؟ وبعده البيان تمكين فضل . ويشير سبحانه وتعالى إلى حكمة القصص وعبرته فيقول عز من قائل : «كذلك تقص عَلَيِك من أَنبَاء ما قَد سبق وقد آتَينَاك من لَدنا ذكرا 69 > . الإشارة إلى القصص الذى قصه الله تعالى من أخبار موسى وفرعون وبنى إسرائيل وكيف سيطرت الأوهام ودافعت العقول حتى حلت فى العقول» وكيف طغى فرعون وتجبر وذبح واستضعف,. وكيف نجى الله بنى إسرائيل من عذابهم» ثم كيف غلب الوهم القديم فدخل العقول بعد فضل الله عليهم. و«كذلك» فى قوله تعالى: «كذلك نقص عَلَيِكَ» الجار والمجرور متعلق ب «نقص» والتخريج يكون هكذا: ونقص عليك من أنباء ما قد سبق مثل ذلك القتصص الكاشف البين لمنابت الضلال عند من يضلون» وينابيع الهداية التى يستقون منها الحقائق سقيا. والأنباء جمع نبأء وهو الخبر الخطير ذو الشأن العظيم» وأى نبأ أعلى من العبرة من أنباء فرعون ذى الأوتاد» وموسى كليم الله» وبنى إسرائيل الذين كانوا . المثل فى طرق الهداية والتمرد عليهاء والانفلات منها بأوهامهم التى يتوهمونها. وقال سبحانه: «من أنباء ما قد سبق «من» للتبعيض» أى بعض أنباء ما قد سبق» وأكد الله تعالى سبقهم ب «قد» ليتعلم أهل مكة منهاء وأنهم ضلوا كما ضل هؤلاء وستكون العقبى عندهم كالعاقبة التى حلت بهمء» وأنه ينزل بهم ما نزل بغيرهم» وبين سبحانه الكتاب المنزل الذى ذكرت فيه هذه العبر» فقال تعالى: #وقَّد آتَينَاك من لّدنًا ذكرا» الذكر هنا هو القرآن الكريم؛ لأنه المذكّرء وهو رسالة محمد يِه وقد عظّم الله سبحانه وتعالى القرآن بعبارات سامية» أولا: بأنه عطاء الله ل ل تفسير سورة طه الم 00 0 ..١ لاك‎ ١ يي" لنبيه كَكَِةِ وبينته الكبرى» وذكر أنه من لدنه أى من عنده» ووصفه بأنه مذْكّرء فهو ذكر القلوب ودواؤها وطبها. ثم قال تعالى فى جزاء من يعرض عنه أو يجحد: «من أعرض عنه فَإِنّه يتحمل . يوم القيامة وزرا 40-9 . القرآن رسالة النبى يِل وحجته ومعجزته الكبرى» فمن يعرض عنه فقد أعرض عن رسالة ربه» وعن آياته» وعصى اللهء وعصى نبيه. وبذلك يرتكب وزرا أى إثما كبيرا ثقيلا تنوء بحمله القوى الإنسانية» ويذهب يوم القيامة وهو حامل ذلك الوثم» ومن ذهب يوم القيامة موزورا آثماء فإنه يكون فى عذاب شديد. وقال سبحانه وتعالى #أعرض» ولم يقل «كفر»؛ لأن الإعراض عن فهم معانيه» وتبصرها وإدراك بلاغته» ووجوه إعجازه يؤدى إلى الجحود» لما اشتمل عليه من خيرى الدنيا والآخرة» فعبّر سبحانه بالإعراض الذى هو سبب الجحودء وأراد الجحود بذكر سببه» وذلك لتعظيم شأن الإعراض وخطره؛ وما يؤدى إليه من أضرار» ونقول إنه أراد بالوزر - بمعنى الإثم - عقابه لأنه يكون ثقيلا . ونكر سبحانه وتعالى «وزرا» للتهويل وبيان أنه وزر خطيرء وإثم عظيم» وعذابه أليم. وقد وصف سبحانئه هذا الوزر فقال: «خالدين فيه وساء لهم يوم القيامّة حملا 4029. الضمير فى «فيه» يعود إلى الوزرء وأثره الخطيرء وهو العذاب الدائم» فأراد بالوزر عذابه كما أشرناء وهو الجحيم » وذكر الوزر وأريد عذابه؛ لآنه يكون على قدره من الثقل» والخطر العظيم الشأن بمقداره. فكأنه هو للتساوى بينهما فهو جزاء وفاق له: وهو بهذا حمل سي ) شديد السوء حتى يتعجب منه عند الناس» ولذا قال تعالى: «#وساء لهم يوم القيامة حملا4, أى ما أسوأه حملاء لسوء مغبته» ولأنه يورث السوءء يورث نار جهنم وحسبها من سوء. وإذا الوزر وهو الحمل الثقيل يتساوى مع نار جهنم» وهى بئس المصيرء فهو وزر ثقيل سيئ» وهو يثير التعجب فى مآله» وقد حسبوه (هينا)» وهو فى ذاته أمر عظيم . 2 تفسيرسورة طه لفل المي بلبمل بيو ١ ى‎ وقد بين ألله تعالى مقدمات يوم القيامة فقال تعالى: «يوم ينفخ في الصور وتحشر المجرمين يوصدٍ 0 090 يتحافتون بينهم إن أبنتم إل عَشرا 46 . «يوم» عطف بيان على قوله ##يوم القيامة» وإن يوم نفخ الصور هو يوم البعث الذى يقدم بعده يوم القيامة» وهنا ثلاث قراءات فى طينفَخْ4 فقرئ بالياء المضمومة والبناء للمجهول» وقرئ (ننفخ) وضمير المتكلم لله سبحانه وتعالى؛ لأن النفخ يكون بأمره» والآمر بأمر يعد فاعلهء وقرئ (ينفخ) بفتح الباء بالبناء للفاعل» والضمير يعود على الله تعالى؛ لأنه الآمرء والفعل الآمر به كما ذكرنا. ولالصُورٍ» هو البوق» وقد قال الراغب الأصفهانى فى المفردات: «قيل هو مثل قرن ينفخ فيهء فيجعل الله سبحانه ذلك سببا لعود الصور والأرواح إلى أجسادهاء وروى فى الأثر أن الصور فيه صور الناس كلهم . وعلى ذلك يكون للنفخ فى الصور معنيان أحدهما: أنه بوق يجمع الله تعالى بالتفخ فيه الأجزاء المتفتتة فى الأرض فتعود صورها وأرواحهاء والثانى: أن صور الأجساد المتفتتة فيه ينفخ فيها فتكون أجسادا حية فيها أرواحها. وعندى أن قوله تعالى: «يوم ينشَخ في الصّور» تصوير لجمع الأموات وبعثهم بأنه لا يتجاوز النداء كقوله (كن فيكون) كالقائد ينفخ فى البوق فيجتمع الجند بل إنه أسرع من لمح البصرء إذ يكفى النداء من رب العزة فيج تمع الجميع» وإذا اجتمع الجميع اختص الله المجرمين بالذكرء فقال عز من قائل : #ونحشر المجرمين يومعذٍ زرقاي؛ لآنهم الذين كفروا وعاندوا فكان اليوم عليهم» وعاندوا واستكبرواء وقد قال تعالى: «تحشر» أى نجمعهم مكدسين كالأشياء لا كرامة لهم بل مهانين غير محترمين؛ وقال تعالى فى سوء حالهم #زرقَا»» وزرقا أى أن أعينهم عميت لأن العين إذا عميت كان سواد حبتها أزرق» وذلك تشويه لها وتشويه للوجه وطمس للعين» ويقول البيضاوى تابعا للزمخشرى: زرق العيون» وصفوا بذلك؛ لأن الزرقة ل ل تفسير سورة طه بل 0 تأ ا يزرق العيون ذما جيدا فى ذاته. ونحن نقول إن القرآن الكريم لم يجعل #زرقا» وصفا للعيون» ولكنه وصف لأجسامهم» ولا شك أن وصفهم بأنهم زرق فى أجسامهم ووجوههم وصف لهم بالهلم والفزع. وهو المقصود» فهم هلعون فزعون من هول ذلك اليوم الشديد» والزرقة أقرب إلى السوادء فهى أدل على الفزع» ومعناه أنهم يجيئون سوداء و يراه اس للد وشت قار ويتحقق قوله تعالى: #يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ... 469 [آل عمران]. ويقول سبحانه: «يتخافتون بينهم إن ل بد تم إلا عَشرا 25> الخفنت: خفض الصوتء وؤيتَحَافَتَونَ4: يتبادلون الصوت الخافت الذى يكون بين الجهر والإسرار والنجوى» فهو ليس إسرارا ولا نجوى» ولكنه إعلان فى خفت» وهذا التخافت من الهلع والفزع» فإن المفزوع الخائف الهالع يكون كلامه خفيضا من شدة فزعه؛ إذ لا يستطيع أعلى منه. ولأنه يحسب أنه محسوب عليه قوله. واللبث المتحدث عنه فى أى حال هوء أهو اللبث فى الحياة الدنياء أم اللبث فى القبور بين الموت والبعث؟ اتجه كثيرون من المفسرين إلى أنه اللبث فى الحياة الدنيا مستمتعين بلذائذها وزينتها وزخارفهاء فإنهم يحسبونه زمنا قليلا ويجتمع عليهم ألمان: ألم بشعور قلة متاعهم فى الدنياء والآلم الثانى طول عذابهم فى الآخرة» أى أنهم يدركون أن الدنيا متاع قليل بجوار عذاب الآخرة الطويل» ومهما تكن حالهم فإنهم يستقلون متعتهم التى يحاسبون فيها بجوار الشقاء الذى يلقونه فى دار الجحيم التى يخلدون فيهاء ويزكى هذا قوله تعالى: طقال كم لبتم في الأرض عدد سنين 19 قَانُوا لبا يوما أو بعض يوم فَاسآل الْعَادين 409 [المؤمنون]. ل.ل تفسبير سسور, ة طه ل 0 شيج-1 ويتجه بعض المفسرين إلى أن اللبث فى القبور إلى وقت البعث» وذلك أنهم يحسبون أنهم لبثوا وقتا قصيرا ثم استيقظوا بالبعث . وإنى أميل إلى ذلك الرأى. فإنهم وقت البعث لا يحسبون أنهم قضوا وقتا طويلا فى القبورء وذلك من قدرة الله وضعف الإنسان» والعشر هى عشر ليال بدليل حذف التاء» والشهر العربى يعرف بالليالى» وهو لغة القرآن الكريم هذا ما يقدره بعض الناس» ويقدره آخرون بيوم واحدء» وهو أمثشلهم طريقة, ولقد قال تعالى «إنحن أعلّم بما يفُولُونَ إِذ يقول ملم طَرِيقة إن لبقم إلا وما 49 . المتحدث هو الله تعالى بضمير التعظيم» فهو وحده العظيم الكبير» وقوله: «أعلم» أفعل التفضيل ليس على بابه بل معناه العليم علما ليس مثله علم» ولا فوقه علمء وقوله تعالى: #بما يَقولُون» أى مع تخافتهم وقولهم فى خفت» بصوت غير مسموع إلا لأنفسهم ليس لأحد غيرهم. وقال تعالى : «إذ يقول أَمتلهم طَرر يقة» والأمثل هو الأعدل فى القول وفى الإدراك ولإطرد يقة), أى طريقة التفكيرء واتجاه إلى الطريق المستقيم «إن لَبِتم إلا يماك «إن» نافية» أى: ما لبثتم إلا يوما أى يوم واحدا. والله سبحانه تعالى أخبر عن تخافتهم فى وقت الفزع الأكبرء وأنهم فى هولهم يستقلون ما مضى عليهم فى الحياة بجوار ما يستقبلون من أيام شداد غلاظء أو لوجودهم فى قبورهم غير شاعرين لا يعرفون الزمن الحقيقى الذى لبثوه فى القبورء وذلك دليل قدرة الله - سبحانه وتعالى - على البعث وحكمته فى خلق الإنسان. لال تفسير سورة طه لل 0 حال الأرض والسماء والناس بعد البعث ' آذ و م علونكعن الال و - سا اس سن ساح ل 1206 ففَلْينْسِفَهَارقَنْسِعًا يا فيدر اَمَك اح اواولا س2 يوس فينعو تَالدَاىَ 0 ثَّ هنم ع 7 2 2 وم ل وو 6 1 سيق أيك و لعلو بحبوء 0 5 آ ته 0 مر م سيف ع صم لما 2# وعنت الو للحي لقيو وقد خاب من ده و حجر حَلَعللمَا 3 كان الإحياء فى نظر السائلين سهل بالنسبة للجبال التى هى أوتاد الأرض» فقال تعالى فى بيان أنها هينة عند الله لا تحتاج إلى معاناة بل إينسفها ربّي تسفايك, والنسف يقتضى أن يفتتها ذرات تنسف» ويؤكد سبحانه نسفهاء وفى تأكيد النسيف تأكيد للتفتيت أيضا. 9فَيَذَرِهَا فَاعا صّقصفا لاترئ فيها عرجا ولا أمتَا 490 «الفاء» عاطفةء والضمير يعود إلى الجبال أو إلى الأرض على أنها استحضرت فى الذهن عند ذكر الجبال» وقد يعود الفضمير على مطوئ فى الذكر مستحضرا فى الذهن» كقوله تعالى: #... ما ترك على ظَهرها من دابة ... 4062 [فاطر] و«القاع» الأرض المستوية» و«الصفصف» الأرض التى لا نبات فيهاء أى أن يوم البعث تكون الأرض مستوية لنسف جبالها وملساء لا زرع فيهاء أى تزول جبالها ووهادها وزرعها البهيج» 2 تفسيرسورة طه الملل مالم ااا ل 0 ليها 1 -- وتكون قاعا صفصفاء ووضح سبحانه وتعالى: لا ترئ فيها عوجا ولا متا العوج : التعوج. والأمّت: التلال الصغيرة» أى تصير الأرض بعد نسف جبالها مستوية لا انخفاض فيها ولا ارتفاع» ويفسر ابن عباس العوج بالميل» والأمت الأثرء وروى عنه أنه قال العوج الوادى والأمت الرابية» وكلها معان متقاربة» وتنتهى جميعها إلى أن الأرض تصير مستوية على نسق واحدء لا تعرف فيها واديا ولا رابية» ولا جبلا ولا تلاء فكل ما كان من فروق تفرق بين أجزائها تزول وتبقى شيئا واحداء وذلك تمهيد لزوال كل الفروق الذى تكون بين الأشخاص إلا أن يكون عملا صالحاء فإنه يعلى صاحبهء أو عملا سيئًا فإنه يحطه ويرديه. ويجب أن ننبه هنا إلى أمر ذكره الزمخشرى فإنه قرر أن «العوج» بكسر العين يكون فى المعنويات أو ما لا يعرف إلا بالنظر والمقايسات» و«العوج» بفتح العين ما يكون فى الحسيات» ولكنه عبر هنا بما يدل على المعنويات؛ وذلك ليكون النفى شاملا لكل ما يكون علواء ولو كان العلو لا يعرف بالنظر المجردء بل يعرف بالقياس وميزان الماء» فهذا العوج وإن كان فى الحسيات لم يعرف بالمقاييس والموازين. العقلية. قال تعالى : «يومئذ يتبعون الداعي لا عوج لَهُ وَحَشَعَت الأصوات لرّحْمَن قلا تسمع إِلأّ همسا 4»6-89, أى يومئذ وقت' نسف الجحبال وأن تكون الأرض قد استوت» ليس بها بناء» ولا ديار ولا حجر ولا مدرء ولا قيعان ملساء» ولا نبات ولا شجر ولا عوج ولا أمت» فى هذا اليوم وفى ذلك الوقت يدعو الداعى فتكون الإجابة من غير اعوجاج كما أن الدعوة لا اعوجاج فيهاء فالضمير فى #له» يعود إلى الداعى» والداعى هو ملك وَكلَ إليه أمر دعوة الخلق التى يكون بها البعث ويستجيب لها الجميع من غير تلكؤ مسارعين مستجيبين» ونفى العوج عن الداعى باعتبار أن دعوته مستقيمة لا استثناء فيه» وعن المدعوين أيضا باعتبار أن استجابتهم مستقيمة» لا عوج فيها ويستجيبون سائرين فى خط مستقيم لا التواء فيه» فالدعوة حاسمة والاستجابة لا عصيان فيهاء طوَحَشَعَت الأصوات» أى خضعت وبدت فيها الاستكانة والختضوع ل ل تفسير سورة طه مل 0م لحب لان لله تعالى فكل صوت انخفضء. وكل جهارة فى القول». والخضوع «للرحمن», ؤهو القهار فى ذلك اليوم» ووصف بالرحمة لأنه يوم العدل» والعدل هو الرحمة» فكل يأخذ حقهء ويؤدى ما عليه» ويحاسب على ما قدمت يداهء إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء إذا كان ذلك الخشوع خشية من الرحمن العادل فلا تَسمع إلا هَمْسا, إلا صوتا خفياء وقالوا: إنه صوت وقع الأقدام فلا حديث ولا كلام هلعا وفزعا. وكل إنسان مقدم على أمر أحس بخطورته» وقد اعترته هيبة اللقاء»؛ وأحس بالحساب ولا يدرى ما الله فاعل بهء فالأبرار يستقلون حسناتهم» ويعدون أخطاءهم كبائر» والأشرار يعروهم الإحساس بآثامهم وعظم ما ارتكبواء ويجدون عملهم محضراء ويعانون ما أنكروه من قبل» وهو البعث والحساب. طيوْصد لا تََعْ الشفَاعة إلا من أَذن لَه الرحمن ورضي له قَولاً 0 > . اإذا فى «يومُئذ؟ تشير إلى يوم ينفخ فى الصور» ويكون البعث المراد يوم الحساب» يجىء كل إنسان ومعه أعماله مسجلة عليه فى كتابه قد سجلت حسناته. وسجلت سيكاته» وجوارحه تنطق بما اكتسبت من آثام وتحوطه السيئات ويحاسب على ما عمل؛ ولا شفيع يشفع ولا فدية تدفع فإلأ من أله الرّحَمن ورضي لَه قولا*. وهذه الشفاعة تكريما للشافع وليست استنزالا لعقاب» أو زيادة فى ثواب» فالله سبحانه يعلم الجزاء حق العلم وإنما هى إظهار لكرامة الكرماء عند الله العزيز الحكيم» الذى علم كل شىء فقدره تقديرا وما قدره فى علمه واقع لا محالة» فإن كان بشفاعة شفيع وقع ما كتب على أنه استجابة لشفاعة اختص بها كريما مكرما. فالشفاعة بالإذنء ويقال للشفيع اشفع تشفع» فهى لا تكون إلا بإذن من الله ولا تكون إلا من «ورضي لَه قولا. كما قال فى آبية أخرىء 8... إلا من بعد أن يأذْنَ الله لمن يشاء ويرضئ 4069 [النجم]. وقوله تعالى: إلا مَن أَذن لَهُ الأحمن ورضي لَهُ قَولآ4 كانه لابد مسن شرطين لقبول الشفاعة وهو إذن الله تعالى» ولا يكون الإذن إلا من مرضى القول مقبول» لأنه تكريم من الله عز وجل لأجل الاستقامة» والعدالة فى القول» فلا يشفع لأ ل.ل تفسير سورة طه 0م ل ا ال 110 1 1 ظ*21232 حب ا وقلنا: إن هذا يكون تكريما للشفيع ولرحمة العباد» وهو مقدّر فى علمه المكنون» فالشفاعة لا تغير مقدوراء ولكن تنفذ المقدورء وقوله تعالى: #ورضي له قلا التدكير هنا لتعميم القول لا لتخصيصه؛ أى رضى الله سبحانه وتعالى له قولا أي قول» أى كان الصادق الأمين عند الله تعالى» ولا يكون ذلك إلا لرسول من المقربين المصطفين الأخيار. «يعلّم ما بين أيديهم وما حَلْمَهُمْ ولا يُحِيطُونَ به علّْمًا 469 . «يعلم ما بين أيديهم» أى ما هو أمامهم ويستقبلهمء «رمًا خَلَفَهمِ4, أى ما خلفوه وقاموا به من أعمال» هذا تعبير قرآنى يعبر عن الأمور الحاضرة والمستقبلة بأنها بين الأيدى» وكأن فى الكلام استعارة شبه الأمور التى تقع فى الحاضر أو المستقبل بما يكون مهيأ بين أيديهم يفعلونه» والأمور الماضية التى عملوها فى الماضى بما خلفهم ؛ لأنهم تركوه فكان فى أعقابهم فالله علم أعمالهم» وما تستحق من جزاء» وما قدره من عقاب» وثواب وغفران ورحمة من عنده إنه هو الغفور الرحيم الودود السميع البصير. «(ولا يحيطُون به علَمَا4 الضمير فى #به» يصح أن نقول إنه يعود على ما بين أيديهم وما حَلْفَهمِ» فالله سبحانه وتعالى يعلمه» وهم لا يحيطون بشىء من علم هذاء فالقابل مغيّب عنهم لا يعلمونه» والحاضر لا يعلمونه علم إحاطة» بل علم الإحاطة عند الله وحدهء وكذلك ما خلفهم لا يعلمونه علم إحاطة؛ والمراد بعلم الإحاطة علم البواعث والغايات والنافع والضارء ونتائج الأفمال وثمراتها وحقائقها وكنهها وما تسره الأنفس وما تعلنه» وقوله تعالى: «ولا يحيطُون به علّمَا4 هو كقوله تعالى : «... ولا يحيطُون بشيء مَنْ علّمه إلا بمَا شَاءَ .. . 422 [البقرة]. ويصح أن نقول: إن الضمير يعود على ذى الجلالة» ؛لأن الله أعلى من أن نعرف ذاته» إلا بما يعرفنا به من صفاتء» والاحتمال الأول أقرب» وبه نقول» والله أعلم . 9 تفسيرسورة طه لل 02 سب أ ساس وه ساس سمس وعنت» من عنا يعنو إذا خضعء , وخشع وخنعم» ومنه من قولهم عن الأسير أن العانى» أى الخاضع وهذا الخنوع هل هو فى الدنياء أم فى اليوم الآخر؟ إنه بلا شك فى اليوم الآخر؛ لأن الله سبحانه هو مالك يوم الدين» وهو مالكه» ففيه لا يكون إرادة إلا إرادة الواحد القهار» وقيل إن هذا فى الدنياء فإن الله تعالى فى قبضته السموات والأرض فكل الوجود خانع عان له سبحانه. وأرى أن ذلك فى الدنيا والآخرة: ظالْوجوه» المراد به الذوات كلهاء فالوجه يعبر به عن الذوات؛ لأن به المواجهة» وقوله تعالى: «للحي الْقيُوم», أى الذى يبقى ولا يموت أبداء فهو ال حى الباقى الذى تذل له كل الوجوه» والقيوم هو القائم على الخلق يدبرهم» وهو القائم عليهم يحصى حسناتهم وسيئاتهم» وهو الدائم الباقى ملك الناس فى الدنيا والآخرة. ولقد قال سبحانه: طوَقَدَ حَابِ من حمل ظَلْم4 . الواو واو الحال» والخيبة: الخسران والفشل والعجزء فهى تشمل فى معناها كل هذه المعانى» وسجل سبحانه وتعالى الخيبة على من حمل ظلماء وعبر سبيحانه وتعالى عن حمل الظلم أو كسبه بقوله تعالى: #من حمل ظلما» إشارة إلى أنه وزر كبير ينوء به من يحمله» وإنه يحسبه هيناء وهو حمل ثقيل» وهو تنبيه لمن يظلمون مستهينين بالناس مستخفين بأنهم يحملون ثقلا ينوء به الناس أمام الله» وقد نكر دظُلْما4 للإشارة إلى أن عموم الظلم عبء كبير» والمعنى حمل ظلما أى ظلم. وفى الحديث الصحيح: «يقول الله عرز وجل: «وعزتى وجلالى لا يجاوز اليوم ظلم ظالم”" وعن النبى كَلةُ: «إياكم والظلم» فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»”") والخيبة كل الخيبة لمن لقى الله تعالى وهو به مشرك فإن الله يقول: «إن الشرك لَظلم عظيم 69> [لقمان] والظلم قل أو كثر خيبة كل الخيبة» لأن من ينال حقه بظلم خائب أمام الله والناس والحق فى ذاته» وناقص فى إنسانيته» والله أعلم . )١(‏ وعن ثوبان» عن النبي صلي الله عليه وسلم قالم: "ييل الجبار - سارك وتعالى اام يي وله 2 0 ليصف الَّاةً َس من الضّاة العضبّاء بتطّحة تنَطَحياً' ٠.‏ روا الطبراني» وراجع مجمع الزوائد : (41441). 2232 بهذا اللفظ : رواه الدارمي : السير - في النهى عن الظلم (5 ”)0 وهو جزء من حديث رواه أحمد: مسئد المكثرين- مسئد عبد الله بن عمرو بن العاص(؟690147). ل 0 تفسير سورة طه 07م ال ك1 [ 1[ 1[ 1 1[ [ 1[ 1 2235111 الجزاء فى الآخرة وعلم القرآن فى الدنيا ره سرع عر 9 رو ومن يِحْمَلْم نال لحت وهوموؤٌور ذل حاف ماهم ما 0 أ له فرمَانَاعَربيًا وَصَرَْنافِهِ ص َلد لمُلمُمسون يرث وا 2 امَك لح وَلَاتجَ[ تَجَلْيا لضانم نكب لٍأن يُقصَوِلبَلَ مَحَبْةوَقُل. بَرْدْفعلمَا9 بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى جزاء الأشرار وحالهم عندما يظهر لهم البعث ويرونه عياناء وقد أنكروه من قبل وشددوا فى إنكاره حتى حسبوه غير معقول» ذكر لهم حال الذين آمنوا به وصدقوه: «إومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمن قلا يَخَاف ظُلْمًا وَلاهَضُمًا 495 . إومن يعمل من الصّالحات», أى من يقوم بالعمل الصالح فى علاقته بربه» فلا يخضع إلا لهء ويقوم بالعبادة التى كلفه إياهاء وينفع الناس استجابة لأمر ربه وبحب نفعهمء. ويكون كما قال النبى كَكلْةِ: «أن يحب الشىء لا يحبه إلا لله)(» فيكون فى عبادة دائمة حتى فى مأكله ومشربه وملبسه وفى بضعه إذ يفعل ذلك استجابة لله تعالى» وقال تعالى: «رهو مؤمن» «الواو» واو الحال» أى والحال أنه مؤمن» فالعمل الصالح لا يعطى حقه من الجمزاء إلا مع الإيمان. لأن معطى الجحزاء هو الله تعالى» والإيمان هو الإيمان بالله وكيف يثاب من الله تعالى من لا يؤمن بالله تعالى» إنه حائر بائر ليبس له مقصد فى عمله» ولا نية يرتجى الخير بهاء وقد قال فى الذين كفروا وفعلوا بععض الأمور النافعة فى الدين : الإممل ما ينفقون في هذه الْحَيّاة الانيا كمَثل ربج فيها صر أصَابِت حرث قوم ظَلموا أَنفسَهم مله وما لمهم الله وَكن أنفسهم يظلمون 4029 [آل عمران]. )١(‏ سبق تخريجه. ل / تفسير سورة طه 11111 ا1ا!1ن انالا الالال تاناخ انل الام ةنس ق انان ط طلا اطنط لانم لطم نخطلا اخلط طا لاط لالم لط مام مطط ملل ط لالط مقاط طط ماشلل 0 حر اا وقوله تعالى: #قَّلا يَخَاف ظَلْما ولا هَضمًا», هذا جواب الشرطء ومعناه يعطون أجرهم موفورا غير منقوص 9قَلا يَحَافَ ظُلَمَا ولا هَضّمًا» الظلم النقص من العمل أو ثوابه» والهضم معناه الكسرء وقد خخاض المفسرون فى الفرق بينهماء وحيثما اجتمعا وجب ذكر الفرق؛ لأنه يجب أن يكون لكل معنى خاصا به مؤسسا عليه والتأسيس أولى من التأكيد. ونقرب الفرق بينهما فنقول: إن الظلم هنا هو النقص من الأعمال التى يستحق: عليها الثواب» والزيادة من السيئات انتقاص من الأعمال الصالحة» وأما الهضم فهو ألا تعطى الأعمال حقها فتكسرء كما يكسر الطعام فى قلب الهضيم» والله أعلم. بعد ذلك ذكر الله تعالى القرآن الكريم فى مقام بيان الحق والهداية فى الحياة الدنيا وكيف بقى محفوظا إلى يوم الدين. قال تعالى: «وكذلك ئناه قرآنا عريِيًا وَصَرفنَا فيه من الوعيد لَعلّهم يتَقَونَ أو يُحُدث لَهُمْ ذكرا 469 قوله تعالى: «وكذلك أَنرلنَاه قرآنا عرَبياك. أى كهذا الإنزال الذى عاينته ونزل على قلبك قرآنا عربياء والإشارة لبيان شأنه» والمشبه هو ما قدره الله لك معجزة» والمشبه به هو هذا الذى تذكر بهء وهنا نلاحظ ملاحظتين: أولاهما- أنه هنا عبر ب #أنزلتاه4, وفى أكثر الآيات كان التعبير بنزلناء وينزل» فما الفرق ولم كان الاختيار بأنزلناه؟ ونتلمس الحكمة فنقول: إن المراد به القرآن كمعجزة فى ذاته سواء أنزل دفعة واحدة أم منجماء فكان التعبير بأنزلناء وعندما كان ينزل لبيان الشرع ولحفظ آية آية كان التعبير بترّلناء وهنا بيان أنه معجزة وأنه جاء مبشرا ومنذرا ينتفع به المتقون ويذكر به غيرهم ليكون لهم نذيرا. الثانية : أنه قال #قُرآنا عربيًا4 وهذه حال من أَنْلتَاة» وفيه وصفان أحدهما أنه قرآن والثانى أنه عربى» ووصف قرآن يفيد أنه مقروء متلو يتعبد بتلاوته» وأن النبى مَلكِْةٌ تلقاه عن جبريل بقراءاته وتلاوته» وأنه متواتر بتلاوته وطرق قراءاته»؛ وهو محفوظ بقراءاته وتلاوته» وأن العناية تتجه إلى قراءاته لا إلى تسطيره فهو يحفظ بتواتره جيلا بعد جيل محفوظا فى الصدورء وليس متواترا فقط بكتابته فى السطور. ل ل 'تفسير سورة طه لل الالو 0 ا والوصف الثانى أنه عربى فلا يعد قرآنا ما ليس بعربى» فترجمة القرآن لا تعد قرآنا بل إنه لا يكن ترجمته قط كما قرر العلماء» وكما هو الحق فى ذاته» وإذا كان قد روى عن أبى حنيفة أنه أجاز قراءة الفاتحة بالفارسية فذلك على أنها دعاء لا على أن الترجمة قرآن» ولذا لا تجهب سجدة التلاوة بقراءة الترجمة» ومع ذلك فالرواية الصحيحة أنه رجح ذلك» والله أعلم. وقال تعالى فى شأن القرآن وصفا ثالثا»ء وهو تصريف الوعيد فيه» من ذكر القصص الذى فيه اللشلاث؛ وما نزل بالعصاة» وفيه ذكر يوم القيامة» وما يكون فيه من عقاب وحساب. وفى ذكر الحق فى ذاته» وبيان كماله» وكمال من يتحلى به. و«الوعيد» هو الإنذار» وتصريف الإنذار الإتيان به بأساليب مختلفة؛ كما أشرنا من بيان هول يوم القيامة» أو قصص الماضين» وفيه عبرة لأولى الأبصارء وهول القيامة» والتنبيه للآيات المختلفة الدالة على قدرة الله العلى. وقال تعالى: للم يون أو يُحُدث لهم ذكْرا4, أى صرفنا من الوعيد بطرق البيان المختلفة الصادقة ليكونوا فى حال من يرجى تقواهم وإذعانهم للحق» وتصديقهم له ويتقون بذلك عذاب جهنم وإغضاب الله تعالى. وينالون رضوانه وهو أعظم الثواب» أو يحدث هذا التصريف لهم ذكرا يذكرهم بعذاب العاصين» ويكون لهم نذيراء وقد أسندت التقوى إليهم؛ لأنها أمر نفسى يتجهون إليه بعد قيام الدليل» وأما من لم يتعظ فالقرآن يحدث لهم ذكرا وإنذارا ولقد قال تعالى: (فتعَانى الله املك الحق ولا تعجل بالْقرآن من قبل أن يتقضئ نيك حي قل وب زدني علّما 4659 . | قال تعالى: طفَمَعَالَى الله الملك الْحق4, الفاء للإفصاح عن شرط مقدر تقديره: إذا كان قد أنزل القرآن وصرف من الوعسيد ليتقى من يتقى ولينذر من لم يتعظ» فإن هذا يدل على علوه وكمال حكمته. (تعالى) معناها بلغ فى العلو أعلاه وقد تعالى فى ذاته وصفاته فليس كمثله شىء» وهو منزه عن الحوادث ومتصف بصفات الجلال والكمال» وهو الملك النافذ الأمر فى خلقه» والمبدع لهذا الوجود إل تفسيرسورة طه املك يم .. ١ الاك‎ بي ١‏ الذى لا سلطان لأحد سواهء» وكل سلطان لأحد فى الأرض مضطرب ينتهى إلى زوال» ومحاسب عما يفعل » ومجرى على عمله. وتدبيره وفكره العملى » فالله هو الملك الحق الثابت الذى لا يكون فوقه أحد» وهو العدل الذى يقدر كل شىء حق قدره. هذا هو الله خالق السموات والأرض وما بينهماء وهو الذى يملك ميزان هذا الوجود: «إن الله يسك السّموات والأرض أن تزو لا ولئن َالَنَا إن أمسكهما من أحد من بعده ... 409 [فاطر] . ا ولقد ذكر سبحانه نزول القرآن فقال عز من قائل: «ولا تعجل بالقرآن من قَبلٍ أن يقضى إِليِكَ وحيه . كان النبى كَكلٌ يساوق الأمين جبريل فى قراءته عندما يوحى إليه بالقرآن فنهاه الله تعالى عن ذلك» وقال هذا النص السامى له تعليما عند تلقى القرآن الكريم» وقوله تعالى: «من قبل أن يقضئ إِلَيِك وحيه», أى من قبل أن ينتهى وحيه إليك ويحكم بترتيله وتلاوته» حتى ينقله إلى أمته مرتلا فيتوارثوه مرتلاء وذلك كقوله تعالى: فى سورة القسيامة : إلا ُحرلك به لسانك لتعجل به 09 إن ينا جمعه وقرانه © فإذا قرأناه ائبع قراته 0 ثم ' إن علينا بياته لعي [القيامة]» وقرعءانه الثانية معناها تلاوته وترتيله» كما قال تعالى : . .. وَرئل القرآت ترتيلاً 00> [المزمل]» وكما قال تعالى : «وقال اين كَفَروا ولا نل عليه الفرآن جملة واحدة كَدَلكَ لنشبّت به فؤادك رتاه ترتيلاً 469 [الفرقان] . هذا تعليم من الله تعالى لنبيه فى أمر يتعلق بمعجزته الكبرى ليتحقق حفظ الله تعالى كما وعد» ظإنّا نحن تزْلَاالذكْر ونا َه َحَافظُونَ 490 [الحجر]ء وقد نبه سبحانه نبيه إلى ذلك العلم» وأمره بأن يطلب الزيادة فى العلم؛ لأن كمال الإنسان فى العلم وطلب الزيادة فيه فقال: «وقل رب زدني علّما4 الأمر للنبى كك بآن يطلب الزيادة فى العلم بالضراعة إليه سبحانه» وبالسعى فى طلبه» قال الزمخشرى فى هذا المقام: «هذا اللآأمر متضمن للتواضع لله تعالى» والشكر له عندما علم من ترتيب 9 تفسيرسورة طه زان الالا 11 ضا الال لاخلخ لخ لان اططخم ممم متخا ملاظملا لط ماخلا خط ةط اناا لمان مخ نط خخخ ططخ ططقلا نطلا لوطل قلطم خط لطا ل اطسق تاللا ال لها ب ا التعليم/أى علمتنى يا رب لطيفة فى باب التعليم » وأدبا جميلا ما كان عندى» فزدنى بطلب الزيادة ففى شىء إلا فى العلم». نسيان آدم وعزمه إلََادَممِن قبل ىولم يد هرما 0 لو مسي ره مكقح و أَسْجدُوا لدم سَسجَدُ سق ا 1 يمنا عوك ولد وك ملاطرحنم لواف لاسن © م وسوس إأ لشَّمَطنُ يدمح ادك َك عل سَجَرَةَ 77 7 يخ حلا نا قدت طْماسوء' انعا يحْصِعَانِ عَليهِمَا من ورة قََ نه وعصون ادم ري فمويا 0 ب وخر ره آ ا هه م ع سد ترح ما 000 م أجشبله ريد.ة ناب عَايهِ وهدى لزي هي قال اهيظامنهسا يما بص بض 2010011 ع مَىَْ هدّى كه م200 يا ا هذا وصف الله للطبيعة الإنسانية أنها تنسى» وأنها إذا لم تذكر بشرع من الله يقوى الإرادة برجاء الشواب وخوف العقابء لا تكون للإنسان ععزيمة» وآدم أبو حر دج سوك ٠.‏ ا تفسير سورة طه ا ال 0 السب ل البشرية فى هذا الوقت الذى نسب الله تعالى إليه أنه نسى» ولم يجد له عزماء كان وهو على الفطرة الأولى التى لم يكن فيها شرائع مدونة قد جاء بها رسل» ولم يكن قد تسلط عليه إبليس اللعين» وتسلط على ذريته» وكل هذا التسلط منه على ذرية آدم بعد أن هبط من الجنة إلى الأرض ولق عهدنا إلى آَم من قَبل4. أى من قبل الشرائع والرسل» أى من قبل أن يقع» والمعنى عهد الله تعالى لآدم قبل أن يوسوس إليه الشيطان» وهذا العهد هو أمر الله وتكليفهء وإن لم يكن فى دار 7 تكليف» وكل أمر من الله تعالى هو عهد بين العبد وربه» وذلك العهد هو قوله تعالى: «... وكلا منها رَعَدا حيث شئتمًا ولا تقربا هذه الشّجرة فَتَكُونا من الظَالمينَ 49 [البقرة]» ولقد بين الله تعالى أن ذلك عهد مؤكدء وقد أكده سبحانه ب «اللام»» وب «قد»ء وبإضافة العهد إليه سبحانه وتعالى» وأنه وثق على آدم أشد توثيق» ولقد ذكر سبحانه وتعالى وصفين لآدم أحدهما إيجابى» والثانى سلبى» أما الأول فهو النسيان فقد قال: #فنسي*» «الفاء» للعطف. ونسى منصبة على العهدء أى فنسى العهد» ووقع فى المحظور الذى حذره منهء وليس ذلك ما يكون غضاضة على آدم» لأن الله تعالى يصف الطبع الإنسانى» وأنه يعرض له النسيان وتعرض له الغفلة» وما يقع فى ما ينهى عنه إلا وهو ناس غافل» الأمر الثانى» وهو السلبى ذكره سبحانه وتعالى بقوله: (ولّم جد لَه رماع أى عزيمة صادقة تحزم أموره 5 وعبر سبحانه بهذا القول : «ولم نجد لَه عَرْمَ4 فى الأمر الواقع» والله تعالى يعلم به من قبل أن يقع», فقد قدر الله تعالى كل ذلك». وعلم ما وقع قبل وقوعه فكيف يقول: «إولم نجد لَه عزمًا» وهو الذى خلقه وصوره وقدرهء ونقول: إنه وجده واقعاء وهو يعلم علما أزليا لأنه هو الذى خلق وصور. وإن إبليس وذريته يجيئون إلى ذرية آدم» من نسيانهم وغفلتهم» ونقص عزيمتهم» كما جاء إبليس اللعين إلى أبى الإنسانية من جهة نسيانه» وأنه لم يكن له عزم مانع» فليحذر الناس بعد أن جاءتهم الشرائع من وسوسة إبليس وذريته. اا تفسير سورة طه للملا اللا 0 ١ اكاك‎ يي ولقد ابتدأ الله سبحانه وتعالى جزءا من قصة آدم يصور كيف بدت عداوة إبليس ونسيها آدم «وإذ قُلنَا للملائكة اسَجَدُوا لآدم فَسَجَدُوا إلا إبليس أب 4059 . ولإإذ» مفعول لفعل محذوف تقديره اذكرء والخطاب للنبى يكل ليعلن لأمته فتستعصم بالحذر من إبليس» كيلا يقعوا فى إغوائه الذى توعدهم إذ قال فى إصرار: لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين. وطقلتا4 ضمير المتكلم لله تعالى» والأمر للملائكةء ويظهر أنه كان داخلا فى عموم هذا الأمر سواء أكان منهم أم لم يكن فهو داخل فى عموم الأمرء ولذا كان الاستثناء»ء فسجدوا طائعين مع معارضتهم ابتداء لخلافته فى الأرض» فلما رأوا أن ربهم فضله عليهم بأن علمه الأسماء كلها ولم يعرفوها هم سجدواء أما إبليس فقد أبى السجود معارضا لرب العالمين» وهنا ذكر أنه «أبى» ولم يذكر سبب إبائه» وذكره فى آيات أخرء وهو قوله خلقتنى من نار وخلقته من طين» ونسى أن الله الخالق» وكان فى استطاعته أن يكون العكس. ولكن الله تعالى فعال لا يريد. لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون. وقد أخذ يبين الله تعالى العهد وسياقه» فقال عز من قائل: لفَقَلنَا يا آدم إن هذَا عدو لك ولرّوجك قَلا يُحْرِجنُكُمَا من الْجَنه شق 4059 . «الفاء؛ فاء السببية؛ لأن ما قبلها سبب لا بعدهاء فالحكم بأنه عدو لآدم وزوجه مترتب على امتناعه عن السجود وما سوغ له الامتناع, وهو توهمه أنه خير منه» وأنه يحسده على منزلته عند ربه» وأى عداوة أقوى من ذلك» وإذا كانت العداوة قد بدت فتوقّع الشرء والإيذاء يقترن بها لا محالة» ولذا أكد الله هذه العداوة» فقال: ؤإِنّ هذا عدو لك ولرّوؤجك4 وأكد العداوة ب «إن» المفيدة للتوكيدء وبالجملة الاسميةء وبالإشارة؛ لأن الإشارة متجهة نحو ما بدا منه وهو كلامه وامتناعه عن السجود» فالإشارة تشير إلى سبب العداوة» وإذا ثبتت العداوة فلابد أن يتوقع آدم نتائجهاء وهى محاولة إخراجه من المكان الذى كرم فيه وكان السجود والخضوع فيهء ولذا قال تعالى «قَلا يخرِجِنَكُمَا من الْجِنّة تَشقَى» «لا» ناهية» والنهى إل تفسيرسورة طم الالال الل 2 بوزجبمب وله مي سببه العداوة» وقد أكد النهى بنون التوكيد الثقيلة» وبأن الخروج من الجنة» وأنه يترتب عليه الشقاء» وهنا ملاحظة بيانية» وهو أن النهى كان لهماء ولكن ذكر الشقاء لآدم» ونقول إن الشقاء أيضا لهماء ولكن ذكر آدم وحده» لأن آدم يشقى شقاءين» شقاؤه هو الذى يقع فيه» وشقاؤه إذ يشقى به؛ لأن الرجال يتحملون التبعات عن ' أنفسهم وعن النساء؛ لأنهم قوامون عليهم» فأوجدت هذا القوامة تبعات عليهم أكثر» وفى طبيعة النساء اليوم تحميل الرجال التبعة حتى على أخطائهن وحدهن. بين له تعالى المتعة فى الجنة» وهو أنه لا يتحمل تبعات أى أمرء ولا تكليف» فقال تعالى: إن لك ألا تَجُوعَ فيها ولا تعر 09 رانك لا َم فيا ولا َضحئ 4059 . بين الله سبحانه وتعالى بهاتين الآيتين أن فى الجنة كل ما يطمع فيه الإنسان من حياة هينة فيها كل مرافق قوامه الآدمى من أكل وكسوة» وشربء» وإقامة» وفى ذلك إشارة إلى ما يجب أن يطلبه الإنسان» فإذا كفى هذا فقد أوتى الدنيا بحذافيرهاء فإن وراء المطامع الأخرى من جاه وسلطان وتحكم المصارع؛ كما قال على كرم الله وجهه: مصارع الرجال تحت بروق المطامع . ظ وقوله تعالى: «ولا تضحى4 أى لا تبرزء وقد ورد عن ابن عمر أنه رأى رجلا مستظلا عن الشمس قال: اضح لمن أحرمت ه230 فض حى بمعنى برز للشمس» ولا يضحى بعنى لا يبرز لها بأن يسكن فى كن لا يبرز فيها لهء أى فى مسكن» والمعنى على ذلك أنك تجد كفايتك فى الحياة فتجد الطعام الذى تأكله. واللباس الذى يقيك العرى» والماء الذى تشربه» والسكن الذى يؤويك وحسبك ذلك وكفى» وقد قال البيضاوى فى هذا النص القرآنى الكريم: إنه بيان وتذكير لما له فى الجنة من أسباب الكفاية» وأقطاب الكفاف التى هى الشبع والرى والكسوة والسكن» مستغنيا عن اكتسابهاء والسعى فى تحصيل أغراض ما عسى ينقطع ويزول منها بذكر نقائضها ليطرق بأصناف الشقوة المحذر عنها. . 5897/١١ ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن‎ )١( 6 ا تفسيرسورة طه ملل للليالللل بالل للا لس 5 2 أى أنه ذكر هذه الكفاية» وهى الطعام والكسوة والشراب والمسكن بصيغة النفى؛ لأن عدمها هو موضع التحذير والمنع» ولأن عدمها هو الشقاء فى الجنة» وقد نفى بذلك أنه لا يشقى فى الجنة إنما الشقاء فى غيرهاء وإبليس العدو يعمل على شقائكما وكدحكماء إذ أخرجكما من الجنة فلا تطيعاه» وقد أشرنا إلى أن هذه الأمور يجب أن تكون مطلبك يا آدم» وإن فى طلب غيرها التناحر على البقاءء ومعه الشقاء» وهذه موعظة لمن أراد جنة الدنيا دون شقائها. وفى الآيتين من أساليب البيان» فذكر المطلب الأسامى الإنسانى «إنّ لك» مؤكدا أن له الأكل والكسوة والشراب والمأوى» هذا لك وحده ليس لك غيره» وفى الجنة» ويجب الاقتصار عليها فى الحياة التى تستقبلك . ولقد جاء إبليس إليهما من وراء هذه الأمورء وهو الخلد. وفوسوس| َيِه الشَيَطَان قَال يا آدم هل أَدلّك علَى شجرة الْخَلّد وَمُلْك ل كان ني ابن يما مان أن ولكن لم يذكر أنه خالدء ومن كان فى عيشة راضية تمنى أن تكون باقية» فجاء إبليس من ناحية هذه الأمنية» وقال لآدم: هل أدلك على شجرة الخلد» وملك لا يبلى» وسوس إليهما بقول خفى يشبه وسوسة الذهب2"7. وأثار التمنى فى نفسه بقوله: طهل أَدلّك على شجرة الْخلّد» الاستفهام هنا للتنبيه أى أن هذه الشجرة التى نهى عن الأكل منها هى شجرة الخلد من أكل منها نال الخلود والبقاء والسلطان والسيطرة» وهذا هو المعنى المذكور فى آية أخرى» إذ قال الله تعالى عنه: ... ما نهاكما كما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملَكَين أو تَكُونا من الخالدين )4 [الأعراف]» ومازال بهما يغريهما بالأكل حتى أكلاء ولقد قال تعالى : لوَقَاسَمَهِما إِنِي لَكُمَا لَمن النّاصحين 69 فَدلأُهما بغرور ... 469 [الأعراف] فكان التدلى بالغرور أن أكلا منهاء وكانت العاقبة ليست الحسنىء ولذا قال تعالى : 9تَأعَلا منها قدت لَهمَا سوءاتهما وطفقا يَخْصِفَان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنّة وعصئ آدم ربه فغورئ 47590 . )١(‏ الوسوسة و الوسواس: الصوت الخفي من ريح. و الوسواس: صوت الحلي. لسان العرب- وسس. 9 تففسير سورة طه 00 م شج- «الفاء» عاطفة» أى بعد هذه الوسوسة المستمرة غير المنقطعة أكلا منهاء ويلاحظ أنه فى هذه الآية ذكر فيها آدم فقط وفى آية أخرى كانت الوسوسة لهما معاء إذ قاسمهما الشيطان إنه لهما من الناصحين» والآية.التى ذكر فيها آدم فقط لا تمنع أن حواء كانت تستمع معهء وأن الإغراء كان لهما؛ لأحدهما بالخطاب وللآخر بالاستماع مع المشاركة فى الخطاب . 1ك مياه أى من الشجر' التى حرمت عليهما فى قوله تعالى فى الآيات» ل قربا هذه الشجرة فتكونًا من الظَالمينَ 402 [البقرة]» وبمجرد أن أكلا منها هما ري أى عوراتهماء فالعورة يسوء النظر إليهاء وليس النظر إليها سارا عند أهل الطبائع المستقيمة» وكشف السوءتين فى هذا الموضع فهم منه بعض القارئين للقرآن الكريم أن الشجرة ة الممنوعة تتعلق بالجنس» ٠‏ ولكن الله تعالى لم يبين ورسوله لم يفسرء فحق علينا ألا تَقف ما ليس لنا به علم. وقد قال: إنه عقب بدو السوءتين لهما أنهما أحذا يخصفان عليهما الأوراق فقال تعالى: بإطفقا» أخحذا واستمراء من جراء كشف عوراتهما واستحيائهما من انكشافها «إيخصفان عليهما من ورق الجئة» . ومهما يكن من حالهما التى اتكشفت» فإن آدم الكريم عصى ربه الذى خلقه وأمر الملائكة أن يسجدوا له» ولم يكن فى طاعة تقيه ذلك الانكشاف» وتجنبه إبليس ووسوسته «قغوى4 أى ضل ووقع فى الغواية والضلال. وفى هذا الكلام ما يشيرء أولا: إلى أن الإنسان يؤتى من ناحية ما يتمنى» وإبليس وذريته يأتون من ناحية أمانيهء وتشير ثانيا: إلى أن الإرادة القوية هى العزم الصادق» وهى التى تمنع أو تقاوم وسوسة الشيطان. وتشير ثالثا: إلى أن فتنة الجنس أشد الفتن» وقد أثر عن النبى يك أنه ذكر : أنه ما ترك فتنة أشد من فتنة النساء للرجال7" . بعد هذا العصيان من أبينا آدم لم يعد له هو وإبليس مقام فى جنة الله.» بل لابد أن ينزلا إلى المعترك فى الأرض» ولكن قبل أن ينزل من جنة الله التى لا عن أسامة بن ويد ري الله ًا ٠‏ عن الي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلّمَ قَال: * ما تَرَكْت بَعْدي فيئةٌ ضر عَلَى الرجال 0 الشساء* . ا البخاري: لعل ما يتقى من شؤم المرأة(” 22 ومسلم: الذكر والدعاء .6 (#/ | تفسيرسورة طه ملفل لللائ ل االللل لل اال لس أ تكليف فيها إلى أرض التكليف لابد أن يطهره الله من المعصية التى زل فيها يوسوسة الشيطان . لثم اجتباه به قتَاب عليه وَهدئ 4029 . التعبير ب «ثم» العاطفة للترتيب والتراخى» للإشارة إلى البعد بين المرتبتين مرتبة العصيان والغواية ومرتبة الاجتباء والهداية. والاجتباء الاختيار والاصطفاءء وقد اجتباه ابتداء بأن جعله أول تخلقه. واجتباه ثانيا بأن اختاره للاختبارء وتاب عليه من هذه المعصية التى عصاهاء فرجع الله تعالى إليه بالمغفرة؛ إذ تاب هو بالشعور بالخطاء وعاد الله تعالى عليه بالمغفرة» ثم بالهداية بعد ذلك . وهذا المعنى يشير إلى أن الخطأ فى طبيعة الإنسان» والتوبة خلق المهديين والله تعالى غفور رحيم. لقال اهبِطًا منها جميعا بعضكم لبَعض عدو فم يَأنيكُم متي هدى فَمَنٍ اع هدي فلايْضل ولا يشقى 4679 . القائل هو الله جل جلاله؛ وقد قدر لهماء أن يكونا مع إبليس فى الأرض حيث التكليف والابتلاء» على أن ينزلا إلى الأرض» وقد طهرهما الله تعالى بعد اختبار» واختار لهما الهداية بعد هذا العصيان وغفر لهما العصيان؛ لأن الجنة لم تكن دار تكليف» قال الله لهما «هبطًا منهًا جميعا» الهبوط النزول من مكان عال إلى منخفض» ولا شك أن ترك الجنة التى لا تكليف فيها إلى حيث التكليف» فيكون الخير ومعه الثواب» والشر ومعه العقاب. ولا شك أن ذلك هبوط» ولكنه هو سبيل الرفعة مرة أخرىء فالتكليف كما هو نزول» هو طريق للتدرج إلى الرفعة بجهاد التنازع بين العلاقة الروحية والطبيعة الأرضية» فإذا علا بعد هذا الجهاد فقد وصل إلى السماك( الأعزل من قوة الإيمان. والهبوط أيضا ذريعة إلى انهواء عميق سحيق فى المعصية» وقد صرح سبحانه وتعالى بأمور ثلاثة بعضها يحتاج إلى توضيح: (19) السّماكان نجمان نيران أحدهما السّماك الأعزل» والآخر السّماكُ الرامح» وسمي أعزل لأنه لا شيء بين يديه من الكواكب» كالأعرل الذي لا رمح معهء والرامح وليس هو من المنازل. لسان العرب- سمك. هاا تفسير سورة طه ا الل م وبيب _رار 37 أولها: قوله تعالى «#جميعا» فإنها توكيدء والتوكيد يكون لرفع احتمال» ونقول: إن «إجميعا» ته تشير إلى وجود إبليس معهماء وتدل على هذا قوله تعالى: وبَمْضُكُم لبَعْضعَدرٌ» فما كانت العداوة بين آدم وزوجهء إلا أن تكون الفتنة بون الرجال والنساءء وإنما العداوة هى بين آدم وإبليس» كما قال تعالى: «إِنَ هذا عدو لك ولروجك قلا يخرجِتُكُما من الجنة فتشقى» . الأمر الثانى: هو الاختبار والتكليف وبيان عاقبة العصيانء ولذا قال تعالى: هفَإمًا يَأتنَكُم متي هدى فَمن اب هُدَاي فلا يْضل ولا يشقى» و«إما» هى «إن» الشرطية و(ما» المؤكّدة لمعنى الاشتراط فى فعل الشرط» وأكدته أيضا نون التوكيد الثقيلة» أى أن إتيان الهدى الهادى مؤكد لا مجال للريب فيه» والهدى يجىء على لسان هاد هو رسول من رب العالمين» وهو مبشر لمن اتبع الحق منذر لمن ضل عن سبيله» وإن هذا هو موجب التكليف؛ إذ لا تكليف إلا إذا وجد بيان» كما قال تعالى: «... وما كنا معَدبينَ حت تبعت رَسُولاً 402 [الإسراء] . الأمر الثالث: أن من اتبع هدى الله تعالى فإنه لا يضل ولا يشقى» وكان الشقاء مقترنا بالضلال؛ لأن الضلال يجعل المؤمن فى حيرة لا يدرك فيها حقاء ولا يهتدىء وإن ذلك شقاء أى شقاءء» وشقاء الإنسان فى حيرته» وفوق ذلك فإن الضلال يؤدى إلى الشقاء لا محالة فى اليوم الآخر حيث الحساب والعقاب» وإن ثمرة الضلال لا محالة هو العقاب. ويلاحظ أنه قد ذكر فى هذه الآية الاختبار مجملاء وذكر مفصلا فى سورة البقرة بعض التفصيل» ٠‏ فقال تعالى : ًا اهبطوا بَعْضكم لبعض عدو ولكُم في الأرضٍ مشر راح إن هرد قن هم من و كدات قب مولب الحم 9 نبوا منهًا جميعًا قَإِمَا َأتَكُم متي هدى فَمَن قبع هاي فلا حَوف علسِهم ولا هم يحزنون 400 [البقرة] . 1 إإإنا) تفسير سورة طه مم 111 اما ااا انلالخ لللكنا نان انالا لالاااكان ااانا ااانا نانانا لطن اناالا لل انالا لانط اخ خا ااانا نا لان نالل اناالا نا تلاط ططخ مانا ناناانا لتاقلا حال العصاة 0 وَمَنّأعرضعن 0 10007 1 2 م ذكرى ِنَم حدم وش روديو ماله أعمرل مَل يلمك 22 17211111 0 الكل كيتاي 1001 < عر هه سر سح بره 57 ولْعَدَابُ) لجرو ع حر مَنَ سرف ولْم نوم نكيت ريوء ولعذاب١‏ ل 2 هلبد طَأملحالهُميَِ مو ومسو هل م 2 01و 0 م 9 77 0 21 ماوَأْجلفسَيٌ بين الله تعالى حال الذى هداه الله واهتدى بالهادى الذى أرسله حيث لا يضل ولا يشقى» ومن أعرض عن سماع الهدى فإنه يكون له معيشة ضنكاء يحس فيها بالضيق الشديد الدائم الذى يجعله فى لهج دائم بالحياة أو بنوع منهاء وهذا قوله تعالى : #ومن أعرض عن ذكرِي فَإِنَ لَه مَعِيشَةَ ضكا» الضنك: الضيق» يقال: منزل ضنك أى ضيق» وعيش ضنك؛» ومعيشة ضنك أى ضيقة» ويستوى فيه الذكر والأنثى والجمع والمثنى فهو وصف لا يتغير بتغير الموصوف. وهنا أمران يحتاجان إلى بعض البيان» أولهما: أنه عبر هنا عن المرشد ب «إذكري» والجواب أن هذا من إضافة المصدر لفاعله فهو تذكير من الله لعبيده» أو باعستبار أن الرسول مبشر ومذكر ومنذر فقطء وأن من ذكر بالهدى له ثوابه إن اهتدى» وإن لم يهتد فعليه إثمه. اا تفسير سورة طه مالم م نحي ورا يي" ثانيهما: كيف توصف معيشة العاصى فى ال حياة بأنها معيشة ضنك» مع أنه قد يكون فى بحبوحة من العيش وفى رغد دنيسوى يفاخر به ويقول مفاخرا: ... أنا أَكْثْر منك مالا وأعز ترا 48 [الكهف] فكيف يوصف بأنه فى معيشة ضنك؟ والجواب عن ذلك أن الضيق لا يكون من قلة المال فقط. بل يكون فى غير ذلك؛ لأن من أعرض عن الهدى؛ وعن ذكر الله لا يكون فى قناعة راضية» بل يكون فى طمع مستمرء إذا كان عنده مال وفير استقله فلهب فى كثيرهء ويريد وجاهة الدنيا وسلطان الحياة» فيكون فى ضيق بحياته» فإن حرم ظنها الكارئة» وهكذا هو يحس بالطلب الدائم» ووراء الطلب الإحساس بالضيق. وتعجبنى فى ذلك كلمة قرأتها فى تفسير القرطبى» فقد قال: «ومعنى ذلك أن الله تعالى جعل مع الدين التسليم والقناعة» والتوكل عليه» فصاحبه ينفق مما رزقه الله عز وجل بسماح وسهولة ويعيش عيشا رافغاء كما قال تعالى: #. .. فلْحييئه حيّاة طَيبَة . .. 469 [النحل]» واُعرض عن الدين مستول عليه الحرصء الذى لا يزال يطمع به إلى الازدياد من الدنيا مسلط عليه الشح الذى يقبض يده عن الإنفاق فعيشه ضنك» وحاله مظلمة» كما قال بعضهم: لا يعرض أحد عن ذكر الله إلا أظلم وقته» وتشوش عليه رزقه). وفوق أن الإعراض عن ذكر الله تعالى تكون النفس فارغة وحيث فرغت النفوس عن ذكر الله كان الظلم» وحيث كان الظلم كان اضطراب الحياة» وتوقع الشر والانتقام فتكون المعيشة ضنكا وتكون الحياة ضيقة لمن يعرف العواقب. هذا عذاب الإعراض عن ذكر الله فى الدنياء أما فى الآخرة» فقد قال تعالى فيه: #وتحشره يوم الْقيامَة أَعْمَى» وامراد أنه لا يملك حجة ولا برهانا يبرر به ما فعل وما وقع منه وفى هذا استعارة تمثيلية» فشبهت حال من تقوم عليه الحجة ولا يحير جواباء بحال الأعمى الذى لا يبصر الطريق أين تكون النجاة» بجامع الوقوع فى الهوة» وعدم البصر بطريق للخلاص أبداء وإذا كان من فى الدنيا أعمى» فهذا الذى حشر بين أهل الضلال فى الآخرة أعمى البصيرة وهو أشد ضلالا. قال وقد رأى نفسه قد عمى عليه الدليل» وضلت عليه السبيل. ل ل تفسير سورهة طه لل اا اا0ا00اللللئ ةلل 1_1 ني قال رب لم حشرتني أعمئ وقد كنت بصيرا 4052 . يسأل ربه لم حشرتنى أعمى » عاجزا عن الدفاع. وقد عميت عن الدليل» ولم وأنازل وأقاوم. والآن أنا مستسلم لن يقودنى كالأعمى» ونادى ب #رب» معترفا بأنه خالقه وبارئه» وقد كان من قبل يشرك بربه فى العبادة» ويضل ضلالا بعيدا. فيرد الله ه تعالى بلسان الملائكة أو بإلهام الله تعالى الحق له: «إكذلك أتتك آياتنا ساس لس صم سم كهذا الإيتاء والحشر أعمى لا تستطيع القيام بحجة فى وقت حاجتك إليها - أتتك آياتنا فنسيتهاء أى أنه فى مقابل نسيانك آيات الله تعالى» وتركك إياها كانت غشية العمى عليك وعجزك عن الحجة» وكذلك الذى تركت به آيات الله تنسى أنت فى شخصك وتهمل وتلقى فيما تستحق من عذاب أليم: وقال تعالى: «إوكذلك نجزي من أسرف ولّم يؤمن بآيات ربّه ولَعَدَاب الآخرة أشّد وأبقئ 4059 ذكر الله تعالى عقوبتين لمن أعرض عن ذكر ريه أى عن الداعى لذكر ربه» أولاهما: المعيشة الضنك» أى الضيقة التى تضيق فيها النفوس وتطوع للمطامع التى لا تنال» وإن نيلت طلبت غيرهاء وقد بين ابن كثير فى تفسيره كيف كان الخلو من اليقين يجعل المعيشة ضتكاء قال ابن كثير فى معنى الضنك: «أى ضنكا فى الدنيا فلا طمأنينة ولا انشراح صدر بل صدره ضيق حرج لضلاله. وإن تنعم ظاهره. ولبس ما شاء وأكل ما شاءء وسكن حيث شاء فإن قلبه لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو فى قلق وحيرة وشك فلا يزال فى ريبة يترددء فهذا من ضنك المعيشة) . هذه هى العقوبة الأولى وقد أشرنا إليها من قبل» أما العقوبة الثانية» فقد أشار سبحانه وتعالى إليها بقوله عز من قائل: «ونحشره يوم القيامة أَعْمَى» وذكرنا أن العجز هو عن الحجة والبرهان» حيث يجب الإدلاء بهاء فهو عجز فى موضع بم تفسيرسورة طه الملل 0 حب ا الحاجة» ذانكم عقابان أحدهما فى الدنياء وهو مشتق من ذات الجريمة فهو عقاب من ذات الفعل» والآخر وهو على ما لم يستعد له من الحساب وقد جاء من إنكار البعث» ولو كان قد آمن به لاستعد لهء وما فوجئ به وارتج قلبه» فكان هذا عذابا شديدا؛ لأن اللسان يقف حيث الحاجة أشد ما تكون إليه» والبصر يكون عليه غطاء عند إرادة الإبصار. هاتان العقوبتان قبل عذاب الآخرة الذى يكون بعد الحساب» وتقدير الجزاء» وهذان العقابان ينالان من أسرف فى أمره» وانغمر فى الشهوات» ولذلك قال تعالى: «إوكذلك نجزي من أسرف» . كهذا العقاب الدنيوى من إحساس بضنك العيش والضيق فيه والتبرم بحياته والإحساس بفقد الاطمئنان لأى شىء» والإسراف على نفسه باللذات» وبالإحساس بالحرمان المتجدد الذى لا يشبع من لذة» ثم يستكبر الأمور» ولذا تجده يكثر الأنتحار وبخع النفس عند المسرفين فى المعاصى» والمسرفين على أنفسهم بقلقهمء وعدم اطمئنانهم ومع ذلك يكون إحساسهم بسد الطرق فى وجوههم. الضنك» والحشر أعمى وكَدَلك» مفعول ل طنَجَزِي4» والتعبير بالموصول «إمن» . للإشارة إلى أن الصلة» وهى الإسراف» سبب لذلك الجزاء. وقد بين سبحانه أن وراء هذا العذاب عذابا أشد وأبقى» فقال عز من قائل: لوَلَعَدَابَ الآخرة أَشَد وأَبقَئ * وهو الذى يكون بعد الحسابء وتقرير أن الجزاء أشد لأنه بالنار» وهو أبقى أى إنهم يكونون فى جهنم خالدين فيها وبئس المهاد. ولقد ذكر الله تعالى لمشركى مكة ما جاءهم من عبر» وما ساقه من قصص هاه مرشد فقال عز من قائل: (َأقلَم بهد لهم َم أََْكنا بهم من القرون يمشود في مَساكنهم إن في ذلك لآيّات لأولي النهئ 405 . / تفسير سورة طه انالك ن نالل لتا لان اتل نالل ةلالاتتانا الالال الخال ملاتا نط اانا نامالا ط انان نلطل الالالال الالالال اننا نلا انا نا نان لاللاناخ مناخ خططلالالللل ١ ااا‎ ١ 7 الكلام فى هذه الآية يتعلق بمشركى مكة. و«الفاء» عاطفة على فعل محذوف تقديره مثلا: أيستمرون فى عبادة الأوثان مع قيام العبر الدالة على ضلالهم فلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون. (هدى» تتعدى بنفسها من غير «لام) فيقال هداه ويهديه». واللام لتقوية التعدية والتنبيهء وبيان الهداية لهم أولا وبالذات» أو نقول إن «يهدى» هنا متضمنة معنى «#يتيين1"» والمعنى أو لم يتبين لهم كم أهلكناء والاستفهام هنا إنكارى بمعنى إنكار الواقع » والمعنى لم يعتبروا بمن أهلكناهم فى عددهم الكثير» وهم يشاهدون آثارهم. ويمشون فى مساكنهم؛ يمرون عليها فى رحلاتهم إلى الشام والعودة منه» ولقد مر النبى كَِلِلٌ بمساكن ثمود وهو مار فى غزوة تبوك0©. لإ في ذلك لآيات لأولي النهى» إن فى هذه العبر عن القرون الماضية ؛ وهى الجماعات السالفة لعبرة لمن عنده اعتبار» وقال تعالى «لأولي النهى» والثهى جمع هي وهى العقل الذى ينهى عن مساوئ الأفكار ويحث على محاستهاء وكان حقا أن يعتبرواء ولكن ضعفت العقول» وقل الاعتبار. ولقد كان المشركون لفرط إعراضهمء 'وصدهم عن سبيل الله يستعجلون العذاب تحديا أو جهلاء كما قال تعالى : إويستعجلوتك بالسية قبل الحسئة وقد خَلْت من قبلهم الْمْلات .. 0٠‏ لالرعد]ء ولكن الله تعالى بين أنه قادر عليهم» ولكن لحكمة أخرهم» فقال: «إولولا كلمة سبقَت من ربك لَكَان لاما وأَجَل مُسَمّى 4099 . «لولا» يقول النحويون: إنها حرف امتناع لوجود.ء والمعنى على هذا امتنع أن يكون العذاب ملازما للجريمة أى مقترنا بها فى الوقوع كما كان بالنسبة للأمم السابقة أو لبعضهاء فإنها إذ كفرت بأنعم الله تعالى» وكفرت بنبيها أنزل الله بها عقابه للزوم المسبب للسبب. امتنعت هذه الملازمة بين إثم الكفر وعقابه؛ لوجود كلمة سبقت من رجيك». ولأجل مسمى حلدهه الله تعالى لحكمة» وهو الحكيم العليم» وتلك الكلمة )١(‏ عن عَبّد الله بن عْمَرَ قَال: : مررنا مم رول الله صلَّى الله علْهِ وسَلَمَ على الجر ٠‏ فَقَالَ لنَا سول الله صَلَّى الله عليه وسلّم: 'لا تَدحَلُوا مسَاكن الَّذِينَ ظَلَموا أنفسهُم ًَ إلا أن تَكُونُوا باكين؛ حَدَرا أن يُصيبكُم 5 ع 00 مثل مَااصابهم' جر فَأسْي حت عَلقَهًا. ووأ رواه مسسلم: الزهد والرقائق- لا تدخلوا مساكن . )ل والبخاري مختصرا: الصلا 6 .)1١‏ اا تفسيرسورة طه ١‏ 000 م لحب ا التى وعد الله بها هى أن النبى محمدا يَكِْةٌ حاتم النبيين وأن رسالته باقية» وليس هؤلاء وحدهم المخاطبين» بل من بعدهم أجيالهم وكان محمد يلد يرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله» وقد أجاب الله تعالى رجاء محمد رسوله الكريم فجعل من أصلابهم مجاهدين» فكان منهم خالد بن الوليد» ومن صلب أبى جهل عكرمة» وقد جاهد فى سبيل الله وحارب المرتدين» هذه كلمة الله «وأجل مسمى» معطوف على كلم واللزام الملازمة بملازمة العقاب لإثم الكفرء واقترانه به اقتران المسبب بالسبب . ولهذا التأجيل الذى رجاه النبى علد أمره بالصبر فقال تعالى : سخ جر سر سه سس ب عه كو و 00 مَإبعولُون وَسَيِحَبحَمَر ريك فبَلَطْلُوعٍ يلوي وَمِنْ ءانا الْيَلِفْسِيح وأ فيح وَأطرًا فالتا راك ترصن 090 ماك مستي لك دلق لديا سيره 000 100 3 رعوء 2 دد م راس فد ورزق ريك روا ' َم 7 --- 210 2 1 7 فورظ ع رخن سر لر 2 00 فشعلك فلك ردة كالب ةلك ماس باس ار م سخ مهل نسَاِحَايةمُنريهدأ تماق أ م عو 37 وَلوْأنَآأَهْلْكْسَهُم يعَذَا مق اا لقالوارينا ركتسا مل شولا ينكين ب م و سل وو 27 و 5 ف ا 2 000 فتك نكن 0 تفسير سورة طه اللللاال مالكلل للفلل أ اا بعد هذا الإنذار للمشركين بما كان من هلاك الأمم. وأن الله تعالى أجله للمشركين مع استهزائهم بك وسخريتهم بالمؤمنين» وإيذائهم وقولهم عنك ساحرء وكاهن , وشاعرء ومجنون» وإنه سبحانه وتعالى تمهلهم غير مهملهم: امير على ما يقولون4, و«الفاء» للسببية» أى بسبب أن الله تعالى قد أجلهم ولا يمهلهم» اصبر على ما يقولون» أى تحمل ما يقولون» ولا تلق بالاء ولا تحسي أن الله غافلا هما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم لأجل غير بعيدء وهو محقق الوقوع» وما هو محقق الوقوع قريب غير بعيد» ولقد بين الله أن تربية النفس على الصبر تكون بالاتجاه إليه واستذكاره فى كل الأوقات. ولذلك قال بعد ذلك: «#وسبّح بحمد ربك4 أى نزهه. و«الباء» للدلالة على مصاحبة الحمد للتنزيه» أى نزه ربك عن أن يتركهم.ء حامدا ربك على أنه أعطاك القوة وهو لهم قاهرء وتفاءل ولا تتشاءم» واعلم أن الله معك غير متخل عنك . والتسبيح يراد به التنزيه المطلق المصحوب بالحمد» وذلك مطلوب فى كل وقت أم المراد الصلاة» ولعلها كانت قد فرضت وأن تلك الآيات نزلت بعد المعراج» وهو الوقت الذى فرضت فيه الصلوات الخمس . إن الآية يمكن أن تخرج على الأمرين» فيصح أن يكون المطلوب بها أن يلجأ الرسول بعد الصبر مستعينا به على اطمئنان النفس وتنزيهه وحده» فى الصباح قبل طلوع الشمسء وقبل غروبهاء ومن آناء الليل وساعاته» وفى أطراف النهار» قبل الزوال وبعده. أى د يعمم أوقات الصحو كلها فى تنزيه وتقديس» وحمدء وإن ذكر الله يذهب الشدائد» ويعطى النفس قوة» ويمكنها من الصبرء ويعطيها الاطمئنان والقرار» ولذلك قال تعالى فى ختام النص السامى: لعلّك ترضى* راجيا أنت أيها الرسول أن ترضى وتقبل على تبليغ الرسالة قرير العين غير آبه لهم ولا ملتفت إليهم. هذا على أن البيان للتسبيح المطلق والحمد والرضاء وقد يراد بالسياق الصلاة» ويكون فى النص السامى إشارات إلى أوقاتها كما فى قوله تعالى : فسبَحَان الله حين تمسون وحين تصبحون 09 وله الْحَمَد في السّموات والأرضٍ وَعَشًا وحين تظهِرُون (05) 4 ا تفسيرسورة طه لقال نان !ااا ااانا لالاتالااااا ا ااا الا ااال خ اناا لالط لالض ل انخماا الام لخا لاا مالالا نطخاخالا اللخ لخلللالالا الا مخ طالخ مططسغشالل 0م لجل بر يي [الروم] ويكون معنى قوله «قبل طلوع الشّمس وقَبَل غروبها» المراد بالأول صلاة الصبح وأنه مستحسن الإسفار بها بأن تكون وقد زال الغعلسء» وما قبل الغروب هو صلاة العصرء #ومن آناء اللْيلٍ» صلاة العتمة - المغرب والعشاء -» وأطراف النهار تأكيد لصلاة الفجر والمغرب» كقوله تعالى: «إحافظوا عَلَى الصلّوات والصّلاة الوسطئ 4652 [البقرة]» فهو تكرار لتأكيد الطلب» وإن تأكيد الطلب فى صلاة الفجر؛ لأنها وقت الهدوء واستجمام النفس واستجماع كل القوى الروحية» وصلاة المغرب يضيق وقتهاء ولذلك ورد فى الأثر: المغرب جوهرة فالتقطوهاء والفجر قد يتلهى عن صلاته بالنوم» ولذلك من السنة فى أذان الفجرء الدعوة إلى الصلاة خير من النوم . و#آناء» جمع إنى» ومعناها وقت» أى نزه الله تعالى واحمده فى كل أوقات الليل» وهنا بعض ملاحظات بيانية» أولها: قوله تعالى: #ومن آناء اليل فُسبح» قدم الزمان على الفعل وربط بينهما بالفاء» وذلك لزيد العناية بالوقت فإنه وقت الهدأة والسكون» والاتصال بالله وحله. الثانية : أن الفاء فى قوله: «إفسبح» لتوكيد الطلب ووصل القول» كقوله: «والسارق وَالسارقة فَافطعوا أَيديهِما جزاء بمَا كَسبًا نَكَالا من الله . .. 4*6 [المائدة]ء وقوله: «الرانيّة والرّاني فَاجَلدوا كل واحد مَنْهمًا ماه جَلْدةَ ... 400 [النور]. الثالثة: أن قوله تعالى: للَعلّك ترضى4 الرجاء فيها من النبى يك لا من الله فإن الله وحده هو الفعال لما يريد» والعليم الخبير» وإن فى هذا النص السامى تعليما لأتباع النبى يَلِِْ أن يلجئوا إلى الله عندما تشتد الشديدة. ولقد روى أن النبى كله كان إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة”'' وقد قال تعالى: «إواستعينوا بالصّبر والصّلاة ونا لَكبِيرَة إلا على الْحَاشْعينَ 462 [البقرة]» وإن الذى يذهب بلب اللبيب النظر إلى متع الحياة الدنيا عند غيره. )١(‏ عَنْ حَذَيْقَة قَالَ: "كان لني صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا حَرْبَهُ مر صلَّى * حزبه: اشعد عليه وأهمه. والحديث رواه أبو داود: الصلاة- وقت قيام النبى صلى الله عليه وسلم(5؟١١))‏ وأحمد: باقى مسئدك الأنصار( .)777١ ٠‏ هه تفسير سورة طه لااالل1الللو الل اال ».١ الاك‎ 7) يي فقال عز من قائل: «ولا تمدن عينيك إلى ما معنا به أزواجا منهم زَهْرَة اْحيّاة الدانيا لتفتنهم ف فيه ؛ ورزق ربك خير وأبقئ 459 . إن الذى يقض مضجع ذوى الأهواء أنهم ينظرون إلى ما عند غيرهم من أسباب المتع والملاذء وإنه هو الذى يمنع صبر من يريد الصبر ويتغيًا الحقائق » ولذا بعد أن أمر الله تعالى نبيه بالصبر نهاه عما يضعف قوة النفس» والإرادة ليصون الرسول ومن معه نفسهء عن الأسباب التى تضعف الإرادة القوية الباصرة» فقال عرز من قائل : «ولا تمدن عينيك إِلَى ما معنا به أزواجا منهم رَهرَة الْحيّاة النيّا» . «الواو» عاطفة النهى عن مد العيئين على الأمر بالصبرء وفى هذا النهى شحذ الإرادة لتقوى على الصبر كما أشرناء وإن المعنى الذى يبدو من النص أنه نهى للنبى عن أن يلتفت النبى وَلكِْدٌ إلى ما هم فيه من استيلاء على زخارف الدنياء وزينتها ولا يأخذ نفسه ذلك فيحسب أن لهم به منزلة عند الله تعالى» بل إنه دليل خسرانهم» وإذا كان النهى عن أن يلتفث إلى زينة الحياة الدنياء فهو أمرله عليه الصلاة والسلام» ومن معه أن يتجهوا إلى معالى الأمور ومعنوياتها عن زخارفها. وفى الكلام مجازء فقد عبر سبحانه عن عدم الالتفات إلى ما أعطاهم من زخارف بقوله «ولا تمدن عينيك 4 أى لا قطل النظر وتسترسل فيه» وذلك يوجب ألا يلتفت» فشبه حال الالتفات بحال من يمد بصره وذلك للإمعان فى التأمل وفى ذلك تتبع» ومن ذلك قول النبى كَلْهٌ للفضل بن عباس» وقد أطال النظر فى امرأة «الأولى لك والثانية عليك)7 . وقوله تعالى: إل ما متَعنا به أزواجا مَنْهم» «إلى» هى نهاية المدء كأن البصر يكون ممتدا من العين إلى متعهمء وذلك قد يؤدى إلى النظر إليهم غابطًا لهم» وما هم فى غبطة» أو ما يغبطون عليه و#أزواجا» معئاها أشباها متقابلة كبيرة» وإزهرة الحياة الدنيًا» مفعول لفعل محذوف أو ل #متّعنا4, بتضمينها «أعطينا»» والتعبير عن هذه الزخارف» وغيرها من أسباب القوة الظاهرة ب «إزهرة4 تدل على أمرين أحدهما أنها كالزهرة. والزهرة عمرها قصيرء فهى لا تبقى طويلاء والثانى الإشارة (13) روى الترمذي: الأدب- ما جاء في نظرامفاجا:(! )عن بِرَيْدَة رقعه قَالَ: “يا علي لا ُ تشبع النظرة النَظرة ؛ فإ لَك الأولى ليست لَك الآخرة» . قال أبو عيسى: هَدَا حَدِيث حَسَ ريب لا تَعْرفّةُ إلا من حديث شريك . كما رواه أحمد» وأبو داود. اا تفسير سورة طه لل 0 ل أ إلى أن متعة الدنيا بريق لا يكون بعده قوة حقيقية» فهى متع كالسراج المزهر سرعان ما ينطفئ » وما أنت عليه يا محمد لا ينطفئٌ نوره أبدا. وإن غاية هذه الزهرات إلى اتنطفاى وهى اختبار لهمء ولذلك قال تعالى: «لنفتتهم فيه», أى لنعاملهم معاملة المختبرين فيزدادوا طغيانا على طغيانهم . وتنكشف حقيقة أمرهم» ويعرف ما فيهم من غى وشرء والتعدية بقوله #فيه»# دون التعبير بالباء» وللإشارة إلى أنهم مغمورين فى فتنة دائمة قد أحاطت بهم فهم يسارعون فيها من جنبة إلى جنبة وقد أحيط بهم . #ورزق ربك حير وأبقى4 والرزق هو ما يعطيه الله لعباده من أسباب النفقة المجاز»ء وقد ررق النبى يككَلِلْهّ ومن معه من المؤمنين أنواعا ثلاثة من الرزق أولها وأعلاها وأكملها الهداية» وثانيها: المال الطاهر النقى» والثالث: القوة فى ذات وهذا خير؛ لأنه أبقى فى ذاتهء وأبقى لأن له جزاء يوم القيامة» وهو النعيم المقيم قال تعالى : #وأمر أَهلَكَ بالصّلاة واصطبر عليها لا تسألك رزقًا تحن ترزقك والعاقبة للتقرى* . أمر الله تعالى نبيه بالصبر» وأمره بما يقوله» وهو أن يكون مستحضرا لله تعالى منزها له حامدا فى الصلاة وغيرهاء ونهاه عما يضعف الإرادة وهو النظر إلى زخارف الدنيا وزينتهاء وما عليه أهلهاء ثم بين سبحانه أن الصلاة الدائمة المستمرة هى عدة المؤمنين» وعدة الصابرين» وإنه يجب أن يكون المؤمن فى جو الصلاة بأن يكون بيته مقيما للصلوات فقال تعالى: #وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها» قال بعض العلماء: أهل النبى هم أهل بيته أو ذوو قرابته» وذلك ظاهر بيْن» وأمرهم بجعل بيت النبى جوه كله مقيما للصلاة» والصلاة والصبر توأمان» كما قال تعالى فيما تلونا: #واستعينوا بالصّبر والصلاة وإِنَهًا لكبيرة إلا على الخاشعين 462 [البقرة]» ل تفسير سورة طه اللملللللال 10 اه يي وقال آخرون: إن أهل النبى هم الذين اتبعوه»ء وقد كانوا فى مكة والمدينة أسرته المختارة» حتى إنه يَلِْةّ يقول فى سلمان الفارسى: «سلمان منًا آل البيت»20 والذى أراه من هذين الرأيين أن أهله يله هم أهله الأقربون الذين يعاشرونه» وأمره عليه السلام أمر لأمته» فالله سبحانه وتعالى يأمر كل مؤمن بأن يقيم دعائم بيته على أركان من التقوى والإيمان. والاتجاه إلى الله تعالى» وإنه لو تربى كل به بيت على الإيمان والعبادة والاتجاه إلى الله تعالىء وأول أركان العبادة الصلاة ليتكون مجتمع صالح من أسر صالحة. قال تعالى: #وأمر أَهلّك بالصّلاة4 الأمر هو الطلب الحازم القاطعء وأمر الأهل حيث يمكن التنفيذ» يكون بالتنفيذ والقدوة فيعلم أولاده وأهله الصلاة ويصلى معهم ويرون فيه الأسوة الحسنة التى يتبعوهاء وقد أمره بملازمتها بقوله عز وجل: «واصطبر عليها» الاصطبار «افتعال» من الصبرء وهو يدل على أنه يربى نفسه على قوة احتمالهاء ورياضة النفس عليها بأدائها كاملة بخشوع وحضورء واستحضار لجلال الله تعالى علام الغيوب» وأنه يراه فى عمله» وإن لم يكن هو يراه. وإن هذه التربية على العبادة التى أجل مظهر لها إقامة الصلاة فإن الصلاة عمود الدينء ولا دين من غير صلاة» كما أشار النبى يلها" ليست هذه التربية لعائدة تعود على الله تعالى» فإن الله غنى حميدء وإنما لتكوين أسرة صالحة؛, ومجتمع صالح وجيل صالح. ولذا يقول العزيز الحكيم: «لا تسألك رقا نحن نرزقك» الخطاب للنبى يَللْةٌ وخطابه عليه الصلاة والسلام خطاب لأمته كلهاء وهذه الجملة تدل على أن غاية العبادة إصلاح العابدين» ولا يعود على الله منها شىء فهو ليس بمحتاج» والناس يحتاجون إليه» وقد أكد سبحانه وتعالى هذا المعنى بقوله: )١(‏ عن عمرو بن عوف المزني: أن رسول الله يك خط الخندق من أحمر السبختين طرف بني حارئة عام حَرب الأحزاب» حتى بلغ المذاحج؛ فقطع لكل عشرة أربعين ذراعاء واحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي» وكان رجلاً قوياء فقال المهاجرون: سلمان مناء وقالت الأنصار: مناء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'سَلْمَانُ ما آهل الت" . رواه الطبراني» وفيسه: كثير بن عبد الله المزني» وقد ضعفه الجمهورء وحسن الترمذي حديثه» وبقية رجاله ثقات. مجمع الزوائد: .١89/5‏ ْ (؟) سبق تخريجه. ا تفسيرسورة طه لل م ل ليطا 0 7 1 نحن نر زقك » وإنما الأمر أمر إصلاحكم؛ وخلاصكم من أعلاق الأرض» ولهذا قال تعالى: «والعاقبة للتقرى», أى والأمر الذى يعقب هذا الأمر بالصلاة» والاصطبار عليها هو للتقوى المهذبة للنفوس الواقية لها من شرور إبليس وعداوته» والتقوى صفة المتقين» وإذا كانت العاقبة لهذه الصفة فهى عاقبة لهم بوجود مجتمع طاهر نقى. أخذ يبين بعد ذلك إنكار المتكرين» وهو أنهم يحسبون أن محمدا لم يأت بآية تدل على صدقه: ٠‏ «وَقَانُوا لول يما بآيّة مَن رَبه أولّم تأتهم بينَةَ ما في الصحف الأولى 4029 . الواو واصلة بين هذه الآية» وما كان من المشركين وإسرافهم فى أمرهم وكفرهم بربهم» وحسبوا أنه لم تأتهم آية شاهدة على رسالة محمد كَلوِ؛ لأنه لم يأتهم بمثل عصا موسى» ولم يبرئ الأكمه والأبرص» ولم يغرقهم كما أغرق قوم نوح وقوم فرعول. ش لوَقَالُوا ولا يأتينا بآيّة مُن رَبّه» «لولا» هنا معناها «هلا» الدالة على الحث والتتحريض» ويتضمن هذا أنهم ينكرون وجود هذه الآية» وقد رد الله اتعالى إنكارهم فقال: «أُوَلَم تأتهم بِينَةُ ما في الصّحف الأُولّئ» سمى القرآن بين مَا في الصُحف الأُولّى», وهى كتب النبيين السابقين من توراة وإنجيل وزبور» وما جاء به إبراهيم وإسماعيل وغيرهم من النبيين والصديقين» وهذه البينة هى القرآن» وكان بينتها لأنه الكتاب الخالد الباقى الذى يحمل فى نفسه دليل حجيته» وهو حجة لنفسه» ولكل النبيين الذين سبقوه؛ لأنه معجزة باقية» وهو المسجل لكل المعجزات السابقة» لأنها كانت أحداثا ستنقضى بوقتهاء أما القرآن فهو معجزة باقية تتحدى الأجيال كلها أن يأتوا بمثله فهو معجزة المعجزات» وهو سجلها الخالد الباقى» روى فى الصحيحين أنه يَكلِيِ قال: «ما من نبى إلا أوتى من الآيات ما آمن على مثله البشر» وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله تعالى إلى وأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة"2 وليس أتباع عيسى وموسى هم الذين سموا اليهود» وسموا أنفسهم . متفق عليه وقد سبق تخريجه بلفظه‎ )١( 0 تفسير سورة طه مالكلل شب ا النصارى» إثما هؤلاء هم الذين يؤمئنون بموسى -رسولا نبيا» وبما اشتملت عليه التوراة من شرائع وتبشير برسل من بعده. وأتباع عيسى هم الذين يقولون إنه عبد لله خلقه كما يخلق البشرء ؛ وإن كان خلقه من غير الأسباب العادية لتعليم الناس فى عصر كان الفلسفة فيه لا تؤمن إلا بالأسباب والمسببات العادية» فالله تعالى يعلمهم أنه الفاعل المختار المريدء فهل الذين يدعون أنهم أتباع موسى وعيسى يؤمئون بإيمانهم» وما جاءوا به من شرائع؟ إذن فأتباع محمد هم الكثرةء ومحمد عليه الصلاة والسلام» أكثر تابعا يوم القيامة وإنهم يكفرون بالقرآن آية» ويريدون آي غيره» كقوله 0 رقاو أل أل عل آات من هفل نما لات عد الوم أنا دير يه و 4 كي وإن الله لم يأت بالمعجزات ال حسية لأنهم كفرواء كما قال تعالى: وما منعنا أن نُرسل بالآيّات إِلأَ أن كدب بها الأولون . .. 4639 [الإسراء]» فهم ليسوا طلاب هداية يريدون الوصول إليهاء بل هم مكذبون معاندون جاحدون يبررون جحودهم . وهم إذ جاءتهم الآية كفروا بهاء وإذا لم تجئهم أيضا برروا كفرهم بأنهم لم تجئهم آية» ولذا قال تعالى : «ولو نا أملكتاهم بعدّابٍمَّن قبل لَقَاُا ًا ولا لت إِلينَا رَسُولا ف ياك من قَبلٍ أن ندل ونخرئ 409 . إن بعث الرسل كان بمقتضى حكمة الله تعالى حتما لازماء لكيلا يكون للناس حجة» وكانت البينة المشبتة لرسالة الرسول تكون بإرادة من أرسله وهو سبحانه وتعالى المرسل» والعليم بما يؤمن عليه البشر من آيات تدل على رسالة من أرسله. ولو أنه سبحانه وتعالى لم يرسل رسلا» وكان الهلاك لقامت لهم حجة» ولذا قال سبحانه : ولو أنًا أهلكتاهم بعَدَاب مَن قَبْله . ل 0 تفسير سورة طه لال م 7 الضمير فى #قبله» يعود إلى الرسول كَليْةٌ؛ لأن المناقشة مع المشركين» فهو حاضر فى الذهن» وإن لم يكن مذكورا باللفظء ويصح أن يعود إلى القرآن؛ لأنه ثبت أنا أملكتاهم يكفرهم وضلالهم» وأتهم يعيثون فى الأرض فسادا لقاوا: :. #ربنا لولا أرسلت إِلَينَا رسولة» يكون قولهم يوم القيامة ضارعاء إذ ينادون #رينا » حالقنا والقائم على أمورنا وحياتنا : «لولا أرسلت إلينا رَسُولاً», أى هلا أرسلت إلينا رسولا يرشدنا ويعلمناء ويجنبنا طريق الباطل» ويهدينا إلى الطريق المستقيم «فنتبع آياتك4 الفاء للسببية» أى بسبب الرسل نتبع آياتك البينات» والمراد الآيات الشرعية التكليفية» أو نتبع خاضعين لموجب ما تدل عليه آياتك فى هذا الوجود كله: ##من قَبلِ أن نّذل» باتباع الباطل والهلاك «إتخزى4 أى نصاب بالخزى والعار فى الدنيا والآخرة. ش وإن أمر الشرك وأهله لعجب؛ لأن الضلال إذا سيطر كان العجب» فإذا أرسل إليهم رسول جحدوا وعنتوا معه» وعاندوه ولم تعجبهم حجة لفرط إنكارهم لا أرسل إلينا رسول من قبل أن نذل ونخزى» إنه ليس لهم إلا أن يروا عاقبة جحودهم وعنادهم. ولذا قال عز من قائل: «قل كل محَربّص فَتَربّصوا فَسَحَعَلَمِونَ من أصحاب الصراط السوي ومن امتدئ 429 . 0 8 ا 2 م امت ترسلى ابي ل فذرهم واتركهم لعاقبة أمرهم» و#إقل كل متربص4 التنوين فى #كل* قائم إلى مقام مضاف محذوف تقديره مثلا كل فريق متربص » أى منتظر عاقبته ليراها محسوسة معلومة» وإن كانت الحقيقة معروفة للنبى يله وهذا كقوله تعالى: #... وَإنًا أو إِياكم لَعلَى هدى أو في ضلال مبين 409 [سبأ] . ل ل تفسير سورة طه لويم يآ يآ 1[ 1[1[ذ[ [ ! [ [ 1[ !1 أ 22561111 شت 1 «فستعلمون من أصحَاب الصراط السّوي ومن اهتدى» . «الفاء» تنبئ عن شرط مقدر» فإذا تربصنا فستعلمون من أصحاب الطريق المستقيم» فالصراط هو الطريق السوى أى المستقيم» ومن وصل إلى الهداية وإلى الحق» أى ستعلمون من يكون قد سلك المسلك المستقيم» ومن سار على الطريقة» ومن وصل إلى الحق» واهتدى إليهء والاستفهام للتنبيه والتوجيه» والجملة كلها للنهديد؛ لأن من اهتدى وسلك طريق الحق فقد نال حسن الهداية والتوفيق ونال الجنة والنعيم المقيم ورضوان من الله أكبر» ومن ضل وغوى» وسار فى مثارات الشيطان فقد هوى إلى نار جهنم وبئس المصير. فاللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم» وجئبنا سبل الضلالة الموصلة إلى عذاب الجحيم. . هى جديرة باسمها؛ لأن فيها قصصا من أخبار النبيين» وهو غير مكرر مع ما ذكر فى غيرها من القتصصء فكل قصة لست جزءا من القصة هو عبرة فى موضعها غير مكرر مع غيره: وقد نبهنا إلى ذلك من قبل» وضربنا المثل بقصة بدء خلق الإنسان» والمفارقات. وسورة الأنبياء سورة مكية وآياتها اثننا عشرة آية ومائة. وقد ابتدأت السورة الكريمة بذكر الساعة وقربها وما وراءها من حساب على ما قدمت أيديهم» « اقترب للثاس حسابهم وهم في غَفْلة مُعْرضْون >4 ويأخذون الحياة لعبا ولهوا حتى ما يكون تذكيرا باليوم, الآخر «إما يَأتيهم مَن ذكْر من رهم مُحْدَث إلا استمعوه وهم يلْبُونَ 22> لاهية قلوبهم . .. 22> #4 وقالوا لكل رسول جاءهم « ... هَل هَذَا إلا بَشَرٌ كم أََُونَ السحر وأنكم تبصرون +22 4, واتهموا كل رسول يرسل سل إليهم بأن كلامه أضغاث أحلام وأن كلامه افتراء افتراه على الله تعالى» « ... بَلَ هو شاعر فَْأننا بآية ... + 4 ويذكر العبرة فى حال من سبقوا طإما آمنت قبلهم من قري أملكناها أهم يؤمنود 21 4 . ويخاطب نبيه فيقول: 92 وما أرسلنا قَبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكرٍ إن كنتم لا تعلمون 22> وما جَعَليَاهُمْ جَسَدَا لا أكون العام وما كَانُوا خَالدِينَ 20 4 . ولقد كفر أقوامهم فصدق الله تعالى وعده لأنبيائه فأنجاهم وأهلك الكافرين لأنهم أسرفوا فى الضلال» وبين للنبى يَكةِ أنه مذكور فى الكتب قبله» وأن الكتاب ع ها تفسيرسورة الأنبيام اللللللل ا م للللللل 22 الذى أنزله الله إليكم فيه ذكركم ورفعتكم» وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنه أهلك الذين من قبلهم لضلالهم» «إوكم قصمنا من قَرية كانت ظَالمة وأنشأنا بعدها قَوْما آخرين (77) 4 : وقد أحسوأ الهلاك النازل بهم عند نزوله فلم أحَمُوا باسنا ذا هم مَنَها يركضون 117 لا تركضوا وارجعوا إلَئ ما أَثرفهم فيه ؛ ومساكنكم َعلَكُم تسألون 20> قَانوا يا ويا نا كنا طالمين +120 فا ولت تلك دعواهم حت جَعَلنَاهُم حتصيدا سين 422 وقد بين سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض ودلالتها على وحدانية الخالق» وأنه مالك السموات والأرض « وله من ذ في السّموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يترون 55(0) يبون الليل والتّهار لا يفتروت 72 أم انَحَذُوا آلهة من الأرض هم ينشرون 5106 4 . ولقد جاء إثبات الوحدانية بدليل يجمع بين البلاغة وأعلى درجات المنطق فقال تعالى : « لو كان فيهما آلهة إلا الله لَسَدنَا سبحا الله وب العَرْش عَم يَصفُونَ 62 لا يسأل عمًا يفعل وهم يسألون 12> 4 ولقد تحداهم سبحانه أن يأتوا بما يدل على ألوهية غيره سبحانه فقال: أم انَحَدُوا من دونه آلهة قل هَانُوا برهَانَكُم هذا ذكر من معي وذكر من قَبَلي بل أَكترَهم لا يَعلَمُونَ الحق فَهُم مُعرضُود 222 4 . وقد أشار سبحانه من بعد إلى أنه قد أرسل رسلا من قبلكم وكانت دعوتهم التوحيد الخالص ونفى سبحانه عن ذاته العلية اتخاذ الولد « وقَالُوا انَحَدَ الرحمن ولد سبحانه بل عياد مكْرمُود <(055 لا يَسبُونَه بالقول وهم بأمره يلون 82> يَعلَم ما بين أيديهم وما حَلفَهِم ولا يَسْفَعُون إلا لمن ارتضئ وهم من حشيته مُشفقُود 227 4 . ونفى سبحانه أن يقول أحد ممن ادعوا أنهم أبناء الله ومن يقل بذلك يجزيه جهنم وكذلك يجزى الله الظالمين. وقد أتى سبحانه بقضية كونية لم يصل إليها العلم إلا فى العصور اللتأخرةء وهو أن السموات والأرض كانتا شيئا واحدا فقال: « أو لم ير اين كفروا أن السّموات والأرض كانتا رتقًا فَفتَقَاهُمَا وَجِعلنَا من الْمَاء كل شيء حي أَقلا ل / تفسير سورة الأنبياء ل للك الل 0 يلجل به يي يُؤْسُودَ + 4» وبين بعد ذلك ما فى الأرض من جبال راسيات» ومن مهادء ومن فجاج وسبل؛ وجعل السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون» وبين سبحانه أنه خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون» وأن نهاية النفوس جميعا إلى الموت « كل نفس ذَائقَة الموت وتبلوكم بالشرٍ وَالْخيْر فتنة وين ترجعون 27 4» ثم أشار سبحانه إلى استهزاء المشركين يقولون عند رؤية النبى له < أهذا الذي يذكر الهتكم وهم بذكر الرّحمن هم كافرون 207 4 . وقد أشار سبحاته إل مافى ةف لبشه من الامتعجال: ويستعج لون العذاب 7 يَعُلَم الذين كترُوا - حين لا يدون عن وجوههم ار 37 عن ل اهم صرت ج20 با تدهم ب في فد تكرت إذعا ولا هم طونج 4 ولقد ذكر الله تعالى لتسلية النبى ب ما كان يفعله السابقسون من السخرية برسلهم وحاق بالذين سخروا ما كانوا به يستهزئون. ثم نبه سبحانه إلى ما أنعم به به عليهم مسن نعم وهى دائمة لفل من يكلؤكم باللْيل والنَهَارٍ من الرحمن بل هم عن ذكر رهم معرضون 220 4» وليس لهم من يمنعهم من الله وأنه سبحانه مَثَّمّ هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم وظنوا أنه لا حساب» وقد وجدوا عقاب الله تعالى لمشركى مكة بالحرب التى كانت تنقص عليهم الأرض من أطرافها. ظ ولقد أشار سبحانه إلى موسى وهارون وقد آناهم اما أضاء الحق وذكّر المتقين» وما كان فرقانا بين الهدى والضلالء» وهذا ذكر مبارك وهو القرآن» أفأنتم معشر المشركين له منكرون. ظ ذكر بعد ذلك شيئا من مجاوبة إبراهيم لعبّاد الأوثان قائلا لهم: « ... ما هذه مايل ابي أَُمْ ها كفو :20> قَانُوا وجدنا ءا ها عَابدينَ 220 قال لد كسم شم اَم في لال مين +200 فَنُا نا باْحَق آم أنت من اللأعيين (52> قال بل ربكم رب السّموات وَالأَرْض الذي فَطَرَضْ ونا على ذلك مَنَ الشاهدين +( وتالله لأكيدن تفسيرسورة الأنبياء 0 للملا ااال 0111 | اكاك ١١‏ بي أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين +( » . وحطم أصنامهم ووضع الفأس التى حطمها بها فى عنق كبيرهم» ثم جاءوا وتحروا فوقعت الظنة على إبراهيم فأرادوا أن يحرقوه بالنار فجعلها الله تعالى بردا وسلاما على إبراهيم» وهذا القدر من. قصة إبراهيم لم يذكر فى أى سورة أخرىء» مما يدل على أنه لا تكرار فى قصص القرآن» وإن بدا ذلك بظاهر الأمر لمن لم يفحص مرامى القصص وموضع العبرة فيه» وقد جرت بين الشاب وبينهم مجادلات فى عبادة الأوثان» حتى انتهى إلى قوله لهم: 8« أف لَكُم ولما تَعبُدُونَ من ذُون الله ألا تَْقلُونَ 22 . من الصالحين وجعلهم أئمة يهدون بأمره» ويقول سبحانه: 9 ... وأوحينا إليهم فعل اخيرات وَقَام الصّلاة وإيعَاء الزكاة وكَانُوا لَنَا عابدين ج620 ولُوطًا آتَينَاهُ حَكْمَا وعلّم تيا من الفْرية ابي كانت تعمل الخبانث ِنَم حاو قم سم فاسقين 72 وآدْخ في رحمتنا إِنَهُ من الصّالحين ج(22) 4 . لم ذكر نوحا: « ...إن تادئ من قبل سينا له سياه وأَلهُ من الكرب العظيم + ونصرتاه من القوم الْدين كذبوا بآياتنا نهم كانوا قوم سوء فََعْرَقَاهمْ أحممِن 22 4 . وذكر سبحانه داود وسليمان» وقضايا سليمان وما فهّمه سبحانه وتعالى من الحكم فيها وما علمه لداود من صنعة لبوس لكم لتحصتكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون» وما مكّن سبحانه وتعالى لسليمان» وقال: ل ولسلَيمَانَ الريح عَاصفة تجري بأمره إَِى الأرض التي بارَكنا فيها وكنًا كل شيء عالمين 427 ومن الشيّاطين من يَُوصون له ويَعَملُونَ عملا ذون ذلك وكنًا لَهُم حَافظين ج22 4 . وقص سبحانه قصة نبى الله تعالى أيوب وما أصابه من ضر وصبره ما أصابه ١‏ . إِذ نادئ ربّه أني مسي الضرٌ وأنت أرحم , الراحمين +422 4 . وقد استجاب له تفسيرسورة الأنبياء ل لل 0 لسر اا الله تعالى» وكشف ما به من ضر وقال سبحانه: 9 ... وَآنيناه أهله ومثلهم مَعَهُم وأشار سبحانه وتعالى إلى إسماعيل وإدريس وذى الكفل . وكل من الصابرين) وقال سبحانه : : ل( رأ ماهم في رحسنا نهم من السالحت 40809 . 2 2 م اطأمنات ألا له أ ستحاك إي كسا من لين 02 فس ويا من العم وكَذلك ننجي المؤنين +(620 4 . وذكر خبر زكرياء ونذاءه ريه ورب لا تذرني فردا وأنت خير الْوَارشين 25> 4» وقد استجاب الله تعالى له ووهب له يحيى . ثم ذكر سبحانه وتعالى خبر مريم فقال: ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من ُوحا عوابا لين 809 4 . ثم أشار سبحانه إلى أن الناس جميعا أمة واحدة دعيت إلى دين واحد» فقال: ( إن هذه أمُكُم أَمةَ واحدة وأنا بكم فاعبدون 45:0 . وأشار سبحانه إلى أنه مع هذه الوحدة الجامعة تفرقوا حول الأنبياء الذين دعوا إلى عبادة الله تعالى: « وتَقطُعُوا أمرهم بيهم كُل ينا راجعون 6320 4 . ينسلون» وبين سبحانه أن الساعة آتية لا ريب فيهاء وقد اقتربت لأن كل آت قريب» وأشار إلى أحوال الناس عند هذه الساعة» وبين أنهم وما يعبدون من دود الله حصب جهلم» وبين لنا أن الذين سبقت لهم من الله الحسنى أولئك عن جهنم مبعدون» ا يسمعون حسيسها وهم فيما تهات - شتهت أنفسهم خالدون» لا يحزنهم الفزع وذكر سبحانه وتعالى ما يكون للكون يوم القيامة» وما كتبه الله فى كتبه السماوية أن الأرض يرثها الصالحونء وأمر نبيه أن يقول للمشركين الذين كفروا م تفسيرسورة الأنبياع ل 141[1[1!1+1«1#“#1#1#1#4+1500000000 1 1 1 1 1 0 ة*ظ2ظ2ظ'ض ١‏ زج-ه اإا لحب زا برسالته : «قل إِنْما يوحئ إنيّ أن هكم له واحد قهَل هم مود 22> قن توكو فقل آذَنتكم على منواء وإ أدري أقْريبْ أم بعيد ما ُوعدون «73 إن عم هر من اقول يعم م كود <2]© وإذ أذري لعل نه كم وم إلى جيم 4220 قال رب سكم بلحي ورا لزحمن المستاا ع م تصفرد 619 4 . وبهذا ت: تنتهى السورة الشريفةء وفيها كما يرى القارئ من هذا العرض أنها تشتمل على إشارات من قصص النبيين» وصلبها الدعوة إلى التوحيد» وما لقفيه النبييون فى سبيل هذه الدعوة التى هى الحق. وضل من يعاندها. معائى السورة تلقتى الناس لدعوة الحق 2 ٍ مسالا عرس كرح ى سس حو دسم . قر ب تاس حسابهِموَهمْف حَفومُعْرسُونَ 0 دس و ل مايه مين وصك رف ريم ند تووم يلمبون يا لَاهِيَة 04 لوبهم وَأ وأسروا لجو لذبن ظَلموأ مَلهَددَ لاسر ست تارك )د حرواسرٌ سس ساح وص سح د .م سد سرس سم برو ليا فَالَ يمولف السَمَ1ِوالرْضٍ هدكسَمع ليم نا بلهَالوأَضكدةأ 01 ل حالم بل هرح س2 ور م و افتريله بِلّ هو, عَرعَْمإِكَهَة حالسلا رون , عر ل عومد ل م 5 ميا مامت قَبَلَهُمِي نقيأ فهم يؤمنوت ني ابتدأ الله تعالى السورة الكريمة بذكر القيامة. وأعظم ما فى القيامة أثرا هو الحساب الذى يعقب التوجه إلى النعيم » أو التوجه إلى التحيم » ابتدأ به؟ لأن كل ما يذكر من إعراض عن ذكر الله تعالى فى دعوات الأنبياء الذين أشارت إلى قصصهم تفسير سورة الأنبياء ماللا االلللل فلالا ا06406االلللل اللو اللا 0 ١ ال‎ 3 سببه الغفلة عن ذكر الله وعدم إدراك معانى التوحيد» والإعراض عن دعوات التوحيد التى تجددت الدعوة إليه على لسان كل نبى من الأنبياء الذين بعثوا إلى الناس عصرا بعد عصرء حتى جاء خاتم النبيين محمد كَلِلةِ. والناس فى قوله تعالى: «اقترب لاس حسابهم» قيل عن ابن عباس رضى الله عنه إنهم المشركون؟ لأنهم الذين غفلوا عن يوم البعث» وأعرضوا عما دعا إليه محمد عله ولكن الظاهر أنهم الناس كافة الذين توالت عليهم النذر وخصوصا غير المؤمنين فى أى جيل من الأجيال» بدليل ما تجىء به الآية بعد هذه الآية من قوله تعالى : اما يأتيهم من ذكر من بهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون4 . وقوله تعالى: اقب لئاس حسابم» نقول: إن معنى الاقتراب تاد الوقوع كقوله تعالى: 8 افْتَرَبَت الساعة وانشق الْقَمرُ 4 [القمر] إذ إن كل أمر مؤكّد الوقوع يصح أن يقال عنه إنه مقترب» وإن الآأزمان بالنسبة للقرب والبعد عند الله سواء» فالقرب والبعد بالنسبة للحوادث لا بالنسبة إلى واجب الوجوب» ورب البرية» ولأن هذه الآية نزلت على محمد يَكَِيْهّ وقد كان مبعثه على قرب من القيامة» كما روى عنه أنه قال: «بعثت فى نسم الساعة»2 و(اقترب): صيغة افتعال من (قَرْبٍ) وهى تدل على شدة الاقتراب» واقتراب الحساب هو اقتراب الساعة التى يكون فيها الحساب وعبر عنها بالحساب؛ لأن الحساب كما أشرنا هو الفصل بين الخلائق يوم القيامة لأنه هو الذى يعين مصائرهمء إما إلى الحئة أبدا وإما إلى النار أبداء فذكرت القيامة بأعظم ما فيهاء وهو ما يحدد مآل الناس» ولأن ذكره فيه ترهيب للناس وتنبيه لهذا اليوم الذى تجزى فيه كل نفس ما كسبت» فذكره تنبيه للغافلين. والتعدية باللام فى قوله تعالى: #اقْتَرب للئاس حسابهم» إنها لتوكيد الحساب» وتنبيه الأفهامء وتقدير القول: اقترب حساب الناس» فكأن النص السامى أبهم الحسابء بأن الاقتراب للناس» ثم بين أنه ليس لذواتهم». بل الحسابهم» وفى )١(‏ أخحرجه الحاكم في الكنى» والبزار عن أبي جبيرة رضي الله عنه. الفتح الكبير »)25١55(‏ ومجمع الزوائد 380 1). ش تفسيرسورة الأنبياء 0 اللللللو الل الل الل 7 لا > يي التوضيح بعد الإبهام فضل توكيد للمعنى» وزيادة فى الترهيب بالإشارة إلى أن الاقتراب منهم. ويلاحظ أن الاقتراب يتعدى ب (إلى4» فيقال: اقترب إليه» وب «من» فيقال: اقترب منهء فلماذا كان التعدى فى الاقتران باللام؟ ونقول فى الجواب عن ذلك: إن التعدية ب (إلى» أو «من» ربما تدل على المحبة والمودة» وهما لا يصلحان فى هذا المقام» فالاقتراب اقتراب مدة لا قرب رفق ومودة» ويقال فى قرب البارزة» اقترب المبارز لخصمههء ولا يقال اقترب إليه أو منه؛ ولأن «اللام» تفيد الاختصاص» فالاقتراب للحساب يخصهم ويملكهم. وقال تعالى: «وهم في عَفْلَهَ معرضون» الجملة حالية» وقد وصفوا فيها بوصفين: الأول: أنهم فى غفلة عن هذا الحساب إذ هم لا يؤمنون بالبعث بسبب غشاوة جاءت على أعينهم» وقلوبهم غلف. فهم غافلون عن ذلك اليوم مأسورون بالحس» لا يعرفون ما وراءه» وأول مظاهر اليقظة النفسية تعرف ما وراء الحس» فيتساءلون لماذا خلق الإنسان وما غايته؟ وما نهايته؟ ويدركون أنه لم يخلق عبثاء وهذا فرق ما بين الإنسان والحيوان. فهم فى غفلة عن هذاء وإذا جاء مذكر موقظ لعقولهم من رسول أو نبى أعرضوا عنهء فكان فى أوصافهم أمران أولهما: غفلة نفسية لا تدرك بذاتهاء والثانى أنهم إذا جاء من يذكرهم أعرضوا عنه ونأوا بجانبهم» وقال تعالى: « معرضون» بالوصف يدل الفعل للإشارة إلى أن الإعراض ملازمهم ملازمة الغفلة لهم؛ ولذا قال سيحانه وتعالى بعد ذلك: ما يُأنيهم مّن ذكر من بهم مُحْدَث إلا اموه وَهم يَلبُونَ (2 لاهية فلُوبهم وأَسرًوا النُجوى الْذين ظَلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أَفَْانَونَ السحر وأنتم تبصرون 2 الذكر هنا هو الرسول المذكّرء وعبر عن الرسول بالذكر؛ لأنه عمله ورسالتهء فعبر عنه بأخص أوصافه» كما قال تعالى: ١‏ فَذَكْر إِنّمَا أنت مذكر ]2 4 [ الغاشية ] تفسيرسورة الأنبياء لللللااااااا0ا6االلللللاللل ل االللللل لاملل 0 ل ار وكما قال تعالى: 9 ... إن عَلَيِك إلا البلاغ ... 4207# 4 [الشورى] فالذكر هنا هو لب الرسالة» وغايتهاء والمعنى أنهم غافلون» وإذا جاء الذكر لا يتذكرون» وقد وصف الذكر بوصفين أولهما: قوله تعالى: من رَبُهم4 أضيف الذكر إلى أنه من ربهم الذى خلقهم من العدم وقام على تربيتهم». فهو أعلم بحالهم وما يناسبهم» فقد علم أنه لا يناسبهم ملك من الملائكة ولكن يناسبهم رسول منهم هو من أنفسهم رحيم بهم رءوف عليهمء والوصف الثانى قوله تعالى: #مُحدّث» أى أنه تذكير يتجدد لم ينقطع عنهم» فالرسول ومعه الذكر يجىء إليهم آنا بعد آن» غير منقطع حتى خاتم النسبيين وَيْةٌ ونزل معه القرآن الحكيم الذى يذكرهم إلى يوم الدين . والضمير فى #استمعوه4 يعود إلى الذكرء وهذا من باب الترشيح للمجاز فى تسمية الرسول بالذكر لما ذكرناء ويجوز أن نقول كما قال كثير من المفسرين: إن الذكر بمعنى الكتاب الذى جاء به الرسول» أو أريد به القرآن الذى جاء به محمد ومعنى «محدّث» هو تجدد نزول آياته آية بعد آية مجددة التذكير الذى يهدى الضال ولكن الظالمين لا يهتدون. وقوله تعالى: #إلاّ استمعوة وهم يِلْعَبونَ4 حالان» حال بعد حالء والحال الثانية عن سببه عن الحال الأولىء ف #لاهيّة» سببها تلقى الآيات التى تجدد الإيمان لن له قلب» باللعب والعسبث والسخرية وعدم الاعتبار والتبصير والتدبر» مع السخرية والاستهزاء» وبسبب ذلك تلهو قلوبهم» وتنصرف عن الإصغاء إلى الحق» وإنهم وهم فى حال اللهو واللعب والانصراف عن الحق تماما - يعملون على مقاومته فيجتمعون ويتشاورون كيف يردون دعوة الرسول» وماذا يقولون لصد غيرهم عن سبيل الله وقد أضاء الحق فى ظلام الجاهلية» اجتمعوا فى كن من الخفاء. وهذا معنى قوله تعالى #وأَسَرُوا النُجَوَى4 النجوى والتناجى: التحدث فى سر لا جهر فيه» ومعنى طأَسَرُوا التُجوَى» تشاوروا فى الأمر بعيدا عن الناس» وبالغوا فى الإسرارء لكى يتدبروا الأمر الخطير الذى فوجئوا به»ء ويصرفوا الناس عنه ل تفسير سورة الأنبياء 0 ا 000 كىج-2 ويعودوا إلى دين آبائهم» وقوله تعالى: #الذين ظَلَمُواك بدل من «واو الجمع» فى قوله «وأَسَرُوا4 وفائدة ذكر هذا المدل وصفهم بأنهم كانوا ظالمين فى هذا التشاور والتآمر على الحق والصد عن سبيل الله» كما كانوا ظالمين فى الإعراض عن ذكر الله المتجدد آية بعد آية» ورسولا بعد رسول. وقد كانت نتيجة تآمرهم قولهم: «هل هذا إلا بشر مَتلَكُم» الاستفهام هنا للإنكارء والمعنى: ما هذا إلا بشر مثلكمء وهذا تسويغ لإنكارهم؛ لأنهم لا يعتقدون أن الرسول لا يكون من جنس البشر بل يكون من الملائكة» فهم يريدون أن يلقوا فى روع الناس أن هذا مثلهم» فلا يمكن أن يكون نبيا مرسلاء والاستفهام الذى يدل على النفى فيه تنبيه لهم وكأن النفى من السامع لا من المتكلم. وقد بينوا أن إيمانهم به إيمان بالسحرء فقالوا: «أَكْننَونَ السحر وأنتم تبصرون» «الفاء» عاطفة على فعل محذوف تقديره أتصدقونه فتأتون السحر وأنتم تبصرون» ومعنى إتيانهم السحر حضوره ومشاهدته فكأنهم هم الذين أتوه» #وأنتم تبصرون» أى لم يموه على أبصاركم فسحر عيونكم» بل أنتم تدركون بكامل بصركم وترون الأشياء والوقائع. وفى هذا حكم على القرآن بأنه سحر؛ لأنه يعمل السحرء ولم يجدوا طريقا لإدخال إفكهم على الناس إلا بهذا الادعاء الباطل» وإذا كانوا قد ائتمروا بالنبى ككل فى إسرار نجواهم فالله تعالى يعلم ما تناجوا به» وما ائتمروا عليه» ولا يهمه كَل أن يعلم ما يتامرون عليه من قول» وما يدبرونه من صد عن سبيل الله؛ ولذا قال تعالى : قال ربي يَعلَم القَولَ في السماء والأرض وهو السميع الْعليم» الضمير الفاعل ل #قال4 يعود على النبى كَكلِ؛ لأنه المذكور قبل ذلك» إذ هو الرسول الأخير الذى خاطب المشركين» وأسروا له النجوى» وخحرجوا إليه بالطعن فيه»ء وصرف الذين اتبعوه عنهء فهو يبين فى هذا أن الذى يأتمرون به من نجوى أو جهر يعلمه الله وهو فى معنى التفويض إليه سبحانه؛ لآنه رسوله الذى إل تفسيرسورة الانبياع باللا م لسر ا أرسله وكل كيد له هو لتعويق الرسالة فهو حافظه وكالئه. وهو الذى يحمى الذين اتبعوه عن فتنة القول الذى يدبره هؤلاء المشركون. #قال ربي » الذى أرسلنى ويقوم على حماية رسالتى «يعلم القول في السماء والأرض4 والقول يشمل السر والجهرء وهو يفيد عموم علم الله تعالى لكل قول خفى أو جهير» فى سر أو فى علن» وهو راد كيدهم فى نحورهم ومبطل تدبيرهم» وذكر #السماء والأرض* لعموم علمه بكل قول سواء أكان من ملك كريم أم كان من شيطان رجيم » فهو سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شىء فى الاأرض ولا فى السماءء وختم سبحانه وتعالى الآية بوصفه سبحانه بوصف الكمالء بقوله تعالى: #وهو السّميع الْعَليِم4 أى أنه يعلم الأقوال كلها جهرها وسرهاء وهو محيط بعلمه بكل شىء وذكر #السّميع» لأن موضوع العلم فى الآية القول الذى دبروا به كيدهم. وما كيدهم إلا فى ضلال» وقال تعالى عما دبروا من قول يصدون به من آمنوا عن سبيل الحق : #بل قَالُوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فَلْيَأتنَا بآية كَمَا أُرسل الْأولُون» . #بل» هنا للإضراب الانتقالى؛ ينتقلون بقولهم من فرية إلى فرية يحسبونها أقوى صداء ثم إلى أقوى منهاء انتقلوا من فرية السحر إلى فرية أضغاث الأحلام إلى فرية أنه افتراه على الله إلى فرية أنه شاعر» ثم يتتهون إلى أنهم لا يرضون بهذه الآية الدالة على أنه مرسل من عند اللهء كالآيات التى كانت للأنبياء السابقين من المعجزات الحسية كالعصى وإبراء الأكمة والأبرص؛ و«الأضغاث» جمع «ضغث»» «وخذ بِيْدكَ ضِغْنًا فَاضرب به ولا تحنث ... © »4 [ص]»ء وشبهت بها الأحلام المختلطة التى لا تتبين حقائقها ولا تستبين عند الهالم. انتقلوا من ادعاء أن القرآن كالاحلام ليس فيها حق يدرك. م تفسيرسورة الأنبياء م الالال اللو ااال الولو الل للم ٠: ااا‎ يي" ثم انتقلوا من هذا الادعاء إلى ادعاء آخر أوغل منه فى الرد فى زعمهم» فقالوا #بل افْترَاه4» أى اخترعه من عنده اختراعا فهو قول مفترى» وهذا هو لب تكذيبهم» وإن لم يقصدوا إليه ابتداء» فهم مكذبون له فى كل الأحوال» ثم انتقلوا إلى ادعاء أنه قول ساحرء ولم يقولوا إنه شعر لآنهم يعلمون الشعر فى حقيقته. ويفرقون بذوقهم البيانى بين القرآن والشعر ولقد ادعوا أن محمدا شاعرء وأنه من أفانينه» وإن لم يكن شعراء والشاعر يتفنن فى القول نثرا أو سجعا أو شعراء وكل هذا باطل» وذلك التردد فى القول دليل على حيرتهم فى الرد» ودليل على لحاجتهم فى الجحودء. فقالوا مرة: ساحرء ومرة: أضغاث أحلام» ومرة: افتراه» ومرة: إنه شاعر. وهنا يجىء سؤال: أليسوا فى كل أقوالهم يدعون الافتراء» فلماذا خص الافتراء بالذكر؟ ونقول إنهم فى الثلاثة الأخمر غير الافتراء يتكلمون فى النبى له وفى الافتراء يتجهون إلى القرآن نفسهء ولقد قال فى ذلك الإمام الزمخشرى: هم أضربوا عن قولهم هو سحر إلى أنه تخاليط أحلام ثم إلى أنه كلام يفترى» ثم إلى أنه قول شاعرء وهكذا الباطل لجلج والمبطل متحيرء رجّاع غير ثابت على قول واحد» ويجوز أنه يكون تنزيلا من الله تعالى لأقوالهم فى درج الفساد» وأن قولهم . الثانى أفسد من الأول» والثالث أفسد من الثانى» والرابع أفسد من الثالث». وهذا الذى اخترناه» ونحن رأينا ابتداء أن هذه الإضرابات الانتقالية حكاية من الله تعالى لغيهم . وخلاصة أقوالهم أنهم لا يعدون القرآن آية دالة على أنه رسول من عند الله؛ ولذا طلبوا آية حسية كالأنبياء السابقين فقال: ظقَليأتنا بآية كما أرسل الأولون» «الفاء» لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى فرتب على جحودهم بالقرآن آية» قولهم: ليأتنا بآية حسية باهرة قاهرة حسية» كما أرسل الآولون بآيات حسية» التشبيه بين ما يريدون من آيات وآيات الرسل الأولين. تفسيرسورة الأنبياء فأ ااا اااااااا!ااااملاامااااانامما ل ملعا مالكل اللا مام مم ع ع انماما ع ع ممم هلاال للا لل لظا ألا اللا لل لاط لق قط 1 طضل للا اللا م جب بس يي وقد بين سبحانه أن هذه الآيات جاءت كما طلبوا ولم يؤمنوا بها فقال تعالى: «إما آمنت قَبلهم من قرية أهلكناها أَفهم يؤمنون» . إذا كانوا يطلبون آيات كالآيات التى كانت للأولين التى طلبوها هم أيضاء فما آمنوا بعد أن أجيب طلبهم» وقد عاهدوا الله تعالى على أن يؤمنوا إذا جاءتهم» فلما جاءتهم نكثوا فى أيمانهم» فحل الهلاك بهم» فإذا كنتم تقايسون بين الآيات تطلبونها وآيات الذين سبقواء ففكروا فى نتائج آياتهم» وهى ذات النتيجة التى تكون منكم » فلن تؤمنوا كما لم يؤمنوا؛ لآن الجحاحد لا ينفعه ديل ولا تقنعه حجة. قوله تعالى: ما آمَنَت قَبْلهِم من قَريّة أَهذَكْتاها» القرية المدينة العظيمة» أو يشع ركم أَنْها إذا جاءت لا يؤمنون 4239 4 [الأنعام ] . ولذا قال تعالى : «أنهم يؤمنون» الماء تفصح عن شرط تقديره : أإذا جاءتهم الآية هم يؤمنون؟! والاستفهام إنكارى» والمعنى أنهم لا يؤمنون» كما أنه لم يؤمن من كانوا قبلهم» فالمححودء لا يعالجحه الدليل وكثرته» إنما يعالجه العقاب وصرامته. هه وسياق الآيات الكريمات أنهم أنكروا أن يكون الرسول بشرا من البشرء ثم أحلام » وأنه مفتر وأنه شاعر» ثم قالوا من بعد منكرين للآية الدالة على رسالته» ولم يعقلوا بعقلهم الجحود المنكر أن يكون القرآن معجزة» وإن عجزوا عن الإتيان بمثله بعد أن تحداهم أن يأتوا بمثله أو بعضه ولو مفترى. والحقيقة أن الجحود هو الذى أملى الاعتراض عليه» وهو أنسب معجزة لخاتم النبيين؛ لأنه باق متجدد الإعجاز لا تبلى جدته» وهذا يناسب رسالة باقية ما بقى الإنسان على ظهر البسيطة . اا تفسير سورة الأنبياء 0 اللللللل ا ااال اللا تحب ل الرسل من البشر سر رسحوكو 0 ره م 01 0 20100 وَمَأرسَ 2026 لاد نو ى !ليم فسلواا الزمكرإن. 6 لاتعلمور 7 ني وَمَاجَعلتهُم جْسَدًا تاي 1 دل د او لياص ونام ا حَلايين ينم صد هم قَنهِم داهم مستا وَأَمكَنَ ترون وي قدأ لما ١‏ ناكم حكتبانيه :5 لاتقو 2 وَكَ قَصمًَا قصمنا تام قري ةْكانتَ ظالمة وأذمأنابعد مَاقَوَمًا كرد ردس 2 قحسو ]داهم فون 02 | ركم وأو مهفيو كلهأ 0 0 لوادتل سر جه سلزر الى 0 ا حَصد قال المشركون منكرى رسالة النبى يَكلِ: هل هذا إلا بشر مثلكم ج22 4 [الأنبياء ]» أى ليس هذا إلا بشرا مثلكم فكيف نؤمن بأنه رسول يوحى إليه؟ فرد الله تعالى قولهم بقوله تعالى: وما أَرَسلْا قبَلَّكَ إلا رجالا نُوحي إِلَيْهِم فَاسألُوا أَهْل الذكر إن كنثم لا تَعلّمُون4 فما اعتمدوا عليه فى تغرير الذين اتبعوا محمدا يِل بين الله تعالى بطلانه. فهو حجة داحضة؛ لأن الرسل جميعا ليسوا إلا رجالاء كما قال الله تعالى فى ل تفسيرسورة الأنبياء بللا املللللملا لال للم للفلل للللللل للا 0 ب بسار بي آية أخرى: وما أرسلنا من قَبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل اللقرئ . 4# [يوسف] وقال تعالى: قل ما كنت بدعا م الرسل ... لق 4 [الأحقاف ] . فسنة الله تعالى أن يرسل رسله من البشرء ليأنس بهم المدعون» وليأتلفوا معهم» ولأن الملك لا يمكن أن يخاطب البشر إلا إذا صار كالرجل كما قال تعالى: ولو جَعََْاه ملكا لَجَعلنَاهُ رجلا ولَلبْسمَا عليْهم ما يَلِْسُونَ +43 4 [الأنعام]. وقد نبههم سبحانه إلى أن تلك سنة الله تعالى فيمن يبعثهم» وبين أيديهم ما يعلمون فيه سنة الله فى رسلهء فإبراهيم عليه الصلاة والسلام وإسماعيل ابنه كانا من الأنبياء» وإبراهيم عزهم ومناط فخرهم حيث كان رسولا من أولى العزم من الرسل - كان من الرجال ولم يكن من الملائكة» وبنى البيت الحرام الذنى كان حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم» بناه بقوته البشرية لا بالروح الملكية. ومع ذلك طلب الله تعالى أن يسألوا من يشايعونهم من اليهود الذين كانوا يناوئون الإسلام كما يناوئونه همء ويؤذون النبى كَكِيْةْ كما يؤذيه المشركون على سواء ولقد قال تعالى: 9 ... ولَعَسمعنَ من الذين ونوا الكتاب من قَبْلكُمْ ومن الّذِينَ أشركوا أَذى كثيرا ... +473 4 [آل عمران] فقال سبحانه: طفَاسألُوا أل الذكر إن كنتم لا تعْلَمون4 «الفاء» واقعة فى جواب شرط محذوف دل عليه ما بعده» وأهل الذكر هم أهل العلم بالرسالات» وأهل العلم هم كل من عنده علم بالرسالات الإلهية والرسل المهديين. وفى هذا النص رمى لهم بالجهل» وأن الذين يدعون العلم بأنه لا رسول إلا من الملائكة غير عالمين» ومفسدونء وفى هذا إذلال لهم» ورمى لهم بالجهل المطبق» مع الإرشاد إلى الحق والاحتجاج بعلم أهل الكتاب الذين يناوئون النبى كلو مثلهم . ثم قال تعالى مؤكدا معنى الآية السابقة: «إوما جعَلَاهُم جَسّدا لا يَأكلُونَ الطَّام وما كَانوا حَالدين» الضمير يعود إلى الرسل» لأنهم مذكورون فى الآية السابقة بعبارة تفيد العموم بذكر الرجال #وما أَرسلنا قبلَّك إلا رجالا والنفى داخل على الجمسد الذى لا يأكل تفسيرسورة الأنبياء ك2 ااام ااا الا الاك 1 لازائ!ا الما مخ الم خا م للخل خا لاا لا ل للا للا للا اال لاا لاا للا اللا لالط طخ طخممممممااممااا خملل لتلا لح ا الطعام فمن طبيعة الجسد أن يأكل ويشرب ويمشى فى الأسواق» وهذا رد على من زعم أن الرسل ليسوا من البشرء وتجاهلوا ذلك أو جهلوه» ورد على الذين قالوا من المشركين: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق. #لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا»؛ وقد رد الله تعالى: طإوما أرسلنا بلك من المرسلين إلا نهم ليأكلون الصَّعام وَيَمْشُونَ في الأسواق وجعلنَا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ريك بصيرا ل 4 [الفرقان] . نفى الله تعالى بهذه الآيات أن يكونوا جسدا لا يأكلون بل هم أجساد حية تحناج إلى الغذاء كما يحتاج الجسد فى قوله تعالى: #وما جعلناهم جسدا» لأن الجسد يدل على الجنس» والجنس يفيد العموم» ولأن الإفراد ملاحظ أيضاء فالمعنى: «وما جعلنا أى رسول جسدا لا يأكل الطعام» وإن الطعام يعوض الجسم البشرى ما يفقد منه يوميا حتى إذا ضعف الجسم عن الغذاء كان الموت؛؟ ولذا قال تعالى بعد ذلك: #وما كانوا حَالدين» لأنه إذا كان الرسول جسدا فإنه تعروه عوامل الفناء الجسدى» حتى يكون البعث يوم القيام» كما قال تعالى: كما بَدأَكُم تعردون +53 4 [الأعراف] فقوله تعالى: #وما كانوا خالدين» تأكيد لمعنى الجسدية التى تأكل الطعام» وقد توهموا من معنى الملائكة أنهم لا يموتون فأكد الله سبحانه وتعالى نفى الملكية عنهم بذكر أنهم ليسوا خالدين كما تزعمون فى أن الرسل من الملائكة لا يفنون» وهكذا أبطل الله تعالى دعواهم أن الرسل لا يكونون من البشرء وأثبت سبحانه بالاستقراء والتتبع أن الرسل لا يمكن أن يكونوا إلا من البشر الذين يوحى إليهم . وإن الله تعالى إذ يرسل الرسل من البشر يحوطهم بعنايته؛ ولذا قال تعالى: لاثم صدقتاهم الوعد فَأنجيناهم ومن نشَاء وَأَهْلَكْنا الْمُسَرفِينَ» . الضمير فى 8 صَدقْنَاهم» يعود إلى الأنبياء الذين مر ذكرهم فى الآيات السابقة» وصدق الوعد معناه الوفاء به بأسنه يجىء العمل موافقا للعهدء ش ومن ذلك قول الرسل صدقء» وقوله تعالى: طمن الْمؤْنَ رجال صدُوا ما عاهدوا اللّهِ عليه + 20 4 [الأحزاب] . ا تفسير سورة الأنبياء ل مللل 0 لس > ا وقوله تعالى: «ثم صدقناهم الوعد» العطف ب «ثم» يفيد أنه بين الوعد وصدقه شدائد كثيرة نزلت بالأنبياء من رد وعناد واستهزاء وسخرية وإيذاءء كما قال تعالى: حت إذَا استيأس الرسل وَظَنوا أَنّهِم قد كذبوا جاءهم نصرنا فجي من نُشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين 10 4 [يوسف] فكان العطف ب «ثم» مشيراً إلى هذه الشدائد» وأنه لم يتبين صدق الوعد إلا بعد شدائد ذاقوهاء ولم تهز إيمانهم» ولم توجد فى قلوبهم يأسا من صدق وعد الله. ثم قال تعالى: # أنجيناهم» «الفاء» تدل على أنه يجىء فور صدق الوعد الإنجاء للرسل» والإنجاء يشير إلى تضافر القوى ضدهمء #ومن نشاء» هم التابعون عبر الله تعالى عنهم بقوله ومن نشاء للإشارة إلى أنهم آمنوا؛ لأن الله تعالى شاء لهم الإيمان» وكل شىء فى محيط مشيئته وإرادته» فلا يقع شىء إلا إذا تعلقت به مشيئة الله ولا يخرج شىء فى الوجود عن إرادته. «وأهلكنا المسرفين» وهم الذين خالفوا النبيين وعاندوهم ولم يؤمنواء وكفروا بأنعم الله» وعبر الله عنهم بالمسرفين» لآنهم أسرفوا على أنفسهم» وأوقعوها فى الضلال بكفرهم برسالة الله» وإسرافهم فى العناد وإيذاء المؤمنين وإسرافهم فى ضلال العقل وعدم الإذعان لأى حجة أو برهان» وإسرافهم فى المعاصى» وهى إفساد» والله لا يحب المفسدين. ش وإن الله تعالى أهلك المسرفين المفسدين دائماء ولكن بعد أن يرسل النذرء وقريش اختصت بكتاب فيه علمهم وذكرهم وشرفهم؛ ولذا قال عز من قائل: لق أنزلنا إلَيكُمْ كتابا فيه ذكركم ألا تعقلون» أكد سبحانه نزول الكتاب من عنده إليهم ب «اللام» التى تفيد التوكيدء و«قد» التى تفيد التحقيق» وكان التأكيد لأصل ما يعود به عليهم ذلك الكتاب العظيم ؛ ولذلك قال تعالى فى هذا الكتاب #فيه ذكركم» هذا من إضافة المصدر للمفعول» أى فيه تذكير لكم بال حق والمواعظ والأحكام الشرعية العادلة التى تنظم العلاقات بين إل تفسيرسورة الانبياء للل اا 0 بطل و_ن: يي العباد آحادا وجماعات ودولاء وفيه المواعظ والقصص والعبر» وكل هذا تذكرة وهداية وإرشاد. ويقول الزمخشرى: إن الذكر هنا هو الشرف» أى أن هذا الكتاب فيه شرف لكم لأنه يشرف من ينزل إليهمء ومن يشيع علمه بينهم» كما قال تعالى: 8 وَإنَّه ذكر لّكَ ولقومك ... 6227 4 [الزخرف] . ونقول: إذا كان العرب يتفاخرون بقصيدة يقولها شاعر فى قبيلة فتكون فخرا لها فإن القرآن أعلى كلام فى الوجودء وأبلغه؛ وما قاله بشرء بل قاله الله تعالى وهو تنزيل من عزيز حميدء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وإنه لا يعرف قدره إلا من يعلو فى البيان إلى تدبر معانيه»؛ وفصاحة مبانية» وبلاغة كلامه ومقتضيات الأحوال؛ ولذا قال تعالى: «أَفَلا تعْقلُونَ4 «الفاء» عاطفة على فعل محذوف يقدر بما يناسب المقام فيقدر مثلا: أتردونه فلا تعقلون» فلا تدركون بعقولكم حقيقة ما تردون» ويعود بالخير عليكم شرفا وهداية وإرشادا ومواعظ وعبراء والتنكير فى (كتاب) لبيان شرفه أى كتاب أىّ كتاب . ١‏ عاد سبحانه بعد هذا الإرشاد الحكيم بالقرآن الكريم» فقال عز من قائل : ساس واس سا وس هذه الآية الكريمة مفصلة بعض التفصيل لما تضمنه هلاك المسرفين فى الآية السابقة إوكم» بمعنى الكشيرء وهى مفعول ل 8 قَصّمناك. والقصم هو التكسير والتهشيم» الذى تنفصل فيه الأجزاء عن بعضهاء وهى تدل على الغضبء والهلاك يكون لأهل القرية» والمعنى وكم قصمنا أهل قرية كانت ظالمة» وإنى أرى كما رأى بعض المفسرين أن القصم كان فى القرية نفسهاء كما حدث لقوم لوط» إذ جعل عالى الأرض سافلهاء وكما حصل لثمودء إذ جاءتهم ريح صرصر عاتية دمرتهم وكما حدث لعاد. .. إلى آخرهء وقوله: #كَانَتَ ظَالِمَة4: أى أهلها ظالمون فالظلم ل تفسيرسورة الانبياع ل الئل كم اك 2 لا يقع من البناء والأحجارء ولكن من الذين يحلون فى القرية» فأسند الفعل إلى المحل وأريد الحال. وقوله تعالى: #وأَنشأنَا بعدها قَْما آخرين» أى أن هذه القرية التى قصمت وحطم بنيانها وأزيلت من الوجود أنشأ بعدها قرية أخرى غير ظالم أهلها يسكنها قوم آخرونء وهنا أمران يوجبان الالتفات. أولهما ‏ أن الحديث عن القرية ولكنه سبحانه قال إنه لا ينشئ القرية مرة أخرى» إنما ينشئ قوما آخرين» وإنشاء قوم آخرين ينشئ قرية» وليس الآمر أمر البنيان» وإنما الأمر أمر من يسكنون البئيان» ووصفوا ب #آخرين» لبيان تباينهم عن الأولين. الأمر الثانى ‏ التعبير ب #أنشأناك» والتعبير بقوله #بعدها»» فالذكر للبعدية بالنسبة للقرية مع أن الإنشاء للأقوام الآخرين» وكان ذلك لأن الحديث عن قصم القرية» وتكسيرها وتهشيمها وهو المظهر الحسى لهلاك الأقوام بهلاك قراهم وأماكنهم التى كانوا بها يعيشون. قلا أَحَسُوا بسنا إذَا هم منْهَا يركضون +00 لا تركضوا وارجعوا إلئ ما أَتْرفتم فيه ومُساكدكم لعلَكُم تسألون 12> ' «الفاء» للتفصيلء #أَحَسُوا بَأْسناك معناها بدت بوادر البأس الشديد والهلاك العتيدء وعلموها بحسهم وقرب نزوله #إذَا هم مَنْهَا يرَكُضُون» (إذا» للمفاجأة أى أنهم فاجأوا من حولهم بركضهمء والركض هو السرعة» وهو مأخوذ من ضرب الدابة برجلهاء وقد شبهوا فى سرعة سيرهم وضربهم فى الأرض بضرب الدابة فى الأرض» وذلك تصوير لفزعهم وهربهم مسرعين لا يلوون» وقوله تعالى: #لا تركضوا وارجعوا إلى ما رتم فيه وَمُساكنكم» أى لا تفزعوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه» والإتراف هو الانغماس فى النعيم» وأن يكونوا فاكهين فيه ناعمين» وإن ذلك يؤدى إلى بَطْر النعمة وغمط الناس والاستكبارء ولكن من القائل لهم ذلك؟ قيل: الملائكة بأمر من الله تعالى» وعندى أنها حال اعترتهم فى نزعهم الأكبر»ء فكان 04 تفسيرسورة الانبياع اللللللل الل ااااللل اال لح ا الخوف يدفعهم إلى الركض والهروب من البأس» والحرص الذى استمكن فى نفوسهمء وحرصهم على ما كانوا عليه يناديهم فى ذات أنفسهم: لا تركضوا وارجعوا إلى منازلكم التى كنتم فيهاء وعلى النظر الأول يكون النهى عن الركض والرجوع إلى المتارف والملابس والمساكن التى ارتضوها مثابة لترفهم نوعا من التهكم عليهمء وكلا الاحتمالين تمكن الحصول» ويجوز أن يرادا معاء وقد قال الزمخشرى فى الكشاف فى تصوير معنى الرجوع إلى مساكنهم» وفى تصوير قوله تعالى: لالَعلّكُم تسألون» ما نصه: «لعلكم تسألون: تهكم (على التخريج الأول) وتوبيخ, أى ارجعوا إلى نعيمكم ومساكتكم لعلكم تسألون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة؛ أو: ارجعوا واجلسوا كما كنتم فى مجلسكم وتزينوا فى مزاينكم حتى يسألكم عبيدكم وحشمكم ومن تملكون أمره وينفل فيه أمركم ونهيكمء ويقول لكم: بم تأمرون؟ وبماذا ترسمون؟ وكيف تأتى وتذر كعادة المنعمين المخدومين» أو يسألكم الناس فى أنديتكم المعاونة فى نوازل الخطوب» ويستشيرونكم فى المهمات والعوارض» ويستشفون بتدابيركم» ويستضيئون بآرائكم ويسألكم الواردون عليكم» ويستمطرون سحائب أكفكمء ويمترون أخلاف معروفكم وأياديكم» إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رثاء الناس ؤطلب الثناءء أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم وتوبيخا إلى توبيخ». هذا تصوير جيد لال المترفين الذين ينعمون بنعيم الدنيا والسلطان» ويكون معنى #تسالون» على أن الكلام من الملائكة بأمر الله تعالى» فيكون قوله: ظلْعلّكُم تسألُود» فيه توبيخ أبلغ توبيخ. وعلى نظرنا الذى نقول فيه أنهم هم الذين حدثوا أنفسهم بالنهى عن الركوض فى هذا الهول» فيكون لقوله: لعلّكُم تسألون» تصوير لا كانوا عليه من عز ورفاهية تجعلهم مقصودين بالسؤال فهم فى حيرة بين الاستجابة لفزعهم بالفرار وبين حرصهم بالبقاء» ومهما تكن هذه الحيرة فهم يحسون بالمرارة الشديدة والهم الأكبرء ويحسون بأنهم كانوا ظالمين ولذا: لثَالوا يا ويلَنا إِنَا كنا ظَالمينَ» . ل تفسيرسورة الانبياء ش ل لل 0 لح > ا ادوا نداء الحسرة» وأشد الحمسرة تكون عند الإحساس بالياطل عندما يكون العقاب عليه ولا يكون مناص منهء ينادون «إيا ويلنا # أى يا هلاكنا الذى كتب علينا أقبل فهذا وقتك» ومعنى نداءهم بهلاكهم الذى استحقوه هو أنه شعور باستحقاقهم له وإضافة الويل إليهم ؛ لأنهم سببة »2 وقل استحقوه» وقرروا ذلك بصريح اللفظط بقول: #إِنّا كنا ظَالمينَ»» أكدوا ظلمهم ب «إن) المؤكدة» وب «كنا» لأنها تدل على استمرار طلبهم. ووصفوا أنفسهم بالظلم» وكان ظلمهم من نواح كثيرة» فهم كفروا برسالة النبيين وجحدوها وعاندوهم» وآذوا المؤمنين » وكفروا بأنعم الله ولم يقوموا بحق شكرهاء وهذا ظلم بين» وأشركوا فى عبادتهم» وإن الشرك لظلم عظيم» وعاثوا فى الأرض فساداء وأكلوا أموال الناس بالباطل وغير ذلك مما يجىء تباعا للكفر بالأنبياء. وإنهم يستمرون على الشعور بالويل وندائه والإحساس بالظلم إلى الموت. ولذا قال تعالى: «فَمَا رَالَت تلك دعواهم حتّى جَعلَنَاهم حصيدا حَامدين» الإشارة فى تلك دعراهم» إلى يا وَيُلنَا4 وسميت تلك دعوى يدعونها؛ لأنها بصيغتها تفيد نداء ويلهم كأنهم يقولون يا ويلنا ندعوك» الإشارة كما ذكرنا إلى قولهم يا ويلناء وهى دعوى لأنها طلب لهم والدعوى تطلب على طلب أمر من الأمورء وأكثر ما تكون أمام القضاءء فهى المطلب الحق تزعمه صاحبه» ويعتقد أنه حق»2 وسمى طلبهم دعوى مع أنه أقرب إلى الدعاء غير أنهم لا يطلبونه ضارعين مبتهلين حتى يسمى دعاء؛ لأنهم مشركون» إنما يطلبونه لأنه استحقاق لهم بحكم ما ارتكبوه من ظلمء وقوله تعالى: #فما زالت تلك دعواهم» «الفاء» فاء الإفصاح» و##ما زالت » تدل على استمرار هذه الدعوى وبقائهاء واستمرارها يدل على استمرار التحسر والتوجع والشعور بالهلاك» أى أنهم استمروا على الشعور بالتحسر والبكاء على ما كان» وأشد ما يؤلم العاتى الظالم شعوره بعتوه ولقاء معتبة » وقد صرح الله تعالى فى قرآنه العظيم بالنهاية لذلك البكاء المرير بقوله تعالت كلماته: # حتئ جعلناهم حصيدا خامدين» والخصيد فعيل بمعنى مفعول وهو الزرع المحصود المقطوع لل تفسير سورة الأنبياء تن الملل اللو لل 00 ا الذى جف عوده شيئا فشيئا حتى يصير حطاما لانقطاع سبب الحياة عنه» وهذا فيه تشبيه لحالهم بحال الزرع المحصود الملقى المقطوع عن أسباب الحياة» كما انقطعت أسباب الحياة عنهم» وهذا تصوير لحلال هلاكهم ونزول الويل الشديد بهم» وأكد حالهم بقوله تعالى: # خامدين», والوصفان كناية عن موتهم وهمودهمء وأصل الخمود من قولهم خمدت النار خمودا طفَئْ لهيبهاء ومنه استعير خمدت الحمى» وكأن هناك تشبيها آخر بعد تشبيههم بالزرع المحصودء شبههم أيضا بالنار الذى أطفئ لهيبهاء وفى ذلك إشارة إلى ما كانوا يشعلونه من إيذاء» وما يوقدون من حروب مفرقة تجمح فيها النفوس عن مواطن الاطمئنان» وليس هنا ثلاثئة مفعولات ل (جعلنا)؛ إنماهنا مفعولان فقطء و خامدين» حال». وليست مفعولا ثالثاء وأضاف سبحانه وتعالى الفعل إليه بالصيغة التى تليق بعظمته #جَعلْنَاهم» إرهابا وإفزاعاء والإشارة بأن الذى يتولى هلاكهم هو الله جل جلاله» وتقدست ذاته وأفعاله. الله خالق السماء والأرض وبه ثبت وجوده لسَمةو كدر اليب 2 ودود سَنلسَوت نومكو عَوْادََوكاسَعَحوُودَ 2 يلار لايفترون لي دوا هونا رض هم يروي ذه 1 ل 5 مود ع 5 سرصر يت سر عن ا سرع (72) لكأن ضيهمَاء !هلا مهبح لالش ها تفسير سورة الأنبياء للم لاون 02 ٠: 8ك‎ بي > ابعر وحن ل عه ل سه وي سح سر ل اس بواج كرح رلور 2« عَمايصمُون لزيا لامستل عم يفعل وهم سكلور ريا أ لعز وام ث نمس امه ا ا ا و يم تحخذوامن دوزودءايهة قلهانوا بهلت هذ ذخرمزمى وح خا اح مله 7 رح عو سل وذ من قبل يلأ 6 هر لايعلمون الح فهم مُعَرضون 22 اللعب هو الفعل الذى لا مقصد له» ويقال لعب فلان إذا كان فعله لا مقصد له أو ما قصد به قصدا جديا له غاية تليق بالحكماء» وأصله كما قال الراغب فى مفرداته من اللعاب وهو البزاق السائل الذى لا يكون إلا من لا يملك قوة مانعة منه» وغير العقلاء» والله سبحانه وتعالى منزه عن أن يفعل فعلا لغير مقصد صحيح» وإن كان لا يسأل عما يفعل؛ ولذا قال تعالى: «إوما حَلَقمَا السّماء والأرض وما بيهم لاعبين» #السماء» هى كما نعلم طبقات النجوم وأبراجها من شمس وقمر وكواكب ونجوم كل فى مداراتهاء تربط بينها نواميس الكون التى تسمى أحيانا بالجاذبية» والقصور الذاتى» #والآرض* هى التى نعيش على سطحهاء وتشمل الماء الذى 'يقدر بثلاثة أرباعهاء واليابس مما فى ظاهرها من جبال هى رواسيهاء ووهادء وأرض مبسوطة» وفيها المزارع الكبيرة» وفى باطئها فلزات وأحجار» وما لا يمكن زرعه ملأه الله تعالى بالخيرات فى باطنه». من معادن سائلة وجامدة. وفى البحار جواهر ولحم طرى من الأسماك وغيرها من ساكنات الماء حتى كان ما فيها من عوالم الأحياء لا يقل عما هو فى اليابس من حيوان متَبَّدٌ ومستأنس . #وما بيتهمًا4 هو الفضاء الذى سخر للإنسان» وفيه السحاب المثقل بالماء ينزل ليروى الحرث والغراس» ويقول سبحانه: #الاعبين» أى على غير مقصد صحيح نافع هاد ومرشدء فهو خلق هذا كله لحكم أرادها ومقاصد قصدهاء وذكر اللعب لبيان نزاهة الله تعالى عن العبث» كما قال سبحانه: «« أَفُحسبتم أَنّمَا / تفسير سورة الأنبياء 07 لا ا61ا1ال ملالا لح ما خَلقناكم عبثًا. . . 43# 4 [المؤمنون]» ولأن ما ليس له مقصد نافع صحيح يعد لعباء والعقلاء بعيدون عنه» فالله جل جلاله منزه عنه بالأولى» ولقد صرح سبحانه وتعالى بأنه خلق هذه الأمور لمعرفة الإنسان» وتعريفه بطبائع الوجود وليعرف منها خالقهء وكمالهء ونزاهته عن أن يكون كالحوادث؛ إذ هو خالقهم؛ ولذا قال اتعالى : ف( وهر الذي خلق السّموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الْمَاء ليبلوكم أيكم أحسن عملا . .. 7# # [هود] وقال تعالى: « رما لقت الجن والإنس إلا ليعبدون +3 © [الذاريات ]» وقد بين سبحانه وتعالى هذا المعنى بقوله تعالت كلماته: #«لو أردنا أن تُتَخذ لَهوا أَنَحدَنَاهُ من دنا إن كنا قَاعلين» . ْ #لو» كما يقول النحويون حرف امتناع لامتناع أى امتنع الشرط لامتناع الجواب فهو نفى بدليل» إذ يتتضمن شرطها وجوابها بيان امتناع الجواب وامتناع الشرط بتلازم الامتناع فيهماء واللهو ما يشغل عما يعنى به ويهتم لهء وهو يعم كل ما يلهى عن الغايات والمطالب» وهو يطلق على الأسباب التى تلهى الإنسان عن الغايات العلياء كالزخارف والطنافسء» والسَّقّف المرفوعة المزخرفة» والأثاث والرئي وغير ذلك مما يعنى به أهل الدنيا والسلاطين الذين فى لهوهم يعبثون ويلعبون. ويقول سبحانه: لَهُوَا» أى ما يلهيناء وذلك مستحيلء» لأن الله جل جلاله لا يفعل إلا ما هو كمالء أو يؤدى إلى الكمال وكله خيرء وهو معلم الخيرء وجواب الشرط لأَتّحَذْنَاه من لَّدنَاه أى لكان ذلك صادرا عن ذاتنا العليا وصفات الكمال» واللهو لا يمكن أن يصدر عن ذاتنا المتصفة بكل كمالء والمنزهة عن صغائر الخصال؛ فكيف يصدر عناء وَلَّدنًا » بمعنى (عندنا» ولكنها أخص من «عند»؛ لأنها تدل على الابتداء لنهاية» أى أن اللعب من لدنا مبتدئ» وذلك لا يسوغ ولا يجوز. وقال تعالى: #إإن كنا فَاعلينَ4 إن هذه الجملة شرطية وجواب الشرط محذوف دلت عليه الشرطية التى قبلها لو أَرَدنَا أن تَتّحْذَ لَهوَا4 وفى ذلك تكلف التقديرء ونحس أنه غير.,متسق مع النص الأول» وإنى أرى أن #إن* نافية» وتكون تأكيدا للنفى الثابت بقوله: لو أَرَدنَا أن نَتَخذ لَهُوا لأَنَحَذْنَاهُ من لَّدنَا ويكون: ما كنا فاعلين ذلك؛ لأنه لا يليق بالذات الكريمة ولا يتصور أن يكون منهاء والله أعلم. تفسير سورة الأنبياء اللللللوا ال اللللللل ل للك م لسر ا وقد بين سبحانه وتعالى المقصد الأسمى من خلق السموات والأرض. بل تقذف بالْحق علَى الباطل فيَدمغه فَإِذَا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون» . #بل» للإضراب النافى لما قبله» لا مجرد الإضراب الانتقالى» والقذف الرمى من بعيدء والرمى من بعيد يكون مؤثرا فى المرمى عليه أكثر من القريب» ويكون أدل على شدة الرمى» و«بل» التى للإضراب تدل أشد الدلالة على نفى اللعب عن أفعاله فوق النفى السابق» سبحانه وتعالى عما تتصف به الحوادث من لعب» وتزجية الأوقات فهو القادر القهار الذى خلق كل شىء. وفى. قوله تعالى: طتَقْذف بِالْحَقّ عَلَى الباطل فَيدمَغْه» تشبيه للحق بالجسم الصلب القوى الشديد» والباطل أمامه بأنه هش ضعيف» وذلك لبقاء الحق وسلامته وصلابته» و#فَيَدمَغْه» معناه يصيبه فى دماغهء ويقال: دمغه إذا أصابه فى دماغه أو كسر دماغه» ووصل إلى تجاويف رأسه حتى يصيب مخه فيقتله» وفى ذلك أيضا تشبيه» فشبه سبحانه وتعالى إصابة الحق للباطل بإصابة الدماغ ووراء إصابة الدماغ الموت؟ ولذا قال تعالى: 8قَإِذَا هو زاهق» و«الفاء» و«إذا؛ للمفاجأة» والمراد من المفاجأة سرعة الإبطال» ولإزاهق» معناها ميت؟ لأن زهق معناه خرجت روحهى وفى هذا الكلام أيضا تشبيه للباطل إذا زال وذهبت دولته بالنفس إذا خرجت ومات صاحبهاء وفى ذلك إشارة إلى أن الباطل لا يبقى» والحق باق إلى يوم الخلودء وما يرمونه من باطل فهو ميت فان» وما يثبت من حق باق خالد. وبعد أن قرر سبحانه ذلك مؤكدا خلق السموات والأرض لإحقاق الحق وإبطال الباطل» التفت بالخطاب للمشركين» فقال عز من قائل منذرا لهم: #ولكم اويل مما تَصِفُودَ» أى لكم الهلاك الذى يصحبه أنين وألم يستمر «مما تصفُون» «ما» موصول حرفى» والمعنى من الوصف الذى تصفونه به» و«من» سببية أى بسبب الوصف الذى تصفونه وأن له شركاء يعبدون» وإنهم يكونون شفعاء عنده» وهذه أوصاف لا تليق بالذات العلية» وهم يقولون باطلا: «« ... ما تعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلْئ ... > 4 [الزمر] . إل تفسيرسورة الانبياع الللللولل اال للفلل جم ب_م:؟ 7 «وله من في السّمُوات والأرضٍ ومن عندة لا يَستَكبرُونَ عن عبّادته ولا يستحسرون» . هذا النص مؤيد لعنى الآية السابقة», وأنه لا أحد يشاركه فى ملكه.ء فهو وحده المالك للسموات والأرض» وما فيهما ومن فيهماء والعندية هى عندية المنزلة» لا عندية المكان؛ لأن الله تعالى ليس له مكان حتى يكون فى هذا المكان أحدء إنما العندية هى العندية المعنوية» وهى المكان» وأولئك هم الملائكة. وهم أزواج مطهرة ليس لها مكان نعرفه وهم عباد مكرمون, لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمروت. وذكر العندية كما يفيد ما ذكرنا من أنها عندية معنوية وقرب من الله تعالى» ويفيد أيضا تشريفهم ومكانتهم عنده» ومع هذه المكانة «لا يستكبرون عن عبادته», أى أنهم خاضعون له تعالى خضوع العبودية له سبحانه؛ كما قال تعالى: 8 لن يستتكف الْمَسيح أن يَكُون عَبّدا لله ولا الملائكة المقربوت ... +20 4 [النساء] وإذا كان الملائكة لا يستنكفون عن عبادته وهم المقربون فأولى بكم أيها الناس ثم أولى أن تكونوا له عابدين» وهم فى عبادتهم مستمرون لا يكلون ولا يضجرون؛ ولذا قال تعالى نافيا الكلام: ولا يَستَحْسِرُونَ» وهو افتعال من الحسر بمعنى انكشاف قواهم» وظهور: مللهم» وكان النفى بصيغة الافتعال الدالة على قوة الكلال مع أن المقام يقتضى نفى أصله لا نفى الكلال القوى منه؛ إذ إن نفى القوى من أمر لا يقتضى نفس الضعسيف منه» ولكن نقول كان نفى القوى للإشارة إلى أنهم فى حال كلال قوى» وكان يمكن أن يكلواء ومع ذلك استمروا دائبين فى عبادتهم مع شدة التعب» ولكن لا تعب فى أمر ما داموا يرضون ربهم» وهنا يسأل سائل لاذا أفردوا بالذكر مع أنهم داخلون فى ملكية الله تعالى» ولما ذكر أنهم عنده؟ ونقول فى الجواب عن ذلك: أفردوا لتعظيمهم ولقربهم من الله تعالى» ولأن بعض الناس كان يقدسهمء بل يعبدهم» فكان ذكرهم فيه عبرة لمن يعبدون الله تعالى» وذكر أنهم عنده لما ذكرنا تشريفا لهم» وللإشارة إلى قربهم من الله كما هو الشأن فى الملوك» وقال الملا أبو ل تفسيرسورة الانبيام اال للللن مم > ا السعودء إنهم عند الله تعالى بمنزلة المقربين من الملوك» ولله تعالى المثل الأعلى» وهو تقريب ليدركوا معانى القرآن. وقال تعالى فى أوصاف الملائكة وأعمالهم: «إيسبحون الليل والنهار لا يفترون. التسبيح: التقديس والتنزيه»؛ فهم مستمرون فى تقديسهم وتسبيحهم #لا يفترون* أى لا يسكنونء» والليل والنهار طرفان للتسبيح» ومعنى ذكر الليل والنهار أنهم لا يسكنون فى ليل أو نهار» فهم دائمو التسبيح والتنزيه وعبادته وحذده» وقوله تعالى: #لا يفترون* تأكيد لدوام التسبيح واستمراره» والفتور السكون» وقد جاء فى مفردات الراغب فى هذه الكلمة إلا يفترون* أى لا يسكنون عن نشاطهم فى العبادة») وروى عن النبى عَلكِلة أنه قال: «لكل عمل شرة» ولكل شرة فترة» فمن فتر إلى سنتى فقد نا وإلا فقد هلك»)”22 والشرة: غفوة الباطل وإن اللملائكة لا تعتريهم شرة» ولا تعتريهم فترة» فهم عباد الله تعالى المطهرون. وقد أشار سبحانه إلى ما وصفوا الله - سبحانه - به من أن له شركاءء فقال عز من قائل : #أم اتخذوا آلهة من الأرض هم يدنشرون» «أم» هى المنقطعة وهى تتضمن الإضراب الانتقالى» فانتقل النص القرآنى بهم من إنكارهم الرسل وإنكارهم الآيات» وكل هذه أمور باطلة ولكنها سلبية فى ذاتها (0) أخصرجه أحمد في مسنئده روسو واين حبان في صحيحه »/١ -)١١(‏ وابن خصزيمة في صحبحه(7 /70)51١‏ 797 . ' الشرة ' بكسر الشين» وتشديد الراء بعدها تاء تأنيث: هي النشاط والهمّة. كما في الترغيب والترهيب للمنذري (45/1)40. "ولكل شرة فترة' أي وهنا وضعفا وسكوناء يعني أن العابد يبالغ في العبادة أولا وكل مبالغ تسكن حدته وتفتر مبالغته بعد حين» وقال القاضي: المعنى أن من اقتصد في الأمور سلك الطريق المستقيم واجستنب جانبي الإفراط (الشرة) والتفريط (الفترة). فيض القدير ١‏ / ”697. ل تفسير سورة الأنبياء 0 الالالال للفو 01 لحب ناا للنص السامى» بل اتخذوا آلهة من الأرض» وكان الله يواج جههم بإفكهم وافترائهم فى عبادتهم» والاستفهام إنكارى منصب على ثلا أولها . اتخاذ آلهة غير الله تعالى» فهو فى ذاته ظلم مستنكر وبهتان عظيم . والئانى - أنها آلهة من الأرض» وفى ذكر الأرض مقابلة بين هذه الآلهة المزعومة والعباد عند الله الذين لا يستكبرون عن عبادته» ويسبحون ليلا ونهارا لا يفترون» والأرض التى اتخذت منها آلهتهم دون من عند الله فكيف يعبدونهاء وفى ذكر الأرض استنكار آخرء وهو أن هذه الآلهة المزعومة من حجر من الأرض أو من جماد منهاء لا يعقلون ولا يفكرون فكيف تكون آلهة» ومهما يكن فإن ما يكون متخذا من الأرض دون ما عند الله» ومن عند الله يعبدونه. والأمر الثالث ‏ أنكر عليهم أيضا بالاستفهام» وهو استفهام جديد وأحسب أنه لإنكار الوقوع لا*لإنكار الواقع» فهم لم يقولوه» وهو فى قوله تعالى: #هم ينشرون» أن يحيون الموتى» وأصل نشر من نشر الثوب» ونشر الله تعالى الموتى فيه كشف لهمء وإخراج لهم من قبورهم أحياء» ولا شك أنهم لا يقولون بالنشر والبعث. فهم يحسبون أنه لا يكون قطء ولكن النص أثبت عجز من زعموهم آلهة عنه» والله تعالى الذى يشركون به هذه الأحجار قادر على ذلك وعلى كل شىء» كما قال تعالى: « ... كما بدأكم تعودون 4759 4 [الأعراف] وفى هذا توبيخ على عدم إيمانهم بالبعث مع ادعاء الألوهية لمن لا يصلح أن يكون إلها أنه لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى شيئا يجلب نفعا أو يرفع ضررا. وقد بين سبحانه بعد ذلك استحالة الشرك بالدليل الفعلى الذى لا يزال حجية التوحيد فقال عز من قائل: لو كان فيهما آلهة إلا الله لعَسَدَا فسبْحَان اللّه رب الْعَرش عَم يَصفُونَ © . «إلّو4 كما قلنا حرف امتناع لامتناع» أى امتنع الفساد فى الكون لامتناع أن يكون فيهما غير الله» فهو يسير فى نظام لا يتخلف, فالنجوم فى مساراتهاء والشمس والقمر يجريان بحسبان» والليل والنهار يتعاقبان من غير تخلفف. اا تفسير سورة الأنبياء للا كالبلل 0م ب(زنجمل ب_ملر يي و«إلاً» هنا للوصف بعنى «غير»؛ لأن الاستثناء فى المستغرق يجب أن يكون المستثنى مستغرقا فى المستثنى منه» ولا يمكن ذلك للغيرية المطلقة بين الاثنين» فلا ارتباط حتى يجعل أحدهما مستثنى من الآخرء فما قبلها لا يشمل ما بعدها بأى نوع من الشمول» والاستثناء المنقطع فيه نوع قرب وشمول بين المستثنى والمستثنى منه من وجهء والدليل مع أنه لا استثناء رفع لفظ الجلالة» إذ لو كان منقطعا لكان منصوباء فدل على أنه لا استثناء قطء وعلى ذلك تكون «لا) وصفا بمعنى (غير). والمعنى أنه امتنع التالى فى هذه الشرطية» وهو الفسادء وإذا بطل التالى لأنه يخالف الحسء» والوجود كله قائم شاهد بالصلاح» فالسماء والأرض كل قائم به الصلاح بدل الفساد» فالسماء بأبراجها وكواكبها ونجومهاء والشمس سائرة فى أبراجها ومساراتها بانتظام» والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون مما يدل على أن مدبرا للكون يدبره وينظمه» ولا يمكن أن يكون كل ذلك بالمصادفة» والمصادفة لا يفرضها إلا إذا ثبت أنه ليس ثمة موجد منشئ» وذلك باطل» وإن إثبات الوحدانية بهذا الدليل العقلى الذى جاء به القرآن هو أقوى دليل جاء به المتكلمون لإثبات الوحدانية» وهو الذى يسمى عندنا بدليل التمانع» وقبل أن نقرره كما جاء فى القرآن نقول: إن ذكر الآلهة لذكرها من قبل فى قوله تعالى: #أم انّحَدُوا آلهة4 فى الآية السابقة» فليس الدليل لمنع آلهة مع الله» بل هو لمنع أى إله مع الله تعالى العلى القدير. وما يقرره علماء الكلام مقتبسين من استدلال القرآن أنهم يقولون: لو كان فيهما إلهان لتعارضت إرادتهماء فإن نفذت إرادة أحدهما دون الآخرء وتوالى ذلك فهو الإله دون الثانى» وإن توافقت إرادتهما على الدوام فهو إله واحدء» والاتفاق على الدوام غير بمكن لأن كل واحد منهما له إرادة مستقلة عن إرادة الآخرء فإن لم تخالف فى كل أمر بالتخالف لا محالة ثابت فى بعض الأمور» وفوق ذلك عند التوافق» فهو يؤدى إلى أن يكون العقل الواحد يتوارد عليه فاعلان» وذلك مستحيل» إذن فلابد من فرض التخالف, والتخالف يؤدى إلى تحقق أمرين تفسيرسورة الأنبياء 0م لكالل لل ٠ ااال‎ 2 متضادين» وذلك محال فما أدى إليه محال أيضاء وإن نفذت الإرادتان بعد التسليم بذلك المحال» فسد الوجود»ء وهو الصلاح كله وإذا بطل الفساد بطل ما أدى إليه فكان الله واحدا أحدا فردا صمداء وقد قال تعالى: لفْسبْحَانَ الله رب الْعَرشٍ عمًا يَُصفون4 الفاء لدرتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى يترتب على بطلان التعدد أن يكون الله تعالى هو وحده الواحدء فتنزيها له وتقديسا عما يصفون من الإشراك به» وقد وصف الله تعالى ذاته بقوله: #وب العرش* أى أن العرش له وحده لا شريك له. 0 وقد بين سبحانه وتعالى سلطانه الكامل فقال: إلا يسأل عمًا يفعل وهم يُسألون» . أى أنه لا رقيب عليه فيما يفعل حتى يسأل؛ لأنه سبحانه وتعالى هو الإله وحدهء ولأنه خالق الوجود كله» فلا يسأله مخلوق خلقه؛ لأن ذلك قلب للأوضاع العقلية» ولأنه سبحانه لا يخطئ» والمخطئ هو الذى يسأل عن خخطئه؛ والله تعالى فوق كل خطأء ولأنه الكامل واجب الوجود المطلق وكل من دونه ناقص قد يحسن» وربما لا يحسن» وربما يخطى» وربما لا يخطئ» فالرقابة من الله تعالى عليه؛ ولذا قال تعالى #وهم يُسأَلُونَ» والضمير يعود إلى المشركين» فهم يسألون عما يقولون وعما يفعلون وعما يتكرون وعما يفسدون» وفى ذلك تهديد لهم» وإنذار بأنهم محاسبون على كل ما يكون منهم من شرك» والله أعلم. قال تعالى: #أم انَحَدُوا من دونه آلهة قل هاتوا برهائكم هذا ذكر من معي وذكْر قلي تل رهم لا بود اح هم موطُود». ظ أم هنا كالسابقة للوضراب والاستفهام» وهو إضراب انتقالى من اتخاذهم آلهة ليس لها قدرة فى شىء» وأنه لو كان التعدد لكان الفساد. انتقل من هذا بالإضراب إلى بيان أن اتخاذ شريك لله تعالى لا يؤيده العقل بل يخالفه وينكره؛ وكل دعوى لابد لها من دليل» ودليلها نقلى أو عقلى» فأين الدليل وقد طالبهم النص السامى بالبرهان. تفسيرسورة الانبياع الل 0 خج-1 والاستفهام الذى تتضمنه «أم» لإنكار الواقع أى لتوبيخهم على اتخاذهم آلهة غير الله تعالى» ومن دونه» يعنى غيره مع قيام الدليل العقلى على أن ذلك لا يجوز بدليل التمانع فى قوله تعالى: ل كان فيهما آلهة إل الله لَفسَدتَا4 ومع هذا التوبيخ طالبهم الله تعالى بأن يأتوا ببرهان على صحة ما يدعونء» وما يفتاتون» فأمر نبيه يكِ بأن يطالبهم بالبرهان: قل هاتوا برهّاتكم» وكانت هذه المطالبة من الرسول كك لإفحامهم ولبيان عجزهم عن أى دليل» وأى مبرر معقول أو غير معقول» وإلا فكيف يستطيع العاقل أن يجد دليلا أو مبررا يبرر به عبادته لحجر لا ينفع ولا يضرء أو لإنسان خلقه الله تعالى كما خلق كل شىء. وليس لديهم أى دليل عقلى» ومع ذلك ليس عندهم دليل من النقل» بل الدليل النقلى» وما عليه الرسل يناقض ما يقول؛ ولذا قال الله حكاية عن نبيه: «هذا ذكْرٌ 57 معي وذكرٌ من قبلي» «ذكر) بمعنى «تذكير) وهو هنا من باب إضافة المصدر إلى مفعوله» أى هذا تذكير الذين فيهم وهم من معهء وهو القرآن ليس فيه إلا التوحيد الخالص والشرائع المتزهة الطاهرة عن كل ما فيه شرك بالله #وذكر من بلي 4 أى هذا تذكير من كان قبلى من الناس لقد ذكرهم رسلهم بالتوحيد» ودعوا إليه ويصح أن يكون الذكر هو القرآن» وذكر من قبلى هو التوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب السماوية والغاية واحدة؛ لأن القرآن يكون فيه الذكر لمن معهء والتوراة والإنجيل والزبور فيها الذكر لمن كان قبله كله فقد كان الانتقال من طلب الدليل المثبت إلى تقديم الدليل مما ادعوه واتخذوه من عبادة الأوثان» ثم قال تعالى: #بل أَكترهم لا يَعلّمونَ الْحَقّ» والإضراب ب «بل» هنا للإشارة إلى أنهم طمس الله على بصيرتهم فصاروا لا يعلمون الحق ولا يدركونه» ولا يعرفون السبيل إليه؛ لآن قلوبهم غلفء ولا سبيل لأن يعرفوا الحق بها ويرشدهم #فهم معرضون4 «الفاء» هنا للسببية أى أن ذلك بسبب أنهم معرضونء فهم حائرون بائرون» لا يرشدون بعقولهم» ولا يستمعون إلى مرشد يرشدء بل يعرضون عنه إعراضا. الل تفسيرسورة الانبياع الللبلللك ملل 01111 لأسب الرسل جاءوا بالتوحيد 207 يي م 0 20 من قبإل كت من رسول1 بو حَإِلَيّهِ ينكد إل 00 رمسة :7 جني سد در لوال وك لاوش كذ مشر ا و ُ تيلف ومن يقل يلا دمن دونو مك حجرِبِهِ عي 0 2 1 جهن مكلك جز حر ىق طدِلِيِينَ 2( هذه الآيات متصلة بما قبلهاء فهى بيان إيجابى يعلم الناس أن النبيين جميعا كانت رسائلهم تدعو إلى التوحيد» وما جاءوا إلا لبيانه» فهو تأكيد للدليل النقلى الذى أشار إليه قول النبى : ط هذا ذكر من معي وذكر من قبي 4 . يقول تعالى مؤكدا هذا المعنى الخاص بالتوحيد: «وما أَرسلْنَا من قَبلك من رُسول إلا نوحى إِلَيه أنه لا إِلَه إلا أنَا قاعبدون» . هنا نفى وإثبات» وهو نفى مستغرق استغراقا كاملاء ف (من) الثانية لاستغراق الرسل وقوله: من قبلك» أى الذين سبقوك؛ فما كنت بدعا من الرسل إذا دعوت إلى التوحيد» فهو لب الرسالاات كلهاء وما عداه لا يمكن أن يكون دينا» بل هو أوهام باطلة لا تقوم على دعائم من حق أو عقل فالعقل يمنعهاء والحق يجافيها. 5 7 اا تفسير سورة الانبياع ململ م ب ا إل نوحي لَه بيان أن هذا التوحيد هو أمر من الله» ووحى من عنده؛ والعرب يعرفون الله تعالى بأنه الخالق الذى يلجأون إليه فى شدائدهم» ولا يعرفون غيره إذا أحيط بهمء فهو الذى أمرهم بالتوحيد على لسان كل الرسل: لا إل إل أنا فَاعْبُدُون4: الضمير «أناه فى محل رفع؛ ولذا جاء بضمير الرفع» وقوله تعالى #قفاعبدون* «الفاء» تفيد أن ما بعدها مسبب على ما قبلهاء فإذا كان لا إله إلا هو فلا يعبد غيره» ولا يعد قد عبد الله تعالى إلا إذا عبده وحدهء فالإشراك على أى صورة من صوره ليس فيه عبادة لله تعالى . ولقد بين سبحانه وتعالى بطلان الذين يعبدون الأشخاص» كما بين بطلان عبادة الذين يعبدون الأوثان» فإن الجميع مشركون فى العبادة» بيد أن الذين يعبدون الأشخاص يسرفون على أنفسهم فيدعون أنهم أبناء الله : «وَقَاُوا انَحَدَ الرّحمن ولدا سبحاته بل عباد مكرمون». قائل هذا بعض المشركين والنصارى منهم؛ لأن ذلك إشراك فى العبادة لا مرية» وقالوا إن الله - تعالى عما يقولون - اتخذ المسيح ابنا له»ء كما قال تعالى: «وقالت اليهُود عَيرٌ ابْنْ اللّه وََالَت التصارى الْمَسيح ابن الله .... 52> 4 [التوبة] . وطائفة من العرب قيل إنهم من خزاعة قالوا الملائكة بنات الله ولقد أشار سبحانه إلى ذلك بقوله: ظ وَجَعَنُوا للّه شركاء الجن وَحَلَقَهُم وَحَرقُوا لَه بين وبنات بغيرٍ عل بْحَانَهُ وى عا يصفون <> بَديع السَمَوَات والأرض أنى يون لَه ود ولم كن له صاحبَةٌ وحَلق كل شيء وهو بكُل شيء عليم 2 4 [ الأنعام ] : وقوله تعالى: #وَقَانُوا انَحَدَ الرَحْمَنْ ولّدا4 أى جعل له ولداء وكلامهم ينبنى عن احتياجه سبحانه إلى ولد؛ لأن الاتخاذ لا يكون إلا عن حاجة» وقوله تعالى: « سبحانه» أى تنزه وتقدس عن ذلك #بل» إضراب ورد لقولهم. «عبَاد مُكْرَمُونَ4» أى كرمهم الله تعالى وهم عباده» فعيسى عبد لله ولا يستتكف أن يكون عبداء والملائكة المقربون لا يستنكفون أن يكونوا عبيدا له. ع 7 #ل تفسيرسورة الانبياع اللا ل 00 حر ا وقد ذكر سبحانه وتعالى حالهم فقال عز من قائل : لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون» وذكر سبحانه وتعالى هذا الوصف لهم للإشارة إلى أنهم من الله بمنزلة من يتقدمون أمامه» وقالوا: إن #لا يسبقوته بالقرل 4 فى مؤدى لا يسبق قولهم قوله» أى لا يقولون قولاء بل قولهم دائما مسبوق بإرادة الله سبعحانه وتعالى » وليس لهم أن يتقدموا بأمرء ثم قال تعالى فى بيان خضوعهم: #وهم بأمره يعملون» وتقديم الجار والمجرور لإفادة الاختصاص » والمعنى بأمرة وحده لا بأمر غيره يعملون» وفى ذلك تعريض ببطلان ما يفعله المشركون إذ يفرضون لآلهتهم المزعومة مطالب يؤدونهاء» وذلك من أوهامهم. ويبين سبحانه وتعالى أنهم فى قبضة يده يعلم حالهم: فى حاضرهم وماضيهم فيقول سبحانه: #يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضئ وهم من خشيته مشفقون4 . | ذكر الله تعالى أنهم فى قبضته. وهو عالم بكل أحوالهم #إيعلم ما بين أيديهم » , وهذا يكنى به عن حاضرهم؛ لأنه بين أيديهم يفعلونه ويدورون فيه تحت سلطان إرادته» وعلى مقتضى علمه. وجميع ما يفعلون وما يفكرون تحت عين الله فى سلطان الله تعالى مع تقريبهم وتفضيلهم وتكريمهم. وليس ذلك شأن من يتخذه ولداء بل هو شأن من يكون من عباده. «ولا يشفعون إلا لمن ارتضى» أى لا يشفعون لأحد إلا إذا كان مر تضى لله ورضى الله أن يشفع كما قال تعالى: طمن ذا الذي يشفع عنده إلا يإذنه 3ج »4 اا تفسير سورة الأنبياء للفلل ملالا 0 ج17 [البقرة]» وكما قال تعالى: 9 يَوْصذ لا تَهَعْ الشَفَاعَة إل من أن لَه الرحمن ورضي لَه ولا <> 4 [طه]ء فهم فى شفاعتهم لا يسبق قولهم قول ربهم إنما قول الله تعالى هو السابق» وهو الذى يأذن لهم بالقول شفاعة أو غيرها. وقد ذكر سبحانه وتعالى وصفا ثالثاء وهو حال دائمة مستمرة لهم فقال: وهم من حَشيته مشفقون» الخشية المنوف مع التعظيم والضراعة والاستسلام لله عز وجل؛ ولذا اختصت بالذين يعلمون عظمة الله تعالى وجلاله» فقال تعالى: «وإنما يَحْشَى الله من عباده الْعلَماء 227 4 [فاطر]. الذين علموا الله تعالى وعرفوه حق معر فته . والإشفاق: الخوف مع توقع ما يخافونه؛ فهو خوف مع عناية بما يجىء به الزمن» وإن ذلك الإشفاق يكون من كمال العلم بالله واستشعار عظمته؛ وامتلاء النفس بمهابته» وذلك شأن من كانوا خاضعين» وليس شأن من زعموهم آلهة مع الله مناظرين» وإن هذه حال من قربوا من الله فهم أدرك لعظمته» وأكثرهم علما بقدرته» وحكمته وكماله. وإن هذا التعبير الكريم يدل على دوام هذه الحال؛ لأن الجملة حالية أولاء ولأن الجملة اسمية تدل على الاستمرار ومؤكدة بالضميرهء والله سبحانه أعلم بحالهم» فهم المقربون. ولكنهم مع قربهم من الله تعالى» وأنهم المكرمون» لو انحرفوا عن الطريق لنالهم جزاء ا الضالين الضلين ؛ ولنا قال تعالى : شاسي سس ماس إن مؤلاء ع عباد عاقه ) الله تعالى للطاعة 5 والتسبيح ' لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» وهم مجردون من الشهوات التى تضل وتهوى بصاحبها إلى مكان سحيق من المعصية ولتجردهم من الأهواء المردية والمطاولات التى تقع بين أهل الدنيا الذين تسيطر عليهم أحيانا أهواء إبليس عدو آدم - لا يقع منهم ما يخالف إرادته» ومع ذلك لو وقع منهم ما يعاند إرادة الله يكون جزاؤهم جزاء العصاة» فلا ل تفسير سورة الأنبياء 0 الال لل لسرب ا يقول أحد منهم أنه إله من دون الله فمن قالها منهم فإن جزاءه جزاء العصاة» وهذا قوله تعالى: #ومن يقل منهم إِنَي لَه مّن ذونه فَدَلكَ تجزيه جهنم «من دونه) أى غير الله» ويعاند الله فى ظاهر حاله والفاء واقعة فى جواب الشرط» والإشارة إلى الذى يقول إنى إله من دونه» والإشارة إلى فاعل فعل هى إشارة إلى الفعل» فهى إشارة إلى أن ذلك القول إجرام» ويكون كقول فرعون ما علمت لكم من إله غيرى» وجهنم للعصاة دائماء و #كذلك» فى ختام الآية الكريمة: «اكذلك نجزي الظالمين» أى أنه كهذا الجزاء الذى ذكر لهم إذا ادّعوا الألوهية يجزى الله الظالمين. وفى هذا النص إشارة واضحة إلى أن الذين يعبدون المقربين كعيسى ابن مريمء وكالملائكة المقربين لا يغضبون الله وحدهء بل يغضبون من يعبدونهم ويخالفونهم» فالذين يقولون عيسى ابن الله أو الرب أو إله يعصون أول ما يعصون عيسى عليه السلام» وكذلك الذين يعبدون الملائكة المقربين والظلم المذكور فى الآية هو ظلم الإشراك» وظلم المعصية» وظلم تضليلهم» خلق الله يدل على وحدانية الله مرعير هر _ 0 ونين رهم هه 200 ا 000 نالسمنواتوا كانناريّفًا تأففئقنلهماوجعلنا رص سس مه 2 رح و 0 2 هه 6 017 شىءٍ حي أفلا بوم نيا لاني الارض ره نت 2 لس 5 ركو روامى أن تميد بهم وجعلنا اجاج سبلا لَصَلَهُم يمَتَدُونَ لي ويحَعَلْناالْسَمَاء سَهفَا محف حَموظاوَهْوعَنَ سر سل سس ابر فك سس سبل له ينها مون ريه وهورَى حَل لالس وَالْفمرَعلف مَوِمنبَونَ 0 ل تفسيرسورة الأنبياع ش الملل م بح بور يي هذا كلام موصول لبطلان الشركاء لله تعالى ببيان إبداعه فى خلقهء سواء أكان أوائك الشركاء المزعومون أحجارا أم تماثيلَ أم أوثاناء أم ادّعوا أن الله بديع السموات والأرض اتخذهم أبناء» وذلك البطلان ببيان عظمة خلقه. «أو لم ير الّذين كفروا أن السُموات وَالأَرْضّ كَاتعَا وَنّقَا) «الواو؛ عاطفةء وتقدمها الاستفهام» وتقدير القول: وألم ير الذين كفرواء والاستفهام له الصدارة دائماء والاستفهام لإنكار الوقوع أى أنهم لم يروا وكان حقهم أن يرواء والرؤية ليست رؤية البصرء ولكن رؤية العلم والبصر والإدراك؛ لأن أحدا لا يرى السموات والأرض رتقاء والرتق: الضم والالتحام خلقة كان أو صنيعة» وقد قال الأصفهانى فى مفرداته: كانتا رتقا أى منضمتين» والمتتبع لآيات القرآن فى بيان خلق السموات يرى أن النصوص تتضافر على أنهما كانتا شيئا واحدا كان كالدخان» أو هو ما يعبر عنه علماء الكون بالسديم» لأنه مثل الدخان» وقد ذكرت شيئا مثل ذلك فى تفسير ستة الأيام التى جاءت فى عدة سورء وقلنا إنها ستة أدوار» وليست ستة أيام زمنية؛ لآن الأيام مقدرة بالليل والنهار وهما كانا بعد خلق السموات والكواكب والنجوم والشمس والقمرء واقرا قوله تعالى: طقل كم فون الذي َل الأوض في ومين عون لَه أندادا ذل ذلك رب لين د وحمل يها روابي من فوقه وبارك فيها وقدر رض انا طع أو َم قَالَنَ أ نا اين 2© َقصَامنَ سبع م سمواتٍ في يومين وَأَوْحَئ في كُلّ سَمَاءٍ أمرها وزينًا السّمَاء اللاثيًا بمصابيح وَحفظا ذلك تقديرٌ العريز العليم 27 © [فصلت] . فإن هذه الآيات تشير إلى أن السموات والأرض كانتا شيئا واحداء وكانت السماء ومعها الأرض دخاناء وهو ليس الدخان الذى نعرفه؛ لأن الدخان الذى نعرفه هو الناتج من اشتعال نار من حطب أو نحوه من أى حطام» وما كان ذلك قبل السماء والأرضء فإذا قلنا إنه الذى سمه علماء الكون السديمء لا تكون مباعدين» بل نكون مقربين غير مدعين على القرآن ما ليس فيه» وتكون الأرض قد تفسيرسورة الأنبياء بت لكلل كا : بي خلقت فى ستة أيام أى أدوار فى التكوين بتدبير الله العزيز العليم» فخلق الله الأرض فى يومين هما دور انفصالها عن الكتلة الشمسية» وتكوين طبقتها الاأرضية الظاهرة» وبقاء باطنها ملتهبا كأصلهاء ويبدو أحيانا شىء منه فى براكين تقفذف با حمم والسعيرء وبعد أن تكونت القشرة الأرضية كانت أربعة أدوار أخرى» فيها تكونت الجبال الرواسى» والسبل الفجاج. وتكون السحاب والمياه العذبة» والإنسان والحيوان والزروع والثمار» وكانت الأرض» هذا المهاد والفراش » وانتهى أمر الله بأن جعل من الماء كل شىء حى » فكان النئبات والحيوان من الماء العذب» وكانت البحار « ففتقتاهما» «الفاء» عاطفة للترتيب والتعقيب» وكان التعقيب لأنه لم يكن بين الرتق والفتق أمر كونى آخر.ء وكل شىء من فعل الله تعالى يكون بقوله تعالى: «كن فيكون» ولا فاصل من الزمان بين قول الله «كن» وما يكون. وقوله: #وجعلنا من الماء كل شيء حي كان فيه أدوار أربعة» كما قدر العزيز الرحيم» ثم قال تعالى: #أَفَلا يؤمنون» «الفاء» لترتيب التوبيخ بعدم الإيمان على ما قبلهاء و«الفاء») مؤخره عن تقديم» والمعنى : فألا تؤمنون» والاستفهام لإنكار الواقع وهو عدم الإيمان» وإنكار الواقع بمعنى التوبيخ والتعجب من الكفر مع قيام الأدلة وقد بين سبحانه الأرض وما يرى فيها بالعين والبصرء لا بالعلم والإدراك كما قال تعالى: #وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لَعلّهُم يهتدون» . الرواسى هى الحبال» وهى جمع رأس » وفواعل تكون جمعا لما فيه التاء» قوله تعالى: #وجعلنا في الأرض رواسي* وهنا ذكر الوصف وحذف الموصوف. أى جبالا رواسى أى ثابتة» والمجّعل خلق لأمر موصوف بوصف معين» تفسيرسورة الانبياء لوللا الل 0م برا ؟ يي" والخلق مجرد الإنشاء» أما الجعل فهو خلق لأمر أراده الله تعالى فى التكوين» وهو أن يكون لأمر نافع للعباد» كما قال تعالى: ذإ وجعلنا اللّيل والنهار ايعين ... 017 4 [الإسراء] وعلل الله كونه خلق الجبال وجعلها رواسى بقوله تعالى: #أن تميد بهم» والميد الاضطراب الشديد والحركة التى لا يكون معها قرار وثبات» ويتحقق أن تكون فراشاء» وأن تكون مهاداء ومستقراء وتقدير القول كما قال البصريون: كراهة أن تميد فتضطربء. ولا يكون لها قرار تثبت النفوس فيها وتطمئن وتسكن» وقال الكوفيون: إن معنى أن تميد بهم»: لثلا تيد بهمء وهو تقدير لفظى اختلف فيهء ولا يغير من المعنى اختلاف الآراء» بل المعنى فى التقدير أن الجبال رواسى» فلا تضطرب الأرض وتكون فراشا وقرارا ومهادا. وقال تعالى: وَجَعلَْا فيها فجاجا سبلا4 الضمير فى «فيها» قيل يعود إلى الجبالء والمعنى جعلنا فى الجبال فجاجا فيما بينهاء وهى الشّعب التى تكون بين الجبال أو فى الجبال نفسهاء فمع أنها راسيات تكون فيها طرق يستطيع السائر أن يسير فيها فى علوهاء كما ترى فى جبال الأطلس فى الجزائر وتونس والمغرب . ولكنا نرى أن الضمير يعود إلى الأرض» أى جعلنا فى الأرض فجاجا أى طرقا واسعة, فالفج هو الطريق الواسع» وهو فى أصل وصفه للطريق بين الجبلين كأنه شق بينهما شقاء وتوسع فيه حتى صار يشمل كل طريق» جاء فى المفردات: الفج شقة يكتنفها جبلان ويستعمل فى الطريق الواسع» وجمعه فجاج» قال تعالى: «من كل فج عميق 40599 [الحج]. وقد اخترنا - كما ذكرنا - معنى الطريق لأمرين أولهما: أنه سبحانه وصف الفجاج بأنها سبل أى سبل معبدة» وثانيهما: أنه سبخانه وصفها بأن الغاية منها أن تكون طريقا للهداية والتعرف لمسالك الأرض فى غير ضلال فى متاهاتهاء وهذا أنسب لمعنى الطريق الواسع . قوله تعالى: للَعلْهم يهتدون» أى لتدركوا الهداية فى طرائق الأرض» وألا تتيهوا فى متاهاتهاء وإنه بهذه الفجاج لعلكم ترجون الهداية» فهم إذا أدركوا تفسيرسورة الأنبياء 0 الللللللو مالالا ١ ااا‎ 7 بي أن الله تعالى جعل لهم الفجاج سبلا ليهتدوا إلى مصالحهم فى معاشهم وعامة أمورهم ولكيلا تتيهوا فى ضلالهاء عساهم يهتدون لوحدانيته رب العالمين. «وجَعلًا السّماء سقفا مَحَفُوظًا وهم عن آياتها معرضون» . أى خلقنا السماء خلقاء وجعلناها محفوظة من أن تنتثر نجومهاء إذ تبدو متفرقة غير متماسكة» وهى متماسكة مترابطة بجاذبية كأنها أرسان('' تربطها بعضها ببعض» فلا ينفصل نجم عن مدار بالنسبة لنجم آخرء وهذا كقوله تعالى: إن الله يمسك السّمُوات والأرْض أن تَرُولا . .457 1فاطر] وإمساكهما أن يكون كل منهما فى مكانه. ولقد قال تعالى: ويمسك السماء أن 7 تقَع على الأرضٍ إل بإذنه +727 4 [الحج ]» وإنها لمحفوظة من كل شيطان» كما قال تعالى: ذإ وحفظناها من كل شيطان رَجيم 10 4 [الحجر] وحفظها سبحانه بأبراجهاء وبعلوهاء وكما قال تعالى: 8اللّهِ الذي رَفَع السّموات بغَيْرٍ عمد تَرَوتَهَا ... 4420 [الرعد] وكما قال تعالى: ل وَالسّمَاء ذّات الحبك +422 4 [الذاريات] وهى زينة الوجود جديرة بأن تحفظ» وجعلها الله تعالى محفوظة. كما قال تعالى: 9 أَقَلَم ينظروا إِلَى السماء فَوقَهم يف ناا واه ونا هبن أروع 100430 المتلألئة» والكواكب السيارة» وكل منها مسخر بأمره؛ فالشمس وما تكون بها من حرارة ودفء وضياء وأشعة تنبت الزرع وتئمّية» وما يكون فى دورة الشمس من فصول السنة من صيف وشتاء وما فيهاء والقمر من آيات يعرف بها الحساب» وكما قال الله تعالى: ‏ وَقَدَرَه مَازلَ لتعلموا عدَدَ السَّينَ وَالْحساب +(42» [ يونس ]ء وهذه كلها آيات تدل على الختبير» وأنه واحد أحد فرد صمد لا إله إلا هو ولكنهم عن كل هذا معرضون. ومن كان معرضا عن آيات السماء ذات البروج فهو فى أعظم الجهل . )١(‏ جمع رسن» وهو الحبل. وقد سبق. / تفسير سورة الأنبياء الملل م لس اه وقد ذكر سبحانه بعد ذلك أمرا محسوسا يحسونه » وهو من آيات السماء فقال: لوَهُرَ الذي حَلَقَ اللَيْل والتّهارَ والشّمْس وَالْقمَرَ كل في فلك يَسَبْحون» الضمير لله تعالى» وقال إنه خلق الليل والنهار؛ لأنه خلق سببهما ونظامهما وهى نعمة فى ذاتهاء فجعل الليل لباسا والنهار معاشاء فالليل يسكنون فيه» والنهار يخرجون فيه» وذكر بعد ذلك ما فى الليل من نعمة السكون» والاستمتاع بنور القمر الهادئ الساكن» وما فى النهار من الحركة والاستمتاع بضوء الشمس الساطع وحرارتها ودفئهاء فقال تعالى: #وَالشّمْس والْقَمَر. كما قال تعالى: هو الذي جَعَلَ الشّمس ضياء وَالْقَمَر نُورًا وقَدَرهُ منَازِل لتعلموا عَدَدَ السنينَ والحساب ... 22> 4 [ يونس ]. لكل في فلك يُسبَحون» التنوين هنا عوض عن المضاف إليه» أى كل من الشمس والقمر فى فلك أى فى مدار #يَسبّحون» وهنا شبه جريانها بالسبح» يسبح فى اليم؛ لأنه يجرى فى فلكه بقدرة أودعها فيه» وبنظام ثابت» والضمير عاد ضمير العاقل ترشيحا للاستعارة؛ لأن السابح عاقل يدخل فى العقلاء عادة» فلما جاء التعبير بالسبح جاء معه وصف من يكون فيه عادة. وكان الضمير ضمير الجمع للإشارة إلى طوالع الشمس والقمر المتكرر الذى جعلهما جمعاء ولأن الطوالع تختلف معها الشمسء فتكون الشمس قريبة من الأرض فى أحد مطالعها وتكون بعيدة عنها فى مطلع آخرء والقمر يبدو فى النظر هلالاء ثم يكبر حتى يصير بدرا؛ ولذلك كانت الشمس والقمر بمطالعهما متعددين» فصح أن يعود إليهما الضمير ضمير جمع. ا تفسير سورة الأنبياء 0 الللللالللالل الل سر ا الأنبياء ومن يخالطونهم جَعََنا لسري لِك 1 و2 ب 02 52 رع مو 1 ته و ض< ماو سي 2 2 006 0206 فوته 2 انلكا كفرةأإ تملحو لازا هداق هينر اَمَك وَهْم بزح رامق 31 ا لزعي تو رالا ع ير أذ 2 -_ 0 2 يا وبشولوت مي هنذا الْوعَدٌ كان المشركون يتمنون موت النبى كله ويعيرونه بأنه بشر يموت». وإذا مات فإن آلهتهم تنجو من سبه وتعييبهم» فبين الله تعالى أنه سيموت» وهم يموتونء كما قال" تعالى : ف إِنّكَ ميّت وإنّهم مُيتونا <> 4 [الزمر ]؛ ولذا قال تعالى: #وما جعلنا لبَشر مَن قبل الْخلّد» وإن كونك بشرا يقتضى أن تموت وتبعث ككل البشرء فما قدرنا لبشر من قبلك الخلد والبقاء.» والجعل هنا التقديرء أى ما جعلنا الخلد لأحد قبلك من آدم إلى عصركء ولست بدعا من بين البشرء وإذا كانوا يتمنون موتك» فليعلموا أنهم أيضا ميتونء ولا يعلم إلا الله تعالى» من يموت قبلا؛ ولذا قال تعالى: لأَفَإِنَ مت فَهم الْخَالدُونَ» «الفاء» لترتي ما بعدها مع قبلهاء أى إذا كنت ستموت لا محالة فهل هم خالدون؟ فالاستفهام الذى فى حيزه الفاء مترتب على نفى الخلود عنه يَكلٌْه والاستفهام داخل على مضمون الشرطية» وهو استفهام ل تفسيرسورة الانبياع 0 02 جملبم-ل؟ يي إنكارى فيه نفى الوقوع, والجملة الشرطية محطها الجواب» ولمعنى إن مت لا يخلدون بل ينتهون أيضاء فلا يصح أن يتمنوا موتاك. ولا يصح أن تشمتوا فالموت حق على كل نفس؛ ولذا قال تعالى مؤكدا «وتهم وموته كَللِة: «اكل نفس ذائقة المت وَتلُوكُم بالشر وَالَْيْرٍ فنة ونا ترجَعُونَ» هذا تكميل لبيان مساواتهم مع النبى كلد فى عدم الخلودء ثم ذكر ذلك فى قضية ماسة كلية لا استثناء فيها؛ لأن الموت يلازم البشرية؛ لأنه ما من حى من أحياء الأرض إلا له انتتهاء وذكر كل نفس» ولم يذكر كل إنسانء أو كل البشر؛ لآن النفس هى التى تذوق مرارة فراق الجسد» فالموت ينصب ممليها ابتداء» وقوله: «ذائقةٌ الْمَوْت4 عبر عن الفراق بالذوق كأن الموت شىء يذاق» وفيه تشبيه الموت بالذوق لأن كليهما يعتريه آلم ومرارة «وتبلوكم بالشرٍ وَالْخَيْرٍ فتتة» أى نعاملكم معاملة المختبر؛ بأن نمكنكم من الشر لتفعلوه أو تتجنبوه» ومن الخير لتفعلوه» وقدم الشر على الخير» لأن الاختبار بالشر أشد فى ذاته» وإن يبد أخذه حلوا ولكنه مرى» ولأن أكثر الناس يستجيبون لداعى الشر بإغراء إبليس» وإسناد البلاء إلى الله تعالى لأنه هو الذى يمكنهم ويسهل لهم النجدين نجد الخير ونجد الشرء فقد قال تعالى: وهديناه التجدين +12 4 [ البلد] . ولفينَة» مفعول مطلق؛ لأنه مصدر فى معنى «نبلوكم» وإن لم يكن بلفظه» فالإنسان فى موضع امحتبار فى النفع والضرء فإن أعطى الخير فشكرء فله الجزاء» وإن كان حرمان فصبر فله الجزاء ويختبر بفتنة الضرء فيلقى إليه الضر ويراه محبوباء والشهوات لينزع عنهاء فيكون فى ابتلاء» إن صبر أجر» وإن رتع فيها رتعا جوزى بسوء العاقبة فى الدنيا والآخرة» والصبر على النعمة بشكرها فيه الثواب» والصبر على النقمة باحتمال آالامها من غير أنين ولا ضجر يستحق به الشواب» ويقول سبحانه: 9وإِلَينَا ترجعون» تقديم الجار والمجرور يفيد الاخستصاص أى ترجعون إلينا وحدناء ويكون الملك يومئذ لله فيكون الحساب ثم الجزاء للطائعين والعقاب بل تفسيرسورة الأنبياع 0 الملل اللا ١: ا‎ يي للعصاة» وفى هذا إنذار للذين لا يطيعون أمر الله تعالى » وقد صور سبحانه وتعالى إعراضهم فى استهزائهم بالنبى و إذا دعاهم للحق فقال عز من قائل : إذَا راك الذي كفروا إن يتَخذوتَك إلا هزوا أهذا الذي يذكر الهتكم وهم بذ و2 رات الدين وا! كوت ع هزو 2 , رهم بد در الرحمن هم كافرون». إن الريمان والكفر يتبديان من أول لقاء أو من أى لقاع فإذا صحب اللقاء إقبال وتعرّف سلك طريق تعرف الحق واهتدى» وإذا كان اللقاء إعراضاء وسدا لينابيع الإدراك» ومن أشد مظاهر الإعراض الاستهزاء والسخرية؛ لأن الاستهزاء يمبع النفس.» فلا تتجه إلى طلب المعرفة» وتحرى الصواب» ولقد كان الاستهزاء شأن المشركين فى لقاء النبى يك وهذا قوله تعالى: ‏ وإِذًا رآك الّذِينَ كفَروا إن يَتَحْذُوتَك إِلذّ هوا 4» (إن) هى النافية» والمعنى لا يتخذونك فى اللقاء إلا هزواء أى إلا مستهزئين منك» غير مقبلين على دعوتك» ولا على شخصك بتعرف ما عندك من قول» والنفى والإثبات بالاستثناء مفيد لاستغراق الاستهزاء كل أحوالهم» فليس عندهم فى نفوسهم فراغ لسماع الحق. والإنصات إليه فى جد وإقبال» وإنهم إذ يرون النبى يَكِْهٌ رءوفا بهم لا يريد إغباتهم متواضعاء وادعًا تغريهم هذه الرؤية بأن يجعلوا هذه الصفات العليا موضع استهزاء لأَهَذَا الذي يذكر آلهتكم» وقد ابتدوا فى عباراتهم عن كلامهم ذكر الآلهة بسوء» فقالوا: يذكرهاء وأنّى يكون له أن يعلو إلى ذكرها فضلا عن تسفيه أحلامهم فى عبادتهاء وهذا استفهام للتعجب والاستهزاء والسخرية» وذلك كقول الله تعالى عنهم : «وإذا رأوك إن يُتَخَدُونَك إِلذّ هزوا أهذا الذي بعت الله رسُولاً ‏ 517 إن كاد ليلا عن آلهتنا لولا أن صبَرنَا عليها وسوف يعلمون حين يَرَوَنَ الْعَدَابِ من أَضَل سبيلاً 557 4 [ الفرقان] . و#يذكر الهتكم» فيها معنى إعلاء آلهتهم؛ وتصغير شأن النبى وَكْلةٌ ومثلهم كمثل فرعون من موسى 8[ .. هذا الذي هو مهين ولا يَكَاد يبين 27 4 [الزخرف] فهو استفهام لل للتعجب والاستغراب من أن هذا للتواضع » والتواضع عند أهلٍ الفساد ضعة؛ لأن مقياس الخير والشر عندهم القوة» وقاعدتهم: من لا يظلم الناس يظلم . هاا تفسير سورة الأنبياء الالالال 02 ١ اا‎ بي #وهم بذكر الرحمن هم كافرون24 و#إبذكر الرحمن» أى تذكير الرحمن لهم فهو من إضافة المصدر إلى فاعله # كافرون» أى جاحدونء وهنا أمران يجب الإشارة إليهما: أولهما - تقديم #بذكر الرحمن» على #اكافرون» وهو يدل على التخصيص» أى هم بذكر الرحمن وحده كافرون فهم كافرون بالوحدانية . الأمر الثانى - ذكر الله تعالى موصوفا بصفة الرحمن» وفى ذلك إشارة إلى أن بعث الرسل وخصوصا محمدا يله هو من الرحمة» كما قال تعالى: «[ وما أرسلناك إِلذّ رحمة لَلْعالمين 0272 4 [الأنبياء] ونقول: إن محمدا كَككِلِ لم يكن مهيناء وإن كان يروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن يوم من أشد الأيام التى لقيها النبى يَلِْهٌ من المشركين أن النبى كِليِلَةّ كان يطوف بالبيت والملاً من قريش بفناء البيت» فكان إذ مر بهم وهو يطوف غمزوا بالقول» فبدا أثر ذلك فى وجه النبى كَل حتى إذا أتم الطواف التفت إليهم وقال: «شاهت هذه الوجوه» وأرغم الله هذه المعاطس» يا معشر قريش لقد جئت بالذبح»» فما كان إلا من يقول يرفؤه بأحسن القول» ويقول: اذهب أبا القاسم موفورا ما علمنا عنك إلا خيرا('2 فكان عليه السلام مهيباء ولم يكن مهيناء ولكن تطامن ليدخل الناس فى الدعوة مختارين اختيارا كاملا لا رهبة فيه . «إخلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون» . أنه خلق من عجل» المبالغة فى عجلته كما يقال خلق من كرم مبالغة فى الكرم» )١(‏ رواه أحمد: مسند عبد الله بن عمر بن العاص(5١1١/2)17‏ وابن حبان فى صحيحه('5)51501/ 25١١‏ وراجع مجمع الزوائد» والبداية والنهاية- فصل في أشد ما صنعه مشركو قريش برسول الله7/ 2118 وتاريخ الطبري١/‏ 41/7 . إل تفسيرسورة الانبياع لكالل 0ج بر يي وكما قال تعالى: 8 . .. حَلقَكُم من ضعف ثم عل من بعد ضعف قُرة .... <(23) »4 [الروم] وقوله تعالى: #إخلق الإنسان من عجَل» نظيره ومؤداه 9 ... وَكَانَ الإنسّان عجولا 4 [الإسراء] وهذا التعبير فيه تأكيد فى عجلته» وكأنه يكون من عجلة» وهذا كناية عن استعجاله للأمور» وفيه مجاز بتشبيه فى عجلته وكونها طبعا له غير منفصل عن ذاته بأنه خلق منها طبعا له لا تنفصل عنه» وهم يستعجلون دائما اوعد من عاب كما قل « ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد حَلَتَ من قَبْلهم ... 4# [الرعد] فهم يستعجلون العذاب كأنهم يتحدون اللهء والله انهاه مه بسي وكل شىء عنده بمقدار» وإذا كانوا يتحدون مستعجلين فالله تعالى ينذرهم ويخبرهم بأنه آتيهم لا ريب فيه ويقول سبحانه : «سأريكم آياتي فلا تستعجلون 4 الآيات هى آيات القدرة والقهر بالنذر التى تومئّ» بغلبة محمد َكل ومن آمن بهء وبالريح العاصف التى علب بها محمد يَكيهِ فى غزوة بدرء هذه آيات بينات على ما ينزل بالكافرين لكفرهم ونصرة الحق عليهم» و«السين» هنا لتأكيد الفعل فى المستقسبل» وإسناد الفعل إلى الله تعالى فيه تأكيد الوقوع» ورؤيتهم لهذه الآيات هى رؤية معاينة لا رؤية علم و نظر فقط #فَلا تستعجلون» أى لا تطلبون العجلة من أمر هو واقع فيكم لا محالة» واستأنوا فإن ما تطلبون نازل. لكر سبحانه من 0 فوله: ساس هماه أى يقولون مستعجلين وعد الله تعالى بالهلاك إن استمروا على كفرهم» ووعد الله المؤمنين بالغلب والقدرة» وأن تكون كلمة .الله هى العلياء وكلمة الشرك هى السفلى» يقولون ذلك إنكارا وتحديا وإعناتا؛ لأنهم مأسورون بالحاضر لا يدركون شيئا وراءه» فهم لا يتصورون أن يكون هؤلاء الضعاف الذين يستذلونهم ويفرضون عليهم الذل ويؤذونهم سيكون لهم الغلب يوما من الأيام» لا يتصورون أن يجلس عبد الله بن مسعود فوق أبى جهل ويحز رقبته» وأن يقتل بلال من كان سيدا له فى مكة» وهو من سادات قريش» لا يتصورون ويستبعدون أيضا عذاب ل تفسيرسورة الانبيام اللا للللباا60ااالللاااااااالللللللاالااالللااااالل ل لللا 42 يوم القيامة لهم دون المؤمنين» ويظنون أنه إن كان بعث أو عذاب» فلن يكونوا هم وقودهاء بل يقيسون الآخرة على الدنياء ويبلغ بهم التحدى بعد استطالتهم أمد العذاب فيقولون: #إن كنشم صادقينَ4 والمخاطب محمد يلْةٍ وأتباعه الكرام» أو المخاطب الدعاة إلى الله من رسل وأتباعهم؛ ويتهجمون ويتحدون الله» ولكنهم ضالون» وماذا بعد الحق إلا الضلال. هول يوم القيامة لوعن 00-0 و سر سه سخ كه رح شير 2 000 3 - 2 02 ل د ماكانوايى -ه رو صر جم و رم كر 0 هو استهزءوك ريا قل من د وحكم باليلٍ وَالتهَارِينَ 0 نيل و جهو + يمان بل همعن نوك رزو مرش 7 9 50 فد 7_6 78 رعى الم م هه ته ود وكا ستطيغورت : ا نفسهم و عر وه آذ عر يصحيبورت اح ,1 و م 14 ا و و2 لق اع ادق يَأ حك تنفْصهَاو نَأطراؤها قمع النابوس © تفسيرسورة الأنبياء 0 للاااللللاالللللو اللو ا161ا0ا0االلل الل اللا 0ب بيني 2 استطالوا الزمن واستعجلوا العذاب» وتحدوا الله ورسوله أن يأتوا بالعذاب إن كانوا صادقين فبين الله تعالى هوله إذا جاءهم وأنه لا يأتيهم يوم القيامة إلا بغتة» وأنه بعده عذاب لا يتصورونه ولا يدركونه» وإن المشركين كانوا يتحدون الرسول أن يأتى بما وعد به من عذاب إن كان صادقاء فبين سبحانه أن ذلك التحدى من جهلهم» ثم بين مآلهم من عذاب يلقونه» وأن القيامة التى يكون وراءها العذاب تأتيهم بغتة وذكر العذاب قبل القيامة مع أنه بعدها وبعد الحساب فقال: #لو يعلم الّذِينَ كفروا حين لا يَكُفُونَ عن وجوههم الثَارَ ولا عن ظهورهم» أى يحيط بهمء وذكر الوجه والظهر لأنه إذا أحاط بهما أحاط بالجانبين لا محالة فلا يصل إلى الظهر إلا إذا أحاط بالشمال واليمين» فالنار تحيط بهم» ولا يستطيعوا كفها وذلك العجز عن كفها لأنه يقتضى الإحاطة بهمء كما قال تعالى: 9 لَهم من جَهِنَمِ مهاد ومن فوقهم غواش ... ]42 4 [الأعراف] وكما قال تعالى:. سرابيلهم من قطران وتغشئ وجوههم الثار :445:0 [إبراهيم]ء وكما قال تعالى: لهم مّن قوقهم ظلَل من الثَا ومن تحتهم ظَلَل ... 150 4 [ الزمر] . ولو يَعلَم الّذِين كفَروا» العلم هنا بمعنى المعرفة» وهى الجزم المطابق للواقع» وعبر بالمضارع لتصوير حالهم عندما يعاينون العذاب» وينزل بهم العذاب الشديد. وجواب الشرط محذوف يدل على عظيم الهول وتقديره لرأوا هولا لم يدركوا كنههٍ ولم يعرفوا أمره» كما فى قوله تعالى: 8 ... ولو يُرى الْذينَ ظَلَموا إِذ يرون الْعَذَاب ... #إدرّته # [البقرة]ء وعبر تعالى بقوله: «الذين كَفَرُوا» للإشارة إلى أن الكفر هو سبب ذلك الهوان العظيمء #ولا هم ينصرُون» أى أن العذاب ينزل بهم لا يستطيعون كفه ولا يوجد من ينصرهم» ويكف عنهم» هذا ما يستعجلونه, ويتحدون أن يكونء ولا حول ولا قوة إلا بالله. تحدوا أن يذكر لهم متى هذا الوعدء وهو يوم القيامة» وقد بادر سبحانه بذكر ما يكون لهم فى هذه مما لا يسوغ لهم أن يستعجلوهء ثم ذكر لهم أنه لا يأتى فى وقت معلوم» بل يأتى فجأة فقال: تفسيرسورة الأنبياء ش ا اا لانم «بْل تأتيهم بَغنَة فبهتهم فلا يستطيعون رده ولاهم ينظرون» البغتة المفاجأة التى لا تكون منتظرة» ويكون. وقعها شديداء والبّهت المجىء الذى يكون فيه دهشة وتحيرء قال تعالى: « ... بهت الذي كَفَرَ ... +522 4 [البقرة] أى شدة وتحيرء ويطلق البهت على الكذب الذى لا أصل له؛ ويحير العقول المستقيمة» وتكون كل الظواهر مناقضة كما قال تعالى فى رمى أم المؤمنين عائشة: ل . .. هذا بهتان عظيم 257 4 [النور] . و#بل» هنا للإضراب الانتقالى وتضمن الرد على طالبى ميعاد للوعد» وقد استبطأوه» والمعنى بل تأتيكم بغتة أى فجأة على غير ترقب وتوقع وانتظار منكم ( تتبهتهم» أى تفاجئهم فندهشهم وتحيرهمء وتحيط بهم فلا يَستَطيعُونَ رَدهَا أى لا يستطيعون دفعهاء بل إنها الواقعة التى لا مناص منهاء ولا خلاص ولا انفكاك عنهاء #ولا هم ينظَرون4 لا يمهلون» فلا يستطيعون تأجيلها فهى محدودة» بميقات معلوم عند الله سبحانه وتعالى. كان النبى يَلِْةٌ إذا عرض عليهم الدعوة إلى التوحيد ردوهاء وإذا مر بهم استهزأوا ساخرين» وإذا رأوه استصغروه» وهو القوى» فواساه الله تعالى بذكر أن الاستهزاء شأن الكافرين» وهو دليل عجزهم» وإن استطالوا بألسنتهم وأفعالهم. ولذا قال تعالى: ط ولقد استهزئٌ برسل من قبلك فحاق بالذين سَخروا منهم ما كانوا به يستهزءون» . أكد الله سبحانه وهو الصادق فى كل قولء ولا يحتاج إلى توكيد قول» ولكنه أكد لأن الرسول يَللِيْكّ أحزنه أن يستهزئ ناس بنبيهم الذى جاء لهدايتهم» ولأن الوحدانية حق لا يستهزأ منه» وعبادتهم الأوثان هى الجديرة بالاستهزاء والسخرية» فأكد سبحانه لمواساة النبى يله وليوقع فى نفسه عليه الصلاة والسلام بأن دعوة الحق لا يعارضها ناس فضلاء» ومن طبيعة الأخساء أن يهبطوا فى خصومتهم إلى دركة الاستهزاءء فقال: #ولقَد استهزىً برسل من قَبَلك» أكد سبحانه استهزاء السابقين ب «اللام» و «قداء وذكرت (رسل) لكثرتهم ومقامهم من اللهء» أى رسل ل تفسيرسورة الأنبياء 0م الملل ااال الإ ااال ب ا كثيرون لهم مكانتهم عند الله وفى أقوامهم» والحق يسخر منه أهل الباطل خصوصا إذا كان واضحا نيراء والباطل حجته داحضة:» ويشعرون بأنها ليست حجة» ومع ذلك يستمسكون بها اتباعا لأوهامهم» ولآبائهم وخضوعا لعادات وتقاليد فاسدة. وإنهم محاسبون على استهزائهم» لقد حسبوه لغوا من الأقوال والأفعال» وهو عند الله عظيم؛ لأنه كفر وعناد وخسة» ولذلك كان له عقابه فى الدنيا والآخرة» وقال تعالى: فَحاق بالّذِينَ سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون» . «الفاء» تدل على أن ما بعدها مسبّب لما قبلهاء وقد صرح بهذه السببيةء فخص سبحانه وتعالى نزول العذاب أو العقاب بالذين سخروا منهم» فذكر الموصول دليل على أن الصلة سبب الحكم» وكان الإظهار فى مقام الإضمارء لبيان هذه السببية» و(حاق) معناها نزل بهم وأصابهم» وقد خص الساخرين بعقاب خاص لأنهم فى معارضتهم بهذا النوع من المعارضة كانوا أخساء فى ذات أنفسهم» فمن ذا الذى يجعل أبا جهل فى معارضته للإيمان كأبى سفيان» فالأول خسيس والثانى فيه شرف» ولقد قال وهرقل يسأله عن محمد بن عبد الله: لولا أنى أخشى أن تحفظ عنى كذبة فى العرب لكذبت. وقال تعالى: #فحاق بِالّذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون4 والمراد عذاب الاستهزاء لا ذات الاستهزاء. ولكنه سبحانه عبر بأن الاستهزاء ذاته هو الذى يحيق للإشارة إلى الجزاء وفاق للجريمة فهو هى؛ لبيان المساواة العادلة» و#إمّا» فى قوله «إما كانوا به يستهزءون» مصدرية» أى استهزاءهم . والجزاء الذى ينزل بهم هلاك فى الدنياء وقد جاء قصص القرآن بهلاكهم فى آيات كثيرة» وعذاب أليم فى الآخرة. وإن الله تعالى يذكرهم بنعمة الله تعالى فى حياتهم الخاصة والعامة التى تحوطهمء ولا يشعرون بهاء بل يكفرونها. قل من يكلؤكم بالقيْل وَالنّهَارٍ من الرحمن بل هم عن ذكر ربَّهِم معرضون» . تفسيرسورة الأنبياء 1 للللل الل لفل الل 0 بزح رار 27 هنا التفات» فقد كان الكلام فى استهزاء المشركين بالنبى يَككِلةٌ واستهزاء من كانوا قبلهم بالأنبياء السابقين» ثم التفت القول إلى المستهزئين من قريش» وأمر النبى يك أن يقول لهم: قل من يكلوكُم بالأيلٍ والنّهَار من الرحَسٍّ» أى قل يا رسول الله: من يحميكم ويبقيكم من الرّحمن» أى من عذابه وعقابه الدنيوى» والكلاءة بكسر الكاف مصدر كلاً هى الحماية والتبقية» وقد قال الأصفهانى فى مفرداته: والكلاءة» حفظ الشىء وتبقيته يقال كلأك الله وبلغ بك أكلا العمر. والنص السامى يفيد أمورا ثلاثة: أولها ‏ بيان نعمة الله تعالى عليهم فى حفظهم وتبقيتهم مع عظيم جرائمهم فى مأوى يسكنون فيه»ء ويقيهم الحر والبرد» ويمدهم بالغذاء والكساء لحفظ أنفسهم من الموت. ولتبقيتهم إلى أن يقضى أمرا كان مفعولاء فهم فى كلاءة الله تعالى المستمرة حتى ينزل بهم ما هم أهل له. الثانى ‏ ما يضمنه من إنذار شديد لهم» وأن الله تعالى الذى كلأهم هو مسيطر عليهم منزل بهم ما يستحقون, فهو يمهل ولا يهمل. الغالث ‏ أن هذه الوقاية من الرحمن أى عذابه» ووصف سبحانه ذاته العلية بالرحمن؛ للإشارة إلى أن نزول العذاب بهم بعد هذا الاستهزاء من دواعى رحمته؛ لأن عذاب المجرمين من الرحمة» لأنه إذا كان عذابا للفجار فهو رحمة بالأبرار» فمن الرحمة ألا يسوى بين المحسن والمسىء. بل هم عن ذكر رَبّهِم مُعْرِضُون» الإضراب هنا إضراب انتقالى من وصف إلى وصف للمشركين» فهم يستهزئون ويجهلون ولا ينتبهون مع وجود المنبه المرشد الذى يرشدهم إلى ربهم» وبذكره لهم» وأثبت أنهم معرضون عن ذكر ربهم أى تذكره. ف #إذكر ربّهم» من إضافة المصدر للمفعول» وهم فى غفلة مستمرة عنه» مع أنه خالقهم وحافظهم وفى كل حياتهم ما يذكرهم» والجملة الاسمية مؤكدة لاستمرار الإعراض» وقلوبهم غلف لا تفتح لذكره سبحانه وذكر آلائه ونعمهء وهنا أمران بيانيان : 0# تفسيرسورة الانبياع الملل ٠: ههه‎ 1 يي" أولهما ‏ أن الله تعالى فى ذكر نعمة الكلاءة من عذاب الرحمنء» وقد ذكر الليل قبل النهار؛ لأن المفاجآت بالعذاب تكون فيه أكثر» ووقعها أشدء ولأن الليل حيث يكون الاطمئنان فالمباغتة تكون فيه أشد. ثانيهما ‏ أن الاستفهام هنا للتذكير والتنبيه» إلى ما هم فيه من نعم واقية» وإيجابية» والله تعالى أعلم . إن الله سبحانه وتعالى هو الذى يقيهم من العذاب الذى يستحقونه لا آلهتهم ؛ ولذا قال: همه هم بن ذو ل ستو صر طبهم ولاه نا بصحُو» . #أم» هى أم المتقطعة. وهى تدل على الإضراب» وهمزتها للاستفهامء والمعنى بل ألهم آلهة .. والإضراب انتقالى من لوم إلى لوم» لامهم سبحانه على إنكارهم كلاءة الله تعالى لهم. ثم أنكر عليهم اتخاذهم آلهة يحسبون أنها تمنعهم من عذاب أو مما ينزل بالليل والنهارء والاستفهام المستفاد ب «أم» بمعنى «بل» لهم آلهة. استفهام إنكارى بمعنى إنكار الواقع» وإنكار الواقع تأنيب ولوم؛ فقوله: «أم لهم آلهة تمتعهم من دوننًا» إنكار لما يعتقدون من أن آلهتهم تنعهم دون أن يمنعهم الله فقوله: #من دوننًا» معناها غيرناء ووصف الآلهة الى رع زعموها بوصف. ووصفهم بوصف. أما وصف آلهتهم فبقوله تعالى: «إلا يستطيعون نصر أنفسهم» أى أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراء ولا نصرا فكيف ينصرون غيرهم» وهم لا يملكون وكان الضمير على الأوثان ضمير العقلاء ء مجاراة لهم فى عبادتهمء وليس اعترافا بأنها تعقل. الوصف الثانى» وصف المشركين» وهو قوله تعالى: «ولا هم من يصحبون» أى يجارون» وهذا تفسير ابن عباس الذى رواه عنه مجاهد». وانختاره الطبرى» ونحن نوافقه فى هذا الاختيار» والمعنى على هذا لا تنصرهم أوثانهم» والله لا يصحبهم بجوار يمنعهم لأنهم مشركونء» ولا جوار من الله لمن يشرك به ولا يعبذه وحذه. ولقد أشار سبحانه إلى السبب فى إصرارهم على الشرك» ومعاندتهم لدعوة التوحيد؛ فقال عز من قائل: إل تفسيرسورة الانبياع لللللل الالالال يم جلي 7 #بل متَعنا هؤلاء وآباءهم حتَئ طال عليهم العمر ألا يرون أنَا تأتي الأَرَض تنقصها من أطرافها هم الْغلبُون» . ش ْ هذا إضراب انتقالى من بيان إلى بيان» فبين تعالى حمايتهم من أن يأتيهم العذاب بغتة» وأن آلهتهم لا تغنى عنهم من الله من شىء» ثم انتقل سبحانه إلى بيان لبعض ما تأدى بهم إلى الشرك والإصرار عليه» ومعاندة الأنبياء بعامة» ورسولهم محمد يَكةٍ بخاصة فقال: #بل متعنا هؤلاء وآباءهم حَتّى طَال عَلَيْهِم العمر» أى متع الله سبحانه هؤلاء وكانت متعتهم امتدادا لما متع به آباءعهم من قبلهم» متعهم أولا بسلطان فى البلاد العربية» وإن لم يكن ملكاء بل كانوا نفوذا أشبه بالملك» ومتعهم ثانيا بأن كانت إقامتهم فى بيت الله الحرام» وهم آمنون ويتخطف الناس من حولهم؛ ومتعهم ثالنا بأن كانت لهم متاجر تسير فى البلاد العربية من شمالها إلى جنوبهاء ومتعهم رابعا بأن كانوا رؤساء الحج فى أيديهم السدانة والسقاية» ومفتاح الكعبة التى كان يؤمها الناس من كل فج عميق» ومتعهم خامسا بأن فى أيدى الكثيرين منهم المال والبنين وأنهم أكثر نفيرا. متعوا بكل ذلك؛ والمتعة فن غير إيمان تغرى بالشر» واستمرارها يؤدى إلى طمس النفس عن المعارف الدينية» ولقد كانت هذه المتع تتسلسل فيها الأبناء عن الآباء؛ ولذا قال تعالى: #بل متّعنا هؤلاء وآباءهم ختئ طال عَلَيْهِم العمر». و«بّل» هنا للؤضراب الانتقالى» بأن انتقل من المظاهر التى بدت فى شركهم وإعراضهم عن الله تعالى إلى بيان الحال النفسية التى كانوا عليها حتى أغرتهم بالتطاول على الله وعلى الحق» وسيطرت عليهم الأوهام؛ وتوارثوها جيلا بعد جيل حتى تحجرت عليها قلوبهم؛ وصارت قلوبهم غلفا» وصاروا صما عن سماع الحق بكما عن النطق به وركبتهم الطغواء» حتى صاروا لا يرون ما هو واقع» ولا يتوقعون إلا ما يتفق مع أهوائهم» ولا يعرفون أن الأمور التى استكنها الغيب لهم لا ترضيهم؛ ولذا قال تعالى: #أفلا يرون أنَا تأتي الأرض تتقصها من أطرافها» . «الفاء» مؤخرة عن تقديمء وهى تدل على أن ما قبلها سبب لما بعدهاء والمعنى فألا يرون أن الأرض تنقص عليهم من أطرافهاء والسورة مكية» ولم يكن الجهاد قد قام» واشتجرت السيوف وسار الإسلام من نصر إلى نصر حتى أحيط بهم. وأسند تفسيرسورة الأنبياء 0 الللللللللو الل لأس اق الإتيان إلى الله تعالى فى قوله: #تأتى الأَرْض» للإشارة إلى أن ذلك بإرادة الله تعالى الذى ينصر من يشاء ويعز من يشاءء وإذا كان الله تعالى هو يأتى الأرض ينقصها من أطرافهاء فإن جنده هم الغالبون؛ ولذلك كان الاستفهام الإنكارى فى قوله تعالى: 9أَفَّهم الْعَالبون» «الفاء» فاء الإفصاح عن شرط مقدرء تقديره إذا كان الله هو الذى ينقص الأرض من أطرافها فأهم الغالبون» و«الفاء؟ مؤخرة عن تقديم» أى ليسوا هم الغالبين» وقد أكد النفى المفهوم من الاستفهام. وهذه الآية فى معناها ظاهرها أنها نزلت بالمدينة» وإن التمتع لهم ولآبائهم يجعلها أقرب إلى أن تكون مكية» ولعلها نزلت بمكة» ثم نزلت مرة أخرى بالمدينة» وقد جوز العلماء ذلك. تلقى الكفارللرسالات ل ال ا يا . به سه معر ماج إل سم مر َلَإنَّماأنذِرحكم بالوحي ولايس مع لض عالدَعآمَدا و ل تو د 2 2 ءوس ده سا شان - م 011 مانذروت فيا ولين مُسَته م نفحة منعذاب ريك سس سس سر بال 9# صل ص ١‏ برع | هسه سس ره وس م العضايل م بَتلك يوبن كُنَ يبي لوت الوزن ضع ل ص سم د وج حص رحج بي سا عد لد | أموما أَلْقَّ 5307 لم نفس 7 ينا وَإنْ كات 1 17 1 ُ سس كبس ١‏ ساس سم - كي مِنْقَالْحبَدمْنْخرد ل أثنايها كَفيسَاحَسِيِيت - بعد أن ذكر سبحانه وتعالى الإنذارات فى الآيات السابقة بين سبحانه أن الإنذار بوحى من الله» وأنه ليبس من عند محمد الذى يستهزئون به» إنما هو من عند الله خالق السموات والأرض» الذى يلجأون إليه عندما يحاط بهم ويضرعون إليه إذا مسهم الضرء ومن كان ملجأً لهم فى شدائد هو منزل العذاب فى كفرهم» ولذا قال تعالى: تفسيرسورة الأنبياء االلللل ال الل 02 بونجمل ب زر - قل إِنّما أنركُم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون» الخطاب للنبى كك يأمره سبحانه بأن يقول لهم 9إِنمَا أنذركم بالوحي», 9 إِنَّمَا4 أداة للقصرهء والمعنى لا أنذركم إلا بوحى من الله تعالى» فلا أنذركم من عندى» إنما أنذركم من عند الله تعالى» وإن ذلك يوجب عليكم ألا تستهزثوا بالإنذارء لأنكم لا تستهزئون بى إنما تستهزئون بالله العلى العظيم الذى تلجأون إليه فى شدائدكم فى البر والبحرء وفى ذلك توكيد للإنذار؛ لأنه صادر عن الله تعالى» والله لا يخلف الميعاد. فشبه الله تعالى المشركين عند سماع النذر بالصم؛ لآن كلاهما لا يسمع» فالصم فى المشركون بالله» والمعنى لا يسمع المشركون الذين شبهوا بالصم لعدم السماع فى كل ما ينذرون وما لتأكيد الشرطية فى الشرط . ومع أنهم يصمون آذانهم عن النذر هم فى أشد الهلع والفزع إذا عاينوا «ولكن مُستهم تفحة مَن عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إِنَا كنا ظالمين» اللام الموطئة للقسمء والنفحة الريح الطيبة» وتستعمل للخير» وقد تستعمل للشر كما هنا بدليل قوله تعالى: #نفحة من عذاب ربك4. والمعنى أنهم صم عند النذر» ما دامت قولا منذراء» ولو كان وحيا من الله تعالى» فإذا رأوا الفعل » ولو يروا العذاب الأليم» و8 مَسَتْهِم» معناها أصابتهم إصابة حقيقية #مَن عذاب ربّك» تفسيرسورة الأنبياء 0 |أاااالالاكاالالاام م لانمل لاناكك كلل للا اااللتك!1نااا لالط للاخ طخل لالخ لماخ الال للاط ضوخل علاطا مخن ملفلل اللظظاْتالاللا شيج «يا ويلنا إِنا كنا ظالمين» أى أنهم إذا أصابتهم نفحة قليلة من العذاب يفزعون» ظلمهم»ء ويؤكدونه فيقولون: #إنًا كنا ظَالمِين». فقد أكدوا ظلمهم بثلاثة مؤكدات: بوصفهم بالظلم أولاء وب 2 المؤكدة ثانياء وب «كان» الدالة على ظلمهم المستمر ثالغاء ولقد قال الزمخشرى فى معنى هذه الآية: «ولئن مستهم فى هذا الذى ينذرون به أدنى شىء لأذعنوا وذلوا وأقروا بأنهم ظلموا أنفسهم حين تصاموا وأعرضواء وفى المس والنفحة ثلاث مبالغات» لأن النفحة فى معنى القلة والنزارة» يقال نفحته الدابة وهو رمح يسيرء ونفحه بعطية؛ رضخهء ولبناء المرة»2 . ونقول إن المس إصابة غير غامرة» بل هو لمسة. وظلمهم هو ظلم لأنفسهمء وبشركهم» وبفسادهم. وبإعناتهم للرسل وصدهم عن سبيل الله تعالى» وإن ذكر هذه النفحة من العذاب تمهيد لذكر القيامة» وما يكون فيه من عذاب الجحيم ؟ ولذا قال تعالى: 1 «ونضع الموازين القسط ليُوم القيّامة فلا تظلم نفس شيئًا وإن كَانَ مثْقال حبَّة مَنْ هذا بيان لحساب يوم القيامة» وأنه لا يذهب منه صغيرة ولا كبيرة إلا كانت موضع حساب» وستجزى كل نفس ما كسبت إن صغيرا وإن كبيراء وإن خيراء وإن شرا. ش وقوله تعالى: #ليوم القيامة4 «اللام» هنا بمعنى «فى». كقول القائل فعلته لخمس خلون من ذى الحجة» أو جاهدت لعشر خلون من رمضان» وبعضهم قدر .01/4/7 تفسير الكشاف:‎ )١( تفسيرسورة الأنبياء ش للم لكلل ممالل 0 لحر ا مضافا محذوفاء أى لأهل يوم القيامة» والأول أوضح وأبين» ووضع الميزان فى قوله تعالى: الموازين القسط» هو وضع معنوى» أى رصدنا الأعمال رصدا وحسبناها حسابا بخيرها وشرهاء للإنسان أو عليه؛ ويصح أن يكون هناك ميزان محسوس يوم القيامة توزن به الأعمال» ولكنا نميل إلى التفسير الأول» ولقد ذكر ابن عباس أن كل ما يكون يوم القيامة هو من جنس مثله فى الدنياء ولكنه غيره» وذكره تقريب للعقولء ولا مانع أن يكون محسوساء ولكنه غير الموازين التى نراها فى الدنياء وذكرها تقريب لما عندناء والله أعلم. ووزن الأعمال يكون بما هو مذكور فى كل كتاب للمكلف» فتوزن صحائفه فى خيره وفى شرهء أو تكون الأعمال فى علم الله فى كتاب» لا يضل ربى ولا ينسى سبحانه وتعالى. وقوله تعالى: «الموازين القسط» أى الموازين التى هى القسط» وهو العدل» وفى هذا مبالغة فى وصف الموازين بالعدالة» كأنها العدالة ذاتهاء لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء. ولقد قال تعالى: #وإن كان مفقال حبّة من خردل أتينا بها» إن كان العمل صغيرا يساوى وزنه وزن مثقال حبة من خردل» أى كان الوزن فى ذاته قليلا» وكان الموزون فى ذاته ليس ذا خطر وشأن فإنه يؤتى به ويحاسب عليه إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء ولا يغيب عن علم الله تعالى شىء؛ ولا عن الحساب شىء من غير جزاء؛ ولقد حكى سبحانه فى وصية لقمان لابنه: يا بي إِنها إن تك مثقال حَبّةَ مَنْ حَرَدل فَتَكُن في صّخْرة أَوْ في السّموات أَرْ في الأَرْضٍ يَأت بها الله إن اللّهَ قطيف خَبير 157 4 [ لقمان] . وإن المحاسب هو الله الذى يعلم كل شىءوولذا قال تعالى: #وكفئ بنا حاسبين» أى وكنا حاسبين فلا حساب بعد حساب الله ولا أدق منه ولا أعدل. تفسيرسورة الانبياع الللللللل ل االللللل لل 0111 للها ب 7 من قصة موسى وإبراهيم م اح مه و سر الور وى و أ #“-_ه تعر كي ولقدءاتينا مومئ وهد رون الفرقان وضياءوذك] مح وص سح و له بع ص ساى راس مقت 2ه الزنيختو ريهم بحيب وهم و ع اس عع عع 0 لسّاعةٍ مشففوبت تيا وهلذا كر مارك أنزلئه أفأنتمله, ص 2 ' تو آي 4 و ذو 0 روب ميكرون نري #وَلْقَد يسريم رد دمن قبل ون 4 0 < 7 اع و لاي 00 يه عدلمين اما إذ قال لابيه وقومه-ماهلزوالتماشِزالي ىه > بعرم مع رس ل اه أسرطاع كنوت ونا َالوأْوَمَرْنَآءاسَآهكالما بير 72 سس رح 1 للح لس سس يد رح ل 1ك قال لعّد كسمأ سْموءَ بوك فصَللٍ مين 2 قالوا و لد م حلام 2 2 سر | ررض بل 1 م جه د م و و روم آي جتنا الح أمرأنت من اللبعنيين لين قالبل رَبكر ريا لسوت رصء ص مم دددو ا ا آ# ره والارضٍ الزى فطرهري وأناعل دمن الشهرت 2 لي ع و ل سا ع ا ل مم ع 01 ته د ع ع« عر وه 10 0 فجعله م جناذا | لاحكي راطم لعله ماله رجعورت لا قلمدياَملين بيت > اكرام سا بعر ست ل .ىد ركو . جو ب قال وأسوعنافى يذ كوه يعَال مهيمر لكوع م مرمىرو و 2ج ساغر حهم علحاعين الناس لعلهم يشهد 44 تفسير سورة الأنبياء للل لظ لل اللو لاملل 0 لب ا 00 هنذاة حار مُعْإدك: وُأيتطشورك ا فَيحَغوا لك 1 27 2111 رساج ص 8 # 27 0 تفسهم فقالواء ست م كس وأ عل سه لَفَدَعِلِمَتَ مَاهولا ينفو نيا قال سس و عه سه له سار َفتى فتعبدوبت مندوي أله مالَاِسفَحَحكُمْ سيولا عدم زا أقَلدوَيما انمو من مواق 07 | أ 0" تاوت ليه الوأ حرفو وأنصرةاء! تكن كد آ ا هه كرت 2 ميسكم اه هيم 50 نلك جج رادي يداف لالخسربت )- هاتان قصتان لاثنين من الرسل: قصة موسى وهارون وهما كرسول واحد» وقصة إبراهيم أبى الأنبياء» ويلاحظ: أولا- أنه ليس فيهما تكرار لما ذكر منهما فى سور أخرى وآيات أخر» فقصة موسى وأخيه هارون تكلمت الآيات الكريمات فيهما بإشارة لامحة لا تفصيل فيهاء وقصة إبراهيم كانت فى تحطيمه للأنصام والكيد لعبدتهاء ومحاولة إحراقه بالنار» ومعجزة الله تعالى فى أن أطفأها وقال لها: #... كُوني بَردًا وسلاما على إبراهيم 32 4 [الأنبياء] وذلك لم يذكر من قبل ولا من بعدء فدل هذا أنه لا تكرار فى قصص القرآن» وإن بدا لمن لا يمحصون الحقائق غير ذلك. ثانيا- أنه سبحانه ذكر قصة موسى عليه السلام قبل قصة إبراهيم مع أنه جده الأعلى» وذلك لأنه صاحب شريعة دونت فى كتاب» وأنه أتى بهذا الكتاب وأخذ به حتى فى النصرانية التى جاءت من بعده» والقرآن ليس كتاب تاريخ حتى تفسيرسورة الانبياع الللللل60ااال الل 0 كلسب اا ترتب أخباره ترتيبا زمنياء كترتيب كتب التاريخ» إنما قصصه عبرة وذكرى لأولى الألباب» وإنما تذكر بمواضع العبرة» ومواطن الموعظة. الغا - أنه كان تففصيل فى قصة إبراهيم عليه السلام؛ لأنه أبو العرب الذى كانوا يعتزون ويفتخرون به» ويقولون إنهم : ضئضئى"'' إبراهيم وإسماعيل» وهم كانوا يعبدون الا وثان» كما كان الذين بعث فيهم إبراهيم يعبدونها هم وآباؤهم» وإن إبراهيم عليه السلام أثبت بالعمل أنهم لا يضرون». ولا يدفعون عن أنفسهم ضررا. «ولقد آتينا موسئ وهارون الْفرَقانَ وضيّاء وذكرا للْمتقين» «الواو؛ واصلة ما بعدها بما قبلهاء ظآنَيْنَاك أى أعطيناه ومكناه منه» و8 الْفرَقان» هو التوراة لأنها فرقت بين الحق والباطل» وبين قوم ليس لهم سلطان وقانون يحكمهم فى ماضيهم وأن صاروا من بعدها لهم قانون يحكمهم وسلطانهم من أنفسهمء كما قال تعالى منعما عليهم: « ... وجَعَلَكُم مَلُوكًا ... 0 4 [المائدة ] أى مستقلين سلطاتكم من أنفسكم . وقال بعضهم: إن الفرقان هو نجاتهم فى البحر؛ إذ فرق الله البحر فصار كل فرق كالطود العظيم» وفى الحق: إن الفرقان يشمل بعمومه كل فارق بين أمرين» فآتاه الله تعالى أن انفلق البحر بعصاه» وأخرج بنى إسرائيل من الذل والهوان إلى العزة والقوة» وأن يطبقوهاء ويتحملوا واجباتها وتبعاتها حتى اضطر موسى لأن يتركهم يتيهون فى الأرض أربعين سنة ليتعودوا حياة البأس والقوة» ومهما يكن فإن الله تعالى آتى موسى كل ذلكء ولعل ذلك هو السر فى قوله: #ولقد آتينا موسئ وهارون الْفرقَان4 ولم يقل تعالى: (وأنزلنا الفرقان» وقال: «وضيّاء وذكرا للْمتقين» الضياء النور الهادى المرشد» وهو هنا المعجزات التسع التى بعث الله تعالى موسى عليه السلام بهاء والتعبير عنها بالضياء من قبيل الاستعارة فشبهت بالضياء؛ لآنها مرشدة هادية معرفة كالضياء وهى نورء وهى ذات الضياء» وسماها سبحانه وتعالى لأذكرا» لأنها مذكرة بالحق دائماء ولكن بشرط أن تكون قلوب متفتحة للحق؛ ولذا )١(‏ الضتّضىء و الضوؤضوٌ: الأصل والمَعْدنُ- لسان العرب- ضاضاً. ! تفسير سورة الأنبياء للفلل م لج را يي قال تعالى: ١‏ للمتقين» أى الذين امتلأت قلوبهم بالتقوى ومخافة الله سبحانه وتعالى» ولذا قال فى أوصافهم: ش لمشتو هملق وغ سا مفو » وصفهم الله تعالى بوصفين أولهما: أنهم يخشونه» أى يخافونه معظمين له مؤمنين بألوهيته مصدقين لكل ما يأمر به» طائعين لأوامره ونواهيه» ووصف الله الذين يخشونه بأنه ربهم الذى خلقهم وربهم وهو القائم على شئونهم» ويخشونه وهو غائب عنهم» علموه بالعقل والنقل فهم يعبدونه كأنهم يرونه وهذا هو الإحسان فى العبادة» وهو حقيقة الخشية. الوصف الثانى: أنهم يعرفون أن الله تعالى لم يخلق الناس عبثاء بل لهم بعث وحساب وعقاب» وهم يستشعرون الخوف من نتيجة الحساب؛ ولذا قال تعالى: «وهم مَنَ الساعة مُشفقُونَ4 أى والثواب» فهم يغلبون الخوف على الرجاء» والساعة هى يوم القيامة» وعبر بالساعة؛ لأنها ساعة شديدة» فهم يخافون الحساب لأنهم يستصغرون حسناتهم ويستكثرون سيئاتهم . هذا شأن الفرقان الذى آتى الله موسى فيه تذكير للمتقين الذين لهم هذه الأوصاف» ولم يكن بنو إسرائيل على تلك الأوصافء ولكنه مع ذلك ضياء وذكر للمتقين الذين ربما يوجدون من بعدهم حتى جاء محمد يَكلة. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى النبى يللد وإلى القرآن فقال: «وهذا ذكر مبارك أَنزلناه أفأنتم لَه منكرو ن». وسّط الله سبحانه بين قصة موسى وهارون» وقصة إبراهيم حاطم الأوثان بالإشارة إلى القرآن ومحمد يوكَِهّ الذى أزال الأوثان من البلاد العربية؛ لأن القرآن أكمل كتاب للشرائع التى فصلت بعضها التوراة» ونسخ القرآن بعضهاء فأخذ شرعه من شرع موسى بعضه.ء ولكنه خالد دائم لا يعروه نسخ ولا تبديل» ولأن محمدا يه أزال دولة الأوثان فى مستقرها. ل تفسيرسورة الانبياع الللللللل الالال اللو حب بر يي ولأهذا4 الإشارة إلى القرآن الذى يسمعون تلاوته» ويتحداهم أن يأتوا بمثله فيعجزون» ويتحدى الخليقة كلها أن تأتى بمثله فلا تستطيع. 9 قل لَئن اجتَمَعت الإنس والجن عَلَئ أن يأنوا بمثل هذا القرآن لا يَأنُون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا 227 4 [[الإسراء ] . والإشارة تتضمن كل ما فيه رأوه متلواء» وعلموه معجزاء وعاينوا آثاره فى إيمان المؤمنين» وقد عرفه الله تعالى بأنه #ذكر مبَارَك4)» أى مذكر بالعذاب والثواب» وفيه تذكير بالله تعالى إذا امتلأت القلوب به كان فيها ذكر دائم» وبه تطمئن القلوب» وتذهب الوساوسء ولا تضطرب, ولا تفزع ولا تهلع ولا تجزع» ووصفه سبحانه بأنه #مبَارك4» البركة: الخير الدائم المستمر الكثير الخيرات» ووصف القرآن بذلك أولا لأنه دائم بالخير والشمرات المرشدة ما دامت السموات والأرض» وهو خالد بخلود خاتم النبيين» ولأنه قد اشتمل على كل شىء يتعلق بالمواعظ والهداية» ولأنه مشتمل على الشريعة الباقية إلى يوم القيامة. وقد رأى العرب المدركون فيه كل ذلك» ولكن المعاندون لم يدركوه؛ لأنه طمس على قلوبهم ولقد قال تعالى من بعد : «أفأنتم له منكرون» «الفاء» ترتب الاستفهام الدال على استنكار الواقع وهو عدم الإيمان فى الوقت الذى كان يجب الويمان به. والفاء مقدم عن تأخير لأن الاستفهام له الصدارة» والتقدير: فأأنتم له منكرون» أى أنه يترتب على هذه الحقيقة الثابتة للقرآن» وهو مذكر ومبارك سؤالهم أأنتم له منكرون» وقلنا إن الاستفهام إنكارى لإنكار الواقع» فالثابت أنهم منكرون» وتلك جريمة عقلية وهو جحود بما قام الدليل عليه وإشراك» حيث قام الدليل على التوحيد» وإنكار لمعجزة القرآن حيث عجزوا عن الإتيان بمثله . قصة إبراهيم اختص هذا الجزء من قصة إبراهيم عليه السلام بمجابهته لقومه» وحطمه أوثانهم ويظهر أنه كان فى شبابه الباكر أو فى أول بعثته. ولا ندرى على وجه التحديد كم كان سنه . تفسيرسورة الأنبياء !!!]مالالا ااث الال الكاا! أ ل أ الا اللا الل لاغ غمممااااااة ا ل خخخ اممممخمخ للخ خخخ ملالا مم 7 اك . - قال تعالى: #ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وك به عالمين» . أكد سبحانه وتعالى ما آتاه لإبراهيم» ب «اللام» و«قد)ء والرشد هو العلم والإدراك والنفاذ إلى الحقائق كما رأينا تعرفه لله تعالى فى وسط الجهالة التى كانت غمامة على العقول منعتها من الإدراك السليم» وكيف تعرف فى نجم فرآه قد أفل» ثم فى القمر فرآه أيضا أفل» ثم رأى الشمس بازغة» فقال هذا حتى انتهى إلى الوحدانية . هذا كله رشد وإدراك سليم انتهى إلى الإدراك الكامل لمعنى الألوهية المنزهة عن المشابهة للحوادث فى أفولها وظهورهاء وفى فنائها وبقائها. وقوله: من قبْلَ» أى من قبل موسى عليه السلام» وهو أسبق منهء وكان تقديمه لما ذكرنا من أنه جاء بشريعة مفصلة وإن نسخ بعضها وبقى الآخحرء وقوله تعالى: #وكنًا به عالمِينَ» أى عالمين كيف ربيناه» وكيف صنع على أعيئناء وربينا فيه روح الحق وتتبعه والوصول إليه. وبعد أن بعثه الله تعالى تقدم لمجاهدة أبيه وقومه المشركين, ابتدأت المجاهدة بقوله: «إذ قَال لأبيه وقومه ما هذه التَمائيل الّتِي أنتم لَها عاكفون» «إذا هنا للوقت الماضى» وهى مفعول لفعل محذوف تقديره «اذكرا» والمخطاب لمحمد وك والمعنى اذكر لقومك من مشركى العرب الذين يفخرون به نسباء ويدعون اتباعه كيف جاهد قومه فى هذا الشرك» وذكر أباه لأنه داع للحق» وداعى الحق لا يفرق فى دعوته بين قريب وغيره» بل يبتدئ بالقريب لأنه أقرب إجابة» ولأن الدعوة إلى الحق خير» فأولى به الدانى» وإبراهيم كان أبوه دانيا إلى قلبه وذكر بعد أبيه قومهء وما قاله لهم هو: اما هذه التَمائِيل التي أنتم لَهَا عاكفون» التماثيل جمع تمثال» وهو الصورة المجسمة للإنسان أو للحيوان» وأكثر ما يكون الآلهة لصورة إنسان» وكانت التماثيل عند اليونان والرومان وكانوا يعدونها أو ل تفسيرسورة الأنبياء 0 الوا الما اااالللللااا اللا كه : 7 يسمونها آلهة» فيقولون: إله الحب» وإله الزرع» وإله العدالة» والعكوف: الإقبال على الشىء وملازمته على سبيل التعظيم له وعبادته. والاستفهام منصب على سؤاله عن:هذه الأصنام التى عكفوا عليها يعظمونهاء ويعبدونهاء وهو يتضمن أولا الاستهانة بها وتحقيرها بالإشارة؛ لأن الإشارة :ذخ أنها حجارة محسوسة لا تضر ولا تنفع» ويتضمن ثانيا استنكار العكوف عليها وعبادتهاء والاستفهام ليس عن الماهية. بل عن أوصافهاء وتنبيه إلى أنها لا تضر ولا مسوغ لعبادتها لأنها ليس فيها صفات الألوهية التى توجب العبادة. لم يجيبوا عن سؤاله لأن ظاهره أنه يطالبهم بمسوغ للعبادة»؛ وقد فروا من الإجابة المسوغة إلى قولهم : #قالو ا وجدنا آباءنا لها عابدين» . لم يجدوا مسوغا عقليا ولا نقليا إلا التقليد للآباء» كما قال المشركون المحمد كك < . .. قَانُوا بل تمع ما ألْفَينَا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلُون شيئًا ولا يهتَدونَ 2# 4 [البقرة] أى أن المسوغ أنا وجدنا آباءنا لها عابدين» أى استمروا على عبادتهاء وما استمروا عليه فهو حق» ولا دليل عندنا سوى ذلك. ودل النص على استمرار آبائهم بالوصف ب # عابدين»؛ لأنه دليل على استمرار عبادتهم لها وحدهاء والدليل على استمرار عبادتهم لها وحدها تقديم الجار والمجرور على اسم الفاعل» وهذا الكلام يدل على أنهم لا يعرفون الله» أو يعرفونه ويشركون معه هذه التماثيل من غير حجة ولا برهان. وما كان لأبى الأنبياء أن يتركهم من غير أن يصف عبادتهم بالضلال» فقال: «قال لقد كنتم أنتم وآبَاوٌكُم في ضلال مبين» . الضلال: السير فى طريق لا يعرف نهايته» وليس موصلا لغايته» وأطلق على السير فى الباطل والوصول إلى مذاهء فإنه تكون فى مثارات مختلفة من مثارات الشيطانء و# مبين» معناه: واضحء وكان واضحا لأنه لا يستند إلى دليل علمى 0 تفسير سورة الأنبياء اللخ ااانا ااا الاا!اللا!] !!!ماخ 1ع ع ع اللكك! انماما !!!]امم 1 ا التكك!!ل اللا ناتللا 0 ١: كان‎ يي ويناقض بدائه العقول»؛ أن المعبود يجب أن يكون أعلى وأقوى من عابده. فهل فى تمثال قوة وعلو على الإنسان» فأى ضلال أبين من هذا وأضل عقلا وفكرا. وأكد سبحانه على لسان إبراهيم ضلالهم ب «اللام» و«قدء و«كان» الدالة على الدوام والاستمرار» وبضمير الفصل المؤكّدء وإن إبراهيم جمع بين ضلالهم وضلال آبائهم» فكان جامعا بين ضلال المقلّد والمقلّد. أجابوا عن ذلك الكلام الحاد بقولهم: #قَالُوا أَجنتنا بالحق أ أنت من اللأعبين» . لقد استغرق الضلال قلوبهم» وسد مسامع الإدراك فى أفكارهم» فحسبوا أن ذلك هو الحق وهو الضلال بعينه» قالوا مستفهمين #أَجئتنا بالحق» والاستفهام هنا بمعنى النفى» فهو لإنكار الوقرعء ومعناه: ما جئتنا بالحق, بل أنت من اللاعبين» و#أم» للإضراب عن كلامه الحق إذ قد صمت آذانهم عنهء #أم أنت من اللأعبين» يجدء ووصفوه بوصف مستمر وهو أنه من اللاعبين» ولصغرهء حيث إنه كان بالنسبة لهم صغير السن» وقد أكدوا لعبه بالحملة الاسمية» وب «أنت»» وبإدخاله فى صفوف الهازلين ؛ لأنهم لا يعيرون كلامه التفاتاء ولا يجعلون له غاية . انتقل بهم خليل الله من مرتبة الاستنكار إلى مرتبة الإيجاب؛ لأن التخلية قبل التحلية» فبين لهم من الله الذى يعبده وتجب عبادته. 9ل بل رَبكُمْ رب السّموات والأرض الذي فَطَرَهَُ ونا علئ ذَلكُم من الشاهدين » . #بل» للإضراب والرد» وإبطال عبادتهم وبيان أن التماثيل ليست آرباباء بل الرب واحد وهو رب السموات والأرض الذى قام عليهن» وربهما وهو الحى القيوم #الّذي فطرهن » الذى خلقهن من عدم وأنشأهن فى هذا الوجودء وعبر بقوله: #فَطرَهنَ» بدل خلقهن للإشارة إلى أنه شق الأرض من السماء» أو شق الوجود كله ل تفسيرسورة الأنبياء م الللولاااالل ل لللاالال الل ل ا من وحدة كانت تجمعه» كما قال تعالى من قبل فى هذه السورة: 9 أو لم ير الْذين قروا أن السّموات والأرض كانتا رتقا فَفتَقنَاهما وَجَعلْنَا من الْمَاء كل شيء حي +420 4 [الأنبياء] وقد ذكرنا هذا المعنى فى هذه الآية. وقد أكد - عليه السلام - أن هذا هو ربهم» وليست تلك التماثيل بأنه يعلم ذلك ويؤكد لهم علمه فقال الخليل عليه السلام: #وأَنا على ذَلكُم من الشتاهدين» هذا تأكيد لعلمه بذلك وهو الثقة فيهم والمرشد الأمين عندهم وأنه لا يكذبهم فيما يقول: #إوأنا عل ذَلكُم مّنَ الشتاهدين» يلاحظ فيها أمور ثلاثة: أولها ‏ أنه قدم الجار والمجرور #علَئ ذَلكُم4 على متعلقها من الشاهدين»؛ لأهمية هذه الشهادة. ثانيها ‏ التعبير بالجمع فى الخطاب؛ لأن المخاطبين جمع لا فردء وكذلك كلما كان اسم الإشارة يخاطب به جمع» وإذا لم تكن كذلك بأن كان الخطاب للواحد لا تجىء الميم» وقد حسب بعض الكتاب أن الأمرين جائزان» وذلك غير صحيح. إنما تكون إذا كان المخاطب جمعاء وتكون فيما عدا ذلك من غير الميم؛ لأنه إذا لم يكن جمعا كان المخاطب محمدذا يلل والثالث - أن #من الشاهدين4 معناها من العالمين علما يشبه علم المشاهدة والمعاينة فالدليل عنده يثبت اليقين كالمعاينة التى يراها ويشهدها. اعتزم بعد ذلك إبراهيم أن يثبت لهم بالعيان كالعلم الذى أوتيه بأن يحطم أوثانهم فلا ترد له كيداء فقال: «إوتاللُه لأكيدن أصتامكم بعد أن تولُوا مدبرين» . أراد أن يثبت لهم بالفعل أنها لا تضر ولا تنفع غيرهاء بل لا تنفع نفسهاء ولا تدفع عنها فأراد أن يكيد لهاء أى يدبر لها أمرا لو فعل مع غيرها يضرهاء فقال مقسما: #وتَاللُه لأكيدن أصتامكم بعد أن تَولُوا مدبرين» أى لأفعلن معهم ما يكون كيدا للأحياء إذا توليتم مدبرين» أى إذا انصرفوا عنها وقد جعلوها وراء أدبارهم أى فى غيبتهم عنهاء أو نقول: الكيد لهؤلاء العابدين» ولكن موضع الكيد هو الأصنام 0 تفسير سورة الأنبياء للك 0 > أ جعل كأن الكيد لهاء وهو للعابدين» والتاء للقسم وكان القسم بالتاء لأنه مظهر أشد توثيقاء واللام لام القسمء وروى أن ذلك كان وهم ذاهبون لعيد لهم روى ذلك ابن مسعودء وقلنا إن ذكر الأصنام وإرادة العابدين لها للإشارة كما ذكرنا إلى أنها لا تدفع عن نفسهاء ولا قدرة لهاء ومن يعبدونهاء إنما يعبدون غير قادر لا يملك من أمره شيئا» فكيف يملك لغيره أى شىء» والله على كل شىء قدير. فجَعلَهُمْ جدَاذا إل حيرا لهم للم ليه يرجعون» . «الفاء» مبيئة نوع الكيد»ء والجذاذ: الفقات» من جذ بمعنى كسرء والجذاذ بالضم أفصح من الكسرء أى أخذ الفأس وأخذ يضربء كما قال تعالى: 9 فراغ إلى آلهتهم فَقَالَ ألا تأكلُونَ :(2ه ما لَكُم لا تطفون +20 قراغ لهم ضربا باليمين 2 فَأقُوا إِيه يَفُوَ (55 قال أتعيدون ما تتحتون 20> الله حلقكُم وما تعملون 2:2 قَالوا ابنوا لَه بنيانا فَألقوه ذ في الْجحيم 20 فَأرادُوا به كيدا فجعلناهم الأسقلين +27 » [الصافات]» جعلهم إبراهيم عليه السلام فتاتا متكسراء أى أزال هذه الصور وجعلها شيئا مطروحا تطؤه الأقدام «إلاّ كبيرا لهم24 أى كبيرا لهذه الأصنام «العلّهم إِلَيه يُرْجِعونَ4 لعل الأصنام ترجع إليه» أو لعل الناس يرجعون إليه يسألونه عن بقية السجارة التى صارت فتاتا متكسرا فما مآلهاء وماذا أصابهاء ويلاحظ أن الضمير كان يعاد دائما بضمير الجمع العاقل مجاراة لزعمهم الفاسد» وعندما عادوا ورأوا آلهتهم فتاتا متكسرا هالهم الأمرء وقوله: للَعلّهم إِلَيِه يُرجعون» تعبير للتهكم عليهم والسخرية بآلهتهم . ل#قَاُوا من فَعَلَ هذا بآلهتنا إِنَّهِ لَمنَ الظّالمين» . جزعوا وأحسوا بضعف اآلهتهم وضعف عبادتهم لهاء وأخذوا يسآلون مستفهمين متعجبين هلعين #من فعل هذا بالهتنا# متحسرين على ما أصاب هذه التماثيل من الحطم والتفقيت وجعلها فتاتا متكسراء وقالوا: ؤإِنَهُ لمن الظَالمِينَ» أكدوا ظلمه بن وباللام» وبوصفه بأنه ظالم مؤكد ظلمه» معدود فى عداد الظالميت مترب فى بيتهم راضع من لبان الظلم مترب فيه. تفسيرسورة الأنبياء 0 لال الج وز 2 تساءلوا فيما بينهم باحثين متعرفين حتى قالوا: «قَالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم» . أى تقاولوا الأمر فيما بينهم حتى قال قائلون منهم «سمعنا فى يذكرهم يقال لَه إبراهيم4؛ وعبر عن إبراهيم بقوله طفَتَى4؛ لأنه كان أقرب إلى الشباب والفتوة» و#يذكرهم» معناه يذكرهم بالاستنكار بعبادتهاء وإنكار أن تكون آلهةء وأن الله هو وحده الرب الذى يعبد فى السموات والأرض؛ لأنه الذى خلقهم» وهو وحده المعبود. وفهم ذلك من «يذكراء فإنه فى هذا المقام الذى تجرى فيه شبهة إتهامه بتكسيرهاء وتحطيمها لابد أن يكون الذكر بغير ما يوافقهم فى عبادتها؛ ولذلك اتجه الاتهام إليه» وأرادوا الإثبات. الوا قأتوا به على عي النّاس لَعلَهُم يشهدون» . كانت غيرتهم على آلهتهم شديدة أصابتهم فعلة إبراهيم بحسرة» ثم بلوعة» ثم بحب النقمة والتحفز بهاء فاشتدت عزيتهم على إنزال الأذى» فساجتمعت جموعهم وقالوا: ظفَأتوا به على أَعين النّاسِ4» اعرضوه على الأعين» لتركب صورته على عقولهم. وفوق أعينهم» وفى ذلك مجاز بتشبيه رؤيتهم المدققة المرددة كرتين بالشىء الذى ركب عليها لكيلا تنساه وتنزل فى قلوبهم الحانقة الغاضبة «لعلّهم يشهدون» أى يحضرون ويشاهدوا جريمته فى زعمهم» وينزلوا به من العذاب جزاء المعتدى على فعله الأثيم فى زعمهمء وهو عين الحق عند الله» جىء بهء وشاهدوه. وقالوا له: لقَالُوا أأنت فَعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم». سألوا إبراهيم عن نسبة الفعل إليه» ولم يسألوه عن الفعل ومبرراته» بل سألوه عن شخصه الفاعل؛ لأن الفعل رأوه» فلا حاجة إلى السؤال عن وقوعه. لأنهم عايئوه ورأوه» ولا عن مبرراته؛ لأنهم لا يعلمون مبررا يسوغ تحطيمهاء وهى المقدسة المعبودة فى زعمهمء إنما كان السؤال عن الفاعل؛ ولذا تقدم ضمير الخطاب» لآن الاستفهام منصب عليه انصباباء #أأنت فَعَلْتَ هذا بآلهتنا يا إبراهيم4. والسؤال ب تفسيرسورة الاتبياء كالبلل 0 يتضمن استفهاما وملاما واستنكارا للفعل؛ ولذا قرن باسم خليل الله تعالى» ففيه لوم شديد» وفى ذكر الاسم نوع من تهويل فعله. ولكن إبراهيم كان ثبتا صابرا مطمئنا قار النفس . #قَال بل فَعله كبيرهم هذا فَاسألُوهم إن كانوا ينطفون» . إن إبراهيم هو الذى حطم الأصنام» وجعلها فتاتا متكسراء ووضع آلة الحطم والكسر فى رأس الكبير منهاء فكيف يقول: بل فَعَلّه كبيرهم هَذَا). وابل» للإضراب عن قولهم الذى يومئ إلى أنه الفاعل» وإن لم يكن صريحاء قال بعض المؤولين من علماء الكلام: إن الفمير فى لفَعلَهِ4 يعود إلى إبراهيم» وإن كان هو المتكلم» كأنه بإيماء القول جرد من نفسه شخصا آخر يخبر عنه؛ والمعنى أنه فعل» واستؤنف كلام بعد ذلك هو هذا كبيرهمء ولقد دفع بعض التكلمين إلى هذا التكلف الذى ينافى السياق أنهم لا يريدون أن ينسبوا كذبة إلى أبى الآنبياء» فالنبى يكِدٌ معصوم عن الكذب والخيانة والظلم» قبل النبوة وبعدهاء ولكن فى اصحيحن أن النبى كَكْةٌ نسب إلى إبراهيم ثلاث كذبات أولاها هذه» والثانية أنه قال: سقيم » والثالثة أنه قال عن زوجه سارة: إنها أخته” ونحن نرى أن قوله: بل فَعلّهِ كبيرهم هذا ليس فيه كذب» بل فيها تهكم عليهم وسخرية بآلهتهم ولولا الأثر لقطعنا بهذاء ولكنه احتمال نذكره» ولعل الأثر عده كذبة على أساس: مظهر القول لا على أساس المقصد لإبراهيم؛ لأن ظاهر القول أنه كذب. )١(‏ عن أبي هريرةَ » أن رَسُولَ الله قال: لم يكذب إبراهيم يم البي» عَلَيْه السّلام إلا ثلاث كذبّات . ٠‏ ثنتين في ذّات الله. وله ا( متهم دلول ل نعل يرق حنام. واحدة في أن سانة. َه ادف د سالك تاعبريه أنّك أغتي . َك ني في الإسلام. .ون لا عل في الأذضي سلما غَرِي ويرك متفق عليه رواه ا 0/0 لك والبخاري: : كتاب الأنبياء- قول الله تعالى(واتخذ الله إبراهيم تفسيرسورة الأنبياء مم اللللللا اال ل00ا0االلللللاال ل اللللنللللللا جج-1 والدليل على أنه سيق للتهكم والسخرية بهم ويآلهتهم قوله بعد ذلك «فاسألوهم إن كانوا يتطقرن» «الفاء» عاطفة على إخبارهم بأن رئيسهم الذى فعل» أو «الفاء» للإفصاح» أى إذا كان الفاعل هو أو غيرهم فاسألوهمء وذلك فيه تهكم واضح عليهم؛ لأنهم لا ينطقون فكيف يعبدونء وفى التهكم أخذ اعتراف منهم بأنهم لا ينطقون» وأنها أحجار لا تضر ولا تنفع» وهذا برهان قاطع على ضلالهم وبطلان ما يعبدون. إن الصدمة تدفع إلى التفكرء وإذا كانت صدمة حق وإرشاد وتنبيه» فإنها ربما تهدى» وكذلك كان هؤلاء» فقد صدموا بتكسير الأصنام وجعلها جذاذا ثما جعلهم يتفكرون ابتداء؛ ولذا قال تعالى عنهم: «فَرَجعوا إلى أنفْسهم فَقَانُوا ِنَكُم أنم الظَالمُونَ» أى تراجعوا الأمر فيما بينهم وتقاولوا ما بين مستنكر الفعل أى الكسر والحطمء وما بين مسترشد بالحق وقد لاح نورهء وانتهى بأن قالوا: «إنّكم أنتم الظالمون» مؤكدين أنهم هم الظالمون» أى أنهم الظالمون وحدهمء وقد تأكد الحكم ب (إن» وب «أنتم»» وبالقصرء أى أنتم الظالمون وحذكم لا أحد غيركم؛ لأن تعريف الطرفين أوجب الحكم بالظلم وأكدهء ولكن ما هذا الظلم؟ يحتمل الظلم فى العبادة أو الظلم فى عدم حراسة آلهتهمء ويرجح أنه الظلم فى العبادة؛ ولذلك أكدوه فى سورة حقء ولكنه كان كغشاء ظاهر عار عن صميم القلوب:: ولذا قال تعالى: , لثم نكسوا على رءوسهم لَقَد علمت ما هؤلاء ينطقون» . لم يلبثوا كثيرا حتى عادوا إلى ضلالهم القديم الشابت فى رءوسهم» ولبدته السنون» حتى صار جزءا من تفكيرهم» وعبر سبحانه عن ذلك بقوله عز من قائل: لإنْمٌ نكسوا على رءوسهم» أى بعد أن جعاتهم الصدمة التى بغتتهم يفكرون ويقدرون نكسوا فى تفكيرهم» وعبر عن ذلك العلى القدير بقوله عز من قائل : #نكسوا على رءوسهم4 أى قلبت أجسامهم فصارت رءوسهم فى أسفل وأجسامهم فى أعلى» وهذا كناية عن قلب التفكير من الحق إلى الباطل» والرشاد إلى الفساد» وكما شبه ل تفسيرسورة الأنبياء الالللبلااالللللل الالال ل الل اللا 0 لسر اا انقلابهم الفكرى بالانقلاب المسدى» ليتصور القارئ المتدبر كيف عكس تقديرهم» ونكس تفكيرهم» والتعبير ب «ثم» هنا مع أن الأمر لم يتجاوز الخطاب» للبعد بين الهداية التى بدرت والضلالة التى سيطرت» فكانت «ثم) مصورة لهذا. وما نكسوا على رءوسهم نكس أيضا قولهم فى المجادلة» فقالوا: #لقد علمت ما هؤلاء ينطقون*# مؤكدين أنه يعلم أن هؤلاء التماثيل لا تنطق» وليس من شأنها أن تنطق لأنها ليست كائنا حيا فضلا عن أن يكون إنسانا ينطق» وأكدوا أنه يعلم ذلك ب «اللام» وب «قد»ء وبالنفى ب «ما» الدالة على النفى بالماضى» وهى واقعة على المضارع المصور لعدم نطقهم فى الحاضر» فهم لا ينطقون فى الماضى ولا ينطقون فى الحاضر ولا القابل» وإن هذا ما نطقوا به معترفين بعجز هذه الأحجار عن النطق فى كل الأحوال» وأى دليل ينفى ألوهيتهم أكثر من هذا؟! إنها أعجز من الإنسان فكيف يعبدها الإنسان وهى لا تنفع ولا تضر؛ ولذا قال خليل الله: لقال أَفتَعبدونَ من دون الله ما لا يتفعكم شيئا ولايضركم» . لفظ من أقوالهم الحجة الدالة على بطلان ألوهية الأصنام» لقد قالوا: #لقد علمت ما هؤلاء ينطقون» أى ليست لهم قدرة على الكلام فلا قدرة على شىء فليس منهم نفع مجلوب» ولااضرر مدفوعء. قال ليل الله عليه السلام: عدون من دون الل أى مخالفين لله تعالى معاندين له سبحانه 8 ما لا يتفعكم شي شيئًا ولايضركم» أى شيئا من النفع أو الضرء و شيا مفعول مطلق قائم مقام المصدر. وقوله تعالى: # أَفَعبدون» «الفاء» تدل على أن ما بعدها مترتب على ما قبلها؛ لأنه ترتب على قولهم لما هؤلاء ينطقون4 أنهم يكونوا يعبدون ما لا يمك ضرا ولا نفع والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع» وإنكار الواقع توبيخ» وهم به جديرون» فأى عاقل يعبد ما دونه» وهو حى وهذا جماد لا يضر ولا ينفع. وقد ترتب على هذا أن تأفف منهم» فدل هذا التأفف على النفور منهم عقلاء فهى أحجار ولو كانت تاثيل منحوتة نحتا جميلاء فهى أحجار لا تزيد على ذلك» 0 تفسير سورة الأنبياء 04م لال اللو لوللا اللا 7 لاك .. يي < وعقلا لأنها تعبد ممن هو خير منها خلقا وتكويناء وكان التأفف أيضا ممن يعبدونها؛ لأنهم حطوا عقولهم عن مستوى التفكير» بل عن مستوى الإنسانية المدركة التى تقدر الأشياء وتعرف النافع والضار؛ ولذا قال عنه عز من قائل: «(أف لكم ولما تعبدون من دون الله أقلا تعقلون» . «أف»4 جاء فى مفردات الراغب: «أصل الأف كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفرء وما يجرى مجراهماء ويقال لكل مستخف استقذارا له؛» فمعنى طأف لكم» استقذار لكم ولما تعبدون والاستقذار هنا معنوىء» لقول الله: «إيا أيه الّذِينَ آمنوا ِنَم الْمُشْرِكُونَ نجس فلا يقربُوا الْمسَجد الْحرام بَعْدَ عامهم هَذَا ... 4427 [التوبة]. وكذا الأمر فى أحجارهم فهى مستقذرة يتأفف منها كما تأفف من عابديهاء وختم سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: «أَفَلا تعقلون» الاستفهام هنا لإنكار الوقوع أى بمعنى النفى مع التوبيخ وتحريض على التفكير والتعقل» وألا يطرحوا عقولهم وراء ظهورهم. 1 1 وإن المعرض عن الحق كلما جاء الدليل أعرض وتأى بجانبه ويزداد لجاجة فى باطلهء هذا إبراهيم الخليل عليه السلام قد حطم أصنامهم» ورأوها جذاذا حطاماء وتبين أن هؤلاء لا ينطقون» وكان حقا عليهم أن يذعنوا للحق إذ جاءهم» ولكنهم لجوا فى الفتئة والضلال وعتوا عتوا كبيراء وأرادوا إحراق الناطق بالحق . لقَانُوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنثم فاعلين» أخذوا الأمر أمر ممانعة ومغالبة» وهو وحده والله معه» والحق بحججه يصرخ به فى أوساطه لا يباليهم؛ لأنه يبالى الله وحده. ولا يبالى أحدا سواهء وهم بتمائيلهم وعددهم وقوتهم المادية الغاشمة وملكهم الغاشمء فلما حطم إبراهيم - بتأييد الله تعالى ومعونته - أصنامهم حسبوا بقانون المغالبة أنه غلب أصنامهم» فلايد أن ينتتصروا لهاء ولابد أن ينصروها كأنها شىء يحس ويغالب ويغلبء وكذلك سولت لهم أنفسهم» وكذلك يدخل الضلال العقول» ويذهب برشدها. ظقَالُوا حَرقُوه» التحريق المبالغة فى الإحراق وإكثار حطبه» وقد جعلوا ذلك تفسيرسورة الأنبياء للللللللاااللولاااالللاالللللمإا مالالا م )طم سير يي التحريق فى مقابل ما قام به من تكسير وتحطيم لأصنامهم. حتى جعلها جذاذا فتاتا متكسرا تفرقت أجزاؤها؛ ولذا قالوا: #وانصروا آلهتكم4. أى خذوا بثأرهم عن الحطم الذى صغر به أمرهم» وأضعف به شأنهم» وقال قائلهم المتحدث فى جمعهم عنهم: #إن كنتم فَاعلينَ» أى إن كنتم تريدون الثأر لآلهتكم فأحرقوه» وإلا فالمهانة والعار والشنارء وإن ذلك يدل على أنه كان فى بعضهم تردد أو عطف», أو عدم إيمان حازم بما هم فيه من الضلال. ولكن إبراهيم المؤمن بالله وبالحق لم يعرهم التفاتاء ولم يفزع من تهديدهم؛ لأنه يعلم أن الحق أبقى» ومن لا يفتدى الحق بنفسه لا يستحقهء فلابد فيه من فداء وقد عرف أبو الأنبياء من بعد بالفداء والبلاء فقد قبل أن يذبح ابنه لرؤيا صادقة رآهاء حتى فداه الله بذبح عظيم . ألقوا بإبراهيم خليل الله فى النارء وهو الصابر الراضى بحكم الله» ألقوه فى أتون النيران» وقد بنى لها بناء تضطرم فيه» ولكن أمر الله تعالى كان فوق أمرهم وقدرته قاهرة عليهم» فألقى إبراهيم فى النار وتلقفته فى ساعتها رحمة رب العالمين: ل فلن يا نار كوني بردا وَسلاما على إبراهيم» . أى كونى بردا أى باردة ليست متوهجة وهو آمن فى سلام لا يجزع من رؤيتها ولا يفزع من لهبها. ومساق الكلام لا يدل على أنها أطفئت بريح شديدة» ولا مطر انهمر عليهاء ولكنها المعجزة أنها بقيت متوهجة ولم تحرقه» فالله تعالى أزال عنها خاصة الحرق بالنسبة لإبراهيم» ومنعت من أن يصل أذاها إليه» كأن بجسمه موانع مانعة وحائلا يحول بينه وبينها . نجا إبراهيم عليه السلام بهذه المعجزة الباهرة» وكان فيها معنى التحدى لأنهم أرادوا الغلب والانتصار لآلهتهم فلم يؤذ ولا هابهاء وكان ذلك إعجازا لهم» وكان حقا عليهم من قبل ومن بعد أن يذعنواء ولكن غلبت عليهم شقوتهم. ا تفسير سورة الأنبياء 07م اللللللوو لولاا اااا0اا10ا1ااال0ا لجل ب_رمزة 7 «وآرَادوا به كيدا فَحَعلْنَاهم الأخسرين». الكيد هنا هو الإضرار الشديد الذى يكون نتيجة الكيد والتدبير الخبيث» فاطلقوا السسبب وأرادوا المسبب وهو الضرر» وكيدهم كان فى مغالبتهم له ومجادلتهم» فكانوا هم الخاسرين؛ ولذا قال: طفَجِعَلنَاهم الأخسرين» فى هذه المغالبة» والأخسرون جمع أخسرء والمراد من بلغوا أقصى درجات الخسران. خبرالنبيين من بعد إبراهيم ومعه َو الاضٍالقبركآافي علوي 2 وو أمْحوَوَيَعوبَ]لة يلصوت - م ْمَدَيَهَدُو يئر وما ا 0 22 يام علا و 0 25221 ا ومسو يي ساو سرس يو 0 ساءعو سا بو مص 7 فَنْسِقَينَ أي وأ خلمنه في رحمجنا نمضن لصّتلحيرت 3 : 0 2 33 1 كان لوط ذا قرابة بإبراهيم عليه السلام؛ ولذا اقترن به فى الذكرء وإنه لما جاء الملائككة مبشرين إبراهيم وامرأته بالولد» ذهبوا من عنده إلى لوط فدكوا قريته دكا لآنها كانت تعمل الخبائث» ما سبقهم بها أحد من العالمين؛ ولذا قرن نجاة إبراهيم عليه السلام بنجاته» وأنه أخحذه معه إلى الأرض المباركة» وقال تعالى : ل | تفسير سورة الأنبياء ا الئل 02 لب أ لونَجَينَاه وُوط إِلَى الأرض التي باركنا فيها للعالمين» . أى نجينا إبراهيم من النارء ولوطا من الدمارء أى نجاهما وأخذهما إلى الأرض المباركة وهنا أمران نذكرهما: أولهما ‏ التكلم من الله تعالى العلى الأعلى بضمير المتكلم المعظمء لبيان أنها كبيرة تليق بكبر المتكلمء فإخراج من النار أو جعلها عليه باردة وجعلها أمنا لا فزع منهاء وإهلاك قرية الفسق بجعل عاليها سافلهاء وإرسال عليها حجارة من سجيل منضود. الأمر الثانى ‏ ما الأرض التى باركهاء وانتهى خليل الله وذو قرابته لوط إليهاء روى عن أبى بن كعب أنها الشام؛ لأنه كان فيها النبيون من بعده فهى مباركة. وروى ابن عباس ترجمان القرآن وغيره» أنها مكة المكرمة؛ لأن إبراهيم هو الذى رفع بناءها وإسماعيل» ولأن بها أول بيت وضع للناس» ولأنها صارت حرما آمناء ولأنها كانت مباركة ‏ بدعاء 0 ولأن الله وصف مي مبارك» ومن سمه عم سوس ب «نجيناماء» أى حفظتاهما ما إلى أن وصلا إلى الأرض مباركة» وهذا دليل على أنهما فى هجرتهما إلى الأرض المباركة لاقى عنئف الصحراء موماة موماة(١)‏ حتى وصلا سالمين» وهو يدل على أن لوطا قد وصل إلى البيت الحرام وإن لم يكن له ذكر فيه والبركة ثبوت الخير واستمراره» وقد كانت بركة مكة للعالمين» لكل الناس كانت بطحائها ولد وظهر خير الخلق محمد كَلِ. وقد ذكر سبحانه بعد ذلك النبوة فى ذرية إبراهيم» وذكر بعض الأنبياء منهم : ساس موس مر 537 - 2 2 وى م #ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين4 . أشار سبحانه إلى هبة الله لإبراهيم ولده إسماعيل» بالإشارة إلى نجاته إلى الأرض المباركة مكة وما حوث» وما حولها من منى وعرفات والمشعر الحرام وهنا )١(‏ الموماة: المفازة الواسعة الملساء» وتكرارها توكيد لفظى. وقيل هى الفلاة التى لا ماء بها ولا أنيس. قال: وهى جماع أسماء الفلوات. لسان العرب ‏ موم. تفسيرسورة الأنبياء م الل لال ١‏ مالالا يي يصرح بأنه وهب لإبراهيم إسحاق» ومن ورائه يعقوب» وجعلهما معا مع أن إسحق أب ويعقوب ابنهء لأنهما كانا نبيين» وأن نبوتهما هبة الله» وتوالت النبوة والدعوة إلى هدم الآوثان ابنا عن أب عن جد؛ ليقتلعوا عبادة الأوثان من الرءوس التى استمكنت فيهاء والنافلة ولد الولدء و#نافلة# وصف ليعقوب لأنه ولد ولدهء» أى وهبناه لك هبة زائدة فوق الولد؛ لأن إبراهيم دعا ربه» وقال: رب هب لي من الصالحين 47# 4 [ الصافات ] . وهكذا نرى أن الله تعالى أراد لإبراهيم أن تتوارث فيه الدعوة إلى هدم الأوثان» لتذهب روعتها الكاذبة من نفوس الناس» ومحمد يَلكيْهٌ من بعده قاوم الوثنية وحده. ولم يكن أحد من ذريته من قاومهاء ولكن كان من أصحابه والتابعين من قاومهاء حتى روى أن النبى كلد قال: «علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل»27 وقال تعالى : «إوكلاً جِعلنَا صالحين» التنوين قائم مقام المضاف إليه. أى كل واحد من الجد وابنه وحفيده جعلناه من الصالحين» أى المستقيمين فى طريقهم إلى الحق» وذكر أنهم صالحون مع أنهم من المصلحين فى طريق الحق والهداية إليه» وذلك لأن الصالح فى ذات الحق لابد أن يكون مصلحا؛ لأنه لا يتم الصلاح إلا إذا جعلنا مصلحا هاديا مرشدا داعيا إلى الحق» وإلى صراط مستقيم؛ ولذا قال تعالى: #وَجِعلنَاهُم أمة يَهَدُونَ بأمرنا وأَوْحينا إِلَيْهمْ فعْل الْخَيْرَات وإقَام الصّلاة وإيناء الركاة وكاو لا عابدين». 00 0 1 ش #وجَعلتَاهم» الضمير يعود إلى إسحاق ويعقوب وأعيد الضمير بلفظ 3 لأنه يجمع كل الذرية بعضهم بصريح اللفظ والآخر بطريق الإشارة والتضمين» وقد جاء الصريح فى قوله تعالى: ( روصن بها رايم بيد ويتُوبايا بإ اله مق كم الذين فلا تموتن إلا وأنقم مُسلمُون 27 أم كش شهداء إِذ حَضر يعقُوب اموت إذ َال لبنيه ما تعبدون من بعدي قَاُوا عبد لهك وله آبائك إبراهيم وإِسمَاعيل وإسحاق إِلَّها واحدا وتحن له مُسلمون 429 تلك أُمَة قد خَلَتَ لها ما كسبت ولكُم ما كسبكُمْ ولا تسأَلون عم كانوا يَعمَلُونَ ج29 4 [ البقرة] . )١(‏ سبق تخريجه. ل تفسير سورة الأنبياء ا مامالل م لح اا #وجعلناهم أمّة يهْدونَ بأمرنا» أى وجعلنا إبراهيم وذريته أئتمة أى رؤساء يوجهون ويرشدون» ويقتدى بهم» ويكونون قوة للخير والهداية ليَهَدونَ بأمرناه» أى يدعون بدعاية الله» وإضافة الهداية إلى أمر الله للإشارة إلى طاعتهم أولاء ولبيان صواب ما يدعون إليه وأنه الحق لا ريب فيه #وأوحينا إِلَيهم فعل الخيرات» أى ألهمنا نفوسهم وقلوبهم فعل الخيرات وهديناهم إليهاء بما أوحينا به لرسلهم الذين جاءوا رسولا بعد رسولء كما قال تعالى: ظاثُمَ أَرْسلْنَا وسلنًا تثرا ... 57 4 [المؤميون] أى رسولا بعد رسولء وكل أولئك فى ذرية إبراهيم عليه السلام والخيرات جمع خير»ء وهو كل ما فيه نفع للناس» ويقصد به فعله لنفعه للناس» ولإرضاء الله تعالى ثم قال سبحانه: لوقام الصّلاة» أى أداءها على وجه أكمل من خحضوع وخشوع.ء واستحضار لذات الله كأنهم يرونه» وإذا لم يروه يحسون بأنهم فى حضرته يرجون رحمته ويخافون عذابه ويطلبون محبعه ورضوانهء «اوإيتاء الركاة» ليكون المجتمع كله متعاونا بارا يبر بعضه بعضا «وكانوا لَنَا عابدين» أى كانوا فى كل أحوالهم وأعمالهم عابدين لله تعالى» وكل عمل فيه عبادة إذا قصد بإتقانه إرضاء الله وحده ومحبته سبحانه» كما قال النبى كلد «لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله)27" . وفى قوله تعالى: #وكانوا لَنَا عابدين» تقديم الجار والمجرور» وهذا يفيد الاختصاص أى لنا وحدنا لا يشركون بى شيئاء والجملة تدل على استمرار العبادة أولا؛ لوجود "كان الدالة على الاستمرار» وثانيا الوصف #عابدين» أى مستمرين حتى تصير العبادة وصفا لهم فهم فى عبادة مستمرة آناء الليل وأطراف النهار. بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى إشارات بينة إلى إبراهيم وبنيه»ء ويعقوب وذريته عاد إلى لوط بعد ناته فقال: (ولُوط آنا كما وعلما نيا من يبي خانت َمل حافت نهم حاو قوم سوء فاسقين» . )١(‏ سبق تخريج ما في معناه من أحاديث. 9 تفسير سورة الأنبياء 0م لاملل 0 لب ا #ولوطا4 منصوب بفعل محذوف تقديره: واذكر لوطاء وخص لوطا بالذكر» ولم يذكر قوم لوط لحقارتهم ومهانتهم وسوء أفعالهم. وخبيثة نفوسهم حتى انحطوا عن مرتبة الحيوانية فى شذوذ الفطرة» وفى ذكر لوط منفردا عن قومه تنويه بشأنه ورفعة لذكره؛ وبيان أنه لا يضر النبى كد أن يكون قومه مفسدين غير مهديين» فإنه جاء لهداية الضال وإصلاح الفاسدء فإن لم يصلحوا دمر الله عليهم وأنشأ قوما آخرين . #اتيتاه حكُمًا 4 الحكم هنا الحكمة والحلم والصبر على معاشرة المفسدين» وإلا فأى حكمة أوتيها ذلك النبى الكريم الذى استطاع بها أن يعاشر أولئك الشواذ من الإنسانية يدعوهم ويأخذهم بالهداية والإرشاد والرفق فى القول ويستمر فى رعايتهم هاديا مرشدا من غير سأم ولا ملال» حتى إذا جاءه ملائكة الله يبدو سوء نفوسهم ويظهر حتى يداريهم ليسكتوا فلا يسكتون. «وعلما» وهو علم النبوة وبعثه. وما أجدت دعوته فحقت عليهم كلمة العقاب وحقت للوط النجاة» كما تنجو الفضيلة من ردغة”" الرذيلة على أقبح صورهاء ولذا قال تعالى: #ونَجيناه من الْقَريّة التي كانت تَعَمَلَ الخبّائث4 أى نجيناه سالما طاهرا مطهرا #من الْقَرَيّة» أى المدينة العظيمة» أو المدائن العظيمة؛ وذكرت بالمفرد لإرادة جنس هذه القرية الموصوفة بذلك الوصف المشئوم البغيضء» التي كانت تَعْمَلَ الخبائث24 وهى جمع خبيثة» ولا يمكن أن توصف إلا بهذا الوصف أو ما يشبههء ولقد قال تعالى فيها # ... أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أَحَدٍ من الْعَالَمِينَ رج # [الأعراف] ووصفت القرية بأنها كانت تأتى الخيبائث مع أن الذى يفعلها آحادهاء ولكن لأنها عمت وطمت تأنما صارت اللأرض ذاتها تفعلهاء ولقد قال تعالى بعد ذلك: #إِنّهم كانوا قوم سَوء فَاسقينَ» أعيد الضمير على أهل القرية لأنهم الذين فعلوا ما فعلوا حتى صاروا عار هذه القرى الظالمة» وهذه الجملة السامية: ©#إِنّهُم كانوا4 فى مقام سبب ما فعلوا ويفعلون من خبائث. واالسوء» ما يسوء ويؤذى النفس والطبائع السليمة» «فاسقين» شاذين خارجين على الفطرة الإنسانية إذ انهووا إلى ما دون الحيوان. . الردغةء محركة» وتْسَكن: الماء» والطين» والوحل الشَّديد. القاموس المحيط- ردغ‎ )١( معجر ونع و 4 موس المحيط- ردع‎ اا تفسير سورة الأنبياء لسسع الئل 02 > د وأكد سبحانه وصفهم بالسوء والفسق أولاء ب #كانوا» أى استمروا عليه» وإضافتهم إلى السوءء كأئما هم أهله لا يخرجون عن حيّزهء ولا يخرج عنهم ثانياء والتعبير باسم الفاعل فى قوله تعالى: #فاسقين* وبالجملة الاسمية وتصديرها ب (إنّ»ء والله عليم بخلقه وشئونه نجى الله تعالى لوطا من هذه الدولة الظالمة فقال سبحانه : #وَأَدَحَلْنَاه فى رَحمتنا نه من الصّالحين» . رحمة الله التى شرفها بالئسية إليه سبحانه» هى هجرته منهم» ونجاته من الهلاك الذى كتب لهم وإيتاؤه حظه فى الآخرين:» والتجاؤه له سبحانه كما قال تعالى: فآمن له لوط وقَال إِنَي مهاجر إِلئ ربي ... 430 [العنكبوت]ء وقال تعالى : #إنّهِ من الصّالحينَ» وهذا بيان لاستحقاقه رحمته سبحانه» وقد شرفه سبحانه بأن وصفه من بأنه من الصالحين. نواد 020 سرع 2 بح سس ب 2 ”7 001 جتني لاسا لا و ل و راض ء اه واهله بي السك 2 ور فر 721 2-0 ا سس حرم ايسَكنوْإبمحافمسركأءقكهم ل > جطم ا ل اجمعين 2 ودود وَسَلَيمن د زمتساوف امرث إذ تَفَكّت فيه فيوعنَمالْقَوم ك2 مشهت شلهل ب 2 سوليات كوعموسَكَرا لسكيب 5 وََنَسنَةُصنْصَةَ صنصة لو كلد َ سك هلأسم فَهَلأَتَم سرون نزي لمر بره ل تفسيرسورة الأنبياء 0 اللللللللللااا ا ال ا االل اللا لالض الى برضب سك حل َه لين 0 مر " خآ رسج سل 57 نك نوا نووت 21 / سك رج عملا عو لت 2 ٠.‏ دو تلت مكالم كيطيك © * هذا وصل للكلام السابق من أخبار إبراهيم ولوط والأنبياء من ذرية إبراهيم عليهم السلام؛ وفى قصصهم عببرة لأولى الألباب» وتسرية عن النبى وَكةٌ عن سوء ما يرتكبه معه المشركون من شطط فى القول» وإسراف فى استهزائهمء والله مستهزئ بهم » قوله: لأوَنُوحا4 منصوب بفعل محذوف تقديره اذكرء أى اذكر نوحا وإيذاء قومهء وقد تشابهت أقوالهم مع أقوال المشركين للنبى كله لتشابه القلوب والمقاومة وطرائقهاء فالناس أولاد الناس» «إإِذْ نادئ من قبل فَاسِتَجبنا لّه» نادى ربه مستغيئا بالله وذلك فى قوله: ( ... ربلا تَدرْعلَى الأرض من الْكَافرِينَ ديار 57 نك إن تذدرهم يضلُوا بادك ولا يَلدوا إلا فاجرا كارا 507 4 1 نوح] دعا نوح ربه ذلك الدعاء» أو ناداه ذلك النداء فأجابه سبحانه فقال: #فاستجبنا له. «الفاء» للترتيب والتعقيب» والمراد بالتعقيب تأكيد الإجابة» وقد قال تعالى: طفَاسَجِبِنًا له» الاستجابة شدة الإجابة؛ لان السين والتاء للطلب» أى أن الطلب طلب الإجابة وأرادها له؛ ولذا كانت التعدية ب «اللام» مع أن «أجاب» تتعدى بنفسهاء ولكن كانت «اللام» لشدة الإجابة؛ لأنها بطلب الله» وتشدده فى الطلب لأجل نوح عليه السلام» وأنه إذ استجاب له سبحانه ونجاه وأهله من الكرب العظيم» وقال سبحانه: لفْنجَيناه وأَهله من الْكَرب الْعَظيم» حيث أرادوا إيذاءهم» وحيث كان كرب الطوفان؛ إذ أحاط بهم الماء من كل جانب» وركب فى السفينة من أراد الله إنجاءه. #ونصرناه من القوم الْذين كذبوا بآياتنا إنْهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين» . و(نصرنا) معناها انتصرنا له من القوم الذين كذبواء ف «نصرناه» متضمنة انتتصرنا؛ لأن «انتصر» تتعدى ب «من»» وكانت له محذوف دلت عليها #له» فى 4 تفسير سورة الأنبياء الم الل م ب اا قوله له تعالى: لفَاسِتَجِبنا لَه والمعنى انتصفنا له منهم إذ ظلموه بالعناد والسخرية وقد بين سبحائه استحقاقهم لما تزل بهم؛ فقال: ال نه لوا قزم سوم لافقا أجمعين» هذا بيان لاستحقاقهم ذلك الإغراق وإزالتهم من الوجودء وألا يبقى من ذريتهم أحد إذ لا يلدون إلا فاجرا كفاراء والسوء : هو ما يسوء الناس ويؤذيهم» وأضيف السوء إليهم ؛ لأنهم لا يصدر عنهم إلا ما يسوءء ويبسبب ذلك أغرقهم الله أجمعين » ولم يبق إلا من حملته السفينة المباركة . قصص أنبياء من أولاد يعقوب كانوا بعد موسى داو وَسليْمانَ إذ يحَكُمَان في الحَرث إِذ نَقَشَتَ فيه غنم القوم وكنًا لحكمهم شاهدين . «الواو» وصلة الأخبار فى قصص النبيين» و(داود) منصوب بفعل محذوف تقديره «اذكر»» والمخاطب النبى كَللِْهٌ تسرية له فى الشدائد والكروب التى كان فيها وهى تسرية فيها أخبار جدية تبين أحكاما لنظام الحق وإدراكه» فهى ليست تسرية بلهوء بل هى أخبار فيها طرافة» وفيها تنبيه لتنظيم العدالة والتفكير. «إذ يَحَكُمان في الحرث إذ نقحت فيه عنم القوم», #إذ» الأولى تتعلق بالفعل المحذوف «اذكر»» و#إذ» الثانية متعلقة ب # يَحَكُمَان 4 « الحرث»: الأرض المزروعة» سميت بمصدر حرث يحرث وهو قلب الأرض» ويطلق «الحرث» على الأرض المحروثة وعلى الزرع نفسهء و«تفقشت فيه عَنم القوم» أى انتشرت فيه الغنم فأتلفته» وأصبح غير ذى قيمة» وقد تحاكم الخصمان صاحب الحرث وصاحب الغنم إلى داود عليه السلام. تفسيرسورة الأنبياء 0 الالال 0 ههه : 7 وجاءت الروايات بأن داود عليه السلام حكم بأن يأخذ صاحب الحرث الغثم فى مقابل ما أتلفت الغنم من الحرث» وكانت القيمتان متقاربتين. ولكن سليمان - عليه السلام - رأى أن خيرا من هذا أن يأخذ صاحب الحرث الغنم تدر عليه لبنها ويستولى على منافعهاء ويأخذ الآخر الأرض يحرثهاء وكأن أجرة الأرض تكون هى منافع الغنم وردها. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنه هو الذى أفهم سليمان هذا الحكم فقال عز من قائل : لفَمَهمنَاها سلَيمَان وكلاً يا حَكُما وَعَلَمَا وَسَخْرنَا مع دَاود الْجبَال يُسبّحنَ وَالطَير دل هذا القول على أن حكم سليمان كان بإلهام من الله» ويومئ إلى أنه كان الحق» وإن لم يكن حكم داود كان باطلاء فقد بذل فيه سبيل الاجتهادء وكان مقارباء ولم يكن مناقضا للحقء والأحكام تبنى فى الدنيا على المقاربة» ولو كان القاضى نبيا جعله الله تعالى خليفة فى الأرض ما دام الحكم لا شطط فيه؛ ولذا قال تعالى: #وكلاً آتَينَا حَكْمَا وعلّمَ» أما العلم فعلم النبوة» وأما الحكم فقالوا إن الحكمة والقدرة على فهم الأمور ودراستها من كل جوانبهاء ويصح أن نقول: إن المراد بالحكم أهلية الفصل بين الخصوم» وقد ذكر سبحانه وتعالى أنه كان شاهدا مقرا لحكمهم . ويلاحظ هنا أن الحكم الذى أقره الله تعالى أو كان عليه شاهداء وهو حكم داود عليه السلام وحكم ابنه سليمان هو جزاء مشتق من ذات الاعتداء ولو بالتسبب» فإن صاحب الغنم تركها من غير أن يراقبها ويحفظها فنفشت فى الحرث» فكان الجزاء من ذات موضع الاعتداء» فقدره داود بأن تؤخذ الغنم فى نظير الزرع لأن قيمتها كانت تساوى الزرع» وبذلك كان الجزاء من جنس الاعتداء وهو مقارب» وأفهم الله تعالى سليمان أن يجعل الاعتداء جزاءه مماثلا ولو فى الظاهر لموضع الاعتداء فكان أن يترك صاحب الحرث لصاحب الغنم يحرثها ويزرعهاء حتى إذا ا تفسير سورة الأنبياء الل 02 > نا علا واستغلظ أو صار كالأول سلّمّه ورد الغنم إلى صاحبها وكان صاحب الحرث قد أخذ عوض التأخير بدرّ الغنم ومنافعها. وفى هذا الجزاء مقاربة للعدالة والمساواة وفيه تعاون» وفيها فاكدتان: الأولى : أن يكون فضل تعاون» والثانية: أنه مساواة أو مقارية من المساواة. وقد أثبت علماء البحث فى العصر الحاضر أن أقرب الجزاء إلى تهذيب النفوس أن يقع فى الجريمة أو الخطأء فيكون ذلك أدعى إلى الامتناع أو التوقى. وإن قصة هذا الحكم إرشاد للحكام إلى أقرب الطرق إلى تحقيق العدالة فى هذه الدنياء» وقال تعالى فيما مكن الله به لداود» فقال عز من قائل: #وسحَرنا مع داود الجبال يسبّحن والطير وكنا فاعلين» كرم الله تعالى داود بأمرين : أولهما: أنه سخر له الجبال تتحرك بإرادته وتسكن » وتسبح بأمره عليه السلام» ولسنا نستغرب شيئا من ذلك لأننا نؤمن بالقوة الغيبية» يبثها الله» ولا يمارى فيها إلا الذين لا يؤمئون إلا بالمادة وظواهرها» وكذلك سخر الله تعالى له الطير» وروى أن الجبال كانت تجاوبه فى تسبيحه» وكذلك الطير» ولا غرابة فقد قال الله: < يسبّح لله ما في السّموات وَمَا في الأرْض ... 48 4 [الجمعة] وقال تعالى: © ويُسبّح الرّعد بحَمُده وَالْمَلائكَة ... 27 4 [الرعد] وقال الله فى داود: <( ... يا جبال أوبى معه والطّير ونا له الحديد )4 [سبا]. أى أن هذه إرادة الله» ولا مشاحة”'' له فيما يريد» وقال تعالى: دمي هه فى الومد سر عورال هم هم هو اعريل اس 828 ا 0 2 «وعلّمناه صنعة لبوس لكم لتحصدكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون» إعلّمناه» التعليم هنا الإلهام والتوفيق والمرانة على عمل ماء وهو بتوفيق الله تعالى» وينسب إليه لآنه لا شىء إلا بإرادته وتوفيقه» و«الصنعة» هى الصناعة )١(‏ واحُشَاحَةٌ: الفمّةُ. وتّشاحًا على الأَمْر: لا يُريدان أن يَمُوتَهُماء وتشاح القوم في الأمر: شح بَعْضْهُم على بعض حدر فوته . ٍ 3 | تفسيرسورة الأنبياء 0م الللللل1ا1ال اما ل الا لسر ا والتفئن فيها وإجادتهاء وهى من خواص الإنسان» و«اللبوس»: ما يلبسء» وهو هنا الدرع الذى تتقى به ضربات السيوف» والرماح والسهام فلا تنفد فيه من هذه الأسلحة إلى الجسمء وقد ألان تعالى الحديد لداود عليه السلام ليتمكن من أداء الصنعة على الوجه الأكمل» وقال تعالى: #لتحصنكم من بأسكم» البأس: هو الشدةقء وهو هنا الحرب التى يشعلها الإنسان فى هذه الأرض سواء أكانت هجوما معتديا آثماء أم دفاعا عادلاء و تمحصنكم مصدرها إحصان وهو المنع والحماية» وهذه نعمة الله تعالى » فإنه كما أوجد للإنسان السيف» أوجد له الدرع فيكون الدفع للاعتداء» وإضافة البأس إلى الناس فيه معنى بلاغى رائع؛ إذ إنهم هم الذين يوقعون أنفسهم فى الشدائد. والله يدبر لهم أمر ردها ودفعها. وإن ذلك يوجب شكر الله تعالى» وقد دعا سبحانه إلى ذلك فقال: #فهل أنتم شاكرون» «الفاء» لحرتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى بسبب تلك النعم التى أسداها لكم من هذا التدبر المحكم بأن هيأ لكم الدواء عند الداء» والدفع عند احتمال الاعتداء. والاستفهام للحض على الشكر؛ ولذا قال علماء البلاغة إن هذا التعبير أدل وأخبر تعالى عن نبى الله داود الذى آتاه الحكم والخلافة فى الأرض أنه قد اتخذْ لنفسه صناعة يأكل منهاء وأفهمه الله تعالى هذه الصناعة» وما كان أكل الرجل من عمل يده عيباء إنما العيب أن يكونٌ كلاً على الناس وهو القادر على العملء ولقد جاء فى تفسير القرطبى ما نصه: هذه الآية فى اتخاذ الصنائع والأسباب» وهو قول أهل العقول والألباب» فالسبب سنة الله فى خلقه» وقد أخبر الله تعالى عن نبيه داود عليه السلام أنه كان يصنع الدروع, وكان أيضا يصنع الخوص» وكان يأكل من عمل يده» وكان آدم حراثاء ونوح نجاراء ولقمان خياطاء وطالوت دباغاء وقيل سقاءء فبالصنعة يكف الإنسان نفسه عن الناس» ويدفع بها الضررء وفى الحديث: إن الله يحب المؤمن الضعيف المتعفف» ويبغض السائل الملحف)7 , )0غ( المللحف: لحف السائل: ألح. رواه الطبراني عن ابن مسعود عن فاطمة الزهراء رضي الله عنها. كنر العمال(175/826)١/7901.‏ / تفسير سورة الأنبياء ار 0 سب ا وقد ذكر سبحانه ما مكن الله لسليمان بعد داود فقال: جرم ازيح عاصفة ري بأثره إلى الأزض لب بدا فيا ونح بل شب عَالمين» . 9الرّيح4 منصوبة بفعل العطف» أى: وسخرنا لسليمان الريح» كما سخرنا لداود الجبال وقلنا يا جبال أوبى معه والطير وألنا له الحديد» وكذلك سخرنا لسليمان الربح أى جعلناها له ذلولاء فأبوه كانت رواسى الجبال مسخرة لهء وهو كانت عواصف الرياح مسخرة له ومذللة له» والريح العاصفة هى الريح الشديدة فى هبوبهاء بحيث تقوض القائم» وقد وصف الله الريح بهذا الوصف للإشارة إلى أنها فى قسوة هبوبها وعصفها لا تذر شيئا أتت عليه إلا أزالته» زللها الله تعالى لسليمان» فكانت تجرى بأمره رخاء» وقال تعالى: #تجري بأمره» مع عنفها تهدأً له» وتسرى بأمره «إلى الأرض التي باركتا فيها», وهى هنا مدينة «أورشليم) إذ استردها داود من أيدى اله وكان الحاكم فيها وجاء من بعده سليمان عليهما السلام» وإن ذلك كله بإرادة الله تعالى وعلمه؛ ولذا قال: «وكنًا بكل شيء عالمين» وقدم الجار والمجرور للاهتمام بعموم علمه سبحانه» والحملة السامية تدل على استمرار علمه سبحانه» وأنه لا يغيب عنه شىء فى السماء ولا فى الأرضء» ودل على الاستمرار الوصيف «عالمين» وتقديم الجار والمجرورء الجملة الاسمية المؤكدة» وكان الدالة على الاستمرار. ومن الشياطين من يَعُوصون لَه ويَْملُونَ عَمَلا دون ذلك وكنا لهم حافظين» . «الواو» عاطفة والمعنى وسخرنا له من الشياطين #مَن يغوصون لَّهِ4. أى أن الله تعالى كما سخر الرياح العاصفة فتجرى بأمره رخاء حيث أصاب» كذلك سخر له من الشياطين من يغوصون له» أى يغوصون فى أعماق البحر ليستخرجوا منها اللآلئ والأحجار الكريمة والعنبر وغيرها من منافع الماء» وقد أعطى الله سليمان ملك اليمن التى تمتلئ بحارها باللآلئْ وثروات البحرء فكانت الشياطين تغوص فيهاء وتخرجها له وسيجىء ذلك فى سورة النمل إن شاء الله تعالى. وقوله تعالى: هيَعُوْصُونَ لَه أى يغوصون لأجله وبأمره ومنافع غوصهم له. لويَعمَلُونَ تفسيرسورة الأنبياء 0 لاا 11 هه < يي عَمَلاً دون ذَلك», أي غير ذلكء وليس المعنى أقل من ذلك بل كلا العملين فيه خير؛ ولذا قال تعالى: ف والششياطين كل با وغواص +290 وآخَرين مقن في الأصفاد 20> 4 [ص] وقال تعالى: ( يعملون له ما يشاء من مُحاريب وتماثيل وجفانٍ كالجواب ... 27 4 [سبأ] . #ركنًا لهم حافظين» أى كنا لهم حافظين مما فى جوف البحرء ومؤيدين لأعمالهم ونحب أن نقول: إن الشياطين هنا لا نعتقد أنهم إخوان إبليس أو من ذريته؛ لأن إبليس وذريته متمردون على ربهم فكيف لا يتمردون على سليمان» إنما هم من خلق طائعين» وكانوا مؤيدين من اللهء وهو حافظ لهم. ولو اعتقد بعض الناس أنهم من شياطين الإنس الذين كانوا من شطار الأرض سخرهم الله لسليمان وهو بعيد. والله أعلم . أنبياء من أنبياء بنى إسرائيل وغيرهم هه سك ره 11 أ ه_- 20 0 1 ا أذ 00 0 لج 2 َيِه أهله. وى مم 5 يمَديَنْعني وض صطَرَ 2001 22 وَإِسَمَيِعِيل وإدردس وذًا الْكدْل كل درن # كي سروه 2-0 22 وَأََلَكَهُمف رحنإنم د يليت اي 21 ٠.‏ ته ار أ ل َ 20 رَعَتَه يه وذا لنونإذ ذهب مغلضببا فظن أ ندر 2 / م جلت سم سر رفن سم جيه 2 7 قنادئ ف الظلمن تأن مال حصان ع مالظ يمير م 00 سه نالوم 1001 2 0 ل تفسيرسورة الأنبياء لاالأ اتا 1نا!]للا؟الالا] !ااا االاً!ا ال !تاللا ]ااال ال!] أ ك1 ااا الاك الا ااا لل عامط ل ل اخلط ل للا كط للللللا م > ار دنا ا ا 9 هه آ#ح د ل هه 0 خا م ماكز كز وأنت خي رالوأرئيس> 44 00 تح نالفو هيما له 2017 يح وَأْكَِعْكَا ادرئك هك ِنَهُمْ اذأ حرفت والكات سرح او م ا 0 ويدعوكارعباورهبا و كانوا الباخلشعيرت من أخبار النبيين السابقين فى هذه السورة كانت أخبار أولى العزم من الرسل» وجهادهم الشرك. وبيان لمجاهدتهم الكفرء وتعرضهم لأذى الشرك وصبرهم» وكيف صبروا حتى أدوا رسالات ربهمء وذلك تسرية للنبى يلل وتحريض له على تبليغ الرسالة» وبيان أنه سبحانه ناصره كما نصرهم ولن يضيعه الله تعالى بخذلان أبدا . 1 وقد كان النبى مَكْلةٌ يصاب بشدائد من شأنها أن تلقى بالرجل فى غم وهم الله تعالى أخبار من أصييوا ب: بضر أو يخم وكيف أنقذهم الله تعالى» ‏ ورفع عنهم. رب إذ نادئ به ني م مسي الضر وأنتَ أرحم لاحم «أيُوب» منصوب على آنه مفعول لفعل محذوف تقديره «اذكر؛» والمخاطب النبى محمد علق وتقديره اذكر يا محمد وتذكر أيوب» و#الضر» هو ما يصيب الإنسان فى جسمه أو نفسه وأحبائه. وقد أصيب أيوب عليه السلام فى جسمه فأصيب بمرض عضال» قيل إنه الجذامء وقد ذكر ذلك ابن كثير فى تفسيره فقد جاء فيه: (ذكر تعالى عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء فى ماله وولده وجسده» وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شىء كثير وأولاد كثيرون ومنازل مرضية» فابتلى فى ذلك كله وذهب عن آخرهء ثم ابتلى فى جسده» يقال ل تفسيرسورة الأنبياء 0 اللإماللاالللالااللل ل الل ااااللووالللاللل جه في بالجذام فى كل بدنه؛ ولم يبق منه شىء سليم سوى قلبه ولسان يذكر بهما الله تعالى» حتى عافه الجليس 2١‏ وانفرد فى ناحية فى البلد ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجه كانت تقوم بأمرهى ويقال إنها احتاجت فصارت تخدم الناس لأجله) . دس هذا المرض الممض لنفرء ومع الانفراد كان صابراء كما قال الله تعالى: .. . إِنَا وجدتاه صابر) نعم العبد نه واب 2:2 4 [ص] ولم يشك لأحد غير الله والشكوى لله لا تنافى الصبرء وإنما الذى ينافيه الأنين والشكوى للناس» قال لربه: 9مس الضر». هذه الجملة الهادية» أى أصاب نفسى وحسّى» قال ذلك طالبا رفع الضررء فقال: «وأنت أَرْحَم الراحمينَ» لم يطلب من الله بصريح اللفظء ولكنه ذكر حاله وكفى» وهو بها عليمء وإن ذكر الرحمة ينبئ عن الطلب» وهو أن يرحمه سبحانه» ولكن لم تتعين الرحمة كاشفة عن الضرء فقد يكون الضر من الرحمة» ففى حديث النبى كله : «يبتلى الرجل على قدر دينهء فإن كان فى دينه صلابه زيد فى بلائه)؟ وصف الله تعالى بأنه «أرحم م الراحمين4» وأفعل التفضيل ليس على بابه لآنه لا رحم يقارب رحمته» وإنما يفسر على أنه سبحانه وتعالى بلغ فى رحمته أعلى درجاتها ٠.‏ «إفا ستجبنا له فَكُسْفنًا ما به من ضٍِ وآتيناه أهله ومثلهم معهم رَحْمَة م عندنا وذكرئ للعابدين». «الفاء» للترتيب والتعقيب» أى كان الكشف فور الضراعة له سبحانه وتعالى» وذكر رحمته»؛ وكشف الضر: إزالته» وخحصوصا إذا كان الكشف إزالة هذا المرض الذى شوه جسمه» ونفر الناس منهء ولم يكن كشف إلا بإرادة» ولا يتعذر شىء إزاء إرادة الله» ولو كان جذاما لا يشفى فى عادة الناس وطبهم» ولقد قال تعالى فى بيان كيف كشفه: «( واذكر عبدتا أيُوب إذ نادئ به أي مسي الشيطان بنصب وعذابٍ 40 اركض برجلك هذا مغمَسل بارد وشراب 50> ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رَحمة )2غ روآه الإمام ألحمد فى مسئدهة .)1١9(‏ ا تفسيرسورة الأنبياء 00 0 «لج دوو يي مَنَا وذكرئ لأولي الأَلبّاب +22 وَخْل بيَدكَ ضغْنًا اضرب به ولا تَحَث إِنَا وَجَدنَاه صابرا نعم العبد إِنّه واب 26 [ص] إن أخبار أيوب عليه السلام تفيد أن كل الناس نفروا منه حتى أهلهء وذلك أشد على النفس من وقع الحسام المهنّدء فكان ألم مرضه مع ألم فراق الأحبة؛ ولذا قال سبحانه فى منته على أيوب #وآتيناه أَهله» أى أعطيناه أهله الذين نفروا وكان عودتهم عطاء من الله غير مجذوذء وجاء معهم مثلهم من محبين وموادين» أى أقبل عليه الناس بعد طول نفورء وذلك #8 رحمة مَنَا4» وأضافها سبحانه إلى ذاته العلية» فهى رحمة تليق بذاته الكريمة وهو الرحمن الرخيم #وذكرئ للعابدين» أى تذكيرا دائما للعابدين» بأن الله معهم دائما وإنه معهم لا يتركهم أبداء يثيبهم فى البلاء» ويرفع عنهمء «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خيرء وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» إن أصابته سراء شكر فكان ذلك خيراء وإن أصابته ضراء صبر فكان ذلك خيرا'""'» كما روى الإمام أحمد رضى الله تعالى عنه» عن النبى يَلَِلْةِه فهذه تذكرة لا يدركها إلا العابدون الذين ذاقوا حلاوة العبادة ولو فى أشد الضرر. «وإسماعيل وإدريس وذ الكفل كل من الصّابرين» . هؤلاء أنبياء ثلاثة» أو نبيان ورجل صالح وهو «ذو الكفل»» وكل هؤلاء امتازوا بالصبرء # وإسماعيل» مفعول لفعل محذوفء وهو «اذكر»ء والمخطاب للنبى محمد ول فأخبار الصابرين تلهم بالصبروالاقتداء بهم وأولهم إسماعيل كان عبدا صبورا عندما أراد أن يذبحه أبوه لرؤيا رآهاء قال له أبوه : (يا بني ني أرئ في الْمَام أني أَذْبَحك فَانظر مَاذَا ترئ قَالَ يا أبت افْعل ما تمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين 4477 [الصافات] فكان الصبر من الأب والابن عظيماء فالصبر من الاب بأن يرضى بذبح ولده البكرء وقد وهبه له ربه على الكبر هو وأخاه إسحق. #وإدريس»» ويقولون إنه أكبر من نوح عليهما السلام» وقد ذكر الله تعالى أنه من الصابرين؟ ولم يذكر موضع أو دليل صبره. )١(‏ رواه أحمد ومسلمء وقل سبق تخريجه. ١‏ تفسيرسورة الأنبياء 0-09 الاللللللالال ااال اللا ١ ااا‎ ١) بي‎ #«#وذا الكفل». فهم ابن كثير أنه نبى من وجوده فى أخبار الأنبياءء وقال بعض المفسرين السلفيين إنه كان رجلا صالحاء ومهما يكن من أمره فهو من يقتضى أثر الصبرء ولذا قال تعالى: #كل من الصابرين4 أى كل واحد من هؤلاء رحمة الله تعالى تتناول أولا: محبته ورضاه فهى رحمة لا ينعم بها إلا الأبرار المصطفون الآخيار» وثانيا: اطمئنان نفوسهم ورضاهم عن أفعالهم وذكرهم لربهم» « ... آلا بذكر الله تطمئن القلوب +4220 4 [الرعد] وثالشا: جنات الخلد التى لهم فيها نعيم مقيم» وقد ذكر سبحانه السبب فى ذلك فقال: «إإنهم من الصالحين» الذين قلوبهم» والله هو الهادى إلى الرشاد. «وذًا الثون إذ ذهب مَغاضبا فَظَنَ أن أن نَقَدر عليه فنادئ فى الظُلمَات أن لا لَه إلا أنت سبْحَانَك إِنّي كنت من الظالمينَ 4207 فَاسِتَجبنا لَه وَجَيناه من العم وكذلك ننجي المؤمنين +407 . #وذا النون*» معطوف على ما قبلهاء وهى مفعول لفعل محذوف جوطب به النبى كَكْْةٌ تقديره: «اذكر»». أى اذكر قصة ذى الئون الذى غضبء وليس من شأن النبى الهادى أن يغضب» وقد عاقبه الله تعالى بضيق لتبرمه بقومه وغضبه عليهم لكفرهمء ولم يكن رفيقا بهم يأخذهم بالهوادة» وذو النون هو يونس صاحب الحوت» والحوت اسمه النون» #إذ ذهب مُعَاضبا» «إذ)ا متعلق بحال ذى النون» تعالى ؛ لآنه دعاهم إلى الله وإلى التوحيد فلم يستجيبوا له فغاضبهم. وذهب عنهم معرضاء وذلك ليس شأن الداعى» إن المدعوين جهلاء» والداعى هو النبى فلا بل تفسيرسورة الانبياع 1 للملللال الال ااال للفلل اال الل م الحرب ا يجوز أن يخاصمهم ويغاضبهم وإلا زادهم نفوراء فالرفق يدنى» والغضب يبعد» وهو بهذه المغاضبة خالف ربه» وقد حسب أن النبوة أمر هين لين» بل أشق أعمال البشر. وقال تعالى: #فْظَن أن أن تقدر عليه» هنا تأويلان لمعنى «أن أن تُقدر عليه», أولهما: أن نقدر فى معنى فقدر عليه رزقه» أى نضيق عليه» فالمعنى: فظن أنه لن نضيق عليه» وحسب أن النبوة ليس فيها ضيق» وقد عاقبه الله تعالى بآن التقمه الحوت لقْتادئ في الظُلّمّات4 أى ظلمات جوف الحوت أن لأ إِلَه إلا أنت سبحَاتك» أى تنزهت ذاتك» وفى هذا القول معنى الضراعة الكاملة والالتجاء إلى الله وطلب نصرته» وإنقاذه والاستغاثة به؛ ولذا قال بعد: #فاستجبنا له» . التأويل الثانى: أن معنى قوله تعالى: #أن أن تقدر عليه4» أى لا نقدر اليسر والفرج» وأحسب أن التأويل الأول أكثر ملاءمة للآية الكريمة ولمقامه. لفَاسِتَجِبنا له, أى أجبناه» والسين والتاء للطلب» وهما يدلان على شدة الإجابة وشدة الرفق» وكانت التعدية ب «اللام»» مع أن «أجاب» تتعدى بنفسها؛ للدلالة على كمال العناية به وترادف النعم عليه وقال تعالى: طونجَيَاه من الْمَم4 الغم هو الآلم الذى يصم النفس ويصيبها بغمة شديدة وهم واصب» وذلك من أثر المغاضبة التى غاضب بها قومهء وخرج - عليه السلام - عن سنة النبيين الهادين المرشدين» #وكذلك ننجي الْمؤْمدين» أى كهذه النتيجة التى نجينا بها صاحب الحوت ننجى المؤمنين » فلا ندع مؤمنا فى غمء بل نفرج عنه. وهنا أمران بيانيان نشير إليهما: أولهما - أنه حذف من القول ما أنبا به سياق الكلام» فلم يذكر التقام الحوت له» ولكن أشير إلى ندائه فى ظلمات جوف الحوت ودل على التقامه والشدة الشديدة التى كان فيها يونس» وأنه كان فى ظلمات لا يعرف لها نهاية ولا غاية» وذلك من الإيجاز بالحذف الحكيم. تفسيرسورة الأنبياء 0 ل اااللللولل الل مامالل اا :2 يي الأمر الثانى ‏ فى العطف بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب» وإضافة النجاة والاستجابة إليه سبحانه للدلالة على أنهما مؤكدان برحمته سبحانه وفضله. إوزكريا إِذ نادئ 3 رب لا اتذرني فردا وأنت خَير الوارثين 2 فاستجبنا لَه ووهبنا له يحبئ وأصلحتا لَه زوه إِنّهم كانوا يسارعون في الْخيْرَات ويدعوتنا رغبًا ورَهَبا وكَانوا لَنَا خاشعين :)4 . ش #زكريا4 معطوف على ما سبق من أخبار النبيين» وسبقت قصة زكريا عليه السلام للدلالة على أن الله تعالى لا يتقيد فى خلقه وإرادته بالأسباب العادية ومسبباتهاء ففى الأسباب العادية لا يأتى الولد من امرأة عاقر» وفى الخبر تسرية عن النبى يَإْةٌ بقصص النبى وتوقع نصرهء وإعلاء كلمته على المشركين» وإن كانت ظواهر الأمور لا تنبئ عن ذلكء» فالأمر كله للهء #وركريًا إِذْ تادئ ربّهِ * قال رب لا تَدَرَنى قَرْدًا وأنت خَيْرُ الْوَارينَ» فردا أى منفردا عن قريب أدنى يرئنى» ولقد كان فى ندائه بالغا أقصى درجات الأدب فى جنب اللهء فهو لا يجعل وراثئة ذى القرابة القريبة أولى من وراثة الله فقال: #وأنت حَيْر الوارثين» وأفعل التفضيل ليس على بابه» بل المعنى وورائتك أعلى درجات الورائة وأبقاها. وهذا التتعيير الموجز فى معناه قوله تعالى : طقال رب إِنّي وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شَقيا 10> وإني خفت الموالي من ورائي وَكَانَت امْرأتي عاقرا فَهَبْ لي من لَدنك ولا لج يرشي ويرث من آل يَعُقُوب واجعله رب رَضيًا 21 4 [مريم] . وقد أجابه تعالى بقوله هنا: لفَاستَجبنا له ووهبنا له يحََئ وأصلحتنا لَه وجه» . «الفاء» عاطفة تدل على الترتيب والتعقيب» أى أجبناه عقب سؤاله» والتعدية باللام تدل على كمال الاختصاص بالداعى والعناية به» وإصلاح زوجه هو جعلها صالحة للولادة» بعد أن جف جهازها التناسلى» وقد كانت فى ذاتها عاقرا لا تلد» وسبحان الفعال المختار الذى لا تحكمه الأسباب بل يحكمها وهو الفعال المختار. تفسيرسورة الأنبياء للم ااال لالتلا م الح ا وقوله #الَه» «اللام» معناها لأجله وتكريما لهء وعناية به واستجابة لدعائه» وكان زكريا ويحيى خيرا خالصاء وكذلك الأنبياء السابقون جميعا؛ ولذا قال تعالى فى أوصافهم: 9إِنَّهُمْ كانوا يُسَارِعَون في الْخَيّرات4 أن يتسارعون إلى الخيرات» كأنهم يتسابقون» وكانت التعدية ب #إفي* للإشارة إلى أنهم يسارعون يسابق بعضهم بعضا فى دائرة اخيرات لا يخرجون عنهاء فالخيرات أحاطت بهم إحاطة الدائرة» و#الخيرات» الأعمال النافعة التى قصد بها وجه الله والعبادة الخالصة له سبحانه» . ويعونَا غيا و4 الرغب معناه السعة» والعنى يدون ربهم فى حال السعة والرخاء» والرهب الخوف مع الاضطراب والانزعاج» والمعنى يدعونه سبحانه وتعالى فى حال رخائهم. وحال شلتهم وانزعاجهم» فهم يدعونه فى كل الأحوال» لا كأولئك المشركين الذين يدعون الله فى الشدة» فإذا ذهبت إذا هم يشركون» #وكانوا لنا خاشعين» أى خاضعين خائفين راجين الرحمة. أفرد سبحانه قصص مريم وابنها فقال: 000 00 والىَأْخصتٌ < عه ففخكان ها من رُوحِنًا ححا" لم 1ه ]| يللم دما 1 حت في عطف على ما سبق من النبيين» وهى مريم البتول التى اصطفاها ربها على نساء العالمين حتى قيل إنها نبى أوحى إليهاء وذكر الله تعالى أجل وصف للمرأة وأكمله. فقال: #أحصنت فرجها». أى صانته وحفظته. وكانت هذه الصيانة ليكون فيه الوديعة التى أودعها الله تعالى فقال: طقَنَفَخْنَا فيها من روحتا» أى بسبب إحصانها لفرجهاء وأنها طاهرة مطهرة اختارها الله تعالى ليودعها عيسى عبده ورسوله» ولإروحتا» هو جبريل عليه السلام» فهو الذى نفخ فيها ولم ينفخ بظاهر الآية فى فرجهاء بل نفخ كما قال المفسرون: «فى بعض ثيابها» وقد قال تعالى فى ل تفسميرسورة الأنبياء 0 ااال اا0ا60ا0اااالل ل ا0ااااللااا64ااالللل للا كاه : يي تصوير النفخ فقد قال تعالى : قدت من دونهم حجابا رسلا ليها روحا َمل لها بشرا سويًا 800 قَلَت إِنّي أعوذ بالرّحمن منك إن كنت تقيًا :120 قَال نما أنا رسول ربك لأَهب للك غلاما رَكيًا <(15 الت أن يكُون لي غَلام ولم يمسسبي بشر وم أك بغيا : 22> قَالَ كذلك قَال ربك هو علي هين ولتجعله آية للئّاس ورَحمة مُنَا وكَان أَمرا مُقْضيًا 7# 4 [مريم ]. هذا هو نفخ الله تعالى من روحه جبريل الروح القدس الأمين» وقال تعالى: #وجعلناها وابنها آية للعالمين 4 أى آية دالة على كمال قدرتهء وأنه الفاعل المختار لا تقيده الاأسباب والمسببات» بل هو فاعل مختارء فكانت أمه آية فى خخرق الأسباب» إذ حملت من غير بعل» وكان ابنها آية إذ خلقه الله تعالى من غير أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم. ْ ترق الناس حول الرسالة الإلهية وهى واحدة م كود ا حِدَه وأ م 1 #[ هر 5-4 ته ساح سرع م وسوء 0000 شمن يعد يبو زم سر 0 نا 4 تت © وكرام عل فَريَةٍ 2 ذكر الله سبحانه وتعالى طائفة من الرسل الذين دعوا إلى الوحدانية» وإن إجابة الناس كانت واحدة» منهم مؤمئون وهم قليل» ومنهم كفروا وعائدوا وهم ل 0 تفسير سورة الأنبياء . 00 0 أ اا كثير» وإن الذين أشركوا وعاندوا كانوا يستهزئون بالذين آمنواء وكانوا يقولون هم أراذلنا بادى الرأى» وكانوا يتكرون البعثء» ويقولون إن هى إلا حياتنا الدنيا موت ونحيا وما نحن بمبعوثين» وكانت المادة تأسرهمء ولا يؤمنون بالغيب» والنبيون يجاهدون فى الدعوة إلى الله والحق ويصابرونهم» ويبالغون فى الدعوة ليعذروا لأنفسهم عند ربهم» ومن العصاة من يرتكبون أفحش الفواحش سائرين وراء شهواتهم المنحرفة» بعد ذلك بيّن الله سبحانه وتعالى وحدة البشرية» ووحدة الرسالة؛ ولذا قال عز من قائل: «إِن هذه أمتكم أَُمّةَ واحدة وأنا ربكم فاعبدو ن». الإشارة ب #هذه» إلى الجماعات الماضية رسلا مبشرين ومنذرين وأقوام بعثوا إليهم وعاندوهم أو وافقوهمء والخطاب للذين بعث فيهم النبى محمد وَل و8 أَمّة4 حال باعتبار الوصف بالوحدة؛ والمعنى إن هذه الجماعات التى مضت برسلها المصطفين الأخيار حالة كونها أمة واحدة هى أمتكم معشر المخاطبين» والمعنى أن الناس جميعا أمة واحدة فى كونهم مؤمنين» وكافرين» ومستقيمين ومنحرفين» وأمة واحدة فيما طبعه الله تعالى عليهاء وجبلها على الصفات الإنسانية الواحدة» ما بين ملهمين التقوى وملهمين الفجور»ء والرسل المختارون يدعون الأبرار والفجار» فيستقيم على الطريقة المثلى الأبرار» وينحرف عن الجادة الأشرار» وهذه الآية كقوله تعالى : ظ كَانَ النّاس أَمةَ واحدة .. . +4572 © [ البقرة] . وبعد أن بين سبحانه وحدة البشرية فى الطبائع والجبلآت بين وحدة الرسالة» ووحدة الألوهية والربوبية» فقال عز من قائل: «وأنا ربكم فَاعْبْدُون» أى أنا خالقكم والقائم عليكم والكالئ لكم ١‏ فَاعبدون4 الفاء فاء السببية أى بسبب هذه الربوبية الخالصة المبدعة - اعبدون» هنا ياء المتكلم محذوفة مع تقديرها فى الكلام. هل وإنه نتج عن هذه الوحدة فى الجبلة» وتنوع الغرائز وتضاربها وتغالبها. وتنازع الآهواء والشهوات أن تنازع الناس» وإن اختلفت منازعهم ما بين مهتد رشيد» ومدحرف عنيك؟ ولذا قال تعالى : تفسيرسورة الأنبياء 000 اللللللل الل ااال ااا لئان | كك + يي" «وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلَينَا راجعون» «وتَقَطُّعوا4 أى تفرقوا مزائق» وفرقا متباينة: هذا مهتدء وهذا ضال» وقد نتج هذا من الوحدة فى الطبائع والغرائزء ففى الغرائز حب الغلّبء وفى الغرائز حب السيطرة» وفى الغرائز الشهواتء وإنها إن اختلفت فى أصلها ومنبعها تفتر فى نزوعها واتجاهاتهاء فمن وحدتها يكون اختلافها وهذا كقوله تعالى : (كن لثمن م واحدة قبعَتْ الله اين مبشرين وصذرين وأنزل معهم الكتّاب بالْحق لِيَحَكم بين اناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا اين أُوتُوه من بعد ما جاءتهم البينَات بغيا بينهم فهدى لله دين آمنوا لما اختلفوا فيه من الْحقّ بإذنه والله يهدي من يَشاء إلى صراط مستقيو 42 [البقرة] فقد قدر فى القول كما أسلفنا بعد قوله تعالى : ذل كان الثّاسى َم واحدة 4 فكان الاختلاف المقدر الذى تقرر بقوله: «ليحكم بين الثّاس فيما اختلفوا فيه# مترتبا على الوحدة فى أصل الغرائز التى تتضارب» والجبلات التى تتناحر. كذلك هنا كانت وحلة الأمة الإنسانية فى أصول الغرائز وينابيع النفس سببا فى الاختلاف وتقطع الأمر وتفرقه» وعبر سبحانه عن تفرق الإنسانية ب «تقطع» للوشارة إلى أن الجسم الإنسانى واحد وقد تقطع أجزاءء فهو تأكيد لأصل الوحدة» وقوله تعالى: أَمرهم4 أى الأمر الجامع بينهم» وهو أصل الوحدة ووحدة الغرائز وجماعتهم الجامعة» قطعوها بين غالب ومغلوب ومسيطر ومسيطر عليه» ومهتد وضال. ثم بين سبحانه وتعالى أنه كما ابتدأوا وحدة يعودون إلى الله تعالى مجتمعين فى المحشر؛ ولذا قال تعالى: كل إِلَيْنَا رَاجعُون4 فتقديم الجار والمجرور للدلالة على الاختصاصء» أى راجعون إلينا وحدنا لا إلى غيرنا. ثم ذكر سبحانه جزاء الأبرار» ثم جزاء الفجارء فقال عز من قائل: (فس يمل من الالحات وه مفلا ران لواحتو 4 «الفاء» فاء الإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء أى إذا كانوا جميعا إلينا راجعون» فإنا نجازى المحسن بإحسانه والمسىء بإساءته» وقوله تعالى: «#من الصالحات وهو مؤمن» «من» هنا إما للتسبعيض» أو للاستغراق ويكون المعنى من يعمل بعض نا تفسير سورة الأنبياء املا 02 أ أ الصالحات وهو مؤمن بالله حق إيمانه متقربا بها إلى الله تعالى» فإن الله يقبل عمله ويثيبه عليه ؛ لأنه لا سلامة للأعمال إلا بأن تكون لله وحده» ولا تكون لله وحده إلا وإنما ذكر بعض الصالحات؛ لأنه ليس فى الطاقة الإنسانية القيام بكل الصا لحات» وكل ميسر لما يستطيعه» ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ويصح أن تكون #من» بيانية» أى ومن يعمل الصا حات بما فى طاقته قلا كفران لسعيه» «الفاء» واقعة فى جواب الشرط» والكفران الستر» وكفران النعمة سترهاء وكفران السعى عدم الجزاء عليه» والسعى هو العمل النافع الذى يكون فيه القرب إلى الله تعالى. وعبر سبحانه عن عدم الجزاء بالكفران» إكراما للساعى وتأكيدا بأنه لن يهمل جزاءه» ومعاذ الله تعالى أن يفعل» كما قال تعالى ## . .. أنَي لا أضيع عمل عامل, سَكُم ... 59> 4 [آل عمران] وقوله تعالى: 8 . .. إن لا نضيع أجر من أحسن عملا 20> 4 [الكهف]. ظ وبين سبحانه» أن هذا السعى مكنوب قد أحصاء الله تعالى فقال: وإِنًا لَه كاتبون» أى قد أحصيناه إحصاءء وذكر الكتابة للدلالة على أنه غير ضائع أبداء والله بكل شىء عليم» وقدم الجار والمجرور لكمال العناية بمن يعمل عملا صالحاء أى كل عامل يقيّد له عمله بخاصة» ويحصى لكل ما يخصه. هذا جزاء الأبرار» أما غيرهم فقد قال سبحانه فى جزائهم: «وحرام علئ قرية أهلكتاها نهم لا يرَجعو ن* الحرام: الممنوع من الله تعالى» أو من الطبع» أو نحو ذلك» والحرام هنا ما حرمه الله تعالى على نفسه» وهو تأكيد لرجوع الناس جميعا إليه سبحانه وتعالى» أى حرم الله تعالى على نفسه ألا يرجع الذين هلكواء ولمعنى: أوجب الله تعالى على نفسه أنهم إليه راجعون» لأنه إذا كان عدم الرجوع فيكون الواجب الرجوع؛ ولذا فسر الكثيرون» حرام بمعنى وجب أن يرجعوا. تفسيرسورة الأنبياء 0 0111102020200 لس ا والقرية الجماعة المجتمعة فى مدائن عظيمة أو مدائن متقاربة» وقوله تعالى: #أهلكناها» إشارة إلى عقاب الدنيا الذى ينال الضالين» وهو الهلاك والدمار» كما وقد ذكر سبحانه وتعالى هلاك الآثمين فى الدنياء وقال تعالى: «كُل إلَينَا رَاجعون» أى أوجب الله على نفسه أن يرجعواء كما أوجب سبحانه وتعالى الرحمة قوله: «أنهم لا يرجعون» تقديم الجار والمجرور فى معنى الاختصاصء أى أنهم لا يرجعون إلا إليه وحده ليتولاهم بعذابه فى الآخرة كما تولاهم بالهلاك فى الدنيا جزاء ما قدمت أيديهم » فرجوعهم سيحانه وتعالى إليه وحده إنذار بعذابهم القيامة ومقدماتها 01 26 ىل م2 حوة إذ فيبحت م رشعو و ساسك ع عو سو اس وم سدم ام 5 سر صر و 4م وب سس و ع هر نر وه هر أ 0 0# ٠.‏ 9 . وأقترب الود الْحقّ فإذاه سخِصة أبصدر ادن ل يي ا ا 00 َّ ٠. 5‏ .| وو 5 7 - ١ ٠‏ . 421 بالل م لات م ووو 2 للمبيرمب زان إنحكم وماتعبدوت مندويك م« سام برو 0 كت محر لو حصب جهن أنشم لهاواردورت زحي لوكا ا و ل سس الع سر جور هلؤلاء عاإلهة ماوردوهاوحك نا دون 50 #8 دي ا يح سه كر 5 فيهسازؤيروهم فيها لاسمعو 7 ١ تفسير سورة الأنبياء لم 0 > ا هذا بيان مما أعد للكافرين يوم القيامة» وقد ذكر أنهم إلى الله وحده راجعون وسيحاسبهم على ما أجرموا فى حق الله سبحانه » وظلمهم لعباده» وفى هذه الآية يذكر الكافرين بيوم القيامة» وما يختبر به عباده من قوم أشرار يعيثون فى الأرض فسدداء ورا يديهم الله سبحانه وتعالىء ويش*شفف ٠‏ بالهداية اشرهمء سٍٍ أي وجوج ساون في الأرض فهل لجل أل خم ع أد جل ين وم 0 4 [الكهف] . وقد هياً الله تعالى أن أتم ما وعد»ء وقد تكلمنا فى تفسير هذه فى سورة الكهف . ويظهر أنه فتح لهم جانب من السد'"2» وقال تعالى : «حَتّى4 للتفريع من قوله تعالى: أَنْهم لا يرجعون» وفى ذلك إشارة إلى أن واحد» ثم انشعبا من بعد ذلك وكانوا عنصرا واحدا. وقد ظهر هؤلاء فى القرن السادس» وانسابوا ف فى الشرق» حتى وصلوا إلى وسط أورباء وتلقت البلاد الإسلامية صلمتهم » وقد كانوا يسيرون فاتحين مسرعين يقف أمامهم شىء» حتى إذا كان القرن السابع تولتهم الجيوش المصرية» فهزمتهم فى عين جالوت» ولأول مرة عرفت السيوف مواضعها من أقفيتهم» وقد انحدروا كالصخرة من أعلى الصين» وما زالت تسير لا تلوى على شىء إلا جعلته كالرميم» حتى وصلت إلى فييناء وكانت الحبالى تجهض من سماع أخبارهم . )١(‏ عن زينب بنت جّحش أن البي َل دل عليها فزعا يقول: «لا إلهَ إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب : 5 نح اليو من ردم يأجوج وماجوج مل هذا: وحلقَ بإصبعه وبالتي تليها. . فقالت زينب: : فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: : اعم إذا كثرالخَبّث» . متفق عليه؛ من رواية الأمام البخاري(5 ٠‏ 17/9): ومسلم- اقتراب الفتن (911/5). 4# تفسيرسورة الأنبياء لل اللا وقد ذكر القرآن الكريم ذلك من أخبارهم فقال تعالى: «(حى إذا فحت يأجوج مواظر ومأجوج » أى فتح سدهم ولم يعل مانعهم » وعبر عن فتحته ب « فتحَت» بالبناء للمجهول» أى فتح لهم لأمر يعلمه الله تعالى» وعبر بالبناء للمجهول» وأضيف (الفتح) إليهم للدلالة على هولهم» وكأنهم نيران أو حجارة فتحت على الناس » وكأنهم جهنم الدنيا «من كل حَدب» أى نشز”2 من الأأرض (يسلود» يسرعون» مشتق من نسلان الذئب أى سرعته . هذا أمر وقع ورآه التاريخ» واستمر يشغل الأرض الإسلامية القرن الثامن الهيجرى» وإن الإخبار به قبل يوم القيامة يدل على أمرين: أولهما أنه يكون على مقربة من القيامة» وأنهم هلاك للناس فى الدنيا» وثانهيما أنه معجزة من إعجاز القرآن؛؟ لأنه سبحانه أخبر عن أمر يقع فى المستقبل» فوقع كما أخبر سبحانه» فكان ذلك دليلا على أنه من علم الله تعالى علام الغيوب» وأنه من قوله الحكيم . اقب فط ف فا مي حاحعة اساي نافد طق #الوعد الي هو الوعد بالبعث» وما وراءه من قيامة وحساب» وهو حق. لأنه صادق وثابت لا يرتاب فيه إلا البطلون» و«الوار» عاطفة على «فتحت يأجوج ل مواه ومأجوج», وهذا دليل على اقتران فتح ما سَّ على يأجوج ومأجوج بالوعد الحق» )١(‏ الحدب الأكمة. والنشز ما ارتفع من الأرض. وروى مسلم في صحيحه (1/55)عن النواس بن سمعان حديئا ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم من أمر الدجال» إلى أن قال: "... فَبينمَا هو كذلك إِذْ بَعَثَ الله سه سا سر هبر سه المسيح, ابن مريم. ِل عند اْمتارة البِيضاء شرقي دمّشق. ين مهرودتين . وأضعا كيه عَلَى أجنحة مَلْكَين . ا طأطاً رَأسَهُ قَطرّ وذ عه تَحَدَرَ منه مان كاللؤلو. فَلا يحل لكافر يَجدُ ريح تفّسه إلا ناتا. م بتي حَنها يبي طرقة. يبظ حت ركه يباب لدد. كته م يني عيسى لبن مرهم قوم قد صَمَهُم الله منُ. ٠‏ مسح عن وجوههم ويحَدثهُم بدرجاتهم في الْجَلة. يتما هو كذلك إِذ أوحى الله إِلَى عيسى : ني قد أخرجت عسباداً لي» يدان لأحَد بقستالهم . فُحَرَرٌ عبادي إلى الطُور. ويبعث الله - ع تس سم يأجوج ومأجوج. (وَهُم من كُل حَدبٍ يَنْسِلُون 0 4 تفسيرسورة الأنبياع ل لل أب ار وذلك لأن الدنيا تكون قد فسدت واضطربت فيها موازين» واستحكم الشر» فمنذ الغزوات المغولية» والعالم يموج بالشرء ويمرج بالفساد» فجاءت بعله الغزوات الصليبية الشرسة» ومن بعدها تكون شذاب العالج'" فى القارتين الأأمريكيتين» وأعطيت الشمالية علم إبليس وعقله» وخلقه الشرير» واتخذت الذرائع التى يمكن بها إبادة العالم» ولا ضمير يمنع» ولا زاجر يردع» وهى من وقت لآخر تهدد بالفناء» حتى صار العالم قاب قوسين من أن ينزل به أشد الخراب. يفعل الإنسان» ولعل قيام القيامة يكون بإرادة من الله» ويسخر لها عملا من أعمال الإنسان» وقد ابتدأ الخراب بفتح السدود أمام يأجوج ومأجوج» وختم بإخوانهم الأمريكان الذين لم يدعوا قائما من الأخلاق والفضيلة حتى قوضوه. وقد صور حال الناس عند البعث وقيام القيامة» وقد اضطرب الوجودء #فإذا هي شاخصة أبصار الّذين كفروا» «الفاء» واقعة فى جواب شرط مقدرء أى إذا جاء الوعد الحق فإذا.. 9 ف «الفاء» و«إذا» الفجائية جواب هذا الشرط المقدر وهى للحال» أى فإذا الحال شاخصة أبصار الذين كفرواء أى واقفة أعينهم لا تتحرك» فمعنى شخوص العين أنها تفتح فلا تطرف» وذلك يكون فى حال الفزع والهلع» وهذا تصوير لحالهم من الفزع فقد شبهت حالهم بحال من تكون أبصارهم شاخصة هلعا وفزعاء» والجامع بينهم الفزع . ' وذكر الموصول لالّذِينَ كَفَرُوا للإشارة إلى أن سبب فزعهم كفرهمء فهو فزع لا يعرف له نهاية لسوء ما قدمواء ولسان حالهم يقول: يا ويلنا» فهذا مقول لقول محذوف مفهوم من حالهم» فهم قائلون بلسان الحال: يا ويلناء ينادون ويلهم» كأنهم ينادون الهلاك؛ لأن هذا وقته» فهم بهذا يتوقعون الهلاك وينادونه كأنهم يستعجلونة» إذ إن من يكون فى حال فزع وهلع يرون أن تزول هذه الحال» ولو بنزول الهلاك العاجل؛ لأن حال الانتظار أشد على النفس وقغا وبقاءها مرير مع الهم الشديد. )١(‏ رجل شَادّب إذا كان مُطرحآء مَأيوسا من فلاحه كانه عري من الخير» شبّه بالشّدّبء وهو ما يِلْقَى من النخلة من الكرانيف وغير ذلك. ا تفسيرسورة الأنبياء 0 الملل لل ااال كا : يي" «قَد كنا في غَفلَة مَن هذا أى ربنا كنا غافلين عن هذا البعث» وما كنا نحسب أنه سيكون» وإذا كان لا يكون بهذا الهول العظيم والكرب الشديدء ثم أقروا بظلمهم «بل كنا ظَالمينَ» لأنفسنا ولاعتدائنا على المؤمنين» وبكفرنا بالرسل» ومعاندتنا لهم» وقد أكدوا ظلمهم بالجملة الاسمية» وبوصفهم بالظلم وبالإضراب بقولهم: #بل4 أى أنهم يضربون عن قول ويصفون أنفسهم بالظلم المؤكد المستمر» لآن #كنًا» للاستمرار فى ظلمهم فى الدنيا. ثم يقول سبحانه فى عذاب جهنم : «إنّكم وما تعبدون من دُون الل حصب جهنم أنتم لها واردون» . الضمير للمشركين ومن تبعهم وخدع بأقوالهم وصار مثلهم» «وما تعبدون» من أوثان وأحجار. وعقلاء رضوا أن يكونوا معبودين كالفراعنة وأشباههم ممن عدوا أنفسهم آلهة فى الأرض «إمن ذون اللّد أى غير الله #حصب جَهنم» أى أنهم يلقون فى النار كما يلقى الحصب فيها ليزيد اشتعالهاء فشبههم فى إلقائهم فى الثار بالحصب إذ يرمى فيها ليزيدها اشتعالا ويهيجها. وهنا يرد سؤال: إن النصارى عبدوا المسيح» ومن المشركين من عبدوا الملائكة» فهل يعاقب المسيح وعزير والملائكة بسبب عبادة المشركين لهم» ولا ذنب لهم وقد نهوهم؟ والجواب عن ذلك: إنه لا يدخل فى هؤلاء العقلاء من عباد الله الأبرار» إنما يدخل فقط الأوثان» وهنا يرد سؤال آخر: هذه الآوثان لا تعقل فكيف تعذب» وهى لا تحس عذابا ولا نعيما؟ والجواب عن ذلك أنهم كانوا يعتقدون أن آلهتهم من هذه الحجارة تنفعهم وتشفع لهمء ٠»‏ فالله تعالى يبين أنها لا قوة لهاء وأنها تلقى فى النار مثلهم» وإن كانت لا تحس» وإذا كانت لا تنقذ نفسها من النار فأولى ألا تنقذهم . ثم أكد سبحانه دخولهم فى النار فختم الآية الكريمة بقوله: «أنتم لَهَا واردون» الغغمير فى # لها يعود لآليتهم. أى أنتم لأجلها واردون النار أى تفسيرسورة الأنبياء لللللللاتائا0االاللللل لاا م تأ ناا داخلون فيهاء أى أنتم لأجل الأوثان واردون الثار وهى بسئس الورد المورود» والورود: الدخول. وبين سبحانه أنهم مضللون فى عبادة هذه الأوثان» فقال: «لو كان هؤلاء آلهة ما وردوهًا وكلّ فيها خَالدُون» . هذا دليل شرطى مشتق من الوقائع يوم القيامة» أى لو كانت هذه الأحجار مستحقة للعبادة ما وردت النار وما دخلتها؛ لأنها تكون مسيطرة قوية لا سلطان لأحد عليها حتى يُدخلها النارء ولكنها دخلتها مع من عبدوها فلم تكن آلهة» #وكل فيها حَالدون4 التنوين قائم مقام المضاف إليه» أى كل من العابد بالباطل والمعبود خالدين فيهاء أى الأحجار التى عبدت والمشركون» كلهم خالدون فى النارء الأحجار إذ تحمى عليها النار فتكون حجارة ملتهبة» والمشركون إذ تزداد التهابا يصلون بنارهاء والنار خالدة» وهم فيها خالدون» فهو عذاب مقيم دائم. ثم وصف الله تعالى حالهم فيها فقال: «لهُم فيها زفِير وهم فيها لا يَسْمعُون» . الضمير يعود إلى المشركين» والزفير كما جاء فى مفردات الأصفهانى: تردد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه» وهو يكون فى حال الضيق وحال السقام» أى أنهم فى حال ضيق وسقام كحال الذى يزفر حتى تنتفخ أضلاعه» وهذا كناية عن شدة الضيق والضجرء وهى حال دائمة» يتأ لون» ولا يسرى عنهم شىء يسمعونه» ولا خبر يطمئنون به» بل هم فى ألم مستمر لا تسرية فيه ولا منجاة» ولقد قال تعالى: 4 .. وتحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبَكْمًا وصما . .. إن 4 [ الإسراء] أى أنهم يحسون ولكن ليس لهم من حواسهم منافذ تسرى عنهم من مناظر تسرى عنهم أو أحاديث يسمعونها تروح لنفوسهم. أو يتكلمون بكلمات يشكون بها حالهم وألمهم» لا يرجعون قولا ولا يرددون فكرا. ل تفسيرسورة الانبياع اال اللا حال المتقنين يوم القيامة َم سَبَكَتْلَهُم نا الْحْس و وْلِيكَعنهَا مسبعدوت 013 لادتمعورج- ا ره هم آ آ 22 َي © رهم الفرعٌ لكر 2م كبر ولاه رح ل مر 1 ل 2 َهدَايِوِكَكألرِى و0 2 ول ورج يلو لصم ك نطف سيك سس دما أرَلكَقجيد داعا لكان قأشميت (إن الذي قت لَهم نا الحستئ أولدك عَنْها مْعَدُون» . #الحسنى» مؤنث أحسن» أى سبقت لهم فى علم وحكمة الخصلة التى هى فى أعلى درجات امسن » وهى تقفوى الله تعالى ومخافة عقابيه ورجاء ثوابه» و# سبقت» أى سبقت فى علم الله تعالى وقدرها لهم» وسلكوا سبيلها 2( واهتدوا إلى طريقهاء فأخذ الله تعالى بأيديهم» فهداهم إلى الطريق الأمثل؛ ! لأن من سلك طريق الخير وطلبه وفقه الله وهداه» ومن تنكّب طريق الخير أضله الله وأرداه» والله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب. تفسيرسورة الأنبياء اللا الل اللو لل الك 0 كك :+ بي «أولتك عنها مبْعَدونَ» الإشارة إلى أهل التقوى موصوفين بهذه الصفة» وهى سبب نجاتهم من النار وبعدهم عنهاء أى إن تقواهم أبعدتهم عن النار وجحيمها وشقائها والتهاب حصبهاء حتى يكون جمرات موقدة» وقدم الجار والمجرور لمزيد تأكيد البعد عنهاء وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. ْ «لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خَالدون» . المحسيس حركة النار وحسهاء أى أنهم يبعدهم الله تعالى عن النار بحيث لا يسمعون صوت اندلاعها واصطلاء أهلها بهاء ولكنهم يعلمون أين همء وهذا تأكيد لما جاء فى آخر الآية السابقة #أُولّتك عَنْها مبعدون» فهم مبعدون عنها بحيث لا يسمعونهاء وإذا كانوا مبعدين عن النارء فهم #في ما اشتهت أنفسهم حالدون» والذى تشتهيه نفوسهم نعيم مقيم» وجنات تجرى من تحتها الأنهار وغير ذلك مما ذكره الله تعالى فيما اشتملت عليه الجنة» وما تشتهيه أنفسهم اطمئنان وقرار» وبعد عن اللغو» وحور عين» وأعظم ما تشتهيه أنفسهم رضوان الله تعالى» فهو أكبر من اللذائذء بل هو لذة أهل الإيمان الأولى: وفى التعبير بقوله: #في ما اشتهت أنفسهم» إشارة إلى أنهم حرموا من شهوات الدنيا الآثمة فنالوها فى الآخرة حلالا طيبا. وهنا ملاحظتان بيانيتان: أولاهما - أنه عبر عن نيلهم ما يشتهون بجعل ما يشبتهون ظرفا لوجودهمء فما يشتهون أحاط بهم إحاطة الظرف بمظروفه فهم يعيشون فى دائرة ما يشتهون» لا يخرجون عن دائرة إجابة رغائبهم» فلا يحرمون من شىء يرغبونه. انيتهما ‏ أن الله أكد تمكنهم من رغاتبهم فيهاء أكده ب لأهم»» وبتقديم #في مَا اشتَهت أنفسهم» للاهتمام والعناية» والله سبحانه يجزى كل نفس ما كسبت وهو العليم الحكيم. «لا يحزنهم افرع الأكبر وتام الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون». تفسيرسورة الأنبياء 2 الللللوويا االو االللو الال ١1 ا‎ ١ تى ١‏ شدة الهولء إذ يصيبها الفزعء. ويقولون: 9 إِنَا كنا عن هذا غافلين +47 4 [الأعراف ]. ولذلك يصابون بالمحزن الشديد لأنهم لم يتوقعوه ولم يؤمنوا به بل أنكروه وكانوا عنه غافلين . أما أهل الإعمان الذين سبقت لهم الحسنى من الله تعالى» فإنه لا يحزنهم هذا الفزع» بل هو فزع بالنسبة لغيرهم؛ لأنهم توقعوه قبل أن يقعء بل آمنوا بأنه سيقع لا محالة. والمحجواب عن ذلك.» ذلك إنه فى ذاته أمر مفزعء إذ إن الوجود كله يضطرب» فالشمس تتكورء. والسماء تنفطرء والجبال تصير هباء منبئاء وكل الدنيا تضطرب بما فيهاء فهو فى ذاته فزعء فهو يروعهم بأحداثه ولكن لا يلقى فى قلوبهم حزنا لأنه المتتانهي» ,, وبعدهم عن الحزن والغم تتلقاهم الملائكة تلقى الكرماء لضيفانهم وكأنهم ينزلون فى مضيف لاا فى دار حساب وجزاء» وذلك يؤكد أمنهم وسلامهم» والتلقى بالتحية الباركة يزيل كل ما من شأنه حزنهع ل أو غسرابة حياتهم | الحديدة نرى أن قوله تعالى: 4 هذا بيان للتلقى؛ ؛ لان حية لهي اتصديق ل وقوله تعالى: «الّذي كنتم توعدون» بيان لوعد الله تعالى بالبعث والجزاء والحنة والنعيم والرضوان» وقد ذكر سبحانه ذلك بعبارة تفيد التكرار» واستمرار التذكير» فالتعبير بالمضارع #توعدون* فيه إشارة إلى الوعد المتكرر على ألسنة الرسل رسولا رسولاء وقوله تعالى : #كنتم» تفيد استمرار هذا التذكير لمن كان يتذكر» وهم المؤمنون الأبرار. 4 تفسير سورة الأنبياء لل للفلل م ليَوْمَ نَطْوي السَمَاءَ كَطَيّ السجل للْكُتْب كما بدأنا أوَلَ حَلق تُعيده وعدا علَينا إن كنا قَاعلين» . 1 ١‏ 0 1 «يوْم» هذه متعلقة ب الْفْرَعَ الأكبر4. فهو ظرف مبين لنوع الفزع الأكبر» وما يكون فيه من أهوال هائلة إذ تطوى السماء كطى السجل للكتب» ويصح أن تنول إن #يوم* متعلق بقوله تعالى: #توعدون» وأميل إلى الأول؛ لأنه مناسب للفزع الأكبر» والطى معناه درج المكتوب» ويتضمن إخصفاءه وطمسه أو التعمية أو محوهء والمعنى أن السماء بكواكبها ونجومها تطوى فتنكدر كواكبها وشموسها ونجومهاء كما قال تعالى: «إِذَا الشّمس كُوْرت 4# وإِذا النجوم انكدرت +420 4 [التكوير]» وكما قال تعالى: «إذا السَمَاء انفَطَرت <> وإِذًا الكواكب انتثرت 20 دإذا ليحار فرت 2ل لذ ل مي لي وي يي يوم م اام لسرا مَطْوِيّات بيمينه ... 270 4 [الزمر] و« السّجل» هو الصلكً؛ وأصلها من السّجلء وهو الدلو ويقال: ساجل الرجل الرجل إذا نزع كل واحد دلوا فى نظير دلو الآخرء ثم استعير للمكاتبات» وقال تعالى بعد بيان زوال الأرض والسماء فى يوم الفزع الأكبر كما بَدأَنَا أَوْلَ خَلْق تُعيدة» أى أننا نطوى السماء ونزلزل الأرض لتغيير الكونء وذلك بالإنشاء أولاء ثم الإزالة» ثم الإعادة كشأئنا فى بدئنا الخلق ثم إعادته» وهذه العبارة تحمل فى نفسها دليل صدقهاء وذلك أن من كان قادرا على الابتداء للخلق قادر على إعادته» كما قال: 8 ... كما بدأكم تَعُودُونَ 27> فَريقا هَدئ وَفَريًا حَق علَيْهِمْ الضَلالة ... 22 » [الأعراف]. «وعدا علينا» منصوب #وعدا» على أنه مفعول مطلق لفعل محذوفء ولمعنى وعدناه وعدا عليناء وأكده سبحانه بهذا المصدرء وبأنه سبحانه وتعالى ألزم به نفسه وأنه صار حقا عليه» والله عز وجل لا يخلف الميعاد» فلا يمكن أن يخلف وعدهء وأكد الوعد مرة أخرى بأنه ينقله من الوعد إلى الفعل» فقال: إن كنا فاعلين»* أى فاعلون الإعادة حتماء لأنه سبحانه لم يخلق الإنسان عبثاء كما قال سبحانه : «( أفحسبتم أَنْما ل تفسيرسورة الأنبياء 0 لللللا ااال الل للها 1 77 | خَلقتاكم عبنا وأنّكم ينا لا ترجعُون 43 4 [المؤمسون] وقد أكد سبحانه الإعادة ب (إن ونسبة الفعل إليه» وهو العزيز الحكيم» وأكده بالجسملة الاسمية» وبالتعبير باسم الفاعل» وهو على كل شىء قدير. العاقبة للمتفقين هو وَلفَرْحكيسَافِالرَورِو بع يذ أ ىالائض ذه ره هه ا له و 5-35 0 ا 07 نهاك بادى الصديحخورك (هيا إنَّفِ هدذًالبَلدمًا يل ل م سه 0 سخ كد حر 2 سر جو 07004 لديا وَمَاأرْسلْتدلت لارحمة للعدلميت وسار ع سر سد كر 2 اي 4 - 1 1 مدع 20 وز له كوم ساو رم 9 سح ووس م ا الرير إِنَّهميعلمالجهروس القول ويعلمما تَ : ا ل سس ا ته اس لكر رح سس لكر سه سس يي بستكم رب جربا لحق ورينا الرحمانالمسَتَعا نعل ماتصمون لو منها ما نسخ بالقرآن» وما بقى استمر محكما وإن كان القرآن حجتهاء ولا دليل : 3 عط و« مساو مت 0 و وح م ور و © لماعك أنماإلمحك إلدوجة 6 ء حم .د أءاء فهلأنتممسلمون لإريا فإنتولوافقلءاذنئحكم عل سواء وإن أذ أقريب أمبعيد ما وعدوت (0 < ؤت آر ل 2 هد سس ل 1 1 و ا وَإِنْأَدرف لعَلَهفِعَنَةٌ لكر ومع لحان 2 قل الزبور هو كتاب داود عليه السلام» كما قال تعالى: « ... وآتِينا داود زبورا #دت 4# [الإسراء] والذكر: قالوا: هو التوراة؛ لأنها ذكر للشرائع وبيان لها» نسخ على صادقها سواهء ولو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه إلا اتباع محمد كد وذكر الزبور وقد قام داود بتنفيذ ما فى التوراة للإشارة إلى أن كتب الله المنزلة ا تفسير سورة الأنبياء اللللل الل لل ١م‏ أب ا تواردت على هذا المعنى وتعاونت على آدابه» وهو ظأَنّ الأَرض يِرِنْهَا عبادي الصالحون» أى أن الأرض كلها بقاصيها ودانيها لله» وأنها ليست للك طاغ» ولا لزعيم .مفسد ولا لرئيس يقود الناس إلى مراتع الفساد ومواطن التهلكة؛ إنما هى لله ينها عبادي الصّالحون» أى يعطيها مالك الملك لعباده الصالحين» وعبر بقوله ليرِنْها4 للإشارة إلى أن الصالحين يخلفون من كانوا عليها من فاسدين ظالين عتاة» وذلك كقوله تعالى: 9 وأَوَرِننا القَومَ الّذينَ كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومَغاريها الي بَارَكَْا فيا .. . +29 4 [الأعراف] وإن العاقبة تكون دائما للمتقين. ‏ - وهنا التفات من الغائب إلى العودة إلى ضمير المتكلم» وهو الله جل جلاله» فالكلام بلغة المتكلم فى قوله تعالى: ولَقَد كتبنا في الزبورٍ من بعد الذكر أن الأرض يرنّهًا4 فانتقل إلى الغائب ثم عاد إلى المتكلم فى قوله: «عبادي4» وفى ذلك تأكيد أن هذا مكتوب فى كتبه سبحانه فى كتبه المنزلة» وإضافة العباد إليه سبحانه. وإن ذلك وعد سجله سبحانه فى كتبه بأن مآل هذه الأرض لعباده الصالحين» برغم جنحات المفسدين وغلبتهم وسعيهم بالفساد فى الأرض . وقد يعترض الذين يأسرهم الزمان الذى يعيشون فيه» ولا تنفذ بصائرهم إلى ما وراءه بأن المفسدين فى الأرض الذين اتخذوا من العلم. بالكون» وسائل تخريب فى الأرضء وتمكين للظلم» وأن أهل الحق الصالحين مغلوب عليهم مستضعفون» ونقول: إن ذلك حكم حقبة من الزمان هى التى نعيش» ولكن الله تعالى أخبر أن المآل للصالحين» والله أعلم بالمفسدين» وإن خبره صادق والمستقبل غيب لا يعلمه إلا هو ولنا أن نصدق الله وتكذب حكم الزمان فى القابل. اسم الإشارة يشير إلى هذا الخبر الكريم الذى أخبر به الحكيم العليم» وأن العاقبة للصالحين» والبلاغ يطلق بمعنى المنتهى والكفاية» ويطلق بمعنى التبليغ» وعلى تفسيرسورة الأنبياء 0 اللل ل اااللللللال الل ١ لاك‎ | ىي ١‏ أن الإشارة إلى الخبر فى الآية السابقة» يكون معنى البلاغ هو التبليغ أى أن هذه تبليغ للعابدين الذين امتلأت قلوبهم بعبادة الله تعالى» وصارت العبادة وصفا ملازما لهم لا يفارقونه» وصارت قلوبهم خاضعة والسئتهم تترطب دائما بذكره. ويصح أن تكون الإشارة إلى ما ذكر فى السورة من قصص النبيين» ومواعظ وتوجيهات إلى الكون وأسراره» ويكون معنى «بلاغ» منتهى وكفاية يدركها العابدون» ويفهم لبها العاكفون على عبادته سبحانه . وإنى أميل إلى التخريج الأول؛ لأن الإشارة بقوله تعالى: #إإنَّ في هذَا4 إشارة إلى القريب» ولو كانت إلى المذكور فى السورة كلها من قوله تعالى: ذإ اقترب للنّاس ... ل 4 [الأنبياء] إلى هذه الآية» فقال عز من قائل: «إِنّ في هذا» ولكلام الله تعالى المثل الأعلى» .وليس لنا أن تتطاول على مقام كتابه الملعجزء الحكيم الخالد. ظ ظ #وما أَرسلناك إلا رحمَة للُعالمين» . أى أن رسالة محمد يل مقصورة على أن تكون رحمة للعالمين» أى لكل العقلاء؛ ورحمته يله فى أنه بعث على فترة من الرسل؛ لإنقاذ الناس من الأوهام التى أركسوا فيهاء وصاروا بها فى عمياء ضاربة عليهم لا يدركون معها حقا من باطل» وأنهم كانوا يتسافكون الدماءء وقد أكلت العداوة كل معانى الخير فى فطرهم» واشتفت كل ينابيع المودة فى صدورهم» وكان يك رحمة بشريعته التى دونت فى القرآن وبينتها السنة النبوية المطهرة» بلسانه وعمله وإقراره حتى ترك الناس على المحجة البيضاء التى ليلها كنهارهاء ولقد قال تعالى: «إيا يها النّاس قد جَاءَتَكُم مُوعظة مَن ربكم وشقاء لما في الصدورٍ وهدى وَرَحمَة لَلْمُؤْمنينَ 497 4 [يونس]» وقد جاءت هذه الشريعة مشتملة على مصالح العباد» فكل ما فيها مصلحة» واستغرقت كل المصالح بالعبارة» وبالإشارة» وبوضع أصول كل نفع إنسانى» والله رءوف بالعباد. ا تفسير سورة الأنبياء لال الل ل 0 لحمل بير يي قل إِنّمَا يوحئ َي أَنّمَا إلهكم إلّه واحد فَهَل نتم مُسلمون» . الخطاب للنبى يَليِْةٌ وهو فى كل موضع تبليغ يجعل سبحانه وتعالت كلماته الخطاب للنبى وَنْ ليبلغ رسالة ربه وأول تكليف بتبليغ الرسالة هو ذ فى التوحيد» وهو أول ما صدع به كَكةٌ: قل إِنَمَا يوحئ إِلي أَنّمَا إلهكم إِلَّه واحد» . كان فى الكلام قصران: أولهما: أن التبليغ بالتوحيد كان بإيحاء من الله تعالى لا بأمر من محمد يليه أى أن الله تعالى الذى تجأرون إليه فى الشدائد وتستغيثون به فى المهالك وعندما يحاط بكم - هو الذى يوحى إلى بأن توحلوه» والقتصر الشانى: لبيان وحدة الألوهية» وقد دعاهم إلى الإسلام 9فَهْلٌ أنثم مُسَلمون» الاستفهام للتنبيه والحض على الإسلام» وقال علماء البلاغة إن هذا التعبير أقوى تعبير فى الدعوة إلى الإسلام» و«الفاء) لبيان تر تب الذعوة على الإسلام» على تقدير أن الدعوة إلى الله وحده بإيحاء من الله . «فإن تولوا قل آذنتكم على سواء وإن أَدرِي َقَرِيب أم بعيد ما توعدون» . فإ تولُوا» أى أعرضوا عن دعوة الحق ولم يجيبوا داعى الإسلام والإذعان وإخلاص وجوههم لله تعالى وحده؛ والفاء الأولى فاء الإفصاح عن شرط مقدرء ونسق القول: إن دعوتهم فإن تولوا ... إلى آخره» والفاء الثانية فى قوله تعالى: «ققْل» واقعة فى جواب الشرط لأن بعدها طلبا هو الأمر. و«آذنتكم» أى أعلمتكم وبينت لكم الحق» وأنكم ستبعثون وتحاسبون على سواءء أى على تسوية بين الضال والمهدىء أى كلا محاسب ومبعوث لهذا الحساب . #وإن أدري أَقَرِيب أم بعيد ما توعدون» إن هنا نافية» والمعنى ما أدرى أقريب أم بعيد اليوم الذى وعدتم» وهو يوم البعث, وإن النبى يَلٌِْ وهو الذى يوحى إليه القرآن الكريم وحديثه» لا يعلم متى تكون الساعة» وقد قال تعالى: 9 يُسأَلونك عن ل تفسيرسورة الأنبياع الل جب - نر يي الساعة أَيَانَ مرساها قل إِنَّمَا علمهًا عند ربّي ... 29 4 [الأعراف] فقد خفى علمها عن كل البشر ولو كان خير البشر»ء واختص الله وحده بعلم الساعة» كما قال تعالى : « إن اللَّهَ عنده علّم السّاعة .. . 50 4 [ لقمان] . وإن هذا فيه إنذار لمن أعرضواء وكان من الترفق بهم فى القول» أن ذكر أنهم ومن هداهم الله على سواء فيما يتعلق بالإعلام بالبعث والحمساب» وإن اختلف الجزاء . ثم بين الله تعالى إحاطة علمه الكامل» فقال عز من قائل: #إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون» . الضمير يعود على ذى الجلال والإكرام» و#الجهر من القول» وهو ما كان يجهر به أهل مكة من قول» هو استهزاء» أو غيره» وذكر علمه سبحانه وتعالى به تهديد بالحساب لقولهم» وهو حساب من لا يخفى عليه شىء من الأقوال والآأفعال» وذكرت الآأقوال من جحود وعناد وإيذاء وسخرية وتهكم» ولم يذكر الأفعال من" إيذاء للضعفاء وفتلة لهم فى دينهم بتعذيبهم » كمأ فعلوا مع عمار بن ياسر وأبيه » وكما فعلوا مع خباب بن الأرت» ولم يذكر الأفعال» لأن الأفعال أجهر وأبين من الأقوال» لا إذا كان يعلم الأقوال» فأولى أن يعلم الأفعال» وهو بكل شىء عليم. «ويعلّم ما تَكْتمون» من إحن ومنافسة على الشرف الكاذب كما كان من أبى جهل وأشباهه فيما ينفسون على بنى عبد مناف» وفيما ينفس بنو أمية على بنى هاشم . ويعلم انحراف الاعتقادء وعبادة الأوثان» وما يعشش فى رءوسهم من خرافات وأوهام» وما يحلون ويحرمون بغير ما أنزل الله السر وأخفى » والجهر وما يعلن» وذكر علمه سبحانه وتعالى بالعصيان إنذار لهم بالحساب ثم العقاب. تفسيرسورة الأنبياء للللل الل اللو اللا 0 نحطل نه . لي وقد يسأل سائل لاذا أمهلهم مع هذا السوء الذى أحاط بهم فى جهرهم وكتمانهم» فقال الله على لسان نبيه. «إوإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إِلَى حين» . إن هنا نافية» والكلام على لسان الرسول كدفِلْةِّه لأن الله يدرىء والمعنى ما أدرى لماذا أمهلكم الله تعالى تساءل النبى كَل . سورة الحج مدنية إلا الآيات +ه, “اه. 55, 5هء وعدد آياتها ثمان وسبعون آية» وسميت الحج فى عرف القراء؛ لأن مناسك الحج كثيرة فيها وقد ابتدأت السورة بذكر يوم القيامة: يا أَيِهَا الكاس انوا ربكم إن رَلْرلَة الساعة شيء عظيم (0) يوم تروتها تذهل كل مرضعة عَمًا أرضعت وتضع كل ذات حمل حَمَلَهَا وتَرَى النّاس سَكارَئ وما هم بسكارئ ولكن عَذَابِ اللّه شَدِيد 2 ومن النّاسِ من يُجَادلَ في الله بعيرٍ لم ويَتَبعْ كُلَّ شَيْطَان مرِيدٍ (5) 4 وأشار سبحانه إلى أن من يتولاه الشيطان فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير» وذكر سبحانه من ينكرون البعث وقال: اطبا يها اناس إن سم في ريْبِمَن البعث فَإنَا ناكم من تراب نم من ةكم من عق من مع مح ومين كم وو في الأرحَام ما َشاء إل أجَل مُسَمَى نم نخْرِجَكُمْ طفلا ثم لبوا أَسْدَكُمْ ومدكم من يَوقُئ ومكم من يرد إلى ذل العم لكيلا يعَلَم من بعد علم شيا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهترت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج © 4 . ويشير إلى أن ذلك التطور التكوينى يثبت أن الله هو الحق» وأنه يحيى الموتى» وأن الساعة آتية لا ريب فيهاء وأن الله يبعث من فى القبورء ويذكر الذين يجادلون فى الله بغير علم ولا هدى ولا سلطان مبين» ويتولون معرضين ويضلون عن سبيل الله؛ وأن عقابهم فى الآخرة عذاب الحريق» وفى الدنيا خزى . وبعد أن ذكر سبحانه الأشرار الخالصين للشر» ذكر من يترددون» فيعبدون الله على حرف إن أصابهم خير اطمأنوا إليه» وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم خسروا الدنيا والآخرة» وذلك هو الخسران المبين. وإن هؤلاء وأولاء 1# تفسيرسورةالحج ‏ | م هه : يي يدعون ما لا يضر ولا ينفعء ومن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى» ولبئس العشير . بعد ذلك ذكر سبحانه الذين يعملون الصالحات وجزاءهمء وأبطل سبحانه أوهام الذين يظنون أنه لا ينصرهم الله فقال: لمن كان يظن أن أن ينصره الله في الانيا والآخرة فَليِمَدد بسب إِلَى السَّمَاء نَم ليقطع فر هل يدهن كيده ما يُغيظ 62 24 ثم أشار سبحانه إلى آيات الله البينات وأن الله يهدى من يريدء وأشار سبحانه إلى اليهود والنصارى والصابئين والمجوس والهندوس والذين أشركواء وأن الله سيفصل بينهم يوم القيامة. ولقد أشار سبحانه إلى حال الفريقين المهتدى والضال» ط . .. فَالِّْين كفروا قطعت لهم ثاب مَن ريصب من فوق رءوسهم , الحميم 9 يصهر به ما في بطونهم َالْجلُودُ 0 ولَهُم مَُامعْ من حَديدٍ 09 كُلَما أرادُوا أن يَحْرجُوا منهًا من عَمّأُعيدوا فيها وَذُوقُوا عذَاب الحريق 69 4 . وبين بعد ذلك ججزاء المؤمنين فقال: «إإِنَ الله يدخل الّذِينَ آمنوا وَعَملُوا الات جنات ضري من تمه ناريا فيه من أساوو من ب ولو ولبّاسهم فيها حرير 9 وَهدوا إلى الطَيّب من اقول وهدوا إلَئ صراط الْحَمِيدٍ 689 4 . وذكر سبحانه بعض أعمال المشركين من الصد عن سبيل الله والمسجد امحرام ١‏ . .الذي جَعلْنَاه للثاس سواء العَاكف فيه والَاد ومن يرد فيه بإِلْحَاد بظلم نُذَقَه من عذاب أليم (62 4 . ويشير سبحانه إلى نبأ إبراهيم وتطهير البيت للطائفين والعاكفين» والركّع السجودء ثم دعوة إبراهيم يم إلى الحج : ون في النَاس بالحج يأقوك رجالا وعلَى كل ضامر أن من كل فح ميق 59 ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في يام معلومَاتٍ على ما رَرْقَهِم مَن بهيمة الْأَنعَام فَكُلُوا منهًا وأَطعموا الْبَائس الفقير 62 4. ثم يشير سبحانه إلى بعض مناسك الحج» ويدعو سبحانه إلى تعظيم حرمات الله تعالى» لل رب ا ويبين أنه أحلت بهيمة الأنعام إلا ما جاء النص بتحريمه» ويدعو سبحانه إلى اجتناب قول الزورء والرجس من الأوثان» وأن يكونوا حنفاء لله غير مشركين به ويبين سبحانه أن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب» ويبين أن منسك أهل الحق والإيمان الحج إلى بيت الله الحرامء ثم يذكر سبحانه أن الإبل والبقر وهي البدن من شعائر الله تعالى: ابد عا لم م شعائر اله كم فيه حي روا الم الله عليه صوَاف فَإذَا وَجبَت جتوبها فَكُلُوا منها وأَطّعموا القانع والْمعترَ كَذلك سَخَرنَاها كم لَعلَكُمْ تَشْكْرونَ 9 لَن ينال الله ُحومها ولا دماوهًا ولكن اله الى منكم كذلك سَحَرَها لَك لتكبرٌوا الله على ما هداكم وَبشر المحسنين 9 4 . ثم بين سبحانه شرعية الجهاد بعد هذه الإشارات إلى احج وهو من الجهاد. ( إن الله يدافع عن اين آمنُوا إن لله لا يحب كل حَوَّانِ كفورٍ © 4 ٠‏ ثم صرح سبحانه وتعالى بالإذن بالقتال: « أذ للذين يقاتلون بِأنّهم ظلموا ون الله على نصْرهم لقَديرٌ 09 الْذين أخْرجُوا من ديارهم بغيْرٍ حق إلا أن يقولُو ْنا لله ولا دع لهذا بعْضهم عض لهمت صوامع وبي وَصلوات وماج يها اسم ال كفيرا ولَيَنصرك الله من ينصرة إن الله لقَوِي عَزِيز © 4 وقد بين الله تعالى فضل المتقين فى إقامتهم الصلاة» وإيتائهم الزكاة وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. وأشار سبحانه إلى المشركين» وأنهم لم يعتبروا بهلاك من سبقوهم إلى الشرك» واضطهاد أهل الإيمان ومعاندة الرسل» فأشار سبحانه إلى قوم عاد وثمودء وقوم إبراهيم وقوم لوطء وأصحاب مدين» وكُذّبٍ موسى ثم قال: ١‏ ...ميت للكافرين فم أَخَنهُ َكيف كنا تكير 69 4 . ثم أشار سبحانه إلى هلاك القرى التى أهلكها سبحانه وهى ظالمة « ...فهي خَاوي على عروشها وبثرمُعطَلَة وَقَصر مّضِيدٍ 462 ودعا الله المشسركين إلى أن يسيروا فى الأرض» فتكون لهم قلوب يعقلون بهاء أو آذان يسمعون بهاء ( .. .فَإِنّهَا لا تعمى الأبصار ولكن تَعُمى الْقَلُوب الي في الصدورٍ 65 4 . 9ه تفسير سورة الحج 00 يم ثم ذكر سبحانه حال المشركين» فى استعجالهم العذاب» بدل أن يعملوا للثواب» وبين أنه يملى لهم ثم يأخذ الآثم بإئمهء 8 وكأين من قرية أَملِيت لَهَا وهي طَالمة نّم أخذتها وني الْمَصيرٌ 69 4 . وذكر بعد ذلك أن عمل الرسول يليه هو الإنذارء والناس بعد ذلك أشقياء أو سعداء قلي أَيهَا الناس إِنَّمَا أَنا كم نذير مُبينَ 59) فَالّذينَ آمنوا علو الات لهم مغقرة وق رم © والدين عر ف آنا ماج ينأك ثم بين سبحانه أن الأنبياء بشر كسائر البشر» ولكن الله يعصمهم.ء فإذا وسوس الشيطان فى صدورهم نسخ ما يلقى الشيطان: وما أَرسلنا من قبلك من لله آياته واللّهُ عليم حكيم 29) © وما يلقيه الشيطان لا يكون فتنة للأنبياء» ولكن يكون فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفى شقاق بعيد. ثم أشار إلى أن القرآن من عند الله يعلم أهل العلم أنه الحق من ربهم»ء وأما الذين كفروا فإنهم فى مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة» أو يأتيهم عذاب يوم عقيمء وإن الملك لله يوم القيامة هو الذى يحكمء فالذين كفروا لهم عذاب مهينء» ظ وَالّدِينَ هَاجَرُوا في سبيل اللّ نّم فوا أو انوا لَيرزْقتَهم الله رقا حسنا وإ الله لهو ير الرَازِقِينَ > لَيدخلئهم مُدَخَلا يرَضونَهُ ون الله ليم حليم 29) ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غَفُور © 4. ثم بين سبحانه آياته فى الليل والنهار» وهذا يدل على أن الله هو الحق» وأن ما يدعون من دونه هؤ الباطل وأن الله هو العلى الكبير. بعد هذا بين سبحانه وتعالى نعمه فى أنه ينزل المطر فتصبح الأرض مخضرة» وأنه ه سَّحْرَ لَكُم ما في الأرْضٍ وَالْفْلْكَ تَجْرِي في الْبَحَر بأمْرِهِ ويسك ش ## تفسير سورةالحج انو باللا مائللا تعمل -!ا]؟ السماء أن د تَقَع على الأرضٍ إلا بإذنه إن اللّه بالئاس لرءوف رحيم (2) وهو الذي أحيا كم م م و رمي نم يُمْكُم نم يحبيكُمْ إن الإنسان لكَفُورٌ و 4. وإن مناسك الناس مختلفة» ولكل أمة جعلنا منسكا فلا ينازعنك فى الأمرء ويخاطب نبيه فيقول : # ...وادع إلى ربك إِنَّك لَعلَى هدى مستقيم 69 4 . ولا تجادلهم بعد أن تبين لهم الحق» واللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون. وإن الله تعالى لا يخفى عليه شىء. « ألم تَعلّم أن الله يَعَلّم ما في سماو ولأ إذا ذلك في كناب إن ذلك على اله نب 469 . ثم ذكر عبدة الأوثان وهم مشركو مكة» فقال: «( ويعبدوث من دون الله مالم ينزّل به سلطانا وما ليس لهم ب به علّم وما للظالمين من نُصير 69 وإذا تت عليهم آيائنا بيات تعرف فى وجوه الّين كفروا المدكر يَكَادُونَ يسطون بالّدين يتلون عليهم آياتنا قل َأَبتَكُم شر من ذلكم الثّار وَعَدَها الله الّذينَ كفروا وبئس الْمَصير 69 © وقد ضرب الله تعالى مثلا بالذباب فقال تعالى: «إيا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إِنْ الْذين اعون من دون ال أو ا ولا جتمعوا له وإ . 1 الذباب شيئا ل لأيسعفار ثم بين سبحانه أن خلق الله تعالى بالسية له على سسواء». ولكنه يصطفى من المللائكة رسلا يكونون لخلقه واصطفى من الناس رسلا يكونون دعاة للحق» والإخبار عن الله تعالى بينهم» يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم» وإليه ترجع الأمور» ثم أشار سبحانه أن رسالة محمد يَللِْكٌ امتداد لرسالة إبراهيم » فقال: يا أَيُهَا الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافْعلوا الخير لَعلَّكُم تفلحون وَجَاهِدُوا في الل حَقَ جاده هر اهم وما جَعَل عَليكُم في الدين من حرج مَل يكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء عَلَى النّاس فَأقِيموا الصّلاة وآثوا الزكاة واعتصموا باللّهِ هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير 69 > . )ا تفسير سورة الحج ١لااااتلاللاالاااااا‏ اا الالنا لاطا التاتان الالالال اللا اللا اللا النالللاااالطللانالالالاالااللط نل الاط اللا لامالا طلخن ممطخططمخسض ار سر ا معانى السورة الكريمة هول يوم القيامة وجدل الناس حولها قال الله تعالى: اي ال وه خؤ ور 02007 2 00 6 يتايهاا سا ساتقوار يحوت للك 3 عط ليا يوم وهنا تَهَادهَلُ كل كة عمًا له حل ل الو عر م ال كس لحتل قاقد 0 9 ميش كرو ئُ يداب اب أَنوسَيدٌ الاسم شو # م 0 و و شنطد ٠:‏ 2 | ا كوس 1 ديضله, 207 ا وده إِلعَدَا بِالْسَعير ويه ذكر الله تعالى هول يوم البعث حيث تزلزل القلوب والأرض» فإذا زلزلت الأرض زلزالها اضطربت مع هذه الزلزلة القلوب والنفوس» وزاغت الأبصار واضطربت الأفئدة . «ايا أيها انأ اقوا ربكم ذال الاعة شنيء عظيم 0 4 . يا أيها الئاس اثَه توا ربكم 4 . النداء للناس أجمعين فى عصر النبوة ؟ عرب وعجم» أبييض وأسود وأحمرء الحاضرون فى عصر النبى 2 ومن جاء بعدهم ) فالخطاب لهم بناء على أن ما ثبت للحاضرين يثبت على المقبلين بقانون المساواة الذى يثبت ينبت تساوى الناس فى التكليف» وإنه لا يرفع الخطاب إلا عن من ليس أهلا للخطاب» الوا ركم 4 أى ادرعوا لباس التقوى» ولتمتلئ نفوسكم باتقاء عذاب الله تعالى» وخشيته سبحانه» فخشية الله درع المؤمن» ووقايته من النار» #4 تفسير سورة الحج ملم .. ١ الاك‎ ١ يي ' وقوله تعالى: إن رَلْْلَةَ السّاعة شَيء عظيم 4 الزلزلة ال حركة الشديدة العنيفة وترديدها مرة بعد أخرى» وقيل: إنها تكرار ل «زال»» أى أنها تتحرك بزوال ثم فتضطرب الأرضء كما قال تعالى: 8 إِذَاُلرِنَت الأرض زَنْرَانَهَا 0 رأخرجت الأرض الها 9 وقال الإساا ا لها ص يندت أخباره © بأ َك أحئ لها ع يومد يَصدرٌ ناس أشنا روا أعمَالهُم (5) فمن يعمل مثقال در خَيْا يَرَهُ © ومن يَعْمَل مال ذَرّة شرا ره 9 4 [الزلزلة]. و زَلزلّة الساعة 4 من إضافة المصدر إلى ظرفهء أى الزلزلة التى تكون فى يوم الساعة؛ وهو يوم القيامة» وعبر عن ذلك اليوم بالساعة؛ لآنه يكون ساعة شديدة خطيرة» لها ما بعدها من هول أعظم» وحساب وعقابء» وقد عبر الله سبحانه عن هذه الزلزلة بقوله: إن رَنَْْةَ السّاعة شَيءِ عظيم 24 أى أنها شديدة شدة لا يكتنه كنههاء ولا يعبر عنها إلا بأنها © شيء عَظيم , فالشىء اسم لكل شديد» أى أن الألفاظ تضيق عن معانيهاء فلا يتسع لها لفظ إلا ما يكون لفظا عاما غير محدودة؛ لأن شدتها غير محدودة» ولا يحدها نطاق. وقد صور الله تعالى هول هذه الزلزلة» فقال عز من قائل: ' يوم ْنَا َهلَ كل مُرْضعَة عَم ضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى النَّاسَ سكَارَئ وما هم بسكَارَئ ولكنّ عَدَاب الله شديد © 4 . صور الله تعالى الفزع الذى ينال الناس عند رؤية هذه الزلزلة فبقال: ا يوم تروتها تذهل كل مرضعة 24 تذهل أى تنسى وتغفل» والذهول شغل يورث حزنا ونسياناء» وقوله تعالى: «(عمًا أرضعت 24 «ما» إما أن تكون بمعنى «الذى»» ويكون المعنى تذهل ناسية طفلها الذى أرضعتهء وغلته من لبنها الذى هو قطعة منهاء وكأنها فى هذا الحزن الداهم تنسى نفسها أو قطعة من ذاتهاء ويصح أن تكون «ما» مصدرية»؛ والمعنى أنها تنسى إرضاعها فتسى تغذيه من هو كشخصهاء أو امتداد | تفسير سورة الحج 1 ا الالال 0م حر نز حال هذا الفزع تنسى وتذهل عما لا يمكن أن ينسى أو يذهل عنه. وإنه من هول هذا الموقف» وتلك الزلزلة «( وتضع كل ذات حمل حملها 4 من الرهبة والفزع . فالحبالى ينزل حملهن من الفزع قبل ميعاد وضعه.» ووضعه على الرغم منها لفزعهاء واضطرابهاء وكأن هذه الزلزلة تزلزل الجسم ء وتزلزل النفس». كما قال تعالى: وام حسم أن دلوا سن وما يأك مغل ادن حو م قبلكم مُستهم البأساء والضراء ورلْلُوا . . 463 [البقرة]»ء وقد صور الله تعالى حالهم بعامة رجالا ونساء» مراضع وغير مراضع» حبالى وغير حبالى» فقال: وترى الناس سكارئ وماهم بسكارى 4. أى تراهم كالسكارى., #وماهم بسكارى 4 فكأن هنا استعارة مؤداها أن الناس لفرط ذهولهم» ونسيانهم لأنفسهم شبهوا بالسكارى» فهم فى غفلة وذهاب رشد» وضياع وعى كالسكارى» وإن لم يكونوا فى حقيقة أمرهم سكارى تناولوا مسكراء كما تقول لشجاع قوى هو أسد وليس بأسد» أى أنه فى شجاعة الأسد. كأنه هو هوء وإن كان رجلا عاقلا ولعل ذلك يكون أبلغ فى وصفه بالشجاعة. ولكن عذاب الله شديد 4 الاستدراك هنا لنفى السكر عنهم» وإن كانوا كالسكارى» وبهذا الاستدراك بين سبحانه شدة عذابه الواقع عند الزلزلة. والمتوقع بعدهاء وأنهم يستقبلون هولا أشد وقعاء وأعظم إيلاماء فهو ليس إفزاعا عقليا ونفسيا فقط» بل هورمع ذلك إيلام حسى بالثار كلما نضسجت جلودهم بدلتاهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب. وإنه مع هذه الزلزلة التى تزلزل العقول والنفوسء هنا ناس فى لهو عن توقع ذلك مع شدة النذير» وكثرة العبر: ف( ومن الناس من يجادل في الله بغير لم ويتيع كل طن ميد 0 » . إنه فى الوقت الذى ينذر رسول الله محمد يَدلِْةٌ بأخبار يوم القيامة الذى تكون فيه السموات غير السموات وتزلزل النفوس والعقول بزلزلة الأرض يكون وحمب ]ة جر ١‏ ناس من المشركين يجادلون فى ذات الله تعالى ويقول سبحانه: ‏ ومن النّاس من يُجَادلَ في الله بغي علّم4؛ ومجادلتهم فى الله سبحانه وتعالى مجادلة فى ذات الله تعالى من حيث قدرته على البعث» ومن حيث إرساله الرسل مبشرين ومنذرين» ومن حيث إن له شركاء فى العبادة» فهو فى لهو مستمر عن الحقائق ولا يتلقون الحقائق التى جاء بها محمد يك بالجدل فيها وحولها من غير إذعان وتسليم» بل بعناد ولحاجة» والجدل فى أمر من شأنه أن يذهب لب الحقيقة فى وسط شد الجدل وجذبه» ويروى أن الآية نزلت فى جدل بعض المشركين وهو النضر بن الحارث» وكان رجلا جدلا خصما يقول: الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين» ولا بعث بعد الموت» ... وهكذاء وعلى أى حال فالآية الكريمة عامة» ونرى هذا الصنف من الناس فى كل عصرء يمضغون الحقائق بجدل عقيم يشيرونه حولهاء واختتص هذا الصنف من الناس اليهود الذين اتبعهم الأوربيون والأمريكان وحذوا حذوهم؛ لأن ملهمهم واحد وهو الشيطان» فتشابهوا وتشاكلواء لوحدة المصدر. ومن يجادلون فى ذات الله على النحو الذى أشرنا إليه» كالذى جاء خبره عن النضر بن الحارث لا يكون جدلهم قائما على علم علموه؛ أو رسالة بلغوهاء ولكنه التقليد المجرد للمبطلين؛ ولذا قال تعالى: « بغير علم وَيتَبع كل شيطَاذٍ مرِيدٍ)4 الشيطان هنا عام يشمل شيطان الإنس من القادة والأمراء والرؤساء الضالين المضلين» ويشمل شياطين الجن الذين يوسوسون بالشرء ويزينونه» وقوله تعالى: هكُلَ شَيْطَانِ4» الكلية تدل على أنهم يتبعون المنحرف من الأفكار والأقوال» فيتبعون أحيانا شياطين الوجودية» وأحيانا شياطين الشيوعية ورئيسها اليهودى» وأحيانا شياطين التحلل من كل خلق كريمء و مُريد» معناه المتجرد من كل معنى كريم» والعارى عن الفضائل». جاء فى مفردات الأصفهانى ما نصه: «المارد والمريد من شياطين الجن والإنس المتعرى من الخيرات فى قولهم إذا تعرى عن الورق» ومنه قيل رملة مرد» إذا لم تنبت شيئا» . 9لا تفسير سورة الحج 42 الملل ل 0 م ْ حر ل ف «المريد على هذا التفسير المتجرد من الخيرات» العارى عن كل فضيلة» ومن سيطر عليه شيطان مريد أفسد نفسهء وأرسله إلى جهنم؛ ولذا قال سبحانه عز من قائل: «( كتب عليه أنه من تولاه أنه يضلَه ويْديه إلى عَذَاب السعير © » . الضمير فى 9 عليه 4 يعود إلى الشخص الذى يجادل بغير علم؛ لأنه هو المتحدث عنه؛ ولأن الكتابة التى يقدرها الله تعالى تكون على المكلفين» فالأنسب عود الضمير إلى المجادل بغير علم» ويكون معنى 9 تولأة4 جعل الولاية له على نفسه» واتبعه فيما يوسوس به شيطان الإنس من دعوة إلى الباطل والفجور» وفيما يوسوس شيطان الجن من إغراء بالشهوات والأمنيات الباطلة؛ أى فمن يجعله له ولياء ويتبعه. ويحسبه نصيرا له ظ فَأَنّهِ يضله 4. أى يوقعه فى الضلالة. «( ويهديه إأئ عذاب السّعيرٍ4. أى يسلك معه الطريق إلى عذاب السعير» أى إلى جهنم وبئس المهاد. ويجوز أن تجعل الضمير فى عليه 4 يعود إلى الشيطان المريد» وكذلك الضمير فى ا تولأه4 يعود إليهء ويكون أن من يتولاه الشيطان ويسيطر عليه ويجعله تابعا له يضله» ويوصله إلى عذاب السعير. وفى الحالين التعبير بقوله تعالى: «( ويهديه إلى عذاب السّعيرٍ 4 فيه تهكمء ومؤداه أن الرسل يهدون إلى الجنة» أما الذين يتبعون الشياطين» فإن إغراءهم يوصلهم إلى النارء وتلك هدايتهم إن صح أن تسمى هداية. الفدرة على الابتداء تدل على البعث قال الله تعالى: دس م 007 يتأيها الئاس[ كمف َي ملعت وَإِنَا حَلَقَكَكيِنابٍ تُمَوِن تُطفَوَكُمٌ 04 #/ تفسيرسورةالحج ١ ااا‎ 7 تي ف عَلَفَةَدُدّصن 2 هه غم 00 عدمٍ_- 000010 - فد 24 4ة سفه بذو تار مكرك ومن كم ليد 2 2 1 _- و ولا طِفْلاتمكَ افوأ شنكم وَونحكم من ينوك ند 2 0 ضور مم ور 2 0 آم سل سس عه وس - 2 ا حلت بم 2 سل 2226 ور محر 2 ره وسح سب 6 201 01 ذلك يانالله 2111111112 ْو م 2 وََدَالمَاعةَ انيد لاود نبفبَاوانكت حك البو ري النداء فى قوله تعالى: فيا أَيِهًا النّآس» لكل الناس عامة» وللمشركين واليهود خاصة» فإن من اليهود طائفة الصدوقيين لا يؤمنون بالبعث والنشور» ولا يفهمون من الحياة إلا الدنيا. إن كم في ريب مَن الْبَععث 4 تخفيف من الله تعالى لحالهم» فليست حالهم حال ريب وشكء بل حالهم حال إنكار» فذكر الله تعالى خال الإنكار» والدليل تخفيف من حال المشركين وغيرهم من المنكرين» وهو أيضا فيه تصوير للنفس التى لم تفطر على اليقين» ولا على الإنكار؛ لأنه مغيّب لا يعلم» فقد يعترى النفس شك لأنه لا يعلم إلا بالنقل» » فيكون الخطاب موافقا لكثير من الفطرء إذا كان الخطاب يذكر حال الريب دون القطع بالإنكار» وهو فوق ذلك يدعو المنكرين إلى ا تفسيرسورةالحج م اا :2 يي الدليل من النقل القاطع» وجواب الشرط هو: «فَإِنًا خلقناكم من تراب ثم من نطقةٍ. وهو دليل مشتق من الماضى الواقع المستمر الدائم يوما بعد يوم» وساعة بعد ساعة؛ لآن الناس يخلقون كل يوم بل كل ساعة» يخلقون من نطفة» ثم علقة» ثم مضغة. .. إلى آخر ما ذكر سبحانه. (إِخَلْقنَاكم مَن تراب كان الخلق من تراب مرتين: أولاهما فى أصل الخلق والتكوين فخلق آدم أبا الخليقة من تراب» وقد ذكر سبيحانه قصة ذلك الخلق وذلك التكوين» والمرة الثانية أن ذلك متجدد مستمرء فالأب والأم يأكلان ما تنبته الأرض من نبات» وثمرات مختلف ألوانهاء ومن حيوان يرعى فيهاء وما ينتجه طينها من نبات» فذلك من الأرض بتحويل عناصرها إلى نبات» وأشجار وتوليد الثمار من الأشجارء ثم تحول العناصر المختلفة إلى نطفة» وفى كل الأحوال يكوّن سبحانه شيئا من شىء فهل يعجز عن تحويل الرميم إلى حى . نم من ُطفَة4 وهى ماء الرجل يلتقى بخلية المرأة التى ينفثها رحمها فى حال الحيضء وسمى النطفة» لأنه ينطفه أى يقطر منه وقد سماه سبحانه ماء دافقاء كما فى قوله تعالى: 9 فَليَظْرٍ الإنسَان ممَ خْلقَ 0 خُلقَ من مّاءِ دَافق 9 يحرج من بين اللب والرائب © إِنهُ على عه لقَادرٌ 0 يوم مبْلَى السرائر و9 > [الطارق]» .ثم من علقة4, أى أن النطفة صارت علقة» وهى قطعة لحم طرية ثم تجمدت» وصارت مبتداً لخلق آخر. وهو مضغة؛ ولذا قال عر من قائل: الهم مُضنة) , أى انتهت العلقة إلى مضغة» وصارت هذه ابتداء خلق آخر» مَحَلّقَةَ وغيرٍ لق / أى مصورة مميزة الأجزاء بالخلق والتكوين» وليست قطعة لحم فقطء بل صارت ذات شكل بميز يشير إلى أجزاء بعد كمال تكوينهاء ولا تكون مخلقة قبل هذا التخليق وبيان الأعضاءء. ولعل المخلقة هى التى تكون عظاما غير مكسوة بلحم أو مكسوة. ونحجسب غير المخلقة هى التى تكون مضغة لم تتكون عظامها؛ ولذا لم تذكر هنا حال كونها صارت عظاما» كما ذكر سبحانه فى سورة «المؤمنون»» حيث قال لح أ تعالى : فا وقد لقا الإنسان من سلالة مّن طينٍ 59) 09 نَم جعلناه نطمَة في قَرارِمُكينٍ 69 نم حلفا التُطْمَةَ علَََ فَحَلَقا الْعَلَقَة مُضْعَة فَخَلَقْنا الْمضْعَة عظَاما فَكَسَونَا العظام لحم ثم أنشأتاه حَلقَا آخَرَ فَتبَارَك الله أحسن الخالقين 68 4 [المؤمنون]» هذه أدوار خلق الإنسان فى بطن أمهء وما كان لأحد علم بهذه الأدوار التكوينية» حتى جاء العلم من بعد ببيانهاء وعلم الله الذى جاء ذ فى القرآن الحكيم فوق كل علم؛ ؛ لأنه العالم الخبير المنشئ الخالق» كما قال تعالى: « ألا بعلم من حَلَقَ وهو اللُطيف الْحَبير 69 4 [الملك]. ولقد قال تعالى: 9 لَنبِين لكم 4 «اللام» لام التعليل إذا كانت متعلقة باذكرنا» محذوفة» أى ذكرنا ذلك لا لْنبيْنَ لَكُم 4 أى نعلمكم بالخلق والتكوين» وتكون اللام النافية إذا كانت اللام متعلقة بقوله: إ خلقناكم 4. أى خلقنا الإنسان ذلك الخلق ليكون المآل والعاقبة أن يتبين لكم» وأن تعلموا بهذا الخلق والتكوين أمرين : الأمر الأول عجائب صنع الله تعالى فى خلق الكون والإنسانء» كما أشار إلى ذلك بقوله جل وعز: « وفي أَنفسكم أقلا تبصرون 49 [الذاريات]» وإن الله وحده هو الذى يخلق الأشياء من عدم» ثم يتولى هو سبحانه وتعالى تحويلها من حال إليء حال» حتى استوى الإنسان خلقا سويا. الأمر الشانى ‏ أن الذى حول التراب إلى كائنات حية» وتوالدت بِخَلّقه الأحياء أليس بقادر على أن يحيى الموتى . ١‏ 8 ونقرٌ في الأرْحَام ما نَشَاء 4 «الواو؛ كما يقول المفسرون واو الاستكئئناف» وإنى أرى أن الواو واو الجالء أى أنه والجال أننا نضع على سبيل القرار فى الأرحام ما نشاء» من نطفة وعلقة ومضغة مخلّقة وغير مخلّقة» فإنها فى الأرحام تتحول من نطفة إلى علقة» فمضغة مخلقة بالعظام وغير مخلقة» وتكسى العظام باللحم» وإن قوله تعالى: ما نشاء 4 أى الذى نشاؤه فى أدواره المختلفة» فهو 9لا تفسير سورة الحج لهك | 7 بوضعه بمشيئة الله تعالى وإرادته» لا بما يسمونه بالتفاعل من غير إرادة الفاعل المختار الوهاب» وإن وضعها إلى أجل مسمى هو مدلة الحمل التى لا يقدرها إلا الله تعالى. «إثْم نخرجكم طفلا 4 أى يخرج كل واحد منكم طفلا لا يقوى على الحياة وحده؛ لأنه يكون ضعيفا كما قال الله تعالى: # . .. وخلق الإنسان ضعيفًا 6 4 [النساء]ء وأطول مدة لحاجة المولود إلى أبويه من الحيوان هو الإنسان» وفيها يحتاج إلى الرضاعة والحضانة» حتى يستوى شابا يبلغ أشده» وتكمل قواه» هذا قوله تعالى: لاثم لتبلغوا أشدكم 4 ثم عاطفة لتبلغوا أشدكم على فعل محذوف» هو فى معنى جزء العلة» وتقديره مأخوذ من الكلام السابق» والمعنى يخرجكم طفلا لتتربوا وتكبروا شيئا فشيئا وتكلأون برعاية أبائكم وأمهاتكمء ٠‏ ثم لتبلغوا أشد كم 4 وكان العطف ب«ثم»؛ لأن مدة الطفولة» تطول ولا تقصرء فالتراخى ثابت بالزمان» وبالبعد بين الطفولة والرجولة و«أَشد» يقول البيضاوى إنها جمع شدة» كأنْعم جمع نعمة» والشدة هنا القوة المستمكنة التى تعتمد على ذاتها ويكون لها كيان مستقل عن أبويه» ومنكم من يتوفاه اللّه تعالى فى قوته وشبابه أو كهولته حتف أنفه أو قتلا فى جهاد أو اعتداء: «( وسسكم من يرد إلى ذل العمر »4 ولم يقل سبحانه وتعالى يبلغ أرذل العمر؛ لأن بلغ أرذل العمر ليس بلقم غاية تُتَغيا وصالحة فى ذاتهاء وعبر بقوله: «يرد إلى أَرذل العمر» ؛ ؛ لأنه رجعة إلى الوراء» وعودة إلى الضعف فى جسمه فيه العظم» ويتقوس ويضل الفكر» وينسى بعد أن كان يعلم ؛ ولذا قال: الظهرء ويضعف العقل» ف( لكيلا يعم من بعد علم شيًا 24 أى أن ما علمه ينساهىء فما كان من علم يذهبةء وما كان عنده من تدبير وقدرة على العمل» ووزن للأمور» وسماه تعالى: 9 المرذول الذى يكون عبعا على صاحبه . وقد ذكر سبحانه بعد هذا الدليل الملزم المبين قدرة أرذل العمر), أى العمر الله تعالى ذكر دليلا آخر» وهو فى المطر والنبات كما كان الأول فى الإنسان» وإذا كان فى الأول نعمة الإيجادء ففى الثانى نعمة الإرث. 0 ##ا تفسيرسورة الحج أب ا :: وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهمَرّت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج 0 4. تصوير لتغيير الله تعالى الأحياء أو مواضعها من حال إلى حال والخطاب فى قوله تعالى: وترى الأرض هامدة» لكل من هو أهل للخطاب؛ لأنه استدلال للجميع على قدرة الله تعالى فى الأشياء من حال إلى حال» وأنه يخرج الحى من الميت» 8 وترى الأرض هامدة 4. أى جف نباتها وذبل ما فيها ومات» وصارت كالاأرض الميتة لا حياة فيها ولا نبات ولا ماع والهمود واضح أنه يعترى النبات» ووصفت به الأرض؟؛ لآنه محل هموده. ومحل حياته» فهو من إطلاق اسم الشىء وإرادة محله. ١‏ فَإذا أنزلنا عليها الماء 4 من السماء أو الأنهار أو العيون» وسمى إنزالا؛ لأن أكثر الماء الذى يكون غيثا من السماء وماء الأنهار من الغيث» وماء العيون من السماءء وماء الأنهار والمياه الجوفية العذّبة. والضمير فى «إعليها # يعود إلى الأرض» و اهتزت #. أى اهتز نباتها الأخضرهء فيميل يمينا وشمالا بالرياح التى تميله» والاهتزاز للنبات لا للأرض» ولكن أطلقت الأرض وأريد نباتها لأنها محله؛ ولأن الاهتزاز يراه الرائى فى اهتزاز النبات» وهو منبسط بلون سندسى» فيرى كأن الأرض هى التى تهتز لا النبات» #وربت»: أى نمت وعلتء والنمو والعلو للنبات» وهذا مجاز على النحو الذى ذكرناه» والعلو وصفت به الاأرض؛ لأن الرائى يراه» كأن الأرض هى التى تعلو وقال تعالى فى إنبات الأرض: « وأنبتت من كل زوج بهيج 4. أى حسن المظهرء يظهر فى الأرض كأن يد راسم رسمته وزخرفتهء و8 زوج # المراد به الألوان المتقابلة من أبيض وأزرق» وأحمر وأصفر»ء فتبارك الله الخلاق العليم . ل | تفسير سورة الحج لانن ااا ااا ااا اال ااا الالاانللنللااااااا الالالال ااانا التانان لأا اانا النالاااطططنم ااال لللل لط للطل لط لاخسخططمممة طلا ١149م‏ لسرب أ هذا هو الدليل الثانى» وهو محسوس فى أنه أحيا الأرض بعد موتهاء وأنبت فيها ما فيه قوت الأحياء» وفيها من المناظر» وقد حول الله تعالى بهذا الماء نباتا فيه غذاء الإنسان والحيوان» أفلا يستطيع إعادة الحياة إلى الإنسان كما بدأ. بعد ذلك أنحذ الله سبسحاتنه النتيجة من هذين الدليلين اللذين ينبهان العقول التى تدرك» وتلهمهم بالدليل المزيل لريبهم» إن كانوا يرتابون» ويفحمهم بالدليل القاطع إن كانوا ينكرون. «( ذلك بِأَنَ الله هو الحق وأَنّه يحبي الموتئ وأَنّهِ على كل شيء قَدِيرٌ 90 4 . «إ ذلك 4 الإشارة إلى تحويل كون الإنسان من تراب إلى نطفة» ثم إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة» ثم قراره فى الرحم حتى يستكمل موه فى الدور الأول فى بطن أمه ثم يخرج طفلا فى الوجود» ثم يبلغ أشدهء وإنزال الماء والنبات» كل ذلك بسبب أن الله هو الحق. ف «الباء» للسببية # الحق 4. أى الثابت فى ذاته المطلق فى الوجود كلهء فهو الموجود واجب الوجود» وكل موجود يستمد وجوده منه» وهو يخلق سي حانه وتعالى الأشياء ابتداء ويخلق بعضها من بعضهاء فلا غرابة أن يخلق من الرميم حيا» ولو كانت فى تكوين حجارة أو حديد» أو ماهو أقوى صلابة من هذين» ظ وأَنّه يحيي الموتى 4؛ لأنه خلقها ابتداء فإعادتها أسهل عليه كما قال تعالى: ‏ ... كما بدأكم تعودون 409 [الأعراف]» ثم ذكر سبحانه وتعالى قدرته عز وجل ب «أن» المؤكدة» وذكر لفظ الحلالة الذى يشتمل على الوصف كماله» والتنزيه من كل نقص» وأكده بتقديم الجار والمجرور 9 علئ كل شيء» على 9 قدير 4؛ لأن ذلك يدل على عظيم اهتمامه بخلقه. وقد قدر سبحانه ما هو قاطع. وهو لب الإيمانء فقال عز من قائل : وَأَنّ الساعة آتية لذ يب فيها وأَنّ الله يبعث من في القبور 60 4 . الواو عاطفة على لآبِأَنَّ الله هو اللحق ©. وهى تتضمن القصرء أى الله وحده هو الحق» ولا حق غيره سبحانه» فعطف على ذلك لإ وأن الساعة آتية لأريب ههه : بي فيها 4. أى أنه كما أن الله وحده له الوجودء وأنه المعبود وحدهء فكذلك الساعة آنية لا ريب فيها فلا يلتفت إلى ريب الذين يرتابون فيهاء وإذا كان من الناس من يرتابون» فالأدلة قائمة مثبتة موجبة مزيلة للريب كاشفة للحق» ثم قال تعالى: وان الله بع مَن في الْفُسُّورٍ». ولو تبددت أشلاؤهم» وتقطعت أوصالهمء وتداخلت فى أجسام» فالله على كل شىء قدير. الجاحدون ومرضى القلوب والمنافقون قال اللّه تعالى : رص ذلا برس ابر مم سلس وَمِنَلتَاسمَن##ارلة ألله بغي عا رولا هدى - الري 7 صل ىو دما س ‏ مم كيرل مزي رارك تان عِطْفِهِ آآ#ه-ه نه ليض لعن سبي الله دق م و 0 ع رروسى 1 و 2 ره ةل 1 اوعاب يق قلي ذلا 2 جح مد 2 أيه - - سا ع خم ويه سه صر ا 2 14 و 0 ا ل زو إن «ختراطمأن ا م سس سر م سام ل مص برل 214 عم مس وسار فثنة انقلبعلوجهه - حي لد نيا وا لأخرة ذ نالك هى كوه - لد و ع مي - . الخسران! مين ليا يدعوم دوي اللو ما يضصرهه 27 مو 2 211 و ومء و مر وَمالاسنفعة ولك هوا الصَللَلَصِي ديه يعوا لمن لع 06 الى مْعة 1 ورد سو 7 رهد قر تفَعِة لب سَالْمَول وليل سالعشير لمشير 20 هذه السورة مدنية» وفى المدينة التقى النبى يَلكِدِ باليهسود» وغيرهم من أهل الكتاب» ولم يكن الجدل بين النبى كَْةِ لذلك تشعبت المناقشة حول الله تعالى إلى شعب شتى فوق الحدل فى عبادة الأوثان والإشراك بالله سبحانه وتعالى» فكان الجدل حول ما أشاعه العرب من عبادة» وحول إرسال الرسل من غير بنى ع ##ا تفسيرسورةالحج و ١: ااه‎ يي إسرائيل» ومقام الشريعة التى جاء بها محمد يلد من الشرائع السابقة» وخصوصا شريعة التوراة بعد أن حرف الكلم عن مواضعه» وقد قال تعالى: ف ومن الَأس من يجادل في الله بير علم ولا هدى ولا كتَاب مير () 4 . المجنادلة فى الله تعالى هى المجادلة فى ذاته وصفاته وقدرته وعلمه ووحدانيته» وكل مجادلة حول شركاء له مجادلة فى ذات الله» وقوله تعالى: ط بغير علم». أى بغير علم يثبت بالضرورة» منكرا كل أمر تهدى إليه الفطرة» ومتجاهلا الحقائق الثابتة بأن يتجاهل أن الأ وثان لا تضر ولا تنفع» ومنكر البدهيات» فمعنى بغير علم 4 بجهالة» ولا هدى 4, ولا دليل يهدى إلى الحق ويبينه» ويسدد المدارك إلى الحق» بولا كتاب منير 4 أى ولا كتاب منقول غير الحق» ويوضح السبيل إليهء ومعنى ذلك أنهم حائرون بائرون» لا يأخذون بعلم ضرورىء. ولا بعلم يأتى بالنظر والبرهان» ولا بمنقول من كتاب منزل منيرء ويهدى إلى سواء السبيل . والآية السابقةء « ومن النّاس من يجادل في الله بعَيْرٍ علّم ويَتّبِع كل شَيطَانٍ مَرِيدٍ 0 4 مع هذه الآية ليستا واردتين على مورد واحد» فالكية السابقة واردة على الذين. يتبعون كل شيطان متمرد من شياطين الإنس ويقلدونه ويسيرون وراءه سير التابع وراء المتبوع» وهذه الآية التى نتكلم فى معانيها السامية واردة فى الذين يقولون مستقلين غير تابعين لمارد ولا ذى سلطان» ولكنهم لا يتبعون علما ضرورياء ولا علما نظرياء ولا علما منقولا عن معصوم ينسب كلامه إلى رب العالمين . وهذا من شأنه أن يعرض عن الحق» ويضل غيره؛ ولذا قال سبحانه: ني عه لب سبل اله في الا يديهم ليا داب الحريق 690 4. (العطف) هو الجانب» و ثاني 4 اسم فاعل من ثنى يثنى» أى لواه مستكبرا أو معرضاء أو هما محّاء أى مع أنه يجادل فى الله بغير أى نوع من العلم» بل لسرب ا قال تعالى: « وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون (4)2 [المنافقون]» وكما قال تعالى: ١‏ وَإِذا تثلى عليه آياتنا وى مستكبرا ... 00 4 [لقمان] . ولذا قال تعالى: « ليضل عن سبيل الله أى ليضل غيره عن طريق الحق» فاستعلاء الباطل يغرى باتباعه» وإذلال أهل الحق يغرى بتركه إلا من ربط الله تعالى على قلبه. وقد ذكر الله تعالى عند مغالبة الحق والباطل» فقال عز من قائل: 9 له في الدنيا خزي 4. يجعل كلمة الحق هى العلياء وكلمة الباطل هى السفلى» كما كان الخزى فى بدر» والأحزاب» وغيرهماء وذلك لا يعفيهم من عذاب الآخرة ب نذيقه 4؛ لأن الإلقاء فى الجحيم من غير أن يذوق حريق النار» ويلهب إحساسه بها لا يدرك معه حقيقة العذاب؛ لأن العذاب فى ذات الإحساس بالنار. ذلك بما قدمت يداك وَأَنَ اللّهِ ليس بِظَلام للعبيد 009 4 . الإشارة فى © ذلك 4 للعذاب و«الباء» للسببية» أى بسبب ما قدمت يداك» الجزء» وهو من المجاز المرسل» إذا كان لذلك مزيد اختصاص فيما يساق له القول كما يعبر عن الجاسوس بالعين» وهنا كذلك عبر عن الذات باليد التى يكون بها الاعتداء بالبطش وسفك الدماء أو الاغتصاب والإيذاء. و ذلك بما قدّمت يداك » فيه النفات من الغيبة إلى الخطاب» أى يقال له ذلك الذى نزل بك متكافئ مع ما قدمت يداك فما كان الله ظالماء ولكن أنت الظالم؛ ولذا قال تعالى: وَأَنَ اللّهِ ليس بظلام للعبيد 4. وأن معطوف على إبما / تفسير سيور هه الحج لل للللل الئل تحب ا قَدّمت يداك 4. أى بسبب ما قدمت يداك» وبسبب أن الله ليس بظلام للعبيدء وظ بظلام4 صيغة المالغة من الظلم» للإشارة إلى أن الله تعالى لا يعاقب إلا بذنب» وإنه لو عاقب من غير ذنب ‏ معاذ الله لكان ظلاما وهو ليس بظلام» إذ يؤاخذ كل نفس بما كسبتء وإنه قد يعفو عن ظالم لخير فَعَلّهِ؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات؛ ولأنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاء ولكن لا يمكن أن يكون ظالما . «( ومن النّاس من يَعْبد الله على حَرْف فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ ْمَأ به ون أَصَابَعه فَة انقلّب عَلَئ وجهه خسر الانيًا والآخرة ذلك هو الْحُسران المبين 69 4 . هذا صنف من الناس لا يدخل الإيمان قلبه إلى درجة الصبر على البلاء فى إيمانه» بل يكون إسلامه بظاهرء وهو كأولئك الأعراب» الذين قالوا: آمناء وأمرهم الله تعالى أن يقولوا: أسلمناء ولما يدخل الإيمان بعد فى قلوبهم» هؤلاء هم الذرين قال الله تعالى فيهم: 2ل ومن النّاس من يعبد الله على حرف » . «الحرف» هنا هو الطرف» أى يعبد الله على طرف من الدين» كالذى يكون على طرف من الجيش يقر فيه إذا أحس بالنصر ليأخذ من الغنيمة» وإن أحس بالهزيمة فر لكيلا يناله القتل وآثار الهزيمة» وقال سبحانه: 9 يعبد الله على حرف 4. أى على طرف الإيمان» فلا يعبده عبادة من امتلاً قلبه بالإيمان» وذاق بشاشته» وأحس باطمكئئنان نفس » واستقامة اعتقاد»ء وهذا تصوير لضعفاء الإيمان الذين اضطرب اعتقادهم» فكأنهم يكونون على حرف مع الإيمان وهو أقرب إلى الكفرء فطرف الشىء هو الأقرب إلى ما يجافيه» وقد قالوا: إنها نزلت فى بعض الأعراب الذين قدموا المدينة وكان بعضهم إذا صح بدنه» ونتج إبله وولدت امرآته وكسب مالا وماشية» قال ما أصبت من هذا الدين إلا خيرا واطمأن» وإن أصابه شر قال ما أصبت وانقلب» وروى عن ابن عباس أنه قال: كان ناس من الأعراب يأتون النبى كَلةّ فيسلمونء فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث» وعام ولاد حسن قالوا: إن ديننا هذا لصالح فتمسكوا به» وإن وجدوه عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط قالوا: ما فى دينئنا هذا خيرء ويصدق على هؤلاء قوله 1# تفسير سورة الحج 7ه للمللللل ا االللللالل 01011 لسرب ا تعالى : «الأعراب أَشَد كفرا وتقاقًا وَأجدر ألا يعلَمُوا دود ما أَنرَلَ الله عَلَى رسوله . .69 * [التوبة]» وهؤلاء وأشباههم من ضعاف الإيمان هم الذين قال الله تعالى فيهم: «( ومن النّاس من يعبد اله على حرف فَإِن أصابه حير اطْمَأنا به , أى أصابهم أمر يسرهم» وهو خير اطمأنوا وسكنواء 9 وإن أصابته فتنة 4 أى شديدة فيها ابتلاء لإيمانه واختبار لنفسه وتعرف لقوة إيمانه» انقلب على وجههء أى ارتد بعد إسلام» وكفر بما أعلن الإيمان» وإن كان على طرف» وعبر سبحانه عن ردته بقوله: «انقلب على وجهه 4 وهذا التعبير فيه تشبيه حال المرتد عن دينه بحال من انقلب فوق وجهه فصار رأسه فى أسفله. ورجلاه فى أعلاه أى تصويره بصورة شوهاءء شاه منظرهاء وقبحت حقيقتها. وإن من يكون كذلك خسر الدنيا بما أصابه من فتنة لم يعتبر بها فى دينه وكانت شرا عليه فى دنياه» إذا لم يستفد بها فى دينه» وخسر الآخرة؛ لأنه يموت كافراء وذلك الأمر الذى آل إليه هو الخسران المبين الواضح وقد وصف الله تعالى من تكون هذه حاله بأنه كعبدة الأوثان على سواء. ظ يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفَعهُ ذلك هو الضّلال البَعيد 60 4. ١‏ أى أن هذا الذى انقلب على وجهه وتشاءم بالإسلام يعود مرتدا إلى من لا يضر وما لا ينفع» فإذا كان لم يعجبه دين الله تعالى وتشاءم إذا أصابته فتنة يختبر بها إيمانه وتسليمه الآمور إلى الله تعالى خالق كل شىء الذى ينفع ويضرء فقد رجا ما لا يضر وما لا ينفع» لقد ترك دعاء الله تعالى وحاد إلى دعاء ما لا يضر وما لا ينفعء و دون الله 4 معناها غير الله «إما لا يضر 4 أى الذى لا يضرء أى ليس سبب فيه التشاؤم الذى بخ بغض إليكم دين الحق لأنكم فتنتم فيه ليختبر مقدار تسليمكم للّه» وقد زعمتم أنه لا يضر إيمانكم بهء فهو أيضا لا ينفعكم؛ ولذا كرر اسم الموصول» أى يدعون ما لا يضرهء وهو أيضا ما لا ينفع فالإسلام دين الله الذى يضر وينفع أما غيره فدين ما لا يضر وما لا ينفع . 8# تفسيرسورةالحج 0ل ااامللو الل أخج-1 وإنكم إذ خرجتم من دينكم فقد خرجتم من الهدى إلى الضلال؛ ولذا قال عز من قائل: ذلك هو الضلال البُعيد», أى ذلك الذى كان منكمء وهو أنكم تريدون الأقدار على ما تحبون» وتسير على ما تشتهون هو الضلال البعيد» الذى تبتدئون السير فيه حاسبين أنه هداية» وكلما أوغلتم بعدتم عنها بعدا طويلاء وبذلك تمعنون فى الضلال والتيه إمعانا. «( يدعو لَمن ضرة أرب من تُفْعه لبِمْس الْمُولَى ولبفّس العشير 09 > . فى الآية السابقة ذكر سبحانه أنهم يدعون ما لا يضرهم.ء وما لا ينفعهم» وقلنا: إنه كان لا يضرهم فهو لا ينفعهمء وأن الموصوف واحد. ولكن خطر على عقلى بعد كتابة ما تقدم أنهما واردان على موصوفين أولهما لا يضرء وثانيهما لا ينفع كما يدل تكرار الموصول» وهذا ضلال» ويناسب ما ذكر من بعد أنه الضلال البعيد الموغل فى طريق الضلال» ولمعنيان بين يدى القارئ يتخير أحدهماء والقرآن حمّال معان كلها بين لا إيهام فيه قط . وفى هذه الآية التى نتكلم فى معناهاء نجدها تشير إلى أن الذى يدعوه من العقلاء» بدليل التعبير ب (مَنْ) فى قوله: «إلَمَن ضَره أَقُرّب من تُفعه 24 وتكون الدعوة بمعنى الالتجاء والاستغاثة, أو الموالاة والنصرة» والاعتماد عليه» و(اللام) فى قوله تعالى: ا لَمَن ضره أَقْرّب من نَفْعه 4 تفيد التوكيد» سواء أكانت للتعليق أو للابتداء» فتلك تخريجات نحوية لا تمنع ما تدل عليه من توكيد المعانى وامَّن» كما أشرنا تفيد أن من يدعونه من العقلاء» وليس معبودًا من الأوثان والجمادات» وأن الدعوة للنصرة والموالاة» والمعاونة على الباطل» وكان ضره أكبر من نفعه؛ لأآن الاعتماد عليه فيه ضرر عقلى ونفسى؛ لأنه يعتمد على غير الله» والاعتماد على غير الله تعالى رق لهذا المخلوق يحد من الحرية» ويمنع الانطلاق إلى العمل الصالح؛ ولأنه ضعيف مثله» لا ينتصر لهء ولأنه يجره إلى الشر»ء فيكون التعاون بينهما قائما على الإثم والعدوان» ولأن الاعتماد عليه اعتماد على شفير هار ينهار به فى نار جهنم . 6 0# تفسير سورةالحج الل للك لحر ناز «( لبئس المولّئ ولبئس العشير 4 «اللام» واقعة فى جواب قسم محذوف» فهى تؤكد الحكم. وتثبته» و«(بئس» من الأفعال الجامدة التى تدل على الذم» وهى فى مقابل «نعم» التى تدل على المدح» و( المولى # النصير الموالى الذى يعستمد عليه من يدعوه» ويندبه للنائيات» ويرجو موالاته فى الملمات» و9 العشير »© الصاحب الذى يعاشره » فيجره ه إلى الضلال» والصاحب الذى يوادم ويتعاون معه على غير الخير» بدليل ذمة» إذ لا يذم من يتعاون على الخير» وله وحده هو المستعان فى الشدائد المغيث فى الضراء» المحمود فى السراء . وخلاصة القول فى معنى هذه الآية الكريمة: أن موضوعها ليس دعوة الأوثان والأحجارء إما موضوعها الاستنصار بالأشخاص» والاعتماد على أهل الباطل فى الولاء» والذين يعاشرونهم . جزاء المتقين والمصل بين الناس قال الله تعالى: ررء وم 01 الله مد انوع أو للحت بَنّتٍ 2 الى 2 1 2 سح ساو له لور ئ عي - ركنا للم سدسم ور 20 4 3 0 1 لكر نسل السَملء كم بطع ينظ رهل يذِّين كر وكَدكَ َه يتياه يع مشر 09 ينامو لدب مانا وَالْصَّدكِينَ وألتصلر رصم ص 700 ع سو ماعو م وَالْمَجُوس وَالرنَ روات لله يفول بينهدم وَمَالِْمةِإِنَالهعلكل من وسَصِيدٌ 07 ا 0 1# تفسيرسورةالحج و 1ب ا أشار سبحانه وتعالى إلى أصناف الناس فى ضلالهم» فمنهم من يجادل فى الله مقلدا شيطانا مريدا من شياطين الإنس» ومنهم من يجادل فى الله غير متبع لغيره» ولكنه يتبع الهوى فلا يفكر بعلم ضرورى أو نظرى» أو نقل من كتاب منير» ومنهم من يعبد الله على طرف يرجو خير الدنيا فقطء وينقلب على وجهه إذا أصابه ما يُختبر به ليتبين مقدار إيمانه بقضاء الله وقدرهء وإنه سبحانه هو المتصرف كما يريد هو لا كما يريد ذوو الأهواء ومنهم من يدعو ما لا يضر وما لا ينفع» ومنهم من يستنصرون بالموالى والعشراء» ويحسبون فيهم القوة والنصرة» وكل أولئك فى النار. بعد ذلك بين سبحانه جزاء أهل الإيمان الصادق» فقال: ١‏ إن الله يدخل الّذينَ آمنوا وعمِلُوا الصالحات جنات نَجَرِي من تحتها الأنهار إن الله يفل ما يريد 69 4 . هذا جزاء المؤمنين الأبرار الذين آمنوا فطهروا قلوبهم وعقولهم من رجس الوثنية» وأزالوا ضلال الناس فى أنفسهمء وفى الاعتماد على غير الله تعالى» ظ وَعَمِلُوا الصسّالحات 4. أى عملوا كل ما فيه خير للناس» وخير لأنفسهمء وسلامة اعتقادهم وطاعتهم فى عبادتهم» وإن الله تعالى يسكنهم جنات فيها نعيم دائم مقيم» يلتقى فيها نعيم الجسم بسرور النفس» فالإقامة دائمة فى ريحان الجنة» والأنهار تجرى من تحت الأشجار فيكون متعة النظرء وراحة البصرء وإن هذه إرادة الله تعالى» وقد أكد سبحانه هذه الإرادة» بقوله تعالى: ظ إن الله يفعل ما يريد » أكد سبحانه وتعالى أنه سبحانه فاعل مختار لا تصدر عنه الأشياء صدور العلّة عن معلولهاء ولا السبب عن سببه» كما ضل الفلاسفة وغيرهم ممن اتبعهم» وقد أكد سبحانه القول بتأكيدات ثلاثة» أولها: «إن»2 وثانيها: لفظ الجحلالة الذى يتضمن الوصف بكل كمالء وثالثها: التعبير بالمضارع الذى يدل على أنه سبحانه فعل ما أراد» ويفعل دائما ما يريد. حب اه وإنه سبحانه وتعالى الفعال لا يريد» إن أراد أمرا قال له كن فيكونء ولا يريد شرا أبداء وإن نزل بأحد ما يسوؤه فلن يستطيع أحد أن يغيره» وإن نال أحد نفعه فلن يمنعه أحدء وإن أراد نصرة من غيره فلن تكون إلا بإرادة الله؛ ولذا قال عز من قائل : «( من كان يظن أن أن ينصره اللّهِ في الانيًا والآخرة فَلَيمَدَد بسَبب إِلَى السّماء ثم هذه الآية لبطلان وهم من يتسوهم أن الله تعالى لن ينصره إذا طلب النصرة العادلة منه؛ واعتمد على غيره» وذلك رد على من يوالى العباد من الموالى والعشراء فى النصرة» فالله وحده هو نعم المولى ونعم النصيرء وبئس من يطلب نصرا من غيره وإنه ناصر نبيه فى الدنيا والآخرة. ' والضمير فى إ ينصرة 4 فى قوله تعالى: ا من .كان يظن أن أن ينصرة 4 يعود إلى النبى كلك وإن كان لم يجر ذكره فى الآيات قبلهء أو فى الآية السابقة» فإنه حاضر فى نفس القارئ للقرآن» وفى قلب كل مؤمن فهو حاضر دائماء وإن محمد بعد الهجرة قد قامت حروب بينه وبين المشركين» وبينه وبين اليهودء والله ناصره دائماء. ولم يهزم فى موقعة. وإذا كان قد أصيب بجراح وقتل من قتل فى أحد فهو لم يهزم ولم يندحر فيهاء وكان ذلك يغيظ الكافرين وخصوصا اليهود. الذين كانوا يجاورونه فى المدينة» ويذهب بهم فى طغيانهم إلى أن يتمنوا ألا ينصره الله تعالى» كما يتمنى الحاسد الحقودء وقد بين سبحانه فى هذه الآية أن من المستحيل ألا ينصره الله وليموتوا بغيظهم؛ ولذا قال: من كان يظن أن أن ينصره الله في الدنيا والآخرة فَلَيَمْدد بسب إِلَى السّماء 4 من كان يظن مستمرا فى ظنه الذى لا يصدق. والاستمرار فى هذا الظن هو من التعبير ب كان 4». و«أن» مخففة من الثقيلة» واسمها الحال والشأنء أى من يظن أن الحال والشأن أن لن ينصر الله محمداء وذلك مستحيل» فليمدد بسبب إلى السماء» والسبب: الحبل الذى يصعد به على النخل؛ والسماء. روى عن ابن عباس أنه قال: إنه سقف البيت» أى تفسيرسورةالحج و كاااة :* يي ليمدد الحبل إلى سقف البيت» فإذا وصل وهو متصل بهء مربوط فى عنقه» ثم ليقطع ذلك الحبل» فيختنق اختناقاء قيد هذا الاختناق بذلك الحبل» « فَلْينظر هل يذهبن كيده ما يُغيظ 4. والاستفهام بمعنى النفى؛ ولذا كانت نون التوكيد فى الفعل. وهى تجىء فى الفعل المنفى» تأكيدً للنفى» وهذا تأكيد فوق تأكيد .النفى بمجيئه بصيغة الاستفهام . وهذا تخريج صادق كل الصدق. وهو فى مضمونه كقوله تعالى: 9 ... قل موتوا بعيظكم ... 699 4 [آل عمران]» وإنا نوافق على التخريج ما دام منتتجا معنى سليما مستقيما يتفق مع جلال القرآن. ومع سياق القصص فى السيرة» ولكن نخالف فقط تفسير السماء بالسقف. فذلك ليس فى القرآن» إنما تفسر السماء بما هو فوقك, من السماء ذات البروج» ومعنى «ليمدد»» أى ليمتد بالحبل إلى السماءء ثم ليقطعه فإنه يسقط مختنقا مجندلاء و«الكيد» التدبير» وإن الله تعالى ناصر عبده محمدا فى الدنيا والآخرة» ولتذهب نفس أعدائه حسرات» وكما أن الله تعالى ناصر نبيه فى الدنيا والآخرة. ناصر نبيه: مثبت صدق رسالته بالقرآن المبين» ولذا قال تعالى: ص وكذلك أنزلنَاه آيَات بِينَات وَأَنَ اللَّه يهدي من ير يد 42 الإشارة إلى إنزال الآيات البينات الواضحات الهادية الدالة على صدق الرسول» والمشابهة بين ما قدر الله تعالى إنزاله وما أنزله فعلاء أى أنزلناه فى الواقع كما قدرناه فى علمناء وهذا تأكيد لإرادة الله تعالى فى أن تكون معجزة النبى كَكهْ من نوع الوحى بآيات بينات» وقوله تعالى: طون الله يهدي من يريد 4. أى كذلك الإنزال أن الله تعالى يهدى إليه من يريد له الهداية ويسلكهاء وإنى أرى أن المشابهة ليست بين الإنزال المقدر فى علمه الأزلى» والمنزول الواقعى» وإنما أرى أن المشابهة بين نصر الله لنبيه فى الدنيا والآخرة وإقامة الحجة لرسالته فى الدنياء حتى يبلغ الأجل» ويكون المعنى كما ننصره فى الدنيا والآخرة أيدناه بالملعجزة الباهرة القاطعة التى تتحدى اللأجيال كلها أن يأتوا بمثلهء وأنزلنا آيات بينات و ا تفسيرسورةالحج ههه في واضحات» وأن اللّه يهدى بهديه من يشاءء فيهدى الناس ابتداء بهاء ويزيد بها الذين اهتدواء» وذلك كما يريد» ومن يريد» وسلك ق الحق» واتجه إليه غ ين يريد» ومن يريكء» و يى واحجه إليه عير ملتفت لسواه. وبين بعد ذلك سبحانه أن الناس جميعا مجزيون بعملهم يستوى فى ذلك المؤمن والمشرك واليهودى». والنصرانى والصابئ» فقال عز من قائل: إن الّذِينَ آمنوا والّذِينَ هادوا والصابئين وَالتُصارئ والْمَجوس والّدين أشركوا إن الناس جميعا يوم القيامة تميزهم أعمالهمء وهى التى ينالون بها الجزاء عقابا أو ثواباء والفاصل بينهم هو أحكم الحاكمين رب العالمين وأعمالهم هى التى وقد ذكر سبحانه أصنافا ستة» وهم: المؤمنون» واليهود»ء والصابئون (وهم عبدة الكواكب الذين ادعوا دخولهم فى النصرانية عندما أرادهم المأمون الخليفة العباسى على أن يدخلوا فى دين كتابى» وهم أخفى الناس لاعتقاد)ء « والتصَارَى 4 على اختلاف طوائفهم ما بين كاثوليك وأرثوذكس» وإنجيليين» « وَالْمَجوس»4. وهم عبدة النارء ظ والْدين أشركوا 4. أى الذين أشركوا مع الله تعالى غيره فى العبادة» وبهذا يدخل فيهم الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله ويدخل البراهمة؛ لأنهم قالوا: إن كرشنة ابن الله وهم يصورون آلهتهم بتماثيل» كما يدخل البوذية؛ لأنهم قالوا إن بوذا ابن الله» ويدخل الكونفوشيوسية الآخذون بتعاليم كونغ فوتس الذى حرف بكونفشيوس» وهكذا فهم يدخلون فى المشركين؛ لأن الإشراك غير مقصور على العرب الأقدمين» بل هو فيهم وفى غيرهم مع ملاحظة أن كونغ فوتس بوذى الديانة ولكن له مذهبا خلقيا أخذ به أهل الصين. وإن ذكر هؤلاء جميعا فى موضوع واحد متعاطفين يدل على أمرين: 0# تفسيرسورةالحج ش و حب نا الأمر الأول أنه لا عبرة فى إجابة النبيين إلى اختلاف الملل والنحل» بل الجميع أمام الرسالات الإلهية على سواء» فمن أسرف وظلم كان حسابه عسيراء ومن آمن واهتدى كان من الله قريباء وإن الله سيفصل بينهم . الأمر الثانى ‏ أن الله وحده هو الذى يبين يوم القيامة: الحق فيثيب أهلهء والباطل فيعذب الذين تردوا فيه؛ ولذا قال تعالى: إن الله صل بينهم يوم القيامُة4 الفصل بين الأشياء والأشخاص إبانة كل بخيره وشرهء والفصل بين الأقوال تبين صادقها من كاذبهاء وحقها من باطلهاء وكذلك الفصل بين النحل وأصحابهاء أى بيان الحق فيها والباطل منهاء وجزاء أهل الباطل» وثواب أهل الحق» وإن ذلك الفصل هو الحق؛ لأن الفاصل هو الله تعالى» وهو خير الفاصلين؛ ولأنه العالم بكل شىء وبهم جميعاء ولذا قال تعالى: إن الله على كل شيء شهيد , أى عالم علم من شاهد وعاين» فهو حكم مؤيد بأسبابه» وشاهده الأكبرء وقوله تعالى: «على كل شيء شهيد 4 فيه التعدية ب«على» إشارة إلى معنى الرقابة عليهم» والإحاطة بهمء وهو بكل شىء محيط؛ لأن كل شىء خاضع له سبحانه. خضوع الوجود لارادته سبحانه قال الله تعالى: 2 مهم الوَتراتٌ! »و ”7 4 ب م .6 021 يسجدله “نيا ,2 وتوف ال لسن والقمر 728 سو 1 عق حَقَّءآَِ ا ألَهَفم 4 1 سس 2 > زد هذا بيان من الله تعالى لخضوع الناس جميعا والكون كله لإرادته سبحانه» والاستفهام هنا لإنكار الوقوع بمعنى النفى» وهو داخل على حرف النفى «لم» ونفى النفى إثبات مؤكد» كأنه كان استفهام ثم نفى» والمعنى لقد رأيت أيها القارئ للقرآن الكريم أن الله يسجد له من فى السموات والأرض» أى يخضع خضوعا مطلقا كل من فى السموات والأرض طوعا أو كرهاء كما قال تعالى فى سورة الرعد : <( ويسبح الرّعد بحمده والْمَلائكة من خيقته ويرسل الصواعق ف فيصيب بها من يُشَاء وهم يجادلون في الله وَهرَ شديد المحال 495 إلى أنه قال عر من قائل: ل( وللّه يَسَجَد من في السّمُوات والأرض طَوعا وكرها وظلالهم بِالْغدوّ والآصال 409 والسجود طوعا هو بإرادة العبادة من العقلاء المختارين» والسجود كرهاء أى بحكم الخضوع المطلق لإرادة المنشئ للكون الواحد القهار. وظ من 4 فى قوله: .من في السَّمّوَات ومن في الأرْضٍ »4 ظاهر الكلام أن ذلك من العقلاء كالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» والعقلاء من الجن والإنس المختارين المريدين» والباقى ممن ذكر من الشمس والقمر والنجوم والجبال والدواب» هؤلاء ينطبق عليهم السجود كرهاء فالوجود كله خاضع لله سبحانه» وإن من شىء إلا يسبح بحمده فهم خاضعون له خضوع الشىء لمن أوجده» فالجبال تخر له وتصير هباء منبشاء وتتحرك بإرادته وأمره» ثم ذكر سبحانه الظالمين والمهتدين من عباده بالتفرقة بين الضال والمهتدى فقال سبحانه: ل وكثير مَن الئاس #, أى كثير اهتدوا وآمنوا فهم فى ذاتهم ليسوا عددا قليلا» وإن كان الفريق الثانى أكثر عدداء وإن لم يكونوا مهتدين؛ ولذا قال تعالى: « وكثير حق علَيّه العَدَاب 4. أى أنه ليس بالمهتدىء» بل كان من ععبدة الأوثان أو من أهل التثليث» أو من أعداء البشرية اليهودهء أو من عبدة الئيران» أو من عبدة الكواكب وعبدة الملائكة الذين قالوا عنهم إنهم بنات الله تعالى. وذكر سبحانه وتعالى هؤلاء الضالين بجزائهمء وهو قوله: إحق عليه الْعَذَاب » للإشارة إلى أنه ملازمهم. به يعرفونء وبه يعينون وقوله تعالى: حق 0 تفسبير سورة الحج اناالا لاان ااا انالا انالا طاطخ اقالنالالن انل قطنا مالم لااااا طخلل خطاخطاااانالاخط الالالال لالط خخسطط طنط ططخ ط ططخ طمطتطالا كم > ان عليه العذاب 24 أى ثبت لهم ولازمهم وكان عذابهم بحقى لأنهم ظلموا أنفسهم والناس» وضلوا ضلالا بعيدا بعد أن جاءهم المرسلون» وقد كذبواء وآذوا المؤمنين » وعاندوا الحق وجحدوا به واستيقنته أنفسهم . وإن الله قسم الناس» مهتد مكرم» ومهين قد لازمته الإهانة» ولا يمكن أن يكرمه أحد أبدا؛ ولذا قال تعالى: ‏ ومن يهن الله فُما له من مكرم 4 وإهانة الله تعالى لمن يكتب له فى لوحه المحفوظ وقدره المحتوم» إنما تكون لمن سلك سبيل الغواية» وسد مسامع الهداية» فيأخذه سبحأنه إلى مواطن الهوان» فبفعله هان» وبإعراضه عن الحق مريدا مختارا عذَّب» وحق عليه العذاب فما لأحد أن يكرمهء ولا يمكن أن يمكن من ذلك» ولا قدرة له عليه. وقد أكذ سبحانه إرادته الخالدة فقال: 99 إن الله يفعل ما يشاء ». أى ما يريده ويشاؤه ويحبه» وليس لأحد من خلقه عنده إرادة # لا يسأل عما يفعل وهم يسألون 09 4 [الأنبياء]» وأعمالهم فى سلطان إرادة الله سبحانه وتعالى فلا تخرج حركة عن حركة إلا بإذنه» وهو السميع العليم» وقد أكد سبحانه أن له وحده المشيئة المطلقة» والإرادة المختارة ب 8ن * المؤكدة» وبذكر لفظ الجلالة الذى يدل على الإرادة المطلقة» والاتصال بكل كمال» والله على كل شىء قدير. الخصمان أمام الله يوم القيامة قال الله تعالى: ار هذ حصَمَانختصمراً سس عمو قَطعَتٌ م 5 7 ًَ يليد كوا فَِعَتَ طمثيَابٌ 5-8 50 وح س بير 2 5 206 ير 22 كلما رادو 5 ااا سسساسة” حب ات 0 04 <_ بدس 6م أن جوأ م وفوف الَو آ# رخ أ انلك بس اموأ لصحت 9 أساورمن ده وأ راس فيها ري رو لير ير سس ص لت مو وسمه مهامس فدهك مزلا يريد - الذي كر كفر أ ويص د ونعن سي لَه والْسَسَجِدٍ لحرا وال جَعَلكه إلكَاس سوا ءَالْمدكس فِيووانَاز مَنْمْرة ديإ لكا بظاو وِنْرْقهمِنَعَدَا نأبو ونا اد تست زه قاب ا ئنهن رخا من فق رُوسهمٌ َم 409 . الخصمان هما الذين آمنوا محمد كَلِْدّءِ والذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين» وهما خصمان؛ لأنهما فى جانبين متقابلين؛ ولآن المؤمنين يؤمنون بكل ما جاء عن الله» وغيرهم يجادلون فى الله؛ لأن الخصومة فى الحق قائمة بينهم وهى من جانب الذين اتبعوا محمذا كَل هداية وإرشاداء ومجادلة بالتى هى أحسن» ومن جانب الخالفين لهم عناد وإغواء ودس وخيانة» ومجادلة بالباطل» وادعاء له. وواضح أن الخصومة " كانت فى الدنيا»ء وفى الآخرة كان الجحزاء الوفاق؛ وكل ينال ما يستحق» « فَالّذِينَ كَمَرَوا فُطَعَت لَهُم ياب مَن نَارِيصبُْ من فوق رءوسهم الحميم 24 أى تقدر لهم على قدر أجسامهم» وتقطع وتخاطء» بحيث تحيط النار ## تفسيرسورةالحج و لسرب ا وتكون النار مشتعلة فى الشياب والأجسام معاء و يصب من فوق رءوسهم اْحَميم4, وهو الماء الساخن الذى يصل إلى درجة الغليان» فالنار تحرقهم فى أجسامهم ورؤوسهمء وتصل إلى داخل أبدانهم» ولذا قال تعالى: ل يُصْهر بم في بُطونهمْ الو 469 . الصهر إذابة الحديد» فقوله تعالى: «( يصهر به ما في بطونهم 4 من أحشاء من معدة وأمعاء وقلب وكبد وغيرهاء يذاب هذا كلهء وأى عذاب يكون فى هذه الحال» 8 والجلود 4 أيضا تذاب من شدة الحرارة» ولا شك أن ذلك كله تصوير للعذاب الذى ينزل بهم» وإنه لواقع» والله هو الذى ينجى المؤمنين بفضل رحمته. وبمن منه» وهو الرءوف الرحيم. وقد وصف سبحانه بقية من عذابهم» فقال: « ولّهم مُقَامِع من حديد 69 كُلَمَا أَرَادُوا أن يخرجوا منها من عَم أعيدوا فيها وَذُوقُوا عاب الحريق 69 4 . المقامع جمع مقمعء وهو مايذلل به» ويدفع» وكأن خزنة جهنم من الملائكة الأطهار» واقفون كلما هموا أن يخرجوا من النار ردوهم إليها بهذه المقامع التى تزودهم وتدفعهم» وتردهم إليها؛ ولذا قال تعالى: ط كُلّما أرادُوا أن يخرجوا » فارين من جهنم ونيرانها وغمها وآلامها ردوا بالمقامع إليها وأعيدوا فيهاء وقالوا ‏ . لهم: «وَذُوقُوا عذَاب الْحَرِيق 24 أى عذاب النار التى تحرق أجسامكم فى ظاهرها ش كما شوت أحشاؤكم فى باطنهاء كما أذقتم المؤمنين العذاب فى الدنياء وقوله: «إمن غَمِ)4, أى بسبب غم العذاب وغم البؤس» وشعورهم بأنه أبدىئ خالدء هذا ' جزاء الكافرين المعد لهم الذى يرتقبهم» وهو جزاء الخصم الأول أما الخصم الثانى وهو المؤمن فجزاؤه روح وريحان وجنة النعيم؛ ولذا قال عز من قائل: إن اهيدل الذي نَآمُواوَعَمنُوا الصّالحَات جنات تَجْرِي من تحعها الأهار يُحلّوْنَ فيهًا من أَسَاور من ذَهَب ولُولوَا ولبَاسهُم فيهًا حَرِير 69 © . هاا تفسير سورة الحج 00 جد : لس اا بعد أن بين سبحانه حال المخصم الأول» ويشمل الكافرين بشتى أنواعهم الذين يجادلون المؤمنين» بين سبحانه حال الخصم الآخر وهم المؤمنون» وإذا كان الفريق الأول قطعت لهم ثياب من نار» وصب من فوق رؤوسهم الحميم وصهرت أحشاؤهم إذا كان هذا الفريق كذلكء» فالفريق المؤمن يدخله الله تعالى بسبب إيمانه» ولقد عبر بالموصول. جنات تجري من تحتها الأنهار4 ويجتمع فيها النعيم الحسىء والنفسىء فيكون المنظر البهيج بالأنهار تجرى من تحت الجنات» وغرف أهل الجنة» وقد أضاف سبحانه وتعالى الإدخال إليه كأنهم فى ضيافته مكرمون» لا يلقرن فى الجحيم مدحورين معذبين. وإذا كانت ثياب المجرمين قطعت من نار لبسوها؛ فثياب المؤمنين من ذهب ولآلئ وحرير؛ ولذا قال تعالى: فإ يُحَلُونَ فيها من أَسَاورَ من ذهب ولؤلؤا 4 . يصح أن تكون من تبعيضهء أى يحلون بعض أساور من ذهب» وأساور جمع لسوارء إذ هى جمع أسورة» وأسورة جمع سوارء ويصح أن تكون من 4 ابتدائية» أى يحلون» وحليتهم من أساور فتكون بيانية» أى هى من أساورء « و4 عطف على محل لمن أَسَاوِرٌ) ؛ لأن محلها النصب» أو نقول مفعول لفعل محذوف تقديره وترصع لؤلؤاء « ولباسهم فيها حَرير4: أى لا يلبسون إلا حريرا» وهذا أقصى أحوال النعيم الحسى» وقد يقال: كيف يذكر ذلك على أنه من نعيم أهل الجنة» وقد وردت الآثار بأن الذهب والحرير حرام على رجال الأمةء فكيف يذكران على أنهما من نعيم أهل الجنة27. والحواب عن ذلك: إن الجنة ليست دار تكليف. إنما هى دار ثواب؛ ولذا كان فيها أنهار من حمر لذة للشاربين» «لا يصدّعون عَنهَا ولا يفون 69 4 3 ماه ىام ٠‏ م بخ »و > # > الى ترا ا ” اي عسل ع ابر هاس يه مر 521 وو ع2 _: )١(‏ عن أبى موسى الأشعرى أن رسول الله يِه قال: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتى وأحل 2 لإنائهم». رواه الترمذى: اللباس- ما جاء فى الحرير والذهب . وقال حسن صحيح. وعن حذيقَة قَال: اس ع بعر عع ا سات بس اليه مهاله سم وال عوشا بي سمععخء شم | سرعدءه 200 قال رسول الله ولو : «الذهب والفضة والحرير والديباج: هى لهم فى الدنيا ولكم فى الآخرة. رواه البخارى: اللباس- لبس الحرير وافتراشه للرجال (0787)» ومسلم: اللباس والزينة (0849 . اا تفسمير سشبور مه الحج لاملل و لس ا [الواقعة]» وفوق ذلك أن الجنة فيها نعيم الرجال والنساءء ولا شك أن الأساور واللآلئ والحرير من نعيم النساء» والله سبحانه وتعالى هو المكافئ العلى القدير. وإنه بجوار هذا النعيم الحسى من كل الجوانب فى الجنة النعيم المعنوى؛ ولذا قال تعالى . وهدوا إِلَى الطيّب من القول وهدوا إلى صراط الحميد 69 4 . هذا وصف لأهل الجنة من أقوالهم وأفعالهم فى الدنياء أم هو وصف لأقوالهم فى الجنة» وقبل أن نتكلم فى مكان القول نشير إلى بعض ما يدل عليه: القول الطيب هو القول الحق» الذى يتقرب به إلى الله تعالى» والذى يقرر القائل له كمال الله تعالى ووحدة ألوهيته والطاعة لله تعالى» وتكبيره» وتقديسهء وتسبيحه» والخضوع المطلق له» وحمده فى كل وقت» وه صراط الحميد 24 هى طريق الله تعالى بإعلان عبادته وحده لا يشرك به شيئاء و الحميد 4», أى المحمود فى كل ما يوصف بهء والإضافة إما أن تكون بيانية» كقولهم خاتم حديد» أى خاتم هو حديدء ويكون المعنى صراط هو الحميد المحمود فى كل مسالكه من مبتدئه إلى منتهاه؛ فهو طريق كل خير» ينتقل فيه من مرحلة خير إلى غيرهاء فهو مراحل الاستقامة تبتدئ من أولها إلى نهايتهاء ويصح أن يكون المراد من الحميد 4# ذات الله تعالى لأنه المختص بالحمد» ويكون المعنى» وهدوا إلى طريق الله تعالى البالغة الموصلة له مثل قوله: وَأ هذا صراطي مُستقيما فَاتبعُوه ولا تسّبعوا السبل فَتَفَرَقَ بكم عن سبيله .. . 025 4 [الأنعام]» وهدوا بالبناء للمجهول فى الفعلين» ولم يذكر الفاعل مع أن الهداية كلها من الله تعالى» فحذف للعلم به؛ ولأن الهداية تتعدد مسالكهاء فهى تبتدئ بعمل من المهدى بأن يتجه إلى الحق مخلصا النية» فيأخذ الله بيده ويبلغ به إلى أقصى ما يبلغ به من مراتبه. بقى أن نتكلم فى زمانها ومكانهاء أكانت فى الدنياء وهى التى أوصلتهم إلى هذا الجزاء الوفاق فى الآخرة» ويكون ذكرها فى الجنة تحقيقا لهاء وتأكيدا لها اا تفسير سورة الحج ل الل 00 لجسي ور يي وبيان أن ذلك هو السبب فى النعيم الذى آتاهم الله بفضله ومنته» فيعملهم فى الدنيا وأقوالهم الطيبة بالتوحيد والعبادة» وسلوكهم الطريق الأقوم نالوا ما نالوا فى الآخرة. وثمة تجاه آخرء وهو أن هدايتهم إلى القول الطيب» والصراط الحميد هو فى الآخرة ويكون من النعيم النفسى» إذ إن أهل الجنة يسمرون ويتبادلون القول الطيب» والسلوك الحميد فى الآخرة» فيضاف إلى إنعام الله إنعام بالسامرة التى ليس فيها فسوق فى القول» بل مبادلة محبة ومحبة» وعندى أنه يجمع بين القولين» فتكون الهداية إلى القول الطيب والطريق المحمود فى الدنيا والآخرة» واللّه أعلم . بعد أن بين الله تعالى جزاء المؤمنين عاد سبحانه إلى ذكر جزاء الكافرين إن الّذينَ كمَروا ويصدون عن سبيل الله وَالْمسجد الْحرام الذي جَعَلَْاه للنّاس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بلْحاد بظَلّم نُذقْه من عذَاب أَليم 69 4 . ابتدأ سبحانه وتعالى القول بذكر الكافرين مؤكدا كفرهم ب«إن) الدالة على ثلاثة تستدعى الاستنكار والعذاب الشديد: الأمر الأول الكفرء وكفر أهل مكة هو الإشراك بالله تعالى بعبادة الأوثان. الأمر الثانى - الصد عن سبيل الله تعالى بإيذاء المؤمنين ومحاربتهم » ودعوة العرب إلى عدم الإيمان بالله وبرسوله. الأمر الثالث - بصدهم عن الممسجد الحرامء ومنعهم من أداء المؤمنين الحج فيهء ويظهر أن هذه الآية نزلت فى فترة الحديبية؛ لأن المسلمين حيل بينهم وبين الوصول إلى المسجد الحرام» وهو للناس جميعا؟؛ ولذا وصفه اللّه تعالى با ملوصول ا تفسير سورة الحج و سب ا بقوله: ل( الذي جَعلْنَاهُ للئّاس سواء العاكف فيه والْبَاد 4, أى أن هولاء الناس المصدون عن المسجد الحرام من يريد الحج إليه وقد جعله الله - الذى باركه وأكرمهم به - للناس جميعاء وليس لقريش وحدهاء فهم فيه كغيرهم من الناس» وإن كان الله تعالى كرمهم بأن جعل منهم سدنة البيت والقائمين عليه وعلى خدمته وعمارته» وكلمة «إسواء4 قرئت مفتوحة وتكون مفعولا لجعلناه وهى المفعول الثانى» والأول الهاءء وتكون ‏ للثاس 4 متعلقة ب (سواء 24 وقرئت مضمومة» وتكون مبتدأء ويكون المعنى مستوفية العاكف والباد» وتكون الجملة فى مقام المفعول الثانى أو حال37 . و الْمَاكف 4 المقيم فى مكة» وعبر عنه بالعاكف إيماء إلى أنه ينبغى أن يكون عاكفا عابداء لا أن يكون وثنيا مشركاء صادًا عنه مانعًا له» والبادى: المقيم فى البادية» وإذا كان المقيم ببادية يستوى مع المقيم فى مكة حول البيت الحرام فأولى المتحضر المقيم فى الحاضرة؛ ولذا قالوا: إن البادى هو من يكون من غير أهل مكة سواء الحاضر فيها والبادى» والتعبير بالمضارع فى يصدون إشارة إلى استمرارهم على الصد عن سبيل الله . وخبر إن» محذوف» دل عليه ما يجىء بعد ذلك من قوله: طإ ومن يرد فيه بإنْحَادٍ4 تقديره له عذاب شديدء وقوله تعالى: ظ ومن يُرِدُ فيه بإلْحَاد بظلم تذقه من عذاب أليم», أى إن الذى يريد فيه إلحادا وميلا عن الحق واحترام البيت وصيانته بظلم يرتكبه بالشرك والاعتداء على حرماته» وصد الناس» ومنعهم من الطواف يذيقه الله تعالى من عذاب آليم ينزل به فى الدنيا بالحروب التى تهزمهم» وفى الآخرة بالنار يذوقون حريقها. 92 وفى قوله تعالى: 9 ومن يرد فيه بإلحاد © أمور بيانية نشير إليها : )١(‏ كلمة (سواء) منصوبية: قراءة حفص» وجبلة عن المفضل عن عاصم» وقرأ الباقون بالنصب. غاية الاختصار: 8/7/ا6. و ا تفسير سورةالحج أب زا الأمر الأول - فى قوله «وفيه» الضمير يعود إلى المسجد الحرام» أى يريد خروجا عن مبادئ الحق والإيمان متلبسا بإلحادء ومن » شرطية» وجواب الشرط ثذقه 4 إلى آخرهء و«الباء» للملابسة أو الملاصقة أو تقوية التعدية» والإلحاد الميل عن الحق والانحراف إلى الباطل» يقال ألحد إلى كذا: مال إليه» ويقول الأصفهانى فى مفرداته: الإإلحاد ضربان: إلحاد إلى الشرك بالله وإلحاد إلى الشرك بالأسباب» فالأول ينافى الإيمان ويبطله» والثانى يوهن عراه ولا يبطله» ومن هذا النحو قوله تعالى : ط ومن يرد فيه ياد لتُق من عَذَاب أليو» . ونرى أن الإلحاد هنا من النوع الذى يبطل الإيمان» فهو ميل وانحراف إلى عبادة غير الله تعالى» وقد فعل ذلك المشركون فى المسجد الحرام» فقد كانت الأوثان مادة ذلك الإلحاد فى البيت وموضوعة على الكعبة نفسها. الأمر الثانى ‏ أن قوله تعالى: 9 بِظلْم4. بيان لنوع الإلحادء وهو الظلمء والشرك أفظع الظلم وأشدهء ولقد قال تعالى: ١‏ ... إن الشرك لَظلّم عظيم 09 4 [لقمان] وإن اللفظ المطلق إذا لم يقيد انصرف إلى أكمل أفراده» فهو هنا انصرف إلى الشرك وكان من المشركين مع الشرك الذى هو أشد الظلم ظلمات أخرى فكان فيهم ظلم الضعفاء إيذاؤهم » وكان فيهم ظلم الاعتذاء المتكرر منهم على المؤمنين» وكان فيهم ظلم الاستهزاء بالنبى يله وكان فيهم ظلم الغدر والخيانة ونكث العهودء وكانوا لا يرقبون.فى المؤمنين إلا ولا ذمة. الأمر الثالث ‏ فى قوله تعالى: « نُذقْه من عذَاب أليم4. من »4 هنا بيانية أو- ابتدائية» أى نذقه عذابا أليماء أو نذقه ذوقا مرا مأخوذا من عذاب أليم؛ والله سبحانه وتعالى أعلم. 8# تفسيرسورة الحج الللرللل ااال ااال ١م‏ 1ب 7 آيات فى الحج قال الله تعالى : آه | رع و 04 وإذيوانا رسكا ال تأ لامترلةف فى 0 8 2211 فت والتكبريت والح 5 8 م 01710 اجو ا يكل كلّصابريائيت ف عَعِِقٍ يا سهد 1 و مر 5 - 0 0 وار طلات 2 ير 1 ممع سعس 5 26 2 -2 ا :. برَالمَقَمَ ج# هي عو روءرلء 02 7 2 لني مييق 2 لذ الحج شريعة إبراهيم بانى البيت كله > لأنه بانى الكعبة ؛ ولآنه أول من أمره الله سبحانه وتعالى بالدعوة إليه؛ ولآن مناسكه كلها هى مناسك إبراهيم طليكَلهِ؛ لأن ما فيه من هدى يومئ إلى فدية الله تعالى الذى فدى بها إسماعيل 2 عندما هم بذبحههء برؤيا إبراهيم يك. وذكر هنا فى هذا المقام إشارة إلى أنه ليس حق الطواف فيه مقصورا على قريش وحدها. « وذ بوَأنا لإبراهيم مَكَانَ الت أن لا تشرك بي شَيمًا وَطَهَّر بتي للطائفين والقائمين والركّع السجود 69 4 . وقوله تعالى: 8 وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت 4 متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر يا محمد لهؤلاء الذين يصدون عن البيت» 8 وإذ بوأنا لإبراهيم 4 بوأ بمعنى ااا :2 6 هيا وسوىء وهيأ المكان سواه وأعده» و«اللام» فى قوله تعالى: لإبراهيم 4 «لام» الاختصاصء أى بوأنا المكان وسويناه لإبراهيم يتخذه مكانا للبيت الحرام» ويكون مثابة للناس وأمناء كما أشارت لذلك الآيات الأخرى الكثيرة» وإن هذه التبوئة والمكان كان مكان عبادة» فهو إشارة إلى الكعبة التى هى أول بيت وضع للناس؛ ولذلك كانت التبوئة من سياق تاريخ إبراهيم وأعماله عليه السلام متضمنة معنى العبادة» وقد فسر الله تعالى العبادة التى أمر الله بها نبيه وخليله إبراهيم بقوله تعالى : ( أن لا د 3 شرك بي شِيمًا وطَهَر بتي للطائفين والقائمين والرّكّع السّجود 4 (أن) هنا تفسيرية» وهى بيان لما تضمنه معنى التبوئة والتخصيصء» وجعله مثابة للناس وأمنا. فسر الله تعالى العبادة التى طالب الله سبحانه وتعالى خليله بها هى أولا - لأ 3 تشرك بي شيئًا 4, أى شيئا من الشركء أى اجعل عبادتك لى خالصة»ء فلا تشرك فى عبادتك صنماء ولا كوكباء ولا شمسا ولا قمراء ولا ترائى بأى نوع من الرياء فى أى عبادة من العبادات. وثانيا - تطهير البيت من كل ما فيه قاذورات حسا أو معنى. ١‏ للطائفين وَالقَائمينَ والرّكّع السجود 4. والقاتمون هم القائمون للصلاة» فكأنه قد ذكر فيها الأمر بالصلاة» بالأمر بأركان من قيام وركوع وسجودء وه الركع 4 جمع راكع. وظ السّجود 4 جمع ساجد وقوله تعالى : ( أن لأ د : تشرك » وما عطف عليها فيها الطلب بالنهى فى 9لا نُضْرِك 4 وبالطلب فى « وَطَهّر بتي للطّائفين والقائمين وَالرّكّع السّجود 4. وأضاف سبحانه وتعالى إلى ذاته البيت فى قوله تعالى: وَطْهر ببتي للطائفين4 إلى آخره» تشريفا لهذا البيت زاده الله تشريفا وتكريماء ولبيان أن البيت بيت الله تعالى للناس أجمعين» فلا يسوغ لأحد أن يصد عنه؛ لأنه يصد عن أكرم ببوت الله تعالى» فكأن الصد عنه تحد لله تعالى» ولقد أمر سبحانه بعد الأمر بما أمرء وبما نهى عنه ‏ أمر بأن يؤذن للحج» فقال تعالى: ا تفسيرسورةالحج و جب و20 «وأذن في الئاس بالحج يُأنوك رجالا وعلَى كل ضام ر يأتين من كل فج عميق 4069 . «( وأذن 4 أمر من الله تعالى لإبراهيم بانى الكعبةء 9 وَأَذّنَ) ‏ من «أذن» بمعنى أجاز ‏ وأعلم كاآذن.» والتأذين: الإعلام والدعوة» والمؤذن هو الداعى إلى الله تعالى» وخصص - عرفا بالدعوة إلى الصلاة. « في الّاس 4 إخبار للناس كلهم عربا وعجماء وهئى دعوة عامة إلى حج البيت الحرام» وعدى الفعل ب«فى»» ولم يقل «الناس»» بل قال تعالى: 9 في الناس 4 للإشارة إلى عموم الإعلام فى الناس؛ لأنه إذا لم يذكر (فى)» فقد يفهم أنه يكلم أهل عصره. أو من يمكنه خطابهم فقطء وذكر (فى) يدل على أن الإعلام فى أوساط الناس كلهم» لا فرق بين القريب الدانى والبعيد القاصىء فالجميع يجب أن يبادروا إلى الحج إلى بيت الله ؛ لأنه أول بيت وضع للعبادة للناس؛ ولأن التأذين بالحج يتضمن إعلام الناس» أو معناه إعلام الناس تعدى بالباء . والحج معناه القصدء وخص بالقصد إلى بيت الله الحرام» وخخصص عرفا شرعياء أو اصطلاحا دينيا بالقصد إلى الكعبة طائفاء وإلى الصفا والمروة ساعياء وإلى عرفة واقفا فى ميقاته. وهو من زوال اليوم التاسع» والبيات بمنى» والوقوف بالمشعر الحرام» وهو المزدلفة» والعود إلى منى ورمى الجمار بها بعد النحر فى أيام ثلاث بعد يوم النحرء وهى أيام التشريق ويكون الهدى» وسيشار إلى كثير من ذلك فى الآيات التى نتكلم فى معانيها من بعد. «(يأتوك رجالاً4, أى إذا ناديت وأعلمتهم بفريضة الحج يأتوك راجلين سائرين على أقدامهم وط رجالا 4 جمع راجل كصاحب وصحابء وتاجر وتجار, والراجل هو الماشى على رجلهء فى مقابل الراكب» وهنا أمران بيانيان: (/إإاا تفسير سورة الحج لل ا > الأمر الأول فى قوله: «يأتوك رجالا 4 والدعوة ليست المجىء إلى إبراهيم» إنما المجىء إلى البيت وما حولهء ولكن ذكر المجىء إلى إبراهيم لأنه المؤدِّنْء ولأنه البانى للبيت. والأمر الثانى ‏ أن 9 يأتوك 4. جواب الأمرء وهو يدل على قوة الإجابة» إذ يجمع الناس على الحق والهداية والتعاون وهو بيان لما ينبغى ويجب. ولا يمنع ذلك أن يكون فى الناس عصاة لا يهتدون ولا يجيبون داعى الله تعالى. © وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق #. الضامر: البعيير المهزول الذى ضمر من شدة التعب » وأجهده السفر» وهذه الخال تكون عند وصوله مكة وما الآية بذلك فى وصف الابتداء الذى ابتدأت به للاتجاه إلى بيت الله تعالى» فقال تعالى: © من كل فج عميق# الفج يطلق على الطريق بين جبلين ويطلق على الطريق الواسع» والعميق معناه البعيد» وأطلق على البعيد بعدا رأسيا كالآبار ونحوهاء ثم أطلق على البعيد مطلقاء وإ يأتين» يعود الضمير إلى الإبل تكريما لها فى حمل الحجيج إلى بيت الله الحرام . وإن هذه الدعوة التى قام بها إبراهيم خليل الله ومنشئ أول بيت وضع للناس فى مكة وسط العالم والتى يصلى حولها العباد المسلمون وقد أخذت الآيات الكريمة تشير إلى مناسك الحج من غير بيان تفصيلى . «« ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم اللّه في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعَام فَكُلُوا منها وأطعموا البائس الْفَقير 62 4 . «اللام» هنا لام العاقبة» أى لتكون عاقبة ذلك السفر الطويل أن يشهدوا منافع لهمء ويذكروا الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» والشهود هو الحضورء أى يحضروا منافع لهم» ويعاينوهاء ولكن ما هى هله المنافع التى تسبق ذكر الله بالعبادة والذبح» قال ابن عباس رضى الله عنه: منافع الدنيا والآخرة» أما منافع ا تفسيرسورةالحج و لأس ا الدنيا فما يصيبون من منافع البّدن والذبائح والتجارات» وأما منافع الآخرة» فرضوان الله تعالى» وكذا قال مجاهد راوى التفسير عن ابن عباس» ونقول: إنه سبحانه وتعالى ذكر المنافع بلفظ نكرة» والتعبير بالنكرة يدل على أنها منافع عظيمة» لا يقدر قدرها ولا تدرك نهايتها للناس» ونرى أن هذه المنافع مادية ومعنوية وعبادية» وهى سنام المنفعة» أما المنافع المادية فتجارات تتبادل بين الأقاليم الإسلامية» فأهل كل إقليم يجلبون معهم من مواردهم ما لا يكون عند غيرهم» فما عند الهنود من خيرات يفيضون به على غيرهم من المسلمين» وما عند المصريين من خيرات يفيضون به على غيرهم تمن ليس عندهم مثلها أو هو قليل» وتعقد فى مواسم الحج الصفقات الاقتصادية وذلك ليس بممنوع» بل هو مطلوب» كما قال تعالى: « ليس عَلَيِكُم جناح أن تَبْتَُوا فضلا مَن ربكم ... 059 4 [البقرة]ء وإن ذلك يجيز بل يوجب أن يعقد فى موسم الحج الاتفاقات التجارية» ويتخذ من موسم الحج موعدا للدراسات الاقتصادية بين المسلمين» ولقد كانت فى مكة الأسواق التجارية مثل عكاظ وذى المجازء وغيرهما. أما المنافع المعنوية» فدراسة التعاون الإسلامى من كل النواحى الاجتماعية والحربية والتعاونية والتعليمية ويعمل كل إقليم على التعرف ببقية الأقاليم الإسلامية والتعريف بحاجاته من العلم والحرب» وغيرهما وكذلك يشعر كل إقليم بأنه يعيش فى مدن الأقاليم الإسلامية» ولا يشعر ينفرة الانفراد. أما المنافع الدينية» فهى قضاء النسك الإسلامى فى أماكن النسك» وإن المنافع السابقة لا تخلو من أنها دينية» وأنها تكون عبادة إذا قصد بها وجه الله ورفعة الإسلام» وإيجاد الوحدة الإسلامية وتوثيقهاء فالمسلمون جميعا أمة واحدة» وبذلك ينتفع الحاج إلى بيت الله الحرام» وهو مزود بالتقوى والمعرفة والأخوة فى الله تعالى . وقوله تعالى: يكوا اسم لله في يام وات عَلئ ماهم من بهم الأنعام 4 ذكر الله تسبيحه وامتلاء القلب بالإيمان به» والخضوع له والخشوع» الكووة : ي- والضراعة لهء وذكر اسمه لهذا أيضاء ولكن يذكر اسم الله على الذبيحة لتكون لله وللبعد عن رجس الجاهلية فى ذبحهم على النصب» وذكر اسم الأوثان» وذكر اسم الله تعالى هنا على ذبائح الهدى من البدن والغنم» والبدن اسم حبشى جمع للبدنة» وهى الذبائح من الإبل والبقر» فالواحدة منها تكفى عن سبعة. ونلاحظ أنه ذكر سبحانه أن ذكر اسمه تعالى فى أيام معلومات» وأن الذكر يكون على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» فالذكر يكون على بهيمة الأنعام؛ والإضافة بيانية» أى بهيمة هى الأنعام جمع تعم» وهى الإبل والبقر والغنم» وسميت نعما؛ لأنها نعمة الله تعالى» وهى التى تكون هديا فى الحج» لمن يجمع بين المج والعمرة فى إحرام واحد» أو فى إحرامين بينهما تحلل فى أشهر الحج . وذكر اسم الله يكون فى أيام معلومات» وهذا يقتضى أن يكون ذبح الهدى فى هذه الأيام المعلومات؛ ولكن ما هى الأيام المعلومات التى يكون فيها الذبح» وذكر اسم الله تعالى فيهاء بالتسبيح والتكبير» وامتلاء النفس والمشاعر المؤمنة به ما هى هذه الأيام المعلومات» روى أنها الليالى العشر التى تبتدئ بيوم عرفات» وينتهى بها الحج» والتى جاء فيها النص القرآنى بقوله تعالى: ١‏ .. فَإذَا أفضتم من عرفات فاذكروا اله عند الْمَشْعَرٍ الحرام واذكروه كما هداكم ون كُشم من قَبْله لَمن الضَالَينَ 052 ثم أفيضوا من حَيث أَقَاض النّاس وَاستغفروا الله إن لله عفر رُحيمٍ 659 ذا قضيتم سناسكَكُم فَاذْكروا الله كذكركم آباءكم أو شد ذكرا فمن الا من يقول ريا آنا في الانيا وما له في الآخرة من خَلاق 6-3 ومنهم من يقول رين آتنا في النيًا حستة وفي الآخرة حَسنَة وقنًا عَذَابِ الثَارٍ 6290 © [البقرة] . وقد وردت الآثار الصحيحة عن النبى كَلكِلَةٌ بنفضل ذكر الله ودعائه فى هذه الأيام العشر التى تبتدئ من اليوم التاسع» فقد روى ابن عمر عن النبى كَل أنه قال: ١ما‏ من أيام أعظم عند الله. ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد»(؟2. .)0149( رواه بهذا اللفظ أحمد: مسند المكثرين من الصحابة- مسند عبد الله بن عمر رضى الله عنهما‎ )١( ل تفسمير نبور )0 الحج لال لكلل ل الئل #جج نون بي وقيل: إن هذه الأيام المعلومات هصى الأيام المعدودات فى قوله تعالى: واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن انَقَى ... 6 4 وهيل إلى أنها الأيام العشرة» ولقد قيل: إنها الليالى العشر فى قوله تعالى: 8 والْفجِرٍ 0 ولَيال عشر © 4 [الفجر] . قال تعالى: 8 فَكَلُوا منهًا وأَطْعموا البائس الْفَقيرَ 4. «الفاء» هنا للإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء أى إذا ذبحتموها اذكروا اسم الله تعالى فكلوا منهاء فالاكل من الهدى مندوب؛ وليس فرضاء ولا منوعاء والبائس هو الذى يكون فى شدة وبؤس شديد من مرض » أو شدة) أو إجهاد فى سفر» والفقير المحتاج ‏ وقد قال العلماء فى الهدى: إن المندوب أن يأكل ما لا يزيد على الثلث» ويهدى ما لا فيزيد فى إطعام البائس الفقير. وقال تعالى : «إ ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق 69 4 . التفث : الأوساخ والأدران التى تكونت يسبب المنع من الاستحمام» وحلق الشعر» والعانة والابط» تما يوجبه الإحرام» ويستمر به الشخص محرما» لا يتناول شيئا مما حرمه الله تعالى» وذلك ليعيش عيشة الفقراء» فيحس بآلام الفقراء» وليجيئوا إلى ضيافة الرحمن» كما ولدتهم أمهاتهم» ويخرجوا من الحج. كما ولدتهم أمهاتهم » وقضاء التفث يرمز إليه بحلق الرأس» أو التقصير والاكتفاء بقدر من قص الشعر» وتقليم الأظفار الذى كان ممنوعا بالتحريم . والتعبير ب ثم 4 هنا لإفادة التفاوت بين حال المنع بالإحرام. وحال التحلل منه مثوبا مكرماء وحين ذلك يكون نحر الهدى لمن وجب عليه الهدى . 18# تفسيرسورةالحج 0 الل ممالل لل ااا < 7 « وليوفوا نذورهم 4 أمر بالوفاء بالنذور ووقته هو بعد التحلل من إحرام الحجء لأن الوفاء بالنذرء لقول النبى يَلكَِةٌ: «من نذر أن يطيع الله» فليطعه. ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه2(0. وقد قال الفقهاء: إن النذر يجب الوفاء نه بشرط ألا يكون معصية وأن يكون طاعة فى ذاته» وأن يكون من جنسه» وكان الوفاء بالنذر بعد التحلل من الإحرام» لكيلا تختلط عبادتان» وليكون إحرام الحجم خالصا للحجء ثم قال تعالى: ‏ ولْيَطُرَهُوا بالْبِيت العسيق 4 وشدد سبحانه فى الطواف بصيغة الافتعال» تشديدا فى الوجوب؛ لآن صيغة الافتعال تفيد التشديد فى الفعل» وإن هذا الطواف الذى يكون بعد النحر والوقوف بعرفة والمشعر الحرام هو الركن» وهو ما يسمى بطواف الزيارة» و«البيت» هو المسجد الحرام» وذكره مجرد إشعار بشرفه» ولأنه معرف من غير تعريف. ووصف بالعتيق» «العتسيق» معناه القديم» ومعناه المعتق من التعدى على حرماته. فهو أول بيت وضع للناس» كما قال تعالى: ل إن أَوْلَ بيت وضع للنّاس للدي ببكة ماركا .. . 469 [آل عمران]ء وهو معتق من الاعتداء عليه من عدو مهاجمء وبذلك يتبين الإثم الكبير الذى رمى به الطاغية الأثيم الحجاج بن يوسف الثقفىء وهذا إلحاد فى البيت» ولا يبرره أى مبرر» ولكن مع إثم الحجاج قد أعاد الله بيته على يده الهادمة» فكان معتقا أيضا. تعظيم مئاسك الحج قال الله تعالى: ل١‎ يم 5و 0 - عو ك ل رورس مس 0 ساس قد م 000 حرمتت اللو فهوهيرله عند ريةء واجلمت - وم حسم إِلَامَايتَلَمٍ كم فجكنبوا .ىو ارين ارقن ولنكبيوا سا رج ع 5 )١(‏ سبق تخريجه. ا تفسيرسورةالحج و 3ج يي 7004 ًَّ هه رمش رِكين يوومن شرك نوكتا خرّيت آ سح سس ل 7 56 2 تل الأو ابسو 0-1 ص اوس ا ل لس لي م نا مه عه وو 2 يد ذِك ومن بعلم سَعتي رمو ها من القلوب - - و هه .2 هو شد عرسم د صعرم 3 2 فم مع 0 ايت لعل واي لوول ا لي لي 070 #-- كسم و3 يا هت لو يتلم بم وَالْمقيي ىأصَلووَوصًا 2س فرح خ . 4 ب حير د 10 يي علس الموظاام 1 روي 00 4 «ذلك 4 الإشارة هنا إلى الحج الذى أذن به خليل الله إبراهيم» وتكون «إ ذلك » خبرا لبتدأ محذوف تقديره الحج هو ذلك؛ لأن الآيات السابقة أشارت إلى أركانه وواجباته» إذ أشارت إلى الوقوف بعرفة أول الآيام العشرة» وأشارت إلى الطواف بالبيت» وأشارت إلى محرمات الإحرام» والتحلل» وحدّت كل شعيرة من شعائره» ووقت لها فى ميقاتها المعلوم. ثم حثت الآية الكريمة على المحافظة على حرمات الحج» فلا يتحلل قبل ميقاته لمن أحرم بالحج على حسب ما نوى من حج وعمرة أو أحدهماء ووقت تحلله من إحرامهء فقال: « ومن يعظم حرمّات اللّه 4, «الواو؛ عاطفة على جملة ذلك 4 الدالة على التعريف الموجز للحجء والإشارة إلى أركانه» ومحرماتهء وأوقاتهء و يِعَظّم4 معناها يعطيها ١‏ 8# تفسير سورة الج ب 5 2 حقها من الإعظام والإكبار» فلا ينتتهك موانع الإحرام» ولا يؤدى الأركان فى مواعيدهاء ولا يرفث ولا يفسق ولا يجادل فى الحج. كما قال تعالى فى كتابه الكريم: « الحج أشهر مُعلُومَاتَ فَمَن فرض فيهن الْحَجَ فلا رقت ولا فُسُوق ولا جدال في الحج ... 4059 [البقرة]» والحرمات جمع «حرمة»» وهو ما لا يحل انتهاكه ما حرمه الله تعالى فى الحج من بعد الإحرام وهو فرض الحج عليه؛ وقد روى عن زيد بن أسلم أنه قال: حرمات الحج خمس: الكعبة الحرام» والمسجد الحرام» والبلد الحرام» والشهر الحرام» وما حرمه الله تعالى على المحرم بعد فرضه الحج على نفسه(؟. لإ فهو خَير له عند ريّهِ4, هذا جواب الشرط ومن يعَظَم حرمّات الله4 و«الفاء» واقعة فى جواب الشرط» وهو قوله: فهر حير لَه عند ربّه 4. فيها تأكيد الخيرية أولا: بذكر ضمير الفصل «هو) ‏ وثانيا: بتخصيص الخيرية «له»؛ لآنه قام بمناسك الحج» أدى موجباتها وبعد عن موانعهاء وقام بحق ضيافة الله تعالى حق قيامه» وتعاون مع المسلمين وتعرف بهم» وذلك خير له ولكل المؤمنين. وثالثا: بأن أضاف الخيرية بأنها عند ربه © الكالئ له والحامى. وقد ذكر الحرمات مضافة إلى ذى العزة والجلال حضا على صيانتها وتكريمها ومراعاتها حق رعايتهاء وأحل ما أحل وحرم ما حرمء وإن الحج لا يكون خيرا إلا إذا طهرت النفوس من الآثام واتجهت إلى الديان وحده لا شريك له؛ ولذا قال تعالى عاطفا على ما قبله « وأحلّت لكم الأنعام 4 الإضافة هنا بيانية» أى البهيمة التى هى الأنعام» أى أنها من النعم التى أنعم الله بها عليكم» فتحريمها بغير تحريم الله تعالى كفر بنعمته» واستباحتها بغير إباحة الله تعالى كفر بنعمته أيضا؛ ولذا قال تعالى: «( إلا ما يتلى عليكم 4 وما تلى هو ما جاء فى سورة البقرة والأنعام والمائدة» وآخرها ما جاء فى المائدة» فقد قال تعالى: حرمت عليكم () زيد بن أسلمء العدوى القرشى» وكنيته أبو أسامة. من الطبقة الوسطى من التابعين» وهو ثقة يرسل» أقام بالمدينة وتوفى بها 1175١ه.‏ راجع الطبقات الكبرى لابن سعد- الطبقة الوسطى- زيد بن أسلم. 1# تفسيرسورةالحج : و 8 ناكل شع نام وح على الأب رأ قستقسموا بام كم فس الْيوْم يكس الّدِينَ كَمَروا من دينكم فلا تخشرهم واحشون الْيَوْمَ أكُملت كم ديتكم أنْصَت عَيكُمْ متي ورضيت لَكُم الإسلام دين فم اضطْر في مخْمصة غير متجائفٍ لإنْم فَإنَ الله عَفُور رّحيم 9 4 [المائدة] . هذا ما أحل وهذا ما استثنى من الحلال» وذكرت بهائم الأنعام وإحلالها فى هذا المقام لمناسبة الهدى ووجوبه والأكل منه» وإن المشركين كما أشرنا أحلوا ما حرم الله فأكلوا ما أهل به لغير الله من أوثانهم» وحرموا ما أحل الله تعالى فى تحريم السائبة والوصيلة والحام» ونسبوا التحريم إلى الله تعالى» وذلك زور فى القول» والإهلال لغير الله والذبح على النصب والاستقسام بالأزلام» كل ذلك من الوثنية أو الكذب على الله تعالى؛ ولذلك ججاء من بعد النهى عن الوثنية وقول الزور» فقال عز من قائل: ل فَاجتَبُوا الرّجْس من الأوثّان وَاجِتَبوا قَولَ الور . الرّجس 4 هو الشىء القذرء والقذارة هنا معنوية وليست حسية؛ لأن النفس والعقل يقذران بتقديس الأحجار وعبادتها؛ لأنها تنزيل للفكرء وضلال فى العقل» وافتئات على الله جل جلاله» والأوثان جمع وثن» وهو ما يعبد من تاثيل» وأصله من وثن الشىء أى أقامه فى مقامه» فسمى الوثن كذلك؛ لأنه يركز فى مقامه. وهو بطبعه جماد لا يتحرك إلا بمحرك» ومن » فى قوله تعالى: من الأونّان » بيانية» أى اجتنبوا الرجسء» وهو الأوثان» ففى الكلام بيان بعد إبهام وهو يمكن المعنى فى النفسء» واجتنبوا معناها ابتعدوا كل الابتعاد» وهو أبلغ فى النهى» وكان النهى عن الأوثان فى هذا المقام؛ لأن الله أحل بهيمة الأنعام» إلا الميتة وما يشبههاء وما أهل لغير الله به»ء وقد استباحوا ما أهل به للأصنام وما ذبح على النصب» واستقسموا بالأزلام» فلا حج لمن كان كذلكء, ولا خير له فى -حبحة . : ها تفسير سورة الحج حو ل 000 لعب أ وعطف الله تعالى الأمر باجتناب قول الزور على اجتناب الأوثان؛ لأنهم كانوا يحرمون على أنفسهم بعض بهائم الأنعام» وينسبون التحريم إلى الله كاذبين مزورين» ولا حج لهؤلاء. ولا خير لهم فى تعظيمهم بعض مناسك الحج؛ لأن الخير يكون لمن قام بالواجب. وأبعد موانع القربى إلى الله تعالى. وقد وصف الله تعالى الذى يكون تعظيم حرمات الله خيرا له عند ربه بقوله تعالى : «(حتفاء لله غير مشركين به ومن يشرلك بالل فَنّما حر من السّماء تَحْطفَه الطير أو تهوي به الرريح في مَكَان سّحيق 49 . هذه الآية جزء متمم للآية السابقة متصلة بألفاظها؛ ولذا كانت كلمة و حنفاء »4 حال من «الواو) فى و فاجتنبوا 2# أى اجتنبوا الرجس من الأوثان» واجتنبوا قول الزور حال كونكم خالصين لله تعالى مستقيمين سائرين فى سبيله» ولإحتفاء 4 جمع حنيف» وهو المائل من الانحراف إلى الاستقامة, فهؤلاء يخلصون من رجس الأوثان» ومن قول الزور الاستقامة والإخلاص 1 لله تعالى أى يكونون كلهم لله تعالى لا يبغونها عوجا فليس فيهم ضلال قطء ولا إشراك قطء بل خلصوا أنفسهم لله وحده. لا يشركون فى قلوبهم غيره» ولذا قال تعالى مؤكدا معنى إخلاصهم لله تعالى: غير مشركين به . حال بعد حال» أى غير مشركين به أحدا أو شيئا فى عبادته» وضرب بعد ذلك مثلا للمشركين يصور كيف ينحدر من سماء العقل والفكرء إلى منهوى الأرض» فقال تعالى: «إومن يشرك بالله فكأنّما خرّ من السّماء , فتخطفه الطّّر أَو تَهُوي به الريح في مَكَان سحيق» شبه الله تعالى من يشرك بالله تعالى قد أضله الشيطان وأغواه بتشبيهين مبينين المنهوى الذى انهوى إليه عقله ومداركهء فشبهه فى الأول بمن خر من السماء هابطاء ففى هبوطه تخطفه الطيرء فتقطعه بمناقيرهاء والتهمته أجزاءء وذلك لأن من أشرك قد هوى من سماء الإدراك السليم» والفكر المستقيم إلى مهاو توزعته الأهواء» حتى صار ليس له فكر جامع» بل صار موزعا بين ضلال شتت نفسه» وصار موزعا بين أوهام فاسدة لا راشدا يرشده» ولا عقل يهديه. ا تفسيرسورةالحج لال الل يم حب زا والتشبيه الثانى هو أن من يشرك بالله فكأنما خر من السماءء وصار كالريشة فى مهب ريح الشك والأوهام فيركب متن ريح هوجاء ألقته فى مكان سحيق عن الحق» والهداية» بل صار ينتقل من ضلال إلى ضلال لا إرادة له والسّحق التفتيت» والمكان السحيق» أى البعيد يلقى إليه مع بعده فتاتا مقطع الفكر موزع الأهواء» ولا فكر يسير ولا عقل يرشدء وقد قبسنا الكلام فى هذين التشبيهين مع التوضيح والتوجيه من كلام الزمخشرى» فقد قال: ١ويجور‏ فى هذا التشبيه أن يكون من المركّب والمفرق فإن كان تشبيها مركبا قال من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده نهاية» بأن صور حاله بصورة من خر من السماء فاختطفته الطير فصيرته مزعا فى حواصلهاء أو عصفت به الريح حتى هوت به فى بعض المطاوح البعيدة» وإن كان مفرقا فمّد شبه الإيمان فى علوه بالسماء» والذى ترك الإيمان وأشرك بالله بالساقط من السماء» وشبه الأهواء التى تتوزع أفكاره بالطير المختطفة» والشيطان الذى يطوح به فى وادى الضلالة بالريح التى تهوى بما عصفت به المهاوى المتلفة» اه. ونرى أنه جعله تشبيها واحدا مركبا ومفرقاء» ونرى أنه تشبيهان مفرقين أو مركبين» وإن هذا التصوير كما ذكرناء وكما ذكر الزمخشرى هو على ذلك فى الدنياء لبيان هلاك المشركء وتخطف الأهواء لمداركه ويبين فساد عقله وضلاله» وإنه لا يكون بالنسبة للدين إلا فى حيرة تسيره الأوهام ولا سلطان له على نفسهء وقد قال بعض المفسرين: إن تحقق هذه ا حال المبينة بالتشبيه» إنما هى فى الآخرة لا فى الدنيا. وإننا نرى أن الجميع ممكن بأن تكون هذه حاله فى الدنيا والآخرةء وإنه فى الدنيا يتردى إلى ضلال الأوهام والأهواء من سماء الإيمان» وفى الآخرة يتردى إلى العذاب الأآليم الذى يكون فيه خالدا. ذلك ومن يعظّم شعائر اللّهِفَإِنّها من تقوى القلوب 4069 . الإشارة إلى الحج» والفاصل كان متعلقا بالحج. فقد كان فيه الآمر باجتناب رجس الأوثان» والكذب على الله بقول الزور والأمر بأن تكون الذبيحة لله وأن تفسيرسورةالحج يكون البعد عن الإشراكء وكل هذا إن لم يكن من الحج ليس بعيدا عنه؛ ولذا كان الاعتراض بما هو تتميم للحج.ء فالمعنى ذلك الحج بما فيه من حرمات» وإذا كانت حرمات الله تعالى يجب أن تكون مصونة غير معتدى عليهاء فكذلك شعائر الله تعالى يجب أن تكون مصونة معظمة» وشعائر الله تعالى جمع شعيرة» وهى الأنعام التى وضعت عليها علامة على أنها خصصت للبيت الحرام تذبح فيه؛ ولذا صحت نسبتها إلى الله تعالى أو إضافتها إليه عز وجل» وجاء فى مفردات الراغب الأصفهانى : «ويقال: شعائر الحج الواحد شعيرة. . . أى ما يهدى إلى بيت الله تعالى»ء وسمى بذلك؛ لأنها تشعر أى تعلم بأن تدمى بشعيرة أو حديدة يشعر بها»ء وكانت واجبة التعظيم» لا لذات البهيمة» بل لأنها لبيت الله تعالى» ولأنها دليل الاتجاه إلى العطاء الكريم فى بيت الله؛ ولآأنها تكون لفقراء مكة الذين يكون إطعامهم استجابة لدعاء إبراهيم» وتعظيمها ألا تمس بسوءء وألا يعتدى عليهاء وأن يحافظ عليها وعلى الشعار الذى أشعرت بهء وأن تختار من خير صنفها فى عظامه وسنامه»؛ وسمنه» وأن يكون لها أكل طيب بالنسبة لها. ويقول تعالى: ظ فَإِنَهَا من تقوى القلوب 4 الضمير فى © فإنها 4 يعود إلى الشعائرء و«الفاء» واقعة فى جواب الشرط» وهو قوله تعالى: « ومن يعَظّمْ شعَائرَ اللّه4 وكانت الشعائر من تقوى القلوب لآن تخصيصها لفقراء الحرم» والاتجاه بها فى العبادة مظهر حسسى يدل على تقوى القلوب» وهى بمقصدها وغايتها نابعة من التقوى» وهى استشعار خشية الله تعالى والشعور بضيافته» ويلتقى بالناس متساويا معهم فقيرا وغنياء ومعينا لفقيرهم» ومكرما لضيوف الرحمن من الحجيج» وأضيفت التقوى إلى القلوب؛ لأن القلب هو مكان التقوىء وقد قال ذكَلِة: « التقوى هاهنا»ء وأشار إلى قلبه الكريب('. )١(‏ عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله عَكِْة : دلا تَحاسَدواء ولا تَتَاجَشُواء ولا تَباغْضواء ولا تَدَابَرُواء ولاب بغ بعضكُم على بعضء وكُونُوا عباة اللّه إخواناء المُسلم أخو المُسْلمء لا اه 2 - يَظْلمه ولا يخذله ولا يحفره التَقُوى هامنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحب امرىئ من الشير يمور اعلا اشم كل اشم على للم حرام دم وماله وعرضة». رواه مسلم اا تفسير سيور هه الحج لال كلملل و أب أ لخ ها مضع إن أل شن ف معلا إى ايت يع 4 . الضمير فى فيها 4 يعود على الشعائر على أساس أن البدن وغيرها من هدايا البيت هى الشعائر» على أساس ما يرمز إليه من تكريم البيت» والمعاونة فى ضيافته » ( لَكم فيها متافع 4 بدرها وعملهاء وصوفها ووبرها ما دامت فى حوزتكم « إلى أجل مسمى 4, وهو مدة بقائها فى أيديكم إلى أن يحين وقت نحرها فى يوم النحرء وفى هذه الحال يكون نسلها لكم» وكل ما يكون لها من نفع؛ « ثم مَحلّها إِلَى الْبَيت الْعتيق 4. م4 للترتيب والتراخى» والتراخى هنا التراخعى الزمنى» إن كان ثمة تراخ فى الزمن» وهو زمن السير فى ميقات الحج إلى محلها العتيق» والتراخى المعنوى» وهو أنها تنتقل من دابة لمنافع دنيوية إلى مرتبة دينية تشسعر وتكون من شعائر الرحمن: وتحبس للفقراء فى البيت» ولثم 4 مع دلالتها على التراخى تدل على انتهاء الأجل المسمى والغاية التى تنتهى إليها هذه الشعيرة» وهى الكان الذى تبح فيه ممحلا إلى ليت اليق4؛ أى محل ذبحها ينتهى إلى البيت العتيق» وهو أقدم بيت وأكرمه» وهو المعتق المعصوم من تحكم الملوك وسيطرتهم» فلم يسيطر عليه ملك قطء وما كان من هدم الحجاج الطاغية له مع أنه كان طغيان من لا يهتم لمناسك الله لم يكن تسلطا من سلطان ملك» وقد بناه من بعد عبد الملك بن مروان الذى كان الحجاج يعمل له. « ولكل أَمّةَ جَعلنَا مدسكا ليذكروا اسم الله علَى ما ررَقهِم من بهيمة الأنعام فَإلهَكُم إِلَهُ واحد قله أسلموا وبّشَر المخبتين 9 4 . «المنسك» اسم مكان من «نَسَك» وهو مكان العبادة» والعبادة يطلق عليها النسك» وقد اختار الله لأمة محمد البيت الحرام مكانا لنسكها وأداء العبادة فى حج البيت الحرام» والإقامة فيما حوله» وأن يكون الذبح» وإطعام الفقراءء « لَيَذَكُروا اسم الله علّى ما ررَقَهم من بهِيمّة الأنعام , أى يذكروا اسم الله تعالى عند ذبحهاء شاكرين له نعمته وإذا كان الله تعالى شارع الشرائع قد جعل لكل أمة منسكا هم ناسكوه؛ فذلك لأنه إلهكم أنتم وغيركم إلها واحداء فكان للماضين من الأمم لمجي را 7 منسك لكل أمة واحد» وإذا كان الله واحدً أحدا. فالمناسك كلها فى ماضيها وحاضرها له سبحانه» وهو مبينها للماضين» كما بينها للحاضرين» وجعل منسك أمة حاتم النبيين هى مكة المكرمة التى بها البيت العتيق» أول بيت وضع للناس بمكة المكرمة . و«الفاء؛ فى قوله تعالى: فَإِلْهَكُم إِلَهُ واحد» هى فاء الإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء إذ المعنى إذا كان لكل أمة منسك فالله الذى شرع المناسك واحدء وكلها لعبادته والتقرب إليه سبحانه وتعالى» كذلك كان منسككم. وكان للماضين مناسك شرعها قْلَه أَسَلموا وَبَشّرٍ المخبتين4. «الفاء» عاطفة, أسلموا 4 أى أذعنواء وأطيعوا متطامنين غير متمردين» ولا متطاولين ولا مستطيلين على أحد؛ ولذا قال تعالى: « وبشر المخبتين 4 بالثواب الحزيل والنعيم المقيم» ورضوان الله تعالى» وهو أكبر الجزاءء فرضا الخالق بديع السموات والأرض غاية أهل الإيمان العليا التى هى فوق كل مبتغى . والمخبت هو المتطامن المتواضع الذى لا يتعالى» ولا يستطيل على أحد» وقد قال الراغب الأصفهانى فى مادة خبت: «الحَبَتَ المطمئن من الأرض» وأخبت الرجل قصد الخبت أو نزله نحو أسهل وأنجد» ثم استعمل الإخبات استعمال اللين والتواضعء « وبشّر المخبتين4, أى: المتواضعين» فالتواضع سمة المؤمنين» والغطرسة سمة الكافرين» والذين لم يشرب قلوبهم حب الإيمان» وهم ليسوا أذلاء بل هم الأعزاءء ولقد قال محمد عَللِه: ما نقصت صدقة من مال. وما زاد برو ِ الله بدا عقو إلأعزا. ا وما نواض أس لل أرقت "؟. ع مم ل( الّذين إذَا 5" الله وجلت قلوبهم ماري حلا نأا وَالْمُقيمي الصّلاة وممًا رزقناهم ينفقون 62 4 . )١(‏ رواه مسلم (590454). وقد سبق تخريجه. 8# تفسيرسورةالحج و أ أ خلال أربع هى جماع خصال المؤمن الذى هذبت نفسه» وتجمل بالصبرء وأقام الصلاة» وأنفق مما رزقه الله تعالى. الخلة الأولى ‏ 8 إِذا ذكر الله وجلت قلوبهم 4. (الوجل) الخوف والخشية من الله لا لأنهم كثيرو الذنوب» إنما هو لاستصغار حسناتهم» واستكثار سيئاتهم وتصورهاء فهم من الله تعالى القوى القهار فى وجلء» ومن خاف الله حذر مخالفته» وحاول طاعته» وسعى فى مرضاته»ء والوجل صفة أهل الإيمان كما قال | تعالى: 9 إِنَمَا المؤمنون الّذين إذَا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم انا وعلئ ربّهم يتَوَكَلُونَ 0 » [الأنفال]ء وقال تعالى: الله نَل أَحْسَ الْحَديث كتايًا مُمَشَابه ماني تشعو مه جلو الذين يَحْشَو نم م تين لوهم وهم إل ذكر الله .... #5 [الزمر]. هذه حال الذين يعرفون الله ويتقونه حق تقاته . الخلة الثانية - فيها الصبر؛ ولذا قال تعالى: 9 والصابرين على ما أَصابِهم 4. والصبر ضبط النفس» وسيطرة العقل» فإذا أصابهم أمر من أمور الدنيا المزعجة لا يهلعون ولا يفزعون» ويضبطون أنفسهمء فلا يكون عليهم شهوة جامحة:؛ فلا يكون الهوى سيدا مطاعاء بل تكون الشهوة أمة لا سيطرة لهاء وإن كل شىء من مصائب الدنيا يهون أمام الصابر. والخلة الثالثة - إقامة الصلاة» أى أداؤها مقومة كاملة فى ظاهرها وباطنهاء فتكون النفس خاشعة خاضعة قانتة تحس النفس بروعتهاء وأنها فى حضرة ذى الجلال والإكرام وتمتلئ النفس بهيبته» وتخشع لعظمته؛ ولذا قال تعالى: والمقيمي الصّلاة 4 عبر باسم الفاعل لبيان أن الصلاة صارت شأنا من شئونه لا يتخلف عنهاء والصلاة والصبر فيهما عون للمؤمن على الطاعة» قال تعالى: ف واستعينوا بالصبر والصّلاة ونا لكبيرة إلا على الْخَاشعين 63 © [البقرة] . ب 5 يي والخلة الرابعة ‏ الاتجاه إلى التعاون الاجتماعى» وذلك بمعونة الفقير» وسد الحاجات الاجتماعية والحربية» وهذا قوله تعالى: « ومما ررَقنَاهم ينفقون4. والإنفاق يشمل الزكاة المفروضة» والصدقات المنثورة» والصدقات تكفر الذنوب» كما قال النبى يَكلِةِ: «الصدقة تطفئ الخطيئة» كما يطفىء الماء النار(١2»‏ ويشمل الذنوب والكفارات» ويشمل الإنفاق فى الجهاد كما قال تعالى: ل وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . . . 4059 [البقرة]؛ لأن ترك الإنفاق فى الجهاد يؤدى إلى التهلكة والانهزام. وقد تقدم قوله تعالى: ا ومما رَرَقَاهم 4 على الفعل؟ لبيان أن الإنفاق ما رزقهم. الله وحده فليس من جهودهم ولا أعمالهم ولكن من توفيق الله تعالى» ومن رزقه الذى رزقه إياهم . وإن الإنفاق بكل أنواعه التى أشرنا إليها هو تعاون اجتماعى ف فى السلم والحرب؛ ولذا سماه الله تعالى الماعون فقال تعالى : فيل لمصلينَ 0 الذي هم عن صلاتهم سَاهُونَ (2) الذين هم يراءون 5 ويمتعوت الْمَاعونَ (9)* [لماعون]ء وهى الزكاة؛ لأنها يكون بها التعاون الدائم المستمر. أعلى أنواع الهدى قال الله تعالى: وَالبرّرح- رم بجعأ ارين تور 28 عات لد عام 23 2 لله صَوَافٌ إذاوبجمت ووا عو 0 حا وَأَطعحُوا 0 كك 24 لِك سَحرها سر ل سر 54 - 0 لي لن لنسًا لَسَمَلَومَهَا ولادماؤها )١(‏ سبق تخريجه. / تفسير سورة الحج ل 01010 م أب ا ككنبالاقو كك سَهالكرشك وا 0 ا 2 مخ 00 5 “01 اذ هته ست م سر حجن الله عل ماهد دح وبشرالمحسنيت 1 البدن جمع بدنة» وهى تطلق على البدنة من الإبل» وسميت كذلكء» لبدانتهاء وسمنها وضخامتهاء ولا تطلق إلا على الإبل وتعطى البقرة حكمهاء فتجزئ عن سبعة كما تجزئ البدنة؛ لأنهما متقاربان فى الحجمء وما يؤخذ منهما من لحم» والبدن من شعائر الله» أى أن سوقها فى الحج من شعائر الله؛ وهى جمع شعيرة» وهى العبادة المعلمة التى يجمع فيها بين البينة» والإعلام بمناسك الحج؛ وذلك لآن أيام الحج كلها أيام إعلام» وإشعار مناسك الحجء يلتقى فيها المظطظهر الإعلامى, وتقفوى القلوب» فهى باعتبارهاء وكون العبد قائما فى ضيافة الله واستشعار عظمته وجلاله فى كل عمل من أعماله. وطاعته» وتكبيره» وإهلاله وترثيبه» فى كل هذا تقوى القلوب؛ ولأنها مظهر حسىء كانت شعيرة معلمة كالقيام والقراءة والركوع والسجود شعائر معلمة؛ ولأنها مناجاة العبد لربه كان فيها تقوى القلوب. # فاذكروا اسم الله عليها صواف 4 وفى قراءة صوافن» وصواف جمع صافة) والصافة هى من رفعت إحدى يديها بالفعل لثلا تضطرب». والمعنى اذكر اسم الله تعالى عند إعدادها للذبح» وصافنة كصافة فى المعنى. والذى أراه أن تَصّفّ النوق صفوفا عند ذبحهاء بحيث تكون مقدمة للذبح فى صفوف متتالية بعضها وراء بعض» وذلك فيه روعة فى المظهرء وظهور للمشعرء وقد جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى: 2 فاذكروا اسم الله علَيْهًا صواف» أى مصطفة.ء وصففت كذا: جعلته على صف واحدء قال تعالى: «( ... على سر مُصفوفة ... 469 [الطور] . «فَإذًا وَجبت جنوبها فَكُلُوا منها وأَطْعموا الْقَانعَ وَالْمَعْمَرَ24 لوَجَبْت جنوبها 4 أى سقطت ذبيحة بعد ذكر اسم الله تعالى» © فَكُلُوا منها وَأَطْعمُوا القانع 1 1# تفسير سورةالحج ٠ لاا‎ يي والمعتر 4 «القانع» من القناعة» وهو الفقير الراضى الذى لا يسأل الناس إلحافاء و«المعتر» افتعل من عرء وهو الذى يكشف فقره ولا يستره» ويطلب من الناس» ولا يمتنع عن السؤال» والإعطاء لهؤلاء صدقة مبرورة» وقدم عليها أكله هو لكيلا يحسب الناس أنه لا يصح أن يأكل» ٠‏ «كذلك سَحَرنَاها لكم 4 أى أنها مسخرة لكم تقضون عليها حوائجكم» وتنقلكم فى هذه الصحراء المحرقة» وكما يقول الناس: الجمل سفينة الصحراءء إنه ينقل الأحمال فى الصحراء كما تنقل السفينة الأحمال من إقليم إلى إقليم على متن البحارء وسخرها معناها زللها لكم لتكون فى منافعكم» والكاف للتشبيه؛ أى أن اللإيل كما أن الله جعلها من شعائر الله قد سخرها لكم 8 لَعلّكُم تشكرون 4 أى رجاء أن تشكروا الله تعالى على أنعمه التى أنعمها عليكم ولا تكفروهاء «[ . .. أن شَكَرتم لأَزِيدنُكُم ولكن كفَرتم إن عذَابِي لُشديد 0 4 [إبراهيم]. وإن هذا كله لخير العبادء ولإعلان المناسك» ولا يعود على ذات الله تعالى العلية منها شىء. ( أن ينال الله نُحُومُها ولا دمَاؤْها ولكن يله لتَقُوَى منكم كَذَلك سَخَرَها لكم تبروا الله عَئ ما هداكم وبَشرٍ المحسنين 9 4 . ْ نفى الله تعالى نفيا مؤكداء أن يصل إلى الله تعالى منها شىء؛ لأنه واجد الوجود غير محتاج حتى يحتاج إلى لحم البدن ودماؤهاء فإنما يحتاج إلى ذلك من يكون فقيرا إليهاء ولا أن تكون مرضاته فى لحومهاء ولا فى دمائهاء فإذا كان قد أوجب عليكم نحرهاء والتقرب بذبحهاء فليس ذلك لأجل رضائه باللحم والدماءء © ولكن بناله التََّرَى منكم 4. أى يبلغ مبلغ رضاه وقبوله التقوى منكمء فالله سبحانه لا يرضى بلحم يؤكل ولا تكون مرضاته فى دم يهراق» وإن كان ذلك» وإنما يبلغ مرضاته وقبوله التقوى» وهذه إشارة إلى أمرين: الأمر الأول أن الدم المهراق مطلوب فى الحج تذكيرا بفداء إسماعيل . ا تفسيرسورةالحج و 7 والأمر الثانى ‏ أن الله تعالى ما طلب شعيرة البدن إلا لأجل التقوى». ولتكون مظهر هذه التقوى القلبية» وشعار مناسك الحج. «إ كذلك سَخَرَها لكم 4. أى كهذا التسخير من ذبح وأكل وتصدق ظسَخْرَها لكم لتكبروا الله على ما هداكم 4. واللام للعاقبة» أى سخرها لتكون العاقبة أن تكبروا الله فى الحج على هدايتكم إليه سبحانه وتعالى» ولتقيموا شعائره. ولتحسنوا أداء التكليفات التى كلفتموهاء « وَبْشَرٍ المحسنين» . أى أن المحسنين ينالون الخير العميم» والفضل العظيم» والهداية» فبشرهم بالبشرى الطيبة» والجزاء لحسن» وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. الإذن بالجهاد قال الله تعالى: و ولس 2 رومع كور كر وسقرم يه سو يلاف عن الذين ءا منو اإِنَاليّه لاحت كل حوان كمور 20 3 فع عن لزبنء منواإن الله لايحيب ل وال - 9 - 0 014 ار ير وهر 00007 م2 ."2 أن للذين يقدتلوب يأنهم ظلِموأو| ن ألله عل نصرهم - 1 ( 27 الك وه له 00 0# 0 قَيِر يا اب أخي امن ييكرهم بِمَيْرِحقَ لكا مه 0 _- -_ سور" ايخ ل 7 شال وس بلس مي ووس كس سح سه مه ع مم سح ) كوس م ج يقولواريسا الله ولولا دفع اللوالناس بعصم بِعْضطْومَتَ أ[ عه سه عه خلس هر سه و هه له رويرء - مر م مي وممه ١‏ 'ثومسلجديد نماأ الله صواهع وبع وم و يد كرفها 2 ًََُ هر ور 7 وس - عع ورور ْو و محكهويرا وسنصردت لله من ينصرةإ كك أله لقَوو2ٌ م قو و ل سي صو وى كسا وم 200 عبر لين لذبن متهم فلار ضٍ أقاموا صل ا 200000 سسب فس وو سس قل واوا الزحكرة وأمروابالمغروف ونهواعنالمنكر ل ل 11 تَوعدقبة الأمور (زي ويلوعدقبة الا ا تفسير سورة الحج ل جب يي « الله ولي الذي آمنُوا يُخْرجهم من الظَلّمَات إِلَى الور والّذين كفروا أولياؤهم الطَّاغوت يخرجونهم من الثور إلى الظّلْمَات ... 429 [البقرة]» وإذا كان الذين آمنوا أولياء الله فإنه يتولى الدفاع عنهمء وحمايتهم ما داموا قائمين على الحق يستمسكون بالعروة الوثقى؛ ولذا قال تعالى: ط إن الله يدافع عن الّذين آمنُوا إن الله لا يحب كُلّ خَوَان كفور © 4 . لقد دافع الله عن الذين آمنوا فحفظهم فى مكةء وإذا كانوا قد تعرضوا للأذىء فقد حماهم الله بالصبرء والهجرة فارين بدينهم إلى الحبشة مرتين» ثم إلى المدينة» وأفرغ عليهم الصبرء واحتموا بحمايته» وهو عدة المؤمنين» ولما هاجروا إلى المدينة خف عنهم الإيذاء وزال» ولكن كتب عليهم الجهادء وأذن لهم فى القتتالء فكانت حماية الله تعالى أوضحء ونجد هنا أنه سبحانه عبر بالمضارع والمستقبلء أى أن الله من شأنه أن يدافع عن الذين آمنوا؛ لأنهم أولياؤه؛ وأحباؤه» ومن نصبهم للدفاع عن الحق ودين الحق» وقد أكد الله دفاعه عن الحق ب«إن» وذكر لفظ الجلالة الله جل جلاله القوى المنتقم» ومن ينصره الله فلا غالب له. وقد أكد سبحانه دفاعه بأنه سبحانه لا يحب أعداءهمء لأنهم أعداء الحق لمتألبون عليه؛ ولأنهم خائبون وأشد الناس كفراء فقال عز من قائل: إِنَ الله لا يحب كُلَ خََأنٍ كَفُو رٍ» فهذه الجملة السامية فى مقام التعليل لمدافعته سبحانه عن المؤمنين؟؛ إذ هو سبحانه لا يحب مقاتليهم» قد ذكر وصفين من أوصافهما هما سبب أن الله تعالى لا يحبهم: الوصف الأول الخيانة التى بالغوا فى الاتصاف بها. والوصف الثانى ‏ الكفر الذى أوغلوا فيه وأمعنوا؛ ولذا عبر ب ظإخَوَان كفو ر4. والخيانة تتضمن مخالفة الفطرة» وتتضمن عدم طاعة أوامره ونواهيه» وتتضمن عبادتهم أحجاراء وإشراكهم مع الله؛ وتتضمن خيانة المؤمنين» ونكث العهود كما كان يفعل اليهود الذين حاربوا النبى كَدَثِةِ ومالأوا أعداءه وعاونوهم. تفسيرسورةالحج لللالللاااللاا0االل0اااللللاااللل لل لبجمل بيه يي حتى برز لهم وأجلاهم من ديارهم» وقتل رءوس الفساد فيهم» وغزاهم فى خيبر. و«الكفور» هو الذى أشرك وسيطرت عليه الأوهام؛ وكفر بنعمة الله تعالى وافترى على الله تعالى» فادعى أن الله حرم وما حرم؛ وأحل وما أحل. وقد ذكر سبحانه الكُلّية فقال: 9 كل حَرَانِ كفور» لعمومهم فى الخيانة آحادا وجماعات» فليس منهم إلا خوآن كفور. وقال تعالى: “9 يدافع 4 بصيغة المفاعلة للدلالة على المغالبة بين الحق والباطل» وأن الله معهم فى هذه المغالبة. أ ينيد بهم طلا وا ل ل ترم قديز 4 . لم يجئ محمد يَلَئْةّ للقتال» ولكن جاء للحق والدعوة إليه» ولنصرة الفضيلة» وفضيلته إيجابية وليست سلبية» ودينه إيجابى» وليس بسلبى» 5 كان ليستخذى أمام الباطل » بل يقاومه» وإلا عم الفساد؛ ولذا قال تعالى: #8 .. لع لها همي قدت لز كن ال فطل على الاين 495 [البقرة]» ولقد كان المؤمنون فى مكة يؤدّون فيصبرونء» حتى إذا كانوا فى المدينة وكانت لهم قوة حامية أذن لهم فى القتال دفاعا عن كيانهم ودينهم» فقال تعالى: «أذن للّذِين يقَاتلُون 4 وعبر سبحانه وتعالى بالبناء للمجهول. . و( يقَاتُون4, إشارة إلى أن المؤمنين لم يبتدئوا بالقتال» بل ابتدأ غيرهم عندما كانوا يؤذون المؤمنين» وهموا بقتل النبى كله وأحاطوا بداره ليقتلوه» ولكن الله نجاه منهمء كما قال تعالى: ( وإذ يمك بك الدين كفروا ليبتوك أو يقتلولك أو يخْرجوك ويمكرون ويمكر الله الله حير الْماكرين 9©) 6 4 [الأنفال] . وقد علل الله تعالى الإذن بالقتال: بقوله: ل بِأنّهم ظلموا 4. أى بسبب أنهم ظلموا. وانتصار الأمة المظلومة من الظالمين لها أمر يسوغه قانون العدل وقانون الرحمة» فمن الرحمة بالإنسان وقف ظلمه. ورد بغيه عليهء وأن يدافع عن المؤمنين المظلومين كما وعد؛ ولذا قال سبحانه: وَإِنَ الله على تصرهم لَقَدير 4 م 8# تفسير سسورة الحج ١٠ اكاك‎ يي أى أن الله كالئهم» وقادر وقدرته مطلقة على نصرهم إذا أخذوا فى الأسباب» وأعدوا للقتال عدته» وتقدموا بقلوب خاضعة لله تعالى مؤمنة به سبحانه» وقد أكد سبحانه وتعالى نصره لهم ب «إن» وبذكر لفظ الجلالة وهو 9 اللّه 4 القادر الغالب» وبتقديم الجار والمجرور على نصرهم 24 وب «اللام» فى قوله: لقدير 4 والله ينصر من ينصرهء ويؤيد بالحق المؤمنين» ويخزى الكافرين. وقد ذكر سبحانه كيف ظّلم المؤمنون» فقال عز من قائل: اين أخْرٍجُوا من ديارهم عير حق إلا أن يفَوُوا بن اله ولا دفع اله اناس بعضهم ببعض لَّهِدْمَتَ صوامع ) وبي وَصلَوات ومَسَاججد يئر فيهها اسم اله كيرا ولَينصرنُ الله من ينصره إن الله قري عزيز 62 © . الّذين أخرجوا من ديارهم بعَيِرٍ حق4: بيان لظلمهمء إذ إن الخروج من الديار والبعد عن الأوطان فى ذاته ظلمء وإذا كان بغير سبب مسوغ أو حق مبرر يكون الظلم» ولذا ذكر هذا الأشّر(١؟‏ فقال: بغيرٍ حق 24 أى بغير مبرر إلا أن يكون (ظلما), لأنه إذا لم يكن يسوغ أو يبرر فهو ظلم لا محالة وقد أكد ذلك الظلم» وإنه بغير حق» بل لأمر غير الحق «إلا أن يقولُوا ربْنا اللّهو4 وهذا من بديع القول ففيه تأكيد المدح بما يشبه الذمء وذلك كقول النابغة الذبيانى: ولاعيب فيهم غير أن سيوقّهم 20 بهن فول من قراع الكتائب والمعنى للنص السامى أن هؤلاء المشركين أخرجوا المؤمنين من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يكون ما شاهت به عقولهم» وضلت به أفهامهم من إشراك بالله تعالى فى العبادة» وخضوع للأرهام » فيحسبون قول: ١و‏ الله 4 باطلا وهو الحق. فإنهم ما أنكروه «(ولكن سألتهم من خَلّق السّموات والأرض لَيقولن الله ... 459 [لقمان]ء وقوله تعالى حكاية عن المؤمنين « ربا الله 4 يفيد قصر الربوبية على الله تعالى وحده إذ لا رب سواه ولا خالق سواه» ولا معبود بحق سواه. )١(‏ الأشر: البَطر. الصحاح. 8# تفسيرسورة الحج و لوس < 7 وإنه تجب محاربة الباطل» ومقاومة الشرء ومدافعة الظلم» وإلا تحكم الفساد والطغيان» ولكان الناس تحت طاغوت مستمرء ولذا قال تعالى : ١‏ ولولا دفع الله اناس بعضهم ببعض لْهِدْمَتَ صوام مع وبيع وصلّوات ومُسَاجد يُذَكَرٌ فيها اسم الله كثيرا 4 (لولا) حرف امتناع لوجود» أى لولا وجود الدفع بأمر الله ل لْهِدْمَتَ صوامع... 4. أى دور العبادة لكن لم تهدم بيوت العبادة لوجود منع الله الأخيار للأشرار» والصوامع جمع صومعة» وهى البيوت المخصصة للرهبانية» و«البيع». وهى كنائس النصارى» و«الصلوات» وهى بيوت العبادة لليهود. قال الزجاج: هى كنائس اليهود وهى بالعبرانية صلوتاء ثم عربت فصارت صلوات. والنص الكريم يفيد أن دفع الباطل إذا لم يكن لم يستطع أهل دين أن يقيموا عباداتهم» فتهدم صوامع الرهبان» وبيع النصارى» وصلوات اليهود وكانت تهدم هذه البيوت» ولا تقام شعائر أهل دين من الأديان السماوية قبل انتساخهاء وساد الشرك وتحكم. وهذا النص السامى يفيد أمرين الأمر الأول - تمكين أهل كل دين من عبادتهم ببقاء أماكن العبادة لا تهدم ولا تمس. والأمر الثانى - منع هدم معابد أهل الذمة على ألا يحدثوا جديدا. «ومُساجد يذكر فيها اسم الله كَشيرا4, مُسَاجِد)» معطوف على «(صوامع 4 أى لهدمت مساجد يهدمها المشركون إذا استطاعواء ولكن يدفع الله الناس بعضهم ببعض» فلا يمكنون». ووصف الله تعالى المساجد بأنها ل«( يذكر فيها اسم اللّه كثيرا 4, ؛ كما قال فى آية أخرى : «( في بيوت أَذن الله أن ترقع ويذكر فيهًا اسمه يسبّح له فيها بِالغدوٍ وَالآصّال 6 9 رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وَإقَام الصلاة وإيتاء الزكاة يَحَافُونَ يُوما تَتَقَلْب فيه القلوب والأبصارٌ © # [النور]. وأخيرا نقرر حكم الله تعالى» وهو أن حكم الله تعالى أنه إن لم يدفع الشر يتحكم» وتهدم بيوت العبادة كلهاء وتهدم المساجد على العباد» واللّه سبحانه يتولى عباده . م 8# تفسير سورةالحج لبجل بر يي ل وَليَصرد الله من ينصرّه 4 هذا قسم من رب العزة جل جلاله» ولذلك كانت «اللام») وكانت «نون» التوكيد الشقيلة» وكان القسم من ذى العزة والجلال أن ينصر من ينصره بأن ينصر دينه ويطيع أوامره» ويجتنب نواهيه» ويكون معليا لكلمة الحق والإيمان» وإنه فى مقابل نصره لله ينصرهء فالله لا ينصر من يكون عدوا لله تعالى ولمبادئه ومشركا به أوثانا لا يضرون ولا ينفعون» وإن من ينصره الله غالب لا محالة؛ ولذا قال سبحانه: «إإِنّ الله لَقَوِي عَزِيز4» فينصر من يعمل لإعزاز دينه وهو قوى قاهر قادر على كل شىء؛ وأكد قوته سبحانه بط إن 4 الدالة على التوكيد» وب «اللام» وبذكر لفظ الجلالة 9 اللّه4» وبوصفه بالعزة وهى أنه ذو المنعة الغالب القهار. وإن أولئك الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إن مكنوا فى الأرض أقاموا العبادة الحق» وأصلحواء ولا يفسدون؛ ولذا قال تعالى: الّذينَ إن مُكنَاهُمْ في الأَرْضٍ أَقَامُوا الصّلاة وآتوا الزكاة وأَمرُوا بالمعروف ونهوا عن الْسَكَرٍ وله عَاقَة الأمورٍ 69 4 . إن الظلم وقع على الذين أخرجوا من ديارهم بحق إلا أن يقولوا ربنا الله وإن هؤلاء خير البرية ولهم فضل أنهم لا يشركون بالله» وإنهم ليقولون ربنا الله فيحكمون بوحدة الربوبية ووحدة الخلق ووحدة التكوين» وهم إن تمكنوا من الأرض عمروهاء وسادتها العبادة الحق والتعاون فى المال والفضيلة. قال تعالى: 8االّذين 4, هذا وصف ثان للذين أخرجوا من ديارهم» وقد صورهم سبحانه مظلومين أذن لهم بالدفاع عن الحق الذى حملوه» وردع الباطل الذى ظلموا منه» ويصورهم الآن أنهم إن مكنوا فى الأرض عمروهاء ونشروا فيها الخير والفضيلة» و إن مَكَنَاهم 4 أى جعلنا لهم مكانا متميزا فى الأرض» ودولة قائمة فى الأرض يظلها العدل والخير والفضيلة» وقد ذكر الله تعالى أعمالا يقومون بها إن وجدت فى جماعة كانت الأمة الفاضلة فى الأرض. ا تفسمير سورةالحج أول هذه الأعمال: إقامة الصلاة التى تقوم بها تلك الجماعة الكريمة تطهير نفوس آحادهاء وملؤها بطاعة الله وخشيته» وذلك بإقامة الصلاة فقال: « أقاموا الصلاة 4, أى أتوا بها مقومة تمتلئء فيها القلوب بذكره سبحانه» وتستشعر خشيته وهيبته ومحبته وجلاله» وبذلك تتطهر القلوب» وتعمرها خحشية الله تعالى ومحبته» فتحب عباده» وتحب كل شىء له ويتحقق فيهم قول النبى كَلِةِ: « يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله)17" . انى هذه الأعمال: إيتاء الزكاةء وآتوا الرّكَاة4. وهى حق السائل والمحروم» وهى رمز للتعاون الاجتماعى بين القادر والعاجز والغنى والفقير»ء ومن ابتلاه الله تعالى بالمال» ومن ابتلاه الله تعالى بالحرمان. وثالث هذه الأعمال: التعاون على الخيرء ودفع الآثام» وذلك يكون بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء وتكوين رأى عام فاضل يحث على الفضيلة» ويمنع الرذيلة» وهو قوله تعالى: 9 وأُمروا بالمعروف وَنَهُوا عن الْمنكر 4 وبها يتكون رأى عام فاضل يشجع الفضلاء» ويقمع الأرذلين. وقال تعالى فى ختام الآية الكريمة: «وللّه عاقب الأمور4. وهو يشير إلى أنهم يؤمنون بلقاء الله تعالى وأنهم لم يخلقوا سدى» فيكون الخير لأهله يوم القيامة جنات النعيم» ولأهل الشر عذاب الحميم. تكذيب الرسل قبل محمد وجَية قال الله تعالى: سحدوءه بميرزوو دده 00 مم وم ول 0 رق )١(‏ ورد بلفظ: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله وهو جزء من حديث صحيح . وقد سبق تخريجه. اا : ري روس سر سومار حيط 2-5 22 0 حبق ل سك تيد 1 وروي 0 جحي 722 .2 3 2 و اكيس ماني 4 مضه ا 0 وَيَبْرِمَعط روقص رٍمشِيدٍ م هذه إشارات إلى قصص بعض النبيين الذين طغت أقوامهم فى البلاد وأكثروا فيها الفسادء وكيف كانت عاقبة أمرهم من هلاك لم ينتظروه» وشر لم يتوقعوهء وذلك تسلية للنبى كيك فى عناد قومه له» فهو تسرية عن النبى علد وإنذار للمشركين الذين جحدوا بآيات الله . « وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود 9) وقوم إبراهيم وقوم لوط 69 4 . ذكر الله تعالى ما يشير إلى قوم وحء وقد عاندوه وجادلوه» وتحدوه أن ينزل بهم ما هددهم به» وقد أغرقهم الله ولم ينج معه فى السفينة إلا من آمن البينات . 1 وأشار سبحانه إلى قصة عاد قوم نبى الله تعالى هود كه أن عاندوه وكفروا به فجاءتهم ريح صرصر عاتية» وإلى قوم ثمود قوم صالح عليكَهِء الذين عقروا الناقة» فدمدم عليهم ريك عذابا ريحا صرصرا عاتية . وأشار سبحانه إلى قوم إبراهيم تخ الذين أرادوا إحراقه عندما حطم لهم الأوثان» وإلى قوم لوط الذين كانوا يأتون الفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين» وكيف دمر عليهم ديارهم» وجعل عاليها سافلهاء وأمطر عليهم حجارة من سجيل . 9ه تفسير سورة الحج اللاام الل لل رب ا ٍرأصْحَاب مين َكب مُوسئ فَأَمْلَيْت للكافرين تدهم فكيْف كان نكير 62 4 . شعيب بالتوحيدء وبالإصلاح الاقتصادى فقالواله: # ... ولولا رهطك شام سم وس 0 8 أرجمناك . . . 69 4 [هود] . وبعد أن أشار سبحانه إلى هؤلاء الأنبياء وأقوامهم الذين عاندوا وكفروا وأفسدوا قال سبحانه وتعالى : ١‏ فَأَمليِتَ للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان تكير 4 . «الفاء» هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء «أمليت لهم» أعطيتهم ملاوة من الزمان وأمهلتهمء ثم أخحذتهم أخذا شديداء فانظر كيف «نكير» ياء المتكلم محذوفة» فانظر كيف كان نكيرى عليهم» فكيف كان قوم نوح كما أشرقوا أغرقواء وقوم لوط أهلكواء وفرعون والملاً معه قد انطبق عليهم البحرء فكانوا من المغرقين . وعمم سبحانه مآل الجماعات الظالمة» فقال تعالت آياته : ذكاين من ةناها وي طالمة في عل عوهها ربط معط وقطر تيد ه46. «الفاء») عاطفة على قوله تعالى: فَأملَيت 4 واكأين» بمعنى «كم» الخبرية الدالة على الكثرة» والمعنى فكثير من القرى» وهى المدن العظيمة بمعنى القبيلة المجتمعة فى المدائن» أو الإقليم» والمعنى كثير من القرى أهلكها الله تعالى بمعنى أهلك أهلهاء وأضيف الهلاك إلى المكان؛ لأنه تخرب وتهدم» وسقطت عروشه على جدرانه وخوىء فكأن الهلاك أصابها فى المظهرء وإن كان لا يقع إلا على السكان» وقد ذكر الله سبحانه أن ذلك كان والحال أنها ظالمة» فنسب إليها الظلم» وإن كان من أهلهاء وذلك لعموم الظلم فى كل ربوعهاء وكل كيانهاء فآكل أموال الناس بالباطل» وإشراك بالله» واعتداء على الضعفاءء وعدم إقامة لأى نوع من 1 يم 0# تفسير سورة الحج أب أ أنواع العدل. فلا عدل فى قانون» ولا قضاءء ولا اجتماع»؛ بل فساد فى فسادء وقال تعالى: «ووهي ظالمة 4. ولم يقل ظالمة» للإشارة إلى أن الهلاك جاءهاء والظلم محيط بها لا تخرج عنه؛ ولأن فى التعبير بالحال يدل على التلبس به؛ ولأن كلمة «هى» لتأكيد الظلم» ففيه تكرار لذكر القريةء ثم قال تعالى: « فهي خَاوية علَى عروشها 4. «الفاء» عاطفة على أهلكتاها 4 , وج خاو بسني الخواء والفراغ وبمعنى السقوطء وإن العذاب الذى كان ينزل بأولئك الظالمين الذين أشركوا باللهء وعاثوا فى الأرض فساداء كان يجيئهم بصواعق تنزل بهم أو أمطار بحجارة من سجيل» أو نحوها كجعل عالى الأرض سافلهاء ومن شأن هذا أن السقوف» وهى العروش المذكورة فى الآية تهوى» ثم تتحطم أو تسقط الجدران من بعد على العروش» ولذا نرجح أن يكون تفسير الخاوية بسقوطها متهدمة على العروش. « وبثر معطلة4. معطوفة على لقَريةٍ4. وتعطيل البثر كناية عن فناء الذين كانوا يردون إليها يستسقون منهاء ومعهم نعمهم وغيرهاء ومعنى هذا أنه لم يكن أحد من أهلها يأخذ الماء ليحيى به هو ودوابه» بل ذهب كل ذلك» فتعطلت الحياة والأمواه. « وقصر مشيدٍ4 مرتفع ومجصص بالحص مزين» أى أنه تعطل كما تعطلت البثر» وأصبح صبح خاويا لا ساكن فيه وقد بناه للزينة والراحة» فذهب وبقى القصرء أو تهدم كالقرية أو فى ضمنهاء وقد أراده للبقاء. فى الأرض فى الماضين عبرة قال الله تعالى: 0 مداو الارض اسلا ا 5 شرج ل | تفسسير سورة الحج الل يم لسرب اد ا ا ا ب ولد وستعجلونك قا ول لكات كين ديك كلق سَعَوَمِئَاكَدُو وابكا آ هه < ؤس عل دصار » يويك كارو ةسه و ر 20-46 و اسكره © تلجانااغركالالخنرثث< َل ليست كمف عكري وَالَدينَ سعَوا فَِأيَِنَا مجن زوك تكش لير هذه الآيات الكريمة موضحة لا تضمتته الآيات السابقة» وهى شواهد حسية» لما أخبر به العليم الحكيم: ٍأَقَلَم يَسيروا في الْأَرض فنَكُو لهم قُلُوب يَعْقلُونَ بها أَوآدَانَ يَسمَعُونَ بها فَإِنهَا و«الفاء» فى قوله تعالى: أَقَلَم يسيروا © لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وهى تنبههم إلى السيرء وهى مؤخرة عن تقديم لأن الاستفهام له الصدارة» وتقدير الكلام: فألم يسيروا فى الأرض...» وهذا حث لهم على السير للاعتبار بمن سبقوا والاتعاظ بما نزل» 8 فَنَكُونَ لهم قلُوب يعْقلُون بها أَوَآذَانَ يسمعون بها 4, «الفاء» عاطفة ما بعدها على ما قبلهاء والاستفهام حث على السير فى الأرض للاتعاظ والاعتبار بمن مضواء وهذا حث لهم على التعقل» والتدبر» فيترتب على السير أن يتدبروا بعقولهمء ويعملوها للوصول إلى ال حق وألا يشركوا به شيئاء ويروا رسوم الديار التى عفّت وأهلكها الله بظلم أهلهاء لأَوَآذَانَ يَسْمَعُونَ بها 4, وهذا حث لهم على تعرف أخبار الديار ومن كانوا فيهاء وما جرى منهم من ظلم»ء وما جرى عليهم من هلاك» وخراب أرضهم وديارهم . © ا تفسير سورةالحج الللللال 01011 لسر ا ولكنهم لم يعتبرواء ولم يتدبروا أمرهم» ولم يعيشوا حاضرهمٍ على ماضى غيرهم؛ ؟؛ ولذا قال تعالى: «فَإِنّهَا لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور» . هذا النص فيه إشارة إلى أنهم وإن كانوا ذوى أبصار تنظر وترى ولكنها عمت عن الحق» ولم تنظره نظرة اعتبار واستبصار» فهم عمت قلوبهم عن الإدراك وكانت غير مبصرة للحق. ولا نافذة إلى .لبه ومعناه» وفى الكلام مجاز بالاستعارة إذ شبه عدم إدراك عقولهم للحق وعدم إذعان قلوبهم بالعمى ‏ بجامع عدم الإدراك فى كل وقوله: < التي في الصّدور» ترشيح للاستعارة وإبعاد للأبصار عن أن يكون عماها هو المراد؛ لأنها فى الوجوه دون القلوب» والضمير فى © فإنْها 4 ضمير الحال والشأن أى الحال والشأن لا تعمى الأبصار وإن المشركين مع أن الرسوم والآثار تعلن ما نزل بالغابرين» يتحدونك فيستعجلون العذاب» فقال تعالى عنهم : | ف( ويستعجلوتك بالْعدَاب ون يُخلف الله وعده ون يومًا عند رَبك كلف سئة مم السين والتاء للطلب» والمعنى يطلبون العجلة بالعذاب متحدين زاعمين أن ذلك الإنذار لا يقع كما قالوا: 8 ... فَأتنا ما تعدنا إن كنت من الصّادقِينَ 69 »4 [الأعراف]» وإن هذا التحدى منشؤه غفلة فى نفوسهم وعقولهم» إذ حسبوا أنه لن يجىء» على حسب زعمهم» فأكده الله تعالى بقوله: 9 ولن يخلف الله وعده 24 فهو جاء لا محالة. وكل ما يأتى واقع وقريب مهما يكن تمادى الزمان» وإن الزمان قريب أو بطىء» هو بالنسبة للعبادء أما عند الله فإنه لا تحكمه الأزمان والأماكن» ظوإِن يوما عند رَبك كَألْف سَة مما تَعدُونَ4؛ لأن أزمان أهل الدنياء أعراض لأحوالهم ؛ أما الزمن عند الله فهو غير مقدور ولا معدود؛ ولذا قال تعالى: وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون» فلا تستطيعوا أن تقدروا زمنا لما يعدكم به فلا يقال لكم هو مائة أو مائتان» ولكن هو محكوم بإرادته وتقديره سبحانه» وهذا 1# تفسسير سورة الحج الل لكالل 09م 1 رب نا تصوير لإمهال الله فى تقديره» وهو العظيم الحكيم العلى القدير» وتقديره سبحانه» اليوم عند الله تعالى بألف سنة مما نعده بالأيام والليالى» إشارة إلى أنه لا يعد وهو فوق تقديركم» والعرب ما كانوا يعرفون إلا الألف ومضاعفاته عداء روى أن أعرابيا أعطاه الخليفة ألف دينار» فذكر ذلك لبعض صحبهء فقال له: لو طلبت أكثر لأعطاك» فقال الأعرابى: ما كنت أعرف فوق الألف عدداء فذكر الألف تقدير بأكبر عدد نعرفه» أو إطلاق للعددء فالمعنى أنه ليس لكم أن تتصوروا سنين معدودة» بل إن وعد الله بالعذاب سيجيئكم لا محالة» ولا تتحدوا رسوله» وإنهم يرونه بعيداء ونحن نراه قريبا. ف( وكاين من قرية أمليت لها وهي طالمة ثم أحذتها وي المُصيرٌ 6 4 . فى الآية السابقة استعجلوا العذاب وتحدوا النبى مَلَِةِ أن يأتيهم به قريبا بعد أن ذكر لهم الله القرى التى أهلكت وهى ظالمة» وفى هذه الآية ضرب لهم الأمثال من أملى لهمء وأمهلهم من القرى» وأن ذلك الإمهال قد غرهم أو اغتروا به ولم 9 فقال: « وكأين من قرية أَملِيت لَهَا وهي ظَالمَةٌ 4. ف كأين 4 هنا كأحتها بقة بمعنى (كم) الخبرية الدالة على الكثرة» أى كم من قرية أهلكناها ( وهي 4 والجملة حالية» أى وهى فى حال ظلم قد أحاطوا بأعمالها من شرك وعتوء وكبر وفساد فى الأرض فأمهلها سبحانه مع بقاء هذه الحال» ثم جاءها العذاب من حيث لا يتوقعون بياتا أو هم قائلون؛ أو ضحى وهم يلعبون. ولذا قال تعالى: ثم أَحَذتَها وإِلَيّ الْمَصيرٌ4. اثُم4 للتراخى ليتناسب التراخى مع الإمهال الذى أملى الله تعالى به لهم» وإضافة الأخذ إليه سبحانه فيه تهديد شديد لأن الآخذ لهم القوى الجحبار الذى لا يفلت عن قدرته شىء» ثم قوله تعالى: 9 وإِلّيّ المصير 4. أى أنهم يصيرون إليه سبحانه» وهو الذى أنذر وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين» وهو شديد المحال» يجزيهم بما اكتسبوا من سوء وإيذاء وإضلال. > ا وقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك أن الرسالة المحمدية مقصورة على الإنذار» وليس عليه أن يؤمنواء فقال: طقل يا أيه لاس نما أن كم تذير مبين 69 4 . الخطاب للنبى كلل وهو أمر له كك قل 4 يا رسول الله تعالى حاسما لهم: ليا أيهًا النّآس4 الخطاب للناس كافة» وللمشركين من أهل مكة خاصة» لإِنَمَا أنا لَك تذير مين 4. طإِنَمَا4 للقصرء والقصر هنا لأنهم طلبوا استعجال العذاب ولضلالهمٍ البعيد» ولاستمكان الغفلة عن الحق فى قلوبهم» يقولون للنبى ١‏ . فنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقينَ ( © > [الأعراف]» فيقول لهم النبى وَكة بأمر ربه: إن عملى فيكمء ورسالتى إليكم» أنى نذير موضح مبين لكم الحق والشريعة» والعذاب أمره إلى الله تعالى وحده» وكذلك الشواب والعقاب إليه وحدهء وكل امرئ بما كسب رهين؟ ولذا قال سبحانه: طفَالذينَ موا وعمنُوا الصَالحات لَهم مُعفِرة ورزق كيم 469 . «الفاء» تفصح عن شرط مقدر يتبين من الآية السابقة» ومعناه إذا علمتم أنى لكم نذير مبين فقطء فإما أن تطيعوا فتكونوا مؤمنين» وإما أن تعصوا فتكفروا بآيات الله تعالى ونعمه» والجزاء يذكر للمؤمنين إيمانا صادقا ويعملون عملا صالحاء والعمل الصالح ذكرناه فى موضع أنه الطاعات من أوامر ونواهء والقيام بكل ما هو نافع للناس مرضة لله تعالى» فلا يقصد بنفعهم إرضاءهم» إنما يقصد إرضاء ربهم» فمن يقصد إرضاء الناس فقط قد يرتكب إثما فى سبيل إرضائهم. وسياق الكلام يتجه إلى أن الكلام كلام النبى بأمر ربه يحكيه الله تعالى عنهء وذكر جزاء المنقين بقوله: « لَهُم مُغْفرَة وَرِزْق كَريم 24 المغفرة تنبئ عن رضا الله تعالى عليهم» وهى ذاتها جزاء؛ لأن المؤمن مهما يكن تقيا له هفوات وهنات بحس بها فى ذات نفسهء وكلما أرهف إحساسه الدينى» وكلما هذَّبت نفسه بالتقوى أحسً بهفواته واستكثرهاء واستصغر حسناته» ولقد قال الله تعالى لنبيه: ا تفسيرسورةالحج و كه + يي « ليغفر لَك الله ما تَقَدُمَ من ذَنبك. .. )4 [الفتح]ء وما كان له ككل ذنب» ولكن الله تعالى يخبر نبيه بمحبته. إن المغرورين هم الذين يستكثرون حسناتهم» ويستصغرون سيئاتهم؛ وحالهم هذه قد تجرهم إلى العصيان والوقوع فى الشرء وما دام الرجل يستصغر ما فعل من حسنات» فهو لا يدل بها ولا يمن على الله كما حكى عن بعض الأعراب قال: « يمون عَلَيِكَ أن أَسَلموا ... 4 [الحجرات]. والرزق الكريم بعد المغفرة هو دخول الجنة» فهى ذاتها رزق كريم» وفيها كل ما تشتهى الأنفس» وأنهار جارية من تحت أشجارهاء وعسل مصفىء وأنهار من خمر لذة للشاربين وحور عين» وغير ذلك» وكل رزق من الله كريم رزق المتقين إياه» وهو رزق سخى طيبء» جزاء ما فعلوا من خسير» وكفوا أنفسهم عن الآهواء والشهوات» وهو رزق واسع دائم» ونعيم مقيم. هذا 9 وَالّدينَ سعوا في آياتنا معَاجِزِين أُولَتك أَصحاب الْجَحيم 9 4 . « والّذِين سَعَوا في آياتنَا معاجزين 4. أى اجتهدوا فى آياتنا لا لإدراكها ومعرفة ما فيها من حجة وبرهان» بل ليغالبونا فيها ويعاجزوناء أى ليبادلونا المناقشة فى إعجازهاء ودلالاتها على رسالة محمد يليه وعلى وحدانية الله تعالى جل وعلاء وقد قال الزمخشرى فى هذه الآية: «وسعى فى أمر فلان إذا أصلحه أو أفسده بسعيهء وعاجزه: سابقه؛ لأن كل واحد منهما فى طلب عجز الآخر عن اللحاق به» فإذا سبقه قيل أعجزه وعجزه» والمعنى سعوا فى معناها بالإفساد من طعن» حيث سموها سحرا وأساطير الأولين» ومن تشبيط الناس عنها سابقين» أو مسابقين فى زعمهم وتقديرهم» طامعين فى أن كيدهم للإسلام يتم لهم». والمرمى فى هذا الكلام أن هؤلاء المشركين يجتهدون فى آيات الله تعالى متعرفين غايتها ودلالتها لا بصدق وأمانة وإدراك سليم» بل لغاية» وهى معاجزة المؤمنين» وتحويل الأمر إلى جدل عقيم» يحاولون إعجاز المؤمنين فى حجتهمء والمؤمنون يتحدونهم أن يأتواء وبتحول الأمر إلى مجادلة ضاعت الحقيقة» وتبعثرت فى وسط لجاجتهم فى القول. سب ا هؤلاء بين الله تعالى جزاءهم بقوله: « أولتك أَصحَاب الجحيم 4 الإشارة إلى هؤلاء الذين يسعون لإفساد الحق على أهله» وفصياعه فى لحاجة من الباطل يثيرونهاء ولكن الحق لا يضيع بلجاجة الباطل» أولئك المتصفون بهذه الصفة بسببها يدخلون النار» وهم أصحاب الجحيم الملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه. الرسول عَلِذِ بشر صانه الله وعصمه قال اللّه تعالى : وَمآَسلَْاقبِكَ من رّسُوا لياتسو 0 له 0 و و قلطن ف ييه ة نس ْلَه مَالْىالشَّيطَنُ وي ره مر تت وو 021 ثم صوصب لله ءايليه_والله علي سكيم (ون) لَسْجَعَلٌ ينوه بسكي توقاي سيد ل و إ ركست شمات جا لوهم وإرك 0 وين فى مقر 2 7 الدب أووا ل مَالْحَقٌّ من ريلكت كك مَمومأيو سرت لبقو مو وَلنَهلَهَا وا امول صل 2 2 اكتف 57 يَوَْنْهُحقٌٍّ ًُ رو 71 ل د سح بس ع 1 ليزه د رن ساس سول رلا أبن م لف شيط ف أن ينسح الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته واللّهُ عليم حكيم 69 4 . «التمنى» قال فيه الراغب الأصفهانى فى مفرداته: «والتمنى تقدير شىء فى النفس وتصويره فيهاء وذلك قد يكون عن تخمين وظن» ويكون عن روية» وبناء ا تفسيرسورةالحج و أ يي على أصل لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك وأكثر التمنى تصور ما لا حقيقة له» والأمنية: الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى شىء. ««الرسول» هو الذى يوحى إليه بشرع يكون شريعة للناس» و«النبى» لا يكون له شريعة مستقلة» ولكن يشرح بوحى من الله شريعة رسول كالأنبياء من بنى إسرائيل من بعد موسى» ولقد ورد فى الأثر: «علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل» . وإن هذه الآية الكريمة تصور كيف يدخل الشيطان فى قلب الإنسانء إنه يجيئه من ناحية ما يتمناه» وما يجىء نتيجة لهذا التمنى وهى الأمنية» فإذا تمنى ألقى الشيطان بزيفه وتضليله فى نفس المتمنى» ولو كان رسولا مرسلا أو نبيا يوحى إليه» لكن ما يلقيه الشيطان فى نفس النبى أو الرسول ينسخه الله تعالى أى يزيله» ولا يبقى له فى نفسه أثراء بخلاف الذين فى قلوبهم مرض» وليست إرادة تكف كإرادة الأنبياء . وهذا قوله تعالى: وما أَرسَلَْا من قَبلك من رُسول ولا نبي إلا إذَا تمن أَلقى الشَيطَانْ في أُسيّته4. أى إلا إذا قدر لنفسه شيئا يريده ويحبه ويتمناه إلا وجد الشيطان لنفسه الذريعة التى ينفذ منها بوسوستهء فيلقى ما يوسوس فى أمنيته ما يتمناه» ولكن النبى له إرادة حاكمة» وفى قلبه نور وهدى» وبهذه الإرادة والنورانية التى قذفها الله فى قلبه يزيل بها الله تعالى ما وسوس به الشيطان» ثم يحكم الله آياته» أى ينزلها محكمة لا ريب فيهاء وهدى للعالمين» والله سبحانه وتعالى عليم حكيم» يعلم كل شىء ويدبره. ويذكر بعض علماء الأثر قصة الغرانيق العلا الذى ادّعى فيها أن النبى ككل سّحرء وقال عن اللات والعزى: تلك الغرانيق العلاء وإن شفاعتهن لترتجى» فهى قصة باطلة كاذبة مهما يكن راويهاء ومنزلته فى الرواية» فتصديقها يؤدى إلى الطعن فى الرسالة المحمدية» وتكذيب راو فى قصة مهلهلة خير من تكذيب الرسالة والرسول» ومن يقبلها فهو فى غفلة لا يلتفت إليهء ويجب أن ننبه هنا إلى ع8 امرين: ا تفسير سورة الحج ل 000 .. ١ لاك‎ ١ بي‎ الأمر الأول - أننا لسنا بالنسبة لرواية أحاديث النبى ككل من يسبقون بالقول‎ النصوص الثابتة ما يخالفها.‎ المحمدية كلها ككون النبى يَكِلَهِّ سحرء وقال عن اللات والعزى: تلك الغرانيق العلا» فهذا كذب لا يمترى فى تكذيبه مؤمن . وننبه أيضا إلى أن الشيطان يأتى قلوب الناس يوسوس فيها من ناحية أمانيهمء وقد أزال تعالى ذلك عن أنبياته بالنص القرآنى القاطع؛ وادعاء سحره يناقض ذلك النص القاطع» أما غيرهم فإنه يغويهم لأنهم ليسوا عباد الله المخلصين » والأنبياء بلا ريب من عباده المخلصين » وقال تعالى: © ليجعل ما يلقي الشيطان فسة لَلّذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظَالمينَ لّفي شقاق بعيد 69 4 . إن الله تعالى عصم الأنبياء؛ لأنهم حملة رسالته إلى خلقه» ويعرفوها نيرة سائغة» أما غير الأنبياء فإنهم أقسام؛ قسم أخلص للّه» واستقامت قلوبهم» وهم من عباده المخلصين» وهم الصديقون والشهداء والذين يتبعون النبيين . وقسم آخر لهم» ولم يسلموها لله تعالى. وقسم قست قلوبهم فهى كالحجارة أو أشد قسوة بما مردوا عليه من نفاق» وقد غلفوا قلوبهم» فلا يدخلها نور الحق, وهم المنافقون واليهود شر البرية وهذان الفريقان هم الذين قال تعالى فيهم هذه الآية. وقوله تعالى: «إ ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة لَلّذين في قلوبهم مرض والقاسية قلربهم 4 «اللام» هى التى تسمى لام العاقبة» أى لتكون نتيجة ترك الشيطان ل | تفضسير سيور - الحج ١‏ لالللل الل 1 0 ١ يي وسوسة وإغواء بمسايرتهم فيما يتمنونه حتى يصلوا إلى ما يرديهم 9 فتنة4, أى نعاملهم معاملة المختبر لصنفين من الناس يستهويهم بشره» وقد أقسم ليغوينهم أجمعين إلا عباد الله المخلصين. والذين فى قلوبهم مرض هم الذين قد استولى عليهم الشك فالشك مرض القلوب» وهم الذين يتبعونٍ آباءهم» ويقولون: ... بل تتُبع ما ينا عليه آباءنا أو لَو كان آبَاؤهم لا يعقلُون شيا ولا يعمدو 99 46 [البقرة]» فالتقليد من غير تفكير» ووزن للأقوال مرض كالشك أو يزيد» والقاسية قلوبهم هم اليهود وغيرهم ممن يستمسكون بما هم عليه من أقوال لا تمت إلى التوراة بسبب» وقد وصفهم الله تعالى بقسوة القلوب» فلا تفتح للحق بل هى مغلقة» تسد كل نور لهداية» فقال تعالى فيهم: « ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كَاْحجارة أو شد فَسوَة ون من الحججارة لما فج منه الأنهار ون منها مايق فيج منه الْمَاء إن مها لما هبط من حَشئية اللّه وما اله بقافل عَمَا تَعملُونَ 69 4 [البقرة]. وقد رأينا المشركين آمنوا بعد شرك» أما اليهود»ء فلم يؤمنواء وعاشوا للدس والخيانة ونقض العهود والمواثيق» وختم الله تعالى الآية الكريمة بذكر أولياء الشيطان فقال: طوإِنً الفالمين لفي شقاق بعيد4. والظلم وصف يعم ظلم العبادة فيشمل الشرك» وإن الشرك لظلم عظيمء كما قال لقمان الحكيم لابنه» ويشمل ظلم العباد بعضهم لبعض» ويشمل الخيانة والنميمة فعل اليهود. ‏ وإِنَ الظّالمين في شقّاق». أى كل فريق منهم فى شق يفارق الآخرء فالمشركون فى شق» واليهود فى شق» والمنافقون فى شق» والنفاق ضروب مختلفة» وكل شق بينه وبين الآخر مسافة بعيدة» ولذا وصف الشقاق كله بأنه © بعيد 4 مختلف فى أجزائه. لم رو يرم ظ وَليَعلَم اين أوثوا العلم أنه الح من رَبك فيؤمنوا به فدخبت له قلوبهم ون الله ّهاد الّذين آمَنوا إل صراط مستقيم 6 4 . «الواو4؛ عاطفة» و«اللام» هنا ك «اللام» هناك» أى لتكون نتيجة إلقاء الشيطان بوسوسته» للاختبار لمرضى القلوب والقساة الغلاظ» © وليعلم الّذين أوتوا العلم» من أتباع النبيين الحق» أى أنهم أوتوا علم النبوة من الأنبياء فنفوا عن لسر ناز أنفسهم بما ألقى الله تعالى قى قلوبهم من علم بالصدق والصبر الضابط للنفس «أَنّهِ اْحقّ4» الضمير يعود على القرآن الذى ذكر الله تعالى أنه أحكمت آياتى بعد دفع إغواء الشيطان ووسوسته عن الرسل والأنبياء من وقت مبعثهم إلى أن قبضهم الله سبحانه وتعالى إليه. وقوله: طأَنّه الْحق4, فيه قصرء لتعريف الطرفين أى أن القرآن الكريم هو الحق»؛ فليس حديثا يفترى ولا أساطير الأولين» ط فووا به4, ولذلك يؤمئون به و«الفاء» للسببية» أى بسبب علمهم يؤمنون به 9 فتخبت لَه فلوبهم 4, الإخيات قال فيه الراغب فى مفرداته: الخبت المطمئن من الأرض» وأخبت الرجل قصد الخبت أو نزله نحو أسهل وأنجد. ثم استعمل الإخبات استعمال اللين والتواضع» والمعنى تواضعت قلوب المؤمنين» ولم تمار فى الحق قلوبهم» بل أخبتت وسكنت إلى الحق. و«الفاء» فى قوله تعالى: ظ فَيوْضوا» فاء السببية أو عاطفة على العلم الذى أوتواء وكذلك «الفاء؛ فى قوله تعالى: طفَتَحبت 4. ثم قال تعالى: 8 وَإِنَ الله لهاد الّذين آمنوا إأى صراط مُسْتَقيم4. أى أن الله من شأنه جل جلاله أن يهدى الذين آمنوا بأن سلكوا إلى الطريق الأقوم أو شرعوا فيآأخذ الله بأيديهم» والصراط هو الطريق المستقيمٍ وهو أصراط الله تعالى» كما قال تعالى: «وأن هذا صراطي مستقيما فَاتبعُوه ولا تَِعوا السبل . .. 629 # [الأنعام] . وقد أكد سبحانه هداية الله تعالى المؤمنين إلى الصراط المستقيم ب(إن» المؤكدة وب«اللام») وب «الجملة الاسمية». ولا يزال الّذين كفروا في مرية منه حتّئ تأتيهم الساعة بَغتَة أو يأتيهم عذاب يوم ولا يزَال4 معناها استمر» وكأنه كان يتوقع بتوالى الأدلة» وتضافر الإثبات أن يزول ريبهم» ولكنه لم يزل بل استمر» والمرية: الشك» والضمير فى .. ١ الا‎ يي «إمنه 4 يعود على القرآن» فبينما الذين أوتوا العلم وهبوا اليقين أنه الحق من ربهم وخالقهم وذارئهم» ولا يمكن أن يكون إلا حقا لتوالى التحدى وتوالى العجز. «إ ولا يزال الذين كفروا في مرية منه4. وإنهم مستمرون على هذا الشك 9 حت تأتيهم الساعة بغتة 4 أى القيامة وينتهى الكون. وهم فى ضلالهم القديم. «أو يأتيهم عذاب يوم عقيم4, فى هذا اليوم الذى وصفه الله تعالى بالعقيم » وأنه لا خير فيه ولا ثمرة تنتج منه» ويحتمل أن يكون يوم القيامة ويكون عقمه فى أن كل يوم له يوم يعقبه. وكأنه عقبه الذى أنجبه. أما يوم القيامة فليس له تال يكون كالعقب له» والسياق يجافى ذلك؛ لآن الساعة يوم القيامة وأو 4ك تقتضى أن يكون اليوم العقيم غيره» ويحتمل أن يكون يوما كيوم بذرنةء ووصف بأنه عقيم ؛ لآن فيه قطعت أرحام قطعها المشركون» وفيه حرمت النساء من أولادهن فصاروا كأنهم لم يلدوهم؛ ولآأن يوم بدر وأشباهه يوم حرب» ويوصف رجاله ومقاتلوه بآنهم أبناء الحرب» والحرب لا تنتج» فهى عقيم» ثم هو لا خير فيه للمشركين» فهويوم عقيمء ويقال كما فى القرآن الكريم: ‏ ... الريح العقيم 60 4 [الذاريات]» أى لا مطر فيها ولا خير. هذاء وإن الكافرين يستمرون فى مريتهم» والشك حيرة واضطراب» حتى تأتيهم الساعة أو يأتيهم يوم يقاتلون فيه» ولا خير فيه يعود عليهم» بل شر مستطير » فهو يوم عقيم» والله يهدى من يشاء بإذنه . 8# تفسيرسورةالحج يي الملك ثله يوم القيامة قال الله تعالى: صو و سر 0 06 المللكف.وه لومي فيح يفالت اموا يلوا لصحت ف ب التو( وال نَكفروا وَكَدَأْصَلنََاةوكِيك لَهْم عات تهت 0 لحب ا الذي هابجروافي سي اله شمَ هلوا أوْصَانوأ مهرفك اعسستاوات الْهلمُوجَيْر لرّزقت © لِدْحاَهم مُنْكَلارْسَوه و ل الْمُلْكُ يُومُعد لله يَحَكُم بيهم فَالْدِين آمنوا وعَملُوا الّالحَات في جنات اللعيم 63 4 . «الملك4 فى يوم القيامة لله وحدهء فليس لأحد فى ذلك سلطان ولو صوريا كسلطان أهل الدنياء ولا حكمء ولو تحكمياء كحال الملوك المستبدين» ولا رقابة لأحد غير الله تعالى» كل الملك لله وحده فلا طاغوت ولا طغيان» ولا حكم لغير الله والتنوين فى 8 يوَمئذ »4 ينبئ عن مضاف إليه يناسب المقام» وهو يوم القيامة والجزاء والحسابء ولمعنى على ذلك يكون الملك المطلق يوم تقوم القيامة؛ وينصب الميزان» ويكون الحساب ومن بعد الثواب والعقاب» وذلك فيه إنذار شديد بأن المؤمنين ومخالفيهم يلاقون ربهم» ويواجهون أعمالهم» ويفصل بينهم سبحانه بالحق والقسطاس المستقيم . «( فَالّذين آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالحات في جنات التُعيم , «الفاء» للإفصاح عن شرط مقدرء والمعنى إذا كان الله تعالى هو الحكم وحده طفَالّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصّالحات 4. من عبادات؛ وطاعات للأوامر والنواهى» وعمل صالح نافع للناس لا يقصدون به إلا وجه الله في جنات النعيمٍ 4 الإضافة هنا بيانية» أى فى جنات النعيم الدائم الخالد المقيم . ا والّذِينَ كفَروا وكَدَبُوا بآياتنا ولك لَهُم عَدَاب مهين 69 6 . هذا جزاء المؤمنين عندما يلاقون ربهم أما الذين كفروا من المشركين وأهل الكتاب» وكذبوا بآياتناء وعبر بالموصول فى الكفر والتكذيب بآيات الله؛ للإشارة / تفسير سورة الحج ل 000 اا ”2 يي" آيات الله تسجل تكذيبهم للآيات القرآنية» أى تكذيبهم للقرآن مع عجزهم عن أن : يأتوا بمثله» وتكذيبهم لدلالة الآيات الكونية الدالة على وحدانيته وإبداعه فى وأضاف سبحانه وتعالى الآيات لذاته العلية لبيان عظيم افترائهم» وأنهم فعلوا ذلك استعلاء واستكبارا» ولذلك وصف الله سبحانه وتعالى العذاب النازل بهم بأنه عذاب مهين مذل ملق بهم فى الهوان؛ لاستعلائهم على الحق وآيات اللّه . « والّذين هاجروا في سبيل الله نم فتلوا أو ماتوا ليرزقتهِم اللّه رقا حسنا وإِنَ الله لهو خير الرازقين 62 4 . هذه الآية فيها حث على تجميع المؤمنين فى لواء واحدء» وكل مؤمن مدعو للهجرة إلى تجمع المؤمنين» حتى لا يكون المؤمنون مبعثرين فى الأرض» فالمسنتتضعف فى أرض عليه أن يهاجر إلى موضع تجمع المؤمنين» فليس لمؤمن أن يعيش يعيش ذليلا للاستضعاف فى أرض عدو لا يستطيع أن يقيم شعائره الإسلامية فيها. فقد قال تعالى: إن الذي توفاهم اسلائكة طالمي أنفسهم قانوا فهم تم قاوا كن مُسمَضعفينَ في الأرض قَاُوا ألم تكن أرض اللّه واسعة فتهاجروا فيها فَأُولََك مأواهم جهنم وساءت مصيرا 69 إلا المستضعفين من الرّجال والنّساء والْولْدان لا يستطيعون حيلة ولا يدون سَبيلاً 6 فَأواك عَسى الله أن يفو عنْهُمْ وكا الله هوا عَفُورا 9 ومن يهاجر في سبيل الله يُجد في الأرض ماما كثيرا وسعة ومن يُخرج من ببته ميهاجرا إلى اللّه ورسوله ثم يدركه المت فَقَد وقَع أجره على الله وكان الله غفُورا رَحيمَا 2 »4 [النساء]. فالهجرة ليصل إلى جماعة المؤمنين أو ليقاتل ويجاهد ما زال بابه مفتوحا وفيه ثواب الجهاد والهجرة. وحديث ١لا‏ هجرة بعد الفتح200) يراد به الهجرة من )١(‏ رواه البخارى: لا ة بعد الفتح (؟7١78)‏ عن عبد الله عمر وَيفْيَةُ كما رواه (ماملا). هجر عن بن ولفظه عن عائشة» قَالتَ : سئل رَسُول الله عن الْهجرة؟ قَقَالَ: ولا هجرة بعد الْفتحء ولكن جهاد ونية. وإِذا استنفرتم قَانفروا». ١١ الاك‎ 7 يي مكة إلى المدينة» فقد صارت مكة أرضا للإسلام» لا يهاجر منها إلا للجهاد فى المدينة والتجمع كما يكون فى المدينة يكون فى مكة. وإذا كانت الهجرة مطلوبة من أرض فيها ضعف إلى حيث العزة الإسلامية والجهاد» فالذين هاجروا فى سبيل الله تعالى ليجتمعوا مع المؤمنين ويجاهدوا معهم لهم جزاء؛ ولذا قال تعالى: « وَالّذِينَ هَاجَروا في سبيل الله 4, أى كانت هجرتهم .فى سبيل الله أى إن ذات الهجرة للجماعة الإسلامية جهاد فى ذاته» وقال تعالى : « ثم قَُلُوا أو مَاتوا 4. العطف ب لثم 4 الدالة على التراخى فى موضعه؛ لآن قتلهم ليس عقب الهجرة» ولا موتهم» بل إنهم يعيشون مقيمين مع المؤمنين. ما شاء الله أن يقيموا مجاهدين حتى يستشهدوا فى قتال أو يموتوا حتف أنوفهم» قد بين الله تعالى جزاءين أحدهما في الدنياء وقد بينه سبحانه وتعالى بقوله: يرهم لقا حسنا وإذ لله حير الرازقين 4 . أقسم الله سبحانه بأنه يرزقهم رزقا حسناء أى طيبا سخياء يغدق الله تعالى فيه عليهم من خيره. من الفىء وغنائم الحربء فإن الله تعالى جعل رزق المجاهدين فى ظلال سيوفهم» وشكاة سلاحهم» وفى سنابك خيلهم» ٠‏ © وإن اللّه لهو حير الرازقين 4. والله أكرم الرازقين. وأفعل التفضيل ليس على بابه» بل إن الله تعالى رزقه فى أعلى درجات الرزق» هذا هو جزاء الدنياء» فإن الهجرة من أرض الذل إلى أرض العزة فى سبيل الله يكون فيه الرزق. أما الجزاء اللأخروى فقد ذكره سبحانه بقوله عز من قائل: «( ليُدخَلّهُم مدْخَلاًيَرَضونَه ون الله َعليم حليم 69 4 . أقسم سبحانه وتعالت قدرتهء فقال: ل لَيُدْخلئَهُم مُدَخَلاً يرضونه 4 أى ليدخلنهم الله» وكأنهم ضيوفه يوم القيامة» وأكد ذلك ب «القسم» و «لامه) وانون» التوكيدء مُدَخَلاً4: اسم مكانء وصفه بأنهم طإيرَضواته 4. يستطيبون نعيمه» ويفكهون فى خيرهء وهو الجنة التى تجرى من تحتها الأنهارء 9 وإِن الله ليم حليم 4. بأحوال خلقه يعلم مؤمنهم وكافرهم» وهو حليم يغفر السيئات ا تفسيرسورةالحج و لبلب في ١‏ بالحسنات» كما قال تعالى: 9 ... إن الْحَسنات يذهين السَّيّمَات ... 09 4 نصرالله تعالى وقدرته العليا؛ وعلمه قال الله تعالى: 4 آ آ تت 5 ذلك ومنْعاقببمثل 7 سل سس صملا سا رس | ادص دسي 47 ا برمده رامع 44 ماعوقِبيهء ثم بغي عليه لينصريهاللمإرك الله أ 2 هه سس خخ بل بور - 700 ' 2 ذلك يأك الهَيويِج الَف 2 مىى وصي . ص | سههمهر 0 النهسارو بويج التهارفٍ اليل وأن الله سميء بصي ١‏ 2 9 دور ورصء را 3 سا 2و ل ذلك بأرك اله هْوَالْحَقٌ وأرى مارغو رك من 82 ا[ 02 مور ور مس الررء طم دونو هوالبتطل وات اله هوالع ل لكب ير نر | ل 7 سر سمه مسر برح بصع كم فر عد م ل 2# ملم 8 ب و حطس دولا . م مصصرَه رك أله ِيف حبار نيا همف السمَوَاتِ لاسا مو على الا ذأ سا > وام و وَمَافالْانْض مَك لَه امالك الحيية 02 # ذلك ومن عاقب , بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لَب لينصرنه اللّه إن اللّه لعفو « ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به» الآية» الإشارة إلى البعيد» من قوله تعالى: ‏ أذن للّذين يقَاتلُون بأَنْهم ظُلموا ... 469 إلى آخر ما جاء بعد ذلك من جزاء أهل الحق فى الدنيا والآخرة» وجزاء أهل الباطل فى الدنيا والآخرة ذكر الله سبحانه وتعالى أن من يرد الاعتداء عمثله. « ثم بغي عليه 4, أى إذا بغى عليه بعل ذلك 9 ليه لينصرنه الله 4 . . ١١ الاك‎ 7: يي وسمى سبحانه رد الاعتداء عقابا للجانى» وذلك حق؛ لأنه أوذى فيعاقب المؤذى بمقدار» ولكن سمى الاعتداء عقابا وذلك من قبيل المشاكلة اللفظية» وليتم القصاص بين الجانى والمجنى عليه بالتساوى» وإن الله يذكر أنه بعد العقاب برد الاعتداء بمثله» لا يصح للمسعتدى أن يعاود اعتداءه؛ لاآن ذلك يكون بغيا وظلماء ولذا قال تعالى: ثم بغي عليه 4, وكان التعبير ب نّم 4 للإشارة إلى بعد ما بين مرتبة القصاص العادل والبغى الظالم» وإن الله تعالى ينصر العادل على الباغى . لِينصرئّه الله الضمير يعود إلى من بغى عليه» وقد أكد الله تعالى نصره للمعاقب المقتص» بالقسم والام» القسم» وب «نون» التوكيد الثقيلة كما يعبر النحويون. وختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى: إن الله لَعَفُو عَفُور» العفو «فعول» من العفوء أى أنه سبحانه وتعالى كثير العفوء وهو صفة من صفاته جل وعلاء أو اسم من أسمائه» فهو يعفو عن كل تقصيرء وكل مخالفة ليست ذنباء وهو غفور يغفرها إذا كانت مما لم يأثم بالنفس» ويكسبها إعتاما وإظلاماء بل يكون بجواره حسنات تكشف ظلمتهاء وتكون مع ذلك توبة نصوح تحب السيئات . وقد قيل: لماذا ختمت الآية ِالعَفُو الغفورء مع أن النصرة لدفع الظلمء وذلك يقتضى اسم القدرة والقهر؟» ومعاذ الله أن يكون المفسرون قد يتطاولون على عبارات القرآن الكريم» ونقول: المناسب هو العفو الغفورء بالنسبة للباغى» والمعاقب» ذلك أن الحرب فى عصر النبى كله وما قام به الصحابة والتابعون من بعده ما كانت حرب دماء وغلب» بل كانت حرب هداية وإرشاد» وتعليم» ورفع للظلم» ورحمة للعالمين؛ ولذلك دعا الله تعالى إلى العفو فيها فقال تعالى: 8 وإن اقيم فعَاقبُوا بمثل مَا عوقبتم به ولثن صبرتم لهو خَير للصّابرين 653 4 [النحل]» وقال تعالى فى هذا المقام أيضا: ؤ ومن مسر فر ذلك مين عزم امور © 4 [الشورى]» وقال: # . ..فَمَن عَمَا وأصلّح فأجره على الله .. 42 [الشورى]ء ل | تفسير سورة الحج لعو اللا لس اا وهكذا أكثرت الآيات التى طالبت بالعفو مع القصاصء. فكان القصاص سائغاء والعفو والتسامح والصفح مندوبا إليهء كما قال تعالى ‏ ... فَاصفح الصفح الجميل 462 [الحجر]ء ولذا كان ختم الآية بالعفو والغفران له موقعه» وهو من الأسلوب الحكيم الذى لا يعلو إليه متكلم فى الأرض» فهو يحث على العفو كما حثت الآيات الآخرء وهو يبين أن حرب الإسلام العادلة يؤثر الله فيها الصفح من أهل الإيمان ما كان سبيل إليهء إذ إنها ليست للانتقام» وإلا تكررت الحروب» فهذا الفريق يقتصء» ثم الفريق الآخر يبغى» ويتوالى القصاص والبغى» وفتح باب العفو يغلق باب الحرب» ما دام الحق يمكن إقامته بغير توالى القتال» القتال عادلاء أو باغيا. وقد صور الله تعالى دفع الباطل بالحق» وكون النصر والقتال له يكون دولة بإيلاج الليل فى النهار» فقال تعالى : « ذلك بأد الله يُولجٌ اللِْلَ في النّمَارِ ويُولج اهار في اللَيّلٍ وأ الله سمي الإشارة إلى نصر الله لمن يبغى عليه بعد أن دافع عن نفسهه. والولوج الخياط... )4 [الأعراف]» وجاء فى المفردات قوله تعالى: « يولج الليل في اهار ويولج النْهار في اليل 4 تنبيه على ما ركب الله عز وجل العالم من زيادة الليل فى النهار» وزيادة النهار فى الليل» وذلك بحسب مطالع الشمس ومغاربها. والمعنى أن هذا تنبيه لاختلاف مدار الأرض حول الشمسء» وقربها أو بعدها بجعلها قريبة نسبيا بقدر ضئيل» فيطول النهار» وبعيدة نسبيا بمثله فيطول الليل» وكل شىء عند ربك بمقدار» وهو الكبير ا متعال المالك لكل شيء» والمسير للكون بإحكام» وبنواميس لا تتخلف» كما انحتار العزيز الحكيم العالم بكل شىء وان الله سميع بصير 4 «أن» معطوفة على « بن الله يولج اللَّل في التهار » إلى آخره» كك يي" فإ وأن الله سميع# لا يجرى فى الكون» يعلم علم من يسمعء و بصير # يعلم ويسأل سائل هنا: لاذا ذكر سبحانه وتعالى ذلك فى هذا الموضع من نصره سبحانه وتعالى لمن بغى عليه؟» وأنه سبحانه وتعالى يعفو عمن يترك ما يؤذيه إليه سبحانه» ويغفر له» والجواب عن ذلك أن الله تعالى ذكر أمرين أو أشار إليهما: الأمر الآول ‏ أن الله سبحانه ينصر من بعى عليه وأكد سيحانه وتعالى نصره» بالتوكيدات التى ذكرناها فى موضعها. والأمر الثانى ‏ أن الله تعالى يندب إلى العفو والتسامح عند القصاص» وفى الناس» والقوة والضعف دولة بين الناس كما يجعل الليل يدخل فى النهار» والنهار يدخل فى الليل» فيزاد هذا تارة وينقص أخرى» فعلى الدولة المنتتصرة أن وبذلك يدعو الإسلام إلى أن لا تكون الحروب الإنسانية قاطعة مانعة لكل سلام» بل يجب أن يشع نور السلام فى وقت الحروب العادلة» إلا أن يكون العدو شرسا كاليهود أعداء الإنسانية. ذلك بِأَنَ الله هو الحق وَأَنَّ ما يدعون من دونه هو الْبَاطل وَأَنَ الله هو العلي الْكبير 69 4 . الإشارة إلى معنى الآية السابقة من نصره سبحانه لمن بغى عليه مع دعوته إلى العفو إذا كان له موضعء ويفتح باب السلام ولا يغلقه» ما لم يكن مطمعا للباطل فى الحق». أى كان ذلك بإجازة القتصاص مع فتح الباب بالعفوء 9 بأن الله هو الحق*». أى بسبب أن الله هو الحق» والله تعالى هو الحق لأنه منشئ الكون» وناصر الحق والداعى إليه» وهو المعبود الحق الذى لا إله غيره؛ ولذا وصف بأنه 1# تفسير سورةالحج يي ا 3 الحق» وأنه هو الخالق الحق» والواحد فى ذاته وصفاته» والمعبود بالحق» لذلك أخبر عنه بأنه الحق» والتعبير بقوله: هو الْحق4 يفيد القصرء أى أنه لا حق غير الله»ء فكل ما عداه باطل» لأنه إلى فناء . ظ وان ما يدعون من دونه 4, أى ما يعبدون من آلهة غيره باطلة؛ لأنها لا تضر ولا تنفع» وليس لها من وجود فى ذاتها؛ إذ هى جماد. لا يتحرّك إلا إن تحرك . وان الله هو العلي 4 الذى لا يساميه موجودء ولا يناهده أحدء إذ الجميع خلقه. وهو القاهر فوق العبادء» وهو «الكبير4, فهو واجب الوجود المطلق. وكل شىء يستمد منه وجوده فهو وحده الكبير» والنص السامى يدل على انحصار العلا والكبر بذاته وصفاته فيه وحده. ودل على اختصاصه بذلك التعبير بقوله طهر العلي اكير تعريف الطرفين فإنه يدل على القصرء فكان العلاء والكبرياء مقصورين عليه وحده؛ إذ كل مخلوق سواه مستمد وجوده منه» ووجوده غير باق» فهو سبحانه الباقى وحده» وهو وحده واجب الوجود. وبين سبحانه نعمه على خلقه» فقال عز من قائل: « ألم تر أنَ الله نل من السَّمَاء ماء فَمْصبح الأَرْض مُخْضَرة إِنَ الله قطيف «ألم ترك الاستفهام هنا للتنبيه» وقد جاء على صيغة الاستفهام الإنكارى الدال على نفى الوقوع» وهو داخل على «لم» النافية ونفى النفى إثبات» والمعنى لقد رأيت بنظرك وعلمك «أَنَ الله أنزل من السَّمَاء مَاء 4 والسماء هنا ما علاك» فليست أجرام السماء من شمس وقمر وكواكب فى أبراجهاء وتماسكهاء إنما المطر ينزل من سحاب قريبة دانية أو بعيدة قاصية» وذلك بينه قوله تعالى: ألم تر أن لي سحا لعل هم بجعة ركنا ترى لق يشر محلا ومن السّماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشَاء يكاد سنا برقه كم ا تفسيرسورةالحج لج زر يي يذهب بِالأَبْصَارٍ 60 يُقلَب الله الَيْلَ والنَهارَإِنَ في ذلك لعبرة لأولي الأبصارٍ 60 4 [النور]. فهذا النص الكريم يوضح نزول المطر من السحاب المتكائف بقدرة الله تعالى وما كانت لتدره إلا بأمر اللّه» وإنه ينزل المطر إلى الأأرض لتعمل أيدى الزراع فتبذر البذور وترجو الثمار من الرب» وتخضر الأرض» ولذا قال تعالى: « فتصبح الأرض مخضرة 4 «الفاء» عاطفة» وهى للتعقيب» وبظاهر اللفظ يكون الاخضرار عقب نزول المطر بلا تراخ فى الزمن» وكيف يكون وثمة تراخ بإنبات البذر وظهور عيدانه» وصيرورة الأرض مخضرة؟» والجواب عن ذلك أن التراخى فى أعمال العباد» وليس من اللّه» بل إن إرادة الله لا تراخمى فيهاء إنما هى أن يقول كن فيكون؛ ولأن التعبير ب «الفاء» التى تفيد الفورية فيه تنبيه إلى عجائب الله فى الخلق والتكوين» إذ يكون من التلاقح بين الماء والأرض اليابسة نبات مخضر تزدان به الآرض» وتكون ذات منظر بهيج» وقد وصف سبحانه الأرض بأنها مخضرة إذ اختفت طينتهاء ولم تبد إلا خضرة زرعهاء والاخضرار للزرع لا لها؛ ولكن لأنه فيها سنح أن توصف هى بالاخضرار باعتبار ما فيهاء ولآنه صار لها كسوة باهرة زاهرة . وخدم الله تعالى الآية بقوله: إن الله ُطيف حَبير 4. أى لطيف بعباده عليم علما دقيقا علم خبرة بما ينفعهم ويقوم به عيشهم» فيوفقهم له. وجملة إن الله تطيف حَبير 4. فى مقام التعليل لإنعامه بهذه النعم الكثيرة المتوالية نعمة تلو أخرى . لهم في السّمَوَات وَمًا في الأَرْض ون الله هو لعي الحميد 9 > . هذه الجملة فى مقام التعليل للآية السابقة» أى أن الله ينزل من السماء ماء فتصبح الأرض اليابسة مخضرة ة تكون بهجة للناظرين ؛ لأن الله تعالى لَه ما في السّمَوَات وما في الأرض 24 وله ما فيهاء وهو سبحانه وتعالى غنى عن عباده» فهو 1# تفسيرسورةالحج غير محتاج إليهم وهم محتاجون إليه فالله هو الغنى» ونحن الفقراء إليه» ولأنها فى معنى التعليل لما تضمنته الآية السابقة كان الفصل بينهما ولم يكن وصل ب«الواو» و«اللام» للملكية.» فالله تعالى مالك لما فى السموات من شمس وقمر ونجوم مسخرات بأمره» ومالك لما فى الأرض من جبال ووهاد» وزروع وثمار» وحيوان وأنعام» وإبل وأفراس» وما فى باطنها من فلزات ومعادن وكنوزء وما فيها من لآلئ وجواهرء ولحم طرىء كل ذلك للهء لأنه خالقهء 9 وَإِن الله لهو الغني الحميد » وتعريف الطرفين فى قوله تعالى: 9 وإ الله لهو العَِي الْحَمِيدُ 4 يدل على القصر والاختصاصء فالله وحده هو الغنى» وجميع الوجود محتاج إليه سبحانه» والحميد بمعنى المحمودء فهو «فعيل» بمعنى مفعولء» فهو وحله المستحق لأن يحمد» ولا يحمد فى الوجود سواه. وقد تأكد غناه سبحانه جل جلاله ب (إِن» الدالة على التوكيدء وب «اللام» فى قوله: «الَهُوَ)4 وبضمير الفصلء وبتعريف الطرفين كما قال تعالى: «إيا أيه اناس أنتم الْفُقَراء إِلَى الله واللّه هو الْعَِيّ الْحَمِيد 62 4 [فاطر]ء وكل الوجود يحتاج إليه سبحانه» وهو لا يحتاج لشىء فى الوجود. فضل الله على خلقه قال الله تعالى: وتران الله سَخَرَ كرما ف الارض والْمْلك تدر ء ىف آلسْحْر بأ يوه وضعك التسمآء نكمم كلض لايديا له 2 ا 1 فت 1 م 0000 0 3 0 0 آم لَكُلْأْمَقِجَمَْنَا هُْئَرحكو يربك ا 7 فقسب 0ك ٍَأَلَم ترد اله سَخْر لَكُم ما في الأرض والقلك تجري في البحر مره ويك السّماء أن 3 تفع على الَرَض إِلأَ بإذنه إن الله بالئّاس لرءوف رحيم 2© 4 . الاستفهام هنا للإنكار بمعنى نفى الوقوع» وهو داخل على «لم) النافية» ونفى النفى إثبات» فهو بيان لأن الله سخر ما فى الأرض» والمعنى قد سخر الله لكم ما فى الأأرض» وكأن الاستفهام هنا مع النفى تنبيه؛ لأن الله تعالى ذلل ما فى الأرض لكمء وقدم ل لَكُم 4 على المفعول وهو فإمًا في الأرض 04 لبيان أن التسخير من الله تعالى لكمء ليذلل كل ما فيها لإرادتكم ورغباتكم» ومعاشكم» فكل ما فيها طاهرا فوق أرضها من زروع وثمار» وغابات» وجبال ووهاد» وما فى باطنها من معادن وكنوز» وفى بحارها من لآلئ» ولحم طرى» كل هذا سخره الله تعالى وذلله لكمء ٠‏ فهى نعم تنادى من أنعم عليه بها بشكرهاء وذكر أمرا فى الأرض» وخصه بالذكرء لوضوح نعمته تعالى فيهء « والفلك تجري في البحرٍ بأمره 4, فهذه الفلك تجرى فى البحر بإذن الله وأمره وتسييره لها سبحانه وتعالى أنها «( بأمره 4 مع أن كل شىء بأمره» وذلك لأنها فى مرأى تسير فى البحر ماخرات عبابه» لا يسيّرها شىء إلا الهواء» فإن التعبير # بأمره »© فى هذا مسايرة لمرأى العين ومجرى الريح» وهى آية من آيات الله تعالى» ولذا قال تعالى: 8 ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام 69 4 [الشورى] وهى تجرى فى البحر ناقلة ما تحمل من خيرات الأرض إلى أقاليم أخرى» ولذا قال فى آية أخرى : 9 ... وَالْفلّك التي تَجْري في الْبْحْرٍ بما يََفْع النّآس ... 4659 [البقرة]» فهى تصل الناس بعضهم ببعض بالمتاجر» والرحلات والتعارف والاتصال الدائم بينهم. 8# تفسيرسورةالحج و 1# بر يي وإن الله رفع السماء عن الأرض بغير عمد ترونهاء ولكنها مربوطة بقوى الجاذبية والقصور الذاتى» وحفظ الله توازن الكون» وإنه بهذه النواميس الكونية التى تسرى بأمره» والتى خلقها سبحانه» بحفظ الكون ويمسك السماء أن تفع على الآأرض؛ ولذا قال: #ويمسك السَّمَاء أن ة تقع على الأرض إلا بإذنه 4, أى يمسك السماء من أن تقع على الأرض» لأنها بغير عمد ترونهاء إغما يمسك سبحانه بقوى ونوامسيس خلقهاء «وأن تقعا مجرورة يمن وقوله تعالى : إذا امحماء ارت 63 وإ الكاكب اتات 0 وذ لحار فجرت © وذ البو وإن هذا التوازن الكونى بين السماء والأرض ليعيش الناس فى أمن واطمئنان من حوادث الكون» ولذا قال تعالى: طن الله بالاس لرعوف رُحيم 4 الرءوف من «رؤف)2» والرحيم صفة مشبهة للرحمة» والرأفة أصلها رفة القلب» والشفقة بالنسبة لله تعالى فهى ما يقتضيه اتصافه بالكمال» وتنزيهه سبحانه عن المشابهة وأحاسيسهم» والرحمة الإنعام والإحسان فى عامة أمورهم . وقوله تعالى: إن اللّهِ بالّاس لرءوف رَحيم 4, أى يعاملهم معاملة من يرأف بهم ويشفق عليهمء» ومعاملة من ينعم عليهم ويرحمهم فى عامة أمورهم» وإن هذه الجملة السامية فى مقام التعليل لما سبق من تصرفه فى الكون» وقد أكد سبحانه رأفته ورحمته بهم» بعدة مؤكدات» أولهاء إن 4 وثانيها تقديم بالناس 4 , وثالثها ب «اللام»» ورابعها بالتعبير بالصفة المشبهة» وذكر سبحانه بيان قدرته فيهم فقال عز من قائل: ل وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكُم إن الإنسان لَكَفُور 9 4 . الضمير يعود على الله جل جلاله» وهى معطوفة على قوله تعالى: «إ سخر لكم ما في الأرض 4 وقد ذكر سبحانه فضله تعالى» وهو المنشئ المنعم فى ثلاثة أدوار: ا تفسير سورة الحج اجر ل 1 لوول املللالا اا يي الدور الأول أنه هو الذى أمدنا بالحياة ذاتها فأخرجنا من التراب» ثم من نطفة» إلى أن جعلنا فى أحسن تقويم» وأمدنا بما يبقى حياتنا من نبات وثمار» وحيوان يأكل ما تنبت الأرض» وعبّر سبحانه بقوله: «إ وهو الذي أحياكم »© وقد أشار سبحانه وتعالى إلى عناصر الحياة التى تمدها بالبقاء بإرادته فى آيات أخر. الدور ر الثاتى - الوت؛ بعد أجل » 0 الحياة» وهذا محسوس مستمر متجدد يُرى كل يومء ولا يرتاب فيه مرتاب» لأنه مرئى بالعيان. الدور الثالث ‏ الحياة بعد الموت» وهو البعث والنشور. وقد عبر سبحانه وتعالى عن ذلك الدور بقوله: «إثم يحييكم»# وعبر بالمضارع؛ لأنه واقع فى المستقبل يؤمن به من يؤمن بالغيب» ومن يعلم أن الإنسان لم يخلق عبثاء ولكن لأن هذا الدور ليس مشاهد الآن بالعيان أنكره الكافرون» لأنهم قالوا: أئذا متنا وكنا ترابا # . .. أتنَا َمبَعْونُونَ حَلَقَا جديدا 49 [الإسراء]ء ولكن الله الذى خلق الإنسان من تراب » وأمده بكل عناصر الحياة والبقاء أخبر بأنه هو القادر الذى خلقهم وأحياهمء وأنه يعيدهم كما بدأهم ١‏ ... كما بدأكم تعردون 4069 تعالى عقب ذلك: 9 إن الإنسان لكفور». أى يجحد الدور الأخير؛ لأنه لا يؤمن إلا بالأمر المحسوسء وإنما ذلك أمر مغيب» والفرق بين الكافر والمؤمن أن المؤمن أولا ب إن 4» وثانيا ب «اللام»» وثالثا بالصفة المشبهة «كفور». و الإنسّات4 هنا هو الذى لا يؤمن بالغيب» ويلاحظ فى التعبير ب « ثم 4 أنها للتراخى» ففترة ما بين الحياة والموت ليست قصيرة يعمل فيها ما يحاسب عليه بالعقاب أو الثواب» وكذلك الفترة بين الموت واللحياة الثانية . إن أهل الديانات التى تنتمى لأصل سماوى يعترضون على الإسلام بما اشتمل عليه من أحكام ليست عندهم» فرد الله .تعالى كلامهم بقوله تعالى: 1# تفسير سورة الحج و حر ا المنسك مكان النسك وهو العبادة» أو مصدر ميمىء و«المراد العبادة أيضاء ويقرر أكثر المفسرين أن النسك هو شرائع النبيين» كقوله تعالى: 8 ... لكل جنا منكم شرعة ومنهاجا ... 52 4 [المائدة]» فالله تعالى جعل لكل أمة شريعة جاء بها نبيها»ء وجاءت شريعة مهيمنة على كل الشرائع» وخاتمة لهاء وناسخة لما يخالفهاء ولو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه إلا اتباع محمد كَلِْدٌ؛ِ لآن شريعته هى خاتمة الشرائع الإلهية» وقوله تعالى: وهم ناسكوه 4, أى العابدون الله تعالى على منهاجه»؛ والضمير يعود على النسك» وناسكوه كما أشرنا: سالكون طريق العبادة الذى سن فيه. «فلا ينازِعئك في الْأَمْرِ4. «الفاء» للإفصاح, أى إذا كان لكل أمة دين» فلا ينازعنك فى الأمرء و«لا» ناهية» والنهى لمن يحتمل أن يكون للنبى يل ومعناه النهى عن تمكينهم من منازعته» وردهم فى هذه المنازعة والمجادلة» وربما يؤيد هذا قوله تعالى من بعد فى الآية التالية :ا وإن جَادنُوك فقْل اللّهُ أعلم بما تعمَلُونَ 2 4 فمضمون النهى عن عدم الالتفات إليهم» والسير على منهاجهء ولذا قال سبحانه بعد ذلك: فإ وادع إل ربك 4. أى امض فى طريقك داعيا إلى ربك العليم بكل عمل» وبكل قول حقا أو افتراء» وهذا النهى كقوله تعالى: 9 ولا يُصدئّك عن آيّات الله بعد إذ أَنِلت إِليك وادع إلى ربك ... 429 [القصص].ء ثم أكد سبحانه مضيه وعدم التفاته إليهم بقوله: «إإِنّك لَعلَى هدى مُسْتَقيم4. أى وإنك فى نسكك وشريعته لمستمكن من الهداية المستقيمة تمكين من يعلو على الهداية» فالتعبير بقوله تعالى: «الَعلَىئْ هدى »4 أنك متمكن من هدايتك تمكن من كان فوق الهداية مستمكنا منها كالقائم عليها والجالس عليها ووصف سبحانه الهدى الذى استمكن منه كلو واقتعده بالاستقامة» والاستقامة وصف للحق» ولكل هداية. كوه 7 و - هذا هو الاحتمال الذى يكون النهى فيه موجها للنبى؛ لأنه يليه صاحب رسالة الله تعالى» وحاملهاء وهو المخاطب بتكليفات الرسالة» وليس المخالفون مخاطبين إلا عن طريقه. وقد ذكر المفسرون احتمالا آخر» ورجحه كثيرون» وهو أن يكون النهى للمخالفين المعشرضين » وثراه بعيدذاء» وإذا كان اللّه ينهاه عن المنازعة؛ لآنه لا موضوع لها إذ لكل دين نسكه وشريعته» وإن شريعة محمد يلد عامة ناسخة ما يخالفهاء» فقد نهاه أيضا عن الجدل معهم» فقال عز من قائل: وإن جَادلوك فَقَل الله أعلم بم تعملون 2© »> . الجدّل إحكام فتل الحبل» وإحكام البناء» والجدال فى مسائل الحق والباطل الحق» ويشكك فيه» وقد كان الإمام مالك طَفْيَهُ ينهى عن الجدل فى الحقائق» وكان يقول: كلما جاء رجل أجدل من رجل نقص مما جاء به محمد ذَليلْةِ» وقد أمر الله تعالى ألا يجادل المشركين واليهود» وأن يفوض أمورهم بعد أن تبين لهم الحق الذى يجب اتباعه» ودلائله من آيات الله المتلوة والكونية» وأمره أن يقول لهم : فقل الله أعلم بما تعملون 4 وهذا فيه تهديد لهم على عملهم» ومؤداه لا تحاولوا تبرتتكم فى أعمالكم بالملاحاة والمجادلة» فالله أعلم بعملكم. وأفعل التفضيل هنا ليس على بابه» فلا مفاضلة فى علم الله تعالى» إنما المعنى أن الله يعلم بما تعملون علما ليس فوقه علم وإن علم الله بأعمالكم سيبينه الله يَحْكُمْبَكُمْ ْم القامة يما كسم فيه لقُن 9 4 . إذا كان الله تعالى هو الذى يعلم عملهم علما ليس فوقه علمء ؛ فهو الذى يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون» وخاطبهم الله تعالى بقوله: اللّه بها تفسير سورة الحج ااال 1 لسر از 2 وأمره الله تعالى بالإعراض عنهم » وألا يلتفت إليهم» وهم كانوا مختلفين فيما بينهمء فاليهود مختلفون مع المشركين» واليهود مختلفون فيما بينهم فى عقائدهم؛ فمنهم صدوقيون له يؤمنون بالبعث» ومنهم ربانيون» ومنهم قراء. والمشركون واليهود مختلفون مع النبى ِل واللّه تعالى يحكم بين هؤلاء أجمعين» وإن الجحيم مأوى الكافرين به. الله خالق الكل والعليم بما خاق قال اللّه تعالى: نس يي 72 رصم سس اس د ينه سس مساح وو سس ب 0 عدوت من دوت 031 7 هك ا لايرل سْلْطَاومَتك كهيد. لماي 0-7 سر لوه 01 مدص © ريدت 1 يست ترف ف 0 يا 9 ددا كثرو سكن لمنحكريوادو ست سطوت رقايوء 26 رين 11 ارت كا وسسَالْمصِرٌ سوق هه 2 مُكَل فسْيَِحُوأ 2 مداو ا | 7 2 م | كوا لاف لمكم 2 تيقد _- .م ّ اليا 0 و م عاك تلات وق ا 5 هلقو عير 0 6 ١١ 0 1‏ ع جا 25- | تمسير سورة الحج الل ل لاملل / 1 ذكر الله تعالى فى الآيات السابقة أن الله تعالى هو الذى يحكم بين الكافرين والمؤمنين فيما خالفوا فيه» ويحكم بين الكافرين من أهل الكتاب فيما يختلفون فيه فيما بينهم» وكل باطل» بعد هذا الذى ذكره سبحانه بالعبارة وبالإشارة ذكر أنه حكم عالم لا يخفى عليه شىء فى الآأرض ولا فى السماءء فقال عز من قائل: « ألم تعلم أن الله يعلّم ما في السّمَاء والأرض إِنّ ذلك في كتاب إِنّ ذلك على الله ألم تعلم 4 معناها: قد علمت» وبينا كيف استخلص ذلك المعنى السامى» الاستفهام الإنكارى الداخل على فعل منفى» وسياق القول: قد علمت يا محمد علما مؤكدا يقينيا ‏ أَنَ الله يعلّم ما في السَماء والأرض » من عقلاء وأناس مكلفين» وما مكّن لهم فيهماء وماذا فعلوا فيما سخر لهمء فإذا كان هو الله الذى يحكم بينهم فحكمه هو الفصل. وهو خير الفاصلين» وإنه مع علمه سبحانه المحيط» قد سجل ذلك فى كتاب وهو اللوح المحفوظ» وهو الكتاب الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء وقد بين الله تعالى الحكم والإحصاء فى كتاب سهل يسير على الله تعالى» فقال تعالت كلماته: إن ذلك على الله يسير4: أى سهل لا يحتاج إلى معاناة من الله العلى الكبيرء بل إنه سهل عليه سبحانه» وإن الحكم الفاصل يقع منه فى ساعات أو لحظات. هذا هو الحق» وإنه سيلاقيهم يوم يعلم كل إنسان ما قدمت يداه» ولكن المشركين فى عماء عن الحق؛ ولذا قال تعالت كلماته: ط يعدو من دون الله مالم يرل به سلْطَانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من صير 469 الضمير فى 9 ويَعْبَدونَ4 يعود إلى الكافرين الذين سيطرت عليهم الأوهام والأهواء والتقليد» فيعبدون ما لم تنزل به حجة ترشدهم إلى عبادتهء والسلطان فى قوله: «إما لم ينل به سلّطانا 4, أى حجة نقلية نزلت من عند الله تعالى» وسميت سلطانًا؛ لأنها تكون قوة تجعل لمن نزلت له قوة تجعل ما عنده قويا تفسيرسورةالحج اللللللائللالللللللل 000 4 لسرب أ كالسلطان ولكن لم ينزل شىء من ذلك» وإذا كان لم ينزل دليل نقلى من عند الله بعبادته» هل لديهم برهان عقلى ينتج يقينا؟ نفى الله تعالى ذلك أيضا فقال تعالى: «وما ليس لهم به علّم 4. أى ليس لهم به برهان عقلى يسوغ عبادتهم» بل إن البرهان العقلى يؤدى إلى نقيضه؛ لأنه لا يسمع ولا يبصرهء والقانون العقلى يوجب أن يكون المعبود أعظم من العابدء فكيف يعبدون جماداء وهم أحياء» وهو لا يعقل» وهم يعقلون؟!!. إذا لم يكن عندهم دليل من عند الله أنزله فكان لهم سلطانء ولا علم عقلى فإن ذلك يكون ظلما؛ ولذا ختم الله سبحانه الآية الكريمة بقوله تعالى: «وما للظالمين من نُصيرٍ4. وإذا كانوا يعبدون ما لا دليل عليه من نقل أو عقل؛ ويشركون مع خالقهم فى العبادة» وهو الواحد الأحدء فإن ذلك لآنفسهم ولقولهم ضلال وفسادء وقد نفى الله تعالى أن يكون لهم نصير أى نصير؛ إذ لا يمكن أن يكون نصيرا أمام قوة الله . ومن لاستغراق النفى أى ليس نصير أىّ نصير من ملك أو إنسان. ونشير هنا إشارة بيانية فى قوله تعالى : وما ليس لهم ب به علّم 4 فيه أن كلمة «لهم 4 قدمت على «علم 4. » وهى المبتداً؛ للدلالة على أنهم تهجموا من غير علم فقدم عقابه فى الاهتمامء وللدلالة على ضلالهم, وقدم 7 به على «إعلم 4 للدلالة على إمعانهم فى الضلال وظلمهم للحق» والله ولى المؤمنين. وإن هؤلاء الذين سيطرت عليهم الأوهام» وتحكمت فيهم الأهواء والتقليد الأعمى لا يلقون آيات الله تعالى بما يستحق من عناية» بل يقابلون بالاستنكار والسخرية» فلا يهتدون ولا يفتحون قلوبهم لدخول الهداية» ولذا قال تعالى عنهم ٠‏ « وإذا نتلئ عليهم آياثنا بينّات تغرف في وجوه الّذِينَ كَفَرَوا الْمْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بالدين يون عليهم آياتنَا قل بكم بشر من ذَلكُم ار وَعَدَهَا الله دين قروا وبشس المصير 69 4. اا تفسير سورة الحج م ااا ااال لل 1 - جورم إن حال هؤلاء الذين يعبدون من دون الله ما لا دليل عندهم يسوغ عبادته إلا أن تكون الأوهام التى تضلل الأفهام ‏ من شأنهم ألا يستمعوا إلى الحق» بل يعرضون عنه إعراضا؛ ولذا قال عز من قائل: 9 وإذا تتلئ عليهم آياثنا بيات تعرف في وجوه الّذِين كَفَروا الْمُكَر) الآيات هنا آيات القرآن المنكرة فإذا تتلى عليهم تعرف فى وجوه الذين كفروا المنكر ‏ يصح أن يفسر المنكر هنا بالإنكار ويكون من قبيل المصدر الميمىء» كالمكرم بمعنى الإكرام» وتكون معرفة الإنكار من الوجوه بالتهجم» والغيظ» ويصح أن يكون المنكر هو حال وجوههم من التغيظ والبسورء والاستفظاعء وسميت هذه الحال» # المدكر # ؛ لأنها فى ذاتها أمر منكرء إذ لا يتلقون الحق بالتفهم والتدبر» بل يبادرون برده ردا عنيفا مستكبرين» قد غلظت أعناقهم» وتجهمت وجوههم 8 يكَادُونَ يسَطُون بالّدين يتلون عليهم آياتنا © السطو: الوثب للفتك بالذين يتلون» كما حاولوا أن يسطوا بأبى بكر الصديق» وكما حاول الجاهلون بالسطو على المستضعفين من المؤمنين» وقال تعالى: ‏ يكَادُونَ يسطون 4 مع أنهم سطوا بالفعل» ونقول: إن ذلك حكم عام والسطو الفعلى كان من بعضهمء لا من جميعهم» وما كان من التلاوة فقط» بل كان من اعتناقهم الإسلام مع هذه التلاوة» فالمقاربة بالنسبة لجميعهم» لا بالنسبة لبعضهم. وقد أمر الله تعالى نبيه الكريم أن يقول لهم: قل أَفأَنبئَكُم بِشَر من ذَلكُم النّار وَعَدَها الله اين كَفَروا وبنّس الْمَصير4» الإنباء الإخبار بأخبار خطيرة لا تسرهم بل تضرهم» والتنبىء كالإنباء بيد أن اللفظ ينبئْ عن خطر ما تضمنه» و«الفاء؛ فى أفأنبئكم »* فاء الإفصاح عن شرطهء تقديره مثلا أئذا كنتم تتجهمون من التلاوة أفأنبئكم بشر من هذه التلاوة» وهذا نوع من التهكم بهم وإنذارهم بالإنذار الشديد» والعقاب العتيد» وبيان لمقابلة التهجم من القرآن والإعراض عنه بأنه يستقبلهم بما يوجب الغيظ والتجهم» والبسور أشد وأفظع» وهو النار أنذر الله تعالى بها الذين كفرواء وعبر بالموصول للإشارة إلى أن الصلة وهى الكفرء والإعراض عن الآيات البينات (هى سبب الحكم)» وإنها نار لا نهاية لعذابهاء بل 1# تفسيرسورةالحج 4 تحب ا هم خالدون فيهاء وهى مصيرهم الذى لا ينتتهى» ولذا قال تعالى: 8 وبئس الْمصيرٌ» بئس من أفعال الذم» ومع أنها جامدة فهى من الألفاظ الدالة على البؤس» فالنار مصير هو بؤس . وقد بين الله سبحانه ضلالهم فى اعتقادهم الباطل الذى لم يبن على علم نقلى أو عقلى بمثل عظيم» فقال: فيا أيهًا الئاس ضرب مَغْلَ فَاسْتَمعُوا لَه إن الّذِينَ تَدَعون من دون اللّه أن يَخلقَوا ذبابا ولو اجسَمعوا لَه وإن يسلبهم الذبَاب شِيْمًا لأ يَسسقَدُوهُ منه ضَّعف الطّالب والمطلوب 69 4 . الخطاب عام للناس وقالوا: إنه إذا كان النداء: يا أَيهَا النّاس 4 كان يعم الناس عامة والمشركين خاصة.ء وإن موضوع القول» وهو عبادة الأوثان يجعل الخطاب للمشركين أَمْس وأقرب» وضرب »# معناها: بِيّن» والمثل الحال والشأن» ففيه تقريب حال بحال» فحال ضعفهم الشديد صورها سبحانه بأنهم لعجزهم ( أن يلوا اي وو عسوا لَه فحالهم حال عجز عن خلق أى حي ولو اجتمعت الأوثان كلهاء وكيف تعبد» وهى لا تستطيع خلق الذباب» ولو اجتمعت له كل هذه الآلهة التى يعبدونها من دون الله تعالى» و لن 4 هى لتأكيد النفى» وذكر ضمير الآوثان ضمير عقلاء على زعمهم وتفكيرهم» وليسوا أحياء فضلا عن أن يكونوا عاجزين» وعبر سبحانه عن حال عجزهم بالمثل» كأنه مثل مضروب سائر» وبين ذلك الزمخشرى فقال: «قد سميت الصفة أو القصة الرائعة الملقاة بالاستحسان والاستغراب مثلا تشبيها لها ببعض الأمثال المسيرة لكونها مستحسنة مستغربة»). وإن هذا التصوير السامى الذى سماه جل جلاله مثلاء هو برهان على عدم صلاحيتهم للألوهية؛ لأنها عاجزة محتاجة» والمعبود قادر غير عاجز . وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يستتقدوه منه 4 هذا النص السامى دل على أن هذه الآلهة أعجز من الذباب؛ لأنه يعدو عليها؛ لأنه لو أخذ منها شيئا على سبيل للها تفسبير سورة الحج 2 ا «لبمل يما - السلب لا يستطيعون أن يستردوه منه» فهو القادر عليهاء و يستنقذوه4. السين والتاء للطلب» أى لا يستطيعون بأكثر جهد وطلب أن ينقذوه منه؛ لأنها لا قوة لها فى أى ناحية» فهى جماد لا يتحركء ولكن الوهم هو الذى جعل لها قوة فى نظرهم الذى لا يبصرء وَسّوَل لهم الشيطان عبادتها. ونقف هنا وقفة قصيرة» فنسأل الذين ينكرون وجود الله وهم ملاحدة هذا الزمان الذين يحسبون إلحادهم يقوم على فلسفة عقلية: لقد اختبرتم الكون وعلمتم علمه؛ وعرفتم النواميس التى خلقها الله» وإن كنتم تحسبونه ظواهر للأشياءء وعلوتم إلى داخل الفضاء حتى وصلتم إلى القمر وإلى المشترى» وعلمتم تكوين الأشياء وأجزاءها وعناصرهاء فهل استطعتم أن تخلموا ذبابة» إن لله فى كل شىء آية» فآمنوا به ولا تنكروه. لم تستطع آلهتهم أن تستنقذ ما يسلبه الذباب» ولو بذلت أقصى الجهد إن كان لها جهد» ولذا قال تعالى: ضعف الطّالب وَالْمَطْلُوب 4 ٠‏ الطّالب 4 هو الأوثان فإنها لا حياة فيها ولا قوة لهاء ا والمطلوب © وهو الذباب فهو حيوان ضعيف يستحقر فى أعين الناس ولكنه مخلوق لله يضرب به المثل» كما قال تعالى : « إن الله لا يَستَحبِي أن يَضَرب متلا ما بعوضة فَمَا قَوقَها ... © 4 [البقرة]ء فسر بعض السلف الطالب بالعابد والمطلوب بالصنمء فضعيف الفكر والعقل والإدراك يدعو ضعيفا فى ذاته لأنه جمادء ٠‏ وكلا الرأيين معقول. هذه الآية نتيجة لآيات السابقة؛ ولذلك كان الفصل بدل الوصلء» فبيئهما ما يشبه علاقة العلة فى الحكم بالمعلول» أو المقدمة والنتيجة. إن هؤلاء الذين حضعوا لأوهامهم فعبلوا حجارة لا تنفع ولا تضرء المعرفة»ء ولا أدركوا كماله وجلاله حق الإدراك» ولا عرفوا معنى الألوهية حق اا تفسير سورة الحج لكالل 7 2 لسرت زا المعرفة» إن الله تعالى هو القادر الخالق» وهو الواحد فى ذاته وصفاته» وليس فى الأوثان من هذاء والله تعالى قوى قاهرء ولا يمكن أن يكون عاجرً؛ ولذا عرف الله تعالى رب العالمين بقوله: إن الله لَقَوِي عَزِيرٌ4. أى قوى قادر على كل شىء» عزيز غالب لا يحتاج لشىء»؛ ويحتاج إليه كل شىء» وهو العليم القدير. وأكد سبحانه قوته ب« إن 4 الدالة على توكيد الحكم». وب «اللام» فى قوله تعالى : ا لَقَرِي 4 وب «الجملة الاسمية»» سبحانه إنه القاهر فوق عباده. الرسل مصطمون: والرسالات الالهية متصلة قال الله تعالى : وو .ل | 2 00 2 و جيل و رسلاوومرسح + السك لاسب تم ةا مابترح 06 هموما 1 ع لاله عل تت ٍ ءام وأمحدوأو 7 للت>ء نمراق ة ذا 26 52 ملح تيغ #9 راص اير صني ماس ع لح يي 0 يَحهِدوانِ لوحن جهسادوء 3 وماجعل 00 م ء. عم جد هد إلى سم ع 000 رو في الد ديل مون حر لَه أب مر - م 24 > سي 2 لمينين بل وف هنذا لِيَكونَالرسُولٌ شَهيدًا 2 انهم نيوارك ًَ ل 0 إلنزا تضفضسير سورة الج اننا 6 الا للاللل60ا0اال ا :ل الله تصطفي من الْمَلائكة رسَلاً ومن النّاس إن الله مع بُصير 9 4 . «اللّه4 ذو الجلال والإكرامء ( يصطفي 24 أى يختار من صفوة خلقه من الملائكة رسلا 4 كجبريل الأمين روح القدس. انحتاره ليكون رسولا لأنبيائه ورسله الذين اختارهم أيضا من صفوة عباده» فاختار سبحانه من الملائكة من يبلغون عن الله تعالى مصطفين من الناس ليتلقوا رسالة الله إلى الناس» فالذين اختارهم من صفوة الملائكة ما اختارهم تعالى إلا ليبلغوا خلقه. وكل ذلك بأمر الله وباختياره» وإن هؤلاء المختارين من الملائكة يبلغون إما بالوحى وإما برسل يرسلون؛ كما قال تعالى: :وما كَانَ لبشر أن يكلَمه الله إلا وحيا أو من وراء حجابٍ أو يرسل رسولاً .. #3 [الشورى]. وإن الله تعالى لا يختار لهذا المنصب الأقدس منصب التبليغ عن الله تعالى إلا من كانوا ة فى أغلى القداسة والنزاهة النقية #. .. اللّهُ أعلم حيث يجعل رسالته . .. 052 4 [الأنعام]» ولذا قال تعالى مبينا أن الله تعالى لا يصطفى إلا عن علم من لا يخفى عليه شىءء فقال: إن اللَّهَ سَمِيع بُصيرٌ , أى أن الله عليم علما يقينيا هو علم من يسمع» فهو السميع؛ وعلم من يبصر فهو البصير. ولقد أكد سبحانه إحاطة علمه فقال تعالى: ط يلم ما بين يديهم وما حَلْمَهُم وى الله رجع الأمور 69 4 . «ما بين أيديهم 4 وهو الحاضر المهيأء وسمى بين أيديهم: لأنه أمامهم. فشبه علم حاضر بما يكون مهيا معداء ظوَمَا خَلْمَهِم 4 الخلف يطلق على ما هو خلف الإنسان وهو ضد القدام» فهو يطلق على الماضى والقابل» وهو الذى يخلفه من بعده» ولعله من الخلافة» وقد فسر بالقابل الذى لم يقع» ويكون المعنى يعلم حاضرهم» وقابلهم الذى يخلف ذلك الحاضر والضمير فى قوله تعالى: ما بين يديهم وما خَلفَهم 4 , ؛ قيل: يعود إلى الرسل» والظاهر أنه يعود إلى الذين يبلغهم الرسل فالضمير يعود إلى كل الناس» ولذا عقب الآية بقوله: « وَإِلَى اللّه ترجع ا تفسير سورة الحج يم سه < يي الأمور»ك. أى أن الأمور كلها ترجع إليه وحده يوم القيامة» ليحاسب كل نفس بما كسبت» وتجد كل نفس ما عملت محضراء من خير أو من شرء ويكون له وحده الجزاء» وفى تقديم الجار والمجرور بيان أن المرجع إليه وحدهء وله وحده الحساب» وهو بكل شىء عليم. بعد ذلك خاطب الله تعالى الذين آمنوا برسالة محمد كلق فقال: «إيا أيُها الّذِين آمنوا اركعوا وامجدوا واعبدوا ربكم وَافْعلُوا الخير لَعلّكم تفلحون 09 4 . واضح كل الوضوح أن النداء للرسول وأتباعه؛ وليس لكل الناس» فالناس يدخلون فى النداء إذا آمنوا ومن يؤمن بالرسالة المحمدية فهذا تكليفهاء الصلاة؛ واختصت بالابتداء لأنها عمود كل دين» ولا دين من غير صلاة وإن اختلفت أشكالها فى الديانات السماوية وكلً طريق إلى الله واتجاه إليه سبحانه» ولأن الصلاة هى العبادة التى تنصرف فيها النفس والجوارح إلى الله وحدهء ولأنها امتلاء النفس بذكر الله تعالى؛ ولأنها إذا أديت على وجهها من قيام وخشوع كامل» وضراعة صادقة» واستحضار النفس لكل معانيهاء لا تقع من الإنسان المنهياتء. كما قال تعالى فى خاصتها: . .. إن الصّلاة تنهئ عن الفحشاء والسكر . .. 652 # [العنكبوت]» وخص الركوع والسجود بالطلب مع أن الصلاة لها أركان قراءة وتكبير» وركوع وسجودء فقال تعالى: «إيا أيها الّذين آمنوا اركعوا راسجدوا واعبدوا ربكم 4؛ وذلك لأن الركوع والسجود هما المظهر الحسى للخضوع لله تعالى خضوعا كاملاء ولآنهما لا يسقطان عن المكلف قطء فالقراءة قد تسقط عن المكلف إذا كان يصلى موّتما بإمام قارئ» وتسقط عند العجز عن القراءة» أما الركوع والسجود فلا يسقطان فإن لم يستطع الصلاة قائماء» صلى قاعداء وإذا لم يستطع الصلاة بحركات صلى بالإيماء» وإلا فهو فى عفو اللّه) وروى أن بعض الشافعية أجاز الصلاة بالإيماء بالعينين» ولأنهما لا يسقطان فكانا رمزا للصلاة كلها. (ل#هزا تفسير سورة الحج 00 ١ 2 وبعد الصلاة أمر سبحانه وتعالى بالعبادات كلهاء وهذا من قبيل ذكر العام بعد المخناص» فيشمل ذكر العبادة الصوم والحجء والكفارات والنذور» والزكاة» والصدقات المنشورة» وأن يعبد الله تعالى فى كل عمل يعمله. بأن يقصد به وجه الله تعالى» فالعامل فى مصنع أد فى م متجر أو فلاحة الأرض يقصد وجه الله وتقع الناس» فيكون فى عبادة مستمرة» ويصدق عليه قوله يَللِْةٌ: ٠لا‏ يؤمن أحدكم حتى يحب الشىء لا يحبه إلا لله)(1' . وقد أمر سبحانه وتعالى بفعل الخير أمرا مطلقا غير مقيد ولا محدود فقال عز من قائل: 9 وافعلوا الخير لَعلّكُم تفلحون»4, الخير كل عمل يكون فيه نفع للناس» ويتفاوت الخير فيه بتقارب مقدار النفع» فالنفع الكثير يكون الخير بقدره؛ ونفع أكبر عدد يكون الخير كله؛ مع القيام بالعبادات على شتى فروعها وكل أنواعها . وقال تعالى: «الَعَلَكُم تفلحون 4. أى رجاء أن تفلحوا وتفوزوا فى الدارين فى الدنيا فتكونوا خخير الناس؛؟ لأن النبى كَكِة يقول: «خير الناس أنفعهم للناس» والرجاء من العباد لا من اللّه؛ لأن الله تعالى لا يرجو بل يعلم وينفذ. إنه عليم حكيم. ونرى أن الآية ابتدأت بالاأمر بتطهير النفوس بتوجهها إلى الله تعالى فى الصلاة والعبادة» ثم اتجهت الأوامر إلى نفع الجماعة وأن يكون كل واحد عنصر نفع إنسانى فيها . ثم انجهت من بعد إلى ما فيه حماية الآمة الإسلامية ونشر دعوتهاء فقال تعالى : وجاهدوا في الله حقّ جهاده هو اباكم وما جعل عليكُم في الدين من حرج مله أبيكم إبراهيم هو سَمَاكُم الْمُسلمِينَ من قَبْلَ وفي هذا ليكون الرّسول شهيدا عليكم () سبق قريبا. إلا تفسير سورة الحج الالالال للك ٠‏ لسر د وتكونوا شهداء على النّاس فَأقِيمُوا الصّلاة وآثوا الرّكاة واعتصموا باللّه هو مُولاكم فَنعم المولئ ونعم التصير 65 4 هذا تكميل ما جاء فى الآية السابقة» ففى الآية السابقة كان التدرج من الأمر بتطهير النفس» وملئها بالله تعالى فى الصلاة والعبادة» ثم فعل الخير لأكبر عدد مكن فى الأمةء وفى هذه الآية المطالبة بالنفع الإنسانى بتبليغ الرسالة المحمدية رسالة الإنسانية للناس جميعاء وذلك بالدعوة إلى الإسلام» وهو جهادء وتذليل العقبات فى سبيل هذه الدعوة» وإزالة كل المحاجزات التى تحاجز دونهاء ولو كان ذلك بالحرب؛ ولذا قال تعالى: ا وجاهدوا في الله حَقّ جهاده هو اجتباكم 4 . الجهاد مفاعلة ببذل الجهد. فالمؤمن يبذل جهده فى الدعوة إلى الله» والمقاوم من الكفار يبذل جهده فى الصد عن سبيل اللّه» ومقاومة الحق. وقوله تعالى: في الله أى الجهاد لأجل ذات الله وابتغاء مرضاته ف« في © هنا تفيد السببية» كما فى الحديث الشريف: «دخلت امرأة النار فى هرة(2. والإتيان ب ف في 4 بدل «الباء» أو «من» فيه معنى إحاطة الله تعالى بالجهاد بأن يكون كله لله تعالىء وقوله تعالى: «حق »4 الإضافة فيه بيانية» أى الجهاد الحق الذى يكون من غير إرادة الفخرء أو ابتغاء دنيا يصيبهاء وحق الجهاد أن يخلص النفس من أدران الهوى» وإرادة إراقة الدماء» وأن يجاهد المقاتل نفسه أولاء فيقيها عن شهواتهاء ويبعد عنها نزغات الشيطان» وأن يجاهد للحق ورفعته» ويكون الجهاد أحيانا أمام الحكام الغاشمين» ولقد قال النبى محمد عله : «أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»!"2. وإذا قتله يكون خير الشهداء. )١(‏ عن ابن عمر رضىّ الله عنهماء وعن أبى هريرة» عن النبى يلد قال: الدخلت امرأة النارّ فى هرة ربطتهاء فلم تطعمهاء ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض». رواه البخارى: (2)75544 ومسلم (19171) من حديث أبى هريرة رضى الله عنه . (؟) سبق تخريجه. ا( تفسير سورةالحج الللللل الل لولاا اا0ا0اااالللللوولا الل لحر اد وحق الجهاد ألا يرفع السيف فى سبيل الدعوة الإسلامية إلا إذا تعذرت الإجابة بالتى هى أحسنء وإلا بعد البيان» ومحاجزة أهل الباطل بين الدعوة المحمدية والناس» ولذلك كان الجهاد فى الإسلام ليس للشعوبء ولكن لمعسكر السلطان الذى يحول بين الدعوة الإسلامية والشعوبء وإذا وصلت الدعوة إلى الشعوب فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما ربك بظلام للعبيد» فلا إكراه فى الدين» قد تبين الرشد من الغى. ويقول سبحانه مشيرا إلى الحقائق الإسلامية» ومبينا أن الآمة الإسلامية هى المختارة لهذه الدعوة فقال تعالى: هو اجتباكم 4, أى اختاركم من سائر الناس» أى اختاركم واصطفاكم» ونقول هنا: هذا خطاب لكل المسلمين على أنهم الأمة المختارة للتوحيد والدعوة إليه» والجهاد فى سبيله» أم أن المخاطب هم العرب على أساس أن البعثة المحمدية كانت فيهم» وأن الله اختار نبيه منهمء وأنهم الذين حملوا الدعوة» وقد بينا لماذا كان الاجتباء فى كتاب خاتم النبيين. ومعنى لآ اجْتَاكُم4. من الَبْى بمعنى الجمع» يقال: جبى الخراج» بمعنى جمعه» واجتباه» افتعال من جبى» فهو سبحانه وتعالى جمع الناس جمعا كاملاء وخص بعض هذه الجموع بالخير» فكان المجتبى» وإن الله تعالى اجتبى العرب أو المسلمين بعامة. ليكونوا حاملى الدعوة» والمجاهدين ابتداء فى سبيلهاء ومنم المحاجزات التى تعترض طريقها بكل طرق الجهادء وقد قال كَكِ: « جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم. وألسنتكم»7". وقد أشار سبحانه وتعالى إلى أعذار الجهاد» فقال عز من قائل: ‏ وما جعل عَلَيكم في الدين من حرج 4 ومع أن هذا النص يشير إلى أن الجهاد مسفروض على كل القادرين يشير إلى أصحاب المعاذير كالذين فى قوله تعالى: ‏ ليس على الضُعَفَاء ولا على الْمَرَضئ ولا علَى الّذين لا يجدون ما يُنفقُونَ حرج إذَا نصحو لله وَرَسُوله ما عَلَى الْمحْسدِينَ من سبي واللَّهُ فور رَحيم 9 ولا عَلَى الَذِين إذا ما أتوك )١(‏ سبق تخريجه. بها تفسير سورة الحج 0 ظ 1 للب يي" لتحملهم قُلْت لا أجد ما أحملكم عليه تَولُوا وأعينهم تفيض من الدَمَع حرا ألا يجدوا ما ينفقر 69 > [التوبة]. فقوله تعالى: فإ وما جَعل عليكم في الددين من حرج # فيه إشارة إلى أن فرضية الجهاد مرفوعة عن أصحاب المعاذير وقت عذرهم» وهى فى الوقت ذاته قاعدة عامة فى معانى الشريعة الإسلامية» والحرج أصله الضيق بين الأشياء المجتمعة فهو الضيق فى صدور الناس وفى تكليفاتهم. والشريعة الإسلامية جاءت لنفع الناس وجلب الخير لهمء «وخير الدين أيسره)(21, كما روى عنه يله وقد روت أم المؤمنين عائشة عن أعمال النبى يك فقالت ما خير , بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماء ذلك أن الشاق يصعب على المؤمن المداومة» والمداومة تربى فى النفس عادة الطاعة» وتكون لها فى النفس مجار : تثير الخير» ولذلك روى فى الصحيح عن النبى كله أنه قال: «(أحب الأعمال أدومها وإن قل», وروى عنه أنه قال: (إن الله يحب الديمة من الأفعال». ونهى عن التشدد فى الدين» وقال: «لا تشددواء ولكن سددوا وقاربوا». وقد وصل الله تعالى شريعة محمد كذَِلكلٌ بشريعة إبراهيم يم أبى العرب لتقريبها إليهم» فقال: مل أيكم يرام هر سملن قل وي هذا4, «إلة) منصوب على الاختصاصء أى أعنى ملة أبيكم إبراهيم عَيكَاِ» وسمى أبا للعرب» وإن كان أبا لبعضهم؛ وذلك لأن العرب جميعا كانوا يتفاخرون بالانتساب إليه» ولأنه بانى البيت الحرام الذى كان مناط عزة العرب أجمعين» ولأنه أب بالفعل لقريش الذين ابتدأت الدعوة المحمدية فيهم» وكان ذكر هذه الدعوة الكريمة تقريبا وتأليفاء وإدناء من الإسلام» هو سَماكُم المسلمين من قَبْل 4, الإشارة إلى القرآن» وسماهم المسلمين من قبل فى مثل ما حكاه الله تعالى من دعاء إبراهيم ط5إهِ: 9 ربنا واجعلنا )١(‏ رواه الطبرانى ف فى الكبير» عن عمران بن حصين رضى الله عنه» ورجاله رجال الصحيح» ولفظه: حير دينكم أيسره4. مجمع الزوائد (9784) . ها تمفسير سورة الحج 2 الال للللالتت لل لا 27 مسلمين لَك ومن َرِيتنا أمَةَ مُسَلمَة لك ... 403 [البقسرة] وسمى القرآن المسبعين لحمد يك كما قال تعالى : إن الدذين عند الله الإسلام .... 69 > [آل عمران] . قوله تعالى: 8 ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على النّاس 4 «اللام» وما بعدها متعلق بقوله تعالى» 8 وجَاهدوا 4. والمعنى جاهدوا لأجل أن يكون الرسول شهيدا عليكم بأنكم بلغتم وأديتم الأمانة التى أودعها الله ونبيه إياكم» فيشهد الرسول بأنكم أديتموها حق أدائهاء ورعيتموها حق رعايتهاء وإن رسالة نبيكم والقرآن فيهما شهادة للأآنبياء أجمعين ومعجزاتهمء ومن أطاعوا ومن كفرواء وأنتم بهذا تكونون شهداء بأن بلغتم لهم رسالات الله مؤيدة بمعجزاتهاء وأن منهم من آمن ومنهم من كفر. ولأن لهم هذه المنزلة» ومقامهم من رسالة محمد كيه والرسائل السابقة أمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة» فقال تعالت كلماته: ظفَأَقِيمُوا الصّلاة وآتوا لصوا بلهد4, الفا للإتصاح عن شرط سقدر تقديرء إن كانت لكم هذه المكانة» فادرعوا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة» والاعتصام بالله فأمرهم بإقامة الصلاة وقال: 9 فَأَقِيمُوا الصّلاة 4 اثتوا بها مقومة خالصة لوجه الله تعالى بأركانها من ركوع وسجود وقعود خاشعين لله مستحضرين لذاته العلية» إذا ذكرتموه وإذ كبرتم) وآتوا الزكاة #. وقد جمع سبحانه بذلك بين التهذيب الروحى بالصلاة» والتعاون الاجتماعى بالزكاة» ثم أمر بالاتفاق على طاعة الله تعالى فقال: © واعتصموا باللّه 4 الاعتصام الاستمساك» فمعنى الاعتصام بالله الاستمساك به بأن يكونوا مستمسكين بأوامره ونواهيه» ومستمسكين بذاته العلية لا يفكرون إلا فيه» ولا يبتغون غيرهء ويلتفون حول شريعته غير منفصلين عنه» وهو نعم المولى ونعم النصير؛ ولذا خحتم السورة بقوله: © فنعم المَولى 4 الذى تكون له ولاية المؤمن لا يوالى غيره ولا يواد من يحاد الله ورسولهء 9 ونعُم النَصير 4 الناصرء فلا ناصر فى الشدائد» ولا منجى سواه. 4 ينث 2 هى سورة مكية نزلت قبل الهجرة»؛ وعدد آياتها ١١4‏ (ثمانى عشرة ومائة آية)» قيل أنها نزلت بعد سورة الأنبياء» وقد ابتدأت بأوصاف المؤمنين الذين كتب لله تعالى لهم الفلاح والفوز فى الدنيا والآخرة: طقَد أَْلَحَ الْمُؤْسنون (0 الْذين هم فى لتم اعون 2 واي هم ع لمر شرو 0 انه لركة فاطو 0 والّذين هم لفروجهم حافظون (2) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فَإِنّهُم غير ملومين فَمن ابتغئ وراء ذلك فَأُولَك هم الْعَادُونَ (©)4» ثم بين سبحانه أن رعاية الأمانة والعهد من أوصاف أهل الإيمان» وأشار إلى أن الذين وصفوا بهذه الأوصاف هم «الّذين يرِنُون الفردوس هم فيها خَالدونَ 409 . وبين سبحانه أصل خلق الإنسان من سلالة من طين» ثم جعله سبحانه نطفة فى قرار مكين» ثم خلق النطفة علقة» ثم خلق من العلقة مضغة» فخلق من المضغة عظاماء فكسا العظام لحماء ثم أنشآه خلقا آخر 8 فََبَارك الله أحسن الخَالقين 69 ثم نكم بعد ذلك لَيَسَونَ 02 ثم إِنَكُم يوم القيَامَة تَبِعَفُوَ 63 4. ثم إنكم يوم القيامة مبعوثون . ولقد بين بعد ذلك خلق الكون» فأنشأ فوق الأرض سبع طرائق» #وأنزلنا من السّماء مَاء بقدر فَأَسَكَنَاهُ فى الأرض وَإنًا على ذَهَاب به لَقَادرُونَ 4062 ثم بين سبحانه نعمه تعالى فيما أنشأ به الماء من جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه ومنها إن تفسير سورة المؤمنون , لللالاا مالل للا لبه بي تأكلون» ثم ذكر ما أنعم الله به من شجرة الزيتون الى تنبت فى سيناء» وبين نعم الله تعالى فى الأنعام» والعبرة فى أنه سبحانه وتعالى يسقينا ما فى بطونهاء وما فيها وذكر سبحانه وتعالى خبر قوم نوح وكفرهم وما آل إليه أمرهم بعد أن صنع بعدهم قرنا آخرين» وأرسل فيهم رسولا وكذبوه» وكان مأ سوغوه لأنفسهم من كفر أنه بشر مثلهمء وأنه ينذرهم بالبعث» فقالوا: «هيهات هيْهَات لا توعدون (0 إن هي إلا حيَاتنا الانيا نموت ونحيا وَمَا نَحن بمَبِعوثينَ 469 . ورموا رسولهم بالكذب وقالوا: إن هو إلا رجل افر عَلَى الله كذبا وما تحن لَه بمؤمنين 402 فاتجه رسولهم إلى ربه يستنصر به» قال: قال رب انصرني بما كذبون 9 قَالَ عم قَليل لصحن نادمين 460 . ثم بين بعد ذلك ما نزل بهم من عذاب ساحق «فأخذتهم الصيحة بالحق بعد ذلك أشار الله تعالى إلى قصة موسى وهارون وإرسالهما © إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين 2465 استغريوا أن يؤمنوا لموسى وهارون» الكتاب لَعلّهم يهتدون 4)539. وجاء من بعد موسى عيسى ابن مريمء # وجعلنا ابن مريم وأمَه آية وآويناهما إلئ ربوة ذات قرار ومعين 469 . 5 و > رامد ير و 2 وبعد ذلك وجه الله تعالى خطابه للرسل عامة فقال: #يا أيها الرسل كلوا من الطَّيَبَات واعملوا صَاخًا إِنَى بما تعملُون عليم 20) وَإِنّ هذه أمتكم أَمّة واحدة وأنا ربكم فَاتنَقون 406 لنبين بذلك وحدة الرسالة الإلهية» ولكن الناس تقطعوا أمرهم وكل حزب بما لديهم فرحون» واغتر الأكثرون با أوتوا من مال وبنين » «أيحسبون أَنَما اتيم نمدهم به من مال وبين 62 نسارع لَهم فى الْخيْرَات بل لأ يشعرون 425 . ل تفسير سورة المؤمنون ملل لمان 2 لس ا ويذكر سبحانه حال المؤمنين الذين اتبعوا الرسل: إلا لذن هم بن حنسة رتوم مُشُفقون انق © والّذين م بآيات رهم يؤمنون هع وَالْدين هم بربّهم بلا يشركون 9© والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة نهم إلى رهم مراجعون 60 أُوهك يسَارِعونَ فى الْخَيْرَات وهم لَّهَا مَابقون 9 ولا نُكَلْف تفسا إلا وسعها ولَدينَا كتاب ينطق بِالْحَق وهم لا يظلَمْوِدَ 49 . ويبين سبحانه بعد ذلك ظلم الظالمين» وأنهم فى غمرة من هذا القرآن» ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون» وأن الترف هو الذى أفسد نفوسهم «إحتى إذا حََنَا مرفيهم بالعَذَاب ذا هم يَجَأرونَ 69 لا تجأروا ايوم نكم من لا ننصرون 6 قد كانت آباتى تُتلى علَْكُم فَكُسُمْ عئ أَعَقَابكُم َدكصود 9 مُستَكبرِين به سامرا تهجرون 6 0 أَفم يبروا اقول أم جاءهم ما َم يأت آباءهم الأولين © 9 أم لم يَعرفُوا رسولهم فَهم له مدكرون 9 أ يَقُونُون به نبل امهم باحق وأكثرهُم لحي كَارهُونَ 69 ولو الع الحق أهراءهم أفسدات السّموات والأرض ومن فيهن بل أنِيناهم بذكرهم فَهُم عن ذكرهم معرضوت 0 © أم تسآلهم خَرجا فَخَراجٍ ريك حير وهو حير الرازقين 09 وإِنلك لتدعوهم إن راط مُستقيم 0 وذ الذي لا يمون بلآخرة عن الصراط لناكبُود 469 . وإن الرحمة تطغيهم» وكشف الضر يعميهمء «ولقد أَحَدْنَاهم بِالْعَذَاب فَمّا اسْبَكَانوا لربّهم ومَا يَتَصَرّعونَ 469 وإنهم يتحيرون إذا أنزل الله تعالى عليهم عذابا. ومن بعد ذلك يبين سبحانه فضل الإنشاءء وقدرته فى الإحياء والإماتة؛ واختلاف الليل والنهار: «أقَلا تتَقُونَ». بل قالوا مثل ما قال الأولون: طقَانُوا أئذا ما وَكُنا تُرَابا وعظَامًا آنا لبَعُونُونَ 60 لَقَد وعدا تحن وآبَاونا هَذَا من قَبّل إِن هذا إل أَسَاطيرٌ الأوّلين 469 . ش ش يوجه سبحانه وتعالى أنظارهم إلى خلق السموات والأرض وما فيهماء ومن رب السموات السبع والأرض ورب العرش» ومن بيده ملكوت كل شىء وهو يجير 9 ا تفسيرسورة المؤمنون الملل الللو ال 011 جه بي ولا يجار عليه وسيقولون فى كل هذه الأسئلة المنبهة بأنها لله سبحانه وتعالى : 9سيَقولُون لله فل ألا صَفُنَ 0 9 قل من بيده لكوت كل شىء وهو يجير ولا يُجار عليه إن كشم تَعلّمون (62 سيقوُون لله قل فى مُسْحرُوت 9 00 بل أيهم باحق وهم لكاو 0 ما اح اله من ولد وما كان َه من إل إذا لهب كلإ ما لق ولعلا يَعْضْهُم على بعض سبَحَانَ الله عَما ييصفون 9 عالم الغيب والشهادة فتَعَاَى عمًا يشركون 462 . وقد أمر الله تعالى بأن يدعوهم هو ومن تبعه #وَكُل رب إِمًا ترِينى ما يُوعَدُونَ 65 رب فلا تجعلنى فى الْقَوم الظّلمين 69 وَإِنًا علَى أن نرِيك ما تعدهم لَقَادرونَ 46 ويأمرهم سبحانه بالدعوة إلى الحق «بالتى هى أحسن» ولا يحاربهم فى حمقهم عبني من أشن سين نض طب ب يصقوة 69 ولوب أو بك من همات الشياطين 69 وأعود بك رب أن يَحْضْرُون 69 حَنَّى إِذَا جَاء أحدهم الْمَوت قَال رب عدون 9 أعلى أغمل ساًا هما رت كلا نه كة ها وي وذاهم رقع ل ثم يذكر بعد ذلك يوم القيامة» وكيف يبتدئ بالنفخ فى الصور 9قَإِذًا نفخ في الصور قلا أنساب ينهم يومئذ ولا يعسَاءنُودَ 6 », وإن الميزان بعد ذلك يقام لإفمن قلت موازينه َأولك هم المفلحو 0 وم حت مويه وك الذي خَسرًوا نهم فى جهنم خَالدون 05 تلفح وجوههم الاروهم فيها كَاخُونَ 409؛ ويبسين لهم كيف كذبوا بآيات الله ويجيبون مدعين» « قَالُوا ونا غلبت عَلَينًا شقوتنا وكنًا قَوْما ضالين 463 ويتجهون إلى ربهم طالبين أن يخرجهمء وأنهم لا يعردونء فيجابون: لخْسئوا فيها ولا نكَلَمُون 42 . ويبين سبحانه وتعالى فريق الصالحين» وأنهم يعاملون بما قدمواء 9إإِنّهُ كَانَ فريق من عبادى يقولون ريا آنا فَاغِْر نا وارْحَمنا وأنت حير الراحمين 039 فَاتّحتْمُوهم سخريًا حتئ أنسوكم ذكرى وكنشم منهم تضحكون 019 إِنَى جزيئهم الْيومَ بمَا صبروا أَنّهُمْ هم الْقَائرُونَ 469 . تفسير سورة المؤمنون ملم للد م لس > لاا ويبين سبحانه أن أمد الدنيا قصير فى علم الله مهما يطل فى علم الناس.ٍ وإنهم لا يحسون معدود ما يلبشون فى الدنياء ( قَال كم لبنتم فى الأرض عاد سنين 9© قَانُوا لثما يَوْما أوْبَعضِّ يوم فال الْعَادِينَ 69 قَال إن أبعم إل قييلا ُو نكم كنم تعلمود 409 . وقد بين الله تعالى حكمة البعث فقال: «أفحسبتم أَنْمَا لقنا كم عبن وأَنَكم إِلَينَا لا ترجعون 052 ». وختم سبحانه وتعالى السورة ببيان واسع سلطانه» وكفر من يشرك به فقال عز من قائل : ل فَمَعَالَى الله الْملك الْحَق لا إِلَه إلا هو رب العرش اكيم (055 ومن يلاع مع الله لَه آحَرٌ لا ها له به فَإنمَا حسَابهُ عند بهنلا يقلح اْكَافْرون 079 وقل رب اغفر وارحم وأنت حير الرأحمين (552 4090 . 0 تفسير سورة المؤمنون للف 000 سس از معانى السورة المؤمئون حمفا قال الله تعالى: دروا مسن يلد 0 4 92 وو 7 2 310 ا نه و 09 وين - ع ري 0 م : 11 ا 20 و« تيبو سو يحور و ا فإنهم 00 ا لل 0 0 تاتقي كك لكأف وم اه رلامتلتهم وهر عَهْدِيِم عون يي لمعل صَلوتو بحا فظو 16 وُلِككَ أرق 0 يس يري ساح سر الوح لل و جه ألْفْردوْسَ هم فِبَا لدو يج هذه أوصاف المؤمئين حقا وصدقاء وهم الذين يفوزون بجنة الفردوس» ويخلدون فيهاء وهم الذين يفلحون أمام الله وقد أكد فلاحهم بقدء التى لم تستعمل فى القرآن الكريم إلا للتحقيق» وتأكيد القولء. وقد عبر بالماضى» مع أن الثواب بالفور بالفردوس ‏ وذلك لن لتأكد الوقوع , وأنه لا محالة سيكون كقوله تعالى : «أتئ آَم الله قلا تستعجلوه االتحل]. وقد ذكر الله تعالى فى هذه صفات للمؤمنين بها تتنزه نفوسهم وجوارحهم. أولى هذه الصفات النشوع فى الصلاة» وقد قال تعالى فى هذه الصفة: «االّذِين هم في صلاتهم خَاسْعُونَ »4 المشوع: الضراعة وخضوع القلب» ومن إن تفسير سورة المؤمنون ا ملل مم > ا مظهر الخشوع فى الصلاة ألا يلتفت المصلى يمينا أو شمالا بأن يكون كل اتجاهه إلى الله تعالى قلبا ونفسا وإحساساء وجوارح» والخشوع فى ذاته محله القلب» والجوارح مظهره.» وروى عن النبى كَللِلِةِ أنه رأى رجلا يعبث بلحيته فى الصلاة» فقال: «لو خشع قلب هذا الرجل لخشعت جوارحه"". وإن الخشوع يتضمن أن يكون المصلى قد عمر قلبه بذكر الله تعالى» وإذا عمر قلبه استحضر الله فى كل أركان الصلاة وأحس بأنه فى حضرة الله تعالى» فلا يحس بسواه. وابتدأ بهذا الوصف؛ لأنه الطهارة النفسية والقلبية التى هى الأصل فى تربية المؤمن . والصفة الثانية: الإعراض عن اللغوء وقال تعالى: ظأالّذِينَ هم عن اللَغْوِ مُعْرِضْونَ (45 جاء فى مفردات القرآن للراغب الأصفهانى «اللغو من الكلام» ما لا يعتد به وهو الذى يورد لا عن روية وفكر.» فيجرى مجرى اللغا» وهو صوت العصافير» ونحوها من الطيور. . قال تعالى: طلا يَسْمَعُونَ فيها لَغُوَا ولا تَأنِيمًا 02> [الواقعة] . 1 1 وإن سماع اللغو من القول يهون فى النفس الأمور الخطيرة» ويجعلها فى حال عبث ولهو» ومع الإكثار من سماع اللغو تنماع النفس انمياعاء ولا تقوى على تحمل مشاق التكليفات الشرعية» وما تقتضيه من صبرء وضبط نفس» ولا يكون رجلا نافعا أبدا» وتقديم (عن اللغو) يفيد أهمية الإعراض عن اللغوء وأنه لا يعرض إلا عن اللغوء لتكون كل نفسه للجد من الأمور والمشاركة فى الأعمال النافعة» والإعراض يفيد البعد عن اللاغين» وعن مجالسهم. . . ألا فليعتبر الذين يجعلون حياتهم لهوا ولعبا وعبثا. والصفة الثالثة: إيتاء الزكاة» ولقد ذكر سبحانه هذه الصفة بقوله تعالى: والذينَ هم لارّكاة فاعلون 90> . المعروف فى تعبير القرآن الكريم أنه يعبر عن الزكاة بقوله عز من قائل: لوَيُوْنُونَ الرَكَاة4 وهو مناسب لعناها؛ لأن الزكاة عطاءء وفضلها فى إيتائهاء ولكن .10 ج5/‎ :)٠١١0( رواه الحكيم عن أبي هريرة رضى الله عنه. الفتح الكبير‎ )١( تفسير سورة المؤمنون مالل 00 ل - هنا عبر عنها ب (فاعلون). قال الزمخشرى فى هذا أن يعطى» ومعنى من المعانى ينسب للمعطى على أنه فعلهاء فهو قد فعل الأمر المعنوى » وهو أنه أخصرج الزكاة راضيا بالعطاء» ونقول إنه يرشح لهذا المعنى أن الآيات كلها تتجه إلى النواحى المعنوية» لا إلى مجرد الأعمال الحسية» والزكاة لها ناحيتها المعنوية» وهو أن يدفعها طيبة نفسه» راضية يحسبها مغنماء ولا يعدها مغرمّاء وهذا هو الخير فيهاء فإن الأمة تكون بخير ما عدت الزكاة مغنما ولم تعدها مغرماء وأن المعطى لها يغنم من العطاء أكثر ثما يعطيه المعطى له من مال. وإن ذلك يكون أعلى درجات الإحساس بالتعاون الإنسانى والاجتماعى الوصف الرابع العسفة: والمحافظة على النسل؛ وهذا ما عبر الله تعالى عنه بقوله: الذي هم روجهم حَافظُونَ 22 إلا على أزوَاجهم وما ملكت أيمَائهُم نَم عر ملومين 45 . الفروج جمع فرج»ء وهو عضو التناسل عند الرجل وعند المرأة» واللام لتقوية التعدية بسبب تقدم الفروج على اسم الفاعل (حافظ)». وحفظ الفروج يتضمن ثلاثة معان: أولها ‏ معنى الصيانة» فهو يصونها عن رجس الحرام» ورجس الحرام معنوى ومادى. أما المعنوى فهو ما فى الحرام من خيبث يطهر نفسه منه» وأما المادى فهو يكون فى الزنى من تعرض لأمراض خبيثة» هى التى ججاءت من الأوربيين» والتى يسمى بعضها المرض الإفرنجى» ولا مانع من أن نشير إليها عند تفسير الآية» وإن لم تكن معروفة» ولكنها عرفت. فمنزل القرآن هو علام الغيوب. انيها ‏ الاستمساك والتحفظ بالعفة. وألا يرمى ماءه فى غير محله. وليحفظ له نسبه. تفسير سورة المؤمنون اا اللا 2 هه ٠ ىى‎ الثها ‏ التقيد» أى ليسوا منطلقين يلقونها فى أى مكان» وعلى أى امرأة» كل ينزو كما تنزو القردة » وكا حمار ينزو على كل أتان. أَيمَانهم» ولتضمن الحفظ معنى الاستمساك والصيانة» كانت الإباحة متعدية ب (على) فى المستثنى وإلاً على أزواجهم4, لا يرسل نفسه إلا على زوجه أو ما ملكت يمينه » أى أنه مرسل على زوجه أو ما ملكت يمينه وأن التعدية ب «على» جار مجرىقى قولهم: فلانة تحت فلان» أو فلان تحته فلانة» وربما يكون التعبير مأخوذا من الواقع الحسى» وفى التعدية ب «على» إشارة إلى الحقيقة الإسلامية «الرّجال قَرَامُونَ عل اناه ...49 [النساء]. ويصح أن يكون الاستثناء منقطعاء ويكون المعنى وصفهم بأنهم يحافظون على فروجهم فى كل الأحوال» وباستمرار» ولكن على أزواجهم وما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين» ولا يمنع ذلك من جواز أن يكون متصلا. وقوله تعالى: فَإنْهُم غير ملومين» «الفاء» للإفصاح لأنها تفصح عن شرط مقدر مأخوذ من الكلام» أى فإذا كان ذلك «علَئ أزواجهم أو ما ملحت أَيمانهم فَإهِم غير ملُومِينَ4 أى ليس حراماء وفى التعبير بقوله تعالى: «إغير ملومين» إشارة إلى أن والمحكمة والفضيلة. والوطء بملك اليمين حلال؛ لأن فيه تكريما للأمة وإعلاء لمنزلتها كالزوجة. وذريعة لعتقهاء ومنع بيعها؛ لأنها إذا صارت أم ولد حرم بيعهاء وإذا ولدت عتفت . وإن من سار فى غير ذلك وراء شهوته فهو المعتدى. #فمن ابتغئ وراء اذك تأرايك هم ادرف 40 . «الفاء» تفيد ترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى إذا كان الحلال فى هذه الدائر ففيره عدوان على الأسر؛ وعلى المجتمع وعلى النفس» يترتب على التحويم السابق تفسير سورة المؤمنون الللملللا لل لبجل هبر يي منع ابتغاء المحرمات. والابتغاء هو الطلب الشديد الذى يؤدى إلى العدوان؛ لأن الابتغاء افتعال من البغى» والبغى فى ذاته فى معنى التعدى» وأولئك الذين تذحرف طبائعهم. فلا يقفون عند الانحلال يطلبون الشهوات بشدة تؤدى بهم إلى الانحراف عن الجادة» وقوله: #وراء ذلك » أى سواهء وعبر عنه ب «وراء» إشارة إلى أنه انحطاط فى الرتبة» وإلى أنه وراء الإنسانية المستقيمة» وانحراف فى القصد: «فأُولئك هم الْعَادُونَ 4 الإشارة إلى هؤلاء الذين يبتغون غير الحلال؛ والإشارة إلى الموصوف بصفة فيها بيان أن هذه هى علة الحكم» والحكم أنهم عادون, أى ظالمون ومتجاوزون» فقد تجاوزوا حد الحلال وهو واسع: يجوز زواج أربع» والتسرى بمن يشاء من الإماء» وهو ظالم لنفسه بارتكاب الحرام» وظالم لنسلهء وظالم للمجتمع» والظلم مرتعه وخيم» ولااشك أن نكاح المتعة مما وراء ذلك؛ لأنها ليست زواجاء ولا ملك يمين» وبها احتجت عائشة على ابن عباس» وأخطأ الزمخشرى ومن تبعه إذ عدها زواجاء وما هى بزواج» وما سماها أحد من السلف زواجا. الوصف الخامس: مراعاة الأمانة» وهكذا انتقلت الآيات من مرتبة النفس إلى التعاون الاجتماعى إلى إقامة الأسرة على أساس العدلء والمحافظة على النسل» ثم بينت بعد ذلك الأسس التى يقوم عليها التعامل الإنسانى». وهو الأمانة» فقال عز من قائل : «والّدين هم لآماناتهم وعهدهم راعرد 40 . الأمانة: ما يؤتمن عليه الإنسان» والعهد ما يكون اتفاقا بين طرفين يتعهد كل واحد لصاحبهء والمحافظة على الأمانة والعهد من صفات المؤمنين» وخيانتهما من صفات المنافقين» وقد ورد فى الحديث الصحيح «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب» وإذا اؤتمن خان. وإذا عاهد غدر»» وزيدت فى رواية أخرى رابعة., «وإذا خاصم فجر) . ورعاية الأمانة ‏ والعهد القيام عليهما وملاحظتهماء والدقة فى المحافظة عليهماء كما يرعى الراعى رعيته» وقال الزمخشرى فى ذلك: والراعى القائم على ب تفسير سورة المؤمنون الملل مم 7 لاا .. يي" الشىء يحفظه بهمة وإصلاح كراعى الغنم وراعى الرعية ويقال: من راعى هذا الشىء أى متوليه وصاحبه . وإن اللفظ يشمل كل ما يؤتمن عليه الإنسان من مال وشرف» وسر وعرض» وكل ما يطلع عليه الإنسان» ولا يكون من المروءة إعلانه» وكل ما يعاهد عليه» ويكون من البر والخير الوفاء به.» ولقد قرن الله تعالى الأمر بأداء الأمانة بالأمر بالعدلء فقال تعالى: إن الله يَأمْرَكُم أن تَوَّدُوا الأَمَائَات إِلَى أَهلها وإِذًا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل إِنَ الله نعمًا يعظكم به ... 4589 [النساء]ء فأداء الأمانات وإقامة العدل يستقيم بهما أمر الناس» ويتعاونون فيما بينهم من غير شطط ولا مجاوزة للحد. ويكون المجتمع فاضلا . وقرنت خيانة الأمانة بخيانة الله ورسوله» فقال تعالى: #إيا أيها الّذِين آمنوا لا تخونوا اللّهِ والرّسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون 469 [الأنفال]. الوصف السادس: هو المحافظة على الصلاة» وهو غير الخشوع. فالأول وصفهم بالخشوعء وهنا الوصف بالمحافظة عليهاء وكلاهما لازم» ومطلوب» وهو صفة للمؤمن» فالمؤمن يحافظ على الصلاة» ويخشع فيهاء ولكن قدم الخشوع على المحافظة؛ لأن الخشوع لبهاء ولأنه أساس كل الفضائل الإسلامية؛ ولأنه روحانية الصلاة؟ ولأنه امتلاع النفس بهاء» وقال تعالى فى المحافظة عليها: #والذين هم على صلواتهم يحافظرن (3)». والمحافظة على الصلاة تقتضى : أولا المداومة عليها. ثانيا ‏ أداؤها فى أوقاتها. ثالثا ‏ إقامتها بإتيانها مقومة ظاهرة وباطنة» وإن المداومة على الصلاة فى أوقاتها مع إقامتها مصحوية بذكر الله واستحضاره فى قراءتها وقيامها وركوعها وسجودهاء وامتلاء النفس بالخشية تكون مذهبة لصدأ النفوس» يبتدئ يومه بصلاة ا تفسير سورة المؤمنون اللللللل الل الل الل ااال ب بر يي الصبح» ليقبل على اليوم طاهر النفس خاشعا من خشية الله» حتى إذا ابتدأ الصدأ يعلوها بمعالجة الحياة وأعمالها جاءت صلاة الظهرء ثم صلاة العصرء ثم صلاتا العشى؛ المغرب والعشاءء ثم ينام طاهرا مطهراء كما ابتدأ طاهراء والمحافظة على الصلاة فى أوقاتها تجعل المؤمن فى خشية دائمة» وهو مشفق منه سبحانه . تنبيهان : أولهما ‏ أن الأوصاف التى وصف الله تعالى عباده المؤمنين بها كان سبحانه يذكرها مقرونة بعبارات تفيد اختصاصهم بهاء وأنها مقصورة عليهمء وهم مقصورون عليها بدليل اقتران «هم» بكل الأوصاف. افقال سبحانه فى الخشوع: لين هُمْ فى صلاتهم حَاشعُونَ 0 والّينَ هم عن اللَغْوِ معرضون 2 » فهم مختصون من بين عباد الله تعالى من الإنس والجن بأنهم الخاشعون فى صلاتهم» وأنهم وحدهم الذين هم عن اللغو معرضون؛ وأنهم الذين هم للزكاة فاعلون راغبين فى إعطائها معتبرين ذلك مغنما وليس مغرماء وأنهم هم وحدهم الذين يستمسكون بالمحافظة على أعراضهم» وأنهم وحدهم الذين يداومون على الصلوات» وأنهم هم الذين يراعون العهود والأمانات» وإنه فى هذه الأمور يعبر عنهم باسم الفاعل ما عدا الأخير فقد عبر بالمضارع للدلالة على أنه صار لهم صفة. والثانى ‏ ما أشرنا إليه من أن الآية تدل على المباح من العلاقة بين الرجل والمرأة» وهو ما يكون بالزواج أو بملك اليمين» وعلى ذلك تكون المنعة حراماء وتكون داخلة فى قوله تعالى: فم ابتغئ وراء ذلك فَأُولتك هم الْعَادُونَ 9 » وليست زواجاء حتى عند الذين يبيحونها؛ ولذلك احتجت بهذه الآيات عائشة - رضى الله عنها وعن أبيها ‏ على عبد الله بن عباس عندما بلغها أنه يبيح المتعة؛ وهى لا تنوافر فيها شروط الزواج حتى تكونه؛ لأن من شروط عقد الزواج ألا يكون فيه ما يدل على التوقيت. وقد ذكر الله سبحانه بعد ذلك جزاء أولئك المتصفين بهذه الصفات» وهم المؤمنون حقاء فقال عز من قائل: تفسير سورة المؤمنون اللو ا00ااال الل للك 2 سس ا «أولتك هم الْوَارِئُونَ 02 الْذين يَرِنُونَ الفردوس هم فيها حَالدون 409 وهذا المعنى هو الظاهر من العبارات» فإن أولئك المشركين كانوا يحسبون أنهم وحدهم الباقون»؛ لآنهم أكثر مالا وأعز نفراء وبقاؤهم فى هذه الدنيا؛ لأنهم ما كانوا يؤمنون بالبعث» ويقولون أتذا متنا وكنا ترابا أتنا لفى خلق جديد» ويفرضون أنه إن فبين الله تعالى أن أهل هذه الصفات هم الذين يرثون» ويخلفون غيرهم» وأنهم الباقرن» وأن كل متع الآخرة تكونٍ لهم ؛ الأنهم أبقى وسجاياهم تجعلهم أهل النعيم الباقى » ولذا قال عن ميراثهم : « يرون الفردوس هم فيها خَالدون». الفردوس الأرض الواسعة المملوءة بالجدائق الغناع» والمثمرات اليانعات» والجنات المزهرة» وينعمون فيها بخيراتها ومناظرها إذ تجرى من تحتها الأنهار, وينعمون مع ذلك بالخلود؛ ولذا قال تعالى : هم فيها خالدون», والضمير فى «فيها » يعود إلى الفردوس على أساس معناهاء لأن معناها الجنة. آية الله فى خاق الانسان هه 0 0 . 0 0 ل 0 جم 2000 قرع ل سر عنس ل 30 ره خلقناا امُْمَد عَلقَةٌ مَكَقنَ ملك مضئكة فَخَلْقَسَا 29 هه 7 1 دج سس بر سرحعي أمصعة عغظنما مكسوناالْعِظن محمد أنه لقنا 2 00 سل بوم 5 م رو اح له د هه «أخرفسمادك الله ال 0 بعد ذالك - 000 2 تفسير سورة المؤمنون لالم ااال لولاا هوه ”2 يي السلالة: هى صفو الطين هناء والإنسان دخل فى تكوينه صفو الطين مرتين: المرة الأولى ‏ عندما خلق آدم من تراب فكان صفو الطين فى تكوينه» والثانية ‏ أن الطين يدخل فى تكوينه بعد أن صار كيانا إنسيا؛ ذلك أن غذاءه يتكون من النبات والحيوان وكلاهما من صفو الطين؛ لأن النبات ينبت من اختلاط الطين بالماء» والحيوان آكل من النبات؛ فكانت سلالة من طين فيه إمن* فى قوله تعالى: #من سلالة4 هى امن4 الابتداء التى تدل على أن الإنسان يكون من سلالة طين وظمّن» الثانية بيانية» أى من سلالة هى طين. ولقد ذكر سبحانه خلقه بعد أن صار فى أصلاب الآباء» ثم أرحام الأمهات» فقال: نم جعلناه نطفة في قَرآر مُكين 49 . العطف ب «ثم» له موضعه؛ لأنه مر بأصلاب الآباع ثم دفق الماء الذى هو النطفة فى أرحام الأمهات؛ كما قال تعالى فى تكوينه : ( فير الإنسان مم خلق (2) خلق من ما دافقي (5) يخرج من بين الصلْب والثّرائب (© إِنّهُ عل رجمعه لَقَادر (©) يوم تبلَى السّرائر © فَمَا لَه من قُوَة ولا ناصر 69> [الطارق] وقوله: «ثم جعلتاة4. الضمير يعود إلى الطين الذى جعل سلالته أى ما ينسل منه ‏ نطفة. و#جعلناه» هنا بمعنى حولناه فى أصلاب الآباء نطفة هى الماء الدافق الذى ألقى فى أرحام الأمهات» وهذه الأرحام هى (القرار المكين) فالقرار معناه المستقرء ووصف بأنه مكين» أى أنه محكم» ما استقر فيه لا يمكن أن يخرج منه» ووصف المستقر بأنه مكين من حيث إن ما يدخله يكون ثابتاء بل يتربى فى موضعه ويتغذى حتى يحين ميقاته» فوصف الموضع بالاستقرار» والمكانة والثبات مع أن الثابت المستقر هو ما أودعه. كما يوصف الطريق بأنه سائر مع أن السائر هو الماشى فيه. وإن الله الخلاق العليم يجعل الأرحام عندما يدفق فيها الماء يغلق عليه ويتربى فيه» ويتغذى من الدم» حتى يحين ميعاد الولادة» والأدوار التى يذكرها الله تعالى بعد ذلك وهو فى القرار المكين» حتى خلق خلقا جديدا فقال تعالى: ها تفسير سورة المؤمنون لل الل ب را 6 لثم حَلَقَنا النطفة علقة فَحَلَقَنا الْعلقَة مضغة ضغة فخ فَحَلَقْا الْمضعَةَ عظاما فَكَسَْنَا العظام لحما ْم أنشأناه حَلَقا آحَر ارك الله أحسن الْحَالقِينَ 69 4 . العطف ب «ثم» فى خلق العلقة من الماء السائل الأبيض فى موضعه؛ لأنه يكون فى وقت أطولء» إذ إنه يتحول إلى لحمة حمراء» ويتحيز فى مكان بعد أن كان سائلا ليس له مكان متحيز فيه يملأ فراغاء وعبر هنا بالخلق» ولم يعبر بالجعل» لأنه أنشأه إنشاء» إذ إن تحول ما ينسل من الطين إلى ماء هو النطفة تحويل بخلق الخالق؛ ولذا عبر ب «(جعل' التى تدل على الخلق؛ والتصيير والتحويل» بعد ذلك «فَخلقنا الْعَقَةَ مضغة», أى أن العلقة تحولت إلى مضغة» والأصل فى المضغة قدر ما يمضغ فى الفم من اللحمء ويبتدئ فى المضغة تشكيل اللحم وتصويره بالصورة التى تكون عليه؛ ولذا جاء فى سورة الحج: « ثم من مضغة مَحَلَقَة وغيرٍ مخلّقة . .. 42 [الحج] فيبتدئ فى المضغة التخليق» وينتهى بأن يكسى عظاماء والتعبير ب طخَلَقنا4 هنا للإشارة إلى أن ذلك التصيير أو التحويل إنما هو بخلق الله تعالى لا بالسببية التى تحول الجنين من نطفة إلى علقة ثم إلى مضغة:» فإن الله تعالى هو الخلاق العليم الذى ينشئ الشىء» فلا ينشأ شىء بغير إرادته» إنما إرادة الله تعالى وقدرته هى الفاعلة . ثم قال سبحانه: ظفَحَلَفْا الْمضّغة عظاما4 أى بعد أن تخلقت المضغةء وتميزت أجزاؤهاء جعلها الله تعالى عظاما أى جعل من هذه المضغة عظاما صلبة تتحمل. سبحان الله تعالى» طين فماء مهين فقطعة لحم» فمضغة مخلقة وغير مخلقة» ثم قال تعالى: «إفكسونا العظام لحما»4. أى جعلنا العظام التى خلقت من المضغة ‏ مكسوة باللحم» وظاهر أن ذلك بخلق الله وتكوينه» ابتدأت بماء مهين» ثم بقطعة لحم ثم بمضغة قدر ما يمضغه الإنسان» ثم بتخليقهاء وجعلها عظاما ثم يكسو العظام باللحم» ذلك بقدرة العليم الحكيم وخلقه. وهنا نلاحظ أن العطف كان بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب»؛ فى قوله م سرام م وس تعالى : لفَخَلَقَنَا المضغة عظامًا فَكَسَونًا العظام لخُما»؛ وذلك للدلالة على سرعة تفسير سورة المؤمنون الالال لج يي التكوين مع تفاوت هذا التكوين» أو التحول بإرادة الله تعالى وحدهء وبذلك يتبين أنه سهل يسير عليه وأن إعادته تكون أيسرء وما خلق الإنسان بأكبر من خلق السماء والأرض. اوأما قوله تعالى فى سورة الحج: « يا أَيهَا الئاس إن كنم في ريب مَنَ الْبَعث فَإِن خلقناكم من تراب نم من نُطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلّقة وغير مخلّقة بين كم وثقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من توف ومنكم من يرد إِلَئ أَرذّل العمر لكيلا بعلم من بعْد علّم شَيْعًا ...42 . وكان العاف ب «ثم) لا ب «الفاء»؛ لأن السياق لييان المراحل» كما قال سبحانه : نين لَكُم 4 وقد اقتضى هذا أن يكون العطف بما يدل على التراخى» وإن ذلك نسبى» فهو بالنسبة لنا تراخ حقيقىء» إذ إن تكون العلقة من النطفة يحتاج إلى زمن» وإن كان عند الله يسيراء فأيامنا عنده أزمان قصيرة» وإن طالت عندنا. وقال تعالى: ثم أُنشأنَاه حَلْقَا آخَر>. أى أوجدنا فيه حالا غير الأحوال السابقة» فقد خرج إلى الحياة طفلاء ثم بلغ أشده ومنهم من يتوفى» ومنهم من يرد إلى أرذل العمر؛ لكيلا يعلم من بعد علم شيئاء وقد جعل الله تعالى لهم سمعا وبصرا وأفئدة» وبذلك صار إنسانًا سوياء وأرسل إليه الرسل فَضَل من ضل واهتدى من اهتدى» وكل هذا أشار إليه سبحانه وتعالى بقوله عز من قائل: ثم أنشأتاه حَلْقَا آخر» وكان العطف ب «ثم» له موضعه؛ لأن ذلك الخلق الآخر أخذ أدوارا مختلفة. وكلمة لإآخر» تشير إلى أنه وصل إلى حال هى غير الطين وغير العلقة وغير المضغة» بل إنه خلق كامل» وقد قال فى ذلك الزمخشرى: طخَلْقَا آخَر». أى خلقا مباينا للخلق الأول مبايئة ما أبعدها حيث جعله حيواناء وكان جماداء وناطقا. وكان أبكم» وسميعاء وكان أصمء وبصيراء وكان أكمهء وأودع باطنه وظاهره» وكل عضو من أعضائه» وكل جزء من أجزائه عجاتب قدرته» وغرائب حكمه لا تدرك بوصف الواصف» ولا بشرح الشارح . #فتبارك اللّهِ أحسن الخالقين» «الفاء» للإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر معناه إذا كان الله هو الذى خلق ذلك الخلق فتبارك الله أحسن الخالقين» وروى أن بم تفسير سورة المؤمنون الل 7 ههه : يي عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل عندما سمعا الآية من قوله: «ولقد لقنا الإنسان من سلالة من طين * إلى قوله تعالى: ظثُمَ أنشأنَاهُ حَلقَاآخَر», قالا: ظفْحبَارك الله أحسن الخالقين» فقال النبى ليد : هكذا أنزلت27 ونحن له تر ضى هذه الرواية» ولكن ذكرناها؛ لأنها تنبئ عن أن هذه الجملة السامية ثمرة طيبة للخلق السابق. #فتبارك4 معناها تسامى فى البركة وعلاء حتى لا يناهده أحد فى خيره الدائم» وإأحسن الخالقين4, أفعل التفضيل ليس على بابه إنما معناه أن خلق الله تعالى وصل إلى أعلى درجات الحسن». بحيث لا يناصبه حسن قطء وحقا لقد خلق الله الإنسان فى أحسن تقويم» كما قال تعالى: للَقَد حَلَقَنا الإنسان في أحسن تقوم 42 [التين]. وإن نهاية هذا الإنسان فى الدنيا هى الموت» ولم يخلق عبثّاء بل يكون بعد الموت البعث؛ ولذا قال تعالى: «إثم نكم بعد ذلك لميتون (02 ثم إنكم يوم القيامة تبعثون (463 . العطف ب «ثم» فى موضعه؛ لأن مؤداه أنهم بعد خلقهم فى أحسن خلقة, ومنهم من يرده الله تعالى إلى أسغل السافلين» ويستمرون إلى أجل مسمى» ضلوا فيه أو اهتدواء أخلصوا دينهم لله أو كفرواء وبعث فيهم الرسل مبشرين ومنذرين إنهم ‏ بعد هذا الدور لليتون» وقد أكد سبحانه موت الناس مع أنه واقع مشاهد كل يوم يموت ناس ويولد ناس » وكان التأكيد ب «أن» وباالحملة الاسميةء» وباللام وبالوصف» «ميتون» وكان ذلك التوكيد لكيلا يغتر الناس بغرور هذه الدنياء» وأنها إلى فناء مهمأ طالت» وأن الحياة الآخرة هى الباقية الخالدة فى سعادة ونعيم » أو فى شقاء ومتحيم . وفى التعبير بالوصف #ميتون» إشارة إلى أن حياتهم فى الدنيا كأنها الموت لأنه يترصدهم 2 فلا يغتروا بغرورهاء وبعد الموت يكون البعث» ولذا قال تعالى : )١(‏ رواه الطيالسى» وابن أبى حاتم وابن مردويه) وابن عساكرء» وهو صحيح . كما فى كنز العمال(/701/419): تفسير سورة المؤمنون لللاااللللو الل لل جح وب_رة يي «إثم إنكم يوم القيامة تبعنون *. كان العطف ب (ثم) له موضعه ؛ أن الأجسام تبقى فى القبور أو حيث تكون فى أجزاء أخرى كما قال تعالى : لل كونوا حجازة أو حديدا 0 أو حَلْقَا مما يكبر في صدوركم فَسَيقولُونَ من يعيد يعيدنا قل الذي قطركم أول مر ...4069 وقد أكد سبحائه وتعالى : البعث لأن الله تعالى لم يخلقنا عبثاء وقال عز من قائل: «أفحسبتم أَنَّما خَلقناكم عبثًا وأَنّكم إَِينَا لا ترجعون 4002 . أكد الله سبحانه وتعالى البعث ليعظم إنكارهم لهء ولقد بالغوا فى إنكاره كشأن الذين لا يؤمنون إلا بما يحسون ولا يؤمنون بالغيب» وأكده سبحانه ب «أن» وأبدع , وخلقه فى الإنشاءء دليل على قدرته على الإعادة. خلق الكون ونعم الله على الانسان قال تعالى: 02 ولْقَد حَلَقَنَافو 4 سبع طرا ١‏ هه 72 56 أ :3 0200 و أ و03 ا ال ور 0 مأءيقدَ سكن رت 2 «جط ير 2 هم يد لكو ج سانا لك ب وى حال جَتَتِمن يِل وا عن َك مود 7 2 0 ريه ركه كر ة ومنها تأ كلور لوا وشبجرة تحرج ون 0ك ا سور طُو سينا صنو ج10 + م ف ث2 ًَّ 0 ال لي ماق وها وكوي ا مم ير حم سر سه ص سر سس سس ل ارح ره سهان طون ني وَعَكَاوعَلَالْماقٍ 5 بم تفسير سورة المؤمنون ااال 2 بحيب بر في بعد أن بين الله تعالى خلق الإنسان» وما فيه من عجائب تدل على قدرة الله تعالى - جل وعز ‏ أخذ يبين سبحانه وتعالى خلق ما هو أكبر من الإنسان» وما فيه حياة الإنسان ومعاشه» وما هو مسخر له فى السموات والأرض فقال تعالى: 8 ولقد حَلَقَنَا فَوَفَكُم سبع طرائق وما كنا عن الْخَلْق غَافلِينَ 409 . الطرائق جمع طريقة» وهى هنا بمعنى مطروقة من طرق النقل من حيث إنها مسالك» ومن طرق الخوافى فى الطير» بمعنى أن كل طبقة منها فوق الطبقة الأخرى» وطرائق السماء أفلاكهاء إذ كل فلك فوق الفلك الآخر وكل مربوطة بأرسان”' من الجاذبية والنواميس الكونية» بحيث تكون متماسكة؛ كل نجم وكوكب فيها مشدود بالآخرء كأن حبلا أو سلكا يمسكه» وفسر بعض علماء الفلك هذا النص السامى بأن سبع طرائق سبعة أفلاك لكل سماء طريق يجرى بما فيها من الأقمار والنجوم . وقوله تعالى: وما كنا عَنٍ الْحَلق غَافلين4 أى أن هذه الطرائق بما فيها من كواكب ونجوم مسخرات بأمره سبحانه يجرى كل تحت رعاية الله تعالى وعينه» وهو القائم على كل شىء يسيره بأمره سبحانه إنه عليم خبير «ألا بعلم مَن خَلَقَ وهو الأُطيف الْخبير 469 [الملك] . ونفى سبحانه وتعالى الغفلة عن ذاته العلية» وهى منفية بحكم علمه الكامل ولكن كان نفى الغفلة كناية عن كمال عنايته بخلقهء وأنه يمسك السموات والأرض أن تزولاء وأن كل الوجود تحت رعايته وعنايته» وأنه يسير بأمره» وعلى مقتضى إرادته النافذة» وحكمته العالية . وصيغة النفى تدل على أن الغفلة ليست من شأنه تعالى؛ لأنه نفى الكينونة بقوله تعالى: #وما كنا عن الْخَلْقَ غَافلينَ4, أى ليس من شأننا أن نغفل عن خلقناء بل نحن قائمون عليه مراقبون له محافظون عليه. )١(‏ أرسان جمع رَسّن» وهو الحبل. 60 تفسير سورة المؤمنون اللللللل الا ااال 0 أ زا ولقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك نعمه على خلقه فى صلة الأرض بما فوقهاء فقال تعالى: « وأنزلنا من السّمَاء مَاء بِقَدَرفَأسْكَنَاهُ في الأرض وإنّا علَئ ذَمَابِ به قَادرونَ (402 . يمن الله عليناء وله المن والفضل» بأننا نعسيش فى الأرض برخحاء» ونجد حاجاتنا منها موفورة» وأسبابها قائمة بقوله: طوأَنزْلنا من السّمّاء مَاء بقدر». أى بمقدار مصلح للأرض على أن يكون غيثا لا عتياء فالمطر الزائد كالسيل الجارف لا يكون غيثا بل يكون عتياء ويهدد الله به الظالمين من الناس» كالسيل الذى أغرق قوم نوح» فقوله تعالى: #بقدر» أى على القدر الذى تعنيه الحاجات» ويكون إصلاحاء ولا يكون فيه فساد للزرع والضرعء ويقول سبحانه: لفَأْسَكَنَّاه في الأرضٍ» أى جعلنا فى الأرض مستقرا له كأنما يسكنهاء كما يأوى الآوى إلى مسكنه. وذلك أن ما تنزله السماء قسمان: قسم عارض ممطر يغيث فى وقت الجدب» ولا ينزل بانتظام كالمطر الذى ينزل بالاستسقاء» كما كان النبى وَكلْةِ يستسقى» ومن بعده أهل الصلاح والتقوى» وقسم يجرى فى أنهار ويسلك ينابيع الأرض فى عيون» وهذا يسكنه الأرض» كنهر النيل» فإنه ينزل على الجبال» وفى البحيرات التى تمد وهذا يبدو كأنه الساكن فى الأرض» وإن كان فى سير دائم من متبعه إلى مصبهء وهذا وأشباهه يوجد الخصب والنماء بإذن الله تعالى» ومن الناس من اعتقد أنه دائم لا يغيض» ولذا قال تعالى: 8 وإنَا علّئ ذَهَابِ به لَقَادرونَ © أى إنا على إذهابه لقادرون» والباء للتعدية» ولقوة الإذهاب كقوله تعالى: «ولو شاء الله ذهب بسمعهم وأبصارهم» [البقرة]» وإن مثل الأنهار العيون» فهى ينابيع فى الأرض قد اخمتزنتها الأرض فى جوفها وهى لله هفل أرب يتم إن أصبح ماؤكم غَورا فَمِن يَأتيكُم بماء مُعينٍ #462 [الملك] . وقد قال تعالى فى بيان بعض نعم الماء: ها تفسير سورة المؤمنون مائللا 2 7 كك 1 يي قاد تك ب جنات بن حمل أب لفيا فواكة كخيرة ومن تَأكلوت 469 [الأنعام] . الفاء عاطفة» وانشأناء خلقنا بإنشاء جديد لا بمجرد التوليد لشىء من شىء» فإن إخراج الحى من الجامد ليس توليدا مجرداء إنما هو إنشاء لمخلوق جديد» واقرأ قوله تعالى: ل إن الله قائق الْحَبّ والتوئ يحخرج الحي من الْمَيّت ومخرج المَيِت من الحى ذلكم الله فَأَى تؤفكون 69 > [الأنعام] ثم يقول سبحانه : « وهو الّذي أنزل من السّمَاء مَاء فَأَخْرجنا به تبات كل شيء فَأَخْرجنا منه خضرا نُخْرِجٍ منهُ حبّا مُتراكبا ومن النّخْلٍ من طَلعها قنوان دانية وجنات من أعتاب والريتون والرمَان مشعبها وير متشابم انظروا إلى مره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون 4065 [الأنعام]. وقوله تعالى: من نُخيلٍ وأعناب». من هنا بيائية» فهى بيان لنوع الجنات» «وأعناب4, جمع عنب» وجمعه لأنه أنواع مختلفة فالأعناب بكل أنواعهاء خلقها الله تعالى وأنشأها إنشاءء ولم تذكر الحبوب؛ لأنها كانت قليلة فى مكة وما حولهاء وإنما كان النخيل والأعناب فيهاء وفى الطائف القريبة منها وهذان النوعان النخيل والأعناب» فاكهة يانعة يتفكهون بهاء وغذاء طيب يستغنون به عن كل الأطعمة» فإذا كان عند الرجل نخلة وناقة» فعنده الغذاء الموفور من التمر واللبن» ولذا قال تعالى: ظلَكُم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون». أى إنها فاكهة وغذاء» فالعنب يؤكل رطبا وزبيباء والبلح يؤكل رطبا وبسراء وهو أنواع وذكر سبحانه وتعالى نوعا ثالثا من الأشجار» وهو الزيتون» فقال تعالى: فوج فطع م وو ست قل بض رصي لكا 40 . الواو عاطفةء» #شجرة» معطوفة على #وجنات»., أى أنشأنا شجرة» وقال المفسرون جميعاء إنها شجرة الزيتون وهى شجرة مباركة» وتنكيرها لبيان فضل خيراتهاء و#من4 للابتداء أو بمعنى (فى)» والمعنى شجرة تخرج مباركة فى طور م تفسير سورة المؤمنون اال اللا رب أ سيناء؛ والطور هو جبل الطورء والمراد كل سيناء» وعرفت بأكرم مكان فيها؛ لأن فيه تجلى الله على موسى كليمه» وهى أرض مقدسة من الأراضى التى شرفها الله تعالى بتقديسهء وقد أقسم الله تعالى بهاء فقد قال عز من قائل: «والتين والزيتون (2) وَطُورٍ صينين (© وَهذا الْبلَّد الأمين 40 [التين] فقرنها فى القسم بالبلد الأمين بيت الله الحرام» وكان ذكرها لتوجيه الأنظار إليها وعدم تركها لقتلة الأنبياء وفسقة الأرض» وليس لليهود أن يطلبوا تراث موسى أو ما خلفه؛ لأآن أحق الناس بموسى عليه السلام محمد وله ومن اتبعه» فلو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعه. فإن يهود هذا الزمان ومن قبلهم مقطوعون عن موسى - عليه السلام - قد قتلوا الأنبياء؛» ولأن شريعة محمدوَقة قد نسخت شريعة التوراة» وما جاء به موسى إلا ما أبقاه القرآن الكريم كشريعة القصاص. وإن ذكر طور سيناء منسوبة إليها شجرة الزيتون» لتوجيه عقول المسلمين إليهاء إذ الزيتون شجرته فى كثير من أرض الله تعالى» وقد وصف الله تعالى شجرة الزيتون بقوله: #تنبت بالدهن وصبغ للآكلين», أى تنبت هذه الشجرة المباركة مصاحبة للدهن» أى تنبت وقد أودعها الله تعالى الدهن» وإن الذى ينبت هو أخشاب الشجرة» ولكن لأن الدهن خلقه الله تعالى فيهاء وتفيض به جعلت كأنها أنبيتت الدهن ذاته» أو أن الدهن نبت مع أخشابهاء والدهن هو الزيت» وإن فيه شفاء للناس» وقد وصف الله تعالى شجرته بأنها مباركة فقال تعالى فى سورة النور: «اللّه نور السّموات والأرض 05 نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجَاجة الزجاجة كَأنْها كوكب دَرِي يوقّد من شجرة مباركة زيتوئة لا شرقية ولا غربية يكَاد زينها يضيء ولو لم تمسسه نار ثور على نور يهدي الله لنوره مَن يشَاء ... 462 [النور]. والصبغ» وهو إدام الطعام» وإنه يؤخذ من زيتون الشجرة إذا لم يعصر زيته إدام للطعام» يسهل تناوله» وذكر سبحانه بعد ذلك نعم الله تعالى التى تجىء ثمرة للنبات الذى أنتجه الله تعالى بالماء. م نفسير سورة المؤمنون للا اال الل 2 لأس 5 ( ود كم في نَم بره فيكم سم في مُطُونها وكُمْ فيها مام كديرة وها تأكلون 09> . الأنعام: جمع نعم وهى الإبل والبقر والغنم» وما يشبهها فيما يؤدى مؤداها ما يزلل للإنسان» ويكون تحت سلطانه» ويطوع لإرادته» وأول ما حكم به سبحانه أن فيها عبرة أى اعتبار بدلالتها على خلق الخالق وقدرته وإبقائه على الإنسان. فهى حيوان مسخر للإنسان» ومع أن له إرادة» وإن لم تكن عاقلة. وكونا مستقلا» سخره الله تعالى للإنسان مطوعة له مستأنسة له. وذكر من هذه العبر ما فى درها من لبن يسقينا إياه رب العالمين» ولكم فيها منافع ) فيتخذ من أصوافهاء وأوبارها وأشعارها أثاثاء ويتخذ من جلودها بيوتا وأخبية» «إومنها تأكلون» أى نأكل لحمها فهو حلال طيب» فحياتها كلها خير تدر لبناء ويؤخذ منها أثاث» وبيوت ومساكن» ولحمها يؤكل» وكل هذه نعم يجب علينا شكرهاء ولا يصح أن نكفر بهاء ونشرك بالله تعالى المنعم ؟ إذ شكر المنعم واجب بحكم العقل والإيمان. ويقول سبحانه وتعالى: «وعليها وعلى الفلك تحملون 469 . الضمير فى «إعليها» يعود على الأنعام» وليس معناه أن كلها يحمل الإنسان ومن المؤكد أن بعضها وهو الإبل يتخذ للحمل حتى سموا الإيل سفينة الصحراء» وقد قال ذو الرمة فى الإبل: سفيئة بر تحت خدى زمامها. ولذا ذكرت وراء الإبل من الأنعام الفلك» فإن الفلك تجرى بقدرة الله تعالى حاملة الأمتعة والمنافع من الشرق إلى الغرب. رابطة الأقاليم فى الأرض بعضها إلى بعض» فهى التى تنقل خيرات الأرض بعضها لبعض . تفسير سورة المؤمنون حب اا من أخبارالرسل قال تعالى: أرَسَلْتَاهوحًا! 1 هم 00 0 0 2 0 7006 0 ا لم ا آ تك لالشر مر بدأن نض عل حكم ور سه ره ل مي يه سب عم دودو ه أ 3 رو ى حوالحاين 0 0# 1 0 وَوَحسَافَاذاصاء مرا ا نات فاون 8 سس ساح سام ل م قأخه حكل زوبين| دين وا حك إِلَامَنصبَقَ سك عد القوَلُ - ور #4 هه نهم وى وال طكموإممفرفو 2 ِذَاأستوتَ َو مكلاب هلمعلا مد الى جنا مع سه سيره 0 ع العو ين جا ول لمرلا مارك وات حير مين :نكا لمن ري قص الله تعالى بعد ذلك قصص النبيين تسلية للنبىكَكيلَة» وتعليما له وبيانا لتشابه إجابة الكافرين؛ مما يدل على موطن الشك فى قلوبهم الذى ينادى بها إلى الكفر» وظلم النبيين» وإنكار الحقاتق التى تؤيدها الفطرة» وإنهم إذ يتشابهون فى الكفر قد تشابهوا فيما يتذرعون به من إنكار»ء كما أن دعوات النبيين واحدة فى تفسير سورة المؤمنون لل ا لللل الل ممالل 2 لح اة ابتدائها وهمى الدعوة إلى عبادة اللّه تعالى وحذه) وهذا نوح الأب الثانى للبشرية يقول الله تعالت كلماته فيه: «ولقد أَرسَلَْا نوحا إِلَئ قومه فَقَال يَا قوم اعبدوا الله ما لكم م من إل غَيْرَه أفَلا تتَقَرنْ 49 . ناداهم مقربا لنفوسهم متلطفا معهم فى القول: ايا قَومِ اعبدوا اللّه» ابتدأ بذكر أنهم قومه الذين ألفهم وألفوه. وجربوهء ولم يعهدوا عليه كذباء وما أشبه هذا بقول محمد كلِلَةِ فى أول دعوته لقريش : «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقى؟ قالوا: : نعم؛ ما جربنا عليك إلا صدقاء قال: فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد"" قال نوح لقومه : ( يا قوم اعبدوا الله أى وحده فلا عبادة إلا له وحده؛ ولذا قال بعد ذلك «ا ما لكم من إِلَهِ غيره» «مْن» لاستغراق النفى » أى ليس لكم أى إله غيرهء» فلا ألوهية إلا له سبحانه وتعالى» وحرضهم على الطاعة» وخلع عبادة الأوثان» فقال: #أفَلا تتّقون». الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى ترتب على الأمر بعبادته سبحانه وحده وبطلان عبادة الأوثان التى يعبدونها أن يطلب منهم محرضا تقوى الله واتقاء عذابه» والفاء مؤخرة عن تقديم لأن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام للتنبيه» والتحريض على اتقاء العذاب» كما قال النبى كَلِيّ لقومه فى أول دعوته: "إن نذير لكم ب بين يدى عذاب شديد. وإنها للجنة أبدا أو النار أبدا)7 . هذا كلام نوح ‏ عليه السلام ‏ فى دعوته قومه»ء وقد بينا أنه يتشابه مع دعوة النبى يله قومه» وقد كان جواب قومه بعد أن دعاهم عليه السلام مشابها لإجابة قريش لمحمد كَلكِيٌ بعد أن أمعن فى دعوته» قالوا له عليه السلام: َفقَال الْمَو اين كَفَروا من قومه ما هذا إلا بشر متلكم يريد أن يتفضّل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنًا الأولين 49 . )١(‏ رواه البخارى: تفسير القرآن إوأنذر عشيرتك الأقربين# (47917) وبنحوه مسلم: الإيمان فى قوله تعالى: عشير قر بحو م فى فو «وأنذر عشيرتك الأقريين» 79 7) من رواية ابن عباس رضى الله عنهما. () سبق تخريجه. الا تفسير سورة المؤمنون الل ١ كا‎ تي كانت إجابتهم إجابة من فوجئ بأمر لم يألفه ولم يعرفه» وكذلك كانت إجابة أهل مكة للنبى يَدِ قالوا أولا ‏ لما هذا إلا بشر مَعْذُكُم4. كذلك قال أهل مكةء قالوا: اما لهذا الرسول يأكل الطَّعام وَيَمّشِي في الأسواق4 [الفرقان]ء وقالوا ثانيا - #يريد أن يتفضّل عَلَيِكُم4 أى يطلب الفضل عليكم بالرياسة والسلطان» كذلك قال أبو جهل أحد زعماء الشرك وأطغاهم ؛ فقد قال فى سبب كفره: تنازعنا وبنى عبد مناف الشرف» اطعموا فأطعمناء وسقوا فسقيناء حتى إذا تحاذينا على الركب قالوا منا نبى» فأنى يكون لنا ذلك» والله لا نؤمن به أبد. وقالوا ثالنا - ولو شاء الله لأنزل ملائكة 4. أى لو شاء الله أن ينزل رسالة من عنده لأنزل بها ملكا يخاطبناء كذلك طلب المشركون أن ينزل عليهم بالرسالة ملك» «إوقانوا ولا أنزل عليه ملك ولو أَنزلا ملكا لُقَضِي الأمر ثم لا ينظرون (2) 0 ولو جعلناه ملكا جَعلنَاه رجلا ولَبَسنا عَليْهم ما يُلِْسُونَ 420 [الأنعام] . وقالوا رابعا فى رد دعوة نوح للتوحيد: «إما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين», أى إنهم لا يتبعون إلا ما كان عليه آباؤهم» كما قال تعالى عن مشركى مكة» «بل بع ما ينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلوت شيا ولا يهمَدونَ 659 4 [البقرة]» وهكذا نجد رد قوم نوح عليه السلام يشبهه تماما رد المشركين على النبى كَكلْةّ» وقد كانت نتيجته أن أهلك الله تعالى الكافرين من قوم نوح» وكان عليهم أن يتوقعوا مثل ما نزل بقوم نوحء» لولا رحمة الله» عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله» بل أن يكون منهم من ينصر الحق» ويجاهد مع المجاهدين. ولقد استمرت دعوة نوح عليه السلام إلى الحق» واستمر عنادهم» ووصفوه بأنه مجنون» وأنهم ينتظرونه حتى يفيق . ف( إن هو إلا رجل به جنة فترئصوا به حت حين (462 . «جنة4 بكسر الجيم» أى ما هو إلا رجل به جنون لقَتَرَبُصُوا به» الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى إذا كان به جنون فتربصوا به حتى حين» أى إلى حين تفسير سورة المؤمنون لل ااال 22 جل يبرن ١ بىي‎ يستفيق ويرشدء والتربص انتظار زوال أمرء أو مجيئهء أى انتظروه حتى يفيق» أو يعرض عن هذه الدعوة. وكذلك قال قوم محمد كَِلَيِْةّ فقالوا مجنون» وقالوا إن كان الذى يأتيك رثيا من الجن بذلنا من أموالنا ما نكشفه عنك» وهكذا تشابهت أقوال الكفار لأنها تنبع جميعا من نفوس غير مؤمنة» وتشك فى القول الحكيم المرشد. يئس نوح من إيمان قومه أو الأكثرين منهم» وقال له الله تعالى: #وأُوحي إلى نوح أنه آن يمن من قَومك إلا من قَد آمن فلا تبس بما كَانوا يَفْعلُونَ )> [هود] فاتجه إلى ربه ضارعا طالبا النصرة. ل قَال رب انصرني بما كدَبُون 469 . أى قال: انصرنى عليهم لأنهم كذبونى ودفعهم تكذيبهم إلى الفساد. وقال: «وقال نوح رب لا تَدرْعلَى الأرض من الكافرين دارا 55 إِنّ إن تَدرْهُم يُضْلُوا عبّادك ولا يلدوا إلا فاجرا كَقارًا 409 [نوح]. وهنا نجد الفارق بين نوح عليه السلام» وخاتم انببيين محمد وكاو فبينما نوح يدعو لهلاك الكافرين من قومه ويخاطب ربهء فيقول: فنك إن تذرهم يضلُوا عبادك لَايْلدُوا إلا فاجرا كقَارًا 09> [نوح]» يقول خاتم النبيين صاحب الرسالة الأخيرة الباقية: (إنى لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحذده لا يشرك به شيعا)7" . استجاب الله تعالى لدعاء نوح» ودبر له الأمر لينجو نوح ومن آمن معهء وما آمن معه إلا قليل» وقال تعالى: ( فأوحينا إِيه أن اصنع الفلك بأعيدنا ووحينا ًا ججاء من وَارَ الور فَاسلُك فيا من كل جين انين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهُم ولا تُخَاطيِي في الذين ظَلَمُوا إنهُم, مغرقُون 469 . )١(‏ متفق عليه» وقد سبق تخريجه. تفسيرسورة المؤمنون اخلاااااااامالمان)ا الل لكالا لل تاللا لا ةطلاخم خخ اللا لط املاط لالتلا ١ ااا‎ ١ -- أوحى الله تعالى إلى نوح أن يصنع الفلك لينجو فيه من أراد الله تعالى نجاته وهم الذين آمنوا وأهل نوح الذين لم يكفرواء أن تفسيريةء لمعنى الإيحاء الذى أوحى به إلى نوح عليه السلامء فقوله: اصع الفلك بأعيننا ووحيتا», أى اصنع الفلك برعايتنا ورقابتناء كمن يكون تحت العين والبصرء ولا يعد ذلك تأويلاء بل إنه ظاهر اللفظء من غير تأويل» فلا حاجة إلى ما قيل إن هذا تأويل كقول الخلف» ولا إلى القول بآن لله عينا ليست كأعينناء كما يُدّعى أنه قول السلف (راجع فى هذا رسالة الغزالى: إلجام العوام عن علم الكلام). أى أن صناعة الفلك كانت برقابة الله - تعالى - ورعايته ووحيه فى البناء والتصرفاتء #وفَار التُور» الفْرنُ الذى يخبز فيه الخبزء والتعبير عن سبب سير السفيئة الذى يقترن بسيرها بقوله تعالى: لوَقَارَ التو فيه ما يشير إلى أنها كانت تسير ببخار الماء» وقد أشرنا إلى هذا المعنى فى سورة هود. «فاسلك فيها من كل زَوجَين», أى أدخل فيها من كل صنفين زوجين ذكر وأنثى» واسلك بمعنى أدخل هى فى اللغة» ومن ذلك قوله تعالى: «إما ملّككم في سقر 469 [المدثر]ء أى ما أدخلكم فيهاء وقال تعالى: « وأهلك», أى أدخل أهلك إلا من سبق عليه القول بهلاكهم لآنهم كافرون» وقد خاطبه نوح فى شأن ابنه كما جاء فى سورة هود إذ قال نوح ‏ عليه السلام - إشفاقا على ابنه:, «إن ابني من أهلي . [هود]ء فقال الله تعالى له: 9 إِنّه ليس من أهلك إن عَمَل غير صالح . * [هود]. وقوله: «إمن سبق عليه القول» وهو الحكم عليهم بالهلاك» ولذا تعدى بعلى وقد التفت الله تعالى حكمهء من بعد ذلك إلى نوح ومن معه مذكرً لهم بعد أن أغرق الكافرين» فقال مخاطبا نوحا: « فَإذَا اسْمَوَيت أنت ومن مَك عَلَى الفلك فقل الْحَمَد للّه الّذي نَجَانَا من القوم الظّمينَ م6 > . استويت» أى تمكنت واقتعدت أنت ومن معك مقاعدكمء ظالْحَمَّد للّه الذي نجَانا من القَوم الظَالمين 4 وإن ذلك يدل على أن قوم نوح قد ساوروه بالأذى وإرادة تفسير سورة المؤمنون لال 0 سس ا يي إهلاكه وقومه؛ حتى أمر بأن يحمد الله تعالى على نجاته منهم وقد كانوا ظالمين» وهذا كقوله تعالى: «فقطع دابر الْقَوم اين ظَلَموا وَالْحَمَد لله رب العالمين 4069 [الأنعام]» وهكذا أمر الله تعالى نوحا بأن يحمد الله تعالى إذا استوى كما قال فى سورة هود: «وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرسامًا إن ربِي لَغفُور رحيم 407 [هود]ء كما أمره سبحانه وتعالى أن يدعو الله فى قابل أمره شاكرا حامداء فقال تعالى: «إوقل رب أنِلني منزلا ماركا وأنت حير الْمَِلِينَ 09 . الخطاب لنوح عليه السلام» وصوره: : ب طرب» للإشارة إلى أنه إذ نجاه لا يصح أن يلجا إلا لعنايته وكلاءته وحمايته «أنزلني مزلا مبَارَكَا4 المنزل هنا بمعنى المصدرء لا بمعنى المكان. أى أنزلنى إنزالا فيه خير وغماء وبركة. بأن يثبت الله تعالى قلوب الذين آمنوا على الحق. وقد رأوا بأعينهم عاقبة الذين ظلموا أنفسهم بالكفر ومعاندة الحق» وقد بارك سبحانه من مع فجعل منهم ذرية الخليقة فكان بحق الأب الثانى للإنسانية» وقد أثنى على ربه بما هو حقه. « وأنت حير المنزلين» أى أنت الذى تنزل منازل أعلى ما يكون الإنزال المبارك . وقد بين سبحانه وتعالى العبرة فى هذا قصص المحكم الخاص بنوح وقومه» فقال عز من قائل: طن في ذلك لآيات وإن كنا مبتلينَ 69 4 . أى أن فى ذلك القتصص الخاص بنوح وقومهء وكيف أرهقوه من أمر الرسالة عسراء لآيات وعبر للذين يستبصرون» ويدركون أن الأمور البالية يتعرض أصحابها للمشقات من أهل الباطل والضلال» وقد كان إحجام الضالين أولا لأنه بشر مثلهم» ولأنهم ينكرون البعث ولا يؤمئون به» ولانه اتبعه الضعفاء والفقراء الذين ازدرتهم أعين المستكبرين» وهكذا مما ابتليت به أنت» وكانت الآية الأخيرة أن الله تعالى أغرقهم» وقطع دابر الذين ظلمواء وفيه آية سامية فى علوها وهى أن الزلفى عند الله باحق والإيمان به لا بالقرابة فهذا ابن نوح كان من المغرقين مع أنه أقرب الناس إلى نوح . وإن من فضل الله تعالى وشأنه أن يعامل الأخيار معاملة المختبرين» ولذا قال تعالى : «إوإن كنا لبَْلِينَ 4 إن هنا هى المخففة من الشقيلة» وإنها ضمير الشأن» تفسير سورة المؤمنون الل 7 كك .. يي والمعنى» وإن الحال والشأن للذات العلية #كنًا لمبتلين4, و(كان) تدل على الدوام» واللام واقعة فى خبر إن عميزة لهاء ومبتلين خبر كناء وهى اسم فاعل» لا اسم مفعول» أى إن الخال والشأن أن نعامل الأبرار معاملة المختبرين لكى يعرف خيرهم » ويظهر استحقاقهم للثواب» وإن المخير لا يأتى عفوا سهلا ميسراء لا بد له من من جهادء وعلى قدر الجهاد يكون الثواب» وكان حقا على محمد يَدكِْةٌ أن يجاهد المشركين » ولا ييأس من نصر الله ولله ورسوله الغلبة والعزة. الرسل بعد نوح لاقوا ما لاقى ال علي كم بحرن 072 سلاف رسولاء ل متهأ ناصدُوأ 2 عر آذ هر عليز لعز انج رك1 يكزي لذبن كفروأ وَكدَبويلِمَاءِ ارق وا رعو فيكفيرة ةيا ماهد يلوا لمانا ونه وَسَشْرَبرِنًا تيون وي وَلَينَ 0 لَخَتيِرُونَ ج2 إي31 ]اث يمرن وَعطما نووت 8 1ش د الدنيَاتم ب ثُوَحبَومَايسُو يه إن هو الال أفرى علا حك زباوما نحن لهديموه نيت لي َالّرَتٌ صرف يما كو دن اعمال ك2 كَأَمْدَ ضيح هلحي لحي بلكو كام بد عدا لْلمَوْوِ 0 إن تفسير سورة المؤمنون الالالال ل ب(إزجهم ييه يي ذكر الله تعالى نبذة صغيرة من قصة نوح عليه السلام مشيرة إلى سائرها الذى ذكر مفصلا فى سورة هودء وهى موذج قرآنى لقصة الذين كانوا بين نوح ومحمد يَكدّه من الرسل» فى تكذيب أقوامهمء ونوع هذا التكذيب» فهم يحسبون أن الرسول لا يكون بشرا يأكل ما يأكلون» ويشرب مما يشربون» ويحسبون أنه لا بعث ولا نشورء وأن الأتباع يكونون من الأقوياء لا من الضعفاء الأذلين فى زعمهم الفاسدين» وفى ذلك بيان أن ما ينزل بمحمد من بلاء الأقوياء المستكبرين هو صور من صور ما لاقاه النبيون من نوح. فعليه الصبر كما صبر أولو العزم من الرسل . قال تعالى : « ثم أَنشأَنًا من بعدهم قَرنًا آحَرِينَ 469 . العطف بثم لتطاول الزمن بين نوح» وبين من جاءوا بعدء والقرن جماعة من الناس» وذكرهم سبحانه وتعالى بالمفرد ولم يذكرهم بالجمع» لتشابه أحوالهم فى نوع إنكارهم . وما يدعون إليه رسلهمء فكانوا كقرن واحدء وليسوا قرونا متعددين» وكلمة «آخرين», أى ليس هم قوم نوح» وإن كانوا على شاكلتهم. وكفروا كفرهم. وضلوا ضلالهم. ولم يذكر سبحانه من هم هذا القرن» ولا شك أنه جاء بعد نوح عاد وثمودء ومدين» وأرسل لهم رسلا آخرين دعوهم إلى ما دعا إليه نوح عليه السلام» من توحيد» وإيمان بالبعث والنشورء وأن الثواب للمؤمنين» والعقاب للظالمين» ولم يذكر الله تعالىٍ بالتعيين هؤلاء الأقوامء دإذ لم يقصص القرآن قصصهم فقد قال تعالى: «منهم من قُصصنا عَلَيِك ومنهم من لم تقصص عَلَيِكَ 400 [غافر]. وإن أهل هذه القرون أُرسل إليهم رسل فقال تعالى : ل فَأَرسلْنَا فيهم رسولا منهِم أن اعبدوا الله ما لَكُم مَن إِلَّه غَيْرَه قا تَقُونَ 49 . فى هذا النص أنه سبحانه وتعالى أرسل إليهم رسولاء مع أن الذين جاءوا بعد نوح رسل فى أقاليم مختلفة» وفى قرون متوالية» رسولا بعد رسولء» وربما يكونون عذدة رسل فى جيل واحد. كإبراهيم ولوط» وكموسى وهارون» ولكن أفرد ذكر الرسول؛ لآأنهم جميعا جاءوا برسالة واحدة وهى التوحيد» والإصلاحء فهم وإن تفسير سورة المؤمنون ال لل حب ا تعددوا هم كرسول واحدء وذكرت الدعوة بالصيغة التى ذكرت بها دعوة نوح عايه السلام : «أن اعبدوا الله ما لكم من إِلَه غيره أقلا د تتقرن »4 و طأن» هنا تفسيرية؛ لأن ما بعدها تفسير ل #فأرسلنا», أى أرسلناهم بأن يقولوا اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. أى ليس لكم من إله أى إله غيره» «أفلا تَقرون», وقد تقدم ذكر معناها قريبّاء ولقد ذكر سبحانه أن الرسول منهم يعرفونه ويألفونه» ويكون من أوسطهم نسباء وأعلاهم مكانة» ولقد كان رد قومه عليه - وهو مثل من الرسل الذين جاءوا بعد نوح ‏ كرد قوم نوح فقال تعالى عنهم: ١‏ وَقَال الْمَاةُ من قومه الّدينَ كفروا وكَدَبوا بلقاء الآخرة وأَنرشَاهم في الْحيّاة الدنيا ما هَذَ إلا بَشَر مَتَكُم يكل مما تَأَكلُونَ منه ورب مم تشربوت 49> . 1 1 وصف الله الذين كفروا وكذبوا بثلاث صفات هى الصفات الملازمة لمعارضى الأنبياء ومعانديهمء الصفة الأولى: أنهم من الملأ» أى من أشراف قومه وبطانة الرؤساء والكبراء» وليسوا من الضعفاء ولا الفقراء والعبيدء الصفة الثانية: أنهم كذبوا بلقاء الآخرة» لا يؤمنون بالبعث والنشور؛ لأنهم استغرقتهم المادة» فلا يؤمنون بالبعث» ولا يصدقون إلا المحسوس الذى يرونه» ومن لا يؤمن إلا بما يحس فقلبه أعمى وعقله فى ضلال؛ وهو كالأنعام بل اضل سبيلاء وقوله تعالى: «وكذبوا بلقاء الآخرة» من إضافة المصدر إلى ظرفه.ء أى اللقاء الذى يكون فى الآخرة» وهو لقاء الحساب والعقاب والثواب» ولقاء ملائكة العذاب» أى أنه يلقى كل فى الآخرة كل ما هو شقاء مرهوب. والصفة الثالثة: قوله تعالى ِوََئْرفَْاهُمَ في الْحَيّاة الانيا» والترف التوسع فى النعيم» وأترفوا فى الحياة الدنيا معناها وسع لهم فيهاء ونالوا نعيمهاء وذكر «الحياة الدنيّا4 إشارة إلى أنهم ينعمون فى الحياة الدنياء ولم يلهموا شكر النعمة فيها؛ لأنهم لو ألهموا الشكرء لوسعت عليهم النعمة فى الدنيا والآخرة. وذكر الإتراف فى هذه الحياة الدنيا؛ لأن الترف فيها لا يجعلهم يعملون للآخرة؛ إذ تلهيهم أموالهم وأولادهم عن العمل للآخرة» كما قال الله تعالى تفمسير سورة المؤمنون الللللللا 00 1 ههه < يي" للكافرين : #ألهَاكم التَكائْرَ 0 حت رتم الْمعَابرَ 40 [التكاثر]؛ ولأن الترف من غير إيمان يجعل النفس مائعة غير جادة إلا فيما يعنى جمع المال؛ ولأن كثرة المادة تمنع إدراك معانى الإيمان لآن المادة تستغرق الإدراك. وأساس الإيمان هو الإيمان بالغيب» وبما وراء الحمس. ولا يكون ذلك إلا بقلب مملوء بالرحمة والمعانى الإنسانية السامية . د هذه الأوصاف نجد سبب إنكارهم أنه بشر مثلهمء فيقولون فى تكذيبهم: «ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تَشربون» فهم أولا يحكمون بالمثلية لهم؛. وفى ذلك إشعار بأنهم ينفسون عليه مكانته من النبوة دونهم». وأن ذلك يومى بحقدهم عليه وحسدهم له على ما آتاه الله تعالى من فضلهء ووضحوا هذه المثلية بقوله تعالى عنهم: #إيأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون» فأقيستهم مادية صرفةء ولا يؤمنون بمعنى من المعانى العالية» ولقد قرروا خسرانهم إن أطاعوا بشرا مثلهمء فقال تعالى حاكيا عنهم: لا ولكن أطْعتم بشرا منْلَكُمْ إِنَكُم إذا خَاسِرونَ 49 . أكدوا من فرط حسدهم خسرائهم إن أطاعوا بشرا مثلهمء وأكدوه بلام القسم. وبالقسمء وبالتأكيد فى الجواب ب «إن» وبلام التوكيد الواقعة فى جواب (إن)» وإنهم فى زعمهم يخسرون مكانتهم فى قومهم وشرفهم المزعوم فى قبيلهم» وسلطانهم فى أقوامهمء ويصيرون تابعين لثلهمء وهم المتبوعون فى أقوامهمء وذلك كله غرور الترف» وفساد المقاييس » وسيطرة المادة . ويذكرون بعد ذلك أشد ما يدعوهم استنكاراء وهو وعدهم بالبعثء. فيقول ( أيعدكم أَنْكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما نكم مخرجون 469 . كانت المادة الأأولى لإتكارهم التى سوغت كفرهم أنه بشر مثلهمء ثم كانت المادة الثانية أنه ايعدهم بأنهم سيبعشون ء قالوا مستنكرين ومستبعدين : « أيعدكم نكم إذا متم وكنتم ثرابًا وعظامًا أَنَكُم مُخْرَجُونَ» الاستفهام للإتكارء أى استنكار هذا الوعدء لإنكار الواقع فهو فى معنى التوبيخ للنبيين على هذا الوعد الذى وعدوه. والذى هو جزء من رسالتهمء ويذكرون سبب الإنكار فى أمرين تفسير سورة المؤمنون الملل بولح يز بي أولا- أنهم ماتوا. والثانى - أنهم صاروا ترايا وعظاما بالية» وهى رميم» وإن ذلك يجعل الإعادة فى نظرهم مستحيلة ؛ لأن الأرواح زهقت بالموت» والأجسام بليت» ونسوا أن الذى بدأهم وأنشأهم من العدم كما قال سبحانه: «كما بدأكم تعردون لفق [الأعراف]» وأن الذى فطرهم أولا هو الذى يعيدهم ثانية . ويزيدون فى استبعادهم أو إنكارهم أنهم مخرجون من دفائن القبور إلى ظاهر الوجودء وكل ذلك من سيطرة المادة. « هيهات هيهات لا توعدون 69 4 . « هيهات4 يقول النحويون: إنها اسم فعل ماض بمعنى بعدء وقد أكدوا البعد بالتوكيد اللفظى بتكرار الكلمة» كما أكد الاستبعاد باللام فى قوله تعالى: #ما توعدون» فكأن مضمون الكلام البعد المؤكد لما توعدون» أى الذى توعدونه من بعث ونشور وعقاب وحسابء كاللام فى قوله تعالى: # هيت لك ... 49 [يوسف] وهكذا قد غشيت المادة تفكيرهم» حتى صاروا لا يفكرون إلا عن طريقهاء ويستبعدون بأهوائهم» ولا يفكرون بعقولهم» ويؤكدون إنكار البعث» فيقولون كما حكى الله تعالى عنهم بقوله: إن هي إلا حيَائا الدثيًا نموت وتحيا وما نحن بمبعوثين 4690 . فصلت هذه الجملة عما قبلها؛ لأنها فى معنى البيان لهاء وتوكيدهاء وقد انتقلوا من مرتبة الإنكار» إلى مرتبة ادعاء النقيض وادعاء أنه لا حياة بعد هذه الحياة فقالوا: «إن هي إلا حياتًا الدنْيَا4 فإن نافية» ففى الجملة نفى وإيجاب» وهذا يفيد القصرء أى لا حياة إلا هذه الحياة الدنياء والدنيا مؤنث أدنى» أى هذه الدنيا القريبة وليست الحياة البعيدة #هي4 - تفيد التوكيد» إذ مضمونها أن هذه الحياة وحدها. إل تفسير سورة المؤمنون لل الل اال مامالل 2 كا ١‏ في «#نموت ونحيا» أى يولد من يولد» ويموت من يموت» ويحيا بالميلاد من يموث »2 ولا يعود) ويولد من يولد فيحيا ثم يموت». ولا عود لمن مات» ولذا حكى عنهم أنهم يقولون: «وما نحن بمبعوثين» أكدوا النفى بالباء» وينفى الوصفء أى ليس من شأننا أن نبعث؛ لأن من مات لا يعود؛ ولأنه لا تحيا العظام بعد أن صارت رميما. بعد هذا الإنكار الذى من شأن الذين كذبوا بلقاء الآخرة ينتقلون من مرتبة « إن هو إلا رجل افترئ على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين 462 . الافتراء: الاختلاق؛ لأنه افتعال من فرى بمعنى قطع» أى أنه قطع واشتد فى اختلاق الكذب» بما قال من قول بعيد عن معقولهم وأهوائهم» وادعوا أنه افتراء الكذب على الله تعالى» وهو أعظم الافتراء» 9إن4 نافية» وبعدها الاستثناء فهو نفى وإيجاب» ومعنى ذلك أنهم قصروا حال الرسول على افتراء الكذب على الله تعالى» وكأن عبارتهم فيها نوع تحقير لرسولهم» إذ يقولون: لإإن هو إلا رجل» من غير أن يذكروا أسمه» أو رسالته» ويحصرونه فى الافتراء عليه سيحانه» ثم يردفون ذلك مؤكدين كفرهم «وما نحن له بمؤمنين», أى ما نحن بمذعنين لقوله ولا مصدقين به» ولتضمن الإيمان معنى الإذعان والتسليم عدى باللام» أى ما نحن كان كلامهم هذا إيذانا بالإيذاء. وقد هددوه» ولذا ينجه الرسول إلى من أرسله. فيطلب نصره: « قال رب انصرني بما كذبون 469 . انجه الرسول» وهو أى رسول جاء بعد توحء. فهم فى معاندة الكافرين لهم والتجائهم إلى ربهم بسبب صورة واحدة تكررت فى القرون التى جاءت بعده عليه تفسير سورة المؤمنون الالالال لا هه : 6 السلام» تبين طبائع بعض الناس فى تلقى الحق» وتبين صبر الرسل» وبقاء العنت من أقوامهم. ونادى ربه الحافظ الكالئ الحامى. #«انصرني بم كَذَبُون 4 أى التكذيب» وما تبع التكذيب من إعنات وإيذاء» ومقاومة عنيفة آئمة» فطلب النصرة لا يكون من التكذيب المجرد» إنما يكون مما يصحبه ويكون ملازما له. أجابه ربه بأن نصره قريب فقال له: قلعن يادي 40 . «إعما» هنا لتأكيد القول» ولبيان القلة الزمنية التى تكون حتى ينزل عليهم عذاب الله الساحق الماحق» أى عن قليل من الزمن متجاوزين عنه أى تاركين له أى قلة فى غيهم يرتعون لْيصبحن نَادمِينَ» على كفرهم وعلى عنادهم. وصدهم عن سبيل الله بعد مقاومتهم للحق . وقد تأكد نزول العذاب بهم بمؤكدات. فأكدأولا ب «ماك المؤكدةء وثانيا - بالقسم. وثالثا ‏ لام القسم. ورابعا ‏ نون التوكيد الثقيلة» وقد بين سبحانه كيف نزل بهم العذاب» فعبر عن أمر الله بعذابهم بصيحة أرجفت أرضهم وديارهم. وجاءتهم بريح صرصر عاتية» فقال: « فََحَدَتَهم الصيحة بالحق فجعلتَاهم غناء فبِعدا للقَرْم الظَلِينَ 40 . «الفاء» عاطفة على القسم السابق جاء ما بعده فوره» أى بعد زمن ليس ببعيد فى علم» والصيحة بالحق هى إرادة الله التى تكون بالحق دائماء فهى كناية عن إرادة الله تعالى التى لا يتخلف حكمها ساعة من زمان» وكانت هذه الإرادة تتجلى فى رجفة تجعل عالى الأرض سافلهاء أو تدكدك الديار» أو بريح صرصر عاتية» كما فعل الله مع قوم لوط وعاد وثمود. وقوله تعالى: فَأَحَدَتْهِم الصّيْحَة 4 تعبير مجازى مؤداه أنه نزلت بهم آثارها التى أرادها الله تعالى بهم وقد شبهت الصيحة بسبع: التهمهم وأخذهم؛ لأنها لم شق منهم ولم تذر» وقال تعالى: «فجعلناهم غنّاء » الفاء عاطفة على «قأحذتهم», بم تفسير سورة المؤمنون الال 2 > اا أى أن هذه أمور متعاقبة من غير تراخء والغثاء الأشياء التى ليس لها كيان ولكن تبدو كأنها شىء موجود له كيان جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى فى مفردات القرآن» الغثاء غثاء السيل والقدرء وهو ما يطفح ويغرق من النبات اليابس» وزيد القدرء ويضرب به المثل فيما يضيعء ويذهب غير معتل به» ويقال: «غثا الوادى غثواء وغثت نفسه تغثى غثيانا غثيت»2. ومؤدى هذا القول: أن أولئك الذين كانوا يحسبون أنهم كجلاميد الصخر فى عنفهم وعنادهم وإيذائهم قد صاروا شيئا ليس له كيان» وإن كان لهم كيان» فهو لا يبقى زمانين» بل كان رغاء» يعلو وينتفخ ويزول بنفخة واحدة» وقال تعالى: «فبعدا قوم الظالمينت» الفاء للإفصاح» أى إذا كانوا قد صاروا غثشاء فقد بعدوا وهلكوا فبعدا وهلاكا لهم والبعد ضد القرب» والبعد لغير أوبة هلاك وموت؛ لذا يقال: اابعد) بكسر العين بمعنى مات وهلك» كما قال تعالى: كما بعدت تُمود 462 [هود]» أى هلكت» وأظهر سبحانه فى موضع الإضمار لبيان أن ذلك كان بسبب ظلمهم لأنفسهم» وللناس» وللحقائق» ولتدليهم فى الشرك فعقابهم قصاص من ظلمهم» وما ربك بظلام للعبيد القرون من بعدهم قال تعالى 1 ا تُمَافْمَأْنامنْبعدهرقروياء لحري لا اينم دَأْلَهَاوَمَ سرون 0 سلا رسلناتترا و مادصو كدو تنا تيد و ا مقت ا سنا موس ١‏ م واحاه هرون عا الات هلرور سََِاوسلْطنمِين 2 ِل فرعوت- سَ وَمَلايُوء تفسيرسورة المؤمنون الالال لسر اا أستكره قلي( نالأ يها وَعَرَمَههمًا عيذ( كوا فُكَا مرحأ سس م مي الكتب انركذي وكا 00 111 سر آ ريل ا ال بن مام وأمددء 52001111111 م4 للترتيب والتراخى» وقد ذكرت هنا للإشارة إلى أنها مهما تتطاول الأزمنة» فإنها متعاقبة» لا يخلو جيل من رسولء وقد توالت النذرء وطأنشأنا» معناها أوجدنا بعد عدم (الفاسقين) الظامين قبلهم قُرونا». أى أجيالا آخرين, يجيئون جيلا بعد جيل» يخلف كل جيل ما قبله» والقادر الحكيم العليم هو المنشئّ لها جميعا. وإن كل جيل أمة واحدة تجىء فى ميقاتها تعقب من سبقهاء ويسبق من بعدهاء والدنيا لا تقف حتى يقضى الله أمرا كان مفعولاء وحتى يبعث الله من فى القبور. «إما تسبق من أُمة أجَلَها وما يُستأَخْرُونَ 4065 . الأجل الوقت المعلوم المحدود لهاء فلا توجد أمة قبل ميقاتها تجىء فى وقت» « وما يستأخرون». أى ما يطلبون تأخير وقتها فتزيد فى عمرهاء بل إن ما حده الله تعالى» هو الواقع فى حدهء وعاد الضمير إلى الأمة بضمير الجمع العاقل للإشارة إلى أن الأمة مجموعة العقلاء المدركين المكلفين» المخاطبين من الرسل» وإن حد زمن كل أمة محدود برسولها الذى بعث بخطاب الله تعالى لهاء ولذا قال تعالى ذاكرا رسلهم المرسلين إليهم فقال: تفسير سورة المؤمنون الل لل لوللا 52-8 نم أَسلنا سلا ترا كلَ ما جاء مه رُسُولهَا حَدبُوه فَأتبعنا بعضهم بعضا وجعلتاهم أَحَادِيثْ فبعدا لوم لا يؤمنون 469 . ذكر لثم4 هنا كما أشرنا لتطاول الأزمنة» وقوله تعالى: #تثرا» أصلها وترى» والألف للتأنيث كما قال الزمعخشرى أو للإلحاق» وهناك قراءة بالتنوين» أى تتراء والمعنى واحد»ء أى أرسلنا رسلنا وتراء» أى واحدا بعد واحد كل ما جاء أَمة رَسَولهًا كذبوه» ومجىء الرسول لأمة هو مجىء دعوته ورسالته التى كلفه اللّه تعالى بتبليغهاء فليس مجىء الرسول مجىء شخصى مجرد» إغا مجيئه بوصف كونه رسولا من الله تعالى» وبهذا الوصف يكون مجىء الرسالة» والتكذيب له فى هذه الرسالة مع أنه فى كل الأحوال معروف بالصدق بينهم » ولا يختار الرسول إلا من الصادقين أهل الأمانة . #فأتبعنا بتعضهم بعضا» الضمير يعود إلى المكذبين» والإتباع إنما هو إتباع المكذبين بالإهلاك أى بعضهم فى الهلاك يتبع من سبقوه» فتوالى الإرسال» وتوالى المحود» وتوالى الهلاك من بعد ذلك» وقد صاروا بعد الهلاك المتعاقب أحاديث تذكر للعبرة والاعتبار» و(أحاديث) اسم جنس لحديث. والمعنى أنهم بعد هلاكهم المتوالى فى العصور والأزمان صاروا أحاديث للناس يعتبر بها من يعتبر» ويستبصر بها من يستبصرهء ويتلهى بها من يتلهى بأخبار الأولين . «فبعدا لقوم لا يؤمنون», أى فهلاكا لقوم لا يؤمنون» أى ليس من شأنهم والهلاك المترادف تكون الدعوة بالهلاك للذين لا يؤمنون» ويتجدد كذبهم آنا بعد آن. وبعد أن ذكر سبحانه تتابع الرسل فى أرض العرب» أشار سبحانه إلى أنبياء )١(‏ قرأها بالتنوين : ابن كثير وأبو عمروء ويزيد: أبو جعفر المدنى» وقرأ الباقون بغير تنوين. غاية الاختصار؟/ 6084. ا تفسير سورة المؤمنون لل اللو للفلل الل ١١ لاا‎ |: يي ف( ثم أَرسلْنَا موسئ وأحَاه هارون بآياتنا وَسلْطَان مُبينِ 62 إِلَى فرَعَوَك وَملّعه فَاستكبروا وكانوا قَومَا عالينَ 462 . العطف ب «ثم» التى للتراخى لبعد الزمان وبعد المكان» وللانتقال من قوم متشابهين إلى غيرهم.ء ذكر الله تعالى رسالة موسى وهارون؛ لأن الله تعالى استجاب لموسى عندما دعا ربه أن يجعل له وزيرا من أهله. هارون» وقد خاطبا معا فرعون ذا الأوتاد عندما لقياه. أرسلهما الله تعالى بآياته» وقد بلغت تسعاء طوَسلْطَان مُيينِ» أى بحجة باهرة» فالسلطان فى لغة القرآن يطلق على الحجة؛ ولآن الحجة سلطان الداعى 'وقوته» ولا قو ةلمن لا حجة له ولو كان فرعون. ووصف الله تعالى السلطان بأنه «مبين4؛ أى واضح بين من حيث الحجية؛ إذ إنه غير قابل للنقض» ومعلوم معروف؛ لأنه غير قابل للإنكار. وقد ذكر الله تعالى من أرسل إليه موسى وأخاه هارون فقال: «إإِلَى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قَومًا عالينَ 46 . فرعون فى عصره كان طاغية الدنياء وكان المصريون قد استسلموا له وكان ملؤه حكام مصر يحكمون بطغيانه» ويسولون له كل ما يفعل» ويسوغون له ما به يعلو ويسرف» وباسمه عتوا عن أمر العقل والمنطق والحق» بعث الله تعالى موسى وهارون إلى هؤلاء وكل يعتز بعزة فرعون, وكانوا يستفتحون بعزته» فكانوا من منطق الوقائع» لا من منطق الحق والعقل مستكبرين؛ ولذا رتب على حالهم أنهم مستكبرون فقال: «فاستكبروا4, و(الفاء) فاء السببية» أى بسبب هذه الطغواء استكبروا وكانوا قوما عالين» أى مرتفعين عن الناس» لا فى ذات أنفسهم » بل بحكم واقع الحكم والأمور التى تسير سيرا مطرداء وهم يعلون فى أنفسهم ادعاء وغلوا وطغيانا لا يستمعون إلى الحق» ولا يصغون إلى داعية» يغالون فى رده ولقد قال تعالى : ل إن فرعون علا في الأرض وجَعل هلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبّح أبناءهم ويستحبي نساءهم | إِنَّهِ كَانَ من المفسدين (2)* [القتصص]ء وقد ذكر الله تعلى مضمون ردهمء فكان كرد غيرهم» وهو استبعاد أن يكون الرسول مثلهم» تواضعوا فى ذكر هذه اللمثلية . ل تفسير سورة المؤمنون الالال > ا فَقَاُوا أَنْؤَمن لبَشرَين ملا وقومُهُما لنَا عَابدُودَ 469 . الفاء عاطفة ما بعدها على طفَاسْتَكبَرُوا4. وقولهم «أنؤمن لبشرين مثلنا» الاستفهام هنا للإنكإر بمعنى النفى مع الإنكار الشديدء فالمعنى لا نؤمن ولا نذعن لبشرين مثلناء وقد» سببوا كفرهم بسببين. أولهما ‏ أنهما مثلهم فى البشرية» وكأنهم تصوروا أن الرسالة الإلهية لا تكون لبشرء وقد لفوا فى هذا لف غيرهم من المشركين الذين مر ذكرهم. والثانى - أن قومهما ‏ وهم بنو إسرائيل ‏ لهم عابدون» أى خاضعون خضوعا مطلقا قد استذلوهم وذيحوا أبناءهم واستحيوا نساء هو وعبدوهم» كما فرض فرعون على المصريين أن يعبدوهء وقال لهم: لما علمت لكم من إِلَهِ غرِي . .. #4600 [القصص]» ومهما يكن فهم كانوا يعدونهم دونهم» كما يعد القوى دائما الضعيف الذليل دونه قدرا ومكانا. لفَكَدَبوهمًا فَكَانوا م من المهلكين (462 . «الفاء» للإفصاح» والمعنى إذا كان ذلك قولهم فقد كذبوهماء وكفروا برسالة موسى - عليه السلام ‏ مع توالى الآيات المشبتة لرسالته» ومع غلبه عليهم» جمعوا الجموع من المدائن حاشرين» ولذلك كانوا مهلكين» ولذا قال تعالى: «فكَانوا من المهلكين * أى فرعون وملؤه وجيوشهء فقد فتح البحر لبنى اسرائيل؛ فكان كل فرق كالطود العظيم » فسار فرعون وملوه وجنده فانطبق عليهم» » فكانوا من المغرقين» ونجا المصريون الذين لم يكونوا من ملته ولا من جنده. وإن حكم فرعون كان يقوم على إرادته المنفردة» فما أراده فهو قانون» يفرض بالقسر والقوة» فعندما بعث فيهم موسى بين لهم أن القانون من اللّه» لاا من فرعون وأشباهه» وأنه أتى لهم بهذا القانون فى التوراة» ولذا قال تعالى: لوَلقَد آنينا مموسى الكتاب لَعلَّهم يدون 469 . أكد الله تعالى أنه أعطاهم كتابا ينظم العلاقة بين الناس بعضهم مع بعض» والعلاقة بين الحاكم والمحكوم» وينظم الأسرة» ويقيم العلاقات بين آحادهاء وأكد إن تفسير سورة المؤمنون امم م ممم م !ااا لاضن لازا أل اناالا لا مغ ان كاذ انا لاا طن ااا الالال لل للك ط طلسم ممالا لالط خ ططخم شار لحب نا سبحانه وتعالى إيتاء موسى هذا الكتاب الذى يعد دستور الحكم لأرض مصر وغيرهاء ويقيد فرعون وغيره» ويكفه عن طغيانه» جاء موسى بهذا من عند الله تعالى فى عصر لم يكن يعرف إلا حكم الطاغوت من فرعون وأشباهه من طواغيت أهل مصرء «لْعلّهم يهتدون»4, أى رجاء أن يهتدوا إلى العمل الصالح» وأن يعرفوا ما لهم من حقوق إنسانية» وما عليهم. من واجبات» وتنظم بها العلاقات بين الناس على أساس من العدل والحق . ويجب أن ننبه هنا إلى أن الذى بين أيدينا ما يسمى كتب العهد القديم ليست هى توراة موسى» بل نسوا حظا مما ذكروا به» وزيد فيها أحاديث ما أنزل الله بها من سلطان بل هى أساطير الأولين. وبعد موسى جاء أنبياء ينفذون أحكام التوراة التى كانت صادقة:ء كداود وسليمان وأيوب وغيرهم» ثم جاء من بعدهم عيسى عليه السلام» ولذا قال تعالى: وجعلنا ابن مريم وأمّه آية وآويتاهما إلى ربُوة ذات قَرار وَمَعِين 49 . أى صيرنا ابن مريم وأمه آية» أى معجزة خارقة للعادة» وعرف عيسى بأنه ابن مريم لبيان أنه ليس له أب» وأن مريم ولدته من غير أب» وكان بذلك هو وأمه آية خارقة لمجرى العادات» ذلك أن مجرى العادات فى الأسباب والمسببات أن الولد يكون من نطفة توضع فى رحم المرأة فيجىء الولد بإذن الله تعالى» كما تبين فى قوله تعالى : «إولقد حَلَقنا الإنسان من سلالة من طين 09 ثُمْ جعلْنَاه ْطفَة في رار مكين 409 إلى آخر الآيات الكريمات» فكانت المعجزة فى أن عيسى جاء من غير أب؛ وذلك لإثبات قدرة الله تعالى وإرادته» وأنه مختار فعال لما يريد» ذلك أن الفلسفة الأيونية التى ظهرت فى أسيا الصغرىء» وتولدت منها الفلسفة اليونانية كانت تؤمن إيمانا عميقا ‏ ولو كان باطلا ‏ بأن الدنيا وجدت بالسببية؛ أى بوجود المعلول عن علة» حتى قالوا إن الكون كله وجد عن السبب الأول بالعلة» وبولادة عيسى من غير أب تبين أن الله فاعل مختار» رزاق» وهو ذو القوة المتين» وكان عيسى عليه السلام وأمه آية خارقة للعاذة» فأمه ‏ عليها السلام - حملت من غير نطفة» وهو ولد من غير أب» فكانت المعجزة فى كليهماء ومكونة منهما ل تفمسير سورة المؤمنون لل مالفالل للك لجل هر بي ١‏ ويقول تعالى : #واويناهما», أى جعلنا مأواهما ربوة» أى مكانا مرتفعاء قل أت إليه مريم عندما فاج أها اللخاض إلى جنع النخلة» حتى لا يراها اناس وقد 2 ني 0206 و2 5 2 2 2 5 لحر أحدا فقولي ني درت رحس صرْمًا ف 5 اليم | إنسيًا و 5-5 [مريم]. والربوة مع أنها مرتفع من الأرض «إذات قرار ومعين 4, أى يمكن القرار فوقهاء لأنها مستوية» فيها مهاد كالفراش. طومعين * أى ماء طاهر ثر. وقال الزجاج: هو الماء الجارى» وقال بعض الباحثين فى اللغة يقال: معن الماء إذا جرى» وهكذا اقترنت ولادة عيسى بمعجزات» فكانت الربوة فى المرتفع عن الأرض» ذات قرار تمهدء وفيها الماء الجارى. وتكلم فى المهد صبياء وكان هو فى ذاته معجزة. الأنبياء بشريأكلون؛ والكمربهم واحد 1 111 مر م 001 8 يكأمها الرسل م لطبت وَأحمَلْصِلِضاِق يما 75-3 0 ال 2 ا 0 راثيا وَإِنَّهَذِ يكوا أمة 1 جد وأنا 0 8 م دس 11 ماو 11 حل 7 0 ظ 1 م 2 رمرم 7 رم اس بجهقهر ود خزييى< . 0 ل ضدهريد مِنمَال وبين 209 0 بللاسشعرون مر ب عرو ايلم 2 2 0 آذ ىم يو ِحَاباتِ رهم يمون لح إن تفسير سورة المؤمنون الللاللااااللللللاااالللللولاللل للا اك تي ينون ما لوأو لوب وجلة إل ريم عون 0 أو ولك ضرعن في ليرت وهم َأ سيفو ليشن لزي لكف نعسَاإِلاوسعها وديا كر © بل وميم ئٍ كلوقك :4 لون 0 حَوَإذأحذناممضِوم داهم روه ٍِ حرو و عع عد 2 1 بعرو الموم م مِنا ا لاستصرون و «يا يها الرسل كلوا من الطَيبات4 النداء للرسل» وهو نداء لبيان حقيقة الرسل» وأنهم من البشر يأكلون الطعام» وكان النداء لهم وقد مضوا إلى ربهم» ٠‏ ولم يكن عند نزول الآية الكريمة إلا محمد يِل وذكر النداء فى هذا للدلالة على أنهم كانوا يخاطبون بهذا الخطاب» رسول منهم كان يخاطب بهذا الخطابء وتباح له طيبات الطعام» والطيبات من الرزق» ويؤمر به كالأمر بكل مباح» والطيبات تتحقق طيبتها بأمور؛ منها: أولهما ألا يكون خبيثا فى ذاته كالميتة والدم ولحم الخنزير» وأن يكون قد سمى عليه عند ذبحه» وأن يكون قد كسب من حلال» فيجتمع فيه الحل الذاتى والحل الدينى» #واعملوا صاحا»ة وليس الأمر الذى يكون به متميزا عن سائر البشر إلا العمل الصالح بأن يكون خالصا له» والعمل الصالح هو العمل الطيب الذى يكون خيرا محضا للناس لا يكون معه شر لا فى ذاته» ولا فى نيته» والعمل الصالح ما يكون فيه النفع لأكبر عدد ممكن» وما تكون فيه سعادة عاجلة لأكثر الناس» أو سعادة آجلة لعامتهم» ويدخل فى هذا دعوتهم إلى الهداية والرشادء والتبليغ عن أمر ربهم. «إنّي بما تَعملُون عليم © وقد وثق الله تعالى العمل الصالح عليهم ببيان إحاطة علمه تعالى بهء فقال: «إِني بما تعملون عليم 4 وقد أكد الله تعالى علمه بكل ما هل تفسير سورة المؤمنون ااال ١: كاك‎ 7 يي يعملون ليترقبوا جزاءه الوفاق لأعمالهم» وهم بشر يجزون بالخير على ما يقدمون كغيرهم من البشر. وقد أشار سبحانه إلى أن الناس جميعا فطرة واحدة ينبعثون عن غرائز واحدة» ويختلفون عند اصطدام هذه الغرائز» واختلاف النزوع باختلافهاء ولذا قال عز من قائل: ف( ون هذه أُمتكم أَمَهَ واحدة وأَنا ربكم فَاتََّون 49 . إوإِنٌ هذه » إن بالكسرء على أن الواو لاستئناف كلام جديدء له وثيق الصلة بالآية السابقة» وقال أكثر الممسرين: إن الأمة بمعنى الدين والملة» وأمة منصوبة بالحال» أى أن هذه أمتكم حال كونها أمة واحدة أى على دين واحدء وهو توحيد الله - تعالى ‏ بلغته الرسل أجمعون» ولكن جاء الاختلاف» فتقطعوا زبراء وصاروا أحزاباء ولكن كل حزب بما لديهم فرحونء وقوله تعالى: #واأنا ربكم فَانّقَون4, أى أن ربكم واحدء كما أن دينكم واحدء أجمع عليه الرسل الذين بعثوا من عند اللّه» والفاء فى قوله تعالى: فاته تقون»# سببية» أى بسبب أنى ربكم الذى خلقكم» ويكلؤكم بالليل والنهار 9# فَانّقون», أى اعبدوه» واجعلوا بينكم وبين غضبه وقاية. هذه على تفسير أمتكم بمعنى دينكم الواجب اتباعه» ولا يصح أن تسمى غير التوحيد ديئا قيماء وقد عرض لى أن نفسر كلمة أمة بما فسرناها به فى سورة البقرة» فى قوله تعالى: « كَانَ النّاس أَمّة واحدة االبقرة]» أى صنفا على طريقة واحدة» وعلى غرائز واحدة وقد تتناحر نوازع نفوس التى تسير وراء الغرائز من غير تهذيب بدين يجىء به نبى مرسل» وبذلك يترتب التقاطع من هذه الوحدة فى الغرائز والطبائع» فإذا كان حب الغلب غريزة» فإنه لابد من التغالب؛ لأن كلا يجد فى نفسه دافعا لآن يكون هو الغالب» فيكون التنازع والتقاطع ويكون التعبير بالفاء فى قوله فى الآية الآنية: « فَتَقطّعوا أمرهم بينهم زبرا. 2 أى أنه جاء التقطع من وحدة الغرائز. هذا ما بدر لناء والله أعلم بمراده» وقوله: #وأَنا ربكم فَاتّقَون4, أى أن النداء بالتقوى لكف الغرائز» وتهذيبها هو الذى يكفهاء ويجعلها فى ميزان الاعتدال. تفسير سورة المؤمنون لاا الل الل ههه يي . 40 فتقطلرا م هوا ل حزب ينا انهم حو‎ ١ الزبر جمع زبرة أو اسم جنس جمعى» وهو الذى يفرق فيه بين المفرد والجمع بالتاء أو بياء النسب» كروم ورومى» والزبرة قطعة من الحديدء وقد شبهت الجماعات المختلفة فى نزاعها بزبر الحديدء من حيث إن كل واحدة شديدة فى التمسك بما عندها كأنها صلب الحديد» لا تترك رأيهاء كما لا تتفرق زبر الحديد. أى اختلفوا متقطعين متنابزين غير مجتمعين فى أمرهم» بحيث لا متسع للالتقاء فيما بينهم» يتحزبون فى تفكيرهم: «كل حزب بما لديهم فَرِحون». أى كل جماعة متحزبة متعصبة لما عندهاء فرحة به» وتحسب أنه الحق الذى لا ريب فيه» وهو الضلال المبين» وإن التحزب لفكرة يدفع إلى التعصب لهاء والتعصب يعمى ويصم» وتقديم الجار والمجرور ‏ بما لديهم - لبيان أهميته عندهم . وهنا ننبه إلى أن الفاء فى قوله: لفَتَقَطّعُوا4 فاء السببية»؛ وهى بهذا المعنى يرجح أن معنى الأمة ما بدر لناء وتبعا أن يكون معناها: دين التوحيد؛ لأنه لا يترتب عليه التقاطع والتفرق. « فَدَرَهُم في عَمَرَتهِم حنّى حين )4 . الخطاب للنبى مَك والضصير يعود إلى المشركين» فإنهم حاضرون فى ذهن النبى كَلِهِ فى أنهم فى كفرهم وعنادهم موضوع القولء وتسرية الله لنبيه لأجل أذاهم المستمر اللحوح» والغمرة الماء الكثير الذى يغمر من ينزل فيه» والمراد الجهالة» أى ذرهم فى جهالتهم التى غطت عقولهم وفكرهم كما تغطى الغمرة: التى تغطى أجسامهم» وإن جهالتهم هذه جعلتهم فى حيرة بين حق رأوا دلائله» وباطل قد استولى على نفوسهم» وقوله تعالى: 8 حتئ حين 4 إلى حين ليس ببعيدء وإنه لقريب؛ لأنه واقع» وكل واقع قريب مهما يتباعد زمانه . والفاء فاء الإفصاحء والمعنى إذا كانوا قد أعرضوا عن الحق» ولجوا فى إعراضهم جهالة وحيرة فذرهم حتى حين» والحين الذى ينتهى عنده انتظار أمر الله هل تفسير سورة المؤمنون اللا بي يي هو ما بعد الههجرة» ولقاؤهم فى ميدان القتال» ويكون دفع ظلمهم ووقفهم عند حدودهم» ولا يصح أن يظنوا أن مالهم وأولادهم تغنى عنهم شيئاء ولذا قال تعالى : « أَيحَسبون أَنْمَا نمدهم به من مال وبين 22) نسارع لهم في الخيرات بل لأ يشعرون (4)03. هذه الآية الكريمة متصلة بما قبلها؛ إذ مغزى الآية السابقة أن الله تعالى ينذرهم بأنهم بعد حين سيتسلط عليهم العباد المؤمنون» وإذا كانت نقمة الله تعالى نازلة بهم لا محالة على أيدى عباد الله الصابرين» فلا يصح أن يظنوا أن الله يسارع لهم فى الخيرات» #أيحسبون» الاستفهام للاستنكار بمعنى النفى مع رميهم بالجهل والغرور» أى لا يحسبون أن الذى نمدهم من مال وبنين» وكل أسباب القوة مسارعة لهم فى خير لهمء إنما هو مطاولة» وإمهال من غير إهمال» #بل لآ يشعرون» بل للإضراب» أى إضراب عن هذا الزعم الذى يزعمونه» والحسبان الذى يظنون, إما هم لا يشعرونء» أى لا يشعرون بما يرتكبون من جرائم» ولا يشعرون بأن عذاب الله واقع. ولذا لا يستعدون. ولقد ذكر بعد ذلك المؤمنين فقال عز من قائل : « إن الّذِينَ هم من خشية ربهم مشفقون 4690 . المؤمن فهو يخاف الله ويعظمهء ويحبهء فهو يحب الله تعالى» ويحبه الله تعالى» وهو يعظم الله تعالى» ويخاف عذابه» فهو يستكثر أخطاءه» ويخاف العقاب» ولذلك كان من شأن أهل الإيمان أن يغلب فى نفوسهم خوف العقاب على رجاء الثواب» وقد أكد سبحانه خشية المؤمنين وإشفاقهم بمؤكدات: أولها ‏ ؤإِن» فهى لتوكيد الكلام. وثانيها ‏ ضمير الفصل #هم». إن تمسير سورة المؤمنون لللللولل الال سر ناز وثالثها ‏ تقديم الخشية على متعلقها. ورابعها ‏ التعبير بربهم» أى القائم على أمورهم وكالئهم» وحاميهم. هذا هو الوصف الأول من أوصاف أهل الإيمان الذين يستحقون الثواب» ولهم الغرفات الآمنة عند ربهم. وذكر أولا ‏ لأنه يتضمن إذعان القلب» وامتلاء النفس بهيبته سبحانه» فيكون قريبا منه» يفطن لآياته» ولذا قال سبحانه فى الوصف الثانى: « وَالّذين هم بآيّات ريَهِم يُؤمنون 42 . إنهم حخشيتهم من ربهم» وإشفاقهم» ومحبتهم لربهم تصفو نفوسهمء وتذهب الكدرة من أفهامهم» فإذا رأوا الآيات توجهوا إليها بقلب سليم مشرق» قذف به نور الإخلاصء والواو عاطفة تعطف صفة على صفة؛ ولذا قال تعالى: «وَالّذِين هم بآيات رهم يؤمنون» يصدقون موجب هله الآيات» وما تدعو إليه؛ ذلك أن الإخلاص إذا دخل القلب ملاه بنور الحكمة» فأدرك به ولم تقف حوائل دون الإدراك فيكون الإدراك سليماء ولا ينطق اللسان إلا بالحق» ولقد تأكد الحكم بما تأكد به الوصف الأول» والتعبير بالمضارع يفيد تجدد الإيمان بتجدد الآيات» فكلما كانت آية من آيات الله وهى كثيرة زادت المؤمن إيماناء فإيمانهم متجدد فى نماءء ويزيد بزيادة الآيات» وقال سبحانه فى الوصف الثالث: « وَالّذين هم بربَهم لا يشركون 469 . الشرك يجىء دائما من أوهام تسيطر على النفس الإنسانية» فتجعلها تعتقد قوة فى حجرء أو فى شخص» وقد تكون مسوغات موهمة» وقد يكون الوهم نفسيا من ذات النفس» ونفس المؤمن سليمة صافية فيها نور الحق» قد استضاءت به» وعمرت بذكر اللّه تعالى وامتلت به فلا تضل أبداء, ولذا قال تعالى: فى الوصف الثالث من أوصاف المؤمنين « والّذِينَ هم بريهم لا يش رٍكون» إنهم يعترفون أن العبادة لا تكون إلا للقادر على كل شىء الذى لا مثيل له الواحد فى ذاته وصفاته وخلقه» فهم كما عرفوا آياته وأذعنواء فهم أيضا يذعنون لمعانى الوحدانية» فلا يشركون به شيئاء وفى الجملة السامية التوكيدات فى الآيات السابقة وإن من أجل صفات المؤمنين كما أشرنا من قبل أنهم يستصغرون حسناتهم» ويستكثرون أخطاءهم» ولذا قال فيهم رب العالمين. ب تفسير سورة المؤمنون فلملل 0 ٍ ٍ لس ا . 462 وَالّذين يوون ما آتوا وقُلوبهم وجلة أَنّهم إلى بهم راجعون‎ (١ ذلك هو الوصف الرابع» وهو أنهم فى وجل من لقاء ربهم مع ما يعطون من حسئات . الوجل: النوف مع الاضطراب الشديدء والإحساس بالقصورء وهذا هو الوصف الرابع لأهل الإيمان» والإيتاء: الإعطاءء والمعنى أن هؤلاء المؤمنين لفرط إحساسهم بخشية ربهم» وإشفاقه يعطون العطاء الكبير ويخشون مع ذلك ألا يقبل منهم لرياء أو نحوه نما يمحق الحسنات» أو لوجود داء يذهب بخير القربات» ولقد قال الحسن البصرى سيد أهل البصرة: لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليهاء ولا شك أن ذلك من تغليب خوفهم على رجائهم» وقوله تعالى: ©وَقُلُوبهُم وَجلّة4 حال من فاعل يؤتون” ووجلهم من أنهم إلى ربهم راجعون» وهذا يدل على أمرين: أحدهما ‏ أنهم ذاكرون دائما لليوم الآخرء ويغلبون خوفهم منه على رجائهم فيه» لفرط إحساسهم بالخشية من الله تعالى. ويدل ثانيا ‏ على أنهم يرهبون الوقوف أمام الله استصغارا لحسناتهم» واستكثارا لسيئاتهم . وقد قال تعالى فى جزائهم : . 40 أ يرود في لْخيراتٍوَهه لسابو‎ ١ الإشارة إلى الحاملين لأوصاف السبق عند الله تعالى» الذين هم من خشية ربهم مشفقونء والذين هم يذعنون لدلائل آيات ربهمء ولا يشركون شيئا فى )١(‏ عن عائشة روج الى صَلى الله عليه وسَلّم قلت: سكت رسُول الل صلَى الله لولم عن َه الآ (والّذينَ يؤْنُونَ ما آتوا وقلوبهم وَجِلَة( قَالَتَ عائشة: أهم الَّذِينَ يَشربون الْحُمرَ ويَسَرِقُون؟ قَال: 'لاايَا بنت الصديق؛ ولكنهم الَذِينَ يمون ويُصُودويقَصدُون وهم م يَحَاقُونَ أذ لا يُقَبَلَ منهج أولتك الَدِينَ يسارعونَ فى الخيرآت" . رواه الترمذى- تفسير القرآن- ومن سورة المؤمنون(99١7)؛‏ كما رواه ابن ماجه فى الزهد 41847). 1 ل.ل تفسبير سورة المؤمنون للم ل 1 ااا‎ ١ 232 العبادة» والذين يقطعون من أموالهم للفقراء» ويوجلون إذ يعلمون أنهم إلى ربهم راجعون» هؤلاء بهذه الصفات التى تسمو بهم يسارعون فى الخيرات؟؛ لأنهم يتنقلون فى وسط صفات سامية» فيتئقلون مسرعين فى وسط خيرات.» ويلاحظ هنا أن التعدية ب «فى» تفيد أنهم ينتقلون من مرتبة خير إلى أعلى منها مسارعين بهذه الصفات السامية» فهم وسط دائرة الخير دائما يتنقلون فى درجاتهاء أو الخير يمهد للخير» وكل خير يمهد إلى أعلى منه: #وهم لها سابقون * الجملة حال من فاعل يسارعون. فهم بهذه المسارعة المتنقلة بهم من خير إلى خير يسابقون إليها وكأنما يسبقون إلى الجزاء الأوفى» والنعيم» فجزاء المسارعة فى الخير» سبق إليه» والضمير يعود إلى الخيرات» والمعنى أن السبق إلى الخير هو نفسه خيرء وينتهى إلى جزائه. فهؤلاء يبتدئ جزاؤهم من أعمالهم براحة ضمائرهم., واستمتاعهم برضا ربهم» وإحساسهم بإنسانيتهم الكريمة» فالخير جزاؤه يبتدئ من ذات فعله. وينتهى به إلى النعيم يوم القيامة. وبين سبحانه أن الله تعالى يريد اليسر من عباده» ولا يريد العسرء وأنه لا يكلف سبحانه إلا بما يكون فى دائرة الطاقة فى يسر ومن غير مشقة» فيقول تعالت حكمته: ا ولا تكلف نفسا إلا وسعها ولَدِينَا كتاب ينطق باحق وهم لا يظْلَمُونَ 49 . الواو للاستئناف» «ولا نكلف نَفْسا إلا وْسعَها» أى إلا ما فى طاقتهاء وتستطيع القيام به فى سعة من غير إرهاق ولا إجهادء فلفظ «وسعها». يشير إلى أنه تكون عند عمله فى سعة من غير ضيق ولا إحراج» فلا حرج فى الدين ولا ضيق» وكذلك كل تكليفات الإسلام ليس فيها شقة فوق الطاقة» وما يكون فيها شقة ربما تكون شديدة أحيانا لا تكون على الكافة كالجهادء بل يكون ابتداء فرض كفاية إلا أن يدخل العدو أرضناء فيكون فرض عين على كل قادر على حمل السلاح؛ لآنه يكون شقة شديدة لدفع شقة أشدء وهى شقة الذل وضياع الدين» وهذه أشد الشقات. تفسير سورة المؤمنون الللللللوااااال لاا لا0ا0ااالللللباا0ا0اااال000ااالللللل الل 2 جه يي والصفات التى اتصف بها المؤمنون» والأعمال التى يقومون بها فى الطاقة» والعمل عن سعة ويسر وسهولة إلا على الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر. وإن كل عمل خيرا أو شرا فى إحصاء دقيق لا يتخلف عنه شىء» ولذا قال تعالى: ولَدينا كتاب ينطق بِالْحَقْ» قالوا: إنه كتاب الأعمال الذى يحصى فيه كل عمل خيرا كان أو شراء ويصح أن نقول: إن ذلك تصوير لعلم الله بما يفعله كل إنسان» ويوم القيامة يجده محضرا يخبر به ويحاسب عليهء لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاءء وصور الله سبحانه وتعالى إحصاء أعماله كله كأنها تنطق به متلبسة بالحق مخالطة له غير بعيدة» وأكد سبحانه أنهم لا يظلمون» فقال: #وهم لا يظَلَمون4. فلا ينقص من خير فعلوه» ولا يزاد على سيئاتهم سيئات» بل إن الله يعفو عن السيئات إذا كثرت الحسنات: 9 إن الحسنات يذهبن السيقات ...4172 [هود]. هذه صفات المؤمنين وعقباها جاء بها سبحانه وسط وصف الكافرين» واستكبارهم ليكون المؤمنون مجال اعتبار: وليمكن لهم» ثم أخذ سبحانه يتمم بيان ضلال الكافرين» فقال تعالى: « بل فلوبهم في غمرة من هذا ولّهم أعمال مَن دون ذلك هم لَهَا عَاملُود 49 . الإضراب هنا فيه بيان أنهم لا ينتفعون بالعظات والعبرء ولا يستبصرون بهداية المهتدين» ولا يتعرفون مآل الحق وأهله» ولا مآل الباطل وأهله #في غُمرة من هذا» الغمرة أصلها ما يغمر الإنسان من الماء» وقد فسر بعضهم الغمرة بالغفلة التى غمرتهم» وهو تفسير حسن» وقد غفلوا أولا عن الكتاب الذى يكتب الحسنات والسيئات» أو علم الله تعالى الذى لا ينادر صغيرة أو كبيرة إلا أحصاهاء وغفلوا عن رقابة الله تعالى لأعمالهم وغفلوا عن أعمال المؤمنين واستقامة قلوبهم» وهم أناس مثلهم» قد سبقوهم فى الفضل وشرف الإيمان» والمسارعة فى الخيرات والسبق فيهاء وأنهم قد سارعوا فى الكفرء كما سارع المؤمئون فى الخيرات» وسبقوا إليهاء تفسيرسورة المؤمنون الال للللائلااا لكالل . ١ لال‎ 7 يي فكان لهم فى الكفر أعمال كثيرة منها: أنهم حرموا على أنفسهم ما لم يحرم الله تعالى» كما حرموا السائبة والوصيلة والبحيرة...؛ ومنها: أنهم جعلوا للأوثان نصيبا من الحرث» ومنها: أنهم صدوا عن سبيل الله ومنها: أنهم فتنوا المؤمنين فى دينهم» ومنها: : أنهم آأذرهم وأخرجوهم, ومنها: أن رءوسهم صارت عشا للخرافات والأوهام؛ ولذا قال تعالى: «ولهم أَعمّال من دون ذلك هم لَهَا عاملون» وقد أشرنا إلى بعض هذه الأعمال. ومنها: طوافهم بالبيت عراة» وادعاؤهم أن الله تعالى أمر بها 9 وَإِذا فَعلُوا فاحشة قَالُوا وجدنًا عليها آباءنا. .. 462 [الأعراف]» وقوله تعالى: «إمْن دون ذلك» الإشارة إلى الشرك والكفر بآيات الله تعالى» وإنكار التوحيدء ولإمن* بيانية» «دون» أى غيرها وأدنى منها درجة فى التكليف» وأنهم مستمرون» وهذا معنى قوله تعالى: «هم لها عاملون» فالجملة حالية من ضمير ١لهم»»‏ أى والحال أنهم مستمرون على هذه الأعمال غير منقطعين عنها فهم فى ضلال مستمر. لحتَئ ذا أَحَذنَا مترفيهم بِالْعَذَاب إذا هم يُجَأَرُونَ 9 لا تجاروا اليَوم إنَكم منَا لا تتصرون 49 . حتى للغاية» والمعنى: فهم فى غفلتهم المستمرة الغامرة الحق بالباطل لا يستبصرون ولا يتيقظون» ولا ينبههم إلا قارعة تقرعهم؛ ولذا قال: «حتّئ إِذا أخذنا مترفيهم بالعذاب » فتقرعهم القارعة» أى أنهم غافلون» حتى تنبههم من الغفلة قارعة تمس المترفين» وخص المترفين بالذكر» مع أن القارعة تعمهم وغيرهم إذ المهلكات تعم» ولا تخص المترفين منهم. خص الترفين؛ لأنهم أصل الإنكار الذين تلهيهم الغفلة عن الحق» أو يلهبهم ماهم فيه من ترف عن أن يدركوا الحق؛ لأنهم لا شدائد تنبههمء فالشدائد ترهف المدارك» وتوقظ الأفهامء ولأنهم لا يصبرون على الابتلاء» بل يخرون صاغرين أمام أى شدة. أو كارئة تكرثهم؛ ولذا قال: إحتئ إذا َحَدنَا مترفيهم بالْعَدَاب إذا هم يَجَأَرونَ» 9إذَا للمفاجأة» والمفاجأة تحول حالهم من استكبار واعتزاز وغفلة إلى صغار وتنبه» وضراعة» فالجؤار مصدر جأر وهو رفع الصوت بالضراعة والاستغاثة . إل تفسير سورة المؤمنون ل لمم ك2 تج 1 والعذاب قيل : هو عذاب الدنيا بكارثة دنيوية أو حرب هازمة لهم والتعبير لِأَحَذنًا مترفيهم بالعذاب» معناها أنزلنا بهم العذاب جزاء ما أجرموا. وكنى عن ذنوبهم بالعذاب الذى استحقوه بهاء وقال أخذناهم» كناية عن أنه أخذهم حتى لا يفلتوا منه» وشيه إتزاله ؛ بهم بأخحذهم إليه أتحذا مصحويا بالعذاب الشديد. وإنهم إذ يضرعون ويجأرون يفعلون ذلك فى وقت غير مناسب؛ لآنه قد فات وقت الضراعة والاستغاثة بالله» إذ إن تلك الضراعة كانت وهم فى وقت التكليف؛ «إلا تجاروا اليَوم إنُكم مَنَا لا تتصرون 462 . هذه الجملة السامية فى مقام التعليل للجملة التى قبلهاء أى لا تضرعواء لأنكم تأبيتم فى وقت التكليف واستكيرتم علينا وكفرتع اا فان تنصركم» ريل س ا وا مشرمس قي تر د لاتحي ناص 400 [ص]. حالهم فى غمّلتهم وإعراضهم قال تعالى : لل و نت عايلقى و ك1 _ . 7ه 5 تلن كك فسر لعفني لتك ون لجنا سكير بمسسير تهجو © أن كلمن وم 6م ل جلي كوي سد دراو 0 ع و أباء هم الا ولين لزي أملريعردوارسوهمفهم له, ليا أَريشوُون يد حِنَه بل جَآءهْم لحل لني ص 2-2 764 0 10 كَرِهون لها ول وبع الحق أء هم لَفَسَدَ تٍالسَمواتٌ ا تفسير سورة المؤمنون لكالل 2 لح ا ول 20 سرعم م266 جح سا | و نش وسضيوت بل كَرِهِم فهرعن َكْرِهِم ُعَرُوك () 2 اريك 2ب" 507 ريا وَإِنَكَ نك لتدعوهم دورط مُسَتَقي 070 َإنَنَكاومو يالبْرَوعن الوط الكبزى 07 الآيات هى الآيات القرآنية بدليل التعبير بقوله: «تتلى», والتلاوة القراءة اللرتلة التى تجىء الكلمة تلو الكلمة واضحة فى نطقها متقنة فى صرفها عند النطق مستوفية مدها وهى الترتيل» كما قال تعالى: «#ورئل القرآن ة ترتيلاً »> [المزمل]ء وكما قال تعالى: #ورتلتاة» [الفرقان]» وأن القرآن الكريم قد تواتر كتابة وقراءة وترتيلاء وهو فى ترتيله قد تلقاه النبى ل عن جبريل» علمه الله تعالى إياه. وقد أكد سبحانه وتعالى ب (قَد) الدالة على التحقيق و#إكانت4 تدل على استمرار التلاوة» ولكنهم ما كانوا ليتبعونهاء» ويتدبرونهاء ويتعرفون مراميها وغايتهاء معتبرين بعبرهاء متأولين مآلهاء بل إنهم يستمعون بآذانهم» وقلوبهم لاهية» وعقولهم معرضة؛ ولذا قال تعالى: «فكنتم على أعقابكم تتكصون > «الفاء» عاطفة «كنتم» معناها أن هذه كانت حالا دائمة مستمرة لا يستمعون إلا بآذانهم» وقلوبهم معرضة» وقوله تعالى: إعلئ أعقابكم تتكصوت», هذا التعبير تصوير للإعراض يظهر حسياء كيف كان إعراضهم عن الحق «تكصون», أى ترجعون وراءكمء ووجوهكم كأنها مقبلة» فهم يرجعون القهقرىء بأدبارهم» ويسيرون إلى الوراء بأعقابهم» وقد جاء فى قراءة شاذة منسوبة لعلى بن أبى طالب «فكنتم على أدباركم»» ولعلها تفسير له رضى الله تعالى عنه» وهذا تشبيه حال بحال» فشبهت حالهم فى أنهم يسمعون بآذانهم دون أن تعيه قلوبهم بحال من يلقون بوجوههم وهم يسيرون القهقرى إلى الوراء. وبين سبحانه أن ذلك كان استكباراء فقال: با تفسير سورة المؤمنون ملالا االلوولوااا10االللولل لل | كاه : 23 ترس بد اير فون 40 . #مستكبرين» حال من «الواو» فى #تدكصون»24 وهى تفرقة واضحة بين حالين» إحداهما تململهم عند سماع الحق حتى إنهم يتكصون على أعقابهم عند سماعهم؛ وحالهم وهم يجأرون ضارعين صاغرين عندما يؤخذون ببعض العذاب الذى يستحقون. وقوله تعالى: «مُسَكْبرين به4 الضمير فى ابه يعود إلى القرآن الذى تتلى آياته» مستكبرين استكبارا مصاحبا لسماعه» أى متعالين على القرآن نفسهء أو متعالين بسيبه لأنهم لم يذعنوا لحقائقه» ويصح أن يكون متعلقا ب إسامرا» أى جاعلين القرآن موضع سمرهم حول الكعبة» #تهجرون4"", أى يقولون الهجر من القول الفاحشء» أى أنهم مع نكوصهم على أعقابهم عند سماع تلاوته يجعلون الطعن فيه وسب النبى يَلْةِ موضع سمرهم وقولهم الهّجر من القول الفاحش» وقرئ يهجرون» وبضم الياء وماضيها «أهجر» أى دخل فى هجر القول. وخلاصة المعنى على هذا أنهم ينكصون معرضين عند سماع التلاوة مستكبرين سامرا به بهجر القول» أى لا سمر لهم إلا السخرية به وبمحمد كك ناطقين بالهجر الفاحش من القول» ومع ذلك يجأرون ضارعين عندما يأخذهم عذاب يفجأهم أو كارثة تكرئهم» وكان حقا عليهم أن يتدبروا القرآن بدل أن يعرضوا عنه ويتخذوه موضوعا لسمرهم وهجرهم. « أَفلَم يدبَروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين 42 . الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وهى مؤخرة عن تقديم؛ لأن الاستفهام له الصدارة» ومؤدى القول أنهم قد نكصوا على أعقابهم ثم جأروا عندما اشتدت بهم الشديدة» أفما كان أولى من هذا أن يتدبروا القول بأن يتدبروا ما تلى عليهم ويتعرفوا معانيه» أم أنه جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين» ف #أم» على هذا هى التى تكون للمعادلة بين أمرين» والاستفهام هنا لاستنكار المعادلة» والمعنى ألم )١(‏ قراءة (تُهجرون) بضم الناء وكسر الجيم: نافع» وقرأ الباقون بفتح الناء وضم الجيم. غاية الاختصار: 7/ 0/854. تفسير سورة المؤمنون الالالال لولاا ا0ا0ا0ا0ا0االل اللا كىج1 يتدبروا ما سمعوا من آيات تتلى أم أنهم جعلوا هذه الآية فى منزلة ما جاء به آباؤهم فمادامت لم يجئ بها آباؤهم فهى فى موضع الإنكار»ء وفى هذا توبيخ لهم من ناحيتين : أولاهما ‏ أنهم مقلدون لا يفكرون بعقولهم تفكير موازنة بين حق وباطل. وثانيهما ‏ أنهم مقلدون آباءهم» ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون. « أم لم يعرفُوا رسولهم فهم له مسكروت 42 . «أم» تتضمن معنى بل» والاستفهام الإنكارى» و«بل» معناها الإضراب» فالكلام فيه إضراب انتقالى» والمعنى نضرب عن هذاء ونسألهم ألم تعرفوا رسولكم فأنتم له منكرون» ومؤدى هذا التساؤل أنكم قد عرفتم رسولكمء فقد نشأ بينكم» وعرفتم صدقه وعلله واتزان فكره» وسلامة طبعه»؛ وضئضئ نسبهء وأنه من أوسطكم» وأنه الأمين بينكم فكيف تنكرون رسالته» وتنكرون شخصهء وهو الأمين النسيب فيكم» وأرجح رجالكم عقلا. آم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكترهم للْحَقّ كَارِهون 469 . «أم4 تدل على الإضراب والاستفهام معاء وهو إضراب انتقالى يضرب بها عن الكلام قبله» وينتقل إلى استفهام جديد»ء ولا شك أنهم يعرفون أمانته وصدقهء واستقامة نفسه وخلقه وعقله» وطبعه» ولا يتحول ذلك إلا إذا اضطرب كيانه العقلى والنفسى» وأصيب بجنون» والمعنى أيقولون به جنة؟ أى أتحول عنطبيعته؛ وأصابه جئنون» وهو يقول القول الحكيم» ويتصرف التصرف الحكيم» فلم يكن به جنون» بل زاد بالبعث عقلا وعلماء وإنما هو الكراهية للحق؛ ولذا قال: #إبل جاءهم بالحق وأكترهم للْحق كارهرن», «بل» للوضراب عن كل ما سبق فهم يعرفون إعسجاز القرآن وقد تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزواء وإذا لم يتدبروا القول» فهو يقرعهم بالحجة» وهم يعرفون الأمانة عنده» وهم لا يقولون صادقين إنه مجنون» ليس هذا ولا شىء منهء ولكن الحق ثقل عليهم: وقد جاء به ليبطل عبادة الأوثان وتحريمهم ب تمسير سورة المؤمنون ااال للك 2 كاك 1 7 ٠ ما أحل الله» وأكثر أهل مكة كارهون للحق: «وإن تطع أَكْثْر من في الأرضٍ يضلوك عن سبيل الله ... 4055 [الأنعام]» وإن هو إلا الهوى سيطر عليهم واتخذوا إلههم هواهم ؛ ولذا قال تعالى: « ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون 469 . الهوى ينبعث من مصدرين: أولهما ‏ الشهوة والسيطرة التى قد تجمح بصاحبها عن مناهج السداد» وثانيهما ‏ سيطرة الأهواءء فيتخيل ثم يخال» وإن هذين الآمرين لا يقوم بهما أمر صالح للبقاء. فالشهوات نزعات ولا تكون معها إلا لذات وقتية لا تدوم. بل تنتهى بانتهاء وقتها؛ فلذة الخمر تنتهى بانتهاء وقتهاء وكذلك كل لذة جسمية تنفعل بها النفس لا تدوم» وشهوات الناس مختلفة» فيكون التضاد بين الئاس والتنازع المستمرء والتناحر القاتل» كما نرى الآن فى أمم أوربا وخاصة أمريكاء ثم الآوهام من شأنها أن تصور ما ليس واقعا كأنه واقع. ويتخيل الشخصء» ثم يخال. هذا هو الهوىء» وأهواء العرب» كانت انحرافا فكريا أدى إلى استحسان الشرء وضعفا عقليا أدى إلى اتباع الآباء ولو كانوا لا يعقلون شيكاء مما أدى إلى تحريم ما أحل الله» وأدى إلى الطواف عراياء للتخلص من نجاسة الشياب المعنوية؛ بالباطل . هذه هى الأهواء ما كان معروفا منها بعضه عند العرب» أما الحق فإن مصدره العقل» والعقل يقوم على ثلاثة أمور: أولها ‏ الميزان بين الأشياء والأفعال فيتخير أنقاها وأثبتها وأصلحهاء وأكثرها ل تفسير سورة المؤمنون الللللائتل اال 000 أرب ا وثانيها - القسطاس المستقيم الذى يكون ميزان الأشياءء وحكم الموازنة فيها وثالثها - أنه يقدر خير الأمور بأنه ما يكون باقياء ولو كان فى آجل . على هذا لا يمكن أن يكون الحق متفقا مع الأهواء, وخصوصا أهواء العرب التى أشرنا إلى بعضها؛ ولذا قال تعالى: «إولو اتْبع الحق أهواءهم لَفَسّدت السّموات وَالأرض ومن فيهن» . أما فساد السموات فلأنها قائمة على تماسك أجرامها بأركان قوية منتظمة لا تتخلف». ولو كانت خاضعة لأهواء أهل الشرك لتزايلت؛ لأن أهواء أهل الشرك تفرق المجتمع». كما كانت الحال بينهم» وأما الآأرض فلأنها تعمر باستنباط خيرهاء وتعرّف إصلاحها والغرائز الإنسانية التى تمد النفوس بشهوة الغعلب» وشهوة الجنس» وشهرة المال» وشهوة السلطان والتحكم» وإذا حكمت هذه وأشباههاء فإن الحاكم يعجل بفنائه» ولولا رحمة من ربك ببقاء سلطان الحق ولو فى الأقوال دون الأفعال» لآذنت الدنيا بخراب» قال تعالى فى بيان أن الرسل جميعا جاءوا بالحق وميزانه: لا لَقَد أَرسلْنَا رسلنا الات وأَنلنَا معهم الكتاب والْمِيزَان ليقوم اناس بالقسط وأنرلنا الحَديد فيه َأ سشَدِيد وسّافع لئاس يلم لله من صر وول بالغيب إِنَ الله قَوِي عَزِيرٌ 9 » [الحديد]. «بل أتيتاهم بذكرهم فَهم عن ذكرهم مُعْرِضُونَ» بل للإضراب عن توهمهم أن الحق يساير أهواءهم» وأتيناهم بما بذكرهم الحق» ويبعدهم عن أهوائهم ويذكرهم بمعنى التذكيرء وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله. أى جئناهم بما يذكرهمء وينبههم إلى خلل تفكيرهم وبعدهم عن الحق وسيطرة أهوائهم #فَهم عن ذكرهم مَعْرضون» و”الفاء»' لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فرتبوا النقيض على نقيضه. وبنوا إهمال التذكير على التذكيرهء وذلك من ضلال العقول» فرتبوا الإعراض على التذكير. اللهم أكفنا شر ضلال الأهواء» إن النبى كيد يدعوهم إلى الحق الخالص» لا يسألهم أجراء ولا جزاء ولا سلطانا؛ ولذا قال تعالى: « أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين 469 . تفسير سورة المؤمنون الللاا ا اللا لوللا اا0ا0ا0ا0ا0االالللللل لل للا 2 | مآ يي «أم4 تتضمن معنى بل» وهمزة الاستفهام» والإضراب إضراب انتقالى» فنقلهم سبحانه من الحكم بأنهم يتبعون أهواءهم, إلى مكانة النبى يللو وأنه لا يطلب منهم مالاء ولا سلطاناء والاستفهام هنا لإنكار الوقوع؛ أى لا يسألكم خرجا والخرج المال الذى يأخذه السلطان من الرعية» والخراج العطاء الكثير» ما سألتهم خرجا حتى يدعوا أنك تريد سلطانا عليهم وجاهاء فما أعطاه الله تعالى خير» وهو كثير» وهو ربك وكافلك». ومديم العطاء عليك». وهو مغنيك دائما عن الناس» وهو خير الرازقين» فرزقه خير الأرزاق» وافر يتفضل على من وقف على بابه» والمعنى خراجه أى عطاؤه أغلى رزق وعطاء» وليس فوقه رزق لطالب رزق» ويصح أن نقول: إن المراد من خراج الله تعالى نعمة على محمد يلل وهى نعم معنوية» فما كان محمد كيه معروفا بالمال» إنما كان معروفا بالسمو الإنسانى الكامل الذى لم يناصبه أحد فيه؛ ولذا اجتباه رب العالمين خاتما للنبيين» وكان آخر لبنة ففى صرح الرسالات الإلهية. ولقد قال الزمخشرى كلمة بليغة فى معنى هذه الآية: قد ألزمهم الحجة فى هذه الآيات» وقطع معاذيرهم» وعللهمء بأن الذى أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله» مخبور سره وعلنهء خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم» وأنه لم يعرض له حتى يدعى بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل» ولم يجعل ذلك سلما للنيل من دنياهم واستعطاء أموالهم». ولم يدعهم إلا إلى الإسلام الذى هو الصراط المستقيم مع إبراز المكنون من أدوائهم» وهو إضلالهم بالتدبر والتأمل وتعللهم بأنه مجنون بعد ظهور الحق وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات المنزلة» وكراهيتهم للحق وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر. | ه ملخصا. لوإِنّك لتدعوهم إلى صراط مستقيم 469 . وبعد أن أشار سبحانه إلى أنهم يبتغون الهوى المنبسعث من أوهامهم وشهواته وتقليدهم» وأن الحق لا يتبع أهواءهم» بين الله سبحانه وتعالى أن دعوة محمد كَكِة هى دعوة الحق» وأمارة الحق استقامة طريقه فهو لا اعوجاج فيه؛ ولذا قال تعالى: ل تفسير سورة المؤمنون لل لللاا0ا0ا0االللل الل ماللا لأسب را «وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم » الخط المستقيم هو أقرب خط بين نقطتين» فالوصول إليه قريب سهل» والصراط هو الطريق المستقيم» ولقد شبه الله تعالى الحق من حيث إنه أقرب طريق للوصول إلى الله تعالى» فإن الله هو الحق» وطريقه الحق» ورسالته الحق» وأكد الله تعالى أن رسوله يدعو إلى الحق» وأن صراطه هو المستقيم يمؤكدات: أولها ‏ «إن» المؤكدة الدالة على التحقيق . والثانية - اللام فى خبرها. وهنا نجد تفرقة واضحة بين الحق الذى يدعو إليه النبيون» والهوى الذى يدعو إليه المشركون» فالله يدعو ورسوله إلى طريق مستقيم يتفق مع العقول ولا اعوجاج فيه» ولا أمت» يرتفعون فيه وينخفضون» بيئما الأهواء متفرقة المخارق متفاوتة فى طريق يتنازعون فيها أمرهم. © وَإِن الّذين لا يؤمئون بالآخرة عن الصراط لَتاكبون 469 . يهقال: تكب عنه أى: مال عنه وانذحعرف إلى غيره» والصراط هو الصراط المستقيم» وقد مالوا عنه إلى مثارات الشيطان» فالصراط المستقيم هو صراط الله تعالى كما قال تعالت كلماته : «وأَنَ هذا صراطي مستقيما فَاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لَعلّكم تتّقَدَ 9 » [الأنعام] . وقد وصف الله سبحانه الذين لا يؤمنون بالآخرة بالميل عن طريق الحق؛ وذلك لأن الذين لا يؤمنون بالآخرة ماديون لا يؤمئون إلا بالمادة» والإنسان روح كماله فى أن يؤمن بالغيب» ولذلك كان من أوصاف المؤمنين: الإيمان بالغيب» وإن الذين لا يؤمنون بالغيب يحسبون أن الحياة الدنيا هى كل شىء فتسلط عليهم أهواؤهم وشهواتهم» والشهوات مردية» والأهواء فاتنة النفوس» والذين لا يؤمنون هل تفسير سورة المؤمنون لل اا الا06ا60ا0ا لاا يلللا 2 ٠: لكا‎ بي ١‏ بالآخرة يحسبون أنهم خلقوا عبثا. وأنه لا جزاء لمن أحسن» ولا عقاب على من يسىء» كما قال تعالى: «أفحسبتم أَنّمَا حَلْقناكم عبنا وأنّكُم إِلينا لا ترجعون 4652 . يذكرون الله فى الشدة ولا يذكرونه فى الرخاء قال الله تعالى: سو 2 حا لخ دج ل 001 ع # و[ وريمتهم وكشفنا مابهم مِنْصْر للج وأفي طغر مننع ل بي يَعَمَهُونَ 05 وََقَدَأَحَذْتهُمِبالْعَدَانِقَمَا َم أستَكانوا ريم ال ا ا ا ل 0 ومابتضرعون لي ؛ حوَدافْسحنا وبابد عذَابٍ شَدِيرٍ امي ت تين © وَرْهأعأل الكت والاسد وذ يرهيلا ١‏ قفون وهوَالرِى 5 م في لْأرْضٍ سردن لها وهوَالرى 2 مْعْيكَتُْ ليَلِوالتَهَارِأَفلاتمَقِلرت نا بَلْكَالْوأِئَلَمَاهَا 1 2 ل للسرة و حل 206 1ه الاولوربت قالوأ أَءِ ذا مِسَمَا كنا تراد عظما 2 ءذ شاع و ح اس بج و ساس ا آه حر سس م مبعوبُون ل لقدوعد نانحن وا اويا هنذامنة, إن أ 2 إلا تائيب ج إن من شأن من لا يؤمن بالله واليوم الآخر» أن يكون إحساسه خاضعا للساعة الدنياء ولا يفكر إلا فى الحالة التى تظله . د 1 95 إن تفسير سورة المؤمنون اللملللل الول د ومن شأنه أنه إذا نالته شدة أحس بسلطان الله تعالى» وأنه كاشف الضرء فإذا زال عنه الضر عاد إلى كفره» وهذا المعنى بصوره قوله تعالى : «(وإذا مسن الإنسان اضر دعانا جنبه أو قاععدا أو قَائما قُلما كَشَفْنا عنْهُ ره مر كن لم دعا إآى ضر مسَّهُ 409 [يونس]. لقد تضرع المشركون لبلاء نزل بهم فرق النبى كلِْ فقال الله تعالى مبينا سنته فيهم وفى أمثالهم: ل« ولو رحمناهم وَكَسْفْنا ما بهم من ضر للْجُوا في يانم يعمهَوَ 42 . أى لو غمرناهم برحمتنا فى وقت شدتهم» فأزلنا عنهم الغم» وكشفنا الضر من مرض أو بلاء لاستمروا لاجين فى ظلمهم الطاغى يعمهون» الكشف كناية عن ذهاب الضر؛ لأن الضرر يكون كالغمة» وكشفها إزالة كربهاء وما المراد من الرحمة وكشف الضرر أهو زواله بعد التزول» أم أنه يستمر فى الرحمة بأن يتمتع بنعمة الصحة والعافية وعدم وجود الضرر؟ إن الآية تحتملهماء وإن الرحمة هى التمتع بمتع الحياة» وعدم نزول الضررء بل هو مكشوف عنها كل ضرر يحتمل أن يوجدء ويكون المعنى أن النعمة تخ تغرهم فيكفرونهاء وعدم نزول ضرر بهم كذلك, فيستمرون فى حالهم لاجّين فيها وطافي طَعْيَانِهِم» أى فى ظلمهم الطاغى 9ِيعْمَهِود»4, أى يترددون ويتحيرونء» فإن الطاغى متردد متحير دائماء إذ إن للفطرة العادلة صوتا وإن لم يكن مجلجلاء والظلم لجلج داتماء وإذا رأيت الظالم يعنف دائماء فاعلم أن ذلك لإسكات الصوت الخفى الذى ينبعث خخافتا ليسكته . وعلى الاحتمال الآخرء وهو أن هذا يكون بعد نزول ضرر وكشفههء فإنه واضح» ولكن نحن نرجح الأول لقوله تعالى: طلَنْجُوا 4‏ إلى آخره؛ لأن اللجاجة استمرار الحال قائمة» والشدة فيهاء ويكون المعنى أن استمرار النعمة عليهم تطغيهم : بالظلم» وتغريهم بالشر. ١‏ ولد أَحَذْنَاهُم بالْعَذَاب فَما اسَكَانُوا لبهم وما يمضَرعُودَ 469 . إل تفسير سورة المؤمنون اللللللل مالل الك 2 ١ كا‎ يي" الضمير فى قوله: ظأَحَذَنَاهم بالْعَذّاب» يعود إلى مشركى مكة الذين كانوا يعاندون النبى يَدلِْةه أو يعود إلى الكفار عامة من حيث إنه بيان لحال الكفار» فى أنهم إذا نزلت بهم جائحة أو شديدة خنعوا فى وقت نزولهاء وما استكانوا لها وما تضرعوا لها وما تضرعوا بعدها وآمنوا. كان تفسير الزمخشرى على أن موضوع القول. هم كفار مكة نزلت بهم مجاعة»؛ كما جعل موضوع الآية السابقة والآية التالية أهل مكة. وذكر أن ثمامة بن أثال الحنفى منع الميرة عن أهل مكة» وقال: لا أعطيكم حبة حنطة إلا أن يأذن رسول الله فأخذهم الله تعالى بالسئين فجاء أبو سفيان إلى رسول الله فى المدينة» وقال له: أنشدك الله والرحم»ء ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين. فقال محمد يَلٌِ بلى. فقال: قتلت الآباء» وجوعت الأبناء فنزلت هذه الآيات الثلاث27 . وربما يكون هذا الكلام مستقيما لو كانت الآيات بعد غزوة بدر» وبعد الغزوات كلها إلى ١‏ الحديبية» ولكن السورة كلها مكية ونسقها مكى». فكيف تجىء آية بمعان مدنية لم تتحقق إلا فى المدينة» ولم يثبت أن هذه الآيات نزلت بالمدينة استثناء من السورة. ولذا نقول: إن الآيات الثلاث عامة فى وصف غير الكفار فى كفرهم من أنهم يخنعون عند الشدائد» ويعودون إلى الاستكبار» فيخنعون. ثم يتمردون» اقرأ قوله تعالى : 9فَأرسلنا عَليِهِمٍ الُفَانَ والجراد وَالمَمَل وَالضمفادِعَ والدّم آيات مُفَصَّلاتٍ فاستكبروا وكانوا قَومًا مُجرمِين 0 وك وفع عليهم الرجز قَاُوا يا موسى ادع لَنا ريك بما عد عندك لين كشفت عن الرجز لتؤمسن لك رسكن معلك ببي إسرائيل 0539 فلا كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذَا هم ينَكُبُونَ 4022 [الأعراف] . فالله جل علاه كان ينزل الشدائد على الكافرين» فيذلون عند نزولهاء ولكن إذا اتكشفت الغمة عادوا إلى كفرهم وطغيانهم» كما رأينا فى فرعون وملئه» وقد ذكر سبحانه وتعالى أن ذلك شأن كل الكافرين يكشف الله تعالى عنهم الضر إذا أصيبوا به» فيخنعون فى وقته» ثم يعودون إلى كفرهم بعد كشفه. )١(‏ ذكره بنحو من ذلك: الطبرى فى جامع البيان 275/1١8:‏ من رواية ابن حميد عن ابن عباس » وراجع سيرة تفسير سورة المؤمنون لل اللااللللللاااااللللللااالل امل بل يي وقوله تعالى: ظقَمَا اسِتَكَانُوا لرئهم وما يتضرعون» «الفاء» للإفصاح» والاستكانة معناها كما أشار الراغب» وبين الزمخشرى: الانتقال من كون إلى كون» وحال إلى حال» فهى افتعل من كان» أى فيما انتقلوا من الكون الذى هم فيه وهو الكفر إلى الكون الذى يدعوهم رسولهم إليه» وهو الإيمان بالله ورسوله وما يتضرعون» أى لم ينتقلوا إلى كون الإيمان» وما اتجهوا بالضراعة الدائمة المتجددة لله تعالى المستمرة شأن المؤمنين الضارعين لربهم» وكان نفى المضارع لنفى تجدد الضراعة ودوامها فى كل أحوال الشخصء. لا فى وقت الشدة فقط. وقوله: ولد أَحَذْنَاهم بالْعذّاب4. معناها أخذناهم متلبسين بالعذاب» أى أنه سبحانه أخذهم» وهم فى حال العذاب وأنقذهمء ومع ذلك استمروا على كفرهم» وأنهم يستمرون فى غيهم حتى يجيئهم العذاب الذى لا يزول؛ ولذا قال تعالى: 9 حتَئ إذَا فتَحنا عَليْهم بابَا ذا عَذَاب شديد إذا هم فيه مبلسون 469 . سار الزمخشرى على المنهاج الذى ارتضاه فى الآيات الشلاث» وهو أن موضوع الآيات أهل مكةء فذكر أن الباب الذى فتحه الله تعالى هو الجوع» وذكر أنه أشد الأبواب. ونحن على رأيناء وهو أن الآيات وصف للمشركين فى الشدائد تنزل بهم» والكفر المستمر الذى يلابسهم فى كل أحوالهم» ويكون الباب الذى يفتح عليهم من العذاب ولا يغلق ‏ يوم القيامة. لحت إذا فتحنا عليّهم بَابا ذا عذاب شديد ... 469 . «حتى» هنا تقريعية لا غائية أى يتفرع عن هذا اللهو الذى هم فيه سائرون» لا تنزع بهم الشدائد عن شرهم أن يفاجأوا إذا جاء باب من الشدة لا يغلق» ولا يرجى أن يغلق» وهو يوم القيامة» وسماه سبحانه بابًا ذا عذاب شديد؛ لآنه كالباب الذى كان مسدوداء ثم فتحه الله تعالى فلا يسد أبداء فهو باب ابتدأ بالبعث والنشورء ثم ثنى سبحانه بالحساب وأعمالهم تنطق عليهم بآثامهم» وإنها لتنطق ل تفمسير سورة المؤمنون الال لل و ا ل اااال لان كه : يي بالحق» ثم ختم بالإلقاء فى الجحيم» وكل هذا تصوير لحالهم من حيث إنهم كانوا كلما نزلت بهم شديدة رجوا بعدها نجاة حتى جاءهم ما لا ينتهى ولا يسد أبدا» وهو يوم القيامة» وسمى بابا؛ لأنه يفتح» وينتهى إلى الجحيم التى فيها يسجرون. ويقول سبحانه: «إذَا هم فيه مبلسون» الضمير يعود إلى الباب» ويقصد ما وراءه مما يدخلون فيه مبْلسُون» أى متحيرون» كما يقول الله تعالى: «ويوم تقوم السّاعة يبلس المجرمون 409 [الروم]ء وقال تعالى: «لا يمَثّر عنهم وهم فيه بلسو 462 [الزخرف]. والإبلاس كما أشرنا هو الحيرة الشديدة مع اليأس الذى لا رجاء فيه. بعد ذلك بين سبحانه إنشاءه للإنسان» وإنه أنشأ له حواسه التى بها يحس» وعقله الذى به يدرك» ولكنه كفر بهذه النعم» فقال تعالى: «( وهو الذي أنشاً لَكُم السّمع والأبصار وَالأَفدَة قَليلا ما تشكرون 469 . بين الله سبحانه وتعالى أنه منحهم أسباب الإدراك» ولم يدركواء ولم يشكروا الله تعالى على ما أنعم» فهو سبحانه وتعالى أنشأ لكم السمع لتسمعوا الخير وتدركوه» ولتسمعوا آيات الله تعالى فى الرعد» فترهبوه» ولتسمعوا النذر فتتقواء ولتسمعوا المبشرات فترجوه. والأيبصار: وهى جمع بصر»ء لتبصروا الكون وما فيه» فتبصروا الشمس والقمرء والنجوم فى أبراجهاء والماء ينزل فينبت الزرع» وتكون الأرض ذات منظر بهيج» وجمع الأبصار» ولم يأت بها مفردة كالسمع لتعدد الملبصرات وتغايرها وتكاثرهاء وفى كل مبصر منها آية تدل على وحدانية الله وقدرته» وكل مبصر له حيز وشكل وصور مختلفة» ولبيان أن فى المبصرات مناظر مختلفة تسوغ تعدد البصر لأجلها. والأفئدة جمع فؤاد» وهو القلب» والعرب كانت تجعل موضع الإدراك والتفكير القلب» وأنه عند التحقيق أوسع إدراكا من العقل؛ لأن القلب يشعر ويحس ويتصورء وفى الشعور علم» والعقل يدرك ويتصور ويربط الأسباب بالنتائج» ويقيس بين الأشياء» وجمع الأفئدة؛ لتعدد المدركات» وسموها أو انحدارها. تفسمير سورة المؤمنون ممم امام مام ااام ااام ام مضا !ااا خم خا خخ انلزال لاا لكا ا ممم ممعم ممما ل لاق ططخ ماللا اتلك 1 خا تلط سلتتللا لسرب 1 وإن هذه الحواس والمدارك هى التى بها علا الإنسان» وقال تعالى: ظقَليلامَا تشكرون » اما» دالة على تأكد ما قبلها أى قليلا أىَ قلة ما تَشكرُون» فلا تقومون بحق هذه النعم كما قال تعالى : إن السمع والبصر والفؤاد كل أولك كان عنه مسؤولاً (#65 [الإسراء]» وقال تعالى ٠:‏ فما أَغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفشدتهم من شيء ... 59 65 [الأحقاف] إذ كانوا يجحدون بآيات الله تعالى» وإن أول شكر للنعمة الإقرار بفضل من أنعم, وألا يسوى بغيره مما لا يضر ولا ينفع» وليس له سمع ولا بصر ولا فؤادء بل هى أحجار لا حياة فيها. « وهو الذي ذرًكم في الأرض وَإِلَيه : تحشرون 469 . الضمير يعود على ذى الجلال والإكرام» والواو عاطفة» ذرأ معناها أظهر ونشر فهو الله جل جلاله هو الذى أظهرنا فى الأرض» ونشرنا فى أقاليم شتى فى الأرض» وجعلنا ألوانا وألسنة مختلفة» وتلك من آيات الله تعالى» كما قال جلت «إومن آياته حَلق السّموات والأرضٍ وَاختلاف ألسنتكم وألوانكم 1 [الروم]» وذكر سبحانه وتعالى فى قوله: في الأرض» إشارة إلى أن الانتشار فى عموم الأرض كلهاء وإشارة إلى أننا منها وبنّنا الله تعالى فيهاء وإليها نعود» ثم قال تعالى مبينا المآل: ل وليه تحشرون» تقديم الجار فيه معنى الاختصاصء أى إليه حده تحشرون, لا يكون معكم شىء مما تدعون من دونه» وقال سبحانه: «تحشرون4. أى تُجمعون محشورين غير مفرقين» بل يكونون جمعا لا تفاوت «( وهو الذي يحبي ويميت وله الختلاف الليّلِ والتهار ألا تعقلوت 400 . الضمير يعود أيضا إلى الله جل جلاله؛ وذلك لتربية المهابة فى النفس» والمعنى : هو الله الخالق الئى يحيى الإنسان كل يوم وكل ساعة من زمان» فينشئ من يحييه» ويميت من ينتهى أجله؛ فإذا جاء أجله لا يستأخر ساعة» ولا يتقدم ساعة» ولكل أجل كتاب . إل تفسير سورة المؤمنون ماللا لملللل اللا #ج دنه يي وكما ذكر الله سبحانه وتعالى أنه يملك الحياة والموت» وأننا نعاين كل يوم من يموت» ومن يولد» ويستقبل الحياة فلله سبحانه وتعالى ما هو أعظم وأكبرء له الليل والنهار»ء وذكر سبحانه وتعالى الليل والنهار باللام على أن ذلك فى سلطانه وقبضته سبحانه للإشارة إلى السموات والأرض فى قبضته؛ لأن الليل والنهار يجيئان من دوران الأرض حول الشمس أى من صلة الأرض بالسماء وطولهما وقصرهما يتبعان ذلك» فذكر الليل والنهار يومئ إلى سلطان الله تعالى الكامل على السماء والأرض وما بينهما وعلى الوجود كلهء وإذا كانت الحياة والموت تصور تخلق الأحياء» وأنه فى سلطان الحياة والموت» فإن ذكر اختلاف الليل والنهار يصور سلطانه - سب حانه وتعالى - على كل الوجود. ثم قال تعالى: «#أَفَلا تَعقلُون» «الفاء» لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء والاستفهام للتحريض على التفكير بعقولهم» والموازنة بين الحقائق التى يرونها بأعينهم» ولمعنى إذا رأيتم ذلك عينا ومحسوسا ألا تدركون بعقولكم أن الله قادر على كل شىء؛ وعلى الإعادة بعد الموت» وأنتم ترون كل يوم حياة وموتاء والليل والنهار خلفة» ذلك هو الله خالق كل شىء» ولكنهم مع ذلك ينكرون البعث ودلائله قائمة ثابتة تقرع ل بل قَانُوا مثْل مَاقَال الأولُون 69 قَالوا أئذًا متنا وكنًا ترابا وعظَاما أَئنا لبعوثُون 409 . بل للإضراب والانتقال» وهو الانتقال من ذكر أحوال الكافرين المتشابهة جيلا بعد جيل؛ إلى المشركين الذين يعاندون النبى كلد وبيان المشابهة بين قولهم وقول من سبقوهم» وأوضح هذه المشابهة فى كفر الحاضرين بالبعث» كما كفر الماضون» وعقد سبحانه المشابهة فى كفرهم بالبعث» فقال: بل قَالُوا مثل ما قَالَ الأولون» الذين غلب على تفكيرهم المادة المحسوسة دون الغيب المعقول» وفسر الله تعالى قولهم الذى شابهوا به من سبقوهمء والتقوا معهم على مائدة الإنكار لغير المادى المحسوس » «أئذا مننا وكنًا ترابا وعظاما أَئنالبعوثون» الاستفهام للإنكارء فى قوله ْ تفسيرسورة المؤمنون لالطالا الل اماملا يهل ب_ را يي تعالى عنهم: «أئذا متنا وقوله: «أئنا لمبعوثون», فى هذا الاستفهام إشارة إلى موضع استنكارهم» فموضع استنكارهم البعث بعد أن يموتوا ويصيروا ترابا وعظاماء كقولهم: # من يحبي العظام وهي رميم (75) قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ... 40859 [يس]ء وكرر سبحانه الاستفهام للنص على موضع إنكارهم أو استنكارهم» وذلك جهل منهم بالله وهو الخالق» وهو شديد المحال. وقد أفرط المشركون فى إنكارهم فقالوا: « لقد وعدنا نحن وآبَاونا هذا من قبل إن هذا إل أماطير الْأَوَلِينَ © . إن النبى مَل وعدهم بالبعث والنشور فى أول دعوته لهم» فقد قال عندما أمره ريه أن يصدع بأمر ريه »2 وقال له: «فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشرٍكين 062 [الحجر]» وعندما قال له عز وجل: #وأنذر عشيرتك الأَقْربِينَ 4659 [الشعراء] قال كه : «والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون)2 واستمر يكرر هذه الدعوة لهم غير وان ولا مقصرء وبمقدار استمراره كان جحود المشركين ؛ ولذا أخبر الله تعالى عنهم : «لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قَبل» أكدوا أنهم وعدوا وآباؤهم الذين أدركوا النبى يلي من قبل هذا الزمان» وقد أكدوا أنه وعدهم بقدء وباللام» ولكن مع توكيد وعدهم أكدوا إنكارهم لهء فقد قالوا: إإن هذا إلا أساطير الأولين» «إن» نافية أى ما هذا الوعد المكرر إلا أكاذيب الأولين التى تقال فى موضع السمر والتفكه بفارغ القول» جاء فى مفردات الراغب فى الأساطير: «قال المبرد هى جمع أسطورة» صادقة يتفكه بهاء ويقطع الوقت بالسمر عليهاء فليست حقا تتبع؛ ولا جَدا من القول يتعظ به. )١(‏ سبق تخريجه. (#ا تفسير سورة المؤمنون الللللل الل ااال لللللب ااال للك 2 يجل ونه بي" الكون يخبر بواحدانية الله قال الله تعال .: يه ب هرد 4 م 1 َ. عر 7 ٠.‏ آ# هه 1 قللمن الارضومنفيهساإن وا ءءء 7و 00 00 حكنت م تع اموب ليها مسبَفولُون لل قل أفلا يد كروت © علْمَربُ الكمنو تالتسب ع ورب العسر شالعظم سه 4 ا 2ح دام م © برس جو تاتشك © تاي سس له وى س 2 سل رومايير ‏ بور سال [ ه و مَلَكونٌ حكلْ تَْ وهو خايروء مجمارطيوإإت 2 عزء أذ عر وح د ب 2 ع تر تساموب ليها سيَفولُو رِو كل َف تسحروت فلي سرحة سم 2 ماله را و 0000-3 بل أتيشهم يلحي وَإِنْهِ م لكدْبونَ! / 0 دمو سه ييا مأ تخد اللهمن ولد و 20 هه لل 000 ع ل را سس سسسسم وَمَاحكات معَه مناه إذا أذهب كل إِلنع يما خلقَ ولعلا د عر رح سي سح ج عر سس آم 010 آل و > رح سا ل د هه ور و لعَ وَالشَهدَوَ نلعم ضْيسكورت وإ هذه الآيات كلها توجيه للعقول إلى الله تعالى خالق الكون والقوام عليه وهى استفهامات يتعين الجواب فيها وليس لديهم سبيل لإنكار الجواب» بل الجواب متعين» لا مناص منه» ولا سبيل لغيره؛ لأن العرب كانوا يعلمون أن الله خالق السموات والآأرض #إولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ... 402 [لقمان]» فهم ما كانوا يجهلون الله تعالى» بل كانوا يعلمون أنه خصالق السموات والأرض» وأنه الذى يلجأ إليه فى الشدائد» ويعلمون أنه واحد فى ذاته وصفاته)» ولكنهم فى العبادة يشركون به غيره» وكأنهم يحسبون أنهم لا يصلون إلى مقام الذات العلية» فيتخذون بأوهامهم الأوثان ذرائع» ويقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى . تفسير سورة المؤمنون ل لل ااا 3 قال الله تعالى مخاطبا نبيه آمراله: « قل لَّن الأَرض ومن فيها إن كنم تَعلَمُونَ 469 الأمر للنبى يك بأن يواجههم بالحقائق وما يترتب على العلم بهاء ولمن الأأرض؟ أى من يملك الأرض ومن عليها من العقلاء ملكية كاملة بالخلق والإنشاء والتكوين؟ أمره أن يسألهم عن ذات الأرض» وعن العقلاء فيهاء ولكن لم يسأل عن غير العقلاء من الدواب» وما فى باطنها من معادن وفلزات» وما فى بحارها من جواهر كريمة» ونقول: إن كلمة الأرض شملت بعمومها كل ما على ظاهرها من نبات وحيوان وجمادء وما فى جوفها من فلزات سائلة وغير سائلة ومعادن أكثرها فى باطنها. ولأن الملكية وإن وقعت على العقلاء باعترافهم فهى على غيرهم تثبت بالأولى؛ لأن غير العقلاء أشياء تشترى وتباع» فهى أولى بالملكية؛ ويعلق النبى - بأمر الله - الإجابة على علمهمء والتعليق يومئ إلى علمهم وأنه حقيقة» ولكن ذكر ب «إن» التى تفيد الشك فى وقوع الشرط»ء للإشارة إلى أن علمهم كلا علم؛ لأنهم يعملون بنقيضه. ولقد بين الله تعالى إجابتهم. فقال: ظسَيَقُونُونَ للّه قل ألا تَذَكّرون )> السين لتأكيد القول» أى سيكون جوابهم حتما: للّه» لما ذكرنا من أنهم يعلمون أن خالق الكون كله بما فيه ومن فيه هو الله تعالى لا ريب عندهم فى ذلك» ولكنهم يفصلون النتيجة عن مقدماتهاء فعلمهم بالخالق كان يوجب عليهم ألا يعبدوا غيره؛ لأن العبادة نتيجة الخلق والتكوين» ولذا قال تعالى: #قُلَ» والخطاب للنبى ككِ: «أفلا تدَكّرون» (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى لترتيب التذكر على إيمانهم بأن الله تعالى خالق الأرض ومن فيهاء أى إذا كنتم تعلمون هذا وتؤمنون فألا تذكرون» والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع» أى أنهم فى الواقع لا يتذكرون» ولا يربطون المقدمات بنتائجهاء والذكر هو إدراك موجبات العقل» والحقائق التى تؤمن بها القلوب. وقد أمر الله تعالى نبيه أن يسألهم فى أمر كونى آخر. م تفسير سورة المؤمنون اللااللللل االللللااااللللو لل لاا0ا0ا0اااالللل لل للا شحج ل قل من رب السّمّوات السّبع ورب الْمَرْش العظيم 53 سَيَِقَولُونَ لله قل أفلا شَقَرِنْ 49> . الخطاب أيضا للنبى يأمره أن يسألهم من رب السّموات السَّبع4. والربوبية تقتضى : وتقتضى ثانيا ‏ الإمداد بر حمته . وتقتضى ثالثا - الرقابة عليه والتنظيم له» والتسيير له» والقيام على شئونه. والسموات وصفها بأنها سبع» ثم قال تعالى: «ورَب اعرش الْمَظيمٍ 4» أى صاحب السلطان العظيم المهيمن على الوجود كله. وإجابتهم لا محالة «سيقولون لله» السين لتأكيد القول فى المستقيل» وذلك لا ذكرنا من قبل من أنهم يعلمون أنه لا سلطان فى الخلق والتكوين والهيمنة على الوجود إلا لله؛ ولكنهم كما قلنا: لا يرتبون النتائج على علمهم» بل يعبدون غير الله بسيطرة أوهامهم على تفكيرهمء ونجد هنا افتراقا فى الجواب عن السؤال» فالسؤال: من رب السموات؛ والجواب: الله» وظاهر الجواب أن يكون «الله») من غير لام» ونقول فى الجواب عن ذلك إن السؤال عن الربوبية يقتضى السؤال عن الملكية والسلطان» كأنه قيل لمن السلطان والملك فكان الجواب (للّه) . ويلاحظ أنه تكرر لفظ الرب فى قوله تعالى: من رب السّمَوات السّبع ورب العرش العظيم » ونقول: إن التكرار لتغاير معنى الربوبية» ففى الأولى السؤال عن الخالق؛ والمنمى» والقائم بالتدبيسر» والتسيبر»ء والثانى معنى الربوبية السلطان والحكمء (فل أفلا تود الأمر موجه للنبى كي ليقنعهم بخلق الله مع استحقاقه وحده العبودية «أفلا 7 تتقون» (الفاء) كما ذكرنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى أنه إذا كان يجب عليهم أن يتقوا الله ويجعلوا وقاية بينهم وبين عذابه» ما دام هو رب هذا الوجود كله»؛ ورب السلطان فيه وحدهء وهو الذى يعذب من يشاءء ويغفر لمن يشاء . تفسير سورة المؤمنون الل الئل ١ ااا‎ يي ولقد أمره سبحانه أن يسألهم سؤالا ثالثا: « قل من بيده ملَكُوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كسم تَعلَمُونَ © سيقَولُون لله قل فَنّى تسحروت 469 الملكوت صيغة مبالغة تفيد الملك الممكن الذى لا سلطان إلا له» فالواو والتاء للمبالغة » كجبروت» ورهبوت ورحموت»ء وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى» ولإمن بيده 4 أى من له السلطان والملك الكامل لأقصى أنواع الملك» وهو يقبضه كما يقبض صاحب الصوحان”" . وقد صور الله سبحانه وتعالى اتساع سلطانه» وفرضه على كل إنسان وكل شىء بذى قوة يضم إلى جواره من يشاء» ويمنعه من أن تصل إليه يد معتدية» لا يمكن أن يكون لأحد جوار يمنعه سبحانه من أن ينزل من الهلاك ما شاء لمن شاء؛ لأمنه فوق العالمين لا يسأل عما يفعل» وهم يسألون: «إن كنم تَعلّمُون 4 وأتى ب (إن)؛ لأن حالهم من الشرك تدل على أنهم لا يعلمون» «سَيَقولُونَ لله التعدية باللام لتضمن السؤال معنى الملك والسلطان» أى أن الملكوت كله لله تعالى. أمر الله تعالى نبيه بقوله: فل فَأَئَئ تسّحرون» «الفاء) أيضا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى يترتب على علمهم بأن الله تعالى خالق الأرض» ومن فيها والسموات السبع» وربوبيته للعرش ولهاء وكونه صاحب السلطان الأعظم يترتب على كل هذا أن يسألوا كيف يسحرون» أى ينخدعون ويميلون عن الحق الراكز فى نفوسهم إلى الباطل الذى هو أوهام مخيلة» وليس حقائتق ثابتة معلومة لكل ذى فكر وعقل وإدراك» و(أنى) هنا بمعنى كيفء ك «أنى» فى قوله تعالى: إنساؤكم حرث لَكُم فَأتوا حرتّكم أَنّى شنتم . . . 4679 [البقرة] . فهذه الآيات تبين كيف تسيطر الأوهام على ذوى الأهواء الذين لا يفكرون» وتقاوم الحقائق الثابتة لديهم» وتسيرهم مع مخالفتها لكل معقول» ولما كان عندهم من علم سابق» ولقد قال تعالى: (1) الصولجان: فارسى معرّب» وهو المحجن أى العود المعوج. الذى نراه فى أيدى العظماء وا ملوك لسان العرب «ابتصرف» (صلج) . تفسير سورة المؤمنون الالالال لل ههه : 7 ل( بل أتيناهم بالْحق ونم لاون (© ما انّحَدَ الله من ولد وما كان معَهُ من إل ذا ذهب كل إِلَه بما لق ولعلا بعضهم على بَعْض سبحَانَ الله عم يُصفوت 469 . هذا إضراب انتقالى» انتقل الله بهم من المجاوبة التى تكون بينهم وبين النبى كَل إذ يوجه أنظارهم إلى ما ينبئ عن الحق وهو الوحدانية» يأخذها من نتائج ما يقولون» وإذا كان الأمر كما يقول المناطقة: النتائج متضمنة فى مقدماتهاء وما البرهان إلا كشف ما تطويه المقكدمات من نتائج » فعلمهم بأن الكون كله مخلوق لله تعالى متضمن وحدانيته تعالى فى العبادة. الإضراب الانتدقالى هو الانتقال من المجاوبة إلى تقرير الحق مبينا بطلان ما يدعون بطريق إثبات بطلانه فى ذاته» وبيان صحة نقيضه. قال تعالى: بل أََينَاهم بالحقي4. أى بالأمر الثابت الذى لا يتطرق إليه الريب» #وإنّهم لَكَاذبُونَ» جعل وصفهم بالكذب المستمر مقابلا للحق الذى جاءهم الله تعالى به؛ لأن الكذب إذا مردت عليه النفس فسدتء. وصارت لا تفرق بين باطل وحق» إذ تكون نفسه غير مؤمنة» لأن الويمان تصديق وإذعان» فلابد من الصدق لكى يكون الإيمان» ولقد قال النبى وَلكو: الإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجورء والفجور يهدى إلى النار» ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا»2" . ولقد ذكر النبى يَلَْةّ أن الإيمان والكذب نقيضان لا يجتمعان» فقد سئل أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: يكونء أو يكون المؤمن جبانا؟» قال: نعم يكون» وسئل : أيكون المؤمن كذابا؟ قال: لا يكون المؤمن كذابا )9 . ولذا كان حقا أن يقابل الحق الذى يجىء به الله تعالى ويتأكد كذبهم» وقد أكد الله تعالى ب «أن» المؤكدة» وباللام» وبالوصف, بأنهم من شأنهم الكذب» وبالجملة الاسمية. )١(‏ سبق تخريجه. 0 عن صثوانا بن سكي نهل ل لول الله صلى الله عل وسلم: 'أيكون المُؤْمِنَ جَبَان؟ قَقَال: 'نَعَم "» 0 صر 111 فقيل له : أيكون المُؤْمن بخيلا؟ قَقَالَ: 'تعم '. فقيل لَه : أيكون امم كَدَابا؟ كمال : "لا". رواه مالك فى الموطا- الجامع (198/1). تفسير سورة المؤمنون اللللللاا الل الئل لسر ار ولا يفتح القلب للأوهام» ووسوسة الشيطان إلا أن يمرد على الكذب؛ لأن الكذب يخفت صوت الحق والبرهان والعقل» ولقد نفى الله تعالى من بعد ذلك أوهامهم» فقال: لما انَحَدَ الله من ولد وما كَانَ مَعَه من إِلّو» . نفى الله تعالى أن يكون له ولدء وادعاءهم أن الله اتخذ ولدا فالنصارى قالوا: اتخذ الله عيسى ولدا له» وبعض المشركين قالوا: اتخذ الله تعالى الملاتكة بنات له» واليهود قالوا: اتخذ الله عزيرا ولدا له وتعبيرهم ب ظانَّدَ الله من ولّدِ » يشير إلى احتياج الله تعالى للولد» كما يقول النصارى اتخذ الله عيسى ولدا ليقتل ويكمّر عن خطيئة آدم» والله سبحانه وتعالى غفار للذنوب قابل للتوبء ليا أيه الئاس أنتم الفقراء إِلَى الله والله هو الْعَِي الْحميد 402 [فاطر]؛ أى المحمود على كرمه وإفضاله دائما. والقسم الثانى من المشركين الذين اتخذوا الأوثان آلهة من دون اللّه أو معه» وقد نفى الله سبحانه وتعالى ذلك نفيا كاملا مستغرقاء و«إمن» فى قوله: طمن ولد و«إمن إِلَه لاستغراق النفى» والمعنى ما اتخذ الله من ولد أىّ ولد كان» فالكل لق لهء ولا تفاوت أمامه» وما كان معه من إله أى إله» ومن أى مادة. ولقد بَرْهِنَ سبحانه؛ على بطلان الشرك فقال: #إذا لّدَهَب كل إِلَّهِ بمًا حَلق ولعلا بعضهم على بعض» أى إذا كان هناك آلهة لة غير الله. فالتنوين فى 9إذا» ينبئ عن جملة أضيفت إليها (إذا)» وتكون فى معنى الشرط» ولو كان هناك لترتب على ذلك أمران محالان» ولا وجود لهماء وإذا انتفيا انتفى ما أدى إليهماء فنفى اللازم يقتضى نفى الملزوم» والأمران هما: الأول أن يذهب كل واحد بما خلق» وبذلك لا يتحقق التناسق فى الوجود» وكله نسق واحدء لا تفاوت فيه. تفسير سورة المؤمنون 11111111 انتخا نا خخ نل طخ اناانا نط اخانخاخ طخ نالخ قالطنا نالخ انانا نان اانا نانخ تلان تططخ لنالاانالنا ماخ ط لطا طنط لنان لاا نط خخخ طاطم طططط اللا 02 ١ عاط‎ 7 والثانى ‏ أن يكون بينهما التعالى» فلا يكونان فى قدرة واحدة» بل يكونان على أقدار مختلفة» وفرض التساوى فى القدر ينتهى إلى أن يكونوا كشخص واحد أو كإله واحد. والواحد ضد التعدد» فلكى يستقيم فرض التعدد لابد أن يفرض أن بعضهم يعلو على بعض» وذلك يؤدى إلى التنازع. وهذا يؤدى إلى الفسادء كما قال تعالى: الَو كَانَ فيهما آلهة إلا اللّهِ لفسدتا فُسبحان اللّه رب العرش عما يصفون 465 [الأنبياء] . وقال فى هذه الآيةء «فسبحان اللَّه رب العرش عمًا يصفون», أى تقدس سبحانه وتعالى (ما» يصح أن تكون موصولا حرفياء ويصح أن تكون موصولا اسمياء وعلى الأول يكون المعنى تقدس الله تعالى وتنزه عن وصفهم له بأن له أن له شريكاء والمؤدى واحد. وقد بين سبحانه ما يؤدى إلى نزاهته نزاهة مطلقة» فقال عز من قائل : عالم اليب والشهادة فتَعالَى عمًا يشركون 469 . وقدم الغيب على الشهادة؛ لأن العلم بالغيب أبلغ فى الدلالة على وصف العلم من الشهادة» وقال تعالى: #عالم الغيب» من غير التعدية بالباء» للإشارة إلى أنه يعلم الغيب كله لا يغيب عنه شىء فى الأرض ولا فى السماءء لافى الغيب ولا فى الشهادة» ومن كان كذلك فهو كامل الوجودء ليس له شبيه» ولا مثيل» ليس كمثله شىء وهو السميع البصير» فتعالى الله عما يشركون» أى فتسامى سبحانه عن أن يشركوا به شيئاء و(ما) موصول حرفىء أى تعالى الله عن إشراكهم به» ويصح أن تكون موصولا اسميا. تفسير سورة المؤمنون اللمللاو الول للا حر زا مايوعدون من عدّاب قال تعالى: يدل قلرب مَأئريَقّ م 004 كي . قوم دمي د 20 مَأتعِد هم عيضن © تق أ يفيه 5 َرَت أعود ذيكمِنهَمر لين طِيِن لز وأعودذ د بك رد ربأ حضون نِ 2 حَوََإِدَاجَآهٌ ا ثرو © ماركا غ2 ىق وار لا 17 > كم هوة يلها وين ورايهم روخ مون 7ه فى هذه الآيات الكريمة تهديد بما أعده الله تعالى من عذاب للمشركين بعد أن بين لهم بالآدلة القاطعة أن الشرك باطل. وإن النفوس المنحرفة تخاطب بالدليل الهادى المرشدء فإن لم تجد الهداية المرشدةء والبراهين الساطعة كان الإنذار الشديد. وقد برهن فبقى الإنذار» ابتدأ سبحانه الإنذار الشديد» بأن أشار للنبى كَِلِلٌْ إلى أنه إنذار لا يقع فى نظر النبىعَكلوُّمئله. وأنه يحسن أن يطلب رؤيتهء فقال: « قل رب إِما ترِيتي ما يوعدون 69 > . ابتدأ القول بالنداء ب #رّب4 لبيان أن ذلك الذى ينذر به من مقتضى الربوبية» لأن مقتضى الربوبية؛ أن يجزى المحسن إحساناء والمسىء بما يستحق» فلا يستوى الأعمى والبصير» ولا الظلمات ولا النور . إإما تريتي 4 «إما» ‏ هى (إِنْ»مدغمة فى «ما»» و(ما) جاءت لتوكيد فعل الشرطء ولذلك جاءت نون التوكيد الشقيلة رادفة تفسير سورة المؤمتنون لااالللل الل 02 حر ا لتوكيد «ما» والجواب محذوف لتذهب النفوس فيه كل مذهب» وفى ذلك إشارة إلى هوله وأنه لا تكتنه العقول كنهه» و(ما) فى قوله تعالى: ما يوعدون4 ما هنا موصولة بمعنى الذى» وإن الله تعالى وعدهم بالعذاب فى الدنيا والعذاب فى الآخرة» أما فى الدنيا فالنصر الذى وعد الله تعالى به نبيه الأمين» والذى كان له فيه الغلب» وكان النصر حليفه دائما ولم يهزم ولا فى أحدء وأما عذاب الآخرة فهو الجحيم خالدين فيهاء ويئس المصير. ف( رب فلا تجعلني في القوم الظَالين 469 . ضراعة من النبى كَلِةِ اتجه بها إلى ربه بأمر ربه» و(الفاء) تفصح عن شرط مقدر» وتقدير القول إذا كان ما يوعدون به من هذا الهول الذى لا يكتنه» ولا يقدر قدره من العذاب» فلا تجعلنى فيهم» وأظهر فى موضع الإضمار لإثبات ظلمهمء وأن ذلك العذاب هو بسبب ذلك الظلم» وهذا النص يتضمن براءة النبى يَلْةٌ من أن يكون ظالماء وأن يكون من الأقوام الظالمين أو فى صفوفهم» فإن الرضا عن الظلم كالظلم» وإن كان دونه جزاء. ذإ عن أن ثيل مه دورو 49 . يبين الله تعالى أنه سيرى رسوله» ما وعد به الكفار من عذاب فى الدنيا بالغلب والاتتصار» وفى ذلك تبشير وإنذار» تبشير للنبى كَةٌ بأن ما يعدهم من عذاب على أيدى المؤمنين» وأن الله تعالى قادر على أن يريه لنبيه فى حياته قبل أن يمضى لربه» وقد أكد سبحانه وتعالى قدرته على أن يريه النبى كله فى هذه الدنيا أكدها الله سبحانه بالجملة الاسمية و(إن»» وإضافة الأمر إليه سبحانه بضمير المتكلم العظيم المعظمء وثانيا باللام» وبالوصف بقادر. سبحانه وتعالى. ولقد أمر الرسول إلى أن يريه عذابهم» ويحين حينه» ألا يكون غليظا فيهم» بل يدفع بالتى هى أحسن» حتى لا يشمس نفوسهمء بل إن التبليغ يوجب عليه أن يدنيهم» ولو كانوا مناوئين» ولذا قال الحكيم العليم: ل تفسير سورة المؤمنون مالالا بلجل بير يي ادف بي مي لل سين نح با برذ 409 . وقد بين الله تعالى لنبيه أنه فى سبيل التبليغ لا يدفع السيئة بسيئة مثلهاء بل يأخذهم بالصفح» والتجاوز عن الإساءة فى سبيل دعوة الحق والإيمان» فقال تعالى: «ادقّع بالّتي هي أحسن السَيئة4 السيئة مفعول» الي هي أَحْسَن 4. أى الحال التى تكون أحسن الردود ردا مدنيا مقرباء وليس جافيا مبعداء والتعبير ب أفعل التفضيل معناه أن يتخير خير ما يدفع به سفه القول» وحمق الفعال من سخرية واستهزاء وتهكم بدعوته» وبالذين معه من ذكرهم بالسوء وإيذائهم وتعذيبهم» ورد الإساءة بالأمر الحسن فضيلة ذوى السلام من الرجال الصابرين» وقوله تعالى: «تحن أعلم بما يَصَفُونَ», أى نحن نعلم علما ليس فوقه علم بالأوصاف التى يصفونك بها أنت وأصحابك» فلا تأخذك هذه الأوصاف إلى أن تعاملهم بمثلهاء إنك جئت هاديا داعيا إلى الحق ومرشداء وما جئت مجافيا ولا معادياء وبالرفق تدنيهم وبالجفوة والغلظة تقصيهم., فألفهمء ولا تخاصمهم. وأحمق الدعاة من يوجد خصومة بينه وبين من يدعوهمء» فتثور أعصابهم لتقاوم دعوته» وقد بين سبحانه أن مغاضية من يدعوهم من همزات الشياطين» فقال: 9وَقَل رب أعُود بك مِنْهُمَرَات الاين 0 وَأَعُوه باك رب أن يحضرون 462 . يأمر الله تعالى نبيه بأن يلجأ إليه» ويعوذ به من همزات الشياطين» وأن يحضروه فى معالحة الدعوة الخالصة لله تعالى» وتبليغ الرسالة الإلهية إلى خلقه. والهمزة: هى النخسة التى تكون من وراءء واللمزة هى النخسة التى تكون من الأمام» وهمزات الشيطان هى سورة الغضب وحدته؛ ونسبت إلى الشيطان؛ لأنها تكون من غير الحكمة» وأمر الله تعالى نبيه بأن يستعيذ من همزات الشياطين هو أمر له بأن يدرع بالصبر وألا ينساق وراء الغضب من أفعال من يدعوهمء بل يسايرهم ويلاينهم ما لم يكن فى ذلك ضياع حق أو علو بالباطل» فالأمر بالدعاء بالالتجاء إلى الله من همزات الشياطين, أمر له عليه الصلاة والسلام بأن يتئدء ويدعو تفسير سورة المؤمنون فلولا ااااللللبللا0600ا0الااللللاااا0للل )+ ور؟ يي" بالحكمة» كما قال تعالى: #اذع إلى سَبيل ربك بالحكمة وَالْمَوْعظة الْحَسنَة وَجَادلهِم بالْتي هي أحسن . .. 4059 [النحل]. «أعوذ بك رب أن يُحضرون 24 أى ألما إليك عائذا لائذا أن يحضر الشياطين دعوتى إلى الحق» حتى لا أخرج عن جادة الدعوة بالتى هى أحسن» وإن هذا وما سبقه تحريض للنبى يلك بألطف عبارة» وأبلغ إشارة بأن يأخذ قومه بالرفق» والآناة» والمواتاة حستى لا ينفروا»ء وكذلك الشأن فى كل داع لأمر؛ أو لجديد من الحق لم يألفه الناس لا يغاضبهم ولا ينافرهم» بل يتألفهم» ويقرب منهمء ولا يباعدهم . وقد أنذر سبحانه المشركين بأنهم سيندمون حيث لا ينفع الندم» وأنهم يحاولون أن يصلحوا من أنفسهم حيث فاتهم الأجل وسبقهم الزمن» وما سبقهم لا يعود. «( حتى إذا جاء أحدهم الموت قَال رب ارجعون 69 لَعلّي أعمل صاحا فيما تركت كلا إِنّهَا كلمة هو قَائلها ومن ورائهم برخ إلى يوم ييعثون 429 . الضمير فى «إأحدهم», يعود إلى المشركين الذين كانوا يرددون: #أَئذَا متنا وكنًا ترابا وعظاما أئنا لبعوثون», والذين كانوا يرددون إن هذا إلا أُساطير الأََلِينَ 4 هؤلاء إذا حضر أحدهم الموت» ورأى رهبته وأدرك معانى الآيات الكونية والقرآنية» والدعوة المحمدية» علم أنه كان فى ضلال» وذكر أحدهم مع أن الأمر يعمهم؛ للإشارة إلى أن الضلال كان من اجتماعهم وتألفهم على الباطل» وتعاونهم على إثمه - قال رب ارجعون» المنطاب للجماعة التى تقبض الأرواح من الملائكة» أو هو عندما يكون قاب قوسين من الموت». ينادى من حوله أو فى نفسه يقول: ارجعون» كما يقول المستغيث عندما يدلهم عليه الأمرء أو تحدثه نفسه بذلك» كما قال تعالى: «ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله ما تقول . . )4 [المجادلة] . وقوله تعالى: ظلَعَلَي أَعْمَلَ صَاحًا فيما تركت», أى رجاء أن أعمل صالحا فيما تركت من مال وقوة» وسلطانء» وكان الرجاء والتردد لأنه لا يضمن توفيق اللّه» أو تفسير سورة المؤمنون الول اللو ااال للك لج ها بىي ١‏ لأن الرجاء هو ما تقتضيه الكياسة» فهو يطلبه راجياء وقد رد الله تعالى رجاءه مكذبا له فى عزمته على تدارك ما فاته وإنما هى أمنية يتمناها ويخالفها كما كان يعد فى الدنيا أنه إذا ذهب الكرب عاد إلى ربه مؤمناء فإذا كشف الله عنه الضر عاد كافرا . رد الله تعالى كلامه بقوله: #كلاً نه كلمَة هو قَائلّهَا4. أى أن هذا الرجاء كلمة نطق بهاء ولا تصادف عقيدة فى قلبه» وأكد هذا بقوله تعالى: #هو قَائلهَا4 أى أنه لا يتجاوز النطق بهاء ولا معنى لها فى القلب». كما قال تعالى: ل ولو دوا لَعَادوا نا نهوا عنه ...462 [الأنعام]ء ظ ومن ورائهم برخ إلى يوم يبعفُونَ» الوراء تدل على ما يستقبل أى ما يجيئهم بعد قولهم» وهذا كقوله: ا وكان وراءهم مُلك يَأخذ كل سفينةٍ غصبا 09)*» [الكهف] . والضمير فى «ورائهم » يعود إلى جماعة المشركين» وما قاله أحدهم هو المتردد على ألستتهم جميعاء فعاد الضمير إليهم جميعاء والبرزخ هو الحاجز المانع» قال الجوهرى: البرزخ الحاجز بين الشيئين» والبرزخ ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث» وقد قالوا: إنه القبرء ونقول: هو القبر لمن يقبر» والله أعلم . يوم القيامة وما فيه من حساب وعقاب قال تعالى : في الصور َلَاأَسسَابَ م دسف كبن درسم قوت 2 سه سرس حت ساس ار سكم ججطو لس 5 كفت موي اوليك هذا المُلخورت بت نيلا ومن ل يك حت سس الو م م 6 لاسا لل حَفت موازيئة. ملكا 0 0 دون 0 )ا تلشح ويجوههع التاروهم فم بل تمسير سورة المؤمنون الالال اااالللااا0ا0االل الل ١ الاك‎ تي ألو تكن ء ايت تل علكن فكشريها ككزبو 22 فَالوأ علس عَلِكَنَا سفوا وماس ليربا أَخْرحَاسها فَإنعدَنا إن طتلمور 9 فَالَا عاضا 06 ردنأ وى وين عر لس صرص »‏ ع صرصسم 1 7 جم ا 0 نَأل واحتأوأنت حَيلريحِينَ 2 هيا فاتخذتموم ل ا © عم . عو س حر + 4 0 ى وكنكمم : تع 2 20 يماس روا ا 00 1 ف جرهم أليوميماصارةأ أنهم هم لمرو 0 جاء فى المفردات فى تفسير كلمة الصور فى قوله: ظفَإِذَا نفخ في الصّور » الصور مثل قرن ينفخ فيه فيجعل الله سبحانه ذلك سببا لعودة الصور والأرواح إلى أجسادهاء أى أن البعث يكون على الله يسيراء إذ ليس إلا كنفخ القائد فى البوق» فيجىء الناس بصورهم وأجسامهم» وأرواحهم تلتقى بأجسامهم بعد جمع متفرق من أماكنها التى كانت فيها متفرقة» والفاء فى قوله تعالى: اذا نفخ في الصو » فاء الإفصاح لآنها تفصح عن محذوف» والفاء الثانية: «قلا أنساب بينهم» الواقعة فى جواب الشرط» ومعنى فلا أنساب بينهم» أى أنهم يكونون أمام الله تعالى على سواءء فلا أنساب بينهم يتفاخرون بهاء ويعلو بعضهم على بعض بشرفهم ولا تفاوت بينهم بسببهاء إنما الأعمال هى التى تكون مناط الفخرء وسر الاستكبار: «ولا يعسَاءلُون4» أى يكون كل فى شغل بنفسه من هول اليوم العظيمء فلا يسأل المرء عن زوجه ولا عن أبيه وأخيه» وابنه» بل ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد» وفى هذا الوقت يكون الحكم الذى ترتضى حكومته هو العمل» وميزان الأعمال» لذا قال تعالى: 6 تفسير سورة المؤمنون الللللللل للا لولاا 0010لا وسيب ير يي «فمن تَقَلَت موازينه فَأولك هم المفلحون 00 ومن حَفّتَ موازِينه فأُولمك الْذين خسوا هم في َم َالو ١ح‏ لقح بوهم هه طوف 4١‏ . الفاء للإفصاح أيضاء وقد صور الله الأعمال بأنها كالمحسوسات توزن فإن كانت جيدة يقبلها الله تعالى فإنها تكون فى الميزان وتنخفض كفتها لثقلهاء وإن ذلك تصوير للأعمال الراجحة المقبولة التى كانت مع الحق» ونفعت الناس» وكانت صالحة» وهذا تأويل حسن للميزان» بأنه تصوير دقيق للعدالة الربانية التى لا تبخس الناس أشياءهم» ولا تنقص الناس أعمالهم» والسلفيون الذين لا يؤولون» ولا يفسرون ويقولون: إنه يكون يوم القيامة ميزان حقيقى توزن به الأعمال. وقد قال تعالى فى جزاء الذين يقبل الله أعمالهم» ويكافئهم عليها «فَأُوك هم الْمفلحون 4 الإشارة إلى ذوى الأعمال الطيبة التى عرفت بالميزان أو كأن ذكر الميزان تصوير للعدالة ودقة الحساب» أى أولئك بسبب هذه الأعمال» والإشارة إليهم موصوفين بعملهم هم المفلحون أى الفائزون بالجنة ونعيمهاء ورضوان الله تعالى» وهو أكبرء وفى الكلام قصره» أى هم الفائزون وحدهم. ولو كانوا فى الدنيا ضعفاء» وأرقاء ومساكين» وغيرهم عتاة مستكبرون» وقد دل على القصر تعريف الطرفين فإنه يفيد القصرء على ما هو معروف فى علم البيان» وقد تأكد القصر بضمير الفصل» وإهم». هذا جزاء من ثقلت موازينه» أما من خفت موازينه» فقد قال سبحانه فيه: «إومن حَقّت موازيئه فَأُولك الّذين حَسروا أنفسهم في جهنم حَالدون 460 . وإن ذلك تصوير لعدل الله تعالى الذى لا يظلم أحداء فهو كالميزان الذى توضع فيه الأعمالء فلا يظلم أحد شيئاء أو يكون ثمة ميزان حقيقىء كما يقول السلفيون الذين يقولون: إن السلف لا يؤول» ولكن يفوض» ويقول ثمة ميزان يناسب اليوم الآخر» وقد ذكر الله تعالى لهم عقابهم» وهو مكون من ثلاثة: (##. تفسير سورة المؤمنون الال لووول نا لح نا أولها - أنهم خسروا أنفسهم» فقد خسرا المعانى الروحية التى كانت ترفعهم من دركة الحيوانية إلى مرتبة الإنسانية» وخحسروا العزاء النفسى الذى كان يكشف عنهم ضراء الحياة ويجعلهم يحتملونهاء وخسروا الإيمان الصادق بالله فهو نعمة لا يحس بها إلا المؤمنون. انيها ‏ العذاب الشديد الذى ينزل بهم» وهو الدخول فى جهنم» ولهذا قال الله تعالى فيه: «في جهنم خَالدونَ © وقدم الجار والمجرور؛ لبيان اختصاص جهنم بخلودهم فيهاء أى خالدون فى جهنم لا فى غيرء فليس عندهم فى هذا الخلود قسمة من نعيم. والعنصر الثالث ‏ من الجزاء ذكره بقوله تعالى: 8تَلمَحِ وجوههم التاروهم فيها كالحُون» . هذه أوصاف جهنم أو ما يصيب الذين ينزلون فيها ويخلدون. ولفح: معناها أصابتهم بحرها وسمومهاء فأجسامهم حطبهاء ووجوههم تصاب بحرها وسمومهاء ويقال: لفحته بالسيف إذا ضربته بهء فهم فى عذاب دائم مستمر لا يسلم منه جزء من أجسامهم « وهم فيها كَاخُونَ4 وعن ابن عباس فى تفسير 8 وهم فيها كَالُون» يريد كالذى كلح. وتقلصت شفتاه؛» وسال صديده.ء والمعنى الجملى» تشوى وجوههم النار» وتتقلص شفاههم وتعبسء. ويقال: إن الكالح هو الذى وتقلصت شفتاه» وبدت أستانه» وفى الجملة شاهت منهم الوجوه وتحرقت الأجسام ويقول لهم ربهم وهم فى هذه الحال. « ألم تكن آياتي ي تل عليكم فَكسم بها ُكذبُون 40-2 . الاستفهام داخل على حرف نفىء وهو للإنكار بمعنى عدم الوقوعء» ونفى النفى إثبات» والاستفهام مع دلالته على النفى فيه توبيخ وتذكير بجرائمهم» وجحودهم بالحق» وهو أبلج» والمعنى قد كانت آياتى تتلى عليكمء والواضح أنها آيات القرآن» لأنها هى التى تتلى مرتلة» كما أنزلها الله تعالى على نبيه محمد لله # تفسيرسورة المؤمنون 0 ١: لاا‎ 7 وأضاف سبحانه وتعالى الآيات إلى ذاته العلية؛ لأنها آياته إذ هو كلام الله تعالى» وهو تشريف لهاء وبيان عظم جرمهم فى تكذيبهم» إذ يكذبون الله سبحانه وتعالى» وقوله تعالى: «فكنتم » و(الفاء) للترتيب والتعقيب» أى فكتتم فور تلاوتها تسارعون بالتكذيب من غير تأمل وتدبر» وإنهم يكذبونها ويكذبون النبى يك مع إقامته الحجةء وعجزهم عن أن يأتوا بمثله» ويكذبون الله تعالى منزل الخلق» والذى خاطب خلقهء وعدّى التكذيب بالباء للإشارة إلى أن موضوع التكذيب آيات الله أى أنهم كذبوا النبى» وكان موضوع تكذيبهم آيات الله تعالى خالق كل شىء. وقد أجاب المشركون يوم القيامة: ل قَانُوا ينا عبت علَينًا شقوتنا كنا فَرما ضَالِينَ 49 . قالوا يوم القيامة عارفين ربهم مخاطبين له بلفظة: ربا إذعانا لمعنى الربوبية الذى كانت أعمالهم منكرة له» والشقوة بكسر الشين كردة» معناها الشقاوة والشقاء وهو ضد السعادة» ولعل المراد بالملاذ والأهواء والشهوات الجامحة فهى التى غلبت عليهم وأنستهم أنفسهم والحق» ويكونون قد عبروا عن المسبب وأرادوا السبب على سبيل المجاز المرسل» وكأن المعنى سيطرت علينا ملاذنا التى أدت بنا إلى هذا الشقاءء وقد صرحوا بذلك وبأنها أدت بهم الشهوات إلى الضلال فقالوا: «وكنًا قَوْمًا ضالين», أى استمررنا ضالين؛ لأن «كان» تدل على الاستمرار» أى عشنا حياتنا كلها ضالين الحق مجانبين الصوابء وذكر (قَوْمَا) للدلالة على أنهم تعاونوا على الإثم والعدوان» وقاوموا الحق. وضلوا مجتمعين. أقروا بضلالهم» ولكنهم حسبوا أنهم إن عادوا أصلحوا من أمرهم.ء قالوا: . ربنا أَخرجنا منها فَإِنْ عدنا فَإنَا ظَامُونَ 469 . ابتدءوا متضرعين متقدمين فى ندائهم بالربوبية الكالئة معترفين (أخرجنا منها) الضمير يعود إلى الجحيم» على ألا يعودوا إلى ما كانوا عليه من كفر وففساد فى الأرض» وخروج عن كل جادة مستقيمة طِفَإِنْ عدنا4, أى إلى ما كنا عليه من شرك بم تفمسير سورة المؤمتون ااال سر يي وعصيان» لفَإِنًا ظَامُونَ 4 الفاء واقعة فى جواب الشرط». حكموا على أنفسهم بأنهم يكونون ظالمين» أى يكون الظلم وصفا مستمرا لهم» وكأنهم يومئون إلى أنهم لم يكونوا ظالمين من قبلء» أو كأنهم لم يعدوا الإعلام السابق عن طريق النبيين ليس معدودًا فى الإعلام» وكأنه لا إعلام إلا بالعذاب» وقال تعالى: 8 ولو رذوا لَعَادوا نا هوا عنه .. . (462 [الأنعام] . أجابهم الله فى ذلك بقوله: قَال احْسئُوا فيها ولا تكلمون 40-2 . القائل كما يظهر من ثنايا القول هو الله جل حلالهء احْسئوا» أى ابعدوا ولا تكلمون», ياء المتكلم محذوفة والمعنى «لا تكلمونى»؛ وذلك لأن كلام الله تعالى منزلة من الرضا لا يصل إليها إلا الأبرار المنقون الذين يكلمهم الله وينظر إليهم ويزكيهم. أما هؤلاء فهم مطرودون من رحمته محرومون من رضاهء وذلك رد عنيف لطلبهم أن يخرجوا كأنهم يخدعون ربهم» وحالهم فى الدنيا كاشف. وقد كانوا يتضرعون فى الشديدة فإذا عادوا كأن لم يتضرعوا من قبل . وقد ذكر سبحانه أسوأ أحوالهم» وهى السخرية ممن يتضرعون إلى الله تعالى» فقال: وإنه كَانَ فَرِيقَ مَنَ عبّادي يَقُولُونَ ربا آنا فَاغْْر لَنَا وَارْحَمنا وأنت خَيْر الراحمين 4-3 . وإن الله تعالى ليذكرهم بأعمالهم مع المؤمنين الذين كانوا يضرعون إلى الله تعالى» ويرجون رحمته» ويخافون عذابه» فيقول: ؤِإِنّهُ كان فرِيق من عبادي» هذه الجملة فى مقام التعليل لإبعاد المشركين وطردهمء ومنعهم من الكلام معهء أى أنه سبحانه وتعالى يعاملهم يوم القيامة بهذه المعاملة المبعدة الطاردة جزاء وفاقا لما كانوا يعملونه مع المؤمنين» والفريق من عباده هم فريق المؤمنين الذين كانوا يؤمنون به وبرسله ويضرعون إليه» يقولون: #ربنا آمنا4. أى صدقنا وأذعنّاء وصرنا من اتبعوا رسولك» #قاغفر أنا» . 6 تفسير سورة المؤمنون لل الل 000 لح ل وشأن المؤمن الضارع أن يحسب أن ذنوبه قبل حسناته» فيطلب الغفران قبل طلب الجزاء على الطاعة؛ لأنه يحس أنه لم يقم بحق الله تعالى عليه» حتى يطالب بحق لهء #ارحمنا, أى امنن علينا بدوام الهداية» وأدخلنا فى رحمتك,؛ دعوا الله تعالى أن يرحمهم ولم يدعوه بأن يكافئهم. بل يحسبون كشأن الأبرار أن ما كان يجزيهم به من خير فهو فضل رحمته ورضوانه» ولا يحسبون أنهم عملوا ما يستحقون عليه جزاءء طإوأنت خَيْر الراحمين»: أى وأنت الذى ترحم رحمة ليس فوقها رحمة يا رب العالمين. ماذا كان لقاء المشركين لهؤلاء المؤمنين؟ مي ل وترم او #0 هماه ل«فائْخدتموهم سخريًا حتّى أنسوكم ذكري وكثم مُنْهُمْ تَضْحَكُونَ 409 . الفاء للإفصاح عن شرط مقدرء أى إذا كانوا على هذه الضراعة» فلم يقتدوا بهم ويأتسواء بل اتخذوهم سخريا. . قرئ بضم السين» وقرئ بكسرها "02 وفرق بعض اللغويين بأن القراءة بالضم معناها التسخيرء وبالكسر معناها الاستهزاء »ولا يعرف هله التفرقة الخليل بن أحمد ولا سيبويه ولا الكسائى ولا الفراء بل هما لغتان بمعنى واحد» ولقد كان المشركون يسخرون من الذين آمنواء وقوله تعالى: #حتى أنسركم ذكْرِي 24 أى أن هذه السخرية جعلتهم لا يلتفتون إلى معانى الذكر الحكيم» ولا يتدبرون آياته» ولا يعتبرون بعبره» وإنه بسبب هذا كله ينسون ذكر الله تعالى فلا تمتلئ قلوبهم به» ولا يخشونهء «ركشم مُنْهِم تَضْحَكُونَ 4. أى كنتم أيها المشركون الساكنون فى جهنم تضحكون منهم ‏ والضحك يميت القلب» ولا تكون معه عبرة ولا استبصار. ش مهبر تر بر وس وس ام ل«إنّي جزيتهم اليوم ما صبروا إِنّهُم هم القائرون 4659 . قرئ بفتح همزة «أن" وتكون مجرورة بلام محذوفة» والمعنى إنى جزيتهم 2000 قراما ؛ بضم السين : اناق 0 جعفر)» وحجمرزهة زة والكسائى وخلف» ووافق أبو يزيد (عن المفضل عن عاصم)- إل تفسير سورة المؤمنون [ ذ ذا 0 2 اا :”7 و اليوم الذى تعذبون فيه هذا العذاب الأليم بسبب صبرهم على سخريتكم» وعلى الإيذاء الذى تؤذونهم» وكان ذلك الجزاء اليوم» أى فى الوقت الذى تكونون فيه فى وعلى قراءة كسر همزة 58 تكون (إن) جملة فى معنى تعليل الجزاء» أو بيانه » 9 إِنْهِم هم الْفَائرون» أى هم وحدهم الفاتزون» ودل على القصر تعريف الطرفين » والتأكيد بضمير الفصل» والحملة فيها عدة تأكيدات » فهى مؤكدة ب «أنى وبالجملة الاسمية» وب (هم), والله سبحانه رءوف رحيم. مدة البقاء فى الأرض قال تعالى: ل ل رم 3 آ مه انمقأ لارضٍعدد سين 0 مو آي مر لت مسر بوسر لمان ليه أ 200 ولع ل لد سرصم بر سر م كش 0 152 مَدُالْمَلِكَ) ِكالح قلدإكه! ا ره 00 200010 > هوربا شِالحكرم 02 ومن يدع معالله أو آ آ آ ب هل لت 1 5 2 اد يه إنّه. لايميح و 1 2 # هه 1 وده لاعف وأتجموانت حير اريم حمين 22 )١(‏ (إنهم هم الفائزون) بكسر الهمزةء حمزة والكسائى» وقرأ الباقون بفتح همزة *إن'. غاية الاختصار: 0857/7. () انظر السابق. 6 تفسير سورة المؤمنون الللللللا لول «بمل_-ا؟ يي إن هذه الدنيا مع أدوارهم فيها من أجنة فى الأرحام إلى الخروج من بطون أمهاتهم أطفالا فشبابا فكهولا يكون الإحساس بهاء كأنها يوم أو بعض يوم؛ ولذا يسألون يوم القيامة عن مدة مكثهم قال كم لبنتم4. أىّ مدة بقيتم فى الأرض قد اتخذتموها مهادا وفراشا وأفسدتم بها ما أفسدتم وعادين ذلك بالسنين #عدد سنين» هذا بيان لأصل الاستفهام بعد نوع إيهامء أى كم لبثتم من عدد السنين» فالسؤال عن عدد السنين» لا عن عدد الشهور والأيام؛ لأنهم فى ذلك الوقت يكونون قرب الخروج من أرحام الأمهات أطفالاء فالسؤال عن وقت وعيهم وهو يكون بالسنين. وقد أجابوا: بأنهم مكثوا يوما أو بعض يوم؛ لأنهم كانوا فيها يتمتعون ويرتعون فى الحرام فكانت قصيرة فى نظرهم» ولذا قالوا: الوا لبثنا يوا أو بعض يوم فاسأل العادين 409 : (الفاء) للوفصاح.ء أى أنهم يجهلون عدد السنين فلا يستطيعون الإجابة» وأحسوا بأن الذى يسألهم عنده وسائل المعرفة» وعده عليهم من سنين حياتهم فى الدنيا»ء كما أحصى أعمالهم» ووجدوها محضرة» فمن أحصى الأعمال لابد أن يعرف عدد السنين؛ ولذا «فاسأل العادين4: أى الذين من شأنهم أن يعدوا ويحصوا. وقد أكد سبحانه أنهم ما لبشوا إلا قليلا» والقلة بالنسبة للآخرة» ولذا قال عز من قائل : لقال إن لشم إلا قليلا أو نَم كشم تعلَمون 4059 . #إن* نافية» أى ما لبثتم إلا زمنا قليلا؛ لأن الدنيا متاع قليل غير باق» والآخرة خير وأبقى» فمهما تطل الآجال فى الدنيا فهى فانية» والفانى قليل إذا وزن بالباقى الذى لا يفنى» وذلك ما لم يكونوا يعلمونه إذ كانوا يقولون ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحياء وما نحن بمبعوثين؛ ولذا قال تعالى: لو أنكم كنتم تعلمون», أى لو ثبت وقَر فى نفوسكم أنكم كنتم تعلمون حقيقة هذه الدنياء وأنها معبر طال إل تفسير سورة المؤمنون ااال الل 0 ٠ ااال‎ لي زمنه أو قصر إلى حياة دائمة باقية» إما أن تكون عذابا مستقرا أو فانية أو نعيما باقياء و(لو) - حرف امتناع لامتناع» أى امتنع علمكم فى الآخرة لامتناع علمكم فى الدنيا بأنها سئون قليلة بالنسبة للآخرة» وقد أكد نفى علمهم ب «إن» وب «كان»» ولله فى خلقه شئون» وقد انتفى علمهم» لأنهم حسبوا أنه لا حياة بعد الموت؛ ولذا قال عز من قائل : « أفُحَسبثم أَنّما حَلَقَاكُم عبنًا وأنَكم إِلَينَا لا ترجعون 402 . . قلنا: إن الآية السابقة فيها إيماء إلى أن الحياة الدنيا أمدها قصير بالنسبة للآخرة» وإنها لجنة أبدا ولنار أبداء وإن ذلك مع ما سبق يتبين أنه لابد من البعث» وأن حكمة الخلق والإيجاد للإنسان لا تتحقق إلا به» ولذا قال تعالى: أفُحسبتم أنْمَا حَلَقَنَاكُم عبناي (الفاء) تفيد ترتيب السؤال على ما قبلهاء» وهى مؤخرة عن تقديم» ؛ لأن أداة الاستفهام لها الصدارة» والاستفهام للاستتكار أى إنكار ما وقع. فهم حسبوا ذلك» وقالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين» و#أنما» أداة حصرهء أى ما خلقناكم إلا عبثاء أى من غير حكمة باهرة ظاهرة» والعبث أى من غير حكمة من الله تعالى» وعبثا منكم أى خلقناكم لتعبثوا من غير طلب مطلوب منكم» ولا غاية تتجهون إليهاء لتلهو أو تلعبوا وتقولوا وما الحياة الدنيا إلا لهو ولعب» ولا محاسب يحاسبكم» طوأَنّكُم إَِينَا لا ترجعون» الواو عاطفة أى وحسبتم أنكم إلينا لا ترجعون لتحاسبوا على ما كان منكم من لهو عابث» وتقديم الجار والمجرور يدل على الاختصاص والتهديد بالرجوع إليه سبحانه وتعالى وحده بحيث لا يكون معهم شفيع يشفع» ولا وى يناصرء ولا فدية تعطى» بل يؤاخذ كل على ما فعل» إن قليلاء وإن كثيراء وإن خيراء وإن شراء وأكد سبحانه وتعالى رجوعهم إليهء بالجملة الاسمية» وبتصديرها ب «إن» الدال على التحقيق» واللّه سبحانه وتعالى أعلم . ل( فَتَعاَى الله الملك الْحق لا إِله إِلذّ هو رب الْعَرَشٍ الْكَرِيمْ 4659 . ا تفمسير سورة المؤمنون الملل ل ب 5 يي" الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء فإنه يترتب على ما ذكر من خلق الإنسان والكون كله أن يكون فى علو لا يتسامى إليه أحد فى الوجودء» وقد وصفه سبحانه بصفات خمس هى لا تكون إلا له سبحانه؛ إذ هو كامل الوجود» وتلك صفات كامل الوجود» وليست إلا له: الأولى ‏ أنه سبحانه له وحده الملك والسلطان» ولا سلطان فوق رب العالمين. والصفة الثانية ‏ أنه الحق الثابت الدائم» الذى لا ثبات لغيره» وملكه قائم على الحق والعدل؛ لأنه قام على كونه خالق الوجود كلهء وهو ربه» فهو الملك وهو الحق» وهو قائم على دعائم الحق. ويحكمه سبحانه وتعالى بالعدل. والصفة الثالثة ‏ أنه هو الله وحده فلا إله غيره؛ سبحانه وتعالى؛ لأنه إذا كان الخالق وحده. وله الملك وحدهء فهو الإله وحده»؛ وقد أشرنا من قبل إلى أن العرب كانوا يعترفون بأن الله وحده خالق كل شىءء وأنه واحد فى ذاته وصفات ولكن عند العبادة يعبدون الأوثان» فالله سبحانه يبين أن الخلق ووحدة الذات توجبان وحدة الألوهية . الصفة الرابعة ‏ أنه رب العرش» أى صاحب السلطان وحده فى الدنيا والآخرة فلا سلطان لشخص أو حجرء إنما السلطان له وحده فى الدنيا والآخرة. الصفة الخامسة ‏ أنه الكريم الذى فاض بنعمه الظاهرة والباطنة على الوجود كله ويغفر ويرحم» والذى يبل التوبة عن عباده» كما قال عز من قائل: #وإني عفار ذّن تاب وآمَن وعمل صَاخًا ثم اهمّدئ 469 [طه] . وإن المشركين لا برهان عندهم على أن ما يعبدونه استحق العبادة؛ ولذا قال تعالى : ا ومن يدع مع اله لها آخر لا برها لَه به فَإِنّمَا حسَابهُ عند ربَه إِنّهُ لا يقلح الكافروذ 69 > . تمسير سورة المؤمنون اللللللللول ااال اا60ا0االللل سالك 2 ج(ج 5 يي ( ومن يدع مع الله 4 أى يعبد مع الله إلها آخر بزعمه من بشر أو حجر «لا برهان له به) أى بعده إلهاء أو باستحقاقه لصفة الألوهية» فالضمير فى #إبه» يعود على 8ِإِلَّها آخْرَ 4, ونفى البرهان يقتضى أولا أنه لا برهان على وجوده بحيث يكون نافعا ضاراء وينفى ثانيا: استحقاقه للعبادة؛ لأن من يعبده أغلى تكوينا منه فى كثير من الأحيان» فالإنسان يعبد حجراء وهو يسمع ويبصرء وال حجر لا يسمع ولا يبصر ولا حياة فيه» بل هو جمادء وإذا كان لا برهان يسوغ عبادته» فإنما الوهم لا العقل هو الذى سهل هذه العبادة» وقال تعالى فى جواب الشرط: هقَإِنمَا حسابه عند ربّه» (الفاء) واقعة فى جواب الشرطء (إنما) للحصر» أى لا يحاسبه إلا ربه» وفى ذلك إنذار شديد بالعقاب الآليم فحسابه عند ربه الذى خلقه» وقام عليهء وهو القاهر فوق عباده» ثم قال تعالى: «إنّه لا يقلح الْكافرون» وهذه الجملة. فى بيان نتيجة الحساب وهو أشد العقاب» والضمير فى «إنّه4 ضمير الشأن» أى أن الحال والشأن لا يفلح الكافرون لكفرهم» ولن يغنى عنهم شىء. «إوقل رب اغفر وارحم وأنت حير الراحمين 405 . الخطاب للنبى ككل يطالبه بأن يدعو ربه ضارعا إليه بالغفران والرحمة فهو «خَيرٌ الراحمين» أى الرحمن الذى لا يصل إلى رحمته أحد وقد طلب أن يغفر من غير ذكر المغفور له» وطلب أن يرحم من غير ذكر من يرحم» وذلك لشمول من يطلب الغفران لهم» والرحمة لهم» فهو الغفور الرحيم الذى سبقت رحمته عذابه وفى ذلك الطلب من النبى كَلكْةٌ تصفية لنفسه من شوائب الحقدء والحسدء ليدنى من يدعوهم» ولا يجافيهم» فإن الجفوة تبعد والرحمة تقرب, إن الله غفور رحيم. تمهيد: هذه سورة مدنية وعدد آياتها (14) أربع وستون آية» وسميت النور لقوله تعالى فيها: ظاللّه نور السّموات والأرْض مَقَل نوره كمشكاة فيها مصبًاح المصباح في زجاجة الرجاجة كأَنْهَا كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتوئة لا شرقيّةٍ ولا غربية يَكَاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نَار نُورَ على نور يهدي الله لنوره من يشَاء .... 4)2. وإنها لو سميت سورة الأسرة لكانت جديرة بهذا الاسم. وقد ابتدأ بما هو آفة الأسرةء» وحمايتها منهء وهو الزنى» فكان أولها ‏ عقوبة الزناة التى تحمى الأسرة والمجتمع من أشراره #الزانية والراني فاجلدوا كل واحد مهما ال انام يهن رأف في د لدم ُو له وأ لآخر وله عَدَابهُمَا طَائَة مَنَ الْمُؤْسِينَ 0 الرّاني لا يكح إلا انيه أو مشركة والزانية لا يتكحها إلا زان أو مشرك وحرِم ذلك علَى الْمؤمدينَ 40 . وأراد الله تعالى أن يكون المجتمع الإسلامى مجتمعا نزيها لا يترامى بالسوء والفاحشة صيانة للفضيلة» ونصاب الشهادة بالزنى أربعة» فمن رمى محصنة أو محصنا بالزنى يجلد ثمانين جلدة. » فقال: «والّذين يَرمُونَ المحصتات ثم لم يَأتوا بأربعة شهداء فاجلدو هم ماين جلْدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولتك هم الْفاسقون لين ُو من بد ذلك صمو إن اله وريم 4020 قرر سسبحانه عقوية مادية بالجلد ثمانين جلدة» وعقوبة أدبية تبعية» وهى ألا تقبل لهم شهادة أبدا. ا تفسسمير سورة النور اللا 4 كوه : يي ولكن قل يرمى الرجل زوحه» وليس معه شهود أربعة» فأوجب اللعان» بأن يتحالفا على البراءة» وقد قال تعالى: طوالذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فَشَهَادة أ أحدهم أربَع شهادات بالله إِنَّهِ لمن الصادقين (5) والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الْكَاذْبين ويدراً عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات باللّه إِنْه لمن الْكَاذبِينَ 20 والْخامسة أَنّ عَضَب الله عليهًا إن كَانَ من الصّادقِينَ )4*, وإن ذلك فضل من الله ورحمة لأنه حمى المجتمع والأسرة من تلك الآفة الخلقية المخربة» ولأنه منع قول الزور وأن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا. وقد أشارت السورة إلى حديث الإفك على أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها و امهس #ر اس وعن أبيهاء فقال عز من قائل: إن الّذين جاءوا بالإفك عصبة مدكم لا تحسبوه شرا لَكُم بل هو خير لَّكُم لكل امُرئ مَنْهُم ما متسب من الإنْم والّذي تولَئ كبره منهم لَه عذَاب عظيم 2409 وعلمنا الأدب عندما نستمع خبر سوء فلا يجوز لنا أن نذيعه بل نظن خيرا بالمؤمنين وخصوصا ما يتعلق ببيت الرسول: #إلولا إِذ سمعتموه ظَنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم حيرا وَقَالُوا هذا إفك مبين 09 لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فَإذ لم يَأتوا بالشهداء فَأُولَتك عند الله هم الْكَاذبونَ 4069 . وإن هذا كان جرما عظيما؛ لأن رمى المحصنات أمر عظيم » أورمى زوج النبى كِِهٌ جرم هو أعظم الحرام» ويقول سبحانه: «إذ تَلَقَوَه بألسنتكم وتق تَقولُون بأفواهكم ما ليس لَكُم به علم وتحسبوته هينا وهو عدد اللّه عظيم 2 ولولا إذ سمعتموه قأتم ما يكون نا أن تكلم بهذا سبحاتك هذا همان عظيم 09 يُعظكُم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مُوّْْينَ 4650» وإن إشاعة قول السوء عن أم المؤمنين تؤدى إلى إشاعة الفاحشة فى المؤمنين إن اْذين يحبُون أن تشيع القاحشة في الّذِين آمنوا لهم عَدَابْ أليم في الدنيًا والآخرة واللّه يعلّم وأنتم لا تَعلَمُونَ 09 ولولا فضل الله عليكم وَرَحَممْه ون الله روف رحيم 409 ويبين لنا سبحانه أن الخوض فى مثل هذا من تتبع خطوات الشيطان. م إل تفسيرسورة النور اللللللاالااللاالللا60ااالللولل ل اه تي < وينهانا سبحانه عن ذلك» فيقول: يا أَيها اين آمنوا لا تِعوا خطوات الشَيطَان ومن يبع خطوات التْيطَان فَإنَهيَمْر بالفحشاء والَْكَرٍ ولول فُضل الله عليكم ورَحَممُه مَا رَكئ منكم من أَحَد أبدا ولكن الله يرَكِي من يَشَاء ... 49 . والاأسر لابد فيها من التراحم» ولو كان بعض آحادها قد شذ» كما شذ بعض ذوى قرابة أبى بكر الذى كان يمده بفضل ماله»ء فخاض فى حديث الإفك على عائشة» فمنعه أبو بكر من فضله» فقال الله تعالى ناهيا أبا بكر» ومن يكون فى مثل حاله: «ولا يأل أُولوا الْفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القريئ والْمَساكين وَالْمُهَاجِرِينَ في سبيل الله وليعفوا وَلْيَصْفَحوا ألا تحبُون أن يَغفر الله لَكُم واللّه عُمُور رحيم 469 , وقد بين سبحانه بعد ذلك إثم الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات» وأرجلهم بما كانوا يَعَمَلُونَ 60 يُومئذ يوفيهم الله ديتهم الحق ويَعلَمُونَ أن الله هو الحق المبين 402 . وإن الله لا يختار لنبيه إلا الطيب من النساء؛ لأن الطيبات للطيبين والخبيثات للخبيثين» والنبى وزوجه مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم» وقد بين سبحانه وتعالى حرمة البيوت» وتحريم التهجم على الأسرة بغير إذن ليا يها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتَئ تستأنسوا وتُسَلَمُوا على أهلها ذَلَكُم خير لَكُم لَعلّكُم كرود 9 فَإن َم تجدوا فيها أحَدا فلا تَدحُوها حب يردن لَكُمْ إن قيل لم اموا فارجعوا هو أَزكئ لكم واللّه بما تعَمَلُونَ عليم 402 ويفصل سبحانه بدقة لأحوال واللّهِ يعلّم ما تبدون وما تكتمون 49 . بعد ذلك أقر الله تعالى بعض الطرف للرجال والنساءء #قل لَلْمِؤْمنينَ يغضوا من أبصارهم ويَحَفَظوا فروجهم ذلك أَرَْئ لَهُم إن الله خَبِيرٌ بمَا يَصنْعُونَ 69 ول 0 تفسير سورة النور الال 0م كك َي َلْمُؤْسَات يغضضن من أبصارهن ويَحفَظن فَروجهن ولا دين زِيسَهن إِلأّمَا ظَهِر منها ولْيَضرين بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين يهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعو لهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أومًا ملكت أيمَانهنَ أو التابعي غير أولي الإربة من الجا أو الطفل الذدين لم يهسروا علئ عورات النَساء ولا يُضرين بأرجلهن ليعّم ما يحَفينَ من زينتهن وثوبوا إلى الله جميعا يها الْمؤْمنون لَعَلّكُم تفلحون 469» ويحث على إنكاح الأيامى غير المتزوجات» والصالحين من العباد ولو كانوا فقراء» وإن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله» ونهى عن البغاء ووسائله» ونهى عن إكراه الإماء على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنياء طا. . .ومن يكرههن فَإنَ الله من بعد إكراههن غَفُور رُحيم 49 . وتنتقل الآيات إلى تطهير ال مجتمع على نور من أحكام الله تعالى» وقد ابتدأ بذكر نوره سبحانه» فقال جل شأنه: «اللّه نور السّمَوات والأرض مثل نوره كمشكاقٍ فيه مصباح المصباح في زاج الزجاجة كآنه دكب دي يوفد من شجرةمماركة قونة عم واس واس شا يصب الله امال لئاس والله كل يام ا عليم 469 . وإن صلاح المجتمع يبتدئ من بيوت العبادة: بالصلاة» فهى طهارة القلوب» والمجتمع الصالح ما قام إلا على طهارة النفوس » فذكر سبحانه وتعالى المساجد ومكانتها عند الله فقال تعالى: #في بيوت أَذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال (2 رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكْر الله وام الصّلاة وإياء الزكاة يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والأَبصارٌ 9) ليجزيهم اللّه أ حسن ماعملوا ويزيدهم من فضله واللّه يرزق من يشاء بغير حساب 462 . يؤمنوا بالله واليوم الآخرء وقد شبهها سبحانه وتعالى بعدة تشبيهات» فشبهها م ل تفسيرسورة النور الل االو اللا0ا0ا0اااا0ااالللللل الل اااكههساة :2 بالسراب الذى يكون بقيعة حتى إذا جاءه لم يجد شيئاء وشبهه بالظلمات #أو كظلمات في بحر لحي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعضٍ إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل اللَّه له نورا فُما له من نور (4)6 . من اب لب اس 1 22 2ه ا عار 2-9 2 نيج 6 25 مر سس هم هيل م ايم اس ل يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون 0©) وللّه ملك السّموات والأرض وإِلَى الله المُصير 49 . َه يلف مجه ركام ف ى ْدق يريما خلاله ويل من الما من بال فيه من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يَكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار 60 يقلّب الله اللّيل والتَهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار 49 . ثم يوجه سبحانه الأنظار إلى خلق الدواب #واللّه خلّق كل دابّة من مّاءِ فُمنهم من يمشي علئ بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قَدِير 462 . مبينات واللّه يهدي من يشاء إلى صراط مُستقيم 4)3» ويذكر بعد ذلك أحوال الذين تلقوا هذه الآيات» #ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولئ فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين 4)9, وهؤلاء لا يتجاوز النطق بالشهادة حناجرهمء امم 71 1 له د رشق د اهمه و ل ب “ةم ره م م ل عم عمم هدم «إوإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون (2) وإن يكن لهم الحق يأنو إّيه مذعدين 59) أفي لوبهم مُرض أم ارابوا أم يحَافُوَ أن يحيف الله يهم ورسوله بل أولتك هم الظالمون © . وهؤلاء كالأعراب الذين كانوا فى عصر النبى لد وكالذين يذكرون فى الأسماء الإسلامية» ويؤمنون بالقوانين الأوربية؛ و يؤمنون بشريعة القرآن طإِنّمَا كان قول المؤمنين ذا دعوا إِلَى اللّه ورسوله ليحكم بينهم ,أن يقولوا ا تفسيرسورة النور 1 المممامممااممماامااااخخ مالالا لم مماامغ مخ اللا لال لا مالم خخ الخال اماما ماع املاط اللا ل ممم ناتللا اك يي سمعن وأطَّنا وأوآدك هم المقلحون 29) ومن بطع الله سول ويعخش الله وق َأوليك هم الْفائزون 4029 ومن ضعفاء ء الإيمان من يقسمون بالله إنهم لمعهم» فيقول لهم الله تعالى: #. .. له تفسموا طَاعَة مُعرِوفَة إنَ الله بير بما تعملُون ©6066 9© قل أطيعوا الله يعوا الرّسول فَإن تولُوا فَإِنَما عليه ما حمل وعَلَيَكُم ما حملتم وإن تطيعوه تَهتدوا وما عَلَى الرسّول إلا ابلاغ المبين 4)28. وبين من بعد ذلك وعد الله اْذِين آمَنوا منكم دهم الذي اص لهم وهم م بعد حوفهم أ يوني لا رود بي شين ومن كَفَرَ بعد ذلك فَأُولَك هم الْقَاسقَودَ 4)22. ويأمر سبحانه تعالى بعد ذلك بإقامة الصلاة» وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول رجاء رحمة الله»؛ ويبين بعد ذلك أنه لايعجزه المشركون فى الأرضء» ولكن يمهلهم» ومأواهم بعد الإمهال جهنم ويئس المصير . بعد هذه الآيات المتعلقة بالإيمان» وأخلاق ضعفاء الإيمان ومن فى قلوبهم مرض والمشركين» يعود إلى الأسرة وآداب الاستكذان» وقد تكلم فى الاستئذان بالنسبة للداخلين فى بيوت غير بيوتهم» ثم من بعد ذلك تكلم فى استكذان الساكنين من الأسرة فى دار واحدة فى الاستتذان على الأسرة نفسها فى الدخول إلى الحجرات اللخصصة للرجل وزوجه فقال: ليا أَيها الّذين آمنوا ليُستَأذنكم الّذِينَ ملكت احم وين لم يوالم سكم قث نوات من فصل الجر وحن ُو َم م الطهدرة وم ند اه المحء فلا غورات كم يكم ولا عم جاح بعد طَرَافُونَ عليكم بعضكم علَئ بعض ذلك ين الله َم الآيات والله عليم حكيم 459. الأطفال البالغون الحلم علَّمهِم الاستئذان ككل آحاد الأسرة» لا فى أوقات العورات فقط. ولا ترك الآيات أحكام القواعد من النساء اللاتى لا يرجون نكاحا ا تفسيرسورة النور اللو لل ا بىي< وتكلم سبحانه فى نفقات الأقارب فيقول: ليس عَلَى الأعمئ حرج ولا على الأعرج حرج ولا على الْمَرِيضٍ حرج ولا علَئ أنفسكم أن تأكنُوا من بيوتكم أو يوت آبائكم أو بيوت أمهانكم أو يبوت إخوائكم أو بيوت أحَواتكم أو يوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خَالاتكم أو ما ملكتم مُفاتحه أو صديقكم ليس عَلَيكم جتاح أن تَألُوا جميعا أو أشنا ذا دحلم يوا فَسلمُوا على أنفسكم تحيّة من عند الله مباركة طَيبة كذلك يبي الله َكُم الآيات لَعلَكُمْ تعقلون 49 . وقد ذكر سبحانه وتعالى ما يجب أن يكون عليه المؤمنون» فقال: #9إِنَّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذَا كاثوا معَهُ على أَمْر جامع لم يَهبُوا حت يستأذوه إن اأذين يستأذنوتك أولهك اْدين يؤمنون بالله سول فا تولك عض شأنهم فَأدن لمن شعت شكت منهم واستغفر" لهم الله نالل فور ريم 249 ويعلّم سبحانه المؤمنين فى أدبهم مع الرسول فيقول عز من قائل: طلا تجعلوا دعَاء الرسول بتكم كدعاء بعضكم عضا قد يعم الله دين يَسَُونَ مكم لواذا فمْحَدَرِ دين يُحَالُون عن مره أن قصمهم فتنة أو يصيبهم عَذَاب أَليم 469 . وختم الله سبحانه وتعالى السورة ببيان سلطانه فى هذا الوجود كله #ألا إن لله ما في السّموات والأرض قد يَعلّم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إلَيه فينبئهم بما عَمِلُوا والله بكل شيء عليم 069 . ا تفسيرسورة النور لللااالالاللاالللااااااااللللللل اال معانى السورة 22 حد الزنى قال الله تعالى: - ا 0 0 29 و م سورة أَنرلتهاوةضْتهاوا: تزلنا فهآء اي" نينت أ 9 ري لاه رجدو لود 1 وس مدي رصح ميل را و ساح مر و يومارأفة نهنم وأو روه وس 1 سه 0ع دما طْصَة نمؤم َي اكع إلا نَدَأَوٌ مْوَي لابتكهه اران أومُشرلك وَخْرم كلك عَلَ الْمَؤْمنِين 2 ابتدا سبحانه وتعالى السورة باختصاصها بأنها سورة #سورة أَنزَلتَاها وفرضناها4. وذكرها منكرة لإعلاء شأنهاء وحسبها أنها منزلة من عند الله واختصت بذكر أنها أنزلت من عند الله وقوله: #وفرضتناها». أى فرضنا ما فيها من أحكام تتعلق بحماية الأسرة وعقاب المعتدين على النسل فيهاء ولكيلا يتمرد على أحكامها أحدء فهى أحكام مفروضة من عند الله» وهى تطهير للعسباد من إثمهم» وكما شرف الله تعالى السورة كلها بنسبة إنزالها إليهء شرف آيات الأحكام فيها بالإنزال؛ تأكيدا للإلزام بأحكامهاء والتزام أحكامهاء ولو كانت شديدة فهى شديدة على المعتدين» وحفظ للمؤمنين» وقوله تعالى: «وفرضتاها». أى فرضنا ما اشتملت عليه من أحكام؛ وأولها وأشد عقوبة: الزنى» وقوله تعالى: طلْمَلَكُم تذَكْرون4: أى تذكرون أحكامهاء وتعرفون شدتهاء فتعرفون قبح الجريمة» وأثرها فى المجتمع الإسلامي» وأنها لا تكون فى قوم إلا كتبت عليهم الذلة» والضعف والاستسلام» والخنوع. ٠‏ لم تفسميرسورة النور اللو لال لل حب ا وقد ابتدأ من ذلك بحكم من يرتكبون هذه الجريمة المفرقة بين الجماعات» المضيعة للنسلء» فقال تعالى: #الرَانيّة والرّاني فَاجَلدوا كل واحد مَنْهِمًا مائةَ جلْدة ولا تَأخْذكم بهم ره في دين الل إن كسم تؤمنون بالل ايوم الآخر وليشهد عذابهما طائقَة من الْمَؤمنِينَ 400 . الزنى هو وضع النطفة فى رحم غير حلال لهء أو بشكل عام: وضع العضو فى عضو ليس حلالا له والزنى أقبح الجرائم التى تفتك بالجماعات الإنسانية» ولذا مسري تر م قرن النهى عنه بالقتل إذ يقول سبحاته : «إولا تفتلوا أولادكم خشية إملاق نُحن ترزقهم وإياكم إن لهم كان خطنا كبيرا 69 ولا ربوا الرتئ إِنّه كان فاحشة وساء سبيلا 69 ولا تلو انس بي حرم اله لاني وس أل مظوما فد عأنا لوي لطن فلا يسرف في لقتل إِنَّهِ كَانَ منصورا 469 [الإسراء]. وترى النهى عن الزنى جاء بعد النهى عن الوأد؛ لأنه من بابه» وإذا كان الوأد قتلا للولد» فالزانى كذلك؛ لأنه يرمى النطفة» ولذا لوحظ فى الآمم التى تكثر فيها الفاحشة, أنها تفنى شيئا فشيئاء وأن شيوع الزنى فى أمة يضعف قوتها ونخوتها ويجعلها جماعة لاهية لاعبة. وهذه الجريمة لما فيها من فحش. وإضعاف لقوة الأمة» وإردائها فى مهاوى الهلكة شدد الله تعالى عقوبتهاء فقال: #الزّانية وَالرّاني فَاجلدوا كل واحد مهما ما جلدة)» وهنا ثلاث إشارات بيانية : أولاها: فى تقديم الزانية على الزاني» قالوا: لأن قوة الشهوة الدافعة إلى الزنى عند المرأة أقوى» وربما لا نوافق على ذلك كثيرا؛ لأن الرجل يطلب فى أكثر الأحيان» والمرأة لا تطلب الرجل إلا قليلاء وإن حدثتها نفسها فإن الحياء يكفها إلا إذا خلعته» وقد نقول: إنها إن طلبها الرجل ولم تكن مؤمنة سارعت إليه» ونقول فى تعليل ذلك إن العقوبة قاسية» وقد قدمت المرأة لكيلا يمتنع أحد عن إقامة الحد بدعوى ضعفهاء والشفقة عليها والرفق بها؛ لأنها من القوارير. ثانيتها: أن كلمة الزانى والزانية وصف بالزنى» وذلك يكون فى أكثر الأحوال من تعود هذه الجريمة» ولذلك لا يكون إلا ممن أعلن هذه الجريمة الفاحشة ولذلك هاا تفسير سورة النور اللا لسرب اا كان لابد من شروط لإقامة هذا الحد: أن يشهد أربعة بهاء ولا يكون ذلك إلا إذا كانت الجريمة معلنة مجاهرا بهاء وذلك لا يكون إلا ممن تعودوا هذه الجريمة» وقد يكون الزنى فى أول أمره» ولكن يندر أن يحضره أربعة من الرجال العدول» ومع ذلك يطبق الحكم سدا للذريعة. الثتها: أن التعبسير عن الضرب بِالجَلّد للإشارة إلى أنه يؤلم الجلّدء وذلك بأن يكون الضرب قريبا من الجلد» فلا يستره إلا ثوب عادي» ولا يضرب على حشوة من قطن أو نحوه. والفاء فى قوله تعالى: لفَاجِلدوا4ك هى الفاء الواقعة فى جواب الشرطء والتعبير ب (زانية وزان) يفيد أن من يرتكب هذه الجريمة فاجلدوهم مائة جلدة. وهذه هى العقوبة الأولى» وقد تبعتها عقوبة أخرى» وهى أن تكون هذه العقوبة فى العلن لا فى السرء ولذا قال تعالى: : اوليْشْهَد عَدَابَهِمَا طَائفة من المؤمنين», أى ليحضر العقوبة التى هى 9عَذَابِهمًا طَائفَة من المؤمنين», وما حد الطائفة» قيل: اثنان. وقيل: أربعة» ونقول إنها الطائفة التى يكون بها الإعلام» بأن تكون العقوبة فى مكان تكون فيه علنية لا سرية» وسمى الله هذه العقوبة عذابا؛ لأنها عذاب الدنياء ووراءها عذاب الآخرة» إن لم يتوبا توبة نصوحا؛ ولأنها قاسية غليظة» والرحمة بالجانى تشجيع على الجناية» والغلظة فى عقابه رحمة با جماعة الإنسانية . ولغلظة العقوبة قال تعالى: طاولا تَأَحْذَكم بهما رأقَةَ في دين اللّه4 الرأفة انفعال نفسى يدفع إلى الشفقة والألم والتقزز منها والاستنكار النفسى لهاء فلا يصح أن تكون الرأفة هى المسيطرة» وعبر عن ذلك بقوله: «ولا تأخذكم بهما رَأقَة4, أى لا يصح أن تستولى عليكم حتى يقال: إنها أخذتكمء فالرأفة بالجانى استهانة بالحكم وتشجيع عليه كما ذكرنا. وألفاظ الآية الكريمة عامة» وأجمعوا على أنها تطيق على البكر؛ أى غير المتزوج» أى غير المحصن الذى أحصن بالزواج ودخل فى هذا الزواج. تفسيرسورة النور للا فلا11 جح هس يي وإنه من المقررات الشرعية أنه لا يخصص اللفظ إلا بمخصص فى قوته. والحنفية يعدون العام قطعى الدلالة» وهو الذى عرضناه. فلا يخصصه إلا قطعى مثله قرآنا أو سنة مشهورة تبلغ مبلغ القرآن فى قطعيته» والآية -بلا ريب- قطعية السند؛ لأن القرآن كله متواتر» ومن أنكر ذلك فقد كفر. ولذا كان لابد أن يكون ما يخصصه من نصوص قطعى السئد قطعى الدلالة» وقد ادعى الحلفية أن حديث رجم الزاني» » وإن كان حديث آحاد فهو مشهورء والشهرة ادعاء له ومن أجل أن نبين مقام هذه الآيات من الآيات الواردة فى عقوبة الزنى» نذكر أن قبلها ثلاث آيات فى ترتيب المصحف. وننبه أثنا لا نرى فى القرآن منسوخا قط؛ لأنه سجل الشريعة الذى سجلت الأحكام الدائمة الباقية فى تكليفها إلى يوم الدين. الآيتان الأوليان «واللتي أن الفاحشة من نسائكم فَاستَشُهِدوا عليهن ربع نكم إن شَهدُوا فَأمْسُوضٌ في ابوت حَئ يوا اموت أو يَجمَلَ الله هن سَبيلا 62 واللذان يَأتِيانها منكم فَآذوهمًا فَإن تَابَا وأَصلَحًا فَأَعْرِضُوا عنهُما إن اله كان تاب رَحيمًا 409 [النساء]. دلت هاتان الآينان على ثلاثة أمور باقية: أولها: أن الشهادة على الزنى تكون: بأربعة» ولذا قرر قبل هذا المنع الحاجز الصائن الاستشهاد بأربعة» والإمساك فى البيوت لحماية الضعفاء من العبث حتى الموت أو الزواج» وهو السبيل الذى جعله الله تعالى لصيانتهن» وليس الحد سبيلاء ثانيها: العقوبة للزانى والزانية» ولكنه سبحانه وتعالى ذكر العقوبة مجملة» بينتها آية سورة النور التى نتكلم فى معانيهاء فالإيذاء فى سورة النساء مجمل بينته سورة النور» ثالثها: أن التوبة إذا كانت وجب الإعراض عن العقوبة» ولذا قال عز من قائل: ظطفَإن تابَا وأصلحا فأعرضوا عنهما4 وتكون العقوبة شرعا محكما إذا لم يتوباء وتكون العقوبة فى سورة ا تفسيرسورة النور 0 االللللللالللالاا0ااالل10االللاالاااااللللوا الل لاك ١: اما‎ |“ بي الشافعى رضى الله عنه. ومن أخطاء بعض المفسرين الواضحة تفسيرهم «اللاتى يأتين الفاحشة» بأنها السحاق» فإن البقاء فى البيوت تمكين لهاء ولا الفاحشة فى الآية الثانية باللواط» فإن ذلك ينفر منه الذوق السليم» والفاحشة تكاد تكون محصورة فى الزنى» وقد قيل: إن ثمة آية تقول (الشسيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة) ونسخت تلاوة» ولم تنسخ حكماء وهذه رواية بطريق الآحاد وإن ادعيت شهرة الخبر 230 وقد يقول قائل: إن الرجم أقسى عقوبة فى الأرض فكيف يثبت ما دونها بالقرآن القطعى بدلالته وسلده » ولا تشت تلك العقوبة الغليظة إلا بحديث أحاد وإن ادعيت شهرته» والاعتراض وارد» ولا سبيل لدفع إيراده. ولقد سأل بعض التابعين الصحابة أكان رجم النبى َيِه لماعز والغامدية قبل نزول آية النور أم بعدها؟ فقال : لا أدرى لعله قبلهاء ونئحن لا نتهجم بالنسخ» ولو كان نسخ السنة» فلسنا ندعى نسخها بالآية الكريمة» ولم يبين أنها نسخته ولا نسمح العقوبات كلها مذكورة فى القرآن إلا هذه مع أنها أقسى عقوبة» وإذا كان ثمة احتمال النسخ.» فهو احتمال ناشئ من دليل وليس احتمالا مجردا أقسى من أشد الرمى بالحجارة حتى يموت فهو عذاب حتى الموت» والصلب أهون لأنه بعد الموت حيث لا يكون إحساس» ولا يضر الشاة سلخها بعد موتهاء كما قالت ذات النطاقين )١(‏ رواه ابن ماجه: المحدود- الرجم (5055) عن ابن عباس عن عمر بن الحطاب رضى الله عنهماء وأحمد: مسند الأنصار- حديث زر بن حبيش عن أبى بن كعب 2)75١751(‏ فى مسئد الأنصار- حديث زيد بن ثابت عن النبى كله (310 .)٠‏ وراجع البخارى: الحدود (7551)) 75978)) الاعتصام بالكتاب والسئة رمالا ومسلم: الحدود 1١)‏ 61 ” إل تفسيرسورة التور الللللللئئتاال0ااالل الل ١ اكاك‎ 7 ج21 هذه عقوبة الزنى» ونعتقد أن حكم الآية عام» والظاهر من الألفاظ أنها تعم المحصن وغير المحصن» وقالوا: ثبت بالسنة تغريب عام» بعد الجلد على ملأ من الناس لكى يذهب عنه عار الجلد. وروى عن مالك أن المرأة لا تعذب حتى لا تكون عرضة للسقوط مرة أخرى» وفائدة التعذيب بالنسبة للرجل لكى يذهب عنه خزى الجريمة؛ لأن الخرى يجعله يهون فى ذات نفسههء فيهون عليه ارتكاب الجريمة» إذ الجريمة فى ذاتها هوان. وقد يقول قاكئل فى هذه المناسبة: إن الدعوة إلى أن يشهد العقوبة طائفة من المؤمنين يناقض الستر الذى دعا إليه النبى كَْهٌ فى مثل قوله وكْةٌ: «كل أمتى معافى إلا المجاهرين)7١2‏ والجواب عن ذلك أن إعلان العقوبة خيرء لأنه ردع عامء أما إعلان الجريمة من غير عقوبة فدعوة إلى الجريمة» وفرق بين دعوة الردع ودعوة الفجور. لم نذكر الآية الرابعة» وهى إحدى الثلاث غير المذكورة فى سورة النورء وهى قوله تعالى: ومن لم يستطع مدكم طَولاً أن يتكح المحصتات المؤمنات فَمن ما ملكت أيمانكم من قتياَكُم المؤمنات والله عَم يإمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن يإذن أهلهن ووه أَجورهن بِالْمعرُوف م مُحصتات غَيْر مُسافحَات ولا مُتّخذات أَخْدان فَإِذَا أحصن فَإِنْ أبن بقاحشة فَعَليهِنَ نصف مَاعَلَى اْمُحْصنَات من لعب ذلك لمن حَشِي اْعنَتَ منكم وأن تصبروا خير رَلَكُم واللّه غفور رُحيم 4 إن ظاهر الآية من غير تأويل» ولا تحميل الألفاظ غير ما يحتمل أن الظاهر من قوله تعالى : ذا أحصن», أى فإذا تزوجن فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب» وإن الرجم لا ينصف. وإذن يكون ما على المحصنات المتزوجات جلدا قابلا للتنصيف» وإن هذا يدل بدلالة الإشارة أو الاقتضاء على أنه لا رجم؛ ولذا زلق رواه البخارى : الأدب- ستر المؤمن على نفسه (5-048ه2))6 ومسلم: الزهد والرقائق- النهى عن هتك الإنسان ستر نفسه (81705),. من رواية أبى هريرة رضى الله عنه. آنا تفسير سورة النور 0 جا قلنا: إن احتمال نسخ الرجم بآية من سورة النور احتمال ناشئ عن دليل» وما كان النسخ نسخ قرآن» إنما هو نسخ سنة» إذ الرجم لم يثبت إلا بالسنة. هذه آية سورة النورء وما يرتبط بهاء وما يتعلق بأحكام الزنى» قال تعالى بعد ذلك : «الزاني لا يدكح إلا زانية أو مشركة والرَانيَةٌ لا يدكحها إِلأَ زان أو مشرك وحرم ذلك على لومي 402 . إن الرجل النظيف لا يلقى بمائه فى موضع دنس» وأى دنس أخبث من دنس الزنى» أى فهو لا يتزوج زانية» والتكاح هنا بمعنى العقد» لا بمعنى الوطء كما روى عن ابن عباس برواية ضعيفة لم تصح.ء ويقول الزجاج: إن النكاح لم يذكر فى القرآن إلا بمعنى العقد. فلا ينكح مؤمن زانية قط. ما دامت لم تتب توبة نصوحاء ولم تنخلع من هذه الموبقة» وتطهرها بالتوبة بعد الحد. وإن المؤمنة التقية لاا ترضى أن يكون زوجا لها زان عرف بالزنى» بل إن الزانى إذا تزوج مؤمنة كان الزواج فاسذا بحكم الكفاءة فى الزواج» وقد أجمع الفقهاء على عد الكفاءة فى التدين وقال فيه مالك رضى الله عنه: إنه زوج. وكما أن الزانى لا يجد من يقبله زوجا إلا زانية أو مشركة» كذلك الزانية لا تجد روجا يقبلها إلا إذا كان زانيا أو مشركاء وإن ذلك حكم الطبع السليم الذى تكون فيه النفس غير مهينة» ولا مبتذلة» ولا مدنسة بالرجس والآثام؛ وذلك لأن الزوج عشير يخالط زوجه بالحس» ويخالطه بالنفس» وعدوى النفوس كعدوى الآثام تتلاقح بالأمراض» كما تنتقل الأمراض بين الناس . جانيك من يجنى عليك وقد تعدى الصحاح مبارك الجرب وإن ذلك وإن كانت الفطرة تمنعه» فالشرع لا يرضاهء وقد قال: #وَحرم َلك عَلَى الْمِؤْمنين» الإشارة إلى النكاح» أى نكاح الزانى بغير الزانية» والزانية بغير الزاني» أى لا يكون دأب النفوس إلا متفاعلا بعضه ببعض» وبظاهر الآية أخذ تفسيرسورة النور ل ا0ا0اااللل الوا الاك تي بعض الفقهاء» ومنهم الظاهرية والحنابلة أو بعضهم » وبعضص قليل من الشافعية والمالكية والحنابلة وأكثر الشافعية على أن نكاح الزناة ليس بيفاسد. ويجب أن نقول: إن الزانية التى وصف الزنى 0 كم بها وإذا تابت فإنها تنخلع منه؛ لأن التوبة النصوح تجب ما قبلهاء وكذلك الزانى» فإن التوبة تطهر النفس ١‏ والإخلاص ف فى التوبة يوجب الندم » وإن الله هو قابل التوبة» وغفمار الذنوب» وكذلك نقرر أنه بالإجماع يجوز الزواج ممن تاب وآمن وعمل صاحا. وإن الشريعة كما تطهر اللأسرة من الزناة تحميها من الذين يريدون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنواء فيعاقب الذين يرمون الطاهرات العفيفات بالزنى ووضعت لهم عقابا رادعا ثمانين جلدة» فقال تعالت كلماته: حد القّدذف 7 ير 20 1 رس ارس رصم روه ع والذينيرمون المحصتاب 0 تو باريعةٍ شهدا عر ى خآ ره سح م ل سه 0 م 0007 أ اجات 24 وأ 2 ششتنيس رقا تبه بدا نا 3 هم هذه جريمة القذف» وهو فى الشريعة رمى المحصن بالزنى» والمذكور فى الآية رمى المحصنات» وقد ثبت بقانون المساواة أن هذا حكم رامى الرجال؛ ذلك لأن قانون المساواة الشرعية يجعل حكم الرجل كحكم المرأة» فإننا نرى التكليف كان فى أكشر الأحوال يجىء بمخاطبة الرجال» ثم يدخل النساء بحكم قانون المساواة فى التكليف . 4 ل تفسيرسورة النور 00 حب أ وذكر النساء وحدهن» وإن دخخل الرجال بحكم قانون المساواة؛ لأن المحصنات يصيبهن ضرر الرمى بالزنا أكثر من الرجل بحكم العرف فى الدنيا؛ ولأنها موضع الأمانة الربانية» فصيانتها أوجب, ورميها يكون أشدء ولأن أول رمى كان لأطهر نساء قريش - بعد فاطمة - زوج محمد رسول الله يلكي وبنت أبى بكر الصديق» فكان ذكر النساء أولا. وقال تعالى: والّذِين يَرمُونَ المحصتات» لم يقل بالزنى» بل لم يذكر المرمى به تحصنا وإبعادًا لألفاظ الشين عن المحصنات الطاهرات العفيفات» وقوله تعالى: «فاجلدوهم َمَانينَ جلْدة4, الفاء هنا كفاء الشرط لتضمن الموصول معنى الشرط» وفيه مع ذلك إشارة واضحة إلى أن رمى المحصنات هو سبب هذا الحكم القاسي» والإحصان يتضمن معانى ثلاثة: أولها: الإسلام» فلا إحصان لغير مسلم ولا مسلمة» وثانيها: الحرية فلا إحصان لعبدء ولا لأمة» وثالثها: ألا يقع فى زنى من قبل» أو يكون قد دخل فى عقد فاسد بشبهة تسقط الحد» ولا تمنع بقاء وصف الزنى كالعقد على المحارم ونحوه ثما هو مفصل فى كتاب «الزواج»» فليرجع إليه(. والعقوبات ثلاث كما أشرنا: الأولى: الجلد ثمانين جلدة» ووضحن المعنى فى التعبير بقوله «فاجلدوهم» من حيث إن المراد ضرب يؤلم الجلّد» فلا يكون ثمة حاجز بمنع إيلام الجلد كحشية أو نحو ذلك» وهذه عقوبة بدنية تصيب البدن وتؤلمه» وإذا كانت هذه عقوبة ومن قبل عقوبة الزانية فيها قسوة» فإنها رحمة بالجماعة المؤمنة من أن يفشو فيها الزنى» ويشيع» وفى ذلك فتنة وخراب وفساد كبير» وضياع للأمم» وللنسل» وخيانة للأمانة التى أودعها الله أصلاب الرجال» وأرحام النساء. الثانية: إهدار أقوال القاذفين بألا تقبل لهم شهادة فى قضاءء وهذا قو ش تعالى : «ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا4 والأبدية توجب ألا تقبل لهم شهادة مطلقا تابوا أو لم يتوبواء وهذا ما قرره الحنفية وأكثر الفقهاء» وقرر الشافعية أن التوبة )١(‏ أرب جع إلى كتاب اعقد الزواج وآثاره» للإمام محمد أبو زهرة. تفسيرسورة النور اللللللل الل الوا للللل كه + 3 النصوح تنهى هذه العقوبة؛ لأآن التوبة المقبولة تجهب ما قبلها من المعاصي؛ ولأن استثناء التوبة فى الآية: «إلا الّذِينَ تابوا من بعد ذلك وأصلّحوا» جاء بعد إلا تَقبَلُو/4. والحكم بالفسق. فيشمل الاستثناء منهما لا من أحدهماء ونحن نميل إلى ما فهمه الحنفية» أولا لأن النص على الأبدية يمنع الاستثناء؛ ولأن «رأولتك هم الفاسقون» جملة مستقلة» والجملة «ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا» قد اتتهت. فلا يتعلق الاستثناء بها؛ ولأن هذا هو الذى يلائم أنها عقوبة؛ ولأن إشاعة الفاحشة أعظم جرائم اللسان» فيجب أن تتعلق العقوبة به. العقوبة الثالثة: الوصف بالفسق فى قوله تعالى: «وأولتك هم الْفَاسقون». وهذه هى التى دخلها الاستثناء؛ لأنها فى جملته والحكم بالفسق اقترن به الاستثناء فخرج المستثنى من حكم المستثنى منه. وشرط تحقق حد القذف. ألا يأتى من يرمى بالزنى بأربعة شهود هو منهمءٍ وبعبارة أدق بثلاثة معه يقرون قوله. ولذا قال تعالى: #والّذينَ يرمون المحصتات ثم لم يأنوا بأربعَة شهداء» وكان التعبير فى العطف ب (ثم) الدالة على التراخى فيه إشارة إلى بعد الحصول على ثلاثة يشهدون معهء فإن إثبات الزنى بأربعة عسيرء إلا أن يكون فعلا علنياء ولا يحدث ذلك إلا فى أفحش الأمم فجورا كأهل أوروبا وأمريكا. . والرمى - لكى يقام حد القذف - يجب أن يكون رميا صريحا بالزنى حتى يقول الفقهاء إنه رآه يضع إحليله فى فرجها كما تضع الميل فى المكحلة» أو نحو هذا التعبير . ولو عرض لا يكون رميا بالزنى» ولو كان التعريض كالتصريح وضوحاء وقد رمى المغيرة بن شعبة الذى صار نصيرا لمعاوية» فشهد ثلائة من الأربعة بالرمى الصريح. وعرض زياد ابن أبيه الذى ألحقه معاوية بنسبه لم يصرح » فَعَدَهُم عمر بن الخطاب الذى كان يقضى فى الأمر بنفسهء قاذفين» وعاقبهم عقوبة الجلد. ا تفسيرسورة النور للفلل الل الل الملا | هه : يي وما كان ذلك إلا ليحمل الناس الذين يرون تلك الجريمة البشعة ألا ينطقوا بها حتى لا تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا ويشيع الترامى بالزنى» فيستهين الناس به. ثم قال الله تعالى فى وصف القاذفين «... وأُولّتك هم الْقَاسقُونَ © إلا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلّحوا فَِنَ الله عفُور رُحيم 2©» الإشارة إلى الذين يرمون المحصنات» والإشارة إلى الموصوف بصفة أو القائم بعمل» بين أن ذلك العمل هو سبب الحكم» فالقذف سبب الحكم بالفسق؛ لأنه فى ذاته فسق فى القول» وقد أكد سبحانه وتعالى الحكم بفسقهم أولا: بالجملة الاسمسية» وثانيا: بضمير الفصل اهما وثالثا: بجعل الفسق وصفا لهم ورابعا: بقصرهم على الفسق» أى أنهم لا يخرجون من الفسق» فهم فى دائرته لا يخرجون عنهاء فهم فى شر مستمر دائم لا يخرجون عن دائرته قط إلا إذا تابواء» ولذ!ا قال تعالى: «إإلا الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا» . الاستثناء من الحكم باستغراق الفسق؛ لأن رحمة الله تتسع للعصاة الذين أذنبواء ولذلك ترفع عن القاذفين عقوبة عدم قبول شهادة» وإن ذلك هو الذى يتفق مع المتبادر من السياق البيانى للقرآن الكريم؛ إذ إن الأمر بعدم قبول الشهادة فى آية منفردة عن هذه الآية» وهى أمر بهذا العقاب معطوف على أمر بالعقاب البدني» وهما فى جملتين إنشائيتين» والحكم بالفسق فى جملة خبر. والرأى الذى فى المذهب الشافعى الذى يجيز قبول الشهادة إن تابواء قال: إن الاستثناء من الآيتين معاء وقد قلنا: إننا نميل إلى رأى الجمهور فى الاستثناء من الحكم بالفسق فقطء لذكر كلمة #أَبَدا4 وما كان قول الله لغواء ولأنه المتبادر. ولأن منع قبول الشهادة لحق الناس ولصيانة مجلس القضاء. والاستثناء هو قوله تعالى: لإإلا الّذين تابوا من بعد ذلك وَأصلّحوا» فالتوبة هى الإقلاع عن هذا والعزم على ألا يعود إليه» والندم على ما وقع» وذلك بالشعور بالحسرة لوقوعه» ولابد من الإصلاح بدل الإفساد والتخريب» فالذى تغير الفسق. الم تفسيرسورة النور اللللا ااال > مق وذلك بأن يكون صالحاء وخصوصا أن الله جل جلاله سجل عليهم وصف الفسقء فلا يزيله إلا وصف الإصلاح. وبين قبول توبتهم عن الفسق» فيقول عز من قائل: هِفَإِنَ الله غفور رُحيم» وقوله تعالى : إن الله قور رُجيم4 دليل على قبول التوية؛ لان الفاء كالواقعة فى هؤلاء الفاسقين لأن الله غفور رحيم يغفر الذنوب لمن يتوب من عباده» ويعفو عن السيئات» وذلك رحمة بعباده . ونقرر أخيرا أن العقوبة بعدم قبول الشهادة أمر دنيوى نظم الله تعالى أهلية الشهادة» والحكم بها وأما الغفران فأمره إلى الله تعالى» وهو الغفور الرحيم . اللعان - ساود ريك وَالْذين مون زو يكن مك لشم ا فهر لُحرهرً سهدت لله | إنَّهَبلَمنَا صل 5 لص الل ساعر 00 مرصء 10 وَالْدمسَة 10 6 طًُُ 2 ره الع عنهاا لعا ب أن تشهد أريم 5 ,1 شبللات حنمن الكزييت يا يديعص بَأنَه َكنم نَالضَيقينَ ز) 7 م سس سح سر ل م اس دم اك ( ولولا فض ل الله عل كور حمته.و أن الله تواب حصب زه روى أن رجلا قال للنبى عَللِة: إن الرجل يجد الرجل مع أهله وإن قتله قتلتموه» وإن تكلم ضربتموهء وإن سكت سكت على غيظ اللهم بين2170؛ فكانت )١(‏ عَن عبّد الله َالَ: إِنَا ْلَه الجمعة فى الْمسْجد إِذْ جاء رَجل من الأنصا َقَادَ لو أن رجلا وَجَدَ مم امرأنه رجلا فَكَلَمجَلَدتمُوه أذ قل تشمو ذا سكت سكت على خبط وال لال عله ُو اللّد يك . ٠.‏ الحديث. رواه مسلم: اللعان- باب 2 كما رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد. ها تفسير سورة النور اللا 0 جيب يي هذه الآيات علاجا لذلك وشفاء لغيظه. ورحمة بالناس» وخاصة بالأسرة الإسلامية: لتقوم على الاطمئنان النفسيء والثقة التى تكون بين ركنيهاء الزوجان» ولصيانتها عن القالة. «والّذين يرموت أزواجهم ولّم يكن لَهِم شهداء إلا أنفْسهُم4. أى لم يكن شهداء غيرهم ولم يذكر عددا فى الرمى؛ للإشارة إلى ما ينبغىء وهو ألا يعلم أحد بما يلاحظه على زوجه فى هذه التهمة» فأسرار الأسرة لا يصح أن تعلن على الملا فلا يسأل: من شهودك الذين يشهدون بصحة قولك» ولا يقدم هو تهمته» فيعفيه حكم اللعان من تقديم شهادة أو المطالبة بأى شاهد. وسميت العقسوبة عقوبة اللعان» لما اشتملت عليها بعض الأيمان بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» وكلمة #شهداء إلا أنفسهم» الشهادة تطلق» ويراد بها الحضورء ولعل هذا هو المعنى الأصلى» وتطلق ويراد بها الإقرار كقوله تعالى: «... وما شهدنا إلا بما علمنا ... 409 [يوسف]» وتطلق ويراد بها الشهادة» وكلمة أشهد بالله تتضمن معنى اليمين» وقال بعض اللغويين: إن كلمة (أشهد) بذاتها من غير اقترانها بكلمة (بالله) تتضمن معنى اليمين. وكلمة: «ولم يكن لهم شهداء إِلاّ أنفسهم» هى جمع شهيد أو شاهدء الظاهر أنه ليبس معهم شاهد يشهد إلا أنفسهم؛ لأنه لم يحضر سواهم» أو لم يتقدم للشهادة أحد سواهم» وأنفسهم مستثنى مفرغ من (شهداء)ء أى لم يشهد فى الرمى إلا أنفسهم » وقد ذكر الله أربع شهادات «فشهادة أحدهم ربع شهادات بالله نه لمن الصّادقين», ونرى أن الشهادة قد اقترنت بالله فكانت الشهادة يميناء فيحلف أربع مرات متتالية إن لَمن الصّادقينَ4, وقد أكد صدقه فى يمينه بثلاثة مؤكدات: أولها (إن) التى تفيد التوكيدء واللام المؤكدة دخلت عليه» والثالشة وصفه بأنه من الصادقين» أى من زمرة أهل الصدق. وجماعتهم»ء وهم المتقون الأبرار. والشهادة الخامسةء أى اليمين الخامسة يحلف بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» أى يحلف بأن الله تعالى ينزل عليه لعتمه إن كان من الكاذيين» فهو يوثق 0 #ل# تفسيرسورة النور جل بن يي طلب إنزال لعنة الله به إن كان كاذباء وهذه الجحملة أهى طلبية بمعنى أنه يطلب من الله أن ينزل اللعنة به؟ الظاهر ذلك» ولكن تحتمل أن تكون خبرية» بمعنى أنه يحلف أنه يستحق لعنة الله تعالى إن كان من الكاذبين» وذلك ظاهر من التعليق» وإلى هذا نميل . هذه أيمان الرجل» انتهت بالحلف على استحقاقه اللعنة إن كان كاذباء أما المرأة فإنها تكون عرضة للعذاب» وهو عقاب الزنى» فإذا كان الرجل صادقا وأقرت بالزنى» فالعقوبة هى العقوبة المقررة فى آيات الزني» ولكنها لم تقرء فقال تعالى: «ويدراً عنهًا الْعَدَابِ أن تَشهّد أرب شَهَادَات باللّهإِنّهِ لمن الْكَاذبينَ (2) والخامسة أن عضب الله عليها إن كان من الصّادقِين 40 . ويدرأ معناها يميل عنهاء أو يدفع وتبرأ ساحتهاء أن تحلف أربع مرات بالله إنه لمن الكاذبين» وقد تأكد إثباتها لكذبه بما تأكد به إثباته لصدقه» بأن واللام» ودخوله فى صفوف الكاذبين» والخامسة حلفها باستحقاقها للعذاب بأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين» وكونها طلبية أو خبرية» وميلنا إلى أنها خبرية شرطية هو ما قلناه فى شهادته الإيجابية المثبتة فيقال هنا فى النفى ما قيل فى الإثبات . ولابد هنا من الكلام فى أمور: الأمر الأول: أن نفى نسب الولد يعد من الرمى بشرط ألا يكون منه إقرار بالنسب ولو ضمناء فلو نفى بسبب الولادة إذا لم يوجد منه ما يدل على رضاه به ونسبته إليه» ولو كان وهو جنين فى بطن أمهء فإن النسب ينتفى» ويجب اللعان» وإلا حُدَّ حد القذف, وإذا امتنعت هى عن اللعان سترة بالنفى حدّت حد الزنى المقرر فى القرآن. والأمر الثانى: أنه فى الآية اشترط رؤية الرجل للزنى» وإن اشتراطه قول من لا دليل عنده فى هذاء بل الدليل قائم على نفى هذا الشرط» بدليل اللعان عند نفى نسب الولد» وبالدليل جواز اللعان من الأعمى» واشتراط علمه بالجس باليد» كلام غير جدير بالالتفات. | تفسيرسورة النور 00 ل 5 يي الأمر الثالث: أن الشهادات فى اللعان يمين فلا يشترط فيه إلا صلاحية العبادة باليمين» بأن يكون بالغا عاقلاء أم أنها شهادة وليست يمينا مجردة» بل الشهادة جزء من أجزائهاء فيشترط فيها ما يشترط فى الشهادة من أن يكون بالغا عاقلا مسلما حرا. بالأول أخذ مالك والشافعى وأحمدء ولذا لا يشترط فى اللعان أن يكون المتلاعنان مسلمين حرين» فلا يجوز اللعان بين الذميين» ولا العبيدء بل يجب التلاعن فى الذميين» وغيرهم» وذلك القول يجعل الجماعة الإسلامية نزيهة عن قول الباطل» وعن سماعه من الذميين» والعبيد» وهذا القول كما ترى مبنى على أن هذه الشهادات أيمان خالصة . والقول الآخرء أنها شهادة فيها يمين» وقد قال أبو حنيفة» وقول عند الشافعي, فلا لعان عند هؤلاء بين الذميين ولا بين العبيدء ولا لعان إذا كان أحد الزوجين ذميا أو عبدا. ش الأمر الرابع : أن الثقة دعامة العلاقة بين الزوجين» فإذا عرض لها ما يزعزعها انفصمت العلاقة الزوجية وأصبح الزواج حراما وبينهما اللعان ويفرق بينهماء وهى فرقة أبدية لا يحل له أن يتزوجهاء وتكون كحرمة المشركة والمشرك» وعلى هذا جمهور الفقهاء. وقال أبو حنيفة: إنها تحرم عليه إلى أن يكذب نفسهء فإذا كذب نفسه حلت له؛ وحد حد القذف. فله أن يتزوجها من جديد وتقوم بينهما عشرة زوجية بعقد ومهر جديدين» وإن هذا الرأى أرفق بالناس» وفى هذا الموضوع كلام فارجع إليه فى كتاب الفقه(١2.‏ وإن اللعان فضل من الله تعالى على عباده» وقبل أن نترك الكلام فى طريقته نقول: إنه عبر عن اللعنة فى جانب الرجال؛ لأنهم أقوى جلدا وإدراكا لمعنى الطردء ولا يؤثر فيهم الغضب بمقدار ما يؤثر الطرد الحسى» لا مجرد الغعضب النفسى» وفى جانب النساء عبر بالغضب؛ لأنه يؤثر فى نفوسهن» ومجرد الإعراض يؤثر فى نفوسهن . )١(‏ كتاب «أصول الفقه» للإمام محمد أبو زهرة. تفسيرسورة النور الل ل ا ٠: ااه‎ يي قال تعالى : «ولّولا فضل الله عليكم ورَحمته وأَنّ الله تَرّاب حكيم 469 . «إلولا4 حرف يقول النحويون إنه حرف امتناع لوجودء أى امتنع وقوع الجزاء لوجود الشرط والجزاء؛ لبيان أنه كبير عظيم لا يكتنه كنهه» ولا تتصورون وأنتم تفعلون هذه الأفعال نتائجهاء ولو كان القرآن يساير أهواءكم لكان الويل والثبور» وعظائم الأمورء فكنتم تنقاتلون على الأعراض» ولقطعتم الأرحام» ولضاعت مصالح الإنسان ولشاعت الفاحشة فى الدين» فجواب الشرط محذوف لسعة عمومهء وكثرة آثامه إذا لم يتداركهم بفضله فى أحكامه الرادعة» وأحكامه التى تجمع ولا تفرق» وفضل الله تعالى ظاهر فى أحكامه فى الزنى وفى القذف» وفى جمع شمل الأسرة فى اللعان. ش وقد فتح سبحانه وتعالى باب التوبة فى قوله تعالى : لوأل الله تَوَاب حكيم» أى لولا فضل الله سيحانه وتعالى فيما شرع وقرر أنه يقبل التوبة عن عباده. ويعفو عن سيئاتهم ولحكمته فيها قرر وقدر وشرع - لكان الهول العظيم» وضياع الأمور. ووصف الله سبحانه وتعالى نفسه بأنه تواب» أى كثير التوبة للمذنبين من عباده رحمة بهم» وتهذيبا لنفوسهم؛ وذلك لأن المأنب إذا أذنب وأحس بلنبه» ذهب عنه غروره وتضرع إلى ربه» والإحساس بالمعصية وطلب العفو عنها يقربه من الله تعالى ويدنيه منه؛ ولذا قال بعض حكماء الصوفية: معصية مذلة خير من طاعة مله ومعصية أورئت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورئت دلا وافتخاراء والله عفو عقو | تفسيرسورة النور م الالالال للا ااال الاك ج11 الإفلك حول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها اك تر ملم بهو لغ سف مله - 1 اتويت تقس الإنروا هفك ا مل سي 00 ٍِ نشوا مؤي جَمُو ب كي انوبا 0 لِك -_- بأ لواب وأ[ و ١ . روري 10 0 سرعم فرفر ريه رمح 1 1 عِندَاهوهم الْكَزبونَ 3 7 ولْوَلَا فصل الذه عاء رويجمته, م 3ح رجه ره لياو لأخرة سس مضت شرفي عدا 2 5 أ ِو - اه لسعو ل ال كبس 2 م وو وتحسبوئه 2 0007 موه م و رسع 2 4 سرس سر بس لو سما يكن لنا أن ميد اسْبحنَكٌ هذا يج الصديق رضى الله تعالى عنهماء وقد روى أن اللعان نزل فى فتنة هذا الإفك الذى حيك حولها رضى الله عنهاء ومهما تكن قيمة هذه الرواية فمن المؤكد أنه طبق على الذين رددوه» فقد قيل فيما روى أنه طبق على مسطح بن أثال» وحسان بن ثابت » وحمنة بلنت جمحش أخحت زيلب زوج رسول الله كَلِْقّ وكانت لها منزلة عند رسول الله َل تناصى منزلة عائشة رضى الله عنها(؟. )غ2 راجع القصة فى صححيع البخارى : الشهادات- تعديل النساء بعضهن بعضا (5 07 ومسلم: التوبة- فى حديث الإفك وقبول توبة القاذف (5/ا49) . تفسيرسورة التور 0 بجوي يي" والإفك هو الكذب. كأن الكاذب صرف عن الحق إلى الياطل؛ لأن الإفك أصل معناه الصرف . كأن الأفاك يرى الحق واضحا بيناء» فيعدل عنه إلى قول الباطل وينصرف إليهء وكذلك الأمر بالنسبة للإفك على عائشة» بين أيديهم أمارات الحق واضحة بينة فينصرفون عنها إلى الباطل الذى لا ريب فيه. والعصبة: الطائفة المجتمعة التى يشد بعضها بعضاء وكأنهم جماعة يتآمرون فيما بينهم على قول الباطل وترويجه وإشاعتهء وقوله تعالى: «منكم». إشارة إلى أنهم يعيشون بينكمء وأنهم يتغلغلون فى أوساطكم» وحسبك أن مسطحا هذا له بالصديق قرابة» وكان أبو بكر -رضى الله عنه- يعطيه من فضل مالهء» كما تبين ذلك عند الكلام فى معانى قوله تعالى: ؤولا يأتلٍ ولو الْفَضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربئ والمساكين والْمهاجرين في سبي الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله كم .... 49 [النور] . وقال تعالى: الا تحسبوه شرا لْكُم بل هو حَيرَ لَكُم» نفى الله تعالى أن يكون شراء ونهانا عن أن نظن أنه شرء وقرر مؤكدا أنه خير لكم» وهنا نسأل ما وجه الخيرية لكم» وقرر الله تعالى أنه خير لكمء أى أنه ليس خيرا فى ذاته» ولا يمكن أن يكون خيرا فى ذاته» ونهى عن أن يظن المؤمنون أنه شر لهم» فالشرية والخيرية بالنسبة لجماعة المؤمنين فى عاقبة هذا الإثم ونتائجه» وإن نظرنا هذه النظرة» نجد أن المؤمنين أدركوا أولا: أن فيهم خبئًا يحترس منهء ومعرفة الداء الذى يكون فى الجسم لعلاجه خير من إخفائه أو الجهل بهء وثانيا: لأن هذا الداء لحق النبى يَكلِْةِ» فعالجه بدواء من اللهء إذ ناله من الألم ما ينال البشر فى هذه الحال» ولكنه صبر على الأذى» وعالج الأمر بالحكمة والروية» لا بالغضب والتسرع» نعم إن الاتهام سبق إلى نفسه.ء ولكن لم يسبق بالعمل استجابة للغضب من غير تشبيت واستيقان. وثالثا: أنه لا يصح الإفراط فى الغضب» حتى تنحل قوى النفس» ورايعا: أنه لا يصح أن تتخذ مجالس السمر للحديث فى الأعراض» واتهام الأبرياء والبريئات الطاهرات من النساءء ونحامسا: أنه لا يصح أن يتلقى العلم فى الأعراض عن ا تفسيرسورة النور لاملل اا 7 الأسماعء وتردد ما سمعت الآذان الأفواه» بل إن علم ذلك يكون بالمعاينة» وأن الكل امرئ منهم ما اكتَسب من الثم والّذي تولئ كبره منهم له عذاب عظيم» . قسم الله تعالى الذين تحدثوا فى هذا الإفك إلى قسمين ‏ أولهما: من ردد الذى اخترع القول ونشره؟ ولهذا عبر سبحانه وتعالى عنه بأنه (تولى كبيره) الكبر الوثم الكبير الذى أنشأه وأشاعه واقتدى به ولا شك أن ذلك إثمه أكبر » ولذلك ذكر أن له عذايا عظيماء لا يحد حذده إلا أن يراه ويلوقه. فإن عليه وزره» ووزر من تبعه والآخرون عليهم إثم أنهم نجسوا ألسنتهم بترداده» ولاكته ألسنتهم واستمرأوه فى مجالسهم غير مقدرين مقام القول فيها -رضى الله عنها- ومقام زوجها وَل ولا متعرفين مصدرهء بل صرفوا أنفسهم من الحق إلى الباطل . الأولى: فى قوله تعالى: لإإِنَّ الّذين جاءوا بالإفك» وهذه إشارة إلى أنه لم يكن له أصل واقع ولكن جاءوا مروجين له مرددين سامرين فى مجالسهم»ء يتلهون به. الثانية: #منكم» إشارة إلى أنهم متغلغلون فى أوساطكم يبثون فيها الانحراف الفكرى والنفسى واللسانى» يلهونكم عن جد الأعمال إلى لغو القول الآثئم» وإشاعة الفساد والتقاطع بينكم» وتسهيل الفسق؛ لأن ترداد القول ونسبة الفعل الفاحش إلى روج محمد يَلةِ يروج الفسق بين الفتيات اللاتى ليس لهن مكانة زوج محمد كله وقد ذكرت أم المؤمنين عائشة فيما روى عنها أن الذى تولى كبر هذا الوثم ا تفسيرسورة النور فلا01 لس > نأة كان النبى وَكْةٌ يختار من بين نسائه من يصحبه فى غزواته» وفى غزوة بنى المصطلق اخحتار أم المؤمنين عائشة» وبعد أن انتهت الغزوة باتتصار المؤمنين عاد الجيش» وقد كانت عائشة تركت مركبها لحاجة فى الصحراء» ورحل القوم فى هذه الأثناء» وحملوا هودجها إلى البعير يحسبونها فيه» وشدوهء وقد انطلق الركب بهء فلما عادت من حاجتهاء لم تجد أحدا فتلحفت بجلبابهاء واضطجعت مسلّمة أمرها إلى ربها الذى لا ينام» فمر صفوان بن المعطل السلمى» وكان قد تخلف عن العسكر لبعض شأنه فرأى سواد عائشة وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. ظعينة رسول اللهء وقرب منها بعيره فقال اركبى فركبت» ولم يصلوا إلى الناس» وما ببحثوا عنهاء حتى أصبح الصباح» وعلموا تخلفها ثم حضورها على جمل مع الصالح الذى سار وراءه؛ وكان حصوراء لا أرب له فى النساء» وجدها رأس النفاق مقالا يقوله» فنشر الإثم رأس النفاق وقال مقالته» وقبلها من المهاجرين والأنصار من لا يمحصون الأقوال» ويتعرفون نتائجها وغاياتهاء ويرجفون ويرمونه جزافا. وأثر القول فى نفس رسول الله كله لأنه بشر»ء وقد مرضت فرأت من الرسول ما لم تعهده. وانتقلت إلى بيت أبيها لتمرضها أمهاء وعرفت ما شاع من قالة السوء» فبكت» وانضاف إلى وجع جسمها وجع نفسها. عندئذ أعلن الرسول بين المؤمنين ما فى نفسه» واستشار صحابته فى خاصة أمره» فبادر بعض كبار الصحابة بالبراءة» بما ألهمه به إيمانه» وعلى رأس هؤلاء عمرء ورأى على بن أبى طالب قاضى الصحابة أن يترك رسول الله كَللِيْةِ الأمر والنساء غيرها كثيرات» ويحقق» فيسأل جاريتها عن أحوالهاء فسأل النبى كَل جاريتها بريرة» فقالت: والله ما أعلم إلا خيراء وما كنت أعيب على عائشة إلا أنى كنت أعجن عجينى» فآمرها أن تحفظه. فتنام عنهء فتأتى الشةة فتأكلف وإذا كانت الواقعة أنها كانت نائمة وقد عاد الذى ساق بعيرهاء فقد ثبت أن عذرها كان من جنس ما اعتادت مع ملاحظة أنها كانت صبية لم تبلغ الخامسة عشر من عمرها. 0 تفسيرسورة النور 0 ليح بر يي" اطمأن النبى كه إلى أنها فرية مفتراة» وهم بأن يعيدها إلى بيته الكريم» ولكنها أبت أن تعود إلا إذا برأها الله» وما كانت تطمع فى أن ينزل قرآن يتلى ببراءتهاء ولكن الله تعالى أكرم نبيه بقسرآن يتلى بجراءت ان والقرآن الذى نزل ببراءتها قوله تعالى: ليبا للطَيبين . .. 469 [النور] الآيات7١‏ عز من قائل : إلولا إذْ ممعسموه ضَ المؤمنون وَالْمؤْمَات بأنفسهم خَيرا وَقَالُوا هذا إفك مبين 405 . #لولا» للتحضيض على ظن الخير من المؤمنين والمؤمنات بأنفسهم خيراء فإذا تلقى المؤّمن والمؤمنة خحبرا احتمل الصدق والكذب» وفيه شر يسارع إلى رده» ويقول: هذا إفك مبين. أى بين واضحء وخصوصا إذا كان ذلك الخبر» يمس من عرف بالطهر والعفاف» ومن يكون من شأنهم الطهر والعفاف والأمانة والإخلاص؛ أحدهما: يظن فى المؤمن الخير»ء ويحمل كل أحواله على الصلاح» فلا يقبل والقسم الثانى: وهو الخاضع للشيطان يحسبه نهزة فينتهزها لإشاعة السوء» والسمر به فى المجالس» ويجعله ملهاته ويغتاب أخاه المؤومن» ويأكل لحمه» ويعبث بكرامته مستهينا متندرا عابثاء وهذا يكبر أخبار السوء فيشيعها وقد نماها الخيال الفاسد» والعبث العايث. وفى الآية الكريمة إشارتان بيانيتان. )١(‏ المرجع السابق. ال تفسيرسورة النور م اللللللل لوال : ههه‎ ١ يي أولاهما: فى قوله تعالى: 9ض المؤمنون والْمؤمنات بأنفسهم» فالتعبير «بأنفسهم» يشير إلى الأخوة الإسلامية الرابطة التى تجعل إشاعة السوء عن بعضهم إشاعة عن جميعهم» وتوهين للرابطة التى تربطهم» وإشاعة السوء تنبعث من تفكك فى بعض الجماعة وتنتهى إلى تفككها كلهاء وتذهب بالذمار الخلقى فيها. الثانية: ذكر «المؤمنات4 هنا مع أن كل حكم أو أمر يعم المؤمنين والمؤمنات من غير نص على المؤمنات» ولكن نص على المؤمنات هنا؛ لأن النساء كثيرا ما يقعن فى هذا النوع من الغيبة من غير احتراس ولا تحفظ» ألم تر إلى أن حمنة بنت جحش وقعت فى إشاعة هذا الإفك تحسب أن فى ذلك ما يرضى أخختها أم المؤمنين زينب» وهذه كانت برة تقية» كانت تنفى عن عائشة ولا تقر كلام أختهاء بل ترده» وبالتعبير بالوصف فى المؤمنين والمؤمنات يشير -سبحانه- إلى أن الإيمان يقتضى ذلك» والله على كل شىء شهيد. بعد هذا بين -سبحانه- طريق التثبت لأهل الدين والتقوى فقال تعالى: «لولا جاءوا عليه بأربعة شهدا فإِذ لم يَأنوا بالشّهداء فَأُوَلَتك عند اللّهِ هم الْكايْره ه». 0000 ا «لولا» للحض كالسابقة» والحض حض على التثبت فى القول» ولا يقبله المؤمن والمؤمنة» إلا أن يكون مثل الشمس وضوحاء وقد قال النبى كَلِْةّ لشاهد جاء يشهد: «على مثلها فاشهد» وأشار إلى الشمس فى رائعة النهار"١'‏ . وإن التشبت يكون بأربعة شهداء» فالحض على التثبت»؛ وليس على جمع الشهود ليشهدواء فإن ذلك لا يخلو من إشاعة للفاحشة, وقد دل الحض على 0 أمرين : أولهما: أنه لا يصح التكلم إلا إذا جاءوا بأربعة شهداء يشهدون. فإنه فى هذه الحال يحل التكلم؛ لأنه سيقام الحد ويشهد عليه طائفة من المؤمنين . 17٠١ /١ج رد أبو سديد النقاش فى القضاة. كنز العمال(17/1/857):‎ )١( (#/# تفسيرسورة النور 6 ل ملل تسب ناد الأمر الشانى: أنه لا يصح لمبادرة إلى الكلام» بل يُكف» ويلزم الصمت إذا لم يكن هؤلاء الأربعة من الشهداءء وإلا حق عليه الحد للافتراء» أو كما يعبر الفقهاء حد الفرية» وهو حد القذف» ولذا قال تعالى: لِفَإِذ لم يأتوا بالشهداء فَأُوَتك عند الله هم الْكَاذبونَ» الفاء الأولى فاء الإفصاح أو عاطفة» والفاء الثانية هى الواقعة فى جواب الشرط» والإشارة إلى الذين يرمون من غير بينة» وهذه الإشارة تفيد أن هذه الحال سبب للحكم عليهم بالكذب الملازم الثابت فيهم الذى بمنع أن يقبل منهم قول بعد ذلك» وهم الذين يحدون حد القذف كما بيناء ولا تقبل لهم شهادة أبدا؛ لأن وصف الكذب ملازم لهم» ولا تقبل شهادة كاذب» ويعاقب عقوبة المفترين المبعدين» والتبعية» والأدبية» وهى الحكم عليه بالفسق . والتعدية ب «على» فى قوله تعالى: لالَولا جاءوا عليه بأربعَة شهّداء» معناها إثبات الإفك إذ الضمير يعود عليه» وإثبات الإفك المراد موضوعهء وهو رمى المحصنة الكريمة بنت الكريم وزوج الكريم» وفى ذلك إشارة إلى أنه غير ممكن» ف «لولا» تدل مع التتحضيض على الاستبعاد» بل الاستحالة لمقام موضوع الافتراء . وقد بين سبحانه عظم الإثم وضرره فى الجماعة المسلمةء فقال عز من قائل: «ولولا فضل الله عليكُم ورحمته في الانيًا والآخرة لَمَسكُمْ في ما أَقَضَئْم فيه عَذَاب #ولّولا» كما يقول علماء اللغة هنا حرف امتناع لوجودء أى امتنع جوابها وهو أنه يمسهم عذاب عظيم لوجود فضل الله تعالى ورحمته» فأما فضلهء فهو ما أنعم به عليهم من نعمة الإيمان التى تجعل نفوسهم متأدبة بآدابه آخذة بأهدابه» وأنهم إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فعادوا إلى الحق نادمين تائبين مطهرين أنفسهم وألسنتهم وقلوبهم» وألا يخوضوا من بعد ذلك فى حديث» هذا فضل الله تعالى الذى كانوا فيه بنعمة الإيمان» وما كان إنما هو أمر عارض قد زال بهداية الله تعالى» ا تفسيرسورة النور ماللا كا + ني وأما رحمته فهى أنه سبحانه وتعالى لم يأخذهم بأمر عارض » بل غفر لهم. وأى رحمة أعظم من غفران لعمل كان منهم بجهالة» ؛ ثم تابوا من قريب» كما قال تعالى : انما اتوي على الله أن يعمو السوء بها لم وود من قريب . .. 409 [النساء] . وجواب الشرط إلَمَسَكُم في ما أَفْضَكم فيه عَذَابَ عظيم4 ومس معناها أصاب جلودكم كما يمس الحديد المحمى الجسم الى فيؤلمه. وفى كلمة طأَقَضتم فيه» «أفاض» أصلها من فاض الإناء حتى سال». ومعنى «أقضتم» فيه مجاز بالاستعارة» إذ شبه حديثهم الذى خاضوا فيه غير محترسين ولا مفكرين» بالماء الذى يسيل» فلا يضبط» وكأن الحديث يسيل سيلا زائدا عن حده» وبغير غاية. وقوله تعالى: عذَاب عظيم4 التدكير فيه للتعظيم» أى عذاب لا تدركونه اليوم» وسترونه» ثم صور حالهم فى عدم تفكيرهم فقال سبحانه: «إذ فونه بستكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتَحَسَبْونَه هيّنا وهو عند اللّه عظيم (00 © «إذ4ه ظرف متعلق بقوله تعالى : «لمسكم». ؛ لمسكم العذاب العظيم فى القول «إذ تَلْقُونه4 تتلقون هذا الإفك من الألسنة» وترددونه من غير علم ولا تشبت» واقتران المس بزمنهء ينبئ عن أن هذا الذى كان فى الظرف» أو كان الظرف وعاء له» عن أنه هو السبب لولا فضل الله ورحمته. ومعنى ظتَلقُونَه بستكم أى وسائل التلقى والعلم لم تكن معاينة ولكن هى الألسنة» وتقولونه مرددين ما سمعتم بأفواهكم. ولم تؤمن به قلوبكم» ولم تعاينوه وتروه» بل اندقلت الكلمات من الألسنة ورددتها الأفواه من غير علم أو تثبت» فالألسنة قالته من غير علمء ورددته الأفواه من غير علم» واتخذوه سمراء يرطبون فيه المجالس بالإثم من غير علم. ظنا منهم أنه هين لا أثر لهء ولا إثم فيه» وأن التفكه بهذا القول هو أمر هين #وهو عناد الله عظيم» وذكر اسم الله تعالى توهينا لزعمهم» وبيان عظم الإثم» وفيه توبيخ شديد لهم» فليس ما ارتكبوه هنة صغيرة بل هو جريمة كبيرة ا تفسيرسورة النور 6 الللللللا60ا1ااا0ا0ا0االلمموللااااالااا0ا0ا0ا0ا0ا0الل ا الملل لجل بزو َي ورضوان» فترديد الاتهام يسهل الإجرام» وليس ذلك شأن الجماعات الفاضلة» وهنا أولاهما: التعبير بألْسنتكم» الخطاب للجميع مع أنه لم يردد هذا إلا عدد قد أقيم عليهم حد القذف» وحدواء ولكن خوطب الجميع للإشارة إلى أن واجب الفضلاء إذا سمعوا لغو القول الجارح أن يوقفوا قائليه ويمنعوهمء فإذا سمعوا ولم يتكلموا ولم يشاركوا فكأنهم جميعا تكلموا. الثانية: أن قوله تعالى: «وتقولون بأفواهكم» تفيد أنهم يتكلمون بالسنتهم ما ليس فى قلوبهم كقوله تعالى: «... يُقولون بألُسنتهم ما ليس في فلوبهم ... 409 [الفتح] بل هى ألسنة تردد قولا لا علم لهم به» ومآله على جماعتهم وخيم. وقد بين سبحانه وتعالى ما ينبغى للمؤمن عند تلقيه خير السوءء فقال: «إولولا إذ سمعتموه قُلْتم ما يكُون لَنا أن تكلم بهذا سبحَاتك هذا بهتَانَ عظيم 49 . الواو واصلة الجسملتين» وهو امتداد للتوبيخ للذين خاضوا فى هذا الإثم و(لولا) للتتحضيض لاتباع ما ينبغى عند سماع قول السوء فى أخيه المؤمن» وخصوصاإذا كان من العليين المكرمين عند الله والناس أجمعين: #ولولا إذ ممعتموه فلتم ما يكون لَنا أن تكلم بهذا سبْحَانَك» وهذا حض على أن يقولوا هذا القول مؤمنين به اما يَكُون لناك, أى ليس لناء وليس بكائن سائغ لنا #أن تكلم بهذا 4 وهذا شأن الإنسان المؤمن الكامل» لا يسمح لنفسه أن يخوض فى حديث لا يعلمه» وخصوصا إذا كان يتكلم فى الأعراض» عرض أى امرئ كان» فكيف إذا كان ذلك فى عرض الصديقة بنت الصديق. وزوج خير الخلق أجمعين» ولها مكانة من محبة رسول الله يَلَلِةِ» وفى الآية نفى للكينونة نا يكرن»» د وهى أبلغ نفى لمثل هذا القول» وأبلغ من النفى المؤكد. وأنه غير سائغ فى ذاته لأمرين أولهما: تقديس الله تعالى» لتأكيد النفى عن عن زوج نبيه» ومن لها مكان الاختصاص بمحبة فوق محسبة غيرها من أزواجه.» وهذا فى معنى التعجب من أن إل تفسيرسورة النور لل الالالال كا :2 يي يكون مثل هذا الفعل وهذا القول مرددا بين المؤمنين» ولم يوقفوه حتى تفاقم الأمرء وآذى النبى» إذ وصل إلى سمعه الكريم» وأن التنزيه لله سبحانه فى هذا المقام إشعار بأنه وحده المنزهء ويقال ذلك فى كل موضع يتفاقم فيه الإثم. وهنا بهِمَانَ عظيم» الإشارة إلى الإفك. والبهتان: الكذب الذى تدهش له العقّول وتتحير لفظاعته وغرابته» وبعده عن كل معقول» وهذا هو الكذب على زوج رسول الله كله. هذا ما ينبغى للمؤمن إذا نقل إليه خبر السوء الذى لا يعقل ولا يقبل» فيجب عليه أمران. أولهما: ألا يردده لأنه لا يليق بالكامل أن يجعله موضع أحاديثهء لأنه منكر لا يرددء وفحش لا ينطق . الثانى: أن يسارع إلى التكذيب إذا كانت عنده أدلة التكذيب من مقام المفترى عليه بين قومه» ومقام من ينتسب إليهء وبذلك يقف الكذب» ولا يسير فى وسط الجماعات» والله بعباده رءعوف رحيم. عظة الله فى هذا قال تعالى: سار وما 0 جرع أ عي يكم أن تود مله أبدا رسكم مُؤْمنيت 07 وبين أله كمأل يلب ولا لله علر 526 ' م لوي إتبالْذِينَ مَك لكف د يي . مم معَدَاب ليم في الدنياوالأخْروَ املاس ْلاتحَلمون () وَلوْلا سام سس ح سارف 0 رحو د م مؤت ست ريَمت وأ لله رء وف تحيم أن 00 ما ذبن ءامنوأ لاتنّبعواأ 0 أخطواتِ ا اا تفسيرسورة النور ل ١ يي شو ليطن يملسمل والكولرلا مضل سم طش آذه عه و2 .- الله عليحومته,ما وين لِأَبدا ولك لله يرق و يمعليم 9 الوعظ زجر مقترن بتخويف من العذاب أو سوء العقاب والمآل فى الجماعة الإسلامية ‏ وقال الخليل بن أحمد: هو التذكير بالخير فيميل له القلب» والتعبير بالمضارع لبيان أن ما مضى من قول فيه عظة» والله سبحانه وتعالى مستمر ومجدد لهم العظة آنا بعد آن» فهو سبحانه وتعالى مديم تجديد الإرشاد والتنبيه إلى ما فيه طهارة جماعتكم» والبعد عن ذمهاء #أن تعودوا» المصدر المنسبك من «أن» وما بعده» متعلق بمقدر محذوف مناسب» وهو كراهة أن تعودواء أى كراهة عودتكم مثلها أبداء والضمير يعود إلى الشأن وهو الحال التى كانوا عليهاء ووقعوا فيهاء والتعبير عنها ب #المثله», مبالغة لأن لا يقعوا فيهاء كما تقول لكريم: مثلك لا يبخل: أى أنت لا تبخل؛ لأن فيه سجايا لا تسمح له أن يبخل كما لا تسمح لثله. فمعنى لا إتعودوا لمثله» لثلهاء أى لا تعودوا إليها. وأشباههاء ثم علق القول على الإيمان فقال: «إن كنتم مؤْمنينَ» وهذا تنبيه إلى أمرين أولهما: إثبات أن الإيمان يتجافى عن رمى المحصنات المؤمنات» وتلقيه وترديده من غير علم ولا تشبت» ويقين» فإن ذلك من أشد أنواع الغيبة وأفحشهاء ويؤدى إلى فساد الجماعة بشيوع الترامى بالزنى فيه. والأمر الثانى: هو الحض على الإيمان والتمسك بهء وبأخلاق المؤمنين» والله غفور رحيم. ويقول سبحانه: وبين الله َكُم الآيّات واللّه علي حكيم 402 . الواو عاطفة» وقد عطفت قوله تعالى: «ويبين الله لَكُم الآيّات» الآيات ظاهر القول أنها هى الآيات القرآنية الدالة على المواعظ الشرعية» والرحمة بالجماعة الإسلامية» فإن القرآن موعظة ورحمة وهدىء. كما قال تعالى: يا أَيِها النّاس قد اله تفسيرسورة النور ||اااااامممم للك !]أ لالتلا الالالال اناا لالم ممم الالالال لل تاعسل خضل ق مك1 للا ٠: ااا‎ 1 يي 1 جاءتكم موعظةٌ من ربكم وَشفَاء لَمَا في الصّدورٍ وهدى وَرَحَمَة للْمُؤْمِينَ 4059 [يونس] ويكون المعنى على ذلك ويبين لكم الآيات» أى ينزل عليكم سبحانه وتعالى آيات مبينة الأحكام الشرعية» والمواعظ الموجهة إلى الخير» والداعية إلى الرشاد» والهادية» وتضمن البيان معنى الإنزال؛ لأن الإنزال من الله تعالى هو بيان الحقائق الإسلامية. وإن هذه الآيات هى الملائمة الرائدة للجماعة الإسلامية المرشدة لهاء التى تنجه بها نحو سيادة الفضيلة» والله سبحانه وتعالى هو الذى يعلم ما فيه الخير والرشادء ولذا عقب الآية الكريمة بقوله عز من قائل «والله عليم حكيم» أى أنه -سبحانه وتعالى- ينزل عليكم أنه عالم بكل شيء يعلم ما يسر وما يعلن» وأنه حكيم يعالج آفات الجماعات بحكمته وتدبيره» ويشرع ما هو جدير بعلمه وحكمته» وما يصلح مالهم وعامة أمورهم» ويجعلهم جماعة فاضلة» وأنها خير أمة أخرجت للناس. وبيّن سبحانه وتعالى أن الذين يروجون الفساد ويتهمون الأبرار يعملون على إشاعة الفاحشة ونشرهاء فقال تعالى: «إن الذي يحبّون أن تشيع الْمَاحشّة في اين آمنوا لَهُمِ عَذَابِ أَليم في الّنيًا والآخرة واللّه يعم وأنثم لا تَعلَمُونَ 69 » . بين سبحانه فى هذه الآية ما يترتب على رمى البرآء» واتهام الأتقياء وخصوصا من لهم مكانة فى الويمان والفضل» وقد بين ما يترتب عليه إشاعة الفحشاء ونشرها بين الذين آمنوا؛ وذلك لأنها إذا شاعت فى الأتقياء ذوى المكانة سهل ارتكاب الفاحشة. فإذا تسامع من يكون فى قلبه نزغة أن فلانة من أزواج الكبراء» قد ارتكبتها فلا تجد حرجا أو لائمة أن ترتكبهاء فكان الذين يلوكون بألسنتهم اتهام أزواج الكبراء قاصدين إليها غير متأئمين من ترويجها يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا؛ لأنهم إذا علموا النتائج المدرتبة على قولهم» واستمروا فى غيهم» فهم يحبون هذه النتيجة ويسعون بعملهم إليهاء وقد ذكر سبحانه ذلك ليعلم العابئون إن استمروا أنهم يحبون هذا الفساد» وقد ذكر سبحانه جزاءهم» فقال: ا تفسيرسورة النور لولاا لالص اللا لجل يزه يي «لهم عَذاب أليم في الدنيًا والآخرة4, أما عذاب الدنيا فهو العقاب الصارم وهو الحدء والحد كما قلنا يتضمن ثلاثة أنواع لا يكمّر إلا آخرهاء وهى الجلد ثمانين جلدة» والثانى: ألا تقبل لهم شهادة أبداء والثالث: الحكم عليهم بأنهم فاسقون» وهذا ما تكفره التوبة. وأما عذاب الآخرة فإن الله تعالى اختصه بعلمه» حتى نراه يوم القيامة عياناء ولا نعلم منه إلا ما أراد الله بيانه فى القرآن الكريم من عذاب الكافرين» ثم قال تعالى مؤكدا العواقب الوخيمة من رمى البريئات والبرآء إوالله بعلم وأنتم لا تَعلّمون» الله وحده يعلم صحة الاتهام إن كان صحيحاء ومواضع التهمة» ويعلم أثر ذلك فى الجماعات من إشاعة الفساد» وانحلال الرابطة الاجتماعية» وإشاعة الأقوال الباطلة «وأنتم لا تعلمون» أسرار البيوت ودخائلهاء فإن ذلك فى كن مستورء ومن المصلحة ستره» روى أبو الدرداء أن البى ككِلٌ قال: «أيما رجل حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى لم يزل فى سخط الله تعالى حتى ينزع» وأيما رجل شد غضبا على مسلم فى خصومة لا علم له بها فقد عاند الله حقه وحرص على سخطه؛ وعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة» وأيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها برىء يشينه بها فى الدنيا كان حقا على الله تعالى أن يدنيه يوم القيامة فى النار حتى يأتى بنفاذ ما قال2372؛ وإن هذا الحديث كما روى» جامع لآفات اللسان التى ترمى فى نار جهنم. ثم يبين سبحانه أن هذه الآفات تكب الناس على وجوههم فى جهنم لولا فضل الله. وأشنئعها حديث الإفك . فقال تعالى: «ولولا فضل الله عليكم ورحمته ون اللَّه روف رحيم 4069 . إلولا4 هنا حرف امتناع لوجود» والجواب الممتنع لوجود فعل محذوف» لتذهب فيه النفس والفكر كل مذهبء» وذلك ينبئ عن أنه هول أى هول» وشديد أى شدة يتناسب مع عظم الجرم» وذلك العذاب ممتنع لوجود فضل الله تعالى المنعم :)39949( رواه الطبرانى عن أبى الدرداء رضى الله عنه» وراجع الترغ يب والترهيب للمنذرى‎ )١( لا"‎ تفسيرسورة النور 9م للللللوال بللا لاا0ا0ا0االلل تاللا سب ا علينا ببيان شريعته وعفوه عناء وقد نبهنا إلى مغبة هذا لنرتدع» ونستغفر» ونقلع عن أهواء النفس» ووسوسة الشيطان» ورحمته بنا من أن نؤخذ بجرمنا فور ارتكابه» وإن كنا نستحقهء وأن الله تعالى من صفته أنه رءوف رحيم» الرأفة انفعال النفس بالرفق والعطف على من يخشى عليه» وهذا بالنسبة للإنسان» أما بالنسبة لله تعالى فهى صفة تليق بذاته الكريمة» وهى تقابل ما عند العبيد» ولكنها تتفق مع صفات الكمال التى يتصف بها الله تعالى» والرحمة لطف الله تعالى فى الأحكام ووضعها فى مواضعها سواء أكانت خفيفة أم كانت غليظة فى عقاب» فالعقوبة - مهما كانت شديدة - من رحمة الله تعالى بعباده» وإن رمى الأبرياء من طاعة الشيطان» ولذا قال تعالى: «يا يها الْذين آمنوا لا تتسِعُوا خطوات الشيْطان ومن يتَبعَ خطوات الشيطَان فَإِنه يمر بالقحشاء والسكر» . ذكر سبحانه العواقب الوخيمة التى تترتب على ترداد الإفك على ألسنة الناس وإنه يترتب عليه فساد أمر المؤمنين وتشيع الفاحشة فى الذين آمنواء وفى هذه الآية يشير إلى أنه من وسوسة الشيطان» ومن اتباع مسالكه. ونهى المؤمنين عن ذلك صيانة لأنفسهم» ولعقولهمء فقال: يا أَيهًا الّذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان» تقرأ بضم الخاء وفتحهاء وقراءة الجمهور بضمهاء وخطوات الشيطان جمع خطوة» وهى ما يكون بين الرجلين عند السيرء وذلك يتضمن النهى عن السير فى مسالك الشيطان» وعبّر عن طريق الشيطان بخطواته» على أنه تعبير مجازى شبه من يخضع لهواه بمن يتبع الشيطان فى خطواته» فيخطو مثله غير متجنب لهاء ولا لطريقه. ثم بين سبحانه سير الشيطان» وأن من يتبعه يتبع الفحشاء والمنكر» فقال عز من قائل: ومن يبع خطوات الشَيْطان فَإنَّهِ يمر بالقحشاء وَالْمكر» والفحشاء: الآمر الزائد فى القبح الذى يتجاوز كل حدء والنكر: الأمر الذى تنكره العقول» والفطرة المستقيمة» ولا يقبله الناس» ولا يرضاه ذوو الكرامات» والذين يتطهرون فى أقوالهم وأفعالهم . ها تفسير سورة النور الالال هه > يي وقوله تعالى طفَإِنهُ يَمْر بالْمَحْشَاء وَالْسْكَرِ4. ليست جواب الشرطء بل هو يومئ إليه؛ لأنه علة» ويكون مجرى البيان: ومن يتبع خطوات الشيطان فهو منساق إلى الفسادء لأنه يأمر بالفحشاء والمنكرء وعبر سبحانه عن وسوسة الشيطان وإغوائه بالأمر لأنه يستولى على من اتبعه» وكأنه سلطان مسيطر يأمره وينهاه» ولا سلطان على نفس الضال غيره؛ لأنه رضى مسلك الشيطان طريقاء وهو ينتهى لا محالة إلى الضلال الذى لا هداية معه قط. وإن الله سبحانه بفضله ورحمته لا يترك الناس تحت إغواء الشيطان» ودنسه» ولذا قال تعالى: «ولولا فَضل الله عليْكُم ورَحَمَتْه ما رَكَئْ منكم من أَحَدٍ أبدا ولكن الله يرَكِي من يَشاء واللّهُ سَمِيعٌ علي 409 . الزكاة تطلق بمعنى التنمية» وتطلق بمعنى الطهارة» وهنا بمعنى تزكية العقول فى النفسء وامتلائها طهراء وعفافا وإيماناء أى أنه لولا فضل الله تعالى بالموعظة والهداية وتربية النفوس بالتقوى ورحمته بهدايتكم وقبولكم للحق وتجنبكم مخاوف . الشيطان ما طهر منكم من أحد أبداء وقد أكد سبحانه جواب الشرط وعمومه أولا ب «من» الدالة على استغراق النفى للآحاد والجماعة» وأكد النفى أيضا بدخول (من) على (أحد)ء كما أكده بذكر (أبدا)؛ وذلك لأن الشيطان يأتى النفوس من قبل أهوائها وشهواتهاء وشهوات النفس حلوة» ولكنها وبيئة» ولكن الله تعالى لا يترك عباده جميعا تحت غواية الشيطان الرجيم» فهو يجتبى من عباده من يزكيه ويطهره فى قلبه ولسانه ونفسه» ولا يشاء الله تعالى لعبده تلك الطهارة إلا إذا سلك سبيلهاء واختار نجدهاء فيأخذه إلى ما اختار. ثم ختم الله تعالى الآية بقوله تعالت كلماته: #واللّه سميعٌ علِيم4؛ أى واسع الرحمة والفضلء عليم بمن يستحقهاء فيتوجه إليه سبحانه وتعالى بأن يسلك به طريق الهداية والطهارة. 2 04 9د إن تفسيرسورة النور المعصية لا تسوغ قطع الرحم؛ والبراءة من الافك ‏ قال تعالى: يتلأ َولوالْمَضلٍ وي ا لا ةئارق وسكي وجيت ف سَلِئَسَه دليف امه لكل سمت لبخ 7 عر وو و اعورم زككن ننسو تالت سكافلت لمت نوأ اف داو ارصع بعَظِيمٌ 7 و 0 عل مح مه 1 2 6 أذ وه دِيم وأَْسلْهميمَ كنأيعَمَلُوي آ ‏ ج ا بور 1 0 1 حم سا ودس ا 2 3 6 كولسل لله هوالْحقٌ الشثىن وال سل > سا ميل 000 - مي اه يع والح 9 رك للخ ااا - للخبيثين ماري “ني 000000 00 عسو اكد ين الب شيك فيك ورب مَعَابتوُون هم تعفر ورزق مكريم )ا «ولا يأتل» معناها لا يحلفء من الإلية بمعنى الحلف» وائتلى افتعل من الإلية» ويروى فى ذلك أن مسطح بن أثاثة كان ابن خالة أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه» وكان فقيرا مسكيناء ومهاجرا فى سبيل الله. وحضر بدرا ولكن زلق لسانه فخاض فى حديث الإفك مع قرابته من أبى بكرء الذى كان ينفق عليه لفقره وقرابته» وهجرته» وحضوره بدراء فلما فعل فعلته» ولاك بلسانه سمعة الصديقة ا تفسيرسورة النور 1 6 اللللوالالللو ااا ااال ااام اليل لس ار بنت الصديق منع النفقة» وقال: لا أنفعه بنافعة قطء فنهاه الله تعالى عن ذلك7١)‏ وكان نهيا عاما لكل من يكون فى مثل حال الصديق ومثل حال مسطح» وإن السبب يكون خاصاء ولكن الحكم يكون عاماء وهو نهى عن الحلف» وعن المحلوف به» ومؤداه أنه يجب عليه أن يرد نافعسته إليه» ويستمر فى النفقة ويحنث فى بمينه» كما قال يَكِّْ: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليحنث وليكفر»2©0), ولا تصح أبمان مانعة من الخير كما قال تعالى: #ولا تجعلُوا الله عرضة لأَيمانكم أن تبروا وتنّقُوا وتصلحوا بين النّاس ... 4059 [البقرة]» أى لا تجعلوها حائلة بينكم وبين أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس . «الفضل» هنا هو الخلق الكريم الذى يفيض بالخير على الناس» فالمعنى ولا يأتل أصحاب الفضل الذين لا يشحون بخير على من دونهم» ومن مثل أبى بكر فى الفضل بعد النبيين» الذى كان إذا رأى من يفتن فى دينه اشتراه من وليه وأعتقهء و(السعة).» أى الخير الكثير فى المال» وبذلك يكون أولئك الفضلاء يجمعون بين الخلق الكامل والمال الشرى» يفيض بخلقهء ويعطى من مالهء يطالب هؤلاء بأن يغفروا زلات من يعطونهم» كما يغفر الله لهم زلاتهم وخطيئاتهم إن كانت» فيقول سبحانه «ألا تحبون أن يغفر الله لَكُم4 الاستفهام بمعنى النفى والتنبيه على وجوب الغفران» أى أنه كما أنكم تحبون أن يغفر الله لكم فاصفحوا واعفواء فإن الجزاء من جنس العمل والوجدان والإحساسء والفرق بين العفو. والصفح.» هو أن العفو هو عدم جزاء السيئة بمثلهاء ودفع السيئة بالحسنة» والصفح هو محو آثار الإساءة من النفس» وقد أمر الله تعالى رسوله بالصفح الجميلء فقال عز من قائل: #... فاصفح الصفح الجميل 4059 [الحجر] وهو الصفح مع تجافى ما يذكر بالإساءة. )١(‏ راجع القصة فى الموضع المشار إليه آنفا من البخارى ومسلم: وكذلك الترمذى: تفسير القرآن- ومن سورة النور (85 0536١‏ (؟) سبق تخريجه. 6 إل تفسيرسورة النور ااا ااال الام الئل لس ا وقد ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله: #واللّه غفور رحيم4. أى كثير المغفرة تعم رحمته بكثرتهاء وذكر هذين الوصفين فى هذا المقام دعوة للناس بأن يتخلقوا بصفات اللهء وإن كانت لا تليق إلا بذاته وجلاله. وقد يستنبط الفقهاء من هذا خطأ من يقول إن الزكاة لا تصرف لعاص؛ لأن ذلك يتنافى مع معنى هذه الآية ومغزاها الكريم؛ ولأن منع العاصى ربما يؤدى إلى إسرافه فى المعصيةء والرفق به قد يقربه ويهديه. وبعد هذا الأدب الكريم الذى يعم ولا يخص الصديق وابنته - بين بعد ذلك عقاب الذين يرمون المحصناتء فقال عز من قائل: «إإِنَ الّذين يرمُونَ الْمحصتات الْغافلات الْمَؤْمنات لعنوا في الدنيًا والآخرة ولهم هذه الآية عامة فى كل من يرمى محصنة» وهى التى عرفت بالتقوى والبعد عن الخناء وليس موضوعه من رمى عائشة -رضى الله عنها- بل من يكون لسانه غير منضبط» يرسل القول إرسالاء بين المؤمنين فى المحصنات» فهى تعم كل من ليس عفيف اللسان يرمى النساء بالفحش». لأدنى شبهة» وإن الكامل يعف لسانه عن النطق بالهجر. والمحصنة هى التى لم ترتكب الخناء وهى عفيفة عرفت بالعفة» ولم تعرف بالفجرء #الغافلات4 الغافلة هى الطيبة الطاهرة التى ليس عندها خخبرة» ولا معرفة بأحوال الناس» وشأن المرأة التقية أن تكون فى غفلة عما يلهو به الناس» لا تعرف الرذيلة ولا ترتكبهاء فيها غرارة» وسذاجةء والمؤمن كما فى الأثر: غر كريم» والمنافق حب لثيم270: وليْس المراد أنها بلهاءء بل تفسر الغافلة بأنها السانجة المستقيمة النفس التى تعيش بالفطرة ولا تجانفها. وقد قال الزمخشرى فى تفسير معنى الغافلات: الغافلات السليمات الصدور التقيات القلوب اللاتى ليس فيهن )١(‏ سبق تخريجه. (#ا تفسيرسورة النور ال الملل م سب اا دهاء» ولا مكرء لأنهن لا يعرفن الأمور ولم يرزن الأحوال فلا يفطن لما تفطن له المجربات العارفات . وإن الغافلات أيضا لا ينتبهن لمقالات الآثمين» ولا يعملن على ردهاء وسوق الفاسدين إلى القضاء ليقيم عليهن حد القذف» وقذف هؤلاء أعظم جرماء وأدل على اللجاجة فى الأذى والاستهتار فى القول من غير تأثم ولا تحرجء الْمَؤّْات»؛ أى اللاتى يجملهن الإيمان» ويزيدهن عفة فوق عفتهن بالفطرة السليمة النقية الطاهرة» وقد ذكر سبحانه عقاب خمسة هؤلاء الذين يرمون المحصنات الغافلات فقال: لعنوا في الدنيًا والآخرة4 أى طردوا ونبذوا فى الدنياء فليس لهم فيها ذكر طيب» ولا كرامة لهمء ولا احترام لخساسة نفوسهم, ولعنوا فى الآخرة فهم مبعدون عن رضا ٠‏ الله» وعن أن ينظر إليهم» ولا يكلمهم؛ لأنهم قد دنسوا ألسنتهم بإشاعة هذا الهجر من القول» لهم عَذَابَ عظيم» وهو دخولهم فى الجحيم . س ومس وس #يْم» متعلق بقوله تعالى: #ولهم عذاب عظيم»: أى أن ذلك العذاب العظيم يكون فى يوم لا يخفى فيه آثم, ويكون كل شيء شاهدا على ما أجرمواء وقد صور الله تعالى ذلك بأن ألسنتهم تشهد عليهم بما اخترصوا فيه» وأرجلهم تشهد بما سعوا فيه بالباطل» وأفسدوا به الناس» وأيديهم تشهد بما بطشواء وما فعلوا من آثام» وشهادتهم منصبة على ما كانوا يعملون. هذا كله متعلق بحادث الإفك» ذكر فى بعض الآيات ما هو موضوع الإفك حول أم المؤمنين عائشة» وبعضه عام ذكر لمناسبة الحديث عن هذا الإفك الأثيم» ولقد قال الزمخشرى رضى الله عنه فى هذا المقام ما نصه: الو فلَّت القرآن كله وقتتدشت عما أوعد به العصاة لم تر الله تعالى قد غلظ فى شيء تغليظه فى إفك عائشة رضوان الله تعالى عليهاء ولا أنزل آية من الآيات القوارع المشحونة بالوعيد الشديدء والعتاب البليغ» والزجر العنيف» واستعظام ما ركب من ذلك واستفظاع ما أقدم عليه ما أنزل فيه عن طرق مختلفة وأساليب مفتنة» إل تفسيرسورة النور للفلل الال كه : يي كل واحد منها كاف فى بابه» ولو لم ينزل إلا هذه الثلاث لكفى بهاء حيث جعل القذفة ملعونين فى الدارين جميعاء وتوعدهم بالعذاب العظيم فى الآخرة» وبأآن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهد عليهم بما أفكوا وبهتواء وأنه يوفيهم جزاءهم الحق الواجب الذى هم أهله)( . «يومئذ يوقيهم الله دينهم الحق ويَعلمُونَ أن الله هو اْحق الْمِينْ (42 . ا(يوم» بدل أو عطف بيان من قوله تعالى: «إيوم تشهد عليهم السنتهم وأيديهم وأرجلهم » والآية السابقة كانت مشتملة على الإثبات يوم القيامة وأنه كان من جوارحهم التى تشهد عليهم» وهى شهادة صادقة» وهذه الآية تبين الحكم» وهو العقاب الشديدء والدين هنا هو الجزاء الصارم الشديد» ف (الدين) تجىء بمعنى الجزاء والحساب» يوفيهم جزاءهم الحق الذى استحقوه بأقوالهم الآثمة» وعندئذ فى هذا يعلمون الله»ء وصدق وعيدهء فيعلمون أنه سبحانه هو وحده الحق المبين» ويعلمون أن ما أشركوا به كان باطلاء ولا حق إلا الله» ولا يعبد بحق سواه» تبارك الله وتعالى أحسن الخالقين. بعد ذلك بين -سبحانه- براءة عائشة من الإفك» فقال عز من قائل: «الْخبيعَات للحَبيئن وَالْحبِيعُون للْحبينَات والطَّيّبَات لين وَالطيْبُون للطيبّات ولك مبرءون مما يقَولُون لهم مُغفرة ورزق ١‏ كَريم 9 4*5 وهذا برهان منطقى مستمد من واقع الحسياة» وما يختاره الله تعالى للناس» وهو التجانس بين الأزواج فى الأخلاق والأعمال والأقوال. أ الخبيشات جمع خبيثة: وهل المراد وصف النساء أم وصف الأقوال؟ قال مجاهد وسعييد بن جبير وعطاء وجمهور مفسرى السلف: ويكون المعنى أن خبيث الأقوال» إنما ينطبق على خبيث الرجال وقد حصرت فيهم» وكذلك الخبيثون انحصروا فى خبيث الأقوال لا يعدونهاء طوالطَّيّبات4. أى الأقوال الطيبة تنحصر . راجع الكشاف للزمخشرى: ج؟//07‎ )١( ا تفسيرسورة التور اللللللاااالاا0اا ااال للك . ١ لسك‎ يي فى الطيبين من الرجال» وهم منحصرون فيها لا يتجاوزونها إلى خحبيث الأقوال» وقد عد هذا احتمالا فى الآية الزمخشرىء والاحتمال الشانى الذى ذكره أن المراد بالخبيشات النساءء وكذلك الطيبات» وإلى هذا نميل» فليس موضوع الكلام خبائث الأقرال» وطيباتهاء إنما موضوعها البريئات من النساء والبرآء من الرجال الذين يرمون بخبث القول» فهى أولى بأن تفسر بموضوعها. والخبيث هو من قام به الخبث» وهو الرجس الحسى» وقد شبه الرجس المعنوى» وهو فساد النفوس وارتكابها موبق الأفعال من زنى وشرب حمر وسرقة» واختلاس واغتصاب بالخبث الحسى» كما فى قوله تعالى : 8# .. إِنْمَا المشركون نجس فلا يقربوا الْمَسَجد الْحرام بعد عامهم هذا . .. 462 [التوبة]. وقوله تعالى: «الْحَبيئات للْحبينين» هو من قبيل القصر؛ لأن فيه تعريفا للطرفين» ومعنى ذلك أن الخبيئات لا يكن إلا للخبيثين من الرجال» أى لا يمكن أن يكن أزواجا إلا للخبيث من الرجالء إذا لا يقدم عليهن إلا مثلهن» وكذلك كان القصر فى الحملة الثانية» والخبيثون للخبيثات» أى انحصر زواج الخبيثين فى الخبيئات من النساء» أى لا ترضى بواحد منهم زوجا لها تجتاز معه مرحلة ال حياة إلا الخبيئات من النساءء فلا ترضى شريفة طيبة برجل خبيث النفس والقول والعمل. وكذلك الطيبات للطيبين هو أيضا فيه قصر بتعريف الطرفين» أى أن الطيبات من النساء لا يقبلن إلا زواج الطيبين؛ لأن الطيبة الكريمة لا ترضى أن تكون فراشا إلا للطيب الكريم» ولا يرضى ذووها إلا بكريم طيب ذى خلق ودين» والطيبون ذوو الأخلاق الذين لا يختارون إلا كريمة ذات خلق ودين» والشطر الأول كقوله تعالى: #الرّاني لا يُنكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا رَان أو مشرك ... 42 [النور]. «أولتك مبرءون مما يَقولُون لهم مُعْفرةٌ ورِزْق كرِمم» الإشارة هنا إلى الطيبين والطيبات؛ لأنهم الأقرب فى الذكر ولأنهم الذين يأثم الخبثاء بالقول القاذف فيهم» والتبرئة لا تكون إلا لمن يرمى بالقول الخبيث. الل تفسيرسورة النور 0315 )سس ساك السب ا «لهم مُغفرة ورزق كريم4» أما المغفرة فهى أن الله تعالى يغفر لهم من اللمم» وبعض السيئات بسبب القذف الآثم لهم فإنه يتتقص من سيئات المظلوم بمقدار اعتداء الظالمين» والرزق الكريم هو الحسنات فى الدنياء وجزاؤها فى الآخرة» وهذا كقوله تعالى: 8... وأعتدنًا لها رقا كرِها 49 [الأحزاب] . والآية الكريمة عامة تعم نساء النبى يَلكِيّه ونساء المؤمنين» وهى مع عمومها تدل على براءة أ م المؤمنين عائشة من ناحية التصريح بكل طيبة ترمى» فقد صرح سبحانه بالبراءة» فى قوله تعالى: «أولتك مبرءون مما يقولون» وبرأها سبحانه بتضمين القول الدال على انحصار الخبيث من القول فى الخبثاء والخبيثات» وانحصار الطيب من النساء والرجال فى الطيب من الأخلاق والأقوال.. وإذا كان زوج كل طيب طيبة فزوج أطيب الرجال فى الإنسانية أطيب النساءء والله واسع عليم. أدب البيوت وصيانتها قال تعالى: مدي مامد خلا قا نيص عق تلطا ول 2 َأمْلهًا > كم 2 0 دلج أيه ك0 حُلوه ا ا أو 2 م ع 710 ره سج صر يلل انيثا ال 0 ينوك 2 1ك _ 1 ”2 وا يعرم ف فسا سا و ب 9ه تفسير سورة النور الل لس ا كان الكلام السابق فى رمى الأبرياء وحد القذفء» واللعان» وحديث الإفك» وما يستوجبه رمى المحصنين والمحصنات إذا كان صادقا من شهادة أربعة من الشهداء» وقد يدفع الفضول بعضهم إلى أن يفشى سر البيسوت لتأكيد مظنة الزنى» فجاء النص الكريم باحترام حرمة البيوت» دفعا لهذهء ومنعا لغشيان البيوت وانتهاك حرمتها وصيانة الأسرء فقال عز من قائل: يا يها الّذينَ آمنُوا لا تَدحْلُوا بيوتا غير بيُوتَكُم حت تَستَأنسُوا وتُسلَمُوا علَئ أَهلها ذَلَكُمْ حير كم لَعلَكُم تَذَكَرونَ 409 . النداء للذين آمنواء وفى ذلك إشارة إلى ما يطلبه سبحانه من خواص أهل الإيمان» وهو من الأدب الذى يناسب إيمانكم وهو عدم التهجم على الأسرء وتكشف أستارهاء وتحاشى إزعاجهاء و(تستأنسوا) أى تطلبوا الأنس بأهلها وتزيلوا الوحشة التى تحدثها المفاجأة» والسين والتاء للطلب» وقالوا: إن معنى #حتئ تَسْتَأنسُوا4. حتى تستاذنواء وقيل إن ثمة قراء قرءوا حتى تستأذنوا(!؟» ونقول: الاستئناس أدق فى التعريف وأدل على الاستعلام؛ لأن الاستئذان الإذن المجردء وتتحقق الإجابة بالإذن» أما الاستئناس فطلب الأنس وإزالة الوحشة» وذلك لا يتحقق بمجرد الإذن بل لابد لتحققه من إيجاد الألفة» وهو يتضمن فى تحقيق طلب الإذن» والاستجابة بالإذن فعلا. وإن هذا يتضمن فى معناه ومغزاه النهى عن التجسس والتحسس» وظن السوءء وأنه يجب أن يظن خيرا. وإنه من تمام الاستئناس السلام» ولذا قال تعالى: لوَتَسَلَموا علَى أَهلها4 ولقد كان النبى يكِلةٍ إذا أراد أن يدخل بيتا سلم ثلاث مرات2"7» ولا يكتفى بسلام. واحد إعلاما لمن يدخل عليهم» واستئناسًا لهمء وإزالة لوحشة المفاجأة» والبيوت: الظاهر أنها ليس الدورء إنما هى محل البيات حيث تكون العورات مظنة أن تكون مكشوفة . قراءة حتى (تستأذنوا)» ليست من القراءات المتواترة‎ )١( البخارى: الاستئذان- التسليم والاستثذان ثلاثا (هلالاه)» والترمذى: الاستتذان والآداب‎ )0( عن أنس رضى الله عنه.‎ .)56540( ا تفسيرسورة النور الل 111010110111111 غير مستورة» فإذا كانت الدار ذات بيوت فى كل بيت منها سكن كان الاستئناس والسلام واجبين» وقد ذكر فى أدب السلف الصالح أنه إذا وجد البيت بابه مفتوحاء يستأذن وهو واقف بجانب منه. وننبه هنا إلى أمرين أولهما: أن السلف الصالح كانوا يذكرون أسماءهم عند الاستئذان والاستئناس» فعمر رضى الله تعالى عنه استأذن على النبى بكي فقال عمرء وكذلك أبو موسى الأشعرى» ويكره أن يقول المستأذن: (أناء من غير ذكر اسمه)30 . انيهما: أنه يستأذن على محارمه وغيرهم» وروى أن النبى كله ستل من رجل: أيستأذن على أمه؟ فقال: نعم أترضى أن تراها عارية9) وفى الحق: إن الاستئناس والتسليم لثلاثة أسباب. أولها: أن يكون صاحب الببت ليس على حال يصح للقاء واستقبال الناس. وثانيها: احترام الملكية» سواء أكانت ملكية عينية بأن يكون البيت ملكه» أو ملكية منفعة إذا كان مؤجراء وثالئها: إزالة وحشة المفاجأة. 0 وقد نحتم سبحانه الآية الكريمة بقوله عز من قائل: «إذلكم خير لُكم لَعلّكُم تذكّرون» الإشارة إلى هذه الآداب الكريمة» والخطاب لمن وجه إليهم الخطاب فى قوله تعالى: «يا أيهَا الذين4, وكان الخطاب بلفظ الجمع؛ لأن المخاطبين جمعء وتكون «ذلك» بالخطاب المفردء إذا كان المخاطب محمدا وحده»ء وإنه بتقصى ذلك فى القرآن تثبت هذه التفرقة فى الخطاب. وقد خاطب بالإشارة بأمرين: أولهما: أنه #خير لكم4, » لكى تصان الأعراض» وتستر العورات» ولا يكون نطاق اتهام» ونفور بالاستيحاش» وحيث كشفت الأستار كانت الفئن وكان ظن السوءء فتسود القطيعة» والتفاحش» ورمى الأبرياء. (1) عن جابر بن عبد الله رضي اللَّهُ عنّْهُمَا قال: نيت التبي يك فى دَيْنِ كان عَلَى أبى فَدَكقْت الْبَابّ قَقَالَ: 'مَن ا؟' فَقَلْت: أنَاء قَقَالَ: 'أنا. أنا!!' كأنَهُ كَرِمَهَا. رواه البخارى: الاستعذان- إذا قال: من ذا؟ قال: أنا »)2018١(‏ ومسلم: الآداب: كراهة قول المستأذن أناء إذا قيل له: من هذا. (1) رواه مالك فى الموطأ: الجامع- الاستئذان )١0١14(‏ عن عطاء بن يسار رضى الله عنه. ا تفسيرسورة النور اللا اللوو ل مله رز يي انيهما: رجاء التذكر وتعرف المصلحة وتحرى الاحتشام» حتى من الآباء والأمهات. وقد ذكر سبحانه وتعالى: لفَإن لّم تجدوا فيها أَحَدا فلا تَدخَلُوها حت يُؤَذَنَ لكم وإن قبل لَكم ارجعوا فَارجعوا هو أَْكئ لَكم والله بما تعملُونَ عليم 462 . الآيتان متصلتانء» وهذه الآية تفريع على الآية السابقة» فالسابقة فرض فيها الإذن بعد الاستئناس والسلام» وإن كان فيها أناس استئذنواء» واستكنسواء وسلموا عليهم» وهذه الآية مفروضة فى جزء منها فى حال إذا لم يجدوا أحداء والجزء الثانى مفروض فيه إذا لم يكن إذن» بل كان الأمر بالمنع والرجوع . فأما الجزء الأول فقد قال تعالى: طفَِن لّم تجدوا فيها أَحَدا فلا تَدخلوها حَتَى يدن لكم» فاصبروا حتى يوجد أو يحضر من يأذن لكم من أهل البيت» وقد يقال: إنه لا أحد يخشى الاطلاع على المستور من عوراته» وقد أجاب الزمخشرى على ذلك الاعتراض بقوله: «ذلك أن الاستئذان لم يشرع لثئلا يطلع الدامر على عورة» ولا تسبق عينه إلى ما لا يحل النظر إليه فقطء إنما شرع لئلا يقف على الأحوال التى يطويها الناس فى العادة عن غيرهم» ويتحفظون من اطلاع أحد عليهاء ولأنه تصرف فى ملك غيرك فلابد أن يكون برضاه» وإلا أشبه الغصب والتغلب)2©20. الفرض الأخير هو حال الرجوع. بين سبحانه حال الإذن» وحال خلو البيت وبقيت حال الرد» وطلب الرجوع وعدم الدخولء وهذا كما ترى متشعب عن الاستئناس» فقال تعالى: #إوإن قيل لَكم ارجعوا فارجعوا هو أَزْكَئ لَكم» والفاء واقعة فى جواب الشرط» و«أزكى») معناها أطهر وأكرم؛ لأنها لا تصح اللجاجة» فإن ذلك يكون خسة بكمء ولا يليق بكرامة الكريم. ويقول الزمخشرى عند قوله تعالى: «إوإن قيل لَكم ارجعوا فَارَجعوا4 ألا تلحوا فى إطلاق الإذن ولا تلحوا فى تسهيل الحجاب ولا تقفوا على الأبواب منتظرين؛ )١‏ الكشاف للزمخشرى: 54/7. والدامر فى قوله: لثلا يطلع الدامر» أى الهالك الذى لا خير فيه. لسان العرب(دمر). 0 (## تفسيرسورة التور اللو لاملل جه يي لأن هذا ما يجلب الكراهة ويقدح فى قلوب الناس وخصوصا إذا كانوا ذوى مروءة» ومرتاضين بالآداب الحسنة» وإذا نهى عن ذلك لأدائه إلى الكراهة وجب الانتهاء عن كل ما يؤدى إلى ذلك بعنف» والتصييح بصاحب الدار وغير ذلك مما يدخل من لم يتهذب من الناس . وقوله تعالى: طهو أَزكئ لَكم» بمعنى الطهرء أى هو أطهر لكمء وأكرمء وأنمى لمروءتكمء ثم قال تعالى: #والله بمَا تَعْمَلُونَ عليم4: أى الله تعالى يعلم ما فيه خيركم وطهركم وأليق بكرمائكم» وما يبعد المنافرة بين جماعتكم., وأنتم لا تعلمون خيركم» ولا ما فيه طهارتكم وسموكم» ومعرفة الفاضل من أموركم» أى الله تعالى يعلم ما تعملون من خير وشر ولائق وغير لائق» عليم به وقدم #بما تعْمَلون»4 على #عليم4 للأهمية وللاختصاصء وقبل الكلام فى معانى هذه الآية الحكيمة وما قبلها نقول: إنه سبحانه لم يقل: فإن لم يأذنواء بل قال إوإن قيل لَكُم ازجعوا فارجعوا» للإشارة إلى أن عدم الإذن يتضمن الأمر بالرجوع يفهمه ذو الإحساس المرهف المدرك المنفذ لما يكون فيه حفظ للمروءة وصون للكرامة» وذلك يشير إلى منع اللجاجة» وألا يدخلوا بيوتا لا يرغب فى دخولهم أصحابهاء وقد بين الله تعالى ما يرخص فيه من دخول بيوت غيرهم» فقال: ليس عَلَيكُم جاح أن تَدخلُوا بيُونَا ير مَسَكُوتَة فيها ماع لّكُم واللَّه عَم ما تَبْدونَ وما تَكْتَمُونَ 469 . الجناح الإثم» وتنكيره ليعم» أى ليس إثم فى أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكمء أى طعام أو أى شيء يقتنى وينتفع به من فرش وثياب» وأمتعةء وغيرهاء وقيد سبحانه وتعالى أن تكون غير مسكونة» فلا يترتب على الدخول كشف للأستارء ولا انتهاك للحرمات» ولا تهجم» وقد يقال: إن فيها اعتداء على حق الملكية» ونقول: إنه ليس فيها اغتصابء بل إنه دفع ضرر أكبر من ضرر الدخول» إذ إنه لو لم يتمكن من الدخول ربما يتلف المتاع إذا لم يسارع إلى أخذهء فلصاحب المتاع نفع» ولا ضرر على صاحب البيت مطلقاء وقد وضع محمد كَل لال تفسير سورة النور لل الالال حب رز بقبس من القرآن أنه يمكّن لصاحب الحق من دفع الضرر عنه ما دام ذلك لا يضر أخاه» وقد قالوا: إن ذلك يتحقق فى الخانات التى تكون مخصصة لنزول التجار من المسافرين » يتركون فيها بضائعهم » ثم يعودون لأخحذهاء ونحو ذلك من الدور التى تكتمونهاء فقال سبحانه: #والله يعلم ما تبدون وما تكتمون»., أى يعلم ما تظهرونه من أعمالكمء ويعلم ما تخفونه من نيات وتستبطنونه صدوركم فهو وحله علام الغيوب. غض البصر م سعد 011010 مرو سس ع قل لَلَمُؤْمِ يحصو ون أيتصدره وَحعَظوأرو جهم قد 0 2 َو 00 ص هم دح مو س وي - و ذلك ازج هَمَإِنَا 0 و ؤم عع 1 1 < م > , هنو 0 د 1 عه م لماح وس ابرع سل 0 زينتهن! 00 ل ولا سرس زينتهن 6 إلا ريو ا ابآء بعواتع 14 تايوب أوابداء اولوت - م 200 ًَّ َوإحوينهنَ بوه رك أود 6 هن أوَسَإيونَ أَدَمَامَكَكتَ أ دوسيو * رديت هذه لرَجَالٍ الَف لالد لَريظهرواعلَ عور تلد 1 و إن تفسيرسورة النور الل سه : ني اس سر له ماع ؤسرهة لا يضر ربخل نَيسَلممَلف ون تون ونوا م ب عل فيضي 0 غض البصر هو النقص من النظر بحيث لا يمعن بالنظرء ولا يحاول أن يتقصى أطراف من ينظر إليه» و(من) فى قوله تعالى: «يفضّوا من أبصارهم» إما أن نقول: إنها لتقوى الأمر بالغض» أى غضوا أبصاركم أىّ غض» فلا تمعن فى شيء من النساءء وإما أن نقول إنها للتبعيض» أى تغض من بعض بصرك» والبعض الذى يغض عنه هو الإمعان والتتبع» والاستمرار فى النظر حتى تغيب عنه» لا ينفلت بنظره عنهاء فذلك هو المطلوب من الغضء أما نظر الفجأة فمعفو عنهء ولذا قال النبى يَلِْةّ: «لا تتبع النظرة النظرة» فإنما الأولى لك والثانية عليك)7 . ولقد قال كيك فى معنى هذا: «إياكم والجلوس فى الطرقات» فقالوا: مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيهاء فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقهء قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصرء وكف الأذى» ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»9 . وابتدأ سبحانه وتعالى بالأمر بغض البصر؛ لأنه الباب الآكبر إلى القلب؛ ولآن النظرة المريبة ذريعة إلى أكبر الفحش؛ ولأن النظر المحصف يناقض الحياء؛ ولأنه يؤذى النساءء فيمنعهن من قضاء شئونهن خارج منازلهن» ومالهن بد من أدائها؛ ولأن غض البصرء ينشر اللياقة والحياء العام» والحياء خير كله. «إويحفظوا فروجهم» معطوفة على الأمر بغض الأبصار الذى كان عاماء ولذا جمعت الأبصار» وذلك لتطهير البيئة الاجتماعية الإنسانية» فإن سلامة البيئة تجعل . 5 . سبق تخريجه من رواية الترمذى» وأبو داودء» وأحمد» والدارمى‎ )١( (؟) رواه البخارى : الاستئذان- قول الله تعالى :(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا. .( (2)01/51 ومسلم:‎ اللباس والزينة- النهى عن الجلوس فى الطرقات (5970). من رواية أبى سعيد الخدرى رضى الله‎ عنة ,. 0 تفسير سورة النور اللا و حب ا الرأى العام صا حا طيبا طاهرا فاضلا يحث على الفضيلة» ويمنع الرذيلة» وفوق ذلك أمر بحفظ الفروج» والفروج جمع فرجء وهو سوءة المرأة وسوءة الرجل» وحفظها بسترهاء ومنعها مما حرم الله تعالى, وهو الزنى» فإن الزنى يعرضها للأمراض الخبيثة» وبمنع النسل» والفروج تشمل فروج الرجال والنساء معاء وخوطب الرجال بحفظ فروج النساء بسترهن» ومتعهن بما أحل اللهء وألا يؤذوهن بالفاحشة» وألا يعرضوهن لهاء ولما حرم الله تعالى» فالرجل مسئول عن حشمة النساءء وهو / الحريص عليهن . ذلك أزكئ لهم» ذلك؛ وهو غض البصرء وحفظ الفروجء أطهر لكم فيكون المجتمع طاهرا نقيا سليماء والبيوت طاهرة سليمة» وهم فى ذات أنفسهم أطهار طيبون» ويكونون خيرا فى خير يظلهم الخير دائماء ويكونون فى قبة من الفضيلة تظلهم» وتؤدى بهم جميعا إلى جنة الآخرة» كما كانوا فى ظلة من الفضيلة فى الدنيا. وإ اله خير يما يصتعُود» هذا النص فيه تهديد وتبشير» فيه تبشير للأخيار إن استقاموا على الطريقة المستقيمة وفيه إنذار للفجار؛ لأنه سبحانه عليم علما دقيقا ما يصنعه كل واحد من الناس» ولإيصنعون» أدق فى الدلالة على العمل من: يعملون؛ لأن يصنع معناها يفعله ويصير عادة له كعادة الصانع فى صنعته. ويلاحظ أن الخنطاب كان من الله تعالى للنبى ليأمر المؤمنين بأن يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم؛ لأن ذلك من تبليغ النبى كَلِّْ ربه» وقد ذكر الله تعالى أولا غض البصر للرجال ثم ذكر سبحانه أمره للنبى عليه الصلاة والسلام بأن يطالب المؤمنات بغض البصر أيضاء كما طالب المؤمنين فقال عز من قائل: لوقل للمؤمنات يُضضن من أَبْصارهن وَيَحَفَظ فَروجَهن ولا دين يهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن» . الأمر للنبى وَكِهِ بآن يقول للمؤمنات كما قال للمؤمنين «يفضضن من أبصارهن» بألا يمعن النظر فى الرجال فإن ذلك يغريهن بالفتنة» كمايغرى الرجال تفسيرسورة النور 1م موبلالل سس اا الإمعان فى النظر إليهن» وقد روى فى بعض الأخبار أن محمدا جَكِلْهٌ سأل فاطمة ابنته خير نساء المؤمنين: ما عفة المرأة؟ قالت: ألا ترى رجلا وألا يراها رجل217, وليس معنى ذلك إلا أن تغض بصرها عند رؤية الرجال» وإن نظرات النساء الممعنة فيهم تغرى الرجال وتغريهاء إذا كان فيمن تنظر إليه ما يحببه للنساءء «ويحفظن فَروجَهنَ» بسترها فلا تبدو. وبمنعها نما لاا يحل»ء وحفظها من الأمراض الخبيثة التى تفسد النسل والجسم. وقال تعالى: (ولا يبلدين زيستهن» بأن يتبرجن» ويظهرن فى حلية تغرى, وقد قال تعالى فى معنى هذا: فيا يها النبي قل لأزواجك وبناتك وَنسّاء اْمُؤْمِينَ ينين عليهنَ من جَلابيبهنَ ذلك أنَئ أن يعر فلا يؤذَينَ وكان الله عَفُورا رُحيمًا )4 [الأحزاب]. واستثنى من النهى عن إبداء ما تظهر منها من غير قصد إلى إظهارها: «ولا يبدين زينتَهن إل ما ظَهَرَ منها» من غير قصد الإعلان عن جمالهاء وقالوا: إن الوجه والكفين ظهورهما مقبول فى الصلاح لا يمنع صلاحها فيكون ظهورها فى الحياة العامة ليس من إبداء الزينة المحرم» وقال ابن عطية من فقهاء المالكية «يظهر لى بحكم ألفاظ الآية بأن المرأة مأمورة بأن لا تبدى» وأن تجتهد فى الإخفاء لكل ما هو زيئة» ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لابد منه أو إصلاح شأن'» والخلاصة أن الممنوع ما تبديه المرأة من زيئة لتلفت الأنظار إلى محاسنهاء ومفاتنهاء فيكون ذلك إغراء للرجال» أما ما ظهر منها من زينة من غير محاولة إبداء له إغراءً وتبرز للرجال فإنه لا بأس به. «ولْيضربن بخمرهن علَىئ جيوبهن» الجيوب فتحات الصدر التى تبدو منه أجزاء من الجسمء وهذه من العورة» والحُمُر جمع خمارء #وليضرين» أى ليضعن الخمر على هذه الجيوب التى ترى منها الصدورء فيستتر ذلك الجزء من عورة المرأة؛ لأن عورة المرأة الحرة كل جسمهاء ومن النساء فى هذه الأيام من يبدين بعض أجسامهن على أنه من الزينة التى تغرى الرجال. )١(‏ رواه فى رواية أطول من هذه: الدارقطنى فى الأفراد من رواية الحسن البصرى عن على رضى الله لال تفسير سورة النور الللللل ل ااااللللل الل الل لحر ا هذا أمر عام للنساء بألا يبدين شيئا من الزينة إلا الذى يظهر فى ذاته؛ لأن منع ظهوره فيه ضيق وحرج» وما جعل عليكم فى الدين من حرج. وقد استثنى سبحانه وتعالى المحارم الذين يخالطون المرأة من إبداء الزينة أمامهم؛ لأن هؤلاء محرمون عليها؛ ولأنها لو منعت الزينة عن رؤيتهم تكون هى فى حرج» هى وزوجها. وأول هؤلاء بعولتهن» فإن إبداء الزينة لهم من المستحسن من غير استهجان فإن الرغبة فى زوج تعفه» وتبعده عن الرذيلة. الطائفة الثانية آباؤهن» فإنها قطعة منهء وهو رحم محرم منهاء وزينتها تسره» ولا تضره. ولا تغريه. الطائفة الثالثة: آباء بعولتهن فإن أبا الزوج محرم لهاء ولا يغرى بامرأة ابنه إلا لئيم» ومن يخرج عن الفطرة السليمة. الطائفة الرابعة: أبناؤهن فإنهم قطعة منهاء ولا يغرى بأمه إلا خبيث النفس . الطائفة الخامسة: أبناء بعولتهن» فإنه ربيبها كابنها. الطائفة السادسة: إخوانهن» ويئو إخوانهن. الطائفة السابعة: أخواتهن» وبنو أخواتهن. الطائفة الثامنة: نساؤهن. أى نساء المؤمنات فإنه يجوز إبداء الزينة أمامهن . الطائفة التاسعة: أو ما ملكت أيمانهن»؛ (ما» تشمل ما ملكت اليمين من العبيد والإماء؛ ولكن هنا المختص مما ملكت اليمين الذين تبدى المرأة لهم زينتها الإماء؛ لأنه لا يصح أن تبدى زيتتهن أمام الرجال» وعلى ذلك أكثر فقهاء الأمصارء وروى غير ذلك عن بعض فقهاء الصحابة والتابعين» وعندى ألا يبدين زينتهن للعبيد» فإنهم رجال يشتهون» وليس عندهم من الكرامة ما يحملهم على التعفف, ولعل الدين ليس له تأثير قوى عند أكثرهم»ء ومن العبيد من يكون ذا جمال تشتهيه النساءء وقد كان بعض النساء فى عهد الإمام عمر -رضى الله عنه- من تأولن آية سورة النساء فى قوله تعالى: #أو ما ملكت أَيمَانكم ... 46 [النساء]» فملكت 0 إل تفسيرسورة النور ١ الاك‎ 2 نفسها عبدها من مقايسة النساء على الرجال» وقد منعها عمرء وروى أنه عزرها بمنع زواجها من الأحرار. لهذا نرى أن قوله تعالى: #أو ما ملكت أَيمَائْهِنَ» الظاهر من تخصيصها بالنساء أما العبيد الرجال» فهن وبقية الرجال على سواء فى المنع من ألا يبدين زينتهن لهم صونا للبيوت ولكرامة النساء» ولحرمات البيوت الطاهرات. الطائفة العاشرة: ما ذكرها سبحانه وتعالى بقوله: «أَو التابعينَ غير أولي الإربة من الرجال» . «الإربة» معناها الحاجة إلى النكاح» وقد اشترط فيهم أن يكونوا تابعين» وألا يكونوا مشتهين للنساء» إما لأنه ثبت أنه عنين» ار شيخ فاك قد انتهى أمد شهوته: أو خصي أو مجبوب» وهو تابع فى البيوت يؤاكل النساء ويخالطهن» وفى إبعاده حرج لهم ولهن. وفى الحق: إن الآية ذكرت الوصف» ولم تذكر النوع؛ فكل من لا يكون له أرب أو شهوة كالشيخ الفانى القاعد فى البيت قابعاء وثبت أنه لا أرب له فى النساء» ولا يشتهى منهن حتى النظر» فإنه فى موضع الاستثناء . وقد ألحق بهؤلاء غير أولى الإربة المخنثين من الرجال الذين كانوا يخدمون فى البيوت فى المدينة» ويطلعن على عورات النساء» ويبدى النساء زيتتهن أمامهم»؛ وشك البى يلكو لسماعه أحدهم يصف المرأة قائلا: تقبل بأربع» وتدبر بثمان. وهذا وصف لا يقوله إلا من يمعن النظرء وفى نظرته شهوة» فأمر بإبعاد المخنثين عن البيوت7), والأمر فى معرفة غير أولى الإربة إلى الملاحظة واحترام النفس والكرامة. الطائفة الحادية عشرة: هى ما ذكرها الله سبحانه بقوله: أو الطفل الّذِين لم يَظْهَروا على عورات النَساءم الطفل اسم جنس أى جمع أطفال» ولذا عاد الضمير 2020 رواهة البخارى : المغازي- غزوة الطائف م )ل ومسلم: السلام- منع المخنثين الدخول على الأجانب (448 0 من رواية أم سلمة رضى الله عنها. ل ف تفسير سورة النور الل بي برت يي ضمير جمع فى قوله تعالى: لم يَظهُروا على عورات النساء4. أى لم يعلموا عورات النساء يقال: ظهر عليه أى علمه واطلع عليه» يقال ظهرت على كذا أى علمتهء أى يرون المرأة» فلا يفرقون بين العورة وغيرهاء وهذا دليل على كمال الغفلة عن العلاقة بين الرجل والمرأة» فهؤلاء يستثنون من إبداء الزينة أمامهم» فإن نظراتهم» ليس فيها شهوة منبعثة» وهناك حرج على النساء فى إخفاء زينتهن عنهم» ولا يوجد ما يدعو إلى الوقوع فى الحرج» فسبب المنع غير قائم» والباعث عليه غير موجود. هذا هو الأمر بالنسبة لإبداء الزينة» ما منع منه» وما استثنى فى أحوال قد تقصيناها حالاء حالا. وقد قال تعالى بعد ذلك عاطفا على النهي» وذلك قوله تعالى: «إولا يضربن أله لِيعلّم ما يحَفِينَ من زينتهن», أى لا تضرب برجلها ليعلم الناس ما تخفيه من خلخال أو زينة على الساق» وإن النهى عن هذا يتضمن النهى عن الضرب فى ذاته بحركة غير محتشمة:» تتلوى فيها المرأة تلويا مخرياء ثم إنه يبدى الزينة المغرية المشتهاة» وقد قال الغزالى: إن الصب المتيم يشير شهوته سماع صوت الهون تدق به 3 عشسية . وفى الجملة: إنه يجب التستر فى كل شيء» فلا يبدو منها ما يثير النظر أو الشهوة» وإن النفوس قد تغفل عن بعض هذا الواجب وهو غض الصرء » ولذلك ختم الله تعالى الآيتين بقوله: «وثوبوا إِلَى الله جميعا أيها اْمؤمنُون لَعَلَكُم تقلحون» . أمر الله سبحانه وتعالى بالتوبة مما عساه يكون قد غفلوا عنه من أمر الغخض الذى لا يعلمه إلا علام الغيوب» ولتتطهر منه السرائر» كما تطهرت المظاهرء وقوله تعالى : «إجميعا» ليعم الأمر بالتوبة الذكور والإناث» فقد يدخل البيوت من يظن فيه الخسير» وليس خيراء وقد يكون تأثم من إدخاله إذا تبين فساد نفسه» «لعلكم تقلحون», أى تفوزونء» والرجاء من العبادء لا من الله تعالى الذى يعلم السر ع وأخفى . تفسيرسورة النور للللللللللللللللل و01 م النكاح هو الحصن وأتكحو ا ليم مد ولص لصبلحين نوكن كوأ رايهم أشن مضي ووسِعٌ ليه 27 وَلسَتَعف دنا 1101 1 0 00 مو هه 0 ِ- ٌ/ آ هه .2 0 - يهم خارا > نوهم ب . 21 ٠ا‏ يملكت ١و‏ هوأ قي عل 1 5 2 114 وأعرم ل 3 ص كرما آ ته 2 2 07 و ليون 7 لَه من بعال ل 7 222 رَعر 770 2 ل 2 قد أنزلنا! كينت مينست ومثَلامَنَ دين حَاوأ قرط تين + كانت الآيات السابقة فيها ما يصون الأسرة فى كيانهاء وما فيه صيانة النساء من قول السوء» وأن تمس عفتهن بالأنظار الحارحة» فأمر الرجال بغض البصر» وأمر بأن تكون نظرات النساء غير مغرية لأهل السوءء وألا يكون إبداء الزيئة مغريا لأهل الدعارة والفساد» وكل هذا كان لحماية النفوس من الشر» وبعد ذلك بين الأمر الإيجابى الذى يصون المرأة, وهو سبيل العفة» وطريقهاء وهو التكاح. فقال عز من قائل : «وأنكحوا الأيامئ منكم والصالحين من 'عبادكم وإمائكم» . أنكحوا أى زوأجواء فالتكاح هو الزواج» والإنكاح هو التزويج. والخطاب للأولياء على النساء الذين لهم ولايتهم بقوله تعالى: «الرجال قوامون على النساء ... 9©» [النساء] ويصح أن يكون الخطاب للأمة فى مجموعها بأن 9لا تفسير سورة النور لمللللللك للح ا يسهلوا زواج الأيامى» وتكون الأيامى شاملة للرجال والنساءء ويكون الآمر بالنكاح هو الأمر بتسهيله وإشاعته» وتمكين كل بالغ وبالغة» فإنه حينئذ يعف النساء والرجال معاء ويكون غض البصر فى الطرقات والبيوت» وألا يكون شيء يجر إلى الشر فى المجتمع الإسلامى» فيكون طاهرا متنزهاء لا يظهر فيه إلا الخير» وتختفى المتكرات ونحن ميل إلى هذا التخريج. والأيامى جمع أيّم» وهو غير المتزوج من النساء والرجال» وقال أهل اللغة الأيم فى الأصل هو المرأة» ومنه قوله يكَلِ: «الأيّم أحق بنفسها من وليها» سواء أكانت بكر أم كانت ثيباء ولقد قال النبى يكَلِْةِ: « أيما امرأة تأيمت على ولدها الصغار حتى يبلغواء أو يغنيهم الله من فضله كهاتين فى الجنة»(27» وأشار بأصبعيه» ولكنه على سبيل المجاز المشهور أطلق على الرجل» وإن ذلك أوضح.ء وآبين. أمر الله تعالى فى هذه الآية بتسهيل زواج ثلاثة : أولهم الأيم من الرجال والنساء الأحرار» وذلك بتسهيل الزواج» وألا تكون عوائق من أعراف بين الناس تصعب الزواج من مهور مفحشة» وجهاز مرهق مانع. ومساكن مستعلية فى السكن» ويكون كما قال النبى كَل: «خير الزواج أيسره كلفة 27 , وثانيهم وثالئهم الصالحون من العباد والإماء» فيزوج السيد عبده إن أراد العبد أن يتزوج» ويكرهه على الزواج إن خحشى عليه العنت» أو أن يقع فى الزنى إن لم يتزوج فإنه يكون الزواج فرضاء والمسئول عن العبد هو مالكه فعليه أن يعفه» ويمنعه من الزنى» ولا طريق للمنع عنه إلا تزويجه» فكان التزويج فرضا على المالك؛ لأن )1١‏ عن ابْنٍ عباس ألا لبي يل قَال: “اليم أحق' بتنسها من ليها والْبكر شْتَأدنُ فى تفسيها وَإِذنهَا صمائهًا"'. رواه مسلم: استكئذان الثيب فى النكاح بالنطق والبكر. . (5555)»: والترمذى: النكاح- ما جاء فى استثمار اليب والبكر (5؟١٠).‏ (0) عَنْ عَائشَةَ أن رَسُول الله يل قَالَ: إن أعظم النَكَاح بركَة آيسره مؤنّة". رواه أحمد: باقى مسند الأنصار- حديث السيدة عائشة رضى الله عنها(5777). ل# تفسيرسورة النور اللللللتلل0ااا لاا اا000االلا606ا0اال اال الئل كاك :< فى الزواج فرض على العبد» وعبر بالصالحين من عبادكم وإمائكم؛ لآنهم الذين يرغبون فى الصون والعفاف. تتروج »2 وهى لا تملك نفسهاء بل يملك الولاية عليها مالكهاء فيكون الترويج فرضا عليه » فإن لم تره وأراده كان له أن يكرههاء وقد أجمع الفقهاء على أن التزويج على الآمة ولاية إجبار لا اختيار لها فيها. وعباد جمع عبد وإماء جمع أمة. إذا كان واجبا على الجبماعة أن تسهل الزواج وتشيعه لأنه سنة الإسلام» فإنه لا يصح أن يحول الفقر منه بين الزواج» فإن المال مال الله غاد ورائح » ففقير اليوم قد يكون من بعد غنياء ولذا قال تعالى: «(إن يكونوا فقراء يفوم لله من فضله وال وإن هذا النص يشمل الأحرار؛ لأنه قد يكون فقيراء أما العبيد أو الإماء فلا «وليستعفف الْذين لا يجدون نكاحا حتى ينهم الله من فَضلد» . اللام لام الأمرء وايستعفف» السين والتاء للطلب» والمعنى ليطلب العفة ولايتجافى سبيلها والوصول إليها والحصول عليهاء إنما يسلك كل المسالك لطلبهاء فهى طلب للجهاد فى العفة والحصول عليها #الّذينَ لا يجدون نكاحا» أى مهيئات بالتكاح ذكر للمسبب وإرادة للسبب» ومن لم يجد مهيئات النكاح لا يجد النكاح. وأسباب الاستعفاف كثيرة منها ضبط النفس» ومنها الصيام» ومنها الانشغال بالعبادة وتلاوة القرآن» وقد قال النبى يَككِْةِ: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ا تفسيرسورة النور 0 الل سب أ فليتزوج» ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»(١'‏ الباءة تكاليف الزواج التى يمكنه أن يبوء بها فى هذه العقدة المباركة» والصوم يتضمن معانى روحانية والتجرد من الملاذ والأهواء» ويتضمن الصبر وضبط النفس» وقرع الشهوات» والوجاء قطع الشهوات» ودفع سيطرتهاء فتكون الشهوة أمة ذلولاء ولا تكون سيدا مطاعاء تخضع له النفوس وتتطامن» وتخنع. وإن الاستعفاف يستمر حتى يغنيهم الله من فضله» فهو يستمر ضابطا نفسه مسيطرا عليهاء حتى يغنيه الله تعالى من فضله أى بفضله ورحمتهء وهو ذو الفضل العظيم . وإن هذا الاستعفاف للأحرار من الرجال الذين لا يملكون باءة التكاح» فما حال الرجال العبيد الذين لا يملكون أسباب التكاح» ولهم فيه رغبة» ولا يزوجهم مواليهم» فما الذى يستطيعونه» شرع الله تعالى لهم المكاتبة وطالبهم بأدائهاء وأمر الموالى أن يجيبوهمء فقال تعالى : «والذين يبْتَعُونَ الكتاب مما ملكت أَيْمَانَكُم مام نترام لوَالدِينَ يبتَغُون4, كلام مستأئف له صلة بالكلام السابق» و«يبتغون» يطلبون راغبين متشددين فى الطلب» والكتاب مصدر كاتّب يكاتب؛ لأن مصدر فاعل» فعال أو مفاعلة كقتال ومقاتلة» وعناد ومعاندة» فمعنى الكتاب المكاتبة» أى إن طلبوا المكاتية «فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا» والفاء هى كالفاء الواقعة فى جواب الشرط؛ لأن الاسم الموصولء #والّدِين يسِتَعْونَ الكتاب» فى معنى فعل الشرطء والمكاتبة اتفاق بين المالك والمملوك على أن يتركه حتى يحصل على قدر من المال يتفقان عليهء فإن أنفذه وأداه عتق» وقد شرع الله ذلك العقد تسهيلا لفك الرقاب من غير ضياع حق للمالك» وتعليق الآمر بالمكاتبة على قوله: «إن علمتم فيهم خيرا» والخير هنا الأمانة والاستقامة والقدرة على السعى للحصول على مال المكاتبة» وقال )١(‏ رواه اليخارى : الصوم- الصوم لمن خاف على نفسه العزبة 5604 ومسلم: التكاح- استحباب تفسيرسورة النور مم الملل ااال تس ناا الظاهرية وبعض الفقهاء: إن الأمر هنا «فكاتبوهم» للوجوب بمقتضى ظاهر الأمرء أى إن الأمر هنا للوجوب بمقتضى ظاهر اللفظ . نه من الواجب أو المندوب أن يؤتيهم القادرون ما يستعيئون به على فك رقابهم» ولذا قال تعالى: #وآتوهم من مال الله الذي آتاكم» أعطوهم من المال الذى أعطاكم الله تعالى» ونسبة المال إلى الله تعالى فيه حث على الإعطاء؛ لأنه بمال الله الذى جعلكم مستخلفين فيه. فكان حقا عليكم بمقتضى هذا الاستخلاف أن تعطوه لعيال الله تعالى» وهم الفقراء الأرقاء الذين يحتاجون ليفكوا رقبتهم» وقد أوجب الله تعالى ذلك فجعله مصرفا من مصارف الزكاة» وهو يصرف فى الرقاب فى قوله تعالى: إِنْمَا الصّدقَات للفقراء والمُساكين وَالْعَاملينَ عليهَا واْمؤلقة فلوبهم , وفي الرّقّاب وَالْعَارمين وفي سبيل الله وابن السبيل 5 االتوبة]. وقال الفقهاء: إن سهم الرقاب ينفق فى معاونة المكاتيين حتى يسدوا ما عليهم» وتسارع لهم الحرية . وقد نهى سبسحانه عن إكراه الإماء على البغاء» وهو طلب المرأة للزنى» وقد كان رأس النفاق عبد الله بن أبى ابن سلول عنده ست إماء كان يكرههن على البغاء ويأخذ أجورهن وهو سحت؛ لأن مهر البغايا سحت» وقد قال تعالى: ولا تكرهوا فتياتكم على الْبغاء إن أَرَدنَ تَحَصنَا4 الفتيات المراد بهن الإماء» وعبر عنهن بالفتيات لنقتدى بالقرآنء والنبى كَلكةِ إذ يقول: ١لا‏ تقل عبدى وأمتى بل قل فتاى وفتاتي»7) وللحض على عدم إكراههن على البغاء لأنهن فتياته» فلا يسوغ إكراههن؛ ولآن التعبير بالفتاة فيه إيماء إلى صغرهن؛ وأنه مرغوب فيهن مبغى طلبهن ولسن عجائز يرغب عنهن» وقوله تعالى: «إن أَرَدنَ تحخصنا4, مبالغة فى اللوم والتأثيم» والتحصن إرادة حصن العفة يتحصن به» ولا يجعلن أنفسهن متاعا يستفرشه الرجال فى حرام . )١(‏ رواه بنحو من هذا مسلم: الألفاظ مسن الأدب وغيرها- حكم إطلاق لفظ العبد على ال مولى ١170‏ 8»)» والبخارى : العتق (51757؟) من رواية أبى هريرة رضى الله عنه. ا تفسيرسورة النور ش للللللواااللول ل اااال الل ا60ا0ا0اللللل لل كه : يي وليس معنى التعليق أنهن إذا كن يبغين البغاء يكرهن, إنما الشرط لتحقيق معنى الإكراه؛ فهو لا يكون إلا حيث تكون إرادة التتحصن وهو توبيخ لمالك الأمة التى تفعل» فهى الأمة تأبى أن تكون بغياء وهو الذى يريدها بغياء ويقول سبحانه: «إلتبتغوا عرض الْحيّاة الدنيَا4 وعرض الحياة الدنيا هو امال من طريقه الرخيص الذى لا يرضاهء وهو أدنى طريق وأحقره. ثم يقول تعالى فى بيان أن الله تعالى يعفو عن هؤلاء المكرهات» ويكون إثم الإكراه على مواليهن» فقال: «إومن يكرههن فَإِنَ الله من بعد إكراههن غَفور رُحيم», أى إن الله يغفر لهن هذا الذنب الذى كان بإكراهء وقوله: امن بعد إكراههن» للإشارة إلى أن الفعل الآثم يكون من بعد الإكراه وبسببه» فالله يغفر ذلك الإثم» لأنه غفور رحيم. هذه الأحكام كلها أحكام لصيانة المجتمع الإسلامى وليكون طاهرا لا دنس فيه» ولصيانة الأسرة» ولصيانة المرأة المسلمة حرة أو أمة» والرجل المسلم حرا أو عبداء وهى آيات بينات» ولذا قال تعالى: <رقن أو ينه ميات رمم لين حو م لم صف ت». يذكر الله تعالى فى هذه الآية أنه أنزل فى القرآن الكريم ثلاثة أمور. أولها: «آيات مبيّتّات4. أى آيات مبيئة للأحكام الشرعية فى الأسرة والمجتمع الإسلامى والعلاقات الإنسانية بين المسلمين وغيرهم» ففيها الآيات المكونة للأسرة من زواج وأحكام أولاد» وحقوق للزوجين فى أثناء قيام الحياة الزوجية وانتهائهاء وحقوق المرأة وحقوق الرجل» ثم فيها ما شرع حماية للآسرة. والأمر القغانى: وَمَغَلا من الِّين حَلَوا من قَبلكُم». أى من أمقال الذين خلوا من قبلكم. و«مثل» هنا مفرد يدل على الجمع ما دام غير معين» وهو القصص الحكيم الذى كان فيه العبر» كما قال تعالى: لِلَقَد كان في قَصصهم عبرة ع 01 لأولي الألباب 00> [يوسف]. 6 تفسيرسورة النور للللللللل00ما0اللما6االو لل لل سب ا والأمر الثالث: الموعظة ‏ ببيان عقاب الذين يفسدون المجتمع الإسلامى» فذكر من قبل القصاص الذى تكون فيه المساواة بين الجريمة والعقوبة» وساق سبحانه الفاحشة فى الذين أسلمواء ففى كل هذا وعقوباته عظات لأولى الألباب يتعظ بها المتقون الذين يخافون عقابه ويرجون ثوابه» أما الذين لا يتقون الله ولا يرجون ما عنده» فالسياط تكوى ظهورهم» والسيوف تقطع رقابهم» كما قال تعالى: #وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للئّاس ... 42 [الحديد]. 1 م تسسبروعبو سكلور مكيفكرزن) 0 ص شق ل دل و م 0 الرْجَاجة كا : 20 در وقد من سَجرةٍ 2 ع - مه أ ار وس و مه 8 ا لاشرقِيةٍ ولاعربيّة يواد زيهايضىة ولوآدر 8 دم لح قد عام / ل وس و 2 تورعل نور برى لله لتو رومن 5 ء ودضريب الله الل و رم و - م للناس وألله ب تن علي 2 ييأر أن 5ر5 كرفي أنغة يع ديوس م 0 2-0 اين عيبرلا عن ذاه وإِدَاالصَلةَوايكك ١‏ م سس سس اليه 06 رصث وى ركو تلب فو القت والأبصدز 02 200 3 221 001 أ 7 © 20 وسددر لبحزيهم آلله 3 حسن ماعماواوبزيد هم مُنفْضِلوة أله رق 7 منْيِسَاء يعبْرِحِسَابٍِ 5 2-7 ا (ا# تفسيرسورة النور ااا ااا 111101 ل من يي النور فى لغة العرب ضد الظلام وهو الذى يضىء للأبصار فترى الأشياء وتميز يينهاء وقد أطلق على سبيل المجاز على ما يميز بين المعانى فيفرق بين الحق والباطل» ولذا وصف به القرآن الكريمء فقال تعالى: [. .. ونلا يكم نورا - مبينا 4099 [النساء]ء وقال تعالى فى وصف الكتاب: 9. .. والكتاب المير 4659 [آل عمران]» وسمى النبى كلل نور فقال تعالى: «... قد جَاءكم من الله نور وكتاب مين 462 [المائدة] . وأطلق على التدبير المحكمء فيقال فى ماح الملوك: الملك نور هذا البلدء وعلى رب البيت أنه نور البيت. وفى كل هذه الأمثلة يكون النور معنويا فاصلا بين الحق والباطل» والسديد وغير السديد» وعلى هذا نذكر معانى قوله تعالى: 76 السّموات والأرضٍ», أى الله مدبر الوجود ومنشئه» خلقه ودبره فى أدق نظام» وأعظم إبداع» فربط بين أجزائه برباط محكم لا تنفصل كواكبه» ولا نجومه فتتساقط كوكبا بعد كوكب» ونهما بعد نجم» يأبى الله على السموات والأرض أن تزولاء «ولئن الا إن أَمْسَكَهِمًا من أحد من بعده .. . 4069 [فاطر] . فقوله تعالى: «اللّه نور السّمُوات والأرض» كلمة (نور) من قبيل الاستعارة» إذ شبه إدارة الله تعالى للسموات والأرض وتعليماته للعقلاء» وتسخيرها لغير العقلاء» بنظام رتيب محكم دقيق بالنور المميزء فصح وصف الله تعالى أو الإخبار عنه بالنور على هذا المعنى المجازى المصور لما نرى ونحس» ونور الله فوق ما نبصر وأعلى مما ندرك . صور الله تعالى نوره المميز لالأشياء والعقلاء مقربا له من مداركنا فيما نحس ونعلم ونرى» فقال تعالى: مَعَلُ وره كَمِشكَاةٍ فيهًا مصبّاح المصبّاح في زجاجة الْجَاجَةٌ كَأنهَا حَوْكَب دَرَي يُوفَهُ من شجرة مُساركة»4 المشكاة هى الكوة فى البيت» والمصباح فى هذه المشكاة أى فى الجدار الذى فتحت فيه الكوة» وهى النافذة الضيقة التى ينبعث منها النور للبيت وهى فى ذاتها منيرة» وينبعث نورها بقوة؛ لضيقهاء ويشع داخل الحجرة» ومع ذلك قد وضع فى جدارها مصباح فيه زجاجة» وهى تفسيرسورة النور لكالل لم00 ا يي قنديل الزيت» وهى صافية صفاء واضحاء ومتلألئة» وكأنها كوكب درى» ولدرّي4: كالكواكب الدرية المزهرة المنيرة» ولذُرَي» نسبة للدر المتألق» وذلك إذا نت بضم الدال» وتقرأ بكسرها درّى» وتكون على وزن فعيل وهى من الدر قلبت الهمزة ياء» وذلك الإعلال كثير فى اللغة العربية» وأدغمت التاء فى الياء لسكون إحداهما(!؟ . والدرء: الدفع» ويكون معناها أنها تدفع الظلام؛ وقوله تعالى: «يرقد من شجرة مباركة» الضمير فى يوقد يعود على #كوكب» المشبه به فى الآية» وهذا على قراءة الياءء وعلى قراءة التاء يعود الضمير إلى زجاجة:» وهى المتحدث عنه. إمن شجرة4 «من» للابتداء» أى مصدر الوقود شجرة مباركة؛ وهذه الشجرة هى شجرة الزيتون» والوقود من زيتها فهو منهاء على هذا المعنى» وقد قال تعالى فى هذه الشجرة على أنها من نعم الله تعالى: «وشجرة تخرج من طُورٍ سيناء تنبت بالدهن وَصبَّغْ للآكلينَ 409 [المؤمنون]» وكانت الشجرة مباركة» وكما قال الزمخشرى وصفها سبعون نبيا بأنها مباركة» وحسبها وصف القرآن» وصفها القرآن بأنها مباركة هنا وفى سورة «المؤمنون»» وإذا كانت سورة «المؤمنون» مكية» وسورة «النور» مدنية» فقد أجمع القرآن المكى والمدنى على أنها مباركة» وبركتها فى أنها ذات منافع كثيرة» يكون منها الوقود المضىء» وهو دهن يكون طعاما طيباء وهو يدخل فى أدوية الجلد الطبية» وترابه إذا حرق يكون كحلا للعيون ولا يضرهاء وهو إدام» والزيتون نفسه للطعام» وهو الصبغ الذى قال الله فيها: «#وصبغ للآكلين» . وقال عز من قائل: فى وصف هذه الشجرة المباركة (زيتونة) وهذا بدل من (مباركة)» وهو إيضاح بعد إبهام فيكون فيه بيان مؤكدء وقد وصفها سبحانه بقوله: إلا شرقيّة ولا غربيّة4. أى أنها فى وسط الأرض لا ينقطع عنها ضوء الشمس» إذ الشرقية ينقطع عنها الضوء فى المساء» والغربية ينقطع عنها الضوء فى الصباح» فهى لا تستر عنها الشمس فى المساء أو الصباح» وهذا يساعد على نموها ونمو ثمارها. () قرأها بكسر الدال وتشديد الياء» من غير مد ولا همز: المفضل عن عاصم. وقد شذت هذه القراءة فلا يقرأ بها اليومء وقرأها بضم الدال وبالمد والهمز: حمزة وأبو بكرء وقرأ الباقون بضم الدال وياء مشددةء من غير مد ولا همز. غاية الاختصار: ؟089/7. (#ا تفسيرسورة النور 0 تحب نا ووصف سبحانه وتعالى زيتها بالصفاء فقال تعالى: #يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار فهو صاف لا عكرة فيه» ومشرق لا دكنة فيه. #نور علئ نور», أى أنه نور يجىء على نور» فنور المشكاة التى تدخل الحجرة نورها فيضىء» ونور المصباح» ونور الزجاجة» التى هى كالكوكب الدرى» ونور الزيت الذى يكاد لصفائه يضىء. وكل هذا وصف لنور الله الهادى المرشد» فإنه يغمر القلوب التى تفتح له بالهداية» وأما الذين حقت عليهم الضلالة فإنهم لا يهتدون» وسدت القلوب عن أن يصل النور إليها. ولذا قال تعالى: يَهُدي الله لنوره من يَشَاء» وهو من سلك طريق الهداية» وأبعد عن نفسه الغواية» التى يوسوس بها الشيطان» ويحاول جاهدا أن يغوى عباد اللهء ويَضَرب الله الأممَالَ لاس يبين سبحانه وتعالى الأشباه والنظائر والغايات والنائج ليهتدواء وال بكُلّ شيء عليم4؛ أى بكل شيء عليم» يعلم المهمتدين وطريق هدايتهم» ويعلم الضالين وعاقبة ضلالهم» فهذه الجملة فيها تبشير للمؤمنين المهتدين» وإنذار للضالين الذين أغواهم الشيطان. وقبل أن نترك الكلام فى معانى هذه الآية لابد من ذكر إشارة بيانية» هى أن الله تعالى ذكر «مصبّاح» منكرة ثم ذكرها من بعد ذلك معرفة» فيكون المبهم والمعرف واحداء والذكر بالإبهام تم التعريف فيه بيان بعد إبهام» وفى ذلك فضل بيان وتأكيد» وكذلك بالنسبة لزجاجة فقد ذكرت نكرة» ثم ذكرت معرفة» وذلك فيه أيضا بيان وتأكيد للبيان» وقد بين سبحانه بعد ذلك مكان النور الربانى» فيكون أشد ما يكون فى المساجد» فقال تعالى: «(في بيُوتٍأَذن الله أن رقع ويذكر فيهًا سمه يسح لَه فيها بالْفدوٍ والآصال 79) رجال لأ لهم تجارة ول بيع عن ذكْرٍ الله وام الصلاة وإيَاء اّكاة يَحَافُون يوما تقب فيه القأوب والأبصار 69 > . تفسيرسورة النور اللو ااال ااال لل الج جز يي الآيتان مرتبطتان بالآيات التى قبلهما إعزازا لمعني ؛ وذلك لآن قوله تعالى: «في بيوت أَذن الله أن ترقع» الجار والمجرور متعلقان بالآية التى قبلهاء وفيها عدة أفعال كل فعل فيها يصلح متعلقاء فيصح أن يكون متعلقا بقوله: «يوقد من شجرة4, ويصح أن يكون متعلقا بقوله: «يكاد زيتهًا يضيء» ويصح أن يكون التعليق بقوله: «يهدي الله لنوره من يشا فالتعليق يصح أن يكون لفعل من هذه الأفعال» فالمساجد تتعلق بالنور والهداية» وهى بيوت الله تعالى» وفيها النور» وفيها يوقد النور الإلهى» وفيها الهداية. ونكرت البيوت» لتذهب النفس فى تعرفها كل مذهب» وقد عرفها سبحانه وتعالى بوصفها الذى يجليهاء ويزيل إبهامها للتكرة» وهو قوله تعالى: «أَذنَ اللّه» الإذن الإعلام» ورفعتها هى رفعة مكانتها وقدرهاء فالرفعة معنوية لا حسية» ورفعتها المعنوية؛ لأن فيها النور وفيها الهداية» وفيها السموء وفيها الربانيون الذين لا يريدون إلا رضا الله تعالى» وإنه يقترن بهذه الرفعة» أو بذكر اسم الله تعالى» ولذا قال تعالى: #ويذكر فيها اسمه», أى تتذكر القلوب اسم الله تعالى» ومتلئ بهيبته وجلاله»؛ وترتفع إلى مقام التجرد الروحى لله تعالى» فليس المراد كما يظهر ذكر اسم الله بلفظ الجلالة» وترداده فى حلقات ذكرء وما تلهث فيه الأنفاس وتردده من صياح» بل المراد تذكر القلب والعقل لعظمته وامتلاؤهما بجلاله» وتقشعر منه الجلود» لا بمجرد التمايل فى حلقات ربما يتوسطها الشيطان!! ويكون فيها تقديس الله تعالى» وتنزيهه وعبادته كما جاء بها القرآن والسنة» ولذا قال تعالى: #يسبّح له فيهًا بالغدو والآصال4. أى فى الصباحء وهو أول اليوم» والآصال» وهى جمع أصيل» وهو آخر اليوم» وربما يدخحل فيها ما بعدهاء وهو العشى. كما قال تعالى فى آية أخرى 8... بكرة وعشيا 09* [مريم]» والتسبيح هنا يحتمل أن يراد به التنزيه المطلق. ويكون المراد أنه فى هذه البيوت التى يذكر فيها اسم الله تعالى ينزه الله تعالى ويقدسه فيها رجال. . إلى آخره» فهى بيوت الله لا يذكر فيها غيره» ولا يقدس فيها سواه. ا تفسيرسورة النور لل الل الل 1 لس اق ويحتمل أن يراد بالتسبيح الصلاة» وقد عبر سبحانه عن الصلاة ة بالتسبيح والتنزيه فى قوله تعالى: لفَسْبْحانَ الله حين تَمْسون وحين تصبحون 09 وله الْحَمَد في السَّمُوات والأرض وَعَشيًا وحين تظهرود 02 4 [الروم]» قد جعل الله تعالى الصلاة موضع عبادته وتنزيهه» وهى عمود الدين» ولا دين من غير صلاة» ولكن لم يذكر الله تعالى من أوقات الصلاة إلا الغدو والآصالء» ونقول: إن ذكر الآصال والغدو هو ذكر لا بينهما من الظهرهء ولما بعدهما من العشى» وأن ته تفسير التسبيح بالصلاة أنسب للمساجد التى هى بيوت الله؛ كما قال تعالى: وان المَسَاجد لله قلا تدعوا مع الله أَحَدا (402 [المن] . وقوله تعالى: «رجال لأ هيم تجارة ولا بيع عن ذكر الله إن اتصال هذه الآية بما قبلها إعرابا وبيانا للمعانى واضحء» لأن «رجال» فاعل ل «يسبّح له فيهًا بالغدو والآصال», وقد بين سبحانه أحوال هؤلاء الرجال وصفاتهم» ف فقال: ل تلْهيهم تجارة ولا بيع عن ذكْر الله أما إنهم لا تلهيهم الحباة وما فيها عن ذكر الله فهم فى ذكر لله دائم» فى تجارتهم يذكرون وفى بياعاتهم يذكرون الله تعالى» فذكر الله يجب أن تملا به القلوب» لا يغفلون عن ذكره أبداء وإذا ذكر الله تعالى فى معاملاته الإنسانية كان فى طهارة دائمة فلا يغش» ولا يداهن» ولا يبخس الناس أشياءهم» والصلاة شرعت فى أوقاتها الخمس لدوام ذكر الله تعالى» فصلاة الفجر للء النفس بذكر الله» فيقبل على الحياة» وهو ممتلئ بذكر الله تعالى» حتى إذا ابتدأً القلب يصدأ جاءت الظهر فجلته وطهرته بذكر الله حتى صلاة الأصيل ثم صلاة العشاءين» ويختتم اليوم بتسبيح الله تعالى» وامتلاء النفس بذكره» فيستمر ذكر الله فيهم» ولا تلهيهم تجارة ولا بياعات. ولا أعمال الحياة عن ذكر الله أبدا؛ لأنهم فى ذكر داتم بعبادة الله تعالى وخصوصا ‏ الصلاة» ولذا ذكر الصلاة وإقامتهاء فقال تعالى : «إوإقام الصلاة» وهذا من عطف الخاص على العام» وإقام الصلاة الإتيان بها مقومة مستقيمة بذكر الله تعالى فى كل أركانها وكل عباراتها. والصلاة كما أشرنا تهذيب الروح واتصالها بالله» والمصلى وهو واقف لإقامتها يحس بأنه واقف فى 6 إل تفسيرسورة النور الللللللل لاا 0 بير يي الحضرة الربانية» والله يراه وهو العليم بما فى الصدورء وما تخفى الأنفس» وهؤلاء لا تلهيهم مطالب الحياة وغاياتها عن إيتاء الزكاة» وهى التعاون الاجتماعى الذى تقوم على دعائمه الحياة الإنسانية فى الإسلام. وإن الأساس للخلاص الكامل للمؤمن هو الإيمان بالبعث والنشور والقيامة والحساب» فإن ذلك يجعل الإنسان يحس بأن لحياته معنى وغاية» ولم يخلق عبثا أو سدىء بل إن له يوما يحاسب فيه على ما قدم وما كسبء ولذا قال فى أوصاف الرجال الذين يعمرون مساجد الله ليَحَافُونَ وما تلب فيه القلوب والأبصار», أى يخافون يوم الفزع الأكبرء و8تتقلُب فيه القلوب» تضطرب» والتقلب التحول أى بمعنى تتحول وتنتقل من مكانها ثم تعود» وتكون فى تحول ثم عودة» وهذا يدل على اضطرابهاء وفزعها أشد ما يكون الفزع» وإن تقلب القلوب يكون بين الطمع والنوف». والرجاء والهلع» وتقلب الأبصار يكون بأن تتقلب حدقة العين فى الحركة من المخوف. وهذا يدل على فزع واضطراب مستمرء كما قال تعالى : «ونقلب أففدتهم وأبصارهم . ٠‏ #009 [الأنعام]. والنتيجة لهذا اليوم بينها الله تعالى بقوله: جرهم ال سسا مودعم من قعل وال نرقم ياهب حساب (42 . هذا الجزاء» هو للذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله تعالى» فمع عملهم الصالح يخافون لقاء الله ويرهبونه استصغارا لأعمالهم الصالحة» وخوفا من هناتهم» وكذلك الطاهرون دائما؛ لأن نفوسهم نظيفة يخافون أن تلوث» كما يخاف اللامس على ثوبه الطاهر؛ لأن أى دنس يشوه منظره؛ ويقبح مخبره» فالطيب المستقيم على حق دائماء وقوله تعالى: #ليجزيهم الله أَحْسِن ما عملُوا4 اللام هى لام العاقبة» أى لتكون عاقبة هذا اليوم بالنسبة لهؤلاء الأطهار أن يكون جزاء حسنا لأحسن أعمالهم؛ وجعل سبحانه وتعالى الجزاء لأحسن الأعمالء والجزاء لهم على أعمالهمء وذكر الكلام بهذه الصيغة لبيان أن الجزاء مساو للعمل تماماء والله قد يزيد | تفسير سورة النور لبإلل الئل لح ا على الأعمال رحمة منه وفضلاء ولذا قال تعالى: «واللّه يرزْق من يشاء بعيَرٍ حساب» الرزق هنا هو الشواب الذى يزيد عن العمل» وهو فيض من رحمته» وفضل منه سبحانه» وقوله ابغير حساب» فيه إشارة إلى أنه عطاء غير مجذوذ. أعمال الكمارونتيجتها اين و ل 1 دا ملي : سه ال سر 2 رد ار ا و ل رح سر - 3 مح لوق م رك دي ترا َيف ريرق و موح بن , 7 م عر سح سر ص 206 فوقِ سارت متابعضها قوق بعْضٍ ذا خح دمل ورم 000 و وعر 2 7 2 جعي و ًّ ص ورافماله من فولي أصَرَأن هيح لهم فى لسوت لومت ملت علد اطي ها وبمك لسوت والارض وَإِلالوالمصير 27 12 1 7 لهمي حابأ ونه يجعله ركام فى الْودقَك بحرن 07 العرهسظ رم يسه بس عمسم عو ل سكو آ ا 20 خِلدله وبنزل من السماء من جبالِف ون بر فيعويدب فيصيب يمسم نيساء. تفسيرسورة النور اللللاالالللالللللل اال ته وو سد ع سم 20 لشاء يكاد سنا وَقَلَثْ 00 ص ا خم لد مدال وَالبَهَارَإنَ ف كل ليلل ليرج 7 وصف الله تعالى أعمال الذين كفروا الخيرة فى زعمهم وضرب لها مثلاء وأعمال الشر من عيادة الأوثان وما يتعلق بها من نيات» اوقد قال تعالى فى آية أخرى فى وصفٍ أعمال الخير فى نظرهم» فقال: «مثل ما ينفقون في هذه الْحيّاة الانيا كَملٍ ربح فيها صر أَصابت حرث قَومٍظَلَموا أنفسهم فلكت وما ظلَمهم الله ولكن أنفسهم يظُلمود 4619 [آل عمران] . وأن الله تعالى ضرب مثلا فى هذه الآيات للأعمال التى يحسبوتها خيرا كالعطاء عند الميسر وشرب الخمرء ويبنون عليها طلب الجزاء يوم القيامة» فإذا جاء لا يجدونء فشبهها سبحانه وتعالى بقوله: لوالّذِين كفروا أعمالهم كسَراب بقيعَة يحسبه الظَّمان مَاء حَتَئ إذا جاءه لم يجدهُ شَيْمًا4 السراب هو ما يرى فى اشتداد الحر كالماء ويسرب ويجرى كالاء. وهو لا حقيقة له فى ذاته» ولكنه الظمأ يصوره للظمآن كأنه ماء» والقيعة جمع قاع وهو ما انبسط من الأرض لا زرع فيه ولا شجرء والمعنى أن الذين كفروا يعتمدون على ما يحسبونه خيرا فى زعمهم» وهو خير فى ذاته كصلة الرحم» ولكن لا قيمة له لعدم الإيمان. والنية الحسنة؛ ويحسبون به أنه خير قدموه وهو لا وجود له. فهو كالسراب الذى يحسبه الظمآن ماء» ويسير حتى يجهده السيرء ويسير ثم يسيرء ويشتد فى طلبه حتى إذا جاء إلى ما ظنه عنده لم يجده شيئاء «ووجد الله عنده» ليحاسبه أشد الحسابء #قَوقّاه حسابه واللّه سريع الحساب4. أى أن الله موف الحساب من عذاب الجحيم» وقال: «#سريع الْحسّاب» للدلالة على تأكد وقوعه. أنه لا يتأخر حتى ينسى» ولا يتصور أن ينسى» بل يجىء سريعا مؤكدا ولا يمكن أن يهمل. لإا تفسير سورة النور 9 (١‏ اللاننا!! ااا اتنا ااا تلاط ان ط اناما ااال الالالال نااللط اانا لل طامط طخ خلااخالل لط لاتاخخخمماللالناخالاطلا لا اناالا طط موقط ممق اللا / 0 هذا تشبيه ما يظنونه خيراء كما كانوا يفعلون من أعمال أى لا يريدون بها ما عند اللهء بل يريدون التعاظم والتفاخر بهاء ولا يحتسبون أنها مقربة لله؛ لأنهم كانوا يشركون به. أما أعمالهم السيئة .وتضافرها وتكائرهاء فقد كانت ظلمات بعضها فوق بعض ») ولد شبهها بالظلمات المتكائفة» فقال: وأ كَظْلمَات في بحر لَجِي ياه موج من فوقه موج من قوقه سحاب ظلمات بعضها فُوق بعض إذا أخرج يده لم يكَد يراها ومن ّم يَجِعلٍ الله له نورا فَمَا لَه من نور 403 . (أو) هنا لبيان الأعمال» وما اختص بعضها من تشبيه بالسراب» بأن كان يرجى منها الخير لو استقامت القلوب» وحسنت النية - فكانت كالسراب» وأعمال لا خير فيهاء لا فى ذاتهاء ولا فى نياتهاء فكانت كالظلمات» فأمره هنا كأمره فى قوله تعالى : انما جاء اذين يحاربُونَ الل ورَسولَه ويَسعَوَنَ في الأأرض فسَادا أن يقُوا أو يصلَبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينشوا من الأرضٍ . .. © # [لمائدة]ء فهى لبيان اختلاف الحكم باختلاف الجريمة» وهنا تدل (أو) على اخنتلاف التشبيه باختلاف حال العملء من ظاهر الخير» وإن لم يكن بنية محتسبة بل بنية التفاخرء والتظاهر بالسلطان» إلى عمل كله شر فى ظاهره وفى نيته» ويحيط به الإثم من كل نواحيه . «كَظلمَات في بحر لْجي»: اللجى نسبة إلى اللجة» وهى الماء الكشير» فالبحر كثير الماء» عميق ممتلئ» لا يسبر غوره ليشا مُوج» يعلوه» ويستره «موج من فَوقه مَوَجّ» أى موج متراكب بعضه فوق بعضء فالبحر لحي فيه ظلمات» والموج المتراكب الذى يكون موجا كثيفا بعد موج مضطرب مصطفقء» ومن فوق الموج سحاب معتم» وغيم شديد» فهى ظلمات بعضها فوق بعض» فظلمة اللجة» وظلمة الموج المتراكب» وظلمة السحاب» كل هذا يوجد ظلاما دامسا لا توجد معه رؤية صحيحة سليمة تكون طريقا للإدراك الصحيح» ولذا قال فى تكميل التشبيه» فقال عز من قائل: إإذا أخرج يده لم يكد يراها, إذا أخرج يده من جيبه لا يكاد يراهاء ل تفسيرسورة النور للل اا 1اال اال 00 بجحو ر؟ تي ١‏ مع أنها يده وأخرجها من جيبه» والعلم بها متحقق ؛ لأنها يده» وبعمله أخرجهاء ومن مكانه فى ثيابه التى يلبسهاء ومع ذلك لا يكاد يراها. وخلاصة هذا التشبيه أن الله تعالى شبه حال الكافر فى أفعاله التى تدفعه إلى الباطل» وهى فى ذاتها باطل» وإن الباطل يدفع إلى باطل» فهو قد أشرك» وكان الشرك كبحر لُجِي» ويدفع إلى أمواج من الباطل متكائفة ويكون فوقها بسبب الشرك غمة تجعله فى ظلام دائم» حتى يصبح غير مفرق بين حق وباطل» وتنسد عليه مسالك الإدراك؛ كما يسد على البصير النور فى الغمام» والأمواج واللجج. وإن هذا التشبيه يصور لنا حال المشرك كيف تتكائف عليه ظلمات الباطل» فالشرك يكون كلجة دخل بها فى بحر من الباطل لا حدود له» وكلما أوغل فيه ازداد إعتاماء وهكذا تتضافر أسباب إظلام الأمور على العقل» فكلما خطا خطوة انسد عليه باب الإدراك انسداداء تبتدئ بعبادة غير اللهء ثم بالذبح لغير الله ثم بتحريم ما أحل الله وإسناد التحريم» ثم باستباحة ما حرم الله من الخمر وأكل الخنزير» وأكل الموقوذة» والنطيحة, والميتة» وهكذا تتكائف الظلمة» حتى لا يرى حقاء ولا باطلاء ويكون لمن إذا أخرج يده لم يكد يراهاء وختم الله الآينان بقوله تعالى «إومن لم يجِعَلٍ الله له نورا فَمَا له من تُور», وهذا فى مقام التجريد للتشبيه؛ لأنه مناسب للمشبه به» وليس بمناسب للمشبه لأن المؤدي» «ومن لم يَجَعَلٍ الله له نورا» يؤديه إلى اق كما كان من المشركين الذين أدت أفعالهم إلى ظلمات متكائفة, «قَمَا له من تُور» كان تشبيه ظلمات الكفر بالبحر اللجى» والذى يعلوه ويستره موج من فوقه موج من فوقه سحاب, موعزا إلى التفكير فى تكوين السحاب ونزول الأمطارء وبذلك الإيعاز الفكرى الذى يكون من آية إلى معانى تالية» ترتبط آيات القرآن الكريم فيكون بعضها آخذا بحجز بعض فى ارتباط عقلى نفسى» ولذا عقب هاتين الآيتين ببيان تسبيح الطير فى السماء فقال عز من قائل: «ألم تر أن الله يسح لَه من في السّمَوَات وَالْأرْضٍ وَالطَيْر صافات كَل قد عَم صلاته وتسبيحه واللّه عليم بما يفعلُونَ 49 . ل ل تفسير سورة النور الل نر تشىت- ا الاستفهام فى «ألم تر إنكارى بمعنى النفى مع التنبيه إلى الحقائق لإدراكهاء وهو داخل على نفى 2 وهو «لمك ونفى النفى إثبات» والمعنى : قد رأيت أن الله يسبح يدل على كمال الله تعالى» وتثنزيهه عن مشابهة الحوادث» وأنه واحد أحد» وأنه صمد ليس بوالد ولا ولد» وأما السجودء فهو الخضوع الكامل لله تعالى. والتعبير ب (مَن) فى قوله تعالى: 8 يسبح له من في السموات» مع أن فيها ما لا يعقل؛ فلأنها كلها فى دلالتها على التسبيح أقيمت مقام العاقل؛ ولأن فيها عقلاء وغير عقلاء»: غَلَّبِ فى البيان العقلاء؛ لأنهم أعلى مكانة من غيرهم كالملائكة» «والطّير» لما فيها من إعجاز من أنها تطيرء وتسير فى الفضاء من غير أن يكون سيرها على أجرام جامدة تتحمل ما يسير عليهاء بل هى تسير من غير جرم جامد ثقيل تسير عليه» ولذلك خصها بالذكر لفضل ما تدل عليه من إبداع فى الخلق والتكوين» حتى كانت موضع درس للإنسان فأراد أن يقلدهاء وتم له ما أراد فكانت الطائرات التى تقطع أجواز الفضاءء وسبحان من خلق كل شىء من غير مثال سبق» وقوله تعالى: #والطّير صافًّات4» أى تطير فى الفضاء تسير صافات» أى فى صفوف متتالية ومتوازية» اللأجنحة وراء الأجنحة» كما ترى فى أسراب المحمام وغيرها من الطير من انتقالها من مكان إلى مكان متآخية منتظمة فى صفوف» وذلك من إلهام العلى الخبير لهاء والطير بالرفع عطف على «#من» أى أن الطير تسبح » كما يُسبح كل من فى السموات والأرض» وذكر مع ذلك إبداع الله تعالى خلقهاء وما ألهمها إياه» وما سخر لها من فضاء بالسير لمسافات . إن فاعل (علم) يعود على الله تعالى أى كل فريق وطائفة» وخلق من خلقه - علم الله تعالى صلاته وتسبيحه» وقالوا: إن الصلاة تكون من العقلاء المهديين» والتسبيح بالخضوع والدلالة بالخلق والإبداع يكون من غير المهديين وغير العقلاء فهم فى صفهمء فهم كالأنعام» بل أضل سبيلا. تفسيرسورة النور اكلا تاماتلا اتا ااام ااا ااا اا ااال اطاط تق ااال | اكه < يي . وبين الله تعالى بعد ذلك كمال سلطانهء» فقال: #وللّه ملك السّموات والأرْض وَإِلَى الله الْمَصيرٌ 49 . الملك هو السلطان الكامل» والله تعالى له السلطان على السموات والأرض وجله؟ لأنه هو الذى خلقهاء وما فيها ومن فيهاء والنص الكريم يفيد الاختصاص بتقديم الجار والمجرور» أى له وحده السلطان الكامل فى اللأأرض والسماء فلا سلطان لوجود سواه فالمعبودات التى يعبدونها من أشخاص» وأوثان وشمس ونار» كل هذه لا سلطان لها ولا شفاعة» بل السلطان لله وحدهء وإن هذا السلطان يعلمه المؤمنون» وسيراه رأى العيان الكافرون» ولذا قال تعالى: #وإِلَى الله الْمَصير». أى المآل والنهاية. وتقديم الجار والمجرور أيضا يفيد القصر أى يصيرون إليه» لا إلى أحد سواه» وعندئل يلقاهم بأعمالهم والحزاء عليها بعد ذلك بين الله تعالى كيف يكون السحاب» وهم يرون هذا التكوين» وقد قلنا: إن ذكر البحر اللجى والأمواج المتلاطمة والسحاب توعز بإرادة تعرف خلقهاء «ألم قرأ الله يزجي سحابا ثم يلف ببنه م عله ركام عر الوق يَخْرج من خلاله ويتّل من السّماء من جبال فيها من برد فَمُصيبُ به من يَشَاءُ ويَصرفُه عن من يَشَاء يَكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار 469 . 00 سام قي هس الزج السوق والدفعء ومنه قوله: #... وجثنا ببضاعة مزجأاة ... 8)» [يوسف]ء أى مدفوعة لا يقبل عليها أحد» والمعنى لقد رأيت أن الله يزجى. . ونقول: الاستفهام فيه إنكارى للتنبيه. ونفى النفى إثبات» و(لم تر) جملة منفية لفظاء والمعنى لقد رأيتم أن السحاب والرؤية هنا علمية» أى لقد علمتم» فهم لم يروا بالحس أن الله يزجى سحاباء لكن علموا مما علمهم أن الله يزجى سحاباء أى تجمعه حتى يصير ركاماء وإن ذلك لا يكون فور تكوين السيحاب» إنما يكون بعد زمن» ولذلك كان العطف ب «(ثما» فقال سبحانه: «إثم يجعله ركاما»ك, ومعنى 0# تفسيرسورة النور ا ااا لل م لأسب ا (ركام) مجتمع بعضه يكون فوق بعض» ولقد قال تعالى: «وإن يرا كسفا من السّماء ساقطًا يَقولوا سحاب مركوم 408 [الطور]ء وإنه إذا تراكم السحاب» وصار بعضه فوق بعض كان المطر» ولذا قال تعالى: فَعَرى الْودقَ يخرج من خلاله», والودق هنا المطر» يقال: ودقت السحاب فهى وادقة ‏ إذا أمطرت ‏ وقوله: #يخرج من خلاله4 ينبئ عن أنه مطر ضعيف لا ينهمر انهماراء ولا يكون وابلا؛ لآن الوايل تنحل فيه السحاب وتنهمر» ولا يكون ودقا يخرج خلاله من سحاب متراكم» ثم أشار سبحانه إلى الماء المنهمر بعد ذلك بقوله: ريل من السّماء من جبَال فيه من برد» السماء هنا ما علاك» «من جبال» بدل اشتمال من السماء» أى ينزل تما علاك من جبال فيها من بردء وقد شبه السحاب المتراكم الذى يعلو طبقة فوق طبقة بالجبال لكمال تماسكها وتراكمهاء وعلوها حتى صارت كالجبال فى منظرها» وما ركبت الطائرة التى تحلق ونظرت السحاب المتراكم حتى حسبته جبلاء أو جبالاء وإذا كان محمد يله لم يركب طائرة تمر فوق السحابء فيكون هذا من دلائل إعجاز القرآن» وأنه لم يكن من عند أحد من البشرء وقوله تعالى: من برد أى وينزل من الجبال التى تشبهها السحاب» أى ينزل من السحاب بعض البرد الذى فيهاء والبرد هو كما قال الراغب فى المفردات» والبرد ما يبرد من المطر فى الهواء فيصلب» وبرد السحاب اختص بالذكر» وهذا قريب مما يقوله علماء الطبيعة من أن الماء يتبخرء فيكون سحاباء ثم يتكون من السحاب قطع صلبة هى البرد. وتقريب القول بلغة الناس» وإن كان للقرآن المثل الأعلى فى البيان الذى لا يناهدء تقريبه هكذا. وينزل السحاب التى تشبه الجبال فى منظرهاء وتكون (من) الثانية بيانية» أو تكون تبعيضية:» أى ينزل منها بعض البرد» ونحن ميل إلى أنها بيانية . وإذا كان ينزل المطر من البردء فإنه لا ينزل إلا بما يشاء سبحانه: «قيصيب به من يَشَاء وييصرفه عن مُن يشَاء», فيصيب به من يشاء أى ينزل عليه» وعبر ب (يصيب)» دون (ينزل)؛ لأن الإصابة قد تكون بالخير» وقد تكون بغيره» فقد يكون تفسيرسورة النور مالكلل الالالال 0 . ١ الااااااكاكاة‎ 7 يي المطر غيثا فيه كرم يغاث فيه الناس» وقد يكون غيثا مدمراء وصرفا عمن يشاءء قد يكون سببا فى القحطء وقد يكون للدمار. ثم وصف المطر فى انهماره بأن يكون فيه برق ورعدء وحيثما كان البرق فإنه يكون الرعدء وقال تعالى: «يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار» , أى أن ضياءه المخاطف يكاد «إيذهب بالأبصارٍ», أى يذهبهاء وعبر بالباء» للدلالة على أن البريق يأخذ الأبصار مصاحبا لهاء فالياء للمصاحية . وذكر البرق ذكر للرعد؛ لأن البرق اصطدام سحابتين إحداهما موجبة فى كهربتهاء والثانية سالبة فى كهربتهاء فإذا احتكتا تولدت الشرارة فكان البرق» ومن هنا الاحتكاك كان صوت وهو الرعدء. وهذا دليل على غزارة المطرء وكثرة انهماره» ثم ذكر بعد ذلك آية أخرى فقال: «يقلب الله اللّيل والتّهار إن في ذلك لعبرة لأولي الْأَبْصَارٍ 46 . بعد أن ذكر سبحانه وتعالى قدرته وإنعامه على خلقه بالماء» بين نعمته فى الليل والنهارء فقال: ظيقَلَب الله اليل وَالتّهار» والتقلب معناه أن يجعل أحدهما فى موضع قلب الآخرء وتقليب الليل والنهار يبدو فى أمرين: أولهما: فى أن يكون الليل والنهار خلفة» فيكون أحدهما خلفة للآخرء فيسلخ الليل من النهارء والنهار من الليل فى نظام مستمر. ثانيهما: أن يكون النهار أطول صيفاء وأن يكون الليل أطول شتاءء فى نظام مستمر لا يتخلف. قد يفسر العلم ظواهره» ولكن لا يستطيع تغييره ولا إنشاءه» فالعلم يحصى الوقائع» ولا يوجدهاء ذلك تقدير العزيز العليم» ولذا قال تعالى : إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصارٍ» العبرة فى مدلولها الخاص بمعنى الاعتبار» والمؤدى لها أن تأخذ من الحاضر المشاهد دلالة على الغائب غير المشاهدء فيأخذ المستبصر من رؤية تقلب الليل والنهار» وانتظامه بإحكام ودوامه دليلا على أن إرادة حكيمة متصرفة تفعل ذلك بتدبير وإحكام» وخص أولى الأبصار بالعبرة؛ لأنهم يدركون إلا تفسير سورة النور الل لي سيا جر 7 ببصرهم ما يحسون وما يرون» ويدركون ببصيرتهم ما وراء هذا الذى يحسون به من قدرة باهرة . الماء وأثره فى الوجود قال الله تعالى: ة 2 و 2 0 وألله خلق دَأبمِنْمَاءِ فسْهُم من يَمْشى عل بطزوء 0 2 حو 7 يع وله دما مع 0 0 نت ددا 3 ره و ًّ 7 و 8 سر قير مستقيو أ 07 َامنَا وير يسول وَأطَعنَافُرَسوَل مم يبَحْدٍ لكوم 8 يكبا اموه نين 00 وإِذادعوأكألَهورسُولو : بتار ممم مضو ليا وَإنيَكن طْ لي 5 © تاف كاز سول وليك مم اليم 0ه ِتَمَكنَقَوَلَا ومنت إدا دوأ وروا .لتك ينف 3 2006 0 6 177 - ل بجي ساسا أديشويوا سبموعتاواً و و ليك هم الْمَفْلِحونَ و نام ومن سس ا أ سم أ ا ء. بطع الله ورسوله,ويحش الله ويِتَقَهَِوليِكُهم يرون 5-0 ا تفسيرسورة النور للا الالال 2 ليح يبي يي ذكر الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة الماء فى تشبيه أعمال الكافرين» والماء العذب فى تكوينه» وذكر معه إنزاله على من يصيبه» ونعمته فى صرفه عنه إن لم تكن الأرض صالحة للزرع» حتى لا يكون غني(١2‏ بدل أن يكون غيثاء فكان فى هذه الآية مبينا لنعمة الماء فى الحياة والأحياء بشكل عام كما قال تعالى فى كتابه العزيز: #... وجعلنا من الماء كل شيء حي ... 469 [الأنبياء]ا» وذلك يعم الحيوان والنبات» والأشجار» من كل حىء؛ وهنا يخص الأحياء من الحيوان» فيقول عز من قائل: #والله خلق كل دابَة من مّاءِ4 وصدّر الآية الكريمة بلفظ الجلالة للإشارة إلى اختصاصه بالعيادة؛ لأن لفظ الجلالة يتضمن معنى الألوهية» وكل ما يذكر بعد ذلك من خلقه يكون دليل ألوهيته سبحانه» فالمخلوق يدل على الخالق» وكذلك كل عبادة سامية لله جل جلاله» ودلت على الخلق يكون فيها هذا المعنى الجليل. والدابة من دب يدب؛ واسم الفاعل الداب» وألحقت به التاء للدلالة على المبالغة. وهى تشمل الحيوان. جميعا» فكل حيوان يدب على الأرض» ويسير عليهاء بقدرة الله تعالى» وخلقها من الماء معناها أن الماء من الأسباب الجوهرية لحياتها بخلق الله تعالى وإرادته» والماء مصدر حياتها يإذن الله وتمكينه وجعله ؛ لآن الماء ريهاء ولا يحيا الى إلا بشربه» وغذاء الحيوان كله نما ينيت من زرع» ويغرس من أشجار فيها ثمار مختلفة» حتى الحيوانات آكلة اللحوم غذاؤها يعود إلى الماء؛ لأنها تتغذى من النبات؛ والحيوان كله آكلا ومأكولا من النبات» كما قال تعالى: #يسقئ بماء واحد ونفضّل بعضها على بعض في الأكل .. . 42 [الرعد] . فالحيوان من الماء» بل الأحياء كلها من حيوان ونبات من الماء» والفرق بين الحيوان والنبات أن النبات غذاوؤه من الماء مباشرة» والحيوان يرتوى من الماء» ويأخذ غذاءه من النبات الذى كان تكوينه من الماء. وبين سبحانه وتعالى تنوع خلقه فى الحيوان لبيان عدم التفرقة فى الخلق بين سر سل ع 9 سي دلق غَثاء غثا السيل ارتم : جمع بعضه إلى بعض »2 وأذهب حلاوته . ل ل تفسير سورة النور ا ا 0 . ١ لاا‎ 7 بى ١‏ فقال عز من قائل: #فمنهم من يمشي علئ بطنه» كالحيات والديدان» وغيرها من الزواحف» وملهم من يمعشى على رجلين» كالإنسان والطيور» ومنهم من يمعشى على أربع كالوبل والبقر والغنمء والفيل» والذئب» واللأسد والكلب» وهنا ثلاث أولاها: أن الفاء هنا للوفصاح» فهى بيان أو جواب لشرط محذوف. الثانية: التعبير ب #مّن». وهى تشمل العقلاء» وغير العقلاء» وقالوا: إنها إذا كانت للعموم جاز التعبير ب (مَنَ) عن الجميع» وذلك تعبير عن الأعظمء والأكمل حيوانية» كما يعبر عن الجمع الذى يشمل الذكور والإناث بلفظ الذكور. الثها: أن من الحيوان من يكون ذا أرجل أكثر من أربع» ولم يذكر أو يشر إليه» والجواب عن ذلك أن ذا الأرجل الكثيرة مشير إلى أربع منها» فهو مذكور أو نقول إن الآية لم تذكر الكل» أو أشير بذكر الأربع سير للاطراد بالزيادة فذكر أولا ما لا رجل لهء ثم ماله رجلان ثم ماله أربع» ثم بالإشارة ماله أكثرء وخخصوصا أن الله تعالى ختم الآية بقوله تعالى: «يخلق الله مَا يشَاء إِنَ اللّهِ على كل شيء قَديرك, فإن ذلك يشير إلى أنه يخلق الأكثر من أربع كما يشاء» وهو قادر على كل شيء. ْ وهذه كلها آيات دالة على ألوهية الله جل جلاله وحده» وإنه لا يهتدى إلى الوحدانية مع قيام دلائلها إلا من سار على الطريق واستقام على الحادة» فيأخذه الله تعالى إلى الهداية» ولذا قال تعالى: «والله يهدي من يشاء إِلَى صراط مستقيم» . وهداية الله تعالى تكون لمن سلك طريق الحق وأبعد نفسه عن الضلالة» ذلك أن الله تعالى أودع فطرة الإنسان فطرة الاستعداد للحق والباطل» كما قال تعالى: «وتفس وما سَوَاها ص فَأَلْهَمَهَا فُجَورهَا وتقُوَاهًا (4)7 [الشمس] وقال تعالى: «رهديناه النَجْدينِ 462 [البلد]ء أى نجد الحق. ونجد الباطل» فمن سار فى صراط #ل تفسيرسورة النور الل الالالال اك . يي الحق فإن الله تعالى يأخذه إلى نهايته»؛ ومن سار فى طريق الضلالة تركه إلى نهايتهاء ولذا قال تعالى: «واللّه يهدي من يَششَاء» له الهداية إذا اختار نجد الهداية (إَ صراط مُستَقيم4» أى إلى طريق مستقيم هو طريق الحق» وهو أقصر طريق للهداية؛ لأن الخط المستقيم هو أقرب خط بين نقطتين» وقال تعالى: طوأَنَ هذا صراطي مستقيما فَاتبعُوه ولا تتبعوا السبل فتَفرق بكم عن سبيله .. . 4059 [الأنعام] . الثماق وضعف الايمان ريفو نبلل وبال سُول وطس ميو فرِيقٌ نهم م بد لك وما وك بالمؤمنين 4069 . بين سبحانه وتعالى الذين استضاءوا بنور الله تعالى وأقاموا الحق فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه» وأشار إلى أعمال الذين كفرواء وأن ما يحسبونه خيرا منها يكون كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء» وشرهم كظلمات فى بحر لحي» وهنا يبين سبحانه حال الذين لا يمس الإيمان قلوبهم ‏ وتتردد به ألسنتهم » ؛ كالأعراب الذين قالوا آمنا ولم يؤمنواء #قل لم تؤمنوا ولكن قُولُوا أَسلّمنَا ولَمّا يدخل الإيمان في فلربكم ... 409 [الحجرات] . يؤكدون إعلانهم الإيمان بأنهم يؤمنون بالله وبالرسولء» ويؤكدون ذلك بالطاعة» والضمير يعود على المنافقين وضعاف الإيمان» وإن الأمر الذى يختبر به إيمانهم هو طاعتهم لحكم الله تعالى» وهؤلاء يبادرون بإعلان الطاعة بألسنتهم» وقلوبهم غير مؤمنة» ولا خاضعة لحكمه: ولا مذعنة لأمره سبحانه» وإنهم إذ يعلنون الإيمان بالله وبالرسول» ويقولون أطعنا ثم يتولى فريق منهم غير مؤمن للحق ولا مذعن لهء ولذا يقول الله تعالى فيهم: لثم يعو ريق مَنْهم من بعد ذلك» يتولى أى يعرض غير مؤمن ولا مذعن,» والتعبير ب و4 للبعد بين ما نطقوا وحقيقتهم فى ذات أنفسهمء ولذلك نفى الله تعالى عنهم الإيمان نفيا مؤكداء فقال: «وما أولتك بالْمؤمنين» أولئك إشارة للذين قالوا آمنا بالله وبالرسول» ثم يتَولَئ فُريق, ا تفسير سورة النور ْ مالكل ااال ا60اااللووللااا0ااا0ا0اااااااالللللن 1 الاك | .- يي ١‏ فالإشارة إلى هذا الفريق الذى أظهر الإيمان وأبطن الكفر» نفى سبحانه وتعالى عنهم الإيمان» وأكد النفى بالباء؟ لأن الإيمان يقتضى إذعان القلب وتسليم الفؤاد. (وإذا دعو إلى الله وله لَحكُم بهم إذا ريق نهم مُعرِضون (2) وإ يكن لهم الحق يأتوا إِلَه مذعنين 4069 . هذا موضع الكشف عن ضمائرهم؛ وهو الختضوع لحكم الله ورسوله» وإذا دعوا إلى الله ورسولهء والدعوة إلى الله ورسوله» ليحكم بينهم» الضمير يعود عليهم» على أنه ضمير الواحد مع أنهما اثنان الله ورسوله» ولكن لوحدة حكمهاء وأنه واحد» عاد الضمير عليهما بالواحد» وذلك كقوله تعالى: لمن يطع الرسول ققد أطاع الله ... 462 [النساء]ء مع هذا الإيمان الذى أظهروه» والطاعة التى أبدوها يفاجأون بأن فريقا منهم يعرض» فإذا الفجائية تدل على المنافرة الشديدة بين ما يعلنون من إيمان وطاعة» وبين ما يظهر من حالهم من معاندة الأحكام وعدم خضوع لهاء ووصف سبحانه إعراضهم مؤكذدا له بالجملة الاسمية» وتصديره بكلمة (هم). ووصفهم بالإعراض كأنه حالهم المستمرة» ولا علاقة بين ما أعلنوا وأظهرواء وبين ما أسروا وأخفوا. هذا إذا كان الحق عليهم» أو كان مرددا بينهم وبين غيرهم, أما إذا كان الحق لهم» ويطمعون فى أن يكون حكم الشريعة لهم فإنهم يبادرون بالخضوعء ولذا قال تعالى فيهم : #وإن يكن لهم الحق يأتوا ليه معني 469 . إن كان الحق بحكم الشريعة لهم» يأتون إلى النبى وَليْةٌ مذعنين» أى خاضعين له غير مغيرين ولا مبدلين» وكأن الأمر على هواهم إن أيدت الشريعة ما يدعون خضعوا لهاء وإن لم تؤيد ما يدعون يتولون معرضين» فهم لا يخضعون إلا لهواهم. وشهواتهم وإن الناس الآن» وقد هجروا حكم الشريعة يتنادون بها إن وافقت أهواءهمء وإن لم توافق أهواءهم أبدوا ما زين لهم من قوانين الغرب التى لم تقم على أساس | تفسيرسسورة النور لال ١١ اكاك‎ ني ١‏ العدالة المجردة» بل قامت على أساس أعراف الحكام» وما يشتهى الناس» ولذا عطلت الحدود. وأضاعت حقوق الناس. ولقد قال الله تعالى مستنكرا حالهم هذه: «أفي لوبهم مُرض أم ارتابوا م يحَافُونَ أن يَحيف الله ليم سول بل أولنك هم الظَالمُونَ 469 . هذا استفهام توبيخى. وهو إنكار للواقع من أمرهم.ء والمرض الذى يصيب القلب إما النفاق» وإما ضعف الإيمان» فهو تشبيه للمرض النفسى من ضعف الإيمان بالحقائق وعدم الإذعان للأحكام الشرعية» بالمرض الجسمى الذى يضعف فيه الجسمء وقد تدرج سبحانه فى توبيخ من هذا حاله فابتدأ بضعف الإيمان والنفاق» ثم ثنى فى التوبيخ بأنهم واقعون فى الارتياب فى حقائق أصل الدين والإيمان» ثم قال سبحانه ما هو أعظم من ذلك فقال: «أم يَحَافُونَ أن يحيف الله عليّهم», يحيف معناها يجور فى الحكم». ولا يجدون العدل عند الله ورسوله» وهذا انتقال من دركة إلى دركة فى التوبيخ» فوبخوا أولا بضعف الإيمان ومرض القلوب» ثم كان التوبيخ؛ لأنهم يرتابون فى الحقائق الإسلامية ثم كان التوبيخ الأشد؛ لأنهم يحسبون أن الله ورسوله يجوران» فكان ذلك ترقيا فى التوبيخ» حتى وصل أعلاه وهو الكفر البواح برمى الله تعالى بالظلم» وهم الظالمون» ولذا قال تعالى: #بل أولتك هم الظَّالمون» «بل» للإضراب ورد ما يومئ إليه حالهم» فهم الظالمون لأنفسهم بالضلال الذى اختاروه. وهم الظالمون لأنهم اختاروا الحكم الظالم» وتجانفوا عن الحق للإثم» وقد أكد الله تعالى ظلمهم بالجملة الاسمية؛ وبقصرهم على الظلم» وقصر الظلم عليهمء وبكلمة (هم) ضمير الفصل المؤكدة لظلمهم. هذا مقال المنافقين وضعفاء الإيمان. أما مقال المؤمنين» فقد ذكره بقوله تعالت 2 كلماته : سا سومار وي ونا وك هم لصون ك4 ل / تفتسير سورة النور الل اا0ا60اااال لمملا أ ار بعد أن بين سبحانه حال المنافقين وضعاف الإيمان بين أقوال المؤمنين وأحوالهم» فقال سبحانه وتعالى عن أولئك المؤمنين: لِإِنّمَا كَانَ قول المؤمنين إذَا ُو إلى لله ووه يكم نه تإغاء للحصر وتدل على القصرء ودكاة» هنا تدل على الدوام والاستمرار فى الماضى والحاضر والقابل» (وقول) خبر كان وقوله تعالى: #أَن يَقَولُوا سَمعنا وأَطعاك ويكون مؤدى الكلام السامي» إنما كان قول المؤمنين المستمر الدائم» إذا دعوا إلى الله ورسوله؛ أى حكم القرآن والسنة» وهو حكم الله رسوله هو قولهم «إسمعنا» دعوة الله ورسوله ليحكم بيننا «وأطعنا» قولهماء ووحد الحكم وعاد الضمير عليهما بضمير الواحد؛ لأن الحكم واحدء إذا أمر الله رسوله به نفذه ودعا.إليه» ولا قول لهم سوى ذلكء» بل قولهم مقصور عليه» وهم مقصورون عليه لا قول لهم غيره» فلا مرض فى قلوبهم» ولا امتراء فى إيمانهم» ولا هوى يتحكم فيهم فيتبعون حكم الله إن صادف أهواءهم» ويعرضون عنه إن لم يصادف هذه الأهواء فهرواهم هو الذى يحكمهمء لا الحق هو الذى يحكمهم . ٠‏ وقد حكم الله تعالى لهؤلاء الذين قالوا: سمعنا وأطعنا بقوله تعالى: «وأولتك هم المفلحون». أى الفائزونء وقد فازوا بالحق؛ لأن الحق فى ذاته قوة واطمئنان وسعادة لمن ذاقه وعرفه» وهو اطمكئنان النفوس واستقرارها وفازوا عند الله تعالى برضاه وهو أكبر الفوز»ء وأعظمه» والإشارة إلى أولئك المتصفين بالطاعة وسماع الحق والإيمان به والإذعان له» وهنا قصر واختصاصء وذلك بتعريف الطرفين أى أولئك وحدهم هم المفلحون» ولا فلاح لسواهم» وقد أكد سبحانه فلاحهم بالقصر. وهنا نشير بكلمة موجزة عن حال المسلمين بعد ضعفهم» واستخذائهم» وركوب النصارى واليهود عليهم» لقد ارتضوا القوانين الأوروبية بديلا لأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة» حاسبين أن ما عند النصارى هو الخير وما عند غيرهم لا خير فيه» حتى إنه لو دعا داع إلى أحكام الله ورسوله فى كتابه وسنة نبيه رموه ا تفسيرسورة النور الل ااال املللللاللفللللل الملل مائللا كه > 7 بأنه رجعى» وأنه يريد أن يعود بالأمة إلى الوراء» ويقولون تقدم الأمة أمامها لا وراءها. وفى الحق: إننا إذا دعونا إلى تطبيق حكم القرآن والسنة» إنما ندعو إلى الحق فى ذاته وإلى العدل» وإن القرآت إذ يدعوهم بالحق والعدل فى ذاته الذى لا يفرق بين الناس» تدعوهم الأمة النصرانية إلى تحكيم الأعراف من غير نظر إلى كونه عدلا أو باطلاء ويقولون بل نتبع أعراف الناس» وما أشبه هذا بقول المشركين» بل نتبع ما وجدنا عليه آباءناء وإننا نترك حكم القرآن وهو النورء وهو الحق وهو العدل وهو الفضيلة» وهو حبل الله الممدود إلى يوم القيامة» ونأخمذ بالأحكام التى تبيح الزنى وشرب الخمر والربا والسحتء. وأكل أموال الناس بالباطل» وأحكام الله هى العدل كما تشهد الفطرة» وكما يشهد الإنصاف . . . نترك الحق ونأخذ بالجبت والطاغوت ... فهل نحن مؤمئون!!. إنه لا قوة لنا إلا إذا كنا عدولا فيما بينناء ولا تكون عدولا حقا إلا إذا أقمنا كتاب الله وسنة رسوله» وتركنا وراءنا ظهريا تلك القوانين» فهى الطاغوت» وهى والفضيلة نقيضان لا يجتمعان. وإن حكم الله تعالى الأخذ به من تقواه» والاعتصام بالعروة الوثقى» ولذا قال تعالى : «إومن يطع الله وله ويَخْش اله ويتقه فوهك هم الْقَائرُوَ 49 . الواو عاطفة استغنافية» لبيان أن من يتقى الله ويخشاه هو الذى يفوز حقاء ونجد هذا الكلام فيه شرط وجزاء» والشرط مكون من أجزاء ثلاثة بعضها مترتب على بعض . أولها: طاعة الله ورسولهء بامتلاء القلب بالطاعة. بحيث يخضع له ظاهرا وباطناء ويخضع قلبه مع خضوع كل جوارحهء وهذا هو الجزء الأول» أو النقطة الأولى من الخط المستقيم الذى يبتدئ بالطاعة» وامتلاء القلب» ثم ينتقل من الطاعة الخاضعة الخائعة إلى الخشية» خشية الله تعالى» إذ يعلم ذاته وصفاته» ويمتلئ بهيبته وطاعته» كما قال تعالى: ظإِنّمَا يخشى الله من عباده العلماء . . . 402 [فاطر]ء ها تفسير سورة النور الل م لس ا ويقول الراغب الأصفهانى: والخشية خوف يشوبه تعظيم» وأكثر ما يكون ذلك على ما يخشى منه وقال تعالى فى صفة العلماء: ظالَذينَ يبلَعْونَ رِسّالات الله 35 2 م ها ماي سمس وَيَحْشُوْتَه ولا يَحْشوَنَ أحدا إلا اللَّهَ . .. 469 [الأحزاب]. وإنه يجىء بعد الخشية الخوف من الله واتقاء عذابه» ولذا قال تعالى: #ومن بطع الله ورسوله ويخش الله ويتّقَد4, فالتقوى جعل وقاية بين الشخص وعذاب الله تعالى» قال تعالى فى وصف المؤمنين» إن الْذين هم من حَشيّة رهم مُشفقون 9ع» [المؤمنون]. هذه أجزاء الشرطء أما الجزاء» فهو قوله تعالى: طفَأُولَك هم القائزون» الفاء فاء الجزاء» والإشارة إلى المتصفين بهذه الصفات الجليلة» والإشارة إلى موصوف يصفات تكون الصفات سبب الجزاء» فهذه الصفات سبب الفوز» والآيات تفيد قصر الفوز عليهم ونصرهمء وذلك لتعريف الطرفين» وقد أكد سبحانه وتعالى فوزهم بالجملة الاسمية» وبضمير الفصل (هم)» وبقصر الفوز عليهم. استخلاف الله أهل الطاعة 1 72 و و2 ود>ء ا عرص م _- كل ماين يتوص <1 مساح ساح اس و كا صخ 2 و ل تفسيرسورة النور لل 211221211111 ١ لاك‎ ١ ١ ىر‎ ِو ب #7 77 2 د ل اا ا 7ه ب و 0 ا 2 هه كوء ازيح مور دينهم ينهم الرمب التضنئ هم 0 000 35 حَوَفِهِمٌْ َ 71 وب قن الجهد الطاقة» أو أقصى درجاتهاء وجاء فى مفردات الراغب الأصفهانى فى تفسير آية «وأفسموا باللّه جَهد أَيمَانهِم4, أى حلفوا واجتهدوا فى الحلف أن يأتوا على أبلغ ما فى وسعهمء وعلى ذلك يكون معنى الجهد فى قوله تعالى: (وأفْسَمُوا باللّه جهد أيمانهم», أئ باذلين أقصى ما وسعهم من تأكيد القول» وباذلين فى اليمين أعلى درجاتها فى تأكيد القول» أى لا يتركون قولا يؤكدون به عزمهم وإرادتهم إلا سلكوه. والضمير فى «أقسموا» يعود إلى جماعات المؤمنين» ويكون بهذا يدعوهم إلى ألا يقسموا بل يعملوا ويطيعواء وعلى ذلك يكون المعنى عاماء وإن كان يشير إلى المنافقين وضعاف الإيمان. كأنهم مقصودون بالقصد الأول» والعموم مقصود بالقصد الثانى . وأكثر المفسرين على أن الضمير يعود إلى المنافقين ومرضى القلوب ابتدا ويكون تحذيرا للمؤمنين بعامة من أن يكون منهم مثل هذا الذى يحلف الأيمان الفاجرة» وقد رد الله تعالى هذه الأيمان» وقال سبحانه: «قل لا تقسموا» وهذا فيه إيماء إلى أنها غير صادقة» وفيه تصريح بردها زجرا لهم؛ لأنهم بهذا يرتكبون إثمين إثم التخلف عن الجهاد. وإثم اليسمين الفاجرة» وإن بدل الإثم أن يتسجهوا إلى الطاعة» ولذا قال سبحانه: #طاعة مُعروقة4, أى طاعة حقيقية مشهورة معروفة لا هاا تفسيرسورة النور 0 حر لسرب رز مجال لإنكارهاء ولا للتردد فيهاء إذ هى قاطعة؛ لأنها ثابتة بالعيان لا بالقول مجرداء والقسم 9إِن الله حَبِير بما تَعمَلُونَ4 أى عالم علما دقيقا بما يعملون» أى بم يستمرون عليه من عمل يتفق مع | يمانهم أو لا يتفق» وإنه يعلم ما تبدون وما تكتمون» ولا يخفى عليه شيء فى الأرض» ولا فى السماء. وننبه هنا إلى أمور ثلاثة: أولها: أن قوله تعالى: #لتن أمرتهم لَيَخْرجِن» فقوله: «لكن أَمرتهم» هى القسم» وهى تتضمن فعل الشرطهء كأنه يوهم إلى أنهم لم يؤمروا مع أن الأمر عام يدخلون فيه إن كانوا صادقين» وهم كاذبون» كما قال الله تعالى: #ولو أرادوا الخروج لأَعدوا له عدّة ولكن كره اللّه انبعائّهم فَتبَطَهُم وقيل افْعدُوا مّعْ القاعدين 69 لو خَرجوا فيكم ما زَادوكم إِلأ حبَالاًوأَوْضعوا خلالكم يبَعونَكُم الفتنة وفيكم مماعون لهم واللّه عليم بالظّالمِينَ 469 [التوبة]ء والحديث عنهم بالغيابء لأنه بيان لقولهم وأحوالهم . انيها: الانتقال إلى الخطاب فى أمر النبى كَكِة: «قُل لا تقسموا» لمواجهتهم بالأمر والتقصير والنفاق فى القول» والفجر فى الأيمان. ثالثها: أن الضمير فى (وأقسموا) يعود إلى المنافقين أو إلى المسلمين عامة وفيهم المنافقون وضعاف الإيمان» ولكن لم يكن من قبل ذكر لهؤلاء إلا المؤمنين. ونقول فى الجواب عن ذلك: إن القرآن كان ينزل فى وسط جماعات تدعى إلى الإيمان فلم يكن مفصولا عمن يكونون بحضرة النبى كَلكْعّ عند نزوله» وقد كانت الآيات ذاتها هى التى تعين مع مواقع الضمير» ففى مكة» كان النبى يل يخاطب بالقرآن الكريم المشركين وهم الذين يعاندونه» فكانوا كأنهم حاضرون فيعود الضمير إليهم إذا كان فيه حكاية لعنادهم ومهاتراتهم» فلما انتقل إلى المدينة» فبعد غزوة بدر الكبرى ظهر النفاق» وبدت أنياب اليهود» فكانت المعاندة من المنافقين واليهودء وظهر ضعاف الإيمان الذين يعبدون الله على حرفء فكانت الآيات التى تشير إلى ##م تفسيرسورة النور الللل لل لل ااا للا هد معاندة» أو خورء أو نفاق» تعود على هؤلاء» ومعانى الآيات الكريمة تعين من يعيد الضمير إل | ولقد أمر الله تعالى رسوله بأمرهم بالطاعة فى كل الأمور فى الحرب وغيرها من الطاعات» وما تقوم عليه الجماعات فقال: قل أطيعوا الله وأَطيعوا الرسول فَإن تَولُوا فَإِنّمَا عليه ما حمل وَعَلَيْكُم ما حملثم وإن تطيعوه تهتدوا وما علَى الرّسول إلا ابلاغ المبين 46290 أمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم ذلك؛ لأن هذا من تبليغ الرسالة» وهو وحده المبلغ» والله هو الذى يكلفه بالتبليغ» وإن الطاعة وحدها هى التى تكشف ما يختفى من نيات» وما يظهر من أمور قد تبين فى لحن القول» والمنافقون يعرفون فى لحن أقوالهم كما قال: ط... ولَتَعرِفتهِمِ في لَحَن الْقَول ... 4069 [محمد]ء «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول4: أى أطيعوا طاعة من صميم قلوبكم» لا من ظاهر أقوالكم» وذكر الرسول مع الله؛ للإشارة إلى التلازم بينهماء وإلى أن طاعة الرسول واججبة على الأمة» لكيلا يتململ اليهودء والمنافقون من إجابة الرسول» زاعمين فى نفوسهم الفاسدة الفصل بين طاعة الله وطاعة رسوله» فيعصون الرسول» ويحسبون أنهم يحسنون صنعاء والخطاب للمنافقين ومن فى قلوبهم مرض لإفَإن تولُوا» هذا فعل مضارع حذفت فيه التاء الأولى» فى «تتولوا» حذفت لكيلا يثقل على اللسان توالى التاءات» أى فإن تعرضوا ولا تطيعوا وتخضعوا فَإِنمَا عليه ما حمّل» من تكليف بالبلاغ» والدعوة إلى الجهاد والفضيلة» والعبادة الخالصة لوجه الله #وعليكم ما حملتم» من الطاعة والاستجابة» والفاء هى الواقعة فى جواب الشرطء والفاء الأولى فى قوله تعالى: لفن تولّوا» تفصح عن كلام مقدر» أى إن استحببتم فقد آمنتم» وإن تتولوا فالعاقبة عليكمء ودل على هذا قوله تعالى: ظفَإِنْما عليه ما حمّل». أى وهو البلاغ» أى ليس عليه إلا ما حمله وهو البلاغ» وقدم الجار والمجرور للدلالة على الاختصاص» أى عليه ما حمّل وهو التبليغ ليس عليه غيره» فهو لا يهديكم». ولكن يرش دكم ويدعوكم» ثم قال تعالى «وعليكم ما حملكم» من ها تفسير سورة النور للم حب 1 إجابة للتبليغ» وقيام بحق الطاعة» والإخلاص» وإن لم تقوموا بحق ما حملتم ضل سبيلكم وخاب أمركمء #وإن تطيعوه تهتدوا» أى أن السبيل لاهتدائكم» ليست الأيمان التى تحلفونهاء وإنما السبيل لذلك هو أن تطيعوا بملء قلوبكم» وخضوع نفوسكم» وليس ذلك إلا ما حملتموه» وما على الرسول أن تهتدواء إنما عليه أن يرشدء ولذلك قال عز من قائل: لوَما عَلَى الرسُول إلا ابلاغ المبين»» المبين الموضح للحقائق من غير ماراة» فإن الجدل وراء الجدل ضياع» والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم . وإن وراء الطاعة المخلصة؛ والجهاد أن تستخلفوا فى الأرض» ولذا قال سبحانه : وعد اللّهُْذينَآمُوا منكُم وَعَمنُواالصالحَات لَيِسَعَخَلفنّهم في الأرض كما اسْتخلف الذي من قبلهم ليمك لهم ديهم الذي ارتضى لهم لهم من بعد خوفهم ما يَعبدُوتِي لا يسركو بي شيئا ومن كفر بَعْد ذلك فأولّهك هم الْفاسقون 49 . بعد أن هاجر النبى كك كان فى جهاد مستمر هو ومن معه من المؤمنين» فبين الله تعالى غاية هذا الجهاد أن يكونوا هم الذين يخلفون الكافرين فى السيطرة على الأرض والسلطان عليهاء وكما ملئت الأرض فسادا ثملاً إصلاحا. كان حال المهاجرين والأنصار جهادا مستمراء لا توضع سيوفهم فى أغمدتهاء والنبى يَلكِةِ يدعو إلى الحق بلسان الحق من غير إكراه على إسلام» فإنه لا إكراه فى الدين» ولكن كان الجهاد ليعلم الرشد من الغى» ولإزالة المحاجزات التى كان يقيمها المتحكمون فى الناس» فما كانت الحرب إلا لإزالة هذه المحاجزات» ولكى يخلو الناس بوجوههم للدعوة الإسلامية» ومن اهتدى بعد ذلك فلنفسه ومن ضل فإما طوَعَد اللّهُ اّذين آمنوا مكم وَعَملُوا الصّالحات4 التعبير بالموصول للدلالة على أن الصلة سبب هذا المؤكدء والاستخلاف جعلهم خلفاء» والأرض هى أرض العرب وغيرها من أرض الفرس والروم» وما وراءها من المشارق» والمغارب» والسين والتاء 0# تفسيرسورة النور لول 1[ 1[ 232311 أ ا للطلب» وهما يفيدان تأكيد الاستخلاف؛ لأن الطلب من الله» وهو لا يتخلف» وتنصرفان إلى التأكيد المطلق» فجعلهم خلفاء فى الأرض لمن كانوا قبلهمء فخلفوهم فى السيطرة على الأرض» وكمال سلطائهم . وقوله تعالى: ظلَِستَخَلفنُهُم في الأرض» اللام تنبئ عن قسم مضمر فى القولء. فالله وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات بسبب إيمانهم» وعملهم الصالح فى الطاعات والمعاملاات الإنسانية وعدهم سبحانه بأن يستخلفهم فى الأرض كما استخلف الذين من بعد نوح كعادء وغيرهم خلفاء مسيطرين على ما فى الأأرض» وقد أكد سبحانه وتعالى وعده بالقسمء وبنون التوكيد الثقيلة» وبالمشابهة بينهم» وبين من سبقوهم من جعلهم خلفاء فى الأرض . وإن ذلك تبشير للمؤمنين الذين آمنوا واتبعوا محمدا كَكِْهٌ فى جهاده. وهو ماض إلى يوم القيامة» وليست الخلافة هى خلافة النبى مَل ولكنها خلافة الله فى الأرض بمقتضى الفطرة الإنسانية التى قال تعالى فيها: «وإذقَال رَبك للملائكة إني جاعل في الأرض حَلِيقَة َانُوا نَجَعلَ فيها من يُقْسِد فيها ويَسْفَك الدماء وتَحن تُسبّح بحمدك ونقدس لَك . .. 469 [البقرة]ء فهى السلطان فى الأرض بمقتضى التمكين الإلهى. ذلك أن النبى كَلكلهّ ما إن جاء بدعوته إلى الهدى. حتى كانت مكة كلها تقاومه بكل أنواع المقاومة» ولهاميم('2 قريش تكيد لهء ولما انتتقل إلى المديئة ليدعو إلى دينه»ء وقد فشا ذكره فى أرض العرب» اضطر للجهادء وأخحذ يشق الطريق للدعوة فكان وعد الله تعالى» وهم فى هذا الجهادء وعد الله بأن يكونوا الممكنين فى اللأرض» وأن يكونوا مستخلفين فيهاء وذلك الوعد يتضمن أمرين أحدهما: نصر مؤزر دائما ما داموا مؤمنين عاملين الصالحات» والثانى: أن يكون لهم السلطان» وأن يكونوا المسيطرين فى اللأرض» وإن استخلافهم فى الأرض كان معه أمور أعزتهم وأعلتهم» ذكرها سبحانه فى قوله تعالى: )١(‏ اللهاميم: جمع اللّهموم: الجواد من الناس والخيل. الصحاح للجوهرى: فصل اللام. ا تفسيرسورة النور 7 لللاللللل الل مالالا أ ا «إوليمكين لهم دينهم الذي ارتضئ لهم» وهذا هو الأمر الأول» وهو أساس لا قبله ولما بعذه» فالدين يمكن فيما بينهمء فلا يكون ثمة ما يسوغ ضعف اليقين» بل تبقى الحجة للقرآن وحده»؛ ويدركه الناس فى دعة واستقرار» ولا يوجد إيذاء ولا .. وما تراك اتَبَعك إِلذّ الذي هم أَرَاذلنَا بادي الرأي ... 469 [هود] . والثانى بينه سبحانه وتعالى بقوله: #وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا. أى يجعل الله تعالى من بعد النوف المستمر من المشركين أمنا دائما مستقرا» وكان التنكير لبيان عظيم الأمن» وإنه أمن مستقر ثابت» ولقد قال النبى يَكةِ: «ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون"'2. وهنا إشارة بيانية فى قوله تعالى: «#دينهم الذي ارتضئ لهم4, أى الذى ارتضاه سبحانه واختاره لهم» ففى هذا إشارة أولا: إلى كمال نعمته عليهم بهذا الدين» وثانيا: بأنه اختاره وارتضاه لهم وثالثا: بأنه الحق الذى له ريب فيه. وقال سبحانه مبينا خاصة هذا الدين الحق. وشعار الذزين بدلهم سبحانه من بعد خوفهم أمناء فقال: «يعبدوتي لا يشركون بي شيمًا4, أى يعبدوننى وحدى فى عامة أمورهم » لا يشركون بى شيئا فى عبادة ولا طاعة ولا عمل» فعبادتهم له سبحانه وطاعتهم له وحده. فلا يطيعون حاكما ويتركون طاعة الله وإذا خيروا بين عصيان الحاكم» وعصيان الله اختاروا عصيان الحاكم» فإن استمروا على ذلك استمر لهم السلطان فى اللأرض. وقوله تعالى: ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون», أى من كفر وخالف وعصى الله بعد التمكين والأمن والاستقرار #فأولئك هم الفاسقون#. أى الخارجون الجائرون البائرون فلا يكون كفرهم مجرد جححود» بل هو الضياع لا محالة. واعتبر )١(‏ جزء من حديث رواه باه البخارى : المناقب- علامات النبوة فى الإسلام حضف ة أبو دا داود: الجهاد ٠‏ إل تفسيرسورة النور حم الللللللل ااال (لجمل يبه يي بحال المسلمين - فقد نالوا خلافة الأرضء وصار ملكهم فى مشارق الأرض» ومغاربهاء وصاروا المسيطرين من الصين إلى بحر الظلمات» فلما فسقوا عن أمر ربهم صاروا قوما بوراء وإنه إذا كان ضياعهم لأنهم ضلوا واتخذوا القرآن قولا مهجوراء فعودتهم إليه فيها عودة عزهم. وهكذا قد ابتدأ نور الحسق يشرق». وفجر الإسلام يملأ نوره الآفاق. والله سبحانه وتعالى هو الهادي . «وأقيمر ١‏ الصلاة وآتوا الرَكاةَ وأطيعو | الرسول لَعلّكُم تَرْحَمون 49 . إن الطريق لإقامة الاستخلاف على أساس من العدل والاستقامة والاتصال بالله تعالى يكون بثلاثة أمور مذكورة فى هذه الآية الكرعة . الأمر الأول: إقامة الصلاة وقد أمر بها سبحانه فى قوله تعالى: #وأَقِيموا الصلاة» أى صلوا صلاة مقومة تستشعر فيها جلال الله تعالى وكبرياءه. وتحس فيها أنك فى حضرة الله تعالى وكأنك تراه فى مثولك بين يديه.» فإن لم تكن تراه فإنه يراك» وهذه تربية روحية» واتصال بالله سبحانه وتعالى فيكون امرأ يألف ويؤلف. والأمر الشانى: إيتاء الزكاة» أى إعطاؤها لولى الأمرء وهو يصرفها فى مصارفهاء وهذا الأمر ذكره بقوله تعالى: #وآتوا الزّكّاة4. عبر سبحانه بقوله: «وآتواه دون (أدوا»» للإشارة إلى أنها عطاء يعطى» ويعطيها المزكى على أنها مغنم لا على أنها مغرم» وهى تعاون اجتماعى لا مذلة فيه لفقير» ولا استطالة لغنى. والأمر الثالث: طاعة الرسول فى كل ما يأمر به وينهى عنهء وينظم به الدولة الإسلامية» ويقيم دعائم الحكم على أساس من العدلء» وتنسيق الأمورء وهذا هو الأمر الشالث» وقد ذكره سبحانه وتعالى بقوله: #وأطيعوا الرّسول» وطاعته فى حياته باتباع أوامره فى تنظيم الدولة» وتوزيع قواها كلهاء بحيث يتبع فى توسيد الأمور للقائمين بهاء فى الحرب والسلم على سواء» وبعد مماته تكون طاعته باتباع ما أثر عن سنته فهى المحجة الواضحة»ء والطاعة للأمير الذى ينفذ الحق والعدل» ويقيم ل ل تفسير سورة النور لمممي الال سب ا حكمه على دعائم من القرآن كأبى بكر وعمر وعثمان وعلي» ولا يطيع الذين يخالفون الكتاب والسنة إلا فى طاعة الله» حتى لا تكون الأمور فوضى» ويضطرب ميزان الحق والعدل» وتعطل الحدود» ولا تقام الفرائض ولا تقاد الجيوش» ولا تسد الثتغورء ولا يحمى الحمى. ثم قال تعالى: طلعَلَكُمْ ُرْحَمُون4, أى رجاء أن ترحموا ببقاء العزة» وآلا تكونوا نهبا مقسوما بين الأمم» وألا تتداعى عليكم الأمم تداعى الأكلة على قصعتهاء والرجاء هنا من الناس لا من الله تعالى» فالله تعالى لا يرجوء لأنه عالم الغيب وما يكنه المستقبل . قائل : - 1 وأ 0 ا ع و وبلهمال: يليد بين الله تعالى فى الآيتين السابقتين أنه بالجهاد الدائم المستمر يكون للمؤمنين الصالحين الاستخلاف فى الأرض بوعد الله المؤكد» وبإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة» وطاعة الرسول والأئمة العادلين من بعده» وفى هذه الآية يبيين سبحانه مآل المشركين الذين يحاربون الله ورسوله والمؤمنين» وكان الفصل بين الجملتين وعدم الاتصال بالعطف لكمال الاتصال بين موضوع الآيتين» فالآيتان السابقتان فيهما بيان ما للمؤمنين من منزلة وما تحلّوا به من طاعة للرسولء» والآية الأخيرة فيها بيان المخالفة والمعاندة» وفوق ذلك الآية الأولى تبين غاية الجهادء والثانية حال الذين يجاهدهم المؤمنون. والنهى عن الحسبان والظن» وهو فى معنى النفي» أى لا يصح لثلك يا رسول الحق والتوحيد أن تظن أن الذين كفروا معجزين فى الأرض» بل جاهدهم وأنت الغالب» والله ناصرك» والعاقبة للمتقين الأبرار» لا للكفار الفجار. ال تفسيرسورة النور الل 10010000000000 151 #3#3#131ة1#1#33132آ1آ1111أذ1 220001 / لأسب ا والتعبير بالموصول وهو «الذين كفروا» يشير إلى السبب فى نصر المؤمنين وخحذلان الكافرين» وقوله تعالى: #معجزين في الأرض», أى أنهم غالبون فى الأرض لا يعجزهم شىء» فإن الكافرين يحملون فى نفوسهم عوامل عجزهم؛ لأنهم تسيطر عليهم الأهواء وهم بعيدون عن الحق» فمن غالبهم يغلبهم بعون الله تعالى وتأييده» والله يؤيد من يشاء بنصر من عنده. وإن نتيجة اللحياة الدنيا لهم أن يكونوا فى الآخرة فى جهنم» ولذا قال تعالى : «ومأواهم التَّار ولبئس المصير» المأوى المكان الذى يأوى إليه المسافر أو العامل الكادح» فالتعبير عن النار بأنها مأوى فيه نوع من التهكم عليهم» و(ابئس» لفظ يدل على مت والنار اتذم لأنها عذاب» ولأنهم خالدون فيهاء وقد أ أكد سبحانه الذم الاستئذان فى داخل البيوت من الأهل تاها نص ءامنا ع 224 وله 1 0 20111 نير سيد صل وَالْسالَتُعوو تل لت علي ظ عبتا بعد بعل هر مطوفرت َبتُك عل عضت كد 21 2220 د ماد 2< سو 27 0 ١‏ 6 م1 7 ا ع ل ل وَإِذَابلع التي الخ نز اكه تعن ل ل تفسير سورة النور للللاااالللللا الل االلل لل لال الالال برزنجهل ب نا: تي امك بن يإ ةن الكت لدييفواك بشنتسجبة © لقنا يكدتواية يرح و بن 0 > ب هم م سخ و غا رمدو عيرم نبب" يحل يووا أيستعهفر. 7 الله #ر 2[ و ج22 ذكر الله سبحانه وتعالى الاستئذان عند الدخول على بيوت غير بيوتنا فقال الله تعالى: يا يها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيونًا غير بيوتكم حتّئ تستأنسوا وتسلموا على أهلها ... 469 إلى آخر الآيات؛ ثم ذكر عفة الذين لا يجدون نكاحاء ثم ذكر سبحانه وتعالى نور الشريعة ونور الحق» وعاد بعد ذلك إلى ما ينبغى فى أدب البيوت» وفى الشئون الداخلية» فإذا كانت الآيات السابقة فى بيان استكذان الذين يدخلون غير بيوتهم» فهذه الآية فى بيان اسبتكئذان الذين يعيشون فى دار واحدة لبعضهم من بعضء فذكر سبحانه وتعالى وجوب الاستكذان فى ثلاثة أوقات» هذه الأوقات هى أوقات التجرد من الثياب وكون الناس يكونون فى حال لا يرغبون أن يراهم فيها أحدء فقال تعالى: | «يا أيها الّدين آمنوا ليَستَأذنكُم الْذين ملكت أَيمَاكُم وَالّذين لم يبلغوا الحم مدكم ثلاث مرات من قبل صلاة المَجر وحين تضعون نيابكم م من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورَات لَكُمْ ليس عَليَكُمٍ ولا عليِهِم جاح بده طَرَاقُونَ عَليَكُم بَعْضكُم على بعضٍ ذلك بين اللَّهلَكُمّ اآيات واللهعَليمْ حكيو 49 . واضح من هذا أن هذه الآية وآية الاستئناس لم يردا على موضوع واحدء بل لكل واحدة. موضوع؛ فالسابقة موضوعها الاسكئذان للدخول فى بيوت غير بيوت المستأنس» أما هذه فهى للأهل الذين يسكنون فى دار واحدة» وهم مختلطون يدخل ل تفسيرسورة النور اللللللل لو لللللللللللللللاااااالللللل لل ائئل الل ااال اللا ١ ل‎ يي بعضهم بيوت البيتوتة من غير حرج أو استئذان» فالآية تعلم الناس أدب الاختلاطء سواء أكانوا ذوى أرحامء أم لم يكونواء فذكرت الآية الكريمة الآداب المبينة لما يحسن.» وما لا يحسن., وما يليق وما لا يليق «اليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم» ذكورا كانوا أو إناثاء فاللفظ عام #والّذين لم يبلغوا الحلم منكم». أى الأطفال المميزونء وذكر الذين لم يبلغوا الحلم ينبئ عن أنهم مميزون يستطيعون وصف ما يرون ويشاهدون وإذا كان هذا شأن الذين لم يبلغوا الحلمء فبالأولى لابد من استغذان من بلغوا الحلم» وقد صرحت الآية من بعد ذلك فقال تعالى: #وإذا بلغ الأَطََال منكم الحلم فَلْيستَأذنوا كما استأَنَ الذي من قَبلهم» . والأوقات التى ذكرتها الآية هى الأوقات التى يظن فيها العرى والتجرد من الثياب» فقال: لمن قبل صلاة الفجر»؛ لأنه وقت امتداد الليل وإنهائه والاستعداد للصلاة» ومظنة ذلك أن يتجرد الرجل وأهله من ثيابهماء «وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة24 أى حين تخلعون ثيابكم» من الظهيرة أى من الحرارة التى تكون فى الظهيرة» فهو وقت تجرد وعرى «إومن بعد صلاة العشاء» فهو وقت التجرد لأجل النوم» ثم قال تعالى: «ثّلاث عورات لكم». أى ثلاثة أوقات فيها تبدو عوراتكم وتكون ظاهرةء وتحبون أن تستتروا» وجعلت الأوقات عورات؛ لأن فيها تظهر هذه العورات فهى من تسمية الزمان بما فيه» فهذه الأوقات التى تكون العورات فيها مكشوفة. لا يصح التقحم بالدخول على أصحابها من غير استئذان حتى يستترواء ويستعدوا للقاء هذا الزائر» وأحسب أنه لو كف أهل البيت عن الدخول إلا لضرورة ملحةء ويكون معها الاستتئذان لا محالة» فإن ذلك يكون خيرا وهو الأجملٍ بأهل المروءة» وإنه بعد هذه الأوقات التى تكون مظنة كشف العورات «ليس عليكم ولا لهم جتاح بعدهن» لا جناح عليكم» ولا جناح عليهم. الجناح هنا الإثم» والميل نحوهء أى لا إثم عليكم فى أن تدخلواء ولا إثم عليهم فى أن تدخلوا عليهمء وذ هذا إشارة إلى أن الإثم يلحق الذين يكشفون عوراتهم ولا يتخذون الأستارء وقاية من أن تنالها الأعين ولو كانت بريئةء وفى ذلك دعوة إلى ضرورة اتخاذ أسباب لل تفسير سورة النور مامالل حجر جه يي السترء ولا تكون البيوت كبيوت أهل الخناء وقال تعالى: #بعدهن4: أى بعد هذه الأوقات. وبين سبحانه السبب فى رفع الحرج فى غير هذه الأوقات» فهؤلاء الذين ملكت أيمانهم » والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم يدخلون من غير استتذان؛ لأنهم طوافون مترددون فى البيت» ويكون حرج شديد إذا كان الاستئذان فى كل وقت» ويكون حرج على الأمهات إذا كان أطفالهن لا يدخلون إلا باستئذان وهم غير وما ملكت أيمانهم عامة: أيراد بها كل من ملكت أيمانهم رجالا و نساء. إنه بمقابلة النصوص بعضها ببعض» وتخصيص بعضها ببعض يكون المتفق مع روحهاء وألفاظهاء أنه لا استئذان على الرجال ما ملكت أيمانهم من الرجال والنساء. لا إثم فى ذلك» ولا مظنة لعرىء» وأما بالنسبة للنساء فإنه لا يدخل الرجال عليهن إلا بإذن» والإماء قد رفع عنهن الإثم» لأنهن طوافات على النساء (راجع ما قلنا فى تفسير آيات غض البصر) وإنه بمقتضى هذه الآيات يجب أن يكون فى غير هذه الأوقات مستورا دائما ولو كان فى بيته؛ لأنه إذا كان الاستئذان لمظنة ظهور العورة فى الأوقات الممنوعة إلا باستئذان» فمعنى ذلك أنه لا يصح أن يطلع على العورة إذا كشفت حتى الأطفال المميزون ما داموا لم يبلغوا الحلم» وعلى ذلك يجب ستر العورة لكى يكون الاستئذان ولا حرج. وقال تعالى : لطَوَافُونَ عليكم بعضكم على بعض». بعضكم بدل من طوافون» أى بعضكم يطوف على بعض. هذه أوامر هى تعليم من الله وإرشادء وتوجيه إلى ما ينبغى فى بيوتهم» وكذلك قال تعالى: ظكَذَلِك بين الله لَكُم الآيات واللّه عليم حكيم», أى كهذا البيان فى ذكر ما هو لائق وما تكون عليه الأسرة يبين الله تعالى الآيات المتلوة ويوضحها لكم لتقوم الأسر على دعائم من الطهرء والمودة والرحمة» والله تعالى عليم بأحوالكم ظاهرها وباطنهاء وحكيم فيما شرع ويأمر. فهو يبين لكم الأحكامء وما يليق بكل حال. 60 م تفسيرسورة النور االللللاا ااال ال لح از واللام فى قوله تعالى: ليستأذنكم» هى لام الأمرء والأمر للوجوب إلا إذا كان ثمة ما يخرجها عن معنى الوجوب من نص أو قرينة حال. وقد نص الله تعالى على حكم الأطفال الذين بلغوا الحلم: «وإِذا بلع الأطفال منكم الحلم فَلْيَستََذُوا كما اسَأدَنَ الْذينَ من قبْلهم» . هذه حال الأطفال الذين يبلغون الحلم.ء وإنهم إذا بلغوا الحلم صاروا رجالاء وتسميتهم أطفالا باعتبار ما كان» كاليتامى فى قوله تعالى: #وآتوا الْيتَامَئ أموالهم االنساء] وكان تسميتهم أطفالا فى داخل الأسرة؛ لأنهم كانوا يعاملون معاملة الأطفال» حتى طرأت هذه الحال» والرجال لا يعدون من الطوافين» ولكن يعدون من الداخلين على البيت الذين يجب عليهم الاستفذان قبل الدخول» ولو كانوا داخلين على آبائهم وأمهاتهم؛ حتى أوجب النبى على الرجل أن يستأذن على أمه بالنص منه وَكِْةِ على ذلك». فإن الاستئذان يطلب من الرجال على كل حال» وقال الزهرى المحدث: يستأذن الرجل على أمه؛ وذلك لأن الرجال ليسوا من الذين يلازمون البيت» ويكونون من الطوافين؛ لأن هذا إنما يكون للمتخصصين للبيوت لخدمتهاء والقيام بواجبات كالمملوكين ويبين الله تعالى حال القواعد من النساءء فقال عز من قائل: لوَالقواعدُ من النسّاء اللأتي لا يرْجُونَ نكا فيس عليْهنَ ناح أن يَضَعْنَ اَن غير مبرجَا تٍ بزينة وأن يستَعفظن حير لَه واللهُ سَميعٌ عَلِيمٌ 49 . القواعد جمع قاعدة بالتاء» وهى التى لا تحيض. ولا قدرة لها على العمل» ولا تستخدم عادة فى البيوت» وقال بعض اللغويين: القواعد هنا جمع قاعد من غير تاء وهى قعود الكبرء وحذفت التاء ليكون الحذف ممير لها عن غيرهاء كما حذفت التاء فى حامل فى حاملة لتتميز عن الحاملة على كتفها كحاملة الحطب. وإن الآية واردة فى النساء القعود عن العمل فى البيت اللاتى لا يرجون نكاحاء أى لا يطمعن فى زواج؛ لأنهن من الكبر العاتى يجعلهن لا يرجونه» لهذه ناا تفسيرسورة النور ل 00 همل ب_ي؟ يي السن» ولأنهن فى حال لن يقبل الناس على الزواج منهن» وهذه الأوقات التى تكشف فيها عورات غيرهن» لا عيرة لها عندهن» ولا تعد هذه الأوقات عورات لهن» وليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن» أى يلقين عن أنفسهن ثيابهن» كالخمار ونحوه» مما يتستر به الشواب اللائى يطمع فيهن» ويرجون النكاح لأنهن فى سن الزواج» وليس معنى ذلك أن للقواعد أن يتجردن من الثياب» ويكن فى البيت عاريات» بل المراد أنهن يضعن بعض الثياب التى يثقل عليهن حملهاء ولذا كانت قراءة ابن مسعود (أن يضعن من ثيابهن)'١‏ أى بعض ثيابهن» والبعضية» وإن لم تكن (من) فى القراءات الأخريات ملاحظة فيهاء وهى مفهومة من سياق القول. وقد لاحظ الله تعالى فى القرآن ما يكون من بعض العجزة من رغبة شديدة فى الزينة ناسيات سنهن وما ينبغى لمثلهن» ولذا قال: #غير رجات بزينة» التبرج الظهور بالزينة» أى غير مظهرات الزينة» كأن الإسلام تسامح معهن فى الزينة» وإن لم تكن فى وقتهاء بيد أنه لم يرض لهن إكراما لهن بأن يظهرن بها. وقد فرض الله فيهن الرغبة فى الرجال» ولو كان وقتها قد فات» فقال: #وأن يستعففن حير لَهن» السين والتاء للطلب» والمعنى: وأن يطلبن العفة خير لهن» وفى هذا تنبيه كريم إلى ما ينبغى لهن من غير أن يؤذى إحساسهن» وفيه تذكر بما ينبغى» وبما يليق بهن فى رفق قول» وقد خحتم الله تعالى الآية بقوله: طواللّه سميع عليم», أى علم علما دقيقا هو علم من يسمعء وعليم» فهو محيط بكل شيء علما. التعاون فى الأسرة قال تعالى: 7 000 0000 مه > يسع ل لاعس حرج ولاعل الأعرح حَرَعوَلَاعلَالْمَريض كرح امأف حك و أزكا ملوأ )١(‏ (أن يضعن من ثيابهن) ليست من العشر المتواترة. 7 ل تفسيرسورة النور لل الل اللي ززعم ير يي اس فم نيرت ميس أ ل 0 2 م عر ع اسه وَبيوتٍ وَبَيُوتٍ تيص وب يود أ 3 > ده 1 م 00 98 28 5 5 ل بيط وبيوس مم وديوبى الحو ص 72 له دمت 0 إِدَا د حلت بويا ملْمواعآ ان فك هو- ونه أل مسد -ه ع 1 2< تللكت 0 1 ا درتت ره دحج ابر 2 امه آ# ا ها سيرت آلله رس 5 هذه الآية الكريمة واضحة فى بيان التعاون فى الأسرة فى المال وما توجبه. النفقات» وكأن مال الأسرة شركة بينهم» وإنها شركة يفرضها التعاون» وسد حاجة المحتاج» بحيث يعطى الغنى القادر من فضل ماله ما يسد حاجة الفقير العاجزء وكأنه يسد حاجة نفسه» وبذلك تكون القرابة والمودة هى الرابطة بين الناس لا النظم التى تسلب الغنى ملكيته» والنبى يك يقول: ”لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه2100, ولا يطمع الفقير فى مال لم يكسبه» فيكون أخذه إياه اغتصابا. وهذه الآية تقرر أمرين» هما ما يؤخذ بسبب القرابة من نفقة» وما يكون إباحة من ذى مال كصديق» أو رجل فاضل أعطاه مفاتحهء وعلى ذلك نقول: إن - الآية اشتملت على أمرين» أولهما: نفقة القريب» والثانى: الأخذ من مال قد أبيح 0 اج ا 0 ' 1 ١ )١(‏ جرء من حديث حجة الوداع كما رواه أحمد: أول مسئد البصريين- حديث عم أبى حرة الرقاشى 1917/5 ش ل ل تفسير سورة التور لل ااملللا لل الل جم للح ناة له. وشرط الأمرين أن يكون فقيرا عاجزا عن الكسب؛ ولذلك ابتدأت بذكر ما يومئ عن العجزء والفقرء وقد كان الأمر بالأخذ لا جناح فيه ولا إثم إشارة إلى أن الإعطاء مودة ورحمة» وتبادل لها بين المعطى والآخذء ونفى الجناح فيه إشارة إلى الاحتياج» بل الاضطرار. قال تعالى: ليس عَلَى الأعمئى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على الْمَرِيضٍ حرج24 أى ضيق أو إثم» وهذا فريق الفقراء العاجزين الذين يشترط فيهم مع الفقر العجز عن الكسبء ثم قال تعالى : ١‏ جزلا كنأك أن ترا مد ودف يوت آبائكم أو بيوت أُمهاتكم» ولم يذكر فى هذا العجزء بل ذكر مطلقا عن العجزء فهذا يدل على أن العجز ليس بشرط بالنسبة لأنفسكم» والجواب عن ذلك هو شرط بالنسبة للجميعء إلا من يعتبر ماله هو ماله كالب وولده والأم وولدهاء فقد قال عليه الصلاة والسلام: «أنت ومالك لأآبيك)210, «إأن تأكلوا من بيوتكم» ذكر البيوت مضافة إلى من يأخذ النفقة» فيه إشارة إلى تشابه بيت طالب النفقة والمطلوب منه» فهما كبيت واحد بالنسبة للمستحق للنفقة» إذ هو كبيته لما بينهما من قرابة أوجبت هذا التعاون. «أو بيوت آبائكم أو بيوت أُمُهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيرت أحَواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم» ويلاحظ هنا ملاحظتين : أولاهما: أن (أو) ليست للتخيير المجردء إنما هى تدل على الترتيب اللأقرب فالأقربء فالأول الآباء. فإن لم يكن فالأمهات بأن كان الآباء عاجزين» وهكذا يتوالى الوجوب الأقرب فالأقرب بشرط أن يكون قادرا على الإنفاق على نفسه وغيره. الثانية: أن هؤلاء الأقارب لوحظ أنهم أقارب ذوو رحم محرم منه تستحق النفقة» وبذلك اشترط الحنفية لاستحقاق النفقة على القريب أن يكون ذا رحم محرم منه» وعدوا الميراث مرجحا ولم يعدوه شرطا أساسياء بحيث لو كان قريبان أحدهما )١(‏ سبق تخريجه. 7 تفسيرسورة النور ا 2 ذو رحم محرم ووارث» يرجح على الآخر إذا كان ذا رحم محرم فقطء وإذا كان والحنابلة جعلوا الميراث أساس وجوب النفقة لقوله تعالى: «#وعلى الوارث مثل ذلك ... 429 [البقرة] ولأن الغنم بالغرم فإذا كان يستحق ميراثه إذا مات» فعليه هذه هى النفقة بين الأقارب» بقى بيان الآخذ من اللمال الذى يباح للعاجزء وقد ذكر سبحانه وتعالى حالين: الأولى: «اما ملكتم مُفاتحه», أى بتمكين من المالك. فإعطاؤه المفاتيح دليل على الإباحة ش الثانية: الصديق» فهو يأخذ نفقة من مال صديقه. وإن الأخذ فى هاتين الحالتين لا يكون بإلزام قضائى» إنما يكون بتبرع شخصى من المالك ذى الصلة الوثية شقةق سواء أكان نائبا عنهة فى إدارة أمواله, أم كان صديقا بينهما خلطة تجعل المحبة بينهما مالهما مشتركا وقد قال تعالى فى تأكيد معنى التعاون. وشركة الأسرة: ليس عليكم جناح أى: تأكلون جماعات وفرادي. وإن ذلك مظنة الدخول فى بيت من تكون النفقة منهء والاستتذان حيتذ واجب» ولذا قال تعالى: #فَإِذًا دَخَلتم بيوتا فَسلّموا علئ أنفسكم تحيّة من عند الله مباركة طيبة4 فالسلام هنا سلام استعذان» وقال: «علئ أنفسكم» , أى أن بعضكم من بعض» فهم أنتم وأنتم هم لتَحيّة4 مصدرء أى يحيى بهذا السلام «إنّحيّة من عند اللّه مباركة طَيْبَّة4, وكانت طمن عند اللّ» لأنه أمر بها ولأنها يحفها رضا الله وبركته» وطيبه . ا تفسير سورة النور ااال املللللل حي_م] هكدلك بين الله لَكُم الآيات َعَلّكُم تعقلُونَ». أى كهذا البيان الواضح المبين المرشد» بين الله تعالى لكم الآيات المتلوة» أى يأتى لكم بينة واضحة هادية مرشدة ِلَعلَكُمْ تعقلُود4» أى رجاء أن تعقلوا وتدركوا ما فيه خيركم وصلاح حالكمء وقيام جمعكم» والرجاء من العبدء أى أن الله تعالى قدم لكم ما يرجى به صلاح أموركم» واجتماع على الحق والهداية والتعاون الإيمان الحق قال تعالى: كه د ما و٠‏ وي 0 إِنَّمَاأَلْمُوٌممُو لذن ءام وأباه ورسولووإدًاكانوامعة: عمجا يخال تل نأي يسَمَرِ ويك 17 5 0 1 ل 70011 0 بض كأدب: كاد 1 ا 2 نيرك دن لمم سستت ور 0 عر لَه خَفُور يحم 0 أ لاتجعلوأ صا سوا ل لء سر رح ساح دعوم هو مكارت يسكع ك1 عأ بع ضسكم بعضاقد قديع لم الله ص هه ص و32 مورا م 2 م لل ا ل ل م 0 تدك لا 00 سروه 2 فت على عَذَاتُ رس له رأ كو 4 700 ره رح هه 0 لض كدينك يا نتم عليه وموم 1 و بماعماوا ود ع طم بربجعورت. ب إِليْهِفينتئهم واللَمبَحلسَنْ نوعلم ول تفسيرسورة النور ااال 0 ١: كا‎ | فى ١‏ ابتدأت السورة الكريمة بقوله تعالى: «صورة أَنلَاها وَفَرَضناهًا وأَنرلْنا فيها آياتٍ ينات لَعلْكُم تَدَكرُونَ 40 وأنزل سبحانه وتعالى ما يكون وقاية للأسر» من عقوبات للزناة» والذين يرمون المحصنات الأطهار» ويريدون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنواء وبينت أمرا أهم المسلمين جميعاء وهو حديث الإفك» ثم تكلمت فى نور الإيمان وظلمات الكفر» ثم تكلمت على عورات الأسرة فى داخلها وحماية آحادهاء وانتقلت السورة من حماية الأسرة إلى حماية الجماعة المؤمنة» وحمايتها بطاعة رسول الله وَكِلٍ حياء وطاعة الإمام العادل الذى يخلفه بشورى المؤمنين» واختبارهم من بعده» فقال تعالى: لإنمَا المؤمنون اين آمنوا باللّه ورسُوله وإذَا كَانوا مَعَهُ على أَمْر جام لم يَدهَبُوا حتَى يستَأذنُوه» . «إِنّمَا4ِ هنا أداة قصرء أى أن المؤمنين حقا وصدقا وحدهم دون غيرهم هم الذين يؤمنون بالله ورسوله؛ إيمان إذعان وتسليم» لا إسلام تردد أو تمرد» كضعاف الإيمان المنافقين الذين فى قلوبهم مرض النفاق وهو أشد أمراض القلوب» بل إنه داؤها الدوى» وأن يكون فى حال تظلهم» ولا يخرجون عنهاء وهذه الحال التى عبر عنها سبحانه بقوله طوإذًا كانوا معه علَى أَمْر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه» . أى إذا كانوا مع الرسول على أمر جامع لهم كشورى فى مصلحة تهم المؤمنين» أو دفع ضرر يعمهم إن وقع» أو مداهمة عدو يغير عليهم, أو الخروج لغزوات اضطرت الأحوال للخروج إليها كغزوة تبوك أو نحو ذلك» يجتمعون حوله مبادلة النظرء ثم يذهبون إليه مجتمعين على كلمة الحق وأمر الرسول» وقد عبر الله تعالى عن ذلك بقوله: لم يَذَهَبوا حَتّىْ يَستَأذنوة4. فإن هذا الكلام يتضمن اجتماعهم» كأنه مطوى كلمة اججتمعواء ويكون سياق الكلام» ولكلام الله تعالى المثل الأعلى: وإذا كانوا معه على أمر جامع ودعاهم اجتمعوا له» ولم يذهبوا حتى يستأذنوه» أى يدخلون فى الأمر الجامع مجتمعين غير متفرقين» وقوله تعالى: طلم ل ل تفسسير سورة النور لل يذهبوا4 «لم» لنفى الماضي» وهذا دليل على أنهم اجتمعوا معه. فهو عطف نفى فى الماضى على اجتماع قبله . وما حدود الأمر الجامع؟ حاول أن يضبطه القرطبى فقال نقلا من بعض الأقوال: المراد به ما للإمام من حاجة إلى جمع الناس لإذاعة مصلحة من إقامة سنة فى الدين» أو لترهيب عدو باجتماعهم» وللحروب» قال تعالى: «وشاورهم في الأمرٍ ... 4629 [آل عمران] فإذا كان أمر يشملهم نفعه وضره جمعهم للتشاور فى ذلك( . وخلاصة هذا القول والأقوال التى ساقها من بعد أن يكون أمرا عاما يجمعهم ليتشاور فيه معهمء إذ يكون له أثر فى الناس من بعد» ولعلاج حال قائمة» وإن النبى يِه كان يفعل ذلك كما شاورهم فى غزوة أحدء وفى غزوة الخندق وكما جمعهم لغزوة تبوك. وكان خلفاؤه كذلك من بعده» فجمعهم أبو بكر لمقاومة الردة» وجمعهم عمر لتقسيم الأراضى بين الغزاة» أو بقائها تحت يد ولى الأمر العادل؛ وكما جمعهم لاستشارتهم فى خروجه بشخصه إلى الحرب» إذ تكاثر الفرس على المؤمنين» فأرادوا أن يخرج إليهم» فجمعهمء ونهاه على» وبرأيه أخذ المجتمعون رضى الله عنهم أجمعين» وإن الاستئذان لا ينقص الإيمان» ولذا قال: «فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فَأذَن لمن شئت منهم» الفاء للإفصاح «إلبعض شأنهم» بعض أحوالهم الخاصة بهم التى يجدون حرجا عليهم فى أن يذهبوا مع الغزاة أو يستمروا مع المجتمعين لأمر ما: 9فَأذن لمن شكت منهم» الفاء واقعة فى جواب لم شنت مه ولا يشاء رسول الله يَلكِةّ» والإمام العادل من بعده إلا ما هو خير ومصلحة» فيكون الإذن لمن لا يضر الإذن له» ولمن يعلم حاجته إلى التخلف, ولمن يعلم صدقهء ومن يأذن له يطلب الغفران لهء ولذا قال تعالى: #واستغفر لهم# السين والتاء للطلب أى اطلب .577١ /1١7:نآرقلا الجامع لأحكام‎ )١( .م تفسيرسورة النور يلال ا 1 25252511 السب ا المغفرة لهم» وظاهر النص أن طلب الغفران لمن أذن لهمء وذلك يومئ إلى أنه كان الأولى بقاؤهم مع المجتمعين على أمر يصح أن نقول: إن طلب الغفران لهم جميعاء ليكونوا جميعا فى رحمة الله تعالى» وقد ختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى : ون الله غَفورٌ رحيم» غفور يغفر الذنوب جميعا مع التوبة النصوح» فهو التواب الذى يقبل من عباده التوبة» وهو رحيم» والرحمة صفة من صفاته جل وعزء رحمهم بما بين لهم من شرائع منظمة لجموعهمء وحاكمة بينهم» ورحيم بغفرانه لما يجترحون من سيئات» ويتوبون بعد من قريب. وقد بين الله سبحانه أدب الاجتماع مع الرسول فى الآمر الجامع. فقال عز من قائل : إلا تجعلُوا دعاء الرّسُول بتكم كدعا يضم بَعْضنا قد يعلمْ اله الذينيتَسكنُونَ مدكم لواذا فَليَحَدَر اين يُحَالفُون عَن مره أن تصيبهم فنة أو يُصببهُمْ عَذَاب أَلِيمٌ 49 . هذه الآية لبيان الحال الذى يجتمع فيه المؤمنون فى «أمر جامع», وصفغه الزمخشرى بقوله «أنه خطب جليل لابد لرسول الله يَكِ فيه من ذوى رأى وقوة يظاهرونه عليه» ويعاونونه» ويستضىء بآرائهم ومعارفهم» وتجاربهم فى كفايته)( . وإنه فى هذا الاجتماع يجب أن تلاحظ مكانة النبى كه فلا يخاطب كما يخاطب أى شخصء والدعاء: النداء» وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله, أى لا تنادوا الرسول كما ينادى بعضكم بعضاء واعرفوا حق الاجتماع من أدب القول» واجتماع القلوب» فلا ينفر أحدكمء ولا يتجانف» واعرفوا حق الاجتماع . ثم قال تعالى: «قد بعلم الله الّذين يعَسلَلُونَ منكم لواذا» «قد». للتحقيق» و«قد» لاا تنستعمل فى القرآن إلا لتتحقيق» ولا تستعمل للتقليل ولا التكثيرء وخصوصا بالنسبة لعلم الله تعالى» (يتسللون)» معناها يخرجون متدرجين فى الخروج واحدا بعد آخرء فهم يخرجون قليلا «لراذا4, أى يلوذ بعضهم ببعض» .7// /7 : الكشاف للزمحشرى‎ )١( تفسيرسورة النور الملل ير بإب ورا يي" حتى يتكائر جمعهمء وأولئك هم المنافقون الذين يشق عليهم اجتماع المؤمنين» ويشتد ليله > كلما دام يتبادلون الأمر فيما بينهم» ولذلك كان أشق الأيام عليهم يوم ا جمعة. يجتمع المؤمنون فى المسجد يتشاورون فى أمورهم الحاضرة والقابلة . ثم قال تعالى : طفَْيحَذَر الّذينَ يحَالفُونَ عن أُمره» الفاء للإفصاح» وهى تومئ إلى شرط مقدر» واللام للأمرء والأمر بالحذر يوجب العمل على الوقاية من شر المخالفة» والضمير فى «(أمره» يعود إلى النبى عد والمعنى ليحذر الذين يخالفون رسول الله يكهُ صادين عن أمره إن تُصيبهم فته أو يصيبهم عَذَابِ أليم» . الفتنة هى اضطراب وانحلال الجماعة وتفرقهاء والعذاب الأليم هو عذاب يوم القيامة. فمخالفة الرسول فى الأمر الجامع تؤدى إما إلى فتنة مردية» ولا يكون ذلك فى حياة الرسول» بل يحتمل أن يكون فى الأئمة من بعده كما كانت الفتنة فى عهد الإمام عثمانء والإمام على رضى الله عنهماء وانفلت الأمر إلى معاوية فكان ملكا عضوضا. والعذاب الأليم للمنافقين الذين يفرقون فى الجماعة» ويشيعون عدم القشقة والفساد» يستقبلهم يوم القيامة كما يستقبل كل الكفارء مع ملاحظة أن النفاق ذاته عذاب لذوى النفوس المدركة؛ لأن المنافق يكون مضطربا دائما بين ما يخفيه وما يظهره» وما يناله» ولقد قال يكل فى بيان حال المنافق: «مثل المنافق كمثل الشاأة الجائرة بين غنمين لا تدرى إلى أيهما تذهب» وهذا عذاب نفسى أليم. لقد ذكرهم سبحانه بسلطانه فى السموات والأرض» وأن المآل إليه فقال: (آلا إن لله ما في السّموات والأرض قَد بعلم ما أنعم عليه ويوم يرجعون ليه بهم بما عمُوا والله بل شيء عليم 468 . أكد الله سبحانه وتعالى ملكيته لكل ما فى السموات من نجوم وكواكب» وبروج مشيدة» وغيرهاء وما فى الأرض من إنس وجن» وجبال ووهاد» وما فى باطنها من معادن جامدة وسائلة» وفلزات» وما فيها من بحار»ء فيها أحياء تشير العجب من إبداع الخلق والتكوين. الل تفسيرسورة النور للا ل حب اه وكان الله تعالى يملكها ملكية مطلقة؛ لأنه خالقهاء ومبدعهاء وهو يعلم كل ما خلق #ألا يعلم من خَلَقَ ... 49 [الملك] . قد يعلم ما أنتم عليه (قد) للتحقيق والتأكيد كما هى فى القرآن دائماء وهذا فيه تبشير وترهيب» فهو يعلم ما أنتم عليه من خير وشرء وما تعتزمون» وما تعلنون به» فلا تخفى عليه خافية من أموركم» وهو مجازيكم بما يعلم وما تعملون. «(ويوم يرجعون إِلَيه يهم بما عَملُوا» . الفاء فى قوله تعالى كفاء جواب الشرطه وكفاء الصلة» ويوم يرجعون ينبعهم التنبىء والإخبار بالشئون الخطيرة» وأى خطر أعظم من حساب يوم القيامة عما عملوا فى الدنيا وجزائهم عليه من نعيم أو جحيم. والتنبىء بما عملواء جعله حاضرا بين أيديهم. ويجزون عليه جزاء وفاقاء وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: «والله بكل شيء عليم» لا يخفى عليه شيء فى الأرض ولا فى السماء. هذه السورة مكية إلا ثلاث آيات هى أرقام لمك فشتكم للوىل وعدد آياتها سبع وسبعون أية. سميت سور الفرقان؛ لأنها اتدأت بذكر تنزيل القرآن على عبدهء فقال تعالى : تَبَارَكَ الذي نَل الُرْقَانَ عَلَى عَبّده ليكوت للعَالمينَ تذيرا 00 4 ٠‏ ووصف ذاته العلية بأنه الذى له ملك السموات والأرض» ولم يكن له شريك فى الملك وخلق كل شىء فقدره تقديراء ثم ذكر شرك المشركين الذين اتخذوا مع الله آلهة لا يَخَلُقون» وهم يَخْلَقَون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعاء ولا موتاء ولا حياةٍ ولا نشوراء وأنكروا القرآن الكريم مع عجزهم عن أن يأتوا بمثله» وقالوا: هذ إلا فك افعراهُ وأعَائَه عليه قوم آخَرَونَ فَقَد جَاءُوا ظلما وَزُورا 0©) ب وَقَانُوا ساي لين ابا فهِي تملئ عليه بَكْرَة وأصيلاً 2 4 . ورد الله سبحانه وتعالى بقوله :قل أنه الذي يَعلّم امسر في السّموات والأرض إِنّه كَانَ غَفُورا رَحيمًا 400 وتحدثوا فى جدلهم بالنبى وأنكروا أن يكون الرسول يك من البشر: (١‏ وقَاُوا ما لهذا الرسول يَأْكُل الطَّعَام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إلَيْه ملك فيكو مَعَهُ ديرا 9 ص أ يلقَئ ننه أوْتَكُونُ لَه جه يكل منْهًا وقال الظالمُونَ إن عون إلا رجلا مُسحورا 402 . وقد رد سبحانه افتراءاتهم فقال : « انظ كَيْفَ صَرِبُوا لَك الْأَمثَالَ فَضّنُوا قَلا 9 0# تفسير سورة الفرقان 11 اااااامخ ممم نما ممم لمللااااالااللالالا ناتللا لالل ططخ خخخ اللالللاللاال لمم خخسطسسطسطس مط خخلط ااال ل لاخلخلا خخطنطخخخخخخخااانطاسسسطططت لح ا بعد ذلك بين الله سبحانه وتعالى قدرته بالنسبة لرسوله» فقال: 9 تبارك الذي إن شاء جعل لَك حيرا مّن ذلك جنّاتٍتَجْرِي من تَحتها الأْهارُ ويَجْعل لك قُصُورا 9 بل كبوا بالساعة وأععَدنا لمن كب بالساعة مَعيرا 09 إِذَا رُم من مان بعيدٍ 3 0 سمعوا لها تيا وؤفيرا 09 وإذاأَُوا منها مكنا ضبق رين دعا هناك يورا 9 4, ويقال حيتئذ « لا تدعوا الوم تبُورًا واحدا وادعوا توا كيرا 9) 09 4. وقد وازنت الآيات الكريمات بين نعيم المسقين» وعذاب الكافرين: «قل أذلك خير أم جه الخد عي وعد الْمتقُون كانت لَهُمْ جرَاء ومَصيرا 69 لَهُمْ فيهاما يشَاءون خَالدينَ كَانَ عل رَبك وَعْدا مُستُولاً د 4 . ثم ذكر سبحانه وتعالى حالهم يوم : «إويوم يحشرهم وما يعبدون من دون له يول أن أسلكم ادي مزلأ م أو اسيل © قو ساك ما كن يي نا أن نخد من دونك من أَولياء ولكن مهم وآبءَهُم حتئ نَسُوا الذكر وَكَانُوا قم بور 69 ققد كذبوكم بمًا ة تقولون فَما تَسمَطيعُونَ صرقًا ولا تصرا ومن يُظلم سَكُم تُذقَه عَذَابَ كبيرا 09 4 . وقد بين سبحانه وتعالى أن المرسلين جميعا كانوا يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق فقال عز من قائل : طإوما أرسلنا فبك من المرسلين إلا إِنّهِم يأو العام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتن أَتصبرونَ وكات ربك بُصيرا (©40 . وقد ذكر سبحانه أنهم كانوا يريدون ملائكة : « وقال الّذين لا يرجوت لقاءنا أولا أن علينا الملائكة أو تر ريا قد اكوا في أنفسهم وتوا عا برا 9 يوم يرون الملائكة لا بشرئ دن يومئذ للمجرمين ويقولون حجر محُجورا 69 4 . وقد بين سبحانه أن أعمالهم باطلة فقال: «( وقدمنا إلى ما عملوا من عَمَّلٍ فَجِعَلناه باء سخُورا 0 أَصْحَاب الْجنة ومع خَيْرَ مستا وأَحْسنْ مُقيلاً 9 4 وقد ذكرهم سبحانه بما يكون يوم البعث» ويوم تَشَقّق السّمَاء بالْعَمَام ونُرَلَ الْمَلائكَة تتزيلاً 2 4 . / تفسبير سور ةا لفر»ٌ قان 000 4 كاه : ني وإنه بعد البعث السلطان ظاهرا وباطنا لله تعالى وحده: « الملك يومد الحق للحم وكان يوم على الاين عسيرا (57) ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليسي انَحَدْتَ مَعْ الرّسُول سبيلاً 69 يا ويل ليسي لَم أَنَخَذْ فلانا خليلا 0 لَقَدَ أَضلّي عن الذَكر بعد إذْ جاءني وَكَان الشيطَان للإنسّان حَذُولاً 9© 4 . بعد ذلك ذكر الله سبحانه وتعالى موقف الرسول من هؤلاء الكافرين طوَقَالَ الرَسُول يَا رَبْإِنّ قَوْمِي انَحَدُوا هذَا القرآن مهجورا 60 © ويبين سبحانه أنه يجعل لكل نبى عدوا من المجرمين : «إ وكذلك جَعَلْنا لكل نبي عدوا من المجرمين وَكَفَئ برك هاديا وتصيرا 69 6 . ولقد كان المشركون لا يؤمنون بالقرآن؛ ولكنهم يثيرون الشكوك حوله ظ وَقَال الّذين كفروا ولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة 4 وقد بين أن ذلك لتثبيته فى القلوب» ولإنزاله مرتلاء وتحفيظه مرتلاء ولذا قال تعالى : « كَذَلك لشَبّت به ُوَادَكَ ورثَلَاهُ رتبلا 69 ولا يوك بمثل إلا جئتاك بالْحق وأَحَسن تفسيرا 9) © 4 وقد ذكر سبحانه أوصافهم عند الحشر اين يُحْشرُونَ على وجُوههم إل جهنم أوليك شر مكَانَا وَأضَل سبيلاً 9 4 . علب هر مومسم وقد أشار سبحانه إلى بعض قصص موسى وهارون: « ولقد آتَينَا موسى اكاب رعق عه أضة هزد ويا © فقذا ذا إلى لقو اين كيو وذكر سبحانه من قصة نوح» وإغراق الكافرين من قومهء وقال ظ وَجَعلَاهُم نأ بلقاي عدن ب و راد وود وأمشحاب ال كرون ذلك كثيرا 29 وكلاً ضربنا لَه الأمغال وكلاً نينا تغبيرا 9 4 وقد بين سبحانه بعد أنهم أتوا على القرية التى أمطرت مطر السوءء أفلم يكونوا يرونهاء بل كانوا لا يرجون نشوراء وبين سبحانه سوء معاملة المشركين للنبى كك فقال: 9 وإِذا روك إن يَتَحدُونَك إلا هزوا أَهدَا الذي بَعث اللّهُ رسولاً 69 إن كاد لمِضْلََا عن آلهتنا ولا أن #١‏ تفسير سورة الفرقان لاملل لوال ااال لكلل ا 1 يي صبرنا عليه وَسَوف يعلَمُون حين يرون العَذَاب من أَصْل سَبيلاً 9 4: ولقد ذكر سبحانه أن دينهم أهراءهم ) فقال ٍأَرأيتَ من اند هه هواه أقأنت تكون عليه وكيلا 69 أَم تحسب أن أكثرهم يسمَعِون أو يعقلُون إن هم إلا كَالأَنْعَام بل هم أَضْل سَبيلاً 69 #. وبين الله تعالى من بعد مظاهر الإبداع فى خلقه وتكوينه : 9 أَلّم تر إِلَى ربك كيف مد الظّل ولو شاءً لَجِعلَه ساكنا ثم علا الشّمس عَلَيّه دليلاً 62 تُمْ فمَضناه ينا با يُسيرًا 9 وهر الذي عل كم لْلََاسا الوم با َمل اوور 9 وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رَحَمّته وأنزلنا من السّمَاء مَاء طَهُورا 62 4 وبين الله تعالى إنذاره لخلقه «( ولو شئنا لعشا في كل قَرية ديرا © قلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا 69 4 . م بين سبحانه الإبداع فى خلقه ا وهو الذي مرج البحرين هذا عدب فرات وهذَا ملح أُجَاجٍ وجعل بينهما بَرَرَحًا وحجرا مُحجورًاً 9© 4. ثم أشار سبحانه إلى الإبداع فى تناسل الإنسان» وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا . ومع هذا الإحكام فى الخلق» والإبداع فيه ويعبدون من دون اللَّه مالا ينفعهم ولا يضرهم كان الْكَافِرَ علَئ ربّه ظهيرا 62 4 . وبين سبحانه مقام محمد كَلِلِ فى الرسالة وواجبه فقال : وما أرسلتاك إلا مبَشرا وتذيرا 65 قل ما أسألكم عَلَيّه من أجر إلا من شَاء أن يتَخذ إلَئ ربّه سبيلاً 9 وتوكل على الح الذي لا يموت وسبّح بحمده وكقى به بأذئوب عباده خبيرا © 9 الذي خلق السّموات والأرض وما بينهما في سّة أَيَامِ ‏ ثم استوئ على العرش الرَحَمَن فَاسئَل به حبرا 29 وذ قبل لهم امسْجدُوا ارحس قاوا وما الحسنأَنَسمه لمَا أمرنا ووادهم نفورا 9 تبارك الذي جعل في السّماء بروجا وَجَعَلَ فيهًا راجا وَقَمَرا منيرا 59 وهو الذي جَعل اليل وَالتّهَارَ خلقة لمن أَرَاد أن يذَكْر أو أَرَادٌ شكُورا 69 4 . ووصف سبحانه بعد ذلك عباد الرحمن» « وعباد الرَحَمَن الذي يمُشُون عَلَى 1# تفسير سورة الفرقان الل لحر اا الأَرضٍ هونا وَذَا حَاطْبَهمْ الَْاهنُونَ فَانُوا سَلامًا 09 والّذين يون لريهم سَجّدا وقياما 9 والِّين يقولون ربنا اصرف عنًا عَذَاب جَهِنّم إن عَذابهَا كَانَ غَرامًا 2ك إِنّهَا ساءت مُستَقرَا ومقَامَا 69 وَالّينَإِذا أَنقَهُوا لم يسرقُوا ولم قروا وَكَان بين ذلك قَواما ادن لا يدعو مع اله ها آحَر ولا ُو ال لحي حرم الله إل الح ولا يزنون وَمَن يَفعلَ ذلك يَلّْقَأنَاما م يُضاعف لَه العذاب يوم القيامة ويَخلد فيه مهانا ‏ © إِلأَّمن اب وآمَن وَعَمِلَ عَمَّلا الحا ولك يِل الله يهم حَسنَاتٍ وكا اله عورا رحيما 9 ومن تاب وَعَمِل صَالحا فَإِنَهُ يوب إِلَى الله معَابًا 690 والذين لا يَشْهَدُونَ الزور وإذا ُو بال موا كرام 29 والْذين ذا كرو بات بهم ميخو ها صما وين © والَذينَ يَقُونُون ريا َب لا من أَزوَاجنا ودْرِيَاتَا قر أعْين وَاجِعَلْنا للْمَتقينَ إمَامًا 62 #4 . ع هاس ه وقد بين الله جزاء من يتصفون بهذه الصفات «أولك يجزون الغرقة بما لودل صبَروا ويقُنَ فيا تَحيّة وَسَلامًا 52) خَالدِينَ فيها حسمت مستقرا ومقاما 679 (0/5 © قل ما يعبَا بكم ري لولا دعاق كم ققد كذيئم فُسوف يكُون لاما 070 00 4 . 8# تفسير سورة الفرقان ااا 0 معاتى السورة بَاركَ لى راان عبد ليكوللعلَمِيت ددرا 2 الى همك لسوت وَالْار ضٍ وَل رييحِذْوَكَدًا 7 يكنا 4 2008 حل لتقي رصه -خي ه رو لوه ودع مه وأتخذوأمن دونيةءالهَةٌ ليلقو عَيَاوَفلثُون 201011111111011 ولح ولا شونا يي لكأن مد لَفكُ 2 و رةه عل -ه خط ل سل و و عو 70 أفترينة وأعانه عه قوم اود / يجفقدجاءوظلماوزودا ع سس ل وح و نيا وَقَالوا سيا اريت أَكْبَبَهَاءً فعىتملل كه كر ويلا 2 آم رىيسل هلي ى عع فيلس ملوات نت وَالارْضِإِنَّه كاد عَنُووَابي ( « تبارك الذي تل الْفرقان4 أصل اتَبَارَكَ 4 من البرك وهو صدر البعير» ثم صارت البركة تطلق على كل خير ملازم ثابت» ومنه البركة بكسر الباء تطلق على الماء الثابت» والماء فى ذاته بركة وخير . وتبارك - معناها التنبيه على ما فى القرآن من خير لا زم مستمرء لا تبلى جدته أبداء فالبركة فى القرآن» ونسبتها إلى الله تعالى لأنه مصدرهاء وموجدهاء فالله تعالى تسامت بركته بإنزال القرآن لعباده» وتعريفهم بما اشتمل عليه من بيان العقائد والأحكام . لاا تفسبير سيور: ةا لفره قان الل اللا > ا و«إعبده4 هو محمد يِه فالله تعالت كلماته أنزل القرآن على عبده ليبلغه لعباده من العالمين» وليكون نذيراء أى منذرا مبيناء وهو بشير ونذير» ولكن ذكر النذير فقط لأن كثرة الذين تلقوه كانوا مستحقين للعذاب» إذا استمروا فى غيهم وضلالهم» ولذلك ذكر الإنذار» وترك التبشير للآيات الأخرى من غير إهمال فهو الجانب الأحب فى ذاته. والفرقان هو القرآن» وسمى الفرقان لأنه فارق بين الحق والباطل» والهداية والضلال؛ والعدل والظلم؛ ولأنه نزل مفرقا منجماء كما قال تعالى: فإ وقرآنا فَرقنَاه لتقرأه على الّاس عَلَئ مكث .. 69 4 [ الإسراء ] » وذكر الزمخشرى أن القرآن سمى فرقانا لتفرقته بين الحق والباطل» أو لأنه نزل مفرقاء وأرى أنه لا مانع من الجمع ففيه الأمران فهو مبين للحق والشريعة» وقد نزل مفرقاء فهما ليسا وجهين مختلفين» بل فيه الأمران. و (العالمون) العقلاء من الجن والإنس المكلفون أحكامهء والمطالبون بتنفيذها . وبعد أن أشار سبحانه إلى بركته وخيره» ونمائه» شرفه بمنزله» وهو الله خالق السموات والأرض فقال: الذي لَه ملك السّموات والأرضٍ ولم يتَخَد ولّدا ولم يكن لَه شرِيك في الْملّك وَخَلق كل شيء فَقَدْرَه تقديرا 0 4 . هذا شرف للقرآن ناله» من أن منزله هو منشئ هذا الكون الذى لا يشبه أحدا من الحوادث؛ ولا يشبهه شىء فى الوجودء الذي » بدل أو عطف بيان للذى الأولى فى قوله تعالى : 8 الذي نَرَلَ الْمَرقَاَ على عبده ليكون 4 وذكر هذا بعد ذكر إنزال القرآن للدلالة أولا على شرف القرآن بإضافته إلى من له الملك فى السموات والأرض» ويبين أن إنزال القرآن من تدبير صاحب الملك لملكه. لإصلاح عباده وإرشادهم به. (/#اا تفسبير سورة الفرقان 14 لاا 00 بالج _-: يي والملك هو السلطان وهو مطلق لله تعالى لا سلطان لغيرهء وهو قَيْم السموات والأرض» فالنجوم لا تسير إلا بسلطانه» وكل ما فيها من شمس وقمرء ونجوم مسخرات بأمره وحده. وكذلك الأرضون» كل ما فيها من جبال ووهاد وبحار ونجاد وحيوان وجماد ومعادن وفلزات وغيرها كله مسخر بأمره. وصف الله سبحانه ذاته العلية بصفتين سلبيتين» وصفة إيجابية تدل على إثبات السلب» الأولى قوله تعالى: 9 ولَم يتَحْذَ ولّدا 4. وذلك رد على النصارى الذين ادعوا أن عيسى ابن الله وعلى الهنود والبوذيين الذين أخذ منهم النصارى هذه النحلة» وعلى الذين يعبدون الملائكة» ويقولون إنهم بنات الله تعالى. وقوله تعالى: «ولم يكَخدَ ولّدا4 أى لم يجعل له من بين خلقه من يتخذه عونا ونصيراء والنفى بهذه الصفة يحمل فى نفسه بطلان الاتخاذء لأن الاتخاذ يدل على الحاجة» والله تعالى لا يحتاج لأحد من خلقه 98 يا أيُها الئاس أنتم الفقراء إِلَى اللّه والله هو الْعَنيْ الْحَمِيدٌ 62 » [فاطر] . الصفة السلبية الثانية قوله تعالى: ولم يكن له شريك في الملك 4 هذا نفى مطلق» لأنه لو كان له شريك فى الملك ما استقام الكون» كما قال تعالى: 8 لو كَانَ فيهما آلهة إلا الله َمَسدا فَسبَحَان اللّه رب اعرش عَم يَصفُونَ 70 4 [الأنبياء] . الصفة الثالثة وهى الإيجابية» وتتضمن فى معناها برهان السلب فى لسلبيشين» وقد بينها سبحانه بقوله تعالى «وَخَلقَ كل شي فَفَدرَه دير 4: أى أنشأ كل شىء إنشاء مقدرا بإحكام. هو تقدير العزيز العليم» فالسماء ذات بروج» والمطر ينزل ففينبت الزرع» والحيوان يأكل مما تنبت الأرض» وهكذا يسير الكون بقدرة الله العلى القدير» وتتفاعل الأشياء بعضها من بعض بإرادة الله تعالى العزيز الحكيم . ومع هذا تضل العقول فى معرفة الله تعالى» وفى الخضوع له وفى عبادته» فقال: ##ا تفسير سورة الفرقان | مام الل 614١‏ حب ا ٍوَانّحدُوا من دونه آهل يلون شين وهم يون ولا يَملكُونَ لأنفسهم ضرا ولا نَقَا ولا يمَلَكُونَ مَوْنَا ولا حياة ولا نشورا 6 . ومع أن الله الذى لق السموات والأرض وصاحب السلطان المطلق» وخلق كل شىء فقدره تقديرا فَجْرَ المشركون وجحدوا واتخذوا من دونه» من غيره ما هو دون فى ذاته آلهة» وسميك الأحجار آلهة على زعمهم لأنهم يعبدونها من دون الله سبحانه وتعالى. والضمير| فى «وَانَّحَدُوا4 يعود على المشركين» لأنهم حاضرون فى مواجهة النبى وَكاك. ومعنى اتخذوا من ادونه آلهة أنهم آثروا على عبادة اللّه عبادة آلهة عاجزة؛ وهذا الاتخاذ إفك مبين كقوله تعالى: طإِنمَا تعبدُونَ من دون الله ناا وتَحلْفُونَ إفكا .. 469 [العنكبوت]» فالحجارة ليست آلهة» ولكنهم خلقوا إفكا فسموها آلهة؛ وقد خلقوا إفكا من ناحية تسميتها آلهة» وهم يصنعونها بأيديهم» فتكون الصناعة على أنها آلهة إفك» وانتخال اسم الآلهة لها إفك أيضًا. وقابل سبحانه بين الهداية والضلال» فالهداية عبادة الله» والضلال عبادة هذه الأحجارء فذكر أن الله خالق وأن هذه الآلهة لا تخلق شيئاء وهى فى ذاتها مخلوقة» فقال : «الا يَخْلقُونَ شيئا وهم يخلقون4 وأعاد الضمير عليها بضمير ما يفعل مسايرة للذين يعبدونها افتراء على أنفسهم وفوق أن هذه الالمجار مخلوقة لا تملك ضرا ولا نفعاء فهى لا قدرة لها على شىء ضار أو نافع»| وعبّادها أقدر منها » وبين سبحانه وتعالى أنها على حال جامدة مستمرة لا تحيى ولا تميت» ولا تبعث ولا تنشرء فهى خالية من أى صفة من صفات الإله المعبود» | وقال سبحانه: « ولا يَمْلَكُونَ مْنَا ولا حيَاةَ ولا نشورا © إن هذه الآلهة لا تستطيع دفع ضررء ولا جلب نفع ولذا قال سبحانه وتعالى فى وصفها « ولا يَملَكُونَ لأنفْسهم ضرا ولا نَقعا ولا ملكو مون ولا حيَّاة ولا نشورا 4 . قال سبحانه: «لا يَمْلَكُونَ ونا ولا حَيّاة ولا نشورا © ولم يقل لا تميت ولا مني يي لاا ههه < تي ١‏ تحبى ولا تبعث؛ للإشارة إلى أنها ليست ميتة ولا حية فى نفسهاء ولا تبعث ولا تنشرء فهى لا تملك الحياة لنفسهاء فلا تملكها لغيرهاء فهى جامدة ليست لها حياة» ولا تحيى» وهى لا تسمى ميتة؛ لأن الموت إنما يكون لحى» ولا تملك نشوراء فلا تنشر؛ لأن البعث والنشور للأحياء الذين يحاسبون» ويلقون فى الجحيم» أو يجزون بالنعيم. هذه حال المشركين فى عبادتهم وأوهامهم» وقد جاءهم القرآن بالبركة الروحية والنماء المعنوى فهل اهتدوا بهديه ! ' « وقال الذين كَفَروا إن هذا إل فك ااه وأعَائَهُ َيه قَوْم آخَرُونَ فَقَدْجَاءُوا ظَلَمَا وزورا 4 . وقد أظهر هناء ولم يذكر الضمير مجردا كالآية السابقة؛ لبيان أن الصلة هى السبب فى هذا القول. فالقرآن لم يكن إفكا فى ذاته» فقد تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا وببعضه فعجزواء وبأن يأتوا بسورة من مثله فعجزواء وحصروه فى الإفك فلم يقولوا: إفك بل يحصرونه فى الإفك فى قولهم إن هذا إلا إفك افتراه وأعاته عليه قوم آخَرون 4 (إن) هنا نافية فهنا نفى وإيجاب» أى ما هذا إلا إفك افتراه» أى كذب قصد إلى افترائه؛ وقد أوغلوا فى الادعاء البهات الكذب فقالوا: 9 وأعانه عليه قوم آخَرُون © والقوم الآخرون هم ناس كانوا من الروم بمكة. وقد قال تعالى فى رد كلامهم : (إ سان الذي يلحدود نيه أَعْجَمِي وَهَدَا سا عَربِي' مين 6 » [النحل]» وقد وصف الله تعالى فعلهم بقوله: لإ قَقَد جاءوا ظَلْمَا وزورًا 4 (جاءوا) بمعنى أتواء فيقال جئت المكان وأتيته. الفاء للوفصاحء أى فقد أتوا ظلما بهذا القول» لأنه كفر وشركء 99 .. إن الشرك لَظُلْمِ عظيم 69 4 [لقمان]ء (وزور) أى كذب يبهت السامع لأنه غريب فى أنه لا أصل له» وقد نكّر - ظلما وزورا - للوشارة إلى عظمة هذاء وكبر هذا الزورء إذ إنه غير معقول فى ذاته بالنسبة لمحمد يكِْهٌ إذ عاش بينهم أربعين سنة قبل الرسالة» واشتهر بالصدق والأمانة» حتى كان الأمين» وقد قال تعالى حكاية. / 2 لمسشبير سورة الفرقان ل ل و 0 2 حر ا « وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملئ عليه بكرة وأصيلا 4 . الفمير يعود إلى المشركين الذين اتخذوا مع الله آلهة أخرى؛ لأنهم حاضرون فى ذهن أهل الإيمان دائما بجدالهم المستمرء وعنادهم وملاحاتهم للنبى كل « أساطير الأولين» جمع أسطورة» كما قال الزجاج» وهو أخبار السابقين التى تذكر عنهم فى السمر والمجالس» وليس لها أصل صحيح. إنما تكون لتزجية الفراغ» وهذا فيه سخرية بالقرآن واستهانة به» وبث الاستهانة عند القارئين له والسامعين 9 اكتتبها 4 هذه صيغة الافتعال من الكتابة» أى كتبها وجود كتابتهاء وهذا كلام يحتمله معنى اكتتبهاء وقيل إن معناها أنه طلب كتابتها من غيره» لأنه أمى لا يقرأ ولا يكتب 9 فهي تملئ عَلَيه 4. أى تلقى عليه ليكتبهاء أو يقرؤها عليه من يكتبهاء وأصل تملى تملل قلبت اللام الثانية ياء. وعلى أى حال يملل ويملى بمعلى واحدء وهما مترادفان. وهؤلاء الكافرون لفرط استهانتهم افتروا على النبى كَكلْهْ ثلاثة أمور: أولها- أنه إفك مفترى» وقد ذكره سبحانه فى الآية السابقة. والثانية- أنه أساطير الأولين» وأحاديثهم المفتراة . والثالثة- أنها تملى عليه فيكتبهاء أو تملى على النبى كيَِهِ إملاءء» فيحفظها. وقبل أن نتتهى من القول فى هذه الآية نقول: إن الراغب الأصفهانى فى مفرداته قال: إن اكتتب تكون لكتابة ما هو مختلق لا أصل له فتكون فى كلمة اكنتب اتهام رابع بالافتراء والاختلاق» ومعنى بكرة وأصيلاء أى فى الغدوة والأصيل» أى أنه يملى عليه طول النهار فى أوله وآخره» والأصيل ما يكون قبل الغروب» وبعد الظهيرة . «قُل أنه الذي يعلم السر في السّموَات والأرض إِنَّهُ كان غَفُورًا رّحِيمًا 4 . ##ا تفسير سورة الفرقان للللم لاملل رج تي الأمر للنبى يِه وقد كان الرد الذى أمر الله تعالى به نبيه ليس مجاراة لهم. ولكنه بيان لافترائهم بإثبات نقيض الافتراء» وهو أن الذى أنزله على محمد كِهٌ هو الله الذى يعلم السر فى: السموات والأرض» وهذا دليل إيجابى يشبت نقيض ما يفترون من ثلاثة وجوه. أولها ‏ أن الذى يعلم السر فى السموات والأرض يعلم ما خفى» وما خلق وما أنشأء وليس بغريب عليه أن ينزل قرآنا كريما فيه الدليل القاطع على رسالة محمد يَلكِْةّ» وإن السر الذى فى السموات والأرض فى خلق كل منهما وارتباط كل واحدة بالأخرى» وما يربط النجوم بعضها ببعض من جاذبية شديدة تجعلها بناء واحداء وإمساك الله تعالى للسموات أن تزولاء ولئن زالتا إن أمسكها أحد من بعده . ثانيها ‏ أن من يعلم سر السموات والأرض يستلزم أنه أوجدهاء ومن أوجد السموات والأرض ليس بغريب عليه أن ينزل قرآنا هو دليل رسالة محمد كله ومعجزته الكبرى . الشها ‏ أن الذى يعلم السر فى السموات والأرض يعلم كل شىء» فهو الذى يعلم نبيه القرآن» ولا يحتاج إلى من يملى عليه بكرة وأصيلا. وننبه هنا إلى أمرين: أولهما - الدليل الذى يدل على أن الله تعالى هو الذى أنزله» هو العجز بعد التحدى الشامخ . الأمر الشانى - أن الله تعالى الذى يعلم السر فى السموات والأرض فقال المفسرون: إنه ذكر السرء ومن يعلم السر يعلم بالأولى الظاهر البين» وذلك كلام حسن فى ذاته» ولكن بدر إلينا أن معرفة السر فى السموات معناه السر فى ارتباط أجزائهاء وبنائها من غير عمد» وذلك وحده دليل القدرة الباهرة» وإشارة إلى التكوين العجيب فى صنعه» وختم الله تعالى الآية بفتح باب التوبة فقال: إِنّه كَانَ غفورا رحيمًا 4 » أى أنه سبحانه وتعالى يغفر للتائيين ويرحمهم. ملل لها 2/5 22 1 الرسول من البشر قال تعالى: رس ره وقالوا منذَا سوا يأك لْالطَعَام وَيَمْثى ف الْانوَاقٍ "أَنِلٌ له مك ف بكرب مَعَهْسَدبرا 2 ولق يكار ك1 : بتاكل ينْهحاكَالَ ديو إن كيح ]لاوجلا مّسحوا نيه أنظر يِفَ صَرَيْوأ لكأ لكل ظيط رس مه سَبيا 52 بَارَك ألْزِعتان سآ جَعَلَ لك حبرا من ذلك 0ه الك 1 2 ١ ١ 0-0 واس 0 ض الضمير فى (قالوا) يعود إلى المشركين وهم حاضرون يعاندون ويفتح على النبى كَل وكان ضلالهم أن ظنوا أو توهموا أن النبى لا يكون بشراء وإن كان بشرا يكون من أعلاهم مادة وسلطانا» وهم أو من يحوطون بهم» ويلوذون بملاذهم . قالوا مستغربين: ف وقَانُوا مَا لهذا الرسول يأكل الطَّعَام ويُمُشِي في الأسواق 4 والمعنى: أى شأن لهذا الرسول يؤهله للكانة الرسالة من الله حال أنه يأكل الطعام كما نأكل» فليس ملكا من الملائكة» بل هو بشر يأكل الطعام» وليس ملكا تصل إليه حاجاته بخدمه وعبيده» بل إنه يعيش باحثا عن رزقه وحاجته ككل الناس» فلا امتياز له على أحدء فكيف يكون رسولا. ا تفسير سورة الفرقان الل ل 1 1+1[ [ 1[ 1[ ذ 1 ذ 225601111 لب ا «لولا أنزل إِلَيِه ملك 4, أى هلا أنزل منضما إليه ملك 8 فَيَكُونَ معه تذيرا 4, الفاء فاء السببية التى ينصب الفعل بعدها» ومعنى السياق هلا ضم إليه وأنزل من عند الله ملك. فيكون معه منذرا. ( أو يلقئ إليه كنز أو َكُون له جنّةيأكُلْ منْها وكا الظلمُونَ إن عو إلا رجْلا مُسحورا 4 تدرجوا فى الادعاء من أعلى إلى أدنى فاشترطوا لاتباعه أن يكون منضما إليه ملك ليكون معه نذيراء فيكون الملك شاهدا بصدق الرسالة» ومن قبل طلبوا أن يكون معه قرطاس» أو أن يكون الرسول ملكاء وقد رد الله تعالى كلامهم. وأنهم لا يؤمنون ويقولون هذا سحر مبين» (١‏ ولو جَعلناه ملكا لجَعَلنَاُ رجلا بسنا عليهم م يلون © 4 [الأنعام]. وقد نزلوا عن اشتر اط أن يكون معه ملك إلى أمر آخر يمنع أن يمشى فى الأسواق بأن يغنيه عن ذلك شأن الكبراء» بأن يلقى إليه» أى يعطى كنزا يغنيه» وعبّر عن إعطاء الكنز بكلمة يلقى إليه للإشارة إلى أن هذا العطاء لا يكلف من أرسله شيئا؛ لأنه إلقاء من خزائن الله تعالى» وقد كانوا يعرفون الله ولا يعبدونه. فيعرفون أن معه خزائن السموات والأرض» ويكون بهذا الكنز كملوك أهل الأرض فلا ينزل إلى الأسواق كما ينزل دهماء الناس والفقراء. وتنزلوا من مرتبة الملوك إلى مرتبة أتباعها وحواشيهم» الذين يمنحهم الملك الحدائق والمزارع: فقالوا: أو تكون لَه جنَةَ يأك منهًا 4 ؛ أى بستان يغنيه بثماره وغلاته» فيأكل منها بدل أن ينزل الأسواق. وإن هذا بلا ريب نظرات ناس ماديين لا يؤمنون بالروح» ولا بالمعانى الإنسانية العالية» إنما يؤمنون بالمادة وحدهاء والعلو عندهم بالسيطرة الممكنة من لذائذ هذه الحياة» إما بملك قاهرء أو بمتع يلقيها إل ملوك قاهرون. ولكنهم يرون فى محمد يَلكِةٌ ما ليس عند الملوك وحواشيهم». يرون القرآن اا ته بقفسشسبير سورة الفرقان لل الل للللا الل لولاا الئل 10م لحر ا الذى عجزوا عن أن يأتوا بمثله» ورأوا أتباع محمد ينمون ولا ينقصون» ورأوا ميل بعض كفارهم إلى سماع القرآن وما يدعو إليه محمد كلك . وقال الظالمون إن تشعون إلا رجلا مُسحورا 4. هنا إظهار فى موضع إضمار» وذلك لوصفهم بالظلم أولاء ولبيان ظلمهم وعدم إرادتهم الحق هو الذى رفعهم إلى رمى النبى كلد بالسحرء » وهو يتكلم عن الله تعالى: «9إن تتَبعونَ » إن هنا نافية» أى لا تتبعون إلا رجلا مسحوراء أى ينطق على لسانه الحق. وهذا يومئ إلى أنهم رأوا عجائب فبدل أن يقولوا إنها من عند الله قالوا: إنه مسحور ينطق على لسانه الجن والشياطين . وفى الآية الكريمة إشارة إلى أنه كان من أهل مكة من يريدون اتباع محمد يبد وقد اتبعه من اتبعه . انظر كيف ضربُوا لَك الْأَمثَالَ فَضَلُوا فلا يستطيعون سبيلاً 4 . الخطاب للبى َيِل و لإضربوا» معنتاها بينوا» واللأمثال هى الأحوال السماء يكون ردعا للرسول فى إنذاره» ثم كيف حاولوا أن يجعلوه كالملك الذى تجرى كنوز الأرض تحت يديه» أو كحواشى الملوك الذين يقطنون الإقطاعات الواسعة» حاولوا عقد المشابهة بين هذه الأحوال والرسالة» وهذه أمور دنيوية تنأى ٠.‏ > ادي عن معنى الرسالة» ولذا قال تعالى: # فضلوا» الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها» أى بسبب زعمهم هذه المشابهات ضلوا وبعدوا عن الحق وأوغلوا فشبهوا رسالة اللّه برسالة الناس » وأنه يكون معها شاهد من قبل المرسل» كملك» وشبهوا الرسول بالملك الغنى أو حاشيته» وكل هذه ل : ت باطلة فى أصل موضوعها وفى أوصاف الموضوع.ء فليس الله كأحد من خلقه؛ إنما معجزته هى الشاهد. 1# تفسير سورة الفرقان للفلل لل لل بح ور تي وليس النبى ملكا أو حاشية لملك» فضلوا بسبب تلك الأمثال» ومن ضل فى الطريق يسير فى ضلاله إلى أقصى مداهء ولذا قال سبحانه: فلا يستطيعون سبيلاً» الفاء عاطفة» أى أنه يتبع هذا الضلال أن صاروا فى عماية من أمرهم لا يستطيعون الهداية» ولا يستطيعون معرفة سبيل للنجاة من الضلالة التى أوقعوا فيها أنفسهم بعمايتهم وجهالتهم» وذلك لما أصابهم من غشاوة» وضلال وحيرة فى الطرق. وقد رد الله تعالى عليهم أن أحذوا على النبى يَكِةِ أنه فقير يمشى فى الأسواق» فقال : ل تبَارَكَ الذي إن شاء جعل لَك خَيرا من ذلك جنات تَجرِي من نَحْتها الأَنْهَارْ وَيجِعل لك فصورا 4 . تبارك أى تكاثرت وتسامت بركة الله تعالى على أوليائه وعلى المرسلين من عباده» وعلى نبيه محمد وكةٍ خاتم النبيين إن شاء جَعَل لَك حيرا مّن ذلك جنات تجري من تّحتها الأنْهار»4 علقه سبحانه وتعالى على مشيئته التى تكون على مقتضى حكمته» جعل لك خخيرا ما يتباهون به» وينتقضون رسالتك» لأنها لم تكن ذات كنوزء ولا حدائق» و(خيرا) مفعولء و(جنات) بدل من خيرء وبادر النص بالخيرية لإثبات أن الله تعالى قادر على إعطاء محمد يَكِةِ ما هو أعظم زينة» والخيرية هنا هى خير المظهر» والنعيم الدنيوى» وأما ما هو خير عند الله تعالى جزاء معنويا وماديا فإنه فى الآخرة. «ويجعل ك4 معطوف على «إجعل» والجزم على محل جَعَلء لأن لإجعل4 جواب الشرط فمحله الجزم» فيكون العطف عطف مجزوم على مجزوم» والقصور هى مساكن عطء الدنيا التى يتباهى بجمالهاء ومتانة بنيانهاء وزخارفهاء» وطنافسها. ولكن الله تعالى لم يشأ لأنبيائه زخارف الحياة» ولكن اختار لهم مشقة الحياة الل و > ا وأن يعيشوا على الكفاف» لأنه حيث كان القل من العيش كان الإخلاص والاتجاه الكامل إلى الله تعالى» لا يشغله عنه شاغل من متع هذه الحياة» ولقد كان محمد ككهُ فيما روى عنه يقول : «اللهم أحينى مسكيناء وأمتنى مسكيناء واحشرنى فى زمرة المساكين», ولأن الأنبياء قادة الخليقة إلى الله تعالى» فيجب أن يكونوا قريبين من أضعف الناس لا يتجافون عنهم فى مظهرء ولا عرض من أعراض الدنياء ولأنهم يتجهون إلى معالى الأمورء ولا يتجهون إلى سفسافها. إن تكذيب الساعة أوجد الضلال َل كَدَّالسَاعَةَ وعدم لِمَكَدَبَيلسَاعَةسَعِرا لزي هه تل حار اس 2 واه 0 م وس ره عقا مفَدَيْنَ دَعَوَأْهَنَا للكت 2 خا 101 2 2 سق هد وم واء رمت و مضه 0 للكت 0 لمج رَاءوَمُصِيرأ يرا 02 لم اموت 0 كان عل ريك وعدا مسحو زمه ط بل كَدَبُوا بالسّاعة 4 بل للإضراب الانتقالى الذى يكون بانتقال الكلام من مقام إلى مقام» فكان الكلام فى بيان تكذيبهم للنبى يَكِّ وادعائهم على القرآن أنه إفك افتراه الرسول» وقولهم إنا نريد ملكا معه يكون ردءا له» وإنه لا يعيش عيشة الملوك وحاشيتهم» فانتقل إلى سبب ذلك كلهء وهو كفرهم بالساعة» ذلك . 0# تفسير سورة الفرقان 60 لل لذ ذ1ذ1ذ21111( / جل _م: يي أن كفرهم بالبنعث والنشور هو سبب ضلالهم؛ لأنهم لم يؤمنوا بالبعث» ولم يؤمنوا بالغيب» فكانت حياتهم كلها مادية» لا رجاء بعدهاء فكان منهم الإيمان بالمادة وحدها. والباطل» والحساب الكامل والحزاء الوفاق للعمل. بجنة النعيم » أو بنار الجحيم » وكل ذلك فى ساعة» وهى الساعة الكاملة لكثرة ما يكون من أحداث تتعلق بمصير ل البشرية» وهى ساعة الفصل» فالألف واللام تدل على الكمال» أى أنها الساعة الجديرة بأن تسمى الساعة. وأعتدنا لمن كدب بالسّاعة سعيرا 4 أى هيأنا للذين كذبوا بالساعة نارا ملتهبة كبيرة» تشتد فى لهيبها تفزع وترعب من رآهاء ويحترق بها من يدخلهاء وأعتدنا معناها أعددنا وهيأناء وكررت الساعة وكان الإظهار فى موضع الإضمار أولا للوفزاع والنكير على من أنكر الساعة وكذب الخبر بهاء ولبيان أن السبب فى السعير هو التكذيب» لأنه كفر فى ذاته, ولاآنه أدى إلى الجمحود المستمر . وقد وصف الله سبحانه هول السعير» وشدتهاء فقال : «إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تَغيظا وزفيرا 4 . معنى «إإذا رأتهم 4 على ما يقول المفسرون» وإذا كانت على مرأى منهم كأنها تراهم ويرونهاء من مكان بعيد» أى وكانت الرؤية من مكان ليس بالقريب» ولكنها بعيد بالنسبة للرؤية وللسمع 9 سمعوا لَهَا تَعيظًا وزفيرا 4. أى هياجا شديدا يكاد مع البعد لهولهاء والتغيظ وهو بدو الغيظ الشديدء والهياج العنيف الذى يتقلص الوجه له. والزفير تردد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه . وإنى أرى أن السعير شبهت بالإنسان الذى يرمى ويتغيظ ويزفر» ويحس ويشعر» إذا رأى شخصا يريد عقابه» فإنه يتغيظ ويزفر» والمعنى أن السعير تستعد وتتهياً هائجة» لمجىء العصاة إليهاء ويسمعون ما يشبه التغيظ والزفير من مكان بعيذ. 0. 1# تفسير سورة الفرقان و يي وإِذا ألقوا منها مَكَانا ضيقا مقرنين دعا هتالك تُبُورا 6 . وإذا ألقوا فى النارء فى مكان ضيق منها حال كونهم مقرنين» أى قد قَرنت أيديهم إلى أعناقهم مصفدين» ووصف المكان بالضيق فيه إشارة إلى الشدة» لأن الضيق يقترن بالشدة» والسعة تقترن بالفرح» و «ألقرا4 تفيد أنهم لم يدخلوا مختارين بل ألقوا فيها إلقاء كما تلقى الأشياء. وألقوا وهم مصفدون فى الأغلال ليس لهم حركة إرادية قط و «إمنها 4 أى من النارء و ل مَكَانَا 4 ظرف» منصوب لألقواء أى ألقوا فى مكان ضيق من النار قد غلت أيديهم إلى أعناقهم ) وهم فى هذه الشديدة المرهقة» يتمنون الموت بدلهاء لأن الموت إنقاذ لهم إدعوا هتالك تبورا 4 «هتالك 4 إشارة إلى البعيد»ء وفيه إثبات شدة ما هم فيهء والإشارة للبعيد» فقد نادوا ثبوراء أى هلاكاء أى نادوه؛ لأن هذا وقتهء إذ بلغت الشدة قواهاء فكان الهلاك إنقاذا لهم ما هم فيهء أو نادوه تحسرا على أنفسهم وعلى ما فرطوا وأساءواء وقد بين الله تعالى أن هذا الثبور الذى نادوه لاجئين إليه من عظيم الإحساس بالآلام أو متحرين مما نزل بهم» ليس ثبورا واحداء بل هو هلاك متتال» لا قصور فيهء فقال تعالى: إلا تدعوا اليم ورا واحدا وادعوا ورا كديرا 6 . النهى عن أن يدعوا وينادوا ثبورا واحدا ينقذهم من آلامهمء أو يتحسرون به لما هم فيه» بل هو ثبور متوال عليهم وقتا بعد آخر؛ لأن أسبابه قائمة مستمرة باستمرار حالهم وهى إلقاؤهم فى مكان ضيق» يلقى بضيقه وعذابه ووضع الأصفاد التى تجمع أيديهم إلى أعناقهم» فتستمر دعوة الثبور ونداؤهم ما داموا فى جهنم وهى خالدة إذ هم فيها خالدون» وكلما نضجت جلودهم بدلهم الله تعالى جلودا غيرها ليذوقوا العذاب المستمر. هذه حالهم». وهى حال هلاك مستمر ينادونه ويطلبونها تحسراء أو إنقاذا مما هم فيهء فهى حياة هلاك متجدد آنا بعد آن» وقد ذكر سبحانه بعد ذلك حال المتقين بعد الساعة . 2 تفسير سورة الفرقان لللاااالللااالللواا6اااالل لاملل كج «قل أذلك خير أَمِ جنَةُ الْخُلّد التي وعد الْمتّقون كانت لهم جزاء وَمُصيرا 4 . الخطاب للنبى يِه طلب إليه ربه تعالى بعد أن ذكر لهم ما أعده الله تعالى للذين لا يؤمنون بالبعث ويشركون بربهم» أن يبين لهم ما أعده للمتقين الأبرار الذين يؤمنون بالبعث مقابلا بينه وبين ما أعد للمشركين» فقال: أذلك السعير الذى أعد لهم والذى ينادون فيه بالهلاك حسرة وندما خير فسى ماله ونهايته » أم جنة الخلد والنقاء التى أعدها للمتقين الأبرار» والمعادلة من حيث إن كلا مستعد هيأ الله له ما يستحقهء فهم يستطيعون أن ينالوا الجنة إن اتقواء كما ينال الذين أنكروا البعث ما يلقون من جهنم وسعير. وإن الحنة استحقوها جزاء لأعمالهم» وهى مصيرهم ومآلهم الذى كان لهم نهاية» وغاية المتقين الأطهار. الضمير فى لهم يعود إلى المتقين اما يشاءون » , أى ما يحبون ويريدون من ملاذ» ومن متع أغلى نما فى هذه الحياة» ففيها كل ما يحبون؛ ما لا عين رأت ولا أذن سمعت» وإن الإحساس بالقدرة على تحقيق كل رغباتهم من نعمة هو فى ذاته نعمة» مع ما يتضمن من نعم أخرى ينالهاء فالملاذ نعمة» والقدرة المستمرة عليها نعمة أخرى» نعمة التمكين» وهناك نعمة ثالثة تحف بهم وهى نعمة الخلود والدوام» فهى نعم غير مقطوعة. ولا تمنوعة ساعة من زمان» وقد أكد سبحانه وتعالى وعذه بها وأنه سبحانه كتبها على نفسه بقوله: لإ كان على ربك وعدا مُسئولا 4 . أى كان ذلك الوعد الذى كتبه على نفسه مستؤلاء أى حقيقا بأن يسأله ويطلب فضلا من ربك ورحمة» فقد ألزم نفسه به» ولم يلذ به غيره» تعالى الله عن ذلك علوا كبيراء فهو قد كتبه على ذاته العلية . والتعبير بقوله تعالى: ف كان علئ ربك وعدا مسئولا # يشير إلى أنه من فضل / تفسير سورة الفرقان 9 الالال 02 1 هى مسئولية إنعام نسألهاء كقوله تعالى كما أمرنا ربا وآتنا ما وَعَدنَا علئ رسلك .. 469 [آل عمران] » وكما يسأل الملائكة لعباد الله المؤمنين فيقولون: ‏ ربنا وأَدْخْلْهُمْ جنات عَدَن التي وَعَدتّهِم . . 20 » [غافر] . حشرالكافرين وما يعبدون قال تعالى : ل ا 0 ل ونوم يرهم وه يعبدذويرت من دور الله فقو ولا س مألل سارف هرب 4م ع را له 2 21 م مولا أم هم ملو سير (2) قَالْوأ سبحلتك مان عاج 1 0 00 الم 6 يي آ# ا 1م م يشبغىلنا ن نتخذمن دو نلعت نلككم نويا ولكن تَتَحتَهْمَ ا ممق تنو 201 © كعد هسرد را بغر 20 أ و كدبوكم يما نقولوت َمَامَتِيعوسص مد 3 دح ير سر سا ٠‏ نصصرا ومن يظ! يكم ذِقَهُ فَدَعَدَ عَدَبِتَاكبيرا 50 تاكس امرك كليس ]لهك َأ 2 رط هس به 2 الكلام السامى فى قوله تعالى: ويوم يحشرهم وما يعبدون... 4 بضمير الغيبة؛ لأنه حديث عن جلال الله تعالى وعظمته وما يكون يوم القيامة من خطاب 4 8# تفسير سورة الفرقان الال 011 يح _رمر؟ 3 البرية بكلامه معهمء. ونظره سبحانه إليهم نظرة تقريب» وإيناس» وما لا يشاء لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم. وما يجرى يوم القيامة فى هذا الحديث هو للذين ينكرون البعث ويشكون, فكانوا غير جديرين لأن يخاطبهم بذاته العلية لأنهم لا يكلمهم ولا ينظر إليهم» فناسب ذلك ضمير الغياب» وهناك قراءة بضمير المتكلم إلقاء للهيبة فى نفوسهمء وليس خطابهم إلا للوم والتأنيب» ويجوز أن يكون الخطاب من الملائكة ونسب إليه سبحانه» لأنه هو الذى أمرء والذين يعبدون يشمل العقلاء الذين عبدوهم كالملائكة» وعيسى وعزير» وكرشنة فى البرهمية» وبوذا فى البوذية» كما يشمل الأوثان والنار» وغيرهما ما لا يعقل. وقد اتجه القول يوم القيامة إلى المعبودين فى الدنيا من العقلاء وغيرهمء نجه القول إليهم : « فيقول أأنتم أَضلَلتمْ عبادي هؤلاء 4 , الفاء للإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدرء والسياق هكذاء وإذا حشروا وما يعبدون يقول لهم . والسؤال ءأنتم أضللتم عبادى هؤلاء» والإشارة تعود إلى الذين عبدوا غير الله من يهود» ونصارى ووثنيين ورومان وعرب» هذا الشطر الأول من المعادلة» والشطر الشانى أم هم ضلوا السبيل؛ والسؤال أهؤلاء الذين عبدوكم أنتم أضللتموهم بالدعوة إلى عبادتكم» أم هم ضلوا الطريق الموصل إلى الحق بالأوهام التى غشت عقولهم والشهوات التى أفسدت نفوسهم» والمتع الدنيوية التى ألهتهم . ولقد أجاب المعبود بنفى الإضلال عنهم . ل( قَالُوا سبحاتك ما كَان يَبّغي لَنَا أن تخد من دونك من أَوْليَاء ولكن مُتَعْتَهُمْ وحن نوا لخر واوا قن يوا 4 . غلب فى القول العقلاء على غيرهم» وقيل: أنطق الله الأحجار فنطقت كما نطق العقلاء» وليس ذلك بمعجز على قدرة الله العلى الحكيم» ومهما يكن فقد نطق المعبودون جلهم أو كلهم» قائلين: «إما كَان يسَغِي نا أن نَنَحْد من دونك من أولياء 4 وفى قوله تعالى: نَتَحْذَ من دونك » قراءتان إحداهما نتخذ بالفعل المبنى اا تفسير نور ةا لمر قان 9 مالكلل 11 اا للفاعل» وقراءة بضم النون الأولى بالبناء لغير الفاعل» ويكون المعنى على القراءة الأولى» ما كان ينبغى لنا أن نتخذ من غيرك أولياء ونصراءء وإذا كان ذلك لا يسوغ لناء فبالأولى لا نسوغه لغيرناء وكان تدل على الكينونة» أى ما كنا بوجودنا إلا عبادا لا يكون لنا أن نتخذ أولياء غيرك فلا يجوز أن ندعو أحدا إليه. وعلى القراءة الثانية بالبناء للمفعول ما كان ينبغى لنا أن نرضى بأن نتخذ أولياء ونصراء غيرك» وذلك كقول عيسى ظِيَهِ عندما يسأله ربه يوم القيامة 9 أأنت قلْتَ للنّاس انُخذوني مي إِلْهَيّنٍ من دون الله فَالَ مُبْحَانَك ما يَكُونْ لي أن أَقُولَ مَا ليس لي بحق إن كنت قلته فَقَد علمتهُ تعلّم ما في نسي ولا أَعلم ما في تَفْسك إِنَلكَ أنت عَلدُم لْغُيُوب 2 4 [المائدة] . وقوله تعالى: « من دونك من أُوليَاء » من الأولى معناها من غيرك» وهو دونك مكانة ومقاماء ومن الثانية تدل على الاستغراق» أى ولى نصير معبود فهى ااستغراق النفى وتأكيده. وإنه يجىء على لسان المعبودين ما هو الحق فى ذاته: ل ولكن متعتهم وآباءهم حتَئ نسوا الذّكر وكانوا قَومًا بورا 4 ؛ أى أن المتعة التى متعتهم بها من سلطان وجاهء وإعطائهم المال والأولاد» والسيطرة والتمكن كما مكنت لفرعون وأشباهه. وإن المتع والأهواء والشهوات تغشى النفس بفساد من الضلال ينسون به ذكر اللّه» ويتركون ما هو حق فى ذاته إلى ما تمليه الأهواء والأوهام فأنستهم ذكر الله وألهتهم» وصاروا قوما بوراء البور وصف لأولئك الذين ضلواء فهم بائرون قد انحلوا من كل وثاق لأهل الإيمان» وأصل بار معناها كسد» ومن ذلك قوله تعالى © ... تجارة لّن تَبُورَ 69 4 [فاطر]ء والشىء الكاسد يفسدء وهؤلاء قد فسدوا بكلامهم الذى لا أصل له ولا دعامة يقوم عليها أو أى دليل إلا الوهم والهوى. وقد بين سبحانه فى خطابه لهم بعد كلام ما عبدوهم. ##ا تفسير سورة الفرقان 6 االلللللللل الملل كك يي ( فَقد كذَبوكم بما ة تَقُوُونَ َمَا تَستَطيِعُونَ صَرَفًا ولا نصرا ومن يَظلم منكم نذفه عَذَابًا كبيرا 4 . قوله تعالى: « بما 3 تقولون » فيها قراءتان إحداهما بالياء 8 يقولون » والثانية بالتاء وهى المشهورة وهى قراءة الأكثرين والمعنى على القراءة الأولى فقد كذبكم من كنتم تعبدونهم» بما يقولون من أنه ما كان ينبغى لهم أن يتخذوا من دونه من أولياء وإن ذلك ظاهرء وعلى القراءة الثانية» وهى قراءة الجمهور يكون الخطاب ابتداء للكفارء والباء بمعنى فى» وتجىء كثيرا بمعنى فى ويكون توجيه القول» فقد كذبوكم فيما تقولون وتعبدون به الأوثان» وتحسبون أن لكم نصرة من الذين تعبدونهم» إذا محل بكم الدليل وشهد عليكم ما تعبدونهم» فقد تقرر العذاب عليكم» وأن تؤخذوا به أخذ عزيز مقتدرء ولذا قال مرتبا على تكذيب هؤلاء «إقمَا تستطيعون صرفًا ولا نَصرا 4. أى لا تملكون صرف العذاب عنكم ولا نصرا من أحد ينصركم» لأنكم أيها الكفار قد خذلكم من كنتم تعبدونهم» وبينوا بطلان قولكم» ولا نصر من أحدء إذا كنتم ترجون النصرة منهم» وبقيتم وحدكم من غير ناصر ولا عاذر» وتقرر العقاب العتيد عليكم» ولذا قال تعالى: « ومن يظلم منكم نذقه عَذَابا كبيرا »4 ومن يظلمء أي يشركء ويفتن الناس عن دينهم» وصد عن سبيل الله تعالى» وقد أفردتم عن النصير والمعين « دق عَذَابَا كبيرا 4, أى عظيما لا يحد مقداره» ولا يعلم شدته إلا علام الغيوب» والتنكير لبيان هوله. وأنه لا يقادر بقدرء ولا يغيا بغاية يعلمها البشر. وقد عاد القرآن الكريم إلى رد قولهم مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق» فقال عز من قائل: وما أَرْسَلْنَا قبَلَْكَ من الْمِرَسَلينَ إلا نِّم لَيَأْكلُونَ الطَّعَام وَيَمْشُونَ في الأسواق وَجَعَلنا بَعضَكُم لبعض فننَة أتصبرون كان ربك يُصيرا 4 . هذا بيان أن الرسل لا يكونون إلا من البشرء وذلك ليستطيعوا أن يرشدوهم 0# تفسير سورة الضرقان | ل ااالللللوللل اللا لأس > ار ويوجهوهمء ويهديهم الله تعالى بهم» ولا يمكن أن يكون ملكاء لأنه ليس من جنسهم» ولا يمكن أن يكون قدوة؛ لأن المقتتدى يكون من جنس المقتدى؟ لتتم القدوة» ولا يكون هنالك ما يكون للقدوة من خواص يختص بهاء ولأن الرسول يدعو بعمله» ويتبع فى أعماله» فلابد أن يكون من البشر ليتبع فى أعماله» ولأن الناس قد يحال بينهم وبين مواجهته بمحاجزات من الملوك والرؤساء» فلا بد من رفع المحاجزات ليخلو وجه الناس لهم . لا بد أن يكون الرسل من البشرء وإنهم يدعون الضعفاء والأقوياء» ولا يتبعهم ابتداء إلا الضعفاء» ولتمام الدعوة وسلامتهاء لا بد أن يعيشوا كما يعيش الضعفاءء فلا يكونون ملوكا أو من حواشى الملوك» وإذا كان بعض الأنبياء ذكر بالملك كداود وسليمان» فقد كانوا ملوكا فى سلطانهم الحق» ولكن فى عيشهم كانوا يعيشون كالضعفاءء فداود يَيِكَلخِ كان يأكل من عمل يده» ولعل ابنه سليمان لم يكن من الملوك الذين يستقلون فى معيشتهم عن رعيتهم ومن المؤكد أنه لم يكن ملكا مستعليا على رعيته» ولا يعيش عيش ضعفائهم . « وما أَرسلَنا لَك من الْمرسَلين4 من هنا بيانية» والمعنى ما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إِنّهم َيأكلُونَ الطََّام ويَمُْونَ في الأسوّاق 4 إنهم ليأكلون الطعام إلى آخره جملة حالية 9إلاً نهم »4 فى حال يأكلون فيها الطعام أى ما أرسلناهم إلا والحال التى تحيط بهم أنهم يأكلون الطعام» فتلك حالهم» وبعض النحويين يقررون أن فى الكلام محذوفا (هذه صفته) فذكرت الصفة مغنية عن الموصوف المقدرء ويكون سياق القول» وما أرسلنا إلا رسلا إنهم ليأكلون» وأرى أن عد الجملة حالية أولى بالأخذء لأن ما لا يحتاج لتقدير أولى. والخطاب فى قوله تعالى: 9 وَجَعلنَا بعضكم لَعْض فتنّة 4 للناس أجمعين» والفتنة أصلها ما يفتن به الفلزء ليخرج منه الذى يعلق به وأطلق على ما تفتن به النفوس من جاه ومال ونفرء وعلو فى الأرض» ومعنى ‏ جَعلنا بعضكم لبعضٍ فتنة4. جعل الأقوياء فتنة للضعفاء بإيذائهم» والكافرين فتنة للرسل بعنادهم, ١‏ ا تفسير سورة الفرقان الل لب ا والأغنياء فتنة للفقراء باستعلائهم» والضعفاء فتنة للأقوياء بسبقهم إلى الإيمان والحق» وتأخرهم» وهكذا كل من أعطى خيرا دنيويا أو أخرويا يكون فتنة لمن لم يكن مثله» وإن الواجب للمفتون هو الصبرء والواجب على أهل الحق من الأنبياء والصديقين أن يصبروا؛ ولذا قال تعالى: « أتصبرون » والصبر فى الفتنة هو السبيل لاجتياز المحنة والخروج منها مؤمنا خالصاء فالاستفهام هو للتوجيه للصبرء والتحريضء ويلاحظ أن الله تعالى أكد أن الرسل يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق بالجملة الاسمية» وبإن المؤكدة» وباللام فى خبرها « ليأكلون » . «وكات ربك بصيرا 4 كان دالة على الدوام» وأن الناس تحت رقابة الله دائماء يعلم بحال الصابرين والتمكين منهم علم السميع الذى يسمع» والبصير الذى يبصر»ء ويكافئ كلا بحسب حاله التى علمها الله تعالى إن خيرا فخير» وإن شرا فشر» فليعملوا عمل ما يرى ويسمعء والله بكل شىء محيط . إنكارالبعث والتهديد به قال تعالى م مدنت ميرو 2# سم مره 01 أذ اه 520006 وقال لذي لا رجو لِمَاء نا لوا أنزِلعليئناا ٍ 2020 د ده 7 - مو 0 20000 وود ْ 2 وبري رين 0 ودر ون ألْماتكد 2 00 رمق ىر بي يوم رون الملتيكة لاسر يَوْمي فِللْمُجرِمِينَ ويفُولُونَ حجر محجورا (0) ا يتما مِلُوأ أَمِنَ عَمَلٍ آذ 7 7 2 صرح ساب 3-2 2 هس رك هبساءقَ: 9 ورا سحب 1 لكيه فنع سا وس َعَقَو سكو رج مه صر ا 0 ووم تشافق النماء خسم وتزلا لم د 23 © بريه انون وَكَاديئاقكَ | نفْرينَعسِيرا 5 ا تفسيرسورة الفرقان . الال و اكاك ١‏ 7 الكلام موصول فى بيان أحوال المشركين» وتعلاتهم فى كفرهم بالرسول د ومعجزاته وخصوصا القرآن الذى هو أعظم المعجزات التى جاء بها الرسل » وهو المعجزة الباقية التى تتحدى الأجيال أن يأتوا بمثلها إلى يوم القيامة» وفى هذه الآية هوقا الْدين لا يرجون لقَاءَنا . .. يشير سبحانه إلى السبب فى كفرهم 0 0 شىءء وو اليد له 0 لقاء الله 4 تملى فقال م صبحانه : *: «إوقال وَعتوا خا بير ». ل يرجون لقاءنا» أى يتكرون لقاء اللّه تعالى ولا يؤمنود» وأن لهم هذه الحياة التى يعيشونها فى الدنياء» ولا يؤمنون بغيرهاء وعبر سبحاثه عن عدم إيمانهم لقائناء للإشارة إلى أن الإيمان باليوم الآخر فيه رجاء الخيرء فمن يؤمن به يرجو الخير» لأنه يعلم أن هناك جزاء» وأن أعماله ليست هباء» فإذا كان متعبا فى هذه شقيا فيهاء كان رجاء العوض يوم البعث» فينال الخير بدل الحياة الشاقة التى يعيشها» فالمؤمن له رجاء» والكافر بالبعث حاسر» وأضاف اللقاء إليه سبحانه ؛ لأنه مفرج الكروب» والمجازى سبحانه بالخير خيراء وبالشر شراء وفيه إيناس بأن من يرجو لقاء الله إنما يرجو لقاء السند القوى» ومن يكفر به» يعدم ذلك السند الذى لا يعتمد عليه غيره» سبحانه عظمت آلاؤه» والتعبير بالموصول: 8 الّدِين لا يرجون لقاءنا 4 فيه إشارة إلى أن السبب فى لجاجتهم فى الكفر وإنكارهم للمعجزات» وعدم تعقلهم للحقائق هو أنهم لا يرجون لقاء اللّه» ولو رجوا لقاء الله » لعملوا - حساب هذا اللقاء واهتدوا بدل ل الكفران. لولا للمحريضء أ هلد أنزل علينا الملائكة» يخبرون برسالة الله تعالى لهم» ولا يجيتنا واحد منا يأكل مما نأكل ويمشى فى الأسواق كما نمشى» فهذا تحريض على أن يكون ملائكة» أو نرى ربئنا» أو تقول لولا _-< حرف شرط امتناع أى ا تفسير سورة الفرقان !1لا تلكا اال !!!لأ لطا الا لاما ]ممم الالال للك ملالا ااا ااام عمللا مالالا ل لا الخال الل عم مالكلل تلك!لللتتتلا رجحم _ي_ر؟ يي امتنع إيماننا لأنه لا تنزل ملائكة أو لم نر ربناء والأظهر أنها للتمنى» أى نطلب متمنين أن ينزل علينا ملائكة أو نرى ربناء وهذا مؤدى الحض» فهم يتمنون متعللين بهذه الأمنية الباطلة لتبرير كفرهم. ومعنى قولهم ومؤداه أننا لا نؤمن بأنك رسولء ولو كان الله يرسل رسولا لأرسله من الملائكة» ولاذا لا يخاطبناء وهكذا سار المشركون على ما سار اليهود من قبلهم. فقد قالوا لموسى يَِِكّهِ لن نؤمن لك حتى نرى اللّهء إن هذا الذى طلبوه يتضمن فى ذات نفسه خروجا بهم عن طورهم الإنسانى؛ لأن الرسول يجب أن يكون من جنس من أرسل إليهم» فهم بطلبهم هذا كطلب بنى إسرائيل من قبل قد تعدوا الحدود» ولذا قال تعالى بعد ذلك ا لَقَد استَكْبروا في أنفسهم وعموا عتوا بير 4 السين والتاء للطلب» أى طلبوا الكبر فى ذات أنفسهم وتعدوا حدودهم» وحسبوا بكبرهم الذى طلبوه أنهم فوق البشرية» وألفوا الظلم» والنبو عن الحق» والخروج من دائرته» ولا سبيل إلى رجعتهمء. وقد أكد الله سبحانه وتعالى استكبارهم عن الحق وبعدهم باللام وبقد» وبوصف بعد عن الحق كبير وضلال بعيد» قد أوغلوا فيه وإذا كانوا يريدون أن يروا الملائكة فسيرونهم» ولكن لا على أنهم مبشرون ومنذرون» ورسلا فى الدنيا من قبل رب العالمين» ولكن يرون مبشرين بدخول الجنة فعلا يوم القيامة» أو ملقين لهم ولأشباههم فى الجحيم» ولذا قال تعالى: طإ يوم يرو الْمَلائكة لا بشرئ يومئذ للْمجرمين ويَقُونُونَ حجرا مُحجورا . أى أنهم سيرون اللملائكة غير نازلين لهم فى الدنياء فالرسالة من البشرء كما هى سنة الله فى دعوة الخلق إلى الهداية» وكما كان شأن الرسل من قبل محمد يله كما قال تعالى مخاطبا نبيه 9 ... قل ما كنت بدعا من الرسل ... 0 »4 [الأحقاف]؛ فهم يطلبون محالا فى الدنياء وستنزل إليهم الملائكة فيرونهم عياناء ويكون عذاب منهم إليهم» ولذا قال تعالى «طإلا بشرئ يُوممذ للْمجرمينَ4 هذه عبارة ل | تفسير سورة الفرقان لل للحر> ناة سامية فيها تهديد للمجرمين الذين أجرموا فى جنب الله تعالى» وفيها تبسشير للمؤمنين . فهذه الجملة السامية مع إيجازها المعجزء فيها تبشير وفيها ذكر لعذاب المجرمين » فالمجرمون لا بشرى لهم بدخول جنة النعيم» إذ هم محرومون منهاء وفيها - بالمفهوم - بشرى لغير المجرمين» ففيها جزاء المؤمنين بالنعيم المقيم وحرمان المجرمين منهء وهذا أدنى الجزاء» وهو عقوبة سلبية» والعقوبة الإيجابية وهى دخولهم فى الجحيم بدل بشرى النعيم» فهى مذكورة فى آيات كثيرة» وأشير إلى بشرى المؤمنين» لأنهم يرجون لقاء ربهم» فكانوا صفوفا فى منازل الأبرار. « ويَقُونُونَ حجر مُحْجورا 4 الضمير فى يُقَولُونَ4 يصح أن يعود على الملاككة» ويصح أن يعود إلى المجرمين» والحجر معناه المكان المحجور الممتنع كنقض بمعنى منقوضء» ومن ذلك حجر إبراهيم» فهو مكان تمنوع» ووصفه بالمحجور تصريح بما تضمنه اللفظء وتأكيد لمعنى المنع على غير المؤمنين. وتخريج القول على أن الضمير يعود على الملائكة ويكون المعنى أن الملائكة يقولون لا بشرى يومئذ للمجرمين؛ أى البشرى بالجنة تكون لغير المجرمين مقصورا ما يبشر به على المؤمنين» فأنتم معشر المجرمين ممنوعون منه محرومون. وإذا كان الضمير فى يقولون يعود إلى المجرمين يكون المعنى أنهم أدركوا أنه لا نصيب لهم بالبشرى فى الجنة» اليقولوا متحسرين نادمين مكبوتين «حجرا مُحجورا © أى مكان ممنوع علينا منعا مؤكدا . وإن المجرمين يكونون قد أحسنوا فى الدنيا بأن فعلوا أحيانا ما توجبه المروءة والنجدة» ولكن لأنهم فقدوا الهيئة المحتسبة المخلصة لله تعالى لا يكافئون عليها لأن الأعمال بالنيات» ولذا قال تعالى : ل وَقَدمًا إل ما عمنُوا من عمل فَحعلَاهُ هبَاء مشُورَا 4 . ؟ - الهباء ذرات التراب الرقبقة التى لا تبدو إلا فى ضوء الشمس المنبئق من 0 ل تفسير سورة الفرقان 1 1 01 لحمل بير يي < كوة مفتوحة» وقد روى عن على كرم الله وجهه أن الهباء المتتور هو شعاع الشمس الذى يبدو من الكوة» ويراد بالهباء ذرات التراب التى لا تظهر إلا فى الفضوء الساطع من الكوة لدقته» والمنثور معناه المفرق فى الهواء وكأنه لا وجود لهءأو لا بحس بالبصر متميزا عن غيره. وقوله تعالى: وقدمنا4. أى عمدنا إلى ما عملوا من عمل يرونه برا يكافئون عليهء فجعلناه كالهباء المفرق فى الهواء لا يرى؛ ذلك لأن البر إنما يكون مع النية المحتسبة عند اللّه» وهؤلاء ليست لهم نية محتسبة لأنهم لا يعبدون الله بل يعبدون الأوثان» ولا يرجون سواهاء فهم آثمون بعملهم لفساد نياتهم . هذه حال المشركين فيما يعملون من أعمال يحسبون أن فيها خيراء وهى ضلال فى ضلال لفساد النيةء أما الذين لهم البشرى فهم أصحاب الجحنة. ( أصحَاب الْجئة يُوصذ حير مسرا وأَحْسَن مقيلاً» . أصحاب الجنة هم المتقون كقوله تعالى «إ أَذَلكَ خَيرَ َم جنَةَ الخد التي وعد الْمتّقُونَ» وعبر سبحانه عن المتقين بأنهم أصحاب الجنة» أى الذين اخستصوا بها ويلازمونهاء كما اختصت بملازمتهمء وأفعل التفضيل ليس على بابه لأنه لا خير لغيرهم يفاضلون به بينهم وبين أهل الجنة» إنما المعنى الظاهر أن أصحاب الجنة أتاهم فى الاستقرار والبقاء خير لا يقادر قدرهء ولا علو لغيره» ولا يعلوه شىء فى الوجود. والمقيل اسم مكان من قال يقيل» أى أنه استراح فى القيلولة» وأفعل التفضيل على غير بابه» أى أن لهم استراحة فى وقت القيلولة» ليس هناك ما يمائلها فى حسنها وراحتهاء وعبر عن راحة الجنة باستراحة وقت القيلولة؛ لأن الراحة فى هذا الوقت تكون متعة فى ذاتهاء وقد شبهت راحة الجحنة بهذه الراحة لحسنهاء ومتعتها؛ ولأن الجنة مقابلة بالنار» فكانت كأنها الراحة فى وسط القيلولة» أى أن المجرمين فى وقت راحة الجنة واستمتاعهم يكونون فى ستار من الجحيم» وعذاب الخلد. ا تفسير سورة الفرقان ا : أب أ فق تل لسن الى ود لشجرين) أ في هنا اليوم الذى تنزل الملائكة ويرونهاء وهى ريل ل يكون معه يوم آخرء وهو يوم تشقق السماء بالغمام» تشقَو نشقق أصلها " تتشقق حذفت إحدى التاءين تخفيفاء كقوله تعالى: 8 تلظى © والباء هنا للملاصقة أو الظرفية» أى تشقق السماء بتشقق الغمام» وهذا كناية عن أن السماء تضطرب» وتتقطع أجزاؤهاء وهذا كقوله تعالى : : © إذَا السّمَاء انشّقتَ 0 4 [الإنشقاق]» وكقوله تعالى : إِذَا السّمَاءُانفَطَرَتْ 00 وإذًا الكواكب انتقْرَتْ © وَإذًا البحار فجرت © وإذا لبور عفرت 42 [الإنفطار]» والمعنى إذا اضطرب الكون بما فيه ومن فيه يكون يوم البعث» وفى هذه الحال تنزل الملائكة فوجا بعد فوج للحساب وتقرير المصير إلى النعيم أو الجحيم» ولذا قال تعالى: « وَنُرْلَ الملائكة تنزيلا © والتنزيل النزول فريقا بعد فريق» أى أنه لا يكون حساب واحد» بل حساب بعد حساب» ومن شدد عليه الحساب عذبء وهذه الآية فى معناها كقوله تعالى: هَل يَنظرونَ إلا أن أيهم الله في ظَُل م العَمَام وَالْمَلائكَة وَقضي الأمر .. 659 4 [البقرة] . وإن هذه الآية وأشباهها فى سموها ومعانيها تهديد بيوم البعث الذى أنكروه» وإنه يوم يضطرب فيه الكون» ويكون فيه الهول» وإن السلطان حينئك يكون لله تعالى وحده» ولذا قال عز من قائل : ل املك يومد الحق للرّحمَن وكا يما علَى الْكافِرِينَ عسيرا 4 . الملك يوْمَمذ 4 . أى السلطان الكامل» ودل على الكمال بأل الدال على كمال الاستغراق كأنه لا ملك غيره» ولا يسمى ملكا سواه» ووصفه سبحانه وتعالى بأنه الحق» أى الثابت الذى لا يتخلف حكمه» ولا يكون لغيره أبدا. وهذا الملك الثابت الكامل 8 للرحمن » جلت رحمنه» ووصف الله تعالى هنا بصفة الرحمن مع أن ذلك اليوم شديد عسير على الكافرين» كما سيذكر 9 ا تفسير سورة الفرقان ملل الل 0111 لح نا سبحانه وكَان يوما على الْكَافرِين سير » لأن حكم الله سيكون شديد الحمل عسيرا عليهم» وصف الله تعالى بالرحمة؛ للإشارة إلى أنه سيكون رحيما بالمؤمنين؛ عسيرا على الكافرين»: فرحمته فى ظاهر العبارة خاصة بالمؤمنين» وأما الكافرين فسيكون عسيرا عليهم» ولعل الأصوب أن نقول: إنه فى بشراه بالجنة للمؤمنين» والعذاب العسير للكافرين» وهو الرحيم؛ لأن الرحمة الحقيقية تقتضى تعذيب الكافرين» وإثابة المتقين؛ لأن موجب الرحمة ألا يتساوى المسىء مع المحسن» ولا الأعمى مع البصير» وألا يستوى الذين لا يعلمون والذين يعلمون. حال المشركين يوم القيامة قال تعالى : ته ييدث 2 أ آأ ١‏ يكرد فك 1611 َلِكَ كيتأت نوبرك ماديا ٍ ديم يعض لالم علئ يَديْهِ» هذا معطوف على ويم َضَفْقَ السْمَاء بالْهَمَامٍ 4 وقوله تعالى يعض الل َل يديه 4» هذا التعببر كناية عن تحسره الل هد : 23 وغيظه وندمه على أن فاته وقت العمل» وقد ووجه بعاقبة ما أهمل» وإنكاره ليوم البعث الذى رآه رأى العين» وشاهده وهو الآن يلقى ويلاته وآلامه. ولسان حاله يقول: «إيَالَيْحَي انّحَدتَ مَعْ الرسُول سّبيلاً4 ويا هنا ليست للنداء» ولكنها للتنبيه على ما يتمناه نفسه وقد فات وقت الأمانى» وتمنى الأمانى» وقد فات وقتهاء وسجل عليه فواتهاء أو نقول إن يا للنداء» وتنادى فيه الآمانى التى فاتته نادماء ولاات حتى: يندم . والأمنية التى كان يتمناهاء وهى قوله: © اتَحَذت مع الرُسول سبيلاً 4 » أى لم أفارقه ‏ ولم أعانده » ولم أ أكذبه» وقد كان الصديق الأمين؛ والرسول هو محمد كله وإن البيان كمال شخصه ورسالته. ومعنى ف نخدت مَعَ الرسُول سبيلاً 4 أى سرت فى مساره غير مفارق سبيله الذى اختار» وتنكير سبيلا للؤشارة إلى كرم طريق الرسالة والهداية الذى فارقه» ولم يسر فيه» بل ضل عنه ضلالا بعيدا. والظالم هو من اتصف بالظلم فى عبادته فأشرك» وإن الشرك لظلم عظيم» أو آذى المؤمنين أو كان يعثوا فى الأرض فساداء فليس المراد شخصا أو أشخاصاء وإذ كانت الآية قد اقترن 0 وكان الشيطان لإنسان حَدُولةً 4 ويلتا : الألف مقلوبة عن ياء المتكلم» والويلة بمعنى الهلاك» فهو ينادى هلاكه الذى نزل به» وذلك للشعور بما نزل بهء فكأنه ينادى بهلاكه إيماء إلى نزوله به» وكأنه يناديه تحسراء وكأنه يقول يا هلاكى أقبل فهذا وقتك. فإنك نازل لا محالة» وفيه إشعار بأنه يستحقه. ولقد كان فى الآية السابقة يتمنى أن يتخذ مع الرسول السبيل الجيد المستقيم» فهنا يتمنى أنه لم يتخذ فلانا خليلا صادقا يخاله ويوده» ويقترن به ويتبعه» ليت وهل ينفع شيئا ليت» وفلان كناية عن صاحبه وأصحابه» ويتمنى أن لو كان لم يتخذهم أخلاء له» ويتحقق قوله تعالى: «( الأخلاء يوذ بعضهم لبعض عدو إلا مين 9 © [الزخرف] . و 4# تفسير سورة الفرقان ؟ للقي سسا ااا كج1 وهذه الآية وإن كان موضوعها فى اليوم الآخرء يشير إلى سبب الفساد بين الناس فى دار الابتلاء» والسبب يتلخص فى أمرين: أولهما - صحبة السوءء فإن صاحب السوء أخو الشيطان يسهل للشيطان سبيلهء ثانيهما - الرأى الفاسدء فإنه يكثر فيه خلان السوء ودعاة الشرء والتخذيل عن الخيرء ولقد قال سبحانه فى وصف خليل السوءء 9 لقد أَضلّني عن الذكرٍ بعد إِذ جاءني © اللام واقعة فى جواب قسم مقدرء وهى والقسم المقدر تفيدان التوكيدء وقد تفيد التوكيد أيضاء ولأَضْلّنِي4 أى أبعدنى وأوقعنى فى الضلالة منصرفا عن الذكر الذى يذكرنى بربى وهو القرآن والنبى يَلكٌْ وما اشتمل قوله عَميِكَلهِ من تذكير بالله والإيمان» فالذكر يشمل القرآن والنبى» وما اشتملت عليه الدعوة المحمدية من تذكر مستمر بالله تعالى» فقرين السوء أبعده عن الحق والتذكير به إبعادا تاما. وح وقت الذكرء وهو وقت مجيئه الذى يكون فيه الهدى والضلال» وفى ذكر هذا الوقت إيذان بأنه قد جاء المذكرء ولم يجب داعيه» وإيذان أيضا بأنه لا سبيل له إلى استعادة ما فات» وتغليظ لفساد صحبة صاحبه. وقوله تعالى: ط وكَانَ الشيْطَانْ للإنسان حَذدُولاً 4 هذه الجملة السامية من كلام الله تعالى وأحكامه من كلام الذى يقول: ١‏ لَيتي لم أَنَخذْ فلانا خَليلاً 4 . فإن كانت من كلام الله تعالى فهو سبحانه وتعالى يقرر حقيقة ثابتة فى الناس» والشيطان هنا هو الخليل ١لذى‏ يدعو إلى السوء؛ لأنه يكون كالشيطان تسرى نفثاته فى نفسه كما تسرى نفثات الشيطان» والشيطان خحذول للإنسان يخذله عن السير فى طريق الخير وهدايته . وعلى أن هذا من كلام الكافر يوم القيامة» يكون رميا لخليله الذى أضله بأنه كالشيطان أفسد قلبه وإدراكه وخذله عن أن يسلك مسلك النبى كَل ويتخذ سبيله يله الحق والذكر والمعرفة» والهداية والبعد عن الضلال» وخَدُول صيغة مبالغة من خاذل» وهو الذى يجعل الشخص المقدم على أمر يتردد فيه ولا يفعلهء والمراد هنا هو التخذيل عن فعل الخير» وسلوك الطريق الأقوم» والأهدى سبيلا. 1# تفسير سورة الفرقان و ل أ ا هذا ما يكون من أمر الظالمين فى الآخرة» وقد ذكر من بعد ذلك جهاد الرسول» وقد ضلوا بإغوائهم بعضهم بعضاء فقال : ط وَقَال الرسول يا وب إِنّ قَوْمي انُحَذُوا هذا القرآن مُهُجورا 4 . هذه حال الرسول ورسالته وإعراضهم عنها فى الدنيا مما يوقعهم فى حالهم التى صورها سبحانه وتعالى فى الآخرة» وعبر سبحانه بالرسول للإشارة إلى حق الرسالة عليه من الاتباع والدعوة» وحقه عليهم من الاستجابة والطاعة له. وقد نادى ربه ضارعا له أن ينصره ويؤيده فقال: يارب؟ ليشكو بثه وحزنه إليه»ء إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا. وعبر بقومى لإبداء الغرابة من إنكارهم» لأنهم عرفوه صادقا أميناء وعاشروه وعرفوا أنه الأمين» ليس بالكذاب ومعه الحجة اللمثبتة لرسالته التى لا تدع ارتيابا لمرتاب. وقوله تعالى: اتْحَذُوا هذا القرآن 4 الإشارة إلى القرآن الذى عرف بصفاته العالية من أنه هدى ورحمة وشفاء لما فى الصدورء وهو نور يهدى إلى صراط مستقيم وبلاغته تبعد عن كل قول وفيه الشريعة» اتخذوا القرآن صاحب الصفات العليا مهجوراء أى شيئا مهجوراء هجرته القلرب» وهجروه بذواتهم فكانوا يقولون: 9 ... لا تَسْمَعُوا لهذا القُرآن وَالْعَوَا فيه لعلّكُم تَعْلبِونَ 65 4 [فصلت]»ء وقالوا الهجر والفحش ما يدل على فحشهم وهجر أفعالهم» وقد استغرب النبى جَلِْةٌ من حالهم المناقضة لرشدهم. هذه شكوى الرسول كِلِلَةّ من قومهء وقد عزى الله نبيه بأن الباعث على هذا هو العداوة» والعداوة من شأنها أن تؤدى إلى المهاترة» وهجر الأقوال والأفعال» وهؤلاء أعداء كما كان للرسل من قبلك أعداء. وكذلك علا كل يعدو من المُجرمِن وف ربك هاديا وتصيرا 4 . إنه منذ هبط آدم وإبليس إلى الأرضء» والخير والشر فى نزاع مستمر؛ تحقيقا 9 8# تفسير سورة الفرقان الللللل اال اااااللااللللو لل االلللوا060ا1ا0الا6ااالل ا ا 1 2 غوله تعاى: « ...وق اط مك لض عدوم في الأ تقول ين 69 [البقرة]» فإذا كان من سنة الله تعالى فى خلقه أن يبعث النذير والداعى إلى الخير» فإنه تكون وسوسة الشيطان دائمة مستمرة» والإنسان فى غلاب مستمر بين نوازغ الشرء ودواعى الخيرء وبين الداعى إلى الخير ودعاة الشر دائماء ولذلك جعل الله للنبيين أعداء من المجرمين» ليتحقق للنبى فضل الجهاد» وليتحقق الابتلاء الذى يبتلى به النبيون» كما قال تعالى: «[ .. وتَبلوكُم بالشّرٌ وَالْخَيْر فَة .. 62 4 [الأنبياء]» ولذلك كان لكل نبى عدو من المجرمين» وإلا ما كان فضل الجهادء وفضل الاختبار الشديد لأهل الإيمان. وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين 4 الإشارة إلى ما قوبل به النبى يكِهُ من عداوة كبار المشركين» كأبى لهب» وأبى جهل» ولجاجتهما فى العداوة والإحن مع قرب القرابة» والرحم الواصلة» والمعنى كهذه العداوة التى تلقاها من بعض المجرمين من قومكء» وجعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين» وعدوا تشمل الجمع والواحد أى يكون لنبى عدو» فرادى وجماعات؛ لأن تلك سنة الحياة التى سنها الله تعالى: ا ون تَجدّ لسنّت اللّه تحويلاً 69 4 [فاطر]» و (من) هنا ابتدائية» أى يكونون من المجرمين دون غيرهم . وإذا كان ذلك شأن الوجود الإنسانى أن يكون الإنسان فى متنازع الخير والشرء فإن النبى كَكلِْةِ غالب» لأن الله تعالى ناصره ومعهء ولذا قال: 9 وكفئ برك هاديًا وتصيرا 4 الباء لتأكيد كفاية الله تعالى لهء وإنه معه يغنيه عن الاستعانة بغيره» والتعبير «( بريك 4 أى كالئك وحافظك ومربيكء والقائكم على شئونك» «هاديا » إلى أقوم سبل الحياة الفاضلة» «وتصيراً » نصرا موؤزرا دائماء وليستخلفن فى الأرض المؤمنين الصا حين. الملل > ا تنزيل القرآن وضرب الأمثال قال تعالى: ظ الا كرا لال َل عَليا لف انجْمَة ال 21 17 0 وهر حك رك ديت يد مواد كور تَلئله ال 3 اك بك ينكد يلحي لسر ون ساكرء له لمر مجهت سم بك ع كَكَامَا وص صَصلٌ سيا 3 ولق ءاتإشاضن سىالحتبَّ يي و ب 01 1 وجعانامعةه 2 57 ماه هدرورب وزيا | اي فقلنااذهباإلى ا لور أذ 0 ره م مه عَرِفِتهِمٌ وَبحَعَلْك ا م 0 5 2 وتعبارق نايت كك كيرا ا متوطر الكل وك ود صَت: تيبر 0 0 هيار عراش أصتريمسحو فاص ته سا و6 و أل كانوا لارجوبت نشورا نري أدى جحود المشركين لمعنى النبوة والرسالة الإلهية إلى أن يتقحموا فى كلام غير معقول» وأداهم تكذيبهم للنبى يَلِْةٌ ومعجزته إلى أن يقولوا كلاما لا موضوع له إلا أن يريدوا توهينه. 9 0# تفسير سورة الفرقان الملا اا اللللاااااللل للا ١١ الاك‎ يي « وقَال اْذين كفروا لولا نزّل عليه الْقرآن جملة واحدة 4 ١‏ لَوْلا» هنا للحض والتحريض على قدر ما تدركه عقولهمء. وكأنهم فى هذا يعيبون القرآن؛ لأنه نزل مفرقاء ولم ينزل دفعة واحدة» ويعيبون إعجازه» لأنه نزل أجزاء مفرقة» وكل ذلك لتسويغ أفكارهم وكفرهمء وقد رد سبحانه قولهم بقوله عز من قائل: (١‏ كذلك لنعبت به فُؤَادك ورثلتَاه ترتيلاً», وقد ذكر سبحانه وتعالى حكمتين فى نزوله مفرقا على أجزاء تنزل فى أوقات متفرقة: أولاهما- هى إيناس النبى عله , وتثبيت قلبه على الدعوة باستمرار الوحى نازلا بالقرآن لا ينقطع» وهذه الحكمة أشار إليها سبحانه بقوله: 8 كَذَلِك لنعْبّت به فُوَادكَ 4 أى أنزلناه كذلك لنثبت به فؤادك فتعرف بالوحى المستمر أن الله معكء» الثانية- أشار إليها سبحانه بقوله: « ورتلتاه ترتيلا 4 والترتيل هو قراءة القرآن الكريم على نسق منسق مصور للمعانى الجليلة فى التلاوة» فيتلقاه النبى كله مرتلاء ثم يقرؤه لغيره من القراء من أصحابه كذلك» وبذلك يتواتر القرآن مرتلاء كما أقرأه جبريل للنبى كه وكما قرأه النبى يديد على أصحابه» فالقرآن الكريم ليس متواترا بلفظه فقطء بل بلفظه وترتيله» فقد علّم جبريل النبى كلد كما جاء فى قوله تعالى: 9 لا تحرّك به لسائك لتعجل به 09 إن علينا جمعه وقُرآته 09 فَإِذا قرأناه فاع قرانه 0 تم إن علينا بيَاَه 69 4 [القيامة]» وقال تعالى : «إ وقرانا فَرقَاه لتقرأه على النّاس على مَكمْث .. 679 4 [الإسراء] . وإن العرب كانوا أمة أمية» فما كان فيها كاتب عنده القدرة على أن يكتب القرآن كله» ولأن الله تعالى تكفل أن يحفظ كتابه من غير تحريف ولا تبديل» ليحفظه إلى يوم القيامة» فكان ذلك بحفظه فى الصدورهء وإن ما يحفظ على قرطاس يسهل تحريفه أو تبديله أو حذف جزء منهء أما ما يحفظ فى الصدور فإنه يكون فى وعى لا يغير ولا يبدل» ولا أراد اليهود فى أفريقيا أن يحرفوا فى كتابة المصحف كان الحفاظ وراءهم» وقد ردوا كيدهم فى نحورهم. لل مالفالل 6 رز فبين الله تعالى الحكمة واضحة نيرة موضحة مفسرة وقال: ولا يُأتوتك بمكّل إلا جنناك باحق وأحسن تفسيرا 4 . إنهم قد سدت عليهم المسالك كشأن كل مبطل يريد أن يثير لجاجة فى القول والريب حول حقيقة ثابتة لا مجال للريب فيهاء فهم أنكروا أن يكون آية وطلبوا غيره مع عجز صارخ عن أن يأتوا بمثله» وجاءوا بعد إلى أمر شكلى حوله يريدون أن يتخذوا منه سبيلا لأن يقولوا إن محمدا اصطنعه اصطناعا بعد أن قالوا: إنه أساطير الأولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلاء قالوا لماذا لا ينزل جملة واحدة» فبين الله تعالى حكمته العليا فى أنه نزل مفرقاء وقال 9[ ولا يأتوتك بمكّل, إل جمْناك بالْحَقَ وأحَسَن تَفسيرا 4 المثل الحال والصورة» أى لا يأتونك بحال يتوهمون أنها تلقى بريب أو شكء. إلا جتناك بالأمر الثابت الذى لا ريب فيهء فيلقمهم الحجة ويزداد الحق نصوعا وسطوعا وبيانا يقطع جهيزة كل متكلم» وأحسن تفسيرا 4 أفعل التفضيل ليس على بابه» لأنهم ليس لهم تفسير للحقائق حتى يكون بيان القرآن أحسن منهء إنما الظاهر أن بيان الحقائق فى القرآن لا يوجد بيان أعلى منه ولا أجمل ولا أوضحء فالتفسير البيان» وكأن الله سخرهم باعتراضهم لتزداد حجة النبى يك وضوحاء والله عليم حكيم» وقد ذكر سبحانه من بعد ذلك عاقبة لحاجتهم» فقال : « الّذِينَ يُحَشَرُونَ على وجوههم إلى جهنم أولتك شر مَكَانَا وأضل سبيلاً 4 . موضع ل الّذِينَ يحْشَرون» النصب على الاخقتصاصء وبيان عاقبة أمرهم بعد هذا الذى يثيرونه حول الحجة الكبرى للرسالة الخالدة إلى يوم القيامة» وقد عبر سبحانه عن حشرهم يوم القيامة بصورة تجعل القارئ يدرك منها مقدار المهانة التى تلحقهم يوم الحشرء الذى كانوا ينكرونه ويبالغون فى إنكاره» إذ إنهم يقلبون على وجوههم التى كانت لا تتجه فى الدنيا إلا إلى الأسفل» فهم يسحبون سحباء ويجرون جرا على وجوههم» وهذا يشير إلى أنهم يساقون ولا يكون لهم اختيار» ويساقون على أقبح حالء» فبدل ما كان يدعون لأنفسهم فى الدنيا من سيطرة» 9 ##ا تفسير سورة الفرقان الالالال للفلا لولاا كج وسلطان يتحكمون به فى رقاب العباد» ويفتنون الناس فى عقائدهم يكونون على هذه الصورة من الذل والهوان» وأنهم يؤخذون أخذا إلى جهنم؛ ١‏ أُولتك شر مَكَانا وَآَضَلْ سَبيلاً4 الإشارة إلى المشركين محملين بهذه الصفات التى كانت لهم فى الدنيا من غطرسة وكبرياء واستنكار عن الحق ولجاجة فى الباطل» وإلى ما آل إليه أمرهم من السحب على وجوههم إلى جهنم سحباء و (شر) فى معنى أفعل التفضيل هو ليس على بابه» كقوله تعالى: 3 قل هل أتبئكم بشَرمَن ذلك .. 69 © [المائدة]ء والمعنى من بلغ فى الشر أقصى حالاته. لقد كان المشركون يعيرون النبى بَلَِْكٌ على أن أتباعه العبيد والفقراء» وهم فى نظرهم الأراذل من قومه» فبين سبحانه أنهم إذ يسحبون إلى النار على وجوههم مع صفاتهم السابقة شر مكاناء أى مكانهم الحقيقى والمعنوى شر هو الشر كله وغيرهم كان هاديا يهدى فى الدنياء وخير مثوبة فى الآخرة» وَآَضَلَ سبيلا» أى أبعد عن السبيل الحق فى الدنيا والآخرة» ففى الدنيا بإنكارهم للحق» حتى وصلوا إلى درجة العمى» وبالموازنة بين ما كانوا يدعون لأنفسهم» وما آل إليه أمرهم يتبين أولا - أنهم كانوا فى ضلال وهم فى الدنياء والأرذلون فى زعمهم كانوا أهدى سبيلاء ويتبين لهم ثانيا- أنهم فى الآخرة يسحبون على وجوههم إلى جهنم» والمتقون كانوا سائرين إلى النعيم . من قصص الأنبياء ل( ولَقَد آنا مُوسى الْكتّاب وَجَعَلنا عه أَحَاهُ هرون وزيا © فَعلنَا اذهب إلى القَوم الْذين كذبوا بآياتنا قدمرتاهم تدميرا 4. ذكر سبحانه وتعالى طغيان المشركين وضلالهم. وتحديهم وعنادهم» ثم مآلهم , ثم ذكر سبحانه بعد ذلك العبر التى سبقتهم» وما آل إليه الطغيان والكفرء مشيرا غير مفصل - التفصيل فى مواضع أخرى - » وابتدأ بقصة فرعون وملئه. ا تفسير سورة الفرقان 9 لل مالل لللفب للك ج11 وقومه» وقد كان أشد طاغية فى عصرهء لبيان أنه لا يستعصى على الله تدمير عاص مهما يكن طغيانه» وهو الذى كان يعبد» ويقول لهم 9 .. ما علمت لَكم من ِلهِغيْرِي .. © 4 [القصص]» وقال تعالى: 9 ولَقَد آتينا موسى الكتاب »© وهو التوراة» وقد أكد سبحانه وتعالى نزوله صادقا باللام وبقدء فهذا يدل على صدق النزول» ولا يدل على صدق البقاء فقد نسوا حظا مما ذكروا به» وحرفوا الكلم عن مواضعه» وأفرد موسى بأنه أوتى الكتاب» ولم يكن معه أخوه هارون» فهو الذدى تلقى الألواح العشرة» وهارون كان مؤازرا له» معينا فى أداء الرسالة؛ والذى تلقاها كاملة هو موسى» ولذا قال تعالى: « وَجَعَلْنا معه أَحَاه هروث وزيرا 4 أى مؤازرا معاونا استجابة لطلب موسى فى قوله: ط( قال رب شرح لي صدري 62 وير لي أَمْرِي 5 وَاحل عَقَدَة من لساني 60 يَفقَهُوا قي 62 وَاجِعَل لي وزيرا م من أهلي 9 هرون أخي (© اشدد به أَزْري 60 وأشركه في أَمْرِي 09 4 [طه] . وقد أرسلا معا إلى فرعون: ظ فَقَلمَا اذَه ِلَى الْقَوم الُدين كَذْبوا بآياتنا فَدمُرنَاهم تدميرا 4 الفاء عاطفة للترتيب فى أنه عند إرادة الجعل وزيرا لموسى كلفهما بالتبليغ معاء فقال لهماء وأضاف سبحانه القول إلى ذاته العلية تشريفا لهما وتنويها بأمرهماء وقوله تعالى: اذها إِلَى الْمَوم الّينَ كَذْبوا بآياتنا 4 الأمر بالذهاب يومئ إلى أنهما مقدمان على أمر جليل فى شأنهء خطير فى ذاته؛ لأنه لقوم عتاة» يسبقون إلى الكفر بدل السبق بالإيمان. وقد وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم كذبوا بآيات الله مع التكذيب بعد الذهاب» وبعدما آتى الله تعالى موسى تسع آيات مبينات» فكيف يكونون موصوفين بذلك عند الذهاب» والجواب عن ذلك أنه أخبر بالماضى» لبيان تأكد الدفوع منهم» كما فى قوله تعالى: « أتئ أَمْر الله قَلا تَسْتَعْجِلُوه .. 0 4 [النحل]» وكما فى قوله تعالى: اقْحَربَت الساعَة وانشق الْقَمَرَ 0)» [القمر]ء عند بعض المفسرين الذين يقولون: إن انشقاق القمر يوم البعث. والتدمير إدخمال الهلاك فى الشىء» أو الهلاك» والفاء أيضا للعطف 8# تفسير سورة الفرقان 1 الل االللللللاااا الئل االلللمئ للا ئللك | كاك + يي والترتيب والتعقيب» قد يقال كيف كان التدمير عقب الذهاب» وقد لبث موسى فيهم يدعو سنين» ونقول: إن الزمن فى ذاته لم يكن طويلاء وإن كان عند الناس عن ذلكء. إنه لولا حاشيته وقومه ما طغى وتجبر» وكذلك الشأن فى كل طاغية جبار ملؤه هم الذين يقرونه ويشجعونه . قوم وح لم حَذبوا الرسْل أغرقاهم باهم لئاس نامدن لالم عذابًا ألِيما 4 . «وَقُومَ نوح» منصوب بفعل محذوف تقديره اذكر قوم نوح» والرسل هنا يراد بهم نوح طْيكَهِ إذ إنهم كذبوه: فقد كذبوا رسالة الله تعالى إلى خلقه» فكانهم يكذبون الرسل جميعا الذين جاءوا قبل نوح» والذين جاءوا بعذه» لأنهم كذبوا أصل الرسالة الإلهية» ولذا كان العقاب بأن استؤصلوا وأنشأ من بعدهم قوما آخرين» وكان ذلك بالإغراق الذى اجتث شأفتهم أجمعين» ولم يبق إلا من آمن بنوح ء وما آمن معه إلا قليل» وقال تعالى: 9 وجعلناهم للناس آية 4 » أى أية إشارة إلى أنه يعتبر بهذه الآية» ومن لم يعتبر فهو لايعد من الناس؛ لضلاله وفساد إدراكه. وأَعتدنًا للظَالمِينَ عذابا ليما 4, أى هيأنا للظالمين بسبب ظلمهمء الذى يشمل الشرك والفساد فى الأرض» والاعتداء على الناس» «عذابا أليما» أى ليشير إلى أنه سبب العذاب الول « اذا ووه وأصحَاب الا وقرو بن لك كثيرا » . ا تفسير سورة الفرقان ١‏ ا 0 وعادا معطوفة على قوم نوح» وعاد هم قوم هود الذين كفرواء فآنزل الله بهم عذابه فى الدنيا بريح فيه عذاب شديدء كما قال تعالى : 9 فَلَمَا روه عارضًا مستقبل أوديتهم قَالُوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عَذَاب أليم 09 4 [الأحقاف]. وثمود هم قوم صالح أهلكوا بريح صرصر عاتية. وأما أصحاب الرسء» فقد امتلفت الروايات عن السلف فى تفسيرها أو من همء وأصل الرس كما قال الأصفهانى فى مفرداته: الأثر القليل الموجود فى الشىء يقال: سمعت رسا من نخبر» ورس الحديث فى نفسى» أى أثره» وروى أن الرس . اسم لبئرء وهكذا وردت روايات كثيرة عن أصحاب الرس» وأحسن ما روى فى ذلك روايتان هما أن أصحاب الرس وأصحاب الأيكة هم قوم شعيب الذين دعاهم إلى التوحيد» ومبادئ الأخلاق» وتنظيم المعاملة والعدالة فى الكيل والميزان والثانية ما رواه ابن جرير واختاره» وهم أصحاب الأخدود الذين هلكوا بإلقائهم فى أخاديد ألقيت فيها النيران» وأصحاب الآأخدود الذين هلكوا هم الذين فعلوا بالمؤمنين ذلك كما جاء فى سورة البروج فى قوله: 9 والسماء ذات البروج واليوم الموعو د © وشاهد ومشهو ده فل أصحاب الأخدو د 2 الثَارذات الْوقُود 2) إذ هم عَلَيهًا فُعُودْ 5) وهم علئ ما يََعلُونَ بالْمؤمبين شهود 0 وما تَقَموا مهمإأن يسوابله تر لميد 49 , وإن هؤلاء قد بلغوا أقصى غايات القسوة فى معاملة المؤمنين» وقد أخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدرء وذكرهم فى هذه المناسبة؛ لبيان عتوهمء وأنهم قد انتقم منهم كما انتقم من فرعون» وكما ينتقم من كل المشركين» وإنا نميل إلى الرواية الأولى» وهى أنهم قوم شعيب؛ لأن سنة القرآن الكريم فى قصصه أن يعرض قصة شعيب بعد عاد وثمود» فبمقتضى هذا المنهاج القويم نميل إلى أنه سبحانه وتعالى أشار إلى قصة شعيب بهذه الإشارة. 95 تفسير سورة الفرقان لوال ااا ١‏ فى ٠‏ الإشارة فى قوله تعالى: وقرونًا بين ذلك » إلى الزمن الذى كان بين نوح وعاد وؤثمود وأصحاب الرس» والقرن هو الجيل من الناس» أى أن أجيالا بين هؤلاء الأنبياء كثيرا كانت فيها العبر» ولكن قل المعتبر» و «كَشيرا 4 وصف لمحذوف تقديره عدد» أو وصف لقرون نفسها. وكلاً ضربنا لَه الأمتال وكلاً تَبْرنا تشبيرا © . وهذه القرون الكثيرة التى بعث لها النبيون بين نوح وموسى» حذرهم الله وأنذرهم» وضرب الأمثال من قصص النبيين» وكيف هلك الأقوام» إذ كذبوا الرسل» ويبين الله كيف أهلكهم وفتتهم» وأذلهم» ولذا قال تعالى: «وكلاً ضربنا لَه الأَمُغَالَ »4 كلاء الضمير قائم مقام مضاف إليه» أى كل قرن من هذه القرون الكثيرة بينا له الأمثال من الذين سبقوه» وكذبوا رسلهم» وكيف كانوا عبرة لهم» ولكن لم يعتبرواء « وكلاً تبّرنَا كيرا 4 فسر الراغب الأصفهانى التتبير بالإهلاك» والمعنى: وكلا أهلكناهم إهلاكاء وكانوا عبرة» ولكن لم يكن اعتبار» فعم الفسادء وضلوا ضلالا بعيداء إلا من هدى اللّه» وآمن واهتدى. وقال الزمخشرى وتبعه فى هذا كل المفسرين الذين أخذوا أن التتبير هو التكسير والتفتيت» أى أن الله تعالى كسرهم حتى صاروا فتاتاء متقطعا متجزثا. والمعنيان متلاقيان يصح الجمع بينهما بأن أهلكهم بطريق كسرهم وتفتيتهم» حتى صاروا فتاتا مندثرا . وإن المشركين لم يعتبروا بما بين أيديهم من آثار الذين ظلموا مثل ظلمهم» وعليهم أن يعدوا أنفسهم لثل المآل الذى آل من سبقوهم» وإنهم يمرون على ديارهم, ولا يعتبرون بهم » ولذا قال تعالى : «( وقد أتوا على القريّة التي أمطرت مطر السُوء أَقلَم يكونوا يروتها بل كانوا لا يرجون نشورا 4. القرية هى المدينة العظيمة» وهى هنا قرية قوم لوط» ومطر السوء هو / تفسير سورة الفرقان ل الم 61 0 الحجارة» وهذا تشبيه للحجارة التى كانت مقصودة بالمطر. لأنها نزلت عليهم منهمرة انهماراء ولكنه لم يكن مطر ماء مغيث» ولا ماء مغيث» بل مطر حجارة حاطمة» فهو سوءء أى سيىء فى ذاته مؤلم» وهو سيىء فى ععقباه» أفلم يروها ولم يروا ما نزل بها فيعتبروا ويتدبرواء ولكنهم مروا ولم يروا روعة اعتبار. أتوا هذه القرية أى مروا عليها فى رحلاتهم إلى الشام» ولم يعتبرواء وقال أتوهاء ولم يقل مرواء للإشارة إلى أنه كان يجب أن يأتوا»ء ويعتبروا بهاء ويخشون أن ينزل بهم لما ارتكبوا من آثام مثلهاء أو أشد منهاء وإن لم تكن من نوعها . ٍ«إبْلْ كَانُوا لا يرَجُون نُشُورا » بل هنا للإضراب الانتقالى» أى أنه لا يتوقع منهم اعتبار بالسابقين؛ لأنهم لا يرجون نشوراء لا يتوقعون أن ينشروا ويبعثوا ويحاسبواء لأن من فقد ذلك الشعور لا يأبه لشىء ولا يفكر فى عبرة أو اعتبار» إذ يحسب أنها الحياة الدنيا وحدها ويقول: ما هى إلا حياتنا الدنيا نلهو ونلعب وما النبى والمشركون قال تعالى : وَإِدَا روك إِنْيسخِدُوبَلك اَن مزلأ صَإَرَامَهَأوَسَوَقَ سه جو ما # م 0 يََلَمُون ديس يرو تَالْعَدَاب م نْأضل سبلا 0ه 2 رووءه 0 207 م2 2 إلاهروا أهلذا | ازِى بعمك الله رسو ص المشركون كشأن كل ضال أن يكون مصروفا بقلبه عن الحق منصرفا عن المعانى إلى الظاهر» وعن الحقائق الثابتة إلى الأمور الحسية» لقد رأوا النبى يأكل 7 ## تفسير سورة الفرقان المي ا [ 1 #1 ذ 2201# لجل بن يي كما يأكلون.. ويمشى فى الأسواق كما يمشون» فصرفتهم هذه المشابهات الحسية عن معانيه يَليِلِ التى سمى من أجلها الأمين بينهم» فاستهزءوا لمظهر حاضرهء ونسوا حقيقة ماضيه العامر بالجود والفضائل» ؛ بل نسوا معنى الرسالة ومعجزتها. | الضمير فى روك 4 يعود إلى المشركين» لأنهم حاضرون دائما بمجادلتهم ومهاتراتهم» وفتنتهم للمؤمنين» أى إذا رآك المشركون داعيا موجها مرشدا :إن يتَخذوتَك إلا هزوا 4 إن هنا نافية» وفى الكلام معنى القصر والتخصيصء فالنفى والاستئناء يفيدان القصرهء إنهم إذا رأوك لا ينظرون إليك إلا نظر المستهزئ الساخرء فلا يفكرون فى الدعوة أهى حق أم باطل» أو أهى فى أخلاق الناس وإرشادهم أمر حسن أم أمر باطل؛ وفى دليلهاء أهو ساطع قاطع. وفى تحديه لهم؛ أهم عاجزون أم قادرون» وفى ماضيه أهو كريم أم غير كريم» لا يفكرون فى شىء من هذاء بل يغلبهم الإعراض والاستهزاء قائلين ساخرين أهذا الذي بعت الله رَسولاً4 أى أهذا الذى يعيش كما نعيشء ليس معه ملك وليس له كنزء وليس له بستان يغنيه» بعثه الله رسولاء وضمير الصلة محذوف ودل عليه الكلام» والاستفهام فى قوله أهذا الذى بعث الله رسولاء استفهام إنكارى للتهم» يفيد نفى الرسالة» لعدم لياقته لهم فى زعمهم وكذبهم على الله العزيز المكيمء وهو أعلم حيث يجعل رسالته. 0 ليقواوث: صل سيلا 7 إن - مخففة من إن» واسمها ضمير الشأن محذوف تقديره إن الحال والشأن أنه كاد إلى آخره» أى أنه بماضيه وظهور صدقه. وعدم الدليل على كذبه فى حججه المتوالية التى كانت تجىء دليلا ردف دليل قارب أن يبعدنا عن آلهتناء أى يبعدنا عن عبادة آلهتناء ويجنبنا إياهاء 8 لولا أن صبرنا علَيهًا »* أى لولا أن حبسنا ل ااا الل 61 سب اق أنفسنا عليهاء فصبر هنا بمعنى حبس» كقوله تعالى: فإ واصبر تَفْسّك مع اْذين يعون بهم بالغداة وَالْعشي يريدون وجهه .. . 62 4 [الكهف] . وإن هذا النص الكريم الحاكى لأحوالهم النفسية يدل على أمرين: أولهما- أنهم كانوا فى مغالطة نفسية. بين باطل اعتنقوه وحق لاح نوره بين أيديهم بحججه وأدلته الناصعة المنيرة» والثانى- أنهم لتقليدهم وتعصبهم لما كانوا عليه وما وجدوا عليه الآباء فكانوا يحاولون إبطال الحق وتأييد الباطل» فحبسوا أنفسهم على الباطل حبساء وأنهم كانوا يتبعون الحق لولا أنهم حبسوا أنفسهم على الباطل» ولولا - شرطها صبرناء وجوابها محذوف دل عليه ما قبلها. وهكذا المبطل دائما يكون غير مستقر على فكرة» بل الأوهام تسيطر» وتضع على الإدراك غشاء مانعا من أن يصلوا إلى الحقائق ويؤمنوا بهاء ولا تحسبن الضالين يؤمنون بشىء. وقوله تعالى: ف وساف يمو نيرون امنأ سيل سوف هنا لتأكيد وقوع الفعل فى المستقبل» أى سيعلمون علما مؤكدا فى أى جانب كان الضلال» أكان مع الهادى المرشد الأمين» أم منكم» وأنتم تعبدون أحجارا لا تنفع ولا تضر» وقد حبستم أنفسكم عليها حبسا لا تخرجون من دائرة سلطانه الموهوم: وإنكم ستعرفون الحق الواضح الأبلج الناصع فى نوره وبياضه عندما ترون العذاب» فالنفوس الضالة لا يهديها إلى الحق الحجة الدامغة» بل تزيدهم إصرارا على باطلهم» ويعلمون حيتئذ الحق فى وقته» إذ يعلمونه فى وقت نزول العذاب» وهو علم ندم» ولاات حين مندم. وقوله تعالى: فإ من أَضْل سبلا استفهام لإنكار حالهم وتوبيخهم على جهلهم مع مجازاتهم على ما كان منهم فى جنب النبى فى الدنياء طأَضَلْ سَبيلاً4 أى أبعد عن الطريق المستقيم» والله بكل شىء عليم» وإن هذا القول الذى حكاه سبحانه وتعالى عنهم يدل على أنهم يختارون من الآلهة ما يتجه إليه هواهم دون عقولهم» ولذا قال سبحانه: 0 تفسير سورة الفرقان 231306055800000 كك 3 « أرآّيت من اتّحَد إلّهه هواه أَأنت تَكون عليه وكيلاً 4 . ترتب على حبسهم أنفسهم على الضلالة لا يتجاوزونهاء ولو بدا لهم الحق لائحا منيرا أنهم يريدون آلهتهم على ما يهوون ويحبونء لا على ما يدركون بعقولهم» وتبين به الآيات الباهرة» وعظمة الله تعالى القاهرة» والمعنى لقد رأيت من اتخذ إلهه هواه. وقالوا: إن المفعول الأول هواه» وأُخّر للاهتمام بمعنى الألوهية التى لا تكون هوى قطء وكأن سياق القول» أفرأيت من اتخذ هواه إلها يعبده» والإله هو الواحد الأحد النافع الضار الذى يملك كل شىء فى الوجودء ولا سلطان لأحد عليه» والاستفهام هنا للتوبيخ» لأنه إنكار لفعلهم الذى فعلوه» ويفعلونه» ويلجون فيه من غير تفكير» ولا تعرف للحق. لانت تكون عَلَيْه وكيلاً © الوكيل الحفيظ المتصرف المحامى عليه» لقد كان النبى يك حريصا على هدايتهم؛ كما قال تعالى: «إِنّك لا تهدي من أحببت ولكن الله هدي من يشَاء .. 25 4 [القصص].» وقال تعالى: 8 لَعَلّكَ بَاخع نَفْسَك ألا يَكُونوا مؤْمنين 2 4 [الشعراء]ء فهذه الآية وسابقتها تدل على أنهم يعبدون ما يحبون لا ما يعلمون ويدركون» وأنهم قد انغمروا فى ضلال لا منجاة لهم منهء ولذا قال تعالى : ا أََأَنت تَكُون عَلَيْهِ وكيلاً» الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى إذا كانوا يتخذون هواهم إلهاء فأنت تكون عليهم حفيظا تهديهم» وتخرجهم من الظلمات إلى النور» إن فسادهم فى ذات أنفسهم» فإن حفظتهم عن أن يضلوا غيرهمء فكيف تحفظهم من ذات أنفسهم.ء إن ضلالهم فى ذات أنفسهم» والاستفهام للتنبيه إلى ضلالهم» وقال تعالى : «(أم تحسب أن أكفْرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كَالأَنْعَام بل هم أضل سبلا ). أم - هى أم المنقطعة الدالة على الإضراب والاستفهام معاء أى أنها تدل على الإضراب والانتقال من أمر شديد» إلى أشدء فالأمر الأول كان يفرض أنهم ا تفسيرسورة الفرقان ململ لحب ا يستمعون» ويعقلون واختاروا الهوى إلهاء أما الاستفهام فى هذه الآية فهو على إنكار أنهم يسمعون. «إتحسب » معناها تظن ونقدر أنهم يسمعون ويعقلون» وإنكار أنهم يسمعون؛ لبيان أنهم لا يسمعون الحق ولا يهتدون ولا يتدبرون» فكانوا كمن لا يسمعون أصلاء لأن الله وهب لنا السمع لنتقى به أضرار المفاجآت» ولنكون فى يقظة» فإذا لم يفد السماع إدراك الحق فهو لم يسمعء» ففى الكلام مجازء وكذلك من عنده عقل ولا يستعمله فكأنه سلبه. وقال سبحانه: أَكتْرَهم 4 لأن الله عدل فى حكمه دائماء فمنهم من يؤمن» ويكون من المجاهدين» ومنهم من كان يستنكر فى نفسه ما يفعله هؤلاء» فليسوا جميعا كأبى جهل وأبى لهب» وإن هؤلاء الكثشرة كانوا هم المسيطرون على الجو الفكرى حتى أدال الله تعالى من دولة الكفر» وكانت الكلمة العليا لله ولرسوله وللمؤمنين» فأخذ الإسلام يغزو القلوب قلبا قلبا قلباء وفقد الهوى سلطانه إلا فى بعض الأعمال دون العباد» ويئس الشيطان أن يعبد فى أرض العرب» وبين سبحانه أن هذه الكثرة أضل من الأنعام فقال: إن هم إلا كَالْأنْعَامِ بل هم أضّل سبيلا 4 . هنا نفى وإثبات» وإن نافية» أى ليسوا إلا كالأنعام» فى أنهم لا يعقلون الحق ولا يدركونه» وفى الكلام مجازء إذ شبهوا بالأنعام» لجامع الجهالة وعدم الفهم» وقد أكد الله جهلهم بقوله بل هم أَضلْ سَبيلاً» أى أنهم أضل طريقا وهداية؛ لأن الأنعام تتبع هاديهاء ومن يأخذها إلى منتجع الكل والماء» أما هم فلا يهتدون ولا يتبعون هاديا مرشداء فهم جائرون بائرون» ولقد قال الزمخشرى فى هذا المعنى : ) إن الأنعام تنقاد لأمر من يرعاها ويتعهدها. وتعرف من يحسن إليها» ومن يسىء إليهاء وتطلب ما ينفعهاء» وتتجنب ما يضرهاء وتهتدى لمراعيها ومشاربهاء وهؤلاء لا ينقادون لربهم» ولا يعرفون إحسانه إليهم من إساءة الشيطان الذى هو ' عدوهمء ولا يطلبون الثواب الذى هو أعظم المنافع» ولا يتقون العذاب الذى هو 92 8# تفسير سورة الفرقان |لااللتات11 لا أاللازا !ااال الل لاا للالامامل الل كطخ لللماط الالالال انان امم ملل ططخ خط طممم الالالال خخخ ااال خختلساش ارلا 4ج بي أشدل المضارء والمهالك,. ولا يهتدون بالحق الذى هو المشرع الهنى.ء والعذب الروى»). وهكذا كان الذين يحسبون الهداية ضلالاء والعكوف على الأوثان والتمسك بها صبراء يحمدون عليه» وليس هوانا يحسب عليهم» والله الهادى . آيات الله فى الكون قال تعالى: لْمَتَرَإِل ريك 5 َفْمَدّ الْظِلٌَولِوَسَا لوْسَاء لجعاه ابلس اسه سئي © مُمَهبَضْكَهَنَابْصَاسِبرا (©) وَهْوَالرى بحَعَلَ رماوا سباتا وَجَع ل لئهَا رْسُورا © وَهُوَالرىَ سل كترايزب بدن نينأو هِنَالسَمَك ما طهورا (0) لَشْحسى يه بده مَسَحَاوشْمْقِيَهُ. كن سارك كيرا 0 لنت ليد روأ فاضا كلاس إلاكدورا 1 الرؤية هنا بصرية نظرية» ذلك أنه من ينظر ببصره الظل وهو يمد والمد: الجر والسحبء يراه رأى العين يجر شيئا فشيئا من انبلاج الفجرء إلى طلوع الشمس يرى ذلك بالنظرء ثم يتدبر بالفكر فى صانعه» ولذلك قال: 9ألَمَ تَرَلَى بك 4 والرؤية بالبصر تكون فى مد الظل شيئا فشيئاء والرؤية النظرية فى سر ذلك وسببه» ولذا وجهت الرؤية إلى الله خالق الأكوان والقادر على كل شىء»ء والرؤية ل / تفسير سورة الفرقان 0 لح ار حيتئذ رؤية علمية إلى صانع المدء وما يكون حتى مطلع الشمسء والمد كما قلنا هو السحب والجرء و الظل وهو ما لا تظهر فيه الشمس». سواء أكانت فى حال إشراقهاء أم فى حال زوالهاء وهو هنا ما قبل إشراقهاء وهو يمتد شيئا فشيئاء فالفجر ينبلج» ثم يكون الإسفار متدرجا حتى تطلع الشمس فهو كقوله تعالى: « والصبح إِذا تنفّس 620 4 [التكوير]ء إذ يمتد الظل شيئًا فشيئاء ويبرز الناس إلى الحياة متدرجين فى بعث الحياة فى الأعمال» وكأنه يتنفس تنفسا. هذا توجيه إلى تعرف بدائع الخلق. وإنه فى هذه الحال» تكون الراحة النفسية؛ واستقبال ال حياة مبشراء وإن ذلك صنيع الله تعالى خالق كل شىء ومبدعه» خلقه سبحانه بإرادته المختارة» التى ينشئ بها كل شىء فى الوجود» فلا تصدر عنه صدور العلة عن معلولهاء 9 ولو شاء لَحِعلَه ساكنا». أى باقيا مقيماء وتكون كلمة ساكنا وضعا من السكنى» وعندئذ لا تبعث الراحة والسعادة والاستبشار» وقد قال تعالى فى آية أخرى 2 قل أَرأينَم إن جَعَل الله عليكُم اليل سَرمَدا إلى يوم القيَامَة .. 69 4 [القصص]؛ فسبحان مقلب الأحوال» وسبحان مقلب القلوب. قال تعالى: ظاثُمٌ جعلنا الس عَليْه دليلاً» انتقل السياق القرآئى من الغيبة إلى المتكلم؟ لبيان إرادة الله الواضحة» وأنه هو الفاعل المختار» ولتربية المهابة فى النفوس بخطابه بذاته العلية خطابا واضحا معلماء والعطف بثم للإشارة إلى التفاوت بين الظل والشمس الساطعة»؛ وكانت الشمس دليلا على الظل» لأن إشراقها نهايته؛ ولأن ضوء الشمس يدخل فى ظلام الليل شسيئا فشيئا من انبثاق الفجر» فهو الدليل الواضح للظل» حتى يكون الصباح. وإنه بعد الإشراق يأخذ الظل فى الانقباض حتى يكون الظلام الحالك» ولذا قال تعالى: ثم قَبضناه ينا قيضا يسيرا © وإنه بعد إشراق الشمس يكون الظل والحرورء ويستمر طول النهار مصطحبا مع الشمس المشرقة والنور حتى يكون فى الغروب وتختفى الظلال والأضواء ويكون الظلام الدامسء» والليل الذى تستكن فيه 8# تفسير سورة الفرقان 1 الللللاااالللللااللاااللااللللا الل اااللللبو الل للك بلجب يي يي النفوسء وترخى أستار الظلام» وهذا قوله: «ثُمْ فبضناه إِلَينا »4 أى نسخناه وأزلناه» وشبه زوال الظل بجوار الضياء بشىء يقبض» وأضيف القبض إليه سبحانه لأنه يكون بإرادته» وبالنظام الثابت الذى وضعه الله تعالى للكون» فجعل سبحانه الأرض تدور حول الشمسء» وبهذا الدوران يكون الليل والنهار» وثم هنا فى موضعها؛ لأن القبض مستمر طول النهار» ويتم فى آخره» فالتعبير بثم فى موضعه. والقبض اليسير هو القبض المتدرج آنا بعد آن» وساعة بعد ساعة» فالقبض للظل مستمر من شروق الشمس إلى غروبهاء وهو يتناقص شيئا فشيئا حتى ينتهى النهار. وإن هذا النص يثبت أن الأرض كروية» ويومئ إلى دوران الأرض حول الشمس . ولقد صرح سب ححانه بأنه خالق الليل والنهار بعد أن أشار إلى بعض الأسباب. «( وهو الذي جَعَل لَكُم اليل لاسا وَالتَّوم سبانًا وَجَعَل التّهار نشورا © . فى هذه الآية الكريمة يذكر ما جعله الله تعالى من خواص الليل» وما جعله من خواص النهار»ء فجعل الليل كاللباس للناس» لأنه يستر عوراتهم» ولا يكشف» ويكونون فى كن من الظلام ساتر غير كاشف». فشبه سبحانه الليل باللباس الساتر بجامع ستره للعورات وما لا يصح إبداؤه» وقوله تعالى « وَالتوم سبانًا 4 أى جعلنا النوم قاطعا عن العمل منهيا للحركة» وفى ذلك الراحة اليومية» وتجديد القوى للعود للعمل؛ وذلك لأن السبات من السبت وهو القطع» وسمى السبت سبتا لأنه قاطع عن عمل الأسبوع» ومنه له وإخلاد إلى الراحة من بعده» وذلك فى عقيدة اليهود إذ كانوا فى السبت ينقطعون عن العمل والصيدء ويستجمون» والنوم فى ذاته موت للحس» وقعود عن الحركة» ولذا قال تعالى : ل وهو الذي يتوقاكم بالليلٍ ويعلم ما جرحم بالتّهار . . 9© > [الأنعام] . لولاا اللللللللل 61 سر ا وجعل النهار نشوراء أى جعل النهار فيه النشورء أى الانتشار للحركة والعمل» وفى كلمة نشور إشارة إلى أمور ثلاثة: أولها - إبعاد إلى لباس الليل وإنهاء لسباته» وثانيها - الحركة العاملة التى بها يعمر الكون» وثالثها - الكسب فى الحياة وظهور الأعمال خيرها وشرهاء ولذا قال تعالى فى الآية التى تلوناء ويعلم ما جرحتم بِالنّمَارٍ 4 أى كسبتم بالنهار» وسمى الله تعالى النهار نشوراء فسمى الزمان باسم ما يقع عليه» وهذا مجاز علاقته الظرفية» وفى ذلك ما يفيد أنه زمن حركة وعمل» وليس زمن توان وكسل» وهذه دعوة إلى العمل» فالعمل حياة» والكسل موت. وهذه الآية متصلة بما قبلهاء فالآية السابقة شرحت عجائب فى خلق النهار من الليل كيف يبتدئ بمد الظل» ولو شاء لجعله ساكناء وكيف جعل الشمس مشرقة داعية إلى العمل والحياة» وكيف قبض الظل متدرجا حتى جاء الليل» وفى هذه الآية: 8 وهو الذي جَعَلَ لَكم الليلَ لباسًا ...4 بين سبحانه حكمته فى خلق الليل والنهار» إذ يبدأ النهار بمد الظل» ثم يقبضه متدرجا فى قبضه» حتى يجئ الليل» ومن الليل النهار» وجعلهما خلفة. بعد بيان نعمته على عباده فى الليل والنهار» وبيان أن النفوس تستروح الراحة فى الليل» وتنهض للعمل فى النهار لطلب الرزق بين سبحانه أنه يرزق الناس بما يكون مادة عملهم» وفيه معاشهم» فقال الحكيم العليم الخلاق العظيم : ف وهو الذي أَرسَل الاح بشرا بين يدي رَحْسته ونلا من السّمَاء ما طَهورا 20 لنحبي به بلْدة ميا ونسقيه مما حَلَقا أَْعامًا وأناسي كثيرا 4 . الضمير لله جل جلاله الذى أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة» وأرسل الرياح أطلقهاء كأنها مقيدة بإرادته سبحانه ثم أرسلهاء والرياح جمع ريح» وهى تتلاقى فى استقامتها مع الراحة» كما تتلاقى فى وقائعها مع الراحة أيضاء وإن كانت المعانى ليست واحدة» أطلقها سبحانه وتعالى لتكون مبشرة للناس بنزول الماء الطهورء ولذا قال تعالى: «ل بشرا بين يدي رَحمته 4 وبشرا مخففة من بشر بضم :. : ا تفسير سورة الفرقان ممالل 00 (لحطل يبه يي الاثنين» جمع بشورء أى مَبَشَر والمعنى على ذلك مبشرات برحمته» وهو إنزال الماء الطهورء الذى يطهر من الأرجاسء» ويسقى الزرع والغرس والحيوان» والإنسان» ويصح أن تكون جمعا لبشرى» وهى فى نظرنا أظهر والمؤدى واحدء وهو أنها مبشرات» وقد تكون الرياح عواصف جدباء» وليست هذه التى تكون بشراء بل إنه يكون نذيرا من النذر كما وقع لعاد قوم هودء ولثشمود قوم صالحء وقوله تعالى: «إ بين يدي رحمته 4 أى أنها مقدمة لرحمته تليها الرحمة الإلهية لخلقه» وفى هذا الكلام تشبيه حسن باستعارة تثيلية» فقد شبهت الرياح الممطرة غيئا من يسير وأمامه فى سيره رحمة مباركة طيبة» ورشحت وقويت الاستعارة بقوله بشرا فإنها تقوى معنى المشبه به والاستعارة إذا كانت مقواة بما يكون فيه معنى المشبه به كانت مرشحة أى مقواة. وقول ا بشرا 4 قرئت بالنون» أى نشر جمع نشورء كما جمع رسل من رسولء والمعنى أنها تنتشر وتعم لتعم الرحمة» ونذهب إلى أن القراءتين المتلاقيتين فى المعنى نجمع بينهما فيكون المعنى أن الرياح فيها وصفان أحدهما أنها مبشرة بالخير» والثانى أنها منتشرة وعامة. ويكون المؤدى أن كل قراءة آية قائمة بذاتهاء وهى قراءة» والجمع بينهما يكون الجمع بين آيتين» فى أوجز لفظء وبالجمع تكون الرياح مبشرات ومنتشرات» والله هو الرزاق ذو القوة المتين. وقال تعالى : ل وَأَنزلنَا من السماء ماء طَهورًاً © والسماء هنا جهة العلوء أنزلنا من السحاب الذى حملته الرياح المبشرة المنتتشرة ماء طهوراء والطهور هو الطاهر فى نفسه المطهر لغيره» وإن أطهر الماء هو ماء المطر؛ لأنه فوق نخلوه من الأنجاس الحسسية والقاذورات هو خال خلوا تاما من جرائيم الأمراض الوبائية وغيرهاء ووصفه بطهور ينبئْ عن ذلك. وإنه ينزل كذلك ثم يكون تلوثه بجرائيم الأمراض بعد ذلك بمكوثه فى الأرض واستقراره بها . وإنه فى الشريعة يطهر الإنسان طهارة حسية بإزالة الأنجاس الحسية» وطهارة تفسير سورة الفرقان لل لل ل ال للم الئل الل 1م جب بي ١‏ معنوية بالاغتسال والوضوءء وإنعاش الأجسام بالاستحمام» والاستراحة من وعثاء الأعمال» وكل هذه نعم تَعَم البر والفاجر. وقد بين سبحانه غاية هذه الماء الطاهرة» أو عاقبة نزوله بإرادة الله تعالى وأمره الذى لا معقب له» ولا راد لفضلهء فقال 9 لتحي به بده ميا ونسقيّه مما حَلَقنَا أنعاما وأناسي كثيرا 4 . اللام لام العاقبة» وليست لام التعليل فى نظرناء لأن أفعال الله جل جلاله لا تعلل» ولكنها لام العاقبة وبيان اقتران نعمة الله تعالى بهذا الخير العميم» وقد ذكر الله تعالى ثلاث نعم كل نعمة تشير إلى ما وراءها. النعمة الأولى - إحياء موات الأرض» وقد عبرا الله تعالى عن ذلك بقوله تعالت كلماته: 9 لنحبي به بلّدة مُيتَا4 البلدة الميت هى) الخالية من الزرع والماحلة من الغرسء ولا ينتفع بها فى بناء أو غيره» بل هى معدة للزرع والغرس» وإحياؤها هو سقيهاء وإزالة أسباب بوارهاء وزرعها أو غرسهاء والماء هو حياة الزرع والغرس» وخلق الله تعالى من الماء كل شىء حول» يلاحظ هنا أن كلمة « بلدة ؛ مؤنث لفظى» وهر دال في ذانه على البقمة» تأكيف يوصف بكلمة مين الخالية من التاء» قال علماء البيان: إنه أريد بالبلدة مكانهاء فميتا وصف للمكان وهو الذى يوصف بأنه محل خاو من الزرع والضرع» فكان حذف التاء» فيه إيماء إلى ما يجرى فيه الإحياء وهو المكان وليس البلدة التى اتتكون من البيوت والدورء وهى لا تكون إلا حيث يحييها الله تعالى بالزرع» وإن إيراد المكان بالبلدة هو الذى يتفق مع السياق» والبيان. وقال علماء البيان أيضا: إن الوصف بميت من غير تاء فيه مبالغة فى محلهاء وجدبها وخلوها من النبات» وما به يبك )2 أعى أن الجدب حال مستمرة وسمى الله تعالى وجود الزرع والغرس » وما يتايعهما من إحياء» تشبيها بالحياة» أى أن الأرض فى حال جدبها كالميت» وفى حال زرعها واستغلالها 61 الللللللا مولن نجلب لي ١‏ كالحى» وكل بفضل من الله تعالى» ذلك أنه إذا كانت الأرض ماحلة لا حياة لها - بزرع أو غرس» فإنه قد يكون باطنها عامرا بالمعادن فلزات وغير فلزات كما نرى فى الصحارى فى بلاد الحجاز» وفى الصحراء الغربية فى تخوم ليبيا والجزائر» ومصر» وفى العراق وإيران» وغيرها من أرض الله تعالى العليم القدير. ونسقيه مما خلقنا أنعاما 4 أشار فى هذه الآية إلى ثلاث نعم فى ضمن نعمه أولها : : السقى ذاته فهو نعمة» وثانيها : أن الأنعام يسقين حلق الله تعالى» وهى تكون حاملة وعاملة» وثالثها: أنها حيوان هى نعم فى ذاته» ولذا سميت الأنعام . ورابعها: ستى الأناسى» وهى جمع إنس بمعنى الإنسان» وهذه نعمة أخيرة » وهى نعمة الرى» ودفع العطش القاتل» إنه هو المنعم الكبير . التصريف فى القرآن والندر قال تعالى : ا 5220000 ولقدصرة صرفنه ينوم لِدَدو ماك لئان إلاكتُورا 2 وَلَرْشِئْنَا بَعشافي كل قَربَةٍ © كنظ السكنيره 0-7 هدم بود يهان سكا 3 4# وهوالرى مرج الوق هَدَاَذي اث وداج جاح ويحعلنتهمابيحًا تجا 2000 نَبَاوَصِهرا وان َي ريك ديرا : 02 ينوا الابتتطن ونون الكإو ع1 ريد طهد؟ 02 اا مالل 14م لح ا اللام لام قسم محذوف» وهى لتأكيد القول» وقد للتأكيد» والضمير يعود إلى القرآن» وهو حاضر فى نفوس المؤمنين والكافرين» فأما المؤمنون فلانه زاد تقواهم ‏ وأما الكافرون فلأنه موضوع لجحاجتهم وافترائهم» وقولهم على الله بغير الحق» وافترائهم عليه» وتحديهم أن يأتوا بمثله فعجزوا عن أن يأتواء وبدل أن يخنعوا بعد هذا العجز يمارون فى الحق بعد أن يتعبواء وهذا على أن الضمير يعود إلى القرآن وهو حاضر فى كل الآذان» وتصريفه تحويل بيانه من باب فى الإعجاز إلى باب آخرء فمن قصص حكيم فيه عبرة لأولى الأبصار إلى بيان الشرائع وما فيها من إصلاح» إلى الكون وما فيه من بيان لقدرة الله تعالى وإبداعهٍ وكأن هذا التصريف بينهم؛ ليبعث فيهم الذكرى» وهذا قوله تعالى: «بينهم ليُذَكْرُوا4 واذكر افتعال من الذكرء أى أعملوا عقولهم ليذكروه دائماء ولكنهم كفرواء ولم يجعلوا للذكر موضعا فى قلوبهم» ولذا قال تعالى: ط فَأبئ أَكْترَ الا إلا كقورا 4, وهم المشركون» والفاء عاطفة وتشير إلى السببية» أى أنهم بدل أن يجعلوا القرآن سبيلا لتذكرهم وتدبرهم جعلوه سبيلا لكفرهم وبعدهم عن الحق» وأكثر الناس هم المشركون» وقد كانوا فى مكة والكثرة الكاثرة» والمؤمنون كانوا القلة المستضعفة» ولكنها القوية بالحق فهو عز المؤمنين» وذل الكافرين مهما يكن غددهم. هذا على أن الضمير يعود إلى القرآن» وإن الضمير يعود إلى الماء الطهور الذى ينزله الله تعالى ليحيى به موات اللأرض» ويسقى بها الأنعام التى خلقها الله تعالى وأناسى» والعود إليه ظاهر؛ لأنه أقرب مذكورء ظ صرفناه بيتهم » ؛ أى وزعناه بينهم» فهو مرة يكون غيثا فى الشرق» وأخرى فى الغرب» وأحيانا فى الوسطء وأحيانا فى الجنوب» ورابعة فى الشمالء» وكل يفيض عليه رزق الله تعالى» وكل يسقيه الله تعالى بقدر»ء وكان حقا عليهم أن يتذكروا هذه النعم ويشكروها؛ لأنه سبحانه وتعالى خلقهمء وكفل أرزاقهم» ومكنهم من أن يعملوا ويقوموا على الحرث والنسل» ويستخرجوا من الأرض خيرهاء ولكن أبى أكثر الناس إلا كفورا وجحودا . ١‏ ## تفسير سورة الفرقان م ال ة#آ#آ1آ#####1#1ذذذذأا 2 لح ا هذاء وإنا نميل إلى أن الضمير يعود على القرآن؛ لأنه حجة النبى بَكلةٍ الذى بعثه الله تعالى بشيرا ونذيرا» ولقد قال سبحانه وتعالى : ( ولو شتا لعا في كل قرية ديرا 4 . إن الله تعالى رحيم بعباده رفيق بهم ولكنه خلق لهم أعينا يبصرون بها وآذانا يسمعون بهاء وقلوبا يفقهون بهاء وجعل لهم علما وإدراكاء ومكنهم من أن يصلحوا فى الأرض ولا يفسدوهاء وصلاحها بأن يقوموا بمكارم الأخلاق» وجعل لهم بعثا ونشوراء وحسابا وجزاء وعقابا» ولكنه علت قدرته لابد أن يعطيهم النذر مرشدة» حتى لا يتردوا بأهوائهم فى الضلال» فبعث إليهم محمذا بشيرا ونذيراء بالنذر العامة التى تعم القرى والمدائن» ولو شاء لجعل فى كل قرية نذيراء والقرية المدينة العظيمة» أو القبيل الكبير»ء ولذا قال تعالى: « ولو شئنا لبعثا في كل قريةٍ يرا > » أى منذرا يخصهاء ويبين الحق بيانا كاملا»ء ويبين ما يعقب الكفر من عذاب الجحيم» وما يكون بعد الإيمان من جنات النعيم . لو - حرف امتناع لامتناعء أى امتنع الجواب لامتناع الشرط» أى امتنع أن يجعل الله تعالى فى كل قرية نذيراء لامتناع مشيئته سبحانه ذلك» وله سبحانه وتعالى فى ذلك حكمة وإرادة» وعلى أن الناس متشابهون خلقا وتكوينا وإرادة» وسيطرة الأهواء الشيطانية على بعضهمء والعقل على آخرين اصطفاهم الله تعالى» وبهداه اقتدواء فكان الإعلام بالرسالة والنذير» إعلاما لهم أجمعين» ومن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه» ومن ضل فإنما يضل عليهاء وكان إنذار محمد يله عاما للناس أجمعين » وكان التبليغ الكامل حقا عليه وعلى من تبعه من بعده» كما قال تعالى: ( انرصو كم 1 يك من رَبك وإن لم تفعل فَمًا بلَْتَ رِسَالَتَه واللهُ يعصمك من الثاس ... 09 4 [المائدة] . وإذا كان إنذار الناس أجمعين حقا على النبى واجبا عليه؛ كان لابد من الجهاد» ولذا قال تعالئ : اا تفسير سورة الفرقان ل لحب رز طقلا نطع الكافرينَ وجاهدهم به جهادا كبيرا 4 . الفاء للإفصاح لأنها تفصح عن شرط مقدر. وقد أمره تعالى بأمرين: الأمر الأول ألا تطع الكافرين؛ لأنه منذر لهم» والطاعة تكون بتخاذله فى الدعوة» وممالأتهم فيما يعبدون» وذلك مستحيل أن يكون من محمد المبعوث رحمة للعالمين والذى جاء لإصلاحهم» فلا يصح أن يعود إلى مداهنتهم فى الحق» وإنما ذلك أمر لأتباعه يَكِْةٌ من بعدهء ومن هم معه فى حال حياته» وذكر الكافرين بالاسم الظاهر لبيان أن طاعتهم طاعة للكفرء فكان ذلك تأكيد النفى ببيان سببه. والأمر الثانى - جهادهم. والجهاد بذل الجهد فى مقاومة ضلالهم» وبيان الحق الذى يدعو إليه» والإصرار عليه» والجهاد كان فى مكة بالصبر على الدعوة إلى الإيمان» والأذى فى سبيلهاء والاستهزاء والسخرية بهاء وألا ينى عن الإعلام بهالمن لم يكن يعلم» وقد حقق النبى وأصحابه ذلك فى مكة» فقد صبروا وصابرواء وتعرض النبى يَلِْةِ للقبائل بعد أن ذهب إلى الطائف وردوه ردا منكراء تعرض للقبائل فى موسم الحج» حتى كان الأوس والنزرج من أهل يثرب» إذ , وجدوا فيه منجاتهم مما هم فيه من عداء بينهم» وحرب مع اليهودء فهاجر إل فكانوا له أنصاراء وكان الجهاد بالمنازلة بعد الجهاد بالمصابرة. ووصف الله تعالى المطلوب بأنه جهاد كبيرء لأن المصابرة أمر عظيم» وبها قام المسلمونء وتكونت الخلية الأولى من أهل الوحدانية. وحملوا مع النبى كَل عبء الجهاد فى دوره الثانى» وكان الجهاد كبيرا؛ لأنه كان فى كل أدوراه بالصبر» وقوله: وبه» أى القرآن ببيانه والتمسك بهء فإنه فى ذاته قوة» وإنه بهذا يشير إلى وجوب الدعوة إلى الإسلام والجهاد فى سبيلها والمصابرة» وهو أمر كبير إلا على الخاشعين» وإن كبر الجهاد ليس بكثرة المقتولين» وإنما كبره يكون بالصبر عليهء وإرادة الله تعالى فيهء وتحمل الأذى والرضا بالأذى» ما دام يوصل إلى الغاية» وهى أن تكون كلمة الله تعالى هى العليا. 4 0# تفسمير سورة الفرقان ااتلللك1 ااانا ااال 1ل لال الا ااا لان خم نا نا لالخ ممع خسم مسلاا لت للت الالال لا لات ةةخخانا اللا انالا متخ خخ ااا ال للك )تتلا اال يي وقد ذكر سبحانه آياته فى خلقه الدالة على قدرته القاهرة» وإبداعه الباهرء فقال عز من قائل : « وهو الذي مرج البَحرَينٍ هذا عَذْبْ قرَات وَهَذا ملح أُجَاج وجعل بيتَهُما َرْرَخَا وحجرا مُحجورا 4 . الضمير يعود إلى الله جل جلاله» ومرجء لها معنيان وردا فى لغة العرب» المعنى الأول - خلى وأرسلء, والمعنى الثانى - خلط من غير امتزاج» وإدخخال أحدهما فى الآخرء وقبل أن نخوض فى معنى الكلمات والأسلوب نقرر أن هذه الآية من دلائل الإعجاز؛ لأن محمدا لم ير البحار التى تمخر عبابها السفن» فذكره سبحانه وتتعالى لخواصها فى القرآن دليل على أنه ليس من عند محمد كَلِةِ الذى لم يرها ولم يعرفهاء ودليل على أن الكلام لله تعالى خحالق البحر واليابس» والأنهار والبحار» وهو بكل شىء عليم. والمعنيان للمرج يستعملان فى هذا المقام» فالله سبحانه وتعالى خلّى البحرين يجريان كل منهما فى مجراه من غير أن يمتزج أحدهما بالآخرء وهما غير متجاورين أحياناء وأحيانا يكونان متجاورين يختلطان ويتجاوران ولا يمتزجان» والبحران هما النهر العظيم كالدجلة والفرات والنيل وسيحون وجيحون وغيرها من الأنهار العظيمة الذى يخليها الله تعالى ويرسلها فى المروج» فتنبت الزرع نباتا وغراساء ويشرب منها الناس» ويسقون دوابهم وأنعامهم» والبحر الثانى هو البحر الملح. كبحر الروم وبحر القلزم» وبحر الهند. وبحر الظلمات وغيرهاء والأول عذب فرات. والثانى ملح أجاج» أى ملح شديد الملوحة» وفيه أحيانا دفء» وفيه نعم لا تحدء ففيه الجواهر والياقوت والمرجان» وفيه اللحم الطيب» وهواؤه فيه مواد مطهرة للصدرء فيه اليودء ومنه تنبعث الريح» وفيه تجرى البواخر كالأعلام وفى هذا بيان نعمة الله تعالى فى الماء العذب الفرات الذى يكون لسقى الأرض وإحياء نباتها وغرسها. وقد ذكر الحافظ ابن كثير عجائب الله تعالى فى البحر الأجاج. فذكر ما | تفسير سيور ها لفر: قان للك لحر ا يكون فيه من مد وجزر تبعا للقمرء فقال رضى الله تعالى عنه فى تفسير ف وهذا ملح أَجَاجٌ4 : أى مالح مر زعاق لا يستساغ كالبحار المعروفة فى المشارق والمغارب والبحر المحيط . وأخذ يضرب الأمثال حتى قال: وما يشابهها من البحار الساكنة التى لا تجرى ولكن تموج وتضطرب وتلتطم فى زمن الشتاء وشدة الرياح» ومنها ما فيه مد وجزرء ففى أول كل شهر يحصل مد وفيض فإذا شرع الشهر فى النقصان جزرت حتى ترجع إلى حالتها الأولى» فإذا استهل الهلال من الشهر الآخر شرعت فى المد لليلة الرابعة عشرة» ثم شرع فى النقص فأجرى الله سبحانه وتعالى تلك العادة. وإن نعم الله تعالى فى البحار كما ذكرنا عظيمة» وقد سئل النبى يَكْةٌ عن ماء البحر فقال: « هو الطهور ماؤه الحل ميتته ©. وقد أشار سبحانه إلى أن كلا من البحرين العذب الفرات والملح الأجاج كلاهما محجوز عن صاحبهء بل يأخذ الإنسان من كل منهما منافعه ونعمه من غير أن يختلط أحدهما بالآخرء فيختلط الملح بالعذب الفرات» فلا ينتفع الإنسان بشربه» ولا الزرع بسقيه . ولذا قال : ظ وَجَعَل بيهم بَرْرَخَا وحجرا مُحجورا 4 أى جعل بينهما حاجزا مانعاء وحجراء أى حداء وهو بمعنى محجوزء كنقض بمعنى منقوض» وأكد سبحانه المنع» فقال: إوحجرا مُحجورا4 أى حدا ممنوعا لا يمكن أن يعدو أحدهما . وقد قلنا إن مرج » هنا بمعنى خلا وأرسل» وقد بينا معنى مرج البحرين على ذلك المعنى» وهى أيضا بمعنى خلط وجاور من غير أن يمتزج الماءان كل منهما بالآخر مع أن الماء سريع السيران» ويتم الامتزاج فيه؛ لكن فى النوعين من الماء نجدهما يتجاوران مختلطين بالجوار غير سائل أحدهما فى الآخر» فتجد فى مصبات الأنهار حيث يختلط ماء النهر وتجاور ماء البحرء تجد بينهما مانعا حسيا يكون كل واحد منهما متميزا بحيزه لا يعدوه؛ لأن ماء النهر خفيف, والماء الملح 2 ا تفسير سورة الفرقان ل 111 1 ذ ذ ذ ذ آذ 2101111111 لحب أ ثقيل فكلاهما لا يمتزج بالآخرء وإن كان ماء البحر على ماء النهرء ولذا قال تعالى : فى هذا النوع من المرج ف مرج البحرين يأتقيان 09 بينهمًا بررَح لأ يان 9 قبي آلاء بَكُمًا َكَذبّان 9 ؛ 469 [الرحمن]. وبعد أن بين سبحانه ما فى الكون من عجائب وبدائع بادية للعيان» ويدرك بعضها الجنان عاد بنا إلى الإنسان المخاطب بالتكليف فقال: ( وهو الذي خلَق من الْمَاء بَشرا فحَعَلهُ سا وصهرا وَكان ريك قديرا. © . الضمير «[هو» يعود إلى الله جل جلاله خالق الوجود كله جليله ودقيقه وفى هذه الآية يقول عز وجل أنه خلق من الماء بشراء ونجد فى النص تفاوتا بين الماء المخلوقه» والمخلوق منه البشرء فهذا ماء ظاهر أنه لا حياة فيها يكون منه بشر له حياة وحس ظاهر وخفىء واماء لا يتألم» والبشر يتألم» ومع هذا التغير الظاهر كان المخلوق والمخلوق منه موجودين فى كيان واحد» وما ذلك إلا بقدرة العليم الحكيم الذى يخَيْر ولا يتغير» ويحول ولا يتحول» وقد خلق البشر الحى الحساس من الماء مرتين: أولاهما - أنه ككل حى متحرك ينمو كان من الماء فالماء كان منه الزرع والثمار وغيرهماء والإنسان كان من النباتء وما من الحيوان» كما قال تعالى : ف وجِعلنا من الماء كل شي حي .. © 4 [الأنبياء]ء وخلق من الماء وهو المنى. وما هو إلا ماء مهين. لا يعبأ به النظرء وأشار سبحانه إلى أن هذا الذى كان منه الماء يتوالد» ويتلاحم البشر فى الأسر والقبائل» والشعوبء ولذا قال مشيرا إلى هذا التوالد» فقال": «إ فَجِعلّه نَسبًا وصهرا 4 وهذا فيه إشارة إلى الصلات الإنسانية التى تربط الإنسان» وتكون منها المودة الراحمة الواصلة. إما بتوالد نسبى يجمعه الأصلء والنسبء وإما بسبب صهرىء ولقد ذكر الزمخشرى أن ذكر النسب والصهر والسبب إشارة إلى أن العلاقة الإنسانية تكون بنسب الرجال» أو بالمصاهرة التى تكون بالنساء إذ تكون بالمزاوجة» والمرأة هى السبب فى علاقتهاء كما قال تعالى ا فَجعل منه الرُوْجيْنٍ الذكر وَالأننّى 9 4 [القيامة] . ل | تفسير سنور: 5 الفرقان ااالللو الل الل .م للح اا وإن ذلك كله بقدرة الله تعالى وإبداعه فى هذا الوجودء ولذا ختم الله تعالى الآية بقوله عز من قائل» ‏ وكَانَ ربك قديرا 4 وكان ربك خمالقك الذى أنشاك ويكلؤك ويرعاك قادرا قد علت قدرته كأقصى ما يتصور العقلاء» و (كان) هنا هى الدالة على الاستمرار.والدوام» أو الكيئونة الدائمة. ومع هذه القدرة القاهرة» والعجائب الباهرة» وكما رأيت من مد الظلال» وخلق الليل والنهارء ومرج البحرين» وخلق الإنسان من ماءء مع كل هذا تجد الذين سيطرت أوهامهم يعبدون حجارة لا تتفم برل تضرء ولذا قال سبحانه عقب ذلك: ظ وَيَعبدُونَ من دون الله ما لا يتفعهم ولا ييضرهم وَكَانَ الْكافر عل رب ظهِيرا 4 . « ويعبدون 4 الواو هنا واو الحال» والمعنى: هذه قدرة الله القاهرة الباهرة مع أنهم لم يعتبروا ولم يدركوهاء والحال أنهم يعبدون من دون الله أحجاراء أو ما يشبهها لا تنفعهم بشىء قط بحيث يعبدونها رجاءء ولا تستطيع ضررا لهم فتكون العبادة دفعا لهذا الضررء فهى لا حياة لهاء وهى دونهم» ولكن الوهم جعلهم يعبدونهاء مع هذه الحال. وقال تعالى : « وكات الْكَافِر على رَبّه ظهيرا 4 روى عن مفسرى السلف» أن ظهيرا معناها أن الكافر يظاهر الشيطان على الله تعالى» إذ يدليه بغروره فلا يعبد الله» ويعبد الحجارة» وهذه المظاهرة على الله تعالى ربه الذى خلقه وأنعم عليه» وأسبغ عليه ظاهرا وباطناء وذكر الكافر بالوصف» للإشارة إلى أن سبب ذلك هو ضلال الكفر وطمسه لبصيرة عابد الأوثان. وفسر بعض العلماء «ظهيرا4 أى مهيناء والمعنى هينا على ربه لا يضره كفره» وقالوا إن ذلك من قولهم ظهرت عليه» أى جعلته وراء ظهرى» لا ألتفت إليه» ولا أهتم به» وذلك قريب من قوله تعالى: ‏ ... وأُضذتصوه وراكم ظهريًا ...60> [هود]ء وهذا القول قاله أبو عبيد» وهو قائم على أن ظهير بمعنى مظهور أى ملقى وراء ظهره. ا تفسير سورة الفرقان و لولاا 0 ١ ااا‎ بي والمعنيان متلاقيان» فالكافر حليف الشيطان هو الذى يدفعه دفعا إلى معاندة الله تعالى» وهو هين على الله تعالى وليس له عند الله إلا مكان الهون . الله يؤيد الرسل قال الله تعالى : 71 ع و هت اك انه لماوز 0 12 أ سس م 9 091 َ 200 0 للق لسوت ألا اف سك َم ص حو رو 2 1 2 جد 20 حاقل لم أسجدو عدوأ نووم 5 م أ عد 21 11 جر سج د لمات مرناوزادهم نقورا نقورا © 03 / 0 يي حصل ياي ورا م َ م له قي هيمد ره إن المشركين أثاروا من أوهامهم أمورا حول النبى يللي فزعموا أنه يريد مالاء وزعموا أنه مجئونء وأنه ساحر إلى آخر ما أوحت به أوهامهم» فبين الله سبحانه أنه ما كان إلا بشرا رسولاء وقال : مَا أَرسلَْاكَ إلذّ مبَشَرا وتذيرا 9 قل ما أسألكم عليه مر أجر إلا من شَاءَ أن وما أرسلناك إلا مبشرا ونذير ؛ من أجر إلا من يتَخذ إلى ربه سبيلا » . اا تفسير سشيور: ةا لفر: قان م الل حر > ا الجملة السامية الأولى دالة على القصر بالنفى والإثبات أى ما أرسلنا ذا سلطان» ولا ذا مالء» لا لأى عرض من أعراض الدنياء ولكن أرسلنا مبشرا بالحق داعيا إليه منذرا من يتمسك بالباطل أو يدعو إليه» أرسلناك فقط لتبشير من يبتغون الحق بالنعيم المقيم وجنة الفردوس» ومن يصرون على الباطل لهم عذاب الجحيم . ومعنى هذا القصر الثابت بالنفى المستغرق» والاستثناء الموضح أنه يَلكْةٌ هاد مرشد» فلا تعبثوا بهذه الحقيقة بما تثيرون من أوهام باطلة» وتصدون عن سبيل الله تعالى بهذه الترهات الفاسدة. وأمر الله تعالى نبيه أنه لا يريد أجرا إلا الهداية واتباع الحق» فقال عز من قائل : طقل ما أسألكُم عليه من أجر إلا من شاء أن تخد إلى ربْه سبيلا 4 . الأمر فى طقُل» للنبى كد وقد أمر الله تعالى نبيه أن يقول ذلك القول؛ لأنهم قالوا وأشاروا وصرحوا أنه يريد سيادة دنيوية فى جاه يبتغيه, أو مال يتموله» فهو كَكِةِ الذى يتولى الرد» وبيان أنه لا يريد إلا الهداية «إما أسألكم عليه من أجر» من - هنا دالة على استغراق النفى» أى لا أسئلكم على هذا الإرشاد والتوجيه الذى أدعوكم به إلى ترك الأوثان وعبادة الله تعالى وحده أى أجرء وإن فائدة هذه الدعوة مغبتها عليكم إذا اهتديتم» وتعود عليكم بالعقاب إن كفرتم . ثم قال تعالى مستثنيا من الأجر إلا من شَاءَ أن يد إلى َب سبيلا» . هذا الاستثناء يحتمل أن يكون متصلاء ويحتمل أن يكون منقطعاء وعلى أنه متصل يكون المعنى ظاهرا والمعنى لا أسألكم أجرا تدفعونه» أو تؤدونه» إلا ابتغاء من شاء أن يتخذ إلى ربه منهاجا مستقيماء وطريقا موصلا إلى ربه» فإن ذلك هو الأجر الذى أبتغيه» وهو نعم الأجر ونعم الجزاءء فيكون الكلام دالا على مطلبه يل ودالا على شرف الغاية التى يبتغيهاء فليس يطلب مالا ولا جاهاء ولكن يطلب هداية وتوفيقا وإرشادا. 9 0# تفسير سورة الفرقان اللي م 1 1#1#1آ1 2101111 1ج _يز يي ودعوتى . ويهتدوا به ويوحدوا العبادة . 1 وفى قوله تعالى: «إإلاً من شاء أن يتَخذ إِلَئ ربّه سَبيلاً 4 إشارات بيانية ثلاث . الأولى - التعبير بقوله: من شاء» إشارة إلى أن الشواب لا يكون إلا بالإرادة الحرة المختار» إذ هى أساس التكليف . الثانية ‏ التعبير بقوله: «( يتخذ إلى ريه سبيلا 4 التعبير بالرب توجيه إلى أنه الخالق المربى القائم على الخلق» ففى ذلك دعوة للاتباع المدرك» شكرا لنعمة الله تعالى عليه . الثالثة- وصف الهداية بأنها اتخاذ السبيل؛ لأنه المنهاج» وهو 9 سَبيلاً4, وكان التنكير لبيان أن السبيل المطلوب هو ما كان إلى الله تعالى. وبعد أن أمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم ما قال أمره سبحانه بأن يتتجه إلى الحق معتمذا عليه سبحانه وتعالى وحده فقّال: «وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح, , بحمده وكفئ به بذنوب عباده خَبيرا 4 . أمر الله تعالى نبيه بالتوكل عليه بعد أن يئس من المشركين» ليكون خالصا للدعوة إليه» وليكون معتمدا عليه وحده؛ وليكون ذلك تبشيرا للنبى يَكلٍ بالنصر عليهم» وأن الله تعالى معطيه ومن معه القوة الدافعة» والتوكل معناه اعتماد القلب على الله تعالى» واتخاذ الأسباب الظاهرة؛ وإن لم تكن هى وحدها الناصرة إنما هى وسائط» أمر سبحانه وتعالى باتخاذها من غير اعتماد عليها وحدهاء وقد ذكر ل | تفسير سنور: ةا لفر: قان 9 ممع مخ م مم1 !!!اناا ل !ااا اناا ااام ممع ااا لاا اال للنا! ااا للا غ1ط خخخ ممم امال خسمسم لقلا 1 > أ سبحانه وتعالى وصفين لذاته العلية يؤكدان أنه لا يعتمد إلا عليه: الأول - أنه الحى الكامل الموجود. الثانى أنه سبحانه لا يموت فهو الباقى» ومن يعتمد على من يموت لا يكون له معتمد بعد موته» أما من يعتمد على الباقى فمعتمده باق لا وبعد أن أمر سبحانه بالتوكل عليه وحده أمر بالتسبيح» وهو التنزيه بوصفه بصفات الكمال المطلق من قدرة وإرادة ووحدانية وغيرها من الصفات التى لا يشبهه فيها أحد من خلقه» ليس كمثله شىء وهو السميع البصيرء العلى الكبير. وقوله تعالى: طبحمده4 . أى مصاحبا بالحمد بالثناء عليه بما هو أهلهء فكان الأمر بالتنزيه» وأمرنا بالثناء عليه سبحانه بما أنعم» وشكره على ما أجزل من عطاء غير مجذوذ. «( وكفئ به 4 » أى الكفاية به سبحانه وتعالى وحدله.» والباء لتأكيد معنى الكفاية والاعتماد على ذاته وحدهء ومن توكل عليه لا يحتاج إلى غيره ولا يغنى غناءه أحد من خلقه» وقوله تعالى: ف( بلدنوب عباده حبرا 4 بذنوب» جار ومجرور متعلق بقوله تعالى: خَبيرا ©, والخبير هو ذو العلم الدقيق الذى لا يعلمه غيره» وقدم الجار والمجرور ‏ بذئوب 4 على متعلقه لبيان الاهتمام بالعلم بهذه الذنوب» وأنهم مجزيون بهاء فإذا كانوا قد عاندوا وضلوا وصدوا عن سبيل الله تعالى فإنهم مأخوذون بذنوبهم» وخبيرا - حال من ضمير به» ومؤدى القول الكريم» وكفى به خبيرا بذنوبهم» وهى خبرة وراءها جزاؤهم عليهاء وهذا تهديد شديد» وإنذار وذكر سبحانه خلق السموات والأرض فى ستة أيام» فقال عز من قائل: الذي حَلق السّموات والأرض وما بينهما في ستّة أَيامِ ثُمّ استوئ على العرش الرحمن فَاسمّل به خبيرا 4 . بدل أو عطف من الحى» وذكر ذلك بعد هذا الوصف الجليل لبيان أن : ## تفسير سورة الفرقان اللا اللو ا ا[ يي التوكل على القادر المنشئ للوجود كلهء وستة الأيام التى فى هذه الآية التى ذكر سبحانه أنه خلق السموات والأرض ليست هى الأيام التى نعرفها الآن بينناء لأن أيامنا مربوطة بالشمس والأرض» ودوران الأرض حول الشمسء» فيكون الليل والنهار خلفة يخلف أحدهما الآخرء وقبل السموات والأرض لم تكن الشمس ولا الأرض» ولذلك تفسر الأيام بالأدوار الكونية التى يخلق الله بها السموات والأرض» وقد ذكر سبحانه وتعالى فى سورة فصلت» فقال عز وجل: « قل أنتكم لََكْفْرونَ باّذي حَلّقَ الأرض في يَومَينِ وَتَجَعَلُونَ لَه أندَادًا ذلك رب الْعالئمين 90 5) وجعل فيها رواسي من قوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أريعة يام سواء لسائلين 0 5 م استوئ إلى السسّماء وهي دخان فَقَال لها وللأرض انا لوعا أو كرها فلن أتينا طأئعين 09 فقضاهن سبع سمَوات في يومين وأوحئ في كل سماء مره ويا السماء الدثيًا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير الْعَريز الْعليم 5+ [فصلت]. وإن هذا النص السامى يدل على أن الأرض أخذت أربعة أدوار منها الدوران الأولان» والسماء قضاهن سبحانه سبع سموات فى يومين. وإن لعلماء الكون جولات علمية فى معانى هذه الآيات» وما تدل عليه من حكمة اللطيف الخبير. بعد أن خلق سبحانه وتعالى السموات السبع والأرض فى ستة أدوار كونية» جلس سبحانه على عرش الكون؛ لأنه سبحانه وتعالى خالقه فقال: «ا ثم استوئ على العرش » هذا كناية عن كمال سلطانه فى خلقه يدبره كما شاءء ففى الكلام تشبيه» إذ شبه سبحانه وتعالى سلطانه على الكون يقوم عليه ويدبرهء لأنه سبحانه وتعالى الحى القيوم» بمن يجلس على عرش مملكته يدبرها ويقوم على مصاحهاء وللّه المثل الأعلى . وقال سبحانه ظاثْمٌ استوئ عَلَى الْمَرّش الرحْمَن 4 التعبير ب (ثم) فى موضعه. لأنه سبق ذلك أدوار كونية لا يعلمها إلا الله ووصف سبحانه وتعالى سلطانه على العرش» فقال عز من قائل 9 الرحمن 4 أى أنه يدبره ويسيطر عليه 8 0 كه : يي برحمته» فكل عمل منه سبحانه فى عرش السموات والأرض رحمة فى ذاته الرحمن الرحيم . وإن المتتبع لهذا الخلق وذلك التكوين» والقيام عليه بقدرته تعالى يرى بقلبه رحمته سبحانه» ولذا قال تعالى: «فَاسمل به خبيرا 4 الفاء للإفصاح عن شرط مقدر إذا أردت أن تعرف فاسأل به خبيراء والباء - فيما أحسب - بمعنى فى» والمعنى فاسأل خبيرا أى عليما يعلم علما دقيقاء فإنه ينبئنك عن جلال الله تعالى فى الخلق والتكوين والرحمة. بعد ذكر هذا الخلق» وهذا التكوين العجيبء والإشارة إلى خلق الله تعالى الوجود كله فى أدواره المحكمة أعاد بيان حال المشركين فى مكة التى يتعلقون بألفاظ يدورون حولها غير متعقلين ولا مدركين» فقال عز من قائل: فإ وَإذًا قيل لهم اسجدوا للرحمن قَالُوا وَمَا الرَحَمَن أنسجد لما تَأمرنًا وزادهم نفورا 4 . لم يكونوا يذكرون الله تعالى بلفظ الرحمن» فهم لا يعرفونه إلا باسم الله تعالى» فلما ذكره باسم الرحمن استنكروا هذا الاسم». وكأنهم لا يقرونه» قالوا: «وما الرّحمن» الواو عاطفة على محذوفء كأنهم يقولون سمعنا قولك من قبل» وما هذا الذى تريده وتسميه الرحمن» كأنهم يحسبون أنه شىء غير الله تعالى» أتريد أن نسجد لما تأمرناء وكأنهم يقولون تأمرنا بألا نعبد إلا الله» ولا نشرك به شيئاء وتريد أن تأمرنا أيضا بأن نسجد لهذا الرحمن» كأن المسألة بيئنا وبينك ليس أمر التوحيد تدعو إليه» إنما أنت تعادى آلهتنا بآلهة أخرى» ومرماهم أنك تتحكم فى عبادتناء ولا تخالفنا فى شركناء ‏ ورَادهم نفورا 4 . أى زادهم الأمر بالسجود للرحمن نفوراء لآن من لا يدرك يزداد نفورا بجهالته» وعدم معرفتهء لآنهم ضلواء وعقولهم الضالة تزداد نفوراء كما أن نزول السورة يزيدهم كفرا. وقال تعالى: 9 وإِذا قيل لهم اسجدوا للرّحمن 4 عبر بالفعل المبنى للمجهول» ولم يذكر الفاعل» وقد علم من البعض» لأنهم قالوا للبى يك ( أنَسجد لما 0# تفسير سورة الفرقان مامالل 5 جه بي تأمرنًا 4 والسجود هنا العبادة» أو الصلاة من بينها؛ لأن أظهر مظاهر العبادة اضوع وأظهر مظاهره السجود لله سبحانه وتعالى . ش وذكر الفعل مبليا للمجهول للإشارة إلى نفورهم من أصل تسممية اللّه بالرحمن؛ وكانوا يحسبونه غير الله تعالى ويقولون رحمن اليمامة أى إله أرض أخرى . (مَارك لذي عل في السماء روجا لَه باجا وقمرًا ير » تبارك - أى تعالت بركته سبحانه» فالضمير يعود إلى الله تعالى الذى يمتلئى الوجود كله بذكره وتسبيحه. وإن كل بركة ونفع فى هذا الوجود يرجع إليه . سبحانه» ولذا تتعالى بركته فى هذا الوجود الإنسانى كله» وقد أشار سبحانه وتعالى إلى بعض مظاهر بركته» وفيض رحمته فقال: :الذي جعل في السماء في بروج مشيّدة 6 [النساء]ء ولقد قال مجاهد: البروج فى الآية الكريمة مى الكواكب المظام وكأنها 00 مرلها و وجمالهاء اوكماله بالقصور تكويهاء فإن خلقها أقل من خلق الكواف العظيمة» والمشبه به يكون أقوى من 1 ا مشبه » وليمس الأمر كذلك فى هذا التشبيه» إنما التشبيه للتقريب لإدراكنا . وخص سبحانه وتعالى من الكواكب بالذكر الشمس والقمرء فقال: #وجعل فيها سراجا وقمرا مبيرا» الضمير فى فيها يعود إلى أدج أى جعل فى البريج اخرى لوطل سرام عا 19 ءا وكما قال تعالى : (ِألْمَتروا ميف حَلو لَه سبع سَمَّوَات طبَاقًا 62 وَجَعَلَ الْقَمرَ فيهن ثور وَجَعَلَ الشّمْسَ سرَاجًا 9 » [نوح]. وهنا نقول: شبهت الشمس بالسراج تقريبا لأفهامنا على سبيل الاستعارة» | تفسير سورة الفرقان 9 الل ااالللمللالاالللللولللاالوو لل لسرب رز وذلك إشارة إلى أنها مصدر الضوء والنور لما حولها من الكواكب» ووصف القمر بأنه منير» أى أن من شأنه أن ينير فى الظلام» ولكن الشمس» جعلها الله تعالى المصدر؛ لأنها سراج هذا الوجودء وقد قال فى ذلك علماء الكون: إن الشمس تضىء الأرض فيكون النهار» ومن انعكاس أشعتها على الأرض يكون نور القمر» فالأصل كما خلق الله تعالى كان من الشمس» وأضاء الأرض» وبانعكاس ضوئها على القمر كان القمر منيرا. ولهذه الصلة بين الشمس والأرض والقمر قال تعالى بعد ذكر الشمس : « وهو الذي جعل اللَيْلوَالنّهَار ةلمن أراد أن يدك أو راد شكورا 4 . الضمير يعود للذات الإلهية التى يجب أن يكون ذكرها فى قلب كل مؤمن. وهو الذى يسبح له الرعد بحمده. «جِعل اليل وَالنّهَارَ خلمَة 4 أى يخلف كل واحد منهما الآخرء كأنه يذهب عن الوجود ليكون الثانى خليفة له فى إحكام ودقة» وانتظام وتداول بينهماء فالإنسان بين ليل يغشاه» وليل يبرزه»ء وبين حياة هادئة ساكنة يستروح فيها راحة الحياة واستقرارهاء وبين لغوب وعمل وكد وعناءء وقال تعالى: ١‏ لمن أراد أن يذَكّرَ 4 يذكر أصلها ليتذكرء أى أنه فى هدأة الليل يتذكر نعم الله تعالى نعمة نعمة» ويعتبر أمره عبرة بعد عبرة» وأخذ مواعظه عظة بعد عظة. ١‏ وقوله تعالى: لإلَمِن أَرَاد أن يَذَكّر أو أَرَادُ شكورا 4 اللام حرف جر متعلق بجعل» أى هذا الليل والنهار خلفة لتكون مادة اعتبار وإدراك لمن أراد أن يتذكر. ويعرف قدرة الله تعالى وخلقه» وإبداعه فى التكوين» فيذكر قدرة الله تعالى الخلاق العليم» وأنه ليس كمثله شىء, وأنه خالق كل شىء» والمنعم على كل شىء» وأراد أن يشكر على ما أنعم بالطاعة. وفى هذا التعبير الحكيم إشارة إلى تبعة الإنسان فى إهماله أو اعتباره» لأنه سبحانه قال «إ لمن أَرَاد » فإرادته هى الموجهة له بعلم الله العلى الكبير» وبهذه الإرادة يستحق الثواب ويستحق العقاب» والله تعالى يهدى من أراد الهداية بالتذكر ##ا تفسير سورة الفرقان اللللمبب الولو الللللبالللااااالللوو الك 214 جنر بي ١‏ وشكر النعمة» و-أو-هنا للدلالة على التردد بين أمرين . أولهما ‏ التذكر وهى تذكرة دائما» أو المخطوة الأخحرى التى تكون بعد التذكر» وهو الشكور» وهى مصدر شكّرء فمصدر شكر الشكر» والشكور» كمصدر كفر الكفر والكفور. واذكر أصلها تذكرء سكنت التاء وادغمت فى الذال وجاءت همزة الوصل ليمكن النطق بالساكن» وإن الليل والنهار من تعاقب الشمس والقمر فى الحس» وهما مستمران فى دأب وتوال» كما قال تعالى: 8 وَسَخَر لَكُم الشُمس والْقمر دائبين وَسَخَر لَكم اليل والتّهَار 0 4 [إبراهيم]» وقال تعالى: 8 ... يشي اللَيل التهار يطلبه حَنيا ... 62 4 [الأعراف] صدق الله تعالى . صمات المؤمئين المتذكرين قال تعالى : ديعا يسو علض ىه جا بلحت مَالوْسكها 0 27 ل ري أ رذ عمدت همك مكاعر اح قرءه آم ل ره سر 9 إِنهَاسَاءَت مُسَسَفَراومَقَامًا 3 و وَالَدَِإ تفقوا 1 وأ سم 2 سر لْممسَرِفوأ ولد قثوأ كان بتر 5إلكك قَواسًا 7 هه 202-204 ل ل قن نيه جا سر أن ينص ع لله ياء ار وَلِادفتِلونَ التفس 2010 2 اا ل سح عر لم له ره م مه للهلا بلحي ولا زنويت ومن يفْعلَ ذَلِكَ يَلَقَ جتني رسا ساح 4 صصح سا عر ىل سر اج له ل يَضَعفٌ هال اب يوم الْقيامةَ وخلدؤيوء بم ا تفسير سورة الفرقان ا ل الالال سرب اا ا 20 مَنْتَابَوَءَامَىَ وَعَِلَ عَسمَلاصيحَ] ١ ره 2 بتنليي سا مسرا ا 2 ل سر ومنتاب وعم لص لحا فإنه. ينور 3 مو ما 0-08 أ - جر 0ه ل اسه دع سر مطل ل سمه + كم والذيت لا يشهدوت ا لزور وإذاممواياللغو وَأ ادا فْكرُ ايت رَيْهَرْ هَبَلَاننويصَاوَدرَيا ضيه عي وَمَصننا ننس يمَامًا © ولك رو تَالْفُرْصَهيما ل ا 2070 ميسكم > عا سوم« وء 22 2 ل 8 ج ا 000 . ها له يها حسنت مستفراومقاما لوا قل مايِعبؤأ برق عط هم 0 سس لا أ له له سا ارهق تق هذه الآيات الكريمات تصور صفات المؤمنين التى يتكون منها المؤمن معنى الإيمان» والتى هى خلال أهل الإيمان الذين تعلو الإنسانية بهم » ولا يستعلون عليهاء وهى من أول الآيات إلى قوله تعالى : «إلا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون الئفس الى حَرَم اللّهِ إل بالحق 4 . وثانيها - صفات سلبية» وهى التى تبتدئ من هذه الآية الأخيرة. وثالثها- الذين يبتغون الحياة الزوجية بالطهر والعفاف» وختم سبحانه الآية ببيان الجزاء الأوفى . 0# تفسير سورة الفرقان . ١ اكاك‎ ١ ١ يي‎ الصمات الايجابية‎ قال تعالى : ف( وعباد الحم الذي يَمْشُون على الأرضٍ هنا وذ حَاطَبَهُم الجَاهلُون قَالُوا سلاما 4 . وصفهم الله تعالى بأنهم عباد الرحمن» وهذا الوصف يشعر بأنهم رحماء فيما بينهم» لا يجافونء ولا يتناحرون» بل هم فى اطمئنان وسلام» وروحانية» لا يجعلون للمادة من حياتهم إلا أن تكون غذاء طيبا يأخذون منه القوة للقيام بواجبهم» وهم فى أوصافهم الظاهرة والباطنة يتطامنون» ولا يستكبرون» والهون مصدر هان يهون هوناء وهو المشى فى غير عنفء تلا تجبرء وهو وصف محمودء وهو ضد الهوان الذى يذل صاحبه للقوى أو المتغطرسء ويهون عليه» وهو من عذاب» ومعنى هونا أى يمشى فى سكينة ووقار وفى قصد وتؤدة» وتلك أخلاق الأنبياء والذين يقتدون بهم» فالمؤمن يسير فى رفق» وقد وصف الله مشى النبى بأنه كان يمشى فى هون ورفق» تبدو فى مشيته قوة الماشى غ غير المصطنع المتخاذل» وغير المختال المرح المتعالى» وكما قال الله تعالى: ولا تمش في الأرضٍ مرحا إن أن تَخْرِق الأرض ولن مَبْعَ اجبَالَ طُولاً 0ك 4 [الإسراء]ء 2 وإذا حَاطبهم الجاهلون 4 والجاهلون هم الحمقى الذين لا يعرفون ما أحله الشرعء 8«قَالُوا لاما » أى سلما وأمناء فهم لا يعلون على الناس» ولكن يسالمونهم» وإذا رأوا حمقى لا يحاورونهم» ولا يخاطبونهم على مقتضى قولهمء وإن ذلك دأب الحكماء المتقين» يهدون» ولا يجهلونء ولقد كان النبى يَكَِةِ لا تزيده شدة الجاهل إلا حلما . ولقد روى أن إبراهيم بن المهدى كان ناصبيا يعادى» وكان المأمون علويا معتدلاء فقال إبراهيم بن المهدى رأيت فى رؤيا عليا فتكلم» فما رأيت فى كلامه بلاغة» قال فماذا قال لك إذ خاطبته؟ قال: سلام» قال إذن فقد رأيت علياء يشير إلى أن عليا خاطبه بما تؤدب به الآية» وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماء وقد | تفسير سورة الفرقان ال 0 بي - ل ش يي قال تعالى فى وصف المنقين فى آية أخرى وَإِذًا سمعوا اللو أعرضوا عنه وَقَانُوا لَنَا أعمالنا ولكم أَعَمَالَكُم سلام علَيكُم لا نبتغي الْجاهلِينَ 2 4 [القصص] . الوصف الثانى من أوصاف أهل الإيمان الإيجابية: وَالّذِين يبيتون لربّهم يج 2 لس اس تم هذا عمل إيجابى» وإذا كان العمل الأول معناه التطامن للناس» وألا يكون بينهم وبينهم شغب» حتى إذا خاطبهم السفهاء بما لا يصدر إلا عنهم» لا يبادلونهم السفه بسفه مثله» بل يقدمون لهم السلام والأمن ويطمئنون» ولا يشاغبون. وهذا عملهم مع الناس» أما هم بالنسبة لله فقد ذكر سبحانه ذلك فى بيانهمء وهو السجود لله تعالى والقيام له» والخضوع له تعالى» فقال: « والّذينَ يبيتون لربّهم سجّدا وقيامًا »4 هذا عطف على الجملة السابقة فى بيان عملهم لله؛ وكذلك ما يجىء من بعده من أحوال لهم, واللام فى قوله «لربهم » متعلقة ب «سجدا4 أى أنهم يسيتون ساجدين لربهم خاضعين, وقائمين له» وقدم قوله تعالى طلريْهِم4؛ لبيان قصر السجود عليهء فلا يسجدون لغيره إذ لا يعبدون غيره» ولا يسجدون لسواه. <٠‏ والسجود والقيام كناية عن الصلاة» فهم يتهجدون مطيعين؛ لقوله تعالى: ومن اليل فَمَهْجَد به نافلة لك عسئ أن يبعتك ربك مقَاما محمودا 69 4 [الإسراء] . وإن معنى الآية أنهم يبيتون على هذه الحال» تنام أعينهم» ولا تنام قلوبهم» كما قال تعالى عنهم: آ تعَجافَى جنوبهم عن الْمَضَاجِعٍ ... 69 4 [السجدة] وقال تعالى : «! أَمَنَ هوَ قَانت آنَاء اللي ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رَحَمَة ربّه. .. © 4 [الزمر]. هذه بعض أحوال عباد الرحمن: اتجاه إلى الله وإغضاء عن مساوئ الناس» ويكون الله تعالى فى بباتهم فيكونون لله تعالى فى مبيتهم» وفيما يجرحون من أعمال بالنهار. 9 1 1# تفسير سورة الفرقان الل 00 وجب - وإن من كانت هذه أحوالهم يظنون التقصير فى ذات أعمالهم » ويترقبون ف ربنا اصرف عنا عذاب جهثم إِنّ عذابَهَا كان غرامًا 52 إِنّهَا ساءت مُستَقَرًا ومقاما 4 . لقد توقعوا النار وأيقنوا بعذابهاء وعملوا ما يجنبهم إياهاء ولكنهم مع ذلك أيقنوا أن أعمالهم لا تكفى لتجنبهم, فضرعوا إلى ربهم أن يصرفها عنهم عالمين أن الجنة من فضل الله» وليست بعمل عملوه ولكن برضا من الله عما عملوه» قال تعالى : « والذين يقولون ربْنَا اصرف عن عَدَاب جَهِنم 4 والتعبير بالمضارع يفيد أن هذا حال ملازمة لهم يكررونها ذائماء بالخضوع والخشوع والحذر الدائم المستمر» فهم فى حذر دائم مستمرء فيكونون مع الله بحذرهم لا يفترون» إن عذابها كان غراما # أى كان أمرا ملازماء فالغرام هو الأمر الملازم الذى يكون خخسارا وشراء ولذا فسر بعض التابعين الغرام بالشر الملازم وكل غرام يزول عن صاحبه أو يفارق صاحبه إلا غرام جهنم» وإن المؤمن الحق يؤتى الله حقه» ولا يحسبه قد أوفى» ولذا قال تعالى: فآ وَالّذِين يؤتون ما آتوا لوبهم وجلة ... 62 4 [المؤمنون] . طإِنْها ساءت مستقرا ومقامًا »4 ساءت بمعنى بئس» فهى لذم جهنم» والمستقر هو مكان الاستقرار» والمقام هو مكان الإقامة» والمعنى بئس الورود إليها على جهة الاستقرار» والإقامة فيهاء والجمع بينهما للإشارة إلى أنه ليس استقرارا عارضا ولكنه إقامة دائمة . | بعد أن ذكر حال عباد الله مع الله ومع الناس أذ سبحانه وتعالى يذكر حالهم فى أنفسهم» ودنياهم وأسرهم» فقال عز من قائل: ( والّذين ذا أنفقوا لم يسرفوا ولم قروا وكا بين ذلك قوآمَا 4 . الإنفاق هو الصرف فيما يقيم الأود ويدفع الجوع» والإسراف هو الإنفاق فى غير الحاجة بالزيادة عليهاء والإسراف المنهى عنه هو الإنفاق فى غير حق لله أو الال سسب اا للناس أو لنفسه. ولقد قال ابن عباس: «من أنفق مائة ألف فى حقه فليس بمسرف» ومن أنفق درهما فى غير حقه فهو مسرف» ومن منع من حق عليه قترا. وظاهر الآية أن عباد الرحمن قد أخذوا بقوله تعالى: ولا تَجِعل يَدكَ مُغْلُولَة إلى عنْقكَ ولا تَبْسْطْهَا كُلَ البَسْط فَمَفْعْد منُوما محْسَورا 69 4 [الإسراء]» والقتر هو التضييق على النفس بحيث يكون فى قدرة» ويحرم نفسه من أقل مطالب الحياة» أو يضيق فيهاء والإقتار الفقر أو الضيق فى المادة» كما قال تعالى: على الموسع قَدرهُ وعلَى الْمَقْتر قدره .. . 6 4 [البقرة]» ومعنى الآية أنه ينفق فى حلال بمقدار طاقته ؤقدرته» ولا يضيق على نفسه فى الحلال» « وكَان بِيْنَ ذلك قَوَامًا 4 أى عدلا بين الإسراف والقتر. وإن النص الكريم يفهم منه أمران: أحدهما - ألا ينفق فى حرام قطء وألا يضن عن حلال موجود إلا تربية للنفس وتهذيباء وفطما لها عن الشهوات» ولذا كان عمر رضى الله عنه يعد من يطلب كل ما يشتهى مسرفا؛ لأنه إذا حق الأمر لا يستطيع قدع نفسه عن شهواتها. الأمر الفانى - أن الإنفاق بين الإسراف والقتر يختلف باختلاف أحوال الأشخاص» فإذا كان الرجل كسوبا عليه أن ينفق فى الحلال والجهاد بمقدار كسبه وطاقته ما دام ينفق فى مطلوب» وما دام كسبه واسعاء ولقد قبل النبى يلد من أبى بكر كل موفور ماله لأنه تاجر كسوبء يعرف مواضع الكسب والخسارة» ولم يقبله من غيره» وقد قال تعالى: 8 وَيسَأَلُوتك مَاذَا يفقوت قُل الْعَفْر ... 059 4 [البقرة]» أى السهل اللين الذى لا يجهد ذا المال إنفاقه ولا يصعب عليه. هذه أحوال إيجابية هى التى صورت شخصية عباد الرحمن والتى كونت فيهم الإيمان والعمل الصالح. والجمع بين . سلامة القلب» واستقامة العمل» وتكوين الإنسان النافع» وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك ما يتتجنبونه لكيلا يكون ما يعوق هذه الأخلاق العالية» فقال تعالى : 9 08# تفسير سورة الفرقان «والّذين لا يدعون م مع الله لها آخر ولا قود نفس التي حرم الله إل اق ولا ينون ومن يَفعل ذلك يَلْقَ نام 2 0 © يضاعف لَه الْعذَاب يوم القيامَة ويَخْد فيه مُهانا» . إن أولئك الأبرار الذين رضى الله سبحانه وتعالى أن يضيفهم إلى ذاته العلية» فقال وعباد الرحمن» قد اتصفوا بالكمالات البشرية فهم لا يستعلون على الناس» ويرفقون بهم» ولا يشاكسون بل تكون علاقتهم بالناس دائما أمنا وسلاماء وامتلاات قلوبهم بالتقوى والخوف من العذاب» والذين قد اتزنوا فى حياتهم لا يسرفون ولا يقترون» أولئكك قد اتصفوا بصفات» وهى ذاتها تحمل جزاءء فالكريم إذا اتصف بمعالى الصفات. كان جزاؤه هو هذه الصفات ذاتهاء وهى نعم الجزاءء ولذا لم يذكر سبحانه وتعالى جزاءهاء وإن كان لها الجزاء الأوفى. وقد ذكر سبحانه ما اجتنبوه» وهو كبريات المساوئ الإنسانية» كما أنهم تحلوا بأعلى المناهج الكمالية» فقال تعالى: ١‏ والّدين لا يدعوت مَعَ الله إِلهَا آخَرَ» . وهذا أول معصية تحط من قدر الإنسان» وتنزل به إلى أكبر المهاوى الإنسانية يدعون 4 يعنى يعبدون» لأن العبادة دعاء لله تعالى وضراعة إليه» وتسليم كل أمورهم فى جنب اللهء والدعاء مخ العبادة» كما قال يك والإنسان يهبط فى درجة الإنسانية إذا عبد غير الله» وأى كرامة إنسانية لمن يعبد حجرا لا يضر ولا ينفع» أو يعبد إنسانا مثله» أو يعبد ما يصوره وهمه كالملائكة يتصور أنها تعبد» أو ناراء أو غيرهاء إن هذا انهواء إنسانى» ومن يعبد شيئا من هذاء إنما يعبد وهما تدفع إليه شهوة منحرفة» فقد اتخذ إلهه هواه. هذا هو الانحراف الأول الذى تجنبه عباد الرحمن؛ أما الانحراف الثانى الذى تجنبوه فقد نفاه الله تعالى عنهم بقوله عز من قائل: ولا يتقتلون النفس التي حرم الله إل بالحق 4 وهذا وصف للعاصين» وهو المشاكسة التى تؤدى إلى القتل» فهذا مقابل للسلام فى قوله تعالى: ( وإذا خَاصَبهِم الْحَاهلُون قَانُوا سَلامًا4, وقوله تعالى: «إ إلا بالحق » الجار والمجرور متعلق « لا يتلود » الحق هو الأمر الثابت الذى يسوع م القتل من اعتداء أثيم » أو زنى أو ردة بعد إيمان» وهذا النص يفيد أن / تفسير سورة الفرقان الئل حب أ الأصل فى النفوس الصيانة» وألا يعتدى عليه» ويحفظ أمنهاء وأنه لا تستباح الأنفس» إلا بحق كما قال تعالى: « من أجل ذلك كُمَبنَا علئ بني إسرائيل أَنّهِ من قتل نفسا بِغيْرٍ نفس أو فُسَادِ في الأرض فَكَأنمَا قل الثاس ج جميعا ومن أَحياها فَكأَئْما أحيا الثاس جميعا ... 69 4 [المائدة] . والأمر الثالك الذى نفاه الله تعالى عن عباد الرحمن الاعتداء على النسل بالزنى» ولذا قال تعالى: 9 ولا يزنون 4؛ لأن إشاعة الزنى تضيع النسل» ولا وتنزل بالقيمة الإنسانية إلى دركة الحيوانية» ولقد قال محمد يديه : «وما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة فى رحم امرأة لا تحل له . وقال كَكِ: «إن الله ينهاك أن تعبد المخلوق» وتدع الخالق» وينهاك أن تقتا ولدك وتغذو كلبك, وينهاك أن تزنى بحليلة جارك ». وقد ذكر سبحانه وتعالى عقاب هذه المآثم التى هى أمهات الرذائل فقال: « ومن يَفْعَل ذلك يلق أَنَاما 4 الآثام جزاء الإثم وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى» أى أنه جزاء من نوع ما ارتكب» ولكنه جزاء كبير» وإطلاق الآثام بمعنى جزاء الإثم» وارد فى اللغة العربية» فقد جاء فى الكشاف هذا البيت من الشعر: جزى الله ابن عروة حيث أمسى عقوقاء والعقوق له أثام وإن هذا الأثام شديد» حتى إنه ليحسب أنه مضاعف الثم ليس مثله» ولذا قال تعالى فى بيان هذا الأثام وتوضيحه: ‏ يضاعف له العذاب يوم القيامة 4 . إن الله تعالى عدلء» يجازى السيئة بمثلهاء ورحيم يجازى الحسنة بعشرة أمثالهاء فكيف يجعل العقاب ضعف الذنب» أجاب عن ذلك صاحب الكشاف بأن المضاعفة لأنه عقاب الشركء وعقاب الذنب الذى ارتكب من قتل نفس وزنى» 1 ا تفسير سورة الفرقان 6 ا يي عنيف حتى إنه ليبدو لدى المعاقب» كأنه مضاعف للذنب» وإن المذنب دائما يحس بالجزاء كأنه أكثر من الذنبء, فالله تعالى يصور له العقاب كأنه مضاعف, ولأنه يتجدد آنا بعد آن» كلما نضجت جلودهم بدلهم الله تعالى جلودا غيرهاء فهو عذاب بعد عذاب» وبهذا التكرار الدائم يكون كأنه مضاعف. وإنه عذاب دائم مستمر» ولذا قال تعالى: « ويخلد فيه مهانا 4 أى .أنه مستمر مع مهانته الشديدة الواضحة الدائمة المستمرة» وكذلك يستبدل الله. بغطرستهم الجاهلية» واعتزازهم الظالم العاتى مهانة دائمة مستمرة» وقد استثنى العادل الحكيم الذين يتوبون فى الدنياء فقال: 9 إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولتك يبدل الله سيّئاتهم حستات وكَان الله غفورا رحيما (©) ومن تاب وعمل صالحا َه قوب إِلَى الله مايا 4 . هذا الاستثناء من العذاب السابق ذكره فى الآية السابقة» وقد ذكر سبحانه وأول هذه الأمور- التوبة» وثانيها- الإيمان» وثالثها- العمل الصالح فقال: ل إِلأمن تَاب وآمن وَعَملَ عَمَلاً صالحًا 4 . أما أولها: وهى التوبة فهى أعلى درجات الاعتذار عن العمل السيىٌ ع وقد قال فى ذلك الراغب الأصفهانى فى مفرداته: «التوبة ترك الذنب على أكمل وجوه فعلت لجل كذا أو فعلت وأسأت وقد أقلعت» ولا رابع لذلك» وهذا الأخير هو التوبة» والتوبة فى الشرع ترك الذنب لقبحه» والندم على ما فرط منه» والعزيمة على ترك المعاودة» وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة فمن اجتمعت له هذه الأربع فقد كمل شرائط التوبة». ولا شك أن من تكون له هذه الإنابة يغسل قلبه من أدران الشرء وير حض اا امم ملل أب ا عنه كل ما كان من المآثم التى ارتكبها فى حال غيه؛ء ولذلك يغفر الله ما قد سلف» وييتدئ التائب صفحة جديدة تحل محل صفحة السوءء ويبدل مكان السيئات حسنات» ويقول الله تعالى فى ذلك: ‏ قُل لَلّذِينَ قروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ... 629 4 [الأنفال]. هذا هو الأمر الأول» وهو الأساس للأمرين الآخرين» بل هو النور الهادى لهماء أما الأمر الثانى: فهو الإيمان بأن ينتقل من دركة المعصية إلى درجة الوحدانية» ومن دركة الكفر بمحمد والقرآن والعناد إلى درجة الإذعان للحق والإيمان به والجهاد فى سبيله . وأما الأمر الثالث» فهو العمل الصالح؛ وقد قال تعالى: 8وَعَمِلَ عَمّلا صَالحًا 4 وإن ذلك العمل يؤكد الإيمان ويوثقه» لأن والعمل ثمرة الإيمان» أو هو جزء منه» كما أن ثمرة العلم العمل والإيمان أعلى درجات العلم» إذ هو علمٍ وتصديق وإذعان وتسليم» وقد أكد سبحانه وتعالى العلم فقال «وعمل عملا صَالحًا » وذلك بذكر المصدر تأكيدا لمعنى العمل» وليكون ذلك العمل بعد الإيمان مقابلا للعمل الذى كان فى جاهليتهم» ولبيان أنهم يعملون عمل عباد الرحمن» الذين يمشون على الأرض هوناء وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. وقد بين سبحانه وتعالى جزاء هذه المثوبة الكاملة» وذلك العمل الصالح» والإيمان الكامل فقال : «فَأُولَك يبدل الله سَيّمَاتهم حَسَنَات 4 الفاء واقعة فى جواب" الشرط» أو ماهو فى معنى الشرط؛ لأن الموصول فى معنى الشرطء وأولئك إشارة إلى الذين كانت فيهم هذه الأحوال من توبة وإيمان وعمل صالح». والإشارة إلى الموصوف بصفات إشارة إلى هذه الصفات» وإلى أنها سبب الحكم» ولم تجد الحكم جزاء بالنعيم» وسيجىء ذلك من بعدء إنما الجزاء أن يبدل سيئاتهم حسنات» والتبديل هو التغيير» أى أنه سبحانه وتعالى يغير سيئاتهم» ويضع محلها حسنات» وإن ذلك بلا ريب واضح من التوبة؛ ذلك أن التوبة كما قررنا ترحض النفوس» وتزيل عنها أدرانهاء وتجعلها مجلوة مصقولة» وصالحة لأن يحل محلها : ا تفسير سورة الفرقان لاا اذأ 22011111 ااا ١‏ يي الطهر والنقاء» والعمل الصالح المجدى » ألم تر إلى عمر بن الخطاب الذى مكث تاب وآمن وعمل عملا صالحاء ألا تراه قد زالت مآثمه من قلبه وأحل الله تعالى محلها عملا صالحاء تَحَزَّت الأعمال الصالحة ذات الأثر البعيد فى الإسلام محل ما كان منه فى الجاهلية» ولذا قال سبحانه 9 فأولئك يبدل الله سَيمَاتهم حَسنَات 4 فالتبديل على هذا هو تغيير ما كان فى النفس من أدران السيئات» وإحلال طيبات الأعمال والنيات محلها. وختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: «( وكان الله غَفورا رَحيمًا» هاتان صفتان من صفات الله تعالى أنه يغفر السيئات ويسترهاء ويرحم عباده بهذا الغفران» وكذلك شأنه الأعلى» شأنه سبحانه يقرب عباده بالغفران والرحمة وفتح باب التوبة لمن أراد من عباده الصالحين. ثم قال تعالى : «إ ومن تاب وعمل صالحا فَإنّه يتوب إلى اللّه معَابا 4 . فى هذا النص السامى يبين الله تعالى أن من يؤمن تائباء ويعمل العمل الصالح ضارعاء فإنه يعود إلى الله تعالى راضيا مرضياء ويركن إلى الله تعالى» ' وحسبه أنه ركن إلى الله تعالى القوى القهار الغالب» يأمن بجانب الله تعالى شر وملجئها الخحصين الذى لا يذل من يلجأ إليه» ويجعله حصنه الخصصين» وركنه الركين» والفاء فى قوله تعالى: 9 فَإِنْهِ توب 4 الفاء واقعة فى جواب الموصول؛ لأنه فى معنى الشرط كما ذكرناء وإن ذلك هو الثمرة الكبرى للتوبة. 52102 م 2 28م 8 0 2 2006 عي 010 قي 2# «( والذين لا يشهدون الزور وإِذا مروا بِاللّغْو مروا كراما 4 . الزور: هو كل باطل مزور مزخرف بحيث يؤثر فى النفس مرآه» وهو زخرف باطل» فيدخل فى ذلك اللهو العابث والقول الماجن» والكذب والفحش با تفسير سورة الفرقان لل اااللللوااااللل اللا «#جمل: يي وفسوق القولء فعباد الله الرحمن الذين شرفوا بالانتساب إليه لا يحضرون هذا النوع من الباطل» لأنه من سوق الخطائين الذين تروج بضاعته بينهم» وبهذا تفسر الآية الآية» فلا يشهدون أى لا يحضرونء فهم لا يجلسون فى مجالس الزور من الأقوال والأفعال» بل تستغرقهم مجالس العبادة» ومجالس الحد والأفعال الحميدة التى تعود بالنفع على الناس» وتدرس فيها الحقائق الكونية والمصلحية» وتروى فيها السنة النبوية» وتعرف فيها معانى الذكر الحكيم» والقرب من رب العالمين. هذا تفسير للنص القرآنى» ولقد قال الزمخشرى فى هذا المعنى على أنه احتمالى: «يحتمل أنهم ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين» فلا يحضرونهاء ولا يقربونها تحرزا عن مخالطة الشر وأهله صيانة لدينهم عما يثلمه؛ لأن مشاهدة الباطل شركة فيهء ولذا قيل فى النظارة إلى ما لا تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه فى الإثم» لأن حضورهم ونظرهم دليل على الرضا به» وسبب وجوده والزيادة فيه» لأن الذى سلط على فعله هو استحسان النظارة» ورغبتهم فى النظر إليه» وفى مواعظ عيسى تََيتَاةِه «إياكم ومجالسة الخطائين» وهذا نظر حسن» واتجاه سليم فإنه من المقررات أن أول الشر استحسانه» وأول الباطل حضوره. هذا احتمال فى معنى الآية وهو معنى حكيم سليم مرشد» وهو يليق بحال عباد الرحمن» وهناك احتمال آخر» وهو أنهم لا يشهدون شهادة الزورء ويكون الكلام على حذف مضاف» فمعنى «لا يَشْهدون الزور» أى لا يشهدون شهادة الزور وسميت الشهادة فى هذه الحال الزور؛ لأنها كذب». وهى تكون فى مجالس الظلم أو معاونة للظالم» أو معاونة على الظلم» ويصح لنا أن شهادة الزور التى يروج فيها الباطل» وينصر الظالم» وتؤكل أموال الناس بالباطل تكون داخلة فى شهادة الزور» وحضور مجالسه. ويقال للكذب زور لأنه مائل بالنفس عن قول الحق» وكأن طبيعة النفس ألا تقول إلا صدقاء والكذب انحراف بها وميل عن الصراط المستقيم؛ لأن القلب ا تفسير سورة الفرقان 0 الل 00 ٠: 8ك‎ 23 المخلص يتجه اتجاها مستقيماء ثم ينطق نطقا مستقيماء فينطق بالصدقء ثم يسير فى خط الاستقامة إلى أقصى مداه» وهو خط الحكمة والفطرة الإنسانية. ولقد قال تعالى: 8 وإِذًا مرو بِاللّْو مرُوا كراما 4 اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذى يورد من غير روية وفكرء ليجرى مجرى اللغاء وهو صوت الطير الذى يكون له معنى محدودء وكما يقصر اللغو على القول الذى لا يكون له قصد معقول يقره العقلاء» كذلك يطلق على الأفعال العابثة» والمقابح التى يلهو بها بعض الناس فى جلوسهم على المقاهى» وأهل اللغو من شأنهم أن يعيبوا غير المعيب» ويسخروا من أهل الفضل» ولا يجاريهم إلا من يكون على شاكلتهم فى الأفعال والأقوال» ويقطعون الساعات فى غير عبادة مقررة» ولا عمل نافع يقصد إليهء فعباد الرحمن لا يخوضون مع هؤلاء فى قول أو فعلء ولذا قال تعالى : وإِذا مروا اللو مَرُوا كراما © أى مروا معرضين» كما يقول الله تعالى: 9 وإذا سمعوا اللَغْو أعرضوا عنه وقَالوا لنا أَعَمالَنا ولَكُم أَعْمَالَكُمْ ... 62 4 [القصص]» وكراما تدل أولا: على أنهم ينكرونه بقلوبهم لا يتكرون ما يفعله أهله بألسنتهم» حتى لا يخوضوا معهم فى حديث يجرهم إلى أن يجىء على مسامعهم رفث القول وفسوقه» وثانيا: يكتفون بالاستنكار السلبى» وذلك يفعل فى النفوس ما لا تفعله الأقوال» وهو موعظة واستنكار للأشخاص والأفعال» والأقوالء وثالثا: ينصرف إلى نفسهء فيهذبها عن اللغوء وذلك فى ذاته دعوة إلى الجد» والابتعاد عن العبث وانصراف إلى المجد. وسماهم فى هذه الحال كراما؛ لآن الكريم يعلو بنفسه عن مواضع العبث والهذر والسخف. يقال تكرم فلان عما يشينه» وأكرم نفسه عن القبح» وفى ذلك إشعار بأن الخوض فى العبث أو مشاركة أهله فيه هو مهانة كل المهانة» وحط كل الحطة. ومن أحوال المؤمن السلبية» وإن جاء بشكل فيه مظهر إيجاب ما ذكره سبحانه وتعالى بقوله: يي ااا 0 لبه اإا كىج< ل إذا كوا بآيات ربهم لَم يخروا عليها صما وعميّانا 4 . ذكروا بآيات ربهم بأن تليت عليهم آياته إن كانت متلوة ة أو ذكروا بآية كونية فى خلقه السموات والأرض» وإبداعه فى خلق الإنسان لَمْ يَخروا عليه صما وَعْميَان» الخرور فى اللغة يطلق على السقوط الذى يكون صوتا أو النزول من أعلى إلى أسفل نسبيا بصوت» كخرور الماء فإنه نزول من مكان يعلو نسبيا إلى ما دونه» والخرور قد يكون معنويا بالسجود لله تعالى: خروا سجدا وبكيا# وإن خرور السجود حسى معنوى» فهو ينزل ساجدا لله تعالى فيلتقى فيه الخرور الحسى والخرور المعنوى. ومعنى النص السامى أنهم إذا ذُكّوا بآيات الله تعالى: فلم يَخرًوا عليه صما وَعَمْيَانًا 4 والصمم والعمى هنا يراد به عدم الاعتبار بالآيات» فكأنهم صم لم يسمعواء أو عميان لم يرواء وهذه أخلاق المشركين فهم الذين يخرون كالصم والعمى لا يعتبرون ولا يدركونء وليس المراد وصف المشركين بهذا الوصف السلبى» فقطء بل إنه وصف المؤمنين عباد الرحمن بآنهم على نقيض وصف الظالمين يخرون سجدا وبكياء فهم ليسوا كأخلاق هؤلاء لا يعتبرون» بل يعتبرون ويخرون لله فى كل آية يسمعونهاء وفى كل عبرة يعتبرونهاء وينظرون إلى خلق الله تعالى نظرة مدركة مستبصرة مستهدية طالبة الرشادء فهذا النص يشتمل على نفى الحال التى يكون عليها المشركون» فهم لا يخرون صما وعمياناء» بل يخرون ناظرين مدركين متفهمين» كقول العرب: مثلك لا يبخل» فالمراد به فى كلام العرب: أنت لا تبخل . وهنا إشارة بيانية نذكرهاء وهى أن الله تعالى يقول: لا يخرون صما وعميانا بنفى الخرورء وفى ذلك إشارة إلى أن الآيات التى تتلى أو توجه الأنظار فى المخلوقات من شأنها أن تجعل من يتأملها ويسمعها أن تجعله يخر خرورا لوضوح إعجازها ودلالتهاء لكنّ عباد الرحمن يخرون سجدا وبكياء والكافرون يخرون صما وعميانا. و 8# تفسير سورة الفرقان 6 اناالا ذكر الله تعالى بعد ذلك وصفا يدل على إخلاص قلوبهم لمن يجىء بعدهم من ذرياتهم» إذ يريدون أن تمتد التقوى فى أعقابهم من بعدهم» فيقول سبحانه «والّذِين يقولون ربا هب لنا من أَزواجنا ودرِيَاتنا ره أَعْيْن وَاجَعَلنا للْمَُّقينَ إِماما» . هذا النص السامى يدل على أن أخلاق عباده أن يطلبوا الولد صالحا تقيا مؤمنا صادق الإيمان لا أن يطلبوا النعم؛ لآن عمارة هذا الوجود بالولد» ولذا طلبوا هبته» ولم يطلبوا الحرمان» كما يطلب فجرة هذا الزمان المشئوم» كرر طلب الولد الصلبى فى قوله تعالى: هب لنا من أَزوَاجتا 4؛ لأن الولد المنسوب إلى الأزواج وهو جمع زوج هو الولد الصلبى» وأما الولد من الذرية فهو من بعد الولد الصلبى» والذرية الأولاد من الظهور كالابن وابن الابن وبنت الابن» وذلك على اصطلاح الفقهاء؛ وهو مشتق من اللغة» ونرى أن النص يومئ إلى أنه من يكون من دمه؛ سواء أكان من أولاد الظهورء أم من أولاد البطون» ومهما يكن الخلاف فى هذا فإنه لا جدوى فيه من موضوعنا لأنه إن اقتصر فى ناحية على أولاد الظهورء فمن ناحية أخرى يطلب غيره من يكون من أولاد الظهور له» وتعم الدعوة السلالات أجمعين إذا خلصت كل النفوس» وكانوا عباد الرحمن. كان طلب عباد الله الصالحين» أن تكون لهم أعقاب صالحة» عبروا عنها فى دعوتهم بقوله إقرَة أعين » القرة من القرار وهو الاستقرار والثبات» ويقول الأصفهانى فى مفرداته: إن الأصل فيه أنه من القر بضم الراء وهو البرد؛ لأن العين فى حال تستقر» وتهدأء إذ كانوا يرهبون الحرء لأنه عندهم يكون شديداء وقالوا برد المنقين وغيرهم يقول حرار الإيمان» والمفهوم من قرة العين أن تكون مطمئنة بذكر الله وأن يكونوا فى سكينة الإيمان» وقرار العين مظهر من مظاهر سكون النفس» واطمئنان الفؤاد. وقالوا فى دعائهم :‏ واجعلا للْمتقينَ إِمَامَا 4 أى اجعلنا معشر عباد الرحمن - | ته بفسبير سورة الفرقان الل ١ اك‎ 22 إماما ‏ أى يقتدى بنا ونتبع فى الهداية والتوفيق» وإمام معناها أئمة؛ لأن إمام مصدر يوصف به الواحد والجمع والذكر والأنثى . ولقد بين سبحانه وتعالى جزاء من يكونون فى هذه الأحوال الموجبة والسالبة» والمشبهة. فقال عز من قائل: ولك يُحَرَوْنَ الُْرقَة ما صبّروا ويلقَوْدَ فيها تَحيّة وَسَلامًا 69 خَالدِين فيها حسنت مستقرا ومقاما 4 . يقول المفسرون الذين يتجهون إلى الإعراب ابتداء إن قوله أولئك « أُولتك يجزون بر لقوله تعالى: ( وعباد الرحمن 4 وما وليها من صفات وأحوال» وأنا أقول» إن قوله تعالى : 9 وعبَادُ الرَحَمن الْذِين يمُشُون على الأرضٍ هنا 4 هو مبتدأ وخبره» وما جاء بعد ذلك من معطوفات على الخبر» والمؤدى واحدء فليس الاختلاف اختلافا فى المعنى» إنما اختلاف فى الإعراب . والإشارة هنا إلى أصحاب هذه الأحوال والصفات»ء ومن المعروف أن الإشارة إلى الموصوف تومئ إلى أن هذه الأوصاف سبب الحكم» وهو هنا الجزاء فهذه الصفات سبب ذلك الجزاء» وقد قال القرطبى فى ععبارة جامعة لهذه الصففات: «وأوصافهم من التخلى» وصفات التخلى هى إحدى عشرة» التواضع والحلم» والتهجد والمخنوف» وترك الإسراف والإقتار» والنزاهة عن الشرك» والزنى والقتل» والتوبة وتجنب الكذب» والعفو عن المسىء» وقبول المواعظ» والابتهال إلى الله تعالى» . والغرفة تطلق على علية البيت» واستعيرت للجنة أو لعلية الجنة أى أعلى مكان فيها؛ لأن هذه الصفات رفعتهم إلى أعلى درجات الإنسانية» فاستحقوا أعلى جزاء وهو الجنة أو أعلاها. وإنهم يجدون فى الجنة التى تسنموا أعلاهاء وكانوا فى الذروة الترحاب والأنس والكمال ويجدون مع هذا كله الأمن والسلام والاطمئنان والقرار» ولذا قال تعالى: ط وَيلقُردَ فيهًا نحي وَسَلاما 4 لقَّى هى مضعف لقى أى يلقون فى قوة ا تفسير سورة الفرقان الل 00 لحب نا راحمة تحية طيبة» وهى اللقاء الطيب» مع الأنس والاحترام والإقبال» كما قال تعالى: ا .. ولَقَاهم نضرة وَسرورا 69 4 [الإنسان]» والسلام الأمن والاطمئنان» فلا يزعجون بشىء مما يزعج به أهل الدنياء فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب» «ل سلام عليكُم بما صبرثم فَعمْ عقَى الدَارٍ 9 4 [الرعد] . وهنا إشارة بيانية فى قوله تعالى: 8 أولتك يرون الْعْرقَة ما صَبَرُوا» . أى أن هذا الجزاء الموفور الذى هو أعلى درجات الجنة بما صبرواء أى بسبب صبرهم وذكر ذلك تصويرا لصبرهم الدائم اللمستمر؛ وذلك لأن هذه الطاعات تحتاج إلى إرادة قوية صابرة» فإنها قمع لشهوات التعالى فى الدنياء والغطرسة والسلطان» وغيسرها من الغرائز الإنسانية» فقد قمعوا هذه الغرائز وشذبوهاء وجعلوها فى احية الخير لا تعدوها. ش وإن الله سبحانه وتعالى كمّل هذه النعمة بدوامهاء وبقائهاء وخلودهم فيها فقال تعالى: «طإ خَالدِين فيها حسنت مستقَرا ومقامًا 4 إذ النعم ينقصها فناؤهاء وهذه نعمة كاملة لا تفنى ويخلد فيها أصحابهاء وكما قال سبحانه وتعالى فى عذاب جهنم « ساءت مستقرا ومُقَامًا 4 قال فى هذه حسنت مُسَتَقرًا ومَقَامًا 4. أى هذه الغرفة العالية فى الجنة نعم هى مستقرا فيها حين يستقرون ونعم هى مقام طيب خالد. قال تعالى مخاطبا الخارجين عن طاعته» وفيه التفات من عباد الرحمن إلى المشركين : « قل ما يعباً بكم ربي لولا دعاق كم فَقَد كَدبعمْ فسَوْف يَكُونْ لاما 4 . الخطاب للنبى وَلةٌ ليوجه إلى المشركين خطاب الله تعالى» وقد أمر النبى يد بأن يخاطبهم بهذا الخطاب؛ لأنه نبيهم المرسل؛ ولأنهم يعاندونه ويتحدونه. ويكفرون» فأمره سبحانه بأن يذكر لهم أن الله تعالى لا يباليهم» ولا يهتم لهم لولا تصحيح اعتقادهم . مل ( لسر ا وما نافية» ومعنى ما يعبأ لا يبالى» ولا يحمل عبتئكم لولا دعاؤكم» أى لولا عبادتكم عبادة صحيحة تؤمنون فيها بالواحد» فالدعاء هنا العبادة» ودعاء الله عبادته» أى أنه سبحانه لا يهتم بكم إلا لأجل تصحيح عبادتكم» ويصح أن يقال إن الدعاء هنا هو دعوتهم إلى العبادة الصحيحة والمؤدى واحدء وفى الأول يكون (دعاؤكم» الدعاء منهم لله تعالى» وفى الثانى يكون الدعاء من الله ورسوله إليهم ليعبدوه سبحانه وتعالى. وجعل بعضهم اللفظ يحتمل هذا المعنى لولا دعاؤكم الأوثان وعبادتهم» وذلك ضلال فى عقولكم» وأفن فى أنفسكم» والله لا يرضى لعباده هذا الضلال» ونحسب أن التخريج بعيد فى تأويله وتفسيره. وقال تعالى: «( فَقَد كَدَبتَمَ فَسَوْف يكن لرَاما 4 الفاء للسببية» أى لا يبالى سبحانه بكم لولا أنه يدعوكم بالحق» وبسبب تكذيبكم لا يعبأ بكم لا يبالى ل فَسَوْف يَكُونُ لرَامًا 4 الفاء عاطفة وسوف لتأكيد الوقوع فى المستقبل» واللزام مصدر لازمء فمصدر فاعل فعال ومفاعلة» وهو ملازمة العذاب لهم» وقد قال تعالى : ل ولولا عَلمةٌ سبَقت من رَبك لكان لاما وَأَجَلُ مُسَمّى 679 4 [طه] . ومعنى النص فى الآية الكريمة السامية لا يبالى بكم ربكم لولا دعاؤكم أن نعبدوا الله وحده» ولكن كذبتم دعوة الحق وأصررتم على تكذيبكم» فسوف يكون العذاب ملازما لكم وتكونون خالدين فيه . 2 2 2 هى سورة مكية نزلت بمكة إلا آية ١968‏ . وآية 7١١‏ » وعدد آياتها /ا١اء‏ وسميت الشعراء ؛ لأن فى آخرها قوله تعالى: فإ والشعراء تبعهُم العَاوُودَ 9 4 . وسورة الشعراء أكثرها خصص للنبيين» والعبرة فيهم ابتدأت السورة بالحروف المتقطعة التى لا يعلمها إلا الله ثم ذكرت حرص النبى وَكةْ على إيمان الشركين من قريش لا لَعَلّكَ باخع نُسَك ألا يَكُونُوا مؤمنين20) 4 وإن الله تعالى خالقهم قدر لهم ماهمء فلن تخير إن نَشَأ نتزّل عليهم من السّماء آية فلت أَعنافهم لها خَاضعينَ (5) 4, وقد وصف سبحانه وتعالى حالهم فقال: .ا وما يأتيهم من ذكر مَن من الرحمن محدث إل كانُوا عنه مُعْرِضينَ (2) 4 فقد كذبوا قبل أن يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون. وقد نبههم سبحانه إلى أنهم كذبوا والآيات تخبرهم بإبداع الخالق ووحدانيته «( أُولّم يروا إِلَى الأرض كم أَنْبتنا فيهًا من كل زوج كريم © إن في ذلك ليه وَمَا كان أكْفرهم مُؤْمبينَ 20 وإنا رك لَه لعزي الرحيم 4 . وقد ذكرهم سبحانه بالذين كانوا أقوى منهم سلطاناء وابتدأ بذكر فرعون. ويلاحظ هنا أنه سبحانه لم يكرر ما ذكر فى خخبر هذا الموضع من أنباء موسى وفرعون» إلا ما يقتضيه السياق عما ذكر فى غيره» فهنا ذكر ما كان بين فرعون وموسى فى مرباه فى بيته ولم يذكر من قبل « وإِذ نادئ ربك موسئ أن انْت ت القوم الطالمين 60 قوم فرعون ألا يتُمَودَ 09 قَال رب إِنّي أَحَاف أن يُكَذبُون 09 ويُضيق صدري ولا ينطاق لساني فَأرْسل إلى هرو 00 ولهُم علي نْب فأخَافُ أن يقُونَ 68 قال كلا فاذهبا بآياتنا إِنّا معكم مستَمعُونَ 2 فَأتِيَا فرعون فقولا إِنَا رَسُولَ رب الْعَالَمِينَ 05 أن أرسل معنا بني إسرائيل 09 4 . ل | تفسير سورة الشعراء 0 لبجب ييز و2 هنا يبتدئ ذكر تربية موسى »2 ولم يذكر من قبل: « قال أَلَم تربك فينا وليدا لبت فينا من عمرك سنين 689 وفعت فَعلتك التي فلت وأنت من الكافرين 69 4, هنا يعترفا الرسول تله ف( قال فيا !ذا وأا من الال 0 قورت متم ني إسْرائيلَ 46 أخذ فرعون سال عن رب لعالين «قال فرعو َم رب لالم © قَال رب السّموات والأَرض وما بيهُمَا إن كُشم مُوقنِينَ 69 قَال لمن حوله لامَسمَمِعُودَ 69 4, فاجاب موسى ربكم ورب آبائكم الأولين4 هنا يرسيه بالجنون كما قالت قريش ولكن موسى يصر على التعريف بربه فيقول: لقال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون # وعند ذلك يهدد فرعون موسى بسجنه إن اتخذ إلها غيره طقال كن انْحَذت لها غيْرِي لأجعلئك من المسجونين 09 َال أو لَو جنئك بشيء مين 0 قَال فَأت به إن كنت من الصّادقِينَ 9 فَألْقَي عصاه فَإِذَا هي عبن من 00 ونع يده فا هي بيصا للناطرين 9 © # بهره الأمرء ولكنه لم يذعن » وظن أنه سحرء وقال ,إن هذا لاحر عَليم 68 4 ولم يكن غريبا ذلك» لأن السحرة كانوا علماءهم» والتفت إلى أصحابه والملاً حوله؛ (١‏ قَالُوا أرجه وأخاه َائْعَث في الْمَدائن حَاشرين 9© ينوك كل سَخَارٍعَليمٍ 9 فجمع السّحرة لميقات يوم مَعَلُومٍ © وقيل لائاس هل أنتم مجتمعوت 459 وكأنه كان يتردد فى جمع الناس» حتى لا يؤثر فيهم ما يأتى به موسي» اجتمعوا والسحرة وطلب السحرة أجرا على ما يفعلون إن كانوا هم الغالبين فوعدم بالأجرء وأكثر من الأجرء وهو أن يكونوا من المقربين إليهء لكن السحرة» خيبوا ظنه» وآمنوا برب موسى وهارونء فقال: « قَال آمنتم لَه قبل أَنآذَنَ لَكم نه لكبيركم الذي عَلّمَكُم السّحر فَنَسَوف تَعلمُونَ لأَقطَعَ أيديَكم وأَرْجُلَكُم مَنْ خلاف وَلأُصلبتَكُم أجَمَعِينَ 9© 4. قالوا وقد ملأ الإيمان قلوبهم « فَانُوا لا ضير إن إلى ربَنا منقلبوت 9© 4 . احتدم الخنلاف» موسى يدعو إلى ربه» وفرعون يعذب » فأوحى الله تعالي : أن أسر بعبادي إِنُكم متَبعون 4 , وأرسل فرعون يستنصر بقومه الذين لم يعاينوا خذلانه» وشهادة السحرة عليه <« إِنّ مهَؤلاء ردم فَلينُونَ 69 وإِنّهم لَنَا اللا اا يي طون © وَإنا أجميع حَاذرونَ 63 4» ١‏ فَلَمَا تراءى الجمعان َال أصحاب موسئ لمدركوث <١‏ 9 ذل جا مني ري ستهدين 460 بارس الله تعالى إلى مون موسى وبنى ى إسرائيل ؛ وأغرق الآخرين. بعد هذه الأحزاء من قصة موسى وفرعونء والمتأمل فيها يجد أنها ليست مكررة إلا بما يقتضى المقام ذكره» وما يذكر يجد المتأمل فيه نوع اختلاف وتوجيهء لم يذكر فى غير هذا الموضع» وكل كلام الله تعالى له حلاوة» وعليه طلاوة. وجاء من بعد ذلك قصص أبى الأنبياء إبراهيم» وفيه يبتدئ إبراهيم باستنكار عبادة الأوثان» ويبين لقومه أنها لا تصلح أن تكون معبوداء لأنها لا تسمع ولا تنفع ولا تضر : هل يسمعونكم إذ تدعون 00 أو ينفعوتكم أو يَضْرُونَ 65 © ويردون قوله بأنهم وجدوا آباءهم يفعلون. فينذر , بهم إبراهيم ويقول إنهم عدو لى إلا رب العالمين» ويصف ربه تعالى» وأفعاله فيقول: الذي حَلَقَي فَهِوَ يهدين 09 والّذي هر يُطْعمني وَيَسْقَين 9 وذ مَرِضْت فَهُوَ يَشفينٍ 9 والّذي يُمبمي َم يُحْيينٍ 69 الذي أَطْمَع أن يَغفر لي خطيتتي يوم الدين 69 4 . ويتجه من بعد إلى ربه يدعوه رب هب لي كما وأْحقنِي بالصّالحين 69 واجعل لي لسان صدق في الآخرين 59 واجعاني من ورنّة جنّة التعيم (62) واغفر لأبي إن كان من الضَالين 69 ولا تحني يوم يعون 69 يم لا ينفع مال ولا بنُودَ 69 إلا من أتى الله بقلب سليم 69 لفت الجن لتقن © وبروت الْجَحِيم اين 69 4 ثم بين سبحانه وتعالى ما يكون يوم القيامة عندما يلتقى الكافرون وما يعبدون من دون الله : هل ينصروتكم أو يتتصرون 69 فكوا فيها هم والْغَاوون 9 وود إبليس أجمعون 69 قَانُوا وهم فيها يَحْمَصمُونَ 69 تاللّه إن كنا في ضّلال بين 69 إِذْ نوكم برب الْعَالمَِ 6 وما نا إل اْمُجْرِمُودَ 69 فَما لنا من شَافعين 69 ولا صديق حميم 09 فَلَو أن لنَا كَرَة فَكُونَ من الْمَؤْمنين 60 إِنّ في ذلك لآية وما كَانَ ل انس لتر ار أكترهم مُوْمنِينَ 0 وإِن ربك لهو عير الرحيم 629 > . 9 تفسير سورة الشعراع ممالل جر سسب نا ع ير بم 6م بعد ذلك أشار إلى قصص نوح وقومه: 9إِذقَال لهم أخوهم نوح ألا تَقُون ترد ماس سير ارام 2 إنَي لكُمرَسُولَ من 0 فَائقُوا الله وَأَطيعُون 0-9 وما أسألكُم عليه من أجر إن أجري إِلذّ على رب العالمين 09 4, وقد اتبعه الضعفاء فقالوا ٠:‏ أنؤمن لك واتبِعك م مار ع مام وععام ُو 229 قال وما علي بم انوا يَمُونَ 050 إذا حسايهم إل على بي لو شعرون 0ك وما أَنا بطارد الْمُؤْمنِينَ 0 إن أنا إل نذير مُبينَ 052 قَانوا لعن لم ته يا نوج سوس شرام سه206 1 تَكُوننَ من الْمرَجَومِين 059 قَالَ رب إن قَومِي كذبون 079 فَافحح بيني وبينهم فتحا وَنَجَني ومن معي من الْمُؤْمدين 09 فَأَتاه ومن مُه في الل المَشحون 059 ثم أغرقا بد الباق 059 إن في ذلك لآ وما كان رُم مُؤْمينَ 090 وإن ربك لَه المزير لرحيم 4. ثم أشار سبحانه إلى عاد ورسولهم هود وقد دعاهم كما دعا وح ع وم م وكذبوه كما كذب قوم نوح» فقال لهم : « وائقُوا الذي أَمَدكم بمَا تعلمون 20 نم عاو وين د رجات ميو 09 إني أحاف يم عاب فو سيو سج سظوسم أ ساس َحْن بِمُعَدَينَ4» قالوا ملحين فى الكقرء سر علا أطت لهل تكن من معش اماي اس الْوَاعظينَ 29 إن هذا إلا خلق الأولِين 079 وما نحن بمعذيين» . ولقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك قصة ثمود ونبيهم صالح» (٠‏ إِذْقَالَ لهم أحُوهُم صَالحٌ ألا قُوَ 029 إِنْي لَكُمْ رَسُول أمينْ 59 انوا اله وأطيعون 059 وما م ممم سكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب الْمَالَمين 652 أتشركون في ما هاهنا آمنين 655 في جنات رعيونٍ 659 وزروم وَتَخْل طََمُهَا فضيم (52 وتنحتون من الجبال بيوتا فارهينَ 59 فَائّهُوا الله وَأَطيعون 03 ولا تطيعوا مر اْمسرفِينَ 020 الْدين يفسدون في الأرْضٍ ولا يُصلحُونَ 70 قَانُوا نما نت من الْمُسَحَرِينَ 629 ما أنت إلأ شر مثا أت هام بآيّة إن كت من الصّادقينَ 629 قال هذه نا ها شرب ولَكُم شرب يوم معلُوم 629 ول تسَنُوها بسُوء فََأحْدَكُم عاب يوم عَم 020 فَعقَُوها َأصبحُوا نادمين 059 فََحدَهم نابإ في ذلك لا سا أيهم سؤب 29ت وإ رأ هم لزي الكل 1 22*00 لبلب بي 9 ا تفسيرسورة الشعراء ثم يذكر سبحانه مشيرا إلى قصة نبى الله لوط. وقومه الفاسقين فقد نصحهم وأرشدهم إلى عيبهم الفاسق الفاجرء إأَأو الذكْرَات من الْعَالَمِينَ 6 وترون ما لق لم بكم من أزواجكم بل أنكم قرم عادون 4 , وقد لجوا فى طغيانهم يعسهون ا قَالوا لين لم تنعه يا ُوط لكو من الْمُخْرجين 059 قال إِي لمكم من القالين 52 رب نجني وأهلي مما يعملون 059 فَنَجيناه وأهله أجمعين 09 إلا عجورًا في الغابرين 0509 ثم دنا الآخرين 050 وأمطرنَا علهم مرا فساء مر المذَرِينَ 599 إن في ذلك لآية وما كان أكترهم مؤمنين 0790 ون ربك لَه الْعَِيزٌ الرحيم 4 . ولقد ذكر بعد ذلك قصة شعيب عليه السلام مع أصحاب الأيكة قال لهم شعيب ل إِنّي كم رسول أمين 059 فَاتَفْر قو الله وأطيعون 059 وما أمألكُم عليه من أجرٍ إن أجري إلا على رب الْعالمين 059 أَنَأُونَ اكرات من الْعَالَمِينَ (652 وتدَرُونَ ما حلّق كم ربكم من أؤواجكم بل أنم قوم عَادُونَ 059 قَالُوا تن لم مسَه ا أوط لتَكُودنَ من المخرجين 059 قال ني لعمَلكُمٍ من الاين 058 رب تَجني وهلي مما يَعَملُودَ 629 فنجيناه وأهله أجمعين 0 إلا عجوزا في الغابرين 059 ثُم درا الآخَرِينَ 09 وَأَمْطَرنا يهم مُطرا فساء مطر الْمدَرِينَ 059 إِنّ في ذلك ليه وما كان أكترهم مُؤمِينَ 0 ون ربك لهو العزيز الرّحيم 4 . وبعد هذا البيان القصصى الذى فيه عبرة ببيان أحوال من سبقوهم من أهل الكفر وتشابه أقوالهم » ذكر سبحانه القرآن الحجة الكبرى» والمعجزة اللخالدة المستمر إعجازها فقال: إوإِنه تيل رب الْعالَمِينَ 059 نَل به الروح الأمين 29 على لبك لتَكون من الْذرين 050 بلسَان عربي ميين 052 وإنّه في زب الأول 59 َو يكن لهم آي أن عله لم بِي إسرائيل 659 ولو تراه على بعْضٍ الأعجَمين 99 فقرأه عليه ما كانوا به مؤمنين 059 كدلك سلَكْنَاهُ في قُلُوب الْمجرمين 0-2 لا يوْمنُونَ به حتَى يروا الْعذَاب الأليم 4, ؛ ثم بين سبحانه أن العذاب يجيئهم من حيث لا يشعرون» ل فَيقَولُوا هل تحن مَنظرُو د69 4, » ثم يذكر سبحانه أنهم كانوا يستعجلون عذاب الله فيقول سبحانه وتعالي : لإ أفَرأيت إن متٌعناهم سنين (-© ثم جَاءهم ما كانوا يوعدون ن 0-3 ما أغنئ عنهم ما كانوا يُمَعْرنَ 09 4 . | تفسير سورة الشعراء ص ل لاملل حمر جمل 1 بي وقد بين الله سبحانه وتعالى أنه ما أهلك قرية إلا بعد إنذارها فقال: وما أَهَكْنا من قَريّة لها منذرون (-) ذكرئ وما كنا ظالمين 02) وما تلت به الشياطين 02 وما ينغي لَهُم ومَا يَستَطيعون 50 إِنّهُمْ عن السمع لَمعرولُون 4 . ويدعو الله تعالى نبيه ومن معه» ومن أرسل إليهمء ؛ فيقول: «(فلا تدع مع لله إلا آخر فتَكُو من المعذّبين 655 وأنذر عشيرتك الأَقْربينَ 15 واخفض جناحك لمن اتَبَعَكَ من الْمَؤْسِينَ (652 فَإِنْ عَصوك فقَل إِنِي بَريء مما تعملون 659 وتوكل على الْمَزِيز الرحيم 679 الْذي يراك حين تَقُوم 052 وَتقلبك في السَّاجِدِينَ 059 إن هو السّميع العليم 4 . وبين سبحانه وتعالى من تنزل عليه الشياطين» 9 تَنَرّلَ على كل أَفْاك أثيو 9 يلقود السمع وأكفرهم كاذبون 00 » وبين بعد ذلك أنه بمنأى عن الشعر والشعراءء, فقال: «( والشعراء يتبِعهُم الغارون 059 أَلَم تر نهم في كل واد يهيمون © 5 وَأنّهُم يقُونُونَ ما لا يفْعلُونَ 5 إلا اين آمنوا وعَمنُوا الصالحَات وَذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظَلمُوا وسيعلم الّذين ظَلَموا أي منقلب يتقَلبون 659 6 . / تفسير سورة الشعراع 6 الالالال معانى السورة القرآن مبين والنبى منذرومبيشر قال الله تعالى : 6 - جو 007 سر ١‏ سم ست رك وا 2 ازاز أمَؤْمنينَ (ي) دام اق ايه فْظلَتٌ سن سر ووم اؤوس 0 تييح نماك نوأ مر 1 حر ل م 1 م ا ل 2 ا ندج ١ 2 ركه وو اعم ا 2 77 تيه و طسم # هذه حروف ابتدأت بها السورة» وقد ذكر أن محناها على الحقيقة لا نعلمها » بل اخمتص بها علم الله تعالى واللّه بكل شيء عليم» وقد نعرف حكمتها على قدر طاقتنا » وهى الإشارة إلى أن انقرآن مكون من الحروف التى تنطقون بهاء ولكنكم تعجزون عن أن تأتوا بمثله؛ لأنه من عند اللّهء ولآن النبى كَكِدٌ أمى لا يقرأ ولا يكتب» فهو يعرف الكلمات ولا يعرف الحروف» فذكرها فى القرآن دليل على أنه ليس من عند ذلك الأمى إئما هو من العالم بكل شيء الذى لا يغيب عن علمه شىء فى السماء ولا فى الأرضء ولأن كبار المشركين قالوا فيما بينهم لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون » فإذا ابتدأت السورة بهذه الحروف الصوتية استرعاهم صوتهاء فجاءوا متلهفين للاستماع» ويذهب عنهم ما 00 اتمقوا. با تفسير سورة ١‏ لشعراء ا 4ج ل ولذا كانت أكثر السور المفتتحة بهذه الأحرف» يعقبها ذكر القرآن» وهنا جاء بعد هذه الحروف الصوتية قوله تعالى: ( تلك آيات الكتاب المي 0 » . - الإشارة فى قوله تعالى : (تلك آيات الْكتاب الْمبِينِ 00 4 للسورة أو آيات مضافة إلى الكتاب» والإضافة بمعنى (من) أى آيات من الكتاب» وأضيفت إلى الكتاب كأنها كل الكتاب؛ لأن كل آية من الكتاب فيها خصائصه من إعجازء وبيان وروعة» وكانت الإشارة 9 بتلك 4 التى تدل على البعد لعلو منزلتهاء وارتفاع قدرها » وسمو مكانها » و المبين 4 معناها البين فى ذاته والمبين للشرائع والتوحيد » وهداية البشرء وما من شيء يتعلق بالإيمان وشرائعه إلا بينه» لا يغادر صغيرة ة ولا كبيرة إلا أحصاها » فهذا الكتاب أو بعضه واضح الدلالة على أنه من عند الله تعالى بإعجازه » ولقد كان محمد الصدوق طول حياته حتى إنه ما عرفت له كذبة قط » وهو الشفيق على قومه حريص على أن يؤمنوا به» حتى لا تفوته فضيلة التصديق » ولا يفوتهم خير الإيمان» ولذا قال تعالى : ا لَعلّك باخع نَفْسَّك ألا يكونوا مؤمنين 49 . البخع قطع خيط العنق» أى إصابة النخاع الشوكى الذى يسير فى فقرات العنق» فإن ذلك نهاية الفرج « ألا يَكُونوا مؤمنين » الضمصير المنسبك من أن وما بعدها فاعل باخع» أى يبخعك ويقتلك ألا يكونوا مؤمنين» وهذا كقوله تعالى فى أول سورة الكهف: لل فل ياج تك ع ايع مط سا اه يكونوا مؤمنين» بعدا عن التأويل» لأن ما لا يحتاج إلى الأويل أولى بالأخحذ ما يحتاج إلى تأويل» ولأن التأويلات فيها بعدء وفيها خروج عن معنى الآية الظاهر. وقوله: ألا يكُونُوا مؤمنين 4 يشير إلى أن بخع نفس الرسول كَلل؛ لأنهم لم يكونوا مؤمنين أى لم يؤمنواء والضمير كينونتهم أنهم من ال مؤمنين» فيكونوا قوة» وهم أقرب الناس إليه» وهو عليهم شفيق. وقد بين سبحانه وتعالى أن الله أراد أن يكونوا مختارين فى إيمانهم» فيؤمنوا بعد الموازنة بين حالهم» وما يدعوهم إليه النبي» فيكون التكليف بعد الاختيار والموازنة» ويكون الجزاء على الإيمان» والجزاء على الامتناع. | 0# تفسير سورة الشعراء ير الل ال 111110 2216111111111 1 لس زا قال عز من قائل: إن نُشَأْ نترّل علَيِهم من السّمَاء آيهَ فطل أَعَنَافُهُم لَهَا خاضعين 4 . ( إن نش نزل عليهم من السّماء آي أى معجزة من السماء قاهرة تقسرهم على الإيمان قسرا بحيث لا يكون لديهم احتمال التكذيب أو الرد» أو التفكير» فيؤمنوا مقهورين مقسورين» غير مفكرين» وما كانت مثل هذه الآية من عند بعث أى رسول» بل كانت عقابا عاجلا فى الدنيا على كفرهم على الاختيار» وبها ينتهى أمرهم وجدلهم. والتعليق ‏ بإن - يومئ إلى أن الله لا يغفل جلت قدرته؛ لأنه سبحانه كما تدل أعماله» يريد التكليف لا مجرد الامتناع عن الشر والعصيان. وقال سبحانه ما يدل على أن الآية التى لو شاء لأنزلها قاهرة مانعة من المخانعة» ولذا قال (عليهم) الدالة بكلمة (على) على القهر والقسرة» وذلك غير ما أودعه الله الإنسان من علم وفكر أراد له به الخلافة فى الأرض» وفضله على الخلق أجمعين» حتى على الملائكة» إن استقام وسار على الجحادة. «فظلت أعناقهم لَهَا حَاضعينَ أى فظلوا واستمروا لها خاضعين» وعبر عن خضوعهم بالأعناق على سبيل المجاز المرسل» إذ عبر باسم الجزء عن الكل» لأن لهذا الجزء مزية فى هذا المقام عن بقية الأجزاء » إذ هو مظهر الخضوع والخنوع, وللؤشارة إلى أن استكبار الكافرين هو الذى منعهم من الإيمان فعبر بهذا للدلالة على أنهم يخضعون ولأن العنق يعبر به عن الكبراء المتجبرين» فيقال عنق القوم أى كبارهم المسيطرون أو المتغطرسون» وهذه الآية كقوله تعالى : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا أَقَأَنتَ َكرِه الئاس حَمَّئ يَكُونُوا مُؤْمنين» وكقوله تعالى : «إ ولو شاء وبك لَجِعَل الدّاس أُمهَ واحدة 4 وعبر بخاضعين التى هى وصف العقلاء بدل خاضعات التى هى مقتضى السياق للدلالة على أن المقصود من ذلك هو الأشخاص . | تفسير سورة الشعراء 00 م لأسب ا ومما يجب التنبيه إليه أنه عبر بالماضى فى معنى المضارع للدلالة على تأكد خضوعهم وأنهم يظلون خاضعين غير متمردين» ولكنه أراد الاختيار تكريما لبنى آدم فى الأرض كما أراد أن يجعله خليفة. وقد بين سبحانه وتعالى تلقى المشركين للقرآن» فقال عز من قائل: «( وما يأتيهم من ذكر من الرَحمَن مُحَدث إلا كَانوا عله مُعْرِضِينَ 20 فَقَد كَذَبُوا فسيَأتيهم أَنباء ما كانوا به يستهزءون 4. - الذكر هنا ليس القرآن كله» إنما هو بعض ما ينزل من مواعظ مذكرة. وقصص وأحكام تذكرء وعبّر بلفظء وما يأتيهم من ذكر» على أن ذلك قريب محدث مجرد لمعنى التذكر والتفكر لمن هو أهل لذلك» إلا كانت حالهم حال إعراض» فالاستثناء من أعم الأحوال؛ والجملة بعد (إلا) منصوبة فى معناها على الحال. وإن هذا الذكر من الرحمة بهم ؛ لأن التذكير رحمة » ولذا قال تعالى : «إما يأتيهم مَن ذكر مَن الرّحَمَنٍ 4 أى من الله تعالى الذى هو مصدر الرحمة » والذى لا يكون منه إلا ما هو رحمة » فهم يعرضون عن الذكر وهو رحمة بهم » فكل شيء منه رحمة جزاؤه رحمة» وعقابه رحمة» ومواعظه وشرائعه رحمة». و(من) فى قوله تعالى: 9 من ذكر» لبيان عموم الاستغراق» ومن الثانية للابتداء وبيان من صدر عنه التذكير الذى هو رحمة للعباد» وكانوا دالة على استمرارهم فى الإعراض كأنه شأن من شئونهم » وحال دائمة من أحوالهم » وتقديم نه » عن متعلقها. وهى (معرضون ) لآن التقديم يفيد معنى الاختصاص» أى كأنهم لا يعرضون إلا عن الحق » ومن فساد نفوسهم لا يعرضون عن باطل» بل لا يعرضون إلا عن الحق لأنه يلائم فساد نفوسهم» وضلال تفكيرهم. وقال تعالى: 9 فََد كبوا 4 الفاء هنا لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى فإنه يترتب على هذا الإعراض التكذيب » أى بسبب ذلك الإعراض قد كذبوا الحق لما جاءهم» وبسبب ذلك سيآأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزتئون والأنباء جمع نبأ وهو الخبر العظيم الشأن الذى يؤثر فى شأنهم » وإن المواعظ » والذكر الحكيم كان فيه إنذار بما يقع لهم فى العاجلة والآجلة » ففى العاجلة يجعل الله 0 ا تفسير سورة الشعراءع مالل يلجل بر 2 كلمة الذين كفروا السفلي» وكلمة الحق هى العليا بتوالى هزائم الشرك حتى تطهر منه أرض العرب» وفى الآخرة بعذاب الجحيم » ولذا قال تعالى: « فسيأتيهم أنباء مَا كانوا به يستَهزءون 4 الفاء كما أشرنا لبيان أن ما بعدها مترتب على ما قبلها والسبب لتأكيد الوقوع فى المستقبل» والأنباء هنا الوقائع التى أنبأ عنها القرآن الكريم» والنبى الحكيم» فهم يرون هذه الأخبار وقائع تقرع حسهمء غافلهم» وتوجه اليقظ إلى الحق الصريح الواضح البين وقوله تعالى: أَنبَاء ما كَانوا به يستَهزءون 4 توبيخ لهم على استهزائهم» وقد كان له هذه الوقائع القارعة. وتقديم الخار والمجرور على يستهزئون فيه اختصاص نسبي» أى لا يستهزئون إلا بالحق» وقلوبهم معرضة. ونفوسهم مصروفة عن الحق إلى الباطل» فلا يستهزئون له» وهذا تصوير نفسى لانحرافهم عن الجادة » والتواء تفكير » حتى لا يكون منهم إلا الباطل وتأييده» ونصرته. وإن هذه الآية كقوله تعالي : ف( وما تأتيهم مَنَآية من آيات ربّهم إلا كانوا عنها مُعْرضِينَ © فَقَد كَدْبُوا بالْحوَلَمّا جاءهم فسَّوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يُستَهٍءون2) 4 [الأنعام] . مع لجاجتهم فى الكفر والتكذيب والاستهزاء يذكرهم تعالى بنعمه عليهم بإيجاز فيقول: ل أولَم يوا إلى اررض كَم َنْبا فيههًا من كل زوج كيم ١‏ إن في ذلك لآية وما كان أكترهم مَؤمنينَ 20) وَإِنّ ربك لَه العَزِيزٌ الرّحيم 90 4 . - الهمزة للاستفهام الإنكارى بمعنى التوبيخ» والواو عاطفة على فعل محذوف تقديره فى القول افعلوا ذلك . ولم ينظرواء وهذا توبيخ على فعلهم ؛ لأنهم استهزءوا بالحقء ونعم الله تحوطهم وتستغرقهم إيروا 4 معناه يرون» ولكنها هنا نظرة تأملية متتبعة وليست نظرة عاجلة خاضعة » بل ترجع البصر حينا بعد حين ؛ ولذا كانت التعدية للدلالة على التتبع متبصرين إلى الأرض كيف ينبت ا تفسير سورة الشعراء .م 00 يبيب فيها النبات» ويستغلظ سوقه؛ ويقوى عوده حتى يصير طعاما فى ذاته أو حبا متراكبا » وهكذا » ولذا قال تعالى: « كم أَنبَتنا فيها من كل زوج كَريم 4 كم- هنا هى الخبر الدال على الكثرة » وموضعها فى الإعراب النصب أى كثيرا ما أنبتنا فيها «إمن كل زوج 4 من بيانية» أى أنبتنا من زوج أى شيئين متقابلين فى اللون أو الذكورة والأنوثة» وغير ذلك من كل شيئين متقابلين فى الألوان والطعوم» وكريم- أى كثير المنافع فى الأكل والملبس» والمأوى» وإن هذه الجملة السامية فيها من دلائل الإعجاز بإيجاز القصر» الذى تكثر فيه المعانى مع قلة الآلفاظ» فهذه الجملة شملت كل ما فى معانى الإنبات» وثماره من زرع وغراس نخيل وعنب» وفواكه من كل ما تشمله الالفاظ. وتراه الأعين. إن في ذلك لآية4 الإشارة إلى الإنبات » أى إن فى ذلك لآية» أى لعلامة تدل على قدرة القادر» ونراها كل يوم فى حياتنا الخاصة والعامة» وهى حولنا تنبئنا بالعليم الخبير» القادر على كل شيء » فحولنا النخيل والأعناب» وحولنا الحب المتراكب» والزروع والحشائش التى تأكل منها أنعامناء وتدر علينا الدر الوفير» ولكن مع هذه الآية الباهرة والدلائل القاهرة أكثرهم لا يؤمنون» ولذا قال تعالى: «[ وما كان أكترهم مَؤْمنِينَ4 (كان) هى الدالة على الاستمرار» أى وقد استمر أكثرهم غير مؤمنين ؛ لأنهم لم تدرك عقولهم » ولم يتدبروا ولم يتفكروا. ( وإِن ربك لهو الْعَرِير الرحيم 4. الواو عاطفة على ما ذكر من ءايات بينات. والتعبير بربك للإشارة إلى معانى الخلق والربوبية والكلاءة والحفظ والرعاية والقيام على الحياة والأحياء» لأنه الحى القيوم (لهو) اللام لام التوكيد» (العزيز) أى الغالب (الرحيم) المتصف بصفة الرحمة الدائم» فهو رحيم بهذا الخلق والتكوين» ورحيم بهذه الرسائل التى أرسلها على أيدى الرسل» ورحيم بالبعث والنشورء ورحيم بكل ما ورد به الرسل من معجزات دالة على رسالاتهم؛ ورحيم بالعقاب والثواب» لأن ذلك حمل على الخير» وجزاء عليه . ا تفسير سورة الشعراء 664 النلاذاااااااااا1ًا ااانا اناا الةال الل اااالااااللاا1 ااا انالان ااا ااال الاللانللة الالال ممم اناما ل ناخ طامط طخططسططلط تاللا للها 1 11 >2 05 قال تعالى : 2 و أ و ع1 د حاف انق 40 2 د _ اي رد مل را سن م طرق ب 1 س تعب 1 2 لت محل 0ك نذريت 3 5 َال فَعلتها ذا نالصا لين ليي) قفر هله ل رك كما ويحعاد ا 0 0 1 ا 2 2 وإ بل اي 4 2-2 ١ جور سمج كي وات دالت ومَلمءكمقدد ا © ا م 7 تق 0 جيك 5 1 ا | تفسير سورة الشعراع 00 64م ل لصون () تَلْقَعصَا هقد هى بان ين 7 رويد فإذاهى يض لِلتَظرينَ 2 َالَلِلْملِاِ حولم إن هذا لسر عليه 9 رد ريدأ محر ثم منْأرْْ حكم بسخّره همادا مروت 2 قَا لوا جد وأحاه وأبعث ادن حَدبْرِينَ © يكل سَخَرعيٍ( 25 0 2 حي و . ميقت بوم ِمعلُو م( مم اللي ل 0 531 - وا عرس سه سس جر رس له مدان الصعرقر6زا يي لغبلبين لو 2-6 للشب لاني 4 2 هذه قصة موسى وفرعون,ء والمقاولة التى جرت بين موسى الكليم» وفرعون الجبار العنيد» وإن فيها جزءا لم يذكر فى قصة موسى وهارون» وهى المجاوبة التى كانت بين كليم الله ومربيه حتى بلغ رشده » وفيها عَتب المربى ودفاع من تربى ومجابهته بالحق القوى الصريح» وجاء ما هو مذكور فى غير هذا الموضع من قصة العصاء ثم قصة النجاة» التى سنذكرها فى موضعها فيما يلى » وإن ذكر التربية هو الذى اختصت به القصة» وجاء ذكر المعجزة» وأعمال السحرة تابعا» ولا يعد ذلك تكرارا لأصل القصةء إن كان طاغوت فرعون يذكر فيما تشبه التكرار تنبيها على الظلم والطغيان» كما يكرر ذكر طلب التسوحيد ؛ والنهى عن الشرك . ##ا تفسير سورة الشعراء 6047 الل اللا وجل يي وذ نادئ ربك موسئ أن انْت الْقَوْم الظّالمين 00 قوم فرعون ألا يتقو 69 4 . الواو عاطفة هذا الكلام على ما سبقه. أو دالة على الاستئناف وؤإذ» متعلقة بمحذوف» تقديره اذكر»ء أى اذكر لقومك قصة موسىء والتعبير بربك إشارة إلى أنه الكالئ الحامى المدبر القيوم على كل شيء» أن- حرف تفسير للنداء» نداء الله تعالى جلت قدرتهء فالنداء « انْت القوم الظّالمين () قوم فرعون » وصفوا بالظلم؛ لأنهم هم الذين مكنوا فرعون من ظلمهء فكانوا ظالمين؛ لأنهم الذين أقاموه. وأيدوه. وطاوعوه» ومهدواء وصاروا آلة طيعة لتنفيذ مظالمه» وإنه لا يسأل العامة عن ظلم الخاصة» حتى يروا الظلم فلا يستنكروه» وكذلك كان أهل مصرء وعبر عنهم بقوم فرعون لأنهم كانوا له تبعا » وقد فنى وجودهم فى وجودهء ألا يتَقَون » هذه جملة مستأنفة دالة على أنهم لم يتقواء وأفرطوا فى اتباع فرعون» وكان إسرافهم على أنفسهم » إذ إنهم لما لم يستنكروا أوغل هو فى الطغيان بمقدار إسرافهم فى الخضوعء. فرد الطغاة وقاية للأنفسء واتقاء للّه» و(ألا) دالة على التحريض والحث على التقوىء وهنا التفات من الخطاب إلى الغيبة» للدلالة على الغضب عليهم» وهناك قراءة بالخطاب ألا تتقون » ويكون النص محرضا لهم على التقوى. وإن ذلك النص بعد فوات قرون» فيكون معناه أنهم كانوا فى حال كان يجب أن يحرضوا فيها على التقوى » وأن موسى عليه السلام حرضهم عليهاء ولم يتركهم لأنفسهم» وفى ذلك إشارة إلى أنه يجب أن يقمع كبراء قريش ١‏ وألا يستسلم الناس لهم » ويخنعوا لعبادة الأوثان. وهناك قراءة بكسر نون ألا يتقو » وتكون منيبة عن ياء المتكلم » تتقون الله رب العالمين. لقَال رب إِنَي حاف أن يكذبُون 9 ويضيق صّدري ولا ينطاق لسَاني فَأرسل إلى هرون 69 ولهم علي َنْب فَأحَاف أن يََعنُودَ 69 قال حَلاً فَاذهبا بآياتنا إن معكم مستمعون 09 4 . تفسير سورة الشعراء 4 ااا 1ب :يي حر ا هذا جواب موسى لربه» وقد فصلت هذه الجملة لأنها جواب عن سؤال مقدر ؛ وكيف أجاب موسى» وصدر كلامه بالنداء لربه» للدلالة على شعوره بأنه فى كلاءته» وأنه سيعمل فى رعايته وحمايته» إني أخَاف أن يكذبون 4 بكسر النون للإشعار بأن ياء المتكلم محذوف » والخوف هنا لا يتضمن معنى النتكوص عن الاستجابة لربه » إنما يتضمن معنى تقدير الموقف وإرادة الاستعداد » والشعور بعظم المهمة التى كلفه الله تعالى إياها » وإنها تحتاج إلى جمع كل ما عنده من قوة» وقد أحس بموضع الضعف فيه » وهو البيان مع توقع الضيق والحرج» ولذا قال: 8 ويضيق صدرِي ولا ينطلق لسّاني فَأَرسل إلى هرون 69 4 . ضيق الصدر هو من التكذيب والباهتة فى قوة من فرعون» وطغيانه» فيكون فى شدة من هجوم الباطل المؤزر بالطغيان الفرعوني» مع حبسة اللسان فلا يستطيع رد إنكار أولئك الكاذيين المكذبين المزودين بطغيان عظيم» ولذا استغاث بربه قائلا: © فأرسل إلئ هرون © والفاء لبيان أن ما بعدها مترتب على ما قبلهاء أى فإنه يترتب على هذه الحال التى أكون عليها أن أطلب إليك أن ترسل إلى أخى هارون بأن تجعل له رسالة معي» و(إلى) تدل على أن النهاية أن يكون رسود معي ) وهذا كقوله تعالى: فر رب اظرح لي صَرِي 09 وَيَسَر بي أمْرِي 69 واحثل عفد من ساني 09 يَفَقَهِوا قربي 62 واجعل لي وزيرا من أهلي 69) هرون أخي (2 اشدد به أزي 9 رارق في أغري ١‏ كي نسبعك كيرا ا ورك وا 0 ل خنت أجاب الله تعالى طلب موسى عليه السلام» وقال فى آية أخرى: قَالَ قد وتيت سؤلك يا موسئ 9 4 ولكن موسى عليه السلام ذكر أن له عندهم ذنباء وأنه يخاف أن يقتلوه فقال: 0 لهم علي ذَنْبَ فَأَحَاف أن يُقتلُون 4 والنون مكسورة منيبة عن ياء متكلم محذوفة» والذنب ليس إثما ذاتياء إنما هو ذنب عندهم» فهو ذنب لهم» قد قدر موسى الكليم أن يشطوا عليه ويقتلوه» وذلك الذنب أنه قتل واحدا من المصريين» لاعتدائه على إسرائيلى من قومه» وقد قال تعالى فى ذلك فى سورة القصص 9 وَدَخَل الْمَدِينَة علَى حين عَفَْة من أَهْلها فَوجَد فيها جلي يقتعلان أ 4 (#تفمسير سورة الشعراء حر ل بايا سين هذا من شيعته وهذا من عدو فَاستَالهُ اذى من شيعته على اذى من عَدَه كه مُوسئ فقضئ عليه قَال هذا من عمل الشيطان نه عدو مضل مين 69 قَال رب إنى لمت تَفبى فَاغْفر لى فََفَر لَه إن هو الَْفُور الرّحيم 09 قَال رب بما َنْعَمْت علي فلن أَكُونَ ظَهِيرا مجر مين 69 4. هذا هو الذنب» وستتكلم فى مقدار كونه ذنبا عندما نتكلم على هذا فى سورة القصص قريبا إن شاء الله تعالى. أجابهما الله تعالى على طلب هارون» وعلى بث روح العمل» ودفع النوف» فقال: :ل كلا فَاذهبا بآياتنا نا معكم مستمعون 62 4 . كلا- حرف للرد مع ردع» أو قوة فى الردء والفاء للإفصاحء لأنها تفصح عن شرط مقدرء أى إذا كان ذلك ما تخاف فاذهباء والخطاب بالتثنية دليل على أنه أجيب سؤله بالنسبة لهارون ١‏ فَاذهبا بآياتنا4 أى محملين بالآيات التى تدل على الرسالة» فإنه إذا كان قويا بسلطانه» فأنتما قويان بالحق الثابت بالآيات الباهرة القاهرة التى لا يمارى فيها إلا أثيم» ثم طمأنهما على أنه لا يؤذيهماء فقال: 8 إِنَا مَعَكُمِ مُسْتَمِعُونَ 4 وقد أكد سبحانه وتعالى نصرتهما بشلاث مؤكدات أولها ‏ إن الدالة على التوكيد» والثانى المعية» فى الله معهماء ومن كان الله معه لا يغلب ولا يرهب أبداء والثالثة أنه مستمع لما يجرى مرتب عليه ما يستحقه أهل الطغيان » وهذا كقول فى سود طه ل وم هام م الفاء مريب ما بعدها على م ما قبلهاء لأن الخرتب على الأمر بالذهاب أن يأتياه ويخاطباه بآنهما رسول رب العالمين» وأفردت رسالتهما بالتعبير برسول رب العالمين للإشارة إلى أن الرسالة التى أرسلا بها واحدة» وأنهما كرسول واحد» وأن موسى يتلقى أمر ربه ويعاونه هارون فى التوضيح والتبيين» فهما رسولان لرسالة واحدة» وقد ذكر أنهما رسولان فى سورة طهء فقالا: إن رسُولا رَبك 4 [طه:/417] ل بلوللا إلى 7ت ار ١ تي‎ على أساس أنهما رسولان» وإن كانت الرسالة واحدة» وأسندت إلى رب العالمين أى ربك ورب آبائك الأولين» ورب الناس أجمعين» فهو خطاب يوجب الخضوع لله تعالى من فرعون طاغية الأرض » ومن معه من قومه الذين يمالئونه» ويشجعونه . © أن أرسل معنا بني إسرائيل 4 أن هنا تفسيرية» أى أن تفسير القول هو هم هى دعوة إلى التوحيد» ورفع الظلم» وابتدئ ببئى إسرائيل » لأن ظلمهم صارخ » هذا الكلام الذى سبق كله كان أمر الله تعالى لموسى» وكان كلام موسى وهارون لفرعون» فبماذا أجاب فرعون ؟. «( قَال ألم تربك فينا وليدا ولَبعْت فينا من عمرك سدين 69 وفعت فَعلتك الي فَعلْت وَأنت من الْكَافرِينَ 69 قَال فَعلتهًا إذا ونا من الضَالين 9 فَفَررْت منكم لَمًا حََدُكُم َب لي بي حَكْما وجعلبي من الْمرسلينَ 69 وتلك نعمة تمنها علي أن عبّدت بتي إسرائيل 9 4 . ابتدأ الكلام بعتب» واتهام بكفر النعمة» أو كفره بألوهيته» قال فرعون قال ألم رَبك فينا وليدا 4 الاستفهام إنكارى بمعنى النفى. والمعنى : لقد ربيناك فيناء أى فى وسطنا مكرما فينا عزيزاء أى خلطناك بأتفسنا خلطا وكأنك مناء» وَلبمْت فينا من عمرك سنين» »؛ أى أقمت فينا مختلطا بنا سئين» الظاهر أنه بقى فيهم حتى بلغ الرشد . وصار شابا سويا » يدبر أموره » ويعرف غاياته » ومقام رب العالمين» وخصوصا أن جزءا من التربية كان مع أمه » كما قال تعالى: فَردَدنَاه إلى أمّه كي تقر ينها 4 ويقال إنه مكث فى بيت فرعون إلى أن بلغ ثلاثين سئة » والراجح عندنا أنه مكث حتى صار رجلا سوياء بدليل ما آتاه الله من قوة عندما استغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه. ثم ذكر بعد المودة المقربة » ما فيه لوم له إ وفعلت فعلتك » قرك نت بفتح الفاء فى فعلتك وكسرهاء وعلى الفتح تكون للمرة وعلى الكسر تكون لليئة. للملاو 011 لاا ١‏ يي والمعنى فى كلتا القراءتين القتلة التى قام بها الرجل القبطى» إذ استغائه الذى من شيعته» قال فرعون: ظ وأنت من الكافرِين 4 أى الكافرين بألوهيته» وبأنه لم يكن ليذعن له كما يذعن الذين يعدونه إلها » ويقول لهم ليس لكم من إله غيري» وقال بعض المفسرين: المراد كفر النعمة» ولا نحسب أن فرعون يرى من كفر نعمته قتل واحد من الرعايا » ولو كان ذا صلة به كخادم أو نحوه» فموسى فيما أحسب كان أقرب إليه من كل الخدم » إذ امرأة فرعون قد اتخذته لها وله ولدا. لم ينكر نبى الله تعالى أنه فعلها كما وصف » ولكن أنكر أنه ملوم لكفره به»ء فقال: « قَال فَعَلَا ذا ونا من الصالينَ 4 . فعلتها إذ ذاك وأنا من الضالين» ضلالا بريئاء والضلال البرئ يكون بالجهل والنسيان والبعد عن التأنى والصبر» وأخذ الأمورء والاكتفاء فى الدفاع عن الحق بأقل الأضرار التى ينزلها بالمعتديء فنبى الله النقى يعترف بأنه لم يسلك طريق الجادة المستقيمة» وهذه حال موسى عليه السلام وإذاً معناها إذ ذاك » فالتنوين عوض عن المضاف إليه مرتبا الواقعة على مقدماتها من شر فى القبطى أو المصري»ء معترفا بأنه ضال ضلالا بريئا كما ذكرنا. ولا فعلها فر » فقال: «( ققرت منكم لما خفتكم 4 الفاء عاطفة » وقد ذكر سبحانه وتعالى أسباب الفرار وكيف كان فى سورة القصص » فقال عز من قائل (وجاء رجل مَن أقصا المدينة يَسَعئ قَال يا مُومئ إن الملا يترون بلك لُك فارج ني لك من الئاصحين 60 فخرج منها خائفا يرقب قَالَ رب نجني من الْقَوم الظالمين 690 4 . والفاء فى قوله تعالى: طفَوَهَب لي رَبَي حكما وجعأني من الْمَرْسلِينَ 4 عاطفة» والحكم هو الحكمة أى التجربة» وبعد أن كان غفلا فى النعمة فى قصر فرعون اكتسب حكمة وتجربة» وعمل وكسب» فإن الشدة تتصقل النفسء وتربى الحكمة ووزن الأمور والأفعال» ويصح أن يكون الحكم ؟ بمعنى الرسالة» والأول أولى ؛' لأن التأسيس أولى من التأكيد» وجعلنى رسولا من المرسلين الذين أرسلهم رب العالمين» فقد جعله الله تعالى من أولى العزم من الرسل . ١‏ #اتفسير سورة الشعراء اا تفسير سورة الشعراع الل جم لحر أ ثم بين كليم الله أن النعمة التى يمن بها عليه هى نعمة سببها أشد النقم؛ لأنها كانت بسبب إيذائك المطلق لبنى إسرائيل مما جعل أمه تلقيه فى تابوت فى اليم فيكون فى قصر فرعون ٠‏ فلولا هذه النقمة الفاجرة ما كانت تلك النعمة التى من بها ؛ وتستطيل على بذكرها » ولذا قال: وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل 469 الإشارة إلى نعمة التربية وليدا وإنه لبث فيهم من عمره سنين تمنها علي 4 أى تمن بها علي أنك عَبّدت بنى إسرائيل » وفى هذا إشارة إلى سبب النعمة» وهو أنه عبد بنى إسرائيل وأذلهم وذبح أطفالهم » واستحيا نساءهم فاضطرت أمه إلى ما كان مؤديا بإنعام الله إلى قصره» وإشارة أيضا إلى أنه يقابل هذه النعمة إذلاله لقومه بنى إسرائيل . اتجه فرعون من بعد ذلك إلى السؤال عن رب العالمين: لقال فرَعَوَنُ وَمَا رب الْعَالَمينَ 6 قَالَ وب السّموات والأرض وما بينهُمًا إن ككتم مُوقبينَ 69 قال لمن حولَهُ ألا مَستمعون (02 قال ربكم ورب آبائكم الأوَلينَ 69 4 . - الاستفهام من فرعون عن الذات العلية يتعرف ماهيتها وحقيقتهاء فالاستفهام بم يدل على ذلك؟ أى ما هو؟ ما ذاته ؟ قال موسى مجيبا » إجابة هادية مرشدة إلى أن الذات لا يستفسر عنهاء إنما يعرف رب العالمين بخلقه » فقال: طرَبُ السَّمّوات والأرض وما بِينهِمًا إن كم موقنين 69 4 ورب السموات تتضمن أنه خالقهما وموجودهما والقائم عليهما » كما قال تعالى: إن اللّه يمسك السّموات والأَرض أن تزولا 4 وما بينهما هو الفضاء القائم» والذى تكون فيه السحاب وينزل منه المطر» وذكر السموات فيه إشارة إلى أن الله رب الشمس التى كانوا يعبدونها باطلا باسم رع 9 إن كنم موقنين4. أى إن كنتم تريدون الحق الذى تسيرون عليه فى طريق اليقين والإذعان» ولكن فرعون خشى على قومه من أن يتأثروا بقول موسى الكليم» ٠‏ فأراد أن ينبههم إلى سلطانه «قَالَ لمن حَولَهُ ألا تستمعون» النص تحريض منه لمن حوله على الاستماع والتأمل وهو جدير بالنظر والتفكرء موهما لهم أن ذلك لا يناقض ألوهيته ولا يعارضهاء ولكنه جدير بالنظر» وقد يكون ذلك استنكارا لأن يكون لأجرام السموات والأرض موجه غيره (إإاتفسير سورة الشعراع ١‏ يي الوذ 2213# ا لي نما جعل موسى عليه السلام يوجه للتعريف برب العالمين إلى مقام آخرء يبين عظم ربوبيته على الماضين والحاضرين وإنكم وفرعون لستم إلا طبقة من طبقات الوجود الإنسانى: 9 قال ربكم ورب آبائكم الأولين 4 . التفت فرعون لمن حوله كأنه ينبههم إلى إنكار موسى لألوهيته المقررة الثابتة عنذهم » فنبههم موسى أولا : إلى أن الله ربكم الذى خلقكم وأنشأكم». وخلق آباءكم الأولين ورباهم وكونهم 2 فهل فرعون خلق وقدر. وهو المخلوق الذى لا يخلق» ولا يقدرء وثانيا: إلى أن الله رب آبائكم الأولين قبل أن يوجد فرعون» وثالثا: إلى أن الرب يجب أن يكون قديما باقيا» ولا يكون محدثا فانياء» كفرعون. موسى بالجنون أولاء وتهديده بالسجن » فقال: ًَ 5 يم م برام 1 ٠.‏ مم فر وس م اوور هد - مام تي هس .9 5 م وهام هم م زك ا رسرتكم حي أرسل إنكع تسجوة 9 ال وب المشرق والمشرب وه 1 5 أول رمية رمى فرعرن بها موسى هى الجنون» كما كان المشركون يقولون ذلك عن النبى عله وفى ذلك تسرية عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم» وأكد فرعون جنون موسى بأن» وبلام التوكيدء وبالجملة الإسمية» وذكره بوصف الرسالة تهكما وإمعانا فى الإنكار والتنفير» وأنه مع جنونه المدعى أرسل إليكم, وفى ذلك تحريض على استنكار رسالته كأنه يقول: اختير لكم رسول مجنون. ولكن موسى كليم الله لم يرعه ذلك الكلام الباطل» ولم يهتز له» بل استمر فى بيان بطلان ألوهية فرعون» فقال أن ربه رب الكون: رب الْمَشْرِق وَالْمَغْرْب وما بينهما إن كنتم تَعقلُون 4 أى أن أقصى سلطان فرعون أن يكون فى مصرء ومصر ليست إلا جزءا من الأرضء والرب الخالق يكون رب الجميع من سكان الأرض» والسموات» والشرق والغرب» فهل تستطيع أن تدعى هذا؟ بل إنك لا يمكن أن ل االلل مل الل جم حب ا تتطاول إلا على أهل مسصرء الذين تعودوا الخنوع لحكامهم فى ماضيهمٍ وحاضرهمء فقول موسى عليه السلام لطاغوت مصر عن رب العالمين رب المشرق والمغرب 4 إبطال واضح لألوهية فرعون المدعاة» وقد التفت موسى إلى من حوله الذين بنادون بألوهيته فقال محرضا لهم على التفكير يسقولهم؛ ٠‏ فقال: إن كم تعقلون 4 أى إن كنتم ذوى عقل تعقلون» وتعلمون أن الآلوهية ليست أجزاء مجزأة» إنما هى سلطان على الوجود كله. عندئذ أيقن فرعون أنه يتكر ألوهيته» وأنه يحرض من حوله على إنكارهاء ويدعوهم إلى إعلان بطلانها » هذا وفى ذكر المشرق والمغرب بيان لقدرة الله تعالى الباهرة» وتنبيه إلى ما يشاهدونه كل يوم من شروق الشمس وغروبها فى المغرب» والشمس بذلك تنتقل فى مداراتها » فهل فرعون يفعل هذا » إنه ليس برب» ولا بإله. اتجه فرعون إلى حجته التى يحسبها دامغة» وهى ذريعة الطغيان فقال: ( فلن ات إنها غري لاج بن جين 49 . اللام هى الممهدة للقسمء وقد أكد تهديده بقول يشبه القسم» أو أقسم بما يقسم به مثله فى طغوانه» واتخذت معناها : جعلت لك إلها غيرى » وكأن الألوهية أمر يجعل» وليس إذعانا لحقيقة ثابتة فى الوجود يخضع لها العبد بسلطان الربوبية وبسلطان الفطرة المدركة الواعية» وذلك ضلال كل من كان الطاغوت ديدنهم الذى لا يخالفونه» 8« لأَجَعلَئَكَ من الْمَسجونينَ 4 هذا تهديد لموسى عليه السلام» أى لألقين بك فى السجن» حيث لا تستطيع قولاء وتكون فى ضمن المسجونين الذين لا يسمع لهم صوتء ولا قول. ولكن ا ذلك» 0 يرهبه» 0 أخذ يدير القول إلى كان فرعون رجلا يؤمن بالآمر لحسوس» قا فجاراه ه موسى عليه السلام فيا يؤمن فقال ما قال: أَوَ لَو جئتك 4 الواو عاطفة على فعل محذوف تقديره يناسب . (##اتفمسير سورة الشعراء م ل 000 ل[ [7-و را بي ١‏ المقام وكأن سياق القول أتسجننى » ولو جئتك بشىء مبين )2 أى بحجة واضحة مبينة لرسالتى» ولبطلان ألوهيتك وعجزك» والشىء هو المعجزة الكبرى التى جاء بها موسى فى ضمن تسع آيات بينات » وعبر بشيء فى هذا المقام لأن العصاء وما معها شيء» ولتقريب القول إلى فرعون » ولتكون الحجة نتيجة لا يقاوله ويبطل 3 قوله. وفرعون يحسب أنه يعجز عن أن يأتي» فيقول: «قَالَ فَأت به إن كنت من الصادقين 469 أى إن كان شأنك أنك صادق فى زمرة الصادقين ولست كنذابا ولا بهاتا » ولا مفتريا على فرعون وألوهيته. المعجزة ل فَألْقَى عصاه فَإِذا هي تُعبان مبين 60 وترع يده فَإذَا هي بيَضاء للنّاظرينَ 9 َال للَمَاد حولّه إِنّ هذا لَسَاحرٌ علي 69 يريد أن يُخْرِجَكُم من أَرْضَكُم بسحره فَمَاذَا تَأمُرُونَ 69 4. الفاء عاطفة تفيد الترتيب والتعقيب» أى أنه بمجرد أن طلب الدليل جاءه تباعا معقبا للطلب» وكان الجواب عملا وليس قولا » ألقى عصاه فى الأرض » فإذا هى ثعبان» (إذا) للمفاجأة أى فوجئ الناظر » فوجدها ثعبانا مبينا أى واضحا بينا » وأتبعه بمعجزة أخرى» وأخرج يدهء ففوجئ أيضا بأنها بيضاء للناظرين » وكان قد أخرجها من جيبه » فإذا هى بيضاء من غير سوء » كما قال تعالى فى سورة القنصص ( اسلك يَدَكَ في يبك تخرج بَيْضَاء من غَيْرٍ سُوءِ وَاضْمُم إيِك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إئ فرعون ومأشه هم حَانُوا وما فَاسِقين © 4 [القصص]. ويظهر أنه لم تكن يده فى أصل خلقته بيضاء ناصعة البياض» فتغير لونها مفاجأة إلى ناصعة يعد معسجزة حسية فى ذاتهاء وهى تومئ إلى أن يده ستكون مقدم خير على بنى إسرائيل» وعلى مصرء إذ تكون قاضية على طغيان فرعون» ثانيا حيرت المعجزة أو المعجزتان فرعون فرمى موسى بأنه ساحر ماهر عليم بالسحرء وأنه يريد بهذا السحر أن يخرج أهل مصر من أرضهم 8 قَال للَمَادْ حوله | تفسير سورة الشعراء لاملل م لحب ود إن هَذَا لَسَاحرٌ عَلِيِم 69 4 ثم أثار نخوتهم الوطنية» أو العداوة التى كانت بينهم وبين الهكسوسء» فقال: < نويد أن يكم من أرضكُم بسخره فماذا مرو 4 . حمله فرعون حماية لطغيانه أمرين: الأمر الأول : أنه بهذا لا يريد هداية وتعليما وإرشادا وإصلاحا » ولكن يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحرهء والإخراج يكون بألا يكون لكم سلطان فى الأرض» بل يكون الأمر لغيركم وتكونون عبيدا تعيشون على هامش الحياة فيها. الأمر الثانى: أن يكون له سلطان عليكم» وذلك ذهاب لسلطانكم » وإخراج لكم من دياركم» وإن ذلك كله بسحرهء وهذا ينبئ عن الفزع ٠»‏ ولكنه فزع يتصور الويل والثبور وعظائم الأمور » وإلا ما كان السحر ذاته مزيلا للملك » ومخرجا من الديار. وإنه فى هذا يستحث قومه على معاندة موسي. وألا يميلوا كل الميل له لأنه عدو الديار» ويكل الأمر إليهم فَمَاذا تَأمرُون» يطلب استشارتهم متطامنا خاضعاء وقد أحس أن الأمر يخرج عن سلطانه ؛ فيقول فى استشارتهم فماذا تأمرون» أى ما الذى تأمرون به » وإنى أنفذه. أجابوا عن ذلك بأنهم يستفزون الشعب كله » وكأنهم توهموا أن فى سحر موسى ما يخرج من الديار . ا قاو جد وأحَهُوَاْعَت في لْمَدائن حاشرينَ 69 يوك كل سحا رعَليمٍ 70 فجميع السحَرَةٌ لميقات يوم مُعلُومٍ 00 وقيل لئاس هل أنتم مُجتمعونَ 9 لَعلّنا ع السّحرة إن كانوا هم الْغالبِينَ 69 قَلَمًّا جاء السّحَرَة قَالُوا لفوت أئنلنَا لأجر) إن كنا َحن الَْالينَ 60 4 . (١‏ قَانُوا أَرْجَهُ وأحَاه » أى أرجئه وأخاه » وحذفت الهمزة فى آخر الكلمة تخفيفا » والهاء ضمير يعود على موسى عليه السلام» والمعنى أرجئه وأرجئ أخاه أمداء وقيل أنه حبسهما حبسهماء وليس عندنا ما يدل على ذلك» إنما الذى يدل عليه القول هو أنه أجلهما أمدا معلوما ليختبر الدليل الذى قدمامء ولا نحسب أنه كان عنده قوة على الحبس» فقد اضطرب أمرهء وتحير تدبيره» وكان فى فزع قد فوجئ بأسبابه » فاختل ميزان طاغوته» هذه هى الوصية الأولى التى تقدموا بهاء الل 11ل 000 1 هه 2 والثانية: هى قولهم؛ وابعث فى المدائن حاشرين. المدائن- جمع مدينة» وحاشرين- جمع حاشرء أى جامع للناس يجمعهم فى ميقات يوم معلوم؛ وسمى حاشرا للدلالة على أنه يجمع أكبر عدد ويحشرهم حشراء 89 يَأنُوك بَكُل سَحَارٍ عليو» » (يأتوك) جواب الأمر فهو مجزوم لذلك ٠‏ وفعل الشرط » (ابعث)» و(السحار) صيغة مبالغة من السحر أى أنهم بارعون فى السحر » لا يغلبون » علماء بأسبابه » وما يكون فيه » بحيث لا يغيب عنهم باب من أبوابه ولا طريق من طرائقه » ولا منهاج من مناهجه. «إفُجمع السَّحرَةٌ لميقات يوم مَعلُوم4 الفاء للترتيب والتعقيب النسبي» فجمع السحرة باتخاذ الطريق الذى رسموه؛» والمنهاج الذى حفظوه. واللام بمعنى في» وهى كاللام فى قوله تعالى: ف أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى عَسقٍ اللَيْل . .62 4 [الإسراء]. وهذا الميقات المعلوم كان باقتراح موسى عليه السلام » كما قال تعالى فى سورة له : ط فَاجْعَل ْنَا وبتك وعدا لأنُخْلفَهُ نحن ولا أنت مَكَانَُ سُوَى 9© قال موعدكم يوم الزيئة وأن يحَشَر الئاس ضحى 9© 4 [طه] . وإن هذا يدل على أنه لم يكن مسجونا كما ادعى بعض المفسرين: «( وقيل للنّاس هل أنتم مجتمعُوَ4 القائل للناس مجهول غير مذكورء فمن هو القائكل أهو فرعون ؟ أم هم الحاشرون الذين بعثوا ليجمعوا الناس؟ وكان هذا الاستفهام للتأكد من اجتماعهم أجمعين وأنه لم يتخلف أحد, وللدلالة على العناية بالاجتماع لخطر موضعه» ولشدة حاجة فرعون إليه. وقال الداعى غير المذكور أو الذى جهل 9 لَعلَنَا نشَبع السّحرة إن كانوا هم الغاليين © © 4 لعل للرجاء» وهو يدل على أنهم غير متأكدين من علمهم » كما أنه وجد أيضا أمر آخرء يدل على الشك فى القلب» وهو التعبير فى التعليق بإن الدالة على الشكء لا بإذا الدالة على التحقيق» وفى تعبيرهم 9 تتْبع السّحرة 4 يشير إلى أنهم يسيرون وراءهم فى حكمهم إن غلبوا. ١‏ إإلاتفسير سورة الشعراء تفسير سورة الشعراء ش ١‏ لاا يبي حب ا ظقَلَمّا جاء السنّحَرة قَالُوا لفرَعَوَنَ أن لا لأجرا إن كنا نحن الْغَالبِينَ 69 قَال نعم نكم إذا لمن اْمقربينَ 69 4. لم يكونوا مؤمنين بفرعون الإيمان كله » بدليل أنهم طلبوا منه أجرا على عملهم» وكان عدولا فى طلبهم؛ لأن حدودا الأجر بالوصول إلى الغاية كالطبيب الذى يطالب بالأجر على الشفاء لا على العلاج والعمل» ولذا قالوا مؤكدين فى حال الغلب ف إن كنا نحن الْعَالبِينَ4 فأكدوا الأجر فى حال الغلب بعدة مؤكدات أولها كناء لأن كان تدل على الكينونة الثابتة المستمرة التى تكون بعد المعركة والمغالبة» وثانيها - نحن فهى تأكيد للضمير فى كناء وثالثها- ذكر الغالبين بالوصف والتعريف ٠»‏ أى ولم ننهزم أمام موسى ٠»‏ بل غلبناهم » وهكذا ابتدءوا. اجايهم فرعون بقوله: لتم ركم لمن ري آقر طليهم ولا بقوله (نعم) الدالة على استحقاقهم» وعدالة طلبهم» وقرر جزاءين: الجزاء الأول : الأجرء وقال: إن لكم لأجرا مؤكدا الأجر بأنه لهم . واستحقاقهم» وإنه أجر كبير لتنكير أجرا » أى أجرا عظيما لا يقادر قدره. والجزاء الثانى : الذى يعد جزاء كبيرا عند الملوك والطغاة » وهو أن يكونوا مقربين» وهذا التقريب إليه» يتتضمن مزايا معنوية فى نظرهم» وهو الرضا السامي» كما كنا نسمع من عبارات الثناء على المقربين عند الملوك والذين كانوا يقلدون فرعون فى طغوانه» وإن كانوا فى معاملة الرعية شرا منه» ويتضمن مزايا أخرى بأنهم ينالون جزاء مما يسلط على العباد بتسليطهم » ويتضمن مكاسب مادية من السعاية والإفسادء وقد أكد قربهم منه بمؤكدات أولها : إن » وثانيها: اللام » وثالئها: الحكم بأنهم يكونون من ذوى الزلفى المحيطين به» فيكونون فى ظلامه وظلمه» وبين أن ذلك نتيجة عملهم وذلك بالتعبير ب (إذن) أى أنه نتيجة عملكم» حثا لهم على الجد والعناية . ١‏ (##/تفسير سورة الشعراء ممالل للك را اللقاء قال الله تعالى : آل م 02 وو و مشج زا و - 9 َألْعوأيسَا م وَعصِيَهُم وفَالوأبعرَة فحونَ نحن د ١ 6 م ذه جر ءار زر 2 3 الغللبون رك فألقئمومئ عصاه فإذاهى تلقَفما فكو جحقوي ره لخر جو زمر بحل 0 9 جحو - > علس انوع كو سه ل سر ع صخر ور رب موسئ وهلرونَ يكال ءا منسمله قبل أن ءاذَنَ لكم إِنّه, ست و أ م 00 0 دس لهم ع.ر َ رم الى علمَك1 ليحر لسوفٌ3 امون لأ فَطمنَ برك ع و د 5 211101 74 يل 1 1 وأتجلح من لق و صَلْسسَكم معت : اقالوالاضيرن 0 ل اي د ساح ا و اح هس د و هد هس م 0 رين مو ن ري إنانطمع أن يغف را لنارتنا خطنيدنا 54 و ققدي ش ولالمؤمنين لرزييا" ١ 6 نا تالوأء'متَار باصي ُُ ١ م‎ امت التقى السحرة بموسى» وقال لهم: 9 ألقوا ما أنتم ملقرن 4 فهو يعطيهم حق الابتداء ليأتوا بكل ما عندهمء ومكنهم من أن يكون بدء الرمى لهم ليسترهبوا الناس الحاشدين المجتمعين » ويكتسبوا من ذلك حماسة وقوة اندفاع 2 وهو يعلم أن الله معه» وهو غالبهم بنصر الله تعالى وقوة الحق الذى لا يمكن الله تعالى . الباطل منه أبدا. حبالهم وعصيهم» وكان لهم أثر شديد فى نفوس المجتمعين كما جاء فى سورة ممم لال م لحر أ الأعراف قال لّوا فلم أَلْقَوًا مَحَرَوا أَعين النّاس واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيم(53) 4 وقالوا وهم يلقون الحبال والعصى التى سحروا بها أعين الناس «( وَقَانُوا بعة فرَعَوَن إن نحن الْغَالبون © أى متيمنين مقسمين بعزة فرعون مؤكدين بذلك أن الغلب لهم وأكدوا عليه أولا بأن وباللام» وبنحن المؤكدة للضمير تأكيدا لفظيا.. وبقتصر الغلب عليهم بتعريف الطرفين أى أنهم وحدهم الغالبون دون غيرهم» ولن يغلب موسى وقد قالوا ذلك بعد التاكد من الأجر الكبير والتقريب. « فَأنْقَى مُوسَئ عَصَاه فَإِذَا هي تلقف ما يَأْفَكُودَ 62 » والفاء أيضا للعطف والتعقيب أى سارع موسى عليه السلام معتمدا على الله تعالى» وعلى عزته؛ وقدرته سبحانه القاهرة» وقوله تعالى: ظطفَإِذًا هي »* هى للمفاجأة» أى أنه كانت المفاجأة الكبرى لهم وللحشد المجتمع» تبتلع ما يأفكون» أى تلقف الحبال والعصى التى كانوا يكذبون بها ويصرفون عن المعجزة بسحر أعين الناس واسترهابهم» والإفك يتضمن معنى الكذب والصرف عن الحق الواضح الجلى» وهنا تبدو المعجزة جلية بينة لأهل الخبرة فى السحرء ويعلمون أن ما جاء به موسى ليس من نوع السحرء بل هو إعجاز الله تعالى» ولذا قال تعالى عنهم: فألقي السّحَرة ساجدين 69 فَانُوا آمنًا برب الْعَالَمينَ 69 رب موسئ وهرون©6 4 . والفاء كما قلنا لترتيب والتعقيب أى أنهم فور ما رأوا أن العصا تلقف ما يأفكون» فتبتلع مادة سحرهم التى تسحر العيون» ووجدوا حقيقة لا تخييلا ولا وهماء فكان الحق فأسرعوا بالسجود» وقوله تعالى «فَألقي السَّحَرَةٌ سّاجدين »2 مبنى للمفعول إشارة إلى أن إيمانهم وإذعانهم للحق هو الذى ألقاهم ساجدين» وكأنهم غير مختارين ولا مريدين» فالسجود كان مساوقا للعلم الذى أوتوه من معجزة موسى عليه السلام» و طقَانواآمًا برب الْعالمين4, » لأنه المنشئ القاهر القدير الكالئ الحامى # رب موسئ وهروت 4 . وإن هذا يدل على صفاء نفوس هؤلاء» وقد أشرنا فى الآيات السابقة إلى أنهم لم يكونوا مذعنين لما يدعيه فرعون» كما يبدو من لحن أقوالهم . (اتفسير سورة الشعراء م ال 0100 ااا ١ ١‏ 5 وإن أولئك آمنوا حقا وصدقاء إذ إنهم تركوا الأجرء وكان كبيراء وتركوا الازدلاف إلى فرعون والقرب منه والتحكم باسمه» ورضوا بأن يقطعوا ويصلبوا وذلك هو الإيمان حقا وصدقا. طغى طغيان فرعون» وظهر حمقه» فبدل أن يذعن للحكم الذى اختاره ثار عليهم وقال : «( قَال آمنتم له قبل أن آذن لكم إِنهُ لكبيركم الذي عَلْمَكُمْ السّحر فَلَسَوف تَعَلَمُونَ اف كم لخدف لمتكم اين 40 . داهية نزلت بألوهية فرعون» وتأثيره فى قومه» وبطلان حجته فى رد موسى أمام حشد مجتمع» من مدائن مصر كلها ليشهدوا نصرته» فشهدوا بطلان حجته» وهزيمته» فاستخدم الطغيان ليحول الأذهان» ولتكون رهبته محل حجته «9آمنتم لَه قبل أن آذن لكم 4 إذا جعلنا همزة أستفهام» فى القول» وإذا لم يكن استفهام يكون ذكر الإيمان قبل الإذن منه. هو الاستنكار» كأنه ملك قلوبهم وأجسادهم وخواطرهم ونوازع نفوسهمء, وهذا شأن كل جبار متحكم » كأنه ملك الأفئدة والعقول والنفوس؛ لأن الذين حوله يوعزون له بذلك» وبأن هذا حق الله فرضته الطاعة» ثم الألوهية الباطلة» وقوله تعالى ‏ له أى مذعنين خاضعين له. ولم يفرض أنه الحق بموجب علمهم» وتفريقهم بين باطل السحرء ومعجزة الحق» بل فرض أنه كبيسرهم الذى علمهم السحر ليمرّه على الناس» فقال إنه . لكبيركم الذى علمكم السحر ٠»‏ فأنتم تتبعون معلمكم ولا تتبعوني . ثم انتقل من التضليل إلى التهديد كشأن الطغاة دائما إذا ما حل بهم الدليل يسترون عجزهم بالتهديد» فيقول: 9 فَلَسوف تَعلَمون 4 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها » واللام تفيد توكيد التهديد. وسوف- لبيان تأكيد العلم فى المستقبل» وهو علم معايئة لا علم إخبار» ولذا ذكر ما هدد به نافذا واقعا 8 لأَقَطَعنَ أيديكم أَرْمَْكُم مَنْ خلاف» أى : يد من جانب» ورجل من جانبء ١‏ وَلأَصلَبئَكُم أجمعين» إن التصليب يكون مقارنا للقتل» فكأنه هددهم بأمور ثلاثة أولها الل حم لهاك ١‏ يي التعذيب بقطع الأيدى والأرجل من خلاف» وثانيها- القتل» وثالثئها- التصليب؛ ليكونوا عبرة لغيرهم» إذ هم أول من شقوا عصا الطاعة» ونبذوا ألوهيته وراء ظهورهم. 1 هذا صوت التهديد الفرعونى فلنسمع صوت الإيمان» فقد أجابه المؤمنون بقولهم: « قَانُوا لا ضير إِنَا إنَئ ربا مَُبُونَ © إِنَا مع أن يَغفر لنا ينا حَطَايَانَه أن كنا َو الْمؤمنينَ 9© 4 . الضير : المضار وإيقاع الضررء أى لا تملك أن تضارناء فإنا قد عرفنا ما عندك» وقدرة ربنا » وأن ما عندك أمر ضكيل إلى زمن محدود» وما عند الله باق لا ينتهي» وضررك ضرر عاجل موقوت ندفعه ويدفعه الله عنا بخير دائم غير موقوت» وكأنهم لقوة إيمانهم يقولون : ما أنت» وما عذايك؟ إنه أذى ساعة» وما عند الله خير دائم :ا إن إلى ْنَا مقابون 4 انقلب إليه» أى ترك ما هو فيه راجعا إلى الخير العظيم» و (إإِلَئ ربّناا4 متعلق بمنقلبون» وكان تقديمه لبيان الاختصاص لهم عجره لك ب لا إلى غيره من أشمه فرعوةاٍ على البلدء: ورجاء ماعند الله العزير الحكيم» وذكروا د فى غفرانه» ولم يذكروا تأكدهم منه؛ لأن شأن المؤمن الذى يذكر سيتاته أن يرجو ولا يطمع» ويخاف ولا يتأكد» ولتذكرهم لما أخطئوا به فى جنب الله لم يذكروا فى طمعهم إلا أن يغفر لهم خطاياهم» والخطايا جمع خطيئة» وهو الإثم الذى استغرق النفس حتى امتلاً بالباطل » وكذلك كانوا فى عهد الرحمن» وأى خطيئة أعظم من أن يعبدوا فرعون وهو الجبار حتى طمع فيهم وأذلهم » وأذل أرض مصر ومن فيها. وقد قالوا فى الخير الذى فعلوه مقابلين به الطمع فى الغفران ٠‏ أن كنا ول المؤمنين 4 من أهل مصر قوم فرعون» وأن وما بعدها مصدر فى موضع جر باللام المحذوفة. وتقدير القول » لأن كنا أول المؤمنين أى لكوننا أول المؤمنين © إإإتفسير سورة الشعراع / النجاة ره - ينإل موسو أنأ. حت ل سر ار سل فرعون ف الملاين > شين 2 عن صر 04 اه 0 93 ا 0 2-4 ذمة تليلون ليان 0 يو ' 1 آل الام ١‏ عط س3 9 3 سيهرين كا فَأو مص يمصَالك الببحر فاق مُكانع/ ذه 0 لعظيم ( 2 ب سج سد سد ساسح 7 2 وأزلفنائم الآخرين ا ل ال ا 0000 4 . أن موس ومن مُعه: لجن : 26 5-3 تم أَعْرقساأ لحرن ذو إِنَّف دَلِكَ ليه مان 0 110 04 عر 1 204 مُوؤْمِنَ نا وإِنّريك طوالْعزير لتم الصادقة المصورة لوقوف الحق أمام جبروت أطغى الطغاة» وفى هذا الجزء من القصة خبر النجاة للمظلومين أمام الظالم وملئه. ف( وأوحينا إلى مومئ أن أسْرِ بعبادي إِنَكُم متبعُونَ 0 4 الإسراء هو السير ليلاء وقد صرح بالليل فى القصة فى بعض السورء وعبادى جمع عبدء والمراد بهم ااا لل حم ا يي بنو إسرائيل الذين كان فرعون يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم » والتعبير بعبادى فيه إشارة إلى أن الله عامل على إنقاذهم من فرعون وقومه» وأنه سبحانه وتعالى منقذهم كما شاء سبحانه . ساروا متجهين إلى البحرء وأدرك فرعون أنهم عاملون على الإنقاق فخافه. وتوقع الأذى من بعد ما كان منه لموسى وهارون» وللسحرة الذين عاندوه» وقاوموا طغيانه ورفضوا ألوهيته» ولجحئوا إلى الله تعالى » وظهر خوفه وتوقعه الضرر» فأرسل رسله » كما قال تعالى » وعلل سبحانه السير ليلا بقوله: « إِنَكُم مُتَبَعونَ 69 فَأَرْسَل فرعو في الْمَدائن حاشرين 4 الفاء للترتيب والتعقيب والمعنى سبارع فور انفصالهم وأرسل - حاشرين - أى جامعين للناس من كل مدائن مصرء وذلك ليلاحقهم بالأذى والقتل» وبرر دعوتهم لحربهم أو بالأحرى لقتلهم وسهل أمرهم بقوله: إِنّ هؤلاء لشرذمة قَليلُون 9 وإِنّهم لنا لَعَائظون 62 وإِنا لجميع حاذروت 9©) > . الشرذمة الجماعة المنقطعة التى لا ناصر لهاء وقد وصفهم بالقلة» فقال قليلون » وبذلك ذكر فيهم وصفين لاستضعافهم : أولهما- أنهم منقطعون عن قومهم» ونصرائهم. الثانى - قليلون» وذلك ليشجع قومه على اتباعهم وإهلاكهم» ويبين خوفه منهم » وإن حالهم مع انقطاعهم» وإنهم قليلون» وذكر غيظه منهم قائلا: « وَإنهم لنا ََائظون 4 , وأنهم قليلون يتوجب الحذر منهم » فقال: ط ونا جميع حاذرون © أى نخشى شرهم ونتوقعه » وذلك كما بدا من ضعفه أمامهم » فإن الحق يرهب أقوى الأقوياء ولو كان فرعون ذا الأوتاد » وقد أكد حذره وحذر من معه بعدة مؤكدات منها (إن) الدالة على التحقيق» والتأكيد بجميع ‏ والثالث- اللام. ورابعها- التعبير بالجملة الاسمية الدالة على الاستمرار» كان إيذاناء لنخوفهم» وضياع الأمر من أيديهم » وإن أمر مصر يتساقط من جموحهم؛ ولذا قال تعالى : ف( رجاه ضن جنات وود 0© ركو قمر © 4 . : (#/اتفسير سورة الشعراء سي 0000 أ بي الفاء للعطف مع الترتيب والتعقيب» أى أنه سبحانه بعد هذا الفزع بين مآل أمرهم » وقد يقال: يكون إغراقهم معقبا لقول فرعون مع أن بينهما حوادث» والجواب عن ذلك الإشارة إلى أن الله تعالى قدر ذلك واقعا وتكوينا » عندما أخذ فرعون الطاغى ومعه ذلك الذعر ٠»‏ فكأنه وقع عقبه» لتأكد وقوعه . الجنات - هى مصدر ذاتها 2 فكأنها لعموم زرعها وثمارهاء وأنها فى وسط الصحارى من حولها شرقا وغربا » كأنها جنات فى أعلاها وأدناها » وعيول » جمع عين» وهى الماء الثر النابع من جوف الأرض وفى ذلك إشارة إلى نيلها السعيد الذى يجرى من أعلاها لأدناهاء» وقد كانت الآبار بين مصر وليبيا » تجرى فيها عيون الماع فتخصبهاء وكانت الأرض بيئها وبين تودس » وكانت تُسمى أفريقيا» وكانت أرضها مملوءة فى باطنها بالمعادن والفلزات» وكنوز من سبقوهم من الفراعنة» كما لا تزال آثار من قبل فرعون موسى» مملوءة بالآثار الدالة على قوة سلطانهم وثرائهم » والكنوز» الآثار أو كل ما استبطنته الأرض من معادن وكنور ‏ ومقام كريم - أى المقام اسم مكان من قام يقوم» أى مقام طيب حسن مع الاحترام والإجلال » وههى المنازل المشيدة . ومن تكون هذه المنازل بعدهم قال تعالى: ا كَدلك وأورشاها بني إسرائيل 69 4 أى أخ رجناهم ذلك الإخراج من الحنات والعيون والكنوز 3 والمقام الكريم لنورثها بنى إسرائيل» ؛ فنجعلهم ورثتهم» وقد كانوا يستضعفونهم» ويذبحون أبناءهم ويستسحيون نساءهرءٍ وكان ذلك ظلما » ٠‏ فأورث الله المظلوم ظالمه» وهذا كقوله تعالى : ل ونريد أن تمن على الّذين استضعفوا في الأرض وتَجعلهِم أئمّة وتجعلهم الْوارئينت2) 4 [القصص]. .ل( فأبعوهم مشرقن 9 0 لم يحس قوم فرعون بهم إلا فى الصباح» ( فأتبعرهم » أى ساروا وراءهم ولحقوهم» يقال أتبعه أى لحقه» وسار سيرأ مسرعا وراعة» و مشرقين 4 أى وقت الشروق متجهين شرقا وراءهم » فقد اتجهوأ إلى ناحية البحر الأحمر» حيث المعجزة الظاهرة الباهرة 2( وهو فلق البحر كل فرق كالطود العظيم » وقد .جد جيش فرعون الذى دعا فيه بالنفير العام حتى تراءى لهم ففزع بنو إسرائيل منهم ؛ لأن سابق الأذى خلع قلوبهم خلعاء ولذلك كان الخنوف الشديد وقال تعالى: فَلَمًا تراءى الجمعان قَالَ أصحاب موسى إِنَا لمدركون 90> 4 : اا تفسير سورة الشعراع 0 الول الملل ىور - الفاء فاء الإفصاح عن شرط مقدرء تقديره نحو فإذا تقارباء» وتراءى الجمعان أى صار كل واحد منهما على مرأى الآخر؛ لأن الترائى تفاعل الرؤية من الجحانبين» بحيث صار كل واحد منهما يرى الآخر» قال بنو إسرائيل من فرط جزعهم 9إِنَا لمدركون # وقد أكدوا أنهم مدركوهم بإن وباللام» وبالجملة الاسمية» وهى جملة خبرية فى ظاهرهاء وفى حقيقتها كشف عن هلعهم وفزعهمء وكان على موسى أن ينبتهم بما يذهب عنهم الخوف » فقال الله تعالى عنه: «( قَال كلا إن معي ربي سيهدين 69 © . ٠‏ قال موسى عليه السلام ردا ومنعا: كلاً 4 وهذه نفى لأن يدركوهم أو نفى لا يترتب على لحاقهم بهم » وقوله: إِنَّ معي ربّي سيهدين » هى لإذهاب الخوف من نفوسهم » فإذا كانوا يرهبون بعزة فرعون الموهومة ٠‏ فنحن فى كلاءة الله تعالى» ورعايته» الله تعالى ربى الذى أنشأنى وحاطنى بحمايته وكلاءته» وهو الحى القسيوم رب السموات والأرض» ويهدينى إلى طريق النجاة منهم» والسين لتأكيد هداية الله لطريق النجاة فى المستقبل وكانت النجاة. ظ فَأَوْحَيَْا إلى مومئ أن اضرب بَعَصّاك البِحْر فانفلق فَكَانَ كل فرق كالطُود العظيم 69 * . الفاء للترتيب والتعقيبء أى كان عقب طلب الاستهداء كان الإيحاء استجابة لموسى عليه السلام» كان الإيحاء لموسى أن اضرب بعصاك . أن تفسيرية ؛ ضرب موسى بعصاه البحر» «( فَانفلقَ فَكَانَ كل فرق كَالطّوَد الْعظيم 24 الفلق هو شق الشيء حتى ينفصل بعضه عن بعضه» ويصير كل قسم منفصلا عن الآخر فى كيانه» والفرق القسم المفروق عن الآخرء والطود هو الجبل العالى ووصفه بالعظيم لضخامته ومتانته وقوته» وهذا إعجاز حسى يجعل كل قلب يؤمن بالحق» ولو كان قلب فرعون طاغية الأرض» وكان هذا هاديا موسى أن يتقدم بنى إسرائيل؛ فيدخلون فى البحر» وهو يبس لا يعوق سائرا وهو طريق معبّد » يسيرون فيه بيسر وسهولة . الله سبحانه وتعالى جر الآخرين بتقليدهم أن يسيروا وراءهم » ولذا قال عز من قال : لأا رين 460 . (##اتفسير سورة الشعراء يي الل 1000 31413141 12121212121313 2 2 335 سه يي وأزلفنا » أى قربنا إليهم الآخرين » وهم فرعون وقومه . قربوا حاسبين أنهم ناجون كما نجا بنو إسرائيل » وحسبوها نعمة لهم وم ؛ظرف بمعنى مكان» الآخرون هم قوم فرعون » ووصفوا كذلك لأنهم متأخرون فى اعتقادهم وعملهم وجاءوا متأخرين فى سيرهم ١ا‏ ونيا موسئ ومن مُعَهُ أَجمَعِينَ © ثم أغْرَقنا الآخَرِينَ 6 4 . أنجى الله موسى ومن معه من بنى إسرائيل» وربما من قد آمن معهم من أهل مصرء كما آمن السحرة» ولذا أكد سبحانه وتعالى بما يفيد إغراقهم جميعا. وكأن التعبير يتم للدلالة على فرق ما بين النجاة والإغراق والرشاد والضلالة» والعدالة والطغيان. وإن هذه آية حسية عظيمة » ولذا قال تعالى : طإ إن في ذلك لآية وما كَانَ أكفرهم مُوْمنينَ 9© »4 أى آية دالة على رسالة موسى عليه السلام» وعلى قدرة الله تعالى القوى القهارء وأنه وحده القادر على كل شيء» وأن الكون كله قبضة بمينه» و(آية) جىء بها نكرة لعظمهاء وأنه لا يقادر قدرهاء ولا يعاظم أمرها » ولكن هل آمن كلهم » أو جلهم » قال تعالى : :وما كان أكترهم مؤمنين » هذه الجملة تدل بظاهر اللفظ أن الأكثرين لم يؤمنوا » فلم تأخذهم هذه الآية الباهرة إلى الإيمان واليقين» وتدل بمطويها أن من المصريين من آمن واتبع موسى عليه السلام « ون ربك لهو الْعَِيزٌ الرّحيم © > . استأنف الله تعالى القول ببيان قدرته الظاهرة» وحكمته الباهرة» فقال: «وإِنُ ربك لهو الْعَزِيز الرّحيم © أى إن اللّه تعالى الذى خلقك» وقام بربوبيته لحمايتك, وهو الحى القيومء لهو العزيزالغالب» الرحيم» فيما يعمل مما يسوء الظالمين ويكافئ المحسنين» وقد أكد الله تعالى عزته ورحمته بعدة مؤكدات هى إن وذكر الربوبية» وباللام» وبضمير الفصلء» وإن رحمته بادية فى نظام هذا الئل م حر اا الوجودء وبادية فى عدم تسويته بين المحسن» ومن لا يحسن» ومن يعلم» ومن لا يعلم ومن يعدل ومن يظلم» واللّه رءوف بالعباد. - يلاحظ هنا أربعة أمور: الأمر الأول أن ما يتعلق بذكر التربية على لسان فرعون عاتبا أو لائما قد انفردت بذكره هذه السورة» وكذلك ما يتعلق بالإشارة إلى قتله رجلا من المصريين» واستحقاقه العقوبة عليه؛ لأنه كان ظالما . الأمر الثانى - بيانه لرب العالمين» وسؤال فرعون عنه متهماء أو مستنكرا» لم يذكر بهذا التفصيل مرة أخرى وفى ذلك البيان تنبيه وإنكار لألوهية فرعون المزعومة الباطلة» وكذلك التهديد بالسجن إذا اتخذ إلها غيره» فإنه لم يذكر بهذا التأكيد فى موضع آخر. الأمر الثالث ‏ أنه ذكرت معجزة العصاء وما ترتب عليها من إيمان السحرة» ثم إنذارهم بأن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف» قد ذكر فى آيات أخرى مع اختلاف فى العبارات والسياق » وحذف فى بعضها بعضهاء ولكن مذكورة » ولا يعد الاختللاف فى التعبير والتصوير مع زيادة أو نقص » لا يعدك تكرارا» وهذه المعجزة الحسية الباهرة ذكرها ضرورى لبيان أن المعجزات الحسية التى يطلب المشركون من محمد يق متلا لا دي سا دام القلب جاحد » وما دام الكفر يسبق الإيمان فى ١‏ الام رابع - أنه ذكر فلق البحر الذى صار كالطود العظيم » وهى معجزة» وهو فى ذات الوقت أمرها شديد» ونذير للكافرين» وذكر مع اختلاف العبارات» وهو ضرورى لبيان أن مآل المشركين كمآل فرعون أو أشد. (إإخاتفسير سورة الشعراء م اللللل ل 0 2 0/5 2 - ٍ-- اه م جد مجع جل عر حجن بريش م .4 0 ©الا سف جر م ع 2 .6 ع - -- 1 1 فر 32 70 ئَ رعرع يدون 5 ع سس رتفم وء ودعو جقهي بح د غ1 م 2001 ىَ َ 1 م 20000 5-3 7ك ص ور وه 200 جى: أَلْذِى هود يطعم _ وين 30084 20 صمقت بكم و 2 د بين © والرى 2 تيمل مارب مَتْل + مط مولح ٍ نى يلصي سيرك 029 سرصم عه عر ف آ# ته هه وَأَجعَلل لِسَانَ صِدَق فا لخن وأجعا من وريه جنة روح .+ 0 اورت سه سف ارين سس ب اس جنال عر ص م سخامر أ 2 وأَعف نكن ّلص لين ري أولاتخرفيوم يي إلامنأق اللِقٍَِ جم ع دا د امم در و 0-4 لجا بوملا نفع مالولابنون ل[ تفسير سورة الشعراء لل م حر أ جاءت فى هذه السورة قصة إبراهيم بعد قصة من قصص موسى عليه السلام» لأن قصة موسى تسلية للنبى يَلِْكِ بهلاك فرعون فى طغيانه» وكيف غرق فرعون ومن معه من المعاونين الممالئين؛ لكى يكون ذلك بشارة بنصره على قريش» مهما يكن طغيانهم » فلن يكونوا كفرعون ذى الأوتاد. وفى قصة أبى الأنبياء إبراهيم بيان لهم بما كان عليه أبو العرب الذى يفخرون بالانتساب إليه » وإنه محتدهم » وإنهم ضئضئ إبراهيم وذريته. وإوائل عليهم نبأ إبراهيم 469 . الواو فى معنى العاطفة» إذ فيها عطف قصة على قصة.» والنبأ الخبر الخطير ذو الشأن العظيم» واتل أى اقصص عليهم قصة إبراهيم متلوة ة يتلو بعضها بعضا مرتبة منسقة ليروا فيها العبرة ة التى يعتبرون بها إن كانوا فرحين» جاء إبراهيم فرآهم يعبدون الأصنام فقال لهم مستنكرا لائما: إِذْقَالَ لأبيه وقْمه ما تَعبّدُونَ 69 4 وإذ متعلقة ب (اتل)؛ أى اتل عليهم ماذا كان فى ذلك الوقت» وقرب أبيه لقومه لبيان أن أباه فى قرن معهم مساو لهم فى الدعوة» وإذا كان قد طلب الغفران له ثم تاب عن ذلك» فهو معهم فى الدعوة الأظهر والأبين . أجابوه بقولهم : قَالُوا عبد أَصَاما فَظَلَ لا عاكفين 09 4 لقد أجابوه» لأنهم لم يفهموا وجه استتكاره أو ظنوا أنه لا وجه للاستنكار» والأصنام هى احجارة التى ز نحتت قائيل ليعبدوها » وقد جاءت بعض الروايات تقول : إن أباه كان يصنعها » ولعل ذلك وجه من ذكر أبيه مع قوم ابت" محذوف» ينل هنا معن لدوم على حادتها إعاكلها» أى مستعرين فى حبادتها لاننى عن ذلك ليلا ولا نهارا» لا فى وقت معين. وهنا نجد إبراهيم يبين لهم بطلان هذه العبادة» لأن المعبود يجب أن يكون أغلى من العابد كيانا» وأنفع وأضر» فقال لهم خليل الله تعالى : ظقَال هَل يَسمَعُوَكُم إِذ تدعو 69 أو يَشَعُوَكم أو يضرون 69 4 . لل 1 1 + 1[ 1[ 1[ 1 1[ 1[ 1[ 1[ 1[1[ 1 2200010111 414 ), أول سؤال إنكارى وجهه إليهم: قَالَ هل يُسمِعُونَكُم 4 وتنادونهم عابدين» و(إذ) ظرف دال على الماضى» وتتعلق بيسمعونكم» وكان الظرف ماضيا دالا على مضارع لتصوير جهالتهم. إذ يدعون مالا يستطيعون جواباء» وما لا يستطيع أقل فى الكون والوجود ممن يدعوه, إذ الداعى سميع مبصرء وهذه لا تسمع ولا تبصرء ويصح أن نقول إن 9 تدعون 4 معناها تعبدون 2 وكأنهم يعبدون ما لا يسمع » ووجودهم أقل, إذ هم أحياء يسمعون ٠‏ وهؤلاء جماد لا حياة فيه. 9 أو يتشَعوتكم أو يَضْرُونَ © أو عاطفة» أى هل ينفعونكم أو يضرون؟ هل يملكون نفعا أو ضرراء وكأنه يقول لهم إن المعبود يكون موجوداء أو يكون نافعا أو ضارا يعبد رجاء نفعه أو اتقاء ضرره؛ ولا شيء من ذلك فكيف تعبدونهم؟ إنه ضلال العقل . أجابوا متخلصين من الجدل الكاشف لجهلهم إنهم ما درسوا نفعهم ولا ضررهم ٠‏ ولكن تبعوا آباءهم الأولين » فقالوا: ٍ لواب وجَدنا آبَاءنا ذلك يفون 0 4 . : ##اتفسير سورة الشعراء بل» للإضراب الانتقالى من أسئلة إبراهيم » وإحراجهم وتقرير ما عندهم من حال سوء : : # وجدنا آباءنا كذلك يفعلون 4 لم يسمواما أخذوه عن آبائهم عبادة. وكأنهم لا يفهمون معنى العبادة» ولا يدركون مرمى أفعالهم» » كذلك» الوشارة إلى فعلهم الذى فعلو فعلوه, أى وجدنا آباءنا يفعلون مثل فعلناء كقول العرب فى عبادة الأوثان. «( بل تشبع ما أَلِْيما عليه آباءنا َو لو كَانَ آبَاوهم لا يَعْقلُونَ شَيْمًا ولا يهتدون 099 4 [البقرة] . فإ قَال أقرأيتم ما كشم تعبدون 09 أنهم واكم الأَفْدمرنَ 09 4 . الفاء فاء جا الإتصح وهى مؤخرة عن تقديم ؟ لأن الاستفهام له الصدارة» والاستفهام للتنبيه تنبيه » والمعنى فيما يفهم من كلام الله تعالى » أفرأيتم أى أشاهدتم ما تعبدون أنتم وآباؤكم الأولون إنه ضلال لا أوافق عليه ولا أرضاه» ولذا « فَإِنْهُم عدو لي إل رب الْعَالَمينَ 69 4 الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها» أى بسبب ذلك الضلال» والضمير فى أنهم ضمير الحال . أى أن أنتم وهذه الحال التى هى م تفسير سورة الشعراء 4 ذا 200 15 و ا عبادة الأوثان» وتقليد الآباء عدو لى أناهضها وأقاومها إلا عبادة رب العالمين. فمعنى إلا رب الْعَالَمِينَ 4 على حذف مضاف إلا عبادة رب العالمين» وقد ذكر عليه السلام صفات رب العالمين التى أوجبت عبادته والإذعان له» فقال: ( لذي حي هدس« وال حيطي تسق ١‏ وذ لوطت فهر مين واّذي يُميسي ثم يخين 69 4 بعد أن ذكر لهم أن العاقل يعادى عبادة الأوثان» ولا يرضى إلا بعبادة الديان» أخذ إبراهيم يصف ربوبية الله تعالى له فى حياته من خلقه إلى موتهء ثم بعئه» وأنها منبه دائم إلى استحقاقه وحده العبادة» وأنه لا إله إلا هوء وفى ذلك توجيه للعرب سلالة إبراهيم عليه السلام إلى نعمه تعالى التى تغمرهم فى حياتهم اليومية» والمستمرة» ما داموا فى قيد الحياة » فذكر أول نعمة» وهى الخلق والهداية» 9 الذي حَلَي فهو يهدينٍ 4 النون مكسورة إشارة إلى أن ياء المتكلم مطوية فى الكلام طياء والفاء لبيان أن ما بعدها مترتب على ما قبلهاء فالهداية مترتبة على الخلق والتكوين» وقد يقول قائل» كيف يكون ذلك, والناس منهم شقى ضال» وسعيد مهدي» ولو كانت الهداية مترتبة على الخلق لكان الناس جميعا فى هداية غير مقطوعة ولا ممنوعة؟ والجواب عن ذلك إن الله تعالى خلق الناس مختارين يريدون» ويفعلون ويتحملون تبعات أعمالهم » إن شرا فشر » وإن خيرا فخير» ولكنه هيأ 0 أسباب الهداية ودعاهم إليهاء فقال: © ونفس وما سواها كى فَألْهِمها فجورها وتقو (4)2 [الشمس] وقال تعالى: « وَهَدينَاه النُجَدَينٍ 69 4 0 وإذا كان سبحانه قد خلق فى النفس المسلكين بالاستعداد لهما » فإنها إذا سلكت طريق الهداية فالهادى هو الله سبحانه وتعالى ما خلق من أسباب الهداية » ولذا قال تعالى: ا ولكن يضل من يَشَاء ويهدي من يَشَاء 4 [النحل : 97] ومن يضل يسلك مختارا طريق الضلالة. وإذا كان إبراهيم يم الرسول خليل الله فإنه سلك طريق الهداية فالله تعالى أرسله هاديا مرشدا » وجعله من أولى العزم من الرسل . سرب أ للا اا والنعمة الثانية ذكرها إبراهيم بقوله تعالى كما حكى اللّه تعالى عنه «( والذي هو يطعمني ويَسقين 4 هذه نعمة أخرى من مظاهر الربوبية العالية» وهى أنه يطعم عباده » أى أنه سبحانه وتعالى هيأ لهم أسباب الطعام وأسباب الشراب» فطعام الإنسان لحم شهي» أو سمك طريء أو خبزء أو ثمر جنى » وكل ذلك من الله » فهو الذى أنبت النبات» وأثمر الغراس» وتغذى من النبات الأنعام» وهو سبحانه الذى خلق الأتهار والبحار التى تعيش فيها الأسماك» وهو الذى ينزل الأمطار فيشرب منها الإنسان والحيوان» وهكذا هو الذى يطعم ويسقى » بتضافر الأسباب سببا بعد سبب. والنعمة الثالفة نعمة الشفاء من المرض» وحكى الله تعالى فيها قول إبراهيم « وإِذًا مُرِضت فهو يشفين » وقد ذكر المرض وشفاء الله تعالى منه بعد الطعام والسقى للإشارة إلى أن بعض الأمراض سببها الإفراط فى الطعام» كما ورد فى بعض الآثار: المعدة بيت الداء؛ واللحمية رأس الدواء. ومهما يكن من الطب والعلاج فالشفاء دائما من الله واهب القوىء والقادر على كل شيء؛ وكثيرا ما يقول الطبيب وقد عجز: إن الشفاء بمعجزة » ويفوض الأمر إلى الله تعالى القادر على كل شيء . الأمر الرابع الذى تبدو فيه ربوبية الله تعالى الكاملة « والّذي يميتني ثم يحيين 4 هذا شعور قوى بكمال الربوبية من خليل الله تعالى إبراهيم عليه السلام » فهو وحلده الذى يميت. ولو كان الإنسان فى بروج مشيدةء وللناس آجالء» فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمونء, وإنه بعد الموت البعث» وهو الحياة الأخرى الجديرة بأن تكون الحياة حقا وصدقاء كما قال تعالى: آ وَإِنّ الدار الآخرة هي الحيوان َو كاثوا يعَلَمُونَ 463 [العنكبوت] وعطف بثم فى موضعهاء لأن البعث لا يكون عقب الموت» بل يكون بينهما تراخ فى الزمن حسا ومعنى» أما الحس فظاهرء وأما المعنوى فهو التفاوت بين حياة لاغية مكدودة» وحياة بالنسبة لمثل خليل الله تعالى حياة هادئة لا لغوب فيهاء بل هى جنات النعيم . (#اتفسير سورة الشعراء 9ه تفسير سورة الشعراع ا لاا ااال للك حم 7 اك .١١‏ في - الحال الخامسة هو ما يرجوه إبراهيم الذى كان فى حياته أَمّهَ » كما يقول تعالى : 8 إن إبراهيم كان أَمهَ قَاننَا للّ حنيًا 4 وهو والّذي أَطمّع أن يغفرَ لي خطيئتي يوم الدين # أى أنه يطمع ويسمى طلبه طمعاء استصغارا لحسئاته» واستكبارا لسيكاته كشأن أهل الورع الذين يتقون ويخافون» وتستشعر نفوسهم الخوف دائما » كما كانت حال محمد كَككِّ فقد كان لعظيم مكانته يطلب رحمة الله بالمغفرة لا بالجزاء . والخطيئة هى الذنب الذى يستغرق النفس ٠‏ ويستولى عليها » وقد كان إبراهيم كسائر النبيين يحسب ذلبه كبيرا » وحسناته صغيرة » ويوم الدين هو يوم الحساب والجزاء . ويتجه إبراهيم إلى ربه راجيا داعيا ضارعا قائلا : ( رب هب لي حكْما وألحقْبي بالصّالحين 69 واجعل لي لسان صدق في الآخرين 59 واجعلني من ورثّة جئة النعيم 6م 6 واغفر لأبي إِنَّه كان من الضالين 5خ 5 4# . ضرع إبراهيم إلى ربه فدعاه بما يدعو به الرجل الصالح الذى يريد أن يعاونه الله تعالي فى الخط المستقسيم الذى يسلكه فقال: «رب هب لي حكما والحقني اتجه إلى ربه جل جلاله مناديا بالربوبية لأنها هى التى توجه وتربى النفوس» للنفوس من التردى فى مهاوى الهوى» ومنازع الشيطان» والحكيم هو الذى يمنع نفسه ويحكم عليها بالتزام الجادة وسواء السبيل» ولقد قال أكثم بن صيفى: الصمت حكم وقليل فاعله» ونسب بعض الناس ذلك للنبى يَلكِْةّ » وإن الرجل المستقيم مبتدئ بنفسه فيروضها على الحكمة النافعة المهذبة» فإذا امتلأ قلبه بها اتجه المعاملات المستقيمة» وكانت الاستقامة فى كل حياته» وقد دعا إبراهيم أن يهبه الله حكماء يكون أولا على نفسه» وقال: « وألحقني بالصسالحين » أى وفقنى لكل أسباب الكمال» والعلو ذ فى النفس والخلق لخلحق بأهل الكمال والصلاح وأعد فى زمرة الأبرار. - ##اتفمسير سورة الشعراع هم ذآ[آ[#[1*1*1[1[1[1[ذ[ذ[ذ[ ذأ ااا لذ 1و نز بي والدعوة الثانية هى دعوة بالعاقبة» وهى قوله ضارعا إلى ربه: © واجعل لي لسان صدق في الآخرين 4 الآخرين أى الذين يجيئون بعده» و لسان صدق »4 فيه إضافة اللسان للصدق أى بأن يكون الصدق مستغرقا له» بحيث لا يقال عنه إلا ما هو صدق» وأن يكون اللسان صادقا دائماء وأن يمتد الصدق منه وفيه إلى ما بعده» وإن لسان الصدق يكون بعده يكون بأمور» منها أن يكون ذكره حسنا صادقا من بعده» بأن يكون أثرا محمودا من بعده» ويكون نافعا بعد ثماته كما كان نافعا فى حياته» ومنها أن تكون دعوته إلى الحق باقية من بعده يرددها الناس» ويدعون إليها» ومنها أن تكون له محبة ومودة بين الناس من بعده» كما كانوا يودونه فى حياتهء كما قال تعالى: 9 إِنّ الّذِينَ آمنوا وعمنُوا الصّالحات سيجعل لَهُمِ الرحمن ودا69 4 [مريم ]. هذاء وإن النص الكريم يدل على أن حب المحمدة بين الناس ليس أمرا غير صالح ما دام يقصد إليها النفع والخير» وعموم الإصلاح وما دام لا يتعالى ولا يستطيل على الناس. والدعوة الثالثة » هى ما ذكرها بقوله: 9 واجعلني من ورثّة جنّة النّعيم 4 أى اجعلنى فى جنة النعيم» وعبر بهذا التعبير للإشارة إلى أن جنة النعيم تكون ميراثا للعمل الصالح. وطلبها من الله تعالى مع أنه عمل عملا صالحاء للإشارة إلى أن عمله لا يعطيه ذلك الحق إثما هبة من الله تعالى ومئة وفضاة » فلا يستحق عامل بعمله إلا أن يتعمذه اللّه بر حمته . بعد ذلك اتجه إلى ربه بالدعاء يصلح به نفسه» اتجه إلى ربه فى شأن أبيه وقد وعذده بأن يدعو لهء» كما جاء فى سورة مريم : : « مأستغفر لك رَبِي إن كان بي حفيًا 69 4 [مريم] أغيز خليل الله وعده » وقال ضارعا إلى ربه: 9 واغفر لأبي إِنّه كان من الضالين 10م 5 »* طلب ذلك من الله ولكنه لم يصر عليه» وإن كان قد أنجر وعذه » ولكن تبرأ من هذا الاستغفار» كما قال فى آية أخرى » :9 وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن وعدة وعدها إيَاه قلَمّا تبيّن له أنه عدو لله برا منه إن إبراهيم لأوَاة حليم659 > [التوبة] . هذه الدعوات كلها مطالب من إبراهيم الخليل المخلص إلى ربه» وهى مطالب إيجابية» اتجه بعد ذلك إلى مطالب سلبية مانعة» فقال عليه السلام: تفسير سورة الشعراء .4 لل حي ا «ولا خرن يوم يَعفُونَ 09 يوم لا ينع مال ولا بنون 6 إلا من أتى الله بقلبِ سَليمٍ 69 وَأَزلقت الجنة للْمتقينَ 02 © وبَرْرّت الْجحيم لْعَاوِينَ 9 4 الواو عاطفة» والجملة التماس من الله تعالى ألا يخزيه يوم البعث» وذات البعث لا خزيان فيه» إنما الخزى يوم الحساب ويوم تشهد عليهم أعضاؤهم بما فعلوا» وتنطق أعمالهم بما ارتكبواء ولا ننسى أن الدعاء من خليل الله وكيف يتصور أن يخزيه الله تعالى وهو رسوله» ولكن لفرط إحساسه بحق الله تعالى يظن فى نفسه القصورء ومعه الخزي» فإن دقة الإحساس تجعله يستصغر حسناته فى جنب الله تعالى العزيز الحكيم» وكلما قرب الإنسان من الله تعالى أحس بقصوره» ولا يحس بعظمة ما فعل» ويحسب أنه من المقصرين» لا من المقربين الصادقين. وبين سبحانه وتعالى على لسان خليله الصافى نفسه وقلبه » فقال: يوم لا ينف مال ولا بنون 4 يومء بدل أو عطف بيان من يوم يبعثون» أى أنه فى هذا اليوم لا ينفع المال ولا البنون اللذان هما عز هذه الحياة الدنيا وزينتهاء كما قال الله تعالى : 8 الْمَالَ والبنون زيئة الْحياة الدنيًا وَالَاقيات الصّالحات خَيْرٌ. ...4 [الكهف:45] فالمال والبنون هما الزيئة التى أعدت للفخر بها من أهل الدنيا . « إلا الى ل يقب سيم . القلب السليم هو القلب الخالى من أوشاب الوهم والشهوة والضلال» والاستثناء هنا يصح أن يكون متصلا بأن يكون من عموم نفى النفع بالمال والبنين إلا من كان ذا مال وبنين» وأعطى المال حقه» وربى البنين وأحسن تربيتهم فكانوا له عملا صالحا دائما ؛ لأنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية» وعلم ينتفع به» وولد صالح يدعو له. فمع المال والولد ينفع الإنسان إذا أتى الله بقلب سليم من كل المفاسد فى الدنياء ويصح أن يكون الاستثناء منقطعا بمعنى لكن» ويكون المعنى لا ينفع مال ولا بنون» ولكن من أتى الله بقلب سليم من مطامع المال وغطرسة البنين» لا يعتز إلا بالله» وقد سلم قلبه وكل أحاسيسه له سبحانه. : | إاتفمسير سورة الشعراء اي ل 000 7 تي قال تعالى : ظ وت مقن © وبر تأ لماو م أزلفت» أى قربت إلى الزلفة وهى الحظوة الحسنة» فمعنى 9 وَأَزْلقَت الْجِنّةَ 4 أى قربوا إلى موضع حظوتهم وجزائهم على الحسنى حسنى مثلها أو أكبر منهاء وقوله تعالى: « للمتقين 3 أى للذين عرفوا الله تعالى واتقوه وخافوا عذابه» ورجوا رحمته» وهذه الجنة هى جزاؤهم جزاء موفورا. وإذا كان هذا جزاء المؤمنين قد قرب إليهم زلفة وحظوة»ء فقد برزت الجحيم » وهى نار اللّه الموقدة للكافرين» ولذا قال عز من قائل: #وبرّرت الْجحيم للغاوين © أى ظهرت واضحة. لأن برز معناها: ظهرت وقربت منهم» والتفعيل مبالغة فى الظهور أى رأوا الجحيم رؤيا العيان فعلموا مآلهم ونهايتهم بالعيان» والغاوون هم الضالون الكافرون. بعد ذلك البيان فى قصة إبراهيم» وما فيها هنا لم يذكر فى سور أخرى إلا بعض ما يتعلق بعبادة الأصنام ذكر سبئحانه بعض ما يكون يوم القيامة. قال تعالى : وأفما وه 2 » الثاني ُ 2 اص مود سحي فو 0 رحس ل جو و 4 5 لي م 2 نف د وم كان سه دسي ل سيوم فلوّآن لنا 5056 حون من الْمَومنينَ 4 رهم مون (7) وَإِمَرَيكَ يريد 07 مالل حم ا ١‏ يي هذه النصوص السامية مصورة لحال الكافرين وما أضلوهم فى يوم القيامة وأول اتجاه إلى مجاوبتهم» وقد كانوا يتخذونها شفعاء تقربهم إلى الله زلفى » أن يسألوا عن هذا الادعاء أهو ظاهر فيها اليوم فيقال لهم: « وقيل لهم أينَ ما كسم تعبْدُوَ 69 من دون الله هل ينصروتكم » أين الأصنام أو الأشخاص التى حكم أوهامكم أن تعيدوها من دونى هل أمدتكم بنصر أو شفاعة أو تقريب زلفة أو حظوة» 9( أو ينتصرون # أو هنا لمعنى الإضراب» فليست قائمة مقام ‏ أم ‏ والمعنى فيها الإضراب عن أن ينصروكم » أهم يتتصرون» بأن تحمى نفسها من عذاب واقع أو متوقع» والاستفهام إنكارى لإنكار الواقع » فهو للتوبيخ » إذ كانوا يحسبون أن لها قوة تنصر» فتبين أنها لا تنصر غيرهاء ولا تنتصر لنفسها . « فَكُْكبُوا فيها هم وَالَْاوَونَ 69 وجنوذ إبليس أَجمعون 4 . الكب إلقاء الشيء على أعلاه أو على وجهه.ء والكبكبة» تساقط الشيء فى هوة بتدهور» ويقول الزمخشرى : الكبكبة توالى الكب» فهو يكب ثم يكب أخرى» ويتوالى الكب» وهكذا حتى يصل إلى القاع. والفاء هنا للوفصاح» لأنها تفصح عن شرط مقدرء أى إذا كانوا لا ينصرون» ولا يتتصرون ءفإنهم كبكبوا فيها هم» والغاوى - الواقع فى الغواية والضلالة » أى أنه يكب فيها ما كانت تعبد» هى والذين ضلواء وهذا التعبير كناية عن أن من كانوا يحسبونه شفيعا لا قدرة له» وإنه يلقى فى النار ولو كان لا يحس ولا يشعر. ٠‏ ط جود إبليس أَحْمَعُودَ 4 الحند هو ما ييستعان به في القتال» أو مادته؛ وإبليس قال لربه: ا لِأَعْوِيتْهِمِ أأجمعينَ 69 إِلأّ عبادك منهم المخلصين 69 © [ص] وجنود إبليس أشخاص من الإنس » قد أشربوا فى أنفسهم شرهء فكانوا له جنداء ويصح أن يكون من جنوده المطامع والأهواء والشهوات والأوهام؛ فكل هؤلاء يكبكبون فى النار» وقد أكد سبحانه وتعالى ذلك تأكيدا لفظيا بقوله تعالى: أجمعون 4 فالنار لا يتخلف عنها عاص ولا تذره. قا وهف صمو 09 قال إن نالفي ضلال شيو لذ سوم بر الْعالَمينَ 62 وما أَصَلَنا إلا المجرموت 9© > . الالالال 00 كان الاختصام بين المعبود الباطل والعابد فى جهنم» وكأئما وهب الحجارة أن تتكلم وتبين» أو هو بيان للحال التى كانوا عليها وقد تكشفت الأمورء وزال زيغ الباطل» والضمير يعود إلى الكافرين الذين أزلهم الشيطان» وقوله تعالى: 8[ وهم فيها يخْتَصمُونَ 4 جملة حالية » أى قال المشركون» وهم ياختصمون معمأ عبدوهم» إن كنا لفي ضلال مُبين 4 إن هنا هى المخففة من إن الثقيلة» واسمها ضمير الشأن» أى إنه الحال والشأن كنا لفى ضلال مبين» اللام للتوكيد» وقد أكدوا ضلالهم بهاء وبأن الضلال استغرقهم كما يستغرق الظرف ما فيه» أى احتواهم. وصاروا يسارعون فى أرجائه من ضلال إلى ضلال» وهو بين واضح يدركه العقلاء» ولكن ضاعت ألبابهم فى وسط ذلك التيه من الضلال» وقد قرروا الحق الآنء» فقال: طإِذْ نُسَوَيكُم برب الْعَالَمِينَ4 إذى ظرف متعلق بكناء وإذ ظرف دال على الماضى وذكر مع المضارع لتصوير حالهم فى الماضي» والتسوية بين آلهتهم ورب العالمين. موضع استنكارهم فى ذلك اليوم لآنهم أدركوا أن هذه حجارة لا تعبدء بل يرمى بهاء وهذا رب العالمين الذى خلق العقلاء جميعاء وقام على ربوبيتهم» فهو الحى القيوم اللطيف الخبير» ثم أقروا بمن كانوا خاضعين لهم قالوا: فو وما أَصْلَنَا إلا المجَرمُون »© ما نافية» أى ما أضلنا إلا المجرمون الذين اتبعناهم . وفى الواقع» إن الجو كله كان جوا إجراميا » فهم يترامون بالإجرام ‏ وكان الإجرام فيهم جميعا؛ لأنهم اشتركوا جميعا فى تكوين رأى عام فاسد » يروج فيه الباطل» ويختفى فيه الحق الصادع» فكانوا فى ضلال يترامون به» ولا يخلص منه واحد منهم. لإفما لنا من شافعين 02 ولا صديق حميم 60 فَلَو أن لما كَرَة فُنَكُونَ من المؤمنين 69 4 . ١‏ (#اتفسير سورة الشعراع الفاء فاء الإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر. وتقدير القول» إذا كان الذين صاحبونا وشجعونا مجرمين, فما لنا من شفيع يشفع لنا » ويضم صوته إلى صوتناء ولا صديق حميم يتألم معنا » ويرفع عنا مقت ربنا » أو يشاركنا » فينقص منا ما يصيبنا من مقت وسوء عاقبة ؛ ويتمنون نادمين » وللات حتى مندم» وعدد الشافعين » لأنهم فى الشدة يكونون كثيرين » وذكر الصدق مفردا لأن الصديق الحميم يكون قليلا » وليس كثيرا. ل الل ١ ١ تى‎ | تفسير سورة الشعراع 0 الفاء أيضا للوفصاح لأنها سدت عليهم كل منافذ النجاة» فتمئوا رجعة إلى الدنيا كرة أخرى يؤمنون فيهاء ويدركون الحق ويذعنون لهء (لو) هنا للتمني» تمنى أن يعودوا إلى الدنيا كرة أخرى » والفاء فاء السببية» وأن مضمرة بعدها ٠»‏ أى فنكون بسبب ذلك من المؤمنين المذعنين للحق الذين لا يمارون فيه. كان الكلام فى يوم الآخرة عندما قال عليه السلام يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم» ولقد أشار سبحانه من بعد ذلك إلى نتمة القصةء فقال سبحانه: ط إن في ذلك ليد وَمَاكَانَ أَكْترهُم مُؤْمينَ 0 وَإِن ربك لهو الْعريرَ الرحيم 6 4 . الإشارة إلى قصص إبراهيم» وما جاء فيها على لسان إبراهيم من بياذ فضل الربوبية» والإذعان لحقهاء وقد جاء فى البيضاوى تلك العبارات المدركة فى بيان معنى (لآية )الحجة وعظة لمن أراد أن يستبصر بها ويعتبرء فإنها جاءت على أنظم ترتيب وأحسن تقرير » ويتبعه المتأمل فيها لغزارة علمه » لما فيها من الإشارة إلى أصول العلوم الدينية والتنبيه على دلائلهاء وحسن دعوته للقوم» وحسن مخالفته معهم وكمال إشفاقه عليهم» ‏ وتصور الأمر فى نفسه وإطلاق الوعدء والوعيد على سبيل الحكاية؛ تعريضاً وإيقاظا لهم ليكون أدعى للاستماع والقبول. ومع هذه الحجة الباهرة» والوصايا | التى تقنع, بذاتها » وتلزم بحقيقتها » كان أكثرهم غير مؤمنين» ولذا قال: فإوما كان أكثرهم # وإذا كان الأكثرون غير مؤمنين» فمعنى ذلك أن المؤمنين كانوا الأقل عددا ؛ وذلك لأن الشيطان يتحكم فى الكثرة» ويعاون أهل الشر بعضهم بعضا. ون ربك لَهُوَ الْعَرِيرَ الرحيم 4 الغالب الرحيم مع أنه القادر القاهر على كل شي هو الرحيم وكان رحيما بهم فى أنه لم يعجل بالعذاب » بل أمهل أهل الشر حتى يكون اليوم » وكان رحيما بهم فى أنه لم يسو الصحيح بالسقيم والمحسن بالمسىء » وكان رحيما بهم فى أن وضع عذابا للمجرمين » لكيلا يوغلوا فى إجرامهم » ففى هذا الوصف بالرحمة إنذار وتبشير؛ لأن العالم لا يقوم على المساواة بين الخير والشرء ولكل موضعه. (إاتفمسير سورة الشعراء ده 4 الالالال 2 تي من فصص قوم نوح قال تعالى : ل 00 مع غي م« ع ججتهم ع م أل 2ت 37 ونيا إذقال هم أو و ٍ- رسو 0 7 46 فد ١‏ 7 2 007 جو ا رن وَأطِيعُون 2 8 الوأ أ ومن لك وأتّبعك) لَاردْلُونَ ( ميسرت 0 #نسواطم 0-1 وَلَشْه ون سه سس ما 8 م 5 4 ير 1 ل حو 0 0 7 اح سح له ل مادخ و 2 َه و كل 00 فتحاويجئى ومن ين لوه فين 06 جسن ومع الا الْمشَحُون 4 لزه غرقنا بعد : 501 ذلِْكَلأيةوماكات 00 ل ا 2 جاءت قصة إبراهيم بعد قصة موسى؛ لأن موسى قاوم أشد طواغيت الدنيا وأهلكه الله تعالى بعد المعركة. وذلك فيه إيذان بأن محمد سيهزم الجمع من المشركين» ويولون الدبر » وجاء بعده قصص من إبراهيم تأديبا للعرب . لأنه أبوهم الذى يشرفون بمحتده ويحتمون بمسجده أول بيت وضع للناس » ولعلهم يهتدون بهديه ٠»‏ ويطيعون بطاعته » ويتأدبون بأدبه. ا 0 ْ 2 4 بعَدَالبَاة الل م لحب د شذوذ الكافرين من العرب» ولذلك ابتدأ سبحانه القصص بتكذيبهم 2 ولم يبتدثه موت مامه وك بذ © فا له اشر 5 4. ِ كَذْبَت قوم نوح المرسلين # ابتدأ القول الكريم بتكذيب قوم نوح ' للمرسلين» أى أن طبعهمء وما آل إليه أمرهم أنهم يكذبون الرسالة الإلهية على لسان رسول يبشر وينذرء فهم لا يكذبون نوحا وحده» وإنما يكذبون أصل الرسالة الإلهية لأنهم ماديون لا يؤمنون إلا بلمادة» ولا يؤمنون بالغيب» ولب الإيمان هو الإيمان بالغيب» فلا إيمان لمن لا يؤمن بالغيب. «إذقَال لهم أخوهم نوح ألا تَنُقَودَ 4 إذ ظرف للماضى متعلق بقوله: (كذنت فوم نوع المرسين» كأنهم جابهوا نوحا عليه السلام » وهو يقول لهم ألا تتقون 4 بإنكار أصل الرسالة » وكأنهم يقولون: مالنا ورسالتك » ورسالة غيرك وقوله: « ألا تشقون 4 ألا للتحريض والحث علي التقوى» وما أجدر كل منكر جبار»ء أن يطالب بالتقوى » واتخاذ وقاية لآنه يكون مغروراء» وكل من يتدلى بالغرور» يطالب باتخاذ وقاية ليمتلئ بالتقوى ووراء التقوى الإيمان . | «إِنّي لَكُم رسول أَمين» أكد رسالته لهم بإن المؤكدة» وتقديم الجار والمجرور «(لكم» أى لكم خاصةء ووصف نفسه بالأمانة» والأمانة تقتضى ألا يكذب على الله» فيدعى عليه الرسالة» وهو لم يرسله. وتقتضى الأمانة فيما يخبرهم » ومع الأمانة الرعاية والمحبة والإخلاص لهمء والبر بهم . ولأنه رسولهم الذى أرسل إليهم طالبهم بتقوى الله والطاعة فقال: «فائقوا الله وأطيعون » ؛ أى أطيعونى لأن هنا ياء المتكلم مقدرة فى القول بدليل كسر النون المنبئ عنهاء طالبهم بأمرين: تقوى اللّه» لأن قلوبهم جامدة جافية عن ربهاء إذ ليس فيهم إيمان بشيء» ولا خوف من حاضر ولا غائب» ولا علاج للنفس اللاهية الجافية إلا بالتقوىء أو الدعوة إليهاء والأمر الثانى طاعة الرسول» ولا سبيل لطاعته إلا أن تمتلئ نفوسهم بالتقوى » ومهابة الله والخضوع له . #اتفسير سورة الشعراع هم اللا 0 1 ب_ رو يي والفاء فى قوله تعالى: فَاتَّقَوا الله 4 لترتيب ما بعدها على ما قبلها » أى بسبب أن الرسول أمين لكم اتقوا الله وأطيعون. «وما أسألكم عليه من أجر » من لاستغراق النفي» أى لا أسألكم على هذا التبليغ أى أجر مما يتعلق بالدنياء لا أسألكم جاهاء ولا رياسة » ولا سلطاناء ولا غاية» ولا مالاء ولا أى عرض من أعراض الدنياء « إن أجري إلا على رب الْعالمِين4 إن نافية» أى ليس لى أجر إلا عند الله تعالى» وعبر بعلى للإشارة إلى علو هذا الأجر وهو يعلو عليكم » ولا يمكن أن تتساموا إليه؛ لأنه من رب العالمين الذى يدين له العالمون أجمعون بالربوبية والطاعة والخضوع. وإذا كنت لا أجد منكم جزاء ولا شكورا طفَائَقَوا اللّهَ وأطيعون 4 الفاء للوفصاح, لأنها تفصح عن شرط مقدر كأنه هو: إذا كنت أمينا لكم ولا أريد عرضا من أعراض الدنياء فاتقوا الله وأطيعوني» لفضل الإخلاص والأمانة - أجابه قومه على هذه الدعوة المخلصة إلى الحق بالتمرد. 9 قَالوا أنؤمن لك وَاتْعَك الأَرْدلُونَ » الأرذلون جمع أرذل أى الذى بلغ أقصى المهانة فى نظرهم» وهم الفقراء والضعفاء والعبيد » وكأنهم يتخذون قوة الحق من قوة معتنقيه» وحالهم. ولأنهم لا يريدون أن يتساووا بهم ». ودعوة الرسل المساواة بين القوى والضعيف. والغنى والفقير» والاستفهام إنكارى لإنكار الوقوع » أى لا يقع منا اتباع لك. بحيث نتساوى مع الأرذلين الذين اتبعوك» وكذلك فعلت قريش مع النبى يلكي لقد ذكروا ذلك للنبى كَكلَةِ ونهى الله نبيه أن ياتفت إليهم «( وكذلك فنا بععضهم بعض ليقولُوا أهؤلاء م الله عليّهم من بين يس لَه بعلم بالشاكرين ©© وإِذًا جَاءك الْذين يُوُْونَ بِآيَاتنا فقَلٌ سَلام عليَكُم كتب ركم علئ نفسه الرّحمة أنه من عمل نكم سوءًا بجَهَالة ثم تاب من بَعْده وأصلح فَأنَهُ عَمُورٌ رحيم 29 © [الأنعام] وفى قراءة وأتباعك جمع تبع أى ليس معك إلا الأرذلون. بالبي ‏ يييييييييييييياا 01 م 7 وراك ١‏ .. ١ نىي‎ أجابهم نوح على امتناعهم عن الإيمان بسبب إيمان الضعفاء والفقراء والعبيد» وهذا من سخف تفكيرهم » وتفكيرهم المادى الذى بنوا فيه تقدير الناس على أساس قوتهم المادية الجسمية » وأموالهم » أجاب عليه السلام بقوله: قال وما علي ما كَانُوايَعملُونَ 050 إن حسَابهُم إلا على ربِي أو تشعرون 09 وما أنَا بطارد الْمؤْمنينَ 09 إن أن إلا نذير مبين 659 4 . الاستفهام هنا للتنبيه إلى أنه لا يعلم ما كانوا يعملون لنيل رزقهم» وأنه لا يهتم به إنما يهمه فقط إجابة دعوته» وما يحرضهم عليه من تقوى وهداية» أى أنه عليه السلام لا يهتم بالذى كانوا يعملونه وهم مستمرون على عمله سواء كانوا يمتهنون صناعات صغيرة» أو صناعات كبيرة» إن ذلك لا يعنيه » إن حسابهم إل على ربَي لَو تَشعرون 4 أى ما حسابهم إلا على ربى لو شعرتم بالحق وأدركتموه. فإ وما أنَا بطارد المؤمنين © نفى عن نفسه أن يكون من شأنه أن يطرد من استجاب وآمن بالحق واستجاب دعوته» أى أنه ما أرسل لتوزيع الأعمال على الناس» إنما أرسل لدعوة الحق والإيمان» وترى أن النفى لوصفه بطرد المؤمنين» فهو نفى عن شأنه بوصف كونه رسولا داعيا إلى الحق» لا يهمه إلا استجابة دعوته. ط إن أَنا إلا نَذيرٌ مُبِينُ) إن نافية» أى ما أنا إلا نذير مبين» أى إلا منذر مبين» فلا يهمنى إلا بيان ما فيه الإنذار» وبيان ما فيه من تبشير» ويلاحظ أن قول نوح عليه السلام فيه تهديد لهمء ولذا اققصر على ذكر الإنذار» ولم يذكر التبشير» مع أن أصل الرسالة للأمرين. وقد أمر الله تعالى محمدا يَكِْهٌ وقد جوبه من المشركين بما جوبه به نوح عليه السلام» وقال الله تعالى له: ولا تَطْرَد الْذينَ يدْعُونَ ربّهُم بالهداة والْمَشِى يُرِيدُونَ وجهه ما عليك من حسابهم من شَيءِ وما من حسّابك عَلَيهم من شيء فَتطْردهُم فمَكُونَ من الظالمين 69 © [الأنعام] . وهكذا توافقت أقوال المشركين من عهد نوح الأب الثانى للخليقة إلى عهد قوم محمد خاتم النبيين» وكان الجواب واحدا أحرج قوم نوح والمبطل إذا أحرج هدد وأنذر. (#اتفسير سورة الشعراء سي الل 10000 1 101 57ةؤ#*2ظ2””2 لحرت د قالوا لين لم تنه يَا وح لََكُونَنَ من المرجومين 4 . يئسوا من رده» وهو يحجهم بالحجة تلو الحجة» فانتقلوا من الجدل العقيم منهم إلى التهديد بالرجم بالحجارة» وقد فقدوا كل عناصر الودء وأعلنوا القطيعة وقالوا مصرين على الكفر: «لن لم تنه 4 اللام هى الدالة على القسم ٠‏ بأنه إذا لم ينته يكون الرجم جزاءه. وطريق معاملته» وينتقلون من حال الرجم بالقول إلى حال الرجم بالحجارة» «( لتَكونن من الْمَرَجومينَ © هذا جواب القسم» واللام واقعة فيه مؤكدة . والتوكيد أيضا بنون التوكيد الثقيلة» وبذلك بلغوا أقصى حدود التكذيب مع التهديد العنيف. عندئذ اتجه إلى ربه قائلا: « قَالَ رَبْإِنَ قومي كذبون 4 بكسر النون للإيماء إلى ياء المتكلم المحذوفة» وصدر القول بالنداء إلى ربه للإشارة بالنداء إلى طلب النصر والعون» والمدد الكريم منه جلت قدرته. وهو الذى أظلهم بنعمة الربوبية» وقوله: 8 إِنّ قَومي كذبون4 فيه إيماء إلى أنهم كذبوه؛ فى حال كان يرجو إيمانهم؛ لأنهم أولا قومهء وعرفوا صدقهء وخوفه عليهم؛ ورفقه بهم» ورغبته لخيرهم» ومع كل هذا كذبوه وقطعوا صلته وأعلنوا عداوته» وهددوه بالرجمء وإن لم يذكره لربه » لأنه عليم بهم يرى ويسمع. اتجه إلى ربه يدعوه إلى أن يفصل بينه وبينهم : «فافتح بيني وبينهم فَتْحَا ونجني ومن معي من المؤمدين 4 . وقد كان تهديدهم له بالرجم خطا فاصلا بينه وبينهم » وأخبره الله تعالى بقوله تعالى: ل أن يؤمن من قَوْمك إلا من قَدْآمَ فَلا تَبْعس بما كَانُوا يفَعنُوَ © 4 [هود] والفاء للوقصاح» وتقدير القول إذا كانوا كذبوك ولا يؤمن إلا من قد امن فلا تبنتئس . والفتح معناه الحسكم والفصل بألا مكتهم منه؛ وممن آمن معه وما آمن معه إلا قليل. وقد أجابه الله تعالى إلى مطلبه فور دعائه إليه.. 0. هر <( فَأبيَاه ومن مَعَهُ في الْفلّك الْمشْحون 9 ثم َم أغرقنا بعد الباقين » . لمم امل اي لحر ا الفاء عاطفة للترتيب والتعقيب » أى أنه فور دعائه أجابهء 8 فَأَبْجْينَاه ومن مُعَه 6 أى الذين معه فى الإيمان والإذعان والتصديق وناصروه» وإن كانوا قليلاء وقوله تعالى: © الْمُشْحون» الذى حمل فيه فيه كل ما يحتاجون حتى تستوى على بر السلامة» وهذا قوله تعالى : طحَتّئ ذا جاءأمرنا وَقَارَ لورلا حمل فيهما من كل َوجَيْن اين آهلك إِلأَمَن سبق عليه الول ومن آمن وما آمَن مَعَه إلا قَليلٌ © 4 [هود]. هذه عاقبة نوح» ومعه أهل الإيمان من قومه. والطائعين له من أهله» أما الباقون فقد قال تعالى فيهم: نم أغرقنا بعد الباقين 4. والعطف بثم ففى موضعه؛ لأن التفاوت بين الحالين ثابت» إذ هو يعد وتفاوت بين الإنجاء والإهلاك » ولأنه تفاوت بين غضب الله على الباقين» ورضاه على المؤمنين » وقوله ‏ بعد فيها إشارة إلى أن الغرق كان بعد صناعة الفلك» وركوبه» ومجىء السيول المغرقة التى كان الموج فيها كالجبال» وغير ذلك ما هو مذكور بتفصيل فى سورة هود. ثم قال تعالى: ط إن في ذَلك ليه وما كان أكدرهم مؤمدين4 أى لمعجزة قاهرة دالة على رسالة نوح عليه السلام» وعلى قوة صبره» وعلى إيمانه بربه» ومع ذلك ما كان أكثرهم مؤمنين» بل ما آمن معه إلا عدد قليل» وهذا دليل على أن المعجزة الحسية التى كانوا يطالبون بها وقتا بعد آخرء ليس من شأنهما أن تحملهم على الإيمان حملا » إذا لم تكن النفوس راضية مرضية» متجهة إلى الإيمان من غير معوق من سلطان أو مال » أو غرور مبين وقوة دنيوية . «وَإِنٌ ربك لَهُوَ الْعَزِيرٌ الرحيم # أى الغالب» والرحيمء الذى يرحم عباده باختبارهم» وعقاب المسىء وثواب المحسن» وإمهالهم حتى لا يكون أمل فى رجوعهم إلى ربهم» وإنابتهم إلى خالقهم . ألا بد 4 (##اتفسير سورة الشعراء اللالاالااالا مالالا الالالال لاملا تح" د عاد وهود قال تعالى : ته بس -_ لكالل > ور لر ا 0 م سم 2 06 1 1 2 10 2 جرإن اياي 1 و جنوي يكير و ََ ج20 3-2 72 ا + ور 1 م أ :02 7 0 7- وإذ بطشكمد 20 بجبارد 6 2 2 للهوا وا ن ا وأتَفواًا أأْلَزِىَ مده يماكامون 07 : م 9 إِنَماتُ + ا يا نت 1 كي لوعت 0 فقو اس 7 ٠9‏ إن هذه الآيات الكريمات ( كَذبْت عَاد المرْسلينَ 09 إِذ قال لهم أخُوهم هود عقون 59 إن لكُم رسول أمين و فد نوا الله وأطيعون 79 وما أَسألكُم عليه من أجر إن أجري إلا على رب الْعَالْمينَ 059 ) . | تفسير سورة ة الشعراء ذا ااا 00 م حر أ هى التى قدمت بها قصة نوح عليه السلام» وذكرها هنا ليس تكرارا من غير معان واضحة بينة» وهى تدل أولا على أن الكافرين بالرسل لا يعارضون الآيات» وينكرونها » إنما هم لجمحودهم ينكرون أصل الرسالة الإلهية إلى البشرء فهم لا يؤمنون بالله تعالى 2 إذ لا يؤمنون بالغيب» وإنما يؤمنون بالأمور المحسوسة فقط » والإيمان بالغيب هو التدين» كما قال تعالى فى أوصاف المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب. ٠‏ وتدل ثانيا ‏ على أن الرسل أمناء الله تعالى على خلقه. وإرشادهم وتقويمهم» كما كان يقول كل رسول : «إإِنَي لكم رسول أمين4 وهم يكونون من المعروفين بالأمانة فى أقوالهم ؛ لتكون شهرتهم بالأمانة دليلا على صدقهم ابتداء» فلا يفاجئون بما يتوهم كذبه. نفس ما كسبت . وتدل رابعا - على أن التقوى مطلب النبيين أجمعين ؟ ولذلك قال كل منهم فى مبدأ دعوته 9 فاتقرا اللّه 4 . وتدل خامسا- على أن طاعة الرسول واجبة لأنها طاعة لله تعالي» وكما قال الله تعالى : ا مَن يُطع الرسُول فَقَد أَطاعَ اللّهَ 469 [النساء] وإن ذلك ليس تكراراء ولكنه تأكيد بيان طبائع المشركين وبيان هداية الرسل . أمون بك ريع به فود وح رَصْحدُون مصانع لعلكُمْتَخلدُودَ 09 وإذا بَطَشْكُم بَطَشِهَم جبّارِينَ 02 فَانَُّوا الله وأطيعرن 029 4 . الاستفهام إنكارى لإنكار الواقع » إذ إنهم بنوا فعلا» والريع» اسم جنس جصسعى لريعة» وهو الذى يفرق بيئه وبين مفرده بالتاء المربوطة 2 أو ياء النسبة» والريع ما ارتفع من الأرض » وقيل : أبراج الحمام» لأنها تبنى على م رتفع وتكون (##اتفسير سورة الشعراء اي الل 10000000 227011 لحرت ا مرتفعةء وآية معناها علامة» وليس المراد منها آية الكون أو الكتاب ٠»‏ بل المراد مطلق علامة . ومعناها هنا أنهم اتخذوا علامات للطرقات فى الجبال أو فجاج الجبال» وكانوا يتخذونها ليهتدوا فى البر وفى السيرء فيتعرفوا بها الطرقات حيث ساروا. ووجه العبث فى بنائها أنهم يغالون فى الارتفاع بها مفاخرة» فهم يعيثون» ولا يكتفون بقدر الحاجة » وكل ما يزيد عن قدر الحاجة يكون عبثا » وكل ما يدفع إلى البطر فهو عبث. أيا كان نوعه. وذكر النمخشرى أن العبث فيها أنه لا حاجة إلى هذه العلامات» لأن تهديهم إلى الطرق» وكان لهم بها علم » وقد قال تعالى : ل وعلامات وبالئجم هم عدون 09 4 [النحل] . « وكّخذون مُصانع لَلَكُم تَخلَدُودَ 9 » أى تبنون أماكن وقصورا مشيدة مصنوعة صناعة محكومة تبقى على الأزمان وتناطح الدهر. لعلكم تخلدون. أى ترجون لها أن تخلدوا فيهاء والمصانع جمع مصنع» وهو مكان الصنع الجسيدء والصنع إتقان العمل » ويقال للحاذق المجيد صَنّعْ بفتحتين» وللحاذقة المجيدة صناع ٠»‏ ويقال صنّاع» اسان ؛ القصور المجود بناؤهاء المزخرف طلاؤها » وكأنهم يرجون أن تكون جنتهم التى يخلدون فيها. وقد بين سبحانه» أنهم يبنون» ويستعلون عابثين» ويبنون القصور المشيدة لعلهم يخلدون؛ وذلك لتكون لهم السلطة والقهر والغلب» ولذا قال فى وصفهم عز من قائل: | (وإذا بطشتم بطشكم جبّارِينَ 4 . الخطاب لعاد قوم هود.» وهو وصف لحالهم وهو أنهم جبابرة فى طغيانهم» والتتجبر» يدفع إلى الأذى والسيطرة بالباطل» والتدابر والتقاطع وإن هذه حالهم؛ القوى فيهم يأكل الضعفاء؛ فالحقوق مهضومة» والباطل رافع رأسه فيهم. 1 تفسير سورة الشعراع لل الئل م جح رأ يي وخاطبهم» بذلك نبيهم هود عليه السلام عن ربه العليم الحكيم. والبطش السطوء والعسف قتلا بالسيوف ». أو ضربا بالسياط . والجبار المتسلط العاتي» وقد نفى الله تعالى عن نبيه أن يكون جبارا فقال: 9 وما أنت عليهم بجبّارٍ 4 [ق: 0144 ومعنى النص أنكم يا عاد طغاة جبارون إذا بطشتم عاسفين كان بطشكم بطش جبارين يسومون الضعفاء الذل والهوان. ويجب أن تتخلفوا عن هذا الوصف الذميم» وترفقوا بأنفسكم. ولذا قال لهم هود ذاكرا عن ربه: فَاتَقُوا الله وأطيعون 4 الفاء للإفصاح . أى إذا كنتم كذلك غير مترفقين فَاتَهُوا اللّهَ وأطيعون» أى اجعلوا بينكم وبين غضب الله وقاية» واجعلوا التقوى شعاركم يذهب غروركم بالقوة» وأطيعون فيما أنقل لكم من شرع الله تعالى والنظام المحكم . ولقد أخذ هود عليه السلام يذكرهم بنعم الله عليهم» وأنها توجب أن يملئوا أنفسهم بتقواه خوفا من عذابه» وشكرا لنعمته ظوَائَقُوا الذي أَمَدكُم بما تعلمون أَمَدكم بأنعام وبدين وجنات وعيو ن 29 إنِي أخَاف عليكم عذاب يوم عظيوة6). 00 الواو عاطفة» وقد أمرهم بالتقوى عامة» وبالطاعة كذلك» وهنا يأمرهم بتقوى صاحب النعمة التى أنعمها عليهم» والذى أمدهم بالنعم لتى كانت بها قوتهم فى الأرض وقدرتهم على البطش كالجبارين» والأمر بالتقوى يتحقق بأن تمتلئ نفوسهم بتقواه وللحمل على الوقاية» وأن تكون قلوبهم خاشعة مملوءة , بمهابته» ومخافته . لا أن يكون أمرهم بوراء» ولا يرهيونء ولا يقدرونء وقوله تعالى : بما تَعلَمُون 4 علما محسوسا ترونه» وتتبحبحون فيه» وما اتخذتموه قوة للبطش والظلم» ولم تتخذوه قوة للعدل وإقامة القسطاس المستقيم. «( أمدكم بِأَنْعام وبَينَ4- أى أمدكم بكل أسباب القوة » أمدكم بالأنعام» وهى رمز لقوة المال» وفيها رغد العيش» ومتعة النفوس» كما قال تعالى فى سورة ٠‏ إإاتفسير سورة الشعراءع م ا 000 عر أ انسل ولك فا لجرو رو 0 4 والبنون هم قدة انر وبها يكون السلطان القوى» وبالمال وبالبنين تكتمل زينة الحياة الدنياء كما قال تعالى : 8 الْمَال وَالْبنون زيئَة الحيّاة الدنيَا ...69 4 [الكهف] . فإذا كنتتم تبطشون بهذا الخير الذى أمدكم » فاذكروا فى أوقات بطشكم من أعطاكم ما اتخذتموه سببا » واجعلوه سببا للتقوى وشكر النعمة. «( وجئات وعيون» والجنات جمع جنة» وهى تشمل النخيل والكروم» والعيون عيون الماء التى يكون بها سقيهم ورعيهم ٠»‏ ونباتهم وكلؤهم التى ترعى فيها أنعامهم» فكل هذه نعم توجب الشكرء وتوجب-امتلاء القلوب بتقوى من أمدهم بهاء ومكنهم بمعايش فى الأرض جعلت لهم قوة» فلا يصح أن يبطشوا » بل يشكرونها » وتمتلئ بخوف معطيها » لأن من بمنح بمنع. ولأنه يريد السعادة للناس» ولذا قال لهم : «إنَي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يوم عظيم) . وقد ذكرهم بنعمه أولاء وأشار إلى أنهم اتخذوا هذه النعم ذريعة ليكونوا أقوياء باطشين» لا أن يكونوا شاكرين» وقد أنذرهم بعد بعذاب الله تعالى التى ينزل بمن يظلمون ويفسدون فى الأرضء» فإنه لا يفسد الأرض غير الظلم والطغيان» قال الرسول الشفيق بقومه: إِنَّي أَخَاف 4 مشفقا عليكم منذرا لكم لإعذاب يومعظيم» وهو يوم القيامة» يوم لا يتفعهم مال ولا بنون إلا من أنى الله بقلب سليم» وقد أكد العذاب بإنء وبوصف العذاب بأنه عظيم لا يقادر قدره» وكان تنكيره لبيان كبره وشدته » وأنه فوق التقدير والوصف. ذكرهم بالنعمة» ثم أنذرهم بالجزاء» ولكن لم يرعوواء ولم يستيقظواء وكانوا فى عمياء ضالة » ولذا رأوا هذا وقالوا: «قَالوا سواء عَلَينا أَوَعَظْت أَمْ لَمِ كن من الْواعظينَ 79 إن هذا إلا حلق الأولين 20 4 . | تفسير سورة الشعراء الملل لل م 1-2 الوعظ يجمع بين معنى التذكير بالخير» وإثارة النفس إلى الخير» والزجر المقترن بالتخويف» وقد جمع كلام نبى الله هود على المعنيين» فهو أولا ذكرهم بالنعم التى هى خير محض » ثم أنذرهم بالعذاب الشديد» فقالوا مصرين على ما هم عليه # قالوا سواء عليا أوعظت أم لم تكن من الواعظين» ,»أى تساوى عندنا حالك إذا كنت الواعظ المذكر بالنعم» والمنذر بالنقم» أم لم تكن من الواعظين» بأن تركتنا فى أمورناء وحالنا. ولم يكتفوا بذلك بل تهجموا على ما يدعو إليه » وقالوا: إن هذا إلا خلق الأولين »4 وإن نافية» أى ما هذا إلا خلق الأولين» وفى النص الكريم قراءتان: إحداهما ‏ بضم الخاء واللام » والمعنى على هذا يتضمن أولا أن ما هم عليه من شرك» وقد اتبعوا فيه آباءهم» كما قال المشركون» وجدنا عليه آباءناء ويتضمن ثانيا أن ما هم عليه من بطش جعلهم جبارين هو خلق الأولين من قومهم. ولذا عبروا بخلق بدل دين ليشملهما معا. والقراءة الثانية هى خلق بفتح الخاء وسكون اللام» ويكون المعنى إن هذا الوعظ إلا ما اختلقه الأولون وافتراؤهم» كما قال المشركون عن القرآن الكريم» إن هذا إِلأَ أساطير الأولين 69 4 [الأنعام] . ولشدة غرورهم وعظم تكذيبهم قالوا: وما نحن بمعذبين © الباء لتأكيد أنهم له يعذبون» وليس من شأنهم أن يعذبوا 2( ويتضمن ثانيا إنكار البنعث وتلك خلة الكافرين» ويتضمن الثا » أنه إن كان بعث فلن يكون العذاب نصيبهم ٠»‏ بل تكون حالهم فى الآخرة هى حالهم فى الدنيا » ذلك ما يأفكون به » وهم الضالون. ولقد كان الهلاك هو نهايتهم» ولذا قال تعالى : 4 (#اتفسير سورة الشعراء 44 لل حب أ ل فَكَدبُوهُ َأهلكْاهم إن في ذلك لآية وما كان أَكْترهم مُؤْمنينَ 09 وإ رنّك لَهُوَ العرِيرَ الرّحيم 650 4 . - الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى ترتب على ما قالوا الحكم بتكذيبهم» والفاء الثانية عاطفة للترتيب والتعقيب» أى عقب تكذيبهم. فأهلكوا بريح صرصر عاتية» كما قال تعالى: «إوأَما عَادُ فَأَهلكُوا بريح صَرْصر عَاتِيَةِ 0 4 [الحاقة] وقال: طإإِنّ في ذلك لآيّة4 » أى إن فى هلاكهم بعد التكذيب» ونفيهم للتعذيب والبعث» وبطشهم وقوتهم وغرورهم لآية دالة على قدرة الله تعالى» وأنه يأخذ الظالمين فى قدرتهم» ولا يعجزون الله فما كانوا معجزين. ثم حكم الله تعالى عليهم باستمرار كفر أكثرهم» وكانوا بذلك مستحقين لما نزل بهمء ولذا قال تعالى: «وما كان أكثرهم مؤمنين » فما كان الهلاك للمؤمنين بل كان للكثرة الكافرة» وما أغنى عنهم طغيانهم وبطشهم. « وإ ربك لهو الْعزِيرٌ الحيم 4 وإن ربك. والخطاب للنبى كَلِ لهو العزيز الغالب الذى هو فوق كل شيء؛ الرحيم فى أحكامه» وإمهاله» ومن رحمته آلا يتساوى المحسن مع المسىء» ولا الأعمى والبصيرء والله هو العليم الحكيم » وقد أكد سبحانه وتعالى عزته ورحمتة بإنّ المؤكدة » وباللام» وبضمير الفصل » وبأنه وحده المختص بالعزة والرحمة. وقد كان سبحانه يعقب قصة كل نبى بهاتين الآيتين. / تفسير سورة الشعراع للم االلللفل الل م صالح وتمود قال الله تعالى : 64 ا عر َي 5 200 يعو 0 ع صر 11 جه م أخوهم وه صَِعٌأ تُتقَونَ وي 4 4 52 عر 0 نِ 09 وَمَآأ 1011 دمن عََهمنَََنَ يلكي 5 توق مَا اميت 2 ع مغر _-. وه هص 02 قتي عنام ير 2 موريس لاي كردي ©) ل فاتقوأا سن 2 ولاتطيعوا أن سرون 77 الدِنَيفْسِدُونفِالْارْضٍ 8 سخ 0 0 0 2 زوك م 0 و شرب 0 0 4 2 رشع 2 رحج سس ا اها 1 9 نوع أْخْدٌ : شيعي 0 4 فعة: يخا ص اج ع سس اح بو قرع مل تندمين مي دهم 5200000 يس 44 1 > يرو ب 2 هم مَؤمين ( 2 يدس الي اسمن كل ؤي وإِنّريِك لهوالعييز ليحي 2 ابتدأ الله تعالى قصة صالح مع ثمود بما ابتدأ به قصة نوح وإبراهيم » وعاد قوم هود » من بيان أنهم يكذبون المرسلين » وكأنهم لا يؤمنون برسالة الله تعالى أقوامهم 2 وإنهم يعرفون بالأمانة والصبر بينهم » وإن أول مطلب لهم منهم (اتفسسير سورة الشعراء كي للملا ااال ااال اال 1 ١ يي‎ يقربهم إلى الله زلفى هو أن يملئوا نفوسهم بالتقوى » حتى يعمر قلبهم بالإيمان به» ويبتعدوا عن التمرد» وينتقلوا من طريق الشر إلى طريق الخفير » فيأمرهم بتقوى الله وطاعته ؛لأن طاعته طاعة لله تعالى » وقد أشرنا إلى ذلك فى معانى الآيات الأولى لقصة هود وعاد»ء وهذا هو معنى الآيات الخمس الأولى من قصة صالح وثمود » وهى قوله تعالى: :لط كَذبَت مود الْمرسلين 659 إِذ قال لهم أخوهم صالح ألا تَقْرنَ 059 إِني لكم رسول أمين 059 فَاد َقُوا الله وأطيعون 055 وما أسألكم عَلَيه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين 022 4#. ابتدأ سبحانه وتعالى بأن خاطبهم أخوهم صالح » يذكر لهم أنهم قد أوتوا نعما » فلا يمكن أن يتركوا هملا من غير مسئولية على ما حملوا من نعم » فبقدر النعمة تكون النقمة » كما قال تعالى: « أفحسبكم نما خلقتاكم عبثا وأنكم ينا لا ترَجَعون (652 4 [المؤمنون] فقال لهم أَنْرَكُونَ في ما هاهنا آمدين (655 في جنات وعيون 059 وزروع وتخل طلْعهَا مضيم (052 وتنحتون من الجبّال بيوتا فَارهين . تتركون ‏ الهمزة للاستفهام الإنكارى بمعنى نفى الوقوع» أى لا تتركون فيما هاهناء أى فى هذا المكان آمنين» أى لا تتركون فى هذا المكان آمنين من الموت والحساب والعقاب أو الثواب إن حبستم أنفسكم » ولكن الموت حق عليكم وهو يأتيكم بكل الأسباب» وذلك يستدعى أن تفكروا فى عواقب أموركم » ولا تحسبوا أنها نعمة لا حساب عليهاء ولا عواقب تعقبهاء إن خيرا فالنعيم بعدهاء وإن شرا فالعذاب الأليم من ورائها. «إفي جنات وعيون 4 الجار والمجرور متعلق بتتركون» أو بآمنين» والجنات جمع جنة والعيون عيون الماء المثمرة كما أشرنا من قبل » والجنات الأشجار الباسقة من كروم » وتفاح ورمان وغيرها » وزروع» جمع زرع وهو النبات الذى يكون منه الحب المتراكب ويتغذى منه الإنسان» والذى يكون منه السنابل من قمح وأرز وغير ذلك من النعم التى أنعم بها على الإنسان فى غذائه» ويشمل النبات والحشائش التى تكون كلا الأنعام» وخص النخل بالذكر» لأنه كان غذاء العرب » | تفسير سورة الشعراع الل م ا ١1‏ يي حتى سمى العرب أمة التمر واللبن» وكان ذكره بعد النبات لبيان إنعام الله تعالى على الإنسان بالغذاء بكل أنواعه. فأهل المدر غذاؤهم من النبات ذى الحب المتسراكب» وفرى السنابل» وأهل الوبر غذاؤهم من النخل فى أكثره؛ والله هو المنعم للفريقين. والضمير فى قوله تعالى: «( طَلْعها هضيم 4 يعود على النخل ؛ لأن النخل أنثى » أو لأنه جمع ما لا يعقل» إذ النخل اسم جنس جمعى للنخلة » ويفرق بين المفرد والجمع بالتاء أو ياء النسب » وقد فرق بينهما هنا بالتاء . والطلع » ما يطلع من جوف النخل كنصل السيف» والهضيم اللطيف المنضم المتلاصق فى وعائه فى الجوف قبل أن يظهر » وهو اليانع النضيج» وهذه الأوصاف تكون بحسب الحال » وبحسب المآل إذ يكون منه البلح الرطب» وأجود التمر. بعد ذلك ذكر نعمة عليهم » ولهم فيها عمل بتهيئة الأسباب» فقال تعالي: «( وتنحتون من الجبَال بيوتا فَارِهينَ» فى فارهين هذه القراءة» وفيها قراءة أخرى فرهين» وكلاهما بمعنى واحد» ولا اختلاف فى المعنى بين القراءتين» أى يبنون فى الجبال بيوتا » لا بلبنات ينقلونهاء بل بنحت فيه تسوية وبرد » وإذهاب أجزاء وإبقاء أجزاء » قَارِهِينَ 4 حال ومعناها حاذقين متحصنين بها معجبين متجبرين . وهذا الكلام من الله سبحانه وتعالى يفيد أنهم فى نعم بما فى الأرض من جنات وعيون» وزروع ونخل طيب وبيوت تنحتونها وتسوونها من الجبال» ويحسبون أنهم متروكون ويأكلون ويشربون » ويتلهون متجبرين عابثين. «١‏ فَاتُّوا الله وأطيعون 629 023 ولا ُطيعوا أَمْرَ المُسَرِِينَ 59 الْذينَ يفسدون في الأرضٍ ولا يصلحون 629 4 . الفاء هنا للإفصاح.ء أى إذا كنتم على هذه الحال من النعم التى أحاطت بكمء فاتقوا الله» أى فاملئوا أنفسكم بتقوى الله ومهابته شكرا للنعمة» وتوقعا ١‏ إاتفسير سورة الشعراء 5 الل اا0االل 0 أ للحساب الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاهاء وأطيعونى فيما أنقل إليكم من شرائع ربكم التى فيها استقامة أموركم» وصلاح أحوالكم. وإن الناس هم الذين يفسدون الناس 4 ويخلقون فى الأرض أجواء فاسلة 43 والمسرفون هم الذين يخرجون بطبيعتهم البشرية عن حد الاعتدال» إلى حد الإسراف» فيسرفون فى شهواتهم حتى يصيروا عبيدا للشهوات» ويسرفون فى أوهامهم » فيحسبون ما تدفع إليه الأوهام حقيقة. وليست إلا وهما باطلاء ويسرفون فى طلب السلطان فلا يحسبون أنه لإقامة العدل والقسسطاس المستقيم» ويسرفون فى القوة فلا يحسبونها لحماية الضعفاء 2( بل يظنونها للاستعلاء والاستكبار عليهم 4 وليجعلوهم عبيدا أذلاء . وضعهم العام : الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون 4 . وصف الله تعالى المسرفين فى ذات أنفسهم أنهم يفسدون فى الأرض ولا يصلحؤن, ذلك بأنهم بإسرافهم على أنفسهم فى شهواتهم » وقواتهم » وغرائزهم يميلون إلى الأثرة فيجعلون كل ما وهبهم الله لأنفسهم » وليس لغيرهم حق من الحقرق» فيكون الاعتداء الظالمء ويكون التغالب لسيطرة الباطل» وهضم الحقوق» وأى فساد للناس أكثر من أن يكون قانون الغابة هو الحكم بين الناس » «( ولولا دفْع الله الئاس بعضهم ببعضٍلْفَسدات الأرض ولكن الله ذو فَضْل عَلَى الْعَالَمِينَ 20© » [البقرة] فالمسرفون يفسدون دائما ولا يصلحون . قرر الله لهم وصفين: إيجابي» وهو الفساد المترتب على إسرافهم» والوصف الثانى سلبى فقال: « ولا يُصْلحُون» أى لا يمكن أن يكون منهم إصلاح كالذى يدعيه الطغاة من الحكام» والأقوياء من الأمراء من أنهم يصلحون بين الناس» وإن الوجود فى حاجة إليهم» ولا نشعرء فهذا النص السامى يرد كلامهم فى أعناقهم . إلا أن يخرجوا عن إسرافهم فى نفوسهم ٠»‏ وعلى مجتمعهم . ل تفسير سورة الشعراء الالال لل ا 1 يي وقوله: 8 الّذين يفُسدوت 4 بدل من المسرفين» أو عطف. ونلاحظ ملاحظة بيانية» وهى أنه تعالى عبر عن الإسراف بالوصف للإشارة إلى أن الإسراف إذا استمكن فى النفس ترتب عليه ذلك الفساد وعدم الإصلاح . وبماذا أجاب المشركون تلك الموعظة الهادية الزاجرة « قَانُوا إِنْمَا أنت من الْمُسَحَرِينَ 029 ما أنت إلا بَشْرَ مَعْلنا فَأت بِآية إن كنت من الصتادقين 629 4 . يظهر أن هذا القول الطيب سرى فى نفوسهم» ولكنهم بدل أن ينطقوا بالحق ويذعنوا له نطقوا بالباطل» «! قَانُوا إنْمَا أنت من الْمِسحُرِين 4 المسحر هو الذى أوتى علم السحرء فكانت له قدرة على الإتيان بالقول الخادع الذى يوجد تخييلات الحق وليس بحق» وإنك بهذا التسحير الذى علمته تصرف الأنظار عن الحق» فتسحر فكر الناس كما يسحر الساحر أعين الناس ويسترهبهم بفعله» وقولهم هذا فيه قصر له على أنه من المسحرين» وذلك لأن (إنما) من أدوات الحصرهء ولقد رمى المشركون كتاب الله تعالى » فقالوا إنه قول ساحر. وأكد ذلك بقولهم من بعد كما أكدوا جحودهم بقولهم :لإ ما أنت إلا شر ملا فأت بآيّة إن كنت من الصّادقِينَ4 . أى لا يمكن أن تكون رسولاء لأنك لست إلا بشرا مثلناء وكذلك قال المشركون لمحمد ككل قالوا : فإما لهذا الرّسول يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق 6 4 [الفرقان] . أى أنه لا يكفى لإثبات رسالتك ما قلت ما دمت بشرا مثلنا فائت بآية» أى دليل يدل على أنك رسول من قبل رب العالمين إن كنت من الصادقين» ويظهر أنهم كانوا زراعاء ذوى أنعام وإبل » فجاءت المعجزة من قبل ما يألفون». ويربون» وهو أنه أتى لهم بناقة هى ناقة الله » وقد كان على علم بالجمال وخواصهاء وخصوصا إنائها كما كان قوم فرعون على علم بالسحرء يعلمون ما هو سحرء وما ليبس بسحر ء كذلك هؤلاء يعلمون ناقة الله من بين نوق البشر » قال لهم صالح . طقال هذه نَاقَه لها شرب ولَكم شرب يوم علوم 659 ولا تمَسُوهَا بسوء فََأحْدَكُم داب يروْعظر 469 (#اتفسير سورة الشعرا اع يم الل 00د 1 01 222111113430121 لحب أ الشرب الحظ من الماء المشروب» وهذا هو حق الشربء والشرب فى اصطلاح الفقهاء حظ الزرع من الماء» والمراد قدر شرب الناقة » وقوله: 9 وَلَكُمْ شرب يوم معْلُومٍ 4 أى أن لهذه الناقة المخصوصة شرب يوم معلوم ولكثم شرب يوم معلوم . وهذه الناقة ناقة مولودة كسائر النوق» أم أن الله تعالى أتى لهم بناقة خاصة لم تولد مثل سائر النوق ؟» ظاهر الآية أنها ناقة ولدت كسائر النوق» ولكن كان لها خواص معلومة» ففى شربها تشتف شربها ولا تبقى منه شيئا وتدر فى آخر النهار لبنا خالصا سائغا للشاربين» والإعجازء فى هذاء ولكن روى عن ابن عباس أن الله تعالى جعل لهم ناقة خرجت من الجبل حمراء عشراء قد مضى لحملها عشرة أشهر ترد الماء فتشربه » وتأتى بقدره تماما لبنا » وهو كلام مقبول إذا ارد عن المبعوث محمد كك ٠‏ فهو مبين القرآن وموضحه 9 ونلا إِلَيِك الذكر لتبين للنّاس ما نل إِليْهم 4 [النحل] وإنى أميل إلى أن أترك النص على عمومهء ولكن لا بد أن نفرض أن لهذه الناقة خواص وصفات فيها ما يبهر العقول» ويوجه الأنظار إلى قدرة الله تعالى » وليكن من خواصها أن تشرب الماء فى الغداة دفى العشى تعطى لبنا بقدرهء» وهذا دال على قدرة الله تعالى » وعلى أنها آية من آياته لها دلالتها وإعجازها وإثبات رسالة صالح عليه السلام. وإذا كانت ناقة لها صفة المعجزة وأنها دليل الرسالة » فإنه يجب إشعارها بصفة خاصة بها » ولذا قال تعالى: 9 ولا تَمَسُوهَا بسوء فيَأحْدَكُم عَذَابِ يَْم عَظيم 4 . نهوا عن أن يمسوها بأى سوء أو أذى. لأن الله حارسها وحاميهاء وهى معجزة نبيه» ولأن النفس الطيبة لا تؤذى الطيب» وهذه ناقة تشرب الماء فتحوله إلى لبن بقدرة الله تعالى وعلمه لإظهار معجزة نبيه» وآية نبوته» ولكن الوسواس الخناس يجرى فى الدم البسشرى . واليوم العظيم- ووصفه بالعظيم لعظم العذاب فيه» وهو يوم فى الدنيا بهلاكهم بسببه» وفى الآخرة بالعذاب المقيم لعصيانه » إذ يلقون فى الجحيم . / تفسير سورة الشعراء ململ لي 1 فَعقَرُوهَا 4 أى نحروهاء وذلك لوسوسة الشيطان لهم؛ ولأن النفس تحاول معرفة الغريب من الأشياء » وهى مولعة بالغريب من الأمورء ولقد كان وجودها بينهم فوق أنها دلالة النبوة» ومعجزة النبى مثيرة لاستغرابهم » وحملهم على الضبط » فلما عقروها » وقدروا خواصها ل فَأَصبَحوا تَادمين» على فعلتهم» لا فاتهم من خيرها » ولأنهم رأوا خواصهاء ولأنهم توقعوا العقاب الأليم بعدها . ولذا قال تعالى فيهم: «( فأصبحوا تَادمين4 . أى أن الندم استغرقهم » وصار حالا دائمة لهم. ظ والعاقر بلا ريب بعضهم , ولكنه برضاهم ؛ لأنهم لم ينهوه » فنسب الفعل إليهمء لأنهم لم يتناهوا عن هذا المنكر الذى نبهوا بالنهى عنه تنبيها شديدا وأنذروا بعذاب يوم عظيم. ولم يمنع الندم العذاب عنهم 9 فَأَحَدَهُمْ الْمَدَاب 4 أى أن العذاب سيطر عليهم كأنه أخذهم إليه أخذا. وقال الحافظ ابن كثير فى هذا العذاب: هو أن أرضهم زلزلت زلزالا شديداء وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالهاء وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون وأصبحوا فى ديارهم جاثمين. إن في ذلك لآية ومَا كان أكترهم مؤمنين 4 الإشارة إلى الناقة وهى معجزة » وعقرهاء ونزول العذاب بعده» وهذه كلها آيات بينات على نبوة صالح » وعلى قدرة الله الباهرة » وعلى فرض الضلالة الظاهرة. ومع هذه الآيات «إمَا كَان أَكْتْرهم مُؤْمنِينَ 4 بل كان المؤمنون هم القلة الظاهرة» لأن إبليس يجرى فى نفوس أتباعه مجرى الدم » والله بكل شىء عليم . طون ربّكَ لَهُوَ الْعَزِيرٌ الرّحيم 4 الخطاب لمحمد #كِ ليسليه بهذا القصص الحكيم المشتمل على العبر ليصبر كما صبر قبله النبيون» وليعلم أن المعجزات الحسية لا تتبعها الهداية الحتمية» والقرآن هو المعجزة الكبرى » وإن لم تكن فى إعجازها حسية » والعزيز هو الغالب القوى العليم بالنفوس وشقوتها وسعادتها ) وهدايتها وضلالها. (##اتفسير سورة الشعراء اي ل #737131000000”#”#7#”#7*3ا ل 2200 5 27" ار قصة لوط وقومه قال تعالى : كدت َو أويل ماين 2 إذةال كت شوق وي لون مع 7 عر ررك ع صرعل ا ا 0 00 2-١‏ محل عليه مِنْأْرِإِنَ جرى] لعل رب العدلميت 29 يزه ار عرعر ا بر لل 000010 ع مسرر ل 2 تاتون دادم المي ويا ويَدوُوَمَا لق لول 5 ا00 له 0 وسو | 1 منأزويكم بل أسم قومعاد خب عرب د الاين 4 تحونن من المخرجين | ساي سدس اماه 0 جام رحن وأ هلى ممَايعمَلُونَ (ز: ٠‏ - ا 1 4- 5-0 يع لسع و عله مه سينك وأهله: مين ٍ! #١ 4 -‏ صلل + معو ره سن مج سر دك 59 رس لاعجوزا الْعيرين ١‏ م دمر ارين" أوأمطرنا ليج عد 0 - مُطرا فآ مطر لديف 72 د دلِكَ لمكن فم 000000 “ل عر بن لخي فت عل جم الآيات الخمس فى قوله تعالى: 9 كَدَبَت قَوْم أوط الْمُرْسَلِينَ © إِذ قَال لَهُم أخوهم لوط ألا تَُونَ 059 إن لَكُمْ رَسُول أمين 59 فَائَقُوا لل وَأطيمُون 0ك وما أسأنكُمْ عله من أج إن لزيا إلأعلق وبا لالين 400 ١‏ ' قد ذكرنا أن هذه الآيات الخمس الحكيمة تنبئ أولا ‏ عن أن الضالين يسارعون إلى التكذيب» وينكرون رسالة الله إلى أهل الأرض» يدل على ذلك «( كذبت قوم لوط المرسلين 4 وكذلك قوم نوح وعاد وثمود» وقوم لوط. 5 0 موويان ل | تفسير سورة الشعرا اع لل امل سي عرب أ وتدل ثانياء على أن الرسول يكون من بينهم» ولذلك عبر عنه بأنه أخوهم وقبل ذلك فى نوح وهود وصالح » ويقال فى لوط أيضا. وتدل ثالثاء على أمانة من أرسل إليهم» وأنهم عرفوا بين أقوامهم بذلك» وتدل رابعاء» على أنهم لا يطلبون أجرا من جاه أو من مال إنما يطلبون الأجر من عند الله وحده. وقد أشسرنا إلى ذلك من قبسل؛ وقد خاطب بعد ذلك نبى الله لوط قومه مستنكرا شنيع أفعالهم» فقال عليه السلام فيما حكاه الله عنه من أَتَأنَونَ الذكرَان من العالمين 4 . الذكران جمع ذكر كذكور» ولكن جاء النص كذلك ليكون تشنيعا أشد , وأحسب أله لا بون ذكرانا جمعا إلا لذكور الإنسان» وفى التعبير أتأتون الذكرات من الْعَالّمِينَ © كناية لطيفة» والاستفهام لاستنكار الواقع بمعنى التوبيخ وبيان شناعة العمل» » لأنه ضد الفطرة» وعبر بالإتيان كإتيان الرجل المرأة » ولكنه فى دبره» فهو إفساد للفطرة» وأحسن من عبّر عنه بالشذوذ الجنسى؛ لأنه دليل على فساد الفطرة وشناعة الفعل فى ذاته» وقوله تعالى من الْعالمين» أى من أهل المعرفة والعلم » ولا يرضى بذلك إلا من هو أشد فسادا من الفاعلين» وإن ذلك يشيع ويكثر كلما فسدت الفطرء وقد كثر فى الماضى فى قوم لوط» وكثر فى الحاضر ذ فى أهل أوربا وأمريكاء ولا حول ولا قوة إلا بالله . وإنهم ليتركون الفطرة» ولذا قال تعالى: ل وتَدَرِونَ مَا حَلق لكم ربكم من أَزْوَاجِكُم بل أنم قَوْمُ عَادُونَ # تذرون » فعلها الماضى لا يذكر » ولكن الزمخشرى ذكره فى كتابه أساس البلاغة ونص على أنه يقال: ذروا هذا الأمرء فيقولون وذرناه. «( وتدروت ما حَلق لَكُم ربُكُم مَن أَزوَاجكم 4 تدل على الترك والإهمال» وتلك إحدى الكبر» كأنهم يرتكبون أمرين : أولا الفعل مع الذكران» وإهمال الأزواج» ولذلك قالوا إن لتر ب لاود 6 أبلغ من تتركون؛ والآبية تدل على أن الفطرة (##اتمسير سورة الشعراء يي ال 00000000 90ظ3ظ1ظ1<<<ظ213 لحرت د هى ما يكون مع الأزواج 2 والآخر ضد الفطرة 2 ثم صرح الله تعالى بأنهم ظالمون وعادون.» فقال عز من قائل: 9 بل أنتم قوم عاذون 34 بل للإضراب الانتقالى بأن انتقل من وصف عملهم الآثم » إلى وصف أشخاصهم » و(عادون) جمع عاد وهو الظالم المعتدى الذى تجاوز الحد 2 فقد تجاوروا حل الفطرة» وخرجوا عليها 2 وشذوا عن الإنسانية . بعد هذه الموعظة الزاجرة» أجابوه إجابة الغواية الفاجرة» هددوه بالرجم (كما ورد فى آية أخيرى ) أو الإخراج من البلد والنفى فى مكان بعيد » كما فى هذه الآية. ١‏ قَاُوا تن لم ته يوط لتَكُوئنَ من الْمَخْرَجينَ 9 قال إِنّي لعمَلكُم من الي 2 © رب نجي وأهلي مما يعملونَ 059 » . قالوا مصممين موثقين قولهم باليمين» لكن لم تنته» اللام هى اليمينية» أقسموا ما يقسمون به إذا لم تنته» وكان النداء لتأكيد أن الخطاب لهء ولم تكن لمودة بجمعهمء إنما هو لنفرة شديدة لتفرقهم» لأنه يحول بينهم وما يشتهون من خروج على الفطرة والطبع الإنسانى » والمقسم به لتكونن من المخرجين أو المرجومين» واللام واقعة فى جواب القسم» وقد أكدوا الإخراج أو الرجم بها , وبأن يصير فى عداد المرجومين أى أنه يرجم ويقبر» ويكون فى عداد الأموات الذين يموتون بالرمى بالحجارة» حتى ماتواء وأكدوا الرجم أيضا بنون التوكيد الثقيلة وكذلك التأكيد على إخراجه فيكون بعيدا عنهم ويرتاحوا من مواعظه. وكانوا فى فجورهم الذى لحوا فيه واستمرءوه» وهو لا يستمرأ إلا عند ذوى الطباع الشاذة الخارجة عن الفطرة وهم فاسقون أقوياء جبارون» فلم يسع نبى الله إلا أن يعلن استنكاره لفعلهم الذى يجافى الفطرة الإنسانية. ( قال إني لعملكم م القالين» . عملهم هو هذا الفجور الذى أصروا عليه ولم يتركوهء وأرادوا قتل النبى . الذى بين قبحه لهم بأقبح وأفجر قتلة وهو الرجم» أعلن النبى الأمين بغضه الشديد له عساهم يرتدعون» أو يقلعون عنه إن كان فيه بقية من الإنسانية قال ل( تفسير سورة الشعراء ا اميل م لهم : إِنّي لعملكم من القالين » أى المبغضين له بغضا شديداء يقال قلى فلان الأمر أبغضه بغضا شديدا وعافه وقدم الجار والمجرور لعظيم النفرة من عملهم» وقد أشار إلى أن الناس جميعا يبغضون ذلك؛ لأنه مناف للفطرةء بقوله: طمن القالين 4 أى اللبغضين له بغضا شديداء أى اجعلنى فى تعداد الناس الذين استقبحوه ونفروا منة . ولقد علم عقبى فعلهم» والأثر السيىء الذى يعقيه 4 فقال: رب نجبي وأهلي 4. اتجه إلى ربه ضارعا أى مناديا رب 4 أى كالئى ومن يحميني» ومن أنعم على بربوبيته وكلاءته» نجبى وأهلى ما يعملون» أى من أثر ما يفعلون من معصية تخر لها الجبال الشواهق» فإنه قد نهاه فعلا من هذه الفعلة الفاجرة» لأنه قلاها وأبغضهاء إنما الذى يضرع إليه» أن ينجو من آثار هذه الفعلة الشنعاء » وقد أجابه الله تعالى إلى دعائه فقال: ش 059 فَجَينَاهُوأهلهُ أَجْمَعينَ 9 إلا عَجُورًا في الْعَابرِينَ 059 ثم دَمّرنَا الآخَرِين‎ ١ 4 659 وأمطرنا عليهم مَطَرا فَسَاء مطَرٌ الْمدَرِينَ‎ فنجاه اللّه تعالى من أثر هذه ال جريعة الفاجرة» وعقوبتها الصارمة هو وأهله أجمعين إلا امرأة عجوزا كانت فى الغابرين وهى امرأة لوط » فقد كانت فيها ممالئة لهم ٠‏ ثم دَمرْنَا الآخرِين4 أى الذين ردغوا فى حمأة الرذيلة » وقد أمطر الله عليهم مطرا من الحجارة » فساءء أى ما أسوأ من هؤلاء المنذرين» وقد ذكر سبحانه العقاب تفصيلا فى سورة هود فقال عز من قائل فى لقاء اللائكة وأعقابه. الما جات رسْأنا ُوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وال هذا وم عصِيب 99 وَجَاءه قومه يعون إِيْه ومن قَبْل انوا يعْملُونَ السمبئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر كم َائَُا اله ولا مُخْزون في ضيفي ليس مدكم رجل رشِيد 0© قَالُوا قد علمت ما نا في بناتك من حق نك للم ما ُريد 09 قَال لون لي بكم قوة أو آوي إلى ركنٍ شديد, © قَالُوا يا لوط إِنَا وَل ربك أن يَصلُوا إِلَيِكَ فَأَسرٍ بأهلك بقطع من ع اللَيلِ ولا يلعفت (##اتفمسير سورة الشعراء م ال 0 2232*300 لحرت أ مدكم أحد إل مرك إن مُصييها ما أصابهم إن موعدهم الصبْحأيِس الصبح بقريبٍ 9 فلما جاء أَمرنا جعلنا عاليها َافلَهَا وأمُطْرنا ليها حجارة من سججيل مضُودٍ 69 مُسَوْمَة عند ربك وما هي من الظَّالمينَ ببعيد 69 4. هذه كانت آيات الله تعالى لآل لوطء وما آمن أكثر هم 43 ولذا قال تعالى : ط9 إن في ذلك لآية وما كان أكترهم مؤمين 000 وإنا نلك لَه اير الرحيم 699 4 . أى إن فى ذلك الإهلاك الذى أهلكهم به وما كان لهم من مواعظ زاجرة لآية منبهة مرشدة لهم وللمشركين من بعدهم تمن يعاصرونكم ٠»‏ وبيان لأن الفساد والطغيان مرتعه هلاك لا ريب فيه. وما كان أكثرهم عند هلاكهم مؤمنين » فالله لا يهلك المؤمنين بجزاء من عنده» ولكن يهلكون باعتداء البشر إن لم يتخذوا الأسباب واللّه ناصرهم ومؤيدهم. وختم آيات قصة قوم لوط بما خختم به قصة إبراهيم ونوح وهود وثمود ببيان عزته ورحمته وربوبيته فقال” «إوإنا ريلك لهو لعي ز الرحيم 4 أكد عزته ورحمته بذكر أن ذلك من مقتضى مقتضى الربوبية » وأنه غالب » وأنه رحيم فى إمهاله » وأن يفرق بين المحسن والمسىء كما يكون الفرق بين الأعمى والبصير » والظلمات والنور. شعحيب وأصحاب الأيكة عقي < 7 > يوى ع ره 2 ال و م 0021 ب ع يخ ومع ب لجر 0 00 صلا وه سم 1 --- 2 أبالْقِسَطاس] المستهم ا 0007 سرامو در ةم نوامن! ك' ولا تبخسو ا الناس ا مفيبرين 09 تفسير سورة الشعراء © ال لاود ' ِ 1 2 : 2200 : مَفَامَنَأَلسَمَِ > مر نون 110 نعلي همون © دس ب عر م م 22024 سر بَيْوْ مالظ انه ,كانعذا أب يوم عظي 37 0 220 و تالاه إن ذلك لكى ليه وما كان رهم مني 0120 آ ا فَإِنَّ م 2 الأبك 7 الملتف واحده أيكة» والمراد أصحاب الشجر الملتف الذى صار أيكة يعاش فى ظلهاء ونرى سيدنا شعيبا نبى الله أحيانا يذكر أنه بعث إلى مدين قومه » وأحيانا يذكر أنه بعث لأصحاب الأيكة » ويظهر أن المؤدى واحد » لأن مدين كانت تسكن حول هذه الأشجار الملتفة» فهى منتفع بها ». وذكرت الأيكة دون مدين لأنها موضع نعمتهم » وقال بعض المفسرين إنه بعث إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة » وإنى أميل إلى الأول» وهو الأوضح الذى يسبق إلى الذهن. والآيات الخمس من قوله تعالي : كدب أصّحَاب الأيكة المرلين 69 إِذ قال لهم شعيْب ألا تتّقُونَ 9 إِنّي لَكُم سول أمين 509 فَائَقُوا الله وَطيعون 09 وما أسألكم عَلَيِه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين 620 4 . قلنا من قبل إن هذه الآيات تصور وحدة الشرك فى أنه لا يؤمن بالرسالة الإلهية » وأنهم ينكرون أن يكون الرسول بشرا » كما يبدو من جحودهم » وأن الرسول يكون منهم » وأنه معروف فيهم بالأمانة والصدق ٠»‏ وأنه كان محل صدق عندهم » لا يكذبونه » وأنه بهذه الأمانة والثقة والإرسال من الله تعالى يدعوهم. وأنه لا يطلب جاها ولا مالا » ولا ملكا » وإنما يطلب الجزاء والرضا من الله اتفسير سورة الشعراء 0م ل 00 لحر أ تعالى : إن أجري إلا على رب الْعَالَمينَ4 أى ليس أجرا إلا ما يكون من الله تعالى» بئواب من عنده» ورضا من لدنه » وهو أكبر من كل جزاء. ابتدأ شعيب دعوته فى قومه بعد ذكر الأمانة التى توجب التصديق » فقال : «( أوفوا الْكيل ولا تكُونوا من الْمُخْسرِين 059 وَزْنُوا بالقسْطّاس الْمُسَتَقيمٍ 9©© ولا تبحَسوا الناس أَشيَاءهم ولا تَعوا في الأَرضٍ مفسدين 29 4 . يظهر أن مدين أو أصحاب الأيكة كانوا قوما تجارا » وإن الشرائع السماوية جاءت لمنع الاعتداء على المال » وعلى الأنفس » وإذا كانوا تجارا » كأهل مكة فإن أخص ما يدعون به ألا يطففوا الكيل والميزان » ولذا كانت أخص دعوة شعيب بعد التوحيد ألا يطففوا الكيل واميزان حتى لا ينالهم الويل الذى هدد به فى قوله تعالى : «ويل للمطقفينَ 6 0 الذين إذَا اكْمَاُوا على النّاسِ يَسْمَوفُونَ 0 2 وإذا كالوهم أو وزنوهم يسود 2 4 [المطففين] . قال شعيب لقومه: 8 أَوَقُوا الْكيلَ ولا تكونوا من المخسرين 4. أوفوا الكيل» أعطوه فى معاملتكم وافياء كامل الوفاء غير منقوص» ولا تكونوا من الْمُخْسِرين 4 المخسر هو الذى ينقص المكيال » فيدفع معامله إلى اللمخسرانء بألا يخسره ولا يعطيه حقه . وقوله تعالى: «إولا تَكونوا من لْمُخْسرِين4 أبلغ فى الدلالة من ولا تخسرواء لأن معنى لا تكونوا من الطائفة التى اعتادت الإخسار » لا تكونوا فى صفوفهم فتصاب تجارتكم بالكسادء لأن الناس لا يقبلون على الشراءء إلا ثمن استقام فى طريقته» وأعطى المتعاملين حقوقهم» ولأن الإخسار أكل مال الناس بالباطل » ولأنه ظلم » والظلم نتيجته وخخيمة دائما. « ونوا بالقسطاس المستقيم » القسطاس. اللميزان الذى يوزن به» ومعنى « وَزنوا بالقسطاس »2 أى زنوا بالميزان المستقيم الذى لا يظلم فى ميزانه» بل يكون فى اعتدال واضح» وهو | تفسير سورة الشعراء ململ م ا 1 ١‏ تي يتضمن نوعين من النهى : أولهما- ألا يكون الميزان غير منتظم فى رفعه وخفضه. يكيل ظالماء وإن ذلك إفساد للثقة التى هى أساس التعامل العادل» وأكل لال الناس ( ولا تبْحَسُوا الئاس أيهم ولا وا في الأرض مُفْسدينَ . الأموال من حيث تقديرها تنقسم إلى قسمين : أموال مثلية وحداتها متحدة فى القيمة إذا توافر اتعحاد لجنس والنوع والصفة فى جودة أو رداءة » وهذه تقدر بالكيل أو الوزن» وقد نهى سبحانه على لسان نبيه شعيب عليه السلام من والقسم الثانى أموال قيمية لا يحد قيمتها الكيل والوزن» ولكن يحد قيمتها النص عن البخس بأن تقوم بأقل من قيمتهاء وكل نقص فى القيمة هو نقص فى المالية فيكون فيه الظلمء وأكل أموال الناس» ولذا قال الله تعالى على لسان سعينا. 9 ولا تَبْحَسُوا الئاس أَشْيَاءهُم 4 ولكن عبر ذلك التعبير القرانى السامى العميق لفائدتين جليلتين ‏ أولاها ‏ أن بخس قيم الأشياء بخس للناس أنفسهم » فمن بخس تقدير القيم » فقد ظلم » وأعظم الجريمة. الفائدة الشانية -أن فى ذلك إبهاما ثم بيانا » فيكون ذلك توكيدا للمعنى فضل توكيد. وبعد أن نهى عن تطفيف الكيل والميزان» وبخس قيم الأشياء. نهى عن الاعتداء بشكل عام » فقال عز من قائل: اإ##إتفمسير سورة الشعراء م لل 00 لحرت أ وذلك يشمل إفساد زرع غيره» أو منع الماء عنه» أو إتلافه . أو ألا يعطيه حقه من الماء» أو ما يجرى بين المختلطين من مساحة» والعثى أو العثو » الفساد النفسى أو المادي. وميل إلى العثى النفسى» والمعنى القصد إلى العثو مفسدين حال مؤكدة لمعنى العثوء لأن العفو يؤدى إلى الفساد فى الجماعة . فيتقاطعون» ويتدابرون. « وائقوا اْذي حَلقَكُمْ والْجبلةَ الأولي4 الواو عاطفة» أى خلقكم وخلق الجحبلة الأولين» والحبلة الجماعات المجبولة على سير وأخلاق سبقوا إليها » سواء أكانت خيرا أم كانت شراء والسياق يقول اتقوا الله واملئوا قلوبكم بالخوف منهء أنتم والذين سبقوكم» وجبلوا على ما سلكوه واتبعوه» والأمر بالتقوى لهم. ولمن جبلوا عليه» ليصادرهم فى دعواهم, إنهم يتبعون ما كان يعبد آباؤهم» فالتقوى مطلوبة منكم» وممن سبقوكم » وإن كانوا يجأرون بالشرك فإنهم مطالبون بالتقوى كما تطالبون. دعاوى واضحة فى إقامة العدل فى المعاملات الإنسانية التى تقوم عليها المعيشة ليستقيم أمر الناس فى هذه الحياة العاملة الكادحة» والتى يقرها أهل العقول جميعاء ولكن قومه يقولون متمردين: ل قَالوا إِنمَا أنت من الْمُسَحْرِينَ 029 وما أنت إلا بَشَرَ مَثْلا وإن نُك لمن الكَاذبينَ 4 . المسحر ‏ الذى سحر أى صار مسحورا بقوة » والتضعيف لتشديد وقوعه تحت السحرء كما قال تعالى عن بعض الرسل 9 إن تسبِعون إلا رجلاً مسَحُورًا 69 4 [الإسراء] وقيل : المسحر الذى يملأ سحرته وهى الرئة» وبذلك يشيرون إلى أنه محتاج إلى طعام يأكله »؛ ولذا كانت كل أوامره فى الكيل والوزن. والأول هو الواضح الأوضح. وأكثر الأنبياء لقوة نفوسهمء وسيطرتهم على العامة من أقوامهم رموا بالسحرء ٠»‏ وقد رمى به محمد يللو إن تتبعون إلا رجلاً مُسحورا 4. تفسير سورة الشعراء 4 لاا ياي حر أ «وما أنت إلأ بَشَر مَعْلنَا4 أى لست أنت إلا بشرا مثلناء وكيف تكون من بيننا رسولا ونبيا » أى أنه فى نظرهم لا يكون الرسول منهم أو مثلهم يأكل مما يأكلون منه» ويشرب مما يشربون» وذكروا النتيجة » وهى أنه ما دام منهم أو مثلهم فليس نبياء ولذا قالوا بعد ذلك 9 وإن نُك لَمن الْكَاذبِينَ 4 إن هنا هى المخففة من الثقيلة » واسمها هو ضمير الشأن والحال أى إنه الحال والشأن نظنك لمن الكاذيين» والدليل على أنها مخففة من الثقيلة اللام فى قوله تعالى لمن الكاذبين» وقد أكدوا رميهم له بالكذب بإن وباللام» وبعده فى صفوف الكاذبين البهاتين. والظن هنا معناه العلم القطعي» ولكن عبروا بالظن أو باقى القول » وإن أرادوا العلم» وكان من أدب العرب فى القول أن يؤثروا الظن على القطع » وإن كانوا ظالمين. وطلبوا معجزة» فقالوا: «( فأسقط عَلَيَا كسقا من السّمَاء إن كنت من الصّادقين 9 ال ربِي أعلم بما تعملُون » . الكسف» جمع كسفّة أى قطع من السماءء فلم يطلبوا رسالة مع ملك أو نحو ذلك» بل كانوا قساة من طبعهم ماديين» طلبوا أن ينزل عليهم قطعا من السماء »؛ وقد أشبههم فى هذه من بعدهم كفار قريش » فقالوا : ظ اللّهم إن كان هذا م . اللحق من عددك فأمطر علينا حجارة من السّماء َو اتنا بعذاب أليم 46 [الأنفال] وإن ذلك أشد الحمق وأفحشه » فكانوا مثلهم . أجابهم الله تعالى بعذاب شديد من جنس ما طلبوا وهو سحابة كانت من ورائها صيحة شديدة» فكانوا فى ديارهم جاثمين» ولقد قال لهم نبى الله مفوضا الأمر إلى ربه قال رب أعلم بمَا تَعملُون 4 وهذه الجملة السامية فيها تفويض وتهديد» أما التفويض فهو أنه قال: ربى أعلم بما تعملون » فهو يفوض الأمر لله سبحانه . وأما التهديد فهو أيضا فى هذه الجملة السامية من حيث إنه يعلم وحده بكافة ما تعملون من تطفيف فى الكيل والميزان » وبخس للناس أشياءهم وعثو فى الل160االلاااللللو لو 9 #/تفسير سورة الشعراء 1 _-_ مز بي 1 الأرض فسادا بالاعتداء على حقوق العباد وأموالهم فى زرع يررعونه وغرس يغرسونه» وماء يسقون به زرعهم» ما يعثون فيه بفسادهم وظلمهم وضلالهم. وقد جعل الله تعالى عقابهم من جنس ما طلبواء إذ طلبوا كسفا من السماء. والفاء فى قوله تعالى: 9 فأسقط عَلَينا كسفا »4 للإفصاحء أى إذا كنت مرسلا وأنت بشر مثلناء 8« فأسقط 4 وهو طلب دال على الاستهانة بالرسالة. أنزل اللّه العذاب من جنس ما طلبوه» فقال: ل( فكدَبوه فَأَحَدَهم عذَاب يوم الظُلَة إِنهُ كَانَ عذَاب يَوْمِ عظيم 059 إن في ذلك لآية وما كان أكترهم مؤمنين 650 وإ ربك لهو الْعَيرٌ الرّحيم 659 6 . الظلة السحابة التى تكون مظلة لما تحتهاء وقد تكون ذات حرارة شديدة» كقوله تعالى: «إلهم من فوقهم ظلل من الثار ومن تحتهم ظلل» [الزمر: ]١١‏ وإن السحابة إذا كانت حارة فيها نار يكون العدّاب شديداء والألم مريراء لأنه تكون إلى ظل سحابة» فكانت الظلة القاتلة» ووراءها الدمارء فأصبحوا فى عذاب وكانت هذه آية من الله مرضدة هادية لمن يسيشون مشل عيشهم ظلما وعدواناء وأكلا لمال الناس بالباطل والعدوان» والعثو فى الأرض فسادا» وهى دالة على أن شعيبا كان يدعوهم بالحق. وهم المبطلون. وإذا أنزل عليهم هذه الساحقة قة ما أنزلها على كثرة مؤمنة» بل أنزلها على كثرة فاسقة ضالة ظالمة» ولذا قال : «إوما كان أكترهم مؤمنين 4 . وإن ربك الكالئ الحافظ القائم على خلقه بربوبيته هو العزيز الغالب القوى الرحيم الذى يرحم عباده» ولا يسوى بين المحسن والمسىء» وقد أكد سبحانه عزته ورحمته بإن» وباللام وبضمير الفصل . القرآن عربي مبين قال تعالى: وى مان وه 1 ل جه وو اع 7 01 6 7 2000 أذيعامة سم روس ١‏ ا د ب ساو سد صا . 5 5 ةد - وه بض اجون 0 لي لمجرميت :3 سغي سح ل كد ص لخ ع 2 ره 9 5 ور جو 41خ 9 لسك يد وياب كان هذا القصص الكريم الذى شمل بعضا من قصة موسى الكليم وإبراهيم الخليل» وقوم نوح» وعاد » وثمود » وأصحاب الأيكة مصورا لطبائع المفسدين ومقاومة النبيين » وطلب المعجزات المادية واستجابة الله تعالى لهم فى معجزاتهم» وكفر أكثرهم من غير ارتداع »أخذ يبين سبحانه من بعد ذلك المعجزة الكبرى الخالدة » وهى القرآن الكريم» فقال : (وأ َو هاي 0 نرب الوح الأ« عقن ذل لتكود من المنذرين 059 4 . الضمير فى قوله تعالى : «إإِنّه 4 يعود على القرآن الكريم؛ لأنه وإن لم يكن له ذكر فى اللفظ هو مذكور فى نفوس المؤمنين والمشركين» أما ذكره فى قلوب المؤمنين» فلأنها عامرة به سامعة لتلاوته وتقشعر أبدانهم لسماعه» ويطمئئون بتلاوته» وأما ذكر الجاحدين له فلأنهم فى حيرة من بلاغته» وأصابت قلوبهم ١‏ للملا اللا ل ا يي فصاحته» وهم فى ردهم له يخالط نفوسهم بحلاوته وجلاله فهو مذكور عند المؤمن به» والجاحد له. وقد وصفه الله سبحانه وتعالى بثلاث صفات معلية له مشرفة بنسبته فوق شرفه الذاتى من بلاغة وشمول الشرع. الأولى - أنه تنزيل من رب العالمين» والتنزيل النزول جزءا بعد جزء منجما مقطعاء ليسهل حفظه» وليرتل ترتيلاء وليعلم النبى قراءته وتلاوته » ويتعلمها منه أصحابه» وبذلك تكون تلاوة القرآن مرتلا متواترة» كما قال تعالى: 8 إِنّا نَحن تَرْلْنَا الذكر ونا له َحَافْظرنَ 0 45 [الحجر]؛ وقد أشرنا إلى ذلك فى عدة مواضع عند ذكر معانى الذكر الحكيم . الثانية -أنه نزل بالوحى نزل به الروح الأمين على قلبك» الروح الأمين هو جبريل» وهو روح القدسء» نزل بهذا القرآن» وكان نزوله على قلبك» فاتصل به ووعاه» وحفظه مرتلا «( لتكون من المسذرين » لأنك تعلمت علمه» وأوتيت حكمته» وعلمت شريعته لتكون من المنذرين أهل الضلالة عن غوايتهم» ودعوتهم إلى التوحيدء ولا ذكر المنذر دون المبشرء وهو بشير ونذير» لأن هداية المشركين تكون أولا بالإنذار» والتبشير يكون بالإقلاع عن الشركء ولذلك كان أول دعوته بالإنذار» إذ قال: « إن هوَإلأ تذير لكم بين يَدَيْ عَدَاب شَديدٍ 69 »© [سبا] عندما استجاب لقوله تعالى : : 8 وأنذر عشيرتك الأقْربِينَ 659 »© وقد كان النبى كلد يقول: أنا النذير العريان. الثالثة- أنه باللغة العربية» ولذا قال عز من قائل: ا بلسان عربي ين 4 . اللسان هنا اللغة» لأنها تكون باللسان» وهو متميزهاء وأداتها» وأطلق اللسان وأريد المسبب له وهو اللغة » وكل لغة تخص لسانا فى أدائتها ونغمتها وصوتها . وأداؤها فى القرآن الكريم كان باللغة العربية فليس بقرآن مالا يكون باللغة العربية » فترجمة القرآن إن كانت ممكنة (وهى ليست ممكنة) ليست قرآناء» وقوله: « مبين4 أى واضح فى تميزه ومعانيه»؛ ومقاصله.ء ومعانيه وهى فى أعلى درجات الإعجاز بهذا البيان » ولغيره مما اشتمل عليه. م تفسير سورة الشعراء لاملل م حر ا الرابعة - أن أكثر ما فيه من معان وقصص» وشرائع فى زبر الأولين» أى أن القرآن الكريم بعضه فى كتب الأولين» والزبر جمع زبور» وهو الكتاب» وإن ذلك يكون على أن الضمير يعود إلى الكتاب ومقتضى السياق» ويكون المعنى على هذا إن هذا الكتاب مشار إليه فى الكتب السابقة» وهو مهيمن عليها مبين للصحيح» كما فى قوله تعالى: «( وأنزلًا إِنيْكَ الكتاب بالْحقّ مُصَدقًا لما ين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه > [المائدة] . ويصح أن يكون الغضمير عائدا على النبى عَللِْةِ لأنه مبشر به فى التوراة والإنجيل » كما قال تعالي: 8 الذين يود ارول الي الي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يَأمرهم بالمعروف وينهَاهم عن الْمنكَرٍ ويحل لهم الطيبات ويُحَرَم هم لانت وضع عنم رهم والأغلال التي كانت عليهم الدين آمنوا به وَعَرَرُوهُ وَنَصروة وَاتبعوا الثُورَ الذي أنزل مَعَهُ أُولّتك هم المفلحون 029 4 [الأعراف]. «أولَمْ يَكن لَهُمآية أن يَعلَمَهُ عُلَمَاءُ بي إسرائيل 059 وَل تراه على بعضٍ الأَعجَمينَ 050 فَقَرأَهُ عََيْهِم ما كانوا به مؤمنين 659 4 . الواو عاطفة على فعل» وسياق القول الحكيم أيتكرون» ولم يكن لهم آية تدل على الصدق أن يعلمه علماء بنى إسرائيل وهم أهل علم بالكتاب» والضمير يعود إلى القرآن فى يَعْلَمَهُ) أى إذا كنتم مدعين جهلكم أو لم تكن عند دلالة على الصدق أن يعلم خبره علماء بنى إسرائيل» وما كفروا به إلا عنادا وطغياناء أو نقول كما قال بعض التابعين: المراد من علماء بنى إسرائيل العدول الذين آمنوا واهتدوا كعبد الله بن سلام» وقيل: وسلمان الفارسي» وابن عباس اختار التعميم حتى يشمل من آمن» ومن لم يؤمن» وقد قال تعالى فى بنى إسرائيل: ف ولمًا ام تاب معد اله لقنا عه كوم يسود مل لذن كرا قن جاءَهُم ما عرقُوا َمَرُوا به َه لله على الْكَافرينَ 69 بمْسَما اشكَروا به أنفْسهم أن يكفروا بما إهاتفسير سورة الشعراءم م اللو 1[ 1 1 22560011111 تأر أ أنزل الله با أن يتل اله من قله على من يَشَءُ من عباده فاو فصب على عضب ولكافرين عَذَابِ مهي 69 4 [البقرة] فهم كانوا يعلمون الْقَرآنٌ ومحمداء وكانوا يستفتحون به جيرانهم من أهل المدينة الذين كانوا يشركون. وقيل أن الضمير فى «( أن يعلمة 4 يعوذ على محمد يكل ولكن الأظهر هو ما قررنا. «( أولم يكن لهم آية أن يعَلَمَه علَمَاء بي إسْرائيل 059 ولو تراه على بَعْضٍ الأعجمين 05 فَقرأه عليْهم ما كَانوا به مؤمنين 659 4 . الضمير يعود على القرآن الكريم» لو نزله اللّه على بعض الأعجمين الذين لا يعرفون العربية لكان أعجميا بغير العربية» فقرأه عليهم بالأعجمية ما فهموه وما آمنوا به» واستمر عدم إيمانهم به وتقديم الجار والمجرور (به) على متعلقه لبيان أهمية عدم الإعمان 2 وإن عدم الإعان لسببين : أولهما أنه جاء من رجل أجنبى عنهم » اومن نعم الله أن كان الرسول منهم ؛ كما قال تعالى: :3 لقد جاء كم رسول من أَنفسكُم عزيز عليه ما عنم حريص عَلَيكُم بالمؤمنين روف رُحيم 59 4 [التوبة]. الثانى أنه لا ينزل عليهم بالعربية فلا يفهمون كما قال تعالى : ف( ولو جعلناه فرآنا أعْجَمًِا لَقَانُوا ولا فُصلَت آياه أأعجمي وعربي قُل هو لين آمئُوا هدى وَشْقَاءٌ والذين لا يؤمنود في آذانهم وقر وهو عَليْهِمٍ عمى أُولئك ينادوت من مكَان بعيدٍ 9© 4 [فصلت]. ‏ اسم وشم هي ع 6م ه 25 و كذلك سلكناه في قلوب المجرمين 4 . المث لمشبه هو ما عليه الشرك من تكذيب وجحودء و سلكناه أى أدخلناء» والظاهرء أن المعنى» كهذا الجحود والكفر والتكذيب أدخلنا القرآن فى قلوب المجرمين » فهم لا ينظرون إليه نظرة هداية واسترشاد وتعرف للحقيقة وأوجه إعجاز ٠‏ بل ينظرون إليه نظرا فيه عور لا يعرفون حقيقته» ولا يدركون الغاية» ولا .يعرفون الحق لاعوجاج نظرهم. <إ لا يؤمنون به حتَى يرا الْعَدَاب الأليم 09 فَيَأتيَهُم بَغَْةَ وهم لا يشَعرُون 4 . ملل ب ا قال تعالى: إلا يؤْمُونَ به حمّئ يوا العذَاب الأليم 4 أى إن ذلك شأنهم » ولذلك كان النفى داخلا على المضارع» لأن فيه تصويرا لعدم إيمانهم» إذ هم ماديون حسيون لا يؤمنون إلا بالحمس» وما يشبهه » هذا معنى قوله: حتئ يروا العذاب الأليم 4 المؤلم الشديد فى إيلامه ؛ أى لا يؤمئون إلا بما يحسون » وكذلك شأن الكافرين لا يؤمنون بالغيب» بل يؤمنون بما يرون ويحسون فقطء والفرق بين الإيمان والكفر هو الإيمان بالغيب» فالكافر لا يؤمن إلا بالحس والتجربة المحسة. | تفسير سورة الشعراع 9 قوله تعالى: « فَيَأنِيهم بغَة وهم لا يشعرون 4 الفاء فاء السببية» أى يترتب ما بعدها على ما قبلهاء وهى عاطفة على يرواء أى أنهم فى جهالتهم عمون عن الحق لا يدركونه» ولا يتوقعونهء ط فَيأنِيَهم 4 والضمير يعود إلى الساعة؛ لأنها فى أذهانهم جميعا مؤمنين بها أو جاحدين لهاء فهى مستولية عليهم إيمانا أو استغراباء فتأتيهم مباغتة لهم حيث يستمرئون الحياة الدنيا وما فيها من متع غافلة غير شاعرة» وقد ألهتهم لواهيهاء وتكائرها. وإنهم إذ يكونون فى الآخرة يحسون بطلب العودة» وقال تعالى فى حالهم فيها. قال تعالى : ولوأ مره جاع موا سر جر 2-2 در م رول كام حقو جو سرس 7 ص موا سس . جو © مبَةِهْ تاك عدوت 2 معو نهم مَأ انون حورت 7 دف وَمَاكُنَاظلِمِنَ 7 و دما جور سداس سم مه 0 صخا سا سر 11 الصَّمِنطِينُ لوي وَمَايِغى طم ومِاسْسَطِيِعوتَ ( مسو و كور عن السَّمع لمعزوط 7 ٠ 7‏ ْ (##اتفسير سورة الشعراء 1-2 ل لل لاا يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرونء ولقد كانوا وهم فى غرور الدنيا ولهوها يكذبون النبى الذى يخوفهم بعذاب الله ويتحدونه» فيستعجلونه » كما قال تعالى : ف( ويستعجلوتك بالسيئة قبل الحسنّة وقد خَلَتَ من قَبْلهِم لمات 4 [الرعد] ولكنهم فى الآخرة وقد رأوه عيانا يطلبون التأجيل ؛ ويعجبون من الاستعجال » فيقولون: ل فَيَُولُوا هل نحن منظرود 20 أَفبعَدَابنَا يستعْجلُودَ © . الاستفهام هنا يدل على على التمنى» أى يتمنون أن يكونوا منظرين» أى مؤجلين» وقد كانوا يهددون ويخوفون فى الدنيا أن يكون ما يرون تهديدا وتخويفاء وينظرون فيه حتى يكون م: منهم البرء ويستدركون ما فاتهم. ولكن للات حين مناص» ويترتب على رجائهم الاتطار والتأجيل التعجيل بالعذاب » 0 «أفبعذابنا يستعجلون © والفاء دالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلهاء مؤخرة عن تقدم» وتقدير القول فأبعذابنا يستعجلون أى يترتب عن تمنى لظا التعجب من الاستعجال» والاستفهام الثانى لاستنكار التعجيل» وبعذابنا تتعلق بالاستعجال؛ وتقدم عليه » لأنه يخيل إليهم أن الاستعجال خاص بعذابهم وحدهمء ونسوا ما فعلوا من ظلم » وما اجترحوا من سيئات. وإن ذلك العذاب منطقى » فقد متعوا سنين وأوعدوا » وذكر لهم ما يوعدون » وهذا وقت الجزاء»ء ولذا قال: «( أرأيت إن متعناهم سنين 0-2 ثم جَاءَهُم ما كَانُوا يُوعَدُونَ 2 4. يذكر سبحانه العجب من حالهمء وإنكارهم ما ذكروا به فى تمتعهم سنين» والفاء مؤخرة عن تقديم الاستفهام. لأن الاستفهام له الصدارة دائما » والاستفهام للتعجب. والمعنى فأريتهم كيف متعناهم بزخارف الدنيا سنين مهما تكثر فهى معدودة محدودة» وإذا تحقق ما يوعدون من عذاب يطلبون التأجيل» ويعجبون من التعجيل أو الاستعجال» ولا استعجال أبدا بل كل شيء فى وقته المحدود وأمده المعلوم» وقوله تعالى: فإ نم جاءهم ما كانوا يوعدون * العطف بثم له معناه فإن ما بين البعث والتمتع سنلين محدودة كبير فى نظرهم. والتفاوت بين المتعة والعذاب يسوغ التفاوت والبعد بثم» ونحوها ؛ لأنه ثمة فارق وتفاوت بين المتعة وما ينزل لهم من عذاب دائم مقيم . اا تفسير سورة الشعراء الل م ل عرب أ وإن المتعة التى يعقبها عذاب أليم لا تجدى ولا تنفع ولا ترفع » ولقد كانوا يتوهمون أن ما هم فيه من تمتع يكفيهم» ولكن «إماأعْنَئ نهم ما كانوا يمون 4 . ما هنا موصول حرف » وليست موصولا اسميا بمعنى الذي» لأن الصلة فى الموصول الاسمى يجب أن تشتمل على ما يربطها بالاسم من ضميرهء أو نحوه. ولا ضمير يربطها » فهى إذن موصول حرفى يكون وما بعده مصدرا منسبكاء وتقديره: وما كان تمتعهم هذه السنين طالت أو قصرت مغنيا عنهم فى الآخرة رافعا عذابهم الشديد النازل بهم» كما كانوا يتوهمون أنه لا بعث» وأنه إن كان بعث فليس بمعقول أن يعاقبواء وأن يكون أولئك الضعفاء المرذولون والعبيد المهينون هم المثوبين» وكانوا دائما معتمدين على دوام تمتعهم فى السنين المحدودة والأمد المعلوم . وأنهم قد أنذروا 3 فالملام فى عقوبتهم عليهم هم وحدهمء ولذا قال عرز من قائل : لما أَهلَكْنَا من قَرية ِل لها منذرون 29 ذكْرئ وما كنا ظَالمين 69 4 أى ما أهلكنا أى قرية» والقرية المدينة العظيمة أو القبيل » ومن دالة على عموم النفى واستغراقه إلا كان لها منذرون بالعذاب الشديد من رسل الله تعالى الذين يتكلمون عن الله تعالى؛ وقد قال تعالى: «إومًا كنا معَذَبِينَ حَتَى تبعت رَسُولا2) > [الإسراء] وقال تعالى : طون من أَمةَإِلةً حلا فيا تير 69 4 [فاطر] . وإن الرسول يذكرهم دائماء وتبقى فى رءوس المعتبرين منهم ذكرى دائمة باقية حتى يجنبهم ما أنذروا به» ولذا قال تعالى: «إذكرئ وما كنا ظالمِينَ 4 أى أن ذلك الإنذار على ألسنة الرسل تذكير لهم أن اعتبروا واخشوا وخافواء وأكد سبحانه أنه لا يظلمهم ٠‏ فيأتيهم بالعذاب من غير إنذار» فقال تعالى: « وما كنا ظَالمين 4 (كان) هنا دالة على النفى الدائم » أو نفى الشأن ؛ أى وما كان من شأننا الظلم » كما قال تعالى فى آية أخرى؛ وما ربك بغَلأم للعبيد 65 4 [فصلت] ولقد قال فى إنذارهم ظط وأنذر الئاس يوم يأتيهم العذاب فيَقُول ادن موا رين خرن إلى أجل قَرِيب جب دعوتك ونتبع بع الرسل أَوَ لم تَكُونُوا أَقْسَمُهُم من قَبْل مَا لَكم مّن زوال62 4 [إبراهيم]. #/#تفسير سورة الشعراء م لاملل 1111 يه َي 1 ولقد كانوا يتوهمون أن القرآن قول كاهنء» ولم ينزل من الله » ولكن نزل من الشياطين ». كماينزلون على الكهان» وذلك زعم باطل فى أصله » وفى تطبيقه على القرآن الكريم» ونفى الله ذلك نفيا مؤكدا فقال: 98 وما تنزلّت به الشياطين (65) وما ينبغي لهم وما يستطيعون 659 إِنَّهِم عن السّمع لَمعْرُولُونَ 9 4 . لقد ادعوا أن القرآن قول كاهن » وأقوال الكهان : تتنزل بها الشياطين» وهى جمع شيطان وهم إخوان إبليس أو أتباعه وزمرته» وقد نفى اللّه تعالى ذلك بثلاثة أمور. أولها ‏ أنه مايتبغى لهم؛ لأنهم محرضون على الفسادء والقرآن هاد مرشد» وذلك احتجاج عليهم , بحقيقة بحقيقة القرآن» فلا يمكن أن يتلاقى مع وساوس الشياطين ومفاسدهم » فما يصح أن يكون منهم والثانى -_- أنهم لا يستطيعونه» آنه معجرز» وهو يعجر الجن والإنس كما قال الله تعالى: 9 قل أَكن اجْتَمَعت الإنس والْجن عَلَى أن يَأنُوا بمهل هذا القُرآن لا يَأنُونَ بمثله ولو كان بعضهم لبَعض ظَهِير 69 »© [الإسراء] . والنالث - أنهم لا يمكن أن ينقلوه أو يسرقوه 2 ويتنزلوا به على أهل الكهانة » لأنهم معزولون عن ذلك» وهذا قوله تعالى : فإ إِنْهم عن السمع لمعزولون 4 » وقد أكد سبحانه وتعالى عزلهم بِإِنّ الدالة على التوكيدء وبالام » وبالحملة الاسمية. ولقد تكلم الحافظ ابن كثيسر فى هذه الأمور الثلاثة المانعة من أن : تتنزل. به الشياطين » فقال رضى الله عنه « ذكر سبحانه أنه يمتنع ع: عنهم ذلك من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه ما ينبغى لهم. أى ليس هو من بغيتهم ولا من طلبتهم » لأن من سجاياهم الفساد » وإضلال العباد» وهذا فيه الأمر بالمعروف » والنهى عن المنكر ونور وهدى وبرهان عظيم ٠»‏ فبينه وبين الشياطين منافاة عظيمة » ولهذا قال تعالى : ل وما ينبغي لهم 4. | تفسير سورة الشعراء ان م حر اا وقوله تعالى : 9 وَما يَستَطعُونَ 4: أى ولو انبغى لهم لما استطاعوا ذلك. قال تعالى : < لَْ نلا هذا لان على جل لَه حَاشعا ممَصدعا من حَشية اله 4 [الحشر ١:‏ ؟] ثم بين أنه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته ما وصلوا إلى ذلك؛؟ لأنهم بمعزل حين استماع القرآن حال نزوله ؛ لأن السماء ملعت حرسا شديدا وشهبا فى مدة نزول القرآن على رسول الله يِه فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد» ولم يجد منه لئلا يشتبه الأمرء وهذا من رحمته بعباده وحفظه لشرعه» وتأييده لكتابه ولرسوله» ولذا قال تعالى: « إِنْهُم عن السمْع لمعزولون © وكل هذا على أن الضمير فى (به) من قوله تعالى: :|( وما تَترَتَ به الشياطين 4 يعود على القرآن» وهو فى النفوس المؤمنة يملؤها » والمشركة يساورهاء ولا احتمال سواه. التوحيد لب الإيمان اه م0 مد لو مل و مع أله إلنهاء لخر صر 3 010-04 مم ادنك لوك ع -. ف 59 ! 1 (#اتفسير سورة الشعراء م لل 1100000 1 #1#1#1آ#آ#آ#آ2101111#1# سرب ل الفاء للوفصاح عن شرط وتقديره إذا كان القرآن هو الحق » وهو يدعو إلى التوحيد . فلا تدع مع الله إلها آخر » والدعاء هنا الالتجاء إليه والعبادة أى لا تعبد مع الله إلها آخر » وتلجأً إليه 9 فَتَكُون من الْمعدَبينَ 4. أى فتكون بسبب ذلك بى الوحدانية ليقتدى به غيره» وليعلم كل إنسان أن العذاب لاحق بمن يعبد مع الله لله إلها آخر» فقلب العبادة: الوحدانية» ولب الإعمان ألا يكون مع الله إله آخر. بعد ذلك أمر م سبحانه > وتعالى أمرين متعلقين بالدعوة ' » فقال: 8ه سس لس اس الس إن صر قل إني لويذ من ونم العشير القرابة القريبة» والأقربين جمع أقربء. وهو الأشد قرابة» وقد جاء فى مفردات الراغب ما نصه: والعشير أهل الرجل الذين يتكثر بهم » أى يصيرون له بمنزلة العدد الكامل» وذلك أن العشرة هى العدد الكامل» والمعنى أن العشير الأقارب الذين يعتز بهمء ويحس بأنه منهم» وأنهم منه. أنه كَكِةِ قد جاء فى كتب السيرة وكتب السئة أنه عندما نزلت هذه الآية داعية إنذار عشيرته صار النبى يَكلهِ إلى الصفا ء ودعا قريشاء ومنهم من حضر بشخصه. ومن لم يحضر بشخصه وبعث من يسمع عنه وقال لهم : ١‏ يا بنى عبد المطلب» » يا بئى فهرء يا بنى لؤى : أرأيتم لو أخبرتكم بأن عيرا بسفح هذا ابل تريد أن تغير عليكم صدقتمونى؟ قالوا: نعمء قال: فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد. دعاهم عليه السلام هذه الدعوة» وهى أولى الدعوات» وكانت الدعوات قبل ذلك دعوات خاصة للزوجة والأهل والأصدقاء.ء فهذه أول دعوة عامة » أو شبه عامة وعمومها جزئى على أى حال. هذه دعوة من لم يكن مؤمناء وقد أرشده سبحانه إلى الرفق بالمؤمنين» لأنهم قوام ألدعوة» وعماد الحق» وقد تعرضوا للأذى باتباع النبى كَكِْهِ فقال له 111]! !ةنا ةلتاقلا تالالا الالالال لالخلا النان لكام طامنا ناتللا نانانا الالال الاناناننا لال سالللا اللا الام اناطخ طاقتلال سي مسمس اس اس اس لتعينهم على الإيمان ويروا الرحمة بجوار الأذى والعذاب 8 واخفض جناحك لمن الْبَعكَ من المؤمدين © من :هنا بيانية» والمعنى اخفض جناحك لمن اتبعك» وهم المؤمنون 2 وخفض الجناح فيه استعارة فيها تشبيه 2 فشبه الحانى العطوف على من ويستغنوا عن كلاءته» وحمايته . هذا شأن من أطاعه من عشيرته ومن معه من المؤمنين» وقال فيمن عصاه: إن عصولة قل إني بريه يما تعملون 699 4 . ورا فيل إلى أن تكون على المؤمنين فقطء أنه أقرب مذكور 2 ا منهم » فإنك تخفض الجناح لتربيتهم وتهذييهم » وإيقائهم على الحق لا يخرجون عنه )2 فإن خرجوا فتبرأ منهم » وقل «(إني بريء مما تعملون 2 ويكون فيه عصيان لى .2 ولا يعتمد عليهم فى هذا العصيان » والاعتماد كله يكون على الله» ولذا قال من بعد. 6 0م 3 2 8086 ممم ام لي ف مو فإ وتوكل على العزيز الرحيم 6725 الذي يراك حين تقوم (612 وتقلبك في الساجدين 09 إِنّهُ هو السّميع الْعلِيم 692 4 التوكل هو تفويض الأمر لله تعالى بعد أخذ الأسباب» فلا يظن أن الأسباب وحدها كافية » بل إنه لابد من الاعتماد على الله تعالى بعد الأخذ فى الأسباب» والعناية بها » والتوكل هو على الله العزيز القوى الذى لا يغلب» الرحيم بعباده فى شدتهم والذى يجيب مطالبهم العادلة بفضل رحمته سبحانه» وقد وصف الله تعالى بشلاث صفات» تبين أن الاعتماد عليه هو اعتماد على المحيط بكل شىء علما »2 فوصفه بثلاث صفات تفيد كمال العلم والعزة » وكمال السلطان والقهر. الصفة الأولى: أشار سبحانه وتعالى بقوله: 8 الذي يراك حين تقوم © من منامك متجها إلى الله تعبده» وإلى الناس تنفعهم وإلى نفسك تهذبهاء وإلى صلاتك تقيمها. (اتفسير سورة الشعراء م الملل 0 0-7 114 والصفة الثانية - أنه يعلم تقلب النبى يكل » ولذا قال: « وتقلبك في الساجدين © أى خرورك ساجدا لرب العالمين متقلبا من القيام إلى السجودء أى أنه يعلم أحوالك فى صلاتك » فهو سبحانه وتعالى يعلمك فى كل أحوالك » من وقت قيامك إلى سجودك فى صلاتك . . الثالثة- طإِنّهِ هو السّميع الْعَلِيمَ 4 أى الذى يعلم كل شيء منك علم من قد أحاط بكل شيء علما. نيذات الشياطين قال تعالى: 10 ينك عل من يمد ث0 حهم 2 2 وله يمور 0 كارك 7 ا ون 0 زر 0 د َايِفْعَلُوَ 2 06 اسك لذي ظَلمر) 7 70 20008 2 ادعى المشركون أن القرآن الكريم تنزلت به الشياطين» كما يزعمون أنها تتنزل على الكهان وأشباههم ٠‏ فنفى الله تعالى ذلك » وأخذ يبين صفات من تنزل عليهم الشياطين » وذكر أصنافا من هؤلاء الذين تنزل عليهم الشياطين فقال سبحانه وتعالى : «إهل أَنْبَئكُم علَى من تََزّلُ الشيَاطين 4 الاستفهام للتنيه » والتنبىء الإخبار بما له شأن » وللنفس به اهتمام ؛ والتنزل التزول » ولا يقال عن الله تعالى ؛ وإنما يقال عن الملائكة فيقال تنزل كما قال تعالى: «( تَتَرّل الملائكة والروح فيهًا يإذن ربْهِم من كل أَمْر 0 ملام هي حت مَطْلّع الفَجْرٍ (2) 4 [القدر] وهو اا تفسير سورة الشعراء ا 7 ااا ١١‏ يي ما ييث فى النفوس من البشرى والاطمكئان » والشياطين لا يقال فى المفترى أو الآثم إلا التنزل» وقد جاء فى المفردات للراغب الأصفهانى «لا يقال فى المفترى والكذب وما كان من الشيطان إلا التنزل وعلى من تنزل الشياطين إلى آآخر الآية والتنزل من الشياطين » هو ما يوسوسون به » ويوجهونها نحو الشر والوثم المبين » ويلاحظ أن تنزل محذوفة التاء » وأصلها تتنزل. م ع ثم قال تعالى: ا تَرَلَ علَئ كل اك أَنِيمٍ 4 الأفاك هو المفترى الكاذب الذى يصرف عن الحق» ويضل النفس ويذهب بالاطمتنان» والأثيم الذى تمرست نفسه بالإثم » وصار عنده استعداد للاستماع إلى الإفك الصارف والكذب البين. والوصف الثانى لمن تنزل عليهم الشياطين هو ما بينه سبحانه بقوله :ل يلقون السمع وأكترهم كاذبون 4 . يقال ألقى السمع إليه أصغى إليه وجعل سمعه كله إليه لا يسمع سواه والضمير فى 8 يِلْقُونَ 4 يعود إلى كل أفاك أثيم » أى من صفة هؤلاء أنهم يصغون إليه» ويضعون سمعهم يلقونه إليه» وأكثرهم كاذبون» أى من صفات الكثرة الكائرة منهم الكذب » فهم يستملون الشياطين ويروجونه بين الناس مبالغين فى كذبهم. وإن من هؤلاء : الشعراء الذين يقولون الكذب ويفترونه » ويتخيلونه » وليسوا كلهم بدليل هذا الاستئناء الذى سيجىء »ومن الشعراء الذين استثنوا فى الجاهلية زهير بن أبى سلمي» وفى الإسلام حسان بن ثابت الذى كان يدعوه النبى للرد على المشركين » ووصفه النبى يَلِْةٌ بأن روح القدس يؤيده. قال تعالى : ظ الشعراء يتبِعهم الْعَاوُونَ 4 . الغاوون جمع غاو وهو الصالح ٠‏ وأولئك الذين يهيمون فى ذكر النساء » وتصور وقائع كاذبة قد تنزل بها الشياطين عليهم حتى كانوا يقولون لكل شاعر شيطان » وقد أيد الله تعالى تنزل الشياطين عليهم بقوله تعالى: مالل 2 #/اتفسير سورة الشعراء 6 « ألم تر أَنْهم في كل واد يهيمون 2 وأَنَّهُم يقُولُون ما لا يفَعَلُونَ 69 > . الاستفهام هنا لإنكار الوقوع فنفى النفى إثبات» والمعنى قد رأيتهم فى كل واد من أودية القول يهيمون» أى يقولون » فقالوا ذ فى الغزل» والتشبب بالنساء وذكرهن وما يخفى من أجسامهن . وما يكون بينها وبين الرجل ما يجب ستره» والكلام فيه موقوف فيقول» كما ترى فى معلقة امرئ القيس» وكما ترى فى قصائد الفرزدق الذى كان يحاكى منهاجه » ويتفحش فى القول» ولقد كانوا يتخيلون المأثم» ولا يفعلونها » كما كنت ترى من بعد فى شعر عمر بن أبى ربيعة من غزل » وهكذا. وإن ذلك كله من تنزل الشيطان على الشعراء . هذا الشعر كابن عباس فيما يروى عنه رضى الله عنهما ‏ فإنما كان ذلك لكى تستمر رواية شعر العرب . وإن الشعر العربى فيه خير كثيرء وفيه شر كبير » فلا يذم كله » ولا يمدح كله » وإنه ككل كلام عربى جيد فى مبناه بليغ فى ذاته يحمد لسنه » ويذم واسده فى المعنى . ويللاحظ أن ذكر الشعر بأنه تنزل به الشياطين لإبعاده عن القرآن » فالقرآن وحى الله تعالى الذى نزل به الروح الأمين على قلب محمد يَكلَهِ بلسان عربى وقد استثنى اماد سبحانه وتعالى من الشعراء الذين يتبعهم الغاوون الذين عامنوا» أو استثنى الذين آمنوا من الغاوين الضالين الذين يتبعون الشعراء فقال عز من قائل: (إإلاً الذين آمنوا وَعَمِنُوا الصّالحَات وَذكروا الله كديرا وانتصروا من بَعْد ما ظُلمُوا وسعلم لذبن طلموا أ سلب يطو © ». الشعراء يتبعهم الضالون؛ لأنهم فى كل واد يهيمون » ويقولون ما لا يفعلون الئل م فيستثنى من هؤلاء الشعراء الذين آمنوا وعملوا الصالحات » وامتلأت قلوبهم بذكر الله» وذكروا الله كثيرا » كعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت » وكعب بن زهير» وأولئك اتتصروا للحق وناصروه » وكانوا يدفعون الهجاء عن النبي كلل ومنهم من قاد الجيوش » واستشهد أمام الروم فى غزوة مؤتة » وهو عبد الله بن رواحة. ويصح أن يكون الاستثئناء منقطعا » ومستثنى من الضالين » ويكون معنى (إلا) لكن» والمعنى : والشعراء يتبعهم الغاوون إلى آخره » لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا بأن امتلأت قلوبهم بذكره » وانتصروا أى انتتصفوا من المشركين من بعد ظلموا فإنهم يتبعون الحق ويتبعهم أهل الحق . وقوله تعالى «إمن بَعْد ما ظَلموا 659 4 ؛ (ما) مصدر حرفى أى من بعد ظلمهم » وإرهاقهم فى أمرهم » وكل هذا كان بيانا لنصرة الله تعالى من بعد الأذى فى مكة» وإشارة إلى وعد الله تعالى بالنصر المبين » وانتصر معناها انتتصف بئيله النصرء يعد جهاد فى سبيل الله تعالى . وقوله تعالى : « وَسبَعلم الّذينَ ظَلَمُوا أي مِنَقلّب ينقَلبونَ © . السين هنا لتأكيد الفعل فى المستقبل » والعلم الذى سيعلمونه هو علم المعاينة » إذ سيرون العذاب » وسيحسونه نازلا بهم » إذ يكونون فى جهنم» وبئس المهاد » والتعبير بالموصول لبيان أن الصلة هى سبب ما ينزل بهم من عذاب شديد» لا يعرفونه الآن » وسيعرفونه من بعد » وقد ظلموا أولا بالشرك » وثانيا بتكذيب الرسل » وثالثا بإنكارهم للقرآن » ورميهم له بأنه تنزل به الشياطين » وأنه كأقوال الكهان ؛ وغير ذلك مما ظلمت به العقيدة » والحقائق » وقد أضافوا إلى ذلك ظلم العباد » والصد عن سبيل الله تعالى » والمنقلب هو انقلابهم من الطغيان إلى المهانة» ومن رغد العيش إلى شدته » وقد أبهم هذا المنقلب» تأكيدا للتهديد » والإنذار الشديد . هذه سورة مكية نزلت بمكة. وسميت النمل؛ لأن قصة سليمان مع النمل أخذت حيزا كبيرا منهاء وعدد آياتها 47 آيه. وقد ابتدأ سبحانه بحروف مفردة هى الطاء والسين» وقد ذكرنا حكمة ذكرها فى سورة الشعراء وما سبقهاء وقد كانت أول آية تتعلق بالقرآن» كشأن الأكثر فى السور المبتدأة بحروف مفردة» تلك آيات القرآن الكريم» وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة» ويؤتون الزكاة» وهم بالآخرة هم يوقنون. ثم بين سبحانه أحوال الذين لا يؤمنون بالآخرة» وأنه تزين لهم أعمالهم» وأنهم فى أعمالهم يعمهون » وأنهم هم الذين لهم سوء الغذاب» وأنهم فى الأخرة هم اللسروة. وقد ذكر سبحانه بعد ذلك جزءا من قصة موسى فى مدين: إذ ذهب يبحث لأهله عن نارء إن آنَسْت نَارًا سآتيكم مَنْها بِحَبْرأُوآتيكُم بشهاب قَبَس لَعَلّكُم تَصطَُودَ 00 4» وكان أن كلمه ربه» فََمّا جَاءهَا نودي أن بورك من في ار ومن حولهًا وسبْحَانَ الله رب الْعالمين )يا موسئ نه أنَا ال لعي الحكيم (5) وال عصالد قلَما را تهُمَرٌ كَأَنّهَا جَان وَلَى مدبرا ولم يُعَقَبٍ يا مُومئ لا تَحَف إِنَّي لا يَخَاف لَديَ مسو 9 إلأ من هم بحسن ند وم قإني وحم 9 وذح يفي سال ول .سم ما م مامه م هوك م جيك تَخرَجَ بَيِضَاءَ من غَيْرٍ سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إِنّهُم كانوا وما فاسقين )| تفسيرسورة النمل ملل > د 0 فَلَمّا جاءتهم آيَاننَا مُبْصرة قَانُوا هَذَا سحر مبين 09 4 وإنهم راعتهم المعجزة. ته > اس ساس سم سم اس وَجَحَدُوا بها وَاسَيقَْها أَنفْسُهم ظُلَما وعلوا انظ كيف كَانَ عاقبَُ المفسدين 669 . وسليمان» وخصوصا سليمان فإنهما نبيان من أنبياء بنى إسرائيل جاءا لإحياء شريعة التوراة فيمن جاء لذلك من الرسل . ولقد قال تعالى فى ذلك «إ ولقد آتينا داود وَسَلَيْمَانَ علّما وقَالا الحمد لله الذي فَصَلنَا علَى كُغير مَنْ عباده الْمؤمنينَ 9 وورث سَلَيْمَانَ داود وقَال يا أيها الثاس علّمنا منطق الطيْرٍ وأوتينًا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين 09 4 . وقد أوتى سليمان ملكا لم يكن لأحد من بعذه 2 وحشر لسَلَيمَانَ جنوده من الجن والإنس وَالطَيّرٍ فَهِم يوزّعون 69 © كما أوتى علم منطق الطيرء فقد أوتى أيضا علم منطق كل شىء طحَئ ذا را علَى واد َمل قلت نميا يها اّمل الوا مَسَاكتَكُم لا يَحْطمكُمْ ليما وَجَنُودهُ وَهُم لا يشعرٌونَ 6 فََبْسم ضاحكا من قَولهها وقَالَ رب أوزعني أن أشكر ذ نعمتك التي أ أنعمت علي وعلى والدي وأن أء عَمَل صالحا ضوخي مَك في بادك الصَالحينَ 69 وتَقق لطي الما بي لا أرى اله م كَانَ من الْعائبينَ 60 لأعايئه عَذَابًا شديدا أو لأذْبَحَه أو يي بسلْطَان مبين 9 © ولكنه بعد ذلك أنى بخبر غريب كان له ما يفيد فى سياسة سليمان ١‏ فَمَكْتْ غَيْر يد فقا أخطت بم َم نحط به وك من سا يق 0 إنِي وبجدت اهرأة تملكهم وأوتيت تيت من كل شيء ولّها عرش عظيم 09 وَجَدتُهًا وقَومَها يَسْجَدُونَ للشّمْس من دون الله ورين لَّهُم الشَيطَان أَعمَالهُم قَصدَهُم عن السُبيل فَهِم لا يهعَدونَ 29 © ألا يسَجدوا لله الذي يُخْرجُ الْحَباءٌ في السّموَات وَالأرْض وَيَعلَم ما تُحْقُونَ وما تفن © الله ل له إلا هر رب الْعَرْشٍ العظيم 69 4 . 18# تفسيرسورة النمل الللللللائ الل ل ش ألما ىب | أخذ يتفحصه قائلا: سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين» وكلفه أن يذهب بكتابه إليهم . ذهب الكتاب إليهاء فجمعت ملأها قَالَت يا أَيها الْمَلُ ني ألقي إِلَي كاب مام كريم 69 إِنْه من سليمان وإِنّه بسم الله الرحمن الرحيم 62 ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين 690 4 . م تك مهم 2 تحن أُوَلُوا ا ا فَانظرِي مَاذَا رن 5 4 فردت قائلة : « قَالت إِنّ الملوك إذا دَحَلُوا قَرَيَة أَفْسَدُوهًا وَجَعلُوا أعرّة أهلها أذلة وكدلك . يعون © وني مرسلة إلهم بهد قناطرة بم بجع اسلو 9 4 . جاء الرد والهدية إلى سليمان الملك العظيم قال: لإأَتْمدُوتن بمَال قَمَا آثَاني اسه نا رع ماود و9 4. وقبل أن يذهب إليهم بجنده أراد أن يعرف عرشها وسلطائهاء َال عفريت من الجن أنَا آتيك به قَبل أن ة تقوم من مُقَامك وإِني عَلَيِه لَقَوِي أمين 9© 6 قَال الذي عنده علْم من اكاب أن آناك به قبل أن َه رفك فَما ممق عند قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فَإِنّمَا َشكْر لنفسه ومن كَفَر قن وبي عي كرِم 462 . جاءت الملكة إليه: قال تكروا لَهَا عرَشَها ننظر أَنهمّدي أَم تكون من الّذينَ لا يهتدون 60 فلما جاءت قيل أهكدا عرشك قَالت كَأَنهِ هو وأوتين العم من يلها وك مسلمين 69 وَصدَهَا ما كَانَت تَعبَدُ من ذون اللّهإِّهَا كانت من قَوْم كَافرينَ 60 قيل لا ل ل تفسير شيور: هًّ النمل اممام مل أب ا ادخُلي الصّرح فَلَمَا أنه حسبته لَجَة وكش كَشَفَتَ عن سَاقَيهًا قَال إِنهِ صرح ممَرَّد من قوارير َل رب إتي لضت تفي وأسلستمَع سماد لله وب الْملمِينَ 9 4. وبعد ذلك ذكر سبحانه بعضا من قصة ثمود وصالح» ودعاهم إلى عبادة الله تعالى وحدهء ولقد استعجلوا العذاب إذ دعاهم فقال لهم يا قوم لم تستعجلون بالسّيّمَة قَبْلَ الْحَسَنة لَوْلا تَسْتَغْفْرُونَ الله َلَكُم فرَحَمَونَ 463 وقد تقاسموا مع المفسدين على أن يهلكوه وأهله. ويقولوا لوليه طم شهدا مهلك أهل ونا تصادقون 9 ومَكَرُوا مكْرا ومكرنًا مكرا وهم لا يشعرون 9 6 . وقد ذكر سبحانه عاقبة الأمر على ثمود قوم صالح . ثم ذكر سبحانه قصة لوطء وذكر لهم لوط ما عندهم من فواحش خرجواأ بها عن الفطرة» قائلا لهم: أَنتكُم لَتَأنُونَ الرّجَالَ شهوة من دون النساء بل أنثم قوم تجهلرن 9© 4 . فم حَادَ جَوَابَ قوْمه إلا أن الوا أخرجوا آل أو مَن فيكم نهم أناس رو 5 فاق وإ مرق ناهبن ارين ات ولا مهم د ول ا له سام عن اده لذن مش ل يل ارتم “بعد ذلك بين الله سبحانه وتعالى الدلائل الكونية الدالة على وحدانية الخالق» وأنه ليس كمثله شىء» فقال سبحان: لإأَمّنَ حَلَقَ السّموات والأرض وأنزل كم من السّماء ماء فََنْتَنَا به حدائق قَّ ذَات بَهْجَة ما كَانَ لَك أن تنبتوا شجرَهًا .. 40 . ثم بعد أن بين هذه الحقيقة سألهم مستنكرا فعلهم ظ .. أله مع الله بل هم قوم يَعْدلُونَ © »> . ثم نبههم سبحانه إلى الأرض» وما فى خلقها من عجائب » ووجه الأنظار مي 1# تفسيرسورة النمل لحر ناه إلى عجائبهاء وقرارها وأنهارها وجبالهاء وأنه جعل بين البحرين حاجزاء ثم استفهم منكرا موبخا أإله مع الله بل أكثرهم هم لا يعلمون. وذكر بعد ذلك تفضله سبحانه عليهم بإجابة المضطر إذا دعاه وكشفه السوءء وجعل الإنسان خليفة فى الأرض؛ ويسأل سبحانه مستنكرا حالهم من الشرك ل أَإله مع اللّه ليلا ما تَذَكرُودَ © 4 ويذكرهم سبحانه بهدايته لهم فى ظلمات البر والبحر وإرساله الرياح مبشرات بين يدى رحمته» ويسألهم من بعد أله مّع الله تَعالَى الله عَما يشرِكُونَ 09 4 . ويذكر سبحانه بذاته العلية» إذ يبدأ الخلق ثم يعيده» ويرزقه سبحانه وتعالى من السماء والأرض» ثم يسألهم مستنكرا حالهم لا أَِلَّهُ مع الله قل هاثوا برهائكُم إن كسم صادقينَ 6 4 . ويأمر نبيه الكريم بأن ينبههم إلى أنه لا يعلم من فى السماء والأرض غيرهء وشعورهم عندما يبعثون وإنهم يتداركون جهلهم عندما يبعثون» ويعلمون ما لم يكونوا علموه من قبل بالعيان» لا بالأفهام. ويأمرهم سبحانه وتعالى أن يسيروا ' فى الأرض ليعلموا مكانهم فيهاء والعبر من أهلهاء إذ طغوا وأكثروا فيها الفساد. ويذكر لنبيه أنه ليس عليه إيمانهم» إنما عليه تبليغهم : «ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مم مكرود 69 6 وذكر سبحانه بعد ذلك » استعجالهم لما يوعدون به من عذاب «( ويقولُون مت هذا الوَعد إن كنم صّادقينَ 69 قل عَسَئ أن يَكُونَ رَدفَ كم بعض الذي تَسَْعْجِلُود 9© وإ نلك لذو فضل عَلَى الئاس ولكن أَكْتَرَهُم ا يشكرون 469 ويذكر سبحانه بعد ذلك عموم علمه فى السماء والأرض» ويقول عز من قائل : ف وما من غَائبَة في السَماء وَالأرض إل في كتَاب ميين 69 4 . . 2 جام اوه و دده هي لس اس 2 م ويذكر من بعد مقام القرآن الكريم؛ «9إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل تفسيرسورة النمل ان 67١‏ > ند عت لذي هم فيه يَخْتَلفُودَ 29 ونه لَُدى ورَحْمَة لومي 9© إنا وك يَقضِي بينهم بحكْمه وهر ايز اليم 052 © وما عليك من حسابهم من شىء لفمَوكل على الله إنْكَ عَلَى الْحَقّ المبين 69 إِنّك لا تسمع الموتى ولا مع الم العاء ذا ونوا مدبرين © وما أنت بهَادي الْعُْمِي عَن صَلاَهم إن تُسْمع لمن يُؤْمن بآيّاتنا فَهم مسلمون 9 4 . وبعد ذلك يذكر سبحانه ما يكون قرب البععث» وما يكون بعده: «وإِذا وقَع الْقَولَ عَلَيهم أخرجنًا لهم دابة من الأرض تكلَمَهُم أن الئّاسَ كَانُوا بآياتنا لا يوقنون 69 4 ويبين سبحانه بالإشارة الواضحة حال الناس يوم ا حشر وحالهم وهم يقدمون على العذاب . ثم يذكرهم سبحانه بغفلتهم عن آياته : (١‏ ألم يروا أنا جعلنا الأيل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 55 © . والعقاب: سن جه لضفا ير هو رع نوهو« و ا بالسيئة فكُبْت وجوههُم في الَارِ هَل تَجْرَون إلا ما كنم تَعملُون 69 4# وإن عبادة الله وحده هى الغاية الأولى: إِنَمَا أمرت أَن أعبد رب هذه ابْدة الذي حَرمها وهل شيم وأمرت أن أكون من اْمَسلمِينَ 0 ون أت القرآن فم اهتدئ نما دي لنْسه ومن صل فل إن أن م امن 0 ول الْحمد لله سبريكم 1 آياته َعْرفُوتها وَمَا ربك بعَافل عَم تَْملُونَ 69 4 . ا تفسيرسورة النمل لل ااال 5 بلجي ا قرب 2 ذكر معانى السورة قال الله تعالى : طس يلك ءا" َس نوسكتَابٍ مين لي ىوها 0 مودي مم لمَؤْمنِينَ 210 ينيقِيمونَ الصَلوة ويؤنُون زكرو وشم يم بالاخرة هم نوقَُونَ ينلد عمسن بالْرَوَوَين َم 5 م مىرم يعم يَعَمَهُونَ لي كلد و- سَوء الْعَدَّان 2س سود هه ري و إِنك لشلقىالْمَرَء امن 30 - 57 عدو ب اتام لخسرون ( 0 سكعيو د ابتدأت السورة بالحروف الهجائية المفردة» ولا يعرف لها معنى معين ولكن لوجودها حكمة يقررها المدركون؛ وقد أشرنا إلى أن منها الإعجاز ليشير لهم بأن القرآن مكون من الحروف التى يتكون منها كلامكم فى شعركم وخطبكم وخطاباتكم؛ ومع ذلك كان معجزا يتحداكم ذلك التحدى الشامل» وتقفون وتسكتون ومنها أنهم قد تفاهموا على ألا يستمعوا لهذا القرآن» وأن يلغوا فيه فإذا ابتدئ بترتيل هذه الحروف الصوتية أصغوا إليه غير مختارين» ثم يهجم عليهم القرآن بمعانيه وعباراته» وما فيها من بلاغة وفصاحة تحير عقولهم» وفوق ذلك فإن النبى كان أميا لا يقرأ ولا يكتب» فكيف ينطق بهذه البلاغة التى لا ينطق بها إلا كاتب قارئ. تلك آيات القرآن ركتاب مين 0 4 . الإشارة إلى ما جاء فى السورة من آيات متلوة» وفى ذلك بيان أن هذه الحروف يحتمل أن تكون اسما للسورة» وقد ذكر للقرآن وصفان: ا تفسير سورة النمل الل أب اد أحدهما أنه كتاب مقروء متلوء يتلى» وتلاوته عبادة» وقد علمنا سبحانه وتعالى كيف نتلوه» وعلم نبينا تلاوته ليعلمها للناس أجمعين» فهو متواتر بلفظه» ومتواتر بتلاوته» كما قال تعالى « وَرتلَاهُ ترتيلاوه) » [الفرقان]» وكما قال تعالى : «( ورت القرآن د ترتيلا© 4 المزمل]» وكما قال تعالى: إن عَلَيَا جمعه وقُراته 69 4 [القيامة] . والوصف الثانى أنه كتاب مبين أى بين فى ذاته» ومبين لكل ما اشتمل عليه من دلائل التوحيد» ودلائل النبوة ة وأحكام شرعية» وهداية اللناسء كما قال تعالى : (<|أَيْهَا اناس قَد جَاءَنكُم موه من ربكم وَسْفَاء لما في الصدورٍ وهدى ورحمة لْمَؤّمنِينَ 69 © [يونس]. وقد ذكر سبحانه وصفا ثالثا ورابعاء فقال تعالى: إهدى وبشرى 24 أى أنه هو ذاته يهدى فهو بإعجازه وبلاغته وعباراته المحكمة» يهدى النفوس الطالبة للحق المهتدية التى تتجه إلى الحق» كما تتجه إبرة البوصلة إلى قطبهاء فهو فى ذاته هداية» وهو أيضا مشتمل على الهداية» ففيه دعائم التوحيد» وصور الكون الهادية» وآيات الله البينات فى الأحكام الشرعية؛» والمواعظ والعبرء وقصص الماضين من الأنبياء» وإن فى قصصهم لعبرة ة لأولى الأبصار. والقرآن نور لا يرى نوره إلا المبصرء وغذاء للأرواح» ولكن لا يتغذى به إلا الأصحاء» وشفاء» ولكن لا يشفى به إلا من كان قابلا للشفاءء ولذا قال فيمن ينتفعون ببشراه؛ وهى الوصف الثانى الذى معناه أنه يبشر المؤمئين بالجنة والنعيم فقال: للمؤمنين. وقد قال -عز من قائل- من بعد ذلك فى التعريف بالمؤمنين. ل الْذين يقيمُونَ الصلاة ويوُونَ الرَكاةَ وهم بالآخرة هم يوقنون 9 4 . ذكر للمؤمنين أمورا ثلاثة هى: ش الصفة الأولى: أنلهم يقيمون الصلاة» أى يؤدونهاء مستوفية أركانها الحسية والروحية» والمصلى يستشعر عظمة الله له تعالى وجلاله, ويحس ن أنه فى حضرة اللّه 6 08# تفسيرسورة النمل اللي ل ل ل ل 1 1[ 1 1 ذ 22200111 | لاا ١‏ يي لا عوج فيه» ولا اضطراب» بل يتجه إلى أعلى اتجاها مستقيماء وفى ذكر إقامة الصلاة إشارة إلى المعانى الروحية فى العبادات الإسلامية من صلاة وصوم وحجء فهو ابتداء تطهير للنفوس من أدرانهاء وإقامة للعلاقات الإنسانية على هذه الطهارة من أدران الأحقاد والاضغان. والصفة الثانية: أنهم يؤتون الزكاة» وهى الفريضة المادية الروحية» والتى يقوم عليها التعاون الاجتماعى , بين الغنى والفقير» ولذا سميت الزكاة بالماعون» أى ما يكون به العون؛ كما قال تعالى فى وصف الضالين: « فول للمصلَينَ ص الذين هم عن صلاتهم سَاهُونَ 29 الْذِينَ هم يُرَاءُودَ 0ك ويَمْتَمود الْمَامُودَ © »4 [الماعون]ء والماعون هو الزكاة التى هى أساس للتعاون الإنسانى. والصفة الثالثة : : وهى الأصل للأوليين» وهى اللإيمان باليوم الآخر» فهو لب الدين» وهو توجيه الإنسان إلى حقيقة معناه فقال سبحانه وهم بالآخرة هم يوقنون 4 . بالآخرة - تتعلق بالفعل يوقلون» أى يؤمنون مذعنين غير مترددين؛ لأن العلم اليقينى يدفع الإنسان إلى عمل الخير» ولو كان تناله المشقة منه فى الحياة» فإن ذلك يكون دافعا إلى الاستمرار مؤمنا بأن جزاءه يستقبله ي وكلما زادت المشقة فيه» زاد الأجرء وما عند الله خير وأبقى. ولقوة هذه الخصلة الكريمة للمؤمنين وكونها لب الإيمان أكد الله تعالى إيمان المؤمنين باليوم الآخر بعدة مؤكدات» أولها بتقديم الجار والمجرور»ء وثانيها بالجملة الاسمية» وذكر ضمير الفصل مرتين فى صدر الجحملة. وآخرها. وقد ذكر سبحانه بعد ذلك حال الذين لا يؤمئون بالآخرة» فقال سبحانه وتعالت كلماته: « إن الذين لا يؤمنون بالآخرة رين لهم أَعمَالَهم فم يَعْمَهُونَ © أُرليك الذين لهم سوء الْعَدَاب وهم في الآخرة هم الأَخْسَرُونَ © 4 . أكد سبحانه أن الذين لا يؤمنون بالآخرة لهم فى الدنيا أمران أحدهما سبب للآخرء ولهم فى الآخرة سوء العذاب» وهم فى الآخرة هم الأخسرون. 1# تفسير سورة النمل 4 > أ ولنتكلم مستشرفين لمعانى القرآن الكريم فى الأمرين فى الدنيا والآخرة» وقبل أن نخوض فيها خوضا نقرر أنه كما أن اليقين باليوم الآخر خلة المؤمن الدافعة إلى الخير» والتى تجعله يتحمل متاعب هذه الحياة راجيا ما وراءها فإن فقد الإيمان باليوم الآخر ينسى الإنسان نفسه فيعتقد أن هذه الحياة هى وحدها الحياة» ولا حياة بعدهاء ويحسب أنه خلق عيثاء ولذا قال سبحانه: 8 زَينًا لهم أَعمَالهِم 4, أى حَمّن الله لهم أعمالهم» فحسبوها وحدها الخير» ولا يحسبون أن أعمالهم كلها زينة وأمر حسنء» فهم دائما ممن زين لهم أعمالهم فرأوه حسناء فكل أعمالهم لا ينظرون إليها إلا من وراء نفوسهم غير المستقيمة» ولا يعترفون بإرشاد مرشدء ولا هداية هاد؛ واعظ أو زاجر» فهم فى لهو دائم عن الحق» وإن من كانت حاله كذلك» قد ضرب على آذانه» فلا يسمع الحق. ولا يهتدى بهديه» قد أهمل عقله وتفكيره» وما أعطاه الله تعالى من مواهب» وفطرة مستقيمة» ولذا قال تعالى: هم يَعمَهُونَ» الفاء لبيان أن ما بعدها مترتب على ما قبلهاء أى ترتب على هذا التزيين لكل الأعمال التى يعملون» ويحسبونها زينة يترتب على ذلك أنهم يعمهون. والعمه: التردد والحيرة» أى ترتب على أن أعمالهم زينتها لهم نفوسهم» أن صاروا فى حيرتهم لفطرتهم السليمة التى تريهم الحق حقاء والباطل باطلاء وتزين نفوسهم للباطل حقاء وللحق باطلاء فتكون الحيرة بين الفطرة الهادية والشر المتحكمء والضلال المظلم . ظ وقد أكد الله سبحانه وتعالى هذه الحال بمؤكدات: أولها بإن المؤكدة» وبإضافة التزيين إليه سبحانه» وأن ما يريده الله لا يتخلف, ولا يمكن أن يتخلف» ولكن التزيين ابتدأ من أنفسهم» وتمكن الشيطان منهم وإغوائهم» وقد ذكر سبحانه بعد وصف حالهم فى الدثياء وهو أن الدنيا تكون لهم مضطربا فسيحاء فإن من الحيرة والاضطراب حالهم فى الآخرة» فذكر أمرين أولهما سوء العذاب» وثانيهما أنهم وحدهم الأخسرونء» فقال: « أولتك الذين لهم سوء .م 8# تفسير سورة النمل للم 27 لح ا الْعذّاب 4 الإشارة إلى المتصفين بعدم الإيمان باليوم الآخرء وتزيين العمل السيئء لهم» فحسبوه حسناء وما هو بحسن» وهذه الأحوال هى سبب العذاب لأن ذكر الإشارة إلى الصفات يومئ إلى أن هذه الصفات هى سبب الحكم» وسوء العذاب هو العذاب الذى يسوء النفوس» ويشوى الوجوه» وهو النار الدائمة» والعذاب المقيم الدائم ما شاء الله تعالى أن تدوم. نخالدين فيها أبدا. وقال الله تعالى فى بيان حالهم: فإ وهم في الآخرة هم الأَخْسَرُون 4 الأخسرون جمع أخسرء وهو أفعل تفضيل على غير بابه» أى هم الذين خسروا خسارة ليس فوقها خسارة أبداء وفيه تأكيد للقول الكريم» وقد أكد ثانيا ب (هم) التى تكررت» وأكد ثالثا بالقصر لتعريف الطرفين» أى هم وحدهم الأخسرون» ولا يخسر أحد سواهم. بعد ذلك بين الله تعالى معدن الهداية» وهو القرآن الكريم فقال: وتلقى معناها يلقى إليك بقوة فتلقاه راضيا بقوة متحملا ما يوجبه تحمله وتلقيه من صبر دائم» وجهاد مستمر ومصابرة لأعدائه» وتلقيه هو من عند الله تعالى الحكيم الذى يعطى كلاما هو صالح.» وهو عليم بالنفوس يطب لأدرانها بما يزيل أسقامها. ْ وهو وصف للقرآن الكريم بأحكم الصفات وأعمقها فى معناها. فهو أولا من عند الله ولا يجىء من عند الله إلا ما هو خير» وقد شرفه الله تعالى بذلك الذى لا يقدر قدره» وهو الحكيم الذى يشرع للناس ما يصلحهم فى معادهم ومعاشهم؛ وما يجمع ويصلح. ولا يفرق ويشتت» وهو العليم بكل شىء» قد أحاط بكل شىء علما. وقد أكد الله تعالى القول» بخطاب النبى» وحمله عبء القرآن الكريم . ل تفسير سورة النمل للك م 1 7 ان إشارة إلى بعض قصة موسى عليه السلام قال تعالى: 2-0 م اهم 00 لم إذكَالَمُوسىلِامو فاضت اراسَاتيكرٌ مس لي ل عر ل سر ساس دعر 2000 ٍ 1 4 5 -< ٍ_ > آ# هه 017 متها ضير اوءاتر بشهاب فلمل تصطلورج لَيا فلن لس وح سس سرش ور ص ا أذ عر له روغو تر | جَاءَها نودى أن يورك من ف النَارومنْحولها وسبحلناللورب ورء ع عر سر سوا م مو 6د مومهم رمه > اس - اْصَيَ () وسو نه أن لعزي شك لي والقِعصَاةَ ع6 َ كم ع م ٍِ ار اتا ممق لاحن 0 0 رار 0 - ا .ا عاسم إِؤَلَابحَاف لَدَىَالْمرَسلُون (يي) امن ظامث يدل حسنابعد م > غم يح لسك ل سرع اس يرح سح سر ل مو وإِفْعَفُوريحم ليا وأ يدك في بيك مخرح يضاء د« عوبرحط. ج دح م 227 سك من عيرسووف تسع ءأياي إل فرعون وفوم دنهم دج سرحو لاد وس عم رده درب حجنا توج مين راودا سِحرمُويتٌ (ه) َه 6 اع عرص له سا دساو مساو لوا وم الكءو ور د و رمو اه وَحَسَدُو أيه وَاستَفسَتَه أنفسهم ظَلماوَطوا فأنظ زكيف د سا سل بمالرصم جوم 2 كََعَمِبَةالْمَفْيِدِينَ 9 وه در 2 أ وأقوما فسيقين إذ ظرف دال على الزمان» وهو متعلق بتلقى فى الآية السابقة» أى أنك تتلقى القرآن من حكيم عليم صادق فى الوقت الذى جرت فيه أحداث قصة موسى وفرعون» فهى قصة صادقة من لدن حكيم عليم» هو الله سبحانه الذى أحاط بكل شىء علما. ونجد أن قصة موسى هنا فى جملتها ليست مكررة مع غيرهاء وقد فصلت جزءا لم يفصل فى موضع آخرء فصل فيه بعض حياته مع أهله» وفصل فيه لقاءه و 8# تفسير سورة النمل حب نا بربه» والكلام الذى كان بينهماء وذكر ارتباطه بالرسالة» ودليلها وهو العصا وإخراج اليد من الجيب بيضاء من غير سوءء وكونها فى تسع ءايات قدمها لفرعون برهانا على الرسالة» وإذا كانت بعض الأمور ذكرت مكررة كالعصا؛ فلأن المقام اقتضاهاء وليست ثابتة بالقصد الأول» بل هى جاءت تابعة لإثبات الرسالة لموسى نفسهء لا لإثباتها لغيره» وهو فرعون وقومهء أى لإثبات أن الذى يخاطبه من وراء الشجرة ربه» لا أحد غيره. كان موسى وأهله فى ليلة ليلاء قرور شديد بردهاء يلتمسون ما يستدفئون من نارء فنظر فى الجوء فحسب أنه رأى نارا فقال لأهله: إنى آنست نارا أى رأيت نارا قال وهو يتمناهاء ويرعاهاء كقوله تعالى: طفن انستم منهم رشدا فَادفَُوا إلهِم أمُوالهم 2 4 [النساء]ء ف( سآتيكم مَنهَا حبر أو آتيكم بشهاب قبس » أى إنى ذاهب إليها لعلى آتيكم منها بخبر نستفيد منه علم ما لم نكن نعلم» أو شهاب» والشهاب هو الشعلة المشتعلة من نجم أو نار أو نحوها - وقبس بدل أو عطف بيانء والقبس هو القطعة من جذوة النار» أى آتيكم بقطعة من النار شديدة الاشتعال فنلقيها حول أحطاب نستدفئ منهاء وهذا معنى 9 لَعلّكُم تَصطَلُون 4 أى تستدفنون بهاء فيقال من صلى قلبت التاء طاء؛ لأنها من حروف الإطباق أى رجاء أن تستدفئواء ومؤدى ذلك أنهم كانوا فى برد شديدء وهكذا عاش من تربى فى بيت فرعون فهو يذوق الحر والبرد فى صحراء» فى هذا الوقت» وفى هذه الشديدة» بعث موسى عليه السلام . لإقَلَمّا جاءها نودي أن بورك من في النَارِومَنْ حَولَهًا وَسُبْحَانَ الله رب الْعَالَمين2) © . (مَنَ) هنا للعاقل» فالبركة ليست فى شىء يتعلق بما يلهبهاء إنما البركة والنماء والزيادة فيمن هو ذاهب إلى النارء ويوشك أن يكون فيهاء وهو كليم الله تعالى موسى عليه السلام؛ ولأنها بقعة مباركة فيها الملاتكة» واختار الله تعالى أن يخاطب نبيه الكليم الأمين فيهاء عليه وعلى نبينا أزكى السلام. ا تفسيرسورة النمل ممالل 6 1 > ا ومن حولها من ملائكة أطهارء فهى أرض طاهرة مقدسة منها كانت رسالة موسى» كما كانت رسالة عيسى عليه السلام من ساعير» ورسالة محمد عليه السلام فى فاران. وهى» كما ترى ذلك فى التوراة حتى بعد تحريفها فى هذه الأيام» وهذه البقعة المباركة. كما صرح سبحانه بذلك فى سورة ة القصص «فلما ناه نودي من شاطئ الود امن في البقعة اْمباركة من الشتججرة أن يا موسئ إِي أن له رب الْعَالَمِينَ0) 4 [القصص] . والبركة نماء الخير وزيادته» وجعلت البركة فى النار؛ لآن النار سبب مجىء موسى إليهاء فهو جاء على أنها نار» وليست شجرة مباركة خضراءء» ولذا فسر بعض المفسرين النار بأنها النور» وكذلك كانت تلك الشجرة الخضراء نورا إذ بعث فيها رسول من أولى العزم من الرسل» وهو موسى عليه السلام . وختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بتسبيح الله الواجب على عباده» فقال« وَسبْحَانَ الله رب الْعَالَمِينَ4 أى التسبيح الخالص لله رب العالمين الخالق والمنعم عليهم بربوبيته الكاملة سبحان» ولا يدركها إلا العالمون العقلاء المدركون إن استقامت مداركهم» واتجهوا إلى الحق وحده غير مضطربين» ولا معوجين» وأن فى قوله أن بُورِك من في الَارِ وم حولَها 4 هى تفسير للنداء من الحق جل جلاله» فالنداء هو ذكر الله تعالى لهذه البركة النامية المتجددة فى كل حين. فيا موسئ إنّه أن اللّه العريز الحكيم 0 4 . النداء المتكرر من الله تعالى لكليمه موسى عليه السلام ليؤنسه بذاته العلية» وليشعر بنصرته له أمام من سيرسل إليه» وهو فرعون طاغية الأرض فى عصره. ومن تأله» وملك أخصب أرض الله تعالى» وكان يقول أليس لى ملك مصرء وهذه الأنهار تجرى من حولى . الضمير فى 8 إِنّهُ4 ضمير الشأآن لإأَنا اللّهِ4 تدل على قصر الألوهية على. ذاته العلية» وذلك بتعريف الطرفين» فليس فرعون الذى تذهب إليه إلها أو شبه هاا تفسير سورة النمل 04 اللي لا 2202111 حب أ إلى كما يدعى لنفسه بين المصريين» ويقول مستخفا لهم «إما علمت لكم مَن إل غيرِي20)» [القصص] ووصف ذاته العلية بقوله: العزِيز الحكيم », أى القوى الغالب على كل شىء»؛ الحكيم الذى يدبر الوجود كله على مقتضى علمه الذى أحاط بكل شىء علماء وفى ذلك إشعار بأن فرعون الطاغية لن يرهبه» ولن يفزعهء إذا احتدم الأمر. الشرف» ولذا أمسره بأن يلقى عصاه حجة تدل على أن اللّه تعالى هو الذى يخاطبه» فقال: ط ولق عصاك فَلَما رآها تمر كَأنهَا ان وى مدير اوم يعَقَب يا مُوسئ لا نَخف سم أي و هاما ني لا يَخَاف لَدي الْمرسلُون © 62 4. كان موسى فى حال من يكون فى حيرة من أمرهء يخاطبه الله فالله جل جلاله أزال عنه هذه الفشية» بدليل قاطع يدل على أن الله تعالى يخاطبه» وأنه رسول من عندهء بالعصا - ألقاهاء فتحولت العصا إلى شىء يهتز ويضطرب كآنه حية تسعى» والجمان هنا حية تهتز وتتحرك» فلما رآها كذلك «ولَئ مُدبرا 4» أى سائرا إلى الخلف. وظهره كأنه وجهه ولم يعقبء أى لم يرجعء كالجندى الذى ' يقاتل يرتد إلى الوراء ليحسن الهجوم؛ فيعقب على خصمه يضربه» ولكن رجوع موسى عليه السلام كان رجوع الخنائف الفزع الوجل» »؛ ليس من شأنه أن يقدم بعد إحجامه. بل يحجم لغير غاية» ولذا قال تعالى عالما بخوفه: «لا تخف إِني لا يَخَاف لدي الْمرسلون 4 أمره سبحانه بألا يخاف تأنيا له وتقريباء وبيانا له بأنه كالئه وحاميه» ولا يخاف من الله ناصره» وقال تعالى ما هو بمنزلة السبب للنهى 9 إني لا يخَاف لدي المرسلُون 4 إنى لا يمكن أن يخاف عندى المرسلون؛ لأنى مانع كل شر عنهم» ولا يمكن أن ينالهم عندى إلا الأمان الذى لا يكون بعده أمان» فكيف تخاف وأنت فى حضرة المولى جل جلاله» ثم فوق ذلك أنت مرسل من قبلى للدعوة إلى الهداية» وكيف يخاف مرسل أرسله مع المرسلين. ل | تقفسير سيور 1 ١‏ لنمل الالال مالل ١ كك‎ و7 ولكن موسى عليه السلام كان قد قتل مصريا مناصرة لإسرائيلى » وقال شاعرا بخطه: قال رب بما أَنْمَمْت علي فلن أكُودَ ظهيرا لَلْمُجْرِمِينَ 9 » [القصص] وإن هذه الفعلة هى التى ألجأته إلى مدين» بين الله تعالى أنه غافرهاء ٍإلأ سن مَل سنا بد سُوء في ريحم 409 . الاستثناء هنا استثناء منقطعء فِما كان ثمة فى الآية السابقة رمى بسوء حتى يكون الاستثناء» فيتعين أن يكون منقطعا بمعنى لكن من ظلمء بقتله نفسأا بغير حق» ولكن كانت ظالمة عاتية» ثم تاب عما ارتكب » ولم يكتف بالتوبة المجردة» مكان السوء حسنا فإن الله يغفر له لأنه غفور من شأنه المغفرة الدائمة لمن تاب. رحيم دائم الرحمة بالناس ومن شأن الرحيم أن يتقدم عباده لعباده بفعل الخير رحمة بالناس لكى يسود الخير بينهم . والفاء فى قوله تعالى: فإِنّي غفور» واقعة فى جواب من؛ لأنها شرط أو وذكر سبحانه معجزة أخرى لموسى 1 © وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وَقُومه إِنّهم كانوا قَوما فاسقين 69 4 . هذه آية أخرى ليأنس موسى ربه» وأنه الذى خاطبه» وأنه رسول من رب العالمين إلى الناس » وهى أن يدخل يده فى جيب قميصه بلونها الطبيعى الظاهر. المتوافق مع سائر جسمهء ويخرجها من الجيب فيراها بيضاء ناصعة البياض من غير سوء من بهق أو نحوه. وتلك آية أخرى هى واحدة من تسع آيات إلى فرعون وقومهء ثم ذكر ما يدل على العناية بهم فى الاستدلال بتسعء إنهم كانوا قوما كل معقول» ورفض كل مقبول» وأنهم قوم لا يفقهون حديثا. (إإنذا تفسير سورة النمل 6 لل 0 يام 7 وفى ذكر هذه الآيات عند بعثه إلى فرعون وقومه دلالة على أنه يذهب إليه مزودا بآيات 2 تترى آية بعد آية وكل آية حجة عليهم» ودليل قاطع ‏ ولكنهم أصروا 0 ممه هس قرم ه سمااس ساسم شس اس نهم ناوعا فط كيف كان عا قدي 05 . الفاء للإفصاح» أى أنهم لما جاءت الآيات التسع مبصرة موضحة مبينة كأنها الأبصار التى تبصرء وهى ذاتها بصائر بينة واضحة, قالوا هذا سحر مبين» ومبين معناها واضح بين» وذلك لقصر مداركهم» وقد كانوا يظنون العصا سحراء وجمع السحرة فى المدائن حاشرين» وأيقنوا أنها آية الله وليست بسحرء ثم كان اختبارهم بالقمل والضفادع» والدم آيات مفصلات» فهل كانت سحراء لعلهم لغلبة الأوهام عليهم» ولعدم إيمانهم ولعدم إدراكهم الفرق بين الحق والباطل قالوا أيضا: إنها سحر» فقد كان غالبا على تفكيرهم» ويعدون السحرة علماء لهم . وهم فى هذا الادعاء كانوا ضالين يدركون الحقائق» وتذعن أفهام لهاء ولكنهم يجحدونهاء وهى بينة واضحة يذعن لها أهل الحق» ولذا قال تعالى فى حاهم لوَجحَدوا به هسه , وادحود نفى سا يبت فى العقل. وإثبات ما ينفى فى العقل» فهؤلاء يجحدون الحق بعقولهم وأقوالهم» ولكن نفوسهم مستيقنة لأنها لا سبيل لها لأن تنكر وتجحدء فهم بتوارد الأدلة المختلفة» وتكائرها؛ ولأن نفوسهم فطرية يستيقنون ويذعنون ولكن يعارضهم جو عام وبىء» فنفوسهم مستيقنة بالحق» وتذعن له لولا مقاومة التيارات الفاسدة التى تدفعهم إلى الجحود دفعا. ' وقد بين سبحانه وتعالى ذلك مشيرا إليه بأنه الظلم. فقال: «ظلُمًا وعلواً 4 وهما مفعول لأجله. من فعل (وجحدوا)؛ أى جحدوا وأنكرواء وخالفوا نفوسهم » وفطرتهم » لأجل الظلم» أى استمرارهم فى الظلم والطغيان» ومعاضدتهم لفرعون فى ظلمه وعدوانه وإرادتهم العلو فى الأرض» وقد أدى ذلك ا تفسيرسورة النمل الطغيان الآثم» والعلو الباطل إلى فساد الأرض» وإلى غرضهم» ولذا قال تعالى: « فانظر كيف كان عَاقبَةَ المفسدين 4 ؛ أى انظر كيف كان مآل الفسادء وهو الخراب والغرق» والفساد كان فى الظلم» وإرادة العلو بالباطل» إنه لا يفسد الجماعات إلا الظلم أولاء والتعالى بالباطل ثانياء والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلهاء وهو الغرق والهلاك» وهو عاقبة الجحود الظالم المستعلى المفسد. و كع لت تع دمعو أ - حو ولقّد ءائدنا داوود وسلء '«َعِلمًا وَكَالا مد يله اذى فَضَلنا ع نعل كَِرِمَْعبَادِالْممنينَ (ين ا ل 2-00 مه وَل مده رم ةك » وو يمن د اورد وال يتأيها النَاسعَلْمََ مط قَالطير 9 اص عل شوء إن هذا طَوَالْمَضْ ل الميين لا وحيشسٌ 0000 عونك تلكا لزانلا لال يلتك سليسدنوحودموَْزلا ايشعرونَ 27 صَاحكَامِن وله ووَالَ رَبَأورْح قن أظْكْرَ آ مآ ا ِعْمَتَل َال قَنْهَمَتَ علوَعل ولدَفٌ وَأََعمْلَصصحًا جام بل سم ترصمئة وأ أل رَحْمَولك فصِبَا دك لحيس () وَتَمَفَّدَ ألطْرَفَفَالَمَاإ لآ أرى الْهَدَهُدَ م كاد ل أذ 2 2 سس دع لفماسيرت لَأْعَدْبسَهعَدَابامََريدًا أولا اذحنه ظر 8 1# تفسير سورة النمل هد أَوَلَأَتَيَقَ 0 سلطن مين و مَك عر عر مد - سى لحطتيماك + ِ ب شلك تقر َه اس سر ١‏ اد ص سرع اسه ررىرئة 027 إن وجدث أمرأة تريحكهم وَأوِيدتَ منحك ل يووا د أ ا ا سرح الور لو سل عرش عظيم 0 وِجَدتَهَاوَفَومَهَا دون لاط سرمن م2 وس عرو دون الوزن لهم د عمللهم فَصِدَّ شو كس ّ مأل 1 وأ ل ىبرج 1 لسعو توَالْضٍ وين ا 02 سه 1 نك خسار ار ملسا ١‏ صمل 0 7 2 لعي 18 © ع 2 وى د م 21 000 6 1 آلْمكون لق كسك 2 نين سْليِسنَو دسم لاتحم ناسيم 706 أَعل وف سلِمِينَ (ه) الت يكايها الم1ءا أذ وْفِأمْرِى ما حكنت َم طْعَد ملحي ا لوحن وأ وبأ يلمي نظرى مانام مرت لوي الت إنَالمأو| كَإدَا د كَفْواْةَجية 4 1 رس ا 0 َنبا ركد ةينَمَك 0 سملم ريرسو و ل / ته تمسسبير سورة ١‏ لنمل الئل لل يها 7 77 ار ا ا 0 م 0 ا 2 وى و فلماجاء سيم نٌقال أْتدٌونِنٍ يمالفماءاتئن> له خْيرممًا ما آ و : لو نح الوم فلائيسهم . 0 رمس كو سا سكرء ده سدع لل .1 ل قي - حودلا سل َم ولخ ريحم منها أذة وهم مون وي قال 2 04 22 6 رود عه عءٌ جه تأيه ملوأ تك يتين يعرشهَاقبلَأنيأقون سُسْلِويت 079 ل ل ع 2 له هه 2 1 ووس ره 0 سعردس ب 0 دوو م 12 1 0 عل جنى م 2 “وى صرحا عره عليه لقوى أمين (وي) قال لزِىعنده ,علض لكب أنأءا 0ل 6 عع د - 3 2-7 د 1 7 ررس 7 موي > ره يه قبل أن بريدإلٍ 4 طرة 5 فلمارءاهمستقراعنده,قال هدذا -2 -- 307 ال 2 سر كت وار رت هه 0 مِن فصل رق لبون أشكرأم ا كفرومن شَكرفَِتّمإففُهرٌ 6 مه لا عر ل ًّ ال ل ا نفس وَمسَكفروَإِنَ رق ع كيم لوا َال راعشا نكر أجلدى مون ]ادن ليا اجات قل 000 عط د سه 7 عر سامء 2 سرح ل سرت عاص أمكك ام شية ننه مولي هيه ته مذ جه بوي م م 17 عر و 26 1 ص 2 7 3 7 59 وَصَدَهَامَا كات يَمَبدْمِن ذو ن اليتون َو كبفِرين > امس عر م ا ده معو و ع لوو 18م دس ددمل © يِلَهَا ادي اصرح تبه ْحَهوكمَقَتَعَن 2 متام 000 00 سه 22 ا يخ سح لور ا سر لور ع نس ساح سا اسن ب ساقيها قال إنّه ,صرح ممرّد من قوارييرقالت رب إفىي دده و دهم م _.و عو ساس 00 ل ا يي 00 دع ب ظلمت نقَبى وأسلمت مع سَليّمدن لله رب العللمين 9 ص أتينا بما ذكر القرآن الكريم من قصة سليمان فى سورة النمل» وقد ذكرناها كلها جملة واحدة» وقد ذكر سبحانه قصة سليمان وأشار إلى قصة أبيه داوود عليهما السلام» وكانا ملكين قد أعطاهما الله تعالى سلطانا وعلماء ليعلم ما يجب أن يكون عليه الحكام من أخلاق» قال تعالى: ٠ 2:‏ 8# تفسيرسورة النمل اللو 11لا 222011 ١١ الاك‎ ١ ١ تى‎ وقد آنينَا اود وسليْمانَ لما وقَالا الحم لله الذي فصلا علَى كير من عباده المؤمنين‎ ١ الواو لاستئناف قصة نبيين من الأنبياء امتازا بتمكين الله تعالى لهما فى الأرض بما لم يكن مثله لأحد من الأنبياء قبلهماء فقد كان إبراهيم وأبناؤه من الأنبياء يقاومون الملوك الظالمين» وقد رأينا فيما قصه الله تعالى علينا من قصة موسى كيف كان يقاوم فرعون, وأتاه بتسع آيات بينات فما ارتدع وآمن» حتى أغرقه الله فقال عند الغرق الآن آمنت برب هرون وموسى وبنى إسرائيل» وليست هذه توبة طإِنما التوبة على الله لأذين يعْملُونَ السوء بجهالة ثم يوون من قرِيبٍ وك يتوب الله لهم وكا الله عليما حكيما 09 ليست الوب لين يعملُون الات حنَئ إذا حضر أحدهم الْمُوت قَال ني بت الآن ولا الذين يمُوتُون وهم كَمَارَأُولك أَعسَدنا لهم عذابا أليما 42 [النساء]. أما داوود وسليمان فقد كانا ملكين» وإذا كانت الملوك الذين بعث فيهم الأنبياء صورة للعصاة المنحرفين عن الحق فقد كان داوود ' وسليمان صورة عالية للملك الذى يخاطبه الوحى ويهديه ويرشده» كما قال تعالى لداوود: : ط يا داوود إن عاك خَليفَة في الأرض فَاحَكُم بين النّاس باحق ولا تع الهوئ فَيضْلّك عن سبيل الله32 4[ص]. وقوله تعالى: «إ ولد آتينا داود وَسَليْمَانَ علّمًا 4 أكد الله سبحانه أنه أعطى داوود وابنه سليمان علماء باللام وبقد فإنها تدل على التحقيق» ونكّر سبحانه «(علْما 4 للوشارة إلى أنه علم عظيم لا يقدر قدره» فقد أعطى داوود أعلم القيادة» وعلم إدارة الدولة؛ وعلم صناعة أدوات كما قال تعالى: 9 وعَلّمنَاه صنعة لبوس ٍ لَكُم لشخصتكم مَن يأسكم29) 4 [الأنبياء] وأعطى سليمان علم منطق الطير» كما ستشير الآيات لذلك» وعلم الابن ثمرته تعود على الأب. فهو ششخصه ممتد» وكسبه كسب له كما هو مقرر بحكم الفطرة» ولذلك حمدا الله على ما آناهما من فضله: «وقالا الحمد لله الذي فَضْلنا علَى كثير مَن عباده الْمُؤْمينَ 4 وكان التفضيل أولا بالعلم» وثانيا بالسلطان والحكم» وهذا يستوجب الحمد والشكر لا الظلم والطغيان» ونقول إن الله أعطاهما الذى أعطاه. وهو نعمة» وتكليفء فالمؤمن يحسب النعمة تكليفاء والتكليف بالنسبة للحكام العدل» وقد قص سبحانه وتعالى 1# تفسير سورة النمل 4م ب ا قصص سليمان الذى ورث ملك داوود بالموارثة الملكية فقال: ( وورث سماد او قلي يها اناس علْمنَا نطق الطيّرٍ وأوتينا من كل شيم إن هَذَا لَهوَ الفضل المبين 05 4 . ذكر الله تعالى وراثة سليمان لأبيه فى ملكه» فقد ورث هذا السلطان» ولم يرث الرعية» فالرعية لا تورث ولا يمكن أن تورث» وهذا خطأ بعض الذين تولوا الملك بالوراثة» فحسبوا أن الرعية شىء يورث» إنما الذى يورث هو الحكم ولا يكون إلا بوراثة يقرها الشرع» كوراثة سليمان لداوود» وقد أباحها الحكم الربانى ليجتمع شمل بنى إسرائيل أمام من ظلموهم» وأرهقوهم من أمرهم عسرا. أخذ سليمان يبين لقومه ما أعطاه الله تعالى من مؤهلات الحكم» اخدصه فقال: «إيا أَيهَا الئاس علّمنا منطق الطّيرٍ 24 أى علم لغة الطير»ء وعرف ما تدل عليه أصواتها من معان تقصدها وتريدهاء وذلك يدل على مقدار تمكين الله تعالى له فى ملكه وفى سلطانه عليهم» وأن الطير والدواب أمم أمثالنا لها لغة ولها منطق وعبارات مفهومة» كما قال تعالى: طوَما من دَايّة في الأرض ولا طَائر يطير ِجنَاَبْه إلا أممأمْتَانَكُم ما فَرطًا في الكاب من شيء ثم إلى ربَهِم يحشرون 60 »4 [الأنعام]. وقد ذكر الضمير ضمير الجمع لبيان مكانته من السلطان» وما أعطاه الله من قوة» وذكر أنه لم يؤته الله تعالى منطق الطير فقطء بل آتاه من كل شىء ولذا قال الله تعالى عنه: ‏ وأُوتينا من كل شيء» أى من كل شىء علماء فعلمنا منطق النمل» ومنطق الأحياء كلهاء وأوتينا علم القيادة» وعلم الحكم العادل» والضمير ضمير الجمع لبيان سيطرة السلطان العادل» وقيل الضمير له ولأبيه» ولكن لم يرد فى القرآن ما يدل على معرفة داوود منطق الطيرء والنمل,, وغيرهما من الأحياء؛ والله ذو الفضل العظيم» ولذا قال: ل إِنّ هذا لَهَوَ الفضل المبين 4 أى أن هذا العلم لهو الفضل الواضح المبين للحق والسلطان» وقد أكد سبحانه فضل الله تعالى عليه» وعلى أبيه من قبله بأن» وباللام» وبضمير الفصل . جمع سليمان حجنلده ) وقال تعالى فى هذا الجمع : ا تفسير سورة النمل 44 00 + 1 1[ 1[ [20100110111#1#1 لحب ا «( وحشر لسلَيمَان جنوده من الجن والإنس والطَير فَهم يورعون 69 6 4. حشر: أى جمع لسليمان جنوده» ولم يكونوا من الإنس فقطء بل كانوا من الجن والإنس» والجن هم من العالم الذى لا يرى فى الظاهرء ولا غرابة فى ذلك فإن الذى علمه منطق الطير» يمده بالجن والإنس» وقد يقال: إن المراد بالجن طوائف من الناس ليسوا فى أرضهء ولكنهم جاءوا إليه مناصرين له. فهم يوزعون؛ الفاء للوفصاح التى تفصح عن شرط مقدرء أى إذا اجتمعوا فهم لم يكونوا مفرقين غير محكومين ولا مضبوطين» بل كانوا مدفوعين» إلى التجمع 2 طوائف» بل كانوا متحرفين للقتال: جاء فى مفردات الراغب الأصفهانى فى كلمة وزع: : قال وزعته عن كذا كففته عنه قال تعالى : © وحشر لسلَيّمَاد 4 إلى قوله تعالى: «فهم يوزعون 4 فقوله يوزعون إشارة إلى أنهم مع كثرتهم وتفاوتهم لم يكونوا مهملين» ومبعدين» كما يكون الجيش الكثير المتأذى بمعرفتهم» بل كانوا مسومين ومقموعين» وقيل فى قوله يوزعون أى حبس أولهم على آخرهم . والمعنى الجملى لهذا أن هذا الجيش الذى جمع القريب والبعيد والمؤتلف والمختلف قد كان مسوساء ملتئما بقيادة حكيم» وقد سار الجيش سيرا حثيثاء وأحس به النمل» فتكلم ليرتب أمره» فقال تعالى عنهما. فإ حتَئ ذا أنوا على واد النّْلٍ قَالَت تَمَلهيَا يها اّمل ادْخْنُوا مَسَاكتَكُم لا يحطمئكم سليمَان وجنوده وهم لا يشَعْرُونَ 00 فَمَبَسُم ضّاحكا من قَولهَا وقَال رب أوزصني أذ أشكر نعمتك التي نعمت علي وعلئ والدي أذ عمل صالحا َرضاه وأدْخذبي برحمتك في عبادك الصّالحين 09 4 . أتوا بمعنى أقبلوا على وادى النمل» ولذا كان التعدى بعلى» وقالوا إنه واد بالشام» ونقول: إن كل أرض فيها النمل» ويتخذ له مكانا يقيم فيه ويكون كالوادى له» وحطم معناها كسر» ومعنى إلا يحطمتكم سَلَيمَان وجنوده © أى ليسير من فوقكم» فيحطم عظامكم» وقد أكدت النملة القول بما يشبه القسم» ولذا كانت اللام وكانت نون التوكيد الثقيلة» وأسندت الحطم أولا لسليمان باعتباره قائد تفسير سورةالنمل مامالل > ا الجند» والجند جندهء فهو الذى يسند إليه الحطم أولا وبالذات» ولغيره بالتبع» وهم لا يشعرون بما يمرون عليهم من تمل. سمع سليمان كلامها :طفَعَبْسمِ ضاحكا مَن قَولهَا 4 وضاحكا حال مؤكدة لمعنى القسمء وهو يتضمن معنى التعجب من حرصها واهتدائها إلى النتيجة لمرور الجيش عليهاء وعلى صواحبهاء وإن ذلك دفعه لآن يتجه إلى ربه الذى أعطاه وأباه ما أعطى فقال : رب أوزِعني أن أشكْر نعْمَتَك التي أنعمت علي وعلى والدي أن أَعْمَلَ صالحًا ترضاه وأَدْخلي برحمتك في عيّادك الصالحين 4 . لم يغترء ولم يفخر» ولم يفاخر» بل عرف حق النعمة واتجه إلى شكرهاء ودعا ربه ثلاثا. أولا: ضرع إلى ربه أن يدفعهء فقال أوزعنى أى ادفعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت بها على» وعلىٍ والدى» فإن هذه نعمة تحتاج إلى الالتجاء إليك لأقكن من شكرهاء وهى على وعلى والدى فقد كان نبيا آتيته ما آتيت ولده سليمان» فكان ما أنا فيه نعمة على وعليه. لد هص هم ساس أعمل سماد مو ساسم في ذاه وان تضاء أن يكون خاي من كل غرض شي رضاك سبحانك» إنك أنت المعطى» والمانع . ثالثا: أن يكون فى ضمن عباد الله الصالحين» فقال: « وأَدخلني برحمتك في عبادك الصالحين 4 أى أن الدخول فى الصالحين من عباده سبحانه هو برحمته سبحائه» لا بعمل قدمه» فكل عمل هو من فضله» وكل جزاء هو من رحمته. رأى من النملة ما رأى» وكان بعد ذلك الطير. ل وَتمَمّدَ الطَيْرَقََالَمَا ليلا أرَى الْهدْهُد م كَانَ من الَائبينَ 69 لأَعَدبئه عَذَابا يظهر أنه كان عند طائفة من الطير يتعهدهاء ويسألها عن مآل أمرها» 00 ##ا تفسيرسورة النمل 05 لحم بن في فتفقدها بتعرف حالهاء »؛ فلم يجد من بينها الهدهد وسأل عنهء وهذا قوله تعالى عنه: « وتفقّد الطّيِرَ» أى تعهدهاء وتعرفها وتعرف حالهاء فلم يجد الهدهدء فقال متعجبا «إما لي لا أَرَى الهدهد 4 وكان حفيا يأن يعرف» ويسأل مالى لا أرى الهدهد أهو غائب عن عينى متخف بين إخواته م: من الطير َم كان من الْغَائبِين» حا من ساس لطر الى كنت فى حوزتة. وتحت قبضته.ء وإن له با الأعديئه عذابًا شديدا أولِأدَْسَ أوليَأتي بلطن مُبينٍ 4 ف (او) لبيان تتوع المعاملة بتنوع الحال مثل قوله تعالى لذى القرنين» إن أن تعذب وما أن تح فيهم حسنا 463 [الكهف]؛ فإذا كان قد غاب مستهينا مستهترا فإنى أعذبه عذابا شديداء وإن كان متمردا فإنى أذبحه. وأكد العذاب والتذبيح بما يشبه القسم وباللام وبنون التوكيد الثقيلة وإن كان غائبا لحاجة» فليأتينى بسلطان مبين أى بحجة بينة مبينة لأمر جديد. والفاء فى قوله تعالى: فَقَالَ »4 هى فاء الإفصاح» أى إذ تعهد الطير لم يجد الهدهد وإذ لم يجده فقال: ولكن الهدهد كان ماكثا فى مكان غير بعيد. الأفمكث غير بَعيدٍقَالَ أحطت بما لم ُحط به وجتك من سا بيقن 9 © إني وجدت امرأة تملكهم وأُوتيت من كل شيء ولا عرش عظيم ©46. «( فمكث غير بعيد4, الفاء عاطفة ما بعدها على ما قبلهاء أى فمكث غير بعيد أو زمانا غير بعيدء أى لم يقض وقتا طويلا مديدا فى مكثهء ٠‏ بل جاء فور التهديد الذى هدد به نبى الله سليمان عليه السلام» وجاء إليه يقول له: « أحطت بمَا لم تحط به4 أى علمت علم إحاطة ومعاينة» لأمر لم تحط به ولم تعلم به علم معاينة وهكذا كان حظ الطير الضعيف أن يخاطب العظيم الذى أوتى كل شىء بالحرية وبالحق» ليعلم الحكام الجهلة» أن من واجبهم أن يواجهوا الحاكم بكل ما يعلمون وفيه مصلحة الدولة» وأن عليهم أن يتقبلوا شديد القول كما يتقبلون لينه «( جئتك من مسب بتب يقين» . | تفسير سورة النمل ل ان > ناا النبأ هو الخبر العظيم الشأن البعيد الأثرء وهو يقين فى علمه» إذ علمه عن عيان ومشاهدة» وحضورهء والنبأ الخطير الشأن العظيم» هو أنه وجد امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء» أى أن قومها آتوها من كل أسباب الحكم بالخضوع والطاعة» والاستسلام ما جعلها ملكة عليهم» ولها فى هذا الملك عرش عظيم ذو أبهة ورونق»ء وإشعار بعظم السلطان وهذا قوله تعالى فى كلام الهدهد «( إني : وَجَدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيع ولَّهَا عرش عظيم 4 وقد أكد كلامه باللام وقدء وقال إنها تملكهم للإشارة إلى أن خضوعهم لها كخضوع العبيد لمن يملكهمء وبنى للمجهول إيتاؤها كل شىء. وهذا يفيد أن قومها آتوها أمرهم.ء ووضعوا رقابهم تحت سلطانها. وسبأ من خير أرض الله تعالى وأمكنها بخيراته» وقد قال تعالى فيها وفيهم : كاد لبا في متهم يناد عن ينومال كلوا من َزْق ربكم واشكروا لَه بده طَيبَة ورب غَفُورٌ 9 فأعرضوا فَأَرسَلنَا عَليَهِم سيل العرم باهم بهم م راي أل خط وأثل ويم سد قليلٍ 69 ذلك جزيناهم ما كَمَروا َهَلَ نُجَازِي إلا الكفور 09 4 [سبا] ويقول الحافظ ابن كثير: وسبأ هم حمير وفيهم ملوك اليمن وامرأة التى كانت تحكمهم هى بلقيس بنت شرحبيل وكانت ملكة لسبأ. وقال الهدهد الخبير الصادق الأمين: ( وجَدتهًا وَقَومَها يَسَجَدُونَ للشُمْس من دون الله وين لهم الشيطان أَعْمَالهم فَصَدَهُم عن السّبيل فَهُم لا يَهْعَدُودَ 29 ألأيَسْجَدُوا لله الذي يخرج اْخبء في السّمَوَات والأرْض وَيَعلَممَا تَُخْفُودَ وما تُعْنُونَ 62 للهلا له إلأ هر رب العرش العظيم 69 > . كان فى هذا العصر أقوام عظموا الشمس لا فيها من دفءء ومن أشعة تحيى زرعهم» ولذلك شاعت عبادة الشمس فى أهل مصرء لأنهم أهل زرع» وفى سبأ؛ لأنهم أيضا أهل زرع وأهل حدائق غلب» فشاعت فيهم عبادة الشمس ضلالا 9 1# تفسير سورة النمل الل ا ااال الل 2211 1 جلك ى ١‏ لعقولهم؛ وفسادا لتفكيرهم» واستجابة لدعاة السوء بينهم» وفعلوا هذه العبادة من دون الله أى إنهم عبدوها دون أن يعبدوا خالقها الذى خلقهاء وخلق كل ما يكون مما جعلها الله تعالى سببا لنمائه» وهو وحده الخلاق العليم. وذلك لاستيلاء الشيطان على قلوبهم؛ ولذا قال عز من قائل: 9 ورين لهم الشيطان أعمالهم قَصدهم عن السسبيل فَهُم لا يهتدُونَ 4 . إنه من الحقائق النفسية الثابتة أن أول الشر استحسانه» فالشيطان يزين أعمال السوء للفاعل ويحسنها له ويظن أنها الخير وحدهاء وأن ما عداها باطل» وفرق بين المهتدى وغير المهتدى» أن من هده الله يميز الخبيث من الطيب» فلا يتردى فى باطل» وإن تردى فيه سرعان ما يعود إلى الحق» ولا يقبل وسوسة الشيطان بالشرء وليس قلبه موضع لتزيينه» ثم قال ظقَصدَهُم عن اسيل 4. أى أنهم بسبب تزيين الشيطان لهم قد مكنوه من أنفسهمء فصدهم عن السبيلء أى لعلهم يعرضون عن الطريق المستقيم فى ابتدائه» ومن ضل فى أول الطريق سار فى ضلال إلى آخرهء ولذا قال مرتبا على ذلك: فهم لا يهتدون» أى فهم يسيرون فى ضلال غير مهتدين إلى الحق إلى النهاية» حتى يكون الحساب والعقاب: 9 ألاً يسجدوا لل الذي يخرج الحَباء في امات والأرض ويَعْلَم ما فون وما مُعدُونَ 62 الله لا إله إل هو رب العرش العظيم 4 . يصح أن نقول إن قوله تعالى: ألا يسجدوا للّه4 حرف جر محذوف» وحذفه كثير قبل أن وما بعدها. والمعنى كان ذلك التزيين والصد وعدم الاهتداء فى ذاته لأن لا يهتدوا إلى عبادة الخالق الذى يخرج الخبء فى السموات والارض. ويصح أن نقول: إنه متعلق ب 9 زَيْنَ لهم الشَيْطَان أَعْمَالَهُم 4 أى أنه حسن ذلك فى قلوبهم ليصرفهم عن السبيل» ويكون التركيب هكذا زين لهم ألا يهتدوا إلى عبادة الله تعالى الذى يخرج الخبء. . إلى آخره. اا تفسير بوره ةا لنمل ار ١644م‏ أب ا و(الخبء) ما ستره الله تعالى حتى يخرجه للناس» فخبء السموات مطرهاء حتى يحين حينه» ويدرك إبانه» وكل شىء عند ريك بمقدار.. عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. وصف الله تعالى المعبود بحق بثلاث صفات هى أعلى الصفات لواجب الوجود» وكل صفاته عليا. الصفة الأولى: أنه هو الذى يخرج خبء السموات بالمطر الذى ينبت الزرع والنخيل والأعناب» ويخرج به خبء الأرض » بفلق الحب والنوى» وإخراج المتراكب الذى يكون به غذاء الأحياء. الصفة الثانية: أنه يعلم ما يسر وما يعلن الإنسان» فهو عليم بحاله فى حركاته وسكناته» وما يفعل من خير وشر» ومجازيه على كل ما يفعل» إن خيرا فخير» وإن شرا فشرء وفيها تبشير بالجزاء» وإنذار بالعقاب. الصفة الثالثئة: أنه لا إله إلا هو فهو وحده الصف بصفات الكمال التى. توجب عيادته» وهو صاحب السلطان رب العرش العظيم. . صاحب السلطان الكامل فى هذا الوجود. سمع سليمان الملك العظيم الذى آناه الله تعالى علم منطق الطير والنمل» وسائر الأحياء كما يبدو من عظم حكمه. وتكميل الله تعالى لسلطانه» فلم يحكم بمجرد السماع» بل قال كما حكى الله تعالى عنه: 5 َال سَضرٌ أصّدقْت أَمْ كت من الْكَاذبِينَ 09 اذْهَب بكتابي هذا َألقه لبهم ثم كان سليمان ملكا حكيما لا يجعل علمه قيما يقضى فيه من سمعه فقطء فإن ذلك أضل الملوك» وهو الذى يوصف بأنه أَذْنْ فتكون الحاشية وليه الذى. يسيطر عليهء ولذا قال للهدهد: سننظر أى أننا نؤكد أننا سننظر فى حقيقة ما جئت به إليناء أصدقت أم كنت من الكاذبين. الاستفهام فيه إيماء إلى تغليب و 18# تفسيرسورة النمل ب أ الكذب؛ لأنه فى معادلة الكذب تكلم بما يوهم أنه ربما يكون كاذباء فقال اَم كنت من الْكَاذبِينَ 4 فقد ذكر احتمال الكذب بما يفيد قربه» فأكده بالوصف بالكذب» وبكان الدالة على الدوام» وبكونه أن يكون من صفوف الكاذبين. وانتقل نبى الله الملك» إلى مقام التيقن فقال له: اذهب بكتابي هذا قألفه لهم ثم تول عنْهم انض مادا يعون 4 . :كما كان الهدهد هو المخبر بحالهم جعله حاملا رسالته إليهم قال له: «( اذهب بكتابي هذا فألقه نه إليهم 4 والجار والمجرور متعلق بمحذوف تقدير القول فيه فألقه موصلا له إليهم. ولم يتعرض القرآن لبسيان طريق توصيل كتاب سليمان إليهم» وقد قيل إنه أوصله من الكوة التى تشرق عليها الشمس منها لتعبدها فيهاء وقيل: إنه جاء إلى جمعهمء وألقى الكتاب المختوم بخاتم الملك لسليمان» فألقاه عليهم وهم يجتمعون. والله تعالى وححده العليم كيف أوصل إليهم الكتاب» تعرس لبيانه » لأنه لو لم يعلمنا به الله فحق علينا التوقف. كما قال تعالى: ولا تقف يس لك به علّم 69 4 [الإسراء]ء ثم قال تعالى: ا يرجعون 4 العطف ب (ثم) فى موضعه. أى ألقه متأكداء وصوله إليهم» وبعد تأكد ذلك تول عنهم وانصرف غير بعيد لتكون مترقبا ماذا يرجعونء أى ماذا يرجعون أو يردون ذلك الخطاب» والواقع أنهم لا يرجعون الكتاب. إنما يرجعون ما تضمنه الكتاب من دعوة لعبادة الله وحدهء والاستسلام لسليمان والخضوع لحكمه كما يبين مضمون هذا الكتاب عند استفتاء قومها. وصل إليها الكتاب» فعرضته على قومها: لقانت يا أيه الملا ني لقي إَي كاب كَرِمْ 9ه 9 إِنّهِ من سَلْيِمَان وإنَهُ بس الله الرحمن الرحيم 0 ألا تَعلُوا علي وأثوني مُسلمين 9© 4 . جمعت قومها تستفتيهم فى الأمر الذى جد وكانت حكيمة إذ جمعتهم وفوضت الأمر إليهم ليروا فيه ما يرون» عرضت عليهم صيغته ووصفته بأنه كتاب 8# تفسيرسورة النمل ملل > ا كريم» فقدمت القول الحسن» الاحترام والتجلة» ووصفت الكتاب بأنه كريم طيب داع إلى خير لا فسادء وقلت عليهم الكتابٍ وهذا نصه: طإِنَّهُ من سَلَيَمَان وَإنّهِ بسم الله الرحمن حم الرّحيم (© الا تَعْلُوا علي وأتوني مُسَلمِين69 » ابتدأ بذكر المرسل واكتفى باسمهء ويظهر أنه كان معروفا بين ملوك الأرض» لأنه أقواهم» وأعظمهم قدرا وأوسعهم سلطاناء» وعلما ومعرفة» وهل هناك علم أعلى من أنه يعرف منطق الطيرٍ ومنطق الأحياءء وإنه أوتى من كل شىء قوة وعلماء قوله: ألا تَعِلُوا علي وأثوني مُسلمين» أن هنا مخففة من الثقيلة» أى أنه الحال والشأن لا تعلوا على وتستكبروا وتتعاظموا على حين تكون مغالبة» واثتونى مسلمين» وفى كلمة مسلمين إيراد الإيمان بالله وإسلام وجوههم لله تعالى» قال بعض المفسرين ذلك» وقال بعض المفسرين: المراد أن يستسلموا له < ويخنعوا لهء وبعد ذلك تكون دعوة الإيمان والإسلام» وأميل إلى هذاء لأنه المناسب لقوله: «إ ألا تَعلوا علي 4 . وقد استرسلت الملكة العاقلة فقالت: ل قَالَت يا أَيهَا الْمَاُ أوني في أَمْرِي ما كنت قَاطعَة أمرا حتَئ تشهدون 69 4 . جمعت قومهاء واتخذت خطابها مع أشرافهم وذوى الرأى فيهم الذين يولون ويعزلون» وقالت لهم: ا أفْتوني في أَمْرِي» . وأضافت الأمر إليهاء إذ هى المسئولة عنهم» والمخاطبة بأمر القوم عنهم» وأخبرتهم أنهم لا تبت فى أمر وتقطع فيه برأيها منفردة دونهم ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون» حتى تشهدوا الأمر وتعاينوه» ونكون معاء والنون نون الوقاية» وياء المتكلم محذوفة أى حتى تشهدونى» أى حتى تحضروا معى وأتبادل الأمر معكم لنعرف ما يكون فيه خيركم. أجابوها بما يقوى عزعها ويشد أزنه | لتطين لح الملوك» ومدبرى الأمر معهم قالوا: « نحن أَوُوا قوّة وَأُونُوا بَأس شديد والأمر إليِك فَانظرِي ماذا ا تأمرين 69 4 أجابوا بثلاثة أمور مطمئثة ملقية فى نفسها روح الاطمئنان على حكمها وسلطانها. 08# تفسيرسورة النمل لل ل ةذ[ 1 2220011 لسر نار أول هذه الأمور الثلاثة ه تحن أُولُوا قُوّة4. أى أصحاب قوة فى استعدادنا من حيث العدد والذخصيرة» وكل ما يحتاج إليه الجند القوى المستعد. وثانى هذه الأمور أنهم « أُولُوا بأس »4 »أى أهل همة ونجدة وشجاعة لا نفرط فى الدفاع أو الجهاد إذا دعا داعيه.» وإن بأسنا شديد» لا نتخاذل فى حرب . الأمر الغالث: أن القيادة كلها (الأمر إليها»» ولذا قالوا: 8 وَالأَمرَ إِلَيِك 4 أى نحن نتعاون طائعون فالأمر إليك» ط فَانظري مَاذَا تأمرين » الفاء لحرتيب ما بعدها على ما قبلهاء أى إذا كان الأمر إليك فانظرى ماذا تأمرين» أى انظرى فى نفسك الذى تأمرين به؛ لأن الاستعداد كامل تنفيذ الذى تأمرين به كاملا غير منقوص . قالت لهم بعد أن دبرت أمرهاء وتعرفت مآل أمرهاء وحالها. (إقَالت إن الملوك ذا دلُو قريةأَفسَدُوهَا وَجَعنُوا أعرة هلها ذل وكَدَلِكَ يفعلُونَ ©9© وإِنّي مرْسلَة لبهم بهدية فَاظرةٌ بم يَرجع الْمَرسَنُونَ 69 4 . قدرت ودبرت ورأت المسالمة بدل المقاومة رهبا فى الملك. ورغبا فى موادتهٍ قالت محذرة من غلوائهم ومقدرة أمرها وأمرهم: «إِنّ الملوك إِذَا دَحَلُوا قَرَيَة أَفسّدوها 4 والقرية هى المديئة العظيمة التى تكون مكونة من جموع كثيرة متكاثفة» ودخولهم القرية العظيمة يكون بحرب جائحة تأكل الأخضر واليابس» وهذا هو الفساد والخراب» فلو أمكن» وفى شر ذلك ما قد يكون خيراء وذكرت أمرا آخر يفعله الملوك» وهو أن يجعلوا أعزة أهلها أذله» إنما يقلبون الأوضاع فيها فيجعلون من هم فى موطن العزة والسلطان. هم الذين يكونون فى موطن الذلة والهوان وإنها فى ذلك تشير إلى خوفها على نفسها من أنها فى السنام منهم قد تكون غير ذلك» وأنهم لهاميم قومهم قد يكونون فى غير مواضعهم. » وسجلت أن ذلك حال الملوك دائما وهو شأنهمء ولذا قالت: «وكذلك يُفعلُون 4 أى ذلك شأنهم دائما. وكان التعبير بالفعل المضارع لتصور حالهم المستمرة الدائمة كأنها شأن من شئونهمء وغاية لهم. ا تفسيرسورة النمل : بج اتجهت بعد ذلك إلى الملاينة والمسالمة بالإهداء» والإهداء من المحبة» ويؤدى إليها إذا لم يكن من ترسل إليه الهدية ملكا ولذا قالت لملئها: وإني مرسلة إليهم بهدية » ذكرتهم بصيغة الجمع» » لأن الملك يكون معه جيش وأقوام» وهى ترسل إليهم جميعا بهدية» ويظهر أنها لا تتوقع الأمان المطلق » » بل كانت تتوجس منهم خيفةء ولذا قالت: طفََاظرةٌ بم يرجع الْمرَسلون » والفاء عاطفة» ناظرة بمعنى منتظرة مترقبة الأمر الذى يرجع به المرسلون» أسلام وأمان» أم حرب ودمار. 9قَلمّا جاء سَلَيْمَانَ قال أتمدو نن بمال فما آتاني اللّهِ حير مما آتاكم بل أنتم بَديَكُم فرحو 09 4 . هذا وقع الهدية فى نفس نبى الله وملك الأرض الذى علمه الله تعالى منطق الطير» وجاء لسليمان أى جاء الوفد وقابل سليمان» ومعه الهدية التى أرسلتها الملكة»ء خاطب نبى الله وملك الأرض الوفد مستحقرا الهدية» ومستهينا بتفكير مرسليها «أتمدوتن بمال 4 أى أتجعلون المدد الواصل بينى وبيتكم مالا والمال هين على وهو عندى بل عندى ما هو خير منه» فَما آثاني الله حير مما آتاكم 4 آنانى الملك العظيم القوىء» وآتانى العلم بكل شىء ومن شئون الدنيا آنانى علم منطق الطير والأحياء. وآنانى من كل شىء» طابَل نم بهديّتكم تفرحون 4 ٠‏ بل للإضراب الاتتقالى ورد للهدية» أنتم تفرحون بهديتكم» ولا تفرحون بغيرهاء لأنكم ماديون» لا تفرحون إلا بالمادة وما يتصل بها من أمثالها. وتقديم الجار والمجرور بهديتكم - للقصر والاختصاصء» أى لا تفرحون إلا بهاء ثم هددهم نبى الله بالحيوش الجرارة» فقال: اج نهم يهم بجوم تيل نم ينا رخرمتهُم نا أل وم صاغرون(67 © . كان الخطاب بالمفرد؛ لأنه الوفد الذى يخبرهم بأمر سليمان» وما استعد به لهم» فلتأتينهم الفاء عاطفة دالة على الترتيب والتعقيب أى فور رجوعهم لتأتينهم» وقد أكد غزو الشرك بالقسم» ولام القتسم ونون التوكيد الثقيلة» وقد أكد إرسال 6 8# تفسير سورة النمل #1010100000 1 #1 1# #1#1#3717171آ#أ121010112##1##*#1#1#13#1# لحب زا الجيش» وأكد نتيجتههء بقوله: «الدخرجتهم » والإخراج يصح أن يكون المعنى إبعادهم عن سلطان الحكم. فلا يكون لهم رأى ولا إرادة» وكأتهم الخرجونء وأذلة أى كونهم أذلاء صاغرين أى منحطين إلى المنزل الدون راضين بذلك؛ لأنه لا قدرة عندهم على تغيير حالهم» والتفكير فى أمرهم» كان هذا رد الملك النبى» وما كان ليسكت عن قوم يعبدون الشمس ومشركين» فهو ملك نبى ونبوته لا تتأخرء بل هى العامل الأول المسير لملكه دائما. بعد ذلك أخذ يفكر فى تعرف حالهم» وإظهار القدرة التى من الله بها عليه فأراد أن يختبر ذكاءها قال: ( قال يا أيها الْمَلُ أيكم يأتيني بعرشها قَبلَ أن يأتُوني مُسْلمِينَ © » . العرش كرسى السلطان» وقد سبق أن وصف الهدهد ذلك العرش بأنه عرش عظيم» قد أوتى من الأبهة والزخرفة الكثير» وإنه دليل على كمال السيطرة» وكمال الثروة» وما الذى يطلبه نبى الله الملك من الملأ من قومه أهو أن يأتوه به ذاته؛ ذلك ظاهر القول» ولو يوجد ما ينفى الظاهر» ونحن نأخذ بظاهر القول ما لم يوجد من الاستحالة العقلية ما يخرجنا من الظاهر إلى غيره. فالأمر كله لا غرابة فيه» فالنمل يتكلم» ويسمع كلامه ويفهم» والطير يتكلم ويفهم» ويرسل فى رسائل وكتب إذن فلا غرابة فى أن يأتى بعض الملا بذات العرش . وقد قال بعض الذين يتكلمون فى معانى الذكر الحكيم. إن الذى طلبه نبى الله تعالى هو أن يأتوه بصورة العرش لا ذاته» ونحن نرى أن هذا التأويل وإن كان محتملا لا نرضاه؛ لأنه غير ظاهر اللفظ. وظاهر اللفظ يسير فى مؤداه ما دام لا يستحيل» وقوله قبل أن يأتونى مسلمين يقول إن الإسلام هنا هو الخضوع» ويصح أن يكون المعنى الإسلام الحقيقى» وهو شهادة أن لا إله إلا الله» وإنا نميل إلى الأول»؛ لأن الإسلام بشهادة الحق جاء بعد ذلك عندما قالت بلقيس: «رب إني طَلَمْتْ نسي وَأَملَمْت مم سلما لله ربَالمَلَمِينَ جه » . أخذ الملا من حول سليمان يعملون على إجابة طليه. ا تفسيرسورة النمل ش و 7 ال عفريت بن لجن أ به ثيل أ م نَقُومٌ من مُقَامِك وإنَي عليه لَقَوِي العفريت» قال ابن قتيبة إنه الموثق الخلق أى القوى فى بنيانه» وقد كان الجن من جيش سليمان» ونسير بالكلام على ظاهره من غير محاولة تأويل» لأنه ليس عندنا مسوغاته» ولا نعمل الفكر فيما لا يسوغ فيه» قال القوى من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك أى من مجلسك هذاء وإنى عليه لقوى أمين» وقد أكد قوته وأمانته بعدة مؤكدات» أولها بأن والثانى باللام» والثالث بكلمة عليم» وفيها إشارة إلى أنه فى قبضة يله. ولم تبين الآية كيف يكونٍ ذلك» ولنسلم بظاهر الآية» غير متكلفين» ٠»‏ فالله تعالى أمر بعدم التكلف فقال طقل ما أَسألكُم عليْه من أجر وما أنَا من الْمتَكلفين 405 [ص]. ولكن الملك نبى الله عليه السلام استطال هذه المدة» فتقدم عليه بعض الذين أوتوا علم الكتاب. هال الذي عنده علم من لكاب أن نيلك به قبل أن يرد يك طَرفك فسا رآ مسقا عنده قال هذا من فضل وبي ليبلوتي أأشكُر أم عفر ومن شك نما يشكر لنفسه ومن كَفر إن ري غَني كَريم 69 4 . وصف الذى أتاه قبل أن يرتد إليه طرفه بأن عنده علم الكتاب» فما هو هذا الكتابء أهو السجل المحفوظء أم كتاب من كتب العلم والمعرفة» ومن أى جنس» أهو من الإنس أم من الملائكة» لم يبين القرآن قبيله ولا كتابه» فكان حقا علينا ألا تتعرف ما لم يعرفنا الله به إذ لا سبيل لذلك» ولم يرد عن السنة ما يوضح ذلك بخبر صحيح يمكن الاعتماد عليه. وإن هذه سمعيات يجب التصديق بها والإذعان لهاء وكثير من قصة سليمان أمور غيبية توجب الإذعان ويكتفى بالإيمان بظواهرهاء غير متأولين» ولا قافين ما و ٠‏ 8# تفسير سورة النمل 1 1جل به بي لا نعلمء وقد نقول إن علم الكتاب علم ربانى يؤتيه الله من فضله من يشاء من عباده إنه عليم خبير. وارتداد الطرف أن ينظر إلى أمر بتتحديق عين. ثم يرد إليه بعد النظر المتحدق. وهو لا يتسع لزمن قل أو كثر؛ ولذا قال بعد «إقَلَمَا رآه مستقرا عندة 4 الفاء للعطف والتعقيب» أى أنه عقب قول صاحب علم الكتاب رآه مستقرا عنده. أى موجودا قارا ثابتا عنده. لا يتصور بعده عنه بعد ذلك» كانت هذه نعمة على سليمان تستوجب الشكرء ولذا قال معلنا أن ذلك اختبار من الله قال: هذا من فضل ربِي ليبلوني أأشكر آم أكفر4 يقرر فى هذه الجملة السابقة - ما يقرره النبى الملك. يقرر أولا أنه فضل من الله ليس إلا نعمة أعطاها عطاء ومنًا من غير سابق طلب» ويقرر ثانيا أنه يعامله معاملة من يختبره أيكون من الشاكرين للنعمة القائمين بحقهاء أم الكافرين الذين يجحدون. ويغترون ويعاندون ويحسبون أن ذلك استحقاق وليس عطاء ثم يقول: «إ من شكر فَإِنّمَا يشكر لنفسه 4. أى فإن شكره يكون عائدا على نفسه. لأنه يفعل الخير» ويشابر عليه وثمرة ذلك تعود عليه ولأن من يشكر النعمة يزيده الله منهاء كما قال تعالى: 9 لثن شكرتم لأَزِيدنُكُم ولين كفرثم إ! إن عذابي لَشَديد 40 [إبراهيم] أى ومن يكفر ليغتر وييجحد ويعاند» فإنه يضر نفسه. ولكن لا يقطع بفضل الله ولا منه وفضله وكرمفء فاللّه غنى لا يحتاج شكر عباده» وكريم يعطى دائما والحساب فى الآخرة. يظهر أنهم قد حاولوا أن يكونوا قريبين من سليمان. أو أن يحضروا مستسلمين؛ أو أنها أعلنت المجىء إليه مستسلمة» ولذا قال الله عن سليمان: لإقَال تكروا لها عرَسَها تَظر أَتَْمَدي أ َكُونُ من الدين لا يَهَْدُودَ وه فَلَمّ جاءت قيل أهكذا عرشك قَالَت كانه هو وأوتينا العم من قبلا وَكنا مُسْلمِينَ © © 4. التتكير جعل العرش فى وضع أو حال بحيث لا يعرف, ولذا قيل: إنه وضع فى وسط أمتعة متفرقة مختلفة بحيث يصعب تعرفه فى وسطهاء وروى ابن 0# تفسيرسورة النمل ملل 64079 سس > اا عباس ومن أخذ عنه أنهم غيروا فى ألوانه» وأخذوا بعض ما فيه من جواهرء ونرى أنهم لم يغيروه؛ ولكن نكروه» ننظر جواب الأمر أى لننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون» أى لننظر فاحصين ذاتهاء ألها نظرات ثاقبة» تصل من ورائها إلى الحقيقة محصين مدركين واصلين» أم هى من أهل الغفلة الذين لا يهتدون» ولا يمحصون ولا يدركون. وقد تبين من الاختبار أنها واعية مدركة» وأن النساء يدركن دائما ما يتعلق بالفراش وزيئة الحياة الدنياء ولذا علمت» وإذا كان قد اعتراها نوع تشكك» فلغرابة أن يجىء إلى نبى الله سليمان قبل مجيئها. ظقَالَت كَأنَّهِ هو4 لم تقل إنه هو من قبيل الحرص؛ لأنها رأته بعينها ولكن كانت الغرابة فى أنه جاء قبلها فتساءلت فى ذات نفسهاء كيف جاءء وبأى طريق وصل» هذا هو الذى تحترس من أن تقول هو هو - بل قالت كأنه» وقال سليمان مؤكدا أنه هو: 9 وأوتينا الْعلّم من قَبْلها 4 أى أوتينا العلم به المستيقن المحسوس من قبل مجيئهاء وقد يعلل بهذا من قال: «إنها صورة العرش لا ذاته) وما كان لنا أن نترك الظاهر الذى يبين اليقين بعبارة موهمة غير قاطعة ثم قال: سليمان: « وكنًا مسلمين 4 أى مذعنين للحق ببيناته . وإن هذه الأحوال كلها خوارق للعادات مثبتة نبوة سليمان» وفى الحق أن سلطان سليمان قد قام كله على خوارق للعبادات» وكان الزمن زمن المادة والأسباب» والمسببات» فكان هذا الملك قرعا لأسماع الماديين المتعلقين بالأسباب والمسببات العادية» ويحسبون مخطيين أنها قانون الوجود. وذكر سبحانه وتعالى حالها فقال: وَصّدَهَا ما كانت تَعْبْدُ من دون الله إِنّهَا كانت من قوم كافرين 69 4 . وهنا نجد كتاب الله تعالى الذى ينصف فى كل أحكامه» لا تجد فيه عوجا ولا أمتاء فالله سبحانه يبين على لسان نبيه الملك أنه صدها عن سبيل الله ما كانت و 0# تفسيرسورة النمل اكاك ١‏ بي - تعبده من دون الله تعالى من الشمس التى هى من خلق الله تعالى الدالة على كمال قدرته سبحانه» وقال: «إإِنَّها كانت من قوم كافرين 4 وهذه الجملة السامية فى مقام التعليل: الشيطان يصدها عن السبيل القويم أى أنها كانت فى بيئة كفر؛ لأن الكفر» واعتنقته» وعبدت ما يعبدون من دون الله . بين الله من بعد ذلك على لسان سليمان ما يرغب أمثالها من النساء» وهو أن الملك يملك من زخارف الحياة ما ليس عندهاء وما يبتهر فقال: ل( قيل لها لدخلي الصّرح فلم ره حَسنهُ لشفت عن سَاقَيهَا َال إنَهُ صرح ممرَه مّن فَوَارِيرَ فَالّت رب إني طَلَمْت تفسي وَأَسَلَمت مَعَ سُلَيْمَانَ لله رب العالمين 62 > . الصرح»ء القصر العالى المزخرف» ودخلت الصرح. ‏ فدخلت صحنه) وهو بمرد أى مملس ملمسه ناعم وله بريق بسبب تمريده» وإزالة كل خشونة فيه حتى يحسبه الرائى لتنسيقه» وكأنه لحة من الماء فحسبته ماء فى صحن الصرح وخشيت على ثيابها المزخرفة فرفغتهاء وكشفت عن ساقيهاء فنبهها سليمان إلى أنه ليس بماء وإنما هو صرح محرد من زجاج يبدو بادئ الرأى كأنه لجة ماء وما هو بماء» فقّال لها: إنه صرح ممرد من قواريرء أى من زجاج تكون منه القوارير» وهى جمع أدركت السيدة بلقيس» وهى تروعها الزخارف كما تروع كل النساء. فكرت فى ماضيها إذ كانت تعبد الشمس» وسليمان يعبد الله تعالى» وقد آتاه الله من النعم ما لا يمكن أن يكون لأحد غيره» فاهتزت» وعلمت أنها كانت على باطل» 1 وأنها ظلمت نفسها بما كانت عليه» قالت: «ربإني ظَلَنت نفسي ومنت مع سلَيِمَانَ لله رب الْعالَمين 4, ؛ أقرت بأنها ظلمت نفسها بعبادتها الشمسء» فالشرك ا تفسير سورة النمل لل سب ا ظلم للنفس وطمس للقلب؛ وأى طمس للعقل أكبر من أن يعبد الشمس. وهى مخلوقة لله تعالى» ويترك الخالق وهو الله سبحانه وتعالى ونادت الله تعالى بلفظ الرب إيمانا بالربوبية الكاملة. وأكدت ظلمها للنفس بإن الدالة على التأكيد» وجعل الظلم واقعا على نفسهاء وإذا كانت قد علمت أن الشركة ظلم عليم للنفس. فقد خلصت لله تعالى؛ ولذا قالت: 8 وأسلّمت مع سِلَيْمَان للّه رب العالمين »2 أى سلمت نفسى مع سليمان لله رب العالمين» وذكر معيتها مع سليمان؛ لأنه هو الذى دعاها وأرشدهاء وذكر الله تعالى موصوفا بأنه رب العالمين» أى الخالق القائم على العالمين بالتدبير الحكيم . من قصة صالح وثمود قال الله تعالى: سام جر جنه صرصمم ‏ له يو وَلَفَدَرْسِلْنَاإِلكمُو 2 : 2 ا ا ا اَيَمِلَالحَسَكة لوا را وا سه ووه دلا زء م وا سه م ٠‏ لخ 7 مسدأئه بل أ متو (©) وكاَتفي لمدينةٍ نسعة م يرحس رو ٍّ_ َمْطيُنْسِدُوت فلار ضٍ وَلايْضَِحُ © فَالوأ و م2 سو 2 0000002 راس ساس تَفَاسَمُوأ موأ سه وهاه ملقو وود سَهِدْنَا 0 ددقورت ف( ومكروأمحكرا ممصا وَهْلامتمررت © نا ده م بوه دوم زو ةعم > ذه اس م سس 000-33 لجل بر ىر ١‏ بعد ذكر قصة سليمان ملك الأنبياء» وكيف كانت حياته وملكه ونبواته معجزات متوالية» وكل شىء كان يجرى بأمر خالد» ذكر سبحانه قصص بعض الأنبياء» وابتدأ من بعده بصالح. وهو صورة لنبى لم يكن ملكا بل كان من الشعب» هم قومه أن يقتلوه. وليس فى قصة صالح وثمود تكراراء بل ذكر فيه ما لم يذكر فى غير هذا الموضع؛ ولم يذكر فيه ما ذكر فى غيره» لم تذكر المعجزة وهى الناقة» وما كان منهم من اعتداء عليهاء وذكر هنا الائثتمار على قتل صالح وامرأته» ولم ينجه منهم إلا إنزال العذاب بهم وما ترك العذاب فيهم من عبر. ف« ولقد أَرَسلْنا إآن نَمود أَحَاهُمٌ صّالحًا أن اعْبَدُوا الله فَِذَا هُمْ فَرِيقَان الواو استئنافية أكد الله تعالى الإرسال حيث دعت دواعيه» وأكده باللام» وقدء وإضافة الإرسال إلى ذاته العلية» وذكر سبحانه أن الإرسال كان بإرسال أخيهم أى أنه واحد منهم يعرف أمرهم وحالهم» وهو رءوف عليهم شفيق بهم قد عرفوا صدقه وأمانته وحبه لهم. وإلفهم به» وكانت الرسالة هى عبادة الله تعالى وحده؛ ولذا قال: فإ أن اعبدوا اللّه4 أن تبشير لمعنى الرسالة» وعبادة الله لا تتحقق إلا بأن تكون العبادة لله تعالى وحدهء لا يشرك به شيئاء فإذا عبد مع الله غيره فقد أشرك ولم يعبد الله تعالى» لقد كانوا يعبدون الأوثان فلم يكونوا يعبدون الله فكان أمرهم بعبادة الله وحده متضمنا لنهيهم عن عبادة غيره من الأوثان وغيرهاء ل | تفسير سورة النمل الل أ اا وإن الشرك أمر تنكره العقول المستقيمة» وتعافه النفوس القويمة» ولذا كانت اللفاجأة ألا يختلفوا فى عبادة الله فمنهم من اهتدى ومنهم من حقت عليه الضلالة» ولذا قال تعالى: ( فَإذَا هم فَرِيقَان يُختصموت 4 الفاء وإذا للمفاجأة الفاء واقعة لترتيب ما بعدها على نقيض ما قبلهاء ولذا كانت المفاجأة بها وبإذا بعدهاء فريقان: فريق أطاع واهتدى» وفريق ضل وغوى» وهم يختصمون أى يختلفون ويكون كل فريق خخصما للآخر يجادله لإثبات الحق والدعوة إلى الحق» ويستمسك الباقون على شركهم بما كان عليه آباؤهم . وقد أنذر صالح الضالين بالعذاب الشديد» وأن الله تعالى آخذ بالنواصى» فقالوا كما فى آيات أخرى: اثتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين» ولكنه يرجو لهم الهداية بدل العذاب. سام همه حمُوذوه 4 - قال لهم صالح رأفة بهم» وإن كانوا يرأفون بأنفسهمء يا قَوْم لم تَستَعْجِلُونَ بالسيئة قبل الحسنة 4 ابتدأ بالأمر الذى يربطه بهم» ويوجب محبتهم والحدب عليهم» وهو أنهم قومه الذين يرتبط نسبه بنسبهم» تنبيها لهم إلى ما فيه رحمتهم «(لم تستعَجِلُون بالسَيّئّة قبل الحسنة 4. أى تطلبون فى استعجال الأمر الذى يسوء وهو العذاب الأليم الذى ,تهددون به» وهو العذاب الذى يسوءء وتقدمون ما يسوء على الحسنة» وهو الإيمان الذى هو حسن فى ذاته» وحسن لكم إذ من ورائه الثواب بدل العذاب» والاستفهام هنا للاستغراب» وللتوبيخ» ولبيان أنهم يطلبون ما فيه الأذى بدل ما فيه الإكرام والثواب» وينبههم إلى ما يجب أن يطلبوه» وهو مغفرة لله والإيمان به فهو طريق الخير» فيقول: للا تَسْتَغْفْرونَ اله لعلّكم تَرْحَمُونَ 4 و(لولا) هنا للحض على طلب المغفرة» أى هلا تطلبون مغفرة الله جاء منكم أن ترحموا بالإيمان بالله وحدهء وترك الشركء والإذعان لله تعالى» ففى هذا رحمتكمء وأن توقوا عذاب الجحيمء ولكنهم يلجون فى الكفرء ويتهمون نبيهم بأن دعوته شؤم عليهم. 9 #8 تفسيرسورةالنمل لا الال لل 2 ل جم بيه لي ظ قَاُوا اطيّرنا بك ومن مَعَكَ قال طَائرَكُمْ عدد اله َل أَنشم قوم تفُونَ 69 4 . التطير تعرف مستقبل الأمر عن طريق بأن تثأر الطير من وكناتهاء وباتجاهها يتفاءلون أو يتشاءمونء وهو هنا التشاؤم» أى أنك يا صالح كنت أنت ومن معك من المؤمنين سببا لتشاؤمنا منكم بوجودكمء كأنهم يقولون لهم أنتم نحس عليناء فلا يصح أن تدعونا إلى ما تدعوننا إليهء فرد عليهم صالح بأن تعرفهم الغيب بالطيرة أمر باطل إنما علم الغيب الذى تتعرفونه بالطير هو عند الله تعالى وحده فلا يعلم الغيب إلا الله وحدهء ولا يعلم أحد إلا بإعلامه؛ فمعنى طائركم عند الله علم الطائر الذى تدعونه لأنفسكم عند الله وحده علام الغيوب» « بل أنتم قوم تفسون 4 أى تمتحنون بتلك الأوهام عليكم فتحتسبون التطير يسعدكم أو يشقيكم» وأنتم تمتحنون وتعذبون بالسير فى طريق العذاب الذى يستقبلكم» فالفتنة هنا معناها الاختبار وتسلط الأوهام عليكم» وسيؤدى هذا الامتحان حتما إلى العذاب الأليم» عذاب الدنيا والآخرة. استمر صالح فى دعوته تبليغا لرسالة ربه» ومعه الفريق المؤمن الذى يخاصمه الفريق الكافر إلى أن تململوا به ويمن معهء وأرادوا قتلهء وأن يتوزع دمه. وهذا قوله تعالى. لإ وكان في المديئة تسعة رهط يفْسدود في الأرض ولا يصلحُونَ 662 © قَالوا تقاسموا بالله َيِه وهل لفون لوليه ما شَهدنا هلك أَهه ون نَصَادِقُوَ 9 ومَكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون 9© 4 . الرهط الجماعة من الناس» والإضافة بيانية» والمعنى وكان فى المديئة التى كانت مبعث صالح تسعة رهط أى جماعة متحلة المشاعر والأحاسيس يجمعها العداوة للرسالة» والتآمر عليهاء وهذه الجماعة من أوصافها أنها تفسد ولا تصلحء وقد كانت الرسالة الإلهية لإصلاح هؤلاء» ومنع لإفسادهم عن الجماعة» ولا يهمنا أكانوا من الكبراء أم كانوا من الأصغرين بيد أن عملهم يكشف عن فسادهم, ققَالوا تَقَاسَمُوا بالله لَه وأهلّه 4 , قالوا تقاسمواء أى أن قولهم هو ما ملل > اا التقاسم على موته وأهله» فهما بدل ومبدل منه أو الثانى عطف بيان للأول» ومعنى تقاسموا أن كل واحد منهم تبادل القسم مع الباقين» والقسم باللّه» ولا غرابة فى ذلك فقد كانوا يعرفون الله وأنه خالق كل شىء ولا خالق غيره» ولكنهم يعبدون الأوثان لتكون زلفى إليه سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. وموضوع القسم لإلَسِيَعنْهُ وله 4 فى لنجيئنهما بياتا وهم نائمون» ويقتلونهم» ويهلكونهم» ويجيئون بيمين كاذبة يقولون ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون. يقولون لولى دمه من أهل وعشيرة» ويدعون أنهم صادقون» وإنهم لكاذبون وهم بذلك يدبرون جريمة» ولكن الله راد كيدهم فى نحرهم» وهو محيط بهم» ولذلك قال تعالى: ( وَمكْروا مكرا ومكرنًا مكرا وهم لا يشعرون 69 6 . دبروا هذا التدبير الآثم وسماه الله تعالى مكراء وقد أحكموا التدبير» وأحاطوه بما يضمن التنفيذ بإحكام» ولذا أكدوه بالمفعول المطلق مكراء واللّه من ورائهم محيط» ولذا دير لعبده» وسمى تدبيره الحكيم مكرا من قبيل المشاكلة اللفظية؛ ولأن المكر هو التدبير» ويكون فى الخير والوقاية من الشرء كما يكون فى تدبير السوء كما كان منهم» ومكر الله تعالى لإحباط تدبيرهم الخبيث» و القضاء على الفساد والمفسدين» وهم لا يشعرون أن لله محبط عملهم» مطل تدبيرهم وذلك بالقضاء عليهم قبل أن ينفذوا. أصابتهم صيحة خربت ديارهم » وأفسدت تدبيرهم» ولذا قال سبحانه: « فانظر كيف كان عاقبة قبَه مَك هم أَنا دمرناهم وقومُهم أَجمعِينَ 69 . الفاء للإفصاح» أى إذا كان الله قد دبر لرسوله كما دبروا آثمين» فانظر كيف كان عاقبة مكرهم» وأن ما أنزله الله تعالى من عذاب مدمر كان يسبب اعتزامهم قتل صالح وأهله» وما كان الله تعالى ليذر رسوله نهبا لهم يغتالونه» بل إنه سبحانه لهم بالمرصاد» قتلهم قبل أن يقتلوه» فجاءتهم الصيحة» فأصبحوا فى هاا تفسير سورة النمل لا ا ااا 220 لح أ دارهم جاثمين» «دمرناهم وقَومَهم أَجْمَعِينَ 4 وصار الذين كانوا يهددون هم مساقط الأحجارء وموطئ المارين. ١‏ فلك مهموي با طَمُوا إن في ذلك ليه قرم يود و« وفيا دين آمنوا وكانوا يَقَونَ 9 4 . الفاء أيضا للإفصاحء أى إذا كانوا قد مكروا ودبرنا لحماية الحق فتلك بيوتهم خاوية» والإشارة إلى البقاع التى كانت لشمودء وقد أهلكهم الله تعالى بالصيحة» وخاوية أى فارغة لا ساكن فيهاء ولا أحد يجىء إليهاء ويكون من خوى إذا فرغ» وخلا ويكون تشبيها لأرضهم فى خلوها من أهل» بالبطن إذا خلت من الطعام» وكان المآل الهلاك والبوار» فإن المكان الخالى من السكان مآله البعد» وأما إن خوى بمعنى سقطء فهى ساقطة متهدمة.» من قولهم خوى النجم إذا سقط تهدم. ولقد استغلظت قريش فى معاملتها للمؤمنين الذين كانوا الخلية الأولى للويمان» واستهانوا بهم» وحسبوا أنفسهم الأقوياء على الرسول» وهذا الذى فعله سبحانه مع ثمود آية لهم دالة على أن هلاكهم يسير إذا أراد اللّه» ولذا قال تعالى: (١‏ إن في ذلك لآية لَقَوم يعلَمُون 4, أى لآية دالة» ما يعقب الكفر والاعتداء لقوم يعقلون» وهذا دعوة لقريش ليعقلوا ويتدبروا عاقبة أمرهم . هذا هلاك الكافرين المعتدين أما الذين آمنوا فقد نجاهم الله فقال: [١‏ وأنحينا الْذِينَ آمنوا وكَانوا يتَقَون 4 أى الذين أذعنوا للحق وآمنوا به» وهدموا الأوثان» وكان من شأنهم التقوى وخوف الله تعالى ووقاية أنفسهم من غضب الله ورجاء رحمته» وعبر بالمضارع لتصوير حالهم فى تقواهم. كان ينتهى الجزء التاسع عشر عند قوله تعالى « فما كان جواب قَومه 4, أى قوم لوط» وبها يبستدئ الجزء المتمم للعشرين» ولكنا آثرنا أن يبتدئ الجسزء بقصة لوط. 1 تفسير سورة النمل الئل ليها ١ 5 ١ ىر‎ من قصة لوط 1 يلي 0 آ#ر م 201052 # مَمَا كان جَوَاب قَوَيِوءَإِلَاأن كحالوأ أخرعوأءال اعمس و 4 وو ب 21 لس حم ول من يكم نهم أناسٌ يتطهرون لي ا و له عر سر برح مر 0 نتبي> 0 5 الواو عاطفة وتكون كلمة لوطا معطوفة على صالحاء ويكون المعنى ولقد أرسلنا لوطا إلى قومه»ء وإذ متعلقة بالفعل المنوى ذكره لعطف النسق» أى أرسلنا لوم إذ قال لقومهء أتأتون الفاحشة أى الفعلة الفاحشة البينة الزائدة عن أن تدرك فى أى عقل» والحال أنكم تبصرون مدركين فحشها علمين قبحهاء والاستفهام إنكارى لإنكار الواقعء فهو توبيخ على وقوع فعلهم, وقوله تعالى: « وأنتم تبصرون 4 فيه إشارة إلى أن البصر يكفى لإثبات قبحه فهو قبيح حسا وطبعا وعقلاء إذ هو بالحس وضع للشىء فى غير موضعهء واستعمال للمكان فى غير ما خصص له بمقتضى الفطرة السليمة» وقد وضح لوط عليه السلام لهم قبح فعلهم بالتوضيح الواضح.» بعد التلويح اللائح» فقال: ل أَننَكُم لََنُونَ الرّجَال شَهَوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون 62 © . الاستفهام داخل على أمر مؤكد وقوعهء فالاستفهام ليس لشك فى وقوع تفسيرسورةالنمل 1 0 + + +1[ [ذ[!1 1[ 1[ 1[ 1 1[ 1[ 1 1[ 101010001011 أرب ا الأمر بل لغرابة فى الوقوع المؤكد» فالاستفهام بلا ريب يفيد استغراب هذا الواقع المؤكد» وهو إتيان الرجال شهوة من دون النساء» ووجه الغرابة: أولا أنهم يجعلون الرجال فى موضع النساءء وذلك فساد فى الفطرة أى فسادء ووجه الغرابة ثانياء أن الإتيان ان لأجل الولد؛ وهذا ! ليس موضع الحرث 5 ووجه الراية بل للإضراب الانتقالى» وكأنه إضراب عن بيان غرابة أفعالهم. لأنه لا غرابة من شأنه أن يجهل ولا يتحرى الصواب فى أفعاله» بل إنه حائر بائر؛ لا يفعل إلا ما يجهل . ولذا عبر بالمضارع المصور لحال الجهل الذى لا تصدر عنه أفعالهم إلا وهم يجهلون. وسجل سبحانه وتعالى عليهم أنهم لا يفعلون إلا ما هو مجهول عند أهل العقول السليمة» أولا بالجملة الاسمية وبالخطاب المواجه المصور الموبخ» وبالتعبير بالمضارع الدال على تصوير الجهل المستمر الذى يدل على أن الجهل حال دائمة لا تنفصل عنهم . وإن الباطل ينفر من الحق. ولا يستطيع أن يواجهه. ولذا اتجهوا إلى إخراج لوط ومن معه من الأطهار من يينهم. «فما كان جواب قومه إِلاً أن فَالُوا أخْرجوا آل لوط من قريتكم إِنّهُم أناس يتطهرون 4 . الفاء للوفصاح عن شرط مقدرهء أى إذا ما كانوا على هذه الحال من سيطرة الجهل» فإن الجهل لا يطيق الطهارة والتطهرء ولذا كان جوابهم» وإن قالوا مصرين أخرجوا آل لوط من مدينتكم العظيمة؛ لأنه لا تجتمع الطهارة العفيفة مع الدناسة الجاهلة» وقد عللوا ذلك بقولهم: 9 إِنّهم أناس يَتَطَهُرُون 4. أى من شأنهم الطهارة والبعد عن هذا الدنس المخالف للفطرة» والطبع السليم» وقد صور سبحانه بما جاء على ألسنتهم يتطهرون أى أن لوطا ومن معه من شأنهم الطهارة المستمرة» وعبر بفعل المضارع للدلالة على تصوير حال الطهارة المستمرة فيهم. كان عذاب الله اا تة تمتتنئير سورة ١‏ لنمل ال ١6م‏ .. ١ احا‎ يي تعالى لابد أن ينزل بهم لكى لا يستمر فسادهم؛ ولأنهم يقلبون الفطرة» كما نرى الآن فى إنجلترا وأمريكاء إذ تفاقم الشرء وفحشت الفواحش» ومسخت الطبائع؛ فكان لابد من النازلة» جعل الله عالى أرضهم سافلهاء وأمطر عليهم حجارة من سجيل مسومة منضودة. ولقد بين سبحانه نجاة لوط ومن معه إلا امرأته. فقال: ظ فَأَميَاه وأهله إلا امرأته قَدرنَاهَا من الغابرٍ ين 69 وآَمَطَرَنَا عليْهم مُطَرا فَسَاء مطر المنذّرين 62 4 . الفاء للترتيب والتعقيب» أى أنه سبحانه قرر هلاكهم وقرر النجاة للوط وآله» فكان معقبا أو مقارنا لتقرير الهلاك» وهو أقرب من التعقيب» وإليك خبر الهلاك» وطلب النجاة فقد جاء فى سورة هود من مخاطبة الملائكة للوط عليه السلام: ( قَانُوايَا ُوطإِنَا سل رَبك آن يُصلوا ليك فأسر بأهلك بقطع من الفيل وله يلعفت منكُم أَحَد إلا متك إِنهُ مُصِيبهَا ما أصابهم إن مَوعدَهُم الصبح ألْيس الصبح بقريب 69 4 [هود]. أنجى الله تعالى لوطا وأهله بأن أمرهم بأن يسروا من البلد ليلا»ء واستثنى امرأته لآنها من الغابرين من الماضين» وظاهر أن ما كان منها هو الشرك» وعدم إنكارها لأفعالهم الخبيثة» فعدم الإنكار لجريمة بشعة معلنة قد جاهروا رضا بهاء فهى معهم فى الشرك أو الرضاء بتلك الفاحشة الفحشاءء ولذا قال قدرناها من الغابرين» أى عددناها منهم. وبعد هلاك القرية» وجعل عاليها سافلهاء أمطر عليهم سبحا مطرا وهو حجارة حاطمة رءوسهم مهلكة) ولذا قال تعالى: ظ وَأَمطَرنًا عليهم مُطََا فساء مَطر الْمدّرِينَ 4» أى أنزلنا عليهم من , السماء حجارة هى أشبه بالمطر فى وابله وتراكمه» ولقل بين أنه أسوأ مطر «فساء مطر المنذرين» أى ما أسوأ مطر المنذرين الذين أنذرهم . 6 8# تفسير سورة النمل ال 2053511 تحر نار وقد بين سبحانه فى آيات أخر أنه مطر حجارة لا مطر ماء» فقال فى سورة هود : لما جاء أمرنا جَعَلا عاليها سافلا وأمطَرنًا عليه حجارة من جيل مضُودٍ 02 مسوّمة عند رَبّك وما هي من الظّالمينَ ببعيد 69 > . هذه أقوام أشركتء. وبين الله تعالى عاقبة إشراكهاء إذ همت بالاعتداء على نبيهاء ولم يكن له قبل بهاء والآيات قائمة والأدلة معلمة» وقد ذكر سبحانه وتعالى بعض هذه الآيات . من آيات الله على الوحدانية قال تعالى: 002 هر ره م سم 2 الكتود أي وآدر( زط لزنت لد َم و ء 2 أ سر صصسمم 2 آ وه 2 عورم وه 0 و د و سدسم يخ >« روس مد وو لدو كدا ل جججتاي اجن كيت 5 9 22 ساس سار» 2 أ ليا اوه 1 نجعلا رض فَرَارَاوخَ جحل ؤللهاا تهدراوجعل 1 ع دعو ددم ب نر ء م1 تلن حا للدمع انبل 0 و 9س ؛' 2 دا ك0 وب يَكْسْفُ در 1 جاح ١‏ سما ارج م ع2 0 ا طن 0 ملح بشراباين يدى اا تفسير سورة النمل للل ل اللللاالل بالل رَحمتد أَلهمَم اهيدل عمش يصوت 0 من بدو كلق تم يعيد هومن يررفَ كع نَالسَمَل ال أت كاه كك مشر مسبوت 0 تكسو سود لاا َ عر اله م 070 لبإلا أللمومادة ير مكب رورم 0 2 الْأخِروَبِزْهم 2 + اللا سء بعد أن ذكر سبحانه من أخبار الرسل» ما لم يكن مكررا فى أخبار سبقت» فمثلا أولئك الرهط النسعة الذين ائتمروا بقتل صالح عليه السلام لم يذكروا من قبل» وهكذاء تجد فى كل قصة تجدد ذكرها شيئا لم يذكر من قبل. بعد هذا القصص قال الله لنبيه ورسوله يَلكِةِ أن يقول لهم الحمد لله . قل الْحَمد لله وسلام على عباده الّذينَ اصطفئ آللّه خير أَمَا يشر كون 69 4 . قل لهم يا محمد الحمد لله أقدم القول بحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله أن أمدنى بهذا القصص الصادق» وإنى ما كنت بدعا من الرسل» وإنى ما جتتكم بأمر من عندى» وأن المثلات قد سبقت لقومى بما أدى إليه كفرهم» وتحية سلام للذين اصطفاهم الله تعالى واختارهم» وأرسلهم تترى وتلقوا الصدمات من أقوامهم صدمة بعد صدمة وصبروا حتى بدل من بعد خوفهم أمنا ومن غطرسة أقوامهم هلاكاء وهأنذا أتلقى الصدمة والله مبدل خوفى أمنا إن شاء الله تعالى والقضية التى كان حولها الإيذاء والتعنت والدعوة الحق» 9آللّه خَيْر أَمّا يشركون 4 أى أن الذى كان حوله النزاع بين الحق والباطل عبادة الله وحده خير أم الذى يشركون به» وجعلت الصيغة الموازنة بين ذات الخالق البارئ المنشئ من العدم خيرء أم الأوثان التى يجعلونها شريكة فى عبادته» وهى موازنة ظاهرة ## تفسيرسورة النمل حو الللالاااللو لووول ١١ اكاك‎ يي" البطلان أو كيف يوازن بالخالق والمخلوق, والمنشأ ومن أنشأه. تعالى الله عما يشركون» ولا يستويان فلا يستوى الخالق والأوثان. ثم ذكر سبحانه من بعد ذلك أدلة الوحدانية وأن الله تعالى هو المعبود وحده فقال عز من قائل: لمن خلَقَ السّمّوات والأرض وأنزرل لَكُم من السّماء مَاء فنا به حَدَائق وات بهَجَة ما كَانَ لَكم أن تنبتوا شجرها َه مع الله بل هم قوم َعْدلُونَ 69 » . ظ ذكر سبحانه وتعالى فى الآية السابقة «(آللّه حير آَم يش ركون 4, بالاستفهام » وهو نفى للمعادلة» وفى هذه الآية يوضح بطلان الموازنة بين خالق السموات واللأرض» ولموازن معه محذوف مع تقديره فى القول. وحذف استهانة به مع ذكر مدلوله فى الجملة» والمقصود الأول التعريف بالذات العلية جل جلاله» والمعنى أمّن خلق السموات والأرض» وأنزل لكم من السماء ماء خير أما تشركون» وذكرت النتيجة أءله مع الله . ا وأم فى قوله أمن خلق السموات منقطعة» فهى للإضراب الانتقالى» وهو يدل على التوبيخ والتبكيت» وفى قوله أم ما تشركون قراءة بالتاء وتكون للخطاب» وقراءة بالياء وتكون للغائب, والمعنى ظاهر فى القراءتين» وهو آية أمن خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء. . . كأنها تكون تبكيتا صريحاء بعد أن كان فى الآية السابقة تبكيتا ضمناء وتصريح بسبب العبادة وموجب الإذعان وا خضوع. ومن مبتدأء والإضراب الانتقالى فيه معنى الاستفهام» والمعنى ننتقل إلى أمر واضح: أمن خخلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء. خير أم ما تعبدونهم. وجاء بجملة تحل محل نفس المساواة فى المعادلة فقال أءله مع الله . وقال سبحانه: خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء» فيه تعميم لبيان أن خالق الوجود كله: السموات والأرض وما فيهاء ثم تخصيص النعم القريبة بالذكر»ء وهى التقاء السماء بما فيها والأرض بما فيها من خير للإنسان والحيوان. وتكلم عنها بالغيبة» لأن الإخبارء والإعلام به » وهو واضح بين؛ لأن الخلق» وإنزال الماء إلى الأرض» وهو من التزاوج بين السماء واللأرض» ولكن عند / تفسبير سور: ة النمل ل اال بوذجم _ناة 7 نبات الزرع والشجرء كان إسناد الإنبات إليه سبحانه» لكيلا يظن أحد أن ذلك الإنبات من الأخذ بالأسباب والمسببات», وأنه فعل طبائع الأشياء» وبين الله تعالى أن ذلك الإنبات منه» وهو فوق الأسباب والمسببات» سبحانه بديع السموات واللأرض» والخالق لكل شىء على غير مثال سبق» وقال بعد ذلك سبحانه: أءله مع الله» أى يتساوى الخالق والمخلوق بل أدنى مخلوق» والله خير من أوثانهم» ودل على عدم التساوى بتوبيخهم على أن يجعلوا مع الله إلها آخرء مع هذا التفارق» وأنه لا يكون المخلوق كالخالق أبداء ثم قال تعالى: «بل هم قوم يَعَدلُونَ 4 أى يعدلون عن حكم العقل» وحكم المنطق» والطريق المستقيم» وكان التعبير بالمضارع لتصوير عدولهم عن الحق إلى الباطل» ومن العقل إلى الهوىء» ألا ساء ما يقولون» وما يفعلون. وقوله بالنسبة لإنبات الحدائق فيه إشارتان بيانيتان. الأولى: أنه عبر بالإنبات للأشجار مع أنه فى آيات أخريات كان يضيف الإنبات إلى الزرع ويعبر عن خلق الأشجارء بقوله تعالى : «قالق الحب والثوى522) 4 [الأنعام]» وذكر الإنبات هنا بالنسبة للحدائق ذات الأشجار الوارفة الظلال؛ لبيان عظيم قدرته فى أنه ينبت هذه الدوحات والأشجار العظام» ويتعهد من حال النبات» حتى يصير فيحاء ذات بهجة وزينة» ويسر الناظرين مرآهاء ويسر الناظرين ثمرها اليانع» وقطوفها الدانية. الثانية: هى قوله تعالى: «إما كَانْ لكم أن تنبتوا شجرها 4 كان هى كان الناقصة» ونفيها معناها نفى الكينونة» أى ليس فى وجود ولا كيان» أن لكم» أى فى قدرتهم» أن تنبتوا شجرهاء إنما ينبتها العزيز الرحيم» والخلاق العظيم. | أَمّن جَعَلَ الأرض قَرَارا وَجَعَلَ خلالها أنْهَارا وَجَعل لها رواسي وجعل بين البحرين حَاجزا أله مّع الله بل أكترهم لا يعلّمون 9 » . أم للإضراب الانتقالى» ودالة على الاستفهام اللدتضمن معنى المعادلة والموازنة» بين الله تعالى خالق الكون وما فيه ومن فيه» وأوثانهم التى يعبدونها. و ## تفسير سورة النمل ار اام ا ل يك وإن الإضراب الانتقالى مؤداه أنه انتتقال من لوم وتوبيخ إلى لون آخر فيه أشد تأنيباء وأبعد استنكارا وكلمة #جعل الأرض 24 أى خلق الأرضء» ومهدها تمهيداء بحيث جعلها ذات قرار وإقامة» واستمكانا للأحياء يمكئون فيها ويتخذون مساكن» من البناء أو الأخبية» وجعل من خلالها أنهارا أى فى أوساطها وأجزاء منها أنهارا مياها عذبة تكون ذات. مناظر بهيجة» وتلطف حرارتهاء وترطبهاء وتذهب بجفافهاء وتكون منها المياه العذبة» منها إنبات الزرع وفلق الحب والنوى» والكلأ الذى يأكل منه الحيوانء وتتغذون به» وتكون منه إيلكم التى فيها جمال حتى تريحون». وحين تسرحون. «وجعل لها رواسي 4 أى جبالا رواسى ثابتة تشبت الأرض» وهى لها كالأوتاد» وتنحتون فيها بيوتاء ويكون فيها مزارع وأشجار ونخيل» بل غابات تحمى الأنفس» كما نرى فى جبال الجزائر وجبال الشامات» وفيها جبال جرد وغرابيب سود» أى أن فيها متعة ومنعة» وقوة بأس. وما فى الأرض اجتماع المياه العذبة والمياه التى فيها ملح أجاج» وتجاورهما من غير أن يختلط أحدهما بالآخرء بل يكون العذب الفرات بجوار الملح الأجاج» ومع تجاورهما لا يختلطان كأن بينهما بقدرة الله القادر القهارء حاجزا يحجز أحدهما ذا الثقل وهو الملح عن الآخر الخفيف» ولذا قال تعالى: وجعل بين البحرين حَاجز » أى جعل بين بحر العذب الفرات والبحر الأجاج حاجزا ربانيا لا يجعل أحدهما يختلط بالآخرء كما قال تعالى: « مرج البحرين يلتقيان 69 بيتهما برزّخ لا يبغيّان 452 [الرحمن]. هل يستوى خالق هذاء ومبدع الأرض ذلك الإبداع مع أوثان لا تضر ولا تنفع» ولذا قال تعالى نافيا عنها الألوهية أله مّع اللّه 4 الاستفهام إنكارى لإنكار الوقوع؛ والمعنى لا إله مع الله؛ بل هم قوم لا يعلمون» ومن للإضراب الانتقالى وهم لا يعلمون» أى لا علم لهمء ويتجدد جهلهم بتجدد أفعالهم» ولذلك كان التعبير بالمضارع الدال على التصوير» وتجدد الفعل بتجدد أفعالهم وإنكارهم . اا تفسير سورة النمل ا يالل ىت لالد يُجِيبُ الما لمر ذا دعَاُويَكْشَفْ السو وَيَجْعلكُم ُلفَاء الأرض َه مع 000 1 يغ للإضراب الانتقالى» وفيها معنى الاستفهام» والمضطر افتعال من الضررء والافتعال دال على شدة الضررء والمعنى من يقع فى الضرر الملجى للالتجاء إلى الله تعالى ولا يجد منقذا للمستصرخ سواه. أمن يجيب المضطر إذا دعاهء ولجأ إليه ضارعا مستغيثا به داعيا له» وإذا دعاه كشف عنه الأمر الذى يسوءه « ويَحِعَلَكُمْ حلَقَاء الأَرضٍ 4. أى أنه ينعم عليكم بنعمتين أولاهما كشف الضرء والثانية يجعلكم الورثة لهذه الأرض ترثون سكانها وزرعها وثمارهاء وسلطانهاء فتكونون من المحكمين المسلطين فيهاء وهذه نعمة عليكم إن شكرتموهاء فقمتم فى حقها بالعدل والقسطاس المستقيم» وهى نقمة الله تعالى إن ظلمتم» وأفسدتم وأقمتم تم الباطل بدل الحق» أيكون من مكنكم ذلك التمكن خيراء أم الأوثان» وقد دل على الحق بقوله سبحانه أءله مع الله أى لا إله مع اللّهمء ولكنكم لا تتذكرون الحق» ولا تعتبرون» ولذا قال: 9 قليلاً ما تذَكْرُونَ 4 والتأكيد قلة التذكر» أى قليلا أى قلة تتذكرون وتعتبرون وتدركون فضل العقل على الهوىء والفكر على الإهمال. ٍأمه يديك في لمات اير َالَو مل الاح مرا ينيدي رطست مّع الله َعالَى الله عم يش ركون 9 4 . أم أيضا للإضراب الانتقالى» ومن دالة على الاستفهام مع تضمن أم له ومعنى الهداية فى ظلمات البر والبحر أن النجوم المسخرة فى السماء تكون هادية مرشدة ف فى البر والبحرء ففى البر تهديكم وأنتم فى مراكب الصحراء» التى تعد كسفن فيهاء وفى البحر تهدى السفن الماخرة فى عباب البحر الجارية على سطح الماء. قوله تعالى: « ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته . أى أن الله هو الذى يرسل الرياح من الشرق والغرب مبشرة بالماء الطاهر الذى يكون من المطرء الذى يخرج الخبء. وتبنت به النبات بإذن الله تعالى» وإن ذلك كله بعمل اللّه سبحانه ل / حسما 18# تفسير سورة النمل الل 11 1 1 1 1 1 1 1 1 2250001111 لبلب يي" وتعالى» وإذا كان بخار الماء يتصاعد, ويعلو حتى يكون سحابة مملوءة بالماء فيرسلها الله تعالى إلى حيث أراد فذلك بفضله ونعمته على عباده» يرسلها من أرض إلى أرضء ١‏ والْبَلّد الطب يُخرج نََائَهُ إن به والذي حَبّث لا يَخْرْج إلا تكدا . (02) 4 [الأعراف]» وقوله تعالى «إ بين يدي رحمّته 4, مجاز مشهورء أى أن الله تعالى يجعل تبشيسر الرياح باه مقدمة لرحمته مهيكة لها كما يميه من بي يديه الرحمة المتمكن منهاء والتى فى قبضته سبحانه وتعالى» وهو القابض الباسط» الرزاق ذو القوة © اين أله مّ لله الاستفهام لإنكار الوقوع أى لا إله مع الله تعالى» ٠‏ « تعالى اللّهِ عم يش ركُرن 4 أى تقدست ذاته» وتعالى علوا كبيرا عما يشركون أى عن شركهمء فهم بهذا الشرك معتدون ظالمون» وإن الشرك لظلم عظيم. الأ يبدا الخلق ثم يعيده ومن ركم من السّمَاء والأررض لَه لَه مّع اللّه قل هاثوا برهانكم إن كُسْم صادقِينَ و9 69 4. أم للإضراب» ومن للاستفهام. أى أن الإضراب انتقالى» انتقل من السؤال عن أصل خلق الكون وما اشتمل وما توالى عليه من نعم الماء» والإنبات وتصريف الرياح لتكون مبشرة بين يدى رحمته» بعد ذلك سألهم عن أصل خلقهم» مآلهم » وهو أمر متعلق أشد التعلق. ٠»‏ والمعنى من الذى خلقكم ابتداء» وجعل لكم أجل مسمى» وتكفل برزقكم فى الدنياء وعبر سبحانه عن بدء الخلق بقوله 8 أَمُن يبدأ الخلق4, » مع أنه بدأه وخلقه فى الماضى» فهو قد ذكر المضارع دون الماضى لأمرين: أولهما. تصوير البدء واستمراره. فالمضارع يدل على ذلكء» والثانى أن البدء فى الخلق مستمر فهو فى الحاضر والقابل كما كان فى الماضى» وقوله تعالى: ثم يعيده 4 التعبير بشم فى موضعه؛ لأن بين الإعادة والبدء أعمار الناس» وليس ذلك زمنا قصيراء وذكر البدء فى هذا المقام إنذار لهم وتذكير» والحياة عابثة إذ لم يكن بها تذكير باليوم الآخرء وإنما مستمرء وسبحانه وتعالى يذكره دائما لكى لا ينسوهء وفيه إنذار لهم وتبشير. ا تفسيرسورة النمل ١‏ حب ا وإنه مع أن البعث جاء لا محالة تكفل سبحانه وتعالى» برزقهم فى الفترة التى يعيشونهاء فرحمة الله سابغة دائماء ولذا قال تعالى : 8 ومن يرزقكُم مَنَ السّماء وَالأَرض 4 أى يرزقكم من السماء بنجومها المسخرات التى تهديكم فى ظلمات البر والبحرء والشمس بأشعتها الواقية والهادية» والقمر بنوره الذى ينير لكم فى جوف الليل البهيم» والمطر الذى ينزل من السحاب فنحيى الأرض» ويرزقكم من الأرض بمعدنها وأفلاذهاء ونباتهاء وحدائقها ذات البهجة والجمال. لا يستوى الله الخالق المبدع مع الأوثان» ثم قال تعالى : أله مع الله أى لا إله مع الله» وقد انتقل القرآن من بيان ما يوجب عبادة الله تعالى إلى مطالبتهم بأن يأتوا بدليل يسوغ عبادة الأوثان» آمرا نبيه بأن يطالبهم بدليل يسوغ حالهم التى هم فيها من عبادة غيره. . قل هاتوا برهائكم إن كسم صادقين 4 البرهان هو الدليل العقلى المنطقى» أى هاتوا دليلا فعليا منطقيا يسوغ لكم عبادتها إن كنتم صادقين فى استحقاقها للعبادة. طالبهم القرآن الكريم بالبرهان العقلى» ولكنهم لا يمكن أن يأتوا به» لأنه لا يمكن أن يكون ثمة دليل علمى منطقى يسوغ عبادة أحجار لا تملك نفعاء ولا ضرراء وهى فى ذاتها أقل فى وجودها ممن يعبدونهاء ولكنه ضلال الأوهام . طقل لا يَعْلَم من في السَّمّوَات وَالأَرْضٍ الَْيّب إلا الله وما يشعرون أَيَانَ يبعثر د69 4 . علم الإنسان حسى حاضر غير مغيب» لأنه لم يوت علم الغيب إلا الله تعالى» ومن يشاء سبحانه أن يعطيه أحدا من عباده والعلم بالغيب هو العلم مما أكنه الله تعالى فى الوجود فى قابل الأمورء لا فى ماضيهاء فالماضى يعرف بالكتابة أو القراءة أو نحو ذلك» وقد أمر الله تعالى نبيه بأن يبين لقومه أنه لا يعلم الأمور الغيبية إلا الله» فقال: قل 4» أى يا رسولى: «الا يَعلَم مَن في السّموات وَالأَرْض الْعَيب إلا اللّه4, ومن هنا للعاقل» وإذا انتفى الغيب عن العقلاء فهو عن غيرهم أنفى» والغيب مفعول به ومن هنا تشمل العقلاء جميعا من يكونون فى ا تفسير سورة النمل لل لل 1 1[ 1 1 2322001 ١١ اكاك‎ ١ يي السموات والاأرض فيدخل فى العموم الملائكة» والجن والإنس» والاستثناء متصل فهو ليس منقطعاء بمعنى لكن» وإن كان قد ادعى بعض المفسرين ذلك وإن علم الإنسان فى محيط وجوده وهو يحسب أن علمه هو ما يشعر به وحله ولا أحد غيره» حتى إن الأعمى» ما كان ليشعر بعلم المبصرين لولا تضافر الناس على نقص علمهء وكذلك الأصمء ولذا قال تعالى: 9 وما يشعرون أَيَانَ يبِعَيُونَ4. أى فى أى وقت يبعثون» لا يشعرون فى أى وقت يبعثون» والشعور علم يقارب الحس المتلمس» .أى ما يحسون فى أى وقت يبعثون» كما قال تعالى : (١‏ إِنَ الله عنده علم السّاعة ويتزل العيِث ويعَلم ما في الأرْحَامِ وما دري تفْسُ مَاذَا تسب عدا وما دري نفس بأي أَرْض تموت . ٠‏ 69 4 [القمان]. . وإنه يستفاد من هذا أن علم الغيب هو العلم بما يقع فى المستقبل لا بما هو واقع فى الماضى أو الحاضر. يروى فى ذلك أنه دخل على السجاج بن يوسف الشقفى منجم فاعتقله. فأخذ حصوات فعدهاء ثم قال: كم فى يدى من حصاة»ء فحسب المنجمء قال: كذاء فأصاب» ثم اعتقله فأخذ حصوات لم يعدهن ثم قال: كم فى يدى» فحسب وأخطأء ثم قال أيها الأمير أظنك لا تعرف عددهاء وقال: لاء قال فإنى لا أجيد العد. قال فما الفرق؟ قال إن ذلك أحصيته فخرج عن حد الغيب» وهذا لم تحصه فهو غيب» ولا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله . ولقد أخرج مسلم عن عائشة أنها قالت: : "من زعم أن محمدا يعلم ما فى غد, افقد أعظم الفرية على الله تعالى» يقول قل لا بعلم من في السّموات والأأرضٍ اغب إلا الله 24 . فب اذارك علمهم في الآخرة بل هم في شَلئ مها َل هم من عمد 9 4 . فيها عدة قراءات فى لفظ ادارك فقرئت من غير مد أدَّرك وقرئت أدرك» وكلها قراءات يتقارب معناهاء ولا يتباعدء ولنا أن ادارك أصلها تدارك قلبت التاء دالا وأدغمت الدال فى الدال وأتى بهمزة الوصل ليمكن الابتداء بالساكن» ومعنى ادارك تلاحق وتضافر العلم» ولنا فيها تخريجان» وكلاهما معقول: ا تفسيرسورة النمل الملل جر ل أ أولهما أن تلاحق العلم فى الدنياء فقد تلاحقت, الأدلة على إمكان البعث» واحبياة فى الآخرة مل قوله تعالى فز .كما ندأكم تمودون " 26 [الأعراف]ء مرة. 9 ايس] رقوله تعالى : !فوا حجارة أرحديدا «) أرحَنا ين يكير في صدوركم فسَقولُو من يعيدنا قل الذي فَطرَكُمْ أل مرة .. 20) © [الإسراء]. وهكذا كثير من الآيات الكريمات التى تبين قرب العودة» وأنها غير مستحيلة» بل إنها واجبة؛ لأن الله ما خخلق الإنسانية عبشاء كما قال تعالى: « أفحسبتم أَنَمَا حلقناكم عبثا وأنكم إِلَينَا لا ترجَعون 9 > [المؤمنون] إنها واجبة . التخريج الثانى أن يكون ذلك العلم المتدارك المتلاحق فى الآخرة» إذ يكون الحس بالبعث» ويكون الحساب والثواب والعقاب» وتشهد عليهم ألسنتهم وسائر جوارحهمء ويكون العلم اليقينى فى الآخرة» ويرشح لهذا قوله تعالى فى الآخرة لأنه يفيد أن ذلك التلاحق العلمى فى الآخرة. وبل للإضراب الانتقالى» وهو الانتقال من موضوع إلى موضوع.؛ أو الاتتقال من عدم الشعور بالبعث إلى العلم به علم يقين» وبل الثانية للإضراب الانتقالى» وهو الانتقال من العلم المتلاحق الذى سيكون الآن أو من الآن إلا أنهم فى حال شك من الإيمان» لا اليقين» ولذا قال تعالى: « بل هم في شك منها 4, أى أنه مع هذا العلم المتوافر المثبت لليقين بالبعث كانوا فى شك منهء وقد أكد سبحانه الشك فى قوله: بل هم في شك منها 4 وكان التوكيد ببل المفيدة للإضراب» وبالضميرهء وبأن الشك أحاط بهم كما تحيط الدائرة بقطرهاء فهم سيغرقون فيه لا يخرجون عنهء ولا يتركونه إلى يقين أيضاء والضمير يعود 7 الآخرة التى يرتابون فيها ظا بل هم مُنْهًا عَمُونَ) جمع عم أى أنهم عمى عن الآخرة» أى أنها واقعة لا ريب» ولكنهم عمون عن حقائقهاء وما يكون فيهاء فالحقائق ثابتة بأدلتها السمعية والنقلية» ولكنهم عمون عنها غافلون» وليس العيب فى حقائق يوم القيامة» إنما العيب فى عماهم عنها. وتقدم الجار والمجرور لمعنى الاختصاصء أى أنهم عمون عن الحياة الآخرة وليسوا عمين عن غيرهاء وهى أعراض الدنياء وما فيها من لهو ولعب» وملاذء وشهواتء وأكد الحكم بالإضراب وبالضمير» وبالجملة الاسمية. 6 ##ا تفسير سورة النمل مالكلل 0 لس ا أقوال الكمارالمنكرين قال تعالى: 201 أ تراياوءاباود اينا ا ل ره هنذا نحن وءاباو: وبَأ من بلإن و ا م 204 - مجو سيوأ رض ماروا كي مكب نكن ارم ل وله وَلحك نسَيقََاد: ينكين © ل سل اح ساح بر دجم ذخ آ وه ويَشُوبُورت 0 لي قل قلعصسوم ا ا 00 جح مده أن دردف بع ض الى شَتَحْجلُورت ء لز دو مْضْلٍعلَألنَاسوَلكنَ ره لايفَكرون 0 يك ليِعَلَم مَاتْحنْصدٌ سَُ ويَهُموَمَا وَمَابِعْلُونَ 69 بعد أن بين حقيقة البعث» وأن الأدلة قائمة عليه»ء وأن العقل يثبت إمكانه والنقل يثبت وجوده» ذكر سبحانه وتعالى قول الذين كفروا فيهء فقال: وقال لذن روا أئذا كرابا وآبن أن لمخْرَجُود» يذكرون فى تفكير الحسى الذى يؤمنون فيه بالمادة وحدها مانعين حسيين فى زعمهم الباطل» والمانع الأول هو الموت؛ وهو فى زعمهم مانع حسى كيف يعود الميت حياء وهم لم يألفوه» ولم يروه فهو وحله كاف للمنع» وقد أضيف المانع الثانىء وهو أنهم يصيرون تراباء وكان هنا بمعنى صارء وكنا ترابا أى صرنا ترابا» وتحللت الأجزاء الحية من أجسامناء وأبعدت عنا الحياة بحقيقتها ومظاهرهاء كيف تبصر بعد ذلك أن نحيا اللو الملل مم أب لا بعد أن ندفن» ولذا قال تعالى عنهم: «أننًا لْمخْرجَونَ4» أى أننا نخرج من القبور» بعد أن دفنا فيهاء وصرنا فى ضمن أجزائهاء ولا منفصل عنهاء فكيف يتميز خلقنا عن خلقهاء وقد أكدوا عدم الخروج بتكرار الاستفهام» كأنه فى ذاته أمر غريب» وزكوا الاستفهام المانع باللام والوصف» أى أنكون مخرجين حقا وصدقاء وخخروجا مؤكدا. وقوله تعالى : ط وَقَالَ الّذِينَ كقروا 4 كان الإظهار فى موضع الإضمار» فلم يقل وقالوا؛ وذلك لأن الصلة وهى الجمحود والكفر هما الإنكار» واستغراق المادة لهم حتى إنهم لا يفكرون قط فى أمر معنوى» ولا أمر غيبى فقد استغرقتهم المادة حتى صاروا لا يؤمئون إلا بها. «لقد وعدنا هذا تحن وآبَاوْنَا من قبل إن هَدَا إلا أساطير الْأَولينَ © 4 . هذه الآية تدل على أن المشركين فى مكة كانت عندهم بقايا من الديانات» وخصوصا ملة إبراهيم» ولكن نفوسهم مرنت على الإنكار واستمرأت الجحودء واستغرقتهم لمادة» فلا يؤمنون إلا بما يوائمها ويوافقهاء وذلك بقولهم 9 لَقَد وعدنًا هذا تحن وَآبَاوْنا من قبل »» أى قبل أن يجىء محمدء وأكد الوعد باللام» وبقدء وينتقلون من الإنكار المطلق إلى ادعاء كذب هذا الوعد, وكان من أبيهم مكان شرفهم الذى يعتزون» به ويقولون إن هذا إلا أساطير الْأَِينَ4 إن نافية» والمعنى ما هذا إلا أساطير الأولين اكتتبهاء فهى تملى عليه بكرة وأصيلا. وهكذا يشتطون فى القول حتى ليصلوا إلى اتهام إبراهيم مناط شرفهم وعزتهم بأنه يأتى بأساطير. بقى أن يذكرهم سبحانه بما نزل بمن كانوا على إنكارهم فقال عز من قائل: سشوااس سس اس اس اس الأمر للنبى كَكِْةِ» وهو أمر للتذكير بالعذاب الذى نزل بإخوانهم» وقريب منهم آثار عاد وثمود وأصحاب الأيكة. وقوم لوط وغيرهم . 7 8# تفسير سورة النمل الللللللا الل 0 1 1ه : يي والسير فى أراضى هؤلاء للاعتسبار والعظة. والعلم بما أنزله اللّه تعالى بهم 2 ولذا قال تعالى: «( فانظروا 4 نظرات عظة واعتبار ومعرفة بأنه سينزل بهم مثل ما نزل بهؤلاء لآنه إذا تساوت الأسباب فالنتيجة واحدة. وقوله فانظروا كيف كان عاقبة الْمجرمين 4 الفاء عاطفة للترتيب والتعقيب أى أن نتيجة السير أن تنظر نظرات اعتبار إلى عاقبة المجرمين» وما آل إليه أمرهم بعد أن طغوا فى البلاد» وأكثروا فيها الفساد» وعبر بالمجرمين لبيان آثار إجرامهم فى الأرض ونهايته» ولبيان أن المؤمنين مهما يكونون ضعفاء لا يمكن أن يكونوا مجر مين . 9 ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون 6 4 . إذا كانوا يسيرون فى الأرض ليريهم عاقبة المجرمين فذلك إعلام لهم بأنهم مثلهم وسينزل بهم مثل ما نزل بغيرهم» ولأنهم ضالون مثلهم» ولا شك أن ذلك يحزن النبى ككهِ كما قال تعالى: 9 لَعلّك باخع نُفْسك ألا يكونوا مؤمنين © 4 [الشعراء]؛ ولذا نهى النبى يك إذ هم قومه وعشراؤه» إذ قال تعالى: 9 ولا تحرن عليهم »© قيل أى لا تحزن» على كونهم. اوإنى أرى أن الحزن عليهم هم لأنهم قومه؛ وقد قال: فا قد جاءكم رسول من أَنفسكم عَزِيزٌ عليه ما عم حريص عَلَيْكُم بالمؤمدين رءوف رحيم 059 > [التوبة] . «ولا تكن في ضيق مما يَمَكُرُونَ 4 الضيق الحرج الشديد» ومما يمكرون أى يدبر التدبير الخبيث من إيذاء المؤمنين والاستهزاء بالنبى يكللَةِه وتدبير المكائد من مثل مقاطعتهم للنبى مَك وعزل المؤمنين الموالين لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم فى شعب قريش ونحو ذلك» وهذا كقوله تعالى: يا أيه الررسول بلغ ما أنزل إلَيِكَ من رَبك ون لم تفع فَما بَلَفْتَ رِسَالَعهُ واللَهيَعْصمُكَ من النّاس. النسق [المائدة]. إن الله عاصمك مهما تمالئوا عليك . ويقولون متئ هذا الْوعد إن كسم صادقِينَ 69 4 . تفسيرسورة النمل ان > ل الفمير يعود إلى الكفار وهو يدل على تعنتهم» وإعناتهم لأنفسهمء ويتحدون الله ورسوله» أن ينزلوا بهم ما وعدهم من عذاب ويستفهمون قائلين» متى هذا الوعد؟ والاستفهام لا يخلو من استنكار وتهكم على الوعد» إن كنتم صادقين فى إيعادكم » وشككوا فى صدقهم ولذا كان التعليق بإن التى لا تدل على تحقق الشرط» وإن النبى يك يرجو الإيمان من أصلابهم» ومن غير المعقول أن ينزل الله يه عذابا دنيويا ساحقاء والنبى بينهم» كما قال الله تعالى: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم . .69 4 [الأنفال] . وقد ذكر سبحانه أنه سيئالهم عذاب شديد» ليبس من قبيل السحق والإبادة» بل يكون من قبيل المنازلة» ولذا قال سبحانه: قل ص أن يكو رف لكُم بَعْض الذي تَستعْجلُودَ 09 4 . أى دنا منكم» وصار ردفا لكم قريبا منكم بعض الذى تسعجلون. وذكر بعض الذى يستعجلونه دون العذاب الساحق الماحق» كما كان لعاد وثمود وأصحاب الأيكة؛ لأن الله تعالى يتولى تأديبهم فى الحياة الدنياء بالغزوات المؤدبة لهم كغزوة بدذرء والخندق» والحديبية وفتح مكة لأنه سبحانه يريد أن يجعل من ذريتهم من يعبد الله ويجاهد فى سبيله كما كان خالد ب بن الوليد» وعكرمة بن أبى جهل وغيرهما. والتعبير بعسى » ولعل» ونحو ذلك من العبارات يراد به توكيد الوقوع كما تجرى عبارات الرؤساء والأقوياء» وأهل السلطان» وقد بين سبحانه أن نزول بعض ما تستعجاوت بن سه ف فقال: ص وسسه اول بش ماي سيو لم هل للح انل من الشركة من أهل مكةء ورحمة بهم ليكون فى لاحقهم إن تعذر أن يكون فى بعض حاضرهم» ولكن أكثر الناس لا يشكرون تلك النعمة المزجاة إليهم؛ ولا يعرفون حقهاء والله من ورائهم محيط ف إن رَبك لَيَعْلَمِ ما تكن صدورهم وما يعلدون 69 4 . 18# تفسير سورة النمل 4 أكد سبحانه علم الله وفضله فى هذه الآية الكريمة كما أكد فضله فى الآية السابقة بإن وبالتعبير بربك القائم عليك بفضل الربوبية واللام فيهاء فإنها تؤكد موضعها فضل توكيد. «إما تكن صَدورهُم © هو ما أكنوه من أسرار يخفونها ولا يبدونهاء ومن تدبر وفكرء واتجاه إلى المكر السيئ» وما يعلنون 4 من عداوة صريحة واستهزاء بالمؤمنين» وصد عن سبيل الله وهذا تهديد لهم بأن الله تعالى محاسبهم عليه وإن ربك بالمرصاد لهم . عقد الإمام محمد أبو زهرة فى أواخر عام 141 وأوائل عام 141/5 العديد من الندوات والاجتماعات بجامعة القاهرة والإسكندرية وفى جمعية الشبان المسلمين لمحاربة التعدى على الشريعة الإسلامية» وكانت له صولات وجولات فى مجمع البحوث الإسلامية والآأزهر بخصوص تحديد النسل وتقييد تعدد الزوجات والطلاق فى مشروع قانون الأحوال الشخصية لوزارة الشئون الاجتماعية» وقرر فضيلة الإمام رحمه الله إقامة مؤتمر شعبى لمناقشة هذا الأمر فى سرادق كبير فى شارع العزيز بالله أمام منزله بضاحية الزيتون» أقامه الإمام رحمه الله على نفقته الخاصة وقام فضيلته بمعاينة المكان وإنشاء السرادق مبكرا فى صباح يوم الجمعة 1915/5/١7‏ ثم عاد إلى حجرة المكتب بالدور العلوى وشرع فى إكمال تفسير سورة النمل حتى أذان الظهرء وأثناء نزول فضيلته حاملا القلم والمصحف مفتوحا على آخر ما وصل إليه فى التفسير وأيضا الورق الذى به ما كتب من التفسير تعثر رحمة الله عليه وسقط ساجدا على المصحف وعلى أوراق التفسير» ثم فاضت روحه الكريمة إلى بارتها أثناء أذان المغرب. وهكذا شاءت إرادة الله العظيم أن يكون هذا السرادق الذى أشرف فضيلته على إقامته لؤتمر شعبى هو سرادق العزاء للإمام . رضى الله عن شيخ مشايخ عصره» الإمام محمد أبو زهرة وأرضاهء وأسكنه فسيح جناته وألجمل فراديسهء وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. أسرةالإمامالجليل محمد أيوزهرة